تاريخ العربية السعودية - فاسيلييف - الفصل الثامن عشر
الفصل الثامن عشر: الوضع الداخلى في السبعينات ومطلع الثمانينات
بدا أن وضع الملك فيصل داخل البلد مكين ، وأن هيبته ارتفعت بعد الحرب العربية الاسرائيلية عام 1973, ومشاركة السعودية في مقاطعة الولايات المتحدة نفطيا. ولكن بالرغم من ذلك أخذت تتسرب إلى الصحافة خارج السعودية اشاعات حول صراع على السلطة داخل العائلة المالكة.
في 25 آذار (مارس) عام 1975 واثناء استقبال الملك للمهنئين بالعيد اطلق فيصل بن مساعد, ابن اخى الملك الذى عاد لتوه من الولاايت المتحدة حيث امضى عدة سنوات في المدارس والجامعات, اطلق النار من المسدس على عمه وارداه قتيلا. وكان الامير الشاب قد عقد قرانه على احدى بنات الملك الراحل سعود. وقتل رجال الشرطة اخاه, وهو من المتعصبين دينيا, اثناء مظاهرة احتجاج على افتتاح محطة التلفزيون في الستينات لذا ليس من المستبعد ان مساعد كان مختلا عقليا بيد ان هناك رأيا شائعا مفاده ان وراء القاتل يداً امريكية اوحت بالعملية انتقاما من فيصل لمشاركته في المقاطعة النفطية, ولكى يكون ذلك تحذيرا لسائر افرا العائلة المالكة. وعلى اية حال لم تعلن الدوافع الحقيقية للجريمة واعدم ابن عم مساعد.
بويع خالد ملكا واصبح ايضا رئيسا للوزراء. وكانت ام خالد من الجلويين الذين تولوا ابا عن جد امارة المنطقة الشرقية. وقام بصياغة السياسة الداخلية والخارجية ولى العهد فهد الذى صار النائب الاول لرئيس الوزراء واحتفظ مؤقتا بمنصب وزير الداخلية. واصبح قائد الحرس الوطنى الامير عبد الله الشخصية الثالثة في المملكة, بينما اسندت وزارة الدفاع والطيران إلى سلطان الاخ الشقيق لفهد. لم يكن بين الاحداث الداخلية خلال السنوات الاربع التى اعقبت اغتيال فيصل, ما يثير قدرا كبيرا من اهتمام العالم الخارجى. بيد ان قوى داخل المجتمع السعودى اخذت تنضج وهى التى كانت وراء انفجارات الاستياء الشعبى خريف عام 1979 التى شكلت خطرا على النظام.
كان تأسيس الحزب الشيوعى في السعودية عام 1975 خطوة هامة على صعيد تطور حركة التحرر الوطنى في البلد. وقد طرح الحزب مهمة توحيد وتزعم الطبقة العاملة وافقر الفلاحين من البدو والحضر والفئات الديمقراطية من المثقفين والطلبة. كما ان برنامج الحزب يعبر عن مصالح الحرفيين وذلك الجزء من البرجوازية الوطنية الذي يعادى النظام الملكى والرأسمال الاجنبى. ومع نهوض الحركة المناوئة للشاه والمعادية للامبريالية في ايران, والتى ارتدت صبغة دينية, ظهرت في السعودية ايضا كتل وتنظيمات تعادى النظام من مواقع "الاسلام الخالص" وهى التى تزعمت الحركات الشعبية خريف عام 1979. منذ آب (اغسطس) 1979 نما إلى علم السلطات السعودية ان خلايا سرية تشكلت في الجيش النظامى وان اسلحة تهرب إلى البلد, وان مظاهر الاستياء تلاحظ في اواسط الامراء الشبان. ولقطع دابر تهريب الاسلحة إلى البلد حظرت السلطات السعودية مرور قوافل الشاحنات المحملة بالبضاعة والقادمة من لبنان وسورية, عبر اراضى المملكة.
فى ايلول (سبتمبر) شددت اجراءات المن. واجرت الاجهزة الامنية حملة اعتقالات شملت, في الاساس, ضباط الطيران والدبابات والمشاة. وزعم ان عشرة امراء شباب من العائلة السعودية الذين اشتبه بان لهم نزعات راديكالية, قد تم استدعاؤهم من قبل الملك والامراء المقربين اليه بغية استجوابهم. جرت حملة الاعتقالات الثانية بعد توزيع عدد كبير من المنشورات في البلد في شهر ايلول (سبتمبر). ودعا بعض المنشورات للعودة إلى التمسك باهداب الدين الاسلامى, بينما دعا البعض الآخر الشعب إلى الاطاحة ب"الحكام المستبدين العملاء".
