محاولة للفهم
محاولة للفهم، عمود صحفى أسبوعى يتم نشره مجلة الاذاعة والتليفزيون تكتبه الكاتبة غادة عبد المنعم يتناول بالتقد والتحليل الشئون السياسية المصرية والدولية.
محاولة للفهم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خناقة مصر و الجزائر
منذ أيام كنت فى فرنسا.. هناك قضيت أيام فى ضيافة صديقة جزائرية، وفى ضيافتها تبدل تصورى عما كنت أظنه بديهيا عن علاقات العرب القوية باختلاف بلدانهم، هناك وكلما خرجت معها للشارع الباريسى وقابلنا أحد أفراد الجالية العربية، كلما سارع من نقابله من العرب بالتساؤل فى قليل من الحيرة والاندهاش: مصرية وجزائرية، أصدقاء..!! كيف..!!؟ وجدت الجميع يتحدث عن علاقة البلدين وكأنها مجردخيط رقيق من الحرير اللامع، الناعم.. مجرد خيط رفيع من حرير قد يبدو جميلا ومتألقا لكنه ما أن تشعل عود كبريت وتقربه منه حتى يحترق، من جهتى كنت مندهشة كطفل وجد نفسه فجأة فى عرض البحر وهو لم يتعلم السباحة بعد، أما هى فقد كانت و دون أن تعلمنى قد قررت الغاء رحلتها القادمة فى هذا الصيف للقاهرة ، تساءلت ببعض البلاهة هل يمكن لخلاف مشجعين (كورة قدم ) قد تطور لخناقة تلتها أخرى أن يلقى بكل تلك الظلال القاتمة على علاقة البلدين ؟ وهل من الممكن أن يكف أفراد الشعبين مثلا عن التعامل سويا لأن مجموعتين من هنا وهناك اشتبكتا فى خناقة..!!؟ كان رأيها الذى قالته لى بتحفظ أنه من المستحيل أن تأتى لمصر قبل عامين قادمين ؟!! فهى تخاف أن تتعرض للمضايقات لمجرد أنها جزائرية ..؟!! أكدت لها أن معظم المصريين ضد ما تم من تهويل لخناقة مشجعى كورة، تم عرضها وكأنها أزمة سياسية بين دولتين..! أو شقاق مصالح بين شعبين..! فردت بدهشة قائلة : لقد تم استدعاء السفيرين سفير الجزائر فى مصر وسفير مصر فى الجزائر. لم أجد ما أضيفه وهى تصر على أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مهددة قلت لنور الهدى مدنى، الصحفية الجزائرية، صديقتى : ما تقولينه يبدو غير معقول تماما..!! فردت قائلة لو لم يكن هذا موقفا مصريا رسمي أو شبه رسمي على الأقل، لما صدرت تصريحات كالتى صدرت من كلا نجلى الرئيس المصرى "علاء مبارك" و"جمال مبارك" تلك التصريحات التى عيرت الجزائر وأدانت شعبها. أكدت لها أن تصريحات علاء وجمال مبارك هى أراء شخصية وليست تصريحات سياسية.. فنجل الرئيس "علاء مبارك" لا يحتل أى منصب سياسى ومن حقه كرجل عادى أن يتحيز لنادى بلاده، ومن جهة أخرى فإن جمال مبارك رغم شغله لمنصب حزبى لا رسمى ( رئيس لجنة السياسات ) فى الحزب الوطنى فانه لم يدل بتصريح رسمى فيما حدث بين مشجعى الناديين المصرى والجزائرى لكنه حرص كما أظن على أن يقول أرائه باعتبارها أراء شخصية، لا باعتبارها توجهات للحزب الحاكم، واضفت، وبما أن مصر جمهورية وليست محكومة بنظام ملكى فان أراء أبناء الرئيس ليس لها ثقل سياسى ولا تعبر عن التوجه الرسمى للدولة. ابتسمت صديقتى، وقالت فى هدوء إن علاقتنا أنا وأنت وعلاقات الصداقة بين الكثيرين من أبناء البلدين يجب ألا تتأثر أما ما فى داخل النفوس فلن يصفو ربما قبل شهور أو أعوام..!!؟ ومن جهتى أنا ابتسمت ولم أرد. لكننى تسائلت وأنا مندهشة، مستائة، وحائرة.. هل حقيقى يمكن لماتش كورة أن يلغى علاقة كعلاقة مصر والجزائر.
