موطأ الإمام مالك – كتاب البيوع

من معرفة المصادر

1 - باب مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْعُرْبَانِ


1787 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ(14).


1788 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَشْتَرِىَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ، أَوِ الْوَلِيدَةَ، أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ، ثُمَّ يَقُولَ لِلَّذِى اشْتَرَى مِنْهُ، أَوْ تَكَارَى مِنْهُ : أُعْطِيكَ دِينَاراً، أَوْ دِرْهَماً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ، عَلَى إنِّي إِنْ أَخَذْتُ السِّلْعَةَ، أَوْ رَكِبْتُ مَا تَكَارَيْتُ مِنْكَ، فَالَّذِي أَعْطَيْتُكَ هُوَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ، أَوْ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ، وَإِنْ تَرَكْتُ ابْتِيَاعَ السِّلْعَةِ، أَوْ كِرَاءَ الدَّابَّةِ، فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ بَاطِلٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ(15).


1789 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَبْتَاعَ الْعَبْدَ التَّاجِرَ الْفَصِيحَ، بِالأَعْبُدِ مِنَ الْحَبَشَةِ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ مِنَ الأَجْنَاسِ، لَيْسُوا مِثْلَهُ فِي الْفَصَاحَةِ, وَلاَ فِي التِّجَارَةِ وَالنَّفَاذِ وَالْمَعْرِفَةِ، لاَ بَأْسَ بِهَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْعَبْدَ بِالْعَبْدَيْنِ، أَوْ بِالأَعْبُدِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، إِذَا اخْتَلَفَ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ، فَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضاً، حَتَّى يَتَقَارَبَ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُمْ(16).


1790 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْ ذَلِكَ، قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ، إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ، مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ(17).


1791 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِذَا بِيعَتْ، لأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لاَ يُدْرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى، أَحَسَنٌ أَمْ قَبِيحٌ، أَوْ نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ، أَوْ حَىٌّ أَوْ مَيْتٌ، وَذَلِكَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا(18).


1792 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ، أَوِ الْوَلِيدَةَ بِمِئَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ, ثُمَّ يَنْدَمُ الْبَائِعُ، فَيَسْأَلُ الْمُبْتَاعَ أَنْ يُقِيلَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ نَقْداً، أَوْ إِلَى أَجَلٍ، وَيَمْحُو عَنْهُ الْمِئَةَ دِينَارٍ الَّتِي لَهُ. قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ نَدِمَ الْمُبْتَاعُ، فَسَأَلَ الْبَائِعَ أَنْ يُقِيلَهُ فِي الْجَارِيَةِ أَوِ الْعَبْدِ، وَيَزِيدَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْداً، أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ الأَجَلِ الَّذِي اشْتَرَى إِلَيْهِ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْبَغِي، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ، لأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ مِئَةَ دِينَارٍ لَهُ، إِلَى سَنَةٍ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ بِجَارِيَةٍ وَبِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْداً، أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ السَّنَةِ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَى أَجَلٍ.


1793 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ مِنَ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ بِمَائِةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ, ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ، الَّذِي بَاعَهَا بِهِ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الأَجَلِ، الَّذِي بَاعَهَا إِلَيْهِ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ. وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْهُ، يَبِيعُهَا بِثَلاَثِينَ دِينَاراً إِلَى شَهْرٍ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا بِسِتِّينَ دِينَاراً إِلَى سَنَةٍ أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ، فَصَارَ إِنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ سِلْعَتُهُ بِعَيْنِهَا وَأَعْطَاهُ صَاحِبُهُ ثَلاَثِينَ دِينَاراً إِلَى شَهْرٍ، بِسِتِّينَ دِينَاراً إِلَى سَنَةٍ، أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ، فَهَذَا لاَ يَنْبَغِى.

2 - باب مَا جَاءَ فِي مَالِ الْمَمْلُوكِ


1794 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ بَاعَ عَبْداً وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ(19).


1795 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ الْمُبْتَاعَ إِنِ اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ، نَقْداً كَانَ أَوْ دَيْناً أَوْ عَرْضاً، يَعْلَمُ أَوْ لاَ يَعْلَمُ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ، كَانَ ثَمَنُهُ نَقْداً أَوْ دَيْناً أَوْ عَرْضاً، وَذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ زَكَاةٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْعَبْدِ جَارِيَةٌ اسْتَحَلَّ فَرْجَهَا بِمِلْكِهِ إِيَّاهَا، وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ كَاتَبَ تَبِعَهُ مَالُهُ، وَإِنْ أَفْلَسَ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ، وَلَمْ يُتَّبَعْ سَيِّدُهُ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ(20).

3 - باب مَا جَاءَ فِي الْعُهْدَةِ


1796 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ، وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ، مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ، وَعُهْدَةَ السَّنَةِ.


1797 - قَالَ مَالِكٌ : مَا أَصَابَ الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ فِي الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ، مِنْ حِينِ يُشْتَرَيَانِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الأَيَّامُ الثَّلاَثَةُ، فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ، وَإِنَّ عُهْدَةَ السَّنَةِ مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ، فَقَدْ بَرِئَ الْبَائِعُ مِنَ الْعُهْدَةِ كُلِّهَا(21).


1798 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ عَبْداً، أَوْ وَلِيدَةً، مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِمْ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَلاَ عُهْدَةَ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ عَيْباً فَكَتَمَهُ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْباً فَكَتَمَهُ لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ، وَكَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُوداً، وَلاَ عُهْدَةَ عِنْدَنَا إِلاَّ فِي الرَّقِيقِ(22).

4 - باب الْعَيْبِ فِي الرَّقِيقِ

1799 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَاعَ غُلاَماً لَهُ بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ، وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : بِالْغُلاَمِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي. فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. فَقَالَ الرَّجُلُ : بَاعَنِي عَبْداً وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ لِي. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ. فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ، لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَحْلِفَ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ، فَصَحَّ عِنْدَهُ، فَبَاعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِ مِئَةِ دِرْهَمٍ(23).


1800 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ مَنِ ابْتَاعَ وَلِيدَةً فَحَمَلَتْ، أَوْ عَبْداً فَأَعْتَقَهُ، وَكُلَّ أَمْرٍ دَخَلَهُ الْفَوْتُ حَتَّى لاَ يُسْتَطَاعَ رَدُّهُ، فَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الَّذِي بَاعَهُ، أَوْ عُلِمَ ذَلِكَ بِاعْتِرَافٍ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ يُقَوَّمُ، وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، فَيُرَدُّ مِنَ الثَّمَنِ قَدْرُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحاً، وَقِيمَتِهِ وَبِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ.


1801 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ، ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ يَرُدُّهُ مِنْهُ، وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ، إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهِ مُفْسِداً، مِثْلُ الْقَطْعِ، أَوِ الْعَوَرِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ، فَإِنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ، بِقَدْرِ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ بِالْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، وُضِعَ عَنْهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَغْرَمَ قَدْرَ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ مِنَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ، ثُمَّ يَرُدُّ الْعَبْدَ، فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ، أُقِيمَ الْعَبْدُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ عَيْبٍ مِئَةَ دِينَارٍ، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ وَبِهِ الْعَيْبُ ثَمَانُونَ دِينَاراً، وُضِعَ عَنِ الْمُشْتَرِى مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اشْتُرِىَ الْعَبْدُ(24).


1802 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنْ رَدَّ وَلِيدَةً مِنْ عَيْبٍ وَجَدَهُ بِهَا، وَكَانَ قَدْ أَصَابَهَا، أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بِكْراً، فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّباً، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهَا شَيْءٌ، لأَنَّهُ كَانَ ضَامِناً لَهَا.


1803 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، فِيمَنْ بَاعَ عَبْداً، أَوْ وَلِيدَةً, أَوْ حَيَوَاناً بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، أَوْ غَيْرِهِمْ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِيمَا بَاعَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ فِي ذَلِكَ عَيْباً فَكَتَمَهُ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْباً فَكَتَمَهُ، لَمْ تَنْفَعْهُ تَبْرِئَتُهُ، وَكَانَ مَا بَاعَ مَرْدُوداً عَلَيْهِ.


1804 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَارِيَةِ تُبَاعُ بِالْجَارِيَتَيْنِ، ثُمَّ يُوجَدُ بِإِحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ عَيْبٌ، تُرَدُّ مِنْهُ، قَالَ : تُقَامُ الْجَارِيَةُ الَّتِي كَانَتْ قِيمَةَ الْجَارِيَتَيْنِ، فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهَا، ثُمَّ تُقَامُ الْجَارِيَتَانِ بِغَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي وُجِدَ بِإِحْدَاهُمَا، تُقَامَانِ صَحِيحَتَيْنِ سَالِمَتَيْنِ، ثُمَّ يُقْسَمُ ثَمَنُ الْجَارِيَةِ الَّتِي بِيعَتْ بِالْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِمَا، بِقَدْرِ ثَمَنِهِمَا، حَتَّى يَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حِصَّتُهَا مِنْ ذَلِكَ، عَلَى الْمُرْتَفِعَةِ بِقَدْرِ ارْتِفَاعِهَا، وَعَلَى الأُخْرَى بِقَدْرِهَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى الَّتِي بِهَا الْعَيْبُ، فَيُرَدُّ بِقَدْرِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ تِلْكَ الْحِصَّةِ, إِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً، وَإِنَّمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِ يَوْمَ قَبْضِهِمَا(25).


1805 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ، فَيُؤَاجِرُهُ بِالإِجَارَةِ الْعَظِيمَةِ، أَوِ الْغَلَّةِ الْقَلِيلَةِ، ثُمَّ يَجِدُ بِهِ عَيْباً يُرَدُّ مِنْهُ : إِنَّهُ يَرُدُّهُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ، وَتَكُونُ لَهُ إِجَارَتُهُ وَغَلَّتُهُ، وَهَذَا الأَمْرُ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ بِبَلَدِنَا، وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ عَبْداً, فَبَنَى لَهُ دَاراً، قِيمَةُ بِنَائِهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ أَضْعَافاً، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْباً يُرَدُّ مِنْهُ، رَدَّهُ وَلاَ يُحْسَبُ لِلْعَبْدِ عَلَيْهِ إِجَارَةٌ فِيمَا عَمِلَ لَهُ، فَكَذَلِكَ تَكُونُ لَهُ إِجَارَتُهُ إِذَا آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ، لأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ، وَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا(26).


1806 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنِ ابْتَاعَ رَقِيقاً فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَوَجَدَ فِي ذَلِكَ الرَّقِيقِ عَبْداً مَسْرُوقاً، أَوْ وَجَدَ بِعَبْدٍ مِنْهُمْ عَيْباً، أَنَّهُ يُنْظَرُ فِيمَا وُجِدَ مَسْرُوقاً, أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْباً، فَإِنْ كَانَ هُوَ وَجْهَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ، أَوْ أَكْثَرَهُ ثَمَناً، أَوْ مِنْ أَجْلِهِ اشْتَرَى، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْفَضْلُ لَو سَلِمَ(26/1) فِيمَا يَرَى النَّاسُ، كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُوداً كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي وُجِدَ مَسْرُوقاً، أَوْ وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ، فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنْهُ، لَيْسَ هُوَ وَجْهَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ، وَلاَ مِنْ أَجْلِهِ اشْتُرِىَ، وَلاَ فِيهِ الْفَضْلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ، رُدَّ ذَلِكَ الَّذِي وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ، أَوْ وُجِدَ مَسْرُوقاً بِعَيْنِهِ، بِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، الَّذِي اشْتَرَى بِهِ أُولَئِكَ الرَّقِيقَ(27).

5 - باب مَا يُفْعَلُ فِي الْوَلِيدَةِ إِذَا بِيعَتْ وَالشَّرْطُ فِيهَا


1807 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ابْتَاعَ جَارِيَةً مِنِ امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ، وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنَّكَ إِنْ بِعْتَهَا، فَهِيَ لِي بِالثَّمَنِ الَّذِي تَبِيعُهَا بِهِ، فَسَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ تَقْرَبْهَا وَفِيهَا شَرْطٌ لأَحَدٍ.


1808 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لاَ يَطَأُ الرَّجُلُ وَلِيدَةً، إِلاَّ وَلِيدَةً إِنْ شَاءَ بَاعَهَا، وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ.


1809 - قَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى شَرْطِ أَنْ لاَ يَبِيعَهَا، أَوْ لاَ يَهَبَهَا، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ : فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطَأَهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَلاَ يَهَبَهَا، فَإِذَا كَانَ لاَ يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْهَا، فَلَمْ يَمْلِكْهَا مِلْكاً تَامًّا، لأَنَّهُ قَدِ اسْتُثْنِىَ عَلَيْهِ فِيهَا مَا مَلَكَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ، فَإِذَا دَخَلَ هَذَا الشَّرْطُ لَمْ يَصْلُحْ، وَكَانَ بَيْعاً مَكْرُوهاً.

