الفصل الرابع: دراسة تحليلية للعمليات الجيومورفية

من معرفة المصادر

الفصل الرابع: دراسة تحليلية للعمليات الجيومورفية

تعرضت قشرة الأرض بعد أن تم تكوينها لعمليات عديدة معقدة أدت إلى تشكيل معالمها السطحية وتغييرها. وقد كان "بنك" أول من قسم هذه العمليات إلى مجموعتين رئيسيتين:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مجموعة العمليات الخارجية

وهي تؤثر في سطح الأرض بواسطة عوامل الحرارة, والرياح, والمياه الجارية, والمياه الجوفية, والجلدي, والكائنات الحية, وتهدف هذه العوامل في النهاية إلى إزالة تضرس قشرة الأرض الخارجية وتسويتها, ومن هنا سمهاها "تشمبرلن " و"سولزبري ", بالعمليات التحاتية . وتستمد معظم العوامل التحاتية طاقتها بطيق غير مباشر من طاقة الشمس متآزرة مع الجاذبية الأرضية, فطاقة الشمس الحرارية هي التي تبخر ميه المحيطات التي تتكاثف في طبقات الجو العليا, ثم تتساقط على سطح الأرض على صوة أمطار وثلوج, وتنحدر على هذا السطح مرة أخرى صوب المحيط بفعل الجاذبية الأرضية على هيئة أنهار جارية وجليد متحرك. وطاقة الشمس وقوة الجاذبية الأرضية مسئولتان كذلك عن حركة الرياح, فطاقة الشمس هي التي تخلق النطاقات المتغايرة من الضغط الجوي على سطح الأرض, كما أن حركة الرياح - التي هي عبارة عن كتل الهواء - تنتقل من منطقة ضغط إلى أخرى بفعل الجاذبية الأرضية ما هي في الواقع إلا محاولة من جانب الطبيعة لإحداث نوع من التوازن في توزيع الضغط الجوي على سطح الكرة ألرضية, هذا بالإضافة إلى أن الرياح في حد ذاتها هي المسئولة عن ظاهرة التساقط, وعن حركة الأمواج على طول خطوط السواحل, هذا فضلأً عن كونها تؤثر تأثيراً مباشراً في تشكيل تضاريس اليابس ذلاته.

وتعمل قوى التحات على مر الأزمنة على نحت المناطق المرتفعة وملء المنخفضات, ومن هنا جاء تقسيم تلك القوى إلأى قسمين رئيسيين: قوى "التخفيض"، وقوى الإرساب أو الردم .


مجموعة العمليات الداخلية

ومصدرها باطن الأرض, ومن هنا جاءت تسميتها بالعمليات التكتونية (مشتقة من كلمة الإغريقية ومعناها باطني) وتؤدي هذه العمليات إلى إحداث تغيرات فجئية أو بطيئة في قشرة الأرض. وهذه المجموعة من العمليات الجيومورفية هي المسئولة وحدها عن تكون المظاهر التضاريسية الأصلية, فهي التي تكون المرتفعات والمنخفضات, وهي التي تسبب الصدوع والأخاديد, وتتأثر كل هذه الصور التضاريسية بدروها بمجموعة العمليات الخارجية ممثلة في قوى النحت والإرساب, فكـأن هاتين المجموعتين في صراع أبدي مستمر على مدى الأزمنة والعصور, إذ بينما تعمل الأولى على تضرس قشرة الأرض وجعل سطحها دائماً ذا مناسيب متفاوتة, نجد أ، قوى التحات تدأب على تسوية هذا التضرس, وجعل سطح الأرض في صورة سهل منبسط. فالجزر البريطانية, مثلأً, كانت في وقت من الأوقات عبارة عن سهل منبسط يكاد يعلو قليلاً عن مستوى سطح البحر, وهذا دليل على أن قوى التحات في ذلك الوقت هي التي كانت لها الغلبة في صراعها مع القوى التكتونية. ثم إنقلبت الآية بعد ذلك, وتمكنت القوى التكتونية من التغلب على قوى التحات, فأدى هذا إلى أن يبدأ الصراع من جديد بين هاتين القوتين. ويرى بعض العلماء أن الجزر البريطانية في وقتنا الحالي (رغم تنوعها الهائل في صورها التضاريسية والجيومورفولوجية) في طريقها إلى أن تتحول إلى سهل منبسط مستو مرة أخرى, ومعنى هذا ن منسوبها العام في إنخفاض مستمر يقدر البعض معدله بقدم واحد في كل 3500 سنة تقريباً. أي أنه بعد حوالي مليون سنة ستزال جميع الصور التضاريسية المتنوعة التي يتميز يها سطح الجزر البريطانية, وتتحول إلى شبه سهل منبسط أو قريب من الإنبساط.

أولاً: عمليات التخفيض: تنقسم عمليات التخفيض التي تؤدي إلى نحت المناطق المرتفعة من سطح الأرض حتى تسويتها بمستوى القاعدة إلى ثلاث عمليات: عملية التجوية , وعملية الإنهيار الأرضي , وعملية النحت .

أما عملية "التجوية" فتؤدي إلى تفكيك الصخر أو تحلله محلياً, فهي إذن عملية ثابتة لا يرتبط بعملها التحرك والإنتقال, وتؤدي إلى إعداد الصخر لأن ينقل بعد ذلك بواسطة عوامل متحركة كالهواء أو المياه الجارية والجليد, ولذا تعد بمثاية المرحلة الأولى في عملية التعرية .

وأما عملية "الإنهيار الأرضي" فتؤدي إلى إنحدار كميات هائلة من المفتتات والمواد الصخرية على طول المنحدرات والسفوح الجبلية وذلك بفعل الجاذبية الأرضية. وغالباً ما يساعد وجود المياه على إتمام هذه العملية بشرط ألا تكون المياه بكميات تجعل منا عاملأً متحركاً يستطيع حمل المفتتات الصخرية ونقلها. وعلى أساس نسبة المياه التي توجد بأنواع الإنهيارات الأرضية, يمكن التفرقة بينها وبين المياه الجارية التي تحمل حطامأً صخرياً. ولكنه رغم هذا تصعب التفرقة بين التدفقات الطينية التي كثيراً ما تنحدر على سفوح الجبال في الإقاليم الرطبة, وبين مجرى نهر سريع موحل وقد ذكر "شارب " الأمريكي أن هنالك سلسلة كبيرة من أنواع الإنهيارات الأرضية تتدرج من الأنواع المتناهية البطء التي يرتبط تحركها بوجود كميات محدودة من المياه, إلى الأنواع السريعة الفجائية التي إنما يساعد على سرعتها إرتفاع نسبة المياه بها, فهنالك الإنزلاقات الأرضية وتتحرك على طول منحدرات معتدلة, وتقل نسبة المياه بينما تعظم حمولتها من المفتتات والمواد الصخرية, وهنالك الهيارات الثلجية التي تشبهها إلى حد كبير مع إختلاف ظروف التكوين, وهنالك أيضاً تدفقات التربة والتدفقات الطينية, ثم المجاري المائية السريعة التي تتميز بعظم حمولتها من المياه وكميات قليلة نسبياً من المفتتات الصخرية.

أما عوامل النحت فيقصد بها مجموعة العوامل التي يرتبط بعملها التحرك والإنتقال, والتي تعمل أثناء تحركها على إزالة المواد الصخرية المفتتة ونقلها, فكأنها تختلف في هذا إختلافأً جوهرياً عن عوامل التجوية التي تعد الصخر لكي تؤثر فيه عوامل النحت بعد ذلك ويجب أن نلحظ دائماً أن عمليتي التجوية والنحت مستقلتان تمام الإستقلال عن بعضهما البعض ولس من الضروري أن تبدأ الثانية بعد نهاية الأولى.

عملية التجوية

انظر: تجوية وتتحكم في عملية التجوية أربعة عوامل هي:

  • عامل تركيب الصخر.
  • العامل المناخي.
  • العامل الأوروجرافي.
  • العامل الحيوي.

ويتوقف تأثير العامل الأول على التكوين المعدني للصخر, فهو وحده الذي سيحدد ما إذا كان الصخر عرضة لأن يتفكك بوسائل ميكانيكة أو كيمائية, كما يتوقف تأثير هذا العامل على بعض الخصائص الطبيعية الأخرى التي تميز الصخر كوجود المفاصل والشقوق , وسطوح الإنفصال, والإنكسارات. ولا جدال في أن تميز الصخر بمثل هذه الخصائص لابد أن يساعد عملية التجوية على إتمام عملها.

