كتاب سيبويه - الجزء السادس
باب تغيير الأسماء المبهمة إذا صارت علامات خاصّة
وذلك: ذا وذي وتا وألا وألاء وتقديرها أولاع. فهذه الأسماء لما كانت مبهمة تقع على كلّ شكل شيء وكثرت في كلامهم خالفوا بها ما سواها من الأسماء في تحقيرها وغير تحقيرها وصارت عندهم بمنزلة لا وفي نحوها وبمنزلة الأصوات نحو: غاق وحاء. ومنهم من يقول: غاقٍ وأشباهها فإذا صار اسماً عمل فيه ما عمل بلا لأنَّك قد حوّلته إلى تلك الحال كما حولت لا. وهذا قول يونس والخليل ومن رأينا من العلماء إلاّ أنكّ لا تجري ذا اسم مؤنّث لأنه مذكّر إلاّ في قول عيسى فإنهّ كان يصرف امرأة سميتّها: بعمرو. وأمّا آلاء فتصرفه اسم رجل وترفعه وتجّره وتنصبه وتغيّره كما غيرّت هيهات لو سميّت رجلاً به وتصرفه لأنّه ليس فيه شيء مما لا ينصرف به. وأمّا ألا فبمنزلة: هدًي منوَّنا وليس بمنزلة: حجا ورمي لأنَّ هذين مشتقّان وألا ليس بمشتقّ ولا معدولا وإنَّما ألا وآلاء بمنزلة: البكا والبكاء إنمَّا هما لغتان. وأمَّا الذي فإذا سميّت به رجلا أو بالتّي أخرجت الألف واللام لأنك تجعله علماً له ولست تجعله ذلك الشيء بعينه كالحارث ولو أردت ذلك لأثبتّ الصلة. وتصرفه وتجربه مجري عمٍ. وأمّا اللائي واللاتي فبمنزلة: شآتي وضاري وتحرج منه الألف واللام. ومن حذف الياء رفع وجرَّ ونصب أيضاً لأنه بمنزلة الباب. فمن أثبت الياء جعلها بمنزلة قاضي وقال فيمن قال: اللاء ولاء لأنه يصيرها بمنزلة بابٍ حرف الأعراب العين وتخرج الألف واللام هاهنا كما أخرجتهما في الذي وكذلك: ألا في معنى الذين بمنزلة: هديٍ. وسألت الخليل: عن ذين اسم رجل فقال: هو بمنزلة رجلين ولا أغيِّره لأنه لا يختلُّ الاسم لأن يكون هكذا. وسألته: عن رجل سمَّي بأولي من قوله: نحن أولو قوَّةٍ وأولو بأسٍ شديد أو بذوي فقال: أقول فلا اعني بذلك أسفليكم ولكني أريد به الذوينا قلت: فإذا سميّت رجلا بذي مالٍ هل تغيره قال لا ألا تراهم قالوا: ذو يزنٍ منصرف فلم يغيّروه كأبي فلانٍ فذا من كلامهم مضاف لأنهَّ صار المجرور منتهى الاسم وأمنوا التنوين وخرج من حال التنوين حيث أضفت ولم يكن منتّهى الاسم واحتملت الإضافة ذا كما احتملت أبازيدٍ وليس مفردٌ آخره هكذا فاحتملته كما احتملت الهاء عرقوةٌ. وسألته عن أمسٍ اسم رجل فقال: مصروفٌ لأن أمس ليس هاهنا على الحد ولكنَّه لما كثر في كلامهم وكلن من الظروف تركوه على حالٍ واحدة كما فعلوا ذلك باين وكسروه كما كسروا غاق إذ كانت الحركة تدخله لغير إعراب كما أنَّ حركة غاق لغير إعراب. فإذا صار اسماً لرجل انصرف لأنكَّ قد نقلته إلى غير ذلك الموضع كما أنكَّ إذا سميّت بغلق صرفته. فهذا يجري مجرى هذا كما جرى ذا مجرى لا. واعلم أنَّ بني تميم يقولون في موضع الرفع: ذهب أمس بما فيه وما رأيته مذ أمس فلا يصرفون في الرَّفع لأنهم عدلوه عن الأصل الذي هو عليه في الكلام لا عن ما ينبغي له أن يكون عليه في القياس. ألا ترى أنَّ أهل الحجاز يكسرونه في كلّ المواضع وبنو تميم يكسرونه في أكثر المواضع في النصب والجر فلمّا عدلوه عن أصله في الكلام ومجراه تركوا صرفه كما تركوا صرف آخر حين فارقت أخواتها في حذف الألف واللام منها وكما تركوا صرف سحر ظرفاً لأنه إذا كان مجروراً أو مرفوعاً أو منصوبا غير ظرف لم يكن معرفةً إلا وفيه الألف واللام أو يكون نكرةً إذا أخرجتا منه فلمّا صار معرفةً في الظرف بغير ألف ولام خالف في هذه المواضع وصار معدولاً عندهم كما عدلت أخر عندهم. فتركوا صرفه في هذا الموضع كما ترك صرف أمس في الرفع. وإن سميّت رجلاً بأمس في هذا القول صرفته لأنهَّ لا بد لك من أن تصرفه في الجرّ والنصب لأنهّ في الجّر والنصب مكسورٌ في لغتهم فإذا انصرف في هذين الموضعين انصرف في الرَّفع لأنك تدخله في الرفع وقد جرى له الصَّرف في القياس في الجرّ والنصب لأنكَّ لم تعدله عن أصله في الكلام مخالفاً للقياس. ولا يكون أبداً في الكلام اسمٌ منصرف في الجرّ والنصب ولا ينصرف في الرفع. وكذلك سحر اسم رجل تصرفه وهو في الرجل أقوى لانه لا يقع ظرفاً ولو وقع اسم شيء وكان ظرفاً. صرفته وكان كأمس لو كان أمس منصوبا غير ظرف مكسورٍ كما كان. وقد فتح قوم أمس في مذ لمّا رفعوا وكانت في الجرّ هي التي ترفع شَّبهوها بها. قال: لقد رأيت عجباً مذ أمسا عجائزاً مثل السَّعالي خمسا وهذا قليل. وأمّا ذه اسم رجل فأنَّك تقول: هذا ذهٌ قد جاء والهاء بدل من الياء في قولك ذي أمة الله كما أنّ ميم فمٍ بدلٌ من الواو. والياء التي في قولك: ذهي أمة الله إنمّا هي ياءٌ ليست من الحرف وإنما هي لبيان الهاء. فإذا صارت اسماً لم تحتج إلى ذلك لمّا لزمتها الحركة والتنوين والدَّليل على ذلك أنَّك إذا سكت: ذه. وسمعنا العرب الفصحاء يقولون: ذه أمة الله فيسكنون الهاء في الوصل كم يقولون: بهم في الوصل.
هذا باب الظروف المبهمة غير المتمكنة
وذلك لأنهَّا لا تضاف ولا تصرَّف تصرَّف غيرها ولا تكون نكرة. وذاك: أين ومتى وكيف وحيث وإذ وإذا وقبل وبعد. فهذه الحروف وأشباهها لمّا كانت مبهمة غير متمكّنة شبِّهت بالأصوات وبما ليس باسمٍ ولا ظرف. فإذا التقى في شيء منها حرفان ساكنان حركوا الآخر منهما. وإن كان الحرف الذي قبل الآخر متحرَّكا أسكنوه كما قالوا: هل وبل وأجل ونعم وقالوا: جير فحرّكوه لئّلا يسكن حرفان. فأمّا ما كان غايةً نحو: قبل وحيث فإنَّهم يحرّكونه بالضمّة. وقد قال بعضهم: حيث شبهَّوه بأين. ويدلَّك على أن قبل وبعد غير متمكنّين انه لا يكون فيهما مفردينٍ ما يكون فيهما مضافين لا تقول: قبل وأنت تريد أن تبني عليها كلاما ولا تقول: هذا قبل كما تقول: هذا قبل العتمة فلمّا كانت لا تمكَّن وكانت تقع على كلّ شبهّت حين بالأصوات وهل وبل لأنهَّا ليست متمكنة. وجزمت لدن ولم تجعل كعند لأنَّها لا تمكن في الكلام تمكّن عند ولا تقع في جميع مواقعه فجعل بمنزلة قط لأنها غير متمكنّة. وكذلك قط وحسب إذا أردت ليس إلاَّ وليس إَّلا وليس إَّلا ذا. وذا بمنزلة قطُّ إذا أردت الزمان لماّ كنّ غير متمكنّات فعل بهنَّ ذا. وحركوا قطُّ وحسب بالضمّة لأنهمَّا غايتان. فحسب للانتهاء وقط كقولك: منذ كنت. وأمّا لد فهي محذوفةً كما حذفوا يكن. ألا ترى أنَّك إذا أضفت إلى مضمر رددته إلى الأصل تقول: من لدنه ومن لدنّي فإنمَّا لدن كعن. وسألت الخليل عن معكم ومع لأيِّ شيء نصبتها فقال: لأنَّها استعملت غير مضافة أسماً كجميع ووقعت نكرة وذلك قولك: جاءا معاً وذهبا معاً وقد ذهب معه ومن معه صارت ظرفاً فجعلوها بمنزلة: أمام وقداَّم. قال الشاعر فجعلها كهل حين اضطرّ وهو الراعي: وريشي منكم وهواي معكم ** وإن كانت زيارتكم لماما وأمّا منذ فضمّت لأنهَّا للغاية ومع ذا أنّ من كلامهم أن يتبعوا الضمَّ الضمَّ كما قالوا: ردُّ يافتى. وسألت الخليل عن من عل هلاّ جزمت اللام فقال: لأنهَّم قالوا: من علٍ فجعلوها بمنزلة المتمكّن فأسبه عندهم من معالٍ فلمّا أرادوا أن يجعل بمنزلة قبل وبعد حرَّكوه كما حرّكوا أوَّل فقالوا: ابدأ بهذا أوَّل كما قالوا: يا حكم أقبل في النداء لأنهَّما لمّا كانت أسماءً متمكنةً كرهوا أن يجعلوها بمنزلة غير المتمكنة فلهذه الأسماء من التمكن ماليس من التمكن ما ليس لغيرها فلم يجعلوها في الإسكان بمنزلة غيرها وكرهوا أن يخلوا بها. وليس حكم و أوَّل ونحوهما كالذَّي ومن لأنهَّا لا تضاف ولا تتم اسماً ولا تكون نكرةً ومن أيضاً لا تتم اسماً في الخبر ولا تضاف كما تضاف أيٌ ولا تنوَّن كما تنوَّن أيٌّ. وجميع ما ذكرنا من الظروف التي شبهّت بالأصوات ونحوها من الأسماء غير الظروف إذا جعل شيء منها اسماً لرجل أو امرأة تغيَّر كما تغيَّر لو وهل وبل وليت كما فعلت ذلك بذا وأشباهها لأنّ ذا قبل أن تكون اسما خاصّاً كمن في أنهَّ لا يضاف ولا يكون نكرةً فلم يتمكّن تمكُّن غيره من الأسماء. وسالت الخليل عن قولهم: مذ عامٌ أوَّل ومذ عامٍ أوَّل فقال: أوَّل ههنا صفة وهو أفعل من عامك ولكنَّهم ألزموه هنا الحذف استخفافاً فجعلوا هذا الحرف بمنزلة أفضل منك. وقد جعلوه اسماً بمنزلة أفكّلٍ وذلك قول العرب: ما تركت له أولاً ولا آخراً وأنا أوَّل منه ولم يقل رجلٌ أوَّل منه فلمَّا جاز فيه هذان الوجهان أجازوا أم يكون صفةً وأن يكون اسماً. وعلى أيّ الوجهين جعلته اسماً لرجل صرفته اسماً في النكرة. وإذا قلت عامٌ أوَّل فإنما جاز هذا الكلام لأنك تعلم به أنك تعني العام الذي يليه عامك كما أنَّك إذا قلت أوَّل من أمس أو بعد غدٍ فإنمَّا تعني الذي يليه أمس والذي يليه غدٌ. وأمّا قولهم: ابدأ به أوَّل وابدأ بها أوَّل فإنمَّا تريد أيضاّ أوَّل من كذا ولكن الحذف جائز جيدِّ كما تقول: أنت أفضل وأنت تريد من غيرك. إلاَّ أن الحذف لزم صفة عامٍ لكثرة استعمالهم إيّاه حتى استغنوا عنه. ومثل هذا في الكلام كثير. والحذف يستعمل في قولهم: ابدأ به أوَّل اكثر. وقد يجوز أن يظهروه إلا أنهَّم إذا أظهروه لم يكن إلا الفتح. وسألته عن قول بعض العرب وهو قليل: مذ عامٌ أوّل فقال: جعلوه ظرفاً في ها الموضع فكأنه قال: مذ عامٌ قبل عامك. وسألته عن قوله: زيد أسفل منك فقال: هذا ظرف كقوله عزّ وجلّ: " والرَّكب أسفل منكم " كأنه قال: زيدٌ في مكان أسفل من مكانك. ومثل الحذف في أوَّل لكثرة استعمالهم إيّاه قولهم: لا عليك. فالحذف في هذا الموضع كهذا. ومثله: هل لك في ذلك ومن له في ذلك ولا تذكر له حاجة ولا لك حاجة ونحو هذا أكثر من أن يحصى قال يا ليتها كانت لإهلي إبلاً أو هزلت في جدب عام أولاً يكون على الوصف والظرف. وسألته عن قوله: من دونٍ ومن فوقٍ ومن تحتٍ ومن قبلٍ ومن بعدٍ ومن دبرٍ ومن خالف فقال: أجروا هذا مجرى الأسماء المتمكنّة لأنهَّا تضاف وتستعمل غير ظرف. ومن العرب من يقول: من فوق ومن تحت يشبهّه بقبل وبعد. وقال أبو النجم: أقبٌّ من تحت عريضٌ من عل وقال آخر: لا يحمل الفارس إلاَّ الملبون المحض من أمامه ومن دون وكذلك من أمام ومن قدّامٍ ومن وراءٍ ومن قبلٍ ومن دبرٍ. وزعم الخليل أنّهنّ نكراتٌ كقول أبي النجم: يأتي لها من أيمنٍ وأشمل وسألنا العرب فوجدناهم يوافقونه ويجعلونه كقولك: من يمنةٍ وشأمةٍ وكما جعلت ضحوةٌ نكرة وبكرة معرفة. وأمّا يونس فكان يقول: من قدّام ويجعلها معرفة وزعم أنهَّ منعه من الصرف أنهَّا مؤنثّة. ولو كانت شأمةٌ كذا لما صرفها وكانت تكون معرفةً. وهذا مذهبٌ إلاّ أنهَّ ليس يقوله أحدٌ من العرب. وسألنا العلويّين والتمَّيميّين فرأيناهم يقولون: من قد يديمةٍ ومن ورئيِّةٍ لا يجعلون ذلك إلاَّ نكرة كقولك: صباحاً ومساءً وعشيّةً وضحوةً. فهذا سمعناه من العرب. وتقول في النصب على حدّ قولك: من دون ومن أمامٍ: جلست أماماً وخلفاً كما تقول يمنةً وشأمةً. قال الجعدي. لها فرطٌ يكون ولا تراه أماماً من معرسَّنا وودنا وسألته عن قوله: جاء من أسفل يا فتى فقال: هذا افعل من كذا وكذا كما قال عزّ وجلّ: " إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم ". وسألته عن هيهات اسم رجل وهيهاة فقال: أمّا من قال: هيهاة فهي عنده بمنزلة علقاة. والدليل على ذلك أنَّهم يقولون في السكوت: هيهاه. ومن قال: هيهات فهي عنده كبيضاتٍ. ونظير الفتحة في الهاء الكسرة في التاء فإذا لم يكن هيهات ولا هيهاة علماً لشيء. فهما على حالهما لا يغيرَّان عن الفتح والكسر لأنهَّما بمنزلة ما ذكرنا مماَّ لم يتمكّن. ومثل هيهاة ذيَّة إذا لم يكن اسماً وذلك قولك: كان من الأمر ذيَّة وذيَّة فهذه فتحةٌ كفتحة الهاء ثمَّ وذلك أنهَّا ليست أسماءً متمكنِّاتٍ فصارت بمنزلة الصَّوت. فإن قلت: لم تسكن الهاء في ذيةَّ وقبلها حرف متحرّك فإنَّ الهاء ليست ههنا كسائر. الحروف ألا ترى أنهَّا تبدل في الصلة تاءً وليست زائدة في الاسم فكرهوا أن يجعلوها بمنزلة ما هو في الاسم ومن الاسم وصارت الفتحة أولى بها لأنّ ما قبل هاء التأنيث مفتوح أبداً فجعلوا حركتها كحركة ما قبلها لقربها منه ولزوم الفتح وامتنعت أن تكون ساكنة كما امتنعت عشر في خمسة عشر لأنهَّا مثلها في أنهَّا منقطعة من الأوَّل ولم تحتمل أن يسكن حرفان وأن يجعلوهما كحرف. ونظير هيهات وهيهاة في اختلاف اللغتين قول العرب: استأصل الله عرقاتهم واستأصل الله عرقاتهم بعضهم يجعله بمنزلة عرسٍ وعرساتٍ كأنك قلت: عرقٌ وعرقان وعرقاتٌ. وكلاًّ سمعنا من العرب. ومنهم من يقول: ذيت فيخفِّف ففيها إذا خففّت ثلاث لغات: منهم من يفتح كما فتح بعضهم حيث وحوث ويضمّ يعضهم حيث وحوث ويضمّ بعضهم كما ضمّتها العرب ويكسرون أيضاً كما أولاء لأنَّ التاء الآن إنمَّا هي بمنزلة ما هو من نفس الحرف. وسالت الخليل عن شتّان فقال: فتحها كفتحة هيهاة وقصتها في غير المتمكن كقصّتها ونحوها ونونها كنون سبحان زائدةٌ. فإن جعلته اسم رجل فهو كسبحان. باب الأحيان في الانصراف وغير الانصراف اعلم أنّ غدوة وبكرة جعلت كلَّ واحدة منهما اسماً للحين كما جعلوا أمَّ حبينٍ اسماً للدّابةّ معرفة. فمثل ذلك قول العرب: هذا يوم اثنين مباركاً فيه وأتيتك يوم اثنين مباركاً فيه. جعل اثنين اسماً له معرفة كما تجعله اسماً لرجل. وزعم يونس عن أبي عمرو وهو قوله أيضاً وهو القياس انكَّ إذا قلت: لقيته العام الأوّل أو يوماً من الأيام ثم قلت: غدوة أو بكرة وأنت تريد المعرفة لم تنون وكذلك إذا لم تذكر العام الأول ولم تذكر إلاَّ المعرفة ولم تقل يوماً من الأيّام كأنك قلت: هذا الحين في جميع هذه الأشياء. فإذا جعلتها اسماً لهذا المعنى لم تنوّن. وكلك تقول العرب. فإمّا ضحوة وعشية فلا يكونان إلاَّ نكرة على كلّ حال وهما كقولك: آتيك غذاً وصباحاً ومساءً. وقد تقول: أتيتك ضحوةً وعشيةً فيعلم أنكَّ تريد عشيّة يومك وصحوته كما تقول: عاماً أوّل فيعلم أنك تريد العام الذي يليه عامك. وزعم الخليل أنّه يجوز أن تقول: آتيتك اليوم غدوةً وبكرةً تجعلها بمنزلة ضحوةٍ. وزعم أبو الخطَّاب أنهَّ سمع من يوثق به من العرب يقول: آتيك بكرةً وهو يريد الإتيان في يومه أو في غده. ومثل ذلك قول الله عزّ وجلّ: " ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشياَّ ". هذا قول الخليل. وأمَّا سحر إذا كان ظرفا فإنَّ ترك الصرف فيه قد بيّنته لك فيما مضى. وإذا قلت: مذ السَّحر أو عند السَّحر الأعلى لم يكن إلاّ بالألف واللام. فهذه حاله لا يكون معرفةً إلاّ بهما. ويكون نكرةً إّلا في الموضع الذي عدل فيه. وأمّا عشيّةٌ فإنَّ بعض العرب يدع فيه التنوين كما ترك في غدوة.
هذا باب الألقاب
إذا لقَّبت مفرداً بمفرد أضفته إلى الألقاب وهو قول أبي عمرو ويونس والخليل وذلك قولك : هذا سعيد كرزٍ وهذا قيس قفَّة قد جاء وهذا زيد بطَّةً فإنّما جعلت قفَّة معرفةً لأنَّك أردت المعرفة التي أردتها إذا قلت: هذا قيسٌ. فلو نوّنت قفًّة. صار الاسم نكرةً لأن المضاف إنَّما يكون نكرة ومعرفة بالمضاف إليه فيصير قفةّ هاهنا كأنها كانت معرفة قبل ذلك ثم أضفت إليها. ونظير ذلك انه ليس عربيٌّ يقول: هذه شمس فيجعلها معرفة إلاّ أن يدخل فيها ألفاً ولاماً. فإذا قال: عبد شمس صارت معرفة لأنه أراد شيئاً بعينه ولا يستقيم أن يكون ما أضفت إليه نكرةً. فإذا لقَّبت المفرّد بمضاف والمضاف بمفرد جرى أحدهما على الآخر كالوصف وهو قول أبي عمرو ويونس والخليل. وذلك قولك: هذا زيدٌ وزن سبعةٍ وهذا عبد الله بطَّة يا فتى وكذلك إن لقبّت المضاف بالمضاف. وإنمَّا جاء هذا مفترقاً هو والأوّل لأنَّ أصل التسمية والذي وقع عليه الأسماء أن يكون للرجل اسمان: أحدهما مضاف والآخر مفرد أو مضاف ويكون أحدهما وصفاً للآخر وذلك الاسم والكنية وهو قولك: زيدٌ أبو عمروٍ وأبو عمرٍو زيدٌ فهذا أصل التسمية وحدُّها. وليس من أصل التسمية عندهم أن يكون للرجل اسمان مفردان فإنما أجروا الألقاب على أصل التسمية فأرادوا أن يجعلوا اللفَّظ بالألقاب إذا كانت أسماءًٍ على أصل تسميتهم ولا يجاوزوا ذلك باب الشيئين الَّلذين ضمّ أحدهما إلى الآخر فجعلا بمنزلة اسم واحد كعيضموزٍ وعنتريس وذلك نحو: حضرموت وبعلبك. ومن العرب من يضيف بعل إلى بكٍّ كما اختلفوا في رام هرمز فجعله بعضهم اسماً واحداً وأضاف بعضهم رام إلى هرمز. وكذلك مار سرجس وقال بعضهم: مار سرجس لا قتالا وبعضهم يقول في بيت جرير: لقيّم بالجزيرة خيل قيسٍ فقلتمّ مار سرجس لا قتالا وأمّا معد يكرب ففيه لغات: منهم من يقول: معد يكربٍ فيضيف ومنهم من يقول: معد يكرب فيضيف ولا يصرف يجعل كرب اسماً مؤنثّا ومنهم من يقول: معد يكرب فيجعله اسماً واحداً فقلت ليونس: هلاّ صرفوه إذ جعلوه اسماً واحداً وهو عربيّ فقال: ليس شيءٌ يجتمع من شيئين فيجعل اسماً سميِّ به واحدٌ إلاّ لم يصرف. وإنمّا استثقلوا صرف هذا لأنَّه ليس أصل بناء الأسماء. يدلّك على هذا قلّته في كلامهم في الشيء الذي يلزم كلَّ من كان من أمتّه ما لزمه فلمّا لم يكن هذا البناء أصلاً ولا متمكنِّا كرهوا أن يجعلوه بمنزلة المتمكّن الجاري على الأصل فتركوا صرفه كما تركوا صرف الأعجميّ. وهو مصروف في النكرة كما تركوا صرف إبراهيم وإسماعيل لأنهما لم يجيئا على مثال ما لا يصرف في النكرة كأحمر وليس بمثال يخرج إليه الواحد للجميع نحو: مساجد ومفاتيح وليس بزيارة لحقت لمعنًى كألف حبلي وإنمَّا هي كلمة كهاء التأنيث فثقلت في المعرفة إذ لم يكن اصل بناء الواحد لأنَّ المعرفة أثقل من النكرة. كما تركوا صرف الهاء في المعرفة وصرفوها في النكرة لما ذكرت بك فإنما معد يكرب واحدٌ كطلحة وإنما بني ليلحق بالواحد الأوّل المتمكن فثقل في المعرفة لما ذكرت بك ولم يحتمل ترك الصرف في النكرة. وأمّا خمسة عشر وأخواتها وحادى عشر وأخواتها فهما شيئان جعلا شيئاً واحداً. وإنمَّا أصل خمسة عشر: خمسةٌ وعشرةٌ ولكنهم جعلوه بمنزلة حرف واحد. وأصل حادى عشر أن يكون مضافاً كثالث ثلاثة فلمَّا خولف به عن حال أخواته مما يكون للعدد خولف به وجعل كأولاء إذ كان موافقاً له في أنهَّ مبهم يقع على كل شيء. فلمَّا اجتمع فيه هذان أجرى مجراه وجعل كغير المتمكّن. والنون لا تدخله كما تدخل غاقٍ لأنَّها محالفة لها ولضربها في البناء فلم يكونوا لينوّنوا لأنهَّا زائدة ضمّت إلى الأوّل فلم يجمعوا عليه هذا والتنوين. ونحو هذا في كلامهم: حيص بيص مفتوحة لأنهَّا ليست متمكِّنة. قد كنت خرّاجا ولوجاً صيرفاً لم تلتحصني حيص بيص لحاص واعلم أنَّ العرب تدع خمسة عشر في الإضافة والألف واللام على حال واحدة كما تقول: اضرب أيهُّم أفضل وكالآن وذلك لكثرتها في الكلام وأنهَّا نكرة فلا تغيَّر. ومن العرب من يقول: خمسة عشرك وهي لغة رديئة. ومثل ذلك: الخازباز وهو عند بعض العرب: ذبابٌ يكون في الرَّوض وهو عند بعضهم: الداء جعلوا لفظه كلفظ نظائره في البناء وجعلوا آخره كسراً كجير وغاق لأنَّ نظائره في الكلام التي لم تقع علامات إنما جاءت متحرّكة بغير جرٍ ولا نصب ولا رفع فألحقوه بما بناؤه كبنائه كما جعلوا حيث في بعض اللغات كأين وكذلك حينئذ في بعض اللغات لأنَّه مضاف إلى غير متمكّن وليس كأين في كلّ شيء. كما جعلوا الآن كأين وليس مثله في كلّ شيء ولكنه يضارعه في أنه ظرف ولكثرته في الكلام كما يضارع حينئذ أين في أنه أضيف إلى اسم غير متمكّن. فكذلك صار هذا: ضارع خمسة عشر في البناء وأنهَّ غير علم. ومن العرب من يقول: الخربار ويجعله بمنزلة سربال. قال الشاعر: مثل الكلاب تهرَّ عند درابها ** ورمت لهازمها من الخرباز وأما صهيل التي للأمر فمن شيئين يدلك على ذلك حي على الصلاة وزعم أبو الحطَّاب: أنهَّ سمع من يقول: حي هل الصلاة. والدَّليل على أنهما جعلا اسماً واحداص قول الشاعر: وهيَّج الحيَّ من دارٍ فظلَّ ** لهم يومٌ كثيرٌ تناديه وحيَّهله والمواقي مرفوعة. وأنشدناه هكذا أعرابيٌّ من أفصح الناس وزعم أنه شعر أبيه. وقد قال بعضهم: الخازباء جعلها بمنزلة: القاصعاء والنافقاء. وجميع هذا إذا صار شيءٌ منه علما أعرب وغيِّر وجعل كحضرموت كما غيرّت أولاد واذ ومن والأصوات ولو ونحوها حين كنَّ علامات. قال الشاعر وهو الجعدي: بحيهَّلا يزجون كلَّ مطيّةٍ ** أمام المطايا سيرها المتقاذف وقال بعضهم: وجنَّ الخازباز به جنونا ومن العرب من يقول: هو الخازباز والخازباز وخازبازٍ فيجعلها كحضرموتٍ. ومن العرب من يقول: حيهَّلا ومن العرب من يقول: حهيَّل إذا وصل وإذا وقف أثبت الألف. ومنهم من لا يثبت الألف في الموقف والوصل. وأمّا عمرويه فإنهَّ زعم أنه أعجميٌّ وأنه ضربٌ من الأسماء الأعجمية وألزموا آخره شيئاً لم يلزم الأعجمّية فكما تركوا صرف الأعجميّة جعلوا ذا بمنزلة الصوَّت لأنهمَّ رأوه قد جمع أمرين فحطّوه درجةً عن إسماعيل وأشباهه وجعلوه في النكرة بمنزلة غاقٍ منوّنةً مكسورة في كلِّ موضع. وزعم الخليل: أن اللذين يقولون: غاق غاق وعاء وحاء فلا ينّوّنون فيها ولا في أشباهها أنهّا معرفة وكأَّنك قلت في عاء وحاء الإتباع وكأنه قال: قال الغراب هذا النحو. وأنَّ الذين قالوا: عاء وحاء وغاقٍ جعلوها نكرة. وزعم الخليل: أن الذين قالوا: صهٍ ذاك أرادوا النكرة كأنهم قالوا: سكوتاً: إيهٍ وإيهاً وويهٍ وويهاً إذا وقفت قلت: ويهاً ولا يقول: إيهٍ في الوقف. وإيهاً وأخواته نكرةٌ عندهم وهو صوتٌ. وعمرويه عندهم بمنزلة حضرموت في أنهَّ ضمّ الآخر إلى الأوّل. وعمرويه في المعرفة مكسورة في حال الجرّ والرفع والنصب غير منوَّن. وفي النكرة تقول: هذا عمرويهٍ آخر ورأيت عمرويهٍ آخر. وسألت الخليل عن قوله: فداءٍ لك فقال: بمنزلة أمس لأنهَّا كثرت في كلامهم والجرُّ كان أخفَّ عليهم من الرفع إذ أكثروا استعمالهم إيَّاه وشبّهوه بأمس ونوّن لأنهّ نكرة. فمن كلامهم أن يشبِّهوا الشيء بالشيء وإن كان ليس مثله في جميع الأشياء. وأمّا يوم يومٍ وصباح مساءٍ وبيت بيتٍ وبين بينٍ فإنَّ العرب تختلف في ذلك: يجعله بعضهم بمنزلة اسمٍ واحد وبعضهم يضيف الأوّل إلى الآخر ولا يجعله اسماً واحداً. ولا يجعلون شيئاً من هذه الأسماء بمنزلة اسمٍ واحد إلاّ في حال الظرف أو الحال كما يجعلوا: يا ابن عمَّ ويا ابن أمَّ بمنزلة شيء واحدٍ إلاّ في حال النداء. والآخر من هذه الأسماء في موضع جرّ وجعل لفظه كلفظ الواحد وهما اسمان أحدهما مضاف إلى الآخر. وزعم يونس وهو رأيه أنَّ أبا عمرٍو كان يجعل لفظه كلفظ الواحد إذا كان شيءٌ منه ظرفاً أو حالا. وقال الفرزدق: ولولا يوم يومٍ ما أردنا جزاءك والقروض لها جزاء فالأصل في هذا والقياس الإضافة. فإذا سميّت بشيء من هذا رجلاً أضفت كما أنَّك لو سميتّه ابن عمّ لم يكن إلاّ على القياس. وتقول: أنت تأتينا في كلّ صباح مساءٍ ليس إلاَّ. وجعل لفظهنَّ في ذلك الموضع كلفظ خمسة عشر ولم يبن ذلك البناء في غير هذا الموضع. وهذا قول جميع من نثق بعلمه وروايته عن العرب. ولا أعلمه إلاّ قول الخليل. وزعم يونس: أن كفّة كفّةٍ كذلك تقول: لقيته كفّة كفّةٍ وكفّة كفّة. والدليل على أنَّ الآخر مجرور ليس كعشر من خمسة أنَّ يونس زعم أن رؤية كان يقول: لقيته كفّةً عن كفّةٍ يا فتى. وإنمَّا جعل هذا هكذا في الظرف والحال لأنَّ حد الكلام وأصله أن يكون ظرفاً أو حالا. وأمَّا أيادي سبا وقالي قلا وبادي بدا فإنمّا هي بمنزلة: خمسة عشر. تقول: جاءوا أيادي سبا. ومن العرب من يجعله مضافا فينوّن سباً. قال الشاعر وهو ذو الرمّة: فيالك من دارٍ تحمَّل أهلها أيادي ** سباً بعدي وطال احتيالها فينوّن ويجعله مضافاً كمعد يكربٍ. وأما قوله: كان ذلك بادي بدا فإنهَّم جعلوها بمنزلة: خمسة عشر. ولا نعلمهم أضافوا ولا يستنكر أن تضيفها ولكن لم أسمعه من العرب. ومن العرب من يقول: بادي بدي. قال أبو نخيلة: وقد علتني ذرأة بادي بدى ** ورثية تنهض في تشددي ومثل أيادي سبا وبادى بدا قوله: ذهب شغر بغر. ولا بدّ من أن يحرِّكوا آخره كما ألزموا التحريك الهاء في ذيَّة ونحوها لشبه الهاء بالشيء الذي ضم إلى الشيء. وأما قالي قلا فمنزلة حضرموت. قال الشاعر: سيصبح فوقي أقتم الريش واقعاً ** بقالي قلا أومن وراء دبيل وسألت الخليل عن الياءات لم لم تنصب في موضع النصب إذا كان الأول مضافاً وذلك قولك: رأيت معد يكرب واحتملوا أيادي سبا فقال: شبَّهوا هذه الياءات بألف مثنى حيث عرَّوها من الرفع والجر فكما عرّوا الألف منهما عرَّوها من النصب أيضاً فقالت الشعراء حيث اضطرّوا وهو رؤية: سوَّي مساحيهنَّ تقطيط الحقق وقال بعض السّعدييِّن: يا دار هند عفت إلاَّ أثافيها وإنما اختصّت هذه الياءات في هذا الموضع بذا لأنهم يجعلون الشيئين ههنا اسماً واحداً فتكون الياء غير حرف الإعراب فيسكنونها ويشبِّهونها بياء زائدة ساكنة نحو ياء دردبيس ومفاتيح. ولم يحركوها كتحريك الراء في شغر لاعتلالها كما لم تحرك قبل الإضافة وحركت نظائرها من غير الياءات لأن للياء والواو حالاً ستراها إن شاء الله فألزموها الإسكان في الإضافة ههنا إذ كانت قد تسكن فيما لا يكون وما بعده بمنزلة اسم واحد في الشعر. ومثل ذلك قول العرب: لا أفعل ذاك حيرى دهر. وقد زعموا أن بعضهم ينصب الياء ومنهم من يثقل الياء أيضاً. وأما اثنا عشر فزعم الخليل أنه لا يغير عن حاله قبل التسمية وليس بمنزلة خمسة عشر وذلك أن الإعراب يقع على الصدر فيصير اثنا في الرفع واثنى في النصب والجر وعشر بمنزلة النون ولايجوز فيها الإضافة. كما لا يجوز في مسلمين ولا تحذف عشر مخافة أن يلتبس بالاثنين فيكون علم العدد قد ذهب. فإن صار اسم رجل فأضفت حذفت عشر لأنك لست تريد العدد وليس بموضع التباس لأنك لا تريد أن تفرق بين عددين فإنما هو بمنزلة زيدين. وأما أخول أخول فلا يخلو من أن يكون كشغر بغر وكيوم يوم.
