موطأ الإمام مالك - كتاب العتق والولاء
1 - باب مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي مَمْلُوكٍ.
2253 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ : فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ »(262).
2254 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، فِي الْعَبْدِ يُعْتِقُ سَيِّدُهُ مِنْهُ شِقْصاً، ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ سَهْماً مِنَ الأَسْهُمِ بَعْدَ مَوْتِهِ : أَنَّهُ لاَ يَعْتِقُ مِنْهُ إِلاَّ مَا أَعْتَقَ سَيِّدُهُ وَسَمَّى مِنْ ذَلِكَ الشِّقْصِ، وَذَلِكَ أَنَّ عَتَاقَةَ ذَلِكَ الشِّقْصِ إِنَّمَا وَجَبَتْ، وَكَانَتْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ مُخَيَّراً فِي ذَلِكَ مَا عَاشَ، فَلَمَّا وَقَعَ الْعِتْقُ لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُوصِي، لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي إِلاَّ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ يَعْتِقْ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ، لأَنَّ مَالَهُ قَدْ صَارَ لِغَيْرِهِ، فَكَيْفَ يَعْتِقُ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ, لَيْسُوا هُمُ ابْتَدَؤُوا الْعَتَاقَةَ وَلاَ أَثْبَتُوهَا وَلاَ لَهُمُ الْوَلاَءُ وَلاَ يَثْبُتُ لَهُمْ، وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ، هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ وَأُثْبِتَ لَهُ الْوَلاَءُ، فَلاَ يُحْمَلُ ذَلِكَ فِي مَالِ غَيْرِهِ، إِلاَّ أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يَعْتِقَ مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي مَالِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ لِشُرَكَائِهِ وَوَرَثَتِهِ، وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ، لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ(263).
2255 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ ثُلُثَ عَبْدِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ،فَبَتَّ عِتْقَهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ فِي ثُلُثِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، لأَنَّ الَّذِي يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، لَوْ عَاشَ رَجَعَ فِيهِ وَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ، وَأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي يَبِتُّ سَيِّدُهُ عِتْقَ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ إِنْ عَاشَ، وَإِنْ مَاتَ أُعْتِقَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَمْرَ الْمَيِّتِ جَائِزٌ فِي ثُلُثِهِ، كَمَا أَنَّ أَمْرَ الصَّحِيحِ جَائِزٌ فِي مَالِهِ كُلِّهِ.
2 - باب الشَّرْطِ فِي الْعِتْقِ.
2256 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَعْتَقَ عَبْداً لَهُ فَبَتَّ عِتْقَهُ حَتَّى تَجُوزَ شَهَادَتُهُ، وَتَتِمَّ حُرْمَتُهُ وَيَثْبُتَ مِيرَاثُهُ، فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا يَشْتَرِطُ عَلَى عَبْدِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ خِدْمَةٍ، وَلاَ يَحْمِلَ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الرِّقِّ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ ». قَالَ مَالِكٌ : فَهُوَ إِذَا كَانَ لَهُ الْعَبْدُ خَالِصاً أَحَقُّ بِاسْتِكْمَالِ عَتَاقَتِهِ، وَلاَ يَخْلِطُهَا بِشَيْءٍ مِنَ الرِّقِّ.
3 - باب مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقاً لاَ يْمَلِكُ مَالاً غَيْرَهُمْ
2257 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ : أَنَّ رَجُلاً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَعْتَقَ عَبِيداً لَهُ سِتَّةً عِنْدَ مَوْتِهِ، فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ ثُلُثَ تِلْكَ الْعَبِيدِ(264).
قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مَالٌ غَيْرُهُمْ.
2258 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ رَجُلاً فِي إِمَارَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ أَعْتَقَ رَقِيقاً لَهُ كُلَّهُمْ جَمِيعاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَأَمَرَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بِتِلْكَ الرَّقِيقِ فَقُسِمَتْ أَثْلاَثاً، ثُمَّ أَسْهَمَ عَلَى أَيِّهِمْ يَخْرُجُ سَهْمُ الْمَيِّتِ فَيَعْتِقُونَ، فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَى أَحَدِ الأَثْلاَثِ، فَعَتَقَ الثُّلُثُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ السَّهْمُ.
4 - باب الْقَضَاءِ فِي مَالِ الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ
2259 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ.
2260 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ : أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا كُوتِبَ تَبِعَهُ مَالُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ هُوَ عَقْدُ الْوَلاَءِ إِذَا تَمَّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مَالُ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ مَا كَانَ لَهُمَا مِنْ وَلَدٍ، إِنَّمَا أَوْلاَدُهُمَا بِمَنْزِلَةِ رِقَابِهِمَا، لَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أَمْوَالِهِمَا، لأَنَّ السُّنَّةَ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا، أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ، وَأَنْ الْمُكَاتَبَ إِذَا كُوتِبَ تَبِعَهُ مَالُهُ، وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ(265).
