خواتم
خواتم، هي قصيدة للشاعر اللبناني أنسي الحاج.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
القصيدة
( مقاطع )
عندما يحصل الحبّ تهجم العاصفة عمياء. يتجسّد الجنون على شكل قلب.
كلّ حبّ إغتصاب.
- * *
ما يحّبه الرجل في المرأة ليس فقط ضعف الكائن الاجتماعي المستضعَف والمستغَلّ،
كما يعتقد بعض النَسَوّيات. ثمّة ضعف آخر فيها يستهوي، هو » قلق الأم« على الرجل، ولو عشيقها، ولو أكبر منها سنّاً. تلك الرقّة المسؤولة التي هي في باطنها حكمة وقوّة عندما
تطوّقان الرجل لا يصمد له من قوّته المزعومة سوى العضلات.
- * *
الحقيقةُ عقابُ الغيرة.
- * *
يوم ظننتُني انتصرتُ على غيرتي كنت، في الواقع، قد بلغتُ قاع الاحتمال، فاستقلْتُ من المنافسة حتى لا أغار. ظننتُها قمّة التضحية، وكانت ذروة الأنانية.
- * *
أَصْدَق ما في الحبّ الغَيرة، قاتلتُه.
- * *
ليست دموعُكِ ما يُقْنعني بل هو شعوري بعبثيّة حقّي. فجأةً تغمرني أمواج
عبثيّة هذا الحقّ وأَستسلمُ متنازلاً عنه لأيّ شيء تريدين، بما فيه الخداع،
حتى أتفادى عبثيّة أُخرى أسوأ، أَسْمَك: عبثيّة الحقيقة.
- * *
نستطيع أن نفتدي الحبّ كما نفتدي خطايانا.
- * *
يتحدّث الرجل عن التخطّي وتفكّر المرأةُ في العناق.
هو يَخْرج
وهي تَدْخُل.
خلافاً للشكل المظنون في التواصل.
- * *
تتجنّب الحبّ حتى لا تصل بَعده إلى البغض.
تتجنّب البغض حتى لا تصل إلى اللامبالاة.
تتجنّب اللامبالاة حتى لا تصل إلى الحبّ.
تتجنّب الحبّ حتى لا تقع وراءه في القَفْر...
أنت كيفما درتَ خرابُ ما قَبْلَه، أو ذكرى نَفْسك.
موجةُ حركةٍ عمياء،
وصدى موجة...
- * *
كنتِ أجمل لأن ابتسامتكِ كانت ابتسامة فتاة مظلومة تُغالب حزنها، وتُسامحْ.
كنتِ تُحرّكين شعوراً بالذنب تجاهكِ ونَخْوَةَ الحماية.
لما تَحَرّرتِ، فرغتْ عيناكِ.
أأقول: واأسفاه على خوابي العذاب! وكلّ ما أبغيه هو بلاغته من دونه؟
- * *
المُبْغض يُعلّمكَ. المُحبّ يجمّلك.
- * *
حين تَمْجُنين تخدمكِ براءتُك، وحين تستعيدين هدوء التعقّل تخدمكِ في رأسي ذكرى مجونكِ.
- * *
إصغاؤها لشِعركَ أَشْعَرُ منه.
- * *
أحياناً يكون اكتفاء المرأة بإعطاء جسدها دون » روحها« هديّة طيّبة لا حرماناً.
- * *
كنتُ رافضاً ظلّي
والآن قَبِلْتُه
وصرتُ أُبصر ظلَّكِ أيضاً
الذهبَ السائل، العُرْيَ الهادر بشلاّل الغرائز
عُري نهديكِ الشبيه بابتسامةٍ سرّية
عُري بطنكِ الذي لا يغفو أَبداً
عري ظَهْركِ الذي يدور حوله القمر
عري فخذيكِ الطالع من الأعماق
عري وجهكِ الذي عَبَثاً يتعرّى.
ويعاود الخيالُ ميلاده
وتعاودين زيارةَ الخيال.
وفي حِمى هُيامٍ ينغرز فيَّ كخنجر القَدَر الضاحك من سباحتنا ضدَّه
أرى أن الواقع لم يَغْلبني
والخيبةَ لم تجفّف عيون الدهشة.
وإلى قلعة الجبل فوق ملايين السنين
قلعة الرغبات المتلاقية
أَدخلُ وتستقبلينني
يا كوكب النَومين،
وتحت شتائكِ اللوزُ والكرمة
وفي بطانتكِ الليليّة غفرانٌ وبداية
وقلبي أَمام دعوة وجهكِ
شهوةٌ تسْتنفر ذاكرتها
شهوةٌ مُطْلَقَةلا يلجمها ولا الله
شهوة تَكْبس جنوني بسلام الضياع الأخضر
وتُخلّصني من الحقيقة.
- * *
يداكِ الخفيّتان تفتحان أبوابي الخفيّة.
- * *
ذاتي الجامحةُ إليكِ تَشْتَغل كمعدنٍ تحت المطرقة
كنحاسٍ يتحوّل إلى ذَهَب
كذهبٍ إلى شمسٍ في مياه بحرها
كفجرٍ إلى غَسَق وغسقٍ إلى ذلك اللون الكحليّ الذي يتراءى لكِ أشبه بحُبِّ ما قبل الذاكرة
كحديدٍ إلى دم ودمٍ إلى روح
إلى روحٍ أَصفى من سمائها لأنّها عُرِكَتْ في الخيبة الأشدّ من اليأس
ذاتي الجامحة إليكِ
الراكنة إليكِ
لا تطلب أن تولد من جديد ذاتاً أبديّة
بل أن تَمضي هذه اللحظةُ هنيئةً كالنوم البسيط
وهذا اليومُ بلا جروح، كالراحة المستحقَّة
وهذا العمرُ في ظلّكِ حيث النور أَعمق،
حتى يجيءالموت حين يجيء
أخفَّ من هواء الحريّة،
فكما أن الموت هو خَيَالُ الحياة
كذلك الحب هو خَيَالُ الموت،
وذاتي الجامحة إليكِ
لن يؤذيَها شرٌ بعد الآن
لأنّها حيث تنظر عَبْر وجهكِ
لا تسمع غير شوقها
ولا ترى غير حُلمها
ولا تخاف
ما دمتِ اللّحظة وراء اللّحظة وراء اللّحظة
إلى أَن يسْكُت العصفور.
- * *
من شدّة الظلّ صرتُ شمساً خضراء
- * *
لا أُدافع عن الماضي بل عن أُمّي.