باب ما ينصرف ومالا ينصرف من بنات الياء والواو
التي الياءات والواوات منهن لامات اعلم أن كل شيء كانت لامه ياءً أو واواً ثم كان قبل الياء والواو حرف مكسور أو مضموم فإنها تعتلُّ وتحذف في حال التنوين واواً كانت أو ياء وتلزمها كسرة قبلها أبداً ويصير اللفظ بما واعلم أن كل شيء من بنات الياء والواو كان على الصفة فإنّه ينصرف في حال الجر والرفع. وذلَّك أنَّهم حذفوا الياء فخفّ عليهم فصار التنوين عوضاً. وإذا كان شيء منها في حال النصب نظرت: فإن كان نظيره من غير المعتلّة مصروفاً صرفته وإن كان غير مصروف لم تصرفه لأنَّك تتم في حال النصب كما تتم غير بنات الياء والواو. وإذا كانت الياء زائدة وكانت حرف الإعراب وكان الحرف الذي قبلها كسراً فإنّها بمنزلة الياء التي من نفس الحرف إذ كانت حرف الإعراب. وكذلك الواو تبدل كسرة إذا كان قبلها حرف مضموم وكانت حرف الإعراب وهي زائدة: تصير بمنزلتها إذا كانت من نفس الحرف وهي حرف الإعراب. فمن الياءات والووات اللواتي ما قبلها مكسور قولك: هذا قاضٍ وهذا غازٍ وهذه مغاز وهؤلاء جوارٍ. وما كان ما منهن ما قبله مضموم فقولك: هذه أدلٍ وأظبٍ ونحو ذلك. هذا ما كانت الياء فيه و الواو من نفس الحرف. وأمّا ما كانت الياء فيه زائدة وكان الحرف قبلها مكسوراً فقولك: هذه ثمانً وهذه صحار ونحو ذلك. وأما ما كانت الواو فيه زائدة وكان الحرف قبلها مضموماً فقولك: هذه عرق كما ترى إذا حتَّى تقضّى عرقى الدلىِّ وجميع هذا في حال النصب بمنزلة غير المعتل. ولو سميت رجلا بقيل فيمن ضم القاف كسرتها اسما حتى تكون كبيضٍ. واعلم أنَّ كلّ ياء أو واو كانت لاماً وكان الحرف قبلها مفتوحاً فإنَّها مقصورة تبدل مكانها الألف ولا تحذف في الوقف وحالها في التنين وترك التنوين بمنزلة ما كان غير معتّل إلاَّ أنَّ الألف تحذف لسكون التنوين ويتمُّون الأسماء في الوقف. وإن كانت الألف زائدة فقد فسرنا أمرها. وإن جاءت في جميع ما لا ينصرف فهي غير منونة كما لا ينوّن غير المعتلّ لأنَّ الاسم متمٌّ. وذلك قولك: عذارى وصحارى فهي الآن بمنزلة مدارى ومعايا لأنها مفاعل وقد أتم وقلبت ألفا. وإن كانت الياء والواو قبلها حرف ساكن وكانت حرف الإعراب فهي بمنزلة غير المقتل وذلك نحو قولك ظبي ودلو وسألت الخليل عن رجل يسمى بقاض فقال هو بمنزلة قبل أن يكون إسماً في الوقف والوصل وجميع الأشياء كما أن مثنى ومعلى إذا كان إسماً فهو إذا كانت نكرة ولا يتغيّر هذا عن حال كان عليها قبل أن يكون اسماً كما لم يتغيَّر معلَّى وكذلك عم. وكلّ شيء وسألت الخليل عن رجل يسمى بجوار فقال: هو في حال الجرّ والرفع بمنزلته قبل أن يكون اسماً. ولو كان من شأنهم أن يدعوا صرفه في المعرفة لتركوا صرفه قبل أن يكون معرفة لأنَّه ليس شيء من الانصراف بأبعد من مفاعل فلو امتنع من الانصراف في شيء لامتنع إذا كان مفاعل وفواعل ونحو ذلك. قلت: فإن جعلته اسم امرأة قال: أصرفها لأن هذا التنوين جعل عوضاً فيثبت إذا كان عوضاً كما ثبتت التنوينة في أذرعات إذ صارت كنون مسلمين. وسألته عن قاضٍ اسم امرأة فقال: مصروفة في حال الرفع والجرّ تصير ههنا بمنزلتها إذ كانت في مفاعل وفواعل. وكذلك أدل اسم رجل عنده لأنَّ العرب اختارت في هذا حذف الياء إذا كانت في موضع غير تنوين في الجرّ والرفع وكانت فيما لا ينصرف وان يجعلوا التنوين عوضاً من الياء ويحذفوها. وسألته عن رجل يسمَّى أعمى فقلت: كيف تصنع به إذا حقّرته فقال: أقول: أعيم أصنع به ما صنعت به قبل أن يكون اسماً لرجل لأنَّه لو كان يمتنع من التنوين ههنا لامتنع منه في ذلك الموضع قبل أن يكون اسماً لرجل كما أنَّ أحيمر وهو اسم لرجل وغير اسم سواء. ومن أبى هذا فخذه بقاضٍ اسم امرأة فإن لم يصرفه فخذه بجوار فجوار فواعل وفواعل أبعد من الصرف من فاعل معرفةً وهو اسم امرأة لأنَّ ذا قد ينصرف في المذكّر وفواعل لا يتغيّر على حال وفاعل بناء ينصرف في الكلام معرفةً ونكرةً وفواعل بناء لا ينصرف. فاشد أحوال قاضٍ اسم امرأة أن يكون بمنزلة هذا المثال الذي لا ينصرف البتَّة في النكرة. فإن كانت هذه يعني قاض لا تنصرف ههنا لم تنصرف إذا كانت في فواعل. فإن صرف فجوار قبل أن يكون اسماً بمنزلة قاضٍ اسم امرأة. وسألته عن رجل يسمَّى برمي أو أرمي فقال: أنوِّنه لأنَّه إذا صار اسماً فهو بمنزلة قاضٍ إذا كان اسم امرأة. وسألت الخليل فقلت: كيف تقول مررت بأفيعل منك من قوله مررت بأعيمى منك فقال: مررت بأعيم منك لأنَّ ذا موضع تنوين. ألا ترى بأنك تقول: مررت بخير منك وليس أفعل منك بأثقل من افعل صفة. وأمّا يونس فكان ينظر إلى كلّ شيء من هذا إذا كان معرفة كيف حال نظيره من غير المعتل معرفة فإذا كان لا ينصرف لم ينصرف يقول: هذا جواري قد جاء ومررت بجواري قبل. وقال الخليل: هذا خطأ لو كان من شأنهم أن يقولوا هذا في موضع الجرّ لكانوا خلقاء أن يلزموا الرفع والجرّ إذ صار عندهم بمنزلة غير المعتلّ في موضع الجرّ ولكانوا خلقاء أن ينصبوها في النكرة إذا كانت في موضع الجرّ فيقولوا: مررت بجواري قبل لأنَّ ترك التنوين في ذا الاسم في ويقول يونس للمرأة تسمَّى بقاضٍ: مررت بقاضي قبل ومررت بأعيمى منك. فقال الخليل: لو قالوا هذا لكانوا خلقاء أن يلزموها الجرّ والرفع كما قالوا حين اضطروا في الشعر فأجروه على الأصل قال الشاعر الهذلىّ: أبيت على معاري واضحات ** بهنّ ملوَّب كدم العباط وقال الفرزدق: فلو كان عبد الله مولى هجوته ولكنّ عبد الله مولى مواليا فلمَّا اضطرُّوا إلى ذلك في موضع لا بدَّ لهم فيه من الحركة أخرجوه على الأصل. قال الشاعر ابن قيس الرقيّات: لا بارك الله في الغواني ** هل يصبحن إلا لهنَّ مطَّلب وقال: وأنشدني أعرابي من بني كليب لجرير: فيوماً يوافيني الهوى غير ماضىٍ ** ويوماً ترى منهن غولاً تغوَّل قال: ألا تراهم كيف جرُّوا حين اضطرُّوا كما نصبوا الأوّل حين اضطرُّوا. وهذا الجرّ نظير النصب. فإن قلت: مررت بقاضي قبل اسم امرأة كان ينبغي لها أن تجرَّ في الإضافة فتقول: مررت وسألناه عن بيت أنشدناه يونس: قد عجبت منيِّ ومن يعيليا لمَّا رأتني خلقاً مقلوليا فقال: هذا بمنزلة قوله: ولكنَّ عبد الله مولى مواليا وكما قال: سماء الإله فوق سبع سمائيا فجاء به على الأصل وكما أنشدناه من نثق بعربيَّته: ألم يأتيك والأنباء تنمى بما لاقت لبون بي زياد فجعله حين اضطرّ مجروماً من الأصل. وقال الكميت: خريع دوادي في ملعب تأزَّر ** طوَّراً وتلقى الإزارا اضطرّ فأخرجه كما قال: ضنينوا وسألته عن رجل يسمّى يغزو فقال: رأيت يغزى قبل وهذا يغز وهذا يغزى زيد وقال: لا ينبغي له أن يكون في قول يونس إلا يغزى وثبات الواو خطأ لأنه ليس في الأسماء واو قبلها حرف مضموم وإنما هذا بناء اختصَّ به الأفعال ألا ترى أنَّك تقول: سرو الرجل ولا ترى في الأسماء فعل على هذا البناء. ألا ترى أنَّه قال: أنا أدلو حين كان فعلاً ثم قال: أدل حين جعلها اسماً. فلا يستقيم أن يكون الاسم إلا هكذا. فإن قلت: أدعه في المعرفة على حاله وأغيِّره في النكرة. فإن ذلك غير جائز لأنك لم تر اسماً معروفاً أجرى هكذا. قال الشاعر: لا مهل حتَّى تلحقي بعنس ** أهل الريِّاط البيض والقلنسي عنس: قيبلة. ولم يقل القلنسو. ولا يبنون الاسم على بناء إذا بلغ حال التنوين تغيَّر وكان خارجاً من حد الأسماء كما كرهوا أن يكون إي وفي في السكوت وترك التنوين على حالٍ يخرج منه إذا وصل ونوّن فلا يكون على حدّ الأسماء فقرّوا من هذا كما فرُّوا من ذاك. ويكفيك من ذا قولهم: هذه أدلى زيد. فإن قلت: إنما أعرب في النكرة فلم يغيِّر البناء. كذلك أيضاً لا يكون في المعرفة على بناء يتغيَّر في النكرة. وتقول في رجل سمَّيته بارمه: هذا إرم قد جاء وينوّن في قول الخليل وهو القياس. وتقول: رأيت إرمى قبل يبيّن الياء لأنها صارت اسماً وخرجت من موضع الجزم وصارت وإذا سميت رجلا بعه قلت: هذا وعٍ قد جاء صيَّرت آخره كآخر إرمه حين جعلته اسماً. فإذا كان كذلك كان مختلاًّ لأنَّه ليس اسم على مثال عٍ فتصيّره بمنزلة الأسماء وتلحقه حرفاً منه كان ذهب ولا تقول: عيٌّ فتلحقه بالأسماء بشيء ليس منه كما وأنَّك لو حقَّرت شيةً وعدةً لم تلحقه ببناء المحقَّر الذي اصل بنائه على ثلاثة أحرف بشيء ليس منه وتدع ما هو منه وذلك قولك: هذا وعٍ كما ترى. ولو سمَّيت رجلاً لأعدت الهمزة والألف فقلت: هذا إرأً قد جاء وتقديره: إدعى تلحقه بالأسماء بأن تضم إليه ما هو منه كما تقول: وعيدةٌ وشيَّةٌ ولا تقول: عديَّةٌ ولا وشيَّةٌ لأنك لا تدع ما هو منه وتلحق ما ليس منه. ولا يجوز أن تقول: هذا عه كما لم يجز ذلك في آخر إرمه. وإن سمَّيت رجلاً قل أو خف أو بع أو أقم قلت: هذا قول قد جاء وهذا بيع قد جاء وهذا خاف قد جاء وهذا اقيم قد جاء لأنَّك قد حركت آخر حرفٍ وحوَّلت هذا الحرف من المكان وعن ذلك المعنى فإنّما حذقت هذه الحروف في حال الأمر لئَّلا ينجزم حرفان فإذا قلت: قولا أو خافا أو بيعا أو أقيموا أظهرت للتحرك فهو ههنا إذا صار اسماً أجدر أن يظهر. ولو سميت رجلا لم يرد أو لم يخف لوجب عليك أن تحكيه لأنَّ الحرف العامل هو فيه ولو لم تظهر هذه الحروف لقلت: هذا يريد وهذا يخاف. وكذلك لو سمَّيته بتردد من قولك: إن تردد أردد وإن تخف أخف لقلت: هذا يخاف ويرد. ولو لم تقل ذا لم تقل في إرمه إرمي ولتركت الياء محذوفة ولكنما أظهرتها في موضع التحرُّك كما تظهرها إذا قلت: ارميا وهو يرمي. وإذا سمَّيت رجلا باعضض قلت: هذا إعض كما ترى لأنّك إذا حرَّكت اللام من المضاعف أدغمت وليس اسم من المضاعف تظهر عينه ولامه فإذا جعلت إعضض اسماً قطعت الألف كما قطعت ألف إضرب وأدغمت كما تدغم أعضُّ إذا أردت أنا أفعل لأنّ آخره كآخره ولو لم تدغم ذا لما أدغمت إذا سمّيت بيعضض من قولك: إن يعضض أعضض ولا تعضض. وإذا سمّيت رجلاً بألبب من قولك: قد علمت ذاك بنات ألبب تركته على حاله لأنّ هذا اسم جاء على الأصل كما قالوا: رجاء ابن حيوة وكما قالوا: ضيون فجاءوا به على الأصل. وربَّما جاءت العرب بالشيء على الأصل ومجرى بابه في الكلام على غير ذلك. قال الخليل يوماً وسأل أصحابه: كيف تقولون إذا أردتم أن تلفظوا بالكاف التي في لك والكاف التي في مالك والباء التي في ضرب فقيل له: نقول: باء الكاف. فقال: إنما جئتم بالاسم ولم تلفظوا بالحرف. وقال: أقول كه وبه. فقلنا: لم ألحقت الهاء فقال: رأيتهم قالوا: عه فألحقوا هاءاً حتى صيروها يستطاع الكلام بها لأنَّه لا يلفظ بحرف. فإن وصلت قلت: ك وب فاعلم يا فتى كما قالوا: ع يا فتى. فهذه طريقة كلِّ حرفٍ كان متحركاً وقد يجوز أن يكون الألف هنا بمنزلة الهاء لقربها منها وشبهها بها فتقول: با وكا كما تقول: أنا. وسمعت من العرب من يقول: ألاتا بلى فا فإنما أرادوا ألا تفعل وبلى فافعل ولكنه قطع كما كان قاطعا بالألف في أنا وشركت الألف الهاء كشركتها في قوله: أنا بيّنَوها بالألف كبيانهم بالهاء في هيه وهنَّه وبغلتيه. قال الراجز: بالخير خيراتٍ وإن شرافا ولا أريد الشرَّ إلا أن تا يريد: إن شرَّا فشرٌّ ولا يريد إلا أن تشاء. ثم قال: كيف تلفظون بالحرف الساكن نحو ياء غلامى وباء إضرب ودال قد فأجابوا بنحو مما أجابوا في المرّة الأولى فقال: أقول إب وإي وإد فألحق ألفا موصولة. قال: كذاك اراهم صنعوا بالساكن ألا تراهم قالوا: ابن واسم حيث اسكنوا الباء والسين وأنت لا تستطيع أن تكلَّم بساكن في أول اسم كما لا تصل إلى اللفظ بهذه السواكن فألحقت ألفاً حتى وصلت اللفظ بها فكذلك تلحق هذه الألفات حتى تصل إلى اللفظ بها كما ألحقت المسكَّن الأول في الاسم. وقال بعضهم: إذا سمَّيت رجلاً بالباء من ضرب قلت: رب فأردُّ العين. فإن جعلت هذه المتحركة اسماً حذفت الهاء كما حذفتها من عه حين جعلتها اسماً فإذا صارت اسماً صارت من بنات الثلاثة لأنَّه ليس في الدنيا اسم أقل عدداً من اسم على ثلاثة أحرف ولكنَّهم قد يحذفون مما كان على ثلاثة حرفاً وهو الأصل له ويردّونه في التحقير والجمع وذلك قولهم في ذمً: دمي وفي حر: حريح وفي شفة: شفيهة وفي عدة: وعيدة. فهذه الحروف إذا صيّرت اسماً صارت عندهم من بنات الثلاثة المحذوفة وصارت من بنات الياء والواو لأنَّا رأينا أكثر بنات الحرفين التي أصلها الثلاثة أو عامّتها من بنات الياء والواو وإنَّما يجعلونها كالأكثر فكأنهم إن كان الحرف مكسوراً ضمّوا إليه ياءً لأنَّه عندهم له في الأصل حرفان كما كان لدم في الأصل حرف فإذا ضممت إليه ياء صار بمنزلة في فتضمّ إليه ياء أخرى تثقلّه بها حتىَّ يصير على مثال الأسماء. وكذلك فعلت بفي. وإن كان الحرف مضموماً ألحقوا واواً ثم ضمّوا إليها واواً أخرى حتَّى يصير على مثال الأسماء كما فعلوا بذلك بلو وهو وأو. فكأنَّهم إذا كان الحرف مضموماً صار عندهم من مضاعف الواو كما صارت لو وأو وهو إذ كانت فيهن الواوات من مضاعف الواو. وإن كان مكسورا فهو عندهم من مضاعف الياء كما كان ما فيه نحو في وكي من مضاعف الياء عندهم وإن كان الحرف مفتوحاً ضمّوا إليه ألفاً ثم ألحقوا ألفاً أخرى حتَّى يكون على مثال الأسماء فكأنَّهم أرادوا أن يضاعفوا الألفات فيما كان مفتوحاً كما ضاعفوا الواوات والياءات فيما مكسوراً أو مضموماً كما صارت ما ولا ونحوهما إذ كانت فيهما ألفات مما يضاعف. فإن جعلت إي اسما ثقلته بياء أخرى واكتفيت بها حتّى يصير بمنزلة اسمٍ وابنٍ. فأما قاف وياء وزاي وباء وواو فإنَّما حكيت بها الحروف ولم ترد أن تلفظ بالحروف كما حكيت بغاقٍ صوت الغراب وبقب وقع السيف وبطيخ الضحك وبنيت كلَّ واحد بناء الأسماء. وقب هو وقع السيف. وقد ثقَّل بعضهم وضمّ ولم يسلّم الصوت كما سمعه فكذلك حين حكيت الحروف حكيتها ببناء للأسماء ولم تسلم الحروف كما لم تسلَّم الصوت. فهذا سبيل هذا الباب. ولو سمّيت رجلاً بأب قلت: هذا إبٌ وتقديره في الوصل: هذا آبٌ كما ترى تريد الباء وألف الوصل من قولك: اضرب. وكذلك كلَُ شىء مثله لا تغيره عن حاله لأنك تقول: إبٌ فيبقى حرفان سوى التنوين. فإذا كان الاسم ههنا في الابتداء هكذا لم يختلّ عندهم أن تذهب ألفه في الوصل وذلك أنَّ الحرف الذي يليه يقوم مقام الألف. ألا تراهم يقولون: من آبٌ فلا يبقى إلا حرف واحد فلا يختل ذا عندهم إذ كان كنونه حرف لا يلزمه في الإبتداء وفي غير هذا الموضع إذا تحرك ما قبل الهمزة في قولك ذهب أب لك وكذلك إب لا يختلُّ أن يكون في الوصل على حرف إذا كان لا يلزمه ذلك في كل المواضع ولولا ذلك لم يجز لأنَّه ليس في الدنيا اسم يكون على حرفين أحدهما التنوين لأنَّه لا يستطاع أن يتكلّم به في الوقف المبتدأ. فإن قلت: يغيَّر في الوقف. فليس في كلامهم أن يغيّروا بناءه في الوقف عمّا كان عليه في الوصل ومن ثمَّ تركوا أن يقولوا هذا في كراهية أن يكون الاسم على حرفين أحدهما التنوين فيوافق ما كان على حرف. وزعم الخليل أن الألف واللام اللتين يعرّفون بهما حرف واحد كقد وأن ليست واحدة منهما منفصلة من الأخرى كانفصال ألف الاستفهام في قوله: أأريد ولكن الألف كألف أيم في أيم الله وهي موصولة كما أن ألف أيم موصولة حدّثنا بذلك يونس عن أبي عمرو وهو رأيه. والدليل على أن ألف أيم ألف وصل قولهم: إيم الله ثم يقولون: ليم الله. وفتحوا ألف أيم في الابتداء شبّهوها بألف أحمر لأنَّها زائدة مثلها. وقالوا في الاستفهام: آلرجل شبّهوها أيضاً بألف أحمر كراهية أن يكون كالخبر فيلتبس فهذ 1 قول الخليل. وأيم الله كذلك فقد يشبَّه الشيء وقال الخليل: وممَّا يدل على أنَّ أل مفصولة من ألرَّجل ولم يبن عليها وأنَّ الألف واللام فيها بمنزلة قد قول الشاعر: دع ذا وعجَّل ذا وألحقنا بذل بالشَّحم إنّا قد مللناه بجل قال: هي ههنا كقول الرجل وهو يتذكَّر: قدى فيقول: قد فعل ولا يفعل مثل هذا علمناه بشىء مما كان من الحروف الموصولة. ويقوا الرجل: ألى ثم يتذكّر فقد سمعناهم يقولون ذلك ولولا أنَّ الألف واللام بمنزلة قد وسوف لكانتا بناءً بني عليه الاسم لا يفارقه ولكنَّهما جميعاً بمنزلة هل وقد وسوف تدخلان لتعريف وتخرجان. وإن سمّيت رجلاً بالضاد من ضرب قلت: ضاءٌ وإن سمّيته بها من ضراب قلت: ضىٌّ وإن سميته بها من ضحى قلت: ضوٌّ. وكذلك هذا الباب كله. وهذا قياس قول الخليل ومن خالفه ردّ الحرف الذي يليه.