2261 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضاً : أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ إِذَا أَفْلَسَا أُخِذَتْ أَمْوَالُهُمَا وَأُمَّهَاتُ أَوْلاَدِهِمَا، وَلَمْ تُؤْخَذْ أَوْلاَدُهُمَا، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَمْوَالٍ لَهُمَا.
2262 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضاً : أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا بِيعَ وَاشْتَرَطَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مَالَهُ، لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهُ فِي مَالِهِ.
2263 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضاً : أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَرَحَ أُخِذَ هُوَ وَمَالُهُ، وَلَمْ يُؤْخَذْ وَلَدُهُ.
5 - باب عِتْقِ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ وَجَامِعِ الْقَضَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ
2264 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهَا، وَلاَ يَهَبُهَا، وَلاَ يُوَرِّثُهَا, وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ(266).
2265 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَتْهُ وَلِيدَةٌ قَدْ ضَرَبَهَا سَيِّدُهَا بِنَارٍ، أَوْ أَصَابَهَا بِهَا، فَأَعْتَقَهَا.
2266 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ عَتَاقَةُ رَجُلٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ، وَأَنَّهُ لاَ تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْغُلاَمِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، أَوْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ الْمُحْتَلِمِ، وَأَنَّهُ لاَ تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ بَلَغَ الْحُلُمَ حَتَّى يَلِيَ مَالَهُ(267).
6 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ
2267 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ(268) أَنَّهُ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَماً لِي، فَجِئْتُهَا وَقَدْ فُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا فَقَالَتْ : أَكَلَهَا الذِّئْبُ، فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا، وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا، وَعَلَى رَقَبَةٌ، أَفَأُعْتِقُهَا ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : « أَيْنَ اللَّهُ ؟». فَقَالَتْ : فِي السَّمَاءِ. فَقَالَ : «مَنْ أَنَا ؟». فَقَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : « أَعْتِقْهَا »(269).
2268 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : « أَتَشْهَدِينَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ؟». قَالَتْ : نَعَمْ. قَالَ : « أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ؟» قَالَتْ : نَعَمْ. قَالَ : « أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ». قَالَتْ : نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : « أَعْتِقْهَا »(270).
2269 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ هَلْ يُعْتِقُ فِيهَا ابْنَ زِناً ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : نَعَمْ ذَلِكَ يُجْزِئهُ.
2270 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَاري وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ, هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ وَلَدَ زِناً ؟ قَالَ : نَعَمْ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ.
7 - باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ
2271 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ، هَلْ تُشْتَرَى بِشَرْطٍ ؟ فَقَالَ : لاَ.
2272 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ : أَنَّهُ لاَ يَشْتَرِيهَا الَّذِي يُعْتِقُهَا فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِشَرْطٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا، لأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ بِرَقَبَةٍ تَامَّةٍ، لأَنَّهُ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا لِلَّذِي يَشْتَرِطُ مِنْ عِتْقِهَا(271).
2273 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّقَبَةَ فِي التَّطَوُّعِ، وَيَشْتَرِطَ أَنْ يُعْتِقَهَا.
2274 - قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ : أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ فِيهَا نَصْرَانِيٌّ وَلاَ يَهُودِيٌّ، وَلاَ يُعْتَقُ فِيهَا مُكَاتَبٌ وَلاَ مُدَبَّرٌ، وَلاَ أُمُّ وَلَدٍ، وَلاَ مُعْتَقٌ إِلَى سِنِينَ، وَلاَ أَعْمَى، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ تَطَوُّعاً، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : ( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ) [محمد : 4] فَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ(272).
2275 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الرِّقَابُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَقُ فِيهَا إِلاَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ.
2276 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ فِي إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ فِي الْكَفَّارَاتِ، لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُطْعَمَ فِيهَا إِلاَّ الْمُسْلِمُونَ، وَلاَ يُطْعَمُ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلاَمِ.
8 - باب عِتْقِ الْحِيِّ عَنِ الْمَيِّتِ
2277 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي عَمْرَةَ الأَنْصَاري : أَنَّ أُمَّهُ أَرَادَتْ أَنْ تُوصِيَ، ثُمَّ أَخَّرَتْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُصْبِحَ فَهَلَكَتْ، وَقَدْ كَانَتْ هَمَّتْ بِأَنْ تُعْتِقَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ : لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَيَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا، فَقَالَ الْقَاسِمُ إِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : إِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ، فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : « نَعَمْ »(273).