أما العامل المناخي بعنصريه الرئيسيين: الحرارة والرطوبة, فهو الذي يحدد كذلك درجة تاثر الصخر بعملية التجوية ونوعها, كما أن العامل الأوروجرافي هو الذي يحدد مدى تعرض الصخر للظواهر الجوية من حرارة إلى تساقط, وللعامل الحيوي هو الآخر تأثير مباشرعملية تفكك الصخر, فهو الذي يؤدي إلى معرفة كمية المواد العضوية المتحللة التي تسهم في تحليل الصخر بوسائل كيمائية. وقد جرى العرف على تقسيم عمليات التجوية إلى قسمين:

1-عمليات التجوية الميكانيكية, ويقصد بها تلك العمليات التي يمر بها الصخر الصلد والتي تؤدي إلى إنفصاله إلى جزيئات ومفتتات بشرط أن يظل تكوينه العنصري كما هو دون أن يتغير.

2-عمليات التجوية الكيمائية, وتضم كل العمليات التي تعمل على تآكل الصخر وتحلله والتي تتعرض خلالها المعادن التي يتكون منها الصخر لأ، يتغير تركيبها العنصري.

1-التجوية الميكانيكة: أما عمليات التجوية الميكانيكية فتسببها عدة عوامل هي:

1-عامل التعدد الذي يؤثر في الصخور النارية إذا ما أزيل الحمل الواقع عليها من طبقات رسوبية.

2-عامل النمو البلوري.

3-عامل التمدد الحراري.

4-عامل النشاط العضوي.

أما العامل الأول وهو عامل التمدد الذي يصاحب إزالة الطبقات الرسوبية الواقعة فوق كتل جرانيتية تكونت في أعماق سحيقة, فيؤدي إلى تكون شروخ على نطاق واسع في هذه الكتل بحيث تتمشى مع سطح الأرض, وتعمل على إنقسام كتل الجرانيت إلى قشور وشرائح تزداد كثافتها كلما إقتربنا من سطح الأرض.

ويساعد عامل النو البلوري على تشقق الصخر, وتفلقه, إذ إنه ما تعرضت مياه الأمطار - التي كثيراً ما تملأ شقوق الصخر ومفاصله - للتجمد فلابد أن يزداد حجمها بحوالي 10% وذلك لنمو بلورات من الثلج تضغط على كتل الصخر التي تجاورها, مما يؤدي إلى تمزقها ثم تفتتها عندما تذوب البلورات أو تضمر.

ويتزايد تأثير هذا العامل في المناطق التي تتعاقب عليها فترات من التجمد والذوبان كما هي الحال في العروض الوسطى والعليا أثناء فصل الشتاء بصفة خاصة, إذ يؤدي تعاقب مرور الأعاصير وأضدادها على تلك المناطق - وما يصاحبهما في المعتاد من كتل هوائية دفئية وباردة - إلى إحداث حالات متتالية من التجمد والذوبان تعمل على تفكيك الصخر. وكثيراً ما يزداد نمو بلروات بعض الأملاح بواسطة الجاذبية الشعرية أو بمعنى آخر أثناء صعود محاليل هذه الأملاح من جوف الأرض إلى سطحها, مما يساعد على تفكك سطوح الصخور التي تنفذ خلالها, ولكن تأثير هذه العملية تأثير محلي محدود وقلما تحدث على نطاق واسع.

وكثيراً ما تتعرض الصخور في المناطق الصحراوية الحارة لعامل التمدد الحراري إذ يؤدي إلى إرتفاع درجة الحرارة إلى تمدد معادن الصخر بنسب متفاوتة, والصخور أياً كان نوعها ليست جيدة التوصيل للحرارة, ولهذا يبدو أن تكرار عملية تسخين الصخر وبرودته لابد أن يؤدي إلى تقشر سطح الكتلة الصخرية وحده, ثم تساقط قشوره الواحدة تلو الأخرى. ويرجع السبب في تقشر سطح الكتلة الصخرية وحده إلى بطء إنتقال الحرارة المكتسبة عن طريق التسخين الشديد إلى بقية أجزاء الكتلة الصخرية. والذي يهمنا هو أ، تتابع الحرارة والبرودة لابد أن يؤدي إلى تمدد الصخر ثم إنكماشه, فتتكون بعض الشروخ والشقوق في الكتلة الصخرية, بحيث تكون كلها عمودية على سطحها. هذا وتتعرض الصخور النارية بالذات في المناطق الصحراوية لظاهرة التقشر بصورة واضحة فينتج عنها سقوط جوانب الكتلة الصخرية الحادة الزوايا وهي التي تتفكك وتتشقق أكثر من قلب الكتلة ذاتها, وتزداد بعد ذلك إستدارة الكتلة الداخلية بتوالي عملية التمدد والإنكماش على هذا النخو مما يؤدي إلى ظهور الكتلة الصخرية على هيئة نواة داخلية تحيط بها قشور تتساقط بعد ذلك, وكثيراً ما تسمع قرقعة هذه القشور وصوت سقوطها على مسافات بعيدة.

أما العامل الحيوي أو عامل التفكك بفعل الكائنات الحية, فله هو الآخر تأثير مباشر على عملية تفكيك الصخر بوسائل ميكانيكية, إذ إن لكثير من أنواع الحيوانات القارضة , وأنواع عديدة من النمل , قدرة كبيرة على إعداد الصخر للتفكك كخطوة أولى لنحته ونقله بفعل المياه والرياح والجليد. كما تلعب ديدان الأرض دوراً كبيراً في الصخور الأصلية طبقة سميكة من التربة, ويرجع عظم تأثير هذه الديدان في تفكيك التربة والصخر إلى كثرة أعدادها في الرقعة المحدودة من الأرض, إذ يبلغ عددها في المتوسط حوالي 150 ألف دودة في الفدان الواحد من الأرض. كما أن نمو جذور النباتات في الصخر كثيراً ما يساعد على توسيع شقوق الصخر ومفاصله مما يؤدي في النهاية إلى تفككه. وهناك بعض أنواع من النبات الفطر (كنوع من أنواع عيش الغراب يعرف بال وبعض أنواع من الأشن ) لها قدرة كبيرة على إستخلاص بعض العناصر الكيماوية الداخلة في تركيب معادن الصخر مما يؤدي إلى تفككه وسهولة إنجرافه بعد ذلك. كما أن للبكتيريا أثر واضحاً في تحليل بقايا الكائنات الحية النباتية والحيوانية, مما يؤدي إلى إنطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون, وبعض الأحماض العضوية, بالإضافة إلى النشادر وحامض النتريك, وكلها تعمل على زيادة طاقة المياه الموجودة في التربة على الإذابة, ويتكون نتيجة لهذا مركب غروي الملمس هو الذي عرف بالدبال , وهي تلك الطبقة الغروية السوداء التي تعلو سطح ألرض في المناطق التي يزداد فيها نشاط عمليات التحلل العضوي.


وتساعد غرويات التربة كما ذكر "رايخ ", على تفكيك وإجتذاب قطع وشظايا صخرية, وذلك في مناطق الإحتكاك بينها وبين الصخور. وقد أطلق "رايخ" على عملية التفكيك الميكانيكي التي تحدث على هذا النحو إسم عملية "الجذب الغري" , ودراسة أثر هذه العملية في تفكيك الصخر لم يقم بها أحد إلى الآن سوى "رايخ" ولذا يصعب تقييم مساهمتها في هذا الصدد.

وجدير بالذكر أن الكائنات الحية ليست دائماً عوامل هدم, إذ تعمل جذور النبات على تماسك التربة ومنع الإنزلاقها على الجوانب المنحدرات, وتعمل كذلك على تهوية التربة, كما أن الغابات تحد دائماً من قوة مياه الأمطار, وتعمل على ذوبان الجليد بصورة بطيئة وليست فجائية, ولهذا كانت لإزالة الغابات وإجتثاثها آثار سيئة على التربة, وعلى تكوين الصخر, ومن الأمثلة الواضحة لهذا مناطق "البادلاندز ", أو الأراضي الوعرة التي توجد في غرب الولايات المتحدة, وهي التي تعرضت السلاسل الجبلية فيها لأن تتقطع اليهودية في فلسطين مع هذه المناطق في أنها هي الأخرى تعتبر بمثابة "بادلاند" هو الآخر - بتقطيعه للغابات - أحد عوامل الهدم في الطبيعة, ويمكن أن نعتبره ضمن مجموعة العوامل البيولوجية اليت تسبب التفكك.