باب الحكاية التي لا تغيَّر فيها الأسماء عن حالها في الكلام
وذلك قول العرب في رجل يسمَّى تأبَّط شراً: هذا تأبَّط شرًّا وقالوا: هذا برق نحره ورأيت برق نحره. فهذا لا يتغيّر عن حاله التي كان عليها قبل أن يكون اسما. إنّ لها مركَّناً إرزبَّا كأنّه جبهة ذرَّى حبّا فهذا كله يترك على حاله. فمن قال: أغيِّر هذا دخل عليه أن يسمَّى الرجل ببيت شعرٍ أو بله درهمان فإنّ غيّره عن حاله فقد ترك قول الناس وقال ما لا يقوله أحد. وقال الشاعر: كذبتم وبيت الله لا تنكحونها ** بنى شاب قرناها تصرُّ وتحلب وعلى هذا يقول: بدأت بالحمد لله رب العالمين. وقال الشاعر: وجدنا في كتاب بني تميمٍ ** أحقُّ الخيل بالرَّكض المعار وذلك لأنه حكى أحقُّ الخيل بالركض المعار فكذلك هذه الضروب إذا كانت أسماء. وكلُّ شىء عمل بعضه في بعض فهو على هذه الحال. واعلم أن الاسم إذا كان محكياً لم يثن ولم يجمع إلا أن تقول: كلّهم تأبَّط شرَّا وكلاهما ذرَّى حبًّا لم تغيِّره عن حاله قبل أن يكون اسما. ولو تثنيت هذا أو جمعته لثنيت أحقُّ الخيل بالركض المعار إذا رأيته في موضعين. ولا تضيعه إلى شىء إلا أن تقول: هذا تأبَّط شرّاً صاحبك أو مملوكك. ولا تحقّره قبل أن يكون علما. ولو سمّيت رجلا زيد أخوك لم تحقره. فإن قلت: أقول زييد أخوك كما أقول قبل قبل أن يكون اسما. فإنَّك إنَّما حقرت اسما قد ثبت لرجل ليس بحكاية وإنَّما حقّرت اسما على حياله. فإذا جعلا اسماً فليس واحدٌ به من صاحبه ولم يجعل الأوَّل والآخر بمنزلة حضرموت ولكن الاسم الآخر مبنّي على الأول. ولو حقّرتهما جميعاً لم يصيرا حكايةً ولكان الأول اسما تاماً. وإذا جعلت هذا زيدٌ اسم رجل فهو يحتاج في الابتداء وغيره إلى ما يحتاج إليه زيد ويستغني كما يستغني. ولا يرخَّم المحكيُّ أيضاً ولا يضاف بالياء وبذلك لأنَّك لا تقول: هذا زيد أخوكي ولا برق نحر هي وهو يضيف إلى نفسه ولكنَّه يجوز أن يحذف فيقول: تأبَّطي وبرقي فتحذف وتعمل به عملك بالمضاف حتى تصير الإضافة على شيء واحد لا يكون حكايةً لو كان اسماً فمن لم يقل ذا فطوّل له الحديث فإنه يقبح جدّا. وسألت الخليل عن رجلٍ يسمَّى خيراً منك أو مأخوذاً بك أو ضارباً رجلا فقال: هو على حاله قبل أن يكون اسما. وذلك أنَّك تقول: رأيت خيراً منك وهذا خيرٌ منك ومررت بخيرٍ منك. قلت: فإن سمّيت بشيء منها امرأة فقال: لا أدع التنوين من قبل أن خيراً ليس منتهى الاسم ولا مأخوذا ولا ضاربا. ألا ترى أنك إذا قلت: ضاربٌ رجلا أو مأخوذٌ بك وأنت تبتدئ الكلام احتجت ههنا إلى الخبر كما احتجت إليه في قولك: زيدٌ وضاربٌ ومنك بمنزلة شئ من الاسم في أنَّه لم يسند إلى مسند وصار كمال الاسم كما أنَّ المضاف إليه منتهى الاسم وكماله. ويدلّك على أنَّ ذا ينبغي له أن يكون منوّنا قولهم: لا خيراً منه لك ولا ضارباً رجلاً لك فإنَّما ذا حكاية لأن خيراً منك كلمة على حدة فلم يحذف التنوين منه في موضع حذف التنوين من غيره لأنَّه بمنزلة شئ من نفس الحرف إذ لم يكن في المنتهى. فعلى هذا المثال تجري هذه الأسماء. وهذا قول الخليل. وإن سمّيت رجلا بعاقلةٍ لبيبةٍ أو عاقلٍ لبيبٍ صرفته وأجريته مجراه قبل أن يكون اسماً. وذلك قولك: رأيت عاقلةً لبيبةً يا هذا ورأيت عاقلاً لبيباً يا هذا. وكذلك في الجرّ والرفع منوَّن لأنه ليس بشىء عمل بعضه في بعض فلا ينوَّن وينوَّن لأنك نونتنه نكرةً وإنَّما حكيت. فإن قلت: ما بالي إن سميته بعاقلة لم أنوِّن فإنك إن أردت حكاية النكرة جاز ولكن َّ الوجه ترك الصرف. والوجه في ذلك الأوّل الحكاية وهو القياس لأنَّهما شيئان ولأنَّهما ليس واحدٌ منهما الاسم دون صاحبه فإنما هي الحكاية وإنما ذا بمنزلة امرأة بعد ضارب إذا قلت هذا ضاربٌ امرأة إذا أردت النكرة وهذا ضاربٌ طلحة إذا أردت المعرفة. وسألت الخليل عن رجلٍ يسمَّى من زيد وعن زيد فقال: أقول: هذا من زيدٍ وعن زيدٍٍ. وقال أغيّره في ذا الموضع وأصيَّره بمنزلة الأسماء كما فعل ذلك به مفرداً يعني عن ومن ولو سمّيته قط لقلت زيدٍ لقلت: هذا قط زيدٍ ومررت بقط زيد حتَّى تكون بمنزلة حسبك لأنَّك قد حوّلته وغيّرته وإنما عمله فيما بعده كعمل الغلام إذا قلت: هذا غلام زيدٍ. ألا ترى أنَّ من زيدٍ لا يكون كلاماً حتَّى يكون معتمدا علة غيره. وكذلك قط زيدٍ كما أنَّ غلام زيدٍ لا يكون كلاما حتَّى يكون معه غيره. ولو حكيته مضافا ولم أغيّره لفعلت به ذلك مقرداً لأني رأيت المضاف لا يكون حكايةً كما لا يكون المفرد حكايةً. ألا ترى أنَّك لو سمّيت رجلا وزن سبعة قلت: هذا وزن سبعة فتجعله بمنزلة طلحة. والدَّليل على ذلك أنَّك لو سمّيت رجلا خمسة عشر زيد لقلت: هذا خمسة عشر زيد تغير كما تغيّر. أمس لأنَّ المضاف من حدّ التسمية. قلت: فإن سمَّيته بفي زيدٍ لا تريد الفم قال: أثقِّله فأقول: هذا فيُّ زيدٍ كما ثقلَّته إذا جعلته اسماً لمؤنّث لا ينصرف. ولا يشبه ذا فاعبد الله لأنّ ذا إنّما احتمل عندهم في الإضافة حيث شبّهوا آخره بآخر أب يعني الفم مضافاً وصار حرف الإعراب غير محرّك فيه إذ كان مفرداً على غير حاله في الإضافة. فأما في فليست هذه حاله وياؤه تحرّك في النصب. وليس شيء يتحرّك حرف إعرابه في الإضافة ويكون على بناءٍ إلا لزمه ذلك في الانفراد. وكرهوا أن يكون على حالٍ إن نوّن كان مختلاّ عندهم. ولو سمّيته طلحة وزيداً أو عبد الله زيداً وناديت نصبت ونونّت الآخر ونصبته لأنّ الأول في موضع نصب وتنوين. واعلم أنّك لا تثَّني هذه الأسماء ولا تحقّرها ولا ترخمّها ولا تضيفها ولا تجمعها. والإضافة إليها كالإضافة إلى تأبَّط شرَّا لأنَّها حكايات. وسألت الخليل عن إنَّما وأنَّما وكأنَّما وحيثما وإمَّا في قولك: إمَّا أن تفعل وإمّا أن لا تفعل فقال: هنّ حكايات لأنَّ ما هذه لم تجعل بمنزلة موت في حضرموت. ألا ترى أنها لم تغيِّر حيث عن أن يكون فيها اللغتان: الضمُّ ولافتح. وإنّما تدخل لمنع أن من النصب ولتدخل حيث في الجزاء فجاءت مغيِّرة ولم تجيء كموت في حضر ولا لغواً. والدَّليل على أن ما مضمومة إلى إن قول الشاعر: لقد كذبتك نفسك فأكذبنها فإن جزعاً وإن إجمال صبر وإنَّما يريدون إمَّا. وهي بمنزلة ما مع أن في قولك: أمَّا أنت منطلقاً انطلقت معك. وكان يقول: إلاَّ التي للاستثناء بمنزلة دفلى وكذلك حتَّى. وأمّا إلاِّ وإمّا في الجزاء فحكاية. وأما التي في قولك: أمَّا زيد فمنطلق فلا تكون حكايةً وهي بمنزلة شروى. وكان يقول: أمَّا التي في الاستفهام حكاية وألا التي في الاستفهام حكاية. وأمّا قولك: ألا إنّه ظريف وأما إنّه ظريف فبمنزلة قفاً ورحىً ونحو ذلك. ولعلّ حكاية لأنَّ اللام ها هنا زائدة بمنزلتها في لأفعلنّ. ألا ترى أنك تقول: علَّك. وكذلك كأنَّ لأنَّ الكاف دخلت للتشبيه. ومثل ذلك كذا وكأيّ وكذلك: ذلك لأنَّ هذه الكاف لحقت للمخاطبة وكذلك أنت التاء بمنزلة الكاف. وقال: ولو سميت رجلا: هذا أو هؤلاء تركته على حاله لأنِّي إذا تركت هاء التنبيه على حالها فإنما أريد الحكاية فمجراها ها هنا مجراها قبل أن تكون اسماً. وأما هلَّم فزعم أنَّها حكاية في اللغتين جميعاً كأنَّها لمَّ أدخلت عليها الهاء كما أدخلت ها على ذا لأنِّي لم أر فعلاً قط بني على ذا ولا اسماً ولا شيئاً يوضع موضع الفعل وليس من الفعل. وقول بني تميم: هلممن يقوّي ذا كأنَّك قلت: الممن فأذهبت ألف الوصل. قال: وكذلك لوما ولولا. وسمعت من العرب من يقول: لا من أين يا فتى حكى ولم يجعلها اسماً. ولو سميّت رجلا بو زيد أو وزيداً أو زيد فلا بدَّ لك من أن تجعله نصباً أو رفعاً أو جرّا تقول: مررت بوزيداً ورأيت وزيداً وهذا زيداً. كذلك الرفع والجرّ لأنَّ هذا لا يكون إلاّ تابعا. وقال: زيد الطَّويل حكاية بمنزلة زيد منطلق وهو اسم امرأة بمنزلته قبل ذلك لأنهما شيئان كعاقلةٍ لبيبةٍ. وهو النداء على الأصل تقول: يا زيد الطويل. وإن جعلت الطوّيل صفةً صرفته بالإعراب وإن دعوته قلت: يا زيداً الطويل. وإن سمّيته زيداً وعمراً أو طلحة عمر لم تغيِّره. ولو سمّيت رجلا أولاء قلت: هذا أولاء. وإذا سمّيت رجلاً: الذي رأيته والذي رأيت لم تغيَّره عن حاله قبل أن يكون اسماً لأن الذي ليس منتهى الاسم وإنَّما منتهى الاسم الوصل فهذا لا يتغيّر عن حاله كما لم يتغّير ضارب أبوه اسم امرأة عن حاله فلا يتغيّر الذي كما لم يتغيّر وصله. ولا يجوز لك أن تناديه كما لا يجوز لك أن تنادي الضارب أبوه إذا كان اسماً لأنَّه بمنزلة اسم واحد فيه الألف واللام. ولو سمّيته الرجل المنطلق جاز أن تناديه فتقول يا الرجل منطلق لأنك سميته بشيئين كلُّ واحد منهما اسم تام. والذي مع صلته بمنزلة اسم واحد نحو الحارث فال يجوز فيه النداء كما لا يجوز فيه قبل أن يكون اسما. وأما الرَّجل منطلق فبمنزلة تأبَّط شرًّا لأنَّه لا يتغير عن حاله لأنه قد عمل بعضه في بعض. ولو سمّيته الرجل والرجلان لم يجز فيه النداء لأنَّ ذا يجري مجراه قبل أن يكون اسما في الجرّ والنصب والرفع. ولا يجوز أن تقول: يا أيُّها الذي رأيت لأنه اسم غالب كما لا يجوز يا أيُّها النَّضر وأنت تريد الاسم الغالب. وإذا ناديته والاسم زيد وعمرو قلت: يا زيداً وعمراً لأنًّ الاسم قد طال ولم يكن الأوّل المنّهى ويشرك الآخر وإنَّما هذا بمنزلته إذا كان اسمه مضافا. وإن ناديته واسمه طلحة وحمزة نصبت بغير تنوين كنصب زيد وعمرو وتنوّن زيداً وعمراً وتجريه على الأصل. وكذلك هذا وأشباهه يردُّ إذا طال على الأصل كما ردّ ضارباً رجلاً. وأما كزيدٍ وبزيدٍ فحكايات لأنَّك لو أفردت الباء والكاف غيَّرتها ولم تثبت كما ثبتت من. وإن سمّيت رجلا عمَّ فأردت أن تحكي في الاستفهام تركته على حاله كما تدع أزيد وأزيد إذا أردت النداء. وإن اردت أن تجعله اسما قلت: عن ماءٍ لأنَّك جعلته اسما وتمد ماءً كما تركت تنوين سبعة لأنَّك تريد أن تجعله اسماً مفردا أضيف هذا إليه بمنزلة قولك: عن زيد. وهن ههنا مثلها مفردةً لأن المضاف في هذا بمنزلة الألف واللام لا يجعلان الاسم حكاية كم أنّ الألف واللام لا تجعلان الاسم حكاية وإنّما هو داخل في الاسم وبدل من التنوين فكأنه الألف واللام. هذا باب الإضافة وهو باب النسبة اعلم أنَّك إذا أضفت رجلاً إلى رجل فجعلته من آل ذلك الرجل ألحقت ياءي الإضافة. فإن أضفته إلى بلد فجعلته من أهله ألحقت ياءي الإضافة وكذلك إن أضفت سائر الأسماء إلى البلاد أو إلى حيٍّ أو قبيلة. واعلم أن ياءي الإضافة إذا لحقتا الأسماء فإنَّهم مما يغيّرونه عن حاله قبل أن تلحق ياءي الإضافة. وإنَّما حملهم على ذلك تغييرهم آخر الاسم ومنتها فشجعهم على تغييره إذا أحدثوا فيه ما لم يكن. فمنه ما يجيء على غير قياس ومنه ما يعدل وهو القياس الجاري في كلامهم وستراه إن شار الله. قال الخليل: كلُّ شيء من ذلك عدلته العرب تركته على ما عدلته عليه وما جاء تامّا لم تحدث العرب فيه شيئاً فهو على القياس. فمن المعدول الذي هو على غير قياس قولهم في هذيلٍ: وفي فقيم كنانة: فقميٌّ وفي مليح خزاعة: ملحيٌّ وفي ثقيفٍ: ثقفيٌّ وفي زبينة: زبانيٌّ وفي طّيءٍ: طائيٌّ وفي العالية: علويٌّ والبادية بدويٌّ وفي البصرة: بصريٌّ وفي السَّهل سهليٌّ وفي الدَّهر: دهريٌّ وفي حيٍّ من بني عديّ يقال لهم بنو عبيدة: عبديٌّ فضمّوا العين وفتحوا الباء فقالوا عبديٌّ وحدَّثنا من نثق به أنَّ بعضهم يقول في بني جذيمة جذميٌّ فيضم الجيم ويجريه مجرى عبديٌّ. وقالوا في بني الحبلي من الأنصار: حبليٌّ وقالوا في صنعاء: صنعائيٌّ وفي شتاء: شتويٌّ وفي بهراء قبيلة من قبيلة قضاعة: بهرانيٌّ وفي دستواء: دستوانيٌّ مثل بحرانيٍّ. وزعم الخليل أنَّهم بنوا البحر على فعلان وإنَّما كان للقياس أن يقولوا: بحريٌّ. وقالوا في الأفق: أفقيٌّ ومن العرب من يقول: أفقيٌّ فهو على القياس. وقالوا في حروراء وهو موضع: حروريٌّ وفي جلولاء: جلوليٌّ كما قالوا في خراسان: خرسيٌّ وخراسانيٌّ أكثر وخراسيٌّ لغةٌ. وقال بعضهم: إبل حمضية إذا أكلت الحمض وحمضية أجود. وقد يقال: بعير حامض وعاضه إذا أكل العضاه وهو ضرب من الشجر. وحمضية أجود وأكثر وأقيس في كلامهم. وقال بعضهم: خرفيَّ أضاف إلى الخريف وحذف الياء. والخرفيٌّ في كلامهم أكثر من الخريفيّ إما أضافه إلى الخرف وإمّا بنى الخريف على فعلٍ. وقالوا: إبل طلاحية إذا أكلت الطَّلح. وقالوا في عضاه: عضاهيٌّ في قول من جعل الواحدة عضاهة مثل قتادة وقتاد. والعضاهة بكسر العين على القياس. فأمّا من جعل جميع العضة عضوات وجعل الذي ذهب الواو فإنَّه يقول: عضويٌّ. وأمّا من جعله بمنزلة المياه وجعل الواحدة عضاهةً فإنه يقول عضاهيٌّ. وسمعنا من العرب من يقول: أمويٌّ. فهذه الفتحة كالضمّة في السَّهل إذا قالوا سهليٌّ. وقالوا: روحانيٌّ في الروَّحاء ومنهم من يقول: روحاويٌّ كما قال بعضهم بهراويٌّ حدثنا بذلك يونس. وروحاويٌّ أكثر من بهراويّ. وقالوا: في القفا: قفيٌّ وفي طهيّة: طهويٌّ وقال بعضهم طهويٌّ على القياس كما قال الشاعر: بكلِّ قريشيٍّ إذا ما لقيته سريع ** إلى داعي النَّدى والتكرُّم ومما جاء محدوداً عن بنائه محذوفة منه إحدى الياءين ياءي الإضافة قولك في الشَّأم: شآم وفي تهامة: تهامٍ ومن كسر التاء قال: تهاميٌّ وفي اليمن يمانٍ. وزعم الخليل أنهم ألحقوا هذه الألفات عوضاً من ذهاب إحدى الياءين وكأنَّ الذين حذفوا الياء من ثقيف وأشباهه جعلوا الياءين عوضاً منها. فقلت: أرأيت تهامة أليس فيها الألف فقال: إنَّهم كسَّروا الاسم على أن يجعلوه فعليّاً أو فعليّاً فلمَّا كان من شأنهم أن يحذفوا إحدى الياءين ردّوا الألف كأنَّهم بنوه تهميٌّ أو تهميٌّ وكأنَّ الذين قالوا: تهامٍ هذا البناء كان عندهم في الأصل وفتحتّهم التاء في تهامة حيث قالوا: تهامٍ يدٌّلك على أنَّهم لم يدعوا على بنائه. ومنهم من يقول: تهاميٌّ ويمانيٌّ وشآميٌّ فهذا كبحرانيّ وأشباهه مما غيَّر بناؤه في الإضافة. وإن شئت قلت: يمنيٌّ. وزعم أبو الخطَّاب أنه سمع من العرب من يقول في الإضافة إلى الملائكة والجن جميعاً روحانيٌّ وللجميع: رأيت روحانيِّين. وزعم أبو الخطاب أنّ العرب تقوله لكل شيء فيه الرُّوح من الناس والدوابّ والجن. وجميع وزعم أبو الخطاب أنه سمع من العرب من يقول شآمي هذا إذا صار اسماً في غير هذا الموضع فأضفت إليه جرى على القياس كما يجري تحقير ليلة ونحوهما إذا حوّلتَّهما فجعلتها اسماً علما. وإذا سمّيت رجلاص زبينة لم تقل: زبانيٌّ أو دهراً لم تقل: دهريٌّ ولكن تقول في الإضافة إليه: زبنيٌّ ودهريٌّ.
باب ما حذف الياء والواو فيه القياس
وذلك قولك في ربيعة: ربعيٌّ وفي حنيفة: حنفيٌّ وفي جذيمة: جذميٌّ وفي جهينة: جهنيٌّ وفي قتيبة: قتبيٌّ وفي شنوءة: شنىءٌّ وتقديرها: شنوعة وشنعيٌّ وذلك لأنّ هذه الحروف قد يحذفونها من الأسماء لما أحدثوا في آخرها لتغييرهم منتهى الاسم فلما اجتمع في آخر الاسم تغييره وحذف لازم لزمه حذف هذه الحروف إذ كان من كلامهم أن يحذف لأمرٍ واحد فكلّما ازداد التغيير كان الحذف ألزم إذ كان من كلامهم أن يحذفوا لتغيير واحد. وهذا شبيه بإلزامهم الحذف هاء طلحة لأنَّهم قد يحذفون ممَّا لا يتغيَّر فلمَّا كان هذا متغيَّراً في الوصل كان الحذف له ألزم. وقد تركوا التغيير في مثل حنيفة ولكنه شاذٌّ قليل قد قالوا في سليمة: سليميٌّ وفي عميرة كلب: عميريٌّ. وقال يونس: هذا قليل خبيث. وقالوا في خريبة: خريبيٌّ. وقالوا سليقيٌّ للرجل يكون من أهل السّليقة. وسألته عن شديدة فقال: لا أحذف لاستثقالهم التضعيف وكأنَّهم تنكَّبوا التقاء الدالين وسائر هذا من الحروف. قلت: فكيف تقول في بني طويلة فقال: لا أحذف لكراهيتهم تحريك هذه الواو في فعل ألا ترى أنَّ فعل من هذا الباب العين فيه ساكنة والألف مبدلة فيكره هذا كما يكره التضعيف باب الإضافة إلى اسم كان على أربعة أحرف فصاعدا إذا كان آخره ياء ما قبلها حرف منكسر فإذا كان الاسم في هذه الصفة أذهبت الياء إذا جئت بياءي الإضافة لأنَّه لا يلتقي حرفان ساكنان. ولا تحرَّك الياء إذا كانت في هذه الصفة لم تنكسر ولم تنجرّ ولا تجد الحرف الذي قبل ياء الإضافة إلا مكسوراً. فمن ذلك قولهم في رجل من بني ناجية: ناجيٌّ وفي أدل: أدليٌّ وفي صحار: صحاريٌّ وفي ثمان: ثمانيٌّ وفي رجل اسمه يمان: يمانيٌّ. وإنَّما ثقلَّت لأنّك لو أضفت إلى رجل اسمه بخاتيٌّ يمني أو هجري أحدثت ياءين سواهما وحذفتهما. والدليل على ذلك أنك لو أضفت إلى رجل اسمه بخاتي لقلت بخاتي كما ترى. ولو كنت لا تحذف الياءين اللتين في الاسم قبل الإضافة لم تصرف بخاتيٌّ ولكنهما ياءان تحدثان وتحذف الياءان اللتان كانتا في الاسم قبل الإضافة. وتقول إذا أضفت إلى رجل اسمه يرمي: يرميٌّ كما ترى. وإذا اضفت إلى عرقوة قلت: عرقيٌّ. وقال الخليل: من قال في يثرب: يثربيٌّ وفي تغلب تغلبيٌّ ففتح مغيِّراً فإنه غيَّر مثل يرمي على ذا فكييف لنا باشُّرب إن لم تكن لنا دوانيق عند الحانويِّ ولا نقد والوجه الحانيُّ كما قال علقمة بن عبدة: كأس عزيز من الأعناب عتَّقها لبعض أربابها حانية حوم لأنَّه إنَّما أضاف إلى مثل: ناجية وقاض. وقال الخليل: الذين قالوا: تغلبيٌّ ففتحوا مغيِّرين كما غيَّروا حين قالوا سهليٌّ وبصريٌّ في بصريّ ولو كان ذا لازماً كانوا سيقولون في يشكر: يشكريٌّ وفي جلهم: جلهميٌّ. وأن لا يلزم الفتح دليل على أنَّه تغيير كالتغيير الذي يدخل في الإضافة ولا يلزم وهذا قول يونس.
باب الإضافة إلى كل شيءٍ من بنات الياء والواو
التي الياءات والواوات لاماتهنَّ إذا كان على ثلاثة أحرف وكان منقوصاً للفتحة قبل اللام تقول في هدىً: هدويُّ وفي رجل اسمه حصىً: حصويٌّ وفي رجل اسمه رحى: رحويٌّ. وإنما منعهم من الياء إذا كانت مبدلة استثقالاً لإظهارها أنهم لم يكونوا ليظهروها إلى ما يستخفُّون إنما كانوا يظهرونها إلى توالي الياءات والحركات وكسرتها فيصير قريبا من أميٍّ فلم يكونوا ليردُّوا الياء إلى ما يستثقلون إذ كانت معتلَّة مبدلة فراراً ممّا يستثقلون قبل أن يضاف الاسم فكرهوا أن يردُّوا حرفا قد استثقلوه قبل أن يضيفوا إلى الاسم في الإضافة إذ كان ردُّه إلى بناء هو أثقل منه في الياءات وتوالي الحركات وكسرة اليا وتوالي الياءات مما يثقلّه لأنَّا رأيناهم غيَّروا للكسرتين والياءين الاسم استثقالاً فلما كانت الياءان والكسرة والياء فيما توالت حركاته ازدادوا استثقالاً. وستراه إن شاء الله. وإذا كانت الياء ثالثة وكان الحرف قبل الياء مكسوراً فإنّ الإضافة إلى ذلك الاسم تصيّره كالمضاف إليه في الباب الذي فوقه وذلك قولهم في عمٍ: عمويٌّ وفي ردٍ: ردويٌّ. وقالوا كلّهم في الشجَّي: شجويٌّ وذلك لأنَّهم رأوا فعل بمنزلة رأوا فعل بمنزلة فعل في غير المعتلّ كراهية للكسرتين مع الياءين ومع توالي الحركات فأقرّوا الياء وأبدلوا وصيّروا الاسم إلى فعل لأنَّها لم تكن لتثبت ولا تبدل مع الكسرة وأرادوا أن يجري مجرى نظيره من غير المعتلّ فلمّا وجدوا الباب والقياس في فعلٍ أن يكون بمنزلة فعلٍ أقرُّوا الياء على حالها وأبدلوا إذ وجدوا فعل قد اتلأبَّ لأن يكون بمنزل فعل. وما جاء من فعلٍ بمنزلة فعل قولهم في النَّمر: نمريٌّ وفي الحبطات حبطيٌّ وفي شقرة: شقريٌّ وفي سلمة: سلمىٌّ. وكأنَّ الذين قالوا: تغلبيٌّ أرادوا أن يجعلوه بمنزلة تفعل كما جعلوا فعل كفعل للكسرتين مع الياءين إلاَّ أنَّ ذا ليس بالقياس اللازم وإنما هو تغيير لأنَّه ليس توالي ثلاث حركات. والذين قالوا: حانويٌّ شبهوه بعمويٍ. وإن أضفت إلى فعلٍ لم تغيّره لأنّها إنّما هي كسرة واحدة كلُّهم يقولون: سمريٌّ. والدٌّئل بمنزلة النَّمر تقول: دؤليٌّ. وكذلك سمعناه من يونس وعيسى. وقد سمعنا بعضهم يقول في الصَّعق: صعقيَّ يدعه على حاله وكسر الصاد لأنَّه يقول: صعق والوجه الجيّد فيه: صعقيٌّ وصعقيٌّ جيّد. فإن أضفت إلى علبط قلت: علبطيٌّ وإلى جندل قلت: جندليٌّ لأنَّ ذا ليس كالنَّمر ليس فيه إلا حرفاً واحدا وهو النون وحدها فلمّا كثر فيه الكسر والياءات ثقل فلذلك غيَّروه إلى الفتح.
باب لإضافة إلى فعيل
وفعيل من بنات الياء والواو التي الياءات والواوات لاماتهن وما كان في اللفظ بمنزلتهما وذلك في قولك في عديٍ: وفي غنيٍ: غنويٌّ وفي قصيٍّ: قصويٌّ وفي أميَّة: أمويٌّ. وذلك أنهم كرهوا أن توالي في الاسم أربع ياءات فحذفوا الياء الزائدة التي حذفوها من سليم وثقيف حيث استثقلوا هذه الياءات فأبدلوا الواو من الياء التي تكون منقوصة لأنَّك إذا حذفت وزعم يونس أنّ أناساً من العرب يقولون: أميِّيٌّ فلا يغيِّرون لمَّا صار إعرابها كإعراب ما لا يعتل شبّهوه به كما قالوا طيَّئيٌّ. وأما عديِّيٌّ فيقال وهذا أثقلن لأنه صارت مع الياءات كسرة. وسألته عن الإضافة إلى حية فقال: حيويٌّ كراهية أن تجتمع الياءات. والدليل على ذلك قول العرب في حية بن بهدلة: حيويٌّ وحرّكت الياء لأنَّه لا تكون الواو ثابتة وقبلها ياء ساكنة. فإن أضفت إلى ليةٍ قلت: لوويٌّ لأنَّك احتجت إلى أن تحرّك هذه الياء كما احتجت إلى تحريك ياء حيّةٍ. فلمّا حركتها رددتها إلى الأصل كما تردُّها إذا حرّكتها في التصغير. ومن قال: أميِّيٌّ قال: حييٌّ. وكان أبو عمرو يقول: حييٌّ وليِّيٌّ. وليّةٌّ من لويت يده ليّةً. وسألته عن الإضافة إلى عدوَ فقال: عدوّيٌّ. وإلى كوّةٍ فقال: كوّيٌّ وقال: لا أغيره لأنه لم تجتمع الياءات وإنَّما أبدل إذا كثرت الياءات فأفرُّ إلى الواو فإذا قدرت على الواو ولم أبلغ من الياءات غاية الاستثقال لم أغيَّره ألا تراهم قالوا في الإضافة إلى مرمىٍ مرميٌّ فجعله بمنزلة البختىّ إذ كان آخره كآخره في الياءات والكسرة. وقالوا في مغزوٍّ: مغزوّيٌّ لأنَّه لم تجتمع الياءات. فكذلك كوةٌ وعدوٌّ. وحيّةٌ قد اجتمعت فيه الياءات. فإن أضفت إلى عدوّةٍ قلت: عدويٌّ من أجل الهاء كما قلت في شنوءة: شنئىٌّ. وسألته عن الإضافة إلى تحيَّةٍ فقال: تحويٌّ وتحذف أشبه ما فيها بالمحذوف من عديٍ وهو الياء الأولى وكذلك كلُّ شيء كان في آخره هكذا. وتقول في الإضافة إلى قسيٍ وثديٍ: ثدويٌّ وقسويٌّ لأنَّها فعول فتردُّها إلى اصل البناء وإنما كسر القاف والثاء قبل الإضافة لكسرة ما بعدهما وهو السين والدال فإذا ذهبت العلَّةُ صارتا على الأصل. تقول في الإضافة إلى عدوٍ: عدويٌّ وإلى عدوةٍ: عدويٌّ وإلى مرمّىٍ: مرميٌّ تحذف اليائين وتثبت ياءي الإضافة. وإلى مرميّة مرميٌّ تحذف اليائين الأوليين. ومن قال: حانويٌّ قال: مرمويٌّ.
