الصومال قديما وحديثا

مقدمة لصاحب السعادة عبدالرزاق حاج حسين رئيس وزراء الصومال

أبناء الصومال الحبيب ..

في الجمهورية الصومالية .. ويا من تزحفون من أجل تدعيم الاستقلال وتحقيق الوحدة . هذا كتاب علم ومعرفة ، يحمل إليكم صورة حية صادقة لأمتكم العزيزة عبر التاريخ القديم والحديث ..

وهو يبحث في التاريخ الأنثروبولوجي للطلائع الجنسية التي وفدت إلى شبه جزيرة الصومال في هجرات ماردة أو قصيرة ، تبعا لضخامة عدد المهاجرين كمية ونوعا ، وقوة وضعفا ، وتأخرا وحضارة ، حتى أصبحت بلاد الصومال قاعدة التجمع والحشد لأجناس متباينة ، وحينما وصلت الموجات الحامية إلى الصومال دفعت أمامها الموجات السابقة وأصبحت البلاد قاعدة انطلاق للعناصر البشرية المتبانية التي أعطتلأفريقيا أغلب أجناسها ، كما أسهمت في تعديل الخصائص الجنسيةوالحضارية لكثير من شعوب هذها لقارة وفي الوقت نفسه ،استخلصت العناصر الحامية منطقةالصومال للصوماليين فقط ، وصهرتهم فيوحدة جنسية ولغوية وثقافية وحضارية ، وقد تدعمت هذه الوحدة باعتناق الصوماليين للدين الإسلامي الحنيف .

وهذا الكتاب يحوي سجلا خالدا لأرضكم الطاهرة ، وأمجاد أجدادكم الأولين .. لماض مجيد برزت فيه أمة بونت ((الصومال)) منذ أربعة آلاف عام قبل الميلاد ، فعرفت بأرض الآلهة والعطور واللبان وكانت مركز أشعاع لشرق أفريقيا ، ومن ثم استطاعت أن تسهم في تمدين وتحضير أمم كثيرة ، بالإضافة إلى العلاقات التجارية والثقافية التي ربطتها بمواطن الحضارات القديمة .. كمصر الفرعونية ، وبابل ، وآشور ، وفينقيا ، والرومان ،واليونان وإمبراطورية بيكين ، والهند والمغولستان .

وهذا الكتاب ينفرد بعمل رائع وجهد كبير في إبراز ماهية الصومال الإسلامية ، فمن الثابت أن الصومال أول بلد إفريقي دان بالإسلام وامتدت مراكز الدعوة الإسلامية فيه على طول السواحل الصومالية من (براوه) و (مقدشوه) على الساحلا لشرقي إلى (بربرة) و (زيلع) على الساحل الشمالي إلى (هرر) قاعدة الملك في عهد ملوك ، عدل – زيلع) ، ودول الطراز الإسلامي .

وقد تصدى ملوك الحبشة لتيار الإسلام المتدفق في قلب الحبشة نفسها ، خلال قرنين من الزمن حتى ظهر المجاهد الأول (أحمد جرى) الصومالي في القرن السادس عشر الذي قال عنه المستشرق الفرنسي رينيه باسه : ((أن أشهر دور من أدوار التاريخ الأثيوبي التي بقيت أخبارها محفوظة في أذهان الغربيين هو (أحمد جرى) الصومالي الذي كاد أن يحطم ويسحق النصرانية الحبشية ، ويعيدها كبلاد النوبة إلى الإسلام)) فإلى الإمام (أحمد جرى) الصومالي يرجع الفضل في نشر الإسلام في ثلثي الحبشة حتى وصل إلى بلاد النوبة ، حيث حدثت حالات كثيرة في التحول إلى الإسلام .

وتعرضت الصومال للغزو الصليبي من جهة البحر ، والغزو الحبشي من جهة ألبر ، ولكن حفظ الله أرضنا الطاهرة وخرج الشرف الصومالي مصونا كريما ، وأصبحت المدارس القرآنية في كل بقعة من أرض الصومال إلى جانب جهاد أصحاب الطرق الصوفية فيا لزوايا والمساجد لنشر الدعوة وتثبيت العقيدة ومحاربة المبشرين .

وقد تضمن الكتاب دراسات مشوقة ممتعة عن خبايا تاريخنا الحديث منذ امتداد الإدارة المصرية على ساحل الصومال الشمالي ، وظهور عهد السلاطين ، والانفصال ، وحركة الكشف والارتياد الأوروبي للصومال ، وما تلاه من تنافس وتطاحن ومناورات دولية من أجل السيطرة وبسط النفوذ ، ودخلت الحبشة في ميدان الاستعمار معتمدة على قوى الاستعمار الغربي ، وتم تقسيم الوطن الصومالي إلى خمس وحدات سياسية تئن تحت وطأة الاستعمار .

وهذه الدراسات تحتوي على أكثر من سبعين اتفاقية ومعاهدة ووثيقة ، سواء أكانت فردية أم ثنائية أو جماعية بشأن الحماية والاستعمار ، والتفاوض والتنازل عن ممتلكات صومالية من جانب بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والحبشة ، وهذه الوثائق تعتبر ثروة عظيمة تظهر لأول مرة مجتمعة في كتاب واحد وهي وثائق فيها إدانة للاستعمار ، وتكشف بجلاء عما فعله في أرضنا الطيبة المسالمة من محاولات استعمارية يحطم فيها المقومات المادية والمعنوية لدى شعبنا الحر الكريم ، ليظل حكمه على البلاد ، ولكن سرعان ماقامت ثورات شعبية في الصومال الخمس ضد الظلم والطفيان لتحطيم الأغلال والقيود ، فتجمعت الأفئدة والقلوب متجهة نحو النضال المشترك ضد الاستعمار وعملائه من رجال التبشير وأعلن ((السيد محمد عبدالله حسن)) الحرب المقدسة ضد المستعمرين والدخلاء ، ودخلنا معارك الثأر والانتقام وانتصرنا في كل المعارك التي خضناها خلال الربع الأول من القرن الحالي .

ومما تجدر الإشارة إليه تناول الكتاب للمؤامرات التي عقدت وتعقد من جانب واحد – بعد الحرب العالمية الثانية – وأهمها مؤتمر سان فرانسيسكو الذي تم فيه تقسيم البلاد غير المستقلة إلى نوعين لينفذ الاستعمار إلى غرضه وهو وضع بعضها تحت الوصاية وإشراف هيئة الأمم المتحدة ((مجلس الوصاية)) ، كما نوه الكتاب عن طريقة تشكيل للمناورات ومسرحا لبلبلة الأفكار ، ولكن خاب ظنهم لأنهم يعمدون إلى الشر ، فعادوا يتخبطون في دياجير الظلام ، ويأكل بعضهم بعضا . كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله . وسأترك الحديث لمن رأى الأحداث رؤية العين (( فما راء كمن سمعا ..))

وفي الجزء الختامي من الكتاب ما أجل ما تناوله المؤلف عنحياة المجتمع من عادات وتقاليد وآداب ولغة ودين ، ولم تفته الإشارة إلى الحياة الديمقراطية التي نعيشها بعد الاستقلال ، فقد آرخ لحياتنا النيابية ، ونظم الحكم ، وسياستنا الخارجية ، بالإضافة إلى التاريخ لأعمال الحكومة منذ الاستقلال في جميع المجالات الاجتماعية والثافية والاقتصادية والصحية والإعلامية ... إلخ .

ومما يسترعي النظر إشارته إلى الحركة القومية الصومالية ، ودورها في تغيير مجرى الأحداث بعد الحرب العالمية الثانية ، وقد حمل راية الدعوة الوطنية وعمل على إظهار القومية الصومالية إلى حيز الوجود حزب وحدة الشباب الصومالي الذي ا‘لن منذ مولده كحزب سياسي في عام 1947 أنه قام تحقيقا لرغبة الشعب في الاستقلال والوحدة . وقد تمكن بفضل قوته الشعبية من أن يؤلف أول وزارة صومالية في عام 1956 ، ومازال الحزب محتفظا بزعامته الشعبية بفضل ما يتحلى به من مبادئ وطنية ولعمله الدائب في سبيل إنعاش الحركة القومية الصومالية ، والسهر على مصالح الأمة ، والسعي في غير هوادة نحو الاستقلال والوحدة . كما يمكننا أن نتعرف من هذا الكتاب على النشاط العظيم لمختلف الأحزاب السياسية في الصومال من أجل الاستقلال والوحدة ، وإقامة الحياة الديمقراطية السليمة في البلاد .

ويتلاقى أبناء الوطن على هدف واحد تم إعلان الجمهورية الصومالية في أول يوليو عام 1960 ، وبذلك انتهى عهد المناورات والمؤامرات والدسائس وظهر عهد التآخي والمحبة ، فقد أصبحت البلاد في يد أبنائها ، وفي ذلك قوة بعد ضعف ، وفيه تضحية وبذل ، بعد أثرة ، وفيه بناء ومجد بعد سلب وتحطيم ، إذ دبت الحياة في الجذور وسرت في الفروع ونادي الشعب في الصومال الفرنسي ، وفي الأراضي التي تحتلها الحبشة ، وفي (أنفدى) بالعودة إلى الوطن الأم . فكان لابد لنا أن تستجيب لمطالب أخواننا فدخلنا في مفاوضات مع المستعمرين ، وطالبنا بحق تقرير المصير ، وأنكرت بريطانيا مطالب شعب (أنفدى) في الانضمام إلى الوطن الأم ، فكان لابد لنا من قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع بريطانيا في مارس 1963 ، واضطررنا أن ندافع ببسالة عن كيان وطننا ضد الاعتداءات الحبشية في أوائل عام 1964 ، وأن تندد بسياسة الحبشية ضد إخواننا الصوماليين في الأراضي التي احتلتها ، واستنكرنا الحلف الحبشي الذي أنشئ ضد جمهوريتنا ، وكان لابد لنا من أن نعلن في كل المؤتمرات العالمية والإقليمية مشكلاتنا مع جيراننا ، ورغبة شعبنا في حق تقرير المصير ، وجمع شمل الأراضي الصومالية .

غير أنه اتضح لنا بعد الاتصالات التي أجريناها أخيرا مع الوفود المشتركة في مؤتمر دول عدم الانحياز الذي عقد في القاهرة في 5 أكتوبر عام 1964 ، أن أكثر الدول تجهل جهلا تاما أغلب القضايا الصومالية ، ولا يعلم أحد بمشكلات حدودنا إلا عن طريق ما تتناقله وكالات الأنباء العالمية من مقتطفات عن حوادث الحدود ، وربما تكون مشوهة لا تظهر الحقيقة . ومن ثم أدركنا أن قضايانا تتطلب توضيحات ثابتة وسمتمرة للرأي العام العالمي .

لهذا باركت هذا العمل الضخم الجبار الذي قام به الأستاذ (حمدي السيد سالم) الخبير العربي بوزارة الاستعلامات الصومالية ، فأعد هذا الكتاب عن تاريخ الصومال قديما وحديثا وجاء في معظم تفاصيله الدقيقة بيان واضح عن التنافس الدولي في تقسيم أراضي الصومال وكل ذلك في أسلوب سلس متماسك ، وعرض رائع في تحليله الأحداث وحقائق مدعمة بالأدلة الثابتة ، ويمكنني أن أقرر أن هذه المعاهدات والاتفاقات التي وردت في كتاب تعتبر ثروة عظيمة في معرفة ألاعيب الاستعمار وتفهم مشكلة الحدود الراهنة على حقيقتها .

ولايسعني إلا أن أقدم التهنئة الحارة للمؤلف على ما بذله من جهد في خدمة قضايانا الوطنية بوضعه لهذا الكتاب . ونرجو أن يتابع أعماله المجيدة بكشف النقاب عن خبايا كنوز وطننا العزيز .

واختتم هذه المقدمة القصيرة راجيا أن أرى قريبا إخواننا وأبناءنا الصوماليين قد طرقوا ميدان التأليف والتدوين لتراثنا الخالد ، ومشكلاتنا ، وقضايانا ، لإظهار المسألة الصومالية خالية من كل زيف فهي أمانة في أعناقنا جميعا تحاسبنا على تضييعنا الأجيال المقبلة . وفي مثل هذا العمل الجليل فليتنافس المتنافسون .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تمهيد

لصاحب السعادة يوسف آل محمد وزير الاستعلامات

حاول المستعمر إبان إقامته بين الشعوب الإفريقية أن يسد عليهم الموصلة إلى فهم الديمقراطية السليمة فهما صحيحا ، لعلمه أن ذلك بشكل خطرا عليه لايستطيع مقاومته بعد .

ويوم تعرف شعوب أفريقيا هذا فستبدأ بالفعل في ممارسة الديمقراطية الفعالة ، وعندها يدق جرس الخطر للسمعمر فيرحل لانقطاع عيشه الهانئ من هذا المكان الأمين ، ورغما من حرص المستعمر وصنائعه في ستر سرقته وخفة يده في سلبه فقد دق الجرس ومارست شعوب أفريقيا ، الديمقراطية الصحيحة ، التي لاتكتمل إلا بالممارسة والتطبيق .

ثم أنه إذا كان لوجود الحكم الاستعماري أثر ، فأثره الأول ضد هذه الديمقراطية .. فالحكم الاستعماري يقوم على عدم المساواة في جميع الميادين ، وفي الوقت نفسه يحاول دائما أن يثبت في نفس الإفريقي الشعور بالعجز والحاجة والتخلف .. ولم نسمع عن حكم استعماري حاول طائعا مختارا أن يحقق في أفريقيا أي معنى من معاني المساواة أو العدل أو الحرية التي هي لب الديمقراطية الحقيقي .

من اجل هذا الكبت وبسبب هذا الضياع كانت الحركات الوطنية في أفريقيا حركات متسرعة تحاول أن تجعل شعوبها وحدات دولية مستقلة . وكانالاستعمار يقول دائما : أن هذا سابق لأوانه ، وقد ذهبت أيامهم وذهبت معها أقوالهم دخانا في الخواء . فالشك فيهم من جانب الإفريقيين متوافر مؤكد يدفعهم إلى التمسك به تاريخ عمره مائة عام أو تزيد عاشها المستعمرون بينهم ، ومنهجهم العام : الاستغلال الاقتصادي ، والتخريب النفسي والمعنوي ، وأبعاد الإفريقيين عن نور العلم والثقافة ، وعن ممارسة الديمقراطية السليمة ، ثم المجازر التي يتعرض لها أبناؤها ، والطعنات الغادرة التي أودت بالكثيرمن أعلام القارة الإفريقية ومحرريها ، والمطالبين بحل قضاياها الكثيرة العادلة .

ويعرف المستعمر أن الكلمة المكتوبة أو المذاعة عن حلقة الصلة بين أفراد المجتمع الصغير والكبير ، وأن الكلمة الحرة هي المقدمة الأولى للديمقراطية السليمة .. وهي ضوء كشاف أمام الديمقراطية ، ولهذا اجتهد المستعمر أن يمنع انتشار الثقافة ويوقف رسالة الإعلام في أفريقيا ليسهل له قيادتها ، والسيطرة عليها والتحكم فيها ، وفق مصالحه الخاصة .. وتظهر هذه الحقيقة واضحة إذا ألقينا نظرة سريعة علىحالة الإعلام في القارة الإفريقية قبل وبعد عام 1960 باعتباره عام التحرر والاستقلال لأكثر شعوب أفريقيا .

لقد كانت أفريقيا كلها قبل عام 1960 ليس بها سوى ثلاث وكالات قومية للأنباء رغم أن المستعمر قد مارس سلطاته الاستعمارية في أفريقيا لنحو مائة عام .

ولكن بعد أن تحرر عدد كبير من دول أفريقيا ، وبدأت في العمل الثوري للنهوض بشعوبها لتلتحق بالركب الحضاري ، زاد عدد الوكالات القومية للأنباء إلى خمس وعشرين وكالة في عام 1964 ومنها وكالة الأنباء الصومالية (سونا) التي تأسست في العام الماضي .

وقد اتضح أيضا أن أكثر الدول الإفريقية ليست فها وكالات أنباء قومية ، وإنما اعتمادها على الأنباء التي تأتيها من الوكالات العالمية ، أو من إدارات الإعلام الرسمية .. أما البلاد التي لم تستقل بعد فإنها تعتمد على الوكالة القومية للدول المحتلة .

ولذلك كان الاتصال المباشر بين الدول الإفريقية معدوما إبان فترة الاستعمار ، مما دعا منظمة الوحدة الإفريقية إلى أن تعمل إلى إيجاد وكالة على مستوى القارة للأنباء الإفريقية تشترك فيها الوكالات الإفريقية لتبادل الأنباء فيما بينها لصالح شعوبها .

أما الحصافة الإفريقية حتى عام 1961 فوصل عددها إلى 231 صحيفة يومية لنحو ثلاثمائة ملايين نسمة أي بنسبة 1.2 نسخة لكل مائة شخص ، وهي أضعف نسبة في العالم ، بالإضافة إلى أن الصحافة الإفريقية والدوريات لا تزال في طورها الأول .. فلا يوجد فيالوقت الحاضر غير أربع دول أفريقية بها مدارس للصحافة ، كما أن عدد المجلات المتخصصة التي تهتم بالتعليم والزراعة والصناعة أو بالمهن الحرة الأخرى قليل جدا ..

وفي أفريقيا لا يتجاوز استهلاك ورق الصحف 30 ألف طن في العام أي بنسبة 10/1 كيلو جرام للفرد مقابل عشرة يلو جارمات في أوروبا و36 كيلو جرام في أمريكا الشمالية .. ومن المنتظر أن يزداد الاستهلاك الورق إلى 190 ألف طن عام 1965 وإلى 345 ألف طن في عام 1975 حسب تقدير منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة .

ولا يوجد في أفريقيا حاليا سوى أربع دول تنتج ورق الصحف والطبع والكتابة ، وهناك ثلاث دول في مرحلة الإنشاء ..

والتأهيل المهني للإعلام في أفريقيا لا يتناسب مع شدة الحاضة إليه في الوقت الحاضر . والتأهيل هو الأساس الذي يقوم عليه تجديد وتطوير الوسائل الإعلامية الموجودة ، ويشمل التأهيل المحررين وغيرهم من الفنيين المتحصصين في الطباعة والآلات التي يستخدمها الإعلام ، كما يشمل الأخصائيين في إدارة الصحف وغيرها .

وإذا نظرنا إلى باقي اجهزة الإعلام مثل وسائل الإعلام الصوتية ، كالإذاعة ، والمرئية كالتلفزيون والسينما ، والمؤلفات الإفريقية عن وسائل الإعلام والتأهيل الإعلامي .. إلخ ، فإننا نجد أن القارة الإفريقية أقل مستواها فيههذ النواحي عن أي قارة أخرى في العالم .

ولكن – الآن – قد ولى الاستعمار عن أغلب أراضي قاراتنا الحبيبة .. وبدأ عهد جديد لنا نحو الأفريقيين .. فقد بدأنا نفكر بوحي من أنفسنا وبدء التفكير هو بدء التحرر والبحث عن الحقيقة ، ولهذا السبب بالذات استيقظت في النفوس الدعوة إلى الحرية ، وتدعيم أركان الديمقراطية لصالح الجماهير الشعبية .. فلعمري كيف نصل إلى الحقيقة دون بحث واستقصاء ؟ .. وكيف نبحث دون حرية وديمقراطية ؟ دون أن تتجاوب الآراء ويتنافس الناس في حرية وديمقراطية ؟ أن المجتمع الفاسد هو الذي يقيد الحرية الديمقراطية لأنها تعمل على هدمه . أما المجتمع الصالح فإنها تزيده قوة على قوة لذلك لا يعترض سبلها .

وعليه أدرك ساسة القارة الأفريقية أن في تحقيق رسالة الإعلام في الداخل والخارج تحقيق لمبادئ السلام والديمقراطية السليمة للشعب وتوثيق لعرى الصداقة مع كافة الشعوب ، وإبانه – عن موقعنا في الأحداث الجارية والسلام العالمي وعدم الانحياز والوحدة الإفريقية ..

فرسالة الإعلام هي بيان الحقائق عن طريق البحث والاستقصاء ، والاعتماد على الوثائق والمستندات المفصلة وغيرها مما يساعد على تعارف المواطنين بكافة المجالات العلمية والنظرية لنشاط الدولة وتقدمها ونهوضها وإظهار هذه العلومات في الحقل الدولي .

وتحقيقا لهذا قال صاحب السعادة (عبدالرزاق حاج حسين) رئيس الوزراء في البيان الوزاري للحكومة الثانية في 15 سبتمبر عام 1964 – في حديثه عن شئون الإعلام – (من واجب الدولة الحديثة أن تقيم مع الرأي العام الوطني والرأي العام العالمي روابط متينة بحيث تجعلها على علم ببرامجها وما تحقق نتيجة لهذا البرامج ، وعلى علم بمشاكلها وبالوسائل التي تنوي اتخاذها لإيجاد حل لها .. وكلما كان الإعلام موضوعيا ومنظما ثبت وأصبح إيجابيا في تأييد العمل الذي تقوم به الحكومة من الداخل والخارج) .

ومن أجل تنوير الشعب وتبصيره بذاتيته وشخصيته ومعرفة سياستنا الداخلية من بناء وتعمير وإبراز سياستنا المتحررة المبنية على عدم الانحياز التي توضح شخصيتنا المستقلة في المجال الدولي وتأكيد هذه السياسة ، ومن أجل اطلاع الرأي العام في الداخل والخارج على مخططاتنا وأهدافنا وغاياتنا ، ومن اجل الوحدة وتدعيم الاستقلال وصيانة السلام العالمي . ومن أجل هذا كله قد وضعنا خطة محكمة للنهوض بالحركة الإعلامية داخل جمهوريتنا وخارجها بتوفير وسائل الإعلام للدولة والأفراد والجماعات الحزبية وغيرها . وتدعيم وتحسين وكالة الأنباء الصومالية والصحف والإذاعة والسينما .. إلخ .

ورغم أن وسائل الإعلام التي سبق ذكرها تقدم في جملتها مجموعة من التأثيرات تتكون من انطباعات عديدة في نفس القارئ والمستمع والمشاهد .. فإن أدومها وأقربها صلة بالإنسان هو الكتاب الذي يحتفظ به القارئ ، ويرجع إليه ، ويجده في متناوله وقتما يشاء .. لذلك عمدنا إلى تشجيع التأليف والمؤلفين لنشر ما خفي من تراثنا الخالد وبيئتنا ، وطبيعة أرضنا واقتصادنا ، وأحوالنا الاجتماعية ، وسياستنا الديمقراطية بعد أن سترها الاستعمار طوال هذه المدة .

وخير ما يشبع الرغبة ويدفع النفس إلى السمو هو التحدث عن وطننا قديما وحديثا . وقد رأيت فميا قدمه الأستاذ (حمدي السيد سالم) الخبير العربي بالوزارة في هذا الكتاب بين أيديكم خير إعلان لهذا الانب .. فقد أشبع رغبتي ، وملأ نفسي بالزهو عندما كنت أتصفحه ، وانتقل فيه من صفحة إلى صفحة فأجدها معبرة عما تنطوي عليه نفوسنا جميعا مشتملة على ماتتوق لمعرفته من علوم ومعارف كنا في حاجة إليها بعد أن حرمنا منها هذا الزمن الطويل ، فمن الخير أن يتمارسه أبناء وطننا ، وأن يرى فيه أصدقاؤنا صورة حية لتاريخ وطننا العزيز ..

وما أجمل النسق الذي سار عليه المؤلف في التعريف ببلدنا قديما وحديثا .. على طول التاريخ العام . وطلبت من المؤلف أن يمنح الكتاب مقدمة تتناول الموارد الطبيعية للصومال كالموقع الجغرافي والطبيعي ، ومظاهر (اللاند سكيب) ، والظاهرات المناخية ، كالحرارة والأمطار من الإحصاءات الرسمية ، والخرائط والرسوم البيانية التوضيحية ، أم دراسة للغطاء النباتي الطبيعي بصوره المختلفة من أعشاب وحشائش وشجيرات ، إلى الدهاليز الغابية ، فالمركب الحيواني البري بأنواعه وأحجامه ، والبناء الجيولوجي وما يحوي من أنواع الثروة المعدنية ، ثم الموارد المائية الطبيعية وإمكانيات استغلالها .

على أن يقوم المؤلف بدراسة تحليلية منظمة لحالات الإنتاج ووسائله ومشاكله ، وإمكانيات تحسين وتطوير الإنتاج للاستهلاك المحلي وللتجارة الدولية ، وذلك بالنسبة لقطاعات الإنتاج البحري والرعوي (الثروة الحيوانية) ، والإنتاج الزراعي والصناعي – وقطاع المواصلات باعتباره جزءا من الإنتاج ، ثم النشاط التجاري في داخل الجمهورية ، وتطور الحركة التجارية مع الخارج كمية ونوعا قبل وبعد الاستقلال ، فالميزان التجاري للدولة ، والنظام النقدي في البلاد .

وهدفي من تقديم المؤلف لكتابه التاريخي عن الصومال بدراسة الموارد الطبيعية وحالات الإنتاج أن يتعرف القراء عن الملامح الجغرافية والاقتصادية لبلاد الصومال قبل الحديث عن التاريخ العام قديما وحديثا ..

وقد قام المؤلف مشكورا بكتابة فصلين عن الموارد الطبيعية وحالات الإنتاج مما أعطى الكتاب حقائق علمية أخرى جديرة بالاعتبار والتقدير .

ويمكننا أن نتعرف على شخصية وطننا الكبير من خلال دراستنا هذا الكتاب ، ونعرف ما يمتاز به من صفات خاصة خلصت عليه طابعا خاصا ، وهو ثمرة عوامل متعددة متداخلة كالموقع الجغرافي في شرق أفريقيا ، ومظاهر (اللاند سكيب) وظروف المناخ وطبيعة البيئة ، وخصائص التربة ، ونظام جريان أنهارها ، وذبذبة مستوى المياه الباطنية ، وخلخلة الغطاء النباتي والحيواني في وضع متكامل ، وغير ذلك مما يعطي للصومال الكبير وحدته الطبيعية .

ومن دراستنا تاريخ الصومال قديما وحديثا الذي قدم له صاحب السعادة ، عبدالرازق حاج حسين ، رئيس وزراء الصومال نعرف صورة صحيحة لوطننا الصومال الكبير ذي الوحدة البشرية المتجانسة .

ومن هذا المزيج الفذ من ملامح البيئة الصومالية المتناسقة المتكاملة في وحدة الأصول الجنسية والطبيعية ، وفي وحدة اللغة والثقافة والدين والعادات ، والتقاليد والمصالح المشتركة على طول التاريخ والدين والعادات ، والتقاليد والمصالح المشتركة على طول التاريخ قديمه وحديثه .. من هذا كله تكونت شخصية خاصة لوطننا الصومال الكبير تختلف اختلافا جوهريا عن سائر الأقاليم المجاورة سواء أكانت أقاليم أفريقية أو آسيوية ..

وقد استغلت الصومال ظروفها الشخصية منذ أن صار مصيرها بيدها في أول يوليو عام 1960 معلنة عن شعارها العظيم الصداقة مع الجميع . فالجمهورية الصومالية إذ تعترف بتقاليدها في الصداقة مع الجميع تعقد العزم على إقامة الروابط مع الدول المستقلة على قدم المساواة بعيدا عن أي كتلة أو معسكر سياسي ، محترم لمبدأ القومية والتعاون والتضامن بين الدول وخاصة مع الدول الأفريقية والإسلامية واضعا في رأس قائمة أفكاره وأعماله العزم على تحقيق وحدة الأراضي الصومالية بالوسائل القانونية والسلبية .

وقيل أن أختم هذه المقدمة البسيطة يجدر بي أن أعترف بإعجابي وإكباري للأخ الأستاذ (حمدي السيد سالم) الخبير العربي بالوزارة على هذا العمل النبيل الذي قام به لخدمة حركة الإعلام في الصومال ، سواء في عمله بالوزارة ، أو في وضعه هذا الكتاب الذي بين أيديكم .. بما جمع من معلومات قيمة وحقائق تاريخية وظواهر طبيعية تعيش فيها في أسلوب سلس متتابع الأفكار لا غموض فيه ولا غرابة ولا فحش ، مما يدفعني إلى الإشادة به .

وللمؤلف مجلد آخر عن الصومال (أرضا وشعبا) . وهو مجلد عام ومعرفة وهداية .. في السياحة والإعلام عن الصومال (أرضا وشعبا) . وقد وجدنا أن نصدر الكتاب الأول في جزئين (اليوم) ولنا لقاء آخر وقد وجدنا أن نصدر الكتاب الأول في جزئين (اليوم) ولنا لقاء آخر – أرجو أن يكون قريبا – لنصدر كافة مؤلفاته عن الصومال .

وإليكم باكورة إنتاج وزارة الاستعلامات في التعريف ببلادنا ، ونرجو لكل محب لبلاده ، ومخلص لوطنه أن يزودنا بما يرفع به من شأن وطننا والباب مفتوح لمن يريد أن يكتب في أية ناحية من النواحي .

وأهيب بجميع المواطنين في أرض الصومال الحبيب الذين تزودوا بالثقافات أن يضاعفوا الجهد في الإعلام عن وطنهم بتناول بعض نواحيه والتحدث عنها .


الباب الأول: الموارد الطبيعية

الفصل الأول: الملامح العامة للبيئة الصومالية

الموقع والامتداد

تقع الصومال فيما بين خط عرض 3º جنوبا ، 12º شمالا بالنسبة خط الاستواء ، شاغلة بذلك خمس عشرة منطقة من مناطق العرض في العروض الاستوائية والمدارية .

وتمتد شرقا من المحيط الهندي عند خط طول 51º شرق جرينتش متوغلة في الدخيل القاري داخل القرن الإفريقي ، إلى أن تصل خط طول 35º شرقا ، وأقصى اتساع لها إلى الشرق من بحيرة رودلف ومناطق تقسيم المياه بين الحبشة والصومال .

وينتشر الصوماليين في مساحة تقرب من مليون ميل مربع وعددهم نحو خمسة مليون نسمة ، ينتشرون من جنوب أرتريا فالصومال الفرنسي . فالجمهورية الصومالية والنطاق الساحلي حتى مصب نهر تانا ، وفي الدخيل القاري يتركزون في منطقة الحدود الشمالية (انفدى) فالأراضي التي عند أعالي جوبا وشبيلي – غرب الصومال – (عروسي فالأوجادين والمنطقة المحجوزة وهود وهرر) .

طبيعة الساحل

للصومال كبية كبيرة من السواحل على البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي ويبلغ طول السواحل الشمالية 650 ميلا (على البحر الأحمر وخليج عدن) و1300 ميل على المحيط الهندي .

والصفة البارزة في طبيعة السواحل الصومالية هي الانخفاض والاستقامة إلى حد كبير ، وأحيانا يظهر اليابس على الماء كحد السيف في منطقة غردفوي حيث يكون الانحدار سريعا ناحية البحر .

وفي العادة يكون انحدار اليابس متدرجا ناحية الماء ، وغالبا ما ينتشر على النطاق الساحلي مجموعات متصلة من الكثبان الرملية ، وأحيانا مرتفعات صخرية جيرية أو حصى ورمال . وقد تظهر الصخور الجرانيتية والأركية بارزة في الماء كما تظهر الشعاب المرجانية لمسافات طويلة في الماء كما هو الحال على الساحل الشمالي بصفة عامة ، وبعض المناطق على الساحل الشرقي .

ولهذا الاختلاف الظاهر في طبيعة الساحل الصومالي واستقامته قلت المواني الطبيعية لرسو السفن المحيطة أو البحرية ، فكان الاعتماد على السفن الجوالة الصغيرة كما كان الاعتماد على السكان في خلق مرافئ وموانئ صناعية لتعويض النقص في الظروف الطبيعية .

وقد أدرك الصوماليين مدى حاجتهم إلى الموانئ والمرافئ إدراكا دفع بهم إلى تحسين مرفأ مقدشوه ، وتوسيع ميناء بربره ، وخلق ميناء كبير في كسمايو الذي يعتبر من أكبر وأحدث الموانئ في شرق أفريقيا .

ويمكن أن نقسم الساحل الصومالي إلى قسمين كبيرين هما : الساحل الشمالي ، والساحل الشرقي لوجود اختلافات واضحة في طبيعة الساحل بين الشمال والشرق .

أولا- الساحل الشمالي :

يميل الساحل الشمالي للصومال إلى التعرج الكبير ، مكونا خلجانا عظيمة الاتساع على شكل أحواض نصف دائرية كبيرة . ومن أصغر هذه الخلجان وأعظمها قيمة من الناحية العملية خليج تاجوره الذي يمتد مسافة طويلة داخل اليابس في تعاريج كبيرة نوعا ما ، مما أتاح وجود موانئ متعددة من أشهرها الميناء الخارجي الأول حيث أطلق عليه اسم جيبوتي (على الساحل الجنوبي) والذي يليه ميناء أوبوك (على الساحل الشمالي) . ومن الموانئ الداخلية الهامة (للسفن الصغيرة) ميناء تاجوره على الساحل الشمالي بالنسبة لخليج تاجوره .

ومن تعاريج اليابس الممتدة في الماء لمسافات طويلة تلك المنطقة اللسانية التي يقع عليها ميناء زيلع ، ذلك الميناء الذي لعب دورا كبيرا في الحركة الاقتصادية في العصور الوسطى يتشابه مع الدور الذي يقوم به ميناء عدن في العصر الحديث .

أما الخلجان الواسعة فتقل أهميتها نظرا الانتشار الصخور والشعاب المرجانية لمسافات طويلة . أو لضحالة الماء مما جعل الاعتماد على وجود وسيلة ما تقوم بالوساطة بين السفن الكبيرة والقوارب الصغيرة (السواعي) ، ثم على الإنسان بين القوارب والشاطئ كما هو الحال في ميناء بربرة وبوصاصو (بندر قاسم) وعلوله .

وأحيانا يظهر على الساحل جبال مرتفعة كجبال دربا Durba وجبال الفيل ، وسلاسل جبال أحل التي تكون منطقة رأس غردفوي ... وهذه الجبال تصل إلى ارتفاعات كبيرة ، فرأس عسير على ارتفاع 244 مترا فوق سطح البحر ، ورأس شتياجيف 750 مترا فوق سطح البحر ، وهذه القمم المرتفعة تتخذ كقواعد للمنارات الهادية للسفن العابرة لخليج عدن .

وعند رأس غردفوي تمتد الرمال مسافة ثلاثة كيلو مترات ونصف الكيلو في الماء مما ساعد على وجود منطقة محصورة بين قواعد الجبال وامتداد الرمال ، وهذه المنطقة تمتاز بهدوء المياه ، واختفاء حركة المد والجزر إلى حد كبير ، فأصبحت مرفأ طبيعيا للسفن الصغيرة .

ثانيا – الساحل الشرقي :

الصفة البارزة لهذا الساحل هي الانخفاض الكبير بالنسبة للساحل الشمالي الذي يمثل في حد ذاته ساحلا مرتفعا ، وحافة جنوبيا لحوض خليج عدن ، فهنا على الساحل الشرقي تمتد الرمال مسافات أطول وأكثر اتساعا ، فكان منسوب ارتفاع المياه قليلا للغاية ، والضحولة تمتد على طول الساحل ، وقد تظهر تجمعات رملية أو صخور على مسافات قد تصل إلى ثلاثة كيلو مترات مكونة جزرا رملية أو صخرية قاحلة .

ويظهر عدد من البحيرات الهامشية الشاطئية في المنطقة الساحلية الممتدة من مصب نهر ضرور إلى رأس أسود حيث تنتهي إليها مجموعةمن المجاري المائية السهلية أساسا ، وهذا الجزء غير صالح لرسو السفن حتى الجوالة منها .

ويمتد على الساحل الشرقي عدد من الموانئ الصغيرة ، من أكبرها وأشهرها ميناء مقدشوه وكسمايو ومركه وبراره ، وهذه الموانئ قد لعبت دورا هاما في التاريخ العام لشبه جزيرة الصومال سواء في حركة الإسكان أو الاقتصاد الوطني ، كما سنرى فيما بعد .

الجزر الصومالية

تمتد مجموعة من الجزر الصغيرة على امتداد السواحل الصومالية من أشهرها على الساحل الشمالي مجموعة جزر باب عند مدخل خليج تاجورة ، وجزيرة ميت قرب ميناء بربره ، وجزر بهاما والكوى وسوقطرة في مواجهة منطقة غردفوي .

وعلى جزيرة شقيا أكبر حركة صيد بحري على هذه الجزر وبيئة صالحة لتربية الحيوان وبعض الزراعات الحقلية البسيطة كالذرة الرفيعة والسمسمة والشعير ، وبها آثار ميدان تاريخية ترجع إلى عهد البرتغال إذ كانت تمثل قاعدة بمرية للسفن البرتغالية في شرق أفريقيا .

وشعب هذه الجزيرة من أصل صومالي ، وتشير بعض الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد الأسر بهذه الجزر يربى على مائة أسرة يعمل أفرادها في استخراج الأحجار الكريمة من البحار ، وصيد الأسماك ، والقيام بدور الوساطة التجارية بين موانئ الصومال وموانئ كينيا وزنزبار ، وأحيانا إلى موانئ عدن والمكلا .

ولهذه الجزر قيمة في الاقتصاد الوطني إذ هي الموطن الرئيسي لأشجار المنجوراف الصالحة لصناعة السفن ، والفلنكات الخاصة بالطرق الحديدية .

ويقال أن شعب الباجون هم أول من أسس مدينة كسمايو ، كما يشير اسم المدينة فكلمة كسم معناها المكان أو صائد في اللغة السواحلية ، وكلمة يو معناها أيضا في الصومالية بعيد .. أي أن كسمايو معناها .. المكان البعيد للصيد .. وذلك بالنسبة لموقع الجزر) .

وهذه الجزر لا تساهم في اقتصاد الصومال في الوقت الحاضر لضآلة الإنتاج ، ولكن في القريب العاجل سنساهم بجزء له قيمة ، إذ من المنتظر أن يقام فيها مصنع لتعليب الأسماك من الأنواع السردينية المشهورة في هذه المنطقة ، وكذلك تعليب التونة .

السهول

يمكن أن نعتبر الجزء الشمالي من الصومال أراضي بلا سهول متسعة لأن الضفة الغالبة عليها هي الشكل الهضبي والجبلي . والسهول الشمالية بصفة عامة سهول المراعي ، على حين أن السهول الشرقية هي سهول الزراعة والتقدم الصناعي . فالمدن الكبرى لا توجد على السهول الشمالية بينما أكبر وأكثر المدن الصومالية من حيث عدد السكان ، ودرجة المهارة ، والاقتصاد ، تتركز في نطاق السهول الشرقية .

وتبدأ السهول الصومالية في اتساع نحو خمسة عشر كيلو مترا إلى الجنوب من أرتريا وتمتد إلى الجنوب حتى تصل إلى أقصى اتساع لها حول خليج تاجورة في مسافة 60 ميلا ، وتمتد هذه السهول في نطاق ضيق تجاه الشرق حتى تكاد تختفي تماما عند منطقة رأس غردفوي لتبدأ مرة أخرى في الاتساع عند رأس حافون ، من ميلين في اتجاه الجنوب حتى تصل إلى عشرات الأميال في منطقة جوبا العليا وجوبا السفلى .

وعلى هذه السهول تنتشر مجموعات من التلال الرملية أو الصخرية ذات الصخور القرمزية اللون كما هو الحال في المناطق الجنوبية من منطقة رأس غودفوي وقد تنتشر الصخور البازلتية والبركانية كما هو الحال على سهل زيلع وكذلك جنوب بربره . وقد تغطي السهول بمجموعات حصوية ورملية أو مفتتات صخرية صلبة كما في النطاق الشمالي والشمالي الشرقي من الصومال .

وعلى هذه السهول تنتشر مجموعات نباتية من الأنواع القرمزية كالحشائش أو أشجار السنط وما شابه ذلك (أنظر الفصل الخاص بالنباتات) . والسهول الشمالية أكثر حركة في الإنتاج الرعوي بينما السهول الجنوبية حيث يتضاغط السكان فإن إيجاد النبات الاقتصادي أمر ضروري للحياة ، ومن ثم تحولت أحراش براوه ومركه وغيرها إلى مناطق زراعية .

والسهول الصومالية عامة شديدة الحرارة والرطوبة مما نظرا لانخفاض الكبير بالنسبة لسطح الهضبة ، ولوقوع الصومال أساسا في المنطقة الحارة من العالم . ولا يظهر أثر نسيم البر والبحر أكثر من نصف كيلو متر . والمتوسط العام لدرجة الحرارة في فصل الصيف نحو 35 درجة وقد تصل إلى أكثر من أربعين درجة مما يجعل الحياة أمرا صعبا ولذلك فإن سكان بوصاصو وبربره وغيرها من سكان المدن الشمالية يتركون الموانئ والسهول المنخفضة فيما بين شهري إبريل ويوليو إلى المناطق المرتفعة التي تكون بمثابة مصايف للسكان ، ومرعى طيب للحيوان .

وخلال فترة الجفاف ، واشتداد الحرارة تكون السهول خالية من السكان والحيوان والنبات ، فقد تأتي الرياح بالرمال والأتربة والحشرات مما يسبب آلاما حادة للإنسان وتعرض كثير من الحيوانات للموت ، فكان الالتجاء إلى الجبال والمرتفعات أمرا ضروريا لسكان تلك الجهات .

أما سكان الجنوب فإن اتساع الغطاء النباتي ، وكثرة الأمطار جعلت الحياة أكثر استقرارا .

وعلى لاسهول تجري مجموعات مائية كبيرة منها الأنهار الدائمة كنهر جوبا ، ونهر شبيللي ، والأنهار الفصلية كنهر نوجال ونهر ضرور . ومنها الأنهار الفجائية السلبية .. وأغلب هذه المجموعات المائية تنتهي في السهول عدا نهر جوبا إذ تنتهي مياهه في البحر ، ولكنها قليلة في العادة .

ومن ثم كانت السهول الصومالية مناطق خصبة صالحة للزراعة إذ تتوافر هناك المجاري المائية ودلالات الأنهار الداخلية سواء منها شبه الدائمة أو الموسمية أو الفجائية ، أو الأخوار البسيطة .

الهضبة الكبرى

تغطي الهضبة الكبرى للصومال مساحة تبلغ ثلثي مساحة الصومال تقريبا وانحدارها العام من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي في تدرج كبير بينما القسم الشمالي من الهضبة انحداره سريع نحو خليج عدن .

ومتوسط ارتفاع الهضبة نحو 600 قدم فوق سطح البحر ، وترتكز هذه الهضبة على قاعدة (أركيه) ترجع إلى أقدم صخور القشرة الأرضية .

ويعلو هذه القاعدة الأركية القديمة صخور جرانيتية وبلورة وصوانية ، وقد تظهر هذه الصخور مكشوفة على سطح الأرض بفعل عوامل التعرية الهوائية ، أو التعرية المائية ، فتكون على أشكال حادة مدببة كما في منطقة مجرتينيا أو مناطق مستوية السطح كما هو الحال في النطاق الجنوبي للصومال .

وهذه الهضبة الكبرى قد قسمتها الأنهار المائية – خاصة – خلال العصر المطير إلى أقسام صغيرة ، كما أن الأنهار المائية الحالية كنهر جوبا ونهر شبيللي بأوديتها العميقة قد ساعدت على تقسيم الهضبة إلى ثلاثة أقسام هي : الهضبة المشالية وهضبة ما بين النهرين والهضبة الجنوبية .

فالهضبة الشمالية يتخللها عدد كبير من المنخفضات والتجويفات نتيجة للتعرية الجوية في مناطق الضعف من سطح الهضبة ، وهذه المنخفضات في العادة ممتلئة بالرمال ، والحجار والصوان ، ومفتتات الصخور القريبة . والصفة البارزة لهذه الهضبة هي الجفاف الشديد الشامل ، وظهور التلال الصخرية والجبال ، وانتشار الكثبان الرملية .

أما الهضبة الوسطى والجنوبية فإن السطح يكاد يستوي تماما ، والنبات الشجري والأعشاب من الأشباه البارزة التي تغطي سطح الهضبة ، ولا يمنع هذا من وجود بعض التلال الصخرية والرملية كما في بورهكبة ، وانتشار الحصى والحصباء في اتجاهات مختلفة في المناطق البعيدة عن الأنهار . فالهضاب الصومالية بصفة عامة تمتاز بعدم التجانس في التضاريس ، إذ تجمع بين المنخفضات والمرتفعات الفجائية ، وفي العادة ترتبط الحياة النباتية بالمنخفضات الرطبة .

ومن أطول أودية الهضبة الشمالية وادي ضرور ويمكننا أن نعتبر أن وادي ضرور وادي انكساري يرجع إلى عصر الأيوسين ، ثم أصبح واديا خصبا في العصر المطير والآن أصبح واديا جافا وقد يمتلئ بالمياه في فترات فجائية .

كما يمكننا أن نتتبع الانكسار العظيم الذي حدث في الزمن الرابع الجيولوجي ، ونتج عنه انخفاض البحر الأحمر . والحافة الجنوبية للبحر الأحمر تمتد في الأراضي الصومالية . ومحور الانكسار من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي .

وعلى الهضاب الصومالية تقع أهم المدن الصومالية من حيث تعداد السكان كهرجيسة وبرعو وجالكعيو وبيدوا .. كما أن أهم وأكبر عناصر الاقتصاد الصومالي ، تتمثل في المراعي والإنتاج الزراعي ، تتفق والمناظر الهضبية في النطاق الشمالي .

النطاق الجبلي

تمتد السلاسل الجبلية في محور شمالي غربي ، وجنوبي شرقي بين نوجال وانكاهور ، وتلك هي نطاق الجبال الرئيسية في الصومال وعداها ، فالجبال من الأنواع القليلة الارتفاع .

وهذا النطاق الجبلي يمتد على صورة عمود فقري للإقليم الشمالي ، وهو يبدأ باتساع نحو ستين ميلا عند هرر ، ويصل إلى 15 ميلا في اتساعه جنوب بندر زياد .

ويبلغ متوسط ارتفاع سلاسل الجبال في هذا النطاق ما بين 5000 ، 6000 قدم ، والانحدار العام لهذا النطاق الجبلي هو الانحدار السريع تجاه سهل جابون (السهول الشمالية) ، وانحدار تدريجي تجاه الجنوب (هود) ، ويطلق اسم أوجو OGO عل القمم المرتفعة .

وفي منطقة هود تكثر المنخفضات والأعشاب ، وخاصة تلك التي تنتشر حول مناطق البحيرات الداخلية . أما منطقة أوجو فتوجد فيها أحواض صخرية تمتلئ بالمياه في الفترات المطيرة ، ومن أهم هذه الأحواض هيمان وساول هود .

ومن منطقة الجبال الرئيسية تنبع عدة انهار فصلية قصيرة تتجه نحو السهول الشمالية (جابون) . ومن الأنهار الكبرى نهر ضرور ونهر نوجال ونهر بوك’ ، وهي تقطع النطاق الجبلي للتجه صوب الشرق حيث تصب في المحيط الهندي ، وهي انهار فصلية أيضا .

وأعلى القمم الجبلية ارتفاعا في هذه المنطقة هي قمة جبل جوليس Golis والهيلز Hills وجبل ورجر Worgr .

ومن البروزات الجبلية على سطح الهضبة جبل هربوجرهابر Her Bogar Habero وجبال هودا Hoda في الشمال الشرقي ، وجبال دوربا Durba الذي يصل طوله إلى 1200 متر ، وجبال صول Sol بين وادي نوجال ووادي ضرور ، وأعلى قمة لجبال صول هي قمة Har Carear في الشمال وقمة Shed Medove في الجنوب ، وسلاسل جبال أحل ، ورأس عسير ، وشتيا في منطقة رأس غردفوي .

تلك هي أهم المناطق الجبلية القريبة في ارتفاعها من نطاق الجبال الرئيسية ، وعدا ذلك فإننا لا نجد إلا الجبال القزمية والتلال الرملية كالتي بين نهر جوبا ونهر شبيلي مثل جبل بورهيكه (35 مترا) . والكثبان الرملية المنعزلة وتدعى بور Bur وقد يصل بعضها إلى 500 متر ، ويصل طول الكثبان الرملية أحيانا إلى 650 مترا مثل كثيب بوردنسور Bur Dinsr أو كثيب إيلبي Bur Elbi الذي يبلغ طوله 751 مترا .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المجاري المائية

أغلب المجاري المائية في الصومال من الأنواع الموسمية السريعة الامتلاء والجفاف ، فهي أنهار زمنية تتفق وكمية المتساقط المتذبذب من حيث طول موسم المطر ومن حيث المكان والكمية . ويمكن أن تقسم المجاري المائية إلى مجموعتين : مجموعة ثانوية ، ومجموعة رئيسية .

المجموعة الثانوية من الأنهار

أولا – أنهار تصب في خليج عدن :

(1) نهر دجهان .. نهر قصير ، يجف سريعا عقب امتلائه بالمياه ، وينبع من منطقة كارن ويصب إلى الشرق من بندر زياد بعد أن يجتاز منطقة السهول بانحناءات كثيرة . (2) نهر هادي بلاد Hadi Balada ينبع في الشرق من نطاق الجبال الرئيسية ، ويصب عند بندر قاسم ، وتختفي مياهه في الرمال قبل أن تصل إلى الخليج البحري ، وفي فيضان عام 1961 امتلأ هذا النهر بالمياه ، وتابع سيره حتى وصل إلى مياه خليج عدن ، وتلك هي المرة الأول التي يصل فيها النهر إلى خليج عدن منذ ثلاثين عاما . (3) نهر توج وين Tog Wen ويصب في بحر علوله . (4) نهر فولا Fulla وينتهي في سهل زيلع ، ومنابعه عند منطقة الحدود بين الصومال والحبشة . (5) نهر دودوبا يصب في الرمال قبل أن يصل إلى البحر Dodoba عند انكاهور .

والأنهار الخمسة السابقة ضمن مجموعة كبيرة من الأنهار القصيرة التي تنبع من نطاق الجبال الرئيسية في القسم الشمالي من الصومال ، وكلها تتجه صوب الشمال إلى خليج عدن وهي في أعاليها سريعة الجريان ، شديدة التيار ، عميقة المجرى ، بينما في النطاق السهلي يضعف التيار ، وتقل قوة سريان المياه ، حتى أن بعضها يختفي تماما قبل أن يصل إلى لابحر أو يضعف لتعدد روافده ، وغالبا ما تغير مجاريها تبعا لحالة فيضان النهر .

ثانيا – أنهار تصب في المحيد الهندي :

(1) وتوجد أنهار ثانوية تتجه نحو الساحل الشرقي كنهر جايل Gaiel الذي ينبع من جبال بوجر ، وطوله نحو 160 كيلو مترا ، ويصب في شرق حافون . (2) ونهر ضرور Durror يعتبر أطور الأنهار الثانوية ، وينبع من مرتفعات جبال صول في إقليم برعو ، ويدخل جزء منه في مقاطعة مجرتنيا في منطقة Aua Daue ويسمى Juhud ، ويبلغ طول الوادي نحو 200 ميل ، وينتهي في المحيد الهندي إلى الجنوب من شبه جزيرة حانون . وأجزاؤه العليا في الغالب جافة إلا في موسم المطار حيث تمتلئ بالمياه ، أما في جزئه الأدنى فإن المياه تنتشر إلى مسافة طويلة على صورة برك ومستنقعات متصلة أو منفصلة أحيانا ، ولكن حركة المياه تكاد تكون مستمرة . ويقول البعض أن هذه الحركة الظاهرة للمياه ترجع إلى وجود مجرى للمياه الباطنية أسفل قاع النهر ، تتفجر فيها العيون التي تغذي النهر باستمرار بموارد مائية . (3) نهر نوجال Nugal يعتبر أطول من نهر ضرور ، ولكن أقل منه أهمية من ناحية حركة الاستقرار السكني على ضفافه ، إذ أن نهر ضرور عليه حركة رعوية واسعة واستقرار سكني من أجل الزراعة ووفرة حيوانية وغابية من أشجار النخيل والدرم . وينبع نهر نوجال من المرتفعات الشرقية لمقاطعة برعو ويسير في موازاة حافة هضبة هود ويصب في خليج نجرو على لامحيد الهندي عند بلدة آبل وتتسرب مياهه قبل أن تصل إلى المحيط .. وفي الجزء الأدنى تكثر المراعي الطبيعية في موسم الأمطار ، وأهم أنواع الحياة الشجرية شجرة التين البري ونخيل البلح . (4) نهر تود Tud وينبع من شمال كوتن Cotton ويصب شمال بندر بيلا . (5) نهر أودادي ويصب إلى الجنوب من بندر بيلا . (6) نهر بيو أوادي Udadi يصب عند رأس حافون وله واد عميق خصب .

وبالإضافة إلى تلك الأنهار يوجد عدد من الأخوار المائية الصغيرة من أشهرها خور أشا قرب بيدوا ، وخور ماجاودي شرق نهر جوبا .

ويوجد عدد كبير من البحيرات الصخرية التي تمتلئ بالمياه في الفصل المطير ، وتجف بعد فترة قد تصل إلى أربعة أو خمسة شهور ، ومن أشهر هذه البحيرات ما يوجد في منطقة هود ، كما يوجد عدد كبير من العيون المائية التي تنفجر من المستودعات الباطنية عند أقدام الجبال كعين بيو كولاليه ، ومنابعها في المادة تتجه نحو الشمال الغربي .

المجموعة الرئيسية من الأنهار

تتضمن هذه المجموعة نهرين هما جوبا وشبيللي ، وهما أكثر الأنهار فائدة الإنسان والحيوان والنبات . ومع هذا فكلا النهرين يتبعان ويسيران ويصبان دون أن يتدخل الإنسان في أمرهما من تعميق المجري ، وإعداد الجوانب ، وإقامة الخزانات والقناطر والسدود ، والحماية من الفيضانات العالمية وغير ذلك من مشروعات ضبط الأنهار . وفي عهد الاستقلال اتجهت الحكومة إلى ضبط مياه الأنهار لتحسين الإنتاج كمية ونوعا .

(1) نهر شبيللي : يبلغ طول نهر شبيللي نحو 1500 كيلو متر من منبعه عند منطقة أجيسو Agisso بين خطي عرض 8 و 10 شمال خط الاستواء غير بعيد عن منابع نهر جوبا . ويبلغ مساحة منابع هذا النهر نحو 2680 مترا .

يدخل من هذا النهر العظيم داخل الجمهورية الصومالية نحو 800 كيلو متر وذلك اعتبارا من بلدة أفرادو Affer Addo ، أما الجزء الأعلى والذي يبلغ نحو 700 كيلو متر فيدخل ضمن الأراضي التي احتلتها الحبشة من أرض الصومال في أواخر القرن الماضي .

ويصب نهر شبيللي في الرمال قبل أن يصل إلى لابحر لعدم مقدرته المائية على السير إلى البحر لكثرة المنخفضات والإنثناءات التي تعترض في مجراه الأعلى . وغالبا ما يلجأ النهر بعد جينالي إلى التفرغ إلى روافد صغيرة ، ثم تتجمع لتنقسم مرة أخرى إلى روافد صغيرة ، وهكذا مما يضعف من قوة النهر على أن يأخذ طريقه إلى الساحل ، بالإضافة إلى وجود نطاق ساحلي مرتفع مابين مقدشوه وكسمايو لذلك كان اتجاه النهر موازيا للساحل في هذه المنطقة .

ويسير نهر شبيللي في اتجاه مواز لنهر جوبا منذ منابعه ، حتى إذا ما بلغ مدينة بلعد غير طريقه لينقض فجأة ويتجه إلى الجنوب الغربي ، وهذا الانحناء نتيجة لوجود حافة تضاريسية عالية شديدة حالت دون أن يتابع النهر سيره نحو الجنوب .

ويبلغ طول المسافة التي يسير فيها نهر شبيللي في موازاة المحيط الهندي نحو 300 كيلو متر ، أما متوسط الاتساع للوادي فبين 150 و200 كيلو متر ، وهو في العادة وادي منبسط ، وأكبر روافده نهر توج فافان الذي ينبع قرب هرر .

ولنهر شبيللي موسمان من حيث الفيضان ، الموسم الأول في الربيع يبدأ من إبريل إلى مايو ، ويستمر في الارتفاع التدريجي البسيط في يونيو وأغسطس وسبتمبر . ومتوسط تصريف النهر في هذا الفضل يصل إلى 180 متر مكعب في الثانية عند بلدة جوهر و100 متر مكعب في الثانية عند بلدة جينالي .

