نحو مرحلة الانطلاق الاقتصادي المصري (5)عندما تستيقظ مصر وينام الآخرون!

نحو مرحلة الانطلاق الاقتصادي المصري (5)عندما تستيقظ مصر وينام الآخرون!، مقال لمحمود وهبة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المقال

هل حاولت الاتصال تليفونياً بنيويورك مؤخراً ؟ أرجو أن تحاول ذلك قبل الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت القاهرة حتى لا توقظ من تطلبه من النوم . وإذا كان لك صديق في طوكيو فأرجو أن لا تتصل به بعد الساعة الثالثة بعد الظهر بتوقيت القاهرة وإلا ستمعنه من النوم . فإن مصر في وسط الدنيا لأنها تتقدم عن أمريكا وتتخلف عن اليابان في عقرب الساعة بنفس المدة . وفي كلتا الحالتين فإننا في مصر في يقظة بينما ينام الآخرون . والسؤال للمصريين – كيف نستفيد اقتصادياً من هذه الميزة النسبية الطبيعية ؟ إن الإجابة عن هذا السؤال قد تدهش القارئ الذي لم ينتبه إلى أهمية موقع مصر في الزمان أو يقلل من شأنه فإن الشعوب تنام ليلاً ولكن النشاط الاقتصادي والمالي العالمي لا ينام ليلاً أو نهاراً وهذه الميزة النسبية لو استخدمت بذكاء فقد تكون أقصر وأرخص الطرق لتحقيق حلم مصر بمضاعفة المعدل الحقيقي للنمو الاقتصادي – نعم أعنى الضعف – وزيادة دخل الفرد المصري السنوي . فبشيء من العزيمة ، وباستخدام التطورات الحديثة المذهلة لتكنولوجيا الاتصالات والمواصلات الحالية ، يمكن لمصر أن تحول هذه الميزة النسبية إلى ميزة تنافسية تمكنها من أن تكون أولاً : مركزاً مالياً عالمياً ، وثانياً : مركزاً إعلامياً عالمياً.

ولكن قبل أن أشرح التفاصيل ، يلزم أن ألخص للقارئ كيف بدأت وإلى أين تتجه هذه السلسلة من المقالات وذلك لأنني أعرف أن اقتراحاتي ليست تقليدية ، وقد تبدو غريبة للقارئ المصري لأنها لا تتداول في الكتابات الاقتصادية المعهودة ، فلقد قدمت إطاراً فكرياً لكيفية دخول مصر مرحلة الانطلاق الاقتصادي بعد أن قمت بدق ناقوس الخطر لأن مصر الآن لابد وأن تجد حلاً لرفع معدل النمو الاقتصادي ودخل الفرد السنوي ( الحقيقي ) وحتى نتجنب أزمات نحن في غنى عنها . واعتمد الإطار الفكري الذي قدمته على نماذج عالمية يمكن تطبيقها في مصر . واعتمدت أيضاً على دروس التاريخ الاقتصادي المصري . وأول الدروس التي علمها لنا أقدم قدماء المصريين هو ضرورة التوازن والتكامل بين موارد مصر الطبيعية وموقعها الجغرافي النادر . فعندما تنفصل موارد مصر عن فإنها تنحدر وعندما يتكامل موقع مصر ومواردها فإنها تزدهر . وحاولت تطوير هذا الدرس التاريخي حتى يتمشى مع العصر الحديث واقترحت أن مفتاح الانطلاق الاقتصادي في مصر الآن هو موقعها . فإن إضافة موقع مصر إلى مواردها سيؤدي إلى تعظيم هذه الموارد وتنميتها إلى أقصى طاقاتها والاستخدام الأمثل لها . وبدأت بالتركيز على على ثلاثة أبعاد فريدة لموقع مصر في هذا العصر هي:

أولاً: مكان مصر في خريطة العالم.

وثانياً: زمان مصر في عقرب الساعة.

وثالثاً : مناخ مصر خلال الفصول الأربعة.

