محلى ابن حزم - المجلد الأول6

من معرفة المصادر

394 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ ، وَلاَ مُتَمَلَّكَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ بَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ هِبَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ مَغْصُوبَةٍ أَوْ فِيهَا لَوْحٌ مَغْصُوبٌ لَوْلاَهُ لَغَرَّقَهَا الْمَاءُ , فَإِنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْهَا فَصَلاَتُهُ بَاطِلَةٌ. وَكَذَلِكَ الصَّلاَةُ عَلَى وِطَاءٍ مَغْصُوبٍ أَوْ مَأْخُوذٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. أَوْ عَلَى دَابَّةٍ مَأْخُوذَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ , أَوْ فِي ثَوْبٍ مَأْخُوذٍ بِغَيْرِ حَقٍّ , أَوْ فِي بِنَاءٍ مَأْخُوذٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَسَامِيرُ السَّفِينَةِ مَغْصُوبَةً , أَوْ خُيُوطُ الثَّوْبِ الَّذِي خِيطَ بِهَا مَغْصُوبَةً. أَوْ أُخِذَ كُلُّ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ , فَإِنْ كَانَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى مُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَصْلاً , وَلاَ عَلَى الْخُرُوجِ ، عَنِ السَّفِينَةِ أَوْ كَانَ اللَّوْحُ لاَ يَمْنَعُ الْمَاءَ مِنْ الدُّخُولِ , أَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَظِلٍّ بِذَلِكَ الْبِنَاءِ ، وَلاَ مُسْتَتِرًا بِهِ , أَوْ كَانَ قَدْ يَئِسَ [ مِنْ مَعْرِفَةِ مَنْ أُخِذَ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِغَيْرِ حَقٍّ , أَوْ كَانَتْ سَفِينَةً أَوْ بِنَاءً لَمْ يُغْصَبْ شَيْءٌ مِنْ أَعْيَانِهَا لَكِنْ سَخَّرَ النَّاسَ فِيهَا ظُلْمًا : فَالصَّلاَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ جَائِزَةٌ , قَدَرَ عَلَى مُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ. وَكَذَلِكَ إنْ خَشِيَ الْبَرْدَ وَأَذَاهُ , أَوْ الْحَرَّ وَأَذَاهُ , فَلَهُ أَنْ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْمَأْخُوذِ بِغَيْرِ حَقٍّ ; وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ غَيْرَ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ ; وَإِلاَّ فَلاَ ; وَكَذَلِكَ الأَرْضُ الْمُبَاحَةُ الَّتِي لَمْ يَحْظُرْهَا صَاحِبُهَا ، وَلاَ مَنَعَ مِنْهَا , فَالصَّلاَةُ فِيهَا جَائِزَةٌ بُرْهَانُ ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ صَحَّ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرَةَ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , وَنُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ الأَشْجَعِيِّ. وَقَالَ عليه السلام : مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ. فَإِذَا كَانَ مَنْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الدُّخُولَ إلَى مَكَان مَا , وَالإِقَامَةَ فِيهِ , وَلِبَاسَ ثَوْبٍ مَا , وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ , أَوْ اسْتِعْمَالَ شَيْءٍ مَا : فَفَعَلَ فِي صَلاَتِهِ كُلَّ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ ; وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ فَلَمْ يُصَلِّ أَصْلاً , وَالصَّلاَةُ طَاعَةٌ وَفَرِيضَةٌ , قِيَامُهَا وَقُعُودُهَا وَالإِقَامَةُ فِيهَا , وَبَعْضُ اللِّبَاسِ فِيهَا , فَإِذَا قَعَدَ حَيْثُ نُهِيَ عَنْهُ ; أَوْ عَمِلَ مُتَصَرِّفًا فِيمَا حَرُمَ أَوْ اسْتَعْمَلَ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ : فَإِنَّمَا أَتَى بِعَمَلِ مَعْصِيَةٍ , وَقُعُودِ مَعْصِيَةٍ , مِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَنُوبَ الْمَعْصِيَةُ الْمُحَرَّمَةُ ، عَنِ الطَّاعَةِ الْمُفْتَرَضَةِ , وَأَنْ يُجْزِئَ الضَّلاَلُ وَالْفُسُوقُ ، عَنِ الْهُدَى وَالْحَقِّ وَقَدْ عَارَضَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَعَسِّفِينَ فَقَالَ : يَلْزَمُكُمْ إذَا طَلَّقَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْتُمْ , أَوْ أَعْتَقَ فِيهِ , أَوْ نَكَحَ فِيهِ , أَوْ بَاعَ فِيهِ , أَوْ اشْتَرَى , أَوْ وَهَبَ ; أَوْ تَصَدَّقَ : أَنْ تَنْقُضُوا كُلَّ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَنْ صَبَغَ لِحْيَتَهُ بِحِنَّاءٍ مَغْصُوبَةٍ ثُمَّ صَلَّى وَمَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ مِنْ مُصْحَفٍ مَسْرُوقٍ أَنْ يَنْسَاهُ , أَوْ عَلَّمَهُ إيَّاهُ عَبْدٌ آبِقٌ , وَأَكْثَرُوا مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْحَمَاقَاتِ وَقَالُوا : كُلُّ مَنْ ذَكَرْتُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى مُصِرًّا عَلَى الزِّنَى , وَقَتْلِ النَّفْسِ , وَشُرْبِ الْخَمْرِ , وَالسَّرِقَةِ ، وَلاَ فَرْقَ قَالَ عَلِيٌّ : لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا قَالُوا مِنْ بَابِ مَا قلنا , لإِنَّ الصَّلاَةَ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ إقَامَةٍ فِي مَكَان وَاحِدٍ , وَمِنْ جُلُوسٍ مُفْتَرَضٍ. وَمِنْ سَتْرِ عَوْرَةٍ , وَمِنْ تَرْكِ كُلِّ عَمَلٍ لَمْ يُبَحْ لَهُ فِي الصَّلاَةِ , وَمِنْ زَمَانٍ مَحْدُودٍ مُؤَقَّتٍ لَهَا , وَمِنْ مَكَان مَوْصُوفٍ لَهَا , وَمِنْ مَاءٍ يَتَطَهَّرُ بِهِ أَوْ تُرَابٍ يَتَيَمَّمُ بِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ , هَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ , وَلاَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ وَلَيْسَ الطَّلاَقُ , وَلاَ النِّكَاحُ , وَلاَ الْعَتَاقُ , وَلاَ الْبَيْعُ , وَلاَ الْهِبَةُ , وَلاَ الصَّدَقَةُ , وَلاَ تَعَلُّمُ الْقُرْآنِ. مُعَلَّقًا بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا , وَلاَ مَأْمُورًا فِيهِ بِهَيْئَةٍ مَا , وَلاَ بِجُلُوسٍ ، وَلاَ بُدَّ , وَلاَ بِقِيَامٍ عَلَى صِفَةٍ , وَلاَ بِمَكَانٍ مَوْصُوفٍ , لَكِنْ كُلُّ هَذِهِ الأَعْمَالِ أَيْضًا مُحْتَاجَةٌ ، وَلاَ بُدَّ إلَى أَلْفَاظٍ مَوْضُوعَةٍ , أَوْ أَعْمَالٍ مَحْدُودَةٍ , وَأَوْقَاتٍ مَحْدُودَةٍ , فَكُلُّ مَنْ أَتَى بِالصَّلاَةِ , أَوْ النِّكَاحِ , أَوْ الطَّلاَقِ , أَوْ الْبَيْعِ , أَوْ الْهِبَةِ , أَوْ الصَّدَقَةِ , عَلَى خِلاَفِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ r فَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ لاَ طَلاَقٌ , وَلاَ نِكَاحٌ , وَلاَ عَتَاقٌ , وَلاَ هِبَةٌ , وَلاَ صَدَقَةٌ , وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ ، وَلاَ فَرْقَ فَمَنْ صَلَّى فَجَعَلَ الْجُلُوسَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ بَدَلَ الْجُلُوسِ الْمَأْمُورِ بِهِ ; وَالإِقَامَةَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بَدَلَ الإِقَامَةِ الْمُفْتَرَضَةِ عَلَيْهِ ; وَسَتَرَ عَوْرَتَهُ بِمَا حَرُمَ عَلَيْهِ سَتْرُهَا بِهِ ; وَأَتَى بِهَا فِي غَيْرِ الزَّمَانِ الَّذِي أُمِرَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِيهِ , أَوْ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِيهِ , وَعَوَّضَ مِنْ ذَلِكَ زَمَانًا وَمَكَانًا حَرُمَا عَلَيْهِ ; وَعَوَّضَ الْمَاءَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ , أَوْ التُّرَابَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ , أَوْ التُّرَابِ الْمَأْمُورِ بِهِ : فَلَمْ يُصَلِّ قَطُّ الصَّلاَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ; وَهُوَ وَاَلَّذِي صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ عَمْدًا سَوَاءٌ ، وَلاَ فَرْقَ ; وَكِلاَهُمَا صَلَّى بِخِلاَفِ مَا أُمِرَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ طَلَّقَ أَجْنَبِيَّةً , أَوْ بِغَيْرِ الْكَلاَمِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّلاَقَ بِهِ وَحَرُمَ بِهِ الْفَرْجُ الَّذِي كَانَ حَلاَلاً , أَوْ نَكَحَ ذَاتَ زَوْجٍ ; أَوْ فِي عِدَّةٍ , أَوْ بِغَيْرِ الْكَلاَمِ الَّذِي أَبَاحَ بِهِ النِّكَاحَ وَحُلِّلَ بِهِ الْفَرْجُ الْحَرَامُ قَبْلَهُ ; أَوْ بَاعَ بَيْعًا مُحَرَّمًا ; أَوْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ ; أَوْ وَهَبَ هِبَةً لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهَا , أَوْ أَعْتَقَ عِتْقًا حَرُمَ عَلَيْهِ ; كَمَنْ أَعْتَقَ غُلاَمَ غَيْرِهِ , أَوْ تَصَدَّقَ بِثَوْبٍ عَلَى الأَوْثَانِ فَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ , لاَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهُ , وَلَيْسَ تَبْطُلُ شَرِيعَةٌ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ أُخْرَى ; لَكِنْ بِأَنْ يَعْمَلَ بِخِلاَفِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ تُعْمَلَ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي صَبَغَ لِحْيَتَهُ بِحِنَّاءٍ مَغْصُوبَةٍ , فَإِنْ صَلَّى حَامِلاً لِتِلْكَ الْحِنَّاءِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ. وَأَمَّا إذَا نَزَعَهَا وَلَمْ يُصَلِّ بِهَا فَاللَّوْنُ غَيْرُ مُتَمَلَّكٍ فَلَمْ يُصَلِّ بِخِلاَفِ مَا أُمِرَ وَأَمَّا الْمُصِرُّ عَلَى الْمَعَاصِي فَقَدْ صَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r : أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّتِهِ فَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ ، عَنْ كُلِّ مَا حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ , فَهَذَا مَعْفُوٌّ لَهُ عَنْهُ , فإن قيل : فَأَنْتُمْ تُبْطِلُونَ صَلاَةَ مَنْ نَوَى خُرُوجَهُ مِنْ الصَّلاَةِ , وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ ، وَلاَ قَالَ قلنا : بَلَى قَدْ عَمِلَ , لاَِنَّهُ بِنِيَّتِهِ تِلْكَ صَارَ وُقُوفُهُ إنْ كَانَ وَاقِفًا ; وَقُعُودُهُ إنْ كَانَ قَاعِدًا ; وَرُكُوعُهُ إنْ كَانَ رَاكِعًا ; وَسُجُودُهُ إنْ كَانَ سَاجِدًا : عَمَلاً يَعْمَلُهُ ظَاهِرًا لِغَيْرِ الصَّلاَةِ ; فَقَدْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ; إذْ حَالَ عَامِدًا بَيْنَ أَعْمَالِهَا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا ; لَكِنْ لَوْ نَوَى أَنْ يُبْطِلَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهِ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ بِذَلِكَ صَلاَتُهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ عَجَزَ ، عَنِ الْمُفَارَقَةِ لِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلاَّ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ وَأَخْبَرَ عليه السلام أَنَّهُ عَفَا اللَّهُ ، عَنْ أُمَّتِهِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ , وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ; فَهَذَا مُضْطَرٌّ مُكْرَهٌ ; فَلاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ إلاَّ بِنَصٍّ جَلِيٍّ فِي إبْطَالِهَا بِذَلِكَ , كَالْحَدَثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُ التَّمَادِي فِي الصَّلاَةِ إثْرَهُ إلاَّ بِإِحْدَاثِ وُضُوءٍ وَأَمَّا السَّفِينَةُ , وَالْبِنَاءُ الَّذِي سُخِّرَ النَّاسُ ظُلْمًا فِيهِمَا فَلَيْسَ هُنَاكَ عَيْنٌ مُحَرَّمَةٌ كَانَ الْمُصَلِّي مُسْتَعْمِلاً لَهَا , وَالآثَارُ لاَ تُتَمَلَّكُ , فَإِنْ يَئِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ فَقَدْ صَارَ مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حِينَئِذٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 395 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تَحِلُّ الصَّلاَةُ لِلرَّجُلِ خَاصَّةً فِي ثَوْبٍ فِيهِ حَرِيرٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ عَرْضًا فِي طُولِ الثَّوْبِ , إلاَّ اللَّبِنَةَ وَالتَّكْفِيفَ فَهُمَا مُبَاحَانِ ، وَلاَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ ذَهَبٌ , وَلاَ لاَبِسًا ذَهَبًا فِيهِ خَاتَمٌ ، وَلاَ فِي غَيْرِهِ. فَإِنْ أُجْبِرَ عَلَى لِبَاسِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ خَوْفَ الْبَرْدِ : حَلَّ لَهُ الصَّلاَةُ فِيهِ. أَوْ كَانَ بِهِ دَاءٌ يُتَدَاوَى مِنْ مِثْلِهِ بِلِبَاسِ الْحَرِيرِ : فَالصَّلاَةُ لَهُ فِيهِ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَ ذَهَبًا لَهُ فِي كُمِّهِ لِيُحْرِزَهُ , أَوْ حَرِيرًا أَوْ ثَوْبَ حَرِيرٍ كَذَلِكَ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا : حدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r ، عَنِ الْحَرِيرِ إلاَّ مَوْضِعَ إصْبَعَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ أَوْ أَرْبَعٍ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، حدثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، حدثنا نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r إنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَلِيٌّ ، هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ ، حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، حدثنا أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَانِ ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ , وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا , وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ , وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ أَخْبَرَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ أَسَدٍ الْكَازَرُونِيُّ ، حدثنا الدُّبَيْرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِلإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمٌ الْحَجَّاجُ ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ، حدثنا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r شَكَا إلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَوْفٍ , وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ : الْقَمْلَ , فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ , وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي الْقُمُصِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا أَوْ وَجَعٍ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، حدثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الطَّحَّانُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ " أَنَّ أَسْمَاءَ أَخْرَجَتْ إلَيْهِ جُبَّةً طَيَالِسِيَّةً كِسْرَوَانِيَّةً لَهَا لَبِنَةُ دِيبَاجٍ فَرْجَاهَا مَكْنُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ , فَقَالَتْ : هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ r كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ فَقَبَضْتُهَا , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَلْبَسُهَا , فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا. وَمَسُّ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَمِلْكُهُمَا وَحَمْلُهُمَا حَلاَلٌ بِالنَّصِّ وَالإِجْمَاعِ , فإن قيل : قَدْ رُوِيَ لِبَاسُ الْخَزِّ ، عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم . قلنا : قَدْ جَاءَ تَحْرِيمُهُ ، عَنْ بَعْضِهِمْ : كَمَا رُوِّينَا : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ t جَهَّزَ جَيْشًا فَغَنِمُوا فَاسْتَقْبَلَهُمْ عُمَرُ فَرَآهُمْ قَدْ لَبِسُوا أَقْبِيَةَ الدِّيبَاجِ وَلِبَاسَ الْعَجَمِ , فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ وَقَالَ : أَلْقُوا عَنْكُمْ ثِيَابَ أَهْلِ النَّارِ فَأَلْقَوْهَا. وَعَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ سَمِعْت الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ : أَصَبْنَا فُتُوحًا بِالشَّامِ فَأَتَيْنَا الْمَدِينَةَ , فَلَمَّا دَنَوْنَا لَبِسْنَا الدِّيبَاجَ وَالْحَرِيرَ , فَلَمَّا رَآنَا عُمَرُ رَمَانَا , فَنَزَعْنَاهَا , فَلَمَّا رَآنَا قَالَ : مَرْحَبًا بِالْمُهَاجِرِينَ إنَّ الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ بِهِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ , فَيَرْضَى بِهِ عَنْكُمْ لاَ يَصْلُحُ مِنْهُ إلاَّ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا قَالَ شُعْبَةُ : أُصْبُعَيْنِ , أَوْ ثَلاَثًا , أَوْ أَرْبَعًا. وَرُوِّينَا ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ ، عَنْ لَبِنَةٍ حَرِيرٍ فِي جُبَّتِهِ قَالَ : لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ : أَنَا هِشَامٌ ، هُوَ ابْنُ حَسَّانَ ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي ذُبْيَانَ هُوَ خَلِيفَةُ بْنُ كَعْبٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ الْخَبَرَ فِي أَنَّ " مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ " فَقَالَ : إذَنْ وَاَللَّهِ لاَ يَدْخُلُهَا , قَالَ تَعَالَى ﴿ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : اجْتَنِبُوا مِنْ الثِّيَابِ مَا خَالَطَهُ الْحَرِيرُ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ زُبَيْدٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ رِبْعِيٍّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ حَرِيرٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى ثَوْبًا مِنْ نَارٍ , لَيْسَ مِنْ أَيَّامِكُمْ وَلَكِنْ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ الطِّوَالِ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً لاَبِسًا جُبَّةً عَلَى صَدْرِهَا دِيبَاجٌ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : مَا هَذَا النَّتِنُ عَلَى صَدْرِك وَعَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ : كُنْت عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَهُ ابْنٌ لَهُ عَلَيْهِ قَمِيصُ حَرِيرٍ فَشَقَّهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ : مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ ، رضي الله عنهم ، فَالْفَرْضُ الرَّدُّ عِنْدَ تَنَازُعِهِمْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَقَدْ بَاعَ سَمُرَةُ خَمْرًا , وَأَكَلَ أَبُو طَلْحَةَ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ r . ، وَلاَ يَصِحُّ فِي الرُّخْصَةِ فِي الثَّوْبِ سَدَاهُ حَرِيرٌ : خَبَرٌ أَصْلاً , لإِنَّ الرِّوَايَةَ فِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ انْفَرَدَ بِهَا خُصَيْفٌ , وَهُوَ ضَعِيفٌ. فَكَيْفَ وَكُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَبِسَ الْخَزَّ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الأَخْبَارِ أَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّ سَدَاهَا حَرِيرٌ. رُوِّينَا ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عُبَيْدَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ : رَأَيْت عَلَى أَنَسٍ جُبَّةَ خَزٍّ فَسَأَلْته ، عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ قَالَ : رَأَيْت عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ جُبَّةَ خَزٍّ وَكِسَاءَ خَزٍّ وَأَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : لَوْ أَدْرَكَهُ السَّلَفُ لاََوْجَعُوهُ. فَهَذَا يُوَضِّحُ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُحَرِّمُونَ ذَلِكَ , إذْ لاَ يُوجِعُونَ عَلَى مُبَاحٍ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ ، أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r ، عَنِ الْحَرِيرِ أَشَدَّ النَّهْيِ " فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَلَيْسَ هَذَا عَلَيْكَ حَرِيرًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا خَزٌّ , قَالَ : بَلَى , وَلَكِنْ سَدَاهُ حَرِيرٌ , قَالَ : مَا شَعُرْتُ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُتَّخَذَ لَهُ ثَوْبٌ مِنْ خَزٍّ سَدَاهُ كَتَّانٌ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي لَيْلَى نَحْوُ ذَلِكَ. وَلاَ يَخْلُو كُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، أَنَّهُ لَبِسَ مِنْ أَحَدِ وُجُوهٍ ثَلاَثَةٍ إمَّا أَنْ سَدَى تِلْكَ الثِّيَابِ كَانَ كَتَّانًا. وَأَمَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ حَرِيرٌ ; وَهَذَا هُوَ الَّذِي لاَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ غَيْرُهُ. وَأَمَّا أَنَّهُمْ اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ لِبَاسِهِ , فَأَقَلُّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r يُغَطِّي عَلَى أَضْعَافِ هَذَا , وَلَيْسَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ , فَنِصْفُ مُدِّ شَعِيرٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَحَدُهُمْ يَفْضُلُ جَمِيعَ أَعْمَالِ أَحَدِنَا لَوْ عَمَّرَ مِائَةَ سَنَةٍ ; لإِنَّ نِصْفَ مُدِّ أَحَدِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ جَبَلِ أَحَدٍ ذَهَبًا نُنْفِقُهُ نَحْنُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ ; وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا يُنْفِقُ فِي الْبِرِّ زِنَةَ حَجَرٍ ضَخْمٍ مِنْ حِجَارَةِ أَحَدٍ فَكَيْفَ الْجَبَلُ كُلُّهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ خَوْفَ الْبَرْدِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرُمَ عَلَيْكُمْ إلاَّ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ 396 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فِي رُكُوعِهِ ، وَلاَ فِي سُجُودِهِ , فَإِنْ تَعَمَّدَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , وَإِنْ نَسِيَ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اطْمَأَنَّ وَسَبَّحَ كَمَا أُمِرَ أَجْزَأَهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَتَمَّتْ صَلاَتُهُ ; لاَِنَّهُ زَادَ فِي صَلاَتِهِ سَاهِيًا مَا لَيْسَ مِنْهَا , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ أَلْغَى تِلْكَ السَّجْدَةَ أَوْ الرَّكْعَةَ وَكَانَ كَأَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا , وَأَتَمَّ صَلاَتَهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ , لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ كَمَا أُمِرَ , وَقَدْ قَالَ عليه السلام : مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَا زُهَيْرِ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ r السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ , فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ , إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ , أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا , أَوْ سَاجِدًا , فأما الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ. قَالَ عَلِيٌّ : فإن قيل : قَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ وَفِيهِ نَهَانِي ، وَلاَ أَقُولُ نَهَاكُمْ قلنا : نَعَمْ , وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إلاَّ نَهْيُ عَلِيٍّ , وَفِي الَّذِي ذَكَرْنَا نَهْيُ الْكُلِّ ; لإِنَّ كُلَّ مَا نَهَى عَنْهُ عليه السلام فَحُكْمُنَا حُكْمُهُ ; إلاَّ أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ بِتَخْصِيصِهِ , فإن قيل : قَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ ، رضي الله عنها ، أَنَّهَا سَمِعَتْهُ r يَقُولُ فِي سُجُودِهِ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي " يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ قلنا : نَعَمْ , وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي سُجُودِهِ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي , يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ , يَعْنِي إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ هَكَذَا , فِي الْخَبَرِ نَصًّا.فَصَحَّ أَنَّ مَعْنَى تَأَوُّلِهِ عليه السلام الْقُرْآنَ هُوَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَاسْتَغْفِرْهُ. وَقَدْ رُوِّينَا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : لاَ تَقْرَأْ وَأَنْتَ رَاكِعٌ , وَلاَ وَأَنْتَ سَاجِدٌ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ : لاَ تَقْرَأْ فِي الرُّكُوعِ ، وَلاَ السُّجُودِ , إنَّمَا جُعِلَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لِلتَّسْبِيحِ 397 - مَسْأَلَةٌ : فَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي الْقُرْآنَ فِي جُلُوسِهِ بَعْدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ أَوْ تَشَهَّدَ فِي قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ : جَازَتْ صَلاَتُهُ عَمْدًا فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ نِسْيَانًا ، وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ فِي ذَلِكَ. وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَحَبُّ إلَيْنَا فأما جَوَازُ صَلاَتِهِ وَسُقُوطُ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ ; فَلاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ نُهِيَ عَنْهُ , بَلْ قَرَأَ وَالْقِرَاءَةُ : فِعْلٌ حَسَنٌ مَا لَمْ يُنْهَ الْمَرْءُ عَنْهُ , وَالتَّشَهُّدُ أَيْضًا ذِكْرٌ حَسَنٌ. وَأَمَّا قَوْلُنَا : إنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الذِّكْرِ أَحَبُّ إلَيْنَا ; فَلاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَمْرٌ ، وَلاَ حَضٌّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 398 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تُجْزِئُ أَحَدًا الصَّلاَةُ فِي مَسْجِدِ الضِّرَارِ الَّذِي بِقُرْبِ قُبَاءَ , لاَ عَمْدًا ، وَلاَ نِسْيَانًا. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَاَلَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إلَى قوله تعالى : لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ صَلاَةٍ 399 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تُجْزِئُ الصَّلاَةُ فِي مَسْجِدٍ أُحْدِثَ مُبَاهَاةً , أَوْ ضِرَارًا عَلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. إذَا كَانَ أَهْلُهُ يَسْمَعُونَ نِدَاءَ الْمَسْجِدِ الأَوَّلِ , وَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي قَصْدِهِ , وَالْوَاجِبُ هَدْمُهُ , وَهَدْمُ كُلِّ مَسْجِدٍ أُحْدِثَ لِيَنْفَرِدَ فِيهِ النَّاسُ كَالرُّهْبَانِ , أَوْ يَقْصِدَهَا أَهْلُ الْجَهْلِ طَلَبًا لِفَضْلِهَا , وَلَيْسَتْ عِنْدَهَا آثَارٌ لِنَبِيٍّ مِنْ الأَنْبِيَاءِ عليهم السلام ، وَلاَ يَحِلُّ قَصْدُ مَسْجِدٍ أَصْلاً يُظَنُّ فِيهِ فَضْلٌ زَائِدٌ عَلَى غَيْرِهِ إلاَّ مَسْجِدَ مَكَّةَ , وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ , وَمَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَقَطْ ; لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r ذَمَّ تَقَارُبَ الْمَسَاجِدِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ. [ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ عَلِيٌّ : التَّشْيِيدُ : الْبِنَاءُ بِالشَّيْدِ. وبه إلى أَبِي دَاوُد ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، حدثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ r بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ , وَأَنْ تُطَيَّبَ وَتُنَظَّفَ. قَالَ عَلِيٌّ : فَلَمْ يَأْمُرْ عليه السلام بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي كُلِّ مَكَان , وَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ.فَصَحَّ أَنَّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ عليه السلام هُوَ غَيْرُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ , فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَحَقٌّ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ هُوَ كَمَا بَيَّنَ r بِأَمْرِهِ وَفِعْلِهِ , وَهُوَ بِنَاؤُهَا فِي الدُّورِ , كَمَا قَالَ عليه السلام وَالدُّورُ هِيَ الْمَحَلاَّتُ , قَالَ عليه السلام : خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ , ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ , ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ , ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ. وَعَلَى قَدْرِ مَا بَنَاهَا عليه السلام بِالْمَدِينَةِ , لِكُلِّ أَهْلِ مَحَلَّةٌ مَسْجِدُهُمْ الَّذِي لاَ حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي إجَابَةِ مُؤَذِّنِهِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ , فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ نَقَصَ مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ عليه السلام فَبَاطِلٌ وَمُنْكَرٌ , وَالْمُنْكَرُ وَاجِبٌ تَغْيِيرُهُ. وَقَدْ افْتَرَضَ عليه السلام النِّكَاحَ وَالتَّسَرِّيَ وَنَهَى ، عَنِ الرَّهْبَانِيَّةِ , فَكُلُّ مَا أُحْدِثَ بَعْدَهُ عليه السلام مِمَّا لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ وَعَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَبِدْعَةٌ وَبَاطِلٌ وَقَدْ هَدَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَسْجِدًا بَنَاهُ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ وَرَدَّهُ إلَى مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ ، وَلاَ فَضْلَ لِجَامِعٍ عَلَى سَائِر الْمَسَاجِدِ. وَلاَ يَحِلُّ السَّفَرُ إلَى مَسْجِدٍ , حَاشَا مَسْجِدِ مَكَّةَ , وَالْمَدِينَةِ , وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حدثنا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ : مَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَمَسْجِدِي هَذَا , وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ ، حدثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إنَّمَا الرِّحْلَةُ إلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ , وَمَسْجِدِ إيلْيَاءَ 400 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تُجْزِئُ الصَّلاَةُ فِي مَكَان يُسْتَهْزَأُ فِيهِ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ بِرَسُولِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الدِّينِ , أَوْ فِي مَكَان يُكْفَرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ , فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الزَّوَالُ ، وَلاَ قَدَرَ صَلَّى وَأَجْزَأَتْهُ صَلاَتُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ. فَمَنْ اسْتَجَازَ الْقُعُودَ فِي مَكَان هَذِهِ صِفَتُهُ فَهُوَ مِثْلُ الْمُسْتَهْزِئِ الْكَافِرِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى , فَمَنْ أَقَامَ حَيْثُ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الْقُعُودَ فَقُعُودُهُ وَإِقَامَتُهُ مَعْصِيَةٌ , وَقُعُودُ الصَّلاَةِ طَاعَةٌ. وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تُجْزِئَ الْمَعَاصِي ، عَنِ الطَّاعَاتِ وَأَنْ تَنُوبَ الْمَحَارِمُ ، عَنِ الْفَرَائِضِ. وَأَمَّا مَنْ عَجَزَ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا 401 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ فِي مُصْحَفٍ ، وَلاَ فِي غَيْرِهِ لِمُصَلٍّ , إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ , فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَكَذَلِكَ عَدُّ الآيِ ; لإِنَّ تَأَمُّلَ الْكِتَابِ عَمَلٌ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِإِبَاحَتِهِ فِي الصَّلاَةِ. وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ : مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ , وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَانِ السُّلَمِيُّ. وَقَدْ قَالَ بِإِبْطَالِ صَلاَةِ مَنْ أَمَّ بِالنَّاسِ فِي الْمُصْحَفِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْهُمْ , وَالْمَرْجُوعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَيْهِ هُوَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً فَصَحَّ أَنَّهَا شَاغِلَةٌ ، عَنْ كُلِّ عَمَلٍ لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَصٌّ بِإِبَاحَتِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 402 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرُدَّ إشَارَةً لاَ كَلاَمًا , بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ , فَإِنْ تَكَلَّمَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَمَنْ عَطَسَ فَلْيَقُلْ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ". وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَحَدٌ " رَحِمَك اللَّهُ " , فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلاَةُ الْقَائِلِ لَهُ ذَلِكَ إنْ تَعَمَّدَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ فِي ذَلِكَ وَحَدِيثَ الرَّدِّ أَيْضًا فَأَغْنَى ، عَنْ إعَادَتِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 403 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تُجْزِئُ الصَّلاَةُ بِحَضْرَةِ طَعَامِ الْمُصَلِّي غَدَاءً كَانَ أَوْ عَشَاءً , وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُ الْبَوْلَ , أَوْ الْغَائِطَ. وَفُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالأَكْلِ , وَالْبَوْلِ , وَالْغَائِطِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدٌ عَبَّادٌ ، حدثنا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ هُوَ أَبُو حَزْرَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ : تَحَدَّثْت أَنَا وَالْقَاسِمُ ، هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ عَائِشَةَ فَأَتَى بِالْمَائِدَةِ فَقَامَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : قَالَتْ عَائِشَةُ : أَيْنَ قَالَ : أُصَلِّي , قَالَتْ : اجْلِسْ غُدَرَ , سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ. حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدُّبَيْرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْقَمَ فَأَقَامَ الصَّلاَةَ ثُمَّ ذَهَبَ لِلْغَائِطِ وَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ وَبِأَحَدِكُمْ الْغَائِطُ فَلْيَبْدَأْ بِالْغَائِطِ. وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عُثْمَانَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حدثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَأَقَامَ الصَّلاَةَ ثُمَّ قَالَ لاَِصْحَابِهِ : صَلُّوا , فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ وَبِأَحَدِكُمْ حَاجَةٌ فَلْيَقْضِ حَاجَتَهُ ثُمَّ يُصَلِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى. وَبِهِ قَالَ السَّلَفُ : رُوِّينَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ , وَحُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ : وُضِعَتْ الْمَائِدَةُ وَحَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَقُمْت لاُِصَلِّيَ الْمَغْرِبَ , فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِثَوْبِي وَقَالَ : اجْلِسْ وَكُلْ ثُمَّ صَلِّهِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لاَ تُدَافِعُوا الأَخْبَثَيْنِ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ سَوَاءٌ عَلَيْهِ يُصَلِّي مَنْ شُكِيَ بِهِ , أَوْ كَانَ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ هَذَا. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْوَقْتِ فَكَذَلِكَ ; لاَِنَّهُ مَأْمُورٌ عَلَى الْجُمْلَةِ بِأَنْ يَبْتَدِئَ بِالْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ وَالأَكْلِ.فَصَحَّ أَنَّ الْوَقْتَ مُتَمَادًى لَهُ إذْ أُمِرَ بِتَأْخِيرِهَا حَتَّى يُتِمَّ شُغْلَهُ كَمَا ذَكَرْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 404 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً أَوْ كُرَّاثًا فَفُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَذْهَبَ الرَّائِحَةُ , وَفُرِضَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ دَخَلَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الرَّائِحَةِ , فَإِنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ كَذَلِكَ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ ، وَلاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الْمَسْجِدِ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا , وَلاَ أَبْخَرُ , وَلاَ مَجْذُومٌ , وَلاَ ذُو عَاهَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا ابْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ الْمَسَاجِدَ. وبه إلى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : حدثنا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ ، حدثنا قَتَادَةُ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ كَلاَمًا كَثِيرًا : وَفِيهِ " إنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لاَ أَرَاهُمَا إلاَّ خَبِيثَتَيْنِ , هَذَا الْبَصَلُ , وَالثُّومُ , وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r إذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إلَى الْبَقِيعِ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ , وَالْكُرَّاثَ ; فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا , فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ. قَالَ عَلِيٌّ : إذَا لَمْ يَقُلْ مَسْجِدَنَا هَذَا , أَوْ لَفْظًا يُبَيِّنُ تَخْصِيصَهُ بِمَسْجِدِهِ بِالْمَدِينَةِ : فَكُلُّ مَسْجِدٍ فَهُوَ مَسْجِدُنَا ; لاَِنَّهُ عليه السلام يُخْبِرُ ، عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ : مَسْجِدَنَا مَعَ مَا قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ قَالَ عَلِيٌّ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ سَعِيدٍ : كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ r إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ الثُّومَ خَرَجَ إلَى الْبَرِّيَّةِ كَأَنَّهُ يَعْنِي إيَّاهُ وَرُوِّينَا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَشُرَيْكِ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ التَّابِعِينَ تَحْرِيمَ الثُّومِ النِّيءِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ : لَيْسَ حَرَامًا لإِنَّ النَّبِيَّ r أَبَاحَهُ فِي الأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ. وَرُوِّينَا ، عَنْ عَطَاءٍ مَنْعَ آكِلِ الثُّومِ مِنْ جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ. قَالَ عَلِيٌّ : لَمْ يَمْنَعْ عليه السلام مِنْ حُضُورِ الْمَسَاجِدِ أَحَدًا غَيْرَ مَنْ ذَكَرْنَا وَمَا يَنْطِقُ ، عَنِ الْهَوَى وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيَّا 405 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ تَعَمَّدَ فَرْقَعَةَ أَصَابِعِهِ أَوْ تَشْبِيكَهَا فِي الصَّلاَةِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , لِقَوْلِهِ r إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً 406 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ صَلَّى مُعْتَمِدًا عَلَى عَصًا أَوْ عَلَى جِدَارٍ أَوْ عَلَى إنْسَانٍ أَوْ مُسْتَنِدًا فَصَلاَتُهُ بَاطِلَةٌ لاَِمْرِهِ r بِالْقِيَامِ فِي الصَّلاَةِ , فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَقَاعِدًا , فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَمُضْطَجِعًا وَكَانَ الاِتِّكَاءُ وَالاِسْتِنَادُ عَمَلاً لَمْ يَأْتِ بِهِ أَمْرٌ. وَقَالَ عليه السلام : إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً. قَالَ عَلِيٌّ : إلاَّ أَنْ يَصِحَّ أَثَرٌ فِي إبَاحَةِ ذَلِكَ فَنَقُولُ بِهِ , وَلاَ نَعْلَمُهُ يَصِحُّ ; لإِنَّ الرِّوَايَةَ فِيهِ إنَّمَا هِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ السَّلاَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الْوَابِصِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ , وَلاَ يُعْلَمُ حَالُهُ ، وَلاَ حَالُ أَبِيهِ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ لاَ إبَاحَةٌ فِيهِ لِلاِعْتِمَادِ فِي الصَّلاَةِ , وَلاَ لِلاِسْتِنَادِ ; لإِنَّ لَفْظَهُ إنَّمَا هُوَ ، عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمَّا أَسَنَّ وَحَمَلَ اللَّحْمَ اتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلاَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ عليه السلام يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الصَّلاَةِ , وَالأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ مِقْدَارُ مَا قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ 407 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ تَخَتَّمَ فِي السَّبَّابَةِ أَوْ الْوُسْطَى , أَوْ الإِبْهَامِ , أَوْ الْبِنْصِرِ إلاَّ الْخِنْصَرَ وَحْدَهُ وَتَعَمَّدَ الصَّلاَةَ كَذَلِكَ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبَ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ , قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، هُوَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ t يَقُولُ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ r ، عَنِ الْخَاتَمِ فِي السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. وَقَالَ هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ : عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، هُوَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي أُصْبُعِي هَذِهِ , وَفِي الْوُسْطَى , أَوْ الَّتِي تَلِيهَا. قَالَ عَلِيٌّ : حَدِيثُ شُعْبَةَ هَذَا يَقْضِي عَلَى كُلِّ خَبَرٍ شَكَّ فِيهِ مَنْ رَوَاهُ ، عَنْ عَاصِمٍ , وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى مُتَخَتِّمًا فِي إصْبَعٍ نُهِيَ ، عَنِ التَّخَتُّمِ فِيهَا وَبَيْنَ مَنْ صَلَّى لاَبِسَ حَرِيرٍ أَوْ عَلَى حَالٍ مُحَرَّمَةٍ , لإِنَّ كُلَّهُمْ قَدْ فَعَلَ فِي الصَّلاَةِ فِعْلاً نُهِيَ عَنْهُ ; فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ 408 - مَسْأَلَةٌ : فَلَوْ صَرَفَ نِيَّتَهُ فِي الصَّلاَةِ مُتَعَمِّدًا إلَى صَلاَةٍ أُخْرَى , أَوْ إلَى تَطَوُّعٍ ، عَنْ فَرْضٍ , أَوْ إلَى فَرْضٍ ، عَنْ تَطَوُّعٍ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا كَمَا أُمِرَ ; فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ ; وَلَكِنْ يُلْغَى مَا عَمِلَ بِخِلاَفِ مَا أُمِرَ بِهِ , طَالَ أَمْ قَصُرَ , وَيَبْنِي عَلَى مَا صَلَّى كَمَا أُمِرَ , وَيُتِمُّ صَلاَتَهُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ , ذَلِكَ مَا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ , فَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ مِنْ أَوَّلِهَا , لَمَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْكَلاَمِ وَالْعَمَلِ فِي الصَّلاَةِ ، وَلاَ فَرْقَ 409 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ أَتَى عَرَّافًا وَهُوَ الْكَاهِنُ فَسَأَلَهُ مُصَدِّقًا لَهُ وَهُوَ يَدْرِي أَنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ لَهُ : لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إلاَّ أَنْ يَتُوبَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ صَفِيَّةَ هِيَ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ r قَالَ مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ ، عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. قَالَ عَلِيٌّ : أَزْوَاجُ النَّبِيِّ r كُلُّهُنَّ فِي غَايَةِ الصِّدْقِ وَالْعَدَالَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالثِّقَةِ ; لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُخْفِينَ , وَلاَ أَنْ يَخْتَلِطَ بِهِنَّ مَنْ لَيْسَ مِنْهُنَّ ; بِخِلاَفِ مُدَّعِي الصُّحْبَةِ وَهُوَ لاَ يُعْرَفُ وَمَنْ أَتَى الْعَرَّافَ فَسَأَلَهُ غَيْرَ مُصَدِّقٍ لَهُ لَكِنْ لِيُكَذِّبَهُ فَلَيْسَ سَائِلاً لَهُ ، وَلاَ آتِيًا إلَيْهِ , وَمَنْ تَابَ فَقَدْ اسْتَثْنَى اللَّهُ بِالتَّوْبَةِ سُقُوطَ جَمِيعِ الذُّنُوبِ إذَا صَحَّتْ التَّوْبَةُ وَكَانَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا عَلَى التَّغْلِيظِ فَقَدْ نَسَبَ تَعَمُّدَ الْكَذِبِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r ; وَفِي هَذَا مَا لاَ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ 410 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ قَدْ سَلَّمَ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي إمَامَةِ الإِمَامِ فَقَامَ لِقَضَاءِ مَا لَمْ يُدْرِكْ أَوْ لِتَطَوُّعٍ أَوْ لِحَاجَةٍ سَاهِيًا : فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مَتَى مَا ذَكَرَ وَيَجْلِسَ وَيَتَشَهَّدَ إنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ ، وَلاَ يُسَلِّمُ إلاَّ بَعْدَ سَلاَمِ إمَامِهِ وَجَالِسًا : وَلاَ بُدَّ , فَإِنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُلُوسِ : سَلَّمَ كَمَا يَقْدِرُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ , فَإِنْ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ مَا ذَكَرْنَا ابْتَدَأَ الصَّلاَةِ ، وَلاَ بُدَّ فَلَوْ تَعَمَّدَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا قَبْلُ ذَاكِرًا أَنَّهُ فِي إمَامَةِ الإِمَامِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِكُلِّ عَمَلٍ تَعَمَّدَ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ ، وَلاَ أُبِيحَ لَهُ , وَبِأَنَّ النِّسْيَانَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَالسَّلاَمُ لاَ يَكُونُ بِالنَّصِّ وَالإِجْمَاعِ إلاَّ فِي آخِرِ الْجُلُوسِ الَّذِي فِيهِ التَّشَهُّدُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 411 - مَسْأَلَةٌ : وَالصَّلاَةُ خَلْفَ مَنْ يَدْرِي الْمَرْءُ أَنَّهُ كَافِرٌ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ خَلْفَ مَنْ يَدْرِي أَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ لِلصَّلاَةِ بِلاَ طَهَارَةٍ , أَوْ مُتَعَمِّدٌ لِلْعَبَثِ فِي صَلاَتِهِ وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ مَعَ النَّصِّ الثَّابِتِ بِأَنْ يَؤُمَّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى , وَالْكَافِرُ لَيْسَ أَحَدَنَا وَلَيْسَ الْكَافِرُ مِنْ الْمُصَلِّينَ ، وَلاَ مُضَافًا إلَيْهِمْ , وَلَيْسَ الْعَابِثُ مُصَلِّيًا ، وَلاَ فِي صَلاَةٍ فَالْمُؤْتَمُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ 412 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ مُسْلِمٌ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَافِرٌ , أَوْ أَنَّهُ عَابِثٌ , أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ ; فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ ; لاَِنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْرِفَةَ مَا فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَقَدْ قَالَ عليه السلام لَمْ أُبْعَثْ لاَِشُقَّ ، عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَإِنَّمَا كُلِّفْنَا ظَاهِرَ أَمْرِهِمْ فَأُمِرْنَا إذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ أَنْ يَؤُمَّنَا بَعْضُنَا فِي ظَاهِرِ أَمْرِهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ صَلَّى كَمَا أُمِرَ , وَكَذَلِكَ الْعَابِثُ فِي نِيَّتِهِ أَيْضًا لاَ سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 413 - مَسْأَلَةٌ : وَأَمَّا مَنْ تَأَوَّلَ فِي بَعْضِ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَلَمْ يَرَ الْوُضُوءَ مِنْهُ : فَالاِئْتِمَامُ بِهِ جَائِزٌ ; وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَقَدَ مُتَأَوِّلاً أَنَّ بَعْضَ فُرُوضِ صَلاَتِهِ تَطَوُّعٌ ; لاَِنَّهُ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ , وَقَدْ أَجَازَ عليه السلام صَلاَةَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ , وَهُوَ قَدْ تَعَمَّدَ الْكَلاَمَ فِي صَلاَتِهِ جَاهِلاً 414 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ قَدْ زَادَ رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً فَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ عَلَيْهَا , بَلْ يَبْقَى عَلَى الْحَالَةِ الْجَائِزَةِ , وَيُسَبِّحُ بِالإِمَامِ , وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿ لاَ تُكَلَّفُ إلاَّ نَفْسَكَ 415 - مَسْأَلَةٌ : وَأَيُّمَا رَجُلٍ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , وَلاَ يَضُرُّ ذَلِكَ الْمَرْأَةَ شَيْئًا. وَفُرِضَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ تَعْدِيلُ الصُّفُوفِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ وَالتَّرَاصُّ فِيهَا , وَالْمُحَاذَاةُ بِالْمَنَاكِبِ , وَالأَرْجُلِ , فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ كَانَ فِي آخِرِهَا وَمَنْ صَلَّى وَأَمَامَهُ فِي الصَّفِّ فُرْجَةٌ يُمْكِنُهُ سَدُّهَا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ; فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي الصَّفِّ مَدْخَلاً فَلْيَجْتَذِبْ إلَى نَفْسِهِ رَجُلاً يُصَلِّي مَعَهُ ; فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَرْجِعْ , وَلاَ يُصَلِّ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ إلاَّ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا فَيُصَلِّي وَتُجْزِئُهُ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلاَنِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ وَابِصَةَ ، هُوَ ابْنُ مَعْبَدِ الأَسَدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاَةَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ أَخْبَرَهُ ، عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r أَمَرَ رَجُلاً صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاَةَ. فَقَالَ قَوْمٌ بِآرَائِهِمْ : لَعَلَّهُ أَمَرَهُ بِالإِعَادَةِ لاَِمْرٍ غَيْرِ ذَلِكَ لاَ نَعْرِفُهُ قال علي : وهذا بَاطِلٌ لاَِنَّهُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ بَيَانَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَوْا , وَإِذَا جَوَّزُوا مِثْلَ هَذَا لَمْ يَعْجِزْ أَحَدٌ لاَ يَتَّقِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقُولَ إذَا ذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ : لَعَلَّهُ نَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ يُبْطِلُ هَذَا الْحُكْمَ الْوَارِدَ فِيهِ فَكَيْفَ وَقَدْ حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا مُلاَزِمُ بْنُ عَمْرِو ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ , فَقَضَى الصَّلاَةَ فَرَأَى رَجُلاً فَرْدًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ فَوَقَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ r حَتَّى انْصَرَفَ , فَقَالَ لَهُ : اسْتَقْبِلْ صَلاَتَك , فَإِنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِلَّذِي خَلْفَ الصَّفِّ. قَالَ عَلِيٌّ : مُلاَزِمٌ ثِقَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ , وَابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا عَابَ عَبْدَ الرَّحْمَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلاَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ , وَهَذَا لَيْسَ جُرْحَةً. وَرِوَايَةُ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ حَدِيثُ وَابِصَةَ مَرَّةً ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ , وَمَرَّةً ، عَنْ عَمْرٍو بْنِ رَاشِدٍ قُوَّةٌ لِلْخَبَرِ , وَعَمْرُو بْنُ رَاشِدٍ ثِقَةٌ , وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ ، حدثنا شُعْبَةُ أَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْت سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ سَمِعْت النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ. قال علي : هذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ. وَالْوَعِيدُ لاَ يَكُونُ إلاَّ فِي كَبِيرَةٍ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَبِهِ نَصًّا إلَى شُعْبَةَ : عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ. قَالَ عَلِيٌّ : تَسْوِيَةُ الصَّفِّ إذَا كَانَ مِنْ إقَامَةِ الصَّلاَةِ فَهُوَ فَرْضٌ ; لإِنَّ إقَامَةَ الصَّلاَةِ فَرْضٌ ; وَمَا كَانَ مِنْ الْفَرْضِ فَهُوَ فَرْضٌ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ ، حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرِو ، حدثنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ ، حدثنا حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ ، حدثنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r : أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا , فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي. وَرُوِّينَا ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّهُ قَالَ " كَانَ أَحَدُنَا يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ. قال علي : هذا إجْمَاعٌ مِنْهُمْ , وَالآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا ; وَالصَّفُّ الأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يَلِي الإِمَامَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ ، حدثنا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلاَسٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ لَوْ تَعْلَمُونَ أَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ لَكَانَتْ قُرْعَةً. قَالَ عَلِيٌّ : لاَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقُرْعَةُ إلاَّ فِيمَا لاَ يَسَعُ الْجَمِيعَ فَيَقَعُ فِيهِ التَّغَايُرُ وَالْمُضَايَقَةُ وَلَوْ كَانَ الصَّفُّ الأَوَّلُ لِلْمُبَادِرِ بِالْمَجِيءِ كَمَا يَقُولُ مَنْ لاَ يُحَصِّلُ كَلاَمَهُ لَمَا كَانَتْ الْقُرْعَةُ فِيهِ إلاَّ حَمَاقَةً ; لاَِنَّهُ لاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِالْمَجِيءِ حَتَّى يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى قُرْعَةٍ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبَ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ هُوَ الْجَحْدَرِيُّ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ ، حدثنا سَعِيدُ ، هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : أَتِمُّوا الصَّفَّ الأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ , فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ. قَالَ عَلِيٌّ : شَغَبَ مَنْ أَجَازَ صَلاَةَ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r بِأَنَسٍ , وَالْيَتِيمِ خَلْفَهُ , وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لإِنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ , وَإِلاَّ فَعَلَيْهِنَّ مِنْ إقَامَةِ الصُّفُوفِ إذَا كَثُرْنَ مَا عَلَى الرِّجَالِ لِعُمُومِ الأَمْرِ بِذَلِكَ , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ حَدِيثُ مُصَلَّى الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ لِحَدِيثِ وَابِصَةَ , وَلاَ حَدِيثُ وَابِصَةَ لِحَدِيثِ مُصَلَّى الْمَرْأَةِ , فَلَيْسَ مَنْ تَرَكَ هَذَا لِهَذَا بِأَوْلَى مِمَّنْ تَرَكَ مَا أَخَذَ هَذَا وَأَخَذَ بِمَا تَرَكَ , وَكُلُّ هَذَا لاَ يَجُوزُ وَشَغَبُوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ إذْ جَاءَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَوَقَفَ ، عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ r مُؤْتَمًّا بِهِ وَحْدَهُ فَأَدَارَ عليه السلام كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى جَعَلَهُ ، عَنْ يَمِينِهِ , قَالُوا : فَقَدْ صَارَ جَابِرٌ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي تِلْكَ الإِدَارَةِ. قال علي : وهذا لاَ حُجَّةَ فِيهِ لَهُمْ , لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ ضَرْبُ السُّنَنِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. وَهَذَا تَلاَعُبٌ بِالدِّينِ وَلَيْتَ شِعْرِي مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ تَرَكَ حَدِيثَ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ لِحَدِيثِ وَابِصَةَ , وَعَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ وَبَيْنَ مَنْ تَرَكَ حَدِيثَ وَابِصَةَ , وَعَلِيٍّ لِحَدِيثِ جَابِرٍ , وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهَلْ هَذَا كُلُّهُ إلاَّ بَاطِلٌ بَحْتٌ , وَتَحَكُّمٌ بِلاَ بُرْهَانٍ بَلْ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ الأَخْذُ بِكُلِّ ذَلِكَ , فَكُلُّهُ حَقٌّ , وَلاَ يَحِلُّ خِلاَفُهُ , فَإِدَارَةُ الإِمَامِ مَنْ صَلَّى ، عَنْ يَسَارِهِ إلَى يَمِينِهِ حَقٌّ , وَلاَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ الصَّلاَةُ , وَبِخِلاَفِ مَنْ صَلَّى ، عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فَصَلاَةُ هَذَيْنِ بَاطِلٌ , بِخِلاَفِ حُكْمِ الْمُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ , وَمَا سُمِّيَ قَطُّ الْمُدَارُ ، عَنْ شِمَالٍ إلَى يَمِينٍ مُصَلِّيًا وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ إذَا أَتَى وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ. قال علي : وهذا الخبر حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَنَا ; لإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا حُمَيْدٍ بْنُ مَسْعَدَةَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ : حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ ، حدثنا الْحَسَنُ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَنَبِيُّ اللَّهِ r رَاكِعٌ , قَالَ : فَرَكَعْتُ دُونَ الصَّفِّ , فَقَالَ النَّبِيُّ r زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا ، وَلاَ تَعُدْ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ الأَعْلَمِ هُوَ زِيَادٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي وَقَدْ رَكَعَ , فَرَكَعَ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ وَهُوَ رَاكِعٌ ; فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ r قَالَ : أَيُّكُمْ دَخَلَ الصَّفَّ وَهُوَ رَاكِعٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرَةَ : أَنَا , قَالَ : زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا ، وَلاَ تَعُدْ. قَالَ عَلِيٌّ : فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرُّكُوعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ دُخُولَ الصَّفِّ كَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ فإن قيل : فَهَلاَّ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r بِالإِعَادَةِ كَمَا أَمَرَ الَّذِي أَسَاءَ الصَّلاَةَ وَاَلَّذِي صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ قلنا : نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ نَقْطَعُ بِهِ أَنَّ الرُّكُوعَ دُونَ الصَّفِّ إنَّمَا حَرُمَ حِينَ نَهَى النَّبِيُّ r . فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلاَ إعَادَةَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا قَبْلَ النَّهْيِ ; لَمَا أَغْفَلَ عليه السلام أَمْرَهُ بِالإِعَادَةِ , كَمَا فَعَلَ مَعَ غَيْرِهِ. فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ أَجَازَ صَلاَةَ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ , وَصَلاَةُ مَنْ لَمْ يُقِمْ الصُّفُوفَ : حُجَّةٌ أَصْلاً , لاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ ، وَلاَ إجْمَاعٍ وَبِقَوْلِنَا يَقُولُ السَّلَفُ الطَّيِّبُ : رُوِّينَا بِأَصَحِّ إسْنَادٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : كُنْت فِيمَنْ ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدَمَهُ لاِِقَامَةِ الصَّفِّ فِي الصَّلاَةِ قَالَ عَلِيٌّ : مَا كَانَ t لِيَضْرِبَ أَحَدًا وَيَسْتَبِيحَ بَشَرَةً مُحَرَّمَةً عَلَى غَيْرِ فَرْضٍ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَبْعَثُ رِجَالاً يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ , فَإِذَا جَاءُوا : كَبَّرَ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ نَهْرٌ أَوْ حَائِطٌ أَوْ طَرِيقٌ فَلَيْسَ مَعَ الإِمَامِ وَعَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ قَلَّمَا يَدَعُ ذَلِكَ كَلاَمًا فِيهِ : إذَا قَامَتْ الصَّلاَةُ فَاعْدِلُوا الصُّفُوفَ , وَحَاذُوا بِالْمَنَاكِبِ , فَإِنَّ اعْتِدَالَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ , ثُمَّ لاَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَهُ رِجَالٌ قَدْ وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَيُخْبِرُونَهُ أَنَّهَا اسْتَوَتْ فَيُكَبِّرُ. هَذَا فِعْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ رضي الله عنهما بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , لاَ يُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : اعْدِلُوا الصُّفُوفَ وَصُفُّوا الأَقْدَامَ وَحَاذُوا بِالْمَنَاكِبِ. وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عِمْرَانَ الْجُعْفِيِّ ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ : كَانَ بِلاَلٌ هُوَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ r يَضْرِبُ أَقْدَامَنَا فِي الصَّلاَةِ وَيُسَوِّي مَنَاكِبَنَا. فَهَذَا بِلاَلٌ مَا كَانَ : لِيَضْرِبَ أَحَدًا عَلَى غَيْرِ الْفَرْضِ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ : مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ اعْتِدَالُ الصَّفِّ. وَ، أَنَّهُ قَالَ : لاََنْ تَخِرَّ ثَنِيَّتَايَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى خَلَلاً فِي الصَّفِّ فَلاَ أَسُدَّهُ قال علي : هذا لاَ يُتَمَنَّى فِي تَرْكِ مُبَاحٍ أَصْلاً وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إيَّاكُمْ وَمَا بَيْنَ السَّوَارِي , وَعَلَيْكُمْ بِالصَّفِّ الأَوَّلِ. وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ : رَأَيْت الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يَتَخَلَّلُ الصُّفُوفَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : وَاَللَّهِ لَتُقَيِّمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفْنَ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ. وَقِيلَ لاَِنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَتُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : لاَ , إلاَّ أَنَّكُمْ لاَ تُقَيِّمُونَ الصُّفُوفَ. قَالَ عَلِيٌّ : الْمُبَاحُ لاَ يَكُونُ مُنْكَرًا وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الأَمْرُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَعَنْ عَطَاءٍ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُسَوُّوا الصُّفُوفَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ يَزِيدَ : سَوُّوا الصُّفُوفَ , فَإِنَّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ إقَامَةَ الصَّفِّ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الرَّجُلِ يَجِيءُ وَقَدْ تَمَّ الصَّفُّ : إنْ قَدَرَ فَلْيَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ , أَوْ يَجْتَذِبُ رَجُلاً فَيُصَلِّي مَعَهُ , فَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُعِدْ الصَّلاَةَ. وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ : سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ ، عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ قَالَ : يُعِيدُ. وَبِبُطْلاَنِ صَلاَةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ مُنْفَرِدًا يَقُولُ الأَوْزَاعِيُّ , وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ , وَأَحَدُ قَوْلَيْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقَ 416 - مَسْأَلَةٌ : وَوَاجِبٌ عَلَى مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَقُولَ " اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك " فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ فَلْيَقُلْ : " اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك ". وَهَذَا إنَّمَا هُوَ مِنْ شُرُوطِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مَتَى دَخَلَهُ , لاَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلاَةِ , فَصَلاَةُ مَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ جَائِزَةٌ , وَقَدْ عَصَى فِي تَرْكِهِ قَوْلَ مَا أُمِرَ بِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ ، هُوَ ابْنُ سُوَيْد الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ ، عَنْ أَبِي أُسَيْدَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ , وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ : أَيُّهُمَا كَانَ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ مَنْ بَعْدَهُ 417 - مَسْأَلَةٌ : وَفُرِضَ عَلَى كُلِّ مَأْمُومٍ أَنْ لاَ يَرْفَعَ ، وَلاَ يَرْكَعَ ، وَلاَ يَسْجُدَ ، وَلاَ يُكَبِّرَ ، وَلاَ يَقُومَ ، وَلاَ يُسَلِّمَ قَبْلَ إمَامِهِ , وَلاَ مَعَ إمَامِهِ ; فَإِنْ فَعَلَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ; لَكِنْ بَعْدَ تَمَامِ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ إمَامِهِ ; فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا فَلْيَرْجِعْ ، وَلاَ بُدَّ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْهُ بَعْدَ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ إمَامِهِ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ ، حدثنا أَبُو مُوسَى قَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ r خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّةَ الْخَيْرِ , وَعَلَّمَنَا صَلاَتَنَا , فَقَالَ : إذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ , ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ , فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا , وَإِذَا قَالَ : غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ، وَلاَ الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ يُجِبْكُمْ اللَّهُ فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا , فَإِنَّ الإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ , فَتِلْكَ بِتِلْكَ وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا , فَإِنَّ الإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ , فَتِلْكَ بِتِلْكَ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ ، حدثنا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ r سَاجِدًا , ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ : حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ , أَوْ لاَ يَخْشَى أَحَدُكُمْ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ ; أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ. حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ ، وَلاَ السُّجُودِ فَإِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ فَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْتُ فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْتُ , وَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إذَا سَجَدْتُ فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْتُ وَبِهِ قَالَ السَّلَفُ. رُوِّينَا ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : إنَّ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ وَيَخْفِضُ قَبْلَهُ فَإِنَّ نَاصِيَتَهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : مَا يُؤْمِنُ الرَّجُلُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ تَعُودَ رَأْسُهُ رَأْسَ كَلْبٍ. قَالَ عَلِيٌّ : لاَ وَعِيدَ أَشَدَّ مِنْ الْمَسْخِ فِي صُورَةِ كَلْبٍ أَوْ حِمَارٍ , وَلاَ عُقُوبَةَ أَعْظَمَ مِنْ إسْلاَمِ نَاصِيَةِ الْمَرْءِ إلَى يَدِ الشَّيْطَانِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ : لاَ تُبَادِرُوا أَئِمَّتَكُمْ بِالسُّجُودِ , فَإِنْ سَبَقَكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَلْيَضَعْ أَحَدُكُمْ رَأْسَهُ كَقَدْرِ مَا سَبَقَ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ هَذَا حَرْفًا حَرْفًا. قَالَ عَلِيٌّ : وَالْمَعْصِيَةُ الْمُحَرَّمَةُ الْمُبْعِدَةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لاَ تَنُوبُ ، عَنِ الطَّاعَةِ الْمُفْتَرَضَةِ الْمُقَرِّبَةِ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ 418 - مَسْأَلَةٌ : فَمَنْ كَانَ عَلِيلَ الْبَصَرِ وَخَشِيَ ضَرَرًا مِنْ طُولِ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ فَلْيُؤَخِّرْ ذَلِكَ إلَى قُرْبِ رَفْعِ الإِمَامِ رَأْسَهُ بِمِقْدَارِ مَا يَرْكَعُ وَيَطْمَئِنُّ وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثُمَّ يَرْفَعُ بَعْدَ رَفْعِ الإِمَامِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وَلِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ ، وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ , وَمَالِكٍ : لاَ يَحِلُّ لِمَأْمُومٍ أَنْ يُكَبِّرَ لِلإِحْرَامِ قَبْلَ إمَامِهِ , وَلاَ مَعَ إمَامِهِ , وَلاَ أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَ إمَامِهِ , وَلاَ مَعَ إمَامِهِ : ثُمَّ أَجَازُوا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ سَائِرَ ذَلِكَ مَعَ الإِمَامِ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا أَوْ فَاقْضُوا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُفَارِقَ الإِمَامَ حَتَّى تَتِمَّ صَلاَةُ الإِمَامِ , وَلاَ تَتِمُّ صَلاَةُ الإِمَامِ إلاَّ بِتَمَامِ سَلاَمِهِ 419 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُكَبِّرَ قَبْلَ إمَامِهِ إلاَّ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ : أَحَدُهَا : مَنْ دَخَلَ خَلْفَ إمَامٍ فَلَمَّا كَبَّرَ الإِمَامُ وَكَبَّرَ النَّاسُ ذَكَرَ الإِمَامُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ , فَإِنَّهُ يُشِيرُ إلَى النَّاسِ أَنْ اُمْكُثُوا , ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَتَطَهَّرُ , ثُمَّ يَأْتِي فَيَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ لِلإِحْرَامِ , وَهُمْ بَاقُونَ عَلَى مَا كَبَّرُوا ; كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r بِأَصْحَابِهِ ، رضي الله عنهم . وَالثَّانِي : أَنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ وَيُكَبِّرَ النَّاسُ بَعْدَهُ ثُمَّ يُحْدِثُ , فَيَسْتَخْلِفُ مَنْ دَخَلَ حِينَئِذٍ , فَيَصِيرُ إمَامًا مَكَانَهُ , وَيَكُونُ الْمُؤْتَمُّونَ بِهِ قَدْ كَبَّرُوا قَبْلَهُ وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ , وَالْمَالِكِيِّينَ , وَالشَّافِعِيِّينَ , وَالْحَنْبَلِيِّينَ. وَالثَّالِثُ : أَنْ يَغِيبَ الإِمَامُ الرَّاتِبُ فَيَسْتَخْلِفَ النَّاسُ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ ثُمَّ يَأْتِي الإِمَامُ الرَّاتِبُ فَيَتَأَخَّرُ الْمُقَدَّمُ , وَيَتَقَدَّمُ هُوَ , فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَدْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُونَ قَبْلَهُ , كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r مَرَّتَيْنِ : مَرَّةً إذْ مَضَى عليه السلام إلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ , فَقَدَّمَ النَّاسُ لِلصَّلاَةِ الَّتِي حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ r فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r فَصَلَّى بِالنَّاسِ بَانِينَ عَلَى مَا صَلَّوْا مَعَ أَبِي بَكْرٍ. وَكَمَا فَعَلَ r فِي آخِرِ صَلاَةٍ صَلاَّهَا بِالْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالرَّابِعُ : مَنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ أَوْ يَئِسَ ، عَنْ أَنْ يَجِدَ جَمَاعَةً فَبَدَأَ الصَّلاَةَ فَلَمَّا دَخَلَ فِيهَا أَتَى الإِمَامُ , فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي صَلاَةِ الإِمَامِ وَيَعْتَدُّ بِتَكْبِيرِهِ وَبِمَا صَلَّى , لاَِنَّهُ كَبَّرَ كَمَا أُمِرَ , وَصَلَّى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ كَمَا أُمِرَ , وَمَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ أَحْسَنَ , وَمَنْ أَحْسَنَ فَلاَ يَجُوزُ إبْطَالُ مَا عَمِلَ إلاَّ بِنَصِّ : قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿ ، وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. وَكَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لاَِحَدٍ أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَ إمَامِهِ إلاَّ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ : أَحَدُهَا : صَلاَةُ الْخَوْفِ , كَمَا نَذْكُرُ فِي أَبْوَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالثَّانِي : مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ أَوْ يَئِسَ ، عَنْ وُجُودِ جَمَاعَةٍ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ ثُمَّ أَتَى الإِمَامُ , فَصَارَ هَذَا مُؤْتَمًّا بِهِ وَتَمَّتْ صَلاَتُهُ قَبْلَ صَلاَةِ الإِمَامِ , فَهَذَا مُخَيَّرٌ , إنْ شَاءَ سَلَّمَ وَنَهَضَ ; لإِنَّ صَلاَتَهُ قَدْ تَمَّتْ. وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الاِئْتِمَامُ بِالإِمَامِ فِي أَحْوَالٍ يَفْعَلُهَا الإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ , وَلاَ يَحِلُّ لِلْمُؤْتَمِّ أَنْ يَزِيدَهَا فِي صَلاَتِهِ ; فَإِذْ لاَ يَجُوزُ لَهُ الاِئْتِمَامُ بِالإِمَامِ فَقَدْ خَرَجَ ، عَنْ إمَامَتِهِ وَتَمَّتْ صَلاَتُهُ , فَلْيُسَلِّمْ , وَإِنْ شَاءَ يَتَمَادَى عَلَى تَشَهُّدِهِ وَدُعَائِهِ , حَتَّى إذَا سَلَّمَ الإِمَامُ سَلَّمَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ. وَالثَّالِثُ : مُسَافِرٌ دَخَلَ خَلْفَ مَنْ يُتِمُّ الصَّلاَةَ إمَّا مُقِيمًا وَأَمَّا مُتَأَوِّلاً مَعْذُورًا بِخَطَئِهِ فَإِذَا تَمَّتْ لِلْمَأْمُومِ رَكْعَتَانِ بِسَجْدَتَيْهِمَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ ; فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ سَلاَمٍ أَوْ تَمَادَى عَلَى الْجُلُوسِ وَالدُّعَاءِ , وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ سَلاَمِهِ أَنْ يَنْهَضَ فَلَهُ ذَلِكَ , وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الإِمَامِ بَاقِيَ صَلاَتِهِ مُتَطَوِّعًا فَذَلِكَ لَهُ وَالرَّابِعُ : مَنْ طَوَّلَ عَلَيْهِ الإِمَامُ تَطْوِيلاً يَضُرُّ بِهِ فِي نَفْسِهِ , أَوْ فِي ضَيَاعِ مَالِهِ ; فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ ، عَنْ إمَامَتِهِ , وَيُتِمَّ صَلاَتَهُ لِنَفْسِهِ , وَيُسَلِّمَ وَيَنْهَضَ لِحَاجَتِهِ : كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، حدثنا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو ، هُوَ ابْنُ دِينَارٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ r ثُمَّ يَأْتِي فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ , فَصَلَّى لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ r الْعِشَاءَ , ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ , فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ , فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ , ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ , فَقَالُوا لَهُ : أَنَافَقْتَ يَا فُلاَنُ قَالَ : لاَ وَاَللَّهِ , وَلاَتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r فَلاَُخْبِرَنَّهُ ; فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ r فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّا أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِالنَّهَارِ , وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَك الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ , فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ : يَا مُعَاذٌ , أَفَتَّانٌ أَنْتَ اقْرَأْ بِكَذَا , وَاقْرَأْ بِكَذَا وَذَكَرَ بَاقِيَ الْكَلاَمِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حدثنا غُنْدَرٍ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ r ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ , فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ فَانْصَرَفَ رَجُلٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ r فَقَالَ : فَتَّانٌ فَتَّانٌ فَتَّانٌ أَوْ قَالَ : فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنًا وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ. وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مَعَ النَّصِّ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : إذَا تَشَهَّدَ الرَّجُلُ وَخَافَ أَنْ يُحْدِثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الإِمَامُ فَلْيُسَلِّمْ وَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ ، وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا. وَبِكُلِّ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا , قَدْ قَالَتْ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ ، رضي الله عنهم . 420 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ إخْرَاجُهُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إنْ قَامَ عَنْهُ غَيْرَ تَارِكٍ لَهُ فَرَجَعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ; لإِنَّ الْمَسْجِدَ لِجَمِيعِ النَّاسِ , وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ r أَنْ يُقَامَ أَحَدٌ ، عَنْ مَكَانِهِ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : إذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ. 421 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّي أَمَامَ الإِمَامِ إلاَّ لِضَرُورَةِ حَبْسٍ فَقَطْ , أَوْ فِي سَفِينَةٍ حَيْثُ لاَ يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، حدثنا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَرَزَةَ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r تَوَضَّأَ , قَالَ جَابِرٌ : فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّأِ رَسُولِ اللَّهِ r فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r لِيُصَلِّيَ , ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ ، عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ r فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي ، عَنْ يَمِينِهِ , ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ ، عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ r فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ. فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الاِثْنَانِ فَصَاعِدًا خَلْفَ الإِمَامِ ، وَلاَ بُدَّ ; وَيَكُونُ الْوَاحِدُ ، عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ ، وَلاَ بُدَّ ; لإِنَّ دَفْعَ النَّبِيِّ r جَابِرًا وَجَبَّارًا إلَى مَا وَرَاءَهُ أَمْرٌ مِنْهُ عليه السلام بِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ تَعَدِّيهِ , وَإِدَارَتَهُ جَابِرًا إلَى يَمِينِهِ كَذَلِكَ ; فَمَنْ صَلَّى بِخِلاَفِ مَا أُمِرَ بِهِ عليه السلام فَلاَ صَلاَةَ لَهُ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : إنَّ الاِثْنَيْنِ يَكُونَانِ حِفَافَيْ الإِمَامِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِرِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ , وَالأَسْوَدِ أَنَّهُمَا صَلَّيَا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ t فَقَامَ بَيْنَهُمَا , وَجَعَلَ أَحَدَهُمَا ، عَنْ يَمِينِهِ. وَالآخَرَ ، عَنْ شِمَالِهِ , وَقَامَ بَيْنَهُمَا , ثُمَّ رَكَعَ بِهِمَا , فَوَضَعَا أَيْدِيَهُمَا عَلَى رُكَبِهِمَا , فَضَرَبَ أَيْدِيَهُمَا ثُمَّ طَبَّقَ يَدَيْهِ فَجَعَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ , فَلَمَّا صَلَّى قَالَ : هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r . وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ وَأُخْرَى فِيهَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَكِلاَهُمَا مَتْرُوكٌ : أَنَّ هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ عليه السلام إذَا كَانُوا ثَلاَثَةً. قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا رِوَايَةُ الأَعْمَشِ وَهِيَ الثَّابِتَةُ فَلاَ بَيَانَ فِيهَا إلَى أَيِّ شَيْءٍ أَشَارَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِقَوْلِهِ : هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r إلَى مَوْقِفِ الإِمَامِ بَيْنَ الْمَأْمُومَيْنِ وَإِلَى التَّطْبِيقِ مَعًا أَمْ إلَى التَّطْبِيقِ وَحْدَهُ وَإِذْ لاَ بَيَانَ فِي ذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ الْيَقِينُ لِلظُّنُونِ. ثُمَّ حَتَّى لَوْ صَحَّ هَذَا مُسْنَدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ r لَكَانَ إبْعَادُهُ عليه السلام لِجَابِرٍ , وَجَبَّارٍ , عَنْ كَوْنِهِمَا حِفَافَيْهِ وَإِيقَافُهُمَا خَلْفَهُ : مُدْخِلاً لَنَا فِي يَقِينِ مَنْعِ الاِثْنَيْنِ مِنْ كَوْنِهِمَا حِفَافَيْ الإِمَامِ , وَأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ , وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَجَوَازُ كَوْنِ الاِثْنَيْنِ حِفَافَيْ الإِمَامِ قَدْ حَرُمَ بِيَقِينٍ ; فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إلَى الْجَوَازِ مَا قَدْ تُيُقِّنَ تَحْرِيمُهُ إلاَّ بِنَصٍّ جَلِيٍّ بِعَوْدَتِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 422 - مَسْأَلَةٌ : وَكُلُّ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الإِمَامُ الْمُحْدِثُ فَإِنَّهُ لاَ يُصَلِّي إلاَّ صَلاَةَ نَفْسِهِ لاَ عَلَى صَلاَةِ إمَامِهِ الْمُسْتَخْلِفِ لَهُ , وَيَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُونَ فِيمَا يَلْزَمُهُمْ , وَلاَ يَتْبَعُونَهُ فِيمَا لاَ يَلْزَمُهُمْ ; بَلْ يَقِفُونَ عَلَى حَالِهِمْ , يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى مَا هُمْ فِيهِ فَيَتْبَعُوهُ حِينَئِذٍ وقال أبو حنيفة , وَمَالِكٌ : بَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ الْمُسْتَخْلِفُ كَمَا كَانَ يُصَلِّي لَوْ كَانَ مَأْمُومًا , وَعَلَى حُكْمِ صَلاَةِ إمَامِهِ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ قَالَ عَلِيٌّ : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً إلاَّ أَنَّهُمْ وَنَحْنُ تَنَازَعْنَا فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ قَالَ عَلِيٌّ : وَالإِمَامُ الَّذِي أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ وَخَرَجَ فَقَدْ بَطَلَتْ إمَامَتُهُ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ ; لاَِنَّهُ الآنَ فِي دَارِهِ يُحْدِثُ أَوْ يَأْكُلُ أَوْ يَعْمَلُ مَا اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ , وَأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَكَانَ مُؤْتَمًّا عِنْدَكُمْ لاَ إمَامًا , فَقَدْ أَيْقَنَّا : أَنَّ إمَامَتَهُ قَدْ بَطَلَتْ , فَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا قلنا : بَقِيَ حُكْمُ إمَامَتِهِ , لاَ إمَامَتُهُ قلنا فِي هَذَا نَازَعْنَاكُمْ , فَلَيْسَ دَعْوَاكُمْ حُجَّةً لِنَفْسِهَا , وَإِذْ قَدْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّ إمَامَتَهُ قَدْ بَطَلَتْ , وَأَنَّهُ لَيْسَ إمَامًا فَلاَ يَجُوزُ بَقَاءُ حُكْمِ إمَامَةٍ قَدْ بَطَلَتْ أَصْلاً وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ الإِمَامُ الَّذِي أَمَرَ عليه السلام أَنْ نَأْتَمَّ بِهِ , وَأَنْ نُكَبِّرَ إذَا كَبَّرَ , وَنَرْفَعَ إذَا رَفَعَ , وَنَرْكَعَ إذَا رَكَعَ , وَنَسْجُدَ إذَا سَجَدَ ; فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ الإِمَامُ لاَ الْمَأْمُومُ , وَالإِمَامُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلاَةِ كَمَا أُمِرَ ; وَالْمُؤْتَمُّونَ بِهِ هُمْ الْمَأْمُورُونَ بِالاِئْتِمَامِ بِهِ , فَإِنْ قَالُوا : فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ : إنَّ الْمَأْمُومَ إذَا أَتَمَّ صَلاَتَهُ لَمْ يَنْتَظِرْ الإِمَامَ قلنا : نَعَمْ , وَهَؤُلاَءِ لَمْ تَتِمَّ صَلاَتُهُمْ بَعْدُ. فَوَاجِبٌ عَلَيْهِمْ انْتِظَارُهُ , كَمَا فَعَلَ الْمُسْلِمُونَ فِي انْتِظَارِ رَسُولِ اللَّهِ r إذْ خَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ اغْتَسَلَ , وَكَمَا فَعَلُوا فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ ; لأَنَّهُمْ بَعْدُ مُؤْتَمُّونَ بِهِ , وَهُوَ إمَامُهُمْ , وَصَلاَتُهُمْ لَمْ تَتِمَّ , فَلاَ عُذْرَ لَهُمْ فِي الْخُرُوجِ ، عَنِ الاِئْتِمَامِ بِهِ , وَلاَ يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَتْبَعُوهُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ صَلاَتِهِمْ فَيَزِيدُوا فِيهَا بِالْعَمْدِ مَا قَدْ صَلَّوْهُ , فَوَجَبَ انْتِظَارُهُمْ إيَّاهُ ، وَلاَ بُدَّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ مِنْهُمْ , فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ أَطَالَ التَّشَهُّدَ ; فَذَلِكَ لَهُ , حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَ الإِمَامِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 423 - مَسْأَلَةٌ : وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ ، عَنْ مَوْلاَهُ فَلاَ تُقْبَلُ لَهُ صَلاَةٌ حَتَّى يَرْجِعَ , إلاَّ أَنْ يَكُونَ أَبَقَ لِضَرَرٍ مُحَرَّمٍ لاَ يَجِدُ مَنْ يَنْصُرُهُ مِنْهُ , فَلَيْسَ آبِقًا حِينَئِذٍ إذَا نَوَى بِذَلِكَ الْبُعْدَ عَنْهُ فَقَطْ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، حدثنا جَرِيرٌ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ يُحَدِّثُ ، عَنِ النَّبِيِّ r ، أَنَّهُ قَالَ : إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ ; كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الآبِقِ : لاَ تُقْبَلُ لَهُ صَلاَةٌ. قال علي : هذا صَاحِبٌ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالِفٌ , وَخُصُومُنَا يَشْغَبُونَ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ 424 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ وَهُوَ لاَبِسٌ مُعَصْفَرًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ إذَا كَانَ ذَكَرًا عَالِمًا بِالنَّهْيِ وَإِلاَّ فَلاَ ; فَإِنْ كَانَ مَصْبُوغًا بِعُصْفُرٍ لاَ يَظْهَرُ فِيهِ إلاَّ أَنَّهُ لاَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ " مُعَصْفَرٌ " فَصَلاَتُهُ فِيهِ جَائِزَةٌ , وَالصَّلاَةُ فِيهِ جَائِزَةٌ لِلنِّسَاءِ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا الْقَعْنَبِيُّ ، حدثنا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى ، عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَعَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ , وَعَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ. وَبِهَذَا يَقُولُ بَعْضُ السَّلَفِ الصَّالِحِ : كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى عَلَى رَجُلٍ ثَوْبًا مُعَصْفَرًا فَقَالَ : دَعُوا هَذِهِ الْبَرَّاقَاتِ لِلنِّسَاءِ. وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ بُدَيْلِ الْعُقَيْلِيِّ ، عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَرْدِ الْخُزَاعِيِّ قَالَ : رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَجُلٍ ثَوْبَيْنِ مُمَصَّرَيْنِ فَقَالَ : أَلْقِ هَذَيْنِ عَنْك ; لَعَلَّك أَنْ تُوهَمَ مِنْ عَمَلِك مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا قال علي : هذا تَشْدِيدٌ عَظِيمٌ جِدًّا وَرُوِّينَا أَنَّ أُمَّ الْفَضْلَ بِنْتَ غِيلاَنَ : أَرْسَلَتْ إلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ تَسْأَلُهُ ، عَنِ الْعُصْفُرِ فَقَالَ أَنَسٌ : لاَ بَأْسَ بِهِ لِلنِّسَاءِ. قَالَ عَلِيٌّ : صَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r إبَاحَتُهُ لِلنِّسَاءِ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حدثنا يَعْقُوبَ ، هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، حدثنا أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ ، عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ , وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنْ الثِّيَابِ , وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مِنْ مُعَصْفَرٍ , أَوْ خَزٍّ , أَوْ حُلِيٍّ , أَوْ سَرَاوِيلَ , أَوْ قَمِيصٍ , أَوْ خُفٍّ. 425 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ صَلَّى وَهُوَ يَحْمِلُ شَيْئًا مَسْرُوقًا أَوْ مَغْصُوبًا أَوْ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ إلاَّ أَنْ يَحْمِلَ الْمَأْخُوذَ بِغَيْرِ حَقِّهِ لِيَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ , أَوْ يَحْمِلَ الإِنَاءَ لِيَكْسِرَهُ : فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , فَإِنْ صَلَّى وَفِي كَفِّهِ أَوْ حُجْزَتِهِ حُلِيٌّ ذَهَبٌ يَتَمَلَّكُهُ لاَِهْلِهِ , أَوْ لِيَبِيعَهُ , أَوْ ثَوْبٌ حَرِيرٌ كَذَلِكَ , أَوْ دَنَانِيرُ : فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى وَفِي فِيهِ دِينَارٌ أَوْ لُؤْلُؤَةٌ يُحْرِزُهُمَا بِذَلِكَ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَمِلَ فِي صَلاَتِهِ مَا لاَ يَحِلُّ لَهُ , وَمَنْ عَمِلَ فِي صَلاَتِهِ مَا لاَ يَحِلُّ لَهُ ; فَلَمْ يُصَلِّ الصَّلاَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا ; فَإِذَا حَمَلَ ذَلِكَ لِمَا أُمِرَ بِهِ ; فَلَمْ يَعْمَلْ فِي صَلاَتِهِ إلاَّ مَا أُمِرَ بِهِ ; فَصَلاَتُهُ صَحِيحَةٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 426 - مَسْأَلَةٌ : وَفُرِضَ عَلَى الرَّجُلِ إنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاسِعٍ أَنْ يَطْرَحَ مِنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ أَوْ عَاتِقَيْهِ , فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , فَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا اتَّزَرَ بِهِ وَأَجْزَأَهُ , كَانَ مَعَهُ ثِيَابٌ غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا أَبُو عَاصِمٍ هُوَ النَّبِيلُ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ. وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r : لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ. قَالَ عَلِيٌّ : الْمَعْنَى فِي كِلاَ اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ , لاَِنَّهُ مَتَى أَلْقَى بَعْضَ الثَّوْبِ عَلَى عَاتِقِهِ فَلَمْ يُصَلِّ فِي ثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ , بَلْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، حدثنا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزَرَةَ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا وَأَبِي فَحَدَّثَنَا فِي حَدِيثٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ لَهُ يَا جَابِرُ , إذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ , وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ يَعْنِي ثَوْبَهُ. وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تَقْضِي سَائِرَ الأَخْبَارِ فِي الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَرُوِّينَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ فِي الثَّوْب : إذَا كَانَ وَاسِعًا فَتَوَشَّحَ بِهِ , وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا فَاِتَّزَرَ بِهِ. وَعَنْ أَبِي عَوَانَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْك إلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ , إنْ كَانَ وَاسِعًا فَتَوَشَّحْ بِهِ , وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَاِتَّزِرْ بِهِ وَعَنْ طَاوُوس بِنَحْوِ هَذَا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ : لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يُخَمِّرْ عَلَى عَاتِقَيْهِ فِي الصَّلاَةِ 427 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَجُوزُ لاَِحَدٍ أَنْ يُصَلِّي وَهُوَ مُشْتَمِلُ الصَّمَّاءَ , وَهُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ الْمَرْءُ وَيَدَاهُ تَحْتَهُ , الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ سَوَاءٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عُبَيْدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى ، عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَعَنْ لُبْسَتَيْنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ : عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ 428 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تُجْزِئُ الصَّلاَةُ مِمَّنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ مِنْ الرِّجَالِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَهَا أَنْ تُسْبِلَ ذَيْلَ مَا تَلْبَسُ ذِرَاعًا لاَ أَكْثَرَ , فَإِنْ زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ عَالِمَةً بِالنَّهْيِ بَطَلَتْ صَلاَتُهَا وَحَقُّ كُلِّ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ إلَى الْكَعْبَيْنِ لاَ أَسْفَلَ أَلْبَتَّةَ ; فَإِنْ أَسْبَلَهُ فَزَعًا أَوْ نِسْيَانًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ. فَهَذَا عُمُومٌ لِلسَّرَاوِيلِ , وَالإِزَارِ , وَالْقَمِيصِ وَسَائِرِ مَا يُلْبَسُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مُسْنَدًا. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ مُسْنَدًا بِوَعِيدٍ شَدِيدٍ. وَرُوِّينَا ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَالَ : الْمُسْبِلُ إزَارَهُ فِي الصَّلاَةِ لَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي حِلٍّ ، وَلاَ فِي حَرَامٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مُسْبِلٍ وَعَنْ مُجَاهِدٍ : كَانَ يُقَالُ : مَنْ مَسَّ إزَارُهُ كَعْبَهُ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً فَهَذَا مُجَاهِدٌ يَحْكِي ذَلِكَ عَمَّنْ قَبْلَهُ , وَلَيْسُوا إلاَّ الصَّحَابَةَ ، رضي الله عنهم ، لاَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ ; بَلْ مِنْ أَوَاسِطِهِمْ وَعَنْ ذَرِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْهَبِيِّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ : كَانَ يُقَالُ : مَنْ جَرَّ ثِيَابَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ ، وَلاَ نَعْلَمُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم. قَالَ عَلِيٌّ : فَمَنْ فَعَلَ فِي صَلاَتِهِ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ , وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ ، حدثنا النُّفَيْلِيُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا مُحَمَّدٌ ، حدثنا زُهَيْرُ ، هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : إنَّ أَحَدَ جَانِبَيْ إزَارِي يَسْتَرْخِي إلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r لَسْت مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاَءَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومِسِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ الْخُيَلاَءِ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ : تُرْخِينَهُ شِبْرًا ; قَالَتْ : إذَنْ تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ ; قَالَ : تُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي ، حدثنا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، حدثنا الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَأَلْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : إزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ , لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ , وَمَا أَسْفَلُ ذَلِكَ فِي النَّارِ , لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا. 429 - مَسْأَلَةٌ : وَالصَّلاَةُ جَائِزَةٌ فِي ثَوْبِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ , مَا لَمْ يُوقِنْ فِيهَا شَيْئًا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r صَلَّى فِي جُبَّةٍ رُومِيَّةٍ ; وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ طَهَارَةِ الْقُطْنِ , وَالْكَتَّانِ , وَالصُّوفِ , وَالشَّعْرِ , وَالْوَبَرِ , وَالْجُلُودِ , وَالْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ ; وَإِبَاحَةِ كُلِّ ذَلِكَ فَمَنْ ادَّعَى نَجَاسَةً أَوْ تَحْرِيمًا لَمْ يُصَدَّقْ إلاَّ بِدَلِيلٍ مِنْ نَصِّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ. قَالَ تَعَالَى ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ تَعَالَى ﴿ إنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا , فإن قيل : قَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r آنِيَتَهُمْ إلاَّ بَعْدَ غَسْلِهَا , وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا قلنا : نَعَمْ , وَالآنِيَةُ غَيْرُ الثِّيَابِ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْرِيمَ ثِيَابِهِمْ لَبَيَّنَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ r كَمَا فَعَلَ بِالآنِيَةِ وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الصَّلاَةِ فِي ثِيَابِهِمْ يُبِيحُ آنِيَتَهُمْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَهَذَا عَكْسُ الْحَقَائِقِ وَإِبَاحَةُ الصَّلاَةِ فِي ثِيَابِ الْمُشْرِكِينَ هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَدَاوُد بْنِ عَلِيٍّ , وَبِهِ نَقُولُ 430 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يُجْزِئ أَحَدًا مِنْ الرِّجَالِ أَنْ يُصَلِّي وَقَدْ زَعْفَرَ جِلْدَهُ بِالزَّعْفَرَانِ , فَإِنْ صَبَغَ ثِيَابَهُ , أَوْ عِمَامَتَهُ , بِالزَّعْفَرَانِ , أَوْ زَعْفَرَ لِحْيَتَهُ , فَحَسَنٌ , وَصَلاَتُهُ بِكُلِّ ذَلِكَ جَائِزَةٌ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ كِلاَهُمَا ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ. هَذَا لَفْظُ إسْمَاعِيلَ , وَلَفْظُ حَمَّادٍ ، عَنِ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ ، حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ جَدَّيْهِ قَالاَ : سَمِعْنَا أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ رَجُلٍ فِي جَسَدِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلُوقٍ. قَالَ عَلِيٌّ : الْخَلُوقُ الزَّعْفَرَانُ , وَأَوَّلُ مَرَاتِبِ هَذَا الْخَبَرِ كَوْنُهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي مُوسَى. قال علي : هذا النَّهْيُ نَاسِخٌ لِمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ مِنْ إبَاحَتِهِ عليه السلام لاََنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ , إذْ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَوْفٍ حِينَ تَزَوَّجَ وَعَلَيْهِ الْخَلُوقُ , فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ; إذْ الأَصْلُ فِي ذَلِكَ الإِبَاحَةُ , ثُمَّ طَرَأَ النَّهْيُ فَجَاءَ نَاسِخًا حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حدثنا الدَّرَاوَرْدِيُّ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ : رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْخَلُوقِ , فَقُلْت : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَانِ إنَّك تُصَفِّرُ لِحْيَتَك بِالْخَلُوقِ قَالَ : [ إنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُصَفِّرُ بِهَا لِحْيَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الصَّبْغِ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْهَا ; وَلَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَلَمْ يَنْهَ عليه السلام النِّسَاءَ ، عَنِ التَّزَعْفُرِ , فَهُوَ مُبَاحٌ لَهُنَّ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ. 431 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَفِّقَ بِيَدَيْهِ فِي صَلاَتِهِ , فَإِنْ فَعَلَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالنَّهْيِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ; لَكِنْ إنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَحُكْمُهَا إنْ نَابَهَا شَيْءٌ فِي صَلاَتِهَا أَنْ تُصَفِّقَ بِيَدَيْهَا , فَإِنْ سَبَّحَتْ : فَحَسَنٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَدَاوُد وقال أبو حنيفة : إنْ سَبَّحَ الرَّجُلُ مُرِيدًا إفْهَامَ غَيْرِهِ بِأَمْرٍ مَا : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وقال مالك : لاَ تُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ بَلْ تُسَبِّحُ. وَكِلاَ الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ , وَخِلاَفٌ لِلثَّابِتِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حدثنا أَبُو حَازِمٍ الْمَدَنِيُّ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ : إنَّ النَّاسَ صَفَّحُوا إذْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ r جَاءُوهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ , وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ لَهُمْ إذْ سَلَّمَ إذَا رَابَكُمْ أَمْرٌ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّحْ النِّسَاءُ فِي الصَّلاَةِ. قَالَ عَلِيٌّ : لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ التَّصْفِيقَ , وَالتَّصْفِيحَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَهُوَ الضَّرْبُ بِإِحْدَى صَفْحَتَيْ الأَكُفِّ عَلَى الآُخْرَى وَرُوِّينَا ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , أَنَّهُمَا قَالاَ : التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ , وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالِفٌ وَإِنَّمَا جَازَ التَّسْبِيحُ لِلنِّسَاءِ , لاَِنَّهُ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَالصَّلاَةُ مَكَانٌ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 432 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ إذَا شَهِدَتْ الْمَسْجِدَ أَنْ تَمَسَّ طِيبًا , فَإِنْ فَعَلَتْ بَطَلَتْ صَلاَتُهَا ; سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْجُمُعَةُ , وَالْعَتَمَةُ , وَالْعِيدُ , وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ ، حدثنا بُكَيْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا شَهِدَتْ إحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلاَ تَمَسَّ طِيبًا. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا حَمَّادُ ، هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : لاَ تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ , وَلَكِنْ يَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ. قَالَ عَلِيٌّ : إنْ أَمْكَنَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَتَطَيَّبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ طِيبًا تَذْهَبُ رِيحُهُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَذَلِكَ عَلَيْهَا ; وَإِلاَّ فَلاَ بُدَّ لَهَا مِنْ تَرْكِ الطِّيبِ أَوْ تَرْكِ الْجُمُعَةِ ; أَيُّ ذَلِكَ فَعَلَتْ فَمُبَاحٌ لَهَا 433 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ وَهِيَ وَاصِلَةٌ شَعْرَهَا بِشَعْرِ إنْسَانٍ , أَوْ غَيْرِهِ , أَوْ بِصُوفٍ , أَوْ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ ; وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا. وَأَمَّا الَّتِي تُضَفِّرُ غَدِيرَتَهَا أَوْ غَدَائِرَهَا بِخَيْطٍ مِنْ حَرِيرٍ , أَوْ صُوفٍ أَوْ كَتَّانٍ , أَوْ قُطْنٍ , أَوْ سَيْرٍ أَوْ فِضَّةٍ , أَوْ ذَهَبٍ ; فَلَيْسَتْ وَاصِلَةً , وَلاَ إثْمَ عَلَيْهَا. وَلاَ صَلاَةَ لِلَّتِي تُعَظِّمُ رَأْسَهَا بِشَيْءٍ تَخْتَمِرُ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، حدثنا هِشَامٌ ، هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْمُنْذِرِ تَقُولُ : إنَّهَا سَمِعَتْ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَقُولُ سَأَلَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ r فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَامَّرَقَ شَعْرُهَا وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا , أَفَأَصِلُ فِيهِ قَالَ : لَعَنِ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الْحِمْصِيُّ ، حدثنا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يَعْقُوبَ ، هُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ , إنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَاكُمْ ، عَنِ الزُّورِ , وَجَاءَ بِخِرْقَةٍ سَوْدَاءَ فَأَلْقَاهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَالَ : هُوَ هَذَا تَجْعَلُهُ الْمَرْأَةُ فِي رَأْسِهَا ثُمَّ تَخْتَمِرُ عَلَيْهِ. قَالَ عَلِيٌّ : قَوْلُ مُعَاوِيَةَ : نَهَاكُمْ خِطَابٌ مِنْ النَّبِيِّ r لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ , فَمَنْ صَلَّى وَهُوَ عَامِلٌ فِي صَلاَتِهِ حَالاً مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ , فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ ; فَلاَ صَلاَةَ لَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 434 - مَسْأَلَةٌ : وَأَمَّا الَّتِي تَتَوَلَّى وَصْلَ شَعْرِ غَيْرِهَا , وَالْوَاشِمَةُ , وَالْمُسْتَوْشِمَةُ وَالْوَشْمُ : النَّقْشُ فِي الْجِلْدِ ثُمَّ يُعْمَلُ بِالْكُحْلِ الأَسْوَدِ وَالْمُتَفَلِّجَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالنَّمْصُ هُوَ نَتْفُ الشَّعْرِ مِنْ الْوَجْهِ فَكُلُّ مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهَا , أَوْ فِي غَيْرِهَا فَمَلْعُونَاتٌ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَلَوَاتُهُنَّ تَامَّةٌ أَمَّا اللَّعْنَةُ فَقَدْ صَحَّ لَعْنُ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r . وَأَمَّا تَمَامُ صَلاَتِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ بَعْدَ حُصُولِ هَذِهِ الأَعْمَالِ فِيهِنَّ وَمِنْهُنَّ لاَ يَقْدِرْنَ عَلَى التَّبَرُّؤِ مِنْ تِلْكَ الأَحْوَالِ , وَمَنْ عَجَزَ عَمَّا كُلِّفَ سَقَطَ عَنْهُ. قَالَ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا. وَقَالَ عليه السلام : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. فَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدٌ إلاَّ مَا يَسْتَطِيعُ ; فَإِذَا عَجَزْنَ ، عَنْ إزَالَةِ تِلْكَ الأَحْوَالِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُنَّ إزَالَتُهَا , وَهُنَّ مَأْمُورَاتٌ بِالصَّلاَةِ ; فَيُؤَدِّينَهَا كَمَا يَقْدِرْنَ. وَأَمَّا الْوَاصِلَةُ فِي شَعْرِ نَفْسِهَا فَقَادِرَةٌ عَلَى إزَالَتِهِ , فَإِذَا لَمْ تُزِلْهُ فَقَدْ اسْتَصْحَبْت فِي صَلاَتِهَا عَمَلاً هِيَ فِيهِ عَاصِيَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَلَمْ تُصَلِّ كَمَا أُمِرَتْ فَلاَ صَلاَةَ لَهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 435 - مَسْأَلَةٌ : وَالصَّلاَةُ جَائِزَةٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ , وَعَلَى أَبِي قُبَيْسٍ , وَعَلَى كُلِّ سَقْفٍ بِمَكَّةَ , وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْكَعْبَةِ , وَفِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَيْنَمَا شِئْت مِنْهَا , الْفَرِيضَةُ وَالنَّافِلَةُ سَوَاءٌ وقال مالك : لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ , الْفَرْضَ خَاصَّةً , وَأَجَازَ فِيهَا التَّنَفُّلَ وَاَلَّذِي قلنا نَحْنُ : هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَغَيْرِهِمْ. وَاحْتَجَّ أَتْبَاعُ مَالِكٍ بِأَنْ قَالُوا : إنَّ مَنْ صَلَّى دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَقَدْ اسْتَدْبَرَ بَعْضَ الْكَعْبَةِ قَالَ عَلِيٌّ : إنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ. فَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ الْمَالِكِيُّونَ حُجَّةً لَمَا حَلَّ لاَِحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ; لاَِنَّهُ هُوَ الْقِبْلَةُ بِنَصِّ كَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ , وَكُلُّ مَنْ يُصَلِّي فِيهِ فَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْتَدْبِرَ بَعْضَهُ فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ وَأَيْضًا : فَإِنَّ كُلَّ مَنْ صَلَّى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ فَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَهَا ، عَنْ يَمِينِهِ وَبَعْضَهَا ، عَنْ شِمَالِهِ , وَلاَ فَرْقَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فِي أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلاَةِ , وَبَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهَا عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى شِمَالِهِ. فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَطُّ مُرَاعَاةَ هَذَا , وَإِنَّمَا كُلِّفْنَا أَنْ نُقَابِلَ بِأَوْجُهِنَا مَا قَابَلَنَا مِنْ جِدَارِ الْكَعْبَةِ أَوْ مِنْ جِدَارِ الْمَسْجِدِ قُبَالَةَ الْكَعْبَةِ حَيْثُمَا كُنَّا فَقَطْ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ : أَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ r الْكَعْبَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , وَبِلاَلٌ , وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ , فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا , فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حِينَ خَرَجَ : مَا صَنَعَ النَّبِيُّ r قَالَ : جَعَلَ عَمُودًا ، عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودَيْنِ ، عَنْ يَمِينِهِ وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ مِنْ وَرَائِهِ ثُمَّ صَلَّى. قَالَ عَلِيٌّ : مَا قَالَ أَحَدٌ قَطُّ إنَّ صَلاَتَهُ الْمَذْكُورَةَ r كَانَتْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ , وَقَدْ نَصَّ عليه السلام عَلَى أَنَّ الأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ , وَبَاطِنَ الْكَعْبَةِ أَطْيَبُ الأَرْضِ وَأَفْضَلُهَا , فَهِيَ أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ وَأَوْلاَهَا بِصَلاَةِ الْفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ. وَلاَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الرَّاكِبِ , أَوْ الْخَائِفِ , أَوْ الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّي نَافِلَةً إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ , وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ بِلاَ قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ ، وَلاَ إجْمَاعٍ خَطَأٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَكُلُّ مَكَان أَعْلَى مِنْ الْكَعْبَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْنَا مُقَابَلَةُ جِهَةَ الْكَعْبَةِ فَقَطْ ; وَقَدْ هُدِمَتْ الْكَعْبَةُ لِتُجَدَّدَ فَمَا قَالَ أَحَدٌ بِبُطْلاَنِ صَلاَةِ الْمُسْلِمِينَ 436 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ صَلَّى وَفِي قِبْلَتِهِ مُصْحَفٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ , مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ عِبَادَةَ الْمُصْحَفِ ; إذْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ , وَلاَ إجْمَاعَ , بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ. 437 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ صَلَّى وَفِي قِبْلَتِهِ نَارٌ , أَوْ حَجَرٌ , أَوْ كَنِيسَةٌ , أَوْ بِيعَةٌ , أَوْ بَيْتُ نَارٍ , أَوْ إنْسَانٌ , مُسْلِمٌ , أَوْ كَافِرٌ , أَوْ حَائِضٌ , أَوْ أَيٌّ جِسْمٍ كَانَ حَاشَا الْكَلْبِ , وَالْحِمَارِ , وَغَيْرِ الْمُضْطَجِعَةِ مِنْ النِّسَاء فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ , لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا وَبَيْنَ سَائِرِ الأَجْسَامِ كُلِّهَا قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ. وَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي جِسْمٌ مِنْ أَجْسَامِ الْعَالَمِ ; فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهَا بَاطِلٌ ; لاَِنَّهُ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 438 - مَسْأَلَةٌ : وَالصَّلاَةُ فِي الْبَيْعَةِ , وَالْكَنِيسَةِ , وَبَيْتِ النَّارِ وَالْمَجْزَرَةِ مَا اجْتَنَبَ الْبَوْلَ وَالْفَرْثَ وَالدَّمَ وَعَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ , وَبَطْنِ الْوَادِي , وَمَوَاضِعِ الْخَسْفِ ; وَإِلَى الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ , وَلِلتَّحَدُّثِ , وَالنِّيَامِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ : جَائِزَةٌ , مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ فِي تَحْرِيمِ الصَّلاَةِ فِي مَكَان مَا ; فَيُوقَفُ عِنْدَ النَّهْيِ فِي ذَلِكَ حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ , وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كِلاَهُمَا ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ : الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ , قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ قَالَ : الْمَسْجِدُ الأَقْصَى , قُلْتُ : كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً , ثُمَّ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ , فَهُوَ مَسْجِدٌ. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ أَنَّ الْكَعْبَةَ مَسْجِدٌ , مَعَ مَجِيءِ الْقُرْآنِ بِذَلِكَ , وَمَا عَلِمَ أَحَدٌ مَسْجِدًا تَحْرُمُ فِيهِ صَلاَةُ الْفَرْضِ وَتَحِلُّ فِيهِ النَّافِلَةُ وَرُوِّينَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَجَابِرٍ , وَحُذَيْفَةَ , وَأَنَسٍ : أَنَّ مِنْ فَضَائِلِنَا : أَنَّ الأَرْضَ جُعِلَتْ لَنَا مَسْجِدًا. وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الأَرْضِ , فَالصَّلاَةُ فِيهِ جَائِزَةٌ , حَاشَا مَا جَاءَ النَّصُّ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلاَةِ فِيهِ كَعَطَنِ الإِبِلِ , وَالْحَمَّامِ , وَالْمَقْبَرَةِ , وَإِلَى قَبْرٍ وَعَلَيْهِ , وَالْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ , وَالنَّجِسِ , وَمَسْجِدِ الضِّرَارِ فَقَطْ وَإِنَّمَا جَاءَ النَّهْيُ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي الْمَجْزَرَةِ , وَظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ , مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ جَبِيرَةَ , وَهُوَ لاَ شَيْءَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَجَاءَ النَّهْيُ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي مَوْضِعِ الْخَسْفِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ , وَهُوَ لاَ شَيْءَ. وَجَاءَ النَّهْيُ ، عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ ، عَنْ جَابِرٍ , وَلاَ يَصِحُّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ جَابِرٍ. 439 - مَسْأَلَةٌ : وَالصَّلاَةُ جَائِزَةٌ عَلَى الْجُلُودِ , وَعَلَى الصُّوفِ , وَعَلَى كُلِّ مَا يَجُوزُ الْقُعُودُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ طَاهِرًا. وَجَائِزٌ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْحَرِيرِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ عَطَاءٌ : لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ إلاَّ عَلَى التُّرَابِ وَالْبَطْحَاءِ. وقال مالك : تُكْرَهُ الصَّلاَةُ عَلَى غَيْرِ الأَرْضِ أَوْ مَا تُنْبِتُ الأَرْضُ. قال علي : هذا قَوْلٌ لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ , وَالسُّجُودُ وَاجِبٌ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءَ : الرِّجْلَيْنِ , وَالرُّكْبَتَيْنِ , وَالْيَدَيْنِ , وَالْجَبْهَةِ وَالأَنْفِ. وَهُوَ يُجِيزُ وَضْعَ جَمِيعِ هَذِهِ الأَعْضَاءِ عَلَى كُلِّ مَا ذَكَرْنَا , حَاشَا الْجَبْهَةِ ; فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى وُجُودِ فَرْقٍ بَيْنَهَا : لاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ , وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ , وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ ، وَلاَ مِنْ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَرُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مَسْحِ شَعْرٍ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي صَلاَتِهِ عَلَى عَبْقَرِيٍّ وَهُوَ بِسَاطُ صُوفٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَجَدَ فِي صَلاَتِهِ عَلَى طُنْفُسَةٍ وَهِيَ بِسَاطُ صُوفٍ وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ. وَعَنْ شُرَيْحٍ وَالزُّهْرِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ , وَعَنِ الْحَسَنِ , وَلاَ مُخَالِفُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 440 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ زُوحِمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ , فَلْيَسْجُدْ عَلَى رِجْلِ مَنْ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ وَيُجْزِئُهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَغَيْرِهِمْ. وقال مالك : لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ : أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالسُّجُودِ , وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا نَسْجُدُ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَسْعُودٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حدثنا أَبِي ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ثَوْبِهِ , وَإِذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ. وَرُوِّينَا ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , وَعَنْ طَاوُوس : إذَا كَثُرَ الزِّحَامُ فَاسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيك ; وَعَنْ مُجَاهِدٍ : اُسْجُدْ عَلَى رِجْلِ أَخِيك. وَلاَ يُعْرَفُ فِي هَذَا لِعُمَرَ t مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالِفٌ. 441 - مَسْأَلَةٌ : وَجَائِزٌ لِلإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ جَمِيعِ الْمَأْمُومِينَ , وَفِي أَخْفَضَ مِنْهُ ; سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ الْعَامَّةُ , وَالأَكْثَرُ , وَالأَقَلُّ فَإِنْ أَمْكَنَهُ السُّجُودُ فَحَسَنٌ ; وَإِلاَّ فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ فَلْيَنْزِلْ حَتَّى يَسْجُدَ حَيْثُ يَقْدِرُ , ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مَكَانِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وقال أبو حنيفة , وَمَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ. وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ قَامَةٍ فَأَقَلَّ , وَأَجَازَهُ مَالِكٌ فِي الاِرْتِفَاعِ الْيَسِيرِ قال علي : هذانِ تَحْدِيدَانِ فَاسِدَانِ ; لَمْ يَأْتِ بِهِمَا نَصُّ الْقُرْآنِ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ ، وَلاَ قِيَاسٌ ، وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ ، وَلاَ رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ , وَمَا عُلِمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ قَلِيلِ الاِرْتِفَاعِ وَكَثِيرِهِ , وَالتَّحْرِيمُ وَالتَّحْلِيلُ وَالتَّحْدِيدُ بَيْنَهُمَا لاَ يَحِلُّ إلاَّ بِقُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ. وَلَئِنْ كَانَ وُقُوفُ الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ بِمِقْدَارِ أُصْبُعٍ حَلاَلاً , فَإِنَّهُ لَحَلاَلٍ بِأُصْبُعٍ بَعْدَ أُصْبُعٍ , حَتَّى يَبْلُغَ أَلْفَ قَامَةٍ وَأَكْثَرَ , وَلَئِنْ كَانَتْ الأَلْفُ قَامَةً حَرَامًا فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَحَرَامٌ كُلُّهُ إلَى قَدْرِ الآُصْبُعِ فَأَقَلَّ وَإِنَّ الْمُتَحَكِّمَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ لَقَائِلٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ r مَا لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ وَالْعَجَبُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ , وَمَالِكًا قَالاَ : إنْ كَانَ مَعَ الإِمَامِ فِي الْعُلُوِّ طَائِفَةٌ جَازَتْ صَلاَتُهُ بِاَلَّذِينَ أَسْفَلُ وَإِلاَّ فَلاَ وَهَذَا عَجَبٌ وَزِيَادَةٌ فِي التَّحَكُّمِ وَأَجَازَا : أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ فِي مَكَان أَسْفَلَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ , وَهَذَا تَحَكُّمٌ ثَالِثٌ كُلُّ ذَلِكَ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ قَالَ عَلِيٌّ : وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُونَ خَلْفَ الإِمَامِ صُفُوفًا صُفُوفًا , فَلاَ يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يُخِلُّوا بِهَذِهِ الرُّتْبَةِ , لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ وُجُوبِ تَرْتِيبِ الصُّفُوفِ , بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ r بِذَلِكَ , فَإِنْ اتَّفَقَ مُصَلَّى الإِمَامِ فِي دُكَّانٍ , أَوْ غَرْفَةٍ , أَوْ رَابِيَةٍ , لاَ يَسَعُ فِيهَا مَعَهُ صَفٌّ خَلْفَهُ : صَلَّوْا تَحْتَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , وَقُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدٍ كِلاَهُمَا ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ. أَنَّ نَفَرًا جَاءُوا إلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ سَهْلٌ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r قَامَ عَلَيْهِ يَعْنِي عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ , وَرَاءَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ , ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ , ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلاَتِهِ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إنِّي إنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعْلَمُوا صَلاَتِي. قَالَ عَلِيٌّ : لاَ بَيَانَ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا فِي جَوَازِ صَلاَةِ الإِمَامِ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِينَ وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ بِخَبَرٍ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ صَلاَةِ الإِمَامِ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِينَ وَهُوَ خَبَرٌ سَاقِطٌ , انْفَرَدَ بِهِ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُكَائِيُّ , وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْخَبَرُ الَّذِي أَوْرَدْنَا إجْمَاعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ r فَهَذَا هُوَ الْحُجَّةُ لاَ الْبَاطِلُ الْمُلَفَّقُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ : هَذَا مِنْ الْكِبْرِ قال علي : هذا بَاطِلٌ وَيُعْكَسُ عَلَيْهِمْ فِي إجَازَتِهِمْ صَلاَةَ الْمَأْمُومِينَ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الإِمَامِ فَيُقَالُ لَهُمْ : هَذَا كِبْرٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ ، وَلاَ فَرْقُ وَيَلْزَمُهُمْ عَلَى هَذَا أَنْ يَمْنَعُوا أَيْضًا مِنْ صَلاَةِ الإِمَامِ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا , وَلاَبِسَ دِرْعٍ فَهَذَا أَدْخَلُ فِي الْكِبْرِ مِنْ صَلاَتِهِ فِي مَكَان عَالٍ وَبِمِثْلِ قَوْلِنَا يَقُولُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , وَالْبُخَارِيُّ , وَغَيْرُهُمْ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 442 - مَسْأَلَةٌ : رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقِيَامٍ وَجُلُوسٍ , سِوَى تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ قَالَ عَلِيٌّ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَطَائِفَةٌ : لَمْ تَرْفَعْ الْيَدَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلاَةِ إلاَّ فِي أَوَّلِهَا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ عَلَى ظَلْعٍ أَيْضًا. وَرَأَوْهُ أَيْضًا إنْ كَانَ فَرَفْعٌ يَسِيرٌ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ مَالِكٍ وقال أبو حنيفة , وَأَصْحَابُهُ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ لِلإِحْرَامِ أَوَّلاً سُنَّةً لاَ فَرِيضَةً وَمَنَعُوا مِنْهُ فِي بَاقِي الصَّلاَةِ وَرَأَتْ طَائِفَةٌ : رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الإِحْرَامِ , وَعِنْدَ الرُّكُوعِ , وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ : وَأَحْمَدَ وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابِهِمْ. وَهُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ , وَابْنِ وَهْبٍ , وَأَبِي الْمُصْعَبِ , وَغَيْرِهِمْ , عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ وَيُفْتِي بِهِ وَرَأَتْ طَائِفَةٌ : رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرٍ فِي الصَّلاَةِ , الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ , وَعِنْدَ كُلِّ قَوْلِ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فأما رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ مَالِكٍ فَمَا نَعْلَمُ لَهَا وَجْهًا أَصْلاً , وَلاَ تَعَلُّقًا بِشَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ , وَلاَ قَائِلاً بِهَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَلاَ مِنْ التَّابِعِينَ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامٌ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ الأَسْوَدِ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : أَلاَ أُرِيكُمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ r فَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ قَالُوا : وَكَانَ عَلِيٌّ , وَابْنُ مَسْعُودٍ , لاَ يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا إلاَّ فِي تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ فَقَطْ. مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا , وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ , لِمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , فَنَقُولُ : وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : إنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ , وَلَيْسَ فِيهِ إلاَّ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ لَيْسَ فَرْضًا فَقَطْ , وَلَوْلاَ هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَحْمِيدٍ فِي الصَّلاَةِ : فَرْضًا ; لاَِنَّهُ قَدْ صَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَصَحَّ عَنْهُ عليه السلام ، أَنَّهُ قَالَ : صَلُّوا كَمَا تَرَوْنِي أُصَلِّي وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ وُجُوبِ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ. فَلَوْلاَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا لَكَانَ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا كَانَ عليه السلام يُصَلِّي. وَكَانَ عليه السلام يُصَلِّي رَافِعًا يَدَيْهِ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ , لَكِنْ لَمَّا صَحَّ خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلِمْنَا أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ : سُنَّةٌ وَنَدْبٌ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ , وَابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما لاَ يَرْفَعَانِ , فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ , وَابْنُ عَبَّاسٍ , وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r يَرْفَعُونَ فَلَيْسَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ حُجَّةً عَلَى فِعْلِ بَعْضٍ , بَلْ الْحُجَّةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ , وَعَلِيٌّ : لاَ يَرْفَعَانِ , فَمَا جَاءَ قَطُّ أَنَّهُمَا كَرِهَا الرَّفْعَ , وَلاَ نَهَيَا عَنْهُ كَمَا يَفْعَلُ هَؤُلاَءِ وَأَمَّا مَنْ رَأَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ , وَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ , فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ , وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ , وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , وَابْنِ جُرَيْجِ , وَالزُّبَيْدِيِّ , وَمَعْمَرٍ , وَغَيْرِهِمْ , كُلُّهُمْ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ , وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ , رَفَعَهُمَا أَيْضًا كَذَلِكَ , وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ. وَرُوِّينَا هَذَا الْفِعْلَ فِي الصَّلاَةِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , وَأَبِي سَعِيدٍ , وَأَبِي الدَّرْدَاءِ , وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِّينَا أَيْضًا هَذَا الْفِعْلَ فِي الصَّلاَةِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ , وَأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُ النَّاسَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وَرُوِّينَا أَيْضًا ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ , وَالنُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ , وَجُمْلَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ " كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ r يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إذَا أَحْرَمُوا وَإِذَا رَكَعُوا وَإِذَا رَفَعُوا كَأَنَّهَا الْمَرَاوِحُ ". وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ سَابِطٍ , وَالْحَسَنِ , وَالْقَاسِمِ , وَسَالِمٍ , وَعَطَاءٍ , وطَاوُوس , وَمُجَاهِدٍ , وَابْنِ سِيرِينَ , وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ , وَقَتَادَةَ , وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , وَمَكْحُولٍ , وَمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ , وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ , وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيِّ , وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ , وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , وَالأَوْزَاعِيُّ , وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , وَالْحُمَيْدِيِّ , وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَابْنِ وَهْبٍ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقَ , وَالْمُزَنِيِّ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ , وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ , وَابْنِ الْمُنْذِرِ , وَابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ , وَالرَّبِيعِ وَمُحَمَّدِ بْنِ نُمَيْرٍ , وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ , وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ , وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ , وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إلَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَبُو إسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ ، حدثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ r أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا جَاءَ الصَّلاَةَ , وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ. وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ , وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَيَّاشٌ قَالَ : حدثنا عَبْدُ الأَعْلَى ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ , وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ , وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ , وَرَفَعَ ابْنُ عُمَرَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ r . وَرَوَاهُ أَيْضًا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ r . حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ قَالاَ : حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ r إذَا قَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حدثنا أَبُو عَاصِمٍ هُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ ، حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ : سَمِعْت أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ. فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ : أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r قَالُوا : فَلِمَ فَوَاَللَّهِ مَا كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا تَبِعَةً ، وَلاَ أَقْدَمِنَا لَهُ صُحْبَةً قَالَ : بَلَى قَالُوا : فَاعْرِضْ فَقَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَعْتَدِلُ , فَلاَ يَصُبُّ رَأْسَهُ ، وَلاَ يُقْنِعُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ إذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا كَبَّرَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلاَةِ , ثُمَّ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ صَلاَتِهِ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ قَالُوا : صَدَقْتَ هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد [ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلٍ [ قَالَ : كُنْت غُلاَمًا لاَ أَعْقِلُ صَلاَةَ أَبِي فَحَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فَكَانَ إذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ , ثُمَّ الْتَحَفَ , ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ وَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا , وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ , ثُمَّ سَجَدَ , وَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ , حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَقَالَ : هِيَ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ r فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ وَتَرَكَهُ مَنْ تَرَكَهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ وَعَبْدُ الأَعْلَى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ مُعَاذٌ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ. ثُمَّ اتَّفَقُوا , عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ : رَأَى النَّبِيَّ r رَفَعَ يَدَيْهِ فِي صَلاَتِهِ إذَا رَكَعَ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ وَإِذَا سَجَدَ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ هَذَا لَفْظُ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ , وَعَبْدِ الأَعْلَى وَقَالَ مُعَاذٌ فِي حَدِيثَهُ : كَانَ عليه السلام إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ , وَإِذَا رَكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا وَهْبُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , وَأَبِي حُمَيْدٍ , وَأَبِي قَتَادَةَ , وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ , وَأَنَسٍ , وَسِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r وَهَذَا يُوجِبُ يَقِينَ الْعِلْمِ. قَالَ عَلِيٌّ : فَكَانَ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ زَائِدًا عَلَى مَا رَوَاهُ عَلْقَمَةُ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , وَوَجَبَ أَخْذُ الزِّيَادَةِ ; لإِنَّ ابْنَ عُمَرَ حَكَى أَنَّهُ رَأَى مَا لَمْ يَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ رَفْعِ رَسُولِ اللَّهِ r يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ , وَكِلاَهُمَا ثِقَةٌ , وَكِلاَهُمَا حَكَى مَا شَاهَدَ , وَقَدْ خَفِيَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ t أَمْرُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ , فَكَيْفَ وَمَا تُحْمَلُ كِلاَ رِوَايَتَيْهِمَا إلاَّ عَلَى الْمُشَاهَدَةِ الصَّحِيحَةِ وَكَانَ مَا رَوَاهُ نَافِعٌ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ , كِلاَهُمَا ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , وَمَا رَوَاهُ أَبُو حُمَيْدٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الرَّكْعَتَيْنِ : زِيَادَةٌ عَلَى مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , وَكُلٌّ ثِقَةٌ , وَكُلٌّ مُصَدَّقٌ فِيمَا ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَرَآهُ وَأَخْذُ الزِّيَادَةِ وَاجِبٌ. وَكَانَ مَا رَوَاهُ أَنَسٌ مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ السُّجُودِ : زِيَادَةً عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ , وَالْكُلُّ ثِقَةٌ فِيمَا رَوَى وَمَا شَاهَدَ وَمَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ رُكُوعٍ وَرَفْعٍ مِنْ رُكُوعٍ , وَكُلِّ سُجُودٍ وَرَفْعٍ مِنْ سُجُودٍ : زَائِدًا عَلَى كُلِّ ذَلِكَ , وَالْكُلُّ ثِقَاتٌ فِيمَا رَوَوْهُ وَمَا سَمِعُوهُ وَأَخْذُ الزِّيَادَاتِ فَرْضٌ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهُ , لإِنَّ الزِّيَادَاتِ حُكْمٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ , رَوَاهُ مَنْ عَلِمَهُ , وَلاَ يَضُرُّهُ سُكُوتُ مَنْ لَمْ يَرَوْهُ ، عَنْ رِوَايَتِهِ كَسَائِرِ الأَحْكَامِ كُلِّهَا ، وَلاَ فَرْقَ وَمِمَّنْ قَالَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ : ابْنُ عُمَرَ , كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ مِنْ عَمَلِهِ , وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ , وَالصَّحَابَةُ , جُمْلَةً كَمَا أَوْرَدْنَاهُ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ , وَإِذَا رَكَعَ , وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , وَإِذَا سَجَدَ , وَبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ , يَرْفَعُهُمَا إلَى ثَدْيَيْهِ. قال علي : هذا إسْنَادٌ لاَ دَاخِلَةَ فِيهِ , وَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ لِيَرْجِعَ إلَى خِلاَفِ مَا رَوَى مِنْ تَرْكِ الرَّفْعِ عِنْدَ السُّجُودِ إلاَّ وَقَدْ صَحَّ عِنْدَهُ فِعْلُ النَّبِيِّ r لِذَلِكَ : حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا أَبُو سَهْلٍ النَّضْرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّعْدِيُّ قَالَ : صَلَّى إلَى جَنْبِي ابْنُ طَاوُوس فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى , فَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الآُولَى رَفَعَ يَدَيْهِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ , فَأَنْكَرْت ذَلِكَ , وَقُلْت لِوُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ : إنَّ هَذَا يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَ أَحَدًا يَصْنَعُهُ فَقَالَ ابْنُ طَاوُوس : رَأَيْت أَبِي يَصْنَعُهُ , وَقَالَ لِي : رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَصْنَعُهُ. حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حدثنا الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ : رَأَيْت طَاوُوسًا وَنَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ , قَالَ حَمَّادٌ : وَكَانَ أَيُّوبُ يَفْعَلُهُ حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ : قُلْت لِعَطَاءٍ : رَأَيْتُك تُكَبِّرُ بِيَدَيْك حِينَ تَسْتَفْتِحُ , وَحِينَ تَرْكَعُ وَحِينَ تَرْفَعُ رَأْسَك مِنْ الرَّكْعَةِ , وَحِينَ تَرْفَعُ رَأْسَك مِنْ السَّجْدَةِ الآُولَى , وَمِنْ الآخِرَةِ , وَحِينَ تَسْتَوِي مِنْ مَثْنًى قَالَ : أَجَلْ. قُلْت : تَخْلُفُ بِالْيَدَيْنِ الآُذُنَيْنِ قَالَ : لاَ , قَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ ، عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَخْلُفُ بِيَدَيْهِ أُذُنَيْهِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجِ : قُلْت لِعَطَاءٍ : وَفِي التَّطَوُّعِ مِنْ التَّكْبِيرِ بِالْيَدَيْنِ قَالَ : نَعَمْ , فِي كُلِّ صَلاَةٍ. 