2278 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : تَوَفَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي بَكْرٍ فِي نَوْمٍ نَامَهُ، فَأَعْتَقَتْ عَنْهُ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) رِقَاباً كَثِيرَةً.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
9 - باب فَضْلِ عِتْقِ الرِّقَابِ وَعِتْقِ الزَّانِيَةِ وَابْنِ الزِّنَا
2279 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) سُئِلَ عَنِ الرِّقَابِ أَيُّهَا أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : «أَغْلاَهَا ثَمَناً، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا »(274).
2280 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ أَعْتَقَ وَلَدَ زِناً وَأُمَّهُ.
10 - باب مَصِيرِ الْوَلاَءِ لِمَنْ أَعْتَقَ
2281 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) أَنَّهَا قَالَتْ : جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ : إنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوْقِيَةٌ، فَأَعِينِينِى. فَقَالَتْ عَائِشَةُ : إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَنْكِ عَدَدْتُهَا, وَيَكُونَ لِي وَلاَؤُكِ فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) جَالِسٌ، فَقَالَتْ لِعَائِشَةَ إنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَىَّ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : « خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ». فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ : « أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ »(275).
2282 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ : « لاَ يَمْنَعَنَّكِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ »(276).
2283 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهْلِهَا، فَقَالُوا : لاَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَنَا وَلاَؤُكِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : « اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ »(277).
2284 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ(278).
2285 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَبْتَاعُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ، عَلَى أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ: إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَذِنَ لِمَوْلاَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ مَا جَازَ ذَلِكَ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ». وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ، فَإِذَا جَازَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ لَهُ, وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ، فَتِلْكَ الْهِبَةُ(279).
11 - باب جَرِّ الْعَبْدِ الْوَلاَءَ إِذَا أُعْتِقَ
2286 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ اشْتَرَى عَبْداً فَأَعْتَقَهُ، وَلِذَلِكَ الْعَبْدِ بَنُونَ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ، فَلَمَّا أَعْتَقَهُ الزُّبَيْرُ قَالَ هُمْ مَوَالِيَّ.، وَقَالَ مَوَالِي أُمِّهِمْ : بَلْ هُمْ مَوَالِينَا. فَاخْتَصَمُوا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَضَى عُثْمَانُ لِلزُّبَيْرِ بِوَلاَئِهِمْ.
2287 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ عَنْ عَبْدٍ لَهُ وَلَدٌ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ، لِمَنْ وَلاَؤُهُمْ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ مَاتَ أَبُوهُمْ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يُعْتَقْ فَوَلاَؤُهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ.
2288 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَثَلُ ذَلِكَ وَلَدُ الْمُلاَعَنَةِ مِنَ الْمَوَالِي يُنْسَبُ إِلَى مَوَالِي أُمِّهِ، فَيَكُونُونَ هُمْ مَوَالِيَهُ إِنْ مَاتَ وَرِثُوهُ، وَإِنْ جَرَّ جَرِيرَةً عَقَلُوا عَنْهُ، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ أَبُوهُ أُلْحِقَ بِهِ، وَصَارَ وَلاَؤُهُ إِلَى مَوَالِي أَبِيهِ، وَكَانَ مِيرَاثُهُ لَهُمْ، وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ، وَيُجْلَدُ أَبُوهُ الْحَدَّ(280).
2289 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُلاَعِنَةُ مِنَ الْعَرَبِ، إِذَا اعْتَرَفَ زَوْجُهَا الَّذِي لاَعَنَهَا بِوَلَدِهَا صَارَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، إِلاَّ أَنَّ بَقِيَّةَ مِيرَاثِهِ بَعْدَ مِيرَاثِ أُمِّهِ وَإِخْوَتِهِ لأُمِّهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، مَا لَمْ يُلْحَقْ بِأَبِيهِ، وَإِنَّمَا وَرَّثَ وَلَدُ الْمُلاَعَنَةِ الْمُوَالاَةَ مَوَالِيَ أُمِّهِ، قَبْلَ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ أَبُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ وَلاَ عَصَبَةٌ، فَلَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ، صَارَ إِلَى عَصَبَتِهِ(281).
2290 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي وَلَدِ الْعَبْدِ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ, وَأَبُو الْعَبْدِ حُرٌّ : أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْعَبْدِ يَجُرُّ وَلاَءَ وَلَدِ ابْنِهِ الأَحْرَارِ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ, يَرِثُهُمْ مَا دَامَ أَبُوهُمْ عَبْداً، فَإِنْ عَتَقَ أَبُوهُمْ رَجَعَ الْوَلاَءُ إِلَى مَوَالِيهِ، وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ الْمِيرَاثُ وَالْوَلاَءُ لِلْجَدِّ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ لَهُ ابْنَانِ حُرَّانِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَأَبُوهُ عَبْدٌ، جَرَّ الْجَدُّ أَبُو الأَبِ الْوَلاَءَ وَالْمِيرَاثَ(282).