6 - باب النَّهْي عَنْ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ وَلِيدَةً وَلَهَا زَوْجٌ


1810 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ أَهْدَى لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ جَارِيَةً، وَلَهَا زَوْجٌ، ابْتَاعَهَا بِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ عُثْمَانُ : لاَ أَقْرَبُهَا حَتَّى يُفَارِقَهَا زَوْجُهَا. فَأَرْضَى ابْنُ عَامِرٍ زَوْجَهَا فَفَارَقَهَا(28).


1811 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ابْتَاعَ وَلِيدَةً، فَوَجَدَهَا ذَاتَ زَوْجٍ فَرَدَّهَا.

7 - باب مَا جَاءَ فِي ثَمَرِ الْمَالِ يُبَاعُ أَصْلُهُ


1812 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ »(29).

8 - باب النَّهْي عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا


1813 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ(30).


1814 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ. فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا تُزْهِي؟ فَقَالَ : « حِينَ تَحْمَرُّ ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ »(31).


1815 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ(32).


1816 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.


1817 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ, عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا.


1818 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالْخِرْبِزِ، وَالْجَزَرِ : إِنَّ بَيْعَهُ إِذَا بَدَا صَلاَحُهُ حَلاَلٌ جَائِزٌ، ثُمَّ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ، وَيَهْلِكَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ يُؤَقَّتُ، وَذَلِكَ أَنَّ وَقْتَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَرُبَّمَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ فَقَطَعَتْ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِىَ ذَلِكَ الْوَقْتُ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ بِجَائِحَةٍ تَبْلُغُ الثُّلُثَ فَصَاعِداً، كَانَ ذَلِكَ مَوْضُوعاً عَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ(33).

9 - باب مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ


1819 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ، أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا(34).


1820 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أبِي أَحْمَدَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا، فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ. يَشُكُّ دَاوُدُ قَالَ : خَمْسَةِ أَوْسُقٍ : أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ(35).


1821 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا تُبَاعُ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ، يُتَحَرَّى ذَلِكَ وَيُخْرَصُ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِيهِ لأَنَّهُ أُنْزِلَ بِمَنْزِلَةِ التَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ، وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ، مَا أَشْرَكَ أَحَدٌ أَحَداً فِي طَعَامِهِ، حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ(36).

10 - باب الْجَائِحَةِ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ


1822- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ : ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَ حَائِطٍ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَعَالَجَهُ وَقَامَ فِيهِ، حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ، فَسَأَلَ رَبَّ الْحَائِطِ أَنْ يَضَعَ لَهُ، أَوْ أَنْ يُقِيلَهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَفْعَلَ، فَذَهَبَتْ أُمُّ الْمُشْتَرِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « تَأَلَّى أَنْ لاَ يَفْعَلَ خَيْراً ». فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَبُّ الْحَائِطِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ لَهُ(37).


1823 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ. قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.


1824 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْجَائِحَةُ الَّتِي تُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي الثُّلُثُ فَصَاعِداً، وَلاَ يَكُونُ مَا دُونَ ذَلِكَ جَائِحَةً.

11 - باب مَا يَجُوزُ فِي اسْتِثْنَاءِ الثَّمَرِ


1825 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي(37/1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ، وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ.


1826 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ : أَنَّ جَدَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطٍ لَهُ، يُقَالُ لَهُ الأَفْرَاقُ، بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ تَمْراً(38).


1827 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ،عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ : أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ تَبِيعُ ثِمَارَهَا، وَتَسْتَثْنِي مِنْهَا.


1828 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَاعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ الثَّمَرِ، لاَ يُجَاوِزُ ذَلِكَ, وَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.


1829 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الرَّجُلُ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ، وَيَسْتَثْنِى مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ ثَمَرَ نَخْلَةٍ ،أَوْ نَخَلاَتٍ يَخْتَارُهَا، وَيُسَمِّى عَدَدَهَا، فَلاَ أَرَى بِذَلِكَ بَأْساً، لأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ إِنَّمَا اسْتَثْنَى شَيْئاً مِنْ ثَمَرِ حَائِطِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ احْتَبَسَهُ مِنْ حَائِطِهِ وَأَمْسَكَهُ لَمْ يَبِعْهُ، وَبَاعَ مِنْ حَائِطِهِ مَا سِوَى ذَلِكَ(39).

12 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ


1830 - حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلاً بِمِثْلٍ ». فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ عَامِلَكَ عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « ادْعُوهُ لِي ». فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « أَتَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ ؟ ». فَقَالَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ يَبِيعُونَنِي الْجَنِيبَ بِالْجَمْعِ صَاعاً بِصَاعٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً »(40).


1831 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ(41) بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا ؟». فَقَالَ : لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا، بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً »(42).


1832 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ زَيْداً أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ عَنِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ ؟ قَالَ : الْبَيْضَاءُ. فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ سَعْدٌ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يُسْأَلُ عَنِ اشْتِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ ؟». فَقَالُوا : نَعَمْ. فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ(43).

13 - باب مَا جَاءَ فِي الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ


1833 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً(44).


1834 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أبِي أَحْمَدَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ، وَالْمُحَاقَلَةُ كِرَاءُ الأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ(45).


1835 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمُحَاقَلَةُ اشْتِرَاءُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ، وَاسْتِكْرَاءُ الأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ.


1836 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ اسْتِكْرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ(47).


1837 - قَالَ مَالِكٌ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَتَفْسِيرُ الْمُزَابَنَةِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْجِزَافِ، الَّذِي لاَ يُعْلَمُ كَيْلُهُ، وَلاَ وَزْنُهُ، وَلاَ عَدَدُهُ، ابْتِيعَ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِنَ الْكَيْلِ، أَوِ الْوَزْنِ، أَوِ الْعَدَدِ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ، يَكُونُ لَهُ الطَّعَامُ الْمُصَبَّرُ، الَّذِي لاَ يُعْلَمُ كَيْلُهُ، مِنَ الْحِنْطَةِ, أَوِ التَّمْرِ, أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَطْعِمَةِ، أَوْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ السِّلْعَةُ مِنَ الْحِنْطَةِ، أَوِ النَّوَى، أَوِ الْقَضْبِ، أَوِ الْعُصْفُرِ، أَوِ الْكُرْسُفِ، أَوِ الْكَتَّانِ، أَوِ الْقَزِّ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ السِّلَعِ، لاَ يُعْلَمُ كَيْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ وَزْنُهُ، وَلاَ عَدَدُهُ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ لِرَبِّ تِلْكَ السِّلْعَةِ : كِلْ سِلْعَتَكَ هَذِهِ، أَوْ مُرْ مَنْ يَكِيلُهَا، أَوْ زِنْ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوزَنُ، أَوْ عُدَّ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يُعَدُّ، فَمَا نَقَصَ عَنْ كَيْلِ كَذَا وَكَذَا صَاعاً - لِتَسْمِيَةٍ يُسَمِّيهَا - أَوْ وَزْنِ كَذَا وَكَذَا رِطْلاً، أَوْ عَدَدِ كَذَا وَكَذَا، فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ لَكَ، حَتَّى أُوفِيَكَ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ، فَمَا زَادَ عَلَى تِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ لِي، أَضْمَنُ مَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي مَا زَادَ. فَلَيْسَ ذَلِكَ بَيْعاً، وَلَكِنَّهُ الْمُخَاطَرَةُ وَالْغَرَرُ، وَالْقِمَارُ يَدْخُلُ هَذَا، لأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ شَيْئاً بِشَيْءٍ أَخْرَجَهُ، وَلَكِنَّهُ ضَمِنَ لَهُ مَا سُمِّىَ مِنْ ذَلِكَ الْكَيْلِ، أَوِ الْوَزْنِ، أَوِ الْعَدَدِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَقَصَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ، أَخَذَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ مَا نَقَصَ، بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلاَ هِبَةٍ، طَيِّبَةٍ بِهَا نَفْسُهُ، فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِمَارَ، وَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا مِنَ الأَشْيَاءِ فَذَلِكَ يَدْخُلُهُ(48).


1838 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضاً : أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الثَّوْبُ : أَضْمَنُ لَكَ مِنْ ثَوْبِكَ هَذَا كَذَا وَكَذَا ظِهَارَةَ قَلَنْسُوَةٍ، قَدْرُ كُلِّ ظِهَارَةٍ كَذَا وَكَذَا - لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ - فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ، حَتَّى أُوفِيَكَهُ، وَمَا زَادَ فَلِي. أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : أَضْمَنُ لَكَ مِنْ ثِيَابِكَ هَذِهِ كَذَا وَكَذَا قَمِيصاً، ذَرْعُ كُلِّ قَمِيصٍ كَذَا وَكَذَا، فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِي. أَوْ أَنْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْجُلُودُ مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ أَوِ الإِبِلِ : أُقَطِّعُ جُلُودَكَ هَذِهِ نِعَالاً، عَلَى إِمَامٍ يُرِيهِ إِيَّاهُ. فَمَا نَقَصَ مِنْ مِئَةِ زَوْجٍ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ، وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي بِمَا ضَمِنْتُ لَكَ.

وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ عِنْدَهُ حَبُّ الْبَانِ : اعْصُرْ حَبَّكَ هَذَا، فَمَا نَقَصَ مِنْ كَذَا وَكَذَا رِطْلاً فَعَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكَهُ، وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي. فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الأَشْيَاءِ، أَوْ ضَارَعَهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ، الَّتِي لاَ تَصْلُحُ وَلاَ تَجُوزُ.

وَكَذَلِكَ أَيْضاً إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْخَبَطُ، أَوِ النَّوَى، أَوِ الْكُرْسُفُ، أَوِ الْكَتَّانُ، أَوِ الْقَضْبُ، أَوِ الْعُصْفُرُ : أَبْتَاعُ مِنْكَ هَذَا الْخَبَطَ بِكَذَا وَكَذَا صَاعاً مِنْ خَبَطٍ يُخْبَطُ مِثْلَ خَبَطِهِ، أَوْ هَذَا النَّوَى بِكَذَا وَكَذَا صَاعاً، مِنْ نَوًى مِثْلِهِ، وَفِي الْعُصْفُرِ، وَالْكُرْسُفِ، وَالْكَتَّانِ، وَالْقَضْبِ مِثْلَ ذَلِكَ. فَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ(49).

14 - باب جَامِعِ بَيْعِ الثَّمَرِ


1839 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى ثَمَراً مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ، أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى، أَوْ لَبَناً مِنْ غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ يُؤْخَذُ عَاجِلاً، يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ، يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ، وَيُعْطِيهِ ذَهَبَهُ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ مِنْهَا، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ, فَإِنِ انْشَقَّتِ الرَّاوِيَةُ، فَذَهَبَ زَيْتُهَا، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إِلاَّ ذَهَبُهُ، وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ.


1840 - قَالَ مَالِكٌ : وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِراً يُشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ، مِثْلُ اللَّبَنِ إِذَا حُلِبَ، وَالرُّطَبِ يُسْتَجْنَى، فَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ يَوْماً بِيَوْمٍ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ فَنِىَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِي الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى، رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ، بِحِسَابِ مَا بَقِىَ لَهُ، أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً بِمَا بَقِيَ لَهُ، يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا، وَلاَ يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا، فَإِنْ فَارَقَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، لأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلاَ يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ، وَلاَ نَظِرَةٌ، وَلاَ يَصْلُحُ إِلاَّ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ، وَلاَ يُسَمَّى ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ، وَلاَ فِي غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا(50).


1841 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الْحَائِطَ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ النَّخْلِ، مِثْل الْعَجْوَةِ، وَالْكَبِيسِ، وَالْعَذْقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ، فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا ثَمَرَ النَّخْلَةِ، أَوِ النَّخَلاَتِ يَخْتَارُهَا مِنْ نَخْلِهِ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ تَرَكَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ مِنَ الْعَجْوَةِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَأَخَذَ مَكَانَهَا ثَمَرَ نَخْلَةٍ مِنَ الْكَبِيسِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا عَشَرَةُ أَصْوُعٍ، فَإِنْ أَخَذَ الْعَجْوَةَ الَّتِي فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَتَرَكَ الَّتِي فِيهَا عَشْرَةُ أَصْوُعٍ مِنَ الْكَبِيسِ، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْعَجْوَةَ بِالْكَبِيسِ مُتَفَاضِلاً، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْهِ صُبَرٌ مِنَ التَّمْرِ، قَدْ صَبَّرَ الْعَجْوَةَ فَجَعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْكَبِيسِ عَشْرَةَ آصُعٍ، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْعَذْقِ اثْنَىْ عَشَرَ صَاعاً، فَأَعْطَى صَاحِبَ التَّمْرِ دِينَاراً, عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ فَيَأْخُذُ أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ شَاءَ(51).