أما الموسم الثاني فهو في فصل الخريف ويبدأ من أواخر سبتمبر وأكتوبر إلى أوائل نوفمبر ، ويبدأ في الانخفاض تدريجيا إلى أن يجف تماما في شهري فبراير ومارس . وعلى العموم فإن مياه هذا الموسم أقل من مياه الموسم الأول ، وتجف المياه لمدة شهرين على الأقل في كل دورة .

وتميل مياه نهر شبيللي إلى ارتفاع نسبة الملوحة فيه لمرورها على منطقة كارستيه ومنطقة أخرى ذات صخور ملحية مما أدى إلى ارتفاع نسبة الأملاح في مياهه وتقدر بأربعة جرامات لكل مائة متر مكعب من المياه . وهذه النسبة من الملوحة لا تضر بمشروعات التنمية الزراعية في الصومال .

(2) نهر جوبا : أقصر من نهر شبيللي من حيث الطول إذ يبلغ نحو 1030 ميلا من منابعه بين خطي عرض 4 و 8 درجة شمال خط الاستواء ، غير أنه أعظم فائدة من حيث استغلال مياهه في الري .

ولنهر جوبا ثلاثة روافد رئيسية هي وابي جيسترو Webi Giestro ووادي دوا باراما Down Payama ووادي دوريا Doria وهي نقطة التقاء الحدود الصومالية مع الحبشة في العصر الحديث .

وينابع النهر سيره بعد بلدة دولو غير أن الانحدار بطيء ، وسرعة النهر ضعيفة . وعند بلدة بارديرا تزداد قوة اتلنهر في الجريان بسبب الامتدادات الجانبية للأخوار التي تتصل بالنهر أثناء الفيضان . وأهم هذه الروافد مجرى هرأيك Hereik ومجرى أياديز Iae Dese الذي يأتي من تلال إقليم أنفدى ، وطوله نحو عشرين كيلو مترا ، وهو من أهم روافد نهر جوبا لكثرة مياهه وعمقه الشديد مما جعله صالح للملاحة للسفن الصغيرة .

وتنتهي مياه نهر جوبا إلى البحر (شمال مدينة كسمايو) ، وأكبر اتساع لوادي جوبا يصل إلى 250 كيلو متر .

ولنهر جوبا فيضانان أحدهما في الخريف وهو الغزير المياه ، ويبدأ من إبريل إلى سبتمبر ، ويكون متوسط تصريف النهر ما بين 800 إلى 1000 متر مكعب في الثانية ، أما الفيضان الثاني فيكون أقل من الفيضان الأول ، وفي العادة يبدأ مع آخر شهر سبتمبر وأكتوبر ، وتقل المياه في أواخر يناير وفبراير ومارس ، ونادرا ما تجف المياه في ذلك النهر .

وفي فصل الشتاء وهو فصل الجفاف يصل تصريف النهر في المتوسط ما بين 15 – 20 مترا مكعبا في الثانية ، ونلاحظ أن مياه نهر جوبا أقل ملوحة من مياه نهر شبيللي ، لذلك كانت أكثر الأراضي الزراعية ومشروعات التوسع الزراعي تتفق ونهر جوبا .

البناء الجيولوجي والتربة

من المسلم به أن التوزيع الحالي لليابس والماء في الصومال يختلف اختلافا كبيرا عما كان عليه الحال في الأزمنة القديمة ، وليس أدل على ذلك من وجود كميات هائلة من أصداف بحرية في صحاري الصومال في مناطق متباعدة جدا عن المحيط الهندي ، وعلى مناسب تعلو كثيرا عن مستوى سطح البحر ، وهي أن دلت على شيء فإنما تدل على أن مياه البحر كانت في وقت ما تغطي الأرض الصومالية وتنحصر عنها لتعود فتغمرها مرة أخرى .

وتتكون بنية الصومال من قاعدة أركيه وصخور الزمن الثاني والثالث والرابع على الوجه التالي :

قاعدة أركيه :

من المحتمل أن تكون القاعدة الأساسية لبنية الصومال من صخور القاعدة الأفريقية القديمة ، وهي من أقدم صخور القشرة الأرضية ، فقد كانت جزء من قارة جندرنا لند التي تعرضت في بداية التاريخ الجيولوجي لحركات باطنية تكتونية شديدة أدت إلى تقسيم هذه القارة القديمة إلى أجزاء هي الآن ممتلئة في الجزء الشمالي الشرقي لأمريكا الجنوبية ووسط أفريقيا وغرب أستراليا وبعض جزر جنوب شرق آسيا .

وصخور هذه القاعدة الأركية تتكون أساسا من الجرانيت والدتوربت ، وهي ممتلئة في الصومال في نطاق يمتد من الغرب إلى الشرق في الإقليم الشمالي من الجمهورية الصومالية ، وتغطيها صخور أحدث منها .

وتظهر هذه التكوينات الأركية القديمة مكشوفة على سطح الأرض في المناطق التي تعرضت لتعرية شديدة كالتي على الواجهة الشمالية للنطاق الجبلي عدا المنطقة المحصورة بين 30 - 46º شرقا و 45 - 46º شرقا (بالنسبة لخط جرينتش) أي بين أنكاهور – أيشه – ريج Ankhor – Asseh – Wireg .

ومن الصعب أن تحدد مساحة القاعدة الأركية في الصومال في الوقت الحاضر لتعرض هذه لتقلبات أرضية ، واندفاعات لكتل هائلة من الصهير مما أدى إلى وجود صخور جديدة متحولة ونارية ، وهي في جملتها صخور بللورية خالية من الحفريات .

ومما يزيد مشكلة تقدير مساحة القاعدة الأركية في الصومال أن أغلب الدراسات الجيولوجية في مناطق محدودة وهدفها البحث عن البترول ، والكثير من الأراضي لم يمسح جيولوجيا ، بالإضافة إلى أن صخور القاعدة غالبا ما توجد ضمن تكوينات جديدة كالنيس والشست التي من أصل رسوبي ، وتغيرت بفعل الحرارة والضغط والإلتواء ، وتدخل كتل من الصهير فيما بينها وذلك خلال ملايين السنين مما أدى إلى فقدان حفرياتها وخصائصها التي ترسبت فيها .

صخور الزمن الأول :

تكاد تكون التكوينات الخصرية للزمن الأول مختفية من الصومال ، وقد يكون هذا أما لأنها أزيلت تماما بفعل عوامل التعرية قبل الزمنا لثاني وأما أن بعضها مختف تحت تأثير تكوينات أحدث ..

والأدلة التي تعرفها تشير إلى وجود رواسب العهد الترياسي Triassie في مناطق محدودة المساحة ومتفرقة ، وهي من خصور رملية ونادرا ما تكون من اللافا ، وتوجد مرتكزة على القاعدة الأركيه في كثير من المواقع .

كما تشير الأدلة الثابتة في الوقت الحاضر إلى أن الصومال ظل خلال العصر الأول أرضا يابسة مرتفعة ولم يتعرض لغزو بحري إلا في النطاق الهامشي للإقليم الشمالي .

صخور الزمن الثاني :

تتمثل صخور هذا الزمن في مساحات واسعة في غرب الصومال . ومنطقة بوراما بصفة خاصة ، كما تنتشر في وسط الإقليم في الجهات المنخفضة .. وهي تغطي صخور القاعدة الأركيه .

ويوجد مقطع كامل لخصور الجوارسي Jurassie في بهندولا Bihendula ، وهذه الصخور تتكون من صفائح رقيقة طينية ، ومن الحجر الجيري ، ويمكن مشاهدتها في قيعان أنهار جوبا وشبيلي في أعاليها ، وكذلك في مناطق الإنكسارات أو على حافات الصخور القاعدية .

وتظهر صخور العصر الجوارسي في نظام طبقي في المناطق الشمالية الشرقية من الصومال ، وهي تتابع مع صخور رملية ومارل وحجر جيري وشرائح الطين ، وقد تظهر عارية على سطح الأرض كما هو الحال في المنطقة المتدة من أسكا بادو ، ودردوا 48 - 9º شمالا ، 50 - 41º شرقا إلى 3º شمالا ، 44º شرقا .

وقد عثر على تكوينات زيتية محلية في رواسب هذا العصر في وسط الإقليم الشمالي والمنطقة الممتدة في جالكعيو حتى هوبيا ولكن لم تستغل بعد .

ويمكن أن تقرر أن المحيط الجوارسي كان ممتدا حتى أعلى نهر جوبا وشبيللي بدليل ماترك من حفريات في الصخور الجيرية المنتشرة في هذه الجهات .

الكرتاسي :

تكوينات هذا العصر قد تكون على صخور العصر الجوارسي مباشرة أو على لاصخور الأركية ، أو صخور العصر الترياسي في عدم انتظام طبقي .

وصخور العصر الكرتاسي الأدنى تتكون من صخور رملية خالية من الحفريات ، وهي ما نسميها الخرسان النوبي ، وهي عبارةعن أحجار رملية وكوارتز ، وهي تشغل مساحة كبيرة في غرب ووسط الصومال ، ويمكن مشاهدتها في نظام طبقي من أحجار رملية حمراء على المرتفعات الجبلية لجبال هدود شابل Hedod Shabl .

أما صخور عصر الكرتاسي (الرملي) الأعلى فهي تتكون من صفائح رقيقة ومارل وحجر جيري في سمك متزايد في الكبر في ترسيب طبقات أسمك من الصخور الجيرية البحرية ، وهذه التكوينات توجد إلى الشرق والجنوب من كارن وانكاهور أسفل تكوينات طبقة من صخور نوبية وأحجار جيرية صفراء ، وقد يصل السمك ما بين 10 ، 200 قدم . وهذه التكوينات السميكة هي سبب ارتفاع جبل الهيلز ، كذلك النطاق الجبلي الرئيسي في الإقليم الشمالي ..

ويرجع إلى الصخور النوبية سبب ارتفاع نسبة مسام التربة في المنطقة المحجوزة وهرر .

صخور الزمن الثالث :

تغطي صخور عصر الأيوسين Eocene مساحة كبيرة من الإقليم ، وهذا لتعرض شبه جزيرة الصومال لحركة هبوط عظيمة أدت إلى تعميق البحر الأيوسيني إلى الداخل في اتجاه شمالي غربي ، وترسيب طبقات سميكة استمرت بضعة ملايين من السنين ، ثم حدثت حركة ارتفاع الإقليم فانحسر البحر الأيوسيني وظهرت طبقات فوق سطح البحر ، وتعرضت لعوامل التعرية والانكسارات ، فكان من الصعب تحديد منطقة البحر الأيوسيني قديما ، ذلك أن الانكسارات والإلتواءات ساعدت التعرية على إزالة رواسيب هذا العصر في أماكن كثيرة أو على اختفائها ..

وتكوينات الأيوسين الأدنى من حجر جيري وصلصال ، وهي في العادة ذات كتل كبيرة من الدوليت تغطي صخور العصر الكرتاسي وهي تكون أشكال طبوغرافية ، ذات رمال تميل إلى الحمرة وقد يصل الانحدارات إلى 100 قدم ..

ويوجد مقطع كامل لصخور عصر الأيوسين الأدنى في ايل أهاجي Ail Akkajid ذي طبقات منتظمة جيرية تميل إلى البياض .

وقد نشطت عوامل التعرية في تشكيل تكوينات الأيوسين فظهرت أشكال على هيئة تلال مخروطية وخوانق رئيسية كما هو الحال ناس هابلادNass Hablald قرب هرجيسه وهي تغطي سطح الأرض .

وفي الشمال الشرقي للصومال توجد طبقات الأيوسين الجافة في محور جنوبي غربي في اتجاه شمالي شرقي تتابع مع امتداد البحر الأحمر وهو محور بولهار – بوهتليه Bulhar Bohatleh حيث أخذ له مقطع كامل على ارتفاع 100 قدم وهذا الارتفاع لهذه الطبقات يرجع إلى حركة الرفع من أسفل إلى أعلى على طول الحد الشرقي في البحر الأيوسيني الأدنى ، ثم تتابعت عملية الترسيب الصخور الأيسونية الملفوفة أو المسطحة ، وهي في جملتها صخور جافة أو من حجر جيري رفيق السمك .

وقد شوهد انتظام الترسيب على بعض القمم التلالية ومناطق الفوالق وحيث المجاري المائية الدائمة ، والصخور الأيسونية السفلى في العادة صالحة لأعمال البناء ..

وقد عثر على تكوينات زيتية في مصائد عدسية لصخور جافة في منطقة لاس عانود Las Anod غير أنها لم تستغل اقتصاديا ..

أما صخور عصر الأيوسين الأوسط فهي تغطي المنطقة الشمالية الشرقية (مجرتينيا ومدق) وتظهر على شكل طبقات جيرية على جوانب وادي نوجال ومنطقة بوران Buran ، ولصخور الأيوسين الأوسط مقطع كامل في دابان Daban جنوب شرق بربرة .

وصخور الأيوسين بصفة عامة هي صخور صلبة تغطي منطقة ساول هود والجزء الشرقي من الأراضي المحجوزة ، أما في اتجاه محور بلهار بوهتليه فهضبة هود تميل الصخور إلى أن تتحول فيها إلى صخور رملية (رمل وزلط) ، وهي تمثل الحد الشمالي للأحجار الجيرية التي تغطي مساحة كبيرة من الإقليم الجنوبي.

وعلى صخور الأيوسين الأوسط تجري مجموعات من الأخوار المائية الفصلية القزمية التي لا تصل إلى البحر ، كما أن رمال الأيوسينالأدنى من الصعب تمييزها من الصخور السفلى التي هي على هيئة طبقات من نوبية كرتاسية ..

عصر الأليجوسين :

تظهر صخور هذا العصر أعلى طبقات دابان وفي المدرجات البحرية الشاطئية ..

وقد تعرضت تكوينات الأليجوسين لعوامل التعرية والتفتيت ، مكونة كثيرا من الحصى الصلد والصوان ، وقد نقلتها عوامل التعرية إلى مسافات بعيدة فترسبت في المنخفضات في تجمعات كثيرة ، وكذلك عند مصاب الأنهار .

وفي العادة تظهر الصخور الأليجوسينية أعلى الصخور الأيسونية وقد تتداخل معها فيا لوضع مما جعل من الصعب تحديد البحر صخور نوبية كرتاسية ..

عصر الميوسين :

لم يكن تقدم البحر كثيرا في عصر الميوسين ، فقد كان هامشيا لليابس ، ولتكوينات هذا العصر مقطع كامل في دوبار Dubar ولكنه غير نظامي في طبقاته إذ تتداخل معه صخور أخرى أقدم منه . وصخور الميوسين من رمل وجير وصلصال وهي تحتوي على أصداف بحرية ، وقد تكون الصخور بيضاء أو صفراء ، وقد تغطيها صخور جيرية حديثة ..

وصخور الميوسين تكون شاطئا قديما لخليج عدن ،وهي من أ؛جار مرجانية تسمى الشعب الصخرية أو صخور البحر .

وتوجد أحيانا مدرجات ميسونية تحصر فيما بينها بحيرات ساحلية في بعض المناطق .

صخور الزمن الرابع .. (عصر البلايوسين) :

بدأت تكونيات هذا الزمن على صورة طبقات حجرية متتالية في الفترة التي كانت تتكون فيها طبقات عدن البركانية من بازلت وريوليت . ومن المرجع أنها استمرت بعد ذلك ، وكونت قمما مسطحة من البازلت الأسود الذي يغطي سلاسل التلال ، وقد تآكلت بفعل التعرية أو اختفت نحت صخور أحدث ، وتوجد هذه الصخور مكشوفة في المناطق الشمالية للإقليم الشمالي ..

ومن الملاحظ أن الأحجار الصغيرة التي تكونت بعد طبقات عدن البازلتية (ليس بعد الريوليت) تحولت إلى سهول رسوبية من طمي ورمل ، ولها انتشار على طول الساحل في مستويات مختلفة ، وتتكون على صورة شعاب وصخور مرجانية ورمال .

ومن المشاهد أن التجمعات الرملية ذات اللون الأحمر تحوي أكسيد الحديد ، وقد تظهر هذه التكوينات على سطح الأرض مكونة رواسب .

ومن المشاهد أيضا أن المجموعات السفلى من طبقات عصر البلايوسين ذات حفريات من أصل بحري ، على حين أن المجموعا العليا من أصل قاري بفعل الأنهار ، وأحيانا بفعل التعرية الهوائية .

ونلاحظ أن الصخور البازلتية تغطي سهل زيلع بأكاسيد بركانية بما تحوي من ريوليت وكوارتز ومصهورات بركانية ، وكانت هذه الذرات الدقيقة من الأسباب التي حالت دون استغلال منطقة زيلع في الزراعة لصعوبة التصريف لقنوات سهل زيلع .

وفي وادي هرجيسة توجد طبقات من الطين تسمى مالاس Malas وهو من المارل الأبيض ويستعمله الصوماليين في تبييض الشعر .. وهذا المارل قد تكون من مفتتات الصخور الأيسونية ، كما هو الحال في أعلى أودية هرجيسة ، وقد تجمع كثير من المفتتات في قيعان الأودية مما منع تسرب المياه إلى باطن الأرض وقد تكونت هذه المفتتات المتجمعة من الملح الصخري الأبيض ، ومن المرجع أن أصله من الصخور الكرتاسية التي تكون الوادي .

الحركات التكتونية وأثرها في بنية الصومال

• الحركة التكتونية العامة لها اتصال بتكوين خليج عدن (من الغرب إلى الشرق) وكذلك يظهر أثرها في اتجاه فالق البحر الأحمر من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي في الأراضي الصومالية .. • حركة تكتونية أرضية اخترقت رواسب العصر الجوارسي في الأجزاء الوسطى من الصومال ، ومن المحتمل أن يكون قد تبعها انكسارات في أوائل العصر الكرتاسي . وخلال هذين العصرين تتابعت عوامل التعرية الجوية والبحرية .. ومن المحتمل أن يكون البحر الأيوسيني قد غطى البلاد كلها عدا منطقة بوراما ، فخلال عصر الأيوسين تراجع البحر في اتجاه شمالي شرقي ، ثم عاد مرة أخرى فغطى الأجزاء الجنوبية الغربية في عصر الأيوسين الأوسط . • الانكسار الكبير الذي رفع حافات خليج عدن (الأخدود الإفريقي العظيم وغيره) تبعه اندفاعات في صخور الأيوسين الأوسط نتيجة لحركة رفع من أسفل إلى أعلى لنطاق الجبال الرئيسية في الإقليم الشمالي ، غير ان هذه الارتفاعات تعرضت للتشقق والانكسارات في مناطق الضعف حيث الانخفاض الحوضي الذي تكون في العصر الجوارسي ، وكان خط الانكسار على طول انكاهور ، ايشه ، وريج ، نوجال (شمالي غربي/جنوبي شرقي) . • في جنوب انكاهور حدثت حركة رفع باطنية أظهرت سلاسل الجبال التي تمثل منطقة الاتصال لجبال الهيلز عبر قمة ايشه ، وذلك إلى الشمال من هضبة هرر ، وكذلك الحال لجبل جوليس Golis المرتفع وإلى الجنوب يوجد عدد من الانكسارات قد يكون ذلك لاندفاع الصخور الجافة في عصر الأيوسين الأوسط التي ترجع إلى حركة رفع حدثيت في الجنوب .. • آخر حركة تكتونية حدثت في عصر الميوسين ونتج عنها ظهور الشعاب المرجانية ، وارتفاع الصخور إلى نحو ألف قدم فوق سطح البحر ، مما أدى إلى ارتفاع مصبات الأنهار ، وتآكل المدرجات الحصوية ، وكسح السهول البازلتية أي إزالتها ، وما زال أثر الارتفاع في زيلع وجيبوتي ممثلا في الصخور المرجانية ، فأية حركة رفع مهما كانت بسيطة لا بد أن يتبعها نشاط للتعرية وتغير في النظم المائية للأنهار ..


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التربة وأنواعها

التربة هي الغشاء الرقيق الذي يغطي سطح الأرض نتيجة لتحلل الصخور وما اختلط بها من بقايا نباتية وحيوانية مؤلفة وسطا حيا متغيرا يعيش عليه النبات ..

وإذا كانت التربة من فتات صخور المنطقة ذاتها (تربة محلية) أو نقلتها عوامل التعرية (تربة منقولة) فإن التربة تختلف من جهة إلى أخرى من حيث حجم الحبيبات التي تتكون منها .. فالتربة الرملية والحصوية ذات حبيبات كبيرة مما يسهل نفاذ الماء فيها .. والتربة الطفلية حبيباتها أدق ومسامها أقل وأقدر على حفظ الماء .. والتربة الطينية أو الصلصالية تتميز بعدم مساميتها وصعوبة نفاذ الماء فيها ..

وتعاني التربة في الصومال من مشاكل الجفاف المميت ، وجرف التربة بالأمطار الغريزة السيلية ، أو بعوامل التعرية الهوائية ، التي تعمل على مسح التربة ، وإضعاف الإنتاج الحيواني والنباتي ..

وسنوجز الحديث عن التربة بذكر أنواع التربة في لاصومال والمسائل المتعلقة بها .. ومن أشهرها : (1) تربة السهول الساحلية : وتتمد هذه التربة في نطاق السهول الساحلية على البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي ، وهي في الغالب تربة رملية وحصوية عند أقدام الجبال والهضاب ودالات الأنهار المروحية ، وغالبا ما تكون غير خصبة إلا حيث توجد مجاري مائية دائمة . والاستغلال حاليا وقف على دالات الأنهار حيث أن التربة بها يتداخل فيها الطين فتكون أخصب نوعا ما كما هو الحال في منطقة واهن ، وسهل زيلع .

(2) تربة رسوبية من جير ورمل : وقد تكون حمراء أو صفراء أو بيضاء ، وهذه التربة هي أوسع أنواع التربة انتشارا في الصومال في السهول والهضاب على حد سواء ، وبصفة خاصة في مناطق الخرسان النوبي .

(3) تربة جيرية : ولها انتشار كبير في النصف الشمالي من الصومال وتكون أكثر رملية في الغرب والجنوب الغربي . وحيث تقل نسبة الجير وتعتدل كمية الأمطار الساقطة ويكون هناك تدرج في المواد العضوية إذ تكون الأرض سهلة الصرف خصبة للإنتاج الكبير .

(4) تربة بركانية : وتكثر في المناطق التي تعرضت لحركات بركانية كما هو الحال في المناطق المنخفضة من الإقليم الشمالي ، وخاصة في الجهات الغربية . وكذلك على طول أودية جوبا وشبيللي تنتشر تربة طينية من أصل بركاني منقولة بواسطة المياه أثناء الفيضانات العالية مكونة سهول فيضية على طول الأودية .

(5) تربة طينية سوداء : عند دالات الأنهار ووادي نهر جوبا وشبيللي ، وهي أخصب المناطق من ناحية الإنتاج الزراعي للمحاصيل المختلطة .

وتعاني الصومال مشكلة جرف التربة بواسطة عوامل التعربية سواء الجوية او المائية ، وقلة الغطاء النباتي ، وميل السكان إلى قطع الأشجار من أجل التفحيم مما يعرض التربة للتحلل والجرف بواسطة عوامل التعرية .. كما تعاني مشكلة نقص المواد العضوية وارتفاع نسبة الملوحة في عناصر التربة .

وتقوم الحكومة الصومالية بدراسة أنواع التربة في جميع أنحاء البلاد تمهيدا لوضع مخطط علمي لصيانة التربة وتحديد أنماط الإنتاج الزراعي ومجال الحركة الرعوية .

الفصل الثاني: الظاهرات المناخية

الوضع الجغرافي وأثره المناخي

لا شك أن لموقع الصومال تأثيرا كبيرا في النظم المناخية العامة سواء من حيث رتابة الدرجات الحرارية ، أو ذبذبة الأمطار من مكان إلى آخر ، ومن فصل إلى آخر . ولعل هذا الموقع الصومالي في المنطقة الاستوائية وامتداد أكثر عروضها في المنطقة المدارية قد أكسبها خصائص ارتفاع درجة الحرارة المستمرة طول العام ، وعدم التمييز بين الفصول المناخية على أساس درجة الحرارة ، مما جعل درجة الحرارة في رتابة مزمنة على طول البلاد وعرضها . أما ذبذبة الأمطار فترجع هذا إلى موقع الصومال في شرق أفريقيا ، ومجاورتها أكبر هضاب أفريقيا بصفة عامة ، وهي هضبة الحبشة التي حالت دون وصول المؤثرات المناخية القادمة من المحيط الأطلسي ، وفي الوقت نفسه تعتبر الصومال امتدادا لصحراء العرب نحو الجنوب في شرق أفريقيا مما تتوغل في الصومال حاملة معها ذرات رفيعة من الرمال ، مما يؤدي إلى ارتفاع في درجات الحرارة الجوية ، وبالإضافة إلى هذا كله فإن الرياح التجارية الجنوبية الشرقية المحملة بالأمطار والقادمة من المحيط الهندي بعد أن تعبر خط الاستواء تغير من اتجاهها فتسير بموازاة الساحل الصومالي ، وتكون جنوبية غربية متجهة في عنف وقوة إلى منطقة الضغط المنخفض في شمال شرق الهند . فيصدق قول العامة .. فر الصومال مطرا ، لغنى الهند زراعة .

وللأسباب الآنفة الذكر نجد أن الكعبة الساقطة من الأمطار على الصومال تختلف في طولها وزمنها وكميتها ومكانها وفقا للرياح الجنوبية الغربية واتجاهها وقوتها – كما تختلف درجة الحرارة والرطوبة واتجاه الرياح من منطقة إلى منطقة أخرى نظرا إلى الاتساع العظيم لبلاد الصومال من ناحية ، واحتلالها خمس عشرة منطقة عرضية في النطاقين الاستوائي والمداري .

الفصول المناخية

حدد الصوماليين الفصول المناخية بالصورة التالية : فصل جو (الربيع) ويبدأ في 21 مارس إلى 21 يونية فصل حاقاي (الشتاء) ويبدأ من 22 يونيه إلى 21 سبتمبر فصل دير (الخريف) ويبدأ من 22 سبتمبر إلى 20 ديسمبر فصل جيلال(الصيف) ويبدأ من 21 ديسمبر إلى 20 مارس


درجة الحرارة

العوامل التي تؤثر في درجة الحرارة :

تعتبر درجة الحرارة من أهم العناصر المناخية التي لها تأثير على توزيع أنواع الحياة المختلفة على سطح الأرض ، ورغم أنها تتحكم في جميع عناصر المناخ لأنها تعتبر الظاهرة الثانية الهامة بعد الأمطار .. وذلك لأن الأمطار هي كل شيء بالنسبة للأرض والسكان ..

ودرجة الحرارة تختلف بين منطقة وأخرى تبعا لموقع الأقليم بالنسبة لخطوط الطول والعرض ، وبالنسبة للعلائق المكانية والارتفاع وبالنسبة للبعد أو القرب من البحر ، وغير ذلك من العوامل التي من أهمها :

(أ) الموقع : إن خطوط العرض هي المحددة لزاوية سقوط أشعة الشمس على سطح الأرض ، كما أنها المحددة لطول النهار في الفصول المختلفة .. وحيث إن الصومال تقع في العروض الاستوائية والمدارية فإنها تعتبر من أكثر جهات العالم استقبالا لأشعة الشمس العمودية تقريبا ، مما يرفع درجة الحرارة طوال العام ، فكل بقعة من بقاع الصومال تتعرض لأشعة الشمس العمودية او شبه العمودية مرتين في كل عام ، مرة أثناء حركة الشمس إلى مدار السرطان في فصل الربيع ومرة ثانية أثناء حركة الشمس إلى مدار الجدي في الخريف .

فمن الناحية الفلكية تعتبر الصومال من أكثر جهات العالم حرارة على مدار السنة ، وخاصة في فصل الصيف إذ يطول النهار قليلا ، غير أنه من المشاهد انخفاض درجة الحرارة أكثر مما يجب أن يكون عليه الوضع الفلكي ، وهذا نتاج لغزارة الأمطار ، وكثافة الغطاء النباتي ، والارتفاع الكبير لبلاد الصومال عن مستوى سطح البحر ، كما أن المسطحات المائية التي تحيط بشبه جزيرة الصومال لها تأثيرا في انخفاض درجة الحرارة عما كان ينبغي أن تكون عليه ..

(ب) الارتفاع : من المعروف أن درجة الحرارة تتناقص كلما ازداد الارتفاع بمعدل درجة مئوية لكل مائة متر ، ويرجع هذا إلى أن الهواء يتخلخل تدريجيا كلما زاد الارتفاع ، وأن المواد العالقة بالهواء تتناقص بالارتفاع ، بالإضافة إلى الإشعاع الأرضي الذي تعكسه الأرض فيرفع من درجة الهواء الملامس للأرض (قارن بين المدن الساحلية والمدن الداخلية التي على خط عرض واحد لمعرفة تأثير ارتفاع المكان في درجة الحرارة ، وقد يصل الفرق الحراري بين المدن الساحلية والداخلية إلى أكثر من عشر درجات وذلك لأن الدخيل القاري على مستوى مرتفع كثيرا عن سطح البحر .

(جـ) التأثير البحري : من الثابت أن المايه تمتص الحرارة ببطء وتفقدها ببطء عكس ما عليه الحال بالنسبة لليابس ، وأن المسطحات المائية لها تأثير في تلطيف درجات الحرارة ، غير أنه من المشاهد في الصومال انعدام التأثير البحري في تعديل درجة الحرارة ، ويرجع هذا لوقوع الصومال في المنطقة الحارة أساسا مما جعل المياه دافئة بصفة عامة ويقل تأثيره في انخفاض درجة الحرارة . وفي الوقت نفسه فإن شبه جزيرة الصومال سواحلها مرتفعة نوعا ما ، وهضبتها واسعة ، وليس لها التعاريج الساحلية الكبيرة المتعمقة في اليابس ، ومن ثم كان التأثير البحري بصفة عامة لا يتعدى مائة متر بعيدا عن البحر نفسه .

(د) عوامل أخرى : من العوامل المؤثرة في ارتفاع درجة الحرارة في الصومال تلك الرياح الشمالية الشرقية الجافة القادمة من شبه جزيرة العرب ، والتي تحمل الرمال والأتربة وترفع حرارة الجو حتى أن بعض الموانئ الشمالية للصومال تغلق أبوابها وتتوقف عن العمل في أثناء هبوب هذه الرياح الساخنة (فيما بين إبريل ، ومايو ، ويونيو ، من كل عام) ، فيهرب السكان من الحرارة المميتة التي تصل إلى أكثر من 40 درجة مئوية إلى الجهات المرتفعة ..

ومن المؤثرات الأخرى في تقليل الحرارة مسألة الغطاء النباتي وكثافته فالعلاقة العامة بينهما مرتبطة ..

والصورة العامة للحرارة أن الجهات الساحلية في متوسط 70º ف كحد أدنى و108º ف كحد أعلى ، والجهات المرتفعة من 80º ف إلى 90º ف والمدى الحراري اليومي قد يصل إلى 20º أو 30º ف ، أما المدى السنوي فهو بسيط جدا ويكاد يتلاشى ، وأن البلاد بصفة عامة بلاد حارة طول العام ، وأن أشد الشهور حرارة هي مراس وإبريل .. وأقلها حرارة هو شهر يوليو وأغسطس وأكثرها اعتدالا هو شهر ديسمبر ويناير . وذلك في المقاطعات الجنوبية بصفة عامة . أما في المقاطعات الشمالية ، (هرجيسة ، برعو ، ماجرتنيا ، مدق) فأعلى الدرجات الحرارية في شهر يوليو وأغسطس وأقلها في شهر إبريل وسبتمبر .


الأمطار

تختلف كمية الأمطار المتساقطة على الصومال بين مكان وآخر ، ومن فترة إلى أخرى ، وهذا الاختلاف يشمل الكمية أيضا ، ومن الملاحظ أن أغزر الأمطار يكون في فصل الربيع حيث تكون الحركة الشمسية في اتجاه مدار السرطان ، بينما يقل المتساقط في فصل الخريف حينما تكون الحركة الشمسية في اتجاه مدار الجدي جنوب خط الاستواء ..

والمحور العام لتزايد الأمطار من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي .

وفي الأيام المطيرة تزداد سرعة الرياح والعواصف ، حتى أن المياه المحيطة القريبة من الصومال تكون في اضطراب مما يعطل الملاحة والصيد في تلك الآونة ، وفي الوقت نفسه تزداد نسبة الرطوبة فتصل أحيانا إلى 96% على النطاق الساحلي الشرقي للصومال .

وللمواطنين في الصومال جداول للأمطار وعلى أساسها قسم أهل الجنوب السنة إلى أربعة فصول هي :

جيلال : يبدأ من ديسمبر إلى آخر مارس . والرياح شمالية شرقية جافة . والحرارة ترتفع تدريجيا إلى أن تصل 35º في شهر مارس .

جو : يبدأ من إبريل إلى آخر يونيه . فيه تشتد الرياح .

حاقاي : يبدأ من شهر يوليو إلى شهر سبتمبر . الرياح موسمية جنوبية غربية . الأمطار غير منتظمة (خريف) الحرارة معتدلة .

دير : يبدأ من أكتوبر إلى ديسمبر . الرياح موسمية شمالية شرقية . ونلاحظ أن الأمطار محصورة بين فصلي جو ودير .. إذ أنها تبدأ أحيانا من شهر مارس وتأخذ في التناقص عند نهاية سبتمبر وقد تستمر إلى نوفمبر .. وفي العادة تتأخر الأمطار في شمال البلاد عنها في البلاد الواقعة في الجنوب .

ولأهل الشمال فصول مناخية متشابهة .. على النحو التالي :

جو Gu ويسمى خليل إبريل ومايو ويونيو حار .. قليل الرياح .

كران Karran ويسمى حاقاي أغسطس وسبتمبر وأكتوبر . خريف .. موسمية جنوبية غربية .

دهاير Dahair ويسمى وهاير نوفمبر . موسمية شمالية شرقية .

وجينا Wagina ديسمبر .

هايس Hais يناير .

تودوب Todob ويسمى جيلال فبراير ومارس . فصل جاف . موسمية شمالية شرقية .

ونلاحظ أن : • جو يبدأ في مارس في بوراما وإبريل في هرجيسة وفي نهاية إبريل إلى الشرق من هرجيسة . • يبدأ كران في الشمال الغربي على مرتفعات أوجو . • دهاير يغطي الإقليم كله . • أوجينا أقل مطرأ . • هايس وتودوب في الشمال الشرقي وأمطاره قليلة ، أما في الغرب فكثير الأمطار .

توزيع المطر السنوي

أولا – النصف الشمالي للصومال :

(أ) أكثف الجهات مطرا تلك المناطق التي على ارتفاع أربعة آلاف قدم عن مستوى سطح البحر ، ومتوسط كمية المتساقط ما بين 10 ، 20 بوصة في العام .. وتشمل هضبة هرر في الشرق .. ونطاق سلاسل جبال (واجير) ، وجبال (جوليس) وجبال (أشاريت) ، وجبال (الهيلز) في الشمال الشرقي ، ويتألف من هذه المناطق الغزيرة الأمطار نطاق يسمى مظلة المطر في النصف الشمالي للصومال فهي منطقة التجمع للأمطار المتساقطة في أغلب شهور السنة في الفترة الغزيرة الأمطارمن شهر إبريل إلى شهر يونيه وكذلك الفترة القليلة الأمطار من هشر أكتوبر غلى شهر نوفمبر حيث تكون أغلب الأراضي بالإقليم الشمالي جافة تماما .

(ب) إلى لاجنوب من مظلة الأمطار الرئيسية تميل الأمطار للتساقط غالبا في شهر إبريل حتى شهر يونيو ، وأمطار قليلة من أكتوبر إلى نوفمبر ، وأحيانا تتساقط بعض الأمطار الخفيفة على حافات الأراضي التي تمتد في اتجاه جنوبي غربي من الهضبة .

(جـ) إلى الشمال من مظلة الأمطار الرئيسية ، وعلى الساحل الشرقي لصوماليا توجد أمطار إعصارية في الغالب خلال الفصل الجاف من ديسمبر إلى مارس ، وهي الأراضي التي تنحدر تدريجيا نحو خليج عدن حيث تكون متعامدة مع الرياح الشمالية الشرقية الموسمية ..

(د) ظاهرة المناخ تعتمد أسااس على الحركة الشمسية التي تكون عمودية مرتين على الإقليم ، ويتبعها رياح موسمية شمالية شرقية حينما تكون حركة الشمس إلى الجنوب ، والرياح الجنوبية الغربية الموسمية عندما تكون حركة الشمس إلى الشمال ، وتكون آخر فصول السنة من إبريل إلى سبتمبر . ويكون الجو هادئا في الفترة التي بين نهاية الرياحا لشمالية والشرقية الموسمية ، وبداية الرياحا لجنوبية الغربية الموسمية ، ويكون فيهذه الفترة انعدام الرياح في شهر إبريل ، والتي يطلع عليها اسم خليل (Kalill) في شمال الصومال .

وفي شهر إبريل يبدأ فصل جو الممطر في الجنوب الغربي . وتكون الأمطار في الجنوب مبكرة تبعا لحركة الشمس وفي الغرب أيضا نظرا لارتفاع هضبة الحبشة ..

وأمطار (جو) تنتشر من الشمال إلى الشرق خلال شهر إبريل ، وقد تتأخر أحيانا إلى مايو ، وفي السنوات الوفيرة الأمطار تمطر كل يوم ، وفي الغالب بعد الظهر . وإذا استمرت الأمطار في التساقط مدة ثلاثة أيام فإن ذلك يتبعه في العادة ثلاثة أيام أو أربعة بدون أمطار ، وذلك خلال شهر إبريل والنصف الأول من شهر مايو .

وفي شهر يونيه تبدأ الأمطار تقل ، والرياح الجنوبية الغربية الموسمية الجافة غير سارة .. وفي شهر يوليه غالبا لا توجد أمطار غزيرة ، وتكون الرياح جنوبية غربية غير منتظمة ، وأعلى درجات الحرارة تسجل في شهري يوليو وأغسطس .

(هـ) في النصف الثاني من شهر يوليو عادة تبدأ الأمطار على لاجهات المرتفعة وتشغل بذلك منطقة كبيرة كثيرة الأمطار بسبب الرياح الجنوبية الغربية حتى تأتي فترة الهدوء في شهر سبتمبر ..

وفي شهر أكتوبر تبدأ الرياح الموسمية الشمالية الشرقية تسقط أمطارها التي لا تكون في مجموعها غزيرة مثل مطر جو وقد تزداد الأمطار إلى حد ما في النصف الأول من شهر نوفمبر ، ولكن الرياح تزداد في النصف الثاني من شهر نوفمبر وفي العادة تكون قليلة الأمطار في ديسمبر وينانير . ولكن من الملاحظ أن الحافات المواجهة لخليج عدن قد تسقط عليها أمطار غزيرة بسبب هذه الرياح .

(و) تسقط الأمطار غالبا في شهر فبراير على الأجزاء الغربية من مناطق مختلفة ، وغالباماتكون في الصباح وتزداد في شهر مارس في الاتجاه الغربي حول هضاب (هرر) وقد تغطي الأمطار كل منطقة مظلة الأمطار وتكون في الغرب امتدادا لأمطار (جو) مرة أخرى في شهر إبريل .

ونلاحظ أن القيمة الفعلية للمتساقط لا تحدد على أساس كمية المتساقط التي تحصى وعدد المواقع والمساحة التي تغطيها أو عن كمية المعلومات التي تجمعمن المراكز ولكن تعتمد على كمية المتساقط في اليوم ومدى الاستفادة الفعلية منها للتربة قبل أن تتبخر أو تتسرب بوسيلة ما أو تسير في اتجاه ما .

إن المياه المتساقطة في منطقة مظلة الأمطار تخترق التربة وتسير في نطاق باطني تحت سطح الأرض خلال آيار هرجيسه إلى جوليد – هاجي – أودينا – برعو ، فأودية نوجال وعين ، كما تسير المياه في النطاق الباطني بما في ذلك آيار (هرجيسه) ، وبرعو) حيث تكثر المياه ، وقد تصل إلى 80 أو 90 قدم تحت سطح الأرض ، ومن المؤكد أنها قادمة من جبال (جوليس) ، ووجر ، في منطقة مظلة الأمطار .

ثانيا – النصف الجنوبي للصومال :

تبدأ الأمطار في أوائل شهر مارس وتكاد تنعدم في شهر سبتمبر ، وقد تستمر حتى أكتوبر ونوفمبر ، وتقل الأمطار في الاتجاه الجنوبي الشرقي إلى لاشمال الغربي لتبدأ في التزايد عند أعالي (جوبا) و (شبيلي) .

وفي فصل جو المطير (إبريل ، مايو ، يونيو) تكثر الأمطار في مقاطعات جوبا العليا والسفلى حيث يصل متوسط المتساقط إلى 250 مم ، ويصل أدنى جوبا العليا إلى 300 مم ، وتتدرج الكمية في التناقص كلما اتجهنا شمالا إلى أن تصل 75 مم في مقاطعات مدق ومجرتنيا .

وفي فصل دير (سبتمبر ، أكتوبر ، نوفمبر) تغزر الأمطار في جنوب الصومال فيصل متوسطها في منطقة كسمايو 250 مم ، وتقل في اتجاه الشمال الغربي ، بينما يكون النطاق الساحلي كما هو في فصل (جو) إذ يكون أغزر جهات الصومال مطرا هوالنطاق الساحلي فيما بين كسمايو وأتيلا ، ثم تقل الأمطار في اتجاه الشمال إلى أن تصل نحو 25 مم في مقاطعات مدق (مجرتنيا) .

ويبلغ متوسط المتساقط في (مجرتنيا) و (مدق) نحو 90 مم ، أما (هيران) و(جوبا) العليا فيبلغ أكبر كمية متساقطة فيا لعام 274 مم ، وأقل درجة للتساقط تصل إلى 72 مم ، أما في النطاق الساحلي فيما بين مقدشوه وكسمايو ، فأعلى درجة تساقط تصل 300 مم في مايو وأقل درجة في فصل الشتاء قد تصل 18 مم والجفاف في شهر فبراير .

الرياح

تتعرض الصومال لأنواع مختلفة من الرياح من حيث قوتها ولنوعين من حيث اتجاهها .. فالنصف الشمالي من الصومال يتعرض للرياح الشديدة بصفة عامة ابتداءا من شهر يونيو إلى أغسطس ، وهي الرياح الجنوبية الغربية ، ونادرا ما تحدث في فترة هبوب الرياح الشمالية الشرقية .

وتنتهي الرايح الغربية عادة في الأيام العشرة الأخيرة من شهر سبتمبر لتبدأ الرياح الموسمية الشمالية الشرقية المعتدلة المنتظمة خلال شهر أكتوبر ، ثم تصبح شمالية شرقية ثابتة في أكتوبر وأوائل نوفمبر .

أما رياح الخريف الجنوبية الغربية الموسمية فتهب من أواسط شهر مايو وكل سبتمبر وقد يكون الجو حارا معتدلا مدة ستة شهور من إبريل إلى آخر سبتمبر وربما يكون أكثر من هذا قصرا .

والجو المترب دائما في الفصل الجاف على (الهضبة) ومنطقة (هرر) ، وربما يرى على بعد 70 ميلا أو أكثر .

أما في النصف الجنوبي للصومال فإن اتجاه الرياح في أقصى الجنوب يكون شرقيا (8-10) خلال ديسمبر ويناير وفبراير ومارس ، ورياح جنوبية (8-10) خلال شهر إبريل إلى نوفمبر . أما المنطقة الوسطى فإن الرياح تصير شرقية أو شمالية شرقية (6-10) من شهر نوفمبر إلى مارس ، وجنوبية غربية أو جنوبية من (6-8) من إبريل إلى أكتوبر ، وتتعرض المنطقة التي تلي الوسطى إلى الشمال لرياح شرقية (10) نوفمبر إلى إبريل وإلى رياح جنوبية غربية (14-18) من شهر مايو إلى أكتوبر .

وتمثل مدينة (كسمايو) أقصى الجنوب ، كما تمثل مدينة مقدشوه المنطقة الوسطى ، أما المنطقة التي تليها إلى الشمال فتمثلها مدينة جالعكيو .

درجة الرطوبة

المقصود بدرجة الرطوبة هو درجة البخار المشبع به الهواء الذي يختلف من مكان إلى آخر . ونسب وجود البخار بالهواء تتوقف على مصادر متعددة أهمها التبخر من المحيطات والبحيرات والأنهار ، وكذلك من سطح التربة وسطح الجليد أو أي سطح آخر معرض للجو ، على أن يكون به كمية منا لماء أيا كانت .

وأهم المصادر التي يستمد منها الهواء رطوبته هو النبات فإن عود الذرة الواحد يتبخر منه حوالي عشرة أرطال من الماء يوميا في فترة النمو الكامل وعملية خروج الماء من النبات تسمى عملية النتح .

ودرجة الرطوبة في الهواء لا تتأثر بالمصادر السابقة وحدها ، بل تتوقف على قابلية هذا الهواء أو مقدرته على حمل مقادير جديدة من البخار ، فكلما قلت درجة قلت مقدرة الهواء على حمل البخار ، أو بعبارة أدق أو مقدار ما يمكن أن يحمله الهواء من بخار الماء يتناسب تناسبا مطردا مع درجة الحرارة .

ودرجة الرطوبة من العوامل الهامة ولو كانت منخفضة (الجفاف) فإنها تساعد على اعتدال الجو وتجعله ملائما للصحة كما في الجهاتا لمرتفعة حيث تقل درجة الرطوبة ، ومن ثم كانت (شيخ) و (هرجيسه) مصايف راقية للصومال نظرا لارتفاعهما وقلة نسبة الرطوبة فيهما ، بينما الجهات المنخفضة الرطبة تكون الحياة فيها قاسية ، وخاصة إذا كانت مصحوبة بارتفاع درجة الحرارة .. فإن أقصى أنواع المناخ ماكان رطبا وحارا معا . وتتصف النطاقات الساحلية المنخفضة في الصومال بارتفاع نسبة الرطوبة التي مصدرها مياه المحيطا لهندي وخليج عدن ولدرجة الرطوبة فائدة كبرى عند القيام بأي مخطط زراعي لا في الصومال فقط بل في أي منطقة من العالم .

الخصائص العامة للمناخ في الصومال

بعد الدراسة المناخية السابقة (لعناصر المناخ) ودلائل الإحصاءات ومقارنتها بالموقع والارتفاع والخرائط المرفقة يمكن أن تستنج ثلاث خصائص عامة للمناخات الصومالية :

أولا – النطاق الشمالي الشرقي ويتضمن مقاطعات (برعو) ، (مجرتنيا) ، و (مدق) :

ويوصف المناخ في هذه المناطق بالرتابة المستمر في درجات الحرارة ، فالواقع أنها أشد الجهات حرارة في الصومال لظروفها الطبيعية الحصوية الرملية ، وقلة بل وانعدام الغطاء النباتي في أغلب جهاتها ..

فهذه المناطق ما هي إلا امتداد للبيئة الصحراوية لجنوب الجزيرة العربية ، وتدعمها الرياح الشمالية الجافة من شبه الجزيرة العربية ،وتدعمها الرياح الشمالية الشرقية الجافة من شبه جزيرة العرب ، فهي ترفع من درجات الحرارة ، وتعكر صفو الجو بأتربة وذرات من الرمال .

وفي هذه المناطق نجد الصيف الدائم على مدار السنة ، وانعدام الشتاء ، فالفرق السنوي لا يصل إلى ثلاث درجات ، على حين أن الفرق اليومي للحرارة يشير إلى صيف النهار وشتاء الليل .

وليس معنى ماسبق أن هذه المناطق تنعدم فيها الأمطار تماما .. ولكنها تسقط فيها أمطار نادرة وبكمية قليلة وأقل تأثيرا لشدة التبخر وعطش التربة ( التسرب الشديد) ، كما أن المتساقط في هذه المناطق أصله سيلي جارف ، ولذلك كان معدل التفاوت مرتفعا جدا ، ومن ثم فلانعدام الانتظام والتفاوت في الكمية وطول الموسم المطير قل أثر المتساقط على الحياة بصورها الحيوانية والنباتية ، وانعدمت المجاري المائية الدائمة . وهذا لايمنع من وجود قمم مرتفعة في هذه المنطقة يكون نصيبها من الأمطار أوفر ، وكذلك وجود بطون المنخفضات التي يقل استقبالها للأمطار ، ولكن تكون مبثابة مجمع للمياه المتساقطة على المرتفعات أو تلك التي تتسرب إلى بطون المنخفضات ..

ثانيا – النطاق الجنوبي .. ويتضمن بنادر وجوبا العليا ، وجوبا السفلى وانفذى :

وتمتاز هذه المناطق بالارتفاع المستمر لدرجات الحرارة لكونها ضمن المنطقة الاستوائية وشبه الاستوائية حيث تتعامد عليها أشعة الشمس طول العام .. غير أن أكثر المتساقط سببه الرياح القادمة من المحيط وهي كثيرة الكمية والزمن عن أي منطقة أخرى من الصومال .

والمطر هنا له قمتان في الربيع والخريف مما جعل الصورة النباتية دائمة الخضرة ، وفي وفرة عجيبة وتشكيلة ضخمة . وساعد على ذلك استواء وانخفاض سطح الأرض ، وهي في الجملة مناطق السهول ونطاق التوسع الزراعي في المستقبل .

وللعوامل السابقة تأثير في انخفاض درجة الحرارة مما جعل الحياة فيها أسهل وأوغد للإنسان والحيوان بالنسبة لتلك التي تقع فيا لنطاق الشمالي الشرقي لشبه جزيرة الصومال ، وإن كانت نسبة الرطوبة مرتفعة في الجنوب وخاصة في الفترات المطيرة فإنها مقبولة أساسا لأنها غير مصحوبة بالحرارة الشنيعة كالتي في الشمال .. فهي أهون وأكثر فائدة للإنسان والإنتاج .

ثالثا – النطاق الغربي من الصومال .. ويتضمن مقاطعات (هرجيسه) ، والمنطقة المحجوزة والأراضي التي احتلتها الحبشة في أواخير القرن الماضي :

وهذه المناطق بصفة عامة تمتاز بأنها أعلى جهات الصومال إذ يبلغ المتوسط فيها فيما بين 5000 ، 7000 قدم فوق سطح البحر مما كان له تأثير على انخفاض درجة الحرارة بالنسبة للمناطق المشابهة لها في نطاق السهول الساحلية .

والأمطار هنا أعلى ما يكون إذ يقدر المتساقط بنحو 25 بوصة كحد أعلى و 15 بوصة كحد أدنى وعشر بوصات كمتوسط سنوي ..

وهذه الأمطار في جملتها أمطار موسمية بسبب الرياح الجنوبية الغربية ، وإليها يرجع ارتفاع منسوب المياه الباطنية في الآبار التي إلى لاغرب من (هرجيسه) وجنوبها .. وكذلك فيضان نهر (جوبا) ونهر (شبيلي) في فصل الخريف وفصل الربيع .

والأمطار هنا ذات قمتين مع حركة الشمس ، ونظرا للارتفاع كما ذكرنا سابقا تقل درجة الحرارة ، ومن ثم كانت عاصمة المقاطعات الشمالية تقع في (شيخ) ثم في (هرجيسه) وكلتاهما على ارتفاع يصل نحو 5000 قدم ، وفي الوقت نفسه تنخفض نسبة الرطوبة لجفاف الأرض والبعد عن المؤثرات البحرية مما جعلها في متوسط نحو 50% في أغلب شهور السنة وأحيانا أقل من ذلك .

الموارد المائية

أبحاث عن الموارد المائية

قامت عدة دراسات وأبحاث عن الموارد المائية في الصومال ، وكان أكثر هذه الدراسات والأبحاث يتركز في المقاطعات الشمالية من الصومال ، نظرا لأهمية المياه في حياة السكان والحيوان ، ولعدم وجود الأنهار الكبرى كنهر (جوبا) ونهر (شبيللي) ، ولعدم وجود وفرة من المتساقط على مدار السنة ، كما هو الحال في المقاطعات الجنوبية ،ولذا كانت الحاجة شديدة للبحث عن الماء في الشمال أكثر من الجنوب .

وقد ظهرت دراسات عن المايه السطحية في منطقة هرجيسة) وكذلك المياه الباطنية في هذه المنطقة والمناطق المجاورة حتى وصلت إلى منطقة (وراما) ورسمت خرائط جيولوجية لمعرفة مدى إمكانيات النجاح في إقامة خزانات للمياه قرب (هرجيسة) وكانا لمسترWarden البريطاني قد قام بدراسة عشرة مواقع لتعيين مواقع الخزانات وتحديد مستوى المياه الباطنية في صخور العصر الكرتاسي (الصخور النوبية الرملية) ، ورفع تقريره إلى الحكومة .

وكان مستر Stock البريطاني (مهندس جيولوجي) قد قام بأعمال في قطاع الموارد المائية في يناير 1959 في غرب (هود) ثم شملت أبحاثه منطقة (هود) كلها ، وقدم تقريرا وافيا تحت عنوان (الموارد المائية وجيولوجية هضبة هود فيمحمية الصومالند) .

وقد تناول بعض الدراسات التحليلية والعوامل المؤثرة في المياه الباطنية في وسط هود ، فأشار إلى أن ضمان الموارد المائية الطبيعية بصورة مستمرة وكميات معقولة على أعماق قريبة من سطح الأرض يعتبر شيئا صعبا للغاية ، وليست هناك أية فرص ناجحة يمكن اتخاذها كمحور للعمل ، وأنهى تقريره بأن حل مشكلة المياه في أن الاعتماد على الموارد المائية يكون بالمصائد السطحية والتخزين فقط .

وقد تلا ذلك قيام بعثتين لدراسة منطقة عرجابو ، وحفرت ثلاثة آبار في ساول هود ، ولم يتوصل فيها إلىمياه لاختناق المياه في أعماق كبيرة تحت هذه المساحة الطبوغرافية الضخمة الارتفاع .

وقامت أبحاث أخرى عن الموارد المائية في القسم الشمالي الغربي من الصومال ، وتركزت هذه الأبحاث في مواقع بوراما وزيلع ، وفي نفس الوقت قامت أبحاث في شيخ وسهول سارار شمال برعو ، وفي ماندرا .

ومن هذه الأبحاث كلها نجحت تسع عمليات في إيجاد المياه في صورة آبار ارتوازية في سهل زيلع بعد حفر 137 قدما ، وكذلك في أعالي حقول شيخ حيث تنهمر المياه من عين جبلية صناعية وتكفي هذه المياه لمد المدرسة (مدرسة شيخ الثانوية) والجهات القريبة منها بالماء العذب .

ونجحت الأبحاث أيضا في إيجاد مياه في آبار عرجابو على صخور الأيوسين الأدنى فأمكن الحصول على ثلاثة آلاف جالون ماء في الساعة وكذلك الحال في بئر هند جبل جيلي وماندرا ، وستة آبار أخرى في برعو ..

وأهم الدراسات التي قامت عن الموارد المائية في الصومال ما كتبه الدكتور و .أ. ماكدايين في كتابه (الموارد المائية وجيولوجية أجزاء من محمية الصومالند) The water supply and Geology of Parts of British Somaliland – By Dr. W.A. Magdaclyen .

وقد استغرق في كتابته نحو عامين وفي الكتاب فصل ممتع عن الموارد المائية في الصومال ومدى الاستفادة منها وخاصة في مناطق هود وساول هود ، وهي دراسة عملية مع التوصيات . وستتناول هنا الفكرة الأساسية لهذا الكتاب عن الموارد المائية في شيء من التعريف والإيجاز .

أنواع الموارد المائية

قسم الدكتور ماكداين أنواع الموارد المائية في الصومال إلى خمس مجموعات هي : 1- بحيرات طبيعية Balleh 2- مجاري دائمة Dutdur 3- آبار محفورة على جوانب الأودية Lasد 4- بحيرات صخرية أو آبار في الحقول الرملية كخزانات طبيعية 5- حفر وعائية أو آبار ارتوازية Bore holes

وتلك نبذات عن كل مجموعة من هذه المجموعات السابقة .

أولا – البحيرات الطبيعية : في العادة ينتشر هذا النوع من الموارد المائية نتيجة وجود انخفاض طبيعي مناسب في سطح الأرض وقد يكون هذا الانخفاض في مساحة عشرات أو مئات الأمتار المربعة وفي الفصل المطير تمتلئ هذه المنخفضات الطبيعية بالمياه خلال ساعات أو أكثر حسب كمية المتساقط .

