رأيي في الحجاب
رأيي في الحجاب، ملك حفني ناصف
أعملْتُ أقلامي وحينًا منطِقي
في النُّصح والمأمولُ لم يتحقَّقِ
وظننتُ إخلاصي يُفيد وهمَّتي
تُفضي بمن أشقى لهنَّ إلى الرُّقي
أكبرتُ نفسي أن يقال تملّقتْ
لا كان عيشٌ يُرتجَى بتملّق
وإذا تسلّقَ بالخديعة كاتبٌ
يبغي بها العلياء لم أتملّق
تَخِذوا مناطيد الرهان ذرائعًا
للمجد لكني بجدِّي أرتقي
سيّانِ بعد رضا ضميري مَنْ غدا
لي مادحًا أو قادحًا لم أفْرَق
إن الحقيقةَ كيف يخفَى ضوْءُها
مدحُ المحبِّ وتُرَّهات المحْنق
والرأيُ يجلوه التباينُ مثلما
يجلو المحكُّ العسجدَ الحرَّ النقي
أيردُّني عما رأيتُ معاندٌ
ومقالُ حاسدةٍ، وكذبُ ملفِّق
لعدِمتُ آدابي وحسنَ تجلُّدي
إن صدَّني قولُ البغيض الأحمق
أيسوؤُكم منا قيامُ نذيرةٍ
تحمي حماكم من بلاءٍ مُحْدِق
أيسرُّكم أن تستمرَّ بناتُكم
رهْنَ الإسارِ، ورهنَ جهلٍ مطبق
هل تطلبون من الفتاة سفورَها؟
حسنٌ ولكن أين بينكمُ التَّقي؟
تخشى الفتاةُ حبائلاً منصوبةً
غشَّيْتموها في الكلام برونق
لا تتَّقي الفتياتُ كشْفَ وجوهِها
لكنْ فسادَ الطبع منكم تتّقي
لا تَطْفروا بل أصلحوا فتياتِكم
وبناتكِم وتسابقوا للألْيَق
أرضِيتُمو عن كل شيءٍ عندنا
وخشيتمو أمرَ القناعِ إذا بقي
هل قُمتمو بفروض نِسْوتِكم وهل
هذَّبتمو من طبعهنَّ الأخرق؟
أسبقتمونا للفضيلةِ والتُّقَى
وخشيتمو الهَلَكاتِ إن لم نلحق
تتنقَّلون لمنتدًى من قهوةٍ
ونساؤكم في ألفِ بابٍ مُغلق
إن الزواج على خطورةِ شأنه
آلتْ روابطُه لشرِّ ممزَّق
اليومَ عرسٌ باهظٌ نفقاتُه
وغدًا تُقام قضيَّةٌ لمطلّق
أتُعاقدون على الحياة شريكةً
غيْبًا، أيمقتُ عاقلٌ من ينتقي
من سار أعزلَ للقتال فإنه
لا يشتكي طعْنَ العدوّ الأزرق
من يطلبِ العلياءَ دون تدبُّرٍ
لا تعجبَنَّ لسعيِه إن يُخفق
هلا صرفتُم بعضَ وقتِكمو على
رَأْبِ الصُّدوع ورَتْقِ ما لم يُرتَق
لا تدخلون الدُّورَ إلا برهةً
تَرِدونها لضرورةٍ كالفندق
لا تُصْدروا الآراءَ ينقضُ بعضُها
بعضًا فتُمسي في مجالٍ ضَيّق
يا ليت شعري، والمشاربُ أمرُها
متعاكسٌ، من أيِّ وِرْدٍ نستقي
فدعوا النساء وشأنهنَّ فإنما
يدري الخلاصَ مِنَ الشقاوةِ مَنْ شقي
وأمامكم غيرَ القناع مآزقٌ
أولى بها التفكير من ذا المأزق
ليس السفورُ مع العفاف بضائرٍ
وبدونِهِ فرْطُ التحجُّب لا يَقي