محلى ابن حزم - المجلد الأول5
كِتَابُ الصَّلاَةِ بسم الله الرحمن الرحيم وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلِّمْ الصَّلاَةُ 275 - مَسْأَلَةٌ : الصَّلاَةُ قِسْمَانِ : فَرْضٌ وَتَطَوُّعٌ ; فَالْفَرْضُ هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ عَامِدًا , كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ : الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ الأَخِيرَةُ وَالْفَجْرُ. وَالْقَضَاءُ لِمَا نَسِيَ مِنْهَا أَوْ نَامَ عَنْهَا هُوَ هِيَ نَفْسُهَا , وَالْفَرْضُ قِسْمَانِ : فَرْضٌ مُتَعَيَّنٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ , ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى , حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ , وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ ; وَفَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ ; يَلْزَمُ كُلَّ مَنْ حَضَرَ ; فَإِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ سَقَطَ ، عَنْ سَائِرِهِمْ , وَهُوَ الصَّلاَةُ عَلَى جَنَائِزِ الْمُسْلِمِينَ. وَالتَّطَوُّعُ هُوَ مَا إنْ تَرَكَهُ الْمَرْءُ عَامِدًا لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ , وَهُوَ الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ وَصَلاَةُ الْعِيدَيْنِ وَالاِسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ وَالضُّحَى , وَمَا يَتَنَفَّلُ الْمَرْءُ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَرْضِ وَبَعْدَهَا , وَالإِشْفَاعُ فِي رَمَضَانَ وَتَهَجُّدُ اللَّيْلِ وَكُلُّ مَا يَتَطَوَّعُ بِهِ الْمَرْءُ , وَيُكْرَهُ تَرْكُ كُلِّ ذَلِكَ. بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ضَرُورَةِ الْعَقْلِ إلاَّ الْقِسْمَانِ الْمَذْكُورَانِ , إمَّا شَيْءٌ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى تَارِكُهُ ; وَأَمَّا شَيْءٌ لاَ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى تَارِكُهُ ; ، وَلاَ وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا. وَقَوْلُنَا : الْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ وَالْحَتْمُ وَاللاَّزِمُ وَالْمَكْتُوبُ ; أَلْفَاظٌ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ , وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا. وَقَوْلُنَا : التَّطَوُّعُ وَالنَّافِلَةُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ , وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا , . وَقَالَ قَوْمٌ : هَهُنَا قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْوَاجِبُ. قال أبو محمد : هَذَا خَطَأٌ ; لاَِنَّهُ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ , وَقَوْلٌ لاَ يُفْهَمُ , وَلاَ يَقْدِرُ قَائِلُهُ عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ مُرَادَهُ فِيهِ. فَإِنْ قَالُوا : إنَّ بَعْضَ ذَلِكَ أَوْكَدُ مِنْ بَعْضٍ , قلنا : نَعَمْ , بَعْضُ التَّطَوُّعِ أَوْكَدُ مِنْ بَعْضٍ , وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخْرِجِ شَيْءٍ مِنْهُ ، عَنْ أَنْ يَكُونَ تَطَوُّعًا , لَكِنْ أَخْبِرُونَا ، عَنْ هَذَا الَّذِي قُلْتُمْ : هُوَ وَاجِبٌ لاَ فَرْضٌ , وَلاَ تَطَوُّعٌ , أَيَكُونُ تَارِكُهُ عَاصِيًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمْ لاَ يَكُونُ عَاصِيًا ، وَلاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ , وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ , فَإِنْ كَانَ تَارِكُهُ عَاصِيًا فَهُوَ فَرْضٌ ; وَإِنْ كَانَ تَارِكُهُ لَيْسَ عَاصِيًا فَلَيْسَ فَرْضًا. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا حَمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ ، عَنِ الإِسْلاَمِ ; فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ قَالَ : لاَ إلاَّ أَنْ تَتَطَوَّعَ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ , وَهُوَ يَقُولُ وَاَللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا ، وَلاَ أَنْقُصُ مِنْهُ ; فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ. وَهَذَا نَصٌّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r عَلَى قَوْلِنَا , وَأَنَّهُ لَيْسَ إلاَّ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا , فَإِنَّ مَا عَدَا الْخَمْسَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ , وَهَذَا لاَ يَسَعُ أَحَدًا خِلاَفُهُ. وَأَمَّا وُجُوبُ النَّذْرِ ; فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ; وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ , وَلاَ خِلاَفَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ فِي أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَرْضٌ , وَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فَكَافِرٌ. وَأَمَّا كَوْنُ صَلاَةِ الْجِنَازَةِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ ; فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ , وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ إذَا قَامَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهَا قَوْمٌ فَقَدْ سَقَطَ الْفَرْضُ ، عَنِ الْبَاقِينَ. وَأَمَّا كَوْنُ مَا عَدَا ذَلِكَ تَطَوُّعًا فَإِجْمَاعٌ مِنْ الْحَاضِرِينَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ إلاَّ فِي الْوِتْرِ ; فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ : إنَّهُ وَاجِبٌ , وَقَدْ رُوِيَ ، عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ : إنَّهُ فَرْضٌ. فَالْبُرْهَانُ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ فَرْضٌ مَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ ، حدثنا يُونُسُ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَذَكَرَ حَدِيثَ الإِسْرَاءِ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : " فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلاَةً " ثُمَّ ذَكَرَ عليه السلام مُرَاجَعَتَهُ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ ; إلَى أَنْ قَالَ " فَرَاجَعْت رَبِّي " فَقَالَ : " هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ فَهَذَا خَبَرٌ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَأْمُونٌ تَبَدُّلُهُ.فَصَحَّ أَنَّ الصَّلَوَاتِ لاَ تُبَدَّلُ أَبَدًا ، عَنْ خَمْسٍ وَأَمِنَّا النَّسْخَ فِي ذَلِكَ أَبَدًا بِهَذَا النَّصِّ , فَبَطَلَ بِهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ , وَإِنَّ تَهَجُّدَ اللَّيْلِ فَرْضٌ , وَهُوَ قَوْلٌ رُوِّينَاهُ ، عَنِ الْحَسَنِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْجُعْفِيُّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّلاَةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ قَالَ : الصَّلاَةُ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ : أَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ رَمَضَانَ قَالَ : شَهْرُ اللَّهِ الَّذِي يَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمَ. قال أبو محمد : فَصَحَّ أَنَّ تَهَجُّدَ اللَّيْلِ لَيْسَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ ; وَالْوِتْرُ مِنْ تَهَجُّدِ اللَّيْلِ ; فَبِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ صَحَّ أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ r لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَقَوْلُهُ عليه السلام لِحَفْصَةَ ، عَنْ أَخِيهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ ، عَنْ جَمِيعِهِمْ نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ , وَقَوْلُهُ عليه السلام الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا , وَقَوْلُهُ عليه السلام : بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ وَ يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا إنَّ هَذِهِ الأَوَامِرَ كُلَّهَا نَدْبٌ , لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ إنَّ الشَّيْطَانَ يَعْقِدُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ وَفِي آخِرِهِ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ , وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ , وَقَوْلُهُ عليه السلام : إذْ ذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ لَمْ يَزَلْ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ مَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ , فَقَالَ عليه السلام : بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْفَرْضِ وَنَوْمِهِ عَنْهُ لِمَا ذَكَرْنَا. وَالْبُرْهَانُ لاَ يُعَارَضُ إلاَّ بِبُرْهَانٍ , وَمَا كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلاَ يَخْتَلِفُ , وَلاَ يَتَكَاذَبُ , وَرُوِّينَا ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ. وَرُوِّينَا ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : الْوِتْرُ لَيْسَ فَرِيضَةً وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ r , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ تَكْذِيبُ مَنْ قَالَ إنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ. وَرُوِّينَا ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ : سَأَلْت نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ : أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ نَعَمْ وَهَلْ لِلْوَتْرِ فَضِيلَةٌ عَلَى سَائِرِ التَّطَوُّعِ وَرُوِّينَا ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سُئِلَ ، عَنْ مَنْ لَمْ يُوتِرْ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ سَيُوتِرُ يَوْمًا آخَرَ. وَرُوِّينَا ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ ، عَنِ الْوِتْرِ , فَقَالَ سَعِيدٌ : أَوْتَرَ النَّبِيُّ r وَإِنْ تَرَكْتَ فَلَيْسَ عَلَيْك , وَصَلَّى الضُّحَى , وَإِنْ تَرَكْتَ فَلَيْسَ عَلَيْك ; وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا , وَإِنْ تَرَكْتَ فَلَيْسَ عَلَيْك. وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , قُلْت لِعَطَاءٍ : أَوَاجِبٌ الْوِتْرُ وَرَكْعَتَانِ أَمَامَ الصُّبْحِ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الصَّلاَةِ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَ لاَ , وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُد وَجُمْهُورِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنْ كَانَ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا بُطْلاَنَ هَذَا الْقَوْلِ , وَإِنْ كَانَ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ لاَ فَرْضٌ , وَلاَ تَطَوُّعٌ ; فَهُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ , وَقَدْ ذَكَرْنَا إبْطَالَهُ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وقال مالك : لَيْسَ فَرْضًا , وَلَكِنْ مَنْ تَرَكَهُ أُدِّبَ , وَكَانَتْ جُرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ. قال أبو محمد : وَهَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ ; لاَِنَّهُ لاَ يَخْلُو تَارِكُهُ أَنْ يَكُونَ عَاصِيًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ غَيْرَ عَاصٍ ; فَإِنْ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى فَلاَ يَعْصِي أَحَدٌ بِتَرْكِ مَا لاَ يَلْزَمُهُ وَلَيْسَ فَرْضًا ; فَالْوِتْرُ إذَنْ فَرْضٌ , وَهُوَ لاَ يَقُولُ بِهَذَا , وَإِنْ قَالَ : بَلْ هُوَ غَيْرُ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى. قِيلَ : فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُؤَدَّبَ مَنْ لَمْ يَعْصِ اللَّهَ تَعَالَى , أَوْ أَنْ تُجَرَّحَ شَهَادَةُ مَنْ لَيْسَ عَاصِيًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ; لإِنَّ مَنْ لَمْ يَعْصِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ أَحْسَنَ , وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ. قال أبو محمد : إلاَّ أَنَّ الْوِتْرَ أَوْكَدُ التَّطَوُّعِ , لِلأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ r ; ثُمَّ أَوْكَدُهَا بَعْدَ الْوِتْرِ صَلاَةُ الضُّحَى وَرَكْعَتَانِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ , وَصَلاَةُ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلاَةَ ; وَصَلاَةُ الْكُسُوفِ وَأَرْبَعٌ بَعْدَ الْجُمُعَةِ ; لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r أَمَرَ بِهَذِهِ , وَمَا أَمَرَ بِهِ عليه السلام فَهُوَ أَوْكَدُ مِمَّا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمِ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدِ التَّنُّورِيِّ ، حدثنا أَبُو التَّيَّاحِ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي r بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أَوْتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ. وَرُوِّينَا ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : فَصَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا , ثُمَّ إنْ أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَصَلِّ مَعَهُمْ فَإِنَّهَا زِيَادَةُ خَيْرٍ. وَرُوِّينَا ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ نُصَلِّيَ أَرْبَعًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ. وَرُوِّينَا ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ. حدثنا حمام حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا ابْنُ أَيْمَنَ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، حدثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ نُصَلِّيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا. ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ سَائِرَ الَّتِي ذَكَرْنَا ; لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَمْرٌ , لَكِنْ جَاءَ بِهَا عَمَلٌ مِنْهُ عليه السلام وَتَرْغِيبٌ , وَأَمَّا كَرَاهَتُنَا تَرْكَ ذَلِكَ فَلاَِنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ. 276 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ صَلاَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ; وَيُسْتَحَبُّ لَوْ عُلِّمُوهَا إذَا عَقَلُوهَا ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ رُفِعَ الْقَلَمُ ، عَنْ ثَلاَثَةٍ فَذَكَرَ فِيهِ الصَّبِيَّ حَتَّى يَبْلُغَ ; وَقَدْ عَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r ابْنَ عَبَّاسٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ بَعْضَ حُكْمِ الصَّلاَةِ وَأَمَّهُ فِيهَا , وَيُسْتَحَبُّ إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ أَنْ يُدَرَّبَ عَلَيْهَا فَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ أُدِّبَ عَلَيْهَا. لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُبْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلاَةِ إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ , فَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا. 277 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ عَلَى مَجْنُونٍ , وَلاَ مُغْمًى عَلَيْهِ , وَلاَ حَائِضٍ , وَلاَ نُفَسَاءَ , وَلاَ قَضَاءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلاَّ مَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ ; أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فِي وَقْتٍ أَدْرَكُوا فِيهِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ الدُّخُولَ فِي الصَّلاَةِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ r رُفِعَ الْقَلَمُ ، عَنْ ثَلاَثَةٍ فَذَكَرَ الْمَجْنُونَ حَتَّى يُفِيقَ وَأَمَّا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ , وَإِسْقَاطُ الْقَضَاءِ عَنْهَا فَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ , وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِنَّنَا رُوِّينَا ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَقَتَادَةَ أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَقْضِي , وَقَالَ سُفْيَانُ : يَقْضِي إنْ أَفَاقَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَقَطْ , وقال أبو حنيفة : إنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ قَضَاهُنَّ , فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ لَمْ يَقْضِ شَيْئًا. قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ ; لاَِنَّهُ لاَ نَصَّ أَتَى بِمَا قَالَ , وَلاَ قِيَاسَ ; لاَِنَّهُ أَسْقَطَ ، عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ سِتَّ صَلَوَاتٍ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءَ شَيْءٍ مِنْهُنَّ. وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ إنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ أَنْ يَقْضِيَهُنَّ ; فَلَمْ يَقِسْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي إسْقَاطِ الْقَضَاءِ , وَلاَ قَاسَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ عَلَى النَّائِمِ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا نَامَ عَنْهُ. وَقَدْ صَحَّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلاَفُ قَوْلِ عَمَّارٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي رُوِّينَا ، عَنْ عَمَّارٍ إنَّمَا هُوَ إنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ فَقَضَاهُنَّ , كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَكَى مَرَّةً غُلِبَ فِيهَا عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى تَرَكَ الصَّلاَةَ ثُمَّ أَفَاقَ فَلَمْ يُصَلِّ مَا تَرَكَ مِنْ الصَّلاَةِ ; وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ : أُغْمِيَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ. وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ ، عَنْ أَبِيهِ : إذَا أُغْمِيَ عَلَى الْمَرِيض ثُمَّ عَقَلَ لَمْ يُعِدْ الصَّلاَةَ. قَالَ مَعْمَرٌ : سَأَلْت الزُّهْرِيَّ ، عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَقَالَ لاَ يَقْضِي وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا قَالاَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ : لاَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ الَّتِي أَفَاقَ عِنْدَهَا. قَالَ حَمَّادٌ قُلْت لِعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ : أَعُدْتَ مَا كَانَ مُغْمًى عَلَيْك قَالَ أَمَّا ذَاكَ فَلاَ. قَالَ عَلِيٌّ : الْمُغْمَى عَلَيْهِ لاَ يَعْقِلُ , وَلاَ يَفْهَمُ ; فَالْخِطَابُ عَنْهُ مُرْتَفِعٌ , وَإِذَا كَانَ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا غَيْرَ مُخَاطَبٍ بِهَا فِي وَقْتِهَا الَّذِي أُلْزِمَ النَّاسُ أَنْ يُؤَدُّوهَا فِيهِ : فَلاَ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا ; لاَِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ , وَصَلاَةٌ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا لاَ تَجِبُ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 279 - مَسْأَلَةٌ : وَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلاَةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا فَهَذَا لاَ يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهَا أَبَدًا , فَلْيُكْثِرْ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَصَلاَةِ التَّطَوُّعِ ; لِيُثْقِلَ مِيزَانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; وَلْيَتُبْ وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. وقال أبو حنيفة وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ : يَقْضِيهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ , حَتَّى أَنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ قَالاَ : مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ صَلاَةٍ أَوْ صَلَوَاتٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الَّتِي حَضَرَ وَقْتُهَا إنْ كَانَتْ الَّتِي تَعَمَّدَ تَرْكَهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَأَقَلَّ سَوَاءٌ خَرَجَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ ; فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ بَدَأَ بِالْحَاضِرَةِ. بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ ، عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ وقوله تعالى : فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا فَلَوْ كَانَ الْعَامِدُ لِتَرْكِ الصَّلاَةِ مُدْرِكًا لَهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَمَا كَانَ لَهُ الْوَيْلُ , وَلاَ لَقِيَ الْغَيَّ ; كَمَا لاَ وَيْلَ , وَلاَ غَيَّ ; لِمَنْ أَخَّرَهَا إلَى آخَرِ وَقْتِهَا الَّذِي يَكُونُ مُدْرِكًا لَهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِكُلِّ صَلاَةِ فَرْضٍ وَقْتًا مَحْدُودَ الطَّرَفَيْنِ , يَدْخُلُ فِي حِينٍ مَحْدُودٍ ; وَيَبْطُلُ فِي وَقْتٍ مَحْدُودٍ , فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلاَّهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَبَيْنَ مَنْ صَلاَّهَا بَعْدَ وَقْتِهَا ; لإِنَّ كِلَيْهِمَا صَلَّى فِي غَيْرِ الْوَقْتِ ; وَلَيْسَ هَذَا قِيَاسًا لاَِحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ , بَلْ هُمَا سَوَاءٌ فِي تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَضَاءَ إيجَابُ شَرْعٍ , وَالشَّرْعُ لاَ يَجُوزُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ. فَنَسْأَلُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْعَامِدِ قَضَاءَ مَا تَعَمَّدَ تَرْكَهُ مِنْ الصَّلاَةِ : أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الصَّلاَةِ الَّتِي تَأْمُرُهُ بِفِعْلِهَا , أَهِيَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا أَمْ هِيَ غَيْرُهَا فَإِنْ قَالُوا : هِيَ هِيَ ; قلنا لَهُمْ : فَالْعَامِدُ ; لِتَرْكِهَا لَيْسَ عَاصِيًا ; لاَِنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى , وَلاَ إثْمَ عَلَى قَوْلِكُمْ , وَلاَ مَلاَمَةَ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلاَةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا , وَهَذَا لاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ. وَإِنْ قَالُوا : لَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا , قلنا صَدَقْتُمْ ; وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ إذْ أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ أَمَرُوهُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ نَسْأَلُهُمْ عَمَّنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلاَةِ إلَى بَعْدِ الْوَقْتِ : أَطَاعَةٌ هِيَ أَمْ مَعْصِيَةٌ فَإِنْ قَالُوا : طَاعَةٌ , خَالَفُوا إجْمَاعَ أَهْلِ الإِسْلاَمِ كُلِّهِمْ الْمُتَيَقَّنَ , وَخَالَفُوا الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ الثَّابِتَةَ : وَإِنْ قَالُوا : هُوَ مَعْصِيَةٌ صَدَقُوا , وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَنُوبَ الْمَعْصِيَةُ ، عَنِ الطَّاعَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَدَّ أَوْقَاتِ الصَّلاَةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ r وَجَعَلَ لِكُلِّ وَقْتِ صَلاَةٍ مِنْهَا أَوَّلاً لَيْسَ مَا قَبْلَهُ وَقْتًا لِتَأْدِيَتِهَا , وَآخِرًا لَيْسَ مَا بَعْدَهُ وَقْتًا ; لِتَأْدِيَتِهَا , هَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ ; فَلَوْ جَازَ أَدَاؤُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ لَمَا كَانَ لِتَحْدِيدِهِ عليه السلام آخِرَ وَقْتِهَا مَعْنًى ; وَلَكَانَ لَغْوًا مِنْ الْكَلاَمِ وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ كُلَّ عَمَلٍ عُلِّقَ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ , وَلَوْ صَحَّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمَا كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقْتًا لَهُ , وَهَذَا بَيِّنٌ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَنَسْأَلُهُمْ : لِمَ أَجَزْتُمْ الصَّلاَةَ , بَعْدَ الْوَقْتِ , وَلَمْ تُجِيزُوهَا قَبْلَهُ فَإِنْ ادَّعُوا الإِجْمَاعَ كَذَبُوا ; لإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يُجِيزَانِ الصَّلاَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ , لاَ سِيَّمَا وَالْحَنَفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ يُجِيزُونَ الزَّكَاةَ قَبْلَ الْوَقْتِ , وَيَدَّعُونَ أَنَّ قِتَالَ أَبِي بَكْرٍ ; لاَِهْلِ الرِّدَّةِ , إنَّمَا كَانَ قِيَاسًا لِلزَّكَاةِ عَلَى الصَّلاَةِ ، أَنَّهُ قَالَ : لاَُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ , فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ , وَهُمْ قَدْ فَرَّقُوا هَهُنَا بَيْنَ حُكْمِ الزَّكَاةِ وَالصَّلاَةِ فَلْيَعْجَبْ الْمُتَعَجِّبُونَ , وَإِنْ ادَّعُوا فَرْقًا مِنْ جِهَةِ نَصٍّ أَوْ نَظَرٍ لَمْ يَجِدُوهُ. فَإِنْ قَالُوا : فَإِنَّكُمْ تُجِيزُونَ النَّاسِيَ وَالنَّائِمَ وَالسَّكْرَانَ عَلَى قَضَائِهَا أَبَدًا. وَهَذَا خِلاَفُ قَوْلِكُمْ بِالْوَقْتِ قلنا : لاَ بَلْ وَقْتُ الصَّلاَةِ لِلنَّاسِي وَالسَّكْرَانِ وَالنَّائِمِ مُمْتَدٌّ غَيْرُ مُنْقَضٍ. وَبُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عُصَاةً فِي تَأْخِيرِهَا إلَى أَيِّ وَقْتٍ صَلُّوهَا فِيهِ , وَكُلُّ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ مُنْقَسِمٌ عَلَى ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ لاَ رَابِعَ لَهَا إمَّا أَمْرٌ غَيْرُ مُعَلَّقٍ بِوَقْتٍ ; فَهَذَا يُجْزِئُ أَبَدًا مَتَى أُدِّيَ , كَالْجِهَادِ وَالْعُمْرَةِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالدُّعَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , فَهَذَا يُجْزِئُ مَتَى أُدِّيَ ; وَالْمُسَارَعَةُ إلَيْهِ أَفْضَلُ ; لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا , وَأَمَّا أَمْرٌ مُعَلَّقٌ بِوَقْتٍ مَحْدُودِ الأَوَّلِ غَيْرُ مَحْدُودِ الآخِرِ كَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا , فَهَذَا لاَ يُجْزِئُ قَبْلَ وَقْتِهِ , وَلاَ يَسْقُطُ بَعْدَ وُجُوبِهِ أَبَدًا ; لاَِنَّهُ لاَ آخِرَ لِوَقْتِهِ , وَالْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ أَفْضَلُ ; لِمَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا أَمْرٌ مُعَلَّقٌ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فَهَذَا لاَ يُجْزِئُ قَبْلَ وَقْتِهِ , وَلاَ بَعْدَ وَقْتِهِ ; وَيُجْزِئُ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَوَسَطِهِ كَالصَّلاَةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَنَقُولُ لِمَنْ خَالَفَنَا : قَدْ وَافَقْتُمُونَا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لاَ يُجْزِئُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ , وَأَنَّ الصَّوْمَ لاَ يُجْزِئُ فِي غَيْرِ النَّهَارِ ; فَمِنْ أَيْنَ أَجَزْتُمْ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ ذُو وَقْتٍ مَحْدُودٍ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَهَذَا مَا لاَ انْفِكَاكَ مِنْهُ. فَإِنْ قَالُوا قِسْنَا الْعَامِدَ عَلَى النَّاسِي. قلنا الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ; ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ ; لإِنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ إنَّمَا هُوَ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ , لاَ عَلَى ضِدِّهِ , وَهَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِيَاسِ , وَقَدْ وَافَقَهُمْ مَنْ لاَ يَقُولُ بِالْقِيَاسِ , عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ , فَصَارَ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا وَبَاطِلاً لاَ شَكَّ فِيهِ. وَالْعَمْدُ ضِدُّ النِّسْيَانِ , وَالْمَعْصِيَةُ ضِدُّ الطَّاعَةِ , بَلْ قِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَجِّ ; لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا , لاَ سِيَّمَا , وَالْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ لاَ يَقِيسُونَ الْحَالِفَ عَامِدًا ; لِلْكَذِبِ عَلَى الْحَالِفِ فَيَحْنَثُ غَيْرُ عَامِدٍ لِلْكَذِبِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ , بَلْ يُسْقِطُونَ الْكَفَّارَةَ ، عَنِ الْعَامِدِ , وَيُوجِبُونَهَا عَلَى غَيْرِ الْعَامِدِ , وَلاَ يَقِيسُونَ قَاتِلَ الْعَمْدِ عَلَى قَاتِلِ الْخَطَأِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ , بَلْ يُسْقِطُونَهَا ، عَنْ قَاتِلِ الْعَمْدِ , وَلاَ يَرُونَ قَضَاءَ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ ; فَهَذَا تَنَاقُضٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ , وَتَحَكُّمٌ بِالدَّعْوَى وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا عَلَى الْعَامِدِ ; لِتَرْكِ الصَّلاَةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لَمَا أَغْفَلَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلاَ رَسُولُهُ r ذَلِكَ , وَلاَ نَسِيَاهُ , وَلاَ تَعَمَّدَا إعْنَاتَنَا بِتَرْكِ بَيَانِهِ وَمَا كَانَ رَبُّك نَسِيًّا وَكُلُّ شَرِيعَةٍ لَمْ يَأْتِ بِهَا الْقُرْآنُ , وَلاَ السُّنَّةُ فَهِيَ بَاطِلٌ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r مَنْ فَاتَتْهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَصَحَّ أَنَّ مَا فَاتَ فَلاَ سَبِيلَ إلَى إدْرَاكِهِ , وَلَوْ أُدْرِكَ أَوْ أَمْكَنَ أَنْ يُدْرِكَ ; لَمَا فَاتَ , كَمَا لاَ تَفُوتُ الْمَنْسِيَّةُ أَبَدًا , وَهَذَا لاَ إشْكَالَ فِيهِ , وَالآُمَّةُ أَيْضًا كُلُّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى الْقَوْلِ وَالْحُكْمِ بِأَنَّ الصَّلاَةَ قَدْ فَاتَتْ إذَا خَرَجَ وَقْتُهَا. فَصَحَّ فَوْتُهَا بِإِجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ , وَلَوْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهَا وَتَأْدِيَتُهَا لَكَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا فَاتَتْ كَذِبًا وَبَاطِلاً. فَثَبَتَ يَقِينًا أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِيهَا أَبَدًا. وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا فِي هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ , وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسُلَيْمَانُ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , وَبَدِيلٌ الْعُقَيْلِيِّ , وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ. فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ : رَأَى ابْنُ عُمَرَ رَجُلاً يَقْرَأُ صَحِيفَةً , فَقَالَ لَهُ : يَا هَذَا الْقَارِئُ ; إنَّهُ لاَ صَلاَةَ ; لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا , فَصَلِّ ثُمَّ اقْرَأْ مَا بَدَا لَك. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيِّ ، عَنْ عَمِّهِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ بِالْجَابِيَةِ : أَلاَ , وَإِنَّ الصَّلاَةَ لَهَا وَقْتٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لاَ تَصْلُحُ إلاَّ بِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ الْجَعْدِ قَالَ : قَالَ سُلَيْمَانُ هُوَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ r : الصَّلاَةُ مِكْيَالٌ ; فَمَنْ وَفَّى وُفِّيَ لَهُ ; وَمَنْ طَفَّفَ فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا قِيلَ فِي الْمُطَفِّفِينَ. قَالَ عَلِيٌّ : مَنْ أَخَّرَ الصَّلاَةَ ، عَنْ وَقْتِهَا فَقَدْ طَفَّفَ , وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ الَّذِينَ هُمْ ، عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ قَالَ : السَّهْوُ التَّرْكُ ، عَنِ الْوَقْتِ. قَالَ عَلِيٌّ : لَوْ أَجْزَأَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَمَا كَانَ لَهُ الْوَيْلُ ، عَنْ شَيْءٍ قَدْ أَدَّاهُ. وبه إلى وَكِيعٍ ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ وَالْحَسَنُ ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ وَاَلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ فَقَالَ : ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا. قَالُوا : مَا كُنَّا نَرَى ذَلِكَ إلاَّ عَلَى تَرْكِهَا , قَالَ تَرْكُهَا هُوَ الْكُفْرُ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ : إنَّ لِلصَّلاَةِ وَقْتًا كَوَقْتِ الْحَجِّ ; فَصَلُّوا الصَّلاَةَ ; لِمِيقَاتِهَا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ : إنَّ لِلصَّلاَةِ وَقْتًا وَاحِدًا , فَإِنَّ الَّذِي يُصَلِّي قَبْلَ الْوَقْتِ مِثْلُ الَّذِي يُصَلِّي بَعْدَ الْوَقْتِ. وَمِنْ طَرِيقِ سَحْنُونَ ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حِينَ كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ , أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ , ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ يُصَلِّي مَعَهُمْ , فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ أُصَلِّي مَرَّتَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ لاَ أُصَلِّيَ شَيْئًا. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذَا يُوَضِّحُ أَنَّ الصَّلاَةَ الآُولَى كَانَتْ فَرْضَهُ وَالآُخْرَى تَطَوُّعٌ , فَهُمَا صَلاَتَانِ صَحِيحَتَانِ , وَإِنَّ الصَّلاَةَ بَعْدَ الْوَقْتِ لَيْسَتْ صَلاَةً أَصْلاً , وَلاَ هِيَ شَيْءٌ. وَعَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى بْنِ مَرْوَانِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيِّ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : سَمِعْت اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ أَقْوَامًا فَعَابَهُمْ فَقَالَ : أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا وَلَمْ تَكُنْ إضَاعَتُهُمْ إيَّاهَا , أَنْ تَرَكُوهَا ; وَلَوْ تَرَكُوهَا لَكَانُوا بِتَرْكِهَا كُفَّارًا , وَلَكِنْ أَخَّرُوهَا ، عَنْ وَقْتِهَا. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ بُدَيْلِ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا صَلَّى الصَّلاَةَ ; لِوَقْتِهَا صَعِدَتْ وَلَهَا نُورٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ , وَقَالَتْ : حَفِظْتَنِي حَفِظَك اللَّهُ , وَإِذَا صَلاَّهَا لِغَيْرِ وَقْتِهَا طُوِيَتْ كَمَا يُطْوَى الثَّوْبُ الْخَلَقُ فَضُرِبَ بِهَا وَجْهُهُ. وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ : مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ : لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا أَيْ لاَ صَلاَةَ كَامِلَةً ; وَكَذَلِكَ قَالَ آخَرُونَ فِي قَوْلِهِ عليه السلام : لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي قَوْلِهِ عليه السلام : لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ. قَالَ عَلِيٌّ : فَيُقَالُ ; لِهَؤُلاَءِ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى مَا ادَّعَيْتُمْ فَإِنْ قَالُوا : هُوَ مَعْهُودُ كَلاَمِ الْعَرَبِ ; قلنا : مَا هُوَ كَذَلِكَ ; بَلْ مَعْهُودُ كَلاَمِ الْعَرَبِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنَّ " لاَ " لِلنَّفْيِ وَالتَّبْرِئَةِ جُمْلَةً إلاَّ أَنْ يَأْتِيَ دَلِيلٌ مِنْ نَصٍّ آخَرَ أَوْ ضَرُورَةُ حِسٍّ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ , ثُمَّ هَبْكُمْ أَنَّهُ كَمَا قُلْتُمْ ; فَإِنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ لَنَا , وَهُوَ قَوْلُنَا ; لإِنَّ كُلَّ صَلاَةٍ لَمْ تَكْمُلْ وَلَمْ تَتِمَّ فَهِيَ بَاطِلٌ كُلُّهَا , بِلاَ خِلاَفٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ. فَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا هَذَا فِيمَا نَقَصَ مِنْ فَرَائِضِهَا ; قلنا : نَعَمْ ; وَالْوَقْتُ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلاَةِ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ صَلاَةٌ تَعَمَّدَ تَرْكَ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِهَا. قَالَ عَلِيٌّ : مَا نَعْلَمُ ; لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالِفًا مِنْهُمْ , وَهُمْ يُشَنِّعُونَ بِخِلاَفِ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ , وَقَدْ جَاءَ ، عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ فَرْضٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ. وَهَؤُلاَءِ الْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ لاَ يَرَوْنَ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءَ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ. فَهَؤُلاَءِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، أَيْضًا لاَ يَرَوْنَ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلاَةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا قَضَاءً. قَالَ عَلِيٌّ : وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى عُذْرًا لِمَنْ خُوطِبَ بِالصَّلاَةِ فِي تَأْخِيرِهَا ، عَنْ وَقْتِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ , لاَ فِي حَالِ الْمُطَاعَنَةِ وَالْقِتَالِ وَالْخَوْفِ وَشِدَّةِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ , وَقَالَ تَعَالَى ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا وَلَمْ يَفْسَحْ اللَّهُ تَعَالَى , وَلاَ رَسُولُهُ r فِي تَرْكِهَا ، عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى صَلاَّهَا بِطَائِفَتَيْنِ وُجُوهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ , عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَلَمْ يَفْسَحْ تَعَالَى فِي تَأْخِيرِهَا ، عَنْ وَقْتِهَا لِلْمَرِيضِ الْمُدْنَفِ , بَلْ أُمِرَ إنْ عَجَزَ ، عَنِ الصَّلاَةِ قَائِمًا أَنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا فَإِنْ عَجَزَ ، عَنِ الْقُعُودِ فَعَلَى جَنْبٍ ; وَبِالتَّيَمُّمِ إنْ عَجَزَ ، عَنِ الْمَاءِ , وَبِغَيْرِ تَيَمُّمٍ إنْ عَجَزَ ، عَنِ التُّرَابِ فَمِنْ أَيْنَ أَجَازَ مَنْ أَجَازَ تَعَمُّدَ تَرْكِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا ثُمَّ أَمَرَهُ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ , وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهَا تُجْزِئُهُ كَذَلِكَ ; مِنْ غَيْرِ قُرْآنٍ , وَلاَ سُنَّةٍ , لاَ صَحِيحَةٍ , وَلاَ سَقِيمَةٍ , وَلاَ قَوْلٍ لِصَاحِبٍ , وَلاَ قِيَاسٍ. وَقَدْ أَقْدَمَ بَعْضُهُمْ فَذَكَرَ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ r يَوْمَ الْخَنْدَقِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ , ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ عليه السلام تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا ذَاكِرًا لَهَا. قال علي : وهذا كُفْرٌ مُجَرَّدٌ مِمَّنْ أَجَازَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r ; لأَنَّهُمْ مُقِرُّونَ مَعَنَا بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدِهِمْ , وَلاَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ فِي أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ صَلاَةِ فَرْضٍ ذَاكِرًا لَهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا , فَإِنَّهُ فَاسِقٌ مُجَرَّحُ الشَّهَادَةِ , مُسْتَحِقٌّ ; لِلضَّرْبِ وَالنَّكَالِ , وَمَنْ أَوْجَبَ شَيْئًا مِنْ النَّكَالِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r أَوْ وَصَفَهُ وَقَطَعَ عَلَيْهِ بِالْفِسْقِ أَوْ بِجَرْحِهِ فِي شَهَادَتِهِ , فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِكٌ مُرْتَدٌّ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ; حَلاَلُ الدَّمِ وَالْمَالِ ; بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَأَقِمْ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي وَقَوْلَهُ عليه السلام : خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ قَدْ صَحَّ وُجُوبُ الصَّلاَةِ , فَلاَ يَجُوزُ سُقُوطُهَا إلاَّ بِبُرْهَانِ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ. قَالَ عَلِيٌّ , وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ , وَقَدْ صَحَّ الْبُرْهَانُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r أَوْجَبَ كُلَّ صَلاَةٍ فِي وَقْتٍ مَحْدُودٍ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ , وَلَمْ يُوجِبْهَا عليه السلام لاَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ , وَلاَ بَعْدَهُ , فَمَنْ أَخَذَ بِعُمُومِ هَذِهِ الآيَةِ وهذا الخبر لَزِمَهُ إقَامَةُ الصَّلاَةِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ , وَهَذَا خِلاَفٌ لِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ r الصَّلاَةَ بِوَقْتِهَا. وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ ; إنَّهُمْ اشْتَدَّتْ الْحَرْبُ غَدَاةَ فَتْحِ تُسْتَرَ فَلَمْ يُصَلُّوا إلاَّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ; وَهَذَا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ ; لاَِنَّهُ إنَّمَا رَوَاهُ مَكْحُولٌ : أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ : وَمَكْحُولٌ لَمْ يُدْرِكْ أَنَسًا ; ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَارِفِينَ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا , بَلْ كَانُوا نَاسِينَ لَهَا بِلاَ شَكٍّ , لاَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِفَاضِلٍ مِنْ عَرْضِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ هَذَا , فَكَيْفَ بِصَاحِبٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَلَوْ كَانُوا ذَاكِرِينَ لَهَا لَصَلَّوْهَا صَلاَةَ الْخَوْفِ كَمَا أُمِرُوا , أَوْ رِجَالاً وَرُكْبَانًا كَمَا أَلْزَمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ; لاَ يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا , فَلاَحَ يَقِينًا كَذِبُ مَنْ ظَنَّ غَيْرَ هَذَا , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 280 - مَسْأَلَةٌ : وَأَمَّا قَوْلُنَا : أَنْ يَتُوبَ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلاَةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا وَيَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُكْثِرَ مِنْ التَّطَوُّعِ ; فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَاَلَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَقَالَ تَعَالَى ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَأَجْمَعَتْ الآُمَّةُ وَبِهِ وَرَدَتْ النُّصُوصُ كُلُّهَا عَلَى أَنَّ لِلتَّطَوُّعِ جُزْءًا مِنْ الْخَيْرِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِقَدْرِهِ , وَلِلْفَرِيضَةِ أَيْضًا جُزْءٌ مِنْ الْخَيْرِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِقَدْرِهِ , فَلاَ بُدَّ ضَرُورَةً مِنْ أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْ جُزْءِ التَّطَوُّعِ إذَا كَثُرَ مَا يُوَازِي جُزْءَ الْفَرِيضَةِ , وَيَزِيدُ عَلَيْهِ ; وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لاَ يُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ , وَأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ , وَأَنَّ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ , وَ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ. حدثنا عبد الله بن ربيع حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ ، حدثنا يُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ الصَّلاَةُ , يَقُولُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْمَلاَئِكَةِ وَهُوَ أَعْلَمُ : اُنْظُرُوا فِي صَلاَةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةٌ وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ : اُنْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ : أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ , ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَلِكُمْ. قَالَ أَبُو دَاوُد : وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا حَمَّادٌ ، هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ r بِهَذَا الْمَعْنَى , قَالَ : ثُمَّ الزَّكَاةُ مِثْلُ ذَلِكَ , ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ حَسَبَ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ني عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالاَ جَمِيعًا ، حدثنا يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ وَحْدَهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. وبه إلى مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، هُوَ ابْنُ زِيَادٍ ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ : دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ t الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ فَقَعَدَ وَحْدَهُ فَقَعَدْت إلَيْهِ , فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ. فَهَذَا بَيَانُ مِقْدَارِ أَجْرِ التَّطَوُّعِ وَأَجْرِ الْفَرِيضَةِ , وَإِنَّمَا هَذَا لِمَنْ تَابَ وَنَدِمَ وَأَقْلَعَ وَاسْتَدْرَكَ مَا فَرَّطَ. وَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْمَفْرُوضَاتِ وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّطَوُّعِ ; لِيَجْبُرَ بِذَلِكَ مَا عَصَى فِي تَرْكِهِ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ , فَهَذَا عَاصٍ فِي تَطَوُّعِهِ ; لاَِنَّهُ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ; لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَضَعْهُ ; لِتُتْرَكَ الْفَرِيضَةَ , بَلْ ; لِيَكُونَ زِيَادَةَ خَيْرٍ وَنَافِلَةً , فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُجْبَرُ بِهِ الْفَرْضُ الْمُضَيَّعُ. وَإِذَا عَصَى فِي تَطَوُّعِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ ; قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ. فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ التَّطَوُّعَ لاَ يُقْبَلُ مِمَّنْ لاَ يُؤَدِّي الْفَرِيضَةَ كَالتَّاجِرِ لاَ يَصِحُّ لَهُ رِبْحٌ حَتَّى يَخْلُصَ رَأْسُ مَالِهِ ; فَبَاطِلٌ لاَ يَصِحُّ ; لاَِنَّهُ إنَّمَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ , وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الأَنْدَلُسِيِّ ، عَنِ الْمَكْفُوفِ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَوْطٍ , وَهَذِهِ بَلاَيَا فِي نَسَقٍ إحْدَاهَا يَكْفِي ; وَمُرْسَلٌ أَيْضًا , وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ. وَعَبْدُ الْمَلِكِ سَاقِطٌ ; وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ , وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ قَصَدَ التَّطَوُّعَ ; لِيُعَوِّضَهُ ، عَنِ الْفَرِيضَةِ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ غَيْرَ نَادِمٍ , وَلاَ تَائِبٍ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ الْخَمْسُ 281 - مَسْأَلَةٌ : الْمَفْرُوضُ مِنْ الصَّلاَةِ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى خَمْسٌ وَهِيَ : الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ الآخِرَةُ , وَهِيَ الْعَتَمَةُ , وَصَلاَةُ الْفَجْرِ. فَالصُّبْحُ رَكْعَتَانِ أَبَدًا , عَلَى كُلِّ أَحَدٍ , مِنْ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ أَوْ مُقِيمٍ ; خَائِفٍ أَوْ آمِنٍ ; وَالْمَغْرِبُ ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ أَبَدًا ; كَمَا قلنا فِي الصُّبْحِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ. وَأَمَّا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ الآخِرَةُ فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى الْمُقِيمِ مَرِيضًا كَانَ أَوْ صَحِيحًا , خَائِفًا أَوْ آمِنًا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ; وَكُلُّ هَذَا إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ مَقْطُوعٌ بِهِ , لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ قَدِيمًا , وَلاَ حَدِيثًا , وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ ; وَكُلُّ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ عَلَى الْمُسَافِرِ الآمِنِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ , وَأَمَّا الْمُسَافِرُ الْخَائِفُ فَإِنْ شَاءَ صَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَكْعَتَيْنِ , وَإِنْ شَاءَ صَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَكْعَةً وَاحِدَةً , وَالْخِلاَفُ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ هَذَا فِيمَا ذَلِكَ السَّفَرُ ; وَفِي مِقْدَارِ ذَلِكَ السَّفَرِ مِنْ الزَّمَانِ وَمِنْ الْمَسَافَةِ ; وَفِي هَلْ ذَلِكَ الْقَصْرُ عَلَيْهِ فَرْضٌ أَمْ هُوَ فِيهِ مُخَيَّرٌ , وَفِي هَلْ تُجْزِئُ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْخَوْفِ فِي السَّفَرِ أَمْ لاَ. وَسَنَذْكُرُ الْبُرْهَانَ عَلَى الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ , وَبُطْلاَنَ الْخَطَأِ فِيهِ , فِي أَبْوَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَلاَ حَوْلَ , وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ , وَبِهِ تَعَالَى نَسْتَعِينَ وَبِهِ نَتَأَيَّدُ. (أَقْسَامُ التَّطَوُّعِ) 282 - مَسْأَلَةٌ : أَقْسَامُ التَّطَوُّعِ أَوْكَدُ التَّطَوُّعِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلاَةِ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا , مِنْ الأَقْسَامِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ r مَخْصُوصَةً بِأَسْمَائِهَا , وَبَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ أَمْرٌ , وَلَكِنْ جَاءَ النَّدْبُ إلَيْهِ. أَوْكَدُ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ الثَّانِي وَقَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحَ , ثُمَّ صَلاَةُ الْعِيدَيْنِ ; ثُمَّ صَلاَةُ الاِسْتِسْقَاءِ وَقِيَامُ رَمَضَانَ , وَأَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ , وَأَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ , إنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ , وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ , وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ , وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ , وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ , وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاَةِ الْعَتَمَةِ ; وَرَكْعَتَانِ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ فِي الْمَسْجِدِ ; وَمَا تَطَوَّعَ بِهِ الْمَرْءُ إذَا تَوَضَّأَ ثُمَّ مَا تَطَوَّعَ بِهِ الْمَرْءُ فِي نَهَارِهِ وَلَيْلِهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ , حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ النَّبِيَّ r لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ , أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الْغُبَرِيِّ ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنُ أَوْفَى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، عَنِ النَّبِيِّ r : (( رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r صَلاَةَ الاِسْتِسْقَاءِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَحَضَّ عليه السلام أَيْضًا عَلَى قِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ ، حدثنا هُشَيْمٌ ، عَنْ خَالِدٍ هُوَ الْحَذَّاءُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : سَأَلْت عَائِشَةَ ، عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r ، عَنْ تَطَوُّعِهِ فَقَالَتْ : كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا ; ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ; وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ , ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ , وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. حدثنا عبد الله بن ربيع حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ هُوَ الْحَوْضِيُّ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ : سَأَلْنَا عَلِيًّا ، عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r ; فَوَصَفَ , قَالَ : كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا ثِنْتَيْنِ , وَيُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا , يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمٍ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ. وبه إلى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ : أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، حدثنا حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ قَالَ : سَأَلْنَا عَلِيًّا ، عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r فَوَصَفَ قَالَ : كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ; يَجْعَلُ التَّسْلِيمَ فِي آخِرِ رَكْعَةٍ , وَبَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَجْعَلُ التَّسْلِيمَ فِي آخِرِ رَكْعَةٍ. قال أبو محمد : لاَ تَعَارُضَ بَيْنَ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا , بَلْ كُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ مُبَاحٌ ; مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الأَثْبَاتِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيِّ ، حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ هُوَ إسْمَاعِيلُ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ لِمَنْ شَاءَ. قَالَ عَلِيٌّ : دَخَلَ فِي هَذَا الْعُمُومِ مَا بَيْنَ أَذَانِ الْعَتَمَةِ , وَإِقَامَتِهَا , وَمَا بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ , وَإِقَامَتِهَا ; وَمَا بَيْنَ أَذَانِ صَلاَةِ الصُّبْحِ , وَإِقَامَتِهَا. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا الضَّحَّاكُ يَعْنِي أَبَا عَاصِمٍ ، حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنَيْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ لاَ يَقْدُمُ مِنْ سَفَرٍ إلاَّ نَهَارًا فِي الضُّحَى , فَإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ أَبِي حَيَّانِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ ; لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ : يَا بِلاَلُ ; حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دُفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ قَالَ بِلاَلٌ : مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ , إلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطَّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ. فَصْلٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ
283 - مَسْأَلَةٌ : قال أبو محمد : مَنَعَ قَوْمٌ مِنْ التَّطَوُّعِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَقَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ , مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً إلاَّ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْمَنْكِيَّ قَالَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ ، حدثنا الصَّمُوتُ ، حدثنا الْبَزَّارُ ، حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ ، حدثنا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ r بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ إلاَّ الْمَغْرِبَ.