هذا باب الإضافة إلى كل اسم كان آخره ياءً
وكان الحرف الذي قبل الياء ساكناً وما كان آخره واواً وكان الحرف الذي قبل الواو ساكناً وذلك نحو ظبيٍ ورميٍ وغزوٍ ونحوٍ تقول ظبييٌّ ورمييٌّ وغزويٌّ ونحويٌّ ولا تغيّر الياء والواو في هذا الباب أنه حرف جرى مجرى غير المعتل. تقول: غزوٌ فلا تغيِّر الواو كما تغيّر في غدٍ. وكذلك الإضافة إلى نحيٍ وإلى العري. فإذا كانت هاء التأنيث بعد هذه الياءات فإنَّ فيه اختلافاً: فمن الناس من يقول في رمية: رمييٌّ وفي ظبيةٌّ وفي دميةٍ: دمييٌّ وفي فتيةٍ: فتييٌّ وهو القياس من قبل أنَّك تقول رميٌّ ونحيٌّ فتجريه مجرى ما لا يعتل نحو درع وترس ومتن فلا يخالف هذا النحو كأنَّك أضفت إلى شيء ليس فيه ياء. فإذا جعلت هذه الأشياء بمنزلة ما لا ياء فيه فأجره في الهاء مجراه وليست فيه هاء لأنَّ القياس أن يكون هذا النحو من غير المعتل في الهاء بمنزلته إذا لم تكن فيه الهاء ولا ينبغي أن يكون أبعد من أمييٍّ فإذا جاز في اميَّة أمييٌّ فهو أن يجوز في رمييٍّ أجدر لأنَّ قياس أميَّة وأشباهها التغيير. فهذا الباب يجرونه مجرى غير المعتل. وحدثنا يونس أنَّ أبا عمرو وكان يقول في ظبية: ظبييٌّ. ولا ينبغي أن يكون في القياس إلاَّ هذا إذ جاز في أميّة وهي معتلّة وهي أثقل من رمييٍ: وأما يونس فكلن يقول في ظبيةٍ: ظبويٌّ وفي دميةٍ: دمويٍ وفي فتية: فتويٍ. فقال الخليل: كأنّهم شبَّهوها حيث دخلتها الهاء بفعلة لأنَّ اللَّفظ بفعلةٍ إذا أسكنت العين وفعلةٍ من بنات الواو سواء. يقول: لو بينت فعلةً من بنات الواو لصارت ياءً لو أسكنت العين على ذلك المعنى لثبتت ياءً ولم ترجع إلى الواو فلمَّا رأوها آخرها يشبه آخرها جعلوا إضافتها كإضافتها هذا قول الخليل: وزعم أنَّ الأول أقيسهما وأعربهما. ومثل هذا قولهم في حى من العرب يقال لهم: بنو زنية: زنويٌّ وفي البطية: بطويٌّ. وقال: لا اقول في غزوةٍ إلاَّ غزويٌّ لأنَّ ذا لا يشبه آخره آخر فعلة إذا أسكنت عينها. ولا تقول في غدوةٍ إلاّ غدويٌّ لأنه لا يشبه فعلةً ولا فعلةً ولا يكون فعلة ولا فعلة من بنات الواو هكذا. ولا تقول في عروةٍ إلاّ عرويٌّ لأن فعلةً من بنات الواو إذا كانت واحدة فعلٍ لم تكن هكذا وإنّما تكون ياء ولو كانت فعلة ليست على فعل كما أن بسرةً على بسر لكان الحرف الذي قبل الواو يلزمه التحريك ولم يشبه عروةً وكنت إذا أضفت إليه جعلت مكان الواو ياءً كما فعلت ذلك بعرقوة ثم يكون في الإضافة بمنزلة فعل. وإن أسكنت ما قبل الواو في فعلةٍ من بنات الواو التي ليست واحدة فعل فحذفت الهاء لم تغيَّر الواو لأنَّ ما قبلها ساكن. ويقوَّي أنَّ الواوات لا تغيَّر قولهم في بني جروة وهم حيّ من العرب: حرويٌّ. وأمّا يونس فجعل بنات الياء في ذا وبنات الواو سواء ويقول في عروةٍ: عرويٌّ. وقولنا: عرويٌّ.
هذا باب الإضافة إلى كلّ شيء لامه ياء أو واو
وذلك نحو سقايةٍ وصلابةٍ ونفايةٍ وشقاوةٍ وغباوةٍ. تقول في الإضافة إلى سقاية: سقائيٌّ وفي صلاية: صلائيٌّ وإلى نفاية: نفائيٌّ كأنَّك أضفت إلى سقاء وإلى صلاء لأنَّك حذفت الهاء ولم تكن الياء لتثبت بعد الألف فأبدلت الهمزة مكانها لأنَّك أردت أن تدخل ياء الإضافة على فعال أو فعال أو فعالٍ. وإن أضفت إلى شقاوة وغباوة وعلاوة قلت: شقاويٌّ وغباويٌّ وعلاويٌّ لأنَّهم قد يبدلون مكان الهمزة الواو لثقلها ولأنَّها مع الألف مشبَّهة بآخر حمراء حين تقول: حمراويٌّ وحمراوان. فإن خففت الهمزة فقد اجتمع فيها لأنَّها تستثقل وهي مع ما شبهها وهي الألف وهي في موضع اعتلال وآخره كآخره حمراء. فإن خفّفت الهنزة اجتمعت حروف مشابهة كأنها ياءات وذلك قولك في كساء: كساوان ورداء: رداوان وعلباء: علباوان. وقالوا في غداء: غداويٌّ وفي رداء: رداويٌّ فلما كان من كلامهم قياساً مستمراً أن يبدلوا الواو مكان هذه الهمزة في هذه الأسماء استثقالاً لها صارت الواو إذا كانت في الاسم أولى لأنَّهم قد يبدلونها وليست في الاسم فراراً إليها فإذا قدروا عليها في الاسم لم يخرجوها ولا يفرُّون إلى الياء لأنَّهم لو فعلوا ذلك صاروا إلى نحو ما كانوا فيه لأنَّ الياء تشبه الألف فيصير بمنزلة ما اجتمع فيه أربع ياءات لأنَّ فيها حينئذ ثلاث ياءات والألف شبيهة بالياء فتضارع أمييٌّ فكرهوا أن يفرّوا إلى ما هو أثقل ممَّا هم فيه فكرهوا الياء كما كرهوا في حصى ورحى. قال الشاعر وهو جرير في بنات الواو: إذا هبطن سماوياً موارده ** من نحو دومة خبث قلَّ تعريسى وياء درحاية بمنزلة الياء التي من نفس الحرف ولو كان مكانها واو كانت بمنزلة الواو التي من نفس الحرف لأنَّ هذه الواو والياء يجريان مجرى ما هو نفس الحرف مثل السَّماوي والطَّفاوي. وسألته عن الإضافة إلى رايةٍ وطايةٍ وثايةٍ وآيةٍ ونحو ذلك فقال: أقول رائيٌّ وطائيٌّ وثائيٌّ وآئيٌّ. وإنَّما همز والاجتماع الياءات مع الألف والألف تشبَّه بالياء فصارت قريباً مما تجتمع فيه اربع ياءات فهمزوها استثقلاً وأبدلوا مكانها همزة لأنَّهم جعلوها بمنزلة الياء التي تبدل بعد الألف الزائدة لأنهم كرهوها هاهنا كما كرهت ثمَّ وهي هنا بعد ألف كما كانت ثمَّ وذلك نحو ياء رداء. ومن قال: أمييٌّ قال: آييٌّ وراييٌّ بغير همز لأنَّ هذه لام غير معتلّة وهي أولى بذلك أنه ليس فيها أربع ياءات ولأنَّها أقوى. وتقول واو فتثبت كما تثبت في غزوٍ. ولو أبدلت مكان الياء الواو فقلت: ثاوىٌّ وآوىٌّ وطاويٌّ وراويٌّ جاز ذلك كما قالوا: شاويٌّ فجعلوا الواو مكان الهمزة. ولا يكون في مثل سقايةٍ سقاييٌّ فتكسر الياء ولا تهمز لأنَّها ليست من الياءات التي لا ومثل ذلك قصيٌّ منهم من يقول: قصيٍّ. وإذا أضفت إلى سقاية فكأنَّك أضفت إلى سقاء كما أنّك لو أضفت إلى رجل اسمه ذو جمَّةٍ قلت: ذوويٌّ كأنّك أضفت إلى ذواً. ولو قلت: سقاويٌّ جاز فيه وفي جميع جنسه كما يجوز في سقاء. وحولايا وبرداريا بمنزلة سقايةٍ لأنَّ هذه الياء لا تثبت إذ كانت منتهى الاسم والألف تسقط في النسبة لأنَّها سادسة فهي كهاء درحاية. واعلم أنّك إذا أضفت إلى ممدود منصرف فإنّ القياس والوجه أن تقرّه على حاله لأن الياءات لم تبلغ غاية الاستثقال ولأنَّ الهمزة تجري على وجوه العربية غير معتلّة مبدلة. وقد أبدلها ناس من العرب كثير على ما فسَّرنا يجعل مكان الهمزة واواّ. وإذا كانت الهمزة من أصل الحرف فالإبدال فيها جائز كما كان فيما كان بدلاً من واو أو ياء وهو فيها قبيح. وقد يجوز إذا كان أصلها الهمز مثل قراء ونحوه.
هذا باب الإضافة إلى كل اسم آخره آلف مبدلة
من حرف من نفس الكلمة على أربعة أحرف وذلك نحو ملهى ومرمىً وأعشى وأعمى وأعيا فهذا يجري مجرى ما كان على ثلاثة أحرف وكان آخره ألفاً مبدلة من حرف من نفس الكلمة نحو حصَّى ورحّى. وسألت يونس عن معزى وذفرى فيمن نوّن فقال: هما بمنزلة ما كان من نفس الكلمة كما صار علباء حين انصرف بمنزلة رداء في الإضافة والتثنية ولا يكون أسوأ حالاً في ذا من حبلى. وسمعنا العرب يقولون في أعيا: أعيويٌّ. بنو أعيا: حي من العرب من جرمٍ. وتقول في أحوى: أحوويٌّ. وكذلك سمعنا العرب تقول.
هذا باب الإضافة إلى كل اسم كان آخره ألفا زائدة لا ينون
وكان على أربعة أحرف وذلك نحو حبلى ودفلى فأحسن القول فيه أن تقول: حبلىٌّ ودفلىٌّ لأنها زائدة لم تجيء لتلحق بنات الثلاثة ببنات الأربعة فكرهوا أن يجعلوها بمنزلة ما هو من نفس الحرف وما اشبه ما هو من نفس الحرف. وقالوا في سلَّى: سلِّىٌّ. ومنهم من يقول: دفلاويٌّ فيفرق بينها وبين التي من نفس الحرفبأن يلحق هذه الألف فيجعله كآخر ما لا يكون آخره إلاّ زائداً غير منّون نحو: حمراويٍّ وضهياويّ فهذا الضرب لا يكون إلاّ هكذا فبنوه هذا البناء ليفرقوا بين هذه الألف وبين التي من نفس الحرف فقالوا في دهنا: دهناويٌّ وقالوا قي دنيا: دنياويٌّ وإن شئت قلت دنييٌّ على قولهم سلىٌّ. ومنهم من يقول: حبلوى فيجعلها بمنزلة ما هو نفس الحرف. وذلك أنَّهم رأوها زائدة يبنى عليها الحرف ورأوا الحرف في الغدَّة والحركة والسُّكون كملهىً فشبَّهوها بها كما أنهم يشبّهون الشيء بالشيء الذي يخالفه في سائر المواضع. قال: فإن قلت في ملهى: ملهىً لم أر بذلك بأساً كما لم أر بحبلوىٍّ بأساً. وكما قالوا: مدارى فجاءوا به على مثال: حبالى وعذارى ونحوهما من فعالى وكما تستوي الزيادة غير المنوّنة والتي من نفس الحرف إذا كانت كلّ واحدة منهما خامسة. ولا يجوز ذا في قفاً لأنَّ قفا وأشباهه ليس بزنة حبلى وإنّما هي على ثلاثة أحرف فلا يحذفونها. وأمَّا جمزى فلا يكون جمزاويٌّ ولا ولكن جمزيٌّ لأنَّها ثقلت وجاوزت زنة ملهىً فصارت بمنزلة حبارى لتتابع الحركات. ويقوِّي ذلك أنَّك لو سمّيت امرأة قدماً لم تصرفها كما لم تصرف عناق. وأمّا حبلى فالوجه فيها ما قلت لك. قال الشَّاعر: كأنَّما يقع البصريٌّ بينهم ** من الطَّوائف والأعناق بالوذم يريد: بصرى.
هذا باب الإضافة إلى كل اسم كان آخره ألفاً
وكان على خمسة أحرف تقول في حبارى: حباريٌّ وفي جمادى: جماديٌّ وفي قرقرى: قرقريٌّ. وكذلك كلُّ اسم كان آخره ألفاً وكان على خمسة أحرف. وسألت يونس عن مرامىً فقال: مراميًّ جعلها بمنزلة الزيادة. قال: لو قلت: مرامويٌّ لقلت: حبارويٌّ كما أجازوا في حبلى حبلويٌّ. ولو قلت ذا لقلت في مقلولى: مقلولويٌّ. وهذا لا يقوله أحد إنَّما يقال: مقلوليٌّ كما تقول في يهيرى يهيريٌّ. فإذا سوِّى بين هذا رابعاً وبين الألف فيه زائدة نحو حبلى لم يجز إلاّ أن تجعل ما كان من نفس الحرف إذا كان خامساً بمنزلة حبارى. وإن فرَّقت بين الزائد وبين الذي من نفس الحرف دخل عليك أن تقول في قبعثري: قبعثرويٌّ لأنَّ آخره منَّون فجرى مجرى ما هو من نفس الكلمة. فإن لم تقل ذا وأخذت بالعدد فقد زعمت أنهما يستويان. وإنَّما ألزموا ما كان على خمسة أحرف فصاعداً الحذف لأنه حين كان رابعاً في الاسم بزنة ما ألفه من نفسه فلمَّا كثر العدد كان الحذف لازما إذ كان من كلامهم أن يحذفوه في المنزلة الأولى. وإذا أزداد الاسم ثقلاً كان الحذف ألزم كما أنَّ الحذف لربيعة حين اجتمع تغييران. وأمَّا الممدود مصروفاً كان أو غير مصروف كثر عدده أو قلَّ فإنه لا يحذف وذلك قولك في خنفساء: خنفساويٌّ وفي حرملاء: حرملاويٌّ وفي معيوراء معيوراويٌّ. وذلك أنَّ آخر الاسم لمّا تحرّك وكان حيّاً يدخله الجرّ والرفع والنصب صار بمنزلة: سلامان وزعفران وكالأواخر التي من نفس الحرف نحو: آحر نجام واشهيباب فصارت هكذا كما صار آخر معزًى حين نوّن بمنزلة آخر مرمىً. وإنَّما جسروا على حذف الألف لأنَّها ميّتة لا يدخلها جرّ ولا رفع ولا نصب فحذفوها كما حذفوا ياء ربيعة وحنيفة. ولو كانت الياءان متحركتيتن لم تحذفا لقوّة المتحرّك. وكما حذفوا الياء الساكنة من ثمانٍ حيث أضفت إليه. فإنَّما جعلوا ياءي الإضافة عوضاً. وهذه الألف أضعف تذهب مع كلِّ تذهب مع كلِّ حرف ساكن فإنَّما هذه معاقبة كما عاقبت هاء الجحاجحة ياء الجحاجيح فإنَّما يجسرون بهذا على هذه الحروف الميتة. ولو أضفت إلى عثير وهو التراب أو حثيل لأجريته مجرى حميريٍ. وزعم يونس أن مثنّى بمنزلة معزى ومعطى وهو بمنزلة مرامًى لأنَّه خمسة أحرف. وإن جعلته كذلك فهو ينبغي له أن يجيز في عبدَّي: عبدَّويٌّ كما جاز في حبلى: حبلويٌّ. فإن جعل النون بمنزلة حرف واحد وجعل زنته كزنته فهو ينبغي له أن سمَّى رجلاً باسم مؤنَّث على زنة معدٍّ مدغم مثله أن يصرفه ويجعل المدغم كحرف واحد. فهذه النون الأولى بمنزلة حرف ساكن ظاهر. وكذلك يجري في بناء الشِّعر وغيره. فأمًا المصروف نحو حراء فمن العرب من يقول: حراويٌّ ومنهم من يقول حرائيٌّ لا يحذف الهمزة.
هذا باب الإضافة إلى كلّ اسم ممدود
لا يدخله التنوين كثير العدد كان أو قليله فلإضافة إليه أن لا يحذف منه شيء وتبدل الواو مكان الهمزة ليفرقوا بينه وبين المنوّن الذي هو من نفس الحرف وما جعل بمنزلته وذلك قولك في زكريَّاء: زكريّاويٌّ وفي بروكاء: بروكاويٌّ.
هذا باب
اعلم أن كلّ اسم على حرفين ذهبت لامه ولم يردَّ في تثنيته إلى الأصل ولا في الجمع بالتَّاء كان أصله فعل أو فعل أو فعل فإنَّك فيه بالخيار إن شئت تركته على بنائه قبل أن تضيف إليه وإن شئت غيّرته فرددت إليه ما خذف منه فجعلوا الإضافة تغيَّر فتردّ كما تغيَّر فتحذف نحو الف حبلى وياء ربيعة وحنيفة فلمّا كان ذلك من كلامهم غيَّروا بنات الحرفين التي حذفت لاماتهن بأن ردّوا فيها ما حذف منها وصرت في الردّ وتركه على حاله بالخيار كما صرت في حذف ألف حبلى وتركها بالخيار. وإنما صار تغيير بنات الحرفين الردَّ لأنَّها أسماء مجهودة لا يكون اسم على أقل من حرفين فقويت الإضافة على ردِّ اللامات كما قويت على حذف ما هو من نفس الحرف حين كثر العدد وذلك قولك: مرامىً. فمن ذلك قولهم في دم: دميٌّ وفي يدٍ: يديٌّ وإن شئت قلت: دمويٌّ ويدويٌّ كما قالت العرب في غدٍ: غدويٌّ. كلُّ ذلك عربّى. فإن قال: فهلاَّ قالوا: غدويٌّ وإنَّما يد وغد كلُّ واحد منهما فعل يستدلّ على ذلك بقول ناس من العرب: آتيك غدواً يريدون غداً. قال الشاعر: وقولهم: أيد وإنَّما هي أفعل وأفعل جماع فعلٍ لأنَّهم ألحقوا ما الحقوا ولا يريدون أن يخرجوا من حرف الإعراب التحرُّك الذي كان فيه لأنَّهم أرادوا أن يزيدوا لجهد الاسم ما حذفوا منه فلم يريدوا أن يخرجوا منه شيئاً كان فيه قبل أن يضيفوا كما أنَّهم لم يكونوا ليحذفوا حرفاً من الحروف من ذا الباب فتركوا الحروف على حالها لأنَّه ليس موضع حذف. ومن ذلك أيضاً قولهم في ثبةٍ: ثبيٌّ وثبويٌّ وشفةٍ: شفيٌّ وشفهيٌّ. وإنَّما جاءت الهاء لأنَّ اللام من شفةٍ الهاء. ألا ترى أنك تقول: شفاه وشفيهة في التصغير. وتقول في حرٍ: حريٌّ وحرحيٌّ لأنَّ اللام الحاء تقول في التصغير: حريح وفي الجمع: أحراح. وإن أضفت إلى رب فيمن خفَّف فرددت قلت ربيٌّ. وإنَّما أسكنت كراهية التضعيف فيعاد بناؤه. ألا تراهم قالوا في قرّة قريٌّ لأنَّها من التضعيف كما قالوا في شديدة: شديديٌّ كراهية التضعيف فيعاد بناؤه.
باب ما لا يجوز فيه من بنات الحرفين إلا الرَّدّ
وذلك قولك في أب أبويٌّ وفي أخ: أخويٌّ وفي حمٍ: حمويٌّ ولا يجوز إلاَّ ذا من قبل أنَّك تردّ من بنات الحرفين التي ذهبت لاماتهن إلى الأصل ما لا يخرج أصله في التثنية ولا في الجمع بالتاء فلمّا أخرجت التثنية الأصل لزم الإضافة أن تخرج الأصل إذ كانت تقوى على الردّ فيما لا يخرج لامه في تثنيته ولا في جمعه بالتاء فإذا ردّ في الأضعف في شيء كان في الأقوى أردَّ: واعلم أنَّ من العرب من يقول: هذا هنوك ورأيت هناك ومررت بهنيك ويقول: هنوان فيجريه مجرى الأب. فمن فعل ذا قال: هنوات يردُّه في التثنية والجمع بالتاء وسنة وسنوات وضعة وهو نبت ويقول: ضعوات فإذا أضفت قلت: سنويٌّ وهنويٌّ. والعلّة ههنا هي العلّة في: أبٍ وأخٍ ونحوهما. ومن جعل سنةً من بنات الهاء قال: سنيهة وقال: سانهت فهي بمنزلة شفة تقول: شفهيٌّ وشنهيٌّ. وتقول في عضةٍ: عضويٌّ على قول الشاعر: هذا طريق يأزم المآزما وعضوات تقطع اللَّهازما ومن العرب من يقول: عضيهة يجعلها من بنات الهاء بمنزلة شفةٍ إذا قالوا ذلك. وإذا أضفت إلى أخت قلت: أخويٌّ هكذا ينبغي له أن يكون على القياس. وذا القياس قول الخليل من قبل أنَّك لمّا جمعت بالتاء حذفت تاء التأنيث كما تحذف الهاء وردت إلى الأصل. فالإضافة تحذفه كما تحذف الهاء وهي أردُّله إلى الأصل. أرى ابن نزار قد جفاني وملَّني على هنوات كلُّها متتابع فهي بمنزلة أخت وأما يونس فيقول أختي وليس بقياس.
هذا باب الإضافة إلى ما فيه الزوائد من بنات الحرفين
فإن شئت تركته في الإضافة على حاله قبل أن يضيف وإن شئت حذفت الزوائد ورددت ما كان له في الأصل. وذلك: ابن واسم واست واثنان واثنتان وابنة. فإذا تركته على حاله قلت: اسمىٌّ واستىٌّ وابنىٌّ واثنىٌّ في اثنين واثنتين. وحدثنا يونس: أن أبا عمرو كان يقوله. وإن شئت حذفت الزوائد التي في الاسم ورددته إلى أصله فقلت: سمويٌّ وبنويٌّ وستهيٌّ. وإنَّما جئت في استٍ بالهاء لأنَّ لامها هاء ألا ترى أنَّك تقول: الأستاه وستيهة في التحقير وتصديق ذلك أنَّ أبا الخطّاب كان يقول: إنَّ بعضهم إذا أضاف إلى أبناء فارس قال: بنويٌّ. وزعم يونس أن أبا عمرو وزعم أنَّهم يقولون: ابنيٌّ فيتركه على حاله كما ترك دم. وأما الذين حذفوا الزوائد وردُّوا فإنهم جعلوا الإضافة تقوى على حذف الزوائد كقوتها على الردّ كما قويت على الردّ في دمٍ وإنَّما قويت على حذف الزوائد لقوّتها على الردّ فصار ماردّ عوضاً. ولم يكونوا ليحذفوا ولا يردّوا لأنهم قد ردّوا ما ذهب من الحرف للإخلال به فإذا حذفوا شيئاً ألزموا الردّ ولم يكونوا ليردّوا والزائد لأنَّه إذا قوي على ردّ الأصل قوي على حذف ما ليس من الأصل لأنهما متعاقبان. وسألت الخليل عن الإضافة إلى ابنم فقال: إن شئت حذفت الزوائد فقلت: بنويٌّ كأنك أضفت إلى ابن. وإن شئت تركته على حاله فقلت: ابنميٌّ كما قلت: ابنيٌّ واستيٌّ. واعلم أنَّك إذا حذفت فلا بدَّ لك من أن تردّ لأنه عوض وإنَّما هي معاقبة وقد كنت تردّ ما عدة حروفه حرفان وإن لم يحذف منه شيء فإذا حذفت منه شيئاً ونقصته منه كان العوض لازماً. وأمَّا بنت فإنك تقول: بنويٌّ من قبل أن هذه التاء التي هي للتأنيث لا تثبت في الإضافة كما لا تثبت في الجمع بالتاء. وذلك لأنّهم شبَّهوها بهاء التأنيث فلمَّا حذفوا وكانت زيادة في الاسم كتاء سنبتة وتاء عفريتٍ ولم تكن مضمومة إلى الاسم كالهاء يدّلك على ذلك سكون ما قبلها جعلناها بمنزلة ابن. فإن قلت: بنيٌّ جائز كما قلت: بنات فإنَّه ينبغي لك أن تقول بنيٌّ في ابني كما قلت في بنون فإنَّما ألزموا هذه الردَّ في الإضافة لقوتها على الرد ولأنَّها قد ترد ولا حذف فالتاء يعوَّض منها كما يعوَّض من غيرها. وكذلك: كلتا وثنتان تقول: كلويٌّ وثنويٌّ وبنتان: بنويٌّ. وأمّا يونس فيقول ثنتيٌّ وينبغي له أن يقول: هنتيٌّ في هنه لأنَّه إذا وصل فهي تاء كتاء التأنيث. وزعم الخليل أنَّ من قال بنتي قال هنتي وهذا لا يقوله أحد وأعلم ذيت بمنزلة بنت وإنَّما أصلها ذيّة عمل بها ما عمل بينت. يدلُّك عليه اللفظ والمعنى فالقول في هنت وذيت مثله في بنت لأنّ ذيت يلزمها التثقيل إذا حذفت التاء. ثمَّ تبدل واواً مكان التاء كما كنت تفعل لو حذفت التاء من أخت وبنت وإنَّما ثقلَّت كتثقيلك كي اسما. وزعم أن أصل بنت وابنة فعل كما أن أخت فعل يدًّلك على ذلك أخوك وأخاك وأخيك وقول بعض العرب فيما زعم يونس آخاء. فهذا جمع فعل. وتقول في الإضافة إلى ذيَّة وذيت: ذيويًّ فيهما وإنَّما منعك من ترك التاء في الإضافة أنّه كان يصير مثل: أختيٍّ وكما أن هنت أصلها فعل يدلك على ذلك قول بعض العرب: هنوك وكما أن است فعل يدّلك على ذلك أستاه. فإن قيل: لعله فعل أو فعل فإنه يدلك على ذلك قول بعض العرب سه لم يقولوا: سه ولا سه وقولهم: ابن ثم قالوا: بنون ففتحوا يدلُّك أيضاً. واثنتان بمنزلة ابنة أصلها فعل لأنَّه عمل بها ما عمل بابنة وقالوا في الاثنين: أثناء فهذا يقوِّي فعل وأنَّ نظائرها من الأسماء أصلها تحرّك العين وهنت عندنا متحرّكة العين تجعلها بمنزلة نظائرها من الأسماء وتلحقها بالأكثر. ولم يجيء شيء هكذا ليست عينه في الأصل متحركة إلا ذيت وليست باسم متمكِّن. وأمّا كلتا فيدلّك على تحريك عينها قولهم: رأيت كلا أخويك: فكلا كمعاً واحد الأمعاء ومن قال: رأيت كلتا أختيك فإنَّه يجعل الألف ألف تأنيث. فإن سمَّى بها شيئاً لم يصرفه في معرفة ولا نكرة وصارت التاء بمنزلة الواو في شروى. ولو جاء شيء مثل بنت وكان أصله فعل أو فعل واستبان لك أن اصله فعل أو فعل لكان في الإضافة متحرّك العين كأنّك تحذف إلى اسم قد ثبت في الكلام على حرفين فإنما تردُّ والحركة قد ثبتت في الاسم. وكلّ اسم تحذف منه في الإضافة شيئاً فكأنّك ألحقت ياءي الإضافة اسماً لم يكن فيه شيء مما حذف لأنَّك إنَّما تلحق ياءي الإضافة بعد بناء الاسم. ومن ثمّ جعل ذيت في الإضافة كأنَّها اسم لم يكن فيه قبل الإضافة تاء كذلك ثقلَّتها كتثقيلك: كي ولو وأو أسماء. وأمَّا فم فقد ذهب من اصله حرقان لأنه كان أصله فوه فأبدلوا الميم مكان الواو ليشبه الأسماء المفردة من كلامهم فهذه الميم بمنزلة العين نحو ميم دمٍ ثبتت في الاسم في تصرفه في الجرّ والنصب والإضافة والتثنية. فمن ترك دم على حاله إذا اضاف ترك فم على حاله ومن ردَّ إلى دمٍ اللام ردَّ إلى فمٍ العين فجعلها مكان اللام كما جعلوا الميم مكان العين في فمٍ. قال الشاعر وهو الفرزدق: هما نفثا في فيَّ من فمويها ** على الناتج العوي أشدَّ رجام وقالوا: فموان فإنّما ترد في الإضافة كما تردّ في التثنية وفي الجمع بالتاء وتبني الاسم كما تثنِّي به إلاَّ أنّ الإضافة أقوى على الردِّ. فإن قال: فمان فهو بالخيار إن شاء قال: فمويٌّ وإن شاء قال: فميٌّ. ومن قال: فموان قال: فمويٌّ على كلّ حال. وأمّا الإضافة إلى رجل اسمه ذو مال فإنَّك تقول: ذوويٌّ كأنَّك أضفت إلى ذواً. وكذلك فعل به حين أفرد وجعل اسما ردَّ إلى أصله لأنَّ أصله فعل يدلَّك على ذلك قولهم: ذواتا فإن أردت أن تضيف فكأنك أضفت إلى مفرد لم يكن مضافاً قطٌّ فافعل به فلعك به إذا كان وكذلك الإضافة إلى ذاه ذوويٌّ لأنَّك إذا أضفت حذفت الهاء فكأنَّك تضيف إلى ذي إلا أنَّ الهاء جاءت بالألف والفتحة كما جاءت بالفتحتين في امرأة فلأصل أولى به إلاّ أن تغيِّر العرب منه شيئاً فتدعه على حاله نحو: فمٍ. وإذا أضفت إلى رجل اسمه فوزيد فكأنَّك إنّما تضيف إلى فمٍ لأنَّك إنَّما تريد أن تفرد الاسم ثم تضيف إلى الاسم. فافعل به فعلك به إذا أفردته اسماً. وأمّا الإضافة إلى شاءٍ فشاويٌّ كذلك يتكلَّمون به. قال الشاعر: فلست بشاويٍّ عليه دمامة ** إذا ما غدا يغدو بقوس وأسهم وإن سمَّيت به رجلا أجريته على القياس تقول شائيٌّ وإن شئت قلت شاوى كما قلت: عطاويٌّ كما تقول في زبينة وثقيف بالقياس إذا سمّت به رجلاً. وإذا أضفت إلى شاة قلت: شاهيٌّ تردّ ما هو من نفس الحرف وهو الهاء. ألا ترى أنك تقول: شويهة وإنما أردت أن تجعل شاةً بمنزلة الأسماء فلم يوجد شيء هو أولى به مّما هو من نفسه كما هو التحقير كذلك. وأمّا الإضافة إلى لات من اللات والعزَّى فإنك تمدُّها كما تمد لا إذا كانت اسماً كما تثقل لو وكي إذا كان كلّ واحد منهما اسماً. فهذه الحروف وأشباهها التي ليس لها دليل بتحقير ولا جمع ولا فعل ولا تثنية إنّما تجعل ما ذهب منه مثل ما هو فيه ويضاعف فالحرف الأوسط ساكن على ذلك يبنى إلا أن تستدلّ على حركته بشيء. وصار الإسكان أولى به لأن الحركة زائدة فلم يكونوا ليحرِّكوا إلا بثبت كما أنهم لم يكونوا ليجعلوا الذّهب من لو غير الواو إلا بثبت فجرت هذه الحروف على فعل أو فعل أو فعل. وأمّا الإضافة إلى ماءٍ فمائيٌّ تدعه على حاله ومن قال: عطاويٌّ قال: ماويٌّ يجعل الواو مكان الهمزة وشاويٌّ بقوِّى هذا. وأمّا الإضافة إلى امرئ فعلى القياس تقول امرئتي وتقديرها إمرعي لأنه ليس من بنات الحرفيين وليس الألف ههنا بعوض فهو كالإنطلاق اسم رجل وإن أ ضعت إلى امرأة فكذلك تقول امرئي امرئ لأنّك كأنك تضيف إلى امرئ فالإضافة في ذا كالإضافة إلى استغاثة إذا قلت: استغاثي. وقد قالوا: مرئي تقديرها: مرعيٌ في امرئ القيس وهو شاذ.