غادة عبدالمنعم
مجلة الاذاعة والتليفزيون
27 فبراير2010
محاولة للفهم
اثنان من العرب .. وإمكانية التغيير
حدث وذكرى استدعا لذاكرتى فكرة التغيير وامكانيتها . الحدث كان فتوى القذافى التى أفتاها منذ أيام بتكفير كل من يتعامل مع سويسرا والسويسريين والذكرى كانت ذكرى وفاة كوكب الشرق وسيدته فى القرن الماضى أم كلثوم . جاءت فتوى الرئيس الليبى الغريبة جائت فتوى القذافى متأخرة جدا عن وعدها حيث أن نتيجة الاستفتاء الشعبى فى سويسرا على قانون بمنع بناء المآذن كانت فى نهاية العام الماضى أى من عدة شهور وعلى الرغم من أنها لم تأتى من مفتى أو رجل دين ولكن من رئيس دولة فانها كباقى تصريحات الرئيس الليبى الغريبة والتى يباغتنا بها بين حين وآخر لم تدهش أحد وكباقى فتواته وآررائه لم تحسم النية لدى أحد على مقاطعة سويسرا أو السويسرين فلا سويسرا التى تعتبر المنفى الآمن للكثيرين من رجال الدين المتشددين المبعدين عن الدول العربية ضد الدين الاسلامى ولا السويسريين كما أظن ضد المسلمين هم فى غالبيتهم ربما متخوفين كباقى مواطنى أوربا من انتشار وطغيان الثقافة الاسلامية على ثقافاتهم المحلية ولا أظن ألف فتوى من رؤساء عرب ستصلح فى تعديل موقف الأوربين المتخووفين من سيادة الثقافة الاسلامية و على الطابع الأوربى الذى انتهت له العمارة والثقافة المحلية فى سويسرا أو الأوربية فى باقى أوربا ، فربما على غير ما يعتقد القذافى برغبته فى التباهى والظهور بمظهر المدافع عن حمى الاسلام يأتى التفاهم بين الثقافات وسماح ثقافة لغيرها بالاختلاط داخلها واعتبار السويسرين للثقافة الاسلامية اعتبارها والنظر لها على أنها جزء من ثقافة بلادهم عن طريق التفاهم والتعايش وربما كانت عملية الدمقراطية نفسها التى أسفرت عن هذا القرار كفيلة بعد حين وعن طريق تصويت آخر بقرار أكثر تفهما لحقوق الأقلية القليلة الاسلامية تقريبا 4% من مجموع السكان السويسريين على المزيد من الحقوق التى بلا شك تكفلها لهم حقوق الانسان فمزيد من النشاط المجتمعى منهم لشرح قضيتهم وحقهم فى بناء جوامع بمآذن لا شك سوف يسفر عن مزيد من القناعة يؤدى فيما بعد لقرار أكثر عدلا . أما الذكرى وهى ذكرى رحيل أم كلثوم فقد جعلتنى أتأمل طويلا فى الأثر الضخم الذى تركته هذه السيدة التى جاءت من ريف الدلتا وحيدة وفقيرة لا تملك غير موهبة ضخمة واحترام وتقدير لمن تقدم لهم فنها ولنفسها وصبر وجهد لا يكل فى سبيل تجويد عملها هذه السيدة التى استطاعت عبر ثلاث أرباع قرن من الجهد المتواصل لا أن تصل للنجاح كمطربة شبه وحيدة فى مكانها فى العالم العربى أجمع ولكن أيضا أن تغير تصور هذا المجتمع العربى الكبير للمطربة فبعد أن كان ينظر لها على أنها نصف عاهرة وفى أحيان أخرى عاهرة كاملة لا غير تمكنت المطربة فى أم كلثوم أن تكتسب اعتراف الآخرين بالاحترام لتتحول صورة المطربة فى ذهن كل عربى لفنانة تستحق التقدير وسيدة مجتمع لها دور اجتماعى وسياسى فى بلدها .. ربما اذن