تاريخ العربية السعودية - فاسيلييف - الخلاصة

من معرفة المصادر

الخلاصة

شهدت فترة ما بعد الحرب تطورا في استخراج النفط وزيادة صادراته وتكريره في المملكة العربية السعودية, مما احدث تأثيرا عميقا متعدد الجوانب, وان كان متناقضا, في اقتصاد البلد والمجتمع والسياسة, وادى الى تحولات اجتماعية اقتصادية هامة.

لقد نقلت مؤسسة عصرية هائلة عالية التطور من حيث التكنولوجيا وتنظيم العمل, من اكثر دول العالم الرأسمالى تطورا الى بلد تسوده العلاقات الاقطاعية القبلية لاقتصاده سمات القرون الوسطى او حتى ما قبلها. وحينما عكفت الشكات الامريكية على انشاء هذه المؤسسات استنادا الى اغنى مصادر النفط في العالم, فانها وضعت نصب عينها مهمة استخراج الخامات الثمينة من جوف اراضى البلد والحصول على اقصى الارباح.

بيد ان وجود هذه المؤسسة بحد ذاته احدث في البلد تغيرات لا نكوص عنها. فقد تكونت في السعودية نواة بروليتاريا صناعية عصرية اثبتت, بما قدمته م مطالب اقتصادية وسياسية, ان بواكير الوعى الطبقى اخذت تظهر لديها. وقد ظل القطاع الرأسمالى المعاصر لفترة من وقت جسما غريبا في الكيان الاجتماعى الاقتصادى السابق للرأسمالية في البلد. ولكن بدأ بالتدريج وبوتائر متسارعة تطور التجارة وفروع الاقتصاد الثانوية والمواصلات وبعض المؤسسات الرأسمالية الوطنية, حول هذا القطاع وبتأثيره.

لقد ازداد حجم عوائد الدولة المباشرة في السعودية بفعل متنامى استخراج النفط وارتفاع اسعاره ارتفاعا كبيرا منذ بداية السبعينات. وحتى في الظروف التى كان ابانها جزء كبير من هذه الاموال ينفق لاغرض "الاستهلاك", فانها حفزت تطور العلاقات السلعية النقدية وهدم الانماط القديمة وظهور النمط الرأسمالى. وتسارعت هذه العملية اكثر من ذى قبل عندما اخذ رصيد التراكم الوطنى ينمو بسرعة, واضطرت الدولة الاقطاعية الى الاضطلاع بمهمة انشاء قطاع الدولة الرأسمالى.

عند حلول السبعينات كان البلد قد حقق بعض النجاحات في تطوير الاقتصاد وتغييره وانشاء من الاساس عمليا نظاما للتعليم المدنى يضم شبكة واسعة من المؤسسات الدراسية على اختلاف مراحلها,بما فيها الجامعات, وارسى اسس التطبيب الحديث. ولكن هذه النتائج لايمكن ان توصف حتى بانها متواضعة, اذا اخذنا بعين الاعتبار حجم الموارد المالية التى تدفقت على الطبقة الحاكمة ف يالبلد. واقتصرت هذه الطبقة على "استهلاك" مبالغ طائلة وانفاقها في وجوه لا انتاجية على القوات المسلحة واجهزة القمع والجهاز البيروقراطى. اما المشاريع الاجتماعية الاقتصادية الحكومية فلم يكن الحافز اليها الطموح الى التقدم, بل ان وراءها دوافع دعائية وسياسية, ومحاولة اقناع سكان البلد بان عوائد النفط ليست من نصيب العائلة الحاكمة وحاشيتها فقط, بل انها تنفق لخير الشعب كله (كذا!)

ان النظام الاجتماعى السياسى البالى كان عقبة وحائلا في طريق الاحتياجات الموضوعية لتنمية المجتمع السعودى, ابتداء من بناء الاقتصاد الوطنى المتعدد الفروع المستند الى التكنولوجيا الحديثة وانتهاء بتحضر البدو, ومن مساوة المرأة الى اعداد الكوادر الوطنية واستخدامها بشكل منج. ومع ان هذا التعارض كان عميقا وموجعا بحد ذاته, الا ان ما زاد في الطين بلة ان النظام البالى كان فتيا من الناحية التاريخية. فالدولة الاقطاعية المركزية التى لم يكتمل تكونها الا في العشرينات والثلاثينات لم تكن متماشية مع مستوى مجتمع الجزيرة في ذلك الحين فحسب, بل انها ايضا كانت بالنسبة له خطوة الى الامام بالمقارنة مع التشتت القبلى الاقطاعى والاحتراب الداخلى والنزعات الانفصالية. غير ان المجتمع السعودى واشكال التنظيم السياسى الجديدة عليه كانت متخلفة عن العصر لقرون طويلة. وقد اقتمحت الرأسمالية "الحرم" الاقطاعى القبلى بالجزيرة بما لديها من مؤسسات عصرية ووسائل اتصالات وعلاقات نقدية سلعية وتكنولوجية عسكرية وتنظيم. وادى ذلك كله الى ظهور طبقات وفئات اجتماعية جديدة وتسرب افكار جديدة.

