رَأَيتُ نَوارَ
رَأَيتُ نَوارَ، هي قصيدة من تأليف الفرزدق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
القصيدة
رَأَيتُ نَوارَ قَد جَعَلَت تَجَنّى
وَتُكثِرُ لي المَلامَةَ وَالعِتابا
وَأَحدَثُ عَهدِ وَدَّكَ بِالغَواني
إِذا ما رَأسُ طالِبِهِنَّ شابا
فَلا أَسطيعُ رَدَّ الشَيبِ عَنّي
وَلا أَرجو مَعَ الكِبَرِ الشَبابا
فَلَيتَ الشَيبَ يَومَ غَدا عَلَينا
إِلى يَومِ القِيامَةِ كانَ غابا
فَكانَ أَحَبَّ مُنتَظَرٍ إِلَينا
وَأَبغَضَ غائِبٍ يُرجى إِيابا
فَلَم أَرَ كَالشَبابِ مَتاعَ دُنيا
وَلَم أَرَ مِثلَ كِسوَتِهِ ثِيابا
وَلَو أَنَّ الشَبابَ يُذابُ يَوماً
بِهِ حَجَرٌ مِنَ الجَبَلَينِ ذابا
فَإِنّي يا نُوارُ أَبى بَلائي
وَقَومي في المَقامَةِ أَن أُعابا
هُمُ رَفَعوا يَدَيَّ فَلَم تَنَلني
مُفاضَلَةً يَدانِ وَلا سِبابا
ضَبَرتُ مِنَ المِئينَ وَجَرَّبَتني
مَعَدٌّ أُحرِزَ القُحامَ لِرِغابا
بِمُطَّلِعِ الرِهانِ إِذا تَراخى
لَهُ أَمَدٌ أَلَحَّ بِهِ وَثابا
أَميرَ المُؤمِنينَ وَقَد بَلَونا
أُمورَكَ كُلَّها رُشداً صَوابا
تَعَلَّم إِنَّما الحَجّاجُ سَيفٌ
تُجَذُّ بِهِ الجَماجِمَ وَالرِقابا
هُوَ السَيفُ الَّذي نَصَرَ اِبنَ أَروى
بِهِ مَروانُ عُثمانَ المُصابا
إِذا ذَكَرَت عُيونُهُمُ اِبنَ أَروى
وَيَومَ الدارِ أَسهَلَتِ اِنسِكابا
عَشِيَّةَ يَدخُلونَ بِغَيرِ إِذنٍ
عَلى مُتَوَكِّلٍ وَفّى وَطابا
خَليلِ مُحَمَّدٍ وَإِمامِ حَقٍّ
وَرابِعِ خَيرِ مَن وَطِئَ التُرابا
فَلَيسَ بِزايِلٍ لِلحَربِ مِنهُم
شِهابٌ يُطفِؤونَ بِهِ شِهابا
بِهِ تُبنى مَكارِمُهُم وَتُمرى
إِذا ما كانَ دِرَّتُها اِعتِصابا
وَخاضِبِ لِحيَةٍ غَدَرَت وَخانَت
جَعَلتَ لِشَيبِها دَمَهُ خِضابا
وَمُلحَمَةٍ شَهِدتَ لِيَومَ بَأسٍ
تَزيدُ المَرءَ لِلأَجَلِ اِقتِرابا
تَرى القَلعِيَّ وَالماذِيَّ فيها
عَلى الأَبطالِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
شَدَختَ رُؤوسَ فِتيَتَها فَداخَت
وَأَبصَرَ مَن تَرَبَّصَها فَتابا
رَأَيتُكَ حينَ تَعتَرِكُ المَنايا
إِذا المَرعوبُ لِلغَمَراتِ هابا
وَأَذلَقَهُ النِفاقُ وَكادَ مِنهُ
وَجيبُ القَلبِ يَنتَزِعُ الحِجابا
تَهونُ عَلَيكَ نَفسُكَ وَهوَ أَدنى
لِنَفسِكَ عِندَ خالِقِها ثَوابا
فَمَن يَمنُن عَلَيكَ النَصرَ يَكذِب
سِوى اللَهِ الَّذي رَفَعَ السَحابا
تَفَرَّد بِالبَلاءِ عَلَيكَ رَبٌّ
إِذا ناداهُ مُختَشِعٌ أَجابا
وَلَو أَنَّ الَّذي كَشَّفتَ عَنهُم
مِنَ الفِتَنِ البَلِيَّةَ وَالعَذابا
جَزوكَ بِها نُفوسَهُمُ وَزادوا
لَكَ الأَموالَ ما بَلَغوا الثَوابا
فَإِنّي وَالَّذي نَحَرَت قُرَيشٌ
لَهُ بِمِنىً وَأَضمَرَتِ الرِكابا
إِلَيهِ مُلَبَّدينَ وَهُنَّ خوصٌ
لِيَستَلِموا الأَواسِيَ وَالحِجابا
لَقَد أَصبَحتُ مِنكَ عَلَيَّ فَضلٌ
كَفَضلِ الغَيثِ يَنفَعُ مَن أَصابا
وَلَو أَنّي بِصينِ اِستانَ أَهلي
وَقَد أَغلَقتُ مِن هَجرَينِ بابا
عَلَيَّ رَأَيتُ يا اِبنَ أَبي عَقيلٍ
وَرائي مِنكَ أَظفاراً وَنابا
فَعَفوُكَ يا اِبنَ يوسُفَ خَيرُ عَفوٍ
وَأَنتَ أَشَدُّ مُنتَقِمٍ عِقابا
رَأَيتُ الناسَ قَد خافوكَ حَتّى
خَشوا بِيَدَيكَ أَو فَرَقوا الحِسابا