هذا باب الإضافة إلى ما ذهبت فاؤه من بنات الحرفين
وذلك عدة وزنة. فإذا أضفت قلت: عديٌّ وزنيٌّ ولا ترده الإضافة إلى أصله لبعدها من ياءي الإضافة لأنَّها لو ظهرت لم يلزمها اللام لو ظهرت من التغير لوقوع الياء عليها. ولا تقول: عدويٌ بعد اللام شيئاً ليس من الحرف يدلُّك على ذلك التصغير. ألا ترى أنَّك تقول: وعيدة فتردّ الفاء ولا ينبغي أن تلحق الاسم زائدةً فتجعلها أولى من نفس الحرف في الإضافة كما لم تفعل ذلك في التحقير ولا سبيل إلى ردّ الفاء لبعدها وقد ردّوا في التثنية والجمع بالتاء بعض ما ذهبت لاماته كما ردّوا في الإضافة فلو ردّوا في الإضافة الفاء لجاء بعضه مردوداً في الجميع بالتاء فهذا دليل على أن الإضافة لا تقوى حيث لم يردُّوا في الجميع بالتاء. فإن قلت: أضع الفاء في آخر الحرف لم يجز ولو جاز ذا لجاز أن تضع الواو والياء إذا كانت لاما في أوّل الكلمة إذا صغرّت. ألا تراهم جاءوا بكلّ شيء من هذا في التحقير على أصله. وكذا قول يونس ولا نعلم أحداً يوثق بعلمه قال خلاف ذلك. وتقول في الإضافة إلى شيةٍ: وشويٌّ لم تسكن العين كما لم تسكن الميم إذا قال: دمويٌّ فلمّا تركت الكسرة على حالها جرت مجرى شجويٍّ وإنَّما ألحقت الواو ههنا كما ألحقتها في عه حين جعلتها اسماً ليشبه الأسماء لأنَّك جعلت الحرف على مثال الأسماء في كلام العرب. وإنَّما شية وعدة فعلة لو كان شيء من هذه الأسماء قعلة لم يحذفوا الواو كما لم يحذفوا في الوجبة والوثبة والوحدة وأشباهها. وسترى بيان ذلك في بابه إن شاء الله. فإنَّما ألقوا الكسرة فيما كان مكسور الفاء على العينات وحذفوا الفاء وذلك نحو عدةٍ وأصلها وعده وشية وأصلها وشية فحذفوا الواو وطرحوا كسرتها على العين. وكذلك أخواتها.
هذا باب الإضافة إلى كلّ اسم
ولي آخره ياءين مدغمةً إحداهما في الأخرى وذلك نحو أسيّدٍ وحميّرٍ ولبيّدٍ فإذا أضفت إلى شيء من هذا تركت الياء الساكنة وحذفت المتحرّكة لتقارب الياءات مع الكسرة التي في الياء والتي في آخر الاسم فلما كثرت الياءات وتقاربت وتوالت الكسرات التي في الياء والدال استثقلوه فحذفوا وكان حذف المتحرك هو الذي يخففه عليهم لأنهم لو حذفوا الساكن لكان ما يتوالى فيه من الحركات التي لا يكون حرف عليها مع تقارب الياءات والكسرتين في الثقل مثل أسيّدٍ لكراهيتهم هذه المتحرِّكات. فلم يكونوا ليفرّوا من الثقل إلى شيء هو في الثِّقل مثله وهو أقلّ في كلامهم منه وهو أسيديٌّ وحميريٌّ ولبيديٌّ. وكذلك تقول العرب. وكذلك سيد وميت ونحوهما لأنهما ياءان مدغّمة إحداهما في الأخرى يليها أخر الاسم. وهم ممَّا يحذفون هذه الياءات في غير الإضافة. فإذا أضافوا فكثرت الياءات وعدد الحروف ألزموا أنفسهم أن يحذفوا. فما جاء محذوفاً من نحو سيّد وميّت: هين وميت ولين وطيب وطيء فإذا أضفت لم يكن إلاَّ الحذف إذ كنت تحذف هذه الياء في غير الإضافة. تقول: سيديٌّ وطيبيٌّ إذا أضفت إلى طيب. ولا اراهم قالوا طائيٌّ إلاّ فراراً من طيئيٌّ وكان القياس طيئيٌّ وتقديرها طيغيٌّ ولكنهم جعلوا الألف مكان الياء وبنوا الاسم على هذا كما قالوا في زبينة: زبانيٌّ. وإذا أضفت إلى مهيمٍ قلت: مهيِّيميٌّ لأنَّك إذ حذفت الياء التي تلي الميم صرت إلى مثل أسيديّ فتقول: مهيميٌّ فلم يكونوا ليجمعوا على الحرف هذا الحذف كما أنَّهم إذا حقّروا عيضموز لم يحذفوا الواو لأنَّهم لو حذفوا الواو احتاجوا إلى أن يحذفوا حرفاً آخر حتَّى يصير إلى مثال التحقير فكرهوا أن يحملوا عليه هذا وحذف الياء. وستراه مبينَّاً في بابه إن شاء الله. فكان ترك هذه الياء إذ لم تكن متحركة كياء تميم وفصلت بين آخر الكلمة والياء المشدَّدة فكان أحبَّ إليهم ممَّا ذكرت لك وخفَّ عليهم تركها لسكونها تقول: مهيَّيميٌّ فلا تحذف منها شيئاً وهو تصغير مهوّم. وذلك قولك: مسلمون ورجلان ونحوهما فإذا كان شيء من هذا اسم رجل فأضفت إليه حذفت الزائدتين الواو والنون والألف والنون والياء والنون لأنَّه لا يكون في الاسم رفعان ونصبان وجراَّان فتذهب الياء لأنَّها حرف الإعراب ولأنه لا تثبت النون إذا ذهب ما قبلها لأنَّهما زيدتا معا ولا تثبتان إلاّ معا. وذلك قولك رجليٌّ ومسلميٌّ. ومن قال من العرب: هذه قنَّسرون ورأيت قنَّسرين وهذه يبرون ورأيت يبرين قال: يبريٌّ وقنسريٌّ. وكذلك ما اشبه هذا. ومن قال: هذه يبرين قال: يبرينيٌّ كما تقول: غسلينيٌّ وسريحين سريحينيٌّ. فأمّا قنَّسون ونحوها فكأنهم الحقوا الزائدتين قنَّسر وجعلوا الزائدة التي قبل النون حرف الإعراب كما فعلوا ذلك في الجمع.
هذا باب الإضافة إلى كلّ اسم لحقته التاء للجمع
وذلك مسلمات وتمرات ونحوهما. فإذا سمّيت شيئاً بهذا النحو ثم أضفت إليه: مسلميٌّ وتمريٌّ وتحذف كماا حذفت الهاء وصارت كالهاء في الإضافة كما صارت في المعرفة حين قلت: رأيت مسلماتٍ وتمراتٍ قبل. ولا يكون أن تصرف التاء بالنصب في هذا الموضع. ومثل ذلك قول العرب في أذرعات: أذرعيٌّ لا يقول أحد إلاّ ذاك. وتقول في عانات: عانيٌّ أجريت مجرى الهاء لأنَّها لحقت لجمع مؤنث كما لحقت الهاء الواحد للتأنيث فكذلك لحقته للجمع. ومع هذا أنها حذفت كما حذفت واو مسلمين في الإضافة كما شبّهوها بها في الإعراب. وتقول في الإضافة إلى محىّ: محتىٌّ وإن شئت قلت: محويٌّ.
هذا باب الإضافة إلى الاسمين اللذين ضمّ أحدهما إلى الآخر فجعلا اسما واحدا
كان الخليل يقول: تلقى الآخر منهما كما تلقى الهاء من حمزة وطلحة لأنَّ طلحة بمنزلة حضرموت. وقد بيّنا ذلك فيما ينصرف وما لا ينصرف. فمن ذلك خمسة عشر ومعدي يكرب في قول من لم يضف. فإذا أضفت قلت: معديٌّ وخمسيٌّ. فهكذا سبيل الباب. وصار بمنزلة المضاف في إلقاء أحدهما حيث كان من شيئين ضمّ أحدهما إلى الآخر. وليس بزيادة في الأول كما أنّ المضاف إليه ليس بزيادة في الأول المضاف. ويجيء من الأشياء التي هي من شيئين جعلا اسما واحدا ما لا يكون على مثاله الواحد نحو: أيادي سبا لأنه ثمانية أحرف ولم يجيء اسم واحد عدّته ثمانية أحرف. ونحو: شغر بغر ولم يكن اسم واحد توالت فيه ولا بعدّته من المتحرّكات ما في هذا كما أنه قد يجيء في المضاف والمضاف إليه ما لا يكون على مثله الواحد نحو صاحب جعفر وقدم عمر ونحو هذا مما لا يكون الواحد على مثاله. فمن كلام العرب أن يجعلوا الشيء كالشيء إذا أشبهه في بعض المواضع. وقالوا: حضرميٌّ كما قالوا: عبدريٌّ وفعلوا به ما فعلوا بالمضاف. وسألته عن الإضافة إلى رجل اسمه اثنا عشر فقال ثنويٌّ في قول من قال: بنويٌّ في ابن وإن شئت قلت: اثنىٌّ في اثنين كما قلت: ابنيٌّ وتحذف عشر كما تحذف نون عشرين فتشبَّه عشر بالنون كما شبَّهت عشر في خمسة عشر بالحاء. وأمّا اثنا عشر التي العدد فلا تضاف ولا يضاف إليها.
هذا باب الإضافة إلى المضاف من الأسماء اعلم أنّه لا بدّ من حذف أحد الاسمين في الإضافة.
والمضاف في الإضافة يجري في كلامهم على ضربين. فمنه ما يحذف منه الاسم الآخر ومنه ما يحذف منه الأوّل. وإنّما لزم الحذف أحد الاسمين لأنَّهما اسمان قد عمل أحدهما في الآخر وإنما تريد أن تضيف إلى الاسم الأوّل وذلك المعنى تريد. فإذا لم تحذف الآخر صار الأول مضافا إلى مضاف إليه لأنَّه لا يكون هو والآخر اسما واحدا ولا تصل إلى ذلك كما لا تصل إلى أن تقول: أبو عمرين وأنت تريد أن تثنَّي الأوّل. وقد يجوز: أبو عمرين إذا لم ترد أن تثنّيى الأب وأردت أن تجعله أبا عمرين اثنين. فالإضافة تفرد الاسم. فأمّا ما يحذف منه الأوّل فنحو: ابن كراع وابن الزُّبير تقول زبيريٌّ وكراعيٌّ وتجعل ياءي الإضافة في الاسم الذي صار به الأول معرفة فهو أبين وأشهر إذ كان به صار معرفةً. ولا يخرج الأول من أن يكون المضافون إليه وله. ومن ثمَّ قالوا في أبي مسلمٍ: مسلميٌّ لأنَّهم جعلوه معرفة بالآخر كما فعلوا ذلك بابن كراع غير أنَه لا يكون غالباً حتى يصير كزيد وعمرو وكما صار ابن كراع غالبا. وابو فلان عند العرب كابن فلان. ألا تراهم قالوا في أبي بكر بن كلابٍ: بكريٌّ كما قالوا في ابن دعلجٍ: دعلجيٌّ فوقعت الكنية عندهم موقع ابن فلان. وعلى هذا الوجه يجري في كلامهم وذلك يعنون وصار الآخر إذا كان الأول معرفةً بمنزلته لو كان علماً مفردا. وأمّا ما يحذف منه الآخر فهو الاسم الذي لا يعرَّف بالمضاف إليه ولكنَّه معرفة كما صار معرفةً يزيد وصار الأوَّل بمنزلته لو كان علما مفرداً لأنَّ المجرور لم يصر الاسم الأوّل به معرفةً لأنك لو جعلت المفرد اسمه صار به معرفةً كما يصير معرفةً إذا سمّيته بالمضاف. فمن ذلك: عبد القيس وامرؤ القيس فهذه الأسماء علامات كزيد وعمر فإذا أضفت قلت: عبديٌّ وامرئيٌّ ومرئيٌّ فكذلك هذا أشباهه. وسألت الخليل عن قولهم في عبد منافٍ منافيٌّ فقال: أمّا القياس فكما ذكرت لك إلاّ أنَّهم قالوا منافيٌّ مخافة الالتباس ولو فعل ذلك بما جعل اسمّا من شيئين جاز لكراهية الالتباس. وقد يجعلون للنَّسب في الإضافة اسماً بمنزلة جعفر ويجعلون فيه من حروف الأول والآخر ولا يخرجونه من حروفهما ليعرف كما قالوا سبطر فجعلوا فيه حروف السَّبط إذ كان المعنى واحدا. وسترى بيان ذلك في بابه إن شاء الله. فمن ذلك: عبشميٌّ وعبدريٌّ. وليس هذا بالقياس إنَّما قالوا هذا كما قالوا: علويٌّ وزبانيٌّ. فذا ليس بقياس كما أنَّ علويٌّ ونحو علويٌّ ليس بقياس. هذا باب الإضافة إلى الحكاية فإذا أضفت إلى الحكاية حذفت وتركت الصدر بمنزلة عبد القيس وخمسة عشر حيث لزمه الحذف كما لزمها وذلك قولك في تأبَّط شرا تأبطيٌّ. ويدلك على ذلك أنَّ من العرب من يفرد فيقول: يا تأبَّط أقبل فيجعل الأوّل مفردا. فكذلك تفرده في الإضافة. كذلك حيثما وإنما ولولا وأشباه ذلك تجعل الإضافة إلى الصدر. وسمعنا من العرب من يقول: كونيٌّ حيث أضافوا إلى كنت وأخرج الواو حيث حرّك النون.
هذا باب الإضافة إلى الجمع
اعلم أنّك إذا أضفت إلى جميع أبداً فإنَّك توقع الإضافة على واحده الذي كسّر عليه ليفرق بينه إذا كان اسماً لشيء واحد وبينه إذا لم ترد به إلاّ الجميع. فمن ذلك قول العرب في رجل من القبائل: قبليٌّ وقبليةٌّ للمرأة. ومن ذلك أيضاً قولهم في أبناء فارس بنويٌّ وقالوا في الرباب: ربيٌّ وإنَّما الربِّاب جماع وواحدة ربة فنسب إلى الواحد وهو كالطوائف. وقال يونس: إنَّما هي ربة ورباب كقولك: جعفرة وجفار وعلبة وعلاب والربةٌّ: الفرقة من الناس. وكذلك لو أضفت إلى المساجد قلت: مسجديٌّ ولو أضفت إلى الجمع قلت: جمعيٌّ كما تقول: ربيٌّ. وإن أضفت إلى عرفاء قلت: عريفيٌّ. فكذلك ذا واشباهه. وهذا قول الخليل وهو القياس على كلام العرب وزعم الخليل أن نحو ذلك قولهم في المسامعه مسمعي والمهالبة وتقول في الإضافة إلى نفر نفريٌّ ورهط رهطيٌّ لأن نفر بمنزلة حجر لم يكسر له واحد وإن كان فيه معنى الجميع. ولو قلت: رجليٌّ في الإضافة إلى نفر لقلت في الإضافة إلى الجمع: واحديٌّ وليس يقال هذا. وتقول في الإضافة إلى أناس: إنسانيٌّ وأناسيٌّ لأنه لم يكسّر له إنسان وهو أجود القولين. وقال أبو زيد: النسسبة إلى محاسن محاسنى لأنه لا واحد له. فصار بمنزلة نفر. وتقول في الإضافة إلى نساء: نسويٌّ أنه جماع نسوة وليس نسوة بجمع كسّر له واحد. وإن أضفت إلى عباديد قلت: عباديديٌّ لأنه ليس له واحد وواحده يكون على فعلولٍ أو فعليلٍ أو فعلال فإذا لم يكن واحد لم تجاوزه حتَّى تعلم فهذا أقوى من أن أحدث شيئاً لم تكلَّم به العرب. وتقول في الأعراب: أعرابيٌّ أنه ليس له واحد على هذا المعنى. ألا ترى أنَّك تقول: العرب فلا تكون على هذا المعنى فهذا يقوِّيه. وإذا جاء شيء من هذه الأبنية التي توقع الإضافة على واحدها اسماً لشيء واحد تركته في الإضافة على حاله ألا تراهم قالوا في أنمارٍ: أنماريٌّ لأنّ أنماراً اسم رجل وقالوا في كلاب: كلابيٌّ. ولو سمّيت رجلاً ضربات لقلت: ضربيٌّ لا تغيَّر المتحرِّكة لأنّك لا تريد أن توقع الإضافة على الواحد. وسألته عن قولهم: مدائنيٌّ فقال: صار هذا البناء عندهم اسماً لبلد. ومن ثم قالت بنو سعدٍ في الأبناء: أبناويٌّ كأنهم جعلوه اسم الحيّ والحيُّ كالبلد وهو واحد يقع على الجميع كما يقع المؤنث على المذكّر. وسترى ذلك إن شاء الله. وقالوا في الضِّباب إذا كان اسم رجل: ضبابيَّ وفي معافر: معافريٌّ. وهو فيما يزعمون معافر بن مرٍّ أخو تميم بن مرّ.
هذا باب ما يصير إذا كان علماً في الإضافة على غير طريقته وإن كان في الإضافة قبل أن يكون علماً على غير طريقة ما هو بنائه فمن قولهم في الطَّويل الجَّمة: جمَّاني وفي الطَّويل اللَّحية: اللحيانيِّ وفي الغليظ الرقبة: الرقبانيِّ. فإن سمّيت برقبة أو جمة أو لحية قلت: رقبيٌّ ولحيٌّ وجمَّيٌّ ولحويٌّ وذلك لأنّ المعنى قد تحوّل إنما أردت حيث قلت: جمانيٌّ الطويل الجمَّة وحيث قلت: اللِّحياني الطَّويل اللِّحية فلمّا ومن ذلك أيضاً قولهم في القديم السنِّ: دهريٌّ فإذا جعلت الدَّهر اسم رجل قلت: دهريٌّ. وكذلك ثقيف إذا حولته من هذا الموضع قلت ثقيفيٌّ. وقد بينّا ذلك فيما مضى.
باب من الإضافة تحذف فيه ياءي الإضافة
وذلك إذا جعلته صاحب شيء يزاوله أو ذا شيء. أمّا ما يكون صاحب شيء يعالجه فإنه مما يكون فعَّالاً وذلك قولك لصاحب الثياب: ثوَّاب ولصاحب العاج: عواج ولصاحب الجمال التي ينقل عليها: جمَّال ولصاحب الخمر التي يعمل عليها: حمار وللّذي يعالج الصرّف: صراف. وذا أكثر من أن يحصى. وربَّما ألحقوا ياءي الإضافة كما قالوا: البتِّيٌّ أضافوه إلى البتوت فأوقعوا الإضافة على واحده وقالوا: البتات. وأمَّا ما يكون ذا شيء وليس بصنعة يعالجها فإنَّه مما يكون فاعلا وذلك قولك لذي الدرع: ولذي النَّبل: نابل ولذي النُّشاب: ناشب ولذي التَّمر: تامر ولذي اللّبن: لابن. قال الحطيئة: ففررتني وزعمت أنَّك لابن بالصيف تامر وتقول لمن كان شيء من هذه الأشياء صنعته: لبَّان وتمّار ونبَّال. وليس في كلِّ شيء من هذا قيل هذا. ألا ترى أنَّك لا تقول لصلحب البرّ: برار ولا لصاحب وتقول: مكان آهل أي: ذو أهلٍ. وقال ذو الرمَّة: إلى عطنٍ رحب المباءة آهل وقالوا لصاحب الفرس: فارس. وقال الخليل: إنَّما قالوا: عيشة راضية وطاعم وكاس على ذا أي: ذات رضاً وذو كسوة وطعامٍ وقالوا: ناعل لذي النَّعل. وقال الشاعر: كليني لهمٍّ يا أميمة ناصب أي: لهمٍّ ذي نصب. وقالوا: بغَّال لصاحب البغل شبَّهوه بالأوَّل حيث كانت الإضافة لأنَّهم يشبَّهون الشيء بالشيء وإن خالفه. وقالوا لذي السيف: سيّاف وللجميع: سيّافة. وقال امرؤ القيس: وليس بذي رمحٍ فيطعنني به وليس بذي سيفٍ وليس بنبّال يريد: وليس بذي نبل. فهذا وجه ما جاء من الأسماء ولم يكن له فعل. وهذا قول الخليل.
باب ما يكون مذكَّرا يوصف المؤنَّث
وذلك قولك: امرأة حائض وهذه طامث كما قالوا: ناقة ضامر يوصف به المؤنَّث وهو مذكّر. فإنَّما الحائض وأشباهه في كلامهم على أنَّه صفة شيء والشيء مذكّر فكأنهم قالوا: هذا شيء حائض ثمَّ وصفوا به المؤنَّث كما وصفوا المذكّر بالمؤنَّث فقالوا: رجل نكحة. فزعم الخليل أنَّهم إذا قالوا حائض فإنَّه لم يخرجه على الفعل كما أنه حين قال: دارع لم يخرجه على فعل وكأنَّه قال: درعيٌّ. فإنَّما أراد ذات حيضٍ ولم يجيء على الفعل. وكذلك قولهم: مرضع إذا أراد ذات رضاعٍ ولم يجرها على أرضعت. ولا ترضع. فإذا أراد ذلك قال: مرضعة. وتقول: هي خائضة غداً لا يكون إلاّ ذلك لأنَّك إنَّما أجريتها على الفعل على هي تحيض غداً. هذا وجه ما لم يجر على فعله فيما زعم الخليل مما ذكرنا في هذا الباب. وزعم الخليل أنَّ فعولا ومفعالا ومفعلا نحو قؤول ومقوال إنَّما يكون في تكثير الشيء وتشديده والمبالغة فيه وإنَّما وقع كلامهم على أنَّه مذكّر. وزعم الخليل أنَّهم في هذه الأشياء كأنهم يقولون: قوليٌّ وضربيٌّ. ويستدلّ على ذلك بقولهم: رجل عمل وطعم ولبس فمعنى ذا كمعنى قؤول ومقوال في المبالغة إلاّ أن الهاء تدخله يقول: تدخل في فعل في التأنيث. وقالوا: نهر وإنّما يريدون نهاريٌّ فيجعلونه بمنزلة عمل وفيه ذلك المعنى. لست بليليٍ ولكنَّي نهر لا أدلج الليل ولكن أبتكر فقولهم: نهر في نهاري يدُّل على أن عملاً كقوله: عمليٌّ أن في عمل من المعنى ما في نهرٍ وقؤول كذلك لأنّه في معنى قوليّ. وقالوا: رجل حرح ورجل سته كأنه قال: حريٌّ واستيٌّ. وسألته عن قولهم: موت مائت شغل شاغل وشعر شاعر فقال: إنَّما يريدون في المبالغة والإجادة وهو بمنزلة قولهم: همّ ناصب وعيشة راضية في كلّ هذا. فهذا وجه ما كان من الفعل ولم يجر على فعله وهذا قول الخليل: يمتنع من الهاء في التأنيث في فعول وقد جاءت في شيء منه. وقال: مفعال ومفعيل قلّ ما جاءت الهاء فيه ومفعل قد جاءت الهاء فيه كثيراً نحو مطعنٍ ومدعسٍ ويقال: مصكٌّ ومصكٌّة ونحو ذلك.
هذا باب التثنية
اعلم أنَّ التثنية تكون في الرفع بالألف والنون وفي النصب والجرّ بالياء والنون ويكون الحرف الذي تليه الياء والألف مفتوحاً. أمَّا ما لم يكن منقوصاً ولا ممدوداً فإنّك لا تزيده في التثنية على أن تفتح آخره كما تفتحه في الصلة إذا نصبت في الواحد وذلك قولك: رجلان وتمرتان ودلوان وعدلان وعودان وبنتان وأختان وسيفان وعريانان وعطشانان وفرقدان وصمحمحان وعنكبوتان وكذلك هذه الأشياء ونحوهما. وتقول في النصب والجرِّ: رأيت رجلين ومررت بعنكبوتين تجريه كما وصفت لك.