أما عن مكان مصر الجغرافي فقد طرحت أقدم أطروحات الفراعنة لكيفية انطلاق مصر الاقتصادي وهو أن تخرج مصر من البر إلى البحر . فالفراعنة هو أول من استفاد من الملاحة في العالم وتعلم منهم كل من قاد مصر إلى العظمة بعد ذلك . واقترحت أن نعيد مصر لتكون مركزاً عالمياً للتجارة وبدلاً من أن تكون معبراً للتجارة العالمية أو طريقاً للمواصلات بين القارات كما يحدث الآن ، وأن نكون شركاء مع العالم في تجارته . وكخطوة أولى ، فيمكن لمصر أن تستفيد من التكامل الحالى بين تخزين السلع وبورصاتها . فإن تكنولوجيا الإنتاج الحديثة تخلق فجوة زمنية بين وقت الإنتاج ووقت الاستهلاك يقتضي الحاجة إلى تخزين السلع العالمية مباشرة لدى مستهلكها على مدار العام لتوفير تكاليف النقل والتخزين مرتين ، واقترحت أن تستخدم مصر مناطق الحصاد أو الاستخراد أو الإنتاج ويصبح حجم واردات مصر نعمة لا نقمة إذ لا يرقى جيرانها لها . وباستخدام البورصات للتسعير فإن مصر يمكنها أن تصبح رسمياً وبالاتفاق المسبق مع البورصات مركزاً لتسلم وتسليم السلع العالمية لهذه البورصات Delivery point . وهذا وحده يمكن مصر من إعادة تصدير السلع إلى جيرانها . وذلك لأن البورصات تمكن مصر وجيرانها من تجنب مخاطر التقلبات العالمية في الأسعار وقد يؤدي ذلك إلى تخفيض تكلفة الواردات لمصر وجيرانها بحوالي 25% أو زيادة إيرادات هذه الدول من صادراتها بنفس النسبة . ومن ردود الفعل للمقال السابق فلا شك لدى أن العديد من الموردين لمصر وبعض البورصات العالمية يرحبون بهذه الفكرة وأن كثيراً من ممثلى القطاع الخاص المصري يبحثون عن كيفية تنفيذها . ومن التخزين والتسعير وإعادة التصدير أي عندما نستعد لأن تكون مركزاً تجارياً عالمياً نوجه أنظارنا إلى تحويل مصر إلى مركز ملاحة عالمي . ولكنني سأترك هذا الموضوع لمجال آخر . وإن كنت أدعو غيري ممن هم أكثر علماً وخبرة أن يكتبوا عن خططهم وأفكارهم . فنريد أن نتعلم كيف تشارك مصر في النقل بالمحيطات والبحار والأنهار ؟ وكيف نعيد ترسانات بناء السفن وإصلاحها إلى مجدها ؟ وكيف نعبر تحت المياه بالأنفاق أو فوقها بالكباري ونربط البر بالبحر ؟ وكيف نتعلم الشحن والتفريغ والتعبئة والتغليف ؟ وكيف نكون وسطاء وسماسرة وملاحين ومرشدين ؟ وكيف نخلق شبكة بين المواني المصرية والمواني العربية والأفريقية والشرق أوسطية ؟ وكيف ترتبط شبكة الموانى بشبكة المطارات والطرق والكبارى والأنفاق والأقمار الصناعية والاتصالات السلكية واللاسلكية ؟ وكيف نقوم بالتنقيب عن كنوز البحار حولنا من معادن وبترول وغاز طبيعي وصيد الأسماك بل ومن البحث عن جمال وروعة ما هو في الأعماق ؟