لا يهم أن تكون رئيس جمهورية ومفتى بالتكفير لتتمكن من التغير واكتساب أرضيات للتحضر فى مجتمعك ، بل يكفى أن تملك الدأب والقدرة على منح نفسك لما تحب وتملك شخصية قوية وموهبة فذة لتتمكن من تغير مجتمع كامل من الخليج للمحيط ففى هذه الحالة وربما فيها وحدها سيمنحك الآخرون ايمانا بك وبالتالى قدرة على تغييرهم . وبمناسبة الكلام الكثير عن المرأة تابعت عدة قضايا ومقولات طرحت فألجمت لسانى من الدهشة فعلى سبيل المثال وجدت ونحن فى العقد الأول من القرن الثانى والعشرين من يستنكر عمل المرأة قاضية وكأن هذا الشخص لم تربيه أنثى ولم يضطر للخضوع لحكمها فى البيت كأم وكزوجة أحيانا أو كأخت كبرى أو كأن نساء مصر مصابات بمرض وراثى مستعصى على العلاج يجعل منهن دون نساء العالم كله متخلفات عقليا أو على أقل تقدير مصابات بالبلاهة لا يستطعن التمييز أو ربما هن يمكنهن التميز واتخاذ القرار فى حجرة العمليات وجسد مريض مفتوح أمامهن فيقررن كيف يقمن بالجراحة بينما يصعب عليهن تذكر قواعد وبنود القوانين أو فتح كتب القانون للاستدلال منها
غادة عبد المنعم
مجلة الاذاعة والتليفزيون
عدد 6 مارس 2010
محاولة للفهم
حال البشرية قبل ظهور المرأة ؟!!!!!!
امتلأ هذا الشهر بمناسبات استدعت الكثير من الكلام - واللت والعجن - حول دور المرأة ومكانتها فى المجتمع، والحقيقة أن هذا الكلام الكثير الفائض عن الحاجة قد أشعرنى أن المرأة اختراع حديث نسبيا، وأن الجميع قد أقر بأهمية هذا الاختراع مؤخرا ليأكدوا أنها ربما أقرب لاختراع الكهرباء أو الانترنت فى أهميته .. مما دعانى للتساؤل إذا كانت المرأة قد أثبتت كفاءة وأهمية فى حياة البشرية حديثا فكيف كان الحال قبل ظهورها..؟!! كيف كان الحال إذن، عندما كانت البشرية مكونة - ربما - من عدة قبائل وأسر لا تضم بين أفرادها إلا الذكور فقط..؟!! سؤالى بالطبع هو سؤال ساخر، استدعته كل هذه الزفة الكذابة والحوارات الطويلة حول دور المرأة وما لعبته فى التاريخ (البشرى ..!!) ان المستمع أو القارئ لكل هذه البرامج والمقولات لا يمكن أن يرد لذهنه ولو للحظة حقيقة أن المرأة تمثل ومنذ بداية الخلق 50% من البشرية وأن هذه النسبة زادت فى معظم الأوقات وخاصة فى أوقات الحروب لتصير المكون الرئيسى للحياة ولتصل ربما لـ 70% أو 80% من الحياة البشرية حيث كان معظم الرجال يموتون فى الحروب ويتركون ورائهم مجتمعات قوامها المرأة التى تربى وتصنع وتصيغ الحياة لأجيال وحتى يزيد عدد الرجال من جديد وتتوازن أعداد النوعين. لكن بالطبع فإن المتابع لهوجة الاحتفال بأعياد المرأة لابد سيتأكد من نبرة الأسئلة المطروحة والمقولات المكررة أن النساء شىء أو بالأحرى كائنات طارئة على الحياة البشرية لم تظهر إلا متأخرا. والظريف أنه مع كل هذه المقولات المعجبة بالاختراع الأعجوبة (المرأة..!! ) هناك الكثير من المهاجمين لعمل المرأة بالقضاء، وهو الحدث الأكثر ادهاشا فى سياق الأحداث الاجتماعية والقانونية هذه الأيام فكأن