2291 - قَالَ مَالِكٌ فِي الأَمَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ حَامِلٌ وَزَوْجُهَا مَمْلُوكٌ، ثُمَّ يَعْتِقُ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَوْ بَعْدَ مَا تَضَعُ : إِنَّ وَلاَءَ مَا كَانَ فِي بَطْنِهَا لِلَّذِي أَعْتَقَ أُمَّهُ، لأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَدْ كَانَ أَصَابَهُ الرِّقُّ قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ أُمُّهُ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ، لأَنَّ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ إِذَا أُعْتِقَ أَبُوهُ جَرَّ وَلاَءَهُ.
2292 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْداً لَهُ، فَيَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ: إِنَّ وَلاَءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ، لاَ يَرْجِعُ وَلاَؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَإِنْ عَتَقَ.
12 - باب مِيرَاثِ الْوَلاَءِ
2293 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ, أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ الْعَاص بْنَ هِشَامٍ هَلَكَ وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَةً، اثْنَانِ لأُمٍّ، وَرَجُلٌ لِعَلَّةٍ, فَهَلَكَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ لأُمٍّ وَتَرَكَ مَالاً وَمَوَالِيَ، فَوَرِثَهُ أَخُوهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ مَالَهُ وَوَلاَءَهُ مَوَالِيهِ، ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي وَرِثَ الْمَالَ وَوَلاَءَ الْمَوَالِي وَتَرَكَ ابْنَهُ وَأَخَاهُ لأَبِيهِ، فَقَالَ ابْنُهُ: قَدْ أَحْرَزْتُ مَا كَانَ أبِي أَحْرَزَ مِنَ الْمَالِ وَوَلاَءِ الْمَوَالِي، وَقَالَ أَخُوهُ : لَيْسَ كَذَلِكَ : إِنَّمَا أَحْرَزْتَ الْمَالَ، وَأَمَّا وَلاَءُ الْمَوَالِي فَلاَ، أَرَأَيْتَ لَوْ هَلَكَ أَخِى الْيَوْمَ، أَلَسْتُ أَرِثُهُ أَنَا ؟ فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَضَى لأَخِيهِ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي(283).
2294 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَبُوهُ: أَنَّهُ كَانَ جَالِساً عِنْدَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، فَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَنَفَرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يُقَالُ لَهُ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ كُلَيْبٍ، فَمَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ مَالاً وَمَوَالِيَ، فَوَرِثَهَا ابْنُهَا وَزَوْجُهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنُهَا, فَقَالَ وَرَثَتُهُ : لَنَا وَلاَءُ الْمَوَالِي، قَدْ كَانَ ابْنُهَا أَحْرَزَهُ، فَقَالَ الْجُهَنِيُّونَ : لَيْسَ كَذَلِكَ، إِنَّمَا هُمْ مَوَالِي صَاحِبَتِنَا، فَإِذَا مَاتَ وَلَدُهَا فَلَنَا وَلاَؤُهُمْ، وَنَحْنُ نَرِثُهُمْ، فَقَضَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ لِلْجُهَنِيِّينَ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي(284).
2295 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فِي رَجُلٍ هَلَكَ وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَةً وَتَرَكَ مَوَالِيَ أَعْتَقَهُمْ هُوَ عَتَاقَةً، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَيْنِ مِنْ بَنِيهِ هَلَكَا وَتَرَكَا أَوْلاَداً. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : يَرِثُ الْمَوَالِيَ الْبَاقِى مِنَ الثَّلاَثَةِ، فَإِذَا هَلَكَ هُوَ، فَوَلَدُهُ وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ فِي وَلاَءِ الْمَوَالِي شَرَعٌ سَوَاءٌ.
13 - باب مِيرَاثِ السَّائِبَةِ وَوَلاَءِ مَنْ أَعْتَقَ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ
2296 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبَةِ ؟ قَالَ : يُوَالِي مَنْ شَاءَ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَداً، فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ(285).
2297 - قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي السَّائِبَةِ : أَنَّهُ لاَ يُوَالِي أَحَداً، وَأَنَّ مِيرَاثَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ.
2298 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَبْدُ أَحَدِهِمَا، فَيُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ : إِنَّ وَلاَءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ الْوَلاَءُ أَبَداً. قَالَ : وَلَكِنْ إِذَا أَعْتَقَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ عَبْداً عَلَى دِينِهِمَا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ، رَجَعَ إِلَيْهِ الْوَلاَءُ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ الْوَلاَءُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ.
2299 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ كَانَ لِلْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَرِثَ مَوَالِيَ أَبِيهِ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ، إِذَا أَسْلَمَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ حِينَ أُعْتِقَ مُسْلِماً، لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ النَّصْرَانِيِّ أَوِ الْيَهُودِيِّ الْمُسْلِمَيْنِ مِنْ وَلاَءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ، لأَنَّهُ لَيْسَ لِلْيَهُودِيِّ وَلاَ لِلنَّصْرَانِيِّ وَلاَءٌ، فَوَلاَءُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.