تاريخ الإسلام للذهبى--8

من معرفة المصادر

الجزء السابع والثلاثون

الجزء السابع والثلاثون

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 5 5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الخامسة والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى إحدى وأربعين وخمسمائة)

مقتل زنكي

في ربيع الآخر وثب ثلاثة من غلمان زنكي من اقْسُنقُر، فقتلوه وهو يحاصر جعبر، فقام بأمر الموصل ابنه غازي، وبحلب نور الدين محمود. 4 (احتراق قصر المسترشد) وفيها احترق قصر المسترشد الذي بناه في البستان، وكان فيه الخليفة، فسلِم، وتصدّق بأموال.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 6 4 (خلاف السلطان والخليفة حول دار الضرب) وفي رجب قدم السلطان مسعود، وعمل دار ضرْب، فقبض الخليفة على الضّرّاب الذي تسبب في إقامة دار الضّرْب، فنفذ الشحنة وقبض على حاجب الخليفة، وأربعة من الخواص، فغضب الخليفة، وغلّق الجامع والمساجد ثلاثة أيام، ثم أُطلق الضّرّاب، فأطلقوا الحاجب، وسكن الأمر. 4 (موت ابنة الخليفة) ووقع حائط بالدار على ابنة الخليفة، وكانت تصلح للزواج، واشتد حزنهم عليها، وجلسوا ثلاثة أيام. 4 (إبطال مَكْس حق البيع) وفي ذي القعدة جلس ابن العبادي الواعظ، فحضر السلطان مسعود، فعرّض بذِكر حق البيع، وما جرى على الناس، ثم قال: يا سلطان العالم: أنت تهبُ في ليلة لمطرب بقدر هذا الذي يوجد من المسلمين، فاحسبني ذلك المطرب، وهبْه لي، واجعله شُكراً لله بما أنعم عليك. فأشار بيده: إني قد فعلت، فارتفعت الضجة بالدعاء له، ونودي في البلد بإسقاطه، وطيف بالألواح التي نقِش عليها تَرْك المُكوس في الأسواق، وبين يديها الدبادب والبُوقات، الى أن أمر الناصر لدين الله بقلع الألواح، وقال: ما لنا حاجة بآثار الأعاجم.) 4 (حج الوزير ابن جَهير) وحج الوزير نظام الدين بن جَهير

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 7 4 (حج المؤرخ ابن الجوزي) قال ابن الجوزي: وحججت أنا بالزوجة والأطفال. 4 (ملك الفرنج طرابلس المغرب) وفيها، قال ابن الأثير: ملَكَت الفرنج طرابلس المغرب. جهّز الملك رُجار صاحب صقلية في البحر أسطولاً كبيراً، فسار يوماً في ثالث المحرم، فخرج أهلها، ودام الحرب ثلاثة أيام، فاتفق أن أهلها اختلفوا، وخلَت الأسوار، فنصبت الفرنج السلالم، وطلعوا وأخذوا البلد بالسيف واستباحوه، ثم نادوا بالأمان، فظهر من سلِم، وعمّرتها الفرنج وحصّنوها. 4 (مقتل زنكي) وفيها قُتل زَنكي. 4 (تسلّم صاحب دمشق بعلبك صُلحاً) وفيها قصد صاحب دمشق بعلبك وحاصرها، وبها نائب زنكي الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي، فسلّمها صُلحاً له، وأقطعه خُبزاً بدمشق، وملّكه عدة قرى، فانتقل الى دمشق وسكنها. 4 (فتوحات عبد المؤمن بالمغرب) وفيها سار عبد المؤمن بجيوشه بعد أن افتتح فاس الى مدينة سَلا فأخذها،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 8 ووحّدت مدينة سبتة، فأمّنهم، ثم سار الى مراكش، فنزل على جبل قريب منها، وبها إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين، فحاصرها أحد عشر شهراً، ثم أخذها عنوة بالسيف في أوائل سنة اثنتين وأربعين، واستوثق له الأمر ونزلها. وجاءه جماعة من وجوه الأندلسيين وهو على مراكش باذلين له الطاعة والبيعة، ومعهم مكتوب كبير فيه أسماء جميع الذين بايعوه من الأعيان. وقد شهد من حضر على من غاب. فأعجبه ذلك، وشكر هجرتهم، وجهّز معهم جيشاً مع أبي حفص عمر بن صالح الصنهاجي من كبار قُواده، فبادر الى إشبيلية فنازلها، ثم افتتحها بالسيف. وذكر اليَسَع بن حزم أن أهل مراكش مات منهم بالجوع أيام الحصار نيفٌ على عشرين ومائة ألف. حدّثنيه الدافنُ لهم. ولما أراد فتحها، داخلت جيوش الروم الذين بها أماناً، فأدخلوه من باب أغمات، فدخلها بالسيف،) وضرب عنق إسحاق المذكور، في عدة من القواد. قال اليَسَع: قُتل ذلك اليوم مما صحّ عندي نيف على السبعين ألف رجل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 9

اثنتين وأربعين وخمسمائة

ولاية ابن هبيرة ديوان الزمام

فيها ولي أبو المظفر يحيى بن هُبيرة ديوان الزمام. 4 (مقتل بُزَبَة شِحنة إصبهان) وفيها سار الأمير بُزَبة واستمال شحنة إصبهان، وانضاف معه محمد شاه، فأرسل السلطان مسعود عساكر أذربيجان، وكان بُزَبة في خمسة آلاف، فالتقوا، فكسرهم بزبة، واشتغل جيشه بالنهب، فجاء في الحال مسعود بعد المصافّ في ألف فارس، فحمل عليهم، فتقنطر الفرس ببُزبة، فوقع وجيء به الى مسعود، فوسّطه، وجيء برأسه فعُلِّق ببغداد. 4 (وزارة علي بن صَدَقة) وعُزل أبو نصر جهير عن الوزارة بأبي القاسم علي بن صدقة، شافهه بالولاية المقتفي، وقرأ ابن الأنباري كاتب الإنشاء عهده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 10 4 (محاربة سلاركُرد لابن دُبَيس) وقدِم سلاركُرد على شِحنكية بغداد، وخرج بالعسكر لحرب علي بن دُبيس، فالتقوا، ثم اندفع علي الى ناحية واسط، ثم عاد وملك الحِلة. 4 (مباشرة أبي الوفا قضاء بغداد) وباشر قضاء بغداد أبو الوفا يحيى بن سعيد بن المرخّم في الدّست الكامل، على عادة القاضي الهَرَويّ. وكان أبو الوفا بئس الحاكم، يرتشي ويُبطل الحقوق. 4 (بروز ابن المستظهر الى ظاهر بغداد) وفي رمضان برز اسماعيل بن المستظهر أخو الخليفة من داره الى ظاهر بغداد، فبقي يومين، وخرج متنكراً، على رأسه شَكّة، وبيده قدح، على وجه التنزه، فانزعج البلد، وخافوا أن يعود ويخرج عليهم، وخاف هو أن يرجع الى الدار، فاختفى عند قوم، فأذِنوا له، فجاء أستاذ الدار والحاجب وخدموه وردّوه.) 4 (فتح نور الدين أرتاح) وفيها سار نور الدين محمود بن زنكي صاحب حلب يومئذ ففتح أرتاح، وهي بقرب حلب، استولت عليها الفرنج، فأخذها عنوة. وأخذ ثلاثة حصون صغار للفرنج، فهابته الفرنج، وعرفوا أنه كبْسٌ نطّاح مثل أبيه وأكثر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 11 4 (أخذ غازي دارا وحصاره ماردين ووفاته) وفيها سار أخوه غازي صاحب الموصل الى ديار بكر، فأخذ دارا وأخربها ونهبها، ثم حاصر ماردين، فصالحه حسام الدين تِمرتاش بن إيلغازي، وزوّجه بابنته، فلم يدخل بها، ومرض ومات، فتزوجها أخوه قطب الدين. 4 (الغلاء بإفريقية) وفيها، وفي السنين الخمس التي قبلها، كان الغلاء المُفرط بإفريقية، وعظُم البلاء بهم في هذا العام حتى أكل بعضهم بعضاً. 4 (زواج نور الدين محمود) وفيها تزوج الملك نور الدين بالخاتون ابنة الأتابك معين الدين أُنُر، وأُرسلت إليه الى حلب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 12

ثلاث وأربعين وخمسمائة

4 (هزيمة الفرنج عند دمشق) فيها جاءت من الفرنج ثلاثة ملوك الى بيت المقدس، وصلوا صلاة الموت، وردوا على عكا، وفرّقوا في العساكر سبعمائة ألف دينار، وعزموا على قصد الإسلام. وظن أهل دمشق أنهم يقصدون قلعتين بقرب دمشق، فلم يشعروا بهم في سادس ربيع الأول إلا وقد صبّحوا دمشق في عشرة آلاف فارس، وستين ألف راجل، فخرج المسلمون فقاتلوا، فكانت الرّجّالة الذين برزوا لقتالهم مائة وثلاثين ألفاً، والخيالة طائفة كبيرة، فقُتل في سبيل الله نحو المائتين، منهم الفقيه يوسف الفندلاوي، والزاهد عبد الرحمن الحلحولي. فلما كان في اليوم الثاني، خرجوا أيضاً، واستشهد جماعة، وقتلوا من الفرنج ما لا يُحصى. فلما كان في اليوم الخامس، وصل غازي بن أتابك زنكي في عشرين ألف فارس، ووصل أخوه نور الدين محمود الى حماه رديفاً له. وكان في دمشق البكاء والتضرّع وفرش الرماد أياماً، وأُخرج مُصحف عثمان الى وسط الجامع. وضجّ النساء والأطفال مكشّفين الرؤوس، فأغاثهم) الله. وكان مع الفرنج قسيس ذو لحية بيضاء، فركب حماراً، وعلّق في حلقه الطّيب، وفي يديه صليبين، وقال للفرنج: أنا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق، ولا يردّني أحد. فاجتمعوا حوله، وأقبل يريد البلد، فلما رآه المسلمون صدقت نيّتُهم، وحملوا عليه، فقتلوه، وقتلوا الحمار، وأحرقوا الصلبان، وجاءت

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 13 النجدة المذكورة، فهزم الله الفرنج، وقُتل منهم خلق. 4 (رواية ابن الأثير عن انهزام الفرنج) قال ابن الأثير: سار ملك الألمان من بلاده في خلق كثير، عازماً على قصد الإسلام، واجتمعت معه فرنج الشام، وسار الى دمشق، وفيها مجير الدين أبَق بن محمد بن بُوري، وأتابكه معز الدين أُنُر، وهو الكل، وكان عادلاً، عاقلاً، خيّراً، استنجد بأولاد زنكي، ورتب أمور البلد، وخرج بالناس الى قتال الفرنج، فقويت الفرنج، وتقهقر المسلمون الى البلد. ونزل ملك الألمان بالميدان الأخضر، وأيقن الناس بأنه يملك البلد، وجاءت عساكر سيف الدين غازي، ونزلوا حمص، ففرح الناس وأصبح معين الدين يقول للفرنج الغرباء: إن ملك الشرق قد حضر، فإن رحلتم، وإلا سلّمت دمشق إليه، وحينئذ تندمون. وأرسل الى فرنج الشام يقول لهم: بأي عقل تساعدون هؤلاء الغرباء علينا، وأنتم تعلمون أنهم إن ملكوا أخذوا ما بأيديكم من البلاد الساحلية وأنا إذا رأيت الضعفَ عن حفظ البلد سلّمته الى ابن زنكي، وأنتم تعلمون أنه إن ملَك لا يبقى لكم معه مقام بالشام. فأجابوه الى التخلي عن ملك الألمان، وبذل لهم حصن بانياس،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 14 فاجتمعوا بملك الألمان، وخوّفوه من عساكر الشرق وكثرتها، فرحل وعاد الى بلاده، وهي وراء القسطنطينية. قلت: إنما كان أجل قدومه لزيارة القدس، فلما ترحّلوا سار نور الدين محمود الى حصن العزيمة، وهو للفرنج، فملكه. وكان في خدمته معين الدولة أنُر بعسكر دمشق. 4 (ظهور الدولة الغورية) وفيها كان أول ظهور الدولة الغورية، وحشدوا وجمعوا. وكان خروجهم في سنة سبعٍ وأربعين. 4 (هرب رضوان وزير مصر ومقتله) وفيها نقب الحبس رضوان، الذي كان وزير الحافظ صاحب مصر، وهرب على خيل أعدّت) له، وعبر الى الجيزة. وكان له في الحبس تسع سنين. وقد كنا ذكرنا أنه هرب الى الشام، ثم قدم مصر في جمع كبير، فقاتل المصريين على باب القاهرة وهزمهم، وقتل خلقاً منهم، ودخل البلد، فتفرّق جمعه، وحبسه الحافظ عنده في القصر، وجمع بينه وبين أهله، وبقي الى أن بعث الجيش يأتي من الصعيد بجموع كثيرة، وقاتل عسكر مصر عند جامع ابن طولون فهزمهم، ودخل القاهرة، وأرسل الى الحافظ يطلب منه رسم الوزارة عشرين ألف دينار، فبعثها إليه، ففرّقها، وطلب زيادة، فأرسل إليه عشرين ألف أخرى، ثم عشرين ألف أخرى. وأخذ الناس منه العطاء وتفرقوا. وهيأ الحافظ جمعاً كبيراً من العبيد وبعثهم، فأحاطوا به، فقاتلهم مماليكه ساعة. وجاءته ضربة فقُتل. ولم يستوزر الحافظ أحداً من سنة ثلاث وثلاثين الى أن مات.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 15 4 (ظهور الدعوة النزارية بمصر) قال سِبط الجوزي: فيها ظهر بمصر رجل من ولد نزار بن المستنصر يطلب الخلافة، واجتمع معه خلق، فجهّز إليه الحافظ العساكر، والتقوا بالصعيد، فقُتل جماعة، ثم انهزم النزاري، وقُتل ولده. 4 (إبطال الأذان بحيّ على خير العمل بحلب) وفيها أمر نور الدين بإبطال حيّ على خير العمل من الأذان بحلب، فعظُم ذلك على الإسماعيلية والرّافضة الذين بها. 4 (فتنة خاصّبك السلطان مسعود) وكان السلطان مسعود قد مكّن خاصّبك من المملكة، فأخذ يقبض على الأمراء، فتغيروا على مسعود وقالوا: إما نحن، وإما خاصّبَك، فإنه يحملك على قتلنا. وساروا يطلبون بغداد، ومعهم محمد شاه ابن السلطان محمود، فانجفل الناس واختبطوا، وهرب الشِحنة الى تكريت، وقطع الجسر، وبعث المقتفي ابن العبّادي الواعظ رسولاً إليهم، فأجابوا: نحن عبيد الخليفة وعبيد السلطان، وما فارقناه إلا خوفاً من خاصّبَك، فإنه قد أفنى الأمراء، فقتل عبد الرحمن بن طُوَيرك، وعبّاساً، وبُزَبَه، وتَتر، وصلاح الدين، وما عن النفس عوض. وما نحن بخوارج ولا عُصاة، وجئنا لنُصلح أمرنا مع السلطان. وكانوا: ألبُقُش، وألذكز، وقيمز، وقرقوب، وأخو طُويرك، وطرنطاي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 16 وعلي بن دُبيس. ثم) دخلوا بغداد، فمدّوا أيديهم، وأخذوا خاص السلطان، وأخذوا الغلات، فثار عليهم أهل باب الأزَج وقاتلوهم، فكتب الخليفة مسعود، فأجابه: قد برئت ذمة أمير المؤمنين من العهد الذي بيننا، بأنه لا يجنّد، فيحتاط للمسلمين. فجنّد وأخرج السُّرادقات، وخندق، وسدّ العقود، وأولئك ينهبون في أطراف بغداد، وقسّطوا الأموال على مَحال الجانب الغربي وراحوا الى دُجيل وأخذوا الحريم والبنات، وجاءوا بهنّ الى الخيم. ثم وقع القتال، وقاتلت العامة بالمقاليع، وقُتل جماعة. فطلع إليهم الواعظ الغزْنَوي فذمّهم وقال: لو جاء الفرنج لم يفعلوا هذا. واستنقذ منهم المواشي، وساقها الى البلد، وقبض الخليفة على ابن صدقة، وبقي الحصار أياماً، وخرج خلقٌ من العوام بالسلاح الوافر، وقاتلوا العسكر، فاستجرّهم العسكر، وانهزموا لهم، ثم خرج عليهم كمين فهربوا، وقُتل من العامة نحو الخمسمائة. ثم جاءت الأمراء، فرموا نفوسهم تحت التاج وقالوا: لم يقع هذا بعلمنا، وإنما فعله أوباش لم نأمرهم. فلم يقبل عُذرهم. فأقاموا الى الليل وقالوا: نحن قيامٌ على رؤوسنا، لا نبرح حتى تعفي عن جُرمنا. فجاءهم الخادم يقول: عفا عنكم أمير المؤمنين فامضوا. ثم سار العسكر، وذهب بعضهم الى الحلة، وبعضهم طلب بلاده. 4 (الغلاء والجوع) ووقع الغلاء، ومات بالجوع والعري أهلُ القرى، ودخلوا بغداد يستعطون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 17 4 (وفاة القاضي الزينبي) ومات قاضي القُضاة الزّينبي، وقُلِّد مكانه أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن الدامغاني. 4 (دخول ملك صقلية مدينة المهدية) وفيها الغلاء مستمر بإفريقية، وجلا أكثر الناس ووجد خلق في جزيرة صقلية، وعظُم الوباء. فاغتنم الملعون رُجار صاحب صقلية هذه الشدة، وجاء في مائتين وخمسين مركباً، ونزل على المهدية، فأرسل الى صاحبها الحسين بن علي بن يحيى بن تميم بن باديس: إنما جئت طالباً بثأر محمد بن رشيد صاحب فاس، وردّه الى فاس. وأنت فبيننا وبينك عهد الى مدة، ونريد منك عسكراً يكون معنا. فجمع الحسن الفقهاء والكبار وشاورهم، فقالوا: نقابل عدوّنا، فإن بلدنا حصين.) قال: أخاف أن ينزل البرَّ ويحاصرنا براً وبحراً ويمنعنا الميرة، ولا يحل لي أن أعطيه عسكراً يقاتل به المسلمين، وإن امتنعت قال: نقضت. والرأي أن نخرج بالأهل والولد، ونترك البلد، فمن أراد أن ينزح فلينزح. وخرج لوقته، فخرج الخلق على وجوههم، وبقي من احتمى بالكنائس عند أهلها، وأخذت الفرنج المهدية بلا ضربة ولا طعنة، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. فوقع النهب نحو ساعتين، ونادوا بالأمان. وسار الحسن الى عند أمير عرب تلك الناحية، فأكرمه. وصار الإفرنج من طرابلس الغرب الى قرب تونس. وأما الحسن، فعزم على المسير الى مصر، ثم عزم على المسير الى عبد المؤمن هو وأولاده، وهو التاسع من ملوك بني زيري. وكانت دولتهم بإفريقية مائتين وثمان سنين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 18 4 (أربع وأربعين وخمسمائة)

4 (ارتفاع الغلاء عن بغداد) في المحرّم ارتفع عن الناس ببغداد الغلاء، وخرج أهل القرى. 4 (مقتل صاحب أنطاكية) وغزا نور الدين محمود بن زنكي فكسر الفرنج، وقتل صاحب أنطاكية. وكانت وقعة عظيمة، قُتل فيها ألف وخمسمائة من الفرنج، وأُسر مثلهم، وذلّ دين الصليب. 4 (فتح فامية) ثم افتتح نور الدين حصن فامية، وكان على أهل حماة وحمص منه غاية الضرر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 19 4 (وقوع جوسلين في الأسر) وكان جوسلين، لعنه الله، قد ألهب الخلق بالأذية والغارات، وهو صاحب تل باشر، واعزاز، وعينتاب، والراوندان، وبهَسْنا والبيرة، ومرعش، وغير ذلك، فسار لحربه سلحدار نور الدين، فأسره جوسلين، فدسّ نور الدين جماعة من التركمان: من جاءني بجوسلين أعطيته مهما طلب. فنزلوا بأرض عنتاب، فأغار عليهم جوسلين، وأخذ امرأة مليحة فأعجبته، وخلا بها تحت شجرة، فكمن له التركمان وأخذوه أسيراً حقيراً، وأحضروه الى نور الدين، فأعطى الذي أسره عشرة آلاف دينار.) وكان أسرُه فتحاً عظيماً. واستولى نور الدين على أكثر بلاده. 4 (وزارة ابن هبيرة) وفي ربيع الآخر استوزر الخليفة أبا المظفر بن هُبيرة، ولقبه: عون الدين. 4 (قصد ألبقش العراق وطلب السلطنة لملكشاه) وفي رجب جمع ألبُقُش وقصد العراق، وانضم إليه ملكشاه بن السلطان محمود، وعلي بن دُبيس، وطرنطاي، وخلق من التركمان. فلما صاروا على بريد من بغداد، بعثوا يطلبون أن يسلطن ملكشاه، فلم يجبهم الخليفة، وجمع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 20 العسكر وتهيأ وبعث البريد الى السلطان مسعود يستحثه، فلم يتحرك، فبعث إليه عمه سنجر يقول له: قد أخربت البلاد في هوى ابن البلنكري، فنفّذه هو، والوزير، والجاولي، وإلا ما يكون جوابك غيري. فلم يلتفت لسنجر، فأقبل سنجر حتى نزل الريّ، فعلم مسعود، فسار إليه جريدةً، فترضّاه وعاد. ثم قدم بغداد في ذي الحجة واطمأن الناس. 4 (الحج العراقي) وفيها حجّ بالعراقيين نظر الخادم، فمرض من الكوفة فردّ، واستعمل مكانه قَيماز الأرجواني. ومات نظر بعد أيام. 4 (الزلزلة ببغداد) وفي ذي الحجة جاءت زلزلة عظيمة، وماجت بغداد نحو عشر مرات، وتقطّع بحلوان جبلٌ من الزلزلة. وهلك عالم من التركمان. 4 (وفاة صاحب الموصل) وفيها مات صاحب الموصل سيف الدين غازي بن زنكي، وملَك بعده أخوه مودود. وعاش غازي أربعاً وأربعين سنة. مليح الصورة والشكل، وخلّف ولداً توفي شاباً، ولم يُعقب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 21 4 (الخلاف بين رُجار وصاحب القسطنطينية) وفيها وقع الخُلف بين رُجار الإفرنجي صاحب صقلية، وبين صاحب القسطنطينية. ودامت الحروب بينهم سنين، فاشتغل رُجار عن إفريقية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 22 4 (ومن حوادث سنة أربع وأربعين وخمسمائة)

4 (رواية ابن القلانسي عن انتصار نور الدين على صاحب أنطاكية) ) قال أبو يَعلى التميمي في تاريخه: كان قد كَثُر فساد الفرنج المقيمين بعكا، وصور، والسواحل، بعد رحيلهم عن حصار دمشق، وفساد شروط الهدنة التي بين أُنُر وبينهم. فشرعوا في العبث بالأعمال الدمشقية، فنهض معين الدين أنُر بالعسكر مُغيراً على ضياعهم، وخيّم بحوران، وكاتَب العرب، وشنّ الغارات على أطراف الفرنج، وأطلق أيدي التركمان في نهب أعمال الفرنج، حتى طلبوا تجديد الهدنة والمسامحة ببعض المقاطعة، وترددت الرُسل، ثم تقررت الموادعة مدة سنتين، وتحالفوا على ذلك. ثم بعث أنُر الأمير مجاهد الدين بُزان بن مامين في جيش نجدةً لنور الدين على حرب صاحب أنطاكية، فكانت تلك الوقعة المشهودة التي انتصر فيها نور الدين على الفرنج، ولله الحمد والمِنة. وكان جمعه نحواً من ستة آلاف فارس سوى الأتباع، والفرنج في أربعمائة فارس، وألف راجل، فلم ينجُ منهم إلا اليسير، وقُتل ملكهم البلنس، فحُمل رأسه الى نور الدين. وكان هذا الكلب أحد الأبطال والفرسان المشهورين بشدة البأس، عظيم الخلقة والتباهي في الشرّ. ثم نازل نور الدين أنطاكية وحاصرها الى أن ذلّوا وسلموها بالأمان. فرتب فيها من يحفظها، فجاءتها أمداد الفرنج، ثم اقتضت الحال مهادنة من في أنطاكية وموادعتهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 23 4 (موت معين الدين أنُر) وأما معين الدين أنُر فإنه مرض، وجيء به من حوران في محفة، ومات بدوسنطاريا في ربيع الآخر، ودُفن بمدرسته. 4 (الوحشة بين مؤيد الدين ومجير الدين) ثم جرت واقعة عجيبة. استوحش الرئيس مؤيّد الدين من الملك مُجير الدين استيحاشاً أوجب جمعَ من أمكنه واقعةً من أحداث دمشق والجهلة، ورتّبهم حول داره، ودار أخيه زين الدولة حيدرة للاحتماء بهم، وذلك في رجب. فنفذ مجير الدين يطيّب نفوسهما، فما وُفِّق، بل جدّا في الجمع والاحتشاد من العوام والجُند، وكسروا السجن وأطلقوا من فيه، واستنفروا جماعة من الشواغرة وغيرهم، وحصلوا في جمعٍ كثير امتلأت بهم الطرق. فاجتمعت الدولة في القلة بالعُدد، وأخرِجت الأسلحة، وفرقت على الجند، وعزموا على الزحف الى جمع الأوباش، ثم تمهلوا حقناً للدماء، وخوفاً من نهب البلد، وألحوا على الرئيس وتلطّفوا الى أن أجاب، واشترط شروطاً أجيب الى بعضها، بحيث يكون ملازماً لداره، ويكون ولده وولد أخيه في الديوان، ولا) يركب الى القلعة إلا مستدعياً إليها. ثم حدث بعد ذلك عود الحال الى ما كانت عليه، وجمع الجمع الكثير من الأجناد والمقدّمين، والفلاحين، واتفقوا على الزحف الى القلعة وحصرها، وطلب من عيّنه من أعدائه، فنشبت الحرب، وجُرح وقُتل جماعة. ثم عاد كل فريق الى مكانه. ووافق ذلك هروب السّلار زين الدين اسماعيل شِحنة البلد وأخوه الى ناحية بعلبك. ولم تزل الفتنة هائجةً، والمحاربة متصلة، الى أن أُجيب الى إبعاد من التمس إبعاده من خواص مُجير الدين. ونُهبت دار السلار وأخيه، وخلع على

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 24 الرئيس وأخيه، وحلف لهما مُجير الدين، وأعاد الرئيس الى الوزارة، بحيث لا يكون له في الأمر معترض ولا مُشارك. 4 (موت الحافظ لدين الله وخلافة الظاهر بمصر) وأما مصر، فمات بها الحافظ لدين الله عبد المجيد العُبيدي، وأقيم بعده ابنه الظافر اسماعيل. ووزر له أمير الجيوش ابن مصال المغربي، فأحسن السيرة والسياسة. ثم اضطربت الأمور واختلفت العساكر، بحيث قُتل خلقٌ منهم. 4 (محبة الدمشقيين نور الدين) وأما أعمال دمشق كحوران، وغيرها، فعبث بها الفرنج، وأجدبت الأرض، ونزح الفلاحون، فجاء نور الدين بجيشه الى بعلبك ليوقع بالفرنج، ففتح الله بنزول غيث عظيم، فعظُم الدعاء لنور الدين، وأحبه أهل دمشق وقالوا: هذا ببركته وحُسن سيرته. 4 (مصالحة نور الدين ومجير الدين) ثم نزل على جسر الخشب في آخر سنة أربع، وراسل مُجير الدين، والرئيس يقول: إنني ما قصدتُ بنزولي هنا طلباً لمحاربتكم، وإنما دعاني كثرة شكاية أهل حوران والعُربان. أخذت أموالهم وأولادهم، ولا ينصرهم أحد فلا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 25 يسعني مع القدرة على نُصرتهم القعودُ عنهم، مع علم بعجزكم عن حفظ أعمالكم والذبّ عنها، والتقصير الذي دعاكم الى الاستصراخ بالإفرنج على محاربتي، وبذلكم لهم أموال الضعفاء من الرعية ظلماً وتعدياً. ولابد من المعونة بألف فارس يجرَّد مع مقدّم لتخليص ثغر عسقلان وغيره. فكان الجواب: ليس بيننا وبينك إلا السيف. فكثر تعجّب نور الدين، وأنكر هذا، وعزم على الزحف الى البلد، فجاءت أمطارٌ عظيمة منعته من ذلك.) ثم تقرر الصلح في أول سنة خمسٍ وأربعين، فإن نور الدين أشفق من سفك الدماء، فبذلوا له الطاعة، وخطبوا له بجامع دمشق بعد الخليفة والسلطان، وحلفوا له. فخلع نور الدين على مجير الدين خلعة كاملة بالطوق، وأعاده مكرّماً، محتَرَماً. ثم استدعى الرئيس الى المخيّم، وخلع عليه، وخرج إليه المقدَّمون، واختلطوا به، وردّ الى حلب. 4 (مضايقة الملك مسعود تل باشر) وجاء الخبر بأن الملك مسعود نزل على تل باشِر وضايقها. 4 (عودة الحُجاج وما أصابهم) ثم قدم حُجاج العراق وقد أُخذوا، وحكوا مصيبة ما نزل مثلُها بأحد. وكان ركباً عظيماً من وجوه خراسان وعُلمائها، وخواتين الأمراء خلق. فأُخذ جميع ذلك، وقُتل الأكثر، وسلِم الأقل، وهُتكت الحُرم، وهلك خلقٌ بالجوع والعطش.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 26 4 (رحيل مسعود عن تل باشر) وأما مسعود، فإنه ترحّل عن تل باشِر. 4 (مصالحة مجاهد الدين لصاحب دمشق) وتوجّه مجاهد الدين بُزان الى حصن صرخد، وهو له، لترتيب أحواله. وعرضت له نفرةٌ من صاحب دمشق ورئيسها، ثم طُلب، واصطلحوا على شرط إبعاد الحافظ يوسف عن دمشق، فأُبعد، فقصد بعلبك، فأكرمه متولّيها عطاء. 4 (اتصال الخلاف في مصر) وأما مصر، فالأخبار واصلة بالخُلف المستمر بين وزيرها ابن مصال، وبين المظفّر ابن السلار على الأمر، فسكنت الفتنة. ثم ثار الجُند، وجرت أمور، وقُتل جماعة. نسأل الله العافية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 27 4 (خمس وأربعين وخمسمائة)

4 (الأخبار بما جرى على الركب العراقي) جاءت الأخبار بما جرى على ركب العراق. طمع فيهم أمير مكة، واستهون بقَيماز، وطمعت فيهم العرب، ووقفوا يطلبون رسومهم، فأشار بذلك قَيماز، فامتنع الناس عليه، ولما وصلوا الى الغرابيّ خرجت عليهم العرب، فأخذوا ما لا يُحصى، حتى أنه أُخذ من خاتون أخت السلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار. وذهب للتجار أموال كثيرة. واستعْنَتَ العربُ، وتمزّق الناس،) وهربوا مُشاةً في البرية، فمات خلقٌ جوعاً وعطشاً وبَرداً، وطلى بعض النساء أجسادهن بالطين ستراً للعورة. وتوصّل قَيماز في نفرٍ قليل. 4 (الصلح بين نور الدين ومجير الدين) وفيها كان الصلح. فإن نور الدين نازل دمشق وضايقها، ثم اتقى الله في دماء الخلق، وخرج إليه مُجير الدين أبق صاحب البلد، ووزيره الرئيس ابن الصوفي، وخلع عليهما، ورحل الى حلب والقلوب معه لما رأوا من دينه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 28 4 (مطر الدم باليمن) قال ابن الجوزي: وجاء في هذه السنة باليمن مطر كله دم، وصارت الأرض مرشوشة، وبقي أثره في ثياب الناس. 4 (دفاع الموحدين عن قرطبة) وفيها جهّز عبد المؤمن بن علي ثاني مرة جيشاً من الموحّدين في إثني عشر ألف فارس الى قرطبة، لأن الفرنج نازلوها في أربعين ألفاً ثلاثة أشهر، وكادوا أن يملكوها، فكشف عنها الموحدون، ولطَف الله. 4 (مرض خاص بك ومعافاته) وفيها مرض ابن البلنكري، وهو خاصّ بك التركماني أتابك جيش السلطان مسعود. فلما عوفي أسقط المُكوس. 4 (وفاة مختص الحضرة) ثم مات بعد أيام ببغداد مختص الحضرة مكس البلد، وكان يبالغ في أذى الخلق ويقول: أنا قد فرشت حصيراً في جهنم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 29 4 (ستّ وأربعين وخمسمائة)

4 (وعظ ابن العبّادي بجامع المنصور) قدِم السلطان بغداد في رمضان، وسأل الواعظ ابن العبادي أن يجلس في الجامع المنصور. فقيل له: لا تفعل، فإن أهل الجانب الغربي لا يمكّنون إلا الحنابلة. فلم يقبل، وضمن له نقيب النُقباء الحماية. فجلس في ذي الحجة يوم جمعة، وحضر أستاذ دار، والرؤساء، وخلائق، فلما شرع في الكلام كثُر اللغط والضجات، ثم أُخذت عمائم وفُوَط، وجُذبت السيوف حول ابن) العبادي، فثبت، وسكن الناس. ثم وعظ. 4 (أسْر جوسلين) وفيها أسر نور الدين جوسلين فارس الفرنج وبطلَها المشهور، وأخذ بلاده، وهي عَزاز، وعينتاب، وتل باشِر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 30 4 (ومن سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة)

4 (تحشّد عساكر نور الدين قرب دمشق) في عاشوراء نزل عسكر نور الدين بعذرا ونواحيها، ثم قصد من الغد طائفة منهم الى ناحية النّيرب والسهم، وكمنوا عند الجبل لعسكر دمشق، فلما خرجوا جاءهم النذير، فانهزموا الى البلد وسلموا. وانتشرت العساكر الحلبية بنواحي البلد، واستؤصلت الزروع والفاكهة من الأوباش، وغلت الأسعار. وتأهبوا الحفظ البلد. فجاءت رسُل نور الدين يقول: أنا أؤثر الإصلاح للرعية وجهاد المشركين، فإن جئتم معي في عسكر دمشق وتعاضدنا على الجهاد، فذلك المراد. فلم يُجيبوه بما يرضيه، فوقعت مناوشة بين العسكرين، ولم يزحف نور الدين رِفقاً بالمسلمين. ولكن خربت الغوطة والحواضر الى الغاية بأيدي العساكر وأهل الفساد، وعُدم التبن، وعظُم الخطب، والأخبار متوالية بإحشاد الفرنج، واجتماعهم لإنجاد أهل البلد. فضاقت صدور أهل الدين. ودام ذلك شهراً، والجيش النوري في جمْع لا يُحصى، وأمداده واصلة، وهو لا يأذن لأحد في التسرّع الى القتال. ولكن جُرح خلق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 31 4 (تحالف الفرنج وعسكر دمشق) ثم ترحّل بهم الى ناحية الأعوج لقرب الفرنج، ثم تحوّل الى عين الجرّ بالبقاع، فاجتمعت الفرنج مع عسكر دمشق، وقصدوا بصرى لمنازلتها، فلم يتهيأ لهم ذلك، وانكفأ عسكر الفرنج الى أعمالهم، وراسلوا مجير الدين والرئيس المؤيّد يلتمسون باقي المقاطعة المبذولة لهم على ترحيل نور الدين، وقالوا: لولا نحن ما ترحّل. 4 (غزوة الأسطول المصري الى سواحل الشام) وورد الخبر بمجيء الأسطول المصري الى ثغور الساحل في هيئة عظيمة وهم سبعون مركباً حربية مشحونة بالرجال، قد أُنفِق عليها على ما قيل ثلاثمائة ألف دينار. فقربوا من يافا، فقتلوا وأسروا، واستولوا على مراكب الفرنج، ثم قصدوا عكا، ففعلوا مثل ذلك، وقتلوا خلقاً عظيماً من) حجاج الفرنج، وقصدوا صيدا، وبيروت، وطرابلس، وفعلوا بهم الأفاعيل. ولولا شغل نور الدين لأعان الأصطول. وقيل إنه عرض عسكره، فبلغوا ثلاثين ألفاً. 4 (مصالحة نور الدين وصاحب دمشق) ثم عاد نحو دمشق، وأغارت جنوده على الأعمال، واستاقوا المواشي، ونزل بداريا، فنودي بخروج الجند والأحداث، فقلّ من خرج، ثم إنه قرُب من البلد، ونزل بأرض القطيعة، ووقعت المناوشة. فجاء الخبر الى نور الدين بتسلّم نائبه الأمير حسن تل باشر بالأمان، ففرح، وضُربت في عسكره الكوسات والبوقات بالبشارة. وتوقف عن قتال الدمشقيين ديانةً وتحرُّجاً. وترددت الرسل في الصلح على اقتراحات تردّد فيها الفقيه برهان الدين البلخي، وأسد الدين شيركوه، وأخوه، ثم وقعت الأيمان من الجهتين، فرحل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 32 الى بصرى لمضايقتها، وطلب من دمشق آلات الحصار، لأن واليها سرخاك قد عصى، ومال الى الفرنج، واعتضد بهم، فتألم نور الدين لذلك، وجهّز عسكراً لقصده. 4 (الوباء بدمياط) وفيها كان الوباء المفرط بدمياط، فهلك في هذا العام والذي قبله أربعة عشر ألفاً، وخلت البيوت. 4 (استنابة مجير الدين بدمشق) وفي شهر رجب سار صاحب دمشق مجير الدين أبق في خواصّه الى حلب، فأكرمه نور الدين، وقرر معه تقريرات أقرّ بها بعد أن بذل الطاعة والنيابة عنه بدمشق. ورجع مسروراً. 4 (هزيمة الفرنج أمام التركمان عند بانياس) وفي شعبان قصدت التركمان بانياس، فخرجت الفرنج والتقوا، فعمل السيف في العدو، وانهزم مقدّمهم في نفرٍ يسير. 4 (غارة الفرنج على البقاع) وأغارت الفرنج على قرى البقاع، فاستباحوها. فنهض عسكر من بعلبك وخلق من رجال البقاع، فلحقوا الفرنج وقد حبستهم الثلوج، فقتلوا خلقاً من الفرنج، واستنقذوا الغنائم. 4 (فتح أنطرطوس) وافتتح نور الدين أنطرطوس في آخرها.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 33 4 (سبع وأربعين وخمسمائة)

4 (فتح أنطرطوس وغيرها) جاءت الأخبار بافتتاح أنطرطوس وقتل من بها من الفرنج، وأمِّن بعضُهم وافتتح نور الدين عدة حصور صغار. وظفر أهل عسقلان بفرنج غزة وقتلوا. 4 (دخول نور الدين دمشق) ومن سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة، في أولها قدِم شيركوه رسولاً من نور الدين، فنزل بظاهر دمشق في ألف فارس، فوقع الاستيحاش منه، ولم يخرجوا لتلقّيه. وترددت المراسلات، ولم يتفق حال. ثم أقبل نور الدين في جيوشه، فنزل ببيت الآبار وزحف على البلد، فوقعت مناوشة، ثم زحف يوماً آخر، فلما كان في عاشر صفر باكَر الزّحف، وتهيأ لصدق الحرب، وبرز إليه عسكر البلد، ووقع الطِّراد، وحملوا من الجهة الشرقية من عدة أماكن، فاندفعوا بين أيديهم، حتى قربوا من سور باب كيسان والدباغة، وليس على السور آدمي، لسوء تدبير صاحب دمشق، غير نفرٍ يسير من الأتراك لا يعوَّل عليهم، فتسرّع بعض الرجالة الى السور، وعليه يهودية، فأرسلت إليه حبلاً، فصعد فيه، وحصل على السور، ولم يدرِ به أحد، وتبعه من تبعه، ونصبوا علماً وصاحوا: نور الدين يا منصور. فامتنع الجند والرعية من الممانعة محبة في نور الدين، وبادر بعض قطّاعي الخشب بفأسه، فكسر قفل الباب الشرقي، فدخل العسكر. وفتح باب توما، ودخل الجند، ثم دخل نور الدين، وسُرَّ الخلق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 34 ولما أحس مجير الدين بالغلبة، انهزم الى القلعة، وطلب الأمان على نفسه وماله، ثم خرج الى نور الدين، فطيّب قلبه. وتسرّع الغوغاء الى سوق علي وغيره، فنهبوا، فنودي في البلد بالأمان. وأخرج مجير الدين ذخائره وأمواله من القلعة الى الأتابكية دار جدّه، ثم تقدّم إليه بعد أيام بالمسير الى حمص في خواصّه، وكتب له المنشور بها. 4 (إطلاق بُزان من الاعتقال) وقد كان مجاهد الدين بُزان قد أُطلق يوم الفتح من الاعتقال، وأُعيد الى داره. 4 (وفاة ابن الصوفي) ووصل الرئيس مؤيَّد الدين المسيّب ابن الصوفي الى دمشق متمرضاً، فمات ودُفن في داره.) وفرح الناس بهلاكه. 4 (وفاة السلطان مسعود) وفيها جاءت الأخبار بموت السلطان مسعود بباب همذان. وذكر ابن هُبيرة في الإفصاح قال: لما تطاول على المقتفي أصحاب مسعود، وأساءوا الأدب، ولم يمكن المجاهرة بالمحاربة. اتفق الرأي على الدعاء عليه شهراً، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على رِعل وذكوان شهراً، فابتدأ هو والخليفة سراً، كل واحد في موضعه يدعو سحَراً، من ليلة تسع وعشرين من جمادى الأولى، واستمر الأمر كل ليلة، فلما تكمّل الشهر، مات مسعود على سريره، لم يزد على الشهر يوماً، ولا نقص يوماً، فتبارك الله رب العالمين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 35 4 (سلطنة ملكشاه) واتفق العسكر على سلطنة ملكشاه، وقام بأمره خاصّ بك. ثم إن خاصّ بك قبض على ملكشاه، وطلب أخاه محمداً من خوزستان، فجاءه وسلّم إليه السلطنة. فلما استقر قتل خاصّبك. 4 (هرب شحنة بغداد) وهرب شِحنة بغداد لما سمع بموت مسعود. وأمر الخليفة: أي مَن تخلّف من الجُند عن الخدمة أبيح دمه. 4 (تدريس ابن النظام) وأمر الخليفة ابن النّظام أن يمضي الى مدرستهم، ويدرّس بها من جهة السلطان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 36 4 (القبض على الحَيص بَيْص) وقبضوا على الحيص بيص، وأخرجوه من بيته حافياً مهاناً، وحُبس في حبس اللصوص. 4 (ضرب أبي النجيب وحبسه) ثم أُحضر الشيخ أبو النجيب الى باب النوبي، وكُشف رأسُه، وضُرب خمس دِرَر، ثم حُبس. 4 (أخذ البديع الصوفي) ثم أُخذ البديع الصوفي الواعظ صاحب أبي النجيب، واتُهم بالرفض، فشُهِّر وصُفع. 4 (احتفالات بغداد بالخليفة) وبلغ الخليفة أن في نواحي واسط تخبيطاً، فسار بعسكره وراءه الناس، وسار الى واسط، فرتّب بها شحنة، ثم مضى الى الحلة، والكوفة، ثم عاد الى بغداد مؤيَّداً منصوراً، فغُلِّقت بغداد،) وزُيّنت، وعُملت القباب، وعمل الذهبيون بباب الخان العتيق قبة، عليها صورة مسعود، وخاصّ بك، وعباس، بحركات تدور، وعُملت قباب عديدة على هذا النموذج. وانطلق أهل بغداد في اللعب والخبال، واللهو الى يوم عيد النحر. 4 (ظهور الغورية وامتلاكهم بلخاً وغزْنة) وفيها كان خروج الغورية، وحاربهم السلطان سَنْجر. وملكهم حسين بن حسين ملك جبال الغور، وهي من أعمال غزنة. فأول ما ملكوا بلخ، فقاتل سنجر، وأسره وعفا عنه وأطلقه، فسار حسين الى غزنة، وملكها بهرام شاه بن مسعود بن ابراهيم بن مسعود بن محمود بن سُبُكتكين، فانهزم من غير قتال،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 37 وتسلّم علاء الدين حسين الغوري غزنة، واستعمل عليها أخاه سيف الدين، وردّ الى الغور. فلما جاء الشتاء قدِم بهرام، وقام معه أهل غزنة، فقبض على سيف الدين وصلبه. 4 (وفاة بهرام شاه) ثم لم يلبث بهرام شاه أن مات. 4 (تلقُّب علاء الدين بالسلطان المعظّم) فأقاموا بعده ولده خُسروشاه، فقصده علاء الدين حسين، فهرب منه الى الهاوور سنة خمسين، وملك علاء الدين غزنة، ونهبها ثلاثة أيام، وقتل جماعة وبدّع، وتلقّب بالسلطان المعظّم. وشال الجتْرَ فوق رأسه على عادة السلاطين السلجوقية، واستعمل ابنَي أخيه، وهما غياث الدين أبو الفتح محمد بن سام، وأخوه السلطان شهاب الدين أبو المظفّر محمد، فأحسنا السيرة في الرعية، وأحبهما الناس، وانتشر ذكرها، وطال عمرهما، وملكا البلاد. 4 (عصيان ابنَي الأخ على السلطان) وأول أمرهما أنهما أظهرا عصيان عمهما، فبعث إليهما جيشاً فهزموه، فسار بنفسه إليهما والتقوا، فأُسر عمهما علاء الدين فأحسنا إليه، وأجلساه على التخت، ووقفا في الخدمة، فبكى وقال: هذان صبيّان فعلا ما لو قدرت عليه منهما لم أفعله. وزوّج غياث الدين بابنته، وفوّض إليه الأمور من بعده، فلما مات استقلّ غياث الدين بالملك. ثم ملكت الغُزّ غزنة خمس عشرة سنة، وعسفوا وظلموا مدة، ثم حاربهم غياث الدين ونُصر عليهم فافتتح البلاد، وأحسن، وعدل.) وكانت الغُزّ تُركُمان ما وراء النهر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 38 4 (رواية ابن الأثير عن الغُزّ) قال ابن الأثير: لما تملّكت الخِطا ما وراء النهر، طردوا الغُزّ، فنزلوا بنواحي بلخ على مراعيها، واسم مقدّميهم: دينار، وبختيار، وطوطى، وأرسلان، وجقر، ومحمود، فأراد قُماج نائب سنجر على بلخ إبعادهم، فصانعوه، وبذلوا له مالاً، وأقاموا على حالة حسنة لا يُؤذون ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة. ثم عاودهم قماج، وأمرهم بالترحّل، فامتنعوا وتجمعوا، فخرج قماج إليهم في عشرة آلاف، فهزموه، ونهبوا عسكره وأمواله، وأكثروا القتل في العسكر والرعايا، وأسروا النساء والأطفال، وقتلوا الفقهاء، وعملوا العظائم، وخرّبوا المدارس، وانهزم قماج الى مَرو. وأرسل السلطان سنجر يتهددهم، فاعتذروا، وبذل له مالاً، فلم يُجبهم، وجمع عساكر من النواحي، فاجتمع معه ما يلزمه على مائة ألف فارس، والتقاهم فهزموه، وتبعوا عسكره قتلاً وأسراً، فصارت قتلى العسكر كالتلال. وقُتل الأمير علاء الدين قماج وأُسر السلطان وجماعة من أمرائه، فضربوا رقاب الأمراء. ونزل أمراء الغُزّ، فقبّلوا الأرض بين يدي سنجر، وقالوا: نحن عبيدك، ولا نخرج عن طاعتك، فقد علمنا أنك لم تُرد قتالنا، وإنما حُملت عليه، فأنت السلطان، ونحن العبيد، فمضى على ذلك شهران أو ثلاثة، ودخلوا معه الى مرو، وهي كرسي المُلك، فطلبها منه بختيار إقطاعاً، فقال: هذه دار المُلك، لا ينبغي أن يكون إقطاعاً لأحد. فصفا له وأخذه، فلما رأى ذلك، نزل عن سريره، ثم دخل خانكاه مروه، وتاب من الملك، واستولى الغُزّ على البلاد، وظهر من جورهم ما لم يُسمع بمثله، وولّوا على نيسابور والياً، فعلّق في السوق ثلاث غرائر، وقال: أريد ملء هذه ذهباً، فثار عليه العامة فقتلوه، وقتلوا من معه، فركبت الغز، ودخلوا بلد نيسابور، ونهبوها، وقتلوا الكبار والصغار، وأحرقوها، وقتلوا القُضاة والعلماء في البلاد كلها. ويتعذّر وصف ما جرى منهم على تلك البلاد، ولم يسلم منهم شيء سوى هَراة ودهسان، فامتنعت بحصانتها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 39 4 (قصة الغزّ برواية أخرى) وساق بعضُهم قصة الغُزّ وفيها طول. قال: وفارق السلطان سنجر جميعُ أمراء خراسان، ووزيره طاهرُ بن فخر المُلك بن نظام) المُلك، ولم يبق غير نفر يسير من خواصه، فلما وصلت الأمراء الى نيسابور، أحضروا سليمان شاه بن محمد ملكشاه، فدخل نيسابور في جمادى الآخرة من سنة ثمان وأربعين، وخطبوا له بالسلطنة، وساروا فواقعوا الغزّ، وقتلوا منهم مقتلة. فتجمّعت الغز للمصافّ، فلما التقى الجمعان انهزم الخراسانيون يقصدون نيسابور، وتبعتهم الغزّ، ودخلوا طوس، فاستباحوها قتلاً وسبياً، وقتلوا إمامها محمد الماركشي، ونقيب العلويين علياً الموسوي، وخطيبها اسماعيل بن عبد المحسن، وشيخ الشيوخ محمد بن محمد. ووصلوا الى نيسابور سنة تسع وأربعين في شوال، فلم يجدوا دونها مانعاً، فنهبوها نهباً، وقتلوا أهلها، حتى أنه أُحصي في محلّتين خمسة عشر ألف قتيل. وكانوا يطلبون من الرجل المال، فإذا أعطاهم المال قتلوه. وقتلوا الفقيه محمد بن يحيى الشافعي، ورثاه جماعة من العلماء، وممن قُتل الشيخ عبد الرحمن بن عبد الصمد الأكّاف الزاهد، وأحمد بن الحسن، الكاتب سِبط القُشَيري، وأبو البركات بن الفُراوي، والفقيه الصبّاغ أحد المتكلمين، وأحمد بن محمد بن حامد، وعبد الوهاب المولقاباذي، والقاضي صاعد بن عبد الملك بن صاعد، والحسين بن عبد الحميد الرازي، وخلق. وأحرقوا ما بها من خزائن الكتب، فلم يسلم إلا بعضُها، وفعلوا ما لا يفعله الكفار، وانحلّ أمر السلطان بالكلية، فاجتمع الأمراء، وراسلوا محمود بن محمد ابن أخت السلطان سنجر، وخطبوا له بخراسان، وأحضروه وملّكوه، وانقادوا له في شوال سنة تسع. وساروا معه الى الغزّ، وهم يحاصرون هَراة، فجرت بينهم حروب في أكثرها الظّفَر للغُزّ. وكان لسنجر مملوك أي أبَه، ولقبه المؤيّد، استولى على نيسابور، وطوس، ونَسا، وأبيوَرد، وأزاح الغزّ، وقتل منهم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 40 خلقاً، وأحسن السيرة، وعظُم شأنه، وكُثر جمعه، والتزم بحمل مالٍ الى خاقان محمود بن محمد ابن أخت سنجر. 4 (أخذ الفرنج عسقلان) قال ابن الأثير: وفيها أخذت الفرنج عسقلان، وكانت للظافر بالله وكان الفرنج كل سنة يقصدونها ويحضرونها المصريون، يرسلون إليها الأسلحة والذخائر والأموال. فلما قُتل ابن السّلار في هذا العام اغتنم الفرنج اشتغال المصريين، ونازلوها، وجدّوا في حصارها، فخرج المسلمون وقاتلوهم وطردوهم، فأيسوا من أخذها، وعزموا على الرحيل عنها، فأتاهم الخبر بأن) أهلها قد اختلفوا، وذلك لأنهم لما قهروا الفرنج داخلهم العجب، وادعى كل طائفة أن النصرة على يده، ووقع بينهم خصام على ذلك، حتى قُتل بينهم رجل، فعظُمت الفتنة، وتفاقم الشرّ، وتجادلوا، فقُتل بينهم جماعة، وزحفت الفرنج في الحال، فلم يكن على السور من يمنعهم، فملكوا البلد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 41 4 (ثمان وأربعين وخمسمائة)

4 (خروج الغُزّ على السلطان سنجر) فيها خرجت التُرك على السلطان سنجر، وهم الغزّ، يدينون بالإسلام في الجملة، ويفعلون فعل التتار. وكان بينهم ملحمة عظيمة، فكُسر سنجر، واستُبيح عسكره قتلاً وأسراً، ثم هجمت الغُزّ نيسابور، فقُتل معظم من فيها من المسلمين، ثم ساروا الى بلخ، فملكوا البلد، وكانت عدتهم فيما قيل مائة ألف خركاه. ثم أسروا سنجر وأحاطوا به، وذاق الذل، وملكوا بلاده، وبتّوا الخطبة باسمه وقالوا: أنت السلطان ونحن أجنادُك، ولو أمِنّا إليك لمكّناك من الأمر، وبقي معهم صورةً بلا معنى. 4 (محاصرة عسكر المقتفي تكريت) وبعث المقتفي عسكراً يحاصرون، تكريت، فاختلفوا، وخامر ترشك المقتفوي، واتفق مع متولي تكريت، وسلكوا درب خراسان، ونهبوا وعاثوا، فخرج الخليفة لدفعهم، فهربوا، فسار الى تكريت، وشاهد القلعة ورجع، ثم برز السُرادق للانحدار الى واسط لدفع ملكشاه، فانهزم الى خوزستان، فنزل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 42 الخليفة بظاهر واسط أياماً، ورجع الى بغداد. 4 (نجاة الوزير ابن هُبيرة من الغرق) وسلِم يوم دخوله الوزير ابن هُبيرة من الغرق، انفلقت السفينة التي كان فيها، وغاصوا في الماء، فأعطى للذي استنقذه ثيابه، ووقّع له بذهب كثير. 4 (مقتل ابن السلار) وفيها قُتل العادل علي بن السلار بمصر. 4 (تسلّم الغوري هَراة) وفيها حاصر الملك غياث الدين الغوري مدينة هَراة، وتسلّمها بالأمان، وكانت للسلطان سنجر. 4 (إصابة شهاب الدين الغوري أمام الهند) ) وفيها سار شهاب الدين الغوري أخو غياث الدين، فافتتح مدينة من الهند، فتحزّبت عليه ملوك الهند، وجاءوا في جيش عرمرم، فالتقوا، فانكسر المسلمون. وجاءت شهاب الدين ضربة في يده اليسرى بطُلت منها. وجاءته ضربة أخرى على رأسه فسقط. وحجز الليل بين الفريقين، والتُمس شهاب الدين بين القتلى، فحمله أصحابه ونجوا به، فغضب على أمرائه لكونهم انهزموا، وملأ لكل واحد منهم مِخلاة شعير، وحلف لئن لم يأكلوا ليضربنّ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 43 أعناقهم، فأكلوا بعد الجهد. ثم نجده أخوه بجيش ثقيل، فالتقى الهند ونُصر عليهم. 4 (رواية ابن الأثير عن محاربة الهنود لشهاب الدين) قال ابن الأثير: عاد الهنود، وسارت ملكتهم في عدد يضيق عنه الفضاء، فراسلها شهاب الدين الغوري بأنه يتزوجها، فأبت، فبعث يخادعها، وحفظ الهنود المخاضات. فأتى هندي الى شهاب الدين، فذكر أنه يعرف مخاضة، فجهّز جيشاً عليهم حسين بن حرملك الغوري الذي صار صاحب هراة بعد. وكان شجاعاً مذكوراً. فساروا مع الهندي، وكبسوا الهنود، ووضعوا فيهم السيف، واشتغل الموكَّلون بحفظ المخاضات، فعبر شهاب الدين في العسكر، وأكثروا القتل في الهنود، ولم ينج منهم إلا من عجز المسلمون عنه. وقُتلت ملكتهم. وتمكن شهاب الدين من بلاد الهند، والتزموا له بحمل الأموال وصالحوه. وأقطع مملوكه قطب الدين أيبك مدينة دهلي، وهي كرسيّ مملكة الهند، وجهّز جيشاً، فافتتحوا مواضع ما وصل إليها مسلم قبل، حتى قاربوا لجهة الصين. 4 (تسلّم مجير الدين مفاتيح صرخد) ومن سنة ثمان وأربعين، في صفر توجه صاحب دمشق مجير الدين، ومعه مؤيَّد الدين الوزير، فنازل بصرى لمخالفته وجوره على أهل الناحية، وسلّم إليه مجاهد الدين مفاتيح صرخد، فأعطاه جملة. ثم صالحة سرخاك نائب بُصرى. 4 (أخذ الفرنج عسقلان) وجاءت الأخبار بأن نور الدين يجمع الجيوش للغزو، وليكشف عن أهل عسقلان، فإن الفرنج نزلوا عليها في جمع عظيم، فتوجه مُجير الدين صاحب دمشق الى خدمة نور الدين، واجتمع به في أمر الجهاد، وساروا الى بانياس،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 44 فبلغهم أخذ عسقلان وتخاذل أهلها واختلافهم. 4 (الوزارة بدمشق) ) وقد مرّ شرح حال الرئيس وتمكّنه من وزارة دمشق، فعرض الآن بينه وبين أخويه عز الدولة وزين الدولة مشاحنات وشرّ أفضى الى اجتماعهما بمجير الدين صاحب دمشق، فأنفذ يستدعي الرئيس للإصلاح بينهم، فامتنع، فآلت الحال الى أن تمكّن زين الدولة منه بإعانة مجير الدين عليه، فتقرر بينهما إخراج الرئيس من دمشق، وجماعته الى قلعة صرخد مع مجاهد الدين بُزان، وتقلّد زين الدولة الوزارة. فلم يلبث إلا أشهراً، فظلم فيها وعسف، الى أن ضرب عنقه مجير الدين، وردّ أمرَ الرئاسة والنظر في البلد الى الرئيس رضيّ الدين أبي غالب بن عبد المنعم بن محمد بن راشد بن علي التميمي. فاستبشر الناس قاطبةً. 4 (الغلاء بدمشق) وكان الغلاء بدمشق شديد، بلغت الغرارة خمسة وعشرين ديناراً، ومات الفقراء على الطرق، فعزم نور الدين على منازلتها، وطمع لهذه الحال في تملّكها. 4 (رئاسة رضي الدين التميمي) وأما رضيّ الدين التميمي، فإنه طُلب الى القلعة، وشُرّف بالخِلع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 45 المكمد، والمركوب بالسخت، والسيف المحلّى، والترس، وركب معه الخواصّ الى داره، وكُتب له التقليد، ولُقِّب الرئيس، الأجل، وجيه الدولة، شرف الرؤساء. 4 (قتل متولي بعلبك) ونفذ مجير الدين الى بعلبك، فاعتقل وقيّد متوليها عطاء الخادم، وكان جباراً، ظالماً، غشوماً. فسُرَّت بمصرعه النفوس، ونُهبت حواصله، ثم ضُربت عنقه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 46 4 (تسع وأربعين وخمسمائة)

4 (حصار تكريت) فيها نفذ الخليفة عسكراً، فما أخذوا تكريت بعد حصار ومجانيق وتعب، وقُتل من الفريقين عدة، ثم رأى الخليفة أن أخذها يطول، فرجع بعد أن نازلها مدة أيام. ثم بعد شهر عرض جيشه، فكانوا ستة آلاف، فجهزهم لحصارها مع الوزير ابن هُبيرة، وأنفق في الجيش نحو ثلاثمائة ألف دينار، سوى الإقامة، فإنها كانت تزيد على ألف كرّ، فوصل الخبر بأن مسعود بلال جاء في عسكر عظيم الى شهرابان، ونهبوا الناس. وطلب ابن هبيرة للخروج إليهم.) 4 (موقعة الخليفة والسلطان) وكان مسعود بلال وألبقش قد اجتمعا بالسلطان محمد، وحثّاه على قصد العراق، فلم يتهيأ له، فاستأذناه في التقدّم أمامه، فأذن لهما، فجمعا خلقاً من التركمان، ونزلا في طريق خراسان، فخرج الخليفة إليهما، فتنازلوا ثمانية عشر يوماً، وتحصّن التركمان بالخركاوات والمواشي. ثم كانت الوقعة في سلخ رجب، فانهزمت ميسرة الخليفة وبعض القلب، كسرهم مسعود الخادم، وتُرشك. وثبت الخليفة، وضربوا على خزائنه، وقتلوا خازنه يحيى بن يوسف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 47 الجزَري، فجاء منكورس، وأمير آخر، فقبّلا الأرض، وقالا: يا مولانا، ثبت علينا ساعة حتى نحمل. فقال: لا والله إلا معكما. ورفع الطرحة، وجذب السيف، ولبس الحديد هو وولّى العهد وكبرا، وصاح الخليفة: يالَ مُضر، كذب الشيطان وفرّ، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم ثلاثة. فحمل العسكر بحملته، ووقع القتل، حتى سُمع وقع السيوف كوقع المطارق على السنادين، وانهزم القوم وسُبي التركمان، وأخذت مواشيهم وخيلهم، فقيل: كانت الغنم أربعمائة ألف رأس، وبيعت كل ثمانين بدانق. ثم نودي بردّ من سُبي من أولادهم وأخذ ألبقش أرسلان شاه بن طُغرل، وهرب به الى بلده، وانهزم تُرشك، ومسعود الخادم الى القلعة. ثم أغارا بعد أيام على واسط، ونهبوا ما يختص بالوزير ابن هبيرة فرجع الخليفة الى القتال، فخرج بالعسكر، فانهزم العدو، فأدركهم، ونهب منهم، وعاد منصوراً، فخلع عليه الخليفة، ولقّبه: سلطان العراق، ملك الجيوش. وعرض الجيش في أبهة كاملة. 4 (زلزلة بغداد) ولما كان يوم الفطر، جاء مطر، ورعدٌ، وبرق، وزُلزلت بغداد من شدة الرعد. ووقعت صواعق، منها صاعقة في التاج المسترشدي. 4 (موت ألبقش) وجاءت الأخبار بمجيء محمد شاه، وبإيفاده الى عسكر الموصل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 48 يستنجدهم، والى مسعود بلال صاحب تكريت يستنجد به، فأخرج الخليفة سُرادقه، واستعرض الجيش، فزادوا على اثني عشر ألف فارس، فجاء الخبر بموت ألبقش، فضعُف محمد شاه وبطَل، فتسحّب جماعة من أمرائه، ولجأوا الى الخليفة. وحصل الأمن.) 4 (التجريد الى همذان) ثم جرّد الخليفة ألفي فارس الى جهة همذان. 4 (ظهور دم بنواحي واسط) وفيها حدث بنواحي واسط ظهور دم من الأرض، لا يُعلم له سبب. 4 (حال السلطان سنجر في الأسر) وجاءت الأخبار أن السلطان سنجر تحت الأسر وتحت حكمية الغُزّ، وله اسم السلطنة، وراتبه في قدر راتب سائس من سيّاسه، وأنه يبكي على نفسه. 4 (دخول الغزّ مرو) ودخلت الغُزّ مرو وغيرها، فقتلوا خلقاً، ونهبوا، وبدّعوا. 4 (مقتل الظافر العُبيدي) وفيها قُتل بمصر خليفتها الظافر بالله العُبيدي وهو شاب، وأقاموا الفائز صبياً صغيراً و ووهى أمر المصريين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 49 4 (ولاية نور الدين مصر) فكتب المقتفي لأمر الله عهداً لنور الدين محمود بن زنكي، وولاه مصر، وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولاً بحرب الفرنج، وهو لا يفتر من الجهاد، وما له إلا أياماً قد تملّك دمشق في صفر، وأخذها من صاحبها مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طُغتكين. 4 (أخذ نور الدين دمشق) وكانت الفرنج قد ملكوا عسقلان، وطمعوا في دمشق، حتى أنهم استعرضوا من بها من الرقيق، فمن أراد المقام تركوه، ومن أراد العود الى وطنه أُخذ قهراً من مالكه. وكان لهم على أهلها كل سنة قطيعة، فتجيء رسلهم ويأخذون من الناس. فراسل نور الدين مالكها مجير الدين واستماله، وواصله بالهدايا، وأظهر له المودة حتى ركن إليه، وكان يرسل إليه أن فلاناً قد بعث إليّ وكاتبني في تسلّم دمشق فاحذره. فكان مجير الدين يقبض على ذلك الرجل، ويقطع خبره، الى أن قبض على نائبه عطاء بن حفّاظ وقتله. وكان نور الدين لا يتمكن مع وجود عطاء من أخذ دمشق. ثم كاتب نور الدين من بدمشق من الأحداث، واستمالهم، ووعدهم، ومنّاهم، فوعدوه بأن يسلموا إليه البلد، فلما وصل نور الدين الى) دمشق بعث مجير الدين يستنجد بالفرنج، فتسلّم نور الدين البلد من قبل أن يقدموا، وذلك أن نور الدين حاصرها، فسلّم إليه أهل البلد من ناحية الباب الشرقي، وحصر مجير الدين في القلعة، وبذل له إن سلّم القلعة بلد حمص، فنزل، فلما سار الى حمص أعطاه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 50 عوضها بالِس، فغضب ولم يرض بها، وسار الى بغداد، فبقي بها مدة، وبنى بها داراً فاخرة بقرب النظامية. 4 (انهزام الاسماعيلية أمام الخراسانيين) وفيها ثارت الإسماعيلية، واجتمعوا سبعة آلاف مقاتل من بين فارس وراجل، وقصدوا خراسان ليملكوها عندما ينزل بها من الغُزّ، فتجمّع لهم أمراء من جند خراسان، ووقع المصافّ، فهزم الله الإسماعيلية، وقتل رؤوسهم وأعيانهم، ولم ينج منهم إلا الأقل. وخلَت قلاعهم من الحُماة. ولولا أن عسكر خراسان كانوا مشغولين بالغز لملكوا حصونهم، واستأصلوا شأفتهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 51 4 (خمسين وخمسمائة)

4 (دخول الغُزّ نيسابور) من أولها جاءت الأخبار الى بغداد بدخول الغز التركمان نيسابور، والفتك بأهلها، فقتلوا بها نحواً من ثلاثين ألفاً، وكان سنجر معهم، عليه اسم السلطنة، وهو في غاية الإهانة بين الغز، ولقد أراد أن يركب، فلم يجد من يحمل سلاحه، فشدّه على وسطه، وإذا قُدّم إليه الطعام خبأ منه شيئاً لوقت آخر، خوفاً من انقطاعه عنه. 4 (الوقعة بين عسكر التركماني وعسكر الخليفة) كانت وقعة بين العسكر التركماني وبين عسكر الخليفة، فهزموه وتبعوه، ثم خرج لهم كمين فهزمهم، ثم أذعن بطاعة الخليفة، وأطلق الأسرى. 4 (دخول المقتفي الكوفة) وفيها سار المقتفي الى الكوفة، واجتاز في سوقها، ودخل جامعها. 4 (مسير ابن رزّيك الى القاهرة) وفي أولها سار الصالح طلائع بن رُزّيك من الصعيد على قصد القاهرة للانتقام من عباس صاحب مصر الذي قتل الظافر بالله. فلما سمع مجيئه خرج

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 52 من مصر لقلة من بقي معه من الجند، وسار نحو الشام بما معه من الأموال والتحف التي لا تُحصى، لأنه كان قد استولى على القصر، وتحكّم في ذخائره ونفائسه.) 4 (قتل الفرنج صاحب مصر) فخرجت عليه الفرنج من عسقلان، فقاتلوه وقتلوه، واستولوا على جميع ما معه، وأسروا ابنه نصراً، وباعوه للمصريين. 4 (دخول ابن رزّيك القاهرة) وأما طلائع فدخل القاهرة بأعلام مسوّدة، وثياب سود في هيئة الحزن، وعلى الرماح شعور النساء مقطعة حزناً على الظافر. ثم نبش الظافر من دار عباس، ونقله الى مقبرة آبائه. 4 (هجوم إفرنج صقلية على تِنّيس) وجاءت مراكب الفرنج من صقلية، فأرسوا على تنيس وهجموها، فقتلوا وأسروا، وردوا بالغنائم، وخاف أهل مصر من استيلاء الفرنج، فإنا لله وإنا إليه راجعون، حتى عزن ابن رُزّيك وزيرُها على موادعة الفرنج بمال يُحمل إليه من الخزانة، فأوكس ذلك الأمراء، وعزموا على عزله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 53 4 (اشتداد شوكة المقتفي) وأما المقتفي لأمر الله، فإنه عظُم سلطانه، واشتدت شوكته، واستظهر على المخالفين، وأجمع على قصد الجهات المخالفة لأمره. 4 (تملّك نور الدين قلاعاً بنواحي قونية) وأما نور الدين، فإنه سار بجيشه، فملك عدة قلاع وحصون بالسيف وبالأمان من بلاد الروم، من نواحي قونية، وعظُمت ممالكه وبعُد صيته، وبعث إليه المقتفي تقليداً، وأمر بالمسير الى مصر، ولُقِّب بالملك العادل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 54 آخر الطبقة الخامسة والخمسين والحمد لله ربّ العالمين 5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (ربّنا أفرغْ علينا صبراً)

5 (الطبقة الخامسة والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة احدى وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن حامد بن أحمد بن محمود) الثقفي، أبو طاهر الإصبهاني، حفيد الشيخ أبي طاهر. توفي في هذه السنة. قاله عبد الرحيم الحاجي. قلت: هو والد أبي المجد زاهر الثقفي، من أعيان طلبة الحديث بإصبهان يلقَّب بالرفيع من بيت علم ورئاسة وجلالة، وله شعر حسن، وخطّ مليح، قرأ الكثير لولده. قال ابن السمعاني: لما قدمتُ صادفته يقرأ لوالده مُسند أبي يعلى، عن أبي عبد الله الخلال. سمع: القاسم الثقفي، وأبا مطيع. ولد سنة ثمانين تقريباً. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد) أبو نصر الحديثي المعدل، البغدادي. تفقّه على: أبي إسحاق الشيرازي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 55 وكان من أوائل شهود قاضي القضاة الزينبي. توفي في جمادى الآخرة. وحضره القضاة والكبار. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وتوفي في جمادى الآخرة، وصلى عليه ابنه أبو طالب رَوح. ثنا عن أبي الفضل بن طوق. 4 (أحمد بن محمد بن محمد بن ابراهيم بن الإخوة) أبو العباس البغدادي، العطار، الوكيل. سمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا منصور العُكبَري. وهو آخر من حدّث بكتاب المجتَنى لابن دريد، عن العكبري. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: شيخ بهي، حسن المنظر، خيّر، متقرّب الى أهل الخير، وهو أبو شيخنا عبد الرحيم، وعبد الرحمن. توفي في خامس رمضان.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 56 روى عنه جماعة آخرهم أبو الفرج الفتح بن عبد السلام الكاتب. عاش ستاً وثمانين سنة. 4 (ابراهيم بن محمد بن أحمد بن مالك) أبو أحمد العاقولي، الوزّان. شيخ من أهل باب الأزَج لا بأس به. سمع: عاصم بن الحسن، وجماعة. وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في جمادى الأولى هو وأخوه محمد في يوم واحد. وروى عنه: يوسف بن المبارك الخّفاف. وأجاز لأبي منصور بن غُنيمة، وغيره. 4 (اسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد بن دُوَسْت) أبو البركات النيسابوري، الصوفي. شيخ الشيوخ ببغداد. ولد سنة خمس وستين وأربعمائة ببغداد. وسمع من: أبي القاسم عبد العزيز الأنماطي، وأبي القاسم بن البُسري، وأبي نصر الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة. قال ابن السمعاني: كان على شاكلة حميدة الى أن طعن في السن، وكان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 57 وقوراً، مهيباً، ما عرفت له هفوة، قرأت عليه الكثير، وكنت نازلاً عنده في رباطه. قلت: وروى عنه: إبناه عبد الرحيم وعبد اللطيف، وعبد الخالق بن أسد، وأبو القاسم بن عساكر، وسِبطه عبد الوهاب بن سُكينة، وأحمد بن الحسن العاقلوي، وسليمان بن محمد الموصلي، وطائفة سواهم. توفي في عاشر جمادى الآخرة، وعُمل له عُرس على عادة الصوفية، غرِم عليه نحو ثلاثمائة دينار. قال ابن النجار: سمعتُ ابن سُكينة يقول: لما حضرَت جدّي الوفاة كنت حاضراً، وأولاده حوله، وهو في السياق، فقالت له والدتي: يا سيدتي، ما تجد فما قدر على النطق، فكتب بيده على يدها: رَوحٌ ورَيحانٌ وجنةُ نعيم ثم مات رضي الله عنه. 4 (اسماعيل بن طاهر) أبو علي الموصلي، ثم البغدادي.) سمع أباه عن أبي الحسن بن مَخلَد. روى عنه: ابن السمعاني، وابن طبرزَد. توفي سنة إحدى وأربعين في جُمادى الأولى. 4 (أمين الدولة) نائب قلعة صرخد، وقلعة بُصرى، واسمه كمشتكين. أمير جليل، كثير الحُرمة. ولاه على القلعتين الأتابك طُغتكين. فامتدت أيامه الى أن توفي في ربيع الآخر سنة وهو واقف المدرسة الأمينية بدمشق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 58 ولما مات توثّب مملوكه ألتُنْتاش فتملّك بصرى، وصرخد، وانتصر بالفرنج وحالفهم، فسار لحربهم نائب دمشق معين الدين أنُر فهزمهم، وانهزم معهم الى بلادهم ألتُنتاش. ونازل أنُر قلعتي بصرى وصرخد، فافتتحهما. 4 (حرف الباء)

