سلي الرماح العوالي
سَلي الرّماحَ العَوالي عن معالينا، * * * واستشهدي البيضَ هل خابَ الرّجا فينا
وسائلي العُرْبَ والأتراكَ ما فَعَلَتْ * * * في أرضِ قَبرِ عُبَيدِ اللَّهِ أيدينا
لمّا سعَينا، فما رقّتْ عزائمُن * * * عَمّا نَرومُ، ولا خابَتْ مَساعينا
يا يومَ وَقعَة ِ زوراءِ العراق، وقَد * * * دِنّا الأعادي كما كانوا يدينُونا
بِضُمّرٍ ما رَبَطناها مُسَوَّمَة ً، * * * إلاّ لنَغزوُ بها مَن باتَ يَغزُونا
وفتيَة ٍ إنْ نَقُلْ أصغَوا مَسامعَهمْ، * * * لقولِنا، أو دعوناهمْ أجابُونا
قومٌ إذا استخصموا كانوا فراعنة ً، * * * يوماً، وإن حُكّموا كانوا موازينا
تَدَرّعوا العَقلَ جِلباباً، فإنْ حمِيتْ * * * نارُ الوَغَى خِلتَهُمْ فيها مَجانينا
إذا ادّعَوا جاءتِ الدّنيا مُصَدِّقَة ً، * * * وإن دَعوا قالتِ الأيّامِ: آمينا
إنّ الزرازيرَ لمّا قامَ قائمُها، * * * تَوَهّمَتْ أنّها صارَتْ شَواهينا
ظنّتْ تأنّي البُزاة ِ الشُّهبِ عن جزَعٍ، * * * وما دَرَتْ أنّه قد كانَ تَهوينا
بيادقٌ ظفرتْ أيدي الرِّخاخِ بها، * * * ولو تَرَكناهُمُ صادوا فَرازينا
ذلّوا بأسيافِنا طولَ الزّمانِ، فمُذْ * * * تحكّموا أظهروا أحقادَهم فينا
لم يغنِهِمْ مالُنا عن نَهبش أنفُسِنا، * * * كأنّهمْ في أمانٍ من تقاضينا
أخلوا المَساجدَ من أشياخنا وبَغوا * * * حتى حَمَلنا، فأخلَينا الدّواوينا
ثمّ انثنينا، وقد ظلّتْ صوارِمُنا * * * تَميسُ عُجباً، ويَهتَزُّ القَنا لِينا
وللدّماءِ على أثوابِنا علَقٌ * * * بنَشرِهِ عن عَبيرِ المِسكِ يُغنينا
فيَا لها دعوه في الأرضِ سائرة ٌ * * * قد أصبحتْ في فمِ الأيامِ تلقينا
إنّا لَقَوْمٌ أبَتْ أخلاقُنا شَرفاً * * * أن نبتَدي بالأذى من ليسَ يوذينا
بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُنا، * * * خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا
لا يَظهَرُ العَجزُ منّا دونَ نَيلِ مُنى ً، * * * ولو رأينا المَنايا في أمانينا
ما أعزتنا فرامينٌ نصولُ بها، * * * إلاّ جعلنا مواضينا فرامينا
إذا جرينا إلى سبقِ العُلى طلقاً، * * * إنْ لم نكُنْ سُبّقاً كُنّا مُصَلّينا
تدافعُ القدرَ المحتومَ همّتُنا، * * * عنّا، ونخصمُ صرفَ الدّهرِ لو شينا
نَغشَى الخُطوبَ بأيدينا، فنَدفَعُها، * * * وإنْ دهتنا دفعناها بأيدينا
مُلْكٌ، إذا فُوّقت نَبلُ العَدّو لَنا * * * رَمَتْ عَزائِمَهُ مَن باتَ يَرمينا
عَزائِمٌ كالنّجومِ الشُّهبِ ثاقِبَة ٌ * * * ما زالَ يُحرِقُ منهنّ الشيّاطِينا
أعطى ، فلا جودُهُ قد كان عن غلَطٍ * * * منهِ، ولا أجرُهُ قد كان مَمنونا
كم من عدوِّ لنَا أمسَى بسطوتِهِ، * * * يُبدي الخُضوعَ لنا خَتلاً وتَسكينا
كالصِّلّ يظهرُ ليناً عندَ ملمسهِ، * * * حتى يُصادِفَ في الأعضاءِ تَمكينا
يطوي لنا الغدرَ في نصحٍ يشيرُ به، * * * ويمزجُ السمّ في شهدٍ ويسقينا
وقد نَغُضّ ونُغضي عن قَبائحِه، * * * ولم يكُنْ عَجَزاً عَنه تَغاضينا
لكنْ ترَكناه، إذْ بِتنا على ثقَة ٍ، * * * إنْ الأميرَ يُكافيهِ فيَكفينا