نحو مرحلة الانطلاق الاقتصادي المصري (2) هل أصبحت مصر مجتمعاً إستهلاكياً؟
نحو مرحلة الانطلاق الاقتصادي المصري (2) هل أصبحت مصر مجتمعاً إستهلاكياً؟، مقال لمحمود وهبة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المقال
أعترف أنني عندما كتبت مقالي السابق فوجئ بالارقام التي قارنت بين مصر و دول القارة الافريقية ن حيث معدل النمو الاقتصادي الحقيقي فلقد كانت الارقام عكس ما توقعت ورغبت , فكيف يكون ترتيب مصر الدولة 22 من بين 52 دولة أفريقية من حيث معدل النمو من خلال الفترة ما بين 1986 و 1993 , وكيف لا تكون مصر في مقدمة كل الدول الافريقية من حيث زيادة معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي و من حيث مساهمة أهم ثلاثة قطاعات إقتصادية في عملية التنمية وتشمل الزراعة والصناعة والخدمات؟ وكيف يكون ترتيب مصر رقم 22 من حيث مساهمة قطاع الزراعة لمعدل التنمية ورقم 31 في قطاع الصناعة ورقم 26 في قطاع الخدمات من مجموع هذه الدول , واذا كان هذا هو ترتيب مصر بالقياس للدول الافريقية الاقل تقدماً , فكيف نطمح أو نأمل ان نقارن انفسنا بالنمور الاسيوية , أو ادول الناشئة في امريكا اللاتينية و اوربا الشرقة بل حتى الصين والهند فأن متوسط معل النمو في معظم هذة الدول تقليدياً يصل الي ما بين 8% و 13% بينما كان معل النمو في مصر خلال السبع سنوات الاخيرة هو 2.4% سنويا فقط في المتوسط ولما كان معدل نمو السكان المصري يماثل معدل النمو الاقتصادي لإن النتيجة هي ان الدخل السنوي للفرد المصري خلال السبع سنوات الاخيرة بالسالب ولذالك أطلقت وصف (السبع سنوات العجاف) علي هذه الفترة علي أمل ان يليها علي الاقل سبع سنوات خضراء في مصر في شكل مرحلة الانطلاق الاقتصادي, وهل هناك في مصر من يعتقد أن هناك 22 دولة أفريقية تسبق مصر في نموها الاقتصادي وان هذه الدول تشمل بالترتيب التنازلي دولاً هي : " بتسوانا , ليسوتو , مريشوس , موزمبيق , تنزانيا , سوازي لاند , أوغندا , نيجيريا ,غانا, سيشسي , جامييا فردي , غانابتسو , اكوادوريال غيني , بوراندي , بوروندي , مالي , تشاد , تونس , المغرب , بوركينا فاسو , ثم مصر؟ "
أن بعض هذه الدول من الحداثة حتى أن أسمائها ليست معروفة بل لا أدري إذا كانت ترجمتي لهذة الاسماء من الانجليزية للعربية مألوفة للقارئ المصري ؟ وحاولت أن أبحث عن الاجابة عن هذا الترتيب غير المتوقع لمصر بين الدول الافريقية وجدت فقط مجموعة أعذار ومبررات وليست تفسيرات ولم أجد تفسيراً مقبولاً أو كاملاً لانخفاض ترتيب مصر بالقياس لهذة الدول في معدل التنمية , فمثلاً قد نقول أن البيانات التي عرضتها ليست صحيحة أو دقيقة فلقد أعتمدت علي دراسات وإحصاءيات البنك الدولي والامم المتحدة وقد يكون ذلك صحيحا الي حد ما أم اننا نختلف احيانا مع أرقام البنك الدولي في مصر, رغم أننا نمدة بالمعلومات الاولية الا ان ذلك ليس إجابة كافية , فما عرضتة من أرقام قام في تقديري وفي تقدير خبراء أخرين علي أحدث و ادق الدراسات المتخصصة للقارة الافريقية , ومن أكثر من مؤلف ومن أكثر من مصدر ومن عدة مجموعات بحوث, وتم الوصل الي هذه الارقام بناء علي ما يسمي بالارقام القياسية أو ما يسمي بادراج الارقام الحقيقية وعموما فما يهمنا في هذه الارقام ليست حجمها المطلق فقط ولكن هيكل هذه البيانات وتنسقها مع بعضها البعض وأتجاه وتركيب المؤشرات التي تعتمد عليها الارقام خاصة انة خضعت لمعادلة إحصائية واحدة علي غيرها ومن هنا فاننا قد نختلف علي دقة ترتيب مصر بالقياس الى الدول الافريقية ولاكننا لابد ان نعترف ان مصر ليست في مقدمة هذه الدول من حيث معدل التنمية , وكما يقال في امريكا ( من لايعترف بأحوالة لايصلح حالة ) والدفاع الثاني قد يكون أن مصر لها أولوياات أكثر اهمية من معدل التنمية في المرحلة الانتقالية وحيث أنها تعاقدت مع البنك الدولي وصندوق النقد علي أولويات مرحلة إنتقالية تنافسة مع معدل التنمية وأدت الي تأجيلة او عدم إعطائة الاولوية المطلقة كما تتطلب مرحلة الانطلاق الاقتصادي.
