تعريف غادة عبد المنعم للذكاء
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وضع التعريف: غادة عبد المنعم
ليس للذكاء تعريف محدد معتمد كتعريف نهائى ولكن له عدة تعريفات تعزو الذكاء لما يظهر على الذكى من استخدام جيد لقدراته ومهاراته ( القدرات العقلية المتعلقة بالقدرة على التحليل، والتخطيط، وحل المشاكل، وسرعة المحاكمات العقلية، كما يشمل القدرة على التفكير المجرد، وجمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم. كما يتضمن أيضا حسب بعض العلماء القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين(
وعبر سنوات من استخدام هذه التعريفات تبين تماما فشلها فى تحديد معنى الذكاء، ومع ذلك!! فقد تمسك باحثى وعلماء النفس والاجتماع وعلماء وباحثى وظائف الدماغ بتعريفاتهم الغبية، حاولوا أحيانا إضافة المزيد من الشمول لها، لكنهم لم ينقلبوا عليها أو يغيروها أبدا!!؟؟ وفى تصورى فان تعريف الذكاء بهذا الشكل لا يمكن أن يدلل على ذكاء العلماء الذين اعتمدوا هذه التعريفات، خاصة فيما بعد التطور الكبير الذى حدث فى السنوات الأخيرة، والذى على ضوئه تم فهم آلية عمل الدماغ ومراقبة وتسجيل نشاطها أثناء التفكير؟!!
كيف نفكر؟
فى ذهننا منطقة تنشط بقوة عندما نفكر هذه المنطقة تنشط دائما، أى أن كان تفكيرنا، وفى نشاطها تنتج موجات وإشارات، وهذه الموجات والإشارات، تنتقل عبر وسط وعبر وصلات عصبية، وتنشأ من خلايا وعبر خلايا دماغية، فلما إذن لا نقصر تعريف الذكاء على ما نراه ملموسا – وحقيقيا- أمامنا؟ على هذه المنطقة الوحيدة وكثافة أو ضعف عملها ونشاطها عند التفكير؟ خاصة وقد تبين من تسجيل نشاط الدماغ وجود مناطق أخرى فى الدماغ تختص بالذاكرة، وكذلك مناطق متعددة ومختلفة تنشط لدى إنتاجنا وإظهارنا لقدراتنا على اختلافها، وكذلك مناطق يعمل كل منها أثناء التعامل بمختلف الحواس كالرؤية أو الشم أو الاستماع؟ واختلاف المناطق النشطة عند استخدام وإظهار القدرات المختلفة يؤدى لإقصاء كل ما هو متغير من معادلة تعريف الذكاء، وبهذه الطريقة البسيطة يتأكد لدينا أن الذكاء هو ذلك النشاط السريع الخاطف (بيولوجيا) والذى يؤدى لإتمام عملية الاسترجاع والقياس والخلوص من ذلك بنتيجة. أى أن الذكاء وتعريفه يستندان فقط على الأساس البيولوجى وليس المعرفى المتعلق بالذاكرة.