وبالرغم من سلفية الطبقة الحاكمة في السعودية فانها كانت لبعض الوقت مستقرة وقادرة على الاحتفاظ بالسلطة وحاولت التكيف مع الظروف المستجدة. ومن خصائصها انها نشأت في رحم مجتمع الجزيرة ولم تكن مفروضة من الخارج. وعند حلول السبعينات تمثلت هذه الطبقة بآل سعود الذين كانوا بمثابة "العشيرة المهيمنة" وبالصفوة الاقطاعية القبلية والدينية المرتبطة بآل سعود بروابط اجتماعية سياسية وعلاقات قربى, كما تمثلت ايضا بالبرجوازية التجارية المضاربة. ويتأتى الاستقرار النسبى لسلطة آل سعود من انهم كانوا ينكلون بالحركة العمالية والمعارضة الديمقراطية الثورية من جهة, بينما تقوم "عشيرنهم" من جهة اخرى بتلبية مصصالح الحلقات الاخرى من الطبقة الحاكمة والبيروقراطية ومنتسبى القوات المسلحة, مما يكفل ولاءهم. وفي الستينات والسبعينات وازن آل سعود بحذر بين الاوساط السلفية المهيمنة في الطبقة الحاكمة وبين الاعداد المتزايدة من انصار الاصلاحات والتحديث النسبى.

امتازت الطبقة الحاكمة في السعودية بسمة خاصة وهى ان الجزء الاكبر من عوائدها لم يكن مستمدا من الملكية الخاصة لوسائل الانتاج, سواء اكانت الارض او المواشى او المصانع, وليس من الممتلكات الاقطاعية, ولا عن طريق استغلال جماهير الكادحين من رعايا البلد. بل ان الثروات تدفقت عليها بفضل موقعها كزمرة اقطاعية قبلية حاكمة من النمط الشرقاوسطى تستند الى ماكنة الدولة التى تشكل هي ذاتها الجزء الاعلى منها, والى جهاز القمع المتمثل بالجيش والشرطة والقضاء, والى بقايا التنظيم الحربى القبلى. ويتمثل المصدر الرئيسى لدخل هذه الزمرة في ريع الارض الفريد (المنطبق مع الريع – الضريبة) المتكون بفضل وجود كميات هائلة من النفط في البلد. ولئن كان من المؤكد ممارسة الاستغلال حيال العمال القليلى العدد نسبيا (بضع عشرات الآلاف في شركات النفط وشركات المقاولات), فان نسبة الناتج الفائض من عملهم كانت ضئيلة جدا بالمقارنة مع القيمة الاجمالية للخامات المستخرجة. وقد استثمرت الطبقة الحاكمة بشكل غير مباشر عمل الامريكان والاوربيين الغربيين واليابيين المظف في معدات النفط والتكنولوجيا. ولكن هذا العمل المجسد ماديا بدوره لم يشكل سوى جزء ضئيل من قيمة الفنط المستخرج, والذى هو ملك لشعب البلد ولكن الطبقة الحاكمة اغتصبته واستأثرت به.

وبمعنى ما يمكن القول بان الريع النفطى حل محل الواردات السابقة للفئة الاقطاعية القبلية والتى لم تكن تحصلها مباشرة من البدو او الحضر التابعين لها, بل عن طريق الاستغلال الخارجى. وبدأت الفئة الاقطاعية القبلية "تتبرجز", اى تساهم في المضاربة بالاراضى وتجارة الاستيراد والمقاولات الحكومية. بيد ان كل هذه النشاطات كانت ثانوية ومعتمدة على المداخيل النفطية, وغالبا ما كان هذا النوع من "الاعمالف" مجرد نشاط متطفل على الريع النفطى.

اكتسبت الطبقة الحاكمة ف يالسعودية, كما هى الحال بالنسبة لسائر الممالك النفطية في الجزيرة العربية, خاصية متميزة. فقد ظلت في الغالب طبقة اقطاعية (رغم انها "متبرجزة") داخل البلد, ولكنها صارت في الخارج جزءا من الاوليغارشيا المالية العالمية. فان الثروات الطائلة المستثمرة او الموظفة في الاوراق المالية او بنوك الولايات المتحدة الامريكية واوربا الغربي, قد جعلت من وجهاء السعودية مجموعة مالية متنفذة في العالم الرأسمالى’ رغم ان غياب الكوادر والجهاز المصرفى والخبرة ادى الى جعل تأثيرها الفعلى ووزنها اقل بكثير من حجم حساباتها المصرفية وما بحوزتها من اوراق المال. وان الفرق بين الاموال "الخاصة" لآل سعود وخزينة الدولة لم يكن ابدا في هذه المملكة من الاهمية بحيث يدفع الى طرح تساؤل حول عائدية الاموال المستثمرة في الخارج. وعبر قنوات الهيئات المالية والشركات المتعددة الجنسيات, تشارك هذه الطبقة الحاكمة في الاستغلال المباشر للكادحين في البلدان الرأسمالية المتطورة والنامية على حد سواء, وان كانت مشاركتها ثانوية وغالبا على شكل مساهمة في الحصص.