فمصر كانت مشغولة بالاعداد للمرحلة الانتقالية ولدت هذه المرحلة بنجاح , وان مصر الان ستبدأ من جديد في إعطاء التنمية الاهمية المطلقة أو كما قلت في عنون المقال السابق من التنمية نبدأ , ولكن هذا الرد أيضا لا يكفي فأن معظم الدول الافريقية كانت تعمل تحت أولويات تم تحديدها بأتفاق مع البنك الدولى صندوق النقد وبعضها نجح في تحقيق هذة الاولويات ايضاً بالاضافة الي زيادة معدل التنمية بمستوى اعلي مما حقق في مصر, وأن هناك دفاع ثالث بأن هناك اقتصاد (تحت الارض) أو أقتصاد (باطني) في مصر لا يظهر حجمة في البيانات الرسمية المصرية أو بيانات البنك الدولي, ولا شك أن معظم الدول النامية وخاصة في المرحلة الانتقالية تفرز مايسمى بالاقتصاد الباطني بنسب لايمكن تجاهلها , ولكن ما ينطبق علي مصر في مجال الاقتصاد الباطني ينطبق علي افريقيا بل أن حجم هذا الاقتصاد غير المسجل وغير الرسمي هو أكبر في الدول الافريقية المنتجة للبترول عنة في مصر لاسباب وأضحة , وعموماً فأن مثل هذا الاقتصاد هو إقتصاد طفيلي لا يؤثر كثيرا علي معدل التنمية فلماذا إذن نختلف عن الدول الافريقية ؟ وإذا كان للقارئ ردود كاملة أو مقنعة فأنني أدعوة مرحبا بالكتابة عنها . ولعل أفضل الاجابات تكمن في ابسطها , والعودة الي مبادئ علم الاقتصاد قد تقدم لنا الاجابة , ويتطلب ذلك أن نحدد ونتعرف وتوصيف ثم نحلل بعضالتغيرات الاقتصادية التي تساهم مساهمة مباشرة في تكوين معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي سواء أكان ذلك في النظام اشتراكي أو رأسمالي وهذة المتغيرات الاقتصادية في ظواهرمستقلة تنفصل علي الاقل نظرياً وفي لحظة خضوعها للدراسة والتحليل عن أسبابها ونتائجها, فرغم أن هذه المتغيرات هي نتاج لمزيج من القرارات السياسية والقرارات الادارية للافراد والشركات والمؤسسات وكذلك بعض الظواهرالاجتماعية .
إلا اننا ينبغى أن نتعرف عليها كظواهر مستقلة حتي نبحث عن تفسير للماضى واستراتيجية المستقبل , فبعد أن نتعرف علي هذه المتغيرات فإننا قد نفسر أسبابها وفي نفس الوقت نستخدمها كمكونات لاستراتيجية مرحلة الانطلاق الاقتصادي بإصدار القرارات السياسية والادارية المناسبة للتطبيق وقد لا يرضي ذلك المحلل السياسي الذي يرغب في القاء اللوم علي الحكومة الا ان اللوم لا يقدم حلاً ولا يبني إقتصاد وقبل أن نعرض هذة المتغيرات فلابد أن نذكر أن الناتج الاقتصادي يعلمنا أنه مهما عظمت الحضارات أو الامبراطوريات ومهما تطورت المؤسسات السياسية والمنظمات في مجتمع ما فإن هذا التطورلايكتب له النجاح والاستمرارية في مواجهة مثل هذا الانخفاض المتواصل لمعدل التنمية , ولعل أقرب الامثلة التاريخية المعاصرة هى دول المعسكر الاشتراكي فإن الانخفاض المتواصل لمعدل التنمية في هذه الدول هو الذى أدى في المحصلة النهائية الي تغيرات جذرية بها ثم إنهيارات ,أما المتغيرات الاقتصادية التي سندرسها في حالة مصر فهى:
(1) معدل الاستثمار المحلي.