4 (بختيار بن عبد الله) أبو الحسن الهندي، عتيق أبي بكر محمد بن منصور السمعاني. سمع ببغداد، وإصبهان، وهمذان كثيراً مع مولاه. وحدّث عن: أبي سعد محمد بن عبد الملك الأسدي، وأبي سعد محمد بن عبد الكريم بن خُشيش. روى عنه: أبو سعد ابن مُعتقه، وقال: توفي ثاني صفر. 4 (بختيار بن عبد الله) الهندي، أبو الحسن الصوفي، عتيق القاضي أبي منصور محمد بن اسماعيل البوشَنجي. رحل مع مولاه الى بغداد، وسمع: أبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وعاصم بن الحسن. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني. وقد سمّاه مولاه بعد العتق: عبد الرحيم بن عبد الرحمن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 59 قال أبو سعد: رحل الى بغداد، والحجاز، والبصرة، وإصبهان وعُمّر، وهو شيخ، صالح، متعبد، متخلي عن الدنيا. سمع أيضاً بالبصرة من أبي علي التُستري، وانتخبتُ عليه ببوشنج ثلاثة أجزاء. وحُمل من بوشَنج الى هَراة، ونزل في دار الحافظ أبي النضْر الفامي، وكانت محطّ رحال) الشيوخ الطارئين، وقُرئ عليه كتاب السُنّة للالكائي. وكان شيخاً متيقظاً، قد ناطح الثمانين. توفي ببوشَنج في سنة إحدى أو سنة اثنتين وأربعين. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن محمد بن أحمد بن علي) أبو محمد الأستِراباذي، الحنفي، الفقيه، قاضي الري. قدِم بغداد سنة ست وسبعين، وتفقّه على قاضي القُضاة أبي عبد الله الدامغاني حتى برع في الفقه. وسمع من: أبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وابن خيرون، وطِراد. قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه بالري، توفي أواخر جُمادى الآخرة بها. وولد في جُمادى الأولى سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. وكان يرى الاعتزال، وفيه بُخل، فقالوا فيه: (وقاضٍ لنا خبز ربّهُ .......... ومذهبه أنه لا يُرى)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 60 4 (الحسين بن الحسن بن أبي نصر بن يوسف المروروذي) أبو محمد الصائغ، المعروب بالحاجي. دخل بغداد، وسمع مع أبي بكر السمعاني من ثابت بن بُندار، وبهمذان من: مكي بن بَحيرة الحافظ، وعبد الرحمن الدوني. وبإصبهان من: أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد. توفي في العشرين من رمضان. روى عنه: أبو سعد. 4 (حنبلُ بن عليّ بن الحسين بن الحسن) أبو جعفر البخاري، ثم السجستاني، الصوفي. قدِم هَراة، وأدرك بها شيخ الإسلام أبا اسماعيل، وصحبه، وسمع منه. ومن: أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبي نصر الترياقي، ونجيب بن ميمون، وأحمد بن عُبيد الله بن أبي سعيد الأزدي. وببغداد من: ابن طلحة النعالي، وابن البطِر، وأبي بكر الطريثيثي.) روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو رَوح عبد المعز، وجماعة. وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 61 وكان شيخاً، كيّساً، ظريفاً، حدّث بمرو، وهَراة. وولد بسجستان في سنة أربع وستين وأربعمائة. ورحل وهو ابن بضع عشرة سنة. وتوفي بهَراة في السابع والعشرين من شوال. 4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن محمد بن أبي الحسن بن أبي الحسين بن مروان) البوسَنجي، أبو علي المحتسب. نزيل هَراة. كان يخدم جمال الإسلام أبا الحسن الداوودي، وسمع منه مجلسين. وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني. وعمّر دهراً طويلاً. وآخر من روى عنه أبو رَوح الهروي. قال أبو سعد السمعاني: وجدنا له مجلسين من أمالي الداوودي، وقرأناهما. ولد في غرة ربيع الأول سنة ثلاثين وأربعمائة، وكان صالحاً معمراً، رحمه الله. 4 (حرف الزاي)

4 (زنكي بن آقسُنقُر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 62 الملك عماد الدين صاحب الموصل، ويُعرف أبوه بالحاجب قسيم التركي، وقد تقدّم ذكره. وزنكي فوّض إليه السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي ولاية بغداد وشرطتها في سنة إحدى عشر وخمسمائة، ثم نقله الى الموصل، وسلّم إليه ولده فرّوخ شاه الملقلب بالخفاجي ليربّيه، ولهذا قيل له أتابك. وذلك في سنة اثنتين وعشرين. واستولى على البلاد، وقوي أمره، وافتتح الرُّها في سنة تسع وثلاثين. وترقّت به الحال الى أن ملك الموصل، وحلب، وحماه، وحمص، وبعلبك، ومدائن كثيرة يطول تعدادها. وسار بجيشه الى دمشق وحاصرها، ثم استقر الحال على أن خُطب له بدمشق. واسترجع عدة حصون من الفرنج، مثل كَفرْطاب وافتتح الرها. وكان بطلاً، شجاعاً، صارماً. وقد نازل قلعة جعبر، وصاحبها يومئذ علي بن مالك، فحاصرها، وأشرف على أخذها، فأصبح يوم الأربعاء خامس ربيع الآخر مقتولاً. قتله خادمه غيلة وهو) نائم، ودُفن بصفّين عند الرقة. وسار

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 63 ولده الملك نور الدين محمود، فاستولى على حلب، واستولى ولده الآخر سيف الدين غازي قُطب الدين مودود الأعرج على الموصل. قال ابن الأثير: نزل أتابك زنكي على حصن جعبر المُطل على الفرات، وقاتله من بها، فلما طال أرسل الى صاحبها ابن مالك العُقيلي رسالة مع الأمير حسان المنبجي، لمودة بينهما في معنى تسليمها، ويبذل له القطاع والمال، ويتهدده إن لم يفعل، فما أجاب، فقتل أتابك بعد أيام، وثب عليه جماعة من مماليكه في الليل، وهربوا الى القلعة، فدخلوها، فصاح أهلها وفرحوا بقتله، فدخل أصحابه إليه. حدّثني أبي، عن بعض خواصه قال: دخلت إليه في الحال وهو حيّ، فظن أني أريد قتله، فأشار إليّ بإصبعه يستعطفني، فقلت: يا مولانا مَن فعل هذا فلم يقدر على الكلام، وفاضت نفسه. قال: وكان حسن الصورة، أسمر، مليح العينين، قد وخطه الشيب، وزاد عمره على الستين، وكان صغيراً لما قُتل أبوه. وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته، وكانت البلاد خراباً من الظلم ومجاورة الفرنج، فعمّرها. حكى لي والدي قال: رأيت الموصل وأكثرها خراب، بحيث يقف الإنسان قريب محلة الطبالين، ويرى الجامع العتيق، ودار السلطان، ولا يقدر أحد أن يصل الى جامع إلا ومعه من يحميه، لبعده عن العمارة، وهو الآن في وسط العمارة. وكان شديد الغيرة لاسيما على نساء الأجناد، ويقول: إن لم نحفظهن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 64 بالهيبة، وإلا فسدن لكثرة غيبة أزواجهن. قال: وكان من أشجع خلق الله. أما قبل أن يملك، فيكفيه أنه حضر مع الأمير مودود صاحب الموصل مدينة طبرية، وهي للفرنج، فوصلت طعنته الى باب البلد، وأثّر فيه. وحمل أيضاً على قلعة عُقر الحميدية، وهي على جبل عالٍ، فوصلت طعنته الى سورها. الى أشياء أخَر. وأما بعد ملكه، فكان الأعداء محدقين ببلاده، وكلهم يقصدها، ويريد أخذها، وهو لا يقنع بحفظها، حتى أنه لا ينقضي عليه عام إلا وهو يفتح من بلادهم. وكان معه حين قُتل الملك ألب أرسلان بن السلطان محمود، فركب يومئذ، واجتمعت حوله العسكر، وحسّنوا له اللهو والشرب، وأدخلوه الرقة، فبقي بها أياماً لا يظهر، ثم سار الى ماكِسين، ثم الى سنجار، وتفرّق العسكر عنه، وراح الى الشرق، ثم ردّوه، وحُبس في قلعة) الموصل. وملك البلاد غازي بن زنكي، واستولى نور الدين على حلب وما يليها. ثم سار فتملّك الرها، وسبى أهلها، وكان أكثرهم نصارى. وقال القاضي جمال الدين بن واصل: لم يخلّف قسيم الدولة آقسنقر مولى السلطان ألب أرسلان السلجوقي ولداً غير أتابك زنكي، وكان عمره حين قُتل والده عشر سنين. فاجتمع عليه مماليك والده وأصحابه. ولما تخلص كربوقا من سجن حمص بعد قتل تُتُش، ذهب الى حران، وانضم إليه جماعة، فملك حران، ثم ملك الموصل وقرّب زنكي، وبالغ في الإحسان إليه، ورباه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 65 4 (حرف السين)

4 (سعد الله بن أحمد بن علي بن الشداد) أبو القاسم البغدادي. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن أسد الحنفي. وتوفي في ذي القعدة. 4 (سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد) أبو الحسن الأنصاري، البلنسي، المحدّث. رحل الى أن دخل الصين، ولهذا كان يكتب الأندلسي، الصيني. وكان فقيهاً، متديناً، عالماً، فاضلاً. سمع ببغداد: أبا عبد الله النعالي، وابن البطر، وطِراد بن محمد. وسمع بإصبهان: أبا سعد المطرّز. وسكنها وتزوج بها. وولدت له فاطمة، فسمّعها حضوراً معجم الطبراني، وغير ذلك، ومُسند أبي يعلى. وسمع بالدون سنن النسائي من الدوني، وحصّل الكثير من الكتب الجيدة. وحدّث ببغداد، وسكنها مدة بعد انفصاله عن إصبهان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 66 روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وعبد الخالق بن أسد ووصفه بالحفظ، وأبو اليُمن الكندي، وأبو الفرج بن الجوزي، وبنته فاطمة بنت سعد الخير، وعمر بن أبي السعادات بن صرما. وقال ابن الجوزي: سافر وركب البحار، وقاسى الشدائد، وتفقّه ببغداد على أبي حامد الغزالي،) وسمع الحديث. وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي. وحصّل كتباً نفيسة وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة. توفي في عاشر المحرم ببغداد. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة: أبو منصور بن عفيجة. وأورد ابن السمعاني في الأنساب حكاية غريبة فقال: سمّع بناته الى أن رُزق ابناً سماه جابراً، فكان يسمعه بقراءتي. واتفق أنه حمل الى الشيخ أبي بكر قاضي المرستان شيئاً يسيراً من عود بغدان، وجد الشيخ منه رائحة، فقال: ذا عود طيب. فحمل إليه منه نزراً قليلاً، ثم دفعه الى جاريته، فاستحيت الجارية أن تعلم الشيخ به لقلته، فلما دخل على الشيخ قال: يا سيدنا، وصل العود قال: لا. فطلب الجارية فسألها، فاعتذرت لقلته، وأحضرته، فقال لسعد الخير: أهو هذا قال: نعم. فرمى به الشيخ وقال: لا حاجة لنا فيه. ثم طلب منه سعد الخير أن يسمّع لابنه جزء الأنصاري، فحلف الشيخ أن لا يُسمعه إياه إلا أن يحمل إليه سعد الخير خمسة أمْناء عود. فامتنع سعد الخير، وألح على الشيخ أن يكفّر عن يمينه، فما فعل. ولا حمل هو شيئاً. ومات الشيخ، ولم يُسمّع ابنه الجزء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 67 4 (حرف الشين)

4 (شافع بن عبد الرشيد بن القاسم) أبو عبد الله الجيلي. سكن بالكرخ، وتفقّه على إلكِيا الهرّاسي، ورحل الى أبي حامد الغزالي فتفقّه عليه. وكانت له حلقة بجامع المنصور للمناظرة. وكل جمعة يحضرها الفقهاء. سمع بالبصرة: أبا عمر النهاوندي القاضي. وبطبَس: فضل الله بن أبي الفضل الطبسي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سألته عن مولده، فقال: دخلت بغداد سنة تسعين وأربعمائة ولي نيّف وعشرون سنة. وتوفي في العشرين من المحرم. وقال ابن الجوزي: كنت أحضر حلقته وأنا صبي، فألقى المسائل. قلت: هذا من أئمة الشافعية.) 4 (حرف الصاد)

4 (صاعد بن أبي الفضل بن أبي عثمان) الشيخ أبو العلاء الشُعيثي، الماليني، شيخ خيّر. سمع: أبا اسماعيل الأنصاري، وأبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الجوهري، وبِيبَى بنت عبد الصمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 68 وكان فقيهاً فاضلاً، قديم المولد. ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وآخر من سمع منه روح بن المعز الهروي. 4 (حرف الظاء)

4 (ظاهر بن أحمد بن محمد) أبو القاسم البغدادي، المساميري، البزّاز. شيخ صالح، مُكثر. سمع من: رزق الله التميمي، وطِراد الزينبي، وابن البطِر، وطائفة. وتوفي في ذي القعدة. روى عنه: ابن السمعاني، ويوسف بن المبارك، ومحمد بن علي بن القُبَيطي. وكان معمّراً. 4 (ظفَر بن هارون بن ظفر) أبو الفوح الهمذاني. أصله موصلي. سمع: ثابت بن الحسين التميمي. كتب عنه السمعاني وقال: مات في جمادى الأولى عن ثلاث وثمانين سنة. 4 (حرف العين)

4 (عائشة بنت عبد الله بن علي البلخي، ثم البوشنجي) أم الفضل، صالحة، معمّرة. سمعت: أباها أبا بكر البلخي، وأبا الحسن الداوودي، وأبا منصور كَلار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 69 كتب عنها السمعاني وقال: ماتت سابع ذي الحجة.) 4 (عبّاس) شِحنة الري. دخل في الطاعة، وسلّم الري الى السلطان مسعود. ثم إن الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد، وقالوا: ما بقي لنا عدو سوى عباس، فاستدعاه السلطان الى دار المملكة في رابع عشر ذي القعدة وقتله، وأُلقي على باب الدار. فبكى الناس عليه لأنه كان يفعل الجميل، وكانت له صدقات. وقيل: إنه ما شرب الخمر قط، ولا زنى، وإنه قتل من الباطنية لعنهم الله ألوفاً كثيرة، وبنى من رؤوسهم منارة. ثم حُمل ودُفن في المشهد المقابل لدار السلطان. قاله ابن الجوزي. 4 (عبد الله بن علي بن أحمد بن عبد الله) الإمام أبو محمد المقرئ، النحوي، سِبط الزاهد أبي منصور الخياط،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 70 وإمام مسجد ابن جردة، وشيخ القراء بالعراق. ولد في شعبان سنة أربع وستين وأربعمائة، وتلقّن القرآن من أبي الحسن بن الفاعوس. وسمع من: أبي الحسين بن النّقور، وأبي منصور محمد بن محمد العكبري، وطِراد الزينبي، ونصر بن البطر، وثابت بن بُندار، وجماعة. وقرأ العربية على أبي الكرم بن فاخر. وسمع الكُتب الكبار، وصنّف المصنفات في القراءات مثل المبهج، والكفاية، والاختيار، والإيجاز. وقرأ القرآن على جده، وعلى: الشريف عبد القاهر بن عبد السلام المكي، وأبي طاهر بن سِوار، وأبي الخطاب بن الجرّاح، وأبي المعالي ثابت بن بُندار، وأبي البركات محمد بن عبيد الله الوكيل، والمقرئ المعمّر يحيى بن أحمد السيبي صاحب الحمّامي، وابن بدران الحلواني، وأبي الغنائم محمد بن علي الزينبي، وأبي العز القلانسي، وغيرهم. وتصدّر للقراءات والنحو، وأمّ بالمسجد المذكور سنة سبع وثمانين وأربعمائة الى أن توفي. وقرأ عليه خلق وختم ما لا يُحصى. قاله أبو الفرج بن الجوزي، وقال: قرأت عليه القرآن والحديث، الكثير، ولم أسمع قارئاً قط أطيب صوتاً منه ولا أحسن أداء على كبر سنه. وكان) لطيف الأخلاق، ظاهر الكياسة والظرافة وحُسن المعاشرة للعوام والخاص. قلت: وكان عارفاً باللغة، إماماً في النحو والقراءات وعللها، ومعرفة رجاله، وله شعر حسن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 71 قال ابن السمعاني: كان متواضعاً، متودداً، حسن القراءة في المحراب، خصوصاً في ليالي رمضان. وكان يحضر عنده الناس لاستماع قراءته. وقد تخرّج عليه جماعة كثيرة، وختموا عليه القرآن. وله تصانيف في القراءات. وخولف في بعضها، وشنّعوا عليه، وسمعتُ أنه رجع عن ذلك، والله يغفر لنا وله. وكتبت عنه، وعلقت عنه من شعره. ومنه: (ومن لم تؤدبه الليالي وصرفها .......... فما ذاك إلا غائب العقل والحُسن)

(يظن بأن الأمر جارٍ بحُكمه .......... وليس له علم، أيُصبح أو يُمسي) وله: (أيها الزائرون بعد وفاتي .......... جدثاً ضمّني ولحداً عميقا)

(ستروني الذي رأيت من المو .......... ت عياناً وتسلكون الطريقا) وقال الحمد بن صالح الجيلي: سار ذكره في الأغوار والأنجاد. ورأس أصحاب الإمام أحمد، وصار أوحد وقته، ونسيج وحده، ولم أسمع في جميع عمري من يقرأ الفاتحة أحسن ولا أصحّ منه. وكان جمال العراق بأسره، وكان ظريفاً كريماً، لم يخلّف مثله في أكثر فنونه. قلت: قرأ عليه القراءات: شهاب الدين محمد بن يوسف الغزنوي، وتاج الدين أبو اليُمن الكندي، وعبد الواحد بن سلطان، وأبو الفتح نصر الله بن علي بن الكيال الواسطي، والمبارك بن المبارك بن زُريقالحداد، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن هرون الحلّي المعروف بابن الكال المقرئ، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة بن علي بن القبيطي، وأبو أحمد عبد الوهاب بن سُكينة، وزاهر بن رستم نزيل مكة. وحدّث عنه: محمود بن المبارك بن الذّارع، ويحيى بن طاهر الواعظ،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 72 واسماعيل بن ابراهيم بن فارس السيبي، وعبد الله بن المبارك بن سُكينة، وعبد العزيز بن منينا، وتلميذه الكندي، وعليه تلقّن القرآن وعلم العربية. وتوفي في ثامن وعشرين ربيع الآخر. وصلى عليه الشيخ عبد القادر. قال ابن الجوزي: قد رأيت أنا جماعة من الأكابر، فما رأيت أكثر جمعاً من جمعه. قال عبد الله بن حريز القرشي: ودُفن من الغد بباب حرب عند جده على دكة الإمام أحمد.) وكان الجمع كثيراً جداً يفوق الإحصاء، وغلّق أكثر البلد في ذلك اليوم. 4 (عبد الله بن علي بن عبد العزيز بن فرج) الغافقي، القرطبي، أبو محمد. عن: أبي محمد بن رزق، وعبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني. قال ابن بشكوال: كان فقيهاً، حافظاً، متيقظاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 73 توفي رحمه الله في ربيع الآخر. 4 (عبد الله بن نصر بن عبد العزيز بن نصر) أبو محمد المرندي. دار في الآفاق، وأخذ عن الأئمة، وأفنى أكثر عمره في الأسفار، وتفقّه ببغداد على أسعد الميهني، ثم سكن مرو. وكان بارعاً في الأدب. أخذ عن: الأبيوردي الأديب، وله شعر حسن. توفي في يوم عاشوراء. قاله ابن السمعاني. 4 (عبد الباقي بن أبي بكر محمد بن عبد الباقي) الأنصاري، البزاز، أبو طاهر. قال ابن السمعاني: هو أحد الشهود المعدلين، سمّعه أبوه من نصر بن البطر، وطبقته. سمعنا بقراءته على أبيه مغازي الواقدي. وكان سريع القراءة. ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. ومات في رمضان. 4 (عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن غالب بن تمام بن عطية)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 74 الإمام الكبير، قدوة المفسرين، أبو محمد بن الحافظ الناقد الحجة أبي بكر المحاربي، الغرناطي، القاضي. أخذ عن: أبيه، وأبي علي الغساني الحافظ، ومحمد بن الفرج الطلاعي، وأبي الحسين يحيى بن البياز، وخلق سواهم. وكان فقيهاً، عارفاً بالأحكام، والحديث، والتفسير، بارع الأدب، بصيراً بلسان العرب، ذا ضبط) وتقييد، وتحرٍ، وتجويد، وذهن سيال، وفكرٍ الى موارد المُشكل ميال. ولو لم يكن له إلا تفسيره الكبير لكفاه. وكن والده من حفّاظ الأندلس، فاعتنى به، ولحق به المشايخ. وقد ألّف برنامجاً ضمنه مروياته. ولد في سنة ثمانين وأربعمائة. حدّث عنه: أولاده، والحافظ أبو القاسم بن حُبيش، وأبو محمد بن عبيد الله البستي، وأبو جعفر بن مضاء، وعبد المنعم بن الفرس، وأبو جعفر بن حكم، وآخرون. مات بحصن لورقة في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وولي قضاء المرية في سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وكان يتوقد ذكاء، رحمه الله. قال الحافظ ابن بشكوال: توفي سنة اثنتين وأربعين. وقال: كان واسع المعرفة، قوي الأدب. متفنناً في العلوم، أخذ الناس عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 75 4 (عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أبي حامد) الخطيب، أبو عبد الله الدارمي، الهروي. قال ابن السمعاني: كان فاضلاً، صالحاً، ورِعاً، عابداً، كان ينوب عن خطيب هَراة. وسمع من: بيبي، وكلاب، وعبد الله بن محمد الأنصاري، وأبي عبد الله العميري، وأبي بكر الغورجي، وجماعة. وحدّث. وتوفي بهراة في المحرّم. روى عنه: أبو رَوح في مشيخته، وبالإجازة: أبو المظفر بن السمعاني. وظني أن أباه روى عنه أيضاً. وكان مولده سنة أربع وستين وأربعمائة. 4 (عبد الرحمن بن عبد الملك بن غشليان) المحدّث، أبو الحكم الأنصاري، السرقسطي. له إجازة من القاضي أبي الحسن الخلعي، وجماعة على يد أبي علي الصدفي. وسمع من: الصدفي، وجماعة. حتى إنه سمع من ابن بشكوال. وقال ابن بشكوال: أخذت عنه، وأخذ عني كثيراً. وكان من أهل المعرفة والذكاء واليقظة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 76 سكن قرطبة، وبها توفي في رمضان. قلت: آخر من روى عنه في الدنيا بالإجازة: محمد بن أحمد ابن صاحب الأحكام، شيخ سمع منه ابن سيسري، وبقي الى سنة. 4 (عبد الرحمن بن عمر بن أبي الفضل) أبو بكر البصري، ثم المروروذي، شيخ صالح، حسن السيرة، معمَّر. وهو آخر من سمع من القاضي حسين بن محمد الشافعي المروروذي صاحب التعليق. سمع منه مجلساً من أماليه. وسمع من: شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري. وكان مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين. أجاز لأبي المظفر بن السمعاني. 4 (عبد الرحمن بن عمر بن أحمد) أبو مسلم الهمذاني، الصوفي، العابد. مات في شوال عن سبع وسبعين سنة. أجاز له محمد بن عثمان القومساني. 4 (عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سليمان) أبو القاسم، وأبو زيد التُجيبي، ابن الأديب الأندلسي، نزيل أورِيولة، ووالد الشيخ أبي عبد الله. أخذ بمُرسية عن: أبي محمد بن أبي جعفر تلمَذ له. ولقي بالمَرية: أبا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 77 القاسم ابن ورد، وأبا الحسن بن موهب الجذامي. وحج سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وسمع بمكة من الحسين بن طحّال. وأخذ القراءات عن أبي علي الحسن بن عبد الله. باشر القضاء ووليه مُكرَهاً. وكان خاشعاً، متقللاً من الدنيا، له بضاعة يعيش من كسبها. وكان إذا خطب بكى وأبكى، وكان فصيحاً، مشوّهاً. ثم إنه أعفي من القضاء بعد شهرين من ولايته. وبعد الأربعين وفاته. 4 (عبد الرحمن بن عيسى بن الحاج) ) أبو الحسن القُرطبي، المجريطي. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن النحاس. وولي قضاء رنْدة. أخذ عنه القراءات ابنه يحيى القاضي. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى) أبو القاسم الأموي، الإشبيلي، النحوي، المعروف بابن الرمّاك. روى عن: أبي عبد الله بن أبي العافية، وأبي الحسن بن الأخضر، وأبي الحسين بن الطراوة. وكان أستاذاً في صناعة العربية، محققاً، مدققاً، متصدراً للإقراء بها، قائماً على كتاب سيبويه. قلّ مشهورٌ من فضلاء عصره إلا وقد أخذ عنه. قال أبو علي الشلوبيني: ابن الرماك عليه تعلّم طلبة الأندلس الجِلّة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 78 أخذ عنه: أبو بكر بن خير، وأبو إسحاق بن ملكون، وأبو بكر بن طاهر المحدث، وأبو العباس بن مضاء، وآخرون. وتوفي كهلاً. 4 (عبد الرحيم بن عبد الرحمن) أبو الحسن الكندي، الصوفي، مولى أبي منصور محمد بن اسماعيل اليعقوبي. مرّ بختيار تقدّم. 4 (عبد الرحيم بن محمد بن الفضل) الإصبهاني الحداد. توفي في شوال. 4 (عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد بن محمد) أبو المظفر الشحامي، النيسابوري. من بيت الحديث والعدالة. سمع: الفضل بن المحبّ، وأبا إسحاق الشيرازي الفقيه لما قدم عليهم، وأبا بكر بن خلف، وجماعة كثيرة. وكان مولده في سنة ست وستين وأربعمائة، ومات في سلخ جمادى الأولى بنيسابور.) روى عنه: جماعة. وممن روى عنه بالإجازة: عبد الرحيم بن السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 79 4 (عبد الكريم بن عبد المنعم بن أبي القاسم القُشيري) أبو محمد بن أبي المظفّر النيسابوري. سمع من: عبد الواحد، وعلي بن الحمد المديني، المؤدّب. وببغداد: أبا القاسم بن بيان. حدّث، وتوفي رحمه الله في الثالث والعشرين من شعبان. 4 (عبد المحسن بن غُنيمة بن أحمد بن فاحة) أبو نصر البغدادي. شيخ صالح، ديّن، خيّر. سمع: أبا عبد الله النعالي، وابن نبهان، وشجاعاً الذهلي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في المحرم. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن خلف بن بيش) أبو عبد الله العبدري، الأندلسي، الأثري. إمام مشاوَر، له إجازة من أبي عبد الله الخولاني. روى عنه: أبو بكر بلبيس. وتوفي في صفر. 4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر) الطوسي، أخو خطيب الموصل. سمع: النعالي، وابن البطِر. وعنه: ابن أخيه. وكان فقيهاً شافعياً، مناظراً. مات في المحرّم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 80 4 (محمد بن أحمد بن مالك) ) العاقولي. عن: طِراد، وابن البطِر. وعنه: ابن هُبل الطبيب. 4 (محمد بن اسماعيل بن أبي بكر بن عبد الجبار) الناقدي، الجراحي، المروزي، الساسياني. وساسيان محلة بمرو، شيخ صالح. قرأ عليه أبو سعد السمعاني صحيح البخاري بسماعه من أبي الخير محمد بن موسى الصفّار، وقال: توفي سنة إحدى أو اثنتين وأربعين. 4 (محمد بن الحسن بن محمد بن سورة) أبو بكر التميمي، النيسابوري. سمع: الفضل بن أبي حرب، وأحمد بن سهل السراج، وابن خلف. توفي في جمادى الأولى. 4 (محمد بن طراد بن محمد بن علي) أبو الحسين العباسي، الزينبي، نقيب الهاشميين ببغداد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 81 سمع: عمه أبا نصر، وأباه، وأبا القاسم بن البُسري، واسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وهو أخو الوزير أبي القاسم عليّ. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وكان كثير الحج، صدراً، نبيلاً، مسنِداً. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو أحمد بن سكينة، وعمر بن طبَرزد، وجماعة. وبالإجازة أبو القاسم بن صَصْرى. وتوفي في شعبان. ودُفن بداره بباب الأزج، وبقي في النقابة ثمان عشرة سنة. 4 (محمد بن علي بن عبد الله) أبو بكر الكِشمَردي. سمع: الحسين بن السري، وثابت بن بُندار. وعنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر في مُعجميهما. وكان صالحاً.) توفي في رجب ببغداد. 4 (محمد بن علي بن عبد الله)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 82

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 83

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 84

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 85 الإمام أبو عبد الله العراقي، البغدادي، نزيل البوازيج. من كبار أئمة الشافعية القائمين على المذهب. تفقّه على: إلكيا الهرّاسي، وأبي حامد الغزالي، وأبي الشاشي. وأخذ عن: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي بكر بن المظفر الشامي. لقيه المحدّث أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي بإربل، وسمع منه جزءاً ومقاطع من شعره. وكان العراقي قد قدِم إربل لحاجة. مولده في حدود الثمانين وأربعمائة، وبقي الى بعد الأربعين وخمسمائة. 4 (محمد بن علي بن محمد) أبو جعفر المروزي، الدرقي. فقيه، صالح، معمَّر. أخذ عن: أبي القاسم الدبوسي. وعنه: السمعاني، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 86 4 (محمد بن فضل الله) أبو الفتح بن مخمخ البنجديهي، الفقيه، العابد. سمع من: أبي سعيد البغوي الدباس. ومات ببنج ديه في جمادى الآخرة عن ثلاث وسبعين سنة. أخذ عنه: السمعاني. 4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن) أبو الفتح النيسابوري، الخشّاب، الكاتب. سمع: أبا القاسم بن هوازن القُشيري، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، والفضل بن المحب. قال أبو سعد: لقيته بإصبهان، وله شعرٌ رائق، وخطّ فائق. قلت: هو آخر من حدّث بإصبهان عن القشيري وزوجته بنت الدقاق رحمه الله.) 4 (محمد بن محمد بن أحمد بن أحمد السلال)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 87 أبو عبد الله الكرخي، الوراق، الحبّار. كان يبيع الحبر في دكان عند باب النوبي. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وجابر بن ياسين، وأبي بكر بن سياوش الكازَروني، وأبي الحسن بن البيضاوي، وأبي علي بن وشاح. وتفرّد بالرواية عن هؤلاء الثلاثة، وطال عمره، وتفرّد. ولد في رمضان سنة سبع وأربعين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: كان في خلقه زعارّة، وكنا نسمع عليه بجهد. وهو متهم، معروف بالتشيع. قال أبو بكر محمد بن عبد الباقي: بيت السّلال معروف في الكرخ بالتشيّع. وقال الحافظ ابن ناصر: كنت أمضي الى الجمعة وقد ضاق وقتها، فأراه على باب وكأنه فارغ القلب، ليس على خاطره من الصلاة شيء. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعمر بن طبرزد، وأبو الفرج بن الجوزي، ومحمد بن أبي عبد الله بن أبي فتح النهرواني، ومحمد بن عَبدة البروجِردي، وسليمان الموصلي، وأخوه عليّ، والنفيس بن وهبان، وآخرون. توفي في جُمادى الأولى، وله أربع وتسعون سنة. روى عنه بالإجازة أبو منصور بن عفيجة. وأبو القاسم بن صَصرى. 4 (محمد بن محمد بن الفضل بن دلاّل) أبو منصور الشيباني، الباجِسرائي، ثم البغدادي، الحافظ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 88 سمع الكثير، وقرأ، وكتب، وعُني بهذا الشأن وكان سريع القراءة، جيّد التحصيل. سمع: طراد بن محمد، وابن البطر، وطبقتهما. روى عنه: أبو اليُمن الكندي. توفي في شعبان وله إحدى وثمانون سنة. ذكره ابن النجار. 4 (المبارك بن أحمد بن محبوب.) أبو المعالي المحبوبي، أخو أبي علي البغدادي.) سمع من: طراد الزينبي، ونصر بن البطر، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً، خيّراً. توفي في نصف رجب. روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي. 4 (المبارك بن المبارك بن أحمد بن المحسّن بن كيلان) أبو بكر الكيلاني، السِّقلاطوني، البابَصري، من أهل باب البصرة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 89 من أهل الستر والصلاح. سمع: أباه، وثابت بن بُندار. وتوفي في رجب وقد قارب الستين. 4 (مسلم بن الخضِر بن قسيم) أبو المجد الحموي، من شعراء نور الدين. له شعر في الخريدة. فمن شعره: (أهلاً بطيف خيالٍ جاءني سَحَراً .......... فقمت والليل قد شابتْ ذوائبُه)

(أقبّل الأرضَ إجلالاً لزورته .......... كأنما صدقتْ عندي كواذبُه)

(ومودع القلب من نار الجوى حرقا .......... قضى بها قبل أن تُقضى مآربُه)

(تكاد من ذِكر يوم البَين تحرقُه .......... لولا المدامع أنفاسٌ تُغالبه)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 90

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 91 4 (مسعود بن أبي غالب بن التُرَيكي) السّقلاطوني. سمع: محمد بن عبد الواحد الأزرق في سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. روى عنه: عمر بن طبَرْزَد، وسمع منه في هذا العام، بقراءة أخيه أبي البقاء محمد. 4 (المفضَّل بن أحمد بن نصر بن علي بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن قاذشاه) أبو عبد الله الإصبهاني. سمع: أبا عبد الله الثقفي، وأبا بكر بن ماجة الأبهري. وتوفي بهمذان في جُمادى الأولى. كتب عنه: الحافظ أبو سعد، وعبد الخالق بن أسد.) 4 (المَهدي بن هبة الله بن مهدي) أبو المحاسن الخليلي، القزويني. إمامٌ، زاهد، عابد، ورع، قوّال بالحقّ، نزل بنواحي مَرو. وقد تفقّه على أسعد المَيهني، وقرأ المقامات بالبصرة على المصنِّف، ثم تزهّد، وصحِب يوسف بن أيوب مدة. روى عنه: أبو سعد السمعاني: حدّثنا عن محيي السُنّة البغوي. ولد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة، وتوفي بقرية جيرنج في شعبان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 92 4 (حرف النون)

4 (نصر بن أسعد بن سعد بن فضل الله بن أحمد) المَيهني، الصوفي. سمع: أبا الفضل محمد بن أحمد العارف في سنة بضعٍ وستين. أخذ عنه: أبو سعد، وقال: مات في المحرَّم. 4 (حرف الواو)

4 (وجيه بن طاهر بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف بن محمد بن المَرزبان) أبو بكر الشّحّامي، أخو زاهر. من بيت الحديث والعدالة بنيسابور. رحل بنفسه الى هَراة أو الى بغداد. ومولده في شوال سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. سمع: أبا القاسم القُشيري، وأبا حامد الأزهري، وأبا المظفَّر محمد بن إسماعيل الشّحامي، وأبا نصر عبد الرحمن بن محمد بن موسى التاجر، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبا صالح المؤذّن، ووالده أبا عبد الرحمن الشحامي، وشيخ الحجاز عليّ بن يوسف الجُوَيني، وشبيب بن أحمد البستيغي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 93 وأبا سهل الحفصي، وأبا المعالي عمر بن محمد بن الحسين البِسطامي، وأخته عائشة بنت البسطامي، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبا القاسم إسماعيل بن مَسعدة، الإسماعيلي، وطائفة بنيسابور. وبهَراة: شيخ الإسلام، وبيبى الهَرثَمية، وعاصم بن عبد الملك الخليلي، وأبا عطاء عبد الرحمن) بن محمد الجوهري، وأبا العلاء صاعد بن سيّار، ونجيب بن ميمون الواسطي، وعطاء بن الحسَن الحاكم، وجماعة بهَراة. وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي، وأبا سعد محمد بن محمد الحجري ببوشنج. وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وأبا الحسين الصاحبي ببغداد. وأبا نصر محمد بن وَدعان الموصلي بالمدينة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو الفضل محمد بن أحمد الطّبَسي، ومحمد بن فضل الله السالاري، ومنصور الفراوي، والمؤيَّد الطوسي، وزينب الشعرية، ومجد الدين سعيد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، والقاسم بن عبد الله الصّفّار، وأبو النجيب إسماعيل بن عثمان الغازي، وأبو سعد عبد الواحد بن علي بن حمّوَيه الجُويني، وآخرون. قال ابن السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان يُعملي في الجامع الجديد بنيسابور كل جمعة في مكان أخيه زاهر. وكان كخير الرجال، متواضعاً، ألُوفاً، متودداً، دائم الذِّكر، كثير التلاوة، وصولاً للرجم، تفرّد في عصره بأشياء، ومرض أسبوعاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 94 وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة. ودُفن بجنب أبيه وأخيه. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن خلف بن النفيس) أبو بكر، المعروف بابن الخَلوف، الغرناطي، المقرئ، الأستاذ. لقي من المقرئين: أبا الحسن العبسي، وخازم بن محمد، وأبا بكر بن المفرّج البطليوسي، وأبا القاسم بن النحاس، وأبا الحسن بن كرز، وعيّاش بن خلف. ومن المحدّثين: ابن الطّلاع، وأبا علي الغساني، وأبا مروان بن سراج، فسمع من بعضهم، وأجاز له سائرهم. وحجّ فسمع صحيح مسلم بمكة، من أبي عبد الله الحسين الطبري، ودخل العراق، فسمع من: أبي طاهر بن سِوار المقرئ، وبالشام من أبي الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي. وأقرأ الناس بجامع غرناطة زماناً، وطال عمره، واشتهر اسمه وحدّث، وأقرأ الناس، وكان بارعاً فيها، حاذقاً بها، مع التفنن، والحفظ، ومعرفة التفاسير، والجلالة والحُرمة. حدّث عنه: أبو عبد الله النميري، ويقول فيه: يحيى بن أبي سعيد، وأبو بكر بن رزق، وأبو) الحسن بن الضحاك، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن الفرس، وابنه عبد المنعم بن محمد، وابنه عبد المنعم بن يحيى بن الخَلوف، وأبو القاسم القنطري، وأبو محمد بن عُبيد الله الحَجري، وأبو عبد الله بن عروس. وتوفي بغرناطة في آخر العام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 95 وكان مولده في أول ست وستين وأربعمائة. ترجمه الأبّار. ومن بقايا الرواة عنه: أحمد بن عبد الودود بن سمجون، بقي الى سنة ثمانٍ وستمائة. 4 (يحيى بن زيد بن خليفة بن داعي بن مَهدي بن إسماعيل) أبو الرضا العلوي، الحَسني، السّاوي، شيخ الصوفية بساوة. ديّن صالح، خيّر، متودد، متواضع، جميل. سمع بإصبهان: أبا سعد المطرِّز، وأبا منصور بن مَندويه، وأبا عليّ الحداد. وتوفي في شعبان عن بضعٍ وسبعين سنة. روى عنه أبو سعد السمعاني. 4 (يحيى بن عبد الله بن أبي الرجاء محمد بن علي عليّ التميمي) أبو الوفاء الإصبهاني. توفي في الخامس والعشرين من رمضان. وكان فاضلاً، نبيلاً، معدّلاً، عالماً بالشروط. روى عنه: أبو موسى المديني، والسمعاني. سمع: أباه، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة، وأبا طاهر النقّاش. 4 (يحيى بن موسى بن عبد الله) أبو بكر القُرطبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 96 روى عن: محمد بن فرج، وأبي عليه الغساني. وكان رجلاً صالحاً، طاهراً، مُقبلاً على ما يعنيه. روى عنه ابن بَشكوال فوائد أبي الحسن بن صخر، بسماعه من عبد العزيز بن أبي غالب القروي، عنه، وقال: توفي في عقِب صفر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 97 4 (وفيات سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة) ) 4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحُصين بن عبد الملك بن عطاف) القاضي، أبو العباس العُقيلي، الجيّاني. طلب العلم وهو ابن ستّ عشرة سنة، وهذا يندر في المغاربة، ورحل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 98 إلى قرطبة، فسمع من: أبي محمد بن عَتّاب، وأبي الأصبغ بن سهل. وسمع بإشبيلية من: أبي القاسم الهَوزَني. وسكن غرناطة، وأفتى بها، وحدّث. روى عنه: أبو محمد بن عُبيد الله الحَجري. 4 (أحمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله) أبو الحسن بن أبي موسى بن الآبنوسي، الفقيه الشافعي، الوكيل. ولد سنة ست وستين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا نصر الزينبي، وإسماعيل بن مَسعدة الإسماعيلي، وعاصم بن الحسن، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله، وجماعة كثيرة. وتفقّه على القاضي محمد بن المظفّر الشامي، وعلى أبي الفضل الهمذاني. ونظر في علم الكلام والاعتزال. ثم فتح الله له بحسن نيته، وصار من أهل السُّنة. روى عنه: بنته شرف النساء وهي آخر من حدّث عنه، وابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو اليُمن الكِندي، وسليمان الموصلي، وآخرون. قال ابن السمعاني: فقيه، مُفتٍ، زاهد. يعرف المذهب والفرائض. اعتزل عن الناس، واختار الخمول، وترك الشهرة، وكان كثير الذِّكر. دخلت عليه، فرأيته على طريقة السّلف من خشونة العيش، وترك التكلّف. وقال ابن الجوزي: صحب شيخنا أبا الحسن بن الزاغوني، فحمله

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 99 على السُنّة بعد أن كان معتزلياً، وكانت له اليد الحسَنة في المذهب، والخلاف، والفرائض، والحساب، والشروط. وكان ثقة، مصنّفاً، على سنن السّلف، وسبيل أهل السُّنة في الاعتقاد. وكان يُنابذ مَن يخالف ذلك من المتكلمين. وله أذكار وأوراد من بكرة الى وقت الظهر، ثم يُقرأ عليه من بعد الظهر. وكان يلازم بيته،) ولا يخرج أصلاً. وما رأيناه في مسجد، وشاع أنه لا يصلي الجمعة، وما عرفنا عنه في ذلك. وتوفي في ثامن ذي الحجة. قلت: وأجاز لأبي منصور بن عُفيجة، ولأبي القاسم، يعني ابن سعد. 4 (أحمد بن عبد الخالق بن أبي الغنائم) الهاشمي، أبو العباس. سمع مجلساً من طِراد. روى عنه: الفضل بن عبد الخالق الهاشمي. 4 (أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الباري) أبو جعفر البِطرَوجي، ويقال البطروشي، بالشين، الحافظ. أحد الأئمة المشاهير بالأندلس. أخذ عن: أبي عبد الله الطّلاعي، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد، وخلف بن مدبّر، وخلف بن ابراهيم الخطيب المقرئ، وجماعة. وأكثر عن أبي عبد الله الطّلاعي. وقرأ القراءات بقُرطبة على عيسى بن خيرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 100 وناظر في المدوَّنة على عبد الصمد بن أبي الفتح العبدري، وفي المستخرَجة على أبي الوليد بن رشد. وعرض المستخرجة مرتين على أصبع بن محمد. وأجاز له أبو المطرّف الشعبي، وأبي داود الهروي، وأبو علي بن سُكّرة، وأبو عبد الله بن عون، وأبو أسامة يعقوب بن علي بن حزم. وكان إماماً عاقلاً، عارفاً بمذهب مالك، بصيراً، حافظاً، محدّثاً، عارفاً بالرجال، وأحوالهم، وتواريخهم، وأيامهم، وله مصنّفات مشهورة. وكان إذا سُئل عن شيء فكأنما الجواب على طرف لسانه، ويورد المسألة، بنصها ولفظها لقوة حافظته، ولم يكن للأندلس في وقته مثله، لكنه كان قليل البضاعة من العربية رثّ الهيئة، خاملاً لخفة كانت به. ولذلك لم يلحق بالمشاهير، ولا ولّوه شيئاً من أمور المسلمين، وعسى كان ذلك خيراً له، رحمه الله. وروى عنه الموطّأ: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عُبيد الله الحجري، وخلف بن بشكوال الحافظ، وأخوه محمد بن بشكوال، وأبو الحسن محمد بن عبد العزيز الشّقوري، ومحمد بن) ابراهيم بن الفخّار، ويحيى بن محمد الفِهري البلنسي، وخلق سواهم. قال ابن بشكوال: كان من أهل الحفظ للفقه، والحديث، والرجال، والتواريخ، مقدَّماً في ذلك على أهل عصره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 101 وتوفي لثلاث بقين من المحرّم. وهو قرطبي، أصله من بِطروش. 4 (الإمام أبو جعفر بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري، الغرناطي.) روى عن: أبيه وأبي علي الصّدفي، وابن عتّاب، وطبقتهم فأكثر، وتفنن في العربية وكان من الحفّاظ الأذكياء. خطب بغرناطة، وحمل الناس عنه. واشتهر باسمه. مات في هذا العام ببلده كهلاً أو في الشيخوخة. 4 (أحمد بن علي بن عبد الواحد) أبو بكر ابن الأشقر، البغدادي، الدلال. ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا الحسن بن المهتدي بالله، وأبا محمد الصّريفيني، وأبا نصر الزينبي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طَبرزد، وأبو بكر محمد بن المبارك بن عتيق، وعبد الله بن يحيى بن الخزّاز الخريمي، وعمر بن الحسين بن المِعوجّ، وتُرْكُ بن محمد العطار، وفاطمة بنت المبارك بن قَيداس،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 102 وإسماعيل بن إبراهيم السيبي الخبّاز، وأحمد بن سلمان بن الأصفر، وعبد الملك بن أبي الفتح الدّلال، وآخرون. قال ابن الجوزي: كان خيّراً، صحيح السماع. توفي في ثامن صفر. 4 (أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن أفلح بن رزقون بن سحنون) المُرسي، الفقيه، المالكي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي داود البيار، وابن أخي الدّوش. وسمع من: أبي عبد الله محمد بن الجزّار الضرير صاحب مكي. وتصدّر للإقراء بالجزيرة الخضراء، وأخذ الناس عنه. وكان فقيهاً، مشاوَراً، حافظاً، محدّثاً، مفسّراً، نحوياً.) روى عنه: أبو حفص بن عكبرة، وابن خير، وأبو الحسن بن مؤمن، وجماعة آخرهم موتاً أحمد بن أبي جعفر بن فطَيس الغافقي، طبيب الأندلس، وبقي الى سنة. توفي في ذي القعدة سنة اثنتين، وقيل: توفي في حدود سنة خمسٍ وأربعين. 4 (أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حاطب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 103 أبو العباس الباجي. كان رأساً في اللغة والنحو، مع الصلاح والزهد. أخذ عن: عاصم بن أيوب، وجماعة. وعاش نحواً من ثمانين سنة رحمه الله. 4 (أحمد بن محمد بن عبد العزيز) أبو البقاء بن الشطرنجي، البغدادي، العُمري. كان يكتب العمر مجاوراً بمكة. سمع: مالكاً البانياسي، وأبا الحسن الأنباري، وأبا الغنائم بن أبي عثمان. روى عنه: محمد بن معمَّر بن الفاخر، وثابت بن محمد المَديني. توفي في رمضان أو في شوال. 4 (أحمد بن محمد بن غالب) أبو السعادات، العُطاردي، الكرخي، الخزّاز، البيّع. سمع: عاصم بن الحسن، وأبا يوسف القزويني، المعتزلي، وجماعة. وعنه: أحمد بن علي بن حراز، ويوسف بن المبارك الخفّاف. وله شعر مليح، ومعرفة بالكلام. عاش ثمانياً وثمانين سنة. 4 (أحمد بن محمد بن محمد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 104 أبو المعالي بن أبي اليُسر البخاري، الفقيه. تفقّه على والده. وسمع منه، ومن غيره وأفتى وناظر وأملى الحديث، وكان حسن السيرة. توفي في وسط السنة بسرخس، وحُمل الى بخارى.) 4 (أحمد بن ما شاء الله) أبو نصر السِّدري. سمع: أبا الفضل بن خَيرون. وحدّث. وكان مستوراً من أهل القرآن والسُنّة ببغداد. وتوفي في ثالث صفر. روى عنه: المبارك بن كامل، ومحمد بن حسين النهرواني. 4 (إبراهيم بن خلف بن جماعة بن مهدي) أبو إسحاق البكري، بكر بن وائل. من الأندلس، من أهل دانية. سمع: أبا داود المقرئ، ومحمد بن يوسف بن خليفة، وأبا علي الصّدفي. وولي قضاء بلده سنة تسع وعشرين، وعُزل سنة ثلاثين وخمسمائة. وولي قضاء شاطبة مدة. وكان حسن السيرة، ثقة، معتنياً بالحديث. روى عنه: أبو عمر بن عياد، وعليم بن عبد العزيز، وأبو بكر بن مفوَّز، وتوفي في رجب، وغسّله وصلى عليه أبو عبد الله بن سعيد الداني. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وستين وأربعمائة. 4 (إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين اللمتوني)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 105 ولي نيابة مرّاكش لأخيه تاشفين، وهو صبي حدث، فقُتل أخوه سنة تسع وثلاثين، فانضمت العساكر الى هذا وملّكوه، فقصده عبد المؤمن، وحاصر مرّاكش أحد عشر شهراً، ثم أخذها عنوة لما اشتدّ بها القحط. وأخرج إسحاق الى بين يدي عبد المؤمن، فعزم أن يعفو عنه لأنه دون البلوغ، فلم توافق خواصّه، فخلى بينهم وبينه، فقتلوه، وقتلوا معه سير بن الحاجّ أحد الشجعان المذكورين. وكان إسحاق آخر ملوك بني تاشفين. 4 (أسعد بن عبد الله بن حُميد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد) أبو منصور بن المهتدي. شيخ جليل، شريف، معمّر.) ولد سنة بضعٍ وثلاثين وأربعمائة، وكان يمكنه السماع من أبي طالب بن غيلان، وابن المُذهِب. ثم كان يمكنه أن يسمع بنفسه من أبي الطيب الطّبري، والجوهري، وإنما سمع وقد تكهّل من: طِراد الزينبي، وطاهر بن الحسين. وهو أخو الشيخ أبي الفضل محمد شيخ الكِندي. قال ابن السمعاني: شيخ بهي المنظر، أضرّ في آخر عمره، وكان منسوباً الى الصّلاح. قال ابن الجوزي في كتابه المنتظم: كان الناس يُثنون عليه. وقال ابن السمعاني: قال لي: حملوني الى أبي الحسن القزويني، فمسح يده على رأسي، فمن ذلك الوقت ما أوجعني رأسي ولا اعتراني صُداع. ورأيته وأنا منتصب القامة في هذا السن. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعمر بن طَبرْزد، ويوسف بن المبارك، والخفّاف، وغيرهم. وتوفي في رمضان، وله مائة وبضعُ سنين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 106 قال ابن الجوزي: ولد سنة ثلاثٍ أو أربع وثلاثين وأربعمائة. وقال عبد المغيث بن زُهير: أنشدني أسعد بن عبد الله بن المهتدي بالله: سمعت أبا الحسن القزويني يُنشد: (إن السلامة في السكوت .......... وفي مُلازمة البيوت)

(فإذا تحصّل ذا وذا .......... فاقنع إذاً بأقلّ قُوت)

4 (حرف الدال)

4 (دَعوان بن علي بن حمّاد بن صدقَة) أبو محمد الجُبّي، الضّرير، المقرئ. ولد بجُبّة، قرية عند العقر في طريق خراسان من بغداد، في سنة ثلاثٍ وستين. وقدِم بغداد. وسمع من: رزق الله التميمي، ونصر بن البَطِر، وجماعة. وقرأ القراءات على: عبد القاهر العباسي، وأبي طاهر بن سِوار. وتفقّه على أبي سعد المخرّمي. وحدّث، وأقرأ، وأفاد الناس. وكان يعيد الخلاف بين يدي أبي سعد شيخه. وكان خيّراً، ديّناً، مُتصاوناً، على طريق السّلف.) توفي في السادس والعشرين من ذي القعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 107 قرأ عليه: منصور بن أحمد الجميلي الضرير، وجماعة. وقال عبد الله بن أبي الحسن الجُبّائي: رأيت دعوان في النوم، فقال: عُرضت على الله خمسين مرة، وقال لي: إيش عملتَ قلت: قرأت القرآن وأقرأته. فقال لي: أنا أتولاك، أنا أتولاك. 4 (حرف الذال)

4 (ذكوان بن سيّار بن محمد بن عبد الله) أبو صالح الهَروي، الدّهان. أخو أبي العلاء صاعد بن سيّار الحافظ. سمّعه أخوه من محمد بن أبي مسعود الفارسي أجزاء يحيى بن صاعد. وكان يُلقَّب بأميرجَهْ. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو رَوح الهروي. وبالإجازة أبو المظفّر بن السمعاني. توفي سابع ذي الحجة. 4 (حرف السين)

4 (سعيد بن خلف بن سعيد) أبو الحسن القرطبي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن النحاس، وغيره. وسمع من: أبي عبد الله الطّلاع، وخازم بن محمد، وأبي عليّ الغساني، وجماعة. وتصدّر للإقراء وتعليم النحو. أخذ عنه: أبو عليّ والد الحافظ أبي محمد القرطبي، وغيره. وقرأ عليه إبراهيم بن يوسف المعاجري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 108 4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن زاهر بن طاهر) أبو يزيد الشّحامي، النيسابوري، السروجي. سمع: أبا بكر بن خلف، وعبد الملك بن عبد الله الدّشتي. مات في شوال، وله ستون سنة.) 4 (طلحة الأندلس) أحد الأبطال الموصوفين. جاء الى الموحّدين وخدمهم، ثم نفّرته أخلاقهم، فكان يأخذ المائة راجل فيغير بها على تيملك، وينكي فيهم، وكان شهماً شجاعاً، فهابته المصامدة. ثم كان في حصار مرّاكش بها، فلما افتتحها عبد المؤمن وبذل فيها السيف تطلّب طلحة فوجدوه في برج، فقاتل حتى قتل جماعة، فأتوه بأمان بخطّ عبد المؤمن، فسلّم نفسه، وأتوه به، فقال أبو الأحسن، شيخ من العشيرة: أنا أتقرّب بدمه. فقال طلحة: ألم ينهكم المهدي عن إضاعة المال، وعليّ ما يساوي مالاً كثيراً، وقد أمركم المهدي، فكيف تفسدوه بالدم. فقال أبو الأحسن: حلوا ثيابه وجرّدوه. فأخرج في الحال سكّيناً من قلنسوته، ووثب بها على أبي الأحسن والسيف في يده، فلم يُغنِ عنه. وقتله طلحة، فقتلوه، وماتا جميعاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 109 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن عمر) أبو محمد القيسي، المالقي، المعروف الوحيدي، القاضي. روى عن: أبي المطرّف الشعبي، وأبي الحسين العبسي، وأبي علي الغساني. وكان من أهل العلم والفهم. ولّي قضاء مالفة مدة حُمد فيها. وتوفي عن بضع وثمانين سنة. قال فيه أليَسَع بن حزم: طودٌ علا، أظهره سبوقه، وعلق فصل نفقت أبداً سوقه، فلا تُعجزه المحاضر، ولا يقطعه المُحاضر، فمن ذا الذي يجاريه في الحديث والسنن، ومعرفة الصحيح والحسن. كنا نقرأ عليه صحيح مسلم، فيُصلحه من لفظه، ونجد الحق موافقاً لحفظه، وإذا وقع غريب ذكر اختلاف المحدّثين فيها مع اللغويين. 4 (عبد الله بن عبد المعز بن عبد الواسع بن عبد الهادي ابن شيخ الإسلام) الأنصاري، أبو المعالي الهَروي. شابٌ فاضل، مليح الوعظ، لم يكن أهل بيته مثله في عصره، رحل به أبوه، وسمع المُسنَد من) ابن الحُصين. وبمكة من: عبد الله بن محمد بن غزال. وبإصبهان من: فاطمة، وجعفر الثقفي. وبهَراة من: أبي الفتح نصر بن أحمد الحنفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 110 كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سمع مني الكثير، وخرج معي الى بوشَنج، وكتبنا جميعاً. توفي في ربيع الأول، وله ثمان وثلاثون سنة. 4 (عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن خلف) أبو محمد اللّخمي، المعروف بالرُّشاطي، الأندلسي، المريّي، الحافظ، مصنّف كتاب إقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار. وهو على أسلوب الأنساب لابن السمعاني. وقد ذكرناه في الطبقة الماضية وأنه توفي في حدود الأربعين، ثم وقعتُ بوفاته في يوم الجمعة العشرين من جمادى الأولى من سنتنا هذه، وأنه استُشهد عند تغلّب العدو على المرية، رحمه الله. 4 (عبد الله بن علي بن سعيد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 111 أبو محمد القصري، الشافعي، الفقيه. قال ابن عساكر: أدرك أبا بكر الشاشي، وأبا الحسن الهرّاسي، وعلّق المذهب والأصول على أسعد الميهَني. وسمع: أبا القاسم بن بيان، وجماعة. وقدِم دمشق، وسمعتُ درسه، وسمعتُ منه. وانتقل الى حلب، وتوفي بها، رحمه الله. 4 (عبد الله بن محمد بن سهل) أبو المعالي العدوي، الصوفي. سمع بنيسابور: أبا بكر بن خلف، وأبا الحسن بن الأخرم. مات في شعبان. أخذ عنه السمعاني. 4 (عبد الرحمن بن طاهر بن سعيد بن أبي سعيد بن أبي الخير) ) أبو القاسم الميهني. شيخ رباط البِسطامي ببغداد، كان له سكون ووقار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 112 سمع بنيسابور أبا المظفّر موسى بن عمران، وأبا الحسن المديني، وجماعة. قال أخوه أبو الفضل أحمد بن طاهر: ولد في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. توفي في ربيع الأول ببغداد. 4 (عبد الرحمن بن علي بن الموفَّق) الفقيه، أبو محمد النُعَيمي، المروزي. من جِلة فقهاء مرو. تفقّه على أبي المظفّر السمعاني، وسمع منه ومن أبي سعد عبد العزيز القايني. مات في ربيع الأول. عنه: أبو سعد. 4 (عبد الرحيم بن محمد بن الفرج) أبو القاسم بن الفرس الأنصاري، الغرناطي. قرأ القرآن على موسى بن سليمان، وطبقته. وقرأ الفقه على جماعة، وارتحل الى أبي داود، وابن الدّوش فأخذ عنهما القراءات. سمع من جماعة. وتصدّر للإقراء بجامع المريّة، ثم عاد الى بلده ولازم الإقراء، والفُتيا، وخطة الشورى، وارتحل إليه القرّاء، وانتفعوا به. وكان محققاً، عارفاً بالقراءات وعلَلها. روى عنه: ابنه أبو عبد الله، وأبو القاسم القنطري، وأبو العباس بن اليتيم، وأبو جعفر بن حكم، وأبو الحجاج الشعري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 113 فلما وقعتْ الفتنةُ في غرناطة عند زوال الدولة اللمتونية سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، خرج الى المنكّب، فأقرأ بها الى أن توفي في شعبان، وله سنة. 4 (عبد السيد بن علي بن الطيب) أبو جعفر ابن الزيتوني. تفقّه على أبي الوفاء بن عقيل، ثم انتقل حنفياً، واتصل بنور الهدى الزينبي، وقرأ عليه الفقه، وعلى خلَف الضرير علم الكلام، وصار داعية الى الاعتزال، ثم اشتغل عن ذلك بمشارفة) المارستان. وتوفي في شوال. 4 (عبد الملك بن محمد بن عمر) التميمي، الأندلسي، أبو مروان، من أهل المرية، ويُعرف بابن ورد. كان فقيهً، مفتياً. لقي: أبو علي الغساني، والصّدفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 114 وتوفي في هذه السنة ظناً. قاله الأبّار. 4 (علي بن عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد) أبو القاسم بن العلامة أبي نصر ابن الصبّاغ، البغدادي، العدْل الشاهد. سمع كتاب السبعة لابن مجاهد من الصّريفيني، وسمع منه غير ذلك. ومن: والده، وطِراد الزّينبي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وابن طبَرْزد، والمؤيّد ابن الإخوة الإصبهاني، وآخرون. قال ابن السمعاني: شيخ كبير، مسن، ثقة، صالح، صدوق، حسن السيرة. ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتوفي في رابع عشر جُمادى الأولى. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة أبو القاسم بن صَصْرى. 4 (عمار بن طاهر بن عمار بن إسماعيل) أبو سعد الهمذاني. رحل في شبيبته، وتفرّج في مصر، والشام، والعراق. وسمع بالقدس من مكي بن عبد السلام الرُميلي كتاب فضائل بيت المقدس. قرأ عليه الكتاب أبو سعد السمعاني بهمذان، وبها مات في ذي القعدة عن سنٍ عالية. 4 (عمر بن أحمد بن حسين) أبو حفص الهمذاني، الصوفي، الورّاق، المقرئ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 115 سمع ببغداد من أبي الحسين بن الطُّيوري، وبإصبهان من غانم البجي. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر. وتوفي بهمذان في جمادى الآخرة.) 4 (عمر بن ظفر بن أحمد) أبو حفص المغازلي، البغدادي، المقرئ، المحدِّث. ولد في سنة إحدى وستين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بن البُسري، ومالكاً البانياسي، وطِراداً الزينبي، وابن البطِر، وخلقاً كثيراً. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو اليُمن الكندي، وأبو الفرج بن الجوزي، وجماعة. وطلب بنفسه: ونسخ، وحصّل وجوّد القرآن. وقرأ بالروايات على: أحمد بن عمر السمرقندي صاحب الأهوازي. قرأ عليه: يحيى بن أحمد الأذَني، وغير واحد. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، خيّر، حسن السيرة، صحِب الأكابر وخدَمهم، وهو قيّم بكتاب الله. ختم عليه القرآن خلقٌ في مسجده، وكتبتُ عنه الكثير. وأظهر المبارك بن كامل المفيد في الجزء السادس من المخلّصيّات،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 116 سماع عمر على ورقة عتيقة، من أبي القاسم بن البُسري، فشنّع أبو القاسم بن السمرقندي عليه، وقال: ما سمع عمر من ابن البُسري شيئاً. وذكر أن الطبقة التي أثبت اسم عمر معهم شاهدها في نسخة أخرى، وما كان عمر معهم. قال ابن السمعاني: كان سنّ عمر يحتمل ذلك، فإن ابن البُسري مات ولعمر ثلاث عشرة سنة. توفي في حادي عشر شعبان، وقد روى عنه بالإجازة عبد الوهاب السمعاني. 4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة خاتون) بنت السلطان محمد بن ملكشاه، زوجة أمير المؤمنين المقتفي. توفيت في ربيع الآخر ببغداد، وعُمل لها العزاء ثلاثة أيام، وجلس الأعيان. 4 (الفضل بن زاهر بن طاهر الشّحّامي) أبو الفتح. كبير مشهور بنيسابور. سمع: نصر الله الخشنامي، وابن الأخرم. عاش ثلاثاً وخمسين سنة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 117 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أبي الفتح حسن) أبو عبد الله الطرائفي. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، مستور. سمع صفة المنافق من أبي جعفر ابن المسلمة، وأجاز له: ابن المسلمة، وأبو القاسم بن المأمون، وأبو بكر الخطيب. كتبتُ عنه. وكان مولده تقريباً في سنة خمسين وأربعمائة، وتوفي في ذي الحجة. قلت: سمع منه الفتح بن عبد السلام الجزء المذكور، وهو آخر من روى عنه. 4 (محمد بن أحمد بن طاهر) أبو بكر الإشبيلي، القيسي. أكثر عن أبي علي الغساني، واختصّ به. وسمع من: عبد العزيز بن أبي غالب القيرواني، وأبي الحسن العبسي. وعُني بالحديث. أخذ عنه الناس، وعمِّر دهراً. وتوفي في جُمادى الأولى وله ثلاثٌ وتسعون سنة. 4 (محمد بن أحمد بن أبي بكر) أبو بكر الصّدفي، الخُراساني، النجار، الجوجاني. نزيل وإمام رباط

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 118 إسماعيل بن أبي سعد. سمع بمكة شيئاً سنة أربع وخمسين. روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد السمعاني، وقال: كان رفيقي في سفرة الشام، وخرجنا صُحبةً الى زيارة القدس، وما افترقنا الى أن رجعنا الى العراق، وكان نِعم الرفيق، شيخ صالح، قيّم بكتاب الله، دائم البكاء، كثير الحزن. جاور بمكة مدة. وتوفي سابع ربيع الأول وله ثمانون سنة. 4 (محمد بن سعد بن محمد بن إبراهيم) أبو الفتح الأسداباذي. سمع: أبا بكر بن خلَف، وأبا موسى بن عمران، وأبا نصر عبد الله بن الحسين بنيسابور. وكان يذكر أنه سع الكامل لابن عديّ، من كامل بن ابراهيم الجندي، عن حمزة السهمي، عنه. روى عنه: أبو سعد، وابنه أبو المظفّر وقال: توفي بمرو في جُمادى الأولى.) 4 (محمد بن عبيد الله بن أحمد بن سهلون) أبو السعادات الصّريفيني، سِبط أبي محمد بن هزارمَرد الصّريفيني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 119 روى عنه جده. روى عنه: أحمد بن الحسين العراقي نزيل. وأجاز لمحمد بن يوسف الغَزْنوي في المحرّم في هذا العام. ولا أعلم حتى مات. 4 (محمد بن عبد الغفار بن عبد السلام) أبو الفتح الغياثي، الماهاني، المروزي. سمع: أبا سعيد عبد الله بن أحمد الظاهري. وعنه: السمعاني وقال: مات في عاشر جُمادى الأولى. 4 (محمد بن عبد الغفار بن محمد بن سعيد) أبو الفضل القاشاني، المعدَّل. توفي بإصبهان في جمادى الأولى. قاله أبو مسعود الحاجّي. سمع ابن شكروَيه. 4 (محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 120 القاضي أبو عبد الله بن الجُلابي، الواسطي، يعرف بالمَغازلي. سمّعه أبوه من: أبي الحسن محمد بن محمد بن مَخلَد الأزدي، والحسن بن أحمد بن موسى الغَندجاني، وأبي علي إسماعيل بن محمد بن كُماري، وأبي يَعلى علي بن عبد الله بن العلاف، وأبي منصور محمد بن محمد العُكبري قدِم عليهم، وجماعة. وسمع ببغداد من: أبي عبد الله الحُميدي. وأجاز له: أبو غالب بن بِشران النحوي، وأبو بكر الخطيب، وأبو تمام عليّ بن محمد بن الحسَن القاضي صاحب محمد بن المظفّر الحافظ. وطال عمره وتفرّد في وقته. وكان مولده في سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: شيخ من بيت الحديث، متودد الى الناس، حسن المجالسة. كان ينوب عن) قاضي واسط، انحدرتُ إليه قاصداً في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وسمعتُ منه الكثير، من ذلك مُسند الخلفاء الراشدين لأحمد بن سِنان، وكتاب البِرّ والصلة لابن المبارك، يرويه عن الغَندجاني، عن المخلّص. وقدم بغداد بعد العشرين وخمسمائة، وحدّث بها، وكان شيخنا أحمد بن الأغلاقي يرميه بأنه ادعى سماع شيء لم يسمعه، وأما ظاهره فالصدق والأمانة، وهو صحيح السماع والأصول. قلت: وروى عنه أيضاً: أبو الفتح محمد بن أحمد المندائي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 121 والحسن بن مكي المَرَندي، وأبو المظفّر علي بن عليّ بن نغوبا، وأبو المكارم علي بن عبد الله بن فضل الله بن الجَلَخْت، وأبو بكر أحمد بن صدقة بن كُلَيز الغدّاني، وآخرون. وتوفي في رمضان. والجُلابي: مختلَفٌ في ضمه وفتحه، فقال أبو طاهر بن الأناطي: قال لنا شيخنا أبو الفتح الماندائي: هو الجَلابي، بفتح الجيم بلا شك. فراجعتُه، فغضب وقال: كان ينوب عن والدي في الضاء وأنا أخبَر به. قال ابن الأنماطي: وسألت عنه الشريف ابنَ عبد السميع، فقال: لا أعرفه إلا بالضم. وتعجّب من قول أبي الفتح. قلت: والصحيح الضمّ، لأني رأيته مضبوطاً بخطّ والده عليّ في غير موضع فيما جمعه من ذيل تاريخ واسط، وبخطّ جماعة في سياق السماع لهذا التاريخ على مؤلّفه بالضم. وكذا قيّده ابن نقطة، وغيره. ولم يذكروا فيه خلافاً. فأما الجَلابي بالفتح، فهو: 4 (أبو سعيد أحمد بن علي الفقيه) فاضل، سمع منه أبو سعد السمعاني شيئاً بخراسان. 4 (محمد بن محمد بن الحسين بن السّكَن) أبو غالب بن المفرّج البغدادي، الحاجب، صاحب باب النُوبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 122 متودد الى الناس، راغب في الخير، محبّ للرواية. سمع: الخطيب أبا الحسن الأنباري، وأبا سعد بن الكوّاز. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: توفي في صفر وله ستٌ وسبعون سنة. 4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن) ) أبو عبد الله الأموي، من أولاد سليمان بن الناصر لدين الله. سمع من: ابن مروان بن سِراج، ومحمد بن الفرج الكلاعي. وكان مقدّماً في مذهب مالك، عارفاً به، وقد عَمِي. 4 (محمد بن محمد بن معمّر بن يحيى) أبو البقاء بن طَبَرْزَد. وكان اسمه: المبارك، فسمّى نفسه محمد. وهو أحد من عُني بالحديث، وجمعه ونسخه. سمع الناس بإفادته من أبي الحُصين، وأبي غالب بن البنّا، وأبي بكر بن القاضي، وخلْق. قال ابن النجار: قال عمر بن المبارك بن شهلان: لم يكن أبو البقاء من طبَرزَد ثقة، كان كذّاباً يضع الناس أسماءهم في الأجزاء، ثم يذهب فيقرأ عليهم. علِم بذلك شيخنا عبد الوهاب، وابن ناصر، وغيرهما. قلت: وسمع أخاه عنه الكثير. وله شِعر مقارِب. توفي في جُمادى الأولى وله نحوٌ من أربعين سنة، سامحه الله. 4 (محمد بن محمد بن أبي إسماعيل) السعدي، السّرخسي. سمع: أبا حامد الشجاعي. كتب عنه السمعاني بسرخَس وقال: مات في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 123 قيل: عاش مائة سنة وست سنين. 4 (محمد بن المظفّر بن علي ابن المسلمة) أبو الحسن بن أبي الفتح بن الوزير أبي القاسم. ولد سنة أربع وثمانين، وسمع من: جعفر السرّاج، وغيره. وحدّث، وآنزوى وتصوّف. وأقبل على الطاعة. ولزِم المراكبة. وجعل داره التي بدار الخلافة رباطاً للصوفية. توفي في تاسع رجب، وتقدّم في الصلاة عليه الوزير أبو علي بن صدقة. 4 (المبارك بن خَيرون بن عبد الملك بن الحسن بن خَيرون) أبو السعود.) سمع: عمّ أبيه أبا الفضل بن خَيرون، ومالكاً البانياسي، وجماعة. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وغيره. وتوفي في المحرّم. وكان رحمه الله صحيح السماع خيّراً. قاله أبو الفرج. 4 (محمود بن محمد بن عبد الحميد بن أبي بكر) أبو القاسم بن أبي بكر الحدادي، الرازي، الواعظ. حدّث عن: أحمد بن محمد بن صاعد النيسابوري، القاضي. روى عنه: ابن السمعاني، وقال لقيته بالري وله نحو من سبعين سنة، وقد دخل بغداد غير مرة. 4 (محمشاد بن محمد بن محمشاد بن محمد) أبو القاسم العبدي، النيسابوري، الرجل الصالح. سمع: أبا بكر بن خلَف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 124 توفي في ربيع الآخر. قال السمعاني: بتّ عنده ليلة، فما نام تلك الليلة أحياها في الصلاة والذِّكر، رحمه الله. 4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن محمد بن عبد القوي.) الفقيه أبو الفتح المصّيصي، ثم اللاذِقي، ثم الدمشقي. الشافعي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 125 الأصولي، الأشعري، نسباً ومذهباً. كذا قال الحافظ ابن عساكر. وقال: نشأ بصور، وسمع بها من: أبي بكر الخطيب، وعمرو بن أحمد العطار الآمدي، وعبد الرحمن بن محمد الأبهري، والفقيه نصر المقدسي، وتفقّه عليه. وسمع بدمشق: أبا القاسم بن أبي العلاء، وغيره. وببغداد: عاصم بن الحسن، ورزق الله بن عبد الوهاب. وبإصبهان: أبا منصور محمد بن عليّ بن شكروَيه، ونظام المُلك الوزير. وبالأنبار: أبا الحسن عليّ بن محمد بن الأخضر. وقرأ بصور علم الكلام على أبي بكر محمد بن عتيق القيرواني. ثم سكن دمشق.) قال: وكان متصلباً في السُنّة، حسن الصلاة، متجنباً أبواب السلاطين. وكان مدرّس الزاوية الغربية بالجامع الأموي بعد وفاة شيخه الفقيه نصر. وقد وقف وقوفاً في وجه البِرّ. وكان مولده باللاذقية في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. وهو آخر من حدّث بدمشق عن الخطيب. وقال ابن السمعاني في ذيله: إمام، مفتي، فقيه، أصولي، متكلّم، خيّر، ديّن، بقية مشايخ الشام. كتبتُ عنه. وكان يشتهي أن يتحدث وأقرأ عليه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 126 وكان متيقظاً، حسن الإصغاء. وانتقل من صور الى دمشق سنة ثمانين وأربعمائة. وقال ابن عساكر: توفي ليلة الجمعة ثاني ربيع الأول ودُفن بعد صلاة الجمعة بباب الصغير. قلت: روى عنه: هو، وابنه القاسم بن عساكر، وابن السمعاني، ومكي بن علي العراقي، وأبو الفرج جابر بن محمد بن اللحية الحمَوي، وعسكر بن خليفة الحموي، والخطيب أبو القاسم بن ياسين الدَّولعي، ويوسف بن مكي الحارثي، وولده نصر الله، والخضِر بن كامل المعبّر، وزينب بنت إبراهيم القيسي، وأحمد بن محمد بن سيدهم الأنصاري، وأبوه، وأبو القاسم عبد الصمد بن الحَرستاني، وهبة الله بن الخضِر، وابن طوس. وآخر من حدّث عنه أبو المحاسن بن أبي لُقمة، روى عنه العاشر من الرقائق لخَيثمة. 4 (نور عزيز بنت مسعود بن أحمد بن السَّرْنك) أخت أبي الغنائم محمد. امرأة صالحة من بيت حديث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 127 روت عن ابن الأخضر الأنباري. ماتت في شوال. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن سوار) الوكيل أبو الفوارس، ابن المقرئ الأستاذ أبي طاهر. شيخ مطبوع، متودّد، محترم، قيّم بالوكالة والدّعاوى وكتابة الوثائق والمحاضر. سمع: أباه، ومالكاً البانياسي، وعاصم بن الحسين، وأبا يوسف القزويني، وأبا الفوارس الزينبي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره.) ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وتوفي في رابع عشر شوال. قال ابن الجوزي: كان ثقة، أميناً، توحّد في علم الشروط. وأخوه محمد بقي الى سنة ست وخمسين. 4 (هبة الله بن الفرج) أبو بكر الهمذاني، المعروف بابن أخت الطويل. شيخ صالح خيّر، مُكثر، مشهور. سمع من: علي بن محمد بن عبد الحميد الجريري، ويوسف بن محمد القومساني، وعبدوس بن عبد الله، وبكر بن حِيْد، وسفيان بن الحسين بن فنجوية. روى سُنن أبي داود بعُلُوّ. وعُمّر تسعين سنة. وكان الحافظ أبو العلاء يقول: هو أحبّ إليّ من كل شيخٍ بهمذان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 128 وذكره السمعاني في التحبير وأثنى عليه، وقال: قال لي: ولدتُ سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وقال لأبي العلاء: ولدتُ سنة ثلاث. ومن مسموعاته كتاب مكارم الأخلاق لابن لال، سمعه من أبي الفرج الجريري، بسماعه منه. قلت: روى عنه: أبو سعد السمعاني، والحافظ أبو العلاء الهمذاني، وأولاده أحمد، وعبد الغني، ووائلة، والمؤيَّد ابن الإخوة، وأبو القاسم بن عساكر، وجماعة. وتوفي في شعبان. 4 (هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة) أبو السعادات بن الشّجري، العلوي، النحوي، النقيب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 129 ولد سنة خمسين وأربعمائة. أحد الأئمة الأعلام في علم اللسان. قرأ على الشريف أبي المعمّر يحيى بن محمد بن طباطبا النحوي، وقرأ الحديث في كهولته على: أبي الحسين بن المبارك بن الطُّيوري، وأبي علي بن نبهان، وغيرهما. وطال عمره، وانتهى إليه علم النحو، وناب في النّقابة بالكرخ. ومُتِّع بجوارحه وحواسّه. وأظنّه أخذ الأدب أيضاً عن أبي زكريا التبريزي.) قرأ عليه التاج الكندي كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، واللُّمع لابن جني، وتخرّج به طائفة كبيرة. وصنّف التصانيف في العربية. قال أبو الفضل بن شافع في تاريخه: مُتّع بجوارحه الى آخر وقت، وكان نحوياً، حسن الشرح، والإيراد، والمحفوظ. قد صنّف أمالي قُرئت عليه، فيها أغاليط، لأن اللغة لم يك مضطلعاً فيها. قال ابن السمعاني: سعت مه، وكان فصيحاً، حلو الكلام، حسن البيان والإفهم. دُفن يوم الجمعة السابع والعشرين من رمضاننننن بداره بالكرخ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 130 وعن أبي السعادات بن الشجري قال: ما سمعت في المدح أبلغ من قول أبي فراس: (وأمامك الأعداء تطلبهم .......... ووراءك القُصّاد في الطّلب)