قَالَ مَالِكٌ : فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.


1842 - قَالَ : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ، فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ، مَاذَا لَهُ إِذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ ؟ قَالَ مَالِكٌ : يُحَاسِبُ صَاحِبَ الْحَائِطِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ، إِنْ كَانَ أَخَذَ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ رُطَباً، أَخَذَ ثُلُثَ الدِّينَارِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارِهِ رُطَباً، أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ بَيْنَهُمَا، فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْراً أَوْ سِلْعَةً، سِوَى التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ تَمْراً أَوْ سِلْعَةً، أُخْرَى، فَلاَ يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِنْهُ.


1843 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَاحِلَتَهُ بِعَيْنِهَا، أَوْ يُؤَاجِرَ غُلاَمَهُ الْخَيَّاطَ، أَوِ النَّجَّارَ، أَوِ الْعُمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَعْمَالِ، أَوْ يُكْرِىَ مَسْكَنَهُ، وَيَسْتَلِفَ إِجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلاَمِ، أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ، أَوْ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ، ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ، أَوِ الْعَبْدِ، أَوِ الْمَسْكَنِ إِلَى الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ، أَوِ إِجَارَةِ الْعَبْدِ، أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ، يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ، إِنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ, رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ.


1844 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، يُسَلَّفُ فِيهِ بِعَيْنِهِ، إِلاَّ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ، مَا سَلَّفَ فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ، أَوِ الرَّاحِلَةَ، أَوِ الْمَسْكَنَ، أَوْ يَبْدَأُ فِيمَا اشْتَرَى مِنَ الرُّطَبِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ، لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ، وَلاَ أَجَلٌ.


1845 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أُسَلِّفُكَ فِي رَاحِلَتِكَ فُلاَنَةَ، أَرْكَبُهَا فِي الْحَجِّ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَجَلٌ مِنَ الزَّمَانِ، أَوْ يَقُولَ : مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ، أَوِ الْمَسْكَنِ، فَإِنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ، كَانَ إِنَّمَا يُسَلِّفُهُ ذَهَباً، عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ تِلْكَ الرَّاحِلَةَ صَحِيحَةً لِذَلِكَ الأَجَلِ، الَّذِي سَمَّى لَهُ، فَهِيَ لَهُ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ، وَإِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ، مِنْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِ، رَدَّ عَلَيْهِ ذَهَبَهُ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ عِنْدَهُ(52).


1846 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْقَبْضُ، مَنْ قَبَضَ مَا اسْتَأْجَرَ، أَوِ اسْتَكْرَى، فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ، الَّذِي يُكْرَهُ، وَأَخَذَ أَمْراً مَعْلُوماً، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ، فَيَقْبِضَهُمَا وَيَنْقُدَ أَثْمَانَهُمَا، فَإِنْ حَدَثَ بِهِمَا حَدَثٌ مِنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ، أَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ, وَبِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ(53).


1847 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْداً بِعَيْنِهِ، أَوْ تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا، إِلَى أَجَلٍ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ، أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الأَجَلِ، فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لاَ يَصْلُحُ، لاَ هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى، أَوِ اسْتَأْجَرَ، وَلاَ هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِناً عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.

15 - باب بَيْعِ الْفَاكِهَةِ


1848 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ شَيْئاً مِنَ الْفَاكِهَةِ مِنْ رَطْبِهَا، أَوْ يَابِسِهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، إِلاَّ يَداً بِيَدٍ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يَيْبَسُ, فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً تُدَّخَرُ وَتُؤْكَلُ، فَلاَ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، إِلاَّ يَداً بِيَدٍ، وَمِثْلاً بِمِثْلٍ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ، يَداً بِيَدٍ, وَلاَ يَصْلُحُ إِلَى أَجَلٍ، وَمَا كَانَ مِنْهُمَا مِمَّا لاَ يَيْبَسُ وَلاَ يُدَّخَرُ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ رَطْباً، كَهَيْئَةِ الْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالْخِرْبِزِ، وَالْجَزَرِ، وَالأُتْرُجِّ، وَالْمَوْزِ، وَالرُّمَّانِ، وَمَا كَانَ مِثْلَهُ، وَإِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يُدَّخَرُ، وَيَكُونُ فَاكِهَةً قَالَ : فَأَرَاهُ حَقِيقاً أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، اثْنَانِ بِوَاحِدٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الأَجَلِ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ(54).

16 - باب بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ تِبْراً وَعَيْناً


1849 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) السَّعْدَيْنِ أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنَ الْمَغَانِمِ، مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَبَاعَا كُلَّ ثَلاَثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ عَيْناً، أَوْ كُلَّ أَرْبَعَةٍ بِثَلاَثَةٍ عَيْناً، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا »(55).


1850 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أبِي تَمِيمٍ، عَنْ أبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا »(56).


1851 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئاً غَائِباً بِنَاجِزٍ »(57).


1852 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ المَكِّيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَجَاءَهُ صَائِغٌ فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنِّي أَصُوغُ الذَّهَبَ، ثُمَّ أَبِيعُ الشَّيْءَ مِنْ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ، فَأَسْتَفْضِلُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ عَمَلِ يَدِي. فَنَهَاهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ، فَجَعَلَ الصَّائِغُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَنْهَاهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، أَوْ إِلَى دَابَّةٍ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَهَا، ثُمَّ قَالَ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا، هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إِلَيْنَا، وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ(58).


1853 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ جَدِّهِ مَالِكِ بْنِ أبِي عَامِرٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « لاَ تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ, وَلاَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ »(59).


1854 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أبِي سُفْيَانَ بَاعَ سِقَايَةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَرِقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا : إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا أَرَى بِمِثْلِ هَذَا بَأْساً. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَا أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، وَيُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ، لاَ أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا، ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ, فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ, فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ لاَ تَبِيعَ ذَلِكَ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَزْناً بِوَزْنٍ(60).


1855 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالذَّهَبِ، أَحَدُهُمَا غَائِبٌ، وَالآخَرُ نَاجِزٌ، وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلاَ تُنْظِرْهُ، إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ. وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا(61).


1856 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ : إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا شَيْئاً مِنْهَا، غَائِباً بِنَاجِزٍ. وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلاَ تُنْظِرْهُ، إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ. وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا(62).


1857 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، وَالصَّاعُ بِالصَّاعِ، وَلاَ يُبَاعُ كَالِئٌ بِنَاجِزٍ(63).


1858 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : لاَ رِباً إِلاَّ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، بِمَا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ.


1859 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : قَطْعُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ.


1860 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ، وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ جِزَافاً، إِذَا كَانَ تِبْراً أَوْ حَلْياً قَدْ صِيغَ، فَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الْمَعْدُودَةُ، وَالدَّنَانِيرُ الْمَعْدُودَةُ، فَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ جِزَافاً، حَتَّى يُعْلَمَ وَيُعَدَّ، فَإِنِ اشْتُرِيَ ذَلِكَ جِزَافاً، فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ حِينَ يُتْرَكُ عَدُّهُ، وَيُشْتَرَى جِزَافاً، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا مَا كَانَ يُوزَنُ مِنَ التِّبْرِ وَالْحَلْىِ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ ذَلِكَ جِزَافاً, وَإِنَّمَا ابْتِيَاعُ ذَلِكَ جِزَافاً، كَهَيْئَةِ الْحِنْطَةِ، وَالتَّمْرِ، وَنَحْوِهِمَا مِنَ الأَطْعِمَةِ الَّتِى تُبَاعُ جِزَافاً، وَمِثْلُهَا يُكَالُ، فَلَيْسَ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ جِزَافاً بَأْسٌ(64).


1861 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى مُصْحَفاً، أَوْ سَيْفاً، أَوْ خَاتَماً، وَفِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ذَهَبٌ، أَوْ فِضَّةٌ، بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، فَإِنَّ مَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ، وَفِيهِ الذَّهَبُ, بِدَنَانِيرَ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ، وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ الثُّلُثَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ، وَلاَ يَكُونُ فِيهِ تَأْخِيرٌ، وَمَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَرِقِ، مِمَّا فِيهِ الْوَرِقُ، نُظِرَ إِلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ، وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَرِقِ الثُّلُثَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَنَا.

17 - باب مَا جَاءَ فِي الصَّرْفِ


1862 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفاً بِمِئَةِ دِينَارٍ قَالَ : فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي، وَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ : حَتَّى يَأْتِيَنِى خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ. وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ، فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ لاَ تُفَارِقْهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنَهُ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : « الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِباً، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِباً، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِباً، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِباً، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ »(65).


1863 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا اصْطَرَفَ الرَّجُلُ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا دِرْهَماً زَائِفاً، فَأَرَادَ رَدَّهُ، انْتَقَضَ صَرْفُ الدِّينَارِ، وَرَدَّ إِلَيْهِ وَرِقَهُ، وَأَخَذَ إِلَيْهِ دِينَارَهُ. وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِباً : إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ ». وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلاَ تُنْظِرْهُ، وَهُوَ إِذَا رَدَّ عَلَيْهِ دِرْهَماً مِنْ صَرْفٍ، بَعْدَ أَنْ يُفَارِقَهُ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ، أَوِ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْخِرِ، فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ وَانْتَقَضَ الصَّرْفُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ لاَ يُبَاعَ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ وَالطَّعَامُ، كُلُّهُ عَاجِلاً بِآجِلٍ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلاَ نَظِرَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، أَوْ كَانَ مُخْتَلِفَةً أَصْنَافُهُ(66).

18 - باب الْمُرَاطَلَةِ


1864 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُرَاطِلُ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، فَيُفْرِغُ ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَيُفْرِغُ صَاحِبُهُ الَّذِي يُرَاطِلُهُ ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ الأُخْرَى، فَإِذَا اعْتَدَلَ لِسَانُ الْمِيزَانِ أَخَذَ وَأَعْطَى.


1865 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ مُرَاطَلَةً، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ عَشَرَ دِينَاراً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، يَداً بِيَدٍ إِذَا كَانَ وَزْنُ الذَّهَبَيْنِ سَوَاءً، عَيْناً بِعَيْنٍ، وَإِنْ تَفَاضَلَ الْعَدَدُ وَالدَّرَاهِمُ أَيْضاً فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ(67).


1866 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ رَاطَلَ ذَهَباً بِذَهَبٍ، أَوْ وَرِقاً بِوَرِقٍ، فَكَانَ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ فَضْلُ مِثْقَالٍ، فَأَعْطَى صَاحِبَهُ قِيمَتَهُ مِنَ الْوَرِقِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، فَلاَ يَأْخُذُهُ, فَإِنَّ ذَلِكَ قَبِيحٌ وَذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا، لأَنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى حِدَتِهِ جَازَ لَهُ، أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ مِرَاراً، لأَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ الْبَيْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ(68).

قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ الْمِثْقَالَ مُفْرَداً، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، لَمْ يَأْخُذْهُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ، لأَنْ يُجَوِّزَ لَهُ الْبَيْعَ، فَذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ الْحَرَامِ وَالأَمْرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ.


1867 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُرَاطِلُ الرَّجُلَ وَيُعْطِيهِ الذَّهَبَ الْعُتُقَ الْجِيَادَ, وَيَجْعَلُ مَعَهَا تِبْراً ذَهَباً غَيْرَ جَيِّدَةٍ، وَيَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَهَباً كُوفِيَّةً مُقَطَّعَةً، وَتِلْكَ الْكُوفِيَّةُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ، فَيَتَبَايَعَانِ ذَلِكَ مِثْلاً بِمِثْلٍ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ(69).

قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ صَاحِبَ الذَّهَبِ الْجِيَادِ، أَخَذَ فَضْلَ عُيُونِ ذَهَبِهِ فِي التِّبْرِ، الَّذِي طَرَحَ مَعَ ذَهَبِهِ، وَلَوْلاَ فَضْلُ ذَهَبِهِ عَلَى ذَهَبِ صَاحِبِهِ, لَمْ يُرَاطِلْهُ صَاحِبُهُ بِتِبْرِهِ ذَلِكَ، إِلَى ذَهَبِهِ الْكُوفِيَّةِ فَامْتَنَعَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَجْوَةٍ، بِصَاعَيْنِ وَمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ كَبِيسٍ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا لاَ يَصْلُحُ. فَجَعَلَ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ، وَصَاعاً مِنْ حَشَفٍ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ بَيْعَهُ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْعَجْوَةِ، لِيُعْطِيَهُ صَاعاً مِنَ الْعَجْوَةِ بِصَاعٍ مِنْ حَشَفٍ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِفَضْلِ الْكَبِيسِ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِعْنِي ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنَ الْبَيْضَاءِ، بِصَاعَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، فَيَقُولُ: هَذَا لاَ يَصْلُحُ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ. فَيَجْعَلُ صَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، وَصَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ الْبَيْعَ فِيمَا بَيْنَهُمَا، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُعْطِيَهُ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ، صَاعاً مِنْ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ الصَّاعُ مُفْرَداً، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ لِفَضْلِ الشَّامِيَّةِ عَلَى الْبَيْضَاءِ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، وَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْنَا مِنَ التِّبْرِ(70).


1868 - قَالَ مَالِكٌ : فَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ كُلِّهِ، الَّذِي لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مَعَ الصِّنْفِ الْجَيِّدِ مِنْهُ، الْمَرْغُوبِ فِيهِ، الشَّيْءُ الرَّدِيءُ الْمَسْخُوطُ، لِيُجَازَ الْبَيْعُ، وَلِيُسْتَحَلَّ بِذَلِكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الأَمْرِ، الَّذِي لاَ يَصْلُحُ إِذَا جُعِلَ ذَلِكَ مَعَ الصِّنْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ صَاحِبُ ذَلِكَ، أَنْ يُدْرِكَ بِذَلِكَ فَضْلَ جَوْدَةِ مَا يَبِيعُ، فَيُعْطِيَ الشَّيْءَ الَّذِي لَوْ أَعْطَاهُ وَحْدَهُ، لَمْ يَقْبَلْهُ صَاحِبُهُ، وَلَمْ يَهْمُمْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ مِنْ أَجْلِ الَّذِي يَأْخُذُ مَعَهُ، لِفَضْلِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ، فَلاَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ أَنْ يَدْخُلَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الطَّعَامِ الرَّدِيءِ أَنْ يَبِيعَهُ بِغَيْرِهِ، فَلْيَبِعْهُ عَلَى حِدَتِهِ، وَلاَ يَجْعَلْ مَعَ ذَلِكَ شَيْئاً، فَلاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ.

19 - باب الْعِينَةِ وَمَا يُشْبِهُهَا


1869 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « مَنِ ابْتَاعَ طَعَاماً، فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ »(71).


1870 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « مَنِ ابْتَاعَ طَعَاماً، فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ »(72).


1871 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَبْتَاعُ الطَّعَامَ، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ، مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ، إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ، قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ(73).


1872 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ابْتَاعَ طَعَاماً، أَمَرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ، فَبَاعَ حَكِيمٌ الطَّعَامَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ : لاَ تَبِعْ طَعَاماً ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ.


1873 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ صُكُوكاً خَرَجَتْ لِلنَّاسِ فِي زَمَانِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ مِنْ طَعَامِ الْجَارِ، فَتَبَايَعَ النَّاسُ تِلْكَ الصُّكُوكَ بَيْنَهُمْ، قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا، فَدَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَقَالاَ : أَتُحِلُّ بَيْعَ الرِّبَا يَا مَرْوَانُ ؟ فَقَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ، وَمَا ذَاكَ ؟ فَقَالاَ : هَذِهِ الصُّكُوكُ تَبَايَعَهَا النَّاسُ، ثُمَّ بَاعُوهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا، فَبَعَثَ مَرْوَانُ الْحَرَسَ، يَتْبَعُونَهَا يَنْزِعُونَهَا مِنْ أَيْدِي النَّاسِ، وَيَرُدُّونَهَا إِلَى أَهْلِهَا(74).


1874 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ طَعَاماً مِنْ رَجُلٍ إِلَى أَجَلٍ، فَذَهَبَ بِهِ الرَّجُلُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَهُ الطَّعَامَ إِلَى السُّوقِ، فَجَعَلَ يُرِيهِ الصُّبَرَ وَيَقُولُ لَهُ : مِنْ أَيِّهَا تُحِبُّ أَنْ أَبْتَاعَ لَكَ ؟ فَقَالَ الْمُبْتَاعُ : أَتَبِيعُنِي مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ؟ فَأَتَيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : لِلْمُبْتَاعِ لاَ تَبْتَعْ مِنْهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهَ. وَقَالَ لِلْبَائِعِ : لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ(75).


1875 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيلَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : إنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ مِنَ الأَرْزَاقِ الَّتِي تُعْطَى النَّاسُ بِالْجَارِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أُرِيدُ أَنْ أَبِيعَ الطَّعَامَ الْمَضْمُونَ عَلَيَّ إِلَى أَجَلٍ. فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ : أَتُرِيدُ أَنْ تُوَفِّيَهُمْ مِنْ تِلْكَ الأَرْزَاقِ الَّتِي ابْتَعْتَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ. فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ(76).


1876 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ، أَنَّهُ مَنِ اشْتَرَى طَعَاماً بُرًّا، أَوْ شَعِيراً, أَو سُلْتاً, أَو ذُرَةً, أَو دُخْناً، أَوْ شَيْئاً مِنَ الْحُبُوبِ الْقِطْنِيَّةِ, أَوْ شَيْئاً مِمَّا يُشْبِهُ الْقِطْنِيَّةَ، مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، أَوْ شَيْئاً مِنَ الأُدْمِ كُلِّهَا، الزَّيْتِ، وَالسَّمْنِ، وَالْعَسَلِ، وَالْخَلِّ، وَالْجُبْنِ، وَالشَّبْرَقِ، وَاللَّبَنِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأُدْمِ، فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ، لاَ يَبِيعُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَقْبِضَهُ وَيَسْتَوْفِيَهُ(77).

20 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ


1877 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، يَنْهَيَانِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ تَمْراً قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ.


1878 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ الرَّجُلِ يَبِيعُ الطَّعَامَ مِنَ الرَّجُلِ بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِالذَّهَبِ تَمْراً قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ(78).


1879 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ.


1880 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا نَهَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنْ لاَ يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ بِالذَّهَبِ تَمْراً، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ مِنْ بَيْعِهِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْحِنْطَةَ، فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ، الَّتِي بَاعَ بِهَا الْحِنْطَةَ إِلَى أَجَلٍ تَمْراً مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ، الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ، وَيُحِيلَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ التَّمْرَ عَلَى غَرِيمِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ بِالذَّهَبِ، الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِ التَّمْرِ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ(79). قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَمْ، يَرَوْا بِهِ بَأْساً.

21 - باب السُّلْفَةِ فِي الطَّعَامِ


1881 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ، بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى, أَجَلٍ مُسَمًّى، مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ، أَوْ تَمْرٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ.


1882 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ سَلَّفَ فِي طَعَامٍ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَحَلَّ الأَجَلُ، فَلَمْ يَجِدِ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَفَاءً مِمَّا ابْتَاعَ مِنْهُ فَأَقَالَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إِلاَّ وَرِقَهُ، أَوْ ذَهَبَهُ، أَوِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّهُ لاَ يَشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ شَيْئاً حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ غَيْرَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ، أَوْ صَرَفَهُ فِي سِلْعَةٍ غَيْرِ الطَّعَامِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ، فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.

قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.

قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ لِلْبَائِعِ : أَقِلْنِي وَأُنْظِرُكَ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ. فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَلَّ الطَّعَامُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، أَخَّرَ عَنْهُ حَقَّهُ، عَلَى أَنْ يُقِيلَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ بَيْعَ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.

قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ حَلَّ الأَجَلُ، وَكَرِهَ الطَّعَامَ، أَخَذَ بِهِ دِينَاراً إِلَى أَجَلٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالإِقَالَةِ، وَإِنَّمَا الإِقَالَةُ مَا لَمْ يَزْدَدْ فِيهِ الْبَائِعُ وَلاَ الْمُشْتَرِى، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ بِنَسِيئَةٍ إِلَى أَجَلٍ، أَوْ بِشَىْءٍ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالإِقَالَةِ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ الإِقَالَةُ إِذَا فَعَلاَ ذَلِكَ بَيْعاً، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ، أَوْ نَظِرَةٌ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ، أَوْ نَظِرَةٌ، صَارَ بَيْعاً يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ(80).


1883 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مَحْمُولَةً بَعْدَ مَحِلِّ الأَجَلِ. قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ مَنْ سَلَّفَ فِي صِنْفٍ مِنَ الأَصْنَافِ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ خَيْراً مِمَّا سَلَّفَ فِيهِ، أَوْ أَدْنَى بَعْدَ مَحِلِّ الأَجَلِ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي حِنْطَةٍ مَحْمُولَةٍ, فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ شَعِيراً، أَوْ شَامِيَّةً، وَإِنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ عَجْوَةٍ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ صَيْحَانِيًّا، أَوْ جَمْعاً، وَإِنْ سَلَّفَ فِي زَبِيبٍ أَحْمَرَ, فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْوَدَ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ مَحِلِّ الأَجَلِ، إِذَا كَانَتْ مَكِيلَةُ ذَلِكَ سَوَاءً، بِمِثْلِ كَيْلِ مَا سَلَّفَ فِيهِ(81).

22 - باب بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمَا


1884 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ: فَنِىَ عَلَفُ حِمَارِ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِكَ، فَابْتَعْ بِهَا شَعِيراً، وَلاَ تَأْخُذْ إِلاَّ مِثْلَهُ.


1885 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَنِىَ عَلَفُ دَابَّتِهِ، فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِكَ طَعَاماً، فَابْتَعْ بِهَا شَعِيراً، وَلاَ تَأْخُذْ إِلاَّ مِثْلَهُ.


1886 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مُعَيْقِيبٍ الدَّوْسِىِّ مِثْلُ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.


1887 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنْ لاَ تُبَاعَ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَلاَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَلاَ الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ، وَلاَ التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ، وَلاَ الْحِنْطَةُ بِالزَّبِيبِ، وَلاَ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ كُلِّهِ إِلاَّ يَداً بِيَدٍ، فَإِنْ دَخَلَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ الأَجَلُ لَمْ يَصْلُحْ، وَكَانَ حَرَاماً، وَلاَ شَيْءَ مِنَ الأُدْمِ كُلِّهَا إِلاَّ يَداً بِيَدٍ.


1888 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالأُدْمِ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، اثْنَانِ بِوَاحِدٍ، فَلاَ يُبَاعُ مُدُّ حِنْطَةٍ بِمُدَّيْ حِنْطَةٍ، وَلاَ مُدُّ تَمْرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ، وَلاَ مُدُّ زَبِيبٍ بِمُدَّيْ زَبِيبٍ، وَلاَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالأُدْمِ كُلِّهَا، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ يَداً بِيَدٍ، إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ, لاَ يَحِلُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْفَضْلُ، وَلاَ يَحِلُّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَداً بِيَدٍ.


1889 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا اخْتَلَفَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ، فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَداً بِيَدٍ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ، وَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ زَبِيبٍ، وَصَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ سَمْنٍ، فَإِذَا كَانَ الصِّنْفَانِ مِنْ هَذَا مُخْتَلِفَيْنِ، فَلاَ بَأْسَ بِاثْنَيْنِ مِنْهُ بِوَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأَجَلُ فَلاَ يَحِلُّ.


1890 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ تَحِلُّ صُبْرَةُ الْحِنْطَةِ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ، وَلاَ بَأْسَ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ بِصُبْرَةِ التَّمْرِ يَداً بِيَدٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَي الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ جِزَافاً.


1891 - قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الطَّعَامِ وَالأُدْمِ، فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَي بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جِزَافاً، يَداً بِيَدٍ، فَإِنْ دَخَلَهُ الأَجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اشْتِرَاءُ ذَلِكَ جِزَافاً, كَاشْتِرَاءِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ جِزَافاً. وَذَلِكَ أَنَّكَ تَشْتَرِي الْحِنْطَةَ بِالْوَرِقِ جِزَافاً، وَالتَّمْرَ بِالذَّهَبِ جِزَافاً، فَهَذَا حَلاَلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.


