تِلْكَ الدُّجُنَّةُ آذَنَتْ بِجَلاَءِ، خليل مطران
تِلْكَ الدُّجُنَّةُ آذَنَتْ بِجَلاَءِ، للشاعر اللبناني خليل مطران.
- تِلْكَ الدُّجُنَّةُ آذَنَتْ بِجَلاَءِ وَبَدَا الصَّبَاحُ فَحَيِّ وَجْهَ ذُكَاءِ
- أَلعَدْلُ يَجْلُوهَا مُقِلاًّ عَرشَهَا وَالظُّلمُ يَعْثُرُ عَثْرَةَ الظَّلْمَاءِ
- يَا أَيُّهَا اليَومُ العَظِيمُ تَحِيَّةً فُكَّ الأَسَارَى بَعْدَ طُولِ عَناءِ
- أَوْشَكْتُ فيكَ وَقَدْ نَسَيتُ شَكِيَّتِي أَنْ أُوسِعَ الأَيَّامَ طِيبَ ثَنَاءِ
- حَسْبَي اعتِذَارُكَ عَن مَسَاءَةِ مَا مَضَى بِمَبَرَّةٍ مَوْفُورَةِ الآلاَءِ
- أَلشَّمْسُ يَزدَادُ ائتِلاقاً نُورُهَا بَعدَ اعْتَكارِ اللَّيْلَةِ اللَّيْلاَءِ
- ويُضَاعِفُ السَّرَّاءَ فِي إِقْبَالِهَا تَذْكَارُ مَا وَلَّى مِنَ الضَّرَّاءِ
- لاَ كَانَتِ الحِجَجُ الَّتِي كَابَدْتُهَا مِنْ بَدْءِ تِلكَ الغارةِ الشّعوَاءِ
- ألحزنُ حيثُ أبيتُ ملءُ جوانحي والنارُ مِلءُ جَوَانِبِ الغَبْرَاءِ
- دَامِي الْحُشَاشَةِ لَمْ أَخَلْنِي صَابِراً بَعْدَ الفِرَاقِ فَظَافِراً بِلِقَاءِ
- مُنْهَدُّ أَرْكَانِ العَزِيمَةِ لَمْ أَكدْ يَأْساً أُمَنِّي مُهْجَتِي بِشِفاءِ
- حجَج بَلَوْتُ المَوْتَ حِينَ بَلَوْتُهَا مُتَعَرِّضاً لِي فِي صُنُوفِ شَقَاءِ
- لَكِنَّهَا وَالْحَمْدُ لِلهِ انقْضَتْ وَتَكَشَّفَتْ كَتكشفِ الغَمَّاءِ
- وَغَدَا الْخَلِيلُ مُهَنِّئاً وَمُهَنَّأً بَعْدَ الأَسَى وتَعَذُّرِ التَّأْسَاءِ
- جَذْلاَنَ كَالطِّفْلِ السَّعِيد بِعِيدِهِ مُسْتَرْسِلاً فِي اللَّفْظِ وَالإِيمَاءِ
- يَقْضِي وَذلِكَ نَذْرُهُ فِي يَوْمِهِ حَاجَاتِ سَائِلِهِ بِلاَ إِبْطَاءِ
- مَا كَانَ أَجْوَدَهُ عَلَى بُشَرَائِهِ بِثَرَائِهِ لَوْ كَانَ رَبَّ ثَرَاءِ
- عَادَ الْحَبِيبُ الْمُفْتَدَى مِنْ غُرْبَةٍ أَعْلَتْ مَكَانَتَهُ عَنِ الْجَوْزَاءِ
- إِنَّ الأَدِيبَ وَقَدْ سَمَا بِبَلاَئِهِ غيْرُ الأَدِيبِ وَلَيْسَ رَبَّ بَلاَءِ
- فِي بَرْشَلُونَةَ نَازِحٌ عَنْ قَوْمِهِ وَدِيَارِهِ وَالأَهْلِ وَالقُرْبَاءِ
- نَاءٍ وَلَوْ أَغْنَتْ مِنَ المُقَلِ النُّهى مَا كَانَ عَنْهُمْ لَحْظَةً بِالنَّائِي