المستنكرون من الرجال أو النساء لم تقم أنثى بتربيتهم ولم يضطروا للخضوع لحكمها فى البيت كأم وكزوجة أو كأخت كبرى أحيانا أو كأن نساء مصر مصابات بمرض وراثى مستعصى على العلاج يجعل منهن دون نساء العالم كله صاحبات نوع من البلاهة اسمها - بلاهة القضاء - فالمرأة التى تمسك المشرط وتقرر فى حياة انسان داخل حجرة العماليات أوالتى تقرر فى حياة أمة ووطن كامل عند اتخاذها قرار كسفيرة أو كوزيرة مثلا.. فجأة يأتيها دوار بلاهة القضاء وهى فوق منصته، فلا يمكنها بأى حال من الأحوال حفظ عدة قوانين أو فتح كتب القانون للاستدلال منها وإتخاذ القرار وهى قاضية.. غريبة، أليس كذلك..!!؟
غادة عبدالمنعم
مجلة الاذاعة والتليفزيون
20 مارس2010
محاولة للفهم
التربية والتعليم..؟
فى مصر نفصل كثيرا بين مفهومى التعليم والتربية، فنتصور أننا نرسل أبنائنا وهم لا يتعدون الخامسة للمدارس لكى يدخلوا بعد اثنى عشر عاما أو أربعة عشر عاما للجامعة التى نرجو أن يتخرج منها أبنائنا بعد أربعة أعوام أخرى فيبدءوا بعدها تعلمهم الحقيقى للمهنة التى سيعلمونها بعد التحاقهم بالعمل لا قبله. بالطبع فإننا كدولة نامية ذات ميزانية محدودة، لدينا ظروف وضغوط اقتصادية تجعل من فترة التعليم الطويلة المرهقة مجرد عبئا على الطفل وأسرته ووقتا ضائعا لا قائدة منه فى حياة معظم المصريين، فمن نافلة القول أن ننتقد التعليم الحكومى الذى يخلوا من المعامل وحصص تنمية المواهب وغيرها لأن تنمية هذا التعليم تحتاج لضخ كم هائل من المال فى مدارسنا وهو ما قد لا يمكن لميزانية الدولة تحمله فى الوقت القريب ، إلا أنه من المدهش أيضا ألا نجد فى مدارسنا التى تكاد تخلو من التعليم لأسباب يطول شرحها أى قدر من التربية. فمن المدهش فى دولة إسلامية ذات توجه فكرى محافظ ألا يتم استغلال هذا الوقت الطويل فى توجيه أبنائنا تربويا، فأطفالنا يذهبون للمدارس ويتخرجون منها دون أن يتعلموا التسامح أو اتساع الأفق، ودون أن يتعلموا تقبل الآخر والتعاون والانفتاح على غيرهم من الثقافات، بل ودون حتى أن يتعلموا الأخلاقيات والمعاملات الراقية التى تغرسها فينا أدياننا على اختلافها، الطفل يقضى أفضل سنوات نموه وتفتحه فى طوابير الصباح المرهقة أو وهو يحاول الانتباه وسط خمسين طفل آخر محشورين على دكك وكل همه أن يجتاز اختبار نهاية العام بأى طريقة ممكنة ثم يتخرج من مدارسنا وكل همه أن يلتحق بوظيفة ما ويستمر فى عمله وكل همه أن يحصل منه على أكبر راتب ممكن، أما قيم من نوعية الإبداع واحترام الآخر وتطوير الذات وتطوير أدائه الوظيفى وقبوله لزميله وجاره وزوجته وأقربائه والنهوض بالمجتمع المحيط به ومد يد العون لمن لا يعرفهم فهذه قيم غير شائعة فى حياتنا يشارك فى شيوعها بالطبع الكثير من ضغوط الحياة التى تدفعنا جميعا للتقوقع على ذواتنا ويؤكد على انتشارها أننا لا نستغل مدارسنا لنفرض فيها منهجا حقيقيا للتربية الوطنية والقومية والدينية والنفسية والأخلاقية منهجا يمكن أبناؤنا اللذين نشك فى كونهم سوف يكتسبون ما هو واجب من تعليم فى المدارس من اكتساب على الأقل ما هو واجب من تربية داخلها. ليتم بناء وتطوير شخصيات أبنائنا وثقافتهم فيتمكنوا من اكتساب سمات التفتح والرغبة فى العمل، لا أن نبنى شخصيات أنانية منغلقة افقها محدود غير مؤمنة بالاجتهاد وإمكانيات التغيير ولا بقيمة الفردية أو بضرورة احترام الآخر.