من الطابع المزدوج للطبقة الحاكمة في السعودية – اقطاع "متبرجز" داخل البلد وبرجوازية مالية فريد على النطاق الدولى – ينبع تناقض سياستها الخارجية, الوهمى احيانا والفعلى احيانا اخرى. فقد تعين على النظام الملكى, بوصفه حليفا وزبونا للامبريالية الامريكية وجزءا من الرأسمال المالى الدولى الذى تجمعه به مصالح مشتركة, ان يدعم النشاطات ياسية الخارجية الامريكية. ولكن ملك السعودية (المعبر عن مصالح اللاسرة الحاكمة والطامح الى استقرار النظام داخليا) بوصفه سادن الحرمين وامام "الموحدين", اضطر الى الوقوف ضد العدوان الاسرائيلى والصهيونية واعلان المقاطعة النفطية الموجهة ضد الولايات المتحدة, ومساندة قضية الشعب الفلسطينى الادلة والمطالبة بتحرير شرقى القدس من "المشكين" حيث الجامع الاقصى, والتنديد باتفاقيات كامب ديفيد وافاقية "السلام" المصرية الاسرائيلية.

جرى توزيع ريع النفط في السعودية بشكل مركزى, سواء عن طريق الاقتسام المباشر لجزء من العوائد وتوزيعها على افراد الطبقة الحاكمة, اة عن طريق الاختلاس الذى صار شبه علنى رسميا. ويتدفق سيل الاموال الاساسى من الاعلى الى الاسفل: من الملك الى حاشيته والنخبة الاقطاعية القبلية والدينية والتجار. وهذا ايضا استمرار للمارسة المعهودة سابقا في الدولة الاقطاعية بالجزيرة.

من خلال التجارة والمضاربة بالاراضى والمقاولات وبناء المساكن والصناعات الصغيرة نشأت في البلد برجوازية. وعند حلول السبعينات كان مقام البيوتات التجارية الكبرى في المجتمع السعودى مكافئا لمقام شيوخ البدو المتنفذين رغم ان ثروة التجار المستمدة من التجارة والمضاربة اكبر بكثير. وكانت البرجوازية السعودية الكبيرة منه بحصة الاسد اثناء اعادة التوزيع, ومستغلة تخلف المجتمع السعودى. وهذا هو سبب تمسكها بالنزعة السلفية في الشؤون الاجتماعية والسياسية. وعلاوة على ذلك فانها التحمت بوشائح وثقى مع النظام عموما وبشكل مباشر مع آل سعود. وكان النظام القائم ملائما لها (البرجوازية الكبيرة) نظرا لانه ساعد على اغتنائها السريع وضمان الاستقرار الاجتماعى اللازم لها عن طريق التنكيل او شراء الضمائر. وتولت الدولة تمويل الشركات السعودية, بطريق مباشر او غير مباشر, وذلك بتزويدها بالقروض والسلف والعقود المربحة, وباعفائها من ضريبة الدخل وضريبة الشركات ومن رسوم استيراد المعدات والمكائن والمواد. جرى اتحاد البيوتات التجارية مع الطبقة الاقطاعية القبلية الحاكمة باتجاهين. فقد اخذ عدد متزايد من ممثلى النخبة الاقطاعية القبلية – ابتداء من افراد آل سعود وانتهاء بشيوخ العشائر الصغيرة – يمارس التجارة والمضاربة باعتبارهما عملا مغريا وذا مردود كبير. ولكن آ’ل سعود بدورهم اضطروا الى منح التجار مناصب تعود عليهم بالجاه والمال. فقد اسندت الى ممثلى عائلتى على رضا والقصيبى التجاريتين الكبيرتين مناصب مسؤولة فى الوزرات والسفارات والمصالح الكبيرة. ولم يجر تصاهر بين اسر التجار التى ليس لها نسب عريق, وبين النخبة الاقطاعية القبلية التى تفاخر ب"كرم المحتد" وبالاجداد. ولكن ذلك لم يحل دون قيام تعاون عملى واجتماعى وسياسى بين الجهتين.

بيد ان النزعة المحافظة للفئات العليا من البرجوازية التجارية لم تكن نابعة عن اسباب داخلية. فان تعاملها التقليدى مع الرأسمال الاجنبى حولها الى ممثل مباشر له في المقاولات, واضفى ذلك عليها طابعا كومبرادوريا سافرا. وينسحب هذا التقييم على البرجوازية الجديدة التى نشأت حول ارامكو في المنطقة الشرقية, وعلى فئة التجار التقليدية في الحجاز. لذا لا يمكن اعتماد مصطلح "الوطنية" على البرجوازية السعودية الكبيرة الا بعد حصره بين هلالين او بتحفظات كبيرة.