- بالأَمْسِ فِيهِ العَينُ تَحسُدُ قَلْبَهَا وَاليَومَ يَلتَقِيَانِ فِي نَعْمَاءِ
- أَهلاً بِنَابِغَةِ البِلاَدِ وَمَرْحَباً بِالعَبْقَرِيِّ الفَاقِدِ النُّظَرَاءِ
- شَوقِي أَمِيرِ بِيانِهَا شَوقِي فَتَى فِتيانِهَا فِي الوَقْفَةِ النَّكْرَاءِ
- شَوقِي وَهَلْ بَعْدَ اسمِهِ شَرَفٌ إِذَا شَرُفَتْ رِجَالُ النُّبْلِ بِالأَسْمَاءِ
- وَافَى وَمَنْ لِلفَاتِحينَ بِمِثلِ مَا لاَقَى مِنَ الإِعْظَام وَالإِعْلاَءِ
- مِصْرٌ تُحَيِّيهِ بِدَمعٍ دَافِقٍ فَرَحاً وَأَحْدَاقٍ إِلَيْهِ ظِمَاءِ
- مِصْرٌ تُحَيِّيهِ بِقَلْبٍ وَاحِدٍ مُوفٍ هَواهُ بِهِ عَلَى الأَهْوَاءِ
- جَذْلَى بعَوْدِ ذَكِيِّهَا وَسَرِيِّهَا جَذْلَى بِعَوْدِ كَمِيِّهَا الأَبَاءِ
- حَامِي حَقِيقَتَهَا وَمُعْلِي صَوتَهَا أَيَّامَ كَانَ الصَّوتُ لِلأَعْدَاءِ
- أَلمُنْشِيءِ اللَّبِقِ الحَفِيلِ نَظيمُهُ وَنَثِيرُهُ بِرَوَائِعِ الأَبْدَاءِ
- أَلْبَالِغِ الخَطَرَ الَّذِي لَمْ يَعْلُهُ خَطَرٌ بِلاَ زَهْوٍ وَلاَ خُيَلاَءِ
- أَلصَّادِقِ السَّمْحِ السَّريرَةِ حَيْثُ لاَ تَعْدُو الرِّيَاءَ مَظَاهِرُ السُّمَحَاءِ
- أَلرَّاحِمِ المِسْكِينَ وَالْمَلْهُوفَ وَالْ مَظْلُومَ حِينَ تَعَذُّرِ الرُّحَمَاءِ
- عِلْماً بِأَنَّ الأَقْوِيَاءَ لِيَوْمِهِمْ هُمْ فِي غَدَاةِ غَدٍ مِن الضُّعَفَاءِ
- أَلطَّيِّبِ النَّفَّسِ الكَريمِ بِمَالِهِ فِي ضِنَّةٍ مِنْ أَنْفُسِ الكُرَمَاءِ
- أَلكَاظِمِ الغَيْظَ الْغَفُورَ تَفَضُّلاً وَتَطَوُّلاً لِجِهَالَةِ الْجُهَلاَءِ
- جِدِّ الْوَفِيِّ لِصَحْبِهِ وَلأَهْلِهِ وَلِقَوْمِهِ إِنْ عَزَّ جِدُّ وَفَاءِ
- أَلمفْتَدِي الْوَطَنَ الْعزِيزَ بِرُوحِهِ هَلْ يَرْتَقِي وَطَنٌ بِغَيْرِ فِدَاءِ
- مُتَصَدِّياً لِلْقُدْوَةِ المُثْلَىَ وَمَا زَالَ السَّرَاةُ مَنَائِرَ الدَّهْنَاءِ
- هَذِي ضُرُوبٌ مِنْ فَضَائِلِهِ الَّتِي رَفَعَتْهُ فَوْقَ مَنَازِلِ الأُمَرَاءِ
- جَمَعَتْ حَوَالَيْهِ القُلُوبَ وَأَطْلَقَتْ بَعْدَ اعْتِقَالٍ أَلْسُنَ الْفُصَحَاءِ
