سورة الزلزلة

من معرفة المصادر

بسم الله الرحمن الرحيم

إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا {1} وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا {2} وَقَالَ الإنسَانُ مَا لَهَا {3} يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا {4} بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا {5} يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ {6} فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ {8}

سـورة الـزلـزلـة




إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)

صدق الله العظيم


هذه السورة المباركة أيضاً مثل السور الثلاثة السابقة التي تحاول دعوة الإنسان الى الانتباه لما بعد هذه الحياة المادية التي نعيشها على الأرض، أيضاً السورة في نفس الموضوع.


قرأنا ألهاكم التكاثر، ونذكر في ذيل السورة: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ . لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ . ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ . ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (التكاثر:5-8)، وسورة القارعة {الْقَارِعَةُ . مَا الْقَارِعَة}(القارعة:1-2)، وفي ذيلها: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ . وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ . فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ . فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ . وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ . فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ . نَارٌ حَامِيَةٌ}(القارعة:4-11)، والسورة الثالثة: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا . فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}(العاديات:1-2)، وكان في آخر السورة: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ . وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ . إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ}(العاديات:9-11).


هذه السور الثلاث كلّها مثل هذه السورة {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} حول تنبيه الإنسان ودعوة الإنسان الى ما بعد هذه الحياة والمحاسبة التي تقع بعد وفاة الإنسان، وحتى يتمكن الإسلام أو القرآن الكريم أن يلفت النظر ويوجّه الإنسان الغافل الغريق في حياته المادية والمتلهّي بالصور العادية في الحياة. عند نزول هذه السور كان الإنسان متلهّياً بمادته. بحياته العادية. بالتكاثر وتعداد النفر والنفوس. والإنسان الغريق أو النائم في حياته المادية والملتهي بهذه الحياة والسكران بالانتصارات المادية والتكاثر. بحاجة الى هزة عنيفة حتى ينتبه ويصحو على حاله، وحينئذٍ يتوجه الى تفسير القيامة.


ولهذا: في كل السور استُعملت أساليب متعددة لهز الإنسان ومحاولة إيقاظه حتى ينتبه الى المعاد، أحياناً في صيغة ألهاكم التكاثر، وأحياناً بصيغة القارعة ما القارعة، وأحياناً بتصوير صورة الغارة الغريبة والعاديات ضبحا، بهذا الشكل في محاولة لإيجاد اليقظة في الإنسان، حتى بعد أن استيقظ يعرضون له أنه أينك أنت؟ أمامك القيامة، أمامك المحاسبة.


أسلوب هذه السورة أسلوب آخر، هذا الأسلوب يبدأ بتصوير البعث والنشور والقيامة: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}. لا أعرف إذا الشباب صادف معهم زلزال للأرض ليشعروا بعجز الإنسان وقت الزلزال، لا أضعف ولا أعجز من الإنسان في حالة الزلزال.


هناك شبه لهذا الزلزال بحالة تدهور السيارة، السيارة التي تتدهور، الإنسان الجالس داخل السيارة يجد نفسه غير ملتجئ الى أي مكان، الى أين؟ تريد أن توقف السيارة؟ تريد أن تأخذ بيدك الحائط؟ تريد أن تستند الى شيء؟ الى أين؟ الإنسان يشعر أنه غير معلّق، معلّق بين السماء والأرض بشكل غريب.