هذا باب تثنية ما كان من المنقوص على ثلاثة أحرف
اعلم أنَّ المنقوص إذا كان على ثلاثة أحرف فإن الألف بدل وليست بزيادة كزيادة ألف حبلى. فإذا كان المنقوص من بنات الواو أظهرت الواو في التثنية لأنَّك إذا حركت فلا بد من ياء أو واو فالذي من الأصل أولى. فأمَّا ما كان من بنات الواو فمثل قفاً لأنه من قفوت الرجل تقول: قفوان وعصاً عصوان لأنَّ في عصاً ما في قفاً. تقول: عصوت ولا تميل ألفها وليس شيء من بنات الياء لا يجوز فيه إمالة الألف ورجاً رجوان لأنَّه من بنات الواو يدلُّك على ذلك قول العرب: رجا فلا يميلون الألف وكذلك الرِّضا تقول: رضوان لأنَّ الرِّضا من الواو يدلك على ذلك مرضوٌّ والرضوان. وأما مرضيٌّ فبمنزلة مسنيّة. والسَّنا بمنزلة القفا تقول: سنوان وكذلك ما ذكرت لك وأشباهه وإذاعلمت أنه من بنات الواو وكانت الإمالة تجوز في الألف أظهرت الواو لأنَّها ألف مكان الواو فإذا ذهبت الألف فالتي الألف بدل منها أولي. يدلّك على ذلك أنَّهم يقولون: غزا فيميلون الألف ثم يقولون: غزوا وقالوا: الكبا ثم قالوا الكبوان بذلك أبو الخطّاب عن أهل الحجاز. وسألت الخليل عن العشا الذي في العينين فقال: عشوان لأنَّه من الواو غير أنَّهم قد يلزمون بعض ما يكون من بنات الواو انتصاب الألف ولا يجيزون الإمالة تخفيفاً للواو. وأمّا الفتى فمن بنات الياء قالوا: فتيان وفتية وأمّا الفتوَّة والندوَّة فإنّما جاءت فيهما الواو لضمَّة ما قبلهما مثل لقضو الرجل من قضيت وموقن فجعلوا الياء تابعة. ولو سمَّيت رجلا بخطا قم ثنَّيت لقلت: خطوان لأنَّها من خظوت. ولو جعلت على اسما ثم ثنَّيت لقلت: علوان لأنَّها من علوت ولأنَّ ألفها لازمة الانتصاب وهي التي في قولك: على زيد درهم وكذلك الجميع بالتاء في جميع ذا لأنَّه يحرّك ألا تراهم قالوا: قنوات وأدوات وقطوات. وأما ما كان من بنات الياء فرحى وذلك لأنَّ العرب لا تقول إلاَّ رحىً ورحيان والعمى كذلك: عمىً وعميان وعميٌ: وتقول: عميان والهدى هديان لأنَّك تقول: هديت ولأنَّك قد تميل الألف في هدى. فهذا سبيل ما كان المنقوص على ثلاثة أحرف وكذلك الجميع بالتاء. فأمَّا ربا فربوان لأنَّك تقول: ربوت. فإذا جاء شيء من المنقوص ليس له فعل تثبت فيه الواو ولا له اسم تثبت فيه الواو وألزمت ألفه الانتصاب فهو من بنات الواو لأنَّه ليس شيء من بنات الياء يلزمه الانتصاب لا تجوز فيه الإمالة إنَّما يكون ذلك في بنات الواو وذلك نحو لدى وإلى وما أشبههما. وإنَّما تكون التثنية فيهما إذا صارتا اسمين وكذلك الجميع بالتاء. فإن جاء شيء من منقوص ليس له فعل تثبت فيه الياء ولا اسم تثبت فيه الياء وجازت الإمالة في ألفه فالياء أولى به في التثنية إلا أن تكون العرب قد ثنته فتبيَّن لك تثنيتهم من أي البابين هو كما استبان لك بقولهم: قنوان وقطوات أن القناة والقطاة من الواو. وإنَّما صارت الياء أولى حيث كانت الإمالة في بنات الواو وبنات الياء أنَّ الياء أغلب على الواو حتى تصيِّرها وسترى ذلك في أفعل وفي تثنية ما كان على أربعة أحرف. فلمَّا لم يستبن كان الأقوى أولى حتَّى يستبين لك وهذا قول يونس وغيره لأنَّ الياء أقوى وأكثر. وكذلك نحو متى إذا صارت اسماً وبلى وكذلك الجميع بالتاء.
هذا باب تثنية ما كان منقوصاً وكان عدة حروفه أربعة أحرف
فزائداً إن كانت ألفه بدلاً من الحرف الذي من نفس الكلمة أو كان زائداً غير بدل أمّا ما كانت الألف فيه بدلاً من حرف من نفس الحرف فنحو أعشى ومغزى وملهى ومغتزى ومرمى ومجرى تثنّى ما كان من ذا من بنات الواو كتثنية ما كان من بنات الياء لأنَّ أعشى ونحوه لو كان فعلاً لتحوّل إلى الياء. فلمّا صار لو كان فعلا لم يكن إلاَّ من الياء صار هذا النحو من الأسماء متحولا إلى الياء وصار بمنزلة الذي عدَّة حروفه ثلاثة وهو من بنات الياء. وكذلك مغزى لأنَّه لو كان يكون في الكلام مفعلت لم يكن إلاّ من الياء لأنَّها أربعة أحرف كالأعشى والميم زائدة كالألف وكلَّما فلمّا صار لو كان فعلا إلاَّ من الياء صار هذا النحو من الأسماء متحولا إلى الياء وصار بمنزلة الذي عدَّة حروفه ثلاثة وهو من بنات الياء. وكذلك مغزىً لأنَّه لو كان يكون في الكلام مفعلت لم يكن إلاّ من الياء لأنَّها أربعة أحرف كالأعشى والميم زائدة كالألف وكلمَّا ازداد الحرف كان من الواو أبعد. وأمّا مغتزى فتكون تثنيته بالياء كما أن فعله متحوّل إلى الياء. وذلك أعشيان ومغزيان ومغتزيان. وكذلك جمع ذا بالتاء كما كان جمع ما كان على ثلاثة أحرف بالتاء مثل التثنية. وأمّا ما كانت ألفه زائدة فنحو: حبلى ومعزى ودفلى وذفرى لا تكون تثنيته إلاّ بالياء لأنّك لو جئت بالفعل من هذه الأسماء بالزيادة لم يكن إلاّ من الياء كسلقيته وذلك قولك: حبليان ومعزيان ودفليان وذفريان. وكذلك جمعها بالتاء.
باب جمع المنقوص بالواو والنون في الرفع
وبالنون والياء في الجرّ والنصب اعلم أنَّك تحذف الياء وتدع الفتحة التي كانت قبل الألف على حالها وإنما حذفت لأنه لا يلتقي ساكنان ولم يحركا كراهية الياءين مع الكسرة والياء مع الضمّة والواو حيث كانت معتلّة وإنّما كرهوا ذا كما كرهوا في الإضافة إلى حصى حصيٌّ. وإن جمعت قفاً اسم رجل قلت: قفون حذفت كراهية الواوين مع الضمَّة وتوالي الحركات. وأمّا ما كان على أربعة ففيه ما ذكرنا مع عدّة الحروف وتوالي حركتين لازماً فلما كان معتلاً كرهوا أن يحركوه على ما يستثقلون إذ كان التحريك مستثقلاً وذلك قولك: رأيت مصطفين وهؤلاء مصطفون ورأيت حبنطين وهؤلاء خبنطون ورأيت قفين وهؤلاء قفون.
هذا باب تثنية الممدود
اعلم أنَّك كلَّ ممدود كان منصرفاً فهو في التثنية والجمع بالواو والنون في الرفع وبالياء والنون في الجر والنصب بمنزلة ما كان آخره غير معتلّ من سوى ذلك. وذلك نحو قولك: علباءان فهذا الأجود الأكثر. فإن كان الممدود لا ينصرف وآخره زيادة جاءت علامة للتأنيث فإنك إذا ثنيته أبدلت واواً كما تفعل ذلك في قولك: حنفاويٌّ وكذلك إذا جمعته بالتاء. واعلم أنَّ ناساً كثيراً من العرب يقولون: علباوان وحرباوان شبّهوها ونحوهما بحمراء حيث كان زنة هذا النحو كزنته وكان الآخر زائداً كما كان آخره حمراء زائداً وحيث مدّت كما وقال ناس: كساوان وغطاوان وفي رداء رداوان فجعلوا ما كان آخره بدلاً من شيء من نفس الحرف بمنزلة علباء لأنَّه في المد مثل وفي الإبدال وهو منصرف كما انصرف فلمَّا كان حاله كحال علباء إلاَّ أنَّ آخره بدل من شيء من نفس الحرف تبع علباءٍ كما تبع علباء حمراء وكانت الواو أخف عليهم حيث وجد لها شبه من الهمزة. وعلباوان أكثر من قولك كساوان في كلام العرب لشبهها بحمراء. وسألت الخليل عن قولهم: عقلته بثنايين وهنايين لم لم يهمزوا فقال: تركوا ذلك حيث لم يفرد الواحد ثم يبنوا عليه فهذا بمنزلة السَّماوة لمَّا لم يكن لها جمع كالعظاء والعباء يجيء عليه جاء على الأصل. والذين قالوا: عباءة جاءوا به على العباء. وإذا قلت: عباية فليس على العباء. ومن ثم زعم قالوا مذروان فجاءوا به على الأصل فشبّهوها بذا حيث لم يفرد واحده. وقالوا لك نقاوة ونقاوة. وإنَّما صارت واواً لأنها ليست آخر الكلمة. وقالوا لواحده: نقوة لأنَّ أصلها كان من الواو.
باب لا تجوز فيه التثنية والجمع بالواو والياء والنون
وذلك نحو: عشرين وثلاثين والاثنين. لو سمّيت رجلا بمسلمين قلت: هذا مسلمون أو سمّيته برجلين قلت: هذا رجلان لم تثنَّه أبداً ولم تجمعه كما وصفت لك من قبل أنَّه لا يكون في اسم واحد رفعان ولا نصبان ولا جران ولكنك تقول: كلُّهم مسلمون واسمهم مسلمون وكلُّهم رجلان واسمهم رجلان. ولا يحسن في هذا إلا هذا الذي وصفت لك وأشباهه. وإنَّما امتنعوا أن يثنّوا عشرين حين لم يجيزوا عشرونان واستغنوا عنها بأربعين. ولو قلت ذا لقلت مائانان وألفانان وأثنانان وهذا لا يكون وهو خطأ لا تقوله العرب. وإنما أوقعت العرب الاثنين في الكلام على حد قولك: اليوم يومان واليوم خمسة عشر من الشهر. والذين جاءوا بها فقالوا: أثناء إنَّما جاءوا بها على حدّ الاثن كأنَّهم قالوا: اليوم الاثن. وقد بلغنا أنَّ بعض العرب يقول: اليوم الثُّنى. فهكذا الاثنان كما وصفنا ولكنَّه صار بمنزلة الثَّلاثاء والأربعاء اسماً غالبا فلا تجوز تثنيته. وأمّا مقبلات فتجوز فيها التثنية إذا صارت اسم رجل لأنَّه لا يكون فيه رفعان ولا نصبان ولا جرّان فهي بمنزلة ما في آخره هاء في التثنية والجمع بالتاء. وذلك قولك في أذرعتان: أزرعاتان وفي تمرات اسم رجل: تمراتان. فإذا جمعت بالتاء قلت: تمرات تحذف تحذف وتجيء أخرى كما تفعل ذلك بالهاء إذا قلت: تمرة وتمرات.
باب جمع الاسم الذي في آخره هاء التأنيث
زعم يونس أنَّك إذا سمّيت رجلا طلحة أو امرأة أو سلمة أو جبلة ثم أردت أن تجمع جمعته بالتاء كما كنت جامعه قبل أن يكون اسماً لرجل أو امرأة على الأصل. ألا تراهم وصفوا المذكّر وبالمؤنث قالوا: رجل ربعة وجمعوها بالتاء: فقالوا ربعات ولم يقولوا: ربعون. وقالوا: طلحة الطلحات ولم يقولوا: طلحة الطَّلحين. فهذا يجمع على الأصل لا يتغيّر عن ذلك كما أنَّه إذا صار وصفا للمذكّر لم تذهب الهاء. فإما حبلى فلو سمّيت بها رجلا أو حمراء أو خنفساء لم تجمعه بالتاء وذلك لأن تاء التأنيث تدخل على هذه الألفات فلا تحذفها. وذلك قولك حبليات وحباريات وخنفساوات. فلمَّا صارت تدخل فلا تحذف شيئاً أشبهت هذه عندهم أرضات ودريهمات. فأنت لو سمّيت رجلاً بأرض لقلت: أرضون ولم تقل: أرضات لأنه ليس ههنا حرف تأنيث يحذف فغلب على حبلى التذكير حيث صارت الألف لا تحذف وصارت بمنزلة ألف حبنطي التي لا تجيء للتأنيث. ألا تراهم قالوا: زكريّاوون فيمن مدّ وقالوا زكريَّون فيمن قصر. واعلم أنَّك لا تقول في حبلى وعيسى وموسى إلاَّ حبلون وعيسون وموسون وعيسون وموسون خطأ. ولو كنت لا تحذف ذا لئلا يلتقي ساكنان وكنت إنَّما تحذفها وأنت كأنك تجمع حبل وموس لحذفتها في التاء فقلت: حبارات وحبلات وشكاعات وهو نبت. وإذا جمعت ورقاء اسم رجل بالواو والنون وبالياء والنون جئت بالواو ولم تهمز كما فعلت ذلك في التثنية والجمع بالتاء فقلت: ورقاوون. وسمعت من العرب من يقول: ما اكثر الهبيرات يريد جمع الهبيرة واطَّرحوا هبيرين كراهية أن يصير بمنزلة ما لا علامة فيه.
باب جمع أسماء الرجال والنساء
اعلم أنَّك إذا جمعت اسم رجل فأنت بالخيار: إن شئت ألحقته الواو والنون في الرفع والياء والنون في الجرّ والنصب وإن شئت كسّرته للجمع على حدّ ما تكسَّر عليه الأسماء للجمع. وإذا جمعت اسم امرأة فأنت بالخيار إن شئت جمعته بالتاء وإن شئت كسَّرته على حدّ ما تكسَّر عليه الأسماء للجمع. فإن كان آخر الاسم هاء التأنيث لرجل أو امرأة لم تدخله الواو والنون ولا تلحقه في الجمع إلاّ فمن ذلك إذا سمّيت رجلا بزيد أو عمرو أو بكر كننت بالخيار إن شئت قلت: زيدون وإن شئت قلت: أزياد كما قلت: أبيات وإن شئت قلت الزُّيود وإن شئت قلت: العمرون وإن شئت قلت: العمور والأعمر وإن شئت قلتها ما بين الثلاثة إلى العشرة. وكذلك بكر. قال الشاعر وهو رؤبة فيما لحقته الواو والنون في الرفع والياء والنون في الجرّ والنصب: أنا ابن سعد أكرم السَّعدينا والجمع هكذا في الأسماء كثير وهو قول يونس والخليل. وإن سمّيته ببشرٍ أو بردٍ أو حجر فكذلك إن شئت ألحقت فيه ما الحقت في بكر وعمروٍ وإن شئت كسّرت فقلت: أبراد وأبشار وأحجار. وقال الشاعر فيما كسّر واحده وهو زيد الخيل: ألا أبلغ الأقياس قيس بن نوفلٍ ** وقيس بن أهبان وقيس بن جابر وقال الشاعر: رأيت سعوداً من شعوب كثيرة ** فلم أر سعداً مثل سعد بن مالك وقال الشاعر وهو الفرزدق: وشيَّد لي زرارة باذخاتٍ ** وعمرو الخير إذ ذكر العمور وقال الشاعر: رايت الصَّدع من كعبٍ وكانوا ** من الشنآن قد صاروا كعابا وإذا سمَّيت امرأة بدعدٍ فجمعت بالتاء قلت: دعدات فثقلت كما ثقَّلت أرضات لأنَّك إذا جمعت الفعل بالتاء فهو بمنزلة جمعك الفعلة من الأسماء. وقولهم: أرضات دليل على ذلك. وإذا جمعت جمل على من قال: ظلمات قلت: جملات وإن شئت كسَّرتها كما كسَّرت عمراً فقلت: أدعد. وإن سمَّيت بهندٍ أو جملٍ فجمعت بالتاء فقلت: جملات ثقَّلت في قول من ثقَّل ظلمات وهندات فيمن ثقل في الكسرة فقال: كسرات - ومن العرب من يقول كسرات - وإن شئت كسّرت كما كسّؤت بردا وبشرا فقلت: أهناد وأجمال. وإن سمّيت امرأة بقدمٍ فجمعت بالتاء قلت: قدمات كما تقول هندات وجملات تسكِّن وتحرِّك هذين خاصَّة وإن شئت كسَّرت كما كسَّرت حجراً. قال الشاعر فيما كسّر للجمع وهو جرير: أخالد قد علقتك بعد هندٍ ** فشيّبني الخوالد والهنود وقالوا: الهنود كما قالوا: الجذوع وإن شئت قلت: الأهناد كما تقول: الأجذاع. وإن سمّيت رجلا بأحمر فإن شئت قلت: أحمرون وإن شئت كسَّرته فقلت: الأحامر ولا تقول: الحمر لأنَّه الآن اسم وليس بصفة كما تجمع الأرانب والأرامل كما قلت: أداهم حين تكلَّمت بالأدهم كما يكلم بالأسماء وكما قلت: الأباطح. وإن سمّيت امرأة بأحمر فإن شئت قلت: أحمرات وإن شئت كسرته كما تكسِّر الأسماء فقلت: الأحامر. وكذلك كسَّرت العرب هذه الصفات حين صارت أسماء قالوا: الأجارب والأشاعر. والأجارب بنو أجرب وهو جمع أجرب. وإن سمّيت رجلا بورقاء فلم تجمعه بالواو والنون وكسَّرته فعلت به ما فعلت بالصَّلفاء إذا جمعت وذلك قولك: صلاف وخبراء وخبارٍ وصحراء وصحار فورقاء تحوَّل اسماً كهذه الأشياء فإن كسَّرتها كسّرتها هكذا. وكذلك إن سمّيت بها امرأة فلم تجمع بالتاء. وإن سمّيت رجلا بمسلمٍ فأردت أن تكسِّر ولا تجمع بالواو والنون قلت: مسالم لأنه اسم مثل مطرف. وإن سميته بخالدٍ فأردت أن تكسَّر للجميع قلت: خوالد لأنَّه صار اسماً بمنزلة القادم والآخر وإنّما تقول: القوادم والأواخر. والأناسي وغيرهم في ذا سواء. ألا تراهم قالوا: غلام ثم قالوا: غلمان كما قالوا: غربان وقالوا: صبيان كما قالوا: قضبان وقد قالوا: فوارس في الصِّفة فهذا أجدر أن يكون. والدَّليل على ذلك أنّك لو أردت أن تجمع قوماً على خالد وحاتم كما ولو سمَّيت رجلاً بقصعة فلم تجمع بالتاء قلت: القصاع وقلت: قصعات إذا جمعت بالتاء. ولو سمّيت رجلاً أو امرأة بعبلةٍ ثم جمعت بالتاء لثقّلت كما ثقلت تمرة لأنها صارت اسما. وقد قالوا: العبلات فثقّلوا حيث صارت اسماً وهم حيٌّ من قريش. ولو سمّيت رجلاً أو امرأة بسنةٍ لكنت بالخيار إن شئت قلت: سنوات وإن شئت قلت: سنون لا تعدو جمعهم إياها قبل ذلك لأنَّها ثمَّ اسم غير وصف كما هي ههنا اسم غير وصف. فهذا اسم قد كفيت جمعه. ولو سمّيته ثبةً لم تجاوز أيضا جمعهم إيّاها قبل ذلك ثبات وثبون. ولو سمّيته بشيةٍ أو ظبةٍ لم تجاوز شيات وظبات لأنَّ هذا اسم لم تجمعه العرب إلاَّ هكذا. فلا تجاوزنَّ ذا في الموضع الآخر لأنَّه ثم اسم كما أنَّه ههنا اسم. فكذلك فقس هذه الأشياء. وسألته عن رجل يسمَّى بابنٍ فقال: إن جمعت بالواو والنون قلت: بنون كما قلت قبل ذلك وإن شئت كسّرت فقلت: أبناء. وسألته عن امرأة تسمَّى بأمٍ فجمعها بالتاء وقال: أمَّهات وأمَّات في لغة من قال: أمَّات لا يجاوز ذلك كما أنَّك لو سمّيت رجلاً بأبٍ ثم ثنّيته لقلت: أبوان لا تجاوز ذلك. وإذا سمّيت رجلاً باسم فعلت به ما فعلت بابنٍ إلاَّ أنَّك لا تحذف الألف لأنَّ القياس كان في ابنٍ أن لا تحذف منه الألف كما لم تحذفه في التثنية ولكنَّهم حذفوا لكثرة استعمالهم إيّاه فحرّكوا الباء وحذفوا الألف كمنين وهنين: ولو سمّيت رجلاً بامرئ لقلت: امرءون. وإن شئت كسّرته كما كسّرت ابناً واسماً وأشباهه. ولو سمّيته بشاةٍ لم تجمع بالتاء ولم تقل إلاَّ: شياه لأنَّ هذا الاسم قد جمعته العرب فلم تجمعه بالتاء. ولو سمّيت رجلاً بضرب لقلت: ضربون وضروب لأنّه قد صار اسماً بمنزلة عمرو وهم قد يجمعون المصادر فيقولون: أمراض وأشغال وعقول فإذا صار اسماً فهو أجدر أن يجمع بتكسير. وإن سمّيته بربة في لغة من خفَّف فقال: ربة رجلٍ فخفّف ثم جمعت قلت: ربات وربون في لغة من قال: سنون. ولا يجوز ظبون في ظبةٍ لأنَّه اسم جمع ولم يجمعوه بالواو والنون. ولو كانوا كسَّروا ربة وامرأً أو جمعوه بواو ونون فلم يجاوزا به ذلك لم تجاوزه ولكنَّهم لمَّا لم يفعلوا ذلك شبَّهاه بالأسماء. وأمّا عدة فلا تجمعه إلاَّ عدات. لأنَّه ليس شيء مثل عدةٍ كسّر للجمع ولكنك إن شئت قلت: عدون إذا صارت اسما كما قلت: لدون. ولو سمّيت رجلا شفةً أو أمةً ثم قلت: آم في الثلاثة إلى العشرة وأمَّا في الكثير فإماء ولقلت في شفةٍ: شفاه. ولو سمّيت امرأة بشفةٍ أو أمةٍ ثم كسّرت لقلت: آم وشفاه وإماء ولا تقل: شفات ولا أمات لأنَّهن أسماء قد جمعن ولم يفعل بهنّ هذا. ولا تقل إلاَّ آمٍ في أدنى العدد لأنه ليس بقياس. فلا تجاوز به هذا لأنَّها أسماء كسّرتها العرب وهي في تسمّيتك بها الرّجال والنساء أسماء بمنزلتها هنا. وقال بعض العرب: أمة وإموان كما قالوا: أخ وإخوان قال الشاعر وهو القتّال الكلابّي: أمَّا الإماء فلا يدعونني ولداً ** إذا ترامي بنو الإموان بالعار ولو سمّيت رجلاً ببرةٍ ثم كسّرت لقلت: برّى مثل ظلمٍ كما فعلوا به ذلك قبل التسمية لأنَّه قياس. وإذا جاء شيء مثل برة لم تجمعه العرب ثم قست وألحقت التاء والواو والنون لأن الأكثر مما فيه هاء التأنيث من الأسماء التي على حرفين جمع بالتاء والواو والنون ولم يكسر على الأصل. وإذا سمّيت رجلاً أو امرأة بشيء كان وصفا ثم أردت أن تكسِّره كسّرته على حدّ تكسيرك إيّاه لو كان على القياس. فإن كان اسماً قد كسّرته العرب لم تجاوز ذلك. وذلك أن لو سمّيت رجلاً بسعيدٍ أو شريفٍ وجمعته كما تجمع الفعيل من الأسماء التي لم تكن صفة قط فقلت: فعلان وفعل إن أردت أن تكسّره كما كسّرت عمراً حين قلت: العمور. ومن قال: أعمر قال في هذه أفعلة. فإذا جاوزت ذلك كسّرته على المثال الذي كسّر عليه الفعيل في الأكثر وذلك نحو: رغيفٍ وجريبٍ تقول: أرغفة وأجربة وجربان ورغفان. وقد يقولون: الرغف كما قالوا: قضب الرَّيحان. قال لقيط بن زرارة: إنّ الشِّواء والنَّشيل والرُّغف وقالوا: السُّبل وأميل وأمل. وأكثر ما يكسَّر هذا عليه: الفعلان والفعلان والفعل. وربما قالوا: الأفعلاء في السماء نحو: الأنصباء والأخمساء. وذلك نحو الأوّل الكثير. فلو سمّيت رجلاً بنصيب لقلت: أنصباء إذا كسّرته. ولو سمّيته بنسيب ثم كسّرته لقلت: أنسباء لأنَّه جمع كما جمع النَّصيب وذلك لأنَّهم يتكلّمون به كما يتكلمون بالأسماء. وأمَّا والد وصاحب فإنَّهما لا يجمعان ونحوهما كما يجمع قادم الناقة لأنَّ هذا وإن تكلم به كما يتكلم بالأسماء فإنّ أصله الصفة وله مؤنَّث يجمع بفواعل فأرادوا أن يفرقوا بين المؤنَّث والمذكّر وصار بمنزلة المذكّر الذي يستعمل وصفا نحو: ضاربٍ وقاتلٍ. وإذا جاء صفة قد كسّرت كتكسيرهم إيَّاها لو كانت اسما ثم سمّيت بها رجلا كسّرته على ذلك التكسير لأنَّه كسِّر تكسير الأسماء فلا تجاوزنَّه. ولو سمّيت رجلاً بفعال نحو جلالٍ لقلت: أجلَّة على حدّ قولك أجربة فإذا جاوزت ذلك قلت: جلاَّن لأنَّ فعالا في الأسماء إذا جاوز الأفعلة إنَّما يجيء عاَّمته على فعلانٍ فعليه تقيس على الأكثر. وإذا كسَّرت الصفة على شيء قد كسِّر عليه نظيرها من الأسماء كسَّرتها إذا صارت اسماً على ذلك وذلك شجاع وشجعان مثل زقاقٍ وزقَّان وفعلوا ما ذكرت لك بالصفة إذا صارت اسماً كما قلت في الأحمر: الأحامر والأشقر: الأشاقر فإذا قالوا: شقر أو شقران فإنَّما يحمل على الوصف كما أنَّ الذين قالوا: حارث قالوا: حوارث إذا أرادوا أن يجعلوا ذلك اسماً. ومن أراد أن يجعل الحارث صفةً كما جعلوه الذي يحرث جمعوه كما جمعوه صفة إلاّ أنَّه غالب كزيدٍ. ولو سمَّيت رجلا بفعيلةٍ ثم كسَّرته قلت: فعائل. ولو سمَّيته باسم قد كسَّروه فجعلوه فعلا في الجمع مما كان فعيلةً نحو: الصَّحف والسَّفن أجريته على ذلك في تسميتك به الرجل والمرأة وإن سمّيته بفعيلة صفةً نحو: القبيحة والظريفة لم يجز فيه إلاَّ فعائل لأنَّ الأكثر فعائل فإنَّما تجعله ولو سمّيت رجلا بعجوز لجاز فيه العجز لأنَّ الفعول من الأسماء قد جمع على هذا نحو عمودٍ وعمدٍ وزبور وزيرٍ. وسألت الخليل عن أبٍ فقال: إن ألحقت به النون والزيادة التي قبلها قلت: أبون وكذلك أخ تقول: أخون لا تغيِّر البناء إلا أن تحدث العرب شيئاً كما تقول: دمون. ولا تغيِّر بناء الأب عن حال الحرفين لأنَّه عليه بني إلاَّ أن تحدث العرب شيئاً كما بنوه على غير بناء الحرفين. وقال الشاعر: فلما تبيَّن أصواتنا ** بكين وفدَّيننا بالأبينا أنشدناه من نثق به وزعم أن جاهلي. وإن شئت كسَّرت فقلت: آباء وآخاء. وأمّا عثمان ونحوه فلا يجوز فيه أن يكسِّره لأنك توجب في تحقيره عثيمين فلا تقول عثامين فيما يجب له عثيمان ولكن عثمانون. كما يجب عثيمان لأنَّ أصل هذا أن يكون الغالب عليه باب غضبان إلاّ أن تكسِّر العرب شيئاً منه عل مثال فعاعيل فيجيء التحقير عليه. ولو سمّيت رجلا بمصران ثمَّ حقَّرته قلت: مصيران ولا تلتفت إلى مصارين لأنك تحقِّر المصران كما تحقِّر القضبان فإذا صار اسماً جرى مجري عثمان لأنه قبل أن يكون اسماً لم باب يجمع فيه الاسم إن كان لمذكَّر أو مؤنث بالتاء كما يجمع ما كان آخره هاء التأنيث وتلك الأسماء التي آخرها تاء التأنيث فمن ذلك بنت إذا كان اسماً لرجل تقول: بنات من قبل أنَّها تاء التأنيث لا تثبت مع تاء الجمع كما لا تثبت الهاء فمن ثمّ صيرت مثلها. وكذلك هنت وأخت لا تجاوز هذا فيها. وإن سمَّيت رجلاً بذيت ألحقت تاء التأنيث فتقول: ذيات وكذلك هنت اسم رجل تقول: هنات.