443 - مَسْأَلَةٌ : وَالتَّوْجِيهُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ , وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ لِكُلِّ صَلاَةٍ فَرْضٌ أَوْ غَيْرُ فَرْضٍ , جَهْرًا أَوْ سِرًّا : مَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ , كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبِي. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : حدثنا أَبُو سَعِيدٍ ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَاجِشُونِ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ , وَأَبُو يُوسُفَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ كِلاَهُمَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ إذَا كَبَّرَ اسْتَفْتَحَ ثُمَّ قَالَ :. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ : حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، هُوَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَدَّثَنِي عَمِّي هُوَ أَبُو يُوسُفَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَعْرَجِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ إذَا كَبَّرَ اسْتَفْتَحَ ثُمَّ قَالَ : وَاتَّفَقَ أَحْمَدُ وَزُهَيْرٌ فِي رِوَايَتَيْهِمَا جَمِيعًا وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , لاَ شَرِيكَ لَهُ , وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ , وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ , اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ , ظَلَمْت نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي , فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ , وَاهْدِنِي لاَِحْسَنِ الأَخْلاَقِ , لاَ يَهْدِي لاَِحْسَنِهَا إلاَّ أَنْتَ , وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا , لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلاَّ أَنْتَ , لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ , أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ , أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ , وَأَبِي النَّضْرِ , وَمُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ , كُلُّهُمْ ، عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ t. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ , وَأَبُو كَامِلٍ , قَالَ أَبُو كَامِلٍ : حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ , وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ , وَابْنُ نُمَيْرٍ : حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ , وَقَالَ زُهَيْرٌ : حدثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. ثُمَّ اتَّفَقَ عَبْدُ الْوَاحِدِ , وَابْنُ فُضَيْلٍ , وَجَرِيرٌ ، وَاللَّفْظُ لَهُ كُلُّهُمْ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاَةِ سَكَتَ هُنَيَّة قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ : أَقُولُ : اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ , اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ , اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ. وَإِنَّمَا نَذْكُرُ ذَلِكَ فَرْضًا , لاَِنَّهُ فِعْلٌ مِنْهُ عليه السلام وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَكَانَ الاِئْتِسَاءُ بِهِ حَسَنًا. وَنَسْتَحِبُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ لِلإِمَامِ سَكْتَةٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ رُكُوعِهِ كَمَا حَدَّثَنَا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ ، حدثنا يُونُسَ ، هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ صَلَّى فَكَبَّرَ , ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً , ثُمَّ قَرَأَ فَلَمَّا خَتَمَ السُّورَةَ سَكَتَ سَاعَةً , ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ : مَا هَذَا فَقَالَ لَهُ سَمُرَةُ : حَفِظْتُ ذَلِكَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَدَّقَ سَمُرَةَ. قَالَ عَلِيٌّ : فَنَحْنُ نَخْتَارُ أَنْ يَفْعَلَ كُلُّ إمَامٍ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r وَفَعَلَهُ بَعْدَهُ سَمُرَةُ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَيَقْرَأُ الْمَأْمُومُ فِي السَّكْتَةِ الآُولَى " أُمَّ الْقُرْآنِ " فَمَنْ فَاتَتْهُ قَرَأَ فِي السَّكْتَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ عَلِيٌّ : وَقَدْ فَعَلَ مَا قلنا جُمْهُورُ السَّلَفِ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك , وَلاَ إلَهَ غَيْرُك , يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ , فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعَلِّمَنَا وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمَرِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنِ الأَسْوَدِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ إذَا كَبَّرَ قَالَ : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك , تَبَارَكَ اسْمُك , وَتَعَالَى جَدُّك , وَلاَ إلَهَ غَيْرُك فَهَذَا فِعْلُ عُمَرَ t بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ لاَ مُخَالِفَ لَهُ مِنْهُمْ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ , وَعَنْ طَاوُوس وَعَطَاءٍ , كُلُّهُمْ يَتَوَجَّهُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ. وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَأَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ , وَإِسْحَاقَ , وَدَاوُد وَأَصْحَابِهِمْ وقال مالك : لاَ أَعْرِفُ التَّوْجِيهَ قَالَ عَلِيٌّ : لَيْسَ مَنْ لاَ يَعْرِفُ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَرَفَ وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ فِي مُعَارَضَتِهِ مَا ذَكَرْنَا بِمَا رُوِيَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ , وَالْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قال علي : وهذا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ , بَلْ هُوَ قَوْلُنَا , لإِنَّ اسْتِفْتَاحَ الْقِرَاءَةِ بِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " : لاَ يَدْخُلُ فِيهِ التَّوْجِيهُ , لاَِنَّهُ لَيْسَ التَّوْجِيهُ قِرَاءَةً , وَإِنَّمَا هُوَ ذِكْرٌ. فَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ , ثُمَّ يَذْكُرُ مَا قَدْ صَحَّ عَنْهُ مِنْ الذِّكْرِ , ثُمَّ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , وَزِيَادَةُ الْعُدُولِ لاَ يَجُوزُ رَدُّهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ، وَلاَ يَقُولُهَا الْمَأْمُومُ , لإِنَّ فِيهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ , وَقَدْ نَهَى عليه السلام أَنْ يُقْرَأَ خَلْفَ الإِمَامِ إلاَّ " بِأُمِّ الْقُرْآنِ " فَقَطْ , فَإِنْ دَعَا بَعْدَ قِرَاءَةِ " أُمِّ الْقُرْآنِ " فِي حَالِ سَكْتَةِ الإِمَامِ بِمَا رُوِيَ ، عَنِ النَّبِيِّ r : فَحَسَنٌ. 444 - مَسْأَلَةٌ : وَيَجِبُ عَلَى الإِمَامِ التَّخْفِيفُ إذَا أَمَّ جَمَاعَةً لاَ يَدْرِي كَيْف طَاقَتُهُمْ وَيُطَوِّلُ الْمُنْفَرِدُ مَا شَاءَ , وَحَدُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الصَّلاَةِ الَّتِي تَلِي الَّتِي هُوَ فِيهَا , وَإِنْ خَفَّفَ الْمُنْفَرِدُ فَذَلِكَ لَهُ مُبَاحٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيّ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ , وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ وبه إلى الْبُخَارِيِّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، حدثنا زُهَيْرٌ ، وَ، هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ ، هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ سَمِعْت قَيْسًا ، هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ : وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لاََتَأَخَّرُ ، عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ , مِمَّا يُطِيلُ بِنَا , فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ , ثُمَّ قَالَ عليه السلام : إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ , فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ الشِّخِّيرِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي , قَالَ : أَنْتَ إمَامُهُمْ , وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ , وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لاَ يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا. قال علي : هذا حَدُّ التَّخْفِيفِ , وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ مَا يَحْتَمِلُ أَضْعَفُ مَنْ خَلْفَهُ وَأَمَسُّهُمْ حَاجَةً مِنْ الْوُقُوفِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ فَلْيُصَلِّ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ وَرُوِّينَا ذَلِكَ ، عَنِ السَّلَفِ الطَّيِّبِ. رُوِّينَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَحُمَيْدٍ كِلاَهُمَا ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ أَحَدٍ أَوْجَزَ صَلاَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r فِي تَمَامٍ , كَانَتْ صَلاَتُهُ مُتَقَارِبَةً , وَصَلاَةُ أَبِي بَكْرٍ مُتَقَارِبَةً , فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ مَدَّ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ : قُلْت لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ : مَا لَكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ r مِنْ أَخَفِّ النَّاسِ صَلاَةً قَالَ : نُبَادِرُ الْوَسْوَاسَ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : إذَا كُنْت إمَامًا فَخَفِّفْ الصَّلاَةَ , فَإِنَّ فِي النَّاسِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمُعْتَلَّ وَذَا الْحَاجَةِ , وَإِذَا صَلَّيْت وَحْدَك فَطَوِّلْ مَا بَدَا لَك. وَأَبْرِدْ , فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَعَنْ طَلْحَةَ التَّخْفِيفُ أَيْضًا , وَعَنْ عَمَّارٍ كَذَلِكَ وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يُطِيلُ الصَّلاَةَ فِي بَيْتِهِ , وَيُقَصِّرُ عِنْدَ النَّاسِ , وَيَحُضُّ عَلَى ذَلِكَ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ : لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَخَذَ شَاةً عَزُوزًا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ لَبَنِهَا حَتَّى أُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ , أُتِمُّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا وَعَنْ عَلْقَمَةَ : لَوْ أُمِرَ بِذَبْحِ شَاةٍ فَأَخَذَ فِي سَلْخِهَا لَصَلَّيْت الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي تَمَامٍ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا وَأَمَّا الْحَدُّ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي التَّطْوِيلِ فَهُوَ : أَنَّنَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r صَلَّى الظُّهْرَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ بِالأَمْسِ , وَقَالَ عليه السلام : وَقْتُ الصُّبْحِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ. وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ. وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ نُورُ الشَّفَقِ. وَوَقْتُ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي صَلاَةٍ فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَإِنَّمَا يُصَلِّي بَاقِيَهَا فِي وَقْتِ الآُخْرَى , وَفِي وَقْتٍ لَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ ابْتِدَاءِ الصَّلاَةِ إلَيْهِ أَصْلاً. وَقَدْ صَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r : أَنَّ التَّفْرِيطَ أَنْ تُؤَخِّرَ صَلاَةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى. فَصَحَّ أَنَّ لَهُ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ فِي وَقْتِهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَوِّلَ مَا شَاءَ , كَمَا أَمَرَ عليه السلام , إلاَّ تَطْوِيلاً مَنَعَ مِنْهُ النَّصُّ , وَلَيْسَ إلاَّ أَنْ يُطِيلَ حَتَّى تَفُوتَهُ الصَّلاَةُ التَّالِيَةُ لَهَا فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 445 - مَسْأَلَةٌ : قَدْ قلنا : إنَّ الْفَرْضَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ , فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قُرْآنًا فَحَسَنٌ , قَلَّ أَمْ كَثُرَ , أَيُّ صَلاَةٍ كَانَتْ مِنْ فَرْضٍ أَوْ غَيْرِ فَرْضٍ , لاَ نُحَاشِ شَيْئًا. إلاَّ أَنَّنَا نَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ سِتِّينَ آيَةً إلَى مِائَةِ آيَةٍ مِنْ أَيِّ سُورَةٍ شَاءَ. وَفِي الظُّهْرِ فِي الآُولَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَعَ " أُمِّ الْقُرْآنِ " نَحْوَ ثَلاَثِينَ آيَةً كَذَلِكَ , وَفِي الآخِرَتَيْنِ مِنْهَا مَعَ " أُمِّ الْقُرْآنِ " فِي كُلِّ رَكْعَةٍ نَحْوَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً. وَفِي الآُولَتَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ كَالآخِرَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ , وَفِي الآخِرَتَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَطْ. وَفِي الْمَغْرِبِ نَحْوَ الْعَصْرِ , وَلَوْ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالأَعْرَافِ أَوْ الْمَائِدَةِ أَوْ الطُّورِ أَوْ الْمُرْسَلاَتِ فَحَسَنٌ. وَفِي الْعَتَمَةِ فِي الآُولَتَيْنِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِ التِّينِ وَالزَّيْتُونِ " وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا " وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَفِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ " الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ ". وَ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ. وَفِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ مَرَّةً سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ وَمَرَّةً سُورَةَ الْغَاشِيَةِ. وَلَوْ قَرَأَ فِي كُلِّ ذَلِكَ : سُورَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ فَحَسَنٌ. وَلَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ قَبْلَ " أُمِّ الْقُرْآنِ " كَرِهْنَا ذَلِكَ وَأَجْزَأَهُ. وَمَنْ أَرَادَ مِنْ الأَئِمَّةِ تَطْوِيلَ صَلاَةٍ ثُمَّ أَحَسَّ بِعُذْرٍ مِمَّنْ خَلْفَهُ فَلْيُوجِزْ فِي مَدِّهَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا آدَم ، حدثنا شُعْبَةُ ، حدثنا سَيَّارُ بْنُ سَلاَمَةَ هُوَ أَبُو الْمِنْهَالِ قَالَ : دَخَلْت عَلَى أَبِي بَرْزَةَ فَسَأَلْنَاهُ فَأَخْبَرَنَا ، عَنِ النَّبِيِّ r أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَعْرِفُ جَلِيسَهُ , وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ هُشَيْمٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، هُوَ ابْنُ زَاذَانَ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ هُوَ أَبُو بِشْرٍ الْعَنْبَرِيُّ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ هُوَ بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو النَّاجِي ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نَحْزِرُ قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي الرَّكْعَتَيْنِ الآُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ قَدْرَ ثَلاَثِينَ آيَةً , وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الآُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ. وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الآُولَيَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الآُخْرَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ , وَفِي الآُخْرَيَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ ، حدثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ الأَشَجِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ r مِنْ فُلاَنٍ , قَالَ سُلَيْمَانُ : كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَتَيْنِ الآُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ , وَيُخَفِّفُ الآُخْرَيَيْنِ وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ , وَيَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ , وَيَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ بِوَسَطِ الْمُفَصَّلِ وَيَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ إنَّ أُمَّ الْفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا , فَقَالَتْ : يَا بُنَيَّ وَاَللَّهِ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ , إنَّهَا لاََخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا عَمْرُو النَّاقِدُ ، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حدثنا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَأَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ قَالَتْ ثُمَّ مَا صَلَّى بَعْدُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. فَهَذَا آخِرُ صَلاَةِ مَغْرِبٍ صَلاَّهَا عليه السلام , وَآخِرُ عَمَلِهِ عليه السلام. فَأَيْنَ الْمُدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ عَمَلَهُ وَآخِرَ عَمَلِهِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ ، عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْحُلْوَانِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ : قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ , وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ قُلْت : مَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ قَالَ : الأَعْرَافُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجِ : وَسَأَلْت ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ لِي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ : الْمَائِدَةُ وَالأَعْرَافُ. فَهَذَا زَيْدٌ t يُنْكِرُ عَلَى أَمِيرِ الْمَدِينَةِ الاِقْتِصَارَ عَلَى صِغَارِ الْمُفَصَّلِ فِي الْمَغْرِبِ وَيَخُصُّهُ عَلَى مَا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r مِنْ قِرَاءَةِ الأَعْرَافِ فِي صَلاَةِ الْمَغْرِبِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حدثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى مُعَاذٌ لاَِصْحَابِهِ الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ , فَانْصَرَفَ رَجُلٌ مِنَّا فَصَلَّى , فَأُخْبِرَ مُعَاذٌ عَنْهُ , فَقَالَ : إنَّهُ مُنَافِقٌ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَأَخْبَرَهُ مَا قَالَ مُعَاذٌ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r : " أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ فَتَّانًا يَا مُعَاذُ إذَا أَمَمْتَ النَّاسَ فَاقْرَأْ " بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا " , وَ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الأَعْلَى وَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى. قَالَ عَلِيٌّ : وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ ، عَنِ السَّلَفِ ، رضي الله عنهم. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ t أَمَّ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ قَرَأَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ. وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَيْضًا أَمَّهُمْ فِي الصُّبْحِ بِآلِ عِمْرَانَ وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ كِلاَهُمَا ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ سَبْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ فِي الْفَجْرِ يُوسُفَ ثُمَّ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ وَالنَّجْمِ فَسَجَدَ , ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ " إذَا زُلْزِلَتْ " وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ : إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى الصُّبْحَ بِذِي الْحُلَيْفَةَ فَقَالَ : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك تَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك ، وَلاَ إلَهَ غَيْرُك , وَقَرَأَ " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " " وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " وَكَانَ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الظُّهْرِ ق , وَالذَّارِيَاتِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الظُّهْرِ كهيعص وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ : سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ أَوْ سَأَلَهُ رَجُلٌ : أَأَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَقَالَ : هُوَ إمَامُك , اقْرَأْ مِنْهُ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ , وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ قَلِيلٌ وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ , وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ , وَحُمَيْدٍ , وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ , كُلُّهُمْ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الأَعْلَى " " وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ " وَيُسْمِعُنَا النَّغْمَةَ أَحْيَانًا وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ يس وَعَنْ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ " قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ r بِخَيْبَرَ , فَوَجَدْتُ رَجُلاً مِنْ غِفَارٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي الْمَغْرِبِ , فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى سُورَةَ مَرْيَمَ وَفِي الثَّانِيَةِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. وَبِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا يَأْخُذُ : الشَّافِعِيُّ , وَدَاوُد , وَجُمْهُورُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ : حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ , أَوْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَرَأَ بِالأَعْرَافِ فِي الْمَغْرِبِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ. وَرُوِّينَا ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله تعالى عنهما : أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَلَّى الصُّبْحَ بِالصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ مِائَةَ آيَةٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ , ثُمَّ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ بَاقِيَ السُّورَةِ. وَصَحَّ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا الْهَيْثَمُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّيْرَفِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : لَقَدْ غَزَوْنَا غَزْوَةً إلَى خُرَاسَانَ مَعَنَا فِيهَا ثَلاَثُمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ r , فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يُصَلِّي بِنَا , فَيَقْرَأُ بِالآيَاتِ مِنْ السُّورَةِ ثُمَّ يَرْكَعُ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجِ ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ مِنْ صَلاَةِ الْفَرْضِ آيَاتٍ مِنْ بَعْضِ السُّورَةِ , مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا , قَالَ عَطَاءٌ : لاَ يَضُرُّك , كُلُّهُ قُرْآنٌ وَعَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الآُولَى مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ سُورَةَ الدُّخَانِ وَالطُّورِ وَسُورَةَ الْجِنِّ وَيَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْهَا آخِرَ الْبَقَرَةِ وَآخِرَ آلِ عِمْرَانَ وَالسُّورَةَ الْقَصِيرَةَ. وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّهُ قَرَأَ فِي إحْدَى رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ " أُمَّ الْقُرْآنِ " وَآيَةً. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ نَحْوُ هَذَا وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ أَحْيَانًا يَقْرَأُ بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلاَثِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ : صَلَّى بِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ , فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ " " وَلاِِيلاَفِ قُرَيْشٍ " جَمَعَهُمَا. وَمِثْلُ هَذَا ، عَنْ طَاوُوس , وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ , وَغَيْرِهِمْ وَحدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ. قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ : حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ : وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ : حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ , ثُمَّ اتَّفَقَ يَحْيَى , وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ قَالاَ : حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم تَنْزِيلُ وَ هَلْ أَتَى. وَقَدْ صَحَّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ : وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، حدثنا عَمْرُو النَّاقِدُ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيم ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجِ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فِي كُلِّ الصَّلاَةِ يَقْرَأُ , فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : إنْ لَمْ أَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ قَالَ : إنْ زِدْت عَلَيْهَا فَهُوَ خَيْرٌ , وَإِنْ انْتَهَيْت إلَيْهَا أَجْزَأَتْ عَنْك. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبَ ، حدثنا سُلَيْمَانُ ، هُوَ ابْنُ بِلاَلٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ : صَلَّى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ. قَالَ ابْنُ أَبِي رَافِعٍ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ , فَقُلْتُ لَهُ : إنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا عَمْرُو النَّاقِدُ ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَتَبَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ إلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ يَسْأَلُهُ " أَيُّ شَيْءٍ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ r يَوْمَ الْجُمُعَةِ سِوَى سُورَةِ الْجُمُعَةِ قَالَ : كَانَ يَقْرَأُ : " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، حدثنا خَالِدٌ ، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ شُعْبَةَ أَخْبَرَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ زَيْدٍ ، هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ " بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " وَ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وقال أبو حنيفة : يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ يَلْتَزِمُ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا سُورَةً بِعَيْنِهَا , أَوْ سُوَرًا بِعَيْنِهَا قَالَ عَلِيٌّ : كَرِهَ السُّنَّةَ , وَخَالَفَ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ r , وَكَذَلِكَ مَنْ كَرِهَ شَيْئًا مِمَّا صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام فَعَلَهُ وَأَمَّا تَقْدِيمُ السُّورَةِ قَبْلَ " أُمِّ الْقُرْآنِ " فَلَمْ يَأْتِ أَمْرٌ بِخِلاَفِ ذَلِكَ , لَكِنَّ عَمَلَ الْمُسْلِمِينَ , وَعَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ r : هُوَ تَقْدِيمُ " أُمِّ الْقُرْآنِ " فَكَرِهْنَا خِلاَفَ هَذَا , وَلَمْ نُبْطِلْ الصَّلاَةَ بِهِ , لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ نَهْيٌ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ. وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يُشَنِّعُ هَذَا وَيُجِيزُ تَنْكِيسَ الْوُضُوءِ , وَتَنْكِيسَ الطَّوَافِ وَتَنْكِيسَ الأَذَانِ. وَأَمَّا مَنْ بَدَأَ الصَّلاَةَ يُرِيدُ تَطْوِيلَهَا فَأَحَسَّ بِعُذْرٍ مِنْ بَعْضِ مَنْ خَلْفَهُ , فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا قَالَ : حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي مُوسَى الْفَرَّاءُ ، حدثنا الْوَلِيدُ ، هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ ، حدثنا الأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : إنِّي لاََقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي , كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ. 446 - مَسْأَلَةٌ : وَيُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ فِي رَكْعَتَيْ صَلاَةِ الصُّبْحِ , وَالآُولَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ , وَالآُولَتَيْنِ مِنْ الْعَتَمَةِ , وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الْجُمُعَةِ , وَالإِسْرَارُ فِي الظُّهْرِ كُلِّهَا , وَفِي الْعَصْرِ كُلِّهَا , وَفِي الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ , وَفِي الآخِرَتَيْنِ مِنْ الْعَتَمَةِ , فَإِنْ فَعَلَ خِلاَفَ ذَلِكَ كَرِهْنَاهُ , وَأَجْزَأَهُ. وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ الإِسْرَارُ بِ " أُمِّ الْقُرْآنِ " فِي كُلِّ صَلاَةٍ ، وَلاَ بُدَّ , فَلَوْ جَهَرَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ الْجَهْرَ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجْهَرُ فِيهِ , وَالإِسْرَارُ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُسِرُّ فِيهِ إنَّمَا هُمَا فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ r وَلَيْسَا أَمْرًا مِنْهُ , وَأَفْعَالُهُ عليه السلام عَلَى الاِئْتِسَاءِ لاَ عَلَى الْوُجُوبِ , وَهُوَ عليه السلام الإِمَامُ , وَحُكْمُ الْمُنْفَرِدِ كَحُكْمِ الإِمَامِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنِ الْحَجَّاجِ يَعْنِي الصَّوَّافَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ , وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ كِلاَهُمَا ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي بِنَا , فَيَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الآُولَيَيْنِ بِ " فَاتِحَةِ الْكِتَابِ " وَسُورَتَيْنِ , وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا. فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ r يَجْهَرُ بِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَلَمِ بْنِ قُتَيْبَةَ ، حدثنا هَاشِمُ بْنُ الْبَرِيدِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ r الظُّهْرَ فَيُسْمِعُنَا الآيَةَ بَعْدَ الآيَاتِ مِنْ لُقْمَانَ وَالذَّارِيَاتِ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ : حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حدثنا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ هُوَ عَلِيُّ بْنُ دَاوُد النَّاجِي قَالَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا , وَ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ يُعْلِنُ فِيهِمَا وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ : كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يُصَلِّي بِنَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَرُبَّمَا سَمِعْنَا مِنْ قِرَاءَتِهِ إذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وَ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الأَعْلَى فَهَذَا فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَنَسٍ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , لاَ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : مِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ فِي نَفْسِهِ فَأَسْمَعَ نَفْسَهُ أَجْزَأَ عَنْهُ وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ دَاوُد ، هُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ جَهَرَ فِي صَلاَةِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ , فَمَضَى فِي جَهْرِهِ , فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ : إنِّي كَرِهْت أَنْ أُخْفِيَ الْقُرْآنَ بَعْدَمَا جَهَرْت بِهِ , وَلَمْ يَذْكُرْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قال علي : هذا مِنْهُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ , لاَ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا الْجَهْرَ فِي الْعَصْرِ ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ t وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ بِهِ فَلاَ سَهْوَ عَلَيْهِ وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ إسْرَائِيلَ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ الأَسْوَدِ , وَعَلْقَمَةَ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْهَرَانِ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ فَلاَ يَسْجُدَانِ وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ : حدثنا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ , وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , ثُمَّ اتَّفَقَ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ كِلاَهُمَا ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : " صَلَّيْت خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ , فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ , وَقَالَ : لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ " قَالَ عَلِيٌّ : وَإِنَّمَا كَرِهْنَا ذَلِكَ ; لإِنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ فِعْلِهِ عليه السلام كَانَ الْجَهْرُ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ وَالإِسْرَارُ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُسِرُّ فِيهِ , وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ فِي ذَلِكَ , لإِنَّ مَا أُبِيحَ تَعَمُّدُ فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ فَلاَ سَهْوَ فِيهِ ; لاَِنَّهُ فَعَلَ مَا هُوَ مُبَاحٌ لَهُ , وَإِنَّمَا السَّهْوُ الَّذِي يَسْجُدُ لَهُ فِيمَا لَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , مِنْ تَرْكٍ أَوْ فِعْلٍ وقال الشافعي : مَنْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ أَوْ أَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ كَرِهْنَاهُ وَتَمَّتْ صَلاَتُهُ , وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ فِيهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا وَبِهِ نَقُولُ. وقال مالك : إنْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ أَوْ أَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ , وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً فَلاَ شَيْءَ فِيهِ قال علي : وهذا خَطَأٌ , لاَِنَّهُ لاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا فَالْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ سَوَاءٌ , أَوْ يَكُونَ مَحْظُورًا , فَالْقَلِيلُ مِنْهُ وَالْكَثِيرُ سَوَاءٌ , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُحِلَّ قَلِيلَ مَا حُرِّمَ كَثِيرُهُ إلاَّ بِنَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ. وَأَيْضًا : فَيَسْأَلُ ، عَنْ حَدِّ الْكَثِيرِ الْمُوجِبِ لِسُجُودِ السَّهْوِ مِنْ الْقَلِيلِ الَّذِي لاَ يُوجِبُهُ , فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى تَحْدِيدِهِ إلاَّ بِتَحَكُّمٍ لاَ بُرْهَانَ عَلَيْهِ , وَلاَ يَعْجِزُ ، عَنْ مِثْلِهِ أَحَدٌ وَمِنْ الْمُحَالِ إيجَابُ حُكْمٍ فِيمَا لاَ يَبِينُ مِقْدَارُهُ الْمُوجِبُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ. وقال أبو حنيفة : إنْ أَسَرَّ الإِمَامُ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ أَوْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ. وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ فِيهِ , وَالصَّلاَةُ تَامَّةٌ. فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ فِيهِ , [ وَالصَّلاَةُ تَامَّةٌ , فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ فِيهِ. قال علي : وهذا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : إبَاحَتُهُ تَعَمُّدَ ذَلِكَ ، وَلاَ سُجُودَ عِنْدَهُ عَلَى الْعَامِدِ , وَإِيجَابُهُ السُّجُودَ عَلَى السَّاهِي , وَهُوَ لَمْ يَسْهُ إلاَّ عَمَّا أُبِيحَ لَهُ عِنْدَهُ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ , فَأَيُّ سُجُودٍ فِي هَذَا وَالثَّانِي : تَفْرِيقُهُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ , وَهَذَا عَجَبٌ آخَرُ ، وَلاَ نَعْرِفُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ , وَقَوْلَ مَالِكٍ هَهُنَا ، عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمَا , وَقَدْ خَالَفَا فِي ذَلِكَ كُلَّ رِوَايَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم . قَالَ عَلِيٌّ : وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِنَّمَا تَبْطُلُ صَلاَتُهُ إنْ جَهَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ قِرَاءَتِهِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ وَصَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَوْلُهُ : إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ : وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا. فَمَنْ لَمْ يُنْصِتْ مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَجَهَرَ فَقَدْ خَالَفَ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ r فِي صَلاَتِهِ وَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ , فَلَمْ يُصَلِّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 447 - مَسْأَلَةٌ : وَيُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ الرَّكْعَةِ الآُولَى مِنْ كُلِّ صَلاَةٍ أَكْثَرَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا هَمَّامٌ ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى ، عَنْ يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الآُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ , وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الآُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ , وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ , وَيُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى مَا لاَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ , وَهَكَذَا فِي الْعَصْرِ , وَهَكَذَا فِي الصُّبْحِ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِمَاعَةَ ، حدثنا الأَوْزَاعِيِّ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الآُولَيَيْنِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ , وَصَلاَةِ الْعَصْرِ , وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يُطِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى. قال علي : هذا عُمُومٌ لِكُلِّ صَلاَةٍ , لاَِنَّهَا قَضِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا : وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ هُوَ النَّخَعِيُّ قَالَ الآُولَى مِنْ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا الطِّوَالُ فِي الْقِرَاءَةِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ إسْرَائِيلَ ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَزَّةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلُ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : إنِّي لاَُحِبُّ أَنْ يُطَوِّلَ الإِمَامُ الآُولَى مِنْ كُلِّ صَلاَةٍ حَتَّى يَكْثُرَ النَّاسُ , فَإِذَا صَلَّيْت لِنَفْسِي فَإِنِّي أَحْرِصُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ الآُولَتَيْنِ وَالآخِرَتَيْنِ سَوَاءً 448 - مَسْأَلَةٌ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ الْمُصَلِّي يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى كُوعِ يَدِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاَةِ , فِي وُقُوفِهِ كُلِّهِ فِيهَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا عَفَّانَ ، هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ ، حدثنا هَمَّامٌ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ ، حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ r رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ كَبَّرَ ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنَا هُشَيْمٌ ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ قَالَ : سَمِعْت أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يُحَدِّثُ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : رَآنِي النَّبِيُّ r وَقَدْ وَضَعْتُ شِمَالِي عَلَى يَمِينِي فِي الصَّلاَةِ فَأَخَذَ بِيَمِينِي فَوَضَعَهَا عَلَى شِمَالِي. وَرُوِّينَا ، عَنْ عَلِيٍّ t " أَنَّهُ كَانَ إذَا طَوَّلَ قِيَامَهُ فِي الصَّلاَةِ يُمْسِكُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ذِرَاعَهُ الْيُسْرَى فِي أَصْلِ الْكَفِّ إلاَّ أَنْ يُسَوِّيَ ثَوْبًا أَوْ يَحُكَّ جِلْدًا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : وَضْعُ الْكَفِّ عَلَى الْكَفِّ فِي الصَّلاَةِ تَحْتَ السُّرَّةِ. وَعَنْ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها ، أَنَّهَا قَالَتْ : ثَلاَثٌ مِنْ النُّبُوَّةِ : تَعْجِيلُ الإِفْطَارِ , وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ , وَوَضْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيَدِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاَةِ وَعَنْ أَنَسٍ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا , إلاَّ ، أَنَّهُ قَالَ : مِنْ أَخْلاَقِ النُّبُوَّةِ , وَزَادَ : تَحْتَ السُّرَّةِ. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : " كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاَةِ ". قال علي : هذا رَاجِعٌ فِي أَقَلِّ أَحْوَالِهِ إلَى فِعْلِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْنَدًا. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r " ثُمَّ وَصَفَ أَنَّهُ كَبَّرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ إلَى وَجْهِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ. وَرُوِّينَا فِعْلَ ذَلِكَ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ , وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ , وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ , وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ , وَدَاوُد. 449 - مَسْأَلَةٌ : وَنَسْتَحِبُّ أَنْ لاَ يُكَبِّرَ الإِمَامُ إلاَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ كُلُّ مَنْ وَرَاءَهُ فِي صَفٍّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ صَفٍّ , فَإِنْ كَبَّرَ قَبْلَ ذَلِكَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ. وقال أبو حنيفة : إذَا قَالَ الْمُقِيمُ " قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ " فَلْيُكَبِّرْ الإِمَامُ وَرُوِّينَا ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ إجَازَةَ تَكْبِيرِ الإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الإِقَامَةِ قَالَ عَلِيٌّ : وَكِلاَ الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالاَ : حدثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَقُمْنَا فَعَدَلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r , فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ r حَتَّى إذَا قَامَ فِي مُصَلاَّهُ وَقَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ ذَكَرَ فَانْصَرَفَ , وَقَالَ لَنَا : مَكَانَكُمْ , فَلَمْ نَزَلَ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إلَيْنَا وَقَدْ اغْتَسَلَ , يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً , فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَانَتْ الصَّلاَةُ تُقَامُ فَيُكَلِّمُ الرَّجُلُ النَّبِيَّ r فِي الْحَاجَةِ تَكُونُ لَهُ , يَقُومُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ قَائِمًا يُكَلِّمُهُ , فَرُبَّمَا رَأَيْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ يَنْعَسُ مِنْ طُولِ قِيَامِ النَّبِيِّ r . وَأَيْضًا فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ r لِلْمَأْمُومِينَ وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا يَعْنِي الإِمَامَ : مُبْطِلٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ , لاَِنَّهُ إذَا كَبَّرَ الإِمَامُ وَلَمْ يُتِمَّ الْمُقِيمُ الإِقَامَةَ لَمْ يُمْكِنْ الْمُقِيمُ أَنْ يُكَبِّرَ إذَا كَبَّرَ الإِمَامُ , فَأَبُو حَنِيفَةَ يَأْمُرُ بِخِلاَفِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ r بِأَنْ يُكَبِّرَ إذَا كَبَّرَ الإِمَامُ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : كَانَ عُمَرُ يَبْعَثُ رِجَالاً يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ فَإِذَا جَاءُوهُ كَبَّرَ وَعَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ قَالَ : كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ لاَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَهُ رِجَالٌ قَدْ وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ , فَيُخْبِرُونَهُ أَنَّهَا قَدْ اسْتَوَتْ فَيُكَبِّرُ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ بَعْدَ مَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ قَلِيلاً وَرُوِّينَا ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما نَحْوَ هَذَا. فَهَذَا فِعْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَإِجْمَاعُهُمْ مَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرُوِّينَا ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُد الْخُرَيْبِيِّ قَالَ : أَذَّنَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الْمَنَارِ وَأَقَامَ فِي الْمَنَارِ , ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَّنَا. وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ , وَدَاوُد , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ , وَأَحَدُ قَوْلَيْ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَاحْتَجَّ مُقَلِّدُ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَثَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّ بِلاَلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ r : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لاَ تَسْبِقْنِي بِآمِينَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ مُؤَذِّنًا لِلْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ بِالْبَحْرَيْنِ فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ : لِتَنْتَظِرَنِّي بِآمِينَ أَوْ لاَ أُؤَذِّنُ لَك. قَالَ عَلِيٌّ : وَاحْتِجَاجُهُمْ بِهَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ مِنْ التَّمْوِيهِ فِي الدِّينِ وَإِقْدَامٌ عَلَى الْفَضِيحَةِ بِالتَّدْلِيسِ عَلَى مَنْ اغْتَرَّ بِهِمْ وَدَلِيلٌ عَلَى قِلَّةِ الْوَرَعِ جُمْلَةً , لأَنَّهُمْ لاَ يَرَوْنَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ خَلْفَ الإِمَامِ أَصْلاً بَلْ يَرَوْنَ لِلإِمَامِ أَنْ يَقُولَ : وَجَّهْتُ وَجْهِي إلَى آخِرِ الْكَلاَمِ الْمَرْوِيِّ فِي ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ " أُمَّ الْقُرْآنِ " وَبِالضَّرُورَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ يَدْرُونَ أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا قَالَ : " قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ " فَكَبَّرَ الإِمَامُ فَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْمُقِيمِ شَيْءٌ إلاَّ أَنْ يَقُولَ : " اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ , لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ ". فَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ الَّذِي لاَ يُشْكِلُ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ يُتِمُّ قِرَاءَةَ " أُمِّ الْقُرْآنِ " قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقِيمُ قَوْلَ " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ , لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ " ثُمَّ يُكَبِّرَ. فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا دَلِيلاً عَلَى أَنَّ الإِمَامَ يُكَبِّرُ إذَا قَالَ الْمُقِيمُ " قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ ". بَلْ لَوْ كَبَّرَ الإِمَامُ مَعَ ابْتِدَاءِ الْمُقِيمِ الإِقَامَةَ لَمَا أَتَمَّ " أُمَّ الْقُرْآنِ " أَصْلاً إلاَّ بَعْدَ إتْمَامِ الْمُقِيمِ الإِقَامَةَ , وَبَعْدَ أَنْ يُكَبِّرَ لِلإِحْرَامِ , فَكَيْفَ بِثَلاَثِ كَلِمَاتٍ فَلَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسْتَحْيُوا مِنْ التَّمْوِيهِ فِي دِينِ الإِسْلاَمِ بِمِثْلِ هَذَا الضَّعْفِ فإن قيل : مَا مَعْنَى قَوْلِ بِلاَلٍ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ : لاَ تَسْبِقْنِي بِآمِينَ قلنا : مَعْنَاهُ بَيِّنٌ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ , لإِنَّ النَّبِيَّ r أَخْبَرَ أَنَّ الإِمَامَ إذَا قَالَ " آمِينَ " قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ " آمِينَ " فَإِنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ , فَأَرَادَ بِلاَلٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَنْ يَتَمَهَّلَ فِي قَوْلِ " آمِينَ " فَيَجْتَمِعَ مَعَهُ فِي قَوْلِهَا , رَجَاءً لِمُوَافَقَةِ تَأْمِينِ الْمَلاَئِكَةِ , وَهَذَا الَّذِي أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ الْعَلاَءِ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ قَالَ : حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ فَرُّوخَ ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ : كَانَ بِلاَلٌ إذَا قَالَ : قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ نَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ r بِالتَّكْبِيرِ. قَالَ الْبَزَّارُ : لَمْ يَرْوِ هَذَا أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ وَرَوَوْا نَحْوَ هَذَا أَيْضًا ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قال علي : وهذانِ أَثَرَانِ مَكْذُوبَانِ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى فَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ فَرُّوخَ , وَهُوَ مُتَّفِقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَتَرْكِ الاِحْتِجَاجِ بِهِ وَأَمَّا خَبَرُ عُمَرَ فَمِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ الْقَاضِي , وَهُوَ ضَعِيفٌ فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهِمَا وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الثَّابِتَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَعَنْ عُمَرَ خِلاَفُ هَذَا قَالَ عَلِيٌّ : وَهُمْ يَقُولُونَ : لاَ نَقْبَلُ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِيمَا تَعْظُمُ الْبَلْوَى بِهِ قال علي : وهذا مِمَّا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى , فَلَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ مَا خَفِيَ عَلَى سَائِرِ الْفُقَهَاءِ , وَقَدْ قَبِلُوا فِيهِ خَبَرًا وَاهِيًا , وَتَرَكُوا لَهُ الآثَارَ الثَّابِتَةَ 450 - مَسْأَلَةٌ : وَنَسْتَحِبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ , وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ النَّارِ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ , وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ , كُلُّهُمْ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الأَحْنَفِ ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى جَنْبِ النَّبِيِّ r لَيْلَةً , فَكَانَ إذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ وَقَفَ فَتَعَوَّذَ , وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ وَقَفَ فَدَعَا , وَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ : سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ , وَفِي سُجُودِهِ : سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَرَّتْ بِهَذِهِ الآيَةِ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ فَقَالَتْ : رَبِّ مُنَّ عَلَيَّ وَقِنِي عَذَابَ السَّمُومِ وبه إلى سُفْيَانَ : عَنِ السُّدِّيَّ وَمِسْعَرٍ قَالَ السُّدِّيَّ : عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ : سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَرَأَ فِي صَلاَةٍ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " فَقَالَ : سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى وَقَالَ مِسْعَرٌ : عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ قَرَأَ فِي الْجُمُعَةِ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى فَقَالَ : سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا قَرَأَ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى قَالَ : اللَّهُمَّ بَلَى وَإِذَا قَرَأَ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى قَالَ : سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى وَعَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ. وَعَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ قَرَأَ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا فَقَالَ : رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا وَعَنْ حُجْرٌ الْمَدَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي , فَإِذَا قَرَأَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ قَالَ : بَلْ أَنْتَ رَبِّ. 451 - مَسْأَلَةٌ : وَنَسْتَحِبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ إذَا قَالَ : " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ " أَنْ يَقُولَ " مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ , وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ " فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ " أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ , أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ , وَكُلّنَا لَك عَبْدٌ , لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت , وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ " فَحَسَنٌ , وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الأَوَّلِ : فَحَسَنٌ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامٌ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حدثنا الأَعْمَشُ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , قَالَ : اللَّهُمَّ رَبّنَا لَكَ الْحَمْدُ , مِلْءَ السَّمَاوَاتِ , وَمِلْءَ الأَرْضِ , وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسٌ ، حدثنا ابْنُ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، حدثنا أَبِي ، حدثنا وَكِيعٌ ، حدثنا الأَعْمَشُ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُزَنِيّ قَالَ : سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ , مِلْءَ السَّمَاوَاتِ , وَمِلْءَ الأَرْضِ , وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، وَوَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا رَفَعَ ظَهْرَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ , مِلْءَ السَّمَاوَاتِ , وَمِلْءَ الأَرْضِ , وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الدَّارِمِيُّ ، حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ قَزَعَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ : رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ , أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ , وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ , وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ. وبه إلى مُسْلِمٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ أَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ , مِلْءَ السَّمَاوَاتِ , وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ , أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ , لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ , وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ , وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ وَأَحَادِيثُ مُتَوَاتِرَةٌ , وَرِوَايَاتٌ مُتَنَاصِرَةٌ ، وَلاَ يَسَعُ أَحَدًا الرَّغْبَةُ عَنْهَا وَقَدْ قَالَ بِهَذَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ : كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ عُثْمَانَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حدثنا قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ , وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ : أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ : " اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ , وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ". حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ , فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَامَ قَدْرَ مَا يَقُولُ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ , وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ , أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ , لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت , وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ قال علي : وهذا أَيْضًا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَصْحَابِهِ , وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا , وَبِهِ نَأْخُذُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 452 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ طَوَّلَ الإِنْسَانُ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَوُقُوفَهُ فِي رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ , حَتَّى يَكُونَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مُسَاوِيًا لِوُقُوفِهِ مُدَّةَ قِرَاءَتِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَحَسَنٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلٍ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ رَمَقْتُ الصَّلاَةَ مَعَ مُحَمَّدٍ r فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ وَجِلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالاِنْصِرَافِ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ ، حدثنا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ ، حدثنا حَمَّادٌ أَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : مَا صَلَّيْتَ خَلْفَ أَحَدٍ أَوْجَزَ صَلاَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r فِي تَمَامٍ , كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ r مُتَقَارِبَةً , وَكَانَتْ صَلاَةُ أَبِي بَكْرٍ مُتَقَارِبَةً , فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَدَّ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَامَ حَتَّى نَقُولَ : قَدْ أَوْهَمَ , ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقْعُدُ بَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ : قَدْ أَوْهَمَ. وَفَعَلَهُ السَّلَفُ الطَّيِّبُ : كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : إنِّي لاَ آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُصَلِّي بِنَا , قَالَ ثَابِتٌ : فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ , كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ : قَدْ نَسِيَ , وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ : قَدْ نَسِيَ. قال علي : هذا يُوَضِّحُ أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي عَمَلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ r . وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ : كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يُطِيلُ الْقِيَامَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَكَانُوا يَعِيبُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ عَلِيٌّ : الْمَعِيبُ هُوَ مَنْ عَابَ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ r وَعَوَّلَ عَلَى مَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 453 - مَسْأَلَةٌ : وَتَحْسِينُ الرُّكُوعِ هُوَ أَنْ لاَ يَرْفَعَ رَأْسَهُ إذَا رَكَعَ ، وَلاَ يُمِيلَهُ , لَكِنْ مُعْتَدِلاً مَعَ ظَهْرِهِ , وَأَمَّا فِي السُّجُودِ فَيُقَنْطِرُ ظَهْرَهُ جِدًّا مَا أَمْكَنَهُ , وَيُفَرِّجُ ذِرَاعَيْهِ مَا أَمْكَنَهُ , الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر ، حدثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ إذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إبْطَيْهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا يَحْيَى ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ ، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ r قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ r إذَا سَجَدَ لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، حدثنا حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r " كَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ. وَرُوِّينَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قُلْت لِعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيّ إذَا رَكَعْت أَنْصِبُ فِي رُكُوعِي قَالَ : لاَ , وَلَكِنْ اعْتَدِلْ حَتَّى تَسْتَوِيَ أَطْبَاقُ صُلْبِك , قُلْت : إذَا سَجَدْت أَسْجُدُ عَلَى مِرْفَقَيَّ قَالَ : لاَ , وَلَكِنْ جَافِيهِمَا. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ طَلْحَةَ الْقَصَّابِ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إذَا رَكَعُوا أَنْ لاَ يُقَنِّعُوا ، وَلاَ يُصَوِّبُوا. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ شِهَابٍ الْبَارِقِيِّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ إذَا سَجَدَ خَوَى كَمَا يَخْوِي الْبَعِيرُ الضَّامِرُ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ : رَأَيْت مَسْرُوقًا سَاجِدًا كَأَنَّهُ أَحْدَبُ وَعَنِ الْحَسَنِ : يَرْكَعُ الرَّجُلُ غَيْرَ شَاخِصٍ ، وَلاَ مُنَكِّسٍ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَنِّعَ أَوْ يُصَوِّبَ فِي الرُّكُوعِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَوْ كَانَ لَهَا حُكْمٌ بِخِلاَفِ ذَلِكَ لَمَا أَغْفَلَ رَسُولُ اللَّهِ r بَيَانَ ذَلِكَ , وَاَلَّذِي يَبْدُو مِنْهَا فِي هَذَا الْعَمَلِ هُوَ بِعَيْنِهِ الَّذِي يَبْدُو مِنْهَا فِي خِلاَفِهِ , وَلاَ فَرْقَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَعْتَصِمُ. 454 - مَسْأَلَةٌ : وَنَسْتَحِبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَجْلِسَ مُتَمَكِّنًا ثُمَّ يَقُومَ مِنْ ذَلِكَ الْجُلُوسِ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا خَالِدٌ هُوَ الْحَذَّاءُ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ أَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيُّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ r يُصَلِّي , فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا. وَهُوَ عَمَلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، حدثنا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا قَالَ : إنِّي لاَُصَلِّي بِكُمْ مَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ , وَلَكِنِّي أُرِيدُ أُرِيكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ : كَانَ يُصَلِّي مِثْلَ صَلاَةِ شَيْخِنَا هَذَا , يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ إمَامَكُمْ , وَذَكَر أَنَّهُ كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى قَعَدَ ثُمَّ قَامَ. قَالَ عَلِيٌّ : عَمْرٌو هَذَا لَهُ صُحْبَةٌ , وَلاَِبِيهِ صُحْبَةٌ , فَهُوَ عَمَلُ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مَعَهُمْ وَرُوِّينَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ , وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ , وَدَاوُد وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ قال علي : وهذا مِمَّا تَرَكُوا فِيهِ عَمَلَ صَاحِبَيْنِ لاَ يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَهُمْ يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ فَإِنْ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ الَّذِي نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا الْفَصْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْجُلُوسُ قلنا لَهُمْ : لاَ حُجَّةَ لَكُمْ فِي هَذَا , لاَِنَّهُ لَيْسَ تُذْكَرُ جَمِيعُ السُّنَنِ فِي كُلِّ حَدِيثٍ , وَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو حُمَيْدٍ فَقَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ , وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو حُمَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ , فَمَنْ أَقْحَمَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى أَبِي حُمَيْدٍ , وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ r ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَنْ قَالَ : لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ r لَذَكَرَ أَبُو حُمَيْدٍ أَنَّهُ فَعَلَهُ : وَبَيْنَ مَنْ عَارَضَهُ , فَقَالَ : لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ r لَذَكَرَ أَبُو حُمَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَفْعَلُهُ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ خَالَفُوا حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ نَصًّا , كَمَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , فَلَمْ يَرَوْهُ حُجَّةً فِيمَا فِيهِ , وَاحْتَجُّوا بِهِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا قال علي : وهذا مِمَّا تَرَكُوا فِيهِ السُّنَّةَ وَالْقِيَاسَ وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ فَهَلاَّ قَالُوا : كَمَا لاَ يَقُومُ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ إلاَّ مِنْ قُعُودٍ فَكَذَلِكَ لاَ يَقُومُ إلَى الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ إلاَّ مِنْ قُعُودٍ , وَلَكِنَّهُمْ لاَ السُّنَنَ يَتَّبِعُونَ , وَلاَ الْقِيَاسَ يُحْسِنُونَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 455 - مَسْأَلَةٌ : فَفِي الصَّلاَةِ أَرْبَعُ جَلْسَاتٍ : جِلْسَةٌ بَيْنَ كُلِّ سَجْدَتَيْنِ , وَجَلْسَةٌ إثْرَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ , وَجَلْسَةٌ لِلتَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ , يَقُومُ مِنْهَا إلَى الثَّالِثَةِ فِي الْمَغْرِبِ , وَالْحَاضِرُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ الآخِرَةِ , وَجِلْسَةٌ لِلتَّشَهُّدِ فِي آخِرِ كُلِّ صَلاَةٍ , يُسَلِّمُ فِي آخِرِهَا. وَصِفَةُ جَمِيعِ الْجُلُوسِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَجْعَلَ أَلْيَتَهُ الْيُسْرَى عَلَى بَاطِنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى مُفْتَرِشًا لِقَدَمِهِ , وَيَنْصِبُ قَدَمَهُ الْيُمْنَى , رَافِعًا لِعَقِبِهَا , مُجْلِسًا لَهَا عَلَى بَاطِنِ أَصَابِعِهَا , إلاَّ الْجُلُوسَ الَّذِي يَلِي السَّلاَمَ مِنْ كُلِّ صَلاَةٍ , فَإِنَّ صِفَتَهُ : أَنْ يُفْضِيَ بِمَقَاعِدِهِ إلَى مَا هُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ , وَلاَ يَقْعُدَ عَلَى بَاطِنِ قَدَمِهِ فَقَطْ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ : قُلْتُ : لاََنْظُرَنَّ إلَى صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r كَيْفَ يُصَلِّي فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا بِأُذُنَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ , فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ , ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى , وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. فَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ جُلُوسٍ فِي الصَّلاَةِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر ، حدثنا اللَّيْثُ ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , وَيَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r فَذَكَرْنَا صَلاَةَ النَّبِيِّ r فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ : أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r رَأَيْتُهُ إذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ , وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ , ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ , فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ , فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ ، وَلاَ قَابِضِهِمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ , فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الآُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ : سَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ , وَسَمِعَ يَزِيدَ بْنَ حَلْحَلَةَ وَابْنَ حَلْحَلَةَ ، عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ , وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ عَطَاءٍ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ , كِلاَهُمَا ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ فِي مَثْنَى فَيُجْلِسُ عَلَى الْيُسْرَى رِجْلَيْهِ , يَتَبَطَّنُهَا جَالِسًا عَلَيْهَا , وَيُقْعِي عَلَى أَصَابِعِ يُمْنَاهُ ثَانِيَهَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ وقال أبو حنيفة : الْجُلُوسُ كُلُّهُ لاَ نُحَاشِ شَيْئًا مُفْتَرِشًا بِأَلْيَتِهِ الْيُسْرَى بَاطِنَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وقال مالك : الْجُلُوسُ كُلُّهُ لاَ نُحَاشِ شَيْئًا مُفْضِيًا بِمَقَاعِدِهِ إلَى الأَرْضِ قَالَ عَلِيٌّ : وَكِلاَ الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ وَخِلاَفٌ لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي أَوْرَدْنَا وَمِنَ الْعَجَبِ احْتِجَاجُ الطَّائِفَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ الْمَذْكُورِ فِي إسْقَاطِ الْجَلْسَةِ إثْرَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآُولَى وَالثَّالِثَةِ , وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ لَهَا أَصْلاً , لاَ بِإِثْبَاتٍ ، وَلاَ بِإِسْقَاطٍ , ثُمَّ يُخَالِفُونَ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ فِي نَصِّ مَا فِيهِ مِنْ صِفَةِ الْجُلُوسِ وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُعْتَرِضِينَ بِالْبَاطِلِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ هَذَا بِأَنَّ الْعَطَّافَ بْنَ خَالِدٍ رَوَاهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ , وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ هَذَا التَّقْسِيمُ. قال علي : هذا اعْتِرَاضُ مَنْ لاَ يَتَّقِي اللَّهَ ; لإِنَّ عَطَّافَ بْنَ خَالِدٍ سَاقِطٌ لاَ تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ إلاَّ عَلَى بَيَانِ ضَعْفِهِ , فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ اللَّيْثِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ شَهِدَ الأَمْرَ. وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ فَهَذَا خَطَأٌ مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ. إنَّمَا رَوَاهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ , أَوْ عَيَّاشٌ هَكَذَا بِالشَّكِّ. وَرَوَاهُ أَيْضًا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ : وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ أَيْضًا عَلَى عِلاَّتِهِمَا مُوَافَقَتَانِ لِرِوَايَتَيْ أَبِي حُمَيْدٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْقَائِلِينَ : إنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ رَوَى حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ فَذَكَرَ فِيهِ : أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ شَهِدَ الْمَجْلِسَ وَأَبُو قَتَادَةَ قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ , وَلَمْ يُدْرِكْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو. قَالَ عَلِيٌّ : وَاَلَّذِي ذُكِرَ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ مِنْ أَحَادِيثِ السَّمُرِيِّينَ وَالرَّوَافِضِ , وَلاَ يَصِحُّ ذَلِكَ , وَلاَ يُعْتَرَضُ بِمِثْلِ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الثِّقَاتِ. وَأَيْضًا : فَإِنَّمَا ذَكَرَ أَبَا قَتَادَةَ : عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ , وَلَعَلَّهُ وَهِمَ فِيهِ , فَبَطَلَ مَا شَغَبُوا بِهِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 456 - مَسْأَلَةٌ : وَفَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَضَعَ إذَا سَجَدَ يَدَيْهِ عَلَى الأَرْضِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ ، وَلاَ بُدَّ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلاَنِيِّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ. فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ مَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، حدثنا الْعَلاَءُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ فَإِذَا انْحَطَّ لِلسُّجُودِ سَبَقَتْ رُكْبَتَاهُ يَدَيْهِ. قلنا : هَذَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ , وَإِنَّمَا فِيهِ : سَبْقُ الرُّكْبَتَيْنِ الْيَدَيْنِ فَقَطْ , وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا السَّبْقُ فِي حَرَكَتِهِمَا لاَ فِي وَضْعِهِمَا , فَيُتَّفَقُ الْخَبَرَانِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ بَيَانُ وَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ , لَكَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَعْهُودِ الأَصْلِ فِي إبَاحَةِ كُلِّ ذَلِكَ , وَلَكَانَ خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَارِدًا بِشَرْعٍ زَائِدٌ رَافِعٍ لِلإِبَاحَةِ السَّالِفَةِ بِلاَ شَكٍّ , نَاهِيَةٍ عَنْهَا بِيَقِينٍ , وَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ الْيَقِينِ لِظَنٍّ كَاذِبٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَرُكْبَتَا الْبَعِيرِ : هِيَ فِي ذِرَاعَيْهِ. 457 - مَسْأَلَةٌ : وَنَسْتَحِبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا فِي فَرْضٍ كَانَ أَوْ نَافِلَةٍ , رَجُلاً كَانَ أَوْ امْرَأَةٍ : أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ فَقَطْ : إحْدَاهُمَا ، عَنْ يَمِينِهِ , وَالآُخْرَى ، عَنْ يَسَارِهِ , يَقُولُ فِي كِلْتَيْهِمَا " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " لاَ يَنْوِي بِشَيْءٍ مِنْهُمَا سَلاَمًا عَلَى إنْسَانٍ لاَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ ، وَلاَ عَلَى مَنْ عَلَى يَمِينِهِ , وَلاَ رَدًّا عَلَى الإِمَامِ , وَلاَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ لَكِنْ يَنْوِي بِالآُولَى وَهِيَ الْفَرْضُ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلاَةِ فَقَطْ , وَالثَّانِيَةُ : سُنَّةٌ حَسَنَةٌ , لاَ يَأْثَمُ تَارِكُهَا أَمَّا وُجُوبُ فَرْضِ التَّسْلِيمَةِ الآُولَى فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ , فَأَغْنَى ، عَنْ إعَادَتِهِ وَأَمَّا التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ : فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ التَّمِيمِيِّ حَدَّثَنَا قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمَرْوَانِيُّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ قَالَ إِسْحَاقُ : حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ , وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى : حدثنا ابْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ , قَالَ الْفَضْلُ وَيَحْيَى , وَمُعَاذٌ : حدثنا زُهَيْرٌ هُوَ أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ الأَسْوَدِ ، عَنِ الأَسْوَدِ , وَعَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ , وَرَفْعٍ , وَقِيَامٍ , وَقُعُودٍ , وَيُسَلِّمُ ، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ , وَعُمَرَ يَفْعَلاَنِهِ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r كَذَلِكَ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ كِلاَهُمَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r كَذَلِكَ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ , قُلْت لاِبْنِ عُمَرَ : أَخْبِرْنِي ، عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r فَذَكَرَ " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , عَنْ يَمِينِهِ , السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , عَنْ يَسَارِهِ وَعَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ عَمِّهِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُسَلِّمُ ، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ مُتَوَاتِرَةٍ مُتَظَاهِرَةٍ وَهُوَ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ كَانَ يُسَلِّمُ ، عَنْ يَمِينِهِ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " وَعَنْ يَسَارِهِ " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي وَائِلٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَانِ السُّلَمِيِّ : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُسَلِّمُ ، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ : كَانَ مَسْجِدُ الأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَتَيْنِ ، عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ , وَكَانَ مَسْجِدُ الْمُهَاجِرِينَ يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَانِ السُّلَمِيِّ : أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ الصَّلاَةِ تَسْلِيمَتَيْنِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ : أَبُو بَكْرٍ , وَعُمَرُ , وَعَلِيٌّ , وَعَمَّارٌ , وَابْنُ مَسْعُودٍ : مِنْ أَكَابِرِ الْمُهَاجِرِينَ , وَهُوَ فِعْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , وَخَيْثَمَةَ وَالأَسْوَدِ , وَعَلْقَمَةَ , وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي لَيْلَى , وَمَنْ أَدْرَكُوا مِنْ الصَّحَابَةِ. وَبِهِ يَقُولُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيِّ , وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَسُفْيَانُ , وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَحْمَدُ , وَدَاوُد , وَجُمْهُورُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وقال مالك : يُسَلِّمُ الإِمَامُ وَالْفَذُّ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً , وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ الَّذِي لَيْسَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ تَسْلِيمَتَيْنِ , إحْدَاهُمَا رَدٌّ عَلَى الإِمَامِ وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ غَيْرُهُ ثَلاَثَ تَسْلِيمَاتٍ , الثَّالِثَةُ رَدٌّ عَلَى الَّذِي ، عَنْ يَسَارِهِ قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ فَلاَ يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ ، عَنِ النَّبِيِّ r لإِنَّ الأَخْبَارَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَرِّجَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ وَكِلاَهُمَا مَجْهُولٌ أَوْ مُرْسَلٌ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ أَوْ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ , وَهُوَ سَاقِطٌ وَالثَّابِتُ ، عَنْ سَعْدٍ تَسْلِيمَتَانِ كَمَا ذَكَرْنَا , فَهِيَ زِيَادَةُ عَدْلٍ , ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَ مَنْ رَوَى تَسْلِيمَتَيْنِ قَدْ زَادَ حُكْمًا وَعِلْمًا عَلَى مَنْ لَمْ يَرْوِ إلاَّ وَاحِدَةً , وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهَا , وَهِيَ زِيَادَةُ خَيْرٍ وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِوُجُوبِ التَّسْلِيمَتَيْنِ جَمِيعًا فَرْضًا كَمَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ : فَلاَِنَّ الثَّانِيَةَ إنَّمَا هِيَ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ r فَلَيْسَتْ أَمْرًا مِنْهُ عليه السلام , وَإِنَّمَا يَجِبُ أَمْرُهُ لاَ فِعْلُهُ وَتَفْرِيقُ مَالِكٍ بَيْنَ سَلاَمِ الْمَأْمُومِ وَالإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ : قَوْلٌ لاَ بُرْهَانَ لَهُ عَلَيْهِ , لاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ ، وَلاَ إجْمَاعٍ ، وَلاَ قَوْلٍ لِصَاحِبٍ ، وَلاَ قِيَاسٍ. وَإِنَّمَا قلنا : إنَّ التَّسْلِيمَ خُرُوجٌ ، عَنِ الصَّلاَةِ فَقَطْ , لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ سَلاَمٍ ، وَلاَ رَدًّا , لِبُرْهَانَيْنِ : أَحَدُهُمَا : الثَّابِتُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ " أَنَّ اللَّهَ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لاَ تَكَلَّمُوا فِي الصَّلاَةِ وَأَنَّهُ عليه السلام قَالَ : إنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ وَالتَّسْلِيمُ الْمَقْصُودُ بِهِ الاِبْتِدَاءُ أَوْ الرَّدُّ : كَلاَمٌ مَعَ النَّاسِ , وَهَذَا مَنْسُوخٌ لاَ يَحِلُّ , بَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلاَةُ إنْ وَقَعَ وَالثَّانِي أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى أَنَّ الْفَذَّ يَقُولُ " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ , وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ إنْسَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ , وَكَذَلِكَ الإِمَامُ لاَ يَكُونُ مَعَهُ إلاَّ الْوَاحِدُ , فَإِنَّهُ يَقُولُ " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ " بِخِطَابِ الْجَمَاعَةِ فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ ابْتِدَاءَ سَلاَمٍ عَلَى إنْسَانٍ ، وَلاَ رَدًّا فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ : حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , وَأَبُو كُرَيْبٌ قَالاَ : حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ : مَالِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ اُسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا أَبُو كُرَيْبٌ ، حدثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ مِسْعَرٍ ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ الْقِبْطِيَّةِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r قلنا : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ , وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى الْجَانِبَيْنِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : عَلاَمَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ إنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ قَالَ عَلِيٌّ : لاَ حُجَّةَ فِي هَذَا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ , لإِنَّ فِيهِ تَسْلِيمَتَيْنِ كَمَا تَرَى وَأَمَّا مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ فِي أَنَّ السَّلاَمَ مِنْ الصَّلاَةِ ابْتِدَاءً : سَلاَمٌ عَلَى مَنْ مَعَهُ , فَإِنَّ هَذَا بِلاَ شَكٍّ كَانَ ثُمَّ نُسِخَ ; لإِنَّ نَصَّ الْخَبَرِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ , فَأُمِرُوا بِالسُّكُونِ فِيهَا , وَأَنَّ هَذَا كَانَ إذْ كَانَ الْكَلاَمُ فِي الصَّلاَةِ مُبَاحًا ثُمَّ نُسِخَ , وَلَيْسَ فِيهِ : أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ التَّسْلِيمُ , الَّذِي هُوَ التَّحْلِيلُ مِنْ الصَّلاَةِ , فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 458 - مَسْأَلَةٌ : وَنَسْتَحِبُّ إذَا أَكْمَلَ التَّشَهُّدَ فِي كِلْتَا الْجِلْسَتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَيَقُولَ : " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ " حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ : أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ هُوَ الَّذِي أَرَى النِّدَاءَ لِلصَّلاَةِ أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ r فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ , فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ : أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ r حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ , ثُمَّ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ ، حدثنا رَوْحٌ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ أَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ " أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك قَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ : سَمِعْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَانِ قَالَ : لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ : أَلاَ أُهْدِي لَك هَدِيَّةً خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r . فَقُلْنَا : قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ , فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ , إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ , اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ قَالَ عَلِيٌّ : جَمَعَنَا قَبْلَ جَمِيعِ أَلْفَاظِهِ عليه السلام فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ. وَإِنْ اقْتَصَرَ الْمُصَلِّي عَلَى بَعْضِ مَا فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ أَجْزَأَهُ , وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْلاً كَرِهْنَا ذَلِكَ , وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ إلاَّ أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَقُولَ مَا فِي خَبَرٍ مِنْ هَذِهِ الأَخْبَارِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي دَهْرِهِ , لاَِمْرِهِ عليه السلام بِأَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ إنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وَالْمَرْءُ إذَا فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مَرَّةً فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ , إلاَّ أَنْ يَأْتِيَ الأَمْرُ بِتَرْدِيدِ ذَلِكَ مَقَادِيرَ مَعْلُومَةً , أَوْ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ , فَيَكُونَ ذَلِكَ لاَزِمًا وَمَنْ قَالَ : إنَّ تَكْرَارَ مَا أُمِرَ بِهِ يَلْزَمُ : كَانَ كَلاَمُهُ بَاطِلاً , لاَِنَّهُ يُكَلَّفُ مِنْ ذَلِكَ مَا لاَ حَدَّ لَهُ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لاَزِمًا لاََدَّى إلَى بُطْلاَنِ كُلِّ شُغْلٍ , وَبُطْلاَنِ سَائِرِ الأَوَامِرِ , وَهَذَا هُوَ الإِصْرُ وَالْحَرَجُ اللَّذَانِ قَدْ آمَنَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمَا وَإِنَّمَا كَرِهْنَا تَرْكَهُ , لاَِنَّهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ لاَ يَزْهَدُ فِيهِ إلاَّ مَحْرُومٌ وَصَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r : أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا وقال الشافعي : مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ r فِي صَلاَتِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , وَاحْتَجَّ بِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَرْضٌ , وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ فَرْضٌ. قَالَ : وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ بِشْرٍ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ : قِيلَ لِلنَّبِيِّ r : أُمِرْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ وَأَنْ نُسَلِّمَ , فأما السَّلاَمُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ , فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَعَلَّمَهُمْ عليه السلام بَعْضَ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ " وَفِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُمْ : وَالسَّلاَمُ كَمَا عَلِمْتُمْ قَالُوا : فَالصَّلاَةُ فَرْضٌ حَيْثُ السَّلاَمُ قَالَ عَلِيٌّ : لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إنَّ الصَّلاَةَ حَيْثُ يَكُونُ السَّلاَمُ : لَكَانَ مَا قَالُوهُ , لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقُلْهُ عليه السلام , لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يَجُزْ أَنْ نَحْكُمَ بِمَا لَمْ يَقُلْ عليه السلام , فَيَكُونَ فَاعِلُ ذَلِكَ يُقَنِّت لَهُ عليه السلام مَا لَمْ يَقُلْ , وَشَارِعًا مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ عَلِيٌّ : وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ : إنَّ الصِّيَامَ فَرْضٌ فِي الاِعْتِكَافِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الاِعْتِكَافَ مَعَ ذِكْرِهِ لِلصَّوْمِ : أَنْ يَجْعَلَ الصَّلاَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فِي كُلِّ صَلاَةٍ فَرْضًا , لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ r ذَكَرَا الصَّلاَةَ عَلَيْهِ مَعَ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ : حَدِيثَ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ : سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ r رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ r , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r : " عَجَّلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ثُمَّ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ r فَسَمِعَ رَجُلاً يُصَلِّي فَمَجَّدَ اللَّهَ تَعَالَى وَحَمِدَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r : اُدْعُ تُجَبْ , وَسَلْ تُعْطَ قَالَ عَلِيٌّ : لَيْسَ فِي هَذَا إيجَابُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ r فِي الصَّلاَةِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمَا قَالَ لَهُ " عَجَّلْت " فَلَيْسَ مَنْ عَجَّلَ فِي صَلاَتِهِ بِمُبْطِلٍ لَهَا , بَلْ كَانَ يَقُولُ لَهُ : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ , لَكِنْ فِي هَذَا الْخَبَرِ اسْتِحْبَابُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ r فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا فَقَطْ فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الَّذِي فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r اعْتَرَضَ لَهُ جِبْرِيلُ , فَقَالَ لَهُ : بَعُدَ مَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ , فَقَالَ عليه السلام : آمِينَ قال علي : هذا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ ; لإِنَّ رَاوِيَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ , وَقَدْ غَمَزَ غَمْزًا شَدِيدًا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلاَلٍ , وَهُوَ مَجْهُولٌ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , وَهُوَ مُضْطَرِبٌ فِي اسْمِهِ غَيْرُ مَشْهُورِ الْحَالِ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ فِيهِ إيجَابُ الصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r نَصًّا مَتَى ذُكِرَ فِي صَلاَةٍ أَوْ غَيْرِهَا , وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ تَخْصِيصُ مَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلاَةِ بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ , وَأَبِي أُسَيْدَ قال علي : هذا لاَزِمٌ لِمَنْ رَأَى تَقْلِيدَ الصَّاحِبِ , لاَ لَنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 459 - مَسْأَلَةٌ : وَالْقُنُوتُ فِعْلٌ حَسَنٌ , بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فِي آخِرِ رَكْعَةٍ مِنْ كُلِّ صَلاَةِ فَرْضٍ الصُّبْحِ وَغَيْرِ الصُّبْحِ , وَفِي الْوِتْرِ , فَمَنْ تَرَكَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ " رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ " " اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت , وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت , وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت , وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْت , وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت , إنَّك تَقْضِي ، وَلاَ يُقْضَى عَلَيْك , وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت , تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت " وَيَدْعُو لِمَنْ شَاءَ , وَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ إنْ أَحَبَّ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَاَلَّذِي ذَكَرْنَا حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَشُعْبَةُ قَالاَ : حدثنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " وَاَللَّهِ إنِّي لاََقْرَبُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ r فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ , وَصَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ وَصَلاَةِ الصُّبْحِ , بَعْدَمَا يَقُولُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ , اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ , اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ , اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ حدثنا حمام بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَابُلِيُّ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيّ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ لاَ يُصَلِّي صَلاَةً إلاَّ قَنَتَ فِيهَا حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حدثنا حَمَّادٌ ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ سُئِلَ : هَلْ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ قَالَ : نَعَمْ , قِيلَ لَهُ : قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ : بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذَا كُلُّهُ نَصُّ قَوْلِنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فإن قيل : فَقَدْ رُوِيَ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ ، عَنِ الْقُنُوتِ : أَقْبَلَ الرُّكُوعِ أَمْ بَعْدَهُ فَقَالَ : قَبْلَ الرُّكُوعِ قلنا : إنَّمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ أَنَسٌ ، عَنْ أُمَرَاءِ عَصْرِهِ , لاَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r كَمَا سُئِلَ ، عَنْ بَعْضِ أُمُورِ الْحَجِّ فَأَخْبَرَ بِفِعْلِ النَّبِيِّ r ثُمَّ قَالَ : أَفْعَلُ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُك وَهَذَا مِنْ أَنَسٍ إمَّا تَقِيَّةٌ , وَأَمَّا رَأْيٌ مِنْهُ , وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ r وَأَمَّا عَمَّنْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ r فَرُوِّينَا ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ : حدثنا الْعَوَّامُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ : سَأَلْت أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ ، عَنِ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ فَقَالَ : بَعْدَ الرُّكُوعِ , فَقُلْت : عَمَّنْ قَالَ : عَنْ أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ وَرَوَى أَيْضًا شُعْبَةُ ، عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ , وَقَدْ شَاهَدَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ أَبَا بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، عَنْ مُسَدَّدٍ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ أَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَنَتَ فِي الْمَغْرِبِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فَدَعَا عَلَى أُنَاسٍ وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ : أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَنَتَ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَرُوِّينَا أَيْضًا ، عَنْ عَلْقَمَةَ , وَالأَسْوَدِ : أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصَّلاَةِ وَرُوِّينَا أَيْضًا ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : الْقُنُوتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَهَؤُلاَءِ أَئِمَّةُ الْهُدَى , أَبُو بَكْرٍ , وَعُمَرُ , وَعُثْمَانُ , وَعَلِيٌّ , وَمُعَاوِيَةُ , وَمَعَهُمْ أُبَيٌّ , وَابْنُ عَبَّاسٍ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الْقُنُوتِ. كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ r فَلَمْ يَقْنُتْ , وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَقْنُتْ , وَخَلْفَ عُمَرَ فَلَمْ يَقْنُتْ , وَخَلْفَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْنُتْ , وَخَلْفَ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقْنُتْ , يَا بُنَيَّ إنَّهَا بِدْعَةٌ وَعَنْ عَلْقَمَةَ , وَالأَسْوَدِ قَالاَ : صَلَّى بِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ زَمَانًا فَلَمْ يَقْنُتْ وَعَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لاَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الْغَدَاةِ وَعَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ : سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ ، عَنِ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ فَقَالَ : مَا شَعَرْت أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُهُ وَعَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ وَرُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمْ يَقْنُتْ وَعَنْ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ : قَالَ سَأَلْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : هَلْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ قَالَ : لاَ , إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ النَّاسُ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مِنْ أَيْنَ أَخَذَ النَّاسُ الْقُنُوتَ وَيَعْجَبُ : إنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ r أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ : وَكَانَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ , وَبَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ : لاَ يَرَيَانِ الْقُنُوتَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى أَهْلُ مَسْجِدَيْهِمَا بِقُرْطُبَةَ إلَى الآنَ قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا الرِّوَايَةُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَأَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهم ، بِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْنُتُوا فَلاَ حُجَّةَ فِي ذَلِكَ النَّهْيِ ، عَنِ الْقُنُوتِ , لاَِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ جَمِيعِهِمْ أَنَّهُمْ قَنَتُوا , وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ , قَنَتُوا وَتَرَكُوا , فَكِلاَ الأَمْرَيْنِ مُبَاحٌ , وَالْقُنُوتُ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى , فَفِعْلُهُ حَسَنٌ , وَتَرْكُهُ مُبَاحٌ , وَلَيْسَ فَرْضًا , وَلَكِنَّهُ فَضْلٌ وَأَمَّا قَوْلُ وَالِدِ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ : إنَّهُ بِدْعَةٌ فَلَمْ يَعْرِفْهُ , وَمَنْ عَرَفَهُ أَثْبَتُ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْهُ , وَالْحُجَّةُ فِيمَنْ عَلِمَ , لاَ فِيمَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ كُرْهُهُ , وَلاَ أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ , وَإِنَّمَا جَاءَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ فَقَطْ , وَهَذَا مُبَاحٌ , وَقَدْ قَنَتَ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم . وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَلَمْ يَعْرِفْهُ كَمَا لَمْ يَعْرِفْ الْمَسْحَ , وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِحٍ فِي مَعْرِفَةِ مَنْ عَرَفَهُ وَأَمَّا الزُّهْرِيُّ فَجَهِلَ الْقُنُوتَ وَرَآهُ مَنْسُوخًا , كَمَا صَحَّ عَنْهُ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ نَفْسِهَا : أَنَّ كَوْنَ زَكَاةِ الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ : تَبِيعٌ , وَفِي أَرْبَعِينَ : مُسِنَّةٌ مَنْسُوخٌ , وَأَنَّ زَكَاتَهَا كَزَكَاةِ الإِبِلِ , فَإِنْ كَانَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِي نَسْخِ الْقُنُوتِ حُجَّةً , فَهُوَ حُجَّةٌ فِي نَسْخِ زَكَاةِ الْبَقَرِ فِي ثَلاَثِينَ تَبِيعٌ , وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٍ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ حُجَّةٌ فَلَيْسَ هُوَ هَهُنَا حُجَّةً وَالْعَجَبُ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ الْمُحْتَجِّينَ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ ثُمَّ سَهُلَ عَلَيْهِمْ هَهُنَا خِلاَفَ ابْنِ عُمَرَ , وَخِلاَفَ سَالِمٍ ابْنِهِ , وَخِلاَفَ الزُّهْرِيِّ , وَهُمَا عَالِمَا أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ فِي تَرْكِ الْقُنُوتِ بِقَوْلِ سَالِمٍ : أَحْدَثَهُ النَّاسُ , وَهُوَ يَرَى حُجَّةَ قَوْلِ الْقَائِلِ : فَعَدَلَ النَّاسُ مُدَّيْنِ مِنْ بُرٍّ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ , وَهَذَا كُلُّهُ تَحَكُّمٌ فِي الدِّينِ بِالْبَاطِلِ وَقَالُوا : لَوْ كَانَ الْقُنُوتُ سُنَّةً مَا خَفِيَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَلاَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ . فَقُلْنَا : قَدْ خَفِيَ وَضْعُ الأَيْدِي عَلَى الرُّكَبِ فِي الرُّكُوعِ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ , فَثَبَتَ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّطْبِيقِ إلَى أَنْ مَاتَ , وَخَفِيَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ , وَلَمْ يَرَوْا ذَلِكَ حُجَّةً , فَمَا بَالُ خَفَاءِ الْقُنُوتِ عَنْهُمَا صَارَ حُجَّةً إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَتَلاَعُبٌ بِالدِّينِ , مَعَ أَنَّ الْقُنُوتَ مُمْكِنُ أَنْ يَخْفَى , لاَِنَّهُ سُكُوتٌ مُتَّصِلٌ بِالْقِيَامِ مِنْ الرُّكُوعِ , لاَ يَعْرِفُهُ إلاَّ مَنْ سَأَلَ عَنْهُ , وَلَيْسَ فَرْضًا فَيَعْلَمُهُ النَّاسُ ، وَلاَ بُدَّ , فَكَيْفَ وَقَدْ عَرَفَهُ ابْنُ عُمَرَ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا , وَلَمْ يُنْكِرْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : الدَّلِيلُ عَلَى نَسْخِ الْقُنُوتِ مَا رَوَيْتُمُوهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ قَالَ : اللَّهُمَّ أَلْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا , دَعَا عَلَى نَاسٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ قال علي : هذا حُجَّةٌ فِي إثْبَاتِ الْقُنُوتِ , لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْهُ , فَهَذَا حُجَّةٌ فِي بُطْلاَنِ قَوْلِ مَنْ قَالَ : إنَّ ابْنَ عُمَرَ جَهِلَ الْقُنُوتَ , وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ إنَّمَا أَنْكَرَ الْقُنُوتَ فِي الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ , فَهُوَ مَوْضِعُ إنْكَارٍ , وَتَتَّفِقُ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ , فَهُوَ أَوْلَى , لِئَلاَّ يَجْعَلَ كَلاَمَهُ خِلاَفًا لِلثَّابِتِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r , وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ إخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ الأَمْرَ لَهُ , لاَ لِرَسُولِ اللَّهِ r ، وَأَنَّ أُولَئِكَ الْمَلْعُونِينَ لَعَلَّهُ تَعَالَى يَتُوبُ عَلَيْهِمْ , أَوْ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ سَيُؤْمِنُونَ فَقَطْ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الْقُنُوتَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَالِ الْمُحَارَبَةِ : وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُجَالِدِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ , وَالأَسْوَدِ قَالاَ " مَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ , إلاَّ إذَا حَارَبَ , فَإِنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ , وَلاَ قَنَتَ أَبُو بَكْرٍ , وَلاَ عُمَرُ , وَلاَ عُثْمَانُ , حَتَّى مَاتُوا , وَلاَ قَنَتَ عَلِيٌّ حَتَّى حَارَبَ أَهْلَ الشَّامِ , فَكَانَ يَقْنُتُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقْنُتُ أَيْضًا , يَدْعُو كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ " قال علي : هذا لاَ حُجَّةَ فِيهِ ; لاَِنَّهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r مُرْسَلٌ ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ وَفِيهِ : عَنْ أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْنُتُوا وَقَدْ صَحَّ عَنْهُمْ بِأَثْبَتَ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْنُتُونَ وَالْمُثْبِتُ الْعَالِمُ أَوْلَى مِنْ النَّافِي الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ أَوْ نَقُولُ : كِلاَهُمَا صَحِيحٌ , وَكِلاَهُمَا مُبَاحٌ وَفِيهِ لَوْ انْسَنَدَ إثْبَاتُ الْقُنُوتِ ، عَنِ النَّبِيِّ r فِي حَالِ الْمُحَارَبَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَعَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَذَلِكَ , وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ فِي غَيْرِ حَالِ الْمُحَارَبَةِ , فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا لَوْ ثَبَتَ وَنَحْنُ غَانُونَ عَنْهُ بِالثَّابِتِ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ , وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَلَّدَهُ فَقَالُوا : لاَ يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا , إلاَّ فِي الْوِتْرِ , فَإِنَّهُ يَقْنُتُ فِيهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ : السَّنَةَ كُلَّهَا , فَمَنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِيهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَأَمَّا مَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُمَا قَالاَ : لاَ يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ كُلِّهَا إلاَّ فِي الصُّبْحِ خَاصَّةً وقال مالك : قَبْلَ الرُّكُوعِ وقال الشافعي : بَعْدَ الرُّكُوعِ وقال الشافعي : فَإِنْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ قَنَتَ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ , وَلاَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ إلاَّ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ خَاصَّةً بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ : فَمَا وَجَدْنَاهُ كَمَا هُوَ ، عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَعْنِي النَّهْيَ ، عَنِ الْقُنُوتِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ حَاشَا الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يُقْنَتُ فِيهِ , وَعَلَى مَنْ تَرَكَهُ سُجُودُ السَّهْوِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَخْصِيصِهِ الصُّبْحَ خَاصَّةً بِالْقُنُوتِ , مَا وَجَدْنَاهُ ، عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ , وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَكَذَلِكَ تَفْرِيقُ الشَّافِعِيِّ بَيْنَ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ ، عَنِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , مَعَ تَشْنِيعِهِمْ عَلَى مَنْ خَالَفَ بَعْضَ الرِّوَايَةِ ، عَنْ صَاحِبٍ لِسُنَّةٍ صَحَّتْ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ عَلِيٌّ : وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَرُوِيَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى : مَا كُنْت لاُِصَلِّيَ خَلْفَ مَنْ لاَ يَقْنُتُ , وَأَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَعَنِ اللَّيْثِ كَرَاهَةُ الْقُنُوتِ جُمْلَةً وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ وَعَنْ أَشْهَبَ : تَرْكُ الْقُنُوتِ جُمْلَةً قَالَ عَلِيٌّ : وَأَمَّا مَنْ رَأَى الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَثَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عَزْرَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى قَالَ عَلِيٌّ : وَعُزْرَةُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَبِأَثَرٍ آخَرَ فِي الْوِتْرِ مِنْ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ , قِيلَ : إنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ , وَإِنَّمَا الثَّابِتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ كَمَا ذَكَرْنَا وَمَنْ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْمُخْتَارِ , وَلَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ ; لاَِنَّهُ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ : فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ : حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ قَالاَ : حدثنا أَبُو الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ هُوَ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ السَّعْدِيُّ قَالَ : قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ r كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ فِي رِوَايَتِهِ : فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ , ثُمَّ اتَّفَقَا : اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ , وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ , وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ , وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ , وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ , إنَّكَ تَقْضِي ، وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ , وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ قَالَ عَلِيٌّ : الْقُنُوتُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَدُعَاءٌ , فَنَحْنُ نُحِبُّهُ. وَهَذَا الأَثَرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r غَيْرَهُ , وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله : ضَعِيفُ الْحَدِيثِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الرَّأْيِ , قَالَ عَلِيٌّ : وَبِهَذَا نَقُولُ وَقَدْ جَاءَ ، عَنْ عُمَرَ t الْقُنُوتُ بِغَيْرِ هَذَا وَالْمُسْنَدُ أَحَبُّ إلَيْنَا فإن قيل : لاَ يَقُولُهُ عُمَرُ إلاَّ وَهُوَ عِنْدَهُ ، عَنِ النَّبِيِّ r قلنا لَهُمْ : الْمَقْطُوعُ فِي الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ ، عَنِ النَّبِيِّ r أَوْلَى مِنْ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ عليه السلام بِالظَّنِّ الَّذِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَسُولُهُ عليه السلام فَإِنْ قُلْتُمْ : لَيْسَ ظَنًّا , فَأَدْخِلُوا فِي حَدِيثِكُمْ أَنَّهُ مُسْنَدٌ , فَقُولُوا : عَنْ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ r فَإِنْ فَعَلْتُمْ كَذَبْتُمْ , وَإِنْ أَبَيْتُمْ حَقَّقْتُمْ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَوْلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r بِالظَّنِّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ : إنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا وَأَمَّا تَسْمِيَةُ مَنْ يُدْعَى لَهُ , فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r فَعَلَ ذَلِكَ كَمَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو الطَّاهِرِ , وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالاَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ : اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ , وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ , وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ , وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ , اللَّهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ , وَرِعْلاً , وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ , عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الرَّازِيّ ، حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حدثنا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ r قَنَتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فِي صَلاَةٍ شَهْرًا , إذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ : اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ , اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ , اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ , اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ , اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r تَرَكَ الدُّعَاءَ بَعْدُ , فَقُلْت : أَرَى رَسُولَ اللَّهِ r قَدْ تَرَكَ الدُّعَاءَ فَقِيلَ : وَمَا تَرَاهُمْ قَدِمُوا قَالَ عَلِيٌّ : إنَّمَا تَرَكَ الدُّعَاءَ ; لأَنَّهُمْ قَدِمُوا قَالَ عَلِيٌّ : وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا , فَرُوِيَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَالَ : احْمِلُوا حَوَائِجَكُمْ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِ مِنْ تَابِعِي أَهْلِ مَكَّةَ مَا مِنْ صَلاَةٍ أَدْعُو فِيهَا بِحَاجَتِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : اُدْعُ فِي الْفَرِيضَةِ بِمَا شِئْت وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : فِي سُجُودِهِ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ , وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ . وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ جُرَيْجٍ , وَالشَّافِعِيُّ , وَمَالِكٌ , وَدَاوُد , وَغَيْرُهُمْ وَرُوِّينَا ، عَنْ عَطَاءٍ , وطَاوُوس , وَمُجَاهِدٍ : أَنْ لاَ يُدْعَى فِي الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ بِشَيْءٍ أَصْلاً وَعَنْ عَطَاءٍ : مَنْ دَعَا فِي صَلاَتِهِ لاِِنْسَانٍ سِمَاهُ بِاسْمِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ : لاَ يُدْعَى فِي الصَّلاَةِ إلاَّ بِمَا فِي الْقُرْآنِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ مَنْ سَمَّى فِي صَلاَتِهِ إنْسَانًا يَدْعُو لَهُ بِاسْمِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , ثُمَّ زَادَ غُلُوًّا فَقَالَ : مِنْ عَطَسَ فِي صَلاَتِهِ فَقَالَ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " وَحَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , وَلاَ يُدْعَى فِي الصَّلاَةِ إلاَّ بِمَا يُشْبِهُ مَا فِي الْقُرْآنِ قال علي : وهذا خِلاَفٌ لِمَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ r إذْ دَعَا لِقَوْمٍ سِمَاهُمْ وَعَلَى قَوْمٍ سِمَاهُمْ , وَمَا نَهَى قَطُّ ، عَنْ ذَلِكَ , وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ قَوْمٌ بِقَوْلِهِ عليه السلام إنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ قَالَ عَلِيٌّ : لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا , لإِنَّ هَذَا النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ ، عَنْ أَنْ يُكَلِّمَ الْمُصَلِّي أَحَدًا مِنْ النَّاسِ وَأَمَّا الدُّعَاءُ فَإِنَّمَا هُوَ كَلاَمٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى , وَإِلاَّ فَالْقِرَاءَةُ كَلاَمُ النَّاسِ , وَقَدْ صَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَقْرَأَ الْمُصَلِّي الْقُرْآنَ سَاجِدًا , وَأَمَرَ بِالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ فَصَحَّ بُطْلاَنُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ , وَثَبَتَ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ الدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ بِمَا فِي الْقُرْآنِ إذَا قَصَدَ بِهِ الْقِرَاءَةَ وَصَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r ، أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ : (( ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَلْيَدْعُ بِهِ.)). وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ : ابْنَ مَسْعُودٍ , وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم. 460 - مَسْأَلَةٌ : وَنَسْتَحِبُّ أَنْ يُشِيرَ الْمُصَلِّي إذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ بِأُصْبُعِهِ ، وَلاَ يُحَرِّكَهَا وَيَدُهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى , وَيَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الْمَعَافِرِيِّ قَالَ : رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِي الصَّلاَةِ , فَلَمَّا انْصَرَفَ نَهَانِي وَقَالَ : اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَصْنَعُ إذَا جَلَسَ فِي الصَّلاَةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى , وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا , وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ , وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى. 461 - مَسْأَلَةٌ : وَنَسْتَحِبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ فِي التَّكْبِيرِ مَعَ ابْتِدَائِهِ لِلاِنْحِدَارِ لِلرُّكُوعِ , وَمَعَ ابْتِدَائِهِ لِلاِنْحِدَارِ لِلسُّجُودِ , وَمَعَ ابْتِدَائِهِ لِلرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ , وَمَعَ ابْتِدَائِهِ لِلْقِيَامِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ , وَيَكُونَ ابْتِدَاؤُهُ لِقَوْلِ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " مَعَ ابْتِدَائِهِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ , وَلاَ يَحِلُّ لِلإِمَامِ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُطِيلَ التَّكْبِيرَ , بَلْ يُسْرِعَ فِيهِ , فَلاَ يَرْكَعُ ، وَلاَ يَسْجُدُ ، وَلاَ يَقُومُ ، وَلاَ يَقْعُدُ إلاَّ وَقَدْ أَتَمَّ التَّكْبِيرَ. حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُصَلِّي فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ , وَحِينَ يَرْكَعُ , وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ , وَإِذَا سَجَدَ بَعْدَمَا يَرْفَعُ مِنْ السُّجُودِ وَإِذَا جَلَسَ , وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ , فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لاََقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r مَا زَالَتْ هَذِهِ صَلاَتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. وَرُوِّينَا أَيْضًا ، عَنْ عَلِيٍّ , وَابْنِ الزُّبَيْرِ , وَعِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ : أَمَّا عَلِيٌّ , وَابْنُ الزُّبَيْرِ , فَمِنْ فِعْلِهِمَا وَعَنْ عِمْرَانَ مُسْنَدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ r : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حدثنا اللَّيْثُ ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : كَانَ النَّبِيُّ r إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ , ثُمَّ يَقُولُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ , ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ. وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَحْمَدُ , وَالشَّافِعِيُّ , وَدَاوُد , وَأَصْحَابُهُمْ. وقال مالك بِذَلِكَ , إلاَّ فِي التَّكْبِيرِ لِلْقِيَامِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ , فَإِنَّهُ لاَ يَرَاهُ إلاَّ إذَا اسْتَوَى قَائِمًا وَهَذَا قَوْلٌ لاَ يُؤَيِّدُهُ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ ، وَلاَ قِيَاسٌ ، وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ , وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ وَأَمَّا قَوْلُنَا بِإِيجَابِ تَعْجِيلِ التَّكْبِيرِ لِلإِمَامِ فَرْضًا : فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا فَأَوْجَبَ عليه السلام التَّكْبِيرَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فَرْضًا إثْرَ تَكْبِيرِ الإِمَامِ وَبَعْدَهُ ، وَلاَ بُدَّ , فَإِذَا مَدَّ الإِمَامُ التَّكْبِيرَ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فَكَبَّرُوا مَعَهُ وَقَبْلَ تَمَامِ تَكْبِيرِهِ , فَلَمْ يُكَبِّرُوا كَمَا أُمِرُوا , وَمَنْ لَمْ يُكَبِّرْ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ , لاَِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ , فَقَدْ أَفْسَدَ عَلَى النَّاسِ صَلاَتَهُمْ , وَأَعَانَ عَلَى الإِثْمِ وَالْعَدُوَّانِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 462 - مَسْأَلَةٌ : كُلُّ حَدَثٍ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ بِعَمْدٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَإِنَّهُ مَتَى وُجِدَ بِغَلَبَةٍ أَوْ بِإِكْرَاهٍ أَوْ بِنِسْيَانٍ فِي الصَّلاَةِ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرِ لِلإِحْرَامِ لَهَا إلَى أَنْ يَتِمَّ سَلاَمُهُ مِنْهَا : فَهُوَ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلاَةَ مَعًا , وَيَلْزَمُهُ ابْتِدَاؤُهَا , وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ فِيهَا , سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا , فِي فَرْضٍ كَانَ أَوْ فِي تَطَوُّعٍ , إلاَّ أَنَّهُ لاَ تَلْزَمُهُ الإِعَادَةُ فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا : يَبْنِي بَعْدَ أَنْ يَتَوَضَّأَ , إلاَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ : لَوْ نَامَ فِي صَلاَتِهِ فَاحْتَلَمَ فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ وَيَبْتَدِئُ ، وَلاَ يَبْنِي , وَلاَ نَدْرِي قَوْلَهُمْ فِيهِ إنْ كَانَ حُكْمُهُ التَّيَمُّمَ , فَإِنَّهُمْ إنْ كَانُوا رَاعُوا طُولَ الْعَمَلِ فِي الْغُسْلِ , فَلَيْسَ التَّيَمُّمُ كَذَلِكَ , لإِنَّ حُكْمَ الْمُحْدِثِ , وَالْجُنُبِ فِيهِ سَوَاءٌ وَقَالُوا : إنْ أَحْدَثَ الإِمَامُ بِغَلَبَةٍ وَهُوَ سَاجِدٌ : فَإِنْ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَصَلاَةُ مَنْ وَرَاءَهُ وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُكَبِّرْ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ ، وَلاَ صَلاَةُ مَنْ وَرَاءَهُ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ أَوْ اسْتَخْلَفُوا قَبْلَ خُرُوجِ الإِمَامِ مِنْ الْمَسْجِدِ : لَمْ تَبْطُلْ صَلاَةُ الإِمَامِ ، وَلاَ صَلاَةُ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَيْهِمْ ، وَلاَ اسْتَخْلَفُوا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَصَلاَتُهُمْ وَالأَشْهَرُ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : تَبْطُلُ صَلاَةُ الْمَأْمُومِينَ وَتَتِمُّ صَلاَةُ الإِمَامِ فَإِنْ خَرَجَ فَأَخَذَ الْمَاءَ مِنْ خَابِيَةٍ بِإِنَاءٍ فَتَوَضَّأَ : رَجَعَ وَبَنَى : فَإِنْ اسْتَقَى الْمَاءَ مِنْ بِئْرٍ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ فَإِنْ تَكَلَّمَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ قَالَ عَلِيٌّ : هَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالتَّنَاقُضِ وَالتَّحَكُّمِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِلاَ دَلِيلٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَأَكْثَرُهَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُمْ , وَإِنَّمَا كَلاَمُنَا فِي إبْطَالِ الْبِنَاءِ وَإِثْبَاتِهِ قَالَ عَلِيٌّ : احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْبِنَاءِ بِأَثَرَيْنِ ضَعِيفَيْنِ : أَحَدُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَهْمِ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْمُطَّوِّعِيِّ ، عَنْ دَاوُد بْنِ رُشَيْدٍ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِيهِ , وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r إذَا قَاءَ أَحَدُكُمْ أَوْ قَلَسَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلِيَبْنِ عَلَى مَا صَلَّى مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ : حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إنْ قَاءَ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ أَوْ رَعَفَ أَوْ قَلَسَ فَلْيَنْصَرِفْ وَيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ وَمِنْ طَرِيقِ الأَنْصَارِيِّ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلاً. وَالثَّانِي مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ وَكِلاَهُمَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ ; لإِنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ , لاَ سِيَّمَا فِيمَا رَوَى ، عَنِ الْحِجَازِيِّينَ فَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ زِيَادٍ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ وَأَثَرٌ سَاقِطٌ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ رِيَاحٍ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ سَاقِطٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ إذَا رَعَفَ فِي الصَّلاَةِ تَوَضَّأَ وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَإِنَّهُمْ تَنَاقَضُوا فَقَاسُوا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعَ الأَحْدَاثِ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ فِيهِمَا. وَلَمْ يَقِيسُوا الاِحْتِلاَمَ عَلَى ذَلِكَ , وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَمَا جَاءَ قَطُّ أَثَرٌ صَحِيحٌ ، وَلاَ سَقِيمٌ فِي الْبِنَاءِ مِنْ الأَحْدَاثِ , كَالْبَوْلِ وَالرَّجِيعِ وَالرِّيحِ وَالْمَذْيِ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ مَا صَلَّى فَلاَ يَجُوزُ إبْطَالُهُ إلاَّ بِنَصٍّ قال علي : وهذا احْتِجَاجٌ صَحِيحٌ , وَلَوْلاَ النَّصُّ الْوَارِدُ بِإِبْطَالِ مَا مَضَى مِنْهَا مَا أَبْطَلْنَاهُ وَلَكِنَّ الْبُرْهَانَ عَلَى بُطْلاَنِ مَا صَلَّى : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ عَلِيٌّ : وَرُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ , فَإِذْ صَحَّ أَنَّ الصَّلاَةَ مِمَّنْ أَحْدَثَ لاَ يَقْبَلُهَا اللَّهُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ , وَقَدْ صَحَّ بِلاَ خِلاَفٍ وَبِالنَّصِّ : أَنَّ الصَّلاَةَ لاَ تُجْزِئُ إلاَّ مُتَّصِلَةً , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَجْزَائِهَا بِمَا لَيْسَ صَلاَةً : فَنَحْنُ نَسْأَلُ مَنْ يَرَى الْبِنَاءَ لِلْمُحْدِثِ فَنَقُولُ : أَخْبَرُونَا ، عَنِ الْمُحْدِثِ الَّذِي أَمَرْتُمُوهُ بِالْبِنَاءِ , مُذْ يُحْدِثُ فَيَخْرُجُ فَيَمْشِي فَيَأْخُذُ الْمَاءَ فَيَغْسِلُ حَدَثَهُ أَوْ يَسْتَنْجِي فَيَتَوَضَّأُ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَنْ يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الصَّلاَةِ , أَهُوَ عِنْدَكُمْ فِي صَلاَةٍ أَمْ هُوَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ , وَلاَ سَبِيلَ لَهُمْ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فَإِنْ قَالُوا : هُوَ فِي صَلاَةٍ أَكْذَبَهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ r : إنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ صَلاَةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَمِنْ الْمُحَالِ الْبَاطِلِ أَنْ يُعْتَدَّ لَهُ بِصَلاَةٍ قَدْ أَيْقَنَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لاَ يَقْبَلُهَا.فَصَحَّ أَنَّ عَمَلَ صَلاَتِهِ الَّذِي كَانَ قَبْلُ قَدْ انْقَطَعَ , وَأَمَّا أَجْرُهُ فَبَاقٍ لَهُ بِلاَ شَكٍّ , إلاَّ أَنَّهُ الآنَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ بِلاَ شَكٍّ , إذْ هُوَ فِي حَالٍ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَهَا صَلاَةً وَإِنْ قَالُوا : بَلْ هُوَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ قلنا : صَدَقْتُمْ , فَإِذْ هُوَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ : فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلاَةِ مُتَّصِلَةً , لاَ يَحُولُ بَيْنَ أَجْزَائِهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ قَاصِدًا بِمَا لَيْسَ مِنْ الصَّلاَةِ وَبِوَقْتٍ هُوَ فِيهِ فِي صَلاَةٍ , وَهَذَا بُرْهَانٌ لاَ مُخَلِّصَ مِنْهُ وَلَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَحْتَجَّ مِنْ الْحَدِيثِ بِأَقْوَى مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ لَذَكَرْنَا مَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ ، عَنْ عِيسَى بْنِ حِطَّانَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلاَمٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ الصَّلاَةَ فَإِنْ ذَكَرُوا مَنْ بَنَى مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فَقَدْ رُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حدثنا أَبِي ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : أَنَّ الْمِسْوَرِ بْنَ مَخْرَمَةَ كَانَ إذَا رَعَفَ فِي الصَّلاَةِ يُعِيدُهَا ، وَلاَ يَعْتَدُّ بِمَا مَضَى وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ الصَّالِحُ فِي هَذَا : فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ : ، أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يُحْدِثُ فِي صَلاَتِهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ : صَلِّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلاَتِك وَإِنْ تَكَلَّمْت. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : فِي الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالرِّيحِ : يَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلاَةَ , وَفِي الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ : يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي عَلَى صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَعَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي صَلاَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ , قَالَ : إنَّ صَلاَتَهُ لَمْ تَتِمَّ وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي صَلاَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلاَةَ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَمَالِكٍ , وَابْنِ شُبْرُمَةَ , وَآخِرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ , وَبِهِ نَأْخُذُ 463 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ رَعَفَ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فِي صَلاَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسُدَّ أَنْفَهُ وَأَنْ يَدَعَ الدَّمَ يَقْطُرُ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ , بِحَيْثُ لاَ يَمَسُّ لَهُ ثَوْبًا ، وَلاَ شَيْئًا مِنْ ظَاهِرِ جَسَدِهِ , فَعَلَ وَتَمَادَى عَلَى صَلاَتِهِ , وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ الرُّعَافَ لَيْسَ حَدَثًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ , فَإِذْ لَيْسَ حَدَثًا , وَلاَ مَسَّ لَهُ الدَّمُ ثَوْبًا , وَلاَ ظَاهِرَ جَسَدٍ فَلَمْ يَعْرِضْ فِي طَهَارَتِهِ , وَلاَ فِي صَلاَتِهِ شَيْءٌ فَإِنْ مَسَّ الدَّمُ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَأَمْكَنَهُ غَسْلُ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ الْقِبْلَةَ فَلْيَغْسِلْهُ وَهُوَ مُتَمَادِي فِي صَلاَتِهِ , وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , وَسَوَاءٌ مَشَى إلَى الْمَاءِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلاً بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ غَسْلَ النَّجَاسَةِ وَاجْتِنَابَ الْمُحَرَّمَاتِ فَرْضٌ بِلاَ خِلاَفٍ , فَهُوَ فِي مَشْيِهِ لِذَلِكَ وَفِي عَمَلِهِ لِذَلِكَ مُؤَدِّي فَرْضٍ , وَلاَ تَبْطُلُ الصَّلاَةُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ فِيهَا مَا أُمِرَ بِأَدَائِهِ , لاَِنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ , بَلْ صَلَّى كَمَا أُمِرَ , وَمَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ مُحْسِنٌ , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ فَإِنْ عَجَزَ ، عَنْ ذَلِكَ : صَلَّى كَمَا هُوَ , وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا فَثَبَتَ أَنَّهُ لاَ يُكَلَّفُ مَا لاَ يَسْتَطِيعُ فَإِنْ تَعَمَّدَ اسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ لِذَلِكَ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , لاَِنَّهُ مُخَالِفٌ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ قَاصِدًا إلَى ذَلِكَ وقال مالك : إنْ أَصَابَهُ الرُّعَافُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا : قَطَعَ صَلاَتَهُ وَابْتَدَأَ , وَإِنْ أَصَابَهُ بَعْدَ أَنْ أَتَمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا : فَلْيَخْرُجْ فَلْيَغْسِلْ الدَّمَ وَيَرْجِعْ فَيَبْنِي قال علي : وهذا تَقْسِيمٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ , لاَ صَحِيحَةٌ ، وَلاَ سَقِيمَةٌ , وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ ، وَلاَ قِيَاسٌ , وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلاَ مَعْنَى لِلاِشْتِغَالِ بِهِ 464 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ زُوحِمَ حَتَّى فَاتَهُ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ أَوْ رَكْعَةٌ أَوْ رَكَعَاتٌ : وَقَفَ كَمَا هُوَ , فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا فَاتَهُ فَعَلَ , ثُمَّ اتَّبَعَ الإِمَامَ حَيْثُ يُدْرِكُهُ وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ , فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ إلاَّ بَعْدَ سَلاَمِ الإِمَامِ بِمُدَّةٍ قَصِيرَةٍ أَوْ طَوِيلَةٍ فَعَلَ كَذَلِكَ أَيْضًا , وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , وَالْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فَلَوْ أَدْرَكَ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً صَلاَّهَا وَأَضَافَهَا إلَى مَا كَانَ صَلَّى , ثُمَّ أَتَمَّ صَلاَتَهُ , وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْغَافِلُ سَهْوًا وَالْمَزْحُومُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ أَحَدٍ مِمَّنْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَلَى رِجْلِهِ , فَلْيَفْعَلْ وَيُجْزِئُهُ بُرْهَانُ ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ ، وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ فَمَنْ صَحَّ لَهُ الإِحْرَامُ فَمَا زَادَ فَقَدْ صَحَّ لَهُ عَمَلٌ مُفْتَرَضٌ أَدَاؤُهُ كَمَا أُمِرَ , فَلاَ يَحِلُّ لَهُ إبْطَالُهُ بِغَيْرِ نَصٍّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r فِي إبْطَالِهِ وَقَالَ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا آدَم ، حدثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ كِلاَهُمَا ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : إذَا سَمِعْتُمْ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ , وَلاَ تُسْرِعُوا , فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا , وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ تُبَادِرُونِي بِرُكُوعٍ ، وَلاَ بِسُجُودٍ فَإِنَّهُ مَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْتُ تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْتُ , إنِّي قَدْ بَدَّنْتُ فَأَمَرَ عليه السلام بِصَلاَةِ مَا أَدْرَكَ الْمَرْءُ , وَأَنْ لاَ يَسْبِقَ الإِمَامَ بِرُكُوعٍ ، وَلاَ بِسُجُودٍ , وَأَنَّهُ مَهْمَا فَاتَ الْمَأْمُومَ مِنْ رُكُوعٍ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِ الإِمَامِ , وَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام رَكْعَةً أُولَى مِنْ ثَانِيَةٍ , وَلاَ ثَالِثَةٍ ، وَلاَ رَابِعَةٍ , وَأَمَرَ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ وَقَدْ أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّهُ رُفِعَ ، عَنْ أُمَّتِهِ الْخَطَأُ , وَالنِّسْيَانُ , وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَهَذَا يُوجِبُ يَقِينَ مَا قلنا : مِنْ أَنْ يَأْتِيَ الْمَرْءُ بِصَلاَتِهِ حَسَبَ مَا يَسْتَطِيعُ وَمَا عَدَا هَذَا فَهُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ 465 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ لَمْ يَمَسَّ بِالْمَاءِ فِي وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ وَلَوْ مِقْدَارَ شَعْرَةٍ مِمَّا أُمِرَ بِغَسْلِهِ فِي الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَهَذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ بَعْدُ , إذْ لَمْ يُكْمِلْ طَهَارَتَهُ كَمَا أُمِرَ 466 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ أَحَالَ الْقُرْآنَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ , وَهَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ وَمَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ : جَازَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا فِي صَلاَتِهِ ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ بِهَا , وَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ : فَلاَ صَلاَةَ لَهُ وقال أبو حنيفة : مَنْ قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ فِي صَلاَتِهِ : جَازَتْ صَلاَتُهُ قَالَ عَلِيٌّ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَصَحَّ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يُرْسِلْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا عليه السلام , وَلاَ أَنْزَلَ بِهِ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ , فَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَمْ يَقْرَأْ مَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ عليه السلام , وَلاَ قَرَأَ الْقُرْآنَ , بَلْ لَعِبَ بِصَلاَتِهِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ , إذْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ فَإِنْ ذَكَرُوا : قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ قلنا : نَعَمْ , ذِكْرُ الْقُرْآنِ وَالإِنْذَارُ بِهِ فِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ , وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ r فَبَاطِلٌ وَكَذِبٌ مِمَّنْ ادَّعَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ هَذَا مَا كَانَ فَضِيلَةً لِرَسُولِ اللَّهِ r ، وَلاَ مُعْجِزَةً لَهُ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ هَذَا قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ أُمَّ الْقُرْآنِ صَلَّى كَمَا هُوَ , وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا , لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ , فَإِنْ حَفِظَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ غَيْرَهَا لَزِمَهُ فَرْضًا أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ , وَيَتَعَلَّمَ أُمَّ الْقُرْآنِ : لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : لاَ صَلاَةَ إلاَّ بِقِرَاءَةٍ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ.

