تجربة مَجْمعِ اللّغة العربيّةِ الأُردنيّ في تعريبِ التّعليم الجامعيّ: الإنجازات، والصّعوبات، والتّحدّيات

من معرفة المصادر

تجربة مَجْمعِ اللّغة العربيّةِ الأُردنيّ في تعريبِ التّعليم الجامعيّ: الإنجازات، والصّعوبات، والتّحدّيات، المحاضرة الخامسة فى الموسم الثقافى لمجمع اللغة العربية الأردنى لسنة 2007 م الثلاثاء 26 جُمادى الأولى 1428هـ - 12 حَزيران/يونيو 2007م

الأُستاذ الدّكتور هُمام غَصِيب

عضو مَجْمَعِ اللّغة العربيّةِ الأُردنيّ

أُستاذ الفيزياء النّظريّة/الجامعة الأُردنيّة

مدير إدارةِ الدّراسات والبرامج/منتدى الفكر العربيّ


الثلاثاء 26 جُمادى الأولى 1428هـ - 12 حَزيران/يونيو 2007م


أستهلّ الكلام بتهنئة مَجْمَعِنا وتهنئة أنفسِنا وأبناء جِلدتِنا في كلّ مكان بعام اللّغة العربيّة. والحقّ أنّه حَريّ بنا أنْ نحتفيَ ونحتفلَ بلغتِنا كلّ عام؛ بل كلّ شهر وكلّ يوم وكلّ ساعة. ذلك أنّها لغة القرآن الكريم؛ وهي جوْهرُ هُويّتِنا، ولسانُ حضارتنا العربيّةِ الإسلاميّة (من دون واو عطف أو شَرْطة أو مائلة). نفكّرُ بها، ونشعُر ونحْلُم، ونتواصَل. لوْلاها لما كان مجتمعُنا، ولما كانت ثقافتُنا وما أبدعتْهُ إنسانيًّا. ثمّ إنّها الأساس، أو هكذا يجب أنْ تكون، في منظومة الثّقافة بشتّى عناصرها من تربية وقِيَم ومُعتقدات وفكر وإبداع وتراث وإعْلام؛ ومن ثمّ في تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، وفي مجتمع المعرفة عمومًا، وهو مجتمع التّعلّم من المهد إلى اللّحد.

وقد أعفاني تقرير التّنمية الإنسانيّة العربيّة للعام 2003(1) من مؤونةِ التّوضيح والتّفصيل والتّحليل في هذا الشّأن؛ خصوصًا من حيث عَلاقةُ لغتِنا بالفكر، ومصادرِ المعرفة، ونقلِ المعرفة وهَضْمِها، وتوْظيفِ المعرفة، وتوْليدِ المعرفة الجديدة. وهذه قضايا كبرى أقترح أنْ تُشْغِلَنا في مواسمَ ثقافيّةٍ قادمة. وهي قضايا متعدّدةُ الاختصاصات. والهدف في النّهاية سبْرُ العَلاقة بين لغتِنا وسائر فروع المعرفة.

وإنّه لمِمّا يَحزّ في النّفْس أنْ لا تتصدّرَ هذه القضايا سُلّمَ أوْلويّاتِنا واهتماماتِنا. ذلك أنّ أيّ مشروعٍ نهضويّ للأُمّة لنْ تقومَ له قائمة من دون نهضةٍ لغويّة. هذه هي حكمةُ التّاريخ: تاريخِنا، وتاريخِ سائر الأُمم.

وقد أعودُ إلى هذه الأمور الأساسيّة في مناسباتٍ أُخرى بإذنِه تعالى؛ فهي جديرةٌ بالتّأمُّل والتّعمُّق. إلاّ أنّني أردْتُ هنا فقط أنْ أرسمَ الإطارَ الفكريّ العريض الذي سأتناولُ فيه موْضوعَ محاضرتي؛ مُتسائلاً أوّلاً: ما التّعريب؟ ولِمَ تعريبُ التّعليم الجامعيّ؟ ومن ثمّ مُنتقِلاً إلى تجربة مَجْمعنا في تعريب التّعليم الجامعيّ من حيث الإنجازاتُ والصّعوباتُ والتّحدّيات.


- 2 -

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ما التّعريبُ، إذًا؟

نظرْنا في المَجْمَع إلى هذا المفهوم منذ البداية بأنّه أوسعُ وأشملُ بكثير من مجرّد الترجمة أو النّقل إلى العربيّة. ولمْ نغفلْ عن دِلالاتِه اللّغويّةِ والتّاريخيّة، بما في ذلك إخضاعُ المصطلحِ الأجنبيّ للجَرْس العربيّ والأوزانِ العربيّة (2). فبالنّسبة لنا، يَعني التّعريب تبنّي اللّغةِ العربيّة لغةَ التّعليم بجميعِ مراحلِه، ولغةَ التّعليم العالي والبحثِ العلميّ. هو في النّهاية توْطينُ العلوم والتّكنولوجيا وتأصيلُها في فكرنا ووِجداننا ومجتمعنا وبيئتنا. فنمارسُ علمَنا – حديثًا وكتابةً؛ تعلُّمًا وتعليمًا؛ بحْثًا ونشْرًا – بالعربيّة. ومن ثمّ نُبدع، ونتحرّر من ربقة التّبعيّة، ونساهمُ بأصالة في حضارةٍ إنسانيّة واحدة. التّعريبُ يُفجّرُ طاقاتِنا الإبداعيّة، الفرديّةَ والجَمْعيّة، ويُحرِّك المياهَ الآسنة. وهو مُقوّم من مقوّمات التّقدّم الحقّ والنّهضة المنشودة.

 لكن سرعان ما انبرى لَفيفٌ من زملائنا الكرام ينعتُنا بأنّنا "ماضَويّون"، ويتّهم التّعريب بأنّه يُشكِّلُ حاجزًا بين الطّالبِ العربيّ ومصادرِ المعرفة الأصليّة، لأنّ معظمها باللّغات الأجنبيّة، وعلى رأسها اللّغةُ الإنجليزيّة، لغةُ العلمِ العالميّةُ بلا مُنازع.

وكان ردُّنا بَسيطًا: بـأنّه مَنْ قال إنّنا نريدُ أنْ نُعرّبَ على حساب إتقان اللّغة الإنجليزيّة وغيْرها من اللّغات الأجنبيّة؟ لكن حتّى تعليمُ هذه اللّغات لا يُمكن أنْ يتمّ من دون اللّغةِ الأُمّ. فهي آذانُنا وعيونُنا ولِسانُنا ودِماغُنا نفسُه!

قالوا: إنّ لغَتَنا مَجازيّة. وكان جوابُنا: ألمْ تتدبّروا فِقْهَ اللّغة العربيّة ودقَتَها الّلامتناهية (ولا أقولُ المتناهية)؟ ألمْ تعودوا إلى النّصوص العلميّة العربيّة، قديمِها وحتّى حديثِها: مثلاً، في مجلّة المقتطف(3)، وكتابات الدّكتور أحمد زكي(4) وعشراتٍ غيْرِه؟ لقد أذهلَتْنا هذه الدّقّةُ وبَهَرَتْنا حين ناقشْنا في المجمع على مدى شهورٍ وشهور مُسمّياتِ الألوان بالعربيّة(5،6). كذلك كتب الدّكتور عثمان أمين بإيجاز، لكنْ ببصيرةٍ نافِذة، عن عبقريّة لغتِنا من حيث دقّتُها وفِقهُها وفلسفتُها(7).