مصر وسط الدنيا

من المعروف أن العالم ينقسم إلى مناطق زمنية بناء على علاقة كل منطقة بموقعها من الشمس . وعدد هذه المناطق هو أربع وعشرون منطقة تم التعارف على تحديدها بناء على بعدها عما يسمى " بتوقيت جرينتش " . ويهمنا هنا أن نركز على أربع مناطق زمنية هي منطقة شرق أمريكا ( نيويورك بالتحديد ) ومنطقة جنوب شرق آسيا ( طوكيو بالتحديد ) ثم منطقة غرب أوروبا ( لندن بالتحديد ) ثم المنطقة المصرية ( وتشمل مصر بالكامل ) ، ومن المعروف أيضاً أن الفرق بين التوقيت في نيويورك وطوكيو هو تقريباً فرق الليل والنهار . فنهار نيويورك هو ليل طوكيو والعكس ويصل هذا الفرق إلى أربع عشر ساعة ( دون أخذ تعديلات التوقيت الصيفي في الاعتبار ). ولما كان عقرب الساعة يعمل على مدار أربع وعشرين ساعة فإن مصر تستكمل الفجوة بين المدينتين لأنها تتقدم عن نيويورك في التوقيت بسبع ساعات وتتأخر عن التوقيت في طوكيو بسبع ساعات . والنتيجة أن مصر تستيقظ عندما ينام الآخرون . وإذا كانت الشعوب تنام ليلاً ، فإن أسواق السلع والمال العالمية لا تنام ليلاً أو نهاراً ولا تأخذ راحة أسبوعية ، وبدأت هذه الأسواق منذ فترة تستعد للعمل كعقرب الساعة على مدار الأربع والعشرين ساعة وطوال الأيام السبعة للأسبوع . وأخذت هذه الأسواق تنتقل من بلد إلى بلد خلال اليوم حسب عقرب الساعة ثم نعيد الكرة في اليوم التالي . ولكن مازالت هناك فجوات في عقر الساعة . وتقع إحدى هذه الفجوات في وسط التوقيت المصري وبالتحديد لمدة أربع ساعات بين إقفال بورصة نيويورك وفتح بورصة طوكيو وهما الآن بلا جدال أكبر مراكز الأسواق المالية والسلعية العالمية . وبنفس المنطق إذا كانت الشعوب تأخذ راحة أسبوعية لمدة يوم أو اثنين فإن أسواق السلع والمال العالمية لا تعرف الراحة الأسبوعية العالمية التقليدية وهي السبت والأحد . ومصر أيضاً لها ميزة نسبية هنا فراحتنا الأسبوعية التقليدية هي الجمعة أي أننا نستكمل فجوة زمنية أخرى على مدار الأيام السبعة في الأسبوع ( تغلق بنوك مصر وبورصاتها وغيرها من المؤسسات المالية الآن بقرار إداري يومي الجمعة والسبت للراحة الأسبوعية بينما معظم بنوك وبورصات العالم تغلق السبت والأحد ، ولذلك تنعزل مصر عن العالم لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع وكان من اتخذ هذا القرار يرغب في غلق مصر عن العالم بالضبة والمفتاح )

والخلاصة أن أسواق العالم تعمل على مدار الساعات الأربع والعشرين ساعة في اليوم والأيام السبعة في الأسبوع ويعطي ذلك مصر ميزة تنافسية نادرة .