وطالبت منشورات اخرى بطرد جميع الجانب من المملكة. ولم تفلح السلطات في تحديد هوية كاتبى المنشورات او موزعيها, بيد ان واقع ظهورها بحد ذاته جعل الجو يتكهرب اكثر من السابق. وفي الاسبوع الاخير من ايلول (سبتمبر) اعلن انذار اولى في الحرس الوطنى والجيش النظامى. بدأت الاضطرابات المناوئة للحكومة في اواسط تشرين الثانى (نوفمبر) في الحجاز. فقد داهمت فصائل مسلحة صغيرة من المنتفضين بضع قرى واحتلت مواقع على طرق ثانوية بالقرب من المدينة المنورة. وبدأ التململ في افخاذ من قبائل قحطان وعتيبة ويمانى التى كانت الاسرة المالكة قد استولت على جزء من اراضيها.
وسيطر المنتفضون على جزء كبير من الاراضى الممتدة بين مكة والمدينة. وثمة معلومات تفيد بان جنود من الجيش النظامى والحرس الوطنى انخرطوا في صفوف المنتفضين يوم الاثنين الموافق 19 تشرين الثانى (نوفمبر). وقدر العدد الاجمالى للمنتفضين ب3.5 الف شخص. قسم زعماء الحركة قواتهم إلى طابورين اتجه احدهما إلى مكة والثانى إلى المدينة. غير ان قوات موالية للنظام كانت ترابط في المدينة وضواحيها, صدت هجوم المنتفضين يوم 20 تشرين الثانى. وتفيد بعض المعلومات ان عدد القتلى في المدينة ربا على 250 شخصا.
أما فى مكة فقد اخذت السلطات على حين غرة. وفى 20 تشرين الثانى (نوفمبر) عام 1979 م, الذى يوافق اليوم الاول من القرن الخامس عشر الهجرى, استولى المنتفضون على المسجد الحرام. واعلنت منظمة "حركة الثوار المسلمين في شبه الجزيرة العربية" التى لم تكن معروفة آنذاك انها تتولى قيلدة الانتفاضة. واعلن الزعيم الروحى للثورة وهو محمد القحطانى الذى قال عن نفسه انه "المهدى" المنتظر, ان هدف الحركة يتمثل في" تطهير الاسلام" و "تحرير البلد من زمرة الكفار: العائلة المالكة ورجال الدين المرتزقة" الذين "لا هم لهم سوى التمسك بمناصبهم وامتيازاتهم".
اما الزعيم السياسى للحركة فهو جهيمان العتيبة البالغ من العمر 47 عاما. وقد سجلت خطبه التى اذاعتها مكبرات الصوت المثبتة على سطح المسجد, على شرائط كاسيت ووزعت بين السكان. وقد صب جهيمان اللعنات على "الحضارة الغربية" التى تقوض كيان المجتمع السعودى وقيمه, وندد ب"نفاق" الحكومة التى تدعى, من جهة, انها مركز الدين الحنيف في العالم, وكنها من الجهة الاخرى تناصر "الظلم والفساد والرشوة". وندد جهيمان بالامراء الذين "يستولون على الاراضى" و "يبذلون اموال الدولة" وب"السكيرين" الذين يحيون "حياة الفسوق والفجور في البيوت والقصور الفخمة". ودعا للعودة, بزعامة المهدى, إلى النظام السائد في صدر الاسلام الذى قال عنه انه كان "العصر الذهبى", عصر العدل والمساواة.
يبدو ان الحكومة لم تدرك كل خطورة الوضع الا عند الظهر, ولم تتخذ يوم الثلاثاء اية اجراءات مضادة تذكر. ولم يكن بوسع العائلة المالة القبول بشروط المنتفضين للتفاوض, اذ انها تضمنت مطالب باجراء تعديلات راديكالية في الوزارة, ومنها: اقصاء كبار الامراء عن مناصبهم واعادة النظر جذريا في سياسة استخراج وتسويق النفط _في البداية طالب المنتفضون بوقف بيع النفط الى الغرب عموما) والعودة الى احكام الاسلام "الخالص" وطرد جميع المستشارين العسكريين الاجانب من البلد.