باختصارٍ، إذًا، كان ردُّنا: هذه هي حُججُنا وبراهينُنا وأسانيدُنا؛ فأين حُججُكم وبراهينُكم وأسانيدُكم؟ - 3 -


ولِمَ تعريبُ التّعليم الجامعيّ؟

هنالك أوّلاً الجوانبُ العمليّةُ للموْضوع. فاستعمال لغةٍ إنجليزيّة، غالبًا ما تكون شوْهاءَ عَرْجاء، في أروقةِ كلّيّاتنا العلميّة يَعني إرباك طلبتنا ومن ثمّ عدم تمكّنهم من استيعاب المفاهيمِ والأفكار. كما يَعني انصرافَهم إلى المصارعة مَعَ لغةٍ أعجميّة على حساب فهمِهم لعلمِهم وتخصُّصِهم. أضفْ إلى ذلك الحرَج الذي يقع فيه المدرّسون المتخرّجون في جامعات غيْر أنجلوسكسونيّة(8). بيت القصيد هنا أنّ اللّغة، كما أسلفت، "هي رابطةُ العِقْد في منظومة المعرفة الإنسانيّة"(9)؛ فلا يُمكنُ استيعاب المعرفة المتسارعة المتجدّدة من دون تعريب.

وهنالك ثانيًا الجوانبُ الاقتصاديّةُ المادّيّة. ذلك أنّ أسعارَ الكتب الأجنبيّة المستوْردة أصبحت تُثقل كواهلَ الطّلبة إلى حدّ لا يُطاق. فالتّعريب من شأنه أنْ يوفّرَ أموالاً طائلة (10)؛ إضافةً إلى المساهمة في تطوير صناعة الكتاب العلميّ العربيّ وملحقاته الحديثة من برمجيّات حاسوبيّة وغيْرها.

وهنالك ثالثًا الجوانبُ الأكثرُ عُمقًا. فهذه قضيّة قوْمية نهضويّة. والتّعريب الجادّ أداة قاطعة – وأنا أتكلّم من تجربة شخصيّة – لشحْذ الذّهن وشحْن الفكر وتنمية الإبداع. وهو يُعلّمنا الإتقان، والعوْدة إلى الجذور والأصول. فهو حلقة الوَصْل بيـن الأصالة والمعاصَرة(11). ثم إنّه وثيـق الصّلة بالتّنمية. مـن هنا كان شعارُنا: لا تنميةَ من دون تعريب(11،12). ذلك أنّ التّنميةَ الشّاملةَ المستدامة سيْرورةٌ مُعقّدة مُركّبة تشكّل هرمًا هائلاً: قاعدته الجمهور، وذروته الصّفوة. فكيف يمكن تعميم فلسفتها ومنهجيّتها ووسائلها من دون تعريب متكامل يربطُ بيْن سفْح الهرم وقمّته، ونُراكمُ به تجاربَ فوق تجارب؟ مثل ذلك مسألة "الثّقافة الثّالثة" المكوّنةِ من منظومة معرفيّة تهدفُ إلى جَسر الفجوة بيْن "الثّقافتيْن": الإنسانيّات والعلوم؛ فتساهمُ في بناء الإنسان العصريّ الذي يستطيع أنْ يُواكبَ تيّارات العصر(13). أتساءل: هل يمكن تحقيق ذلك من دون تعريب؟

هذا هو الإطار الفكريّ الذّهنيّ الذي أقدمَ فيه مَجْمعُنا على تعريب التّعليم الجامعيّ بإمكانات محدودة؛ لكنْ بإرادة لا تلين. وإخالُ التّعريب، بمعناه العميق الذي بيّنْت، هاجسًا من هواجس المجمع منذ أنْ كان. فمن بيْن أهدافه ومسؤوليّاته، وَفْقًا لقانونه، جعْلُ اللّغة العربيّة لغةَ العلم.

وقد تناول تجربةَ المجمع الغنيّةَ في هذا المجال غيْرَ مرّة الأُستاذ الدّكتور عبد الكريم خليفة، رئيسُ المجمع(14)، والأُستاذ الدّكتور محمود السّمرة، نائبُ رئيس المجمع(15)، والمرحوم الأُستاذ الدّكتور أحمد سعيدان(16)، وباحثون آخرون. وتنطلق محاولتي هذه من تلك الجهود الخيِّرة وتبني عليها. - 4 -

استندت تجربة المجمع في تعريب التّعليم الجامعيّ إلى ثلاث ركائز:

1- ترجمة الكتب العلميّة المنهجيّة.

2- تعريب الرّموز العلميّة.

3- تعريب المصطلحات.

وسأبدأ بتسليط الضّوء على إنجازات هذه التّجربة، وعلى الحقائق والوقائع.

1- ترجمة الكتب العلميّة المنهجيّة:

أصدر المجمع – ضمن حملته الرّامية إلى تعريب التّعليم الجامعيّ – اثنين وعشرين مجلّدًا ضخمًا مترجَمًا عن اللّغة الإنجليزيّة، على النّحو الآتي:

-حساب (أو حسبان) التّفاضُل والتّكامل والهندسة التّحليليّة (في جُزأيْن)

-البيولوجيا (في جُزأيْن)

- الجبر المجرّد بطريقة التّعلّم الذّاتيّ النّشط

- الجيولوجيا العامّة

- الكيمياء العامّة

- الكيمياء الحيويّة للخليّة وعلم وظائفها

-الكيمياء غيْر العضويّة (في جُزأيْن)

-الفيزياء الكلاسيكيّة والحديثة (في ثلاثة أجزاء)

- مبادئ المعادلات التّفاضُليّة وتطبيقاتها

- مبادئ التّحليل الرّياضيّ

- مقدّمة للتّكوين الجَنينيّ

- مقدّمة للبصريّات الكلاسيكيّة والحديثة

- الكيمياء التّحليليّة

- الموجز في ممارسة الجراحة (في أربعة أجزاء).

والقائمةُ الكاملة، بكلّ تفصيلاتها، مثبّتة في تقارير المجمع السّنويّة (مثلاً(17)).

لقد صدرتْ هذه المجلّدات ما بيْن عامَيْ 1979 و 1985؛ باستثناء الجُزء الثّاني من كتاب الفيزياء الكلاسيكيّة والحديثة الذي صدر عام 1987، وكتاب الموجز في ممارسة الجراحة الذي صدر بأجزائه الأربعة عام 1997.

ولكُمْ أن تتصوّروا الفوْرةَ التي سادت أجواءنا في تلك السّنوات المعدودات منذ نهاية السّبعينيّات حتّى منتصفِ الثّمانينيّات من القرْن الفائت! فقد حَشَدَ المجمع "جيشًا" من المترجمين والمراجِعين والمشرفين، كُلُّهم أساتذة جامعيّون يمارسون علمهم بحثًا وتدريسًا. وشارك عددٌ منهم في اختيار الكتب العلميّة التي تُرجمت. وكانت هذه من أجْود الكتب المتداولَة في أرقى الجامعات. وتفاديًا للازدواجيّة في العمل، وسعيًا للتّنسيق مَعَ سائر الجهات المعنيّة، قام المجمع بتعميم قائمة الكتب المختارة.

ما زلتُ أذكر تلك الأيّامَ الخوالي بكلّ دقائقها؛ فقد أصبحتْ جُزءًا من ذاكرتي الحيّة. وقّعْنا – نحن المترجمين والمراجعين والمشرفين – عقودًا مَعَ المجمع، وعانينا أكثرَ ما عانينا من سوء التّقدير الذي وقع فيه معظمُنا للوقت اللازم لإنجاز العمل. وسرعان ما تبدّتْ لنا بجلاء ضخامةُ المشروع. فكان علينا أنْ نواجهَ ليس فقط مُشكلاتِ التّرجمة والكتابةِ الدّقيقة، وإنّما أيضًا المشكلاتِ المتعلّقةَ بصناعة الكتاب: عددٌ كبير من المطابع لمْ يكنْ مؤهَّلاً للاستجابة لمطالبنا. وكان للفقير لرحمة اللّه تعالى تجربةٌ لا تُنسى مَعَ المطبعة الوطنيّة في عمّان. فبعْد بداية طيّبة وتعاون سلس مع إدارة المطبعة والعاملين فيها على حدّ سواء، أخذت العَلاقة بيننا تتأزّم نتيجةً لتزايُد تصويباتي وتعديلاتي. عَدّوني عدوًّا لدودًا، وعَدّوا قلمي الأحمر جلاّدًا غاشِمًا. وهكذا مضت الأيّام والأسابيع والشّهور متثاقلة. ولم أستعدْ ثقةَ العاملين هناك وحماستَهم المتأجّجة للمشروع إلاّ حين بدأتُ أداومُ معهم في المطبعة يومًا بعد يوم، وأُسبوعًا بعد أُسبوع، من الصّباح الباكر حتّى المساء المتأخّر، بما في ذلك بعضُ أيّام الجمعة: أُصوّب كلّ خطأ في الميْدان مباشرة، وأُواكب معهم كلّ صغيرة وكبيرة؛ أشرب من شايهم الأسود، وآكل من خبزهم اليابس.