باب ما لا يكسِّر مما كسّر للجمع وما لا يكسَّر من أبنية الجمع
إذا جعلته اسماً لرجل أو امرأة أما ما لا يكسَّر فنحو: مساجد ومفاتيح لا تقول إلاَّ مساجدون ومفاتيحون فإن عنيت نساء قلت: مساجدات ومفاتيحات وذلك لأنَّ هذا المثال لا يشبه الواحد ولم يشبَّه به فيكسَّر على ما كسّر عليه الواحد الذي على ثلاثة أحرف. وهو لا يكسَّر على شيء لأنّه الغاية التي ينتهي إليها ألا تراهم قالوا: سراويلات حين جاء على مثال ما لا يكسَّر. وأمَّا ما يجوز تكسيره فرجل سمَّيته بأعدالٍ أو أنمارٍ وذلك قولك: أعاديل وأنامير لأنَّ هذا المثال قد يكسَّر وهو جميع فإذا صار واحداً فهو أجدر أن يكسَّر. قالوا: أقاويل في أقوال وأبابيت في أبياتٍ وأناعيم في أنعامٍ. وكذلك أجربة تقول فيها: أجارب لأنَّهم قد كسَّروا هذا المثال وهو جميع وقالوا: في الأسقية: أساقٍ. وكذلك لو سمّيت رجلاً بأعبدٍ جاز فيه الأعابد لأنَّ هذا المثال يحقَّر كما يحقَّر الواحد ويكسَّر وهو جميع فإذا صار واحداً فهو أحسن أن يكسَّر قالوا: أيدٍ وأيادٍ وأوطب وأواطب. وكذلك كلّ شيء بعدد هذا مما كسّر للجمع فإن كان عدة حروفه ثلاثة أحرف فهو يكسّر على قياسه لو كان اسماً واحداً لأنه يتحوَّل فيصير كخزرٍ وعنبٍ ومعيٍ ويصير تحقيره كتحقيره لو كان اسماً واحداً. ولو سمّيت رجلا بفعول جاز أن تكسّره فتقول: فعائل لأنّ فعولا قد يكون الواحد على مثاله كالأتي والسُّدوس. ولو لم يكن واحداً لم يكن بأبعد من فعولٍ من أفعال من إفعالٍ. وبكون مصدراً والمصدر واحد كالقعود والرُّكوب. ولو كسّرته اسم رجل لكان تكسيره كتكسير الواحد الذي في بنائه نحو فعول إذا قلت: فعائل. ففعول بمنزلة فعالٍ إذا كان جميعاً. والفعال نحو: جمالٍ إن سمّيت بها رجلا لأنَّها على مثالٍ جرابٍ. ولو سمّيت رجلا بتمرة لكانت كقصعة لأنَّها قد تحولت عن ذلك المعنى لست تريد فعلةً من فعلٍ فيجوز فيها تمار كما جاز قصاع.
باب جمع الأسماء المضافة
إذا جمعت عبد الله ونحوه من الأسماء وكسَّرت قلت: عباد الله وعبيد الله كتكسيرك إيَّاه لو كان مفردا. وإن شئت قلت: عبدو الله كما قلت: عبدون لو كان مفردا وصار هذا فيه حيث صار علما كما كان في حجر حجرون حيث صار علما. وإذا جمعت أبا زيدٍ قلت: آباء زيدٍ ولا تقول: أبو زيدين لأنَّ هذا بمنزلة ابن كراع إنّما يكون معرفة بما بعده. والوجه أن تقول: آباء زيدٍ وهو قول يونس. وهو أحسن من آباء الزَّيدين وإنَّما أردت أن تقول: كلّ واحدٍ منهم يضاف إلى هذا الاسم. وهذا مثل قولهم: بنات لبونٍ إنَّما أردت كلَّ واحدة تضاف إلى هذه الصفة وهذا الاسم. ومثل ذلك ابنا عمٍ وبنو عمٍ وابنا خالة كأنَّه قال: هما ابنا هذا الاسم تضيف كلَّ واحد منهما إلى هذه القرابة فكأنه قال: هما مضافان إلى هذا القول. وآباء زيدٍ نحو هذا وبنات لبون. وتقول: أبو زيد تريد أبون على إرادتك الجمع الصحيح.
باب من الجمع بالواو والنون
وتكسير الاسم سألت الخليل عن قولهم. الأشعرون فقال: إنما ألحقوا الواو والنون كما كسّروا فقالوا: الأشاعر والأشاعث والمسامعة فكلما كسّروا مسمعاً والأشعث حين أرادوا بني مسمع وبني الأشعث ألحقوا الواو والنون. وكذلك الأعجمون. وقد قال بعضهم: النُّميرون. وليس كل هذا النحو تلحقه الواو والنون كما ليس كلُّ هذا النحو يكسَّر ولكن تقول فيما قالوا: وكذلك وجه هذا الباب. وسألوا الخليل عن مقتويٍ ومقتوين فقال: هذا بمنزلة الأشعري والأشعرين. فإن قلت: لم لم يقولوا مقتون فإن شئت قلت: جاءوا به على الأصل كما قالوا: مقاتوهُ. حدثنا بذلك أبو الخطّاب عن العرب. وليس كلُّ العرب يعرف هذه الكلمة. وإن شئت قلت: هو بمنزلة مذروين حيث لم يكن له واحد يفرد. وأمَّا النَّصارى فإنه جماع نصرىٍ ونصران كما قالوا: ندمان وندامى وفي مهري مهارى وإنَّما شبَّهوا هذا ببخاتي ولكنَّهم حذفوا إحدى الياءين كما حذفوا من أُثفية وأبدولا مكانها ألفاً كما قالوا صحارى. هذا قول الخليل. وأمَّا الذي نوجِّهه عليه فأنَّه جاء على نصرانة لأنَّه قد تكلم به في الكلام فكأنَّك جمعت نصران كما جمعت الأشعث ومسمعا وقلت نصارى كما قلت ندامى فهذا أقيس والأول مذهب. يعني طرح إحدى الياءين حيث جمعت وإن كانت للنسب كمال تطرح للتحقير من ثماني فتقول: ثمين وأدع ياء الإضافة كما قلت في بختيةٍ بالتثقيل في الواحد والحذف في الجمع إذ جاءت مهارى وأنت تنسبها إلى مهرة. وأن يكون جمع نصران أقيس إذ لم نسمعهم قالوا: نصرىٌّ. قال أبو الأخزر الحمّانّي: فكلتاهما خرَّت وأسجد رأسها كما سجدت نصرانةٌ لم تحنَّف $$ باب تثنية الأسماء المبهمة التي أواخرها معتلّة وتلك الأسماء: ذا وتا والذي والتي فإذا ثنيّت ذا قلت: ذان وإن ثنيت تا قلت: تان وإن ثنيّت الذي قلت: اللَّذان وإن جمعت فألحقت الواو والنون قلت: اللَّذون. وإنما حذفت الياء والألف لتفرق بينها وبين ما سواها من الأسماء المتمكّنة غير المبهمة كما فرقوا بينها وبين ما سواها في التحقير. واعلم أنَّ هذه الأسماء لا تضاف إلى الأسماء كما تقول: هذا زيدك لأنها لا تكون نكرة فصارت لاتضاف كما لا يضاف ما فيه الألف واللام.
باب ما يتغيّر في الإضافة إلى الاسم
إذا جعلته اسم رجل أو امرأة ومالا يتغيّر إذا كان اسم رجل أو امرأة. أمَّا مالا يتغير فأبٌ وأخٌ ونحوهما تقول: هذا أبوك وأخوك كإضافتهما قبل أن يكونا اسمين لأن العرب لمَّا ردّته في الإضافة إلى الأصل والقياس تركته على حاله في التسمية كما تركته في التثنية على حاله. وذلك قولك: أبوان في رجل اسمه أبٌ فأمَّا فمٌ اسم رجل فإنَّك إذا أضفته قلت: فمك وكذلك إضافة فمٍ. والذين قالوا: فوك لم يحذفوا الميم ليردوا الواو ففوك لم يغيَّر له فمٌ في الإضافة. وإنَّما فوك بمنزلة قولك: ذو مالٍ. فإذا أفردته وجعلته اسماً لرجل ثم أضفته إلى اسم لم تقل: ذُوك لأنه لم يكن له اسم مفرد ولكن تقول: ذواك. وأما مايتغيّر: فلدى وإلى وعلى إذا صرن أسماء لرجال أو لنساء قلت: هذا لداك وعلاك وهذا إلاك. وإنما قالوا: لديك وعليك وإليك في غير التسمية ليفرقوا بينها وبين الأسماء المتمكنة كما فرقوا بين عنّى ومنّى وأخواتها وبين هنى فلمَّا سميت بها جعلتها بمنزلة الأسماء كما أنَّك لو سميت بعن أو من قلت: عني كما تقول هني. وحدثنا الخليل أن ناساً من العرب يقولون: علاك ولداك وإلاك. وسألت الخليل عمن قال: رأيت كلا أخويك ومررت بكلا أخويك ثم قال: مررت بكليهما فقال: جعلوه بمنزلة عليك ولديك في الجر والنصب لأنَّهما ظرفان يستعملان في الكلام مجرورين ومنصوبين فجعل كلا بمنزلتهما حين صار في موضع الجر والنصب. وإنَّما شبَّهوا كلا في الإضافة بعلى لكثرتهما في كلامهم ولأنَّهما لايخلوان من الإضافة. وقد يشبَّه الشيء بالشيء وإن كان ليس مثله في جميع الأشياء. وقد بيّن ذلك فيما مضى وستراه فيما بقى إن شاء الله كما شبّه أمس بغاق وليس مثله وكما قالوا: من القوم فشبَّهوها بأين. ولا تفرد كلا إنَّما تكون للمثنى أبداً.
باب إضافة المنقوص إلى الياء التي هي علامة المجرور المضمر
اعلم أنَّ الياء لا تغيَّر ألف وتحرِّكها بالفتحة لئلاَّ يلتقي ساكنان وذلك قولك: بشراى وهداى وأعشاى. وناس من العرب يقولون: بشرىَّ وهدىَّ لأنَّ الألف خفية والياء خفية فكأنهم تكلموا بواحدة فأرادوا التبيان كما أنَّ بعض العرب يقول: أفعى لخفاء الألف في الوقف فإذا وصل لم يفعل.
باب إضافة كلّ اسم آخره ياء تلي حرفاً مكسوراً إلى هذه الياء
اعلم أن الياء التي هي علامة المجرور إذا جاءت بعد ياء لم تكسرها وصارت ياءين مدغمة إحداهما في الأخرى. وذلك قولك: هذا قاضيَّ وهؤلاء جواريَّ وسكنت في هذا لأن الضمير تصير فيه مع هذه الياء كما تصير فيه الياء في الجر لأن هذه الياء تكسر ما تلي. وإن كانت بعد واو ساكنة قبلها حرف مضموم تليه قلبتها ياء وصارت مدغمةً فيها. وذلك قولك: هؤلاء مسلمىَّ وصالحىَّ وكذلك اشباه هذا. وإن وليت هذه الياء ياء ساكنة قبلها حرف مفتوح لم تغيّرها وصارت مدغمةً فيها وذلك قولك: رأيت غلامىَّ. فإن جاءت تلي ألف الاثنين في الرفع فهي بمنزلتها بعد ألف المنقوص إلا أنَّه ليس فيها لغة من قال: بُشرىَّ فيصير المرفوع بمنزلة المجرور والمنصوب ويصير كالواحد نحو عصىَّ فكرهوا الالتباس حيث وجدوا عنه مندوحةً. واعلم أنَّ كلَّ اسمٍ آخره ياء تلي حرفاً مكسوراً فلحقته الواو والنون في الرفع والياء والنون في الجر والنصب للجمع حذفت منه الياء التي هي آخره ولا تحركها لعلة ستبيَّن لك إن شاء الله ويصير الحرف الذي كانت تليه مضموماً مع الواو لأنَّه حرف الرفع فلا بدّ منه ولا تكسر الحرف مع هذه الواو ويكون مكسوراً مع الياء. وذلك قولك: قاضون وقاضين وأشباه ذلك.
هذا باب التصغير
اعلم أنَّ التصغير إنَّما هو في الكلام على ثلاثة أمثلة: على فعيلٍ وفعيعلٍ وفعيعيلٍ. فأمَّا فعيلٌ فلما كان عدّة حروفه ثلاثة أحرف وهو أدنى التصغير لا يكون مصغَّرٌ على أقل من قعيلٍ وذلك نحو قييسٍ وجميلٍ وجبيلٍ. وكذلك جميع ما كان على ثلاثة أحرف. وأمَّا فعيعلٌ فلما كان على أربعة أحرف وهو المثال الثاني وذلك نحو جعيفر ومطيرفٍ وقولك في سبطر: سبيطرٌ وغلامِ: غُليّم وعلبطٍ علبيطٌ. فإذا كانت العدة أربعة أحرف صار التصغير على مثال: فعيعلٍ تحرّكن جمع أو لم يتحرّكن اختلفت حركاتهن أو لم يختلفن كما صار كل بناء عدة حروفه ثلاثة على مثال فعيل تحركن جمع أو لم يجمع اختلفت حرتكاتهن أولم يختلفن. وأمَّا فعيعيلٌ فلما كان على خمسة أحرف وكان الرابع منه واواً أو ألفاً أو ياء وذلك نحو قولك في مصباحٍ: مصيبيحٌ وفي قنديلٍ: قنيديلٌ وفي كردوسٍ: كريديسٌ وفي قربوسٍ: قريبيسٌ وفي حمصيصٍ حميصيص لا تبالي كثرة الحركات ولا قلتها ولا اختلافها. واعلم أنَّ تصغير ما كان على أربعة أحرف إنّما يجيء على حال مكسَّرة للجمع في التحرك والسكون ويكون ثالثه حرف اللين كما أنّك إذا كسَّرته للجمع كان ثالثه حرف اللين إلاَّ أنَّ ثالث وكذلك تصغير ما كان على خمسة أحرف يكون في مثل حاله لو كسرّته للجمع ويكون خامسه ياء قبلها حرف مكسور كما يكون ذلك لو كسّرته للجمع ويكون ثالثه حرف لين كما يكون ثالثه في الجمع حرف لين. غير أنَّ ثالثه في الجمع ألف وثالثه في التصغير ياء وأوّله في الجمع مفتوح وفي التصغير مضموم. وإنّما فعل ذلك لأنَّك تكسر الاسم في التحقير كما تكسره في الجمع فأرادوا أن يفرقوا بين علم التصغير والجمع. باب تصغير ما كان على خمسة أحرف ولم يكن رابعه شيئاً مما كان رابع ما ذكرناه مما كان عدّة حروفه خمسة أحرف. وذلك نحو: سفرجلٍ وفرزذقٍ وقبعثرى وشمردلٍ وجحمرشٍ وصهصلق. فتحقير العرب هذه الأسماء: سفيرجٌ وفريزدٌ وشميردٌ وقبيعثٌ وصهصيلٌ. وإن شئت ألحقت في كل اسم )منها( ياء قبل آخر حروفه عوضاً. وإنَّما حملهم على هذا أنَّهم لايحقّرون ماجاوز ثلاثة أحرف إلاَّ على زنته وحاله لو كسَّروه للجمع. إلاَّ أنَّ نطير الحرف اللين الثالث الذي في الجمع الياء في التصغير. وأوّل التصغير مضموم وأوَّل الجمع مفتوح لما ذكرت لك. فالتصغير والجمع بمنزلة واحدة في هذه الأسماء في حروف اللين وانكسار الحرف بعد حرف اللين الثالث وانفتاحه قبل حرف اللين إلاَّ أنَّ أوَّل التصغير وحرف لينه كما ذكرت لك فالتصغير والجمع من وادٍ واحد. وإنَّما منعهم أن يقولوا: سفيرجلٌ أنَّهم كسَّروه لم يقولوا: سفارجل ولافرازدق ولاقباعثر ولاشماردل. وسأبيِّن لك إن شاء الله لم كانت هذه الحروف أولى بالطرح في التصغير من سائر الحروف التي من بنات الخمسة. وهذا قول يونس. وقال الخليل: لو كنت محقِّراً هذه الأسماء لا أحذف منها شيئاً كما قال بعض النحوييّن لقلت: سفيرجلٌ كما ترى حتى يصير بزنة دنينيرٌ فهذا أقرب وإن لم يكن من كلام العرب.
باب تصغير المضاعف الذي قد أدغم أحد الحرفين منه في الآخر
وذلك قولك في مدقٍّ: مديقٌّ وفي أصمَّ: أصيمٌّ ولاتغيِّر الإدغام عن حاله كما أنَّك إذا كسَّرت مدقَّا للجمع قلت: مداقُّ ولو كسرت أصمّ على عدَّة حروفه كما تكسّر أجدلاً فتقول: أجادل لقلت: أصامُّ. فإنَّما أجريت التحقير على ذلك وجاز أن يكون الحرف الدغم بعد الياء الساكنة كما كان ذلك بعد الألف التي في الجمع.
باب تصغير ما كان على ثلاثة أحرف ولحقته الزيادة للتأنيث
صارت عدَّته مع الزيادة أربعة أحرف وذلك نحو: حبلى وبشرى وأخرى. تقول: حبيلى وبشيرى وأخيرى. وذلك أنَّ هذه الألف لمَّا كانت ألف تأنيث لم يكسروا الحرف بعد ياء التصغير وجعلوها ههنا بمنزلة الهاء التي تجيء للتأنيث وذلك قولك في طلحة طليحة وفي سلمة: سليمة. وإنّما كانت هاء التأنيث بهذه المنزلة لأنها تضم إلى الاسم كما يضم موت إلى حضر وبكَّ إلى بعل. وإن جاءت هذه الألف لغير التأنيث كسرت الحرف بعد ياء التصغير وصارت ياء وجرت هذه الألف في التحقير مجرى ألف مرمى لأنها كنون رعثنٍ وهو قوله في معزىً: معيزٍ كما ترى وفي أرطى: أريطٍ كما ترى وفيمن قال علقى: عليقٍِ كما ترى. واعلم أن هذه الألف إذا كانت خامسةً عندهم فكانت للتأنيث أو لغيره حذفت وذلك قولك في قرقرى: قربقر وفي حبركى: حبيركٌ. وإنما صارت هذه الأف إذا كانت خامسة عندهم بمنزلة الألف مبارك وجوالقٍ لأنها ميّتة مثلها ولأنها كسِّرت الأسماء للجمع لم تثبت فلّما اجتمع فيها ذلك صارت عند العرب بتلك المنزلة وهذا قول يونس والخليل. فكذلك هذه الألف إذا كانت خامسةً فصاعدا.
هذا باب تصغير ما كان على ثلاثة أحرف ولحقته ألف التأنيث بعد ألف
فصار مع الألفين خمسة أحرف اعلم أنَّ تحقير ذلك كتحقير ما كان على ثلاثة أحرف ولحقته ألف التأنيث لا تكسر الحرف الذي بعد ياء التصغير ولا تغيَّر الألفان عن حالها قبل التصغير لأنَّهما بمنزلة الهاء. وذلك قولك: حميراء وصفيراء وطرفاء: طريفاء. وكذلك فعلان الذي له فعلى عندهم لأنَّ هذه النون لمَّا كانت بعد ألف وكانت بدلاً من ألف التأنيث حين أرادوا المذكَّر صار بمنزلة الهمزة التي في حمراء لأنَّها بدلٌ من الألف. ألا تراهم أجروا على هذه النون ما كانوا يجرون على الألف كما كان يجرى على الهمزة ما كان يجرى على التي هي بدل منها. واعلم أنَّ كلَّ شيءٍ كان آخره كآخر فعلان الذي له فعلى وكانت عدَّة حروفه كعدَّة حروف فعلان الذي له فعلى توالت فيه ثلاثة حركات أو لم يتوالين اختلفت حركاته أو لم يختلفن ولم تكسِّره للجمع حتَّى يصير على مثال مفاعيل فإنَّ تحقيره كتحقير فعلان الذي له فعلى. وإنَّما صيّروه مثله حين كان آخره نونا بعد ألف كما أن آخر فعلان الذي له فعلى نون بعد ألف وكان ذلك زائداً كما كان آخر فعلان الذي له فعلى زائداً ولم يكسّر على مثال مفاعيل كما لم يكسَّر فعلان الذي لع فعلى على ذلك فشبَّهوا ذا بفعلان الذي لع فعلى كما شبّهوا الألف بالهاء. واعلم أنَّ ما كان على ثلاثة أحرف ولحقته زائدتان فكان ممدوداً منصرفاً فإنَّ تحقيره كتحقير الممدود الذي هو بعدّة حروفه مما فيه الهمزة بدلاً من ياء من نفس الحرف. وإنّما صار كذلك لأنَّ همزته بدلٌ من ياء بمنزلة الياء التي من نفس الحرف. وذلك نحو: علباء وحرباء تقول: عليبىٌّ وحريبىٌّ كما تقول في سًّقاءٍ سقيقى وفي مقلاءٍ: مقيلىٌّ. وإذا كانت الياء التي هذه الهمزة بدلٌ منها ظاهرة حقّرت ذلك الاسم كما تحقرِّ الاسم الذي ظهرت فيه ياءٌ من نفس الحرف مما هو بعَّدة حروفه وذلك درحايةٌ فتقول: دريحيَّةٌ كما تقول في سقايةٍ سقيقيةٌ. وإنَّما كان هذا كهذا لأنَّ زوائده لم يجئن للتأنيث. واعلم أنَّ من قال: غوغاءٌ فجعلها بمنزلة قضقاضٍ وصرف قال: غويغيٌّ. ومن لم يصرف وأنَّث فإنَّها عنده بمنزلة عوراء يقول: غويغاء كما يقول: عُويراء. ومن قال: قوباء فصرف قال: قويبىٌّ كما تقول: عليبىٌّ. ومن قال: هذه قوباء فأنَّث ولم يصرف قال: قويباء كما قال حميراء لأنَّ تحقير ما لحقته ألفا التأنيث وكان على ثلاثة أحرف وتوالت فيه ثلاث حركات أو لم يتوالين اختلفت حركاته أو لم يختلفن على مثال فعيلاء. على مثال مفاعيل فإن تحقيره كتحقير سربال شبهوه به حيث كسر للجمع. واعلم أنَّ كلّ اسم آخره ألف ونون زائدتان وعدَّة حروفه كعدَّة حروف فعلان كُسِّر للجمع كما يكسَّر سربالٌ وفعل به ما ليس لبابه في الأصل فكما كسِّر للجمع هذا التكسير حقِّر هذا التحقير. وذلك قولك: سريحينٌ في سرحانٍ لأنَّك تقول: سراحينٌ وضبعانٌ ضبيعينٌ لأنَّك تقول: ضباعينٌ وحومان: حويمينٌ لأنهم يقولون حوامينٌ وسلطانٌ سليطينٌ لأنهم يقولون: سلاطين يقولون في فرزانٍ: فريزين لأنَّهم يقولون: فرازين ومن قال: فرازنةٌ قال أيضاً: فريزينٌ لأنه قد كسِّر كما كسِّر جحجاحٌ وزنديقٌ كما قالوا: زنادقة وجحاجحةٌ. وأما ظربانٌ فتحقيره ظريبانٌ كأنَّك كسّرته على ظرباء ولم تكسّره على ظربانٍ. ألا ترى أنَّك تقول: ظرانىٌّ كما قالوا: صلفاء وصلافي. ولو جاء شيء مثل ظرباء كانت الهمزة للتأنيث لأنَّ هذا البناء لايكون من باب علباء وحرباءٍ ولم تكسّره على ظربانٍ. ألا ترى أنَّ النون قد ذهبت فلم يشبه سربالاً حيث لم تثبت في الجمع. كما تثبت لام سربال وأشباه ذلك. وتقول في ورشانٍ وريشينٌ لأنَّك تقول: وراشين. وإذا جاء شيء على عدّة حروف سرحانٍ وآخره كآخر سرحانٍ ولم تعلم العرب كسَّرته للجمع فتحقيره كتحقير فعلان الذي له فعلى إذا لم تعلم. فالذي هو مثله في الزيادتين والذي يصير في المعرفة بمنزلته أولى به حتَّى تعلم والذي ذكرت لك في جميع ذا قول يونس. ولو سمّيت رجلاً بسرحانٍ فحقَّرته: لقلت سريحينٌ. وذا قول يونس وأبي عمرو. ولو قلت: سريحانٌ لقلت في رجل يسمَّى علقىً: عليقى وفي معزًى معيزىً وفي امرأة اسمها سربال سريبال لأنها لا تنصرف. فالتحقير على أصله وإن لم ينصرف الاسم. وجميع ما ذكرت لك في هذا الباب وما أذكر لك في الباب الذي يليه قول يونس.
باب تحقير ماكان على أربعة أحرف فلحقته ألفا التأنيث
أو لحقته ألف ونون كما لحقت عثمان. أمَّا ما لحقته ألفا التأنيث فخنفساء وعنصلاء وقرملاء فإذا حقَّرت قلت: قريملاء وخنيفساء وعنيصلاء ولا تحذف كما تحذف ألف التأنيث لأنَّ الألفين لمَّا كانتا بمنزلة الهاء في بنات الثلاثة لم تحذفا هنا حيث حيّ آخر الاسم كتحرَّك متحرك الهاء. وإنّما حذفت الألف لأنَّها حرف ميت فجعلتها كألف مبارك. فأمّا الممدود فإنَّ آخره حيٌّ كحياة الهاء وهو في المعنى مثل ما فيه الهاء فلَّما اجتمع فيه الأمران جعل بمنزلة ما فيه الهاء والهاء بمنزلة اسم ضم إلى اسم فجعلا اسماً واحداً فالآخر لا يحذف أبداً لأنَّه بمنزلة اسم مضاف إليه ولا تغيّر الحركة التي في آخر الأول كما لا تغيّر الحركة التي قبل الهاء. وأمّا ما لحقته ألف ونون: فعقربانٌ وزعفرانٌ تقول: عقيربانٌ وزعيفرانٌ تحقره كما تحقّر ما في آخره ألفا التأنيث. ولا تحذف لتحُّرك النون وإنَّما وافق عقربانٌ خنفساء كما وافق تحقير عثمان تحقير حمراء جعلوا ما فيه الألف والنون من بنات الأربعة بمنزلة ما فيه ألف التأنيث من نبات الأربعة كما جعلوا ما هو مثله من نبات الثلاثة مثل ما فيه ألفا التأنيث من بنات الثلاثة لأن النون في بنات للأربعة بمَّا تحركت اشبهت الهمزة في خنفساء وأخواتها ولم تسكن فتشبه بكونها الألف التي في قرقرى وقهقرى و قبعثرى وتكون حرفا واحداً بمنزلة قهقرى. وتقول في أقحوانة: أقيحيانة وعنظوانة: عنيظيانة كأنَّك حقَّرت عنظواناً وأقحواناً. وإذا حقَّرت عنظواناً وأقحواناً فكأنك حقرت عنظوة وأقحوانا. وإذا حقَّرت عنظواناً وأقحواناً فكأنك حقَّرت عنظوة وأقحوة لأنَّك تجري هاتين الزيادتين مجرى تحقير مافيه الهاء فإذا ضممتهما وإنما أدخلت التاء ههنا لأن الزيادتين ليستا علامة للتأنيث. وأمَّا أسطوانةٌ فتحقيرها أسيطينةٌ لقولهم: اساطين كما قلت: سريحينٌ حيث قالوا: سراحين فلمَّا كسّروا هذا الاسم بحذف الزيادة وثبات النون حقَّرته عليه.
باب مايحقَّر على تكسيرك إيّاه
لو كسرته للجمع على القياس لاعلى التكسير للجمع على غيره. وذلك قولك في خاتمٍ: خويتمٌ وطابقٍ: طويبقٌ ودانقٍ: دوينقٌ والذين قالوا: دوانيق وخواتيم وطوابيق إنَّما جعلوه تكسير فاعالٍ وإن لك يكن من كلامهم. كما قالوا: ملامح والمستعمل في الكلام لمحةٌ ولايقولون ملمحةٌ غير أنَّهم قد قالوا: خاتام حدثنا بذلك أبو الخطاب. وسمعنا من يقول ممّن يوثق به من العرب: خويتيمٌ فإذا جمع قال: خواتيم. وزعم يونس أنَّ العرب تقول أيضاً: خواتم ودوانق وطوابيق على فاعلٍ كما قالوا: تابلٌ وتوابل. ولو قلت: خويتيمٌ ودوينيقٌ لقولك: خواتيم ودوانيق لقلت في أثفية أثيفيةٌ فخففتها لأنك تقول: أثافٍ ولكنَّك تحقّرها على تكسيرها على القياس وكذلك معطاء تقول: معيطىٌّ ولاتلتفت إلى معاطٍ ولحذفت في تحقير مهريةٍ إحدى الياءين كما حذفت في مهارى إحداهما. ومن العرب من يقول: صغييرٌ ودريهيم فلا يجيء بالتصغير على صغيرٍ ودرهمٍ كما لم يجيء دوانيق على دانقٍ فكأنَّهم حقروا درهاماً وصغياراً وليس يكون ذا في كلِّ شيء إلاَّ أن تسمع منه شيئاً كما قالوا: رويجلٌ فحقَّروا على راجلٍ وإنّما يريدون الرَّجل.