وهذا شبيه بحالة الزلزال، الزلزال يجعل الإنسان يشعر باحتقار وحيرة وخوف غريب باعتبار أنّ الإنسان كل سنده أنه مستند على الأرض، أليس كذلك؟ يعني الآن نحن مثلاً إذا نقف على الحائط أو نجلس على الأرض فنحن نمسك أرضنا حتى نستقر، لكن عندما الأرض تتحرك ماذا يعمل الإنسان؟ يشعر باحتقار. بضعف. بعجز، خاصةً إذا كانت الزلزلة زلزلة عامة (لأنّ الزلازل التي رأيناها زلازل محلية)، هذه الزلازل تفتك بالعالم في ثوانٍ، خمس ثوان، عشرين ثانية. والزلازل العادية زلازل جانبية، يعني: تأتي عامودية أو أفقية بخط واحد، ومع ذلك نحن نشعر بهذه الحقارة، فكيف إذا زلزلت الأرض زلزالها؟


ماذا يعني زلزالها؟ نحن نستعمل ونقول: فلان ضرب ضربته. فلان ألقى كلمته. فلان استعمل سلاحه. هذا يعني سلاحه المفضّل. كلمته المفضّلة، فلان ضرب ضربته، يعني: هذه الضربة النهائية، يعني: التي تلخّص كل قواه. أليس كذلك؟.


{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} يعني: تلك الزلزلة التي كل الزلازل تهون دونها (إذا زلزلت)، فإذاً: نحن الآن عندما نسمع هذه الآية نتوجه بأنّ الأرض تتحرك وتتزلزل زلزالاً عنيفاً يفوق زلزال الأغابر وزلزال قوم "عاد" وزلزال لبنان سنة 1956. زلزلة تفوق كل هذه الزلازل.


{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} : حسناً، عندما الأرض تتحرك. الى أين تلتجئ (يا إنسان)؟ تتمسك بماذا؟ بالحائط؟ الحائط مبني على الأرض، عندما الأرض تزلزلت فالحائط تزلزل، تتمسك بالشجرة؟ الشجرة أيضاً تتزلزل، لأن الأرض تتحرك، الى أين تصل؟ تطلع للخارج، الزلزلة معك، الداخل معك، البحر: رأيتم أنّ مياه البحر تتدفق ويصير خسف ويصير كثير من المسائل. فإذاً: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} رسم حالة مخيفة يعجز وينقطع الإنسان (نتيجة لها) انقطاعاً نهائياً، ولا فوق هذا الانقطاع انقطاع أبداً.


وبعدها: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}، الأرض تُخرج ما في جوفها من الأموات ومن الكنوز ومن الذخائر ومن الدفائن ومن ركائز البناء ومن جذور الأشجار، هذا كله أثقالـها. أثقال جمع ثقل، يعني: كل شيء مثقل بالأرض له وزنه وله أساسه كلها تخرج. فإذاً: نحن الآن ننتبه لمنظر آخر، يعني: هذه الأرض تتزلزل وتقذف ما فيها من الأثقال ومن الأموات ومن جذور الأشجار ومن أعمدة البناء ومن ركائز الحيطان. كل هذا يخرج. ومن جذور الجبال: أنتم تعرفون أنّ الجبال لها جذور تحت الأرض. كلها تقذفها الأرض.


{وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}: أسرار ثقيلة على القلب، يعني: الإنسان إذا كان عنده سر مكتوم يشعر بثقل هذا السر، وإذا قاله لأحد يشعر بأنه خفّ عنه، أليس كذلك؟ السر ثقيل على الإنسان، وهذا تعبير سمائي جميل كأن ما في جوف الأرض سر وثقيل على الأرض، فقذفته وارتاحت، كأن هذا الزلزال وهذا التحرك وهذا المنظر الغريب حتى تعبّر عن أسرارها وتلقي ما في نفسها.


فإذاً: نحن الآن نتصور الزلزلة وخروج هذه الجذور والأثقال والأموال، فيطلع منظر مفزع ومرعب جداً. الإنسان النائم. الإنسان الملتهي. الإنسان الغافل يهتز أمام هذا الأمر.


ثم يؤكد العجب والفزع بهذه الكلمة: {وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا}، الإنسان. جنس الإنسان. طبيعة الإنسان. يلفظ من دون إرادة: ما لها؟ ماذا صار؟ يعني: حالة تعجب ودهشة أمام هذا المنظر ،، حينئذٍ عندما هذا المنظر يهز الإنسان فإنه يتساءل: ما لها، والنائم يصحو، والسكران ينتبه، والغافل يتوجه بعد هذه اللوحة فوراً.