  • * *

سجود السهو 467 - مَسْأَلَةٌ : كُلُّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ الْمَرْءُ فِي صَلاَتِهِ سَهْوًا وَكَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ مِمَّا لَوْ تَعَمَّدَهُ ذَاكِرًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ : فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي السَّهْوِ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إلاَّ أَنَّهُ رَأَى السَّهْوَ فِي تَرْكِ الْجِلْسَةِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ , وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا وَقَالَ : مَنْ أَسْقَطَ شَيْئًا مِنْ صُلْبِ صَلاَتِهِ سَهْوًا فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابُنَا : لاَ سُجُودَ سَهْوٍ إلاَّ فِي مَوَاضِعَ , وَهِيَ : مَنْ سَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ مَشَى سَاهِيًا فِي الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ. أَوْ مَنْ قَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فِي صَلاَةٍ مَفْرُوضَةٍ وَمَنْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَوْ مَنْ زَادَ فِي صَلاَتِهِ رَكْعَةً فَمَا فَوْقَهَا سَاهِيًا فِي صَلاَةٍ مَفْرُوضَةٍ وقال أبو حنيفة : لاَ سُجُودَ سَهْوٍ إلاَّ فِي عَشَرَةِ أَوْجُهٍ إمَّا قِيَامٌ مَكَانَ قُعُودٍ وَأَمَّا قُعُودٌ مَكَانَ قِيَامٍ لِلإِمَامِ أَوْ الْفَذِّ وَأَمَّا سَلاَمٌ قَبْلَ تَمَامِ الصَّلاَةِ لِلإِمَامِ أَوْ الْفَذِّ أَوْ نِسْيَانُ تَكْبِيرِ صَلاَةِ الْعِيدِ خَاصَّةً لِلإِمَامِ أَوْ الْفَذِّ أَوْ نِسْيَانُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ لِلإِمَامِ أَوْ الْفَذِّ أَوْ نِسْيَانُ التَّشَهُّدِ لِلإِمَامِ أَوْ الْفَذِّ أَوْ نِسْيَانُ أُمِّ الْقُرْآنِ لِلإِمَامِ أَوْ الْفَذِّ أَوْ تَأْخِيرُهَا بَعْدَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ لِلإِمَامِ أَوْ لِلْفَذِّ أَوْ مَنْ جَهَرَ فِي قِرَاءَةِ سِرٍّ أَوْ أَسَرَّ فِي قِرَاءَةِ جَهْرٍ لِلإِمَامِ خَاصَّةً , فَقَطْ قَالَ : فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ ، وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ عَلَيْهِ قَالَ : فَإِنْ نَسِيَ سَجْدَةً أَوْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَرَّةٍ : أَعَادَ الصَّلاَةَ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ مَرَّةً : سَجَدَ لِلسَّهْوِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إلاَّ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَأَعَادَهَا. وَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي سُجُودِهِ لِسَهْوٍ فَغَيْرُ مُنْضَبِطٍ , لاَِنَّهُ رَأَى فِيمَنْ تَرَكَ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ مِنْ الصَّلاَةِ فَصَاعِدًا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ : أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْتَقَضَ وُضُوءُهُ , أَوْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَأَعَادَهَا. وَرَأَى فِيمَنْ سَهَا ، عَنْ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ الصَّلاَةِ كَذَلِكَ : أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ : فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ عَلَيْهِ. وَرَأَى فِيمَنْ سَهَا ، عَنْ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ أَنْ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , لاَ سُجُودَ سَهْوٍ ، وَلاَ غَيْرَهُ. وَرَأَى عَلَى مَنْ جَعَلَ " اللَّهُ أَكْبَرُ " مَكَانَ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " سُجُودَ السَّهْوِ. وَرَأَى عَلَى مَنْ جَهَرَ فِي قِرَاءَةِ سِرٍّ , أَوْ أَسَرَّ فِي قِرَاءَةِ جَهْرٍ , إنْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلاً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ قَالَ عَلِيٌّ : وَرَأَى فِيمَنْ سَهَا ، عَنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلاَتِهِ فَصَاعِدًا : أَنَّ صَلاَتَهُ تَبْطُلُ. فَإِنْ سَهَا عَنْهَا فِي رَكْعَةٍ : فَمَرَّةً رَأَى سُجُودَ السَّهْوِ فَقَطْ وَمَرَّةً رَأَى عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَفْسَدُ مِنْ أَنْ يُشْتَغَلَ بِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ فِيهِ بِقُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ , وَلاَ بِقِيَاسٍ , وَلاَ بِقَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ بِرَأْيٍ سَدِيدٍ بَلْ لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلَهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ سَوَاءً سَوَاءً , وَزِيَادَةُ أَنَّهُ لاَ يَخْتَلِفُ مُسْلِمَانِ فِي : أَنَّ كُلَّ صَلاَةِ فَرْضٍ تَكُونُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَإِنَّ فِيهَا اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً سِوَى تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ ، وَأَنَّ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ فِيهَا سِتَّ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سِوَى تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ ، وَأَنَّ كُلَّ صَلاَةِ فَرْضٍ تَكُونُ رَكْعَتَيْنِ فَفِيهَا عَشْرُ تَكْبِيرَاتٍ سِوَى تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ فَتَسْوِيَتُهُمْ بَيْنَ مَنْ سَهَا ، عَنْ ثَلاَثِ تَكْبِيرَاتٍ وَبَيْنَ مَنْ سَهَا ، عَنْ تَكْبِيرَتَيْنِ , وَتَفْرِيقُهُمْ بَيْنَ مَنْ سَهَا ، عَنْ تَكْبِيرَتَيْنِ , وَبَيْنَ مَنْ سَهَا ، عَنْ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ : أَحَدُ عَجَائِبِ الدُّنْيَا وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَظَاهِرُ التَّنَاقُضِ : إذْ رَأَى سُجُودَ السَّهْوِ فِي تَرْكِ الْجِلْسَةِ الآُولَى , وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ فَرْضًا وَلَمْ يَرَ سُجُودَ السَّهْوِ فِي تَرْكِ جَمِيعِ تَكْبِيرِ الصَّلاَةِ حَاشَا تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ ، وَلاَ فِي الْعَمَلِ الْقَلِيلِ الَّذِي تَفْسُدُ الصَّلاَةُ عِنْدَهُ بِكَثِيرِهِ وَلَمْ يَجِدْ فِي الْقَلِيلِ الَّذِي أَسْقَطَ فِيهِ السُّجُودَ حَدًّا يَفْصِلُهُ بِهِ مِمَّا تَبْطُلُ الصَّلاَةُ عِنْدَهُ بِتَعَمُّدِهِ , وَيَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ فِي سَهْوِهِ , وَهَذَا فَاسِدٌ جِدًّا وَمِنَ الْعَجَبِ قَوْلُهُ " صُلْبِ الصَّلاَةِ " وَمَا عَلِمَ النَّاسُ لِلصَّلاَةِ صُلْبًا ، وَلاَ بَطْنًا ، وَلاَ كَبِدًا ، وَلاَ مَعْيًا وَمِثْلُ هَذَا قَدْ أَغْنَى ظَاهِرُ فَسَادِهِ ، عَنْ تَكَلُّفِ نَقْضِهِ وَأَمَّا قَوْلُ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا : لاَ سُجُودَ سَهْوٍ إلاَّ حَيْثُ سَجَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ r أَوْ أَمَرَ بِسُجُودِهِ , وَلَمْ يَسْجُدْ عليه السلام إلاَّ حَيْثُ ذَكَرْنَا قال علي : وهذا قَوْلٌ صَحِيحٌ لاَ يَحِلُّ خِلاَفُهُ , إلاَّ أَنَّنَا قَدْ وَجَدْنَا خَبَرًا صَحِيحًا يُوجِبُ صِحَّةَ قَوْلِنَا وَجَعَلُوهُ مُعَارِضًا لِغَيْرِهِ , وَهَذَا بَاطِلٌ لاَ يَجُوزُ , بَلْ الأَخْبَارُ كُلُّهَا تُسْتَعْمَلُ , وَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْهَا , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ الأَخْذُ بِالشَّرْعِ الزَّائِدِ الْوَارِدِ فِيهَا , لاَِنَّهُ حُكْمٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى , فَلاَ يَحِلُّ تَرْكُهُ قَالَ عَلِيٌّ : وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا هُوَ أَنَّ أَعْمَالَ الصَّلاَةِ قِسْمَانِ بِيَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا إمَّا فَرْضٌ , يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ , وَأَمَّا غَيْرُ فَرْضٍ , فَلاَ يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ فَمَا كَانَ غَيْرَ فَرْضٍ فَهُوَ مُبَاحٌ فِعْلُهُ , وَمُبَاحٌ تَرْكُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مَنْدُوبًا إلَيْهِ مَكْرُوهًا تَرْكُهُ. فَمَا كَانَ مُبَاحًا تَرْكُهُ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ حُكْمًا فِي تَرْكِ أَمْرٍ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى تَرْكَهُ , فَيَكُونَ فَاعِلُ ذَلِكَ شَارِعًا مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا الْفَرْضُ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي تَبْطُلُ الصَّلاَةُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهِ ، وَلاَ تَبْطُلُ بِالسَّهْوِ فِيهِ , لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ. فَإِذْ الصَّلاَةُ لاَ تَبْطُلُ بِالسَّهْوِ فِيهِ وَكَانَ سَهْوًا , فَفِيهِ سُجُودُ السَّهْوِ , إذْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ , فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بَعْضُهُ بِالسُّجُودِ دُونَ بَعْضٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَقَدْ جَاءَ مَا قلنا نَصًّا : كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا ، حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فأما زَادَ أَوْ نَقَصَ شَكَّ إبْرَاهِيمُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ قلنا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَحَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ قَالَ : لاَ , . فَقُلْنَا لَهُ الَّذِي صَنَعَ , فَقَالَ : إذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حدثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، حدثنا شُعْبَةُ قَالَ : قَرَأْت عَلَى مَنْصُورٍ , وَسَمِعْته يُحَدِّثُ , وَكَتَبَ بِهِ إلَيَّ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ لَهُمْ : إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ , فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي , إذَا أَوْهَمَ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَتَحَرَّ أَقْرَبَ ذَلِكَ مِنْ الصَّوَابِ ثُمَّ لِيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا فِي إيجَابِ السُّجُودِ فِي كُلِّ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ فِي الصَّلاَةِ , وَكُلِّ وَهْمٍ , وَلاَ يُقَالُ لِمَنْ أَدَّى صَلاَتَهُ بِجَمِيعِ فَرَائِضِهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ زَادَ فِي صَلاَتِهِ , وَلاَ نَقَصَ مِنْهَا , وَلاَ أَوْهَمَ فِيهَا , بَلْ قَدْ أَتَمَّهَا كَمَا أُمِرَ , وَإِنَّمَا الزَّائِدُ فِي الصَّلاَةِ , أَوْ النَّاقِصُ مِنْهَا , وَالْوَاهِمُ : مَنْ زَادَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا , أَوْ نَقَصَ مِنْهَا مَا لاَ تَتِمُّ إلاَّ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْوَهْمِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِنَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ ، رضي الله عنهم ، كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ قَطَنٍ : أَنَّ أَبَا زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ قَالَ : إذَا أَوْهَمَ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ الْوَهْمِ وَعَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : لاَ وَهْمَ إلاَّ فِي قُعُودٍ , أَوْ قِيَامٍ , أَوْ زِيَادَةٍ , أَوْ نُقْصَانٍ , أَوْ تَسْلِيمٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ نَسِيَ رَكْعَةً مِنْ الْفَرِيضَةِ حَتَّى دَخَلَ فِي التَّطَوُّعِ , ثُمَّ ذَكَرَ , فَصَلَّى بَقِيَّةَ صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ , ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَالَ عَلِيٌّ : مَا نَعْلَمُ لاَِنَسٍ فِي هَذَا مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ : فَإِنْ اسْتَيْقَنْت أَنِّي صَلَّيْت خَمْسَ رَكَعَاتٍ قَالَ : فَلاَ تُعِدْ وَلَوْ صَلَّيْت عَشْرَ رَكَعَاتٍ , وَاسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ إذَا زِدْت أَوْ نَقَصْت : فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ

468 - مَسْأَلَةٌ : قَالَ عَلِيٌّ : وَكُلُّ مَا عَمِلَهُ الْمَرْءُ فِي صَلاَتِهِ سَهْوًا مِنْ كَلاَمٍ أَوْ إنْشَادِ شَعْرٍ , أَوْ مَشْيٍ أَوْ اضْطِجَاعٍ , أَوْ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ أَوْ عَمَلِ أَيِّ عَمَلٍ كَانَ , أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ , أَوْ زِيَادَةِ رَكْعَةٍ أَوْ رَكَعَاتٍ , أَوْ خُرُوجٍ إلَى تَطَوُّعٍ كَثُرَ ذَلِكَ أَوْ قَلَّ أَوْ تَسْلِيمٍ قَبْلَ تَمَامِهَا , فَإِنَّهُ مَتَى ذَكَرَ طَالَ زَمَانُهُ أَوْ قَصُرَ , مَا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ : فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَا تَرَكَ فَقَطْ , ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ , إلاَّ انْتِقَاضَ الْوُضُوءِ , فَإِنَّهُ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلاَةُ , لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ مُتَّصِلَةً بِهَا. 

وقال أبو حنيفة : مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلاَتِهِ سَاهِيًا : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. فَإِنْ سَلَّمَ مِنْهَا سَاهِيًا : لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ. فَإِنْ أَكَلَ سَاهِيًا أَوْ زَادَ رَكْعَةً , وَلَمْ يَكُنْ جَلَسَ فِي آخِرِهَا مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ فَإِنْ بَالَ أَوْ تَغَوَّطَ بِغَلَبَةٍ : لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ. فَإِنْ عَطَسَ فَقَالَ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " مُحَرِّكًا بِهَا لِسَانَهُ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ قال علي : وهذا الْكَلاَمُ فِيهِ مِنْ التَّخْلِيطِ وَالْقُبْحِ مَعَ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ مَا نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى السَّلاَمَةَ مِنْ مِثْلِهِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالاَ : حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ , فَقُلْتُ : يَرْحَمُك اللَّهُ , فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ , فَقُلْتُ : وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ , فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ , فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي , مَا رَأَيْت مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ، وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاَللَّهِ مَا كَهَرَنِي ، وَلاَ ضَرَبَنِي ، وَلاَ شَتَمَنِي , قَالَ : إنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ , إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ , أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r . حدثنا حمام بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ : قُرِئَ عَلَى أَبِي قِلاَبَةَ وَأَنَا أَسْمَعُ : حَدَّثَكُمْ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنِي رِفَاعَةُ بْنُ يَحْيَى إمَامُ مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ قَالَ : سَمِعْت مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r الْمَغْرِبَ فَعَطَسَ رَجُلٌ خَلْفَ النَّبِيِّ r فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى , فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ r قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا كُلُّهُمْ يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا وَيَصْعَدُ بِهَا إلَى السَّمَاءِ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ r قَدْ غَبَطَ الَّذِي حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى إذَا عَطَسَ فِي الصَّلاَةِ جَاهِرًا بِذَلِكَ , وَلَمْ يُلْزِمْ الَّذِي تَكَلَّمَ نَاسِيًا بِإِعَادَةٍ , عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَا خَلاَ مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْعَمَلِ وَكَثِيرِهِ , فَأَبْطَلَ الصَّلاَةَ بِكَثِيرِهِ وَلَمْ يُبْطِلْهَا بِقَلِيلِهِ , أَوْ رَأَى سُجُودَ السَّهْوِ فِي كَثِيرِهِ وَلَمْ يَرَهُ فِي قَلِيلِهِ , أَوْ حَدَّ الْكَثِيرَ بِالْخُرُوجِ ، عَنِ الْمَسْجِدِ وَالْقَلِيلَ بِأَنْ لاَ يَخْرُجَ عَنْهُ : فَكَلاَمٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَنَسْأَلُهُمْ : عَمَّنْ رَمَى نَزْقًا لِنَسْجٍ مَرَّةً وَاحِدَةً عَامِدًا فِي الصَّلاَةِ. أَوْ أَخَذَ حَبَّةَ سِمْسِمَةٍ عَمْدًا ذَاكِرًا فَأَكَلَهَا. أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ذَاكِرًا. فَمِنْ قَوْلِهِمْ : إنَّ قَلِيلَ هَذَا وَكَثِيرَهُ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ. فَنَسْأَلُهُمْ : عَمَّنْ كَثُرَ حَكُّهُ لِجَسَدِهِ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ صَلاَتِهِ إلَى آخِرِهَا , وَكَانَ عَلَيْهِ كِسَاءٌ فَلُوتٌ فَاضْطُرَّ إلَى جَمْعِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَوَّلِ الصَّلاَةِ إلَى آخِرِهَا. فَمِنْ قَوْلِهِمْ : هَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ فِي الصَّلاَةِ قلنا : صَدَقْتُمْ , فَهَاتُوا نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا غَيْرَ مُدَّعًى بِلاَ عِلْمٍ عَلَى أَنَّ هَهُنَا أَعْمَالاً يُبْطِلُ الصَّلاَةَ كَثِيرُهَا ، وَلاَ يُبْطِلُهَا قَلِيلُهَا. ثُمَّ هَاتُو نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا : غَيْرَ مُدَّعًى بِالْكَذِبِ عَلَى تَحْدِيدِ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ أَبَدًا فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ : مِنْ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ أُبِيحَ فِي الصَّلاَةِ بِالنَّصِّ : فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ مُبَاحٌ فِيهَا , وَكُلُّ عَمَلٍ لَمْ يُبَحْ بِالنَّصِّ فِي الصَّلاَةِ : فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ بِالْعَمْدِ , وَيُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ إذَا كَانَ سَهْوًا. وَأَمَّا الْخُرُوجُ ، عَنِ الْمَسْجِدِ فَرُبَّ مَسْجِدٍ يَكُونُ طُولُهُ أَزِيدَ مِنْ ثَلاَثِمِائَةِ خُطْوَةٍ وَرُبَّ مَسْجِدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ بِخُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَقَدْ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r سَاهِيًا وَتَكَلَّمَ وَرَاجَعَ وَخَرَجَ ، عَنِ الْمَسْجِدِ وَدَخَلَ بَيْتَهُ ثُمَّ عَرَفَ فَخَرَجَ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلاَتِهِ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ سَجْدَتَيْنِ فَقَطْ. وَقَدْ قَالَ عليه السلام مَنْ رَغِبَ ، عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. وَبِهَذَا يَبْطُلُ أَيْضًا قَوْلُ مَنْ قَالَ " لِكُلِّ سَهْوٍ فِي الصَّلاَةِ سَجْدَتَانِ ". وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنْ تَطَاوَلَتْ الْمُدَّةُ عَلَى مَنْ تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَلَزِمَهُ إعَادَتُهَا , وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : إنْ تَطَاوَلَتْ الْمُدَّةُ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَصَحَّتْ صَلاَتُهُ : فَقَوْلاَنِ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا قَوْلاَنِ بِلاَ بُرْهَانٍ , وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْفَرْقُ بَيْنَ تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ وَبَيْنَ قِصَرِهَا بِنَصٍّ صَحِيحٍ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ غَيْرِ مُدَّعًى بِالْكَذِبِ , وَلاَ سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ وَالْحَقُّ فِي هَذَا : هُوَ أَنَّ مَنْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَقَدْ لَزِمَهُ أَدَاءُ مَا أَمَرَهُ بِهِ , وَلاَ يُسْقِطُهُ عَنْهُ رَأْيُ ذِي رَأْيٍ , وَعَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَبَدًا , وَلاَ يُسْقِطُهُ عَنْهُ إلاَّ تَحْدِيدُ رَسُولِ اللَّهِ r ذَلِكَ الْعَمَلَ بِوَقْتٍ مَحْدُودِ الآخِرِ وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْمٍ أَتَوْا إلَى أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ r بِالصَّلاَةِ فِي وَقْتٍ مَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ , وَبِالصِّيَامِ فِي وَقْتٍ مَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ فَقَالُوا : لاَ يَسْقُطُ عَمَلُهُمَا وَإِنْ بَطَلَ ذَلِكَ الْوَقْتَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقْتًا لَهُمَا وَلَمْ يَجْعَلْ مَا عَدَا ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقْتًا لَهُمَا ثُمَّ أَتَوْا إلَى سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ r إصْلاَحًا لِمَا وُهِمَ فِيهِ مِنْ فُرُوضِ الصَّلاَةِ , وَأَطْلَقَ بِالأَمْرِ بِهِ وَلَمْ يَحُدَّهُ : فَأَبْطَلُوهُ بِوَقْتٍ حَدُّوهُ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ , وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ قَوْلَيْهِ. 469 - مَسْأَلَةٌ : وَإِذَا سَهَا الإِمَامُ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ : فَفَرْضٌ عَلَى الْمُؤْتَمِّينَ أَنْ يَسْجُدُوا مَعَهُ , إلاَّ مَنْ فَاتَتْهُ مَعَهُ رَكْعَةٌ فَصَاعِدًا , فَإِنَّهُ يَقُومُ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ , فَإِذَا أَتَمَّهُ سَجَدَ هُوَ لِلسَّهْوِ , إلاَّ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلاَمِ فَفَرْضٌ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا مَعَهُ , وَإِنْ كَانَ بَقِيَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ , ثُمَّ لاَ يُعِيدُ سُجُودَهُمَا إذَا سَلَّمَ بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r سَهَا فَسَجَدَ وَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ بِعِلْمِهِ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَةٍ فَصَاعِدًا : فَإِنَّ الإِمَامَ إذَا سَلَّمَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ صَلاَتِهِ , وَلَزِمَ الْمَأْمُومَ الْقَضَاءُ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا , وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا. وَقَالَ عليه السلام أَيْضًا : فَأَتِمُّوا فَلاَ يَجُوزُ لَهُ الاِشْتِغَالُ بِغَيْرِ الإِتْمَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ مَوْصُولاً بِمَا أَدْرَكَ , فَلَمْ يُتِمَّ صَلاَتَهُ بَعْدُ , وَالسُّجُودُ لِلسَّهْوِ لاَ يَكُونُ إلاَّ فِي آخِرِ الصَّلاَةِ وَبَعْدَ تَمَامِهَا , بِأَمْرِهِ عليه السلام بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَأَمَّا إذَا سَجَدَهُمَا الإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا فَفَرْضٌ عَلَيْهِ الاِئْتِمَامُ بِهِ فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ الإِمَامُ فِي مَوْضِعِهِ وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُهُ لِلْمَأْمُومِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالسُّجُودِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 470 - مَسْأَلَةٌ : وَإِذَا سَهَا الْمَأْمُومُ وَلَمْ يَسْهُ الإِمَامُ فَفَرْضٌ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ , كَمَا كَانَ يَسْجُدُ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا ، وَلاَ فَرْقَ لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r أَمَرَ كَمَا أَوْرَدْنَا آنِفًا كُلَّ مَنْ أَوْهَمَ فِي صَلاَتِهِ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ , وَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام بِذَلِكَ إمَامًا ، وَلاَ مُنْفَرِدًا مِنْ مَأْمُومٍ , فَلاَ يَحِلُّ تَخْصِيصُهُمْ فِي ذَلِكَ. وَمَنْ قَالَ : إنَّ الإِمَامَ يَحْمِلُ السَّهْوَ ، عَنِ الْمَأْمُومِ : فَقَدْ أَبْطَلَ , وَقَالَ مَا لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ , وَخَالَفَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ r الْمَذْكُورَ بِرَأْيِهِ , وَلاَ خِلاَفَ مِنَّا وَمِنْهُمْ فِي أَنَّ مَنْ أَسْقَطَ رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً أَوْ أَحْدَثَ سَهْوًا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ أَوْ عَمْدًا فَإِنَّ الإِمَامَ لاَ يَحْمِلُهُ عَنْهُ , فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ أَنْ يَحْمِلَ عَنْهُ سَائِرَ مَا سَهَا فِيهِ مِنْ فَرْضٍ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ , وَبِهِ نَأْخُذُ 471 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَجْزَأَتَا عَنْهُ وَنَكْرَهُ ذَلِكَ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِمَّا حَدَّثَنَاهُ عَبِدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمَرْوَانِيُّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالاَ جَمِيعًا : حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيَّ هُوَ الْبَارِقِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ ، عَنِ النَّبِيِّ r ، أَنَّهُ قَالَ : صَلاَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى. قَالَ عَلِيٌّ : فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صَلاَةٌ غَيْرَ مَثْنَى , إلاَّ مَا سِمَاهُ رَسُولُ اللَّهِ r صَلاَةً وَهُوَ غَيْرُ مَثْنَى : كَالْفُرُوضِ الَّتِي هِيَ أَرْبَعُ أَرْبَعُ , وَكَالْوِتْرِ وَكَالصَّلاَةِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لاَ تَسْلِيمَ بَيْنَهُنَّ , وَصَلاَةِ الْجَنَائِزِ. وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَيْسَ صَلاَةً , وَلَمْ يُسَمِّ عليه السلام سَجْدَتَيْ السَّهْوِ : صَلاَةً. وَلاَ وُضُوءٌ يَجِبُ لاَزِمًا إلاَّ لِصَلاَةٍ : كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ عَبَّادِ بْنُ جَبَلَةَ ، حدثنا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : إنَّ النَّبِيَّ r قَضَى حَاجَتَهُ مِنْ الْخَلاَءِ فَقُرِّبَ إلَيْهِ طَعَامٌ فَأَكَلَ فَلَمْ يَمَسَّ مَاءً. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَزَادَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ r قِيلَ لَهُ : إنَّكَ لَمْ تَتَوَضَّأْ قَالَ : مَا أَرَدْت صَلاَةً فَأَتَوَضَّأُ قَالَ عَمْرٌو : سَمِعْته مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كِلاَهُمَا ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r ، أَنَّهُ قَالَ نَحْوَ ذَلِكَ 472 - مَسْأَلَةٌ : وَالأَفْضَلُ أَنْ يُكَبِّرَ لِكُلِّ سَجْدَةٍ مِنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَيَتَشَهَّدَ بَعْدَهُمَا وَيُسَلِّمَ مِنْهُمَا , فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى السَّجْدَتَيْنِ دُونَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا الاِقْتِصَارُ عَلَى السَّجْدَتَيْنِ فَقَطْ , فَلِمَا أَوْرَدْنَاهُ آنِفًا مِنْ أَمْرِهِ عليه السلام مَنْ أَوْهَمَ فِي صَلاَتِهِ أَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ : بِسَجْدَتَيْنِ , وَلَمْ يَأْمُرْ عليه السلام فِيهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا اخْتِيَارُنَا التَّكْبِيرَ لَهُمَا وَالتَّشَهُّدَ وَالسَّلاَمَ : فَلِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ ، حدثنا حَمَّادٌ ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ r إحْدَى صَلاَتَيْ الْعَشِيِّ , الظُّهْرَ قَالَ أَوْ الْعَصْرَ , فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ قَامَ إلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهَا , إحْدَاهُمَا عَلَى الآُخْرَى , يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ , ثُمَّ خَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ وَهُمْ يَقُولُونَ : قَصُرَتْ الصَّلاَةُ , قَصُرَتْ الصَّلاَةُ , وَفِي النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ , فَهَابَاهُ أَنْ يُكَلِّمَاهُ , فَقَامَ رَجُلٌ كَانَ يُسَمِّيهِ رَسُولُ اللَّهِ r ذَا الْيَدَيْنِ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ الصَّلاَةُ قَالَ : لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ الصَّلاَةُ قَالَ : بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ r عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ : أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَأَوْمَئُوا إلَيْهِ : أَيْ نَعَمْ فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ r إلَى مَقَامِهِ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ , ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ , ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ , ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ. فَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ : سَلَّمَ فِي السَّهْوِ قَالَ : لَمْ أَحْفَظْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نُبِّئْت أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ قَالَ : " ثُمَّ سَلَّمَ ". وبه إلى أَبِي دَاوُد : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي أَشْعَثُ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r سَهَا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَهَذِهِ أَعْمَالٌ لاَ أَوَامِرُ , فَالاِئْتِسَاءُ فِيهَا حَسَنٌ رُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : لَيْسَ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قِرَاءَةٌ , وَلاَ رُكُوعٌ , وَلاَ تَشَهُّدٌ. وَعَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا لاَ يَتَشَهَّدَانِ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ. وَعَنِ الْحَسَنِ : لَيْسَ فِيهِمَا تَسْلِيمٌ : قَالَ عَلِيٌّ : وَلاَ بُدَّ لَهُ فِيهِمَا مِنْ أَنْ يَقُولَ " سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى " لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ وَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ سُجُودٍ. 473 - مَسْأَلَةٌ : وَسُجُودُ السَّهْوِ كُلُّهُ بَعْدَ السَّلاَمِ إلاَّ فِي مَوْضِعَيْنِ , فَإِنَّ السَّاهِيَ فِيهِمَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلاَمِ وَإِنْ شَاءَ قَبْلَ السَّلاَمِ أَحَدُهُمَا : مَنْ سَهَا فَقَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ وَيَتَشَهَّدْ , فَهَذَا سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا فَإِنَّهُ إذَا اسْتَوَى قَائِمًا فَلاَ يَحِلُّ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْجُلُوسِ , فَإِنْ رَجَعَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ ذَاكِرٌ لِذَلِكَ : بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ , وَهُوَ سَهْوٌ يُوجِبُ السُّجُودَ , لَكِنْ يَتَمَادَى فِي صَلاَتِهِ فَإِذَا أَتَمَّ التَّشَهُّدَ الآخِرَ فَإِنْ شَاءَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ , وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي : أَنْ لاَ يَدْرِي فِي كُلِّ صَلاَةٍ تَكُونُ رَكْعَتَيْنِ أَصَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ وَفِي كُلّ صَلاَةِ تَكُونُ ثَلاَثًا أَصَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا وَفِي كُلِّ صَلاَةٍ تَكُونُ أَرْبَعًا أَصَلَّى أَرْبَعًا أَمْ أَقَلَّ فَهَذَا يَبْنِي عَلَى الأَقَلِّ وَيُصَلِّي أَبَدًا حَتَّى يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ رَكَعَاتِ صَلاَتِهِ وَشَكَّ فِي الزِّيَادَةِ. فَإِذَا تَشَهَّدَ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلاَمِ , ثُمَّ يُسَلِّمُ , وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ. وَإِنْ أَيْقَنَ مِنْ خِلاَلِ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَمَّ جَلَسَ مِنْ حِينِهِ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ ، وَلاَ بُدَّ , ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَسَجَدَ أَنَّهُ زَادَ يَقِينًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. وَالسُّجُودُ فِي صَلاَةِ التَّطَوُّعِ وَاجِبٌ كَمَا هُوَ فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ , وَلاَ فَرْقَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ وقال أبو حنيفة : السُّجُودُ كُلُّهُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلاَمِ وقال الشافعي : هُوَ كُلُّهُ قَبْلَ السَّلاَمِ وقال مالك : هُوَ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلاَمِ , وَفِي النُّقْصَانِ قَبْلَ السَّلاَمِ قَالَ عَلِيٌّ : تَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِبَعْضِ الآثَارِ وَتَرَكَ بَعْضًا وَهَذَا لاَ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ فَعَلَ الشَّافِعِيُّ وَزَادَ حُجَّةً نَظَرِيَّةً وَهِيَ : ، أَنَّهُ قَالَ : إنَّ جَبْرَ الشَّيْءِ لاَ يَكُونُ إلاَّ فِيهِ لاَ بَائِنًا عَنْهُ قَالَ عَلِيٌّ : وَالنَّظَرُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يُعَارَضَ بِهِ كَلاَمُ رَسُولِ اللَّهِ r , وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُمْ بِأَنَّ جَبْرَ الشَّيْءِ لاَ يَكُونُ إلاَّ فِيهِ لاَ بَائِنًا عَنْهُ وَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ , وَالصِّيَامَ : يَكُونَانِ جَبْرًا لِمَا نَقَصَ مِنْ الْحَجِّ , وَهُمَا بَعْدَ الْخُرُوجِ عَنْهُ ، وَأَنَّ عِتْقَ الرَّقَبَةِ أَوْ الصَّدَقَةَ , أَوْ صِيَامَ الشَّهْرَيْنِ جَبْرٌ لِنَقْصِ وَطْءِ التَّعَمُّدِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَبَعْضُ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ إلاَّ بَعْدَ تَمَامِهِ , وَسَائِرُ ذَلِكَ يَجُوزُ بَعْدَ تَمَامِهِ , وَهَذِهِ صِفَةُ الآرَاءِ الْمُقْحَمَةِ فِي الدِّينِ بِلاَ بُرْهَانٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى , وَلاَ مِنْ رَسُولِهِ r . وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ , فَرَأْيٌ مُجَرَّدٌ فَاسِدٌ بِلاَ بُرْهَانٍ عَلَى صِحَّتِهِ , وَهُوَ أَيْضًا مُخَالِفٌ لِلثَّابِتِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r مِنْ أَمْرِهِ بِسُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلاَمِ مَنْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى وَهُوَ سَهْوُ زِيَادَةٍ فَبَطَلَتْ هَذِهِ الأَقْوَالُ كُلُّهَا , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا : مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، حدثنا الْفُضَيْلُ ، هُوَ ابْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ لَهُمْ : فَأَيُّكُمْ مَا نَسِيَ شَيْئًا فَلْيَتَحَرَّ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ صَوَابٌ ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ , قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ لَهُمْ فِي حَدِيثِ إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ , ثُمَّ لِيُسَلِّمْ , ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ : وَرُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ جِيَادٍ غَايَةً فَلَوْ لَمْ يَرِدْ غَيْرُ هَذِهِ السُّنَّةِ لَمْ يَجُزْ سُجُودُ السَّهْوِ إلاَّ بَعْدَ السَّلاَمِ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ r رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ , فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ , فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ , ثُمَّ سَلَّمَ. فَلَمْ يَرْجِعْ عليه السلام إلَى الْجُلُوسِ , وَقَدْ قَالَ عليه السلام : صَلُّوا كَمَا تَرَوْنِي أُصَلِّي : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنَا الْمَسْعُودِيُّ هُوَ أَبُو الْعُمَيْسِ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ , . فَقُلْنَا : سُبْحَانَ اللَّهِ , فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ , وَمَضَى , فَلَمَّا أَتَمَّ صَلاَتَهُ وَسَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ , فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ r يَصْنَعُ كَمَا صَنَعْتُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَكِلاَ الْخَبَرَيْنِ صَحِيحٌ , فَكِلاَهُمَا الأَخْذُ بِهِ سُنَّةٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مُقَلِّدِي أَبِي حَنِيفَةَ : لَعَلَّ ابْنَ بُحَيْنَةَ لَمْ يَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ r إذْ سَلَّمَ قال علي : وهذا تَعَلُّلٌ بِدَعْوَى الْكَذِبِ , وَإِسْقَاطُ السُّنَنِ بِالظَّنِّ الْكَاذِبِ . وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُقَالُ فِيمَا رَوَاهُ الثِّقَةُ فَكَيْفَ الصَّاحِبُ : لَعَلَّهُ وَهْمٌ , إلاَّ بِيَقِينٍ وَارِدٍ بِأَنَّهُ وَهْمٌ , وَأَمَّا بِالظَّنِّ فَلاَ. قَالَ عليه السلام إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ. وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُسَلِّمَ رَسُولُ اللَّهِ r مِنْ صَلاَتِهِ ، وَلاَ يُسَلِّمَ الْمُؤْتَمُّونَ بِسَلاَمِهِ , وَأَنْ يُسَلِّمُوا كَمَا سَلَّمَ عليه السلام ، وَلاَ يَسْمَعَ ابْنُ بُحَيْنَةَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلاَ يَدَّعِي هَذَا إلاَّ قَلِيلُ الْحَيَاءِ , رَقِيقُ الدِّينِ مُسْتَهِينٌ بِالْكَذِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ ، حدثنا مُوسَى بْنُ دَاوُد ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى , أَثْلاَثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ , ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ أَبُو كُرَيْبٍ ، حدثنا أَبُو خَالِدٍ هُوَ الأَحْمَرُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُلْغِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ , فَإِذَا اسْتَيْقَنَ التَّمَامَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ , فَإِنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ تَامَّةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِصَلاَتِهِ , وَكَانَتْ السَّجْدَتَانِ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ. وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ مُرْسَلاً. فَهَذَا نَصُّ مَا قلنا , وَهَذَا هُوَ بَيَانُ التَّحَرِّي الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَفِي هَذَا بُطْلاَنُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ : إنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَعَادَ الصَّلاَةَ , وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَيَتَحَرَّى أَغْلَبَ ظَنِّهِ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ فَاسِدٌ , لاَِنَّهُ بِلاَ بُرْهَانٍ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ هُوَ الْحَوْضِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ : أَزِيدَ فِي الصَّلاَةِ قَالَ : وَمَا ذَلِكَ قِيلَ : صَلَّيْت خَمْسًا , فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سَلَّمَ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : مَنْ صَلَّى خَمْسًا سَاهِيًا فَصَلاَتُهُ بَاطِلٌ , إلاَّ أَنْ يَكُونَ جَلَسَ فِي آخِرِ الرَّابِعَةِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ. قال علي : وهذا تَقْسِيمٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ , خَارِجٌ ، عَنِ الْقِيَاسِ , بَعِيدٌ ، عَنْ سَدَادِ الرَّأْيِ وَرُوِّينَا ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شِبْلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ , فَمَضَى , فَلَمَّا سَلَّمَ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَتَشَهَّدَ مَرَّتَيْنِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، حدثنا أَبِي ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ نَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحُوا لَهُ , فَاسْتَتَمَّ قَائِمًا , ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ حِينَ انْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ : كُنْتُمْ تَرَوْنِي أَجْلِسُ إنِّي صَنَعْتُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r صَنَعَ. وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَتَوَخَّ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ , ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ. فَفَسَّرَ ابْنُ عُمَرَ التَّحَرِّيَ كَمَا قُلْنَاهُ فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ كِلاَهُمَا ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنِ النَّبِيِّ r ، أَنَّهُ قَالَ : التَّسْلِيمُ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قلنا : لَمْ يَسْمَعْ ابْنُ سِيرِينَ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ , فَهَذَا مُنْقَطِعٌ , ثُمَّ لَوْ أُسْنِدَ لَمَا كَانَ مُعَارِضًا لاَِمْرِهِ عليه السلام بِسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلاَمِ , بَلْ كَانَ يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ , وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ فِيهِ أَنَّ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ تَسْلِيمًا مِنْهُمَا فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَرُوِّينَا ، عَنْ عَطَاءٍ إيجَابَ سُجُودِ السَّهْوِ فِي التَّطَوُّعِ , وَعُمُومُ أَمْرِهِ r مَنْ أَوْهَمَ فِي صَلاَةٍ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ : يَدْخُلُ فِيهِ التَّطَوُّعُ , وَلاَ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ بِالظَّنِّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ. 