غادة عبد المنعم
مجلة الاذاعة والتليفزيون
عدد 27 مارس 2010
محاولة للفهم
العقوبات .. وإيران ..!!
تابعت منذ أيام ما أعلنته موسكو، من أنها قد تؤيد فرض عقوبات اقتصادية إضافية على إيران، مع اشتراطها أن تتم هذه الإجراءات فى اطار التركيز على منع انتشار المواد النووية وألا تتعدى ذلك لتؤثر على قطاعات أخرى داخل ايران. وهكذا وجدت الولايا ت المتحدة حليف جديد لمؤازتها فى فرض عقوبات اقتصادية ضد ايران. ذلك على الرغم من أنها مازالت تواجه اعتراضا ضعيفا من الصين والتى تملك حق الفيتو فى مجلس الأمن و تمثل إيران لها، أهم مورديها للبترول وتشمل مسودة مقترحات العقوبات الجديدة التي اتفقت عليها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا فرض قيود على البنوك الإيرانية وعلى تأمين شحنات البضائع من وإلى إيران ولا تشمل عقوبات تستهدف قطاعي النفط أوالغاز الإيرانيين وهو ما يؤكد أن البترول الإيرانى " تابو" لا يمكن الدنو منه – لا الآن ولا قبلا ولا فيما بعد - ولا شك أن الاضرار بقطاع البترول الايرانى ان حدث وهو ما لا يمكن حدوثه، سوف يؤدى لمزيد من الركود العالمى ولاعاقة التقدم الاقتصادى خاصة لدول شرق أسيا فايران والتى تمثل خامس أكبر دول العالم تصديرا للنفط الخام هى أهم مصدرى البترول لهذه الدول. وبالتأكيد فانه مع تلاشى الخيار العسكرى بتوجيه ضربة عسكرية ضد ايران كاجراء تأديبى وهو ما أعتبره أمرا غير وارد - فى تصورى على الأقل - حتى ولو تم التلويح به سابقا، وذلك لأسباب تتنوع بين أجواء صنع القرار السياسية الدولية المتأثرة بالركود الاقتصادى من جهة و توازنات القوى فى المنطقة من جهة أخرى والأوضاع الداخلية فى ايران من جهة ثالثة . يبقى أن المشكلة التى تواجها دول الغرب عند تعاملها مع ايران تتمثل فى صعوبة زحزحة التشبث الايرانى بالبرنامج النووى فهو تشبث لن يتغير بتغير السلطة فى ايران حيث يمثل البرنامج النووى للايرانيين احدى ركائز الكرامة القومية. إلا أن هناك تخوفا علي هذه الدول أن تدرسه جيدا فعند التشدد فى فرض العقوبات الاقتصادية، حتى ولو لم تمس البترول الايرانى فهى ستؤثر كثيرا برجل الشارع الايرانى وبالاضافة لما ستولده من المزيد من مشاعر الضغينة ضد الغرب فإنها وهو الأهم قد تؤدى لرد فعل محتضن للنظام الأصولى المتشدد فى إيران، فمثل هذه العقوبات كثيرا ما تؤدى لتثبيت أنظمة حاكمة أصولية ، مقاومة للديمقراطية، حيث تسارع تلك الأنظمة لاستخدام مشاعر القومية وحجج كالمؤامرة العالمية لبقائها بالسلطة وفرض قيود ضد الديمقراطية والحريات.