يضع القرآن أمام الإنسان هذه الأشياء، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}: الأرض في هذه الحالة تتحدث وتحكي، تحكي أخبارها، تحكي أنه هنا صارت جريمة، هنا صارت عبادة، هنا صار خلاف، هنا فلان سرق، هنا فلان قتل، هنا فلان تآمر، كل ما يجري على الأرض. الأرض تقوم وتتحدث، غريب هذا! هل الأرض تتحدث؟ نعم. حينما قلنا حسب وصف القرآن: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (فصلت:21)، وهنا نفس العجب: هل الأرض تتحدث؟ {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} : الله قال لها. الله أنطقها. الله قال للأرض إحكي. إشهدي. فإذاً لا غرابة في ذلك. ونحن اليوم بعد التقدم العلمي قلّ استغرابنا جداً عن هذه الشهادة وعن هذه الأخبار والحديث، نحن الآن بكل سهولة نقدر أن نفهم معنى أنّ الأرض تحدّث أخبارها وتشهد علينا ومعنى أنّ اليد تشهد والرِجل تشهد والسمع يشهد والبصر يشهد والجلد يشهد. نقدر أن نفهم بسهولة.


أرجو الانتباه لهذه المقدمة الصغيرة: الإنسان حينما يتكلم، ما هو السبب في سماعك أنت الصوت؟ قرأتم في الكتب بأنّ الصوت عبارة عن قرع في أجهزة الفم يحدث أمواجاً صوتية مثلما تضع صخرة في الماء، كيف هذه الصخرة تحدث موجة؟ نفس الشيء: عندما أنت تحكي هذا الحكي يُحدث موجة في الجو،هذا الشيء مقرر في الفيزياء، وهذه الموجة قائمة وموجودة، وهذه الموجة تسير في كل ثانية 340 متراً، يعني: شيء ملموس ومشهود ولا شك فيه، يعني: أنا الآن أحكي، بعد ثانية صوتي يصل لثلاثمائة وأربعين متراً بعيداً عني، وهذه الموجة تمشي في داخل الهواء، فإذاً: كما أنّ الحجارة في الماء تُحدث موجة على سطح الماء فالصوت في الجو يُحدث موجة في الجو.


هذه الأمواج تنبثق وتتوسع فتصل الى مطرقة سمعك والى صماخ سمعك، هذه الموجة تحرّك هذا الجلد. الصماخ. الستار. فتسمع صوتي، وهذه الموجة تصل لمسامع الحاضرين فيسمعون، وهذه الموجة تصل لهذين الجهازين الموجودين عندي فتتحول نفس الموجة الى أمواج كهربائية بالأجهزة الموجودة، فتتسجل على هذين الشريطين الموجودين أمامي واللذين يسجلان كل ما أقول، أليس كذلك؟. ونفس الصوت عندما أنا أحكي بالتلفون في محل الفم فهناك ورقة منسوجة بشكل خفيف، هذه الورقة تهتز بقرعات الصوت، فتنـزل وتطلع وتعكس على الجهاز (الذي يحكي بواسطة الكهرباء) صوتاً ينتقل بواسطة الشريط الى مسامع الشخص الآخر، فيسمع صوتي، أليس كذلك؟. والآن عندهم وسائل بأن يحوّلوا الموج (موج الصوت) الى نور (والعكس)، يعني: العلم اليوم يتصرف بهذه الموجات كشيء عادي. كمادة، يعني: لا شك في ثبوت هذا الشيء.


أنا عندما أتكلم فإنّ هذه الأمواج الصوتية التي تسمعها أنت ويسجّلها المسجّل وتنتقل الى التلفون وتتحول الى نور. هذه الموجة (موجة الصوت) ألا تصل الى هذا الحائط؟، ألا تصل الى هذه الأرض؟ أنت تقدر أن تقول: لا تتسجل على الحائط، كيف عرفت أنها لا تتسجل على الحائط؟ حتماً تنعكس على الحائط، لأنه شيء موجود، لا تقل أنّ هذا الحائط خشن، فليكن خشناً، الصوت والموج الصوتي ما بحاجة الى الخشونة والخفة، من الممكن أن يتسجل على الحائط، ثم: هذه الأمواج الصوتية التي تروح. الى أين تروح؟ تنعدم؟ أبداً. قانون "لافوازييه" يقول أنه لا ينعدم شيء في الوجود، ولا يوجد شيء في الوجود. كل شيء ثابت وباقٍ. هذه الأمواج الصوتية موجودة في الجو، فإذاً: أنا الآن بإمكاني أن أقول أنّ كل الأحاديث التي صدرت منّي خلال هذه الفترة بشكل أمواج موجودة في الفضاء وبشكل أمواج انعكست على هذه الحيطان وعلى هذه الأرض، لماذا تتعجب؟. كيف تتسجل هذه الأمواج على الشريط وعلى الأسطوانات ولا تتسجل على الحائط؟ من قال لك لا تتسجل؟ هذه الأصوات تتسجل على سمعك ولا تتسجل على وجهي أنا ووجهك أنت وعلى جلدي أنا وجلدك أنت؟، تتسجل، لِمَ لا؟


هذا في الصوت. أما النور: أنتم (هل) تعرفون لماذا ترونني؟ هل تعرفون سبب الرؤية؟ الآن أنا لو كنت في ظلام دامس فلا أحد يراني، لكن أنا موجود في جو من النور، يعني: هذه الأضواء أو الشمس تشرق عليّ، يعني: تصبّ عليّ النور، وتصب عليكم النور الذي عليّ، فينعكس مثل المرآة، كل لون كما تعلمون يأخذ شيئاً من الألوان ويعطي بعض الألوان، فيحصل انعكاس، النور يأتي من هناك ثم ينعكس، فينتشر في الفضاء، فيصل الى عينك، فتراني، ويصل الى حائط فيبقى هناك، ويصل الى كل مكان.


فإذاً: كما أنّ الأمواج الصوتية تصدر من فمي وتنتشر في الجو فالأمواج النورية أيضاً تنتشر في الجو وتصل الى عينك وتصل الى جهاز التصوير. ماذا يحدث بجهاز التصوير؟ النور الصادر المنعكس عنّي يدخل الى العدسة فتنعكس على الفيلم الذي عليه دواء للصباغ، فتنعكس صورتي على هذا الفيلم ويُظهَّر، أليس كذلك؟.


وهكذا نجد أنّ الوجود والمنظر أيضاً ينعكس على المجموعة ويتسجل في الأفلام وفي العيون وفي الأوراق، فلماذا لا يتسجل على الحيطان وعلى السقف وعلى المناخ وعلى الأرض وعلى كل شيء؟


إذاً: ما دام أننا نرى أمامنا التصوير والصباغ في الصورة على التصوير، وما دمنا نرى أمامنا مسجلات. فإذا قالوا لنا أنّ الشيخ "إسحاق" الآن كل حركة تصدر منه تنعكس على هذه الحيطان وهذه الأرض وهذا السقف وهذه الأجساد وعلى جسدي وعلى جسده هو، نحن نقدر أن نصدّق هذا، فإذاً: الله سبحانه وتعالى هو الذي أنطقنا والذي أنطق المسجّلة عن طريق ذوق الإنسان، والذي تمكن من إنطاق كل شيء بإمكانه أن يُنطق جلدي ويدي وعظمي والأرض والحائط والشجر وكل شيء: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}. مَن الذي يتمكن أن يُنكر؟.


كل هذه الصوَر والأصوات والحركات تتسجل في كتاب الله، ماذا يعني كتاب الله؟ يعني في كتاب مؤلف هناك؟ لا، يعني: الأرض والسماء كتاب الله، ما بين الأرض والسماء جنود الله وملائكة الله، كل شيء. كل شيء. الفعل والصوت والعمل كما أنه ينعكس على النفس (وهذا باب آخر نحكي فيه إنشاء الله في باب المعاد).