1892 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ صَبَّرَ صُبْرَةَ طَعَامٍ، وَقَدْ عَلِمَ كَيْلَهَا، ثُمَّ بَاعَهَا جِزَافاً، وَكَتَمَ الْمُشْتَرِي كَيْلَهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، فَإِنْ أَحَبَّ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ عَلَى الْبَائِعِ، رَدَّهُ بِمَا كَتَمَهُ كَيْلَهُ وَغَرَّهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَلِمَ الْبَائِعُ كَيْلَهُ وَعَدَدَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ جِزَافاً، وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ رَدَّهُ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.


1893 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ خَيْرَ فِي الْخُبْزِ قُرْصٍ بِقُرْصَيْنِ، وَلاَ عَظِيمٍ بِصَغِيرٍ، إِذَا كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ أَكْبَرَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ يَتَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ.


1894 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَصْلُحُ مُدُّ زُبْدٍ وَمُدُّ لَبَنٍ بِمُدَّيْ زُبْدٍ، وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي وَصَفْنَا مِنَ التَّمْرِ، الَّذِي يُبَاعُ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ، وَصَاعاً مِنْ حَشَفٍ بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ عَجْوَةٍ، حِينَ قَالَ لِصَاحِبِهِ : إِنَّ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنَ الْعَجْوَةِ لاَ يَصْلُحُ. فَفَعَلَ ذَلِكَ لِيُجِيزَ بَيْعَهُ، وَإِنَّمَا جَعَلَ صَاحِبُ اللَّبَنِ اللَّبَنَ مَعَ زُبْدِهِ، لِيَأْخُذَ فَضْلَ زُبْدِهِ عَلَى زُبْدِ صَاحِبِهِ، حِينَ أَدْخَلَ مَعَهُ اللَّبَنَ.


1895 - قَالَ مَالِكٌ : وَالدَّقِيقُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، لاَ بَأْسَ بِهِ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَخْلَصَ الدَّقِيقَ، فَبَاعَهُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَوْ جَعَلَ نِصْفَ الْمُدِّ مِنْ دَقِيقٍ، وَنِصْفَهُ مِنْ حِنْطَةٍ، فَبَاعَ ذَلِكَ بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ، كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي وَصَفْنَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فَضْلَ حِنْطَتِهِ الْجَيِّدَةِ، حِينَ جَعَلَ مَعَهَا الدَّقِيقَ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.

23 - باب جَامِعِ بَيْعِ الطَّعَامِ


1896 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي مَرْيَمَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ : إنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ الطَّعَامَ يَكُونُ مِنَ الصُّكُوكِ بِالْجَارِ, فَرُبَّمَا ابْتَعْتُ مِنْهُ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ، فَأُعْطَي بِالنِّصْفِ طَعَاماً ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ، وَلَكِنْ أَعْطِ أَنْتَ دِرْهَماً، وَخُذْ بَقِيَّتَهُ طَعَاماً(82).


1897 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَقُولُ : لاَ تَبِيعُوا الْحَبَّ فِي سُنْبُلِهِ حَتَّى يَبْيَضَّ.


1898 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى طَعَاماً بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَلَمَّا حَلَّ الأَجَلُ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِصَاحِبِهِ : لَيْسَ عِنْدِي طَعَامٌ، فَبِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ إِلَى أَجَلٍ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الطَّعَامِ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى، فَيَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : فَبِعْنِي طَعَاماً إِلَى أَجَلٍ حَتَّى أَقْضِيَكَهُ. فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ طَعَاماً، ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ، فَيَصِيرُ الذَّهَبُ الَّذِي أَعْطَاهُ ثَمَنَ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ الطَّعَامُ الَّذِي أَعْطَاهُ مُحَلَّلاً فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَعَلاَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.


1899 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ مِنْهُ، وَلِغَرِيمِهِ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ مِثْلُ ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : أُحِيلُكَ عَلَى غَرِيمٍ لِي, عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّعَامِ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ، بِطَعَامِكَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ، إِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُحِيلَ غَرِيمَهُ بِطَعَامٍ ابْتَاعَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ سَلَفاً حَالاًّ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُحِيلَ بِهِ غَرِيمَهُ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ، وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، لِنَهْي رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ، فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.

قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ أَنْزَلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَلَمْ يُنْزِلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُسَلِّفُ الدَّرَاهِمَ النُّقَّصَ، فَيُقْضَى دَرَاهِمَ وَازِنَةً فِيهَا فَضْلٌ، فَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ، وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ دَرَاهِمَ نُقَّصاً بِوَازِنَةٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ، وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَفَهُ وَازِنَةً، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ نُقَّصاً لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ.


1900 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ, وَأَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ، وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْمُزَابَنَةِ بَيْعٌ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ وَالتِّجَارَةِ، وَأَنَّ بَيْعَ الْعَرَايَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، لاَ مُكَايَسَةَ فِيهِ.


1901 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ طَعَاماً بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ بِكسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ، عَلَى أَنْ يُعْطَى بِذَلِكَ طَعَاماً إِلَى أَجَلٍ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ طَعَاماً بِكِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يُعْطي دِرْهَماً، وَيَأْخُذُ بِمَا بَقِىَ لَهُ مِنْ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ، لأَنَّهُ أَعْطَى الْكِسْرَ الَّذِي عَلَيْهِ فِضَّةً، وَأَخَذَ بِبَقِيَّةِ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ.


1902 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ دِرْهَماً، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ بِكِسْرٍ مَعْلُومٍ سِلْعَةً مَعْلُومَةً، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سِعْرٌ مَعْلُومٌ، وَقَالَ الرَّجُلُ : آخُذُ مِنْكَ بِسِعْرِ كُلِّ يَوْمٍ، فَهَذَا لاَ يَحِلُّ، لأَنَّهُ غَرَرٌ، يَقِلُّ مَرَّةً وَيَكْثُرُ مَرَّةً، وَلَمْ يَفْتَرِقَا عَلَى بَيْعٍ مَعْلُومٍ.


1903 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ طَعَاماً جِزَافاً، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئاً، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئاً، إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنَهُ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ صَارَ ذَلِكَ إِلَى الْمُزَابَنَةِ، وَإِلَى مَا يُكْرَهُ، فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئاً، إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ إِلاَّ الثُّلُثَ، فَمَا دُونَهُ، وَهَذَا الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.

24 - باب الْحُكَرَةِ وَالتَّرَبُّصِ


1904 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا، لاَ يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ، إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا، فَيَحْتَازُونَهُ عَلَيْنَا، فَيَحْتَكِرُونَهُ، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ عَلَى عَمُودِ كَبِدِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ، فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ(83).


1905 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ، وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيباً لَهُ بِالسُّوقِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إِمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا.


1906 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْحُكْرَةِ.

25 - باب مَا يَجُوزُ مَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَالسَّلْفِ فِيهِ


1907 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ بَاعَ جَمَلاً لَهُ يُدْعَى عُصَيْفِيراً بِعِشْرِينَ بَعِيراً إِلَى أَجَلٍ.


1908 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ(84).


1909 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ : أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ بَيْعٍ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.


1910 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ يَداً بِيَدٍ، وَلاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ، الْجَمَلُ بِالْجَمَلِ يَداً بِيَدٍ، وَالدَّرَاهِمُ إِلَى أَجَلٍ. قَالَ : وَلاَ خَيْرَ فِي الْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ، الدَّرَاهِمُ نَقْداً، وَالْجَمَلُ إِلَى أَجَلٍ، وَإِنْ أَخَّرْتَ الْجَمَلَ وَالدَّرَاهِمَ لاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ أَيْضاً.


1911 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الْبَعِيرَ النَّجِيبَ بِالْبَعِيرَيْنِ, أَوْ بِالأَبْعِرَةِ مِنَ الْحَمُولَةِ مِنْ مَاشِيَةِ الإِبِلِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَعَمٍ وَاحِدَةٍ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، إِذَا اخْتَلَفَتْ فَبَانَ اخْتِلاَفُهَا، وَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَاخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ، فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.


1912 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُؤْخَذَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ، فِي نَجَابَةٍ وَلاَ رِحْلَةٍ، فَإِذَا كَانَ هَذَا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ، مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ(85).


1913 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ سَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَوَصَفَهُ وَحَلاَّهُ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ لاَزِمٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ عَلَى مَا وَصَفَا وَحَلَّيَا، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ الْجَائِزِ بَيْنَهُمْ، وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.

26 - باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ


1914 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ. وَكَانَ بَيْعاً يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا(86).


1915 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ : لاَ رِباً فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلاَثَةٍ : عَنِ الْمَضَامِينِ، وَالْمَلاَقِيحِ، وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ. فَالْمَضَامِينُ : بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الإِبِلِ, وَالْمَلاَقِيحُ : بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ(87).


1916 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِىَ أَحَدٌ شَيْئاً مِنَ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ إِذَا كَانَ غَائِباً عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ، عَلَى أَنْ يَنْقُدَ ثَمَنَهُ لاَ قَرِيباً وَلاَ بَعِيداً.


1917 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ، لأَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ وَلاَ يُدْرَي هَلْ تُوجَدُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَلَى مَا رَآهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لاَ، فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ مَضْمُوناً مَوْصُوفاً.

27 - باب بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ


1918 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ(88).


1919 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ : أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ، بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ.


1920 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَرَأَيْتَ رَجُلاً اشْتَرَى شَارِفاً بِعَشَرَةِ شِيَاهٍ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِيَنْحَرَهَا فَلاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ(89).

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ النَّاسِ يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : وَكَانَ ذَلِكَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَهِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.

28 - باب بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ


1921 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي لَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ, وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ، أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَزْناً بِوَزْنٍ، يَداً بِيَدٍ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ، إِذَا تَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَداً بِيَدٍ.


1922 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِلَحْمِ الْحِيتَانِ بِلَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ كُلِّهَا، اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأَجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ.


1923 - قَالَ مَالِكٌ : وَأَرَى لُحُومَ الطَّيْرِ كُلَّهَا مُخَالِفَةً لِلُحُومِ الأَنْعَامِ وَالْحِيتَانِ, فَلاَ أَرَى بَأْساً بِأَنْ يُشْتَرَى بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً يَداً بِيَدٍ، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَجَلٍ.

29 - باب مَا جَاءَ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ


1924 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَاري : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِىِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.

يَعْنِى بِمَهْرِ الْبَغِيِّ مَا تُعْطَاهُ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ رَشْوَتُهُ، وَمَا يُعْطَى عَلَى أَنْ يَتَكَهَّنَ(90).


1925 - قَالَ مَالِكٌ : أَكْرَهُ ثَمَنَ الْكَلْبِ الضَّارِي وَغَيْرِ الضَّارِي، لِنَهْىِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.

30 - باب السَّلَفِ وَبَيْعِ الْعُرُوضِ بَعْضِهِا بِبَعْضٍ


1926 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ(91).


1927 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : آخُذُ سِلْعَتَكَ بِكَذَا وَكَذَا، عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى هَذَا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَإِنْ تَرَكَ الَّذِي اشْتَرَطَ السَّلَفَ مَا اشْتَرَطَ مِنْهُ، كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ جَائِزاً.


1928 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى الثَّوْبُ مِنَ الْكَتَّانِ، أَوِ الشَّطَوِيِّ، أَوِ الْقَصَبِيِّ، بِالأَثْوَابِ مِنَ الإِتْرِيبِيِّ، أَوِ الْقَسِّيِّ، أَوِ الزِّيقَةِ، أَوِ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ، أَوِ الْمَرْوِيِّ، بِالْمَلاَحِفِ الْيَمَانِيَّةِ، وَالشَّقَائِقِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، الْوَاحِدُ بِالاِثْنَيْنِ، أَوِ الثَّلاَثَةِ يَداً بِيَدٍ، أَوْ إِلَى أَجَلٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ نَسِيئَةٌ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ(92).

قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَصْلُحُ حَتَّى يَخْتَلِفَ فَيَبِينَ اخْتِلاَفُهُ، فَإِذَا أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضاً، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْهَرَوِيِّ، بِالثَّوْبِ مِنَ الْمَرْوِيِّ، أَوِ الْقُوهِىِّ إِلَى أَجَلٍ، أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْفُرْقُبِيِّ، بِالثَّوْبِ مِنَ الشَّطَوِيِّ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الأَصْنَافِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ(93).


1929 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ، إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ.

31 - باب السُّلْفَةِ فِي الْعُرُوضِ


1930 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ : عَنْ رَجُلٍ سَلَّفَ فِي سَبَائِبَ، فَأَرَادَ بَيْعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تِلْكَ الْوَرِقُ بِالْوَرِقِ. وَكَرِهَ ذَلِكَ(94).


1931 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ، بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.