(فإذا سلبتهم وقفتَ لهم .......... فسُلبت ما تحوي من السّلبِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 131 4 (همّام بن يوسف) أبو محمد العاقولي، ثم الأزجي، الوكيل عند القضاء. سمع: الخطيب أبا الحسين الأنباري. وعنه: أبو أحمد بن سُكينة. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن علي بن محمد بن زهير) أبو القاسم السُّلمي، الدمشقي، المعدّل، محتسب دمشق. سمع: عبد المنعم الكُريدي، وأبا القاسم النسيب، وأبا طاهر الحِنّائي. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وقال: مات في رمضان، وأخلف مالاً عظيماً وذخائر. وورثه السلطان. وكان مقتِّراً على نفسه في الأكل واللبس، عفا الله عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 132 4 (يحيى بن المعتز بن أسعد) أبو القاسم العُتبي، من ذرية بن غزوان. شيخ من أهل نيسابور. سمع: أحمد بن سهل السّراج، وابن خلف. أخذ عنه السمعاني، وأرّخه. 4 (يوسف بن علي بن محمد) ) أبو الحجاج القُضاعي، الأُندي. نزيل المرية. ويُعرف بالقفّال، وبالحدّاد. حجّ ودخل العراق، وسمع من أبي القاسم بن بيان، وأُبي النّرسي، وأبي طالب الحسين بن محمد الزينبي. وسمع صحيح مسلم من إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، عن والده، ومن الحريري مقاماته. وكتب الكثير، وقفل الى الأندلس سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. ثم ترحّل من الأندلس، ثم عاد إليه سنة عشرة وسكن المرية، وحدّث بالكثير. روى عنه: أبو الحسن رزين العبدري، وأبو محمد، وأبو الطاهر ابني العثماني، وخطيب الموصل، وأبو الوليد بن الدباغ، وأبو القاسم بن بشوال، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم النرسي، وأبو القاسم بن حُبيش، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وخلْق سواهم. قال أبو عبد الله الأبّار: كان صدوقاً، صحيح السماع، ليس عنده كبير علم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 133 ولا ضبط. استُشهد يوم غلبة العدو الملعونننن على المرية في العشرين من جُمادى الأولى وقُتل يومئذ خلق كثير. عاش خمساً وثمانين سنة. 4 (يوسف بن يَبقى بن يوسف بن مسعود بن عبد الرحمن بن يَسعون) أبو الحجاج التُجَيبي، الأندلسي، المريي، النحوي، المعروف بالشنشي. صاحب الأحكام المرية. سمع من: أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وأبي الوليد العبسي، وأبي الحسين بن سرّاج، وجماعة. وعُني بالعربية وبرع فيها. وله كتاب المصباح في شرح أبيات الإيضاح، دلّ على تبحّره في النحو وإمامته. حدّث وأقرأ، وطال عمره. روى عنه: عُلَيم بن عبد العزيز، وأبو عبد الله بن حُميد، وأبو العباس ابن اليتيم، وأبو عُبيد الله، وآخرون. وكان حياً يُرزق في هذا العام، وانقطع خبره بعده، رحمه الله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 134 4 (وفيات سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبيد الله بن المبارك بن أحمد) أبو المكارم بن الشهرزوري، البغدادي.) من أولاد المحدثين. سمع: نصر بن البطِر، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي. وعنه: ابن عساكر، والسمعاني. وكان يؤمّ بأمير الحاج نظر. توفي في رجب. 4 (أحمد بن علي بن الفضل بن الإمام أبي محمد بن حزم) الأندلسي، القرطبي، أبو عمرو، الكاتب، الأديب. توفي بالأندلس، قاله الأبّار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 135 4 (أحمد بن أبي العز محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيَّد بالله) أبو تمام العباسي، الهاشمي، البغدادي، المعروف بابن الخُص، أخو أبي الفضل المختار. كان تاجراً سفّاراً، ركب البحار، ودخل الهند، وما وراء النهر، وكثُر ماله، وطال عمره، وسكن خراسان. وكان مولده فيح دود سنة خمسين وأربعمائة أو قبلها. وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا نصر الزينبي، وغيرهما. وهو آخر من حدّث بخراسان عن ابن المسلمة بجزء صفة المنافق. حضر عليه هذا الجزء أبو المظفّر عبد الرحيم بن السمعاني، بقراءة والده، وقال: هو أول شيخ حضرتُ عنده لقراءة الحديث. وتوفي بنيسابور في خامس ذي القعدة. وروى عنه أيضاً: القاسم الصفّار، وإسماعيل القارئ. 4 (أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن بشار) الإمام أبو بكر البوشَنجي، المعروف بالخرجردي، نزيل نيسابور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 136 إمام متفنن، ورع، تفقّه بمرو على أبي المظفّر بن السمعاني. وبهَراة على الشاشي. وبرع في الفقه، وسمع الكثير، وحدّث. توفي في رمضان بنيسابور. وصفه السمعاني بالعبادة والعلم، وأنه كتب تصانيف جده جميعها، وتخلى للعبادة.) 4 (أحمد بن محمد بن الفضل) أبو العلاء الإصبهاني، المحدِّث، المعروف ببنحِك. توفي في صفر. قال السمعاني: كان حافظاً، متقناً، ورعاً، وقوراً، نزِهاً، وبالغ في الطلب، ونسخ بخطه الصحيح المليح كثيراً. سمع: أبا علي الحداد، وطبقته. استفدتُ منه الكثير، ومات كهلاً. 4 (ابراهيم بن محمد بن نبهان بن محرز) أبو إسحاق الغنوي، الرّقي، الصوفي، الفقيه، الشافعي. ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا محمد الشيحي، وأبا محمد بن السّرّاج، وغيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 137 وتفقّه على: الأستاذ أبي بكر الشاشي، وأبي حامد الغزالي. وكتب كثيراً من مصنّفات الغزالي، وقرأها عليه، وصحبه مدة. قال أبو الفرج بن الجوزي: رأيته وله سمتٌ وصمت، وعليه وقار وخشوع. قلت: روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو اليُمن الكندي، وحدّث عنه بخُطب ابن نُباتة. وروى عنه: عمر بن طبرزد، وآخرون. وتوفي في رابع عشر ذي الحجة ببغداد، وله خمسٌ وثمانون سنة إلا أشهُراً. قال ابن طبرزد: أنا أبو إسحاق بن نبهان: ثنا الحُميدي قال: قرأت على القُضاعي: أخبركم أحمد بن عمر بن محمد بن عمرو الجيزي قراءةً: أنا زيد بن محمد بن خلف القرشي، أنا ابن أخي ابن وهب، ثنا عمي، فذكر حديثاً. كان قدوم ابن نبهان من الرقة الى بغداد في سنة إحدى وثمانين. قال ابن ناصر: قدِم الخطيب أبو القاسم يحيى بن طاهر بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن نُباتة الى بغداد في سنة أربع وثمانين ليتّجر من نظام المُلك أدراراً، فقال: إن الخطب سماعي من أبي، عن جدي. ولم يكن معه كتاب ولا أصل، فقرأ عليه هذا الشيخ، يعني أبا إسحاق الغنوي، الخطب من نسخة جديدة غير مقروءة، ولا عليها سماع لأحد. ولم يكن سبط ابن نُباتة) هذا كبيراً في العُمر، ولا يعرف العربية، ولو كان له سماع لم يسبقني إليه أحد. ثم أثنى ابن ناصر على أبي إسحاق الغنوي، ووصفه بالدين والصدق. 4 (إسماعيل بن أبي نصر بن عبديل) الإصبهاني، الشاعر. ذكره العماد في الخريدة فقال: كان من أشعر شعراء إصبهان وأفوههم. لم يعهد بعد أبي إسماعيل الطغرائي من عرف مجراه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 138 مات بفارس سنة ثلاث أو أربع وأربعين وخمسمائة. 4 (أسعد بن محمد بن موسى) أبو منصور الفوشنجي. فاضل، عالم، سمع: أبا عامر الأزدي، وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلاز. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في ذي القعدة. 4 (أميرك بن إسماعيل بن أميرك) أبو الفتوح العلوي، الهروي. سمع: إلياس بن نصر، وعبيد بن ميمون الواسطي، وجماعة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. مات في ثاني وعشرين شوال. 4 (حرف الباء)

4 (بقاء بن عليّ بن خطّاب) أبو المعمّر البغدادي، الرقّاق، الساكيني، ابن أختب أبي نصر أحمد بن عمر بن الفرج الإبري. حدّث عن: طِراد الزينبي، وغيره. وتوفي في ربيع الأول عن ستين سنة. عنه: ابن عساكر، وابن سُكينة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 139 4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن زيد بن القاسم) أبو البركات بن جوالق النّحاس. ثم البزّاز.) حلّث عن: الحسين بن علي بن البُسري. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (حرف الحاء)

4 (الحافظ لدين الله) قيل: مات في جمادى الآخرة على الصحيح، وقيل: سنة أربع كما سيأتي. 4 (الحسن بن مسعود بن الحسن) أبو علي ابن الوزير، الدمشقي، الحافظ. أصله من خوارزم. كان جده الحسن وزير المُلك تاج الدولة تُتُش، وتزيّا أبو علي بزي الجند مدة، ثم اشتغل بالفقه والحديث، ورحل قبل سنة عشرين وخمسمائة الى بغداد، وسمع، ودخل الى إصبهان، وأدرك بها حديث الطبراني بعلوّ. وكتب عن: فاطمة الجوزدانية. وتوجه الى نيسابور، ومرو، وبلخ، والهند، وسمع الكثير، وعُني: بهذا الشأن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 140 قال ابن السمعاني: حافظ، فطِن، له معرفة بالحديث، والأنساب. وقال لي: ولدتُ في صفر سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة. وتوفي بمرو في سابع المحرّم. وقال ابن عساكر: كان يحدّث من غير مقابلة بسماعه، واستوطن مرو، وتفقّه بها لأبي حنيفة على أبي الفضل الكِرماني. وأملى بجامع مرو. ومن شعر أبي علي: (أخلائي إن أصبحتم في دياركم .......... فإني بمرو الشاهجان غريبُ)

(أموت اشتياقاً ثم أحيى تذكُّراً .......... وبين التراقي والضلوع لهيب)

(فما في موت الغريب صبابةٌ .......... ولكن بقاءه في الحياة عجيبُ)

4 (الحسين بن ابراهيم بن الحسين بن جعفر) الحافظ، المجوّد، أبو عبد الله الجوزقاني، وجوزقان من قرى همذان.) له مصنّف في الموضوعات ما قصّر فيه. وروى فيه عن الدوني فمن بعده. وعليه بنى ابن الجوزي كتابه في الموضوعات، ومنه أخذ كثيراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 141 قال ابن شافع: مات، فبلغنا خبرُه في رجب سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. أدركه أجله في السفر. 4 (حمدُ بن أبي الفتح) الإصبهاني. عن: عبد الرحمن بن مندة، وأبي المظفّر الكوسج. وعنه: ابن السمعاني. مات في رجب رحمه الله. 4 (حرف الخاء)

4 (خضر بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن عُبيد الله بن أحمد بن عبدان) الأزدي، الدمشقي، أبو القاسم الصفّار. سمع: والده، وأبا القاسم المصّيصي، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وعلي بن أحمد بن زهير، ونصر بن ابراهيم الفقيه، وسهل بن بشر، وأجاز له عبد العزيز الكتاني. قال ابن عساكر: كتبت عنه، وكان شيخاً سليم الصدر. ولد في شوال سنة خمسٍ وستين وأربعمائة. ومات في نصف شعبان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 142 قلت: روى عنه: هو، وابنه القاسم، وأبو المحاسن بن أبي لُقمة، وجماعة. 4 (حرف الذال)

4 (ذو النون بن أبي الفرج بن علي) الميهني الصوفي. سمع: أبا بكر بن زاهر الطرَيثيثي. وروى عنه: أبو سعد السمعاني وقال: مات في ذي الحجة ببغداد. 4 (حرف السني)

4 (سلطان بن علي بن مقلّد بن نصر بن منقذ) الأمبر أبو العساكر الكناني، صاحب شيزر.) ولد بأطرابلس في سنة أربع وستين وأربعمائة. وسمع بشيزر صحيح البخاري من أبي السمح ابراهيم الحيفي. وله شعر حسن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 143

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 144 توفي في شوال بشيزر. 4 (سهل بن محمد بن أحمد بن حسين بن طاهر) أبو علي الإصبهاني، الحاجي، المقرئ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 145 شيخ كبير، فاضل، مُكثر من الحديث، أديب، خيّر، مبارَك. سمع: أبا القاسم يوسف بن جُبارة الهُذَلي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، ونظام المُلك الوزير، وأبا المظفّر منصور بن محمد السمعاني، ومحمد بن أحمد بن ماجة الأبهري، وسليمان بن ابراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الثقفي. وولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقيل: ولد بعد سنة خمسين وختم خلقاً كثيراً. وكان شيخ القراء بإصبهان. وهو آخر من حدّث عن الهُذلي، مصنّف الكامل في القراءات. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وقال: هو مؤدبي، وكان من الطراز الأول. توفي في نصف شعبان. 4 (حرف الشين)

4 (شاهنشاه بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب) الأمبر أكبر الإخوة، وأقدم بني أيوب وفاةً. وهو والد الملكين: المظفّر تقي الدين عمر صاحب حماة، وعز الدين فرّوخشاه، والد صاحب بعلبك الملك الأمجد. قُتل في الوقعة الكائنة بظاهر دمشق بين الفرنة خذلهم الله وبين المسلمين كما نذكره في الحوادث، وذلك في ربيع الأول وفُجع به أبوه نجم الدين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 146 4 (حرف الصاد)

4 (صاعد بن محمد بن الحسين) أبو القاسم السهلوي، السّرخسي.) شيخ كبير، ورع، فاضل. ولد بسرخس في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. وسمع بسرخس من: أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد الحُسيني. قدِم عليهم، وسمع من أبي الخير محمد بن الصفّار. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. وتوفي بسرخس سنة. 4 (صالح بن شافع بن صالح بن حاتم) أبو المعالي الجيلي. كان أبوه فقيهاً حنبلياً، سكن بغداد وولد له بها صالح وغيره. وصالح: عالم، فاضل، مليح الكتابة، شاهد، متودد، حسن الشكل. سمع: أبا الحسين بن الطُيوري، وأبا منصور محمد بن أحمد الخياط. وجدتُ وفاته في رجب. روى عنه: أبو الفرج محمد بن علي بن القُنّبيطي، وابنه الحافظ أحمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 147 4 (صالح بن كامل بن أبي غالب) أبو محمد الظفري، البقّال. سمع: أبا الحسن بن منجاب الشهرزوري، وأبا القاسم بن بيان. وكان اسمه قديماً: المبارك، فغيّره بصالح. سمع منه: أخوه أبو بكر المفيد، وابن السمعاني. 4 (حرف العين)

4 (عباد بن سرحان بن مسلم بن سيد الناس) أبو الحسن المعافري، الأندلسي، الشاهد. سكن العُدوة. وكان مولده في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة. وسمع من: طاهر بم مفوأهز بشاطبة، وحجّ، ودخل بغداد، وسمع من: رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، والمبارك بن الطّبري. وأجاز له أبو عبد الله الحُميدي. وسمع بمكة من: الحسين بن علي الطّبري.) قال ابن بَشكُوال: قدِم قُرطبة، فسمعنا منه. وكانت عنده فوائد. وكان يميل الى مسائل الخلاف ويدّعي معرفة الحديث ولا يُحسنه، عفا الله عنه. توفي بالعدوة في نحو سنة ثلاث وأربعين. 4 (عبد الله بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن قسامي) أبو القاسم الحريمي، المعدّل، الفقيه الحنبلي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 148 سمع: أبا نصر الزينبي، وأبا الحُصين العاصمي. روى عنه: أبو سعد السمعاني وأثنى عليه، وسأله عن مولده فقال: سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وتوفي في سادس ذي القعدة. وحدّث بالنّعت في مكة، وكان يُفتي. قال ابن النجّار: ثنا عنه أحمد بن عبد الملك المقرئ. وقساميّ: بفتح ثم كسر. قيّده ابن نقطة. 4 (عبد الله بن سعيد بن محمد) أبو المحاسن البنجديهي، الخمقَري. وهي نسبة الى خمس قرى بحذف السين. والخمس قرى هي بَنَجديه، من أعمال مرو. كان رجلاً فاضلاً، عالماً. روى عن: هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي. روى عنه أبو سعد السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 149 4 (عبد الله بن علي بن سعيد) أبو محمد القيسراني، القصري، الفقيه. فاضل، إمام، ديّن، فصيح، مُناظر، من كبار فُقهاء النظامية. سمع: أبا القاسم بن بيان. وقد مرّ في سنة اثنتين وأربعين. وقال ابن السمعاني: بنى ابن العجمي بحلب له مدرسة، ودرّس بها، وكتبتُ عنه بها جاء ابن عرفة. وقال لي: ولدتُ بقيسارية. والقصر الذي انتب له بُليدة بين عكا وحيفا على الساحل. قال: ومات بحلب في سنة ثلاث أو أربع وأربعين. يحوَّل.) 4 (عبد الرحمن بن عبد الله الحلحولي، الحلبي) سافر وأقام بمصر مدة. ثم سكن دمشق. وكان من كبار الصالحين والعُبّاد. وحلحول: قرية بها قبر يونس صلى الله عليه وسلم فيما يُقال، وهي بين القدس والخليل. أقام بها سبع سنين، بنى بها مسجداً، وتعبّد فيه بين الفرنج، وسمعنا أنهم كانوا يتبرّكون به، ويعتقدون فيه. ثم انتقل الى دمشق. قال ابن عساكر: مضيت إليه غير مرة، وانتفعت بروايته وبكلامه، وما رأيت بالشام في فنه مثله. واستُشهد بظاهر دمشق في وقعة الفرنج، رحمه الله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 150 4 (عبد الرحمن بن محمد بن أميرويه بن محمد) العلامة أبو الفضل الكرماني، شيخ الحنفية بكرمان في زمانه. تفقّه بمرو على القاضي محمد بن الحسين. تزاحم عليه الطلبة، وتخرّج به الأصحاب. وانتشرت سيرته في الآفاق، وصار معظَّماً عند الخاص، والعام. وكان في رمضان يقرأون عليه التفسير والحديث. سمع: أباه بكرمان، وشيخه القاضي الأرسابَندي، وأبا الفتح عبيد الله بن أردشير الهُشامي. سمع منه أبو سعد السمعاني، وبالغ في تعظيمه، وقال: ولد سنة سبع وخمسين، ومات في الحادي والعشرين من ذي القعدة بمدرسة القاضي الشهيد سنة. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن حسن بن طوق)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 151 أبو القاسم البغدادي. سمع: نصر بن البطِر، وغيره. وكان ضعيفاً في دينه. روى عنه: أبو سعد السمعاني. 4 (عبد الرحيم بن قاسم بن محمد) أبو الحسن القيسي، الأندلسي، الحجازي، الفرجي، من أهل مدينة الفرج. روى عنه: أبي علي الغسّاني، وخازم بن محمد، ومحمد بن المورة، وغيرهم. قال ابن بَشكوال: كان من أهل المعرفة والفهم والذكاء والحفظ، قوي الأدب، كثير الكتب، ديّناً) فاضلاً، صاحب ليل وعبادة وكثرة بكاء، حتى أثّر ذلك بعينيه. توفي في شعبان. قال ابن مَسْدي: آخر من روى عنه بالسماع الخطيب أبو جعفر بن يحيى الحِميري. وأجاز أبو جعفر لي، ومات سنة إحدى عشرة وستمائة. قلت: بل مات سنة عشر بقرطبة. 4 (عبد الرشيد بن محمد بن خليل) أبو محمد البوشنجي. سمع: عبد الرحمن بن عفيف كلاز. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في محرّم أو صفَر سنة ثلاثٍ وأربعين. 4 (عبد العزيز بن محمد بن بَشكولة)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 152 الميهني، الصوفي. سمع من العارف أبي الفضل محمد بن أحمد الميهني كتاب المرض لابن أبي الدنيا، عن الصيرفي، عن الصفّار، عنه. قرأه عليه السمعاني وقال: مات في جمادى الآخرة. 4 (عبد القادر بن جَندَب بن سَمُرة) أبو محمد الصوفي، الهروي. صالح عابد، خيّر، من مُريدي شيخ الإسلام أبي إسماعيل، كان يسكن برباطه. سمع: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبا إسماعيل شيخه. وولد بعد سنة ستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو رَوح عبد المعز. وبالإجازة: عبد الرحيم بن السمعاني. وأخوه هو سمُرة بن جَندب يروي أيضاً عن محمد بن أبي مسعود. روى عنه: أبو رَوح. توفي عبد القادر ثالث عشر ربيع الأول. 4 (عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد) ) أبو المظفّر بن الصبّاغ، بغدادي. سمع من: طِراد الزينبي، وابن البطِر، وحَمْد الحدّاد. وحدّث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 153 توفي في جمادى الآخرة. 4 (علي بن الحسين بن محمد) أبو عبد الله الطابراني، الصوفي، النقّاش. سمع بطوس من: أبي علي الفضل بن محمد الفارَمْذي. وبالرّي: البياضيّ. وبهمذان: شيروَيه الدّيلمي. وعنه: السمعاني. 4 (علي بن الحسين بن محمد بن علي) قاضي القُضاة، أبو القاسم، الأكمل ابن نور الهُدى أبي طالب الزينبي، الهاشمي، العباسي، البغدادي. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. سمع من: أبيه، وعمه طراد، وابن البطر، وأبي الحسن العلاف، وغيرهم. روى عنه: الفتح بن عبد السلام. وكان للمسترشد إليه مَيْل، فوعده بالنقابة، فاتفق موت الدامغاني، فطُلب مكانه، فناله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 154 ذكره ابن السمعاني فقال: كان غزير الفضل، وافر العقل، له سكون، ووقار، ورزانة، وثبات. ولي قضاء القضاة بالعراق في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وقرأتُ عليه جزأين. قال أبو شجاع محمد بن علي بن الدهّان: يُحكى أن الزينبي منذ ولي القضاء ما رآه أحد إلا بطرحة وخفاف حتى زوجته. ولقد دخلت عليه في مرض موته وهو نائم بالطّرحة. قلت: هذا تكلّف وبأوٌ زائد. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان رئيساً، ما رأينا وزيراً ولا صاحب منصب أوقر منه، ولا أحسن هيبة وسمْتاً. قلّ أن سُمع منه كلمة. وطالت ولايتُه، فأحكم الزمان، وخدم الراشد، وناب في الوزارة. ثم استوحش من الخليفة، فخرج الى الموصل، فأسِر هناك. ووصل الراشد الى) الموصل وقد بلغه ما جرى ببغداد من خلعه فقال له: اكتب خطّك بإبطال ما جرى، وصحة إمامتي. فامتنع، فتواعده زنكي، وناله بشيء من العذاب، وأذن في قتله، ثم دفع الله عنه. ثم بُعث من الديوان لاستخلاصه، فجيء به، فبايع المقتفي، وناب في الوزارة لما التجأ ابن عمه الوزير علي بن طِراد الى دار السلطان. ثم إن المقتفي أعرض عنه بالكلية. قال ابن الجوزي: وقال لي: التقيت الطّاهر، جاء إليّ فقال: يا ابن عم، أنظر ما يصنع معي، فإن الخليفةُعرض عني. فكتبت الى المقتفي، فأعاد الجواب بأنه فعل كذا وكذا، فعذرتُه، وجعلت الذنب لابن عمي. ثم جعل ابن المرخّم مناظِراً له، ومناقضاً ما يبني، والتوقعيات تصدر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 155 بمراضي ابن المرخّم، وسخطان الزينبي، ولم يبق له إلا الاسم، فمرض وتوفي يوم عيد النّحر، وصلى عليه ابن عمه نقيب النقباء طلحة بن علي. ودُفن بمشهد أبي حنيفة الى جانب والده. وخلّف جماعة بنين ماتوا شباباً. وعاش ستاً وسبعين سنة. 4 (علي بن أبي الوفاء سعد بن علي بن عبد الواحد بن عبد القاهر بن أحمد بن مُسهر) مهذّب الدين، أبو الحسن المَوصلي، الشاعر. صدرٌ، رئيس، وشاعر مُحسن. مدح الملوك الكُثُر، وتنقّل في المناصب الكبار ببلده. وديوانه في مجلدتين. ومن شعره: (إذا ما لسانُ الدمع نمّ على الهوى .......... فليس بسرٍ ما الضلوعُ أجنّتِ)

(فوالله ما أدري عشية ودّعتْ .......... أناحَت حماماتُ اللِّوى أم تغنّتِ)

(وأعجب من صبري القَلوص التي سرتْ .......... بهودجكِ المزحوم كيف استقلّت)

(أعاتب فيك اليَعمُلات على السّرى .......... وأسأل عنك الريح من حيث هبّتِ)

(أطبقُ أحناء الضلوع على جوى .......... جميعٍ وصبرٍ مستحيلٍ مشتّتِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 156 وله: (ولما اشتكيتَ اشتكى كلُّ ما .......... على الأرض، واعتلّ شرقٌ وغربُ)

(لأنك قلبٌ لجسم الزمان .......... وما صحّ جسمُ إذا اعتلّ قلبُ)

4 (علي بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر) ) أبو الحسن البحيري. من شيوخ نيسابور. من بيت الرواية. حدّث عن: أبي بكر بن سنان، وغيره. ذكره ابن السمعاني في مُعجمه، وأنه مات في ذي الحجة. 4 (عمر بن أبي غالب بن بُقيرة) أبو الكرم البغدادي، البقّال. سمع: ثابت بن بُندار. كتب عنه السمعاني، وقال: توفي في شوال، وصلّيت عليه ببغداد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 157 4 (عيسى بن يوسف بن عيسى بن علي) أبو موسى بن الملجوم، الأزدي، الفانيني. سمع من: أبيه قاضي القُضاة أبي الحجاج يوسف، وأبي الفضل النحوي، وأبي الحجاج الكلبي. وبأغمات من: أبي محمد عبد الله اللخمي سِبط أبي عمر بن عبد البرّ. ودخل الأندلس فسمع من: أبي علي، وابن الطّلاع، وخازم بن محمد. وكان جمّاعةً للكتب، ابتاع من أبي علي الغساني أصله بسنن أبي داود الذي سمعه من أبي عمر بن عبد البرّ. روى عنه: ابنه عبد الرحيم، وأبو محمد بن ماتح. وتوفي في رجب، رحمه الله، وله سبعٌ وستون سنة. 4 (حرف الفاء)

4 (فضل الله بن أحمد بن المحسّن) أبو البدر الطوسي. وكان حسن السيرة، جميل الأمر، متواضعاً، كثير الخير. سمع: أبا علي الفضل الفارَمذي، وأحمد بن عبد الرحمن الكندي، وأبا تُراب المراغي. سمع منه: أبو سعد السمعاني بطوس. توفي في آخر يوم من السنة وله سبعون سنة. وهو من طابران قصبة طوس. 4 (الفضل بن يحيى بن صاعد بن سيار بن يحيى) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 158 أبو القاسم الكناني، الهروي، الحنفي. ولي قضاة هَراة مدة. وكان عالماً، كريماً، متودداً. سمع من: جده أبي العلاء، وأبي عامر الأزدي، ونجيب بن ميمون. كتبتُ عنه الكثير، قاله أبو سعد السمعاني، فمن ذلك: الزهد لسعيد بن منصور، بإسناد هروي، الى أحمد بن نجدة، عنه. مات في نصف ذي الحجة وقد نيّف على السبعين. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن الحسين بن أبي القاسم) أبو بكر الطبري، الشالوسي الصوفي، الواعظ. وشالوسا من قرى طرستان. كان مليح الوعظ، خيّراً، حريصاً على طلب الحديث. سمع: نصر الله الخُشنامي، فمن بعده. سمع منه: السمعاني، وقال: مات في المحرّم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 159 4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد) الإمام أبو بكر بن العربي، المعافري، الأندلسي، الإشبيلي، الحافظ. أحد الأعلام. ولد في شعبان سنة ثمان وستين وأربعمائة. قال ابن بشكوال: أخبرني أنه رحل مع أبيه الى المشرق سنة خمسٍ وثمانين، وأنه دخل الشام ولقي بها: أبا بكر محمد بن الوليد الطُّرطوشي، وتفقّه عنده. ولقي بها جماعة من العلماء والمحدّثين. وأنه دخل بغداد، وسمع بها من طِراد الزينبي. ثم حجّ سنة تسع وثمانين، وسمع من الحسين بن علي الطّبري. وعاد الى بغداد، فصحب أبا بكر الشاشي، وأبا حامد الغزالي، وغيرهم،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 160 وتفقه عندهم. ثم صدر عن بغداد، ولقي بمصر، والإسكندرية جماعة، فاستفاد منها، وعاد الى بلده سنة ثلاثٍ وتسعين بعلم كثير لم يدخله أحد قبله ممن كانت له رحلة الى المشرق. وكان من أهل التفنن في العلوم، والاستبحار فيها، والجمع لها، مقدّماً في المعارف كلها، متكلماً في أنواعها، نافذاً في جميعها، حريصاً على آدابها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب) منها. يجمع الى ذلك كله آداب الأخلاق مع حُسن المعاشرة، ولين الكنف، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحُسن العهد، وثبات الودّ. واستُفتي ببلده، فنفع الله به أهلها لصرامته وشدّته، ونفوذ أحكامه. وكانت له في الظالمين سورةٌ مرهوبة. ثم صُرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثّه. قرأت عليه، وسمعت منه بإشبيلية، وقرطبة كثيراً من روايته وتواليفه. وتوفي بالعدوة، ودُفن بفاس في ربيع الآخر. قال ابن عساكر: سمع أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا الفضل بن الفرات، وأبا البركات أحمد بن طاوس، وجماعة. وسمع ببغداد: نصر بن البطِر، وأبا طلحة النّعالي، وطِراد بن محمد. وسمع ببلده من خاله الحسن بن عمر الهوزني، يعني المذكور سنة اثنتي عشرة. قلت: ومن تصانيفه: كتاب عارضة الأحوَذي في شرح الترمذي، وكتاب التفسير في خمس مجلدات كبار، وغير ذلك من الكتب في الحديث، والفقه، والأصول.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 161 وورّخ موته في هذه السنة أيضاً الحافظ أبو الحسن بن الفضل، والقاضي أبو العباس بن خلّكان. وكان أبوه رئيساً، عالماً، من وزراء أمراء الأندلس، وكان فصيحاً، مفوَّهاً، شاعراً، توفي بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين. روى عن أبي بكر: عبد الرحمن وعبد الله ابني أحمد وصابر، وأحمد بن سلامة الأبّار الدمشقيون. وأحمد بن خلف الكلاعي قاضي إشبيلية، والحسن بن علي القرطبي الخطيب، والزاهد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن المجاهد، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن الجد الفِهري، ومحمد بن أحمد بن الفخّار، ومحمد بن مالك الشريشي، ومحمد بن يوسف بن سعادة الإشبيلي، ومحمد علي الكُتّامي، ومحمد بن جابر الثعلبي، ونجية بن يحيى الرّعَيني، وعبد الله بن أحمد بن جُمهور، وعبد الله بن أحمد بن علوش نزيل مراكُش، وأبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله السُهَيلي، وعبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري، وعبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطي، وعلي بن صالح بن عز الناس الداني، وعليّ بن أحمد الشَّقوري، وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر. وروى عنه خلق سوى هؤلاء، وكان أحد من بلغ رتبة الاجتهاد، وأحد من انفرد بالأندلس بعلوّ) الإسناد. وقد وجدتُ بخطي أنه توفي سنة ستٍ وأربعين، فما أدري من أين نقلته. ثم وجدت وفاته في سنة ست في تاريخ ابن النجار، نقله عن ابن بشكوال، والأول الصحيح إن شاء الله. وذكر ابن النجار أنه سمع أيضاً من محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي بمصر، ومن أبي الحسن القاضي الخلعي، وبالقدس من مكي الرُميلي. وقرأ كتب الأدب ببغداد على أبي زكريا التبريزي، وقرأ الفقه والأصلين على الغزالي، وأبي بكر الشاشي، وحصّل الكتب والأصول، وحدّث

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 162 ببغداد على سبيل المذاكرة، فروى عنه: أبو منصور بن الصباغ، وعبد الخالق الموصلي. وروى الكثير ببلده، وصنّف مصنفات كثيرة في الحديث، والفقه، والأصول، وعلوم القرآن، والأدب، والنحو، والتواريخ، واتسع حاله، وكثُر أفضاله، ومدحه الشعراء. وعمل على إشبيلية سوراً من ماله، وولي قضاءها، وكان من الأئمة المقتدى بهم. وقد ذكره اليَسَع بن حزم، وبالغ في تعظيمه، وقال: ولي القضاء فمُحِن، وجرى في أعراض العابرة فلحن، وأصبح يتحرك بإثارة الألسنة، ويأبى بما أجراه القدرُ عليه النوم والسنة، وما أراد إلا خيراً، نصب الشيطان عليه شباكه، وسكّن الإدبار حِراكه، فأبداه للناس صورة تبدو، وسورة تُتلى، لكونه تعلَّق بأذيال المُلك، ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحربهم، بل داهن. ثم انتقال الى قرطبة مكرَّماً، حتى حُوِّل الى العدوة، فقضى بما قرأت. قرأت بخط ابن مَسدي في معجمه: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرّج النباتي بإشبيلية: سمعت الحافظ أبا بكر بن الجدّ وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية أبو بكر بن المُرجّى، وفلان، وفلان، وحضر معهم أبو بكر بن العربي، فتذاكروا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 163 حديث المِغفَر، فقال ابن المرجّى: لا يُعرف إلا من حديث مالك، عن الزُهري. فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاثة عشر طريقاً، غير طريق مالك. فقالوا له: أفِدنا هذه الفوائد، فوعدهم، ولم يُخرج لهم شيئاً. وفي ذلك يقوم خلف بن خير الأديب: (يا أهل حمص ومن بها أوصيكمُ .......... بالبرّ والتقوى وصية مشفقِ)

(فخذوا عن العربي أسمارَ الدّجا .......... وخُذوا الرواية عن إمامٍ متقي) ) (إن الفتى حلو الكلام مهذّبٌ .......... إن لم يجد خبراً صحيحاً يخلقِ) قلت: هذه الحكاية لا تدل على ضعف الرجل ولابد. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن ابراهيم بن يحيى) أبو الحسن ابن الوزّان، صاحب الصلاة بجامع قرطبة. روى عن: أبي عبد الله محمد بن فرج. وكان أديبً، فاضلاً، معتنياً بالعلم والرواية، ثقة، ثَبتاً، طويل الصلاة، كثير الذِّكر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 164 توفي رحمه الله في جمادى الآخرة. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الطفيل بن الحسن بن عظيمة) الإشبيلي، الأستاذ، المقرئ. رحل وأخذ القراءات عن ابن الفحّام بالثغر، وأبي الحسين بن الخشّاب بمصر. أخذ عننه ولده عيّاش. وله قصيدة في القراءات، وكتاب الغنية. روى عنه: أبو مروان الباجي، وأبو بكر بن خير. وقد حدّث عن أبي علي الغساني، وطبقته. توفي في صفر، قاله ابن الأبّار. 4 (محمد بن علي) أبو غالب البغدادي، المكبّر، المعروف بابن الداية. سمع: صفة المنافق من ابن المسلمة، وسماعه صحيح، ثُبّت في سنة أربع وستين بخط طاهر النيسابوري. وتوفي في المحرم، قاله أبو سعد. قلت: روى عنه: حمزة ومحمد ابنا علي بن القنّبيطي، وسليمان وعلي ابنا الموصلي، وجماعة آخرهم الفتح بن عبد السلام. وعاش تسعاً وثمانين سنة. وكان أبوه فرّاشاً في بيت رئيس الرؤساء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 165 4 (محمد بن علي بن عمر بن أبي بكر بن علي) ) أبو بكر الكابُلي. روى عن: عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ بإصبهان. روى عنه: أبو موسى بن المديني، وقال: توفي في العشرين من صفر سنة ثلاث وأربعين. وقال: قيل إن مولده سنة ثلاث أو أربع أو ست وأربعين وأربعمائة. وروى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو بكر أحمد بن أبي نصر الخِرقي. 4 (محمد بن أبي بكر عمرو بن محمد بن القاسم) أبو غالب الشيرازي، من شيوخ أبي موسى المديني. هو نسبه. وذكره أبو سعد السمعاني فسمى جده محمد: أحمد. وكذا قال عبد الرحيم الحاجي في الوفيات. توفي يوم عيد الفطر. وقال ابن السمعاني: كان شيخاً، عالماً، صالحاً، سديد السيرة، سمع: المظفّر البزاني، وابن شكرويه، وجماعة. ولد سنة ست وستين وأربعمائة. وقال أبو موسى: كان خازن كتب الصاحب. 4 (محمد بن علي بن محمد بن خُشنام)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 166 المروزي، المُلحمي، الصوفي. شيخ معمر، عاش بضعاً وتسعين سنة، فيه خير ودين. سُمع منه سنة أربع وستين، من عبد العزيز بن موسى القصّاب عن الدهّان، عن فاروق الخطابي. روى عنه: السمعاني، وعبد الرحيم. 4 (محمد بن علي بن محمد بن علي) أبو العز البُستي، الصوفي. سمع بمرو، وغيرها جماعة، وسافر الكثير، وسلك البوادي على التجريد والوحدة. وحدّث عن: موسى بن عمران، وجماعة، حتى إنه روى عن السلفي. قال السمعاني: كتبت عنه بمرو وبشاور، وكان شيخنا إسماعيل بن أبي سعد يسيء الثناء عليه.) ولد سنة، ومات في ثاني ذي القعدة. 4 (محمد بن محمد بن الطّبر) أبو الفرج القصري، الضرير، المقرئ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 167 عن: ابن طلحة النّعالي، وابن البطِر، وجماعة. وعنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر، وعلي بن أحمد بن وهب. شيخ ابن النجار، وهو صالح خيّر لا بأس به، يؤم بمسجد. توفي في جمادى الآخرة وإنما أضرّ بأخَرَة. 4 (المبارك بن كامل بن أبي غالب الحسين بن أبي طاهر) أبو بكر الخفّاف، البغدادي، الظفري، المفيد. كان يفيد الغرباء عن الشيوخ. سمع الكثير، وأفنى عمره في الطلب. وسمع العالي والنازل. وأخذ عمّن دبّ ودرج، وما يدخل أحدٌ بغداد إلا ويبادر ويسمع منه. قال ابن السمعاني: وهو سريع القراءة والخط، يشبه بعضه بعضاً في الرداءة. وكان يدور معي على الشيوخ. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وعليّ بن أحمد بن فتحان الشهرزوري، فمن بعدهم. سمعت منه وسمع مني، وقال لي: ولدت في سنة تسعين وأربعمائة. توفي في تاسع وعشرين جمادى الأولى. وقال أبو الفرج بن الجوزي: أبو بكر المفيد، يُعرف أبوه بالخفّاف، سمع خلقاً كثيراً، ومازال يسمع العالي والنازل، ويتتبّع الأشياخ في الزوايا، وينقل السمّاعات، فلو قيل: إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ لما رُدّ القائل. وانتهت إليه معرفة المشايخ، ومقدار ما سمعوا والإجازات لكثرة دِربته في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 168 ذلك. وكان قد صحب هزارسبَ بن عوض، ومحمود الإصبهاني، إلا أنه كان قليل التحقيق فيما ينقل من السماعات، لكونه يأخذ عن ذلك ثمناً، وكان فقيراً الى ما يأخذ، ولكن كثير التزويج والأولاد. 4 (المبارك بن المبارك بن أبي نصر بن زوما) أبو نصر البغدادي، الحنبلي الرّفّاء، ثم تحول شافعياً، وتفقّه على أبي سعد الميهني. وبرع في) المذهب، وكان من الصلحاء العُبّاد. سمع من: أُبي النّرسي، وطبقته. وحدّث. ومات كهلاً، رحمه الله. 4 (منير بن محمد بن منير) أبو الفضل النّخعي، الرازي، واعظ. سمع ببغداد: عاصم بن الحسن، ومالك البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وجماعة. روى عنه: عبد الوهّاب بن سُكينة، وغيره. قال ابن السمعاني: كان على التركات، وسمعت جماعة يسيئون الثناء عليه. كتبتُ عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 169 وتوفي في ذي القعدة. وولد في سنة خمسٍ وستين. 4 (موسى بن أبي بكر بن أبي زيد) أبو عبد الله الفرغاني، الصوفي. قدِم بغداد، وحجّ كثيراً. وكان شيخاً صالحاً، خدوماً، ذكر أنه سمع من أصحاب أبي علي بن شاذان، ولم يظهر له شيء. توفي بدمشق في صفر. 4 (حرف الياء)

4 (ياقوت) أبو الدرّ الرومي، التاجر، السفّار، عتيق عُبيد الله بن أحمد البخاري. سمع معه من ابن هزارمُرد الصّريفيني كتاب المُزاح والفكاهة للزُبير، وسمع مجالس المخلّص. قال ابن السمعاني: كان شيخاً ظاهره الصلاح والسداد، لا بأس به، حدّث بالعراق ودمشق، ومصر. وقال ابن عساكر: قدم دمشق، ومصر، مرات للتجارة، ولم يكن يفهم شيئاً، وتوفي بدمشق في شعبان. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وولده القاسم، وابن السمعاني، وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن وهب بن الزّنْف، والحسين بن كامل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 170 المعبّر، وعقيل بن الحسين بن أبي الجن،) وأحمد بن وهب بن الزّنف، وعبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشي، وعبد الرحمن بن إسماعيل الجنزوي، وعبد الرحمن بن عبد الواحد بن هلال، وعبد الصمد بن يونس التنوخي، وطائفة سواهم. 4 (يحيى بن أحمد بن محمد بن أحمد) أبو جعفر بن الزوال. سمع: أبا نصر الزينبي، وعامر بن الحسن. وعنه: ابن سُكينة، ويوسف بن المبارك بن كامل. مات في ربيع الأول. قاله ابن النجار. 4 (يحيى بن محمد بن سعادة بن فصّال) أبو بكر القرطبي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي الحسن العبسي، وأبي القاسم بن النخّاس. وحجّ فسمع من رزين بن مغرب كتاب تجريد الصحاح وكتاب فضائل مكة. روى عنه: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو خالد المرواني، وأبو الحسن بن مؤمن، وأبو القاسم الشرّاط. 4 (يوسف بن دوناس بن عيسى)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 171 أبو الحجاج الفِندلاوي، المغربي الفقيه المالكي، الشهيد، إن شاء الله. قدم الشام حاجاً، فسكن بانياس مدة، وكان خطيباً بها، ثم انتقل الى دمشق، ودرّس بها الفقه، وحدّث بالموطأ. أنبأنا المسلم بن محمد عن القاسم بن عساكر: أنا أبي، أنا أبو الحجاج الفِندلاوي: أنبا محمد بن عبد الله بن الطيب الكلبي، أنبا أبي، أنبا عبد الرحمن الخِرَقيّ، أنا علي بن محمد الفقيه، فذكر حديثاً. قال الحافظ ابن عساكر: كان الفندلاوي حسن الفاكهة، حلو المحاضرة، شديد التعصّب لمذهب أهل السنة، يعين الأشاعرة، كريم النفس، مطّرحاً التكلّف، قوي القلب. سمعت أبا تُراب بن قيس يذكر أنه كان يعتقد اعتقاد الحشوية، ويبغض الفندلاوي لردّه عليهم، وأنه خرج الى الحج، وأُسر في الطريق، وألقي في جبّ، وألقي عليه صخرة، وبقي كذلك مدة يُلقى إليه ما يأكل، وأنه أحس) ليلة بحس، فقال: من أنت فقال: ناولني يدك. فناوله يده، فأخرجه من الجب، فلما طلع إذا هو الفِندلاوي، فقال: تُب مما كنت عليه. فتاب عليه. قال ابن عساكر: وكان ليلة الختم في رمضان يخطب رجل في حلقة الفندلاوي بالجامع ويدعو، وعنده أبو الحسن بن المسلم الفقيه، فرماهم خارج من الحلقة بحجر، فلم يُعرف. وقال الفندلاوي: اللهم إقطع يده. فما مضى إلا يسير حتى أُخذ قصير الركابي من الحلقة الحنابلة ووُجد في صندوقه مفاتيح كثيرة تفتح الأبواب للسرقة، فأمر شمس الملوك بقطع يديه، ومات من قطعهما.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 172 قُتل الفندلاوي يوم السبت سادس ربيع الأول سنة ثلاث بالنيرب مجاهداً للفرنج. وفي هذا اليوم نزلوا على دمشق، فبقوا أربعة أيام، ورحلوا لقلة العلف والخوف من العساكر المتواصلة من حلب، والموصل نجدةً. وكان خروج الفندلاوي إليهم راجلاً فيمن خرج. وذكر صاحب الروضتين أن الفندلاوي قُتل على الماء قريب الربوة، لوقوفه في وجوه الفرنج، وترك الرجوع عنهم، اتّبع أوامر الله تعالى وقال بِعنا واشتري. وكذلك عبد الرحمن الحلحولي الزاهد، رحمه الله، جرى أمره هذا المجرى. وذكر ابن عساكر أن الفِندلاوي رؤي في المنام، فقيل له: أين أنت فقال: في جنات عدن على سُرُرٍ متقابلين. وقبره يُزار بمقبرة باب الصغير من ناحية حائط المصلّى، وعليه بلاطة كبيرة فيها شرحُ حاله. وأما عبد الرحمن الحلحولي فقبره في بستان الشعباني، في جهة شرقه، وهو البستان المحاذي لمسجد بستان شعبان المعروف الآن بمسجد طالوت. وقد جرت للفندلاوي، رحمه الله، بحوث، وأمور، وحِسبة مع شرف الإسلام ابن الحنبلي في العقائد، أعاذنا الله من الفتن والهوى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 173 4 (وفيات سنة أربع وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الوزير نظام المُلك الحسن بن عليّ بن إسحاق) أبو نصر الطوسي، الصاحب، الرئيس.) سكن بغداد عند مدرسة والده، وكان وزيراً في دولتي الخليفة والسلطان، وآخر ما وزَر للمسترشد بالله في رمضان سنة ستّ عشرة وخمسمائة، وعُزل بعد ستة أشهر، ولزم منزله، ولم يتلبّس بعدها بولاية. وآخر من روى عنه حفيده الأمير داود بن سليمان بن أحمد. وكان صدراً، بهيّ المنظر، مليح الشيبة، يملأ العين والقلب، قعد عن الأشغال، وكان جليس يَمنة. وحدّث عن: أبيه، وأبي الفضل الحسناباذي، وغيرهما، وأبو الفضل كان عبد الرزاق الراوي، عن الحافظ ابن مردوَيه، وغيره. روى عنه: أبو أسعد السمعاني، وذكره في معجمه، وقال: توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة، ودُفن بداره. عاش تسعاً وسبعين سنة. 4 (أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 174 أبو نصر البهوني. وبهونة: من قرى مرو. إمام فاضل، لكن اختلط في آخر عمره واختلّ. سمع: هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وأبا سعيد محمد بن عليّ البغوي. ذكره ابن السمعاني في معجمه، وقال: توفي في ربيع الآخر. 4 (أحمد بن عبد الباقي بن الجلا) أبو البركات، أمين القاضي ببغداد. حدّث عن: نصر بن البطِر. وعنه: ابن السمعاني، وإبراهيم بن سفيان بن مَندة. وكان مقرئاً، مجوِّداً. توفي في جمادى الأولى. 4 (أحمد بن علي بن أبي جعفر بن أبي صالح) الإمام، أبو جعفر البيهقي، النحوي، المفسّر، المعروف ببوجعفرَك. نزيل نيسابور، وعالِمها. قال السمعاني: كان إماماً في القراءة، والتفسير، والنحو، واللغة، وصنّف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 175 المصنّفات المشهورة.) وسمع: أحمد بن محمد بن صاعد، وعلي بن الحسين بن العباس الصندلي. وولد في حدود السبعين وأربعمائة. وذكره جمال الدين القفطي في تاريخ النحويين فقال: صنّف التصانيف المشهورة، منها كتاب تاج المصادر. وظهر له تلامذة نُجباء. وكان لا يخرج من بيته إلا في أوقات الصلاة. وكان يُزار ويتبرّك به. توفي رحمه الله بلا مرض في آخر يوم من رمضان، وازدحم الخلق على جنازته. 4 (أحمد بن علي بن حمزة بن جبيرة) أبو محمد البصلاني، ويُعرف بطفان. طلب بنفسه، وكتب عن: ابن البطِر، والنعالي، وعاصم بن الحسن، وطِراد. وقال ابن النجار: روى اليسير لسوء طريقه، وقُبح أفعاله. كان ينجّم ويتمسخر على العرب، ويحضر مجالس اللهو، فتركوه. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، والمبارك بن كامل، ونور العين بنت المبارك. قال ابن ناصر: متروك، لا تجوز الرواية عنه. وقال ابن شافع: مات في رجب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 176 4 (أحمد بن محمد بن الحسين) القاضي، أبو بكر الأرجاني، ناصح الدين، قاضي تُستَر، وصاحب الديوان الشعر المشهور. كان شاعر عصره، مدح أمير المؤمنين المسترشد بالله. وسمع من أبي بكر بن ماجة الأبهري حديث لُوَين. روى عنه جماعة منهم: أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفّر بن الشهرزوري، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الإخوة، وابن الخشّاب النحوي، ومنوجهر بن تُركانشاه، ويحيى بن زيادة الكاتب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 177 وأصله شيرازي. وكان في عنفوان شبابه بالمدرسة النظامية بإصبهان، وناب في القضاء بعسكر مُكرَم. والذي جُمِع من شعره لا يكوّن العُشر منه. قال العِماد في الخريدة: لما وافيت عسكر مُكرَم لقيتُ بها ولد رئيس الدين محمداً، فأعارني إضبارة كبيرة من شعر والده. منبتُ شجرته أرّجان، ومواطن أسرته تُستَر، وعسكر مُكرَم من خوزستان. وهو وإن كان في العجم مولده، فمن العرب محتِده، سلفه القديم من الأنصار، لم) يسمح بنظيره سالف الأعصار، أوسيّ الأسّ خزرَجيُّه، قسيُّ النطق إياديّه، فارسي القلم، وفارس ميدانه، وسلمان برهانه، من أبناء فارس، الذين نالوا العلم المعلّق بالثريا. جمع بين العذوبة والطيب والريّا. وله: (أنا أشعر الفقهاء غير مُدافعٍ .......... في العصر، أو أنا أفقهُ الشعراءِ)

(شِعري إذا ما قلتُ دوّنه الورى .......... بالطبع لا يتكلّفِ الإلقاءِ)

(كالصوت في حُلل الجبال إذا علا .......... للسمع هاج تجاوبَ الأصداء) وله: (شاور سواكَ إذا نابتكَ نائبةٌ .......... يوماً، وإن كنتَ من أهل المشوراتِ)

(فالعينُ تنظر منها ما دنا ونأى .......... ولا ترى نفسَها إلا بمرآةِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 178 وله: (ولما بلوتُ الناسَ أطلبُ عندهم .......... أخا ثقةٍ عند اعتراض الشدائدِ)

(تطلّعتُ في حالَي رخاءٍ وشدةٍ .......... وناديتُ في الأحياء: هل من مُساعد)

(فلم أرَ فيما ساءني غير شامتٍ .......... ولم أرَ فيما سرّني غيرَ حاسدِ)

(مُتِّعتُما يا ناظريّ بنظرة .......... وأوردتما قلبي أشرَّ المواردِ)

(أعينيّ كُفّا عن فؤادي فإنه .......... من البغي سعيُ اثنين في قتل واحدِ) وله يمدح خطير المُلك محمد بن الحسين وزير السلطان محمد السلجوقي: (طلعتْ نجومُ الدين فوق الفرقَد .......... بمحمدٍ، ومحمدٍ، ومحمدِ)

(نبيُّنا الهادي وسلطان الورى .......... ووزيره المولى الكريم المُنجدِ)

(سعدان للأفلاك يكنفانها .......... والدين يكنفُه ثلاثة أسعدِ)

(بكتاب ذا، وبسيف ذا، وبرأي ذا .......... نُظمتْ أمورُ الدين بعد تبدُّدِ)

(فالمعجزاتُ لمُفترٍ، والباتراتُ .......... لمُعتَد، والمكرُماتُ لمُجتدي)

(لله درُّ زمانه من مجاجدٍ .......... ملك أغرّ من المكارم أصيدِ) وله: (ما جُبتُ آفاقَ البلاد مطوِّفاً .......... إلا وأنتم في الورى متطلّبي) ) (سعي إليكم في الحقيقة، والذي .......... تجدون عنكم فهو سعيُ الدهرِ بي)

(أنحوكمُ ويردُّ وجهي القهقرى .......... عنكم بسَيري مثلُ سير الكوكبِ)

(فالقصدُ نحو المشرقِ الأقصى لكم .......... والسير رأيَ العين نحو المغربِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 179 وله: (رثى لي وقد ساويتُه في نُحوله .......... خيالي لما لم يكن لي راحمُ)

(فدلّس بي حتى طرقتُ مكانَه .......... وأوهمتُ إلفي أنه بي حالمُ)

(وبتنا ولم يشعر بنا الناسُ ليلةً .......... أنا ساهرٌ في جفنه، وهو نائم) وله، وقد ناب عن القاضي ناصر الدين عبد القاهر بن محمد بتُستر، وعسكر مُكرَم: (ومن النوائب أنني .......... في مثل هذا الشغل نائبْ)

(ومن العجائب أن لي .......... صبراً على هذي العجائب) وله: (أحبُّ المرء ظاهرُه جميلٌ .......... لصاحبه وباطنُه سليمُ)

(مودتُه تدومُ لكل هولٍ .......... وهل كلُ مودتُه تدوم) وله: (وهل دُفِعتُ الى الهموم تنوبني .......... منها ثلاثُ شدائد، جُمعنَ لي)

(أسفٌ على ماضي الزمان، وحيرةٌ .......... في الحال، وخشيةُ المستقبل)

(ما إن وصلتُ الى زمان آخرٍ .......... إلا بكيتُ على الزمان الأول) وله: (حيث انتهيتَ من الهجران لي فقفْ .......... ومن وراء دمي بيضُ الظبا فخفِ)

(يا عابثاً بِعداتِ الوصل يُخلفُها .......... حتى إذا جاء ميعادُ الفراق يَفي)

(اعدِلْ كفاتن قدٍ منك معتدِلٍ .......... واعطف كمائل غصن منك منعطفِ)

(ويا عذولي ومن يُصغي الى عذلٍ .......... إذا رنا أحورُ العينين لا تقفِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 180 (تلوّم قلبي إن أصماه وناظره .......... فيمَ اعتراضُك بين السهم والهدفِ)

(سلوا عقائِكَ هذا الحي أي دمٍ .......... للأعين النجل عند الأعيُن الذُرُفِ)

(يستوصفون لساني عن محبتهم .......... وأنت أصدقُ، يا دمعي، لهم فصفِ) ) (ليست دموعي لنار الشوق مطفئة .......... وكيف والماءُ بادٍ واللهيبُ خفي)

(لم أنسَ يوم رحيل الحي موقفَنا .......... والعيسُ تطلعُ أولاها على شُرُفِ)

(وفي المحامل تخفى كل آنسةٍ .......... أن ينكشف سجفُها للشمس تنكسفِ)

(يبين عن معصمٍ بالوهم ملتزم .......... منها، وعن مبسم باللحظ مُرتَشفِ)

(في ذمة الله ذاك الركب إنهم .......... ساروا وفيهم حياةُ المُغرم الدنفِ)

(فإن أعِش بعدهم فرداً فواعجباً .......... وإن أمتُ هكذا وجداً أفيا أسفي.) وله: (قلبي وشعري أبداً للورى .......... يصبح كل وحماه مُباح)

(ولملوك العصر فيما أرى .......... نهب، وهذا لوجوه الملاح)

(الحُسن للحسناء سيجتمع .......... والحظ الأمتع عند القباح) وله: (قفْ يا خيالُ وإن تساوينا ضنا .......... أنا منك أولى بالزيارة مُهنا)

(نافستُ طيفي في خيالي ليلةً .......... في أن يزورَ العامرية أيُّنا)

(فسريتُ أعتجرُ الظلامَ الى الحمى .......... ولقد عناني من أميمة ما عنا)

(وعقلتُ راحلتي بفضل زمامِها .......... لما رأيتُ خيامهم بالمُنحنى)

(لما طرقتُ الحيَّ قالت خيفةً .......... لا أنت إن علم الغيورُ ولا أنا)

(فدنوت طوع مقالها متخفياً .......... ورأيت خطبَ القوم عندي أهونا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 181 (سترت مُحيّاها مخافةَ فتنتي .......... ببنانها عني، فكانت أفتنا)

(وتجرّدتْ أعطافُها من زينة .......... عمداً، فكان لها التجرد أزينا)

(قسماً بما زار الحجيجُ وما سعوا .......... زُمراً، وما نحروا على وادي منا)

(ما اعتاد قلبي ذكرَ من سكن الحِمى .......... إلا استطار وملّ صدري مسكنا) وله: (لو كنتُ أجهلُ ما عملتُ، لسرّني .......... جهلي، كما قد ساءني ما أعلمُ)

(كالصّعو يرتع في الرياض، وإنما .......... حُبس الهزارُ لأنه يترنمُ) وله:) (سهامُ نواظرٍ تُصمي الرمايا .......... وهنّ من الحواجب في حنايا)

(ومن عجب سهامٌ لم تفارقْ .......... حناياها وقد جرحتْ حشايا)

(نهيتكُ لا تناضِلها فإنني .......... رميتُ فلم يُصب قلبي سوايا)

(جعلتُ طليعتي طرفي سفاها .......... فدلّ على مقاتلي الخفايا)

(وهل يُحمى حريمٌ من عدوٍ .......... إذا ما الجيشُ خانته الرمايا)

(هززن من القدود لنا رماحاً .......... فخلّينا القلوبَ لها ردايا)

(ولي نفَسٌ إذا ما اشتدّ شوقاً .......... أطار القلبَ من حُرَقٍ شظايا)

(ومحتكمٍ على العشاق جوراً .......... وأين من الدمى عدلُ القضايا)

(يُريك بوجنتيه الوردَ غضّاً .......... ونورَ الأقحوان من الثنايا)

(ولا تَلمِ المتيّم في هواه .......... فعدلُ العاشقين من الخطايا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 182 توفي الأرجاني بُتستَر في شهر ربيع الأول. وأرّجان: بليدة من كور الأهواز، بشد الراء. ضبطها صاحب الصّحاح. واستعملها المتنبي مخفّفة في قوله: (أرَجانَ أيتها الجيادُ، فإنهُ .......... عزمي الذي يذَرُ الوشيجَ مكسّرا)

4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أُبيّ) الأمير أبو الفضل الفراتي، الخونجاني، النيسابوري. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا عمرو عبد الله بن عمر البحيري. وكان مولده في سنة خمس وستين وأربعمائة. وتوفي في أواخر شوال. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 183 4 (أحمد بن يحيى بن علي) أبو البركات السِّقلاطوني، الفقيه، المعروف بابن الصبّاغ. روى عن: أبي نصرٍ الزينبي. سمع منه: ابن الخشّاب، والمبارك بن عبد الله بن النّقّور. توفي في هذه السنة تقريباً، أو بعدها.) 4 (ابراهيم بن محمد بن أحمد الجاجَرمي) ثم النيسابوري، الفقيه. يؤمّ بجامع نيسابور نيابة. سمع: أبا الحسن المديني، وجماعة. 4 (ابراهيم بن يحيى بن ابراهيم بن سعيد) أبو إسحاق بن الأمين، القرطبي. قال ابن بشكُوال: أكثر عن جماعة من شيوخنا، وكان من جلّة المحدّثين، وكبار المُسندين، والأدباء المتفننين، من أهل الدراية والرواية. أخذتُ عنه وأخذ عني، وكان من الدين بمكان. وولد في سنة تسعٍ وثمانين وأربعمائة. قلت: له استدراك على كتاب الاستيعاب. 4 (أسعد بن علي بن الموفّق بن زياد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 184 الرئيس، أبو المحاسن الزيادي، الهروي، الحنبلي. ثقة، صدوق، صالح، عابد، سديد السيرة، دائم الصلاة والذِّكر، مستغرق الأوقات بالعبادة. وكان يسرد الصوم. وصفه ابن السمعاني، وغيره، بهذا. وكان يسكن قديماً مالين. سمع منتخب مُسند عبد، من جمال الإسلام أبي الحسن الداوودي، وصحيح البخاري ومُسند الدارمي أيضاً. وولد في رابع عشر ربيع الآخر سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. روى عنه: الحافظان: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الفاميّ، وعبد الجامع بن علي المعروف خخّة، وآخرون. وروى عنه بالإجازة المؤيد الطوسي، ؤأبو المظفّر السمعاني. وآخر من روى عنه بالسماع: أبو روح عبد المعز الهروي، فأخبرنا أحمد بن هبة الله، أنا عبد المعزّ بن محمد، أنا أسعد بن علي بن الموفق، بقراءة أبي علي ابن الوزير في سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة، أنا أبو الحسن الداوودي، فذكر حديثاً عن عبد بن حُميد. 4 (إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن المهدي بن إبراهيم) ) أبو الغنائم الهاشمي، العلوي، الحسيني، الموسوي، الإصبهاني. نشأ ببغداد. وسمع: أبا الخطّاب بن البطر، وأبا عبد الله النعاليّ الحافظ، وثابت بن بُندار. وحدّث. وتوفي ببلاد فارس في هذه السنة أو بعدها. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 185 4 (آمنة بنت شيخ الشيوخ إسماعيل بن أحمد بن محمد النيسابوري) أم عبد الرحمن، صاحبة أبي منصور علي بن علي بن سُكينة. كانت صالحة، عابدة، قانتة، خيّرة، كثيرة النوافل. حجّت غير مرة. وروت عن رزق الله التميمي بالإجازة. أخذ عنها: أبو سعد السمعاني. توفيت في ربيع الأول. 4 (أُنُر) الأمير معين الدين، مدبّر دول أستاذه طُغتِكين بدمشق. وكان عاقلاً، خيّراً، حسن السيرة والديانة، موصوفاً بالرأي والشجاعة، محباً للعلماء والصالحين، كثير الصدقة والبِرّ، وله المدرسة المعينية بقصر الثقفيين ولقبره قبة بالعُوينة خلف دار بطيخ، وقبلي الشامية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 186 وكان له أثر حسن في ترحيل الفرنج عن دمشق لما حاصرها ملك الألمان، ونزلوا بالميادين. وقد تزوج الملك نور الدين محمود بن زنكي بابنته عصمة الدين خاتون في حياته. توفي معين الدين في ربيع الآخر، وأغفله ابن عساكر كغيره من أعيان المتأخرين. 4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن أبي تمام عمر بن أحمد) أبو منصور الكتبي، الواسطي. سمع: أبا القاسم بن بيان، وابن نبيهان. وولد في سنة ست وثمانين وأربعمائة.) وتوفي ببغداد في ليلة السابع والعشرين من رمضان. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني، وأحمد بن منصور الكازروني، وغيرهما. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن سعيد بن أحمد) الإمام أبو علي القُرشي، الأموي، الجزري. قدم بغداد، وتفقّه بها في مذهب الشافعي. وسمع من: عبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبي القاسم بن البُسري، وعمر بن عبيد الله البقّال، وغيرهم. وولي قضاء جزيرة ابن عمر، ثم سكن آمِد. قال ابن عساكر: سألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 187 وقال يوسف بن محمد بن مقلّد: مات بفنك في أوائل رمضان سنة. سمعت منه. قلت: هذا كان من بقايا المُسندين، ضاع في تلك الديار. 4 (الحسن بن عبد الله بن عمر) أبو علي بن أحمد بن العرجاء، المالكي. تلا بالسبع على والده صاحب ابن نفيس، وأبي معشر. قال أبو علي: وحدّثني بالقراءات إجازةً أبو معشر الطبري. قرأ عليه بالسمع: أبو الحسن علي بن أحمد بن كوثر المحاربي بمكة المتوفى بالأندلس سنة تسع وثمانين. كانت قراءته عليه وعلى ابن رضا في سنة أربع وأربعين وخمسمائة. 4 (حرف الخاء)

4 (خليفة بن محفوظ) أبو الفوارس الأنباري، المؤدّب، الأديب. صالح، عالم، مطبوع، مقرئ. سمع: أبا طاهر بن أبي الصّقر، وأبا الحسن الأقطع. وعنه: السمعاني، وابن عساكر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 188 أرّخه ابن النجار.) 4 (حرف السين)

4 (سعد بن علي بن أبي سعد بن علي بن الفضل) أبو عامر الجرجاني، الواعظ، المعروف بالعصاري، نسبة الى عصر البزور، وكذلك أهل جرجان يُنسَبون. كان إماماً فاضلاً، فيه صلاح، وزهد، وخير. سافر الكثير، ودخل البلدان. ودخل بغداد قبل الخمسمائة، فسمع من: جعفر السراج، والمبارك بن الطّيوري، وأبي غالب بن الباقلاني. ومن: أبي سعد المطرّز، وأبي علي الحداد. وقبلها من أبي مطيع بإصبهان. قال أبو سعد السمعاني: سمعت منه حلية الأولياء لأبي نُعيم بمرو. وآخر ما لقيته بنيسابور سنة أربع وأربعين. وقال لي: ولدتُ بجُرجان في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. قلت: وروى عنه عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (سلمان بن جروان بن حسين) أبو عبد الرحمن الماكسيني. وهي قريبة من الرّحبة. قدِم بغداد، وكان صالحاً، حافظاً للقرآن، بعمل البواري. سمع من: أبي سعد بن خُشيش، وشجاع الذّهلي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 189 وحدّث. وتوفي بإربل في ربيع الأول. 4 (حرف الصاد)

4 (صخر بن عبيد بن صخر بن محمد) أبو عبيد الطوسي. سمع: أبا الفتح نصر بن علي الحاكمي، ومحمد بن سعيد الفرَخرداني، وأبا شُريح إسماعيل بن أحمد الشاشي. حدّث بطوس، وبنيسابور.) وولد في شعبان سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتوفي بالطّابران في ذي القعدة سنة أربع هذه، وله اثنتان وتسعون سنة وأشهر. روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم، وغيرهما. 4 (حرف العين)

4 (عبدان بن رزين بن محمد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 190 أبو محمد الأذربيجاني، الدويني، المقرئ، الضرير. قدِم دمشق في صباه وسكنها. وسمع من: الفقيه نصر المقدسي، وأبي البركات بن طاوس المقرئ. ولقي جماعة. قال ابن عساكر: كان ثقة خيّراً يسكن دويرة حمْد، ويصلي بالناس في الجامع عند مرض البدلسي. قلت: روى عنه الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو المحاسن محمد بن أبي لُقمة. ومات في رجب. وقع لي جزء من روايته. 4 (عبد الله بن عبد الباقي) أبو بكر التّبّان، الحنبلي، الفقيه. كان أمياً لا يكتب. تفقّه على: ابن عقيل. وناظر، وأفتى، ودرّس. وسمع من: أبي الحسين بن الطيوري. 4 (عبد الله بن علي بن سهل) أبو الفتوح الخركوشي، نسبة الى سكة بنيسابور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 191 قال ابن السمعاني: شيخ صالح، عفيف، نظيف، ثقة. سمع: إسماعيل بن زاهر النوقاني، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبا بكر بن خلف، وغيرهم. رحلتُ إليه بابني عبد الرحيم، وأكثرتُ عنه، وقرأتُ عليه أكثر تاريخ يعقوب الفسوي، عن) النوقاني. مولده في سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في الثاني والعشرين من شوال. قلت: روى عنه المؤيد الطوسي أيضاً. 4 (عبد الرحمن بن الحسن بن علي) أبو الفضل بن السّراف، البنجديهي قال السمعاني: شيخ صالح، تالٍ للقرآن. سمع بمرو: محمد بن أبي عمران الصفّار، وبمرو الروذ: عبد الرزاق بن جسّان المنيعي. وولد في حدود الخمسين وأربعمائة، وعُمِّر دهراً. وتوفي في رجب. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وأبوه. وقال: كتبت نيّفاً وتسعين ختمة، وتلوت أربعة عشر ألف ختمة. 4 (عبد الرحمن بن يوسف بن عيسى) أبو القاسم بن الملجوم، الأزدي، الفاسي. أجاز له أبو عبد الله بن الطّلاع، وأبو علي الغساني. وكان يسرد تفسير العزيزي وغريب الحديث لأبي عبيد من حفظه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 192 روى عنه: ابن أخيه عبد الرحيم بن عيسى. 4 (عبد الرحيم بن الموفّق بن أبي نصر) الهروي، الديوقاني، الحنفي. سمع من: بيبى الهرثمية، وجماعة. مات في ثاني صفر عن سبع وثمانين سنة. روى عنه: السمعاني. 4 (عبد السلام بن محمد بن عبد الله بن اللبّان) أبو محمد التيمي، الإصبهاني، المعدّل. سمع: المظفّر البراثي، وأبا عيسى بن زياد. وعنه: السمعاني، وورّخه في المحرّم.) 4 (عبد السلام بن أبي الفتح بن أبي القاسم) أبو الفتح الخباز الهروي. شيخ صالح، حدّث عن: بيبى الهرثمية ومات في سلخ جمادى الأولى. قاله السمعاني. روى عنه أبو روح. وبالإجازة أبو المظفّر السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 193 4 (عبد الصمد بن علي) أبو الفضل النيسابوري، الصوفي داود. سمع: أبا بكر بن خلف، وعثمان بن محمد بن المحمي. مات في جمادى الآخرة في عشر الثمانين. كتب عنه: السمعاني، وغيره. 4 (عبد العزيز بن خلف بن مدير) أبو بكر الأزدي، القرطبي. روى عن: أبيه، وأبي الوليد الباجي، وأبي العباس العذري. مولده سنة سبع وستين. وتوفي بأرلش. هكذا ترجمه ابن بشكوال. وآخر من روى عنه بالسماع: خطيب قرطبة أبو جعفر بن يحيى الحِميري. 4 (عبد الغني بن محمد بن سعيد) أبو القاسم الزينبي. وتوفي في شوال وهو كهل. 4 (عبد المجيد الحافظ لدين الله)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 194 أبو الميمون بن محمد بن المستنصر بالله معدّ بن الظاهر علي بن الحاكم العبيدي، صاحب مصر. بويع يوم مقتل ابن عمه الآمر بولاية العهد وتدبير المملكة، حتى يولد حملٌ للآمر، فغلب عليه أبو علي أحمد بن الأفضل بن بدر الجمالي أمير الجيوش. وكان الآمر قد قتل الأفضل، وحبس) ابنه أحمد، فلما قُتل الآمر وثب الأمراء فأخرجوا أحمد، وقدموه عليهم. فسار الى القصر، وقهر الحافظ، وغلب على الأمر، وبقي الحافظ معه صورة من تحت حكمه، وقام في الأمر والمُلك أحسن قيام وعدل، وردّ على المصادَرين أموالهم، ووقف عند مذهب الشيعة، وتمسّك بالإثني عشر، وترك الأذان بحي على خير العمل. وقيل: بل أقرّ على خير العمل، وأسقط محمد وعلي خير البشر، والحمد لله. كذا وجدت بخطّ النّسّابة. ورفض الحافظ لدين الله وأهل بيته وأباهُ، ودعا على المنابر للإمام المنتظَر صاحب الزمان على زعمهم. وكتب اسمه على السكة. وبقي على ذلك الى أن وثب عليه واحد من الخاصة، فقتله بظاهر القاهرة في المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة. وكان ذلك بتدبير الحافظ. فبادر الأجناد والدولة الى الحافظ، وأخرجوه من السجن، وبايعوه ثانياً، واستقل بالأمور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 195 وكان مولده بعسقلان سنة سبع وستين. وسبب ولادته بها أن أباه خرج إليها في غلاء مصر. وسبب توليته أن الآمر لم يخلّف ولداً، وخلّف حملاً، فماج أهل مصر، وقال الجُهّال: هذا بيت لا يموت الإمام منهم حتى يخلّف ولداً وينص على إمامته. وكان الآمر قد نصّ لهم على الحمْل، فوضعت المرأة بنتاً، فبايعوا حينئذ الحافظ. وكان الحافظ كثير المرض بالقولنج، فعمل له شيرماه الديلمي طبل القولنج الذي وجده السلطان صلاح الدين في خزائنهم، وكان مركّباً من المعادن السبعة، والكواكب السبعة في إشراقها، وكان إذا ضربه صاحب القولنج خرج من باطنه ريح وفسا، فاستراح من القولنج. توفي في الخامس من جمادى الأولى، وكانت خلافته عشرين سنة إلا خمسة أشهر، وعاش بضعاً وسبعين سنة. وكان كلما أقام وزيراً حكم عليه، فيتألم ويعمل على هلاكه. ولي الأمر بعده ابنه الظافر إسماعيل، فوزر له ابن مصّال أربعين يوماً، وخرج عليه ابن السّلار فأهلكه. 4 (عثمان بن علي بن أحمد) أبو عمرو، المعروف بابن الصالح المؤدِّب. كان يؤدّب بمسجد ويؤم به.) سمع: رزق الله التميمي، والفضل بن أبي حرب الجُرجاني، وابن طلحة النعالي. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وأبو محمد بن الخشّاب، وسعد بن هبة الله بن الصباغ. شيخ لابن النجار، حدّث في هذا العام ببغداد. 4 (عفاف بنت أبي العباس أحمد بن محمد بن الإخوة العطار)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 196 سمعت من: أبي عبد الله النعالي، وأمة الرحمن بنت ابن الجُنيد التي روت عن عبد الملك بن بِشران. روى عنها: أبو سعد السمعاني. توفيت في نصف ذي الحجة. 4 (علي بن خلف بن رضا) أبو الحسن الأنصاري، البلنسي، المقرئ، الضرير. روى عن أبي داود المقرئ، وأخذ عنه التفسير، وحجّ وأقرأ بمكة. وبها أخذ عنه أبو الحسن بن كوثر القراءات في هذه السنة. 4 (علي بن سليمان بن أحمد بن سليمان) أبو الحسن المرادي، الأندلسي، القرطبي، الشقوري، الفرغُليطي. وفرغليط من أعمال شقّورة، الفقيه الشافعي، الحافظ. خرج من الأندلس في سنة نيّف وعشرين، ورحل الى بغداد، ودخل خُراسان. وسكن نيسابور مدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 197 وتفقه على الإمام محمد بن يحيى الغزّالي، وسمع مصنّفات البيهقي، وغير ذلك من: أبي عبد الله الهراوي، وهبة الله السيدي أبي المظفّر بن القُشيري، وطائفة. وكتب الكثير بخطه. وصحب عبد الرحمن الأكّاف، الزاهد. وقدِم دمشق بعد الأربعين وخمسمائة، وفرح بقدومه الحافظ ابن عساكر، لأه أقدم معه جملة من مسموعاته التي اتكل ابن عساكر في تحصيلها على المُرادي، وحدّث بدمشق بالصحيحين. قال ابن السمعاني: كنتُ آنسُ به كثيراً، وكان أحد عُبّاد الله الصالحين، خرجنا جملة الى نوقان لسماع تفسير الثعلبي فلمحت منه أخلاقاً وأحوالاً قلّ ما تجتمع في أحد من الورعين. وعلّقت) عنه. وقال ابن عساكر: نُدب للتدريس بحماه، فمضى إليها، ثم نُدب الى التدريس بحلب، فمضى ودرّس بها المذهب بمدرسة ابن العجمي. وكان شيخاً، صلباً في السنّة. توفي بحلب في ذي الحجة، وقال لابن السمعاني: مولدي قبل الخمسمائة بقريب. روى عنه: القاسم بن عساكر، وأبو القاسم بن الحرستاني، وجماعة. 4 (علي بن عثمان بن محمد بن الهيصم بن أحمد بن الهيصم بن طاهر) أبو رشيد الهروي، الهيصمي، الواعظ، الضرير. شيخ الكراميّة ومقدّمهم، وإمامهم في البدعة. كان متوسعاً في العِلم، بارع الأدب. سمع من: محمد بن أبي مسعود الفارسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 198 وعنه: السمعاني، وقال: مات في ذي القعدة. ومولده سنة ستين وأربعمائة. 4 (علي بن المفرّج بن حاتم) أبو الحسن المقدسي، جدّ الحافظ عليّ بن الفضل. سمع من القاضي الرشيد المقدسي. وفيها ولد الحافظ المذكور. 4 (علي بن أبي بكر بن الحسين بن أبي معشر) أبو الحسن البغوي، المقرئ، الصوفي. سمع: محمد بن علي بن أبي صالح الدبّاس، وهبة الله الشيرازي، ومحمد بن أحمد بن عبد الملك العبدري. مات في شعبان عن تسعين سنة. 4 (عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض بن محمد بن موسى بن) عياض