كان ذلك قبل أيّام الحاسوب الشّخصيّ والتّنضيد الحاسوبيّ والنّشر الحاسوبيّ. كنّا نُعطي ما ننجزه من ترجمة بخطّ اليد لإحداهُنّ كي تطبعَهُ على الآلة الكاتبة؛ ومن ثمّ نُحيله إلى المطبعة.

لمْ يخْلُ الجوّ من المشاحنات والأصوات العالية. فالبشر ليسوا ملائكة! ولمْ يتورّع المجمع عن رفض المحاولات الرّكيكة بعْد أنْ دفع لأصحابها مستحقّاتِهم الماليّةَ بالكامل! وتفاوتت التّرجمة من المستوى المتوسّط (وأحيانًا دون المتوسّط) إلى ذلك الصّنف الذي ينساب عذبًا سلسبيلاً، وكأنّه مؤلَّف تأليفًا بلسان عربيّ صافٍ راقٍ.

وحين أخذت المجلّدات القَشيبة تظهرُ تِباعًا، أصبحْتُ على يقين من أنّ الأُمّةَ بأمَسّ الحاجة إلى المشروعات الكبيرة الطّموحة، كمشروع المجمع هذا، للنّهوض بها في معارج التّقدّم والرّقيّ. ذلك أنّ مشروعًا كهذا يَجِبُّ جَبًّا تلك المحاولاتِ الهزيلةَ التي لا تُغني ولا تُسمن. فهو نابعٌ من احتياجاتنا العمليّة والوجدانيّة والذّهنيّة، وليس هابِطًا علينا بمظلّة. كما أنّه ليس مِنّةً من أحد، وليس هِبةً من تلك الهِبات التي تُمنح لغايةٍ في نفس يعقوب! مشروع كبير كهذا من شأنه أن يُفتّقَ الأكمامَ والمواهبَ والمَلَكات، وأنْ يُعلّمَنا بالتّجربة والخطأ؛ فتتراكمَ الخِبرات والدّروسُ والعِبَر. وحسبُنا ما تعلّمناه هنا في مجال الإدارة العلميّة، وثقافة الإتقان، وتعزيز روح الفريق. لنذكرْ أنّه في كتاب الموجز في ممارسة الجراحة، شارك في التّرجمة اثنان وأربعون من الأطبّاء الجرّاحين، بإشراف هيئة تحرير علميّ. تأمّلوا!

لا أُريد أنْ أُكرِّرَ ما ذكره الأُستاذ الدّكتور رئيسُ المجمع عن هذه التّجربة: كيف قُوِّمتْ، وكيف حُوصرتْ! فقد كفّى ووفّى(18). ويبقى الإنجازُ الأكبر تلك الأعلاقَ الثّمينةَ في المكتبة العلميّة العربيّة التي أنتجها مجمعُنا بإمكاناتٍ محدودة. وتبقى التّجربةُ بنقاطها المضيئة التي بيّنتُها شاهِدًا على فنّ الممكن في هذا السّياق.

وأكثر من ذلك، فإنّ مشروعًا كبيرًا كهذا كان لا بدّ له أنْ يُفرِّخَ مشروعًا كبيرًا آخر. وهكذا كان. فقد واجهَتْنا في أثناء عملنا قضيّةُ الرّموز العلميّة، خصوصًا في الرّياضّيات والفيزياء والكيمياء: هل نُبقي الحروفَ الّلاتينيّةَ واليونانيّة؟ أم هل نُعرِّب الرّموز؟ محاولةُ المجمع في التّصدّي لهذه القضيّة شكّلت الرّكيزةَ الثّانية في تجربته في التّعريب.

2- تعريب الرّموز العلميّة:

كان واضحًا منذ البداية أنّ الإبقاء على الحروف اللاتينيّة واليونانيّة لا ينسجم مَعَ فلسفة المجمع في التّعريب؛ إذ إنّ التّرجمةَ برموز أجنبيّة ليست تعريبًا. لكن ما العمل؟ "فالحاجة العلميّة تدعو إلى استعمال أربعة أشكال مختلِفة للحرف الواحد... وأحيانًا خمسةِ أشكال للدّلالة على مفاهيمَ متميّزة، مختلِفةٍ ومترابطةٍ في آن..." (19)؛ والحروف العربيّة قليلة العدد، محدّدة الأشكال. لذلك رأى المجمع أنْ تمضيَ التّرجمة (باستثناء كتب الرّياضيّات البحتة) مؤقّتًا بالرّموز الأجنبيّة؛ وشكّل لَجْنة سمّاها لجنةَ الرّموز لدراسةِ المشكلة بعمق واقتراحِ حلّ لها.

عملت اللَّجْنة بجِدّ وحماسة عزّ نظيرُهما على مدى ثلاث سنوات تقريبًا. ونُشرت حصيلةُ أعمالها عام 1985 (20). ولعلّ مشروعَ الرّموز العلميّة العربيّة الذي اقترحته من أكثر أعمال المجمع أصالةً. وقد انطلق بكلّ بساطة من المبدأ: أنّ في الأبجدّية العربيّة ما يُغني عن الحروف الأجنبيّة؛ على أنْ تُستعملَ حروف أبجديّتنا كلُّها مَعَ نقطها، وأنْ تُجرى تغييراتٌ على أشكال الحرف تُميّزها من غيْر أنْ تَطْمُسَ هُويّتها.

وقد نال هذا المشروع حظّهُ من التّحليل المعمّق في ندوة متألّقة عقدَها في رحاب مَجْمعِنا اتّحادُ المجامـع اللّغويّة العلميّة العربيّة قبـل أكثـر من عشريـن عامًا (27-29/5/1407هـ، الموافق 27-29/1/1987م) ( 21).

اتّخذت النّدوةُ هذا المشروع ومشروعًا آخرَ لمجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة، إضافة إلى الرّدود الواردة من هيئات علميّةٍ عربيّةٍ أُخرى، أساسًا لوضع مشروعٍ موحّد للرّموز العلميّة العربيّة. واعتمدَ المشروع مبدأ التّعريب الشّامل للرّموز العلميّة، وَفْقًا للأُسس الآتية:

1- استعمال الحروف العربيّة العاديّة لتمثيل الكمّيّات والوَحَدات الفيزيائيّة والكيميائيّة.

2- استعمال الحروف الأبجديّة العربيّة في الرّياضيّات (باستثناء الحرب اليونانيّ دلتا لرمزَيْ كرونكر وديراك).

3- مراعاة اختيار الشّكل العاديّ للحرف العربيّ الذي يتفق مَعَ أُصول الخطّ العربيّ ومع الآلات الطّباعيّة المتوافرة.

4- استعمال أشكال محوّرة للحروف العربيّة العاديّة عند الضّرورة، مَعَ مراعاة عدم المساس بجوْهرها.

5- اعتبار ما اقتُرح من أشكال للحروف في مشروع مَجْمعنا رصيدًا يمكن الرّجوع إليه عند الحاجة، كما يمكن الإضافة إليه.

6- استعمال الإشارات الدّوليّة، مَعَ قَلْب بعضها عند اللزوم لمسايرة الكتابة من اليمين إلى الشّمال.