التجوية الكيمائية: أما عوامل التجوية الكيمائية للصخر فتنتج في المعتاد عن إتحاد الأوكسجين أو ثاني أوكسيد الكربون أو الماء مع العناصر التي تتكون منها المعادن الصخرية. ولهذا تنقسم عمليات التجوية الكيماوية للصخور إلى أربعة أقسام رئيسية:

1-عملية التأكسد .

2-عملية التكربن .

3-عملية التموء (إضافة بخار الماء) .

4-عملية الإذابة .

وتسهم هذه العمليات مساهمة كبيرة في تحليل الصخر وتفكيكه, وذلك لأنها تساعد على تكوين معادن جديدة لها خصائص تختلف تماماً عن خصائص المعادن الأصلية وذلك من حيث الشكل والصلابة وقابليتها للذوبان. ولهذا نجد أن عملية التجوية الكيمائية للصخر تعمل على تفكيكه أما بتكيون معادن جديدة أقل في مقاومتها لعوامل النحت من المعادن الأصلية, أو بواسطة قوةالتمدد الناجمة عن إزدياد حجم معادن الصخر إذا ما تعرضت للتأكسد أو التموء.

ومما يساعد على عملية التأكسد, أن مياه الأمطار ومياه الأنهار التي تتسرب في قشرة الأرض, تحوي جميعاً مقادير كبيرة من الأوكسجين, فإذا ما إتحد بعض هذا الأوكسجين مع عنصر من العناصر المتعددة التي تتألف منها عمادن الصخر, تحول هذا العنصر إلى مادة أقل مقاومة لعوامل النحت هي التي تعرف بالأكسيد, ويتأثر عنصر الحديد أكثر ما يتأثر بهذه العملية, ولهذا كانت أكاسيده واسعة الإنتشار على سطح الأرض إذ تدخل في تكوين الصخور النارية كما تمثل المواد اللاحمة لبعض أنواع الصخور الرسوبية. ولابد أن يتعرض الحديد للتمدد وإزدياد حجمه إذا ما تعرض للصدأ سواء كان هذا الصدأ ناتجاً عن تأكسده أو عن تموئه, مما يؤدي في النهاية إلى تمزيق جزئيات الصخر وتفكيكها.

أما عملية التكربن فتسود في الجهات المعتدلة الرطبة وفيها تندمج مياه الأمطار مع ثاني أوكسيد الكربون الذي يوجد في الجو, فتتحول إلى محلول مخفف من حامض الكربونيك يؤثر على عناصر البوتاسيوم والكالسيوم التي تتألف منها بعض معادن الصخور النارية (معدن الفلسبار) مما يؤدي إلى تكوين بلروات كبيرة الحجم من الكربونات تختلف في شكلها عن معادن الصخر الأصلية, وجعله عرضة للنحت والإزالة. ولا يقتصر تأثير هذه العملية على الصخور النارية وحدها بل تتأثر يها شتى أنواع الصخور.

أما عملية التموء فيقصد بها إتحاد بعض العناصر التي تتألف منها معادن الصخور بالماء أو بخاره فيساعد هذا الإتحاد على تحول معادن الصخر الأصلية إلى معادن جديدة أقل منها صلابة ومقاومة لعمليات النحت.

ولعل عملية الإذابة هي أهم هذه العمليات وأكثرها مساهمة في تفكيك الصخور بصفة عامة, وبنوع خاص في تفكيك الصخور التي تـتألف معادنها من عناصر قابلة للإذابة. وتؤدي هذه العملية إلى زيادة الفراغات البينية اليت توجد بين جزيئات الصخر. فعندما تتعرض مادة كربونات الكالسيوم - التي تتألف منها الصخور الجيرية - لفعل مياه الأمطار فلابد أ، تذاب, ومن المعروف أ، هذه الكربونات لا يذيبها الماء النقي إلا بدرجة قليلة, أمامياه الأمطار وما يندمج بها غاز ثاني أوكسيد الكربون فتعمل على إذابتها بصورة ملحوظة. وكثيراً ما تتخلف عن عملية إذابة كربونات الكالسيوم التي تكاد تتألف منها الصخور الجيرية, بعض المفتتات الصخرية وامواد غير القابلة للذوبان كالصوان والرمل والطين, وذلك لأن الصخور الجيرية لا تتألف في الوقاع من مادة كروبنات الكالسيوم وهي نقية تمام النقاوة, بل كثيراً ما تندمج بها بعض الشوائب من الرمل والحصى والعقد الصوانية. وكثيراً ما تعرف عملية إذابة بعض المواد القابلة للذوبان من الصخور بعملية غسل الصخر والنتيجة المباشرة لإذابة بعض المركبات الكيماوية من الصخور بواسطة هذه العملية, هي تحول الصخر من حالة التماسك والصلابة إلى حالة من التفكك وعدم التماسك, إذا ما يسهل بعد ذلك عملية نحته وإزالته بواسطة عوامل النحت المختلفة, وهذا ما يحدث, إذا ما تعرضت المواد الكلسية اللاحمة في الصخرو الرملية الجيرية لأن تذاب بفعل مياه الأمطار, إذ تتحول كتلة الصخر الرملي الصلبة إلى كتلة هشة مسامية تتألف من ذرات غير متلاحمة من الرمال.

وتحدث عملية التفكك الكيماوي لشتى أنواع الصخور سواء كانت هذه الصخور رسوبية أم نارية. ومياه الأمطار التي غالباً ما تختلط بثاني أوكسيد الكربون الموجود في الجو, هي المسئولة إلى حد كبير عن إذابة بعض المواد الصخرية التي تقبل الإذابة, ولابد لكي تكون مياه الأمطار ذات أثر فعال على صخور القشرة منأ، تؤازرها حرارة مرتفعة, ولهذا نجد أن الأقاليم المدارية المطيرة تفوق بقية جهات العالم الأخرى في ظاهرة تعرض صخورها لعمليات التحليل الكيمائية, باللاتريت (مشتقة من اليونانية ومعناها طوب أحمر) وذلك لأن غزارة الأمطار مع إرتفاع درجة الحرارة تؤدي إلى غسل الصخر في هذه الأقاليم, وإذابة المواد السليكية التي تدخل في تركيبه, وتتخلف في النهاية بعض الأكاسيد التي لا تقبل الذوبان في الماء كأكاسيد الحديد والألومينوم, ووجود هذه الأكاسيد بنسب كبيرة في المناطق المدارية هو السبب ف غعطاء تربة اللاتريت ذلك اللون الضارب إلى الإحمرار الذي تتميز به.

وجدير بالملاحظة, أنه في حالة ترعض منطقة ما تتكون من طبقات متتالية من الصخرو الرسوبية المتفاوتة فر درجة صلابتها, لعمليات التحلل الكيمائي فلابد أن يتم إنحلال الطبقات اللينة بدرجة تفوق إنحلال الطبقات الصلبة اليت تظل صخورها بارزة فوق سطح الرض, وتعرف هذه العملية التجوية المتغايرة .

ولا جدال في أن وجود الشروخ والمفاصل في الصخرو, يساعد على تسرب مياه الأمطار المحملة بثاني أوكسيد الكربون خلالها ثم تأثيرها في كل كتلة من كتل الصخر المتشقق على حدة,مما يؤدي في النهاية إلى تفككها إلى صورة شبه كروية, ولهذا يعرف هذا النوع من أنواع التفكك - الذي يشترط لإتمامه كثرة المفاصل والشروخ في الصخر - بالتفكك شبه الكروي .

ويعزى إتخاذ كتلة الصخر المشتقق ذلك المظهر شبه الكروي, إلى أن زوايا كتلة الصخر غالباً ما تكون أكثر تحللاً من داخلها, ولذا تتعرض هذه الزوايا لتحلل السريع وتتحول كتلة الصخر إلى كتلة ذات شكل كروي.