1932 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِيمَنْ سَلَّفَ فِي رَقِيقٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ عُرُوضٍ، فَإِذَا كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَوْصُوفاً، فَسَلَّفَ فِيهِ إِلَى أَجَلٍ، فَحَلَّ الأَجَلُ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لاَ يَبِيعُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ مِنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ، بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي سَلَّفَهُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مَا سَلَّفَهُ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَهُ فَهُوَ الرِّبَا،صَارَ الْمُشْتَرِي إِنْ أَعْطَى الَّذِي بَاعَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، فَانْتَفَعَ بِهَا، فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِ السِّلْعَةُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي، بَاعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا سَلَّفَهُ فِيهَا، فَصَارَ أَنْ رَدَّ إِلَيْهِ مَا سَلَّفَهُ وَزَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ.


1933 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ سَلَّفَ ذَهَباً أَوْ وَرِقاً فِي حَيَوَانٍ أَوْ عُرُوضٍ إِذَا كَانَ مَوْصُوفاً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، ثُمَّ حَلَّ الأَجَلُ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الأَجَلُ، أَوْ بَعْدَ مَا يَحِلُّ، بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ، يُعَجِّلُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ، بَالِغاً مَا بَلَغَ ذَلِكَ الْعَرْضُ إِلاَّ الطَّعَامَ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ، بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ عَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ، يَقْبِضُ ذَلِكَ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ، لأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ ذَلِكَ قَبُحَ، وَدَخَلَهُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَالْكَالِئُ بِالْكَالِئِ : أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَيْناً لَهُ عَلَى رَجُلٍ، بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ(95).


1934 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ سَلَّفَ فِي سِلْعَةٍ إِلَى أَجَلٍ، وَتِلْكَ السِّلْعَةُ مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ وَلاَ يُشْرَبُ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ ،بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنَ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ، إِلاَّ بِعَرْضٍ يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ. قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ لَمْ تَحِلَّ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهَا، بَيِّنٍ خِلاَفُهُ يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ.


1935 - قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَلَّفَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ، فَلَمَّا حَلَّ الأَجَلُ تَقَاضَى صَاحِبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا عِنْدَهُ، وَوَجَدَ عِنْدَهُ ثِيَاباً دُونَهَا مِنْ صِنْفِهَا، فَقَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الأَثْوَابُ : أُعْطِيكَ بِهَا ثَمَانِيَةَ أَثْوَابٍ مِنْ ثِيَأبِي هَذِهِ : إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا أَخَذَ تِلْكَ الأَثْوَابَ الَّتِي يُعْطِيهِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأَجَلُ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ أَيْضاً، إِلاَّ أَنْ يَبِيعَهُ ثِيَاباً لَيْسَتْ مِنْ صِنْفِ الثِّيَابِ الَّتِي سَلَّفَهُ فِيهَا.

32 - باب بَيْعِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَمَا أَشْبَهُهُمَا مِمَّا يُوزَنُ


1936 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا كَانَ مِمَّا يُوزَنُ، مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ النُّحَاسِ وَالشَّبَهِ وَالرَّصَاصِ وَالآنُكِ وَالْحَدِيدِ وَالْقَضْبِ وَالتِّينِ وَالْكُرْسُفِ, وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُوزَنُ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ، يَداً بِيَدٍ, وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ رِطْلُ حَدِيدٍ بِرِطْلَيْ حَدِيدٍ، وَرِطْلُ صُفْرٍ بِرِطْلَيْ صُفْرٍ(96).


1937 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ خَيْرَ فِيهِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ مِنْ ذَلِكَ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ مِنْهُ يُشْبِهُ الصِّنْفَ الآخَرَ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الاِسْمِ، مِثْلُ الرَّصَاصِ وَالآنُكِ، وَالشَّبَهِ وَالصُّفْرِ، فَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.


1938 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَا اشْتَرَيْتَ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ كُلِّهَا، فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ، إِذَا قَبَضْتَ ثَمَنَهُ، إِذَا كُنْتَ اشْتَرَيْتَهُ كَيْلاً أَوْ وَزْناً، فَإِنِ اشْتَرَيْتَهُ جِزَافاً فَبِعْهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ إِلَى أَجَلٍ، وَذَلِكَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْكَ إِذَا اشْتَرَيْتَهُ جِزَافاً، وَلاَ يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْكَ إِذَا اشْتَرَيْتَهُ وَزْناً حَتَّى تَزِنَهُ وَتَسْتَوْفِيَهُ، وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذِهِ الأَشْيَاءِ كُلِّهَا، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.


1939 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ، وَلاَ يُشْرَبُ، مِثْلُ الْعُصْفُرِ وَالنَّوَى وَالْخَبَطِ وَالْكَتَمِ، وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ، يَداً بِيَدٍ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، وَمَا اشْتُرِيَ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ كُلِّهَا، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، إِذَا قَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ(97).


1940 - قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ مِنَ الأَصْنَافِ كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَتِ الْحَصْبَاءَ وَالْقَصَّةَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ، فَهُوَ رِباً، وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَزِيَادَةُ شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ إِلَى أَجَلٍ، فَهُوَ رِباً(98).

33 - باب النَّهْىِ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ


1941 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ(99).


1942 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَجُلٍ : ابْتَعْ لِي هَذَا الْبَعِيرَ بِنَقْدٍ، حَتَّى أَبْتَاعَهُ مِنْكَ إِلَى أَجَلٍ. فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَكَرِهَهُ وَنَهَى عَنْهُ.


1943 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْداً، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَاراً إِلَى أَجَلٍ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ.


1944 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْداً، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَاراً إِلَى أَجَلٍ، قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُشْتَرِي بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ، إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي ذَلِكَ, لأَنَّهُ إِنْ أَخَّرَ الْعَشَرَةَ، كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ، وَإِنْ نَقَدَ الْعَشَرَةَ، كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَى بِهَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي إِلَى أَجَلٍ.


1945 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِدِينَارٍ نَقْداً، أَوْ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ، قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ : إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لاَ يَنْبَغِي، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.


1946 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ : أَشْتَرِى مِنْكَ هَذِهِ الْعَجْوَةَ، خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، أَوِ الصَّيْحَانِيَّ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ، أَوِ الْحِنْطَةَ الْمَحْمُولَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، أَوِ الشَّامِيَّةَ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ بِدِينَارٍ قَدْ وَجَبَتْ لِي إِحْدَاهُمَا : إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ صَيْحَانِيًّا، فَهُوَ يَدَعُهَا وَيَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً مِنَ الْعَجْوَةِ، أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً مِنَ الْحِنْطَةِ الْمَحْمُولَةِ، فَيَدَعُهَا وَيَأْخُذُ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ مِنَ الشَّامِيَّةِ، فَهَذَا أَيْضاً مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ، وَهُوَ أَيْضاً يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَهُوَ أَيْضاً مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُبَاعَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الطَّعَامِ، اثْنَانِ بِوَاحِدٍ(100).

34 - باب بَيْعِ الْغَرَرِ


1947 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ(101).


1948 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِنَ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ قَدْ ضَلَّتْ دَابَّتُهُ، أَوْ أَبَقَ غُلاَمُهُ، وَثَمَنُ الشَّيْءِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُونَ دِينَاراً، فَيَقُولُ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَاراً، فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُبْتَاعُ ذَهَبَ مِنَ الْبَائِعِ ثَلاَثُونَ دِينَاراً، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ ذَهَبَ الْبَائِعُ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِعِشْرِينَ دِينَاراً.

قَالَ مَالِكٌ : وَفِي ذَلِكَ عَيْبٌ آخَرُ : إِنَّ تِلْكَ الضَّالَّةَ إِنْ وُجِدَتْ لَمْ يُدْرَ، أَزَادَتْ أَمْ نَقَصَتْ أَمْ مَا حَدَثَ بِهَا مِنَ الْعُيُوبِ، فَهَذَا أَعْظَمُ الْمُخَاطَرَةِ.


1949 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ اشْتِرَاءَ مَا فِي بُطُونِ الإِنَاثِ مِنَ النِّسَاءِ وَالدَّوَابِّ، لأَنَّهُ لاَ يُدْرَى أَيَخْرُجُ أَمْ لاَ يَخْرُجُ، فَإِنْ خَرَجَ لَمْ يُدْرَ أَيَكُونُ حَسَناً أَمْ قَبِيحاً، أَتَامًّا أَمْ نَاقِصاً، أَذَكَراً أَمْ أُنْثَى، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَتَفَاضَلُ، إِنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا.


1950 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي بَيْعُ الإِنَاثِ وَاسْتِثْنَاءُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ ثَمَنُ شَاتِي الْغَزِيرَةِ ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ، فَهِيَ لَكَ بِدِينَارَيْنِ، وَلِي مَا فِي بَطْنِهَا، فَهَذَا مَكْرُوهٌ، لأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ(102).


1951 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ، وَلاَ الْجُلْجُلاَنِ بِدُهْنِ الْجُلْجُلاَنِ، وَلاَ الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ، لأَنَّ الْمُزَابَنَةَ تَدْخُلُهُ، وَلأَنَّ الَّذِي يَشْتَرِي الْحَبَّ وَمَا أَشْبَهَهُ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ، لاَ يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ، فَهَذَا غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ.

قَالَ مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضاً اشْتِرَاءُ حَبِّ الْبَانِ بِالسَّلِيخَةِ، فَذَلِكَ غَرَرٌ، لأَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ حَبِّ الْبَانِ هُوَ السَّلِيخَةُ، وَلاَ بَأْسَ بِحَبِّ الْبَانِ بِالْبَانِ الْمُطَيَّبِ، لأَنَّ الْبَانَ الْمُطَيَّبَ قَدْ طُيِّبَ وَنُشَّ وَتَحَوَّلَ عَنْ حَالِ السَّلِيخَةِ(103).


1952 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ، عَلَى أَنَّهُ لاَ نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ : إِنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ غَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ، إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ، وَإِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ، أَوْ بِنُقْصَانٍ فَلاَ شَيْءَ لَهُ، وَذَهَبَ عَنَاؤُهُ بَاطِلاً، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، وَلِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا أُجْرَةٌ بِمِقْدَارِ مَا عَالَجَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ رِبْحٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ، وَإِنَمَّا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ وَبِيعَتْ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.


1953 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً يَبُتُّ بَيْعَهَا، ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي فَيَقُولُ لِلْبَائِعِ : ضَعْ عَنِّى، فَيَأْبَى الْبَائِعُ وَيَقُولُ : بِعْ فَلاَ نُقْصَانَ عَلَيْكَ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ لأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَضَعَهُ لَهُ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ عَقَدَا بَيْعَهُمَا، وَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ الأَمْرُ عِنْدَنَا(104).

35 - باب الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ


1954 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ. وَعَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ(105).


1955 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْمُلاَمَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ، وَلاَ يَنْشُرَهُ، وَلاَ يَتَبَيَّنَ مَا فِيهِ، أَوْ يَبْتَاعَهُ لَيْلاً وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِيهِ، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ، وَيَنْبِذَ الآخَرُ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا، وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : هَذَا بِهَذَا، فَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ(106).


1956 - قَالَ مَالِكٌ فِي السَّاجِ الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ، أَوِ الثَّوْبِ الْقُبْطِيِّ الْمُدْرَجِ فِي طَيِّهِ : إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا حَتَّى يُنْشَرَا وَيُنْظَرَ إِلَى مَا فِي أَجْوَافِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَهُوَ مِنَ الْمُلاَمَسَةِ(107).


1957 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَيْعُ الأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامِجِ، مُخَالِفٌ لِبَيْعِ السَّاجِ فِي جِرَابِهِ، وَالثَّوْبِ فِي طَيِّهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ وَمَا مَضَى مِنْ عَمَلِ الْمَاضِينَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بُيُوعِ النَّاسِ الْجَائِزَةِ، وَالتِّجَارَةِ بَيْنَهُمْ الَّتِي لاَ يَرَوْنَ بِهَا بَأْساً، لأَنَّ بَيْعَ الأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامِجِ عَلَى غَيْرِ نَشْرٍ لاَ يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ، وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْمُلاَمَسَةَ(108).

36 - باب بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ


1958 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْبَزِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ، ثُمَّ يَقْدَمُ بِهِ بَلَداً آخَرَ فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً : إِنَّهُ لاَ يَحْسِبُ فِيهِ أَجْرَ السَّمَاسِرَةِ، وَلاَ أَجْرَ الطَّيِّ، وَلاَ الشَّدِّ، وَلاَ النَّفَقَةَ، وَلاَ كِرَاءَ بَيْتٍ، فَأَمَّا كِرَاءُ الْبَزِّ فِي حُمْلاَنِهِ، فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ، وَلاَ يُحْسَبُ فِيهِ رِبْحٌ، إِلاَّ أَنْ يُعْلِمَ البَّائِعُ مَنْ يُسَاوِمُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنْ رَبَّحُوهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ(109).