(2) معدل الادخار القومي والمحلي.
(3) حجم الاستهلاك القومي.
(4) توازن الموارد المحلية.
وكما يرى القارئ فأننا نعود الي أصول علم الاقتصاد حتى نتمكن من تحقيق مرحلة الانطلاق الاقتصادي , فإن في هذه المتغيرات تكمن المشكلة والحل في نفس الوقت . أولاً : معدل الاستثمار المحلي:
لعل معدل الاستثمار المحلي الاجمالي هو أهم العوامل المؤثرة علي معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي , ويشمل ذلك الاستثمار من القطاع الخاص أفراد أو شركات وقطاع الاعمال الحكومية , ويتكون من عنصرين أولهما التراكمات الرئسمالية في المعدات و الالات و الاصول الثابتة وما يماثلها , والثاني هو التغير المحاسبي في قيمة أو تقيم المخزون من التراكمات الرئسمالية في أول الفترة أو نهايتها مثل إعادة تقيم الاصول الرئسمالية التي تمتلكها الدولة من عام لآخر , وهذا إجراء غير مقبول محاسبياً إذ لا تتغير القيمة الدفترية لهذه الاصول الا بتغير الملكية , وتلجأ بعض الدول الي هذا الاسلوب من التلاعب كأنها مثل الشركات الخاسرة لكي تخفي خساراتها أو مثل الشركات الرابحة التي تتهرب من الضرائب وحسب علمي لا يتم ذلك في مصر , فماذا حدث لمعدل الاستثمار في مصر في السبع سنوات الاخيرة , لقد كان المتوسط السنوى لهذا المعدل هو 21.3% في هذه الفترة أي أنة انخفض عن الفترة 1980 الي 1985 عندما كان 28.3% وهذا نفسة يمثل إنخفاضاً عن الفترة 1985 الي 1979 عندما كان 21.1% ويضع هذا الرقم في السبع سنوات الاخيرة مصر في مرتبة الدولة الــ19 بالقياس الي 52 دولة إفريقية من حيث معدل الاستثمار فمثلاً كان هذا معدل الاستثمار في نفس الفترة 61.7% في دولة ليسوتو و 40.6% في سونومي برشيال و 35.7% في كاب فودي و 34.6% في تنزانيا و 32.9% في نوزمبيق وهكذا , كما يتوقع فأن استثمارات القطاع الخاص المصري قد إذدادت بنسبة قليلة لما كان في المتوسط في السبع سنوات الاخيرة 8.5% في المتوسط سنوياً بينما كان في الفترة 1980 الي 1985 بنسبة 6.8% ومع ذلك فأن استثمارات القطاع الخاص في مصر لاذالت ضعيفة للغاية فهي مثلا لاتذيد في معدلها عن ترتيب 22 من 52 دولة أفريقية , فهي مثلا في جابون تصل الي 25% في موريشيس تصل الي 22.2% وفي تنزانيا تصل الي 19.3% والجزائر 17.3% وإذا كان هذا هو الوضع بالمقارنة للدول الافريقية من حيث استثمار القطاع الخاص فما بالك بالمقارنة بمعدلات استثمار القطاع الخاص في الدول الاكثر ديناميكية مثل النمور الاسيوية . وللاسف لم تنشر أرقام عن الاستثمارات الحكومية الا انه من الواضح انها أنخفضت في السبع سنوات الاخيرة وبشكل بارز , ويجرنا ذلك الي الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الاصول المصرية وهذه أيضاً انخفضت من حيث الحجم النقدي بالدولار الي متوسط 215 مليون دولار سنوياً في السبع سنوات الاخيرة بينما كانت 311 مليون دولار في الفترة 1980 الي 1985 وهذا نفسة أنخفض في الفترة 1975 الي 1979 عندما كانت 582 مليون دولار . وبالمقارنة بدول أفريقيا بالسبع سنوات الاخيرة فأن ترتيب مصر من حيث تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة هو الدولة السادسة من 52 دولة . وهو ما يوضح أن مصر مازالت لها ميزة تنافسية بالنسبة للاستثمارات الاجنبية المباشرة ولابد أن نستغلها والا نتركها تتدهور , وأرجوا ان يلاحظ القارئ أن الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الاصول المصرية تختلف عن التدفقات الاخرى الي مصر من الخارج في شكل قروض ومنح وتسهيلات و الاستثمار في الاوراق المالية , فأن التدفقات من مصر الي الخارج في شكل سداد لأصل القروض وخدمة الديون تزيد علي التدفقات اليها وهذا موضوع أخر في حد ذاته.