ليست لدينا معطيات حول التناقضات الملموسة بين الصفوة الحاكمة والبرجوازية التى رسخت اقدامها. ولكن يمكن الافتراض بان البرجوازية التجارية المضاربة قد ساءها ان الحصة الاكبر من الكعكة النفطية من نصيب آل سعود وليس من نصيبها. وبما ان البرجوازية هى, من حيث العموم, اكثر تنورا وتعليما من "العشيرة الحاكمة" فانها ادركت بوضوح اكبر خطر تعمق الفئات "العليا" و"الدنيا" وتلبسها الخوف من ان السلفية الصارخة للنظام قد تهدم صرح الملكية والبيوتات التجارية القديمة والجديدة على حد سواء. لذا فانها, ورغم تمسكها بالفنزعة المحافظة, دعت الى اصلاحات. كما لا تتوافر معلومات حول امزجة الفئات الوسطى من البرجوازية الوطنية التى يمكن ان يدرج في عدادها تجار الجملة والمفرق المتوسطون وفئة الفلاحين الاثرياء التى ترسخت مواقعها وشرعت تمارس اعمالها على غرار المزارعين الامريكان, واصحاب الورشات والمؤسسات غير الكبيرة في مجال الصناعة الخفيفة والخدمات وتصليح السيارات والادوات المنزلية. وبوسعنا الافتراض بان هذه الفئات, رغم حصولها على عوائد متنامية من النهوض الاقتصادى, قد ساءها الغياب التام للحقوق السياسية. فخلافا للبيوتات التجارية الكبرى لم يكن لهذه الفئات صوت عند اتخاذ القرارات حتى على "المستوى الفنى". وهذه الفئات التى لها نصيب اقل من التعليم والمتمسكة عادة بالتقاليد والواقعة تحت تأثير المطاوعة وعلما ءالدين, كان يمكن ان تشكل معارضة محافظة للنظام, تثير استياءها التصرفات الخارجة عن المألوف واسراف الصفوة الحاكمة, وكذلك ما تقوم به من اصلاحات محدودة تعتبرها هذه الفئات من قبيل البدع. كان جزء من عوائد النفط يصل, بشكل مباشر او غير مباشر الى فئات المدن والمجموعات الوسطية مثل موظفى الجهاز البيروقراطى ومنتسبى الجيش والشرطة والخبراء الفنيين والمدرسين. وحصل شطر من قبائل البدو "الكريمة المحتد" الموالية للاسرة الحاكمة على منافع كبيرة عبر المخصصات الحكومية. وهكذا اتسعت القاعدة الاجتماعية للنظام: اذ ان جزءا من هذه المجموعات السكانية صار من الفئات الدنيا للطبقة الحاكمة, يحصل لقاء ولائه على مكآفئات مجزية.

ولكن من بين الفئات المدنية "الوسيطة" او "الوسطى" بالذات ظهرت مجموعات قادرة على التنظيم السياسى. ومن وسطها نشأ ممثلو المعارضة الديمقراطية الثورية للنظام, من الضباط الشباب والصحفيين والمدرسين والموظفين وصغار التجار. وصار هؤلاء, الى جانب العمال السعوديين, نواة لعدد من المنظمات السياسية السرية. ورغم ان طروحاتهم الفكرية كانت مستمدة من الخارج, الا انهم يمثلون موضوعيا مصالح البرجوازية الوطنية وجماهير السكان الواسعة على حد سواء.