ما أثار ريبتى فى تعريفات الذكاء كان خبرة صغيرة مرت بى؟ حيث تم تصنيف ابن أخى الصغير بعد ذهابه لطبيب أجرى له اختبار ذكاء على اعتباره منخفض الذكاء وهى نتيجة كانت تناقض تماما، خبراتنا معه فى محيط الأسرة تلك الخبرات التى كانت تؤكد انه شديد الذكاء، وهو ما تأكد بعد ذلك عند التحاقه بالمدرسة؟! من هذه الخبرة التى مرت على َّ منذ عامين تقريبا اكتشفت عيب اختبارات الذكاء وما فيها من خلل وفقدت كل ثقتى فى أى منها – وبالتالى ربما فى تعريفات الذكاء - الخطأ الفادح نفسه تكرر مرارا عندما تم تصنيف أطفال كقليلى الذكاء وتبين فيما بعد أنهم عباقرة، أبدعوا نظريات واكتشفوا واخترعوا، وحتى عندما تم تصنيف بعض الأطفال كمتأخرين عقليا! تم تبين فيما بعد أن بعضهم من "محدودى القدرات" قد صنفوا كعباقرة اخترعوا مجموعة من أهم الاختراعات المعاصرة ومن أعقد التركيبات الرياضية، ومن الغريب أن يتسم علماء البحث فى مجال الذكاء بذكاء محدود دفعهم لاستبعاد كل تلك الحالات معتبريها حالات شاذة!! - دون وهذا هو الأكثر منطقية أن يستبعدوا تعريفاتهم وتعريفات غيرهم، غير الصحيحة ولا المجدية أو الدقيقة أو التامة للذكاء، والبحث عن تعريف جديد أكثر دقة وتحديدا له!!؟
تعريف الذكاء ومعيار الذكاء
لذا وحتى أعالج خطأهم هذا أقترح تعريف الذكاء على أنه [امتلاك قدرات بيولوجية تمكن الفرد من استعادة المماثل للخبرة المعاشة (لما يعيشه أو يمر به) فى هذه اللحظة من الذاكرة، وقياسه عليه، والخروج من عملية القياس هذه بنتيجة] أما معدل الذكاء فأعرفه على أنه [سرعة القيام بهذه العملية قياسا للوقت الذى تستغرقه] حيث كما نعلم فان هذه العملية تتم فى لحظة خاطفة وكلما تمت فى مدة اقصر كلما اعتبر ذلك معيارا لزيادة الذكاء!!
هذا التعريف يفتح علينا عدة مسائل، وكذلك يحل لنا عدد من إشكاليات التعريفات الحالية، كما يتيح لنا معرفة حقيقية بقدرات من نقيس ذكائه وبحقيقة انفصالها عن الذكاء، وأيضا معرفة حقيقية بإمكان زيادة الذكاء أو عدم زيادته؟ وهو تساؤل اعتقد بعد اعتماد تعريفى دوليا سيصبح الشغل الشاغل للأطباء؟ حيث سيركزون على محاولات زيادة الذكاء عبر تقوية الخلايا الدماغية فى منطقة الذكاء أو عبر تقوية إشارات العمل فيها أو عبر خلق (تعديل) وسط نقل الإشارات الدماغية فى هذه المنطقة، ليكون أكثر ملائمة لزيادة سرعة العملية كلها وبالتالى لنتيجتها التى تم تحديدها من جانبى باعتبارها تمثل معنى نصطلح على تسميته بالذكاء.
وكذلك يتضح من تعريفى أن الذكاء لا ينمو لأن الخبرات لا تؤثر فى مقداره؟ حيث أن توسع خبراتنا يوسع من المادة المتاحة لنا للقياس عليها؟ ولكنه لا يؤدى لسرعة العملية؟ أى أن زيادة الخبرات الحياتية يؤدى لزيادة نتائج ذكائنا والاستفادة منه لكنها لا تؤدى لزيادته هو نفسه؟؟ كذلك فان تعريفى للذكاء يظهر أن علاج عيب يعوق قدرات عقلية لدينا لا يؤدى لزيادة ذكائنا لكنه يضيف لنتائج هذا الذكاء.
ويوضح أيضا أن معدل ذكاء كل منا يمتلكه الفرد منا فى لحظة ولادته، كما فى لحظة موته تماما، وكما يملكه فى كل لحظة أخرى فى حياته، لا يزيد، ولا ينقص إلا بتعرضه لعوامل تؤدى لتلف فى خلايا أو موصلات أو وسط انجاز هذه العملية؟ لكنه يوضح أيضا انه عند اختراع عقاقير أو تقنية تستخدم للإسراع بعمليات العقل فى منطقة الذكاء فانه عندها فقط، يمكن تعديل معدل الذكاء لأى فرد منا، وأن هذا التعديل قد يكون مؤقتا إذا كان أثر هذه العقاقير مؤقتا أو دائم إذا كانت ذات أثر دائم.