1959 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الْقِصَارَةُ وَالْخِيَاطَةُ وَالصِّبَاغُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ، يُحْسَبُ فِيهِ الرِّبْحُ كَمَا يُحْسَبُ فِي الْبَزِّ، فَإِنْ بَاعَ الْبَزَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئاً مِمَّا سَمَّيْتُ، إِنَّهُ لاَ يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ، فَإِنْ فَاتَ الْبَزُّ، فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُحْسَبُ وَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ رِبْحٌ، فَإِنْ لَمْ يَفُتِ الْبَزُّ، فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بَيْنَهُمَا، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا(110).


1960 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ، وَالصَّرْفُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ، فَيَقْدَمُ بِهِ بَلَداً فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً، أَوْ يَبِيعُهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً عَلَى صَرْفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي بَاعَهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ ابْتَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَبَاعَهُ بِدَنَانِيرَ، أَوِ ابْتَاعَهُ بِدَنَانِيرَ وَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ، وَكَانَ الْمَتَاعُ لَمْ يَفُتْ فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، فَإِنْ فَاتَ الْمَتَاعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ بِهِ الْبَائِعُ، وَيُحْسَبُ لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى مَا رَبَّحَهُ الْمُبْتَاعُ.


1961 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِئَةِ دِينَارٍ، لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِتِسْعِينَ دِينَاراً، وَقَدْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ خُيِّرَ الْبَائِعُ، فَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ قِيمَةُ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِهِ الْبَيْعُ أَوَّلَ يَوْمٍ، فَلاَ يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِئَةُ دِينَارٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَإِنْ أَحَبَّ ضُرِبَ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى التِّسْعِينَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ مِنَ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنَ الْقِيمَةِ، فَيُخَيَّرُ فِي الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ، وَفِي رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ، وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَاراً.


1962 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً مُرَابَحَةً فَقَالَ : قَامَتْ عَلَىَّ بِمِئَةِ دِينَارٍ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ بِمِئَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَاراً، خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْبَائِعَ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الثَّمَنَ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى حِسَابِ مَا رَبَّحَهُ، بَالِغاً مَا بَلَغَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَقِّصَ رَبَّ الْسِّلْعَةِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَاءَ رَبُّ السِّلْعَةِ يَطْلُبُ الْفَضْلَ، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يَضَعَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى الْبَرْنَامِجِ(111).

37 - باب الْبَيْعِ عَلَى الْبَرْنَامِجِ


1963 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْقَوْمِ يَشْتَرُونَ السِّلْعَةَ، الْبَزَّ أَوِ الرَّقِيقَ, فَيَسْمَعُ بِهِ الرَّجُلُ فَيَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْهُمُ : الْبَزُّ الَّذِي اشْتَرَيْتَ مِنْ فُلاَنٍ قَدْ بَلَغَتْنِي صِفَتُهُ وَأَمْرُهُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ أُرْبِحَكَ فِي نَصِيبِكَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ : نَعَمْ، فَيُرْبِحُهُ وَيَكُونُ شَرِيكاً لِلْقَوْمِ مَكَانَهُ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ رَآهُ قَبِيحاً وَاسْتَغْلاَهُ.

قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ وَلاَ خِيَارَ لَهُ فِيهِ، إِذَا كَانَ ابْتَاعَهُ عَلَى بَرْنَامِجٍ وَصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ.


1964 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ لَهُ أَصْنَافٌ مِنَ الْبَزِّ، وَيَحْضُرُهُ السُّوَّامُ, وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمْ بَرْنَامِجَهُ وَيَقُولُ : فِي كُلِّ عِدْلٍ كَذَا وَكَذَا مِلْحَفَةً بَصْرِيَّةً، وَكَذَا وَكَذَا رَيْطَةً سَابِرِيَّةً، ذَرْعُهَا كَذَا وَكَذَا، وَيُسَمِّي لَهُمْ أَصْنَافاً مِنَ الْبَزِّ بِأَجْنَاسِهِ وَيَقُولُ: اشْتَرُوا مِنِّي عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ. فَيَشْتَرُونَ الأَعْدَالَ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُمْ، ثُمَّ يَفْتَحُونَهَا فَيَسْتَغْلُونَهَا وَيَنْدَمُونَ(112).

قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُمْ إِذَا كَانَ مُوَافِقاً لِلْبَرْنَامِجِ الَّذِي بَاعَهُمْ عَلَيْهِ.

قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا الأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا يُجِيزُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِذَا كَانَ الْمَتَاعُ مُوَافِقاً لِلْبَرْنَامِجِ وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفاً لَهُ.

38 - باب بَيْعِ الْخِيَارِ


1965 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا, إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ »(113).


1966 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ، وَلاَ أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ.


1967 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : « أَيُّمَا بَيِّعَيْنِ تَبَايَعَا، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ، أَوْ يَتَرَادَّانِ »(114).


1968 - قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً، فَقَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ مُوَاجَبَةِ الْبَيْعِ: أَبِيعُكَ عَلَى أَنْ أَسْتَشِيرَ فُلاَناً، فَإِنْ رَضِيَ فَقَدْ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَرِهَ فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا. فَيَتَبَايَعَانِ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَشِيرَ الْبَائِعُ فُلاَناً : إِنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُمَا عَلَى مَا وَصَفَا، وَلاَ خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ، وَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ إِنْ أَحَبَّ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ الْبَائِعُ أَنْ يُجِيزَهُ.


1969 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ، فَيَخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ فَيَقُولُ الْبَائِعُ : بِعْتُكَهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ. وَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ : ابْتَعْتُهَا مِنْكَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ : إِنَّهُ يُقَالُ لِلْبَائِعِ : إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِهَا لِلْمُشْتَرِي بِمَا قَالَ، وَإِنْ شِئْتَ فَاحْلِفْ بِاللَّهِ مَا بِعْتَ سِلْعَتَكَ إِلاَّ بِمَا قُلْتَ، فَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي : إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ بِاللَّهِ مَا اشْتَرَيْتَهَا إِلاَّ بِمَا قُلْتَ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ.

39 - باب مَا جَاءَ فِي الرِّبَا فِي الدَّيْنِ


1970 - حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدٍ أبِي صَالِحٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ، أَنَّهُ قَالَ : بِعْتُ بَزًّا لِي مِنْ أَهْلِ دَارِ نَخْلَةَ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الْكُوفَةِ، فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَنْهُمْ بَعْضَ الثَّمَنِ وَيَنْقُدُونِي، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ : لاَ آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَ هَذَا وَلاَ تُوكِلَهُ(115).


1971 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ خَلْدَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّجُلِ إِلَى أَجَلٍ، فَيَضَعُ عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَيُعَجِّلُهُ الآخَرُ، فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَنَهَى عَنْهُ.


1972 - وَحَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ إِلَى أَجَلٍ، فَإِذَا حَلَّ الأَجَلُ قَالَ : أَتَقْضِي أَمْ تُرْبِي ؟ فَإِنْ قَضَى أَخَذَ، وَإِلاَّ زَادَهُ فِي حَقِّهِ وَأَخَّرَ عَنْهُ فِي الأَجَلِ(116).


1973 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأَمْرُ الْمَكْرُوهُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ إِلَى أَجَلٍ، فَيَضَعُ عَنْهُ الطَّالِبُ وَيُعَجِّلُهُ الْمَطْلُوبُ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُؤَخِّرُ دَيْنَهُ بَعْدَ مَحِلِّهِ عَنْ غَرِيمِهِ، وَيَزِيدُهُ الْغَرِيمُ فِى حَقِّهِ. قَالَ: فَهَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ لاَ شَكَّ فِيهِ(117).


1974 - قَالَ مَالِكٌ فِى الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ مِئَةُ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِذَا حَلَّتْ قَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ : بِعْنِي سِلْعَةً يَكُونُ ثَمَنُهَا مِئَةَ دِينَارٍ نَقْداً بِمِئَةٍ وَخَمْسِينَ إِلَى أَجَلٍ، هَذَا بَيْعٌ لاَ يَصْلُحُ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ.

قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ بِعَيْنِهِ، وَيُؤَخِّرُ عَنْهُ الْمِئَةَ الأُولَى إِلَى الأَجَلِ الَّذِي ذَكَرَ لَهُ آخِرَ مَرَّةٍ، وَيَزْدَادُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِينَاراً فِي تَأْخِيرِهِ عَنْهُ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ وَلاَ يَصْلُحُ، وَهُوَ أَيْضاً يُشْبِهُ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي بَيْعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا حَلَّتْ دُيُونُهُمْ قَالُوا لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ : إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ ؟ فَإِنْ قَضَى أَخَذُوا، وَإِلاَّ زَادُوهُمْ فِي حُقُوقِهِمْ، وَزَادُوهُمْ فِي الأَجَلِ(118).

40 - باب جَامِعِ الدَّيْنِ وَالْحَوْلِ


1975 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ ،عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ »(119).


1976 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ : إنِّي رَجُلٌ أَبِيعُ بِالدَّيْنِ. فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ تَبِعْ، إِلاَّ مَا آوَيْتَ إِلَى رَحْلِكَ.


1977 - قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ، عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، إِمَّا لِسُوقٍ يَرْجُو نَفَاقَهَا فِيهِ، وَإِمَّا لِحَاجَةٍ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُخْلِفُهُ الْبَائِعُ عَنْ ذَلِكَ الأَجَلِ، فَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَدَّ تِلْكَ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنَّ الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُ، وَإِنَّ الْبَائِعَ لَوْ جَاءَ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ لَمْ يُكْرَهِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِهَا(120).


1978 - قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَشْتَرِي الطَّعَامَ فَيَكْتَالُهُ، ثُمَّ يَأْتِيهِ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ, فَيُخْبِرُ الَّذِي يَأْتِيهِ أَنَّهُ قَدِ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَوْفَاهُ، فَيُرِيدُ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيَأْخُذَهُ بِكَيْلِهِ : إِنَّ مَا بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ بِنَقْدٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، وَمَا بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، حَتَّى يَكْتَالَهُ الْمُشْتَرِي الآخَرُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الَّذِي إِلَى أَجَلٍ لأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا، وَتَخَوُّفٌ أَنْ يُدَارَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلاَ وَزْنٍ، فَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.


1979 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَى دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ وَلاَ حَاضِرٍ, إِلاَّ بِإِقْرَارٍ مِنَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلاَ عَلَى مَيِّتٍ، وَإِنْ عَلِمَ الَّذِي تَرَكَ الْمَيِّتُ، وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَ ذَلِكَ غَرَرٌ لاَ يُدْرَى أَيَتِمُّ أَمْ لاَ يَتِمُّ.

قَالَ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى دَيْناً عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ : أَنَّهُ لاَ يُدْرَي مَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ بِهِ، فَإِنْ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ ذَهَبَ الثَّمَنُ الَّذِي أَعْطَى الْمُبْتَاعُ بَاطِلاً. قَالَ مَالِكٌ : وَفِي ذَلِكَ أَيْضاً عَيْبٌ آخَرُ : أَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئاً لَيْسَ بِمَضْمُونٍ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ ذَهَبَ ثَمَنُهُ بَاطِلاً، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ.


1980 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ أَنْ لاَ يَبِيعَ الرَّجُلُ إِلاَّ مَا عِنْدَهُ، وَأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلُهُ، أَنَّ صَاحِبَ الْعِينَةِ إِنَّمَا يَحْمِلُ ذَهَبَهُ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا، فَيَقُولُ : هَذِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَمَا تُرِيدُ أَنْ أَشْتَريَ لَكَ بِهَا، فَكَأَنَّهُ يَبِيعُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْداً بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَاراً إِلَى أَجَلٍ، فَلِهَذَا كُرِهَ هَذَا، وَإِنَّمَا تِلْكَ الدُّخْلَةُ وَالدُّلْسَةُ(121).

41 - باب مَا جَاءَ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَة


1981 -قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْبَزَّ الْمُصَنَّفَ وَيَسْتَثْنِي ثِيَاباً بِرُقُومِهَا : إِنَّهُ إِنِ اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّقْمَ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُ حِينَ اسْتَثْنَى، فَإِنِّي أَرَاهُ شَرِيكاً فِي عَدَدِ الْبَزِّ الَّذِي اشْتُرِىَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ يَكُونُ رَقْمُهُمَا سَوَاءً، وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ(122).