قال أبو محمد : هَذِهِ اللَّفْظَةُ انْفَرَدَ بِهَا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَالصَّحِيحُ هُوَ مَا رَوَاهُ الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ , وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. وَذَكَرُوا ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَهَا وَهَذَا لاَ شَيْءَ ; أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ ; لإِنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ , وَلاَ وُلِدَ إلاَّ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِسِنِينَ , ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ ، رضي الله عنهم ، نَهُوا عَنْهُمَا , وَلاَ أَنَّهُمْ كَرِهُوهُمَا , وَنَحْنُ لاَ نُخَالِفُهُمْ فِي أَنَّ تَرْكَ جَمِيعِ التَّطَوُّعِ مُبَاحٌ , مَا لَمْ يَتْرُكْهُ الْمَرْءُ رَغْبَةً ، عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ r فَهَذَا هُوَ الْهَالِكُ , ثُمَّ لَوْ صَحَّ نَهْيُهُمْ عَنْهُمَا وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَصِحَّ لَمَا كَانَتْ فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ حُجَّةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r ، وَلاَ عَلَى مَنْ صَلاَّهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَقَدْ خَالَفُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَجَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ , وَمَعَهُمْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ r فَلاَ عَجَبَ أَعْجَبُ مِنْ إقْدَامِهِمْ عَلَى مُخَالَفَةِ الصَّحَابَةِ إذَا اشْتَهُوا وَتَعْظِيمِهِمْ مُخَالَفَتِهِمَا إذَا اشْتَهُوا وَهَذَا تَلاَعُبٌ بِالدِّينِ لاَ خَفَاءَ بِهِ نَعْنِي هَؤُلاَءِ الْمُقَلِّدِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَذَكَرُوا ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : مَا رَأَيْت أَحَدًا يُصَلِّيهِمَا , وَهَذَا لاَ شَيْءَ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ ; لاَِنَّهُ ، عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ أَوْ شُعَيْبٍ , وَلاَ نَدْرِي مَنْ هُوَ وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي هَذَا لَوْ صَحَّ نَهْيٌ عَنْهُمَا , وَنَحْنُ لاَ نُنْكِرُ تَرْكَ التَّطَوُّعِ مَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ ثُمَّ لَوْ صَحَّ عَنْهُ النَّهْيُ عَنْهُمَا ; وَهُوَ لاَ يَصِحُّ أَبَدًا ; بَلْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ جَوَازُ صَلاَتِهِمَا ; لَمَّا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r ، وَلاَ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ النَّادِبِينَ إلَيْهِمَا ; وَمِنْ الْعَجَائِبِ أَنَّهُمْ لاَ يَرَوْنَ حُجَّةَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ r وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ يَقْنُتْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إذْ لَمْ يُوَافِقْ تَقْلِيدَهُمْ , وَقَدْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ ثُمَّ يَجْعَلُونَ مَا لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ , حُجَّةً إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا. قَالَ عَلِيٌّ : وَالْحُجَّةُ فِيهَا هُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْمُقْرِي ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ سَمِعْت مَرْثَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ هُوَ أَبُو الْخَيْرِ قَالَ : أَتَيْت عُقْبَةَ بْنَ عَامِرِ الْجُهَنِيِّ فَقُلْت : أَلاَ أُعْجِبُكَ مِنْ أَبِي تَمِيمٍ ; يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ فَقَالَ عُقْبَةُ إنَّا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r فَسَأَلْت فَمَا يَمْنَعُك الآنَ قَالَ : الشُّغْلُ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ غُنْدَرٍ ، حدثنا شُعْبَةُ قَالَ : سَمِعْت عَمْرَو بْنَ عَامِرِ الأَنْصَارِيَّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَانَ الْمُؤَذِّنُ إذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ r وَهُمْ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , كِلاَهُمَا ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ , فَسَأَلْت : أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّيهِمَا فَقَالَ : كَانَ يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا فَلَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا. قَالَ عَلِيٌّ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لاَ يُقِرُّ إلاَّ عَلَى الْحَقِّ الْحَسَنِ , وَلاَ يَرَى مَكْرُوهًا إلاَّ كَرِهَهُ , وَلاَ خَطَأً إلاَّ نَهَى عَنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ. قَالَ عَلِيٌّ : وَقَالَ بِهَذَا جُمْهُورُ النَّاسِ , وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ " كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلاَةِ الْمَغْرِبِ ابْتَدَرُوا السَّوَارِيَ فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَيَحْسَبُ أَنَّ الصَّلاَةَ قَدْ صُلِّيَتْ لِكَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا " فَهَذَا عُمُومٌ لِلصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم. وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ ; كِلاَهُمَا ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَوْفٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يُصَلِّيَانِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ وَأُبَيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ , وَزَادَ : لاَ يَدَعَانِهِمَا. وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ رَغْبَانَ مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ : رَأَيْت أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ r يَهُبُّونَ إلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ كَمَا يَهُبُّونَ إلَى الْفَرِيضَةِ. وَرُوِّينَا ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : مَا رَأَيْت فَقِيهًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ إلاَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ , يَعْنِي سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ دَاوُد الْوَرَّاقِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ : أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانِ بْنِ عَبْدَ الرَّحْمَانِ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى خَمْسَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فَكَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ : سَمِعْت الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَسْأَلُ ، عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ : حَسَنَتَيْنِ جَمِيلَتَيْنِ ; لِمَنْ أَرَادَ بِهِمَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى ,. وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا. 284 - مَسْأَلَةٌ : وَأَمَّا إعَادَةُ مَنْ صَلَّى إذَا وَجَدَ جَمَاعَةً تُصَلِّي تِلْكَ الصَّلاَةَ , فَإِنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ مَكْرُوهٌ تَرْكُهُ فِي كُلِّ صَلاَةٍ , سَوَاءٌ كَانَ صَلَّى مُنْفَرِدًا ; لِعُذْرٍ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ , وَلْيُصَلِّهَا وَلَوْ مَرَّاتٍ كُلَّمَا وَجَدَ جَمَاعَةً تُصَلِّيهَا , وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : لاَ يُصَلِّيهَا ثَانِيَةً أَصْلاً. وقال أبو حنيفة : لاَ يُصَلِّي ثَانِيَةً إلاَّ الظُّهْرَ وَالْعَتَمَةَ فَقَطْ , سَوَاءٌ كَانَ صَلاَّهُمَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا , وَالآُولَى هِيَ صَلاَتُهُ ; حَاشَا صَلاَةَ الْجُمُعَةِ ; فَإِنَّهُ إنْ صَلاَّهَا فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَجْزَأَتْهُ , وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَضَ إلَى الْجَامِعِ , فَإِنْ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ وَالإِمَامُ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدُ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ ; فَحِينَ خُرُوجِهِ لِذَلِكَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ الَّتِي كَانَ صَلَّى فِي بَيْتِهِ , وَكَانَتْ الَّتِي تُصَلَّى مَعَ الإِمَامِ فَرْضَهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : لاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ الَّتِي صَلَّى فِي بَيْتِهِ بِخُرُوجِهِ إلَى الْجَامِعِ , لَكِنْ بِدُخُولِهِ مَعَ الإِمَامِ فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ تَبْطُلُ الَّتِي صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ. وقال مالك : يُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ صَلاَةَ فَرْضٍ مَعَ الْجَمَاعَةِ إذَا وَجَدَهَا تُصَلِّي تِلْكَ الصَّلاَةَ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ حَاشَا الْمَغْرِبَ فَلاَ يُعِيدُهَا , قَالَ : وَالأَمْرُ فِي أَيِّ الصَّلاَتَيْنِ فَرْضُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى , قَالَ : فَإِنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يُعِدْ فِي أُخْرَى. قال أبو محمد : أَمَّا مَنْ مَنَعَ مِنْ الإِعَادَةِ جُمْلَةً فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد : حدثنا أَبُو كَامِلٍ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حدثنا حُسَيْنٌ هُوَ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : أَتَيْت ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلاَطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ , فَقُلْت : أَلاَ تُصَلِّي مَعَهُمْ قَالَ قَدْ صَلَّيْت , وَسَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ لاَ تُصَلُّوا صَلاَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. قال علي : وهذا خَبَرٌ صَحِيحٌ لاَ يَحِلُّ خِلاَفُهُ , وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَمْ نَقُلْ قَطُّ , وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا ; إنَّهُ يُصَلِّي عَلَى نِيَّةِ أَنَّهَا الصَّلاَةُ الَّتِي صَلَّى , فَيَجْعَلُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ظُهْرَيْنِ أَوْ عَصْرَيْنِ أَوْ صُبْحَيْنِ أَوْ مَغْرِبَيْنِ أَوْ عَتَمَتَيْنِ ; هَذَا كُفْرٌ لاَ يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ ; لاَِحَدٍ لَكِنَّهُ يُصَلِّي نَافِلَةً كَمَا نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ r عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِأَنَّ التَّطَوُّعَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لاَ يَجُوزُ وَاحْتَجَّ بِالأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ , وَغَلَّبَهَا عَلَى أَحَادِيثِ الأَمْرِ ; وَغَلَّبْنَا نَحْنُ أَحَادِيثَ الأَمْرِ , وَسَنَذْكُرُ الْبُرْهَانَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْعَمَلَيْنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , بَعْدَ تَمَامِ كَلاَمِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي الَّتِي بَعْدَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا فِي الْمَنْعِ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي تُصَلِّي الْمَغْرِبَ خَاصَّةً بِأَنْ قَالُوا : إنَّ الْمَغْرِبَ وِتْرُ النَّهَارِ , فَلَوْ صَلاَّهَا ثَانِيَةً لَشَفَعَهَا , فَبَطَلَ كَوْنُهَا وِتْرًا. قال علي : وهذا خَطَأٌ ; لإِنَّ إحْدَاهُمَا نَافِلَةٌ وَالآُخْرَى فَرِيضَةٌ , بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَالنَّافِلَةُ لاَ تَشْفَعُ الْفَرِيضَةَ , بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْهُمْ. وَقَالُوا : لاَ تَطَوُّعَ بِثَلاَثٍ ; لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r : (( صَلاَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ; لإِنَّ الَّذِي وَجَبَتْ طَاعَتُهُ فِي إخْبَارِهِ بِأَنَّ صَلاَةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى , هُوَ الَّذِي أَمَرَ مَنْ صَلَّى وَوَجَدَ جَمَاعَةً تُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ وَلَمْ يَخُصَّ صَلاَةً بَعْدَ صَلاَةٍ , وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُتَنَفَّلَ فِي الْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ أَوْ بِثَلاَثٍ , وَالْعَجَبُ مِنْ احْتِجَاجِهِمْ بِهَذَا الْخَبَرِ , وَنَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الْوَقْتِ فَقَالُوا : يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعَتَمَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ ; فَأَجَازُوا لَهُ التَّطَوُّعَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لاَ يُسَلِّمُ بَيْنَهَا ; وَلَيْسَ ذَلِكَ مَثْنَى مَثْنَى , وَهَذَا تَنَاقُضٌ مِنْهُمْ. وَالْحَقُّ فِي هَذَا هُوَ أَنَّ جَمِيعَ أَوَامِرِهِ r حَقٌّ لاَ يُضْرَبُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ , بَلْ يُؤْخَذُ بِجَمِيعِهَا كَمَا هِيَ. وَقَالُوا : إنَّ وَقْتَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ , وَهَذَا خَطَأٌ ; لإِنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي وَجَدَهَا تُصَلِّي , لاَ شَكَّ فِي أَنَّهَا تُصَلِّي فِي وَقْتِ تِلْكَ الصَّلاَةِ بِلاَ خِلاَفٍ , فَمَا ضَاقَ وَقْتُهَا بَعْدُ , فَبَطَلَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ فِي تَخْصِيصِ الْمَغْرِبِ هُمْ وَالْحَنَفِيُّونَ مَعًا , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْمَالِكِيِّينَ بِأَنْ يُصَلِّيَ مَنْ صَلاَّهَا مُنْفَرِدًا فَخَطَأٌ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِتَخْصِيصِ ذَلِكَ قُرْآنٌ , وَلاَ سُنَّةٌ , وَلاَ إجْمَاعٌ , وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ , وَلاَ قِيَاسٌ , وَلاَ رَأْيٌ صَحِيحٌ , وَإِنْ كَانَتْ الصَّلاَةُ فَضْلاً لِمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَإِنَّهَا أَفْضَلُ لِمَنْ يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ , وَلاَ فَرْقَ , وَفَضْلُ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ قَائِمٌ فِي كُلِّ جَمَاعَةٍ يَجِدُهَا , وَلاَ فَرْقَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيُّهُمَا صَلاَتُهُ فَخَطَأٌ ; لأَنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي وَجَدَهَا تُصَلِّي غَيْرُ رَاغِبٍ ، عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ r فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ , فَإِذْ لاَ خِلاَفَ عِنْدَهُمْ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يُصَلِّ فَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ , وَلاَ بُدَّ ; فَلاَ شَكَّ فِي أَنَّهَا نَافِلَةٌ إنْ صَلاَّهَا ; لإِنَّ هَذِهِ هِيَ صِفَةُ النَّافِلَةِ ; فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ إنْ شَاءَ صَلاَّهَا , وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُصَلِّهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لاَ يَخْلُو إذَا صَلَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلاَةَ قَبْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَوَى صَلاَتَهُ إيَّاهَا أَنَّهُ فَرْضُهُ , وَنَوَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي الَّتِي صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ , فَإِنْ كَانَ فَعَلَ هَذَا , فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ r وَخَرَقَ الإِجْمَاعَ ; فِي أَنْ صَلَّى صَلاَةً وَاحِدَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ ; عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَرْضُهُ الَّذِي أُمِرَ بِهِ , أَوْ يَكُونَ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي كِلْتَيْهِمَا ; فَهَذَا لَمْ يُصَلِّ أَصْلاً. وَلاَ تَجْزِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ , وَهُوَ عَابِثٌ عَاصٍ ; لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ يَكُونَ نَوَى فِي الآُولَى أَنَّهَا فَرْضُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهَا نَافِلَةٌ أَوْ فِي الآُولَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهَا فَرْضُهُ , فَهُوَ كَمَا نَوَى , وَلاَ يُمْكِنُ غَيْرُ هَذَا أَصْلاً وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ : الثَّانِيَةُ هِيَ فَرْضُهُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَالْحَقُّ فِي هَذَا أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي التَّخَلُّفِ ، عَنِ الْجَمَاعَةِ فَصَلَّى وَحْدُهُ , أَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ , فَالآُولَى فَرْضُهُ بِلاَ شَكٍّ ; لاَِنَّهَا هِيَ الَّتِي أَدَّى عَلَى أَنَّهَا فَرْضُهُ , وَنَوَى ذَلِكَ فِيهَا. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا ; لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى , وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لاَ عُذْرَ لَهُ فِي التَّأَخُّرِ ، عَنِ الْجَمَاعَةِ ; فَالآُولَى إنْ صَلاَّهَا وَحْدَهُ بَاطِلٌ : وَالثَّانِيَةُ فَرْضُهُ , وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ , وَلاَ بُدَّ عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي وُجُوبِ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , وَالْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فِي مَنْزِلِهِ ; لِغَيْرِ عُذْرٍ فَبَاطِلٌ لِوُجُوهٍ : أَوَّلُهَا : تَفْرِيقُهُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا بِلاَ بُرْهَانٍ. وَالثَّانِي أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ أَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ : إنَّهَا تُجْزِئُهُ إذَا صَلاَّهَا مُنْفَرِدًا ; لِغَيْرِ عُذْرٍ فِي مَنْزِلِهِ. وَالثَّالِثُ : إبْطَالُهُ تِلْكَ الصَّلاَةَ بَعْدَ أَنْ جَوَّزَهَا إمَّا بِخُرُوجِهِ إلَى الْجَامِعِ , وَأَمَّا بِدُخُولِهِ مَعَ الإِمَامِ , وَكُلُّ ذَلِكَ آرَاءٌ فَاسِدَةٌ مَدْخُولَةٌ , وَقَوْلٌ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذْ قَدْ بَطَلَتْ هَذِهِ الأَقْوَالِ كُلُّهَا فَلْنَذْكُرْ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r فِي ذَلِكَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ : حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ وَأَبُو كَامِلِ الْجَحْدَرِيِّ قَالاَ : حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ r وَكَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَتْ عَلَيْك أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ ، عَنْ وَقْتِهَا , أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاَةَ ، عَنْ وَقْتِهَا قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ : صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا , فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا فِيهِمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ ، هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ قَالَ : أَخَّرَ ابْنُ زِيَادٍ الصَّلاَةَ , فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ فَذَكَرْت لَهُ صَنِيعَ ابْنِ زِيَادٍ فَقَالَ : سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ : إنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ r كَمَا سَأَلْتَنِي فَضَرَبَ فَخِذِي وَقَالَ : صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَ الصَّلاَةَ مَعَهُمْ فَصَلِّ ، وَلاَ تَقُلْ إنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلاَ أُصَلِّي. فَهَذَا عُمُومٌ مِنْهُ r لِكُلِّ صَلاَةٍ , وَلِمَنْ صَلاَّهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا لاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِالدَّعْوَى بِلاَ دَلِيلٍ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَخَذَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ ; وَكَمَا رُوِّينَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ وَالنُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ اتَّعَدَا مَوْعِدًا فَجَاءَ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ وَقَدْ صَلَّى , فَصَلَّى الْفَجْرَ مَعَ صَاحِبِهِ. وبه إلى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَحُمَيْدٍ كِلاَهُمَا ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَدِمْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَصَلَّى بِنَا الْفَجْرَ فِي الْمِرْبَدِ , ثُمَّ جِئْنَا إلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَإِذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ , وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مُخْتَلِطُونَ , فَصَلَّيْنَا مَعَهُمْ. فَهَذَا فِعْلُ الصَّحَابَةِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ بِخِلاَفِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ; وَبَعْدَ أَنْ صَلَّوْا جَمَاعَةً بِخِلاَفِ قَوْلِ مَالِكٍ , وَلاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ يَخُصُّ صَلاَةَ الْمُنْفَرِدِ دُونَ غَيْرِهِ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرِ الْعَبْسِيِّ : خَرَجْت مَعَ حُذَيْفَةَ فَمَرَّ بِمَسْجِدٍ فَصَلَّى مَعَهُمْ الظُّهْرَ وَقَدْ كَانَ صَلَّى ; ثُمَّ مَرَّ بِمَسْجِدٍ فَصَلَّى مَعَهُمْ الْعَصْرَ وَقَدْ كَانَ صَلَّى , ثُمَّ مَرَّ بِمَسْجِدٍ فَصَلَّى مَعَهُمْ الْمَغْرِبَ وَشَفَعَ بِرَكْعَةٍ وَكَانَ قَدْ صَلَّى , وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ : يُعِيدُ الْعَصْرَ إذَا جَاءَ الْجَمَاعَةَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : صَلِّ مَعَ الْقَوْمِ فَإِنَّ صَلاَتَك مَعَهُمْ تَفْضُلُ صَلاَتَك وَحْدَك بِضْعًا وَعِشْرِينَ صَلاَةً. وَعَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ : لاَ بَأْسَ أَنْ تُعَادَ الصَّلاَةُ كُلُّهَا. وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ : إذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَةَ فِي الْبَيْتِ ثُمَّ أَدْرَكْتُهَا مَعَ النَّاسِ فَإِنِّي أَجْعَلُ الَّتِي صَلَّيْتُهَا فِي بَيْتِي نَافِلَةً , وَأَجْعَلُ الَّتِي صَلَّيْت مَعَ النَّاسِ الْمَكْتُوبَةَ وَلَوْ لَمْ أُدْرِكْ إلاَّ رَكْعَةً وَاحِدَةً مِنْهَا. قَالَ : وَسُئِلَ عَطَاءٌ ، عَنِ الْمَغْرِبِ يُصَلِّيهَا الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّاسَ فِيهَا قَالَ : أَشْفَعُ الَّتِي صَلَّيْت فِي بَيْتِي بِرَكْعَةٍ ثُمَّ أُسَلِّمُ ثُمَّ أَلْحَقُ بِالنَّاسِ , فَأَجْعَلُ الَّتِي هُمْ فِيهَا الْمَكْتُوبَةَ. وَرُوِّينَا ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَسَّانٍ ، عَنْ وَبَرَةَ قَالَ : صَلَّيْت أَنَا ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ الأَسْوَدِ الْمَغْرِبَ , ثُمَّ جِئْنَا إلَى النَّاسِ وَهُمْ فِي الصَّلاَةِ , فَدَخَلْنَا مَعَهُمْ فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ قَامَ إبْرَاهِيمُ فَشَفَعَ بِرَكْعَةٍ. قال أبو محمد : لَمْ يَشْفَعْ عَبْدُ الرَّحْمَانِ , وَكُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ ; لاَِنَّهُ تَطَوُّعٌ لَمْ يَأْتِ نَهْيٌ ، عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى أَنَّ مَسْرُوقًا صَلَّى الْمَغْرِبَ , ثُمَّ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ مَعَهُمْ فِي جَمَاعَةٍ , ثُمَّ شَفَعَ الْمَغْرِبَ بِرَكْعَةٍ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ قَالَ : تُعَادُ الصَّلاَةُ إلاَّ الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ ; وَلَكِنْ إذَا أَذَّنَ فِي الْمَسْجِدِ فَالْفِرَارُ أَقْبَحُ مِنْ الصَّلاَةِ. قال أبو محمد : فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ : إنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ فِي أَهْلِكَ ثُمَّ أَدْرَكْت الصَّلاَةَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الإِمَامِ فَصَلِّ مَعَهُ ; غَيْرَ صَلاَةِ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ , فَإِنَّهُمَا لاَ يُصَلَّيَانِ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ , فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا ; لأَنَّهُمْ قَدْ خَالَفُوهُ فَخَالَفَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي زِيَادَتِهِ الْعَصْرَ فِيمَا لاَ يُعَادُ ; وَخَالَفَهُ مَالِكٌ فِي إعَادَةِ صَلاَةِ الصُّبْحِ , وَمَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلاَفِ الْحَقِّ وَالْحُجَّةِ , فَقَدْ كَفَى خَصْمَهُ مُؤْنَتَهُ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 285 - مَسْأَلَةٌ : وَأَمَّا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ : فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا نَهَيَا عَنْهُمَا وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ : مَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ [ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ; فَإِنْ صَلاَّهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلاَ يَدَعُهُمَا أَبَدًا وقال أحمد بْنُ حَنْبَلٍ : لاَ أُصَلِّيهِمَا , وَلاَ أُنْكِرُ عَلَى مَنْ صَلاَّهُمَا , وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : هُمَا مُسْتَحْسَنَتَانِ قَالَ عَلِيٌّ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا قُتَيْبَةُ ، عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ ، هُوَ ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ أَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ ، عَنِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَتْ : كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ , ثُمَّ إنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُمَا فَصَلاَّهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا صَلَّى صَلاَةً أَثْبَتَهَا. قَالَ عَلِيٌّ : بِهَذَا تَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ , وَلاَ حُجَّةَ لَهُ فِيهِ ; لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمْ يَقُلْ : إنَّهُمَا لاَ تَجُوزَانِ إلاَّ لِمَنْ نَسِيَهُمَا أَوْ شُغِلَ عَنْهُمَا , وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَلاَتُهُمَا حِينَئِذٍ جَائِزَةً حَسَنَةً مَا أَثْبَتَهُمَا فِي وَقْتٍ لاَ تَجُوزَانِ فِيهِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فَاحْتُجَّ لَهُمَا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، حدثنا عَمِّي هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حدثنا أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ يَعْنِي رَكْعَتَيْنِ وَيَنْهَى عَنْهَا وَيُوَاصِلُ وَيَنْهَى ، عَنِ الْوِصَالِ وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ : حدثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، حدثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ; لاَِنَّهُ جَاءَهُ مَالٌ فَقَسَّمَهُ شَغَلَهُ ، عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ , بَعْدَ الظُّهْرِ , فَصَلاَّهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ , وَلَمْ يَعُدْ لَهُمَا وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَيْمَنَ : حدثنا قَاسِمُ بْنُ يُونُسَ ، حدثنا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ ، حدثنا اللَّيْثُ ، حدثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابِيٍّ مَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَجَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ , فَسَأَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ، عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ اللَّتَيْنِ صَلاَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ : أَخْبَرَتْنِيهِ عَائِشَةُ ; فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ إلَى عَائِشَةَ : هَلْ صَلاَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ r [ عِنْدَك قَالَتْ : لاَ , وَلَكِنْ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهُ صَلاَّهُمَا عِنْدَهَا فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ الْمِسْوَرَ إلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا فَقَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r بَعْدَ الْعَصْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُكَ الْيَوْمَ صَلَّيْتَ صَلاَةً مَا رَأَيْتُكَ تُصَلِّيهَا فَقَالَ : شَغَلَنِي خَصْمٌ فَكَانَتْ رَكْعَتَيْنِ وَكُنْتُ أُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُصَلِّيَهُمَا الآنَ قَالَتْ : لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ r صَلاَّهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ , وَلاَ بَعْدَهُ. وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ : حدثنا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ ، حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ رَكْعَتَيْنِ إلاَّ الْعَصْرَ وَالصُّبْحَ. وَبِمَا رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ بَيْتِي فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ , صَلَّيْتَ صَلاَةً لَمْ تُصَلِّهَا قَالَ : قَدِمَ عَلَيَّ مَالٌ فَشَغَلَنِي ، عَنْ رَكْعَتَيْنِ كُنْتُ أَرْكَعُهُمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَصَلَّيْتُهُمَا الآنَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَقْضِيهِمَا إذَا فَاتَتَا قَالَ : لاَ. وَبِمَا رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَرْسَلَ إلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا ، عَنِ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَتْ : لَيْسَ عِنْدِي صَلاَّهُمَا لَكِنْ أُمُّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْنِي أَنَّهُ صَلاَّهُمَا عِنْدَهَا فَأَرْسَلَ إلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ : صَلاَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ r عِنْدِي , لَمْ أَرَهُ صَلاَّهُمَا قَبْلُ ، وَلاَ بَعْدُ قَالَ : هُمَا سَجْدَتَانِ كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَدِمَ عَلَيَّ قَلاَئِصُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَنَسِيتُهُمَا حَتَّى صَلَّيْتُ الْعَصْرَ ; ثُمَّ ذَكَرْتُهُمَا , فَكَرِهْتُ أَنْ أُصَلِّيَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَرَوْنِي فَصَلَّيْتُهُمَا عِنْدَكِ وَذَكَرُوا الأَخْبَارَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي النَّهْيِ ، عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ ; وَسَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ قَالَ عَلِيٌّ : وَكُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ : أَمَّا حَدِيثُ ذَكْوَانَ ، عَنْ عَائِشَةَ ; فَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْهُمَا , وَإِنَّمَا فِيهِ نَهْيٌ عَنْهَا يَعْنِي ، عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ جُمْلَةً , وَهَذَا صَحِيحٌ , وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُ فِعْلِهِ وَنَهْيِهِ ; فَنَنْهَى ، عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ , وَنُصَلِّي مَا صَلَّى عليه السلام , وَنَخُصُّ الأَقَلَّ مِنْ الأَكْثَرِ , وَنَسْتَعْمِلُهُمَا جَمِيعًا , وَلاَ نَخَافُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَنْ تَرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام صَلاَّهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَنَهَى عَنْهُمَا مِنْ أَجْلِ نَهْيِهِ ، عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ : وَبَيْنَ مَنْ تَرَكَ نَهْيَهُ عليه السلام ، عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ أَجْلِ صَلاَتِهِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَلَوْ قَالَتْ : وَكَانَ يَنْهَى عَنْهُمَا ; لَكَانَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا لَهُ خَاصَّةً ; وَلَكِنْ لاَ يَحِلُّ بِالْكَذِبِ , وَلاَ الزِّيَادَةِ فِي الرِّوَايَةِ ; وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ جُمْلَةً. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَعْلُولٌ مِنْ وُجُوهٍ : أَوَّلُهَا : أَنَّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ إلاَّ بَعْدَ اخْتِلاَطِ عَطَاءٍ , وَتَفَلُّتِ عَقْلِهِ , هَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَثَانِيهَا أَنَّهُ لَوْ صَحَّ وَسَمِعْنَا نَحْنُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ ذَلِكَ : لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ ; لاَِنَّهُ t أَخْبَرَ بِمَا عَرَفَ , وَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ بِمَا كَانَ عِنْدَهَا , مِمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ : مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمْ يَدَعْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى أَنْ مَاتَ فَهَذَا الْعِلْمُ الزَّائِدُ الَّذِي لاَ يَحِلُّ تَرْكُهُ , وَمَنْ أَيْقَنَ وَقَالَ : عَلِمْت أَوْلَى مِمَّنْ قَالَ : لاَ أَعْلَمُ وَكِلاَهُمَا صَادِقٌ وَثَالِثُهَا أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَأْتِ ، عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلاَفُهُ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ ; لإِنَّ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ r الشَّيْءَ مَرَّةً وَاحِدَةً حُجَّةٌ بَاقِيَةٌ ; وَحَقٌّ ثَابِتٌ أَبَدًا , مَا لَمْ يَنْهَ عَمَّا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ : لاَ يَكُونُ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ r الشَّيْءَ حَقًّا إلاَّ حَتَّى يُكَرِّرَ فِعْلَهُ فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِكٌ وَسَخِيفٌ [ مَعَ ذَلِكَ ; لاَِنَّهُ يُقَالُ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا فُعِلَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ , وَلاَ فَرْقَ ; وَهَذَا لاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ , وَلاَ ذُو عَقْلٍ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ الصَّاحِبَ إذَا رَوَى خَبَرًا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r ثُمَّ خَالَفَهُ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عِنْدَهُمْ عَلَى وَهْنِ الْخَبَرِ ; وَقَدْ صَحَّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الصَّلاَةُ بَعْدَ الْعَصْرِ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا فَهَلاَّ عَلَّلُوا هَذَا الْخَبَرَ بِمُخَالَفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ ; لِمَا رَوَى فِي ذَلِكَ , وَلَكِنَّهُمْ لاَ مَئُونَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ التَّنَاقُضِ فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ جُمْلَةً , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَأَمَّا خَبَرُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ; لِوُجُوهٍ : أَوَّلُهَا ضَعْفُ سَنَدِهِ ; لاَِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ , وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلاَلٍ , وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ سَمَاعًا مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ , وَلاَ مِنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ ، عَنْ صَلاَتِهِمَا وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا ; لإِنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَوْ كَانَتَا لاَ تَجُوزَانِ , أَوْ مَكْرُوهَتَيْنِ مَا فَعَلَهُمَا عليه الصلاة والسلام , وَفِعْلُهُ عليه السلام حَقٌّ وَهُدًى , سَوَاءٌ فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ ; وَمَنْ قَالَ : إنَّ فِعْلَهُ ضَلاَلٌ ; فَهُوَ كَافِرٌ. وَالرَّابِعُ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ خِلاَفُ هَذَا ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، رضي الله عنها ، كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْخَامِسُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ بِلاَ شَكٍّ ; لإِنَّ فِيهِ إنْكَارَ عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه السلام صَلاَّهُمَا عِنْدَهَا , وَنَقْلُ التَّوَاتُرِ ، عَنْ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ الأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عليه السلام يُصَلِّيهِمَا عِنْدَهَا ; مِثْلُ : عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَمَسْرُوقٍ , وَالأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ , وطَاوُوس , وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ , وَأَيْمَنِ , وَغَيْرِهِمْ. وَهَذَا الْقَوْلُ سَوَاءٌ سَوَاءٌ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ هَذَا مَجْهُولٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَهُوَ خَبَرٌ مَوْضُوعٌ لاَ شَكَّ فِيهِ ; لإِنَّ فِيهِ كَذِبًا ظَاهِرًا لاَ شَكَّ فِيهِ وَهُوَ مَا نُسِبَ إلَى عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهَا " لَيْسَ عِنْدِي صَلاَّهُمَا " وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ رَوَى تَكْذِيبَ هَذَا آنِفًا. وَلاَِنَّ فِيهِ أَيْضًا لَفْظًا لاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَقُولَهُ عليه السلام ; وَهُوَ فَكَرِهْت أَنْ أُصَلِّيَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيَّ فَصَلَّيْتُهُمَا عِنْدَكِ. إذْ لاَ يَخْلُو فِعْلُهُمَا : أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا ; أَوْ مُبَاحًا حَسَنًا فَإِنْ كَانَ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا ; فَمَنْ نَسَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r التَّسَتُّرَ لِمُحَرَّمَاتٍ فَهُوَ كَافِرٌ ; لِتَفْسِيقِهِ رَسُولَ اللَّهِ r وَقَدْ أُمِرَ عليه السلام أَنْ يَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ. وَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَتَعَنَّى عليه السلام بِتَكَلُّفِ صَلاَةٍ مَكْرُوهَةٍ لاَ أَجْرَ فِيهَا فَهَذَا هُوَ التَّكَلُّفُ الَّذِي أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ فِيهِ : وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ وَحَاشَا لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَفْعَلَ عليه السلام قَاصِدًا إلَى فِعْلِهِ إلاَّ مَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى وَيُنْسِيهِ تَعَالَى الشَّيْءَ [ لَيْسَ لَنَا فِيهِ مَا يُقَرِّبُنَا مِنْ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ , وَلاَ مَزِيدَ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ أَصْلاً ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلاَّ إخْبَارُهُ t بِمَا عَلِمَ ; مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ r صَلاَّهُمَا , وَهُوَ الصَّادِقُ فِي قَوْلِهِ , وَلَيْسَ فِي هَذَا نَهْيٌ عَنْهُمَا , وَلاَ كَرَاهَةٌ لَهُمَا ; [ وَمَا صَامَ عليه السلام قَطُّ شَهْرًا كَامِلاً غَيْرَ رَمَضَانَ ; وَلَيْسَ هَذَا بِمُوجِبٍ كَرَاهِيَةَ صَوْمِ [ شَهْرٍ كَامِلٍ تَطَوُّعًا. ثُمَّ قَدْ رَوَى غَيْرُ عَلِيٍّ أَنَّهُ عليه السلام صَلاَّهُمَا فَكُلٌّ أَخْبَرَ بِعِلْمِهِ , وَكُلُّهُمْ صَادِقٌ ثُمَّ قَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ خِلاَفُ ذَلِكَ ; كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ الصَّاحِبَ إذَا رَوَى حَدِيثًا وَخَالَفَهُ فَهَذَا دَلِيلٌ عِنْدَهُمْ عَلَى سُقُوطِ ذَلِكَ الْخَبَرِ ; فَهَلاَّ قَالُوا هَذَا هَهُنَا , وَأَمَّا حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَحَدِيثٌ مُنْكَرٍ ; لاَِنَّهُ لَيْسَ هُوَ فِي كُتُبِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ , وَلَمْ يَسْمَعْهُ ذَكْوَانُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ أَبَا الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى فِي بَيْتِهَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقُلْت : مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ , وَجَاءَنِي مَالٌ فَشَغَلَنِي فَصَلَّيْتُهُمَا الآنَ. فَهَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الْمُتَّصِلَةُ : وَلَيْسَ فِيهَا أَفَنَقْضِيهِمَا نَحْنُ قَالَ : لاَ فَصَحَّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ يَسْمَعْهَا ذَكْوَانُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ , وَلاَ نَدْرِي عَمَّنْ أَخَذَهَا فَسَقَطَتْ. ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا حُجَّةٌ أَصْلاً ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَهْيٌ ، عَنْ صَلاَتِهِمَا [ أَصْلاً , وَإِنَّمَا فِيهَا : النَّهْيُ عَنْ قَضَائِهِمَا فَقَطْ , فَلاَ يَحِلُّ تَوْثِيبُ كَلاَمِهِ عليه السلام إلَى مَا لَمْ يَقُلْهُ تَلْبِيسًا مِنْ فَاعِلِ ذَلِكَ فِي الدِّينِ فَسَقَطَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا أَحَادِيثُ النَّهْيِ ، عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ ; فَسَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهَ تَعَالَى إثْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْكَلاَمُ عَلَيْهَا ; بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ وَأَمَّا تَعَلُّقُ الشَّافِعِيِّ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ r الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ إذَا صَلَّى صَلاَةً أَثْبَتَهَا فَلاَ حُجَّةَ لَهُ فِيهِ ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ ، عَنْ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا مَنْ لَمْ يَنْسَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ ; وَلَيْسَ فِيهِ إلاَّ [ الإِبَاحَةُ ; لِلصَّلاَةِ حِينَئِذٍ ; إذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً لَمَا صَلاَّهَا عليه السلام , قَاضِيًا , وَلاَ مُثْبِتًا , وَفِي إثْبَاتِهِ عليه السلام إيَّاهَا أَصَحُّ بَيَانٍ بِأَنَّهَا حِينَئِذٍ جَائِزَةٌ حَسَنَةٌ ; وَلَمْ يَقُلْ عليه السلام : إنَّهُ لاَ يُصَلِّيهِمَا إلاَّ مَنْ نَسِيَهُمَا فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُ بِهِ قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذْ سَقَطَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ فَلْنَذْكُرْ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الآثَارَ الْوَارِدَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ; قَالَ زُهَيْرٌ : حدثنا جَرِيرٌ , وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ : حدثنا أَبِي , ثُمَّ اتَّفَقَا جَمِيعًا : عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ r رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ مِسْهَرٍ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلاَتَانِ مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ r فِي بَيْتِي قَطُّ سِرًّا , وَلاَ عَلاَنِيَةً : رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وبه إلى مُسْلِمٍ ، حدثنا حَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعَ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ يَدَعْ رَسُولُ اللَّهِ r الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : وَاَلَّذِي ذَهَبَ بِهِ تَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَتْ : وَمَا لَقِيَ اللَّهَ حَتَّى ثَقُلَ ، عَنِ الصَّلاَةِ فَهَذَا غَايَةُ التَّأْكِيدِ فِيهِمَا. وَقَدْ رَوَتْهُمَا أَيْضًا أُمُّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةُ أَمَّا الْمُؤْمِنِينَ وَتَمِيمٌ الدَّارِيِّ , وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَزَيْدُ بْنُ خَالِدِ الْجُهَنِيُّ , وَغَيْرُهُمْ فَصَارَ نَقْلَ تَوَاتُرٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ. حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا ابْنُ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدِ التَّنُّورِيُّ ، حدثنا حَنْظَلَةُ ، هُوَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ : قَالَ : صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ الْعَصْرَ فَرَأَى نَاسًا يُصَلُّونَ , فَقَالَ : مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ فَقَالُوا : هَذِهِ فُتْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ النَّاسِ , فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : مَا هَذِهِ الْفُتْيَا الَّتِي تُفْتِي : أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ : حَدَّثَتْنِي زَوْجُ رَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ. فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ : هَذَا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَأَرْسَلَ إلَى مَيْمُونَةَ رَسُولَيْنِ فَقَالَتْ : إنَّمَا حَدَّثْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُجَهِّزُ جَيْشًا فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَرْهَقَ الْعَصْرُ , فَصَلَّى الْعَصْرَ , ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى مَا كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا قَالَتْ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا صَلَّى صَلاَةً أَوْ فَعَلَ شَيْئًا : يُحِبُّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ : أَلَيْسَ قَدْ صَلَّى وَاَللَّهِ لاَُصَلِّيَنَّهُ قَالَ عَلِيٌّ : ظَهَرَتْ حُجَّةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَلَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ الاِعْتِرَاضُ قَالَ عَلِيٌّ : وَقَالُوا : قَدْ كَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهَا , وَابْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ قلنا : لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ r لاَ فِي عُمَرَ , وَلاَ فِي غَيْرِهِ ; بَلْ هُوَ عليه السلام الْحُجَّةُ عَلَى عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَقَدْ خَالَفَ عُمَرُ فِي ذَلِكَ طَوَائِفَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ , وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إبَاحَةُ الرُّكُوعِ وَالتَّطَوُّعِ ; وَالْوَجْهُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ ضَرَبَ عُمَرُ عَلَيْهَا فَقَدْ خَالَفُوا عُمَرَ t فِي ذَلِكَ حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلاَّفِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ نَوْفَلٍ يَتِيمِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي تَمِيمٌ الدَّارِيِّ , أَوْ أُخْبِرْتُ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَأَتَاهُ عُمَرُ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ , فَأَشَارَ إلَيْهِ تَمِيمٌ : أَنْ اجْلِسْ فَجَلَسَ عُمَرُ حَتَّى فَرَغَ تَمِيمٌ , فَقَالَ لِعُمَرَ : لِمَ ضَرَبْتَنِي فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : لاَِنَّكَ رَكَعْتَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَدْ نَهَيْتُ عَنْهُمَا قَالَ لَهُ تَمِيمٌ إنِّي صَلَّيْتُهُمَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ : رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : إنِّي لَيْسَ بِي إيَّاكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إلَى الْمَغْرِبِ , حَتَّى يَمُرُّونَ بِالسَّاعَةِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ يُصَلَّى فِيهَا كَمَا صَلَّوْا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ; ثُمَّ يَقُولُونَ : قَدْ رَأَيْنَا فُلاَنًا وَفُلاَنًا يُصَلُّونَ بَعْدَ الْعَصْرِ. حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الأَعْمَى يُحَدِّثُ ، عَنِ السَّائِبِ مَوْلَى الْفَارِسِيِّينَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ عُمَرَ رَآهُ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَعُمَرُ خَلِيفَةٌ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَهُوَ يُصَلِّي كَمَا هُوَ , فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ زَيْدٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَوَاَللَّهِ لاَ أَدَعُهُمَا أَبَدًا بَعْدَ إذْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُصَلِّيهِمَا ; فَجَلَسَ إلَيْهِ عُمَرُ , وَقَالَ : يَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ , لَوْلاَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهُمَا النَّاسُ سُلَّمًا إلَى الصَّلاَةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا " فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ ثَابِتٌ ، عَنْ عُمَرَ بِإِجَازَتِهِ التَّطَوُّعَ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَتُقَارِبَ الْغُرُوبَ وَرُوِّينَا بِالإِسْنَادِ الثَّابِتِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ الضُّبَعِيِّ قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَقَدْ رَأَيْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : صَلِّ إنْ شِئْت مَا بَيْنَك وَبَيْنَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ. قَالَ عَلِيٌّ : هُمْ يَقُولُونَ فِي الصَّاحِبِ يَرْوِي الْحَدِيثَ ثُمَّ يُخَالِفُهُ : لَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِنَسْخِهِ مَا خَالَفَهُ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا هَهُنَا : لَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِلْمٌ أَثْبَتَ مِنْ فِعْلِ عُمَرَ مَا خَالَفَ مَا كَانَ عَلَيْهِ [ مَعَ عُمَرُ. وَبِمِثْلِهِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ ، عَنْ طَاوُوس : سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ ، عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ : فَرَخَّصَ فِيهِمَا قَالَ عَلِيٌّ : هَلاَّ قَالُوا : إنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ ; لِيُخَالِفَ أَبَاهُ , لَوْلاَ فَضْلُ عِلْمٍ كَانَ عِنْدَهُ بِأَثْبَتِ مِنْ فِعْلِ أَبِيهِ وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ : أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أُمَّيْ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتَا تَرْكَعَانِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَرُوِّينَا ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , قَالَ حَمَّادٌ : عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : كَانَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَهِيَ قَائِمَةٌ : وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تُصَلِّي أَرْبَعًا وَهِيَ قَاعِدَةٌ , فَسُئِلَتْ ، عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ ، عَنْ عَائِشَةَ : إنَّهَا شَابَّةٌ وَأَنَا عَجُوزٌ فَأُصَلِّي أَرْبَعًا بَدَلَ رَكْعَتَيْهَا. قال علي : هذا يُبْطِلُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَقْضِيهَا نَحْنُ قَالَ : لاَ. وَقَالَ هِشَامٌ ، عَنْ أَبِيهِ : كَانَ الزُّبَيْرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّيَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ رُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : كُنَّا نُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ الْعَصْرَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , فَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ , وَكُنَّا نُصَلِّيهِمَا مَعَهُ , نَقُومُ صَفًّا خَلْفَهُ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : سَبَّحَ الْمُنْكَدِرُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ قَالَ عَلِيٌّ : الْمُنْكَدِرُ وَالسَّائِبُ صَاحِبَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ r . وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ خِلاَفَةِ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ; فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ تَرَكَهُمَا : فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رَكَعَهُمَا ; فَقِيلَ لَهُ : مَا هَذَا فَقَالَ : إنَّ عُمَرَ كَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا قَالَ عَلِيٌّ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما كَانَا يُجِيزَانِ الرُّكُوعَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، حدثنا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ جَمِيعًا قَالاَ : حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ فِي سَفَرٍ فَصَلَّى الْعَصْرَ ; ثُمَّ دَخَلَ فُسْطَاطَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ : سَأَلْت أَبَا جُحَيْفَةَ ، عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ : إنْ لَمْ يَنْفَعَاك لَمْ يَضُرَّاك وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ إلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ يَنْهَاهُ ، عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ; فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : أَمَّا أَنَا فَلاَ أَتْرُكُهُمَا ; فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَنْحَضِجَ فَلْيَنْحَضِجْ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، حدثنا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ : خَرَجْت مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إلَى أَرْضِهِ بِبَذَّ سِيرِينَ , وَهِيَ خَمْسَةُ فَرَاسِخَ فَحَضَرْت صَلاَةَ الْعَصْرِ , فَأَمَّنَا قَاعِدًا عَلَى بِسَاطٍ فِي السَّفِينَةِ , فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ صَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي مُعَاوِيَةَ الذُّهَنِيِّ ، عَنْ أَبِي شُعْبَةَ التَّمِيمِيِّ قَالَ : رَأَيْت الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيُصَلِّي وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ بِلاَلٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : لَمْ يَنْهَ ، عَنِ الصَّلاَةِ إلاَّ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي حَدِيثٍ : سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ كَثِيرٌ خُطَبَاؤُهُ , قَلِيلٌ عُلَمَاؤُهُ , يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ حَتَّى يُقَالَ : هَذَا شَرَقُ الْمَوْتَى قُلْت : وَمَا شَرَقُ الْمَوْتَى قَالَ : إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ جِدًّا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيُصَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا , فَإِنْ احْتَبَسَ فَلْيُصَلِّ مَعَهُمْ , وَلْيَجْعَلْ صَلاَتَهُ وَحْدَهُ الْفَرِيضَةَ , وَصَلاَتَهُ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَؤُلاَءِ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، أَبُو بَكْرٍ , وَعُمَرُ , وَعُثْمَانُ , وَعَلِيٌّ , وَالزُّبَيْرُ , وَعَائِشَةُ , وَأُمُّ سَلَمَةَ , وَمَيْمُونَةُ : أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ , وَابْنُ الزُّبَيْرِ , وَمَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ , وَتَمِيمٌ الدَّارِيِّ , وَالْمُنْكَدِرُ , وَزَيْدُ بْنُ خَالِدِ الْجُهَنِيُّ , وَابْنُ عَبَّاسٍ , وَابْنُ عُمَرَ , وَأَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ , وَأَبُو جُحَيْفَةَ , وَأَبُو الدَّرْدَاءِ , [ وَأَنَسٌ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ , وَبِلاَلٌ , وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ , وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَرُوِيَ أَيْضًا ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِمْ , فَمَنْ بَقِيَ وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُتَعَلِّقًا بِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، إلاَّ رِوَايَةً ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , جَعَلَهَا خَاصَّةً ; لِرَسُولِ اللَّهِ r . وَإِذَا قَالَ صَاحِبٌ : هِيَ خَاصَّةٌ , وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : هِيَ عَامَّةٌ , فَالسَّيْرُ عَلَى الْعُمُومِ حَتَّى يَأْتِيَ نَصٌّ صَحِيحٌ بِأَنَّهَا خُصُوصٌ , وَلاَ سَبِيلَ إلَى وُجُودِهِ , وَأُخْرَى ، عَنْ مُعَاوِيَةَ , لَيْسَ فِيهَا نَهْيٌ عَنْهُمَا , بَلْ فِيهَا : إنَّ النَّاسَ كَانُوا يُصَلُّونَهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r . وَأُخْرَى مُرْسَلَةٌ لاَ تَصِحُّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ; لَيْسَ فِيهَا أَيْضًا إلاَّ : وَأَنَا أَكْرَهُ مَا كَرِهَ عُمَرُ , وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ , وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ : إبَاحَةُ ذَلِكَ. وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ : الْمَنْعُ مِنْ الصَّلاَةِ جُمْلَةً مِنْ حِينِ صُفْرَةِ الشَّمْسِ. وَالْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ مُخَالِفُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ , كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَكَثِيرٌ , مِنْهُمْ : هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ; وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ ; كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلَقٍ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ الْبَيْلَمَانِيِّ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَنَّ طَاوُوسًا صَلَّى بِحَضْرَتِهِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَتُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : أُكْرِمْت وَاَللَّهِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ هُوَ أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ : سَافَرْت مَعَ أَبِي , وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , وَالأَسْوَدِ , وَمَسْرُوقٍ , وَأَبِي وَائِلٍ فَكَانُوا يُصَلُّونَ بَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ , وَبَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ : حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ : رَأَيْت شُرَيْحًا الْقَاضِي يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذِ الْعَنْبَرِيِّ ، حدثنا أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : حدثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : رَأَيْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , وَكَذَلِكَ أَيْضًا ، عَنِ الْحَسَنِ فَهَؤُلاَءِ : هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ , وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ , وطَاوُوس , وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ , وَأَشْعَثُ ابْنُهُ , وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ , وَمَسْرُوقٌ , وَالأَسْوَدُ , وَأَبُو وَائِلٍ , وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي , وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ; وَغَيْرُهُمْ : كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ , وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى , وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ الأَسْوَدِ , وَالأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَبِهِمَا يَقُولُ أَبُو خَيْثَمَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ الْهَاشِمِيُّ , وَبِهِ نَأْخُذُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. 286 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ مَا نَسِيَ أَوْ نَامَ عَنْهُ مِنْ الْفَرْضِ. وَلاَ تَعَمُّدَ التَّطَوُّعِ عِنْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ حَتَّى يَتِمَّ غُرُوبُهَا ; وَعِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ , حَتَّى تَأْخُذَ فِي الزَّوَالِ. وَلاَ بَعْدَ السَّلاَمِ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَصْفُوَ الشَّمْسُ وَتَبْيَضَّ. وَيَقْضِي فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ كُلَّ مَا لَمْ يَذْكُرْ إلاَّ فِيهَا ; مِنْ صَلاَةٍ مَنْسِيَّةٍ أَوْ نِيمَ عَنْهَا ; [ مِنْ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ , وَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ ; وَالاِسْتِسْقَاءِ ; وَالْكُسُوفِ , وَالرَّكْعَتَانِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ. وَمَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ فِي أَحَدِ هَذِهِ الأَوْقَاتِ فَلَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ حِينَئِذٍ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَرْءُ تَرْكَ كُلِّ ذَلِكَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُ حَتَّى تَدْخُلَ الأَوْقَاتُ الْمَذْكُورَةُ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا فَلاَ تُجْزِئُهُ صَلاَتُهُ تِلْكَ أَصْلاً وَهَذَا نَصُّ نَهْيِهِ صلى الله تعالى عليه وسلم ، عَنْ تَحَرِّي الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ. وَأَمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ فَالتَّطَوُّعُ حِينَئِذٍ جَائِزٌ حَسَنٌ مَا أَحَبَّ الْمَرْءُ , وَكَذَلِكَ إثْرَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ , وَبِنَحْوِ هَذَا يَقُولُ دَاوُد فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا ; حَاشَا التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ , فَإِنَّهُ عِنْدَهُ جَائِزٌ إلَى بَعْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ ; وَرَأَى النَّهْيَ ، عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخًا وقال أبو حنيفة : ثَلاَثَةُ أَوْقَاتٍ لاَ يُصَلَّى فِيهَا فَرْضٌ فَائِتٌ أَوْ غَيْرُ فَائِتٍ , وَلاَ نَفْلٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ; وَهِيَ : عِنْدَ أَوَّلِ طُلُوعِ قُرْصِ الشَّمْسِ , إلاَّ أَنْ تَبْيَضَّ وَتَصْفُوَ. أَوْ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ حَتَّى تَأْخُذَ فِي الزَّوَالِ , حَاشَا يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً ; فَإِنَّهَا يُصَلِّي فِيهَا مَنْ جَاءَ إلَى الْجَامِعِ وَقْتَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ. وَعِنْدَ أَخْذِ أَوَّلِ الشَّمْسِ فِي الْغُرُوبِ حَتَّى يَتِمَّ غُرُوبُهَا ; حَاشَا عَصْرِ يَوْمِهِ خَاصَّةً ; فَإِنَّهُ يُصَلَّى عِنْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ. وَتُكْرَهُ الصَّلاَةُ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ ; فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِيهِنَّ أَجْزَأَ ذَلِكَ وَثَلاَثَةُ أَوْقَاتٍ يُصَلِّي فِيهِنَّ الْفُرُوضَ كُلَّهَا ; وَعَلَى الْجِنَازَةِ ; وَيَسْجُدُ سُجُودَ التِّلاَوَةِ ، وَلاَ يُصَلِّي فِيهَا التَّطَوُّعَ ; ، وَلاَ الرَّكْعَتَانِ إثْرَ الطَّوَافِ ; ، وَلاَ الصَّلاَةَ الْمَنْذُورَةَ ; وَهِيَ : إثْرَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ ; إلاَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَقَطْ. وَبَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَأْخُذَ الشَّمْسُ فِي الْغُرُوبِ , [ إلاَّ أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلاَةَ عَلَى الْجِنَازَةِ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ. وَكَذَلِكَ سُجُودُ التِّلاَوَةِ ; وَبَعْدَ تَمَامِ غُرُوبِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ. وَمَنْ جَاءَ عِنْدَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ : وَقْتٌ رَابِعٌ لِهَذِهِ الثَّلاَثَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا آخِرًا. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : فَمَنْ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فَطَلَعَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى أَقَلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ تِلْكَ. وَلَوْ أَنَّهُ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ طَلَعَ أَوَّلُ قُرْصِ الشَّمْسِ إثْرَ [ ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَلَوْ قَهْقَهَ حِينَئِذٍ لاَ يُنْقَضُ وُضُوءُهُ. وَلَوْ أَنَّهُ أَحْدَثَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا بَعْدَ أَنْ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ : فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ قَهْقَهَ حِينَئِذٍ لَمْ يُنْقَضْ وُضُوءُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ : إذَا قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ طُلُوعِ أَوَّلِ الشَّمْسِ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , فَلَوْ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ فَصَلَّى أَوَّلَهَا وَلَوْ تَكْبِيرَةً أَوْ أَكْثَرَهَا فَغَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَلْيَتَمَادَ فِي صَلاَتِهِ , وَلاَ يَضُرُّهَا ذَلِكَ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. قَالُوا : فَإِنْ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ جَاءَ إلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَجْلِسْ ، وَلاَ يَرْكَعْ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : فَإِنْ جَاءَ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ تَمَامِ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلْيَقِفْ حَتَّى تُقَامَ الصَّلاَةُ ، وَلاَ يَجْلِسْ ، وَلاَ يَرْكَعْ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَجْلِسُ ، وَلاَ يَرْكَعُ. وقال مالك : يُصَلِّي الْفُرُوضَ كُلَّهَا الْمَنْسِيَّةَ وَغَيْرَهَا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأَوْقَاتِ ، وَلاَ يَتَطَوَّعُ [ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَبْيَضَّ الشَّمْسُ وَتَصْفُوَ ، وَلاَ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , وَلاَ بَعْدَ غُرُوبِهَا حَتَّى تُصَلَّى الْمَغْرِبُ. وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ [ حِينَئِذٍ قَعَدَ ، وَلاَ يَرْكَعُ , وَلاَ يَتَطَوَّعُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلاَّ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , حَاشَا مَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ ، عَنْ حِزْبِهِ ; فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ. وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَإِنْ شَاءَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ , وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ , وَلَمْ يَرْكَعْ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ : [ إنْ كَانَ مُصْبِحًا فَلْيَجْلِسْ ، وَلاَ يَرْكَعْ. وَالتَّطَوُّعُ عِنْدَهُ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ , وَلَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ وَأَجَازَ الصَّلاَةَ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ جِدًّا , وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وَعَنْهُ فِي سُجُودِ التِّلاَوَةِ قَوْلاَنِ : أَحَدُهُمَا : لاَ يَسْجُدُ لَهَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَصْفُوَ الشَّمْسُ , وَلاَ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ. وَالآخَرُ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالسُّجُودِ لَهَا مَا لَمْ يُسْفِرْ , وَمَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ , وَقَالَ : مَنْ قَرَأَهَا فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ فِيهِ ، عَنِ السُّجُودِ فَلْيُسْقِطْ الآيَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ وَيَصِلْ الَّتِي قَبْلَهَا بِاَلَّتِي بَعْدَهَا , وقال الشافعي : يَقْضِي الْفَائِتَاتِ مِنْ الْفُرُوضِ وَيُصَلِّي كُلَّ تَطَوُّعٍ مَأْمُورٍ بِهِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ , وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ : هُوَ ابْتِدَاءُ التَّطَوُّعِ فِيهَا فَقَطْ , إلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبِمَكَّةَ , فَإِنَّهُ يَتَطَوَّعُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأَوْقَاتِ وَغَيْرِهَا. قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا تَقَاسِيمُ أَبِي حَنِيفَةَ فَدَعَاوٍ فَاسِدَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ , لاَ دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا , لاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ , وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ , وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ ، وَلاَ رَأْيٍ سَدِيدٍ , وَأَقْوَالُ مَالِكٍ : لاَ دَلِيلَ عَلَى تَقْسِيمِهَا ; لاَ سِيَّمَا قَوْلُهُ بِإِسْقَاطِ الآيَةِ فِي التِّلاَوَةِ بَيْنَ الآيَتَيْنِ , فَهُوَ إفْسَادُ نَظْمِ الْقُرْآنِ , وَقَوْلٌ مَا سَبَقَهُ إلَيْهِ أَحَدٌ. وَكَذَاك إسْقَاطُهُ وَقْتَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ مِنْ جُمْلَةِ الأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِيهَا , فَهُوَ خِلاَفُ الثَّابِتِ فِي ذَلِكَ ، عَنِ النَّبِيِّ r بِلاَ مُعَارِضٍ لَهُ وَأَمَّا تَفْرِيقُ الشَّافِعِيِّ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا , وَبَيْنَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِ : فَلاَِثَرَيْنِ سَاقِطَيْنِ رُوِّينَاهُمَا : فِي أَحَدِهِمَا النَّهْيُ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ إلاَّ بِمَكَّةَ. وَفِي الآخَرِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ صَلاَةٌ كُلُّهُ , وَلَيْسَا مِمَّا يُشْتَغَلُ بِهِ , وَلاَ أَوْرَدَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ ; فَوَجَبَ الإِضْرَابُ عَنْ هَذِهِ الأَقْوَالِ جُمْلَةً , وَالإِقْبَالُ عَلَى السُّنَنِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ , وَالنَّظَرِ فِي اسْتِعْمَالِهَا كُلِّهَا [ وَفِي تَغْلِيبِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى الآخَرِ , عَلَى مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ ، عَنِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَعَنِ التَّابِعِينَ رحمهم الله. قَالَ عَلِيٌّ : حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حدثنا أَبِي ، حدثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حدثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، حدثنا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ , وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : لاَ صَلاَةَ بَعْدَ صَلاَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. وَرُوِّينَاهُ هَكَذَا مِنْ طُرُقٍ , اكْتَفَيْنَا بِهَذَا لِصِحَّتِهِ وَكُلُّهَا صِحَاحٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ يَقُولُ : ثَلاَثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا : حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ , وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ , وَحِينَ تَضَيَّفَ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. وَرُوِّينَا أَيْضًا فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ وَغَيْرِهِ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلاَنِيِّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ ، حدثنا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ هُوَ أَبُو تَوْبَةَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ السُّلَمِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ قَالَ : جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرِ , فَصَلِّ مَا شِئْتَ , فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ , حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ , ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَتَرْتَفِعَ قِيسَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ , فَإِنَّهَا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ , ثُمَّ صَلِّ مَا شِئْتَ , فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحُ ظِلَّهُ , وَأَقْصِرْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ وَتُفْتَحُ أَبْوَابُهَا فَإِذَا زَاغَتْ فَصَلِّ مَا شِئْتَ , فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ , حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَرُوِّينَا مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : الشَّمْسُ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ , فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا. فَإِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا , فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا , فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا , وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ r ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَالْعَجَبُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَالِكِيِّينَ لِهَذَا الْخَبَرِ , وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ شَيْخِهِمْ. قَالَ عَلِيٌّ : فَذَهَبَ إلَى هَذِهِ الآثَارِ قَوْمٌ , فَلَمْ يَرَوْا الصَّلاَةَ أَصْلاً فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ : كَانَ أَبُو بَكْرَةَ فِي بُسْتَانٍ لَهُ فَنَامَ ، عَنِ الْعَصْرِ , فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ , فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى غَرُبَتْ الشَّمْسُ , ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ كِلاَهُمَا ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ : أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ أَتَاهُمْ فِي بُسْتَانٍ لَهُمْ فَنَامَ ، عَنِ الْعَصْرِ فَقَامَ فَتَوَضَّأَ , ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ. وبه إلى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ نَامَ ، عَنِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ , قَالَ : فَقُمْت أُصَلِّي فَدَعَانِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَأَجْلَسَنِي حَتَّى ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ , ثُمَّ قَالَ : قُمْ فَصَلِّ. وَرُوِّينَا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ , وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ كِلاَهُمَا ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ عَلَى الصَّلاَةِ بِنِصْفِ النَّهَارِ. أَبُو الْبَخْتَرِيِّ هَذَا هُوَ صَاحِبُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَاتِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ , وَإِلَى التَّمَادِي فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ , وَهُوَ فِيهَا , أَوْ إذَا غَرُبَتْ لَهُ وَهُوَ فِيهَا , وَإِلَى تَأْدِيَةِ كُلِّ صَلاَةِ تَطَوُّعٍ جَاءَ بِهَا أَمْرٌ , وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَة ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ حَدَّثَنِي حَجَّاجُ الأَحْوَلُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ r ، عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ ، عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ يَغْفُلُ عَنْهَا فَقَالَ : كَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا. وبه إلى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ : أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِبَاحٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ , إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ , فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا , وَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ صَلاَةٍ فَرْضٍ أَوْ نَافِلَةٍ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ r بِصَلاَةِ الْكُسُوفِ , وَبِالرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ , وَبِالصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ , وَسَائِرَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ عليه السلام , وَأَخَذَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ. كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَهُ , فَنَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَانْسَلَّ الْمِسْوَرُ , فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى أَصْبَحَ , فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : أَتَرَانِي أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ الشَّمْسُ أَرْبَعًا يَعْنِي الْعِشَاءَ وَثَلاَثًا يَعْنِي الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْنِ يَعْنِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَوَاحِدَةً يَعْنِي رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَالَ : نَعَمْ فَصَلاَّهُنَّ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يُحَنَّسَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : إنْ خَشِيتَ مِنْ الصُّبْحِ فَوَاتًا فَبَادَرْت بِالرَّكْعَةِ الآُولَى الشَّمْسَ , فَإِنْ سَبَقْت بِهَا الشَّمْسَ فَلاَ تُعَجِّلْ بِالآخِرَةِ أَنْ تُكْمِلَهَا. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ : أَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : صَلَّيْت خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الْفَجْرَ فَاسْتَفْتَحَ الْبَقَرَةَ فَقَرَأَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ : فَقَالَ عُمَرُ حِينَ فَرَغَ قَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَك لَقَدْ كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ قَالَ : لَوْ طَلَعَتْ لاََلْفَتْنَا غَيْرَ غَافِلِينَ. وبه إلى مَعْمَرٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : صَلَّى بِنَا عُمَرُ صَلاَةَ الْغَدَاةِ فَمَا انْصَرَفَ حَتَّى عَرَفَ كُلُّ ذِي بَالٍ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ ; فَقِيلَ لَهُ : مَا فَرَغَتْ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ فَقَالَ : لَوْ طَلَعَتْ لاََلْفَتْنَا غَيْرَ غَافِلِينَ. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ يَكُونُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَكُلَّ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ يَرَوْنَ طُلُوعَ الشَّمْسِ يَقْطَعُ صَلاَةَ مَنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ , وَهُوَ يُصَلِّي الصُّبْحَ. وَالْعَجَبُ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ الَّذِينَ يَرَوْنَ إنْكَارَ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ تَرَكَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ حُجَّةً فِي سُقُوطِ وُجُوبِ الْغُسْلِ لَهَا وَهَذَا ضِدُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْكَارُ عُمَرَ : ثُمَّ لاَ يَرَوْنَ تَجْوِيزَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ : حُجَّةً فِي ذَلِكَ. بَلْ خَالَفُوا جَمِيعَ مَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ مُبِيحٍ وَمَانِعٍ وَخَالَفُوا أَبَا بَكْرَةَ فِي تَأْخِيرِ صَلاَةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ , وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ , وَمَنْ أَمَرَ بِالإِعَادَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ , وَإِلَى صُفْرَةِ الشَّمْسِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ هَذِهِ فَأَغْنَى ، عَنْ إعَادَتِهِ. وَرُوِّينَا ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الصَّلاَةِ الَّتِي تُنْسَى , قَالَ : يُصَلِّيهَا حِينَ يَذْكُرُهَا , وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلاَةُ وَمِثْلُهُ أَيْضًا ، عَنْ عَطَاءٍ وطَاوُوس وَغَيْرِهِمْ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ : حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ : سَمِعْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ : إنَّ أَبَاهُ كَانَ يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ , وَبَعْدَ الْغَدَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ مُوسَى : وَكَانَ نَافِعٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ , فَحَدَّثْته ، عَنْ سَالِمٍ فَقَالَ لِي نَافِعٌ : سَالِمٌ أَقْدَمُ مِنِّي وَأَعْلَمُ. قال علي : هذا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ نَافِعٍ إلَى الْقَوْلِ بِهَذَا ; وَعَلَى أَنَّهُ قَوْلُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ : قَالَ عَلِيٌّ : فَغَلَّبَ هَؤُلاَءِ أَحَادِيثَ الأَوَامِرِ عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ , وَقَالُوا : إنَّ مَعْنَى النَّهْيِ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ , أَيْ إلاَّ أَنْ تَكُونَ صَلاَةً أُمِرْتُمْ بِهَا , فَصَلَّوْهَا فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا. وَقَالَ الآخَرُونَ : مَعْنَى الأَمْرِ بِهَذِهِ الصَّلَوَاتِ , أَيْ إلاَّ أَنْ تَكُونَ وَقْتًا نَهَى فِيهِ ، عَنِ الصَّلاَةِ فَلاَ تُصَلُّوهَا فِيهِ. قَالَ عَلِيٌّ : فَلَمَّا كَانَ كِلاَ الْعَمَلَيْنِ مُمْكِنًا , لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنْ الآخَرِ إلاَّ بِبُرْهَانٍ , فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ : فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى : قَرَأْت عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ , وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَعْرَجِ حَدَّثُوهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ , وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ. فَكَانَ هَذَا مُبَيِّنًا غَايَةَ الْبَيَانِ أَنَّ قَضَاءَ الصَّلَوَاتِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ فَرْضٌ ; ، وَأَنَّ الأَمْرَ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ بِلاَ شَكٍّ. فإن قيل : فَلِمَ قُلْتُمْ : إنَّ مَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ مِنْ الْعَصْرِ وَمِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِمَا. قلنا : لِمَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام وَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مَا لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ , وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ. فَكَانَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ عليه السلام مُمْكِنًا أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَقْتَ الْخُرُوجِ مِنْ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ , وَمُمْكِنًا أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَقْتَ الدُّخُولِ فِيهَا. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ; فَكَانَ هَذَا الْخَبَرُ مُبَيِّنًا أَنَّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ غُرُوبِهَا وَقْتٌ لِبَعْضِ صَلاَةِ الصُّبْحِ , وَلِبَعْضِ صَلاَةِ الْعَصْرِ بِيَقِينٍ ; فَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا أَرَادَ وَقْتَ الدُّخُولِ فِيهِمَا , وَكَانَ هَذَا الْخَبَرُ هُوَ الزَّائِدَ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً وَالزِّيَادَةُ وَاجِبٌ قَبُولُهَا فَوَضَحَ أَنَّ الأَمْرَ مُغَلَّبٌ عَلَى النَّهْيِ. فَوَجَدْنَا الآخَرِينَ قَدْ احْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ، حدثنا خَالِدُ بْنُ شُمَيْرٍ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِبَاحٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ الأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ , فَحَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ r جَيْشَ الآُمَرَاءِ فَلَمْ يُوقِظْنَا إلاَّ الشَّمْسُ طَالِعَةً فَقُمْنَا وَهِلِينَ لِصَلاَتِنَا , فَقَالَ النَّبِيُّ r رُوَيْدًا رُوَيْدًا , حَتَّى تَعَالَتْ الشَّمْسُ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَلْيَرْكَعْهُمَا فَقَامَ مَنْ كَانَ يَرْكَعُهُمَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَرْكَعُهُمَا , ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ يُنَادَى بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ بِهَا , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فَصَلَّى بِنَا ; فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : إنَّا بِحَمْدِ اللَّهِ لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا شَغَلَنَا ، عَنْ صَلاَتِنَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ : أَسْرَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r ثُمَّ عَرَّسَ بِنَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ , فَاسْتَيْقَظْنَا وَقَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ , فَجَعَلَ الرَّجُلَ مِنَّا يَثُورُ إلَى طَهُورِهِ دَهِشًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ارْتَحِلُوا قَالَ : فَارْتَحَلْنَا , حَتَّى إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ نَزَلْنَا , فَقَضَيْنَا مِنْ حَوَائِجِنَا , ثُمَّ تَوَضَّأْنَا ; ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ أَقَامَ بِلاَلٌ فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ r وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَبِيهِ قَالَ : سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r وَنَحْنُ فِي سَفَرٍ ذَاتَ لَيْلَةٍ , . فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا قَالَ : إنِّي أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا ، عَنِ الصَّلاَةِ , فَمَنْ يُوقِظُنَا بِالصَّلاَةِ قَالَ بِلاَلٌ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَعَرَّسَ الْقَوْمُ , وَاسْتَنَدَ بِلاَلٌ إلَى رَاحِلَتِهِ , فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ , وَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ r وَقَدْ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ , فَقَالَ : يَا بِلاَلُ , أَيْنَ مَا قُلْتَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ , مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ ; ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ r فَانْتَشَرُوا لِحَاجَاتِهِمْ وَتَوَضَّئُوا , وَارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ , فَصَلَّى بِهِمْ الْفَجْرَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ ، هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ ، حدثنا الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ الظُّهْرِ , قَالَ : وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ ; فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ : صَلَّيْتُمْ الْعَصْرَ قلنا : لاَ , إنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنْ الظُّهْرِ ; قَالَ : فَصَلُّوا الْعَصْرَ , فَقُمْنَا فَصَلَّيْنَا , فَلَمَّا انْصَرَفْنَا قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ جَلَسَ يَرْقُبُ الْعَصْرَ حَتَّى إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا , لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً. وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ أَوْ عَلَى قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا , لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً. وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ : يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ حَتَّى يُقَالَ : هَذَا شَرَقُ الْمَوْتَى , فَقِيلَ لاِبْنِ مَسْعُودٍ : وَمَا شَرَقُ الْمَوْتَى قَالَ : إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ جِدًّا , فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيُصَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا , فَإِنْ احْتَبَسَ فَلْيُصَلِّ مَعَهُمْ , وَلْيَجْعَلْ صَلاَتَهُ وَحْدَهُ : الْفَرِيضَةَ , وَصَلاَتَهُ مَعَهُمْ : تَطَوُّعًا. وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r كَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ ، عَنْ وَقْتِهَا , أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاَةَ ، عَنْ وَقْتِهَا قُلْت : فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ : صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا , فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ , فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ. وَقَالُوا : صَحَّ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ r ، عَنِ الصَّلاَةِ جُمْلَةً فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ , وَنَهْيُهُ عليه السلام ، عَنِ الصِّيَامِ جُمْلَةً فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الأَضْحَى وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ , وَصَحَّ أَمْرُهُ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ مَنْ نَامَ عَنْهَا أَوْ نَسِيَهَا , وَبِالنَّذْرِ , وَبِمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ النَّوَافِلِ , وَبِقَضَاءِ الصَّوْمِ لِلْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ , وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ : فَلَمْ تَخْتَلِفُوا مَعَنَا فِي أَنْ لاَ يُصَامَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ ، عَنْ صِيَامِهَا , وَغَلَّبْتُمْ : النَّهْيَ عَلَى الأَمْرِ , فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي نَهْيِهِ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ , مَعَ أَمْرِهِ عليه السلام بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَقَضَائِهَا , وَإِلاَّ فَلِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ النَّهْيَيْنِ وَالأَمْرَيْنِ فَغَلَّبْتُمْ فِي الصَّوْمِ : النَّهْيَ عَلَى الأَمْرِ , وَغَلَّبْتُمْ فِي الصَّلاَةِ : الأَمْرَ عَلَى النَّهْيِ وَهَذَا تَحَكُّمٌ لاَ يَجُوزُ. وَقَالُوا : يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عليه السلام فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ وَمِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ طُلُوعِ [ الشَّمْسِ , وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ : قَبْلَ النَّهْيِ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ. قال علي : هذا كُلُّ مَا اعْتَرَضُوا بِهِ , مَا لَهُمْ اعْتِرَاضٌ غَيْرُهُ أَصْلاً , وَلَسْنَا نَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ , فَإِنَّهُمْ لاَ مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا , إذْ لَيْسَ مِنْهَا خَبَرٌ إلاَّ وَقَدْ خَالَفُوهُ , وَتَحَكَّمُوا فِيهِ بِالآرَاءِ الْفَاسِدَةِ , وَإِنَّمَا نَعْنِي مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَغْلِيبِ النَّهْيِ جُمْلَةً فَقَطْ. قَالَ عَلِيٌّ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا لاَ مُتَعَلِّقَ لِلْمَالِكِينَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الآثَارِ ; لاَِنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ إلاَّ وَقَدْ خَالَفُوهُ , وَتَحَكَّمُوا فِيهِ , وَحَمَلُوا بَعْضَهُ عَلَى الْفَرْضِ , وَبَعْضَهُ عَلَى التَّطَوُّعِ بِلاَ بُرْهَانٍ , وَإِنَّمَا نَعْنِي مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَغْلِيبِ الأَمْرِ جُمْلَةً وَالْكَلاَمُ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ فَقَطْ. قَالَ عَلِيٌّ : كُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ. أَمَّا حَدِيثَا أَبِي قَتَادَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَدْ جَاءَا بِبَيَانٍ زَائِدٍ , كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِبَاحٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ : مَالَ رَسُولُ اللَّهِ r وَمِلْتُ مَعَهُ , فَقَالَ اُنْظُرْ فَقُلْتُ : هَذَا رَاكِبٌ , هَذَانِ رَاكِبَانِ , هَؤُلاَءِ ثَلاَثَةٌ حَتَّى صِرْنَا سَبْعَةً , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلاَتَنَا يَعْنِي صَلاَةَ الْفَجْرِ , فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ , فَمَا أَيْقَظَهُمْ إلاَّ حَرُّ الشَّمْسِ ; فَقَامُوا فَسَارُوا هُنَيْهَةً ثُمَّ نَزَلُوا فَتَوَضَّئُوا وَأَذَّنَ بِلاَلٌ فَصَلَّوْا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , ثُمَّ صَلَّوْا الْفَجْرَ وَرَكِبُوا , فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي صَلاَتِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ r : إنَّهُ لاَ تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ , إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ , فَمَنْ نَامَ ، عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا , وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ ، عَنْ خَالِدٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ , فَنَامُوا ، عَنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ , فَاسْتَيْقَظُوا بِحَرِّ الشَّمْسِ , فَارْتَفَعُوا قَلِيلاً حَتَّى اسْتَقَلَّتْ الشَّمْسُ , ثُمَّ أَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ , ثُمَّ أَقَامَ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ. فَهَذَا يُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ وَهُمَا أَحْفَظُ مِنْ خَالِدِ بْنِ شُمَيْرٍ , مِنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ يَذْكُرَانِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمْ يَسْتَيْقِظْ إلاَّ بِحَرِّ الشَّمْسِ وَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ حَرَّ الشَّمْسِ لاَ يُوقِظُ النَّائِمَ إلاَّ بَعْدَ صَفْوِهَا وَابْيِضَاضِهَا وَارْتِفَاعِهَا ; وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلاَ. وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَهُمْ بِالاِنْتِظَارِ أَصْلاً , وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالاِنْتِشَارِ لِلْحَاجَةِ , ثُمَّ الْوُضُوءُ , ثُمَّ الصَّلاَةُ فَقَطْ. وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ مَا الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ r الصَّلاَةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ , وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ حَرَّ الشَّمْسِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ لَمَا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا أَخَّرَ الصَّلاَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ صَفَتْ ، وَلاَ ابْيَضَّتْ ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الأَخْبَارِ أَصْلاً : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : " إنَّمَا أَخَّرْتُ الصَّلاَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَبْيَضَّ ، وَلاَ ارْتَفَعَتْ ; ، وَلاَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ : أَمْهِلُوا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَتَبْيَضَّ ; وَإِنَّمَا ذَلِكَ ظَنٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ; وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ إنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَطُّ أَبُو قَتَادَةَ ، وَلاَ عِمْرَانُ رضي الله عنهما : إنَّ تَأْخِيرَهُ عليه السلام الصَّلاَةَ إنَّمَا كَانَ لإِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ابْيَضَّتْ , وَلاَ ارْتَفَعَتْ ; وَإِنَّمَا ذَكَرُوا صِفَةَ فِعْلِهِ عليه السلام فَقَطْ. فَحَصَلَ مَنْ قَطَعَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r إنَّمَا أَخَّرَ الصَّلاَةَ يَوْمئِذٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ابْيَضَّتْ ، وَلاَ ارْتَفَعَتْ عَلَى قَفْوِ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ , وَعَلَى الْحُكْمِ بِالظَّنِّ ; وَكِلاَهُمَا مُحَرَّمٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ; وَعَلَى الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا فَوَجَبَ أَنْ نَطْلُبَ السَّبَبَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَخَّرَ عليه السلام الصَّلاَةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ : فَفَعَلْنَا , فَوَجَدْنَا : مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ ، حدثنا أَبُو حَازِمٍ هُوَ سَلْمَانُ الأَشْجَعِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ r فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ , فَقَالَ النَّبِيُّ r : لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ ; فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ فَفَعَلْنَا , ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ , ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَصَلَّى الْغَدَاةَ. وَ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا أَبَانُ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارِ ، حدثنا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْخَبَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( تَحَوَّلُوا ، عَنْ مَكَانِكُمْ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى. قَالَ عَلِيٌّ : فَارْتَفَعَ الإِشْكَالُ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ; وَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا أَخَّرَ الصَّلاَةَ ; لِيَزُولُوا ، عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْهُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ , وَحَضَرَهُمْ فِيهِ الشَّيْطَانُ فَقَطْ , لاَ لإِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ارْتَفَعَتْ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ ; فَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ قال علي : وهذا تَخْدِيشٌ فِي الرُّخَامِ وَلَمْ يَقُلْ عليه السلام : إنَّ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِ كَوْنِ الشَّمْسِ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ ; وَإِنَّمَا قَالَ : مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ وَحُضُورُ الشَّيْطَانِ فِي مَنْزِلِ قَوْمٍ هُوَ بِلاَ شَكٍّ مِنْ كُلِّ ذِي فَهْمٍ غَيْرُ كَوْنِ الشَّمْسِ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ فَظَهَرَ كَذِبُ هَذَا الْقَائِلِ يَقِينًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَوَجْهٌ رَابِعٌ هُوَ أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّ تَرَدُّدَهُ عليه السلام كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ابْيَضَّتْ بَعْدُ , وَهَذَا لاَ يَصِحُّ أَبَدًا لَكَانَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ نَفْسِهِ بَعْدَ صَلاَتِهِ بِهِمْ مَنْ نَامَ ، عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا نَاسِخًا لِفِعْلِهِ فِي تَأْخِيرِ الصَّلاَةِ ; لاَِنَّهُ بَعْدَهُ. فإن قيل : فَهَلاَّ جَعَلْتُمُوهُ نَاسِخًا لِتَحَوُّلِهِمْ ، عَنِ الْمَكَانِ. قلنا : لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ ; لإِنَّ قَوْلَهُ عليه السلام إذَا ذَكَرَهَا وَ حِينَ يَذْكُرُهَا قَصْدٌ مِنْهُ إلَى زَمَانِ تَأْدِيَتِهَا ; وَلَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ لِمَكَانِ تَأْدِيَتِهَا ; فَلاَ يَكُونُ لِمَا لَيْسَ فِيهِ خِلاَفٌ بِحُكْمِهِ أَصْلاً , وَهَذَا غَايَةُ الْحَقِيقَةِ وَالْبَيَانِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلاً ; لِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمْ يَذُمَّ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ فَقَطْ وَحْدَهُ ; وَإِنَّمَا ذَمَّ التَّأْخِيرَ مَعَ كَوْنِهِ يَنْقُرُهَا أَرْبَعًا لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً ; وَهَذَا بِلاَ شَكٍّ مَذْمُومٌ أَخَّرَ الصَّلاَةَ أَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهَا وَهَذَا مِثْلُ قوله تعالى : وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ ، وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلاَّ قَلِيلاً. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r أَخْبَرَ بِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً وَمِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَتَيْنِ ; فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُدْرِكُ لِلصَّلاَةِ عَاصِيًا بِهَا وَمُصَلِّيًا صَلاَةَ الْمُنَافِقِينَ. وَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ فِي وَقْتِهَا فَقَدْ أَدَّى مَا أُمِرَ , وَلَيْسَ عَاصِيًا , وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الأَفْضَلَ. وَقَدْ صَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيّ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، حدثنا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ سَمِعْت جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ : أَمَا إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ , لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ , فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ , وَمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي : الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ نَصًّا. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذَا هَذَا كَذَلِكَ فَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّهُ عليه السلام عَنَى مَنْ أَخَّرَ صَلاَةً لاَ يَحِلُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ , وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَصْرِ بِلاَ شَكٍّ [ لَكِنْ فِي الظُّهْرِ الْمُتَعَيِّنُ تَحْرِيمُ تَأْخِيرِهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّ التَّفْرِيطَ فِي الْيَقَظَةِ : أَنْ تُؤَخَّرَ صَلاَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى. فَإِنْ قَالُوا فِي خَبَرِ أَنَسٍ جَلَسَ يَرْقُبُ وَقْتَ الْعَصْرِ , قلنا : نَعَمْ , وَإِذَا أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ رَاقِبًا لِلْعَصْرِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى ; فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا أَيْضًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَحُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ ظَاهِرَةٌ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِيَقِينٍ إلاَّ صَلاَةَ الْجُمُعَةِ تُؤَخَّرُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ ; بِقَوْلِهِ : يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ t أَجَازَ التَّطَوُّعَ مَعَهُمْ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ نَفْسِهِ ; فَصَحَّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مُوَافِقٌ لَنَا فِي هَذَا. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فَكَذَلِكَ أَيْضًا , وَهُوَ خَبَرٌ مُوَافِقٌ لَنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. لاَِنَّهُ نَصُّهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ ، عَنْ وَقْتِهَا , وَقَدْ صَحَّ أَنَّ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ فَهُوَ وَقْتٌ لِلدُّخُولِ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ , وَمَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ فَهُوَ وَقْتٌ لِلدُّخُولِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِجَمِيعِ الآثَارِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : لَعَلَّ قَوْلَهُ r : مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ : فَخَطَأٌ ; لإِنَّ " لَعَلَّ " لاَ حُكْمَ لَهَا , وَإِنَّمَا هِيَ ظَنٌّ. وَأَيْضًا فَالْبُرْهَانُ قَدْ صَحَّ أَنَّ قَوْلَهُ عليه السلام : مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مُتَأَخِّرٌ ، عَنْ أَخْبَارِ النَّهْيِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هُوَ رَوَى مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الصُّحْبَةِ وَرَوَى أَخْبَارَ النَّهْيِ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَعُمَرُ بْنُ عَبَسَةَ وَإِسْلاَمُهُمَا قَدِيمٌ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلاَ يَقْدَحُ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ تَأَخُّرُهُ ، وَلاَ تَقَدُّمُهُ , إذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُمَا وَضَمُّ أَحَدِهِمَا إلَى الآخَرِ ; فَالْوَاجِبُ الأَخْذُ بِجَمِيعِهَا كَمَا قَدَّمْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّنَا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى تَغْلِيبِ خَبَرِ النَّهْيِ ، عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْ الْفِطْرِ , وَالنَّحْرِ , وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ , عَلَى أَحَادِيثِ الأَمْرِ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ , وَالنَّذْرِ , وَالْكَفَّارَاتِ ; فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نُغَلِّبَ أَخْبَارَ النَّهْيِ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَحَادِيثِ الأَمْرِ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ الْمَنْسِيَّةِ وَالْمَنُومِ عَنْهَا وَالنَّذْرِ وَسَائِرِ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ : فَهَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ. وَلَعَلَّ هَذَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِالْقِيَاسِ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ , إلاَّ أَنَّهُمْ أَيْضًا يُعَارِضُونَ الْحَنَفِيِّينَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ , بِأَنْ يَقُولُوا لَهُمْ : أَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ نَقَضَ هَذَا الْقِيَاسَ , وَلَمْ يَطْرُدْهُ ; فَأَجَزْتُمْ صَلاَةَ عَصْرِ الْيَوْمِ فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِيهِ. وَلَمْ تَقِيسُوا عَلَيْهِ الصُّبْحَ , وَلاَ قِسْتُمُوهَا عَلَى الصُّبْحِ , ثُمَّ زِدْتُمْ إبْطَالاً لِهَذَا الْقِيَاسِ : فَجَعَلْتُمْ بَعْضَ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِيهِ جُمْلَةً يُقْضَى فِيهِ الْفَرْضُ وَيُسْجَدُ فِيهِ لِلتِّلاَوَةِ وَيُصَلَّى فِيهِ عَلَى الْجِنَازَةِ ; ، وَلاَ يُصَلَّى فِيهِ صَلاَةً مَنْذُورَةً , وَجَعَلْتُمْ بَعْضَهُ لاَ يُصَلَّى فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ , فَلَمْ تَقِيسُوا صَلاَةً فِي بَعْضِ الْوَقْتِ عَلَى صَلاَةٍ فِي سَائِرِهِ وَكَانَ هَذَا أَصَحَّ فِي الْقِيَاسِ وَأَوْلَى مِنْ قِيَاسِ حُكْمِ صَلاَةٍ عَلَى صَوْمٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَنَا : لِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ وَالنَّهْيَيْنِ. [ فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : أَنَّنَا فَعَلْنَا ذَلِكَ ; لإِنَّ النُّصُوصَ جَاءَتْ مُثْبِتَةً لِتَغْلِيبِ أَحَادِيثِ الأَمْرِ بِالصَّلَوَاتِ جُمْلَةً عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي تِلْكَ الأَوْقَاتِ , وَبَعْضُهَا مُتَأَخِّرٌ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ , وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ أَصْلاً بِتَغْلِيبِ الأَمْرِ بِالصَّوْمِ عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ ; بَلْ صَحَّ الإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى وُجُوبِ تَغْلِيبِ النَّهْيِ [ ، عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ , وَالنَّحْرِ عَلَى أَحَادِيثِ إيجَابِ الْقَضَاءِ , وَالنُّذُورِ , وَالْكَفَّارَاتِ , وَكَقَوْلِهِ عليه السلام فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ : إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ مُوجِبًا لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهَا ; فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَامَ بِغَيْرِ نَصٍّ جَلِيٍّ فِيهَا بِخِلاَفِ مَا جَاءَ فِي الصَّلاَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ فَسَقَطَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا جَوَازُ ابْتِدَاءِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ , وَجَوَازُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ تُصَلَّ صَلاَةُ الْفَجْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. فَلِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حدثنا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كِلاَهُمَا ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ الأَجْدَعِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : لاَ تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إلاَّ أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. وَهْبُ بْنُ الأَجْدَعِ تَابِعٌ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ وَسَائِرُ الرُّوَاةِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُمْ ; وَهَذِهِ زِيَادَةُ عَدْلٍ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهَا. وَأَمَّا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى صَلاَةِ الصُّبْحِ فَلِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي فِيهِ فَصَلِّ مَا شِئْتَ فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ , ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَبِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْبَرَاهُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي قَالَ : سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : مَنْ نَامَ ، عَنْ حِزْبِهِ أَوْ ، عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَالرِّوَايَةُ فِي أَنْ لاَ صَلاَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلاَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ سَاقِطَةٌ مَطْرُوحَةٌ مَكْذُوبَةٌ كُلُّهَا , لَمْ يَرْوِهَا أَحَدٌ إلاَّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ وَهُوَ مَالِكٌ , أَوْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ , وَلَيْسَ ، هُوَ ابْنُ حَزْمٍ , أَوْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ , وَهُوَ سَاقِطٌ , أَوْ مِنْ طَرِيقِ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَمُدَلِّسٌ , عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ مِمَّنْ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ. وَقَدْ قَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : كُنَّا نَأْتِي عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ فَأَتَيْنَاهَا يَوْمًا فَإِذَا هِيَ تُصَلِّي ; . فَقُلْنَا : مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ فَقَالَتْ : إنِّي نِمْت ، عَنْ حِزْبِي فَلَمْ أَكُنْ لاَِدَعَهُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَالْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ كِلاَهُمَا ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : مَرَّ ابْنُ مَسْعُودٍ بِرَجُلَيْنِ يَتَكَلَّمَانِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ , فَقَالَ : يَا هَذَانِ إمَّا أَنْ تُصَلِّيَا وَأَمَّا أَنْ تَسْكُتَا وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ : أَنَّ طَاوُوسًا قَالَ لِمُجَاهِدٍ : أَتَعْقِلُ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلِّ مَا شِئْت. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : صَلِّ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا شِئْت. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ [ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا بِأَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ , وَرُوِّينَا ذَلِكَ أَيْضًا ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ تَعَلُّقِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ , وَفِيهِ نَهَى النَّبِيُّ r ، عَنْ أَنْ نَقْبُرَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ : حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ , وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ , وَحِينَ تَضَيَّفُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ , وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ خَبَرٌ يُعَارِضُ هَذَا النَّهْيَ أَصْلاً ثُمَّ لاَ يُبَالُونَ بِإِطْرَاحِهِ , فَيُجِيزُونَ أَنْ تُقْبَرَ الْمَوْتَى فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ دُونَ أَنْ يَكْرَهُوا ذَلِكَ , ثُمَّ يُحَرِّمُونَ قَضَاءَ التَّطَوُّعِ , وَبَعْضُهُمْ قَضَاءَ الْفَرْضِ , وَقَدْ جَاءَتْ النُّصُوصُ مُعَارِضَةً لِهَذَا النَّهْيِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَلاَ يَحِلُّ دَفْنُ الْمَوْتَى فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ أَلْبَتَّةَ , وَأَمَّا الصَّلاَةُ عَلَيْهِمْ فَجَائِزَةٌ بِهَا , لِلأَمْرِ بِذَلِكَ عُمُومًا. وَلِمَا حَدَّثَنَا حمام بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْت عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَمْ مَرَّةً يَقُولُ : سَمِعْت نَافِعًا يَقُولُ : سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : لَسْت أَنْهَى أَحَدًا صَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ; وَلَكِنِّي أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْت أَصْحَابِي يَفْعَلُونَ ; وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : r لاَ تَحَرَّوْا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ , وَلاَ غُرُوبَهَا. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِنَّمَا نَهَى عليه السلام ، عَنْ تَحَرِّي الصَّلاَةَ وَالْقَصْدَ إلَيْهَا فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ , وَفِي وَقْتِ الاِسْتِوَاءِ فَقَطْ , وَصَحَّ بِهَذَا أَنَّ التَّطَوُّعَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَالْمَنْدُوبَ إلَيْهِ يُصَلَّى فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ : هُوَ عَمَلُ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، ; لإِنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَ [ أَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ كَمَا رَأَى أَصْحَابُهُ يَفْعَلُونَ : وَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ آنِفًا يُصَلِّي إثْرَ الطَّوَافِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ , وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , [ وَبَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَأَمَّا مَنْ رَأَى مِنْ أَصْحَابِنَا النَّهْيَ ، عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ [ صَلاَةِ الْعَصْرِ مَنْسُوخًا بِصَلاَتِهِ عليه السلام الرَّكْعَتَيْنِ : فَكَانَ يَصِحُّ هَذَا لَوْلاَ حَدِيثُ وَهْبِ بْنِ الأَجْدَعِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ إبَاحَتِهِ عليه السلام : الصَّلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا دَامَتْ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً ; فَبَطَلَ النَّسْخُ فِي ذَلِكَ. وَصَحَّ أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ إلاَّ عَنِ الْقَصْدِ بِالصَّلاَةِ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ وَضَافَتْ لِلْغُرُوبِ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْت مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ : سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَابَاهُ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ , لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. قَالَ عَلِيٌّ : وَإِسْلاَمُ جُبَيْرٍ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا , إنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ : وَهَذَا بِلاَ شَكٍّ بَعْدَ نَهْيِهِ عليه السلام ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَوَجَبَ اسْتِثْنَاءُ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ النَّهْيِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 287 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُخَصَّ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ بِصَلاَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى سَائِرِ اللَّيَالِيِ. لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا أَبُو كُرَيْبٍ ثنا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : لاَ تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِيِ , وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. 288 - مَسْأَلَةٌ : وَخَيْرُ الأَعْمَالِ مَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r عَمِلَهُ وَمَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ , وَذَلِكَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ بُرْهَانُ ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وَمَا كَانَ عليه السلام لِيَدَعَ الأَفْضَلَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ الثَّقَفِيُّ ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ عُمَرَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنْ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ. 289 - مَسْأَلَةٌ : وَصَلاَةُ التَّطَوُّعِ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا مُنْفَرِدًا ; وَكُلُّ تَطَوُّعٍ فَهُوَ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْمَسَاجِدِ إلاَّ مَا صَلَّى مِنْهُ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَفْضَلُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَسُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ , وَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ صَلاَةٍ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ r لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ مِنْهُ , ثُمَّ قَالَ : قُومُوا فَلآُصَلِّي لَكُمْ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا , فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرَفَ. وَقَدْ صَلَّى عليه السلام بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ تَطَوُّعًا إذْ أَمَّهُمْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِي بَيْتِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ. قَدْ صَلَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ جَمَاعَةً وَكَذَلِكَ أَنَسٌ أَيْضًا. وبه إلى أَبِي دَاوُد : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : صَلاَةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ فِي مَسْجِدٍ إلاَّ الْمَكْتُوبَةَ , وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ : حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ , وَالنُّعْمَانِ بْنِ قَيْسٍ , قَالَ مَنْصُورٌ : عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لِي أَبُو مَعْمَرٍ : إذَا صَلَّيْت الْمَكْتُوبَةَ فَارْجِعْ إلَى بَيْتِك. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ قَيْسٍ مَا رَأَيْت عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيَّ مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ قَطُّ. وَرُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ الْمُثَنَّى : حدثنا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مُخْلِدٍ ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r قَالَ : تَطَوُّعُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ يَزِيدُ عَلَى تَطَوُّعِهِ عِنْدَ النَّاسِ كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ. وبه إلى ابْنِ الْمُثَنَّى : حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حدثنا إسْرَائِيلُ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : كَانَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ لاَ يَتَطَوَّعُ فِي الْمَسْجِدِ. وَرُوِّينَا ، عَنْ وَكِيعٍ قَالَ : قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ نُسَيْرُ بْنُ ذُعْلُوقٍ مَا رَأَيْت الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ مُتَطَوِّعَا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ قَطُّ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ سُئِلَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ، عَنِ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ فَقَالَ : إنِّي لاََكْرَهُهُ ; بَيْنَمَا هُمْ جَمِيعًا إذَا اخْتَلَفُوا. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : أَدْرَكْت النَّاسَ زَمَانَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُمْ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بُيُوتِهِمْ. وَالتَّطَوُّعُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا , وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْمَسْجِدِ أَيْضًا , وقال أبو حنيفة وَأَصْحَابُهُ : كُلُّ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ وقال مالك : كُلُّ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ إلاَّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ كَرِهَ التَّطَوُّعَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِأَنَّ هَذَا خَوْفُ الذَّرِيعَةِ فِي أَنْ يَقْضِيَهَا أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالصَّلاَةِ مَعَ الأَئِمَّةِ. قال علي : وهذا غَايَةٌ فِي الْفَسَادِ مِنْ الْقَوْلِ ; لإِنَّ الْمُبْتَدِعَ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ بِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ ، وَلاَ فَرْقَ. وَأَيْضًا : فَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَى بُيُوتِهِمْ فَيَقْضُونَهَا هُنَالِكَ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد : حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ ، حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَيَنْمَازُ ، عَنْ مُصَلاَّهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ قَلِيلاً غَيْرَ كَثِيرٍ , فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَمْشِي أَنْفَسَ مِنْ ذَلِكَ فَيُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ رَأَيْته يَصْنَعُ ذَلِكَ مِرَارًا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : حدثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ سَمِعْت عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَانِ السُّلَمِيِّ قَالَ : كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُعَلِّمُنَا أَنْ نُصَلِّيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا فَكُنَّا نُصَلِّي بَعْدَهَا أَرْبَعًا ; حَتَّى جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ بَعْدَهَا سِتًّا , فَنَحْنُ نُصَلِّي بَعْدَهَا سِتًّا. وَقَدْ حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، حدثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَبْلَ أَنْ نَلْقَى الزُّهْرِيَّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ r يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ. 