وقد تستمر المياه فيه ذه البحيرات الطبيعية لعدة أسابيع أوشهور وقا لحجمها وكمية المياه المتساقطة عليها ومقدار احتفاظ الحبيرة بالمياه أي حسب نسبة التسرب في باطن الأرض . وفي الغالب أن مثل هذه البحيرات في المناطق الصخرية كهود تستمر فترة طويلة قد تصل إلى أربعة أو خمسة شهور ، وتكون لمثل هذه البحيرات أهمية كبرى خاصة في منطقةكهود التي تصيبها بسيط جدا من الأمطار في العام .

وحافات مثل هذه البحيرات الطبيعية تكون ضحلة غالاب وكثير فيها الآبار ..

وهذه البحيرات تعتبر المورد الطبيعي الأول للمياه في مناطق كثيرة وخاصة في النصف الشمالي من الصومال ، وعلى وجه التحديد في أقاليم هود وساول هود ومجرتنيا ومدق .

ولما كانت الحاجة إلى لاماء شديدة في مثل هذه الماطق فإن الوطنيين يقومون أحيانا بإنشاء مثل هذه البحيرات أي خلق بحيرات صناعية الغرض منها تخزين المياه نظرا لذبذبة الأمطابة من ناحية ، وانعدام المجاري المائية الدائمة من ناحية أخرى ، وذلك لسد متطلبات الحياة والنهوض بالإنتاج سواء كان رعويا ممثلا في الثروة الحيوانية ، أو زراعيا ممثلا في حبوب الطعام . وفي الوقت نفسه يتلاشى خطر قصر فصل الأمطار .

وفي النصف الجنوبي للصومال يقوم الوطنيون بغرس بعض الأشجال حول هذه البحيرات سواء أكانت طبيعية أو صناعية بهدف منع الأتربة من تلويث المياه وحجزها فترة طويلة في فصل الشتاء الذي يكون شحيحا في أمطاره .

ثانيا موارد مائية دائمة : تقع منابع الأنهار في النصف الشمالي من الصومال في نطاق الجبال الرئيسية الممتدة من الغرب إلى الشرق ، وأغلب هذه الأنهار متجه إلى المياه في الفترة الجافة ، إلا أنها تمثل ركنا هاما من أركان الموارد المائية لسد حاجة الإنسان والحيوان من ماء الشرب .

وقد تختفي أهمية الآبار في بعض المناطق ، كما هو الحال في الأراضي المنخفضة الشمالية في حالة ما إذا وجدت موارد مائية أخرى أكثر أهمية كالأنهار والبحيرات الصخرية .. غير أن الحاجة إليها تكون أكثر علىطول النطاق الساحلي الشمالي والشرقي إذ تعتبر خزانات للمياه الحلوة في الصخور الرملية ، فهي مصدر أساسي للحياة في هذه المناطق . وبعض الآبار تستمر فيه المياه من 3-6 شهور في العام أو أقل من ذلك ..

ويتروح عمق المياه في هذه الآبار بين 1.5 قدم إلى 100 قدم عن مستوى سطح الأرض ، وفي العادة تكون عملية حفر الآبار موازية لمجاري الأنهار ، أو عند سفوح المرتفعات ، أو في وسط المنخفضات الطبيعية ، أو في وسط المجاري المائية الجافة . وأعظم شبكة مائية لهذه الآبار في الصومال ذلك القطاع الممتد بين هرجسة 4-44º شرقا 33-9º شمالا إلى جوليد حاجي 44-44º شرقا 33-9º شمالا إلى هاكي Hake 8-44º شرقا 22-9º شمالا إلى Berota 4-45º شرقا 22-9º شمالا إلى أرونيا 4-45º شرقا ، 4-9º شمالا إلى El Huma 10-45º شرقا 22-9º شمالا إلى برعو 43-45º شرقا 31-9º شمالا إلى عيل دير 50-45º شرقا 40-9º شمالا إلى الشمال من ود إلى Darder 24-45º شرقا ، 00-7º شمالا وكذلك إلى شمال واردير ووال وال .

ومن الملاحظ أن هذه الآبار يقل عددها ومستواها في الفترات الجافة كما سبق أو أوضحنا ، وبجانب هذا توجد مئات الآبار في جنوب الصومال وفي الخطة الجديدة لعهد الجمهورية الصومالية هو زيادة عدد الآبار لسد حاجة السكان والحيوان بالماء .

رابعا – بحيرات صخرية : تنتشر مثل هذه البحيرات في أماكن كثيرة وخاصة تلك التي لها تربة متماسكة كالتربة الصلصالية في أودية هرجيسه (الملاس) التي تحول دون نفاذ المياه إلى باطن الأرض ، ومن المحتمل أن يكون أصلها من التربة الجيرية الأيوسينية ، كما في برعو وعيل دير إذ أن تربة برعو من أصل جيري صلب عديم المسام .

كما نشاهد هذا النوع من البحيرات الصخرية في الصخور الجرانيتية أو النارية أو الصخور القاعدة الأركية ، وأحيانا في مناطق الفوالق الصخرية للصخور الصلبة الجافة .

وقد يصل بعض هذه البحيرات إلى عمق 16 قدما كما في هرجيسه أو 200 قدم كما في عيل ديل ، وهذا النوع من البحيرات يكون في النصف الشمالي أكثر من النصف الجنوبي للصومال .

خامسا - الحفر الوعائية : المقصود بالحفر الوعائية هو الآبار الارتوازية ، وهذا النوعم ، الموارد المائية من صنع الإنسان ،ويعتبر موردا هاما له باعتباره في المناطق التي يصعب فيها الحصول على لامياه حتى في الأعماق الكبيرة كما فيم نطقة هود وفي جزئها الأوسط بصفة خاصة حيث تكون الحاجة ضرورية وملحة للمياه الضرورية للإنسان والحيوان فكان إيجاد الآبار الارتوازية شيء له اعتبار كبير في الاقتصاد الوطني ، وأهم هذه الحفر الوعائية ما يوجد في سيلي Sili 26-43º شرقا 59-10º شمالا وفي توج وجالة Tugwajaleh 17-43º شرقا 37-9º شمالا وقد تكون هذه الآبار الوعائية على أعماق كبيرة كما في تاجشا Togust قرب زيلع وفي بوراما وهرجيسة وبرعو Gumburu 55-45º شرقا 55-6º شمالا في منطقة الأوجادين .

العوامل المؤثرة في استغلال الموارد المائية

تتعدد العوامل المؤثرة في استغلال الموارد المائية فمنها ما يتصل بالإنسان ، ومنها ما يتصل بالظروف المناخية أو طبيعة الأرض ، وسنتحدث عن الجانب الطبيعي المؤثر في استغلال الموارد المائية ..

عرفنا آنفا أن المصدر الرئيسي للمياه هو الأمطار التي تختلف في مكان عنها في مكان آخر بالنسبة لموعد سقوطها وكمياتها وفترة سقوطها ، وأن الأنهار والآبار وغيرها من مصادر المواردا لمائية تتأثر وتتشكل في سيرها وبقائها وفق الظروف المناخية من ناحية ، وطبيعة الأرض من ناحية أخرى .

كما أشرنا إلى أن أكثر الموارد المائية التي يعتمد علهيا سواء في فجوات أرضية أو حفر وعائية وما أشبه بذلك في المقاطعات الشمالية تبعا لظروف المناخ الشحيح الأمطار بصفة عامة ولطبيعة البنية عكس ما عليه الحال في الجنوب من الاعتماد على المياه النهرية الدائمة والخزانات الصناعية والأمطار .

وأغلب مياه العيون في شمال الصومال نتيجة للأمطار التي تسقط على صخور العصر الكرتاسي ووصلت إلى أعماق بعيدة في باطن الأرض والتي ظهرت نتيجة الانكسارات والاضطرابات التي حدثت للقشرة الأرضية في الصومال وما تلاه من اندفاع لهذه المياه إلى أعلى خلال الانكسارات على صورة مائية ودافئة كما هو مشاهد على طول القطاع الساحلي الشمالي مثل منطقة Hur 56-45º شرقا 41-10º شمالا وفي بيوكوليلة 18-49º شرقا 14-11º شمالا قرب بوصاصو وفي جال Gal 57-45º ، 36-10º شمالا وفي Behen Goha 7-45-º شرقا 00-10º شمالا وفي دوبار وبيدوا وغيرها .

وأهم عامل محدد لاستغلال الموارد المائية هو عامل البنية أي طبيعة التكوين الجيولوجي لطبقات الأرض التي من المحتمل أن تفسر لنا مدى وجود المياه وكيفية استغلالها . وهي :

صخور الزمن الرابع والحديث :

المدرجات الجيرية – الجبس – حبيبات الطمى الأحمر . التربة السطحية للهضبة . أودية هرجيسة (الطين الأبيض – الصلصال) أودية جوبا وشبيلي . الصخور المرجانية والشعاب الصخرية . مجمعات الصخور الرملية – طبقات اللافا البركانية المعدنية في سهل زيلع بين النهرين جوبا وشبيلي .

صخور الزمن الثالث :

صخور الأيوسين .. مارل دوبار . الأيوسين الأوسط . طبقات الخصور الجافة الصلبة . قواعد الأيوسين الأدنى من دوليت ومارل .

صخور الزمن الثاني :

شرائح الطين أعلى الكرتاسي . تكوينات شابل المواجهة للقاعدة . تكوينات هود المواجهة للقاعدة . شرائح الطين في غير انتظام مع الحجر الجيري (الجوارسي) .

صخور الزمن الأول :

صخور القاعدة – أسفل نطاق السطح .

والمشكلة التي تعترض الجيولوجي الباحث عن الموارد المائية في الصومال أنه يجد الخزانات الصخرية تقع علىطبقات غير منتظمة تمد بالماء كمورد (منبع) ومكونة مصيدة مائية .. وقد عثر بعض الجيولوجيون على مصائد مائية في الصخور الرملية ولكنها تقع أسفل وأعلى المصائد البترولية مما جعل الأمر من الناحية العملية يقف دون حل .. كما أن هناك مشكلة أخرى وهي عدم انتظام الطبقات في النظام العام للبنية وتداخل بعضها في بعض مما زاد المشكلة صعوبة ، وهذا كله لا يمنع أن تحدد الطبقات التي من المرجح أن تكون حاملة للمياه . . وهي :

1- الرمال السطحية والتلال الرملية والحصوية . 2- مناطق الفواصل والشقوق والانكسارات في الصخور الجافة الصلبة . 3- كافة الصخور النوبية الكرتاسية الظاهرة . 4- مناطق الفوالق في صخور العصر الجوارسي الجيري وصخور القاعدة الأركية .

ونعود مرة أخرى لنقرر أن الموارد المائية وطرق استغلالها من المشاكل الكبرى التي تواجه الحكومة الصومالية في الوقت الحاضر . فقلة الأمطار في عام 1964/1965 ظهرت آثارها سريعا في شل الحركة الاقتصادية لتعطل الإنتاج الزراعي ، وكثرت الوفيات في الحيوانات ، وامتدت الآثار إلى الإنسان نفسه بما دفع الحكومة إلى طلب العون الخارجي للإقلال من حدة القحط من ناحية ، والاهتمام بمشروعات البحث عن الموارد المائية والعمل على ضمان موارد مائيةدائمة لشرب الإنسان والحيوان والنهوض بالإنتاج الزراعي .

الفصل الثالث: النبات والحيوان

الحياة النباتية الطبيعية .. أنواعها ومناطقها

طبيعة الثروة النباتية :

إن توزيع الروة النباتية الشجرية العشبية في الصومال يمثل الصورة الواقعية المنعكسة من الحالة المناخية السائدة التي تحدثنا عنها في الفصل الثاني . ومن ثم كانت العلاقة بين المناخ والنبات علاقة قوية الملامح في الصومال ، فبقدر غنى المناطق الشمالية الشرقية بدرجات الحرارة ، وفقرها في الكميات المتساقطة من الأمطار وتخلخل الغطاء النباتي وتبعثره فإننا نجد المناطق الجنوبية من الصومال غنية بكميات الأمطار المتساقطة على مدار السنة ، ومن ثم كانت الحياة النباتية الطبيعية بها أوفر ، وهي أكثر تزاحما واشتباكا وضخامة .

وفي المناطق الشمالية يعاني النبات مشكلة المياه ، فكان عليه أن يتحايل لحل هذه المشكلة ذاتيا بتلاؤمات مختلفة أي يكون من الحوليات أو الأنواع التي تتهرب من الجفاف بقصر العمر وتفجره .. أو أن تكون من الأنواع التي تتحمل الجفاف فتبدو نائمة كالحة طوال فترة الجفاف ولكن دون أن تموت كما في أنواع الشجيرات التي تنمو في غرب الصومال ، أو أن تكون من العصارات كالصبار الذي يختزن الماء في جذوره أو سيقانه ، كما هو الحال في مقاطعة ماجرتنيا وبرعو ، أو أنها من الأنواع التي تحتمل الجفاف بوجود لحاء غليظ أو أوراق صمغية أو شمعية أو شعرية ، أو بانعدام الأوراق بصفة عامة .

وعلى أية حال فإن هذه الصورة النباتية تنمو متخلخلة أي متباعدة في غير تكلف لأنها جميعا تمتاز بنظام جذري ضخم أفقي أو رأسي ، لكن تقتص أكبر كمية من الرطوبة في أكبر مساحة ممكنة فتظهر كمظلات منتشرة على الرمال .

ومن أبرز الصفات النباتية بوجه عام هو اللون المثير والرائحة النفاذة في الأزهار والأشجار ، وكونها من الأنواع الشوكية السنطبة ذات السيقان القصيرة ، وغالاب ما تزدهر بسرعة في موسم الأمطار ، وتعدد أنواع النباتات الشجرية كما تتعدد أنواع الأعشاب الفصلية التي يكون عليها الوعي صورة حتمية للبيئة التجوالية البدوية . وقد أطلق الصوماليون أسماء مختلفة على هذه الشجيرات والأعشاب وحدودا مناطقها ومدى استغلالها كما سنرى فيما بعد .

ولعل انعدام الغطاء النباتي الكثيف في بعض المناطق الشمالية يرجع إلى انعدام المجاري المائية الدائمة فيها من ناحية ، وارتفاع الحرارة واشتداد البخر أو فقدان الماء بالتسرب من ناحية أخرى ، بالإضافة إلى ضآلة المتساقط كمية ونوعا .

أما كثافة النبات وتنوعه في الأقاليم الجنوبية من الصومال فيرجع إلى اجتماع الحرارة والرطوبة وغزارة المتساقط مما جعل الحياة النباتية من الأنواع الشجرية بصفة أساسية وهي من الأنواع التي تتحمل الحرارة المنخفضة .

وتتناسب الحياة النباتية في ضخامتها وكثافتها تناسبا مطردا مع كمية المطر التي تقل تدريجيا من الجنوب إلى الشمال .

وعلى ضفاف نهري جوبا وشبيللي يوجد أكثف وأضخم غطاء نباتي في الصومال ، إذ تتعدد فيه الأنواع تعددا هائلا ، وتختلط في فوضى دائمة ، فالسيقان ضخمة فارغة إلى حد ما ، تحمل قبة مقفلة مصمتة من الخضرة ، وقد تظهر في صورة نباتية متزاحمة في أشباه الغابات كما هو الحال في منطقة جوبا ، ولكن على مسافات متباعدة قد تصل إلى عشرات الكيلومترات كماهو الحال في مسحور وموبلين التي يبلغ مساحتها نحو ألف فدان .

وعلى شمال نهر شبيللي صورة نباتية علىهيئة أشرطة من الدهاليز النباتية ذات الطابع الشجري الشوكي ذي الأغصان الكثيفة ، بينما أشباه الغابات في جوبا العليا ذات جذور أكثر طولا وضخامة .

وفي هذه الصورة النباتية النامية تنمو نباتات تتناحر للوصول إلى الضوء كالمتسلقات ، لأن الظلام يسود جوف الغابة ، ومن هنا كانت قلة الصورة النباتية العشبية في أرضية الغابات على حين تزداد أنواع النباتات المتسلقة والزاحفة .

وفي غربي الصومال صورة نباتية بين شجرية وعشبية ، وأغلبها من الأنواع الفصلية التيتنمو وتزدهر عقب سقوط الأمطار ، وقد تكون دائمة الخضرة كالتي تعيش قرب مجاري الأنهار الدائمة أو في بطون الأودية .

والصورة العامة للنباتات الطبيعية في غرب الصومال أنها تظهر فجأة في تنوع كبير عقب سقوط الأمطار وأن المنظر العام لسطح الأرض يتحول إلى بساط سندسي أخضر ، على حين أنه في فصل الجفاف تنفض الأشجار أوراقها وخاصة الكبير منها كلاسنط التي لها إمكانيات كبيرة على تحمل الجفاف ، وتحترق حشائش الأرض ، ويتحول المنظر العام إلى اللون البني ، فلا حياة إلا للقوى من النبات أو القريب من موارد المياه .

أنواع النبات

قام مستر Gilliland H.B ومستر Glover P.E. بدراسة الحياة النباتية في الصومال ، وتركزت دراسة الأول على الصورة النباتية العشبية والمراعي الصومالية بصفة خاصة ، والمشكلات المتعلقة بها ، ونشر بحثه في المجلة الجغرافية الجنوبية لجنوب إفريقيا عام 1947 بينما الثاني ركز بحثه في الصورة النباتية الشجرية ، ونشر كتابه في لندن عام 1947 وقد أطلق المؤلفان الأسماء الصومالية على النباتات كما يعرفها الصوماليون .

ومن دراستهما أمكن أن نحدد الحركة الطبيعية للنبات وهجرته . وأن ما نشاهده في العصر الحديث في الصورة النباتية هو أن الهجرة تتجه من الجنوب إلى الغرب .. على حين قد سبقتها حركة (هجرة) للنبات من الشمال والشرق حيث كانت هذه المناطق أوفر مياها ، وخاصة في العصر المطير (الزمن الرابع) ، ثم حدثت تغيرات في الظروف المناخية ، وتبع ذلك هجرة للنباتات ، وكانت هجر مسامته لخليج عدن (الجنوب الغربي) ، وأخذت المستنقعات والأنهار في الشمال والشرق تجف لتأخذ شكلا من أشكال التضاريس الجرداء (المنخفضات) في العصر الحديث .. وقد تسقط أمطار على هذه الجهات فتتخذ طريقها في الأودية القديمة أو تتجمع في المنخفضات .

ومن الثابت ان العوامل المؤثرة في هذه الهجرة للنباتات هي عوامل متعددة متداخلة منها الارتفاع والتربة والأمطار .

وكانت نتيجة التغير في المناخ أن تشكلت التربة في تكوينات جديدة أصبحت على الوجه التالي : إذا تتبعنا الخطا لواصل بين جيبوتي ، بلهار وبوهتيله فيمكننا أن نلاحظ أن القسم الشمالي الشرقي لهذا الخط يمثل منطقة التربة الجيرية المتماسكة ، وقد تكون تربة ملحية أحيانا ، بنيما القسم الجنوبي لهذا الخط تميل التربة فيه إلى أن تكون غير ملحية في الغالب .

وعلى هذا الأساس يمكن أن تقسم الصورة النباتية العامة إلى مجموعتين .

أ‌- مجموعة النباتات التي تعيش في التربة الجيرية والملحية ب‌- مجموعة نباتات الأراضي غير المالحة .

أولا – نباتات الأراضي الجيرية والمالحة

1- أعشاب هدن Suaedia Fruticosa (Hudun) تنتشر أعشاب عدن على طول الشاطئ الساحلي المالح في ارتفاع يصل 50 قدما .. ولها انتشار في مناطق متفرقة كثيرة في نفس المستوى .

2- أعشاب داران Limonium Spp. Statice Cylinebrifoha تنمو أعشاب داران في الأراضي المنخفضة والأكثر ملوحة عن السابقة في مناطق الأودية الداخلية التي تخترق الصخور الجافة الجيرية .. فأعشاب داران حينما وجدت تعبر عن نوع التربة المالحة في نطاق الصخور الجافة .

3- أعشاب هيجل (Higlu) تشير هذه الأعشاب حينما وجدت إلى التربة الجيرية ، وقد لا تكون سطحية وإنما متعمقة نوعا .

4- أعشاب جولان هذا النوع من الأعشاب يشير إلى وجود التربة المالحة .. وله انتشار كبير في برعو .

يمكن أن نلاحظ من واقع الخريطة ومن توزيع مجموعة أعشاب هدن وداران أنها تعيش على مستوى 7000 قدم عن مستوى سطح البحر ، وقد ترتفع عن هذا المستوى ، ولكن لا تنخفض عنه إطلاقا ، وهذا النبات يستطع أن يتحمل فترات الجفاف التي تلي سقوط الأمطار .

وهذا الانتشار العشبي على هذا المستوى المرتفع يرجع إلى نوع التربة المالحة التي تلائمه ، وهذا النبات مصدر غذائي هام للجمال بصفة خاصة والمعروف أن خير الجمال ما استطاع أن يصل إلى هذا المستوى ، وأن يرعى من هذه الأعشاب .

وفي العادة تتحرك قوافل الجمال إلى هذه المناطق المالحة مرة كل شهر أو شهرين ، ثم تعود إلى مناطق الاستقرار حول آبار الري .

والحركة الرعوية المتجهة إلى أعشاب داران وهدن لها عودة إلى مناطق الآبار في سهل زيلع أو إلى وادي نوجال بصفة عامة .

وجولان يعتبر أيضا من النباتات التي تنمو في التربة المالحة ، ويتخذ هذا النبات علفا للحيوان ، ولأن الحيوان يجد فرصة للرعي فيها عدة مرات أكثر مما يجد عند نبات داران .

ولأعشاب جولان حبوب صغيرة تتناثر في الجو ولذا أمكن العثور على هذا النبات في أرض غير ملحية ، على العكس من داران وهدن فهما أصلا من نباتات المناطق المالحة ، ولذلك لم تحدث هجرة إلى التربات غير الملحة أو التي هي أقل ملوحة في الغرب أو الجنوب الغربي .

وتجري الآن عمليات نشر هذه الأعشاب في المناطق المشابهة من حيث التربة لأنها تمثل العمود الفقري للحركة الرعوية في هذه المناطق القاحلة المالحة كما هو الحال في المساحات الشاسعة على الطريق بين هرجيسة وبرعو .

وبالإضافة إلى أهمية أعشاب داران كغذاء حيواني فإنها تساعد على تثبيت التربة المالحة التي تغطيها بعض الزراعات الفقيرة .

ثانيا – نباتات الأراضي غير المالحة :

1- دعيب : Daib (juniperus procera)

(نبات دعيب الصومالي يشبه تماما شجرة الأرز النباتية) تنمو نباتات دعيب في مناطق منعزلة تشبه الغابات ، وعلى ارتفاع خمسة آلاف قدم فوق مستوى سطح البحر ، ويبلغ ارتفاع هذا النبات نحو 70 قدم ، وغالاب ما يتجه السكان إلى اقتلاع هذا النبات أما لتحويل الأراضي إلى حدائق ومزارع ، أو لإشعال النيران لإرهاب الحيوانات المفترسة الضاربة في هذه المناطق .

وأثناء فترة الاحتلال الأجنبي للبلاد كان يتخذ من هذه الأشجار شجرة عيد الميلاد عند المسيحيين ، أما لاصوماليون فإنهم لا يحبون هذه الشجرة لأنها لا تعطي أخشابا ذات قيمة اقتصادية كما أنها تفرز مادة لزجة مما جعل لها رائحة كريهة غير مقبولة لدى المواطنين .

وتنتشر شجرة دعيب على التلال الشمالية في منطقة بوراما وعلى مستوى 5000 قدم وكذلك الواجهة الشمالية للحافات الجبلية لسلاسل جبل مارسو وجوليس وجبال وجر ولها انتشار واسع عند جبال دوليه وسوريد شمال عرجابو ، كما تنمو في مناطق منعزلة على طول جبال الهيلز ، وسلاسل جبال جافلك جنوب انكاهور .

وتظهر شجرة دعيب على ارتفاع 6.791 قدم ، وذلك على الانحدارات الجنوبية لجبال دولية وسوريد Surud ، Dolah أما الانحدارات الشمالية فإنها تنمو على ارتفاع 4.725 قدم لأنها في مواجهة خليج عدن ، وأمطارها معتدلة طوال العام ، ولها امتداد على الحافة الشمالية لمنطقة كابليه Qableh في مستوى 3.415 قدم ، أما في مناطق دامر ويافر Damr, Yafr وأعلى لاس خورد Las Khored فهي تنمو على ارتفاع 6.180 قدم .

ويمكن أن نحدد المتسوى العام لنمو نبات دعيب بخمسة آلاف قدم للحافات الشمالية المطلة على خليج عدن ، على حين أن الحافات الجنوبية المطلة على هود والمنطقة المحجوزة فإن مستوى النمو على ستة آلاف قدم .

وقد بدأ الوعي الوطني ينتشر بين المواطنين للاحتفاظ بهذه الثروة النباتية لا من أجل التحطيب والتفحيم والحرائق ، بل من أجل الاحتفاظ بصغار النبات من أجل الرعي وصناعة الحبال التي لها سوق رائجة في البلاد العربية ..

2- دسك : Dosak Buxus hide Brandru

تنمو شجرة دسك على المدرجات الجبلية للسفوح الشمالية لمنطقة الجبال الرئيسية على ارتفاع 2.500 قدم أما السفوح الجنوبية لهذه الجبال فينمو الدسك فيها على ارتفاع 400 قدم كما في شيخ ، وتظهر على ارتفاع 5.925 قدم على المدرجات الجنوبية الجبلية الجافة لجبال الهيلز .

وهذا النبات اوراقه عريضة ، لذلك كانت أشجاره كمظلات للاستقرار وراحة الرعاء ، ومن ثماره وأوراقه يتكون المركب الغذائي للإبل والأغنام والماعز .

3- سجسج (شوكيه) : Sagsug (Acacia elbaica) ينمو هذا النبات فيما بين 4000 ، 7000 قدم وقد ينمو على ارتفاع 3.420 قدم في الجهات المنخفضة كما هي منطقة برعو وعلى الحافة الشمالية لجبال Qableh على ارتفاع 3.415 قدم ويظهر في الجهات المنخفضة على ارتفاع 3000 قدم كما هو الحال قرب Abad Kulaleh .

وحيث يوجد نبات سجج تكون التربة خصبة خلال الفترات الممطرة بغزارة .

ومن الملاحظ أن نبات سجسج لا يرتبط بنوعا لتربة كما هو الحال مع نبات جالول وبيل أيل فإنه ينمو في أي تربة جيرية مالحة أو غير مالحة ، ولكن ليست له الكثافة والضخامةف ي صورة غابية كما هوا لحال مع نبات دعيب ، وعلى أية حال فإن سجسج لا ينمو إلا في المناطق التي بين 4 ، 7 آلاف قدم عن مستوى سطح البحر على شرط ان تكون كمية المتساقط في العام ما بين 12 ، 20 بوصة .

4- جالول : Galol (acacia Bussei) من أهم أنواع النباتات في الصومال ، وهي ذات جذور طويلة تمتد إلى مسافات كبيرة في باطن الأرض ، ومن أوراقها يتكون طعام الإبل ومن لحائها تصنع الحبال والأوعية لحفظ المياه ، ومن جذوعها تصنع أكواخ الراعة المتحركة ، ومن أخشابها يصنع الفحم النباتي ، وأحيانا تخزن الفروع الصغيرة والأوراق لتكون علفا للإبل في فترات الجفاف ، ولها ثمار (فاكهة) تسمى ديمبت Dimbit تتخذ طعاما للماشية .

وينمو الجالول على سمتوى ما بين 3000 ، 5000 قدم فوق سطح البحر ، ولا ينمو في التربة الجيرية أو التربة الملحية ، كما لا يوجد تلال النخل بين أشجار جالول كغيره من الأشجار البرية .

وتوجد أنواع من الجالول تنمو على ارتفاعات تصل إلى مئات الأقدام على حافات السهول الجيرية ، ولكن هذه الأنواع قزمية (قصيرة) لا ترتفع أكثر من قدمين فقط ..

هجرة جالول : يظهر أن شجرة جالول قد هاجرت مسافة كبيرة عبر منطقة كول Col لنحو ثلاثة آلاف قدم من جنوب منطقة ابل أفوين El Afwein وذلك قبل عصر الأيوسين الأوسط حيث عملت التعرية على إزاحتها من الأرض الجيرية التي تكون فيا لوقت الحاضر حول كول ، ويظهر أنها وصلت المنحدرات الجنوبية لجبال الهيلز ، وإلى مناطق المراوح الحصوية الجيرية كما قد عثر عليها أيضا في مادسك Madiske وفي شمال كراه Garah وعلى مدرجات جبال لاس كوريه ، ولكن لم تستطع شجرة جالول أن تعبر جبال الهيلز إلى الساحل الشرقي المنخفض (ساحل ماكهير Makhir) لأن هذا هو الممر الوحيد بين السلاسل الجبلية في الشمال الذي أقل من خمسة ألف قدم وحيث تكون التربة عارية تماما من التكوينات الجيرية .

وبعض أنواع الجالول استطاعت أن تنمو في النطاق الأوسط لسلاسل جبال جوليس ووجر واشهاريت على حد أدنى 2000 قدم ، ولكن نادرا ما وجدت أدنى ذلك الحد .

كما أن شجرة جالول فشلت في الهجرة نحو الشمال عبر المناطق الجيرية خلال المعابر التالية : لاس دراه ، دير Las Dureh, Dur ، إيلان Elan إلى جبال جافليه Gafleh في جنوب انكاهور .

وشجرة جالول بصفة عامة لاتنمو إلى حيث تكون كمية المطر المتساقط نحو 20 بوصة في السنة كمتوسط عام ، وعلى أي تربة سواء كانت جيرية أو رملية أو جرانيتية أو رسوبية حتى التربة القاعدية طالما هي تربة غير مالحة مع حدها اللازم في الارتفاع .

اندثار جالول :

وقد لوحد أن مساحات كبيرة من جالول تندثر في بعض المناطق ويرجع ذلك إلى أسباب منها : 1- التهوية بسبب الحركة الرعوية أو التخزين أو التحطيب او التفحيم أو كبر عمر الشجرة . 2- التقلبات المناخية وذبذبة الأمطار وندرتها أحيانا . 3- انخفاض مستوى المياه الباطنية . 4- انتشار الأمراض والأوبئة والحشرات التي تهاجم النبات .

ومازالت غابات الجالول يطلق عليها اسم الغابات المندثرة أو الميتة لأنه لم يتخذ أي إجراء أو قانون أو عمل من شأنه المحافظة على هذه الثروةا لنباتية لأهميتها للحيوان والإنسان ، وإنما العمل يقوم على سياسة التخريب للنبات دون إيجاد سلاسة جديدة منه ، وقد سنت الحكومة تشريعات وتوجيهات للرعاة في كل مكان لمراعاة الحياة النباتية لاعتماد الاقتصاد الوطني عليها .

5- بيل ابل : Bil-il (Acacia Mellefera) تنمو شجرة بيل أبل عادة على السفوح المستوية ، فهي تشبه الأعشاب الشجيرية ، ولها عناقيد في وسطها ، وقرونها طويلة ، وتنمو في الأراضي غير المالحة على ارتفاع ما بين 4000 ، 3000 قدم ، وأكثرها امتدادا على ارتفاع 3200 قدم ، ويظهر أنها لم تصل إلى السهول المنخفضة على ساحل خليج عدن ، وإن كانت قد وصلت فعلا على الحدود الشمالية لكنيا ومنطقة انفدى وذلك إلى انخفاض كبير ، فلا يبلغ ارتفاع مناطقها في هذه النواحي أكثر من 200 قدم عن مستوى سطح البحر غير انها من الأنواع الصغيرة .

ونبات بيل أيل يشير دائما إلى غنى التربة سواء كانت رملية حمراء أو جيرية كما في هود وساول هود وأواسط صوماليا .

ويبلغ ارتفاع نبات بيل أيل نحو 85 قدما ويستخدم في صناعة المقاعد الخشبية أو تحفر جذوعه لتكون خزانات للمياه ، ولا يظهر هذا النبات إلا في المناطق التي تزيد عن 2-10 بوصة من الأمطار في المتوسط .

6- ماره Marah : يشبه نبات بيل أيل من حيث نوع التربة ، والانخفاض الأفضل له هو مابين 3 ، 5 آلاف قدم في العادة ، وهذا النبات ثماره على صورة عناقيد في داخل غلاف قرني الشكل ، وثماره صفراء داخلها مادة قلوية ، ويبلغ ارتفاع شجرة مارة نحو سبعة أمتار .

7- كودا : Qoda (Acacia spirocarpa) نبات قرني أخضر اللون في شكل حلزوني يتحول إلى اللون الأصفر ، وله أنواع مختلفة ، وتجمع هذه الثمار لتكون علفا للماشية ، وتنمو على ارتفاع نحو 40 قدما على حافات البرك الموسمية وعلى طول أودية الأنهار .

وهناك نوع آخر من كودا ينمو على كل التربات والمستويات ، ويعتبر هذا النبات عاملا كبير الأهمية في غذاء الحيوان ، وحينما يجف نبات جالول يجني على أن يكون غذاء حيوانيا فيحل كودا محل جالول .

8- جب : Gab (zizyphus Mairitiana) نبات ذو فاكهة تؤكل وينمو على جوانب الأودية للأنهار الدائمة غير أنه محدود الانتشار .

9- ليبي : Lebi (Delonixelata) نبات ذو أزهار جميلة وفروع مجوفة ، يخزن الماء بداخلها ، ويعيش على ارتفاع يصل 2500 قدم ، ويتكاثر عليه الذباب ، وقد اشتبه في أن هذه التربة تحتوي على خامات المنجنيز ، غير أن الدراسات العملية أثبتت أن هذا الاشتباه غير صحيح .

10- رداب : Redap (Albizzia Anthelmintiea) نبات رداب أخذ ينتشر بكثرة في مناطق هود غير أنها أدنى قليلا من نطاق ليبي .

11- كيدي : Kidi (Balanites glaba) ذات أشكال مروحية وأوراق صغيرة تنتشر في الجهات المرتفعة بين جالول وسجسج ، وتظهر فائدتها في عملية تسوير المناطق أو تتخذ كمظلات واقية من حرارة الشمس .

12- كولان : Kulan (Balanites Arbiculard) نبات يختلف عن نبات كيدي في أنه ذو أوراق عريضة خضراء وهذا النبات ينمو في السهول المنخفضة في جابون فقط (اتجاه خليج عدن) وله فاكهة ذات قشور تطبخ وياكلها الرعاة .

13- يب أو (يعب) :Ye-eb (cordeauxia edulis) تنمو هذه الشجرة في التربة الجيرية الخفيفة على ارتفاع 2000 قدم في المنطقة القريبة من الحبشة وطولها نحو تسعة أقدام ، وثمارها غذاء حيواني ممتاز ، وقد حاول الصوماليين زراعة هذه الشجرة في برعو ولكن لم تنجح زراعتها ، ويجب أن تعاد التجربة مرة أخرى في مزارع منجا أشا وفي نطاق التربة الجيرية وفي دايان ، ومن المحتمل أن يكون أسباب فشل زراعتها في برعو راجعة إلى أن مناطق برعو مرتفعة أكثر من اللازم لنموها .

14- ضعر : Darr (aloe Spp) ينمو في أي تربة على ارتفاع 2000 قدم ، وقد نجحت زراعته في مناطق هرجيسه كما انتشر نموه في المناطق التي لا تنمو بها الحشائش .

وتعتبر شجرة ضعر من الأشجار القيمة في الصومال ، وإن كانت صغيرة الحجم فهي كبيرة الأوراق ، وثمارها مرة للغاية ، وتستعمل في كي قروح الجمال حتى تحول دون تآكل أجسادها .

15- هيج : Heg (sanseveria spp) نبات صالح لغذاء الأغنام وطوله مابين 30 و 40 سم ذا الياف قصيرة يصنع منه الحبال والخيام .

16- أو – مايدو : Au-and Maido وينمو هذا النوعان السابقان حيث تكون المياه دائمة الجريان في تربة جيرية أو غيرها .. ويستعملان في عمل الحصر .

17- المر : وتكثر زراعته على المنحدرات الجبلية لمجر تنيا ومنطقة هرر والأراضي التي احتلتها الحبشة كهود والأراضي المحجوزة بصفة خاصة ، ويستعمل المر في بعض الصناعات كالحبر وعلاج الأمراض ، ويقوم الوطنيون بحرقه في منازلهم لطرد الحشرات والزواحف .

18- اللبان Gum : تعتبر الأشجار الصمغية أو اللبنية من أهم الأشجار الطبيعية في الصومال من الناحية الاقتصادية إذ يصدر الكثير من اللبان من نوع محر Mohar ونوع مايدي (أجود الأنواع) Maidi ، وهذا النبات ينمو على الحافات المواجهة للأيوسين الأعلى على الحجر الجيري وكذلك على الدولميت .. ويقدر إنتاج الصومال وحدها بنحو 66% من إنتاج العالم ويبدأ تطعيم الأشجار مرة كل 15 يوما في شهر يونية ويولية وأغسطس ، وجمع المحصول في فبراير ومارس وإبريل ، ومركز التجميع بوصاصو في مقاطعة مجر تينيا وكارن في مقاطعة برعو .

وترجع شهرة لبان الصومال إلى عهد قدماء المصريين حيث أطلقوا على الصومال اسم بلاد البخور واللبان ، أو أرض الآلهة . ويعتبر مايدي أغلى لبان في العالم إذ يحتوي على 65% من وزنه مادة وتنجية و 25% مادة حمضية و 8% زيوت .. وللبان فائدة عظيمة إذ يدخل في صناعة اللدائن والحلوى والطب . وتقوم شركة المجرتين للبان والبخور بتسويقه من مناطق إنتاجه في مقاطعات مجر تينيا وبرعو وتصديره إلى الخارج ، وبلغ المصدر للجمهورية العربية المتحدة عام 1962 ما قيمته نحو 35 ألف جنيه استرليني وكان هذا نتاج لأول اتفاق تجاري بين الشركة العامة للتجارة الداخلية (ج.م.ع) والمؤسسة الوطنية لجمع الحبوب والمحاريث الميكانيكية بمقدشوه .

نباتات أخرى : وهناك ثروة كبيرة من النباتات الطويلة كالسفانا وهي أكثر انتشارا في مقاطعات جوبا العليا والسفلى ، والنباتات الغابية ذات الأشجار الضخمة والخضرة الدائمة ، ومن نباتات الأخشاب أشجار المنجوراف في جزر الباجون وعلى نهر جوبا ، ومن النباتات الشاطئية الكثير من الكثبان الرملية وغيرها .

حشائش المراعي

يوجد في الصومال عدد كبير من أنواع الحشائش الصالحة للرعي والتي لها قيمة كبرى في الاقتصاد الأهلي ومن أهمها :

1- داريمو : Daremo (chrysapogon aucheri) من الحشائش المحبوبة لدى الرعاة الصوماليين ، إذ تربى عليها الأغنام والماعز ، ولها انتشار واسع في نطاق جالول ، وأحيانا تظهر حشائش دريمور في جهات أكثر انخفاضا من نطاق جالول على أن تكون التربة غير صخرية .

2- دحى : Dihe (sporabalus spp) من أجود واشهر الحشائش المعروفة لدى الأغنام والماعز ونطاهقا أوسع منن طاق دريمو لأنها تستطيع الحياة على التربة الصخرية وتربة السهول ، وتتركز بصفة خاصة في المنطقة الممتدة من هود عبر الجبال إلى السهول المنخفضة أسفل لاس دوريه وبورالن Las Dureh-Bur Elan

3- حشائش داريف ودانكاريه : Darif and Dankareh وينمو النوعان السابقان بنوع خاص في السهول ، على جوانب الأنهار ، وعند نهاية الدالات المروحية في الجهات المنخفضة ، وهو غذاء طيب تربى عليه الأغنام والماشية .

4- جيجان جب : Gugan gup (Eragrostis) تمتد هذه الحشائش في مناطق ساول هود والقطاع الساحلي الشمالي .

5- ماجن : Majen (arislida spp) تنتشر مع حشائش دريمور في ارتفاعات تصل إلى ثلاثة آلاف قدم .

6- دور : Dur (andropogon) ينمو على ارتفاع أعلى من 4000 قدم على تربة جيرية ، ولا يدخل في طعام الحيوان إلا الحشائش القصيرة التي بين 1-6 قدم في ارتفاعها ولهذا النبات فوائد أخرى إذ يكون كأسوار لحماية الأراضي من الرياح المتربة كما أنه منظم لجريان المياه والحيلولة دون انتشار حبوب اللقاح في الجو أو السير في اتجاه المياه .

7- جلاب : Jelab (indigafera Sparteale) يعتبر من النباتات القصيرة الهامة في طعام الماشية وهي من النباتات التي تنمو على كل المستويات وفي المناطق السهلية الرسوبية بصفة خاصة .

وبجانب الأعشاب والشجيرات والحشائش السالفة الذكر توجد أنواع غير التي ذكرناها ، وقد أهملنا الحديث عنها أو الإشارة إليها لأنها لا تدخل في غذاء الحيوان .

الحيوانات البرية ... أنواعها ومناطقها

يبلغ عدد انواع الحيوانات البرية في الصومال أكثر من ثلثمائة نوع ، مكونة ثروة عظيمة التنوع والفائدة ، ولكن ليست موزعة توزيعا متنناسبا في جميع الأراضي الصومالية .

فنوع الحيوان يتفق وفوارق الأمطار ، ففي أقصى الشمال يتألف المركب الحيواني البري من الظبي والنعام والحيوانات آكلة العشب والسريعة الحركة كالغزال والوعل والثعلب ، وقد تظهر الفيلة والنمور والأسود في المناطق الكثيفة النبات كما هو الحال في غرب الصومال .

أما الحيوانات في جنوب الصومال فهي أساسا من آكلة اللحوم كالأسد والنمر ، وتظهر الغزلان ولكنها أكثر عددا ووزنا عن غزلان الشمال ، وتظهر الفيلة بكثرة في أدنى نهر شبيللي ونهر جوبا في فصل الجفاف ، أما في فصل الأمطار فتحتفي الفيلة في الأدغال ، ويقدر عدد الأفيال في صوماليا بنحو خمسة آلاف فيل .. ويظهر الحمار الوحشي الكبير الحجم ، وفرس النهر ، والزراف ، والثور الأبيض ، والخرتيت وكلها حيوانات من آكلة العشب .

وعلى ضفاف الأنهار وفي الأحراش مجموعات من القردة والنسانيس والطيور من أنواع قد تصل إلى نحو خمسمائة نوع ومنابع الأنهار مليئة بالتماسيح وأقراص النهر وأنواع من الأسماك تقرب عن خمسين نوعا من أشهرها القراميط والثعابين .

كما تكثر الزواحف ، والثعابين السامة ، وذبابة تسي تسي في أقصى الجنوب ، والنمل الأبيض أوسع الحيوانات الصغيرة انتشارا على طول شبه جزيرة الصومال وعرضها ، وتبنى منازلها على جذوع الأشجار في أشكال هندسية جميلة .

ومن المشاهد أن الحيوانات البرية في الصومال بصفة عامة تمتاز بضآلة حجمها بسبب الجدب الشديد في الشتاء ، والحيوانات الثقيلة ترتبط بالمراعي الغنية الحلوة في الجنوب ، على حين أن الزراف يرتبط بأشجار السنط في الشمال ، بينما الأسد يرتبط بتوزيع الغزلان . فعلاقة الحيوان بالمكان مرتبطة بالطعام فمثلا في السنوات الغزيرة الأمطار تشاهد الحيوانات قرب المدن وعلى السواحل عكس الحال في الفترات الجافة حيث يرحل الحيوان إلى أعالي الأنهار وداخل الأحراش والغابات .

أنواع الحيوانات البرية في الصومال

1- الرخويات (فصيلة الحيوانات الرخوة) Mollusca

أ‌- توجد مجموعات كبيرة من قواقع الأصداف التي يستخرج منها اللؤلؤ وغيره . وتنتشر هذه الأنواع في مناطق محدودة من ساحل زيلع وساحل حافون . ب‌- ثعابين أرضية وهي واسعة الانتشار في المناطق ذات الغطاء الشجيري .

2- العرضيات : Platyhelminthes

يوجد من العرضيات أنواعمن الديدان المعوية غير أنها لا تكثر في المناطق ذات المناخ الجاف فأحسن مناطق لتزايدها وتكاثرها ونموها تلك المناطق الرطبة وحيث تكون المياه دائمة على الساحل ، وللعرضيات انتشار محدود في جنوب شرقي نوجال ، وأكثرها في جنوب كسمايو .

3- الحلقيات : Annelida

يوجد من أنواع الحلقيات الدودة الأرضية ولم تجر عليها دراسات إلا أنه قد شوهد في علوله أن الدودة المائية تنمو في بعض المجاري المائية والمناطق الرطبة المطيرة ، وتنتشر بصفة عامة في المجاري المائية التي تخترق الصخور الجيرية أو المالحة .

4- حيوانات لا فقرية : Anthropoda

يوجد من الحيوانات اللافقرية حيوان الكابوريا أو السرطان Crabs بكثرة في منطقة زيلع ، والأسماك الطرية والاستاكوزة أوس رطان الماء العذب في المجاري المائية التي تخترق الصخور الجيرية كما هو الحال في جنوب أنكاهور ، وخاصة مجاري أنهار Dudad Ghoriad, Dudad As .

5- الذبابة المنزلية : Dugsi

وتكثر في المناطق المتزاحمة بالحيوان والسكان في كل مكان من الصومال .

6- الحيوانات السامة : Centipedes and Scorpion

من الحيوانات السامة في الصومال العقرب (أم أربعة وأربعين)التي يسميها الصوماليون دبيجالو Dibgalo'o

7- ذباب الصحراء : Sand Flies

ينتشر في المناطق المنخفضة والسهول الساحلية بين الذباب العادي Mospuitoes فهو أكثر انتشارا في كل مكان وخاصة حول المستنقعات وموارد المياه الدائمة وهي تلد حيث توجد المياه الموسمية – على الرعاة والرحالة أن يعسكروا بعيدا من الموارد المائية الفصلية – وكذلك الأشجار المجوفة الجذور التي تكون ماري لتجمع الذباب في الفترات الجافة .

وعادة ما ترحل هذه الذبابة مع المرعاة والرحالة والعربات والأكواخ وخيام البدو وغير هذا .. وهي تتكاثر في المناطق الرطبة فكان على هؤلاء جميعا أن يراعوا ذلك لتحديد مدى انتشارها .

8- الجراد (آجو) : Locusts (Ago)

ينتشر الجراد في الأماكن المنخفضة في الجهات الساحلية وعلى خليج عدن .. وفي تقرير لمكتب هرجيسة أن أكثر انتشار الجراد كان في سبتمبر عام 1941 حتى سبتمبر عام 1947 ، ويعتقد أنها أطول فترة شاهدتها الصومال في زيارة البعوض للبلاد بدون راحة خلال هذه الفترة وعلى الأقل لمدة سنتين .

وفي ديسمبر عام 1949 جاء الجراد مرة أخرى إلى ساحل الصومال واستمر حتى سبتمبر عام 1950 .

وفي ديسمبر عام 1955 كانت هناك مناطق معزولة في الشرق والجنوب الشرقي من الصومال قد نما فيها الجراد وتكاثر بكشل مخيف ثم تطاير ناحية جنوب صوماليا .. وفي كل عام أو عامين تحدث هجرة للجراد من شبه جزيرة العرب إلى لاصومال ، وعلى أية حال فإن الجراد من مشاكل الأمم الزراعية بصفة خاصة ، ويقاوم محليا ودوليا بواسطة المنظمة العالمية للتعاون في مقاومة الجراد .

9- الحنش : Puffodder

الحنش من أشهر أنواعا لأفاعي ، وينتشر في مناطق هود والسهول المنخفضة على خليج عدن والساحل الشرقي وشر أنواع الأفاعي النوع المسمى كوبرا ، وبكثر في منطقة برعو ، وهناك عدد كبير من الضفادع والثعابين السامة وغيرها ..

ومن الدراسات العلمية تبين أن جميع الأفاعي السامة تنمو في إقليم هرر وليس لها وجود في بقية أجزاء الصومال .

10- الأسماك (كلون) : Fishes (Kolun)

توجد أنواع مختلفة من أسماك المياه الحلوة كالسردين ، وسمك الملك ، والشيلان ، والقراميط في أنهار جوبا وشبيلي وآبار تاليح وآبار مولاه ومجاري أونكاهور والمياه الدفيئة في خانق Bujo-Gora أما الأسماك البحرية فتكثر على السواحل الجنوبية لخليج عدن (علولة – قندله – بربره – زيلع) والساحل الشرقي للصومال (حافون – مقدشوه – كسمايو – جزر الباجون) . وعلى أية حال لا تلعب الأسماك النهرية دورا ذا قيمة في الاقتصاد الوطني لعدم ميل السكان وخاصة في البادية إلى الأسماك النهرية بصفة خاصة ، أما الأسماك البحرية فسنتحدث عنها فيما بعد .

11- الطيور (شمبر) : Birds (Shimbir)

توجد أنواع مختلفة من الطيور ذات الرقبة الطويلة (آكلة الديدان) وأنواع من البط والوز .

12- النعام (حريد) : Ostrich (Goragu)

توجد أنواع مختلفة من النعام في الأراضي المنخفضة وسهول الهضبة الكبرى ، وبصفة خاصة المنطقة التي حول واحة جالكعيو .. وقد قدر 43 نوعا في قطيع واحد كان يسير على بعد 12 ميلا من برعو .

13- البط البري : Dack fly

يشاهد البط البري حول المستنقعات الساحلية وأحيانا يوجد حيث العيون المائية المتسعة كما في هود ونوجال عقب الفصل المطير .

14- جحل : Paibridge

نوع يشبه القط البري ذو رقبة صفراء ، ومنه أنواع كثيرة ، ويعيش في مناطق مختلفة من الصومال وخاصة غرب الصومال .

15- الحمام البري :

توجد أنواع مختلفة من الحمام البري وكذلك الحبارى الذي يعيش في السهول المفتوحة الخالية من التضاريس الكبيرة وبجوار عيون المياه الفصلية أو المزارع حيث تكثر أنواع الحبوب .

16- الزراف (جرى) : Giraffe (Gore)

وإن كان الزراف حيوان غير أصيل في الإقليم إلا انه واسع الانتشار مول بلدوين رغم قدومه حديثا إلى الصومال ، ومن جلوده تصنع الأحذية والسياط وغيهرا .

17- وعل ( بعيد) : Oryx (Be'eid)

تظهر الوعول بشكل كبير على طول السهول الصومالية وخاصة الأراضي المفتوحة الحالية من التضاريس الكبيرة ، وأكبر انتشارا للوعود في غرب الصومال ، كما توجد مجموعات ضخمة في السهول خلف بلهار وزيلع ، كما توجد الوعول بكثرة في الجنوب ، وعلى أية حال تعيش الوعول في مناطق السهول الجيرية في الشرق والجنوب الشرقي ولجلودها قيمة في صناعة السياط والدروع للفرسان .

18- آول : Aul (Soemmerinng's Goyelle)

نوع من الغزلان يشاهد في الأماكن المنبسطة في مجموعات قد تصل إلى خمسين .. ويعيش هذا الحيوان في نفس المنطقة التي يعيش فيها الوعل ، ولحمه محبب لدى الصوماليين . وله انتشار واسع في مناطق دنسور وبارديرا حتى جيلب .

19- غزال (جرنوك) : Gerenuk (Waller's Gazelle)

من أنواع الغزلان الشائعة في المناطق الكثيفة وخاصة في مناطق بيل ايل .. ويمتاز هذا الحيوان بطول رقبته .. ويميل بعض الرعاة إلى أكل لحمه ، والبعض الآخر يحوم فتله ويتشاءم لأن قتل هذا النوع في ظنه يسبب وفاة للإبل ، غير أن هذه العادة قد اختفت تقريبا وبدأ أصحاب الجمال يصيدون الغزلان من أجل لحومها .

20- ديرو (من أنواع الظبي) : Dero (Pelyeln's Gayelle)

ويوجد هذا النوع في كل مكان ذي تضاريس سهلة ، وفي الأقاليم الرملية ذات التلال ، والكثبان . وفي العادة لا يوجد هذا النوع في الجهات المرتفعة أو بعيدا عن الأودية المائية والجهات الكثيفة النبات .

21- دج دج – اعفر – (سهارو) : Dikdik (Sahara)

أكثر أنواع الحيوانات انتشارا في الصومال من حيث العدد والمساحة ويشاهد في كل مكان ذي ذيل قصير ، وله أنواع مختلفة .

22- الحمار البري (دامر) : Wild Aas (Damar)

يشبه الحمار الأليف غير انه أسرع منه ويعيش في المناطق ذات النباتات القصيرة .

23- الفيل (مرودى) : Elephant (Marodi)

ينتشر إلى لاجنوب الغربي من فافان . قد ينتشر في شمال هذها لمنطقة في الفصل المطير (جو) ويوجد في شيخ ومنطقة دافيت في جوبا العليا ويصاد من أجل عاجه الثمين .

24- الضبع (ورابي) : Hyacna spatted hyacna (Warba)

قرب عيل بور وبولوبورتي وهضاب الشمال غير أن هذا الحيوان خطير في فصل الجفاف إذ يهاجم الأطفال والعجائز وضعاف الناس كما يهاجم الجمال والحيوانات وقد يلجأ السكان إلى قتله بالسم .

25- النمر (شبيل) : Leopard (Shabel)

قد حدد القانون صيده لإقبال كثير من المواطنين على صيده من أجل فرائه الثمين ، وله انتشار في هود والمناطق المرتفعة في جنوب صوماليا .

26- الأسد (ليباح) : Lion (Libahh)

يكثر في المناطق الجبلية ذات الغابات الكثيفة وفي مناطق الأعشاب على الهضاب المرتفعة ، وفي مناطق الانكسارات والخوانق الصخرية في الإقليم الشمالي ، وأنه انتشار كبير في إقليم أنغدى وجنوب الصومال ومناطق هرجيسه ، ويعملا لرعاة على محاربته في تاليح وهاليه وشيخ وبوراما وغيرها من المدن لما يقوم به هذا الحيوان من غارات على الإنسان والحيوان .

27- الرياح (دايد) : Baboons (Dayed)

يعيش في مجموعات أكثر من 50 ، وفي العادة يعيش حيث يكون قريبا من موارد المياه وخاصة المجاري المائية الدائمة او عيون المياه المحافظة بحافات صخرية .. ويعيش في كل الظروف وعلى النبات والفواكه ، وهو غير خطر إذا لم يضايقه احد ، وهو معروف بهجومه وأكله للكلاب .

28- الخفاش (فيدمير) Bats (Fidmer)

يعيش في الجهات المنخفضة الحوضية ومناطق الآبار والكهوف ويكثر حول المدن في الفترات المطيرة .

29- الوير (من الحيوانات ذات الوير) (باوني) : Hyrox (Baoni)

كالأرنب البري في الجهات الصخرية .. وفي العادة يوجد قرب الدالات المروحية الداخلية وقرب موارد المياه .

30- القنفد (عنائب) : Poreupine (Anagab)

غير معروف بكثرة في الشمال يكثر في المناطق الزراعية الحقلية في الجنوب وعددها قليل جدا .

31- الفئران (جير) : Rat (Jer)

توجد أنواع كثيرة من الفئران .

32- السنجاب الأرضي : Ground Squirrel (Dibagale)

يوجد في مختلف المناطق ، وهو يخرب المزارع ومخازن الحبوب .

33- الكركدن : Wiyil (Rhinoceros)

أو الخرتيت تستغل قرونه في الصناعة ، وجلده لعمل السياط ، ويكثر في مناطق عيل بور وبولوبورتي .

34- الأرنب البري : Hare (Bukeileh)

غير محبوب عند مسلمي الصومال ، ويوجد في السهول والهضاب على حد سواء .

35- القرير : Badger (Her)

من الحيواناتا لمشهورة يهاجمه الدجاج وينتشر في المراعي .

36- النمس : Mongoose (Shugshug)

يسير في مجموعات كبيرة على الهضبة من الشمال إلى الجنوب .

37- الفهد : Cheetah

ينتشر في الجهات الهضبية والمنحدرات الجبلية والفهد الصومالي له شهرة دولية لقيمة جلده .

38- اليربوع : Jerboas

حيوان يشبه الفأر ، ويظهر ليلا في الطرق المهجورة .

39- ثعابين غير سامة : Pilone (Gibis)

وقد يصل طول الواحد منها إلى عشرة أمتار ، ويصنع من جلده أغلى أنواع الأحذية والشنط والأحزمة .

وفي الصومال مجموعات من الحشرات تصل إلى أكثر من مائة نوع في مختلف أنحاء البلاد .