كذلك (هذا الفعل والصوت والعمل) يتسجل وكل شيء، والله سبحانه وتعالى ينطقها يوم القيامة، ولهذا في الحديث أنكم إذا صلّيتم فصلّوا في أماكن متعددة واجعلوا طريقكم الى الجامع ذهاباً غير طريقكم إياباً حتى تشهد لكم الأرض كلها بالخير والصلاح والتقوى، وإن ذهبت من طريق واحد فالأرض أيضاً تشهد لك بالذهاب والإياب.


لكن تعبيرات لإفهام الناس والإيحاء للناس: يا أخي لا تفكر أنه لا أحد ينتبه الى جريمتك، يدك تشهد، الأرض التي تقع عليها الجريمة تشهد، أين تخبئ؟ وعلى من تخبئ؟، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.


ثم يعود الى نفس التصوير، فيقول: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا}، الشتات جمع الشتيتة، يعني: متفرقة، صـدور (يصدر) الناس ليس بالمظاهرات ولا بالصفوف ولا بالتجمعات المنظمة، بل متفرقة من الهول والفزع، ثم التفرق الحقيقي، لأنّ هذه الأجساد التي تُدفن تحت الأرض لا تبقى بالشكل الموجود، فالتراب يتفرق ويتحول أولاً الى تراب، وبعد مدة الأحداث الأرضية والخسف والزلازل والحركات تفرّق هذا التراب ، فقسم من هذا التراب يروح مع الريح الى البحر الفلاني، وقسم ينتقل الى الأرض الفلانية، ثم تُزرع فيها شجرة، فيتحول التراب الى الشجرة والى العلف والى أشياء كثيرة، وربما في يوم القيامة إذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يخلقني من جديد يجب أن يجمع من مختلف أقطار الأرض أشتاتاً من ترابي ويخلقني ويكوّنني من جديد، كما نحن اليوم، نفس الشيء.


فنحن مكوّنين من عناصر مختلفة. فإذاً: يوم الحشر بالفعل منظر غريب، تصوروا أن قطعة من الحائط، قطعة من هنا، وقطعة من الشجرة، وقطعة من الأرض، وقطعة من هناك: تتجمع وتأتي ويتكون إنسان! شيء غريب. يحضر الناس أشتاتاً متفرقين وهائمين وفزعين.


يقولون: ما لها؟، لماذا يصدر الإنسان؟ ليروا أعمالهم، حتى الله سبحانه وتعالى يُري أعمالهم، طبعاً: تعرفون أنّ الفعل المبني للمجهول يُستعمل إذا كان الاهتمام بالفعل دون الفاعل، {لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}، حتى يريهم، من هم الذين يريهم؟ ليس مهماً، المهم أنهم يرون، {لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} : ليس في الميدان شيء غير الأعمال، ليروا أعمالهم: الناس يصدرون حتى يرون أعمالهم.


{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}: ماذا يرى؟ يرى العمل، مثقال ذرّة، ذرّة ماذا تعني؟ ذرّة معناها كما يقولون: الهباء المتطاير في الهواء، ذرّة: التي نراها في خيط من النور، والحقيقة أنّ ذرّة تُستعمل في هذا لأن العرب الذين وضعوا اللغة العربية ما كانوا يتصورون أصغر من هذا، الذرّة متكونة من الذرّ، والذرّ يعني صغير النملة، لأنه كان أصغر الحيوانات عندهم صغار النمل، فالذرّة يعني أصغر شيء، لكن الإنسان القديم ما كان يفهم أصغر من الهباء المتطاير في السماء، اليوم نحن نُطلق على الحجم الأقل اسم ذرّة، لأنهم في السابق ما كانوا يعرفون ATOME (الذرّة)، لماذا ما كانوا يعرفون؟ لأنّ الذرّة إسم لكل صغير، لأصغر الأشياء.