عملية الإنهيارالأرضي

انظر: انهيار أرضي وتعد من العمليات الجيومورفية الهامة التي لها أثر كبير في تشكيل سطح الأرض, ولكن دراستها على الرغم من هذا, لم تلق كل ما يستحتق من عناية إلا في السنوات الأخيرة. ويرجع الفضل في إبراز أهمية هذه العملية إلى الجيومورفولوجي الأمريكي "شارب " الذي كان أول من قام بدراستها دراسة تحليلية أسس علمية ثابتة, كما كان أول قسم أنواع الإنهيار الأرضي إلى أقسام واضحة ذاعت وإنتشرت بعد ذلك بين الجيومورفولوجيين على الرغم مما يوجه إليها من نقد وإعتراض من بعضهم, وقد وضح "شارب" ثلاثة أنواع رئيسية على النحو التالي:

أنواع الإنهيار الأرضي

وتتمثل في أنواع الإنهيار الأرضي التي يمكننا أن نلحظ آثارها السريعة في كثير من حهات العالم, ويرتبط بها ف يمعظم الحالات تدحرج وإنحدار كتل كبيرة من الصخر, جافة نسبياً, وكثيرأً ما تعمل هذه الأنواع على سد المجاري العليا للأنهار في المناطق الجبلية بواسطة كميات كبيرة من المفتتات والكتل الصخرية مما يؤدي إلى حجر مياه الأنهار أمامها, وتحويل الأجزاء العليا من مجاريها إلى بحيرات طولية.

وتضم أنواع الإنزلاق الأرضي, عمليات إنزلاق كتل من الصخر تتميز بدورة خلفية على طول منحدر ما (تعرف بال ), وعمليات إنزلاق مفتتات صخرية دون دورتها على طول المنحدر دورة خلفية (وهي التي تعرف بال ) وعمليات سقوط الحطام من على حافى رأسية, وعمليات إنزلاق الصخر اليت هي عبارة عن سقوط كتل كبيرة من الصخر على طول سفح جبلي, وتنفصل مثل هذه الكتل الصخرية الكبيرة في المعتاد من سطح المنحدر الذي تتميز صخوره بكثرة شقوقها ومفاصلها أو بتعرضها للإنكسار, كما تضم هذه الأنواع أيضاً عملية سقوط الصخر من على منحدرات شديدة بفعل قوى الجاذبية. وجدير بالذكر أن أنواع الإنزلاق الأرضي هي أكثر أنواع الإنهيار سرعة, وأكثرها مساهمة في تغيير المعالم التضاريسية لسطح الأرض.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الانهيار الأرضي البطئ

وتتمثل في عمليات زحف التربة والمفتتات الصخرية على طول سفوح الجبال ومنحدارتها بصورة بطيئة بحيث لا يمكن مشاهدتها إلا بدراستها عن كثب لمدة فترة طويلة, وعلى هذا تضم أنواع الإنهيار الأرضي البطئ عمليات زحف التربة , وعمليات زحف ركام السفوح , وعمليات الزحف الصخري التي تؤدي إلى إنحدار كتل منفردة من الصخر إنحداراً بطيئاً على طول سفح جبلي أو حافة هضبة, وعمليات إنحدار كميات كبيرة من المفتتات الصخرية المشبعة بالمياه على طول منحدر ما دون أ، يحددها مجرى مائي واتضح, وهي التي اطلق عليها "شارب" إسم الإنهيار المشبع بالمياه أو تدفق التربة .

الإنهيار الأرضي السريع

وتتمثل في تدفق كميات من المواد الصلصالية المتشبعة بالمياه تدفقاً سريعأً على طول منحدر ما, كما تتمثل في التدفقات الطينية التي تنحدر من على مصطبة أو حافة, بحيث يحدد تدفقها مجرى مائي واضخ, وإنهيار المفتتات الجلدية على طول حافات شديدة الإنحدار.

ولابد بطبيعة الحال من توافر عدة شروط - بعضها جيولوجي والبعض الآخر طبوغرافي أو مناخي - لكي تتم عملية الإنهيار الأرضي بصورة سريعة. أما الشروط الجيولوجية فتتمثل في:

1-وجود تكوينات غير متماسكة تتحول إلى حالة زلقة إذا ما تشبعت بالرطوبة بحيث تؤدي دور "تشحيم" كتل الصخر ومساعدتها على الإنزلاق.

2-وجود سطح إنفصال بين الطبقات, وتعدد شقوق الصخر ومفاصله وتقاربها من بعضها البعض, وميل الطبقات ميلاً شديداً.

وأما الشروط الطبوغرافية فتتمثل في ضرورة وجود منحدرات شديدة أو حوائط عاليو بحيث تعمل المياه الجارية على زيادة إنحدارها وراسيتها مما يساعد على حدوث عملية الإنهيار السريع بفعل الجاذبية.

وأما الشروط المناخية فتتمثل في: 1-عظم المدى الحراري اليومي والسنوي.

2-تتابع ظاهرة التجمد والذوبان.

3-عظم كميات التساقط وغزارة الأمطار وإتخاذها شكل سيول جارفة, كما أ، ندرة النباتات الطبيعية, وقلة كثافتها تؤدي أيضاً إلى عدم تثبيت تكوينات المنحدرات مما يسهل عملية إنزلاقها.

عملية النحت

انظر: تآكل تعتبر المياه الجارية والهواء والجليد أهم عوامل النحت: فالمعروف أن الصخر الذي يتفكك محلياً لا يبقى في مكانه وإنما يتم نقله بواسطة هذه العوامل ويؤدي هذا إلى تحرك المفتتات الصخرية على وجه الأرض وإحتكاكها ببعضها البعض مما يساعد في الواقع على زيادة تفتتيتها. وينبغي أن ندرك دائماً أن عوامل النحت من هواء إلى مياه جارية إلى جليد, لا تنحت الصخر بنفسها بل يساعدها على إتمام هذه العملية ما تدفعه معها وهي تتحرك من مواد مفتتة. فكأن المواد المفتتة إذن, هي بمثابة مطارق الهدم التي يستخدمها عوامل النحت في نحت الصخور وتفتتيتها, ولكن هذا لا ينفي القول بأن بعض العوامل تستطيع القيام بعملية النحت من تلقاء نفسها, ويمكن حصر العوامل تساعد على عملية النحت على النحو التالي:

(أ) المياه الجارية: وهي أكثر عوامل النحت اثراً في تشكيل سطح الأرض, وذلك لأن مياه الأمطار إذا ما تجمعت, تكون مسيلات مائية وجداول ترتبط ببعضها البعض, وتكون أنهاراً جارية وتنجدر على سطح الأرض بفعل قوة الجاذبية الأرضية وتساعد على نحت سطح الأرض وتشكيله. ولا يقتصر تأثير المايه الجارية على المناطق المطيرة وحدها بل يتعداها إلى المناطق الصحرايوة سواء كانت هذه الصحاري باردة أم دفيئة, إذ يؤدي تكون المياه بعد ذوبان الثلوج في الصحاري الباردة إلى نحت الصخور وتعريتها, كما يؤدي تساقط الأمطار الفجائية في الصحاري المدارية إلى تكوين سيول جارفة تعتبر عاملاً هاماً في تشكيل سطح الأرض في هذه الصحاري.

(ب) الهواء: ويعتبر هو الآخر عاملاً هاماً يساهم في نحت الصخر وتفتيته, ولاشك في أن الهواء الثابت ليس لهل أثر يذكر في هذا الصدد, فلهواء المتحرك على شكل رياح هو وحده الذي يستطيع النحت والنقل. وتتوقف مقدرة هذا الهواء على النحت على: سرعته, وعلى مقدار ما يدفعه من المواد المفككة, وعلى درجة رطوبته. ويعتبر عامل المواد المفتتة التي تدفعها الرياح أهم هذه العوامل قاطبة, فهذه المواد هي التي تساعدها على النحت, وكلما كان الهواء سريعاً في حركته كان دفعه للمواد المفككة شديدأً, ولابد بالضرورة كذلك من أن يزداد ضغط هذه المواد المندفعة على الصخور التي تصطدم بها أثناء إندفاعها مع الهواء, مما يؤدي في النهاية إلى تفككها وتفتتها. كما نلاحظ أيضاً أن الرياح القوية في المناطق الجافة, أقدر على النحت من الرياح الرطبة في المناطق المطيرة, وذلك لأن الهواء الجاف يستطيع إثارة الأتربة والرمال ودغعها معه, وخصوصاً أن الأقاليم الجافة ليس بها من الرطوبة القدر الذي يكفي لتماسك هذه الأتربة والرمال. أما في الجهات الرطبة التي تغزر بها الأمطار, أو ترتفع بها نسبة الرطوبة, أو تغطيتها غطاءات نباتية كثيفة, فلا تستطيع الرياح فيها أن تثير الأتربة أو الرمال, وتصبح مجردة تماماً منمعاول الهدم والنحت مما يؤدي إلأى قلة مقدرتها على النحت.