7- كتابة العَلاقات والعمليّات والمعادلات كافّةً من اليمين إلى الشّمال.

8- جواز استعمال أيٍّ من سلسلتي الأرقام المتداولتيْن في المشرق والمغرب العربيّيْن باعتبارهما عربيّتيْن.

وأقرّت النّدوة نظامًا متكامِلاً للرّموز العلميّة العربيّة (22) يُعدّ إنجازًا بارزًا. قد يعترض بعضُ زملائنا قائلين: لكنّه نظامٌ لمْ يُوْضعْ موْضعَ الممارسة، وإنّما بقي رهينَ الأدراج! هذا صحيح؛ إلاّ أنّني على يقين من أنّه سيكون بانتظارنا إذا تبنّيْنا التّعريبَ الشّامل، كما سنفعل بإذنِهِ تعالى.


3- تعريب المصطلحات:

اهتمّ المجمع بهذا الموْضوع اهتمامًا لا نظيرَ له منذ نشأتِه. وسنّ سُنّةً حميدة حين طلب إلى المترجمين تذييلَ كلّ كتابٍ يُترجَم بمَسْردٍ للمصطلحات الواردةِ فيه. كما تلقّى المجمع عَبْر مسيرتِه قوائمَ كثيرةً من المصطلحات في مجالاتٍ علميّةٍ وتكنولوجيّةٍ وتِقنيّةٍ شتّى للاستئناس برأيه. فكانت منهجيّةُ المجمع في كلّ حالة أنْ يُشكّلَ لَجْنةَ خبراء مقرّرُها عضو من أعضائِه. فتُراجعُ اللَّجْنةُ المصطلحات، ثمّ ترفعها إلى لَجْنة المصطلحات في المجمع، التي تُحيلها بعْد دراستها إلى مجلس المجمع لإقرارها. وهكذا تجمّعت لدينا ذخيرة ضخمة من المصطلحات. وهي الآن مُحوْسبة، ويمكن معاينتُها بالدّخول إلى موقع المجمع على الشّبكة العنكبوتيّة (الإنترنت). كما نشر المجمع عَبْر السّنين عددًا كبيرًا من هذه المصطلحات في كُرّاسات شمِلت الأرصاد الجوّيّة والعلوم الزّراعيّة والعسكريّة والهندسيّة وغيْرَها.

لقد قضّى المجمع ويُقضّي ساعاتٍ لا عدّ لها ولا حَصْر في هذا العمل. كما أقدم على الحوْسبة في وقت مبكّر، بكُلّ ما يَعنيه ذلك من مرونةٍ فائقة في استعمال ذخيرته من المصطلحات وتحديثها وتحريرها وتعميمها. ولا شكَّ في أنّ عملَ المجمع في مجال تعريب المصطلحات يُمثّل إنجازًا رفيعًا لمْ تُغنَّ أُنشودتُه بعْد كما يجب. فهو جَهْد جماعيّ كبير حقًّا، تحلّى بطولِ نَفَسٍ نادرِ المثال، وتضمّن مهاراتٍ فائقة وخِبراتٍ متعدّدةَ الاختصاصات.

لكنْ لا بُدّ من الاعتراف بأنّه يظلّ إنجازًا مبتورًا لأسبابٍ ثلاثة:

1- إنّ "المَكْنز" بحاجة إلى تحرير. فمثلاً، نجد أحيانًا أكثرَ من مقابلٍ عربيّ للمصطلح الأجنبيّ الواحد حتّى في المجال الواحد.

2- لا توجد تعريفات.

3- إنّ زَخْمَ العمل في هذا المجال أخذ يتضاءل في السّنوات الأخيرة إلى حَدّ التّوقّف.

والمجمع واعٍ لهذه النّقائص. وأحسب أنّه سيُعالجُها في خُططه القادمة إنْ شاء اللّه.


-5 –

بعْدَ الإنجازات، أنتقلُ إلى الصّعوبات.

أُولى هذه الصّعوبات هي المعارضةُ الحادّة التي تعرّضْنا لها من عددٍ كبير من الزّملاء، كما ذكرْتُ في مطلع محاضرتي هذه. أتساءل: أمَرَدُّ تلك المعارضةِ القُصور، بالمعنى الفيزيائيّ للكلمة؛ أي خَشْيَةُ التّغيير، واستمراءُ ما اعتدْنا عليه من أُمور؟ أمْ هل هو العاملُ النّفسيّ الذي يجعلُنا – نحن الأساتذة – نَهابُ مواجهةَ طلبتِنا بلغتهم الأُمّ؛ إذْ قد نفقدُ عندئذٍ عامِلاً من عوامل تفوّقنا عليهم؟ أمْ هل هو الانهزامُ الجوّانيّ، لا سَمَحَ اللّه؟

ولا بُدّ أنْ أذكرَ هنا الهجومَ الشّرسَ على مبدأ التّرجمة بحُجّة أنّها مجرّدُ نقْلٍ خِلْوٍ من الإبداع! وكنْتُ أظنّه أمرًا بدهيًّا أنّ التّرجمةَ الرّاقية قمّةٌ في الإبداع؛ مَعَ الاعتراف بأنّ الإبداعَ في التّرجمة غيْرُه في التّأليف.

الصّعوبةُ الثّانية هي عاملُ الوقت. فأفضل الأساتذة غارقون حتّى آذانهم في البحث والتّدريس والإشراف على الطّلبة وغيْر ذلك. فهل يتّسع وقتهم للانخراط في مشروعٍ كبير في التّرجمة والتّعريب؟ كيف نوزّع الأدوار؟ وكيف نوفّقُ بين الأولويّات؟

ولعامل الوقت دِلالةٌ أُخرى متعلّقةٌ بالبطء في مراحل الإنتاجِ المتعاقبةِ للكتاب منذ لحظة اختياره للتّرجمة حتّى صدورِه. فلا يُعقلُ أنْ تستغرقَ هذه المراحل سنواتٍ أحيانًا، قد تصدرُ خلالها طبعةٌ أحدث باللّغة الأصليّة للكتاب! فكيف نجمع بين السّرعةِ والإتقان؟ وهل نأمُلُ أنْ نلحقَ يوْمًا باليابان، مثلاً، التي تنقلُ الكتبَ العلميّةَ من مختلِف اللّغات إلى اليابانيّة بمثل لمحة البصر نسبيًّا؟

وثمّة صعوبةٌ ثالثة هي ضيقُ ذاتِِ اليد. فالمشروعات الكبرى، كمشروع المجمع، بحاجةٍ إلى تمويلٍ سخيّ. وقد عانى المجمع – وما زال يُعاني – الأمرّيْن في هذه النّاحية. وواضح أنّنا بحاجةٍ إلى تفكيرٍ جديد لتذليل الصّعوبة الماليّة؛ كأنْ نُقدّمَ مشروعاتِنا على شكل مقترَحاتٍ حسبَ الأُصول إلى بعض الجهات التي نتوقّعُ منها خيْرًا. وهذا فنّ له مهاراتُهُ وأسرارُه!

صعوبةٌ رابعة هي نُدرة الكفاءات الحقّة. فلا توجدُ مشقّةٌ في العثور على الكفاءات المتوسّطة؛ لكنّ المشروعاتِ الكبيرة تُعْوِزُها الكفاءاتُ الكبيرة. ولعلّ الحلّ يكمنُ في تأسيس مراكزَ طَموحة تعمل بجِدّ وصرامة على تأهيل مَنْ لديْه الموهبةُ والقابليّة للنّهوض بالمهمّاتِ الجليلةِ المنشودة.

الصّعوبةُ الخامسة هي عدم المقدرة على استنفار "الرّأي العام" (هذا إنْ كان ذلك التّعبيرُ جائزًا في وطننا العربيّ!) والجامعات والإعلام وسائر المؤسّسات. فقد بقي المجمعُ ويبقى "جزيرةً معزولة" في هذا الخِضمّ المتلاطم من تيّاراتِ الاغترابِ والأمْركةِ والعوْلمة؛ إلى آخِر السّلسلة!

وأرى أنّ ما نحتاجُ إليه لمجابهةِ هذه التّيّارات وكبْحِ جِماحِها ليس قرارًا سياسيًّا بقَدْر ما هو مواقفُ أصيلةٌ ناصعة يتبنّاها قادتُنا في السّياسةِ والفكرِ والثّقافة بلا هوادة. هذا ما يجبُ أنْ نعملَ على تحقيقِه بفتوّةٍ وعُنفوان.


-6 –

التحديات

في ضَوْء كلّ ذلك، واضحٌ أنّ التّحدّياتِ الجِسامَ أمامَنا هي:

1- كيف نَستمرّ: ذلك أنّ العلمَ والتّكنولوجيا في نموّ ونماء لا ينقطعان؛ بل إنّهما في تسارعٍ مُتزايد. فلا بُدّ أنْ يكونَ التّعريب، إذًا، سيْرورةً أو عمليّةً مستمرّة. وإنْ كان لا بُدّ من "الينبغيّات" و"الّلابُدِّيّات"، فإنّني أرى أنْ نعودَ إلى المشروعات الكبيرة، لأنّ الجهودَ المُبعثَرة والمحاولاتِ المُشرذَمة لنْ تُولّدَ حركةً تتطوّرُ وتُثمر. كما علينا التفكير بالمنهجيّات في ابتداع المصطلحات؛ وإلاّ فكيف يُمكنُ أنْ نُجابهَ هذا الطُّوفانَ من المصطلحاتِ الجديدة الذي يغمُرُنا كلّ يوْم؟ أُشيرُ هنا، على سبيل المثال لا الحصر، إلى محاولةٍ ذكيّة للأُُستاذ الدّكتور مجيد محمّد علي القيسي في "مناهج المصطلح الكيميّائي العربيّ ومقاييسه"، نُشرتْ في مجلّة مجمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ قبل ثمانيةَ عشرَ عامًا(23). ولا ننسى دوْرَ الحاسوب والحاسوبيّين في هذا الصّدد.

لكن قبل المصطلحات، أودّ أنْ أُؤكّدَ أهمّيّةَ التّدريب على السّبْك بنثرٍ علميّ ناصع.

2- كيف نُتقن: بحيث لا نُضحّي حتّى بالنّقطةِ أو الفاصلة. فيكونُ الكتابُ العلميّ العربيّ قمّةً في الشّكلِ والمضمون، وقادرًا على منافسة نظيرِهِ الأجنبيّ.

3- كيف نُقنع: بالتي هي أحسن، القادةَ قبل الجماهير. فلدينا قضّيةٌ قوْميّةٌ نهضويّةٌ كبرى، كما أسلفت.

4- كيف نُموّل: فالمال متطلّبٌ أساسيّ، مَعَ أنّه ليس بكافٍ طبعًا.

5- كيف نُنسّق: فنعملُ جميعًا بنفَسٍ واحد ونكونُ فريقًا واحدًا؛ كلّ جهة دِعامةٌ للجهات الأُخرى. ولسنا بحاجةٍ إلى مراكزَ جديدة؛ يَكفي أنْ ندعمَ بكُلّ قوانا ما هو موجود. - 7 -

لقد انقضى نصفُ هذا العام، عامِ اللّغةِ العربيّة، ولمْ نتحرّكْ بعْد! ألا نستطيعُ في نصفه الثّاني وضْعَ استراتيجيّةٍٍ قابلةٍ للتّنفيذ في السّنوات القليلة القادمة؟ أليس بمقدورِنا تقديمُ مقترَحاتٍ طَموحةٍ للصّناديقِ والوَقفيّاتِ العربيّة التي أخذتْ تتوالدُ مؤخّرًا هنا وهناك؟ فنحن جميعًا توّاقون إلى فِعْلٍ مؤثّر يُعيدُ إلينا الرّوح بعوْنِ اللهِ وتوْفيقِه.


المراجـــع

(1) برنامَج الأُمم المتّحدة الإنمائيّ والصّندوق العربيّ للإنماء الاقتصـاديّ والاجتماعيّ: تقـرير التّنميـة الإنسانيّة العربيّة للعام 2003: نحـو إقامة مجتمع المعرفة، عمّان، 2003؛ ص 120-130.

(2) كارم السيّد غنيم: اللّغة العربيّة والصّحوة العلميّة الحديثة، مكتبة ابن سينا، القاهرة، 1990؛ ص 61 وما يليها.

(3) هـي المجلّةُ المشهورة الـتي أسّسها في بيْروت عام 1876م الدّكتور فارس نِمْر (1272-1371هـ/1856-1951م) والدّكتور يعقوب صَـرُّوف (1268-1346هـ/1852-1927م). وبقيتْ تصدرُ هناك حتّى انتقالِها إلى القاهرة عام 1885م. وقد صدرَ منها على مدى 75 عامًا 121 مجلّدًا قبل أنْ تتوقّف. ويُمكن الرّجوع إلى أيّ عددٍ منها للاطّلاع على نماذجَ من النّثر العلميّ الرّفيع. انظر أيضًا:

هيئـة الدّراسات العربيّة فـي الجامعـة الأميركيّة في بيْروت: فهرس المقتطف 1876-1952، الجامعة الأميركيّة في بيروت؛ 3 مجلّدات، 1967- 1968.

(4) مثـلاً: أحمد زكي: مَعَ اللّه في السّماء، دار الهلال، القاهرة، د.ت.

أحمد زكي: في سبيل موْسوعةٍ علميّة، دار الشّروق، بيْروت القاهرة، ط3، 1402هـ/1982م.

إضافة إلى مقالاته العِلميّة الغزيرة في مجلّة العربي، التي كان أوّلَ رئيس تحرير لها، منذ تأسيسها عام 1958م حتّى وفاتِه في أواخر عام 1975م.

(5) عبد الكريم خليفة: "الألوان في مُعجم العربيّة"، مجلّة مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ، العدد 33، 1987؛ ص 9-44.

(6) هُمام غَصِيب، جاسر أبو صفيّة، شيماء مريش: "الدّقّة العلميّة في مُسمّيات الألوان باللّغة العربيّة"، المؤتمر العلميّ الأوّل حول الكتابة العلميّة باللّغة العربيّة: واقع وتطلّعات، جامعة العرب الطّبّيّة، بنغازي – ليبيا، 10-13 آذار/مارس 1990؛ مَعْهد الإنماء العربيّ بيْروت، 1994.

(7) عثمان أمين: فلسفة اللّغة العربيّة، سلسلة "المكتبة الثّقافيّة" 144، الدّار المصريّة للتّأليف والتّرجمة، تشرين الثّاني/نوفمبر 1965.

(8) هُمام غَصِيب: "نَظَرات في فلسفة التّعريب"، المجلّة الثّقافية/الجامعة الأُردنيّة، العددان 10و11، 1407هـ/1986م؛ ص 6-7.

(9) عبد المجيد نصير: "التّعريب ضرورة تنمويّة"، الموسم الثّقافيّ التّاسع، مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ، 1411هـ/1991م؛ ص 9-23.

(10) هُمام غَصِيب: مساهمة في ندوة حول "تجربة مجمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ في تعريب التّعليم العلميّ الجامعيّ"، الموسم الثّقافيّ الأوّل، مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ، 1403هـ/1983م؛ ص 32-37.

(11) عبد الكريم خليفة: اللّغة العربيّة والتّعريب في العصر الحديث، مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ، ط2، 1408هـ/1988م.

(12) محمود السّمرة: "تجربة مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ في تعريب العلوم"، مجلّة مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ، العدد المزدوج 15-16، 1982؛ ص 96-101.

(13) أحمد سعيدان: "نحو نظام عربيّ للرّموز العلميّة"، مجلّة مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ، العدد 30، 1986؛ ص 39-47.