وول ستريت المصرية والعائد 30 مليار دولار

حتى يتفهم القارئ أهمية الميزة التنافسية لمصر من حيث التوقيت ، فلابد من ذكر بعض الأرقام فإن العالم يتعامل في أوراق مالية وما شابه ( أسهم وسندات ) وعقود بورصات وسلع مالية مستقبلية اختيارية وما شابه ، وتحويلات بنكية وما شابه وأخيراً حركة العملات الأجنبية بين حدود الدول ويصل حجم حركة رأس المال العالمي اليومي وفقاً لعدة إحصائيات ما يزيد على اثنين تليارات دولار ( التليار ألف مليار ) ، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بعد عام 2000 نتيجة لاتفاق الجات إلى أربعة تليارات دولار . وتهدف حركة رأس المال العالمية هذه إلى تنشيط وتمويل النشاطات التجارية والاقتصادية للعالم وبعضها يهدف لتمويل المستورد أو المصدر أو تمويل المشروعات الدولية أو إيجاد التوازن بين العملات الأجنبية وأسعار الصرف أو الحماية ضد تقلبات الأسعار أو المضاربات واستغلال هذه التقلبات . وهي بذلك تعبر البلاد التي يتم التعامل في بورصاتها وقليل منها يتم استثماره في هذه البلاد . ولذلك لا أتحدث هنا عن زيادة الاستثمارات الأجنبية في مصر سواء كانت في الأوراق المالية المصرية أو الاستثمار المباشر . فهذا موضوع آخر . ولكنني أتحدث عن الاستفادة من حركة رأس المال العالمي بين حدود الدول كل لأغراضه وما تمثله مصر هو منطقة عبور في الوقت والمكان المناسب . وإذا قسم مبلغ الاثنين تليار دولار بالتساوي على 24 ساعة فإن حجم التعامل في الساعة الواحدة في اليوم يزيد على 83 مليار دولار . وتربح الدول والبورصات من الرسوم وأنواع عديدة من الإيرادات على حجم هذه التعاملات . ولو أخذنا الرسوم وحدها وحسبنا رسوم التعامل بها على أساس أقل الفئات العالمية ( هناك جداول لهذه الفئات ) ونفترض أن الرسوم هي 0.001% فإن عائد الرسوم وحدها هو 83 مليون دولار للساعة الواحدة في اليوم . أو ما يزيد على 30 مليار دولار للساعة الواحدة في اليوم طوال العام وهو ما يساوي الناتج المحلي الإجمالي المصري بالتمام والكمال . أما عائد الساعات الأربع في اليوم لمدة عام ( وهو الفجوة الزمنية التي تستكملها مصر ) فيزيد على 121 مليار دولار أي ما يزيد على أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي المصري . ولا يأخذ ذلك في الحسبان بقية الإيرادات ( مثل خدمات الأبحاث أو الاستشارات أو التسجيلات وعشرات غيرها من الخدمات التي قد تؤدي إلى مضاعفة هذه الإيرادات عدة مرات ) أو الزيادة التي تتوقعها منظمة التجارة الدولية بعد عام 2000 ولا أدعى هنا أن مصر ستحتكر هذه الإيرادات . فلقد اكتشفت أوروبا مبكراً أنها أيضاً تمتاز بتوقيت وسط بين نيويورك وطوكيو . وفي عهد مارجريت ثاتشر وبالتحديد في 27 أكتوبر 1986 قامت بورصة لندن بتدشين ما أسمته " بالانفجار العظيم " وذلك بالسماح لبيوت المال العالمية وشركات الوساطة والسمسرة بالعمل في لندن داخل أو خارج المقصورة . وتلا بورصة لندن معظم البورصات الأوروبية ثم مجموعة ما يسمى بالبورصات الناشئة مؤخراً . والسؤال هل يمكن لمصر أن تنافس أوروبا ؟ والإجابة تكمن في الماضي القريب فحتى بداية الخمسينات كانت بورصة مصر المالية هي سادس أكبر بورصات العالم بينما كانت بورصة مينا البصل للأقطان هي أولى بورصات العالم في سلعتها . وفضلاً عن ذلك فإن توقيت مصر يسمح لها أن تحتكر – وبإنفراد – جزءاً من الفجوة الزمنية بين نيويورك وطوكيو مدة ساعة كاملة أو ساعتين بالقياس إلى أوروبا لأن بعض البورصات الأمريكية أبعد من طوكيو . فهل نطمع أن تستعيد مصر المرتبة السادسة بين بورصات العالم من جديد ؟ وحتى يتصور القارئ مدى نجاح هذه الفكرة فإننا سنعرض أرقام البورصات الأوروبية باعتبارها مؤشراً لما يمكن أن يحدث في مصر عندما نستفيد من هذه الفجوة الزمنية وتستعيد مرتبتها السابقة وسنحصر الأرقام على التحويلات اليومية للعملات الأجنبية بين دول العالم فقط ( ولا يشمل ذلك كل المعاملات المالية ) فلقد بلغ حجم هذه التحويلات في لندن 464 بليون دولار لليوم الواحد بزيادة سنوية قدرها 60% بين أعوام 1992 إلى 1995 وكانت نسبة الزيادة في نفس الفترة 76% في بورصة باريس و45% في بورصة فرانكفورت و 30.3% في بورصة زيورخ من حيث الأرقام الإجمالية لجميع المعاملات فإن بورصة زيورخ تحتل مرتبة مصر السابقة لأنها تعتبر الآن سادس بورصات العالم ويصل حجم المعاملات ببورصة ببورصة زيورخ حوالي 350 مليار دولار في اليوم وأترك للقارئ القيام بحساب الإيراد الذي يمكن أن تحققه مصر إذا استرجعت مرتبتها كثالثة بورصة في العالم بدلاً من زيورخ أن الإيراد من حركة رأس المال العالمية لابد أن يعتبر جزءاً عضوياً من برنامج تنمية مصر وإن كان من السهل إهماله إما لعدم المعرفة أو تصور إن كان كل الفكرة خيال . ولكن عندما يربح العالم فعلاً وبدون خيال بليارات الدولارات ونحن نتفرج رغم ميزتنا النسبية فلابد أن نتعلم ثم نبدأ في التنفيذ .