غادة عبد المنعم
مجلة الاذاعة والتليفزيون
10 ابريل 2010
محاولة للفهم
ذاكرة الحمل .. مشروع بحثى جديد..
شاهدت منذ يومين فيلم وثائقى يتناول القدرات التى يولد بها الطفل ويفقدها خلال الثلاث شهور الأولى من حياته، البحث الذى تناوله الفيلم بقدر ما هو هام إلا أنه لم يقدم تفسير علمى مقنع للظاهرة التى يتناولها ، ركز الفيلم على تلك القدرات الغريبة التى تظهر لدى الطفل حديث الولادة ثم تتلاشى تدريجيا، وما أن يصل الطفل لعمر ثلاث شهور حتى تكون قد اختفت تماما ، ثم يعود الطفل لاكتسابها من جديد فيما بعد . البحث العلمى تناول الظاهرة دون تفسيرها فالطفل حديث الولادة يُولَد بقدرة آلية للمشلى عند حمله وكذلك بإستجابة ذهنية للأشكال والأصوات من نفس لغة الأم فدماغ الوليد تعمل بطاقة أعلى عند سماع لغة كتلك التى سمعها الطفل أثناء الحمل أو عند رؤيته لأشكال بشرية أو حيوانية، الفيلم والبحث الذى ورائه لم يسلطا الضوء للأسف على ما هو منطقى لدى كل مولود حديثا وهو التأثر بفترة الحمل ، ولم يتناولا بالإشارة ما يمكن أن نطلق عليه ذاكرة الحمل ( وهو مسمى قد لا يكون دقيقا فربما يطلق الأطباء على تلك الذاكرة مسمى آخر) وذاكرة الحمل فى تصورى هى تلك التى تبقى مطبوعة فى ذاكرة الوليد وأعصابه نتيجة تأثر مراكز الحس والأعصاب ومراكز الذاكرة لدي كل جنين بالنشاط الدماغى، والموجات الدماغية لوالدته وبسلوكها العضلى والعصبى، ففى تصورى من الطبيعى أن يولد الطفل ولديه هذا التوجه، فالجنين يعيش طوال فترة تكونه العصبى والعضلى والذهنى فى رحم أم تمشى وتتكلم وتستجيب للأشكال لذا فهو يولد بميل للمشى وكذلك بنشاط دماغى أكبر يظهر عند سماعه لنفس لغة الأم وعند رؤيته للأشكال حيث يصير ذلك كنوع من العادة الموروثة لديه من أثر سابق للطاقة الذهنية للأم ولإشارات جهازها العصبى. فاذا علمنا اضافة لذلك أن أحدث الطرق فى التجسس عالميا فى الوقت الحال تتم باستخدام طاقات الذهن ( موجات الذهن) وفى عمليات تخاطرية ، وهى طرق تحيط بها سرية كبيرة، لكن المعروف عنها أنها تستخدم موجات لاسلكية وأجهزة تعزيز للموجات، لتقوى موجات ذهن بعض الأشخاص وتنقلها اليكترونيا باستخدام بعض أقمار التجسس الصناعية لمراكز ترسلها لمستقبلين يقومون مباشرة بالتخاطر مع الأهداف التى يتم التجسس عليها، أو بمعنى آخر يقومون مباشرة بالاستماع والتحدث لهم بشكل مباشر ودون استخدام مستقبل أومرسل محمول ولكن عن طريق جهاز ضخم يقوم بالسيطرة على عمليات الاستقبال والإرسال يسمى (الانفورميتر)، وهى تقنية تستخدمها الكثير من أجهزة المخابرات فى العالم، كما يتم استخدامها فى التجسس الصناعى. وهى تقنية سهلة الاستخدام، حتى أنه من فرط سهولتها وضمان نتائجها، كثيرا ما يساء استخدامها فتصير كثيرة