- مَا كَانَ لِلإِطْراءِ ذِكْرَى بَعْضَهَا وَهْيَ الَّتِي تَسْمُو عَنِ الإِطْرَاءِ
- قُلتُ اليَسِيرَ مِنَ الكَثِيرِ وَلَمْ أَزِدْ شَيْئاً وَكَمْ فِي النَّفْسِ مِنْ أَشْيَاءِ
- أَرْعَى اتِّضَاعَ أَخِي فَأُوجِزُ وَالَّذِي يُرْضِي تَوَاضُعَهُ يَسُوءُ إِخائِي
- إِنَّ البِلاَدَ أَبا عَلِيٍّ كَابَدَتْ وَجْداً عَلَيْكَ حَرَارَةَ البُرَحَاءِ
- وَزَكَا إِلَى مَحبُوبِهَا تَحْنَانُهَا بِتَبَغُّضِ الأَحْدَاثِ وَالأَرْزَاءِ
- لاَ بِدْعَ فِي إِبْدَائِهَا لَكَ حُبَّهَا بِنِهَايَةِ الإِبَدَاعِ فِي الإِبْدَاءِ
- فَالْمُنْجِبَاتُ مِنَ الدِّيَارِ بِطَبْعِهَا أحَنَى عَلَى أَبْنَائِهَا العُظَمَاءِ
- أَلقُطْرُ مُهْتَزُّ الجَوانِبِ غِبْطَةً فِيمَا دَنَا وَنَأَى مِنَ الأَرْجَاءِ
- رَوِيَ العِطَاشُ إِلى اللِّقَاءِ وَأَصبَحُوا بَعْدَ الجَوَى فِي بَهْجَةٍ وَصَفَاءِ
- وَبِجَانِبِ الفُسْطَاطِ حَيٌّ مُوْحِشٌ هُوَ مَوْطِنُ المَوْتَى مِنَ الأَحْيَاءِ
- فِيهِ فُؤادٌ لَم يَقَرَّ عَلَى الرَّدَى لأَبَرِّ أُمٍّ عُوجِلَتْ بِقَضَاءِ
- لاَحَ الرَّجَاءُ لَهَا بِأَنْ تَلْقَى ابنَهَا وَقَضَتْ فَجَاءَ اليَأْسُ حِينَ رَجَاءِ
- أَوْدَى بِهَا فَرْطُ السَّعَادَةِ عِنْدَمَا شَامَتْ لِطَلْعَتِهِ بَشِيرَ ضِيَاءِ
- لَكِنَّمَا عَوْدُ الْحَبِيبِ وَعِيدُهُ رَدَّا إِلَيهَا الْحسَّ مِنْ إِغْفَاءِ
- فَفُؤادُهُا يَقِظٌ لَهُ فَرَحٌ بِهِ وَبِفَرْقَدَيْهِ مِنْ أَبَرِّ سَمَاءِ
- يَرْعَى خُطَى حُفَدَائِهَا وَيُعِيذُهُمْ فِي كُلِّ نُقْلَةِ خُطْوَةٍ بِدُعَاءِ
- فِي رَحْمَةِ الرِّحْمَنِ قَرِّي وَاشْهَدِي تَمْجِيدَ أَحْمَدَ فَهْوَ خَيْرُ عَزَاءِ
- وَلأُمِّهِ الكُبْرَى وَأُمِّكَ قَبْلَهُ خَلِّي وَلِيدَكِ وَارْقدِي بِهَنَاءِ
- مصْرُ بشَوْقِي قَدْ أُقِرَّ مَكَانُهَا فِي الذُّرْوَةِ الأَدَبِيَّةِ الْعَصْمَاءِ
- هُوَ أَوْحَدُ الشَّرقَيْنِ مِنْ مُتَقَارِبٍ مُتَكَلِّمٍ بِالضَّادِ أَوْ مُتَنَائِي
- مَا زَالَ خَلاَّقاً لِكُلِّ خَرِيدَة تُصْبِي الْحَلِيمَ بِرَوْعَةٍ وَبَهَاءِ
- كَالبَحْرِ يُهْدِي كُلَّ يَوْمٍ دُرَّةَ أَزْهَى سَنىً مِنْ أُخْتِهَا الْحَسْنَاءِ