عاد ولى العهد فهد من تونس واصر على قمع الانتفاضة بالقوة. وقد استخدمت قوات الحكومة القنابل المسيلة للدموع والمدافع والطائرات لارغام المنفضين على الانسحاب من المسجد الحرام, ورد المنتفضون باطلاق النار من السطوح والمنائر. واستمرت المقاومة الضارية التى ابداها زهاء الف شخص اسبوعين وادت, كما تقول السلطات, الى مصرع عشرات الاشخاص, بينما يقول شهود العيان ان القتلى كانوا يعدون بالمئات. وكان بين القتلى "المهدى" ذاته, اما الزعيم السياسى للحركة جهيمان العتيبة فقد اعدم مع 62 من رفاقه في 9 كانون الثانى (يناير) 1980. وكان بين من اعدموا, علاوة على السعوديين, مصريون ويمنيون وكويتيون وعرب آخرون.
اثناء التحضير لمداهمة المسجد الحرام, اخذت تترى من شرق البلاد انباء تنطوى على خطر اكبر على النظام. فقد بدأ التململ بين اوساط الشيعة المتأثرين بالدعائية الايرانية في المنطقة الشرقية. وبعد مداهمة المسجد الحرام في مكة رابط 12 الفا من جنود الحرس الوطنى حول حقول النفط. كان الشيعة الذين يقطنون اهم منطقة استراتيجية في البلد (عددهم 300-350 الف نسمة) اكثر وعيا سياسيا من السنة المنتفضين في مكة, فالشيعة الذين اصبحوا بروليتاريين قبل بضعة عقود, هم الذين اسسوا نقابات سرية وتزعموا المظاهرات والاضرابات السياسية (وخاصة المناهضة للامريكان). ونعرض الشيعة الى اضطهاد مزدوج بسبب انتمائهم الى تيار اسلامى يعتبره حكام الرياض السنة زندقة.
استثارات انتفاضة مكة همم الشيعة فقرروا, خلافا لاوامر الحظر الحكومية, الاحتفال بيوم عاشوراء في 27 تشرين الثانى (نوفمبر). وعندها تدفقت جموع تحمل صور الخمينى على القطيف وسائر مدن المنطقة الشرقية, واخذت تهاجم الثكنات العسكرية. استمرت الاضطرابات ثلاثة ايام واحرق المتظاهرون المصانع والبنوك وهتفوا بشعارات معادية للملك. ووزعت منشورات تهيب بالشعب إلى اسقاط "نظام الاستبداد" واعلان الجمهورية. ورد الحرس الوطنى بعنف, ويقول شهود العيان ان عشرات من المتظاهرين قتلوا او جرحوا.
بعد فترة من الارتباك الناجم عن تحركات الشيعة وانتفاضة مكة, شرعت الحكومة باتخاذ اجراءات تهدئة وتنكيل في آن واحد. فقد اقصى عدد من كبار الضباط وبينهم قواد الاصناف الثلاثة للقوات المسلحة وستة من كبار ضباط الامن بسب تماهلهم او عدم اهليتهم, كما نحى حاكم مكة. وسارع خالد وفهد وسواهما من كبار الامراء إلى زيارة المتنفذين من شيوخ القبائل وتفقد القواعد العسكرية. وطرد من البلد آلاف من العمال الاجانب "المشتبه بهم". وفي 17 كانون الاول (ديسمبر) اختطف زعيم المعارضة اليسارية ناصر السعيد الذى خرج سرا من بيروت, ولم يعد له اثر منذ ذلك الحين.
استدعى الطلبة الدارسون من الخارج رغم ان السنة الدراسية كانت في منتصفها. وبغية تهدئة علماء الدين "المغالين في التعصب" اغلقت معاهد التجميل وصالونات حلاقة النساء والنوادى النسائية. وسرحت مذيعات التلفزيون رغم احتشامهن في الملبس. وصدرت تعليمات جديدة تحظر على الفتيات مواصلة الدراسة في الخارج. نزولا على مطالب "الاصلاحيين" والتكنوقراطيين ومسؤولى المؤسسات وممثلى "الفئات الوسطى" الراغبين بالمشاركة في السلطة, اعلن ولى العهد عن الشروع في وضع "قانون اساسى" ينص على تعيين مجلس شورى. ولم ينفذ هذا الوعد.
إلى امد غير بعيد كان الزعماء الامريكان الذين ارعبهم شبح الثورة الايرانية, يخشون ان "انفتاح" النظام السعودى, اى تكييف المؤسات السياسية المهترئة للتحولات الاجتماعية الاقتصادية, يمكن ان يتم بعد فوات الاوان. وهذا ما اعلن عنه لمجلة "نيوزويك" الاسبوعية وصحيفة "واشنطن ستار" في كانون الثانى (يناير) 1980 احد موظفى وكالة المخابرات المركزية. كما ان زلة لسان ادت بهذا المظف إلى ايراد عبارة قالها جيمس كارتر رئيس الولايات المتحدة آنذاك ومفادها انه "لا يمكن ضمان استمرار وجود النظام السعودى الا على امتداد السنتين القادمتين فقط". وقد ادى تسرب هذه وغيرها من المعلومات السرية إلى طرد معتمد وكالة المخابرات المركزية الامريكية من السعودية.