(14) مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ: التقرير السّنويّ التّاسع والعشرون لعام 2005م، عمّان، 1427هـ/ 2006م؛ الملحق رقم (2)، ص 65-67.

(15) مقرّر لَجْنة الرّموز، أحمد سعيدان: مشروع مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ للرّموز العلميّة العربيّة، مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ، 1405هـ/1985م.

(16) اتّحاد المجامع اللّغوية العلميّة العربيّة: الرّموز العلميّة وطريقة أدائها باللّغة العربيّة، ندوة عمّان، جُمادى الأُولى 1407هـ -كانون الثّاني/يناير 1987م، اتّحاد المجامع اللّغويّة العلميّة العربيّة، القاهرة، 1408هـ/1988م.

(17) مجيد محمّد علي القيسي: "مناهج المصطلح الكيميائي العربيّ ومقاييسه"، مجلّة مَجْمع اللّغة العربيّة الأُردنيّ، العدد 37، 1989؛ ص 121-175.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تعقيبات ومناقشات

· الدكتور فواز عبد الحق/ عميد البحث العلمي والدراسات العليا في جامعة اليرموك:

دعا الدكتور فواز أثناء تعليقه على ما جاء في هذه المحاضرة إلى إجراء دراسات على ما عُرّب من مصطلحات، وتقويمها، وتسويقها، فلا يكفي إنتاجها من دون متابعتها، وقد ذكر أنه أنجز 22 رسالة ماجستير موضوعها تقويم ما أنجزه مجمع اللغة العربية الأردني من مصطلحات، واعتُمِدَ في تقويمها على المستهلكين لهذه المصطلحات، وأُخذت الاتجاهات حيث يتم تقويم الجانب اللغوي من حيث الموسيقى والمقاطع وغيرها... والمجمع عبارة عن منجم ذهبي يستطيع المرء أن ينهل من معينه وقتما شاء... أما النقطة الثانية التي دعا إليها فيي تبني اقتراح توجيه أُطروحات الماجستير والدكتوراه إلى ترجمة فصلٍ أو فصلين من أُمهات الكتب بدلاً من ترجمة الأشعار والأمثال وغيرها ثم يكتب الطالب تجربته في الترجمة والمشاكل التي واجهته، فيتم التمكن من دراسة هذه المشاكل ومعالجتها في الترجمة، ويصبح هذا المشروع رديفاً لأمل مجمع اللغة العربية الأردني.

ثم تحدَّث عن أهمية دراسة الجامعات لجهود المجمع، ووضعها موضع التنفيذ، لتتمكن الجامعات من الحصول على تغذية راجعة رائدة عن جهود المجمع، وكيف أن اللغة العربية تميزت في سك وسبك المصطلح، وأصبحت موئلاً للغات الأُخرى، يُستفاد منها في قضية ما يُسمَّى "سك المصطلح".




· الأستاذ الدكتور مسارع الراوي/ مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم سابقاً:

أشاد الدكتور مسارع بإنجازات المجمع الكبيرة في ضوء الإمكانات المادية والبشرية المحدودة، وقد رأى:

1- ضرورة تعريف المصطلحات، فوضع تعريف دقيق لما يُعرّب من مصطلحات يفيد المؤلف والمترجم للغات الأجنبية إضافةً إلى مستهلكي المصطلحات العاديين.

2- القيام بحملة إعلامية لإنجازات مجمع اللغة العربية الأردني في أقطار الوطن العربي جميعها.

3- العمل على إحياء المصطلحات التي أنجزتها المجامع بإقرار مقابلاتٍ لها، وذلك برسم سياسةٍ لتطبيقها واستعمالها على أوسع نطاقٍ، وهذا أمر مهم جداً.

ثم تحدث عن أهمية القرار السياسي في تعريب العلوم، فما صدر في كثير من الدول العربية من قرارات لتعليم العلوم باللغات الأجنبية من المرحلة الابتدائية هو عملٌ خطير بلا شك، يجب التصدي له بكل قوة، فلم يبق نتيجة هذا القرار إلا اللغة العربية ومادة الدين تُدرّس بالعربية، وهذا القرار جاء بناءً على تقرير هيئة الأُمم المتحدة أن الدول العربية متخلفة لأسباب أربعة، أولها قلة الحاسوبات والتكنولوجيا في هذه الدول، وثانيها عدم وجود ديمقراطية، وثالثها عدم تساوي الرجال مع النساء، ورابعها المستوى العلمي أو مستوى العلوم الضعيف.

ثم ذكر أن قضية تعريب العلوم هي من أخطر التحديات التي تواجه اللغة العربية، فاللغة العربية عن طريق العولمة والغزو الثقافي والتلوث الأخلاقي تتعرض لتحديات عديدة، يتوجب التصدي لها، فتعهد الله تعالى بحفظ القرآن كفيل بحفظ اللغة إلاَّ أن هذا الأمر يحتاج إلى عملٍ وتحمل مسؤولية ودعمٍ مستمر للغة العربية.

· الدكتور علي هود باعباد/ الأمين العام السابق لاتحاد الجامعات العربية.

... استهل الدكتور علي تعقيبه بقوله إن أي حضارة من الحضارات تقوم على مرتكزين أساسيين هما الهوية واللغة، ثم ذكر أن الحضارة الإسلامية أخذت العلوم وترجمتها إلى اللغة العربية، ثم قُدمّت عن طريق الإطار الفكري العقدي للإسلام، كذلك الحضارة الغربية المعاصرة، حيث أخذت العلوم الإسلامية وتُرجمت عن طريق مؤسسات الاستشراق. هذا من ناحية تاريخية، لكننا نعاين في واقعنا أمراً مؤسفاً يدعونا للتحرك لتغييره، فالألمان والفرنسيون والصينيون... كلهم معتزون بلغتهم، وهي لغة التدريس من المرحلة الابتدائية إلى أن ينال الطالب الدكتوراه، أما في الدول العربية فنلاحظ توجهها ولا سيما بعد 11 سبتمبر 2001م، إلى التدريس باللغة الإنجليزية، وترجمة العلوم التي هي في اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، فهذه كارثة تواجهنا، ولا بد من انتباه العلماء والسياسيين لها، والتصدي للتوجه الخطير في المدارس الابتدائية والإعدادية التي أصبحت تهتم باللغة الإنجليزية بجعل أكثر من ثلاثة كتب لها، وتقليص حصص اللغة العربية، وهذا، بلا ريب، يؤدي إلى تدمير الحضارة التي نرجو تحقيقها وإقامتها في المستقبل ولن تقوم إلا بالهوية واللغة العربية.

ثم تساءل الدكتور علي كيف تترك جهود المجمع وتجاربه مهمشة غير مطبقة في الجامعات، وهي بهذا المستوى من الجودة، وما قدّمه المجمع يجب أن يتحوّل إلى مناهج تدرَّس لطلابنا، فالإنسان لا يمكن أن ينال المعرفة ويترجمها إلاَّ بلغته الأم، ولذلك لا بد من قرارات سياسية تعتز باللغة العربية، وتكون هي اللغة الأولى في تدريس العلوم سواءً أكانت نظرية أم تطبيقية ثم تبدأ مراكز الترجمة بالعمل.