- قُلْ لِلْمُشَبِّهِ إِنْ يُشَبِّهْ أَحْمَداً يَوْماً بَمَعْدُودٍ مِنَ الأُدَبَاءِ
- مَنْ جَال مِن أَهلِ اليَرَاعِ مَجالَهُ فِي كُلِّ مِضْمارٍ مِنَ الإِنْشَاءِ
- مَنْ صَالَ فِي فَلَكِ الخَيَالِ مَصَالَهُ فَأَتَي بِكُلِّ سَبِيَّةٍ عَذْرَاءِ
- أَصَحِبْتَهُ وَالنجْمُ نُصْبَ عُيُونِهِ وَالشَّأْوُ أَوْجَ القُبَّةِ الزَّرْقَاءِ
- إِذا بَاتَ يَسْتَوحِي فَأَوْغَلَ صَاعِداً حَتَّى أَلمَّ بِمَصْدَرِ الإِيحَاءِ
- أَقَرَأْتَ فِي الطَّيَرَانِ آيَاتٍ لَهُ يَجْدُرْنَ بِالتَّرتِيلِ وَالإِقْرَاءِ
- فَرَأَيتَ أَبدَعَ مَا يُرَى مِنْ مَنْظَرٍ عَالٍ وَلَمْ تَرْكَبْ مَطِيَّ هَوَاءِ
- وَشَهِدتَ إِفشاءَ الطَّبيعَةِ سِرَّهَا لِلعَقلِ بَعدَ الضَّنِّ بِالإِفْشَاءِ
- أَشَفَيْتَ قَلْبَكَ مِن مَحَاسِنِ فَنِّهِ فِي شُكْرِ مَا لِلنِّيلِ مِنْ آلاَءِ
- يَا حُسْنَهُ شَكراً مِنِ ابنٍ مُخِلصٍ لأَبٍ هُوَ المَفْدِيُّ بِالآبَاءِ
- أَغْلَى عَلَى مَاءِ الَّلآلِيءِ صَافياً مَا فَاضَ ثَمَّةَ مِنْ مَشُوبِ المَاءِ
- أَتَهَادَتِ الأَهْرَامُ وَهْيَ طَرُوبَةٌ لِمَديحِهِ تَهْتَزُّ كَالأَفْيَاءِ
- فَعَذَرْتُ خَفَّتَهَا لِشِعْرٍ زَادَهَا بِجَمَالِهِ البَاقِي جَمالَ بَقَاءِ
- أَنَظَرْتَ كَيْفَ حَبَا الْهَيَاكِلَ وَالدُّمَى بِحُلىً تُقَلِّدُهَا لِغَيْرِ فَنَاءِ
- فكَأَنَّها بُعِثَتْ بِهِ أَرْوَاحُهَا وَنَجَتْ بِقُوَّتِه مِنَ الإِقْوَاءِ
- أَتَمَثَّلَتْ لَكَ مِصْرُ فِي تَصْوِيرهِ بِضَفَافِهَا وَجِنَانِهَا الْفيْحَاءِ
- وَبَدَا لِوَهْمِكَ مِنْ حُلِيِّ نَبَاتِهَا أَثَرٌ بِوَشْيِ بَيَانِهِ مُتَرَائِي
- أَسَمِعْتَ شَدْوَ الْبُلْبُلِ الصَّدَّاحِ فِي أَيْكَاتِهَا وَمَنَاحَةَ الَوَرْقَاءِ
- فَعَجِبْتَ أَنَّي صَاغَ مِنْ تِلْكَ اللُّغَى كَلِمَاتِ إِنْشَادٍ وَلَفْظَ غِنَاءِ
- للهِ يَا شَوْقِي بَدَائِعُكَ الَّتِي لَوْ عُدِّدَتْ أَرْبَتْ عَلَى الإِحْصَاءِ
- مَنْ قَالَ قَبْلَكَ فِي رِثَاءٍ نِقْسُهُ يَجْرِي دَماً مَا قُلْتَ فِي الْحَمْرَاءِ
- فِي أَرضِ أَنْدُلُسٍ وَفِي تَارِيخِهَا وَغَرِيبِ مَا تُوحِي إِلى الغُرَبَاءِ