(ج) الجليد المتحرك: ويعتبر هو الآخر عاملا ً هاماً من عوامل النحت, إذ يساعد ثقله العظيم على نحت الصخور أثناء حركته فوقها. ويختلف أثر الجليد المتحرك في هاذ الصدد عن أثر الرياح لأنه يستطيع أن ينحت سواء كان يحمل من معاول الهدم, أو كان خلوا منها, وذلك لأن الجليد ثقلأً وضغطاً , وضغط الجليد على الصخور التي تيحرك فوقها, هو الذي يؤدي إلى تفتيتها ونحتها. ويظهر أثر الجليد المتحرك - في نحت الصخور - أكثر ما يظهر في المناطق الجبلية العظيمة الإرتفاع, وذلك لأن البرودة الشديدة في مثل هذه المناطق هي التي تساعد على تكون الجليد وتراكمه.

وقد قسم الأستاذ الأمريكي "ثورنبري ", عمليات النحت تمر بأربع خطوات رئيسية هي:

أولاً: إجتذاب المواد الصخرية المفككة وإكتسابها بواسطة أحد عوامل النحت لخمسة السالف ذكرها.

ثانياً: تفكك الصخر وتفتته نتيجة الضغط الواقع عليه من المواد المفككة أثناء حركتها.

ثالثاً زيادة تفتت المواد الصخرية المفتتة نتيجة إحتكاكها ببعضها البعض الآخر أثناء حركتها,ويتم هذا عادة بطريقة الجر أو السحب أو بطريقة التعلق الإذابة او الطفو.

رابعاً: نقل الحطام الصخري: وفيما يتصل بقدرة امياه الجارية على النحت, نجد أن الخطوة الأولى التي تساعد على إكتساب المواد الصخرية المفككة وإجتذابها, تتم في الواقع بوساطة قوة ضغط المياه التي اطلق عليه الأستاذ الأمريكي "مالوت " إسم الإغتصاب النهري (مشتقة من الكلمتين اللاتينيتين ومعناها نهر والفعل ومعناها يغتصب أو يستولي على). أماالخطوة الأولى التي تبدأ بها عملية النحت بفعل الرياح فتتم بواسطة قوة دفع الرياح التي تسبب التذرية , كما أن عملية النحت بفعل الجليد المتحرك تبدأ بإكتساب المواد المفككة بقوة ضغط الجليد وثقله على الصخور .

والمعروف أن عوامل النحت المختلفة من رياح إلى مياه جارية . . . إلخ, إنما تساعدها على إتمام عملية النحت تلك المفتتات الصخرية التي تحملها، وتعرف عملية النحت بفعل هذه المفتتات بعملية ال أو ال (البري بالنسبة للرياح), إذ تتم مثلاً عملية نحت جوانب الأنهار وقيعانها بواسطة قة ضغط مياه ألأنهار بمساعدة تلك المفتتات الصخرية التي تحملها هذه المياه, إذ تعمل هذه المفتتات الصخرية على تعميق قاع النهر نتيجة تحرك المفتتات الصخرية التي تحملها مياهه حركة دائرية متأثرة القاع في المناطق التي تتحرك فيها هذه المفتتات الصخرية, ثم تتسع هذه الفجوات ويكبر حجمها بالتدريج حتى تتصلب ببعضها التي في النهاية مما يؤدي إلى زيادة عمق المجرى.

أما إذا ساهمت في عملية النحت وسائل كيماوية كأن تذاب التكوينات الصخرية التي يشق النهر طريقه خلها وذلك بواسطة مياه النهر وما تحمله من ثاني أكسيد الكربون, فتعرف عملية النحت حينئذ بعملية النحت الكيمائي وجدير بالذكر أن المياه الجوفية تعمل على نحت سطح ألرض وجوفها عن طريق عملية النحت الكيمائي وحدها.

وتتشارك عوامل النحت الئيسية (بإستثناء المياه الجوفية) في أن المواد المفككة التي تحملها يزداد تفتتها نتيجة إحتكاكها ببعضها البعض ما يسهل بعد ذلك عملية نقلها من مكان إلى آخر بواسطة هذه العوامل, وتؤدي عملية إحتكاك المواد الصخرية المفككة ببعضها البعض إلى صقلها وطحنها مما يعمل في النهاية على زيادة صغر حجمها وتضاؤله.

وتتم عملية نقل المواد الصخرية المفتتة باربع وسائل:

(أ) الجرار أو السحب  : وهي الطريقة الرئيسية التي تنقل بها هذه المواد سواء بقوة ضغط المياه أو الهواء, ويرتبط بها تدحرج حطام الصخر وجزيئاته الكبيرة الحجم نسبياً بحيث لا يمكن أن تظل عالقة بالهواء أو بمياه نهر من الأنهار. ومن المعروف - رغم هذا - أن المياه الجارية تستطيع أن تنقل وتحمل الجزيئات الصخرية سواء كانت كبيرة الأحجام أو صغيرة, في حين أن الرياح لا يمكنها أن تحمل إلا المفتتات الدقيقة, ويرجع هذا إلى قلة كثافة الهواء بالنسبة إلى الماء. وتستطيع الرياح أن تحمل بعض الجزيئات الصخرية الكبيرة الحجم - كالزلط مثلاً - إذا كانت شديدة في سرعتها بحيث تصبح عاصفة هوجاء عارمة.

(ب) التعلق  : ويرتبط بهذه الطريقة تعلق المفتتات الصخرية تعلقاً مؤقتاً بالهواء أو بمياه الأنهار, ويتم على هذا النحو نقلها لمسافات بعيدة.

(ج) الإذابة  : إذ إن جزءاً كبيراً من حمولة مياه النهر نم المواد المفتتة كثيراً ما يكون في صورة مواد مذابة (بعض عناصر المعادن الصخرية القابلة للذوبان في الماء) تصبح جزءاً من مياه النهر بحي ثلا يحتاج النهر إلى بذل طاقته في حملها ونقلها.

(د) الطفو  : وهذه طريقة من طرق نقل المواد المفتتة ذات أهمية محدودة, إذ تقتصر على طفو بعض المواد غير العضوية القليلة الكثافة كصفائح الميكا أو الرماد البركاني فوق سطح المياه, ونقلها لمسافات بعيدة عن مصادرها.

وجدير بالذكر أن المفتتات الصخرية التي كثيراً ما توجد على سطح نهر جليدي, لا يمكن أن توصف بانها طافية فوقه إذ إنها مستقرة في الواقع فوق سطح الجليد الصلب ويتم نقلها يتحرك كتلة الجليد وزحفها.