290 - مَسْأَلَةٌ : وَأَفْضَلُ الْوِتْرِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ , وَتُجْزِئُ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْوِتْرُ وَتَهَجُّدُ اللَّيْلِ يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَجْهًا , أَيُّهَا فَعَلَ أَجْزَأَهُ , وَأَحَبُّهَا إلَيْنَا , وَأَفْضَلُهَا : أَنْ نُصَلِّيَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً , نُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نُصَلِّي رَكْعَةً وَاحِدَةً وَنُسَلِّمُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا الْقَعْنَبِيُّ ، حدثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ r كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً , ثُمَّ يُصَلِّي إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ , يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا , ثُمَّ يُصَلِّي خَمْسَ رَكَعَاتٍ مُتَّصِلاَتٍ لاَ يَجْلِسُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حدثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حدثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً , يُوتِرُ مِنْهُنَّ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ , لاَ يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْخَمْسِ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ , ثُمَّ يَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ. وَالثَّالِثُ : أَنْ يُصَلِّيَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ , يُسَلِّمُ مِنْ آخِرِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً , يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. وَالرَّابِعُ : أَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ , يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ : لِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ : حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، حدثنا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ r ، عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ : مَثْنَى مَثْنَى , فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِرَكْعَةٍ. وَالْخَامِسُ : أَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ , لاَ يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ إلاَّ فِي آخِرِهَا ; فَإِذَا جَلَسَ فِي آخِرِهِنَّ وَتَشَهَّدَ : قَامَ دُونَ أَنْ يُسَلِّمَ ; فَأَتَى بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ , ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ : لِ مَا رُوِّينَا ، عَنْ مُسْلِمٍ : حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ ، عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلاَ أَدُلُّك عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : مَنْ قَالَ : عَائِشَةُ. فَذَكَرَ سَعْدٌ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلَهَا ، عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ r وَأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ : إنَّهُ كَانَ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ , لاَ يَجْلِسُ فِيهَا إلاَّ فِي الثَّامِنَةِ , ثُمَّ يَنْهَضُ ، وَلاَ يُسَلِّمُ , ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ , ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ , ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا , ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ , وَهُوَ قَاعِدٌ , فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ ; وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الأَوَّلِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا حَمَّادٌ ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يُوتِرُ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ , يَقْعُدُ فِي الثَّامِنَةِ ; ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَةً. وَالسَّادِسُ : أَنْ يُصَلِّيَ سِتَّ رَكَعَاتٍ , يُسَلِّمُ فِي آخِرِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا , وَيُوتِرُ بِسَابِعَةٍ ; لِقَوْلِهِ عليه السلام صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ. وَالسَّابِعُ : أَنْ يُصَلِّيَ سَبْعَ رَكَعَاتٍ , لاَ يَجْلِسُ ، وَلاَ يَتَشَهَّدُ إلاَّ فِي آخِرِ السَّادِسَةِ مِنْهُنَّ , ثُمَّ يَقُومُ دُونَ تَسْلِيمٍ فَيَأْتِي بِالسَّابِعَةِ , ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى ، حدثنا إِسْحَاقُ أَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ ، حدثنا أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمَّا كَبِرَ وَضَعُفَ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ , لاَ يَقْعُدُ إلاَّ فِي السَّادِسَةِ , ثُمَّ يَنْهَضُ ، وَلاَ يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي السَّابِعَةَ , ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَالثَّامِنُ : أَنْ يُصَلِّيَ سَبْعَ رَكَعَاتٍ , لاَ يَجْلِسُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِهِنَّ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ لِ مَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ : أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ أَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، حدثنا قَتَادَةُ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ لَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ لاَ يَقْعُدُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ , ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ. وَالتَّاسِعُ : أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ , يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ ; لِقَوْلِهِ عليه السلام : صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ. وَالْعَاشِرُ : أَنْ يُصَلِّيَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ مُتَّصِلاَتٍ ; لاَ يَجْلِسُ , وَلاَ يَتَشَهَّدُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ : لِ مَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ : ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يُوتِرُ بِخَمْسٍ لاَ يَجْلِسُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ. قَالَ عَلِيٌّ : وَقَدْ قَالَ بِهَذَا بَعْضُ السَّلَفِ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ , أَنَّهُ رَأَى عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ مَا جَلَسَ لِمَثْنَى : وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ : كَذَلِكَ يُوتِرُ أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَمْسٍ , لاَ يَجْلِسُ إلاَّ فِي آخِرِهِنَّ : وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : الْوِتْرُ كَصَلاَةِ الْمَغْرِبِ , إلاَّ أَنَّهُ لاَ يَقْعُدُ إلاَّ فِي الثَّالِثَةِ : قَالَ عَلِيٌّ : قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا لَمْ يَرْوِهِ ، عَنِ النَّبِيِّ r فَلاَ نَقُولُ بِهِ إذْ لاَ حُجَّةَ إلاَّ فِي رَسُولِ اللَّهِ r قَوْلُهُ أَوْ عَمَلُهُ أَوْ إقْرَارُهُ فَقَطْ. وَالْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ : أَنْ يُصَلِّيَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ , يَجْلِسُ فِي آخِرِ الثَّانِيَةِ مِنْهُنَّ , وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ , ثُمَّ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ , يَتَشَهَّدُ فِي آخِرِهَا وَيُسَلِّمُ ; لِقَوْلِهِ عليه السلام : صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ : وَقَدْ رَوَى بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا أَثَرًا مِنْ طَرِيقِ الأَوْزَاعِيِّ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ ، عَنِ الْوِتْرِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ بِتَسْلِيمٍ , فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : إنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ الْبُتَيْرَاءُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : أَتُرِيدُ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ r هَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ r . وَالثَّانِيَ عَشَرَ : أَنْ يُصَلِّيَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ , يَجْلِسُ فِي الثَّانِيَةِ , ثُمَّ يَقُومُ دُونَ تَسْلِيمٍ وَيَأْتِي بِالثَّالِثَةِ , ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ , كَصَلاَةِ الْمَغْرِبِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي حَنِيفَةَ : لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ ، حدثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْهُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ لاَ يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيْ الْوِتْرِ. وَالثَّالِثَ عَشَرَ : أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً فَقَطْ , وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمَا : لِمَا حَدَّثَنَاهُ حَمَّامُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حدثنا شُعْبَةُ ، حدثنا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ : سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ , وَابْنَ عُمَرَ ، عَنِ الْوِتْرِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ. وَرُوِّينَا ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَمُعَاوِيَةَ , وَغَيْرِهِمْ : الْوِتْرُ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ لاَ يُزَادُ عَلَيْهَا شَيْءٌ , وَكَذَلِكَ أَيْضًا ، عَنْ عُثْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ قال علي : هذا كُلُّ مَا صَحَّ عِنْدَنَا ; وَلَوْ صَحَّ عِنْدَنَا ، عَنِ النَّبِيِّ r زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا لَقُلْنَا بِهِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلَمْ يَصِحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r نَهْيٌ ، عَنِ الْبُتَيْرَاءِ , وَلاَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى سُقُوطِهِ بَيَانُ مَا هِيَ الْبُتَيْرَاءُ , وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : الثَّلاَثُ بُتَيْرَاءُ يَعْنِي فِي الْوِتْرِ ; فَعَادَتْ الْبُتَيْرَاءُ عَلَى الْمُحْتَجِّ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ فِيهَا. فإن قيل : قَدْ صَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r ، أَنَّهُ قَالَ : صَلاَةُ الْمَغْرِبِ وِتْرُ النَّهَارِ , فَأَوْتِرُوا صَلاَةَ اللَّيْلِ. قِيلَ لَهُمْ : لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ وِتْرُ اللَّيْلِ ثَلاَثًا كَوِتْرِ النَّهَارِ , وَهَذَا كَذِبٌ مِمَّنْ يَنْسُبُهُ إلَى إرَادَةِ رَسُولِ اللَّهِ r فَإِنْ قَطَعْتُمْ بِذَلِكَ كَذَبْتُمْ وَكُنْتُمْ أَيْضًا خَالَفْتُمْ مَا قُلْتُمْ ; لاَِنَّهُ يَلْزَمُكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا فِي الآُولَيَيْنِ وَتُسِرُّوا فِي الثَّالِثَةِ كَالْمَغْرِبِ ; وَأَنْ تَقْنُتُوا فِي الْمَغْرِبِ كَمَا تَقْنُتُونَ فِي الْوِتْرِ ; أَوْ أَنْ لاَ تَقْنُتُوا فِي الْوِتْرِ كَمَا لاَ تَقْنُتُوا فِي الْمَغْرِبِ ; وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 291 - مَسْأَلَةٌ : وَالْوِتْرُ آخِرُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ. وَمَنْ أَوْتَرَ أَوَّلَهُ فَحَسَنٌ , وَالصَّلاَةُ بَعْدَ الْوِتْرِ جَائِزَةٌ , وَلاَ يُعِيدُ وِتْرًا آخَرَ ; ، وَلاَ يَشْفَعُ بِرَكْعَةٍ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا ابْنُ أَبِي خَلَفٍ ، حدثنا أَبُو زَكَرِيَّاءَ السَّيْلَحِينِيُّ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ لاَِبِي بَكْرٍ : مَتَى تُوتِرُ قَالَ : أَوَّلَ اللَّيْلِ , وَقَالَ لِعُمَرَ : مَتَى تُوتِرُ قَالَ : آخِرَ اللَّيْلِ فَقَالَ عليه السلام لاَِبِي بَكْرٍ : أَخَذَ هَذَا بِالْحَذَرِ , وَقَالَ لِعُمَرَ : أَخَذَ هَذَا بِالْقُوَّةِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حدثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ حَمْزَةَ قَاضِي دِمَشْقَ ، عَنْ يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ , ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ , ثُمَّ رَكَعَ بَعْدَ ذَلِكَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام : اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا وَ بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ فَنَدْبٌ ; لِمَا قَدْ بَيَّنَّا : مِنْ أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ فَرْضًا ; وَمِنْ فِعْلِهِ عليه السلام إذْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ غَيْرَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ; وَلِقَوْلِهِ عليه السلام لاَِبِي هُرَيْرَةَ : أَنْ لاَ يَنَامَ إلاَّ عَلَى وِتْرٍ. فَلاَ يَجُوزُ تَرْكُ بَعْضِ كَلاَمِهِ لِبَعْضٍ , وَلَيْسَ هَذَا مَكَانَ نَسْخٍ لَكِنَّهُ إبَاحَةٌ كُلُّهُ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا مُلاَزِمُ بْنُ عَمْرٍو ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ قَالَ : زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ فِي رَمَضَانَ , وَأَمْسَى عِنْدَنَا فَأَفْطَرَ ثُمَّ قَامَ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا ثُمَّ انْحَدَرَ إلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ , حَتَّى إذَا بَقِيَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلاً , فَقَالَ : أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ وَقَدْ رُوِيَ ، عَنْ عُثْمَانَ t وَغَيْرِهِ شَفْعُ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ , إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَمَا يُوتِرُ ، وَلاَ حُجَّةَ إلاَّ فِي رَسُولِ اللَّهِ r . 292 - مَسْأَلَةٌ : وَيُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ مَعَ " أُمِّ الْقُرْآنِ : " , وَإِنْ قَرَأَ فِي الثَّلاَثِ رَكَعَاتٍ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَحَسَنٌ. وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فَحَسَنٌ , وَإِنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِمِائَةِ آيَةٍ مِنْ النِّسَاءِ " فَحَسَنٌ , قَالَ تَعَالَى ﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ , عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ; فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً أَوْتَرَهَا , وَقَرَأَ فِيهَا بِمِائَةِ آيَةٍ مِنْ النِّسَاءِ وَقَالَ : مَا أَلَوْتُ أَنْ وَضَعْت قَدَمِي حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَنْ أَقْرَأَ مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ r . حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ ، حدثنا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُوتِرُ بِثَلاَثٍ يَقْرَأُ فِيهِنَّ فِي الآُولَى بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى , وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. 293 - مَسْأَلَةٌ : وَيُوتِرُ الْمَرْءُ قَائِمًا وَقَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ إنْ شَاءَ , وَعَلَى دَابَّتِهِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، حدثنا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : كُنْت أَسِيرُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَخَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ , ثُمَّ لَحِقْتُهُ , فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَيْنَ كُنْتَ فَقُلْتُ : خَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ , فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قُلْت : بَلَى , وَاَللَّهِ قَالَ : فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ سَأَلْت نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ : أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ : نَعَمْ ; وَهَلْ لِلْوِتْرِ فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ التَّطَوُّعِ , وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ : وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ : أَيُوتِرُ الرَّجُلُ وَهُوَ جَالِسٌ قَالَ : نَعَمْ وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ : الْوِتْرُ لاَ يُقْضَى , وَلاَ يَنْبَغِي تَرْكُهُ ; وَهُوَ تَطَوُّعٌ , وَهُوَ أَشْرَفُ التَّطَوُّعِ. : وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : الْوِتْرُ وَالأَضْحَى : تَطَوُّعٌ : قَالَ عَلِيٌّ : لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ التَّطَوُّعَ يُصَلِّيهِ الْمَرْءُ جَالِسًا إنْ شَاءَ : كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ ، عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا حَتَّى كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ , فَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 294 - مَسْأَلَةٌ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مَرَّةً فِي كُلِّ شَهْرٍ ; فَإِنْ خَتَمَهُ فِي أَقَلَّ : فَحَسَنٌ , وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْتِمَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ ; فَإِنْ فَعَلَ فَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. وَلاَ يَجُوزُ لاَِحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ شَيْبَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r اقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ قُلْتُ : إنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ : فَاقْرَأْهُ فِي عِشْرِينَ لَيْلَةً , قُلْتُ : إنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ : فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ , لاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا عَبْدُ الصَّمَدُ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حدثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، حدثنا قَتَادَةُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ الشِّخِّيرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ r فِي كَمْ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ : فِي شَهْرٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُ : اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ قَالَ : إنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ ; قَالَ عليه السلام : لاَ يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ. فإن قيل : قَدْ كَانَ عُثْمَانُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ قلنا : قَدْ كَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ , وَقَالَ تَعَالَى ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ , وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، حدثنا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ كِلاَهُمَا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ فَهُوَ رَاجِزٌ , وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ ، حدثنا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ ; وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَكْرَهُ ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ الدَّسْتُوَائِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ r كَيْفَ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ : اقْرَأْهُ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ , لاَ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ . فَإِنَّ رِوَايَةَ عَطَاءٍ لِهَذَا الْخَبَرِ مُضْطَرِبَةٌ مَعْلُولَةٌ , وَعَطَاءٌ قَدْ اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ نَفْسَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ لَهُ : اقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ , قَالَ : فَنَاقَصَنِي وَنَاقَصْتُهُ. قَالَ عَطَاءٌ : فَاخْتَلَفْنَا ، عَنْ أَبِي ; فَقَالَ بَعْضُنَا : سَبْعَةِ أَيَّامٍ , وَقَالَ بَعْضُنَا خَمْسَةٍ. قَالَ عَلِيٌّ : فَعَطَاءٌ يَعْتَرِفُ بِاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَبِيهِ , وَأَنَّهُ لَمْ يُحَقِّقْ مَا قَالَ أَبُوهُ فَإِنْ ذَكَرُوا : أَنَّ دَاوُد عليه السلام كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي سَاعَةٍ قلنا : قُرْآنُ دَاوُد هُوَ الزَّبُورُ , لاَ هَذَا الْقُرْآنُ , وَشَرِيعَتُهُ غَيْرُ شَرِيعَتِنَا وَدَاوُد عليه السلام لَمْ يُبْعَثْ إلاَّ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً , لاَ إلَيْنَا ; وَمُحَمَّدٌ عليه السلام هُوَ الَّذِي بُعِثَ إلَيْنَا , صَحَّ ذَلِكَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَقَالَ تَعَالَى ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا. وَأَمَّا قِيَامُ اللَّيْلِ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمْ يَقُمْ لَيْلَةً قَطُّ حَتَّى الصَّبَاحِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى صَلاَةُ دَاوُد كَانَ يَرْقُدُ شَطْرَ اللَّيْلِ , ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَرْقُدُ آخِرَهُ ثُمَّ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذْ هَذَا أَحَبُّ الصَّلاَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَمَا زَادَ عَلَى هَذَا فَهُوَ دُونَ هَذَا بِلاَ شَكٍّ ; فَإِذَا كَانَ دُونَ هَذَا فَهُوَ ضَائِعٌ لاَ أَجْرَ فِيهِ ; فَهُوَ تَكَلُّفٌ , وَقَدْ نُهِينَا ، عَنِ التَّكَلُّفِ وَقَدْ مَنَعَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ كُلِّهِ : سَلْمَانُ , وَمُعَاذٌ , وَغَيْرُهُمَا 295 - مَسْأَلَةٌ : وَالْجَهْرُ وَالإِسْرَارُ فِي قِرَاءَةِ التَّطَوُّعِ لَيْلاً وَنَهَارًا : مُبَاحٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذْ لَمْ يَأْتِ مَنْعٌ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلاَ إيجَابٌ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ فإن قيل : تَخْفِضُ النِّسَاءُ قلنا : وَلِمَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مُسْلِمَانِ فِي أَنَّ سَمَاعَ النَّاسِ كَلاَمَ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ r مُبَاحٌ لِلرِّجَالِ , وَلاَ جَاءَ نَصٌّ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ النِّسَاءِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ 296 - مَسْأَلَةٌ : وَالْجَمْعُ بَيْنَ السُّوَرِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ أَيْضًا : حَسَنٌ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ بَعْضِ السُّوَرِ فِي الرَّكْعَةِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ أَيْضًا : حَسَنٌ لِلإِمَامِ وَالْفَذِّ بُرْهَانُ ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما قِرَاءَتَهُمَا " الْبَقَرَةَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ " وَآلَ عِمْرَانَ " كَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ،. 297 - مَسْأَلَةٌ : وَجَائِزٌ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَطَوَّعَ مُضْطَجِعًا بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَى الْقِبْلَةِ , وَرَاكِبًا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ دَابَّتُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا ; الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حدثنا رُوحُ بْنُ عُبَادَةَ أَنَا حُسَيْنُ هُوَ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَأَلَ نَبِيَّ اللَّهِ r ، عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا فَقَالَ عليه السلام : إنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ , وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ. قَالَ عَلِيٌّ : لاَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الإِبَاحَةِ إلاَّ مُصَلِّي الْفَرْضَ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ عَلَى الْقُعُودِ فَقَطْ , وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا ; فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ ; فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذِ الْعَنْبَرِيُّ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ ، عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ : كَانَ يُصَلِّي لَيْلاً طَوِيلاً قَائِمًا , وَلَيْلاً طَوِيلاً قَاعِدًا ; فَإِذَا قَرَأَ قَائِمًا رَكَعَ قَائِمًا , وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ قَاعِدًا . قَالَ عَلِيٌّ : كُلُّ هَذَا سُنَّةٌ وَمُبَاحٌ ; وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ r . حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، حدثنا شَيْبَانُ ، هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ ، عَنْ يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ ثَوْبَانَ : أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ وَهُوَ رَاكِبٌ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ : حدثنا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ ، عَنْ يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ ثَوْبَانَ حَدَّثَنِي جَابِرٌ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ r يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذَا عُمُومٌ لِلرَّاكِبِ أَيَّ شَيْءٍ رَكِبَ , وَفِي كُلِّ حَالٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ , وَهَذَا الْعُمُومُ زَائِدٌ عَلَى كُلِّ خَبَرٍ وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ , وَلاَ يَجُوزُ تَرْكُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِ. وَلَمْ يَأْتِ فِي الرَّاجِلِ نَصٌّ أَنْ يَتَطَوَّعَ مَاشِيًا , وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ , فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الرَّاكِبِ , وَقَدْ رُوِّينَا ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى رِحَالِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِمْ. وَهَذِهِ حِكَايَةٌ ، عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، رضي الله عنهم ، عُمُومًا فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 298 - مَسْأَلَةٌ : وَيَكُونُ سُجُودُ الرَّاكِبِ وَرُكُوعُهُ إذَا صَلَّى إيمَاءً : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ , يُومِئُ إيمَاءً , وَذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ. 299 - مَسْأَلَةٌ : وَأَمَّا صَلاَةُ الْفَرْضِ فَلاَ يَحِلُّ لاَِحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلاَّ وَاقِفًا إلاَّ لِعُذْرٍ : مِنْ مَرَضٍ , أَوْ خَوْفٍ مِنْ عَدُوٍّ ظَالِمٍ ; أَوْ مِنْ حَيَوَانٍ ; أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ; أَوْ ضَعْفٍ ، عَنِ الْقِيَامِ كَمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ ; أَوْ مَنْ صَلَّى مُؤْتَمًّا بِإِمَامٍ مَرِيضٍ , أَوْ مَعْذُورٍ فَصَلَّى قَاعِدًا فَإِنَّ هَؤُلاَءِ يُصَلُّونَ قُعُودًا ; فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الإِمَامُ عَلَى الْقُعُودِ , وَلاَ الْقِيَامِ : صَلَّى مُضْطَجِعًا وَصَلُّوا كُلُّهُمْ خَلْفَهُ مُضْطَجِعِينَ ، وَلاَ بُدَّ , وَإِنْ كَانَ فِي كِلاَ الْوَجْهَيْنِ مُذَكِّرًا يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ صَلَّى إنْ شَاءَ قَائِمًا إلَى جَنْبِ الإِمَامِ , وَإِنْ شَاءَ صَلَّى كَمَا يُصَلِّي إمَامُهُ. فأما الْخَائِفُ , وَالْمَرِيضُ ; فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا ; وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ ، وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ ; وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْقِيَامَ إلاَّ عَمَّنْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ بِالنَّصِّ ; وَهَذَا فِي الْخَائِفِ وَالْمَرِيضِ : إجْمَاعٌ مَعَ أَنَّهُ عليه السلام قَدْ صَلَّى الْفَرِيضَةَ قَاعِدًا لِمَرَضٍ كَانَ بِهِ وَلَوْثٍ بِرِجْلِهِ. وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ يُصَلِّي قَاعِدًا لِعُذْرٍ , فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَلَّدَهُ : لاَ يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا الأَصِحَّاءَ إلاَّ رِوَايَةً رَوَاهَا ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ مُوَافِقَةً لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ. وقال أبو حنيفة وَالشَّافِعِيُّ : يَؤُمُّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا : الأَصِحَّاءَ , إلاَّ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ قِيَامًا , وَلاَ بُدَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : وَلاَ يَؤُمُّ الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا لِعُذْرٍ : الأَصِحَّاءَ أَصْلاً وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابُنَا : يَؤُمُّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا : الأَصِحَّاءَ , وَلاَ يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ إلاَّ قُعُودًا كُلُّهُمْ , وَلاَ بُدَّ قَالَ عَلِيٌّ : وَبِهَذَا نَأْخُذُ إلاَّ فِيمَنْ يُصَلِّي إلَى جَنْبِ الإِمَامِ يُذَكِّرُ النَّاسَ وَيُعْلِمُهُمْ تَكْبِيرَ الإِمَامِ ; فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا. قَالَ عَلِيٌّ : فَنَظَرْنَا هَلْ جَاءَ فِي هَذَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r بَيَانٌ فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَذَكَرَ كَلاَمَهُ عليه السلام وَفِيهِ , وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حدثنا الْمُغِيرَةُ الْحِزَامِيُّ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ , قَالَ أَبُو بَكْرٍ : ، وَاللَّفْظُ لَهُ : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانِ , وَقَالَ أَبُو الرَّبِيعِ : حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ : حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ; وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : حدثنا أَبِي , ثُمَّ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ : عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ r فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعُودُونَهُ , فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r جَالِسًا فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ قِيَامًا ; فَأَشَارَ إلَيْهِمْ : أَنْ اجْلِسُوا فَجَلَسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا. وَرُوِّينَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ : اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ r فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ , فَالْتَفَتَ إلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا , فَأَشَارَ إلَيْنَا فَقَعَدْنَا فَصَلَّيْنَا بِصَلاَتِهِ قُعُودًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ : إنْ كِدْتُمْ آنِفًا تَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلاَ تَفْعَلُوا وَائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ إنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا , وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا , وَرَوَاهُ أَيْضًا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ , وَهَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ , وَأَبُو عَلْقَمَةَ وَأَبُو يُونُسَ كُلُّهُمْ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَعَائِشَةَ وَمِنْ طَرِيقِ الأَسْوَدِ عَنْهَا فَصَارَ نَقْلَ تَوَاتُرٍ ; فَوَجَبَ لِلْعِلْمِ ; فَلَمْ يَجُزْ لاَِحَدٍ خِلاَفُ ذَلِكَ. فَنَظَرْنَا فِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ فِي مَنْعِهِمْ مِنْ صَلاَةِ الْجَالِسِ لِمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ لِلأَصِحَّاءِ , فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ شَيْئًا أَصْلاً , إلاَّ أَنَّ قَائِلَهُمْ قَالَ : هَذَا خُصُوصٌ لِلنَّبِيِّ r وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ , وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : لاَ يَؤُمَّنَّ أَحَدُكُمْ بَعْدِي جَالِسًا قال علي : وهذا لاَ شَيْءَ. أَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ هَذَا خُصُوصٌ لِرَسُولِ اللَّهِ r فَبَاطِلٌ ; لإِنَّ نَصَّ الْحَدِيثِ يُكَذِّبُ هَذَا الْقَوْلِ ; لاَِنَّهُ عليه السلام قَالَ فِيهِ : إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا فَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام عَمَّ بِذَلِكَ كُلَّ إمَامٍ بَعْدَهُ بِلاَ إشْكَالٍ. وقوله تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تَكْذِيبٌ لِكُلِّ مَنْ ادَّعَى الْخُصُوصَ فِي شَيْءٍ مِنْ سُنَنِهِ وَأَفْعَالِهِ عليه السلام , إلاَّ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى دَعْوَاهُ بِنَصٍّ صَحِيحٍ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ فَبَاطِلٌ ; لاَِنَّهُ رِوَايَةُ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ الْكَذَّابِ الْمَشْهُورِ بِالْقَوْلِ بِرَجْعَةِ عَلِيٍّ t وَمُجَالِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ , وَهُوَ مُرْسَلٌ مَعَ ذَلِكَ. وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ يُوهِنُونَ رِوَايَاتِ أَهْلِ الْكُوفَةِ الَّتِي لاَ نَظِيرَ لَهَا , وَلاَ يَجِدُونَ فِي رِوَايَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَصَحَّ مِنْهَا أَصْلاً ; فَمَا نَعْلَمُ لاَِهْلِ الْمَدِينَةِ أَصَحَّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، عَنِ الأَسْوَدِ , وَعَلْقَمَةَ , وَمَسْرُوقٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَابْنِ مَسْعُودٍ : ثُمَّ لاَ يُبَالُونَ هَاهُنَا بِتَغْلِيبِ أَفَتْنِ رِوَايَةٍ لاَِهْلِ الْكُوفَةِ وَأَخْبَثِهَا عَلَى أَصَحِّ رِوَايَةٍ لاَِهْلِ الْمَدِينَةِ , كَالزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ , وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ , وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ , وَأَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ , كُلِّهِمْ ، عَنِ النَّبِيِّ r وَمَا بَعْدَ هَذَا عَجَبٌ وأعجب مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ أَفْعَالَهُ عليه السلام كَأَوَامِرِهِ , ثُمَّ لَمْ يُبَالُوا هَاهُنَا بِخِلاَفِ آخِرِ فِعْلٍ فَعَلَهُ عليه السلام فَإِنَّ آخِرَ صَلاَةٍ صَلاَّهَا عليه السلام بِالنَّاسِ قَاعِدًا , كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قَالُوا : إنَّ صَلاَةَ الْقَاعِدِ نَاقِصَةُ الْفَضْلِ ، عَنْ صَلاَةِ الْقَائِمِ , فَكَيْفَ يَؤُمُّ الصَّحِيحَ قلنا : إنَّمَا يَكُونُ نَاقِصَ الْفَضْلِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ , أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَفُسِحَ لَهُ فِي الْقُعُودِ , وَأَمَّا إذَا اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ الْقُعُودُ فَلاَ نُقْصَانَ لِفَضْلِ صَلاَتِهِ حِينَئِذٍ , ثُمَّ مَا فِي هَذَا مِمَّا يَمْنَعُ أَنْ يَؤُمَّ الأَنْقَصُ فَضْلاً مَنْ هُوَ أَتَمُّ فَضْلاً فِي صَلاَتِهِ مِنْهُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنْ لاَ صَلاَةَ لاَِحَدٍ أَفْضَلَ مِنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r وَقَدْ ائْتَمَّ بِأَبِي بَكْرٍ , وَبِعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ , وَهُمَا أَنْقُصُ صَلاَةً مِنْهُ بِلاَ شَكٍّ وَقَدْ يَؤُمُّ عِنْدَكُمْ الْمُسَافِرُ وَصَلاَتُهُ رَكْعَتَانِ هَذَا الْمُقِيمَ وَفَرْضُهُ أَرْبَعٌ ; فَلِمَ أَجَزْتُمْ ذَلِكَ وَمَنَعْتُمْ هَذَا لَوْلاَ التَّحَكُّمُ بِلاَ بُرْهَانٍ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ , وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ , وَأَبِي حَنِيفَةَ , فَوَجَدْنَاهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ r بِالصَّلاَةِ جُلُوسًا خَلْفَ الإِمَامِ الْجَالِسِ لِعُذْرٍ , أَوْ مَرَضٍ مَنْسُوخٌ , فَسَأَلْنَاهُمْ : بِمَاذَا فَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ، حدثنا زَائِدَةُ ، حدثنا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عُتْبَةَ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلْتُهَا ، عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ r فَذَكَرَتْ الْخَبَرَ ; وَفِيهِ : عَهْدُهُ r إلَى أَبِي بَكْرٍ بِالصَّلاَةِ , وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ تِلْكَ الأَيَّامَ ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ r وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ , أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ , لِصَلاَةِ الظُّهْرِ , وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ , فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ , فَأَوْمَأَ إلَيْهِ النَّبِيُّ r : أَنْ لاَ يَتَأَخَّرَ , وَقَالَ لَهُمَا : أَجْلِسَانِي إلَى جَنْبِهِ , فَأَجْلَسَاهُ إلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ , وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي , وَهُوَ قَائِمٌ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ , وَالنَّبِيُّ r قَاعِدٌ فَذَكَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ عَرَضَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئًا. وبه إلى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنِ الأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ r قَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلاَةِ وَجَدَ النَّبِيُّ r مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً , فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ , وَرِجْلاَهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ , فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ فَذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ r أَقِمْ مَكَانَك فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى جَلَسَ ، عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ : فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا , وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا , يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاَةِ النَّبِيِّ r وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ وبه إلى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ هُوَ عَلِيٌّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، عَنِ الأَسْوَدِ , عَنْ عَائِشَةَ , فَذَكَرَتْ هَذَا الْحَدِيثَ وَفِيهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ , وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ. قَالَ عَلِيٌّ : فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الْخَبَرِ , فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ لاَ نَصًّا , وَلاَ دَلِيلاً عَلَى مَا ادَّعَوْهُ مِنْ نَسْخِ الأَمْرِ بِأَنْ يُصَلِّيَ الأَصِحَّاءُ قُعُودًا خَلْفَ الإِمَامِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا لِعُذْرٍ , إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ ، وَلاَ إشَارَةٌ بِأَنَّ النَّاسَ صَلَّوْا خَلْفَهُ عليه السلام قِيَامًا , حَاشَا أَبَا بَكْرٍ الْمُسْمِعَ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ فَقَطْ ; فَلَمْ تَجُزْ مُخَالَفَةُ يَقِينِ أَمْرِهِ عليه السلام بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ بِأَنْ يُصَلِّيَ النَّاسُ جُلُوسًا : لِظَنٍّ كَاذِبٍ لاَ يَصِحُّ أَبَدًا , بَلْ لاَ يَحِلُّ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُظَنَّ بِالصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالَفَةُ أَمْرِهِ عليه السلام كَيْفَ وَفِي نَصِّ لَفْظِ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا إلاَّ قُعُودًا وَذَلِكَ لإِنَّ فِيهِ : أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ , وَبِالضَّرُورَةِ نَدْرِي أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا قِيَامًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ لَمَا اقْتَدَى بِصَلاَتِهِ إلاَّ الصَّفُّ الأَوَّلُ فَقَطْ ; وَأَمَّا سَائِرُ الصُّفُوفِ فَلاَ ; لأَنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرَوْنَهُ ; لإِنَّ الصَّفَّ الأَوَّلَ يَحْجُبُهُمْ عَنْهُ , وَالصُّفُوفُ خَلْفَهُ عليه السلام كَانَتْ مَرْصُوصَةً , لاَ مُتَنَابِذَةً , وَلاَ مُتَقَطِّعَةً , فَإِذْ فِي نَصِّ الْخَبَرِ , وَلَفْظِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ , فَهَذَا خَبَرٌ ، عَنْ جَمِيعِهِمْ ; فَصَحَّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي حَالٍ يَرَوْنَهُ كُلُّهُمْ , فَيَصِحُّ لَهُمْ الاِقْتِدَاءُ بِصَلاَتِهِ , وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ إلاَّ فِي حَالِ قُعُودِهِمْ ; ، وَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ لَفْظِ الْخَبَرِ , وَلاَ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ إلاَّ بِنَصٍّ جَلِيٍّ. ثُمَّ لَوْ كَانَ فِي الْحَدِيثِ نَصًّا أَنَّهُمْ صَلَّوْا قِيَامًا وَهَذَا لاَ يُوجَدُ أَبَدًا لَمَا كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى النَّسْخِ أَلْبَتَّةَ , بَلْ كَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ إبَاحَةً فَقَطْ , وَبَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ الأَمْرَ الْمُتَقَدَّمَ نَدْبٌ ، وَلاَ مَزِيدَ كَمَا قلنا فِي الْمُذَكَّرِ : إنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا , وَفِي الصَّفِّ إنْ شَاءَ أَوْ إلَى جَنْبِ الإِمَامِ. فَبَطَلَ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ جُمْلَةً , وَظَهَرَ تَنَاقُضُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إجَازَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرِيضُ قَاعِدًا بِالأَصِحَّاءِ قِيَامًا , وَمَنَعَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرِيضُ مُضْطَجِعًا الأَصِحَّاءَ , وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَصْلاً , وَقَدْ اعْتَرَضَ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ هُوَ الإِمَامَ. وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ ، حدثنا حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : آخِرُ صَلاَةٍ صَلاَّهَا رَسُولُ اللَّهِ r مَعَ الْقَوْمِ : صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. وبه إلى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ : أَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عِيسَى قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَذْكُرُ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ r فِي الصَّفِّ. حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ثني أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حدثنا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبِّرِ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ r خَلْفَهُ , قَالَ عَلِيٌّ : وَلاَ مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهَذَا ; لاَِنَّهُمَا صَلاَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ بِلاَ شَكٍّ. إحْدَاهُمَا : الَّتِي رَوَاهَا الأَسْوَدُ ، عَنْ عَائِشَةَ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْهَا , وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , صِفَتُهَا أَنَّهُ عليه السلام إمَامُ النَّاسِ , وَالنَّاسُ خَلْفَهُ , وَأَبُو بَكْرٍ t ، عَنْ يَمِينِهِ عليه السلام , فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ , يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَ النَّبِيِّ r . وَالصَّلاَةُ الثَّانِيَةُ : الَّتِي رَوَاهَا مَسْرُوقٌ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ , وَحُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ , صِفَتُهَا أَنَّهُ عليه السلام كَانَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ فَارْتَفَعَ الإِشْكَالُ جُمْلَةً. وَلَيْسَتْ صَلاَةً وَاحِدَةً فِي الدَّهْرِ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى التَّعَارُضِ , بَلْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسُ صَلَوَاتٍ , وَمَرَضُهُ عليه السلام كَانَ مُدَّةَ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا مَرَّتْ فِيهَا سِتُّونَ صَلاَةً أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَقَدْ اعْتَرَضَ قَوْمٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِرِوَايَةٍ سَاقِطَةٍ وَاهِيَةٍ , انْفَرَدَ بِهَا إسْرَائِيلُ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ وَلَيْسَ بِمَشْهُورِ الْحَالِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r اسْتَتَمَّ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ , قَالَ : وَأَنْتُمْ لاَ تَقُولُونَ بِهَذَا. قَالَ عَلِيٌّ : وَالْجَوَابُ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْمُطَّرَحَةَ لاَ يُعَارَضُ بِهَا مَا رَوَاهُ مِثْلُ إبْرَاهِيمَ ، عَنِ الأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَيْضًا : فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْفِعْلُ لَقُلْنَا بِهِ وَلَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا وَاَلَّتِي لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا , وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَمَا لاَ بُدَّ مِنْ الطَّهَارَةِ وَمِنْ الْقِبْلَةِ ; وَمِنْ التَّكْبِيرِ , وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ بَدَأَ عليه السلام بِالْقِرَاءَةِ فِي السُّورَةِ مِنْ حَيْثُ وَقَفَ أَبُو بَكْرٍ , وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا مُبَاحٌ جَيِّدٌ. وَأَيْضًا : فَإِنَّ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها ، ذَكَرَتْ : أَنَّهَا كَانَتْ صَلاَةَ الظُّهْرِ , وَهِيَ سِرٌّ ; فَبَطَلَ مَا رَوَاهُ إسْرَائِيلُ. وَأَيْضًا : فَلَوْ بَطَلَ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ صَلاَتِهِ عليه السلام فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ : لَخَلُصَ أَمْرُهُ عليه السلام الْمُصَلَّيْنَ خَلْفَهُ فِي مَرَضِهِ إذْ سَقَطَ مِنْ فَرَسٍ فَوَثِئَتْ رِجْلُهُ الطَّاهِرَةُ بِالْقُعُودِ , وَبِالصَّلاَةِ خَلْفَ الإِمَامِ الْجَالِسِ جُلُوسًا , الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ , وَابْنِ عُمَرَ , بَاقِيًا لاَ مُعَارِضَ لَهُ , وَلاَ مُعْتَرَضَ فِيهِ لاَِحَدٍ , وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَبِمِثْلِ قَوْلِنَا يَقُولُ جُمْهُورُ السَّلَفِ ، رضي الله عنهم ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : الإِمَامُ أَمِينٌ , فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا , وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا , وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ : إنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ بِهِ وَجَعٌ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ قَاعِدًا وَأَصْحَابُهُ قُعُودًا. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ اشْتَكَى فَكَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ جَالِسًا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ : وَأَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ قَهْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَنَّ إمَامًا لَهُمْ اشْتَكَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r فَكَانَ يَؤُمُّنَا جَالِسًا وَنَحْنُ جُلُوسٌ. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَؤُلاَءِ أَبُو هُرَيْرَةَ , وَجَابِرٌ , وَأُسَيْدُ , وَكُلُّ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ , وَعَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r فِي غَيْرِ مَسْجِدِهِ , لاَ مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، أَصْلاً ; كُلُّهُمْ يَرْوِي إمَامَةَ الْجَالِسِ لِلأَصِحَّاءِ , وَلَمْ يُرْوَ ، عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِلاَفٌ لاَِبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ فِي أَنْ يُصَلِّيَ الأَصِحَّاءُ وَرَاءَهُ جُلُوسًا , وَرُوِّينَا ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ أَمَرَ الأَصِحَّاءَ بِالصَّلاَةِ خَلْفَ الْقَاعِدِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ : مَا رَأَيْت النَّاسَ إلاَّ عَلَى أَنَّ الإِمَامَ إذَا صَلَّى قَاعِدًا صَلَّى مَنْ خَلْفَهُ قُعُودًا ; قَالَ : وَهِيَ السُّنَّةُ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ. وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ عَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ قَالَ : أَتَيْنَا حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يَوْمًا , وَقَدْ صَلَّوْا الصُّبْحَ , فَقَالَ : إنَّا أَحْيَيْنَا الْيَوْمَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ r قلنا : مَا هِيَ يَا أَبَا إسْمَاعِيلَ قَالَ : كَانَ إمَامُنَا مَرِيضًا , فَصَلَّى بِنَا جَالِسًا , فَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ جُلُوسًا. وَبِإِمَامَةِ الْجَالِسِ لِلأَصِحَّاءِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَالأَوْزَاعِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو ثَوْرٍ , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ , وَدَاوُد وَجُمْهُورُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ التَّابِعِينَ مَنَعَ مِنْ جَوَازِ صَلاَةِ الْمَرِيضِ قَاعِدًا بِالأَصِحَّاءِ ; إلاَّ شَيْئًا رُوِيَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مَنْعًا مِنْ جَوَازِهَا. قَالَ عَلِيٌّ : وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلُ : يُصَلِّي الْمَرِيضُ الَّذِي لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ ، وَلاَ عَلَى الْقُعُودِ بِالأَصِحَّاءِ مُضْطَجِعًا ; إلاَّ أَنَّهُ رَأَى أَنْ يُصَلُّوا وَرَاءَهُ قِيَامًا قال علي : وهذا خَطَأٌ ; بَلْ لاَ يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ إلاَّ مُضْطَجِعِينَ مُومِئِينَ ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَهَذَا عُمُومٌ مَانِعٌ لِلاِخْتِلاَفِ عَلَى الإِمَامِ جُمْلَةً. وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عليه السلام : إذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا : رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا بِمَانِعٍ مِنْ أَنْ يَأْتَمُّوا بِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ ; فَوَجَبَ الاِئْتِمَامُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ , إلاَّ حَالاً خَصَّهَا نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ فَقَطْ. وَأَمَّا الْمَرِيضُ خَلْفَ الصَّحِيحِ ; فَإِنَّ الصَّحِيحَ يُصَلِّي قَائِمًا , وَالْمَرِيضُ يَأْتَمُّ بِهِ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا ; لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r فِي آخِرِ صَلاَةٍ صَلاَّهَا مَعَ النَّاسِ فِي جَمَاعَةٍ صَلَّى قَاعِدًا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ , وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ , وَذَلِكَ بَعْدَ أَمْرِهِ عليه السلام بِأَنْ لاَ يَخْتَلِفَ عَلَى الإِمَامِ. وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا ; وَلِقَوْلِهِ عليه السلام : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 300 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ رَاكِبًا ، وَلاَ مَاشِيًا إلاَّ فِي حَالِ الْخَوْفِ فَقَطْ ; وَسَوَاءٌ خَافَ طَالِبًا لَهُ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ ; أَوْ خَافَ نَارًا , أَوْ سَيْلاً , أَوْ حَيَوَانًا عَادِيًا , أَوْ مَطَرًا , أَوْ فَوْتَ رُفْقَةٍ , أَوْ تَأَخُّرًا ، عَنْ بُلُوغِ مَحَلِّهِ , أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ فَلَمْ يَفْسَحْ تَعَالَى فِي الصَّلاَةِ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلاً مَاشِيًا إلاَّ لِمَنْ خَافَ ; وَلَمْ يَخُصَّ عَزَّ وَجَلَّ خَوْفًا مِنْ خَوْفٍ ; فَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ أَصْلاً. وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ مَنَعُوا مِنْ الصَّلاَةِ كَذَلِكَ إلاَّ مَنْ خَافَ طَالِبًا , وَهُمْ يَقُولُونَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ الْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْض : إنَّ مُبَاحًا لَهُمْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ فِي حَالِ تَمَادِيهِمْ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا فَخَصُّوا مَا عَمَّ اللَّهُ تَعَالَى بِلاَ دَلِيلٍ , وَأَتَوْا إلَى قوله تعالى : فَمَنْ اُضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لاِِثْمٍ , وَإِلَى قوله تعالى : فَمَنْ اُضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ ، وَلاَ عَادٍ فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ فَقَالُوا : نَعَمْ , وَمَنْ اُضْطُرَّ مُتَجَانِفًا لاِِثْمٍ وَبَاغِيًا وَعَادِيًا , وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ أَجَازَ الْقَصْرَ لِلْمُسَافِرِ فِي مَعْصِيَةٍ ; فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلَهُ ; إذْ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ , وَأَمَّا نَحْنُ فَمَا اتَّبَعْنَا إلاَّ النَّصَّ فَقَطْ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 301 - مَسْأَلَةٌ : وَمَا عَمِلَهُ الْمَرْءُ فِي صَلاَتِهِ مِمَّا أُبِيحَ لَهُ مِنْ الدِّفَاعِ عَنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ , وَلاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ , وَكَذَلِكَ الْمُحَارَبَةُ لِلظَّالِمِ , وَإِطْفَاءُ النَّارِ الْعَادِيَةِ , وَإِنْقَاذُ الْمُسْلِمِ , وَفَتْحُ الْبَابِ ; قَلَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَمْ كَثُرَ. وَكُلُّ مَا تَعَمَّدَ الْمَرْءُ عَمَلَهُ فِي صَلاَتِهِ مِمَّا لَمْ يُبَحْ لَهُ عَمَلُهُ فِيهَا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ قَلَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَمْ كَثُرَ. وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ الْمَرْءُ نَاسِيًا فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ فِعْلُهُ : فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ , وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلاَّ سُجُودُ السَّهْوِ فَقَطْ ; قَلَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَمْ كَثُرَ. وقال أبو حنيفة : لاَ يَجُوزُ لاَِحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ يُقَاتِلُ ; لَكِنْ يَدَعُونَ الصَّلاَةَ , وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا , وَإِنْ ذَهَبَتْ صَلاَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ ; فَإِذَا ذَهَبَ الْقِتَالُ قَضَوْهَا. وَرَأَى أَنَّ الْكَلاَمَ نَاسِيًا يُبْطِلُ الصَّلاَةَ ; كَمَا يُبْطِلُهُ الْعَمْدُ , وَرَأَى السَّلاَمَ مِنْ الصَّلاَةِ عَمْدًا يُبْطِلُهَا قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ , فَإِنْ كَانَ بِالنِّسْيَانِ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ الصَّلاَةُ. قَالَ : فَلَوْ أَرَادَ مُرِيدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَقَالَ الْمُصَلِّي : سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ أَشَارَ بِيَدِهِ ; لِيَرُدَّهُ كَرِهْت ذَلِكَ , وَلاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ ; فَلَوْ قَالَ لَهُ قَائِلٌ كَلاَمًا فَقَالَ لَهُ الْمُصَلِّي : سُبْحَانَ اللَّهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. فَلَوْ عَطَسَ الْمُصَلِّي فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ , وَحَرَّكَ بِذَلِكَ لِسَانَهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَمَنْ دَعَا لاِِنْسَانٍ أَوْ عَلَيْهِ فَسَمَّاهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , وَرَأَى الْحَدَثَ بِالْغَلَبَةِ مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ لاَ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلاَةُ , وَلَكِنْ تَبْطُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ فَقَطْ. وَرَأَى مَنْ أَخْرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ طَعَامًا بِلِسَانِهِ فَابْتَلَعَهُ عَامِدًا : أَنَّ صَلاَتَهُ تَامَّةٌ ; وَحَدَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ذَلِكَ بِمِقْدَارِ الْحِمَّصَةِ. قَالَ : وَإِنْ بَدَأَ الصَّلاَةَ رَاكِبًا ثُمَّ أَمِنَ فَنَزَلَ بَنَى , فَإِنْ بَدَأَهَا نَازِلاً ثُمَّ خَافَ فَرَكِبَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَرَأَى قَتْلَ الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ فِي الصَّلاَةِ لاَ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلاَةُ , وَرَأَى النَّفْخَ فِي الصَّلاَةِ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ. وَرَأَى سَائِرَ الأَعْمَالِ الَّتِي تُبْطِلُ الصَّلاَةَ بِالْعَمْدِ تُبْطِلُهَا بِالنِّسْيَانِ. وَرَأَى مَالِكٌ : الْكَلاَمَ , وَالسَّلاَمَ , وَالْعَمَلَ : كُلَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ بِالْعَمْدِ , بَعْضُ ذَلِكَ يَحُدُّ فِيهِ بُطْلاَنَ الصَّلاَةِ بِالْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ دُونَ الْقَلِيلِ , وَبَعْضُهُ بِالْقَلِيلِ وَبِالْكَثِيرِ. وَرَأَى أَيْضًا : الْكَلاَمَ , وَالْعَمَلَ , وَالسَّلاَمَ , بِالنِّسْيَانِ لاَ يُبْطِلُ شَيْءٌ مِنْهُ الصَّلاَةَ ; فَإِنْ كَثُرَ بِالنِّسْيَانِ بَطَلَتْ بِهِ الصَّلاَةُ , وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي النَّفْخِ هَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلاَةُ أَمْ لاَ. وَرَأَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا بَلَغَ فِي صَلاَتِهِ مِمَّا بَيْنَ أَسْنَانِهِ الْحَبَّةَ وَنَحْوَهَا عَمْدًا فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَلَمْ يَرَ التَّسْبِيحَ لِلْعَارِضِ بِغَرَضٍ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ , وَكَرِهَ قَوْلَ الْمُصَلِّي إذَا عَطَسَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ " وَلَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ. وَكَرِهَ قَتْلَ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلَةِ فِي الصَّلاَةِ , وَلَمْ يَرَهَا تَبْطُلُ , وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. وَأَجَازَ لِلْمُصَلِّي رَمْيَ الْعُصْفُورِ فِي الصَّلاَةِ , وَلَمْ يَرَهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ , وَأَمَرَ الْمُحَارَبَ أَنْ يُصَلِّيَ إيمَاءً , فَإِنْ ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ رَاكِبًا لِخَوْفٍ ثُمَّ أَمِنَ فَنَزَلَ , أَوْ ابْتَدَأَهَا نَازِلاً ثُمَّ خَافَ فَرَكِبَ : بَنَى فِي كُلِّ ذَلِكَ , وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. وقال الشافعي : إنْ اُضْطُرَّ الْمُحَارِبُ إلَى الْقِتَالِ , فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَ الضَّرْبَةَ وَيَطْعَنَ الطَّعْنَةَ , فَإِنْ تَابَعَ الضَّرْبَ وَالطَّعْنَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , فَإِنْ صَلَّى مُبْتَدِئًا لِلصَّلاَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ ثُمَّ أَمِنَ فَنَزَلَ بَنَى عَلَى صَلاَتِهِ ; إلاَّ أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ ، عَنِ الْقِبْلَةِ فَتَبْطُلُ صَلاَتُهُ. فَإِنْ بَدَأَ الصَّلاَةَ نَازِلاً ثُمَّ حَدَثَ خَوْفٌ فَرَكِبَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَابْتَدَأَهَا قَالَ : وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ يَجْرِي مَجْرَى الرِّيقِ فَابْتَلَعَهُ , وَلَمْ يَمْلِكْ غَيْرَ ذَلِكَ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ ; فَإِنْ مَضَغَهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , وَلَمْ يَرَ التَّسْبِيحَ ، وَلاَ التَّصْفِيقَ يُنْقِصَانِ الصَّلاَةَ. وَرَأَى قَتْلَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلاَةِ مُبَاحًا , وَكُلَّ عَمَلٍ خَفِيفٍ جَاءَ بِمِثْلِهِ أَثَرٌ لَمْ يَقْطَعْهَا , وَرَأَى الْعَمَلَ الْكَثِيرَ وَالْمَشْيَ الْكَثِيرَ بِالنِّسْيَانِ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَهَذِهِ كُلُّهَا أَقْوَالٌ مُتَنَاقِضَةٌ مُتَخَاذِلَةٌ بِلاَ بُرْهَانٍ , وأعجب ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِلاَ دَلِيلٍ. ثُمَّ مَا هُوَ الْقَلِيلُ , وَمَا هُوَ الْكَثِيرُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ قَلِيلَ إلاَّ , وَهُوَ كَثِيرٌ بِالإِضَافَةِ إلَى مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ , وَلاَ كَثِيرَ إلاَّ , وَهُوَ قَلِيلٌ بِالإِضَافَةِ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ ; وَكُلُّ ذَلِكَ رَأْيٌ فَاسِدٌ بِلاَ بُرْهَانٍ , لاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ , لاَ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ , وَلاَ إجْمَاعٍ ، وَلاَ قِيَاسٍ ، وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ ، وَلاَ احْتِيَاطٍ ، وَلاَ رَأْيٍ يَصِحُّ. فَمِنْ الأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ فِي الصَّلاَةِ : الاِلْتِفَاتُ لِمَنْ أَحَسَّ بِشَيْءٍ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ r إلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحَانَتْ الصَّلاَةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ : أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمَ قَالَ : نَعَمْ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ r وَالنَّاسُ فِي الصَّلاَةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلاَةِ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ r فَأَشَارَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ r : أَنْ اُمْكُثْ مَكَانَكَ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ r مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r فَصَلَّى , فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ , مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَا كَانَ لاِبْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ مِنْ التَّصْفِيحِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ ; فَإِنَّهُ إذَا سَبَّحَ اُلْتُفِتَ إلَيْهِ. وبه إلى أَبِي دَاوُد : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ نَفْسَهُ , وَفِي آخِرِهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلاَةِ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّحْ النِّسَاءُ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : إبَاحَةُ التَّسْبِيحِ عَلَى كُلِّ حَالٍ , وَإِبَاحَةُ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ : وَبُطْلاَنُ قَوْلِ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ; لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ وَرَاءَهُ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى رَافِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِ ; فَلَمْ تَبْطُلْ بِذَلِكَ صَلاَتُهُ. وَفِيهِ : أَنَّ التَّصْفِيقَ نَهَى عَنْهُ الرِّجَالَ , وَأَمَرَ بِهِ النِّسَاءَ فِيمَا نَابَهُنَّ فِي الصَّلاَةِ ; فَإِنْ صَفَّقَ الرَّجُلُ فِي صَلاَتِهِ عَالِمًا بِالنَّهْيِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ; لاَِنَّهُ فَعَلَ فِي صَلاَتِهِ مَا نَهَى عَنْهُ ; فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ. وَإِنْ سَبَّحَتْ الْمَرْأَةُ فَلَمْ تُنْهَ ، عَنِ التَّسْبِيحِ ; بَلْ هُوَ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى حَسَنٌ , وَإِنْ صَفَّحَتْ فَحَسَنٌ ; فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَبَثًا وَلِغَيْرِ نَائِبٍ ; فَهُوَ عَمَلٌ فِي الصَّلاَةِ نُهِينَا عَنْهُ , وَمَنْ فَعَلَ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ. وَفِيهِ : إبَاحَةُ الاِلْتِفَاتِ لِلنَّائِبِ يَنُوبُ فِي الصَّلاَةِ ; فَمَنْ الْتَفَتَ عَبَثًا لِغَيْرِ نَائِبٍ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ; لاَِنَّهُ فَعَلَ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يُونُسَ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : سَمِعْت أَبَا الأَحْوَصِ يُحَدِّثُنَا فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَابْنُ الْمُسَيِّبِ جَالِسٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( لاَ يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حدثنا زَائِدَةُ ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ r ، عَنِ الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ : اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الصَّلاَةِ. قَالَ عَلِيٌّ : مَنْ صَرَفَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ عَنْهُ فِي الصَّلاَةِ فَقَدْ تَرَكَهُ وَلَمْ يَرْضَ عَمَلَهُ , وَإِذَا لَمْ يَرْضَ عَمَلَهُ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ بِلاَ شَكٍّ. وَقَدْ أَيْقَنَّا أَنَّ الاِلْتِفَاتَ الَّذِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَسَخِطَهُ هُوَ غَيْرُ الاِلْتِفَاتِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ , وَعَلِمْنَا أَنَّ مَنْ اخْتَلَسَ الشَّيْطَانُ بَعْضَ صَلاَتِهِ فَلَمْ يُتِمَّهَا , وَإِذَا لَمْ يُتِمَّهَا فَلَمْ يُصَلِّ. وَرُوِّينَا ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ عِرْفَانَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ : لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الاِلْتِفَاتُ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ : لاَ يَزَالُ اللَّهُ تَعَالَى مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ بِوَجْهِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ أَوْ يُحْدِثْ يَعْنِي فِي الصَّلاَةِ , وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : يُدْعَى قَوْمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " الْمَنْقُوصِينَ " الَّذِينَ يَنْقُصُ أَحَدُهُمْ صَلاَتَهُ , وَوُضُوءَهُ , وَالْتِفَاتَهُ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : أَرْبَعٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِي صَلاَتِهِ تَمَّتْ صَلاَتُهُ , فَذَكَرَ مِنْهَا : الاِلْتِفَاتَ , وَالإِشَارَةَ بِالْيَدِ , وَبِالرَّأْسِ لِلْحَاجَةِ , وَالاِسْتِمَاعَ إلَى مَا يَأْتِيهِ , وَهُوَ فِي صَلاَتِهِ لِحَاجَةٍ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ فَكُلُّ هَذَا مُبَاحٌ فِي الصَّلاَةِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو ، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرٍ ، هُوَ ابْنُ الأَشَجِّ ، عَنْ كُرَيْبٍ هُوَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَنْهَى عَنْهُمَا يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا , فَأَرْسَلْتُ إلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ : قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي : تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , سَمِعْتُكَ تَنْهَى ، عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ , وَأَرَاك تُصَلِّيهِمَا , فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ ; فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ , سَأَلْتِ ، عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ إشَارَتَهُ عليه السلام بِيَدِهِ إذْ صَلَّى وَهُوَ جَالِسٌ إلَى الْمُصَلِّينَ وَرَاءَهُ قِيَامًا يَنْهَاهُمْ ، عَنِ الْقِيَامِ , وَالإِشَارَةُ بِرَدِّ السَّلاَمِ بِالْيَدِ وَالرَّأْسِ فِي الصَّلاَةِ جَائِزَةٌ. كَمَا حَدَّثَنَا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حدثنا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلاَةِ وَهَذَا عُمُومٌ فِي كُلِّ مَا نَابَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ ، حدثنا اللَّيْثُ ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ أَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ r وَهُوَ يُصَلِّي , فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إلَيَّ ; فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي وَقَالَ : إنَّكَ سَلَّمْتَ عَلَيَّ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي. حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، حدثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ r إلَى مَسْجِدِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ لِيُصَلِّيَ فِيهِ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ الأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ ; فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا وَكَانَ مَعَهُ : كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ r يَرُدُّ عَلَيْهِمْ قَالَ : كَانَ يُشِيرُ إلَيْهِمْ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا الأَعْرَابِيُّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا قُتَيْبَةُ : أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُمْ ، عَنْ بُكَيْرٍ ، عَنْ نَابِلٍ صَاحِبِ الْعَبَاءِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ : مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ r وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ إشَارَةً . قَالَ عَلِيٌّ : قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : لَعَلَّ هَذِهِ الإِشَارَةَ نَهْيٌ لَهُمْ ; قال علي : هذا الْكَذِبُ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنَهَاهُمْ إثْرَ فَرَاغِهِ : وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ : رَأَيْت أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ r وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَشْهَدَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَأْمُرُ خَادِمَهَا أَنْ تُقَسِّمَ الْمَرَقَةَ , فَتَمُرُّ بِهَا , وَهِيَ فِي الصَّلاَةِ فَتُشِيرُ إلَيْهَا : أَنْ زِيدِي ; وَتَأْمُرُ بِالشَّيْءِ لِلْمِسْكِينِ تُومِئُ بِهِ , وَهِيَ فِي الصَّلاَةِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ قَالَ : رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يُشِيرُ إلَى أَوَّلِ رَجُلٍ فِي الصَّفِّ وَرَأَى خَلَلاً : أَنْ تَقَدَّمَ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَوْمَأَتْ وَهِيَ فِي الصَّلاَةِ إلَى نِسْوَةٍ : أَنْ كُلْنَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : إنِّي لاََعُدُّهَا لِلرَّجُلِ عِنْدِي يَدًا أَنْ يَعْدِلَنِي فِي الصَّلاَةِ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ : قُلْت لِعَطَاءٍ : يَمُرُّ بِي إنْسَانٌ فَأَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلاَثًا : فَيُقْبِلُ ; فَأَقُولُ لَهُ بِيَدِي : أَيْنَ تَذْهَبُ فَيَقُولُ : إلَى كَذَا كَذَا وَأَنَا فِي الْمَكْتُوبَةِ , هَلْ انْقَطَعَتْ صَلاَتِي قَالَ : لاَ , وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ , قُلْت : فَاسْجُدْ لِلسَّهْوِ قَالَ : لاَ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّهَا قَامَتْ إلَى الصَّلاَةِ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ , فَأَشَارَتْ إلَى الْمِلْحَفَةِ فَنَاوَلْتهَا , وَكَانَ عِنْدَهَا نِسْوَةٌ فَأَوْمَأَتْ إلَيْهِنَّ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ بِيَدِهَا تَعْنِي وَهِيَ تُصَلِّي. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ : كَانَ يَجِيءُ الرَّجُلاَنِ إلَى الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ , فَيُشْهِدَانِهِ عَلَى الشَّهَادَةِ , فَيُصْغِي لَهَا سَمْعَهُ , فَإِذَا فَرَغَا يُومِئُ بِرَأْسِهِ أَيْ : نَعَمْ . وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنْ ابْنَ عُمَرَ قَالَ : إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَسُلِّمَ عَلَيْهِ فَلاَ يَتَكَلَّمَنَّ , وَلْيُشِرْ إشَارَةً فَإِنَّ ذَلِكَ رَدُّهُ. فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ قَوْلَهُ عليه السلام : لاَ غِرَارَ فِي صَلاَةٍ ، وَلاَ تَسْلِيمَ. قِيلَ : لَيْسَ هَذَا نَهْيًا ، عَنْ رَدِّ السَّلاَمِ فِي الصَّلاَةِ بِالإِشَارَةِ ; ، وَلاَ يُفْهَمُ هَذَا مِنْ هَذَا اللَّفْظِ , وَالدَّعْوَى مَرْدُودَةٌ إلاَّ بِبُرْهَانٍ. وَالتَّرْوِيحُ لِمَنْ آذَاهُ الْحَرُّ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ ، وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وقوله تعالى : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ فَلَوْ تَرَوَّحْ عَبَثًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَرُوِّينَا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيِّ ، عَنْ أَشْعَثَ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ لاَ يَرَى بَأْسًا بِالتَّرْوِيحِ فِي الصَّلاَةِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَتَرَوَّحُ فِي الصَّلاَةِ وَيَمْسَحُ الْعَرَقَ. وَمِنْ ذَلِكَ إمَاطَتُهُ ، عَنْ كُلِّ مَا يُؤْذِيهِ وَيَشْغَلُهُ ، عَنْ تَوْفِيَةِ صَلاَتِهِ حَقَّهَا : لِمَا ذَكَرْنَا , وَكَذَلِكَ سُقُوطُ ثَوْبٍ , أَوْ حَكُّ بَدَنٍ , أَوْ قَلْعُ بَثْرَةٍ , أَوْ مَسُّ رِيقٍ , أَوْ وَضْعُ دَوَاءٍ , أَوْ رِبَاطُ مُنْحَلٍّ : إذَا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ يُؤْذِيهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ إصْلاَحُ شَأْنِهِ ; لِيَتَفَرَّغَ لِصَلاَتِهِ. رُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : إذَا رَأَى الإِنْسَانُ فِي ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَانْصَرَفَ يَغْسِلُهُ أَتَمَّ , صَلَّى مَا بَقِيَ عَلَى مَا مَضَى مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ. قَالَ عَلِيٌّ : وَمَا لَمْ يَنْحَرِفْ ، عَنِ الْقِبْلَةِ عَامِدًا , وَرُوِّينَا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَتَحَرَّكُ فِي صَلاَتِهِ إلاَّ أَنْ يُصْلِحَ ثَوْبًا أَوْ يَحُكَّ جِلْدًا. وَأَمَّا مَنْ اسْتَرْخَى ثَوْبُهُ حَتَّى مَسَّ كَعْبَهُ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ ; لِئَلاَّ يُصَلِّي مُسْبِلاً عَامِدًا فَتَبْطُلُ صَلاَتُهُ. وَحَتُّ النُّخَامَةِ مِنْ حَائِطِ الْمَسْجِدِ الَّذِي فِي قِبْلَتِهِ : لِمَا حَدَّثَنَاهُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعْدٍ ، حدثنا اللَّيْثُ ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : رَأَى النَّبِيُّ r نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْ النَّاسِ فَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ انْصَرَفَ : إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ , فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي الصَّلاَةِ. وَقَتْلُ الْحَيَّةِ , وَالْعَقْرَبِ , وَالْغُرَابِ , وَالْحِدَأَةِ , وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ , وَالْفَأْرِ , وَالْوَزَغِ صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا : مُبَاحٌ فِي الصَّلاَةِ ; لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسْلِمٌ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : r اُقْتُلُوا الأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ الْحَيَّةُ , وَالْعَقْرَبُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ : مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ r كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ , وَالْفَأْرَةِ , وَالْعَقْرَبِ , وَالْحُدَيَّا وَالْغُرَابِ , وَالْحَيَّةِ قَالَ : وَفِي الصَّلاَةِ أَيْضًا . قَالَ عَلِيٌّ : كُلُّ نِسَاءِ النَّبِيِّ r ثِقَاتٌ فَوَاضِلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُقَدَّسَاتٌ بِيَقِينٍ , وَلاَ يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَغِيبَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ عِلْمُهُنَّ ، وَلاَ عِلْمُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ. فَإِنْ تَأَذَّى بِوَزَغَةٍ , أَوْ بُرْغُوثٍ , أَوْ قَمْلٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُنَّ ، عَنْ نَفْسِهِ. فَإِنْ كَانَ فِي دَفْعِهِ قَتْلُهُنَّ دُونَ تَكَلُّفِ عَمَلٍ شَاغِلٍ ، عَنِ الصَّلاَةِ فَلاَ حَرَجَ فِي ذَلِكَ ; لاَِنَّنَا قَدْ رُوِّينَا عَنْهُ r الأَمْرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَأَمِّ شَرِيكٍ. وَلاَ يَجُوزُ لَهُ التَّفَلِّي فِي الصَّلاَةِ , وَلاَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِرَبْطِ بُرْغُوثٍ , أَوْ قَمْلَةٍ فِي ثَوْبِهِ ; إذْ لاَ ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ ; ، وَلاَ جَاءَ النَّصُّ بِإِبَاحَتِهِ , وَلاَ طَلَبُ قَتْلِ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ فِيهَا ; لِقَوْلِهِ r إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً. وَمَنْ خَطَرَ عَلَيْهِ مِسْكِينٌ فَخَشِيَ فَوْتَهُ فَلَهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ صَدَقَةً وَهُوَ يُصَلِّي وَلَوْ خَشِيَ عَلَى نَعْلَيْهِ أَوْ خُفَّيْهِ مَطَرًا أَوْ أَذًى أَوْ سَرِقَةً فَلَهُ أَنْ يُحَصِّنَهُمَا وَيُزِيلَهُمَا ، عَنْ مَكَانِ الْخَوْفِ ; لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى ، عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَطَلَبَهُ صَاحِبُهُ فَلْيُشِرْ لَهُ إلَيْهِ , أَوْ لِيُنَاوِلْهُ إيَّاهُ ; لاَِنَّهَا أَمَانَةٌ تُؤَدَّى إلَى أَهْلِهَا , قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا , وَإِنَّمَا هَذَا إذَا خَشِيَ ضَيَاعَ الشَّيْءِ أَوْ فَوْتَ صَاحِبِهِ ; فَإِذَا لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فَلاَ يَفْعَلُ ; إلاَّ حَتَّى يُتِمَّ الصَّلاَةَ. وَمَنْ صَفَّ قَدَمَيْهِ أَوْ رَاوَحَ بَيْنَهُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ ; لاَِنَّهُ كُلَّهُ قِيَامٌ , وَمَنْ أَنَّ فِي صَلاَتِهِ , فَإِنْ كَانَ مِنْ شِدَّةِ مَرَضٍ غَالِبٍ لاَ يَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى أَكْثَرَ ; فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ ; رحمه الله تعالى : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ فَإِنْ تَعَمَّدَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ النَّصُّ بِإِبَاحَتِهِ. وَمَنْ صَلَّى , وَفِي فَمِهِ : دِينَارٌ , أَوْ دِرْهَمٌ , أَوْ لُؤْلُؤَةٌ , أَوْ فِي كُمِّهِ : حَرِيرٌ , أَوْ ذَهَبٌ , أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ حِفْظُهُ : فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ. وَدَفْعُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتُهُ وَمُقَاتَلَتُهُ إنْ أَبَى : حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى الْمُصَلِّي , فَإِنْ وَافَقَ ذَلِكَ مَوْتَ الْمَارِّ دُونَ تَعَمُّدٍ مَنْ الْمُصَلِّي لِقَتْلِهِ : فَهُوَ هَدَرٌ , وَلاَ دِيَةَ فِيهِ , وَلاَ قَوَدَ , وَلاَ كَفَّارَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، حدثنا ابْنُ هِلاَلٍ يَعْنِي حُمَيْدًا قَالَ : قَالَ لِي أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ : بَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ إذْ جَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَرَادَ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ فِي نَحْرِهِ , فَنَظَرَ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إلاَّ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي سَعِيدٍ ; فَعَادَ فَدَفَعَ فِي نَحْرِهِ أَشَدَّ مِنْ الدَّفْعَةِ الآُولَى , فَمَثَلَ قَائِمًا فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ ; ثُمَّ زَاحَمَ النَّاسَ فَخَرَجَ , فَدَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إلَيْهِ مَا لَقِيَ , وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ : مَا لَكَ وَلاِبْنِ أَخِيكَ جَاءَ يَشْكُوكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْ فِي نَحْرِهِ ; فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ. فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ مَالِكٍ : بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِرَجُلٍ كُسِرَ أَنْفُهُ , فَقَالَ : مَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الصَّلاَةِ , وَقَدْ بَلَغَنِي مَا سَمِعْت فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : فَمَا صَنَعْت أَشَدَّ يَا ابْنَ أَخِي ضَيَّعْت الصَّلاَةَ , وَكَسَرْت أَنْفَهُ. قال علي : هذا بَلاَغٌ لاَ يَصِحُّ ; وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ إلاَّ عَلَى الْمُخَالِفِ , لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ t أَقَادَ مَنْ كُسِرَ أَنْفُهُ , وَحَتَّى لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ لَمَا كَانَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ حُجَّةٌ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ r وَقَدْ رَأَى مُقَاتَلَتَهُ وَضَرْبَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرُهُ. وَحَمْلُ الْمُصَلِّي صَغِيرًا عَلَى عُنُقِهِ [ أَوْالسُّجُودُ بِهِ إذَا دَعَتْ إلَى حَمْلِهِ حَاجَةٌ جَائِزٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ ، حدثنا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ سَمِعَا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ بِنْتُ زَيْنَبَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ r عَلَى عَاتِقِهِ , فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا , وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ ، حدثنا عَبْدُ الأَعْلَى ، حدثنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ r فِي الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ , وَقَدْ دَعَاهُ بِلاَلٌ لِلصَّلاَةِ إذْ خَرَجَ عَلَيْنَا وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ بِنْتُ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ r عَلَى عَاتِقِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي مُصَلاَّهُ , فَقُمْنَا خَلْفَهُ , وَهِيَ فِي مَكَانِهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ , فَكَبَّرَ فَكَبَّرْنَا , حَتَّى إذَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ , حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ وَقَامَ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا ; فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ r يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ. وَبِهَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يُثْبِتَانِ كَذِبَ مَنْ خَالَفَهُمَا , وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ فِي نَافِلَةٍ , وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ عليه السلام فَهُوَ غَايَةُ الْخُشُوعِ , وَكُلُّ مَا خَالَفَهُ فَهُوَ الْبَاطِلُ , وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُخْطِئُ خُشُوعًا. وهذا الخبر بِلاَ شَكٍّ كَانَ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r لاِبْنِ مَسْعُودٍ إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً ; لإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُ عليه السلام كَانَ قَبْلَ بَدْرٍ , إثْرَ مَجِيءِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ بِلاَدِ الْحَبَشَةِ ; لَمْ تَرِدْ زَيْنَبُ الْمَدِينَةَ وَابْنَتُهَا إلاَّ بَعْدَ بَدْرٍ , بِالأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ فِي ذَلِكَ , وَمَنْ رَكِبَ عَلَى ظَهْرِهِ صَغِيرٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَتَوَقَّفَ لِذَلِكَ فَحَسَنٌ. وَمَنْ اسْتَرَابَ بِتَطْوِيلِ الإِمَامِ سُجُودَهُ فَلْيَرْفَعْ رَأْسَهُ لِيَسْتَعْلِمَ : هَلْ خَفِيَ عَنْهُ تَكْبِيرُ الإِمَامِ أَوْ لاَ ; لاَِنَّهُ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ الإِمَامِ ; فَإِنْ رَآهُ لَمْ يَرْفَعْ فَلْيَعُدْ إلَى السُّجُودِ ; ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ ; لاَِنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ الإِمَامِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَّمٍ الطَّرَسُوسِيُّ ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْبَصْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r فِي إحْدَى صَلاَتَيْ الْعِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَنًا أَوْ حُسَيْنًا فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ فَصَلَّى , فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا , فَرَفَعْتُ رَأْسِي , فَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِهِ عليه السلام وَهُوَ سَاجِدٌ ; فَرَجَعْتُ إلَى سُجُودِي فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ r صَلاَتَهُ قَالَ أُنَاسٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِكَ سَجْدَةً أَطَلْتهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ , وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ. وَتَحْرِيكُ مَنْ خَشِيَ الْمُصَلِّي نَوْمَهُ , وَإِدَارَةُ مَنْ كَانَ عَلَى الْيَسَارِ إلَى الْيَمِينِ : مُبَاحٌ كُلُّ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَنَا الضَّحَّاكُ ، هُوَ ابْنُ عُثْمَانَ ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ , فَقُلْت لَهَا : إذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فَأَيْقِظِينِي ; فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ الأَيْسَرِ , فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَعَلَنِي مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ , فَجَعَلْتُ إذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. وَيَدْعُو الْمُصَلِّي فِي صَلاَتِهِ فِي سُجُودِهِ وَقِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ بِمَا أَحَبَّ , مِمَّا لَيْسَ مَعْصِيَةً , وَيُسَمِّي فِي دُعَائِهِ مَنْ أَحَبَّ , وَقَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ r عَلَى : عُصَيَّةَ , وَرِعْلٍ , وَذَكْوَانَ. وَدَعَا لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ , وَعَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ , وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ , يُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ , وَمَا نُهِيَ عليه السلام قَطُّ ، عَنْ هَذَا , وَلاَ نَهَى هُوَ عَنْهُ. وَقَالَ عليه السلام فِي السُّجُودِ أَخْلِصُوا فِيهِ الدُّعَاءَ أَوْ نَحْوَ هَذَا. وَقَالَ : ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ , وَسَنَذْكُرُهَا بِأَسَانِيدِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَعْمَالِ الصَّلاَةِ. وَكُلُّ مُنْكَرٍ رَآهُ الْمَرْءُ فِي الصَّلاَةِ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ إنْكَارُهُ , وَلاَ تَنْقَطِعُ بِذَلِكَ صَلاَتُهُ ; لإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ ، عَنِ الْمُنْكَرِ حَقٌّ , وَفَاعِلُ الْحَقِّ مُحْسِنٌ , مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ. وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ : إطْفَاءُ النَّارِ الْمُشْتَعِلَةِ , وَإِنْقَاذُ الصَّغِيرِ , وَالْمَجْنُونِ , وَالْمُقْعَدِ , وَالنَّائِمِ : مِنْ نَارٍ , أَوْ مِنْ حَنَشٍ , أَوْ سَبُعٍ , أَوْ إنْسَانٍ عَادٍ ; أَوْ مِنْ سَيْلٍ وَالْمُحَارَبَةُ لِمَنْ أَرَادَ الْمُصَلِّي أَوْ أَرَادَ مُسْلِمًا بِظُلْمٍ , وَشَدُّ الأَسِيرِ الْكَافِرِ , أَوْ الظَّالِمِ إلاَّ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ , وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ , وَقَالَ بِلاَ بُرْهَانٍ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ : حَدَّثَنَا آدَم ، حدثنا شُعْبَةُ ، حدثنا الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ : كُنَّا بِالأَهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُورِيَّةَ ; فَبَيْنَمَا أَنَا عَلَى جُرُفِ نَهْرٍ إذَا رَجُلٌ يُصَلِّي وَلِجَامُ دَابَّتِهِ فِي يَدِهِ ; فَجَعَلَتْ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا قَالَ شُعْبَةُ وَهُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ ; فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْ الْخَوَارِجِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ ; فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ قَالَ : إنِّي سَمِعْت قَوْلَكُمْ , وَإِنِّي غَزَوْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r سِتَّ غَزَوَاتٍ أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَشَهِدْت تَيْسِيرَهُ , وَإِنِّي كُنْتُ أَرْجِعُ مَعَ دَابَّتِي أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إلَى مَأْلَفِهَا فَيَشُقُّ عَلَيَّ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ [ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ خَافَ عَلَى دَابَّتِهِ الأَسَدَ فَمَشَى إلَيْهَا , وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ. وبه إلى مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ : سَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ : تَدْخُلُ الشَّاةُ بَيْتِي وَأَنَا أُصَلِّي فَأُطَأْطِئُ رَأْسِي فَآخُذُ الْقَصَبَةَ فَأَضْرِبُهَا بِهَا قَالَ قَتَادَةُ : لاَ بَأْسَ بِهِ. وَمِنْ طَرِيق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ : حدثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الْقَمْلَةِ يَقْتُلُهَا الرَّجُلُ فِي الصَّلاَةِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَكَذَلِكَ مَنْ خَافَ عَلَى مَالِهِ أَوْ سُرِقَتْ نَعْلُهُ أَوْ خُفُّهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَتْبَعَ السَّارِقَ فَيَنْتَزِعَ مِنْهُ مَتَاعَهُ. وَلاَ يَضُرُّ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مَا اُضْطُرَّ مِنْ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَكَثْرَةِ الْعَمَلِ وَقِلَّتِهِ ; مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ ; فَإِنْ كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا فَطَمِعَ بِشَيْءٍ مِنْ إدْرَاكِ الصَّلاَةِ بَعْدَ تَمَامِ حَاجَتِهِ , أَوْ بِانْتِظَارِ النَّاسِ لَهُ : رَجَعَ ، وَلاَ بُدَّ ; كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r إذْ كَبَّرَ نَاسِيًا وَهُوَ جُنُبٌ فَذَكَرَ فَاغْتَسَلَ وَرَجَعَ فَأَتَمَّ الصَّلاَةَ , وَكَمَا فَعَلَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يَرْجُ بِإِدْرَاكِ شَيْءٍ مِنْ الصَّلاَةِ , أَوْ أَيْقَنَ أَنَّ النَّاسَ لاَ يَنْتَظِرُونَهُ [ أَوْ كَانَ قَدْ أَتَمَّ صَلاَتَهُ حِينَ تَمَامِ حَاجَتِهِ فِي أَوَّلِ مَكَان تَجُوزُ لَهُ فِيهِ الصَّلاَةُ. وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَخْطُوَ خُطْوَةً وَاحِدَةً لِغَيْرِ رُجُوعٍ إلَى الصَّلاَةِ ; أَوْ لِزَوَالٍ ، عَنْ مَكَان لاَ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلاَةُ. فَلَوْ رَجَا بِصَلاَةٍ [ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى أَقْرَبَ مِنْهَا فَلْيُدْخَلْ فِيهَا ; فَآخِرُ صَلاَةٍ صَلاَّهَا أَهْلُ الإِسْلاَمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فَبِإِمَامَيْنِ : بَدَأَ أَبُو بَكْرٍ وَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَمِنْ رَغِبَ ، عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ r [ الَّتِي أَجْمَعَ عَلَيْهَا جَمِيعُ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , أَوَّلُهُمْ ، عَنْ آخِرِهِمْ , مَعَهُ عليه السلام وَقَلَّدَ رَأْيَ مَنْ يُخْطِئُ مَرَّةً وَيُصِيبُ أُخْرَى : فَمَا خَيْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ , وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِمَا يُرْضِيهِ. آمِينَ. قال أبو محمد : وَكُلُّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْعَمَلِ وَكَثِيرِهِ فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ , وَلاَ بُدَّ لَهُ ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا إمَّا أَنْ يَحِدَّ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ حَدًّا فَاسِدًا لَيْسَ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ التَّحْدِيدِ , فَيَحْصُلُ عَلَى التَّحَكُّمِ بِالْبَاطِلِ , وَأَنْ يُشَرِّعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ , وَأَمَّا أَنْ لاَ يَحِدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا , فَيَحْصُلُ عَلَى أَقْبَحِ الْحَيْرَةِ فِي أَهَمِّ أَعْمَالِ دِينِهِ , وَعَلَى أَنْ لاَ يَدْرِيَ مَا تَبْطُلُ بِهِ صَلاَتُهُ مِمَّا لاَ تَبْطُلُ بِهِ , وَهَذَا هُوَ الْجَهْلُ الْمُتَعَوَّذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ. وَنَسْأَلُهُ ، عَنْ عَمَلِ عَمَلٍ : أَهَذَا مِمَّا أُبِيحَ فِي الصَّلاَةِ أَوْ مِمَّا لَمْ يُبَحْ فِيهَا ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى وَجْهٍ ثَالِثٍ , فَإِنْ قَالَ : هُوَ مِمَّا أُبِيحَ فِيهَا لَزِمَهُ أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ : مُبَاحٌ , وَهُوَ قَوْلُنَا فِيمَا جَاءَ الْبُرْهَانُ بِإِبَاحَتِهِ فِيهَا , وَإِنْ قَالَ : هُوَ مِمَّا لَمْ يُبَحْ فِيهَا لَزِمَهُ أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ : غَيْرُ مُبَاحٍ فِيهَا ; وَهُوَ قَوْلُنَا فِيمَا لَمْ يَأْتِ الْبُرْهَانُ بِإِبَاحَتِهِ فِيهَا. فَإِنْ قَالُوا : أُبِيحَ قَلِيلُهُ وَلَمْ يُبَحْ كَثِيرُهُ. قلنا : هَذِهِ دَعْوَى كَاذِبَةٌ مُفْتَقِرَةٌ إلَى دَلِيلٍ , فَهَاتُوا بُرْهَانَكُمْ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى أَوَّلاً , ثُمَّ عَلَى بَيَانِ حَدِّ الْقَلِيلِ الْمُبَاحِ مِنْ الْكَثِيرِ الْمَحْظُورِ ; ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَمَشْيُ الْمُصَلِّي إلَى فَتْحِ الْبَابِ لِلْمُسْتَفْتِحِ حَسَنٌ لاَ يَضُرُّ الصَّلاَةَ شَيْئًا : حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرْتَتِيُّ الْقَاضِي ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ ، حدثنا بُرْدٌ أَبُو الْعَلاَءِ ، هُوَ ابْنُ سِنَانٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي , فَأَسْتَفْتِحُ الْبَابَ , وَالْبَابُ فِي الْقِبْلَةِ , فَيَجِيءُ فَيَفْتَحُ الْبَابَ ثُمَّ يَعُودُ فِي صَلاَتِهِ. قَالَ ابْنُ أَيْمَنَ : وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، حدثنا بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي وَعَلَيْهِ بَابٌ مُغْلَقٌ فَجِئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُهُ فَمَشَى فَفَتَحَ لِي ثُمَّ رَجَعَ إلَى مُصَلاَّهُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ ، حدثنا بُرْدٌ ، حدثنا الزُّهْرِيُّ , يَذْكُرُهُ. قَالَ عَلِيٌّ : فَالْمَشْيُ لِمَا ذَكَرْنَا مُبَاحٌ , وَلَمْ يُوقَفْ عليه السلام عَلَى مَشْيِ مَنْ مَشَى. وَمَسْحُ الْحَصَى فِي الصَّلاَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً جَائِزٌ وَنَكْرَهُهُ , فَإِنْ زَادَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَرْوِيهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلاَةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلاَ يَمْسَحُ الْحَصَى. وبه إلى أَبِي دَاوُد : حدثنا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حدثنا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ , عَنْ يَحْيَى ، هُوَ ابْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ مُعَيْقِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : لاَ تَمْسَحْ يَعْنِي الْحَصَى وَأَنْتَ تُصَلِّي , فَإِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِنْ احْتَجُّوا بِهَذَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. قلنا : هَذَا فِي مَسْحِ الْحَصَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ جُمْلَةً , الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْوَاحِدَةُ فَقَطْ ; فَقُولُوا لَنَا : مَاذَا تَقِيسُونَ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ الأَعْمَالَ الْمُبَاحَةَ جُمْلَةً بِالنُّصُوصِ أَمْ الأَعْمَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا جُمْلَةً ، وَلاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِ الأَمْرَيْنِ. فَإِنْ قَالُوا : بَلْ الأَعْمَالَ الْمُبَاحَةَ جُمْلَةً. قلنا : الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ; ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ قِيَاسُ الْمُبَاحِ عَلَى الْمَحْظُورِ , وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ صَاحِبِ كُلِّ قِيَاسٍ ; لاَِنَّهُ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ , وَإِنَّمَا الْقِيَاسُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ : قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ جُمْلَةً , أَوْ عَلَى نَظِيرِهِ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ عَلاَمَةُ الْحُكْمِ بِزَعْمِهِمْ. وَأَيْضًا : فَأَنْتُمْ تُبِيحُونَ الْخُطْوَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ فِي الصَّلاَةِ وَالضَّرْبَةَ وَالضَّرْبَتَيْنِ , وَأَخْذَ الْمَاءِ بِإِنَاءٍ مِنْ الْجَابِيَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِي الصَّلاَةِ , وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ ; فَظَهَرَ بُطْلاَنُ قِيَاسِكُمْ وَتُحَرِّمُونَ مَا زَادَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَاسْتِقَاءَ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِي الصَّلاَةِ ; فَلاَحَ أَنَّكُمْ لَمْ تَتَعَلَّقُوا بِقِيَاسٍ أَصْلاً. فَإِنْ قَالُوا : بَلْ قِسْنَا الأَعْمَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا عَلَى هَذَا الْخَبَرِ. قلنا لَهُمْ : فَأَبِيحُوا إدْخَالَ الإِبْرَةِ فِي خِيَاطَةِ الثَّوْبِ مَرَّةً وَاحِدَةً ; وَقَدْحَ النَّارِ بِالزَّنْدِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ ; وَأَبِيحُوا لَطْمَةً وَاحِدَةً لِلْخَادِمِ , وَرَدَّ مَرْمَى الْحَائِكِ مَرَّةً وَاحِدَةً ; وَقَدَّ الأَدِيمِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ ; وَالتَّذْكِيَةَ بِجَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كُلُّ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ ; وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا ; فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الأَخْنَسِ ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r : قَالَ : التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ يَعْنِي فِي الصَّلاَةِ , وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ , مَنْ أَشَارَ فِي صَلاَتِهِ إشَارَةً تُفْهَمُ عَنْهُ فَلْيُعِدْهَا يَعْنِي فِي الصَّلاَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُد : هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ ; وَلَوْ صَحَّ لَوَجَبَ ضَمُّهُ إلَى الأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا قَبْلُ ; مِنْ إشَارَةِ النَّبِيِّ r فِي الصَّلاَةِ بِأَنْ يَرُدَّ السَّلاَمَ , وَإِلَى الْخَادِمِ فِي أَنْ تَسْتَأْخِرَ عَنْهُ ; وَكُلُّ مَا بِالْمَرْءِ إلَى الإِشَارَةِ بِهِ , وَإِلَيْهِ ضَرُورَةٌ ; فَتَخْرُجُ تِلْكَ الإِشَارَاتُ بِالنُّصُوصِ الَّتِي فِيهَا , وَتَبْقَى كُلُّ إشَارَةٍ لَمْ يَأْتِ بِإِبَاحَتِهَا نَصٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ , كَالإِشَارَةِ بِالْبَيْعِ وَبِالْمُسَاوَمَةِ , وَبِمَاذَا عَمِلْت ; وَالاِسْتِخْبَارِ ; وَغَيْرِ ذَلِكَ ; فَهَذَا هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي لاَ يَجُوزُ غَيْرُهُ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ , وَهُوَ قَوْلُنَا , وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ; لإِنَّ الإِشَارَاتِ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ ; فَمَا أُبِيحَ مِنْهَا بِالنَّصِّ كَانَ مُبَاحًا , وَمَا لَمْ يُبَحْ مِنْهَا بِالنَّصِّ كَانَ مُحَرَّمًا ; فَكَيْفَ وَالْحَدِيثُ لاَ يَصِحُّ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 302 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ خَرَجَ مِنْ صَلاَتِهِ , وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّهَا فَكُلُّ عَمَلٍ عَمِلَهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ ابْتِيَاعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ طَلاَقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ : فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ ; لاَِنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّلاَةِ , وَلَوْ ذَكَرَ لَعَادَ إلَيْهَا. وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ هَذِهِ الأَفْعَالَ كُلَّهَا مُحَرَّمَةٌ فِي الصَّلاَةِ فَكُلُّ مَا وَقَعَ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ فَهُوَ غَيْرُ الْفِعْلِ الْجَائِزِ اللاَّزِمِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَوْ الْمُبَاحِ بِلاَ شَكٍّ , وَإِذْ هُوَ غَيْرُ الْجَائِزِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ بِلاَ شَكٍّ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وَهَذَا عَمَلٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ عليه السلام ; فَهُوَ مَرْدُودٌ بِلاَ شَكٍّ. فَلَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ صَلاَتَهُ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ ; لإِنَّ بِذَكَرِهِ وَقَصْدِهِ إلَى عَمَلِ مَا ذَكَرْنَا خَرَجَ ، عَنِ الصَّلاَةِ ; وَإِذَا خَرَجَ ، عَنِ الصَّلاَةِ فَقَدْ حَصَلَ فِي حَالٍ تَنْفُذُ فِيهَا هَذِهِ الأَفْعَالُ كُلُّهَا ; وَهَكَذَا أَيْضًا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْد انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ فَهِيَ أَيْضًا نَافِذَةٌ لاَزِمَةٌ ; لاَِنَّهُ بِانْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ خَرَجَ ، عَنِ الصَّلاَةِ ; فَوَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 303 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ خَطَرَ عَلَى بَالِهِ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا أَوْ غَيْرِهَا , مَعْصِيَةً أَوْ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ , أَوْ صَلَّى مُصِرًّا عَلَى الْكَبَائِرِ ; فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ : [ حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، حدثنا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إذَا نُودِيَ بِالأَذَانِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ الأَذَانَ , فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ فَإِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ , فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ , حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ , يَقُولُ : اُذْكُرْ كَذَا اُذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ , حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حدثنا هِشَامُ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r ، أَنَّهُ قَالَ : إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لاُِمَّتِي مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ وَتَعْمَلْ بِهِ , وَبِمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ. فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُؤَثِّرُ فِي الصَّلاَةِ , وَأَنَّهُ لاَ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ إلاَّ قَوْلٌ مَقْصُودٌ إلَيْهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَوْ عَمَلٌ كَذَلِكَ , أَوْ الْقَصْدُ إلَى تَبْدِيلِ نِيَّةِ الصَّلاَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الصَّلاَةِ ; الَّتِي لاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ إلاَّ بِهَا , وَهِيَ النِّيَّةُ لاَِدَاءِ تِلْكَ الصَّلاَةِ بِاسْمِهَا وَعَيْنِهَا ; فَمَنْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ قَاصِدًا إلَى ذَلِكَ فَلَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إنِّي لاََحْسِبُ جِزْيَةَ الْبَحْرَيْنِ وَأَنَا فِي الصَّلاَةِ. وَقَدْ افْتَرَضَ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْبَةَ عَلَى الْعَاصِينَ , وَأُمِرُوا بِالصَّلاَةِ مَعَ ذَلِكَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ أَقِمْ الصَّلاَةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ تَعَالَى إنَّمَا خَاطَبَ بِهَذَا الْمُصِرِّينَ ; لإِنَّ التَّائِبَ لاَ سَيِّئَةَ لَهُ , وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا. وَهَذَا كُلُّهُ إجْمَاعٌ , إلاَّ قَوْمًا خَالَفُوا الإِجْمَاعَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ قَالُوا : لاَ تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ عَمِلَ سُوءًا حَتَّى يَتُوبَ مِنْ كُلِّ عَمَلِ سُوءٍ , فَلَزِمَهُمْ أَنْ لاَ تُقْبَلَ التَّوْبَةُ مِمَّنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلاَةِ , وَتَرْكَ الزَّكَاةِ , وَتَرْكَ الصَّوْمِ ; نَعَمْ ، وَلاَ مَنْ تَرَكَ التَّوْحِيدَ إلاَّ بِالتَّوْبَةِ مِنْ تَعَمُّدِ كُلِّ سَيِّئَةٍ فَحَصَلُوا عَلَى الأَمْرِ بِتَرْكِ الصَّلاَةِ , وَالزَّكَاةِ , وَالصَّوْمِ , وَجَمِيعَ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَهَذَا خُرُوجٌ ، عَنِ الإِسْلاَمِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ. 304 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ كَانَ رَاكِبًا عَلَى مَحْمَلٍ , أَوْ عَلَى فِيلٍ , أَوْ كَانَ فِي غُرْفَةٍ , أَوْ فِي أَعْلَى شَجَرَةٍ , أَوْ عَلَى سَقْفٍ , أَوْ فِي قَاعِ بِئْرٍ , أَوْ عَلَى نَهْرٍ جَامِدٍ , أَوْ عَلَى حَشِيشٍ , أَوْ عَلَى صُوفٍ أَوْ عَلَى جُلُودٍ , أَوْ خَشَبٍ , أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ : فَقَدَرَ عَلَى الصَّلاَةِ قَائِمًا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ حَيْثُ هُوَ قَائِمًا , يُوَفِّي رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَجُلُوسَهُ حَقَّهَا. لاَِنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِالْقِيَامِ فِي الصَّلاَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ , وَالْجُلُوسِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالاِعْتِدَالِ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ ، وَلاَ بُدَّ ; فَإِذَا وَفَّى كُلِّ ذَلِكَ حَقَّهُ فَقَدْ صَلَّى كَمَا أُمِرَ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَنْهِيًّا ، عَنِ الصَّلاَةِ فِيهَا. [ وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِمَّنْ يُحَرِّمُ الصَّلاَةَ كَمَا ذَكَرْنَا عَلَى الْمَحْمَلِ وَلَمْ يَأْتِ بِالنَّهْيِ ، عَنْ ذَلِكَ نَصٌّ , وَهُوَ يُبِيحُهَا فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ , وَالْحَمَّامِ , وَالْمَقْبَرَةِ , وَإِلَى الْقَبْرِ وَالنَّصُّ قَدْ صَحَّ بِالنَّهْيِ ، عَنِ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ. فَإِنْ عَجَزَ ، عَنْ إتْمَامِ الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ الْجُلُوسِ أَوْ الْقِبْلَةِ فِي الأَحْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَفَرْضٌ عَلَيْهِ النُّزُولُ إلَى الأَرْضِ وَالصَّلاَةُ كَمَا أُمِرَ إلاَّ مِنْ ضَرُورَةٍ تَمْنَعُهُ مِنْ النُّزُولِ ; مِنْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ ; فَلِيُصَلِّ كَمَا هُوَ يَقْدِرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا , وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدَّيْنِ مِنْ حَرَجٍ , وَقَالَ تَعَالَى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ ، وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ. 305 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْوِتْرِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ الثَّانِي فَلاَ يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ أَبَدًا , فَلَوْ نَسِيَهُ أَحْبَبْنَا لَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ أَبَدًا مَتَى مَا ذَكَرَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَعْوَامٍ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ. حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ الْمُفَرِّجِ ، عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ ، عَنِ الدَّبَرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَتْ كُلُّ صَلاَةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرُ , فَأَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ الرَّقِّيُّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ ، حدثنا صَالِحُ بْنُ مُعَاذٍ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَلَمْ يُوتِرْ فَلاَ وِتْرَ لَهُ. وَأَمَّا مَنْ نَسِيَهُ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ عليه السلام : مَنْ نَسِيَ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا وَهَذَا عُمُومٌ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ صَلاَةِ فَرْضٍ وَنَافِلَةٍ , فَهُوَ بِالْفَرْضِ أَمْرُ فَرْضٍ ; وَهُوَ بِالنَّافِلَةِ أَمْرُ نَدْبٍ وَحَضٍّ ; لإِنَّ النَّافِلَةَ لاَ تَكُونُ فَرْضًا. وَهَذِهِ الآثَارُ تُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ : [ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ صَلاَةِ الْوِتْرِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْوِتْرَ , وَقَوْلَ مَنْ قَالَ إنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ وَهُوَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ , إلاَّ أَنْ يَخَافَ فَوْتَ صَلاَةِ الصُّبْحِ فَلْيَتَمَادَ فِيهَا وَلْيَبْدَأْ بِهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ; وَهُوَ مَعَ خِلاَفِهِ لِلسُّنَّةِ قَوْلٌ لاَ دَلِيلَ عَلَيْهِ , لاَ مِنْ نَظَرٍ ، وَلاَ مِنْ احْتِيَاطٍ , لاَِنَّهُ يُبْطِلُ الْفَرْضَ الْمَأْمُورَ بِإِتْمَامِهِ مِنْ أَجْلِ نَافِلَةٍ ; وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. 306 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ صَلَّى الْوِتْرَ قَبْلَ صَلاَةِ الْعَتَمَةِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ أَوْ مُلْغَاةٌ ; لاَِنَّهُ أَتَى بِالْوِتْرِ قَبْلَ وَقْتِهِ , وَالشَّرَائِعُ لاَ تُجْزِئُ إلاَّ فِي وَقْتِهَا , لاَ قَبْلَ وَقْتِهَا , وَلاَ بَعْدَهُ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 307 - مَسْأَلَةٌ : وَوَقْتُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مِنْ حِينِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إلَى أَنْ تُقَامَ صَلاَةُ الصُّبْحِ هَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ. 308 - مَسْأَلَةٌ : فَمَنْ سَمِعَ إقَامَةَ صَلاَةِ الصُّبْحِ , وَعَلِمَ أَنَّهُ [ إنْ اشْتَغَلَ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَاتَهُ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ وَلَوْ التَّكْبِيرُ : فَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِهِمَا ; فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى. وَإِنْ دَخَلَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَأُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ فَقَدْ بَطَلَتْ الرَّكْعَتَانِ , وَلاَ فَائِدَةَ لَهُ فِي أَنْ يُسَلِّمَ مِنْهُمَا , وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا إلاَّ السَّلاَمُ لَكِنْ يَدْخُلُ بِابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ كَمَا هُوَ. فَإِذَا أَتَمَّ صَلاَةَ الصُّبْحِ فَإِنْ شَاءَ رَكَعَهُمَا , وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْكَعْهُمَا , وَهَكَذَا يَفْعَلُ كُلُّ مَنْ دَخَلَ فِي نَافِلَةٍ , وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلاَةُ الْفَرِيضَةِ. وقال أبو حنيفة : مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ , وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ لِلصُّبْحِ فَإِنْ طَمِعَ أَنْ يُدْرِكَ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ تَفُوتُهُ أُخْرَى فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الإِمَامِ. وَإِنْ خَشِيَ أَلاَ يُدْرِكَ مَعَ الإِمَامِ ، وَلاَ رَكْعَةً فَلْيَبْدَأْ بِالدُّخُولِ مَعَ الإِمَامِ , وَلاَ يَقْضِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَعْدَ ذَلِكَ. وقال مالك : إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ , وَأُقِيمَتْ الصَّلاَةُ أَوْ وَجَدَ الإِمَامَ فِي الصَّلاَةِ فَلاَ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , وَلَكِنْ يَدْخُلُ مَعَ الإِمَامِ ; فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَإِنْ شَاءَ فَلْيَقْضِهِمَا. وَأَمَّا إنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَعَلِمَ بِالإِقَامَةِ أَوْ بِأَنَّ الإِمَامَ فِي الصَّلاَةِ : فَإِنْ رَجَا أَنْ يُدْرِكَ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ , ثُمَّ لِيَدْخُلْ مَعَ الإِمَامِ , وَإِنْ لَمْ يَرْجُ ذَلِكَ فَلْيَدْخُلْ مَعَ الإِمَامِ. وقال الشافعي وَأَبُو سُلَيْمَانَ كَمَا قلنا : قَالَ عَلِيٌّ : مَا نَعْلَمُ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ حُجَّةً , لاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ , وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ , وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ , وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ أَصْلاً. فَإِنْ شَغَبُوا بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ; وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَى الْمَسْجِدَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ فَوَجَدَ الإِمَامَ يُصَلِّي فَدَخَلَ بَيْتَ حَفْصَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الإِمَامِ ; فَلَمْ يُقَسِّمْ ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَلاَ ابْنُ عُمَرَ تَقْسِيمَهُمْ , مِنْ رَجَاءِ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ أَوْ عَدَمِ رَجَاءِ ذَلِكَ , وَلاَ يَجِدُونَ هَذَا ، عَنْ مُتَقَدِّمٍ أَبَدًا. وَالثَّابِتُ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِنَا ; فَإِنْ قَالُوا : قَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ r : مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ. قلنا : نَعَمْ , هَذَا حَقٌّ , وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلاَةُ , وَلَمْ يَأْتِ إلاَّ , وَالإِمَامُ فِيهَا. وَأَمَّا مَنْ كَانَ حَاضِرًا لاِِقَامَةِ الصَّلاَةِ فَتَرَكَ الدُّخُولَ مَعَ الإِمَامِ أَوْ اشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ بِذَكَرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِابْتِدَاءِ تَطَوُّعٍ : فَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فِي أَنَّهُ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَلاَعِبٌ بِالصَّلاَةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اشْتِغَالِهِ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَوْ أَنْصَفُوا. فَإِنْ مَوَّهُوا بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ , قِيلَ لَهُمْ : أَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَقَدْ خَالَفُوهُ فِي هَذَا الْفِعْلِ نَفْسِهِ , فَلَمْ يَرَوْا لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ , وَالإِمَامُ يُصَلِّي أَنْ يَشْتَغِلَ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , فَلاَ مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِابْنِ مَسْعُودٍ. وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَقَدْ خَالَفُوا فِعْلَهُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ , فَقَدْ قَسَّمُوا تَقْسِيمًا لَمْ يَأْتِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَابْنِ مَسْعُودٍ يَرَى التَّطْبِيقَ فِي الصَّلاَةِ , وَهُمْ لاَ يَرَوْنَهُ. وَابْنُ مَسْعُودٍ يَرَى أَنْ لاَ تُعْتَقَ أُمُّ الْوَلَدِ إلاَّ مِنْ حِصَّةِ وَلَدِهَا مِنْ الْمِيرَاثِ , وَهُمْ لاَ يَرَوْنَ ذَلِكَ , وَقَدْ خَالَفُوا ابْنَ مَسْعُودٍ حَيْثُ وَافَقَ السُّنَّةَ , وَلاَ يَحِلُّ خِلاَفُهُ ; وَحَيْثُ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي عَشَرَاتٍ مِنْ الْقَضَايَا ; بَلْ لَعَلَّهُمْ خَالَفُوهُ كَذَلِكَ فِي مِئِينَ مِنْ الْقَضَايَا وَقَدْ خَالَفَ ابْنَ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَائِفَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. فَلَمَّا عَرِيَ قَوْلُهُمْ مِنْ حُجَّةٍ أَصْلاً رَجَعْنَا إلَى قَوْلِنَا ; فَوَجَدْنَا الْبُرْهَانَ عَلَى وُجُوبِهِ وَصِحَّتِهِ : مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَمُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ , وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ : قَالَ أَحْمَدُ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ وَرْقَاءَ وَقَالَ مُسْلِمٌ : حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَالَ الْحَسَنُ : حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , , وَأَبُو عَاصِمٍ قَالَ يَزِيدُ : عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ : عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حدثنا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ اتَّفَقَ وَرْقَاءُ , وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , , وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ ، وَابْنُ جُرَيْجٍ , وَزَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ كُلُّهُمْ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إلاَّ الْمَكْتُوبَةُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا قُتَيْبَةُ ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ r رَجُلاً يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ فَقَالَ : أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا . وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيّ ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ : دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ r فِي صَلاَةِ الْغَدَاةِ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ , ثُمَّ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r قَالَ : يَا فُلاَنُ , بِأَيِّ الصَّلاَتَيْنِ اعْتَدَدْتَ أَبِصَلاَتِكَ وَحْدَكَ أَمْ بِصَلاَتِكَ مَعَنَا . وَرُوِّينَا أَيْضًا : مِنْ طَرِيقِ حَجَاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ : حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كِلاَهُمَا ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ بِمِثْلِهِ , وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ خَلْفَ النَّاسِ. حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا وَكِيعٌ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ هُوَ أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ وَلَمْ أَكُنْ صَلَّيْت الرَّكْعَتَيْنِ يَعْنِي صَلاَةَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُمْت لاُِصْلِيَهُمَا فَجَبَذَنِي وَقَالَ : أَتُرِيدُ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا قِيلَ لاَِبِي عَامِرٍ : النَّبِيُّ r فَتَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذِهِ نُصُوصٌ مَنْقُولَةٌ نَقْلَ الْوِتْرِ , لاَ يَحِلُّ لاَِحَدٍ خِلاَفُهَا , وَقَدْ حَمَلَ اتِّبَاعُ الْهَوَى بَعْضَهُمْ عَلَى أَنْ قَالَ : إنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ [ قَدْ اُضْطُرِبَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَأَوْقَفُوهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. قال علي : وهذا مِمَّا كَانَ يَنْبَغِي لِقَائِلِهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ تَعَالَى أَوَّلاً ثُمَّ يَسْتَحْيِ مِنْ النَّاسِ ثَانِيَةً , وَلاَ يَأْتِي بِهَذِهِ الْفَضِيحَةِ ; لإِنَّ الْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا مُصَرِّحُونَ بِأَنَّ قَوْلَ الصَّاحِبِ حُجَّةٌ فَهَبْكَ لَوْ لَمْ يُسْنَدْ. أَمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ تُرَجِّحَ إمَّا قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ; أَوْ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَيْفَ وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ مِمَّا يَضُرُّ الْحَدِيثَ شَيْئًا لإِنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ , وَأَيُّوبَ وَزَكَرِيَّا بْنَ إِسْحَاقَ لَيْسُوا بِدُونِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ , وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَكَيْفَ وَاَلَّذِي أَسْنَدَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَوْثَقُ , وَأَضْبَطُ مِنْ الَّذِي أَوْقَفَهُ عَنْهُ , وَأَيُّوبُ لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ حُجَّةً عَلَى جَمِيعِهِمْ ; فَكَيْفَ وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ , وَهُوَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ رَوَاهُ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَعَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بِهِ , فَحَدَّثَ بِهِ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ. ثُمَّ لَوْ لَمْ يَأْتِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصْلاً لَكَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ سَرْجِسَ وَابْنِ بُحَيْنَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ كِفَايَةٌ لِمَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ , وَلَمْ يَتَّبِعْ هَوَاهُ فِي تَقْلِيدِ مَنْ لاَ يُغْنِي عَنْهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا , وَنَصْرِ الْبَاطِلِ بِمَا أَمْكَنَ مِنْ الْكَلاَمِ الْغَثِّ. فَكَيْفَ وَقَدْ رُوِّينَا بِأَصَحِّ طَرِيقٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ كِلاَهُمَا ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : إذَا سَمِعْتُمْ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ ، وَلاَ تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. فَهَذَا فَرْضٌ لِلدُّخُولِ مَعَ الإِمَامِ كَيْفَمَا وُجِدَ , وَتَحْرِيمٌ لِلاِشْتِغَالِ بِشَيْءٍ ، عَنْ ذَلِكَ. وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ ابْنِ سَرْجِسَ وَابْنِ بُحَيْنَةَ بِضَحِكَةٍ أُخْرَى , وَهِيَ أَنْ قَالَ : لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ r إنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا مُخْتَلِطًا بِالنَّاسِ قال علي : وهذا كَذِبٌ مُجَرَّدٌ , وَمُجَاهَرَةٌ سَمِجَةٌ ; لإِنَّ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ [ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهِمَا إلاَّ خَلْفَ النَّاسِ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ , كَمَا يَأْمُرُونَ مَنْ قَلَّدَهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ فَكَيْفَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا لَكَانَ مِمَّا يُوَضِّحُ كَذِبَ هَذَا الْقَائِلِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ r : بِأَيِّ الصَّلاَتَيْنِ اعْتَدَدْت أَبِصَلاَتِك وَحْدَك أَمْ بِصَلاَتِك مَعَنَا وَ أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا لإِنَّ مِنْ الْبَاطِلِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَقُولَ [ لَهُ النَّبِيُّ r هَذَا الْقَوْلَ , وَهُوَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ إلاَّ صَلاَتَهُ الرَّكْعَتَيْنِ مُخْتَلِطًا بِالنَّاسِ [ وَمُتَّصِلاً بِهِمْ فَيَسْكُتُ عليه السلام عَمَّا أَنْكَرَ مِنْ الْمُنْكَرِ وَيَهْتِفُ بِمَا لَمْ يَذْكَرْ مِنْ لَفْظِهِ , وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ، عَنْ هَذَا التَّخْلِيطِ الَّذِي لاَ يَلِيقُ بِذِي مَسْكَةٍ إلاَّ بِمِثْلِ مَنْ أَطْلَقَ هَذَا. وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ ظَنٌّ مَكْذُوبٌ مُجَرَّدٌ , وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَنْ قَالَ هَذَا , وَبَيْنَ مَنْ قَالَ : لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ r إنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ ; لاَِنَّهُ كَانَ بِلاَ وُضُوءٍ , أَوْ لاَِنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ ثَوْبَ حَرِيرٍ وَمِثْلُ هَذِهِ الظُّنُونِ لاَ يَتَعَذَّرُ عَلَى مَنْ اسْتَسْهَلَ الْكَذِبَ فِي الدِّينِ , وَعَلَى النَّبِيِّ r . فإن قيل : إنَّهُ عليه السلام لَمْ يَذْكُرْ مِنْ هَذَا شَيْئًا قِيلَ : وَلاَ ذَكَرَ عليه السلام اخْتِلاَطَهُ بِالنَّاسِ ، وَلاَ اتِّصَالَهُ بِهِمْ , وَإِنَّمَا نَصَّ عليه السلام عَلَى إنْكَارِهِ الصَّلاَةَ الَّتِي صَلاَّهَا , وَهُوَ عليه السلام يُصَلِّي الصُّبْحَ فَقَطْ. وَأَيْضًا : فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ مُنْكِرًا عَلَى مَنْ فَعَلَ مَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ، وَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ الْفَرِيضَةَ خَيْرٌ مِنْ النَّافِلَةِ , وَهُمْ يَأْمُرُونَهُ بِأَنْ يَسْتَبْدِلَ النَّافِلَةَ الَّتِي هِيَ أَدْنَى بِبَعْضِ الْفَرِيضَةِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْ النَّافِلَةِ , مَعَ مَعْصِيَتِهِمْ السُّنَنَ الَّتِي أَوْرَدْنَا وَبِمَا قُلْنَاهُ يَقُولُ جُمْهُورٌ مِنْ السَّلَفِ : كَمَا رُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسَافِرٍ ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى الصَّلاَةِ بَعْدَ الإِقَامَةِ. وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَاءَ إلَى الْقَوْمِ وَهُمْ فِي صَلاَةِ الْغَدَاةِ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , فَدَخَلَ مَعَهُمْ فَلَمَّا ضَحَّى قَامَ فَصَلاَّهُمَا. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إلاَّ الْمَكْتُوبَةَ. وَعَنْ مَعْمَرٍ : عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ أَنْ تُصَلَّى رَكْعَتَا الْفَجْرِ عِنْدَ إقَامَةِ صَلاَةِ الصُّبْحِ , قَالَ : أَتُصَلِّيهِمَا وَقَدْ فُرِضَتْ الصَّلاَةُ. وبه إلى مَعْمَرٍ : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ وَلَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ صَلَّى مَعَ الإِمَامِ , فَإِذَا فَرَغَ رَكَعَهُمَا بَعْدَ الصُّبْحِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ : فِي الَّذِي يَجِدُ الإِمَامَ يُصَلِّي وَلَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , قَالَ : يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ مَوْهَبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ مُسْلِمُ بْنُ عُقَيْلٍ يَقُولُ لِلنَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ : وَيْلَكُمْ , لاَ صَلاَةَ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ : وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيِّ كِلاَهُمَا ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ فُضَيْلٍ [ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّهُ قَالَ : اقْطَعْ صَلاَتَك عِنْدَ الإِقَامَةِ وَعَنْ عِمَادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ : جَاءَ ابْنُ أَخٍ لِعُرْوَةِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ ; فَزَجَرَهُ عُرْوَةُ فَصَحَّ أَنَّ مَنْ بَدَأَ فِي تَطَوُّعِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَوْ الْوِتْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَأُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ أَوْ غَيْرُهَا فَقَدْ بَطَلَتْ الصَّلاَةُ الَّتِي كَانَ فِيهَا , بِالنُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَا. فإن قيل : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ ، وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. قلنا : نَعَمْ هَذَا حَقٌّ , وَمَا هُوَ أَبْطَلَهَا ; وَلَوْ تَعَمَّدَ إبْطَالَهَا لَكَانَ مُسِيئًا ; وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبْطَلَهَا عَلَيْهِ كَمَا تَبْطُلُ بِالْحَدَثِ ; وَبِمُرُورِ مَا يُبْطِلُ الصَّلاَةَ مُرُورُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَضَاءُ الرَّكْعَتَيْنِ فَلِقَوْلِهِ عليه السلام : مَنْ نَامَ ، عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا , وَهَذَا عُمُومٌ. حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَامَ ، عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , فَصَلاَّهُمَا بَعْدَ مَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَهَذَا عليه السلام لَمْ يَبْدَأْ بِهِمَا قَبْلَ الْفَرْضِ. [ وبه إلى ابْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيِّ الْقَاضِي ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ قَالَ : رَأَى رَسُولُ اللَّهِ r رَجُلاً يُصَلِّي بَعْدَ الْغَدَاةِ رَكْعَتَيْنِ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَمْ أَكُنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ , فَصَلَّيْتُهُمَا الآنَ فَلَمْ يَقُلْ [ لَهُ عليه السلام شَيْئًا. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقِ ، عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ : رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ [ صَلاَّهُمَا : صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حِينَ صَلَّى الإِمَامُ. وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ : إذَا أَخْطَأْت أَنْ تَرْكَعَهُمَا قَبْلَ الصُّبْحِ فَارْكَعْهُمَا بَعْدَ الصُّبْحِ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : رَأَيْت ابْنَ جُرَيْجٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فِي مَسْجِدِ صَنْعَاءَ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الإِمَامُ. وَبِهِ يَقُولُ طَاوُوس وَغَيْرُهُ ; فَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلاَةُ فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى قَضَائِهَا ; لإِنَّ وَقْتَهَا قَدْ خَرَجَ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 309 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ نَامَ ، عَنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ أَوْ نَسِيَهَا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَالأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلاَةِ الصُّبْحِ , كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَهُ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا. وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ , وَدَاوُد , وَأَصْحَابُهُمْ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَمَا نَعْلَمُ لِقَوْلِهِ حُجَّةً ; لاَِنَّهُ خِلاَفُ الثَّابِتِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r . 310 - مَسْأَلَةٌ : وَالْكَلاَمُ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ مُبَاحٌ وَبَعْدَهَا : وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مُذْ يَطْلُعُ الْفَجْرُ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ : قال علي : هذا بَاطِلٌ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ; فَهَذَانِ الْوَقْتَانِ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ الأَوْقَاتِ ، وَلاَ فَرْقَ. وَإِنَّمَا مَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْكَلاَمِ فِي الصَّلاَةِ وَحِينَ حُضُورِ الْخُطْبَةِ فَقَطْ , وَأَبَاحَهُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَمِنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ 311 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ دَخَلَ فِي مَسْجِدٍ فَظَنَّ أَنَّ أَهْلَهُ قَدْ صَلَّوْا صَلاَةَ الْفَرْضِ الَّتِي هُوَ فِي وَقْتِهَا , أَوْ كَانَ مِمَّنْ لاَ يَلْزَمُهُ فَرْضُ الْجَمَاعَةِ فَابْتَدَأَ فَأُقِيمَتْ الصَّلاَةُ : فَالْوَاجِبُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى تَكْبِيرِهِ وَيَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي الصَّلاَةِ ; فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً فَأَكْثَرَ فَكَذَلِكَ ; فَإِذَا أَتَمَّ هُوَ صَلاَتَهُ جَلَسَ وَانْتَظَرَ سَلاَمَ الإِمَامِ فَسَلَّمَ مَعَهُ. بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ كَمَا أُمِرَ , وَمَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ فَقَدْ أَحْسَنَ , وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَ إمَامًا فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ; وَلاِِنْكَارِهِ عليه السلام عَلَى مَنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ , وَالإِمَامُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ ; فَهَذَا لاَ يَجُوزُ إلاَّ حَيْثُ أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ r فَقَطْ. وَلَيْسَ ذَلِكَ إلاَّ لِمَنْ عُذِرَ فَطَوَّلَ عَلَيْهِ الإِمَامُ فَقَطْ , عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلاَ يَضُرُّهُ أَنْ يُكَبِّرَ قَبْلَ إمَامِهِ إذَا كَانَ تَكْبِيرُهُ بِحَقٍّ , وَمُخَالِفُنَا يُجِيزُ لِمَنْ كَبَّرَ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ الإِمَامُ مَنْ كَبَّرَ بَعْدَهُ أَنْ يَأْتَمَّ بِهَذَا الْمُسْتَخْلَفِ الَّذِي كَبَّرَ مَأْمُومُهُ قَبْلَهُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ , وَالأَعْمَشِ كِلاَهُمَا ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ دَخَلَ فِي مَسْجِدٍ يَرَى أَنَّهُمْ قَدْ صَلَّوْا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ : قَالَ إبْرَاهِيمُ : يَدْخُلُ مَعَ الإِمَامِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَجْعَلُ الْبَاقِيَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَقِيلَ لاِِبْرَاهِيمَ : مَا شَعَرْت أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ : إنَّ هَذَا كَانَ يَفْعَلُهُ [ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. قال علي : هذا خَبَرٌ ، عَنِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَعَنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ , وَقَدْ رُوِّينَا ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ ، رضي الله عنهم ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ لِمَنْ افْتَتَحَ صَلاَةَ تَطَوُّعٍ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْمَكْتُوبَةِ وَاصِلِينَ بِتَطَوُّعِهِمْ بِهَا , فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَوْجَبُ بِلاَ شَكٍّ : مِنْهُمْ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ , وَالْحَسَنُ , وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ. وَلَيْسَ هَذَا قِيَاسًا , بَلْ هُوَ بَابٌ وَاحِدٌ , وَنَتِيجَةُ بُرْهَانٍ وَاحِدٍ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَلاَ يَحِلُّ ذَلِكَ عِنْدَنَا فِي التَّطَوُّعِ , لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ [ مِنْ انْقِطَاعِهَا إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 312 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَ الإِمَامِ إلاَّ لِعُذْرٍ , مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بَدَأَ فِي قَضَاءِ صَلاَةٍ فَائِتَةٍ أَوْ بَدَأَهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلاَةُ الْفَرْضِ فِي وَقْتِهَا ; فَإِنَّ هَذَا يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ فِي صَلاَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ; فَإِذَا أَتَمَّهَا سَلَّمَ ثُمَّ دَخَلَ خَلْفَ الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ الَّتِي الإِمَامُ فِيهَا , فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ قَامَ فَقَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا ; لإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r إنَّمَا قَالَ : إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إلاَّ الْمَكْتُوبَةَ وَاَلَّتِي دَخَلَ فِيهَا مَكْتُوبَةٌ ; فَلاَ يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا. وَلاَ يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَةُ الإِمَامِ ; لِنَهْيِ النَّبِيِّ r ، عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : بِأَيِّ صَلاَتَيْكَ اعْتَدَدْتَ مُنْكِرًا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ; وَلِقَوْلِهِ عليه السلام إنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ , فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى صَلاَتَهُ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ الاِئْتِمَامُ بِالإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ الَّتِي يُصَلِّيهَا الإِمَامُ ; ، وَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى ذَلِكَ إلاَّ بِالسَّلاَمِ , فَيُسَلِّمُ ، وَلاَ بُدَّ , أَوْ يَكُونُ مُسَافِرًا يَدْخُلُ فِي صَلاَةِ مُقِيمٍ , وَيَخَافُ مِمَّنْ لاَ عِلْمَ لَهُ إنْ قَعَدَ مُنْتَظِرًا سَلاَمَ الإِمَامِ فَهَذَا يُسَلِّمُ ، وَلاَ بُدَّ ; لاَِنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى ذَلِكَ , ثُمَّ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ مُتَطَوِّعًا , وَنَحْوُ هَذَا , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 313 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ فَرْضُ الْجَمَاعَةِ , وَلَمْ يَكُنْ يَائِسًا ، عَنْ إدْرَاكِهَا فَابْتَدَأَ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ فَأُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَاَلَّتِي بَدَأَ بِهَا بَاطِلَةٌ فَاسِدَةٌ , لاَ تُجْزِئُهُ , وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي الَّتِي أُقِيمَتْ , وَلاَ مَعْنَى لاََنْ يُسَلِّمَ مِنْ الَّتِي بَدَأَ ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِي صَلاَةٍ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ r مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ. وَهَذَا كَانَ عَلَيْهِ فَرْضُ الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ ; لِمَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ; فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى ; فَهُوَ مَرْدُودٌ. بَابُ الأَذَانِ 314 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِصَلاَةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا إلاَّ صَلاَةَ الصُّبْحِ فَقَطْ , فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي بِمِقْدَارِ مَا يُتِمُّ الْمُؤَذِّنُ أَذَانَهُ وَيَنْزِلُ مِنْ الْمَنَارِ أَوْ مِنْ الْعُلُوِّ وَيَصْعَدُ مُؤَذِّنٌ آخَرُ وَيَطْلُعُ الْفَجْرُ قَبْلَ ابْتِدَاءِ الثَّانِي فِي الأَذَانِ , وَلاَ بُدَّ لَهَا مِنْ أَذَانٍ ثَانٍ بَعْدَ الْفَجْرِ , وَلاَ يُجْزِئُ الأَذَانُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ ; لاَِنَّهُ أَذَانُ سُحُورٍ , لاَ أَذَانٌ لِلصَّلاَةِ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهَا قَبْلَ الْمِقْدَارِ الَّذِي ذَكَرْنَا , فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ , قُلْتُ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : يَا أَبَا سَعِيدٍ , الرَّجُلُ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الْفَجْرِ يُوقِظُ النَّاسَ فَغَضِبَ , وَقَالَ عُلُوجٌ فِرَاغٌ لَوْ أَدْرَكَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لاََوْجَعَ جَنُوبَهُمْ مَنْ أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنَّمَا صَلَّى أَهْلُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ بِإِقَامَةٍ لاَ أَذَانَ فِيهِ. وبه إلى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ فُضَيْلٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُؤَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ شَرِيكٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : سَمِعَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ مُؤَذِّنًا بِلَيْلٍ فَقَالَ : لَقَدْ خَالَفَ هَذَا سُنَّةً مِنْ سُنَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r لَوْ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَمِنْ طَرِيقِ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : كَانُوا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِلَيْلِ قَالُوا لَهُ : اتَّقِ اللَّهَ , وَأَعِدْ أَذَانَك قَالَ عَلِيٌّ : هَذِهِ حِكَايَةٌ ، عَنِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَأَكَابِرِ التَّابِعِينَ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد : حدثنا أَيُّوبُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حدثنا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَادٍ ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ مُؤَذِّنٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُقَالُ لَهُ : مَسْرُوحٌ , أَذَّنَ قَبْلَ الصُّبْحِ فَأَمَرَهُ عُمَرُ بِأَنْ يُنَادِيَ : أَلاَ إنَّ الْعَبْدَ نَامَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قُلْت لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : مَتَى تُوتِرِينَ قَالَتْ : بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ , وَمَا كَانُوا يُؤَذِّنُونَ حَتَّى يُصْبِحُوا. وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ : حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنِي نَافِعٍ قَالَ : مَا كَانُوا يُؤَذِّنُونَ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَهَذِهِ أَقْوَالُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ : عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ , وَنَافِعٍ , وَغَيْرِهِمْ , وَهُمْ أَوْلَى بِالاِتِّبَاعِ مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ فَوَجَدَ عَمَلاً لاَ يُدْرَى أَصْلُهُ , وَلاَ يَجُوزُ فِيهِ دَعْوَى نَقْلِ التَّوَاتُرِ ، عَنْ مِثْلِهِ أَصْلاً ; لإِنَّ الرِّوَايَاتِ ، عَنْ هَؤُلاَءِ الثِّقَاتِ مُبْطِلَةٌ لِهَذِهِ الدَّعْوَى الَّتِي لاَ تَصِحُّ ; ، وَلاَ يَعْجِزُ عَنْهَا أَحَدٌ. وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وقال مالك وَالأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ : يُؤَذَّنُ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ بِلَيْلٍ , وَلاَ يُؤَذَّنُ لِغَيْرِهَا إلاَّ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. [ قَالَ عَلِيٌّ : احْتَجَّ هَؤُلاَءِ بِالأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ مِنْ أَنَّ بِلاَلاً كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ قال علي : وهذا حَقٌّ , إلاَّ أَنَّهُ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَذَانَ الصَّلاَةِ , وَلاَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِلَيْلٍ طَوِيلٍ , وَكَانَ يُؤَذِّنُ آخَرُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ أَوْ يُنَادِي بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ , وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حدثنا حَفْصٌ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ [ الصِّدِّيقِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا أَذَّنَ بِلاَلٌ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ قُلْتُ : وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلاَّ أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَصْعَدَ هَذَا. وَ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : إنَّ بِلاَلاً أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ , فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ : أَلاَ إنَّ الْعَبْدَ نَامَ , أَلاَ إنَّ الْعَبْدَ نَامَ , فَرَجَعَ فَنَادَى : أَلاَ إنَّ الْعَبْدَ نَامَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا قُتَيْبَةُ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ إذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يُغِيرُ بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ , فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ , وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ. قَالَ عَلِيٌّ : فَصَحَّ أَنَّ الأَذَانَ لِلصَّلاَةِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ حَفْصَةَ , وَعَائِشَةَ : أُمَّيْ الْمُؤْمِنِينَ , فَصَارَ نَقْلَ تَوَاتُرٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ. وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ , وَسَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ مُسْنَدًا أَيْضًا , وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الآثَارِ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا , وَلاَ غَيْرِهَا أَنَّهُ عليه السلام اكْتَفَى بِذَلِكَ الأَذَانِ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ ; بَلْ فِي كُلِّهَا , وَفِي غَيْرِهَا أَنَّهُ كَانَ هُنَالِكَ أَذَانٌ آخَرُ بَعْدَ الْفَجْرِ , وَالْقَوْمُ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ , وَمِنْ كِبَارِهِمْ مَنْ يَقُولُ : إنَّ الْقِيَاسَ أَوْلَى مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ. وَهَا هُنَا تَرَكُوا قِيَاسَ الأَذَانِ لِلْفَجْرِ عَلَى الأَذَانِ لِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ , وَلَمْ يَتَعَلَّقُوا بِخَبَرٍ أَصْلاً لاَ صَحِيحٍ ، وَلاَ سَقِيمٍ فِي أَنَّ ذَلِكَ الأَذَانَ يُجْزِئُ ، عَنْ آخِرَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَيُقَالُ لِمَنْ رَأَى أَنَّ الأَذَانَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ يُجْزِئُ قَبْلَ الْفَجْرِ : أَخْبِرْنَا ، عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي يُجْزِئُ فِيهِ الأَذَانُ لَهَا مِنْ اللَّيْلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا حَدًّا فِي ذَلِكَ لَزِمَهُمْ أَنْ يُجْزِئَ إثْرَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ; لاَِنَّهُ لَيْلٌ بِلاَ شَكٍّ , وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا فَإِنْ قَالُوا : أَوَّلُ الأَوْقَاتِ الَّتِي يُجْزِئُ فِيهَا الأَذَانُ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ اللَّيْلِ هُوَ إثْرَ نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ أَوْ قَالُوا : [ هُوَ فِي أَوَّلِ الثُّلُثِ الآخِرِ مِنْ اللَّيْلِ. قلنا لَهُمْ : هَذِهِ دَعْوَى مُفْتَقِرَةٌ إلَى دَلِيلٍ , وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي دِينِهِ وَهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ وَقْتَ صَلاَةِ الْعَتَمَةِ يَمْتَدُّ إلَى وَقْتِ طُلُوعِ الْفَجْرِ , وَيَرَوْنَ لِلْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنْ تُصَلِّيَ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ وَالْمَغْرِبَ , فَقَدْ أَجَازُوا الأَذَانَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ فِي وَقْتِ صَلاَةِ الْعَتَمَةِ , فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنْ يَخُصُّوا بِذَلِكَ [ بَعْضَ وَقْتٍ [ صَلاَةِ الْعَتَمَةِ دُونَ جَمِيعِ وَقْتِهَا نَعَمْ وَوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ أَيْضًا. فَإِنْ قَالُوا : لاَ نُجِيزُ ذَلِكَ إلاَّ فِي آخِرِ اللَّيْلِ قِيلَ لَهُمْ : وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا وَلَيْسَ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ الأَخْبَارِ إلاَّ الْخَبَرَ الَّذِي أَخَذْنَا بِهِ , وَهُوَ الَّذِي فِيهِ تَحْدِيدُ وَقْتِ ذَلِكَ الأَذَانِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 315 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تُجْزِئُ صَلاَةُ فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا إلاَّ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ , سَوَاءٌ كَانَتْ فِي وَقْتِهَا , أَوْ كَانَتْ مَقْضِيَّةً لِنَوْمٍ عَنْهَا أَوْ لِنِسْيَانٍ , مَتَى قُضِيَتْ , السَّفَرُ وَالْحَضَرُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ , فَإِنْ صَلَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِلاَ أَذَانٍ ، وَلاَ إقَامَةٍ فَلاَ صَلاَةَ لَهُمْ , حَاشَا الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ , وَالْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ بِمُزْدَلِفَةَ ; فَإِنَّهُمَا يُجْمَعَانِ بِأَذَانٍ لِكُلِّ صَلاَةٍ , وَإِقَامَةٍ لِلصَّلاَتَيْنِ مَعًا لِلأَثَرِ فِي ذَلِكَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، حدثنا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، حدثنا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ قَالَ : أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ r فَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُمْ : ارْجِعُوا إلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ , وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي , فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ الْجَرْمِيَّ أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِيهِ , وَكَانَ وَافِدَ قَوْمِهِ عَلَى النَّبِيِّ r أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ لَهُ : صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا [ فِي حِينِ كَذَا وَصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ , وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. قَالَ عَلِيٌّ : فَصَحَّ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ وُجُوبُ الأَذَانِ ، وَلاَ بُدَّ , وَأَنَّهُ لاَ يَكُونُ إلاَّ بَعْدَ حُضُورِ الصَّلاَةِ فِي وَقْتِهَا , عُمُومًا لِكُلِّ صَلاَةٍ , وَدَخَلَتْ الإِقَامَةُ فِي هَذَا الأَمْرِ. كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ ، حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ هُوَ إسْمَاعِيلُ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ لِمَنْ شَاءَ. , وَأَيْضًا فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِلاَلاً بِأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ : أَتَى رَجُلاَنِ إلَى النَّبِيِّ r يُرِيدَانِ السَّفَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ r إذَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا. فإن قيل : إنَّمَا هَذَا فِي السَّفَرِ قلنا : لاَ , بَلْ فِي الْخُرُوجِ , وَهَذَا يَقْتَضِي الْخُرُوجَ مِنْ عِنْدِهِ عليه السلام لِشَأْنِهِمَا , وَهَذَا كُلُّهُ عُمُومٌ لِكُلِّ صَلاَةِ فَرْضٍ مَقْضِيَّةٍ كَمَا ذَكَرْنَا أَوْ غَيْرَ مَقْضِيَّةٍ. وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا أَيْضًا بَيَانٌ يَرْفَعُ التَّمْوِيهَ وَالإِيهَامَ كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حدثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : شَغَلَنَا الْمُشْرِكُونَ ، عَنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ حَتَّى غَرُبَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ , قَالَ : وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي الْقِتَالِ [ مَا نَزَلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ r بِلاَلاً فَأَذَّنَ لِلظُّهْرِ فَصَلاَّهَا فِي وَقْتِهَا ; ثُمَّ أَذَّنَ لِلْعَصْرِ فَصَلاَّهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ فَصَلاَّهَا فِي وَقْتِهَا قال علي : وهذا الخبر زَائِدٌ عَلَى كُلِّ خَبَرٍ وَرَدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ , وَالأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ وَاجِبٌ. وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ : قُلْت لِعَطَاءٍ : صَلَّيْتُ لِنَفْسِي الصَّلاَةَ فَنَسِيتُ أَنْ أُقِيمَ لَهَا قَالَ : عُدْ لِصَلاَتِك أَقِمْ لَهَا ثُمَّ أَعِدْ , وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : إذَا نَسِيتَ الإِقَامَةَ فِي السَّفَرِ فَأَعِدْ الصَّلاَةَ. وَمِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ فَرْضًا : أَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُ , وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ فَرْضًا حُجَّةً أَصْلاً " وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلاَّ اسْتِحْلاَلُ رَسُولِ اللَّهِ r دِمَاءَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ عِنْدَهُمْ أَذَانًا , وَأَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ : لَكَفَى فِي وُجُوبِ فَرْضِ ذَلِكَ , وَهُوَ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ مِنْ جَمِيعِ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، بِلاَ شَكٍّ ; فَهَذَا هُوَ الإِجْمَاعُ الْمَقْطُوعُ عَلَى صِحَّتِهِ لاَ الدَّعَاوَى الْكَاذِبَةُ الَّتِي لاَ يَعْجِزُ أَحَدٌ ، عَنْ ادِّعَائِهَا , إذَا لَمْ يَرْدَعْهُ ، عَنْ ذَلِكَ وَرَعٌ أَوْ حَيَاءٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 315 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تُجْزِئُ صَلاَةُ فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا إلاَّ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ , سَوَاءٌ كَانَتْ فِي وَقْتِهَا , أَوْ كَانَتْ مَقْضِيَّةً لِنَوْمٍ عَنْهَا أَوْ لِنِسْيَانٍ , مَتَى قُضِيَتْ , السَّفَرُ وَالْحَضَرُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ , فَإِنْ صَلَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِلاَ أَذَانٍ ، وَلاَ إقَامَةٍ فَلاَ صَلاَةَ لَهُمْ , حَاشَا الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ , وَالْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ بِمُزْدَلِفَةَ ; فَإِنَّهُمَا يُجْمَعَانِ بِأَذَانٍ لِكُلِّ صَلاَةٍ , وَإِقَامَةٍ لِلصَّلاَتَيْنِ مَعًا لِلأَثَرِ فِي ذَلِكَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، حدثنا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، حدثنا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ قَالَ : أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ r فَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُمْ : ارْجِعُوا إلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ , وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي , فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ الْجَرْمِيَّ أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِيهِ , وَكَانَ وَافِدَ قَوْمِهِ عَلَى النَّبِيِّ r أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ لَهُ : صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا [ فِي حِينِ كَذَا وَصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ , وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. قَالَ عَلِيٌّ : فَصَحَّ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ وُجُوبُ الأَذَانِ ، وَلاَ بُدَّ , وَأَنَّهُ لاَ يَكُونُ إلاَّ بَعْدَ حُضُورِ الصَّلاَةِ فِي وَقْتِهَا , عُمُومًا لِكُلِّ صَلاَةٍ , وَدَخَلَتْ الإِقَامَةُ فِي هَذَا الأَمْرِ. كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ ، حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ هُوَ إسْمَاعِيلُ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ لِمَنْ شَاءَ. , وَأَيْضًا فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِلاَلاً بِأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ : أَتَى رَجُلاَنِ إلَى النَّبِيِّ r يُرِيدَانِ السَّفَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ r إذَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا. فإن قيل : إنَّمَا هَذَا فِي السَّفَرِ قلنا : لاَ , بَلْ فِي الْخُرُوجِ , وَهَذَا يَقْتَضِي الْخُرُوجَ مِنْ عِنْدِهِ عليه السلام لِشَأْنِهِمَا , وَهَذَا كُلُّهُ عُمُومٌ لِكُلِّ صَلاَةِ فَرْضٍ مَقْضِيَّةٍ كَمَا ذَكَرْنَا أَوْ غَيْرَ مَقْضِيَّةٍ. وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا أَيْضًا بَيَانٌ يَرْفَعُ التَّمْوِيهَ وَالإِيهَامَ كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حدثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : شَغَلَنَا الْمُشْرِكُونَ ، عَنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ حَتَّى غَرُبَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ , قَالَ : وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي الْقِتَالِ [ مَا نَزَلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ r بِلاَلاً فَأَذَّنَ لِلظُّهْرِ فَصَلاَّهَا فِي وَقْتِهَا ; ثُمَّ أَذَّنَ لِلْعَصْرِ فَصَلاَّهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ فَصَلاَّهَا فِي وَقْتِهَا قال علي : وهذا الخبر زَائِدٌ عَلَى كُلِّ خَبَرٍ وَرَدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ , وَالأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ وَاجِبٌ. وَرُوِّينَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ : قُلْت لِعَطَاءٍ : صَلَّيْتُ لِنَفْسِي الصَّلاَةَ فَنَسِيتُ أَنْ أُقِيمَ لَهَا قَالَ : عُدْ لِصَلاَتِك أَقِمْ لَهَا ثُمَّ أَعِدْ , وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : إذَا نَسِيتَ الإِقَامَةَ فِي السَّفَرِ فَأَعِدْ الصَّلاَةَ. وَمِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ فَرْضًا : أَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُ , وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ فَرْضًا حُجَّةً أَصْلاً " وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلاَّ اسْتِحْلاَلُ رَسُولِ اللَّهِ r دِمَاءَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ عِنْدَهُمْ أَذَانًا , وَأَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ : لَكَفَى فِي وُجُوبِ فَرْضِ ذَلِكَ , وَهُوَ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ مِنْ جَمِيعِ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، بِلاَ شَكٍّ ; فَهَذَا هُوَ الإِجْمَاعُ الْمَقْطُوعُ عَلَى صِحَّتِهِ لاَ الدَّعَاوَى الْكَاذِبَةُ الَّتِي لاَ يَعْجِزُ أَحَدٌ ، عَنْ ادِّعَائِهَا , إذَا لَمْ يَرْدَعْهُ ، عَنْ ذَلِكَ وَرَعٌ أَوْ حَيَاءٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 316 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَلْزَمُ الْمُنْفَرِدَ أَذَانٌ ، وَلاَ إقَامَةٌ فَإِنْ أَذَّنَ , وَأَقَامَ فَحَسَنٌ ; [ لأََنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ بِإِيجَابِ الأَذَانِ إِلاَّ عَلَى الاِثْنَيْنِ فَصَاعِدًا , وَإِنَّمَا قلنا : إنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ ] , لأََنَّهُ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى , وَقَدْ يَدْعُو إلَى الصَّلاَةِ مَنْ لَعَلَّهُ يَسْمَعُهُ مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ ; فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ فِي الْوَقْتِ. 317 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَلْزَمُ النِّسَاءَ فَرْضًا حُضُورُ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي جَمَاعَةٍ , وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَؤُمَّ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ ، وَلاَ الرِّجَالَ , وَهَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ , وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّصَّ قَدْ جَاءَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ إذَا فَاتَتْ أَمَامَهُ. عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , مَعَ قَوْلِهِ عليه السلام الإِمَامُ جُنَّةٌ وَحُكْمُهُ عليه السلام بِأَنْ تَكُونَ وَرَاءَ الرَّجُلِ ، وَلاَ بُدَّ فِي الصَّلاَةِ , وَأَنَّ الإِمَامَ يَقِفُ أَمَامَ الْمَأْمُومِينَ لاَ بُدَّ أَوْ مَعَ الْمَأْمُومِ فِي صَفٍّ وَاحِدٍ عَلَى مَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوَاضِعِهِ وَمِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ يَثْبُتُ بُطْلاَنُ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ , وَلِلرِّجَالِ يَقِينًا 318 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ حَضَرَتْ الْمَرْأَةُ الصَّلاَةَ مَعَ الرِّجَالِ فَحَسَنٌ ; لِمَا قَدْ صَحَّ مِنْ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَشْهَدْنَ الصَّلاَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r وَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ. 319 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ صَلَّيْنَ جَمَاعَةً , وَأَمَّتْهُنَّ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ فَحَسَنٌ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ يَمْنَعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ , وَلاَ يَقْطَعُ بَعْضُهُنَّ صَلاَةَ بَعْضٍ ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا. [ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ النَّهْدِيِّ هُوَ أَبُو خَازِمٍ ، عَنْ رَيْطَةَ الْحَنَفِيَّةِ : أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّتْهُنَّ فِي صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ لاَحِقٍ ، عَنْ تَمِيمَةَ بِنْتِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّهَا أَمَّتْ نِسَاءً فِي الْفَرِيضَةِ فِي الْمَغْرِبِ , وَقَامَتْ وَسَطَهُنَّ , وَجَهَرَتْ بِالْقِرَاءَةِ وَعَنْ [ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَمَّارِ الدُّهْنِيِّ ، عَنْ حُجَيْرَةَ بِنْتِ حُصَيْنٍ قَالَتْ : أَمَّتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ , وَقَامَتْ بَيْنَنَا وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَهِيَ خَيْرَةُ , هُوَ اسْمُهَا , ثِقَةٌ مَشْهُورَةٌ حَدَّثَتْهُمْ : أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَؤُمُّهُنَّ فِي رَمَضَانَ , وَتَقُومُ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَؤُمُّ النِّسَاءَ [ فِي التَّطَوُّعِ وَتَقُومُ وَسْطَهُنَّ فِي الصَّفِّ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ فِي التَّطَوُّعِ تَقُومُ وَسْطَهُنَّ وَرُوِيَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ جَارِيَةً لَهُ تَؤُمُّ [ نِسَاءَهُ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ. وَمِنْ التَّابِعِينَ : [ رُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ , وَعَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ , وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الرُّبَيِّعِ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالُوا كُلُّهُمْ بِإِجَازَةِ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءِ وَتَقُومُ وَسَطَهُنَّ. قَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ : فِي الْفَرِيضَةِ وَالتَّطَوُّعِ , وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ. وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَالأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ , وَأَبِي ثَوْرٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَدَاوُد , وَأَصْحَابِهِمْ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ , وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ : لاَ تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ فِي فَرْضٍ ، وَلاَ نَافِلَةٍ , وَهَذَا قَوْلٌ لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ , وَخِلاَفٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ لاَ يُعْلَمُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالِفٌ ; وَهُمْ يُشَيِّعُونَ هَذَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ , بَلْ صَلاَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسَاءِ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r إنَّ صَلاَةَ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. فإن قيل : فَهَلاَّ جَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَرْضًا , بِقَوْلِهِ عليه السلام : إذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ قلنا لَوْ كَانَ هَذَا لَكَانَ جَائِزًا أَنْ تَؤُمَّنَا , وَهَذَا مُحَالٌ ; وَهَذَا خِطَابٌ مِنْهُ عليه السلام لاَ يَتَوَجَّهُ أَلْبَتَّةَ إلَى نِسَاءٍ لاَ رَجُلَ مَعَهُنَّ , لاَِنَّهُ لَحْنٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ مُتَيَقَّنٌ , وَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ عليه السلام يَلْحَنُ. 320 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ أَذَانَ عَلَى النِّسَاءِ ، وَلاَ إقَامَةَ ; فَإِنْ أَذَّنَّ , وَأَقَمْنَ فَحَسَنٌ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ r بِالأَذَانِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ r الصَّلاَةَ فِي جَمَاعَةٍ , بِقَوْلِهِ عليه السلام : فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ وَلَيْسَ النِّسَاءُ مِمَّنْ أُمِرْنَ بِذَلِكَ , فَإِذَا هُوَ قَدْ صَحَّ فَالأَذَانُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى , وَالإِقَامَةُ كَذَلِكَ ; فَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا فِعْلٌ حَسَنٌ. وَرُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ : تُقِيمُ الْمَرْأَةُ لِنَفْسِهَا , وَقَالَ طَاوُوس : كَانَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تُؤَذِّنُ وَتُقِيمُ. 321 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَحِلُّ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ , وَلاَ لِسَيِّدِ الأَمَةِ مَنْعُهُمَا مِنْ حُضُورِ الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ , إذَا عَرَفَ أَنَّهُنَّ يُرِدْنَ الصَّلاَةَ ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَخْرُجْنَ مُتَطَيِّبَاتٍ , وَلاَ فِي ثِيَابٍ حِسَانٍ ; فَإِنْ فَعَلَتْ فَلْيَمْنَعْهَا , وَصَلاَتُهُنَّ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِنَّ مُنْفَرِدَاتٍ. : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حدثنا أَبِي , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ قَالاَ ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ أَنَا يُونُسُ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ إذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إلَيْهَا فَقَالَ لَهُ بِلاَلٌ ابْنُهُ ; وَاَللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ , فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْته سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ , قَالَ : أُخْبِرُك ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَتَقُولُ : وَاَللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. وبه إلى مُسْلِمٍ : حدثنا أَبُو كُرَيْبٍ ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ تَمْنَعُوا النِّسَاءَ مِنْ الْخُرُوجِ بِاللَّيْلِ إلَى الْمَسَاجِدِ. حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا حَامِدٌ ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لاَ تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ , وَلاَ يَخْرُجْنَ إلاَّ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ. قَالَ عَلِيٌّ : وَالتَّفِلَةُ السَّيِّئَةُ الرِّيحِ وَالْبِزَّةُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ ، حدثنا بُكَيْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r : إذَا شَهِدَتْ إحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلاَ تَمَسَّ طِيبًا. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّفَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ. حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْجُعْفِيُّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ : خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ الْمُتَقَدِّمُ , وَشَرُّهَا الْمُؤَخَّرُ , وَشَرُّ صُفُوفِ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمُ , وَخَيْرُهَا الْمُؤَخَّرُ ; يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ إذَا سَجَدَ الرِّجَالُ فَاغْضُضْنَ أَبْصَارَكُنَّ لاَ تَرَيْنَ عَوْرَاتِ الرِّجَالِ مِنْ ضِيقِ الآُزُرِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ أَبُو مَعْمَرٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ التَّنُّورِيُّ ، حدثنا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ. وبه إلى أَبِي دَاوُد , حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حدثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرٍ ، هُوَ ابْنُ الأَشَجِّ ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَنْهَى أَنْ يَدْخُلَ مِنْ بَابِ النِّسَاءِ قَالَ عَلِيٌّ : لَوْ كَانَتْ صَلاَتُهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ أَفْضَلُ لَمَا تَرَكَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ r يَتَعَنَّيْنَ بِتَعَبٍ لاَ يُجْدِي عَلَيْهِنَّ زِيَادَةُ فَضْلٍ أَوْ يَحُطُّهُنَّ مِنْ الْفَضْلِ , وَهَذَا لَيْسَ نُصْحًا , وَهُوَ عليه السلام يَقُولُ : الدِّينُ النَّصِيحَةُ وَحَاشَا لَهُ عليه السلام مِنْ ذَلِكَ ; بَلْ هُوَ أَنْصَحُ الْخَلْقِ لاُِمَّتِهِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمَا افْتَرَضَ عليه السلام أَنْ لاَ يَمْنَعَهُنَّ ; وَلَمَا أَمَرَهُنَّ بِالْخُرُوجِ تَفِلاَتٍ. وَأَقَلُّ هَذَا أَنْ يَكُونَ أَمْرَ نَدْبٍ وَحَضٍّ وقال أبو حنيفة وَمَالِكٍ : صَلاَتُهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ أَفْضَلُ , وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ خُرُوجَهُنَّ إلَى الْمَسَاجِدِ لِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ , وَلِلْجُمُعَةِ , وَفِي الْعِيدَيْنِ , وَرَخَّصَ لِلْعَجُوزِ خَاصَّةً فِي الْعِشَاءِ الآخِرَةِ , وَالْفَجْرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْرَهْ خُرُوجَهُنَّ فِي الْعِيدَيْنِ : وقال مالك : لاَ نَمْنَعُهُنَّ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ , وَأَبَاحَ لِلْمُتَجَالَّةِ شُهُودَ الْعِيدَيْنِ , وَالاِسْتِسْقَاءَ. وَقَالَ : تَخْرُجُ الشَّابَّةُ إلَى الْمَسْجِدِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ. قَالَ : وَالْمُتَجَالَّةُ تَخْرُجُ إلَى الْمَسْجِدِ , وَلاَ تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ : قَالَ عَلِيٌّ : وَشَغَبَ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ بِرِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ : لَوْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ r مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنَى إسْرَائِيلَ. وَبِحَدِيثٍ رُوِيَ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ الْمُنْذِرِ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ عَمَّتِهِ أَوْ جَدَّتِهِ أُمِّ حُمَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : إنَّ صَلاَتَكِ فِي بَيْتِكِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِكِ مَعِي , وَبِحَدِيثٍ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ الْغُدَانِيِّ أَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : لاََنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي مَخْدَعِهَا أَعْظَمُ لاَِجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِهَا , وَأَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِهَا أَعْظَمُ لاَِجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي دَارِهَا , وَأَنْ تُصَلِّيَ فِي دَارِهَا أَعْظَمُ لاَِجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ قَوْمِهَا , وَأَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ قَوْمِهَا أَعْظَمُ لاَِجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ , وَأَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى الصَّلاَةِ يَوْمَ الْعِيدِ. وقال بعضهم : لَعَلَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ r بِخُرُوجِهِنَّ يَوْمَ الْعِيدِ إنَّمَا كَانَ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ لِيَكْثُرُوا فِي عَيْنِ مَنْ يَرَاهُمْ. قَالَ عَلِيٌّ : وَهَذِهِ عَظِيمَةٌ ; لاَِنَّهَا كِذْبَةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r وَقَوْلٌ بِلاَ عِلْمٍ , وَهُوَ عليه السلام قَدْ بَيَّنَ أَنَّ أَمْرَهُ بِخُرُوجِهِنَّ لِيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ , وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ , وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى ; فَأُفٍّ لِمَنْ كَذَّبَ قَوْلَ النَّبِيِّ r وَافْتَرَى كِذْبَةً بِرَأْيِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ كَوْنِهِ كَذِبًا بَحْتًا فَهُوَ بَارِدٌ سَخِيفٌ جِدًّا. لاَِنَّهُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ عَسْكَرٍ فَيُرْهِبُ عَلَيْهِمْ , وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَدُوٌّ إلاَّ الْمُنَافِقُونَ وَيَهُودُ الْمَدِينَةِ , الَّذِينَ يَدْرُونَ أَنَّهُنَّ نِسَاءٌ , فَاعْجَبُوا لِهَذَا التَّخْلِيطِ. قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا مَا حَدَّثَتْ بِهِ عَائِشَةُ فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ لِوُجُوهٍ : أَوَّلُهَا أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُدْرِكْ مَا أَحْدَثْنَ , فَلَمْ يَمْنَعْهُنَّ , فَإِذْ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ فَمَنْعُهُنَّ بِدْعَةٌ وَخَطَأٌ , وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ فَمَا أَتَيْنَ قَطُّ بِفَاحِشَةٍ ، وَلاَ ضُوعِفَ لَهُنَّ الْعَذَابُ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَلَمْ يُؤْمِنُوا فَلَمْ يَفْتَحْ عَلَيْهِمْ وَمَا نَعْلَمُ احْتِجَاجًا أَسْخَفَ مِنْ احْتِجَاجِ مَنْ يَحْتَجُّ بِقَوْلِ قَائِلٍ : لَوْ كَانَ كَذَا : لَكَانَ كَذَا عَلَى إيجَابِ مَا لَمْ يَكُنْ , الشَّيْءُ الَّذِي لَوْ كَانَ لَكَانَ ذَلِكَ الآخَرُ وَوَجْهٌ ثَانٍ : وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ عَلِمَ مَا يُحْدِثُ النِّسَاءُ , وَمَنْ أَنْكَرَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ , فَلَمْ يُوحِ قَطُّ إلَى نَبِيِّهِ r بِمَنْعِهِنَّ مِنْ أَجْلِ مَا اسْتَحْدَثْنَهُ , وَلاَ أَوْحَى تَعَالَى قَطُّ إلَيْهِ : أَخْبِرْ النَّاسَ إذَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ فَامْنَعُوهُنَّ مِنْ الْمَسَاجِدِ ; فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا فَالتَّعَلُّقُ بِمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ هُجْنَةٌ وَخَطَأٌ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنَّنَا مَا نَدْرِي مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ , مِمَّا لَمْ يُحْدِثْنَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r ، وَلاَ شَيْءَ أَعْظَمُ فِي إحْدَاثِهِنَّ مِنْ الزِّنَى , فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r وَرَجَمَ فِيهِ وَجَلَدَ , فَمَا مَنَعَ النِّسَاءَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَطُّ , وَتَحْرِيمُ الزِّنَى عَلَى الرِّجَالِ كَتَحْرِيمِهِ عَلَى النِّسَاءِ ، وَلاَ فَرْقَ ; فَمَا الَّذِي جَعَلَ الزِّنَى سَبَبًا يَمْنَعُهُنَّ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ سَبَبًا إلَى مَنْعِ الرِّجَالِ مِنْ الْمَسَاجِدِ هَذَا تَعْلِيلٌ مَا رَضِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ , وَلاَ رَسُولُهُ r . وَوَجْهٌ رَابِعٌ : وَهُوَ أَنَّ الإِحْدَاثَ إنَّمَا هُوَ لِبَعْضِ النِّسَاءِ بِلاَ شَكٍّ دُونَ بَعْضٍ , وَمِنْ الْمُحَالِ مَنْعُ الْخَيْرِ عَمَّنْ لَمْ يُحْدِثْ مِنْ أَجْلِ مَنْ أَحْدَثَ , إلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ نَصٌّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ r فَيُسْمَعُ لَهُ وَيُطَاعُ , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿ ، وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلاَّ عَلَيْهَا ، وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَوَجْهٌ خَامِسٌ : وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الإِحْدَاثُ سَبَبًا إلَى مَنْعِهِنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ فَالأَوْلَى أَنْ يَكُونَ سَبَبًا إلَى مَنْعِهِنَّ مِنْ السُّوقِ , وَمِنْ كُلِّ طَرِيقٍ بِلاَ شَكٍّ , فَلِمَ خَصَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ مَنْعَهُنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ أَجْلِ إحْدَاثِهِنَّ , دُونَ مَنْعِهِنَّ مِنْ سَائِرِ الطُّرُقِ بَلْ قَدْ أَبَاحَ لَهَا أَبُو حَنِيفَةَ السَّفَرَ وَحْدَهَا , وَالْمَسِيرَ فِي الْفَيَافِي وَالْفَلَوَاتِ مَسَافَةَ يَوْمَيْنِ وَنِصْفٍ , وَلَمْ يَكْرَهْ لَهَا ذَلِكَ , وَهَكَذَا فَلْيَكُنْ التَّخْلِيطُ. وَوَجْهٌ سَادِسٌ : وَهُوَ أَنَّ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها ، لَمْ تَرَ مَنْعَهُنَّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ , وَلاَ قَالَتْ : امْنَعُوهُنَّ لِمَا أَحْدَثْنَ ; بَلْ أَخْبَرَتْ أَنَّهُ عليه السلام لَوْ عَاشَ لَمَنَعَهُنَّ , وَهَذَا هُوَ نَصُّ قَوْلِنَا وَنَحْنُ نَقُولُ : لَوْ مَنْعَهُنَّ عليه السلام لَمَنَعْنَاهُنَّ , فَإِذْ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ فَلاَ نَمْنَعُهُنَّ , فَمَا حَصَلُوا إلاَّ عَلَى خِلاَفِ السُّنَنِ , وَخِلاَفِ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها ، وَالْكَذِبِ بِإِيهَامِهِمْ مَنْ يُقَلِّدُهُمْ : أَنَّهَا مَنَعَتْ مِنْ خُرُوجِ النِّسَاءِ بِكَلاَمِهَا ذَلِكَ , وَهِيَ لَمْ تَفْعَلْ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ الْمُنْذِرِ فَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُتْرَكَ رِوَايَاتُ الثِّقَاتِ الْمُتَوَاتِرَةُ بِرِوَايَةِ مِنْ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ , وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ الْغُدَانِيِّ فَهُوَ كَثِيرُ التَّصْحِيفِ وَالْغَلَطِ , وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ هَكَذَا قَالَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ الْفَلاَّسُ وَغَيْرُهُ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ , وَخَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ الْغُدَانِيِّ وَهُمَا لاَ يَصِحَّانِ لَكَانَ عَلَى أُمُورِهِمَا مُعَارَضَةٌ لِلأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ الَّتِي أَوْرَدْنَا , وَلاَِمْرِهِ عليه السلام بِخُرُوجِهِنَّ , حَتَّى ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ إلَى مُشَاهَدَةِ صَلاَةِ الْعِيدِ , وَأَمَرَ مَنْ لاَ جِلْبَابَ لَهَا أَنْ تَسْتَعِيرَ مِنْ غَيْرِهَا جِلْبَابًا لِذَلِكَ. وَلِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَاصِمِ الْكِلاَبِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ ، حدثنا هَمَّامُ ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيّ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : صَلاَةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي حُجْرَتِهَا , وَصَلاَتُهَا فِي مَسْجِدِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا. قَالَ عَلِيٌّ : يُرِيدُ بِلاَ شَكٍّ مَسْجِدَ مُحَلَّتِهَا , لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ ; لاَِنَّهُ لَوْ أَرَادَ عليه السلام مَسْجِدَ بَيْتِهَا لَكَانَ قَائِلاً : صَلاَتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا , وَحَاشَا لَهُ عليه السلام أَنْ يَقُولَ الْمُحَالَ ; فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ مَنْسُوخٌ. أَمَّا قَوْلُهُ إنَّ صَلاَتَهَا فِي مَسْجِدِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا وَحَضُّهُ عليه السلام عَلَى خُرُوجِهِنَّ إلَى الْعِيدِ , وَإِلَى الْمَسْجِدِ : مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ : إنَّ صَلاَتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَمِنْ خُرُوجِهَا إلَى صَلاَةِ الْعِيدِ ". وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام : إنَّ صَلاَتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي مَسْجِدِهَا , وَصَلاَتَهَا فِي مَسْجِدِهَا أَفْضَلُ مِنْ خُرُوجِهَا إلَى صَلاَةِ الْعِيدِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ عليه السلام : إنَّ صَلاَتَهَا فِي مَسْجِدِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا وَحَضِّهِ عَلَى خُرُوجِهَا إلَى صَلاَةِ الْعِيدِ. لاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ نَقْطَعَ عَلَى نَسْخِ خَبَرٍ صَحِيحٍ إلاَّ بِحُجَّةٍ. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ : فَوَجَدْنَا خُرُوجَهُنَّ إلَى الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلَّى عَمَلاً زَائِدًا عَلَى الصَّلاَةِ ; وَكُلْفَةً فِي الأَسْحَارِ وَالظُّلْمَةِ وَالزَّحْمَةِ وَالْهَوَاجِرِ الْحَارَّةِ ; وَفِي الْمَطَرِ وَالْبَرْدِ ; فَلَوْ كَانَ فَضْلُ هَذَا الْعَمَلِ الزَّائِدِ مَنْسُوخًا لَمْ يَخْلُ ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا إمَّا أَنْ تَكُونَ صَلاَتُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلَّى مُسَاوِيَةً لِصَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا ; فَيَكُونُ هَذَا الْعَمَلُ كُلُّهُ لَغْوًا وَبَاطِلاً , وَتَكَلُّفًا وَعَنَاءً , وَلاَ يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلاً ; وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا , أَوْ تَكُونَ صَلاَتُهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمُصَلَّى مُنْحَطَّةَ الْفَضْلِ ، عَنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا كَمَا يَقُولُ الْمُخَالِفُونَ , فَيَكُونُ الْعَمَلُ الْمَذْكُورُ كُلُّهُ إثْمًا حَاطًّا مِنْ الْفَضْلِ , وَلاَ بُدَّ ; إذْ لاَ يَحُطُّ مِنْ الْفَضْلِ فِي صَلاَةٍ مَا ، عَنْ تِلْكَ الصَّلاَةِ بِعَيْنِهَا عَمَلٌ زَائِدٌ إلاَّ , وَهُوَ مُحَرَّمٌ , وَلاَ يُمْكِنُ غَيْرُ هَذَا. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ تَرْكِ أَعْمَالٍ مُسْتَحَبَّةٍ فِي الصَّلاَةِ , فَيَحُطُّ ذَلِكَ مِنْ الأَجْرِ لَوْ عَمِلَهَا ; فَهَذَا لَمْ يَأْتِ بِإِثْمٍ لَكِنْ تَرْكُ أَعْمَالِ بِرٍّ , وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ عَمَلاً تَكَلَّفَهُ فِي صَلاَتِهِ فَأَتْلَفَ بَعْضَ أَجْرِهِ الَّذِي كَانَ يَتَحَصَّلُ لَهُ لَوْ لَمْ يَعْمَلْهُ , وَأَحْبَطَ بَعْضَ عَمَلِهِ : فَهَذَا عَمَلٌ مُحَرَّمٌ بِلاَ شَكٍّ لاَ يُمْكِنُ غَيْرُ هَذَا. وَلَيْسَ فِي الْكَرَاهَةِ إثْمٌ أَصْلاً , وَلاَ إحْبَاطُ عَمَلٍ ; بَلْ فِيهِ عَدَمُ الأَجْرِ وَالْوِزْرِ مَعًا , وَإِنَّمَا الإِثْمُ إحْبَاطٌ عَلَى الْحَرَامِ فَقَطْ وَقَدْ اتَّفَقَ جَمِيعُ أَهْلِ الأَرْضِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمْ يَمْنَعْ النِّسَاءَ قَطُّ الصَّلاَةَ مَعَهُ فِي مَسْجِدِهِ إلَى أَنْ مَاتَ عليه السلام ; ، وَلاَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ. فَصَحَّ أَنَّهُ عَمَلٌ مَنْسُوخٌ ; فَإِذْ لاَ شَكَّ فِي هَذَا فَهُوَ عَمَلُ بِرٍّ , وَلَوْلاَ ذَلِكَ مَا أَقَرَّهُ عليه السلام. وَلاَ تَرَكَهُنَّ يَتَكَلَّفْنَهُ بِلاَ مَنْفَعَةٍ , بَلْ بِمَضَرَّةٍ , وَهَذَا الْعُسْرُ وَالأَذَى , لاَ النَّصِيحَةُ ; وَإِذْ لاَ شَكَّ فِي هَذَا فَهُوَ النَّاسِخُ , وَغَيْرُهُ الْمَنْسُوخُ هَذَا لَوْ صَحَّ ذَانِكَ الْحَدِيثَانِ ; فَكَيْفَ , وَهُمَا لاَ يَصِحَّانِ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ أَنْ يَؤُمَّ النِّسَاءَ فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَانَتْ تَحْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَكَانَتْ تَشْهَدُ الصَّلاَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لَهَا : وَاَللَّهِ إنَّك لَتَعْلَمِينَ أَنِّي مَا أُحِبُّ هَذَا فَقَالَتْ : وَاَللَّهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى تَنْهَانِي قَالَ عُمَرُ : فَإِنِّي لاَ أَنْهَاك ; فَلَقَدْ طُعِنَ عُمَرُ يَوْمَ طُعِنَ , وَإِنَّهَا لَفِي الْمَسْجِدِ. قَالَ عَلِيٌّ : مَا كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَمْتَنِعُ مِنْ نَهْيِهَا ، عَنْ خُرُوجِهَا إلَى الْمَسْجِدِ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لاَ أَجْرَ لَهَا فِيهِ ; فَكَيْفَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَحُطُّ مِنْ أَجْرِهَا وَيُحْبِطُ عَمَلَهَا ، وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ لَهَا : إنِّي لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ ; لإِنَّ مَيْلَ النَّفْسِ لاَ إثْمَ فِيهِ ; وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ : لَوْلاَ خَوْفُ اللَّهِ تَعَالَى لاََحَبَّ الأَكْلَ إذَا جَاعَ فِي رَمَضَانَ , وَالشُّرْبَ فِيهِ إذَا عَطِشَ , وَالنَّوْمَ فِي الْغَدَوَاتِ الْبَارِدَةِ فِي اللَّيْلِ الْقَصِيرِ ، عَنِ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَوَاتِ , وَوَطْءَ كُلِّ جَارِيَةٍ حَسْنَاءَ يَرَاهَا الْمَرْءُ فَيُحِبُّ الْمَرْءُ الشَّيْءَ الْمَحْظُورَ لاَ حَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ ; ، وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى صَرْفِ قَلْبِهِ عَنْهُ , وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي صَبْرِهِ أَوْ عَمَلِهِ فَقَطْ. قَالَ تَعَالَى ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ , وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ عَمْرِو الثَّقَفِيِّ ، عَنْ عَرْفَجَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقِيَامِ فِي رَمَضَانَ ; فَيَجْعَلُ لِلرِّجَالِ إمَامًا , وَلِلنِّسَاءِ إمَامًا ; فَأَمَرَنِي فَأَمَمْتُ النِّسَاءَ , قَالَ عَلِيٌّ : وَالشَّوَابُّ وَغَيْرُهُنَّ سَوَاءٌ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 322 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يُؤَذَّنُ ، وَلاَ يُقَامُ لِشَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ , كَالْعِيدَيْنِ وَالاِسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ , وَإِنْ صَلَّى كُلَّ ذَلِكَ فِي جَمَاعَةٍ وَفِي الْمَسْجِدِ ، وَلاَ لِصَلاَةِ فَرْضٍ عَلَى الْكِفَايَةِ : كَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ , وَيُسْتَحَبُّ إعْلاَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ , مِثْلَ النِّدَاءِ : الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ ; وَهَذَا مِمَّا لاَ يُعْلَمُ فِيهِ خِلاَفٌ إلاَّ شَيْئًا كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ أَحْدَثُوهُ مِنْ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ لِصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ , وَهُوَ بِدْعَةٌ وَقَدْ صَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِأَذَانٍ ، وَلاَ إقَامَةٍ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ; عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ عَلِيٌّ : الأَذَانُ وَالإِقَامَةُ أَمْرٌ بِالْمَجِيءِ إلَى الصَّلاَةِ , وَلَيْسَ يَجِبُ ذَلِكَ إلاَّ فِي الْفَرَائِضِ الْمُتَعَيَّنَةِ ; ، وَلاَ يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي النَّوَافِلِ ; فَلاَ أَذَانَ فِيهَا ، وَلاَ إقَامَةَ , وَإِعْلاَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى خَيْرٍ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ أَيْضًا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى 323 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ إلاَّ رَجُلٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ مُسْلِمٌ مُؤَدٍّ لاَِلْفَاظِ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ حَسْبَ طَاقَتِهِ , وَلاَ يُجْزِئُ أَذَانُ مَنْ لاَ يَعْقِلُ حِينَ أَذَانِهِ لِسُكْرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ; فَإِذَا أَذَّنَ الْبَالِغُ لَمْ يُمْنَعْ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ الأَذَانِ بَعْدَهُ ; وَيُجْزِئُ أَذَانُ الْفَاسِقِ ; وَالْعَدْلُ أَحَبُّ إلَيْنَا ; وَالصَّيِّتُ أَفْضَلُ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ النِّسَاءَ لَمْ يُخَاطَبْنَ بِالأَذَانِ لِلرِّجَالِ ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ أَوْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا فَإِنَّمَا أَمَرَ بِالأَذَانِ مَنْ أُلْزِمَ الصَّلاَةَ فِي جَمَاعَةٍ وَهُمْ الرِّجَالُ فَقَطْ ; لاَ النِّسَاءُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَالصَّبِيُّ , وَالْمَجْنُونُ , وَالذَّاهِبُ الْعَقْلَ بِسُكْرٍ : غَيْرُ مُخَاطَبِينَ فِي هَذِهِ الأَحْوَالِ ; وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ r : رُفِعَ الْقَلَمُ ، عَنْ ثَلاَثَةٍ فَذَكَرَ الصَّبِيَّ , وَالْمَجْنُونَ , وَالنَّائِمَ وَالأَذَانُ مَأْمُورٌ بِهِ كَمَا ذَكَرْنَا ; فَلاَ يُجْزِئُ أَدَاؤُهُ إلاَّ مِنْ مُخَاطَبٍ بِهِ بِنِيَّةِ أَدَائِهِ مَا أُمِرَ بِهِ , وَغَيْرُ الْفَرْضِ لاَ يُجْزِئُ ، عَنِ الْفَرْضِ فإن قيل : فَإِنَّكُمْ تُجِيزُونَ لِمَنْ أَذَّنَ لاَِهْلِ مَسْجِدٍ أَنْ يُؤَذِّنَ لاَِهْلِ مَسْجِدٍ آخَرَ فِي تِلْكَ الصَّلاَةِ نَفْسِهَا ; وَهَذَا تَطَوُّعٌ مِنْهُ قلنا : نَعَمْ , وَهُوَ , وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا مِنْهُ , فَهُوَ مِنْ أَحَدِهِمْ الْمَأْمُورِينَ بِإِقَامَةِ الأَذَانِ وَالإِمَامَةِ وَالإِقَامَةِ لِمَنْ مَعَهُ , فَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُؤَدِّي فَرْضٍ , وَإِذَا تَأَدَّى الْفَرْضُ ; فَالأَذَانُ : فِعْلُ خَيْرٍ لاَ يُمْنَعُ الصِّبْيَانُ مِنْهُ ; لاَِنَّهُ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَطَوُّعٌ وَبِرٌّ , وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَيْسَ أَحَدَنَا ، وَلاَ مُؤْمِنًا , وَإِنَّمَا أَلْزَمْنَا أَنْ يُؤَذِّنَ لَنَا أَحَدُنَا. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُؤَدِّ أَلْفَاظَ الأَذَانِ مُتَعَمِّدًا فَلَمْ يُؤَذِّنْ كَمَا أُمِرَ , وَلاَ أَتَى بِأَلْفَاظِ الأَذَانِ الَّتِي أُمِرَ بِهَا ; فَهَذَا لَمْ يُؤَذِّنْ أَصْلاً فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ لِلُثْغَةٍ أَوْ لُكْنَةٍ أَجْزَأَ أَذَانُهُ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا فَهَذَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ إلاَّ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَقَطْ , وَسَوَاءٌ كَانَ هُنَالِكَ مَنْ يُؤَدِّي أَلْفَاظَ الأَذَانِ أَوْ لَمْ يَكُنْ , وَكَانَ أَفْضَلَ لَوْ أَذَّنَ الْمُحْسِنُ. وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَإِنَّهُ أَحَدُنَا بِلاَ شَكٍّ ; لاَِنَّهُ مُسْلِمٌ , فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ عليه السلام : لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ . وَلاَ خِلاَفَ فِي اخْتِيَارِ الْعَدْلِ , وَأَمَّا الصَّيِّتُ ; فَلاَِنَّ الأَذَانَ أَمْرٌ بِالْمَجِيءِ إلَى الصَّلاَةِ ; فَإِسْمَاعُ الْمَأْمُورِينَ أَوْلَى ; وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r لاَِبِي مَحْذُورَةَ ارْجِعْ فَارْفَعْ صَوْتَكَ وَهَذَا أَمْرٌ بِرَفْعِ الصَّوْتِ ; فَلَوْ تَعَمَّدَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ لاَ يَرْفَعَ صَوْتَهُ لَمْ يُجْزِهِ أَذَانُهُ , وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَكْثَرَ إلاَّ بِمَشَقَّةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا. وَقَالَ عليه السلام مَا قَدْ ذَكَرْنَا بِإِسْنَادِهِ , إذَا نُودِيَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَالاِجْتِهَادُ فِي طَرْدِ الشَّيْطَانِ فِعْلٌ حَسَنٌ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَصَحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r : لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إنْسٌ ، وَلاَ جَانٌّ ، وَلاَ شَيْءٌ إلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مُسْنَدًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 324 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مَعًا ; فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَالْمُؤَذِّنُ هُوَ الْمُبْتَدِئُ , وَالدَّاخِلُ عَلَيْهِ مُسِيءٌ لاَ أَجْرَ لَهُ , وَمَا يَبْعُدُ عَنْهُ الإِثْمُ , وَالْوَاجِبُ مَنْعُهُ ; فَإِنْ بَدَآ مَعًا فَالأَذَانُ لِلصَّيِّتِ الأَحْسَنِ تَأْدِيَةً. وَجَائِزٌ أَنْ يُؤَذِّنَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ لِلْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ : فَإِنْ تَشَاحُّوا , وَهُمْ سَوَاءٌ فِي التَّأْدِيَةِ وَالصَّوْتِ وَالْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالأَوْقَاتِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ , سَوَاءٌ عَظُمَتْ أَقْطَارُ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ تَعْظُمْ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا. قَالَ عَلِيٌّ : لَوْ جَازَ أَنْ يُؤَذِّنَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مَعًا لَكَانَ الاِسْتِهَامُ لَغْوًا لاَ وَجْهَ لَهُ ; وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا , وَلَوْ كَانَ الصَّفُّ الأَوَّلُ لِمَنْ بَادَرَ بِالْمَجِيءِ لَكَانَ الاِسْتِهَامُ لاَ مَعْنَى لَهُ ; لاَِنَّهُ لاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الْبِدَارِ , وَإِنَّمَا الاِسْتِهَامُ فِيمَا يَضِيقُ فَلاَ يَحْمِلُ إلاَّ بَعْضَ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ لاَ يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ غَيْرُ هَذَا. وَقَدْ أَقْرَعَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بَيْنَ الْمُتَشَاحِّينَ فِي الأَذَانِ ; إذْ قُتِلَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ ; وَلَوْ جَازَ أَذَانُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا لَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ r أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ لاَ يُضَيِّعُوا فَضْلَهُ ; فَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ r إلاَّ مُؤَذِّنَانِ فَقَطْ 325 - مَسْأَلَةٌ : وَيُجْزِئُ الأَذَانُ وَالإِقَامَةُ قَاعِدًا وَرَاكِبًا وَعَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَجُنُبًا , وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ , وَأَفْضَلُ ذَلِكَ أَنْ لاَ يُؤَذِّنَ إلاَّ قَائِمًا إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى طَهَارَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَسُفْيَانَ , وَمَالِكٍ , فِي الأَذَانِ خَاصَّةً وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد وَغَيْرِهِمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا قلنا ذَلِكَ : لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ ، عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا نَهْيٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ r وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلاَّ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ. فَصَحَّ أَنَّ مَا لَمْ يُفَصَّلْ لَنَا تَحْرِيمُهُ فَهُوَ مُبَاحٌ , وَإِنَّمَا تَخَيَّرْنَا أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ عَلَى طَهَارَةٍ قَائِمًا إلَى الْقِبْلَةِ ; لاَِنَّهُ عَمَلُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا. 326 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ عَطَسَ فِي أَذَانِهِ , وَإِقَامَتِهِ : فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى , وَإِنْ سَمِعَ عَاطِسًا يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يُشَمِّتَهُ فِي أَذَانِهِ , وَإِقَامَتِهِ , وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فِي أَذَانِهِ , وَإِمَامَتِهِ : فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ بِالْكَلاَمِ ثُمَّ الْكَلاَمُ الْمُبَاحُ كُلُّهُ جَائِزٌ فِي نَفْسِ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى حَالاً مِنْ حَالٍ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ , وَلْيَقُلْ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَيَقُولُ هُوَ : يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ. فَلَمْ تَخُصَّ النُّصُوصُ حَالَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ مِنْ غَيْرِهِمَا , وَلاَ جَاءَ نَهْيٌ قَطُّ ، عَنِ الْكَلاَمِ فِي نَفْسِ الأَذَانِ , وَمَا نَعْلَمُ حُجَّةً لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ أَصْلاً فَإِنْ قَالُوا : قِسْنَاهُ عَلَى الصَّلاَةِ قلنا : فَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ الأَذَانَ بِلاَ وُضُوءٍ ; فَأَيْنَ قِيَاسُهُ عَلَى الصَّلاَةِ. حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَيْت بِلاَلاً يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ , فَأَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا , وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ وَرَسُولُ اللَّهِ r فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ. وَرُوِّينَا ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ صَاحِب رَسُول اللَّه r أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ لِلْعَسْكَرِ فَكَانَ يَأْمُرُ غُلاَمَهُ فِي أَذَانِهِ بِالْحَاجَةِ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ لِلْحَاجَةِ وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ : رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يُؤَذِّنُ عَلَى بَعِيرِهِ. 327 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ تَجُوزُ الآُجْرَةُ عَلَى الأَذَانِ , فَإِنْ فَعَلَ وَلَمْ يُؤَذِّنْ إلاَّ لِلآُجْرَةِ لَمْ يَجُزْ أَذَانُهُ , وَلاَ أَجْزَأَتْ الصَّلاَةُ بِهِ وَجَائِزٌ أَنْ يُعْطَى عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ , وَأَنْ يَرْزُقَهُ الإِمَامُ كَذَلِكَ حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا حَفْصُ بْنُ غَيَّاثٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ آخِرُ مَا عَهِدَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ لاَ أَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ وقال مالك : لاَ بَأْسَ بِأَخْذِ الآُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ , وَهَذَا خِلاَفُ النَّصِّ. رُوِّينَا ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ هُوَ أَبُو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : أَرْبَعٌ لاَ يُؤْخَذُ عَلَيْهِنَّ أَجْرٌ : الأَذَانُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمَقَاسِمِ وَالْقَضَاءِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ : رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ لِرَجُلٍ : إنِّي لاََبْغَضُك فِي اللَّهِ , ثُمَّ قَالَ لاَِصْحَابِهِ : إنَّهُ يَتَغَنَّى فِي أَذَانِهِ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْرًا. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً ، عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ , وَقَالَ عليه السلام إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. فَحَرَّمَ تَعَالَى أَكْلَ الأَمْوَالِ إلاَّ لِتِجَارَةٍ , فَكُلُّ مَالٍ فَهُوَ حَرَامٌ إلاَّ مَا أَبَاحَهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ ; فَلَوْ لَمْ يَأْتِ النَّهْيُ عَنْ أَخْذِ الأَجْرِ عَلَى الأَذَانِ لَكَانَ حَرَامًا بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. لاَ يُعْرَفُ لاِبْنِ عُمَرَ فِي هَذَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَهُمْ يُشَنِّعُونَ هَذَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ , وَأَمَّا إنْ أُعْطِي عَلَى سَبِيل الْبِرِّ فَهُوَ فَضْلٌ , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿ ، وَلاَ تَنْسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ. 328 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَانْدَفَعَ الأَذَانُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ لِضَرُورَةٍ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ ، حدثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ أَنَا أَبُو صَخْرَةَ هُوَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ : خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ , فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ " أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ r ". حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا إِسْحَاقُ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ r فَتَقَدَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ , ثُمَّ قَالَ عَلَى مَكَانِكُمْ , فَرَجَعَ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلاَّ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ. 329 - مَسْأَلَةٌ : وَجَائِزٌ أَنْ يُقِيمَ غَيْرُ الَّذِي أَذَّنَ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ ، عَنْ ذَلِكَ نَهْيٌ يَصِحُّ , وَالأَثَرُ الْمَرْوِيُّ إنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ , وَهُوَ هَالِكٌ 330 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ فَلْيَقُلْ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ سَوَاءً سَوَاءً , مِنْ أَوَّلِ الأَذَانِ إلَى آخِرِهِ , وَسَوَاءٌ كَانَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ أَوْ فِي صَلاَةِ فَرْضٍ أَوْ نَافِلَةٍ , حَاشَا قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ , حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ " فَإِنَّهُ لاَ يَقُولُهُمَا فِي الصَّلاَةِ , وَيَقُولُهُمَا فِي غَيْرِ صَلاَةٍ , فَإِذَا أَتَمَّ الصَّلاَةَ فَلْيَقُلْ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ حَيْوَةُ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ r يَقُولُ : إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ , ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا , ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا : مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , فَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام كَوْنَهُ فِي صَلاَةٍ مِنْ غَيْرِ كَوْنِهِ فِيهَا , وَإِنَّمَا قلنا : لاَ يَقُولُ فِي الصَّلاَةِ " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ , حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ " لاَِنَّهُ تَكْلِيمٌ لِلنَّاسِ يُدْعَوْنَ بِهِ إلَى الصَّلاَةِ , وَسَائِرُ الأَذَانِ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى , وَالصَّلاَةُ مَوْضِعُ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ حَجَاجٍ الصَّوَّافِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ : وَفِي آخِرِهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : إنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ عليه السلام فَإِنْ قَالَ سَامِعُ الأَذَانِ : لاَ حَوْلَ ، وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاَللَّهِ " مَكَانَ " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ " فَحَسَنٌ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنِي حَجَاجٌ قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى أَنَّ عِيسَى بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : إنِّي عِنْدَ مُعَاوِيَةَ إذْ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ , حَتَّى إذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ قَالَ لاَ حَوْلَ ، وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاَللَّهِ فَلَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ قَالَ لاَ حَوْلَ ، وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاَللَّهِ. ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ ذَلِكَ. 331 - مَسْأَلَةٌ : وَصِفَةُ الأَذَانِ : مَعْرُوفَةٌ , وَأَحَبُّ ذَلِكَ إلَيْنَا أَذَانُ أَهْلِ مَكَّةَ وَهُوَ : اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ ; اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ ; أَرْبَعَ مَرَّاتٍ , أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَيَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ ; أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ , حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ , حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ , حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ , اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ , لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ. وَأَذَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا وَصَفْنَا سَوَاءً سَوَاءً ; إلاَّ أَنَّهُ لاَ يَقُولُ فِي أَوَّلِ أَذَانِهِ : " اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ " إلاَّ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ وَأَذَانُ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَمَا وَصَفْنَا أَذَانَ أَهْلِ مَكَّةَ إلاَّ أَنَّهُمْ لاَ يَقُولُونَ " أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ " إلاَّ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ وَإِنْ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بِأَذَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ بِأَذَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ : فَحَسَنٌ وَإِنْ زَادَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ بَعْدَ : حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ : الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ , الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ : فَحَسَنٌ. وَإِنَّمَا تَخَيَّرْنَا أَذَانَ أَهْلِ مَكَّةَ ; لإِنَّ فِيهِ زِيَادَةَ ذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى أَذَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَأَذَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ ; فَفِيهِ تَرْجِيعُ " اللَّهُ أَكْبَرُ " وَفِيهِ تَرْجِيعُ " أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " , وَهَذِهِ زِيَادَةُ خَيْرٍ لاَ تُحَقَّرُ. أَقَلُّ مَا يَجِبُ لَهَا سِتُّونَ حَسَنَةً وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ قَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ , مِنْهَا : مَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامُ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُنْقِرِيُّ الْبَصْرِيُّ ، حدثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، حدثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ الأَحْوَلَ حَدَّثَهُ أَنَّ مَكْحُولاً الشَّامِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r عَلَّمَهُ الأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً , وَالإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً ثُمَّ وَصَفَ الأَذَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا حَرْفًا حَرْفًا. وَحَدَّثَنَاهُ أَيْضًا : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ وَيُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ ، حدثنا حَجَّاجُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ أَخْبَرَهُ , وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ : قُلْت لاَِبِي مَحْذُورَةَ : إنِّي خَارِجٌ إلَى الشَّامِ , وَأَخْشَى أَنْ أُسْأَلَ ، عَنْ تَأْذِينِكَ فَأَخْبِرْنِي فَذَكَرَ لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r عَلَّمَهُ الأَذَانَ كَمَا ذَكَرْنَا نَصًّا. وَقَدْ جَاءَتْ أَيْضًا آثَارٌ مِثْلُ هَذِهِ بِمِثْلِ أَذَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَذَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ ; إلاَّ أَنَّ هَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَيْهَا تَرْبِيعًا وَتَرْجِيعًا ; وَزِيَادَةُ الرُّوَاةِ الْعُدُولِ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهَا ; إلاَّ أَنْ تَكُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ ; فَيَكُونُ الأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ أَفْضَلَ ; لاَِنَّهَا زِيَادَةُ ذِكْرٍ وَخَيْرٍ. وَحَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا وَكِيعُ بْنُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى مُؤَذِّنٍ لَهُ : لاَ تُثَوِّبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلاَةِ إلاَّ الْفَجْرَ ; فَإِذَا بَلَغْت " حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ " فَقُلْ " الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ , الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " فَإِنَّهُ أَذَانُ بِلاَلٍ. قَالَ عَلِيٌّ : سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ مِنْ أَكْبَرِ التَّابِعِينَ , قَدِمَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ r بِخَمْسِ لَيَالٍ أَوْ نَحْوِهَا ; وَأَدْرَكَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ الْبَاقِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ عليه السلام. وبه إلى وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُؤَذِّنِ ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ كَانَ إذَا بَلَغَ " حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ " فِي الْفَجْرِ قَالَ " الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ , الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ ". قَالَ عَلِيٌّ : لَمْ يُؤَذِّنْ بِلاَلٌ لاَِحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ r إلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً بِالشَّامِ لِلظُّهْرِ , أَوْ الْعَصْرِ فَقَطْ , وَلَمْ يَشْفَعْ الأَذَانَ فِيهَا أَيْضًا. وَأَمَّا الإِقَامَةُ فَهِيَ " اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ , أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ , حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ , قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ , قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ , اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ , لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ ". بُرْهَانُ ذَلِكَ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا قَالَ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ إلاَّ الإِقَامَةَ. حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حدثنا مَعْمَرٌ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ : كَانَ بِلاَلٌ يُوتِرُ الإِقَامَةَ وَيُثَنِّي الأَذَانَ ; إلاَّ قَوْلَهُ " قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ , قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ ". قَالَ عَلِيٌّ : قَدْ ذَكَرْنَا مَا لاَ يَخْتَلِفُ فِيهِ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ : أَنَّ بِلاَلاً t لَمْ يُؤَذِّنْ قَطُّ لاَِحَدٍ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ r إلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً بِالشَّامِ , وَلَمْ يُتِمَّ أَذَانَهُ فِيهَا ; فَصَارَ هَذَا الْخَبَرُ مُسْنَدًا صَحِيحَ الإِسْنَادِ , وَصَحَّ أَنَّ الآمِرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r لاَ أَحَدَ غَيْرَهُ وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ : الإِقَامَةُ مَثْنَى مَثْنَى , وَاخْتُلِفَ عَنْهُمْ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ ; فَرَوَى زُفَرُ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِ " اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ " أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي ابْتِدَاءِ الأَذَانِ , وَفِي ابْتِدَاءِ الإِقَامَةِ كَذَلِكَ أَيْضًا ; وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُمْ الْحَنَفِيُّونَ الْيَوْمَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي كِلاَ الأَمْرَيْنِ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ " اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ " فِي ابْتِدَائِهِمَا مَرَّتَيْنِ فَقَطْ. وَقَدْ جَاءَ حَدِيثٌ بِمِثْلِ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ فِي الأَذَانِ , وَمَا نَعْلَمُ خَبَرًا قَطُّ رُوِيَ فِي قَوْلِ " اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ " أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَوَّلِ الإِقَامَةِ وَلَوْ لاَ أَنَّهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَوَجَبَ إبْطَالُ الإِقَامَةِ بِهَا ; وَإِبْطَالُ صَلاَةِ مَنْ صَلَّى بِتِلْكَ الإِقَامَةِ , وَلَكِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَادَ فِي الإِقَامَةِ " لاَ حَوْلَ ، وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاَللَّهِ " أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ الإِقَامَةِ فِي شَيْءٍ. وَقَالَ الْمَالِكِيُّونَ : الإِقَامَةُ كُلُّهَا وِتْرٌ ; إلاَّ " اللَّهُ أَكْبَرُ , اللَّهُ أَكْبَرُ " فَإِنَّهُ يُكَرَّرُ ; ، وَلاَ يُقَالُ " قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ " إلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ عَلِيٌّ : الأَذَانُ مَنْقُولٌ نَقْلَ الْكَافَّةِ بِمَكَّةَ وَبِالْمَدِينَةِ وَبِالْكُوفَةِ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَمُرَّ بِأَهْلِ الإِسْلاَمِ مُذْ نَزَلَ الأَذَانُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r إلَى يَوْمِ مَاتَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : آخِرُ مَنْ شَاهَدَ رَسُولَ اللَّهِ r وَصَحْبَهُ يَوْمٌ إلاَّ وَهُمْ يُؤَذِّنُونَ فِيهِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِهِمْ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ ; فَمِثْلُ هَذَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَى ، وَلاَ أَنْ يُحَرَّفَ فَلَوْ لاَ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْوُجُوهِ قَدْ كَانَ يُؤَذَّنُ بِهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r بِلاَ شَكٍّ ; وَكَانَ الأَذَانُ بِمَكَّةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r يَسْمَعُهُ عليه السلام إذْ حَجَّ , ثُمَّ يَسْمَعُهُ أَبُو بَكْرٍ , ثُمَّ عُمَرُ , ثُمَّ عُثْمَانُ , بَعْدَهُ عليه السلام , وَسَكَنَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِينَ , وَهُوَ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ , وَالْعُمَّالُ مِنْ قِبَلِهِ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ : فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُمْتَنِعِ الْمُحَالِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ ، رضي الله عنهم ، أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ بَدَّلُوا الأَذَانَ وَسَمِعَهُ أَحَدُ هَؤُلاَءِ الْخُلَفَاءِ ، رضي الله عنهم ، أَوْ بَلَغَهُ وَالْخِلاَفَةُ بِيَدِهِ : فَلَمْ يُغَيِّرْ , هَذَا مَا لاَ يَظُنُّهُ مُسْلِمٌ ; وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بِحَضْرَتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ ، وَلاَ فَرْقَ وَكَذَلِكَ فُتِحَتْ الْكُوفَةُ وَنَزَلَ بِهَا طَوَائِفُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَتَدَاوَلَهَا عُمَّالُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعُمَّالُ عُثْمَانَ رضي الله عنهما , كَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ , وَابْنِ مَسْعُودٍ , وَعَمَّارٍ , وَالْمُغِيرَةِ , وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَلَمْ تَزَلْ الصَّحَابَةُ الْخَارِجُونَ ، عَنِ الْكُوفَةِ يُؤَذِّنُونَ فِي كُلِّ يَوْمِ سَفَرِهِمْ خَمْسَ مَرَّاتٍ , إلَى أَنْ بَنُوهَا وَسَكَنُوهَا ; فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُحَالِ أَنْ يُحَالَ الأَذَانُ بِحَضْرَةِ مَنْ ذَكَرْنَا وَيَخْفَى ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ , أَوْ يَعْلَمُهُ أَحَدُهُمَا فَيُقِرُّهُ ، وَلاَ يُنْكِرُهُ ثُمَّ سَكَنَ الْكُوفَةَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَنَفَّذَ الْعُمَّالَ مِنْ قِبَلِهِ إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ , ثُمَّ الْحَسَنُ ابْنُهُ t إلَى أَنْ سَلَّمَ الأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ رحمه الله تعالى ; فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُغَيَّرَ الأَذَانُ ، وَلاَ يُنْكِرُ تَغَيُّرَهُ : عَلِيٌّ ; وَالْحَسَنُ ; وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ عَلَى عَلِيٍّ ; لَجَازَ مِثْلُهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ , وَحَاشَا لَهُمْ مِنْ هَذَا ; مَا يَظُنُّ هَذَا بِهِمْ , وَلاَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ مُسْلِمٌ أَصْلاً. فَإِنْ قَالُوا : لَيْسَ أَذَانُ مَكَّةَ ، وَلاَ أَذَانُ الْكُوفَةِ نَقْلَ كَافَّةٍ قِيلَ لَهُمْ : فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ : بَلْ أَذَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَيْسَ هُوَ نَقْلُ كَافَّةٍ فَمَا الْفَرْقُ فَإِنْ ادَّعُوا فِي هَذَا مُحَالاً اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ مِثْلُهُ فَإِنْ قَالُوا : إنَّ أَذَانَ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ يَرْجِعُ إلَى قَوْمٍ مَحْصُورٍ عَدَدُهُمْ قِيلَ لَهُمْ : وَأَذَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَرْجِعُ إلَى ثَلاَثَةِ رِجَالٍ لاَ أَكْثَرَ : مَالِكٍ , وَابْنِ الْمَاجِشُونِ , وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَقَطْ ; وَإِنَّمَا أَخَذَهُ أَصْحَابُ هَؤُلاَءِ ، عَنْ هَؤُلاَءِ فَقَطْ فَإِنْ قَالُوا : لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الأَذَانِ بِالتَّثْنِيَةِ قِيلَ لَهُمْ : هَذَا الْكَذِبُ الْبَحْتُ رَوَى مَعْمَرٌ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : الأَذَانُ ثَلاَثًا ثَلاَثًا. وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُثَنِّي الإِقَامَةَ ; فَيَبْطُلُ بِهَذَا بِيَقِينِ الْبُطْلاَنِ فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ لاِخْتِيَارِهِمْ فِي الأَذَانِ بِأَنَّهُ نَقْلُ الْكَافَّةِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r . فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ لاَِذَانِ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ ذَلِكَ مَا لاَِذَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَوَاءً سَوَاءً ، وَأَنَّ لاَِذَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ ذَلِكَ مَا لاَِذَانِ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَذَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَلاَ فَرْقَ فَإِنْ قَالُوا : لَمْ يُغَيِّرْ ذَلِكَ الصَّحَابَةُ لَكِنْ غُيِّرَ بَعْدَهُمْ قلنا : إنْ جَازَ ذَلِكَ عَلَى التَّابِعِينَ بِمَكَّةَ وَالْكُوفَةِ , فَهُوَ عَلَى التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ أَجْوَزُ ; فَمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فِي التَّابِعِينَ كَعَلْقَمَةَ , وَالأَسْوَدِ , وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ; وَالرُّحَيْلِ وَمَسْرُوقٍ , وَنُبَاتَةَ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِمْ ; فَكُلُّ هَؤُلاَءِ أَفْتَى فِي حَيَاةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ; وَمَا يَرْتَفِعُ أَحَدٌ مِنْ تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى طَاوُوس وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُظَنَّ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ تَبْدِيلُ عَمُودِ الدَّيْنِ فَإِنْ هَبَطُوا إلَى تَابِعِي التَّابِعِينَ ; فَمَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَابْنِ جُرَيْجٍ , إلاَّ جَازَ مِثْلُهُ عَلَى مَالِكٍ ; فَمَا لَهُ عَلَى هَذَيْنِ فَضْلٌ , لاَ فِي عِلْمٍ ، وَلاَ فِي وَرَعٍ ; وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُظَنَّ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فَإِنْ رَجَعُوا إلَى الْوُلاَةِ ; فَإِنَّ الْوُلاَةَ عَلَى مَكَّةَ , وَالْمَدِينَةِ , وَالْكُوفَةِ : إنَّمَا كَانُوا يَنْفُذُونَ مِنْ الشَّامِ مِنْ عَهْدِ مُعَاوِيَةَ إلَى صَدْرِ زَمَانِ أَبِي حَنِيفَةَ , وَسُفْيَانَ , وَمَالِكٍ ; ثُمَّ مِنْ الأَنْبَارِ وَبَغْدَادَ فِي بَاقِي أَيَّامِ هَؤُلاَءِ ; فَلاَ يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَالِي مَكَّةَ , وَالْكُوفَةِ , إلاَّ جَازَ مِثْلُهُ عَلَى وَالِي الْمَدِينَةِ ; وَكُلُّهَا قَدْ وَلِيَهَا الصَّالِحُ وَالْفَاسِقُ , كَالْحَجَّاجِ , وَحُبَيْشِ بْنِ دُلْجَةَ , وَطَارِقٍ , وَخَالِدٍ الْقَسْرِيِّ وَمَا هُنَالِكَ مِنْ كُلِّ مَنْ لاَ خَيْرَ ; فَمَا جَازَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِمَكَّةَ , وَالْكُوفَةِ , فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِمْ بِالْمَدِينَةِ سَوَاءً سَوَاءً بَلْ الأَمْرُ أَقْرَبُ إلَى الاِمْتِنَاعِ بِمَكَّةَ ; لإِنَّ وُفُودَ جَمِيعِ أَهْلِ الأَرْضِ يَرِدُونَهَا كُلَّ سَنَةٍ ; فَمَا كَانَ لِيَخْفَى ذَلِكَ أَصْلاً عَلَى النَّاسِ ; وَمَا قَالَ هَذَا أَحَدٌ قَطُّ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنْ رَجَعُوا إلَى الرِّوَايَاتِ ; فَالرِّوَايَاتُ كَمَا ذَكَرْنَا مُتَقَارِبَةٌ إلاَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَشْهُورَ فِي الإِقَامَةِ ; فَمَا جَاءَتْ بِهِ قَطُّ رِوَايَةٌ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْمُدِّ , وَالصَّاعِ , وَالْوَسْقِ , فِي شَيْءٍ ; لإِنَّ كُلَّ مُدٍّ , أَوْ قَفِيزٍ أُحْدِثَ بِالْمَدِينَةِ وَبِالْكُوفَةِ فَقَدْ عُرِفَ ; كَمَا عُرِفَ بِالْمَدِينَةِ مُدُّ هِشَامٍ الَّذِي أَحْدَثَ ; وَالْمُدُّ الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ : أَنَّ الصَّاعَ هُوَ مُدٌّ وَثُلُثٌ بِالْمُدِّ الآخَرِ , وَكَمُدِّ أَهْلِ الْكُوفَةِ الْحَجَّاجِي , وَكَصَاعِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَلاَ حَرَجَ فِي إحْدَاثِ الأَمِيرِ أَوْ غَيْرِهِ مُدًّا أَوْ صَاعًا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ وَبَقِيَ مُدُّ النَّبِيِّ r وَصَاعُهُ وَوَسْقُهُ مَنْقُولاً إلَيْهِ نَقْلَ الْكَافَّةِ إلَيْهِ r . وَالْعَجَبُ أَنَّ مَالِكًا رَأَى كَفَّارَةَ الظِّهَارِ خَاصَّةً بِمُدِّ هِشَامٍ الْمُحْدَثِ عَلَى اخْتِلاَفِ أَصْحَابِهِ فِيهِ ; فَأَشْهَبُ , وَابْنُ وَهْبٍ , وَابْنُ الْقَاسِمِ , يَقُولُ أَحَدُهُمْ : وَهُوَ مُدٌّ وَنِصْفٌ , وَيَقُولُ الآخَرُ : هُوَ مُدَّانِ غَيْرُ ثُلُثٍ وَيَقُولُ غَيْرُهُمْ : هُوَ مُدَّانِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنْ قَالَ : أَذَانُ أَبِي مَحْذُورَةَ مُتَأَخِّرٌ . فَقُلْنَا : نَعَمْ ; وَأَحْسَنُ طُرُقِهِ مُوَافِقٌ لاِخْتِيَارِنَا , وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَإِنْ قَالُوا : إنَّ فِيهِ تَثْنِيَةَ الإِقَامَةِ قلنا : نَعَمْ , وَلَسْنَا نُنْكِرُ تَثْنِيَتَهَا كَانَ الأَمْرَ الأَوَّلَ ; وَإِفْرَادُهَا كَانَ الأَمْرَ الآخَرَ بِلاَ شَكٍّ. لِمَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ r أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ رَأَى الأَذَانَ فِي الْمَنَامِ , فَأَتَى النَّبِيَّ r فَأَخْبَرَهُ قَالَ : عَلِّمْهُ بِلاَلاً ; فَقَامَ بِلاَلٌ فَأَذَّنَ مَثْنَى , وَأَقَامَ مَثْنَى. قال علي : وهذا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ مِنْ إسْنَادِ الْكُوفِيِّينَ فَصَحَّ أَنَّ تَثْنِيَةَ الإِقَامَةِ قَدْ نُسِخَتْ ; وَأَنَّهُ هُوَ كَانَ أَوَّلَ الأَمْرِ ; وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَخَذَ ، عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ ; وَأَدْرَكَ بِلاَلاً وَعُمَرَ رضي الله عنهما ; فَلاَحَ بُطْلاَنُ قَوْلِهِمْ بِيَقِينٍ , وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. إلاَّ أَنَّ الأَفْضَلَ مَا صَحَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ r بِلاَلاً بِأَنْ يُوتِرَهَا إلاَّ الإِقَامَةَ ; وَالصَّحِيحُ الآخَرُ أَوْلَى بِالأَخْذِ مِمَّا لاَ يَبْلُغُ دَرَجَتَهُ , وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيِّينَ : مَعْنَى " إلاَّ الإِقَامَةَ " أَيْ إلاَّ " اللَّهُ أَكْبَرُ " وَهَذَا جَرْيٌ مِنْهُمْ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي الْكَذِبِ " وَمَا سَمَّى أَحَدٌ قَطُّ قَوْلَ " اللَّهُ أَكْبَرُ " إقَامَةً , لاَ فِي لُغَةٍ , وَلاَ فِي شَرِيعَةٍ , فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ مُبَيَّنًا أَنَّهُ " قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ " كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ : إنَّ الأَمْرَ لِبِلاَلٍ بِأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ هُوَ مِمَّنْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ r وَهَذَا لِحَاقٌ مِنْهُمْ بِالرَّوَافِضِ النَّاسِبِينَ إلَى أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , تَبْدِيلَ دَيْنِ الإِسْلاَمِ ; وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَقُولُ هَذَا ; فَمَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ فَإِنْ قَالُوا : قَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ حَيْوَةُ ، عَنِ الأَسْوَدِ : أَنَّ بِلاَلاً كَانَ يُثَنِّي الإِقَامَةَ قلنا : نَعَمْ ; وَأَنَسٌ رَوَى : أَنَّ بِلاَلاً أَمَرَ بِوِتْرِهَا , وَأَنَسٌ سَمِعَ أَذَانَ بِلاَلٍ بِلاَ شَكٍّ , وَلَمْ يَسْمَعْهُ الأَسْوَدُ قَطُّ يُؤَذِّنُ , وَلاَ يُقِيمُ : فَصَحَّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الأَسْوَدِ : إنَّ بِلاَلاً كَانَ يُثَنِّي الإِقَامَةَ يُرِيدُ قَوْلَهُ " قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ " حَتَّى يَتَّفِقَ قَوْلُهُ مَعَ رِوَايَةِ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيِّينَ : لَعَلَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ r أَبَا مَحْذُورَةَ أَنْ يَقُولَ " أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " إنَّمَا كَانَ لاَِجْلِ أَنَّهُ كَانَ خَفَضَ بِهِ صَوْتَهُ , لاَ لاَِنَّهُ مِنْ حُكْمِ الأَذَانِ قال علي : وهذا كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r مُجَرَّدٌ ; لاَِنَّهُ عليه السلام لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا التَّرْجِيعَ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الأَذَانِ لَنَبَّأَهُ عَلَيْهِ , وَلَمَا تَرَكَهُ أَلْبَتَّةَ يَقُولُ ذَلِكَ خَافِضًا صَوْتَهُ فِي ابْتِدَاءِ الأَذَانِ ; فَلَيْسَ هُوَ كَلِمَةً وَاحِدَةً ; بَلْ أَرْبَعَ قَضَايَا : الاِثْنَتَانِ مِنْهَا : سِتُّ كَلِمَاتٍ , سِتُّ كَلِمَاتٍ , وَالاِثْنَتَانِ : خَمْسُ كَلِمَاتٍ , خَمْسُ كَلِمَاتٍ. فَمِنْ الْكَذِبِ الْبَحْتِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ فِيهِ صَاحِبُهُ أَنْ يَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ أَنْ يَدَعَ رَسُولُ اللَّهِ r أَبَا مَحْذُورَةَ يَأْتِي بِكُلِّ ذَلِكَ خَافِضَ الصَّوْتِ ; وَلَيْسَ خَفْضُهُ مِنْ حُكْمِ الأَذَانِ ; فَإِذَا تَرَكَهُ عَلَى الْخَطَأِ , وَلَمْ يَنْهَهُ زَادَ فِي إضْلاَلِهِ , بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِأَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ رَافِعًا صَوْتَهُ , وَلاَ يُعْلِمُهُ أَنَّ تَكْرَارَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الأَذَانِ وَمَا نَدْرِي كَيْفَ يَنْطَلِقُ بِهَذَا لِسَانُ مُسْلِمٍ أَوْ يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُهُ. فَكَيْفَ وَالآثَارُ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ جَاءَتْ مُبَيِّنَةً بِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ r عَلَّمَهُ الأَذَانَ كَذَلِكَ نَصًّا ; كَلِمَةً كَلِمَةً , تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً فَوَضَحَ كَذِبُ هَؤُلاَءِ الْقَائِلِينَ جِهَارًا وقال بعضهم : لِمَا رَأَيْنَا مَا كَانَ فِي الأَذَانِ فِي مَوْضِعَيْنِ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي عَلَى نِصْفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعِ الأَوَّلِ : أَلاَ تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ فِي أَوَّلِ الأَذَانِ " أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ " مَرَّتَيْنِ , وَيُقَالُ فِي آخِرِهِ " لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ " مَرَّةً وَكَانَ التَّكْبِيرُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي الأَذَانِ , وَكَانَ التَّكْبِيرُ فِي آخَرِ الأَذَانِ مَرَّتَيْنِ , وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِ الأَذَانِ أَرْبَعًا. قَالَ عَلِيٌّ : إذَا كَانَ هَذَا الْهَوَسُ عِنْدَكُمْ حَقًّا فَإِنَّ التَّكْبِيرَ مُرَبَّعٌ فِي أَوَّلِ الأَذَانِ كَمَا تَقُولُ ; فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ " أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " مُرَبَّعًا أَيْضًا فِي التَّكْبِيرِ , وَأَنْ لاَ يُثَنَّى مِنْ الأَذَانِ إلاَّ مَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنْ يُثَنَّى , كَمَا لاَ يُفْرَدُ مِنْهُ إلاَّ مَا اُتُّفِقَ عَلَى إفْرَادِهِ , وَهُوَ " لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ " فَقَطْ ; فَيَكُونُ أَوَّلُ الأَذَانِ ثَلاَثَ قَضَايَا مُرَبَّعَاتٍ , ثُمَّ يَتْلُوهَا ثَلاَثُ قَضَايَا مُثَنَّيَاتٍ ; ثُمَّ تُوتِرُ ذَلِكَ قَضِيَّةٌ سَابِعَةٌ مُفْرَدَةٌ ; فَهَذَا هَذْرٌ أَفْلَحُ مِنْ هَذْرِكُمْ ; فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْتَزِمُوهُ وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ , فَإِنَّهُمْ إذَا قَاسُوا الْمُسْتَحَاضَةَ عَلَى الْمُصَرَّاةِ , وَالنَّفْخَ فِي الصَّلاَةِ عَلَى فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَالْمَرْأَةَ ذَاتَ الزَّوْجِ فِي مَالِهَا عَلَى الْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ الْمَوْتَ ; وَفَرْجَ الْمُتَزَوِّجَةِ عَلَى يَدِ السَّارِقِ ; وَسَائِرَ تِلْكَ الْقِيَاسَاتِ الَّتِي لاَ شَيْءَ أَسْقَطَ مِنْهَا ، وَلاَ أَغَثَّ. فَهَذَانِ الْقِيَاسَانِ أَدْخَلُ فِي الْمَعْقُولِ عِنْدَ كُلِّ ذِي مَسْكَةِ عَقْلٍ ; فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَلْتَزِمُوهَا إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْقِيَاسِ ; وَإِلاَّ فَلْيَتْرُكُوا تِلْكَ الْمُقَايِسَ السَّخِيفَةَ ; فَهُوَ أَحْظَى لَهُمْ فِي الدِّينِ وَأَدْخَلُ فِي الْمَعْقُولِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ : لَمَّا كَانَتْ " لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ " تُقَالُ فِي آخِرِ الأَذَانِ مَرَّةً وَاحِدَةً : وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الإِقَامَةُ كُلُّهَا كَذَلِكَ , إلاَّ مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ فِيهَا . . فَقُلْنَا لَهُمْ : لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرْتُمْ حُجَّةً فِي إفْرَادِ الأَذَانِ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي إفْرَادِ الإِقَامَةِ. وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّكْبِيرُ فِي الإِقَامَةِ يُثَنَّى بِاتِّفَاقٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ : وَجَبَ أَنْ يُثَنَّى سَائِرُ الإِقَامَةِ , إلاَّ مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ , وَهُوَ التَّهْلِيلُ فِي آخِرِهَا فَقَطْ أَوْ لَمَّا كَانَ التَّكْبِيرُ فِي الإِقَامَةِ يُقَالُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الإِقَامَةِ أَيْضًا يُقَالُ مَرَّتَيْنِ ; لِيَكُونَ فِيهَا تَرْبِيعٌ يَخْرُجُ مِنْهُ إلَى تَثْنِيَةٍ إلَى إفْرَادٍ , وَكُلُّ هَذَا هَوَسٌ ; إنَّمَا أَوْرَدْنَاهُ لِيَرَى أَهْلُ التَّصْحِيحِ فَسَادَ الْقِيَاسِ وَبُطْلاَنَهُ. وَقَدْ صَحَّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي أَذَانِهِمْ " حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ " ، وَلاَ نَقُولُ بِهِ ; لاَِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ ، عَنِ النَّبِيِّ r ، وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَهُ وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ يَقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا ، عَنِ الصَّاحِبِ : مِثْلُ هَذَا لاَ يُقَالُ بِالرَّأْيِ : أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا , فَهُوَ عَنْهُ ثَابِتٌ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ : يُقَالُ فِي الْعَتَمَةِ " الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ , الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " ، وَلاَ نَقُولُ بِهَذَا أَيْضًا ; لاَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r . 332 - مَسْأَلَةٌ : وَلاَ يَجُوزُ تَنْكِيسُ الأَذَانِ ، وَلاَ الإِقَامَةِ , وَلاَ تَقْدِيمُ مُؤَخَّرٍ مِنْهَا عَلَى مَا قَبْلَهُ ; فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَمْ يُؤَذِّنْ ، وَلاَ أَقَامَ ، وَلاَ صَلَّى بِأَذَانٍ ، وَلاَ إقَامَةٍ قَالَ عَلِيٌّ : هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ تَنَازَعَ النَّاسُ فِيهَا : الْوُضُوءُ , وَالأَذَانُ , وَالإِقَامَةُ , وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ تَنْكِيسُ كُلِّ ذَلِكَ وقال مالك لاَ يَجُوزُ تَنْكِيسُ الأَذَانِ , وَلاَ الإِقَامَةِ , وَلاَ الطَّوَافِ وَقَالَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَشْهَرِهِمَا : يَجُوزُ تَنْكِيسُ الْوُضُوءِ وقال الشافعي : لاَ يَجُوزُ تَنْكِيسُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ : لاَ يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r عَلَّمَ النَّاسَ الأَذَانَ , وَلَوْ لاَ ذَلِكَ مَا تَكَهَّنُوهُمَا , وَلاَ ابْتَدَعُوهُمَا. فَإِذْ لاَ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَإِنَّمَا عَلَّمَهُمَا عليه السلام مُرَتَّبَيْنِ كَمَا هُمَا ; أَوَّلاً فَأَوَّلاً , يَأْمُرُ الَّذِي يُعَلِّمُهُ بِأَنْ يَقُولَ مَا يُلَقِّنُهُ , ثُمَّ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ الْقَوْلِ , إلَى انْقِضَائِهِمَا. فَإِذْ هَذَا كَذَلِكَ فَلاَ يَحِلُّ لاَِحَدٍ مُخَالَفَةُ أَمْرِهِ r فِي تَقْدِيمِ مَا أَخَّرَ أَوْ تَأْخِيرِ مَا قَدَّمَ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 333 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ كَانَ بَرْدٌ شَدِيدٌ أَوْ مَطَرُ رَشٍّ فَصَاعِدًا ; فَيَجِبُ أَنْ يَزِيدَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ بَعْدَ " حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ " أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ " أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ". وَهَذَا الْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ : حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَذَّنَ بِضَجِنَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَالَ " صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ النَّبِيُّ r يَأْمُرُ مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ أَوْ ذَاتِ الرِّيحِ أَنْ يَقُولَ : صَلُّوا فِي الرِّحَالِ. حدثنا حمام ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا ابْنُ أَيْمَنَ ، حدثنا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ ، حدثنا مُسَدَّدٌ ، حدثنا حَمَّادٌ ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ , وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ , وَعَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ , كُلِّهِمْ : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ ذِي رَدْغٍ فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ. فَقَالَ لَهُمْ : كَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا قَدْ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي , وَإِنَّهَا لَعَزِيمَةٌ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. 234 - مَسْأَلَةٌ : وَالْكَلاَمُ جَائِزٌ بَيْنَ الإِقَامَةِ وَالصَّلاَةِ طَالَ الْكَلاَمُ أَوْ قَصُرَ ، وَلاَ تُعَادُ الإِقَامَةُ لِذَلِكَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الْهَمْدَانِيُّ ، حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ ، هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ وَالنَّبِيُّ r يُنَاجِي رَجُلاً فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ , فَمَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ حَتَّى نَامَ النَّاسُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا إقَامَةَ الْمُسْلِمِينَ لِلصَّلاَةِ , وَتَذَكُّرَهُ عليه السلام أَنَّهُ جُنُبٌ , وَرُجُوعَهُ وَاغْتِسَالَهُ , ثُمَّ مَجِيئَهُ وَصَلاَتَهُ بِالنَّاسِ. وَلاَ دَلِيلَ يُوجِبُ إعَادَةَ الإِقَامَةِ أَصْلاً ; . وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الأَئِمَّةِ : فِي أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ بَيْنَ الإِقَامَةِ وَالصَّلاَةِ , أَوْ أَحْدَثَ ; فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ ، وَلاَ تُعَادُ الإِقَامَةُ لِذَلِكَ وَيُكَلَّفُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْعَمَلِ وَكَثِيرِهِ , وَقَلِيلِ الْكَلاَمِ وَكَثِيرِهِ : أَنْ يَأْتِيَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ بِدَلِيلٍ , ثُمَّ عَلَى حَدِّ الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْكَثِيرِ ; ، وَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى ذَلِكَ أَصْلاً , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. (أوقات الصلاة) 235 - مَسْأَلَةٌ : قال أبو محمد عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ : أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ أَخْذُ الشَّمْسِ فِي الزَّوَالِ وَالْمَيْلِ ; فَلاَ يَحِلُّ ابْتِدَاءُ الظُّهْرِ قَبْلَ ذَلِكَ أَصْلاً , وَلاَ يُجْزِئُ بِذَلِكَ , ثُمَّ يَتَمَادَى وَقْتُهَا إلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ ; لاَ يُعَدُّ فِي ذَلِكَ الظِّلُّ الَّذِي كَانَ لَهُ فِي أَوَّلِ زَوَالِ الشَّمْسِ ; وَلَكِنْ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا كَبَّرَ الإِنْسَانُ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ حِينَ ذَلِكَ فَمَا قَبْلَهُ فَقَدْ أَدْرَكَ صَلاَةَ الظُّهْرِ بِلاَ ضَرُورَةٍ فَإِذَا زَادَ الظِّلُّ الْمَذْكُورُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَقَدْ بَطَلَ وَقْتُ الدُّخُولِ فِي صَلاَةِ الظُّهْرِ ; إلاَّ لِلْمُسَافِرِ الْمُجِدِّ فَقَطْ ; وَدَخَلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ ; فَمَنْ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تَجْزِهِ إلاَّ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ فَقَطْ , ثُمَّ يَتَمَادَى وَقْتُ الدُّخُولِ فِي الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ كُلُّهَا ; إلاَّ أَنَّنَا نَكْرَهُ تَأْخِيرَ الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ إلاَّ لِعُذْرٍ : وَمَنْ كَبَّرَ لِلْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْرُبَ جَمِيعُ الْقُرْصِ : فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ فَإِذَا غَابَ جَمِيعُ الْقُرْصِ فَقَدْ بَطَلَ وَقْتُ الدُّخُولِ فِي الْعَصْرِ , وَدَخَلَ أَوَّلُ وَقْتِ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ ; ، وَلاَ يُجْزِئُ الدُّخُولُ فِي صَلاَةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ غُرُوبِ جَمِيعِ الْقُرْصِ. ثُمَّ يَتَمَادَى وَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ إلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ الَّذِي هُوَ الْحُمْرَةُ : فَمَنْ كَبَّرَ لِلْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ آخِرُ حُمْرَةِ الشَّفَقِ فَقَدْ أَدْرَكَ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ بِلاَ كَرَاهَةٍ ، وَلاَ ضَرُورَةٍ. فَإِذَا غَرُبَتْ حُمْرَةُ الشَّفَقِ كُلُّهَا فَقَدْ بَطَلَ وَقْتُ الدُّخُولِ فِي صَلاَةِ الْمَغْرِبِ ; إلاَّ لِلْمُسَافِرِ الْمُجِدِّ , وَبِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَطْ ; وَدَخَلَ وَقْتُ صَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ , وَهِيَ الْعَتَمَةُ , وَمَنْ كَبَّرَ لَهَا وَمِنْ الْحُمْرَةِ فِي الآُفُقِ شَيْءٌ لَمْ يَجْزِهِ. ثُمَّ يَتَمَادَى وَقْتُ صَلاَةِ الْعَتَمَةِ إلَى انْقِضَاءِ نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ , وَابْتِدَاءِ النِّصْفِ الثَّانِي : فَمَنْ كَبَّرَ لَهَا فِي أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلِ فَقَدْ أَدْرَكَ صَلاَةَ الْعَتَمَةِ بِلاَ كَرَاهَةٍ , وَلاَ ضَرُورَةٍ فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الدُّخُولِ فِي صَلاَةِ الْعَتَمَةِ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ الثَّانِي فَقَدْ دَخَلَ أَوَّلُ وَقْتِ صَلاَةِ الصُّبْحِ ; فَلَوْ كَبَّرَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَجْزِهِ , وَيَتَمَادَى وَقْتُهَا إلَى أَنْ يَطْلُعَ أَوَّلُ قُرْصِ الشَّمْسِ : فَمَنْ كَبَّرَ لَهَا قَبْلَ طُلُوعِ أَوَّلِ الْقُرْصِ فَقَدْ أَدْرَكَ صَلاَةَ الصُّبْحِ إلاَّ أَنَّنَا نَكْرَهُ تَأْخِيرَهَا ، عَنْ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْهَا قَبْلَ طُلُوعِ أَوَّلِ الْقُرْصِ إلاَّ لِعُذْرٍ ; فَإِذَا طَلَعَ أَوَّلُ الْقُرْصِ فَقَدْ بَطَلَ وَقْتُ الدُّخُولِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ كُلِّ صَلاَةٍ ذَكَرْنَاهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَهَا : لاَ صَبِيٌّ يَبْلُغُ ; ، وَلاَ حَائِضٌ تَطْهُرُ ; ، وَلاَ كَافِرٌ يُسْلِمُ ، وَلاَ يُصَلِّي هَؤُلاَءِ إلاَّ مَا أَدْرَكُوا فِي الأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ. وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَإِنَّهُ إنْ زَالَتْ لَهُ الشَّمْسُ , وَهُوَ نَازِلٌ أَوْ غَرُبَتْ لَهُ الشَّمْسُ , وَهُوَ نَازِلٌ : فَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ ، وَلاَ فَرْقَ : يُصَلِّي كُلَّ صَلاَةٍ لِوَقْتِهَا ، وَلاَ بُدَّ. فَإِنْ زَالَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَهُوَ مَاشٍ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرْنَا لِلْعَصْرِ , ثُمَّ يَجْمَعُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ. وَإِنْ غَابَتْ لَهُ الشَّمْسُ , وَهُوَ مَاشٍ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَتَمَةِ , ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ , وَأَمَّا بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ خَاصَّةً فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي وَقْتِهَا ; ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ إذَا سَلَّمَ مِنْ الظُّهْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ. وَأَمَّا بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ يَوْمِ النَّحْرِ خَاصَّةً فَإِنَّهُ لاَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إلاَّ بِمُزْدَلِفَةَ أَيَّ وَقْتٍ جَاءَهَا ; فَإِنْ جَاءَهَا فِي وَقْتِ الْعَتَمَةِ صَلاَّهَا , ثُمَّ صَلَّى الْعَتَمَةَ , وَأَمَّا النَّاسِي لِلصَّلاَةِ وَالنَّائِمُ عَنْهَا فَإِنَّ وَقْتَهَا مُتَمَادٍ أَبَدًا لاَ بُدَّ ; . وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُؤَخِّرَ صَلاَةً ، عَنْ وَقْتِهَا الَّذِي ذَكَرْنَا ; ، وَلاَ يُجْزِئُهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ ; ، وَلاَ أَنْ يُقَدِّمَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا الَّذِي ذَكَرْنَا , لاَ يُجْزِئُهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ وقال أبو حنيفة فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ : أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ ; وَوَقْتُ الْعَتَمَةِ الْمُسْتَحَبُّ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَإِلَى نِصْفِهِ , وَيَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَإِنْ كُرِهَ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ. وَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ , وَلاَ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ إلَى وَقْتِ الْعَتَمَةِ : لِلْمُسَافِرِ الْمُجِدِّ وَرَأَى مَالِكٌ لِلْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ ذَهَابَ عَقْلِهِ , وَلِلْمُسَافِرِ الَّذِي يُرِيدُ الرَّحِيلَ : أَنْ يُقَدِّمَ الْعَصْرَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ ; وَالْعَتَمَةَ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ. وَرَأَى لِمَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَطَرِ وَالظُّلْمَةِ أَنْ تُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ قَلِيلاً وَتُقَدِّمَ الْعَتَمَةَ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ , وَلاَ يُتَنَفَّلُ بَيْنَهُمَا ; وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ لِخَوْفِ عَدُوٍّ , وَلاَ رَأَى ذَلِكَ فِي نَهَارِ الْمَطَرِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ. وَرَأَى وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَمْتَدَّانِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ بِإِدْرَاكِ الظُّهْرِ وَرَكْعَةٍ مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ جَمِيعِهَا وَرَأَى وَقْتَ الْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ يَمْتَدَّانِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الْمَغْرِبَ وَرَكْعَةً مِنْ الْعَتَمَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي وَرَأَى الشَّافِعِيُّ الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ ; وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ فِي وَسَطِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ : لِمَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ خَاصَّةً فِي الْمَطَرِ. وَرَأَى وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مُشْتَرَكًا مُمْتَدًّا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَوَقْتَ الْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ مُشْتَرَكًا مُمْتَدًّا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ مَالِكٍ : إنَّهُ لَيْسَ لِلْمَغْرِبِ إلاَّ وَقْتٌ وَاحِدٌ , وَهَذِهِ أَقْوَالٌ ظَاهِرَةُ التَّنَاقُضِ بِلاَ بُرْهَانٍ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ ، حدثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ هُوَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَا هَمَّامُ ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْمَرَاغِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r سَأَلَهُ رَجُلٌ ، عَنْ وَقْتِ صَلاَةِ الظُّهْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r وَقْتُ صَلاَةِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ , وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ , وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ , وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ , وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ , وَوَقْتُ الْفَجْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلَمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حدثنا أُبَيٌّ ، حدثنا بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ ، عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا , فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنَّاسُ لاَ يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ , وَالْقَائِلُ يَقُولُ : قَدْ انْتَصَفَ النَّهَارُ , وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ وَقَعَتْ الشَّمْسُ , ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ , ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنْ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ : قَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ , ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَمْسِ , ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ : قَدْ احْمَرَّتْ الشَّمْسُ , ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ , ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلِ , ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ فَقَالَ : الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ. وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ، عَنْ مُسَدَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُد الْخُرَيْبِيِّ ، عَنْ بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ بِإِسْنَادِهِ : وَفِيهِ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ صَلَّى الْفَجْرَ فَانْصَرَفَ . فَقُلْنَا : طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَأَقَامَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ , وَصَلَّى الْعَصْرَ وَقَدْ اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ قَالَ : أَمْسَى. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ ابْنُ زُهَيْرٍ : حَدَّثَنِي أَبِي وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ زُهَيْرٌ , وَأَبُو بَكْرٍ ، وَابْنُ نُمَيْرٍ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r إنَّ لِلصَّلاَةِ أَوَّلاً وَآخِرًا : وَإِنَّ أَوَّلَ صَلاَةِ الظُّهْرِ : حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ , وَآخِرَ وَقْتِهَا : حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ , وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ : حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا , وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا : حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ : حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ , وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا : حِينَ يَغِيبُ الآُفُقُ , وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ : حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ , وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا : حِينَ يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ , وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْفَجْرِ : حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ , وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا : حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ. قَالَ عَلِيٌّ : لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا اعْتِلاَلُ مَنْ اعْتَلَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِأَنَّ قَتَادَةَ أَسْنَدَهُ مَرَّةً وَأَوْقَفَهُ أُخْرَى , وَهَذَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ , بَلْ هُوَ قُوَّةٌ لِلْحَدِيثِ , إذَا كَانَ الصَّاحِبُ يَرْوِيهِ مَرَّةً ، عَنِ النَّبِيِّ r وَيُفْتِي بِهِ أُخْرَى وَهَذَا جَهْلٌ مِمَّنْ تَعَلَّلَ بِهَذَا , وَقَوْلٌ لاَ بُرْهَانَ عَلَيْهِ ; وَإِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ قَلَّدَ فِيهِ مَنْ ظَنَّهُ. وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا مَنْ تَعَلَّلَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ أَخْطَأَ فِيهِ ; وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى مُجَاهِدٍ وَهَذَا أَيْضًا دَعْوَى كَاذِبَةٌ بِلاَ بُرْهَانٍ , وَمَا يَضُرُّ إسْنَادُ مَنْ أَسْنَدَ إيقَافَ مَنْ أَوْقَفَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَهَذِهِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ , بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ , مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ ; فَوَاجِبٌ الأَخْذُ بِالزَّائِدِ ; وَاَلَّذِي فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ r أَقَامَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ. لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِاشْتِرَاكِ وَقْتَيْهِمَا ; لاَِنَّهُ عليه السلام قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ. وَنَصَّ عليه السلام عَلَى بُطْلاَنِ الاِشْتِرَاكِ , كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ ، حدثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ هُوَ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ : أَنْ تُؤَخِّرَ صَلاَةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى. فَلاَ بُدَّ مِنْ جَمْعِهَا كُلِّهَا لِصِحَّتِهَا فَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام كَبَّرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِلظُّهْرِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا ; فَصَارَ مُصَلِّيًا لَهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ , وَهَذَا حَسَنٌ وَالْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ زَائِدٌ عَلَى سَائِرِ الأَخْبَارِ ; وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ وَاجِبٌ قَبُولُهَا وَكَذَلِكَ هُوَ زَائِدٌ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ. وَفِيهِ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ , وهذا الخبر زَائِدٌ عَلَى الآثَارِ الَّتِي فِيهَا وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ، وَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ زِيَادَةِ الْعَدْلِ وَهَذِهِ الأَخْبَارُ كُلُّهَا زَائِدَةٌ عَلَى الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ r صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلاَّهَا فِيهِ بِالأَمْسِ وَقْتًا وَاحِدًا. وَهَذِهِ الأَخْبَارُ كُلُّهَا مُبْطِلَةٌ قَوْلَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَغْرِبِ إلاَّ وَقْتٌ وَاحِدٌ ; وَهُوَ قَوْلٌ يَبْطُلُ مِنْ جِهَاتٍ : مِنْهَا : مَا قَدْ صَحَّ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ بِإِسْنَادِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنَّهُ عليه السلام قَرَأَ فِي صَلاَةِ الْمَغْرِبِ سُورَةَ الأَعْرَافِ , وَسُورَةَ الطُّورِ , وَالْمُرْسَلاَتِ. فَلَوْ كَانَ مَا قَالُوهُ لَكَانَ عليه السلام مُصَلِّيًا لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا ; وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا وَأَيْضًا : فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ تَخْتَلِفُ ; فَبَعْضُهَا لاَ مَنَارَ لَهَا ; وَهِيَ ضَيِّقَةُ السَّاحَةِ جِدًّا ; فَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ مُسْرِعًا وَيُصَلِّي , وَبَعْضُهَا وَاسِعَةُ الصُّحُونِ : كَالْجَوَامِعِ الْكِبَارِ , وَعَالِيَةُ الْمَنَارِ ; فَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ مُسْتَرْسِلاً ثُمَّ يَنْزِلُ ; فَلاَ سَبِيلَ أَنْ يُقِيمَ الصَّلاَةَ إلاَّ وَأَئِمَّةُ الْمَسَاجِدِ قَدْ أَتَمُّوا ; هَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فِي جَمِيعِ الْمُدُنِ. فَعَلَى قَوْلِ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ : كَانَ يَجِبُ أَنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يُصَلُّوا الْمَغْرِبَ فِي وَقْتِهَا وَأَيْضًا : فَيَسْأَلُونَ : مَتَى يَنْقَضِي وَقْتُهَا عِنْدَكُمْ فَلاَ يَأْتُونَ بِحَدٍّ أَصْلاً , وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَكُونَ شَرِيعَةٌ مَحْدُودَةٌ لاَ يَدْرِي أَحَدٌ حَدَّهَا , حَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا وَهَذِهِ الأَخْبَارُ أَيْضًا : تُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ بِاشْتِرَاكِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ; وَبِاشْتِرَاكِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ; وَلَمْ يَأْتِ خَبَرٌ يُعَارِضُهَا فِي هَذَا أَصْلاً وَحُكْمُ عَرَفَةَ , وَالْمُزْدَلِفَةِ : حُكْمٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ , وَتِلْكَ اللَّيْلَةِ فِي ذَيْنِك الْمَوْضِعَيْنِ فَقَطْ بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ بِلاَ خِلاَفٍ عَلَى أَنَّ إمَامًا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ ; ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ , كَحُكْمِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ , فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ ; أَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي إثْرِ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ الْمُزْدَلِفَةِ : لَكَانَ مُخْطِئًا مُسِيئًا ; وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ فَاسِدَ الصَّلاَةِ فَصَحَّ أَنَّهُمْ خَالَفُوا الْقِيَاسَ وَالنُّصُوصَ : أَمَّا النُّصُوصُ , فَقَدْ ذَكَرْنَاهَا , وَأَمَّا الْقِيَاسُ : فَإِنَّ وَجْهَ الْقِيَاسِ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا أَنْ يَجُوزَ , وَأَنْ يَلْزَمَ فِي غَيْرِ عَرَفَةَ , وَمُزْدَلِفَةَ : مَا يَجُوزُ وَيَلْزَمُ فِي عَرَفَةَ , وَمُزْدَلِفَةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَتِلْكَ اللَّيْلَةِ ; فَيَكُونُ الْحُكْمُ : أَنْ تُصَلِّيَ الْعَصْرَ أَبَدًا فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ ; وَأَنْ تُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ أَبَدًا إلَى بَعْدِ غُرُوبِ الشَّفَقِ , وَهُمْ كُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ هَذَا ; وَأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ; فَظَهَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقِيسُوا قَوْلَهُمْ فِي اشْتِرَاكِ الأَوْقَاتِ عَلَى حُكْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ , وَلَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ بِمُزْدَلِفَةَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلَمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ r أَنَّهُ كَانَ إذَا عَجَّلَ عَلَيْهِ السَّفَرُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا ; وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا , وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ , وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا إذَا جَدَّ بِهِ السَّفَرُ. وهذا الخبر : يَقْضِي عَلَى كُلِّ خَبَرٍ جَاءَ بِأَنَّهُ عليه السلام جَمَعَ بَيْنَ صَلاَتَيْ : الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ; وَبَيْنَ صَلاَتَيْ : الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ ; ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى وُجُودِ خَبَرٍ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا , وَأَمَّا فِي غَيْرِ السَّفَرِ : فَلاَ سَبِيلَ أَلْبَتَّةَ إلَى وُجُودِ خَبَرٍ فِيهِ : الْجَمْعُ بِتَقْدِيمِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ. وَلاَ بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى أَنْ يُكَبِّرَ لَهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ ; ، وَلاَ بِتَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ إلَى أَنْ يُكَبِّرَ لَهَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ. وَلاَ بِتَقْدِيمِ الْعَتَمَةِ إلَى قَبْلِ غُرُوبِ الشَّفَقِ , فَإِذْ لاَ سَبِيلَ إلَى هَذَا ; فَمَنْ قَطَعَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى تِلْكَ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا الْجَمْعُ ; فَقَدْ أَقْدَمَ عَلَى الْكَذِبِ وَمُخَالَفَةِ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ , وَنَحْنُ نَرَى الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ; ثُمَّ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَبَدًا بِلاَ ضَرُورَةٍ ، وَلاَ عُذْرٍ , وَلاَ مُخَالَفَةَ لِلسُّنَنِ ; لَكِنْ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r إلَى آخِرِ وَقْتِهَا ; فَيُبْتَدَأُ فِي وَقْتِهَا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ ; فَيُؤَذَّنُ لِلْعَصْرِ , وَيُقَامُ وَتُصَلَّى فِي وَقْتِهَا ; وَتُؤَخَّرُ الْمَغْرِبُ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ وَقْتِهَا ; فَيُكَبِّرُ لَهَا فِي وَقْتِهَا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا , وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ : فَيُؤَذَّنُ لَهَا وَيُقَامُ وَتُصَلَّى الْعِشَاءُ فِي وَقْتِهَا. فَقَدْ صَحَّ بِهَذَا الْعَمَلِ مُوَافَقَةُ الأَحَادِيثِ كُلِّهَا ; وَمُوَافَقَةُ يَقِينِ الْحَقِّ : فِي أَنْ تُؤَدَّى كُلُّ صَلاَةٍ فِي وَقْتِهَا , وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَإِنْ ادَّعُوا الْعَمَلَ بِالْجَمْعِ بِالْمَدِينَةِ ; فَلاَ حُجَّةَ فِي عَمَلِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ ، وَلاَ يَجِدُونَ ، عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، صِفَةَ الْجَمْعِ الَّذِي يَرَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ ; وَقَدْ أَنْكَرَهُ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ وَالْعَجَبُ أَنَّ أَصَحَّ حَدِيثٍ فِي الْجَمْعِ : هُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا , وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ ، وَلاَ سَفَرٍ. قَالَ مَالِكٌ : أَرَى ذَلِكَ فِي مَطَرٍ , وَمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ حَبِيبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ r بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ , مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ ، وَلاَ مَطَرٍ قِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ : مَا أَرَادَ إلَى ذَلِكَ. قَالَ : أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَالْمَالِكِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا ; وَلَيْسَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ خِلاَفٌ لِقَوْلِنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، وَلاَ صِفَةُ الْجَمْعِ ; فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهِمَا عَلَيْنَا فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ : حَدِيثَ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ : أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ; فَأَخَّرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا , ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ; ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. فَهَذَا أَيْضًا كَمَا قلنا : لَيْسَ فِيهِ صِفَةُ الْجَمْعِ عَلَى مَا يَقُولُونَ ; فَلَيْسُوا أَوْلَى بِظَاهِرِهِ مِنَّا , وَهَذَا أَيْضًا : خَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , وَإِنْ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ , وَإِنْ غَابَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ; وَإِنْ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ ; ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. فَهَذَا خَبَرٌ سَاقِطٌ ; لاَِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَيْضًا : فَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ مُخَالِفًا لِقَوْلِنَا ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّهُ عليه السلام عَجَّلَ الْعَصْرَ قَبْلَ وَقْتِهَا ; وَالْعَتَمَةَ قَبْلَ وَقْتِهَا ; وَمَنْ تَأَمَّلَ لَفْظَ الْخَبَرِ رَأَى ذَلِكَ وَاضِحًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ; وَإِنَّمَا هِيَ ظُنُونٌ أَعْمَلُوهَا ; فَزَلَّ فِيهَا مَنْ زَلَّ بِغَيْرِ تَثَبُّتٍ وَهَكَذَا الْقَوْلُ سَوَاءً سَوَاءً فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ : أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إلَى الْعَصْرِ ; فَيُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ سَارَ , وَكَانَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ , وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلاَّهَا مَعَ الْمَغْرِبِ. : فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَرْدَى حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ لِوُجُوهٍ : أَوَّلُهَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ هَكَذَا إلاَّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , وَلاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِيَزِيدَ سَمَاعًا مِنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَالثَّانِي : أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ " صَاحِبُ رَايَةِ الْمُخْتَارِ " وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِالرَّجْعَةِ وَالثَّالِثُ : أَنَّنَا رُوِّينَا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ مُؤَلِّفِ الصَّحِيحِ ، أَنَّهُ قَالَ : قُلْت لِقُتَيْبَةِ : مَعَ مَنْ كَتَبْت ، عَنِ اللَّيْثِ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَا بِعَيْنِهِ قَالَ : فَقَالَ لِي قُتَيْبَةُ : كَتَبْته مَعَ خَالِدٍ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ الْبُخَارِيُّ : كَانَ خَالِدٌ الْمَدَائِنِيُّ يُدْخِلُ الأَحَادِيثَ عَلَى الشُّيُوخِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ فِي رِوَايَتِهِمْ مَا لَيْسَ مِنْهَا. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ خِلاَفٌ لِقَوْلِنَا ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَدَّمَ الْعَصْرَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ ; ، وَلاَ أَنَّهُ عليه السلام قَدَّمَ الْعَتَمَةَ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ , فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ فِي اشْتِرَاكِ الْوَقْتَيْنِ ; وَفِي تَقْدِيمِ صَلاَةٍ إلَى وَقْتِ الَّتِي قَبْلَهَا ; وَتَأْخِيرِهَا إلَى وَقْتِ غَيْرِهَا بِالرَّأْيِ وَالظَّنِّ لاَ سِيَّمَا مَعَ نَصِّهِ عليه السلام عَلَى أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ. وَأَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغْرُبْ الآُفُقُ , وَأَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ إذَا غَابَ الآُفُقُ فَهَذَا نَصٌّ يُبْطِلُ الاِشْتِرَاكَ جُمْلَةً , وَأَمَّا النَّاسِي وَالنَّائِمُ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ r مَنْ نَامَ ، عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا. فَصَحَّ أَنَّ وَقْتَهَا مُمْتَدٌّ لِلنَّاسِي وَلِلنَّائِمِ أَبَدًا , وَكَذَلِكَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ مُمْتَدٌّ لِلْمُجِدِّ فِي السَّيْرِ , وَفِي مُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ , وَوَقْتُ الْعَصْرِ : مُنْتَقِلٌ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ. وَانْتِقَالُ الأَوْقَاتِ أَوْ تَمَادِيهَا أَوْ حَدُّهَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ إلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَلَمْ يَلْتَزِمُوا قِيَاسًا فِي شَيْءٍ مِمَّا قَالُوهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا , وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ : إنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ , وَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ : فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِحَدِيثٍ ذَكَرَ : أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رَوَاهُ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ جَبْرَائِيلُ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَأَمَرَهُ بِصَلاَةِ الظُّهْرِ. قَالُوا : فَيَتَعَيَّنُ أَنَّهُ يَدْرِي أَمْرَهُ بِابْتِدَاءِ الصَّلاَةِ بَعْدَ ذَلِكَ ; لإِنَّ الظِّلَّ لاَ يَسْتَقِرُّ قال علي : وهذا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ : أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ ; لإِنَّ أَبَا بَكْرٍ هَذَا لَمْ يُولَدْ إلاَّ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي مَسْعُودٍ. وَالثَّانِي أَنَّهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى عَادَةٍ لَهُمْ فِي تَوْثِيبِ أَحْكَامِ الأَحَادِيثِ إلَى مَا لَيْسَ فِيهِ , وِتْرِكِ مَا فِيهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لاَ إشَارَةٌ , وَلاَ دَلِيلٌ , وَلاَ مَعْنَى يُوجِبُ امْتِدَادَ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ. وَلاَ فِيهِ أَنَّهُ عليه السلام ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ بَعْدَ زِيَادَةِ الظِّلِّ عَلَى الْمِثْلِ. وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَمَا كَانَ فِيهِ إلاَّ جَوَازُ ابْتِدَاءِ الصَّلاَةِ حِينَ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ ; وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي أَمَرَهُ فِيهِ جِبْرِيلُ بِأَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِيهِ , لاَ فِيمَا بَعْدَهُ وَذَكَرَ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الْمَشْهُورَ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ r مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابِ , ثُمَّ ذَكَرَ عليه السلام الآُجَرَاءَ الَّذِينَ عَمِلُوا مِنْ غَدْوَةٍ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ , فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ , ثُمَّ الَّذِينَ عَمِلُوا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ ; فَعَمِلَتْ النَّصَارَى , ثُمَّ الَّذِينَ عَمِلُوا مِنْ الْعَصْرِ إلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ , وَهُمْ نَحْنُ فَغَضِبَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ; فَقَالُوا : مَا لَنَا أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً فَقَالَ : هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ قَالُوا : لاَ ; قَالَ : فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ. وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَيْضًا الْمَأْثُورُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ r بِمِثْلِ هَذَا ; وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُمْ قَالَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا إلَى حِينِ صَلاَةِ الْعَصْرِ : أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ ; فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ . فَقَالَ الْمُحْتَجُّ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ : لَوْ كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ يَخْرُجُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ظِلِّ الْمِثْلِ , وَيَدْخُلُ حِينَئِذٍ وَقْتُ الْعَصْرِ : لَكَانَ مِقْدَارُ وَقْتِ الْعَصْرِ مِثْلَ مِقْدَارِ وَقْتِ الظُّهْرِ ; وَهَذَا خِلاَفُ مَا فِي ذَيْنِك الْخَبَرَيْنِ قال أبو محمد : وَهَذَا مِمَّا قلنا مِنْ تِلْكَ الْعَوَائِدِ الْمَلْعُونَةِ , وَالإِيهَامِ بِتَوْثِيبِ الأَحَادِيثِ عَمَّا فِيهَا إلَى مَا لَيْسَ فِيهَا. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ لاَ بِدَلِيلٍ ، وَلاَ بِنَصٍّ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ أَوْسَعُ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ ; وَإِنَّمَا فِيهِ : أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالُوا : نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ أَجْرًا ; فَمَنْ أَضَلُّ وَأَخْزَى فِي الْمَعَادِ مِمَّنْ جَعَلَ قَوْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِي لَمْ يُصَدِّقْهُ رَسُولُ اللَّهِ r . وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ r حُجَّةً يَرُدُّ بِهَا تَمْوِيهًا وَتَخَيُّلاً نَصُّ قَوْلِهِ عليه السلام : إنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ مَا دَامَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ. فَكَيْفَ وَاَلَّذِي قَالَتْ الْيَهُودُ لاَ يُخَالِفُ مَا حَدَّهُ النَّبِيُّ r وَهُوَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ; وَقَالُوا : نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً وَهَذَا صَحِيحٌ ; لإِنَّ الْوَقْتَ الَّذِي عَمِلُوهُ كُلُّهُمْ أَكْثَرُ مِمَّا عَمِلْنَاهُ نَحْنُ ; بَلْ الَّذِي عَمِلَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ أَكْثَرُ مِنْ الَّذِي عَمِلْنَاهُ نَحْنُ وَاَلَّذِي مِنْ أَوَّلِ الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَكْثَرُ مِمَّا فِي حِينِ زِيَادَةِ الظِّلِّ عَلَى الْمِثْلِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَاَلَّذِي أَخَذَ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ أَقَلُّ مِمَّا أَخَذْنَا وَفِي الْحَدِيثِ الآخَرِ إنَّمَا بَقِيَ مِنْ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ . وَهَذَا حَقٌّ ; لإِنَّ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى آخِرِ النَّهَارِ يَسِيرًا بِالإِضَافَةِ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ , مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ , نَعَمْ وَبِالإِضَافَةِ أَيْضًا إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ عَلَى قَوْلِنَا ; لإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَهُوَ بِلاَ شَكٍّ يَسِيرٌ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ ; فَبَطَلَ تَمْوِيهُهُمْ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَالَ عَلِيٌّ : وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : إنَّهُ ' عليه السلام إنَّمَا عَنَى آخِرَ أَوْقَاتِ الْعَصْرِ , وَهُوَ مِقْدَارُ تَكْبِيرَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ آخِرِ الْقُرْصِ : لَصَدَقَ ; لاَِنَّهُ عليه السلام قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ بُعِثَ وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ , وَضَمَّ أُصْبُعَهُ إلَى الآُخْرَى وَأَنَّنَا فِي الآُمَمِ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ فَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ r لِتَتَّفِقَ أَخْبَارُهُ كُلُّهَا ; بَلْ لاَ يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا أَصْلاً , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ , وَقَوْلُ مَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ : إنَّ وَقْتَ الْعَتَمَةِ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ , وَزَادَ مَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ امْتِدَادَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ : فَخَطَأٌ ظَاهِرٌ ; لاَِنَّهُ دَعْوَى بِلاَ دَلِيلٍ , وَخِلاَفٌ لِجَمِيعِ الأَحَادِيثِ , أَوَّلِهَا ، عَنْ آخِرِهَا ; وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ سَاقِطٌ بِيَقِينٍ , وَقَدْ احْتَجَّ فِي هَذَا بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ r : إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ أَنْ تُؤَخِّرَ صَلاَةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى وَرَامُوا بِهَذَا اتِّصَالَ وَقْتِ الْعَتَمَةِ بِوَقْتِ صَلاَةِ الصُّبْحِ فَإِنَّ هَذَا لاَ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوهُ أَصْلاً , وَهُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ أَنَّ وَقْتَ صَلاَةِ الْفَجْرِ لاَ يَمْتَدُّ إلَى وَقْتِ صَلاَةِ الظُّهْرِ فَصَحَّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لاَ يَدُلُّ عَلَى اتِّصَالِ وَقْتِ كُلِّ صَلاَةٍ بِوَقْتِ الَّتِي بَعْدَهَا , وَإِنَّمَا فِيهِ مَعْصِيَةُ مَنْ أَخَّرَ صَلاَةً إلَى وَقْتِ غَيْرِهَا فَقَطْ , سَوَاءٌ اتَّصَلَ آخِرُ وَقْتِهَا بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ لَهَا , أَمْ لَمْ يَتَّصِلْ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مُفَرِّطًا أَيْضًا مَنْ أَخَّرَهَا إلَى خُرُوجِ وَقْتِهَا , وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ أُخْرَى , وَلاَ أَنَّهُ يَكُونُ مُفَرِّطًا ; بَلْ هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ , وَلَكِنَّ بَيَانَهُ فِي سَائِرِ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا نَصٌّ عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ كُلِّ صَلاَةٍ. وَالضَّرُورَةُ تُوجِبُ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى بِكُلِّ عَمَلٍ وَقْتَهُ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لِذَلِكَ الْعَمَلِ فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ , وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ فَكُلُّ مَنْ قَدَّمَ صَلاَةً قَبْلَ وَقْتِهَا الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا وَعَلَّقَهَا بِهِ , وَأَمَرَ بِأَنْ تُقَامَ فِيهِ , وَنَهَى ، عَنِ التَّفْرِيطِ فِي ذَلِكَ ; أَوْ أَخَّرَهَا ، عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ : فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ ظَالِمٌ عَاصٍ. وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ وَأَمَّا تَعَمُّدُ تَأْخِيرِهَا ، عَنْ وَقْتِهَا فَمَعْصِيَةٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ تَقَدَّمَ وَتَأَخَّرَ , مَقْطُوعٌ عَلَيْهِ مُتَيَقَّنٌ , وَمَنْ شَبَّهَ الصَّلاَةَ بِالدَّيْنِ , لَزِمَهُ إجَازَةُ تَقْدِيمِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا ; كَالدَّيْنِ يُقَدَّمُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَلَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ بِعِصْيَانِ مَنْ أَخَّرَهَا عَامِدًا قَادِرًا ، عَنْ وَقْتِهَا , كَالدَّيْنِ يَمْطُلُ بِأَدَائِهِ ، عَنْ وَقْتِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَقَدْ خَالَفُوهُ فَإِنْ ادَّعُوا إجْمَاعًا عَلَى قَوْلِهِمْ كَذَبُوا , فَقَدْ صَحَّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ جَوَازُ تَقْدِيمِ الصَّلاَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا ; وَمَا جَازَ قَطُّ عِنْدَ أَحَدٍ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِهَا ، عَنْ وَقْتِهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا إنْكَارُ أَبِي حَنِيفَةَ تَأْخِيرَ الْمُسَافِرِ الَّذِي جَدَّ بِهِ السَّيْرُ , وَلَمْ يَنْزِلْ قَبْلَ الزَّوَالِ , وَلاَ بَعْدَهُ صَلاَةَ الظُّهْرِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ كَغَيْرِهِ وَتَأْخِيرَ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ إلَى وَقْتِ الْعَتَمَةِ كَغَيْرِهِ : فَهُوَ خِلاَفٌ مُجَرَّدٌ لِلسُّنَنِ الثَّابِتَةِ فِي ذَلِكَ رَوَاهَا أَنَسٌ ، وَابْنُ عُمَرَ بِأَصَحِّ طَرِيقٍ ; وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَةَ أَنَسٍ ; وَغَنِيّنَا بِهَا ، عَنْ ذِكْرِ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ ، وَلاَ أَعْجَبَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمُقَلِّدِينَ لَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ , ثُمَّ الْعَتَمَةَ . فَقَالَ هَذَا الْمَفْتُونُ : إنَّمَا أَرَادَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّفَقِ ; فَقَالَ : بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ عَلَى الْمُقَارَبَةِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ. وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ r : فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ أَعْمَى لاَ يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ : أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. قَالَ عَلِيٌّ : وَهَذِهِ مُجَاهَرَةٌ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَسْهِلْهَا ذُو وَرَعٍ وَحَيَاءٍ أَنْ يَقُولَ الثِّقَةُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ فَيَقُولُ قَائِلٌ : إنَّمَا أَرَادَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّفَقِ وَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ دَخَلَ فِي طَرِيقِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ ، عَنْ مَوَاضِعِهِ , وَيُفَسِّرُونَ الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ وَأَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً عَلَى مَا هُمْ أَوْلَى بِهِ وَفِي هَذَا بُطْلاَنُ جَمِيعِ الشَّرِيعَةِ , وَبُطْلاَنُ جَمِيعِ الْمَعْقُولِ , وَالسَّفْسَطَةُ الْمُجَرَّدَةُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْبَلاَءِ. وَأَمَّا قوله تعالى : فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ , بَلْ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ , وَمُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى أَجَلُ الْكَوْنِ فِي الْعِدَّةِ , لاَ أَجَلُ انْقِضَائِهَا , لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلاً , وَحَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْبَاطِلِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عليه السلام لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ : أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ أَيْضًا حَقِيقَةٌ عَلَى ظَاهِرِهِ وَمَا أَذَانُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ إلاَّ بَعْد الْفَجْرِ , وَأَمْرِ الإِصْبَاحِ : لاَ قَبْلَهُمَا وَلَوْ كَانَ مَا ظَنُّوهُ : لَحَرُمَ الأَكْلُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهَذَا مَا لاَ يَقُولُونَهُ , وَلاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ بِتَقْدِيمِ الْمَرِيضِ الَّذِي يُخْشَى ذَهَابُ عَقْلِهِ الْعَصْرَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ , وَالْعَتَمَةَ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ : خَطَأٌ ظَاهِرٌ. وَلاَ يَخْلُو وَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا وَقْتًا لِلْعَصْرِ , وَيَكُونُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَقْتًا لِلْعَتَمَةِ , أَوْ لاَ يَكُونُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ وَقْتُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَقْتًا لِلْعَصْرِ وَلِلْعَتَمَةِ أَيْضًا : فَتَقْدِيمُ الْعَتَمَةِ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ الَّذِي هُوَ وَقْتٌ لَهَا وَتَقْدِيمُ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ الَّذِي هُوَ وَقْتٌ لَهَا أَيْضًا : جَائِزٌ لِغَيْرِ الْمَرِيضِ ; لاَِنَّهُ يُصَلِّي الْعَتَمَةَ وَالْعَصْرَ أَيْضًا فِي وَقْتَيْهِمَا , وَهَذَا مَا لاَ يَقُولُهُ. وَإِنْ كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتًا لِلْعَصْرِ , وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ لَيْسَ وَقْتًا لِلْعَتَمَةِ : فَقَدْ أَبَاحَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلاَةً قَبْلَ وَقْتِهَا , وَهَذَا لاَ يَجُوزُ وَلَئِنْ جَازَ ذَلِكَ فِي هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ لَيَجُوزَنَّ ذَلِكَ لَهُ أَيْضًا فِي تَقْدِيمِ الظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ , وَتَقْدِيمِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَتَقْدِيمِ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ , وَهَذَا مَا لاَ يَقُولُهُ فَقَدْ ظَهَرَ التَّنَاقُضُ فَإِنْ قَالَ : لَيْسَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَقْتًا لِلْعَصْرِ إلاَّ لِلْمَرِيضِ الَّذِي يُخْشَى ذَهَابُ عَقْلِهِ : كُلِّفَ الدَّلِيلَ عَلَى هَذَا التَّخْصِيصِ الْمُدَّعَى بِلاَ بُرْهَانٍ , وَاَلَّذِي لاَ يَعْجَزُ ، عَنْ مِثْلِهِ أَحَدٌ , وَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا بُطْلاَنَ قَوْلِ جَمِيعِهِمْ فِي الْجَمْعِ وَفِي اشْتِرَاكِ الْوَقْتَيْنِ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَهَهُنَا حَدِيثٌ نُنَبِّهُ عَلَيْهِ ; لِئَلاَّ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّنَا أَغْفَلْنَاهُ , وَأَنَّ فِيهِ مَعْنًى زَائِدًا وَهُوَ حَدِيثٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الآخِرَةَ لِمَغِيبِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ ثَالِثَةٍ. قَالَ عَلِيٌّ : بَشِيرُ بْنُ ثَابِتٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ إلاَّ أَبُو بِشْرٍ , وَلاَ رَوَى عَنْهُ أَبُو بِشْرٍ إلاَّ هَذَا الْحَدِيثَ , وَقَدْ وُثِّقَ وَتُكُلِّمَ فِيهِ , وَهُوَ إلَى الْجَهَالَةِ أَقْرَبُ وَحَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَكَاتِبُهُ ; وَلَيْسَ مَشْهُورَ الْحَالِ فِي الرُّوَاةِ. وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ فِي أَنَّ هَذَا هُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَتَمَةِ ; بَلْ قَدْ يَدْخُلُ وَقْتُهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَالْقَمَرُ يَغِيبُ لَيْلَةً ثَالِثَةً فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ بَعْدَ ذَهَابِ سَاعَتَيْنِ وَنِصْفِ سَاعَةٍ وَنِصْفِ سُبْعِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُجَزَّأَةِ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً , وَالشَّفَقُ الَّذِي هُوَ الْبَيَاضُ يَتَأَخَّرُ , وَالشَّفَقُ الَّذِي هُوَ الْحُمْرَةُ يَغِيبُ قَبْلَ سُقُوطِ الْقَمَرِ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ بِحِينٍ كَبِيرٍ جِدًّا مُغَيَّبَةً بَعْدَ سُقُوطِ الْقَمَرِ لَيْلَةً ثَالِثَةً سَاعَةً وَنِصْفًا مِنْ السَّاعَاتِ الْمَذْكُورَةِ. فَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَوْ صَحَّ حُجَّةٌ فِي شَيْءٍ أَصْلاً مِمَّا يَخْتَلِفُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 336 - مَسْأَلَةٌ : وَتَعْجِيلُ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا أَفْضَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ; حَاشَا الْعَتَمَةِ ; فَإِنَّ تَأْخِيرَهَا إلَى آخِرِ وَقْتِهَا فِي كُلِّ حَالٍ وَكُلِّ زَمَانٍ أَفْضَلُ ; إلاَّ أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ ; فَالرِّفْقُ بِهِمْ أَوْلَى , وَحَاشَا الظُّهْرِ لِلْجَمَاعَةِ خَاصَّةً فِي شِدَّةِ الْحَرِّ خَاصَّةً , فَالإِبْرَادُ بِهَا إلَى آخِرِ وَقْتِهَا أَفْضَلُ. بُرْهَانُ ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ , وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ فَالْمُسَارَعَةُ إلَى الْخَيْرِ وَالْمُسَابَقَةُ إلَيْهِ أَفْضَلُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْعُذْرِيُّ الْقَاضِي بِالثَّغْرِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَاضِي طَرْطُوشَةَ قَالاَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الْمُطَّوِّعِيُّ الرَّازِيّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ بِنَيْسَابُورَ ، حدثنا أَبُو عُمَرَ وَعُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَّاكُ ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مَكْرَمٍ ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، حدثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ r : أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ : الصَّلاَةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا , قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ; قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ قَالَ : بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ ، حدثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، حدثنا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي سَيَّارُ بْنُ سَلاَمَةَ قَالَ : سَمِعْت أَبِي يَسْأَلُ أَبَا بَرْزَةَ ، عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ عليه السلام لاَ يُبَالِي بَعْضَ تَأْخِيرِهَا إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ يَعْنِي الْعِشَاءَ الآخِرَةَ ، وَلاَ يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا ، وَلاَ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ , وَالْعَصْرَ حِينَ يَذْهَبُ الرَّجُلُ إلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ , وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَنْظُرُ إلَى وَجْهِ جَلِيسِهِ الَّذِي يَعْرِفُ فَيَعْرِفُهُ , وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِالسِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ. وَالأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا وبه إلى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كِلاَهُمَا ، عَنْ جَرِيرٍ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ r لِصَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ , فَخَرَجَ إلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُهُ أَوْ بَعْدَهُ يَعْنِي ثُلُثَ اللَّيْلِ فَقَالَ : إنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلاَةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ , وَلَوْلاَ أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْت بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ , ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنُ فَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَلَّى. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ r الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إلَى شَطْرِ اللَّيْلِ , أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْرُ اللَّيْلِ وَمِنْ طَرِيقِ أُمِّ كُلْثُومَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أُخْتِهَا عَائِشَةَ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ r ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ. قَالَ عَلِيٌّ : إذَا ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ فَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ ; وَهَذِهِ الأَخْبَارُ زَائِدَةٌ عَلَى كُلِّ خَبَرٍ وَالسَّنَدُ الْمَذْكُورُ إلَى مُسْلِمٍ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حدثنا شُعْبَةُ سَمِعْت مُهَاجِرًا أَبَا الْحَسَنِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ r بِالظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ r أَبْرِدْ أَبْرِدْ , أَوْ قَالَ : انْتَظِرْ انْتَظِرْ , إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ , فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا ، عَنِ الصَّلاَةِ , قَالَ أَبُو ذَرٍّ : حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَإِنَّمَا لَمْ نَحْمِلْ هَذَا الأَمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا رُوِّينَاهُ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى مُسْلِمٍ , حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ خَبَّابٍ شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ r شِدَّةَ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يَشْكُنَا. قُلْت لاَِبِي إِسْحَاقَ : أَفِي الظُّهْرِ فِي تَعْجِيلِهَا قَالَ : نَعَمْ وَقَدْ جَاءَ نَحْوُ مَا تَخَيَّرْنَاهُ فِي الأَوْقَاتِ ، عَنِ السَّلَفِ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ : أَنْ صَلِّ الظُّهْرَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَأَبْرِدْ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ : حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ، عَنِ الْمُهَاجِرِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ : أَنْ صَلِّ الظُّهْرَ حِينَ تَزِيغُ الشَّمْسُ أَوْ حِينَ تُدْرِكُ , وَصَلِّ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ , وَصَلِّ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ , وَصَلِّ صَلاَةَ الْعِشَاءِ مِنْ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ : أَيْ حِينَ تَبِيتُ , وَصَلِّ صَلاَةَ الْفَجْرِ بِغَلَسٍ , أَوْ بِسَوَادٍ ; وَأَطِلْ الْقِرَاءَةَ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ : حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ، حدثنا حَمَّادٌ ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ : خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى غَرُبَتْ الشَّمْسُ وَبَدَتْ النُّجُومُ , وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ : الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ , فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لاَ يَفْتُرُ ، وَلاَ يَنْثَنِي : الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتُعَلِّمُنِي بِالسُّنَّةِ , لاَ أُمَّ لَكَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَمِنْ طَرِيق عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ : حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلَ ، عَنْ تَفْرِيطِ الصَّلاَةِ فَقَالَ : أَنْ تُؤَخِّرَهَا إلَى الَّتِي بَعْدَهَا حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ إنَّ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ , فَقُلْت لِنَافِعٍ : حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ قَالَ : نَعَمْ. قال علي : هذا الْحَدِيثُ وَاَلَّذِي فِيهِ إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ , أَنْ تُؤَخِّرَ صَلاَةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى يُكَذِّبَانِ قَوْلَ مَنْ أَقْدَمَ بِالْعَظِيمَةِ فَقَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ r تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ذَاكِرًا لَهَا حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ ; لاَِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ عليه السلام قَدْ تَعَمَّدَ حَالاً مِنْ الْحِرْمَانِ صَارَ فِيهَا كَمَا لَوْ وَتَرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ , قَاصِدًا إلَى مَا ذَمَّهُ مِنْ التَّفْرِيطِ , وَهَذَا لاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ. وبه إلى ابْنِ جُرَيْجٍ : قُلْت لِعَطَاءٍ : إمَامٌ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ ; أُصَلِّيهَا مَعَهُ قَالَ : نَعَمْ , الْجَمَاعَةُ أَحَبُّ إلَيَّ قُلْت : وَإِنْ اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ وَلَحِقَتْ بِرُءُوسِ الْجِبَالِ قَالَ : نَعَمْ , مَا لَمْ تَغِبْ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَكَانَ طَاوُوس يُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَيُؤَخِّرُهَا ; أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ حَتَّى تَصْفَرَّ الشَّمْسُ جِدًّا. وَأَمَّا الآخَرُ : الَّذِي فِيهِ لاَ تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الصَّلاَةَ إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ ; لاَِنَّهُ مُرْسَلٌ ; لَمْ يُسْنَدْ إلاَّ مِنْ طَرِيقِ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامُ. وقال أبو حنيفة : وَقْتُ صَلاَةِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ الْمُعْتَرِضُ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , يَعْنِي إثْرَ سَلاَمِهِ مِنْهَا قَالَ : وَتَأْخِيرُهَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ التَّغْلِيسِ بِهَا ; لاَِنَّهُ أَكْثَرُ لِلْجَمَاعَةِ. وَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إلَى أَنْ يَكُونَ الظِّلُّ دُونَ الْقَامَتَيْنِ ; وَالتَّهْجِيرُ بِهَا فِي الشِّتَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ : وَأَنْ يُبْرِدَ بِهَا فِي الصَّيْفِ أَعْجَبُ إلَيَّ. وَوَقْتُ الْعَصْرِ إذَا كَانَ الظِّلُّ قَامَتَيْنِ إلَى قَبْلِ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ , يُرِيدُ : أَنْ يُكَبِّرَ لَهَا قَبْلَ تَمَامِ غُرُوبِ الشَّمْسِ ; وَتَأْخِيرُهَا أَحَبُّ إلَيْهِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مُذْ تَغْرُبُ الشَّمْسُ إلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ , وَتَعْجِيلُهَا أَحَبُّ إلَيْهِ. وَوَقْتُ الْعَتَمَةِ مُذْ يَغِيبُ الشَّفَقُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ , وَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ , وَوَقْتُهَا يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. قَالَ عَلِيٌّ : كُلُّ مَا قَالَ مِمَّا خَالَفْنَاهُ فِيهِ فَقَدْ أَبَدَيْنَا بِالْبُرْهَانِ سُقُوطَ قَوْلِهِ ; إلاَّ تَأْخِيرَ الصُّبْحِ , فَإِنَّهُ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ [ بِخَبَرٍ مِنْ طَرِيقِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : أَسْفِرُوا بِصَلاَةِ الْغَدَاةِ , فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لاَِجْرِكُمْ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ , فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ أَوْ لاَِجْرِكُمْ قَالَ عَلِيٌّ : مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ ثِقَةٌ , وَهُوَ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ لَبِيدٍ. وَالْخَبَرُ صَحِيحٌ إلاَّ أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ إذَا أُضِيفَ إلَى الثَّابِتِ مِنْ فِعْلِهِ عليه السلام فِي التَّغْلِيسِ ; حَتَّى إنَّهُ لَيَنْصَرِفُ وَالنِّسَاءُ لاَ يُعْرَفْنَ , أَوْ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ وَجْهَ جَلِيسِهِ الَّذِي كَانَ يَعْرِفُهُ ; ، وَأَنَّ هَذَا كَانَ الْمُدَاوَمُ عَلَيْهِ مِنْ عِلْمِهِ. عليه السلام صَحَّ أَنَّ الإِسْفَارَ الْمَأْمُورَ بِهِ إنَّمَا هُوَ بِأَنْ يَنْقَضِيَ طُلُوعُ الْفَجْرِ ، وَلاَ يُصَلِّيَ عَلَى شَكٍّ مِنْهُ فإن قيل : إنَّهُ لاَ أَجْرَ فِي غَيْرِ هَذَا , بَلْ مَا فِيهِ إلاَّ الإِثْمُ قلنا : هَذَا لاَ يُنْكَرُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ ; لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ ، وَلاَ خَيْرَ فِي خِلاَفِ ذَلِكَ وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ r يُكَلِّفُ أُمَّتَهُ وَأَصْحَابَهُ الْمَشَقَّةَ فِي تَرْكِ النَّوْمِ أَلَذَّ مَا يَكُونُ , وَخُرُوجُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَى صَلاَةِ الصُّبْحِ : عَمَلاً فِيهِ مَشَقَّةٌ وَكُلْفَةٌ وَحَطِيطَةٌ مِنْ الأَجْرِ ; وَيَمْنَعُهُمْ الْفَضْلَ وَالأَجْرَ مَعَ الرَّاحَةِ ; حَاشَا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا ; فَهَذَا ضِدُّ النَّصِيحَةِ , وَعَيْنُ الْغِشِّ وَالْحَرَجِ وَالظُّلْمِ. وَمَا نَدْرِيهِمْ تَعَلَّقُوا فِي هَذَا إلاَّ بِرِوَايَةٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّغْلِيسِ بِصَلاَةِ الصُّبْحِ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ يَوْمَ النَّحْرِ , وَقَوْلُهُ t : إنَّهَا صَلاَةٌ حُوِّلَتْ ، عَنْ وَقْتِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ , وَهَذَا خَبَرٌ مُسْقِطٌ لِقَوْلِهِمْ جُمْلَةً ; لأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُ جُمْلَةً ; إذْ قَوْلُهُمْ الَّذِي لاَ خِلاَفَ عَنْهُمْ فِيهِ : أَنَّ التَّغْلِيسَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْفَجْرِ لَيْسَ صَلاَةً لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا ; بَلْ هُوَ وَقْتُهَا عِنْدَهُمْ فَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يُمَوِّهُ بِحَدِيثٍ هُوَ مُخَالِفٌ لَهُ ; وَيُوهِمُ خَصْمَهُ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي اخْتِيَارِ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ : فَقَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ فِي الْمُسَارَعَةِ إلَى الْخَيْرِ وَلِجَمِيعِ السُّنَنِ , وَلِجَمِيعِ السَّلَفِ ; وَلِلْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِهِ فِي صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وقال مالك : وَقْتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ , وَالصُّبْحُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَحَبُّ إلَيْهِ فِي الصُّبْحِ : التَّغْلِيسُ. وَأَحَبُّ إلَيْهِ فِي صَلاَةِ الظُّهْرِ : أَنْ تُصَلَّى فِي الْبَرْدِ وَالْحَرِّ إذَا فَاءَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا , وَأَحَبُّ إلَيْهِ : أَنْ تُصَلَّى الْعَصْرُ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ وَتَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ إلاَّ لِلْمُسَافِرِ ; فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ تُمَدَّ الْمِيلَيْنِ وَنَحْوِهِمَا. وَالْعَتَمَةُ : إثْرَ مَغِيبِ الشَّفَقِ قَلِيلاً قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا قَوْلُهُ فِي اتِّصَالِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَوَقْتِ الْمَغْرِبِ إلَى صَلاَةِ الْفَجْرِ فَقَوْلٌ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ السُّنَنِ ; ، وَلاَ نَعْلَمُهُ ، عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، ; ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ إلاَّ عَنْ عَطَاءٍ وَحْدَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي وَقْتِ الْعَتَمَةِ فَلاَ نَعْلَمُ اخْتِيَارَهُ أَيْضًا ، عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ عَوَّلَ عَلَى الرِّوَايَةِ ، عَنْ عُمَرَ t : أَنْ صَلِّ الظُّهْرَ إذَا فَاءَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا. وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَاتِ الْمُتَرَادِفَةَ ، عَنْ عُمَرَ t : بِأَنْ تُصَلَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ وَأَنْ يُبْرَدَ بِهَا. رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ : عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ , وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ , وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ , وَمُهَاجِرٌ أَبُو الْحَسَنِ , وَأَبُو الْعَالِيَةِ , وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ , وَمَالِكٌ جَدُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَرَوَتْهُ عَائِشَةُ مُسْنَدًا , وَمِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : وَقْتُ الْعَتَمَةِ إلَى صَلاَةِ الْفَجْرِ ; وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : الإِفْرَاطُ فِي الْعَتَمَةِ إلَى صَلاَةِ الْفَجْرِ : فَإِنَّهُمْ قَدْ خَالَفُوا ذَلِكَ الأَثَرَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ; لإِنَّ فِيهِ : وَقْتَ الظُّهْرِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ; وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ إلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فَالرُّجُوعُ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. قَالَ تَعَالَى ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ. 337 – (فصل) قَالَ عَلِيٌّ : وَقْتُ الظُّهْرِ أَطْوَلُ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ أَبَدًا فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ; لإِنَّ الشَّمْسَ تَأْخُذُ فِي الزَّوَالِ فِي أَوَّلِ السَّاعَةِ السَّابِعَةِ , وَيَأْخُذُ ظِلُّ الْقَائِمِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مِثْلِ الْقَائِمِ بَعْدَ طَرْحِ ظِلِّ الزَّوَالِ فِي صَدْرِ السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ ; أَمَّا فِي خُمُسِهَا الأَوَّلِ إلَى ثُلُثِهَا الأَوَّلِ : لاَ يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ أَصْلاً فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مُسَاوٍ لِوَقْتِ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ أَبَدًا فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ; لإِنَّ الَّذِي مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إلَى أَوَّلِ طُلُوعِ الشَّمْسِ , كَاَلَّذِي مِنْ آخِرِ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ الَّذِي هُوَ الْحُمْرَةُ أَبَدًا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ ; يَتَّسِعُ فِي الصَّيْفِ , وَيَضِيقُ فِي الشِّتَاءِ ; لِكِبَرِ الْقَوْسِ وَصِغَرِهِ. وَوَقْتُ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ أَبَدًا : هُوَ أَقَلُّ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَوَقْتِ الْعَصْرِ ; لإِنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ هُوَ رُبُعُ النَّهَارِ وَزِيَادَةٌ فَهُوَ أَبَدًا ثَلاَثُ سَاعَاتٍ , وَشَيْءٌ مِنْ السَّاعَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَوَقْتُ الْعَصْرِ رُبُعُ النَّهَارِ غَيْرَ شَيْءٍ فَهُوَ أَبَدًا ثَلاَثُ سَاعَاتٍ , غَيْرَ شَيْءٍ مِنْ السَّاعَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَلاَ يَبْلُغُ ذَلِكَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ ، وَلاَ وَقْتُ الصُّبْحِ , وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ وَقْتُ كُلِّ صَلاَةٍ مِنْهُمَا سَاعَتَيْنِ , وَقَدْ يَكُونُ سَاعَةً وَاحِدَةً وَرُبُعَ سَاعَةٍ مِنْ السَّاعَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ ; وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا فِي أَطْوَلِ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ , وَأَقْصَرِ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ : اثْنَتَا عَشْرَةَ , فَهِيَ تَخْتَلِفُ لِذَلِكَ فِي طُولِهَا وَقِصَرِهَا ; وَفِي الْهَيْئَةِ أَيْضًا كَذَلِكَ , وَلاَ فَرْقَ وَأَوْسَعُهَا كُلُّهَا وَقْتُ الْعَتَمَةِ ; لاَِنَّهُ أَزْيَدُ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ , أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَمِقْدَارِ تَكْبِيرَةٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ , وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.