ان اثراء "الصفوة" وازدهار الفئات "الوسطية" لم ينسحبا على غالبية السكان الا بنسبة ضئيلة. فان الذين لا يمتلكون ارضا على الاطلاق او اصحاب الاراضى الصغيرة, وكذلك اشباه الرحل المعدمين او الفقرءا وصغار الحرفيين, ظلوا جميعا يتحملون عبء التغييرات الرأسمالية في المجتمع. ونسبة ارتفاع مستوى معيشتهم اقل بكثير مما تتيحه عوائد الدولة الهائلة. وقد ادى استيراد المواد الغذائية والمنتجات الصناعية الى افلاسهم, علما بان الانتقال الى مزاولة اشغال جديدة والانخراط في صفوف البروليتاريا قد رافقهما هدم موجع للنمط القديم, لطراز الحياة, ولم يصحبهما باستمرار ودفعة واحدة تحسن في مستوى المعيشى. وبالنسبة لغالبية سكان السعودية كانت اشكالا الاستغلال السابقة للرأسمالية تقترن بالاشكال الرأسمالية. في الخمسينات والستينات اشتغل في اجهزة الدولة وفي مجال الاعمال والمهن الحرة عشرات الآلاف من اجانب: مدراء ومهندسون وفنيون ومدرسون واطباء وصحفيون واقتصاديون. وقد اضطلعوا بالدور الاجتماعى الاقتصادى الذى كان ينبغى ان تقوم به "الفئات الوسطى" في خارج المجتمع. وتفاقم هذا الوضع في اواخر الستينات وفي السبعينات بعد ان ادى تنامى المداخيل وتطور الاقتصاد الى تدفق مئات الآلف من الوافدين المؤهلين وغير المؤهلين الذين اصبحوا يشكلون غالبية بالجرة سواء بين "الفئات المتوسطة" او بين العمال. ول تحصل الغاالبية الساحقة من الوافدين على الجنسية السعودية بل ان هؤلاء استورثوا, ضمن ظروف اجتماعية اقتصادية وتاريخية جديدة, الدور الذى كان يفرد تقليديا للصناع والمعتوقين في مجتمع الجزيرة. فقد كان بوسع الصانع او المعتوق ان يصبح من اصحاب الثروة والجاه ولكنه لا يصبح ابدا ندا للارستقراطية الحاكمة ولا يتمتع بالحقوق السياسية. وخلق ذلك توترا اجتماعيا ذا طابع جديد, رغم ان الوافدين ظلوا سلبين ازاء السياسة لحاجتهم الى الكسب وبسبب خضوعهم لرقابة صارمة من الشرطة واجهزة الامن.

يصعب ايجاد سلم معايير لتحديد درجة تطور العلاقات الرأسمالية في المجتمع السعودى ابان "العصر النفطى". واذا اعتمدنا معيارا نسبة عوائد مؤسسات النمط الراسمالى, بما في ذلك استخراج النفط, في الناتج الوطنى الاجمالى, لبدا ان المجتمع السعودى كان يمكن تسميته "رأسماليا" منذ اواسط الاربعينات, ومن الواضح ان هذا امر غير جائز. اما اذا تحدثنا عن عدد او نسبة المرتبطين بالانماط السابقة للرأسمالية فانهم كانوا حتى بداية السبعينات يشكلون اكثر من نصف السكان الاصليين في البلد. كما ان شكل توزيع عوائد النفط بين الطبقة الحاكمة كان هو الآخر سابقا للرأسمالية الى حد كبير. ويبدو ان مكن الارجح اعتبار السعودية في الستينات والسعينات مجتمعا "اقطاعيا – رأسماليا". ومن الطبيعى ان تكون الحدود بين الفئات الاجتماعية متعرجة وهلامية احيانا في مجتمع مثل هذا تداخلت فيه الرأسمالية مع علاقات اقطاعية قبلية يزيد من تعقيدها ان بنيتها تكاد تكون شبه فئوية.

ومنذ الثلاثينات بدأ الوهن يدب في البنية القبليمة بفعل قيام دولة مركزية وحظر الحروب والغزوات بين القبائل وانتهاء وجود القبائل او مجموعات القبائل كوحدات سياسية مستقلة. وتسارعت عملية الاستعاضة عن التضامن القبلى بروابط اجتماعية اخرى مع تحضر البدو ونمو المدن, واشتراك افراد مختلف القبائل في النشاط الصناعى التجارى وهجرة السكان من منطقة الى اخرى.

بيد ان العربية السعودية, شأن الكثير من البلدان الاخرى التى تسودها تقاليد القرابة والعشيرة القوية, برهنت على ان صلات القربى والدم تبقى في الظروف الاجتماعية الاقتصادية الجديدة, وتدوم فترة اطول بكثير من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية وغيرها من الظروف التى نشأت عنها. وظلت رابطة الدم والانتماء الى الفخذ والعشيرة تحدد موقع الفرد في المجتمع ونجاحه (او اخفاقه) في الارتقاء سواء في مجالات العمل التقليدية او الجديدة. وكانت مصالح وتضامن المجموعة المترابطة بوشائح القربى تأتى في المجتمع فيالقام الول مقارنة بمصالح الفرد وكل من هو خارج هذه المجموعة. واستمرت علاقات المحسوبية والمنسوبية لافراد العائلة او الفخذ او العشيرة هي السائدة في المجال الاقتصادى وفي جهاز الدولة البيروقراطى والقوات المسلحة. واعتبر الحفاظ على شرف العائلة وسمعتها مسؤولية كل فرد, وواجب الثأر لزاما على الاقارب مهما نأت علاقات القربى. وظلت سمعة الشيةخ ووجهاء القبائل عالية.