أولاً - عمليات الإرساب  : ذكرنا من قبل أن قوى التحات تعمل على مر الأزمنة والعصور على نحت المناطق المرتفعة وملء المنخفضات, ولهذا تقسم إلى قسمين رئيسيين: قوى التخفيض وقوى الإرساب وقد درسنا قوى النحت دراسة تحليلة في الصفحات القللية السابقة, أما قوى الإرساب فالمعروف أنها تلازم وتصاحب عمليات النحت ملازمة لا مفر منها وتساهم هي الأخرى كذلك في ملء المنخفضات مما يؤدي في النهاية إلى تسوية سطح الأرض وإزالة مابه من تضاريس سالبة, فهي تعمل إذن على إلقاء الرواسب في المناطق الهامشية من البحار والأحواض المحيطية وفي شتى أنواع المنخفضات التي توجد دون مستوى القاعدة, وبذلك ترتفع هذه المظاهر التضاريسية السالبة إلى هذا المستوى. وتنتج عملية الإرساب بوجه عام - إذا إستثنينا عمليات الإرساب التي تتم بفعل المياه الباطنية - عن إنعدام مقدرة عوامل النحت السابقة الذكر (المياه الجارية, والرياح, والأمواج والتيارات البحرية والجليد) على حمل المفتتات الصخرية ونقلها. أما عملية الإرساب بفعل المياه الباطنية فغالباً ما تحدث نتيجة حدوث إختلافات في حالة الضغط والحرارة في بطن الأرض, أو لوجود بعض الكائنات الحية التي تساعد على ترسيب بعض الأملاح والعناصر المذابة في هذه المياه. وتعد عملية الإرساب التي تحدث في حالة نهر جليدي, عملية فريدة في نوعها وذلك لأنها تنجم عن إنعدام مقدرة هذا النهر الجليدي على حمل المفتتات الصخرية عندما يتعرض جليده للذوبان بعدإرتفاع درجة الحرارة.

ومما يجدر ذكره في صدد دراسة قوى الإرساب أو "الردم" أن هذه الدراسة لم تلق من عناية العلماء وإهتمامهم ما لقيته دراسة قوى النحت, وقد يعزى هذا إلى ا، المظاهر التضاريسية المنحوتة أكثر وضوحاً وبروزاً بحيث يسهل تتبعها والتدقيق في طبيتعها على معظم الخارئط الطبوغرافية, هذا في حين أن الصور التضاريسية الناتجة عن عوامل الإرساب تكاد تتميز بإستوائها وقلة تضرسها, مما يصعب معه إظهارها على معظم الخرائط الطبوغرافية, وينسحب هذا القول على شتى صور الإرساب التي تنجم عن الهواء والمياه الباطنية والأمواج والتيارات البحرية التي تنقصها الدراسة التحليلية التصنيفية, الهم إذا إستثنينا بعض صور الإرساب الفيضي (كالسهول الفيضية والدالات . .. إلخ), والجليدي, التي إستطاع العلماء دراستها بدقة وإمعان في كثير من جهات العالم.

ثانياً - العمليات الداخلية

ترجع تسمية هذه العمليات بالداخلية إلى أن مصدرها باطن الأرض, ولذا تسمى بالعمليات التكتونية, وهي تؤدي إلى إحداث تغيرات فجائية كالنشاط البركاني أو تغيرات بطيئة كالتصدع والإلتواء (كثيراً ما تعرف بالتقلقلات البطيئة ) وتعمل كل هذه التغيرات على تكوين المظاهر التضاريسية الأصلية من مرتفعات إلأى منخفضات إلى صدوع وأخاديد ... إلخ, وهي بهذا تحول دائماً بين قوى التحات وبين بلوغ هدفها الأكبر إلا وهو تسوية سطح الأرض وإزالة ما به من تضرس.

وقد جرى العرف على تقسيم التقلقلات الباطنية البطيئة إلى نوعين رئيسيين: حركات إلتوائية أو أوروجينية تعمل في حركة أفقية وتؤدي إلى إلتواء الصخر وإنثنائه وتكوين السلاسل الجبلية الإلتوائية. وحركات راسية تؤدي إلى إرتفاع أو هبوط أجزاء كبيرة من قشرة الأرض.

والحركات الأوروجينة في المعتاد أكثر تركيزاً من الحركات الرأسية أو الإبيروجينية وتنتج في المعتاد عن ضغط أو شد أفقي, وقد كان اجيومورفولوجي الأمريكي (1890) أول من فرق بين هذين النوعين الرئيسيين من الحركات الباطنية. فقد وضح أن هضاب كولورادو تعتبر مثلأً حياً لإقليم تأثر بالرحكات الأبيروجينية (الراٍية) على نطاق واسع, وهو بهذا تختلف تماماً عن منطقة سلسلة جبال واساتش (بولاية يوتاه وتعتبر جزءاً من سلسلة جبال الروكي العظيمة) التي تعرضت لحركات أوروجينية على نطاق واسع. والتفرقة بين الحركات الأوروجينية والإيبروجينية ممكنة من الناحية النظرية, ولكننا عند تطبيقها على بعض جهات العالم كثيراً ما نجد آثار الحركات الأوروجينية واضحة جنباً إلى جنب مع صور تضاريسية ناجمة عن حركات إيبروجينية, وهذا يدل دلالة قاطعة على أن هذين النوعين, وإن تميزا عن بعضهما البعض, إلا أنهما مرتبطان ببعضهما, فالحركات الرأسية سواء كانت إلى أعلى أن أسفل, تصحبها في العادة حركات أفقية كما تلازم الحركات الأفقية حركات رأسية. وعلى هذا الأساس ليست الحركات الأفقية وحدها هي العامل الرئيسي في تكوين الجبال الإلتوائية, كما أ، الحركات الرأسية ليست وحدها مسئولة عن تكون الهضاب بشتى أنواعها.

ومن المعروف أن الحركات الأوروجينية قد حدثت على فترات موزعة خلال العصور الجيولوجية الطيولة, وكانت تسود بين كل فترة وتاليتها فترات من الهدوء النسبي أو فترات كانت تتعرض فيها قشرة الأرض لحركات أيبروجينية من الإرتفاع أ, الهبوط, ومع هذا يمكن القول بأننا نعيش الآن في فترة جيولوجية تتميز بهدوء نسبي أو بمعنى آخر في فترة "أنوروجينية " ولابد أن تتعرض فيها حتمأً الجيال والهضاب التي توجد على سطح الأرض, لأن تنحت وتزال بفعل عوامل النحت المختلفة, وبذا يتحول يتحول هذا السطح إلى سهل منبسط يعلو قليلاً عن سطح البحر, هذا إذا لم تحدث حركات أوروجينية أو إيبروجينية جديدة.

وقد عارض الجيومورفولوجي الأمريكي "جيمس جيللالي" في سنة 1949 فكرة حدوث الحركات الأوروجينية على فترات إبان التاريخ الجيولوجي الطويل للكرة الأرضية, إذ يعتقد بأن عصرنا الحالي لا يختلف في كثير أو قليل عن العصور الجيولوجية الماضية, وأن حركات تكوين الجبال مازالت مستمرة بنفس السرعة التي كانت تحدث بها في الماضي البعيد, هذا فضلاً عن أنه لا يعتقد في سهولة التفرقة بين الحركات الإلتوائية والحركات الرأسية. ومما يستحق الذكر أن "ديفز" صاحب فكرة الدورة الجيومورفولوجية للتعرية إستطاع في الواقع أن يبني فكرته على أساس هذه الإفتراضات التي رفضها "جيللالي" ونبذها, وخصوصاً ذلك الإفتراض القائل بأننا نعيش الآن في فترة هدوء نسبي تؤدي إلى إتما الدورة الجيومورفية وإكتمالها.

ويظهر من هذه الآراء المتعارضة أن هنالك إتجاهين فيما يتصل بالعلقاة بين العوامل التحاتية والتكتونية 0 أو بمعنى آخر - بين العوامل الخارجية والداخلية, إتجاه ينادي أنصاره بأن الحركات التكتونية تعمل على فترات تتخللها أوقات ثبات وهدوء طويلة, تتعرض فيها المظاهر التضاريسية التي تكونها هذه الحركات لأن تنحت وتزال, وبذا تكتمل الدورة الالجيومورفية, وتتزعم هذا الإتجاه المدرسة "الديفيزية". وإتجاه آخر يشك أصحابه في إحتمال حدوث فترات طويلة من الثبات والهدوء مما يحول دون إتمام دورة التعرية. ويتزعم هذا الإتجاه "بنك" وأتباعه". فكأن هنالك إذن من يؤمن بالدورة الجيومورفية "الديفيزية" ومنلا يؤمن بها إطلاقاً, وسنعود إلى تفصيل هذه الآراء المتضاربة فيما بعد.