الكلفة بشريا ، وربما مؤدية لهلاك من يستخدمها يستوى فى ذلك القائم بالتلصص أو الارسال، و مستقبل الموجة..!! والحقيقة أنه إذا كان الطفل الوليد يظل متأثرا لمدة ثلاث شهور بالموجات المنبعثة من ذهن الأم بأثر الأداء الحركى والنفسى والعصبى والذهنى لها، ذلك على الرغم من عدم اكتمال بناء أجهزته العصبية والحركية بعد، أوتمكنه التام من استخدامها، فلا شك أن الشخص البالغ يُحَمل بالكثير من العبء المضنى نفسيا وذهنيا لموجات المتصل به ذهنيا. والحقيقة أن أثار الانفورميتر النفسية والعصبية هى مجال بحثى جديد لم يتم التطرق اليه بعد، وقد لا يتم التطرق له قبل سنوات، لكن المتاح للباحثين والأطباء حاليا هو بحث ذلك التأثر المسمى بذاكرة الحمل، والذى بلا شك سيرشدهم فيما يخص أثر الانفورميتر وأثره على مستخدميه.
غادة عبد المنعم
8 مايو 2010
محاولة للفهم
ليست مجرد تغطية إعلامية.. لكنها سياسة..!!
إلى حد ما أعجبتنى التغطية الإعلامية لحادثة إجراء الرئيس مبارك لعملية إزالة المرارة بألمانيا فقد حرص المسئولون الإعلاميون المحيطون بالرئيس على التأكيد على سلامته وصحته الطيبة حيث جاءت العملية تالية لعدد من اللقاءات السياسية الهامة للرئيس بألمانيا خاصة لقاؤه بالمستشارة الألمانية "ميركل" وكذلك فقد تابعنا على التليفزيون المصرى وباقى قنوات العالم الإخبارية ما صدر عن الفريق الطبى المعالج له من تصريحات يومية مصور أطلعتنا على أوضاعه الصحية أول، بأول مما أنهى مبكرا وقبل أن يبدأ أى لبس كان من الممكن أن يشكك فى حالته الصحية . لكننى رغم ذلك، كنت أحسب أن حدثا مثل هذا يحتاج لتغطية إعلامية أكبر تتناسب ووضعية مصر كدولة عتيدة إعلاميا وحجمها ودورها السياسى فى المنطقة والعالم، وتتناسب بالتالى مع رئيس هذه الدولة وما يمكن أن تؤثر به صحته على الاستقرار السياسى والاقتصادى بمنطقتنا العربية والشرق أوسطية ، وكنت أتصور أن يسبق العملية مؤتمرا صحفيا يستهله الرئيس بلقاء قصير مع الصحفيين ثم يكمله ربما سفير مصر فى ألمانيا أو المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية مع الفريق الطبى المعالج للرئيس وطبيبه الشخصى، يتم فيه وبالتفصيل شرح العملية وحالة الرئيس بحيث لا تفاجأ الجماهير المصرية بأن رئيسها قد أجرى عملية جراحية فتعتقد ربما أن هذا ممكنا تكراره فى أى وقت، ودون الاعلان المسبق عنه. وكنت أتصور أيضا ألا تمر هذه المناسبة بلا متابعة يومية للحالة الصحية للرئيس فى لقاءات قصيرة مصورة من حجرته بالمستشفى، تظهره بصحبة بعض أفراد أسرته وهو يتناول وجبات خفيفة ويبادلهم التحية على أن تنتهى التغطية الإعلامية ربما بلقاء صحفى محدود للرئيس أو ببث شريط مصور يظهر اللحظات الأخيرة للرئيس بالمستشفى وهو محاط بأسرته . إن تغطية