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 199 اليَحصُبي، القاضي، أبو الفضل السّبتي. أحد الأعلام. ولد بسبتة في النصف من شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة. وأصله من الأندلس، ثم انتقل أحد أجداده الى مدينة فاس، ثم من فاس الى سبتة.) أجاز له الحافظ أبو علي الغساني، وكان يمكنه لُقيّه، لكنه إنما رحل الى الأندلس بعد موته، فأخذ عن: القاضي أبي عبد الله محمد بن حمدين، وأبي الحسين سِراج بن عبد الملك، وأبي محمد بن عتّاب، وهشام بن أحمد، وأبي بحر بن العاص، وطبقتهم. وحمل الكثير عن أبي علي بن سُكّرة. وعُني بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم. وتفقّه على الفقيه أبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي، القاضي، السبتي، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله المسيلي. وصنّف التصانيف المفيدة، واشتهر اسمه، وسار علمه. قال ابن بشكوال: هو من أهل التفنن في العلم، والذكاء، والفهم، استُفتي بسبتة مدة طويلة، حُمدت سيرتُه فيها، ثم نُقل عنها الى قضاء غرناطة، فلم يُطْل أمره. وقدم علينا قُرطبة، وأخذنا عنه. وقال الفقيه محمد بن حمادة السبتي، رفيق القاضي عياض فيه: جلس

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 200 للمناظرة وله نحوٌ من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمسٌ وثلاثون سنة، فسار بأحسن سيرة، كان هيّناً من غير ضعف، صليباً في الحق. تفقّه على أبي عبد الله التميمي، وصحب أبا إسحاق بن جعفر الفقيه. ولم يكن أحد بسبتة في عصر من الأعصار أكثر تواليف من تواليفه، له كتاب الشفا في شرف المصطفى وكتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك، وكتاب العقيدة، وكتاب شرح حديث أم زرع، وكتاب جامع التاريخ الذي أربى على جميع المؤلفات، جمع فيه أخبار ملوك الأندلس، وسبتة، والمغرب، من دخول الإسلام إليها، واستوعب فيه أخبار ملوك الأندلس وسبتة وعُلمائها. وكتاب مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار الموطّأ والبخاري ومسلم. قال: وحاز من الرئاسة في بلده ومن الرفعة ما لم يصل إليه أحدٌ قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعاً وخشيةً لله تعالى. وله من المؤلفات الصغار أشياء لم نذكرها. وقال القاضي ابن خلّكان: هو إمام في الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه، وبالنحو، واللغة، وكلام العرب، وأيامهم، وأنسابهم. ومن تصانيفه كتاب الإكمال في شرح مسلم، كمّل به) كتاب المُعلَم للمازري. ومنها: مشارق الأنوارق في تفسير غريب الحديث، يعني الكتاب المذكور آنفاً، وكتاب التنبيهات فيه فوائد وغرائب. وكل تواليفه بديعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 201 له شعرٌ حسن، فمنه ما رواه عنه أبو عبد الله محمد بن عياض قاضي دانية: (أنظر الى الزرع وخاماتِه .......... تحكي وقد ماسَت أمام الرياح)

(كتيبةً خضراء مهزومةً .......... شقائق النعمان فيها جراحْ) وقال ابن بشكوال: توفي بمراكش مُغرِّباً عن وطنه في وسط سنة أربع. وقال ابنه محمد في ليلة الجمعة نصف الليل، التاسعة جمادى الآخرة، ودُفن بمراكش. وتوفي ابنه في سنة خمس وسبعين. وشيوخ عياض يقاربون المائة. وقد روى عنه خلق كثير، منهم: عبد الله بن محمد الأشير، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، وأبو القاسم خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله، ومحمد بن الحسن الجابري. 4 (عيسى بن هبة الله بن هبة الله بن عيسى) أبو عبد الله بن البغدادي، النقّاش. ظريف، كيّس، خفيف الروح، صاحب نوادر وشعر رقيق، وحكايات موثقة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 202 قد رأى الناس، وعاشر الظرفاء، وطال عمره، وسار ذكره. ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا الحسن الأنباري، الخطيب. قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه بجهد، فإنه كان يقول: ما أنا أهلٌ للتحديث. وعلّقت عليه من شعره. وقال ابن الجوزي: كان يحضر مجلسي كثيراً، وكتبت إليه يوماً برقعة، خاطبته فيها بنوع احترام، فكتب إلي: (قد زدتني في الخطب حتى .......... خشيتُ نقصاً من الزيادة)

(فاجعل خطابي خطاب مثلي .......... ولا تغيّر عليّ عادة) ومن شعره:) (إذا وجد الشيخ من نفسه .......... نشاطاً فذلك موتٌ خفي)

(ألستَ ترى أن ضوء السّراج .......... له لهبٌ قبل أن ينطفي) قلت: روى عنه أبو اليُمن الكندي كتاب الكامل للمبرّد، وغير ذلك. وتوفي في جمادى الآر. وهبة الله مرتين، وعليها صحّ بخط الحافظ الضياء. 4 (حرف الغين)

4 (غازي بن زنكي بن أقسُنقر التركي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 203 السلطان، سيف الدين بن الأتابك عماد الدين، صاحب الموصل. لما قُتل والده أتابك على قلعة جعبر اقتسم ولداه مملكته، فأخذ غازي الموصل وبلادها، وأخذ نور الدين محمود حلب ونواحيها. وكان مع أتابك على جعبر ألْب رسلان بن السلطان محمود السلجوق، وهو السلطان، وأتابكه هو زنكي، فاجتمع الأكابر والدولة، وفيهم الوزير جمال الدين محمد الإصبهاني المعروف بالجواد، والقاضي كمال الدين الشهرزوري ومشيا الى مخيم السلطان ألْب رسالن، وقالوا: كان عماد الدين، رحمه الله، غلامك، والبلاء لك، وطمّنوه بهذا الكلام. ثم إن العسكر افترق، فطائفة توجهت الى الشام مع نور الدين، وطائفة سارت مع ألْب رسلان، وعساكر الموصل وديار ربيعة الى الموصل. فلما انتهوا الى سنجار، تخيل ألب رسلام منهم الغدر فتركهم وهرب، فلحقوه وردوه، فلما وصل الى الموصل أتاهم سيف الدين غازي، وكان مقيماً بشهرزور، وهي إقطاعه. ثم إنه وثب على ألب رسلام، وقبض عليه، وتملّك الموصل. وكان منطوياً على خير وديانة، يحب العلم وأهله، وفيه كرم، وشجاعة وإقدام. وبنى بالموصل مدرسة. ولم تطل مدته حتى توفي في جمادى الآخرة، وقد جاوز الأربعين. وتملك بعد أخوه قطب الدين مودود.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 204 وخلّف ولداً صبياً، فانتشا، وتزوج ببنت عمه قطب الدين، ومات شاباً ولم يُعقب. وكان غازي مليح الصورة، حسن الشكل، وافر الهيبة، وكان يمد السماط غداءً وعشاء. ففي بكرة يذبح نحو المائة رأس. وهو أول من حُمل فوق رأسه السنجق في الإقامة، وأول من أمر الأجناد أن يركّبوا السيف في أوساطهم، والدبوس تحت ركبهم.) ومدرسته من أحسن المدارس، وقفها على الشافعية والحنفية. وبنى أيضاً رباطاً للصوفية. وقد وصل الحيص بيص بألف دينار، سوى الخلع على قصيدته الرائية. قاله ابن الأثير. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أبي بكر أحمد بن محمد) أبو عبد الله المقرئ، الورّاق. إمام جامع هَراة. سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، وعبد الأعلى بن المليحي. وكان صالحاً، عفيفاً. مات في رجب عن اثنتين وسبعين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 205 4 (محمد بن جعفر بن عبد الرحمن بن صافي) أبو بكر، وأبو عبد الله اللخمي، القرطبي. أصله جياني. أخذ القراءات عن: أبي محمد عبد الرحمن بن شعيب، وخازم بن محمد. وروى عن: أبي مروان بن سِراج، وأبي محمد بن عتّاب. وتصدّر للإقراء بقرطبة، وأقرأ الناس بغرناطة أيضاً وبلنسية. وكان صالحاً، زاهداً. توفي بوهران وقد قارب الثمانين. قاله الأبّار. 4 (محمد بن سليمان بن الحسن بن عمرو) أبو عبيد الله، الإمام الفُنديني المروزي، وفُندين: من قرى مرو. قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، زاهداً، ورعاً، عابداً، متهجّداً، تاركاً للتكلّف. تفقّه على الإمام عبد الرحمن الرزّاز، وسمع منه، ومن: أبي بكر محمد بن علي بن حامد الشاشي، وأبي المظفّر السمعاني. وولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. توفي في العشرين من المحرم بفندين. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.) 4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن العاص)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 206 أبو عبد الله بن أبي زيد الفهمي، القرطبي، ثم المريّي. روى عن: أبي الوليد العُتبي، وأبي تميم بن بقية، وجماعة. وأجاز له خازم بن محمد. وكان عالماً بالنحو، منتصباً لإقرائه، مشارِكاً في الأصول والكلام، مع فضلٍ وعبادة. روى عنه: ابن بشكوال، وابن رزق، وابن حُبيش، وغيرهم. وكان حياً يُرزق في هذا العام. ترجمه الأبّار. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن علي) الحافظ أبو عبد الله النُميري، الغرناطي. كتب عن أبي محمد بن عتّاب، وطبقته. قال ابن بشكوال: هو صاحبنا، أخذ عن جماعة من شيوخنا، وكان من أهل العناية الكاملة بتنفيذ العلم والسنن، جامعاً لها، ثقة، ثبتاً، عالماً بالحديث والرجال. توفي بغرناطة رحمه الله. 4 (محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عمر) أبو الفضل المغازلي، التاجر، المعروف بالصّائن، الإصبهاني. سمع: ابن ماجة الأبهري، وأبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم، ورزق الله، وغيرهم. وكان شيخً صالحاً، ملازماً للجماعات، صائناً، مشتغلاً بالتجارة. ورد بغداد مع خاله أبي سهل بن سعدويه. وولد في سنة ثمان وستين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 207 روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وجماعة. فم حديثه: أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنا عبد الرحيم بن أبي سعيد إجازةً، أنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن علي الباهلي إملاءً، أنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، أنا علي بن إسحاق المادرائي، ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصّغاني، ثنا أبو مسهر، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرّمت الظلمَ على نفسي، وجعلته) بينكم محرّماً، فلا تظالموا. يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار، وأنا اذي أغفِر الذنوب ولا أبالي، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمتُ، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي كلكم عارٍ، إلا من كسوت، فاستكسوني أكسِكم. يا عبادي لو أن أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم لم ينتقص ذلك من ملكي. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم لم يزد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيتُ كل إنسان منهم ما سأل، لم ينتقص ذلك مني شيئاً، إلا كما ينتقص البحر أن يُغمس فيه المخيطُ غمسةً واحدة. يا عبادي إنما هي أعمالُكم أحفظها عليكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه. قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه. قال أبو مُسهر: ليس لأهل الشام حديثاً أشرف من حديث أبي ذر. م عن الصّغاني، فوافقناه بعلوّ. توفي المغازلي بنيسابور في العشرين من جمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 208 4 (محمد بن علي بن الحسن) أبو بكر الكرجي. رحل فسمع بإصبهان من: أبي عليّ الحدّاد، وغانم البُرجي. وبهَراة من: عيسى بن شُعيب السجزي، والمختار بن عبد الحميد، وأبي عطية جابر بن عبد الله الأنصاري، وطائفة. وكتب الكثير، وقدِم بغداد فسمع منه: أبو سعد السمعاني، وعبد الخالق بن أسد الحنفي. وكان صالحاً، عفيفاً، متودداً. توفي في رمضان ببوشنج عن ستين سنة. 4 (محمد بن علي بن حدّاني) أبو بكر الباقلاني. سمع: أبا نصر الزينبي. وعنه: يوسف بن كامل.) عاش نيّفاً وثمانين سنة. 4 (محمد بن محمد بن أحمد بن القاسم)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 209 أبو السعادات بن الرسولي، البغدادي، الفقيه. تفقّه على إلكِيا الهرّاسي. وله شِعر وفضيلة. وسمع من: جعفر السرّاج، وابن نُباتة. لكنه كان كثير الكلام، يقع في الناس. توفي بإسفراين غريباً. 4 (محمد بن محمد بن خليفة) أبو سعيد الصوفي. حلّث عن: أبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي. وكان فقيهاً، واعظاً، كثير المحفوظ. روى عنه المؤيد الطوسي في أربعيّه. 4 (محمد بن محمد بن خليفة) اسم خليفة: منصور بن دُوَست، من أهل نيسابور. حدّث أيضاً عن: أبي بكر بن خلف، وأحمد بن سهل السراج. وأملى مجالس. قال السمعاني وأخذ عنه. ثم قال: مات في جمادى الأولى. 4 (محمد بن محمد بن هبة الله بن الطيب)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 210 أبو الفتح الكاتب. سمع: عبد الواحد بن فهد العلاف. وعنه: مكي بن الفرّاء. مات مجذوماً، رحمه الله. 4 (محمد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود) أبو بكر بن أبي ركب الخُشني، الحناوي، المقرئ، النحوي، العلامة. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن موسى، وأبي الحسن بن شفيع، وجماعة.) وأخذ العربية والآداب عن: ابن أبي العافية، وابن الأخضر، وابن الأبرش. وروى عن: أبي الحسن بن سِراج، وأبي علي بن سكّرة، وابن عتّاب، وجماعة. قال الأبّار: تقدّم في صناعة العربية، وتصدّر لإقرائها، وولي بأخَرة خطابة غرناطة. وكان من جلّة النحاة وأئمتهم. شرح كتاب سيبويه، ولم يتمّه. وكان حافظاً للغريب واللغة، متصرفاً في فنون الأدب مع الجدّ والصلاح، وله شِعر. توفي في نصف ربيع الأول عن خمس وستين سنة. أخذ عنه: أبو عبد الله حُميد، وابنه أبو ذر الخُشني. 4 (المبارك بن عبد الوهاب بن محمد بن منصور بن زُريق) القزاز، الشيباني، البغدادي، أبو غالب المُسدّي. قال ابن السمعاني: شيخ صالح. سمع الكثير، وحصّل بعض الأصول. سمع: رزق الله التميمي، وطِراداً الزينبي، وأبا طاهر الباقلاني، وغيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 211 وكان حريصاً على التحديث. واتفق أن أبا البقاء بن طبرزد أخرج سماعه في جزء ابن كرامة، عن التميمي، وسمّع له بخطّه، وقرأ عليه، فطولب بالأصل، فتعلل وامتنع، فشنّع الطلبة على أبي البقاء، وظهر أمره. ثم بعد ذلك أخرج أبو القاسم بن السمرقندي سماعه بخط من يوثَق به والطبقة الذين سمّع أبو البقاء معهم جماعة مجاهيل لا يُعرفون، ففرح أبو البقاء حيث وجد سماعه، فقلت له: لا تفرح، فإن الآن ظهر أن التسميع الأول كان باطلاً حيث ما وجد الأصول. واتفق أن الشيخ أقرّ أن الجزء كان له، وأن أبا البقاء أخذه، ونقل له فيه. توفي في شعبان. 4 (محلّى بن الفضل بن حسن) أبو الفرج الحمصي، الموصلي، التاجر، السفّار. سكن بنيسابور مدة، وحدّث عن: أبي علي نصر الله الخُشنامي، وغيره. توفي برو. 4 (مليكة، وقيل ملكة، بنت أبي الحسن بن أبي محمد) النيسابورية.) امرأة صالحة، ثقة، مُسنِدة. سمع نصف جزء من مسند السرّاج من الفضل بن عبد الله بن المحب. وماتت في ثامن جمادى الآخرة، ولها نيّف وثمانون سنة. روى عنها عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه. وقع لنا من روايتها. 4 (منصور بن علي بن عبد الرحمن) أبو سعد الحجري، البوشنجي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 212 إمام ورع، صالح. روى عن: عبد الرحمن بن عفيف كلار، وأحمد بن محمد العاصمي. وتوفي في سلخ ذي القعدة. 4 (موسى الطواشي) أبو السّداد الحبشي، الخصيّ، مولى الوزير نظام المُلك. ذكره ابن النجار في تاريخه فقال: سمع أبا نصر الزينبي. وبمصر: القاضي أبا الحسن الخلعي. وسكن بغداد برباط الزوزني. روى عنه: أبو طاهر السفلي، ومحمد بن عسير. وبقي حتى سمع منه: أبو محمد بن الخشّاب في سنة أربع وأربعين وخمسمائة. قلت: لم يذكره السمعاني في الذيل، وأخشى لا يكون وقع غلط في بقائه الى هذه السنة، فيُراجع الأصل. 4 (حرف النون)

4 (نصر بن أحمد بن نظام الملك الوزير أبي علي الحسن بن إسحاق) الأمير أبو الفضل ابن أخي المسمى باسم أبيه. من أهل الطابران. قال السمعاني: كان شيخاً كثير الصدقة، جواداً، من بيت وزارة. رأيته بطوس وقد قعد به الدهر، ولازم بيته. كتبتُ عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 213 سمع: أبا إسحاق الشيرازي الفقيه لما قدِم نيسابور، وشيرويه بن شهردار بهمذان. ودخل بغداد حاجاً بعد الخمسمائة. وقال لي: ولدتُ سنة ست وستين وأربعمائة بطوس، وبها توفي في حادي عشر رمضان.) قلت: لم ينبّه السمعاني على أنه ابن أخي أحمد المذكور في هذه السنة. والظاهر أنه أسنّ من ابن عمه. وقد روى عنه أبو المظفر عبد الرحيم السمعاني. 4 (نصر بن الحسن بن ابراهيم بن نوح) أبو الفتوح النيسابوري، الغضائري، المقرئ. ولد سنة بضع وستين وأربعمائة. وسمع من: فاطمة بنت أبي علي الدقاق، والسيد ظفر ابن الداعي العلوي، والحسن بن أحمد السمرقندي، وغيرهم. ومن شيوخه أيضاً: طاهر بن سعيد الميهني، وأبو تُراب المراغي. سكن ميهنة مدة، ثم سكن نَسا. قال ابن السمعاني: مقرئ فاضل، حسن التلاوة كثير العبادة والخير والنظافة، مبالغ في الطهارة. كان يضع الطرق للألحان الرقيقة. وأكثر المسمّعين بخُراسان غلمانه. يعني كان يعرف الموسيقى. سمع منه: عبد الرحيم بن السمعاني في هذه السنة. 4 (نَظَرُ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 214 الأمير أبو الحسن الكمالي، الجيوشي. حج نيّفاً وعشرين مرة أميراً على الركب العراقي. وكان مشكوراً، كثير الخير، مَهيباً. سمع: ابن طلحة النعالي، وابن البطِر. روى عنه: أحمد بن الحسن العاقولي. وتوفي رحمه الله في ذي القعدة. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن القاسم بن منصور) أبو الوفاء البغدادي، البُندار. شيخ مستور، مُسنّ.) روى عن: طِراد الزينبي، وأبي سعد بن خُشيش. توفي في رجب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 215 4 (وفيات سنة خمس وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن محمد) أبو العباس الأصبهاني، المعروف بصلاح. حج نوَباً، وجاور مدة. وكان كثير العبادة والخير. أثنى عليه ابن السمعاني، وقال: سمع بقراءتي كثيراً، وكتبتُ عنه شعراً. أغارت العرب على الحُجاج في أوائل المحرّم، فهلك جماعة، منهم صلاح هذا. 4 (أحمد بن عليّ بن عبد العزيز بن علي) أبو نصر ابن الصوفي. روى عن جده أبي بكر بن النجار مجلساً بروايته، عن أبي علي بن المُذهب. وعاش ستين سنة. 4 (ابراهيم بن سهل بن إبراهيم بن أبي القاسم) أبو إسحاق المسجدي، السُبعي. نيسابوري صالح. سمّعه أبوه من أبي الحسن المديني المؤذّن، وطائفة. توفي في رابع جُمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 216 4 (أسعد بن محمد بن أحمد) الأنصاري الثابتي، أبو سعد المروزي، الفقيه، نزيل بنجديه. روى عن: أبي سعيد محمد بن علي البغوي. روى عنه: ابن السمعاني الحافظ. 4 (إسماعيل بن الحسن بن إسماعيل) أبو عطاء الشيباني، الهروي، القلانسي، المستملي. شيخ صالح، حسن السيرة. سمع: أبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الجوهري، وأبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني.) وببغداد: أبا بكر الطُريثيثي. وولد في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه، وأبو رَوح عبد المعزّ. توفي في شعبان. 4 (إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن المهدي بن إبراهيم) الموسوي. توفي في سنة أو وأربعين. 4 (إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 217 أبو الفتح بن أبي غالب الشيباني، القزّاز. سمع: أباه، وثابت بن بُندار، وعلياً الرّبعي، والمبارك بن عبد الجبار، وجماعة. ثنا عنه: عبد الملك بن أبي الفتح الدلال. وهو أخو أبي منصور القزاز. قال السمعاني: شابٌ صالح، كتبت عنه، ومات في ربيع الأول ودُفن بباب حرب. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن ذي النون بن أبي القاسم) الواعظ المشهور، أبو المفاخر الشُغري، النيسابوري. سمع من: عبد الغفار الشيرويّي. وكان فقيهاً، أديباً، واعظاً. وعظ ببغداد في جامع القصر مدة، وأظهر التحنبُل وذمّ الأشاعرة، وبالغ. وهو كان السبب في إخراج أبي الفتوح الإسفرائيني من بغداد. ومال إليه الحنابلة. ثم بان أنه معتزلي يقول بخلق القرآن، بعد أن كان يُظهر ذمّ المعتزلة. ثم قلعه الله من بغداد، وهلك بغربة، رحم الله المسلمين. قال ابن النجار: روى عنه: علي بن أبي الكرم القطّان، ويحيى بن مُقبل بن الصّدر، وأبو الفرج بن الجوزي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 218 ومات في جمادى الأولى. 4 (الحسن بن محمد بن عمر) ) العميد، أبو الفتوح النيسابوري، المستوفي، يُعرف بحلمه. ترك الديوان ولزم الخير والانقطاع. وحدّث عن: علي بن أحمد المديني. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وتوفي في جمادى الأولى. 4 (الحسين بن جهير) ناصح الدولة، أستاذ دار المسترشد. سمع من: أبي الحسن بن العلاف. وهو ابن أخي الوزير أبي القاسم. 4 (الحسين بن علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف) الرئيس أبو علي النيسابوري الشحامي. كان يخدم الخاتون في العراق، وتردد معها في نواحي الإقليم. وكان مكثِراً من الحديث. روى عن: الفضل بن عبد الله بن المحب، والصرّام، وأبي بكر بن خلف، ومحمد بن إسماعيل التفليسي. وكان مولده في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وولده أبو المظفّر. قال أبو المظفّر: سمعت منه صلاة الضحى للحاكم، وجزءين من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 219 حديث أبي العباس السرّاج عن ابن المحب، وجزءاً انتخبه مسلم على أبي محمد بن عبد الوهاب الفرّاء، وغير ذلك. توفي ليلة نصف شعبان بمرو. أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد الرحيم بن السمعاني، أنا الحسين بن علي، وعبد الله بن محمد الفُراوي قالا: أنا محمد بن عبيد الله الصرّام، أنا أبو عبد الله الحاكم، أنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا أبو توبة الحلبي، ثنا الهيثم بن حُميد، عن ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى مسجد قباء، فإذا قوم يصلّون صلاة الضحى، فقال: صلاة رغبةٍ ورهبة، كان الأوّابون يصلّونها حين ترمَض الفِصال. هذا حديث حسن، ثابت الإسناد.) 4 (حرف الزاي)

4 (زاهر بن أحمد بن محمد بن أبي الحسن) الفقيه أبو علي البشاري، السّرخسي. فقيه، مستور، صالح، متميز. سمع: أباه، وأبا منصور محمد بن عبد الملك المظفّري. توفي بسرخس في شوال. وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني. كتبناه لاسمه الموافق لأبي علي راوي موطّأ أبي مصعب. وقد حدّث عنه: أبو سعد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 220 4 (حرف السين)

4 (سليمان بن سعيد) أبو الربيع العبدري، الداني، القاضي، المعروف باللوشي. سمع من: أبيه، وأبي داود المقرئ، وأبي علي الصدفي. وولي قضاء دانية عشرة أعوام، وصرف سنة أربعين وخمسمائة. وكان فاضلاً، جباراً، على غفلة كانت فيه. توفي في ربيع الآخر بدانية. 4 (حرف الصاد)

4 (صافي) أبو سعيد الجمالي، عتيق أبي علي بن جردة. سمع: أبا علي بن البنا، وأبا الحسين بن النقّور. قال ابن السمعاني: وجدنا له مجالس من أمالي أبي علي بن البنا، ومن أمالي ابن أبي الفوارس، فقرأت عليه منها. وكان شيخاً مليح الشيبة، حسن المشاهدة. وكان شيخنا ابن ناصر يقول: إن صافي كان غلاماً آخر لابن جردة. فأُخبر صافي بذلك، فحضر يوماً دار أبي منصور الجواليقي، ونحن نسمع منه، ومن ابن ناصر، وسعد الخير غريب الحديث لأبي عُبيد، فقال لابن ناصر: سمعت أنك تقول إن هذه الأجزاء ليست سماعي على ابن البنا، وكان لسيدي غلام) آخر باسمي. وما الأمر كما تظن، ما كان له غلام اسمه صافي غيري، وأنا أذكر أبا عليّ بن البنّا، وكنت أقرأ عليه القرآن والعلم، ولست ممن يشتهي الرواية ويتشوّف بها. فعلم الحاضرون صدقه، واعتذر ابن ناصر إليه، ورجع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 221 توفي في ربيع الأول في الثالث والعشرين منه. قلت: وروى عنه أبو الفرج بن الجوزي، وغيره. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن علي بن محمد) أبو البركات الكرخي، النهري. سمع: عاصم بن الحسن، وعبد الواحد بن فهد العلاف. وعنه: ابن مشتف، وعمر بن طبرزد، وغيرهما. قال ابن الدبيثي: مات في شوال سنة خمس. 4 (عبد الله بن محمد) أبو القاسم البنديهي، الخمقري. سمع: أبا سعد محمد بن علي البغوي، الدبّاس. وعنه: أبو سعد السمعاني. مات في ذي الحجة. 4 (عبد الله بن هبة الله بن السامري) أبو الفتح الحنبلي. مُكثر من الرواية. روى عن: أبي سعد بن خُشيش، وغيره. وتوفي في المحرّم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 222 4 (عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن النّرسي) أبو البركات الأزجي، المعدّل، المحتسب. قال ابن السمعاني: شيخ مسنّ، بهي المنظر، به طرش. وجدنا له ثلاثة أجزاء عن أبي القاسم عبد الله بن الحسن الخلال، قرأناها عليه. وقال لي: ولدت) في سنة تسع وخمسين وأربعمائة. وتوفي في عاشر شعبان. قلت: سمعنا على أبي النداء بن الفراء جزءاً من حديث ابن صاعد، بسماعه من أبي القاسم بن صصرى، والطبقة بخط الحافظ الضياء، بإجازته من عبد الباقي النُرسي، بسماعه من القاضي أبي يَعلى، وفرحتُ بذلك، فلما انتبهت في الحديث بان لي أن هذا غلط وأن عبد الباقي ولد بعد موت أبي يعلى بسنة. 4 (عبد الرحمن بن أحمد بن خلف بن رضا) أبو القاسم القرطبي، خطيب قرطبة. روى القراءات عن أبي القاسم بن مُدير. وسمع الموطأ من أبي عبد الله محمد بن فرج. وسمع أيضاً من: أبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي. وتأدّب بأبي الوليد مالك العُتبي واختصّ به. وبرع في الآداب وشوور في الأحكام. وكان محموداً في جميع ما نواه، رفيع القدر، عالي الذّكر. توفي عاشر جُمادى الآخرة. قاله ابن بشكوال. قال: وتوفي أبوه وهو حَملٌ له في سنة سبعين وأربعمائة. قلت: أخذ عنه القراءات أبو بكر بن سمحون، وحسن بن علي بن خلف، وعبيد الله بن الصيقل، وعبد الرحمن بن الشرّاط.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 223 4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الأخوة) أخو عبد الرحيم، أبو القاسم البغدادي، العطّار. سمع: أبا عبد الله النعالي، وابن البطِر، وجماعة. كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في صفر. 4 (عبد الرحمن بن أبي رجاء) أبو القاسم البلوي، الأندلسي اللبسي، نسبة الى قرية من قرى وادي آش. أخذ القراءات بغرناطة عن: أبي الحسن بن كرْز، وجماعة. وحجّ سنة سبع وتسعين، فأخذ القراءات عن أبي علي بن أبي العرجا.) وسمع من أبي حامد الغزالي، وأجاز له. وأخذ بالمهدية عن: علي بن محمد بن ثابت الخولاني الأقطع، وانصرف الى الأندلس، وتصدّر للإقراء. أخذ عنه: ابنه عبد الصمد، وأبو القاسم بن حُبيش، وأبو القاسم بن بشكوال. قال الأبّار: وكان زاهداً، صوفياً، مُجاب الدعوة. خرج عن المرية في سنة إحدى وأربعين قبل تغلّب الروم عليها بعام، ونزل وادي آش الى أن توفي به وله ثمان وسبعون سنة. 4 (عبد الغني بن أحمد بن محمد) أبو اليُمن الدارمي، البوشنجي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 224 شيخ صالح عفيف. سمع: أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري، وأبا عطاء عبد الرحمن الجوهري. وولد سنة بضعٍ وستين وأربعمائة. وتوفي في ثامن عشر رجب. روى عنه بالإجازة: عبد الرحيم السمعاني. 4 (عبد الكريم بن محمد بن أبي منصور) أبو القاسم الدامغاني. قال أبو سعد السمعاني: كان من أهل الفضل والإفضال. ولد في ربيع الأول سنة، ودخل نيسابور، وتفقّه مدة على إمام الحرمين، وكتب بها عن: أبي القاسم إسماعيل النوقاني، وأبي بكر بن خلف الشيرازي. وبجُرجان عن: كامل بن إبراهيم الخندقي، والمظفّر بن حمزة التميمي. كتبتُ عنه بالدّامغان عند توجهي الى إصبهان، وعُمِّر دهراً. وتوفي في ذي القعدة. توفي النوقاني سنة، وكان آخر من حدّث عن النوقاني. 4 (عبد الملك بن عبد الوهّاب بن الشيخ) أبي الفرج الشيرازي، ثم الدمشقي، القاضي الأوحد، بهاء الدين ابن الحنبلي، شيخ الحنابلة ورئيسهم بدمشق.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 225 قال حمزة بن القلانسي: مات في رجب. قال: وكان إماماً مناظِراً، مُفتياً على مذهب أبي حنيف وأحمد بن حنبل. تفقه بخُراسان مدة، وكان يوم دفنه في جوار جدّه وأبيه يوماً مشهوداً بكثرة العالَم والباكين حول سريره. 4 (عبد الملك بن علي بن محمد بن حسن) الإمام، أبو سعد القُرشي الزُهري العَوفي، الأيوبي، الأبيوردي. قال أبو سعد السمعاني: كان إماماً، صالحاً، زاهداً، عفيفاً. روى عن أبيه بأبيورد، وبها ولد في سنة إحدى وستين وأربعمائة. وتوفي في أحد الربيعين. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه عنه. 4 (عبد الملك بن أبي نصر بن عمر) الفقيه أبو المعالي الجيلي، الفقير، نزيل بغداد. قال أبو الفرج بن الجوزي: كان فقيهاً، صالحاً، خيّراً، عاقلاً، كثير التعبّد، يأوي المساجد. حج في هذا العام، فأغارت العرب على الحجاج، فتوصّل وأقام بفِيد. وتوفي في هذه السنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 226 4 (عثمان بن إسماعيل بن أحمد) أبو بكر الخفّاف، من المزكّين المشهورين بنيسابور. قال ابن السمعاني: كان صالحاً، خيّراً، سمع: هبة الله بن أحمد البرويي، والقاضي أبا نصر أحمد بن محمد بن صاعد، وغيرهما. روى عنه: أبو المظفّر بن السمعاني، وقال: توفي بنيسابور في ربيع الأول. 4 (علي بن أحمد بن محمد) أبو الحسن البغدادي، الأحدب، المؤدب، المقرئ. قال أبو سعد: شيخ، صالح، فاضل، عارف بالأدب. دخلت مكتبه وذاكرتُه، فقال: سمعت من رزق الله التميمي، وطِراد الزينبي، ولكن أصولي نُهبت. فعلّقت عنه شِعراً. وقال: ولدت سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وتوفي في تاسع عشر شعبان سنة خمس هذه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 227 4 (علي بن دُبيس الأسدي) ) أمير العرب، وصاحب الحِلة. كان شجاعاً، جواداً، ممدَّحاً، كبير الشأن. يقال إنه سُقي السم. وقيل: مات في القولنج. وولي بعده إبنه مهلهل. 4 (علي بن أبي سعد بن حسين) أبو الحسن البغدادي، الأقراصي، الحلاوي. شاب صالح، ديّن، خيّر، عابد. روى عن: جعفر السرّاج. قال ابن السمعاني: كتبت عنه أحاديث. وتوفي في ربيع الأول. 4 (عمر بن عبّاد بن أيوب) أبو حفص اليحصُبي، الشُريشي. حج، وسمع: أبا عبد الله الرازي بالإسكندرية، ورزين بن معاوية بمكة. حدّث عنه: أبو بكر بن خير بتجويد الصحاح لرزين. وحدّث عنه: عبد الحق الإشبيلي، وعبد الله بن حُميد بالإجازة. وتوفي في ذي الححجة. قاله الأبّار. 4 (عمر بن محمد بن طاهر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 228 أبو حفص الفرغاني، التركي. شيخ صالح، نزل فاشان، إحدى قرى مرو. سمع ببخارى: بكر بن محمد الزرنجري، وبمرو: المؤمّل بن مسرور. وحدّث. 4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت محمد بن عبد الله) أم الفتوح القيسية الإصبهانية، صالحة، خيّرة، معمرة. كتب عنها: السمعاني، وقال: سمعت من عائشة بنت الحسن الوركانية.) ماتت في رمضان. 4 (فضل الله بن جعفر) السيد أبو المعالي الحسني، المروروذي. ارتحل الى بلخ، وسمع مسند الهيثم الشاشي من أبي القاسم أحمد بن محمد الزيادي. وكان زاهداً، خيّراً. مات في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 229 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أميركا) أبو عبيد الله الجيلي، نزيل الدواليب على وادي مرو. شدا قليلاً من الفقه. وسمع من: أبي المظفّر بن السمعاني، ومحمد بن إسماعيل بن عبيد الله المؤدّب. ومولده بمرو في سنة سبعين وأربعمائة. وتوفي في نصف المحرّم. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وغيره. 4 (محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن تولة)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 230 أبو بكر الإصبهاني، القصّاب. روى عن: جده أبي بكر عبد الواحد، وإبراهيم بن عمر بن يونس. روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: مات في جمادى الأولى، وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة. 4 (محمد بن أبي بكر بن ريحان) أبو الفتح الهروي، الدلال، النشّابي، الزمِن، كانت له عجلة يركبها ويسيّرها إما بنفسه وإما بغيره. سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، ومحمد بن علي العُميري. وتوفي في هذه السنة أو في سنة ست. 4 (محمد بن الحسن بن تميم بن الحسم بن محمد) ) أبو عبد الله بن أبي غسان الطائي، الزوزني. أحد المشهورين بالعلم والأدب. حدّث بنيسابور، وبغداد عن: محمد بن عبد الرحمن الخطيبي الزوزني، الراوي عن الحسن بن أحمد المَخلدي. وحدّث عن: أبي بكر بن خلف، وأبي القاسم الحسن بن محمد الخوافي، وأملى مجالس، وله شِعر جيد. وقد سمع منه: أبو المعمّر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. قال أبو سعد: ولم يكن حسن السّمت. قرأنا على أحمد بن هبة الله، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم: أنشدنا أبو عبد الله بن أبي غسان لنفسه من لفظه: (سرّي وسني بعد الشيب قد بطلا .......... والعينُ والأنفُ من وجه به انهملا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 231 (ورعشةٌ لزمت نفسي بجُملتها .......... وجملةٌ صيّرتني في الورى مثلا)

(ولستُ أزعم أن الشيب يظلمني .......... بعد الثمانين لا والله قد عدلا) توفي في غرة المحرم، وهو في عشر التسعين، فإنه ولد في أول سنة تسع وخمسين. 4 (محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن حمدون) الأديب أبو نصر. من كتّاب الإنشاء ببغداد. وله شِعر ورسائل. روى عن: أبي عبد الله بن البُسري. وعنه: المبارك بن كامل. مات في ذي الحجة، وله ثمان وخمسون سنة. 4 (محمد بن عبد العزيز بن علي بن محمد بن عمر) أبو بكر بن أبي حامد الدينوري، ثم البغدادي، البيّع. من أهل باب المراتب. قال أبو سعد: كان من أولاد المياسير، وكان شيخاً متودداً، مطبوعاً، كيّساً، غير أنه يلعب) بالحمام. سمع: أباه، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وابن طلحة النعالي. سمعتُ منه أجزاء، وقال لي: ولدت في المحرّم سنة خمس وسبعين. قلت: فيكون سماعه من أبي نصر حضوراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 232 روى عنه: ابن أخيه محمد بن هبة الله شيخ الأبرقوهي، وغير واحد. وتوفي في ثالث وعشرين المحرّم. 4 (محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن دوست) أبو عمر النيسابوري، الحاكم. ولد سنة أربع وستين وأربعمائة. وسمع: أبا ملظفر موسى بن عمران الصوفي، وأبا بكر بن خلف، وأحمد بن محمد بن صاعد، وأبا تُراب عبد الباقي بن يوسف. وحدّث بمرو. قال أبو سعد: كان من بيت الحديث، وسكن مدة بسرخس، وكانوا يقعون فيه، ويسيئون الثناء عليه، بكونه على أبواب القضاة، وأنه يزوّر، ولكن سماعه صحيح. توفي في ثامن عشر رمضان. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم، وغيرهما. أخبرنا أحمد بن عساكر، عن ابن السمعاني: أنا أبو عمر، أنا موسى بن عمران، أنا أبو الحسن العلوي، أنا أبو حامد بن الشرقي، فذكر حديثاً. 4 (محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن مسلمة) أبو بكر القرطبي. أحد رؤساء البلد. أكثر عن: أبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي. وأجاز له أبو عبد الله بن فرج.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 233 وكان فاضلاً، سرياً، عالي القدر، متصاوناً، طويل الصلاة، كثير الذكر، مسارعاً في الخيرات. توفي في جمادى الأولى. قاله ابن بشكوال. 4 (المبارك بن أحمد بن بركة) ) أبو محمد الكندي، البغدادي، الخبّاز. شيخ صعلوك، ديّن، يخبز بيده ويبيعه. سمع الكثير مع عبد الوهاب الأنماطي. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وطِراد بن محمد. وولد سنة ست وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد، وجماعة. وأجاز لأبي منصور بن عُفيجة، وغيره. وتوفي في خامس شوال. 4 (محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسين بن صصرى) أبو البركات التغلبي، الدمشقي، من رؤساء البلد وأعيانهم. ولد في حدود سنة خمس وستين وأربعمائة، وعاش ثمانين سنة. وسمع سنة ست وثمانين من نصر الله بن أحمد الهمذاني، جزءاً، رواه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 234 عنه أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في ذي الحجة، ودُفن بباب توما. وقال حمزة التميمي: كان مشهوراً بالخير والعفاف، وسلامة الطبع. 4 (محمود بن غانم بن أبي الفتح أحمد بن محمد) أبو الفتوح الإصبهاني، الحدّاد. جدّه البيّع. أخو أبي عبد الله. سمع من: جده، ورزق الله التميمي. سافر الى ديار مصر في طلب مال ورثه من بعض أقاربه. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في غرة صفر. 4 (مساعد بن أحمد بن مساعد) أبو عبد الرحمن الأصبحي، الأندلسي، الأوريولي، المعروف بابن زعوقة. روى عن أبي عبد الله الحسين بن علي الطّبري صحيح مسلم. وسمع في رحلته من جماعة. وبالأندلس من: أبي عمران بن أبي تليد، وأبي عليّ الصّدفي. وسمع الناس منه لعلوّ سنّه.) قال الأبّار: وكان من أهل المعرفة، والصّلاح، والورع. روى عنه: عبد المنعم بن الفرس، وأبو القاسم بن بشكوال وغفل عن ذكره في الصلة، وأبو الحجاج الغرناطي. وكان مولده في سنة ثمان وستين وأربعمائة. 4 (مُكرَم بن حمزة بن محمد بن أحمد بن أبي جميل)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 235 أبو المفضّل بن أبي الصّقر القُرشي، الدمشقي. سمع: أبا الحسن بن الموازيني. وحدّث باليسير. قال ابن عساكر: كان يدخل في العمالات، ولم يكن مرضياً. قلت: وفي هذه السنة كانت وفاته بدمشق. وهو عمّ نجم الدين مُكرم شيخ شيوخنا، رحمهم الله. 4 (حرف النون)

4 (نابت بن مُفرّج بن يوسف) أبو الزهراء الخثعمي، الشاعر البلنسي، نزيل مصر. تفقّه بها على مذهب الشافعي، وله شِعر في الذّروة. ورّخ السلفي موته في رجب بمصر سنة خمس. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أحمد بن بقي) أبو بكر الطُليطلي، ثم الإشبيلي. قال الأبّار: كان يتقدّم أدباء عصره تفنناً في الآداب وتصرفاً في النّظم. روى عنه: أبو بكر عبد الله بن طلحة، ومحمد بن جابر. 4 (يحيى بن عبد الغفار بن عبد المنعم بن إسماعيل) أبو الكرم الدمشقي، الخاطب. سمع ببغداد من رزق الله التميمي كتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم بن صصرى وهو آخر من روى عنه، وسماعه منه في رجب من هذه السنة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 236 4 (وفيات سنة ست وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن المبارك بن عبد الباقي بن محمد بن قفرجل) أبو محمد القطّان، المقرئ، أخو أبي القاسم أحمد. وكان أبو محمد الأصغر. سمع من: طِراد، وأبي الحسن بن أيوب، وأبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي. وعنه: المبارك بن كامل، وأحمد بن طارق الكركي. مات في شوال. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي عثمان الحسين بن عثمان) أبو المعالي بن المَذاري. ولد في سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا عليّ بن البنّا الفقيه. وقال: إنه سمع من أبي الحسين بن النّقور. وكان محله الصدق. وهو رجل من أهل البيوتات. قال ابن الجوزي: كان سماعه صحيحاً، وقرأت عليه كثيراً من حديثه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 237 وروى عنه أيضاً: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد بن السمعاني، وابن سُكينة، وأحمد بن العاقولي، وأحمد بن أزهر، وجماعة من المتأخرين. وتوفي الثامن والعشرين من جمادى الأولى. والمَذار قرية تحت البصرة، قريبة من عبّادان، سكنها أبوه زماناً، فنُسب إليها. 4 (أحمد بن محمد بن عبيد الله بن سهل) أبو الفتوح النيسابوري، البزّار. سمع من: عبد الجبار بن سعد بن محمد البحيري. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحسين بن أحمد بن سهل) أبو إسحاق البلخي، الضرير، الواعظ. شيخ صالح من أهل العلم، قدِم بغداد، وسمع من: جعفر السرّاج، والحسن بن محمد بن عبد) العزيز النكلي، وأبي غالب الباقلاني. وحدّث ببلخ. سمع منه: أبو علي بن الوزير الدمشقي. وتوفي في ربيع الآخر ببلخ. 4 (إبراهيم بن الشيخ أبي عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد بن الفرس) أبو إسحاق الداني. حج مع والده، وقرأ عليه. وقرأ على أبي علي بن العرجاء بجميع ما في كتاب متون العروس لأبي معشر، وفيه ألف وخمسمائة وخمسون رواية وطريقاً، وقرأ عليه جزءين ونصف من الختمة بداخل الكعبة. وذلك في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 238 وسمع صحيح البخاري. وتوفي في آخر السنة، قبل أبيه بأشهر. 4 (إبراهيم بن مروان) الإشبيلي. حج، وسمع من: ابن الحُصين ببغداد. وحدّث بإشبيلية. 4 (حرف الباء)

4 (بوشتكين بن عبد الله) الرضواني، البغدادي. سمع: أبا القاسم بن البسري، وغيره. روى عنه: جماعة آخرهم الفتح بن عبد السلام. 4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن محمد بن يوسف) أبو الفضل الشّنتمري. ولي قضاء شنتمرية.) روى عن أبيه، عن جده أبي الحجاج يوسف الأعلم جميع رواياته وتصانيفه. روى عنه: أبو محمد بن عبدان، وابن خير. وكان فقيهاً، مُشاوَراً، مفتياً، كاتباً، شاعراً. استُشهد بشنتمرية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 239 4 (الجُنيد بن يعقوب بن حسن) أبو القاسم الجيلي، الحنبلي. ولد بجيلان، واستوطن بغداد. تفقّه وتأدّب، وكتب العلم. وسمع: رزق الله التميمي، وأبا الحسن الهكّاري. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر. مات في جُمادى الآخرة. 4 (جرجي الإفرنجي) وزير الملك رُجّار المتغلّب على مملكة صقلية. كان بطلاً شجاعاً، من دُهاة النّصارى. سار في البحر وأخذ المهدية من المسلمين. ثم سار في البحر بالجيوش، فحاصر القسطنطينية، ودخل فم الميناء، وأخذ عدة شواني، ورمى أصحابه بالنشّاب في قصر الملك. وجرت له مع صاحب القسطنطينية عدة حروب يُنصر في جميعها على ملك القسطيطينية. وكان لا يُصطلى له بنار، فهلك بالبواسير والحصى في ست هذه، وفرح الناس لموته، ولله الحمد على هلاكه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 240 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن محمد بن الحسين) أبو علي الراذاني. نزيل بغداد. سمع من: المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري. وتفقّه على: أبي سعيد المخرّمي. ووعظ، وسمع الكثير.) وتوفي فجأة في رابع صفر. 4 (الحسين بن إسماعيل بن الحسن بن علي) أبو عبد الله النعماني، والنيسابوري. شيخ صالح، من بيت الحديث. سمع: أبا القاسم الواحدي، وأبا بكر بن خلف، وأبا السنابل هبة الله بن أبي الصهباء. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وتوفي في العشرين من المحرّم. وروى عنه: عمر العليمي، والمؤيّد الطوسي، والقاسم الصفّار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 241 4 (الحسن بن محمد بن علي بن أحمد بن حمدي) أبو عبد الله الخِرَقي، الشاهد. سمع: أبا عبد الله النعالي. وحدّث. توفي في ذي القعدة. 4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد بن محمد) أبو نصر النيسابوري، الشحّامي. سمع: عبد الجبار بن سعيد بن محمد البحيري، وأبا عليّ نصر الله الخُشنامي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم وقال: توفي في المحرّم، ودُفن عند الشّحّاميين. 4 (حرف السين)

4 (سعد بن الرضا بن يزيد) أبو محمد الهاشمي، الجعفري، الإصبهاني. سمع: عبد الوهاب بن مندة، وطراد الزينبي. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة. 4 (سعد بن محمد بن محمود بن المشّاط) أبو الفضائل الرازي، المتكلم، الواعظ.) قال أبو سعد السمعاني: له يدٌ باسطة في علم الكلام، وكان يذبّ عن الأشعري، وله قوة في الجدال. وكان يعظ ويتكلم في مسائل الخلاف، لقيته

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 242 بالري، وكان يلبس الحرير، ويخضِب بالسواد، ويحمل معه سيفاً مشهوراً. وسمعت أن طريقته ليست مرضيّة. سمع من أبيه حلية الأولياء، بسماعه من أبي نُعيم. وسمع من: أبي الفرج محمد بن محمود القزويني. وقال لي: ولدت سنة. وتوفي بالري في خامس عشر رمضان. 4 (سعيد بن أبي بكر بن أبي نصر الشعري) النيسابوري. سمع: عثمان بن محمد المَحمي، وأبا بكر بن خلف. وعنه: أبو المظفّر عبد الرحيم السمعاني. توفي في صفر. 4 (حرف الشين)

4 (شجاع بن علي بن حسن) أبو المظفّر الشجاعي، السرخسي، البنّاء. رجل صالح. وهو أصغر من أخويه عبد الصمد، والحسن. سمع: محمد بن عبد الملك المظفّري، وأحمد بن عبد الرحمن الدّغولي. مولده قبل السبعين. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات فجأة في شوال سنة ست وأربعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 243 4 (شُكر بن أبي طاهر أحمد بن أبي بكر) أبو زيد الأبهري، الإصبهاني، المؤدّب، الأديب. سمع: أبا عبد الله الثقفي، الرئيس. وتوفي في ذي القعدة. 4 (حرف الصاد)

4 (صافي) ) أبو الفضل، مولى ابن الخرقي. بغدادي، مقرئ، مجوّد، صالح، متعبّد. وله إسناد عالي في القراءات، فإنه قرأ على رزق الله التميمي، ويحيى بن أحمد السيبي. وسمع: مالك بن أحمد البانياسي، وغيره. واحترقت كتبه. قال السمعاني: سمعته يقول: سلوا القلوب عن المودات، فإنها لا تقبل الرّشا. سمعتُ منه أحاديث. وتوفي أظن في سنة ست وأربعين، ولم يبق الى سنة سبع، رحمه الله. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن عمروس) أبو محمد الشلبي، الأندلسي، المالكي. كان فقيهاً، حافظاً، مشاوَراً، لغوياً، فاضلاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 244 سمع: أبا الحسن بن مُغيث، وأبا بكر بن العربي. 4 (عبد الله بن خلف بن بقي) القيسي، البيّاسي، أبو محمد. أخذ القراءات عن: ابن البيّاز، وابن الدوش. وحج فلقي ابن الشحّام. وبمكة عبد الله بن عمر بن العرجاء صاحب ابن نفيس، وعبد الباقي بن فارس، فحمل عنهم القراءات، وبرع فيها وتصدّر ببلده. وتلا عليه: أبو بكر محمد بن حسنون، وغير واحد. وكان زاهداً، صالحاً، مجاهداً. توفي بعد الأربعين. 4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن) أبو سعيد الرازي، الحصيري، الضرير. سمع سنن ابن ماجة من أبي منصور محمد بن الحسين المقوّمي. وسمع: واقد بن الخليل القزويني، والفضل بن أبي حرب الجرجاني، وعبد الواحد بن إسماعيل الرويانيّ الفقيه، وجماعة سواهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 245 روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر. وكان فقيهاً، صالحاً، خيّراً.) روى عنه: المؤيَّد الطوسي بالإجازة. توفي في شوال، وله أربع وثمانون سنة. 4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي بكر محمد بن أحمد بن) عثمان بن أبي الحديد، واسمه الحسين بن أبي القاسم السُلمي: أبو الحسين الدمشقي، خطيب دمشق. سمع: جده أبا عبد الله، وأبا القاسم بن أبي العلاء المصّيصي، وابن الفرات. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه القاسم، وأبو اليُمن الكندي، وغيرهم. وتوفي في جمادى الآخرة، وله اثنتان وثمانون سنة. وخطب بعده ابنه الفضل. وروى عنه أبو سعد السمعاني فقال: شيخ، صالح، سليم الجانب، سديد السيرة: سمعتُ منه أجزاء، ودخلت داره المليحة، ورأيت نعل النبي صلى الله عليه وسلم معه. دُفن بمقبرة باب الصغير. 4 (عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 246 أبو النصر الفامي، الحافظ الهروي. ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة بهَراة. قال أبو سعد السمعاني: كان حسن السيرة، جميل الطريقة، دمث الأخلاق، كثير الصدقة والصلاة، دائم الذِكر، متودداً، متواضعاً، له معرفة بالحديث والأدب، يُكرم الغرباء، ويفيدهم عن الشيوخ. سمع: أبا اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وأبا عبد الله العُميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، وأبا عامر الأزدي. وورد بغداد حاجاً، فسمع من ابن الحُصين، وهبة الله بن النجار. كتبتُ عنه بهرَاة ونواحيها. وكان ثقة، مأموناً. مات في الخامس والعشرين من ذي الحجة. قلت: وروى عنه الحافظ ابن عساكر، وأبو رَوح الهروي، وجماعة. وجمع تاريخ هَراة. وليس بمستوعب. ولقبه: ثقة الدين. 4 (عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أبي سعيد) ) أبو سعيد القايني، النيسابوي، المقرئ، مقدم القرّاء، وشيخهم، وإمامهم. قرأ على الإمام أبي الحسن الغزّال وتلمذ له وحده، وخدمه مدّة. قال ابن السمعاني: كان إماماً، فاضلاً، صالحاً، ورعاً، كثير العبادة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 247 وعُمِّر حتى رحلوا إليه في علم القراءات، فظهر له أصحاب وتلامذة. وقد سمع من: المعتز بن أبي مسلم البيهقي، وأبي بكر محمد بن المأمون علي المتولي، وعلي بن أحمد المديني، ونصر الله الخشنامي. ولد في رجب سنة خمس وسبعين وأربعمائة. وكان أبوه من قاين. روى عنه: أبو سعد، وابنه عبد الرحيم. وتوفي في شوال أو ذي القعدة. 4 (عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم) أبو القاسم الغسّاني، الدمشقي، السمسار. كان رجلاً خيّراً. وروى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم. توفي في ربيع الآخر. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن سهل بن المحب) أبو البركات النيسابوري. نظيف، شريف، متودد. سمع: أبا الحسن المديني، وعبد الغفّار الشيرويي، وأبا سعيد القُشيري، وعمر الرؤاسيّ الحافظ. وحدّث. مات في ثالث ذي القعدة في ذكر وخير، وله ستون سنة. 4 (عبد الفتاح بن أميرجة بن أبي سعيد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 248 الصيرفي، الهروي، أبو الفتح، نزيل مرو. شيخ صالح، بهي المنظر. سمع من: أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري. روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم.) توفي في غرة رمضان. 4 (عبد الملك بن عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق بن العباس) الطوسي، أبو المكارم، ابن أخي نظام المُلك. محتشماً، بذولاً، كريماً، من رجال العلم. سمع: علي بن أحم المديني، وعبد الغفار الشيرويّي. توفي بطوس في رجب. وقد كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم. 4 (علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن أبي جرادة)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 249 أبو الحسن العقيلي، الحلبي، المعروف بالأنطاكي لسُكناه بحلب عند باب أنطاكية. ذكره ابن السمعاني، وقال: غزير الفضل، وافر العقل، دمث الأخلاق، له معرفة بالأدب، والحساب، والنجوم، وله خط حسن. رأيته بحلب، وقد قدم بغداد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وكتب عن جماعة. وسمع بحلب من: عبد الله بن إسماعيل الحلبي، وهو أجود شيخ له، وأبا الفتيان محمد بن سلطان بن حيّوس. وقرأتُ عليه الأجزاء في منزله، وعلّقت عنه قصائد، وخرجت من عنده يوماً فرآني بعض الصالحين، فقال: أين كنت قلت: عند أبي الحسن بن أبي جرادة، قرأتُ عليه شيئاً من الحديث. فأنكر عليّ وقال: ذاك يُقرأ عليه الحديث قلت: هل هو إلا متشيّع يرى رأي الحسين. فقال: ليته اقتصر على هذا، بل يقول بالنجوم، ويرى رأي الأوائل. قال: وسمعت بعض الحلبيين بدمشق يتّهمه بمثل هذا. وقال أبو الحسن: ولدت في سنة إحدى وستين وأربعمائة. توفي ظناً سنة ست وأربعين. قال: وقرأت عليه الموطّأ لابن وهب بروايته عن أبي الفتح بن الجلي عبد الله بن إسماعيل، عن أبي الحسن بن الطيوري، عن القاضي أبي محمد الصابوني، عن محمد بن عبد الله بن عبد الكريم، عنه. 4 (علي بن عبد العزيز بن عبد الله بن السّمّاك) ) سمع: أبا نصر الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 250 قال ابن السمعاني: كان يحضر معنا مجالس الحديث، ويسمع على كبر السن. قال لي: ولدت سنة أربع وستين وأربعمائة. وقال ابن الجوزي: كان ثقة من أهل السنّة الجياد. روى لنا عن: أبي الفضل بن الطيب. قلت: وروى عنه: عبد الخالق بن أسد، وعبد الرزاق الجيلي، ويوسف بن المبارك، وجماعة. وتوفي في شوال. 4 (علي بن محمد بن محمد بن الفراء) أبو الفرج بن أبي خازم بن القاضي أبي يَعلى الحنبلي. سمع: أبا عبد الله النعالي فمن بعده. وتوفي في ثاني عشر رمضان. وصلى عليه ولده القاضي أبو القاسم عبيد الله. كتب عنه ابن السمعاني أحاديث. 4 (علي بن مرشد بن علي بم مقلَّد بن نصر بن منقذ) عز الدولة، أبو الحسن الكناني، الشيزري. ولد بشيزر، وكان أكبر إخوته، في سنة سبع وثمانين وأربعمائة. وكان ذكياً، شاعراً، جندياً. دخل بغداد، وسمع من: قاضي المرستان أبي بكر، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 251 وله الى أخيه أسامة: (لقد حمل الغادون عنك تحية .......... إليّ كنشر المسكِ شيبت به الخمرُ)

(فيا ساكناً قلبي على خفقانه .......... وطرفي وإن رواه من أدمعي بحرُ)

(لك الخير همي مذ نأيتَ مروعٌ .......... وصبري غريب لا يُنهنه الزّجر)

(ولو رام قلبي سلوةً عنك صدّه .......... خلائقكَ الحُسنى وأفعالُك الغرّ)

(كأن فؤادي كلما مرّ راكبٌ .......... إليك جناحٌ رام نهضاً به كسرُ) استُشهد عز الدولة بعسقلان في هذا العام. 4 (علي بن هبة الله بن علي بن رهمويه) أبو الحسن الأزجي. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وأبا جعفر محمد بن أحمد البخاري قاضي حلب.) قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وكان له تقدّم وثروة. وسماعه صحيح. توفي في سادس ذي القعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 252 4 (علي بن يحيى بن رافع بن عافية) أبو الحسن النابلسي، المؤذّن بمنارة باب الفراديس. سمع: أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وجماعة. روى عنه: القاسم بن عساكر، ووالده. وقال: كان ملازماً للحضور في حلقتي، وسقط من المنارة في جمادى الآخرة، فبقي ثلاثة أيام ومات، رحمه الله تعالى. 4 (عمر بن علي بن الحسين بن أحمد بن محمد بن أبي ذر) أبو سعد المحمودي، الطالقاني، ثم البلخي. ولد ببلخ سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وسمع: الحافظ أبا علي الحسن بن علي الوخشي، ومنصور بن محمد البِسطامي، وغيرهما. وهو آخر من حدّث عنهما. قال ابن السمعاني: كان فاضلاً، عالماً، صالحاً، كثير التهجّد والعبادة، لطيف السمع. توفي في أواخر رمضان. قلت: وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني، وروى عنه الافتخار الهاشمي، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 253 4 (حرف الفاء)

4 (الفرج بن أحمد بن محمد بن الخراساني) أبو علي البغدادي، الخريمي، ويُعرف بابن الأخوّة. قال ابن السمعاني: شاب فاضل، ديّن، له معرفة كاملة باللغة والآداب. سمع: أبا الحسين بن الطيوري، وأبا الحسن بن العلاف. كتبت عنه، وتوفي في رابع عشر جمادى الآخرة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الفضل) الإمام أبو بكر المهرجاني، الإسفرائيني، البيّع. فقيه صالح، سمع: الحسن بن أحمد السمرقندي، وعبد الواحد بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 254 القشيري، وغيرهما.) وولد سنة سبعين وأربعمائة، وخرج ليحجّ فتوفي بالكوفة في ذي القعدة. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه جزءاً. قال: أنبا الحسن السمرقندي، أنا منصور بن نصر الكاغذي، فذكره. 4 (محمد بن أحمد بن عمر بن بكران) أبو الفتح الأنباري، ابن الخلال. إمام جامع الأنبار. قرأ الحديث على أبي الحسن الأنباري، الأقطع. وسمع من: أبي طاهر بن أبي الصقر. وكان مولده في سنة خمس وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو القاسم عبد الله بن محمد بن النفيس الأنباري، وغيره. 4 (محمد بن أحمد بن مكي بن الغريب) أبو السعادات المقرئ، الضرير. كان طيب الصوت، عارفاً بالألحان، مشهوراً. سمع: أبا نصر الزينبي. توفي في جمادى الآخرة. 4 (محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن هشام) أبو عبد الله الخزرجي، الأنصاري، الجيّاني، المعروف بالبغدادي لسُكناه بها. أخذ عن: أبي علي الغساني، وحجّ ودخل بغداد ولقي: إلكِيا أبا الحسن، وأبا بكر الشاشي، وأبا طالب الزينبي. وكان فقيهاً، مشاوَراً، فاضلاً، حدّث عنه: أبو عبد الله النميري، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وأبو عبد الله بن حُميد، وعبد الرحمن بن الملجوم، وغيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 255 ومولده في سنة سبعين وأربعمائة. وتوفي بفاس في ذي الحجة، وكان قد قدِمها، وحدّث بها. 4 (محمد بن إدريس بن عبيد الله) ) أبو عبد الله البلنسي، المخزومي. لقي أبا الوليد الوقشي ولازمه. وصحب: أبا محمد الركلي، وأبا عبد الله بن الجزار. ومع من: عبد الباقي بن بزال، وخُليص بن عبد الله. قال الأبّار: كان متحققاً بالحديث، واللغة، والأدب. روى عنه: أحمد بن سليمان، وعلي بن إدريس الزناتي، وأبو محمد بن سفيان. 4 (محمد بن أسعد بن علي بن الموفق) أبو الفتح الهروي. سمع: محمد بن نصر السامي، وغيره. كتب عنه: السمعاني. 4 (محمد بن إسماعيل بن أميرك بن أميرك بن إسماعيل بن جعفر بن القاسم بن جعفر بن محمد) بن زيد بن علي بن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين السيد أبو الحسن العلوي، الحسيني، الهروي. قال ابن السمعاني: كان عالماً زاهداً، كثير الخير، سنياً، حسن السيرة. سمع: شيخ الإسلام، وأبا عطاء الجوهري، وأبا سهل الواسطي. سمعتُ منه الكثير بهَراة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 256 ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي بهراة في ذي القعدة. قلت: أنا ابن عساكر، عن أبي روح، أنا الإمام أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن أميرك الحسني، أنا أبو عامر الأزدي، فذكر حديثاً. 4 (محمد بن الحسن بن أبي قُدامة) الأمير أبو قُدامة القرشي، الهروي. صدر معظّم، سمع إسماعيل بن عبد الله الخازمي، ونجيب الواسطي. أخذ عنه: السمعاني. كان مولده في رجب سنة سبعين. 4 (محمد بن زيادة الله) ) أبو عبد الله بن الخلال المُرسي، والد القاضي أبي العباس. قال الأبّار: سمع من أبي علي بن سُكّرة. وكان شيخاً جليلاً، معظّماً. توفي في ذي القعدة. 4 (محمد بن عبد الله) أبو بكر بن العربي. مرّ. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد) العلامة أبو عبد الله البخاري، الواعظ، المفسّر. قال السمعاني: كان إماماً متقناً. قيل إنه صنّف في التفسير كتاباً أكثر من ألف جزء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 257 وأملى في آخر عمره عن: أبي نصر أحمد بن عبد الرحمن الربغذموني، ولكنه كان مجازفاً متساهلاً. مات في جمادى الآخرة. كتب إليّ بالإجازة. 4 (محمد بن عبد الخالق بن عزيز بن أحمد) أبو النور المُضري، الإصبهاني. سمع حضوراً من أبي عمرو مندة. مولده في حدود سنة سبعين. أخذ عنه: السمعاني. 4 (محمد بن محمد بن حسين بن صالح) العلامة، زين الأئمة، أبو الفضل البغدادي، الفقيه، الحنفي، الضرير. سمع: أبا الفضل بن خيرون، وأبا طاهر أحمد بن الحسن الكرخي، وغيرهما. وعنه: ابنه إسماعيل، ويوسف بن المبارك الخفّاف. وكان من كبار الحنفية. درّس بمشهد أبي حنيفة نيابةً عن قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي. ثم درّس بالغياثية. وكان صالحاً، ديّناً. توفي في ربيع الأول. 4 (محمد بن الموفق بن محمد) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 258 أبو الفتح الجرجاني. عدل عالم. سمع: العميري، ونجيب بن ميمون. وعنه: السمعاني. 4 (منصور بن حاتم) أبو القاسم الهروي، رجل صالح. سمع: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبا عطاء الجوهري. كتب عنه: السمعاني، وقال: توفي بهراة في شعبان. 4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن منصور بن سهل) أبو الفتوح الدويني الجَنزي. ودُوين: بُليدة من آخر بلاد أذربيجان من جهة الروم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 259 كان فقيهاً، صالحاً، مستوراً، لقبه: كمال الدين. قدم بغداد وتفقّه بها بالنظامية على أبي حامد الغزالي. وسمع بنيسابور من: أبي الحسن المديني، وأبي بكر أحمد بن سهل السرّاج، وعبد الواحد بن القشيري، وغيرهم. وحدّث ببلخ. كتب عنه أبو سعد السمعاني، وقال: مات ببلخ في أواخر رمضان. وقد انتخبتُ عليه جزأين. 4 (نوشتكين بن عبد الله) الرضواني، مولى أبي الفرج محمد بن أحمد بن عبد الله بن رضوان المراتبي. قال السمعاني: شيخ صالح، متودد كثير الذكر، أصابته علة أقعدته في بيته. وقرأت عليه الجزء الثالث من انتقاء البقّال على المخلّص، وكان يكتب اسمه أنوشتكين، بألف. سمع: أبا القاسم بن البُسري، وعاصم بن الحسن، وغيرهما. روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد السمعاني، وأبو اليُمن الكندي، والفتح بن عبد السلام. وبالإجازة أبو منصور بن عُفَيجة، وأبو المحاسن محمد بن لقمة، وغير واحد.) وقد سمع أيضاً من الإمام أبي إسحاق الشيرازي. وقع لنا الجزء الأول من فوائده. وتوفي في سادس عشر ذي القعدة، وله اثنتان وثمانون سنة. قرأتُ على محمد بن علي الواسطي: أخبركم محمد بن السيد الأنصاري سنة اثنتين وعشرين وستمائة، بالمزّة، أنا نوشتكين الرضواني في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 260 كتابه، أنا علي بن أحمد البُندار سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، أنا محمد بن عبد الرحمن: ثنا البغوي، ثنا شُجاع بن مَخلد، نأنا هُشيم، عن يونس، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: نُهينا أن يبيع حاضرٌ لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه. رواه مسلم عن يحيى بن يحيى بن هُشيم، وسقط من سماعنا لفظة: عن. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن عبد الواحد بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوزان) أبو الأسعد القشيري، النيسابوري، خطيب نيسابور، وكبير القشيرية في وقته. قال أبو سعد السمعاني: كان يرجع الى فضل وتمييز، ومعرفة بعلوم القوم، ظريف، حسن الأخلاق، متودد، سليم الجانب. ورد بغداد حاجاً، وسمع جزء ابن عرفة من ابن نبات حضوراً من جدّه. وسمع من: جدته فاطمة بنت الدقاق، وأبيه، وعمّيه أبي سعد، وأبي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 261 منصور، وأبي صالح المؤذن، وأبي نصر عبد الرحمن بن علي التاجر، وأبي سهل الحفصي، ومحمد بن عبد العزيز الصفّار، وأبي بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبي الفتح نصر بن علي الحاكمي، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وطائفة سواهم. قلت: وحدّث بمُسند أبي عوانة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، عن أبي نُعيم الأسفرائيني، عنه. وسمع سنن أبي داود، من نصر الحاكم وصحيح البخاري من أبي سهل الحفصي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه أبو المظفّر عبد الرحيم، وأبو القاسم بن عساكر، والمؤيد بن محمد الطوسي، والمؤيد بن عبد الله القشيري، والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفّار، وسمعا منه مسند أبي عوانة، وأبو روح المطهّر بن أبي بكر البيهقي، وأبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد البكري، وآخرون.) ومولده في العشرين من جُمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة. وسمع في الخامسة من جده أبي القاسم. وأملى مجالس كثيرة. ولم يقل في شيء منها ولا في الأربعين السباعيات: أنبا جدي حضوراً. وقد سمع أيضاً من: الزاهد عبد الوهاب بن عبد الرحمن السُلمي، والسيد أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد العلوي، وأبي سعد عبد الرحمن بن منصور بن رامِش، وإسماعيل بن عبد الله الخشّاب، وشبيب بن أحمد البستيغي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 262 وروى بالإجازة عن: أبي نصر محمد بن محمد الزينبي، وغيره. وسماعه لصحيح البخاري في سنة خمس وستين وأربعمائة من الحفصي عن الكُشميهني. وكان أسند من بقي بخُراسان وأعلاهم رواية. قال أبو سعد: وكانت الرحلة إليه، وظهر به صمم، ومع ذلك كان يسمع إذا رفع القارئ صوته. وسمعت أصحابنا يقولون: إنه ادعى سماع الرسالة من جده، وما ظهر له عن جده إلا أجزاء من حديث السرّراج، ومجالس من أماليه، وكتاب عيون الأجوبة في فنون الأسولة. توفي في ثالث عشر شوال، ودُفن من الغد. أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا إسماعيل بن عثمان النيسابوري، ثنا أبو سعد هبة الرحمن إملاءً، أنا أبو بكر يعقوب بن أحمد، أنا الحسن بن أحمد المَخلدي، أنا المؤمّل بن الحسين الماسرجسي، ثنا الحسن بن محمد الزعفراني، ثنا بكر بن بكّار، عن سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جُعل قاضياً فقد ذُبح بغير سكين. تفرّد به بكر، وليس بحجة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 263 4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيرُّه) الحافظ، أبو الوليد، ابن الدبّاغ، اللخمي، الأندلسي، الأُندي، نزيل مُرسية. قال ابن بشكوال: روى عن أبي علي الصدفي كثيراً، ولازمه طويلاً. وأخذ عن جماعة من شيوخنا، وصحبنا عند بعضهم. وكان من أجل أصحابنا وأعرفهم بطريقة الحديث، وأسماء الرجال، وأزمانهم، وثقاتهم، وضُعفائهم وأعمارهم، وآثارهم، ومن أهل العناية الكاملة بتقييد) العلم، ولقاء الشيوخ. لقي منهم كثيراً، وكتب عنهم، وسمع منهم، وشوور في الأحكام ببلده، ثم خطب به وقتاً. وقال لي مولده في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. قلت: روى عنه ابن بشكوال، والوزير أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز التُجيبي البلنسي، وأحمد بن أبي المطرِّف البلنسي، وأحمد بن سلمة الدورقي، ومحمد بن الشيخ أبي الحسن بن هُذيل، وآخرون. وله جزء صغير في تسمية طبقات الحفاظ، وعاش خمساً وستين سنة. رأيت برنامجه، وفيه كتب كثيرة من مروياته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 264 4 (يوسف بن عمر الحربي) الزاهد، العابد، أبو يعقوب الحربي، المقرئ. والد يعقوب، وعبد المحسن. زاهد، ورع، قوّال بالحق، بقية سلف. روى عن: أحمد بن عبد القادر بن يوسف. روى عنه: أحمد بن طارق، وعمر بن أحمد المقرئ، وغيرهما. قال مرة: ما يعرف المتكبّر إلا متكبر، مثله. مات في ذي الحجة. قلت: يمكن أن يعرفه بأنه كان متكبراً وتاب. 4 (يحيى بن أحمد بن بدر) أبو القاسم الموصلي. سمع: ابن طلحة النعالي، والطريثيثي. وعنه: محمد الخشّاب. 4 (يحيى بن المظفّر بن محمد) أبو المواهب الكاتب. سمع: أبا نصر الزينبي، وأبا منصور بن عبد العزيز العُكبري. وعنه: أبو شجاع بن القزون. مات في ربيع الآخر، وله ستٌ وثمانون سنة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 265 4 (وفيات سنة سبع وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن أبي دلَف) الفقيه، أبو دلف الطوسي، الرزّاني. ورزّان: على فرسخين من طوس. فقيه، إمام، عارف بالمذهب، حسن السيرة. سمع: أبا منصور بن علي الكراعي، ويحيى بن علي الحلواني. وتوفي كهلاً في أواخر رجب. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. 4 (أحمد بن جعفر بن عبد الله بن جحاف) أبو محمد المعافري، البلنسي. سمع من: أبي داود المقرئ، وأبي علي بن سكّرة. وولي قضاء بلنسية، وحُمدت سيرته. وكان من سروات الرجال وعلمائهم. 4 (أحمد بن عبيد الله بن الحسين)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 266 أبو محمد بن الأغلاقي، الواسطي، المقرئ، الزاهد. سمع من: أبي المعالي بن شاندة، وأبي البركات أحمد بن نفيس، ونصر بن البطِر، وأحمد بن يوسف. وقرأ القرآن على أبي الخطاب بن الجراح. وكان يقرئ الناس، ويقصد للتبرك. روى عنه: عبد الوهاب بن سُكينة. وقد سأل السلفي خميساً، عن أبي محمد الآمدي هذا، فقال: متحقق بالسنّة، صاحب مسجد لا يُعاب بشيء. وقال السمعاني: ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وكتبت عنه بواسط. قلت: مات في العشرين من شوال، وشيّعه الخلق، رحمه الله. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر) أبو الفتح الخُلمي، وخُلم: من نواحي بلخ.) تفقّه ببخارى مدة، وكان صالحاً، متصوناً. كانت إليه ببلخ التزكية، وكان ينوب عن قاضيها. وحج سنة سبع عشرة. وسمع ببغداد من: أبي سعد بن الطيوري. وسمع بمكة، وببخارى، وكان مولده سنة. وتوفي في صفر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 267 4 (أحمد بن منير) الطربلسي، الشاعر. يأتي في سنة ثمان. وقيل: توفي سنة سبع. 4 (إبراهيم بن صالح) أبو إسحاق بن السمّاذ المرادي، الأندلسي، المريي. أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن شفيع، وعلي بن محمد البُرجي. وسمع من: أبي علي بن سكّرة. وحج وأخذ بالإسكندرية عن الطرطوشي، والرازي صاحب السداسيات. روى عنه: أبو عبد الله بن حُميد، وأبو بكر بن أبي جمرة. توفي بلورقة. 4 (حرف التاء)