عمليات النشاط البركاني

انظر: بركان أما عمليات النشاط البركاني فيقصد بها تحرك كتل من الصهير فوق قشرة الأرض أو صوب سطحها, وما يرتبط بهذه الحركة من إنبثاق كتل من الصخر المنصهر خلال أعناق تنتهي على سطح الأرض, فتتكون البراكين, أو قد تنتشر هذه المواد الصخرية المنصهرة على سطح الأرض عن طريق بعض الشروخ والفلوق في قشرتها, وبذا تغطي مساحات واسعة, وتعرف هذه الظاهرة بالطفح البركاني . وتؤدي مثل هذه الطفوح البركانية إلى إحداث تغيرات مباشرة في المظهر الطبوغارفي العام للإقليم الذي يتأثر بها, فطفوح هضبة كولومبيا البركانية الشمالية تغطي مساحة واسعة تزيد على المائة الف ميل مربع ويصل متوسط سمكها إلى أكثر من نصف ميل, وقد أدى إنتشار هذه الطفوح الهائلة على سطح الأرض إلى ملء الأدوية وتغطية عدد كبير من التلال المرتفعة, مكا أصبحت بعض القمم الجبلية الشاهقة تبدو ظاهرة فوق سطح سطح الأرض أشبه بجزر صغيرة وسط محيط هائل من اللابه.

وكثيراً ما ينجم عن عمليات تداخل كتل الصهير في الطبقات الصخرية الرسوبية تكون بعض المظاهر الجيومورفية البارزة كالخزانات الصخرية (مشتقة من الكلمتين اليونانيتين ومعناها خزان. ومعناها صخر) التي تتكون نتيجة تداخل كتل الصهيرفي الطبقات الرسوبية وإنتشارها خلال سطوح الإنفصال التي تفصل بين هذه الطبقات, وتعمل على تقويس الطبقات الرسوبية التي فوقها إلى أعلى, أو قد تتكون أحواض ضحلة تشبه الأطباق , أو تتداخل هذه الكتل في صورة سدود أفقية (يمكن أن تسمى بالسدود التوافقية لأنها تتمشى مع ميل الطبقات وتسير موازية لها) تتمشى مع سطوح افنفصال بينالطبقات, أو في صورة سدود رأسية أو قواطع (يمكن أن تسمى بالسدود التعارضية لأنها تتعارض مع ميل الطبقات وتتقاطع معها, وكل هذه الصور تؤدي إلى تكوين مظاهر جيومورفية قد تكون لها أهمية كبيرة في بعض جهات عالمنا الواسع.

وقد تتكون في بعض الحالات صور تضاريسية لا ترتبط بعوامل خارجية أو داخلية بل تنشأ عن حركات كونية, كتلك التي تنشأ عن عملية تساقط الشهب والنيازك فوق سطح الأرض. والصور الجيومورفية التي تنشأ عن هذه الظاهرة الكونيةالنادرة بالقرب من ونسلو بولاية أريزونا بالولايات المتحدة, والتي يبلغ طول قطرها زهاء الميل كما يزيد عمقها عن الستمائة قدم. وترجع فرادة مثل هذه الحفر الشهبية إلا أن تكونها لا يرتبط بعوامل أرضية, هذا على الرغم من أن ظاهرة سقوط الشهب والنايزك إنما تنتج في الحقيقة عن تأثير الجاذبية الأرضية.

كما أننا لا يمكن بأي حال أن نغفل أثر الكائنات الحية - ومن بينها الإنسان - في هذا المضمار, فالإنسان يعتبر إلى حد كبير أحد العوامل الحيوية اليت تساهم في تشكيل سطح الأرض, وذلك بقيامه بعمليات التحجير وأنواع عديدة من الحفر التي قد يستغلها في بعض الأغراض التعدينية, كما أنه إذا إستمرت الحروب التي تحدث على سطح كوكبنا على النحو الذي شاهدناه في الحربين الماضيتيين, فلا مفر منأن تصبح ظاهرة "حفر القنابل " ظاهرة جيومورفية هامة. وهنالك بالإضافة إلى الإنسان كائنات حية أخرى تبني بعض الصور الجيومورفية على سطح الأرض ومن أمثلتها حيوانات المرجان التي ساهمت في تكوين حواجظ المرجان الهائلة في البحار المدارية, وأنواع من النمل الأبيض والطيور التي تستطيع أن تبني تلالً قد تكون لها أهمية كبيرة محلياً, إذ قد يصل إرتفاع بعض تلال النمل الأبيض إلى أكثر من 25 قدماً, كما أن النباتات الطبيعية قد تساهم في كثير من الأحيان في تكوين سطح الأرض, فهي التي تؤدي إلى ملء البحيرات في المرحلة النهائية من مراحل إمتلائها, ومن هنا ينشأ الفحم النباتي وبعض نباتات المستنقعات المعروفة بالأجمات .

مدى تأثر العمليات الجيومورفية المختلفة بالعوامل المناخية: مما لاش ك فيه أن عناصر المناخ - وبصفة خاصة عنصري الحرارة والتساقط - تلعب دوراً هاماً في تشكيل سطح الأرض, ولابد بالضرورة أن تتأثر بها العمليات الجيومورفية المختلفة التي تعمل لهذا الغرض, علىاننا نلحظ - رغم هذه الحقيقة - أن الدراسات الخاصة بتوضيح مدى تأثر العمليات الجيوموفية بالعوامل المناخية, لازالت في مهدها, ويرجع هذا إلى أنم دارية الجيولوجيين بالدراسات المناخية دراية محدودة, كما أن الجغرافيين - اذلين لا جدال في أنهم أكثر إلماماً بمثل هذه الدراسات - أصبحوا يركزون جل إهتماهم على الدراسات الجغرافية البشرية وحدها.

وتؤثر العوامل المناخية على العمليات الجيومورفية إما بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر. وتتمثل المؤثرات المناخية المباشرة في:

(أ) كمية الأمطار ونظام سقوطها.

(ب) العلاقة بين التساقط ودرجة التبخر.

(ج) المدى اليومي للحرارة.

(ه) سرعة الرياح وإتجاهاتها - طول الفترة التي يتعرض فيها سطح الأرض للتجمد - فصول النهاية العظمى للأمطار - تتابع فترات من التجمد والذوبان - الإختلاف في الظروف المناخية على السفوح المواجهة للشمس وعلى تلك التي لا تواجهها - تغير الظورف المناخية وبزيادة الإرتفاع عن سطح الأرض, أما المؤثرات غير المباشرة فترتبط بمعرفة كيف أن التوزيع النباتي على سطح الأرض يتأثر بتغاير الظورف المناخية وتباينها.

ولابد أنيلحظ دارسو الصور التضاريسية على سطح الأرض أ، هناك علاقة وثيقة للغاية بين الظروف المناخية وبين الصور التضاريسية الرئيسية والثانوية التي تنشأ في كل إقليم مناخي. وقد كان "كرايناين " (1936) أول فرق بين الأقاليم المعتدلة الرطبة وبين الأقاليم المدارية المطيرة من حيث نوع العملايت الجيومورفية التي تعمل في كل منها. فالأقاليم المدارية الرطبةتتفكك صخورها بطريقة التحليل اليماوي بصورة ملحوظة,ويتمثل هذا بصورة خاصة ف يالمناطق الواطئة المسطحة في هذه الأقاليم. أما المناطق الجبلية فكثيراً ما تكون على منحدارتها طبقة سميكة من تربة اللاترتي قد يزيد سمكها على العشرين قدماً, كما قد تنحدر علىطولها أنهار خانقية عميقة وسريعة الجريان. ويرجع وجود هاتين الظاهرتين المتناقضتين في المناطق الجبلية من الأقاليم المدارية الرطبة إلى أثر الغطاء النباتي الذي ينمو كثيفأً حتى على المنحدرات التي يزيد درجة إنحدارها على 70 درجة, وقد تمتد هذه النباتات الطبيعية حتى ضفاف المجاري المائية, مما يعوق عملية النحت الجانبي, ويصبح لا مفر أمام مياه هذه المجاي منأن تعمق أوديتها, ولهذا يمكن القول با، الغطاء النباتي الكثيف في المناطق المدارية المطيرة, يلعب دور حماية التربة من الإنجراف بفعل الأمطار الغزيرة, كما يساعد على تفوق عملية النحتلرأسي على عملية النحتالجانب, وما يتبع هذا من تكون أنهار خانقية عميقة, كما تساهم بعض عمليات الإنهيالر الأرضي (كالتدفقات الطينية) في زيادة إنحدار جوانب هذه الأنهار وتحويلها إلى حوائط رأسية مرتفعة. ولاشك في أن كل هذه العمليات الجيومورفية يقتصر نشاطها على الأقاليم المدارية المطيرة وحدها.