الفصل الرابع: الموارد المعدنية

لم تجري أبحاث علمية ودراسات جيولوجية في الوقت الحاضر في أغلب أجزاء الوطن الصومالي الكبير ، ولذا كان من الصعب تحديد الموارد الطبيعية لثروة الصومال ومدى استغلالها ، وكل ما أمكن العثور عليه من نتائج البحث عنا لثروة المعدنية يتركز في الإقليم الشمالي من الجمهورية الصومالية ، والقليل في الإقليم الجنوبي بصفة عامة ونرجو أن يمتد البحث عنا لثروة المعدنية إلى باقي أجزاء الجمهورية على ضوء إعادة مسح البلاد جيولوجيا لتحديد أنواع الثروة المعدنية ومدى استغلالها فإذا ما تكونت لجنة وظنية صومالية لتشرف على هذه الدراسات والأبحاث أمكن معرفة نتائجها ، وبذلك لا تعطي فرصة للشركات والمؤسسات التي لها امتيازات التنقيب عن مصادر الثروة المعدنية أن تخفي الحقائق في سجلاتها الخاصة ، ويمكننا الآن أن نستعرض ما وصل إلينا من معلومات أولية من الموارد المعدنية حتى الوقت الحاضر .. ومن أهمها :

1- اللجنيت : Lignite

اللجنيت أحد أنواع التكوينات الفحمة التيت كونت منذ ملايين السنين في باطن الأرض ، وقد أمكن العثور عليه في دبان Daban 17-10º شمالا ، 17-45º شرقا وفي صخور الأيوسين الأوسط .. كما عثر عليه في صخور العصر الكرتاسي في منطقة Dya Cora Gorge 3-10º شمالا ، 12-45º شرقا وفي صخور العصر الكرتاسي الأعلى في منطقتين هما Subera 6-46º شرقا ، 19-10º شمالا ومنطقة Hed Hed 16-46º شرقا ، 32-10º شمالا .

وفي عام 1959 تمكن العالم الجيولوجي مستر Gellatly من العثور على تكوينات فحمية من نوع اللجنيت في طبقات ترجع إلى العصر الكرتاسي في وادي Haro (في منطقة الأعشاب الغربية بالنسبة لتلال Gaveneh 00-46º شرقا ، 27-10º شمالا في طول نحو 36 باردة .

كما عثر على تكوينات فحمية مشابة في منطقة قندله .

2- البترول : Petroleum

عثر على تكوينات زيتية في صخور العصر الكرتاسي في منطقة Dagah Shabel 13-45º شرقا ، 9-10º شمالا .. وفي منطقة Wanderer 12-45º شرقا ، 9-10º شمالا .

كما عثر على تكوينات بترولية في أحواض هاربة ترجع إلى الانكسارات التي حدثت في عصر الأيوسين الأدنى في منطقة Subera ، وكذلك التكوينات البترولية البسيطة الموجودة في Harfa Dei 46º شرقا ، 4-10º شمالا .

وفي نطاق الانهيدرايت في لاس عانود أمكن العثور على طبقات صغيرة المساحة من الزيت في المنطقة المحصورة بين 28-5º شمالا ، 22-47º شرقا غير أن بها نسبة مرتفعة من الشوائب مما قلل من أهميتها ، وخاصة أن سمك الطبقة الحاملة للبترول لا يزيد عن قدم واحدة ، وعلى عمق 40 قدما من سطح الأرض ومساحتها محدودة للغاية .

وجرى تنقيب للبحث عن البترول في الإقليم الجنوبي من جمهورية الصومال في نحو ثلث المساحة تقريبا ، وأسفرت نتائج شركة سنكلير للتنقيب عن البترول في صوماليا عن وجود خامات بترولية في منطقة غربولي عام 1961 وإلى الآن لم تنشر نتائج التنقيب ومدى الوضع الاقتصادي في الاستغلال .

3- الرصاص : Lend

توجد خامات الرصاص (جالينا كبرتيد) ممتدة على هيئة عروق في صخور رسوبية لخمس مناطق صغيرة ما بين 45-48º شرقا ، 7-11º شمالا .

4- الميكا : Mica

يمتد نطاق الميكا في سمك 3 أقدام لمسافة 20 ياردة في منطقة هاجار Haggar والميكا في هذه المنطقة على هيئة صفائح ، ورغم وجود بلوراتها على شكل سداسي إلا أنه من السهل فصل الميكا في صفائح رقيقة كأوراق الكتاب .

وتوجد الميكا أيضا – فيما بين Marso-Lafarug 48-44º شرقا ، 2-10º شمالا ، 00-45º شرقا ، 00-10º شمالا غير أنه من المشاهد أن صخور الميكا غير اقتصادية في استغلالها نظرا لوجودها في منطقة تعرضت للحركات الباطنية ، مما أحدث انكسارات في الصخور الحاوية لهذا المعدن .

5- البيرل : Beryl

يشمل البيرل الأحجار الكريمة الشفافة ذات اللون الأخضر الجميل المعروف باسم الزمرد ، ونوع آخر ذو لون أزرق مشوب بخضر ، ويعرف باسم الأكوامارين .

وهذه الأحجار الكريمة توجد في صخور البجماتايت الخشنة الحبيبات وأحيانا يمكن العثور عليه في فجوات الجرانيت .

وقد عثر على البيرل في منطقة Darreh Has 57-44º شرقا ، 48-9º شمالا .

كما عثر على طبقة من البيرل في طول 3 أقدام وسمك قدم واحد في منطقة Bur Modo وفي Haggar و Wai-Wai وحول وادي Henweine .

6- الجرانيت : Granets

توجد أحجار الجرانيت النقية من الميكا منتشرة بين احخجار الكوارتز الصماء قرب مدينة شيخ 12-45º شرقا ، 56-9º شمالا ، وفي منطقة Hudiso 21-45º شرقا ، 2-10º شمالا وفي منطقة Huguf 52-45º شرقا 56-9º شمالا وفي أماكن أخرى كثيرة من أشهرها تلك التي توجد في الطريق بين قارضو وبوصاصو (بندر قاسم) .

7- الجرافيت : Graphite

عثر على الجرافيت لأول مرة عام 1924 بكميات صغيرة في منطقة A la Ule غرب بوراما (56-42º شرقا ، 8-10º شمالا) .

ويوجد الجرافيت أساسا في صخور متحولة مثل النيس والشيست والأحجار الجيرية المتحولة التي تعرضت لدرجات كبيرة من الضغط والحرارة أثناء تكوينها ، كما يوجد في عروق البجماتايت والكوارتز .

والجرانيت في صخور النيس والشيست موجود على هيئة عروق رقيقة صغيرة مرتبة في اتجاه مواز لمستويات التصنيع الطبيعي Faliation في الصخور كما هو الحال قرب Ain التي يمكن متابعتها لنحو ثمانية أميال في المتوسط .

وأحسن أنواع الجرانيت توجد في منطقة Hummar Gabbro 52-43º شرقا ، 58-9º شمالا وفي شمال منطقة Rakdesufaka 50-43º شرقا ، 00-10º شمالا .

8- القصدير : Tin

لا يوجد القصدير نقيا إنما يوجد مختلطا مع الجرانيت أو عروق الكوارتز والبجماتايت والريولايت .

والقصدير يحصل عليه من معدن واحد هو الكايسترات وهو أكسيد القصدير . وقد كشف عنه الإيطاليون في Manya Yihem عام 1940 على بعد نصف ميل عبر الحدود في داخل الإقليم الجنوبي 1-49º شرقا 5-11º شمالا قرب بوصاصو .

9- الرتيل : The Rutile

كشف المهندس الجيولوجي مستر Stock عن الرتيل في عام 1946 داخل عروق الكوارتز للصخور الأركية القاعدية في منطقة Dagahh Kuled 50-48º شرقا ، 2-11º شمالا وعلى بعد عدة أميال من غرب Manya Yihem .

وفي عام 1955 كشف العالم Stewart على الرتيل في صخر البيجماتايت في منطقة Waranweis كما عثر العالم Daniels على الرتيل في عام 1959 قرب Biyo Doder .

10- المولبدينيت : Molybedenite

المولبدينيت معدن ناعم الملمس لونه رمادي ويشبه الجرانيت في مظهره ويترك لونا على الورق ويغلب وجوده مصاحبا للجرانيت وخاصة البجماتيت الجرانيتي .

وقد عثر عليه الدكتور Dorkainle في وادي Daniels في منطقة بوراما ، ويرجع أنها بكثرة في الصخورة المتعمقة في باطن الأرض حيث القاعدة الأركية .

11- الفرميكولايت :

عثر على الفرميكولايت في منطقة Sibishayer قرب نهر Dudub كما عثر عليه أيضا في منطقة Qabri Bohr 10-10º شمالا ، 59-43º شرقا .

12- التلك : Talc

يوجد التلك في الصخور والقاعدة النارية الغنية بأكسيد المغنسيوم أو في الصخور المتحولة من أصل جيري والغنية بأكسيد المغنسيوم .

وقد كشف عن التلك قرب Afka Dehemid 2-10º شمالا ، 40-45º شرقا وكذلك قرب Las Dureh وفي منطقة Mora .

13- الزيركون : Zireon

يوجد معدن الزيركون الذي يستخرج منه الزيركومنيوم الذي يصنع منه رتاين مصابيح الغاز .

14- البزموث : Bismuth

يوجد معدن البزموث الذي يستعمل في المستحضرات الطبية في وادي Treb تجري الآن دراسات للبحث عنه بشكل اقتصادي في مناطق القصدير وكبريتيدات الفلزات القاعدية .

15- الحديد الخام : Raw Iron

عثر على الحديد الخام من نوع الهيماتيت في منطقة دنسور كما يوجد جنوب بارديرا وكذلك في كتلة Hamar بالإقليم الشمالي والذي يقدر بنحو 1.6 مليون طن وعلى عمق 50 قدما .

16- النحاس : Copper

عثر على خامات النحاس لأول مرة عام 1957 في منطقة Bohl وامتدت عملية الحفر إلى البحر ، وقد حددت منطقة النحاس بنحو أكثر من 1.5 ميل جنوب Bohl .

17- الذهب : Gold

لم تظهر نتائج الكشف عن الذهب في منطقة Dirlrawein ومن المحتمل أيضا – وجود الذهب في منطقة Ged Debti .

18- سماد الطيور :

يوجد كثير من سماد (زرق) الطيور المتراكم على الجزر الصومالية ، ويستغل محليا داخل الصومال والبعض يصدره ، وخاصة من جزيرة Mait 15-47º شرقا ، 31-11º شمالا .

19- الجبس والانهيدرايت : Gypsum and Anhydrite

تغطي الصخور الجيرية مساحة كبيرة من بلاد الصومال كما أن صخور الانهيدرايت تغطي نحو 15/1 من مساحة البلاد كلها وهذه الخامات توجد عادة على هيئة طبقات في الصخور الرسوبية التي ترسبت على هيئة أملاح قديمة لتبخر الأحواض البحرية المغلقة في داخل اليابس ، وكثيرا ما يصاحب الملح الصخري المعدني الجبس والانهيدرايت .

20- الفسفور :

يوجد هذا المعدن في هيس His وفي برجال Bargal .

معادن أخرى :

وعدا المعادن السابقة توجد ملاحات طبيعية على طول السواحل الصومالية . خاصة المناطق المحصورة بين زيلع وبربره ، وبين رأس حافون ومقدشوه ، وهي تكفي حاجة السكان .

كما يوجد مواد البناء من أحجار جيرية ورملية وكوارتز وجبس والصخر الحراري اللازم لصناعة الأسبستوس Asbestas والرخام وغير ذلك مما يضيق المقام عن تسجيله ..


الباب الثاني: اقتصاديات الصومال

الفصل الأول: الإنتاج البحري

تملك الصومال نطاقا ساحليا طوله نحو 1950 ميل على خليج عدن والمحيط الهندي ، وهذه الكمية الضخمة من السواحل غنية بالثروة السمكية واللؤلؤ والأصناف البحرية والملاحات الطبيعية ، ومع هذا فإن استغلالها اقتصاديا مازال في مرحلة أولية ، وتعمل الحكومة على النهوض بالإنتاج البحري كما سنرى فيما بعد .

ويعمل في الإنتاج البحري نحو عشرين ألف صومالي وصومالية ، وتقدر نسبة مساهمة الإنتاج البحري في اقتصاديات الجمهورية الصومالية نحو 2% وأكثر النشاط البشري يتجه نحو صيد الأسماك وتعليبها دون الاهتمام بالمنتجات البحرية الأخرى كاللؤلؤ والأصداف البحرية وغير ذلك من منتجات البحار ، وهذا لايمنع من وجود بعض العمال الصوماليين المتخصصين في جمع اللؤلؤ واستخراجه من الأصناف البحرية ، كما في منطقة حافون واستخراج الملح من الملاحات الطبيعية كما هو الحال فيما بين زيلع وبربره ، وحافون ومقدشوه .

الاستغلال البحري

ومع أن البحار الصومالية غنية بالأسماك الضخمة كالتونة والصغيرة كالسردين فإن القيمة الفعلية للإنتاج بسيطة للغاية ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة منها : 1- التقاليد المتوازنة التي تحرم أكل الأسماك وخاصة بين أهل البادية . 2- وفرة الإنتاج الحيواني جعل السكان يبتعدون من أكل الأسماك . 3- خصوبة التربة في القطاع الجنوبي من الصومال دفع السكان نحو الأراضي الزراعية وإنتاج حبوب الطعام وترك السواحل مهجورة إلا حيث توجد المواني والمراكز التجارية . 4- الواجهة البحرية للصومال علىم سافات بعيدة مما جعل تصدير الأسماك إليها أمرا صعبا في حالة الرغبة في تصديره طازجا لعدم وجود السفن الكبيرة المجهزة بآلات التبريد ، وهذا غير متوافر في الوقت الحاضر بسبب السياسة الاستعمارية القديمة التي تركت البلاد دون أسطول بحري أو تجاري . 5- طبيعة الساحل الصومالي العميق في بعض المناطق ، والصخري في مناطق أخرى ، وامتداد الشعاب المرجانية والرمال إلى مسافات بعيدة في البحر مما جعل حرفة الصيد تحتاج إلى مستلزمات حديثة من بواخر وأدوات الصيد الآلية . 6- وقد يكون الساحل صخريا من النوع الهابط الذي يتسم بالاستقامة مما قلل من عدد المواني والمرافئ الطبيعية التي هي مأوى لتجمع الأسماك . 7- عدم وجود رأس المال وهو أمر ضروري لنجاح عملية الإنتاج البحري ممثل في الأجهزة والأدوات والإعداد الفني والتصنيع والتسويق والنتظيم . 8- وأخيرا.. نظرة أهل البادية والقرى الصغيرة البعيدة عن الساحل إلى صيد الأسماك أنه حرفة من لا عمل له ، وأن حرفة الرعي أسمى أنواع الحرف فقد كانت حرفة الرسول عليه السلام ، ومن ثم حرم بعض سكان البادية تزويج بناتهم للصيادين .

فعلى الدولة تقع مهمة نوعية الشعب بنشر إحصاءات ونشرات تتعلق بزيادة الإنتاج وتصنيع وتعريفه مدى قيمة الثروة السمكية في الأقطار البحرية . فمثلا بعض الدول كنيوفوندلند تعتمد ميزانية الدولة فيها على الإنتاج البحري .. إلخ .. حتى يمكن إيجاد مجتمع جديد نشط في مختلف قطاعات الإنتاج دون تمييز حرفة عن أخرى لما لكل منها أهمية في بناء الدولة .

أنواع الأسماك

يوجد من الأسماك أنواع محلية دائمة ، وأنواع موسمية فصلية كالتالي :

(1) أنواع محلية دائمة : ينتشر على طول السواحل الصومالية أنواع من الأسماك البحرية التي تعتمد على الأعشاب البحرية والنباتات الشاطئية والفضلات القارية التي تلقيها أنهار ضرور ونوجال وجوبا وشبيللي ، من مواد عضوية في مياه المحيط وعلى هذه المواد الغذائية سواء نباتية أو حيوانية تعيش مجموعة من الأسماك الدائمة مثل : سافند ، خشار ، مومبو ، دورمانيو ، فنجلاتي ، كينجوي ، خوخلي ، أسماء صومالية .

وبعض الأسماك الكبيرة كالحيتان تتغذى على الأنواع الصغيرة من الأسماك وعلى دماء الحيوانات المذبوحة في الساخانات كما هو الحال في مقدشوه قرب سيل وجان .

(ب) أنواع موسمية فصلية : يتنشر على طول السواحل الصومالية بعض الأنواع السمكية وفق فصول السنة واتجاه الرياح الموسمية كالآتي :

1- فصل بكال يرى : تكون الرياح غير شديدة ، وكذلك التيارات البحرية تكون في حالة هدوء واعتدال ، وأشهر أسماك هذه الفترة هو سمك ترتوه . 2- فصل بكل ديني : وتكون الرياح غير شديدة ، وكذلك التيارات البحرية ، ومن أشهر أنواع الأسماك سمك التونة والسردين ، ملاى عدى (السمك الأبيض) ، بال حذود (السمك الأحمر) . 3- فصل شميل : وتكون الرياح جنوبية شمالية وأشهر أسماك هذه الفترة نوع ترتوه . 4- فصل مطلع : ويكون اتجاه الرياح شمالية ومن أشهر أنواعه ملاى عدى – بال حذود وبكال ، السردين (فصل جو المطير) . فصل ديما هند : وتكون المياه هادئة ، والجو صحرا ، والرياح من الجنوب والشمال ، وتتبعها سفن زنجبار حتى شمال كسمايو .

مصائد الأسماك

1- مصائد زيلع وبربره :

تعتبر مصائد وبربره من مصائد الدرجة الأولى في الجمهورية الصومالية حيث تتوافر الثروة السمكية بها رغم أن إنتاجها ضعيفا ، إلا أنها منطقة التوسع في الإنتاج والتصنيع للثروة السمكية في المستقبل القريب ، وتمتاز هذه المصائد بأنها تمتد في نطاق واسع على الساحل الجنوبي لخليج عدن ، وهو هادئ التيار ، ويمتاز بضحولة المياه ، وكثرة المواد الغذائية البحرية ، والفضلات القارية التي تلقي بها مجموعة كبيرة من الأنهار القصيرة على الشاطئ الجنوبي لخليج عدن .

أما بربره فإن حركة الصيد تتعطل فيها خلال الصيف لفترة قد تصل ما بين 3-5 شهور بسبب الرياح الشمالية الشرقية التي تهب من الجزيرة العربية ، وتكون مصحوبة بارتفاع درجة الحرارة مما يجعل الحياة البشرية غير ممكنة على ساحل بربره خلال هذه الشهور فيضطر السكان إلى الرحيل بيحواناتهم إلى المناطق المرتفعة من أجل الرعي والاستقرار حول الآبار ، فتكون هذه الجهات كمصايف للمواطنين ، ثم يعودون في فصل الشتاء إلى الساحل لممارسة حرفة الصيد والتجارة في ميناء بربرة وما حولها .

وسكان هذا النطاق البحري من زيلع إلى بربره يقومون بصيد الأسماك وتجفيفها بطرق أولية واستخراج اللؤلؤ من زيلع والملح من الشواطئ ملاحات دوبار وتصدير هذا الإنتاج إلى عدن والمكلا ، ويحتجز الأنواع الصغيرة الطرية للإستهلاك في الأسواق المحلية القريبة من مراكز الصيد .

2- مصائد مجرتنيا : تعتبر مصائد مجرتنيا من أكبر المصائد الصومالية إنتاجا وتصنيعا للأسماك والمنتجات البحرية ويرجع هذا إلى فقر منطقة الظهير القاري (اليابس) بالحيوان والزراعة مما دفع السكان ناحية البحر لتعويض النقص في المواد الغذائية من ناحية والعمل على زيادة الإنتاج البحري بشكل اقتصادي لرفع مستوى المعيشة من ناحية أخرى ، ومما أكسب هذه المنطقة شهرة في الإنتاج أن بها الكثير من النواع الضخمة والتجارية كالحيتان والتونة ، وقد أكسبتها الظروف البحرية فرصة الإنتاج الكبيرة إلا أن المياه قرب الشواطئ في مستوى مناسب لحركة الصيد ، وأن التيارات البحرية تزداد في الداخل ، وتتحطم على الألسنة الصخريةو الرملية الممتدة إلى مسافات كبيرة في الماء بالإضافة إلى أن هدوء التيارات يوجد مجموعات من الجزر الصغيرة الجرداء تكون كمحطات لسفن الصيد .

ومن أهم المناطق في إنتاج الأسماك بالترتيب منطقة قندلة ، ومنطقة علولة ، ومنطقة بوصاصو . وقد أنشئ في عام 1950 لأول مرة ثلاثة مصانع لتعليب أسماك التونة وبعض الأنواع السردينية في قندلة وعلولة وبوصاصو ، وأعطيت ثلاث شركات إيطالية امتيازات الصيد والتصنيع في هذه المراكز الثلاثة .

وفي عام 1952 أغلق مصنع بوصاصو لأسباب فنية ، وكذلك مصنع علولة في عام 1953 ، واستمر العمل في مصنع قندلة لإنتاج نحو 7000 كنتال من السمك المحفوظ في العام ، وفي عام 1959 عاد مصنع علولة للعمل مرة أخرى ولكن إنتاجه أقل من مصنع قندلة .

الإنتاج في منطقة قندلة :

تشتهر منطقة قندلة بإنتاج سمك التونة والقرش ويعمل في صيد الأسماك نحو خمسة آلاف عامل خلال ثمانية شهور ، أما أشهر الحرارة المرتفعة (الصيف) فإن العمل يتوقف فيها تماما وخاصة بالنسبة لمصنع تعليب السماك بسبب هجرة السماك الكبيرة إلى داخل خليد عدن ، أو إلى المحيط الهندي لارتفاع درجة الحرارة ، وقلة المواد الغذائية قرب الساحل ، وفي الوقت نفسه فإن القوارب المستعملة في الصيد أضعف من أن تتوغل كثيرا داخل الماء ووراء الأسماك الكبيرة .

ويعتبر فصل الشتاء فصل العمل والحركة والسريعة والإنتاج الكبير بسبب اتجاه الأسماك ناحية الساحل الدفيء ، نوعا بالنسبة للبرودة الشديدة في داخل الماء وفي الوقت نفسه تساعد حركة المد على اتجاه السمك ناحية الساحل مما جعل الصيد في هذه الفترة في غاية السهولة ويشترك الأطفال والنساء العجائز في عملية الصيد لوفرة الإنتاج البحري وما تلقيه الأمواج العالية على الساحل من أنواع الأسماك الصغيرة .

ويقوم الوطنيون بتجفيف بعض الأنواع وتصديرها إلى البلاد العربية بجانب عمل المصنع في تعليب التونة وتصديره إلى إيطاليا وأوروبا وبعض البلدان العربية والإفريقية .

الإنتاج في منطقة علولة ورأس حافون :

الإنتاج في هذه المناطق أقل من إنتاج منطقة قندلة وتوجد حرفة جمع الأصداف البحرية واللؤلؤ في هذه الجهات بالإضافة إلى صيد الأسماك وخاصة الحيتان الكبيرة ، كما يقوم الأهالي باستخراج العشر العنبر الذي تشتهر به الصومال في الأسواق العالمية لجودة الإنتاج وضخامته . فالعنبر الصومالي مشهور منذ فجر التاريخ برائحته النفاذة ونقاوته .

ويستخرج العنبر من الحيتان الكبيرة ، وله سوق كبيرة في أيل ، ونظرا لأهمية التجارية في صناعة العطور والمستحضرات الطبية فإن الحكومة الصومالية تشرف على تجارته الخارجية للحصول على العملات الصعبة .

ويقوم الأهالي بصيد الحيتان وتجفيفها بوسائل أولية ، وذلك بطرحه تحت أشعة الشمس مباشرة ثم بدفنه في الرمال الساخنة مدة يوم أو يومين ثم استغلاله في الطعام أو تصديره إلى البلاد العربية مثل المكلا وعدن واليمن وأحيانا إلى زنجبار وكينيا .

ويقوم مصنع علولة بتعليب التونة وبعض الأنواع السردينية غير أن إمكانيات الإنتاج من الآلات وعدد القوارب ووسائل الصيد أقل مما هي عليه في منطقة قندلة ، لذلك كان الإنتاج والتعليب أقل مما يجب أن يكون عليه الحال .

2- مصائد جزيرة دنمور ووادي طمس : هذه المصائد إنتاجها بسيط من الأنواع الكبيرة وكثير من الأنواع الصغيرة التي تجد لها سوقا رائجة في مقدشوه ، ويساعد على ذلك ازدحام السكان وكثرة الأجانب وارتفاع مستوى المعيشة مما جعل مقدشوه تحتل المركز الأول دون منازع في استهلاك الأسماك في شرق أفريقيا .

وتكثر الأنواع الصغيرة في هذه المصائد مثل السردين وسمك موسى وغيره مما سبق ذكره من أنواع الأسماك المحلية والموسمية .

ويقوم الوطنيون بصيد السردين واستخراج الزيوت لاستعماله في صناعة تعليب الأسماك ، ونلاحظ أن أكثر الإنتاج من الأنواع السردينية في المحبوبة في صوماليا ، لذلك يصدر جزء كبير من الإنتاج إلى زنجبار ولكن في الوقت نفسه يقبل الوطنيون على تناول سمك التونة في طعامهم بينما الأجانب يميلون إلى الأنواع الصغيرة الطرية بجانب سمك التونة .

4- مصائد مركه وكسمايو وجزر الباجون : تعتبر هذه المصائد من اكبر مصائد الأسماك على الساحل الشرقي الصومالي ، وقد ساعد على ذلك الظروف الطبيعية للإنتاج الكبير كوجود الجزر وأشباه الجزر ووفرة الأعشاب البحرية وهدوء التيارات البحرية وكثرة الفضلات القارية التي تلقى بها الأنهار الكبرى في مياه المحيط الهندي بالإضافة إلى ذلك أن بعض الجماعات مثل جماعة الباجون تعتمد اعتمادا كليا على الإنتاج البحري في طعامهم وتجارتهم مع كنيا وزنجبار .

ويقوم الوطنيون بصيد الجنبري من الأنواع الكبيرة ، وخاصة على ساحل مركه وكسمايو وكذلك أنواع الاكامبو والسلحفاة البحرية المسماة بالصومالية أرجوستا (الاستكاوزه) ، ولهذه الأنواع أسواقها المحخلية ، وأسعارها رخيصة فمثلا ثمن الحبة الواحدة من الاستاكوزه لا يتعدى نصف شلن في الوقت الذي يصل فيه ثمنها في أوروبا إلى أكثر من عشرة شلنات ، ومن المعروف أن الأسواق العالمية تحتاج إلى هذه الأنواع لقيمتها الغذائية في تقوية الأعصاب وغير ذلك ، ويمكن إقامة مصنع لتعليب الجمبري وتصدير الاستاكوزه في حالة جيدة .

تجارة الأسماك

بجانب الأسواق المحلية في المراكز الكبرى داخل الجمهورية الصومالية تجد حركة تجارية مع الخارج ، وقد بلغ وزن الأنواع السمكية المصدرة للخارج في عام 1959 نحو 1.523.261 كيلو جرام بما يوازي بالعملة المحلية نحو 4.240.206 شلن صومالي (100 شلن صومالي تساوي تقريبا 99.5 شلن إنجليزي) وأهم الدول المستوردة بالترتيب هي إيطاليا فعدن فالبلاد العربية فكينيا وزنجبار .

ومن السمك الطري أو المحفوظ بالعلب صدر ما وزنه 1.059.938 كجم بما قيمته 909.031 شلنا صوماليا منه أسماك مثلجة بما وزنه 1.860 كجم وقيمته 3.810 شلن صومالي ، ومن السمك المملح والجفاف ما وزنه 1.057.076 كجم وقيمته 912.986 شلنا صوماليا ، ومن المعلبات للأسماك ما وزنه 912 كيلو جرام بما قيمته 1.775 شلن صومالي .

وكان الصادر من سمك التونة المعلبة إلى إيطاليا ما وزنه 738.323 كجم وقيمته 3.314.965 شلن صومالي ومن الأسماك الطرية إلى عدن ماوزنه 2400 كجم وقيمته 6.210 شلن صومالي .

سياسة الحكومة الصومالية نحو الإنتاج البحري

تتجه سياسة الحكومة الصومالية نحو تحسين وزيادة الإنتاج البحري بطرق متعددة منها : 1- تدعيم مدرسة الصيد والملاحة في مقدشوه بالأدوات والآلات اللازمة لتمرين طلاب المدرسة على أحدث الوسائل لصيد الأسماك الصغيرة والكبيرة منها ، وزيادة عدد المراكز التدريبية التابعة للمدرسة بإيجاد مركز تدريب على الملاحة وصيد الأسماك في كل منطقة إنتاجية . 2- إرسال البعوث الصومالية للعمل في المواني ومراكز التدريب في فن الملاحة وصيد الأسماك لدى الدول الصديقة . 3- استيراد الأدوات الفنية الحديثة وزوارق الصيد الحديثة لتحل محل القوارب البالية والشباك الهزيلة والسناره الضعيفة ، وقد اشترت الحكومة ثمانية قوارب للصيد بمعدات حديثة ، ومن المنتظر في عام 1965 أن تتحصل الحكومة على ثمانية قوارب أخرى . 4- تقديم المعونة والإرشاد والتوجيه الفني لصغار الصيادين حتى يمكن زيادة الإنتاج ، وتقدم الحكومة في كل عام 175 ألف كيلو من السردين للصيادين لاستعماله كطعم في موسم الصيد في منطقة مجرتنيا . 5- نشر الوعي البحري من طريق نشر الإحصاءات والبيانات عن الأحوال المناخية والتيارات البحرية مقرونة بحركة الأسماك اليومية والموسمية وأنواعها ومواعيدها .. حتى يمكن تحديد مناطق الصيد والأنواع المطلوب صيدها وفق المواعيد المحددة .. 6- نشر إحصاءات إخبارية عن أهمية الأسماك في حياة بعض الدول وقيمته الغذائية والتجارية . 7- حماية الإنتاج الوطني بوضع رسوم جمركية مانعة للأنواع التي لها مثيل في إنتاج البلاد . 8- الاهتمام بالثروة السمكية النهرية بإقامة الجسور على الأنهار والخزانات واستزراع ما يلائم البيئة الصومالية . 9- تعمل الحكومة على إقامة حاجز للأمواج لمسافة ما بين 40 و 50 ميلا على طول الشاطئ لإيجاد منطقة لتكاثر الأسماك وتقرر تنفيذ المشروع على ثلاث سنوات بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة . 10- وضعت الحكومة سياسة محددة لنشاط شركة Tonnora الصومالية بضمان الدولة للعمل (1963-1977) وقد تمكنت هذه الشركة من تصنيع 3.500 طن تونة وتصديره إلى أوروبا في الفترة ما بين أكتوبر سنة 1962 ومايو سنة 1963 . 11- تشجيع شركة الإنتاج البحري الصومالي ليمتد بالقيام بأعمالها في منطقة كسمايو . 12- استطاعت شركة لامو فشر في جزر الباجون المنشأة حديثا أن تصدر نحو 40 ألف طن من الكركدان البحري فيما بين يناير وأكتوبر عام 1963 . 13- أبرمت الحكومة اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي بشأن إنشاء مصنع لتعليب الأسماك في منطقة لاس كوري ، وسيبدأ العمل في هذا المصنع في أواخر عام 1965 . 14- وهناك نية نحو إنشاء إدارة خاصة بالثروة السمكية وإنمائها في الجمهورية الصومالية تكون هذه الإدارة تابعة لوزارة الزراعة على غرار ما فعلت الجمهورية العربية المتحدة وبريطانيا نحو سياسة تحسين وتنويع الإنتاج البحري وتنظيم إنتاجه وتسويقه .. إلخ

الفصل الثاني إقتصاديات المراعي المراعي .. الحركة الرعوية .. الثروة الحيوانية

المراعي

أ- المساحة : تبلغ مساحة المراعي الدائمة نحو 20.568.000 هكتار في الجمهورية الصومالية ، وفي الفترات المطيرة تتسع هذه المساحة لتصل نحو 53.24.000 هكتار في أكبر اتساع لها .. وهذه المساحة الضخمة تصل إلى ثلث مساحة البلاد تقريبا ويعمل بها أكثر من 70% من عدد السكان الوطنيين .

والمراعي الصومالية من خلق الطبيعة لا يتدخل في أمرها إنسان ، بمعنى أنها في امتدادها وانكماشها وفق ظروف المناخ ، وليس للإنسان دخل في ذلك وإن كانت هناك مساحات صغيرة للرعي قد تدخل في أمرها الإنسان بأن ترك عيدان الذرة بعد حصادها في الأرض لكي ترعاها الماشية والأغنام ، غير أن مثل هذه المساحات شأنها شأن مناطق التجارب لا تساهم كثيرا في الاقتصاد الوطني .

ب- النطاقات الرعوية : (1) نطاق الأعطاب والحشائش الملائمة لرعي الأغنام والماعز والماشية في مناطق الكثبان الساحلية التي يمكنها أن تحتفظ بالمياه ، وأن تساعد على نمو الأعشاب والحشائش . (2) نطاق الشجيرات الدائمة الخضرة في غرب الصومال حيث تزداد كمية المطر عن عشرين بوصة في العام ، وهي صالحة لتربية الأغنام والضأن والجمال والماشية . (3) النطاق الهضبة الممتد من الغرب إلى الشرق في الإقليم الشمالي حيث الأعشاب والنباتات الشوكية ، وهو صالح لتربية الأغنام والضأن والجمال وبعض الماشية . (4) نطاق السهول الجنوبية لصوماليا حيث وفرة العشب والمياه الحلوة والمراعي الغنية تتكاثر الثيران والضأن والأغنام . (5) مناطق التلال الشمالية التي تصيبها أمطار شتوية بما في ذلك الأراضي شبه الصحراوية ، وهي في مناطق متفرقة ، وعلى جوانب الأودية اليلية والفصلية ، وتكون تربية الجمال والأغنام أساسا في عملهم .

مشكلات المراعي الصومالية

تلك هي النطاقات الرعوية السابق ذكرها في الصومال ، وفي جورها تعتمد اعتمادا كليا على الأمطار وقد تكون في إحدى السنوات وفيرة الإنتاج ، وفي سنة أخرى تكون جرداء لا زرع ولا نبات فيها فيملك من الحيوان عدد كبير ، ومجاعات قد تمتد عدة سنوات . وقد قدر عدد حالات القحط الشديد بنحو 27 حالة فيما بين عام 1884 وعام 1961 حتى بلغت الخسائر في إحدى سنوات القحط (1953) نحو ثلث مجموعة الماشية في الصومال .

وأحيانا تكون الأمطار الغزيرة والفيضانات العالية سببا في هلاك الكثير من القطعان وتدمير المراعي كما حدث عام 1961 حينما تعرضت البلاد لأمطار غزيرة استمرت نحو ستة شهور كاملة ، وامتد التدمير من أقصى الجنوب حتى مناطق هيران وبنادر ، وكانت الخسائر في الحيوان والنبات أكبر من أي عام حدث فيه قحط أو تأخير للأمطار ، واضطرت الحكومة الصومالية أن توجه نداء إلى العالم لمساعدتها في هذه المحنة الكبرى .

وتعاني المراعي الصومالية بالإضافة إلى مشكلة المياه مشاكل أخرى متعددة منها السياسة الهدمية التي يتبعها بعض الرعاة أو المزارعين أو التجار وهذه السياسة الهدمية تقوم على أساس الريح المباشر عن طريق قطع الأشجار وتفحيمها ، وأحيانا لإشعال النيران لإرهاب الحيوانات الضارة أو الغزاة الأحباش مما أدى إلى هلاك كثير من النبات بالإضافة إلى غارات الجراد المتتالية في أعوام متقاربة من الشمال إلى الجنوب . والمعروف أن الجراد وسيلة تخريب كبرى لكل ماهو أخضر .

ومن المشاكل الهامة التي تعوق التقدم الرعوي والوصول إلى إنتاج يتلائم مع ضخامة المرعي وعدد القطعان هو وجود أسواق محددة تحتكر المنتجات الرعوية الصومالية ، فلقد كانت عدن مثلا في عام 1952 هي السوق الأولى والأخيرة ، التي تقبل منتجات المراعي الصومالية من حيوانات حية وجدود ومنتجات الحيوان . وحينما بدأ الشعب يبحث عن أسواق الحركة الرعوية هي حركة للإنسان والحيوان وراء المراعي الطيبة في مساحات واسعة ، وإن كانت هذه الحركة محددة بظروف المناخ فإن العلاقة بين الإنسان والمرعى علاقة ترتبط والتغيرات التي تحدث في المرعى نفسه أي وفق الصورة النباتية التي تغطي التربة . فإذا ما أزيل النبات لأعمال زراعية أو ما شبه ذلك فإن الإنسان الراعي مضطر أن يتحرك إلى مرعى جديد في بيئة جديدة تضمن له ولحيوانه حياة أفضل من الماء والطعام .. وقد يلجأ الرعاة إلى صعود الجبال للرعي على أعشابها النضرة خوفا من اشتداد الحرارة في قاع الوادي أو في السهول المنبسطة كما يحدث غالبا لرعاة الشمال حينما ينتقلون من سهول الجابون إلى السفوح الجنوبية لنطاق الجبال الرئيسية في الإقليم الشمالي .

فالحركة الرعوية تسير في محورين .. محور أفقي وفق الأمطار ومحرر رأسي وفق درجات الحرارة ، وإن كانت هذه القاعدة غير ثابتة فإنها الصفة العامة في الحركة الرعوية بالصومال .

وهذا النظام الرعوي في الصومال يمثل في حد ذاته حركة اقتصادية وحيوية لأغلبية الشعب الصومالي .

العوامل المحددة للحركة الرعوية :

تتأثر الحركة الرعوية في الصومال بعدة عوامل طبيعية وبشرية منها : 1- المرعى الاعتماد على المراعي وفق الفصول المطيرة . 2- الماء الاعتماد على الماء وفق الفصول المطيرة . 3- المراعي المالحة على صورة دورية منتظمة . 4- النقل مدى مساهمة الجمال .. شيء فردي (شخصي) . 5- الحرارة وتكون فصلية . 6- التعاون بين الرعاة .. الثائر شيء متغير غير ثابت . 7- الدوافع الطبيعية للهجرة دائم في الغالب . 8- أمراض الحيوان غير منتظيم . 9- أمراض الإنسان غير منتظم . 10- التوجيه الإداري (الحكومي) غير منتظم .

ويمكن أن تقطع بهذا الرأي .. أن امتناع سقوط الأمطار وانتشار المجاعات يعتبر أكبر العوامل خطرا على المراعي والحيوان من انتشار الأمراض كالطاعون أو قيام الحروب – فالعثور على الماء والمراعي الطيبة هو بؤرة العمل ونقطة الاهتمام الأولى للإدارة الممتازة في أية حركة رعوية .. فالعامل الأول المحدد للهجرة سواء الحيوانية أو البشرية هو الماء والنبات .. فالماء هو العامل المحدد والضابط للحيوان .. فمثلا الماشية لا تبعد عن موارد المياه (أكثر من مسيرة يوم أو يومين ، والغنام والماعز لاتبعد أكثر من مسيرة أربعة أو خمسة ايام لأنها تستطيع الاعتماد فترة طويلة على الكلأ المشبع بالرطوبة ، وأكثر الحيوانات تحملا للعطش هو الجمل (12-15 يوم) ... وقد تحايل الرعاة على هذه المشكلة باختيار سلالة قوية من الذكور لتلقيح الإناث حتى يمكن إيجاد أنواع من تلك التي تتحمل العطش والسفر لفترة أطول ، وبذلك يمكن إيجاد تكامل بيئي تقريبا .

وفي فترات الجفاف يلجأ الرعاة إلى الآبار الدائمة للحصول على حاجاتهم من المياه ، وتكون عيون المياه مراكز لاستقرار الحيوان والإنسان ، وفي الوقت نفسه تكون الأعشاب والحشائش البعيدة عن موارد المياه قد جفت ونشطت عوامل التعرية على غسل التربة فتكون الوفيات كثيرة في الحيوانات في هذه الفترة التي تشح فيها الأمطار كما يزداد عدد الوفيات في العنصر البشري أيضا .

والتربة المالحة ضرورية للحيوان .. إذ أن أكثر القطعان من الجمال ترعى في مناطق الحشائش المالحة قرب السواحل كما في هادن وقرب Jerer وفي أودية فافان Fafan وفي نطاق الحشائش التي تنمو على التربة المالحة في مقاطعات يرعو ومجر تنيا وفي داران وجولان Daran, Gulan وهناك عدد كبير من الآبار المالحة .

أما عن وسائل النقل فلا شك أن الجمل هو الأداة الأولى المسيطرة على لاحركة الرعوية في الصومال فهو وسيلة حمل الأمتعة والمنازل والعجائز ، وهو وسيلة الحركة في بيئة التجول ، ووسيلة جلب المياه ولا تستغل أي وسيلة اخرى من الصحراء الرملية والجبال الوعرة .

فالحقيقة الكبرى من وجود الجمل ليس حمل الأمتعة فقط وإنما جلب المياه من الجهات البعيدة خاصة في الفترات التي يقل أن ينقطع فيها المطر فتكون الحاجة إلىا لماء ضرورية للإدارة والتوجيه في الحركة الرعوية ، ولذا كانت جريمة لا تغتفر لمن يأخذ كل الجمال من القرى مهما كان السبب ولو على جهل . اما عن تأثير الحرارة في الحركة الرعوية فيظهر تبعا لدرجات الحرارة الموسمية كالحركة من السهل الشمالي إلى الجبال العالية في الصيف وعلى أية حال هذه الحركة صغيرة الامتداد والزمن .

والتعاون بين الرعاة له تأثير في الحركة الرعوية مثال ذلك ما حدث في عام 1943 إذ كانت هناك آلاف من الجمال وقطعان الأغنام من الأوجادين وصلت إلى هرجيسه للرعي في مراعيها الطيبة وفي عام 1945 كانت هناك حركة رعوية لرعاة هرجيسه وبورا ما ترعى في هرر والأوجادين استمرت فترة طويلة في محبة وتعاون أخوي وأصبح الأمر صعبا بعد عام 1948 إذ تنازلت بريطانيا عن هود والأراضي المحجوزة والأوجادين للحبشة التي وضعت له نظاما إداريا تحت السلطة الحبشية وحالت دون قيام تعاون بين الرعاة الصومالية الذين تحت الإدارة الحبشية وإخوانهم الصوماليين في هرجيسه وبوراما .

أما الثأر فشيء غير معروف تقريبا في الصومال ذلك البلد الإسلامي المتمسك بدينه الحنيف الذي يمنع الأخذ بالثأر .

والدوافع الطبيعية للهجرة سواء أكانت متعلقة باختلاف ظروف البيئة أو متصلة بالعادات والتقاليد داخل جماعات الرعاة كالكرم ، أو متصلة بأوامر السلطات العليا ، أو متعلقة بالحدود بين المقاطعات ، أو بين الدولة وجيرانها أو بين الدولة وجيرانها وغير ذلك .. تعتبر في حد ذاتها دوافع بسيطة لا تؤثر كثيرا في الحركة الرعوية .

وأمراض الإنسان وأمراض الحيوان يعتبر أمران متلازمان .. إذ أن انتشار الأمراض الفتاكة في الحيوان معناه التخلي عن مساحة كاملة خاصة في حالة الوفيات الكبرى للحيوان .. أما في حالة أمراض الإنسان فهي الموجة الثانية ذات القيمة ، فإذا ما لم تتطعم الحيوانات وتشفى فإن الوفاة بالنسبة للإنسان تعتبر نتيجة حتمية في كل الأحوال .

أما عن التوجيه الحكومي والإداري فلا بد أن يطاع كقاعدة عامة ، وإذا لم تتدخل الحكومة بشكل حازم في توجيه اقتصادها فإن الحركة الرعوية تتأثر بالنزعات الشخصية ويجب أن يخضع الرعاة للقانون حتى تكون الفائدة جماعية وللصالح العام ، وتتمكن الحكومة من تنظيم المواصلات والتسويق ، وكفالة الرعاية للرعاة والثروة الحيوانية التي تعتبر من أسس اقتصاديات الدولة .

الحركة الرعوية فيما بين عام 1944 و 1950

سجلت مصلحة المساحة في محمية الصومالند سابقا ( الإقليم الشمالي من الجمهورية الصومالية) وصفا كاملا لتحركات الجماعات الرعوية أصحاب القطعان من عام 1944/1950 في تقريرها السنوي العام 1951 ، وغذا كنا لا نرغب في ذكر أسماء الجماعات مقتفين أثر الحكومة والشعب في محاربة مبدأ ذكر اسم جماعة ما أو قبيلة ما أو الحديث عنها في الماضي أو في الحاضر بغية إيجاد شعب صومالي متحد لا فرق بين فلان أو فلان إلا بالعمل الصالح .. ومع إيماننا بأن القبيلة في الماضي كانت الباعث الأول على الاستعمار ، وتحكم الأجنبي في البلاد إلا أننا اضطررنا أن ننقل الموجز التالي عن تحركات الجماعات الرعوية في هذه الفترة (44/1950) بغية دراسة جزء من الجغرافيا التاريخية للرعاة الصوماليين في الفترة السابقة ، وفي الوقت نفسه تكون هذه الدراسة دليلا وبرهانا واضحا على أن الأراضي التي احتلتها الحبشة في اواخر القرن الماضي وما تنازلت عنه بريطانيا في عام 1948 للحبشة إنما يمثل اعتداء صارخ لحقوق شعب الصومال وسلبه في أراضيه ووضعها تحت إدارة دول غريبة عنه .

عام 1944

في هذا العام كان أكثر الرعاة الصوماليين في حالة استقرار حول آبارهم الدائمة ومساكنهم حتى شهر يناير وفبراير ... وبدأت الحركة الرعوية في شهر مارس تجاه الجنوب نحو إقليم هود .

وفي شهر إبريل ومايو تحركوا مرة أخرى ناحية الشرق ، واستمرت الحركة الرعوية حتى شهر يوليو ، وفي عودتهم كانت الحركة بطيئة للغاية (في شهر أغسطس) وذلك للاستقرار حول الآبار وعيون المياه ، وضربت الخيام ، واستقر الإنسان والحيوان غير أن أكثر الرعاة تزحوا مرة أخرى إلى هود من أكتوبر إلى ديسمبر .

عام 1945 :

للأمطار التي سقطت في شهر ديسمبر عام 1944 مكث الرعاة في منطقة هود للرعي وكان من المتوقع أن تسقط أمطار في شهر مارس في الغرب وعلى النطاق الجبلي الرئيسي في الشمال فارتحل الرعاة إلىمناطق الاستقرار حول الآبار ، غير أن فصل جو المطير تأخر في هذا العام حتى شهر مايو فاضطر أكثر الرعاة إلى الهجرة مرة أخرى للرعي في المناطق البعيدة عن مراكز الاستقرار ، وفي الوقت نفسه كانت هناك أمطار جيدة في الغرب حتى أصبح من المتعذر أن يلتقي هؤلاء الذيني رعو على مياه Jerer ، وهؤلاء الذيني رعون حول الآبار في مراكز الاستقرار حتى شهر يونيه إذ كانت المراعي الغربية كافية ، وخاصة في منطقة هو ، ولم تكن هناك حاجة للارتحال إلى مناطق الاستقرار حول آبارهم .

وكان توزيع الرعاة في أول العام كالآتي : في أقصى الغرب حيث سهل زيلع كانت جماعة جبريل أبو بكر ، وفي الجنوب عند دانوت وقادميس كانت جماعة عيسى موسى ، أما منطقة انكاهور فكانت تعيش فيها جماعة وارسنجلى وفي منطقة ضرور كانت جماعة سعيد موسى .

وفي شهر أغسطس كانت هناك حركة جماعية رعوية للرعاة نحو مناطق الاستقرار ولكن في بقية العام لم تكن الأمطار وفيرة بل كانت شحيحة للغاية فخيبت آمالهم .. هذا عدا مناطق بسيطة كالتي حول شيخ ومين Ain ، وفي الغرب والجنوب الغربي لمنطقة Haredigit كانت جماعة من هبر تولجالا وطولباهنتي ، وقد وضعت حدود جديدة لجماعة طولباهتشي منذ عين Ain .

وكان الرعاة في منطقة برعو قد ارتحلوا إلى لجنوب الغربي لمنطقة Haredigit وفي الوقت نفسه تحركت جماعة هبريونس مع ايدجال والعرب وهيرأول وسعيد موسى إلى خلف منطقة Haredigit ، غير أن الأوامر قد صدرت إليهم بترك هذه المنطقة الرعوية على أن تكون الحركة الرعوية في شهر سبتمبر إلى الجنوب من Jurr 30-43º شرقا 27-6º شمالا قرب وادي شبيللي .

وكانت ههذ الحركة ذات صدى بعيد المدى أزعجت القبائل الرعوية تشبه ما اشيع من أخبار انتصارات الألمان واليابان في الحرب الأخيرة .

عام 1946 :

كانت الأمطار غزيرة أكثر من المعتاد حتى أن الجماعات الرعوية عادت كلها من وراء فافان (Fafan) في نهاية شهر مارس واستقروا حول عيون المياه فترة طويلة أكثر من المعتاد حتى أن بعض جماعات الماجرتين والوجادين كانت ترى داخل حدود صومالند (الإقليم الشمالي) لمسافات كبيرة أكبر من السنوات السابقة .

عام 1947 :

لم تكن الأمطار غزيرة ولكن كانت هناك مناطق احتياطية (محجوزة) من العام الماضي الغزير الأمطار ، فتحركت الجماعات الرعوية كالعادة في داخل المساحة الرعوية حتى نهاية العام .

وتأثرت الحركة الرعوية بالنزاع السياسي الذي حال دون زراعة الحبوب أيضا ، فالحركة الوطنية ضد الاستعمار كانت ظاهرة بشكل مفزغ في ثورة أيل وجروى ومقدشوه خلال شهر أكتوبر .

وكان هناك نزاع بين أيدجالا والأوجادين قرب A. Wareh في نوفمبر وفي نفس الفترة تقريبا 26 نوفمبر كانت هناك حركات وطنية ونزاع في هرجيسه استمرت يومين وقد دخلت هذه الحركة إلى المدن بين قبائل جماعات هبرأول وهيرحاجي وهيريونس وايدجالا .

ولم يكن متوقعا سقوط أمطار جيدة في النطاق الممتد من A. Wareh Gudubi إلى الجنوب من هرجيسة بنحو 80 ميل وربما يكون هذا العامل قد شجع الجماعات الرعوية إلى أن تنسحب من هذها لمعركة بعد يومين من قيامها وتشير التسجيلات التي دونت عن تحركات الرعاة إلى أن هؤلاء الرعاة في شهر ديسمبر كانوا منعزلين بخط فاصل بين المجموعتين في اتجاه شمال غربي وجنوبي شرقي عبر هرجيسه وكانت الجماعات العربية تقف على طول خط التقسيم على الحياد .

وفي هذا الفصل أيضا اتجهت جماعات وارسنجلى والطباهنتي إلى الجنوب الشرقي حيث وادي نوجال ورحلوا في زحفهم حتى مدينة أيل وكانت جماعات الهاوية في هوبيا في شهر ديسمبر في ثورة ضد الاستعمار .

عام 1948 :

كانت حالة الأمطار متوسطة وكافية لإيجاد مراع طيبة كما كان عليه الحال في عام 1945 واتسمت الحركة الرعوية بالصورة العادية فقد عادت جماعات الطولباهنتي ووراسنجلي من شواطئ المحيط الهندي في نهاية شهر فبراير .

وفي شهر مارس كانت هناك أمطار خفيفة أحدثت أزمة خارج أرض المراعي وكان الكثير من السكان من منطقة عرجابو ونوجال قد استقروا في Haisomo جنوب ساول وذلك في شهر مارس لأن المياه كانت وفيرة إلى حد ما .

أما أفراد جماعات منطقة برعو الذين تحركوا إلى هود في شهر مارس فقد كانت حالتهم في غاية السوء بسبب تأخر الأمطار (جو) التي لم تبدأ حتى أخر شهر إبريل فقد خدعتهم بوادر أمطار شهر مارس .

وفي شهر مارس كان الخط الفاصل بين جماعات هبراول وهبرحاجي في منطقة هرجيسه قد أزيل وحل الصفاء بينهما وتحرك الرعاة إلى هود للمرعى والشرب فاستقرت جماعات ايدجال والعرب في هود حتى جفت عيون المياه وعادوا إلى مراكز الاستقرار حول الآبار وخلال هذه الفترة كانت الأوامر الصادرة من السلطات الإدارية في مقدشوه إلى أهالي المجرتين في وادي ضرور أن يتحركوا كثيرا غلى لاجنوب حتى Adon وأن تتحرك جماعة أوجادين ابراهيم من وراء واردير Warder لينضم مع هبربونس في شمال Haso Hagari .

وفي شهر ديسمبر كانت هناك ثورات ونزاع بين جماعات الأوجادين وايدجال وهبراول والعرب . وكذلك حال النزاع والثورات في كل عام منذ زراع هبراول ، وجبريل أبوكر وجديرسي في فترات مختلفة في أرض Qudau أما جماعات عيسى وجدبرسي فقد كات منطقتهم قليلة الأمطار لذلك اضطروا إلى استغلال آبار هرجيسه كما امتدوا إلى Meclr, Wgaleh في هشر يونيه حتى أكتوبر ثم عادوا إلى آبار هرجيسه فالنطاق الساحلي المنخفض في نهاية العام .

عام 1949 :

كانت الظروف العامة في هذا العام تشبه ماكان عليه الحال في العام السابق غير اختلاف بسيط قد ظهر في قلة الأمطار في النصف الثاني .

وحيث كانت الأمطار غزيرة في النطاقا لجبلي بالإقليم الشمالي وكانت أغزر على القمم الجبلية في شهر نوفمبر وديسمبر نجد أن جماعات عيسى وجدبرسي قد تحركوا في شهر فبراير إلى ناحية الشرق بعيدا عن Hanweina واستقرواب ها وفي شهر إبريل تحرك بعض الرعاة من جدبرسي صوب الجنوب حيث وادي فاقان واستقروا هناك .

وفي شهر فبراير أيضا اتجهت جماعات عيسى إلى جحجه ومكثوا بها من شهر يونيه حتى شهر سبتمبر . أما جماعات إيدجال والعرب فقد عاشوا متناوبين في مناطق الاستقرار أغلب شهور السنة حشية أن تصادر الإدارة البريطانية حيواناتهم في حالة دخولهم إلى منطقة الأوجادين فاضطر بعضهم أن يتحرك بحيوانه إلى الشمال حتىب لهار ولامبي وجرى في منطقة بربره .

أما جماعات هبراول والأوجادين فإنهم كانوا أقل ميلا واضطروا إلى الهجرة حيه كانت قبائل هبريونس قد انحدروا بعيدا صوب الغرب حيث Qabri Bahor وإلى الشرق حيث Kal Danyo, Do'oma .

أما جماعات هبرتولجالا فقد انحدروا شرقا إلى ساول هود وإلى Do'ma .

وهكذا نجد أن اختلاف كمية المتساقط السنوي الممثل في قصر فصل جو قد سبب هذا الاختلاف والتغيرات الكبيرة في الهجرة والحركة الرعوية العادية وحددت من حركاتهم .

والحركة العامة للرعاة من الأراضي المنخفضة (جابون) إلى الهضبة (أوجو) كانت في شهر مايو ثم العودة إلى الأراضي المنخفضة في شهر سبتمبر .

وكان للأمطار الغزيرة في شهر هوفمبر وديسمبر أن استقرت بعض القبائل في هود حتى بقية العام .

وكانت هناك منازعات بين جماعات الماجرتين والهاوية في Teriban في شهر يوليه ويبدو من الإحصاءات أن حرارة هذا الشهر مثير للشجار ، ولعل هذا بسبب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية التي تحمل معها ارتفاعا شنيعا لدرجة الحرارة ، كما أن الرياح الجافة المتربة من أشد حالات الطقس تأثيرا على نفسية الإنسان مما يجعل الأعصاب البشرية مرهفة بدرجة قوية .

عام 1950 : كانت الأمطار في هذا العام شحيحة بصفة عامة ، وكانت أمطار العام الماضي لشهر نوفمبر وديسمبر قد أعطت العشب الكافي للرعي لكافة الجماعات فحالت دون قيام مجاعة أو تحركات للرعي بسبب امتناع سقوط الأمطار .

