حديث عن الماء

قصيدة حديث عن الماء للشاعر المصري فؤاد بدوي.

أنا الماءُ

يحفرُ في الصخر مجْرَى

ويكسوكِ شعراً

ويلقاكِ فجراً... وظهراً... وعصْراً

ويسألُ كيفَ اغتسالُك?

كيف اغتسال الجدائلِ

تشربُ.. تسكرُ.. ترقصُ تشدُو.. وتصمتُ.. نشوى

وكيف ابترادُ النهودْ

تحسُ العذوبةَ تطرحُ ورد التمنّي

وكيف العجينُ المخمّر يصبحُ خبزَ الغرامِ.. وخصبا

ويسألُ ساقيْك هل أشفقا منْ غرامي

أنا الماءُ

بلقيسُ شافتْ.. وخافتْ وشدّت إلى صدرها ثوبَها

أنا الماءُ والشعرُ كُوني حقولَ غرامي

ودفترَ شعْري

وأمّ الغديرِ الصغيرِ

أنا الماءُ

.. لا تبْخلي.. واشربِي.. مطلبي.. واطلبيني

أصيرالسحاب المهاجر يهمي عليكِ بعرضِ الطريقِ.. الشراب

يسوغُ.. يلذُّ

أكون الغديرَ الشفوقَ.. وفيضاً منَ الشعرِ.. شلال حبٍّ.. وسرَّ

البِحارْ

أنا الماءُ

يمزجُ خمْرك يحلو.. ويصفُو.. ويهفُو إلى ضِحكةٍ فِي البدنْ

أنا الماءُ فتشت عنكِ وأنتِ بطيّ المدنْ

أنا الماءُ يخرجُ من باطنِ الأرض يصبحُ تيناً وحباً ويصبحُ سنبلةً من

هوَى

أنا الماءُ كوني النزوعَ بقلبي... وجَنةَ عقلي ولهوي.. وسهوي..

وذاكرةً للغرامِ الوليد

أنا الماءُ.. والقيظ يفري فكوني شرابي... ودنِّي وعمر الفؤاد العميدْ.

أنا الماءُ.. والمدّ حبّي ووجهك بدري وشعركُ ليلي وعيناكِ حزني

وجوعي

أنا الماءُ.. والجزرُ خوفي.. أراكِ ابتعاداً وصمتاً أحارْ

أفرُّ.. أقرُّ قليلاً على شاطئ الحزن تحت سماء الجفونْ

أنا الماءُ.. ما الأمر يا فتنةً بدَّدت حكمتي?

أنا الماءُ.. أحيا غريقاً بشطين من حزن قلبي وتوْقي

أنا الماءُ حلمُ الصحارى, انتظارُ الليالي, كنوزٌ تخفتْ بصبارة

شاعرهْ

أنا الماء برقٌ على جبهةِ المتعبينَ.. وخيطٌ علَى الظهر يحبو وشوقٌ إلى

مرفأٍ في البعيدْ

أنا الماءُ نزفٌ وخمرٌ قديمهْ.

أنا الماء يمضي عن النبع مهراً, ويصهلُ ظهراً.. ويصهلُ عصراً

وعندَ غروبِ الأماني يصيرُ البكاءْ

أنا الماءُ عنّك أرغبُ نفسي.. تعودُ إليكِ الرغائبُ مزناً

أنا الماءُ

يظمأُ.. يلبس ثوب السحاب.. ويخرج عصراً

ويستمعُ الهمسَ.. خيرَ المساءِ.. ويشربُ لمسَ الأناملِ عطرَ النهودِ

البديعهْ

أنا الماءُ يُسعدُ.. والشعر والأمنياتُ البعيدهْ

أنا الماءُ ملقيً على العشبِ يحلمُ يصعدُ نحوَ السماءِ يصيرُ السحابَ

الكثيفَ المليءَ بكنزِ المطر

متى ينزل الغيث من ذا يصير الفرح?

أنا الماء يخشى الفضيحة إني بغير رداء بعرض الطريق

برغم التراقص تحت ضياء القمر

وتحت تكسر نور المدينه

أنا الماء يمضي يحثُّ الخطى باتجاه وجودك

ويطرق بابك

أنا الماء في النهر والليل والشعر والقصص الشيقه

أنا الماء في البوح والفرح المستتر

أنا الماء في البدن المتعري وفي قبلة تدعي أنها لا تحب الرضاب

أنا الماء يفرح في الليل يمشي ويُخدع.. يقبل وجه الخديعه

أنا الماء يخطو إلى حيث يشرب بعض اللقاء الصغير

ويفرح ينتظر الأمنيات الكبيره

أنا الماء طفل يخط على حائط الدار بعض الرسوم

وشيخ يحب الهدوء العميق وأمن السكينه