فنحن سابقاً كنّا نقول: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}، مثقال يعني مصدر من الثقل، مثقال ذرّة يعني وزن هذه الذرّة، كم نيترون باصطلاحنا، لكن اليوم نقدر أن نزن أصغر من هذا: ذرّة الذرّة الموجودة في الجسم، هذه التي لا يراها الإنسان لا بالعين المجردة ولا بجميع الوسائل التي خلقها (الى الآن) الإنسان واخترعها، أليس كذلك؟ هذه ذرّة أيضاً.


{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}: إذا كان عمل الإنسان من الخير أو من الشر بمقدار وزن هذه الذرّة فإنه يراه.


الحساب ليس للأشياء الكثيرة الكبيرة فقط، بل الأشياء الصغيرة الحقيرة ولو كانت بمقدار ذرّة ووزن ذرّة. سيَراها. فلا تحتقروا الطاعات، ولا تستقلوا الصدقات، ولا تستصغروا الذنوب والمعاصي، فإنّ من يعمل مثقال ذرّة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره.


هذا مضمون عدة روايات أنه لا تستصغروا الطاعات ولا تستصغروا الخدمات والصدقات، لا تستصغروا المعاصي والذنوب، فكل شيء مهما كان صغيراً أو كبيراً له أثر في حياتكم وفي معادكم وفي حسابكم وفي معاشكم، فإذاً: هذا التصوير يعطينا تفاعلاً وانعكاساً، وملاقاتنا للعمل يوم القيامة.


هنا ألفت نظركم لشيء وهو أنّ ظاهر هذه السورة، بل صريح هذه السورة أننا نرى أعمالنا يوم القيامة، أرجو الانتباه: هذا بحث علمي وفلسفي وعقيدة قرآنية حول المعاد، {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ }، ليس جزاء عملهم، ليروا أعمالهم، يعني: سوف ترى نفس عملك، فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره، نفس الذرّة تراها، أليس كذلك؟ وهذا أيضاً ما ورد في الآية الأخرى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا} (آل عمران:30)، ليس جزاء ما عملت من خير محضراً، لماذا هذا؟ مع أنه ورد في بعض الآيات أننا نرى جزاء عملنا، لماذا القرآن قد يقول: نحن نرى عملنا، وقد يقول: نحن نرى جزاء عملنا، لأن الجزاء الإلهي يختلف عن الجزاء الإنساني، الإنسان حينما يضع قوانين المجازاة فإنه يجعل الجزاء الإنساني، يقولون: السارق يُغرم أو يُسجن، السرقة عمل يختلف عن السجن، السجن حجز حرية الإنسان المواطن في مكان محدود في مدة معيّنة، أليس هذا هو السجن؟ السرقة تختلف عن هذا، هذا شيء، وهذا شيء. البشر وضعوا قوانين ووضعوا مجازاة أمام أعمال بأشياء أخرى، مفهوم هذا الكلام؟ اليوم مثلاً: إذا واحد ارتكب جريمة، مثلاً: جريمة ضرب أو إهانة أو إطلاق نار. يُغرّم بالمال، المال شيء، وإطلاق النار شيء. أو يُسجن، السجن شيء، وإطلاق النار شيء. وهكذا: ترون أنّ عمل الجريمة يختلف عن عمل المجازاة، هذا شيء وذاك شكل آخر.


من جهة أخرى ، العمل الإنساني والجزاء الإلهي شيء واحد، نحن نجزى بعملنا. بنفس عملنا، يعني: عملنا في هذه الدنيا له صورة هي نفس العمل، له صورة يوم القيامة، تجازى بنفس الشيء، من باب المثل: الماء في درجة حرارة معيّنة: أكثر من أربع درجات مثلاً، أو فوق الصفر مثلاً. الماء مائع، أليس كذلك؟ إذا نفس الماء أعطيته حرارة حتى بلغت درجة الحرارة مئة، نفس الماء شكله يختلف ويصير مثل البخار، أليس كذلك؟ وإذا نزلت درجة الحرارة تحت الصفر فنفس الماء يكون شكله جماد، الماء واحد له 3 أشكال بدرجات حرارة مختلفة، أليس كذلك؟


العمل الواحد: هذا العمل الخيّر أو عمل الشر هنا له شكل (في الدنيا)، وفي العالم الآخر له شكل آخر (نفس العمل).