ثانياً: معدل المدخرات المحلية والقومية المصرية:
من البديهي أنة بدون مدخرات فأنه لن تتم إستثمارات , وعادة يقاس حجم المدخرات المحلية الاجمالية بطرح حجم الناتج المحلي الاجمالي ومن الضروري هنا أن نفرق بين المدخرات المحلية الاجمالية أي المدخرات التي يقوم بها المواطنون المصريون والمؤسسات الحكومية وغيرها دأخل الحدود المصرية وبين المدخرات القومية الاجمالية والتي تضيف الي ذلك مدخرات المصريين المغتربين خارج حدود مصر.
وفي كلتا الحالتين سنلاحظ - للاسف – أنخفاض معدل المدخرات المحلية والقومية في السبع سنوات الاخيرة , ولنبدأ بالمدخرات المحلية أي التي لاتشمل مدخرات المصريين بالخارج فلقد كانت في السبع سنوات الاخيرة بمتوسط 7.4% بينما كانت في الفترة 1980 الي 1985 بمعدل متوسط 15.1% وكانت الفترة 1975 الي 1979 بمتوسط 15.6%.
ويضع معدل المدخرات المحلية المصرية في الفترة الاخيرة مصر في المرتبة 30 بالقياس الي 52 دولة أفريقية فمثلا يصل هذا المعدل الي 39.3% بتسوانا و 34.9% في جابون وهكذا , أما بالنسبة للمدخرات القومية الاجمالية – وتشمل مدخرات المصريين بالخارج – فأنها ايضاً انخفضت في السبع سنوات الاخيرة الي متوسط سنوي يبلغ 8.7% بينما كانت 17% في الفترة 1980 الي 1985 منخفضة عن متوسط 18.8% فيالفترة 1975 الي 1979 وتضع أرقام السبع سنوات الاخيرة بالنسبة للمدخرات القومية مصر في مرتبة 22 بالقياس الي 52 دولة أفريقية فمثلا كان متوسط المدخرات القومية في بتسوانا 29.7% والجزائر 27.1% وموريشيس 26.8% وجابون 22.2% وهكذا – ويلاحظ ان عديداً من دول أفريقيا مثل مصر تعتمد أيضاً علي نسبة عالية من أبنائها في الخارج من حيث حجم المدخرات و التمويلات الاخرى مهما أختلفت أشكالها فظاهرة المغتربين ظاهرة عالمية.
ثالثاً: حجم الاستهلاك المحلي الاجمالي:
مثل حجم المدخرات المحلية الاجمالية يقدر حجم الاستهلاك المحلي الاجمالي بطرح حجم المدخرات المحلية من حجم الناتج المحلي الاجمالي , ويشمل الاستهلاك هنا , الاستهلاك الفردي والاستهلاك الحكومي , ويشمل ذلك إنفاق الافراد علي السلع الاستهلاكية غير الاستثمارية سواء المعمرة أو غير المعمرة , مثل الطعام والسكن وضروريات الحياة ماعدا شراء المساكن إذ يقاس ذلك بقيمة الايجار حتى لوكان المسكن مملوكاً , فأنة تقدر له قيمة إجارية فمثلا فأن نسبة الاستهلاك المحلي المصري الي الناتج المحلي القومي وتشمل هنا الاستهلاك الحكومي واستهلاك الافراد كانت 93.4% عام 1993 أي أذدادت عن عام 1992 عندما كانت 93.3% وعام 1991 عندما كانت 93% أما متوسط السبع سنوات الاخيرة فلقد بلغ 92.6% بينما كان 84.9% في الفترة 1980 الي 1985 وكانت 84.4 في الفترة 1975 الي 1979 أي أن معدل وحجم الاستهلاك المحلي هو المتغير الاقتصادي الوحيد الذى يتذايد عاماً بينما ينخفض معدل وحجم الاستثمار و المدخرات المحلية و القومية عاماً بعد عام , وهذة العلاقة العكسية منطقية ومتوقعة , تضع نسبة الاستهلاك المحلي السنوي مصر في المرتبة 25 بالقياس الي 52 دولة أفريقية , فمثلا ينخفض متوسط الاستهلاك المحلي في جابون الي 95.2% وفي سيلشس الي 74.8% و في موريشيس الي 71.6% وهكذا , ولكن هناك معيار أخر أكثر حساسية ليوضح أن كيف مصر أصبحت مجتمعاً قليل الادخار و الاستثمار وذلك حجم ما ينفقة الفرد المصري سنوياً علي الاستهلاك بالقياس الي دخلة أي في عام 1993 أنفق