نص خطاب أسامة بن لادن 14 محرم 1423 هـ – 28 مارس/آذار 2002 م

الحمد لله القائل يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحابته الذين حملوا الراية وذادوا عن حياض الإسلام وحمى المسلمين وبعد.


قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} [البقرة:159].


إلى أمة المليار .. أمة الجهاد .. أمة الشهادة والاستشهاد .. إلى الأمة التي جاءت لتكون خير أمة أخرجت للناس .. إلى أمتنا الإسلامية، ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أكثر العبر وأقل الاعتبار، وكم تجرعنا كؤوس الذل، وفارقنا الإباء حين تولى أمرنا الأذلاء.


أمتنا المسلمة:


إن الذي ينظر بعين البصيرة، ويعي لغة العقل، ويسبر غوائر الأحداث ليعلم علم اليقين أن الأمة قد أفاقت من غفوتها، وعرفت طريقها بعد أن اتضحت لها ملامحه، وبرزت لها علاماتُه وعلمت أنه إذا كان الحلم مفسدة كان العفو مَعْجَزة، وأن الصبر حسنٌ إلا على ما أضر بالدين، والأناةُ محمودةٌ إلا عند إمكان الفرصة، فانتفضت انتفاضة الأقصى ونطق الحجر في أكف المجاهدين الأبرار الرجال والنساء، الصغار والكبار فحاول اليهود الفرار عبثاً فلم يجدوا لهم ملجأ فأصبحوا مكشوفين من وراء الجدُر يواجهون أجساداً تتفجر تذيقهم الموت، وتطاردهم بالرعب، وتصيبهم بالزلزلة فصاروا كالحمر المستنفرة فرت من قسورة.


ثم جاءت غزوة نيويورك تشعل ديار هبل العصر تدُك حصونه، وتفضح كبرياءه، وتُبطِلُ سحره، وتُعَرِّي كل الرايات التي سارت وراءه وتعلِنُ بداية النهاية له بإذن الله.


إن هذه الأحداث العظيمة هي الجهاد المبارك الذي واصل مسيره نحو الهدف المنشود والخبر الموعود وجاء ليفضح تلك المقولة الهزيلة والحجة المدحوضة، فهذه المقولة (ماذا عسانا أن نفعل، ليس بأيدينا شيء، الأمرُ ليس لنا) لم يعد لها مكان ولا يتسع لها قلب ولا يرضاها ضمير حي، في ظل الأحداث الدامية التي تتعرض لها أُمتنا، فالكل مطالب اليوم بالجهاد والعمل الجاد وعلى القيادات الشعبية بجميع شرائحها أن تتحرك لوقف هذا النزيف الهادر، وفضح تلك الخيانات المكشوفة، ومن لم يستطع الحركة من هذه القيادات بسبب ما وقع عليه من ضغط وإرهابٍ في ظل هذه الأنظمة فلا أقل من أن يفسح المجال لغيره من الطاقات الجريئة والقادرة على التغير ووضع الأمور في نصابها الصحيح وليحذر من القعود والتخذيل، وليتجنب عملية التربص المذموم والاحتكار المحرم، فالجهاد الذي أخرج أولئك الفتية الذين استجابوا لقوله تعالي {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَد} [التوبة:5].


إن هذا الجهاد قادِرٌ على إخراج وتحريك غيرهم من أبناء الأمة، فالجهادُ ماضٍ إلى يوم القيامة أما نحن كأفراد فأيامُنا معدودة وسنقف بعدها بين يدي الله عز وجل {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:7-8].


أمتنا المسلمة:


لا يزال أبو رغال يتكرر في الأمة منذ قرنٍ من الزمن بشخصه وشخصيته الغادرة يسعى لكسر الشوكة، وتنكيس الراية، ووأد الجهاد، وإنفاذ الكفر وتثبيت أركانه، وما مبادرة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز (صهيوأميركية بثياب الحكومة السعودية) إلا حيلة من حيل أبي رغال ومؤامرة وصورة من صور الخيانة المتكررة في تاريخ حكام المنطقة تجاه قضايانا بشكل عام وقضية الأقصى بشكل خاص.


فهو إن أعلن ذلك فإنما يسير علي نهج والده الذي أجهض انتفاضة عام 1936م/ 1354هـ، بوعدٍ كاذب منه ومن الحكومة الإنجليزية، فخدع الفلسطينيين وأوقفوا الانتفاضة واستمر الاحتلال الإنجليزي حتى عام 1948م/ 1366هـ حين سلمت فلسطين لليهود.


وهو بذلك أيضاً يسير على نهج أمثاله من الحكام الخونة الذين سيروا الجيوش السبعة بقيادة الإنجليز تحت قيادة رجل الحكومة الإنجليزية (كلوب باشا) فقضوا بذلك على التحرك الشعبي الجاد لتحرير فلسطين فأكملوا المؤامرة ووقعوا هدنةً بوقف القتال وذلك في عام 1949م/ 1367هـ، أما خيانتهم العظمى للقضاء على انتفاضة الأقصى الأولى فكانت في أوسلو عام 1992م/1412هـ.