اننا نتحاشى, عن قصد, استخدام اصطلاح "النزعة القبلية" بالنسبة للعربية السعودية لان الباحثين تعارفوا على اعتماده عند الحديث عن مجتمعات البلدان الافريقة الواقعة جنوبى الصحراء, بينما نقتصر نحن على استخدام تعبير "روابط الدم والقربى والعشيرة". ورغم ان الاسلام اقر مبدئيا بان البشر سواسية, الا انه ظل طوال قرون متعايشا مع البنية القبلية شبه الفئوية لمجتمع الجزيرة. وبعد انهيار حركة الاخوان اندمجت العلاقات القبلية وروابط الدم والقرابة ببنية الدولة المركزية التى تعود من حيث الجوهر الى الفترة الاقطاعية المبكرة. ومن البديهى انه كان من المتعذر ادثار العلاقات المذكورة خلال ثلاثة او اربعة عقود من "عصر النفط". فما برحت الروابط العائلية – العشائرية تعتبر اهم من الكفاءة والمثابرة وغيرها من الخصال العملية, كما ان الثقة الشخصية والاعجاب يعدان اهم من الدقة في الحسابات الاقتصادية. ويصعب الجمع بين ذلك كله وبين تطور العلاقات الرأسمالية, او اى تحديث على العموم.

وقد ظلت علاقات الدم والقربى ستارا يغطى الاستغلال الطبقى والفوارق الطبقية في مجتمع الجزيرة. وكان التعاضد العشائرى وعلاقات الراعى والرعية والهيبة الابوية لشيخ القبيلة او البطن, اقوى في احيان كثيرة من الصلات الاجتماعية الجديدة والانتماء الطبقى. لكن طابع الصلات العائلية تغير تدريجيا رغم احتفاظها بقوتها في المجتمع السعودى. واخذت اتحادات القبائل تضمحل شيئا فشيئا فسحة المجال لمجموعات عائلية اضيق نطاقا. وتجلت هذه التغيرات باوضح صورها في الشريحة ذات التحصيل المدنى, بين اوساط الموظفين والتجار والمثقفين والعمال المهرة. واخذ السعوديون المتعلمون يبتعدون اكثر فاكثر عن تعدد الزوجات, ولا يعزى ذلك الى ارتفاع تكاليف الزواج فحسب, بل يعزى ايضا الى ان الزيجة الواحدة تتماشى اكثر مع نمط الحياة ووظائفها الانسان المعاصر. وتميل هذه العوائل الى منح فرص التعليم ليس للبنات فقط بل وللزوجات ايضا. ويعكس وجود مثل هذه العوائل ارتقاء نمط الحياة والتفكير, النابع من الاشكال الجديدة في التعليم والتجربة ومن صراع الاجيال. غير ان التعليم المدنى (الدنيوى) والمداخيل العايلة لا تؤدى بالضرورة الى انحلال الروابط العائلية. فان الشاب, رغم ابتعاده عن الاسرة, يستمر في اداء فروض الاحترام والعرفان لوالديه مقيما معهما علاقات شخصية قوية. ويؤثر الاقارب ان يسكنوا فى اماكن متجاورة حتى في المدن العصرية. ولم تخلع المرأة العباءة في المحلات العامة, وهى لا تقبل بان يراها رجل من خارج نطاق الاسرة الضيق,

نذكر بان كلمة "العرب" ذاتها تعنى في الجزيرة البدو في المقام الاول. ولم تكن تشمل الفلاحين الذين توارثوا المهنة والعبيد والمعتوقين و"القبائل الوضيعة" والصناع. اما الآن فقد صار للكلمة معنى اوسع وهذا من ثمار القرن العشرين.

ان الوعى الوطنى, ونقصد وعى الانتماء الى امة "عربية سعودية" كان ضعيفا, الامر الذى اكده باحثون غربيون ايضا. وان ظهور وسائل الاتصال والاعلام الجديدة وتنامى الترابط لاقتصادى بين مختلف المقاطعات والصلات مع الاجانب والسفر الى الخارج (مما ادى الى تبيان الفرق في الحضارة ونمط الحياة بين العربية السعودية والبلدان الاخرى), تلك العوامل جميعا ادت الى استحثاث تكون الامة, والى نشؤ مشاعر الانتماء الوطنى. ولكن ليس ثمة شك في ان التكون الفعى "للامة العربية السعودية" حتى في اطار "الامة العربية", ومازال بعيدا جدا عن المستوى الذى بلغته هذه العملية في مصر او سورية مثلا. وبالرغم من وحدة اللغة والثقافة والتاريخ والارض والوحدة الاقتصادية التى هى في طور التكون, فان الروابط العائلية – القبلية والدينية ظلت, حتى بداية السبعينات على اقل تقدير, اقوى من الصلات "الوطنية العامة".

يمكن الموافقة على ما ذهب اليه م. وينير في مقاله "العربية السعودية. استمرارية الصفوة التقليدية", حين ذكر "الروابط العشائرية ووزن القبائل في التنظيم السياسى العربية السعودية ما برحت هائلة للغاية, لذا يصعب الحديث عن القومية بمعناها المتعارف عليه". وكانت فكرة الدولة الوطنية القائمة على ارض واحدة – الوطن – بحد ذاتها جديدة على مجتمع الجزيرة. فان فكرة "الوطن الذى يحرص الانسان على تأكيد ولائه له بالدرجة الاولى, تناقض روح الاسلام الذى يركز على وحدة الموحدين ويجعل منهم نقيض للمشركين. وقد اقتصر الوعى الوطنى والمشاعر القومية على شريحة صغيرة من السكان المرتبطين بالقطاع العصرى في الاقتصاد, وبالبيروقراطية المدنية والعسكرية. اما الذين سموا انفسهم "قوميين" فانهم كانوا اقرب الى دعاة الاصلاح والتحديث, منهم الى الطامحين الى بناء مجتمع اكثر عصرية. غير ان مشاعرهم كانت مبهمة الى حد بحيث ان الجناح اليسارى من "القوميين" رفض حتى تسمية "السعودية" عند الحديث عن الشعب والامة, بسبب الموقف من آل سعود.

الى جانب صلات الدم والقربى, ظل الاسلام قوة تقليدية مهيمنة في المجتمع السعودى, وانتظم البنية الاجتماعية السياسية التى تكونت بناء على احكامه وسننه الاجتماعية. وقد مارس الاسلام في المجتمع السعودى تأثيرا مكثفا ومتواصلا, يفوق تأثيره في اى من بلدان العالم الاسلامى, نظرا لان هذا البلد كان مهد الاسلام وظل بمنأى عن التأثيرات الايديولوجية والحضارية المنافسة له. ولم تتعرض السعودية قط لتأثير ثقافة اجنبية مضاه لتأثير الثقافة الفرنسية في المغرب العربى ولبنان, والثقافة الفرنسية والانجليزية في مصر, بل وحتى تأثير الثقافة الانجليزية في امارات الخليج واليمن الجنوبى. ولكن في اواخر الستينات ومطلع السبعينات بدأ تغلغل التأثير الامريكى بفعل تدفق بعض القيم الاستهلاكية من الطراز الامريكى وتلقى بضعة آلاف من السعوديين تحصيلهم في الولايات المتحدة. بيد ان ذلك التـأثير كان محدودا ولم يمس سوى جزء من الشرائح الموسرة والمتنعلمة.

ثمة مسألة مازالت معلقة في العلم العالمى: هل كان الاسلام بحد ذاته في القرون الوسطى عقبة امام نشوء وارتقاء العلاقات الرأسمالية ام لا؟ ولكن في العربية السعودية كان الاسلام بصيغته الوهابية (الحنبلية) مرتبطا بالمؤسسات الاجتماعية التقليدية (كنظام توزيع مداخيل خزانة الدولة الذى عفا عليه الزمن) وبنظام السلطة البالى ممثلا بآل سعود والمجموعات المرتبطة به, وبنظام القوانين (الاحكام الشريعة) الذى لم يعد مناسبا للعصر وبالتعليم التقليدى الذى يركز على تدريس العلوم الدينية, وبتفكير القرون الوسطى والايمان بالمقدر والمكتوب. لذا فان الدعاة التحديث في العربية السعودية, ابتداء من "الامراء الاحرار" وانتهاء بالمعارضة الديمقراطية الثورية, طالبوا جميعا بتحديث الاسلام بما يتماشى ومتطلبات الربع الاخير من القرن العشرين, واجراء تغييرات اجتماعية اقتصادية سريعة في المجتمع السعودى.

ان المذهب الوهابى في الاسلام والروابط القبلية العشائرية هى من العوامل القائمة فعلا والطويلة الامد في المجتمع السعودى. وحتى في ظل النمو السريع للعلاقات الرأسمالية, فان هذه العوامل سوف تمارس تأثيرها في تطور البنية الاجتماعية السياسية وطابع النزاعات الثورية المحتملة.

جرت التغيرات في المجتمع السعودى بوتائر اسرع مما في سائر بلدان الشرق الاوسط, مما مراعاة نقطة انطلاق كل منها بالطبع. وقد اختل التوازن الاجتماعى القديم وزال الى الابد. وواجه البلد تناقضات داخلية حادة لم يعرفها من قبل. وهذه التناقضات نابعة من تغير البنية الطبقية والتوطد التدريجى لمواقع البرجوازية ونمو الطبقة العاملة والوهن الذى دب في روابط الدم والقربى والعشيرة, وتصادم مصالح مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية, والتضاد بين المفاهيم التقليدية والافكار الاجتماعية السياسية الجديدة. ولكن يصعب علينا تقييم درجة التوتر الاجتماعى في البلد. فان الصحافة السعودية لم تعكس ابدا المشاكل الاجتماعية, كما ان الاحزاب السياسية والنقابات والنوادى والتجمعات محظورة, والتجأت المعارضة الديمقراطية الثورية, مضطرة, الى العمل السرى او الهجرة, لذا فان الوقائع والشواهد غير مباشرة وليست شمولية.

حتى السبعينات لم ينشا في العربية السعودية وضع اجتماعى متفجر. فقد احتفظت الطبقة الحاكمة ورأس الهرم الاجتماعى الممثل بآل سعود بالسلطة, وبينت انها لا تعتزم التخلى عنها. وقامت بالنزر اليسير من الاصلاحات هذه الطبقة بالذات, وليس ممثلو "الفئات الوسطى" او الجيش او البيروقراطية او البرجوازية الذين تسلموا زمام الحكم في غالبية البلدان العربية الاخرى. وازاء ضغط الشريحة المتعلمة في الجهاز البيروقراطى والقوات المسلحة واوساط رجال الاعمال شرع آل سعود بتحديث حذر للمجتمع. ففى الستينات والسبعينات اقر قانون عمل جديد وخطط اقتصادية وبدأ البث التلفزيونى واعتمد التعليم المدنى, بما في ذلك مدارس البنات. واجريت بعض التعديلات في مجال الاحوال الشخصية. وكان من المتعذر اعتماد اى من هذه "البدع" قبل عقدين او ثلاثة, ولكن الطبقة الحاكمة حاولت جعل "التحديث" درعا يقيها من الهزات الاجتماعية التى تهدد وجودها بالخطر. وبعد ان ادركت الاسرة السعودية ان المعارف العصرية امر لا غنى عنه, طففت تغدق المال لتوفير التعليم الارقى لابنائها, والى جانب ذلك شرعت تضم الى قمة الجهاز البيروقراطى عددا من ابناء الفئات الاجتماعية الاخرى, وخاصة البرجوازية التجارية, من المتعلمين, على ان يكونوا موالين لها.

بغية احكام السيطرة على الطبقات والفئات المضطهدة, عمدت الطبقة الحاكمة الى تعزيز جهاز القمع والقوات المسلحة. وانفق على الجيش والحرس الوطنى والشرطة جزء لا يستهان به من الميزانية, وجرى استيراد الاسلحة الحديثة والمعدات الفنية. وازداد تعداد هذه الاصناف الثلاثة بضع مرات خلال الستينات والسبعينات. ولم يتردد آل سعود ف ياستخدام اجهزة الامن والقوات المسلحة لقمع المعارضة الديمقراطية الثورية, وسائر اشكال المعارضة, واغراقها في بحر من الدماء.

ان عوائد النفط المتنامية باطراد والتى بلغت ارقاما خيالية, مكنت النظام السعودى حتى الان من "دفع جزية" لاسكات المطالبين باجراء تغييرات جذرية. اذ ان جهاز الدولة المتضخم وغير الفعال الذى يغدو الانتساب اليه مصدرا للجاه والمال قد عمل على ابتلاع ذوى النشاط السياسى ومن يحتمل ان يبدى استياء من الوضع. واغتنت من النهوض الاقتصادى شرائح واسعة. والى حين ضمن النظام انفسه قاعدة اجتماعية واسعة ومتينة بدرجة كافية, تتكون من الفئات "الوسطى" في المدن والبيروقراطية وقبائل البدو "الكريمة المحتد" الحاصلة على مخصصات ملكية, وكذلك من اوساط التجار ذوى النزعة المحافظة والبرجوازية الصناعية الناشئة. بيد ان المجتمع السعودى خاصية تمثلت في كون جزء لا يستهان به من الطبقات والفئات المستغلة المضطهدة التى يحتمل ان تكون معاديا للنظام ظلت امدا طويلا رازحة ف يلجة الجهل وواقعة تحت تأثير شيوخ القبائل وغيرهم من الزعماء التقليدين وكذلك المطاوعة وعلماء الدين, الامر الذى جعلها ذات نزعة محافظة, علاوة على ان السلطات عملت على "اطعامها" بالفئات.

ان هذه المحصلة من الاصلاحات الفوقية والتنكيل و"شراء" جزء غير قليل من السكان والنزعة المحافظة للمجتمع السعودى, قد ضمنت استقرار مؤقتا لواحد من اكثر انظمة العالم بدائية. بيد ان التحولات الاجتماعية الاقتصادية ذاتها, بل وحتى عناصر التحديث المعتمدة, اضطرارا, من الاعلى قد وسعت قاعدة النزاعات في المجتمع السعودى. كما تعمقت التناقضات بين النظام والطبقات والفئات الاجتماعية الطامحة الى اصلاحات اعمق, والى الاستيلاء على السلطة في خاتمة المطاف. لقد اختل التوازن الاجتماعى القديم في العربية السعودية, ولكن لم يقم توازن جديد رغم كل ما يبتدع من مرتكزات واجراءات جزئية. وهذه حالة مهزوزة ومشحونة بانفجارات اجتماعية قد تتخذ اشكالا غير متوقعة على الاطلاق. ونظرا لما للعربية السعودية من وزن في عالم النفط والمال والاسلام, فان الهزات والزلازل الاجتماعية في هذا البلد ستكون لها عواقب دولية بعيدة المدى.