الفرد المصري سنويا علي الاستهلاك مبلغاً نقديا 655 دولار سنوياً بينما كان دخله السنوي هو 660 دولار سنويا ً (أي فرق 5 دولارات سنوية) وفي عام 1992 انفق الفرد المصري سنويا علي الاستهلاك مبلغ نقدي 607 دولارات سنوية بينما كان دخلة السنوي 650 دولاراً سنوياً (أي بفرق 43 دولار سنوياً) وفي عام 1991 انفق الفرد المصري سنوياً علي الاستهلاك مبلغ نقدي 569 دولاراً بينما كان دخله السنوي 610 دولاراً سنوياً ( أي بفرق 41 دولارا سنويا) وفي عام 1990 انفق الفرد المصري سنويا علي الاستهلاك مبلغ نقدي 674 دولارات سنوية بينما كان دخلة السنوي 630 دولاراً سنوياً ( أي بفرق بالسالب بملبلغ 44 دولار سنوياً ) و الملخص أنه في السبع سنوات العجاف الاخيرة انفق الفرد المصري علي الاستهلاك نبلغ 624 دولاراً سنويا بينما كان ينفق علي الاستهلاك في الفترة 1980 الي 1985 مبلغ 534 دولاراً سنوياً , وفي الفترة 1975 الي 1979 مبلغ 320 دولاراً سنوياً في الوقت الذي كان متوسط , الدخل السنوي للفرد المصري في كل الفترات هذه في حدود 590 دولار سنوياً , أي ان حجم الانفاق المصري في السبع سنوات الاخيرة تزايد بشكل بارز حتي انة يغطي كل دخل تقريبا بما لايترك له شيئا يدخره بينما كان فى الفترات السابقة يسمح له بهامش مناسب للادخار ورغم صعوبة المقارنة مع الدول الافريقية اذ يختلف الدخل النقدى من دولة الى اخرى الا ان ترتيب مصر بالقياس الى الفرق فى نسبة الانفاق السنوى للفرد على الاستهلاك الى دخل الفرد السنوى النقدى يضعها فى مرتبة الدولة 22 من 52 دولة رغم انخفاض دخل الفرد السنوى لبعض البلاد بشكل معيب وارتفاعه فى بلاد اخرى اضعاف دخل الفرد المصرى فيبدو ان انخفاض حجم الدخل السنوى المطلق للفرد ليس هو السبب الوحيد لزيادة حجم الاستهلاك والخلاصة ان حجم الاستهلاك للفرد المصرى السنوى بالقياس الى دخله السنوى لا يسمح له بالادخار، وبدون امكانية الادخار تتناقص فرص الاستثمار وكما رأينا فانه كلما ازداد حجم الاستهلاك فان معدل الادخار والاستثمار ينخفض والعكس صحيح اى اننا اردنا ان نشجع الادخار والاستثمار فلنبحث أولا ظاهرة المجتمع الاستهلاكى الذى يزداد فى حجم الاستهلاك .وينخفض حجم الادخار والاستثمار فى مصر. واتساءل ما هو السبب فى زيادة الاستهلاك السنوى الى الدخل السنوى ؟ وسنجد ان هناك عوامل متعددة منها حجم التضخم فى اسعر السلع الاستهلاكية وضريبة المبيعات او (بالأدق فنيا ضريبة القيمة المضافة وهى اعلى كثيرا من نسب المبيعات المعلنة ويتحملها المستهلك)، والرسوم الاخرى متنوعة الاسماء على الاستهلاك ونمط الاستهلاك وزيادة التطلعات فى مجتمع مفتوح على العالم والاستهلاك الترفى والبذخ المبتذل للاثرياء الجدد، وهيكل الاعالة والعمالة والبطالة وترتيب السكان من حيث السن، حيث ان الصغار يستهلكون بينما الكبار يعملون ، واخيرا وليس اخرا حجم الاستهلاك الحكومى وعدم تقلصه بنسب ملحوظة ما يوفر لمصر هامشا قوميا مناسبا للادخار ثم الاستثمار (سنعود الى هذا الموضوع فى المقال التالى) فاذا كان الفرد غير قادر على الادخار فان على الدولة ان تنخفض نفقاتها بما يحقق معدلا معقولا للادخار ثم الاستثمار، والخلاصة ان الطريق الى زيادة معدل النمو الاقتصادى فى ضوء هذه البيانات السابقة يبدأ بالاستهلاك ثم الادخار والاستثمار على امل ان نبدأ مرحلة الانطلاق الاقتصادى والسنوات السبع الخضراء.