يوضح أيضا أن كفاءة منطقة الذاكرة لا يعتبر من الذكاء فحيث الذاكرة تمثل مجرد مرجع لكنها ليس جزء من العملية، وحيث كفاءة عمل مناطق استقبال الحواس من استماع ورؤية وشم،... إلى آخره، ليست ضمن معدل الذكاء ولكنها تفيد فقط فى تعدد وحجم المخزون الذى يتم القياس عليه، لذا فتعطل عمل بعض منها فى الدماغ أو جودته العالية لا يصنف ضمن أو يؤثر فى الذكاء.
كذلك فان النشاط الإبداعى الناتج عن الذكاء لا يعتبر جزء منه لكنه مجرد نتيجة! وغيابه لا يدلل على غياب الذكاء، حيث الوليد كما ذكرت ذكى بنفس المعدل له وهو طفل أكبر سنا وله كناضج، ذلك رغم أن الوليد لا يبدع بينما سيظهر مستقبله كطفل إبداع، وقدرة أكبر على الفهم والتحليل، ثم مستقبله كناضج قدرات إضافية وأكبر على البناء والقياس والمزيد من الإبداع.
كذلك يلفت تعريفى النظر لنقطة أخرى وهى أنه مهما امتلك الفرد من قدرات ذاتية بيولوجية بالولادة تحدد ذكائه، فانه لا يمكنه الاستفادة المثلى منه، إلا بزيادة خبراته الحياتية، وبالتالى فمن لا خبرات له، تعتبر الفائدة من ذكائه له أو لغيره لا شيء، وبذلك فإنه ودائما كلما زادت خبرات الحياة لأى فرد زادت فائدته المتحصلة لديه، و لدى الآخرين، مجتمع وأفراد نتيجة ذكائه، وهذا يعنى أن من لديه تأخر فى إظهار أو استخدام أو تخزين خبرات تتعلق بقدرات معينة، لابد فى مجتمعاتهم أن تدعم ذاكرتهم وخبراتهم بكل ما يمكن لهم استقباله وتخزينه من معلومات؟!! حيث من بين هؤلاء قد يظهر علماء ومبتكرين استخدموا نوع واحد (أو أكثر) من القدرات (بينما حرموا قدرات أخرى تم منعهم من استغلالها لإعاقة ما)، استخدموا قدرات دون غيرها ركزوا عليها ذكائهم البارع، وبزيادة خبراتهم والمخزون فى ذاكرتهم من خبرات تمكنوا من تخزينها مع أو دون غيرها؟ برعوا فى إظهار نتائج ذكائهم التى يتحدد - بالطبع – نوعها (تخصصها) بنوعية ما يملكونه من قدرات ونوعية ما يخزنونه من خبرات، وتزداد إبداع بزيادة معدل الذكاء البيولوجى الذاتى لكل منهم.
"محدودى القدرات" تصنيف استحدثه لغير الأغبياء ممن لديهم إعاقة فى إظهار قدراتهم
أعتقد أيضا أن من أهم نتائج تعريفى الجديد هو الخروج بتصنيف جديد يضع حدا فاصلا بين "محدودى الذكاء" أى الأغبياء و"محدودى القدرات" أى من لديهم إعاقة عن إظهار قدرة أو عدة قدرات، بينما يتسمون بالذكاء (أى بالقدرة على استعادة الخبرة والقياس والخروج بنتيجة) حيث أن هذا التحديد سوف يزيل اللبس الذى خلقه التصنيف المتعامل به حاليا والذى يصنف البشر لـ "أذكياء" و "متراجعين أو محدودين عقليا" (الاصطلاح الذى يستخدم حاليا لتوصيف الغباء.