· الدكتور زيد حمزة، طبيب

أكد الدكتور زيد أهمية القرار السياسي في تعريب العلوم، وضرورة السعي إليه، مشيراً إلى أن مجلس وزراء الصحة العرب انكب، على مدى ثلاث سنوات، منذ 1985 إلى 1988، على قضية التعريب، حيث شكَّل لجاناً مختصَّة تعاونت مع لجانٍ شكلها مجلس وزراء التعليم العالي، وتم التوصل إلى مشروع كاملٍ لتعريب التعليم الطبي في الوطن العربي، ينفّذ على مدى عشر سنوات، وهو مشروع مدروس سنة بعد سنة يحافظ في سياقه على اللغة الإنجليزية أو الفرنسية لتكون رديفاً للتعلم في الحاضر والمستقبل، وتنفيذه يبدأ من عام 1990 إلى 2000، وقد جرت الموافقة على هذا المشروع من مجلس وزراء الصحة العرب والتعليم العالي العربي ومجموعة من الأساتذة الممثلين للجامعات التي لا تنتمي لوزارات تعليم عربية، وصدر هذا المشروع من مجلسي وزراء الصحة العرب والتعليم العربي، وصدر هذا المشروع لكي يحمله الوزراء إلى حكوماتهم، وقد ذكر أنه حمله والدكتور ناصر الدين الأسد كونهما وزيرين في الحكومة الأردنية في ذاك التاريخ 9/12/1988، وقُدّم إلى مجلس الوزراء الأردني، وبقي في المجلس إلى وقتنا هذا، مبيناً أن إيمانه بضرورة تعريب العلوم يزداد يوماً بعد يوم رغم كثرة الإحباطات، وما يبذل المجمع من جهودٍ كبيرةٍ مشكورة يجب أن ينسَّق وينظَّم مع المجامع الأُخرى في ظل الجامعة العربية على الرغم من المآخذ عليها، ليكون تأثيره أشمل وأقوى.

· الدكتور حسن نافعة/ أمين عام منتدى الفكر العربي، متخصص في العلوم السياسية.

تحدث الدكتور حسن نافعة عن علاقة المجامع والفكر العربي عموماً بالمسألة السياسية، فهناك لغة عربية واحدة واثنان وعشرون شعباً يتحدث هذه اللغة، وفي كل بلد تختلف مكانة اللغة لدى شعوبها، والأنظمة السياسية الحالية معظمها لا تؤمن بأهمية الارتقاء في باللغة العربية، ولذا فمن الواجب أن يتم التركيز على دور المجامع نفسها، وكيف تستطيع أن تنسِّق فيما بينها، ومواصلة العمل، كلٌّ في مجال تخصصه من دون انتظار قرارٍ سياسي، حيث تستطيع المجامع أن تعقد اجتماعات مشتركة للنظر فيما أنجزته، وفي إمكانية توحيد المصطلحات وبخاصة العلمية. ثم ذكر أن هناك قراراتٍ سياسية مطلوبة لنشر أعمال المجمع في وسائل الإعلام والجامعات، فهل قام الأكاديميون بواجبهم في التنسيق فيما بينهم؟ وهل حاولوا الضغط على الحكومات لتتولى واجباتها وتساندهم؟ فالمطلوب هو السعي للتنسيق، ليس بين المجامع فقط، بل بين المجامع ومؤسسات الفكر العربي ومراكز البحث، ثم أبدى الدكتور حسن نافعة استعداد منتدى الفكر العربي للاهتمام بهذه القضيَّة، متمنياً أن تُعقد ندوة فكرية لدراسة إنجازات المجامع، وهل هناك وحدة في التفكير ووحدة في المصطلحات، وهل هناك مؤسسات تُعنى بترجمة أمهات الكتب العلمية، مبيناً أن هناك مؤسسة مقرها في بيروت ومهمتها ترجمة أمهات الكتب العلمية، وقد قامت بترجمة العديد من الكتب في المجالات الاجتماعية والإنسانية، وبعض المؤسسات لا تعرف ذلك، فهل تستطيع المجامع أن توحّد عمل هذه المؤسسات كي لا تضيع كثير من الجهود هباءً منثوراً.


· الدكتورة أُميمة الدهان:

تحدثت الدكتورة أُميمة عن تبعات 11 سبتمبر 2001م، على اللغة العربية، حيث تم الهجوم على الشخصية الوطنية المتمثلة في الدين واللغة والتاريخ، وذلك بالطلب من بعض الدول العربية القيام بإصلاحات مرتبطة باللغة العربية، حيث شُكّلت لجان من خبراء أجانب، وأدت إصلاحاتهم إلى انتقال بعض الجامعات العربية العريقة من التدريس باللغة العربية إلى التدريس بلغاتٍ أُخرى غيرها، وتتُزامن قلة الاحترام الرسمي وغير الرسمي للغة العربية بسبب ضعف التدريس باللغة العربية في الجامعات العربية مع ازدياد اهتمام أطرافٍ أُخرى دولية غير عربية بدراسة اللغة العربية، ففي جميع مراكز دراسات الشرق الأوسط يتم تدرس اللغة العربية بطرقٍ متقدمةٍ جداً تمكّن الطلبة من اللغة العربية في عامٍ واحدٍ فقط، فضلاًَ عن أن هناك العديد من الدول الأوروبية أقبلت على إنشاء مراكز لتدريس اللغة العربية في بعض الدول العربية، مثل المركز الدبلوماسي في تونس الذي يقوم بتدريس الدبلوماسيين اللغة العربية، وذلك لأن المنطقة العربية مصدر خيرات وأطماع يودون الحصول عليها، ولذا تم الإعلان عن الحاجة إلى شباب للعمل في السلك الدبلوماسي وغيره في الدول العربية على صلةٍ باللغة العربية، كما أن هناك ثماني دول أجنبية متقدمة قرَّرت عدم إرسال سفراء إلى المنطقة العربية إلا إذا كانت لديهم معرفة باللغة العربية، ولهذا نرى سفراء أجانب على القنوات الفضائية وهم يتحدثون الفصحى بطلاقة، ثم ذكرت أن هذه التبعات نشعر بها ونراها، لكن لم يتحدث أيُّ باحثٍ عربي عنها، فلم يُكتب بحثٌ إلى الآن في هذا الموضوع.

ثم بينت أن إدراكنا لأهمية الإنتاج المعرفي المتمثّل في توجه الإمارات للإنتاج المعرفي، وقرار السعودية إنشاء جامعة عالمية لإنتاج المعرفة، لهو فرصةٌ للتنسيق بين المجامع اللغوية، والعمل على أن تكون للغة العربية، سواء في مشروع الإنتاج المعرفي في الإمارات أو مشروع الجامعة العالمية في السعودية، مكانة بارزة سواء في مجال التعريب أو تدريس اللغة العربية بطريقة مبسّطةٍ للجيل الجديد أو غيرها.

· الدكتور حامد صادق قنيبي أستاذ لغة عربية في جامعة الإسراء الأهلية:

طالب الدكتور حامد بضرورة تحديث الكتب التي ترجمها المجمع ومتابعتها، لأنَّ مجال العمل بالكتاب العلمي المترجم مجالٌ محدود، يجب أن يتجدد ويُتابع متابعاتٍ عديدة، ليظل على المستوى المرغوب والمطلوب والشائق للدارس والمدرس.

· الدكتور محمد أحمد علي ثابت/ أستاذ مساعد في كلية الهندسة بجامعة عدن في اليمن:

ابتدأ الدكتور محمد تعقيبه بالقول إنه لا يوجد مجمع للغة العربية في اليمن، إلا أنه تم إنشاء الجمعية اليمنية لتعريب العلوم عام 2002م، وما لاحظه أثناء تواجده في دمشق والقاهرة والآن في عمان وحضوره للندوات التي تقيمها المجامع والجمعيات التي تُعنى بالتعريب وغيرها، هو ضعف التنسيق بين المجامع ومراكز التعريب والجمعيات، والتمسك بالانفرادية والانعزالية، فما معنى أن تقوم أربع دور نشر بترجمة الكتاب نفسه، ويباع هذا الكتاب بترجماته في المعرض الأخير في مصر، فهذه قضية مهمة جداً ينبغي تنبه الأشخاص العاملين، بخاصة، في المنظمات العربية الموحدة، إليها، والسعي الحثيث للتنسيق بين المجامع بوضع خطة موحدة لتنظيم تعريب العلوم، كأن يتم الاتفاق على ترجمة كل مجمع كتباً معينة، وبهذا ستحلُّ المشاكل المادية جميعها وغيرها من مشاكل، وسيكون العمل على مستوى الوطن العربي بشكلٍ منسَّقٍ.