- جَارَيْتَ نَفْسَكَ مُبْدِعاً فِيهَا وَفِي آثَارِ مِصْرَ فَظَلْتَ أَوْصَفَ رَائِي
- وَبَلَغْتَ شَأْوَ الْبُحْتُرِيِّ فَصَاحَةً وَشَأَوْتَهُ مَعْنىً وَجَزْلَ أَدَاءِ
- بَلْ كُنْتَ أَبْلَغَ إِذْ تَعَارِضُ وَصْفَهُ وَتَفُوقُ بِالتَّمْثِيلِ وَالإِحْيَاءِ
- يَا عِبْرَةَ الدُّنْيَا كَفَانا مَا مَضَى مِنْ شأْنِ أَنْدُلُسٍ مَدىً لِبُكَاءِ
- مَا كَان ذَنْبُ الْعُربِ مَا فَعَلُوا بِهَا حَتَّى جَلَوْا عَنْهَا أَمَرَّ جَلاَءِ
- خَرَجُوا وَهُمْ خُرْسُ الْخُطَى أَكْبَادُهُمْ حَرَّى عَلَى غَرْنَاطَةَ الْغَنَّاءِ
- أَلْفُلْكُ وَهْيَ الْعَرْشُ أَمْسِ لِمَجْدِهِمْ حَمَلَتْ جَنَازَتَهُ عَلَى الدَّأْمَاءِ
- أَوْجَزْتَ حِينَ بَلَغْتَ ذِكْرَى غِبِّهِمْ إِيجَازَ لاَ عِيٍّ وَلاَ إِعْيَاءِ
- بَعْضُ السُّكُوتِ يَفُوقُ كُلَّ بَلاَغةٍ فِي أَنْفُسِ الفَهِمِينَ وَالأُرَبَاءِ
- وَمِنَ التَّنَاهِي فِي الْفَصَاحَةِ تَرْكُهَا وَالْوَقْتُ وَقْتُ الخُطْبَةِ الْخَرْسَاءِ
- قَدْ سُقْتَهَا لِلشَّرْقِ دَرْساً حَافِلاً بِمَوَاعِظِ الأَمْوَاتِ لِلأحْيَاءِ
- هَلْ تُصْلِحُ الأَقْوَامَ إِلاَّ مُثْلَةٌ فَدَحَتْ كَتِلْكَ المُثْلَةِ الشَّنْعَاءِ
- يَا بُلْبُلَ الْبَلَدِ الأَمِينِ وَمُؤنِسَ الْ لَيْلِ الْحَزِينِ بِمُطْرِبِ الأَصْدَاءِ
- غَبرَتْ وَقَائِعُ لَمْ تَكُنْ مُسْتَنْشَداً فِيهَا وَلاَ اسْمُكَ مَالِيءَ الأَنْبَاءِ
- لَكِنْ بِوَحْيِكَ فَاهَ كُلُّ مُفَوَّهٍ وَبِرَأْيِكَ اسْتَهْدَى أُولُو الآرَاءِ
- هِيَ أُمَّةٌ أَلْقَيْتَ فِي تَوحِيدَهَا أُسًّا فَقَامَ عَلْيِه خَيْرُ بِنَاءِ
- وَبَذَرْتَ فِي أَخلاَقِهَا وَخِلاَلِهَا أَزْكَى البُذُورِ فَآذَنَتْ بِنَمَاءِ
- أَمَّا الرِّفَاقُ فَمَا عَهِدْتِ وَلاَؤُهُمْ بَلْ زَادَهُمْ مَا سَاءَ حُسنَ وَلاَءِ
- وشَبَابُ مِصْرَ يَروَنَ مِنْكَ لَهُمْ أَباً ويَرَوْنَ مِنْكَ بِمَنزِلِ الأَبنَاءِ
- مِنْ قَوْلِكَ الحُرِّ الجَرِيءِ تَعَلَّمُوا نَبَرَاتِ تِلْكَ العِزَّةِ القَعْسَاءِ
- لا فَضلَ إِلاَّ فَضلُهُم فِيمَا انْتَهَي أَمُر البِلاَدِ بَعْدَ عَنَاءِ
