سئمت مناجاة روحي، ممدوح عدوان
سئمت مناجاة روحي، للشاعر السوري ممدوح عدوان.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
القصيدة
أغني للهوى القتال أغنية
على طلل يصير ركامْ
أغني كي أنقب في بقايا الصمت
عن أشلاء مجزرة ٍ
يغطيها اخضرار كلامْ
وها إني عثرت الآن
- على شيء سأفعله بلا استئذان
أموت
لكي أفاجئ راحة الموتى
وأحرم قاتلي من متعة التصويب
نحو دريئة القلب
الذي لم يعرف الإذعان
سأحرم ظالمي من جعل عمري
مرتعا لسهام أحقاد
وأرضا أجبرت أن تكتم البركان
أموت
وقد نزفت مخاوفي
لم يبق مني غير جلد فارغ
قد صار كيسا فيه بعض عظام
فصائغ يأسي المقرور فرغني من الأحلام.
أتلفت نحوكِ.. أبكي
تقبلين من الفرح المرتجى
تقبلين من الفرح المستحيل
وتأتين كالضوء من عصبي
تطلعين من القلب
ينكشف العمر في عريه
هيكلا من عظام الأماني
وزوبعة من شقاءْ
تكشفين قصوري عن الحب
بعدي عن الله
عجزي عن الحلم والذكريات
تجيئين ملء القلوب العريقة
ملء العيون العتيقة
لم تتركي فسحة للرغائب واللهو
لم تتركي خفقة للّقاءْ
غربتي كشفت وجهها
فرأيتك كل الذي مرمر القلب
لم أتحمل دفاعاًَ عن العشق
أو عن طفولتنا
ورأيتك:
لم يضطهدني الطغاة لرأي
ولم يأت خلفي الغزاة لأرض
ولم تجرح القلب في لوعة هجرة الأصدقاءْ
كنت خلف التوجع والدمع
في الخوف كنت... وكنت الشقاءْ
ولكي أتقرّب منك
لكي أتلمس نبضك
أو أتقرى ابتسامة عينيك
كابدت هذا العناءْ
فضحتني الدموع التي صبغت ذكرياتي
ودمعيَ غال
تعلمت كيف استوى الدمع بالدم
أعبد من سفح الدمع والدم كرمى لها
فضح الدمع حقدي
فلا عفو عمن أباحوا دمائي
ولا عفو عمن أباحوا البكاءْ
قلت:قلبيَ يقفز
ينذر بالشر
قلبي تعلق مرتعداً
عند أول هذا السواد
الذي يملأ الأفق
قلت: جبيني على وشك الانكفاء
والعواصف إذ تعتريني تبددني
وأنا أتماسك في ذكرياتك
هدَّأتني
لم تكن غيمة تتجمع سوداء في الغرب
كي ترتمي مطراً
فالغيوم التي اعتدتها أصبحت ناشفة
والرياح استكانت
فلم تأتنا نذر العاصفة
قلت لي:
إنها الطير
في رهبة الأفق سوداء
والناس ترقبها
أقبلت كالشحوب الذي يعتريني
إذا ما ارتعدت على ذكرهم نازفه
ما الذي سوف يأتي؟
ترنحتُ..أمسكتِني
وتوجعتُ..أسكنتِني
واندحرتُ..فأرجعتِني
كانت الطير في رهبة الأفق سوداءَ
جاءت كعتم يفاجىء عند الظهيرةِ
غطت سماءَ المدينة
واصطدم الخلق بالخلق
فالضوء يسودُّ
والقلب يسودُّ
والمدن المستعيذة مشلولة واقفه
وصلت زعقة
وتلاها عويل
تغير نبض السماءْ
ذهل الخلق
وابتدأتْ هجماتُ الطيور
وراحت مناقيرها تنتقي في الزحام
فرائسها الراجفة
خفت ملء عظامي وأوردتي
أقبلت هجرة راودتني
هممت بها
غير أني رأيتك،
قلت: معاذَ هوانا
رجعت أسلِّم عمري
وأخلع خوفي
أواجه نبض نهايتنا
خفت أن تفقديني
وخفت إذا شدني الخوف صوب الأمان
إذا لفني الذعر بين المنافي
بأن لا ألاقيكِ عند المساءْ
حينما شبَّ بين القلوب هروبُُ
تشبثت باسمكِ
أطبقتُ قلبي على نظرتيك
لأجلك أبقى
وتطبق حولي مصيدة الطير
أبقى لديكِ
ولستِ معي
أتمسك بالبرق من ذكرياتك في حلكي
أتعلق بالماء، يندفع السيل
أنشدّ للضوء، يندلع الليل
أنشدّ نحو التراب، يثور العجاج
بلاد تفور
وأخرى تغور
وشمس تغيب وراء الطيور
أطارد خيط شعاع
تسرب ما بين طير وطير
وأغمض عينيّ.