سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر/عثمان بن بكتاش الموصلي

من معرفة المصادر

عثمان بن عمر المعروف ببكتاش زاده الموصلي الشاعر الأديب الناظم الناثر ترجمه بعض فضلاء الموصل وقال في حقه هذا الأديب والشاعر المصيب والفصيح بقوله وحلاوته والمبتكر للمعاني بطلاوته دبج القراطيس بمداد تأليفه وروج سعر الشعر بحسن سبكه لدرر الألفاظ وترصيفه جدير بأن يشار إليه بالبنان بين الشعراء والأقران فله قصائد عديدة فمن نظمه قوله يمتدح المرحوم السيد عبدي أفندي عندما ولي افتاء الموصل يهنيه بأبيات كل شطر منها تاريخ وقد شهدت بقوة طبعه ومهارته في فن الأدب وسلامة قريحته فأبدع وأغرب حيث قال

على قمر الاقبال في أفق اليسـر
 
وزان باكليل الهنا جبهة البشـر
تلـألأء بالفتـح المبيـن هلالـه
 
فباهى به المشكاة كوكبها الدري
كسى بالفتاوي عابداً حلة الهـدى
 
وألبس عطفيه العلي حلة القـدر
فأضحى لباب المدح لما زهى الولي
 
على بعبيد الله منشرح الصـدر
فتى أوجز الفتوى بمنهاج مجـده
 
وزاد عليها علة الكسر والجبـر
تبقر في علم الولي وهـو يافـع
 
وأدنى مقاليد الثنا وهو في الحجر
يلخص في أوفى المعاني بيانـه
 
بديع طوايا رفده الفائـق النشـر
سريع العطايا مدهـا متداركـي
 
ببحر ندى لم يجزر الوعد عن قصر
جواد عطاء لو تجاريـه دجلـة
 
لجالت عيون من لجين على الجسر
ولو قهر الاكـرام أيتـام نيلـه
 
لحط نداه سائل التبر فـي نهـر
تكاد البحار السبـع جـداً ببذلـه
 
يفجرها من بسط أنملـه العشـر
أبى الله أن تستنكح السحب جوده
 
لتطرح ماء حملها لؤلؤ القطـر
تناسيت أحبابي زمانـاً ومنزلـي
 
بدعواه ما جاءت قفا نبك في ذكرى
سلالـة آبـاء ولــاة أكابــر
 
جمانـة أبنـاء أطايبـة طهـر
حليف النهى والحلم والعدل والسخا
 
أخو المجد والآلاء والعفو والبـر
له أخوة حـازو وأبناهـم هـدا
 
بأجدادهم أهل النوال بني الفخـر
مدارس علم اللّه خـزان جـوده
 
معاجزه الأبرار في السر والجهر
فمن مثلهم أصلاً وحيدر جدهـم
 
حليم محل الحلم صنو الفتى الطهر
فيا شرفاً يزهو ببطحـاء مكـة
 
ويا نسباً دار له شـرف البـدر
أبوهم بهاء المجد هم بهجة الثنى
 
بنوهم أكاليل الهدى جدهم فخري
أمولاي يا مولاي دعوة شاكـر
 
لا نعمكم شاكي إليكم جفى الفقر
يأرخها داعيك يا جوهـر البهـا
 
مدى كل شطر عم حسناً على الدر
فلا زلت في مجد الولاية زاهيـاً
 
باقبال سعد مسبل مـدة العمـر

وله أيضاً كل شطر تاريخ في وفاة المرحوم السيد يحيى أفندي مفتي الموصل في تلك السنة

حيتك يا مرقداً وأرى هلال هدى
 
سحابة الفوز بالحسنى مع الرسل
وآنستـك بهـام هامـل ونعـت
 
نفس الفتاوي أنيس العلم والعمل
لقد حويت حسيباً طالما سجـدت
 
في البيت جبهته الفيحاء للـأزل
عز فللناس أسخـى سيـد سنـد
 
زين بأبهى برود المجد مشتمـل
طوبى له فاز بالاخرى بنيل علا
 
من رحمة اللّه لم يوصف ولم ينل
وحل أعلى محل شامـخ وبـدا
 
يطوف في جنة الفردوس في حلل
فليبك جزماً على الفتوى اليراع دما
 
لفقـده وليرثيـه فـم الوكــل
همى بحسن قبول حيـن أرخـه
 
بكل شطر يراع الوافدين جلـي
يا من يروم مثيلاً بالمقـام لـه
 
مهلاً فما لسداد العقل من مثـل

بمن تشبه يحيى في الصلاح وقد سعى إلى الخلد في يحيى الامام علي وله غير ذلك وكانت وفاته في أواخر هذا القرن أعني الثاني عشر رحمه الله تعالى وأموات المسلمين أجمعين.