بورصة بلا جدران وفي منطقة حرة

إن فرصة مصر لاستعادة المرتبة السادسة في بورصات العالم يمكن تحقيقها إذا لجأنا إلى نموذج جديد معروفة للمتخصصين ولا داعى لسردها هنا . وسأعرض الخطوط العريضة فقط . فإن النموذج المقترح هو التعامل خارج المقصورة أو ما يسمى Over The Counter ويعتمد هذا النموذج على إمكانية التعامل الالكتروني بين شبكة من السماسرة والوسطاء في جميع أنحاء العالم دون اللجوء إلى مقصورة البورصات . ولقد بدأت أمريكا هذا النموذج داخل حدودها عام 1935 ويسمى رابطة وسطاء الأوراق المالية NASD وهي تعد الآن ثاني أكبر بورصات العالم . رغم أنه ليست لها مقر أو جدرانأو مقصورة . ويتم التعامل بين المشتري والبائع بواسطة التليفون والفاكس والكمبيوتر في أي وقت ليلاً أو نهاراً وتسجيل المعاملات مباشرة وتعرض الآن على الشاشات في جميع أنحاء العالم في نفس اللحظة وتخلص المؤشرات في ثوان لتمكن البائع والمشتري من التعامل مباشرة في أي مكان من العالم . ولقد استخدمت لندن نفس النموذج ثم طبقته على جميع أنواع الأوراق المالية من أسهم وسندات إلى تحويلات بنكية إلى عقود سلعية أو تحويلات عملة أجنبية .

والفكرة ليست معقدة أو مكلفة كثيراً لمصر فهي تعتمد على إنشاء منطقة حرة خاصة ( تماماً مثل المناطق الحرة للسلع ) ونسميها مثلاً وول ستريت المصرية سواء بالقاهرة على شاطئ النيل أو الاسكندرية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط . وأن تدعى بيوت المال والوساطة والسمسرة العالمية لكي تعمل بهذه المنطقة . وتستخدم نموذج لندن مع تطويره فإن مصر الآن يمكنها الاستفادة من تطويرات الكترونية واتصالات لم تتوافر عندما بدأت لندن ، فمن التليفون للفاكس للكمبيوتر إلى شاشة الأسعار التي تبث أسعار بورصات العالم أو أسعار الأوراق المالية وأخبارها ومؤشراتها في نفس اللحظة إلى جميع أنحاء العالم . وحالياً تبث في الشاشات أسعار أكثر من مائة بورصة لجميع أنواع الأوراق المالية في ثوان في نفس اللحظة في جميع بلاد العالم . وتبث أيضاً الأسعار والأخبار خارج المقصورة على مدار الساعات الأربع والعشرين والأيام السبعة في الأسبوع مع مؤشراتها ويساعد على ذلك أساليب الاتصال الالكترونية من الانترنت إلى الأقمار الصناعية إلى السحب المباشر الالكتروني من الحسابات لدى البنوك وبيوت المال إلى الأقمار الصناعية إلى السحب المباشر والالكتروني من الحسابات لدى البنوك وبيوت المال إلى القيد المحاسبي بدقة واحدة على الكمبيوتر إلى المؤتمرات بالصوت والصورة الكاملة إلى التسجيل الفوري لوثائق ونقل الملكية للأوراق المالية . وكل ما يتطلبه تحقيق ذلك في مصر هو المكاتب في منطقة حرة خاصة ووسائل الاتصال والمواصلات والأجهزة المحاسبية والإدارية المناسبة . وأن تفصل هذه المنطقة الحرة على الأقل في البداية – كما فعلت سنغافورة – عن البورصة المصرية الحالية وإن خضعت لإشراف هيئة سوق المال وعلى أساس أن تستخدم لغة عالمية – ولنقل الانجليزية – ونطبق تشريعات قانونية عالمية نمطية أنسبها هو التشريعات الأمريكية التي تحكم حالياً معظم المعاملات في الأوراق المالية وحركة رأس المال العالمية . أي أن اللغة والتشريع يصحبان عالميين في منطقة حرة خاصة لها صبغة عالمية – وذلك لتسهيل حركة التعامل وحتى نشجع بيوت المال العالمية على المشاركة في النشاط ونؤمن لهم ضد أية مخاطر محلية . أن أمام مصر فرصة الآن وهي تستيقظ بينما ينام الآخرون ، ولابد أن ننتهزها قبل جيراننا الذين قد يستيقظون .