بالحجم الذى أقترحه كان من شأنها أن تتحول من تغطية للحالة المرضية والعلاجية للرئيس لنوعا طيبا من الدعاية، دعاية سوف تسهم فى عكس صورة طيبة مؤكدة عن حالة الرئيس الصحية وتسهم فى طمأنة شعبة وتؤكد على ارتباط هذا الشعب به كرئيس محبوب لدولته .. ورغم ما كان مؤكدا من أن هذه التغطية ستكون مرهقة وتستبيح جزءا من الحياة الشخصية للرئيس إلا أن حجم مصر كبلد هام وحجم تواجدها السياسى الكبير وما يمكن أن تسهم به صورتها كدولة مستقرة فى استقرار الأوضاع بالمنطقة، كان كل ذلك ليفرض تغطية إعلامية أقرب للدعاية السياسية منها لمجرد تغطية إعلام أو خبر لتهدئة الرأى العام وطمأنة الشعب المصرى على رئيسه واضطلاع شعوب العام على مجريات صحة الرئيس.
غادة عبد المنعم
مجلة الإذاعة والتليفزيون
عدد 15 مايو 2010
محاولة للفهم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المرأة والقيادة الدينية
لم تلعب المرأة على مر التاريخ دورا كبيرا فى عمليات صياغة الدين، ولم تتولى أدوارا قيادية على مر تاريخها كزعيمة دينية، فعلى عكس الديانات الوضعية التى ظهرت فى بدايات التاريخ والتى كانت تلعب فيها المرأة دورا قياديا كبيرا ، ككاهنة كبرى ، ذات دور رئيسى فى رعاية القبيلة، على عكس هذه الديانات، فكل ما يتداوله البشر حاليا من عقائد دينية وضعية أو سماوية لا تلعب فيها المرأة دورا كبيرا كقسيسة أو كاهنة فضلا عن أنها لم تمارس دورا ملحوظا على مر تاريخها فى عمليات صياغتها أو قولبة تعاليمها الرئيسية. منذ أيام تم تعين "ماريا لونقيتانو" كأول قسيسة فى الكنيسة الكاثوليكية ، وبتعين هذه القسيسة السيدة يبدو أن هناك حراك فما يخص وضع المرأة كقائد وزعيم دينى وروحى، اللافت للنظر أنه منذ أسابيع اتخذ الدكتور أحمد الطيب قرار بقبول ترشيح عالمات الدين لشغل عضوية مجمع البحوث الإسلامية، للمرة الأولى في تاريخ الأزهر، ورغم أن النقاش مازال مستمرا حول إمكانية تولى المرأة لمشيخة الأزهر من عدمه وهو ما يوحى بأن خطوات المرأة فى مجال تولى القيادات الروحية كشيخة أو إمام مازال متعثرا فى عالما العربى والإسلامى، على الرغم من ذلك يبدو أن الأبواب تفتح ببطء وبصعوبة و أخيرا. فى العديد من الديانات الأخرى لتلعب المرأة فيها دورا أكبر كزعيم وقائد دينى فقد يكون تعين سيدة فى منصب دينى هو التحدى الأخير الذى كان على الكنيسة الكاثوليكية أن تواجهه لتقبل بالمرأة كشريك مساو للرجل. هذا التحدى الذى كان أشبه بولادة متعسرة لم تنجز عبر ألفى عام وها هى ومنذ أيام فقط تنجز وبخطوات بطيئة.. ومن يعلم ربما تنجز على أكمل وجه خلال هذا العقد فنرى النساء أخيرا كهان فى البوذية واليهودية وقساوسة فى المسيحية وربما من يعلم أئمة فى الإسلام.. !!؟
غادة عبد المنعم
12 يونيو 2010