وكانت هناك أمطار خفيفة في شهر يناير وهذا أمر كان غير متوقع حدوثه فأعاد المياه إلى بعض الآبار على لاهضبة ، وفي شهر مارس كانت جماعات عيسى وجديرسي قد تعرضوا للبعوض فتحركوا من الساحل إلى مناطق التلال الداخلية .

وفي شهر إبريل عادت جماعات المجرتين إلى أدنى نوجال قرب الحدود بين صومالند وصوماليا .

وفي شهر مايوا كانت هناك حركة عامة من الأراضي المنخفضة إلى أرض الهضبة ومن الهضبة إلى هود .. وبعض جماعات هبرتولجالا وسعيد يونس اتجهوا في أوائل العام بعيدا صوب الغرب حيث استقروا في بلهار طول العام .

وفي شهر يونية كان أغلب الرعاة في منطقة هود قد احتشدوا في أرض Haro Hagari كانت المساحة الوحيدة التي بها أمطار معتدلة وكان أكبر اجتماع لجماعات أوجادين وهبراول وايدجالا والعرب وهبريونس وهبرتوجال والطولباهنتي بحيواناتهم رغم انتشار كثير من البعوض بينهم .

وفي شهر يوليو كان التصادم السنوي بين الماجرتين والهاوية .

وفي شهر أغسطس اتجهت الجمال إلى الهضبة بحثا عن الماء والمراعي الصالحة ، وبعضها استقر لفترة أطول للرعي في الغرب .

وقد كان في الجنوب الغربي لهرجيسه أمطار غزيرة فاتجه إليها جماعة هبراول وسعيد موسى للرعي وكانت أسوء المناطق في الحركة الرعوية تلك الأراضي التي لم يصيبها شيء من المطر وهي منطقة عرجابو ولسوء الحظ سقطت أمطار محلية بسيطة على عرجابو فنمت بعض الأعشاب غير أن الجراد الذي حل بالبلاد قد دمر بسرعة عجيبة هذه النباتات الصغيرة فاضطر أغلب رعاة عرجابو أن يتحركوا إلى الجنوب حتى أراضي لاس عانو التي أصابها بعض الأمطار ولم يمتد إليها الجراد .

وفي شهر سبتمبر كانت هناك أمطار قليلة في الغرب وحدثت وفيات كثيرة للجمال الضعيفة وكذلك بعض الماعز والأغنام من حيوانات أديجالا والعرب .

وفي هذا الشهر – أيضا – كان الجراد قد طار إلى الجنوب ، والجنوب الشرقي فيما وراء الإقليم الشمالي .

وفي شهر أكتوبر عادت جماعات عيسى إلى مراكز الاستقرار كما رجع رعاة الماجرتين من نوجال إلى شاطئ المحيط الهندي وإلى مدق .

وفي شهر نوفمبر كان هناك احتشاد كبير للرعاة في دانوت ولاس عانو ومنطقة هود بسبب انعدام الأمطار في الأراضي الغربية لهرجيسه ، كما كانت جماعات عرجابو في حالة خطيرة إذ جفت عيون المياه ، وكانت المجاعة شديدة في الوقت الذي جفت فيه عيون منطقة هود (ديسمبر) ..

ويمكن القول أن عام 1950 كثرت فيه الجماعات في أغلب المناطق وكثرت تحركات الرعاة واشتدت المنازعات ، ولكن أمطار شهر مارس عام 1951 قد أنقذت الموقف بشكل لم يكن متوقعا ،وهذا فضل من الله على هذه الجماعات الرعوية .

الحركة الرعوية بصفة عامة Tribal Movements in General

يمكننا على ضوء دراسة الحركات الرعوية للجماعات الصومالية خلال السنوات السبع (44/1950) أن نصور الحركة الرعوية العامة في الصومال . وهذه الحركة منها الماردة (الطويلة) والقزمية (القصيرة) .

الحركة الرعوية الماردة :

هي حركة طويلة موسمية وفق الظروف المناخية .. وتبدأ هذه الحركة في شهر إبريل حيث يتحرك رعاة السهول الشمالية (جابون) إلى أراضي (أوجو) الهضبة وقد يستقر البعض عليها ، والبعض الآخر من الرعاة يتحرك نحو الجنوب إلى مراعي هود ، وذلك بعد سقوط الأمطار في إبريل ومايو ويونيه وقد تمتد الحركة إلى الجنوب من هود ، وقد يرافقهم بعض رعاة السهول الساحلية ، وقد يستقر البعض الآخر على مراعي الشتاء .

وبعض سكان الهضبة في مقاطعات برعو وهرجيسه قد يتحركون في شهر أغسطس فكان على الجماعات الرعوية ان تعود إلى مراكز الاستقرار حول آبارهم ، وإذا كانت هناك أمطار مناسبة قد سقطت في القرب فإن الحركة الرعوية تفضل الاتجاه إليها من العودة إلى مراكز الاستقرار .

وفي شهر أكتوبر ، ومع سقوط أمطار داهير فإن الحركة الرعوية تنزل أما إلى لاسهول الساحلية أو إلى هود أو ساول هود .

وشهر ديسمبر ويناير في العادة هما شهرا التجمع للرعاة حول مراكزهم الرئيسية للاستقرار حول الآبار .

إذن فالهجرة الماردة أو الطويلة تتفق مع بداية فصل الأمطار إلى هود وفي نهاية فصل الأمطار تكون العودة إلى الهضاب والسهول الشمالية وقد ينتظر البعض إلى أن تجف الآبار والبرك تماما .

الحركة الرعوية القزمية :

وهي حركة قصيرة غير منتظمة قد تكون بسبب انتشار الأمراض في الحيوان أو الإنسان أو لسبب سياسي أو اجتماعي وأكثرها وضوحا هو السبب المناخي المتعلق بدرجة الحرارة كما تشاهد في الحركة الرعوية لسكان النطاق الساحلي الشمالي للصومال وانتقالها من السهول إلى الهضبة في شهر إبريل ومايو من كل عام للرعي على الهضبة خوفا من الحرارة الشديدة المميتة في السهول ، وقد تستمر حركتهم الرعوية على الهضبة إلى سبتمبر ، ثم يعودون مرة أخرى إلى السهول ، وقد يستقر البعض على الهضبة ، وعلى أية حال هي حركة قصيرة غير منتظمة وفي العادة في الأراضي المالحة .

القاعدة العامة للرعي :

تبدأ القاعدة العامة للرعي من مراكز الاستقرار المحصورة بين ديسمبر وفبراير من كل عام بأن يتحرك فريق من الشباب أو المستطلعين (الكشافين) للبحث عن موارد المياه والمراعي النضرة ، وعلى هؤلاء الكشافين تعيين مكان المرعى وزمان الحركة والرعي ، ليتحرك بعد ذلك الرعاة بحيواناتهم ومساكنهم ومتاعهم . فالمطلوب دائما من هؤلاء الكشافين أن يكونوا مهرة في تعيين زمن الانتقال ومكان الاستقرار ، فليس من المعتاد أن تتحرك القريبة برجالها ونسائها وعتادها مسافة 100 ميل مثلا في 60 ساعة دون تعيين قاعدة متى وأين .. فلو حدث شك في تقدير أو تعيين ميعاد سقوط المطر ومكانه يكون لهذا تأثير كبير على النساء والأطفار والعجائز بسبب التعب والإرهاق ، وكذلك تسود حالة القطعان ، وقد تحدث وفيات في الجانبين ، وخاصة إذا كانت هذه الحالة أثناء عودتهم إلى مراكز الاستقرار عبر أراضي جافة ومن ثم كانت القيادة الرعوية تحتاج إلى مهارة فنية ودراية كافية في القيادة سواء في الترحال أو العودة .

وقد لوحظ أن الحركة الرعوية غير منتظمة من جهة الحركة الشمسية السنوية فالأمطار غير ثابتة في ميعادها وكمياتها ومكان تساقطها لذا كان العامل الأول والقاعدة الأولى في المرعى ترجع لمهارة الراعي إذ يجب أن يتميز بقوة التنبؤ وتقدير متوسط الحركة البشرية والحيوانية في أرض الجماعة التي يرعى فيها ولسوء الحظ أن بعض الرعاة وهم قلائل لا يعرفون الكثير عن عوامل ضبط المراعي مما يكون له الأثر الكبير في تأخير أو تعطيل أو عرقلة الحركة الرعوية بصفة عامة .

الثروة الحيوانية

الحيوانات الأليفة :

تنتشر في الأراضي الصوالية مجموعات ضخمة من الثروة الحيوانية الأليفة الممثلة في الجمال والأغنام والماعز والثيران والخيول والحمير والدجاج والطيور .. إلخ . وسنتناول هذه الثروة بشيء من الإيجاز الشديد في دراستنا لظروف الإنتاج والاستهلاك والتسويق والتصنيع والمشكلات المتعلقة بهذه الثروة الحيوانية الضخمة وما قامت به الحكومة من إنماء لهذه الثروة وتوسيع وتحسين للإنتاج والتجارة الخارجية .

وهذه الثروة الحيوانية الضخمة لها أهمية كبرى في اقتصاديات الجمهورية الصومالية إذ أنها تمثل المركز الأول في تجارة الصادر والمركز الأول في عدد العاملين في هذا الميدان ، ويعتبر نصيب الفرد من الثروة الحيوانية في الصومال أكبر من مثيله في أي بلد إفريقي آخر .

فإذا ما قارنا عدد السكان البالغ تعدادهم 650 ألف نسمة في الإقليم الشمالي من الجمهورية الصومالية وعدد السكان في السودان البالغ نحو 11.5 مليون نسمة بالنسبة للثروة الحيوانية وجدنا أن نصيب الفرد في الصومال أكثر من نصيب الفرد في السودان بنسبة 13 : 1 ويمكن رفع هذه النسبة إلى أن تصل إلى مثيلتها في الدول الرعوية كالأرجنتين وأستراليا وغيرهما ، وذلك عن طريق حل مشكلة المراعي التي تتركز في الموارد المائية وتوفيرها .

حيوانات الرعي

الإبل :

يقدر مجموع الجمال في الجمهورية الصومالية نحو 2.500.853 جملا ، وتصل إلى المركز الثاني من ناحية التعداد في عدد الأغنام ، والمركز الأول من حيث الأهمية الاقتصادية في الدخل القومي بالنسبة لكافة أنواع الثروة الحيوانية.

وتظهر أهمية الجمال كوسيلة نقل في الجهات الجبلية والرملية التي تمثل نحو ثلث البلاد تقريبا ، فالجمل وسيلة ملائمة في السير في الدروب بين التلال بحثا عن الكلأ ، ونقل الماء إلى القرى في فترات ندرة الأمطار ، وإن كانت السيارات بدأت تنافس الجمال من ناحية السرعة – وكمية الحمولة فإن الجمل احتكر الصحراء والجهات الوعرة في حركة النقل والحمل .

وللجمال أهمية كبرى عند رجل البادية في الصومال إذ أن لحمه طعام رئيسي له ، ولذا كان الجمل ملائما لحياة البادية لوفرة إنتاجه في اللحوم . وللبن الجمل فائدة عظيمة إذ منه يصنع الزبد الصومالي كما أنه مشروب رئيسي عند أهل البادية ، ويبلغ متوسط إنتاج الجمل الواحد من اللبن ما بين خمسة وخمسة عشر لترا في اليوم . ومتوسط كثافة اللبن في الجمال الصومالية نحو 10.314 ولدهن الجمال أسواق كبيرة في البلاد العربةي ولكن الجبن غير معروف حتى الوقت الحاضر في بادية الصومال .

وتظهر اهمية الجمال في الطعام والشراب وجلب المياه حينما تتعرض البلاد إلى المجاعات نتيجة لانعدام الأمطار وتعرض الأغنام والماعز للهلاك .

وفي الفترات التي تكون فيها وفرة من العشب الأخضر الطيب نجد أن الجمال لا تكون في حاجة إلى الماء فترة قد تمتد إلى شهرين أو أكثر ، ويستطيع الراعي أن يعيش هذه الفترة على لبن الجمال ، ولكن حينما تكون المراعي جافة تكون حاجة الجمل إلى الماء كل أربعة عشر يوما تقريبا ، وإذا كانت الأعشاب مالحة كما في هدن وداران فلا بد أن يكون الري يوميا ، فهناك بعض القطعان التي ترعى في وادي نوجال على طول النطاق الساحلي الشمالي لسهل زيلع وترعى العشب الأخضر ، وتروى من الماء الذي تجلبه الجمال يوميا من الآبار والعيون البعيدة .

وتقدر ملكية الرجل الغني من الجمال بنحو 1000 رأس والمتوسط الحالي نحو 100 رأس أما الإنسان الذي يعتبر فقيرا فهو ذلك الذي يملك ما بين 10 ، 20 رأسا من الجمال .

سلالات الإبل

ميز الصوماليون ثلاث سلالات للإبل وهي : هود أو جودر .. ويمتاز بأن وبره ناعم وأملس ، وأنه غزير اللبن وخاصة في الفصل المطير ، وقوته تتجلى في تحمله للدرجات الحرارية المرتفعة وضخامة ما يحمله من المتاع .

أيديم .. ويسمى جمل الصخور لأنه يتحمل العطش فترة طويلة ويمتاز بحجمه المتوسط وسرعته الفائقة في السير في الأراضي الصخرية .

سنضعر .. ويمتاز بألبانه الكثيفة ، وكثرة الدسم فيه ، وهو من أقوى سلالات الجمال ، وأكثرها سرعة غير انه صعب القياد خلال الأراضي الحصوية والرملية والمستنقعات .

ويقوم الصوماليون بصناعة الأحذية من جلود الجمال ، وصناعة السمن من شحوم الجمال غير أن الحكومة قد حددت تصديره للخارج لعدم كفاية الإنتاج لتغطية حاجيات الأسواق المحلية .

الأغنام :

تمثل الأغنام نحو 55% من مجموع الثروة الحيوانية في المقاطعات الشمالية و63% من المقاطعات الجنوبية بما يقدر بنحو 5.267.275 رأسا في الجمهورية الصومالية .

تنتشر الأغنام بصفة خاصة في الهضاب ، بينما يتركز الماعز في السهول المنخفضة . والأغنام ذات رؤوس سوداء في العادة وذيل سمين وتعتبر منطقة بربره من أشهر مناطق شرق إفريقيا إنتاجا للأغنام الممتازة فجلود الأغنام الصومالية مشهورة في الأسواق العالمية ، ولها أيضا سوق كبيرة في عدن .

وأصواف الأغنام في الصومال تدخل في الصناعات المحلية فقط وليس لها تجارة خارجية لعدم جودتها وقصر شعرها ، وتصدر الأغنام إلى الخارج حية أو مذبوحة .

الماعز :

يوجد الماعز عادة حيث توجد الأغنام ، غير أن الماعز يكون أكثر عددا في السهول المنخفضة ، ولجلودها قيمة في التصدير وصناعة الأحذية ، كما أن لبنها غذائي شعبي ، ويصنع منه الزبد أحيانا ، وللحمها قيمة غذائية أقل من الأغنام قليلا . وللماعز ثلاث سلالات هي : جنج بر ، جنج دين ، سلالة عربية .

والماعز يشبه الغزال تقريبا ، وله لون أبيض وشعر قصير .

وحينما يتوافر العشب الأخضر الطيب يمكن للأغنام والماعز أن تعيش بدون حاجة إلى الماء نحو شهرين ، وفي الفصل الجاف تكون الحاجة إلى المياه كل أربعة أو ثمانية أيام .

وتقوم النساء بحلب الأغنام ، وقد يشترك معهن الرجال في حلب الماعز .

ويبلغ متوسط عمر الغنم والماعز نحو خمس سنوات .

وتقدر الثروة الحيوانية من الماعز بنحو 2.088.478 مليون رأسا بنسبة 11% من مجموع الثروة الحيوانية في الجمهورية الصومالية .

الماشية :

يقدر عدد البقر في الصومال بنحو 1.065.120 رأسا أي بنسبة 16.1% من مجموع الثروة الحيوانية في الصومال ، وتربى الماشية من أجل لحومها وألبانها ، ولا تدحل في المجال الزراعي إلا في المناطق التجريبية للزراعة الحديثة ، ويوجد في مقدشوه مصنع لتصدير اللحوم المذبوحة وللحم الصومالي سوق دولية ممتازة .

وأصحاب البقر في الغالب لديهم جمال يستخدمونها في النقل وقد قدر أن كل قطيع من البقر (100 رأس) في حاجة إلى حمارين أو جمل واحد كوسيلة نقل وفي الغالب تكون الماشية على مسيرة يومين أو أربعة أيام على الأكثر من موارد المياه .

وينتشر البقر على هضبة هرر والنطاق الهضبي في الشمال حيث وفرة الأمطار ، أو تلك الأراضي التي تجري فيها أنهار دائمة كما هو الحال على ضفاف جوبا وشبيللي التي فيها نحو 90% من مجموع البقر بالنسبة لجنوب الصومال وتنتشر الأنواع الصغيرة الحجم والقليلة اللبن في مناطق مجرتنيا ومدق .

ولا يميل الصوماليون بصفة عامة إلى لحوم البقر إلا في المدن والمراكز الكبرى .

وتوجد أربعة سلالات ممتازة من البقر هي : 1- وارا : وتنتشر في منطقة جوبا العليا الغنية بالغذاء وهي ذات وبر ناعم وحجم كبير ولبن غزير في فترة الأمطار . 2- سركو : في منطقة بنادر ويمتاز بقرنه الصغير المدبب وحجمه الضخم وجلده السميك ودسامة لبنه . 3- حازارا : ينتشر في شمال الصومال بصفة خاصة وقرنه من النوع المتدلي ، وقد لايوجد له قرن ، ولبنه غزير . 4- يوران : نتشر في منطقة جوبا السفلى وحجمه كبير ولبنه غزير في فترة الأمطار .

الدجاج والطيور :

تكثر حظائر الدجاج في المدن والمراكز الكبرى ، وتنتشر مجموعات كبيرة من الدجاج والطيور في مختلف المناطق الزراعية وتربى من أجل بيضها أو لحمها وتتركز نطاقات التربية حيث توجد السواق المحلية . وقد بدأ الشعب الصومالي يتجه نحو تربية هذه الثروة الحيوانية والاهتمام بها والإكثار منها وتناونل بيضها ولحمها في طعامه .

وتمتاز الدجاجة الصومالية بأنها من الأنواع المدارية الهزيلة ، الخشنة اللحم ، الصغيرة الحجم كما أن بيضها يمتاز بالرقة المتناهية .

ولوفرة الأنواع من الثروة الحيوانية أقبل السكان على اللحم : (البقر والأغنام والماعز والإبل) وابتعدوا عن الدجاج والطيور ، ولذا كان سعرها أرص من أي منطقة زراعية في العالم .

ومن العادات المتعلقة بالبيض أنه لايباع ليلا مهما كانت الظروف ، وأن تربية الطيور والحمام من خلق الطبيعة ، ولذا كثرت أنواع الحمام البري والبط البري والوز البري والدجاج البري وغيرها ، وهذه الأنواع لا تدخل في غذاء الشعب ولا في تجارته إلا في الزمن الحديث فقد ظهرت له تجارة محلية في مقدشوه .

الخيول :

تتركز الخيول الصومالية في شرق عرجابو ووادي ضرور ونوجال وعين وبوراما وأودوينا وهرجيسه ومنطقة هيران وبنادر .. ويبلغ تعداد الخيول في الجمهورية الصومالية 899 رأس ، وكلها توجد حيث وفرة الغذاء والماء ومن خير الأنواع الصومالية النوع المسمى نومالي ، ويمتاز بسرعة العدو ، ويكثر في وادي نوجال ، والنوع الذي يليه يسمى عربي ويستغل في جر العربات في غرب الصومال .

ولا تدخل الخيول في تجارة الصادر .

الحمير :

والحمار هنا وسيلة حمل للمياه والمتاع في البادية ، ووسيلة نقل للأحجار من أجل البناء ، أو حمل أخشاب الحريق .

والحمار أشبه بكفيل للمرعى ، وضابط للحركة إذ أنه يحذر القطيع أثناء الراحة أو الحركة من أي أجنبي قادم من حيوان أو إنسان .. لذلك نجد في كل قطيع حمارا على الأقل كأمر ضروري لحفظ القطيع من الأخطار ليلا أو نهارا .

وتنتشر الحمير في الأراضي الزراعية بصفة خاصة ويقدر تعدادها في الجمهورية الصومالية بنحو 24.285 رأس .

البغال :

تربية البغال غير معروفة في الصومال فهو حيوان غير أصيل في البلاد وموطنه الأصلي بلاد الحبشة التي بها أكبر نسبةمن البغال في العالم ، وقد يستورد بعض الرعاة ( في الإقليم الشمالي) البغال والحمير من الحبشة إذا دعت الحاجة إلى ذلك .. والبغال كما هو معروف نتيجة تزاوج فرس وحمار .

الكلاب والخنازير والقطط :

تربى الكلاب من اجل الحراسة ، والكلب حيوان غير مألوف لدى الصوماليين ، فهم يرون – كمسلمين – أن الكلاب نجسة فلا تربى في منازلهم ، ولذا كانت تربية الكلاب وقفا على الأجانب والغرباء .

أما الخنازير فتربى في حظائر خاصة لدى الأجانب من أجل لحمها وشحمها ، وقد حرم الصوماليون أكل الخنازير وفقا لتعاليم الإسلام الحنيف .

والقطط منها الأليفة المنزلية ومنها القطط البرية ، وهي في العادة متوحشة تأكل صغار الطيور والدجاج .. ولا يميل إليها الصوماليون أيضا ..

ولو أحسن دبغ الجلود وتصنيع هذه الكميات المصدرة خاصة لزاد مجموع الأرباح العائدة على البلاد بنسبة 30 إلى 1 (نقلا عن تقرير هيئة الأمم المتحدة لعام 1956 .. عن حركة الإنماء الاقتصادي في الصومال) .

سياسة الحكومة اتجاه القطاع الحيواني

تعمل الحكومة على توفير المياه في خزانات أرضية على طول النهرين وزيادة عدد الابار في مختلف بقاع المراعي الصومالية لسد حاجة الحيوان من مياه الشرب .

وأقامت الحكومة وحدات بيطرية لعلاج الحيوان في كل المحافظات بالإضافة إلى 27 وحدة بيطرية في أجزاء متفرقة لخدمة الثروة الحيوانية ، ومنع انتشار أمراض الحيوان وقدمت الحكومة لهذه الوحدات البيطرية كل مستلزماتها من أمصال ووسائل العلاج والمختصين من أطباء ومساعدين ، كما أنشأت معملا للأمصال والتحصين في مركة ، وآخر في هرجيسه ، وفي سبيل التوسع في إنشاء المعامل الواقية للحيوان .

وتقوم الحكومة حاليا بإنشاء مصنع اللحوم في كسمايو ومجرتنيا مع الاهتمام باختيار السلالات الممتازة المدرة للألبان لمساعدة مصانع الألبان الجديدة المقرر إنشاؤها في مقدشوه وكسمايو .

وتقوم الحكومة أيضا بإنشاء حظائر في افجوى لتربية الدجاج واختيار الأنواع الملائمة للبيئة الصومالية بمناسبة التوسع في إنشاء مثل هذه الحظائر وتعميمها في سائر أنحاء الجمهورية الصومالية لسد حاجة السكان من لحوم الدجاج والبيض وتصدير الفائض من الإنتاج .

وتهتم الحكومة بأمر الغابات ومكافحة السياسة الهدمية التي يتبعها بعض الوطنيين في حرق الأخشاب وتفحيمها وغير ذلك من أجل ضبط الحياة الحياة النباتية كعامل مساعد لتثبيت التربة ، وفي الوقت نفسه تكون مصدرا هاما من مصادر التغذية للحيوان .

وقد قامت الحكومة بإعادة الحياة الغابية لمنطقة عرجابو وتوسعت في زراعة النباتات في منطقة داماس قرب الساحل عند ناحية برديرا وأقامت الغابات والأشجار الطويلة الضخمة بين مركة وبراره لوقف حركة الرمال التي كثيرا ما تغير على الأراضي الزراعية فتدمرها أو تفسد الحياة النباتية بها .

كما اهتمت الحكومة بزراعة أشجار جديدة تمتاز بضخامتها وقيمتها الخشبية العالية كأشجار الماهوجنى ، وقد عملت الحكومة على تعميم زراعتها على ضفاف نهري جوبا وشبيلي وفي الوقت نفسه تقدم الحكومة بمشروع قرار أمام الجمعية الوطنية بإصدار قانون الغابة لحماية النباتات الطبيعية من أجل تحسين الإنتاج الحيواني والأخشاب اللازمة لبناء وصناعة السفن وغيرها .

وتقوم الحكومة بدراسات منها تعميق المجاري المائية وزيادة الآبار وإقامة الحواجز والسدود والخزانات على النهار وتنظيم تصريف النهر لإيجاد مناطق لتعليف الحيوان وتكون مراكز راحة لزيادة الإنتاج الحيواني من الألبان والزبد واللحوم أيضا .

وتقوم الحكومة بوضع أسعار محددة لجلود الحيوان بصفة عامة سواء الحيوانات الأليفة أو البرية وفي الوقت نفسه تعمل على توعية القائمين بسلخ الجلود باستخدام الوسائل الحديثة في سلخ ودبغ الجلود حتى يمكن الحصول على أثمان مرتفعة وتوسيع التجارة الخارجية في الجلود ، وفي سبيل ذلك أوجدت مراكز تدريبية لتعليم الشعب على خير الطرق لسلخ ودبغ الجلود .

وتقوم الحكومة أيضا بحملة دعاية نحو زيادة إنتاج الزبد من غير إضافة روائح خارجية كالقرنفل والحبهان حتى يمكن زيادة الصادر منه إلى الخارج .. فمثلا .. استوردت الجمهورية العربية المتحدة في عام 1949 نحو ألف صفيحة كبيرة من السمن الصومالي ، بسبب رائحته غير المألوفة لدى شعب الجمهورية العربية المتحدة ، وقد اتضح أن خليط السمن بروائح أخرى غير مرغوب فيه كثير من البلاد ، ولذا وجب مراعاة ذلك لزيادة الحركة التجارية مع الدول الخارجية .

الفصل الثالث الإنتاج الزراعي

طبيعة الإنتاج :

تعتبر الأرض ملكا للخالق وحده في جميع أنحاء الصومال ، فالأرض ملك مشاع للجميع ، وإن كانت هناك علامات مميزة لملكية جماعة ما .. فإن الجميع يشتركون في استغلال مراعيها ومواردها المائية وتنظيم طرق استغلالها ، وتفرض غرامات على من يخالف النظام .. وليس معنى هذا انعدام الملكية بل هناك ملكية داخل الأراضي الزراعية عند المستقرين ، ولهم حق البيع والشراء والتوريث بشرط أن يتم ذلك داخل الأسرة ..

وهناك ملكية للإيطاليين تقدر بسبعين ألف هكتار من مجموع الأراضي الزراعية النهرية في الإقليم الجنوبي وتبلغ مساحتها 146 ألف هكتار ، وكذلك ملكيات صغيرة لبعض الجاليات الهندية الباكستانية والعربية للاستغلال الزراعي أو تأجيرها نقدا أو عينا أو كليهما .

ويتضح أن المستغل في الزراعة 935 ألف هكتار (زراعة نهرية وزراعة جافة) بينما الأراضي القابلة للزراعة 8.450.000 هكتار أي ان المستغل فعلا لا يساوي عشرة في المائة من المساحة المفروض أنها داخل نطاق الأراضي الزراعية الصالحة للإنتاج .

وتعتمد الزراعة على مياه الأمطار عدا مساحات بسيطة على جانبي نهر شبيلي ونهر جوبا حيث تروي بعض المحاصيل ريا إضافيا بمياه هذين النهرين .

والأمطار تسقط على الإقليم الشمالي في النطاق الساحلي في موسم الشتاء وقليل في الربيع بمتوسط سنوي من صغر إلى 250 سم وفي باقي أجزاء الجمهورية الصومالية في موسمي الربيع والخريف ، وتختلف كمية الأمطار بين مكان وآخر بمتوسط من 100 إلى 700 سم في العام .

ونهر شبيلي تصريفه في الفيضان الربيعي 180 مترا مكعبا في الثانية عند جوهر ، و 1000 متر مكعب في لاثانية عند جينالي ، وفي الفيضان الخريفي أقل وينخفض النهر بين الموسمين إلى 25-30 مترا مكعبا في الثانية ، كما يجف في فبراير ومارس عدا بعض الجهات ويبلغ متوسط الملوحة في مياه النهر نحو 13.36 في المائة ألف وتزيد أو تنقص على حسب اختلاف الشهور ، وأقصاها ملوحة في فبراير ومارس فقد تصل إلى جزء في المائة ألف مما يحد من التوسع الزراعي على نهر شبيلي .

ونهر جوبا فيضانه الربيعي أقل من الخريفي ، ومتوسط تصريف الخريف من 800 إلى 1000 متر مكعب في الثانية وتنخفض إلى 150-200 متر مكعب في الثانية في شهور الشتاء ، وهناك عدد من الآبار التي تستغل بالطلمات التي تديرها الرياح .

وتبعا للإمكانيات المائية التي ذكرناها حول النهرين والعيون والآبار ، وأن أكثر الأراضي الزراعية تمتد على ضفاف نهر شبيلي رغم صلاحية نهر جوبا للإنتاج الزراعي والتوسع الزراعي ولعل هذا لأن نهر جوبا كان حدا بين الصومال وكنيا حتى عام 1925 مما آخر استغلال نهر جوبا .

والري يعتمد على حفر قنوات تأخذ مياهما من النهر أثناء الفيضان ، ولكن ضيق القناة وقلة عمق النهر لا تعطي فرصة لدى مساحة كبيرة رغم استواء الأرض ، لذا كان للمراوح الكهربائية والهوائية دور كبير في الري . وقد أقيم جدار لحجز المياه عند بلدة جوهر حتى يمكن ري أراضي جوهر بالراحة ، وقد ساعد على نجاح هذا المشروع وجود مجرى ضيق للنهر .

وحول نهر جوبا تنخفض بعض المناطق ، إلى نحو أربعة أمتار لذلك أمكن ريها طبيعيا ، والفائض يعود إلى النهر بعد انخفاض مستوى المياه فيه .

أما التربة فهي فقيرة في الأزوت والفسفور والبوتاس ، وقد تتعرض للتعرية النهرية أو الجوية ، ولذا تعمل الحكومة بالتعاون مع المزارعين على تقوية التربة وحمايتها من التعرية .

حالات الإنتاج الزراعي في الإقليم الشمالي

العوامل المؤثرة في الإنتاج :

يتأثر الإنتاج الزراعي في الإقليم الشمالي من الجمهورية الصومالية بثلاث عناصر أساسية هي :

أولا – الموارد المائية : توجد المزارع حيث تكون كمية المتساقط ما بين 15 ، 20 بوصة في العام أو حيث يمكن الاعتماد على الري الصناعي سواء باليد من الآبار ، أو بالآلات الحديثة أو على مجاري الأنهار .

ثانيا – التربة : توجد مزارع لو وجدت تربة جيرية أو تربة ملحية وتوافر لها الماء اللازم لتحولت إلى أرض خصبة أو لتحولت التربة الجيرية إلى تربة هشة خصبة أو حيث توجد التربة الجيرية الرملية على أن تكون نسبة الجير أقل من الرمل وتكون من أصل نوبي أو أركي وهذا أحسن أنواع التربات الرملية .

ثالثا – الحرارة : توجد المزارع حيث تكون الدرجات الحرارية ملائمة لنمو النبات وازدهاره .

وعلى أساس العناصر الثلاثة السابقة يمكن أن نحدد نطاق توسع الزراعة في الإقليم الشمالي – وهو السفوح الشمالية للمدرجات الجبلية إذا توفر لها الماء الدائم ، وفي الوقت نفسه تكون هذه الجهات في حماية من الرياح الجنوبية الغربية الموسمية ولذا كانت التربة بها أكثر استقرار وتقدما .

ونلاحظ أن الإقليم الشمالي لا يساهم في الإنتاج الزراعي إلا بخمسة في المائة من الإنتاج العام وكلها مركزة في منطقة سجسج ومناطق الري .

مناطق الإنتاج

أولا – مناطق زراعية تعتمد على مياه الأمطار : جاء في تقرير لمستر Peck مدير الزراعة والعلاج البيطري العلمي (سابقا) في الإقليم الشمالي أن مجموع الأراضي الزراعية في الإقليم الشمالي تبلغ 800 ميل مربع منها 400-500 ميل مربع في منطقة الأمطار الممتدة من هرجيسه إلى بوراما ( تمتد شرقا إلى هضبة هرر) وأهم المحاصيل الزراعية هو الذرة العويجة وأحيانا الذرة الشامية مع قليل من الحبوب الثانوية كالقمح .

وهناك بعض المزروعات التي تقوم في منقطة سجسج وعلى جبال الهيلز ووجير وجوليس وحيث تكون الأمطار دائمة تقريبا . فمنطقة سجسج تسقط عليها أمطار متوسطها ما بين 10 إلى 20 بوصة في العام . ومتوسط حرارتها نحو 35º م وارتفاعها يصل إلى 4 آلاف قدم .

ثانيا – مناطق زراعية تعتمد على فيضان الأنهار : تشبه النوع السابق من حيث أنواع الإنتاج كالذرة العويجة ، وتتم عملية حرث الأرض باستخدام الثيران في جر المحراث الخشبي . وفي هذه المناطق يقوم المزارعون بتربية الماشية وتسميتها على العيدان الخضراء .

وأهم المزارع في الوقت الحاضر هي الموجودة في الأراضي المنخفضة في لابس ، ايلاي وفي الأراضي الدلتاوية المروحية في براتو ، هوك ، هالين ، تاليح ، أدوينا .

ثالثا – مناطق زراعية تعتمد على الري الصناعي : أهم المناطق الزراعية التي تعتمد على الري الصناعي توجد في منطقة ميديشا Madish حيث توجد المياه الجارية طول العام وحيث يمكن رفع المياه بسهولة إلى المزارع كما في تاكوشا Tagusha قرب زيلع إذ ترتفع المياه من القنوات بالطرق الآسيوية على حين تكون الطريقة الفارسية في ميديشا .

وتوجد مزارع متعددة صغيرة لإنتاج الحضر والطماطم والبامية والكوسة والفرع العسلي وغيهرا ، على أن تكون لها أسواق محلية أو قريبة .

وأغلب المناطق الزراعية التي تعتمد على الري توجد في الجهات المنخفضة والسهول على طول ساحل خليج عدن (جابون) ومن المزارع التجارية الهامة أجزاء في تاكوشا وميديشا وقرب شيخ حيث مزرعة Ala Wia كما توجد مزارع في Bakh, Bihendula, Bodo hanga – ElBirdaleh – Asseh .

ومن المزارع القديمة كما في Mash Aled على جبال Las Rereh ونباتاتها كثيرة المياه وقد أصبحت الآن مناطق للنباتات الطبيعية .

ومن الملاحظ أن أجود الأراضي القابلة للزراعة تدخل في نطاق سجسج إذ أن التربة هشة من أصل نوبي أو أركي ، فهي تربة رملية مشتقة من هذه الصخور وتعمل وزارة الزراعة على تعميم الري الدائم في هذه الأراضي بدلا من ري الحياض من الأنهار الموسمية .

ويملك المواطنون عدة مزارع فقيرة في جهات مختلفة ولها إنتاج ذو قيمة اقتصادية بسيطة ويمكن العمل على تحسين إنتاج هذه المزارع بتحسين التربة وحمايتها من التعربية ، واختيار السلالات الممتازة من التقاوى ، وتنظيم الري .

وقد تتعرض في بعض الجهات الزراعية للجراد الذي أفسد المحاصيل فترات طويلة في المقاطعات الشمالية ، ولذا وجب الاهتمام بمحاربة هذه الآفة الفتاكة ، والعمل على زيادة الإنتاج واستقراره .

وهناك مشروع لإعادة الحياة النباتية إلى المنطقة الرسوبية القديمة في Der على مسافة ثمانية أميال إلى الشرق من برعو ، وذلك بتنظيم ري هذه المنطقة عن طريق المجاري المائية الفصلية التي تسير شمال برعو ولا تبتعد عن المنطقة المرغوب تزريعها إلا بأميال بسيطة .

متنوعات زراعية :

نجحت زراعة البن في هرجيسه ولم تجر بعد تجارب على زراعته في الأراضي المنخفضة . كما نجحت زراعة الطباق في Manya Asseh عام 1942 غير أن صاحب المزرعة لسبب ما هاجر من البلاد ، فإذا وجدتن مزارع الطباق اهتماما كافيا فسيكون له تأثير كبير في اقتصاديات البلاد .

ونخيل البلح في تطور إنتاج وخاصة في المناطق الساحلية ، كما تكثر أشجار الصمغ واللبان ، ويصدر الإقليم الشمالي نسبة كبيرة من الصمغ واللبان إلى دول أوروبا منذ مئات السنين .

وقد ظهرت محاصيل غذائية كالذرة والقمح والفواكه في منطقة دعيب وداماس .

حالات الإنتاج الزراعي في الإقليم الجنوبي

بسبب اتساع المساحة تنوعت الظاهرات المناخية والتربة من مكان إلى آخر ، فالأمطار لا تتعدى 50 مم في المناطق الشمالية وتصل إلى 1000 مم في المناطق الجنوبية ، ومن المعروف أن الزراعة لا توجد إلا حيث تبلغ كمية المتساقط السنوي في متوسط 300 مم الأراضي التي تعتمد على الأمطار تسمى الأراضي الجافة .

وحيث توجد الأنهار الكبرى مثل نهر شبيلي ونهر جوبا توجد الزراعة على أساس الري الصناعي وهناك من الراضي ما يعتمد على فيضان النهر الموسمي والمياه الباطنية في الزراعة كما هو الحال في وادي ضرور ووادي نوجال . وفي مجال الاستغلال الزراعي نجد نوعين من الاستغلال ، الأول وهو الأكثر انتشارا ويمثل 250 ألأف هكتار لزراعات متنوعة على مدار السنة و400 ألف هكتار محاصيل صيفية أي نحو 650 ألف هكتار تستغل بطرق أولية معتمدة أساسا على مياه الأمطار والأيدي العاملة في نظام الزراعة الواسعة دون استغلال القوي الحيوانية كمصدر للطاقة او الآلات الحديثة التي تدار بالوقود .. وإنتاج هذه المساحة الضخمة وحالة الأمطار من غزارة أو ندرة ، ولذا كان الإنتاج العام متذبذب ، عام لآخر .

أما النوع الثاني من الاستغلال الزراعي فهو الذي يعمتد على الري الصناعي ويمثل في مجموعة نحو 158.500 هكتار وتتركز أكبر المناطق إنتاجا حول نهر جوبا وشبيلي وبصفة خاصة في نطاق جوهر وافجوى وجينالي ومرجريتا وجيلب . وتزرع هذه المناطق وفق نظم زراعية علمية باستغلال الآلات الميكانيكية والطلمبات ، واختيار التقاوي المنتقاة ، ومحاربة الآفات الزراعية ، وتجري عملية الحصاد باستخدام الآلآت . ويستخدم رأس المال الأجنبي فيها على نطاق واسع على عكس ما ترىه في منطقة الزراعة الجافة (التي تعمتد على المطر) ويملك الإيطاليون نحو 72.842 هكتار من أخصب الأراضي الزراعية ممثلا في 199 مزرعة في مناطق جوهر وافجوى وجينالي وجوبا .

وأشهر المحاصير الزراعية في مناطق الزراعة الجافة هي الذرة والسمسم والفول السوداني وأحيانا القطن أما المناطق الزراعية الكثيفة التي تعتمد على الري ، فأشهر محاصيلها القصب والقطن والموز والذرة الشامية والفول السوداني والخضر والفاكهة بصفة خاصة .

ومتوسط غلة الفدان في هذه المزارع على النحو التالي :

الذرة الرفيعة 1.5 كنتال ، الذرة الشامية 9 كنتال ، اللوبيا 2.5 كنتال ، الفول السوداني (اللوز) 8 كنتال ، السمسم 2 كنتال ، القطن 8 كنتال ، السكر 20 كنتال ، الموز 98 كنتال .

وتعمل وزارة الزراعة في الجمهورية الصومالية على تعديل هذه النسب ورفع مستوى الإنتاج عن طريق نشر الوعي الزراعي بين المواطنين وتسهيل عملية حصول الفلاح على البذور المنتقاة بأسعار معتدلة وكذلك استخدام المخصبات في التسميد .

الحاصلات الزراعية

القطن : القطن من الحاصلات الجديدة في الجمهورية الصومالية من الناحية الإنتاجية كغلة نقدية وإن كان تحديد تاريخ زراعة القطن في الصومال يواجه بعض المصاعب إلا أنه من المؤكد أن الصوماليين عرفوا زراعة القطن من أكثر من ألف عام في مناطق وارشيخ ، أتيلا ، مقدشوة ، مركة ، برارة ، مرجريتا ، بيدرا ، بورهجبه ولوخ فراندي (جنانه) .

وقد تحدث ابن بطوطة في عام 1331 ميلادية Georgio Mgluis زراعة القطن في الصومال بأن مساحته قليلة وصنعه جيد وأنه يحلج يدويا ويصدر إلى الهند ، واشار إلى إمكان زيادة المساحة المزروعة قطنا لما له من أهمية لنمو اقتصاديات الصومال .

وفي عام 1896 ذكر سورنتينو Sovrentino أن مدينة مقدشوه بها حوالي ألف آلة لغزل القطن وكل آلة تصنع أربعة أثواب في الشهر وكل ثوب يبلغ طوله نحو 12 ذراعا بعرض ذراع ونصف ذراع أي أن الإنتاج السنوي لمغازل القطن الصومالي نحو 148 ألف ثوب .

وقد ذكر سورنتينو أن هذه الصناعة تتركز في شنغالني (حي قديم قريب من ميناء مقدشوه الحالي) وأن هذه المنسوجات القطنية تمتاز بألوانها الزاهية الدقيقة الصنع .

وفي عام 1913 جاء في تقرير بعثة باريلي اتسيفانين Parli Stefanini أن العوامل الجوية ملائمة لزراعة القطن ومن الممكن زيادة مساحة زراعة القطن والمحافظة على الأنواع المزروعة التي تأقلمت بالمنطقة ومحاولة تهجين الأصناع المحلية بأصناف برية .

وكانت الأصناف الموجودة في الصومال من الأصناف المصرية مثل القطن الميت عفيفي والكلاريدس والعباسي وفي عام 1920 بدأت الزراعة الفعلية للقطن تتسع إلى الشمال من مقدشوه وعرفت في منطقة جوبا سنة 1924 وفي عام 1931 بلغ الإنتاج من شعر القطن نحو 1102 طن لمساحة قدرها 11 ألف هكتار .

ظروف الإنتاج : يحتاج القطن إلى درجات حرارية تبلغ ما بين 21.1 ، 22.2 درجة مئوية ولذا كانت الصومال في مجموعها من أصلح بلاد العالم إنتاجا للقطن من حيث توافر درجات الحرارة الملائمة لنمو القطن .. ومن ناحية التربة نجدها عموما من النوع الطيني الأسود الخفيف وخاصة في المناطق المحيطة بنهري جوبا وشبيلي والبالغ مساحتها نحو 26 مليون هكتار (65 مليون فدان) ومعنى هذا أن التربة الزراعية الصالحة لإنتاج القطن في الصومال تساوي عشرة أمثال مثيلتها في السودان .

ومن ناحية الموارد المائية فإن الأمطار تسقط بغزارة في موسمين (ربيع وخريف) (جو ودير) بالإضافة إلى الري الدائم من الأنهار بواسطة الآلات الميكانيكية أو الآبار الارتوازية للجهات البعيدة عن النهر .

أنواع القطن : أغلب الأصناع المزروعة في الصومال من النوع طويل التيلة وتقدر نسبة زراعته بنحو 95% من المساحة الكلية للقطن ويدخل في نطاقها نوع السكلاريدس (ساكل) والكرنك .

أما النوع القصير التيلة فهو من النوع الأمريكي Pymaster وكثيرا ما يتعرض لديدان اللوزة مما يعرض نحو 60% من المحصول للتلف في حالة شدة الإصابة .

مواعيد الزراعة :

تبدأ الزراعة قبل موسم الأمطار (جو) في إبريل إلى مايو وتترك على المطر حتى الجنى ومن الشائع بذر التقاوي على مسافات من نصف إلى متر واحد .

وفي بعض المناطق تغرق الأرض بالمياه لانتزاع الحشائش الضارة منها وفي المناطق المنخفضة التي تعتمد على مياه فيضان الأنهار يزرع بعد انحسار المياه .

مناطق إنتاج القطن :

1- منطقة جينالي : في هذه المنطقة يبلغ متوسط الأمطار 83 مم في شهر مارس ويمكن حذر البذور في أوائل شهر إبريل وفي شهر مايو تصل الأمطار إلى متوسط 30 مم فيجد النبات الماء الكافي للنمو بجانب الحرارة المرتفعة التي تساعد على سرعة النمو وتصل درجة الحرارة ما بين 34.5º إلى 23.5º .

وفي شهر يونيه ويوليو تصل كمية الأمطار فيما بين 113 ، 110 مم فيجد النبات المياه اللازمة لتكوين النواع الثمرية وتكون الحرارة مناسبة حتى فترة النضوج في أواخر أغسطس ويكون جمع المحصول في شهر سبتمبر .

2- المناطق القريبة من مقدشوه : تبدأ الزراعة بعد منتصف شهر إبريل حيث تجد البذور الماء الكافي والحرارة المناسبة لنموه من 32.5 إلى 26 وتزداد كمية المطار بالتدريج من مايو إلى سبتمبر ومتوسطها 35.5 مم ، ويجمع القطن عندما تصل نسبة التفتح فيه 25% ثم يضم الها إلى 25% الثانية التي تؤخذ بعد عشرة أيام خوفا من سقوط الأمطار وبعد ذلك يؤخذ باقي المحصول .

3- منطقة جوهر : يمكن إعداد الأرض في مارس وتبدأ الزراعة في أول إبريل حيث تبدأ الأمطار في الزيادة الكافية لنمو النبات ويجني المحصول في النصف الثاني من شهر أغسطس حتى نهاية شهر سبتمبر حيث درجات الحرارة عالية والجو جاف تماما .

4- منطقة كسمايو : تبدأ الزراعة في شهر إبريل حيث الأمطار 33 مم وفي هذه المنطقة يزداد سقوط الأمطار شهرا بعد شهر وتصل الأمطار إلى 63 مم في مايو ، 115 مم في يونيه و94 مم في يوليه و23 مم في أغسطس وبذلك يجد النبات الكفاية من المياه في جميع أطوار نمره والحرارة مناسبة جدا .

5- منطقة برديرا : تبدأ الزراعة في شهر مارس فالأمطار 35 مم وفي شهر إبريل 98 مم ومايو 28 مم ويونيه 16 مم ويوليه 25 مم والجنى يكون في آخر أغسطس .

ومن الملاحظ أن درجات الحرارة مناسبة في جميع أدوار نمو القطن .

6- منطقة بيدوا : تبذر البذور في مارس في اليوم الثاني لسقوط الأمطار حيث يكون متوسط الأمطار 103 مم وفي شهر إبريل تكون المياه كافية (147.7 مم) وفي شهر مايو 104 مم ، ويجني المحصول في شهر أغسطس وهي بذلك تكونمن أسبق المناطق إنتاجا للقطن في صوماليا من حيث موسم الجنى .

وفي هذه المنطقة يمكن زراعة مساحة أخرى فتعد الأرض في شهر أغسطس وتلقي البذور في شهر سبتمبر حيث يكون الماء كافيا فالأمطار في متوسط 17 مم تصل في شهر أكتوبر 160 مم وفي نوفمبر 75.3 مم وفي شهر ديسمبر 13.8 مم . ويمكن جمع القطن في شهر يناير وهي تغطي محصولا كثيرا حيث الحرارة تكون بسيطة في أول الزراعة ومرتفعة نوعا في فترة الحصاد .

الوسائل الكفيلة للنهوض بزراعة القطن في لاصومال :

مما لا شك فيه أن البيئة الصومالية صالحة لزراعة القطن ويمكن التغلب على مشكلة المياه لضمان استقرار الإنتاج ، وفي الوقت نفسه لا بد للدولة أن تضع مخططا علميا اقتصاديا للنهوض بزراعة القطن ، وأن تعمل على عدم الاعتماد على غلة واحدة وهي الموز ، فمن الصالح العام الاهتمام بمحصول القطن كغلة نقدية بعد الاكتفاء الذاتي . وأهم الأسس التي يجب مراعاتها لتحسين الإنتاج الصومالي من القطن هي : 1- العمل على إرشاد المزارعين إلى طرق الزراعة الصحيحة ، وغلى كل ما يتطلبه من عناية وخبرة مع تدريب عدد من العمال ليكونوا نواة للإرشاد الزراعي بالمناطق . 2- ضرورة إدخال النظم العلمية لهذا المحصول بالمزارع الكبيرة حتى يمكن العمل على غقامة (الأصناف الممتازة) التي تجدد بالمناطق ، علاوة على اتباع عمليات التهجين الصناعي حتى يمكن إيجاد أصناف جديدة وإكثار ما يصلح منها ويمتاز بالصفات المرغوبة التي تنحصر في زيادة الإنتاج وجودة التتيلة ومقاومة الأمراض . 3- إدخال نظام إكثار البذور لإمداد الزراع بتقاوي مجددة سنويا ، وغير مخلوطة وحتى يمكن الاكتفاء الذاتي بما يلزم من التقاوي دون الحاجة للاستيراد . 4- ضرورة تنفيذ نظام تجديد الأصناف بالمناطق . 5- العناية التامة بالتقاوي واختيارها قبل التوزيع مع تزويد المحالج بجهاز الهواء الساخن لمعالجة التقاوي من الآفات بعد الحلج ، علاوة على معالجتها بالكيماويات المناسبة . 6- التوسع في عمل التجارب الزراعية لإمكان الأخذ بها ثم نشر نتائجها للعمل بموجبها . 7- ضرورة وضع نظام فعال وسريع لمكافحة الآفات والأمراض بالكيماويات الحديثة مع عمل التجارب المختلفة لهذا الموضوع الذي له أثر بالغ على محصول القطن الصومالي في الوقت الحاضر . 8- تشجيع المزارعين الممتازين على زراعة وإنتاج ونظافة القطن وذلك عن طريق المكافآت التشجيعية لبث الروح المنافسة والعناية إزاء هذا المحصول الأمر الذي يؤدي لزيادة الإنتاج المستمر . 9- العمل على تشجيع تكوين الجمعيات التعاونية الزراعية حتى يجد المزارع كل ما يحتاج إليه من الآلات والتقاوي والسلفيات وتسهيل تصريف محصوله . 10- تنظيم عمليات بيع المحصول حتى لاتقوم عقبات أمام المنتجين بالنسبة لتصريف القطن بما يعود عليهم بأرباح مادية مشجعة . 11- ضرورة العمل على اتخاذ كافة التدابير التي تؤدي لتنفيذ كل ما يصدر من قوانين خاصة بالمحصول سواء بالنسبة للمزارعين أو المحالج . 12- العمل على فتح أسواق خارجية لتصريف المحصول والدعاية له بالخارج . 13- استيراد الأصناف الجيدة من الخارج لإدخالها بالتجارب وتعميمها بعد نجاحها . 14- الاستعانة بالخبراء الأجانب والاستفادة منهم في تخطيط العمل الزراعي والتسويق . 15- إجراء دراسات وأبحاث بشأن استزراع القطن في الإقليم الشمالي .

الموز

من المحصول الغذائية والتجارية الهامة في الجمهورية الصومالية وهو يمثل 75% من تجارة الصادر في المواد الغذائية ، ويشغل مساحة تقرب من عشرة آلاف هكتار .

وقد حدث تطور كبير في إنتاج الموز ، فقد كان عام 1950 نحو 360 ألف كنتال وفي عام 1953 بلغ 600 ألف كنتال وفي عام 1955 بلغ 650 ألف كنتال وفي عام 1958 بلغ 830 ألف وهي عام 1959 وصل إلى 1850 ألف كنتال .

مزارع الموز : ويزرع الموز في مزارع واسعة على جانبي نهر جوبا ونهر شبيلي ، ويقوم بإنتاج وتسويق وتصدير الموز شركتين إيطاليتين في ميناء مركة وميناء كسمايو وشركة ثالثة في إيطاليا وهي التي تستلم الموز في إيطاليا وتوزعه بأسواقها .. والشركتان هما : - شركة S.A.C.A. ولها امتياز زراعي وهي تتكون من 150 منتجحول نهر شبيلي (منهم 15 صوماليا) وتصدر عن طريق ميناء مركة . - شركة S.A.G. وهي شركة جوبا الزراعية وتتكون من 80 منتج حول نهر جوبا (منهم 12 صوماليا) وتصدر عن طريق ميناء كسمايو .

وتنحصر أعمال الشركتين فميا يأتي : 1- تسليف منتجي الموز زراعيا بضمان المحصول . 2- تنظيم عمليات التصدير بين جميع الأعضاء بتحديد الحصة سنويا لكل منتج والحصة الشهرية أيضا . 3- تدبير البواخر الإيطالية اللازمة لشحن كل رسالة . 4- الإشراف على الوزن والشحن والرقابة والتصديق على الكميات المصدرة من كل رسالة . 5- محاسبة كل منتج في نهاية كل شهرين واحتساب مصاريف إدارية بواقع شلنين عن كل كنتال .

والموز الصومالي لا يجري عليه عملية إنضاج صناعي ولكنه يصلح للشحن مباشرة بعد جمعه من الحقل في بواخر ذات حجرات تبريد مناسبة .

ويمتاز الموز الصومالي عامة بكبر حجم أصابعه ، واعتدال حلاوته كفاكهة ، أما الأنواع الأخرى فيمكن أن تستغل في إنتاج مساحيق نشوية غذائية أو كحول .

وتعمل الحكومة على توسيع مساحات الموز ووسائل نقله وتخفيض أسعار الشحن والتفريغ حتى يصل إلى الأسواق الخارجية بسعر مناسب وفتح أسواق جديدة له . ومساعدة المنتجين الصوماليين على زيادة الإنتاج بصفة خاصة .

وتعمل الحكومة على توسيع مساحات الموز ووسائل نقله وتخفيض أسعار الشحن والتفريغ حتى يصل إلى الأسواق الخارجية بسعر مناسب وفتح أسواق جديدة له ، ومساعدة المنتجين الصوماليين علىزيادة الإنتاج بصفة خاصة .

وفي 15 فبراير عام 1961 أبرم أول تعاقد بين الشركتين السابق ذكرهما والشركة العامة للتجارة الداخلية بالجمهورية العربية المتحدة على استيراد 80 ألف طن متري من الموز بسعر الطن 4755 جنيه استرليني وبذلك بدأ الموز الصومالي لأول مرة يجد له أسواقا خارج إيطاليا .

كما عملت الحكومة على زيادة حصة إيطاليا من الموز من 65 ألف طن إلى 87 ألف طن سنويا .

قصب السكر

يزرع القصب في منطقة جوهر حيث تملك شركة سايس امتياز إنتاجه وتصنيعه وتسويقه بموجب امتياز عام 1927 الذي منح الشركة 24 ألف هكتار من الأراضي الخصبة في منطقة جوهر .

وفي 4 نوفمبر 1962 وقعت الحكومة الصومالية وشركة سايس على وثيقة تنص على انتقال هذه الشركة في ميعاد أقصاه شهر إبريل عام 1962 إلى شركة صومالية .

والمساحة المحددة لزراعة قصب السكر تصل إلى 3500 هكتار يزرع في كل موسم حوالي 500 هكتار . وتكون الزراعة الأولى في شهر إبريل والثانية في شهر نوفمبر . والري على ماء المطر في موسم الأمطار ، وبعدها يكون الري من الأنهار بالراحة بمعدل رية كل شهر ، ويبقى القصب في الأرض من 14 إلى 15 شهرا ، أما الخلف فيبقى 12 شهرا . ويكون القصب الموجود في الأرض من حلقتين أو ثلاث ، وتترك الرض بورا بعد الخلفة الثانية أو الثالثة .

ويقل الهكتار الواحد 1500 كنتال قصب في لاسنة الأولى ومن 800 إلى 900 في السنة الثانية ومن 1500 إلى 800 في السنة الثالثة ثم بعدها تبور الأرض لمدة عامين بعد القصب .

وهذا المحصول يقرب من محصول الفدان في جنوب أفريقيا وموريتانيا ، ونسبة السكر في القصب ضعيفة فكل 9.6 طن قصب يستخلص منها طن سكر ، على حين أن كل 8.7 طن قصب في جنوب إفريقيا يستخلص منها طن سكر ، ولعل هذا الضعف في الإنتاج يرجع إلى قلوية التربة وعدم اختيار نوع ممتاز للزراعة ، وذبذبة الأمطار ونقص مياه نهر شبيلي أثناء موسم جيلال (ديسمبر إلى إبريل) .