ويختلف كذلك تأثر بعض الأنواع الصخرية بالعمليات الجيومورفية المختلفة بإختلاف الظروف المناخية, فالصخور الجيرية في الأقاليم المدارية المطيرة صخور ضعيفة لا تقوى على مقاومة عمليات التجوية الكيماوية وخاصة عملية الإذابة, ولذا تتميز المناطق التي تتألف من صخور جيرية بأنا منخفضة بالنسبة لما يجاورها من مناطق قد تتأف من أنواع صخرية أكثر مقاومة لهذه العمليات, هذا في حين أن الصخور الجيرية في الأقاليم الجافة - حيث تقل درجة الرطوبة ويكاد يتلاشى تأثير عملية الإذابة - صخور ذات صلابة عجيبة وتبدو على صورة حوائط أو حافات فقرية مرتفعة.

وإذا ما قارنا الأقاليم الرطبة بالأقاليم الجافة من الناحية اطبوغرافية لوجدنا أن المظهر الطبوغرافي للأقاليم الجافة يتميز بصور تضاريسية عالية.وهذا ما يندر أن نجده في الأقاليم الرطبة التي تتميز أشكالها التضاريسية بإستدارتها وإنصقالها بصورة عامة,ويرجع هذا الإختلاف إلى:

أولاُ: عمليات الإنهيار الأرضي - كعمليات زحف التربة والتدفقات الطينية - نادرة الحدوث في الأقاليم الجافة ويرجع هذا إلى قلة الأمطار التي لابد أن تساعد على إتمام هذه العمليات مما يحول في النهاية دون "صقل" الصور التضاريسية وإستدارتها في هذه الأقاليم.

ثانياً: عملية تكون التربة في المناطق الجافة عملية بطيئة تستغرق وقتاً طويلأً لكي تتم.

ثالثاً" عدم وجود غطاء نباتي مستديم في الأقاليم الجافة.

ولا يقتصر أثر العوامل المناخية في العمليات الجيومورفية على الأقاليم المناخية الكبيرة, بل كثيراً ما تظهر ف يداخل الإقليم المناخي الواحد فروقات مناخية تؤثر تأثيراً كبيراً على "اللاندشافت الطبيعي" فالمعروف - مثلاً - أن منحدارات الأودية العرضية (التي تمتد من الشرق إلى الغرب في نصف الكرة الشمالي) التي تواجه الجنوب تتميز بصورة عامة بأنها أقل إنحداراً من سفوحاه التي تواجه الشمال, ويرجع هذا إلى أن السفوح التي تواجه الشمال والتي لا تتعرض تعرضاً مباشراً للإشعاع الشمسي يتكون فوقها غطاء ثلجي يستمر لفترة طويلة, كما تتميز بغطاء نباتي أغنى بكثر من ذلك الذي ينمو على المنحدارات التي تواجه الجنوب (الشمس). وتؤدي كل هذه العوامل إلى إعاقة عمليات النحت على طول هذه المنحدارات في القوت الذي ينشط فيه هذه العمليات نشاطاً ملحوظاً على طول المنحدارات المواجهة للشمس, مما يجعل هذه المنحدرات في النهاية أقل إنحداراً من شقيقتها التي تجابه الشمال.

ومما يلاحظ أيضاً, أن عمليات التجوية الكيماوية تصل إلى أقصى نشاط لها في المناطق المدارية المطيرة التي تغزر فيها الأمطار المقرونة بإرتفاع في درجة حرارة الهواء, أما في الأقاليم الجافة - حيث يندر سقوط الأمطار - وكذلك في الأقاليم الباردة - اليت ينعدم فيها نشاط عمليات التفاعل الكيمائي نظراً لإنخفاض درجة الحرارة - فيقل نشاط عمليات التجوية الكيمائية ويصل إلى نهايته الصغرى, كما ا، عمليات التفكك الميكانيكي للصخر, تصبح في عنفوان نشاطها في المناطق التي تتعاقب عليها فترات من التجمد والذوبان, أو التي تتابع فيها الحرارة والبرودة, ويقل نشاطها بصفة خاصة في الأقاليم التي تتميز بإرتفاع درجة الحرارة إرتفاعاً منتظماً بحيث يندر هبوطها إلى ما دون نقطة التجمد, وفي الأقاليم التي تنخفض فيها درجة الحرارة إنخفاضاً مستديمأً دون نقطة التجمد مما يؤدي إلى عدم ذوبان الجليد الذي يتراكم.

ويتوقف نشاط عملية النحت بفعل المياه الجارية على العوامل الآتية:

1-درجة إنفاذ الصخر للمياه .

2-درجة تماسك الصخور الأصلية.

3- كثافة الغطاء النباتي.

4- درجة التبخر والنتح.

5-كمية الأمطار.

6-تكرر العواصف المطيرة.

وترتبط العوامل الأربعة الأخيرة بالمناخ إما بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر. وسنرى فيما بعد كيف أن هذه العوامل . هي المسئولة أولأً وقبل كل شئ عن تلك الإختلافات الملموسة بين الأقاليم الجافة من جهة والأقاليم الرطبة من جهة أخرى.

ويبو لنا من كل ما سبق أنه لاشك في أن هناك علاقة وثيقة بين الظروف المناخية التي تسود في أجزاء العالم المختلفة وبين الأشكال التضاريسية التي يتميز بها كل جزء إذ أن كل إقليم من أقاليم سطح الأرض كان عرضة للتأثر بظروف معينة هي التي حددت تضاريسية وصوره الأرضية بعد ما تفاعلت هذه الظروف مع تكويناته الجيولوجية. ولهذا يجب أن يهتم الجيوموفولوجيون بتقسيم العالم إلى أقاليم مورفوجينية على أساس أن كل إقليم منها قد ساهمت في تشكيله مجموعة من العمليت الجيومورفية, وفي هذا يقول الجغرافي الأمريكي "كارل ساور ".


والدراسة الجغرافية - التي تعتمد في أساسها على توضيح وإبراز العلاقات التي توجد بين شتى عناصر البيئة الطبيعية - هي التي يمكن أ، تفسر ذلك الإرتباط الوثيق بين المؤثرات المناخية والتضاريسية, ولذا كان الجغرافيون أقدر من غيرهم على إيضاح تشابه أنماط التوزيع المناخي والنباتي والفزيوجرافي على سطح الكرة الأرضية, على أساس أن العامل المشترك لاذي يفسر هذا التشابه هو عامل المناخ وحده. وقد إستطاع الجغرافي الألماني " " أن يفصل فكرة الأقاليم الموفوجينية التي أطلق عليها إسم على أساس أن "عمليات جيومورفية معينة تساهم في تشكيل سطح الأرض في إقليم ما تحت ظروف مناخية معينة, بحيث تطبع هذه العمليات "اللاندشافت الطبيعي" في هذا الإقليم بخصائص تختلف تماماً عن الخصائص الجيومورفية التي يتميز بها إقليم آخر في ظروفه المناخية".

على أنه يجب ألا يغيب عن أذهاننا دائماً أنه إذا إفترضنا أن التكوين الجيولوجي والصخري لسطح الأرض ليس بذلك التنوع والتباين الهائل الذي يتميز به, لأصبحت المظاهر الطبوغرافية في جهات سطح الأرض المختلفة نتيجة حتمية لظورف المناخ. وهذا يدل دلالة قاطعة على أن عامل التكوين الجيولوجي يحد من تأثير العامل المناخي في تكوين الصور التضاريسية, وذلك لإختلاف وتباين التركيب الجيولوجي والصخري لجهات سطح الأرض المختلفة, كما أ، العمليات الجيومروفية لم تدأب على عملها في تشكيل سطح الأرض وذلك على مدى فترات زمنية واحدة في كلجهات العالم, بل يختلف الوقت الذي إستغرقته من مكان إلى آخر على سطح الأرض, ولهذا كان من الأوفق ألا تغالي في إبراز أثر المناخ في تشكيل سطح الأرض, وخاصة أن هنالك عوامل أخرى غير عامل المناخ تساهم كله متضافرة من اجل هذا الهدف.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضا