دور مجمع اللغة العربية الأردني في تعريب التعليم العلمي الجامعي في الأردن

من معرفة المصادر

دور مجمع اللغة العربية الأردني في تعريب التعليم العلمي الجامعي في الأردن، سلسلة زهور من بستان التعريب، منقول من مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، العدد السابع والتسعون شعبان 1423هـ، نوفمبر2002م


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ملخص البحث

الحمد لله الذي شرف اللغة العربية بجعلها لغة القرآن الكريم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ،

فيتناول هذا البحث قضية تعريب العلوم في الأردن، فالأردن عاش قضية التعريب ( تدريس العلوم باللغة العربية ) سنة واحدة فقط؛ لذلك فإن المشاكل والمعوقات التي اعترضت التعريب لم تكن معوقات ومشاكل يسهل أو يصعب حلها، بل إن المسألة تعدت ذلك لترتبط بإيمان المؤسسات العلمية، وموقفها من التعريب، فرد الباحث أصول المشكلة إلى الماضي؛ ليكون إطلالة على جهود العلماء العرب في هذا المجال، ثم تطرق إلى أهمية التعريب العلمية، واللغوية والدينية .

إن فكرة تعريب التعليم الجامعي، لم تكن وليدة الساعة، بل هي قضية عربية أملتها ضرورات دينية،وقومية، وعلمية، ووطنية، نصت على ذلك مؤتمرات المجامع اللغوية في الوطن العربي، فدعت إلى تعريب العلوم، وتدريسه باللغة العربية، من هنا بدأ المجمع بوضع خطة تهدف إلى تعريب التعليم العلمي الجامعي في الجامعات الأردنية، فبدأ بالتنفيذ في العام الدراسي 1980/1981م، ثم توقف، فما هي الأسباب التي أدت إلى توقف عملية التعريب في الأردن والتعرض للخطة التي وضعها المجمع، ودراستها من كل الزوايا؛ لمعرفة فيما إذا كانت كافية لتعريب العلوم،والإيفاء بمتطلبات العلم الحديث ؟

Abstract The Arabic language is highly esteemed because it is the language of both the Holy Quran and prophet Mohammed (Peace be upon him). This research deals with the issue of Arabization of the uni-versity education in Jordan, in particular, teaching scientific subject in Arabic. This has been experienced for one year. The main obstacle is the translators’ the faith in the Arabic language, both indi-vidually and institutionally. Most of The researchers have dealt with Arabization from a historic point of view. To whom it may concem. Arabization is a necessity, and as a result, many institutions tried to apply this, in particul-ar, Jordanian Universities in the academic year 1980-1981. Unfortunately,Arabization has been stopped since then. This research is an attempt to expose the causes behind the problem of Arabization, stud-ying the Assembly’s schemes from different angles to know whether these schemes are sufficient to deal with such an intricate problem or not.


مقدمة البحث

الحمد لله الذي شرف اللغة العربية بجعلها لغة القرآن الكريم، والصلاة والسلام على رسل الله أجمعين، و صلى الله وسلم على نبيه الكريم، محمد بن عبد الله الأمي الصادق الأمين وبعد ،

فإن حركة تعريب التعليم العلمي الجامعي من المواضيع المهمة؛ التي تشكل تحديًا من تحديات اللغة العربية المعاصرة في العصر الحديث، تمليها ضرورات قومية، ووطنية، واجتماعية، وعلمية؛ فاللغة العربية كانت ولا تزال هي الأساس الذي قامت عليه الجمعيات السياسية العربية في عصر النهضة، فكان التمسك باللغة، والدفاع عنها أمام التتريك من أسس المقاومة، فكانت قومية اللغة سمة بارزة في الشعراء الذين نادوا بالتمسك بالعروبة واللغة أساسًا للقومية.

ومع بدء فك العزلة خرج العرب وانفتحوا علـى العالم الآخر؛ فانبهروا من التقدم العلمي السريع الذي توصل إليه الغرب، والذي توج أخيرًا باستعمارهم الدول العربية، فحاول السيطرة على المنطقة العربية بكل السبل والطرق؛ فكانت محاولة فَرْنسة اللغة في المغرب العربي، ونجلزتها في المشرق العربي، وبدأت المقاومة لذلك عن طريق بعض المراكز العلمية والحضارية العربية، كالأزهر الشريف في مصر، والقرويين في المغرب، والزّيتونة في تونس، وبعض المعاهد السورية واللبنانية في الشام ؛ لذلك فإن مجاراة الغرب، ومسايرة تقدمه العلمي يجب أن يكون لغويًّا؛ لأن اللغة وعاء للأفكار والأحاسيس والتطلعات والمشاعر؛ ليتمكن العرب من التقدم العلمي والإبداع الفكري والمعرفي؛ إذ دخل العلم كله في عصر تقني، تتسارع فيه المعارف بشكل لم يسبق له نظير، وتسارعت مع هذه المعارف الألفاظ اللغوية والمصطلحات الدالة عليها، كما يشكل إرهاصًا بأن لغة العلم سوف يكون لها أعظم الأثر في الحياة العادية للبشر في القريب العاجل، فضلاً عن استعمالها في المؤسسات والمنشآت العلمية والثقافية، وفضلاً عن تدوينها في معاجم خاصة تكون مرجعًا مهمًّا لمن يريد التقدم في هذه الميادين .

وقد بدأت تباشير النهضة الفكرية العربية بإحياء لغوي في فنون اللغة والأدب، منذ رفاعة الطهطاوي ( ت 1873م ) الذي سافر إلى باريس؛ فألف كتاب ( تلخيص الإبريز في أيام باريس)، وبه عرب المصطلحات والأسماء، واضعًا إياها في معجم صغير، كذلك نُشرت أمهات الكتب، ووضعت المعاجم، وما صاحبها من الدعوة إلى توسيع التدريس باللغة العربية الفصيحة؛ لأنها تمثل الدعامة الأساسية لمواجهة الغرب؛ لذلك ولج العرب هذا الميدان في مصر زمن محمد علي (ت 1849م )، وفي سوريا ولبنان، ومع دخول الاستعمار الإنجليزي إلى مصر توقف هذا الاتجاه في مصر واستمر في سوريا ولا يزال إلى الآن.

وبعد ذلك بأربعين عامًا دخل التدريس باللغة العربية العراق، ثم أعقبه الأردن، فالسودان ولأهمية الموضوع قامت دراسات حول تعريب العلوم والمصطلحات، ففي الأردن - ميدان البحث – وضع عبد الكريم خليفة كتاب اللغة العربية والتعريب في العصر الحديث، تحدث فيه عن التعريب وتجربة تعريب التعليم الجامعي في الأردن، مستعرضًا الإرهاصات الأولى للتعريب في الأردن، والمشاكل التي اعترضت التجربة، كما تطرق إلى نشأة المجمع اللغوي الأردني، ومهمته ودوره في تعريب العلوم.

ونجد كتابًا آخر حول الموضوع لمحمود إبراهيم بعنوان " تعريب التعليم الجامعي " تحدث فيه عن أهمية التعريب في مجال الإبداع المعرفي، مبرزًا المشاكل والحلول، وآراء المعارضين والرد عليهم .

كما نجد دراسات على شكل أبحاث منشورة بمجلة مجمع اللغة العربية الأردني، قيَّمت تجربة المجمع في تعريب التعليم الجامعي في الأردن، نذكر منها : دراسة محمود السمرة، وهي بعنوان " تجربة مجمع اللغة العربية الأردني في تعريب العلوم "، ودراسة عادل جرار " قضايا تعريب الكيمياء ومشاكله "، ودراسة أحمد سعيدان ( ت 1991 م) " ما السبيل لتعريب التعليم الجامعي في العلوم الطبيعية ؟

من هنا جاءت دراسة الباحث استكمالاً لهذه الدراسات، لتلقي الضوء على التجربة، متناولاً من خلالها الأهمية القومية واللغوية للتعريب، كما تستعرض البدايات الأولى للتعريب، ودور المؤسسات العلمية التي تساهم في تعريب العلوم في الأردن، من خلال ترجمة الكتب العلمية؛ التي عُربت وطُبقت في الجامعات الأردنية، إضافة إلى رأي الأساتذة والدارسين والطلبة في تعريب العلوم؛ لتقف على أهم المشاكل التي تعترض تعريب العلوم؛ والوصول إلى النتائج المهمة؛ التي تدفع باللغة العربية نحو الأمام لتكون لغة التعليم العلمي في جامعات الوطن العربي كافة.

لذلك كان لابد من إجراء مقابلات مع المدرسين والطلبة والمسؤولين عن المؤسسات التعليمية في الأردن للإجابة عن عدة تساؤلات تتعلق بالتعريب، ودور اللغة العربية في تنمية العلوم، وموقف المسؤولين عن تعريب العلوم، والأسباب التي أدت إلى وقف عملية التعريب . أولاً - أهمية التعريب في الوطن العربي، والحاجة إليه عربيًّا .

أهمية اللغة على الصعيد القومي

تعد اللغة أساسًا من أسس القومية العربية قديمًا وحديثًا؛ لأنها من أهم عوامل الوحدة العربية، كونها لغة الأمة كلها، ولعل اللغة العربية من أهم اللغات العالمية الحية؛ التي حافظت على بنيتها عبر العصور المختلفة، وحافظت على جماليتها وفنها وعلميتها، على الرغم من المخاطر التى تعرضت لها الأمة، فإذا كانت اللغة العربية تتصف قديمًا بأنها لغة العلوم، فإنها اليوم، ومن خلال خصائصها، لغة تنمو وتتطور، وتواكب العلم وابتكاراته، وهذا يعني بقاء اللغة ستة عشر قرنًا حية راسخة قوية في وجدان أهلها، وعقولهم؛ بفضل عوامل ساعدت على ذلك، ومن أهمها:

1-الشعر الجاهلي : فقد جمع العرب في جاهليتهم شعرًا رائعًا، تعدى مراحل البدايات الأولى للتكوين والتطور، فما زلنا إلى اليوم نقرأ المعلقات على أنها من الروائع الشعرية، وقد قيل في الجاهلية شعر كثير، صيغ بأسلوب رائع متين، وبلغة عربية بليغة وفصيحة، ما زال إلى اليوم يقرأ على أنه لغة الجمال والتصوير.

2-القرآن الكريم: وهو أهم عامل من عوامل حفظ اللغة العربية؛ فقد نزل على سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) خالص النسب العربي، من قريش سيدة قبائل العرب، فهو آخر الكتب السماويـة، أنزله الله تعالى متعهدًا بحفظه " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " (1) والله تعالى بهذا الحفظ إنما حفظ اللغة من الضياع والتحريف، وأعطى لها صفة الجمال والبلاغة، ففي القرآن من البلاغة والإعجاز ما لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، فهو معجزة النبي الكريم، وبه تحدى المتكلمين، والشعراء، واللغويين، فهو الكتاب الوحيد الذي تكاملت به اللغة العربية بكافة مستوياتها، فكان القرآن بذلك رابطًا مقدسًا للغة العربية؛ حيث يقرأ على الرهبان وأصحاب الديانات الأخرى، وآياته تتلى على المتعلم والجاهل، يحفظها الأمي والمتعلم على حد سواء؛ مما يجعل معالجة موضوع اللغة العربية يختلف اختلافًا جوهريًّا عن معاجلة العاميات الأخرى .

3-التشريع الإسلامي: للتشريع الإسلامي دور كبير في وحدة أكثرية سكان الوطن العربي؛ الذين يدينون بالإسلام، والذين تتوافر فيهم الوحدة الجنسية واللغوية والروحية والتاريخية منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، ولا يزال الوطن العربي واحدًا في أصوله وفروعه؛ لأن وحدته الفكرية مستمدة من مصادر التشريع الإسلامي المتمثلة في القرآن والسنة والسماع والإجماع والقياس؛ والتي وضع أئمة الإسلام والعلم قوانين تحفظها من التحريف والوضع .

4-حركة التأليف عند العرب : شهدت العصور الإسلامية الأولى ازدهارًا في شتى المجالات الفقهية والمنطقية واللغوية والتاريخية، مما أظهر المذاهب الأربعة، ونشطت معها حركة الترجمة؛ فُترجمت كتب كثيرة عن الحضارات الأخرى، تُعرّف بالعلوم المختلفة؛ التي لم يعرفها العرب من قبل، وألفت كتب في المعاجم، والسير التاريخية، ما زالت هذه الكتب تقرأ إلى اليوم على أنها من أهم المصادر والمراجع، وترجمت إلى لغات أخرى، مما أعطى اللغة العربية دورًا مُهمًّا في قراءة التاريخ البشري، ونقل العوم إلى حضارة الغرب، ولعل حركة الترجمة قد أغنت اللغة العربية، مما جعلها أكثر اللغات حيوية، ومجاراة لكل العصور، في كل الميادين العلمية والمعرفية والإنسانية، وبذلك انتقلت معظم المعارف العلمية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى عن طريق الترجمة، والتجارة، والفتوحات الإسلامية، والحروب الصليبية .


وإذا كانت هذه العوامل قد حافظت على اللغة العربية كأساس من أسس الوحدة العربية، فإن المركزية العربية الممثلة بالدولة الإسلامية كانت عاملاً آخر، حافظ على تماسك الأمة العربية ووحدتها في العصور المزدهرة، مما أعطى العرب دور الريادة عالميًّا في كافة الميادين؛ فأضاؤوا بعلومهم ومعارفهم عصور الظلمة التي عاشتها أوربا .

ومع مرور الوقت بدأت الحضارة العربية التراجع – إلى حين – خصوصًا أواخر العهد العثماني، مما أدخل اللغة العربية في الصراع من أجل الحفاظ على هويتها من الهجمة التي بدأ العرب يتعرضون لها مع بدايات التقدم العلمي والمعرفي عند الغرب .

ومع بداية عصر النهضة بدأت المحاولات جادة في طمس الهوية العربية عن طريق تتريك اللغة أو فرنستها؛ ليحكموا سيطرتهم، وليفرغوا العرب من محتواهم الفكري؛ الذي ظل لقرون عدة محتوى صلبًا، باقيًا بوجودهم، ضخمًا بما يحمل من إرث حضاري يزخر بالمعارف والعلوم؛ لذلك تكالبت عليهم الجهود الاستعمارية، ممثلة بالثالوث الفرنسي البريطاني الصهيوني لطمس الهوية العربية، مما وضع العرب في مواجهة هذا الثالوث، من منظور التحدي والشعور القومي، دفاعًا عن دينهم ولغتهم وهويتهم العربية الأصيلة .

من هنا تأتي أهمية اللغة على الصعيد القومي، فهي ترتبط بإرث حضاري وفكري يصعب أن تنفصل عنهما، أو أن يفصل بينهما فاصل، كما أنها تعبر عن حضارة الشعوب وثقافتها، يقول عبد الكريم الباقي:" إن اللغة ذاكرة لها سجل حضارتها التالدة، ومطية حضارتها الطارفة، وهي إرادتها الفكرية المتشوقة نحو التقدم والعلا (2) لذلك فاللغة تساهم في وجود كيان واحد للشعوب العربية على اختلاف مواطنها؛ هذا الكيان يقوم على تراث حضاري ترتبط به مشاعر القرابة الروحية والوجدانية؛ فيساهم ذلك في مقاومة المحاولات الرامية إلى تشتت هذا الكيان بتشتيت لغته من خلال طرق مختلفة ومتنوعة مثل إحلال العاميات، والتدريس باللغة الأجنبية، وغير ذلك ؛ فتشتت الأمة بتشتت لغتها" وفي المقابل تشتت اللغة يندر بتشتت الأمة، وتواري شأنها، وأفول مجدها، وتمزق شملها، وانتشار عقدها" (3)

إن وجود لغة موحدة للأمة عامل مهم في الحفاظ على الهوية العربية، فباللغة تعبر الأمة عن ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وبها تربط الماضي بالحاضر؛ لتساهم في تطور الإنسان العربي، ولأهميتها انعقدت الندوات والمؤتمرات؛ التي تنص على أن اللغة العربية الفصحى هي لغة الأمة، ويجب أن تكون اللغة القومية للعرب، تعبر عن الأفكار والأحاسيس والمشاعر، وبها يدون العرب معارفهم وعلومهم، ويخاطبون الأمم الأخرى بلغة واحدة، تدفعهم نحو التقدم والعلا؛ ليأخذوا دور الريادة في نشر العلوم. إن اللغة العربية كما يقول عبد الله فكري ( ت 1889 م) سبيل تقدم العرب في جميع أحوالهم (4) .

مفهوم التعريب وأهميته عند العرب

ظاهرة التعريب جزء من ظاهرة تعرف بتأثير اللغات فيما بينها، وهي ظاهرة حية تعرفها اللغات كافة نتيجة لحركة التاريخ المتجدد، والمتغير دائمًا، تحكمها أسباب عدة : كالترحال، والغزو، والتبادل التجاري، والثقافي، والمجاورة، وغير ذلك، وقد عرف العرب هذا كله على مدار تاريخهم القديم والحديث، مما جعل اللغة العربية متأرجحة بين القوة والضعف، تقوى بقوة أهلها وعزتهم، وتضعف بضعفهم؛ إذ تتفاوت الشعوب فيما بينها في الثقافة والحضارة، مما قد ينعكس على اللغة .

كان العرب في العصر الجاهلي يعيشون في قلب الصحراء؛ وكان اتصالهم بالشعوب الأخرى قليلاً جدًّا، إلا ما كان من مبادلات تجارية عبر القوافل العربية شرقًا وغربًا، وشمالاً وجنوبًا، أو عن طريق مجاورتهم أممًا أخرى مثل : مجاورتهم الفرس، واليونانيين والروم؛ لذلك كانت الألفاظ الدخيلة على اللغة العربية قليلة جدًّا، معظمها يتصل بالنواحي المادية؛ التى استعملها شعراء العصر الجاهلي في شعرهم (5)

ومع بداية الفتح الإسلامي خرج العرب من الصحراء فاتحين للبلاد والأمصار؛ فخرجت لغتهم معهم، فأثرت في لغات الأمم والبلاد التي كانوا يفتحونها، وتأثرت بها، مما دفع اللغويين العرب إلى جمع اللغة واستنباط القوانين الخاصة؛ التي تحمي اللغة من أن يمسها خلل في بنيانها، من جراء دخول أمم كثيرة الإسلام، واتخذت العربية لغة لها، باعتبارها لغة القرآن الكريم، ولغة الدولة، فظهرت مصطلحات لغوية جديدة كالدخيل والمعرب، وسنعرض الآن تعريفات للتعريب، تمثل آراء العلماء العرب قديمًا وحديثًا .

فقديمًا عرفه الجواليقي ( ت 540 هـ ) بقوله: " إن هذا كتاب يذكر فيه ما تكلمت به العرب من الكلام الأعجمي، ونطق به القرآن المجيد، وورد في أخبار الرسول (صلى الله عليه وسلم )، والصحابة، والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين، وذكرته العرب في أشعارهم؛ ليعرف الدخيل من الصريح "(6).

وفي عصر النهضة فإن معنى التعريب تطور ليدل على نقل اللفظة الأجنبية إلى العربية. يقول الخفاجي (ت1069هـ ):" اعلم أنّ التعريب نقل اللفظ من الأعجمية إلى العربية " (7)، أما الشيخ طاهر الجزائري فيعرفه بقولـه :" التعـريب نقـل الكلمـة من العجمية إلى العربية، والمعرب في الكلمة التي نقلت من العجمية إلى العربية سواء وقع فيها تغيير أم لا، غير أنه لا يتأتى في التعريب غالبًا إلا بعد تغير الكلمة " (8)

وحديثًا فإن مفهوم التعريب ارتبط بدوره في الحياة العربية المعاصرة وتطورها، يقول عبد الكريم خليفة : " فالتعريب يعني : المشاركة المبدعة للمؤسسات العلمية العربية : في بناء الحضارة العالمية، والخروج من حالة التبعية الفكرية والثقافية " (9) ، وإذا كان هذا التعريف يتحدث عن دور التعريب، فإن المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة قد وضعت تعريفًا شاملاً للتعريب، وهو: " يراد به أكثر من اعتماد اللغة العربية في سائر مراحل التعليم، أداة للتعبير؛ ولكن المعاني الأوسع التي نقصدها من التعريب، تعريب الإدارة، والتشريع، وتعريب الثقافة، وما تنطوي عليه من أساليب المعيشة، وأنماط السلوك، ويعني التعريب من بين ما يعني العناية باللغة العربية أداة للتعبير والتفكير في النتاج الأدبي والفني، وفي وسائل الإعلام، وفي مراسلات المؤسسات؛ حتى تسري القدرة منها إلى البيت، والنادي، وبالتالي تضيق الفجوة بين العامية والفصيحة بتنقية العامية، وتأصيلها، وردها إلى الفصيحة، ونشر التعليم والثقافة العامة، وتعريب الثقافة يعني جعل الحياة العربية في حقيقتها مادة للأدب والفنون، كما يعني تحصين الناشئين من السيل الغامر من الثقافات الأجنبية غير الملائمة لطبيعة الحياة العربية، ويسري ذلك على آداب السلوك في نطاق الأسرة ومؤسسات التعليم والعمل(10)

من هذا التعريف ندرك أن مفهوم التعريب تطور عن المفهوم القديم؛ الذي كان يبحث في دخول الكلمة الأعجمية إلى اللغة العربية، وملاءمة الذوق العربي؛ إذ تطور المفهوم ليصبح استعمال اللغة العربية استعمالاً شاملاً منذ البدايات الأولى للتعليم، إلى المراحل العليا، مراحل التأليف وغيرها، ولعل معنى التعريب بالإضافة إلى ما ذكر يجب أن يشتمل على الترجمة العلمية من كتب، ومصطلحات، ورموز، وتأليف علمي باللغة العربية؛ حتى نثري المكتبة العربية بالكتب، فتصبح اللغة بذلك وعاء للأفكار والإحساسات، ولغة التعبير في كل المجالات .

هنا تكمن أهمية التعريب والتأليف العلمي باللغة العربية، وهي الحقيقة التي أدركها العلماء العرب الأوائل وعملوا بها، حتى غدوا علماء عصرهم؛ إذ لعبوا دورًا مهمًّا وبارزًا في التأليف العلمي باللغة العربية، قبل مرحلة الترجمة وبعدها؛ والتي مكنتهم من الاطلاع على علوم الأمم، فهم لم يكونوا ناقلين فقط بل منقحين، وناقدين، ومضيفين بعلومهم الشيء الكثير في مجالات العلوم المختلفة.(11)

أهمية التعريب والحاجة إليه في الحياة العربية المعاصرة

إن الجهود الاستعمارية الرامية إلى طمس اللغة والدين، بقيت متواصلة، تهدأ حينًا، وتحتد حينًا آخر؛ فالجهود العربية في المجال العلمي؛ التي بدأت في عصر النهضة، واجهت هجمة استعمارية شرسة، عصفت بتلك الجهود، مما أدى إلى قتل روح الإبداع وهذا بدوره أدى إلى النزوح عن اللغة العربية، وعدم اعتمادها لغة التدريس في المجالات العلمية.

ورغم زوال الاستعمار إلا أننا ما زلنا نشهد آثاره واضحة جلية في معظم جامعاتنا؛ وذلك باعتماد لغته في تدريس العلوم على الرغم من النداءات الصادرة عن المجامع اللغوية، والجامعة العربية، الداعية إلى اعتماد اللغة العربية في التدريس .

إن التدريس باللغة العربية لا يعني بالضرورة إهمال اللغة الأجنبية؛ التي تمكننا من الاطلاع على ثقافة الآخرين، وإبداعاتهم في المجالات المختلفة؛ بل نعني به اعتماد اللغة العربية لغة حوار وتأليف علميين؛ من أجل تعميق الوعي، والفهم باللغة الأم، الأمر الذي يؤدي إلى تطوير الأمة ونهوضها؛ لهذا كله فإن للتعريب أهميات: علمية، ولغوية، وقومية، هذه الأهميات ترتبط بالحياة المعاصرة للإنسان العربي، الساعي دومًا للتقدم، والتطور، والتخلص من التبعية، والجمود؛ ليعود كما كان في العصور الإسلامية الزاهية، صاحب إبداعات علمية، تدفع به ليكون في مصاف الأمم المتقدمة .

أهمية التعريب القومية

إن أهمية التعريب القومية تأتي في أن التعريب يوحد العرب في لغة الحوار الموحدة المعروفة لديهم، بالإضافة إلى أن اللغة قادرة على صقل كيان عربي موحد، يتمتع بمركزية عربية قوية " اللغة مكون أساسي من مكونات هويات الأمم"(12)؛ لذلك فإن من شأن التعريب أن يصبغ الحياة بصبغة عربية إسلامية، وهو مظهر من مظاهر جمع فكري لشعوب أمة مقسمة إلى كيانات سياسية مختلفة، فعامل توحيد الأمة مهم لأبناء الأمة العربية الواحدة، ولابد من أن تركز الأمة على حضارتها ودينها من جديد والآن وقد تخلصنا من الاستعمار المباشر في صوره العسكرية والسياسية؛ والذي شل قدراتنا على الحركة؛ فإن من واجبنا الديني والقومي أن نتابع حركة التحرر الوطني، ونقبل بها إلى غايتها المنطقية، بأن نرفد ثورتنا السياسية، التي خرّجْنا بها الاستعمار المباشر، بثورة حضارية، نعيد بها النظر في كل مجالات حياتنا، فننفي عن وجودنا كل مظاهر التخلف والجمود، وموروثات لديهم، بالإضافة إلى أن اللغة الاستعمار ونظمه " (13)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهمية التعريب العلمية

تتجلى الأهمية العلمية للتعريب في أنه يرتبط بالثقافة العربية الإسلامية في مواجهة التحديات؛ لذلك فإن من أسباب عدم النهوض كحقيقة في عالمنا الإسلامي والعربي حتى الآن، هو ارتباط علومنا باللغة الأجنبية المستمرة في سبيل الوصول إلى المعرفة بدلاً من ربطها باللغة العربية؛ فانعزلت عن ماضيها في غرابة من تراثها، وتاريخها، ولغتها، من هنا فإن أهمية التعريب العلمية، هي ربط التراث العلمي القديم بمستجدات العلوم الحديثة للنهوض بالأمة، فنعيد صقل تراثنا العلمي من جديد بلغتنا القومية بقالب علمي حديث، يوصلنا إلى التقدم العلمي، ويخرجنا من ردهات الثبوت، ويجد لنا مكانًا بارزًا، ومهمًّا إلى جانب الحضارات المتقدمة الأخرى:" لم تقم نهضة علمية حقيقية في عالمنا العربي والإسلامي حتى الآن، ولم نتقدم صناعيًّا ولاتكنولوجيًّا؛ لأننا نجتر أساليب الغرب ومعرفته اجترارًا، ونقلدها تقليدًا دون أن يكون ذلك جزءًا من تكويننا الفكري والاجتماعي " (14)

وللتعريب أهمية علمية أخرى، تكمن في أنه يرفد الأمة بعلوم العصر، ويساهم في تنمية المجتمع عامة؛ فيكون العلم في متناول الجميع، مما يساعد على ازدياد الوعي، وتنامي الجماهير عامة، كما يساهم في فتح آفاق علمية واسعة، وينمي إبداع المشتغلين بالعلوم، مما يؤهلهم إلى الابتكار العلمي، حين يتعمقون في فهم التعريب بلغتهم؛ لأن اللغة الأم، هي لغة الأفكار والأحاسيس للإنسان .

أهمية التعريب اللغوية

يمكن إجمال أهمية التعريب اللغوية في النقاط التالية:

-يساهم في إثراء اللغة العربية في ميادين المصطلحات والرموز والمعاجم المتخصصة.

-إثراء المكتبة العربية بالكتب العلمية المؤلفة في اللغة العربية .

-ربط التراث العلمي العربي بالحاضر، وإنهاء القطيعة بينهما .

-ينمي روح الإبداع والتأليف لدى الطالب منذ تلقيه العلم.

-إن تدريس المواد العلمية باللغة العربية يحفز بصورة تلقائية المدرس، والمترجم إلى ترجمة هذه المواد باللغة العربية، مما يدفعه إلى الأمام، وإلى دعم تجربته، وممارسة الترجمة .

وهناك أهمية لغوية أخرى للتعريب، وهي الخوض في ألفاظ ترد إلى لغات أجنبية، مردها اللغة العربية، وهذا يفتح، ويسهم في إثراء الدراسات اللغوية المقارنة؛ فقد تنبه الدارسون، والباحثون إلى كثير من الألفاظ المشكوك فيها، وفي معرفة ألفاظ، ومصطلحات غربية، هي في الأصل عربية، مثل مصطلحات المعادن، وألفاظ أثبتها علماء عرب، بعد أن شكك علماء الغرب بأصلها، وردوها إلى أصولها العربية، فمكنت الدارسين من الوقوف أمام الألفاظ الدخيلة، التي لا تتناسب وذوق اللفظ العربي (15) .


ولا يفهم من التعريب إضعاف اللغات الأجنبية، وعدم الأخذ منها، بل هي، أي اللغات الأجنبية رافد نطَّلع به على ما يستجد من علوم نفهمها، ونعيد صقلها بلغة عربية سليمة، مما يؤهل علماءنا إلى الإنتاج، والإبداع إذ التعريب الجامعي تلبية لطموح الأمة العربية في أن يعود إليها مجدها العلمي على أيدي علمائها المعاصرين، حتى يستطيع الشباب العربي بلغتهم الأم تمثل ما يدرسون في العلوم البحثية والتطبيقية تمثلاً علميًّا قويًّا .

دور مجمع اللغة العربية الأردني في تعريب التعليم العلمي الجامعي

في عام 1921م أسس المغفور له الأمير عبد الله بن الحسين(ت1951م) إمارة شرق الأردن، وكان الأمير أديبًا شاعرًا، جمع حوله الكثير من رجالات الشعر والأدب، فكان للغة العربية أهمية خاصة، فأصدر عام 1924م مرسومًا يدعو فيه إلى تأسيس مجمع علمي، يكون مقره عمان عاصمة شرق الأردن، وانتخب سماحة الشيخ سعيد الكرمي (ت 1935م) رئيسًا له، وضم إلى عضويته كلاًّ من : رضا توفيق بك، والشيخ مصطفى الغلاييني (ت1944م)، ورشيد بك بقدونس (ت1943م) ، ومحمد بك الشريقي (ت1970م) .

وكان لهذا المجمع أعضاء شرفيون، هم : أحمد زكي باشا ( 1934م)، رئيس المجمع العلمي بدمشق، والسيد محمد كرد علي (ت1953م)، والشيخ عباس الأزهري، والأب إنستاس الكرملي ( ت 1947م )، والسيد إسعاف النشاشيبي (ت 1948م) ، إلا أن المجمع لم يستمر طويلاً؛ نظرًا للظروف الصعبة؛ التي كانت تعصف بالمنطقة.

والأردن كأحد أجزاء هذا الشرق العربي، خاض معركة اللغة العربية قيادة وشعبًا على امتداد وجوده، فهذا الملك الهاشمي الحسين بن طلال رحمه الله ( ت 1999م) يعمل منذ توليه زمام الأمور على نشر اللغة العربية، فبدأ بالجيش العربي، فعرّبه في 21/3/1956م. ثم تسير العجلة بالإنسان الأردني نحو الأمام؛ فأنشئت المؤسسات العلمية، والتعليمية، لتكون مركزًا للإشعاع الفكري والحضاري، ولتعكس حضارة الأمة، تربطها بالماضي، وتمتد للمستقبل، لتساهم في بناء حضارة الإنسان الحقة .

وتبرز اهتمامات الحسين باللغة العربية حين أصدر المرسوم الملكي الداعي بإنشاء المجمع اللغوي الأردني عام 1976م، ليقود هذا المجمع مسيرة اللغة العربية نحو الأمام، متخذًا من التعريب وسيلته لتحقيق العلم والتعلم، فباشر بوضع خطة تهدف إلى تعريب العلوم . مشروع المجمع في تعريب التعليم العلمي الجامعي :

استمرارًا لحركة تعريب العلوم في الوطن العربي، خطا الأردن خطوة سريعة وجريئة؛ فقد رأى مجمعه اللغوي من منظور علمي وقومي ضرورة تعريب التعليم الجامعي": وأن يتجاوز مرحلة المنادي بالمبادئ والحوار والمناقشة حول قدرة اللغة وأهليتها وتجاربها التاريخية إلى مرحلة التطبيق العلمي " (16) ، من هنا وضع المجمع مشروعه في تعريب التعليم العلمي، مرتكزًا على نص القانون، الذي يقضي بأن تكون لغة التدريس في الجامعات هي اللغة العربية " (17)، ومتماشيًا مع الأهداف العامة؛ التي رسمها مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي، الداعية إلى تعريب التعليم العلمي في الوطن العربي، فالمجمع رأى أن التعريب ضرورة منهجية ذات فوائد جمة على المستويين العلمي والقومي، ونتائجها ذات أثر بعيد في مسيرة الوطن العربي الحضارية، والعلمية، والاقتصادية، والاجتماعية .

بدأ المجمع تنفيذ مشروعه كجزء من خطته الرامية إلى تعريب التعليم والمصطلحات العلمية عبر مراحل زمنية متعاقبة (18)، فشكل أربع لجان لهذه الغاية من أصل لجانه الإحدى عشرة، واللجان الأربع هي :

-لجنة التأليف والترجمة للعلوم الإنسانية .

-لجنة التأليف والترجمة للعلوم التطبيقية الهندسية والزراعية .

-لجنة التأليف والترجمة للعلوم الصحية .

-لجنة التأليف والترجمة للعلوم الأساسية .

وعمد كذلك إلى مراسلة مؤلفي الكتب العلمية، دور النشر من أجل الحصول على إجازة ترجمة الكتب ونشرها، ثم كلف لجانًا من المتخصصين لاختيارها، وطلب من المترجمين والمراجعين العلميين الإفادة مما أصدرته المجامع اللغوية العربية، ومؤتمرات التعريب، والمؤسسات التخصصية، والتنسيق مع الجهات العربية ذات العلاقة عن طريق الكتابة إليها .

بدأ المجمع عمله في ثلاثة اتجاهات، هي : ترجمة الكتب العلمية، التأليف العلمي باللغة العربية، تعريب الرموز العلمية .

أولاً - ترجمة الكتب العلمية المراد تدريسها: اختار المجمع سبعة عشر كتابًا لتدرس في الجامعات الأردنية بعد ترجمتها وتعريبها، أصدرها المجمع على ثلاث مراحل متعاقبة، هي :

المرحلة الأولى - صدرت للتطبيق في العام 80/81 لطلاب السنة الأولى، وشملت الكتب التالية :

1-حساب التفاضل والتكامل والهندسة التحليلية، لمؤلفه أيرل وسود كوفسكي، شارك في ترجمته كل من : أحمد سعيدان (ت1991 م)، أحمد علاونة، محمد عرفات النتشة، وليد ذيب، حسن العزة، صدرت الطبعة الأولى مترجمة في عام 1979م، والثانية في عام 1981م، يقع الكتاب في جزأين كبيرين، وفي كل جزء مسرد للمصطلحات الخاصة به.

2-البيولوجيا، تأليف ريتشارد جولدني، شارك في ترجمته كل من : عدنان علاوي، أحمد الديسي، حميد الحاج، وهم من الجامعة الأردنية؛ وناجي أبو رميلة، وسامي عبد الحافظ من جامعة اليرموك. صدر الكتاب مترجمًا على شكل جزأين في عام 1980م، ملحقًا به معجم صغير يضم المصطلحات الخاصة به.

3-الجيولوجيا العامة: تأليف روبرت ج فوستر، شارك في ترجمته كل من: عبد القادر عابد، شاكر المقبل، سعد حسن الباشا. صدر الكتاب مترجمًا في جزء واحد عام 1980م، يشتمل على مسرد للمصطلحات الخاصة به .

4-الفيزياء الكلاسيكية الحديثة، المجلد الأول، تأليف: كينث، وفورد، صدر مترجمًا في عام 1981م، شارك في الترجمة: همام غصيب، عيسى شاهين، في آخره مسرد للمصطلحات والرموز الخاصة به .

5-الكيمياء العامة، تاليف فريدرك لونجوا، شارك في ترجمته كل من: عادل جرار، مروان كمال، عدنان أبي صالح، ربحي الزرو، سليمان سعسع. صدرت ترجمته في العام الدراسي 80/1981م، الكتاب يقع في جزء واحد، وملحق به مسرد للمصطلحات الخاصة به، إضافة إلى جدول للعناصر والذرات الذرية .

المرحلة الثانية : بدأ التخطيط لها في عام 1981م، وذلك بتشكيل لجنة استشارية مكونة من مدرسي الجامعتين ( الأردنية واليرموك )، من أجل اختيار الكتب الصالحة للسنة الجامعية الثانية في تخصصات الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والبيولوجيا؛ وقد اختارت اللجنة ما بين كتابين وثلاثة كتب للمقرر الواحد، وعهد المجمع بترجمة هذه الكتب إلى المترجمين من أساتذة الجامعتين، بموجب عقود حدد بها مكافآت الترجمة، وموعد التسليم، وغير ذلك (19) ، وقد تم ترجمة سبعة كتب في هذه المرحلة الممتدة ما بين عامي 1982م-1984م، والكتب المترجمة هي:

1-الجبر المجرد بطريقة التعليم الذاتي النشط، تأليف: ديفد ستون وفرانس جوليك، ترجمه ذيب حسين، وراجعه محمد عرفات النتشة، وأشرف على إخراجه أحمد سعيدان. صدرت ترجمته في عام 1982م، وملحق به مسرد للمصطلحات الخاصة به .

2-الكيمياء غير العضوية، تأليف أي هيوهي، ترجمه الأستاذان: حمدا لله الهودلي، ومنار فياض، راجعه وأشرف على إخراجه عادل جرار، صدرت ترجمته على شكل جزأين في عام 1983م، ملحق بكل جزء مسرد للمصطلحات الخاصة به.

3-مقدمة للتكوين الجيني، تأليف: ستيفن، واربنهاير، ترجمه رمسيس لطفي، صدرت الترجمة في عام 1983م، يضم مسردًا للمصطلحات الخاصة به .

4-مقدمة للبصريات الكلاسيكية الحديثة، تأليف جرجين مايراوندن، ترجمه عمر حسن الشيخ، وأحمد سالم، نشر بعد ترجمته على نفقة مؤسسة عبد الحميد شومان في عام 1983م، وفي نهايته مسرد للمصطلحات الخاصة به .

5-الكيمياء التحليلية، تأليف دونالد ج بترزيك، وكلايد فرانك، ترجمه عبد اللطيف جابر، وسليمان سعسع، أشرف على إخراجه كمال عوض الله، صدرت ترجمته في عام 1984م، ويضم مسردًا للمصطلحات الخاصة به. 6-مبادئ التحليل الرياضي، تأليف أ.ج . مادكوس، ترجمة وليد ذيب، مراجعة محمد عرفات النتشة، وأحمد سعيدان، أشرف على إخراجه كمال عوض الله، صدرت ترجمته في عام 1984م، يضم مسردًا للمصطلحات الخاصة به .

7-مبادئ المعادلات التفاضلية وتطبيقها، مساق موجز، تأليف: وليم ديرك، وستايلي فردمان، ترجمة أحمد سعيدان، مراجعة محمد عرفات النتشة، أشرف على إخراجه كمال عوض الله، نشرت ترجمته في عام 1984م، يضم مسردًا للمصطلحات الخاصة به .

المرحلة الثالثة : في هذه المرحلة تم ترجمة كتابين صدرا في عامي 85 /1986م، هما :

1-الفيزياء الكلاسيكية الحديثة، المجلد الثالث، تأليف: كنث، وفورد، ترجمه عمر حسن الشيخ وعيسى شاهين، راجعه وأشرف عليه عمر حسن الشيخ، صدرت ترجمته في عام 1985م، بنفقة مؤسسة عبد الحميد شومان، وبه ملحق للمصطلحات الخاصة به .

2-الكيمياء الحيوية للخلية وعلم وظائفها، تأليف: ادوارد، و هسال، ترجمة سليمان سعسع، وعادل جرار، صدرت الترجمة في عام 1986م، ويضم مسردًا للمصطلحات الخاصة به، مرتبة ترتيبًا لاتينيًّا .

التأليف العلمي باللغة العربية

إن لتأليف العلوم باللغة العربية أهمية بالغة؛ فبالتأليف تحيا اللغة، وتنتج علومها، وبه نشرك الجماهير في التطورات العلمية، ونطورها، وبالتالي تكون عاملاً قويًّا في التنمية. ولعل التراث العلمي العربي زاخر بالكتب المؤلفة باللغة العربية على شكل مخطوطات، هي رهن رفوف المكتبات الآن؛ لذلك فإن من شأن التأليف باللغة العربية أن يربط الماضي بالحاضر، ويدفع على تطوير الأمة، ويساعد على بسط العلوم وامتلاكها، وتنقيتها، وإبداعها، وبذلك يستطيع العرب امتلاك التكنولوجيا الحديثة، وغيابها معوق للتطور العلمي العربي؛ لذلك كله دفع المجمع باتجاه تأليف العلوم باللغة العربية، وتم تأليف بعض الكتب العلمية بإشراف المجمع، أو عن طريقه، أو بدعم منه لتدرس في الجامعات الأردنية، وهذه الكتب هي :

1-الكيمياء في حياتنا ، تأليف عادل جرار : كتاب ضخم، طبع على نفقة مؤسسة عبد الحميد شومان، الكتاب شامل، يدرس لطلبة السنتين الأولى والثانية في الجامعة الأردنية، يقع الكتاب في أربعمئة وثلاث وتسعين صفحة ضمنها المسائل، والحلول، والصور الملونة، ومسردًا للمصطلحات الخاصة به .

2-الكيمياء التحليلية للحليب ومنتجاته، تأليف سمير عميش : الكتاب يقع في مئتين وست صفحات، منها مئة وسبع عشرة صفحة تحوي مادة علمية على شكل معجم أحادي اللغة، يفسر المواد ويعرفها .

3-مبادئ التحليل العادي، تأليف عبد المجيد نصير :الكتاب يقع في مئتين وتسع وستين صفحة به مسرد للمصطلحات العلمية الخاصة به، يدرس لطلبة الرياضيات في جامعة اليرموك. يقول مؤلفه في مقدمة كتابه: "فإنني على يقين بأن تعريب التعليم الجامعي، لا يقوم به قرار سياسي، أو إداري، بل تطبيق علمي يقوم به المدرسون العرب في الجامعات العربية فإيماني بضرورة تعريب التعليم في مراحله كافة، إيمان ثابت لا يتزعزع بحمد الله"(20) . نشر الكتاب عن المكتب العلمي للتجارة والاستثمار، أربد 1984 م .

4-علم السموم الحديث، تأليف عبد العظيم سلهب : نشر الكتاب بدعم من مجمع اللغة العربية الأردني ليدرس في الجامعات الأردنية، صدر الكتاب في عام 1990م عن دار المستقبل للنشر والتوزيع .

وهناك كتب ألفت باللغة العربية لم تلق الدعم، بل إن ما يشكو منه الأساتذة، هو عدم الدعم والقبول، فالكتب المؤلفة باللغة العربية تلقى رواجًا من قبل الطلبة في الجامعات الأردنية والعربية .

ثالثًا - تعريب الرموز العلمية: تعد الرموز العلمية الدولية من قضايا التعريب الأساسية حديثًا؛ لذلك كان لمجمع اللغة العربية الأردني إسهامات في هذا المجال؛ فأعد مشروعًا لتعريب الرموز العلمية وبدأ العمل به على مرحلتين :

الأولى - كانت الفكرة تقوم على ترجمة الرموز الرياضية والفيزيائية، والكيميائية؛ فشكلت لجنة مؤلفة من الأساتذة: أحمد سعيدان، ومحمد أحمد حمدان، وعبد المجيد نصير، والسيدة منى مهيار، ثم وضعت اللجنة الأسس التي يقوم عليها المشروع ، وهي :

-التعريب لا الترجمة، وهي الغاية؛ إذ لابد من إصباغ طابع عربي على العلم.

-الأخذ بالإشارات، وإجراء ما يلزم من تعديل عليها .

-الإفادة من مؤسسة إبزو .

-وضع منهجية كاملة تماشي هذا التعريف الشامل للعلم.

سارت اللجنة على منهجية محددة، صنفت على ضوئها الرموز العلمية وفق مجموعات حرفية أربع هي: حروف هندسية، وحروف مقطوعة، وحروف معقوفة، وحروف ابتداء، ثم وضعت لكل مجموعة ثلاثة أشكال هي: عادي، ومجوف، ومستدير. صدر الكتاب عن مجمع اللغة العربية الأردني، وهو ضمن إصداراته. الثانية - وهي مرحلة تطويرية للمرحلة الأولى، هذه المرحلة أخذت الطابع العربي الشمولي فنظمت ندوة في عمان 1987م، دعت إليها المجامع اللغوية والعلمية العربية، تهدف إلى صبغ هذه الرموز بصبغة عربية؛ لتكون فائدتها أعم وأشمل. نشرت الندوة على شكل كتاب عام 1987م.

كما ساهم المجمع مع المنظمة العربية للمواصفات والمقاييس في تعريب رموز وحدات النظام الدولي ومصطلحاتها، وهو أول عمل علمي يصدره المجمع منشورًا، على شكل كتاب صغير، كان هذا في عام 1981م.

واجهت عملية تدريس العلوم باللغة العربية مشاكل كثيرة أدت إلى وقفها بعد عام من تطبيقها والعودة إلى التدريس باللغة الإنجليزية؛ أي لم يتم التدريس باللغة العربية إلا لعام واحد فقط، هو العام الدراسي 80/1981م.

وللوقوف على الأسباب التي أدت إلى وقف المشروع كان لابد من إجراء دراسات حول ذلك، وامتزاج آراء المسؤولين، والأساتذة، والطلاب حول تدريس العلوم باللغة العربية، ومعرفة المشاكل التي واجهتها، وأدت إلى توقف العملية.

الدراسات

أجريت دراسات حول توقف عملية تدريس العلوم في الجامعات الأردنية باللغة العربية، منها:

1-دراسة مجمع اللغة العربية الأردني، فقد كلف اثنين من الباحثين المختصين بالقياس والتقويم، وهما: لطفي لطفية، ويعقوب أبو حلو، من أجل تقويم السنة الدراسية لهذه الكتب، وبعد الدراسة والتحليل توصلا إلى النتائج التالية:

-هبوط نسبة الرسوب من32 %، حين كانت تدرس باللغة الإنجليزية، إلى 3% حين درست باللغة العربية .

-درجة رضا المترجمين عن الكتب العلمية التي تم اختيارها للترجمة والتدريس أعلى من رضا المدرسين .

-تقارب رضا المترجمين والمدرسين عن خطوة مجمع اللغة العربية .

-تفاوت رضا الطلاب ما بين جامعتي اليرموك والأردنية عن كتاب الرياضيات .

2-ومن الدراسات التي أجريت حول المشروع، دراسة محمود السمرة، والتي خلص من خلالها إلى أن السبب في وقف مشروع تعريب العلوم في الجامعات الأردنية، يعود إلى :

-عدم إيمان هيئة التدريس في كليات العلوم باللغة العربية " ولو أنهم آمنوا أن التدريس باللغة العربية يعني: محافظة الأمة على شخصيتها، وأن أفراد الأمة لا يمكن أن يبدعوا إلا من خلال لغتهم، وأن الطالب الجامعي لا يمكن أن يستوعب المادة استيعابًا دقيقًا إلا من خلال لغته؛ لهان عندهم أي جهد يمكن أن يقدموه من أجل التعريب"(21)

-انخفاض نسبة الرسوب مثلاً في مادة الجيولوجيا من 26% حين كانت تدرس باللغة الإنجليزية إلى 4 % حين درست باللغة العربية .

-المعارضة لحركة التعريب ما زالت قوية ، وحادة .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

آراء المسؤولين في المؤسسات العلمية

جاءت آراء المسؤولين في الجامعتين متقاربة، فرئيس الجامعة الأردنية السابق، فوزي غرايبة عزا وقف التجربة إلى أربعة أسباب، هي :

-عدم وجود جهة مركزية واحدة تختط مثل هذه السياسة .

-وجود معوقات مادية .

-غياب وحدات ترجمة سريعة، تترجم ما يستجد في ميدان العلوم؛ لذلك واجهنا مشكلة المرجع العلمي المناسب.

-عدم وجود قناعة لدى أعضاء هيئة التدريس لتدريس العلوم باللغة العربية، حتى ولو جاء قرار فوقي يلزمهم بذلك.

ولم يبتعد نائب رئيس جامعة اليرموك السابق أحمد سالم عن هذه النقاط، وأضاف إليها نقطة أخرى تتمثل في عدم نشاط هيئة التدريس في ترجمة بعض المراجع المهمة إلى اللغة العربية .

أما رئيس مجمع اللغة العربية عبد الكريم خليفة؛ الذي واكب التعريب مذ كان في اللجنة الأردنية للتعريب والترجمة والنشر التابعة لوزارة التربية والتعليم؛ التي أسست في سنة 1961م، إلى أن حولت إلى مجمع اللغة العربية الأردني، فعزا وقف التدريس باللغة العربية إلى عدم الالتزام وعدم الاستمرار بذلك، فالمرجع العلمي المترجم والمصادر والمصطلحات المعربة ليست سببًا؛ لأننا نستطيع التغلب عليها في أثناء العمل، كما أن سنة واحدة لا تكفي للحكم على تجربة بالفشل .

آراء الأساتذة

جاءت آراء الأساتذة في الجامعتين، الأردنية واليرموك متباينة؛ فمنهم من أيد، وهم الأكثرية، ومنهم من عارض، ويمكن أن نجمل آراء الأساتذة في النقاط التالية:

-لم تكن التجربة كافية للحكم عليها بالفشل .

-قلة الجهود المبذولة لها .

-عدم جدية الأساتذة في الكليات العلمية .

-المصطلحات العلمية لم تكن موحدة.

-اعتمدت التجربة على الجهد الفردي.

-عدم وجود تعريب على المستوى القومي.

-عدم متابعة المدرسين لترجمة كتب جديدة تفي بالغرض؛ لذلك ندرت الكتب المترجمة .

-عدم وجود قرار سياسي ملزم للتعريب .

وفي الإطار نفسه، تقدم ثمانون من أعضاء هيئة التدريس في جامعة اليرموك بمشروع تعريب العلوم، والتدريس باللغة العربية، واضعين خطة رفعت إلى مجمع اللغة العربية، والمسؤولين عن المؤسسات العلمية، هذه الخطة تتكون من ستة عشر بندًا تشمل نواحي التعريب المختلفة، وهذه البنود هي :

1-تشكل الدوائر العلمية المختلفة لجانًا ميدانية متخصصة من أعضاء هيئة التدريس، ممن يؤمنون بأهمية التعريب، وممن تتوافر فيهم القدرة على أداء هذا العمل .

2-تشكل لجنة تنسيق عملية التعريب في الجامعة الواحدة كل سنتين ممثلين عن اللجان الميدانية في تلك الجامعة، تنتخبهم اللجان بواقع ممثل واحد عن كل لجنة .

3-تقوم اللجان باقتراح الكتب القيمة؛ لدارسة إمكانية إقرار هذه الكتب، بالتعاون مع لجنة التعريب في المجمع اللغوي الأردني .

4-تنتخب لجنة التنسيق الواحدة هيئة إدارية مكونة من ثلاثة إلى خمسة أعضاء، للقيام بالمهام الإدارية، ينتخبون من بينهم رئيسًا يمثل اللجنة في الاتصالات مع الجهات المعنية .

5-تعقد لجنة التنسيق اجتماعات شهرية أو حسب الحاجة .

6-يناط بلجنة التنسيق متابعة أعمال اللجان الميدانية، والعمل كحلقة وصل بينها وبين لجنة التعريب في المجمع اللغوي .

7-بعد تبني لجنة التنسيق ترجمة كتاب معين، يقوم المجمع بإجراء الاتصالات اللازمة مع الجهات ذات العلاقة داخل الأردن وخارجه، للتأكد من عدم ترجمة الكتاب من قبل جهات أخرى، تُجنّب الازدواجية في العمل .

8-تقوم لجنة التعريب في المجمع بالإشراف على مراجعة ما تم إنجازه من كتب ترفع لها من لجنة التنسيق .

9-يقوم المجمع بالتعاون مع الجامعة ذات العلاقة بنشر ما يؤلف، وما يترجم من كتب من قبل اللجان الميدانية، وذلك على نفقة المجمع، أو الجامعة، وتحت إشرافهما، في حالة النشر في وحدة النشر التجارية .

10-يعمل المجمع على إطلاع الجامعات العربية، والمؤسسات العلمية ذات العلاقة على كل ما يتم إنجازه من مؤلفات وترجمات، وعلى ما هو قيد التنفيذ منها، لضمان تسويقها على أوسع نطاق .

11-يتولى المجمع بالتعاون مع لجان التنسيق وضع معاجم المصطلحات العلمية، والتنسيق مع الجهات المماثلة في الوطن العربي؛ لتحديث هذه المعاجم بشكل دوري، أو يزود المجمع لجان التنسيق بكل ما يجد من مصطلحات.

12-يعمل المجمع والجامعات مستقبلاً على تأسيس دار للترجمة مزودة بالكوادر المؤهلة لترجمة الدوريات، والمواضيع المختلفة .

13-تعمل الجامعات على وضع الحوافز، والمكافآت المناسبة لتشجيع العاملين في التعريب .

14-تقوم لجنة التعريب بالتعاون مع لجنة التنسيق في الجامعات بعقد مؤتمر سنوي في مجمع اللغة العربية الأردني، يشارك فيه أعضاء اللجان الميدانية؛ وذلك لمناقشة الصعوبات التي تواجه عملية التعريب، ولوضع التوصيات والحلول المناسبة لها.

15-يقوم المجمع بعملية إعلامية مستمرة على كافة الأصعدة؛ لبيان أهمية التعريب الشامل في تدعيم لغتنا العربية؛ التي هي ركيزة أساسية في استقلالنا، وفي القضاء على التخلف العلمي في الوطن العربي.

16-يوجه المجمع الدعوة المستمرة إلى الجهات الرسمية ذات العلاقة لاستصدار قانون حماية اللغة العربية، ولانتهاج سياسة التعريب الشامل(22).

هذه الخطة عكست موقفًا من مواقف متعددة تجاه التعريب في الأردن، لم يؤخذ بها لثغرات فيها، كما يقول المسؤولون في المجمع؛ لأن التجربة توقفت ، ولم تستمر .

آراء الطلاب

تباينت آراء الطلاب في التعريب، منهم المعارض ومنهم المؤيد، على أن السواد الأعظم منهم قد اتفق على ضرورة الشرح الكافي باللغة العربية، مع إبقاء المصطلحات الأجنبية وضرورة ترجمتها ترجمة علمية مبسطة؛ لأن الترجمة التي يواجهها الطلبة، هي الترجمة العصية الفهم عليهم؛ لأنها ترجمت ترجمة علمية بحتة؛ لذلك فهم يرون أن الترجمة المستمرة، هي أساس لاستمرار عملية التعريب، خصوصًا الترجمة المتواصلة لكل ما يستجد من علوم في كافة الميادين العلمية. المعارضون: يمكن إجمال رأيهم بعدم جدوى التعريب؛ لأن لغة العلم هي اللغة الإنجليزية، والعلم في تطور دائم، لا يقف عند حد معين، والدول العربية سياسيًّا، منقسمة فيما بينها تجاه القضية، فدول مثل السودان وسوريا تؤيد التعريب ودول أخرى تعارض، كما أن الكتب المتوفرة باللغة العربية تكاد تكون معدومة، وإن وجدت فهي قديمة لا تلبي الحاجة العلمية المتجددة، أضِفْ إلى ذلك، أن الكتب المترجمة غير دقيقة، ولغتها صعبة غير واضحة وغير مبسطة، وهذا يعوق الفهم لهذه الكتب، وبالتالي عدم فهم المقصود، خصوصًا المصطلحات، أما لغة الشرح فنحن نفهم حين يكون الشرح باللغة العربية أكثر منه باللغة الإنجليزية.

المؤيدون

يرى المؤيدون أن اللغة العربية لغة أجدادنا يجب المحافظة عليها، ويجب دعمها لأن كثيرًا من الدول الأخرى تدرس بلغتها، واللغة العربية لغة مليار مسلم ويزيد، وهي لغة تخاطب في الأمم المتحدة، أضف إلى أن العلوم جاءت في الأصل من العرب بلغتهم، ترجمها الغرب، وأخذ بها، أما لغة الشرح فالفهم يتعمق باللغة العربية أكثر منه باللغة الإنجليزية، وإذا أضفنا أن الذين يدرسون العلوم ليسوا كلهم قد درسوا العلوم باللغة الإنجليزية، فإن الشرح العميق وفهم المصطلحات سيكون ناقصًا، فكيف أفهم منه؟ وكيف أتواصل معه؟ سيكون ذلك بلغة أخرى ليست العربية الفصحى بالتأكيد، وليست الإنجليزية؛ لأنه لم يدرس باللغة الإنجليزية، هذا لا يعني إهمال اللغة الأخرى، بل لابد من الأخذ بها؛ لمعرفة ما يستجد من علوم. المطلوب بالنسبة إلينا هو تعميق الشرح باللغة العربية، وخصوصًا المصطلحات العلمية .

أهم المشاكل التي واجهت مجمع اللغة العربية في تعريب التعليم العلمي الجامعي

واجهت قضية التعريب منذ أن بدأت في العصر الحديث مشاكل عديدة، بعد أن سقطت الدول العربية تحت الاستعمار الأوربي.

ورغم استقلال الدول العربية، وبداية عهد ثقافي جديد تمثل بإنشاء المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومؤسساتها، فإن هذا كله لم يحد من مشاكل تعريب العلوم، بل بقيت مشاكله تزداد مع ازدياد المد الثقافي الغربي وتطور علومه، هذه المشاكل تتفاوت من بلد إلى آخر؛ لكنها متقاربة في المشاكل الكبرى.

والأردن كغيره من الدول العربية يواجه مشاكل جمة في تعريب العلوم. وسيعرض الباحث هنا المشاكل مبرزًا حل كل مشكلة عقب الحديث عنها.

1-مشكلة الكتاب الجامعي : هي مشكلة تعوق عملية التعليم والتعريب؛ لأن الكتب المؤلفة باللغة العربية قليلة ولا تفي بالغرض، وسبب ذلك يعود إلى قلة المؤلفين العلميين باللغة العربية.

أما على صعيد الكتب المترجمة؛ فهي أيضًا قليلة جدًّا، على الرغم من وجود مكتب التعريب والترجمة والنشر التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بدمشق؛ الذي أسس عام 1991م، ولعل سبب تفاقم مشكلة الترجمة يعود إلى :

-عدم وجود الترجمة الفورية لما يستجد من أبحاث في مجالات المعارف والعلوم.

-عدم ترجمة الكتاب بطبعاته الجديدة؛ فالعلم في تطور مستمر؛ لذا يجب مواكبة هذا التطور بواسطة الترجمة.

-قلة الكتب العلمية المترجمة في الوطن العربي بشكل عام، وهذا يؤدي إلى افتقار المكتبة العربية إلى الكتب العلمية، ووفرتها، مما يعوق البحث العلمي لدى الطالب؛ الذي يفتقر دائما إلى وفرة الكتب العلمية المترجمة. وعليه فلابد من مواجهة هذا كله من خلال :

-إعطاء حوافز تشجيعية للمؤلفين، واعتماد التأليف العلمي باللغة العربية في الترقيات العلمية .

-الترجمة الفورية لما يستجد من معارف وعلوم.

-الطباعة الجيدة، والتوزيع السريع للكتب المؤلفة أو المترجمة.

-تدريب أكفاء في التحرير والإخراج الفني .

-الدقة في انتقاء الكتب العلمية المراد ترجمتها، وتوخي الدقة العلمية عند التأليف.

2-مشكلة المصطلح: إن مشكلة توحيد المصطلح في الوطن العربي لا تزال قائمة، رغم الجهود المبذولة من أجل توحيده؛ فاختلاف مصدر المصطلح يؤدي إلى اختلاف في ترجمته، مما يعني قلة المعاجم الاصطلاحية المتخصصة؛ فيشكل ذلك مشكلة في طريق البحث العلمي .

إن حل المشكلة يكمن في استخدام المصطلح في مجال التأليف العلمي باللغة العربية؛ لأن حياة المصطلح بالاستعمال، لا في صفحات المعاجم على الرفوف، وفي حالة إيجاد لجنة عربية موحدة متخصصة تتولى أمر تعريب المصطلح، فإن هذا الأمر يساهم في الحد من مشكلة توحيد المصطلح في الترجمة. 3-مشكلة المدرس الجامعي: تعتمد هيئة التدريس في مصادرها العلمية على لغات عدة، وليست اللغة الإنجليزية فقط؛ لذلك فاللغة الإنجليزية هي لغة أجنبية لبعض المدرسين؛ الذين تلقوا علومهم بلغة أجنبية أخرى، ومع قلة إتقان العربية الفصيحة، فإنهم يلجؤون إلى التدريس بالعامية العربية مع تطعيمها بالعامية الإنجليزية؛ مما يؤدي إلى التشتت في المعلومات العلمية لتشتت مصادرها، فيؤدي ذلك إلى تشتت الطالب فكريًّا؛ فيحدث فجوة علمية بين العلم واللغة .

ومن مشاكل هيئة التدريس عدم إيمانهم بقضية التعريب، والسبب في ذلك يعود إلى عدم اعتماد الأبحاث المترجمة في السلم الوظيفي، كما أن نشر الأبحاث في دوريات عربية مشهورة معدوم لديهم، لقلة توافر هذه الدوريات التي تتمتع بالمكانة العلمية العالية؛ لذلك فإن عملية تحسين وضعهم المالي والعلمي يساعد المدرس، ويدفعه إلى الاهتمام باللغة العربية، والتعريب .

4-مشكلة المعاجم العلمية : إن المعاجم المؤلفة باللغة العربية قليلة إذا ما قيست بالمعاجم المؤلفة باللغات الأجنبية؛ وهذا راجع إلى قلة الترجمة، إضافة إلى ندرة التحقيق العلمي للمخطوطات العلمية المؤلفة باللغة العربية منذ القدم؛ لذلك لابد من التحقيق العلمي للكشف عن الكتب العلمية ومصطلحاتها، وتفسيرها، حتى نرتقي باللغة العربية، ونتواصل مع الحضارة الحديثة بلغتنا الأم .

5-مشكلة اللغة العربية : تشهد اللغة العربية تراجعًا في المجالات العلمية لقلة العناية بها منذ المراحل التعليمية الأولى، فلغة التدريس أصبحت بالعامية لا الفصيحة، إضافة إلى إدخال لغة أجنبية تدرس للتلاميذ منذ المراحل الأولى، الأمر الذي يؤدي بالطلاب إلى التشتت الفكري عند التعليم بواسطة لغتين ؛ لذا فلابد من التركيز على اللغة العربية منذ المراحل التعليمية الأولى، وفرض اللغة الفصيحة لغة للتدريس بدلاً من العامية، كما لابد من مضاعفة الجهود الرامية إلى تثبيت اللغة العربية الأولى كلغة للحوار العلمي في المؤتمرات التي تعقد، واستحداث طرق تعليمية أكثر جدية، من أجل الوصول إلى اللغة العربية العلمية السليمة .

6-مشكلة الطالب الجامعي: إن قلة المراجع العلمية، وقلة إيمان هيئة التدريس بالتعريب يؤثر سلبًا على الطالب الجامعي في المجالات العلمية؛ لأن الطالب يتلقى علومه بلغة أجنبية، ليست لغته الأم، فتصبح اللغة الأجنبية لغة التفكير بالنسبة إليه، واللغة الأم لغة السوق ولغة التعامل اليومي لا لغة العلم؛ لذا فلابد من توحيد لغة العلم ولغة الحياة اليومية، واللغة التي يفكر بها يجب أن تكون هي اللغة التي يتعامل بها مع المجتمع لتصبح لغة الحوار، والنمو والإبداع؛ لذلك فإدخال التعريب في الجامعات الأردنية بالتدرج يساهم في تطوير لغة الحوار، والإبداع، والترجمة، والتأليف العلمي، وهذا من شأنه أن يرفع من مكانه اللغة العربية.

7-مشكلة المؤسسات العلمية الحكومية وغير الحكومية: إن إيمان المؤسسات العلمية العربية عمومًا بالتعريب ضعيف، وظهر ذلك بانقسام الدول العربية بين مؤيد للتعريب ومعارض في مؤتمر التعريب السابع الذي عقد في الخرطوم عام 1994م، ورغم ذلك ما زالت جامعات بعض الدول التي تؤيد التعريب تدرس العلوم باللغة الأجنبية. ونرى أن الدافع الأساسي للتعريب هو إيمان المؤسسات العلمية به، مع وجود قانون يلزم هذه المؤسسات بضرورة تنفيذ القرار، كل ذلك يدفع بعملية التعريب إلى الأمام، ويساهم في حل المشكلة .

8-المشكلة الاجتماعية: هذه المشكلة ترتبط بتعامل الخريج مع المجتمع، فالخريج يتلقى علومه، ويصقل معرفته بلغة غير لغته الأم؛ التي يتعامل بها مع المجتمع يوميًّا، وسيجد نفسه يومًا بعد يوم غريبًا عن المجتمع والعلم؛ لأجل ذلك لابد من وجود اللغة الأم كرابط بينه، وبين المجتمع وبين العلم، وبين التفكير؛ ليؤدي رسالته، فتشكل الرابط بينه وبين المجتمع وبين العلم، تنمو مع نمو المجتمع وتتطور بتطوره.

9-المشكلة المادية : وهي كبرى المشاكل التي تواجهها الأردن في مجال التعريب، بسبب موارده المحدودة والشحيحة، والتعريب بمفهومه الشامل، من ترجمة، وتأليف علمي، وإعداد للكادر كل هذا يحتاج إلى دعم مالي متواصل؛ لأن العلم لا يتوقف، فهو في تطور مستمر، والتعريب يجب أن يواكب هذا التطور، وهذا يتجاوز إمكانيات الدولة الواحدة؛ لذلك لابد من تكاتف الجهود بين المؤسسات العلمية في الوطن العربي، من أجل الوصول إلى التقدم المنشود؛ الذي نرجوه لأبنائنا .

إن الحل الأمثل لكل ذلك هو البدء بالتعريب، وذلك ببدء التدريس باللغة العربية؛ لأنه الطريق الأمثل للتعرف على المشكلات، وحلها في الوقت نفسه.


خاتمة

إن التجربة التي عاشتها الجامعات الأردنية لم تكن كافية ليحكم عليها بالفشل أو النجاح؛ لأن التعريب ليس التدريس فقط، إنما هو عملية متكاملة، من تأليف وترجمة وإبداع فكري، إنها عملية ترتبط بالتفكير، كيف نفكر؟ وبأي لغة يجب أن نفكر ؟ إنها عملية أكثر من أن تتحدد برأي أو تؤخذ كفكرة مجردة بعيدة عن الواقع المعاش، المتواصل منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، صعودًا إلى غايات المجد في ظل الحضارة العربية الإسلامية المزدهرة قديمًا، فنزولاً إلى درجات الانحدار مع قدوم الاستعمار حديثًا، فكيف نصنع لأنفسنا مجدًا يخرجنا من ردهات الثبوت ليتواصل مع الأمجاد السابقة، ونحن في قطيعة مع لغتنا، لا نجرؤ على استغلالها علميًّا في جامعاتنا ؟

إن لغتنا العربية قادرة على أن تربط الماضي بالحاضر؛ لأنها مرتبطة بتفكير الأمة وعقلها منذ القديم إلى اليوم، والأمة التي تفكر بعقلها، وتعبر عن هذا التفكير بلغة غير لغتها ستبقى جامدة، والوطن العربي اليوم منذ عصر النهضة كان صراعه في إيجاد لغة يعبر بها عن تفكيره، وهو مدعو اليوم من أجل تدعيم لغة الأم أكثر من أي وقت مضى؛ وذلك بجعل لغة القرآن، لغة العلم هي اللغة الرسمية في تدريس المواد العلمية كافة ، وغير العلمية باللغة العربية .

عبد الرؤوف خريوش، جامعة القدس المفتوحة فلسطين

هوامش البحث

1-سورة الحجر، آية 9
2-عبد الكريم اليافي، التعريب في الوطن العربي، مجلة التعريب،عدد 1، دمشق: منشورات المجلة ، 1991م، ص : 17 .
3-المرجع نفسه، ص : 17.
4-محمود إبراهيم، تعريب التعليم العالي، عمان : دار آفاق للنشر 1994م، ص: 100 .
5-انظر : السيوطي، ( جلال الدين )، الإتقان في علوم القرآن ، ج 2.
6-الجواليقي، ( أبو منصور )، المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم، تحقيق أحمد شاكر، القاهرة : دار الكتب المصرية، 1361 هـ، ص : 15 .
7-الخفاجي ، ( شهاب الدين)، شفاء الغليل فيما لكلام العرب من الدخيل، تحقيق عبد المنعم خفاجي، القاهرة : المطبعة المنيرية، الأزهر، 1371هـ، ص : 3 .
8-الجزائري، ( الشيخ طاهر )، التقريب لأصول التعريب، القاهرة: المطبعة السلفية ، (د . ت) ص : 9.
9-عبد الكريم خليفة، اللغة العربية والتعريب في العصر الحديث، عمان: منشورات مجمع اللغة العربية الأردني، 1987م ، ص : 6.
10-المرجع نفسه، ص 6 – 7 .
11-للاطلاع انظر : قدري حافظ طوقان، تراث العرب العلمي ، ط2، بيروت : دار الشروق، 1963م، ص 310، وعبد الحليم منتصر، أثر العرب في النهضة العلمية الأوربية، منشورات مجلة مجمع اللغة العربية في القاهرة، ج25، ص : 51، ومحمد يوسف حسن، التراث الجيولوجي عند العرب، مجلة مجمع اللغة في القاهرة، ج40، ص : 199.
12-محمود إبراهيم، تعريب التعليم العالي،عمان،دار آفاق للنشر،ص:46.
13-عون الشريف قاسم، الإسلام والثورة الحضارية، بيروت: دار القلم، 1980ص : 65.
14-عون الشريف قاسم، الإسلام والبعث القومي، بيروت : دار القلم، 1980م، ص: 206.
15-عبد العزيز بن عبد الله، التعريب ومستقبل اللغة العربية، القاهرة: منشورات معهد البحوث والدراسات العربية ، 1975م، ص : 105.
16-عبد الكريم خليفة، اللغة العربية والتعريب في العصر الحديث، عمان، منشورات مجمع اللغة العربية الأردني. ص : 17 .
17-المرجع نفسه، ص : 17.
18-مدخل إلى مجمع اللغة العربية الأردني، عمان : مجمع اللغة العربية الأردني، 1988م ، ص :1. 19-عيسى الناعوري، دراسات عن واقع الترجمة في الوطن العربي، القسم الأول، تونس: المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة ، 1985م.
20-عبد المجيد نصير، مبادئ التحليل العددي ، أربد : المكتب العلمي للتجارة والاستثمار، 1984م، المقدمة .
21-محمود السمرة، تجربة مجمع اللغة العربية الأردني في مشروع تعريب العلوم، مجلة المجمع، عدد 15 – 16، عمان: منشورات المجمع، ص : 97.
22-عبد الكريم خليفة، اللغة العربية والتعريب في العصر الحديث، عمان، منشورات مجمع اللغة العربية الأردني ص : 144.

المصادر