4 (تمرتاش بن إيلغازي بن أُرتُق) الأمير حسام الدين التركماني، الأُرتقي، صاحب ماردين، وميّافارقين. ولي الملك بعد والده، فكانت مدته نيفاً وثلاثين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 268 وولي بعده ابنه نجم الدين النبي، والمُلك في عقبه إلى اليوم. 4 (حرف الجيم)

4 (جامع بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي نصر) أبو الخير النيسابوري، الصوفي، السقّاء، الرّام. كان يعلّم الشبان الرمي، وكان صالحاً، مستوراً.) سمع: أبا سعيد محمد بن عبد العزيز الصفّار، وأبا بكر بن خلف، وأبا بكر محمد بن يحيى المزكي. روى عنه: المؤيّد الطوسي، وعبد الرحيم بن السمعاني، وغيرهما. ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وتوفي سنة سبع أو ثمان وأربعين. قال عبد الرحيم: سمعتُ منه كتاب الأمثال والاستشهادات للسلمي، عن الصفّار، عن السلمي، وكتاب طبقات الصوفية، عن السلمي المصنّف، وكتاب محن مشايخ الصوفية، عن محمد بن يحيى الكزكّي، عن مصنّفه السلمي. 4 (الجنيد بن محمد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 269 أبو القاسم القايني، نزيل هَراة. توفي في شوال في هذه، وقيل سنة ست. وقد تقدّم ذكره. فيحوّل الى هنا، لأنه ظهر لي أن سنة ست وهم وكان إماماً، ورعاً، متعبداً. وكان شيخ الصوفية في رباط فيروزاباد بظاهر هَراة أربعين سنة. سمع بطبس أبا جعفر محمد بن أحمد الحافظ. وبإصبهان: أبا بكر بن ماجة الأبهري، وسليمان الحافظ. وبمرو: أبا المظفّر السمعاني، وأبا منصور بن شكرويه. وبهراة: محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون. قال أبو سعد السمعاني: سمعت منه جماعة كتب. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. قال: وتوفي في رابع عشر شوال. وقد أورده ابن النجار في تاريخه فقال: كان فقيهاً، فاضلاً، محدثاً، صدوقاً، موصوفاً بالزهد والعبادة، تفقه على أبي المظفّر السمعاني، وسمع الكثير، وحصّل الأصول، وحدّث بجميع ما سمع. سمع بقاين: الحسن بن إسحاق التوني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 270 وبطبس: الحافظ محمد بن أحمد بن أبي جعفر.) وبنيسابور: وبهراة، وإصبهان. روى عنه: ابن ناصر، وابن عساكر. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن أبي القاسم بن أبي سعد) أبو الفتح النيسابوري، القمّاصي، نسبة الى بيع القُمص. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، خيّر. سمع: أبا الحسن أحمد بن محمد الشجاعي، وعبد الواحد بن القشيري. وببغداد: أبا القاسم بن بيان. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وسأله عن نسبته، فقال: كان جدي يبيع القمصان. ومولدي في سنة خمس وسبعين. وقال: توفي إن شاء الله بنيسابور في سنة سبع وأربعين، رحمه الله. 4 (حرف الراء)

4 (رزق الله بن الإمام أبي الحسن محمد بن عبد الملك بن محمد) الكرجي، أبو معشر. ورد بغداد مع والده. وسمع: أبا الحسن بن العلاف، وابن بيان. وبنيسابور: عبد الغفار بن محمد الشيرويي. مات بهراة في ربيع الآخر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 271 4 (حرف السين)

4 (سعد بن المعتز بن الفضل بن محمد) الرئيس، أبو الوفاء الإسفرائيني، من رؤساء بلده. سمع: محمد بن الحسين بن طلحة المهرجاني. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وكان مولده في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. 4 (سعيدة بنت زاهر بن طاهر بن محمد) ) أم خلف الشحّامية. صالحة، عالمة. تفردت بأشياء. وسمّعها أبوها، وهي إن شاء الله أكبر أولاد زاهر. سمعت من: جدها، ومن: عبد الرحمن بن رامش، وعثمان بن محمد المحمي، وأبي بكر بن خلف. وولدت سنة ثمان وستين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: وقيل إنها لما مرضت كانت تقرأ سورة الكهف، فلما بلغت الى قوله: لهم جنات الفردوس نُزُلاً ماتت، وذلك في سابع رمضان. روى عنها: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه. 4 (سفيان بن إبراهيم بن عمرو عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله بن مندة)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 272 أبو محمد الفَيدي، الإصبهاني. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، كثير الصلاة. سمع: أبا عبد الله الثقفي، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وجماعة. وببغداد: أبا الخطاب بن البطر. وقال: قرأت عليه ثلاثة عشر جزءاً من فوائد ابن مردويه. وتوفي في ربيع الأول بإصبهان. 4 (سهل بن عبد الرحمن بن أحمد بن سهل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدان) أبو القاسم السرّاج، الزاهد، النيسابوري، نزيل طوس. تفقه على: أبي نصر القشيري. وبرع في الفقه، والكلام، واللغة. ثم اشتغل بالعبادة، ولزم العزلة. سمع أبا الحسن علي بن أحمد المؤذن، ونصر الله الخُشنامي، وأبا علي بن نبهان، وابن بيان. قال ابن السمعاني: ورد علينا مرو، فسمعتُ منه مُسند الشافعي، بروايته عن الخُشنامي، عن الحيري. وتوفي، رحمه الله، بالري في أول ذي القعدة. 4 (حرف العين)

4 (عاصم بن خلف بن محمد بن عتّاب) أبو محمد التُجيبي، البلنسي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 273 روى عن: صهره أبي الحسن بن واجب. وتفقه بأبي محمد عبد الله بن سعيد الوجدي. وأخذ عن أبي محمد البطليوسي. قال الأبّار: وكان لسِناً، فصيحاً، جزلاً، مهيباً، صادعاً بالحق، مُقلاً، صابراً، غلب عليه علم الرأي. ودرس المدوّنة دهره. وتوفي في سجن بلنسية، وقد بلغ السبعين. 4 (عبد الله بن أبي مطيع أحمد بن محمد بن مظفّر) أبو بكر الهروي، ثم المروزي. قال السمعاني: كان شيخاً، مسناً، جلداً، من أولاد العلماء. سمع البخاري من: أبي الخير محمد بن موسى الصفّار. وسمع من: نظام المُلك أبي علي. وولد في جمادى الأولى سنة ست وستين وأربعمائة. وتوفي في نصف صفر. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه. 4 (عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن سهل بن أحمد بن سهل بن أحمد عبدوس) أبو القاسم الجرجاني، الشجري، الصوفي، ثم النيسابوري. قال أبو سعد: كان صالحاً، مُكثراً من الحديث، حريصاً على طلبه. يختص بالشمّاسية، ويصلي عندهم. ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وكتب بخطّه عن جماعة من أصحاب الحيري مع والدي. سمع: أبا الحسن المديني، وأبا سعيد القشيري، والفضل بن عبد الواحد التاجر. وحج سنة إحدى وخمسمائة. وسمع: أبا سعيد بن خُشيش، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 274 وسمع بشيراز: أبا شجاع محمد بن سعدان، وجماعة. وأخرج جزءاً وقال: سمعته من أبي نصر الزينبي. فقلت: لا تقل هذا، فإنك ما لحقته، ولعلك سمعته من أبي طالب الحسين أخيه.) وقلت له: ترجع عن هذا القول فكان متوقفاً في الرجوع. والظاهر أنه ما تعمّد الكذب في هذا القول. وكان قد اتقل الى مسجد وخلا لنفسه، ولا يدخل البلد إلا في بعض الأوقات. قلت: روى عنه أبو نصر السمعاني، وهو والد عبد الرحيم، وزينب الشعرية. توفي سنة سبع أو ثمان وأربعين. قاله أبو سعد. 4 (عبد الرزاق بن علي بن الحسين بن عبد الرزّاق) أبو بكر الكَرماني، ثم الهمذاني، إمام، فقيه، فاضل، عارف بالفقه واللغة. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان الكاتب. وولد بكرمان سنة ثمانين وأربعمائة. وتوفي، رحمه الله في جمادى الآخرة. 4 (عبد المعز بن عطاء بن عبيد الله) المعدّل، أبو المظفّر الهروي، الشروطي. كان يُضرب به المثل في حُسن كتابة السجلات والوثائق. سمع: أبا سهل نجيباً الواسطي، وأبا عطاء بن المليحي. توفي في خامس رجب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 275 4 (عبد المولى بن محمد بن أبي عبد الله) الفقيه، أبو محمد المهدوي اللبني، بالسكون. ولبنة من قرى المهدية. قال شيخنا أبو حامد بن الصابوني، فيما أجاز لنا: سمع من جماعة ببغداد، ومكة، والشام، ومصر، وحدّث عن الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي بمصر، وبها توفي في سنة سبع وأربعين. سمع منه: ابنه الفقيه محمد، والشيخ علي بن إبراهيم ابن بنت أبي سعد. وتوفي ابنه سنة أربع وتسعين. 4 (علي بن نجا بن أسد) مؤذّن مئذنة العروس بدمشق. سمع: سهل بن بشر الإسفرائيني. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في صفر. ورأيته يبوّل غير مرة عند الحوض،) مكشوف العورة. 4 (عمران بن علي) أبو موسى الفاسي، المغربي، الضرير، الفقيه المالكي، المقرئ. جال في الآفاق، ودخل مصر، والشام، واليمن، وفارس، وخراسان، ووراء النهر. قال أبو سعد السمعاني: كتبتُ عنه، وسمع بقراءتي، وكان قد حُبّب إليه التطواف في الأقاليم. ومات ببلخ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 276 4 (حرف الغين)

4 (غالب بن أحمد بن المسلم) أبو نصر الأدمي، الدمشقي. سمع: أبا الفضل بن الفرات، وأبا الحسين بن زهير. وعنه: ابن عساكر، وابنه القاسم. 4 (حرف اللام)

4 (لوط بن علي) الإصبهاني، أبو مطيع الخباز. سمع: أبا مطيع المصري، وغيره. أخذ عنه: السمعاني. لعله توفي في هذا العام. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إسماعيل بن الحافظ أبي صالح أحمد بن عبد الملك) النيسابوري، المؤذّن، الإمام أبو عبد الله. إمام كبير، فاضل، مناظر، فقيه. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وعليّ بن أحمد المديني. ومولده في سنة ثمانين وأربعمائة. وقد انتقل به أبوه الى كرمان فسكنها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 277 قال أبو الفرج بن الجوزي: قدم الى بغداد رسولاً من صاحب كرمان في سنة ست وثلاثين.) وقدم رسولاً الى السلطان في سنة أربع وأربعين. وتوفي في ذي القعدة سنة سبع بكرمان. وقد سمع منه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم بنيسابور لمّا قدمها بعد الأربعين. قال ابن النجار: روى عنه عبد الواحد بن سلطان. 4 (محمد بن جعفر بن خيرة) أبو عامر، مولى ابن الأفطس، البلنسي. سمع: أبا الوليد الوقشي، ولازمه. وقد تُكلِّم في روايته عنه لصغره. وسمع من: أبي داود، وطاهر بن مفوّز. وولي خطابة بلنسية مدة. وطال عمره، وجمع كتباً كثيرة. حدّث عنه: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو عبد الله بن حُميد، وأبو بكر بن أبي جمرة، وعبد المنعم بن الفرس. وتوفي في ذي القعدة رحمه الله، وقد قارب المائة. 4 (محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد) الأستاذ، المقرئ، أبو عبد الله الداني، المعروف بابن غلام الفرس، وبابن الفرس. وهو لقب رجل من تجّار دانية. أخذ أبو عبد الله القراءات عن: أبي داود، وأبي الحسن بن الدوش، وأبي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 278 الحسين بن يحيى بن أبي زيد بن البياز، وأبي الحسن بن شفيع. وسمع من: أبي علي بن سكّرة، وأبي محمد بن أبي جعفر. وحجّ سنة سبع وعشرين، فسمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي شجاع البسطامي. ذكره الأبّار قال: تصدّر بعد الثلاثين وخمسمائة للإقراء، والرواية، وتعليم العربية، وكان صاحب ضبط وإتقان، مشاركاً في علوم جمة يتحقق منها بعلم القرآن والأدب. وكان حسن الضبط والخط، أنيق الوراقة. رحل الناس إليه للسّماع منه والقراءة عليه، وولي خطابة دانية. وكان مولده في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. قلت: قرأ عليه جماعة منهم محمد بن علي بن أبي العاص النفّزي شيخ الشاطبي، وأبو جعفر أحمد بن علي الحصّار شيخ علم الدين القاسم اللورقي، وعبد الله بن يحيى بن صاحب الصلاة،) ويوسف بن سليمان البلنسي، وأبو الحجاج يوسف بن عبد الله الداني. 4 (محمد بن خلف) أبو الحسن الغساني، اللبلي، الشلبي. أخذ القراءات عن: إسماعيل بن غالب، وأبي القاسم بن النخّاس، وسمع منه، ومن: ابن شيرين. وعُني بالفقه، وشوور في الأحكام، وولي قضاء شِلب. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (محمد بن علي بن المبارك) أبو المفضّل الواسطي، ثم البغدادي، الحمّامي، الصائغ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 279 سمع: رزق الله التميمي، وأبا طاهر الباقلاني. كتب عنه: السمعاني، وقال: توفي في جمادى الآخرة. 4 (محمد بن علي بن الحسن بن سلْم بن العباس) الخصيب، التميمي، الأزجي. سمع: رزق الله التميمي، وابن طلحة النّعالي، وغيرهما. وعنه: أبو سعد السمعاني، وأحمد بن الحسن العاقولي. وهو ابن عم الخصيب ابن المؤمّل توفي في رجب، وله اثنتان وثمانون سنة. 4 (محمد بن عمر بن يوسف بن محمد) القاضي، أبو الفضل الأرموي، الفقيه، الشافعي. من أهل أُرمية. ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة ببغداد. وسمّعوه من: زبي جعفر ابن المسلمة، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وعبد الصمد بن المأمون، وأبي بكر محمد بن علي الخيّاط، وجابر بن ياسين. وتفرد بالرواية عنهم بالسّماع. وسمع أيضاً من: أبي الحسين بن النّقّور، وأبي نصر الزينبي. قال ابن السمعاني: هو فقيه، إمام، متدين، ثقة، صالح، حسن الكلام في المسائل، كثير التلاوة للقرآن. تفقّه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.) وقال ابن الجوزي: سمعت منه بقراءة شيخنا ابن ناصر، وقرأت عليه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 280 كثيراً من حديثه. وكان فقيهاً. تفقه على أبي إسحاق. وكان ثقة، ديّناً، كثير التلاوة. وكان شاهداً فعُزل. وتوفي في رجب. قلت: في رابعه. وقد حدّث عنه: السِّلفي، وابن عساكر، وابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزد، وإبراهيم بن هبة الله بن البُتيت، والقاضي أبو المعالي أسعد بن المُنجّى، ومحمد بن علي بن الطُراح، والمبارك بن صدقة الحاسب، ويونس بن يحيى الهاشمي، والشيخ عمر بن مسعود البزّاز، وعلي بن يحيى الحمامي ابن أخت ابن الجوزي، وزاهر بن رستم، وعبد اللطيف بن أبي النجيب الشهرزوري، وعثمان بن إبراهيم بن فاسي السيبي، وأخوه إسماعيل، وشجاع بن سالم البيطار، وأبو اليُمن زيد بن الحسين الكندي، وداود بن مُلاعب، وأخته حفصة، وسِبط الأرموي يوسف بن محمد بن محمد بن عمر، وموسى بن سعيد ابن الصيقلي الهاشمي، وإسماعيل بن سعد الله بن حمدي، وعبد الرحمن بن عبد الغني الغسّال الحنبلي، والمظفّر بن غيلان الدقّاق، وسعيد بن محمد الرزّاز، وبزغش عتيق ابن حمدي، وأبو الفتح أحمد بن علي الغزنوي الحنفي، ويحيى بن محمد بن عبد الجبار العوفي، ومسمار بن العويس النيّار، وعبد الرحمن بن المبارك بن المشتري، وأحمد بن يوسف بن صرما. وآخر من روى عنه بالسماع الفتح بن عبد السلام. وكان أسند من بقي ببغداد. ولي في شبيبته قضاء دير العاقول مدة. 4 (محمد بن محمد بن محمد) أبو بكر الخُلمي، الحنفي، المعروف بدِهقان خُلم. إمام كبير من أهل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 281 بلخ، انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة ببلخ. وكان إمام الجامع ببلخ. وكان مولده في سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: كان إماماً فاضلاً، مفتياً، مناطراً، حسن الأخلاق، حجّ سنة ست وعشرين. وسمع ببلخ من جماعة. حضرتُ بمجلس إملائه ببلخ. ومات في ثاني شعبان، ودُفن بداره.) 4 (محمد بن المحسّن بن أحمد) أبو عبد الله السُلمي، الدمشقي، الأديب، المعروف بابن الملحي. وملح قرية بحوران. ويقال ابن الملحي بالتخفيف. كان أبوه قد غلب على حلب ووليها مدة، وكان معه بها. ثم سكن دمشق. ولقي جماعةً من الأدباء. وسمع عدة دواوين. وكان شرّيباً للخمر، قاله الحافظ ابن عساكر. وقد سمع من: جعفر السرّاج، وغيره. وتوفي في شعبان. وكتب لي بخطّه جزأين، يعني شعراً وفوائد. 4 (محمد بن منصور بن إبراهيم) أبو بكر القصْري. سمع من: ثابت بن بُندار، وأبي طاهر بن سوار. وقرأ القراءات. وكان حافظاً، مجوّداً، متفنناً. وكان يطالب تفسير النقاش ويورد منه. قاله ابن الجوزي. وقال: كانت له شيبة طويلة تعبُر سرّته. توفي في سابع شعبان. وقال ابن النجار: قرأ بالروايات على ابن سوار، وثابت بن بُندار، وكان عالماً بالقراءات، له حلقة بجامع المنصور يفسّر فيها كل جمعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 282 قرأ عليه جماعة. وروى عنه: عبد الرحمن بن عبد السيد. قال أبو محمد بن الخشّاب: سمع بالسنَد، ورأى الشيخ أبا بكر القصري، فكأنه قد رآهم. وعاش سبعين سنة. ومات رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن منصور بن عبد الرحيم) أبو نصر بن الحُرضي، النيسابوري، الأشناني. شيخ صالح، من أبناء المياسير والنعم، فضربه الزمان وافتقر. وكان مولده في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم القُشيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأحمد بن محمد البسّامي الأديب، والفضل بن المحب، وعثمان المحمي، وأبا بكر محمد بن يحيى المزكي.) قال عبد الرحيم السمعاني: سمعت منه بنيسابور أربعة مجالس لأبي القاسم القشيري، وثلاثة مجالس المخلدي، وكتاب التاريخ للصوفية، جمع السلمي، رواه لنا عن محمد بن المزكي، عنه. وتوفي في خامس شعبان. أخبرنا أحمد بن عساكر، عن عبد الرحيم بن أبي سعد، أنا محمد بن منصور الحُرضي، ثنا أبو القاسم القشيري إملاءً، أنا أبو عبد الله بن باكويه الشيرازي: سمعت أبا الطيب بن الفرّخان قال: قال الجنيد: يقبح بالفقير أن تكون عليه خِلقان وسرُّه متشوف للعالم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 283 قلت: وروى عنه: زينب الشعرية. 4 (محمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطّلب) أبو عبد الله، ابن الوزير أبي المعالي، الكرماني. سمع: ابن طلحة النّعالي، وثابت بن بُندار، وأبا عبد الله بن البُسري، وجماعة. وحدّث. قال ابن السمعاني: قرأت عليه أحاديث، وكان متشيعاً. توفي في المحرم ببغداد. وروى عنه أبو أحمد بن سُكينة. 4 (محمد بن يحيى بن خليفة بن ينق) أبو عامر الشاطبي. قال الأبّار: قرأ على محمد بن فرح المِكناسي. وسمع من: أبي علي بن سكّرة. وأخذ بقرطبة عن: أبي الحسن بن سِراج. ومهر في الأدب، والعربية، وبلغ الغاية من البلاغة، والكتابة، والشعر. ولقي أبا العلاء بن زهر، فأخذ عنه علم الطب ولازمه وساعده الجدّ، وبعُد صيته في ذلك، مع المشاركة في عدة علوم. وكان رئيساً، معظّماً، جميل الرواء. وله تصنيف كبير في الحماسة، وتصنيف آخر في ذكر ملوك الأندلس، والأعيان والشعراء. روى عنه: أبو عبد الله المِكناسي. وعاش بضعاً وستين سنة.) وتوفي في آخر العام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 284 4 (محمد بن يحيى بن محمد بن أبي إسحاق بن عمرو بن العاص) أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، اللرّي. ولُرّيّة من عمل بلنسية. أخذ عن مشيخة بلده، ثم نزح عنه في الفتنة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. وسكن جيّان سبعة أعوام. وأخذ القراءات عن: أبي بكر بن الصبّاغ. وكان قصد أبا داود سنة ست وتسعين، فلقيه مريضاً مرض الموت. وسمع من: أبي محمد البطليوسي. وأقرأ الناس. وكان ذا بصرٍ بالتجويد. ترجمه الأبّار، وقال: روى عنه شيخنا أبو عبد الله بن نوح الغافقي، وأبو عبد الله بن الحسين الأندي. توفي في شوال، وقد قارب الثمانين. 4 (محمد بن يونس بن محمد بن مغيث) أبو الوليد القرطبي. من بيت العلم والجلالة. سمع من: أبي علي الغسّاني، ومحمد بن فرج، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد. وأكثر عن الده. وكان صالحاً، خيّراً، كثير الذِّكر، والصلاة، طويلها. وكان إمام جامع قرطبة. وقد شوور في الأحكام. مات في شعبان. ومولده في أول سنة ثمانين. وسمع وله خمس عشرة سنة. 4 (محمد بن أبي أحمد بن محمد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 285 أبو الفتح الحضيري. صالح، كثير التلاوة، ضرير. سمع: أبا الخير بن أبي عمران الصفّار. أخذ عنه: ابن السمعاني. ومات في ذي القعدة عن بضعٍ وثمانين سنة بقريته.) 4 (المبارك بن هبة الله بن سليمان) أبو المعالي بن الصبّاغ، البغدادي، الواعظ، المعروف بابن سكرة، المحدِّث. سمع الكثير، وأفاد. وأخذ عن: أبي سعد بن الطيوري، وأبي طالب عبد القادر بن يوسف، وطبقتهما. وتوفي في ربيع الآخر عن: سبعٍ وخمسين سنة. 4 (مدبّر بن علي بن أحمد بن علي) أبو بكر التميمي، الخُراساني، المقرئ بالألحان بإصبهان بين يدي الوعّاظ. كان صالحاً، مستوراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 286 سمع: أبا مطيع المصري، وأبا العباس بن أشته. كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في ذي الحجة. كتب إليّ بذلك معمّر بن الفاخر. 4 (مسعود بن محمد بن ملكشاه) السلطان غياث الدين، أبو الفتح، السلجوقي. سلّمه والده السلطان محمد في سنة خمسٍ وخمسمائة الى الأمير مودود صاحب الموصل ليربيه. فلما قُتل مودود وولي الموصل الأمير أقسنقر البُرسقي، سلّمه والده إليه أيضاً، ثم سلّمه من بعده الى خوش بك صاحب الموصل أيضاً، فلما توفي والده وتملّك بعده ولده السلطان محمود، حسّن خوش بَك للسلطان مسعود الخروج على أخيه، وطمّعه في السلطنة. فجمع مسعود العساكر، وقصد أخاه، فالتقيا بقرب همذان في سنة أربع عشرة، أو في أواخر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، فكان الظفر لمحمود. ثم تنقلت الأحوال بمسعود، وآل به الأمر الى السلطنة، واستقلّ بها في سنة ثمان وعشرين. ودخل بغداد، واستوزر الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد وزير المسترشد بالله. قال ذلك ابن خلِّكان، وقال: كان سلطاناً، عادلاً، ليّن الجانب، كبير

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 287 النفس، فرّق مملكته على أصحابه، ولم يكن له من السلطنة غير الاسم، ومع هذا فما ناوأه أحد إلا وظفر به. وقتل خلقاً من كبار الأمراء، ومن جملة من قتل الخليفتين المسترشد والراشد، لأنه وقع بينه وبين المسترشد وحشة قبل استقلاله بالمُلك، فلما استقل استطال نوّابه على العراق، وعارضوا الخليفة في أملاكه، فتجهّز وخرج لمحاربته، وكان السلطان مسعود بهمذان، فجمع جيشاً عظيماً،) وخرج للقائه، فتصافّا بقرب همذان، فكُسر جيش الخليفة وانهزموا، وأسر الخليفة في طائفة من كبار أمرائه، وأخذه مسعود أسيراً، وطاف به معه في بلاد أذربيجان، فقتل على باب مراعة كما ذكرنا. ثم أقبل مسعود على اللهو واللذات، الى أن حدث له علة القيء والغثيان، واستمر به ذلك الى أن مات في جمادى الآخرة. ثم حُمل الى إصبهان ودُفن. وعاش خمساً وأربعين سنة. قال ابن الأثير: كان كثير المزاح، حسن الأخلاق، كريماً، عفيفاً عن أموال الرعية، من أحسن السلاطين سيرة، وألينهم عريكة. قلت: وجرت بينه وبين عمه سنجر منازعة، ثم تهادنا، وخُطب له بعد عمه ببغداد قبل سنة ثلاثين. وقد أبطل في آخر أيامه مُكوساً كثيرة، ونشر العدل. وقد استقل بدَست الخلافة في أيام المقتفي، واتسع ملكه، ودانت له الأمم. وكان فيه خيرٌ في الجملة وميل الى العلماء والصلحاء، وتواضع لهم. قال ابن النجار: أنا محمد بن سعيد الحافظ، أنبأنا علي بن محمد النيسابوري، أنا السلطان مسعود، أنا أبو بكر الأنصاري، فذكر حديثاً من جزء الأنصاري. قال أبو سعد السمعاني: كان بطلاً، شجاعاً، ذا رأي وشهامة، تليق به السلطنة. سمّعه علي بن الحسن الغزنوي الواعظ من القاضي أبي بكر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 288 سمع منه جماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (المظفّر بن أردشير بن أبي منصور) أبو منصور العبادي، المروزي، الواعظ، المعروف بالأمير. كان من أحسن الناس كلاماً في الوعظ، وأرشقهم عبارة، وأحلاهم إشارة، بارعاً في ذلك مع قلة الدين. سمع من: نصر الله بن أحمد الخُشنامي، وعبد الغفار الشيرويي، والعباس بن أحمد الشقّاني، ومحمد بن محمود الرشيدي، وجماعة.) ووعظ ببغداد في سنة نيّف وعشرين وخمسمائة. ثم قدِمها رسولاً من جهة السلطان سنجر سنة إحدى وأربعين، فأقام نحواً من ثلاث سنين يعقد مجلس الوعظ بجامع القصر وبدار السلطان، وظهر له القبول التام من المقتفي لأمر الله ومن الخواص. وأملى بجامع القصر. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر، وحمزة بن القبّيطي، وأبو جعفر بن المكرّم، وغيرهم. وكان يُضرب به المثل في الوعظ. وروى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: لم يكن موثوقاً في دينه، طالعتُ رسالة بخطّه جمعها في إباحة شرب الخمر. وكان يلقّب قطب الدين. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان يعظ، فوقع مطر، فلجأ الجماعة الى ظل العقود والجُدر، فقال: لا تفرّوا من رشاش ماء رحمة، قطرٌ عن سحاب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 289 رحمة. ولكن فروا من شرار نار اقتدح من زناد الغضب. ثم قال: ما لكم لا تعجبون، ما لكم لا تطربون فقال قائل: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مرّ السحاب. فقال: التمالك عن المرح عند تملّك الفرح قدْح في القرح. قال ابن الجوزي: وكان مثل هذا الكلام المستحسن يندر في كلامه، وإنما كان الغالب على كلامه ما ليس تحت كبير معنى. وكُتب ما قاله في مدة جلوسه، فكان مجلدات كثيرة. ترى المجلد من أوله الى آخره، ليس فيه خمس كلمات كما ينبغي، وسائرها لا معنى له. وكان يترسّل بين السلطان والخليفة، فتقدّم إليه أن يصلح بين ملكشاه بن محمود وبين بدر الجوهري، فمضى وأصلح بينهما، وحصل له منهما مال كثير، فأدركه أجله في تلك البلدة، فمات في سلخ ربيع الآخر بعكسر مُكرَم. وحُمل الى بغداد ودُفن في دكة الجُنيد. ورثه ولده، ثم توفي، وعادت الأموال التي جمعها للسلطان. وفي ذلك عبرة. وقال ابن السمعاني: لم يكن له سيرة مرضية، ولا طريقة جميلة. سمعت من أثق به، وهو الفقيه حمزة بن مكي الحافظ ببروجرد قال: كنت معه بأذربيجان، وبقينا مدة، فما رأيته صلى العشاء الآخرة. كان إذا أحضر السماع، وأرادوا أن يصلوا يقول: الصلاة بعد السماع. فإذا فرغوا السماع كان ينام. ولما توفي حكى لي بعضُهم أنه وجد في كتبه رسالة بخطه في إباحة الخمر.) وقال ابن النجار: من وعظه قوله: لا تظنوا أن الحيّات تجيء الى القبور من خارج. إنما أفعالكم أبقى لكم، وحيّاتكم ما أكلتم من الحرام أيام حياتكم. وعاش ستاً وخمسين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 290 قال أبو المظفّر بن الجوزي: حكى جماعة من مشايخنا قال: جلس المظفر بن أردشير بالتاجية بعد العصر، وأورد حديث ردت الشمس لعلي كرّم الله وجهه، وأخذ في فضائله، فنشأت سحابة غطّت الشمس، وظن الناس أنها غابت، فأومأ الى الشمس وارتجل: (لا تغربي يا شمسُ حتى ينتهي .......... مدحي لآل المُصطفى ولنجله)

(واثني عِنانك إن أردت ثناءهم .......... أنسيتِ إذ كان الوقوف لأجله)

(إن كان للمولى وقوفٌ فليكن .......... هذا الوقوف لخيله ولرَجلهِ) فطلعت الشمس من تحت الغيم، فلم يُدرى ما رُمي عليه من الأموال والثياب. 4 (المنصور بن محمد بن الحاج داود بن عمر) أبو علي اللمتوني، الصنهاجي، الأمير. سمع بقرطبة من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر بن العاص. وبمرسية من: أبي علي بن سكّرة. وكان من رؤساء لمتونة وأمرائهم، موصوفاً بالذكاء، عارفاً بالحديث والآثار. جمع من الكتب النفيسة ما لم يجمعه أحد. وكان متولياً على بلنسية ليحيى بن علي بن غانية أيام كونه بها نحواً من أحد عشر عاماً. وعاش ستين سنة. وهو فخر صنهاجة ما لهم مثله. قاله الأبّار. 4 (موسى بن الخليفة المقتدي عبد الله بن محمد) العباسي، أخو المستظهر بالله. ولد في سنة اثنتين وسبعين. وعاش خمساً وسبعين سنة. توفي في ذي القعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 291 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن سعد بن طاهر) أبو الفوارس الطبري، الفقيه، سِبط الإمام أبي المحاسن الروياني.) قال ابن السمعاني: هو شيخ من أهل آمُل طبرستان، له معرفة بالمذهب، حافظ لكتاب الله، كثير التلاوة، دائم الذكر، سريعة الدمعة، كان رئيس آمُل، ثم درّس بالنظامية بآمل. وأملى الحديث. كتبتُ عنه بآمُل. وقال لي: ولدت سنة سبعين وأربعمائة. سمع من: جده أبي المحاسن، وطاهر بن عبد الله الخوزي، الصوفي، وأبي علي الحداد، وأبي سعد المطرِّز. ، سمعته يقول: سمعت جدي أبا المحاسن عبد الواحد يقول: الشهرة آفة، وكل يتحراها، والخمول راحة، وكلٌ يتوقاها. 4 (حرف الياء)

4 (يعقوب البغدادي) الكاتب. كان غاية في حُسن الخط وجودته. توفي في جمادى الآخرة، قاله ابن الجوزي. 4 (يوسف بن إبراهيم بن مرزوق) أبو يعقوب المقدسي، الفهيبي، من قرية بيت جيزين. كان فقيهاً، ورعاً، عابداً، صالحاً. قدِم بغداد في سنة ستّ عشرة وخمسمائة. ودخل مرو فسكنها الى أن مات بها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 292 وسمع بنيسابور: سهل بن إبراهيم المسجدي، وجماعة. وبمرو: محمد بن علي بن محمود الكراعي. قال ابن السمعاني: سمع معنا بمرو شُعَب الإيمان للبيهقي على زاهر الشحّامي. وكان نعم الصديق. ولد في حدود التسعين وأربعمائة. ولم أسمع منه. وثنا أبو القاسم الدمشقي بها: حدّثني يوسف بن إبراهيم بن مرزوق لفظاً، أنبا محمد بن علي بقرية زولاب، أنا جدي أبو غانم. وأخبرناه عالياً أبو منصور محمد المذكور، أنا جدي، أنا أبو العباس النضري، ثنا الحارث، ثنا) روح بن عُبادة، ثنا ابن جُريج، فذكر حديثاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 293 4 (وفيات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي سهل بن محمد بن يزداد) أبو عبد الله القايني، الفارسي، الصوفي. من أهل هَراة صالح، كثير العبادة. سمع: أبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الماليني. ولد سنة ستين وأربعمائة. وتوفي في هذا العام، أو بعده. 4 (أحمد بن العباس بن أحمد) الشقّاني، النيسابوري. شيخ صالح. سمع: عثمان المحمي، وأبا بكر بن خلف. وحدّث. 4 (أحمد بن عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 294 أبو المظفّر بن النرسي. ولي حسبة بغداد، ثم ولي قضاء باب الأزج معها. وحدّث عن: الحسين بن البُسري. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر. توفي في جمادى الأولى، وله سنة. 4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد) الخطيب البنجديهي. سمع: أبا سعيد الدباس. كتب عنه: السمعاني. 4 (أحمد بن أبي غالب بن أحمد بن عبد الله بن محمد) ) أبو العباس ابن الطلاية البغدادي، الورّاق، الزاهد. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وقرأ القرآن، وروى اليسير من الحديث. قال ابن السمعاني: شيخ كبير، أفنى عمره في العبادة، وقيام الليل والصوم على الدوام. ولعله ما طرف ساعةً من عمره إلا في عبادة، رضي الله عنه. وانحنى حتى بقي لا يتبيّن قيامُه من ركوعه إلا بيسير. وكان حافظاً مرات في مسجده بالعتّابيين. وسألته: هل سمعت شيئاً؟

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 295 فقال: سمعت من أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي. قال ابن السمعاني: وما ظفرنا بسماعه، لكن قرأتُ عليه الردَّ على الجهمية لأبي عبد الله نفطويه، سمعه من شيخ متأخر يقال له أبو العباس بن قريش، وحضر سماعه معنا شيخنا أبو القاسم بن السمرقندي. وقال ابن المظفّر بن الجوزي: سمعت مشايخ الحربية يحكون عن آبائهم وأجدادهم أن السلطان مسعود لما دخل بغداد، كان يحب زيارة العلماء والصالحين، فالتمس حضور ابن الطلاية إليه، فقال لرسوله: أنا منذ سنين في هذا المسجد أنتظر داعي الله في النهار خمس مرات. فعاد الرسول، فقال السلطان: أنا أولى بالمشي إليه. فزاره من الغد، فرآه يصلي الضحى، وكان يصليها بثمانية أجزاء، فصلى معه بعضها. فقال له الخادم: السلطان قائم على رأسك. فقال: وأين مسعود قال: هاأنا. قال: يا مسعود إعدل، وادعُ لي. الله أكبر. ثم دخل في الصلاة. فبكى السلطان، ورقم بخطه بإزالة المكوس والضرائب، وتاب توبة صادقة. قلت: روى عنه الجزء الذي قال إنه سمعه من عبد العزيز الأنماطي، وهو التاسع من المخلصيات تخريج ابن البقّال، جماعة. وظهر سماعه له بأجرة خلق منهم: يونس بن يحيى الهاشمي، وأحمد بن الحسن بن هلال بن العربي، وشجاع بن سالم البيطار، ومحمد بن علي بن البلّ الدوري، وسعيد بن المبارك بن كمونة، وعبيد الله بن أحمد المنصوري، وعمر بن طبرزد، وأحمد ابن سلمان بن الأصفر، وبزغش عتيق ابن حمدي، وريحان بن تيكان الضرير،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 296 ومظفّر بن أبي يعلى بن جحشويه، وعبد الرحمن بن أبي سعد بن نُميرة، وعبد الله بن محاسن بن أبي) شريك، وعبد الخالق بن عبد الرحمن الصياد، وعبد السلام بن المبارك البردغولي، وأحمد بن يوسف بن صرْما. وآخر من روى عنه: المبارك بن علي بن أبي الجود، شيخ الأبرقوهي. توفي في حادي عشر رمضان. وكان له يومٌ مشهود مثل يوم أبي الحسن بن القزويني الزاهد. وحُمل على الرؤوس، ودُفن الى جانب أبي الحسين بن سمعون. ولم يخلف بعده مثله في زهده وعبادته. 4 (أحمد بن أبي المختار) أبو العباس بن جبر. من أولاد أمراء البطائح. وله شعر فائق. قدِم بغداد، ومدح المستظهر، والمسترشد. مات في شعبان. 4 (أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 297

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 298 أبو الحسين الأطرابلسي، الشاعر، المشهور بالرّفّاء. صاحب الديوان المعروف. ولد بأطرابلس سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة. وكان أبوه ينشد في أسواق طرابلس، ويعني. فنشأ أبو الحسين، وتعلم القرآن، والنحو واللغة. وقال الشعر الفائق، وكان يلقَّب مهذَّب الدين، ويقال له: عين الزمان. قال ابن عساكر: سكن دمشق، ورأيته غير مرة. وكان رافضياً خبيثاً، خبيث الهجو والفحش، فلما كثُر ذلك منه سجنه الملك بوري بن طُغتكين مدة، وعزم على قطع لسانه، فاستوهبه يوسف بن فيروز الحاجب، فوهبه له ونفاه، فخرج الى البلاد الشمالية. وقال غيره: فلما ولي ابنه اسماعيل بن بوري عاد الى دمشق، ثم تغيّر عليه لشيء بلغه عنه، فطلبه وأراد صلبه، فهرب واختفى في مسجد الوزير أياماً، ثم لحق بحماه، وتنقل الى شيزر، وحلب. ثم قدِم دمشق في صحبة السلطان نور الدين محمود، ثم رجع مع العسكر الى حلب، فمات بها. وقال العماد الكاتب: كان شاعراً، مجيداً، مكثراً، هجّاءً، معارضاً

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 299 للقيسراني في زمانه، وهما كفرسي رهان، وجوادَي ميدان. وكان القيسراني سنياً متورعاً، وابن منير غالياً متشيعاً. وكان) مقيماً بدمشق الى أن أحفظ أكابرها، وكدّر بهجوه مواردها ومصادرها، فأوى الى شيزر، وأقام بها. وروسل مِراراً في العود الى دمشق، فأبى، وكتب رسائل في ذم أهلها. واتصل في آخر عمره بخدمة نور الدين، ووافى الى دمشق رسولاً من جانبه قبل استيلائه عليها. ومن شعره: (أحلى الهوى ما تُحلّه التُهمُ .......... باح به العاشقون أو كتموا)

(ومُعرضُ صرّح الوشاةُ له .......... فعلّموه قتلي وما علموا)

(يا ربّ خُذ لي من الوشاة إذا .......... قاموا وقُمنا إليك نحتكمُ)

(سعوا بنا لا سعَت بهم قدمٌ .......... فلا لنا اصطلحوا ولا لهمُ) وله: (ويلي من المُعرض الغضبان إذ نقل ال .......... واشي إليه حديثاً كله زور)

(سلّمتُ فازورّ يزوي قوسَ حاجبه .......... كأنني كأس خمرٍ وهو مخمور) وشعره سائر. وتوفي سنة ثمان، وقيل: سنة سبع. لا، بل في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 300 4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الداوتي) أبو إسحاق الإصبهاني. سمع: أبا منصور بن شكرويه، وأبا عبد الله الثقفي، ورزق الله التميمي. من شيوخ السمعاني. 4 (أسعد بن أحمد بن يوسف) الإمام، الخطيب، أبو الغنائم اليامنجي، الخراساني. توفي في المحرم، أو في صفر. وروى عن: عمر بن أحمد بن محمد بن الخليل البغوي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (حرف الباء)

4 (بِهرام شاه ابن الملك مسعود بن إبراهيم بن محمود بن سُبُكتكين) ) سلطان غزنة. قال ابن الأثير: مات في رجب من هذه السنة. وقام بالمُلك بعده ولده نظام الدين خُسروشاه. وكانت ولاية بِهرام شاه ستاً وثلاثين سنة. وكان عادلاً، حسن السيرة، محباً للعلماء، جامعاً للكتب، تُقرأ بين يديه، ويفهم، ويدري. 4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن أبي طالب أحمد بن محمد بن عوانة)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 301 أبو الفخر القايني، الشافعي. قاضي غورج، وهي قرية كبيرة على باب هَراة. سمع جزءاً من حديث عليّ بن الجَعد، من أبي صاعد يَعلى بن هبة الله الفُضَيلي. وسمع من شيخ الإسلام أبي إسماعيل. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وقال: كان مولده في صفر سنة. وتوفي بغورج في أثناء هذا العام. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن علي بن الحسن بن محمد) أبو علي البخاري، ثم المروزي، القطّان، الطبيب. كان فاضلاً، عالماً بالطب، واللغة، والآداب وعلوم الفلاسفة ومذاهبهم، ويميل إليهم. وكان يجلس في دكان، ويطيّب، ويؤذي الناس ويشتمهم. وكان سمع الحديث على بر سنه، وقد جلس ليسمع فضائل القرآن من أبي القاسم عبد الله بن علي الطريثيثي. وروى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. قُتل بمرو في وقعة الغزّ في وسط رجب، وله ثلاث وثمانون سنة. 4 (الحسين بن محمد بن أحمد) أبو علي السنجبستي، النيسابوري. فقيه، صالح، معمّر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 302 وفد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. سمع: أبا بكر بن خلف.) وسمع ببوشنج خمسة أجزاء من عبد الرحمن بن محمد كلار صاحب ابن أبي شُريح. وتوفي في غرة ربيع الأول. روى عنه: المؤيّد الطوسي، وعبد الرحيم السمعاني. 4 (الحسن بن محمد بن أبي جعفر) القاضي، أبو المعالي البلخي، الشافعي، تلميذ محيي السنة البغوي. روى عنه أبو سعد السمعاني، وأثنى عليه في سيرته وأحكامه، وقال: مات رحمه الله في رمضان بالدزق العليا من أعمال مرو. 4 (حَمدين بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين) الثعلبي، القُرطبي، أبو جعفر، قاضي الجماعة بقرطبة. سمع: أباه. وولي القضاء سنة تسع وعشرين بعد مقتل أبي عبد الله بن الحاجّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 303 وكان من بيت حشمة وجلالة. صارت إليه الرئاسة عند اختلال أمر الملثّمين، وقيان ابن قسيّ عليهم بغرب الأندلس، وهو حينئذ على قضاء قرطبة، ودُعي له بالإمارة في رمضان سنة تسع وثلاثين، وتسمى بأمير المسلمين المنصور بالله، ودُعي له على أكثر منابر الأندلس. ويقال إن مدة دولته كانت أربعة وعشرين يوماً، وتعاورته المِحَن، فخرج الى العُدْوة، في قصص طويلة. ثم قفل، وترك مالقة، الى أن توفي في هذا العام. وأما ابن قسيّ، فإنه خرج بغرب الأندلس، واسمه أحمد، وكان في أول أمره يدّعي الولاية. وكان ذا حيل وشعبذة، ومعرفة بالبلاغة، وقام بحصين مارتلة. ثم اختلف عليه أصحابه، ودسّوا عليه من أخرجه من الحصن بحيلة، حتى أسلموه الى الموحدين، فأتوا به عبد المؤمن، فقال له: بلغني عنك أنك دعيت الى الهداية. فكان من جوابه أن قال: أليس الفجر فجرين، كاذب وصادق فأنا كنت الفجر الكاذب. فضحك عبد المؤمن وعفا عنه، ولم يزل بحضرته الى أن قتله صاحبٌ له. 4 (حيدرة بن المفرّج بن الحسن) الوزير زَين الدولة ابن الصوفي، أخو الرئيس الوزير مُسيَّب. لم يزل الى أن عمل على أخيه وقلعه من وزارة صاحب دمشق مُجير الدين، وولي في منصبه،) فأساء السيرة، وظلم، وعسف، وارتشى، ومُقِت في العام الماضي والآن. وبلغ ذلك مجير الدين، فطلبه الى القلعة على العادة، فعدل به الجُندارية الى الحمّام وذُبح صبراً، ونُصب رأسه على حافة الخندق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 304 4 (حرف الخاء)

4 (خاصّ بَك التُركماني) صبي نفق على السلطان مسعود وأحبه، وقدّمه على جميع الأمراء. وعظُم شأنه، وصار له من الأموال ما لا يُحصى، فلما مات مسعود خطب لملكشاه، وقال له: إني أريد أن أقبض عليك، وأنفِذ الى أخيك محمد، فأخبره بذلك ليأتي فنسلّمه إليك، وتحوز المُلك. فقال: افعل. فقبض عليه، ونفّذ الى أخيه الى خوزستان بأني قد قبضت على أخيك، فتعال حتى أخطب لك، وأسلّم إليك السلطنة. فعرف محمد خُبثه، فجاء الى همذان، وجاء الناس إليه يخاطبونه في أشياء، فقال: ما لكم معي كلام، وإنما خطابكم مع خاصّ بَك فمهما أشار به فهو الوالد والصاحب، والكل تحت أمره. فوصل هذا القول الى خاصبك فاطمأن. فلما التقيا خدمه خاص بَك، وقدّم لها تُحفاً وأموالاً، فأخذ الكل، وقتل خاصبك. قال أبو الفرج بن الجوزي: ووجد له تركة عظيمة، من جملتها خمسون ألف ثوب أطلس. وقُتل في هذا العام. 4 (حرف الراء)

4 (رُجّار) ملك الفرنج المتغلّب على صقلية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 305 ملك عشرين سنة، وعاش ثمانين سنة، وهلك بالخوانيق في أوائل ذي القعدة. وكان في أول هذا العام قد جهّزا أصطولاً الى مدينة بونة، وقدّم عليها مملوكه فيليب المهدودي، فحاصرها، واستعان بالعرب، فأخذها في رجب، وسبى أهلها، غير أنه أغضى عن طائفة من العلماء والصالحين، وتلطّف في أشياء. فلما رجع الى صقلية قبض عليه رُجّار لذلك. ويقال إن فيليب كان هو وجميع خواصّه مسلمين في الباطن، فشهدوا عليه أنه لا يصوم مع الملك، فجمع له الأساقفة والقسوس، وأحرقه في رمضان، فلم يُمهَل بعده. وتملّك بعده ابنه غُليالم، فاحتلّت) دولتهم في زمانه. 4 (حرف الزاي)

4 (زياد بن علي بن الموفّق بن زياد) الرئيس، أبو الفضل الزيادي، الهروي، الحنفي. كان خيّراً، صالحاً. قيل إنه ما فاته الصلاة في جامع هَراة نحواً من أربعين سنة. سمع: أبا عطاء بن المَليحي. وبإصبهان: أبا الفتح الحدّاد، وغيره. ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وتوفي رحمه الله في جمادى الآخرة. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 306 4 (حرف السين)

4 (سعيد بن محمد بن طاهر بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد بن أبي الخير) أبو طاهر الميهني، الصوفي. نزيل مرو. شيخ رباط يعقوب. سمع من: أبي الفتح، وعُبيد الله الهشامي. قال عبد الرحيم السمعاني: سمعتُ بمرو جزءاً من حديث أبي الموجّه الفزراي. وعوقب في وقعة الغُزّ، وبقي عليلاً الى أن مات في ثامن شعبان. وله سبع وستون سنة. 4 (حرف الظاء) ظريفة بنت أبي الحسن بن أبي القاسم أم محمد الطبرية، من أهل طربستان. كانت عالمة، صالحة، عفيفة. سكنت بلخ. وروت عن: أبي المحاسن عبد الواحد الروياني. توفي في سلخ ربيع الآخر. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن سعيد) ) أبو محمد بن أبي بكر الأندلسي، الشلبي المولد، الإشبيلي المنشأ. من بيت العلم والوزارة. قال ابن السمعاني: صرف عُمره في طلب حتى حصل له ما لم يحصل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 307 لغيره. وولي القضاء بالأندلس مدة. ثم حجّ، وجاور سنة، وقدم بغداد فأقام بها، ثم وافى خراسان. واجتمعتُ به بهَراة، فوجدته بحراً لا يُنزف في العلوم من الحديث، والفقه، والنحو، وغير ذلك. وسمعتُ بقراءته، وسمع بقراءتي. ثم قدم علينا مرو، وكثُرت الفوائد منه. سمع بالأندلس: الحسن بن عمر الهوزني، وأبا بحر بن العاص، وأبا الوليد محمد بن ظريف القرطبي. وببغداد: هبة الله بن الطّبر، ويحيى بن البنّاء، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري. وبهمذان: أنا جعفر الحافظ. وبنيسابور: أبا القاسم الشحّامي، وجماعة كثيرة. قال الأبّار: وسمع وروى بالإجازة عن: أبي عبد الله الخولاني، وولي قضاء شِلب. وكان من أهل العلم بالأصول، والفروع، والحفظ للحديث والعربية، مع الزهد والخير. وامتُحن بالأمراء في قضاء بلده بعد أن تقلّده تسعة أعوام، لإقامته الحق، وإظهاره العدل، حتى أدى ذلك الى اعتقاله. ثم سرح وحج سنة سبع وعشرين، ودخل العراق، وخراسان. وطار ذكره في هذه البلاد، وعظُم شأنه. قال ابن السمعاني: قال لي مولده في سنة أربع وثمانين وأربعمائة. قال: وتوفي في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان وأربعين بهراة. قلت: وقيّد أبو عبد الله الأبّار وفاته في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين، وهو وهْم. وقد روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 308 وقال عبد الرحيم: هو عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن سعيد بن سليمان بن محمد بن أبي حبيب الأنصاري، الخزرجي. 4 (عبد الله بن يوسف بن أيوب بن القاسم) أبو محمد القرشي، الفِهري، الشاطبي. شيخ، مسند كبير. أجاز له في سنة سبعين وأربعمائة أبو العباس بن دِلهاث العذري. وسمع الموطّأ من: طاهر بن مفوّز.) وسمع من: أبيه، وأبي علي بن سكّرة. حدّث عنه: ابنه، وأبو الحجاج صاحب الأحكام. وتوفي رحمه الله يوم عاشوراً المحرّم بدانية. 4 (عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف) المفيد، أبو الفرج البغدادي. شيخ، محدّث، فاضل، حسن الخط، كثير الضّبط، خيّر، متواضع، متودد، محتاط في قراءة الحديث. سمع الكثير، وكتب، وحصّل لنفسه. وصفه بهذا وبأكثر منه أبو سعد السمعاني. وقال السلفي: كان من أعيان المسلمين فضلاً، وديناً، ومروءة، وثَبتاً. سمع معي كثيراً، وبه كان أُنسي ببغداد، ولما حججت أودعت كتبي عنده. وقال السمعاني: سمع أباه، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وأبا عبد الله النعالي، ونصر بن البطر، فمن بعدهم. وسمع بالأهواز، وإصبهان، وسمعتُ منه الكثير، وقال لي: ولدت سنة أربع وستين وأربعمائة. قلت:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 309 روى عنه: السلفي، وابن السمعاني، وابن الجوزي، وأبو اليُمن الكندي، وأبو بكر عبد الله بن مبادر، وعبد الوهّاب بن علي بن الأخوّة، وعبد السلام بن المبارك البردغولي. وتوفي في الرابع والعشرين من المحرم. 4 (عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الله) أبو القاسم الفارسي، ثم البغدادي. شيخ صالح، حسن السيرة. قال ابن السمعاني: صحب أبا الوفاء أحمد بن علي الفيروزاباذي مدة طويلة، وسافر معه الى الشام. وسمع من: علي بن أحمد بن يوسف الهكّاري. توفي في ذي القعدة. 4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن) العلامة أبو محمد النيهي، المروروزي، شيخ الشافعية، وتلميذ محيي السنّة البغوي.) سمع: البغوي، وعبد الله بن الحسن الطّبسي، وعبد الرزاق بن حسان المنيعي، ومحمد بن عبد الواحد الدقّاق، وعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 310 وتخرّج به أئمة بمرو الروذ. وأخذ عنه السمعاني وقال: مات رحمه الله في شعبان. 4 (عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن أبي معشر) أبو القاسم الغزنوي، ثم المروزي. سمع من: القاضي أبي نصر محمد بن محمد الماهاني، وطبقته بإفادة أبي بكر محمد بن منصور السمعاني. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. ومات، بعد أن عاقبته الغُزّ بأنواع العقوبات، في شوال. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن جبريل) الفقيه، أبو نصر الخطيبي، الخرجوردي. سكن بمرو، وتفقّه مدة بنيسابور، وهَراة، ومرو، وبرع في الفقه. وكان يحفظ كثيراً من النُتف والطُّرف. وكان صالحاً، عفيفاً، متعبداً. سمع من: أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، والفضل بن محمد الأبيورذي وخرّج لنفسه جزءين عن جماعة. وروى عنه عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: أحرقه الغزّ في رجب. وكان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 311 في المنارة، فأحرقوا المنارة، فاحترق فيها جماعة. 4 (عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم ابن الأخوّة) البغدادي، اللؤلؤي، أبو الفضل بن أبي العباس، وأخو عبد الرحمن. نزل بإصبهان وسكنها. قال ابن السمعاني: شيخ فاضل، يعرف الأدب، وله شعر رقيق، صحيح القراءة والنقل. قرأ كثيراً بنفسه، ونسخ بخطّه ما لا يدخل تحت الحد، مليح الخط، سريعه. سافر الى خراسان، وسمع بها. وسمّعه خاله أبو الحسن بن الزاغوني الفقيه من: أبي عبد الله) النّعالي، ونصر بن البطر، ومن دونهما. وكتب إلي جزءاً بخطه بإصبهان. وسمعتُ منه. سمعتُ يحيى بن عبد الملك المكي، وكان شاباً صالحاً، يقول: أفسد عليّ عبد الرحيم ابن الخوّة سماع معجم الطبراني. حضرت دار بعض الأكابر، وكان يقرأ فيها المعجم الكبير على فاطمة الجوزدانية، وكان يقرأ في ساعة جزءاً أو جزءين، حتى قلت في نفسي: لعله يقلب ورقتين. فقعدت يوماً قريباً منه، وكنت أسارقه النظر، فعمل كما وقع لي من ترك حديث وحديثين، وتصفّح ورقتين، فأحضرت معي نسخة، وقعدت أعارض، فما قرأ في ذلك المجلس إلا شيئاً يسيراً، وظهر ذلك للحاضرين، وثقُل عليه ما فعلت، فانقطعتُ وتركت سماع الكتاب، أو كما قال. وأنا فما رأيت منه إلا الخير. وسمعتُ بقراءتي جزءاً، وسمع ولده بقراءتي الكثير، والله أعلم. وتوفي بشيراز في شعبان. قال ابن النجار: ورحل، وسمع من عبد الغفار الشيرويي، وعدة. وأكثر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 312 عن أبي علي الحداد فمن بعده. وكتب ما لا يدخل تحت الحد، وكان مليح الخط، سريع القراءة. رأيت بخطه كتاب التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي، فذكر في آخره أنه كتبه في يوم واحد. وكانت له معرفة بالحديث والأدب. وكان مولده في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. 4 (عبد العزيز بن بدر) أبو القاسم القصري، قصر كنكور. سمع: أبا غالب أحمد بن محمد الهمذاني، ومحمد بن نصر الأعمش. مات في المحرّم في عشر الثمانين. روى عنه: أبو سعد السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 313 4 (عبد المغيث بن محمد بن أحمد بن المطهِّر) أبو تميم العبدي، الخطيب، الصالح، الإصبهاني. سمع: حمد بن ولكيز، والمطهّر البزّاني. قال السمعاني: مات في صفر عن أربع وثمانين سنة. 4 (عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل بن القاسم بن أبي منصور بن ماح) ) أبو الفتح الكروخي، الهروي. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، ديّن، خيّر، حسن السيرة، صدوق، ثقة. قرأت عليه جامع الترمذي، وقُرئ عليه عدة نوَب ببغداد وكتبَ نسخةً بخطه ووقفها. وسمع: أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وأبا عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبا نصر الترياقي، وأبا بكر الغورجي، وأبا المظفّر عبيد الله الدهّان، وأبا عطاء، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 314 ووجدوا سماعه في أصول المؤتَمن الساجي، وأبي محمد بن السمرقندي، وغيرهما. وكنت أقرأ عليه جامع أبي عيسى، فمرض، فنفذ له بعض من كان يحضر معنا السماع شيئاً من الذهب، فما قبل، وقال: بعد السبعين واقتراب الأجل آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً وردّه مع الاحتياج إليه. ثم انتقل في آخر عمره الى مكة، وجاور بها حتى توفي. وكان ينسخ الترمذي بالأجرة ويأكل منها. وقال لي: ولدت في ربيع الأول سنة اثنتين وستين وأربعمائة بهراة. وكروخ: على عشرة فراسخ من هَراة. وقال الحافظ ابن نقطة: كان صوفياً، وحدّث بالجامع عن أبي عامر الأزدي، وأحمد بن عبد الصمد التاجر، وعبد العزيز بن محمد الترياقي، سوى الجزء الأخير ليس عند الترياقي، وأول الجزء: مناقب ابن عباس. وقد سمع الجزء المذكور من أبي المظفر عبيد الله بن علي الدهان. قالوا: أنا عبد الجبار الجراحي، عن المحبوبي، عن الترمذي. وقد سمع من: أبي عبد الله محمد بن علي العميري، وشيخ الإسلام، وحكيم بن أحمد الإسفراييني. وثنا عنه: أبو أحمد عبد الوهّاب بن سُكينة، وعمر بن طبرزد، وأبو بكر المبارك بن صدقة الباخرزي، وعبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن علي الغزنوي، وعلي بن أبي الكرم المكي ابن البنّاء خاتمة أصحابه. وهؤلاء الجماعة سمعوا منه كتاب الجامع لأبي عيسى. وقال الحافظ يوسف بن أحمد البغدادي: هو من جملة من لحقته بركةُ شيخ الإسلام. ولازم الفقر والورع الى أن توفي بمكة في خامس وعشرين ذي الحجة، بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 315 قلت: كذا ورّخ ابن السمعاني، وغيره.) وقد روى عنه خلق من المغاربة والمشارقة، منهم: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفرج بن الجوزي، والخطيب عبد الملك بن ياسين الدولعي، وأبو اليُمن الكندي، وأبو القاسم بن المعز بن عبد الله الهروي الأنصاري، وعبد السلام بن مكي القيّاري، والمبارك بن صدقة الباخرزي، وزاهر بن رستم، وعبد الملك بن المبارك الحريمي، ومحمد بن معالي ابن الحلاوي الفقيه، وأحمد بن يحيى بن الدبيقي، وثابت بن مشرّف البنّاء. 4 (عبد الملك بن عبد الله بن عمر بن محمد) الشريف العمري، من ذريّة سالم بن عبد الله بن عمر الهروي. سكن أرجاه واستوطنها، وهي من ناحية خابران. قال ابن السمعاني: كان شريفاً، فاضلاً، عالماً، متواضعاً، حسن السيرة. قدم علينا مرو قبل وقعة الغزّ. وكان بمرو حين الوقعة، وعذّبوه بأنواع العقوبة. وتوفي في شعبان، وولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وسمع: محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (عبد الواحد بن محمد بن عبد الجبار بن عبد الواحد) الإمام أبو محمد التوثي، المروزي. وتوث: من قرى مرو. كان فقيهاً، مسناً، صحب أبا المظفّر السمعاني، وتفقّه عليه مدة. قال عبد الرحيم بن السمعاني: عمّر العمر الطويل حتى قارب المائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 316 سمع: محمد بن الحسن المهربندقساني، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وجدي الأعلى أبا المظفّر شيخه. وحملني والدي إليه الى قريته لأسمع منه، فسمعت منه. وهلك في وقعة الغزّ في خامس شعبان. وكان مولده في حدود سنة خمسين وأربعمائة. 4 (عبد الوهاب بن عبد الباقي بن مدلل) أبو الفرج البغدادي، الغزّال. سمع من: طراد وأبي طاهر بن سوار.) روى عنه: أبو سعد السمعاني. 4 (عتيق بن نصر بن منصور) الطبيب، الأستاذ، موفق الدين، أبو نصر ابن العين زربي. اشتغل بالطب، والفلسفة ببغداد، ومهر فيها وفي التنجيم، ثم سكن مصر، وخدم الخلفاء الباطنية. ونال دنيا واسعة، وصنّف كتباً كثيرة في الطب، والمنطق، والدّيات. وتخرج به جماعة. وكان في صباه منجّماً. وقرأ مع ذلك العربية، وكتب الخط المليح. توفي في هذه السنة. 4 (علي بن أحمد بن محمد بن المقرئ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 317 أبو الحسن البغدادي، الخيّاط، أخو أبي نصر محمد. سمع من: طِراد والنعالي. وعنه: يوسف بن كامل. مات سنة ثمان في ذي القعدة. 4 (علي بن الحسن بن محمد) أبو الحسن البلخي، الحنفي، الفقيه. سمع بما وراء النهر، وسمع بمكة من زين العبدري، وتفقّه على جماعة. ووعظ بدمشق، ثم درّس بالصادرية وتفقّه عليه جماعة. وجعلت له دار الأمير طرخان مدرسة، وقامت عليه الحنابلة لأنه أظهر خلافهم، وتكلم فيهم. ورزق وجاهةً من الناس. وكان كثير التبذّل، لا يدّخر شيئاً. وتوفي في شعبان بدمشق. وإليه تُنسب المدرسة البلخية التي داخل المدرسة الصادرية. وكان يلقّب برهان الدين. وكان معظّماً في الدولة. ودرّس أيضاً بمسجد خاتون، وأقبلت عليه الدنيا، فما التفت إليها. قيل إن نور الدين حضر مجلس وعظه بالجامع، فناداه: يا محمود. وهو الذي قام بإبطال حيّ على خير العمل من الأذان بحلب. وقد أخذ جلّ علمه ببخارى عن البرهان بن مازة. وقدم دمشق، ونزل بالصادرية، ومدرّسها علي بن مكي الكاساني، وناظر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 318 في الخلافيات. ثم حج) وجاور، وأمّ بمكة. ثم إن الكاساني قال لأصحابه: كاتبوه ورغّبوه في الرجوع. ثم إنه قدم دمشق وتسلّم المدرسة، وكثُر أصحابه. ووجه من أحضر كتبه من خراسان. قال ابن السمعاني: روى عن أبي المعين المكحولي، وأبي بكر محمد بن الحسن النّسفي. كتبت عنه. 4 (علي بن الحسن بن محمد) أبو الحسن الطوسي، الطابراني، الصوفي، المقرئ. كان عارفاً بالقراءات. سمع من: أحمد بن عبد الجبار النيسابوري، وغيره. روى عنه: حفيده المؤيّد بن محمد الطوسي، وهو ضبط موته. 4 (علي بن السّلار)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 319 الوزير أبو الحسن الكردي، العبدي، الملقّب بالملك العادل سيف الدين، وزير الخليفة الظافر العبيدي، صاحب مصر. كان كردياً، زرزارياً فيما قيل، وتربى في القصر بالقاهرة. وتنقلت به الأحوال في الولايات بالصعيد وغيره الى أن ولّي الوزارة في رجب سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. وقد كان الظافر استوزر نجم الدين سليم بن مصّال في أول دولته، وكان ابن مصّال من كبار أمراء دولته، ثم تغلب عليه ابن السلار، فعدى ابن مصال الى الجيزة في سنة أربع وأربعين، عندما سمع بقدوم ابن السلار من ولاية الاسكندرية طالباً الوزارة ليأخذها بالقهر. فدخل ابن السلار القاهرة، وغلب على الأمور، وتولى تدبير المملكة. ونُعت بالعادل أمير الجيوش. فحشر ابن مصّال وجمع عسكراً من المغاربة وغيرهم، وأقبل، فجرّد ابن السلار لحربه جيشاً، فالتقوا، فكُسر ابن مصّال بدلاص من الوجه القبلي، وقُتل، وأُخذ رأسه ودُخل به القاهرة على رُمح في ذي القعدة من السنة. وكان ابن السّلار شهماً، شجاعاً، مِقداماً، مائلاً الى أرباب العلم والصلاح، سنياً، شافعياً. ولي ثغر الاسكندرية مدة، واحتفل بأمر أبي طاهر السلفي، وزاد في إكرامه وبنى له المدرسة العادلية، وجعله مدرسها، وليس بالثّغر مدرسة للشافعية سواها، إلا أنه كان جباراً، ظالماً، ذا سطوة، يأخذ بالصغائر والمحقّرات. فمما نقل ابن خلّكان في ترجمته عنه لما كان جندياً دخل) على الموفّق بن معصوم التنيسي متولي الديوان، فشكى له غرامة لزمته في ولايته بالغربية، فقال: إن كلامك ما يدخل في أذني. فحقدها عليه. فلما وزر اختفى الموفّق، فنودي في البلد: إن من أخفاه فدمه هدر. فأخرجه الذي خبأه، فخرج في زي امرأة، فعُرف، وأُخذ، فأمر العادل بإحضار لوح خشب، ومسمار طويل، وعُمل اللوح تحت أذنه، وضُرب المسمار في الأذن الأخرى حتى تسمّر في اللوح، وصار كلما صرخ يقول له: دخل كلامي في أذنك أم لا؟

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 320 وكان قد وصل من إفريقية أبو الفضل عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس الصنهاجي، وهو صبي مع أمه، فتزوج بها العادل قبل الوزارة، وأقامت عنده مدة، وتزوج عباس، وجاءه ولد، فسماه نصراً، فأحبه العادل، وعزّ عنده. ثم إن العادل جهّز عباساً الى الشام بسبب الجهاد، وفي صحبته أسامة بن منقذ، فلما قدِم بتلبيس تذاكر هو وأسامة طيب الديار المصرية، وكرها البيكار والقتال، وأشار عليه أسامة، على ما قيل، بقتل العادل، وأن يستقلّ هو بالوزارة، وتقرر الأمر بينهما أن ولده نصراً يباشر قتل العادل إذا نام. وحاصل الأمر أن نصراً قتل العادل على فراشه في سادس المحرم بالقاهرة. ونصر المذكور هو الذي قتل الخليفة الظافر إسماعيل بن الحافظ أيضاً في العام الآتي. 4 (علي بن معضاد) الدمشقي، الدبّاغ، المقرئ بالألحان، الطفيلي. روى عن: أبي عبد الله بن أبي الحديد. روى عنه: ابن عساكر، وابنه قاسم. 4 (عمر بن علي بن الحسين) أبو حفص البلخي، الأديب. ويُعرف بأديب شيخ، ويلقب أيضاً بالشيخي. سمع: أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، ومحمد بن حسين السمنجاني. قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه الشمائل للترمذي ببلخ. مات في جمادى الأولى سنة 8.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 321 4 (حرف الفاء)

4 (أبو الفتوح ابن الصّلاح) الفيلسوف. ورّخ موته فيها أبو يَعلى حمزة في تاريخه وقال: كان غاية في الذكاء وصفاء) الحس، والنفاذ في العلوم الرياضية الطب، والهندسة، والمنطق، والحساب، والنجوم، والفقه، والتواريخ، والآداب، بحيث وقع الإجماع عليه بأنه لم يُر مثله في جميع العلوم. وكان لا يقبل من الولاة صلة. قدم دمشق في أوائل العام من بغداد، ومات. 4 (الفضل بن سهل بن بِشر بن أحمد) الإسفرائيني، الدمشقي، أبو المعالي بن أبي الفتوح، ويُعرف بالأثير الحلبي. ولد بمصر ونشأ ببيت المقدس. وسافر الى العراق، وخُراسان تاجراً. وله شِعر وسط.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 322 سمع بدمشق: أباه، وأبا القاسم بن أبي العلاء المصّيصي. وأجاز له أبو بكر الخطيب الحافظ، وأقام بحلب مدة فنسب إليها، ووعظ بها. وكان مليح الخط. وداخل الشيخ أبا الفتح الإسفرائيني، وزعم أن بينه وبينه قرابة. وكان قد سمع من أبيه كتاب السنن الكبير للنسائي، القدر الذي سمعه أبوه بمصر. وحدّث بأكثر تاريخ بغداد ومكة عن الخطيب إجازة. قال السمعاني: سمعتهم يتهمونه بالكذب في حكاياته، وسماعه صحيح. قلت: روى عنه ابن السمعاني، والحافظ ابن عساكر، وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة: أبو الحسن بن المقبّر. توفي في رجب ببغداد. 4 (حرف اللام)