474 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى السُّجُودِ لِوَثَنٍ أَوْ لِصَلِيبٍ أَوْ لاِِنْسَانٍ وَخَشِيَ الضَّرْبَ أَوْ الأَذَى أَوْ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مُسْلِمٍ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ : فَلْيَسْجُدْ لِلَّهِ تَعَالَى قَبَالَةَ الصَّنَمِ , أَوْ الصَّلِيبِ , أَوْ الإِنْسَانِ , وَلاَ يُبَالِي إلَى الْقِبْلَةِ يَسْجُدُ أَوْ إلَى غَيْرِهَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ بِالسُّجُودِ لَهُ فِي الْقِبْلَةِ فَلْيَسْجُدْ لِلَّهِ وَإِلاَّ فَلاَ قال علي : وهذا تَقْسِيمٌ فَاسِدٌ , لإِنَّ الْمَنْعَ مِنْ السُّجُودِ لِلَّهِ تَعَالَى إلَى كُلِّ جِهَةٍ عَمْدًا قَصْدًا لَمْ يَأْتِ مِنْهُ مَنْعٌ. قَالَ تَعَالَى ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ. وَإِنَّمَا أُمِرْنَا بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلاَةِ خَاصَّةً , وَالسُّجُودُ وَحْدَهُ لَيْسَ صَلاَةً , وَهُوَ جَائِزٌ بِلاَ طَهَارَةٍ , وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ , وَلِلْحَائِضِ , لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِإِيجَابِ ذَلِكَ فِيهِ وَقَالَ تَعَالَى ﴿ إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ. 475 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ عَجَزَ ، عَنِ الْقِيَامِ أَوْ ، عَنْ شَيْءٍ مِنْ فُرُوضِ صَلاَتِهِ : أَدَّاهَا قَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَمُضْطَجِعًا بِإِيمَاءٍ وَسَقَطَ عَنْهُ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُجْزِئُهُ ، وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ فِي ذَلِكَ وَيَكُونُ فِي اضْطِجَاعِهِ كَمَا يَقْدِرُ , إمَّا عَلَى جَنْبِهِ وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ , وَأَمَّا عَلَى ظَهْرِهِ بِمِقْدَارِ مَا لَوْ قَامَ لاَسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ , فَإِنْ عَجَزَ ، عَنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّ كَمَا يَقْدِرُ إلَى الْقِبْلَةِ وَإِلَى غَيْرِهَا , وَكَذَلِكَ مَنْ قَدَحَ عَيْنَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي كَمَا يَقْدِرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا. وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلاَّ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَأَمَرَ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ r بِالتَّدَاوِي حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ هُوَ الْحَوْضِيُّ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرُ , فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ , فَجَاءَتْ الأَعْرَابُ مِنْ هَهُنَا وَهَهُنَا , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى قَالَ : تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ : الْهَرَمُ. فَإِنْ ذَكَرُوا : أَنَّ عَائِشَةَ نَهَتْ ابْنَ عَبَّاسٍ ، عَنْ ذَلِكَ قلنا : كَمْ قِصَّةٍ لَهَا ، رضي الله عنها ، خَالَفْتُمُوهَا حَيْثُ لاَ يُعْلَمُ لَهَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَحَيْثُ لَمْ تَأْتِ سُنَّةٌ بِخِلاَفِهَا : كَأَمْرِهَا الْمُسْتَحَاضَةَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاَةٍ إيجَابًا وَمَعَهَا فِي ذَلِكَ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَابْنُ عَبَّاسٍ , وَابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّه ، عَنْ جَمِيعِهِمْ , وَلاَ مُخَالِفَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ , وَمَعَهَا السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ. وَكَإِمَامَتِهَا هِيَ , وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما : النِّسَاءَ فِي الْفَرِيضَةِ , وَلاَ مُخَالِفَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ يُعْرَفُ. وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا فَإِنْ كَانَ لاَ يَحِلُّ خِلاَفُهَا فِي مَكَان لَمْ يَحِلَّ فِي كُلِّ مَكَان , وَإِنْ كَانَ خِلاَفُهَا لِلسُّنَّةِ مُبَاحًا فِي مَوْضِعٍ فَهُوَ وَاجِبٌ بِالسُّنَّةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ 476 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ مَرِيضًا مُومِئًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ رَاكِبًا لِخَوْفٍ ثُمَّ أَفَاقَ أَوْ أَمِنَ : قَامَ الْمُفِيقُ وَنَزَلَ الآمِنُ , وَبَنَيَا عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِمَا , وَأَتَمَّا مَا بَقِيَ , وَصَلاَتُهُمَا تَامَّةٌ , سَوَاءٌ كَانَ مَا مَضَى مِنْهَا أَقَلُّهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ إلاَّ التَّكْبِيرُ , أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلاَّ السَّلاَمُ فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ , كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَمَنْ ابْتَدَأَ صَلاَتَهُ صَحِيحًا قَائِمًا إلَى الْقِبْلَةِ , ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا أَصَارَهُ إلَى الْقُعُودِ , أَوْ إلَى الإِيمَاءِ , أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ. أَوْ خَافَ فَاضْطُرَّ إلَى الرُّكُوبِ وَالرَّكْضِ وَالدِّفَاعِ : فَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ , وَلْيُتِمَّ مَا بَقِيَ , كَمَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ ، وَلاَ فَرْقَ , لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قوله تعالى : لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا. وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ , وَزُفَرَ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَغَيْرِهِمْ. وقال الشافعي : إنْ أَمِنَ بَعْدَ الْخَوْفِ فَنَزَلَ بَنَى وَتَمَّتْ صَلاَتُهُ , وَإِنْ خَافَ بَعْدَ الأَمْنِ فَرَكِبَ ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ قال علي : وهذا تَقْسِيمٌ فَاسِدٌ , وَتَفْرِيقٌ عَلَى أَصْلِهِ بَيْنَ قَلِيلِ الْعَمَلِ وَكَثِيرِهِ , وَهُوَ أَصْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ. وَقَالَ تَعَالَى ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا. وَقَدْ صَلَّى بَعْضُ الصَّحَابَةِ مَاشِيًا إلَى عَدُوِّهِ. وقال أبو حنيفة : مَنْ ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ جَالِسًا لِمَرَضٍ بِهِ ثُمَّ صَحَّ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يَبْنِي , لاَ يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الَّذِي يَفْتَتِحُهَا مُومِئًا لِمَرَضٍ بِهِ ثُمَّ يَصِحُّ فِيهَا , وَفِي الَّذِي يَفْتَتِحُهَا صَحِيحًا قَائِمًا ثُمَّ يَمْرَضُ فِيهَا مَرَضًا يَنْقُلُهُ إلَى الْقُعُودِ أَوْ إلَى الإِيمَاءُ مُضْطَجِعًا. فَمَرَّةً قَالَ : يَبْنِي , وَمَرَّةً قَالَ : يَبْتَدِئُهَا ، وَلاَ بُدَّ , وَسَوَاءٌ أَصَابَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ , أَوْ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ , وَالتَّفْرِيقِ بِالْبَاطِلِ الَّذِي لاَ يُدْرَى كَيْفَ يَتَهَيَّأُ فِي عَقْلِ ذِي عَقْلٍ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ r الَّذِي لاَ يَنْطِقُ ، عَنِ الْهَوَى إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى مِنْ الْخَالِقِ الَّذِي لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : إنْ افْتَتَحَ صَحِيحًا قَائِمًا ثُمَّ مَرِضَ فَانْتَقَلَ إلَى الإِيمَاءِ أَوْ إلَى الْجُلُوسِ , أَوْ افْتَتَحَهَا مَرِيضًا قَاعِدًا ثُمَّ صَحَّ : فَإِنَّ هَؤُلاَءِ مَا لَمْ يَنْتَقِلْ حَالُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدُوا مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ : فَإِنَّهُمْ يَبْنُونَ. قَالَ : وَمَنْ افْتَتَحَهَا مَرِيضًا مُومِئًا ثُمَّ صَحَّ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ : فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ ، وَلاَ بُدَّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : مَنْ افْتَتَحَهَا مَرِيضًا قَاعِدًا , أَوْ مُومِئًا ثُمَّ صَحَّ فِيهَا فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الصَّلاَةَ ، وَلاَ بُدَّ. وَمَنْ افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ مَرِضَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَصَارَ إلَى الْقُعُودِ أَوْ إلَى الإِيمَاءِ فَإِنَّهُ يَبْنِي قَالَ عَلِيٌّ : وَهَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ بِلاَ بُرْهَانٍ , وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِنُرِيَ أَهْلَ السُّنَّةِ مِقْدَارَ فِقْهِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ وَعِلْمِهِمْ 477 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ اشْتَغَلَ بَالُهُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فِي الصَّلاَةِ كَرِهْنَاهُ , وَلَمْ تَبْطُلْ لِذَلِكَ صَلاَتُهُ , وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ فِي ذَلِكَ , إذَا عَرَفَ مَا صَلَّى وَلَمْ يَسْهَ ، عَنْ شَيْءٍ مِنْ صَلاَتِهِ بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لاُِمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تُخْرِجْهُ بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَهَذَا نَفْسُ قَوْلِنَا. فإن قيل : فَإِنَّكُمْ تُبْطِلُونَ الصَّلاَةَ بِأَنْ يَنْوِيَ فِيهَا عَمْدًا الْخُرُوجَ ، عَنِ الصَّلاَةِ جُمْلَةً , أَوْ الْخُرُوجَ ، عَنْ إمَامَةِ الإِمَامِ بِلاَ سَبَبٍ يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ , أَوْ الْخُرُوجَ ، عَنْ فَرْضٍ إلَى تَطَوُّعٍ , أَوْ مِنْ تَطَوُّعٍ إلَى فَرْضٍ , أَوْ مِنْ صَلاَةٍ إلَى صَلاَةٍ أُخْرَى , إذَا عَمَدَ كُلَّ ذَلِكَ ذَاكِرًا وَيُوجِبُونَ فِي سَهْوِهِ بِكُلِّ ذَلِكَ سُجُودَ السَّهْوِ , وَحُكْمُ السَّهْوِ فِي إلْغَاءِ مَا عَمِلَ فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ وَاجِبَاتِ صَلاَتِهِ. قلنا : نَعَمْ , لإِنَّ هَذَا قَدْ أَخْرَجَ مَا حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ بِعَمَلٍ فَعَمِلَ شَيْئًا مَا , فِي صَلاَتِهِ عَمْدًا بِخِلاَفِ مَا أُمِرَ بِهِ , فَبَطَلَتْ صَلاَتُهُ , أَوْ سَهَا بِذَلِكَ الْعَمَلِ , فَوَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، حدثنا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إذَا نُودِيَ بِالأَذَانِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ الأَذَانَ , فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ , فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ , فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ يَخْطِرُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ , يَقُولُ : اُذْكُرْ كَذَا وَكَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ , حَتَّى يَظَلَّ الْمَرْءُ إنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ. فَلَمْ يُبْطِلْ عليه السلام الصَّلاَةَ بِتَذْكِيرِ الشَّيْطَانِ لَهُ مَا يَشْغَلُهُ بِهِ ، عَنْ صَلاَتِهِ , وَلاَ جَعَلَ فِي ذَلِكَ سُجُودَ سَهْوٍ , وَجَعَلَ عليه السلام سُجُودَ السَّهْوِ فِي جَهْلِهِ كَمْ صَلَّى فَقَطْ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : إنِّي لاَِحْسِب جِزْيَةَ الْبَحْرَيْنِ فِي الصَّلاَةِ 478 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ ذَكَرَ فِي نَفْسِ صَلاَتِهِ أَيَّ صَلاَةٍ كَانَتْ أَنَّهُ نَسِيَ صَلاَةَ فَرْضٍ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ , أَوْ كَانَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فَذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ الْوِتْرَ : تَمَادَى فِي صَلاَتِهِ تِلْكَ حَتَّى يُتِمَّهَا , ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي ذَكَرَ فَقَطْ , لاَ يَجُوزُ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ , وَلاَ يُعِيدُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ ، وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ فَهَذَا فِي عَمَلٍ قَدْ نُهِيَ ، عَنْ إبْطَالِهِ وقال أبو حنيفة : إنْ كَانَ الَّذِي ذَكَرَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَأَقَلَّ : قَطَعَ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَصَلَّى الَّتِي ذَكَرَ , وَقَطَعَ صَلاَةَ الصُّبْحِ , وَأَوْتَرَ , ثُمَّ صَلَّى الَّتِي قَطَعَ , فَإِنْ خَشِيَ فَوْتَ الَّتِي هُوَ فِيهَا تَمَادَى فِيهَا ثُمَّ صَلَّى الَّتِي ذَكَرَ ، وَلاَ مَزِيدَ. فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي ذَكَرَ سِتَّ صَلَوَاتٍ فَصَاعِدًا تَمَادَى فِي صَلاَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ قَضَى الَّتِي ذَكَرَ وقال مالك : إنْ كَانَتْ الَّتِي ذَكَرَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَأَقَلَّ أَتَمَّ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ صَلَّى الَّتِي ذَكَرَ , ثُمَّ أَعَادَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهَا. وَإِنْ كَانَتْ سِتَّ صَلَوَاتٍ فَأَكْثَرَ أَتَمَّ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ قَضَى الَّتِي ذَكَرَهَا ، وَلاَ يُعِيدُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهَا قال علي : وهذانِ قَوْلاَنِ فَاسِدَانِ : أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَقْسِيمٌ بِلاَ بُرْهَانٍ , وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ الْخَمْسِ وَذِكْرِ السِّتِّ , لاَ بِقُرْآنٍ ، وَلاَ بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ ، وَلاَ إجْمَاعٍ ، وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ قِيَاسٍ ، وَلاَ رَأْيٍ سَدِيدٍ. وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي صَلاَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَيْنَ وُجُوبِهِ فِي تَرْتِيبِ صَلاَةِ أَمْسِ قَبْلَ صَلاَةِ الْيَوْمِ , وَصَلاَةِ أَوَّلِ أَمْسِ قَبْلَ صَلاَةِ أَمْسِ , وَهَكَذَا أَبَدًا فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ r : مَنْ نَسِيَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا , لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ قلنا : هَذَا حَقٌّ وَهُوَ عليه السلام الآمِرُ بِهَذَا قَدْ ذَكَرَ صَلاَةَ الصُّبْحِ إذْ انْتَبَهَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , فَأَمَرَ النَّاسَ بِالاِقْتِيَادِ , وَالْوُضُوءِ , وَالأَذَانِ. ثُمَّ صَلَّى هُوَ وَهُمْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ. فَصَحَّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عليه السلام : فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا كَمَا أُمِرَ , لاَ كَمَا لَمْ يُؤْمَرْ مَنْ قَطَعَ صَلاَةً قَدْ أَمَرَهُ عليه السلام بِالتَّمَادِي فِيهَا بِقَوْلِهِ : فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا , وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. وَبِقَوْلِهِ عليه السلام : إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً. ثُمَّ هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذَا الْخَبَرِ لِتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ ذِكْرِ خَمْسٍ فَأَقَلَّ , وَبَيْنَ ذِكْرِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ , وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ نَصٌّ ، وَلاَ دَلِيلٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرُوا خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ : " مَنْ ذَكَرَ صَلاَةً فِي صَلاَةٍ " انْهَدَمَتْ عَلَيْهِ فَقَدْ قلنا : إنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ r , وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ فِي تَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ خَمْسٍ فَأَقَلَّ وَبَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ. فَإِنْ ادَّعَوْا إجْمَاعًا فِي ذَلِكَ كَانُوا كَاذِبِينَ عَلَى الآُمَّةِ , لِقَوْلِهِمْ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ , وَبِالظَّنِّ الَّذِي لاَ يَحِلُّ وَأَكْذَبَهُمْ : أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ , وَأَحَدَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْفَائِتَةِ , وَلَوْ أَنَّهَا صَلاَةُ عِشْرِينَ سَنَةً لاَ سِيَّمَا أَمْرَ أَبِي حَنِيفَةَ بِإِبْطَالِ الصُّبْحِ وَهِيَ فَرِيضَةٌ لِلْوِتْرِ وَهِيَ تَطَوُّعٌ ، وَلاَ يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهُ. وَأَمْرُ مَالِكٍ بِأَنْ يُتِمَّ صَلاَةً لاَ يَعْتَدُّ لَهُ بِهَا , ثُمَّ يُعِيدَهَا وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِعَمَلٍ لاَ يَعْتَدُّ لَهُ بِهِ ، وَلاَ يَخْلُو هَذَا الْمَأْمُورُ بِالتَّمَادِي فِي صَلاَتِهِ مِنْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الصَّلاَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا أَمْ هِيَ صَلاَةٌ لَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ. فَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِالتَّمَادِي فِي الصَّلاَةِ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فَأَمْرُهُ بِإِعَادَتِهَا بَاطِلٌ. وَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِالتَّمَادِي فِي صَلاَةٍ لَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فَقَدْ أَمَرَهُ بِمَا لاَ يَجُوزُ وَقَوْلُنَا : هُوَ قَوْلُ طَاوُوس , وَالْحَسَنِ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمْ , وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِهِ الصَّلاَةَ الَّتِي نَسِيَ أَوْ نَامَ عَنْهَا فِي صَلاَةٍ أُخْرَى , أَوْ بَعْدَ أَنْ أَتَمَّ صَلاَةً أُخْرَى , أَوْ فِي وَقْتِ صَلاَةٍ أُخْرَى قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِهَا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَصْلاً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 479 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ ذَكَرَ صَلاَةً وَهُوَ فِي وَقْتِ أُخْرَى , فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ فُسْحَةٌ فَلْيَبْدَأْ بِاَلَّتِي ذَكَرَ , سَوَاءٌ كَانَتْ وَاحِدَةً أَوْ خَمْسًا أَوْ عَشْرًا أَوْ أَكْثَرَ , يُصَلِّي جَمِيعَهَا مَرْتَبَةً ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي هُوَ فِي وَقْتِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ فَذًّا , وَحُكْمُهُ ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يُصَلِّيَ تِلْكَ الصَّلاَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنْ الَّتِي نَسِيَ , فَإِنْ قَضَاهَا بِخِلاَفِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ فَإِنْ كَانَ يَخْشَى فَوْتَ الَّتِي هُوَ فِي وَقْتِهَا بَدَأَ بِهَا ، وَلاَ بُدَّ , لاَ يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ , سَوَاءٌ كَانَتْ الَّتِي ذَكَرَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ , فَإِذَا أَتَمَّ الَّتِي هُوَ فِي وَقْتِهَا صَلَّى الَّتِي ذَكَرَ , لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ , فَإِنْ بَدَأَ بِاَلَّتِي ذَكَرَ وَفَاتَ وَقْتُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي وَقْتِهَا بَطَلَ كِلاَهُمَا , وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الَّتِي ذَكَرَ , وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى الَّتِي تَعَمَّدَ تَرْكَهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ وقال مالك : إنْ كَانَتْ الَّتِي ذَكَرَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَأَقَلَّ : بَدَأَ بِاَلَّتِي ذَكَرَ , وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الَّتِي حَضَرَتْ , وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ بَدَأَ بِاَلَّتِي حَضَرَ وَقْتُهَا قال علي : وهذا قَوْلٌ لاَ بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ أَصْلاً , لاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ ، وَلاَ إجْمَاعٍ , وَلاَ قِيَاسٍ , وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ , لَكِنَّهُ طَرَدَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ إذْ تَنَاقَضَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَسِيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ , فَأَمَرَ بِالأَذَانِ وَالإِقَامَةِ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ , ثُمَّ أَمَرَ بِالأَذَانِ وَالإِقَامَةِ , ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ , ثُمَّ أَمَرَ بِالأَذَانِ وَالإِقَامَةِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ فِي وَقْتِهَا. وَإِنَّمَا لَمْ نَجْعَلْ ذَلِكَ وَاجِبًا ; لاَِنَّهُ عَمَلٌ لاَ أَمْرٌ. وَأَمَّا إنْ فَاتَهُ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّ الَّتِي ذَكَرَ مِنْ اللَّوَاتِي خَرَجَ وَقْتُهَا لِغَيْرِ النَّاسِي مُتَمَادِيَةُ الْوَقْتِ لِلنَّاسِي أَبَدًا لاَ تَفُوتُهُ بَاقِي عُمْرِهِ , وَاَلَّتِي هُوَ فِي وَقْتِهَا تَفُوتُهُ بِتَعَمُّدِهِ تَرْكَهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا , فَهُوَ مَأْمُورٌ بِصَلاَتِهَا , كَمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِاَلَّتِي نَسِيَ ، وَلاَ فَرْقَ. فَإِذًا حَرَامٌ عَلَيْهِ التَّفْرِيطُ فِي صَلاَةٍ يَذْكُرُهَا حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى أَوْ يَخْرُجَ وَقْتُ هَذِهِ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ عليه السلام : فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا قلنا : أَنْتُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذَا الْخَبَرِ , فِي تَفْرِيقِكُمْ بَيْنِ الْخَمْسِ وَبَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ الْخَمْسِ , وَأَمَّا نَحْنُ فَمَا خَالَفْنَاهُ , لاَِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ إحْدَى الَّتِي ذَكَرَ قَبْلَ الآُخْرَى , فَاَلَّتِي يَكُونُ عَاصِيًا لِلَّهِ إنْ أَخَّرَهَا أَوْجَبُ مِنْ الَّتِي لاَ يَكُونُ عَاصِيًا لَهُ تَعَالَى إنْ أَخَّرَهَا وَبِقَوْلِنَا هَذَا يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَالْحَسَنُ , وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَغَيْرُهُمْ 480 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ أَيْقَنَ أَنَّهُ نَسِيَ صَلاَةً لاَ يَدْرِي أَيُّ صَلاَةٍ هِيَ فَإِنَّ مَالِكًا , وَأَبَا يُوسُفَ , وَالشَّافِعِيَّ , وَأَبَا سُلَيْمَانَ قَالُوا : يُصَلِّي صَلاَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ لَمْ يَدْرِ أَمِنْ سَفَرٍ أَمْ مِنْ حَضَرٍ أَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِيَ صَلَوَاتٍ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : يُصَلِّي ثَلاَثَ صَلَوَاتٍ : إحْدَاهَا رَكْعَتَانِ , يَنْوِي بِهَا الصُّبْحَ. وَالثَّانِيَةُ ثَلاَثٌ يَنْوِي بِهَا الْمَغْرِبَ. وَالثَّالِثَةُ أَرْبَعٌ يَنْوِي بِهَا الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ أَوْ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ لَمْ يَدْرِ أَمِنْ سَفَرٍ هِيَ أَمْ مِنْ حَضَرٍ أَنْ يُصَلِّيَ صَلاَتَيْنِ فَقَطْ : إحْدَاهُمَا رَكْعَتَانِ , وَالآُخْرَى ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ وَقَالَ زُفَرُ , وَالْمُزَنِيُّ : يُصَلِّي صَلاَةً وَاحِدَةً أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ , يَقْعُدُ فِي الثَّانِيَةِ , ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ , ثُمَّ فِي الرَّابِعَةِ , ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. قَالَ زُفَرُ : بَعْدَ السَّلاَمِ , وَقَالَ الْمُزَنِيّ : قَبْلَ السَّلاَمِ وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ : يُصَلِّي صَلاَةً وَاحِدَةً أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقَطْ , لاَ يَقْعُدُ إلاَّ فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ , ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ يَنْوِي فِي ابْتِدَائِهِ إيَّاهَا أَنَّهَا الَّتِي فَاتَتْهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى. وَبِهَذَا نَأْخُذُ , إلاَّ أَنَّ الأَوْزَاعِيَّ قَالَ : يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلاَمِ , وَقُلْنَا نَحْنُ : بَعْدِ السَّلاَم بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا : أَنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لَمَّا فَرَضَ عَلَيْهِ بِيَقِينٍ مَقْطُوعٍ لاَ شَكَّ فِيهِ , وَلاَ خِلاَفَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ ، وَلاَ مِنَّا : صَلاَةً وَاحِدَةً , وَهِيَ الَّتِي فَاتَتْهُ , فَمَنْ أَمَرَهُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ , أَوْ ثَمَانِ صَلَوَاتٍ , أَوْ ثَلاَثِ صَلَوَاتٍ , أَوْ صَلاَتَيْنِ فَقَدْ أَمَرَهُ يَقِينًا بِمَا لَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، وَلاَ رَسُولُهُ r وَفَرَضُوا عَلَيْهِ صَلاَةً أَوْ صَلاَتَيْنِ أَوْ صَلَوَاتٍ لَيْسَتْ عَلَيْهِ , وَهَذَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ , فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفَ إلاَّ صَلاَةً وَاحِدَةً كَمَا هِيَ عَلَيْهِ ، وَلاَ مَزِيدَ. فَسَقَطَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا , حَاشَا قَوْلِنَا , وَقَوْلِ زُفَرَ , وَالْمُزَنِيِّ فَاعْتَرَضُوا عَلَيْنَا بِأَنْ قَالُوا : إنَّ النِّيَّةَ لِلصَّلاَةِ فَرْضٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ , وَأَنْتُمْ تَأْمُرُونَهُ بِنِيَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ لاَ تَدْرُونَ أَنَّهَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ , وَهَذَا الاِعْتِرَاضُ إنَّمَا هُوَ لِلَّذِينَ أَمَرُوهُ بِالْخَمْسِ , أَوْ الثَّمَانِ فَقَطْ قلنا لَهُمْ : نَعَمْ إنَّ النِّيَّةَ فَرْضٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ , وَأَنْتُمْ تَأْمُرُونَهُ لِكُلِّ صَلاَةٍ أَمَرْتُمُوهُ بِهَا بِنِيَّةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا أَوْ كَاذِبَةٍ بِيَقِينٍ ، وَلاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا. لاَِنَّكُمْ إنْ أَمَرْتُمُوهُ أَنْ يَنْوِيَ لِكُلِّ صَلاَةٍ أَنَّهَا الَّتِي فَاتَتْهُ قَطْعًا فَقَدْ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ , وَهَذَا لاَ يَحِلُّ , لاَِنَّهُ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا الَّتِي فَاتَتْهُ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنْهَا وَنَوَاهَا قَطْعًا فَقَدْ نَوَى الْبَاطِلَ , وَهَذَا حَرَامٌ. وَإِنْ أَمَرْتُمُوهُ أَنْ يَنْوِيَ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ صَلاَةٍ مِنْهَا أَنَّهَا الَّتِي عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهَا فَاتَتْهُ فَقَدْ أَمَرْتُمُوهُ بِمَا عِبْتُمْ عَلَيْنَا , سَوَاءً سَوَاءً , لاَ بِمِثْلِهِ وَنَحْنُ نَقُولُ : إنَّ هَذِهِ الْمَلاَمَةَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ , لاَِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهَا أَصْلاً , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا وَقَالَ عليه السلام : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَقَدْ سَقَطَتْ عَنْهُ النِّيَّةُ الْمُعَيَّنَةُ , لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا , وَبَقِيَ عَلَيْهِ وُجُوبُ النِّيَّةِ الْمَرْجُوعِ فِيهَا إلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى , إذْ هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ , فَسَقَطَ ذَلِكَ الْقَوْلُ أَيْضًا. ثُمَّ قلنا لِزُفَرَ , وَالْمُزَنِيِّ : إنَّكُمْ أَلْزَمْتُمُوهُ جِلْسَةً بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا قَطُّ , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُلْزَمَ أَحَدٌ إلاَّ مَا نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْزَمَهُ إيَّاهُ فَسَقَطَ أَيْضًا قَوْلُهُمَا , لاَِنَّهُمَا دَخَلاَ فِي بَعْضِ مَا أَنْكَرَا عَلَى غَيْرِهِمَا قَالَ عَلِيٌّ : وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا : هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ صَلاَةً وَاحِدَةً فَقَطْ , لاَ يَدْرِي أَيُّ صَلاَةٍ هِيَ فَلاَ يَقْدِرُ أَلْبَتَّةَ عَلَى نِيَّةٍ لَهَا بِعَيْنِهَا , وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا أَيُّ صَلاَةٍ هِيَ فَيَنْوِي أَنَّهُ يُؤَدِّي الصَّلاَةَ الَّتِي فَاتَتْهُ الَّتِي يَعْلَمُهَا اللَّهُ تَعَالَى , فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ , فَإِذَا أَتَمَّ تَشَهُّدَهُ فَقَدْ شَكَّ : أَتَمَّ صَلاَتَهُ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ الصُّبْحَ , أَوْ إنْ كَانَتْ صَلاَةً تُقْصَرُ فِي السَّفَرِ أَمْ صَلَّى بَعْضَهَا كَمَا أُمِرَ وَلَمْ يُتِمَّهَا , إنْ كَانَتْ صَلاَةً تَتِمُّ فِي الْحَضَرِ أَوْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ فَإِذَا كَانَ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَقَدْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مَنْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ r إذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ التَّمَامِ , وَعَلَى شَكٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ فَيَقُومَ إلَى رَكْعَةٍ ثَالِثَةٍ ، وَلاَ بُدَّ , فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا فَقَدْ شَكَّ : هَلْ أَتَمَّ صَلاَتَهُ الَّتِي عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ فَيَقْعُدُ حِينَئِذٍ أَمْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ , إنْ كَانَتْ الظُّهْرَ , أَوْ الْعَصْرَ , أَوْ الْعَتَمَةَ , فِي حَضَرٍ فَإِذَا صَارَ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَقَدْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مَنْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى بِأَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ التَّمَامِ وَعَلَى شَكٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ , فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ إلَى رَابِعَةٍ , فَإِذَا أَتَمَّهَا وَجَلَسَ فِي آخِرِهَا وَتَشَهَّدَ فَقَدْ أَيْقَنَ بِالتَّمَامِ بِلاَ شَكٍّ , وَحَصَلَ فِي شَكٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ , فَلْيُسَلِّمْ حِينَئِذٍ , وَلْيَسْجُدْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ r . وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمَقْطُوعُ عَلَى وُجُوبِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَيَدْخُلُ عَلَى زُفَرَ , وَالْمُزَنِيِّ فِي إلْزَامِهِمَا إيَّاهُ جِلْسَةً فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُمَا أَلْزَمَاهُ إفْرَادَ النِّيَّةِ فِي تِلْكَ الْجِلْسَةِ أَنَّهَا لِلْمَغْرِبِ خَاصَّةً , وَهَذَا خَطَأٌ , لاَِنَّهُ إعْمَالُ يَقِينٍ فِيمَا لاَ يَقِينَ فِيهِ فَإِنْ أَيْقَنَ أَنَّهَا مِنْ سَفَرٍ صَلَّى صَلاَةً وَاحِدَةً كَمَا ذَكَرْنَا , يَقْعُدُ فِي الثَّانِيَةِ , ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قَالَ عَلِيٌّ : فَإِنْ نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا لاَ يَدْرِي أَمِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ أَمْ مِنْ يَوْمَيْنِ , أَوْ يَدْرِي صَلاَّهُمَا فَقَطْ , وَلاَ يُبَالِي أَيُّهُمَا قَدَّمَ لاَِنَّهُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ نَصُّ سُنَّةٍ ، وَلاَ قُرْآنٍ ، وَلاَ إجْمَاعٍ ، وَلاَ قِيَاسٍ ، وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَقَالَ الْمَالِكِيُّونَ : إنْ لَمْ يَدْرِ أَهِيَ مِنْ يَوْمٍ أَمْ مِنْ يَوْمَيْنِ فَلْيُصَلِّ ثَلاَثَ صَلَوَاتٍ إمَّا ظُهْرًا بَيْنَ عَصْرَيْنِ , وَأَمَّا عَصْرًا بَيْنَ ظُهْرَيْنِ قال علي : وهذا تَخْلِيطٌ نَاهِيك بِهِ وَإِنَّمَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ مَا دَامَتْ الأَوْقَاتُ قَائِمَةً مُرَتَّبَةً بِتَرْتِيبِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا , وَأَمَّا عِنْدَ خُرُوجِ بَعْضِ الأَوْقَاتِ فَلاَ إذْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ نَصُّ قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ ، وَلاَ إجْمَاعٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 481 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ كَانَ قَوْمٌ فِي سَفِينَةٍ لاَ يُمْكِنُهُمْ الْخُرُوجُ إلَى الْبَرِّ إلاَّ بِمَشَقَّةٍ أَوْ بِتَضْيِيعِهَا فَلْيُصَلُّوا فِيهَا كَمَا يَقْدِرُونَ , بِإِمَامٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ، وَلاَ بُدَّ , فَإِنْ عَجَزُوا ، عَنْ إقَامَةِ الصُّفُوفِ وَعَنِ الْقِيَامِ لِمَيْدٍ أَوْ لِكَوْنِ بَعْضِهِمْ تَحْتَ السَّطْحِ أَوْ لِتَرَجُّحِ السَّفِينَةِ : صَلُّوا كَمَا يَقْدِرُونَ. وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ قُدَّامَ الإِمَامِ أَوْ مَعَهُ أَوْ خَلْفَهُ , إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَكْثَرَ , وَصَلَّى مَنْ عَجَزَ مِنْ الْقِيَامِ قَاعِدًا ، وَلاَ يُجْزِئُ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ إلاَّ الْقِيَامُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقال أبو حنيفة : يُصَلِّي قَاعِدًا مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَهَذَا خِلاَفُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقِيَامِ فِي الصَّلاَةِ. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ أَنَسًا صَلَّى فِي سَفِينَةٍ قَاعِدًا. . فَقُلْنَا : وَمَا يَدْرِيكُمْ أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ حَاشَا لِلَّهِ أَنْ يُظَنَّ بِأَنَسٍ t أَنَّهُ صَلَّى قَاعِدًا , وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ 482 - مَسْأَلَةٌ : وَالصَّلاَةُ جَائِزَةٌ فِي الْبِيَعِ , وَالْكَنَائِسِ , وَالْهَبَّارَاتِ وَالْبَيْتِ مِنْ بُيُوتِ النِّيرَانِ , وَبُيُوتِ الْبُدِّ وَالدُّيُورِ : إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُنَالِكَ مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ مِنْ دَمٍ , أَوْ خَمْرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا , حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ. 483 - مَسْأَلَةٌ : وَحْدُ دُنُوِّ الْمَرْءِ مِنْ سُتْرَتِهِ أَقْرَبُ ذَلِكَ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ , وَأَبْعَدُهُ ثَلاَثَةُ أَذْرُعٍ لاَ يَحِلُّ لاَِحَدٍ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ بَعُدَ ، عَنْ سُتْرَتِهِ عَامِدًا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنَّهَا سُتْرَتُهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , فَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَنَّهَا سُتْرَةٌ لَهُ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. وَكُلُّ مَا مَرَّ أَمَامَهُ مِمَّا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ وَالسُّتْرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَوْ مِقْدَارُهَا نَوَى ذَلِكَ سُتْرَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ : فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , وَسَوَاءٌ مَرَّ ذَلِكَ عَلَى السُّتْرَةِ أَوْ خَلْفَهَا وَحَدُّ مِقْدَارِ السُّتْرَةِ : ذِرَاعٌ فِي أَيِّ غِلَظٍ كَانَ وَمَنْ مَرَّ أَمَامَ الْمُصَلِّي وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ فَلاَ إثْمَ عَلَى الْمَارِّ , وَلَيْسَ عَلَى الْمُصَلِّي دَفْعُهُ , فَإِنْ مَرَّ أَمَامَهُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ فَهُوَ آثِمٌ إلاَّ أَنْ تَكُونَ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ , فَلاَ حَرَجِ عَلَى الْمَارِّ فِي الْمُرُورِ وَرَاءَهَا أَوْ عَلَيْهَا. بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ , وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالاَ : أَنَا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ صَفْوَانِ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لاَ يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلاَتَهُ. قَالَ عَلِيٌّ : فَصَارَ فَرْضًا عَلَى مَنْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهَا , وَكَانَ مَنْ لَمْ يَدْنُ مِنْهَا إذَا صَلَّى إلَيْهَا غَيْرَ مُصَلٍّ كَمَا أُمِرَ , فَلاَ صَلاَةَ لَهُ فَإِذْ الدُّنُوُّ مِنْهَا فَرْضٌ فَلاَ بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِ الدُّنُوِّ الْمُفْتَرَضِ مِنْ خِلاَفِهِ , إذْ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَأْمُرَنَا عليه السلام بِأَمْرٍ يَلْزَمُنَا , ثُمَّ لاَ يُبَيِّنَهُ عَلَيْنَا , وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَهُ بِالْبَيَانِ عَلَيْنَا , وَالتَّبْلِيغِ إلَيْنَا , قَالَ تَعَالَى ﴿ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ. وَقَالَ تَعَالَى ﴿ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا : عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ بْنِ نَامِي حَدَّثَنَا قَالَ : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، حدثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ ، حدثنا أَبِي ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ : كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ r وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ فَكَانَ هَذَا أَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ الدُّنُوِّ , إذْ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ هَذَا فَمَانِعٌ مِنْ الرُّكُوعِ وَمِنْ السُّجُودِ إلاَّ بِتَقَهْقُرٍ , وَلاَ يَجُوزُ تَكَلُّفُ ذَلِكَ إلاَّ لِمَنْ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ وَجَدْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا , قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ الْكَعْبَةَ , هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , وَبِلاَلٌ , وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ , فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حِينَ خَرَجَ : مَاذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ r قَالَ : جَعَلَ عَمُودًا ، عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودَيْنِ ، عَنْ يَمِينِهِ , وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ ثُمَّ صَلَّى , وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوًا مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ. قَالَ عَلِيٌّ : لَمْ نَجِدْ فِي الْبُعْدِ ، عَنِ السُّتْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا , فَكَانَ هَذَا حَدَّ الْبَيَانِ فِي أَقْصَى الْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْبَرَاهِينَ فِيمَا خَلاَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. وَقَدْ قَالَ بِهَذَا قَبْلَنَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ : رُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : يُقَالُ : أَدْنَى مَا يَكْفِيك فِيمَا بَيْنَك وَبَيْنَ السَّارِيَةِ ثَلاَثَةُ أَذْرُعٍ. وَقَدْ صَلَّى عليه السلام إلَى الْحَرْبَةِ , وَالْعَنَزَةِ , وَالْبَعِيرِ , وَحَدُّ السُّتْرَةِ فِي ارْتِفَاعِهَا بِمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ , وَرُوِّينَاهُ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْخَطِّ شَيْءٌ , فَلاَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 484 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ بَكَى فِي الصَّلاَةِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ هَمٍّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّ الْبُكَاءِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ ، وَلاَ غَيْرَهُ , فَلَوْ تَعَمَّدَ الْبُكَاءَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، هُوَ ابْنُ الشِّخِّيرِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r وَهُوَ يُصَلِّي , وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ , يَعْنِي يَبْكِي. قَالَ عَلِيٌّ : هَكَذَا هُوَ التَّفْسِيرُ نَصًّا فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا غَلَبَةُ الْبُكَاءِ فَقَالَ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا. وَقَالَ عليه السلام : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وَأَمَّا تَعَمُّدُ الْبُكَاءِ فَعَمَلٌ لَمْ يَأْتِ بِإِبَاحَتِهِ نَصٌّ وَقَالَ عليه السلام إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً. فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي الصَّلاَةِ , إلاَّ عَمَلاً جَاءَ بِإِبَاحَتِهِ نَصٌّ , أَوْ إجْمَاعٌ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.