صناعة السكر :

تعتبر صناعة السكر من أهم الصناعات بالجمهورية الصومالية رغم قلة إنتاجها عن مستوى الاستهلاك المحلي .

يقع مصنع السكر الحالي في مدينة جوهر على مسافة 90 كيلو متر شمال مقدشوه ، وطاقته الإنتاجية 500 طن يوميا من القصب ينتج 50 طن سكر ويكون بذلك الإنتاج السنوي من السكر 12 ألف طن على أساس موسم العمل .

يعمل المصنع في موسمين كل منهما أربعة شهور يولية وأغسطس وسبتمبر وأكتوبر ، وديسمبر ويناير وفبراير ومارس .. وتجري أعمال الصيانة في الفترات الباقية .

وبلغ الإنتاج في عام 1960 نحو 11400 طن من السكر و 150 ألف لتر من الكحول النقي و140 ألف لتر من الكحول المحول إلى روم بكميات صغيرة ، 40% من وزن القصب المستعمل تحول إلى باجاس ، 20% من القصب المستعمل تحول إلى مولاس ، ويستغل جزء من الباجاس كوقود للغلايات في نفس المصنع .

والمصنع من منشآت صناعية من الصلب وله محطة توليد كهرباء خاصة : ويستهلك من الكهرباء نحو 500 كيلوات وأقصى حمولة 700 كيلوات في الساعة وهي تغذي المناطق المجاورة في نصف دائرة قطرها 60 متر بضغط 220 فولت وهذا الحمل نحو 30 كيلو يوميا ، ويباع بسعر الكيلو شلن واحد ، ومحطة التوليد تستعمل 15 طن بخار في الساعة ، ويستغل المصنع نحو ثمانية أطنان من البخار ، 3 متر مكعب من المياه لكل طن قصب سكر .

ويعمل في المصنع نحو 400 عامل خلال موسم العمل في ثلاث دوريات وفي موسم الصيانة يبلغ عدد العمال نحو 150 عامل يوميا وفي دورة واحدة .. وأجور العمال ما بين 3-25 شلن في اليوم والأجور السنوية 4.440.000 شلن وللمصنع عدد من المساكن مخصصة للعمال والموظفين .

وسعر السكر 209.5 شلن لكل 100 كيلو جرام بما في ذلك 89.5 شلن رسم إنتاج والسعر للمستهلك 230 شلن لكل 100 كيلو جرام ، ويختلف السعر حسب الجودة وتوافر السكر وفي العادة 2.30 شلن للكيلو وارتفع السعر إلى 3.15 شلن للكيلو في صيف عام 1964 نتيجة لتعطيل العمل في المصنع خلال خمسة شهور .

ومن الملاحظ أن الإنتاج لا يكفي الأسواق المحلية رغم أن سكان مقاطعات مجرتينا ومدق وبرعو وهرجيسه يعتمدون في الغالب إلى السكر المستورد من الخارج سواء كان لصعوبة المواصلات الداخلية وارتفاع السعرعن المستورد ، أو لأن أهل هذه المقاطعات يفضلون السكر الأبيض عن السكر غير الناصع البياض الذي ينتجه مصنع جوهر أو لوجود شركة بيس في هرجيسة ، وحق امتيازها في استيراد السكر من بريطانيا والدول التابعة لها وذلك قبل استغلالها .

وتتجه السلطات الصومالية لاستيراد السكر من خارج دائرة الكومنولت بعد الاستقلال نظرا لارتفاع أسعارها عن أسعار المستورد من الدول الشرقية ، فقد كان السكر المستورد من دائرة الكومنولث وتوابعها عليه رسوم قدرها 245 شلن للكنتال على حين المستورد من السكر من خارج هذه المنطقة يدفع عليه رسوم قدرها 56 شلن للكنتال مما دعا الحكومة أن تحدد منطقة الإستيراد ورسوم العوائد .

وعملت الحكومة على إنهاء امتياز شركة بيس التي كانت تحتكر استيراد وبيع السكر في الإقليم الشمالي وكذلك الحال بالنسبة لشركة سايس المنتجة والموزعة للسكر في الإقليم الجنوبي ، وتولت الشركة الوطنية R.N.A.W. استيراد السكر في الشمال كما تتولى الحكومة الإشراف على إنتاج وبيعا لسكر في الجنوب . وتتجه نية الحكومة بالتعاون مع الجمهورية العربية المتحدة إلى إنشاء مصنع جديد لإنتاج السكر تكون طاقته الإنتاجية حوالي 15 ألف طن في السنة قابلة للزيادة إلى 20 ألف طن حتى يمكن تزويد الأسواق المحلية بحاجتها من السكر والسماح بتصدير الفائض من إنتاج السكر .

الذرة

من الحاصلات الهامة في الجمهورية الصومالية والتي تمثل المركز الأول بين حبوب الطعام من حيث المساحة والإنتاج والاستهلاك .

ويزرع الذرة في أغلب المناطق الزراعية في جميع أنحاء شبه جزيرة الصومال ، ويتركز إنتاجها بصفة خاصة فيما بين نهر جوبا ونهر شبيللي ، معتمدا على مياه الأمطار ، وللذرة دورتان إنتاجيتان تبعا للفصلين الممطرين في العام ، ويتأثر الإنتاج والمساحة المنزرعة تبعا لحالة المطر من حيث غزارتها واعتدالها أو ندرتها .. كما يتأثر أحيانا بالآفات الزراعية إن لم تقاوم جيدا . ويمتاز محصول الذرة بوفرة إنتاجه ورخص تكاليفه مما جعله الغلة الأولى التي تفي حاجيات السكان ومستواهم المعيشى .

وتجري تجارب عديدة لأنواع ممتازة من الذرة لزيادة الإنتاج بالنسبة للهكتار وتحسين النوع الموجود والأنواع المعروفة في الصومال هيمن أنواع الذرة العويجة والذرة الشامية وهي اكثر الأنواع انتشارا واستهلاكا .

وقد بنيت مخازن (سيلوس Silos) لتخزين جزء من المحصول السنوي للانتفاع به وقت الحاجة ولكن رغم ضخامة الإنتاج فإنه لا يكفي حاجة السكان ولذا تستورد الدولة كميات كبيرة من الذرة وبعض الحبوب الغذائية الخرى كالقمح والأرز من الخارج .

السمسم

من المحاصيل التي توزع مرتين في العام مع موسمي الأمطار وتبلغ نسبة إنتاج الزيوت من حبوب السمسم بنوعية الأحمر والأبيض نحو 35% من وزنه وهو يعصر محليا آليا أو باستخدام الطاقة الحيوانية ويصدر جزء كبير من الإنتاج إلى عدن .

وقد لوحظ في السنوات الأخيرة انخفاض نسبة إنتاج الهكتار لتعرض المحصول للآفات الزراعية ولذا تعمل الحكومة على تحسين الإنتاج كمية ونوعا .

الفول السوداني

من المحاصيل الهامة في الجمهورية الصومالية سواء في استغلاله كطعام مباشرة أو استخراج الزيت الذي له سوق محلي كبير بالإضافة إلى أسواقه الدائمة في عدن وكينيا وزنجبار .

ويبلغ متوسط إنتاج الهكتار الواحد في العام نحو 8 كنتال (في دورتين إنتاجيتين مع موسمي الأمطار) .

البصل

البصل من المحاصيل الحديثة في المجال الزراعي بالجمهورية الصومالية ، وتجري تجارب لاستنباط الأنواع التي تتلائم مع البيئة الصومالية ، وقد نجحت زراعة الأنواع المصرية في عام 1956 في المزارع التجريبية في بلعد وجوهر وتعمل الحكومة على توسيع زراعته في مختلف أنحاء الجمهورية .

الطباق

من المحاصيل الحديثة الانتشار في الصومال رغم أنه معروف منذ فترة طويلة ترجع إلى أكثر من 200 عام ، إلا انه استغلاله كوسيلة نقدية واقتصادية مازال في مرحلة أولية .

وقد لقى إنتاج الطباق في الصومال تطورا ملموسا في السنوات الثلاث الأخيرة قبل الاستقلال مما يبشر بمستقبل عظيم نحو زيادة المساحة الإنتاجية واختيار الفصيلة الممتازة والعناية بالإنتاج والتسويق .

كانت المساحة المزروعة في عام 1955 نحو 300 هكتار أنتجت 3.300 كنتال وفي عام 1956 كانت المساحة 200 هكتار أنتجت 1.700 كنتال . وفي عام 1957 كانت المساحة 150 هكتار أنتجت 800 كنتال وفي عام 1958 أنتجت نفس المساحة السابقة نفس الكمية المنتجة تقريبا .

وفي عام 1959 اتسعت المساحة المزروعة إلى 210 هكتارا أنتجت نحو 120 كنتال بسبب تعرض المحصولات للآفات الزراعية وإهمال مقاومتها وبلغت المساحة في عام 1961 نحو 110 هكتار أنتجت 400 كنتال وفي عام 1962 بلغت المساحة 2.300 هكتار والإنتاج 6.900 كنتال .

الخضر والفواكه

وتنتشر زراعة الخضر والفواكه بصفة خاصة في المناطق القريبة من المدن أو حيث توجد الأسواق المحلية لأن الخضر والفواكه من المحاصيل الاستهلاكية السريعة التلف وفي حالة التصدير لا بد من عمليات أخرى كالتعليب أو الحفظ في الثلاجات خشية تلفها وخاصة أن الصومال من البلاد التي تقع ضمن المناخات المدارية الحارة ولذا كان الإنتاج بصفة عامة إنتاجا بسيطا لا يظهر في تجارة الصادر ، هذا عدا الموز والنرجيل والمانجو ، وتكثر زراعة الخضر والفواكه في مزارع الأجانب أكثر مما عليه الحال بالنسبة للمزارع الوطنيين.

ومن أهم الخضر : الباذنجان ، اللوبيا ، الطماطم ، الكوسة ، الفاصوليا ، الاسفاناخ (سبانخ) ، الفرع العسلي ، الخيار ، البقدونس ، الفلفل ، البامية ، الملوخية ، الخس ، الجزر ، الفجل .. إلخ ..

ومن أهم الفواكه : الموز ، النرجيل (جوز الهند) ، البرتقال ، اليوسفي ، البطيخ ، الباباظ (الباباي) ، المانجو ، البلبعو ، القشدة النباتي ، الليمون .. إلخ .

وتعتبر شجرة الباباي من أشهر الأنواع انتشارا ، ولذا تسمى ثمرتها فاكهة الشعب وتمتاز بحلاوتها المعتدلة ، وكثرة مادة الببسين بها مما جعلها أحسن فاكهة منظمة لعمل المعدة ويقبل السكان جميعا من وطنيين وأجانب على تناولها في طعامهم . وقد أجريت تجارب حديثة في بلعد على الأنواع البرازيلية المطعمة بالأنواع الصومالية ونجحت التجربة ، وتغل الشجرة الوحدة نحو 60 حبة في الدورة الواحدة . (الشجرة لها دورتان إنتاجيتان في العام مع موسمي الأمطار) .

التنظيم الزراعي في الجمهورية الصومالية

يوجد تنظيم زراعي في الجمهورية الصومالية من أجل تحسين وضبط الإنتاج الزراعي .

ففي الإقليم الشمالي توجد إدارة زراعية تتكون من مدير يشرف على الشئون الزراعية ، وأخصائي يشرف على الشئون البيطرية ، ولخبير مصري تابع لمؤسسة الأغذية والزراعية لأعمال تحصين الحيوان ، واثنين من الصوماليين .

وهذه الإدارة الزراعية أصبحت في عهد الجمهورية تابعة لوزارة الزراعة والثروة الحيوانية .

فالشئون الزراعية تابعة لوزارة الزراعة كا تتبع الشئون البيطرية وزارة الصحة ، وتنقسم وزارة الزراعة إلى إدارتين : إدارة الزراعة وإدارة تربية الحيوان وبرأس كل إدارة مدير عام .

وتنقسم الإدارة الزراعية إلى ست أقسام هي رقابة المزروعات والتجارب والإحصاء والإرصاد الجوي والإرشاد ويشرف على كل قسم موظف من خريجي المدرسة الزراعية بجينالي .

أما إدارة تربية الحيوان فتتكون من مدير محطة ، ومدير لشئون الغابات ، ومدير للصيد ، وخبير مصري للقطن ، وخبير اقتصادي عن منظمة الأغذية والزراعة (فاو) .

أما عن الشئون البيطرية فتتركز في مصلحة واحدة بوزارة الصحة من طبيب واثنين من المساعدين له أحدهما في كسمايو يشرف على علاج ومراقبة الصادر من الحيوان .

ويوجد طبيبان بيطريان من الجمهورية العربية المتحدة للعمل في تحصين وعلاج الثروة الحيوانية في الإقليم الشمالي .

وفي الصومال مدرسة زراعية في جينالي بها ستون طالبا يتعلمون بالمجان . ومدة الدراسة سنة واحدة يحصل بعدها على الشهادة الابتدائية في الشئون الزراعية بالإضافة إلى مواد التاريخ والجغرافيا والحساب .

الجمعيات الزراعية

وفي الصومال أيضا عدد من الجمعيات الزراعية التي من أهمها : 1- S.A.I.S سايس ومركزها جوهر وهي شركة إيطالية (تأممت في عام 1963) ولها امتياز في مساحة 24 ألف هكتار على جانب نهر شبيللي يستغل منها خمسة آلاف هكتار لإنتاج القصب ومحاصيل أخرى . وهي تقوم بتأجير الأراضي البعيدة عن النهر للوطنيين مقابل 150 شلنا للهكتار نقدا أو عينا بالحصول على القطن ، وتترك الذرة والسمسم والفول للعمال الزراعيين الصوماليين . 2- S.A.C.A جمعية إيطالية لها امتياز زراعي في منطقة جينالي وتوزع موزا وتقوم بتعبئة الموز للتصدير كما أن لها محلجا خاصا للقطن . 3- S.I.C.A. جمعية مختلطة من أجانب ووطنيين ولها امتياز زراعي في منطقة افجوى ، ومزارع افجوى منها ثماني يملكها الإيطاليون وعشرة مزارع للجاليات العربية والهندية والباكستانية ، وثلاث مزارع للصوماليين وتقوم الجمعية بتقديم قروض للصوماليين الذين يقومون بزراعة أراضي الأعضاء وأصحاب الامتياز . 4- Romana جمعية إيطالية لها امتياز زراعي في مجرتنيا ولها محلج خاص وتقوم بتقديم القروض للصوماليين على زراعة القطن . 5- بنك التسليف الزراعي أنشئ عام 1951 ويقدم سلفيات على القطن بصفة خاصة ، ويقدم التقاوي بواقع 100 شلن عن كل هكتار قطن و 50 شلن عن كل هكتار ذرة والفوائد 5% بضمان المحصول كما يقوم البنك بتقديم قروض على المواشي بضمان المباني . 6- بنك بور سعيد .. تابع للإدارة العربية وهو يقوم بتمويل بعض المشروعات الزراعية والمساهمة في الإنماء الاقتصادي والتجاري بالجمهورية الصومالية .

من أجل تطوير الإنتاج الزراعي

من أجل تطوير الإنتاج الزراعي وتدعيمه في الجمهورية الصومالية نحو مستقبل أفضل ممثلا في تنويع الحاصلات الإنتاجية الزراعية كمية وتوعا ، ومن أجل توفير المواد الغذائية الرئيسية للشعب .

ومن أجل توفير المواد الخام اللازمة للصناعات الوطنية والنهوض بها ومن أجل إيجاد غلات نقدية ، ومن أجل تدعيم البناء الاقتصادي الصومالي ورفع مستوى المعيشة ، وتثبيت أركان الوحدة الصومالية لا بد أن يتجه الشعب والحكومة نحو تخطيط سليم في تطوير الإنتاج الزراعي والمحاور الرئيسية التي ينبغي أن يسير التخطيط في إطارها تتضمن النقاط التالية .

1- الطاقة الحيوانية : هي الطاقة الأولى التي استغلها الإنسان في حياته وخاصة طاقة الثيران والمواشي والخيول في الإنتاج الزراعي . فقد انت المرحلة الأولى في تاريخ حياة الإنسان الزراعي أن يقوم بتسوية الأرض وحرثها وبذرها وجنيها بيده وبعض ما تصنعه يداه من أدوات أولية وهذه المرحلة أزالت موجودة في الصومال إلى يومنا هذا إلى حد كبير ، فالفلاح الصومالي مازال محتفظا بتقاليد أجداده الأقدميين في أعماله الزراعية ، رغم ما طرأ على العالم من تغيرات في المجال الصناعي ، وما تبعه من تغيرات في المجال الصناعي ، وما تبعه من تغيرات في المجال الزراعي باستخدام الآلات الحديثة الموفرة للجهد والزمن والمدعمة للإنتاج الكبير .

ورغم ما نشاهده في العصر الحديث من تقدم في مجال الصناعة والزراعة فإن الإنسان الزراعي في كثير من الأمم المتقدمة زراعيا كالجمهورية العربية المتحدة والصين والهند وغيرها ، نجد أن الإنسان يستعين في عمله الزراعي باستغلال الطاقة الحيوانية لجر المحراث وحرث الأرض وحمل البذور ونقل المحاصيل وإدارة الساقية وجر النورج وغير ذلك .

ومازالت الطاقة الحيوانية في المقام الأول في الأعمال الزراعية رغم ما شهده العالم من تحسنات في الأدوات الزراعية كالمحاريث الميكانيكية والحاصلات الآلية وغير ذلك .

ومع قيمة الطاقة الحيوانية في العمل الزراعي إلا أننا نرى الفلاح الصومالي في أكثر البقاع الزراعية لا يميل إلى استخدام هذه الطاقة عدا المناطق الحديثة التجارب التابعة لوزارة الزراعة . فكل أمل الفلاح الصومالي أن يستحوذ على الآلة الحديثة الغالية الثمن دفعة واحدة ، ولكننا نؤكد له أن الدول الكبرى في المجال الزراعي كروسيا وأمريكا والجمهورية العربية المتحدة لم تظهر فيها الجزارات التي تدار بالبترول أو الفحم إلا في أوائل القرن الحالي .

فعلى المنظمات الزراعية في الجمهورية الصومالية أن تكثر من الآلات التي تستغل بالطاقة الحيوانية كالنورج والساقية والشادوف والطنبور والمحراث وتدريب الفلاحين على استغلالها بغية تعميمها في سائر اتجاه الجمهورية ، فمن المعروف أن استغلال الحيوان في الأعمال الزراعية برفع من غلة الفدان ويزيد من إنتاج الحيوان بأقل تكاليف ممكنة في الوقت نفسه يترك بعض الحيوانات من أجل لحومها وألبانها .

2- الآلة : في الواقع أن طاقة الجرار تزيد على طاقة الحيوان نحو عشرين مرة وفي استغلال الطاقة الآلية وفر في الزمن وزيادة في الإنتاج ، وراحة للحيوان ، وتوفير للحوم والألبان والصوف والجلود . ومع تقديرنا هذا فإننا أمام مقتضيات الحال في الصومال نفضل استغلال الطاقة الحيوانية ، فالجماعات الزراعية في الصومال على مستوى بسيط من الناحية المادية والاجتماعية ، فالملائم هو استغلال الحيوان دون منازع . وعلى أية حال يمكن للمنظمات الزراعية وعلى رأسها وزارة الزراعة أن تستورد عددا كبيرا من الآلات الميكانيكية ، وتدريب بعض الفنيين على استعمالها ، وأن تستغل بشكل تجاري أي بتأجيرها للراغبين بأجور رمزية توطئة لتعميمها بعد ذلك .

3- توفير المياه : من الثابت حتى الوقت الحاضر أن أكثر الأراضي الزراعية تعتمد على الأمطار ، أما تلك التي تعتمد على الري الصناعي فهي في الغالب تلك الأراضي المحيطة بالنهر لمسافات قريبة وتعتبر الأراضي البعيدة عن النهر بمسافة خمسة عشر كيلو أراضي ضمن نطاق الزراعة الجافة التي تعتمد على الأمطار .

ولذا كان الاهتمام الأول في كل عمل زراعي أو مخطط جديد أن ترعي مسالة المياه وتوفيرها لضمان استقرار الإنتاج وزيادته ، ويكون هذا بتدعيم جوانب النهر ، وتعميق مجراه ، وإقامة الجسور والسدود والخزانات لحجز المياه .

كما يجب توجيه العناية إلى السدود الترابية التي تفي بالغرض من إنشائها وإقامة القناطر لحماية السدود وتسرب الميه والتحكم في تصريفها حسب اللازم عن طريق شبكة من القنوات الصغيرة في مد الحقول بالمياه أو في تصريف الزائد من حاجة النبات إلى النهر مرة ثانية .

4- التخزين : من المشاهد أن تخزين الغلال في المناطق الزراعية يكون داخل حفر أرضية عميقة أو حسب الغلال المراد تخزينها من ناحية الحجم والكعبة غير أن هذه الحفر الأرضية تسبب إتلاف المحصول في وقت قصير ، وخاصة الغلال القريبة من قاع الحفر أو جوانبها ، وقد يمتد النشع المائي إليها فيفسد المحصول ، ولذا وجب على المنظمات الزراعية والدولة تقديم المساعدات أو بناء صوامع الغلال بالطرق الحديثة لتفادي الخسائر وضمان المحصول واستقرار الحالة التجارية والاستهلاك المحلي ، وحتى لاتتعرض البلاد إلى المجاعات في السنوات القليلة الأمطار والإنتاج .

5- نشر الوعي الزراعي بين المواطنين : على المنظمات الزراعية والحكومة أن تقوم بحملة دعاية قوية ومنظمة لنشر الوعي الزراعي بين المواطنين عن طريق نشر البيانات والإحصاءات والرسوم البيانية عن مستوى الشعوب الزراعية التي نبدت نظرية التعصب القبلي ، وحطمت الصحاري من أجل الزراعة ، وحولت المراعي إلى حقول خضراء واستقر فيها الإنسان بعد تجوال وتعب ، ونبذ الخرافات القديمة التي أشاعها الإستعمار بأن الزراعة مهنة العبيد والخدم ، ومحاربة كل عادة من شأنها الإقلال من قيمة حياة الفلاحين .

وليكن مفهوما لدى الشعب الصومالي أن التاريخ العام للعالم يسجل أن الحركات الرعوية لاتقيم حضارة راقية . فحضارة الهكسوس وحضارة الآشوريين وحضارة القوقازيين وغيهرا من الحضارات الرعوية قامت بقوة البطش والطغيان وانهارت في مدة أسرع من تلك التي قامت فيها . ومانشاهده اليوم من المدنيات الحديثة إنما قامت على حضارات زراعية كما هو الحال في الجمهورية العربية المتحدة ولذا كانت مدنيات ثابتة وتاريخها طويل يرجع إلى آلاف السنين .

ومن الضروري ظهور رأس المال الصومالي في صورة جمعيات زراعية وطنية تتخصص في أي صورة من صور الإنتاج الزراعي ليكون لها كيانها الخاص في العمل سواء في الحقل الزراعي أو تنظيم التسويق لتفادي خطر المحتركين من ناحية ، ونمو رأس المال الوطني من ناحية أخرى غير أننا نرى لضمان أن يحقق هذا الوعي الجديد عمله المرجو منه أ تقوم الحكومة بالمساهمة العملية والاشتراك في هذه الجمعيات في صورة مساعدات ومشاركة فعلية وذلك لضمان استقرار الوضع المالي وتشجيع رأس المال الوطني على أن يظهر وينمو .

6- تدعيمات أخرى لتحسين الإنتاج الزراعي : هناك عناصر أخرى بمثابة دعامات قوية للنهوض بالإنتاج الزراعي منها : 1- زيادة عدد المدارس الزراعية ومراكز البحوث والمنظمات الزراعية عن طريق الدولة أو مساهمة الدولة في قيامها . 2- توسيع برامج بنك التسليف الزراعي ليشمل كافة قطاعات الإنتاج الزراعي والعاملين في المجال الزراعي . 3- الاستعانة بالخبراء والعمال الأجانب في المجال الزراعي مع تنويع مجالات اختصاصاتهم وفق حالات الإنتاج العام . 4- زيادة غلة الهكتار باستغلال التقاوي المنتقاة وحماية النبات وتسميد التربة . 5- تحديد الملكية الزراعية بمسح الأراضي وتسجيل الملكيات وإقام القرى النموذجية وإرسال الفلاحين إلى الدول الزراعية لمعرفة أحدث الوسائل الملائمة لزيادة الإنتاج واستقراره .

سياسة الحكومة تجاه الإنتاج الزراعي

تنهج الحكومة سياسة معينة على جانب عظيم من التخطيط الزراعي السليم كالذي نشاهده في الأمم المتقدمة زراعيا ، وهذا المنهج يسير في محورين : محور يتابع سياسة زيادة المساحة المزروعة على الري وذلك بإقامة عدة مشروعات لتحسين وسائل الري الدائم ، والمحور الثاني يتابع سياسة الزراعة المختلطة حتى تتفادى الدولة خطر الاعتماد على غلة واحدة كالموز ، على أن تكون الزراعة المختلطة والتوسع فيها ليس على حساب مزارع الموز الحالية أو مزارع القصب .

ومن أجل تدعيم العمل الزراعي قامت الحكومة بشق عدد من القنوات المائية لري نحو 47.000 هكتار وأوجدت أحواض جديدة لمد 600 ألف هكتار بالمياه اللازمة للري الدائم وأدخلت بها زارعات جديدة مثل القمح ، والذرة الشامية ، والأرز والقمح والقطن طويل التيلة والمانيوك وأشجار الماهوجني ، ونخيل البلح ، كما وضعت مشروعات جديدة قيد البحث نحو إحصاء عدد العاملين في القطاع الزراعي وتسجيل الملكيات الزراعية ، وتمليك المزارعين الصوماليين في المناطق المستصلحة حديثا .

أهم المشروعات التي أقامتها الحكومة الصومالية

1- مزرعة توج وجالي .. على مساحة 6 آلاف هكتار لإنتاج محاصيل الحقل التالية : قمح ، ذرة ، خضر . وقد بدأ في زراعة ألف هكتار وتصل الزراعة إلى أقصى مساحتها الإنتاجية في نهاية عام 1965 . 2- مزرعة جوبا السفلى .. في منطقة جليب ومساحتها الحالية ثلاثة آلاف هكتار وتصل إلى أقصى مساحتها وهي خمسة آلاف هكتار لإنتاج عشرة آلاف طن من القطن و11 طن من اللأرز وحبوب الطعام والخضر 3- مزرعة جوبا للبذور الزيتية في مساحة قدرها خمسة آلاف هكتار لإنتاج من 8 إلى 10 ألف طن من البذور الزيتية ونحو عشرة آلاف طن من الحبوب الغذائية . (قد قامت الحكومة بحفر قناة طولها 35 كيلو متر لتزويد المزرعتين السابقتين بحاجتهما من ماء الري) . 4- إنشاء مركز زراعي في دور التجارب في منطقة جوهر لإنتاج البذور الزيتية . 5- إنشاء مركز تدريبي زراعي في توج وجالي على مساحة 800 هكتار لزراعة الذرة الصيفية والشامية والأرز . 6- إنشاء مركز زراعي تجريبي في افجوى على مساحة 1.500 هكتار لزراعة الذرة الصيفية والشامية والبذور الزيتية والأرز . 7- إنشاء مزرعة حديثة في منطقة جينالي وهافاني لإنتاج الأرز . 8- إنشاء مزرعة لإنتاج الفراسكي (بلبعو) على مساحة قدرها خمسة آلاف هكتار . 9- زراعة نخيل البلح في مجرتنيا واسكشوبان ووادي نوجال وذلك بغرس 50 ألف شجرة في مساحة 20 هكتارا لكل من المناطق السابقة في كل عام حتى يمكنا لحصول على إنتاج في عام 1972 بما يكفي حاجة السكان . (يقدر المستورد من البلح سنويا بنحو خمسة آلاف من الأطنان) . 10- مساعدة الحكومة في تدريب الفلاحين على الأعمال الزراعية فأوجدت مدارس تدريبية كمعهد بونكا الذي يلتحق به 170 طالبا سنويا ومركز تدريب الفلاحين في بيدرا ويلتحق به سنويا 750 فلاح ، وتقرر إنشاء أربعة مراكز مماثلة في مناطق أخرى . 11- أنشأت الحكومة صوامع لحفظ الغلال تسع 5700 طن والعمل جاري في إمكان تخزين 30 ألف طن من الحبوب حتى لايتعرض إنتاج الفلاحين إلى الفساد والتلف والمراض نتيجة لوسائل التخزين التي كانت تعتمد على الحفر الأرضية . 12- قدمت الحكومة مشروع قانون بتحديد الملكية وتسجيلها في الشهر العقاري . 13- أقامت الحكومة وكالة NMOT الصومالية بهدف مد الفلاح بما يحتاج من بذور وآلات نظير أجر زهيد ، وهذه المؤسسة كانت تابعة لوزارة الزراعة والثروةا لحيوانية وقد استوردت هذه المؤسسة 23 محراثا ميكانيكيا من روسيا وتقوم الآن بتأجيرها للفلاحين للعمل في المجال الزراعي . 14- وضعت الحكومة خطة الإنتماء الزراعي ضمن مشروع السنوات الخمس (62/1967) على أساس القيام بدراسات لقطاع التربة والمياه ومساحة الأسواق والحالة الاجتماعية وغير ذلك . 15- ونظرا لأهمية الموارد المائية لشرب الإنسان والحيوان ، ومن أجل الزراعة والتقدم الصناعي وضعت الحكومة خطة بمقتضاها تقوم بدراسة أربع مناطق كل منها في مساحة 40 ألف هكتار وفق برنامج ينفذ تدريجيا ، فقامت دراسات تحت إشراف الحكومة ومختلف البعثات مثل أسايد في عام 1960 وجمعية المستشارين الهندسيين A.C.E. في عام 1961 واللجنة الخاصة المتابعة للأمم المتحدة لمعرفة مدى استغلال الموارد المائية ، ومن هذه الدراسات اتضح إمكانية استغلال الموارد المائية المتساقطة ومياه الأنهار من أجل التقدم الزراعي والصناعي في البلاد .

ففي إقليمي الجمهورية توجد مناطق تعتمد على الأمطار والمياه المنحدرة خلال مجموعات نهرية ، وفي هذه المناطق يمكن القيام بتخزين صناعي عن طريق عدد من الخزانات عند الأنهار لعلاج مشكلة التسرب والفاقد من المياه .

فقد جاء في تقرير A.C.E. أن متوسط المياه المتدفقة في نهر جوبا نحو 30 ألف ، وأدناه 1200 قدم مكعب في الثانية ويمكن أن يستغل في إنتاج 60 ألف كيلو وات في الساعة في الفترة العادية و100 ألف كيلو متر من القنوات الجديدة وبناء خزان عند أدنى النهر داخل نطاق شمال بارديرا . وهذا المشروع مازال تحت البحث ويمكن استغلال القنوات التي على جانبي النهر في ري 160 ألف هكتار في حالة الحد الأدنى كما يمكن استغلال الجزء الأدنى من النهر في الملاحة .

أما نهر شبيللي فمتوسط تصريفه 2000 قدم ، وحده الأعلى على في التصريف 60 ألف قدم مكعب في الثانية ، ويمكن إقامة خزان عند بلدوين لاستغلال المياه في الري الدائم وتوليد طاقة كهربائية واستغلال النهر في الري عند منطقة جوهر وجينالي وفيالوقت نفسه يمكن شق قنوات فرعية دون التدخل في البرنامج السابق .

وقد قامت الحكومة بإصلاح 40 كيلو متر منا لقنوات ، وبناء 110 كيلومتر من القنوات وبناء خزان في أدنى النهر داخل نطاق المشروعات الزراعية . لري مساحة نحو سبعة آلاف هكتار بالإضافة إلى سبعة آلاف هكتار تروى حاليا .

وفي برامج الحكومة لمقدشوه وهرجيسة وكسمايو وست مدن أخرى ، لإنشاء 30 خزان لها مقدرة لخزن 20 ألف متر مكعب وحفر 300 بئر متوسط أعماقها نحو 30 مترا وقد تم تنفيذ حفر 200 بئر حتى عام 1964 وأقامت مؤسسة E.E.C. (السوق الوروبية المشتركة) سبعين وحدة طلمبات في مناطق عديدة ذات نتائج حسنة .

الفصل الرابع: التعدين والصناعة

البحث عن المعادن

تحدثنا عن الثورة المعدينة في الصومال أثناء دراستنا للموارد الطبيعية وتناولنا وصف كل المعادن الموجودة بالبلاد حتى الوقت الحاضر محددين أنواعها ومناطقها والمشكلات المتعلقة بإنتاجها اقتصاديا وسنذكر هنا الجهود التي بذلت في مجال الإنتاج المعدني سواء من جانب الشركات الأجنبية أو من جاب الحكومة الصومالية .

وفي الواقع لم تبذل أي جهود علمية في مجال الإنتاجا لمعدني إلا في عام 1937 حينما تأسست شركة (أجيب) للبحث عن البترول ، وتوقفت عن عملها خلال فترة الحرب العالمية الثانية .

وفي عام 1940 تكونت شركة جديدة في صوماليا هي شركة كومينا الإيطالية للبحث عن المعادن في مجرتنيا وجوبا العليا ، وأمكن لهذه الشركة أن تعثر على طبقات تشتمل على القصدير والرصاص في مجرتنيا وحديد الهيماتيت في وادي جوبا ، وكذلك بعض المواد الهيدوكربونية قرب بيدوا .

وفي عام 1953 قامت بعثة علمية إيطالية للبحث عن المعادن منذ مصب نهر جوبا ، وفي دنسور وجوبا العليا وبيدوا وبندر قاسم (بوصاصو) .

وفي عام 1954 قامت شركة إيطالية للبحث عن الذهب والفضة في منطقتين قرب مركة .

وكما هو الحال فيا لمقاطعات الشمالية نجد أن الأبحاث عن الثورة المعدنية يكتنفها الغموض في كل مراحلها ونتائجها مما يدعم الرأي القائل بأن السياسة الغربية تحول دون استغلال الثورة المعدنية في الصومال ، على الأقل في الوقت الحاضر .

البترول وشركات التنقيب

كانت أكثر الأبحاث والدراسات تتجه نحو البترول أكثر من البحث عن المعادن ، أو أنهما متلازمان في بعض الأحيان ، ومن المفيد أن نتحدث عن الجهود التي بذلت من أجل البحث عن البترول .

وقد قدمت السلطاتا لصومالية كل التسهيلات للشركات المنقبة ، عنا لبترول في الصومال سواء يمنحها امتيازات الاستغلال والبحث لفترة طويلة أو بالإعفاءات الجمركية عن الآلات والمستلزمات لعملية البحث عن البترول . هادفة بذلك إلى استغلال رأس المال الأجنبي من ناحية والعمل على إنعاش البلاد اقتصاديا باستغلال مصادر الثروة في البلاد .

وفي الإقليم الشمالي قامت شركة ستاندر فاكوم أوبل بحفر عدد من الآبار للبحث عن البترول اعتبارا من نهاية عام 1958 حتى عام 1960 وقد أجرت الشركة المذكورة ثلاث جسات في منطقة Dugahs habel إلى أعماق ما بين 4500-4952 قدم ، وفي منطقة Diga Deder أقامت جسات في هشر فبراير 1960 على عمق 4838 قدم وفي ديسمبر 1959 حفرت بئرا في Las Dusrh على عمق 796 قدم .

وامتد نطاق البحث عن البترول إلى النطاق الساحلي لبربره وزيلع وتم حفر أول بئر في ديسمبر 1960 على عمق 3500 قدم ، وقد عثر على تكوينات بترولية لها امتداد في صورة مصائد بترولية في Sillil في سهل زيلع ، وفي مارس من نفس العام حفر بئرا على عمق 1400 قدم .

وتتردد العبارة التالية على طول امتداد الإقليم الشمالي وهي أن البترول موجود .. ولكن على أعماق تحول دون استغلاله .

أما في الإقليم الجنوبي فقد بدأ البحث عن البترول عام 1952 حينما ثالث شركة سنكلير الأمريكية حق امتياز التنقيب عن البترول من الإدارة الوصية على صوماليا ، وقد حدد تاريخ انتهاء الامتياز بعد تسع سنوات إذا لم يوجد البترول ، وإن وجد البترول يكون للشركة امتياز الاستغلال من تاريخ الإنتاج لمدة أربعين عاما .

وجاء في امتياز الشركة أن لها حق البحث عن البترول في مساحة 300.000 كيلومتر مربع تمتد من الشمال الشرقي لخط طول 30-44º شرقا عدا شمال مجرتنيا الذي أعطى امتيازه لشركة أخرى .

ونص عقد الامتياز أيضا على أن تتخلى الشركة عن ربع المساحة الممنوحة لها إذا لم تعثر على بترول في السنوات الخمس الأولى من تاريخ البحث كما تترك ربع المساحة الباقية في السنة الثانية عقب المرحلة الأولى مباشرة .

وفي حالة العثور على البترول تدفع الشركة مائة ألف شلن صومالي في السنوات الثلاثة التي عقب السنة الأولى وأن تدفع الشركة 100 شلن صومالي كضريبة عن كل كيلو متر مربع من المساحةا لتي بها حقول البترول كما تدفع الشركة ضريبة إنتاج قدرها 1.5% وتصل إلى 15% في نهاية السنوات الخمس الأولى من تاريخ الاستغلال .

ورغم سخاء الامتياز فإن الشركة لم تمارس عملها وإنما احتجزت لنفسها الحق في البحث فقط ثم قامت بتأجير من الباطن لشركة أخرى هي شركة روجر الأمريكية التي مارست عملها من عام 1952 حتى عام 1957 ، وقد قامت بأبحاثها في منطقة سيرا الغربية في هوبيا ، وقد وصلت الحفائر في أحد الآبار إلى 4850 قدم وهو أعمق بئر في القارة الإفريقية .

وفي عام 1957 تخلت الشركة عن ربع المساحة الممنوحة لها حسب الامتياز ، وامتد نطاق البحث إلى القرب من منطقة مدق بما في ذلك جالكعيو ولكن لم تظهر نتائج إيجابية مما جعل الشركة تمنح شركة استاندارد فاكوم أوبل امتياز النقيب في أوائل عام 1960 .

وحدث في بداية عهد الجمهورية أن ظهرت إشاعات قوية تشير إلى أن السياسة الأمريكية وراء شركة سنكلير ، وأنه من غير المأمول أن تذاع أخبار سارة عن وجود البترول ، وطالب بعض البرلمانيين في الجمعية الوطنية باستفسارات عن هذه الإشاعات الرائجة في البلاد ، وإنهاء امتياز البحث عن البترول لشركة سنكلير الأمريكية ، وفقد عقد الامتياز الذي أبرم في عام 1953 لمدة تسع سنوات وميعاد انتهائه في إبريل عام 1961 وفي يناير عام 1961 أصدر معالي وزير التجارة والصناعة الصومالي بلاغا إلى الشعب عن طريق الصحف والإذاعة جاء فيه أن شركة سنكلير العاملة في صوماليا قد قامت بتاريخ 30 يناير 1961 بإجراء تجارب تنقيبية عن البترول في البئر رقم 11 الكائنة بمنطقة غربولي ، وأن النتائج لم تظهر بعد للاستغلال الفعلي ، وأن ما ظهر عبارة عن برميل ونصف من الغازات التي وصلت إلى سطح الأرض باندفاعها من أسفل إلى أعلى لضغط طبيعي داخلي ، وأن قوة الضغط هذه ناتجة عن غازات جافة ، وقد أرسلت عينة من هذه الغازات إلى معامل شركة سنكلير للتحليل الكيمائي في الولايات المتحدة الأمريكية ، وأن هذه النتائج ستشجع الشركة على زيادة البحث والتنقيب .

وفي 8 مايو سنة 1961 وقع اتفاق جديد بين الحكومة وشركة سنكلير الأمريكية للبحث عن البترول بعد سقوط الامتياز الذي كان ممنوحا لها في عام 1953 .

وفي الإتفاقية الجديدة منحت الشركة امتياز البحث عن البترول لمدة سبع سنوات أخرى وفي حالة اكتشافه تمنح رخصة استثمار لمدة أربعين عاما . وينص الامتياز على استعادة المنطقة الممنوحة للتنقيب عن البترول واستثماره في حالة اكتشافه إلى الدولة بناء على مشروع إعادة التسليم تدريجيا . ويكون من حق الدولة امتلاك النتائج الجيولوجية الخاصة بالمنطقة التي أعيد تسليمها . وذلك بنسبة 5% بعد السنة الأولى وبنسبة 5% بعد السنة الرابعة والباقي في نهاية السنة السابعة . وفي حالة اكتشاف البترول ستحتفظ الشركة بمقدار 68.75% من المنطقة الأصلية لاستثمارها .

كما أبرمت الشركة اتفاقية إضافية لإقامة مصنع لتكرير البترول في حالة اكتشافه مع استخدام الأيدي العاملة الصومالية .

ولم تظهر أي نتائج عن البحث خلال الفترة مابين مايو سنة 1961 إلى مايو سنة 1964 .

ومن الشركات الباحثة عن البترول شركة أجيب الإيطالية (أو الشركة الصومالية للتعدين) ولها نفس الشروط الممنوحة لشركة سنكلير الأمريكية ، وذلك في مساحة قدرها 28 ألف كيلو متر مربع في شمال مجرتنيا .

كما قامت شركة أخرى تسمى شركة فروبشير الكندية لإجراء البحث من البترول والمعادن في المنطقة القريبة لخط طول 3-44º شرقا حتى حدود كنيا والحبشة .

سياسة الحكومة تجاه الإنتاج المعدني

اتخذت الحكومة سياسة عملية تجاه الإنتاج المعدني ، فكونت لجنة خاصة في 9 يناير 1961 لدراسة الموارد الطبيعية في البلاد والبحث عن المعادن ودراسة كافة الطلبات المقدمة من الشركات أو الأفراد والخاصة بالبحث عن الثورة المعدنية في الأراضي الصومالية .

وقد أبرمت الحكومة اتفاقيات مع شركات أجنبية وخاصة تلك الشركات التي لها خبرة في هذا المجال ولديها إمكانيات فنية ومادية لشركة سنكلير الصومالية التعاونية وشركة التعدين الصوماية وشركة البترول للخليج الصومالي وشركة موبيل أويل للبحث عن البترول .

وفي عام 1962 كانتا لشركات السابقة قد اتفقت نحو 35 مليون شلن صومالي وفي عام 1963 وصلت إلى 53 مليون شلن صومالي .

وقد عثرت شركة موبيل أويل الصومالية في عدال Adal على خامات الألمونيوم على عمق ما بين 160/170 متر وتجري أبحاث على أعماق كبيرة لتحديد حجم هذه الخامات .

وتبلغ المساحة التي يجري فيها البحث عن البترول والمعادن نحو 103 مليون أكر ، وذلك من مساحة الجمهورية الصومالية البالغ 167.7 مليون اكر ويبلغ مجموع ما حفر من الآبار 25 بئرا في مجموع إجمالي لعمق 228.865 قدم .

وفي 4 فبراير سنة 62 وقعت الحكومة على ثلاث اتفاقيات مع هيئة الأمم المتحدة . 1- بشأن قيام دراسات وأبحاث على المياه الجوفية بما يتكلف ½7 مليون شلن تساهم فيه الصومال بنحو 3 مليون شلن صومالي . 2- وفي 22 ديسمبر سنة 1963 وقعت اتفاقية البحث عن الموارد المائية خلال أربع سنوات اعتبارا من أول يناير سنة 1963 بما يتكلف نحو 9 مليون شلن صومالي تساهم فيه الصومال بنحو 3 مليون شلن . 3- بشأن دراسة استغلال الحديد العام المقدر بنحو 200 مليون طن وإجراء مساحة جيولوجية لعشرة آلاف ميل مربع بما يتكلف بنحو 594 ألف دولار تدفع منه الصومال 300 ألف دولار .

الإنتاج الصناعي

الخيوط العامة للصناعة

يمثل النشاط الصناعي بمركزا ثانويا في الوقت الحاضر فلا يساهم بأكثر من 5% من جملة الاقتصاد الوطني لأن أغلب الصناعات الموجودة مازالت في مرحلة أولية عدا الصناعات القائمة على تعليب الأسماك واللحوم وقصب السكر . ويمكننا أن نحدد الخيوط العامة للصناعة في الصومال على أساس الأسس التالية : (الخامات ، موارد القوى المحركة ، رأس المال ، الأيدي العاملة ، المواصلات) وتفسير هذه العناصر كالتالي :

الخامات : أ‌- خامات زراعية مثل القطن ، قصب السكر ، الحبوب الزيتية ، الفواكه ، والاستغلال لهذه الخامات في مرحلة متوسطة ويمكن زيادة الجهد والعمل لإيجاد فائض للتصدير . ب‌- خامات حيوانية مثل الأسماك ، الثروة الحيوانية الأليفة والبرية والجلود واستغلال هذه الخامات يحتاج إلى مزيد من التصنيع وتوسيع الحركة التجارية مع الخارج . ت‌- خامات معدنية .. ورغعم تنوع الثروة المعدنية فإن الاستغلال المعدني والأعمال الصناعية القائمة علهيا غير معروفة إلا في صورة إصلاح وإعادة بناء وترميم ، كما توقت حركة التعدين للملح في الملاحات الطبيعية فيما بين زيلع وبربره كما توقف العمل في استغلال خامات الكبريت والقصدير . ث‌- موارد القوى المحركة .. لاتوجد مصادر الطاقة الكهربائية المستغلة بسيطة تكاد تنحصر في إنارة المعدن ، ونادرا ما تستعمل في الصناعة – وتجري هناك مشروعات لاستغلال نهري جوبا وشبيللي في توليد طاقة كهربائية كبيرة تساهم في حركة التصنيع . ج‌- الأيدي العاملة .. الأيدي العاملة متوافرة وتحتاج إلى تدريب مهني وقتي . ح‌- رأس المال : رأس المال الجنبي الذي يدخل في الصناعة محدود للغاية ، كذلك راس المال الوطني ، ولذا تعمل الحكومة على عقد اتفاقيات القروض مع الدول الصديقة لتمويل المشروعات الصناعية . خ‌- المواصلات : لاتستغل الأنهار في المواصلات الداخلية والاعتماد الأول في حركة النقل على السيارات بالإضافة إلى خط جوي دائري يربط المدن بعضها ببعض ، والنقل البحري وهو محدد للغاية .

تلك هي الخيوط العامة التي يتكون منها مركب الصناعة ، وسنتحدث هنا عن الصناعات القائمة على أساس المواد الخام الموجودة في الصومال إذ لا توجد صناعات تعتمد على خامات مستوردة وإن وجدت فهي بسيطة أصلا وعددا وإنتاجا .

صناعات قائمة على منتجات زراعية

1- صناعة السكر : راجع الجزء الخاص بإنتاج قصب السكر في الفصل الثالث .

2- صناعة نسج القطن : وهي صناعة بدوية منزلية تقوم على مناسج خشبية لإنتاج منسوجات زاهية الألوان ، خشنة الصناعة وتعتمد على الخيوط المغزولة محليا . وتنتشر هذه الصناعة في المدن والمراكز الكبرى ومن أشهرها مقدشوه ومركه وبراره وجلب وبيدوا وغيرها .

وتقدر جملة إنتاج هذه الصناعة البدوية بنحو 200 ألف ياردة سنوية أي بما يكفي 25% من جملة السكان ، ويمكن تحسين هذه الصناعة بتوفير الخيوط المغزولة آليا ، محلية ومستوردة ، واستبدال الآلات الخشبية بآلات حديدية حتى يمكن سد حاجة السكان من ناحية وإيجاد أرض لتشغيل الأيدي العاملة المتعطلة عن العمل .

ولا يوجد في البلاد غير مصنع واحد آلي وهو مصنع شركة الأقمشة القطنية الإفريقية (في مقدشوه) وإنتاجه اليومي 3700 ياردة من المنسوجات ولهذا المصنع 100 نول ميكانيكي يعمل عليها 137 عاملا صوماليا و 72 امرأة ويعتمد في إدارة المصنع على الطاقة الكهربائية المولدة محليا والملحقة بالمصنع كما يعتمد على المستورد من خيوط الغزل الرفيع .

3- حاجة القطن : يوجد في الصومال خمسة مصانع لحلج القطن آليا وتنتج نحو 7 آلاف كنتال في العام من القطن المحلوج ، وهذه المصانع تابعة لشركات S.A.J.S في جوهر وشركة S.I.S.I.A. في مقدشوه وشركة S.A.C.A. في مركه ومصنع لشركة S.I.S.I.A. في جينالي .

كما توجد بعض المصانع التي تدار باليد أو باستغلال الطاقة الحيوانية وهذه الصناعة منتشرة في كثير من المدن ، غير أن إنتاجها بسيط ، وغالبا ما يستهلك محليا .

5- صناعة تعليب الفواكه : وتقوم بهذه الصناعة شركة L.I.P.A.S. وينحصر عملها في حفظ الفواكه ومعلبات العصير ويصدر كل إنتاجها إلى إيطاليا .

صناعات قائمة على منتجات حيوانية

1- صناعة تعليب الأسماك : (راجع الجزء الخاص بالإنتاج البحري في الفصل الأول)

2- صناعة تعليب اللحوم : ولها مصنعان أحدهما في مقدشوه والآخر في مركه ، ومصنع مقدشوه لتعليب اللحوم اسمه I.N.C.A. ويملكه أحد الإيطاليين ويستخدم ما بين 50 و 80 رأسا يوميا من الأبقار الواردة من المجازر ويعمل بالمصنع نحو 80 عاملا صوماليا وأربعة من الإداريين الإيطاليين ويصدر أغلب إنتاجه إلى إيطاليا ، ويتوقف المصنع عن العمل خلال أشهر مايو ويونيه ويوليه كل عام لغزارة الأمطار وقد ألحق بالمصنع ثلاجة على درجة 5% لتبريد اللحوم بعد الذبح ويبلغ الوزن الصافي لمعلباته 40 جرام ، ويجري العمل على تجديد المصنع واستحضار آلات حديثة وغير ذلك مما يزيد الحركة الإنتاجية للمصنع .

أما مصنع مركه واسمه Inalse ويملكه إيطالي ويستهلك المصنع من الحيوانات ما بين 30 و 35 رأسا يوميا (بقر) وعدد العمال 160 عاملاا صوماليا وعشرة من الإداريين الإيطاليين والمصنع دائم الحركة والعمل طول العام ويبلغ متوسط الإنتاج السنوي ما وزنه 5000 كنتال من اللحوم المحفوظة ويصدر جميعه إلى إيطاليا .

3- صناعة دبغ الجلود : توجد في الصومال خمسة شركات أجنبية تقوم بتصدير الجلود الخام وهي تقوم بجمع الجلود من المجازر والتجار الذين يقومون بتوريد جلود الحيوانات المذبوحة خارج المجازر ، وتقوم هذه الشركات بتنظيف الجلود وتمليحها وتجفيفها وفرز كل نوع على حدة حسب الوزن والنوع والجودة وتقوم بتصديره إلى الخارج . فجلود الأبقار تصدر بحالتها الخام أي تملح بعد السلخ وتجفف شمسيا ثم تعد للتصدير في طرود يبلغ كل طرد نحو عشرة جلود .

ومن الملاحظ في جلود الأبقار وجود قطوع فيها وتراكم لبعض الأجزاء اللحمية الملتصقة به لعدم الدراية بسلخ المواشي بعد ذبحها والإشراف على عملية السلخ فالذي يذبح داخل السلخانات لا يزيد عن 30% من جملة المذبوحات للأبقار .

وجلود الماعز تملح في الإقليم الجنوبي بينما تجفف هوائيا في الإقليم الشمالي بدون تمليح وتقدر المذبوحات داخل السلخانات بنحو 70% .

وتصدر جلود الإقليم الشمالي إلى عدن ترانسيتا ثم إلى أمريكا وفرنسا . أما جلود الإقليم الجنوبي فتصدر إلى إيطاليا وأمريكا وكينيا وعدن ترانسيت .

وجلود الضأن في الإقليمين يسلخ بسكين دون نفخ ويتم حفظه في الهواء دون تمليح ، ويقدر ما يذبح في السلخانات بنحو 5% من جملة المذبوحات من الخراف ويصدر إلى عدن ترانسيت وغلى انجلترا وإيطاليا وكينيا .

وجلود الإقليم الجنوبي تعاني من رداءة السلخ وتحفظ بالملح الجاف وتصدر إلى إيطاليا والجمهورية العربية المتحدة وعدن ولبنان وتقوم شركة (بيس) في الإقليم الشمالي وبعض الشركات في الإقليم الجنوبي بالإضافة إلى بعض التجار الوطنيين بتصدير الجلود الخام إلى الخارج .

والإحصاء التالي يشير إلى وزن الجلود : جلد غنم 1.470 كجم (المتوسط) و 3.500 كجم (أعلى وزن) . جلد الجمل (أنثى) 2.4215 كجم (متوسط) 4.6 كجم (أعلى وزن) . جلد الجمل (ذكر) 5.8350 كجم (متوسط) 7.1 كجم (أعلى وزن) . جلد الماشية 4.5987 كجم (متوسط) 10.7 كجم (أعلى وزن) . ويبلغ سمك جلد الضأن والأغنام ما بين 3-3.5 سم .

ومما يعترض نجاح صناعة دبغ الجلود في الصومال أن عمليات الإشراف الفني خاصة بالناحية البيطرية وختم اللحوم فقط ، أما عمليات الذبح أو السلخ أو الوزن فلا إشراف عليها بالإضافة إلى استعمال السكين المدبب الحافة مما يزيد من عدد القطوع في الجلد .

ويجب إنشاء مكتب رقابة في السلخانات وتوجيه الإرشاد السليم لتصنيع هذه المنتجات من أرض الوطن بدلا من إرسالها للخارج وكذلك مسألة الاستعادة من المخلفات الحيوانية غير الغذائية في منتجات مختلفة كصناعة الدم المجفف والأعلاف وغذاء الطيور والأسمدة والفرا والأوتار من الأمعاء وخلافه .

4- الصناعات الجلدية : أما عن صناعة الأحذية فلا يوجد لها غير مصنع كاموليى Comogli في براوه وإنتاجه عشرة آلاف حذاء في العام وبه سبعون عاملا ، ويستهلك إنتاجه محليا ، كما يوجد مصنع أصغر من السابق في مقدشوه اسمه Stello وعدا ذلك فالصناعات الجلدية كالحقائب والشنط والدروع والسروج ولجام الدراب والدلاء والصنادل وغيهرا من الصناعات تنتشر في محلات صغيرة في المراكز الكبرى .

صناعات قائمة على منتجات معدنية

تعاني الصومال فقرا شديدا في الصناعات الثقيلة ويرجع ذلك لعدم توافر القوى المحركة كالبترول والفحم والكهرباء من ناحية وعدم استغلال الثروة الباطنية وتعدينها من ناحية أخرى ، بالإضافة غلى العجز في الأيدي العاملة الفنية المدربة .

ومن المعروف أن مقومات الصناعة في أي بلد تتطلب العناصر الثلاثة أو توافر أي عنصر منها واستيراد العنصرين الآخرين ، ومن ثم اختفت الصناعات المعدنية من الصومال إلا الصناعات البسيطة كصناعة السكين والحراب والفؤوس والخناجر والسيوف وإصلاح السيارات والآلات الميكانيكية والأوكسجين وغير ذلك من الصناعات الأولية لسد الحاجات الضرورية للشعب أو الإنتاج .

وتعتبر صناعة الكهرباء أهم الصناعات الكبيرة وهي قائمة على مولدات مستوردة من الخارج وتدار بالمازوت وظهرت لأول مرة في عام 1932 ويبلغ طول أسلاكها داخل مقدشوه نحو 34007 كيلو متر ولها قوة إنتاجية تقدر بنحو 6 مليون كيلوات في السنة . كما تبلغ قوى البلاد الكبرى عدا العاصمة نحو 1.5 مليون كيلوات في العام وهي موزعة في المدن الكبرى أي عواصم المحافظات بصفة خاصة .

والاستغلال العام للطاقة الكهربائية قائم على أساس الإنارة للمنشآت العامة والإذاعة والمنازل وغير ذلك دون استغلال الطاقة في الصناعات الثقيلة .

متنوعات صناعية

تنتشر مجموعة من الصناعات الأولية في مختلف أنحاء الجمهورية الصومالية لسد الحاجات الضرورية للشعب دون وجود فائض للتصدير بل أن الإنتاج أقل من مستوى الاستهلاك .