4 (الليث بن أحمد بن أبي الفضل) أبو الفضل البغوي. وقيل: اسمه صالح. شيخ من أهل القرآن والعبادة. سمع جامع الترمذي من أبي سعيد محمد بن علي بن أبي صالح. روى عنه: السمعاني، وقال: عُدم في إغارة الغزّ وهو في عشر التسعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 323 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن علي بن مجاهد) أبو سعد الخُسروشاهي، المروزي. تفقّه على الإمام أبي المظفّر السمعاني، والفقيه محمد بن عبد الرزاق الماخوائي. وكان شيخاً،) صالحاً، سليم الجانب. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: مات بعد وقعة الغزّ بمرو في رجب. 4 (محمد بن أحمد بن محمد بن الخليل بن أحمد) الإمام أبو سعد الخليلي، النوقاني. ولد في سنة سبع وستين وأربعمائة. وسمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: توفي في أواخر المحرّم بنوقان. قال أبو سعد في التحبير: هو من أهل نوقان طوس، إمام، حافظ، فقيه، مفسّر، أديب، شاعر، واعظ، حسن السيرة. سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذي، وأبا الفضل محمد بن أحمد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 324 العارف. كتبتُ عنه بنوقان في المرات الأربع. وكان من مفاخر خراسان. 4 (محمد بن الحسن بن أبي جعفر) أبو بكر الزوزني، الأديب. من أهل مرو. كان فقيهاً، صالحاً، أديباً، ديّناً، قرأ الفقه. وسمع من: عبد الغفار الشيرويي. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. وعُدِم في وقعة الغزّ. 4 (محمد بن الحسن بن محمد) أبو نصر المروزي، الأديب. ثقة، خيّر. تخرّج به جماعة. سمع: محمد بن الفضل الخرقي، وعبيد الله بن محمد الهشامي، وكامكار المروزيين. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في رجب في معاقبة الغز، وله ستٌ وثمانون سنة. 4 (محمد بن أبي سعيد بن محمد) أبو بكر المروزي، الذزغاني، البزّاز، الفقيه، شريك أبي بكر محمد بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 325 السمعاني. قرأ قطعة من الفقه على: أبي المظفّر بن السمعاني، ثم أقبل على جمع الدنيا. وكان يشرب الخمر ويرى رأي) الأوائل على ما قيل. وكان مظلماً، وكان مولده سنة نيّف وخمسين وأربعمائة. وكان يروّض نفسه ويداريها بالأغذية. سمع: أبا الفتح عبيد الله الهشامي، وإسماعيل بن محمد الزاهري. قُتل تحت عقوبة الغزّ في رجب. قاله عبد الرحيم بن السمعاني، وحدّث عنه. 4 (محمد بن عبد الله بن الحسين بن بُكير) أبو علي الفارقي، ثم الكرخي، التاجر. حدّث بمرو عن أصحاب أبي علي بن شاذان. توفي بنواحي جوين في شعبان. 4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي صالح) البسطامي، أبو علي الفقيه، المعروف بإمام بغداد. قال السمعاني: كان فقيهاً، مناظراً، وشاعراً مجوّداً، تفقه على إلكيا الهرّاسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 326 وسمع من: أبي الحسن بن العلاف. وتوفي في رجب ببلخ، ولم يحدّث. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أبي توبة) أبو الفتح الكشميهني، الخطيب، المروزي. شيخ الصوفية بمرو، وآخر من روى في الدنيا عن أبي الخير محمد بن أبي عمران، سمع منه صحيح البخاري. وكان مولده في سنة اثنتين وستين وأربعمائة. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: توفي في الثالث والعشرين من جمادى الأولى، وسمعت منه كتاب الصحيح مرتين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 327 وقال ابن نقطة: سمع منه صحيح البخاري جماعة منهم ابنه أبو عبد الرحمن محمد بن محمد، وشريفة بنت أحمد بن علي العيّاري، ومسعود بن محمود المنيعي. وقال: قال أبو سعد: كان شيخ مرو في عصره، تفقّه على جدي وصاهره على بنت أخيه. لم أر في شيوخ الصوفية مثله. وكان لي مثل الوالد للمودة الأكيدة. سمع من الجدّ، ومن: أبي الفضل محمد بن أحمد العارف الميهني، وهبة الله بن عبد الوارث.) سمعت منه الكثير، وأضرّ في الآخر. ومولده في ذي القعدة سنة إحدى وستين. الى أن قال السمعاني: كان عالماً، حسن السيرة، جميل الأمر، سخياً، مُكرِماً للغرباء. وكان سماعه للصحيح سنة إحدى وسبعين بقراءة الحافظ أبي جعفر الهمذاني، وعمره تسع سنين. 4 (محمد بن عبد الكريم بن أحمد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 328 أبو الفتح بن أبي القاسم الشهرستاني، المتكلم، ويلقب بالأفضل. كان إماماً، مبرزاً في علم الكلام والنظر، تفقّه على أحمد الخوافي، وبرع في الفقه، وقرأ الكلام والأصول على أبي نصر بن القُشيري، وأخذ عنه طريقة الأشعري. وقرأ الكلام أيضاً على الأستاذ أبي القاسم الأنصاري. وصنّف كتاب الملل والنحل، وكتاب نهاية الإقدام، وغير ذلك. وكان كثير المحفوظ مليح الوعظ. دخل بغداد سنة عشر وخمسمائة، وأقام بها ثلاث سنين، ووعظ بها، وظهر له قبول عند العوام. وقد سمع بنيسابور من: أبي الحسن علي بن أحمد المديني، وغيره. قال ابن السمعاني: كتبت عنه بمرو، وقال لي: ولدت بشهرستان في سنة سبع وستين وأربعمائة، وبها توفي في أواخر شعبان. غير أنه كان متّهماً

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 329 بالميل الى أهل القلاع، يعني الإسماعيلية، والدعوة إليهم والنصرة لطامّتهم. وقال في التعجبير: هو من أهل شهرستان، كان إماماً أصولياً، عارفاً بالأدب والعلوم المهجورة، وهو متّهم بالإلحاد والميل إليهم، غالٍ في التشيع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 330 ثم ذكر نحواً مما تقدم، لكن قال في مولده سنة تسع، بدل سبع. والله أعلم. 4 (محمد بن عمر بن محمد بن علي) الإمام أبو الفتح الشيرزي، السرخسي، ثم المروزي. فقيه، فاضل، مناظر، شاعر. سمع بنفسه من جماعة كأبي نصر محمد بن محمد الماصاني، ومحمد بن عبد الواحد الدقّاق، وأبي بكر عبد الغفار الشيرويي. قتل في عاشر رجب بمرو فيمن قُتل. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. 4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي سهل بن أبي طلحة) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 331 الحافظ أبو طاهر بن أبي بكر المروزي، السنجي، المؤذن، الخطيب. ولد بقرية سنج العظمى في سنة ثلاث وستين وأربعمائة أو قبلها. وسمع الكثير، ورحل الى نيسابور، وبغداد، وإصبهان، وتفقّه أولاً على الإمام أبي المظفّر بن السمعاني. وعلى: عبد الرحمن الرزاز. وكتب الكثير، وحصّل. قال أبو سعد السمعاني: كان إماماً، ورعاً، متهجداً، متواضعاً، سريع الدمعة. سمع: إسماعيل بن محمد الزاهري، وأبا بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه، وعلي بن أحمد المديني، ونصر الله بن أحمد الخُشنامي، وفَيد بن عبد الرحمن الشعراني الهمذاني، والشريف محمد بن عبد السلام الأنصاري، وثابت بن بُندار، وجعفر السّراج، وأبا البقاء المعمر الحبّال، وعبد الملك ابن بنته لما حج، وأبا بكر أحمد بن محمد الحافظ ابن مردويه، وأبا سعد المطرّز، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وعبد الله بن أحمد النيسابوري صاحب عبد الغافر الفارسي، وخلقاً سواهم. وكان من أخصّ أصحاب والدي في الحضر والسّفر. سمع الكثير معه، ونسخ لنفسه ولغيره، وله معرفة بالحديث. وهو ثقة، ديّن، قانع بما هو فيه، كثير التلاوة. حجّ مع والدي، وكان يتولى أموري بعد والدي. وسمعت من لفظه الكثير. وكان يلي الخطابة بمرو في الجامع الأقدم. وتوفي في التاسع والعشرين من شوال. قلت: سمع منه: عبد الرحيم بن السمعاني سنن النسائي، وصحيح

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 332 مسلم، وكتاب الرقاق لابن المبارك، بروايته له عن إسماعيل الزاهري، عن إسماعيل بن ينال المحبوبي، وكتاب حلية الأولياء لأبي نُعيم، وكتاب الأحاديث الألف لشيخه الإمام أبي المظفر عبد الجبار بن السمعاني، وأشياء أخر. 4 (محمد بن محمد بن محمد بن خلف) العدل، أبو نصر البلخي. سمع من: أحمد بن محمد الخليلي. قال السمعاني: كتبت عنه ببلخ. وولد في سنة اثنتين وسبعين، وله إجازة من القاضي الخليل بن) أحمد السجزي. مات في صفر. 4 (محمد بن محمد بن منصور) أبو سعد المروزي، الغزّال، الغازي. قتل في وقعة الغز بمرو. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. ثنا أبو الفتح عبيد الله بن محمد بن أزدشير بن محمد الهشامي، أنا جدي، فذكر حديثاً. 4 (محمد بن محمد بن أبي الخير) أبو بكر الصوفي، الشيرازي، ثم المروزي. حدّث عنه عبد الرحمن السمعاني. ومن كهول شيوخه. وقتل في وقعة الغزّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 333 4 (محمد بن المفضّل بن سيار بن محمد) أبو عبد الله الهروي، الدهان، وهو أميرجة. سمع بإفادة عمه صاعد بن سيار من: أبي عبد الله محمد بن علي العميري، والقاضي أبي عامر الأزدي، وأبي عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المليجي، ونجيب بن ميمون، وجماعة. وحدّث بمرو، وهراة. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه جامع الترمذي، وسمعتُ منه درجات التائبين لإسماعيل بن المقري، بروايته عن أبي عطاء المليجي، عنه. وولد في سنة خمس وسبعين. وتوفي في ذي الحجة بمرو. وترجمة أبي نصر أخيه في سنة. 4 (محمد بن نصر بن صغير بن خالد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 334 أبو عبد الله القيسراني، الأديب، صاحب الديوان المشهور، وحامل لواء الشعر في زمانه. ولد بعكا، ونشأ بقيسارية فنسب إليها. وسكن دمشق وامتدح الملوك والكبار. وتولى إدارة الساعات التي على باب الجامع، وسكن فيها في دولة تاج الملوك وبعده. ثم سكن حلب مدة، وولي بها خزانة الكتب. وتردد الى دمشق، وبها مات. وقد قرأ الأدب على) توفيق بن محمد. وأتقن الهندسة، والحساب، والنجوم. وصحب أبا عبد الله بن الخياط الشاعر، فتخرّج به في الفرائض، وانطلق لسانه بشعر أرقّ من نسيم السحَر، وألذّ من سماع الوتر. ودخل بغداد، ومدح صاحب ديوان إنشائها سديد الدولة محمد بن الأنباري. ومن شعره: (مَن لقلبٍ يألف الفكَرا .......... ولعينٍ ما تذوق كَرا)

(ولصبٍ بالغرام قضى .......... ما قضى من حُبّكم وطَرا)

(ويحَ قلبي من هوى قمر .......... أنكرتْ عيني له القمرا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 335 (حالفتْ أجفانَه سنةٌ .......... قتلتْ عُشّاقَه سهرا)

(يا خليليّ اعذرا دنِفاً .......... يصطفي في الحب من غدرا)

(وذراني من ملامكُما .......... إن لي في سلوتي نظرا) وله: (سقى الله بالزوراء من جانب الغرب .......... مهاً رودت ماء الحياة من القلب)

(عفائف إلا عن مُعاقرة الهوى .......... ضعائف إلا عن مغالبة الصبِ)

(تظلّمت من أجفانهن الى النوى .......... سفاهاً، وهل يُعدى البعادُ على القُرب)

(ولما دنا التوديع قلت لصاحبي .......... حنانيك، سِر بي عن ملاحظة السرب)

(إذا كانت الأحداق نوعاً من الظُبى .......... فلا شك أن اللحظ ضربٌ من الضرب)

(تقضّى زماني بين بينٍ وهجرةٍ .......... فحتام لا يصحو فؤادي من حب)

(وأهوى الذي أهوى له البدرُ ساجداً .......... ألستَ ترى في وجهه أثر التربِ)

(وأعجب ما في خمر عينيه أيها .......... يضاعف سُكري كلما أقللتُ شربي)

(مازال عوّادي يقولون: من به .......... وأكتمهم حتى سألتهم: من بي)

(فصرت إذا ما هزّني الشوق هزة .......... أحيل عذولي في الغرام على صحبي)

(وعند الصبي منا حديثٌ كأنه .......... إذا دار بين الشرب ريحانة الشرب)

(تتم عليه نفحة بابلية .......... نمت من ثناياها الى البارد العذب)

(تُراحُ لها الأرواح حتى تظنها .......... نسيم جمال الدين هبّ على الركب) ) وخرج الى مديح الوزير جمال الدين أبي المحاسن علي بن محمد. ومن شعره: (يا هلالاً لاح في شفقِ .......... أعْفِ أجفاني من الأرقِ)

(فكّ قلبي يا معذبه .......... فهو من صدغيك في حنقِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 336 وله في خطيب: (شُرح المنبر صدراً .......... لتلقيك رحيبا)

(أترى ضم خطيباً .......... منك، أم ضُمِّخ طيبا) قال ابن السمعاني: هو أشعر رجل رأيته بالشام، غزير الفضل، له معرفة تامة باللغة والأدب، وله شعر أرق من الماء الزلال. سألته عن مولده، فقال لي: سنة ثمان وسبعين وأربعمائة بعكا. وقال الحافظ ابن عساكر: لما قدم اقيسراني دمشق آخر قدمة نزل بمسجد الوزير ظاهر البلد، وأخذ لنفسه طالعاً، فلم ينفعه تنجيمه، ولم تطل مدته. وكان قد أنشد والي دمشق قصيدة، مدحه بها يوم الجمعة، فأنشده إياها وهو محموم، فلم تأت عليه الجمعة الأخرى. وكنت وجدت أخي قاصداً عيادته فاستصحبني معه، فقلت لأخي في الطريق: إني أظن القيسراني سيلحق ابن منير كما لحق جريرُ الفرزدق. فكان كما ظننت. ولما دخلنا عليه وجدناه جالساً، ولم نر من حاله ما يدل على الموت. وذكر أنه تناول مُسهلاً خفيفاً. فبلغنا بعد ذلك

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 337 أنه عمل عملاً كثيراً، فمات ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان، ودُفن بباب الفراديس. قلت: وفي أولاده جماعة وزراء وفُضلاء. 4 (محمد بن يحيى بن منصور) العلامة أبو سعد النيسابوري، الفقيه الشافعي محيي الدين، تلميذ الغزالي. تفقّه على: أبي حامد الغزالي، وأبي المظفّر أحمد بن محمد الخوافي. وبرع في الفقه، وصنف في المذهب والخلاف. وانتهت إليه رئاسة الفقهاء بنيسابور. ورحل الفقهاء الى الأخذ عنه من النواحي. واشتهر اسمه. وصنّف كتاب المحيط في شرح الوسيط، وكتاب الانتصاف في مسائل الخلاف. ودرّس بنظامية نيسابور. وتخرّج به أئمة. قال القاضي ابن خلّكان: هو أستاذ المتأخرين، وأوحدهم علماً وزهداً. سمع الحديث سنة ست وتسعين من أبي حامد أحمد بن علي بن عبدوس، وكان مولده سنة ست) وسبعين بطرَيثيث. ويُنسب إليه من الشعر بيتان وهما:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 338 (وقالوا: يصير الشعر في الماء حيةً .......... إذا الشمس لاقته فما خِلته حقا)

(فلما التوى صُدغاه في ماء وجهه .......... وقد لسعا قلبي تيقّنته صِدقا) ولعلي بن أبي القاسم البيهقي فيه يرثيه وقد قتلته الغز: (يا سافكاً دم عالمٍ متبحّر .......... قد طال في أقصى الممالك صيتُه)

(بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف .......... من كان مُحيي الدين كيف تُميتُه) ومما قيل فيه: (وفاةُ الدين والإسلام تُحيى .......... بمحيي الدين مولانا ابن يحيى)

(كأن الله ربَّ العرش يُلقي .......... عليه حين يلقي الدرس وحيا) قتلته الغز، قاتلهم الله، حين دخلوا نيسابور في رمضان، دسّوا في فيه التراب حتى مات، رحمه الله. وقال السمعاني: سنة تسع في حادي عشر شوال بالجامع الجديد قتلته الغز لما أغاروا على نيسابور. قال: ورأيته في المنام، فسألته عن حاله، فقال: غُفر لي. وكان والده من أهل جَنزة، فقدم نيسابور، لأجل القشيري، وصحبه مدة، وجاور، وتعبّد. وابنه كان أنظر الخراسانيين في عصره. وقد سمع من: نصر الله الخُشنامي، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 339 قال: وكتبت عنه رحمه الله. 4 (محمود بن الحسين بن بُندار بن محمد) أبو نجيح بن أبي الرجاء الطلحي، الإصبهاني، الواعظ. قال ابن السمعاني: ولد في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وسمع: مكي بن منصور الثقفي، وأحمد بن عبد الله السوذرجاني، وأبا مطيع محمد بن عبد الواحد. وورد بغداد، وسمع الكثير بقراءته على ابن الحُصين، وطبقته. وله قبولٌ تام في الوعظ عند العامة. وهو شيخ، متودد، مطبوع، كريم، حريص على طلب الحديث. كتبت عنه، وكتب عني.) وتوفي في سلخ ربيع الآخر. قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وأبو أحمد بن سُكينة. 4 (محمود بن كاكويه بن أبي علي) أبو القاسم المروروذي. ولد سنة ستين وأربعمائة. وحدّث بجامع أبي عيسى، عن عمه أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله العلاوي، عن الجراحي. وتوفي في أحد الربيعين أو الجمادين. 4 (منير بن محمد بن محمد بن محمد ابن الأستاذ) كان يخدمهم، ويحصّل الأموال، ويُنفق عليهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 340 حدّث عن: أبي الفتح ناصر البيّاضي. وقُتل صبراً بمرو في فتنة الغُز في رجب. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. 4 (حرف النون)

4 (ناصر بن حمزة) أبو المناقب بن طباطبا العلوي، الإصبهاني. سمع جزء لوين من ابن ماجة الأبهري. أخ عنه: السمعاني، وقال: مات في ربيع الآخر. 4 (نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود) أبو القاسم السوسي، ثم الدمشقي. سمع من: جده. وأبي القاسم بن أبي العلاء المصيصي، وأبي عبد الله بن أبي الحديد، وسهل بن بشر الإسفرائيني. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه القاسم، والحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وطرخان بن ماضي الشاغوري، وآخرون. قال ابن عساكر: كان شيخاً مستوراً، لم يكن الحديث من شأنه.) توفي في تاسع عشر ربيع الأول. قلت: وهو راوي جزء علي بن حرب، راوية البلديين. 4 (النعمان بن محمد بن النعمان)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 341 أبو سهل الباجخوستي، وهي من قرى مرو. شيخ صالح، متعبد، خيّر، فلاح يأكل من زراعته. ثم عجز ولزم بيته. روى عن الأديب كامكار المحتاجي. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه أوراقاً. توفي في أواخر رمضان، وله نيّف وثمانون سنة. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن الحسين بن علي بن محمد بن عبد الله) أبو القاسم بن عبد الله بن أبي شريك البغدادي، الحاسب. سمع: أباه، وأبا الحسين بن النقّور. قال أبو سعد السمعاني: كتبت عنه، وعلى التركات. وكانت الألسنة مجمعة على الثناء السيئ عليه. وكانوا يقولون إنه ليست له طريقة محمودة، وقال لي ولدت في صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة. توفي فيما بين أواخر صفر وأوائل ربيع الأول. قلت: روى عنه: أبو الفتوح محمد بن علي الجلاجلي، والحافظ أبو الفرج بن الجوزي، والفتح بن عبد السلام، وآخرون. أخبرنا أحمد بن إسحاق، أبا الفتح بن عبد السلام، أنا هبة الله بن أبي شريك، أنا أحمد بن محمد البزاز، قال: ثنا عيسى بن علي، أنا يحيى بن محمد بن صاعد، نا عبد الجبار بن العلاء، ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن زيد بن خالد قال: قال رسول الله صلى الله علي وسلم: من جهّز غازياً أو حاجاً أو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 342 معتمراً وخلفه في أهله فله مثل أجره. 4 (هبة الله بن خلف بن المبارك بن البطر) أبو نصر بن الحنبلي، البغدادي، البيّع. تفقّه على أسعد الميهني، ثم ترك الفقه، واشتغل بالكسب والتجارة.) سمع قريبه أبا الخطاب به البطر. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وقال: توفي في ثامن ربيع الآخر. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن الحسين بن سعيد) أبو زكريا الغزنوي، الصوفي. سافر من غزنة الى خراسان، والعراق، والشام، وركب البحار. وسمع بسجستان من: أبي نصر هبة الله بن عبد الجبار. وبكرمان: أبا غانم أحمد بن رضوان. روى عنه: عبد الكريم بن السمعاني، وقال: مات رحمه الله في أواخر السنة، وقد جاوز السبعين. 4 (يوسف بن محمد بن فاروا) أبو الحجاج الأنصاري، الأندلسي. نشأ بجيّان، وقدم العراق، ودخل خراسان. وسمع الكثير ونسخ وجمع،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 343 وسمع مع ابن عساكر، وابن السمعاني. قال ابن السمعاني: كان شاباً، صالحاً، ديّناً، خيّراً، حريصاً على طلب العلم، مجدّاً في السماع، صحيح النقل، حسن الخط، له معرفة بالحديث. كتب عني وكتبت عنه. وكان حسن الأخلاق، متودداً، متواضعاً، يفيد الناس ويسمعهم ويقرأ لهم. ثم دخل بلخ، وصار إمام مسجد رانجوم الى أن مات. وقال لي: ولدت سنة بضع وتسعين وأربعمائة. وقد أسره الفرنج وقاسى شدائد، وخلّصه الله. توفي ببلخ في سلخ ذي القعدة. قلت: لم يذكره أبو عبد الله الأبّار. 4 (الكنى)

4 (أبو الحسين بن عبد الله بن حمزة) المقدسي، الزاهد. من أولي المقامات والكرامات. قد جمع الضياء المقدسي جزءاً من أخباره، فسمعه منه ابنا أخويه: الفخر بن علي البخاري،) والشمس محمد بن الكمال. وقال: حدثني الإمام عبد الله بن أبي الحسن الجيّاني، بإصبهان قال: مضيت الى زيارة الشيخ أبي الحسين الزاهد بحلب، ولم تكن نيتي صادقة ف زيارته، فخرج إلي وقال: إذا جئت الى المشايخ فلتكن نيّتُك صادقة في الزيارة. وقال: كان لي شَعرٌ قد طال، وكنت قد حلقته قبل ذلك، فقال لي أبو الحسين: إذا كنت قد جعلت شيئاً لله فلا ترجع فيه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 344 سألت خالي أبا عمر عن الشيخ أبي الحسين، وقلت له: هل رأيته يأكل شيئاً قال: رأيته يأكل خرّوباً، يمصّه ثم يرمي به. ورأيته يأكل بقلاً مسلوقاً. قال: ونقلت من خط الإمام أبي سعد السمعاني قال: سمعت سنان بن مشيّع الرّقي يقول: رأيت أبا الحسين المقدسي برأس العين، في موضع قاعداً عرياناً، وقد اتّزر بقميصه، ومعه حمار، والناس قد تكابّوا عليه، فجئت وطالعته، فأبصرني وقال: تعال: فتقدّمت، فأخذ بيدي وقال: نتواخى قلت: ما لي طاقة. فقال: أيش لك في هذا. وآخاني. وقال لواحد من الجماعة: حماري يحتاج الى رسن، بكم رسن قالوا: بأربعة فلوس. فقال لواحد، وأشار بيده في موضع في الحائط: فإني جُزت ههنا وقتاً، وخبّأت ثم أربع فلوس، اشتروا لي بها حبلاً. فأخذ الرجل الأربع فلوس من الحائط. ثم قال: أريد أن تشتري لي بدينار سمك. قلت له: كرامة، ومن أين لك ذهب قال: بلى. معي ذهب كثير. قلت: الذهب يكون أحمر. قال: أحمر. قال: أبصِر تحت الحشيش، فإني أظن أن لي فيه ديناراً. وكان ثمّ حشيش، فنحّيت الحشيش، فخرج دينار وازن، فاشتريت له به سمكاً. فنظّفه بيده، وشواه، ثم قلاه، ثم أخرج منه الجلد والعظم، وجعله أقراصاً، وجففه، وتركه في الجُراب، ومضى.) وكان قوته من ذا. وله كذا وكذا سنة ما أكل الخبز. وكان يسكن جبال الشام، ويأكل البلوط والخرنوب. قال: وقرأت بخط أبي الحجاج يوسف بن محمد بن مقلّد الدمشقي أنه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 345 سمع من الشيخ أبي الحسين أبياتاً من الشعر بمسجد باب الفراديسي، ثم قال: وهذا الشيخ عظيم الشأن، يقعد نحو خمسة عشر يوماً لا يأكل إلا أكلةً واحدة، وأنه يتقوّت من الخرنوب البري، وأنه يجفف السمك ويدقّه، ويستفّه. وحدثني الإمام يوسف بن الشيخ أبي الحسين الزاهد المقدسي أن رجلاً كان مع الشيخ، فرأى معه صرة يستف منها، فمضى الشيخ يوماً وتركها، فأبصر الرجل ما فيها، فإذا فيها شيء مرّ، فتركها. فجاء الشيخ، فقال له: يا شيخ ما في هذه الصرة فأخذ منها كفاً وقال: كُل. قال: فأكلته، فإذا هو سكّر ملتوت بقلب لوز. وأخبرنا أبو المظفّر بن السمعاني، عن والده قال: سمعت الشيخ عبد الواحد بن عبد الملك الزاهد بالكرخ يقول: سمعتُ أبا الحسين المقدسي، وكان صاحب آيات وكرامات عجيبة، وكان طاف الدنيا، يقول: رأيت أعجمياً بخراسان يتكلم في الوعظ بكلام حسن. قلت: في أيها رأيت قال: في مرو، واسمه يوسف، يعني يوسف بن أيوب الزاهد. قال عبد الواحد: ورأيته في غير الموسم، يعني أبا الحسين، بمكة مرات، فسلّمت عليه، فعرفني وسألني، فقلت له: أيش هذه الحالة فقال: اجتزت ههنا، فأردت أن أطوف وأزور. قال: وحدّثني أبو تمام أحمد بن ثُركي بن ماضي بن معرّف بقرية دجانية، قال: حدّثني جدي قال: كنا بعسقلان في يوم عيد، فجاء أبو الحسين الزاهد الى امرأة معها خبز سُخن، فقال: يا أم فلان، نشتهي من هذا الخبز السخن لزوجك. وكان في الحج. فناولته رغيفين، فلفّهما في مئزر، ومضى الى مكة، فقال: خُذ هذا من عند أهلك. وأخرجه سُخناً، ورجع. فقالوا إنهم رأوه ضحوة بعسقلان، ورأوه ذلك اليوم بمكة فجاء الرجل من الحج، فلقي أبا الحسين، فقال: ما أنت أعطيتني رغيفين قال: لا تفعل قد اشتبه عليك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 346 وحدّثني قال: حدثني جدي قال: كان أبو الحسين بعسقلان فوصّوا البوابين أن لا يخلّوه يخرج لئلا تأخذه الفرنج، فجاء الى باب، وعمل أبو الحسين طرف قميصه فيه، وسعى من الباب. قال: فإذا هو في جبال لبنان.) قال: فقال في نفسه: ويلك يا أبا الحسين، وأنت ممن بلغ الى هذه المنزلة، أو كما قال. وسمعت الإمام الزاهد أحمد بن مسعود القرشي اليماني: حدّثني أبي قال: قالت الفرنج: لو أن فيكم رجلاً آخر مثل أبي الحسين لاتّبعناكم على دينكم. مروا يوماً فإذا هو راكب على سبع، وفي يده حية، فلما رآهم نزل ومضى. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت الزاهد عبد الواحد بالكرج قال: سمعنا الكفار يقولون: الأسود والنمور كأنها نعم أبي الحسين المقدسي. قال الضياء: وقد سمعنا له غير ذلك من مشي الأسد معه. وحكى له الضياء، فيما رواه، أنه عمل مرة حلاوة من قشور البطيخ، فعرف حلاوة من أحسن الحلاوة. وقال: حدثني الإمام عبد المحسّن بن محمد بن الشيخ أبي الحسين: حدثني أبي قال: كان والدي يعمل لنا الحلاوة من قشور البطيخ ويسوطها بيده. قال: فعملنا بعد موته من قشور البطيخ، فلم تنعمل، فقالت أمي: بقيت تعوز المغرفة. تعني يده. حدثني الإمام عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار: حدّثني جمال الدولة سنقر بن اليماني قال: جاء الشيخ أبو الحسين عندنا مرة الى سوق العرب، فقلنا له: يا شيخ ما تُطعمنا حلاوة. قال: هاتوا إلي مرجل. فجئنا له بمرجل، فجمع قشور البطيخ، وتركه فيه،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 347 وأوقد تحته، وجعل يسوطه بيده، فصار حلاوة ما رأينا مثلها، لا قراضيّة ولا صابونية. قال: وسمعت عبد الله بن عبد الجيّار البدوي بديرة بظاهرة القدس: حلثني عيسى المصري، قال: جاء أبو الحسين الى حلب، فقال له رجل: تنزل عندي. قال: على شرط أنزل أين أردت. فقال: نعم. فجاء فنزل في الحشّ. حدّثني الحاج نجم بن سعد بدجانية قال: حدّثني الشيخ أحمد بن مسعود اليماني قال: جاء أبو الحسين الى أبي وأنا صبي، فقال: يا شيخ قُل للجماعة يعطوني جردي من العنب. فجاء ذا بسلّ عنب، وذا بسل، حتى صار منه شيء كثير، فقال لي: تعال اعصُره. قال: فبقيت أطأه حتى ينعصر، وجعله في قدر، وغلى عليه، فصار دبساً، وجاء الى خرق في الأرض، وصبّه فيه،) ويقول: امضِ الى أخي الفلاني في البلد الفلاني، ويسمي أصدقاءه حتى فرغ منه. وحدثني خالي الزاهد أبو عمر، قال: كان أبو الحسين يأتي الى عندنا، وكان يقطع البطيخ ويطبخه، واستعار مني سكيناً يقطع بها البطيخ فجرحته فقال: ما سكينك إلا حمقاء. ومشى هو وسالم أبو أحمد وعمي الى صرخد، ومعه رجل مصري، فحمّله الى رأسه جرة صغيرة فيها ماء بطيخ مطبوخ، وفي يده شربة أيضاً. فلما وصلوا الى الغور انكسرت الشربة، وبقيت تلك على رأسه، فانعفر رأسه منها. فلما وصلوا الى حوران قال: هاتِ حتى نزرع البطيخ. فقلبها في الأرض. سمعت خالي أبا عمر: حدثني خالي إسماعيل قال: جاء أبو الحسين الى عندي مرة، فقال: اطبخوا لي طبيخاً. فطبخنا، فأخذه ومضى الى الجبل، وجاء الى زردة فصبّه فيها. قال الضياء: والحكايات عنه في طبخه لماء البطيخ مشهورة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 348 قال: ذكر أن النار كان يدخلها وحملها في ثوبه. سمعت الحاج حرميّ بن فارس بالأرض المقدسة قال: حدّثتني امرأة كبيرة من قريتنا أن أختها كانت زوجة أبي الحسين الزاهد، فذكرت عنه أنه دخل تنوراً فيه نار، وخرج منه. قال: وسمعت الزاهد عبد الحميد بن أحمد بن إسماعيل المقدسي: حدثني أبي أنه رأى أبا الحسين يوقد ناراً يطبخ رِبّاً، ومعه سلّ يسقي فيه، أظنه قال بيده، ثم يبدد النار، ويأتي بالماء في السل، فيقلبه على الربّ. حدثني الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بقرية مرو، أنا أبو يوسف حسن قال: كنت مع أبي الحسين الزاهد، فجئنا الى قرية، وإذا عندهم نار عظيمة، فقال: أعطوني من هذه النار. فجاءوا إليه بقطعة جرة فملأوها فقال: صبوها في ملحفتي. فصبّوها في ملحفته، فأخذها ومضى. وحدّثني آخر هذه الحكاية عن أبي يوسف. وحدّثني الإمام أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدسي قال: سمعت مشايخ من أهل بلدنا، أن أبا الحسين كان يجيء الى الأتون وهم يوقّروه، فيقول: دعوني أدفأ. فيعبُر فيه، ويخرج من الموضع الذي يخرجون منه الرماد، وهو ينقض ثيابه من الرماد، ويقول: دفيت. سمعت الإمام أبا الثناء محمود بن همّام الأنصاري: حدثني الحافظ يوسف قال: كان بدمشق أبو عبد الله الطرائفي رجل له معروف قال لي: أشتهي الشيخ أبا الحسين يدخل بيتي.) فقلت له، فقال: نعم، ولكن إن كان عنده للأتان موضع. فقلت للطرائفي، فقال: نعم. فبقي سنةً، ثم قال لي يوماً: ألا تمضي بنا الى عند الرجل الذي وعدناه فمضيت وهو على حماره، فدخلنا الدار، وللطرائفي أخت مقعدة، فقال له عنها، فقال ائتني بماء من هذا البئر. فجاءه بماء في قدح، فرقي فيه، ثم قال:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 349 رشّ منه عليها. قال: فرشّ عليها، فقامت، وجاءت وسلّمت على الشيخ. هذا معنى ما حكاه لي. وحدثني الإمام الزاهد يوسف بن الشيخ أبي الحسن الزاهد: حدثتني أمي أن أبي كان يصلي مرة في البيت، فرأت السقف قد ارتفع، وقد امتلأ البيت نوراً. سمعت خالي الإمام موفق الدين يقول: حُكي أن الشيخ أبا الحسين كان راكباً مرة على حمار عند غباغب، وهو ممدد على الحمار، فرآه رجل فقال: أقتُل هذا وآخذُ حماره. فلما حاذاه أراد أن يمد يده إليه، فيبست يداه، فمرّ أبو الحسين وهو يضحك منه، فلما جاوزه عادت يداه. فسأل عنه، فقيل له: هذا الشيخ أبو الحسين. قال الضياء: وكان فيما بلغني ينزع سراويله فيلبسه للحمار. فإذا رآه الناس تعجبوا وقالوا: أيش هذا فيقول: حتى توارى عورة الحمار. فيضحكون منه. وبلغني أنه فعل هكذا بحماره، وكان ينقل عليه حجارة لعمل شيء من قلعة دمشق، وكان الناس يتفرجون عليه، فجاء رجل على بلغة فعرفه، فنزل وجاء إليه، وأظنه قبّل رجليه، فقال: ما تركتنا نكسب الأجر، وما كان أحد يعرفنا. وسمعت خالي أبا عمر يقول: حدثني أبو غانم الحلبي قال: دخلت امرأة الشيخ أبي الحسين الى عند امرأة السلطان، فأعطتها شقّة حرير، فجاء أبو الحسين فعملها سراويل للحمار. سمعت عمر بن يحيى بن شافع المؤذن: حدّثني عبد الغني، رجل خيّر، بمصر قال: جاء أبو الحسين الى عندنا، فخرج فرأى حمّالاً قفص معه فخاراً قد وقع وتكسّر، فجمعه فقال: يا شيخ أيش نفع جمعه فأتى معه الى صاحبه وحطه عنه، فإذا كله صحيح.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 350 وقبر أبي الحسين بحلب يُزار عند مقام إبراهيم. وأخبرني ولده أبو الحجاج يوسف أنه فيما يغلب على ظنه توفي والده سنة ثمان وأربعين قال:) توفي بعد أخذ عسقلان بسنة. أنشدنا شهاب الشذيائي: أنا أبو سعد السمعاني، أنا يوسف بن محمد الدمشقي: أنشدني أبو الحسين الزاهد: (ما لنفسي ما لها .......... قد هوت في مطالها)

(كلما قلت قد دنا .......... وتجلى صلالها)

(رجعت تطلب الحرام .......... وتأبى حلالها)

(عاتِبوها لعلها .......... ترعوي عن فِعالها)

(وأعلِموها بأن لي .......... ولها من يسألها)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 351 4 (وفيات سنة تسع وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن يحيى) أبو عبد الرحمن النيسابوري، الكاتب، الشاعر. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وعثمان بن محمد المحمي. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم وقال: كان ينحل بعض الأجزاء ويثبت اسمه، ويدّعي أشياء لم يسمعها والدي. قرأنا عليه، إنما هو من الأصول. توفي في شوال مقتولاً بعد أن عاقبته الغزّ. وكان مولده في سنتة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وروى عنه أيضاً: المؤيّد الطوسي. وقد أغارت الغز على مرو في شوال، فقتلوا، وعذبوا، وصادروا، ونهبوا. كما فعلوا عام أول. وكذا فعلوا بنيسابور، وهراة وطوس، وقُتل خلق كثير، فلا قوة إلا بالله. 4 (أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد الآمدي) المحدّث، أبو حامد التّنّيسي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 352 فقيه، فاضل. سمع الكثير بنفسه، ورحل. وكان مولده بتنّيس في حدود الخمسمائة وتوفي بأمُل طبرستان كهلاً.) روى عنه: عبد الرحيم السمعاني 4 (أحمد بن طاهر بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني) أبو الفضل الصوفي، مولده بميهنة في سنة أربع وستين وأربعمائة، وسمع بنيسابور: أبا جعفر بن عمران الصوفي، وأبا بكر بن خلف، وأبا الحسين الواسطي، وأبا الحسن المديني. وحدّث ببغداد. وروى كتب الواحدي عنه بالإجازة. ونزل برباط الشيخ إسماعيل بن أبي سعد. قال ابن السمعاني: سافر الكثير، وخدم المشايخ والصوفية. وهو ظريف الخلة، حسن الشمائل، متواضع. توفي في ثامن رمضان، ودُفن على دكة الجُنيد. قلت: وروى عنه: أبو اليُمن الكندي، والفتح بن عبد السلام، وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة: أبو الحسن بن المقيَّر. 4 (أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع) الأشعري، أبو عامر القرطبي. جدّ آل بني الربيع. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن النحاس. ولازم أبا بكر بن العربي مدة، وتفقه به. روى عنه: ولده عبد الرحمن المتوفى سنة خمس وثمانين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 353 4 (أحمد بن الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر الفارسي) شيخ، صالح، عالم. سمع: نصر الله الخُشنامي، والشيرويي. مات في عقوبة الغزّ في شوال، وله ستون سنة بنيسابور. قاله السمعاني. 4 (أحمد بن عبد الملك بن محمد) أبو عمر الأنصاري، الإشبيلي، المعروف بابن أبي مروان. حافظ كبير، ذكره أبو عبد الله بن الأبّار، فقال: سمع من: شُريح بن محمد، وأبي الحكم بن حجاج، ومفرّج بن سعادة. وكان حاظاً، محدّثاً، فقيهاً، ظاهري المذهب. وله مصنّف في الحديث سماه المنتخب المنتقى،) وعليه بنى كتابه أبو محمد عبد الحق في الأحكام. وكان عبد الحق تلميذه. استشهد الى رحمة الله ورضوانه بلبلة عند ثورة أهلها والتغلب عليهم في شعبان. قلت: وكان ابن قريوته أبا جعفر. 4 (أحمد بن علي بن علي بن عبد الله بن السّمين)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 354 أبو المعالي البغدادي، الخبّاز. سمع الكثير، ونسخ بخطه عن: نصر بن البطر، وابن طلحة النُعالي، وجماعة. قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه جزءاً، وسألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وتوفي في رابع عشر رمضان. وصلى عليه أبو جعفر، ثم الشيخ عبد القادر. قال ابن النجار: كان قليل العلم، وفيه غفلة. روى لنا عن: ابن سُكينة، وابن الأخضر، وأبي الفرج بن القبيطي، ويحيى بن الحسن الأواني. قال ابن ناصر: كاذب، لا يجوز السماع منه. 4 (أحمد بن أبي الفضل العباس بن أحمد بن محمد بن أحمد) الإمام، أبو الحسن الشقّاني، الحسنوي، النيسابوري. شيخ، صالح. سمع: أباه، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا بكر محمد بن إسماعيل التفليسي، وأبا عبد الرحمن الشحّامي. وولد في سنة خمسِ وسبعين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه، فقال: توفي في أواخر السنة، وقيل: سنة ثمان في كائنة الغز، قاتلهم الله. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن بشر) أبو محمد النوقاني. فقيه، صالح، خيّر. أحرِق في معاقبة الغزّ في رمضان وهو صائم، والله يكافئ من ظلمه على بغيهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 355 4 (إبراهيم بن عتيق بن أبي العيش) ) البلنسي، المقرئ، أبو إسحاق. قال الأبّار: أخذ عن أبي داود. وأقرأ الناس ببلده، وحملوا عنه. توفي بشاطبة. 4 (إبراهيم بن مهدي بن علي بن محمد بن قلنبا) الإمام أبو الحسين الإسكندري. قال أبو سعد السمعاني: كان إماماً، فاضلاً، بارعاً، مناظراً، منقبضاً عن الناس. ورد خرساان في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. قلت: وإليه يُنسب جزء ابن قلنبا، أظنه انتقاه من روايات السِلَفي. رواه جعفر الهمذاني، عن السلفي. 4 (إسماعيل بن جامع بن عبد الرحمن بن سورة) أبو القاسم النيسابوري. سكن بلخ، وولي الأعمال الكبار، واتصل بالدولة. وكان يحبَس ويطلَق، واتصل بعسكر الغز، وقدم مرو معهم، وشرع في مصادرة المسلمين وأذيتهم. وكان يقول: إني صائم ولا أفطِر إلا على الحلال. وقد سمع من: أبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف. ترجمه عبد الرحيم بن السمعاني في معجمه، وقال: حملني والدي إليه، وقرأ عليه جزءاً، وترك الرواية عنه أولى. وصلب ببلخ في أواخر ربيع الأول. صلبه الغز بإشارة السلطان سنجر. قلت: روى عنه: أبو سعد الصفّار، والمؤيّد الطوسي سمعا منه أربعين حديثاً خُرّجت له.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 356 ومن مشايخه: عبد الرحمن الواحدي، وعبد الباقي المراغي وإسماعيل بن عبد الله الساوي. 4 (إسماعيل الظافر بالله) أبو منصور بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله معدّ بن الظاهر عليّ بن الحاكم المصري، العبيدي، أحد الخلفاء المصريين، الشيعة، الخارجين على الإمام. قام بالأمر بعد أبيه الحافظ، وبقي في الخلافة خمس سنين. ووزر له سليم بن مصّال الأفضل الى أن خرج على ابن مصّال العادل ابن السلار واستأصله،) وتمكّن من المملكة الى أن قتله ابن ابن امرأته نصر بن عباس سنة ثمان، كما ذكرنا. وقام بعده في الوزارة أبو عباس. ثم إن نصراً وأباه وثبا على الظافر فقتلاه، وأخفياه، وجحداه في سلخ شعبان، وأجلسا مكانه ولده الفائز عيسى. والظافر كان شاباً، صبياً، لعّاباً، له

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 357 نهمة في الجواري والأغاني، وكان يأنس بنصر بن عباس، فدعاه الى دار أبيه ليلاً، فجاء متنكّراً لم يعلم به أحد، وهذه الدار هي اليوم المدرسة السيوفية، فقتله وطمره. وقيل: كان ذلك في نصف المحرّم، وقيل: في سلخه. وكان من أحسن الناس صورة، عاش اثنتين وعشرين سنة، وكان نصر أيضاً في غاية الملاحة، وكان الظافر يحبه، فقتله نصر بأمر أبيه، ثم ركب عباس من الغد الى القصر. فقال: أين مولانا ففقدوه، وخرج إليه أخواه جبريل ويوسف. فقال: أين هو مولانا فقال: سَل ولدك، فإنه أعلم به منا. فقال: أنتما قتلتماه. وأمر بهما فضُربت رقابهما. ثم جرت أمور ستأتي. 4 (إسماعيل بن عبد الله بن أبي سعد) أبو طاهر التوني، خادم مسجد عقيل بنيسابور. كان صالحاً، خيّراً، خدم الإمام أبا نصر محمد بن عبد الله الأرغياني أكثر من ثلاثين سنة، وسمع معه الكثير. وقدِم بغداد معه حاجاً سنة عشر وخمسمائة. ومولده بتون. ودخل نيسابور وهو مراهق، وسمع بها: أبا علي نصر الله الخُشنامي، وعبد الغفار الشيرويي. قُتِل بنيسابور، بعد أن عوقب وأخذ منه ألف دينار، في رمضان. 4 (حرف الباء)

4 (ألبُقش) مقدّم جيش. جاء هو ومسعود بلال الى شهربان، فنهبوا وبدّعوا، ثم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 358 حاربهم المفتي لأمر الله بنفسه في هذه السنة. ثم مات ألبقش في رمضان، وتصرّف في ولايته قيماز السلطاني. 4 (حرف الحاء) ) 4 (حامد بن أبي الفتح أحمد بن محمد) الحافظ، أبو عبد الله المديني، من كبار الطلبة. سمع: الحداد، وأبا زكريا بن مندة، وابن الحُصين، وابن فارس. وعنه: السمعاني، وولده عبد الرحيم، وعبد الخالق بن أسد. وكان صالحاً، ورعاً، إماماً، زاهداً. مات في شعبان بيزد. أرّخه أبو موسى المديني. 4 (الحسن بن علي بن الحسن) أبو علي الطليوسي، الأندلسي. ورد نيسابور قبل العشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، والأديب أحمد بن محمد الميداني، وسهل بن إبراهيم المسجدي. وبالإسكندرية: أبا بكر محمد بن الوليد الطرطوشي. سمع منه: أبو يوسف السمعاني، وقال: توفي بنيسابور سنة ثمان أو تسع وأربعين. فوهم. وسيأتي في سنة. 4 (الحسين بن أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن القشيري.) روى عن: الشيرويي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 359 وعنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: عاقبته الغزّ بالنار فهلك. 4 (الحسين بن محمد بن الفضل بن علي بن طاهر) التيمي. أبو المرجّى الإصبهاني، البقّال، المعروف بجوجي. أخو الإمام الكبير إسماعيل. ولد سنة تسع وستين وأربعمائة. وسمّعه أخوه من عبد الوهاب بن مندة، وجماعة. روى عنه: الحافظ أبو موسى المديني وقال: توفي في سابع ربيع الأول، ودفن عند والده. قلت: وحجّ، وسمع من رزق الله التميمي، وغيره. روى عنه: أبو سعد السمعاني.) 4 (الحسين بن محمد بن الحسين) السيد أبو علي العلوي، الطبري، نزيل هراة. سمع: أبا الفتح عبد الله بن أحمد الدبّاس، وأبا المحاسن عبد الواحد الروياني. وكان يستملي على المشايخ. وتوفي في المحرّم. 4 (حمزة بن محمد بن بَحسول بن فتحان) أبو الفتح الهمذاني، نزيل هراة مدة، ثم انتقل الى بلخ. قال أبو سعد السمعاني: عارف بطرق الحديث، سافر الكثير، ودخل بغداد، وسمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان. وبإصبهان من: غانم البرجي، وأبي علي الحدّاد. وعقد مجلس الإملاء ببلخ. وسمع أهل هراة بقراءته كثيراً. وتوفي ببلخ في ربيع الأول.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 360 4 (حرف الراء)

4 (رقية بنت سعد الله بن أسعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد الميهني) أم الرّضا. سمعت بإسفرايين: محمد بن الحسين بن طلحة الإسفراييني. وبساوَة من: محمد بن أحمد الكامخي. وعنها: أبو سعد السمعاني. توفيت في رمضان وقت دخول الغز ميهنة، سجدت فوقعت ميتة. 4 (حرف السين)

4 (سالم بن عبد الله بن عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن محمد بن جعفر بن محمد بن) حفص بن بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر أبو الفتح العدوي، العمري، الهروي. قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، عفيفاً، من بيت الحديث. سمع: أباه أبا عاصم بن أبي الفتح، وأبا عبد الله الحسين الكتبي، وأبا علالء صاعد بن سيّار،) وأبا عطاء بن أبي عمر المليحي، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني. ومولده سنة ستٍ وسبعين وأربعمائة بهراة. وتوفي في شوال. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبو روح. 4 (سعد بن سعد الله بن أسعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد فضل الله الميهني) أبو بكر بن أبي سعيد. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، جميل الطريقة، كثير العبادة. سافر به

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 361 أبوه الى العراق. وسمع منه جماعة. سمع من: جدّ أبيه سعيد، ومن أبي الفضل محمد بن أحمد بن الحسن العلاف، وعبد الرحمن بن أبي صالح النيسابوري، ومحمد بن أحمد الكامخي، ومحمد بن المظفّر الشامي، ورزق الله التميمي، وجماعة. قال لي: ولدتُ في ربيع الأول سنة تسع وستين وأربعمائة، وتوفي قتيلاً في ذي الحجة بأيدي الغزّ. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وأبوه. 4 (حرف العين)

4 (عائشة بنت أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم الصفّار) النيسابورية أخت الإمام عمر. قال ابن السمعاني: امرأة صالحة كثيرة الخير. سمعت: أبا المظفّر موسى بن عِمران، وأبا بكر بن خلف، وأبا السنابل هبة الله القرشي، وجماعة كثيرة. ومولدها في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. روى عنها ابني، وغيره. وفقدت في أيام الغارة في نصف شوال. 4 (العباس بن محمد بن أبي منصور) أبو محمد الطابراني، الطوسي، العصّاري، الواعظ، ولقبه: عناسة. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، سكن نيسابور، وكان يعظ بعض

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 362 الأوقات، وتفرّد برواية الكشف) والبيان في التفسير للأستاذ أبي إسحاق الثعالبي، بروايته عن القاضي محمب بن سعيد الفرّخرادي، عنه. وسمع: أبا الحسن المديني، وأبا عثمان إسماعيل الأبريسمي. ولد قبل السبعين وأربعمائة. وروى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، والمؤيّد الطوسي وهو سبطه، وأبو سعد الصفّار. وعدِم في نوبة الغز في شوال بنيسابور، رحمه الله، وقد قارب السبعين. 4 (عبد الله بن أحمد بن المفضّل بن الأيسر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 363 أبو البركات البغدادي، الكاتب. سمع: مالك بن أحمد البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان. وتوفي في عاشر صفر. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد، وغيرهما. 4 (عبد الله بن محمد بن الفضل بن أحمد) أبو البركات ابن فقيه الحرم كمال الدين أبي عبد الله الصاعدي، الفُراوي، النيسابوري، صفي الدين. سمع من: جده الفضل، وجده لأمه أبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، والرئيس عثمان بن محمد المحمي، وأبي نصر محمد بن سهل السرّاج، وفاطمة بنت أبي علي الدقّاق، وأبي المظفّر موسى بن عمران الصوفي، والحسن بن أحمد السمرقندي، والحسن بن علي البُستي الفقيه، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وآخرون. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم بن السمعاني، وحفيده منصور بن عبد المنعم، والمؤيد الطوسي، والقاسم بن عبد الله الصفّار، وزينب الشعرية، وآخرون. قال ابن السمعاني: إمام، فاضل، ثقة، صدوق، ديّن، حسن الأخلاق، له باعٌ طويل في الشروط وكتب السجلات، لا يجري أحدٌ مجراه في هذا الفن. وهو إمام مسجد المطرّز. وقال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت من لفظه معرفة علوم الحديث للحاكم، بسماعه من ابن خلف، عنه.) وسمعت منه مُسند أبي عوانة، بروايته من أوله الى فضائل المدينة، عن أبي عمرو المحمي، ومن ثم الى فضائل القرآن، بروايته، عن أبي الفضل الصرّام، ومن فضائل القرآن الى آخر الكتاب، من فاطمة بنت الدقّاق، برواية الثلاثة، عن عبد الملك، عن أبي عوانة. ولد في سنة أربع وسبعين وأربعمائة، ومات في ذي القعدة من الجوع بنيسابور. 4 (عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء ابن المسلمة)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 364 أبو الفتوح، أستاذ دار الخليفة المقتفي. قال ابن الجوزي: له صدقات، وأعطية، ومُجالسة للفقراء والصوفية، وإنفاق عليهم. وولي بعده ابنه عضد الدين محمد. 4 (عبد الأعلى بن عزيز بن أبي الفخر) السيد، الشريف، أبو يعلى العلوي، الحسيني، الماليني، الهروي. سبط عبد الهادي بن شيخ الإسلام الأنصاري. كان مفضّلاً، جواداً، سخي النفس. سمع: أبا عبد الله العميري، وأبا عطاء المليحي. سمعت منه بمرو. قاله عبد الرحيم بن السمعاني. توفي في المحرّم. 4 (عبد الجبار بن أبي سعد بن أبي القاسم) أبو الفتح الدهان، الهروي، الطبيب. شيخ مسن. سمع من: بيبى الهرثمية أحاديث ابن أبي شريح. ولد سنة إحدى وستين. وتوفي بهراة في السادس والعشرين من ذي القعدة. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. 4 (عبد الحكيم بن مظفّر) أبو نصر الكرجي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 365 مات في المحرّم عن إحدى وتسعين سنة. روى جزء لوين عن ابن ماجة. وعنه: السمعاني.) 4 (عبد الخالق بن زاهر بن طاهر بن محمد) أبو منصور الشحّامي، النيسابوري. سمع من: جده، وأبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، والفضل بن أبي حرب الجرجاني، وأحمد بن سهل السرّاج، وعبد الملك بن عبد الله الدشتي، وهبة الله بن أبي الصهباء، وأبي المظفّر موسى بن عمران، ومحمد بن علي بن حسان البُستي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وطائفة سواهم. وولد في سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيّد الطوسي، والقاسم بن الصفّار، وجماعة. قال ابن السمعاني: كان ثقة، صدوقاً، حسن السيرة والمعاشرة، لطيف الطبع. مُكثِراً من الحديث. ولما كبر كان يستملي للشيوخ والأئمة بنيسابور كوالده وجدّه. ولما شاخ كان يُملي في موضع أبيه وجده، بجامع المنيعي. وفقِد في وقعة الغز، فلا يُدرى قتِل أو هلك من البرد في شوال بنيسابور. ثم سمعت بعد ذلك أنه أُحرق. قلت: أنبأني أبو العلاء الفرضي أنه مات في العقوبة والمطالبة، وقد وقع لنا من حديثه أربعينان. وكان متميزاً في الشروط. 4 (عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أحمد بن أحمد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 366 أبو القاسم بن الأكّاف، من أهل نيسابور. سمع: أبا سعد الحيري، وأبا بكر الشيرويي. وكان إماماً، ورعاً، فقيهاً، مناظراً، مفيداً، قانعاً باليسير، كبير القدر. قال أبو الفرج بن الجوزي: لما استولى الغزّ على نيسابور قبضوا عليه، وأخرجوه ليعاقبوه، فشفع فيه السلطان سنجر، وقال: كنت أمضي إليه متبركاً به، ولا يمكّنني من الدخول عليه، فاتركه لأجلي. فتركوه. فدخل شهرستان وهو مريض، فبقي أياماً ومات، رحمه الله. 4 (عبد الرحمن بن محمود بن إبراهيم) أبو المعالي، الفاسي، نزيل مرو. شيخ جلْد، حسن الصلاة. كان يخدم بيت السمعاني.) سمع: سهل بن محمد الشاذياخي، وأبا بكر الشيرويي، وإسماعيل بن البيهقي. وحدّث، روي عنه: عبد الرحيم السمعاني. توفي في شعبان. 4 (عبد الرحمن بن مكي بن يحيى) أبو المطهّر، الهمذاني، الأديب. تخرّج به جماعة. وسمع من: عبدوس بن عبد الله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 367 روى عنه: السمعاني، وقال: مات في رجب عن إحدى وثمانين سنة. 4 (عبد الملك بن بوانة بن سعيد بن عصام) أبو مروان العُبدري، الغرناطي، المعروف بابن بيطار. نزيل مالقة. سمع من: ثمال بن عطية، وأبي محمد بن عتّاب، وأبي جعفر البطروجي، وجماعة. وكان عارفاً بصناعة الحديث، معتنياً بالآثار. ولي قضاء مالقة. وقد روى عنه: أبو القاسم السهيلي، وأبو عبد الله بن الفخّار. وتوفي سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة ثلاث، وقد جاوز السبعين. 4 (عبد المؤمن بن عبد الجليل بن علي بن بُنان) الإصبهاني، أبو نصر. سمع جزء لوين، عن ابن ماجة الأبهري. مات في المحرّم. 4 (عبد الواسع بن عبد الرحمن بن موفّق بن عبد الله) الواعظ، أبو موفّق. ساق ابن السمعاني نسبه الى سري السقطي، وقال: كان واعظاً متميزاً، من أهل هراة. سمع: حاتم بن محمد المحمودي، وأبا عطاء المليحي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي في ربيع الآخر وله سبعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 368 4 (عبيد الله بن المظفّر) أبو الحكم الباهلي، الأندلسي، الطبيب، الشاعر، الأديب، نزيل دمشق. كان ماهراً بالطب، خليعاً، ماجناً، له مراثٍ في قوم لم يموتوا على طريق اللعب، وكان مدمناً للشرب، يجلس بجيرون) للطبّ، وسكن بدار الحجارة، وكان كثير المدائح في رؤساء دمشق. توفي في ذي القعدة. وكان يلعب بالعود. ولعِرقِلة الشاعر يهجوه: (لنا طبيبٌ شاعرٌ أشِر .......... أراحنا من وجهه اللهُ)

(ما عاد في بكرِ يومٍ فتى .......... إلا وفي بابيه رثّاه) وديوانه موجود، وقد سماه: نهج الوضاعة. وفيه أشياء ظريفة مضحكة من الهجو والغزل. وله مقصورة في المجون كصريع الدلاء. 4 (عرفة بن محمد) أبو الفتوح السمرقندي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 369 روى عن: أبي بكر بن خلف الشيرازي. وعنه: المؤيد الطوسي، والقاسم بن الصفّار، وغيرهما. 4 (علي بن محمد بن عبد العزيز بن الحافظ أبي حامد بن محمد بن جعفر.) أبو الحسن المروزي، الشاواني، من قرية شاوان. تفقّه على: أبي المظفّر السمعاني، وسمع منه. ومن: إسماعيل بن محمد الزاهري، وجماعة. وعنه: السمعاني. مات في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة. 4 (علي بن محمد بن يحيى) أبو الحسن الدُريني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 370 كان يخدم أبا نصر الإبَري، فزوّجه بنته شُهدة الكاتبة. وسمع من: طراد، وأبي عبد الله النِعالي، وابن البطر. روى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وغيرهما. قال ابن السمعاني: ثم علتْ درجته، وصار خصيصاً بالمقتفي لأمر الله، يشاوره، ويدنيه، ويراجع في الأمور. وكان متودداً متواضعاً، كبير القدر، يُعرف بثقة الدولة ابن الأنباري. وقد) بنى مدرسة ووقفها على الفقهاء. توفي في شعبان، ودفن بداره. 4 (علي بن محمد بن عتيق) أبو الحسن النيسابوري، المطرّز. نزيل مرو. أديب فاضل، ساكن، وقور، علّم أولاد الأمير ابن العبادي. وحدّث عن: نصر الله الخُشنامي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: قتلته الغز في شوال. 4 (علي بن محمد بن أبي عمر) البغدادي، الدبّاس، البزّاز. ويُعرف بابن الباقلاني. ولد سنة سبعين. وسمع من: رزق الله التميمي، وطِراد بن محمد، وابن البطر. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وغيره. وتوفي في شوال. تفقّه بابن عقيل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 371 4 (علي بن ناصر بن محمد) أبو الحسن النوقاني، الفقيه الشافعي. قال ابن السمعاني: مصيب في الفتاوى، كثير العبادة. تفقّه به جماعة. وروى جزءاً عن: علي بن حمزة النوقاني. مات في رمضان عن ثلاث وسبعين سنة. 4 (عمر بن علي بن سهل) أبو سعد الدامغاني، المعروف بالسلطان. قال ابن السمعاني: كان إماماً مناظراً، فحلاً، واعظاً، حسن الباطن والظاهر، رقيق القلب، سريع الدمعة. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا تُراب عبد الباقي المراغي، والحسن بن أحمد السمرقندي الواعظ، وأحمد بن محمد الشحّامي.) روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، لقيه بمرو. وكان قد تفقّه بأبي حامد الغزالي. تفقه عليه القطب النيسابوري مفتي دمشق. وقيل: توفي سنة ثمان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 372 4 (عمرو بن زكريا بن بطّال) أبو الحكم البهراني، اللبلي. أخذ القراءات عن: شريح، والعربية عن: أبي الحسن بن الأخضر. وسمع الكثير من القاضي أبي بكر بن العربي. وولي القضاء والخطابة بلبلة. روى عنه: أبو العباس بن خليل، ويحيى بن خلف الهوزني، وأبو محمد بن جمهور، وجماعة. وقتل في الوقعة الكائنة على لبلة في هذا العام. 4 (حرف الفاء)

4 (فاتك بن موسى بن يعيش) أبو محمد المخزومي، المنصفي، ومُنصَف: من قرى بلنسية. سمع: بركة بن الحسين بن علي الطبري، وأبي بكر الطرطوشي. وكان صالحاً، زاهداً، مجاب الدعوة. روى عنه: أبو بكر بن بحر، وطارق بن موسى، والقدماء. ثم حج في آخر عمره، وجاور بمكة حتى مات. 4 (الفضل بن أبي بكر بن أبي نصر) أبو محمد النيسابوري، السكّاف، التاجر، المقرئ. روى عن: نصر الخُشنامي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 373 وعُدِم في وقعة الغزّ. وعنه: عبد الرحيم. 4 (فضل الله بن المفضّل بن فضل الله بن أحمد بن إبراهيم) أبو بكر حفيد الإمام الزاهد أبي سعيد الميهني.) قال ابن السمعاني: لم يبق من عشيرته أقرب الى الشيخ منه. وكان شيخاً ظريفاً، بهيّ المنظر، خرّاجاً ولاجاً. سمع: أبا طاهر سعيد، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وأبا المظفّر موسى بن عمران الصوفي. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وقتلته الغزّ بميهنة، فمات في الضرب والعقوبة في ذي الحجة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الجنيد بن محمد) أبو بكر الزاهد، خطيب ميهنة. إمام، ورع، مصيب في الفتاوى. سمع: جده، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وسعيد بن أبي سعيد الميهني، وأبا سهل عبد الملك الدّشتي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وغيره. قتلته الغزّ بميهنة في ذي القعدة سنة تسع، وهو ابن بضع وثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 374 4 (محمد بن إبراهيم بن مكي) أبو طاهر الإصبهاني، الطرازي. صالح، خيّر، روى الكثير. سمع: أحمد، وشجاعاً ابني المصقلي، ومحمود بن جعفر. قال السمعاني: قرأتُ عليه معرفة الصحابة لابن مندة من ابني المصقلي. مولده في سنة ستين وأربعمائة. ومات في جمادى الأولى. 4 (محمد جامع بن أبي نصر بن إبراهيم) أبو سعد النيسابوري، الصيرفي، خياط الصوف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 375 قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، مُكثراً، صاحب أصول. سمع: فاطمة بنت أبي علي الدقاق، وأبا بكر بن خلف، وأبا المظفّر موسى بن عمران،) وإسماعيل بن زاهر النوقاني، ومحمد بن سهل السرّاج، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيد الطوسي، وعمه محمد بن علي بن حسن. ولد في رجب سنة ثلاث وسبعين. وتوفي في سابع ربيع الآخر. له أربعون حديثاً، وهو من أحفاد أبي بكر بن مهران المقرئ. سمع سنن الصوفية من ابن خلف، بسماعه من السلمي، وتاريخ أهل الصفوة بالسّنْد. 4 (محمد بن الحسن بن سعد) أبو بكر السعدي، البخاري، نزيل هراة. قال ابن السمعاني: كان شيخاً، عفيفاً، مستوراً، نظيفاً، مشتغلاً بما يعنيه. رحل الى العراق، وخراسان. وسمع: أحمد بن علي الطريثيثي ببغداد، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، ومكي بن بجير بهمذان، وأبا الفتح الأبّار بإصبهان. وكان مولده سنة سبعين. وتوفي في أول رجب. روى عنه: عبد الرحيم، وأبوه. 4 (محمد بن الخليل بن فارس)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 376 أبو العشائر القيسي، الدمشقي، المعروف بالكردي. صحب الفقيه أبا الفتح المقدسي مدة، وسمع منه، ومن: أبي القاسم بن أبي العلاء، وأبي عبد الله بن أبي الحديد. ثم تشاغل بأعمال السلطنة. ثم سكن بعلبك، وخدم صاحبها، ثم قدم دمشق. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وابن أخيه زين الأمناء أبو البركات، وغيرهم. توفي في سادس ذي الحجة ببعلبك. وقع لي جزء زين الأمناء، عنه في الخامسة. 4 (محمد بن عبد الله بن أبي سعد) الواعظ، المعمّر، أبو الفتح الهروي، الصوفي، الملقب بالشيرازي.) ولد سنة سبع وأربعين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: كان يسكن قرية بهراة يقال لها: نُباذان. وكان قد بلغ مائة سنة أو جاوزها. وكان صالحاً يعظ ويذكّر بقرى هراة. وكان من أصحاب شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري. وسئل عن الشيرازي، فقال: كنت أحب الشيراز، وهي نوع من اللبن. قال: وكنت آكل منه كثيراً، فلقّبني الصبيان بالشيرازي. سمع: شيخ الإسلام، وبيبى الهرثمية، وأبا سعد محمد بن الحسين الحرمي، وهبة الله بن الشيرازي الحافظ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 377 قلت: توفي في سابع ربيع الأول. وحدّث عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. 4 (محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي) القاضي فخر الدين، أبو منصور الحلبي. كان ذا هيئة ومروءة ظاهرة، له أمر نافذ في تصرفه في أعمال حلب، وأثر صالح في الوقوف. ثم انعزل، ومات في وسط سنة تسع. وفي ذريته فقهاء وأدباء بحلب، ثم بدمشق. 4 (محمد بن عبد الواحد بن عبد الصمد) أبو الوفاء الإصبهاني، السمسار، الفقيه، الشافعي. شيخ، صالح، وقور. سمع: أبا منصور بن شكرويه، وابن ماجة، ورزق الله. أخذ عنه: السمعاني. 4 (محمد بن عبد الواحد بن أبي بكر) أبو جعفر الإصبهاني، القطّان، يعرف بويرج. سمع: رزق الله التميمي. صالح، راغب في السماع. كتب عنه السمعاني، وقال: مات في جمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 378 4 (محمد بن عمر بن أحمد) ) أبو منصور بن البيّع الهمذاني. سمع: أباه أبا حفص الملقّب بقدوة الأئمة، وأبا الفتح عبدوساً. مات في شعبان عن سنة. 4 (محمد بن علي بن هارون بن الشريف) أبو جعفر الموسوي، النيسابوري، النسابة، البارع. كان من غلاة الشيعة، ثم تحوّل شافعياً، وترضّى عن الصحابة، وتأسف على ما سلف منه، وصحب محمد بن يحيى الفقيه. وسمع الكثير. قاله السمعاني، وأخذ عنه. وقال: قتيل في وقعة الغزّ بنيسابور في شوال، عن بضع وستين سنة. 4 (محمد بن الفضل بن علي) المارشكي. ومارِشك من قرى طوس. إمام مبرّز، مفتٍ، حسن السيرة، من نجباء أصحاب الغزالي. سمع: أبا الفتيان الرؤاسي، ونصر الله بن أحمد الخشنامي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: مات من الخوف يوم عيد الفطر بطوس في وقعة الغز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 379 4 (محمد بن محمد بن طاهر بن سعيد بن الشيخ فضل الله الميهني) أبو المكارم. شيخ صالح، سمع الكثير، وحصّل الأصول. سمع من: جدّه طاهر، وعبيد الله الهشامي، وسليمان بن ناصر الأنصاري، النيسابوري. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: عوقب وخرج في رمضان، ومات من ذلك. 4 (محمد بن هبة الله بن الحسين بن علي) أبو بكر الجعفري، العُكبري، يُعرف بابن المندوف. بغدادي، صالح، ديّن، خيّر. سمع: أبا عبد الله بن السرّاج. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: ولد في سنة ست وستين. وتوفي في رجب.) 4 (محمد بن الهيثم بن محمد بن الهيثم) أبو سعيد السلَمي، الإصبهاني. حج سنة ثمان وتسعين، وسمع من أصحاب أبي علي بن شاذان، وغيره. وسمع ببلده وحدّث. وكان بارعاً في اللغة، والأدب، مليح الخط. لازم منزله. توفي في شعبان، وهو في عشر التسعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 380 أثنى عليه الحافظ أبو موسى، وروى عنه. 4 (محمد بن يحيى بن منصور) العلامة أبو سعيد النيسابوري. الفقيه الشافعي. مرّ في عام. 4 (محمد بن يوسف بن عميرة) أبو عبد الله الأنصاري، الأوريولي. أخذ القراءات عن: محمد بن فرج المكناسي، وأبي القاسم بن النحاس، وشريح. وتفقه على: أبي محمد بن أبي جعفر، وسمع منه. ومن: أبي علي الصدفي، وجماعة. وكان عالماً، متفنناً. حدّث عنه: أبو عبد الله بن عبد الرحمن المكناسي. 4 (محمد بن الحسن بن عمر) أبو بكر الفراء، الخباز. بغدادي، صالح. سمع: ثابت بن بندار، والحسين بن البُسري. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وقال: توفي في شعبان. 4 (المبارك بن أحمد بن عبد العزيز بن المعمر بن الحسن)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 381 أبو المعمر الأنصاري، الأزجي، الحافظ. قال ابن السمعاني: سمع الكثير بنفسه، وتعانى في جمعه ونسخه، ودار على الشيوخ. وكان سريع القراءة، جميل الأمر، له أنسة بالحديث من كثرة ما قرأ.) سمع: نصر بن البطر، وأبا عبد الله النعالي، وجماعة كثيرة من أصحاب أبي علي بن شاذان، وأبي القاسم بن بشران. وكتب لي جزءاً بخطه عن شيوخه، وجمع لنفسه معجماً في خمسة أجزاء ضخمة، سمعته منه. وأفادني عن جماعة، وقال لي: ولدت في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو اليمن الكندي، وآخرون. وتوفي في رمضان في حادي عشره. وثّقه ابن نقطة، وقال: ثنا عنه جماعة. 4 (المظفّر بن سلطان) أبو الوفاء الدمشقي، النجار. روى عن: سهل بن بشر الإسفرائيني، وأبي البركات أحمد بن طاوس. روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم. توفي في رجب. 4 (مسعود بن أحمد بن أبي علي نصر الله بن أحمد بن عثمان) أبو بكر الخُشنامي، النيسابوري. سمع من: جده، والفضل بن عبد الواحد التاجر، وأبي علي الجاجرمي. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 382 قتل في فتنة الغز في شوال. 4 (المسيّب بن أبي الذؤاد المفرّج بن الحسن) الكلابي ابن الصوفي، رئيس دمشق ومدبّرها. له ذكر في الحوادث، وأنه امتنع بدمشق وجيّش، واستخدم الأحداث، حتى لاطفه صاحب دمشق، ثم عزله ناحية، ثم أبعده الى صرخد. فلما تملّك نور الدين دمشق قدمها متمرضاً، ثم مات. وكان ظالماً، جباراً، كذا قال أبو يعلى حمزة بن أسد التميمي في تاريخه، وهو مؤيد الدولة ابن الصوفي وزير دمشق في دولة مجير الدين أبق.) توفي في ربيع الأول، ودفن بداره بدمشق، وسرّ الناس بموته، فإنه كان ظالماً. 4 (المطّلب بن أحمد بن الفضل) الشريف، أبو الكندي، القرشي، الأموي، الهروي، خطيب هراة. سمع: أحمد بن أبي عاصم الصيدلاني. وعنه: عبد الرحيم السمعاني. وتوفي بهراة في رمضان. 4 (المظفّر بن علي بن محمد بن محمد بن جهير)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 383 أبو نصر الوزير بن الوزير أبي القاسم. كان مُعرقاً في الوزارة. ولي أستاذ دارية المسترشد بالله، وولي الوزارة في أول دولة المقتفي، وعزل سنة اثنتين وأربعين. وكانت وزارته سبع سنين. سمع: أبا عبد الله الحسن بن علي البُسري، وأبا الحسين العلاف، وجماعة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، ومحمد بن علي الدوري شيخ لابن النجار. ولد في حدود سنة. وتوفي في سادس ذي الحجة. 4 (منصور بن محمد بن منصور) أبو نصر الهلالي، الباخرزي، الفقيه. سكن المدرسة البيهقية بنيسابور. وقال أبو سعد السمعاني: كان فقيهاً، صالحاً، ورعاً، كثير العبادة، مكثراً من الحديث. سمع: أبا بكر بن خلف، وموسى بن عمران الأنصاري، وأبا تراب عبد الباقي المراغي. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه أربعة أجزاء من تاريخ الحاكم، عن موسى، عنه. وولد في سنة ست وستين وأربعمائة. قتل في وقعة الغز في شوال. وروى عنه المؤيّد الطوسي أيضاً. 4 (الموفّق بن محمد بن عمر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 384 الإمام أبو المعالي بن الصكّاك الطوسي، الشروطي.) إليه كان كتابة السجلات بطوس. سمع: عبيد الله بن طاهر الروقي، وأبا سعد الحسن بن عبد الله القطّان. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: ولد في حدود الثمانين وأربعمائة، وقتلته الغز بطوس في رمضان. 4 (حرف النون)

4 (نصر بن محمود بن علي) أبو الفضائل القرشي، الدمشقي، الصائغ. سمع من: الفقيه نصر المقدسي، وعلي بن زهير. وكان صالحاً، كثير التلاوة. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم. 4 (نصر بن المظفّر بن الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن خالد بن) يحيى بن خالد بن برمك بن آذروندار ويقال: أذربندار. أبو المحاسن البرمكي، الهمذاني، الجرجاني الأصل، البغدادي المولد، المعروف بالشخص العزيز. وهو أخو أبي الفتوح الفتح. سأله ابن السمعاني عن مولده، فقال: بلغت في سنة الغرق، وهي سنة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 385 ست وستين وأربعمائة. ونشأ ببغداد، ثم سكن همذان. سمع: أبا الحسين بن النقّور، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي ببغداد، وعبد الوهّاب بن مندة، وأبا عيسى بن عبد الرحمن بن زياد، وسليمان بن ابراهيم الحافظ بإصبهان. وانفرد بأكثر مسموعاته، وقصده الناس. قال أبو سعد: هو شيخ مسن، كان يصلي ببعض الأتراك، وكان يلقَّب بشخص. قرأت عليه كتاب الاستئذان لابن المبارك. قلت: روى عنه: هو، وأبو العلاء الهمذاني، وابنه عبد البر بن أبي العلاء، وداود بن معمر بن الفاخر، ومحمد بن أحمد الروذراوري، وأحمد بن شهريار بن شيرويه، وعبد الهادي بن علي) الواعظ، ووكيع بن مانكديم، وعبد الجليل بن مندويه، وجماعة. قال ابن النجار: أكثر الأسفار، ودخل الى خراسان، وبخارى، وسمرقند، وكاشغَر، والسند. ووصل الى دمشق، وبقي ليلة القدر سنة تسع وأربعين. وقيل: توفي في ربيع الآخر سنة خمسين. 4 (نصر بن موسى بن شبرق) البغدادي، البيّع، المعروف بالرّفّاء. روى عن: جعفر السرّاج، وغيره. روى عنه: أبو بكر الناقداري، وأحمد بن صالح الجيلي. 4 (حرف الواو)