1982 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ مِنْهُ، فِي الطَّعَامِ، وَغَيْرِهِ قَبَضَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ وَلاَ وَضِيعَةٌ وَلاَ تَأْخِيرٌ لِلثَّمَنِ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ رِبْحٌ أَوْ وَضِيعَةٌ أَوْ تَأْخِيرٌ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، صَارَ بَيْعاً يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ، وَلَيْسَ بِشِرْكٍ وَلاَ تَوْلِيَةٍ وَلاَ إِقَالَةٍ(123).


1983 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بَزًّا أَوْ رَقِيقاً فَبَتَّ بِهِ، ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُشَرِّكَهُ فَفَعَلَ وَنَقَدَا الثَّمَنَ صَاحِبَ السِّلْعَةِ جَمِيعاً، ثُمَّ أَدْرَكَ السِّلْعَةَ شَيْءٌ يَنْتَزِعُهَا مِنْ أَيْدِيهِمَا، فَإِنَّ الْمُشَرَّكَ يَأْخُذُ مِنَ الَّذِي أَشْرَكَهُ الثَّمَنَ، وَيَطْلُبُ الَّذِي أَشْرَكَ بَيِّعَهُ الَّذِي بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشَرِّكُ عَلَى الَّذِي أَشْرَكَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ، وَعِنْدَ مُبَايَعَةِ الْبَائِعِ الأَوَّلِ وَقَبْلَ أَنْ يَتَفَاوَتَ ذَلِكَ : أَنَّ عُهْدَتَكَ عَلَى الَّذِي ابْتَعْتُ مِنْهُ، وَإِنْ تَفَاوَتَ ذَلِكَ وَفَاتَ الْبَائِعَ الأَوَّلَ، فَشَرْطُ الآخَرِ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ(124).


1984 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَانْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ حِينَ قَالَ : انْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ. وَإِنَّمَا ذَلِكَ سَلَفٌ يُسْلِفُهُ إِيَّاهُ، عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ، وَلَوْ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ هَلَكَتْ، أَوْ فَاتَتْ أَخَذَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ شَرِيكِهِ مَا نَقَدَ عَنْهُ، فَهَذَا مِنَ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً.


1985 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ سِلْعَةً، فَوَجَبَتْ لَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَشْرِكْنِي بِنِصْفِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ جَمِيعاً. كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّ هَذَا بَيْعٌ جَدِيدٌ بَاعَهُ نِصْفَ السِّلْعَةِ، عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الآخَرَ.

42 - باب مَا جَاءَ فِي إِفْلاَسِ الْغَرِيمِ


1986 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعاً فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئاً، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ »(125).


1987 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ : فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ »(126).


1988 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعاً، فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ، فَإِنَّ الْبَائِعَ إِذَا وَجَدَ شَيْئاً مِنْ مَتَاعِهِ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ بَاعَ بَعْضَهُ وَفَرَّقَهُ, فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ، وَلاَ يَمْنَعُهُ مَا فَرَّقَ الْمُبْتَاعُ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا وَجَدَ بِعَيْنِهِ، فَإِنِ اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ شَيْئاً، فَأَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَ مَا وَجَدَ مِنْ مَتَاعِهِ، وَيَكُونَ فِيمَا لَمْ يَجِدْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، فَذَلِكَ لَهُ.


1989 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ، غَزْلاً أَوْ مَتَاعاً أَوْ بُقْعَةً مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَى عَمَلاً، بَنَى الْبُقْعَةَ دَاراً، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ ثَوْباً، ثُمَّ أَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِكَ، فَقَالَ رَبُّ الْبُقْعَةِ : أَنَا آخُذُ الْبُقْعَةَ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبُنْيَانِ. إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ، وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الْبُقْعَةُ وَمَا فِيهَا مِمَّا أَصْلَحَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ الْبُقْعَةِ، وَكَمْ ثَمَنُ الْبُنْيَانِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ، ثُمَّ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْبُنْيَانِ.

قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَ مِئَةِ دِرْهَمٍ, فَتَكُونُ قِيمَةُ الْبُقْعَةِ خَمْسَ مِئَةِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْبُنْيَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ الثُّلُثُ وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ الثُّلُثَانِ.


1990 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَشْبَهَهُ، إِذَا دَخَلَهُ هَذَا وَلَحِقَ الْمُشْتَرِيَ دَيْنٌ لاَ وَفَاءَ لَهُ، وَهَذَا الْعَمَلُ فِيهِ.


1991 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا مَا بِيعَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الْمُبْتَاعُ شَيْئاً، إِلاَّ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ نَفَقَتْ، وَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا، فَصَاحِبُهَا يَرْغَبُ فِيهَا، وَالْغُرَمَاءُ يُرِيدُونَ إِمْسَاكَهَا، فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ وَلاَ يُنَقِّصُوهُ شَيْئاً، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ سِلْعَتَهُ، وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا، فَالَّذِي بَاعَهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ، وَلاَ تِبَاعَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ, فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ غَرِيماً مِنَ الْغُرَمَاءِ، يُحَاصُّ بِحَقِّهِ وَلاَ يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ، فَذَلِكَ لَهُ(127).


1992 - وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً، فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ أَوِ الدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلاً، وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ.

43 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ السَّلَفِ


1993 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ, عَنْ أبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، أَنَّهُ قَالَ : اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) بَكْراً، فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ : فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَقُلْتُ : لَمْ أَجِدْ فِي الإِبِلِ إِلاَّ جَمَلاً خِيَاراً رَبَاعِياً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)  : «أَعْطِهِ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً »(128).


1994 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ : اسْتَسْلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَضَاهُ دَرَاهِمَ خَيْراً مِنْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ دَرَاهِمِي الَّتِي أَسْلَفْتُكَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : قَدْ عَلِمْتُ، وَلَكِنْ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ.


1995 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُقْبِضَ مَنْ أُسْلِفَ شَيْئاً مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الْحَيَوَانِ، مِمَّنْ أَسْلَفَهُ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفَهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ مِنْهُمَا أَوْ عَادَةٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ أَوْ وَأْىٍ أَوْ عَادَةٍ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَلاَ خَيْرَ فِيهِ(129).


قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَضَى جَمَلاً رَبَاعِياً خِيَاراً، مَكَانَ بَكْرٍ اسْتَسْلَفَهُ, وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اسْتَسْلَفَ دَرَاهِمَ، فَقَضَى خَيْراً مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْتَسْلِفِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ وَلاَ وَأْىٍ وَلاَ عَادَةٍ، كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ.

44 - باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ السَّلَفِ


1996 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي رَجُلٍ أَسْلَفَ رَجُلاً طَعَاماً عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَكَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَالَ : فَأَيْنَ الْحَمْلُ. يَعْنِى حُمْلاَنَهُ.


1997 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنِّي أَسْلَفْتُ رَجُلاً سَلَفاً، وَاشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتُهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : فَذَلِكَ الرِّبَا. قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : السَّلَفُ عَلَى ثَلاَثَةِ وُجُوهٍ : سَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، فَلَكَ وَجْهُ اللَّهِ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِكَ، فَلَكَ وَجْهُ صَاحِبِكَ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ لِتَأْخُذَ خَبِيثاً بِطَيِّبٍ، فَذَلِكَ الرِّبَا. قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : أَرَى أَنْ تَشُقَّ الصَّحِيفَةَ، فَإِنْ أَعْطَاكَ مِثْلَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ قَبِلْتَهُ، وَإِنْ أَعْطَاكَ دُونَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ فَأَخَذْتَهُ أُجِرْتَ، وَإِنْ أَعْطَاكَ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتَهُ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، فَذَلِكَ شُكْرٌ شَكَرَهُ لَكَ, وَلَكَ أَجْرُ مَا أَنْظَرْتَهُ(130).


1998 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً، فَلاَ يَشْتَرِطْ إِلاَّ قَضَاءَهُ.


1999 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ : مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً، فَلاَ يَشْتَرِطْ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْضَةً مِنْ عَلَفٍ، فَهُوَ رِباً.


2000 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنِ اسْتَسْلَفَ شَيْئاً مِنَ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ وَتَحْلِيَةٍ مَعْلُومَةٍ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ الْوَلاَئِدِ، فَإِنَّهُ يُخَافُ فِي ذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ مَا لاَ يَحِلُّ، فَلاَ يَصْلُحُ، وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ، أَنْ يَسْتَسْلِفَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَيُصِيبُهَا مَا بَدَا لَهُ، ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى صَاحِبِهَا بِعَيْنِهَا، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ، وَلاَ يُرَخِّصُونَ فِيهِ لأَحَدٍ(131).

45 - باب مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُبَايَعَةِ


2001 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ »(132).


2002 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ »(133).


2003 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ « لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ». أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ إِذَا رَكَنَ الْبَائِعُ إِلَى السَّائِمِ، وَجَعَلَ يَشْتَرِطُ وَزْنَ الذَّهَبِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَرَادَ مُبَايَعَةَ السَّائِمِ، فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ(134).


2004 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِالسَّوْمِ بِالسِّلْعَةِ تُوقَفُ لِلْبَيْعِ، فَيَسُومُ بِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ.

قَالَ وَلَوْ تَرَكَ النَّاسُ السَّوْمَ عِنْدَ أَوَّلِ مَنْ يَسُومُ بِهَا، أُخِذَتْ بِشِبْهِ الْبَاطِلِ مِنَ الثَّمَنِ، وَدَخَلَ عَلَى الْبَاعَةِ فِي سِلَعِهِمُ الْمَكْرُوهُ، وَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا.


2005 - قَالَ مَالِكٌ : عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) نَهَى عَنِ النَّجْشِ(135).


2006 - قَالَ مَالِكٌ : وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَلَيْسَ فِي نَفْسِكَ اشْتِرَاؤُهَا فَيَقْتَدِىَ بِكَ غَيْرُكَ.

46 - باب جَامِعِ الْبُيُوعِ


2007 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : « إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ : لاَ خِلاَبَةَ ». قَالَ : فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَايَعَ يَقُولُ : لاَ خِلاَبَةَ(136).


2008 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : إِذَا جِئْتَ أَرْضاً يُوفُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، فَأَطِلِ الْمُقَامَ بِهَا، وَإِذَا جِئْتَ أَرْضاً يُنَقِّصُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، فَأَقْلِلِ الْمُقَامَ بِهَا(137).


2009 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ : أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً، سَمْحاً إِنْ بَاعَ، سَمْحاً إِنِ ابْتَاعَ، سَمْحاً إِنْ قَضَى، سَمْحاً إِنِ اقْتَضَى(138).


2010 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الإِبِلَ أَوِ الْغَنَمَ أَوِ الْبَزَّ أَوِ الرَّقِيقَ أَوْ شَيْئاً مِنَ الْعُرُوضِ جِزَافاً : إِنَّهُ لاَ يَكُونُ الْجِزَافُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُعَدُّ عَدًّا.


2011 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ السِّلْعَةَ يَبِيعُهَا لَهُ، وَقَدْ قَوَّمَهَا صَاحِبُهَا قِيمَةً فَقَالَ : إِنْ بِعْتَهَا بِهَذَا الثَّمَنِ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِهِ فَلَكَ دِينَارٌ، أَوْ شَيْءٌ يُسَمِّيهِ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَبِعْهَا فَلَيْسَ لَكَ شَيْءٌ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا سَمَّى ثَمَناً يَبِيعُهَا بِهِ، وَسَمَّى أَجْراً مَعْلُوماً إِذَا بَاعَ أَخَذَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.


2012 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : إِنْ قَدَرْتَ عَلَى غُلاَمِي الآبِقِ، أَوْ جِئْتَ بِجَمَلِي الشَّارِدِ فَلَكَ كَذَا. فَهَذَا مِنْ بَابِ الْجُعْلِ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الإِجَارَةِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَابِ الإِجَارَةِ لَمْ يَصْلُحْ(139).


2013 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الرَّجُلُ يُعْطَي السِّلْعَةَ فَيُقَالُ لَهُ : بِعْهَا وَلَكَ كَذَا وَكَذَا فِي كُلِّ دِينَارٍ، لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ كُلَّمَا نَقَصَ دِينَارٌ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ، نَقَصَ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي سَمَّى لَهُ، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَدْرِى كَمْ جَعَلَ لَهُ.


2014 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ، ثُمَّ يُكْرِيهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا تَكَارَاهَا بِهِ. فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ(140).