جرى توسيع وتعزيز اجهزة الامن السعودى, ولعب دوراً كبيراً في هذا المجال المستشارون الذين اوفدتهم إلى الرياض وكالة المخابرات المركزية الامريكية ومخابرات جمهورية المانيا الاتحادية وفرنس. واغدقت الخيرات المادية على نتسبى الجيش النظامى والحرس الوطنى. فقد ازددات رواتبهم مرتين خلال بضعة اشهر. وتغاضت السلطات عن النشاط "التجارى" الذى مارسه الكثير من الضباط. وزعت القوات النظامية على امتداد الحدود وابعدت وحدات البابات عن المدن., وكانت الذخائر توزع بكميات ضئيلة للغاية. فى 10 كانون الثانى (يناير) 1980 نظم الشيعة فيمدن وقرى المنطقة الشرقية مظاهرة سلمية ذات طابع مناوئ للحكومة. وفي 17 من الشهر ذاته جرت مظاهرة اخرة في القطيف. وفي 2 شباط (فبراير) 1980 تجددت في القطيف الاضطرابات وخرجت مظاهرات تحمل شعارات خمينية, وقد جرح واعتقل مئات من المتظاهرين.
وفي كانون الثانى (يناير) 1980 جرت في السعودية تدريبات مصرية امريكية جوية مشتركة, كانت جزءا من مناورات اوسع في المنطقة. حلت في البلد فترة هدوء بعد الاحداث العاصفة في اواخر عام 1979 ومطلع عام 1980. ولم يعد الصراع السياسى بالحدة السابقة, وسعت الدعاية السعودية والامريكية إلى تكوين انطباع يوحى باستقرار النظام. في 12 حزيران (يونيو) 1982 توفى الملك خالد اثر نوبة قلبية, وقد انتقلت السلطة إلى ولى العهد فهد دون مشاكل, واصبح اخوه غير الشقيق عبد الله وليا للعهد. ولم يتوقع احد ان تحصل تغيرات جذرية في السعودية مع تولى الملك الجديد السلطة, وبالفعل لم تحصل اية تغيرات جذرية من هذا القبيل.
بدأ التطور السريع في القوات المسلحة السعودية منذ الستينات. وعند بداية الثمانينات بلغ الانفاق عليهاو والذى كان يتم بتحفيز من واشنطن, ارقاما تعتبر خيالية, حتى اذا اسقطنا الرشوة من الحساب. وفى عام 1977 سبقت السعودية ايران وصارت اول مشتر للسلاح الامريكى في العالم, ووضعت لعام 1981 ميزانية عسكرية تربو على 20 مليار دولار. ويعنى هذا 4-5 آلاف دولار سنويا لكل رجل وامرأة وطفل وشيخ, اى ما يزيد عشرة اضعاف عما في بلدان حلف الناتو المتطورة عسكريا. غير ان قسما كبيرا من هذه الاموال كان ينفق لبناء الهياكل الارتكازية والثكنات العسكرية (الامر الذي يؤدى حتما إى تسرب مليارات كثيرة إلى جيوب الحكام) ولشق الطرق وتأسيس المعاهد الدراسية.
عام 1979 ربا تعداد القوات المسلحة السعودية على مائة الف شخص, منهم 58 الفا في القوات البرية و15 الفا في الطيران وثلاثة آلاف في البحرية وثلاثة آلاف في قوات الحدود و40 الفا في الحرس الطنى. وكان لدى الجيش زهاء 700 دبابة من مختلف الانواع, وفى سلاح الطيران 200 طائرة حربية (من ضمنها طائرات "ف5" الامريكية و"لايتنينغ" البريطانية و"ميراج" الفرنسية) و80 طائرة عمودية, وفي البحرية30 سفينة حربية (بينها سفينتا انزال و4 كاسحات الغام وعدد من زوارق خفرالسواحل وزوارق الطوربيد). وتوجد القواعد الجوية الرئيسية في جدة والظهران وخميس مشيط وتبوك والطائف, وهناك قواعد بحرية في جدة على البحر الاحمر وفي الجبيل على الخليج. يطبق منذ عام 1975 برنامج السنوات العشر لتحديث جميع اصناف الجيش السعودى والحرس الوطنى. وتتولى الولايات المتحدة تصدير 90% من الاسلحة التى تستوردها السعودية, وتساهم في تطوير البنيان العسكرى وتدريب منتسبى القوات المسلحة. وعند حلول عام 1980 كانت السعودية قد طلبت من الولايات المتحدة اسلحة وتجهيزات ب22 مليار دولار. وتضم البعثة العسكرية الامريكية في السعودية آلافا عديدة تقول بعض المصادر انها تصل إلى 20 الفا, يشكل العاملون في حقل البناء العسكرى نصفهم. ساهمت بريطانيا في انشاء شبكة الفاع الجوى السعودية. وفي سنوات 1975-1977 انفقت الرياض سبعة مليارات من الدولارات لشراء اسلحة من بريطانيا وتسديد كلفة المساهمة البريطانية في تطوير سلاح الطيران السعودى. ويتولى الفان من الخبراء البريطانيين تدريب الطيارين والفنيين من سلاح الطيران السعودى, وصيانة الطائرات الحربية البريطانية الصنع.