4 (وهب بن سليمان بن أحمد بن الزلق)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 386 الفقيه أبو القاسم السلَمي، الدمشقي، الشافعي. تفقّه على جمال الإسلام أبي الحسن، وأعاد بالأمينية. وسمع: أبا الحسن، وأبا الفضل ابني الموازيني، وهبة الله بن الأكفاني. وقرأ بالروايات على محمد بن إبراهيم النّسائي. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وجماعة. وتوفي في رمضان وله إحدى وخمسون سنة. وهو والد محمد وأحمد. 4 (حرف الهاء)

4 (هاشم بن فليتة بن قاسم بن أبي هاشم) العلوي، الحسني، أمير الحرمين. توفي في ذي الحجة أيام الموسم بمكة. وقام بعده ولده قاسم، فبقي الى سنة ست وخمسين، فظلم وعسف، فعُزل، وولي بعده عمه عيسى. 4 (هبة الله بن سعد الله بن أسعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني) أبو محمد بن أبي سعيد، أخو أبي بكر سعيد. كيّس، ظريف، خفيف الروح، خدوم. سمع: محمد بن أحمد العارف، ومحمد بن الحسين بن طلحة المهرجاني، ومحمد بن أحمد) الكامخي، وقاضي بغداد محمد بن المظفّر الشامي، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وتوفي بميهنة في رمضان وقد قارب الثمانين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 387 4 (وفيات سنة خمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن عبد الرزاق) أبو الفتح العبسي، الشاشي، الخرقاني، الفرابي. شيخ، صالح، سديد السيرة، أديب. روى بالإجازة عن السيد محمد بن محمد بن زيد الحسني. قال أبو المظفّر بن السمعاني: سمعت منه كتاب العقوبات، وهو ثلاثة عشر جزءاً، وكتاب شرف الأوقات، وكتاب عيون الأخبار في مناقب الأخيار، وكتاب الفتن، وكتاب غرر الأنساب في شرف الرسول والأصحاب، وكتاب أدب المشروب والمأكول، وكتاب مذهب خيار الأمة في معالم السنّة، وكتاب تحفة العالِم وفرحة المتعلم، وكتاب الأربعين والجميع من مصنّفات السيد رحمه الله. ولد بخرقان سنة تسع وستين وأربعمائة. وتوفي بقرية فراب في منتصف ذي الحجة. 4 (أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 388 أبو العباس الحويزي. وحويزة: بليدة بخورسان. قدم بغداد، وتفقه بالنظامية وتأدّب، وقال الشعر. ثم خدم في الديوان، وترقّت حاله، وارتفعت منزلته، وصار عاملاً على نهر المُلك، فلم تُحمد سيرته، وظلم في السواد، وعسف. وكان عابداً، قانتاً، متهجّداً، كثير البكاء، والخشوع والأوراد. وربما أتاه الأعوان فقالوا: إن فلاناً قد ضربناه ضرباً عظيماً، فلم يحمل شيئاً وهو عاجز. فيبكي ويقول: يا سبحان الله، قطعتم عليّ وردي واصلوا الضرب عليه. ثم يعود الى ورده. ولا يخون في مال الدولة، بل يتحرى الأمانة حتى في الشيء اليسير. قال ابن الجوزي: كأنه طمع بذلك أن يرقى الى مرتبة أعلى من مرتبته، وكنت في خلوة حمّام،) وهو في خلوة أخرى، فقرأ نحواً من جزءين. هجم عليه ثلاثة من الشّراة فضربوه بالسيوف، فجيء به الى بغداد، فمات بعد ويلات. وذلك في شعبان. وحُفظ قبره من النبش. وظهر في قبره عجب، وهو أنه خُسف بقبره بعد دفنه أذرعاً، وظهر من لعنه وسبّه ما لا يكون لذمي. قلت: روى عنه أبو جعفر عبد الله المظفّري، رئيس الرؤساء جملة من شعره، ومنه قوله: (الصّب مغلوبٌ على آرائه .......... فذروه معشرَ عاذليه لدائه)

(متى يرجّى اللائمون سلوةً .......... باللوم وهو يزيد في إغرائه)

(ما كنت أبخل بالفؤاد على اللظى .......... لولا حبيب حلّ في حوبائه)

(ولقد سكنت الى مصاحبه الضّنا .......... لما حمدت إليه حُسن وفائه)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 389 4 (أحمد بن معدّ بن عيسى بن وكيل) الزاهد أبو العباس، التجيبي، الأقليشي، ثم الداني. سمع: أباه أبا بكر، وليس بالمشهور، وسمع من: صهره طارق بن يعيش، وأبا العباس بن عيسى، وتلمذ له، وأبا الوليد بن الدبّاغ، وجماعة. وحجّ، فسمع بمكة من الكروخي. وكان من الأئمة والعلماء العاملين. له عدة مصنفات. روى عنه: الوزير أبو بكر بن سفيان، وغيره. وكان كثير البكاء، والخشية، والعزوب عن الدنيا، عارفاً باللغة، والعربية، والحديث، كبير القدر. سمع الكثير بالإسكندرية من السلفي. ومن شعره: (أسير الخطايا عند بابك واقف .......... له عن طريق الحقّ قلبٌ مخالفُ)

(قديماً عصى عمداً، وجهلاً، وغرةً .......... ولم ينهه قلب من الله خائف)

(تزيدُ سنوهُ وهو يزداد ضلةً .......... فها هو في ليل الضلالة عاكف)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 390 (فطلع صبحُ الشيب والقلبُ مظلمٌ .......... فما طاف فيه من سنا الحق طائف) ) (ثلاثون عاماً قد تولّت كأنها .......... حلومٌ نقضت أو بروقٌ خواطف)

(وجاء المشيب المنذر المرءَ أنه .......... إذا رحلت عنه الشبيبة تالف)

(فيا أيها الخوّان قد أدبر الصِبى .......... وناداك من سن الكهولة هاتف)

(فجدْ بالدموع الحُمر حزناً وحسرةً .......... فدمعك ينبي أن قلبك آسف) قال الأبّار: توفي بقوص سنة خمسين أو سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. 4 (إسماعيل بن عبد الرحمن بن سعيد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 391 أبو عثمان العصائدي، النيسابوري. روى عن: أبي سعيد بن رامش، وأبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي، وأصحاب أبي بكر الحيري. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه أبو المظفّر، وجماعة. ولد بعد الستين وأربعمائة بنيسابور. وتوفي في جمادى الآخرة سنة خمسين. وكان ذا رأي سديد، وعقل، وفكر. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محبوب) أبو علي البغدادي القزّاز. شيخ صالح، سمع الكثير من: طراد، وأبي طلحة النعالي، ونصر بن البطر، والطبقة. وكان يغسّل الموتى في المارستان العضدي. روى عنه: ابن السمعاني، وابن الأخضر، وأبو الفرج بن الجوزي، وجماعة. وتوفي في المحرّم، وقد جاوز الثمانين. وكتب وخرّج مع الصدق والدين والتلاوة. 4 (الحسن بن أحمد بن أبي الفضل) النيسابوري، الصوفي، المعروف بجانا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 392 شيخ ظريف، عفيف، كثير العبادة. من مشهوري الصوفية. سمع: هبة الله بن أبي الصهباء، ومحمد بن عبد الحميد المقرئ، وغيرهما.) وتوفي في المحرّم أيضاً. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن عبد الرحمن بن علي) أبو الفضائل السلمي، المعروف بابن الدارمي. سمع: الحسن بن علي بن صصرى، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وغيرهما بدمشق. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في شعبان. 4 (الخليل بن أحمد) السكوني، اللبلي. قال ابن فرتون: ديّن، فاضل، متواضع، حافظ للفروع، مُفت.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 393 أمّ بلبلة، وأقرأ القرآن، والنحو، واللغة، والفقه، والحديث. حدّث عن: ابن السيد، وأبي محمد بن عتّاب. لقيت حفيده أبا الفضل محمد بن أحمد بن الخليل، فروى لي عن أبيه، عن جده في سنة. 4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أبي غالب بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن البنّاء) أبو القاسم البغدادي. شيخ، صالح، خيّر، من أولاد الشيوخ. سمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وجماعة. وولد في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو الفرج بن الجوزي، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزّال الواعظ، وعبد الله بن محاسن الحربي، وعلي بن المبارك الأزجي الصائغ، وريحان بن تيكان الضرير، والحسين بن أحمد الغزّال، وموسى بن الشيخ عبد القادر، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي المقرئ، وعلي بن محمد بن المهنّد السّقّاء، وعبد الرحمن بن المبارك بن المشتري، وثابت بن مشرّف البناء، وصالح بن القاسم بن كوّار، وظفر بن سالم البيطار، والفتح بن عبد السلام الكاتب، ومسمار بن العويس، وخلق آخرهم موتاً ابن اللُتّي.) وآخر من روى عنه الإجازة: أبو الحسن بن المقيَّر. توفي رابع عشر ذي الحجة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 394 4 (سعيد بن الحسين بن إسماعيل بن أبي الفضل) أبو سعد النيسابوري، الريوندي، الجوهري. شيخ صالح. قال ابن السمعاني: قال لي: ولدت سنة إحدى وستين وأربعمائة. سمع: الفضل بن عبد الله بن المحب المفسّر، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وأبا سعيد إسماعيل بن عمرو البحيري، وغيرهم. وسمع ببغداد من: أبي القاسم بن بيان. كتبتُ عنه. وتوفي في حدود الخمسين وخمسمائة. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وعبد الرحيم بن السمعاني. 4 (سليمان بن عبد الرحمن بن أحمد بن عثمان) أبو الربيع العبدري، الأندلسي. سمع: أبا علي الصدفي، وجماعة. وحجّ، فسمع كتاب غريب الحديث من: أبي عبد الله بن منصور بن الحضرمي، بروايته عن أبي بكر الخطيب إجازة. أخذ عنه أبو عمر بن عبّاد، وأثنى عليه وقال: ثقة، من أهل العلم بالأصول، والحديث، والطب، احترف به بقرطبة. ثم نزل كورة ألْش خطيباً بها. وتوفي في هذا العام وقد بلغ السبعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 395 4 (حرف الشين)

4 (شافع بن علي بن أبي الحسن) أبو الفتوح الشعري: فقيه، صوفي، نظيف. سمع: القاضي أبا الحسين المبارك بن محمد الواسطي، ونصر الله الخُشنامي. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني 4 (حرف العين) ) 4 (عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد بن الحسن) أبو القاسم ابن الخلال البغدادي. من أولاد المحدّثين. سمع: ابن خيرون، ونصر بن البطر. ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. قال أحمد بن صالح الجيلي: كان نعم الرجل، لا بأس به. توفي في أول ذي الحجة. قلت: روى عنه: أبو شجاع محمد بن المقرون، وابن الأخضر. 4 (عبد الفتاح بن عطاء بن عبيد الله) أبو المعالي، الصيرفي، الهروي. عدْل، عالم، مليح الخط. سمع: أبا عطاء عبد الأعلى المليحي، ونجيب بن ميمون الواسطي، ومحمد بن الحسن النهاوندي، وطائفة. ولد سنة سبعين وأربعمائة. وتوفي في صفر بهراة. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، ووالده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 396 4 (عبد الكريم بن بدر) أبو المكارم المُشرقي، الكوفي، منسوب الى الأمير مشرق الساماني. ولي قضاء كوفن، وكان يخل بالصلاة. سمع: إسماعيل بن محمد الزاهري، وأبا المظفّر السمعاني. وعنه: السمعاني، وابنه عبد الرحيم. مات في المحرّم بأبيورد عن ثمانين سنة. 4 (عبد المعز بن بشر بن محمد بن بشر بن عبد الله بن محمد) الواعظ أبو العباس المُزني، النتلي، الهروي. سمع: أبا عامر الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطي، وعبد الأعلى بن أبي عمر المليحي، وجماعة. روى عنه: عبد الرحيم، وأبوه.) وتوفي في ربيع الآخر سنة، وله. وزمِن بأخرة. 4 (عبيد الله بن حمزة بن حمزة بن محمد المجدّر بن أحمد بن القاسم بن جُميع بن موسى) الكاظم بن جعفر الصادق السيد، أبو القاسم العلوي، الموسوي، الهروي، أخو علي. ذكره السمعاني، فقال: زاهد، ورع، متعبّد، كثير العبادة والمجاهدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 397 وضيء الوجه، قليل الكلام، مشتغل بما يعنيه، لم نر في العلوية مثله. كان يسكن في رباط له بظاهر باب خشك، فسمع: أبا عامر بن محمود بن القاسم الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطي. وقال لي: ولدتُ في سنة ست وستين وأربعمائة. وتوفي رحمه الله يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي القعدة. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم، وأبو رَوح عبد المعز، وطائفة. أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنا عبد المعز بن محمد، أنا عبيد الله بن حمزة الموسوي، أنا أبو عامر الأزدي، أنا الجرّاحي، أنا المحبوبي، نا أبو عيسى: ثنا قتيبة، ثنا الليث، عن نافع، عن عمر قال: الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهله وماله. سقط منه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولابد منه. 4 (عبيد الله بن عمر بن هشام) أبو محمد، وأبو مروان، الحضرمي، الإشبيلي، ويُعرف بعبيد. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن النحاس، وأبي الحسن عون الله، وغيرهما. وسمع من: أبي محمد بن عتّاب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 398 وأحكم العربية. وكان شاعراً، فاضلاً جوالاً. تصدّر بمراكش للإقراء والتعليم مدة، ثم سكن مرسية، وخطب بها. وله تصانيف مفيدة، منها الإفصاح في اختصار المصباح، وشرح مقصورة ابن دريد، وكتاب قراءة نافع. حدّث عنه: أبو ذر الخشني، واختص به. وأخذ عنه القراءات والنحو: أبو عمر بن عياد، وابنه أبو عبد الله. وكان مولده في سنة تسع وثمانين وأربعمائة. وكان حياً في هذه السنة.) 4 (علي بن محمد بن أحمد) الخطيب، أبو الحسن الروذراوري المُشكاني، الخطيب بمشكان، وهي من قرى روذراور على ست فراسخ من همذان. مولده في رمضان سنة ست وستين وأربعمائة بمُشكان. وقدم عليهم سنة ست وسبعين القاضي أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد بن يونس النهاوندي، فسمعوا منه التاريخ الصغير للبخاري، بسماعه من ابن زنبيل النهاوندي في حدود سنة أربعمائة. وحدّث ببغداد بالكتاب، بقراءة ابن السمعاني. وسمعه منه: الحافظ أبو العلاء العطّار، وابنه عبد البرّ، وأبو القاسم بن عساكر، وطائفة كبيرة. وحدّث عنه: أبو القاسم بن الحرستاني إجازةً. وسماعه له بقراءة المحدّث حمزة الروذراوري، وهو صدوق. آخر من رحل إليه: الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي في ربيع الآخر سنة خمسين، وسمع منه. ثم قال: وفيها مات رحمه الله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 399 4 (علي بن معصوم بن أبي ذرّ) أبو الحسن المغربي، الفقيه، نزيل إسفرايين. وبها توفي. كان إماماً، فقيهاً، بارعاً، علامة في الحساب. تفقّه على الفرج بن عبيد الله الخويي، وأفتى وأفاد. قال ابن السمعاني فيه ذلك، وقال: كتبتُ عنه شيئاً. وتوفي في شعبان بإسفرايين. 4 (علي بن نصر بن محمد بن عبد الصمد) أبو الحسن الفندورجي، وهي قرية من نواحي نيسابور. وسمع من: عبد الغفار الشيرويي، وغيره. وكان كاتباً، منشئاً، لغوياً، شاعراً، فصيحاً. كان ينشئ الكتب من ديوان الوزارة بخراسان. قال ابن السمعاني: علّقت عنه. وتوفي في حدود سنة خمسين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 400 4 (عمر بن عثمان بن الحسين بن شعيب) ) أبو حفص الجنزي، الأديب. من أهل ثغر جنزة. أحد الأعلام في الأدب والشعر. قدم بغداد، وصحب الأئمة، ولازم الأديب أبا المظفّر الأبيوردي مدة ثم رجع الى جنزة. ثم عاد الى بغداد، وذاكر الفضلاء، وبرع في العلم حتى صار علامة زمانه، وأوحد عصره. قاله ابن السمعاني. وقال أيضاً: كان غزير الفضل، وافر العقل، حسن السيرة، متودداً، كثير العبادة، سخي النفس. صنّف التصانيف، وشرع في إملاء تفسير لو تم لكان لا يوجد مثله. سمع بهمذان كتاب السنن للنسائي، وكتاب يوم وليلة من عبد الرحمن بن حمد الدوني. اجتمعتُ معه بسرخس، وقدم علينا مرو غير مرة. وشاعت تصانيفه في الآفاق. وتوفي في رابع عشر ربيع الأول. وولد في حدود سنة بضع وسبعين. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 401 4 (حرف الفاء)

4 (الفضل بن محمد بن إبراهيم) أبو محمد بن الزيادي، السرخسي، قاضي سرخس. فقيه، عابد، متزهد. تارك للتكلف، متودد. قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه مجلساً من إملائه، وكان عنده عن أبي منصور محمد بن عبد الملك المظفري، وأبي ذر عبد الرحمن بن أحمد الأديب. وقال لي: ولدت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وتوفي في سادس عشر شوال. جاءني نعيه وأنا بنسْف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 402 4 (فضل الله بن المعمَّر بن أبي شكر) أبو سعيد الإصبهاني، الجوهري. نزيل بغداد. كان يسكن المعيدية.) سمع: رزق الله التميمي، والقاسم الثقفي الرئيس. وكان يعمل في ديوان الخاتون. قال ابن السمعاني: كتبت عنه. وتوفي في شوال. روى عنه: عبد الرحيم. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إسماعيل بن سعيد بن علي) أبو منصور اليعقوبي، البوسنجي، الواعظ، الصوفي. سكن هراة، ووعظ بها. وكان له أتباع من الصوفية ينفق عليهم من الفتوح. قال ابن السمعاني: غير أن الناس يسيئون الثناء عليه. سمع: أباه، وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلار. وتوفي بقرية نابر في سلخ رجب. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم. 4 (محمد بن الحسن بن محمد) أبو عبد الله البلدي، البنجديهي، الصوفي. سمع: أبا سعيد البغوي، الدبّاس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 403 ومات في عشر الثمانين. أخذ عنه: السمعاني أبو سعد. 4 (محمد بن عبد الباقي بن محمد بن فِرطاس) أبو سعد البغدادي، البيّع، المقرئ. قرأ القراءات، وطلب الحديث، وسمع بنفسه من: ابن بيان، وابن نبهان، وأبيّ النّرسي، وأبي سعد بن الطيوري، وطائفة. ولم يزل يسمع الى آخر شيء. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. ومات في رجب سنة خمسين، وله ست وستون سنة، رحمه الله.) 4 (محمد بن علي بن أحمد) أبو عبد الله النحوي، الحلي، ويُعرف بابن حميدة. نحوي، بارع، حاذق بالفن، بصير باللغة، شاعر. له شرح أبيات الجُمل، وكتاب شرح اللُمع، وكتاب في التصريف، وكتاب شرح المقامات، الى غير ذلك. قرأ على أبي محمد بن الخشّاب. وتوفي شاباً فيما أظن. 4 (محمد بن علي بن الحسن) أبو المظفر بن الشهرزوري، الفرضي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 404 من شيوخ بغداد، ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة. سمع: ابن طلحة النّعالي، وأبا الفضل بن خيرون، وغيرهما. قال ابن السمعاني: شيخ، ديّن، خيّر، ثقة، له معرفة تامة بالفرائض، والحساب، انفرد بذلك في وقته. وكان يسكن درب نُصير، وله دكان بالريحانيين يبيع فيها العطر، ويعلّم الناس الفرائض والحساب. وخرج الى الموصل لدَين ركبه، وبقي بها مدة، وخرج الى أذربيجان، ومات بها. كتبتُ عنه. وتوفي بمدينة خِلاط في رجب. قلت: روى عنه: يوسف بن كامل، والقاضي يوسف بن إسماعيل اللمغاني. 4 (محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام) أبو الفتح بن أبي الحسن البغدادي، الكاتب. من بيت رئاسة ورواية. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وسمّعه أبوه من: رزق التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، وأبي عبد الله الحُميدي، وابن طلحة النعالي، وطراد، ونصر بن البطر. وخرّج له أبوه مشيخة. وحدّث. توفي في سلخ صفر. قلت: روى عنه: عمر بن طبرزد، وابن الأخضر، وجماعة آخرهم حفيده الفتح بن عبد الله بن) عبد السلام. وأخبرنا الأبرقوهي، عن الفتح، عنه بالجزء الأول من حديث سعدان بن نصر، وكان صدوقاً. 4 (محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 405 الحافظ، أبو الفضل السُلامي. توفي أبوه شاباً، ومحمد صغير، فكفله جده لأنه أبو حكيم الخبري، وسمّعه شيئاً يسيراً، وحفّظه القرآن. وكان مولده ليلة نصف شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة. سمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي المظفّر، وعاصم بن الحسين، ومالكاً البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله التميمي، وطراد بن محمد الزينبي، وأبا عبد الله بن طلحة، وابن البطِر، وخلقاً من أصحاب أبي علي بن شاذان ومن بعدهم، وخلقاً من أصحاب ابن غيلان، والجوهري. وعُني بطلب الحديث أتم عناية، لكنه لم يرحل. وتفقّه على مذهب الشافعي، وقرأ الأدب واللغة على أبي زكريا التبريزي. ولازم أبا الحسين بن الطيوري فأكثر عنه، ثم خالط الحنابلة ومال إليهم. وانتقل الى مذهب أحمد لمنام رآه. قال تلميذه أبو الفرج بن الجوزي: كان حافظاً، ضابطاً، ثقة، متفنناً،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 406 من أهل السنة، لا مغمز فيه. وهو الذي تولى تسميعي الحديث. فسمعت بقراءته المُسند للإمام أحمد، وغيره من الكتب الكبار والأجزاء. وكان يثبّت لي ما أسمع، وعنه أخذت علم الحديث. وكان كثير الذِّكر، سريع البكاء. ذكره ابن السمعاني في المذيّل فقال: كان يحب أن يقع في الناس. قال ابن الجوزي: وهذا قبيح من أبي سعد، فإن صاحب الحديث مايزال يجرّح ويعدّل. فإذا قال قائل: إن هذا وقوعٌ في الناس دلّ على أنه ليس بمحدّث، ولا يعرف الجرحَ من الغيبة. ومذيّل ابن السمعاني ما سماه إلا ابن ناصر، ولا دلّه على أحوال الشيوخ أحد مثل ابن ناصر، وقد احتج بكلامه في أكثر التراجم، فكيف عوّل عليه في الجرح والتعديل، ثم طعن فيه ولكن هذا منسوبٌ الى تعصّب ابن السمعاني على أصحاب أحمد. ومن طالع كتابه رأى تعصبه البارد) وسوء قصده. ولا جرم لم يمتّع بما سمع، ولا بلغ رتبة الرواية. انتهى كلام ابن الجوزي. قلت: يا أبا الفرج، لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثله. فإنه عليك في هذا الفصل مؤاخذات عديدة، منها أن أبا سعد لم يقل شيئاً في تجريحه وتعديله، وإنما قال: إنه يتكلم في أعراض الناس. ومن جرّح وعدّل لم يسمَّ في عرف أهل الحديث أنه يتكلم في أعراض الناس، بل قال ما يجب عليه، والرجل فقد قال في ابن ناصر عبارتك بعينك التي سرقتها منه وصبغته بها. بل وعامة ما في كتابك المنتظم من سنة نيف وستين وأربعمائة الى وقتنا هذا من التراجم، إنما أخذته من ذيل الرجل، ثم أنت تتفاجم عليه وتتفاجح. ومن نظر في كلام ابن ناصر في الجرح والتعديل أيضاً عرف عترسته

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 407 وتعسّفه في بعض الأوقات. ثم تقول: فإذا قال قائل إن هذا وقوع في الناس دل على أنه ليس بمحدّث، ولا يعرف الجرح من الغيبة، فالرجل قال قوله، وما تعرّض لا الى جرح ولا غيبة حتى تلزمه شيئاً ما قاله. وقد علم الصالحون بالحديث أنه أعلم منك بالحديث، والطرق، والرجال، والتاريخ، وما أنت وهو بسواء. وأين من أضنى عمره في الرحلة والفنّ خاصة وسمع من أربعة آلاف شيخ، ودخل الشام، والحجاز، والعراق، والجبال، وخراسان، وما وراء النهر، وسمع في أكثر من مائة مدينة، وصنّف التصانيف الكثيرة، الى من لم يسمع إلا ببغداد، ولا روى إلا عن بضعة وثمانين نفساً فأنت لا ينبغي أن يُطلق عليك اسم الحفظ باعتبار اصطلاحنا، بل باعتبار أنك ذو قوة حافظة، وعلم واسع، وفنون كثيرة، واطلاع عظيم. فغفر الله لنا ولك. ثم تنسبه الى التعصب على الحنابلة، والى سوء القصد، وهذا والله ما ظهر لي من أبي سعد، بل، والله، عقيدته في السنّة أحسن من عقيدتك، فإنك يوماً أشعري، ويوماً حنبلي، وتصانفك تنبئ بذلك. فما رأينا الحنابلة راضين بعقيدتك ولا الشافعية، وقد رأيناك أخرجت عدة أحاديث في الموضوعات، ثم في مواضع أخَر تحتج بها وتحسّنها. فخِلنا مساكتتة. قال أبو سعد، وذكر ابن ناصر: كان يسكن درب الشاكرية، حافظ، ديّن، ثقة، متقن، ثبْت، لغوي، عارف بالمتون والأسانيد، كثير الصلاة والتلاوة، غير أنه يحبّ أن يقع في الناس. كان يطالع هذا الكتاب، ويُخشى عليه ما يقع له من مثالبهم، والله يغفر له. وهو صحيح القراءة) والنقل. وأول سماعه من أبي الصّقر، وذلك في سنة ثلاث وسبعين. وقال أبو عبد الله بن النجار: كانت لابن ناصر إجازات قديمة من جماعة، كأبي الحسين بن النقّور، وابن هزارمَرد الصريفيني، والأمير ابن ماكولا الحافظ، وغيرهم. أخذها له ابن ماكولا في رحلته الى البلاد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 408 قلت: وقرأت بخط الحافظ الضياء: أجاز لأبي الفضل بن ناصر: أبو نصر ابن ماكولا، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليّك في سنة ثمان وستين وأربعمائة، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وفاطمة بنت أبي عليّ الدقّاق، والفضل بن عبد الله بن المحبّ، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأحمد بن علي بن خلف الشيرازي. قلت: ولعله تفرّد بالإجازة عن بعض هؤلاء. وقال ابن النجار: كان ثقة، ثبتاً، حسن الطريقة، متديناً، فقيراً، متعففاً، نظيفاً، نزهاً. وقف كتبه، وخلّف ثيابه وثلاثة دنانير. وكانت ثيابه. خِلقاً مغسولة. ولم يعقِب. وسمعت مشايخنا ابن الجوزي، وابن سُكينة، وابن الأخضر يُكثرون الثناء عليه، ويصفونه بالحفظ، والإتقان، والديانة، والمحافظة على السنن، والنوافل. وسمعت جماعة من شيوخي يذكرون أن ابن ناصر، وأبو منصور ابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على أبي زكريا التبريزي، ويسمعان الحديث، فكان الناس يقولون: تخرّج ابن ناصر لغويَّ بغداد، وابنُ الجواليقي محدّثها، فانعكس الأمر. قلت: قد كان ابن ناصر مبرّزاً في اللغة أيضاً. وقال ابن النجار: قرأت بخط ابن ناصر، وأخبرنيه يحيى بن الحسين عنه سماعاً من لفظه قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد الشيخ أبي منصور، يعني الخياط المقرئ، واشتغلت بالأدب على أبي زكريا التبريزي، فجئت في بعض الأيام لأقرأ على أبي منصور الحديث، فقال: يا بني، تركت قراءة القرآن، واشتغلت بغيره، عدْ إلينا لتقرأ عليّ، ويكون لك إسناد، ففعلت وعدت الى المسجد، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وكنت أقرأ عليه، وأسمع منه الحديث. وكنت أقول في أكثر وقتي: اللهمّ بيّن لي أي المذاهب خير. وكنت مراراً قد مضيت لأقرأ على القيرواني المتكلّم كتاب التمهيد للباقلاني، وكأن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 409 إنساناً يردّني عن ذلك، حتى كان في بعض) الليالي رأيت في المنام كأني قد دخلت الى المسجد عند شيخنا أبي منصور، وهو قاعد في زاويته، وبجنبه رجل عليه ثيابُ بياض، ورداء على عمامته يشبه الثياب الريفية، درّيُّ اللون، وعليه نورٌ وبهاء، فسلّمت، وجلست بين أيديهما، ووقع في نفسي له هيبة، وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلست التفتَ إلي الرجل، فقال لي: عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ. فانتبهت مرعوباً، وجسمي يرجف ويرعد، فقصصت ذلك على والدتي، وبكّرت الى الشيخ لأقرأ عليه، فحكيت له ذلك، وقصصت عليه الرؤيا، فقال لي: يا ولدي، ما مذهب الشافعي الذي هو مذهبك إلا حسن، ولا أقول لك أترك مذهبك، ولكن لا تعتقد اعتقاد الأشعري. فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، فأنا أشهدُك وأشهد الجماعة أنني منذ اليوم على مذهب أحمد بن حنبل في الأصول والفروع. فقال لي: وفّقك الله. ثم أخذت من ذلك الوقت في سماع كتب أحمد بن حنبل ومسائله، والتفقّه على مذهبه، وسماع مسنده. وذلك في شهر رمضان من سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة. قال: وسمعت شيخنا عبد الوهاب بن سكينة غير مرة يقول: قلت لشيخنا ابن ناصر: أريد أن أقرأ عليك شرح ديوان المتنبي لأبي زكريا، وكان يرويه عنه، فقال: إنك دائماً تقرأ عليّ الحديث مجاناً. وهذ شِعر، ونحن نحتاج الى دفع شيء من الأجر عليه، لأنه ليس من الأمور الدينية. فذكرت ذلك لأبي، فأعطاني خمسة دنانير، فدفعتها إليه، وقرأت عليه الكتاب. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو طاهر السلفي، وقال: سمع معنا كثيراً، وهو شافعي المذهب، أشعري المعتقد، ثم انتقل الى مذهب أحمد في الأصول والفروع، ومات عليه. وكان هو وأبو منصور الجواليقي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 410 رفيقين يقرآن اللغة على أبي زكريا التبريزي اللغوي. وكان ابن ناصر له ميلٌ الى الحديث، وله جودة حفظ وإتقان، وحسن معرفة، وكلاهما ثقة، ثبْت إمام. وروى عنه أبو موسى المديني، وقال فيه: الأديب أبو الفضل بن ناصر الحافظ، مقدّم أصحاب الحديث في وقته ببغداد. وروى عنه: عبد الرزاق الجيلي، وأبو محمد بن الأخضر، وعبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الربيع الفقيه، ومحمد بن عبد الله البناء، ويحيى بن مظفّر السلامي، وعبيد الله بن أحمد) المنصوري، وعبد الله بن المبارك بن سُكينة، وعبد الرحيم بن المبارك ابن القابلة، ومحمود بن أيدكين البواب، ومحمد بن علي بن البلّ الواعظ، ومحمد بن معالي بن غُنيمة الفقيه، ومحمد بن أبي المعالي بن موهوب ابن البنّاء الصوفي، وعبد الله بن الحسن الوزّان، وأبو اليُمن الكندي، وعبد الرحمن بن عبد الغني بن الغسّال، وعبد الرحمن بن سعد الله الطحان، وإسماعيل بن مظفّر ابن الأقفاحي، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزّال، وداود بن مُلاعب، وعبد العزيز بن أحمد ابن الناقد، وموسى بن عبد القادر الجيلي، وأبو الفتح أحمد بن علي الغزنوي، ومسمار بن عمر بن العويس، وعبد الرحمن بن المبارك ابن المشتري، وعمر بن أبي السعادات بن صرما، وثابت بن مشرف، وأحمد بن ظفر بن هُبيرة، وأبو جعفر محمد بن عبد الله بن مكرّم، وأحمد بن يوسف بن صرما، وعبد السلام بن يوسف العبريي، وأبو منصور محمد بن عبد الله بن عُفيجة. وآخر من روى عنه: أبو محمد الحسن بن الأمير السيد العلوي، وبقي الى سنة ثلاثين وستمائة. وآخر من روى عنه بالإجازة في الدنيا ابن المقيّر. توفي ابن ناصر ليلة ثامن عشر شعبان. قال ابن الجوزي: وحدّثني أبو بكر بن الحصري الفقيه قال: رأيت ابن ناصر في المنام، فقلت له: يا سيدي، ما فعل الله بك قال: غفر لي، وقال لي: قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 411 زمانك، لأنك ريسُهم وسيدهم. قرأت بخط الحافظ أبي بكر بن مُسدي المجاور في معجمه قال: قرأت على ابن المقيّر، عن ابن ناصر قال: كتب إلي عبد الواحد بن أحمد المليحي قال: أنا ابن أبي شريح، فذكر حديثاً. قلت: عندي الجعديات نسخة قديمة مكتوبة عن ابن أبي شريح وكلها سماع غير واحد، عن المليحي، منه، ولكن هذا من تخبيطات ابن مُسدي، لأن المليحي، مات في سنة ثلاث وستين قبل مولد ابن ناصر بأزيد من أربع سنين. 4 (محمد بن نصر بن منصور بن علي بن محمد) أبو بكر العامري، الصوفي، المديني، الخطيب الدِّهقان، خطيب سمرقند. قال أبو سعد: كان إماماً، زاهداً. تفقّه على: أبي الحسين علي بن محمد البزدوي، وسمع: أبا) علي الحسن بن عبد الملك النسفي القاضي، والسيد أبا المعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي، والملك العالم أبا الفتح نصر بن إبراهيم الخاقان. وعمّر دهراً. وذكر عمر بن محمد النسفي الحافظ أنه ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي في الرابع والعشرين من شعبان. وقال في التحبير: يقال جاوز المائة، وسمعت منه دلائل النبوة للمستغفري. أنا أبو علي النسفي، عنه، وسمع، وكتب الإملاء في سنة أربع وستين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 412 4 (المبارك بن الحسين بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور) الإمام، أبو الكرم بن الشهرزوري، البغدادي، المقرئ. شيخ القراء، ومصنّف المصباح الزاهر في العشرة البواهر في القراءات. قال أبو سعد: شيخ صالح، ديّن، خيّر، قيّم بكتاب الله تعالى، عارف باختلاف الروايات والقراءات، حسن السيرة، جيّد الأخذ على الطلاب. له روايات عالية. سمع الحديث من: أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة، ورزق الله التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، وطِراد الزينبي، وجماعة كبيرة. وله إجازة من: أبي الحسين بن المهتدي بالله، وأبي الغنائم عبد الصمد ابن المأمون، وأبي الحسين بن النقّور، وأبي محمد الصريفيني. كتبت عنه، وذكر أن مولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربعمائة. قلت: وقرأ بالروايات على: عبد السيد بن عتّاب، والزاهد أبي علي الحسن بن محمد بن الفضل الكِرماني صاحب الحسين بن علي بن عبيد الله الرهاوي، والشريف عبد القاهر بن عبد السلام العباسي، ورزق الله التميمي، ويحيى بن أحمد السيبي، ومحمد بن أبي بكر القيرواني، وأحمد بن المبارك الأكفاني، وأبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل، ووالده الحسن. قرأ عليه خلق، منهم: عمر بن أحمد بن بكرون النهرواني، ومحمد بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 413 محمد بن هارون الحلي ابن الكمال، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة بن القبّيطي، وأبو الفضل عبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الحسين الأواني الضرير، وأحمد بن الحسين بن أبي البقاء العاقولي، وزاهر بن رستم إمام المقام بمكة، وعبد العزيز بن أحمد بن الناقد المقرئ، ومشرّف) بن علي الخالص الضرير، وعلي بن أحمد بن سعيد الواسطي الدبّاس، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي الضرير. وروى عنه الحديث: محمد بن أبي المعالي الصوفي ابن البنّاء، وأسعد بن علي، وعلي بن صعلوك، والفتح بن عبد السلام، وآخرون. ولم يخلّف بعدَه في علو سنده في القراءات مثله، فإنه قال: قرأت لقالون على رزق الله التميمي، وقرأ على الحمّامي في سنة أربع عشرة وأربعمائة. وقرأت لورش على أبي سعد أحمد بن المبارك قال: قرأت بها الى سورة سبأ على الحمامي. وقرأت للدوري، على رزق الله، ويحيى بن أحمد السيبي، وأبي الفتح عليّ، وأبي نصر أحمد بن علي الهاشمي، وأخبروني أنهم قرأوا على الحمامي. وقرأت بها على ابن عتّاب، والوكيل، وثابت بن بُندار، وابن الجراح قالوا: قرأنا على أبي محمد الحسن بن الصقر الكاتب، وقرأ هو والحمامي على زيد بن أبي بلال، بسنده. توفي أبو الكرم في الثاني والعشرين من ذي الحجة، ودُفن الى جانب الحافظ أبي بكر الخطيب. 4 (مجلي بن جُميع بن نجا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 414 قاضي القضاة أبو المعالي القرشي، المخزومي، الأرسوفي الأصل، المصري، الفقيه الشافعي. ولي قضاء ديار مصر في سنة سبع وأربعين بتفويض من العادل ابن السلار سلطان مصر ووزيرها. وقد صنّف كتاب الذخائر في الفقه، وهو من الكتب المعتبرة، جمع فيه شيئاً كثيراً من المذهب. عُزل قبل موته، وتوفي رحمه الله في ذي القعدة. ذكره ابن خلّكان. 4 (حرف النون)

4 (ناصر بن عبد الرحمن بن محمد) أبو الفتح القرشي، الدمشقي، المعروف بابن الراشن النجار. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ونصر بن إبراهيم الفقيه، وصحبه مدة وخدمه. توفي في ذي القعدة. روى عنه: ابن عساكر، وغيره. 4 (نصر بن عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 415 الصنهاجي، الأمير ابن الأمير، اللذين قتلا الظاهر بالله العبيدي، المصري. ذكرت أخبارهما في ترجمة الظافر، والفائز، وغيرهما استطراداً. وقد قُتلا في هذه السنة. 4 (حرف الواو)

4 (وكيع بن إبراهيم بن أبي سعد) أبو بكر المزارع، البغدادي. أسمعه خاله عليّ بن أبي سعد الخبّاز كثيراً من أبي طالب بن يوسف، وطبقته. روى عنه: ثابت بن مُشرف، وأحمد بن حمزة بن الموازيني. 4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن المقتدي بالله) عمّ أمير المؤمنين المقتفي. توفي في الثالث والعشرين من شوال. ومنشئ الأمراء والدولة، فلما حُمل في المركب كان الجميع قياماً في السفن الى أن وصلوا به التُرب. وتوفي وله نحو من سبعين سنة أقل أو أكثر. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن إبراهيم السلماسي) أبو زكريا الواعظ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 416 كنت قد ذكرته في سنة ثمان لكونه حدّث بدمشق، ولم أظفر بوفاته، ثم ظفرت بها في شعبان سنة خمسين بسلماس. قاله ابن الدبيثي في تاريخه، واستدركه على ابن السمعاني لأنه ما ذكره. وقال أبو الفرج بن الجوزي: قدم بغداد ووعظ بها، وكان له القبول التام، ثم غاب عنها نحواً من أربعين سنة، ثم قدِم. وسمعنا منه بقراءة شيخنا ابن ناصر، ثم رحل عن بغداد فتوفي بسلماس. وآخر من روى عن السلماسي بالإجازة: أبو الحسن بن المقيّر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 417 4 (ذِكر المتوَفّين في عَشر الخمسين) ) 4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي) القاضي أبو الخطاب الطبري، ثم البخاري. قال عبد الرحيم بن السمعاني، هو أستاذي في علم الخلاف. قلت: هذا القول يدل على أنه بقي الى عشر الستين وخمسمائة فإن أبا المظفّر إنما اشتغل بعد الخمسين. ثم قال: جمع بين شرف النسب والعلم، وحاز قصب السّبق في علم النظر، وتفقّه على والده، وعلى الإمام البرهاني، وسمع منها، ومن: محمد بن عبد الواحد الدقّاق. وولد سنة. 4 (أحمد بن إسماعيل بن أبي سعد) الشيخ أبو الفضل النيسابوري، الخبزبارائي. جليل، نبيل. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وغيره. روى عنه: أبو المظفّر بن السمعاني، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 418 4 (أحمد بن ثُعبان بن أبي سعيد بن حرز) أبو العباس الكلبي، الأندلسي، نزيل إشبيلية. ويُعرف بابن المكي، لطول سُكناه بمكة. أدرك أبا معشر الطبري وصحبه طويلاً، وسمع منه كتاب التلخيص في القراءات. وتصدّر للإقراء بإشبيلية، وطال عمره، وكثُر الانتفاع به. أخذ عنه: ابن رزق، وابن خَير، وابن حُميد، وغيرهم. قال الأبّار: توفي بعد الأربعين وخمسمائة. 4 (أحمد بن سعيد بن الإمام أبي محمد بن حزم) القرطبي الظاهري، أبو عمر الفقيه. كان على مذهب جده، وكان عارفاً به، مصمماً عليه، صليباً فيه، عارفاً بالنحو والشعر. توفي رحمه الله بعد امتحان طويل من الضرب والحبس وأخذ أمواله لما نُسب إليه من الثورة) على السلطان، وذلك بعد الأربعين. نسأل الله العاقبة. 4 (أحمد بن عبد الله بن مرزوق) أبو العباس الإصبهاني. فقيه، متودد، من أصحاب إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ. سمع: غانماً البُرجي، وأبا سعيد المطرز، وأبا علي الحداد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 419 وببغداد: أبا علي بن المهدي، وأبا سعد بن الطيوري، وأبا طالب اليوسفي. وبشيراز: أبا منصور عبد الرحيم بن أحمد الشرابي الشيرازي، شيخ تفرّد بالسماع من أبي بكر محمد بن الحسين ابن أبي اللت الشاهد الشيرازي. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وداود بن يونس الأنصاري، وغيرهما. وكان مولده في سنة. روى الشيخ الموفق، عن رجل، عنه. 4 (أحمد بن عبد الجبار بن محمد بن أحمد بن أبي النّضْر) الشيخ أبو نصر البلدي، النسفي. حدّث بالكثير. قال ابن السمعاني: كان ثقة، صالحاً. سمع صحيح البخاري، وصحيح البُجيري، وأخبار مكة للأزرقي. وهو مُكثر. قال عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني: سمعت منه صحيح عمرو بن محمد بن بُجير، بروايته عن جده محمد بن أحمد البلدي، إلا قدر جزأين فبالإجازة. قال: أنبا أبو نصر محمد بن يعقوب بن إسحاق السلامي، عن محمد بن أحمد الكرميني، عنه، قال: وسمعت له أخبار مكة عن: جده، عن أبي المعالي المكحولي، عن هارون بن أحمد الأستراباذي، عن إسحاق بن أحمد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 420 الخُزاعي، عن المصنّف. ومولده في سنة ثمانين وأربعمائة. وسمعنا منه بنسف. قلت: ويجوز أن يكون عاش الى بعد الستين وخمسمائة. وقال أبو سعد: تركته حياً سنة إحدى وخمسين.) 4 (أحمد بن عبيد الله بن الحسين) أبو محمد بن الآمدي، الواسطي. شيخ صالح، خيّر، كثير التلاوة، له عِلم ومعرفة وفَهم. سمع: نصر بن البطِر. وحدّث. 4 (أحمد بن محمد بن عبد الجليل بن إسماعيل) الفقيه أبو نصر السمرقندي، الإبريسمي. شيخ، فاضل، صالح. سمع: إسحاق بن محمد النوحي، الخطيب، وغيره. قال عبد الرحيم السمعاني: سمعت منه كتاب تنبيه الغافلين لأبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي، بروايته عن النوحي، عن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن الترمذي، المقرئ، عنه. وولد في حدود سنة. 4 (أحمد بن ياسر بن محمد بن أحمد) أبو عبد الله البنجديهي، المروزي، المقرئ. ولد تقريباً سنة سبعين وأربعمائة، وحمله والده الى بغشور، فسمع بها جامع الترمذي، من أبي سعيد محمد بن أبي صالح البغوي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 421 وسمع ببنجديه من: أبي القاسم هبة الله الشيرازي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (أحمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسين) القاضي أبو نصر النيسابوري، الناصحي. من بيت القضاء والعلم. سمع: أبا بكر محمد بن محمد التفليسي، وأبا بكر بن خلف. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (حرف التاء) ) 4 (ألتُنتاش) الأمير، مملوك الأمير أمين الدولة صاحب بصرى وصرخد، وواقف الأمينية بدمشق. لما توفي أمين الدولة كان هذا نائباً على قلعة بصرى، فاستولى عليها وعلى صرخد، واستعان بالفرنج، فنجدوه، فسار لقتاله الأمير معين الدين أنُر بعسكر دمشق، فالتقاهم، فكسرهم وانهزم معه ألتُنتاش. ونازل معين الدين بصرى وصرخد، فأخذهما بعد شهرين في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. ثم ترك ألتُنتاش الفرنج، وقدم دمشق بوجه منبسط، وقد كان أذى أخاه خطلخ وكحله وأبعده، فجاء المسكين الى دمشق، فلما قدم ألتُنتاش حاكمه أخوه وكحّله بالشرع قصاصاً، فبقيا أعميين. وقرر معين الدين في القلعتين أجناداً، ثم صارتا بعد للملك نور الدين. مات ألتُنتاش في هذه السة. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن أبي القاسم بن أبي سعد) أبو الفتح النيسابوري، القاضي، مقرئ، صالح، خيّر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 422 سمع: أبا الحسن أحمد بن محمد الشجاعي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (الحسين بن محمد بن محمد بن نصر) أبو علي الأنصاري، الخزرجي، النسفي، الأديب. سمع بنسف: طاهر بن الحسين، وأبا بكر محمد بن أحمد البلدي. وبسمرقند: أبا القاسم عبد الله الكسائي. روى عنه: عبد الرحيم. وقال: وولد في حدود السبعين وأربعمائة. 4 (حيدر بن زيرك) أبو تُراب الجوباري، النسفي. سمع من: مولاه الإمام أبي بكر محمد بن أحمد البلدي في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة أخبار مكة للأزرقي. وكان عبداً، صالحاً.) روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. 4 (حرف السين)

4 (سُكينة بنت الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد) أم سلمة النيسابورية، امرأة عبد الخالق بن زاهر الشحّامي. امرأة، صالحة، خيّرة. سمعت من: جدها إسماعيل، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وأبي نصر بن رامش. ومولدها سنة سبع وسبعين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 423 روى عنها: عبد الرحيم السمعاني. 4 (سعيد بن الحسن) أبو سعد النيسابوري، الريوندي، الجوهري. صالح، عفيف، سمع: الفضل بن المحب، وإسماعيل بن مسعدة. ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة. كتب عنه: ابن السمعاني، وطائفة. 4 (سليمان بن يحيى بن سعيد) الأستاذ أبو داود المعافري، القرطبي، المقرئ، المجوّد، ويُعرف بأبي داود الصغير. أخذ القراءات عن: أبي داود، وأبي الحسن بن الدّوش، وأبي الحسين بن البياز، وأبي الحسين الخضري، وأبي عبد الله محمد بن المفرّج، وروى عنهم. وعن: القاسم بن عبد العزيز، وخلف بن مدير. وتصدّر للإقراء بقرطبة، ولتعليم العربية. قال أبو عبد الله الأبّار: كان مُقرئاً، محققاً، ماهراً. توفي بعد الأربعين. أخذ عنه: أبو بكر بن خير، وأبو الحسن بن الضحاك، وأبو القاسم القنطري، وأبو زيد السهيلي، وابن الخلوق الغرناطي، وغيرهم. 4 (سليمان بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان) السلجوقي، المدعو شاه، أخو السلطان مسعود.) قال ابن الدبيثي: قدم بغداد في أيام المقتفي، وخُطب له بالسلطنة على

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 424 منابر العراق، ونُثر على الخطباء عند ذكره الدنانير، ولُقّب غياث الدنيا والدين، وأعطي الأعلام والكوسات، وخرج متوجهاً نحو الجبل. ولقي ملكشاه بن محمد، فجرى بينهما حرب نُصر فيه سليمان، وعاد الى بغداد على طريق شهرزور، فخرج إليه عسكر من الموصل، فظفروا به. وحُبس بالموصل حتى مات بها. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن طاهر بن علي بن محمد بن علي بن فارس) أبو المظفّر البغدادي، الخياط، التاجر. قال ابن السمعاني: شيخ، فاضل، عالم، صائن، ثقة، حسن السيرة، متواضع. له أنسة بالحديث، يحفظ الأجزاء والكتب التي سمعها والطرق، وأسماء شيوخه. تغرّب عن بغداد، ودخل خراسان، والهند. وسكن لَوهور، وتأهل بها. وكان يسافر عنها ويعود. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وسمع: الحسين بن البُسري، وثابت بن بُندار، وجعفر السّراج، والمبارك بن عبد الجبار، وأبا بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وأبا غالب الباقاني. وبإصبهان: أبا القاسم البُرجي، والحدّاد. وبنيسابور أبو بكر الشيرويي. وقدم علينا بلخَ في مدة مُقامي بها، وذلك في سنة ست وأربعين. وقرأت عليه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 425 قلت: روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. 4 (عبد الله بن الحسين بن عبد الله الكرماني) أبو القاسم. نيسابوري، صالح. وهو أخو عبد الوهاب الذي يأتي سنة تسع وخمسين. شيخ، صالح، أديب، سمع: أبا بكر بن خلف، وأبا القاسم الواحدي، وأبا تراب المراغي. سمع منه: أبو المظفّر بن السمعاني بنيسابور سنة نيفٍ وأربعين وقال: كانت ولادته في ربيع الأول سنة خمس وسبعين وأربعمائة.) 4 (عبد الرحمن بن الحسن) الشّجري. مر في سنة سبع وأربعين وخمسمائة. 4 (عبد الرحمن بن موفور بن زياد بن محمد) أب الفضل الحنفي، الهروي. شيخ صالح. روى عنه: شيخ الإسلام الأنصاري، وعبد الأعلى بن المليحي، وغيرهما. روى عنه: عبد الرحيم، وأبوه. 4 (عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين) القاضي أبو سعيد الناصحي، النيسابوري. روى عن: أبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 426 وعنه: عبد الرحيم، وأبوه. 4 (عبد الرشيد بن عثمان) أبو محمد الماليني، الفامي. سمع: محمد بن علي العميري. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي بعد الأربعين. وقد حدّث ببغداد. 4 (عبد السلام بن أحمد بن إسماعيل بن محمد) أبو الفتح الهروي، الإسكاف، المقرئ، ولقبه: بكيرة. قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، سديد السيرة، جميل الأمر، كثير العبادة. سمع: محمد بن أبي مسعود القلوسي، والفُضَيل بن يحيى الفضيلي، وأبا إسماعيل عبد الله الأنصاري. قال: وولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وأربعمائة. قلت: ولم يؤرخ له وفاة. وقال ابن نُقطة: حدّث عن أبي المظفّر عبد الله بن عطاء بكتاب الترمذي.) وقال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه نسخة مُصعب الزبيري، وثمانية أجزاء من حديث ابن صاعد، بسماعه من القلوسي، عن ابن أبي شُريح. قلت: روى عنه: هو. وأبوه أبو سعد، وأبو الضوء شهاب الشذياني،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 427 ونصر بن عبد الجامع الفامي، وحمّاد بن هبة الله الحرّاني، وأبو رَوح عبد المعز الهروي، وآخرون. وبقي الى حدود الخمسين وخمسمائة. ولعله هلك في دخول الغُزّ هَراة. 4 (عبد الكريم بن عبد الوهاب بن إسماعيل) الجُويني، أبو المظفّر، القاضي بجوين. سمع: أبا الحسن المؤذّن المديني، وطبقته. وعنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وكان مولده بحَيراباذ بعد السبعين وأربعمائة. 4 (عبد الكريم بن محمد بن حامد بن مكي) أبو منصور النيسابوري، الخيّام، الصوفي، الواعظ. قال أبو سعد: كان أبوه من مشاهير الوعّاظ والمحدّثين. كان شيخاً، صالحاً، واعظاً، مُكثراً من الحديث، صوفياً. سافر مع والده الى العراق والجبال، سمع بنيسابور: الفضل بن المحب، وأبا سعيد شبيباً، وأبا المظفّر موسى بن عمران. وأجاز لي ولابني عبد الرحيم من زنجان في سنة ست وأربعين، وتوفي بعد هذا التاريخ، وولد سنة ثلاث وستين. 4 (عبد الواحد بن محمد بن خلف بن بقيّ) أبو محمد القيسي، الفقيه، نزيل دانية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 428 قال الأبّار: هو من ثغر بُنُشْكُلة، واشتهر بالنسبة إليها. وسمع من: أبي محمد البطليوسي، وأبي علي بن سكّرة، وابن محمد بن عتّاب، وجماعة. وكان فقيهاً، حافظاً، مشاوَراً، مفتياً، درّس، وأقرأ الفقه. وتوفي في حدود الخمسين. 4 (عبيد الله بن محمد بن الحسين) ) أبو القاسم الحسيني، الأستوائي، الجرجاني، الخراساني. ذكره ابن السمعاني فقال: كان شيخاً، معمّراً، صالحاً، كثير التلاوة والعبادة. وقد رأى الشيخ أبا القاسم كركان. وسمع بطوس من: الفضل بن محمد الفارمذي، وببغداد: أبا بكر الطريثيثي، وجماعة. لقيته بجرجان، وكان أصمّ، فقرأت عليه بصوت رفيع. وقد جاوز المائة. قال بعض أقربائه ما دلّ على أن مولده بعد أربعين وأربعمائة. 4 (عُبيد الله بن محمد بن الفرج) الغرناطي، أبو محمد بن الفرس. سمع من: أبي داود بن نجاح، وغيره. وعنه: ابن أخيه محمد بن عبد الرحيم القاضي. 4 (عبيد الله بن إبراهيم بن أبي بكر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 429 الإمام أبو بكر النسائي، التفتازاني، وتفتازان: من قرى نَسا. قال السمعاني: كان إماماً، مفتياً، مفسّراً، محدّثاً، واعظاً، مشتغلاً بالعيادة، يتولى الحرث والحصاد والدّرس بنفسه، ويأكل من كدّه. سمع بنيسابور: نصر الله الخُشنامي، وعلي بن عبد الله بن أبي صادق، وإسماعيل بن عبد القاهر، وصاعد بن سيار الحافظ. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه. 4 (علي بن محمد بن الحسين بن عقيل) أبو الحسن الساوي، سِبط المدبر، بغدادي، متكلم. روى عن: مالك البانياسي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: كان يعرف الكلام والجدل، وله يدٌ باسطة فيه. وكان يقع في الصالحين والأخيار. 4 (حرف الكاف)

4 (كوثر ناز بنت مُضر بن إلياس التميمي البالكي) الهروية، أمَةُ الرحمن. امرأة صالحة، خيّرة، عفيفة.) سمعت: جدها أبا عمرو البالكي، وشيخ الإسلامي الأنصاري. وولدت في حدود السبعين. سمع منها: عبد الرحيم بهَراة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عثمان.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 430 النوقاني، الطوسي، أبو عثمان المقرئ. أنا ابن عساكر: أنا أبو المظفّر عبد الرحيم كتابةً: أنا محمد بن أحمد بنوقان، أنا أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي، أنا ابن مَحمِش الزيادي، أنا حاجب بن أحمد، أنا عبد الرحمن المروزي، ثنا عبد الله بن المبارك، نا مبارك بن فضالة: حدثني الحسن، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة ويُسند ظهره الى خشبة، فلما كثُر الناس قال: ابنُوا منبراً. فسوّي له منبر. وإنما كانت عتبتين، فتحول من الخشبة الى المنبر، فحنّت، والله، الخشبة حنين الوالِه، وأنا، والله، في المسجد أسمع ذلك. فمازالت تحنّ حتى نزل من المنبر، فمشي إليها فاحتضنها، فسكنت. 4 (محمد بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم) أبو سعد الساماني، النيسابوري. شيخ مستور. سمع: أبا القاسم الفُضيل بن المُحب، وعبد الباقي المراغي، وأبا بكر التفليسي. ولد سنة. وهو مذكور في شيوخ عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (محمد بن إسماعيل بن أبي بكر أحمد) المروزي الساسياني. وساسيان: محلة بظاهر مرو. كان شيخاً، صالحاً، متميزاً. سمع صحيح البخاري من أبي بكر بن أبي عمران الصفّار. قاله عبد الرحيم، وسمع منه. 4 (محمد بن أبي أحمد بن محمد) أبو الفتح المروزي، الحُضيري، المقرئ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 431 فقيه، صالح، عابد، كثير التلاوة.) من شيوخ عبد الرحيم. قال: سمع من أبي الخير الصفّار أيضاً. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله) الإمام أبو الفتح الحمدويي، البنجديهي، المروزي، الفقيه. تفقه على: أبي بكر محمد بن السمعاني. وسمع من: القاضي أبي سعيد محمد بن علي بن أبي صالح البغوي، وإسماعيل بن أحمد البيهقي، وهبة الله بن عبد الوارث الحافظ، وغيرهم. قال عبد الرحيم بن السمعاني: لقيته بالدرق السفلى، وسمعت منه جميع الترمذي، وولد سنة بضعٍ وستين وأربعمائة، وكان فقيهاً، زاهداً، نظيفاً، حسن السمت، رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم) أبو عبد الله الجوَيني، البخاري، المعكاني، الفقيه، الواعظ. ولد بقرية معكان، من أعمال بُخارى، في سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة. وسمع من: علي بن محمد بن حِذام البخاري، صاحب منصور بن نصر الكاغَدي في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 432 روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (محمد بن الحسين بن الحسن بن الحسين) أبو غانم الإصبهاني، المعدّل، المحدّث، ويُعرف بزينة. قال السمعاني: له فهم وكياسة. سمع من والدي الكثير بإصبهان، ونسخ بخطه. خرّج له الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي. سمع من: جده لأمه أبي بكر محمد بن الحسن بن سُليم، وأبي بكر محمد بن علي بن جُولة، وبا أُشتَة، وعبد الرحمن الدوني، وأصحاب أبي عبد الله الجُرجاني. سمعتُ منه، وسمع منه: أبو القاسم الدمشقي، وغيره ببغداد. 4 (محمد بن هبة الله بن العلاء) الحافظ أبو الفضل البروجردي، تلميذ ابن طاهر المقدسي. سمع: أبا محمد الدوني، ومكي بن بُجير، ويحيى بن مندة.) قال السمعاني: أول ما لقيته كنت أنسخ بجامع بُروجِرد، فدخل شيخ رثّ الهيئة، ثم قال: أيش تكتب فكرهت جوابه، فقلت: الحديث. فقال: كأنك تطلب الحديث قلت: بلى. قال: من أين أنت قلت: من مرو. قال: عمّن يروي البخاري من أهل مرو قلت: عن عبدان، وصدقة، وعليّ بن حُجر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 433 قال: ما اسم عبدان قلت: عبد الله بن عثمان. فقال: لم قيل له عبْدان. فتوقفت، فتبسّم، فنظرت إليه بعين أخرى، وقلت: يذكر الشيخ. فقال: كنيته أبو عبد الرحمن، فاجتمع في اسمه وكنيته العبْدان، فقيل: عبْدان. فقلت: عمن هذا فقال: سمعت من محمد بن طاهر المقدسي. ثم بعد ذلك انتخبت عليه. وسمعت منه. قلت: لم أر له ذِكر وفاة ولا مولد. فكتبته هنا على التوهم. 4 (مالك بن وهب) أبو عبد الله الإشبيلي، المتكلّم. قال اليَسَعُ بنُ حزم فيه: الفقيه، الأديب، الورع، المتواضع، إمام في فنون، ومخرج جواهر البلاغة من درجها المكنون، وعقل تتعلم منه العقول، وذهن انصقل به كل مصقول، وأدبٌ بارع، وشعرٌ، لا يُجارى. الى أن قال: نظره في علم الشريعة والحديث والتفاسير نظر من اتّسع. وكان قد نزل من قلب أمير المسلمين على منزلة، يخلو به إذا خلا، ويتحلى بأدبه البارع إذا تحلا. أحله محلّ المُطاع الذي من عصاه عصا. ومن أطاعه أطاع، حتى بنى له قصراً يدخل إليه من خوصته، لتبين مكانه لرتبته. ومع هذا فكان يتواضع في لبسه، ويتبذّل في حوائجه، ويبدو في أكثر أوقاته في صورة الباكي على الذنب، النادم، أدرك أبا عبد الله بن مُعاذ، فأكثر عنه وأخذ عنه الهندسة. أدركته رحمة الله. قلت: وكان أشار على ابن تاشفين باعتقال ابن تومَرْت. 4 (المبارك بن ثابت بن علي) ) أبو طالب البغدادي الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 434 سمع من: حَمْد بن أحمد الحدّاد. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. 4 (محمود بن أحمد بن علي بن الفرج) الإمام أبو المحامد السمرقندي، السُغدي، الساغَرجي، أحد الأعلام ذكره السمعاني في الذيل فقال: إمام، بارع، مبرّز في أنواع الفقه والتفسير، والحديث، والأصول، والمتفق، والمفترق، والوعظ حسن السيرة، كثير الخير والعبادة. بهي المنظر. قال لي: أول ما كتبت الحديث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. سمع: يوسف بن صالح، والحسن بن عطاء السُغدي، وأبا إبراهيم إسحاق بن محمد النوحي، وميمون المكحولي، وعلي بن أحمد الكلاباذي. كتبت عنه بسمرقند، وقرأت عليه تنبيه الغافلين، بروايته عن النوحي، عن سِبط الترمذي، عن مؤلفه. وقال لي: ولدت سنة ثمانين وأربعمائة. 4 (محمود بن خلف)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 435 أبو القاسم اللهاوري، ثم الإسفرائيني. قال السمعاني: تفقّه على جدّ أبي المظفّر. وسمع: أبا بكر بن خلف بنيسابور، وعبد الرزاق بن حسان المنيعي، وجماعة. وقال: مات سنة نيف وأربعين. 4 (محمود بن محمد بن أحمد بن محمد) أبو الشكر البابصري، الشروطي. كان له حانوت مقابل باب النوبي للشروط، وله شِعر فائق مدوّن. روى عنه: المبارك بن كامل وهو أسنّ منه بكثير، ومحمد بن علي بن إبراهيم الكاتب. ومات شاباً. ومن شعره: (أفدي الذي بتُّ من هواهُ .......... إليه دون الأنام أشكو) ) (كاتبُ خطٍ له عِذار .......... ليس لمن يحتويه سبكُ)

(خطّان ما استُجمعا بشخصٍ .......... إلا وستر المحبّ هتكُ)

(هذا مراد على بياضٍ .......... وذاك ورد عليه مسكُ)

4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن محمد بن الموفّق بن أبي المظفّر بن عبد الواحد) الفقيه، أبو الفتوح الكسائي، الهروي. سمع: نجيب بن ميمون الواسطي، وأبا عطاء المليحي، وغيرهما. روى عنه: أبو المظفّر عبد الرحيم وقال: توفي بعد سنة ست وأربعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 436 4 (نصر بن مهدي بن نصر بن مهدي بن محمد) السيد أبو الفتح العلوي، الحُسيني، الونكي، الراوي، المعدل. الفقيه الزيدي. سمع: طاهر بن الحسين السمّان، وسليمان بن داود الغزنوي بمرو. وورد بغداد حاجاً. وسمع بها أبا يوسف عبد السلام القزويني. قال أبو سعد: كتبت عنه بالري، وقال لي: ولدت سنة ثمان وستين وأربعمائة. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي) أبو المظفر المدير بين يدي قاضي القضاة الزينبي. سمّعه أبوه من ابن طلحة النعالي، وجماعة. كتب عنه: أبو سعد السمعاني. 4 (همّام بن يوسف بن أحمد) العاقولي أبو محمد. سمع: أبا الحسين بن الأخضر الأنباري، وغيره. وكان يخدم القُضاة. كتب عنه ابن السمعاني. 4 (حرف الياء) ) 4 (يحيى بن عبد الله فَتّوح) أبو زكريا الحضرمي، الداني. ويُعرف بابن صاحب الصلاة. روى عن: أبي محمد بن البطليوسي، وغيره. وكان أديباً، لغوياً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 437 روى عنه: ابنه الأستاذ أبو محمد عبدون. وتوفي في حدود الخمسين. 4 (الكنى)

4 (أبو الحسين بن الموصلي، الأندلسي) الرئيس، العالم. أحد أكابر الأندلسيين وقاضي إشبيلية. قصد حضرة أمير المسلمين يستعطفه في مصالح ثغور الجزيرة، فأكرمه واحترمه، واعتمد عليه، وقضى أشغاله، وقال: فهل لك من حاجة تخصّك قال: يا أمير المؤمنين، إن الله قد وسّع عليّ فيما رزق. وقد كان خرج من غزاة فُأسِر، فلما جنّ عليه الليل أتاه رومي فقال: أنت ابن الموصلي قال: لا. قال اليَسَع: فحدَّثني قال: أنكرتُ خوفاً من التغالي، لأني كنت أحصل في سهم الملك، ولا أخرج بأقل من خمسين ألفاً، وربما عُذّبت لأوقع إليهم بلداً. فقال لي الرومي ما أوجب اعترافي، وقال: لا تَنَمْ، أنا أخلّصك. فأركبني في وسط الليل، ووجّه معي صاحباً له تواعد معه الى موضع، ثم تلاقينا في آخر الليل. ثم أصبح على باب حصن المسلمين فدخلته. ففرح بي أهله لما عرفوني، فقلت: أريد الوفاء لهذا الصاحب المجمِل، فجعل الرجل يأتي بالدنانير، والمرأة بالسوار والعِقد. وقد أخفيت الرومي شفقةً عليه، ثم أتيته فأرضيته، وقلت: هذا ما حضر، فلعلّك أن تقدم إشبيلية. فقدِم بعد أشهر، فدفعت إليه تتمة ألف دينار، وانفصل يشكر ويحمد.