باب مايحذف في التحقير من بنات الثلاثة
من الزيادات لأنك لو كسرتها للجمع لحذفتها فكذلك تحذف في التصغير وذلك في قولك في مغتلمٍ: مغيلمٌ كما قلت مغالم فحذفت حين كسّرت للجمع وإن شئت قلت: مغيليمٌ فألحقت الياء عوضاً مما حذفت كما قال بعضهم مغاليم. وكذلك جوالقٌ إن شئت قلت: جويليقٌ عوضاً كما قالوا: جواليق. والعوض قول يونس والخليل. وتقول في المقدمَّ والمؤخرَّ: مقيدمٌ ومؤيخر وإن شئت عوضت الياء كما قالوا: مقاديم ومآخير والمقادم والمآخر عربية جيدة. ومقيدم خطأ لأنه لايكون في الكلام مقاديم ومآخير والمقادم والمآخر عربية جيدة. ومقيدم خطأ لأنّه لايكون في الكلام مقادِّم. فإذا لم يكن ذا فيما هو بمنزلة التصغير في أنَّ ثالثه حرف لين كما أنّ ثالث التصغير حرف لين وما قبل حرف لينه مفتوح كما أنَّ ما قبل حرف لين التصغير مفتوح ومابعد حرف لينه مكسور كما كان ما بعد حرف لين التصغير مكسوراً - فكذلك لا يكون في التصغير فعلى هذا فقس. وهذا قول الخليل. وحروف اللين هي حروف المدّ التي يمدّ بها الصوت وتلك الحروف: الألف والواو والياء. وتقول في منطلقٍ: مطليقٌ ومطيليقٌ لأنَّك لو كسَّرته كان بمنزلة مغتلمٍ في الحذف والعوض. وتقول في مذَّكرٍ مذيكرٌ كما تقول في مقتربٍ: مقيربٌ وإنَّما حدُّها مذتكرٌ ولكنَّهم أدغموا فحذفت هذا كما كنت حاذفة في تكسير كه للجمع لو كسِّرته. وإن شئت عوّضت فقلت: مذيكيرٌ ومقيريبٌ. وكذلك مغيسلٌ. وإذا حقَّرت مستمعاً قلت: مسيمعٌ ومسيميعٌ تجريه مجرى مغيسل تحذف الزوائد كما كنت حاذفها في تكسير للجمع لو كسَّرته. وإذا حقّرت مزدانٌ قلت: مزينٌ ومزيِّين وتحذف الدال لأنَّها بدلٌ من تاء مفتعلٍ كما كنت حاذفها لو كسِّرته للجمع. ومزدانٌ بمنزلة مختارٍ فإذا حقرته قلت: مخيّرٌ وإن شئت قلت: مخييِّرٌ لأنَّك لو كسرته للجمع قلت: مخاير ومخايير كما فعلت ذلك بمغتلم لأنه مفتعلٌ وكذلك منقادٌ لأنه منفعل وكذلك مستزادٌ تحقيره مزيدٌ لأنه مستفعلٌ. فهذه الزوائد تجرى على ماذكرت لك. وتقول في محمرٍ: محيمرٌ ومحيميرٌ كما حقَّرت مقدَّماً لأنَّك لو كسّرت محمراً للجمع أذهبت إحدى الراءين لأنَّه ليس في الكلام مفاعلٌ. وتقول في محمارٍ: محيميرٌ ولاتقول: محميرٌّ لأنَّ فيها إذا حذفت الراء ألفاً رابعة فكأنك حقَّرت محمارٌ. وتقول في تحقير حمّارةٍ: حميرَّةٌ كأنَّك حقّرت حمرَّة لأنَّك لو كسّرت حمارةً للجمع لم تقل: حمائرُّ ولكن تقول حمارُّ لأنَّه ليس في الكلام فعائلُّ كما لا يكون مفاعلُّ. وإذا حقّرت جبنةً قلت: جبينَّةٌ لأنّك لو كسرتها )للجمع( لقلت: جبانُّ كما تقول في المرضّة: مراضُّ كما ترى. فجبنّةٌ ونحوها على مثال مرضَّة وإذا كسّرتها للجمع جاءت على ذلك المثال. وقد قالوا: جبنةٌ فثّقلوا النون وحففّوها. وتقول في مغدودنٍ: مغيدينٌ إن حذفت الدال الآخرة كأنك حقّرت مغدونٌ لأنَّها تبقى خمسة أحرف رابعتها الواو فتصير بمنزلة بهلول وأشِباه ذلك. وإن حذفت الدال الأولى فهي بمنزلة جوالقٍ كأنك حقّرت مغودنٌ. وإذا حقّرت خفيددٌ قلت: خفيددٌ وحفيديدٌ لأنَّك لو كسّرته للجمع قلت: خفارد وخفاديدٌ فإنَّما هو بمنزلة عذافرٍ وجوالقٍ. وإذا حقَّرت غدودنٌ فبتك المنزلة لأنَّك لو كسّرته للجمع لقلت: غدادين وغدادن ولاتحذف من الدالين لأنَّهما بمنزلة ماهو بنفس الحرف ههنا ولم تضطر إلى حذف واحد منهما وليسا من حروف الزيادات إلاّ أن تضاعف لتلحق الثلاثة بالأربعة والأربعة بالخمسة. وتقول في قطوطىً: قطيطٍ وقطيطىٌّ لأنَّه بمنزلة غدودنٍ وعثوثلٍ. وإذا حقَّرت مقعنسٌ حذفت النون وإحدى السينين لأنَّك كنت فاعلاً ذلك لو كسّرته للجمع. فإنَّ شئت قلت: مقيعسٌ وإن شئت قلت مقيعيسٌ. وأمّا معلوّطٌ فليس فيه إلاَّ معيليطٌ لأنَّك إذا حقّرت فحذفت إحدى الواوين بقيت واوٌ رابعةً وصارت الحروف خمسة أحرف. والواو إذا كانت في هذه الصفة لم تحذف في التصغير كما لا تحذف في الكسر للجمع. فأمَّا مقعنسٌ فلا يبقى منه إذا حذفت إحدى السينين زائدةٌ خامسةً تثبت في تكسيرك لاسم وتقول في تحقير عفنججٍ: عفيججٌ وعفيجيجٌ تحذف النون ولاتحذف من اللامين لأنَّ هذه النون بمنزلة واو غدودنٍ وياء خفيددٍ وهي من حرف الزيادة والجيم ههنا المزيدة بمنزلة الدال المزيدة في غدودنٍ وخفيددٍ وهي بمنزلة ماهو من نفس الحرف لأنَّها ليست من حروف الزيادة إلا أن تضاعف. وإذا حقّرت عطوَّدٌ قلت: عُطّيدٌ لأنّك لو كسّرته للجمع قلت: عطاود وعطاويد وإنَّما ثقّلت الواو التي ألحقت بنات الثلاثة بالأربعة كما ثقَّلت باء عدبَّسٍ ونون عجنَّسٍ. وإذا حقّرت عثولٌّ قلت عثيلٌ وعثيِّيلٌ لأنَّك لو جمعت قلت: عثاول وعثاويل وإنَّما صارت الواو تثبت في الجمع والتحقير لأنَّهم إنما جاءوا بهذه الواو لتلحق بنات الثلاثة بالأربعة فصارت عندهم كشين قرشٍبّ وصارت اللام الزائدة بمنزلة الباء الزائدة في قرشٍبّ فحذفتها كما حذفوا الباء حين قالوا قراشب فحذفوا ما هو بمنزلة الباء وأثبتوا ما هو بمنزلة الشين وكذلك قول العرب وقول الخليل. وإذا حقّرت النددٌ ويلنددٌ ومعنى يلنددٍ وألنددٍ واحد حذفت النون كما حذفتها من عفنججٍ وتركت الدَّالين لأنَّهما من نفس الحرف. ويدلّك على ذلك أنَّ المعنى معنى ألدَّ. وقال الطرماح: خصمٌ أبرَّ على الخصوم ألنددٌ فإذا حذفت النون قلت: أليدُّ كما ترى حتَّى يصير على قياس تصغير أفعل من المضاعف لأنَّ أفيعل من المضاعف وأفاعل من المضعف لايكون إلا مدغماً فأجريته على كلام العرب. ولو سميّت رجلاً بألبب ثم حقّرته قلت: أليبُّ كما ترى فرددته إلى قياس أفعل وإلى الغالب في كلام العرب. وإنما ألببٌ شاذّ كما أنَّ حيوة شاذّ. فإذا حقّرت حيوة صار على قياس غزوة ولم يصيّره كينونته ههنا على الأصل أن تحقّره عليه فكذلك ألببٌ وإذا حقّرت إستبرقٌ قلت: أبيرقٌ وإن شئت قلت: أبيريقٌ على العوض لأن السين والتاء زائدتان لأنَّ الألف إذا جعلتها زائدة لم تدخلها على بنات الأربعة ولا الخمسة وإنَّما تدخلها على بنات الثلاثة وليس بعد الألف شيء من حروف الزيادة إلاَّ السين والتاء فصارت الألف بمنزلة ميم مستفعلٍ وصارت السين والتاء بمنزلة سين مستفعلٍ وتائه. وترك صرف إستبرق يدلّك على أنه استفعل. وإذا حقّرت أرندجٌ قلت: أريدجٌ لأنَّ الألف زائدة ولاتلحق هذه الألف إلاَّ بنات الثلاثة والنون بمنزلة نون ألنددٍ. وتقول في تحقير ذرحرحٍ: ذريرحٌ وإنَّما ضاعفت الراء والحاء كما ضاعف الدال في مهدد. والدليل على ذلك: ذرّاحٌ وذرُّوح فضاعف بعضهم الراء وضاعف بعضهم الراء والحاء وقالوا: جلعلعٌ وجلالع وزعم يونس أنَّهم يقولون: صمامح ودمامك في صمصمحٍ ودمكمكٍ فإذا حقّرت قلت: صميمحٌ ودميمكٌ وجليلعُ وإن شئت قلت ذريريحٌ عوضاً كما قالوا: ذراريحُ. وكرهوا ذراحح وذريححٌ للتضعيف والتقاء الحرفين من موضع واحد وجاء العوض فلم يغيّروا ماكان من ذلك قبل أن يجيء ولم يقولوا في العوض: ذراحيح فيكون في العوض على ضربٍ وفي غيره على ضربٍ. ومع ذا أنَّ فعاعيل وفعاعل أكثر وأعرف من فعالل وفعاليل(. وزعم الخليل أ َّ مرمريسٌ من المراسة والمعنى يدلّ. وزعم أنّهم ضاعفوا الميم والراء في أوله كما ضاعفوا في آخره ذرحرحٍ الراء والحاء. وتحقيره مريريسٌ لأن الياء تصير رابعة وصارت الميم أولى بلحذف من الراء لأن الميم إذا حذفت تبيَّن في التحقير أن اصله من الثلاثة كأنَّك حقّرت مراَّسٌ. ولو قلت: مريميسٌ لصارت كأنَّها من باب سرحوبٍ وسرداحٍ وقنديلٍ. فكلُّ سيء ضوعف الحرفان من أوّله أو آخره فأصله الثلاثة ممّا عدّة حروفه خمسة أحرف كما أنَّ كلّ سيء ضوعف الثاني من أوّله أو آخره وكانت عدّته أربعة أو خمسة رابعه حرف لين فهو من الثلاثة عندك فهذان يجريان مجرى واحداً. وإذا حقّرت المسرول فهو مسيريلٌ ليس إلاّ )هذا( لأنَّ الواو رابعة. ولو كسّرته للجمع لم وإذا حقّرت مساجد اسم رجلٍ قلت: مسيجدٌ فتحقيره كتحقير مسجدٍ لأنه اسمٌ لواحد ولم ترد أن تحقِّر جماعة المساجد ويحقَّر ويكسَّر اسم رجل كما يحقَّر مقدَّمٌ.
باب ماتحذف منه الزوائد من بنات الثلاثة
مما أوائله الألفات الموصولات وذلك قولك في استضرابٍ: تضيريبٌ حذفت الألف الموصولة لأنَّ مايليها من بعدها لابدّ من تحريكه فحذفت لأنَهم قد علموا أنَّها في حال استغناء عنها وحذفت السين كما كنت حاذفها لو كسّرته للجمع حتَّى يصير على مثال مفاعيل وصارت السِّين أولى بالحذف حيث لم يجدوا بدّا من حذف أحدهما لأنَّك إذن أردت أن يكون تكسيره وتحقيره على ما في كلام العرب نحو: التجّفاف والتّبيان وكان ذلك أحسن من أن يجيئوا به على ماليس من كلامهم. ألا ترى أنَّه ليس في الكلام سفعالٌ. وإذا صغّرت الافتقار حذفت الألف لتحرُّك مايليها ولاتحذف التاء لأنَّ الزائدة إذا كانت ثانية من بنات الثلاثة وكان الاسم عدّة حروفه خمسة رابعهنّ حرف لين لم يحذف منه شيء في تكسيره للجمع لأنَه يجيء على مثال مفاعيل ولا في تصغيره. وذلك قولك في ديباجٍ: دبابيج والبياطير والبياطرة جمع بيطار صارت الهاء عوضاً من الياء. فإذا حذفت الألف الموصولة بقيت خمسة أحرف الثاني منها حرف زائدٌ والرابع حرف لين. فكل اسم كان كذا لم تحذف منه شيئاً في جمع ولاتصغير. فالتاء في افتقارٍ إذا حذفت الألف بمنزلة الياء في ديباجٍ لأنَّك لو كسَّرته للجمع بعد حذف الألف لكان على مثال مفاعيل تقول: فتيقيرٌ. وإذا حقَّرت انطلاقٌ قلت: نطيليقٌ تحذف الألف لتحرُّك مايليها وتدع النون لأنَّ الزيادة إذا كانت أوّلا في بنات الثلاثة وكانت على خمسة أحرف وكان رابعه حرف لين لم تحذف منه شيئاً في تكسير كه للجمع لأنَّه يجيء على مثال مفاعيل ولا في التصغير وذلك نحو: تجفافٍ وتجافيف ويربوعٍ ويرابيع فالنون في انطلاقٍ بعد حذف الألف كالتاء في تجفافٍ. وإذا حقَّرت احمرارٌ قلت: حميريرٌ لأنَّك إذا حذفت الألف كأنَّك تصغر حمرارٌ فإنَّما هو حينئذٍ كالشملال ولاتحذف من الشملال كما لا تحذف منه في الجمع. وإذا حقَّرت اشيبهابٌ حذفت الألف فكأنه بقي شهيبابٌ ثم حذفت الياء التي بعدها الهاء كما كنت حاذفها في التكسير إذا جمعت فكأنَّك حقَّرت شهبابٌ. وكذلك الاغديدان تحذف الألف والياء التي بعد الدال كما كنت حاذفها في التكسير للجمع فكأنك حقَّرت عدَّان وذلك نحو غديدينٍ وشهيبيبٍ. وإذا حقَّرت اقعنساسٌ حذف الألف لما ذكرناه فكأنه يبقى قعنساسٌ وفيه زائدتان: إحدى السينين والنون فلا بدُّ من حذف إحداهما لأنَّك لو كسَّرته للجمع حتَّى يكون على مثال مفاعيل لم يكن من الحذف بدٌّ فالنون أولى لأنَّها هنا بمنزلة الياء في اشهيبابٍ واغديدانٍ وهي من حروف الزيادة والسين ضوعفت كما ضوعفت الباء وما ليس من حروف الزيادة في الاشهيباب والاغديدان. ولو لم يكن فيه شيء من ذا كانت النون أولى بالحذف لأنّه كان يجيء تحقيره وتكسيره كتكسير ما هو في الكلام وتحقيره فإذا لم تجد بداً من حذف إحدى الزائدتين فدع التي يصير بها الاسم كالذي في الكلام كشميليلٍ. وإذا حقَّرت اعلوّاطٌ قلت: عليِّيطٌ تحذف الألف لما ذكرناه وتحذف الواو ألأولى لأنها بمنزلة الياء في الاغديدان والنُّون في احرنجامٍ فالواوٌ المتحرِّكة بمنزلة ماهو من نفس الحرف لأنَّه ألحق الثلاثة ببناء الأربعة كما فعل ذلك بواو جدولٍ ثم زيد عليه كما يزاد على بنات الأربعة.
باب تحقير ماكان في الثلاثة فيه زائدتان
تكون فيه بالخيار في حذف إحداهما تحذف أيَّهما شئت وذلك نحو: قلنسوةٍ إن شئت قليسيةٌ وإن شئت قلت: قلينسة كما فعلوا ذلك حين كسّروه وكذلك حبنطى إن شئت حذفت النون فقلت: حبيطٍ وإن شئت حذفت الألف فقلت: حبينطٌ وذلك لأنَّهما زائدتان ألحقتا الثلاثة ببناء الخمسة وكلاهما بمنزلة ماهو من نفس الحرف فليس واحدةٌ الحذف ألزم لها منه للأخرى فإنَّما حبنطَّى وأشباهه بمنزلة قلنسوةٍ. ومن ذلك كوأللٌ. إن شئت حذفت الواو وقلت: كؤيللٌ وكؤيليلٌ وتقديرها كعيللٌ وكعيليلٌ وإن شئت حذفت إحدى اللامين فقلت: كويئلٌ وكويئيلٌ وتقديرها كويعلٌ وكويعيلٌ لأنَهما زائدتان ألحقتا بسفرجلٍ وكلّ واحدة منهما بمنزلة ماهو من نفس الحرف. ومَّما لايكون الحذف ألزم لإحدى زائدتيه منه للأخرى حبارى إن شئت قلت: حبيرى كما ترى وإن شئت قلت: حبيّرٌ وذلك لأنَّ الزائدتين لم تجيئا لتلحقا الثلاثة بالخمسة وإنَّما الألف الآخرة ألف تأنيث والأولى كواو عجوزٍ فلا بدّ من حذف إحداهما لأنَّك لو كسّرته للجمع لم يكن لك بدٌّ من حذف إحداهما كما فعلت بقلنسوةٍ فصار ما لم تجيء زائدتاه لتلحقا الثلاثة بالخمسة بمنزلة ماجاءت زيادتاه لتلحقا الثلاثة بالخمسة لأنَّهما مستويتان في أنَّهما لم يجيئا ليلحقا شيئاً بشيء كما أنَّ الزيادتين اللتين في حبنطى مستويتان في أنَّهما ألحقتا الثلاثة بالخمسة. وأمّا أبو عمرو فكان يقول: حبيّرةٌ ويجعل الهاء بدلاً من الألف التي كانت علامة للتأنيث إذ لم تصل إلى أن تثبت. وإذا حقَّرت علانيةً أو ثمانيةً أو عفاريةً فأحسنه أن تقول: عفيريةٌ وعلينيةٌ وثمينيةٌ من قبل أنَّ الألف ههنا بمنزلة ألف عذافرٍ وصمادحٍ وإنَّما مدّ بها الاسم وليست تلحق بناءً ببناء والياء لاتكون في آخر الاسم زيادة إلاَّ وهي تلحق بناءً ببناء. ولو حذفت الهاء من ثمانيةٍ وعلانيةٍ لجرت الياء مجرى ياء جواري وصارت الياء بمنزلة ماهو من نفس الحرف وصارت الألف كألف جواري وهي وفيها الهاء بمنزلة جاريةٍ فأشبههما بالحروف التي هي من نفس الحرف أجدر أن لا تحذف فالياء في آخر الاسم أبداً بمنزلة ما هو من نفس الحرف لأنها تلحق بناءً ببناءً فياء عفاريةٍ وقراسيةٍ بمنزلة راء عذافرةٍ كما أنَّ ياء عفريةٍ بمنزلة عين ضفدعةٍ فإنَّما مددت عفريةً حين قلت عفاريةٌ كما كأنك أنَّك مددت عذفراً لمّا قلت: عذافرٌ. وقد قال بعضهم: عفيِّرةٌ وثميّنةٌ شبَّهها بألف حبارى إذ كانت زائدة كما أنَّها زائدة وكانت في آخر الاسم وكذلك صحارى وعذارى وأشباه ذلك. وإن حقّرت رجلاً اسمه مهارى أو جلاً أسمه صحارى كان صحير ومهيرٍ أحسن لأنَّ هذه الألف لم تجيء للتأنيث إنما أرادوا مهارىُّ وصحارىُ فحذفوا وابدلوا الألف في مهارى وصحارى كما قالوا: مدارى ومعايا فيما هو من نفس الحرف فإنّما هو من نفس الحرف فإنّما فعالى كفعالى وفعالل وفعائل. ألا ترى أنَّك لاتجد في الكلام فعالى لشيء واحد. وإن حقَّرت عفرناةً وعفرنى كنت بالخيار إن شئت قلت: عفيرنٌ وعفيرنةٌ وإن شئت قلت: عفيرٍ وعفيرنةٌ لأنَّهما زيدتا لتلحقا الثلاثة بالخمسة كما كان حبنطىً زائدتاه تلحقانه بالخمسة لأنَّ الألف إذا جاءت منَّونة خامسة أو رابعةً فإنها تلحق بناءً ببناءٍ. وكذلك النون. ويستدلّ على زيادتي عفرنى بالمعنى. ألا ترى أنَّ معناه عفرٌ وعفريتٌ. وقال الشاعر: ولم أجد بالمصر من حاجاتي ** غير عفاريت عفرينات أمّا العرضنى فليس فيها إلاَّ عريضنٌ لأنَّ النون ألحقت الثلاثة بالأربعة وجاءت هذه الألف للتأنيث فصارت النون بمنزلة ماهو من نفس الحرف ولم تحذفها وأوجبت الحذف للألف فصار تحقيرها كتحقير حججبى لأنَّ النون بمنزلة الراء من قمطرٍ. وإذا حقَّرت جلاً اسمه قبائل قلت: قبيئل وإن شئت قلت قبيئيل عوضاُ مّما حذفت والأف أولى بالطرح من الهمزة لأنَّها كلمةٌ حيةٌ لم تجيء للمد وإنَّما هي بمنزلة جيم مساجد وهمزة برائلٍ وهي في ذلك الموضع والمثال والألف بمنزلة ألف عذافر وهذا قول الخليل. وأمَّا يونس فيقول: فبيِّل يحذف الهمزة إذ كانت زائدة كما حذفوا ياء قراسيةٍ وياء عفاريةٍ. وقول الخليل أحسن كما أنَّ عفيريةً أحسن. وإذا حقَّرت لغَّيزى قلت: لغيغيزٌ تحذف الألف ولاتحذف الياء الرابعة لأنَّك لو حذفتها احتجت أيضاً إلى أن تحذف الألف فلمَّا اجتمعت زائدتان لو حذفتها احتجت أيضاً إلى أن تحذف الألف فلمَّا اجتمعت زائدتان إن حذفت إحداهما ثبتت ألأخرى لأنَّ مايبقى لو كسّرته كان على مثال مفاعيل وكانت الأخرى إن حذفتها احتجت إلى حذف الأخرى حين حذفت التي إذا حذفتها استغنيت. وكذلك فعلت في أقعنساس حذفت النون وتركت ألألف لأنَّك لو حذفت الألف احتجت إلى حذف النون. فإذا وصلوا إلى أن يكون التحقير صحيحاً بحذف زائدةٍ لم يجاوزوا حذفها إلى مالو حذفوه لم يستغنوا به كراهية أن يخلّوا بالاسم إذا وصلوا إلى أن لايحذفوا إلاّ واحداً. وكذلك لو كسّرته للجمع لقلت: لغاغيز. واعلم أن ياء لغَّيزى ليست ياء التحقير لأنَّ ياء التحقير لاتكون رابعة إنّما هي بمنزلة ألف خضَّارى وتحقير خضَّارى كتحقير لغيَّزى. وإذا حقَّرت عبدَّى قلت: عبيدٌ تحذف ألألف ولاتحذف الدال )الثانية( لأنَّها ليست من حروف الزيادة وإنَّما ألحقت الثلاثة ببناء ألأربعة وإنَّما هي بمنزلة جيم عفنججٍ الزائدة. فهذه الدال بمنزلة ما هو من نفس الحرف فلا يلزم الحذف إلا الألف كما لم يلزم في قرقرى الحذف إلاَّ الألف. وإذا حقَّرت بروكاء أو حلولاء قلت: بريكاء وجليلاء لأنّك لاتحذف هذه الزوائد لأنَّها بمنزلة الهاء وهي زائدة من نفس الحرف كألف التأنيث فلمَّا لم يجدوا سبيلاً إلى حذفها لأنَّها كالهاء في أن لاتحذف خامسة وكانت من نفس الحرف صارت بمنزلة كاف مباركٍ وراء عذافرٍ وصارت الواو كالألف التي تكون في موضع الواو والياء التي تكون في موضع الواو إذا كنَّ سواكن بمنزلة ألف عذافر ومباركٍ لأنَّ الهمزة تثبت مع الاسم وليست كهاء التأنيث. وإذا حقّرت معيوراء ومعلوجاء قلت: معيليجاء ومعييّراء لاتحذف الواو لأنها ليست كألف مبارك وهي رابعةٌ. ولو كان كان آخر الاسم ألف التأنيث كانت هي ثابتة لايلزمها الحذف كما لم يلزم ذلك ياء لغيَّزى وألف خضَّارى التي بعد الضاد فلمَّا كانت كذلك صارت كقاف قرقرى وفاء خنفساء لأنَّهما لاتحذف أشباههما من بنات ألأربعة إذا كان في شيء منهنَّ شيئاً ألف التأنيث خامسة لأنهن من أنفس الحروف ولا تحذف منهن فلمَّا كان آخر شيءٍ من بنات الأربعة ألفات التأنيث كان لايحذف منها شيء إذا كانت الألف خامسة إلاَّ الألف وصارت الواو بمنزلة ماهو من نفس الحرف في بنات ألأربعة. ولو جاء في الكلام فعولاء ممدودة لم تحذف الواو لأنّها تلحق الثلاثة بالأربعة فهي بمنزلة شيء من نفس الحرف وذلك حين تظهر الواو فيمن قال: أسيود فهذه الواو بمنزلة واو أسيود. ولو كان في الكلام أفعلاء العين منها واوٌ لم تحذفها فإنَّما هذه الواو كنون عرضنةٍ. ألا ترى أنَّك كنت لاتحذفها لو كان آخر الاسم ألف التأنيث ولم يكن ليلزمها حذفٌ كما لم يلزم ذلك نون عرضنى لو مددت. ومن قال في أسود: أسيدٌ وفي جدولٍ: جديّلٌ قال في فعولاء إن جاءت فعيلاء يخفّف لأنَّها صارت بمنزلة السواكن لأنَّها تغيّرها وهي في مواضعها فلمَّا ساوتها وخرجت إلى بابها صارت مثلهن في الحذف. وهذا قول يونس. وإذا حقّرت ظريفين غير اسم رجلٍ أو ظريفات أو دجاجات قلت: ظريِّفون وظريِّفاتٌ ودجيِّجاتٌ من قبل أنَّ الياء والواو والنون لم يكسّر الواحد عليهن كما كسِّر على ألفي جلولاء ولكنّك إنّما تلحق هذه الزوائد بعد ما تكسّر الاسم في التحقير للجمع وتخرجهن إذا لم ترد الجمع كما أنّك إذا قلت: ظريفون فإنّما ألحقته اسماً بعد مافرغ من بنائه. وتخرجهما إذا لم ترد معنى الجمع كما تفعل ذلك بياءي الإضافة وكذلك هما فلمّا كان ذلك شبّهوه بهاء التأنيث. وكذلك التثنية تقول ظريِّفان. وسألت يونس عن تحقير ثلاثين فقال: ثلثيون ولم يثقل شبَّهها بواو جلولاء لأنَّ ثلاثاً لاتستعمل مفردة على حدّ مايفرد ظريفٌ وإنما ثلاثون بمنزلة عشرين لايفرد ثلاث من ثلاثين كما العشر من عشرين. ولو كانت إنَّما تلحق هذه الزيادة الثلاث التي تستعملها مفردة لكنت إنَّما تعني تسعة ولو سميَّت رجلاً جدارين ثم حقّرته لقلت: جديران ولم تثقِّل لأنك لست تريد معنى التثنية وإنَّما هو اسم واحد كما أنَّك لم ترد بثلاثين أن تضعف الثلاث. وكذلك لو سمّيته بدجاجاتٍ أو ظريفين أو ظريفاتٍ خفَّفت. فإن سمَّيت رجلاً بدجاجةٍ أو دجاجتين ثقّلت في التحقير لأنَّه حينئذ بمنزلة دراب جرد والهاء بمنزلة جرد والاسم بمنزلة دراب وإنَّما تحقير ماكان من شيئين كتحقير المضاف فدجاجةٌ كدراب جرد ودجاجتين كدراب جردين.
باب تحقير ماثبتت زيادته من بنات الثلاثة في التحقير
ذلك نحو: تجفافٍ وإصليتٍ ويربوعٍ فتقول: تجفيفيٌ وأصيليتٌ ويريبيعٌ لأنَّك لو كسّرتها للجمع ثبتت هذه الزوائد. ومثل ذلك عفريتٌ وملكوتٌ تقول: عفيريتٌ لأنَّك تقول: عفاريتُ ومليكيتٌ لأنَّك تقول: ملاكيتُ وكذلك رعشنٌ لأنَّك تقول: رعاشن ومثل ذلك سنبتةٌ لأنك تقول: سنابت. يدلُّك على زيادتها أنَّك تقول: سنبةٌ كما تقول: عفرٌ فيدلُّك على عفريت أنَّ تاءه زائدة. وكذلك قرنوةٌ تقول: قرينيةٌ لأنَّك لو سّرت قرنوةٍ لقلت: قرانٍ كما تقول في ترقوةٍ: تراقٍ. وإذا حقَّرت بردرايا أو حولايا قلت: بريدرٌ وبريديرٌ وحويلىٌّ لأنَّ هذه ياء ليست حرف تأنيث وإنَّما هي كياء درحايةٍ فكأنك إذا حذفت ألفاً إنَّما تحقّر قوباءً وغوغاءً فيمن صرف.