· الخطَّاط سامح من سورية:

... علَّق الأستاذ سامح على قضية الرموز العربية وتعريبها، مشيراً إلى أن هناك أكثر من شكل للخط للحرف الواحد، عندنا سبعة خطوط عربية حالياً على قيد الحياة، وما يتجاوز عشرين خطاً غير مستعملة، ولذا دعا المجامع إلى الاستعانة بخطاطين متخصصين أصحاب علم ومعرفة من أجل تعريب الرموز الكيميائية والفيزيائية ورموز الرياضيات.

· الدكتورة سرى سبع العيش/ رئيسة جمعية تعريب العلوم في الأردن:

... رأت الدكتورة سرى أن أحد مسارب السقوط الذي يسير فيه عالمنا العربي الإسلامي هو التخلف اللغوي، متسائلةً لماذا توقَّف المجمع عن إصدار الترجمات الطبية؟ هل أوكل ذلك إلى المنظمة الإسلامية للعلوم التي تعكف على ترجمة معظم الكتب الطبية في هذا الوقت، وهي التي تضع معظم المصطلحات الطبية في معظم التخصصات الطبية المختلفة؟.

· علَّق الدكتور همام غصيب على ما جاء في بعض التعقيبات، مبدياً موافقته لها، حيث رأى أننا بحاجة إلى عمل تقويم لعملنا في المجمع ولكل ما نقوم به من أعمال، وأن تكون عملية التقويم مستمرة، وأن يعجَّل بها بحيث تتبع إنجاز العمل مباشرة. وما قام به المجمع الأُردني في موسمه هذا بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على تأسيسه من تقويم لأعماله هو خطوةٌ تم انتظارها منذ زمنٍ بعيد، ثم رحب بالتقويم الجامعي الذي تحدث عنه الدكتور فواز، مشيراً إلى أنه اطّلع على التقويم الجامعي الذي تم عن طريق رسائل الماجستير والدكتوراه، وهو عملٌ لا بد منه، وهو تغذية راجعة نحتاجها، على الرغم من أنها بحاجةٍ إلى الصقل والتهذيب في بعض الأُمور.

أمَّا بالنسبة لتسويق المصطلحات فقد ذكر الدكتور همام أن أهم وسيلة للتسويق هي في الممارسة، حيث يجب ممارسة اللغة في التعلم والتعليم فنتعلم بالتجربة والخطأ وتعليم أقراننا وتقويمهم، وبذا يسوّق المصطلح، مؤكداً أنَّ المصطلحات على الرغم من أهميتها أقل أهمية من طريقة تدريبنا وتعلمنا وتعليمنا للسبك، فأسلافنا كانوا يستخدمون مصطلحات مؤقتة قروناً حتى يستقر بهم الحال في بعض المصطلحات.

ثم تحدث عن اللغة والهوية، فالهوية أخطر شيءٍ يواجهنا، واللغة أساس المشروع النهضوي، فاللغة تنهض بنهضة الأُمة، وتكبو بكبوتها، وهذا موضوع كبير يحتاج إلى مجلدات وسنوات لاستيفائه.

... ثم تطرق إلى التنسيق بين المجامع، مشيراً إلى أن مجمع اللغة العربية الأُردني قلعة صمود والمجامع الأُخرى قلاع صمود، إلاَّ أن المشكلة في التنسيق، فهناك اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية الذي تأسس من أجل التنسيق بين المجامع، وهو يعقد ندوات، وله إنجازات، إلاَّ أننا نحتاج إلى تنسيق أكثر وبخاصة ونحن في عصر الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" وعصر الفضاء الإلكتروني وغيره، كما أننا بحاجةٍ إلى التنسيق حتى مع بعض الجمعيات مجهولة الهوية، أو المتناثرة هنا وهناك، فهذه قضية كبرى تستحق أن نقضي وقتاً طويلاً لأجلها.

ثم ذكر أن المجمع يقوم بهذه الجهود الكبيرة، ولم يدَّعِ أنه الرائد أو الوحيد في هذا المجال، وقد جاء على لسان رئيسه أن المجمع يقوم بواجبه ليمهد الطريق، ويحث غيره، وبخاصة الجامعات والأساتذة على الانخراط في هذه المشاريع، وما قام به من عناية بترجمة الكتب المنهجية لهو دعوةٌ لوضعها بين يدي الطلبة، والانتقال من التدريس باللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، وثمة مشروع قومي للترجمة في مصر أيضاً، ويشرف عليه الدكتور جابر عصفور، وهو مشروع أيضاً كبير، وهذه جهود تستحق الإشادة بها رغم قلتها، لأنَّ المطلوب هو الترجمة الجيدة وإن كانت قليلة، ثم أشار إلى أن الكتب المنهجية الموجودة في الأسواق ليست بالمستوى المطلوب، مقترحاً أن تكون هناك لجنة مختصة لتقويم ما هو مطروح بدقة، وبنظرة نقدية كي تغربلها، فالكتب الفضلى تُعاد طباعتها، والكتب ذات المستوى الأقل "الضعيف" يُشارُ إليها، ويجب أن لا تبقى متداولة بين أيدي طلابنا بصورة عامة.

أما فيما يتعلق بالقرار السياسي، فقد رأى الدكتور همام أن المشكلة ليست فقط بالقرار السياسي، فبعضنا قد يدعي أنَّ القرار السياسي موجود بطريقةٍ ما، إذ إن قوانين الجامعات، مثلاً، تشير إلى أن لغة التدريس في الأصل هي العربية، إضافة إلى الدساتير العربية، ولا يستطيع أحد أن يدّعي عكس ذلك، لكن ما نريده هو في المواقف السياسية الواضحة، فالأمريكان، مثلاً، يتأثرون كثيراً برؤسائهم الذين يحترمونهم، جون كندي حين يقول أقرأ ذلك الكتاب، يصبح هذا الكتاب على رأس قائمة المبيعات... كما أن تشرشل كان مسؤولاً عن ترويج كثير من الكلمات الإنجليزية، فأين القيادة الفكرية في الدول العربية؟! وأين القيادة الثقافية؟!

أما اقتراح سمو الأمير الحسن والدكتور حسن نافعة فيما يتعلق بشبك منتدى الفكر العربي مع مجمع اللغة العربية الأردني بسلسلةٍ من الندوات، فقد ذكر الدكتور همام أن الندوة المشتركة التي عقدها منتدى الفكر العربي مع مجمع اللغة العربية الأردني عن اللغة العربية في الإعلام... هي خطوةٌ للعمل المشترك، نرجو العودة إليه.

ثم عقب على مسألة الرموز العربية وعلاقة ذلك بالخط العربي والخطاطين، موضحاً أن الرموز أو تغيير بعض الرموز أو إيجادها باعتماد حروف اللغة العربية أساساً لها هي ليست حروفاً جديدة، بل هي رموز، ولجنة الرموز في المجمع اجتمعت على مدى ثلاث سنوات، وبذلت جهودها مستشيرةً الخبراء، ثم وجه الدكتور همام دعوته للخطاط سامح بأن ينظر في مشروع الرموز العربية الموحّد الذي أصدره اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، والجميع يرحب بأي ملاحظاتٍ يبديها.

ثم أشار إلى ما تكلمت به الدكتورة أميمة والآخرون من أن هناك عنايةً باللغة، ذاكراً أن فسحة الأمل كبيرة للنهضة باللغة، ولا قلق على اللغة نفسها من الانقراض، لأن اللغات التي تنقرض محصورة بعصر وعدد قليل من المتحدثين، وتكون على هامش التاريخ والجغرافيا، إن جاز التعبير، لكن القلق الحقيقي هو في عدم نهضتنا بها كما يجب، وعدم جعلها من أولوياتنا إذ إنها أساس مشروعنا النهضوي.


المصادر