ومن أهم الصناعات المتنوعة حسب الاحتياجات الضرورية : 1- مصنوعات خشبية : ومراكز هذه المصنوعات بصفة خاصة في بوصاصو ، وجالكعبو ، جلب ، بيدوا ، مقدشوه ، هرجيسه ، بربره ، برعو ، بوراما .

وأهم المنتجات الموائد الخشبية والكراسي وأقداحالقهوة والشاي والأطباق والأمشاط والملاعق والصناديق وأنية الماء والمكابل والتماثيل .

ويميل الوطنيون إلى زخرفة هذه المصنوعات بألوان زاهية غائرة أو بارزة .

2- مصنوعات الحصر : وتنتشر صناعة الحصر في كل مكان وقد ميز الوطنيون أنواعا من الحصر من حيث الجودة ودقة المصنع فمن الحصر ، حصر النوم (مفرش) حصر الأرض (سجاد) حصر المساكن (لتبطين الحوائط من الداخل والخارج) حصر العبادة (سجادة الصلاة) وهذه الصناعات تعتمد على سعف النخيل وبعض النباتات وفي مجموعها مصنوعات تقوم بها النساء وتمتاز بجمال الصنع ودقة النسج وروعة النقش والزخرفة .

3- مصنوعات خيوطية : وتنتشر صناعة الطواقي من خيوط القطن في صوماليا وخاصة المدن الساحلية ، ومن أشهرها مدينة براوة حتى قيل طاقية براوية أي رمز الجودة في الخامة ودقة الصنع وجمال النسج ويرتفع ثمنها بالنسبة لإنتاج أي مدينة أخرى .

4- صناعة الصابون : تنتشر صناعة الصابون في بعض المحلات الصغيرة في العاصمة ، وأكبر إنتاج تقوم به شركة سايس في جوهر يبلغ نحو 5000 كنتال سنويا ويستهلك محليا .

ويوجد مصنع آخر في مقدشوه ينتج نحو 4000 كنتال سنويا ويستهلك محليا .

أغلب صناعات الصابون من الأنواع الرخيصة لغسل الملابس وأدوات الطعام وهو على نسبة كبيرة من الصوديوم .

5- صناعة المياه الغازية : توجد أربعة مصانع لصناعة المياه الغازية (ماء + صودا) وهي واكواكالوتي في افجوى بالإضافة إلى مصنع المياه المقطرة في مقدشوه كما توجد مصانع للغازوزة في مقدشوه ومركه .

6- صناعة الثلج : يوجد في مقدشوه مصنعان للثلج تابعان لشركة سايس وإنتاجها السنوي نحو 10000 كنتال من المياه المقطرة وتسمى (فرماشيا) أو من المياه الخالية من الشوائب وتسمى (منشبيا) .

7- صناعة الخبز : تعتمد على الدقيق المستورد الذي يقدر بنحو 2.5 % من مجموع الواردات وأغلبه من إيطاليا أما رغيف الشعب فيصنع من الذرة الرفيعة التي تنتج محليا .

8- صناعة الملح : يستخرج الملح من الملاحات الطبيعية على طول السواحل الصومالية وهو يكفي الاستهلاك المحلي وأحيانا يصدر جزء يصدر جزء منه إلى أقطار الجنوب العربي .

9- صناعة الأثاث : تعاني صناعة الأثاث من قلة العمال الماهرين ولذا يعتمد على الأثاث المستورد للأنواع الفاخرة أما الأنواع الشعبية فإن صناعاتها تتركز في مدينة مقدشوه .

يوجد في مقدشوه وكسمايو مناشير لنشر ومسح الخشب لصناعة الأثاث والصناديق الخاصة بالسلع المحلية وأكثر ورش التجارة في العاصمة وبعضها تابع لوزارة الأشغال العامة والمواصلات لتصنع ما تحتاجه الوزارات من مكاتب وأدوات خشبية .

من أجل النهوض بالإنتاج الصناعي

لكي تنهض الصناعة وتتطور في الجمهورية الصومالية لا بد من مراعات النقاط التالية : 1- تتعرض المصنوعات الوطنية لمنافسة شديدة من مثيلاتها التي صنعت بالخارج ، ومن ثم لا بد من حماية الصمنوعات الوطنية بفرض رسوم جمركية على مثيلاتها الواردة من الخارج أو الحيلولة دون استيرادها مادام الإنتاج المحلي مساويا لها في النوع والقيمة . 2- وجود فئة قليلة أجنبية تسيطر على الخامات الوطنية وتوجهها حسب أهدافها المادية أو السياسية ، ولذا كان لابد من وضع حد لهذه الشركات الأجنبية وتنظيم أعمالها بما يتفق وسياسة الدولة تجاه التصنيع وإنعاش الدخل القومي . 3- تخفيض الرسوم الجمركية على المستوريد من الآلات الصناعية والخامات اللازمة للصناعة ومصادر الطاقة وغيرها مما يدخل في تدعيم وتحسين وإنماء الحركة الصناعية في البلاد . 4- أن تمنح تسهيلات وضمانات للمشروعات الصناعية القائمة في استغلال الثروة المعدنية . 5- توفير مواد الطاقة ولا سيما الطاقة الكهربائية والإسراع في تنفيذ مشروع كهربة نهر جوبا ونهر شبيللي لسد حاجة البلاد من القوى المحركة بأجر زهيد . 6- الإسراع في تنفيذ المشروعات التالية لشدة حاجة البلاد إليها : مشروعات مصنع السكر ، مشروع مصنع الغزل والنسج ، مشروع مجزرة اللحوم المثلجة والمعلبة ، مشروع المياه الحلوة ، مشروع حذاء للشعب ، مشروع مصنع الأسمنت ، مشروع تعليب الفواكه ، مشروع المصنوعات الجلدية ، وهذه المشروعات المقترحة تدخل في ضمن الحركة الأولى للصناعة لأي دولة حديثة التكوين والاستقلال . 7- تحسين وتوسيع الجمعيات الصناعية لمسايرة النهضة الصناعية والعمل على تطوير الإنتاج الصناعي . 8- إرسال البعثات من الطلاب والعمال الصناعيين إلى الدول الصناعية لمتابعة التطورات الصناعية في الأنواع التي لها مثيل في الصومال أو تلك المزمع إنشاؤها . 9- توجيه التعليم العام نحو تخريج عدد كبير من طلاب القسم العلمي وتشجيعهم على استكمال دراساتهم العليا في المعاهد والجامعات في الخارج . 10- وضع مكافأة رمزية شهرية للطلاب في المعاهد أو الكليات العملية الذين يتخصصون في أحد فروع الصناعة . 11- التوسع في تأسيس معاهد التدريب المهني ومنح إعانات الطلاب أثناء فترة الدراسة . 12- دعوة رأس المال الوطني فالأجنبي للعمل في المجال الصناعي مع ضمان الدولة والمساهمة في رأس المال . 13- إيجاد مخطط صناعي سليم تسير عليه وزارة الصناعة على أساس البدء في استغلال الخامات المحلية .

سياسة الحكومة تجاه الإنتاج الصناعي

قامت الحكومة بإجراء تحسينات وتجديدات على محطات الكهرباء في مقدشوه وكسمايو وبراوة . ويجري العمل في إنشاء مصنع للمنسوجات في بلعد لاستغلال الإنتاج المحلي من القطن وقد جهز المصنع بالآلات والأدوات اللازمة للمشروع .

وقامت الحكومة بإنشاء ثلاث وحدات صناعية بما قيمته 50 مليون شلن صومالي وذلك من القرض المقدم من الاتحاد السوفييتي وهذه المشروعات هي : 1- مركز لصناعة الألبان في مقدشوه وبدأ العمل فيه في نهاية عام 1964 . 2- مصنع تعليب الأسماك في لاس كورى (عرجابو) لإنتاج 6 مليون طن في موسم الصيد . 3- مصنع تعليب اللحوم في كسمايو لإنتاج 25 طن من اللحوم المعلبة .

وقد وضعت الحكومة خطة لإقامة مصنع الإسمنت بقرض من تشيكوسلوفاكيا ويجري العمل في تنفيذه .

وقد شيدت الحكومة مصنعين لتكرير الزيوت ومصنع لتعليب الفواكه والعصير وأربعة مطاحن للغلال ومصنع لصناعة المكرونة بالإضافة إلى عشرة مصانع صغيرة (تكاليف كل مصنع صغير نحو 100 ألف شلن) وتتعلق هذه المصانع بالكهرباء والمياه وإصلاح السيارات والأدوات والنقل والمواصلات كما أقامت الحكومة محطة جديدة للكهرباء في مقدشوه وأخرى في براوة .

وهذه المصانع سواء كانت من ميزانية الدولة أن من الإعانات أو من القروض أو بأية صورة أخرى . فقد روعي في إقامتها أن تسد حاجة البلاد وأن تخلق وعيا صناعيا ومجتمعا متقدما في مضمار الصناعة .

وقدمت الحكومة مشروعا للأبحاث الجيولوجية لطبقات الأرض في أول فبراير عام 1962 للقيام بدراسة دقيقة لطبقات الأرض السفلى ، وقد حدد المشروع بعض المساحات من القطر الوطني التي ستجري عليه دراسات عملية لمدة ثلاث سنوات وتساهم هيئة الأمم المتحدة بمبلغ 600 ألف دولار أي ما يعادل 4.5 مليون شلن . كما أن حكومة الصومال تساهم بثلاثة ملايين شلن خلال السنوات الثلاثة التي ستجري فيها الأبحاث المذكورة .

وقد أقامت الحكومة فنادق سياحية كما أنشأت وكالة للسياحة والفنادق ومن المقترحات التي في طريقها إلى التنفيذ مشروع إنشاء منتزه وطني في إقليم جوبا وبناء فنادق حديثة على جبال عرجابو وإنشاء حديقة للحيوان في هرجيسة .

الفصل الخامس: شبكة المواصلات

المواصلات

تعتبر المواصلات من أهم الاختراعات في العصر الحديث التي ربطت المدن بعضها ببعض والأقطار والقارات حتى أصبح من اليسير على شعوب العالم أن يتعاونوا في شئون بعضهم في لحظات سريعة وقد قال أحد رجال الاقتصاد : (لا أرى شيئا بعد اختراع الحروف الأبجدية أكثر حيوية وتقدما من المواصلات) . وقال الشاعر الإنجليزي كبلنج : (إنك إذا قيدت مواصلات أمة من الأمم فكأنك محوتها إلى الأبد) .

فالمواصلات جزء لا يتجزأ من الإنتاج وهي الشريان الحيوي الذي لا غنى عنه في تقدم العمران وزيادة الإنتاج وتقدم الحياة الاجتماعية والثقافية .. إلخ ، فالمواصلات تيسر الحركة للشعب ومنتجاته وتيسر للاستيطان والتعمير للجهات النائية ، وهي التي تربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك ، وهي التي تدعم وحدة الجماعات ، وهي التي تساعد على التقاء الحضارات والأفكار .

فقد أصبحت المواصلات سواء أكانت مائية بحرية أو نهرية أو حديدية أو برية أو جوية من أهم أركان كيان كل دولة بالإضافة إلى الأنابيب الناقلة للسوائل والغازات والاتصال السلكي واللاسلكي في صورة تلغراف أو تليفون أو مذياع أو تلفزيون ، قد أصبحت كلها من مستلزمات التقدم الحضري والاقتصادي لأي دولة ، وأصبحت الدول تقاس عظمتها بكمية المواصلات وسهولتها في تلك الدولة .

ومع هذه الأهمية الكبرى لحركة المواصلات وما لها من منافع حضرية واقتصادية وما عليها من ترابط ووحدة لكيان الدولة فإننا نرى أن المواصلات من أهم المشكلات التي تعاني منها الجمهورية الصومالية الفتية بعد أن نالت استقلالها في يوليو عام 1960 ، إذ أن الاستعمار لم يوجه اهتمامه إلى المواصلات رغم علمه أنها شريان الحياة في الدولة لأنه يود أن يعيش أهل الصومال على هيئة قبائل متنافرة لا في مجتمع متماسك ، حتى أن الخط الحديدي الوحيد الذي كان يربط مقدشوه بأفجوى ومقدشوه بالحبشة أثناء الحرب العالمية الثانية قد اندثر تماما واصبحت البلاد دون خطوط حديدية عدا ذلك الخط الرفيع المفرد الذي يخدم مصنع السكر في جوهر (من حقول القصب إلى مصنع السكر فقط) .

وفي مجال النقل المائي الداخلي لا أثر له ، ولا قيمة في الوقت الحاضر رغم أننا نعرف أن الرواد الأوائل على الساحل الصومالي منذ مائة عام قد تعمقوا بسفنهم في نهر جوبا حتى لوخ ، ولكن بعد أن وقعت البلاد منذ عام 1884 تحت قبضة الاستعمار حتى الوم لم يجري تهذيب النهر ولم يعمق مجراه أو ترميم جوانبه وإنما تركت الأنهار الكبرى كنهر جوبا وشبيلي تسير كما تشاء حتى أصبح من المتعذر على القوارب الصغيرة أن تسير إلى مسافات طويلة في النهر .

وهكذا الحال بالنسبة لكافة المواصلات البرية والجوية والبحرية لم تجد أية عناية أو رعاية من جانب قوات الاحتلال الأجنبي فكان أن ورثت الجمهورية الصومالية الفنية ورثا ضخما من المشاكل المتعلقة بالمواصلات وغيرها من المشاكل التي تعرضنا لها في الباب الأول والثاني من هذا الكتاب .

النقل البري في الإقليم الجنوبي

تنقسم طرق النقل البري إلى ثلاثة أقسام : 1- طرق الدرجة الأولى .. وهي الطرق المسفلتة في مقدشوه والتي تمتد خارج مقدشوه حتى أفجوى جنوبا وتمتد شمالا حتى بلدوين وسبلغ طول الطرق الداخلية في مقدشوه 418 كيلو متر والطرق الخارجية منها 202 كيلو متر . 2- طرق الدرجة الثانية .. وهي طرق طبيعية .. وهي شريان الحركة والمواصلات للسكان والإنتاج والسلع بين المدن الكبرى . وبعض هذه الطرق طبيعي وبعضها قد مهد بمعرفة الإنسان . 3- طرق الدرجة الثالثة .. وهي الطرق الزراعية التي تربط القرى الصغيرة بعضها ببعض وفي العادة طرق غير معهدة ، وعرة التضاريس .

ويبلغ مجموع الطرق البرية نحو 10247 كيلو متر ومن الطرق الداخلية (في المدن) ما مجموعه 5045 كيلو متر ومن أهمها : 1- طريق مقدشوه – افجوى – جلب – كسمايو ويبلغ طوله نحو 500 كيلو متر . ثم من بونتي قرب كسمايو إلى انفدى . 2- طريق مقدشوه – بيدوا – لوخ – دولو ويبلغ طوله نحو 500 كيلو متر ثم إلى الحبشة وانفدى . 3- طريق مقدشوه – بلعد – جوهر – بولوبورتي – بلدوين – فيرفير وطوله 375 كيلو متر ثم إلى الأوجادين . 4- طريق فيرفير – دوسمريب – جالكعبو – قارضو – بوصاصو (بندر قاسم) وطوله 1110 كيلو متر . 5- طريق مقدشوه – بلدوين – جالكعيو – بوصاصو (بندر قاسم) وطوله 1500 كيلو متر .

وتعاني الطرق في الجنوب من الأمطار الغزيرة التي تحول الطرق الزراعية إلى طرق موحلة مما يعطل حركة المرور تماما ، وقد تستمر هذه الفترة أسبوعيا أو أكثر خلال الفترات المطيرة وقد تمتد إلى شهر أو ثلاثة في العام .

النقل البري في الإقليم الشمالي

لايوجد غير طريق واحد معهد بين مطار هرجيسة ومقر المحافظة وطوله عشرة أميال ، وعدا هذا الطريق فإن كافة الطرق طبيعية . ومن أهم هذه الطرق الطبيعية مايلي : طريق هرجيسة – بوراما طوله 87 ميل ، طريق هرجيسة – بربره طوله 110 ميل ، طريق هرجيسة – برعو وطوله 127 ميل يمر بمدينة شيخ ، طريقة بربره – برعو وطوله 90 ميل ، طريق بوراما – وأوبره طوله 11 ميل ، طريق أوبره – حججة طوله 64 ميل ، طريق بورما – زيلع وطوله 150 ميل ، طريق زيلع – جيبوتي وطوله 30 ميل ، طريق عرجابو – بربره وطوله 227 ميل ، طريق عرجابو – برعو وطوله 239 ميل ، طريق عرجابو – لاس عانو وطوله 162 ميل ، طريق عرجابو – قرضو وطوله 187 ميل .

وأغلب طرق الإقليم الشمالي طبيعية سهلة في بعض أجزائها وأحيانا تقف الطبيعة دون استمرار المواصلات في خط مستقيم ، ولذلك تسير الحركة والنقل عن طريق انحناءات كبيرة تزيد من طول المسافة والزمن والتكاليف ولا تخلو هذه الطرق من حفر واسعة أو مستنقعات أو بروزات سخرية أو أراضي حصوية .

سياسة الحكومة تجاه النقل البري

لأهمية الطرق البرية في الصومال التي تعتبر الشريان الأول لنقل الإنتاج والسكان قامت الحكومة بعدة مشروعات لتحسين وإصلاح ومد طرق جديدة .

وقد قامت الحكومة بتمهيد الطريق بين كسمايو ومقدشوه خلال المناطق الزراعية في منطقة جوبا السفلى والعليا ويبلغ طوله من أفجوى إلى شلمبوط 65 كيلو متر ومن جليب إلى كسمايو 115 كيلو متر وأقامت الحكومة كوبري جديد عند كنسيوما . كما قامت الحكومة بتحسين وتوسيع عربات النقل الكبيرة ..

وأهم الطرق التي قامت الحكومة بإصلاحها وترميمها هي : طريق مقدشوه – جوهر (إعادة تصليح) . مدن – براوة ، بونتي – دونو – جول دورا ، شلمبوط – جلب ، افجوى – بيدوا ، جوهر – فيرفير ، افجوى – جينالي ، مقدشوه – مركه ، بولوبورتي – فيرفير ، جاروي – بورتينال ، لاس بادان – لاس آقول ، جونتي – زنجوني ، دولو – لوخ ، بورهكبة – بيولي – تجلو ، هرجيسة – برعو .

ويبلغ مجموع الطرق التي أعيد إصلاحها تحت إشراف الحكومة نحو 2400 كيلو متر .

النقل الجوي الداخلي

تكونت شركة الخطوط الجوية الصومالية في 15 يوليه عام 1963 وهي التي تنظم رحلات الطيران الداخلي ما بين مقدشوه وجالكعيو وقرضو ثم العودة إلى مقدشوه بواقع رحلة واحدة في الأسبوع (العودة في نفس اليوم) اعتبارا من 7 يوليو 1964 ونظمت رحلة إلى الجنوب حتى كسمايو مرة في الأسبوع ، هذا عدا الرحلة المتجهة إلى هرجيسة عبر مقدشوه جالكعيو فهرجيسة .

وقد كانت إدارة الطيران الداخلي تابعة لوزارة الدفاع حتى قيام الشركة الجديدة .

وتعمل الحكومة على تحسين وإصلاح المطارات الداخلية في بوصاصو ، قندله ، علولة ، اسكشوبان ، بندربيله ، بلدوين ، أيل ، هوبيا ، كسمايو ، دولو ، برعو ، وبربره . وكذلك مطار مقدشوه ومطار هرجيسة والمطاران الأخيران ترمي الحكومة إلى جعلهما في مقدرة لاستقبال أضخم وأكبر الطائرات النفاثة وغيرها لكونهما العاصمة الأولى والثانية للجمهورية الصومالية ونقط الاتصال مع العالم الخارجي .

وشركة الخطوط الجوية الصومالية برأس مال مناصفة مع الحكومة الصومالية وشركة اليتاليا ورأس المال الصومالي عبارة عن ثلاث طائرات من طراز De3 وقد صدق فخامة رئيس الجمهورية على الاتفاقية في 6 نوفمبر سنة 1963 وتنص على أن تتعهد الحكومة بتقديم إجراء تشريعي بخصوص الإعفاء من دفع الضرائب سواء مباشرة أو غير مباشرة مهما كان نوعها وكذلك من الرسوم الإضافية وغيرها من العائدات التي تدفع من أجل العمليات الجمركية على أن يتم ذلك خلال 15 يناير 1964 .

وهدف الشركة هو ربط المدن الداخلية في الصومال مع العاصمة أو الخارج في دورات منتظمة ونصت الاتفاقية على تدريب بعض الصوماليين على الأعمال الفنية والإدارية حتى يمكن إسناد الشركة لهم بعد إعدادهم .

ونلاحظ أن مطارات الصومال البالغ عددها خمسة عشر مطارا تقريبا تعاني من قلة مهابط الطائرات أو ضيقها أو الأمطار الغزيرة عدا مطار مقدشوه الدولي ولذا تتجه الحكومة إلى سياسة حماية هذه المطارات وتوفير مهابطها وإصلاحها حتى يتسنى لها أن تخدم حركة الطيران الداخلي والخارجي .

النقل الجوي الخارجي

تتصل الصومال بالعالم الخارجي عن طريق شبكة منتظمة من الطيران الخارجي . فمقدشوه متصلة بخط طيران إلى عدن ، الخرطوم ، روما (رحلة في الأسبوع تابعة لشركة اليتاليا) .

ورحلة في الأسبوع بالطائرات النفاثة العربية التابعة للشركة العربية المتحدة (القاهرة – جدة – عدن – مقدشوه) .

ورحلتين في الأسبوع تابعة لشركة عدن الجوية (مقدشوه ، نيروبي ، ممبسة ومقدشوه – هرجيسة – عدن) .

ويبلغ طول مطار مقدشوه نحو 1500 متر وعرضه 245 متر وأجري إصلاحه في شهر أغسطس سنة 1964 فبلغ طوله 2500 متر وعرضه 500 متر وبذلك تسنى للطائرات التابعة للشركة العربية المتحدة أن تهبط وتصعد في أمان ، لأنها من أضخم الطائرات التي تنزل مطار مقدشوه اسبوعيا ولها دور كبير في تسهيل اتصال الصومال مع العالم الخارجي .

النقل الجوي

تتصل الصومال بالعالم الخارجي عن طريق خطوط ملاحية منتظمة وهي : 1- رحلة منتظمة في الشهر بين مقدشوه وأوربا للسفينتين أورما وأفريقيا . 2- رحلات غير منتظمة لسفن جوالة بين إيطاليا ومقدشوه (ديانا ، تربولتنيا) . 3- خط ملاحي غير منتظم بين مواني الجمهورية العربية المتحدة ومواني الصومال (أبو سنبل) . 4- سفن جوالة غير منتظمة تابعة لشركة لويد تريستينو لنقل السلع من كسمايو وبندر قاسم وبربره .

ومن الملاحظ أن كافة السفن المذكورة لا تصل إلى مواني الصومال مباشرة وإنما ترسو على مسافات تصل إلى كيلو ونصف من الميناء ثم تقوم السواعي الصغيرة والصنادل بدور الوساطة في النقل والشحن والتفريغ من السفن إلى رصيف الميناء .

ولذا اتجهت سياسة الحكومة تجاه تدعيم حركةالنقل البحري بإجراء تحسينات على المواني الصومالية وفي عام 1966 سيتم بناء ميناء كسمايو الذي يعتبر أكبر ميناء في شرق أفريقيا دون منازع كما يجري إصلاح توسيع ميناء بربره .

وفي 13 يونية 1962 تكونت مؤسسة المواني بموجب التصديق من طرق الجمعية الوطنية على مشروع الحكومة الخاص بإنشاء مؤسسة تقوم بمهمة تدبير شئون إدارة ومالية مواني الجمهورية الصومالية والمساهمة في تطوير الاقتصاد الوطني العام ولها امتيازات بأن تكون هيئة مستقلة بذاتها بعيدا عن المؤثرات السياسية بغية تسهيل شحن وتفريغ البضائع بأسعار زهيدة إلى جميع أسواق العالم .

وتهدف الحكومة إلى تحقيق ما تصبو إليه الجمهورية الصومالية من إدارة حسنة للمواني بحيث لا تكون مقيدة وذلك لتحقيق زيادة في الملاحة البحرية الدولية فحسب بل وايضا في الحصول على قروض لاستعمالها .

كما قامت الحكومة بشراء سفينة تجارية (دلمار) لتكون نواة للأسطول التجاري الصومالي ويبلغ طولها 60 مترا وحمولتها 1671 طن وسرعتها 12 عقدة بحرية في الساعة . وقد تم شراء الباخرة بمبلغ 2.7 مليون شلن صومالي بمعرفة الشركة التجارية الصومالية التي تأسست عام 1961 وقد ساهم بنك التسليف الصومالي بجزء كبير من ثمنها كقرض طويل الأجل وبدأت السفينة عملها على المواني الصومالية اعتبارا من 17 نوفمبر 1963 وحركة السفينة على مواني مقدشوه – كسمايو – بربره – عدن – ممبسة ومواني البحر الأحمر والخليج العربي .

خدمات البريد والتلغراف والتليفون والإذاعة

البريد : يوجد مكتب بريد في كل مدينة في الجمهورية الصومالية .

التلفون : يوجد تليفون محلي لمدينة بلدوين ، وتليفون محلي لمدينة مقدشوه وطوله 1000 كيلو متر وأقصى امتداد له إلى افجوى ومركه وجينالي جنوبا وبلعد شمالا . وفي نهاية عام 1964 أنشئت الحكومة محطة التليفون الأوتوماتيكي لأول مرة وبدأ عمله في بداية عام 1965 وهو في 2000 خط يتصل بجوهر وافجوى ومركة .

التلغراف : فتحت الحكومة مكاتب جديدة للتلغراف في كافة المدن الصومالية .

الإذاعة : توجد محطة إذاعة في هرجيسة قوتها 10 كيلوات ومحطة مقدشوه – وقوتها الفعلية نحو خمسة كيلوات ، وقد عملت الحكومة على إنشاء محطة جديدة للإذاعة في مقدشوه تبلغ قوتها 50 كيلوات وبذلك يمكن أن يصل صوت الجمهورية الصومالية إلى كافة أنحاء الوطن الصومالي الكبير والبلدان المجاورة في آسيا وأفريقيا . ومن المنتظر أن يبدأ العمل في المحطة الجديدة في نهاية عام 1965 .

ويوجد راديو مارينا لاستقبال الأخبار العالمية وإرسال البرقيات لسائر دول العالم ويتم الاتصال التليفوني بين لاصومال وجيرانها أو العالم الخارجي عن طريق إيطاليا .

ويوجد راديو مارنيا لاستقبال الأخبار العالمية وإرسال البرقيات لسائر دول العالم ويتم الاتصال التليفون بين الصومال وجيرانها أو العالم الخارجي عن طريق إيطاليا .

وفي أوائل عام 1964 أنشئت وكالة الأنباء الصومالية (سونا) بمرسوم جمهوري وذلك لتطوير التسهيلات لجمع وتوزيع الأنباء في الجمهورية الصومالية والتعاون مع وكالات الأنباء الأفريقية كما نص عليه مؤتمر تونس في إبريل سنة 1962 وقد بدأت الوكالة بأجهزة الاستقبال حتى تتمكن من إقامة أجهزة الإرسال في المستقبل القريب .

الفصل السادس: الحركة التجارية

الحركة التجارية والاقتصادية

كانت الحركة التجارية في الإقليمين الشمالي والجنوبي حكرا لمصالح الاستعمار في فترة الاحتلال والوصاية ممثلا في رأس المال الإيطالي المسيطر على بنك نابولي وبنك روما وهما فرعان من البنوك الإيطالية في صوماليا كما كان للبنك الأهلي الهندي ليمتد فرع في هرجيسة وبربره .

وكان لرأس المال سواء في صورة شركات أجنبية أو أفراد امتيازات منحتهم بصفة مباشرة فرصة الاحتكار لأهم السلع الإنتاجية كالكهرباء والسكر وحلج القطن والزيوت والمياه الغازية وغير ذلك مما رأيناه في دراسة الإنتاج والتصنيع للموارد الطبيعية أو الزراعية أو المعدنية .

وكانت هذه الاحتكارات المسيطرة على الإنتاج والتجارة الواسعة في الوقت الذي يعمل فيه المواطنون بتجارة التجزئة في المدن والقرى وأحيانا في تجارة اللحوم إلى البلدان المجاورة لأن رأس مالهم أضعف من أن تكون تجارتهم واسعة إلى أقطار بعيدة .

حينما أعلن قيام الوصاية الإيطالية على صوماليا في عام 1950 أخذ رأس المال الإيطالي في الانكماش من ميادين الزراعة والصناعة والتجارة بغية تعطيل حركة الإنماء الاقتصادي في البلاد لتظهر الدولة في مظهر الضعف الاقتصادي وشاهدت الصومال أكبر حركة تهريب لرؤوس الأموال خلال الفترة ما بين عام 1952 إلى 1954م .

ورغم الحصار الاقتصادي السياسي الذي تعرضت له البلاد وتهريب رؤوس الأموال المستغلة في البلاد ورغم محاولات بريطانيا في ربط الصومال بعجلة الكومنولث البريطاني ، ورغم المحاولات العديدة والمناورات المغرضة التي شنها الغرب فإن الشعب الصومالي صمم على إنهاء الاستعمار بكافة أشكاله وصوره وعهوده . وخرج من معركة الوايا باستقلاله ووحدة جزئين من وطنه الكبير قبل الميعاد المحدد للاستقلال بستة شهور وذلك في أول يوليو سنة 1960 باسم الجمهورية الصومالية .

ومن أجل التوسع الزراعي والصناعي وإنماء التجارة الدولية قامت الحكومة بعقد عدد من الاتفاقيات مع دول مختلفة بشأن قروض طويلة ومتوسطة الأجل واستغلالها في التنمية الاقتصادية فظهرت بعض المشروعات في مرحلة التنفيذ والبعض ما زال تحت مرحلة البحث والتنفيذ وذلك ضمن إطار مشروع السنوات الخمس .

العوامل المؤثرة في حركة التجارة الخارجية :

تتأثر التجارة الخارجية للصومال بعوامل متعددة منها : 1- وفرة الإنتاج الرعوي ممثلا في الثروة الحيوانية ومنتجاتها من منتجات المراعي . 2- فقر الصومال من ناحية إنتاج القمح والأرز والبطاطس وأنواع أخرى من المواد الغذائية جعل المركز الأول في واردات الصومال ممثلا في المواد الغذائية . 3- نظرا لأن الظروف المناخية لا تسمح بإنتاج محاصيل زراعية كالشاي والبن وبعض أنواع الفواكه فكان لا بد من استيراد مثل هذه الحاجيات من الخارج . 4- تأخر استغلال موارد الثروة الطبيعية ولا سيما الثروة المعدنية وتصنيعها مما دعا إلى استيراد سلع تامة الصنع كالآلات البسيطة والمعقدة . 5- تأخر استغلال إنتاج القطن في الصناعة دعا إلى استيراد المنسوجات القطنية وغيرها من الخارج . 6- كان لوقوع البلاد تحت الاستعمار الإنجليزي – في الشمال – والاستعمار الإيطالي في الجنوب أن أصبحت البلاد سوقا تجارية في المواد الخام وسوقا استهلاكية لمنتجات الدولتين المستعمرتين وتوابعها حتى أصبحت كافة الآلات ووسائل النقل وغيرها حكرا للاستعمار من حيث تصريفها في الصومال ، وكان لا بد للصوماليون أن ينظروا إلى بريطانيا وإيطاليا من ناحية استيراد قطع الغيار وأجزاء هذه الآلات ووسائل النقل وغيرها .

وقد قطن الشعب الصومالي إلى ألاعيب الاستعمار ، ولكنه كان مضطرا إلى استيراد حاجياته من الدول المستعمرة حتى إذا ما أصبح حكم البلاد بيد أبنائها البررة اتجهت السياسة الصومالية نحو الصداقة مع الجميع فاتسعت الحركة التجارية ولم تعد مقيدة بسياسة المستعمر وأصبحت المنتجات الصومالية تجد لها أسواقا في آسيا وأوروبا وأمريكا وأفريقيا وامتدت إلى أستراليا وأمريكا الجنوبية على نحو ما سنرى فيما تقدمه من البيانات التالية : • الحركة التجارية في الإقليم الشمالي والإقليم الجنوبي (قبل الاستقلال) : الصادرات ، الواردات الإيرادات ، المصروفات ، الضرائب ، الميزان التجاري . • الحركة التجارية في عهد الجمهورية الصومالية . • الإنماء التجاري والاقتصادي . • القروض والنظام النقد والمالي .

الضرائب : لم يكن هناك ضريبة دخل في الإقليم الشمالي وكانت تدفع رسوم على الواردات وقد بلغت عام 1959 نحو 800 ألف جنيه استرليني وعلى لاصادرات نحو 24 ألف جنيه استرليني وعلى استخراج المناجم 3 آلاف جنيه وعلى الحظائر 10 آلاف جنيه وعلى الأرباح التجارية 37 ألف جنيه وعلى المنازل 16 ألف جنيه .

وتعفي الواردات الخاصة بالحكومة والإسمنت والآلات والأدوية والأسمدة ورسوم عادية على السجاير والطباق الإنجليزي .

الدخل : وكان الدخل عام 1956 هو 44 مليون شلن ، وفي عام 1960 بلغ 86.5 مليون شلن بزيادة 123% ، وفي عام 1956 بلغ الخرج 46 مليون شلن ، وفي عام 1960 بلغ 96 مليون شلن بزيادة 60% وفي عام 1956 بلغ العجز 16 مليون شلن ، وفي عام 1960 بلغ 10 مليون شلن بتخفيض 38% .

والواردات بلغت عام 1956 نحو 114.9 مليون شلن ، وفي عام 1959 بلغ 132.1 مليون شلن بزيادة قدرها 14% .

والصادرات بلغت سنة 1956 نحو 65 مليون شلن صومالي ، وفي عام 1959 بلغت 105.8 مليون شلن بزيادة 62% .

الحركة التجارية مع الخارج بعد الاستقلال : (بملايين الشلنات الصومالية) • في عام 1961 (صادر) 105 إيطاليا ، 31 السعودية ، 22 عدن ، 10 السودان ، 7 إيران .. إلخ . • في عام 1962 (صادر) 92 إيطاليا ، 40 السعودية ، 25 عدن ، 5 الجمهورية العربية المتحدة ، 5 إيران .. إلخ . • في عام 1961 (وارد) 75 إيطاليا ، 29 بريطانيا ، 10 الهند ، 15 اليابان ، 15 عدن .. إلخ .. • وفي عام 1962 (وارد) 22 إيطاليا ، 22 بريطانيا ، 11 الولايات المتحدة الأمريكية ، 30 اليابان ، 17 الهند ، 10 الجمهورية العربية المتحدة .

وكان الميزان التجاري لعام 1962 قد سجل النتائج التالية .. بالشلنات الصومالية : واردات : 270.284.060 منها 89.342.440 للإقليم الشمالي و 180.941.620 للإقليم الجنوبي . صادرات : 180.192.161 منها 68.105.721 للإقليم الشمالي و 112.085.440 للإقليم الجنوبي .

وكان العجز في عام 1961 نحو 42.3 مليون شلن صومالي وفي عام 1962 بلغ إلى الضعف تقريبا بسبب زيادة استيراد المعدات الضرورية لإقامة الدعائم للتطور الاقتصادي وتبين ذلك من المقارنة من أنواع السلع كالسيارات وآلات النقل التي ارتفعت من 23 مليون خلال عام 1961 إلى 42 مليون خلال عام 1962 والوقود من 11 مليون إلى 13 مليون وكذلك الحال بالنسبة لمزاد البناء والخدمات المعدنية والآلات .. إلخ .

الإنماء التجاري والاقتصادي

توحيد الميزانية :

قامت الحكومة الصومالية عقب الاستقلال بسياسة توحيد ميزانية الإقليم الشمالي والجنوبي في ميزانية واتحدة في آخر عام 1960 وتمتاز هذه الميزانية عن سائر الميزانيات السابقة لعهد الاستقلال بأنها خيالية من المعونات التاي تقدمها السلطات الإدارية في الإقليمين وذلك بهدف إيجاد ميزان تجاري حقيقي دون اللجوء إلى حسابات مصطنعة حتى يكون الرأي العام الصومالي على إدراك بميزانية الدولة وأن تتضافر الجهود من ناحية الحكومة والشعب في سبيل تعديل الميزانية للصالح العام .

وكانت بريطانيا وإيطاليا تقومان بسد العجز في الميزانية حتى عام 1963 وأصبحت الصين الشعبية تحل محل بريطانيا في تسوية الميزانية بعد قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع بريطانيا .

اتفاقيات قروض :

ومن أجل الإنماء الاقتصادي قامت الحكومة بعقد اتفاقيات مع دول أو منظمات دولية بشأن الحصول علىق روض طويلة الأجل ومتوسطة أو قصيرة ، وكذلك اتفاقيات تجارية للتوسع في الحركة التجارية وتنظيم استغلال الاقتصاد الأهلي وهذه الاتفاقيات هي : 1- اتفاقية قرض طويل الأجل مع الجمهورية العربية المتحدة وقد وقع عليها في مقدشوه 28 أغسطس 1961 وصدق عليها رسميا بقانون رقم 22 في 30 أكتوبر عام 1961 .. والقرض عبارة عن 80 مليون شلن صومالي بفائدة 2.5% لفترة سبع سنوات . 2- اتفاقية قرض طويل الأجل مع الاتحاد السوفييتي (اقتصادية وفنية وقع عليها في 2 يونية 1961 في موسكو مع بروتوكول إضافي في 27 مارس سنة 1962 وصدق عليها رسميا بقانون رقم 30 في 30 أكتوبر عام 1961 والقرض عبارة عن 317.5 مليون شلن صومالي بفائدة قدرها 2.5 لفترة 12 عام . 3- اتفاقية اقتصادية للتعاون مع تشيوكوسلوفاكيا وقع علهيا في 26 يونيه عام 1961 بمقدشوه وصدق عليها رسميا بقانون رقم 31 في 20 أكتوبر سنة 1960 والقرض عبارة عن 30 مليون شلن صومالي بفائدة 2.5% على فترة ما بين 3 ، 5 سنوات . 4- اتفاقية مالية مع حكومة ألمانيا الغربية وقع عليها في 19 يناير 62 وصدق عليها رسميا بقانون رقم 17 في 12 يونيه 1962 والقرض عبارة عن 44.5 مليون شلن صومالي بفائدة 2.5% لفترة 20 عاما .

المؤسسة الوطنية للتجارة مع الخارج :

ومن المشروعات الهامة التي قامتب ها الحكومة مشروع إنشاء المؤسسة الوطنية للتجارة مع الخارج التي صادقت علهيا الجمعية الوطنية في 6 نوفمبر عام 1962 وتهدف المؤسسة إلى إجراء التالي :

أولا : 1- القيام بعمليات تصدير واستيراد البضائع لحساب الدولة ولحساب المؤسسات العامة أو المؤسسات التي تشترك فيها الدولة وخاصة فيما يتعلق باستثمار وتصفية القروض والاعتمادات من الخارج . 2- القيام بشراء وبيع البضائع في الجمهورية وذلك للأغراض المذكورة آنفا . 3- القيام بأي عمليات إضافية أخرى .

ثانيا : يوجه نشاط المؤسسة باستمرار من أجل الصالح العام ، وأن يجري على أساس التوجيهات العامة التي يحددها وزير التجارة والصناعة .

ولقد كان دافع الحكومة إلى إنشاء هذه المؤسسات هو أن بعض القروض القصيرة الأجل كالتي أخذتها من الاتحاد السوفييتي (7 مليون روبل أي ما يوازي 48 مليون شلن صومالي) على أن يسدد المبلغ عن طريق منتجات صومالية كالقطن والموز ولذا فإن مهمة المؤسسة استلام وتصفية القرض . وأصبح على المؤسسة أن تستلم 200 آلة حرث وغيرها لاستثمارها في الصومال وفي الوقت نفسه تقوم المؤسسة بتصفية القروض التي استلمتها الحكومة .

النظام النقدي والمالي

في عام 1950 أوقف استعمال شلن شرق أفريقيا في المعاملات التي أدخلته بريطانيا بعد خروج الإيطاليين من صوماليا وأصبحت العملة الجديدة عملة صومالية باسم صومالو Somalo يشرف عليها صندوق الصومال Somal Casse ومقره روما وقبله بنك إيطاليا في مقدشوه وكان يباشر عمليات إعادة خصم الأوراق التجارية القصيرة الأجل ولكن لم يرخص له بتقديم القروض إلى الحكومة الصومالية أو الإدارة الوصية لذلك كانت الحكومة الإيطالية تقوم بسد العجز المالي في إدارة الإقليم .

وكان غطاء العملة الصومالية من الذهب والعملات الأجنبية نسبة 100% وكانت العملات الأجنبية في بداية الأمر من الجنيهات الاسترلينية بصفة خاصة .

وفي عام 1954 أصبحت الليرة الإيطالية وبين عام 57/1958 تحول جزء من الليرات إلى دولارات أمريكية حتى أصبحت قبل الاستقلال 60% من غطاء العملة الصعبة .

وفي عام 1959 أضيف إلى قسم إصدار أوراق النقد قسم لمزاولة العمليات المصرفية على أن يكون مقره مقدشوه ويتولى أعمال فرع بن إيطاليا في مقدشوه كما خول له أن يستثمر أرباحه في شراء السندات المضمونة من قبل الحكومة بالإضافة إلى تقديم قروض مباشرة إلى الحكومة الصومالية والإدارة الإيطالية بشرط ألا يتجاوز 10% من إيراداتها السنوية .

واصبحت صوماليا جزءا من منطقة الليرة الإيطالية على حين كان الإقليم الشمالي يعلن بنظام التفضيل السائد في بلاد الكومنولت فكان إن وجد نظامان جمركيان مختلفان في البلاد بصفة مؤقتة حتى نهاية عام 1960 أحدهما يأخذ بمبدأ التفضيل ، والثاني يتمتع بإعفاء الصادرات الصومالية إلى إيطاليا من الرسوم الجمركية إلى جانب المشاركة في السوق الأوروبية المشتركة .

واعتبارا من 1/7/1960 أصبح للصومال عملة مستقلة تستند الدولارات ويصدرها البنك الأهلي الذي حل محل صندوق الصومال .

وفي 23 نوفمبر 1960 أبرمت اتفاقية العملة بين الحكومة الصومالية وإيطاليا في روما بشأن تصفية صندوق تداول العملة الصومالية وقيام البنك الأهلي الصوماي في 9 مارس عام 1963 مبلغ 6 مليون شلن صومالي حسب الاتفاق السالف الذكر وكذلك التنازل عن الممتلكات العقارية التي كان يملكها صندوق التداول للعملة الصومالية في الصومال .


الباب الثالث: الصومال في العصور القديمة والوسطى

الفصل الأول: التكوين الجنسي

الهجرات الجنسية إلى القرن الإفريقي

تتصل القارة الإفريقية بقارتي العالم القديم – أوروبا وآسيا – عبر ثلاثة مداخل ، هي : مدخل مضيق جبل طارق ، ومدخل شبه جزيرة سيناء ، ومدخل باب المندب . وهذه المداخل تمثل حلقات الاتصال الجنسي بين أفريقيا وجاراتها ، فقد تخرج منها موجات جنسية وقد تأتي عن طريقها موجات جنسية ، غير أن أهم المداخل الجنسية إلى القارة الإفريقية هو طريق باب المندب ، فقد كان بوغاز باب المندب في الأزمة القديمة ضحلا غير عميق سهل العبور ، ومن ثم وفدت إلى أفريقيا أجناسها الرئيسية عن هذا الطريق ، بدليل أن البقايا القديمة للأجناس توجد في مناطق غير بعيدة عن ذلك المدخل .

وكان كل جنس جديد يفد إلى منطقة القرن الإفريقي يدفع العناصر الموجودة دفعا قويا إلى داخل القارة الإفريقية حتى خلصت شبه جزيرة الصومال للصوماليين وحدهم في نهاية القرن الثالث عشر .

وقد عرضت شبه جزيرة الصومال كقاعدة تجمع للعناصر الوافدة من القارة الأسيوية ، وبعد أن تستقر هذه العناصر فترة تبدأ في الحركة والانطلاق نحو تعمير القارة بأجناس جديدة وافدة بعد أن تكاثر عندها وقويت شوكتها ، وهذه الحركة من الهجرات المتتالية ، وتحركاتها البطيئة إلى الأجزاء الأخرى من القارة قد تركت لها آثار في جهات متفرقة من شبه جزيرة الصومال ، كما أن لهذه الهجرات المتتالية تأثيرا كبيرا في اختلاط الأجناس ببعضها .

ومن المعروف أن أقدم العناصر البشرية في أفريقيا هي عناصر البوشمن والأقزام ، ويرجع عهدهم بالقارة الإفريقية إلى عشرات الآلاف من السنين ، ومن المرجح أن الفريقين تكونا في داخل القارة الإفريقية ، وكانت أول الطلائع الجنسية التي عمرت شبه جزيرة الصومال ، كما يقول أكثر علماء الأجناس ، هي العناصر الزنجية الخالصة التي قدمت من موطنها الأصلي في جنوب شرقي آسيا عن طريق شبه جزيرة ملقا ، وتابعوا سيرهم إلى آشور وبابل بالعراق ، ومنها إلى جنوب غرب آسيا ثم عبروا مضيق باب المندب إلى شبه جزيرة الصومال واستقروا بها فترة غير قصيرة . ولما تزايد عددهم تابعوا حجراتهم هجراتهم في اتجاهين رئيسين .. الاتجاه الأول صوب الغرب مباشرة إلى غانا ونيجيريا وسيراليون .. أما الاتجاه الثاني فكان إلى الجنوب الغربي حتى هضبة أفريقيا الشرقية والجنوبية . أما ناحية المشال فقد كانت الهضبة الحبشية حائلا دون متابعة سيرهم تجاه الشمال .

وهذه الجماعات الزنجية العريقة عرفت بالبشرة الشديدة السواد ، والشعر المفلفل ، والقامة الطويلة التي تصل نحو 170 سم في المتوسط ، والرأس المعتدل الطويل ، والأنف الأفطس العريض ، والشفاه الغليظة المدلاة ، والفك البارز إلى حد كبير . وتوالت على شبه جزيرة الصومال عناصر حامية ، وخلال استقرار هذه العناصر الحامية في منطقة القرن الإفريقي امتزجت بالعناصر الزنجية القديمة التي سبقتها إلى هذه المنطقة ، ونشأ من هذا الامتزاج وهذا الجيل يسميه الانثروبولوجيون باسم (البانتو) ، أي الخليط من الدماء الزنجية والحامية . وأما الهجرات الحامية في فترة ما اضطرت عناصر البانتو أن تجلو عن منطقة القرن الإفريقي وتتجه نحو جنوب القارة الإفريقية .

وتظهر التأثيرات الحامية واضحة عند بانتو الشرق والجنوب (شرق وجنوب أفريقيا) وهم من عناصر إما رعية محاربة وإما زراعية صناعية ، وكانت سلطة رئيس القبيلة في القبائل المحاربة ، كالزولو مثلا ، سلطة مطلقة . ولكنها في العناصر الزراعية والصناعية كانت سلطة محدودة ، فهو يخضع لرأي مجلس الزعماء كما في بلاد الباسوتو حاليا ، وإلى يومنها هذا نجد ظاهرة احتقار مهنة الزراعة واضحة في القبائل المحاربة .

الخصائص العامة للعناصر الحامية الشرقية

إذا غضضنا النظر عن التأثير السامي الحديث نسبيا وجدنا أن حضارات أفريقيا هي حضارات الحاميين ، وسواء جاء هؤلاء الحاميون من خارج القارة أو كانوا أصلا من أهل القارة فإن الأمر الذي لا اختلاف فيه هو أن تاريخ القارة الإفريقية إنما هو سجل لحركات هذه العناصر واحتكاكها بعنصري القارة البدائيين من البشمن والزنوج . ويظهر هذا التأثير فميا تركته الحضارة المصرية الزراعية أو حضارة الرعاة كما هو واضح اليوم عند قبائل البجة في السودان وعند الصوماليين .

ومن الملاحظات الجديرة بالاعتبار أن اللغة الحامية يتكلم بها نحو خمس السكان في أفريقيا ، وقد تمكن برنارد سترك أن يحصر تلك اللغات في سبع وأربعين لغة أصلية ، وواحدة وسبعين لهجة وقرر أن للحامية أكبر مساحة من أفريقيا بما في ذلك العناصر السامية التي تأثرت بالإسلام .

ومن الشائع أن المحاميين ، وهم من الجنس القوقازي الذي يتكون منه أغلب سكان أوروبا ، ويمكن أن تقسمهم إلى فرعين رئيسين هما : (1) الحاميون الشماليون من بربر طرابلس وتونس والجزائر وكثيرا ما يسميهم الأنثروبولوجيون باسم الليبيين ، وكذلك بربر مراكش ، والطوارق والتبو من سكان الصحراء ، والفولاني من سكان نيجيريا ، وأجناس الجوائش المنقرضة من سكان جزر كناريا . (2) الحاميون الشرقيون وهم يشملون كلا من المصريين القدماء والمصريين في وقتنا الحالي ، وفي هذه الحالة الأخيرة يراعى امتزاج الطبقات العليا بدماء الأجانب ، وجماعات البجة والبرابرة أو النوبيين والجالا والصوماليين والدناكل ، وبعض جماعات الحبشة في الشمال مع استبعاد الأحباش الجنوبيين لامتراجهم بعناصر زنجية .

ويشير العالم الإنجليزي (سرجي) إلى وجود اختلافات شاسعة بين هذه الجماعات الحامية وخاصة بينالحاميين الشرقيين . وعلى الرغم من تفاوت الصفات الجمجمية عند الصومالين إلآ أنهم بوجه عام من عناصر أصيلة . ويظهر هذا واضحا في الوجه الذي يخلو تماما من الفك البارز ، كما أن الأنف مستقيم ، والشفاه غليظة نوعا ، ولكنها ليست مدلاة للخارج كما هو الحال في الزنوج . وغالبا ما يكون الشعر مجعدا ومع ذلك فقد يبدو هو مموجا أو مسترسلا في بعض الأحيان ، والذقن دقيقة عادة . أما البشرة فيتفاوت لونها فقد تكون صفراء أو نحاسية أو بنية أو سمراء وذلك تبعا لاختلاط الأجناس بعضها ببعض .

ويتابع سرجي قوله بأن كلا من القسمين السابقين الحاميين يتشابها أصلا من الناحية التشريحية ، والتركيب العظمى وبناء على ذلك يكونان جنسية واحدة تختلف جماجمهم اختلافا بينا ، ولكنه اختلاف ثابت كما هو الحال في شأن تقاطيع الوجه .

ومهما يكن الأمر فلا بد أن نعتبر الحاميين والساميين أجناسا متباينة منبثقة من جنس أصلي ، وأن هذا التباين أو الاختلاف لم يحدث منذ وقت بعيد ، والشاهد على ذلك وجود الآثار الثقافية والخصائص اللغوية المتشابهة بينهما .

وسنقتصر في دراستنا هنا على الحديث عن الحاميين الشرقيين لوجود الصوماليين ضمن هذه المجموعة ، وهدفنا من ذلك هو التعرف على العلاقة الأنثروبولوجية بين العناصر الحامية الشرقية ، وأن نوضح السمات الجثمانية والعناصر اللغوية ، والعادات ، ونظم الحكم ، وغير ذلك من وسائل الارتباط الاجتماعي القائم على أسس أنثروبولوجية كوحدة مميزة قائمة بذاتها ، وتلك الدراسة هي من أنجح الوسائل لمعرفة الصوماليين باعتبارهم جزءا من الأمة الحامية في أفريقيا ، وهؤلاء الأفريقيون الأوائل هم :

المصريون الأوائل

(قبل عصر الأسرات وذلك حوالي عام 3200 ق.م.) الآثار التي تركها المصريون الأوائل في قبورهم هي العامل الأول في كوننا نبدأ وصفنا للحاميين الأفريقيين بعرض طرف من حياة المصريين الأوائل ، وقد وصفهم الأستاذ اليوت سميث بقوله (ينتمي المصريون الذين عاشوا قبل عصر الأسرات إلى هذه الجماعة التي تشتهر بشعرها القصير الأسود وعيونها السوداء تماما مثل سكان شاطئ البحر المتوسط وقد انشتر هذا الجنس حتى تعدى مصر العليا إلى بلاد النوبة جنوبا وامتد شرقا حتى بلع منطقة البحر الأحمر الواقعة في السودان واستمر في امتداده حتى بلغ بلاد الصومال لتنتهي هذه المجموعة المتجانسة جنسيا عند مصب نهر تانا) .

والمصري الأول كان قصير القامة ، لا يكاد يزيد عن 64 بوصة والنسبة الرأسية 73 والنسبة الأنفية 5 كما هو الحال عند البجة والصوماليين .

البجة (البجاه)

وينقسم البجة أو البجاه إلى أربع مجموعات من الشمال إلى الجنوب وهي : العبابدة في صحراء مصر الشرقية ، وإلى الجنوب ومنهم جماعة البشارية إلى مسافة 80 ميلا في داخل حدود السودان ، ثم الهدندوه إلى الجنوب من البشاريين حتى خور بركة ، ثم بنو عامر إلى أرتريا .

ولقبائل العبابدة لغة حامية هي التوبدوية وهي لغة البشاريين والهدندوة غير انهم تعدوا لسانهم القديم وهم يتكلمون الآن اللغة العربية بينما بنو عامر يتكلمون لغة سامية تسمى نيجرة . ورغم هذا الاختلاف في اللغة بين قبائل البجة إلا أن العادات متشابهة جدا ، وكان للثقافة وعاداتهم وإن كان بعض قبائل العبابدة ينتهجون أسلوبا قديما في الحياة بسب العزلة التي فرضتها الطبيعة عليهم في المنطقة المحصورة بين التلال والبحر الأحمر .

وقد دلت الأبحاث التي أجراها الإحصائيون في حضارات عصر الأسرات في مصر على أن المصريين في بداية عصر الأسرات قد امتزجت بهم عناصر أكثر من العناصر التي كانت ممتزجة بهم في العصر الشالكوليتي . وكان سكان مصر الأوائل لهم سمات زنجية . وعلى الأقل يمكن أن نسميهم السكان الهمج البدائيين لمصر القديمة ، ثم وفدت عليهم عناصر جنوبية صومالية ذات رأس صغير وقسمات رقيقة تشبه ما عند الصوماليين اليوم ،ولهم حضارة ممثلة في الأسلحة والفخار والألواح ، ثم جاءت عناصر سامية ليبية وغيرها من الشمال ، ومنها العنصر ذو الرأس القصير الذي خلدته بعد ذلك تمثايل ممفيس التي نحتت لكبار الموظفين والحاشية وهو عنصر البحر المتوسط ، وعليه فالمصريون في عهد الأسرات المالكة كانوا جنسا امتزجت فيهم العناصر الصومالية والسامية المصرية والبيضاء المتوسطة .

وبينما نجد الحضارة المصرية قائمة على أساس زراعي بالإضافة إلى تربية الحيوان والصيد البري والمائي ولهم صناعات نحاسية وفخارية قبل عصر الأسرات نجد أن حضارة البجة والصوماليين قائمة على أساس الرعي ، فالجمل الذي أصبح في حوذتهم منذ ألفي عام تقريبا قد ساعدهم في السيطرة على الصحراء أكثر مما استطاع أجدادهم عمل ذلك ، ولهذا احتلوا أماكن من الصحراء لم تكن مأهولة بالسكان فيما قبل ، وقد ظهرت لهم صناعات للأواني الفخارية ولو أنهم يستخدمون أقل أنواع الحجارة صلابة بحيث يستطيعون نحتها بالسكين.

أما التنظيم الاجتماعي لدى البجة والصوماليين فله أهمية خاصة ، فمع أنهم الآن يكونون أكثر المسلمين تمسكا بالإسلام في شرق أفريقيا ، فإن الغالبية منهم كانوا وثنيين إلى عصر المؤرخ المقريزي (1216-1442) الذي وصفهم بأنهم (رعاة بدو ينتقلون بحثا عن المراعي ، ولكل قبيلة منهم رئيس ، ولا دين لهم ، والذكور والإناث يسيرون عراة إلا ما يستر العورة ، والكثير يملك قطعانا من الجمال والأغنام لا حصر لها تمدهم باللبن واللحم) .. وهذه الصورة التي صورها المقريزي مازالت موجودة على نطاق ضيق في هذه المناطق .