- كانوا هُمُو الأشْيَاخَ وَالفِتْيَانَ وَال قُوَّادَ وَالأَجْنَادَ فِي البَأْساءِ
- لَمْ يَثْنِهِم يَومَ الذِّيَادِ عَنِ الحِمَى ضَنٌّ بِأَموَالٍ وَلاَ بِدِمَاءِ
- أَبطَالُ تَفْدِيَةٍ لَقُوا جُهْدَ الأَذَى فِي الحَقِّ وَامْتَنَعُوا مِنَ الإِيذَاءِ
- سَلِمَتْ مَشيِئَتُهُم وَمَا فِيهمْ سِوَى مُتَقَطِّعِي الأَوصَالِ وَالأَعضَاءِ
- إِنَّ العَقِيدَةَ شِيمَةٌ عُلْوِيَّةٌ تَصفُو عَلَى الأَكْدَارِ وَالأَقْذَاءِ
- تَجْنِي مَفَاخِرَ مِن إِهَانَاتِ العِدَى وَتُصِيبُ إِعزازاً مِنَ الإِزرَاءِ
- بكْرٌ بِأَوجِ الحُسْنِ أَغَلى مَهْرَهَا شَرَفٌ فَلَيْس غَلاَؤُهُ بِغَلاَءِ
- أَيُضَنُّ عَنْهَا بِالنَّفِيسِ وَدُونَها يَهَبُ الحُمَاةُ نُفُوسَهُمْ بِسَخاءِ
- تِلْكَ القَوَافِي الشَّارِدَاتُ وَهذِهِ آثَارُهَا فِي أَنفُسِ القُرَّاءِ
- شَوْقِي إِخَالُكَ لَمْ تَقُلْهَا لاَهِياً بِالنَّظمِ أَوْ مُتَبَاهِياً بِذَكَاءِ
- حُبُّ الحِمَى أَمْلَى عَلَيْكَ ضُرُوبَهَا متَأَنِّقاً مَا شَاءَ فِي الإِملاَءِ
- أَعْظِمْ بِآياتِ الهَوَى إِذْ يَرْتَقِي مُتجَرِّداً كَالجَوهَرِ الوضَّاءِ
- فَيُطَهِّرُ الوِجْدَانَ مِنْ أَدْرَانِهِ وَيَزِينُهُ بِسَواطِعِ الأًضوَاءِ
- وَيُعِيدُ وَجْهَ الغَيْبِ غَيْرَ مُحَجَّبٍ وَيَرَدُّ خَافِيةً بِغَيرِ خَفَاءِ
- أَرْسَلْتَها كَلِماً بَعِيدَاتِ المَدَى تَرْمِي مَرَامِيَهَا بِلاَ إِخْطَاءِ
- بيْنَا بَدَتْ وَهْيَ الرُّجُومُ إِذ اغْتَدَتْ وَهْيَ النُّجُومُ خَوَالِدَ اللَّأْلاَءِ
- مَلأَتْ قُلُوبَ الْهائِبِينَ شَجَاعَةً وَهَدَتْ بَصائِرَ خَابِطِي العَشْوَاءِ
- مِنْ ذلِكَ الرُّوحِ الكَبِيرِ وَمَا بِهِ يَزدَانُ نَظْمُكَ مِن سَنىً وَسَنَاءِ
- أَعْدِدْ لِقَوْمِكَ وَالزَّمَانُ مُهَادِنٌ مَا يَرتَقُونَ بِهِ ذُرَى العَليَاءِ
- أَلْيَوْمَ يَوْمُكَ إِنَّ مِصرَ تَقَدَّمَتْ لِمَآلِهَا بِكَرَامَةٍ وَإبَاءِ
- فَصغِ الحُليَّ لَهَا وَتَوِّجْ رَأْسَهَا إِذْ تَسْتَقِلُّ بِأَنْجُمٍ زَهْرَاء
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .