تعدو العوادي

من معرفة المصادر

من قصيدة: تعدو العوادي، في رثاء فاطمة حشمت باشا من تأليف ملك حفني ناصف

تعدو العوادي والخطوبُ تنوبُ
 
ويلاه عيشُ المرءِ كيف يطيبُ
حُمَّى النِّفاسِ شَببْتِ مهجةَ والدٍ
 
هيهاتَ أن يُطفي لظاه نحيب
حمّى النفاس فجعتِ بعلاً لم يكدْ
 
يرتاح حتى كدَّرتْه شَعوب
حمى النفاس قصفتِ غصنًا قد بدا
 
إثمارُه، وجَناهُ كاد يطيب
حمى النفاس أما رحمت محمدًا
 
وبكاؤُه يُصمي الحشا ويُذيب
أمحمدٌ يومَ الولادة سرَّنا
 
لكنه، من حيث سرَّ عصيب
كم نقَّبَتْ في الطبّ تبغي حملَها
 
ولرُبَّ شرٍّ جرَّه التنقيب
وعسى الذي فيه الحياة مبغَّضٌ
 
وعسى الذي فيه البلاء حبيب
لهفي عليك، اليُتْمُ أول حاضنٍ
 
لك بعدَها، والقابلات خُطوب
واستقبلتْكَ نوادبٌ، ما كان ذا
 
يُرْجى ، ولكنَّ البلاء نصيب
لم يُجْدِ ما زعم الطبيب ببُرْئِها
 
هيهات أن يُقصي القضاءَ طبيب
فبطبِّه سالت عليكِ مدامعٌ
 
وبطبِّه انشقَّتْ عليك قلوب
يا قبرُ لا تعبثْ بغصْنِ قوامِها
 
واحرصْ عليه إنه لرطيب
جاءت بأكفانٍ، وثوبُ زفافها
 
لم تُبلِه، واللهِ ذاك عجيب
إنِّي أفاطمُ مذ نَعوْكِ عليلةٌ
 
قلبي وطَرْفي ذائبٌ وسكوب
ما كنت أدري قبل خطبِك بالأسى
 
حتى دهَتْني اليوم منه ضُروب
أرضيتِ سكنَى القبرِ؟ كيف؟ وأنت لم
 
يُعجبكِ بيتٌ كنتِ فيه رحيب
وحَثَوْا ثراه على جمالكِ عاطلاً
 
أين الغلائلُ والحُلَى والطيب؟
واهًا لعينَيْ جُؤذرٍ قد أُغمضتْ
 
لك كان يحلو فيهما التشبيب
ما كنت أحسبُ أن تُغمَّضَ في الثرى
 
رغمًا ألا إن الحياةَ كذوب
أصديقَتي جلَّت عليكِ مصيبتي
 
والصبرُ نَدَّ وما أراه يؤوب
عبدَالعزيزِ، يُقال إنك صابرٌ
 
فإذا جزعْتَ فذاك منك غريب
ولأنت أعرفُ بالشجاعة والقضا
 
ولأنت تبرأُ أن يُقال هَيوب
عشْ يا محمدُ بعد أمِّك سلوةً
 
لأبيكَ إن غابتْ فليس تغيب