لغــة القبــائل

من معرفة المصادر

لغـــــة القبــائل

الشاعر جمال الصليعي/دوز...2001

ربما كان حديثا عابرا
إنما...وقع في الرّوح رنينه
ربّمــا ... كان خداع البرق في غيمة أسفار قصية
إنما...ألقت  ظلال الماء
وهم الخصب في أرض حزينة
سوف يكفي كاذب الفجر
لكي نزرع خلف الشك فجرا
سوف يكفي عمر الزهرة
كي نمنح للأعمار عمرا
لم نكن نطلب أندى من سقوط الطلّ
كي ننشأ عند القفر نهرا.
نحن أيضا
نعرف الماء
وقد أجرت لنا الأنهار ذكرا.
ولقد اتبع ذكرا
ترقرق ماء صبوتها             ونهر العمر يسكبهــا
وتسأل عن ملامحنا             وجوها لا نصاحبهــا
رأتنا غير من عرفت           -وغير- تلك مطلبهـــا
رأتنا في مراكبــنا              وقد تاهت مراكبها
تهمّ بنا علي فـرق             يكاد المـوج  يحجبهـا
سنحميها ونمنعهـا              ونــدعوهـا ونكتبهـا
نعاتب أهلها فيهـا              فإن لامـت نعاتبهــا
ألسنا نجمها الهـادي    وقد غابت كواكبهــا
  
على عجل تمر
وتكتفي بقراءة عجلي ويغلبها النشيد
 على عجل تهلّ بروقها
وتفيض من ماء بعيد
والعمر خلف قوافل الأحباب يتلفه البريد
والحال   تحملنا وتحلمهم على سفر جديد
هذا الهوى المجنون أسلمنا إلى ما لا نروم من الدّروب ولا نريد
يا ماء لا
لا تقدرين على رحيل القول في شعب النجاة
لا تعرفين مرارة التجديف نحو حقيقة جفلت يخاتلها السرّاة.
يا ما لا تتعجلي
لا...
لا تقرئينا مثل أهلك هكذا
أريت أهلك كيف فرقهم قصيد
ذهبت بهم ريح الشتات
فمن يجمعهم لميقات جديد
سنفض ختم الرّوح عن ماء الكلام
فهيئي سببا لمجلسنا متى شردت بك الأسباب و انعرج السبيل.
يا ماء..
هذا الهمّ أكبر من مساحيق الشمال
ومن مرارات الجنوب
وأجل من حجر المديح يشيد أضرحة العبيد
هذا انتفاض الطير مذبوحا على شفة الحديد
هذا دبيب الماء بين منافذ العطش القديم
هذا رفيف الرّوح  - مقبوضا- على طين سقيم
والروح أحوج ما تكون لعابر   الأسباب- فانهمري
انهمري
بنا شغف لأيام المواسم و البروق
هل نلتقي..
تلك المفارق تدّعي
لكن تكذبها الطريق وتشير خادعة  السراب على حناجرنا
إلى عطش يهيئ غربة أخرى
ويفتتح الرحيل
يا ماءاخلفنا وضيعك الدليل
ياماء جفت ارضنا
وسماؤكم يا ماء  كاذبة الوعود
الأرض ضيّقة على أسفارنا
وفضاؤكم حرج  يلف الصوت أن يلج المدى
سنمرّ من هذي الكوى
لنرد للأسوار بعض إساءة
جزءا لعلّ من القصاص
يا ماء عوّدنا فضاءات الرحيل
عودتنا عناق الريح
والفلوات والليل المخضّب بالصّهيل
يا ماء عوّدنا
" إذ بلغ الفطام لنا صبي" 
جهزت رواحلنا
وهيأنا غناء السير
وانزلفت حناجرنا على وتر الرّبابة يا مريد
يا بني الصيداء ردّوا فرسي             إنما يفعل هــذا بالذليــل
عودوّا مهري كما عوّدتــه            دلج الليل وإيطاء القتيل
واستباء الزق من حاناته        شائل الرّجلين معصوبا يميل 
الركب أصبر من عناد الدّرب
والخطوات مقمرة
وأشواق الحداة مطية السّارين في سفر عنيد
أوحى سراب الناس:
" أنّ الأرض في نشء جديد"
همست فجاج النفس:
"هذا الناس في وهم بعيد" .
.......الناس في وهم بعيد
ملنا إلي لغة القبائل
بعدما خبت اللّغات
لغة بعرض الرّوح أرحب من خراب الوهم
دلتنا على بيت ..... ببادية الكلام ..... هناك
خلف مدائن العرب الأواخر
خلف ما زرعوا من الأسباب كي يتنكروا لوجوهنا
لم نرتكب لغة تضاجعها اللغات وتنحني بخوائها للعابرين
ولم نقل إلاّ كلاما ممكنا بل ما توجّب أن يقال ....فلا يقال
لم نعتنق  سبق الزّمان
ولم نبادر بالهروب
لم ننتسب لحقائب الأصباغ
تلك وجوهنا الأولى وذلك ما تشكل من مرور الدّهر  في قسماتها
مرّت بك النزوات: من: عربية فصحى إلى عربية أخرى
إلى عربية عجمى
إلى عجمية عربى
إلى عبرية سلما إلى....... لا شيء في اللاشيء
يدوي  صفرها الأعمى
وها ... خلعت دهاليز الصغار على جراد الخلق يغشي أرضها الكلمى
يأتون من نهم الخراب إلى الخراب
يسّاقطون من التدني من شقوق الذلّ في جدر التواريخ الوضيعة
يملؤون السمع والأبصار فانتبهي
انتبهي وسدّي حفرة الطاعون
وانتبهي خذي أشياءك الكبرى
خذينا في كتاب العزّ انتفضي
وقولي: لم يزل أهلي جبابرة على الدنيا
على الطاعون...... واصطخبي
لمن هذي الدّماء الحمر يسكبها الشموخ على اليباب
فتزهر الأرواح
يا...... زمن المواسم و البروق
خذي ”ذي قار“ وانطلقي
فأنتم بذي قار أمالت سيوفكم
عروش الذين استرهنوا قوس حاجب 
خذي اليرموك وانطلقي 
أبقت بني الأصفر الممراض كاسمهمو  
صفر الوجوه وجلّت أوجه العرب
خذي أيامك الدّنيا: هل أنجبت مثل عبد الناصر امرأة  
خذينا في جنوب الله من لبنان 
في كتب الشهادة في سباق الوافدين إلى الجنان
خذينا عن طفل يولد التاريخ من نعليه إذ يمشي
فتهتزّ العروش الصفر والأعداء إذ يرمي
ولم يرم
خذي أشياءك الكبرى
خذينا في كتاب العزّ وانتفضي
وقولي لم يزل أهلي جبابرة على الدّنيا
على الطاعون
وانتظري
سنأتي
سيأتي أهلك الباقون
وسيدخلون...
سيدخلون...
سيدخلون...
( كما دخلوه أول مرّة)