أذكر لكم مثالاً أقرب الى الذهن: الفلاح في خلال موسم الزراعة والعمل يحرث الأرض ويسقي الحرث ويكافح المرض ويخدم الشجرة، فتطلع الثمرة الصحيحة المطلوبة، أليس كذلك؟ إذا لم يكافح مرض البرتقالة أو التفاحة أو الشجرة فستأتي معيوبة مسوّسة باصطلاحنا، أليس كذلك؟، هذا السوس من أين أتى؟ لأنه كان موجوداً، وكان من المفروض (على الفلاح) أن يكافح (المرض)، لأنه ما كوفح ظهَر هنا، فإذاً: هذا الرش الذي يرشه الفلاح ينعكس على سلامة هذه الشجرة، وإذا لم يحرث الأرض أو لم يعطها السماد اللازم فالثمرة تطلع هزيلة، هذا الهزال من أين جاء؟ من نفس العمل. فإذاً: عمل الفلاح يتجمع في صندوق الشجرة وصندوق الثمرة، أليس كذلك؟


مثل طفل يدخر المال حتى يصير لديه مئة ليرة، لا تقدر (عندها) أن تقول له: من أين لك هذا؟، هو جمَعه، الثمرة مثل صندوق العمل: كل حرث. كل كيماوي. كل رش. كل خدمة. كأنه وضع شيئاً في الصندوق، فامتلأ الصندوق، مثال واضح، أليس كذلك؟.


هذا الجزاء بالعمل كالتلميذ في الامتحان والمسابق في المسابقة، نفس الأمر هؤلاء: يجدون أنفسهم أمام عملهم المصمَّد في هذا الصندوق، فإذا صمّدوا عملاً جيداً يجدون نفس العمل وليس شيئاً آخر.


نحن مع الأسف يوم القيامة أمام أعمالنا، فالأعمال التي عملناها نحترق بها يوم القيامة أو نجازى بها يوم القيامة، تقول لي كيف؟ أقول لك أنّ الإنسان يكوّن ذاته بأعماله، هذا بحث فلسفي أحاول أن أعطيه الشكل البسيط.


باعتبار أننا نقرأ التربية والتفسير ولا نقرأ فلسفة ولا كلام: الإنسان والأعمال التي تصدر من الإنسان هي التي تكوّن ذاته، أنا عندما أتيت كطفل كنت مثل المرآة، كنت مثل المادة الخام، كنت مثل المعجونة التي يستعملها الطلاب الصغار في المدارس، أنا عندما كنت طفلاً كنت مثل هذه المعجونة. (لكن) التربية، ثم عملي أنا، كل كلمة تغيّر هذه المعجونة، كل موقف. كل تصرف. كل خطيئة. كل حسنة. تكوّن هذه المعجونة وتعطيها صورة، فإذاً: أنا صورتي يوم القيامة ما هي؟ ذاتي يوم القيامة ما هي؟ صندوق أعمالي. قد أُحشر لا سمح الله يوم القيامة بشكل كلب إذا كانت أعمالي أعمال كلب، وقد أُحشر بشكل إنسان، وقد أُحشر بشكل آخر، من يدري ما هي صورة الإنسان يوم القيامة؟.


مثال آخر: الفنّان يرسم لوحة، صورة هذه اللوحة، هذه اللوحة هي مجموعة الأقلام التي هو يستعملها ويلوّن بها هذه اللوحة، أليس كذلك؟ فكل قلم باللوحة يعطي حالة جديدة لهذه الصورة، فهذه الصورة الفنية التي أمامكم هي مجموعة حركات يد هذا الفنّان والألوان التي اختارها، أليس كذلك. ونحن نفس الشيء. فإذاً: نحن ذاتنا هي مجموعة أعمالنا، لوحة ذاتنا هي مجموعة الخطوط التي رسمناها في أيام الحياة، فإذاً كل أعمالنا لا تروح هباءً: كما أنها تنعكس على الأرض والسماء والحيطان والجلود فإنها أيضاً تكوّن ذاتنا، فذاتنا خلاصة أعمالنا، حينئذٍ نحن نُحشر بهذه الذات في العذاب الأبدي، ولا مقام إلا في النار ومع الشياطين، أو نُحشر وصورتنا إنسان ومقامنا الجنّة مع الصدّيقين والشهداء والصالحين.


أنت اليوم إذا كنت تريد أن ترتب بيتك تضع الضوء فوق رأسك وتضع الإبريق النظيف في البرّاد وتضع الإبريق للطهارة في المرحاض وتضع البلاط تحت رِجلك، فهل ظلمت البلاط؟ لماذا لم تضع البلاط فوق رأسك؟ لماذا لم تضع الضوء على المدخل؟ لماذا لم تضع إبريق الطهارة في غرفة النوم؟ لماذا؟ لماذا الساعة لا تلبسها برِجلك؟ لماذا اللفّة (العمامة) لا تضعها على ظهرك؟ كل شيء له مكان. أنا يوم القيامة ذات من الذوات لي مكان، أين مكاني؟ متناسب معي، فلا ظلم في العذاب، يعني: إذا عذّبَنا الله فما ظلَمنا، بل أعطانا مكاننا بكل احترام: تفضل، هذا مكانك في المرحاض لأنه إبريق، أو تحت الأرجل لأنه بلاط، فأنا أتكون من مجموع أعمالي، هذه المجموعة تكوّنني وتعطيني الصورة الحقيقية وتحدّد محلي في النار، أو في الجنّة، أو في درجات الجنّة، أو في درجات النار.


فإذاً: نحن نرى عملنا أمامنا، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا}، لا تفكر أنّ هذه العملية والقيامة تكون الآن ولكن نحن لا نرى، نحن الآن علينا غطاء إلـهي وستر إلـهي، وهو هذا الوجه الذي يخبئ في جوفه كل شيء، وفي يوم القيامة: {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (قاف:22)، أليس كذلك؟ يوم القيامة نحن نرى: {لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ . فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.


هذا التوضيح مرجع الى خلاصة الآية. الإنسان الغافل، الإنسان السكران، الإنسان النائم، الإنسان الملتهي بالحياة: أول شيء الآية تضربه سوطاً على دماغه فتقول: {بسم الله الرحمن الرحيم. إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا . وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا . يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}، ربما أخبار الأرض هي أثقال الأرض، وهي أسرار الأرض كما قلنا، {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}: يعني أسرارها، الأسرار التي طالما ثقلت على ظهر الأرض.


{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ، لماذا؟ {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}


{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} : الى هنا تصوّرنا الواقعة.


{لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ . فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، أول شيء ضرَب ضربة بهذا الشكل حتى يوقظ الناس وينتبهوا ويعطوا سمعهم الى صوت الله الذي يقول: {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، فلا ظلم ولا محسوبية ولا احتساب أبداً أبداً. {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، و {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (النجم:39).


هذه خلاصة وجيزة من هذه السورة المباركة، وفي تفسير هذه السورة روايات حول الخيرات الصغار، قلت أن لا تستصغروا الحسنات، كسرة خبز. شقّة تمر. خدمة صغيرة. لا توفّروها، ولا تستصغروا الحسنات، ولا تحتقروا السيئات.


أعتقد أنه ما عندي شيء أكثر، ولا شك أنّ ما بقي من المعاني العميقة في القرآن أكثر بكثير، ونحن ما قلنا إلا نقطة.


وغفر الله لنا ولكم

صدق الله العظيم