اشترت السعودية في الفترة 1974-1978 اسلحة من فرنسا قيمتها 7.4 مليار فرنك. وانشأت شركات فرنسية في السعودية قاعدة جوية ودرسة للدبابات, ويتولى خبراء فرنسيون تدريب السعوديين على طائرات "ميراج" ودبابات "ا.م.اكس30". وطبقا لاتفاقية عقدت عام 1979 يجرى في السعودية تشكيل خمسة من الوية الدبابات باشراف خبراء فرنسيين. كما يعمل ف يالسعودية خبراء عسكريون من مصر والودان والاردن وباكستان استدعتهم حكومة الرياض. في نيسان (ابريل) 1978 كتبت مجلة "نيوزويك" الامريكية تقول:"تظل السعودية جولة عسكرية من الطراز الثانى رغم كل ما تمتلكه من معدات حربية. فان جيشها النظامى اقل تعدادا من الجيش الاردنى. وليست لدى السعوديين تقاليد عسكرية بالمعنى العصرى للكلمة. والجنود الذين كانوا إلى امد غير بعيد يقودون قوافل الجمال عبر الرمال, يطلب منهم اليوم ادارة شبكات الصواريخ المزودة بالاجهزة الالكترونية وقيادة الطائرات المقاتلة النفاثة التى تفوق سرعتها الصوت. ولكى لا "تراوح" الماكنة العسكرية يترتب على السعوديين الاعتماد على المستشارين والخبراء الفنيين الامريكان, وسيظل هذا الوضع قائما سنوات طويلة اخرى. وينطبق هذا التقييم على مطلع الثمانينات ايضا.
ان القوات المسلحة السعودية العدد نسبيا عاجزة عن "هضم" ما تشتريه من اسلحة واستخدام الهياكل الارتكازية العسكرية المنشأة. وان قسما كبيرا من المعدات العسكرية يخزن في اراضى المملكة ولا يستخدم. كتبت صحيفة "واشنطن بوست" تقول ان الولايات المتحدة اخذت تقيم, على حساب السعودية عمليا "قواعد احتياطية في اراضى العربية السعودية, مجهزة كاملا في انتظتر استخدامها من "اواكس" وغيرها من المعدات الحربية التى اشرتها السعودية من الولايات المتحدة سوف تظل امدا طويلا تحت السيطرة الامريكية. ومن المقرر ان تصبح هذه "الرادارات" ااهم عنصر في شبكة الدفاع الجوى بالمنطقة التى يعتزم ان تشمل, اضافة للسعودية, كلا من الكويت والامارات العربية المتحدة وعمان والبحرين وقطر. وقد هيئت منشآت عسكرية "تضم شبكة سيطرة الكترونية معقدة" يتمثل هدفها الحقيقى في ان تصبح "المركز العصبى" ل"قوات الانتشار السريع" الامريكية. وتخزن الولايات المتحدة في القواعد التى يجرى انشاؤها في السعودية احتياطيا من المعدات العسكرية والذخائر والوقود والمؤن, ويكفى لمدة ثلاثة اشهر. ومن المعتزم اقامة شبكة "س-3" للسيطرة والتوجيه والاتصال وهى شبكة "حديثة للغاية" ستربط في منظومة واحدة ما في حوزة السعودية من مقاتلات "ف15" و "الردارات الطائرة" من طراز "اواكس" والصواريخ المضادة للطائرات ومحطات الرادار وكذلك الاسلحة والمعدات المماثلة الموجودة في البلدان النفطية الاخرى بالجزيرة العربية. ومن المقرر ان تربط شبكة "س-3" عبر الاقمار الصناعية العسكرية بالقواعد الامريكية في المحيط الهندى وبالبنتاجون مباشرة.