وكان البجة والصوماليون بحكم بيئة المراعي التي يعيشون فيها يقدسون الماشية وخاصة لبنها ، وكانت هذه الصفة مميزة لهم ، ويمكن إرجاعها بالتحليل إلى تأثير الحضارة الحامية السامية . وحتى الوقت الحاضر نجد بعض الصوماليين إن لم يكن أغلبهم لا يميل إلى حلب اللبن في أوعية فخارية كما أنهم لا يسمحون بحلب ماشيتهم في أواني معدنية مستوردة ، أما الأواني التي يعتبرونها أفضل وأنجح وسيلة لحفظ اللبن فهي آنية القرع أو أوعية السلال التي يسميها الصوماليون (هن) وهي مصنوعة بطريقة لا تسمح مطلقا بتسرب اللبن منها . ومن العادات والتقاليد المتوازنة أنه لا ينبغي على أحد منهم أن يشرب اللبن الذي يحلبه إلا إذا تجرع شخص آخر منه بضع رشفات أولا .. ومما يشين الرجل أن تسول له نفسه بشربا للبن بعد حلبه ، ويوصف بعبارات لاذعة ، فيقولون (أنه حلب وشرب على التو) والبجة يحتقرون بعض القبائل العربية التي تسمح للنساء بحلب الماشية .

وهذه الحقائق السابقة إنما تشير إلى أن اللبن عند الصوماليين والبجة ليس شيئا عاديا ، بل أنهم ينظرون إليه على أنه شيء مقدس ، وتنتشر هذه الفكرة أيضا عند بعض جيران الصوماليين مثل المساي ، والفاندي في شرق أفريقيا ، وبعض الجماعات التي تجري في عروقها دماء حامية .

النوبيون

ينتشرون حول النيل الغربي من الجندل الأول إلى الخرطوم ، ولهم لغة يقال أنها ترجع إلى العائلة السودانية ، ومن المرجح أنها لغة حامية كالصومالية غير مكتوبة ، وهناك تشابه كبير بين اللغتين .

وقد دلت الأبحاث على وجود نقوش جنوبي أسوان تشير إلى أنه منذ 3000 عام ق.م. كان يقطن النوبة أناس يشبهون المصريين والصوماليين وجدوا قبل عصر الأسرات ، وكانت علاقة النوبيين متجهة نحو مصر في عصر الأسرات ، كما اختلط بالنوبة جماعات البجة فنشأت جماعات أصحاب أعمال وتجارة ، ولهم سرعة عظيمة في التقاط اللغات ، وكذلك الحال بالنسبة لجماعات السواحيلية في جنوب الصومال وللنوبيين مهارة فنية في صناعة الأواني الفخارية والسلال والحصر ، وهم يشرطون وجناتهم بندبات طويلة عمودية أو مائلة ، وكذلك يقومون بعملية ختان بناتهم كما يفعل العرب .

الأرتريون

الأرتريون لا يختلفون في خضائصهم الجنسية عن قبائل البجة شمالا وقبائل الصومال جنوبا ولا يوجد دليل على أن الزنوج قد استوطنوا أرتريا في وقت ما .

الأحباش

يقول سيجمان في كتابه (السلالات الجنسية في أفريقيا) : يعتبر السكان الأصليون للحبشة ، في العادة من العناصر الزنجية ومن الممكن رؤية سلالتهم في الشعوب الزنجية الدنيا ممن يشتغلون بالصيد في أماكن متفرقة من الحبشة . ومما لاشك فيه أن بعض العناصر الحامية القادمة من منطقة القرن الإفريقي قد توغلت في الأراضي الحبشية في فترات غير متنظمة منذ آلاف السنين قبل الميلاد ، ولذا تتسم في فترات غير منتظمة منذ آلاف السنين قبل الميلاد ، ولذا تتسم الحبشة بطابع الازدواج ويظهر هذا المزيج الجنسي في معايير الثقافة والتاريخ ، فقد ذكر أن ثمة علاقات قديمة قامت بين الحبشة واليهود ، وأن العائلة الملكية الحبشية تنحدر من سلالات ملوك سبأ ، ولذا اعتبرنا الإمبراطور السابق من الحاميين فإن خلفه بتميز الملامح الزنجية الواضحة المعالم ، علاوة على الخصائص الزنجية التي يتميزون بها ، فإن جماجمهم تشبه أيضا جماجم المصريين الأوائل ، ويمكننا أن نعتبر الحبشة متحفا جنسيا وثقافيا ولغويا ، إذ من الصعب أن تعطي صورة واضحة المعالم عن الخصائص الأنثروبولوجية للجماعات القاطنة في الحبشة .

والحبشة لا تقتصر على الأجناس المختلطة الأصول ، وإنما هي أيضا خليط ديني ومذهبي . إذ بها الوثنيون والمسيحيون والمسلمون وحتى اليهود الذين يطلق عليهم اسم الفلاشا أو اليهود السود في الحبشة وقد نما عددهم في الوقت الحاضر . ومع تعداد العقائد الدينية لا يوجد بالحبشة مدارس أو مساجد أو جمعيات دينية كالتي يعني بها في شمال وشرقي أفريقيا .

ومن المحتمل أن تكون المسيحية قد وصلت إلى الحبشة من سوريا فالسعودية فاليمن فاكسوم عاصمة الحبشة قديما ، فالملك أكسوم ملك الساميين اعتنق الديانة المسيحية حوالي عام 45 بعد الميلاد ، وتلا ذلك عصر مظلم خيم على الحبشة وتاريخها ، ولا بد أنها اتصلت بعصر في هذه الفترة حتى أن المسيحية تميزت بالطابع القبطي إلى اليوم . ومازالت الكنائس الحبشية تستعمل الطابع المصري القديم الذي لم يعد يستعمل في مصر نفسها .

أما يهود الفلاشا في الحبشة أو اليهود السود فلا يعرف منهم الكثير ، وتروى القصص القديمة أن ملكة سبأ ، التي كانت أميرة في أكسوم تعلمت اليهودية عندما زارت سليمان ثم نقلتها عند عودتها إلى بلادها .

وينقسم شعب الفلاشا إلى ثلاث مجموعات لكل منها حاخامها الأكبر ، ويصومون مرتين كل أسبوع وأربعين يوما قبل عيد الفصح ، وفي طقوسهم الدينية بعض المراسيم الوثنية وقد ألهوا شباط ، ويعتبر الفلاشا أنفسهم من سلالة النبي داوود ، وذلك راجع إلى عام 1800 ق.م. حينما خضعت بلادهم لمملكة الحبشة . وهم عمال اشتهروا بالزراعة وصناعة الأواني الفخارية ، وهم لا يتزوجون مطلقا من خارج أهلهم ، ويمتنعون عن زيارة منازل المسيحيين ، وإذا حدث ذلك فلا بد لهم أن يطهروا لطقوس خاصة ، وللكاهن حق الزواج مرة واحدة ، وإذا بنى مسكن جديد يسكب عليه دماء حيوان .

وللأحباش عدة لغات ، منها الحبشة وهي وثيقة الصلة باللغة السبئية وتقترب من العبرية والعربية ، وقد ترجم بها الإنجيل في القرن السابع وفي القرن الثامن عشر أصبحت الأمهرية هي اللغة الرسمية للدولة ، وتكتب بحروف أثيوبية ، وقد بعدت عن أصلها السامي . أما لغة النيجر فيتكلم بها شمالي الحبشة وأرتريا بصفة خاصة ، وهي لغة سامية الأصل ، كما يوجد بجانب هذا عدد كبير من اللهجات المختلفة .

الجالا

ظهروا على مسرح التاريخ منذ القرن العاشر في الشاطئ الجنوبي من خليج عدن ، وقد امتدوا غربا بعد أن سهل الإمام أحمد جرى القائد الصومالي غزو الحبشة فاقتفوا أثره واحتلوا بعض المناطق الشرقية الجنوبية من الحبشة .. وبغض النظر عن لون البشرة الذي يختلف بين قبيلة وأخرى فإننا نرى لون البوران في لون بني فاتح للغاية ، على حين أن الواليجا والاينو يميلون إلى السواد ، وعلى أية حال فإن الجالا يوصفون بأنهم ذو أجسام متينة البنيان ، وجبهة عالية عريضة ، وتقاطيع الوجه متناسقة والغالبية العظمى منهم مسلمون بالرغم من اعتناق بعضهم الوثنية أو المسيحية .

وإذا استثنينا قبائل البوران الرحل فإن الجالا من الفرسان الصناديد ولكنهم أقم ثورة وتحررا وميلا للحروب بالنسبة لجيرانهم من الدناقل . وأكثر الجالا من الزراعيين يستخدمون المحراث الذي تجره الجمال والثيران ، ومازالوا ينظرون إلى الماشية على أنها أحسن مظهر من مظاهر الثراء .

وفي الوقت الحاضر لا نعرف الكثير عن دياناتهم قبل المسيحية والإسلام ولكنهم بلا شك البقية الباقية منالحاميين الوثنيين الذين يعبدون الواك (بمعنى السماء) كما كان عند الصوماليين فيما قبل الإسلام ، وإلى جانب ذلك إله أقل أهمية ، وكذلك إله يسمونه أتيتي ، وآلهة يسمونها أوجلى ويقدس بعض الجالا بعض الحيوانات كالثعبان والتمساح والبومة ، ولا توجد أدلة على اتخاذهم إياها بمثابة طواطم ، وكلما استدار القمر في دورته الكاملة وصدر في المحاق فإن رب الأسرة وهو يقوم بالأعمال الدينية يقدم ذبيحة للقمر سائلا إياه أن يجعل القمر الجديد يستمر في حراسة ماشيته ، وما أشبه ذلك . ويسمى الرئيس الديني (الواداجا) ويقصد به تلاوة الصلوات العامة ويلزمها وجبة غذاء أو ذبيحة ، ويقدم جزء منها إلى واك إله السماء ، وكانوا يحجون إلى (أبا مودا) أي أب العباد قبل أن يمنعهم الأحباش .

ويبلس أفراد الجالا قميصا وثوبا من القطن عادة وفوق أكتافهم يتدلى جلد ماعز أو فهد ، وفي الحروب يحملون حريتين خفيفتين ورمحا ثقيلا ودرعا صغيرا مستديرا كماي فعل بعض الصوماليين .. وكانت لهم عناية بصناعة المنسوجات والمعادن ، وما زال بعضهم يسكن أعالي نهر جوبا إلى وقتنا هذا ومن عاداتهم دفع مهر العروس قطعانا من الماشية كما يفعل الصوماليون في بعض أنحاء البادية ، وإذا توفي الزوج ورث أخوه في ممتلكات المتوفي حتى زوجته وأولاده ، ويصبح له السلطة المطلقة عليهم في حياتهم أو مماتهم وله حق بيعهم في أسواق النخاسة ، والإبن الأكبر هو الوريث الوحيد ، والخيانة شيء نادر قبل الزواج ، وإذا حدث ذلك حال دون عقد الزواج .

الدناقل

لقبائل الدناقل لغة مماثلة للغة الصومالية ، وهم يسكنون الجزء المثلث الشكل من الأراضي الواقعة شمال الصومال وحدودها الشرقية البحر الأحمر ومن الغرب الحبشة ، وهم بوجه عام نحو نحاف البدون ذو قوام متوسد الطول يبلغ 64 بوصة ، ولهم قسمات وجه تشبه الجنس السامي في التناسق وحسن الخلقة ، ولون البشرة يشبه في سوداه لون بشرة الزنوج ، وشعرهم مجعد قليلا .

وقد أخذ الدناقل بالديانة الإسلامية ، ولكنهم لا يقيمون شعائرهم الدينية بكل دقة ، كما هو الحال عند الصوماليين ، وكانوا في بداية حياتهم يميلون إلى التعاون مع الأحباش ، ولكنهم أصبحوا الآن من ألد أعداء الحبشة بفضل تعاونهم وانسجامهم مع الصوماليين الورعين .

الصوماليون

عرفنا أن مشكلة الأصل الصومالي تثير مسألة أصل الجنس الحامي الذي ينتمي الصوماليون إليه ، وهذه الجماعة الكبيرة من الناس التي تشمل المصريين الأوائل والبجة والنوبيون والأرتريون وبعض الأحباش والجالا والدناقل بالإضافة إلى شعوب كثيرة في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا . وهناك رأي يقول أن الحاميين وهم من سلالة حام ذلك الشيخ الكتابي الجليل الوقور الذي نشأ في آسيا وربما في الجزيرة العربية ، ثم انتقل مهاجرا إلى أفريقيا ، ويعتبر الصوماليون بذلك اتباعا بالانتساب للمهاجرين الحاميين الذين هاجروا حديثا إلى القرن الإفريقي ويحاول آخرون بحجج لا تقل أهمية عن الحجج السابقة إثبات أن أرض المهد للحاميين هي القرن الإفريقي نفسه ، ومثل هذا الدليل الإريكيولوجي (الذي يختص بالآثار) الذي يمكن إثباته إلى حد ما ، والحصول عليه في الوقت الحاضر وهو يقدم لنا شعبا شبيها من الناحية الجسمية بالسكان الحاليين للصومال باعتباره قد شغل إلى وقت طويل هذا الجزء من أفريقيا ، ومن المحتمل أن يكون أسلاف الصوماليين هم الذين سجلهم مؤلف (البيربلس) بأنهم يعيشون في المراكز التجارية على السواحل منذ ما يقرب من ألفي عام . وفي ذلك الوقت مارسوا التجارة قرونا عديدة مع أهل حمير في الجزيرة العربية .

الآثار القديمة :

وقبل أن نمر في عصور أقل قدما ، ولكي يكون يكون لدينا سجلات عنها أكثر وضوحا ، يجب أن نذكر تلك الصور الزيتية التي وجدت على الصخور والحفريات وعثر عليها في أجزاء متفرقة من شبه جزيرة الصومال ، ويحتمل أن يكون لهذه الصور قيمة أثرية كبيرة ، وهي معاصرة للآلات البسيطة الحجرية التي وجدت مقترنة بهم ، ويحتمل أن يكون غيرها حديثا بالنسبة لها .

وينطبق ذلك تماما على الروابي الحجرية العجيبة التي تكون تضاريس من مناظر خلوية برية وأصقاع مرموقة في أماكن كثيرة ، وتتدرج هذه في طبقتين رئيسيتين ، فيوجد أولا مدافن مبعثرة رثة المباني مكونة من الأحجار ، بعضها فوق بعض على إطار داخلي بين أغصان الأشجار ، وتحيط بحجرة المدفن التي يوجد بداخلها رفات الميت ، كما يوجد أحيانا قطع من الأواني الفخارية وبعض الأشياء الأخرى .

ومع أنه كثيرا ما يقال أن هذه الأشياء ترجع إلى عصر ما قبل الإسلام وأحيانا تنسب إلى شعب الجالا ، فإن كثيرا منها يبدو أنه حديث لا يعدو أن يكون عمره بضع مئات من السنين .

والشكل الثاني من تلك الروابي أقل شيوعا ، ولكنه أكثر في انتشاره وهو أكثر مهابة وجلالا وأثرا في النفس . يبلغ ارتفاعها أحيانا عشرين قدما ذات شكل جميل ، وهذه المعالم لم تفحص إلى الآن فحصا دقيقا منظما ، ورما كان لها قيمة أثرية كبيرة .

وقد عثر على أحجار وآلات مصنوعة في مغارات مجرتنيا تشير إلى أن السكان القدامى كانوا يملكون الآلات والأثاث ، ولهم علاقات مع دول العالم القديم ، وخاصة مع مصر الفرعونية التي كانت تتحصل على حاجياتها من البخور واللبان والأخشاب لمعابدها من بلاد بونت (الصومال) .

وأرض بونت في التعريف المصري القديم كانت تشمل سواحل خليج عدن والسواحل الصومالية الشمالية حتى رأس غردفوي الذي أطلفوا عليه اسم أرض الآلهة .

وكان سكان السواحل الشرقية للصومال يعملون بالتجارة والصيد البحري وعلى معرفة بصناعة المعادن ، وخاصة سكان مدينة سيربيون (مقدشوه) ومدينة بيكون (براوة) وكانت لهم تجارة واسعة مع جنوب شرقي آسيا (الهند والصين وأندونيسيا) .

وكانت شبه جزيرة الصومال في اتصال دائم بشبه جزيرة العرب وخاصة أهل اليمن الذين كانوا يسيطرون على مياه خليج أباليتي (عدن) .

كما كانت لهم علاقة بدول العالم القديم كبابل وآشور وفينيقيا ومصر الفرعونية ، وغيرها كما سنى فيما بعد .

هجرة البانتو

في الوثيقة العربية القديمة التي وجدت في براوه ، نجد جماعات من الزنوج البانتو يسمون وانيكا ، كانوا منتشرين في جوبا (الجب) ولهم ماشية وأغنام ودواجن ، ولهم زراعة في الذرة والموز ، وكانت أكبر قراهم قرية تدعى شونفاي ، وأسلاف الوانيكا التي تتحدث عنهم الوثيقة العربية كانوا يعيشون قرونا طويلة بين نهري جوبا وشبيلي فقد سهلت المجاري المائية في استقرارهم وقيامهم ببعض الأعمال الزراعية .

ومن الأخبار التي وصلتنا عن سكان جوبا وشبيلي القدامى أن حياتهم كانت بدائية للغاية خالية من الترف ، وأن لهم تنظيمات إدارية وحياة اجتماعية هادئة مسالمة ، حتى أن القرى المتفرقة المتباعدة كانت تسودها المحبة والهدوء .

وفي الشعر العربي القديم نجد حديثا عن اجتماع ملكي كان ينظم للبحث في الشئون العامة بين السكان وكانت مدينة شونفاي مركز الاجتماعات وكان لهؤلاء السكان القدامى ابتهالات واحتفالات بالأعياد التقليدية والعقائد الدينية ليتوسلوا إلى السماء أن تنزل المطر ، أو عندما يجنون الزرع ، وكان من عاداتهم الاحتفال بأبنائهم حين بلوغهم سن الرشد .

ساب

من المجموعات البشرية المعروفة في الصومال ، وتتضمن شعب ميدجان وشعب نومال وشعب جيبر وقد قال سليجمان العالم الأنثروبولوجي البريطاني أن هذه المنطقة المحيطة بنهر جوبا وشبيلي وخاصة في المناطق الوسطى كان يسكنها جماعات من الأقزام ، ومن المحتمل أن يكونوا أسلافا لقبائل البوشمن والبانتو والزنجي الصريح .

ولكن إذا صح هذا بالنسبة لبعض الشعوب مثل شعب الساندوى في تنجانيقا حيث نجد في لغتهم بعض حروف قاطعة وقريبة من لغة البوشمن كما هو شأن السومانيا وشعب الدوروبور أو الأوجيك في كينيا ، فإنه لا يصح بالنسبة للساب لأنهم لا يحملون على الإطلاق قرائن تدل على أن أسلافهم كانوا من الأقزام ، ولأنهم في الواقع – رجالا ونساء – مكتملوا النمو تجري في عروقهم الدماء الحامية ، ولا ينبغي أن نعتبرهم بقية من سلالة قديمة ، فقد ثبت أنهم لم يتصلوا بالأقزام ، وإنما كان اتصالهم بالعناصر الصومالية الحامية ، فهم من الحاميين أصلا .

وإذا دققنا النظر في طبقات الدوبي عند الباري في الجنوب الأقصى للسودان ، أن ثبت لنا صحة النظرية التي قال بها سليجمان ، إذ أن معظم هؤلاء الدوبي أقوياء البدن ذوو وجه عريض ، وأنف أفطس ، وبشرة سوداء ، وهم يخالفون في ذلك بعض السكان ذوي الوجه المستطيل والأنف ذي الفتحات الضيقة ، ويبدو أن الدرورويو يتكلمون لغة الناندي ، ولكنهم يختلفون عن هؤلاء الآخرين في أنهم لا يملكون من الحيوانات المستأنسة سوى الكلب ويحملون الحراب والسهام .

ويمكننا أن نقطع برأي أن جماعات الساب من العناصر الحامية شأنهم في ذلك شأن الصوماليين وأن ما ذهب إليه سيجمان لا أساس له من الناحية الجنسية .

وفي الوقت نفسه نتفق مع رأي سليجمان في أن الصوماليين – لا يختلفون كثيرا من إخوانهم من الجالا الحامين من حيث الصفات الجثمانية إلا أن الصوماليين يتميزون بعرض الجمجمة (حوالي 75) وأنهم أكثر طولا (حوالي 68 بوصة) ولون بشرتهم يتدرج من اللون البني إلى الأسمر الفاتح ، وأن الصوماليين جنود مهرة إذا وجدوا القيادة الرشيدة ، كما حدث حينما تولى زعامتهم الإمام أحمد جرى الصومالي والسيد محمد عبدالله حسن الأوجاديني .

وقد ذكر سليجمان في معرض حديثه عن المجتمع الصومالي القديم أنه مجتمع قبلي والرياسة منحصرة في عائلة بمفردها لا يشاركها أحد من العائلات الأخرى ، ومع ذلك فإن سلطة الرياسة ضعيفة ، كما هو الحال عند القبائل الرحل بصفة عامة .

هجرة الجالا

في القرون الأولى للميلاد وفدت جماعات الجالا إلى شبه جزيرة الصومال ، وهي عناصر جديدة من أصل حامي ، ومعها سهام ونبال وأدوات حرب وكثير من الحبوب . وفي فترة وجيزة أمكنهم أن يستخلصوا شبه جزيرة الصومال لأنفسهم وأن يطردوا جماعات البانتو إلى الجنوب والشرق ، وقد تخلف بعض البانتو على ضفاف نهر جوبا ونهر شبيلي ، وفي المناطق المنعزلة النائية ، وعلى طول النطاق الكبير الذي يمتد من الجنوب لهضبة هرر فوادي شبيلي فوادي جوبا حيث تتلاشى العوائق الطبيعية في منطقة شاسعة من الشرق إلى الجنوب الشرقي .

وفي هذا التاريخ كانت بلاد العرب في حرب مع الحبشة ، وكان من السهل على هؤلاء المتحاربين أن يعبروا البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى الحبشة ، وقد استمرت الحروب بين العرب والأكسوميين فترة طويلة وقعت خلالها بلاد اليمن تحت سيطرة الأحباش نحو خمسين عاما ، ثم طردهم العرب بعد استنجادهم بالفرس ، وذلك قبل الهجرة المحمدية بنحو خمسين عاما .

والشاعر الفارسي فرووس يتغنى في شعر له بانتصار الفرس والعرب على الأكسوميين قائلا : وصلت جيوشنا الجرارة إلى بربره ... وأقاموا ، وحاربوا ، سادة كراما ...

وكان لهذه الحروب العربية الحبشية الطويلة أثر كبير في تحرك جماعات الجالا عن الأراضي الشمالية التي كانت مقرا ومجالا لهذه الحروب ، واضطروا أن يبحثوا عن مناطق أخرى جديدة يستوطنونها بعيدا عن شبه الحروب ورغبة في الاستقرار والأمن .

وكانت الظروف الطبيعية كالبحث عن موارد المياه والآبار – وعامل الجفاف أحيانا – من أشد العوامل الطبيعية المؤثرة في حياة قبائل الجالا الرعوية ، ولذا كانوا في حركة مستمرة دون استقرار ثابت . وهذه الحركة يمكن إجمالها في العصور الأولى للميلاد في محوريين : المحور الأول : وكانت الحركة من الجنوب بالأوجادين إلى وسط وشمال الصومال . والمحور الثاني : وكانت الحركة عكسية للمحور الأول ، بالإضافة إلى تحركات مستمرة على طول الأودية النهرية .

ومن الثابت ، على ضوء القصص والروايات القديمة والتقاليد ، أن حركة الرعاة من قبائل الجالا بدأت بشكل واضح في الوقت الذي كان فيه التيار الإسلامي في طريقه إلى الظهور في مكة المكرمة . ولهؤلاء الرعاة حياة مرتبطة بالماشية التي كانوا يملكونها بكثرة ، وكانت مساكنهم عبارة عن أكواخ بدائية بسهل فكها وحملها ، وكانوا يستخدمون قرون النيران كأسلحة حربية . وكان لهم أقواس وسهام ، ولبعضهم خناجر ورماح من المعدن ، ولهم ملابس من الجلد ، والبعض له ما يستر العورة . وكان لرئيس القبيلة حق الطاعة العمياء من أفراد العائلة والرؤساء الآخرين الأقل منه شأنا ، فكان النظام العائلي مرتبطا بالعادات والتقاليد ونظام القربى وليس بينهم ملكية للأراضي كما كانت لهم عادات زنجية مثل الطقوس الدينية والاحتفالات بالأعياد الوطنية التي يشترك فيها الجميع ، وقد أخذ الجالا ببعض عادات الزنوج كنظام السن .. ففي سن 14 سنة هناك مسئوليات معينة وفي سن 21 (البلوغ) مسئوليات رياسة القبيلة . وقد حددت مدة الرياسة بسبع سنوات ، وكان تعيين الرؤساء طبقا للأعمار ، وفي العادة كانت كلمة الرؤساء نافذة في الشعب كما أخذ الجالا بعض نظم الزراعة والعادات الخاصة بالزواج من الزنوج أيضا ..

ومن الممكن أن نوجز حركة الهجرة والاستقرارات الأولى للجالا في شبه جزيرة الصومال بأنها حركة لجماعات رعوية قادمة سواء من الجزيرة العربية أو من منطقة الصومال نفسها في الوقت الذي كانت شعوب أخرى من أصل وانيكا في الأزمنة القديمة تقطن على ضفتي نهر شبيلي وجوبا في استقرار زراعي حينما قدم عليهم هؤلاء الحاميون الرعاة (الجالا) ، ومن المرجح أنهم تفاوضوا سلميا من الزنوج في شأن تحديد مناطق كل جماعة ولا يجوز لنا أن نعتقد أن الجالا قاموا بحروب بمجرد وصولهم مع الحبشة ، فلا بد أن تكون الحياة في بداية المر سليمة لأن أهل الجالا لم يكونوا قادرين على خوض حروب مع جيرانهم خاصة الجماعات الحبشية المتزنجة . وإذا كانت قد حدثت حروب فعلا فإن علمنا بها ضئيل للغاية . ولكن مما لا شك فيه أن المنافسة بين الجالا والزنوج استمرت فترة طويلة ، وحدث بينهم احتكاكات قهرية ظهرت تأثيراتها في الجماعات الزنجية من الناحية الجنسية والثقافية والاجتماعية كما ظهر عند الجالا بعض العادات والتقاليد الزنجية كما أوردنا سالفا .

ظهور الصوماليون

خلال فترة التطاحن بين الجالا والزنوج وصلت موجة حامية أكثر نشاطا وحركة وأكثر عددا وميلا للحرب من جماعات الجالا والزنوج ، وهؤلاء القادمون الجدد من العناصر الحامية الخالصة وهم ما نسميهم الصوماليين الأوائل ، ومهما كانت الآراء حول المنطقة التي قدموا منها سواء عن طريق برزخ السويس أو باب المندب ، أو كانت نشأتهم في منطقة القرن الإفريقي نفسه فإن المستفاد من القول أن الطلائع الأولى للصوماليين ظهرت علىمسرح التاريخ في السنوات الأولى للميلاد ، وذلك في صورة جماعات مستقرة حول جيبوتي وعلى طول خليج تاجورة ، وتتابعت بعد ذلك الهجرات الحامية للصوماليين وزاد عددهم قبل وبعد ظهور الإسلام ، واتسعت المنطقة للحاميين الصوماليين الجدد حتى امتد نطاقهم من خليج تاجوره إلى هضاب مجرتينيا .

وإن كنا لا نستطيع أن نحدد في الوقت الحاضر تاريخ وصول وامتداد العناصر الصومالية في شبه جزيرة الصومال فإنه يمكن القول بأن العناصر الصومالية كانت موجودة ومنتشرة في عهد واحد في مناطق الشمال والأوجادين وحول نهري جوبا وشبيلي ، ومن المحتمل أيضا أن بعض المناطق المذكورة كانت تحارب الجالا والبعض الآخر كان يعيش في سلم وهدوء مع الجالا .

والأخبار التي نقلت على ألسنة الصوماليين تسمح لنا أن نحدد التاريخ العام للصومال بالإشارة إلى الفقرة السابقة التي قالوا أنها استمرت في المراكز السابق ذكرها واحدا وثلاثين جيلا ، أي سبعمائة عام تقريبا ، ويكون ذلك في منتصف القرن الثالث عشر .

والحقيقة أن واحدا وثلاثين جيلا أو سبعمائة عام كما جاء في السفر الذي وجد في هرر وغيهرا من وثائق هرر يمكن اعتبارها مثلا ليس غير . فمن المحتمل أن الصوماليين كانوا في هذه الفترة في أواسط شبه جزيرة الصومال ، كما كانت المناطق الشمالية مشغولة بجماعات الجالا أما الأراضي الجنوبية بالنسبة لمنطقة التجمع الصومالي فكانت أيضا مشغولة بجماعات البانتو ، ومن المرجح أن تاريخ ظهور الصوماليين الأوائل أبعد من هذا بكثير .

فالصورة الكاملة التي تنطبع في أذهاننا عن تاريخ الصوماليين ترجع إلى نحو ألف عام وتنطبع خاصة بالنسبة للقرن العاشر . ففي ذلك الوقت كانت المنطقة الساحلية لخليج عدن إلى الداخل يقيم فيها رعاة صوماليون ، ثم يأتي إلى الغرب منهم وإلى الجنوب جماعات مختلفة من قبائل الجالا الرعاة الذين انتشروا في الأراضي القريبة للصومال ، وقد شغل الصوماليون والجالا الأراضي الخصبة الواقعة بين نهري شبيلي وجوبا ، وكذلك عناصر صغيرة من البانتو الرعاة الذين نزحوا من أقصى الجنوب بالإضافة إلى عنصر آخر صغير من أناس يعملون بالصيد والتقاط الثمار وينتشرون في جهات مختلفة إلى الجنوب من نهر جوبا وفي جزر الباجون .

هذا ماكان عليه التوزيع البشري في القرن التاسع والعاشر حينما كانت الأراضي الإفريقية مخلخلة السكان وكانت الأرض ملكا لمن يقطنها .

وقيل أن نتتبع سير حركات الامتداد الصومالي يجب أن تعود باختصار إلى الحوادث التي وقعت على السواحل الصومالية .

المسلمون الأوائل

بعد القرن السابع جاء التجار المسلمون منا لعرب والفرس مع شروق فجر الإسلام إلى الساحل لإنشاء مراكز جديدة للتجارة ، ومواصلة عمل القديم منها ، وهؤلاء المستوطنون الجدد ، والداعون أيضا لعقيدتهم نصبوا أنفسهم حكام محليين ، وتزوجوا من نساء صوماليات ، ونتيجة الرضى النفسي بين الجديد والقديم والتآخي في الإسلام بين العرب والعجم (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) .. نتيجة لهذا كله تبلورت العلاقات ، ونبذت بعضا لتقاليد وظهرت في صورة جديدة ذات حضارة صومالية عربية .

وعلى منط هذا الأثر الإسلامي لهذه المراكز على طول اساحل الصومالي الشمالي كانت مواني زيلع وبربره القديمة ، وقد ذكر اسم زيلع لأول مرة أحد الجفرافيين العرب في القرن التاسع ، أما بربره وهي الميناء الرئيسي اليوم في الشمال ، فيحتمل أن يكون لها عتاقة (قدم مشابهة غير أن تاريخها ظلل مغمورا خامل الذكر.

وفي الفترة التي كان البرتغاليون يجوبون المحيط الهندي بحثا عن الطريق بين أوروبا والهند وصلت سفنهم إلى مياه خليج عدن ، وقاموا بغزو المدينة وقتها حوالي عام 1518 . ولكن ماعدا ذلك لا نعرف من أخبار المدينة التي سلبت أي معلومات ، كما يدل على ذلك الآثار القديمة للمدينة التي لم ينقب عنها بعد ولم يسجل عنها إلا القليل حتى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، وهناك غموض مشابه يكتنف ميناء (ميت) الجميل على ساحل إقليم عرجابو أحد المراكز الرئيسية للتوسع الصومالي قديما .

نعود ثانيا فنقول : إن الآثار القديمة الشاملة لا تزال في انتظار آراء العلماء لأن الرمال حول المزار تغطى بالكثير من أحجار القبول القديمة المنقوش علهيا – على قشورها وعلى شقفاتها – كثير من الأدوات الصعبة الدقيقة الصنع .

وتاريخ زيلع أقل غموضا ، وكان هذا الميناء ه المحور السياسي للمستوطنين المسلمين في الشمال ، وقد اكتسب رخاءه التجاري من موقعه كأحد المنافذ الرئيسية للتجارة بين الصومال وبلاد العرب والشرق . ومن زيلع تمر جلود الحيوانات المدبوغ منها والخام ، والصمغ القيم ، واللبان ، وريش النعام . ومن هضبات الحبشة يأتي العاج والخزف والفخار والمؤن مثل الحبوب . كل ذلك كان يستورد في مقابل غلات الصومال السابقة ، وينقل إلى الداخل في طرق منتظمة بواسطة قوافل الجمال التجارية بين الساحل والداخل القاري ..

ومن الناحية السياسية كانت زيلع تعتبر أصلا مركزا لإمارة (عدل) وهي جزء من الدولة الإسلامية الواسعة المعروفة باسم (آفات ، وكانت تجمع بين العرب والصوماليين والدناقل وبعض العناصر الأسيوية التي تتناثر هنا وهناك .

وبتقدم الأيام تطورت حضارة مدينة زيلع ، وأصبحت مميزة عن غيرها ، واشتهرت برقصاتها وأغانيها ، وبلهجتها الخاصة . ومن منتجاتها الحصر الملونة التي لا وجود لمثلها في مكان آخر ، وتزين بها حوائط المساكن الحجرية التي يسكنها أغنياء الناس ، بالرغم من أن الميناء يستعيد كيانه كمركز إداري فإننا لا نجد غير آثار مسجد واحد جليل ، ومقابر لبعض الشيوخ تشير إلى عظمة الماضي وجلاله ، وكذلك يرى الزائر عن بعد منظرا مرموقا من الجير الأبيض اللامع يبدو متألقا في حرارة السهول على الطريق إلى زيلع فيكون فكرة واضحة عما كانت عليه المدينة في الفترة التي تتكلم عنها .

وبينما كان هؤلاء المستوطنون الشماليون في نمو وازدياد نهضت تقافات عربية مماثلة على طول الساحل الصومالي الجنوبي المواجه للمحيط الهندي وأهمها مدينة مقدشوه عاصمة الجمهورية الصومالية في الوقت الحاضر ، وبراوة ومركة وكلها مواني تستغل كمستودع للتجارة بين الصومال والعرب وأسواق الشرق .. وتبين الشواهد التي قدمها الجغرافيون العرب السابقون كما تدل المخطوطات المحلية والمستندات كيف أقام المستوطنون العرب والعجم في مقدشوه في النصف الأول من القرن العاشر ولذلك كان لعاصمة الجمهورية تاريخ أطول من المراكز القديمة على ساحل أفريقيا الشرقي .

وبعض المخطوطات القديمة المعروفة للمدينة محفوظة في متحف الجاريزا (بمقدشوه) وترجع إلى 720م بينما يرجع تاريخ بعضها الذي لم يكتشف إلى الآن إلى أبعد من ذلك ، وذلك لأن الآثار عند حمر جب جب ، مثل الأماكن الأثرية الأخرى في الجمهورية لم ينقبعنها بعد ، وظل سرها غامضا . ويحتمل أن توجد شواهد مباشرة على تاريخ مقدشوه في الفترة الأخيرة من المساجد القديمة المتخلفة مثل المسجد الجامع في الحي القديم لحمروين ، وفوق المدخل المؤدي إلى المئذنة التي بنيت على شكل برج ، تبين إحدى المخطوطات العربية للزائر أن هذا البرج قد شيد في عام 1238م .

ومسجد فخر الدين مكان آخر للعبادة شهير في نفس الحي مقدشوه ، وهو يحتويعلى مخطوطات تشير إلى أنه بني في عام 1269 م ، ويوجد في براوة ومركه مساجد ونقوش لها قيمة أثرية متشابهة ، ففي كل من الشمال والجنوب لشبه جزيرة الصومال توجد مراكز تجارية إسلامية قد نشأت في القرن العاشر وهذه المواني قد اكتسبت من الإسلام والتجارة مركزا مرمبوقا قويا مع الشرق وقد تدعمت هذه المراكز ، وعظم شأنها في القرون اللاحقة ، كما أصبحت أساس التوسع الإسلامي في شرق الصومال .

حركة الانتشار للعناصر الصومالية

إن العامل الرئيسي الأول لحركة الانتشار الصومالي تتواتره الأخبار في حوالي القرن الحادي عشر فتذكر أن أحد السلاف الصوماليين أقام فيا لركن الشمالي الشرقي من صومالند ، ثم الحادثة التي تلت ذلكف ي الأهمية هي استيطان الشيخ إسحاق مؤسس (الإسحاقيون الصوماليون) وكان من أكبر دعاة الإسلام في الإقليم الشمالي ، وقد امتد بدعوته إلى ناحية هرر وبعض نواحي الحبشة ويتزايد عدد الصوماليين من دارود وإسحاق ، وازدادوا في حركة الانتشار وبدءوا يتنافسون مع بعضهم البعض ومع الجماعات الصومالية الذين نزحوا بعدهم ومع جيرانهم من الجالا ، وبذلك نشأ اندفاع عام للعناصر الصومالية الحامية في الانتشار تجاه الجنوب والغرب من شبه جزيرة الصومال .

وبدأت حركة الانتشار الصومالي تتخذ خطوات عملية اعتبارا من القرن الثالث عشر وكانت عنيفة في اندفاعها نحو طرد جماعات الجالات ، وكانت حركة الصوماليين تتسم بالطابع الجماعي المنظم من مراكزهم في الأوجاودين ومجرتنيا وصومالند نحو الأراضي الخصبة في المناطق الوسطى الجنوبية لشبه جزيرة الصومال ، وتحتم على الجالا الخوف من هذا التدفق العظيم من جانب المحاربين الصوماليين فاضطروا أن يطلبوا النجاة في مكان آخر أكثر آمنا واستقرارا ، فأخذ بعضهم يتجه نحو الغرب والشمال الغربي والبعض الآخر اتجه نحو الأودية والجنوب الأقصى للصومال .

إن المصدر الوحيد الذي يحدثنا عن المعارك التي صاحبت هذه التحركات والتي دامت كما نقدر أكثر من ثلاثة قرون ، هو القصص الشعبية التي مازالت حتى الآن على ألسنة الصوماليين . إنها أناشيد حماسية تتحدث عن معارك وانتصارات الصوماليين الذين كانوا يتدفقون إلى داخل المناطق ، أنها أسماء موارد المياه والآبار التي استولى عليها القادمون الجدد والتي تركها الآخرون وأسماء قواد مظفرين استشهدوا في مساحة المعركة .

بدراسة هذه الشعبية باهتمام يمكننا من جديد تكوين الخطوط التالية لتحركات الصوماليين : البقاء في مكانواحد لعدة أجيال بشرية .. الكمائن التي تصبها الجالا .. فترات الهدنة التي كانت تعقب الحروب ...

الاستقرارات الصومالية

ونستطيع أن نجزم برأي في أن الصوماليين كانوا في القرن الحادي عشر الميلادي (التاسع الهجري) قد جاوزوا نهر شبيلي عند نقاط مختلفة وأنهم كانوا يستوطنون ويعمرون أقاليم بنادر العليا التي هي بين النهرين يشهد بذلك أحد الجغرافيين العرب الأوائل الذي وصل إلى داخل أراضي مركه في القرن الثالث عشر .

كما نستطيع أن نثبت بكل يقين أن جماعة أخرى كانت تتحرك من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي باتجاه السواحل الصومالية وكانت هذه الجماعات تستولي على الآبار التي تتابع وتتلاصق على شكل سلسلة بالقرب من التلال الرملية الساحلية واحدة بعد الأخرى .

إن وجود الجالا جنوب مقدشوه ، وذلك حوالي القرن السابع الهجري حسبما نعتقد ، تذكره الأسطورة التالية : لقد لجأ سكان الساحل .. العرب والصوماليون القاطنون بالقرب من (جندرشه) حينما شعروا باقتراب المهاجمين من الجالا إلى صخرة أوجروين حيث يوجد الآن خرائب وآثار منازل قديمة كانت مبنية من الأحجار ، كما يوجد ضريح الشيخ عثمان جروين ، وفي إحدى الغزوات حاول فرسان الجالا أن يصلوا إلى الصخرة أثناء فترة الجزر ولكنهم لم يتمكنوا من تحقيق هدفهم لمداهمة المسد إياهم .

أما في شمال الصومال فقد كان الصوماليون مسيطرين على أكثر الأراضي في مجرتنيا وصومالند وكانت المعركة الفاصلة في الحروب الصومالية مع الجالا في مدينة جالكعيو الخالدة التي لم تكن تسمي بهذا الاسم من قبل ، فكلمة جال كعيو تعني (باللغة الصومالية) هزيمة الجال أو طرد الجالا . وخلال فترة الانتشار أو الامتداد الصومالي كان هناك عدد من الإمارات الإسلامية قد نمت بشكل مذهل على أسس عسكرية متوعدة المملكة المسيحية للحبشة كانت القوى الصومالية تشكل ركنا هاما وأساسيا في هذه القوى العسكرية المسلمة ، وهذه الإمارات الإسلامية تمتد بين بربره وزيلع إلى الجنوب الغربي على صورة نطاق كبير إلى الغرب والجنوب الغربي لشبه جزيرة الصومال .

وقد زعمت الحركة افسلامية (كما سنرى فيما بعد) دولة أوفات التي اتخذت من زيلع عاصمة لها وعملت على توحيد الجبهة الصومالية المسلمة واستمرت في حروب طويلة مع الحبشة .. وفي تلك الفترة ازدهرت مواني بربره وزيلع وميت ، ونحو عشرين مدينة أخرى في الداخل . وقد تركت هذه البلاد آثارا ذات شأن من مساجد ومقابر ومساكن وآبار وفي بعض الحالات شواهد زراعية قد دكت رسومها وانطمست معالمها الآن ، ويبدو أن بعض البلاد مثل عمود فيم قاطعة بورما في الشمال الغربي قد احتلت لقرون عديدة وربما يرجع ذلك إلى عصور أكسوم قبل دخول الإسلام ، وهذه المواقع مازالت تحافظ على الأدلة القوية للتاريخ القديم وهي مازالت تنتظر رأي العلماء والباحثين الأثريين .

ويسجل التاريخ الأثيوبي أكبر نكسة حدثت في بلاد الحبشة ، وأعظم انتصار للقوى الإسلامية الصومالية ، وانتشارها داخل الأراضي الحبشية حتى خضعت أكسوم عاصمة الحبشة للمسلمين الصوماليين بقيادة الإمام البطل أحمد جرى (الأشول) الذي ألجأ الأحباش إلى الفرار حتى شمال أكسوم ، وإلى جنوب بحيرة رودلف ، وأمام الجيوش الصومالية الكاسحة التي حكمت ما يقرب من ثلثي الحبشة ، مات ملك ملوك الحبشة متأثرا بجراحه داخل الأدغال .

واستعادت الحبشة بعض هيبتها حينما تدخل الجنود المرتزقة من البرتغاليين في النزاع الحبشي الصومالي ، وقدم ملك البرتغال جيشا على أحدث طراز في التسليح لمساعدة النصارى الأحباش ، وأمام القوى البرتغالية البحرية والقوى الحبشية البرية تراجع الإمام وجنوده الأبطال إلى أن توفي الإمام أحمد جرى حوالي عام 1542 . وهذا الانتصار البرتغالي الحبشي قد أوقف حركة الانتشار الصومالي داخل الحبشة بغية نشر الرسالة المحمدية ، والدعوة إلى الدين الحنيف .

وفي الأعوام الأخيرة لنهاية القرن السادس عشر كانت هناك حركة انتشار للعناصر الصومالية نحو تعمير الأراضي التي حول نهر شبيلي بالاستقرار من أجل الزراعة ، وقد عبروا نهر شبيلي بالقرب من مدينة خلافو ، وأخذوا يجدون في سيرهم مقتفين أثر الجالا حتى وصل الصوماليون إلى نهر جوبا قرب مدينة دولو واستوطنوا الأقاليم الشمالية لجوبا ، وهي مناطق غنية بالمراعي الطبيعية والغابات والأراضي الصالحة للزراعة ، وكان مركز استقرارهم في المساحات الواقعة بين لوخ ووحز وتباس ... ثم حدث في نفس الوقت امتداد صومالي في نقط متعددة على نهر جوبا الجيدة في جوبا السفلى ، وانتشروا في مساحات واسعة إلى الجنوب من ضفاف نهر تانا والأراضي الواقعة إلى شمال النهر ، وهي التي نسميها اليوم باسم (انفدى) أو أراضي منطقة الحدود الشمالية .

وخلال هذا الزمن كانت هناك حركة لتنقية شبه جزيرة الصومال من العناصر الدخيلة كالجالا ، ومن هذه الحركات تلك الحركة الصومالية المتجهة إلى شمال هرر شبيلي ، والحركة المتجهة نحور بور هكبه والأراضي الخصبة القريبة منها واستخلاصها من يد الجالا الذين رحلوا مسرعين صوب الجنوب الشرقي للحبشة إلى موطنهم الأصلي .

ومن المحاربين القدماء للجالا القائد مونلى والقائد ورداي المسلمان اللذان انضما إلى القوات الصومالية الإسلامية وساندوا القضية الصومالية أمام المغيرين من جماعات الجالا ، وكانت المعارك الحربية بين الصوماليين والجالا لها أسماء مختلفة منها .. (حرث) أي الموقع الذي التحاموا فيه ، (لف قال) أي عظام الجالا .

وكان لجماعات الجالا قائد فظ القلب لا يعرف في أحكامه إلا الحكم بالإعدام ، مما دفع العناصر الصومالية أن تظهر متحدة قوية حتى أمكنها التغلب عليه وطرد الجالا نهائيا بعد هزيمتهم في جالكعيو .

وفي عام 1110 هـ (1700 م) ظهر الشيخ مؤمن عبدالله الذي كان يلقب بمسلم مقدشوه ، وكان المعلم الول للصوماليين نحو الاستقرار من أجل الزراعة ، وتسميد التربة ، وتحديد الملكيات بالأحجار والأشجار ، ومحاربة الافات الزراعية ... ولذا نعتبر الشيخ مؤمن عبدالله أول من علم الصوماليين الزراعة ، ودعا إلى الاستقرار والتنظيم الاجتماعي . وفي الوقت نفسه ، هو أول قاض سومالي ينظر في أحوال الشعب بالعدل على أساس التعاليم الإسلامية مما جعل منطقة بورهكبه تحتل الصدارة في تاريخ الاستقرار البشري من أجل الزراعة في شبه جزيرة الصومال ، ثم امتد أثرها إلى منطقة بيدوا وما حولها حيث ظهر فيها علماء صوماليون يعلمون السكان تعاليم الإسلام والاستقرار من أجل الزراعة . وتشكلت جماعات منظمة تعمل على الاستقرار للشعب وتحويل السكان من حرفة الرعي إلى الزراعة .

وفي القرن السابع عشر كان تدفق المهاجرين الصوماليين له اعتبار كبير فقد اجتاحت سلطنة أجوران الصومالية القديمة على نهر شبيلي وأغارت على مقدشوه وأصبحت مقدشوه نفسها منقسمة إلى حيين متنافسين هما حمروين وشنغاني .

وعلى أية حال استمر الانتشار الصوماي في الامتداد في الدخيل القاري من خليج تاجوره إلى أعلى نهري جوبا وشبيلي إلى بحيرة رودلف إلى نهر تانا جنوبا وذلك بإيجاد مراكز إدارية على النهر حوالي عام 1912.

وقبل أن تنتهي من فترة الانتشار الصومالي يجب أن نشير إلى أن سير هذه الحروب كان ذا طابع خاص ، كانت تبدأ بمناوشات بدائية بين السكان ، ثم تتحول إلى حرب عصابات تكون فيها الحركة حسب ظروف المكان والزمان التي تحيط بهم . على أنه لم تكن لها طبيعة الحرب العامة المنظمة بل لها طبيعة الأحداث ، ومن سلسلة الأحداث المتصلة التي ذكرناها كان تاريخ الحركة التوسعية أو الانتشار العام للصوماليين حتى خلصت البلاد للصوماليين فقط في نهاية القرن الثالث عشر .

ويحسن الإشارة إلى ما وجده الرحالة الألماني ديكن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي من أن جماعات من البوران على الضفة اليمنى لنهر جوبا بحذاء جومبو وخلف بارديرا تقابلوا مع جماعة من الجالا وهؤلاء هم بقايا الجالا الذين عادوا إلى المنطقة بعد الأحداث التي جرت في الصومال في القرن الماضي من وراء تقسيم الصومال إلى مناطق نفوذ بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والحبشة على نحو ما سنرى فيما بعد .


المراجع العربية

1- إبراهيم حاشي محمود : الصومالية بلغة القرآن (1964) مقدشوه . 2- إبراهيم حاشي محمود : التعليم في الصومال (1959) مقدشوه . 3- إبراهيم حاشي محمود : كفاح الحياة (1961) مقدشوه . 4- إبراهيم رزقانه ، الدكتور : العائلة البشرية (1950) القاهرة . 5- إبراهيم نصحي ، الدكتور : دراسات في تاريخ مصر في عصر البطالمة (1959) القاهرة . 6- أبو عبدالله محمد الطنجي : مهذب رحلة ابن بطوطة (جزء أول – 1938) القاهرة . 7- أحمد بهاء الدين : مؤامرة في أفريقيا (1957) القاهرة . 8- أحمد شيخ موسى الأزهري : الثروات الضائعة في الصومال (1959) القاهرة . 9- أحمد كامل محمد كامل : القطن ووسائل النهوض به بالجمهورية الصومالية (1963) مقدشوه . 10- أحمد صوار : الصومال الكبير (1959) القاهرة . 11- جامع عمر عيسى : الصومال الكبير (1959) القاهرة . 12- جمنال حمدان ، الدكتور : أنماط من البينات (القاهرة) . 13- جلال يحيى ، الدكتور : الصراع الدولي على الصومال (1959) القاهرة . 14- جلال يحيى ، الدكتور : التنافس الدولي في شرق أفريقيا (1959) القاهرة . 15- جلال يحيى ، الدكتور : العلاقات المصرية الصومالية (1960) القاهرة . 16- حامد عبدالقادر : الإسلام وانتشاره في العالم – القاهرة . 17- حسن إبراهيم ، الدكتور : بحث في تاريخ نشر العقيدة الإسلامية (ترجمة القاهرة – الدعوة إلى الإسلام) لتوماس أرنولد توينبى . 18- حسن محمد جوهر : الحبشة (1947) . 19- حمدي السيد سالم : آذن عبدالله عثمان – رئيس الجمهورية الصومالية (1963) مقدشوه . 20- حمدي السيد سالم : خطب وتصريحات الدكتور عبدالرشيد علي شرماركي رئيس وزراء الصومال (1963) مقدشوه . 21- راشد البراوي ، الدكتور : الصومال الكبير حقيقة وهدف (1961) القاهرة . 22- رمزي يس : أرض الوجوه السمراء (ترجمة) 1963 القاهرة . 23- سليم حسن ، الدكتور : مصر القديمة – القاهرة . 24- سليم حسن ، الدكتور : الأدب المصري القديم أو أدب الفراعنة (1946) القاهرة . 25- سيد يعقوب ، الدكتور : العرب والملاحة في المحيط الهندي في العصور القديمة وأوائل العصور الوسطى (ترجمة) 1958 . 26- شوقي عطا الله الجمل ، الدكتور : الوثائق التاريخية لسياسة مصر في البحر الأحمر . 27- شكيب أرسلان (الأمير) : حاضر العالم الإسلامي (جزء ثالث – 1352 هـ) ترجمة . 28- صلاح العقاد ، الدكتور : زنجبار . 29- عبدالفتاح هندي : جغرافية الصومال (1960) القاهرة . 30- عبدالفتاح هندي : تاريخ الصومال (1960) القاهرة . 31- عبدالله المشد ، (الشيخ) : تقرير عن أحوال المسلمين في بلاد الصومال وأرتيريا والحبشة (1950) القاهرة . 32- عبدالرحمن الجبرتي : عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1188 هـ القاهرة . 33- عبدالرحمن ذكي ، الدكتور : أفريقيا الإسلامية (جزئين) القاهرة . 34- عبدالصبور مرزوق : أضواء على الصومال (1959) القاهرة . 35- عبدالصبور مرزوق : تأثر من الصومال .. الملا محمد بن عبدالله حسن (1964) القاهرة . 36- عبدالمجيد عابدين : بين الحبشة والعرب – القاهرة . 37- عبدالمنعم أبو بكر : مصر والحياة المصرية في العصور القديمة (ترجمة) القاهرة . 38- عبدالمنعم عبدالحليم : الجمهورية الصومالية (الإقليم الجنوبي) (1960) القاهرة . 39- عبدالمنعم يونس : الصومال (1962) القاهرة . 40- عبدالملك عودة ، الدكتور : السياسة والحكم في أفريقيا – القاهرة . 41- علي إبراهيم ، الدكتور : المنافسة الدولية في أعالي النيل (1958) القاهرة . 42- علي إبراهيم ، الدكتور : مصر وأفريقيا في العصر الحديث (1962) القاهرة . 43- محمد الغزالي : كفاح دين . 44- محمد المعتصم سيد ، الدكتور : دول إسلامية في شرق إفريقيا (هرر والصومال) ، 1964 القاهرة . 45- محمد المعتصم سيد ، الدكتور : السيد محمد عبدالله حسن (1963) القاهرة . 46- محمد صبري ، الدكتور : مصر في أفريقيا الشرقية (هرر – زيلع – بربره) . (1939) القاهرة . 47- محمد صبري ، الدكتور : الإمبراطورية السودانية في القرن التاسع عشر (1948) القاهرة . 48- محمد صفي الدين : القطن في صوماليا (1959) مقدشوه . 49- محمد فؤاد شكري ، الدكتور : تاريخ وحدة وادي النيل السياسية في القرن التاسع عشر (1820-1899) . 50- محمد عزيز رفعت : في طلب التوابل (ترجمة) 1957 – القاهرة . 51- محمود كامل المحامي : الدولة العربية الكبرى . 52- نقولا زياد ، الدكتور : الرحالة العرب (1956) القاهرة 53- وهيب كامل ، الدكتور : استرابون في مصر (1953) القاهرة . 54- يوسف أحمد : الإسلام في الحبشة (1935) . 55- يوسف كامل : القبطان جيان ، وثائق تاريخية وجغرافية وتجارية عن أفريقيا الشرقية (ترجمة) 1927 . 56- الشريف عيدروس : بغية الآمال في تاريخ الصومال (1954) مقدشوه . 57- المسعودي ، أبو الحسن علي بن الحسيني الشافعي : مروج الذهب ومعادن الجوهرة (1283 هـ) القاهرة . 58- المقريزي ، تقي الدين أحمد بن علي : الإلمام بأخبار من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام (1895) القاهرة . 59- سلسلة أعلام المقتطف (1927) : الرواد .. جزء ثاني . 60- مصلحة الاستعلامات ج.ع.م : مجلة نهضة أفريقيا .. عدد أغسطس 1959 – القاهرة . 61- مصلحة الاستعلامات ج.ع.م : مجلة نهضة أفريقيا .. عدد سبتمبر 1959- القاهرة . 62- مطبوعات المحمية البريطانية (نشرات هرجيسة من 1956 إلى 1958) . 63- مطبوعات الإدارة الإيطالية في صوماليا (باللغتين .. العربية والإيطالية) (نشرة المجلس الإقليمي 1950 ، 1951 ، 1953 ، 1952 ، 1954 ، 1955) .

مطبوعات وزارة الاستعلامات الصومالية

1- الرأي العام البريطاني حول إقليم الحدود الشمالية (مقدشوه 1963) . 2- انفدى (مشكلة على الحدود) مقدشوه 1963 . 3- الكتاب الأبيض (مقدشوه 1964) . 4- إعداد صحيفة بريد الصومال (1950-1963) . 5- إعداد صحيفة صوت الصومال (مارس 1964- مارس 1965) . 6- وثائق دار الآثار الصومالية (الجريزا) . 7- محاضر جلسات الجمعية التشريعية (الأولى والثانية) 1956-1959 . 8- محاضر جلسات الجمعية التأسيسية من 1959 إلى مايو 1960 . 9- محاضر جلسات الجمعية الوطنية من يوليو 1960 إلى يوليو 1963