الجزء الثامن والثلاثون

الجزء الثامن والثلاثون

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 5 5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة السادسة والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وخمسين وخمسمائة) دخول السلطان سليمان شاه بغداد والخلعة عليه قدم في أواخر سنة خمسين إلى بغداد السلطان سليمان شاه بن محمد بن ملكشاه مستجيراً بالخلافة، فخرج عليه لتلقيه ولد الوزير عون الدين، ولم يترجل أحد منهما للآخر ولم يحتفل بمجيئه لتمكن الخليفة وقوته، وكثرة جيوشه. فلما كان في نصف المحرم استدعي إلى باب الحجرة، وحلف على النصح ولزوم طاعة أمير المؤمنين. ثم خطب له في آخر الشهر. وذكر في الخطبة بعد اسم السلطان سنجر ولقب بألقاب أبيه. وفي وسط صفر أحضر وألبس الخلعة والتاج والسوارين، وقرر بأن العراق لأمير المؤمنين، ولا يكون لسليمان شاه إلا ما يفتحه من بلاد خراسان. ثم خرج، فقدم له الخليفة عشرين ألف دينار ومائتي كر، وخلع على أمرائه. ثم سار الخليفة ومعه سليمان شاه إلى أن وصل حلوان، ونفذ معه العسكر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 6 هرب السلطان سنجر من يد الغز وفيها، في رمضان، هرب السلطان سنجر بن ملكشاه من يد الغز في جماعة من الأمراء، فساروا إلى قلعة ترمذ، فاستظهر بها على الغز. وكان خوارزم شاه أتسز هو والخاقان محمود بن محمد ابن أخت سنجر يقاتلان الغز، والحرب بينهم سجال، فذلت الغز بموت علي بك، وكان أشد شيء، على السلطان سنجر وعلى غيره ثم قضت الأتراك الفارغية إلى خدمة سنجر، وتجمع جيش ورد إلى دار ملكه مرو، فكانت مدة أسره مع الغز إلى أن رجع إلى دست سلطنته ثلاث سنين وأربعة أشهر. الزلازل بالشام وفيها، كما قال أبو يعلى التميمي، كانت بالشام زلازل عظيمة، انهدم كثير من مساكن شيزر على أهلها. وأما كفرطاب فهرب أهلها منها خوفاً على أرواحهم، وأما حماه فكانت كذلك. قلت: وقد ذكر ابن الجوزي الزلزلة كما يأتي في سنة اثنتين، فبالغ ونقل ما لم يقع. موادعة نور الدين للفرنج وغدرهم) قال حمزة: وفي رمضان وصل الملك نور الدين إلى دمشق من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 7 حلب بعد أن تفقد أحوالها وهذبها. وفي شوال تقررت الموادعة بينه وبين ملك الفرنجة سنة كاملة، وأن المقاطعة المحمولة إليهم من دمشق ثمانية آلاف دينار صورية. وكتبت الموادعة بذلك، وأكدت الأيمان، فبعد شهرين غدرت الفرنج لوصول نجدة في البحر، ونهضوا إلى الشعرا من ناحية بانياس، وبها جشارات الخيول، فاستاقوا الجميع، وأسروا خلقاً. الحريق ببغداد وفيها كثر الحريق ببغداد، ودام أياماً ووقع في تسع دروب سماها ابن الجوزي. سفر الخليفة إلى دجيل وفيها سافر أمير المؤمنين إلى ناحية دجيل بعد قدومه من حلوان يتصيد. المصاف بين سليمان شاه ومحمد شاه وانضاف إلى سليمان ابن أخيه ملكشاه وإلدكز وتحالفوا، فسار لقتالهم محمد شاه، فعملوا مصافاً فانتصر محمد شاه، ووصل إلى بغداد من عسكرها خمسون فارساً بعد أن خرجوا ثلاثة آلاف. ولم يقتل منهم أحد، وإنما

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 8 نهبوا، وأخذت خيولهم، وتشتتوا. ورد سليمان شاه في حالة نحسةٍ، فخرج عليه أمير الموصل، فقبض عليه وطالعه إلى القلعة. وسار محمد شاه يقصد بغداد، فوصل إلى ناحية بعقوبا، وبعث إلى كوجك، فتأخر عنه، فانزعجت بغداد، وأحضرت العساكر، واستعرضهم الوزير. تسلم نور الدين بعلبك وفيها تسلم نور الدين بعلبك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 9 4 (سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة) الحرب بين محمد شاه والخليفة ثم قرب محمد شاه بن محمود من بغداد، وجاءه زين الدين علي كوجك صاحب إربل نجدة، فحصرا بغداد، واختلف عسكر الخليفة عليه، وفرق الخليفة سبعة آلاف جوشن، وعملت الأترسة الكبار، والمجانيق الكثيرة، وأذن للوعاظ في الجلوس، بعد منعهم في سنةٍ وخمسة أشهر.) ثم ركب محمد شاه وعلي كوجك، وصاروا في ثلاثين ألفاً، ورموا بالنشاب إلى ناحية التاج وقاتلت العامة، ونهب الجانب الغربي، وأحرقوا مائتين وسبعين دولاباً. وقاتل عسكر الخليفة في السفن، كل ذلك في المحرم. فلما كان ثالث صفر جاء عسكر محمد في جمع عظيم، وانتشروا على دجلة، و خرج عسكر الخليفة في السفن يقاتلون. وكان يوما مشهودا. فلما كان يوم سادس عشر صفر وصلت سفن للقوم فخرجت سفن الخليفة تمنعها من الإصعاد وجرى قتال عظيم وقاتل سائر أهل البلد. وجاء الحاج سالمين فدخلوا بغداد من هذا الجانب. فلما كان يوم سادس وعشرين جاء بريد يخبر بدخول ملكشاه بن السلطان مسعود همذان، وكبس بيوت المخالفين ونهبها. ففرح الناس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 10 فلما كان يوم سلخ صفر عبر في السفن ألف فارس، وصعدوا فدخلوا دار السلطنة فنزل منكورس الشحنة، وكان أحد الأبطال المذكورين، فأحاط بهم وقتل منهم جماعة، ورمى الباقون أنفسهم في الماء. واتصل القتال، وكان الخليفة يفرق كل يوم نحواً من مائة كر. وفي بعض الأيام فرق على الجند خمسة وعشرين ألف نشابة، والكل من عنده، لم يكلف أحداً ولا استقرض. وحكى الزجاج الحلبي أنه عمل في هذه النوبة ثمانية عشر ألف قارورة للنفط. وفي خامس ربيع الأول خرج منكورس، وقيماز السلطاني، والخيالة، والرجالة، فحملوا اثنتي عشر حملة، واقتتلوا. وفي العشرين من ربيع الأول جاءوا بالسلالم التي عملوها، وكانت أربعمائة سلم، لينصبوها على السور فلم يقدروا، وأصبحوا يوم الجمعة، فلم يجر يومئذ كبير قتال، وهي الجمعة الثالثة التي لم تصل بها الجمعة ببغداد في غير جامع القصر. ثم قدمت بنت خوارزم شاه زوجة سليمان شاه، وكانت قد أصلحت بين ملكشاه وبين الأمراء جميعهم في همذان، وجاءت في زي الحجاج الصوفية إلى الموصل وعليها مرقعة، ومعها ركابي في زي شحاذ. ثم جاءت حتى صارت في عسكر محمد شاه، وتوصلت وعبرت إلى الخليفة، فأكرمت وأفردت لها دار. وأخبرت بدخول ملكشاه همذان، وبأنه نهب دور المخالفين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 11 وفي الخامس والعشرين منه صعد أهل بغداد السور بالسلاح، وجاء العدو ومعهم السلالم، وهموا بطم الخندق، فخرج الناس واقتتلوا.) وفي التاسع والعشرين منه نادوا: اليوم يوم الحرب العظيم، فلا يتأخرن أحد، فخرج الناس ولم يجر قتال. وبعث محمد شاه إلى علي كوجك يعاتبه ويقول: أنت وعدتني بأخذ بغداد فبغداد ما حصلت، وخرجت من يدي همذان، وأخربت بيوتي وبيوت أمرائي. فأنا عازم على المضي، فشجعه ونخاه وقال: نمد الجسر، ونعبر، ونطم الخندق، وكانوا قد صنعوا غرائر وملأوها تراباً، وننصب هذه السلالم الطوال، ونحمل حملة واحدة، ونأخذ البلد. ثم أخذوا يتسللون، وقلت عليهم الميرة، وهلك منهم خلق. ثم استأمن خلق كثير منهم وخامروا، ودخلوا، وأخبروا بأن القوم على رحيل. وفي العشرين من ربيع الآخر جرى قتال، وعطلت الجمعة إلا من جامع القصر، وهي الجمعة السابعة، ووقع الواقع بين محمد شاه وبين كوجك. وهو يطمعه ويهون عليه أخذ بغداد. ثم نصبوا الجسر، وعبر أكثر عسكر محمد شاه، وعبر محمد شاه من الغد في أصحابه إلى عشية، فلما كان العشاء قطع كوجك الجسر، وقلع الخيم، وبعث نقله طول الليل. ثم أصبح وضرب النار في زواريق الجسر، وأخذ خزانة محمد شاه وخزانة وزيره، ورحل. وبقي محمد شاه وأصحابه بقية يوم الثلاثاء. ثم وثب هو وعسكره، فمنع الخليفة العسكر من أن يلحقوه، ونهب أصحاب محمد شاه بعض الأعمال، ثم قال الخليفة: اذهبوا إلى همذان فكونوا مع ملكشاه. وخلع عليهم، وفرح الناس بالسلامة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 12 ثم ركب الخليفة يفتقد السور من أوله إلى آخره، وكثرت الأمراض وغلت الأسعار. ثم جاء الخبر بوفاة السلطان سنجر، فقطعت خطبته. غزو رستم الإسماعيلية وفيها غزا رستم بن علي بن شهريار الملك مازندران بلاد ألموت وأوطأ الإسماعيلية ذلاً، وخرب بلادهم، وسبى النساء والأولاد، وغنم، وخذلت الإسماعيلية، وخربت عامة قراهم. خروج الإسماعيلية على الحجاج وفيها خرجت الإسماعيلية لعنهم الله، على حجاج خراسان، فاقتتلوا وثبت الفريقان إلى أن قتل أمير الحاج، فذلوا وألقوا بأيديهم، وقتلهم الإسماعيلية قتلاً ذريعاً، وعظم المصاب ف إنا لله) وإنا إليه راجعون. وصبحهم من الغد شيخ في المقتلة ينادي: يا مسلمين، يا حجاج، ذهب الملاحدة وأنا مسلم، فمن أراد الماء سقيته. فكان كل من كلمه أجهز عليه، فهلكوا أجمعين إلا القليل. خراب خراسان وأما خراسان فخربت على يد الغز، ومات سلطانها سنجر، واختلف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 13 أمراؤه بعده، وغلب كل مقدم على ناحية واقتتلوا، وجرت أمور طويلة بخراسان، فالأمر لله. واشتد بخراسان القحط، وأكلت الجيف. قال ابن الأثير: فكان بنيسابور طباخ، فذبح إنساناً علوياً وطبخه، ثم ظهر ذلك فقتل الطباخ. سفر الخليفة إلى أوانا وسافر الخليفة إلى أوانا ودجيل، ثم رجع. ثم راح يتصيد، ورجع بعد عشرة أيام. انتصار نور الدين على الفرنج عند صفد وفيها كانت وقعة عظيمة بين نور الدين وبين الفرنج على صفد، ونصر عليهم. ثم جاء إلى الخليفة ورسوله برؤوس الفرنج وبتحف وهدايا. الزلازل بالشام وفيها، وفي سنة إحدى وخمسين، كان بالشام زلازل عظيمة هدمت في ثلاثة عشر بلداً، ومنها خمسة للفرنج، وبدعت في شيزر، وحماه، والمعرة وحصن الأكراد، وطرابلس، وأنطاكية، وحلب. فأما حلب فهلك فيها تحت الردم خمسمائة نفس وأما حماه فهلكت جميعها إلا اليسير، وأما شيزر فما سلم منها إلا امرأة وخادم، وهلك جميع من فيها، وتسلمها نور الدين،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 14 فجدد عمارتها وحصنها. وهي على جبل منيع بقي في يدي بني منقذ نحو مائة وعشرين سنة أو أكثر. وأما كفرطاب فما سلم منها أحد وأما فامية فهلكت وساخت قلعتها. وأما حمص فهلك بها عالم عظيم، وأما المعرة فهلك بعضها. وأما تل حران فإنه انقسم نصفين، وظهر من وسطه نواويس وبيوت كثيرة. وأما حصن الأكراد وعرقة فهلكا جميعاً، وسلم من اللاذقية نفر. وأما طرابلس فهلك أكثرها، وأما أنطاكية فسلم نصفها.) قال ابن الجوزي في المنتظم: وصل الخبر في رمضان بزلازل كانت بالشام عظيمة في رجب، ثم ذكر هذا الفصل. قلت: الله أعلم بصحة ذلك وبحقيقة تفاصيله. إنفاق الوزير ابن هبيرة للإفطار قال: وفي رمضان أنفق الوزير ابن هبيرة للإفطار طول الشهر ثلاثة آلاف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 15 دينار، وكان يحضر عنده الأماثل. وخلع على المفطرين عنده الخلع السنية. استعادة غزة من الفرنج وفيها افتتح عسكر المسلمين غزة واستعيدت من الفرنج. تسلم بانياس وتسلم نور الدين بانياس من الفرنج. إنقراض دولة الملثمين وفيها انقرضت دولة الملثمين بالأندلس وتملك عبد المؤمن مدينة المرية، واستعمل أولاده على الأندلس، ولم يبق للملثمين إلا جزيرة ميورقة. تسلم المرية من الفرنج وكانت المرية بيد الفرنج من عشر سنين، فنازلها أبو سعيد بن عبد المؤمن، وحاصرها براً وبحراً ثلاثة أشهر، وبنى بإزائها سوراً، وجاع أهلها فسلموها بالأمان. كتابة السلطان سنجر إلى نور الدين بخلاصه من الغز وفي صفر ورد على نور الدين كتاب السلطان أبي الحارث سنجر بن ملكشاه بالتشوق إليه، وما ينتهي إليه من جميل أفعاله، وإعلامه بما من الله عليه من خلاصه من الشدة، والخلاص من أيدي الغز بحيلة دبرها بحيث عاد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 16 إلى منصبه من السلطنة، ووعده بنصره على الفرنج. فأمر نور الدين بزينة دمشق، وفعل في ذلك ما لم تجر به عادة فيما تقدم في أيام ملوكها. وأمر بزينة قلعتها، فجللت أسوارها بالجواشن، والدروع، والتراس، والسيوف، والأعلام، وأنواع الملاهي، وهرعت الخلائق والغرباء لمشاهدة هذا فأعجبهم وبقي أسبوعاً. هزيمة الفرنج عند بانياس ثم جاءته الأخبار بإغارة الفرنج على أعمال حمص وحماه.) ثم سارت الفرنج في سبعمائة فارس، سوى الرجالة إلى ناحية بانياس، فوقع عليهم عسكر الإسلام ونزل النصر، فلم ينج من الملاعين إلا القليل، وصاروا بين أسير وجريح وقتيل، وذلك في ربيع الأول. وجاءت الرؤوس والأسرى، وكان يوماً مشهوداً. ثم تهيأ نور الدين للجهاد، وجاءته الأمداد، ونودي في دمشق بالتأهب والحث على الجهاد، فتبعه خلق من الأحداث والفقهاء والصلحاء، ونازل بانياس. وجد ملك الفرنج في حصارها، فافتتحها بالسيف. ثم إن الفرنج تحزبوا وأقبلوا لينصروا هنفري صاحب بانياس وهو بالقلعة، فوصل ملك الفرنج بجموعه على حين غفلة، فانقطع جيش الإسلام، ووصلوا هم إلى بانياس، فحين شاهدوا ما عمها من خراب سورها ودورها يئسوا منها. انتصار نور الدين على الفرنج عند طبرية ثم إن الملك نور الدين عرف أن الفرنج على الملاحة بقرب طبرية،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 17 فنهض بجيوشه، وجد في السير، فشارفهم وهم غارون، وأظلتهم عصائبه، فبادروا إلى الخيل، وافترقوا أربع فرق، وحملوا على المسلمين، فترجل نور الدين، وترجلت معه الأبطال، ورموا بالسهام، ونزل النصر، ووقع القتل والأسر في الكفرة. قال أبو يعلى: فلم يفلت منهم، على ما حكاه الخبير الصادق، غير عشرة نفر، قيل إن ملكهم فيهم، وقيل قتل. ولم يفقد من المسلمين الأجناد سوى رجلين، أحدهما من الأبطال قتل أربعة من شجعان الفرنج واستشهد. وفرح المؤمنون بهذا النصر العزيز، وجيء بالرؤوس والأسرى إلى دمشق، والخيالة على الجمال، والمقدمون على الخيل بالزرديات والخوذ، وفي أيديهم أعلامهم. وضج الخلق بالدعاء لنور الدين. الزلازل بالشام وفيها جاءت عدة زلازل عظيمة بالشام. مهادنة نور الدين للفرنج ثم جاءت الأخبار بوصول السلطان مسعود للنزول على أنطاكية، فاضطر نور الدين إلى مهادنة الفرنج، ثم توجه إلى حلب.) خراب المدن بالزلازل وجاءت الأخبار من الشمال بما يرعب النفوس من شأن الزلزلة، بحيث انهدمت حماه وقلعتها ودورها على أهلها ولم ينج إلا اليسير. وأما شيزر فانهزم حصنها على واليها تاج الدولة ابن منقذ. وأما حمص فهرب أهلها منها وتلفت قلعتها. وأما حلب فهدمت بعض دورها، وتلفت سلمية وغيرها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 18 ثم جاءت عدة زلازل في أشهر مختلفة، ورخها حمزة التميمي. مرض نور الدين وفي رمضان مرض الملك نور الدين مرضاً صعباً، فاستدعى أخاه نصرة الدين أمير ميران، وأسد الدين شيركوه والأمراء، فقرر معهم أن الأمر من بعده لأخيه لاشتهاره بالشجاعة، فيكون بحلب، وينوب عنه بدمشق شيركوه، وحلفوا له وتوجه في المحفة إلى حلب، فتمرض بالقلعة، وهاج النفاق والكفر، وشنعوا بموت نور الدين. وذهب نضرة الدين إلى حلب، فأغلق مجد الدين والي القلعة بابها وعصى، فثارت أحداث حلب وقالوا: هذا ملكنا بعد أخيه، وحملوا السلاح، وكسروا باب البلد، ودخله النصرة. واقترحوا على النصرة أشياء منها إعادة التأذين بحي على خير العمل، محمد وعلي خير البشر، فأجابهم ونزل في داره. ثم عوفي نور الدين وتوجه النصرة إلى حران، وكان قد وليها، وقدم نور الدين دمشق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 19 4 (سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة) الإتفاق بين ملكشاه وأخيه وقع الإتفاق بين ملكشاه وأخيه محمد شاه، وأمده بعسكر ففتح به خوزستان، ودفع عنها شملة التركماني. زيارة المقتفي مشهد الحسين وفي ربيع الآخر زار المقتفي مشهد الحسين رضي الله عنه، ومضى إلى واسط، وعبر في سوقها. إنفاق الوزير على مرضه وكان الوزير مريضاً، فأنفق في مرضته نحو خمسة آلاف دينار لابن التلميذ الطبيب حمله.) خروج الخليفة إلى المدائن وخرج الخليفة إلى المدائن، ثم خرج مرة أخرى إلى المدائن. وخرج يوم الفطر. وكان موكبه بتجمل وحشمة لم يعهد مثلها من الإعمار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 20 وقوع المطر ووقع في شوال مطر وبرد أكبر من البيض. حروب الغز وأما خراسان فكانت الغز قد شبعوا، وسكنت سورتهم، واستوطنوا بلخ، وتركوا النهب. واتفقوا على طاعة الخاقان محمود بن محمد ابن أخت سنجر، وأتابكه الأمير أي به، فلما دخل شعبان سارت الغز إلى مرو، فنهض لحربهم الأمير المؤيد، فظفر بهم، وقتل بعضهم، فدخلوا مرو. فجاء خاقان من سرخس، وأنضم إليه المؤيد، فالتقوا في شوال، فكان بينهم مصاف لم يسمع بمثله، وبقي القتال يومين. وتواقعوا مرات عديدة وانهدم الغز ثلاث مرات، ثم يعودون للقتال، فلما طلع الضوء من الليلة الثانية انجلت الحرب عن هزيمة الخراسانية، وظفر الغز بهم قتلاً وأسراً وعادوا إلى مرو، وقد استغنوا عن الظلم المفرط فشرعوا في العدل وإكرام العلماء. ثم أغاروا على سرخس وأخربوا رساتيقها، وعملوا كل شر. وقتل من أهل سرخس نحو من عشرة آلاف نفس، وعادوا إلى مرو، وتقهقر الخاقان بعساكره إلى جرجان. فلما دخلت سنة أربع بعث إليه الغز يسألونه القدوم ليملكوه كما كان فلم يركن إليهم. فأرسوا يطلبون ابنه جلال الدين محمد. وترددت الرسل، فبعث إليهم ابنه، ولما اطمأن هو سار إليهم وكان مستضعفاً معهم في السلطنة. حج ابن الجوزي قال ابن الجوزي: وحججت فيها، وتكلمت بالحرم مرتين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 21 مصرع الإسماعيلية الخراسانية وفيها مصرع الإسماعيلية الخراسانيين. وذلك أنهم نزلوا في ألف وسبعمائة رجل على زوق كبير للتركمان، فلم يجدوا به الرجال، فسبوا الذرية، وحازوا الزوق، وقتلوا الرجال وأحرقوا الأشياء الثقيلة. وبلغ الخبر عسكر التركمان، فأسرعوا فأدركوا الإسماعيلية لعنهم الله، وهم) يقتسمون الغنيمة، فأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف، وألقى الله الذل على الإسماعيلية، واستولى عليهم القتل والأسر، فلم ينج منهم إلا تسعة أنفس. قاله ابن الأثير. غارة جيش مصر على غزة وعسقلان وفي صفر خرج جيش من مصر فأغاروا على غزة، وعسقلان، ونواحيها، فالتقاهم الفرنج، فانتصر المصريون، ووضعوا في الفرنج السيف بحيث لم يفلت إلا الشريد، ورجعوا بالغنائم. غارة نور الدين على صيدا وخرج نور الدين من دمشق بآلات الحرب مجداً في جهاد الفرنج، وأغار عسكره على أعمال صيدا، فقتلوا خلقاً. السيل الأحمر وفي أول تموز جاء سيل أحمر ببرد كما يجيء في الشتاء، وكثر التعجب منه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 22 نجاة نور الدين بعد انهزام عسكره ثم التقى نور الدين الفرنج، فانهزم عسكره، وثبت هو ساعة، ثم ولى العدو خوفاً من كمين يكون للمسلمين، ونجى الله نور الدين وسلمه. تحريض نور الدين على فرض الرسوم وفي رجب تجمع قوم من الظلمة وعزموا على تحريض نور الدين على إعادة ما كان أبطله، وتملك دمشق من رسوم دار البطيخ والأنهار، وضمنوا القيام بعشرة آلاف دينار حتى أجيبوا إلى ما راموه، وعسفوا الناس، ثم أبطل نور الدين ذلك كله بعد أربعين يوماً. خروج ملك القسطنطينية لقتال المسلمين وفيها بدر ملك الروم من القسطنطينية بجيوشه، وقصد ممالك الإسلام، ووصلت خيله غائرة على أعمال أنطاكية، فتأهب المسلمون للجهاد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 23 4 (سنة أربع وخمسين وخمسمائة) الرضا عن ترشك فيها وقع ترشك ولم يشعر به إلا وقد ألقى نفسه تحت التاج ومعه كفن، فوقع الرضا عنه. انتهاب الغز نيسابور وفيها عاد الغز ونهبوا نيسابور، وكان بها ابن أخت سنجر، فهرب إلى جرجان.) وقوع الخليفة وفيها سافر الخليفة إلى واسط، فرماه فرسه، وشج جبينه بقبيعة السيف. وقوع البرد ووقع برد كبار أهلك أماكن. وذكر أنه كان في البرد ما وزنه خمسة أرطال ونحو ذلك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 24 وقيل إنهم رأوا بردة فيها تسعة أرطال. وفيها كان الغرق ببغداد، ووقع بعض سورها، وسقطت الدور. قال ابن الجوزي: لم نعرف دربنا إلا بمنارة المسجد، فإنها لم تقع. وغرقت مقبرة الإمام أحمد، وخرجت الموتى على وجه الماء، وكانت آية عجيبة. أخذ عبد المؤمنين المهدية بالأمان وفيها سار عبد المؤمن في نحو مائة ألف فنازل المهدية، فحاصرها براً وبحراً سبعة أشهر، وأخذها بالأمان. غرق الفرنج وركب الفرنج في البحر قاصدين صقلية في الشتاء، فغرق أكثرهم. وكان ملك الفرنج قال: إن قتل عبد المؤمن نصارى المهدية فلأقتلن من عندي من المسلمين بصقلية. ولعل أكثر رعيته بصقلية مسلمون، فأهلك الله النصارى بالغرق. وكان مدة ملكهم للمهدية اثنتي عشرة سنة، ودخلها عبد المؤمن يوم عاشوراء سنة خمسين فبقي بها أياماً. وكان قد افتتح تونس، فنازلها أسطوله في البحر ستون شينياً، وأخذها بالأمان على مشاطرة أهلها أموالهم، لكونه عرض عليهم أولاً التوكيد والأمان، فأبوا عليه. وبعدها افتتح المهدية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 25 القتال بين العلوية والشافعية وكان رئيس نيسابور هو نقيب العلويين ذخر الدين زيد بن الحسن الحسيني، فقتل بعض أصحابه أبو الفتوح الفستقاني الشافعي، فبعث إلى رئيس الشافعية مؤيد الدين الموفقي يطلب منه القاتل ليقتص منه، فامتنع المؤيد وقال:) إنما حكمك على العلوية. فخرج النقيب وقصد الشافعية، فاقتتلوا وقتل جماعة، وأحرق النقيب سوق العطارين وسكة معاد، وعظم البلاء. ثم جمع المؤيد جموعاً وجيش، والتقى هو والعلوية في شوال سنة أربع، واشتد الحرب، وأحرقت المدارس والأسواق. واستمر القتل بالشافعية، فالتجأ المؤيد إلى قلعة فرخك، وخربت نيسابور بسبب هذه المصيبة الكبرى. وأما المؤيد أبه الأمير فإنه جرت له فصول وأسر، ثم هرب، وقدم نيسابور، فنزل إليه المؤيد رئيس الشافعية، وتحصن العلوي بنيسابور، واشتد الخطب على المعترين الرعية، وتمنوا الموت، وسفكت الدماء، وهتكت الأستار، وخربوا ما بقى من البلد، وبالغ الشافعية في الإنتقام، وخربوا مدرسة الحنيفة، واستؤصلت نيسابور، فلا حول ولا قوة إلا بالله. هذا ملخص ما نقله ابن الأثير في كامله. الخلاف بين قطب الدين مودود وأمير ميران ومرض نور الدين في آخر الماضية وأول سنة أربع وضعف، فعهد بالأمر بعده لأخيه قطب الدين مودود صاحب الموصل. وقال: ابن أخي أمير ميران لا أرتضيه لتولية أمور المسلمين لسوء أفعاله وأخلاقه. فحلفت له الأمراء وكاتب جماعة من الكبار أمير ميران يحثونه على المجيء ليستولي على الشام، فبادر وقطع الفرات، فبعث أسد الدين عسكراً فردوه. وبلغ صاحب الموصل الخبر، فبعث وزيره كمال الدين محمد بن علي الجواد، فدخل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 26 دمشق في أحسن زي، وأبهى تجمل، وهو حميد الخلال، كثير الإنفاق في وجوه البر فصادف نور الدين قد عوفي. الزلازل بدمشق وجاءت بدمشق زلازل مهولة صعبة، فسبحان من حركها وسكنها. مصالحة نور الدين ملك القسطنطينية وصالح نور الدين ملك الروم القادم من القسطنطينية وأجيب ملك الروم إلى ما التمسه من إطلاق مقدمي الفرنج، فأطلقهم نور الدين، فبعث لنور الدين عدة أثواب مثمنة وجواهر، وخيمة من الديباج، وخيلاً، ورد إلى بلاده، ولم يؤذ أحداً. واطمأن المسلمون. إقامة نور الدين سماطاً لقطب الدين وجاء الخبر إلى دمشق بأن الملك نور الدين صنع لأخيه قطب الدين ولجيشه الذين قدموا) للجهاد في يوم جمعة سماطاً عظيماً هائلاً، تناهى فيه بالاستكثار من ذبح الخيل والبقر والأغنام، بحيث لم يشاهد مثله. وقام ذلك بجملة كثيرة. وفرق من الخيل العربية جملة، ومن الخلع شيئاً كثيراً. وكان يوماً مشهوداً. تسليم حران لزين الدين ثم توجه إلى حران وانتزعها من يد أخيه أمير ميران، وسلمها إلى الأمير زين الدين علي إقطاعاً له. إلى هنا زدته من تاريخ ابن القلانسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 27 أسر ابن أخت ملك الروم وفيها جمع ملك الروم جمعاً عظيماً، وقصد الشام، فضاق بالمسلمين الأمر، فنصر الله تعالى، وأسر ابن أخت ملكهم، وغنم المسلمون، وعادوا خائبين. موت محمد شاه وفيها مات محمد شاه ابن السلطان محمود الذي حاصر بغداد. مات بهمذان. خروج عبد المؤمن إلى بلاد إفريقية قال عبد المنعم بن عمر المغربي في أخبار ابن تومرت: وفي سنة أربع وخمسين توجه أمير المؤمنين عبد المؤمن إلى بلاد إفريقية، فتجهز في مائة ألف فارس محصاة في ديوانه، ومعهم من السوقة والصناع والأتباع أضعافهم مراراً. قال: وكان هذا الجمع الحفل يمشون بين الزروع في الطرق الضيقة، فلا يكسرون سنبلة، ولا يطؤونها من هيبة الأمير، وكان حملهم وأسواقهم مسافة فرسخين، وكلهم يصلون الخمس وراء إمام واحد بتكبيرة واحدة، ولا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 28 يتخلف أحد عن الصلاة إذا قامت، كائناً من كان من أصناف الجيش والسوقة وغيرهم. وكان عبد المؤمن يسير وحده منفرداً أمام الجيوش ليس معه فارس إلا ابنه ولي عهده وراءه. وحوله من عبيده السودان ألوف بالرماح والدرق. قال: ولم يكن في دولته أحد يسمى بالأمير ولا بالوالي، وإنما يسمون الطلبة لأنها دولة مبنية على) العلم، ومن دون الطلبة يسمون الحفاظ. وأما أولاد أمير المؤمنين فيسمون بالسادة. ولا يجتمع الناس عنده فينصرفون إلا عن دعاء منه، ويؤمن الحاضرون. وما لبس إلا ثياب الصوف طول عمره

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 29 4 (سنة خمس وخمسين وخمسمائة) سلطنة سليمان شاه فيها أفرج علي كوجك عن سليمان شاه بن محمد وسلطنه وخطب له، وبعثه إلى همذان وذهب ابن أخيه ملكشاه بن محمود إلى أصبهان طالباً للملك، فمات بها. منع المحدثين من السماع بجامع القصر وفيها منع المحدثون من السماع في جامع القصر لأن بعض الأحداث قرأوا شيئاً من الصفات وأتبعوه بذم المناوئين، فمنعوا. وفاة المقتفي لأمر الله وفي ثاني ربيع الأول توفي المقتفي لأمر الله، وطلبت الناس نصف النهار لبيعه المستنجد بالله، فأول من بايعه عمه أبو طالب ثم أخوه أبو جعفر، وكان أسن من أخيه المستنجد، ثم بايعه ابن هبيرة، وقاضي القضاة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 30 الخطبة لرسلان شاه وفي شوال اتفق الأمراء. بهمذان على القبض على سليمان شاه وخطبوا لرسلان شاه ابن طغرل. العفو عن علي كوجك وفيه ورد علي كوجك إلى بغداد قاصداً للحج، فخلع عليه وعفي عنه ما أسلف من حصار بغداد مع محمد شاه. وفاة قاضي القضاة الثقفي وولي قضاء القضاة أبو جعفر الثقفي، وعزل أبو الحسن علي بن أحمد الدامغاني فلم يبق الثقفي إلا أشهراً ومات، فولي مكانه ولده جعفر. موت الفائز وفيها مات الفائز خليفة مصر، وعاش عشر سنين أو أكثر، وكان صبياً. وقام بعده العاضد) آخر الخلفاء الباطنية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 31 عمارة المؤيد نيسابور وأما نيسابور فشرع في عمارتها المؤيد أي أبه، واستقل بمملكتها، وأحسن إلى الناس، فتراجعت بعض الشيء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 32 4 (سنة ست وخمسون وخمسمائة) قطع خطبة سليمان شاه في المحرم قطعت خطبة سليمان شاه من المنابر، ثم خطب لأرسلان شاه. الخطبة لأرسلان شاه قال ابن الأثير: لما قتل سليمان شاه أرسلوا إلى إيلدكز صاحب أران وأكثر أذربيجان، فطلبه الأمير كردباز ليخطب لأرسلان الذي معه. وكان إيلدكز قد تزوج بأم أرسلان، وولدت له البهلوان بن إيلدكز. وكان إيلدكز أتابكه وأخوه لأمه البهلوان حاجبه. وكان إيلدكز مملوكاً للسلطان مسعود، فأقطعه أران وبعض أذربيجان، ووقع الاختلاف، فلم يحضر إيلدكز عند فرقتهم أصلاً. وعظم شأنه، وجاءته الأولاد من أم السلطان أرسلان فسار إيلدكز في العساكر، وهم نحو من عشرين ألفاً، ومعه أرسلان بن طغرل بن محمد ملكشاه فتلقاهم ابن كردباز، وأنزله بهمذان في دار السلطنة، وخطب لأرسلان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 33 ثم بعثوا إلى بغداد يطلبون له السلطنة، فأهين رسولهم. وكان قد تغلب على الري الأمير إينانج، وقوي حاله، فصالحه، إيلدكز، وزوج ولده البهلوان بابنة إينانج وزفت إليه بهمذان. إنهزام البهلوان ثم التقى البهلوان وصاحب مراغة اقسنقر، فانهزم البهلوان فجاء إلى همذان على أسوأ حال. النهب والإحراق بنيسابور وفيها كثر اللصوص والحرامية بنيسابور، ونهبوا دور الناس نهاراً وجهاراً، فقبض المؤيد على نقيب العلويين أبي القاسم زيد الحسيني وعلى جماعة، وقتل جماعة، وخربت نيسابور. ومما خرب سبع عشرة مدرسة للحنفية، وأحرقت خمس خزائن للكتب، ونهبت سبع خزائن، وبيعت) بأبخس الأثمان. وخرب مسجد عقيل. الخوف من الفتنة بين الرافضة والسنة وانتشر في هذه الأيام، وقت عاشوراء، الرفض والتسنن حتى خيف من فتنة تقع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 34 ركوب المستنجد للصيد وفيه ركب المستنجد بالله وراح إلى الصيد، ثم بعد أيام خرج أيضاً إلى الصيد. الرخص ببغداد وكان الرخص كثيراً ببغداد، فأبيع اللحم أربعة أرطال بقيراط، والبيض كل مائة بقيراط. مقتل الصالح طلائع بن رزيك وفيها كان مقتل الملك الصالح طلائع بن رزيك، واستولى على مصر شاور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 35 4 (سنة سبع وخمسين وخمسمائة) رجوع الحاج العراقي فمن الحوادث فيها أن الحاج العراقي وصلوا مكة، فلم يدخل أكثرهم لفتن جرت، وإنما دخلت شرذمة، ورجع أكثر الناس بلا حج. خروج الخليفة للصيد وفيها خرج الخليفة للصيد على طريق واسط. الحريق ببغداد ووقع فيها حريق عظيم ببغداد، احترق سوق الطير، والبزوريين وإلى سوق الصفر وإلخان، واحترق كثير من الطيور. انتصار المسلمين على الكرج وفيها كان مصاف كبير وحرب شديد بين جيوش أذربيجان، وأرمينية، وبين الكرج، فنصر المسلمون، وغنموا ما لا يحد ولا يوصف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 36 4 (سنة ثمان وخمسين وخمسمائة) عودة الحجيج جاءت الأخبار بما تم على الحجيج، عاث عبيد مكة في الركب، فثار عليهم أصحاب أمير الحاج، فقتلوا منهم جماعة، فردوا إلى مكة وتجمعوا، ثم أغاروا على جمال الحاج، فانتهبوا) نحواً من ألف جمل، فركب أمير الحاج وجنده بالسلاح، ووقع القتال وقتل طائفة. ثم جمع الأمير الناس، ورجع بهم ولم يطوفوا. بناء كشك الخليفة والوزير وفيها بني ببغداد كشك للخليفة وكشك للوزير، وأنفق عليهما مبلغ عظيم. ثورة بني خفاجة وثار بنو خفاجة بالعراق، فعاثت وأفسدت. وكانت القوافل تؤخذ إلى باب الحربية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 37 قتل العادل بن الصالح طلائع وفيها قتل العادل بن الصالح طلائع بن رزيك، وقام بعده شاور. استيلاء المؤيد على بسطام ودامغان وفيها سار المؤيد أي أبه صاحب نيسابور، فاستولى على بسطام، ودامغان، واستعمل عليهما مملوكه تنكز. انتصار المؤيد على صاحب مازندران وفيها التقى المؤيد وصاحب مازندران وانتصر المؤيد. الخلع للمؤيد وفيها بعث السلطان أرسلان بن طغرل خلعاً وألوية معقودة وتقادم إلى المؤيد، وأمره أن يهتم باستيعاب بملك خراسان، فلبس الخلع. وكان السبب في ذلك شمس الدين إيلدكز أتابك السلطان. وكان إيلدكز هو الكل، وبينه وبين المؤيد ود وإخاء. وكانت الخطبة في مرو، وبلخ، وهراة وهذه البلاد للغز سوى هراة، فإنها بيد أيتكين وهو مسالم للغز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 38 مقتل صاحب الغور وفيها قتل صاحب الغور سيف الدين محمد. نجاة نور الدين عند حصن الأكراد وفيها جمع نور الدين جيشه، وسار لغزو الفرنج، ونزل تحت حصن الأكراد ومن عزمه محاصرة طرابلس، فتجمعت الفرنج وكبسوا المسلمين، فلم يشعر الترك إلا بظهور الصلبان من وراء الجبل، فبعثوا إلى نور الدين يعرفونه، وتقهقروا فرهقتهم الفرنج بالجملة فهربوا،) والفرنج في أقفية الترك، إلى المخيم النوري، فلم يستمكن المسلمون من الأهبة، فوقع فيهم القتل والأسر، وقصدوا خيمة السلطان نور الدين وقد ركب فرسه، وطلب النجدة، فلدهشته ركب والشبحة في رجل الفرس، فنزل كردي فقطعها، فنجا نور الدين، وقتل ذلك الكردي. ونزل نور الدين على بحيرة حمص وقال: والله لا أستظل بسقف حتى آخذ بالثأر. وأحضر الأموال والأمتعة، ولم شعث عساكره. القضاء على بني أسد وفيها أمر المستنجد بقتال بني أسد أصحاب الحلة وإجلائهم عن العراق، فتجمع لحربهم عدة أمراء وخلق من العسكر، فخذلت بنو أسد وزالت دولتهم، وقتل منهم نحو أربعة آلاف، وتفرق الباقون، وقطع دابرهم. ولم يبق في هذا الوقت أحد يعرف بالعراق من الأسديين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 39 4 (سنة تسع وخمسين وخمسمائة) مقتل بعض اللصوص وفيها خرج ببغداد تسعة من اللصوص فقتلوا. كسرة الفرنج وفيها كسر نور الدين الفرنج كسرة هائلة وأخذ الإبرنس والقومص أسيرين. قتل الملك المنصور ضرغام وفيها جهز نور الدين جيشاً عليهم أسد الدين شيركوه إلى مصر نجدة لشاور، لكونه قصده واستجار به. فأول دخولهم قتل الملك المنصور ضرغام الذي كان قد قهر شاور، وأخذ وزارة مصر منه في آخر العام الماضي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 40 تمكن شاور من مصر ثم تمكن شاور ولم يلتفت على شيركوه، فاستولى على بلبيس وأعمال الشرقية. استنجاد شاور بالفرنج أرسل شاور يستنجد بالفرنج، فسارعوا إليه، وبذل لهم ذهباً عظيماً، فجاءوا من القدس والسواحل، والتجأ شيركوه وعسكر الشام إلى بلبيس، وجعلها ظهراً له، وحصروه ثلاثة أشهر ومنعته مع قصر سورها وعدم خندق لها. فبينا هم كذلك إذ أتاهم الفرنج أن نور الدين أخذ حصن حارم منهم وسار إلى بانياس، فسقط في أيديهم، فهموا بالعودة إلى بلادهم ليحفظوها،) وطلبوا الصلح مع شيركوه، فأجابهم لقلة الأقوات عليه، وسار إلى الشام سالماً. وقعة حارم وفيها وقعة حارم، وذلك أن نجم الدين ألبى الأرتقي صاحب ماردين نازل حارم ونصب عليها المجانيق، فجاءتها نجدات الفرنج من كل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 41 ناحية، واجتمع طائفة من ملوكهم، وعلى الكل بيمند صاحب أنطاكية، فكشفوا عن حارم، وترحل عنها صاحب ماردين، فقصدهم نور الدين رضي الله عنه، فالتقى الجمعان، فحملت الفرنج على ميمنة الإسلام فهزمتها، فيقال إنهم انهزموا عن خديعة قررت، فتبعتهم الفرنج الفرسان، فمال المسلمون من الميسرة، فحصدت رجاله الفرنج ثم ردت الفرسان عليهم اللعنة، فأحاط بهم المسلمون، واشتدت الحرب، وطاب القتل في سبيل الله، وكثر القتل في الفرنج والأسر، فكان في جملة الأسرى سلطان أنطاكية، وصاحب طرابلس، والدوك مقدم الروميين، وابن جوسلين. وزادت عدة القتلى منهم على عشرة آلاف، فلله الحمد على هذا الفتح المبين. فتح قلعة بانياس ثم سار نور الدين بعد أن افتتح حارم، فافتتح قلعة بانياس في آخر السنة. وكان لها بيد الفرنج ستة عشر عاماً. ولما عاد منها إلى دمشق، قال ابن الأثير: كان في يده خاتم بفص ياقوت يسمى الجبل لكبره وحسنه،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 42 فسقط من يده في شعرة بانياس، فنفذ وراءه من فتش عليه فلقيه، فقال فيه بعض الشعراء: (إن يمتري الشكاك فيك بأن ال .......... مهدي مطفئ جمرة الدجال)

(فلعودة الجبل الذي أضللته .......... بالأمس بين غياطل وجبال) في أبيات. مقتل الملك أيتكين وفيها قتل الملك أيتكين صاحب هراة في مصاف بينه وبين عسكر الغور. استيلاء ملك مازندران على قومس وبسطام وفيها استولى ملك مازندران على قومس، وبسطام، بعد أن هزم زنكر مملوك المؤيد أي أبه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 43 رجوع ملك القسطنطينية بالخيبة وفيها سار ملك القسطنطينية، لعنه الله، بجيش عرمرم وقصد الإسلام والبلاد التي لقلج أرسلان) وابن دانشمند، فكان التركمان يبيتونهم ويغيرون عليهم بالليل حتى قتلوا منهم نحواً من عشرة آلاف، فرجعوا خائبين. وكفى الله شرهم، وطمع المسلمون فيهم، وأخذوا لهم عدة حصون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 44 4 (سنة ستين وخمسمائة) القبض على الأمير ثوبة البدوي فيها خرج الخليفة إلى الصيد، فقبض على الأمير ثوبة البدوي، وسجن ثم أهلك، وكان قد واطأ عسكر همذان على الخروج. مولد أربعة توائم وفي يوم النحر ولدت امرأة من درب بهروز يقال لها بنت أبي العز الأهوازي أربع بنات، ولم يسمع مثل هذا. طرد الغز عن هراة وفيها كاتب أهل هراة المؤيد صاحب نيسابور، فبعث إليهم مملوكه تنكز، فتسلمها وطرد الغز عن حصارها. الفتنة بإصبهان وفيها وقعت فتنة عظيمة آلت إلى الحرب بإصبهان بين صدر الدين عبد اللطيف بن الخجندي وغيره من أصحاب المذاهب، وسببها التعصب للمذاهب، فدام القتال بين الفريقين ثمانية أيام، قتل فيها خلق كثير، وأحرق كثير من الدروب والأسواق. قاله ابن الأثير. 5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 45 5 (الطبقة السادسة والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي المجد صاعد بن أبي الغنائم.) الحربي الإسكاف والد عبد الله بن أبي المجد، وهو أخو عمر بن عبد الله الحربي لأمه. روى عن: أبي طلحة النعالي، والمطرف بن الطيوري، وجماعة. روى عنه: محمد بن محمد بن ياسين. وكان صالحاً. حافظاً للقرآن، يؤم الناس، ويغسل الموتى ب.... توفي في شعبان عن سبعين سنة رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 46 4 (أحمد بن الفرج بن راشد.) أبو العباس المدني، ثم البغدادي. قاضي دجيل. ولد سنة تسعين وأربعمائة، وسمع من: أبي غالب بن رزيق، وغيره. كتب عنه أبو سعد السمعاني وقال: كان يسمع معنا ولده من القاضي أبي سكر. 4 (أتسز بن محمد بن أنوشتكين.) الملك خوارزم شاه أصابه فالج فعالجوه بكل ممكن فلم يبرأ، فأعطوه حرارات عظيمة بغير أمر الطبيب، فاشتد مرضه وخارت قواه ومات في جمادي الأخرة. وكان يقول عند الموت: ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه. وولد في رجب سنة تسعين، وامتدت أيامه. وتملك بعده ابنه أرسلان فقتل نفراً من أعمامه. وكان أتسز عادلاً، عافاً عن أموال الرعية، محبباً إليهم، خيراً، ذا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 47 إحسان. وكان تحت طاعة السلطان سنجر. 4 (آمنه بنت الشريف أبي الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله الهاشمي.) سمعت أبا عبد الله النعالي، وطراد.) كتب عنها: ابن السمعاني وتوفيت في رجب. روى عنها: ابن الأخضر 4 (إسماعيل بن علي بن الحسين بن أبي نصر.) أبو القاسم النيسابوري، ثم الإصبهاني، الصوفي المعروف بالحمامي. شيخ معمر عالي الرواية. ولد في حدود سنة خمسين وأربعمائة. وبكر به أبوه بالسماع. فسمع: أبا مسلم محمد بن علي بن مهربزد صاحب ابن المقرئ، وأبا منصور بكر بن محمد بن حيد، ومسعود بن ناصر السجزي الحافظ، وأبا الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ، وأبا سهل حمد بن ولكيز، وأبا بكر محمد بن إبراهيم بن علي العطار، وعبد الله بن محمد الكروني، وأبا طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش، وأبا بكر بن أسيد، والحسن بن عمر بن يونس، وعائشة بنت الحسن الكورانية وانفرد بالرواية عنهم. وأول سماعه سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وعاش بعدما سمع نيفاً وتسعين سنة. ولعل الذين اتفق لهم هذا لا يصلون إلى عشرة أنفس ليس فيهم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 48 الأصم، ولا الطبراني، ولا القطيعي، ولا ابن غيلان، ولا الجوهري، ولا ابن البطر، ولا ابن الحصين، ولا أبو الوقت، ولا السلفي، ولا ابن كليب، ولا الكندي، ولا ابن اللتي. روى عنه: السلفي، وابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو موسى، ويوسف بن أحمد بن إبراهيم البغدادي وقال: أنبأ الشيخ المعمر الممتع بالسمع والبصر والعقل، وقد جاوز المائة، أبو القاسم الصوفي، أنا أبو مسلم محمد بن علي النحوي سنة تسع وخمسين، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، ثنا عبدان بن أحمد الجواليقي، ثنا عمر بن عيسى، ثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع ابن حدس، عن عمه أبي رزين قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض قال: كان في غمامة فوقه هواء وتحته هواء.) قلت: أنا به جماعة، عن محمد بن عبد الواحد المديني، أن أبا القاسم إسماعيل أخبرهم، فذكره مثله، إلا أن عندنا عمر بن موسى، وهو الصحيح. روى عنه أيضاً: أبو المجد زاهر بن أبي طاهر الثقفي، وعبد الخالق بن أسد الدمشقي، وأحمد بن محمد بن أحمد ويرج، وإسماعيل بن ماشاذه، وحمزة بن أبي المطهر الصالحاني، وخضر بن معمر بن الفاخر، وأخوه يوسف، ومحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن المستملي، ومحمد بن محمود بن خمارتاش الواعظ، ومحمد بن محمود الصباغ، ومودود بن مسعود الفهاد، وأحمد بن محمد الفاريابي، وأحمد بن محمد بن عثمان الإصبهانيون. وآخر من روى عنه محمد بن عبد الواحد المذكور. وسماع السلفي منه في سنة نيف وتسعين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 49 أخبرنا أبو علي الخلال أن كريمة الأسدية أخبرتهم عن عبد الرحيم بن أبي الوفا الحافظ قال: توفي أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن الحمامي يوم السبت السابع من صفر سنة إحدى وخمسين. 4 (حرف التاء)

4 (تركانشاه بن محمد بن تركانشاه.) الحاجب أبو المظفر البغدادي المراتبي. سمع: هبة الله بن أحمد الموصلي ببغداد، والإمام أبا المحاسن الروياني بالري، وجماعة. وتوفي في رابع عشر ذي القعدة وله سبع وستون سنة. روى عنه: ابن الأخضر. 4 (حرف الجيم)

4 (جابر بن محمد.) أبو الحسين اللاذاني، الإصبهاني، القصار. سمع: أبا منصور بن شكرويه، ورزق الله. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في شوال.) 4 (حرف الحاء)

4 (حذيفة بن يحيى.) أبو بكر البطائحي المقرئ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 50 شيخ صالح، سمع أبا علي بن المهدي، وأبا طالب الزينبي. وعنه: السمعاني، وعمر بن طبرزد. وعاش إحدى وستين سنة. 4 (الحسن بن أحمد بن محمد.) أبو علي البحيري، الملقاباذي، النيسابوري. سمع: أحمد بن محمد الشجاعي، وأبا سعد البحيري. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وقال: توفي في شوال، أو ذي القعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 51 4 (الحسين بن الحسن بن محمد.) أبو القاسم بن البن الأسدي، الدمشقي، الفقيه. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وسهل بن بشر، وأبا عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وأبا البركات بن طاوس، والفقيه نصر المقدسي وعليه تفقه. وخلط على نفسه لكنه تاب توبة نصوحاً. وكان حسن الظن بالله. قاله الحافظ ابن عساكر وقال: قال: ولدت في رمضان سنة ست وستين وأربعمائة. قلت: روى عنه: هو، وابنه القاسم، والحافظ أبو المواهب بن صصري، وأخوه أبو القاسم بن صصري وهو آخر من حدث عنه، وأبو القاسم بن الحرستاني، وأبو محمد الحسن بن علي بن الحسين الأسدي حفيده، وآخرون. وتوفي في نصف ربيع الآخر، ودفن بمقبرة باب الفراديس. 4 (حرف السين)

4 (سلمان بن مسعود بن الحسن.) أبو محمد البغدادي، الشحام.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 52 سمع الكثير بنفسه من: أبي المعالي ثابت بن بندار، وجعفر السراج، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وعلي بن محمد العلاف، وطائفة. وخرج له الحافظ اليونازتي خمسة أجزاء فوائد. قال أبو سعد السمعاني: سمعت عليه، وهو شيخ صالح، مشتغل بكسبه. توفي في المحرم، وولد سنة سبع وسبعين. قال ابن الجوزي: قرأت عليه كثيراً من حديثه، وكان من أهل السنة، صحيح السماع. قلت: روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المقير. توفي في الثاني والعشرين من المحرم. كذا أرخه السمعاني. ثم قرأت بخط عمر بن الحاجب قال: سمعت أبا الحسن القطيعي يقول في وفاة سلمان الشحام إنها سهو لأنه أجاز في ذي القعدة من السنة لأبي دحروج، وقرأ عليه فيها في ربيع الأول ابن الخشاب جزءاً. 4 (حرف الشين)

4 (شكر بنت سهل بن بشر بن أحمد الإسفرائيني.) أمة العزيز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 53 سمعت بدمشق من: أبيها، وأبي نصر أحمد الطريثيثي. ومولدها بصور في سنة اثنتين وسبعين. روى عنها: الحافظ ابن عساكر، وغيره. وتوفيت بدمشق في جمادى الأولى. 4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن محمد بن حسين بن المحلبان.) أبو القاسم سبط ابن السياف البغدادي. شيخ متجمل، ظاهره الخير، وكان على العمائر.) سمع الكثير من: مالك البانياسي، وأبي الفضل بن خيرون، وأحمد بن عثمان بن نفيس الواسطي، وأبي الفضل حمد الحداد. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وجماعة. وتوفي في وسط جمادى الأولى. وروى عنه: ابن الأخضر، وعبد الرزاق. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن حسين بن المحلبان.) الكرجي الأديب، شيخ معمر. ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: سمعت منه بالكرخ. 4 (عبد الحميد بن مظفر بن أحمد.) أبو نصر البناء، الصوفي، الهروي. سمع: حاتم بن محمد الأزدي، ومحمد بن أبي عمر النرسي، والحسين بن محمد الكتبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 54 حدث ببغداد، وسمع منه: أبو سعد السمعاني. قلت: عاش نيفاً وتسعين سنة. 4 (عبد السميع بن أبي تمام عبد الله بن عبد السميع.) الهاشمي، أبو المظفر الواسطي. من ذرية جعفر بن سليمان الأمير. قرأ القرآن على: المبارك بن محمد بن الرواس، وأحمد بن محمد بن العكبري، والقلانسي. ورحل إلى بغداد فقرأ على: أبي الخطاب الجراح، وثابت بن بندار. وسمع من: جعفر السراج. قرأ عليه بحرف أبي عمرو أبو محمد بن سكينة. وأخذ عنه: السمعاني. ولد سنة ست وستين وأربعمائة. وكان عابداً، صواماً، مات رحمه الله في ذي القعدة.) 4 (عبد القادر بن عبد الله بن حسين.) أبو الفرج الشيباني، الحلبي، الشاعر المعروف بالوأواء. له ديوان مشهور. تردد إلى دمشق غير مرة، وأقرأ بها النحو. وكان حاذقاً به. وصنف شرح المتنبي، ومدح جماعة من الأكابر. توفي في شوال بحلب. وكان من فحول الشعراء. 4 (عبد الملك بن محمد بن هشام بن سعد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 55 الإمام أبو الحسن بن الطلاء، القيسي، الشلبي. من كبار أئمة الأندلس. كان أبوه طلاء في اللجم. وسمع أبو الحسن من: أبي عبد الله بن شبرين، وأبي الحسين بن الأخضر، وأبي محمد بن عتاب، وأبي الحسن شريح، وأبي بحر بن العاص، وأبي الوليد بن ظريف، وخلق كثير. أجاز له: أبو عبد الله بن الطلاع، وأبو علي الغساني، وأبو القاسم الهوزني. وأجاز له من بغداد أبو الفضل بن خيرون، وغيره. قال أبو عبد الله الأبار: وكان من أهل العلم بالحديث والعكوف عليه، مع المعرفة باللغة والآداب والنسب والمشاركة في الأصول. ولي خطابة مدينة شلب مدةً. وتوفي في صفر. وكان مولده في سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة. قال: وأجاز روايته لجميع المسلمين قبل موته بيومين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 56 4 (عبد الواسع بن المؤمن بن أميرك.) أبو محمد الهروي الصيرفي. شيخ صالح، عابد، قانت. سمع الكثير من: شيخ الإسلام عبد الله الأنطاكي، وأبي العطاء عبد الرحمن الجوهري، وأبي عامر الأزدي، وجماعة.) قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه قدر خمسة عشر جزءاً من أمالي الأنصاري. وتوفي رحمه الله في خامس رمضان. 4 (عتيق بن أحمد بن عبد الرحمن.) أبو بكر الأزدي، الأندلسي، الأوريولي. حج سنة تسع وثمانين وأربعمائة، ولقي بمكة أبا الفوارس طراد الزينبي فسمع منه، وطال عمره، وتفرد عنه في الأندلس بالرواية. وقد حج سنة عشرين وخمسمائة أيضاً، وجاور. وسمع من: أبي عبد الله الرازي صاحب السداسيات، وزين العبدري، وزاهر الشحامي، وجماعة من القادمين للحج. قال الأبار: وكان ثقة، معتنياً بالرواية. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو القاسم بن بشكوال، وأبو عمر بن عياد، وأبو بكر بن أبي ليلى، وغيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 57 وكان مولده بأوريوله سنة 467 وبها توفي. قلت: رواية السلفي عنه في الوجيز له: وسمع منه السمعاني بمكة مجلساً. 4 (العزيز بن محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد.) القاضي أبو المفاخر الصاعدي، النيسابوري. قاضي نيسابور. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وسمع: أبا بكر بن خلف، وأبا القاسم عبد الرحمن الواحدي، وعلي بن محمد الجوزجاني، وغيرهم. وبكروا به وسمعوه حضوراً. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي في صفر. 4 (علي بن أحمد بن الحسن بن محمويه.) ) الإمام أبو الحسن اليزدي، الشافعي، المقرئ، المحدث، الزاهد، نزيل بغداد. ولد بيزد في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ظناً. وسمع: الحسين بن الحسن بن جوانشير، وأبا المكارم محمد بن علي الفسوي، ومحمد بن الحسين بن بلوك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 58 ورحل إلى إصبهان فقرأ بها على: أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبي سعد المطرز، وأبي علي الحداد. وسمع من: أحمد بن محمد بن الحافظ أبي بكر بن مردويه. وسمع بهمذان من: ناصر بن مهدي المشطبي، وبالدون من عبد الرحمن بن حمد الدوني. ودخل بغداد سنة خمسمائة فسمع بها: الحسين بن الطيوري، وأبا القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبا سعد بن خشيش، وأبا الحسن العلاّف، وجماعة. وتفقه على الإمام أبي بكر الشاشي. ورحل إلى واسط، وتفقه على قاضيها أبي علي الفارقي. وسمع بالكوفة، والبصرة، والحجاز. وصنف في الفقه، والحديث، والزهد. وحدثت بسنن النسائي، عن الدوني. قال أبو سعد السمعاني: فقيه، فاضل، زاهد، حسن السيرة، عزيز النفس، سخي بما يملك، قانع بما هو فيه، كثير الصوم والعبادة. صنف تصنيفاً في الفقه، وأورد فيها أحاديث بأسانيده. سمعت منه وسمع مني. وكان حسن الأخلاق دائم البشر، متواضعاً. وكان له عمامة وقميص بينه وبين أخيه، إذا خرج ذاك قعد ذا، وإذا خرج ذا قعد الآخر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 59 وقال ابن النجار في تاريخه: كان من أعيان الفقهاء مشهوري العباد. سمعت أبا يعلى حمزة بن علي يقول: كان شيخنا أبو الحسن اليزدي يقول لنا: إذا مت فلا تدفنوني إلا بعد ثلاث، فإني أخاف أن يكون بي سكتة. وكان جثيثاً صاحب بلغم. وكان يصوم رجب، فلما كان سنة موته قبل رجب بأيام قال: قد رجعت عن وصيتي، ادفنوني في الحال، فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم) وهو يقول: يا علي، صم رجب عندنا. قال: فمات ليلة رجب. قال: وقرأت بخط أحمد بن شافع وفاته في تاسع عشر جمادى الآخرة وقال: زادت مصنفاته على خمسين مصنفاً. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعبد الملك بن ياسين الدولعي الخطيب، وعلي بن أحمد بن سعيد الواسطي الدباس وقرأ عليه القراءآت، وأبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر، وآخرون. 4 (علي بن الحسين بن عبد الله.) أبو الحسين الغزنوي الواعظ، نزيل بغداد. سمع بغزة من حمزة بن الحسين القايني صحيح البخاري بروايته عن العيار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 60 وسمع ببغداد: أبا سعد بن الطيوري، وابن الحسين. قال أبو الفرج بن الجوزي: كان مليح الإيراد، لطيف الحركات، بنت له زوجة المستظهر بالله رباطاً بباب الأزج أوقفت عليه الوقوف، وصار له جاه عظيم لميل الأعاجم إليه. وكان السلطان يأتيه ويزوره والأمراء والأكابر. وكثرت عنده المحتشمون والقراء، واستعبد كثيراً من العلماء والفقراء بنواله وعطائه. وكان محفوظه قليلاً. وسمعته يقول: حزمة حزن خير من أعدال أعمال. وقال ابن السمعاني: سمعته يقول: رب طالب غير واجد، وواجد غير طالب.) وقال: نشاط القائل على قدر فهم المستمع. وقال ابن الجوزي: كان يميل إلى التشيع ويدل بمحبة الأعاجم له، ولا يعظم بيت الخلافة كما ينبغي، فسمعته يقول: تتولانا وتغفل عنا، فما تصنع بالسيف إذا لم تكن قتالاً، فغير حلية السيف وضعها لك خلخالاً. ثم قال: تولي اليهود فيسبون نبيك يوم السبت، ويجلسون عن يمينك يوم الأحد. ثم صاح: اللهم هل بلغت. قال: فبقيت هذه النفوس حتى منع من الوعظ. ثم قدم السلطان مسعود، فجلس بجامع السلطان، فحدثني فقيه أنه لما جلس قال لما

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 61 حضر السلطان: يا سلطان العالم، محمد بن عبد الله أمرني أن أجلس، ومحمد أبو عبد الله منعني أن أجلس، يعني المقتفي. وكان إذا نبغ واعظ سعى في قطع مجلسه. وكان يلقب بالبرهان. فلما مات السلطان أهين الغزنوي، وكان معه قرية فأخذت منه، وطولب بمغلها عند القاضي. وحبس ثم أطلق، ومنع من الوعظ. وتشفع في أمر القرية، فقال المقتفي: ألا ترضى أن نحقن دمه ما زال الغرنوي يلقى الذل بعد العز الوافر. وتوفي في المحرم. وهو والد المسند أبي الفتح أحمد بن علي الغزنوي، راوي الترمذي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 62 4 (علي بن حيدرة بن جعفر بن المحسن. أبو طالب الحسيني، العلوي، الشريف الدمشقي، نقيب) العلويين. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم.) روى عنه: ابن عساكر، وولده القاسم، وأبو المواهب، وأبو القاسم ابنها صصرى، وغيرهم. وهو راوي السابع من فضائل الصحابة لخيثمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 63 توفي في جمادى الآخرة، ودفن بمقابر باب الصغير. 4 (علي بن أبي تراب بن فيروز.) أبو الحسن الزنكوي، ثم البغدادي، الخياط. سمع: أبا الفضل محمد بن عبد السلام، وأبا الحسين بن المبارك بن الصيرفي. قال ابن السمعاني: كتب لي جزءاً عن شيوخه، وقرأته عليه وولد سنة أربع وسبعين. ومات في ثاني ربيع الأول. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن عبد الله بن خيرة.) أبو الوليد القرطبي. قال ابن بشكوال: روى عن جماعة من شيوخنا وصحبنا عندهم، وكان من جلة العلماء الحفاظ، متفنناً في المعارف كلها، جامعاً لها، كثير الدراية، واسع المعرفة، حافل الأدب. وتوفي بزبيد في شوال، وله اثنتان وستون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 64 4 (محمد بن عبد الخالق.) الإمام أبو المحامد السمرقندي، الكندي. ورع، عارف بالفقه، له حلقة إشغال. كتب عنه أبو سعد السمعاني. وكندي من قرى سمرقند. 4 (محمد بن عبيد الله بن سلامة بن عبيد الله بن مخلد.) أبو عبد الكرخي، البغدادي، الرطبي، من كرخ جدان، لا كرخ بغداد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 65 وهو ابن أخي الكرخي القاص أبي العباس أحمد بن سلامة ابن الرطبي. كان أحد الشهود المعدلين. كان جميل الأمر، لازماً بيته، مشتغلاً بما يعنيه. سمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وجماعة. وتوفي في) شوال. وكان مولده في سنة ثمان وستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وداود بن ملاعب، وابن الأخضر، وعمر بن أحمد بن بكرون، ومحمد بن علي بن يحيى بن الطراح، وجماعة. 4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله.) أبو الفتح بن أبي الحسن البسطامي، ثم البلخي. أخو الحافظ أبي شجاع عمر. قال ابن السمعاني: كان إماماً صالحاً، كثير العبادة، متواضعاً. سمع الكثير ببلخ من: أبيه، وأبي هريرة عبد الرحمن بن عبد الملك بن يحيى القلانسي، وأبي القاسم أحمد بن محمد الخليلي، وإبراهيم بن أبي نصرالإصبهاني، والوزير نظام الملك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 66 وأجاز له الحافظ أبو علي الوخشي القاضي. ولد في رمضان سنة ثمان وستين وأربعمائة. وتوفي في رمضان أيضاً. روى عنه بالإجازة عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (محمود بن إسماعيل بن قادوس.) القاضي، أبو الفتح المصري الكاتب، صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية. أصله من دمياط، وهو أحد من اشتغل عليه الفاضل، وكان يعظمه ويصفه ويسميه ذا البلاغتين. وكان لا يتمكن من اقتباس فوائده غالباً إلا في ركوبه من القصر إلى منزله، ومن منزله إلى القصر، فيسايره الفاضل ويجاريه في فنون الإنشاد والشعر. وله فيمن يوسوس ويكثر التكبير وقت الإحرام: (وفاتر النية عنينها .......... مع كثرة الرغدة والهزة)

(يكبر سبعين في مرة .......... كأنه صلى على حمزة)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 67 4 (مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش.) السلجوقي، صاحب الروم. مات بقونية، وتملك بعده ولده قلج أرسلان. 4 (المرتضى بن محمد بن إسماعيل بن الحسين.) ) أبو قاسم العلوي. شيخ معمر. سمع: نجيب بن ميمون الواسطي. مات بسجستان في ذي الحجة ورخه أبو سعد. 4 (حرف النون)

4 (نبا بن محمد بن محفوظ.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 68 الشيخ أبو البيان رضي الله عنه، شيخ الطائفة البيانية بدمشق. كان كبير القدر، عالماً، عاملاً، زاهداً، قانتاً، عابداً، إماماً في اللغة، فقيها، شافعي المذهب، سلفي المعتقد، داعية إلى السنة. له تواليف ومجاميع، وشعر كثير، وأذكار مسموعة مطبوعة، وقبره يزار بمقابر باب الصغير. ولم يذكره ابن عساكر في تاريخه، ولا ابن خلكان في الأعيان. توفي وقت الظهر يوم الثلاثاء ثاني ربيع الأول، ودفن من الغد، وشيعه خلق عظيم. وقرأت بخط السيف بن المجد الشيخ الفقيه أبو البيان نبا بن محمد بن محفوظ القرشي، الشافعي، رحمه الله، المعروف بابن الحوراني، سمع: أبا الحسين علي بن الموازيني، وأبا الحسين علي بن أحمد بن قبيس المالكي. وكان حسن الطريقة، قد نشأ صبياً إلى أن قضى متديناً، عفيفاً، محباً للعلم والأدب والمطالعة للغة العرب. قلت: روى عنه: يوسف بن عبد الواحد بن وفا السلمي، والقاضي أسعد بن المنجا، والفقيه أحمد العراقي، وعبد الرحمن بن الحسين بن عبدان، وغيرهم. أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن عبد الخالق بن عبد السلام: أنا العلامة أبو محمد بن قدامة: حدثني أبو المعالي أسعد بن المنجا قال: كنت يوماً قاعداً عند الشيخ أبي البيان، رحمه الله، فجاءه ابن تميم الذي يدعى الشيخ الأمين، فقال الشيخ بعد كلام جرى بينهما: ويحك، ما أنحسكم، فإن الحنابلة إذا قيل لهم: ما الدليل على أن القرآن بحرف وصوت قالوا: قال الله كذا، وقال رسوله كذا، وذكر الشيخ الآيات والأخبار وأنتم إذا قيل لكم:) ما الدليل على أن القرآن معنى في النفس قلتم: قال الأخطل إن الكلام من الفؤاد.. إيش

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 69 هذا نصراني خبيث بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله وتركتم الكتاب والسنة. وحدث أبو عبد الله بن إبراهيم المعدل في تاريخه قال: حكى جماعة من ثقات الدمشقيين أن طائفة من أصحاب الشيخ أبي البيان، بعد وفاته بأربع سنين، اجتمعوا وجمعوا دراهم واتفقوا على أن يبنوا لهم مكاناً يجتمعون فيه للذكر، واشتروا أخصاصاً وبواري ومصابيح، وشرعوا في حفر الأساس، والفقراء قد فرحوا وهم يعملون، فبلغ ذلك نور الدين، فسير إليهم من منعهم، فنزل إليهم الرسول من القلعة، فالتقاه الشيخ نصر صاحب أبي البيان، فقال له: أنت رسول محمود بمنع الفقراء من البناء قال: نعم. قال: ارجع إليه وقل بعلامة ما قمت قي جوف الليل وسألت الله أن يرزقك ولداً ذكراً من فلانة وواقعتها لا تتعرض إلى جماعة الشيخ ولا تمنعهم. فعاد الرسول إلى السلطان وأخبروه فقال: والله العظيم ما تفوهت بهذا لمخلوق، ثم أمر بعشرة آلاف درهم ومائة حمل خشب ليبنوا بها. فبنوا الرباط، ووقف عليه مزرعة بجسرين. هذه الحكاية منقطعة لا تصح. وقال الشيخ محمد بن إبراهيم الأرموي: أخبرني والدي، عن جدتي، عن الشيخ عبد الله البطائحي قال: رأيت الشيخ أبا البيان والشيخ رسلان مجتمعين بجامع دمشق، فسألت الله أن يحجبني عنهما حتى لا يشتغلا بي، وتبعتهما حتى صعدا إلى أعلى مغارة الدم، وقعدا يتحدثان، وإذا بشخص قد أتى كأنه طائر في الهواء، فجلسا بين يديه كالتلميذين، وسألاه عن أشياء من جملتها: على وجه الأرض بلد ما رأيته قال: لا. فقالا: هل رأيت مثل دمشق قال:) ما رأيت مثلها. وكانوا يخاطبونه يا أبا العباس، فعلمت أنه الخضر عليه السلام فقلت: لو أن صحة هذه الحكاية عن عبد الله البطائحي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 70 فهو ظن منه في أن ذلك الشخص الخضر، ومن الناس من يقول إن الخضر مرتبة من وصل إليها يسمى الخضر كالقطب والغوث، والله أعلم. 4 (حرف الواو)

4 (الواثق بن تمام بن علي بن أبي عيسى.) أبو منصور الهاشمي، العباسي، العيسوي، البغدادي، العتابي. سمع: عبد الخالق بن هبة الله المفسر، ومحمد بن عبد الله المستعمل. روى عنه: يحيى بن الحسين الأواني، وعبد العزيز بن الأخضر. توفى في شعبان عن بضع وثمانين سنة. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سلامة بن الحسين بن عبد الله.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 71 الخطيب، معين الدين أبو الفضل الحصكفي، نسبة إلى حصن كيفا. تأدب ببغداد على أبي زكريا التبريزي. وقرأ الفقه وجوده، ثم نزل ميافارقين وولى خطابتها والفتوى بها. واشتغل عليه أهلها. وله ديوان معروف، وخطب، ورسائل. قال العماد في الخريدة: كان علامة الزمان في علمه، ومقريء العصر في نثره ونظمه، له الرجيع البديع، والتجنيس النفيس، والتقسيم المستقيم، والفضل السائر المقيم. ومن شعره: (وخليع بث أعذله .......... ويرى عذلي من العبث)

(قلت: إن الخمر مخبثة .......... قال: حاشاها من الخبث)

(قلت: فالأرفاث تمنعها .......... قال: طيب العيش في الرفث)

(قلت: منها القيء قال: أجل .......... شرفت عن مخرج الحدث)

(وسأجفوها، فقلت متى .......... قال: عند الكون في الجدث)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 72 وله في مغن:) (ومطرب قوله بالكره مسموع .......... محجب عن بيوت الناس ممنوع)

(غنى فبرق عينيه وحول لحييه .......... فقلنا: الفتى، لا شك، مصروع)

(وقطع الشعر حتى ود أكثرنا .......... أن اللسان الذي في فيه مقطوع)

(لم يأت دعوة أقوام بأمرهم .......... ولا مضى قط إلا وهو مصفوع) توفي الخطيب الحصكفي سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثلاث. 4 (يحيى بن عبد الباقي بن محمد.) أبو بكر البغدادي، الغزال. سمع مالكاً البانياسي، ورزق الله التميمي، وحمد الحداد الإصبهاني، وجماعة روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأحمد بن حمزة بن الموازيني، وجماعة. وتوفي في شوال.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 73 4 (وفيات سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن الخراز.) أبو علي الحريمي، البغدادي. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، مستور، متدين، لازم لمسجده. سمع: أبا الغنائم محمد بن علي الدقاق وولد في سنة خمس وسبعين وأربعمائة قرأت عليه جزءاً من أمالي المحاملي قلت: هو الجزء الأول، لأنه كان يرويه عن أبي الغنائم، وتفرد به وما كأنه روى سواه. بلى، روى جزءاً عن محمد بن أحمد بن الجبان العطار، عن أحمد بن عمر بن الإسكاف، وروى جزءاً عن، طراد الزينبي، وآخر عن مالك البانياسي. وتوفي في أول ذي الحجة. وقد روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزاد، وأبو علي الحسين بن الزبيدي، ومحمد وعبد الواحد ابنا المبارك ابن المستعمل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 74 وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير، فأخبرنا صبيح فتى صواب المالقي، أنا ابن المقير،) أنا أبو علي أحمد بن أحمد إجازة، أنا محمد بن علي بن أبي عثمان، أنا عبد الله بن البيع، أنا عبد الله المحاملي، ثنا يوسف بن موسى، نا جرير، ومحمد بن فضيل، عن مغيرة، عن أم موسى قالت: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها. فنظر أصحابه إلى حموشة ساقيه، فضحكوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تضحكون لرجل عند الله في الميزان أثقل يوم القيامة من أحد. قيل اسم أم موسى حبيبة. وقال ابن النجار: كان شيخاً صالحاً، له سمت حسن، وعليه وقار وسكينة. قال لي بعض أهل العلم إنهم يقولون إن وجهه يشبه وجه أبي بكر الصديق رضي الله عنه. 4 (أحمد بن أحمد بن محمد بن اليعسوب.) أبو الفتح البغدادي. سمع: أبا غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، وأبا العز محمد بن المختار. وكان أديباً شاعراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 75 روى عنه: أبو المنجا بن اللتي. قال ابن النجار: توفي رحمه الله في سادس عشر جمادى الآخرة. 4 (أحمد بن بختيار بن علي بن محمد.) القاضي أبو العباس المندائي، الواسطي. ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة، ورحل إلى بغداد. وسمع من: أبي القاسم بن بيان، وأبي غالب أحمد بن المعبر، وأبي علي بن نبهان. وكان فقيهاً، إماماً، بارعاً في كتابة الشريط بارعاً في اللغة والأدب، ولي قضاء واسط مدة، وهو والد أبي الفتح المندائي. وحدث عن الحريري بالمقامات وصنف كتاب القضاة وغير ذلك. وكان ثقة صدوقاً.) قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه مقامات الحريري. وتوفي في نصف جمادى الأولى. قلت: وقد أجاز لابن المقير. وعنه: ابنه، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 76 4 (أحمد بن جبير بن محمد بن سعيد بن جبير.) الوزير أبو جعفر الكناني، من ولد بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة. كان من وجوه أهل بلنسية. روى عن: صهره أبي عمران بن أبي تليد، وأبي عبد الله بن خلصة وعليه قرأ الأدب. ووزر لمروان بن عبد العزيز عند ثورته وخروجه ببلنسية لما انقرضت دولة الملثمين. وامتحن يوم خلع مروان، فقبض عليه الجند، ثم انتقل إلى شاطبة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 77 روى عنه: ولده أبو الحسين محمد بن أحمد. 4 (أحمد بن عمر بن محمد بن لقمان.) أبو الليث النسفي، ثم السمرقندي، الفقيه، مجد الدين الواعظ. قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، فاضلاً، واعظاً كاملاً، سمعه أبوه من جماعة. وكان مولده في سنة سبع وخمسمائة بسمرقند. وكان أبوه حافظاً. قدم مجد الدين بغداد حاجاً، ثم رد إلى وطنه، فلما وصل إلى قومس خرج طائفة كبيرة من أهل القلاع الإسماعيلية وقطعوا الطريق على القافلة، وقتلوا مقتلة عظيمة من الحاج والعلماء، أكثر من سبعين نفساً، منهم مجد الدين النسفي رحمه الله. 4 (أحمد بن هبة الله بن أحمد.) أبو الفضائل بن الزيتوني، الهاشمي، العباسي، الواثقي، البغدادي. سمع: طراداً الزينبي، وثابت بن بندار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 78 روى عنه: المبارك بن كامل مع تقدمه في معجمه، وثابت بن مشرف، وعمر بن أحمد) العلوي. وتوفي في صفر وله اثنتان وثمانون سنة. 4 (إبراهيم بن رضوان بن تتش بن ألب أرسلان.) شمس الملوك، أبو نصر. ولد سنة ثلاث وخمسمائة، ونزل على حلب محاصراً لها في سنة ثماني عشرة وخمسمائة، وكان معه الأمير دبيس بن صدقة الأسدي صاحب الحلة، وبغدوين ملك الفرنج. وفي سنة إحدى وعشرين قدم أبو نصر إبراهيم هذا إلى حلب أيضاً فدخلها وملكها، وفرحوا به، ونادوا بشعاره. وخرج صاحب أنطاكية فأتاها ونازلها، فترددت الرسل لما ضايق حلب، فركب أبو نصر وعزيز الدولة في خلق عظيم، فتراسلوا، فانعقدت الهدنة، وخلف لهم، وحملوا إليه ما افترضه، ولطف الله. ثم بعد مدة سار أبو نصر، وأعطاه الأتابك زنكي نصيبين، فملكها إلى أن مات في ثاني عشر شعبان سنة اثنين وخمسين. قال ابن العديم في تاريخه: أخبرني بذلك بعض أحفاده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 79 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن الحسين بن الحسين.) الأستاذ أبو علي الأندقي، العارف، شيخ الصوفية، وكبير القوم بما وراء النهر. صحب يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد بمرو مدة طويلة وكان يسافر معه. وجالس جده أبا المظفر عبد الكريم بن أبي حنيفة الأندقي الفقيه المذكور في سنة إحدى وثمانين. قال أبو سعد السمعاني: هو شيخ عصره أبو علي الأندقي من أهل بخارى. وأندقى من قرى بخارى. ظهرت بركته على جماعة كثيرة من أهل العلم والدين، وكان صاحب طريقة حسنة في ترتيبه المريدين ودعاء الخلق إلى الله تعالى، مع ما رزقه الله تعالى من صفاء الوقت، ودوام العبادة والرياضة، واتباع الأثر والسنة النبوية.) وكان مهيباً، حسن الكلام، يتكلم على الخواطر، وابتلي وامتحن، وظهر له جماعة من الخصوم ممن قصد قتله، فصبر ودفع الله عنه، وسلمه من أيديهم. ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة. وتوفي في السادس والعشرين من رمضان، وله تسع وثمانون سنة. قلت: ذكره أبو سعد في الأنساب، وفي معجم ولديه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 80 وروى عنه ولده عبد الرحيم حديثاً واحداً بروايته عن يوسف الهمذاني. 4 (الحسين بن سعد.) أبو شجاع ابن القواريري، البغدادي، البزاز، أخو يعيش بن سعد قاضي باب البصرة. سمع: ثابت بن بندار، وابن سوسن التمار. قال ابن الأخضر: كان متكلماً أشعرياً. وقال السمعاني: شيخ صالح. روى عنه: هو، وابن عساكر. مات في شوال. 4 (الحسين بن نصر بن محمد بن الحسين بن القاسم بن خميس.) الجهني، الكعبي، الموصلي، القاضي أبو عبد الله، قاضي رحبة مالك بن طوق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 81 قال ابن السمعاني: إمام فاضل، حسن الأخلاق، بهي المنظر. قدم بغداد قبل الثمانين وأربعمائة، وسمع بها: قاضي القضاة أبا بكر محمد بن المظفر السامي، وطراداً الزينبي، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، ونصر بن البطر. وسمع بالموصل: أبا نصر بن ودعان وأثبت عليه أحاديث. وقال لي: ولدت في المحرم سنة ست وستين وأربعمائة بالموصل.) ثم ظفرت بوفاته، وأرخها ابن خلكان وابن النجار سنة اثنتين وخمسين. 4 (حرف السين)

4 (سرخاك.) الأمير الكبير فخر الدين، متولي قلعة بصرى. قتل في شوال غيلة بالقلعة بتدبير من زوج بنته الأمير علي بن جولة ومن وافقه من أعيان خاصته مع أنه كان رحمه الله يبالغ في التحرز والتيقظ، لكنه الأجل. 4 (سعد بن محمد بن أبي عبيد.) أبو محمد الدستجردي، المروزي، خطيب دستجرد. فقيه صالح.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 82 سمع: أبا الفتح عبيد الله بن محمد الهشامي، ومحمد بن إسماعيل اليعقوبي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وتوفي في رمضان رحمه الله. 4 (سنجر بن السلطان ملكشاه بن السلطان ألب رسلان بن السلطان جغربيك بن ميكائيل بن) سليمان بن سلجوق. سلطان خراسان، وغزنة، وما وراء النهر. وخطب له بالعراق، والشام، والجزيرة، وأذربيجان وأران، وديار بكر، والحرمين. ولقبه السلطان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 83 الأعظم معز الدين، أبو الحارث، واسمه بالعربي أحمد بن الحسن بن محمد بن داود. كذا ساقه ابن السمعاني، وقال في أبيه الحسن إن شاء الله. ثم قال: ولد بسنجار من بلاد الجزيرة في رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة حين توجه أبوه إلى غزو الروم، ونشأ ببلاد الخزر، وسكن خراسان، واستوطن مرو. وقال ابن خلكان: تولى المملكة نيابة عن أخيه بركياروق سنة تسعين وأربعمائة، ثم استقل بالسلطنة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وقال ابن السمعاني: وكان في أيام أخيه يلقب بالملك المظفر إلى أن توفي أخوه السلطان محمد بالعراق في ذي) الحجة سنة إحدى عشرة، فلقب بالسلطان. وقال: ورث الملك عن آبائه وزاد عليهم. ملك البلاد، وقهر العباد، وخطب له على أكثر منابر الإسلام. وكان وقوراً، حيياً، سخياً، كريماً، مشفقاً، ناصحاً لرعيته، كثير الصفح. صارت أيام دولته تاريخاً للملوك، وجلس على سرير الملك قريباً من ستين سنة. أقام ببغداد، وانصرف منها إلى خراسان، ونزل مرو، وكان يخرج منها ويعود. قال: وحكى أنه دخل مع أخيه محمد إلى الإمام المستظهر بالله، قال: فلما وقفنا بين يديه ظن أني أنا هو السلطان، فافتتح كلامه، فخدمت وقلت: يا مولانا أمير المؤمنين السلطان هو وأشرت إلى أخي. ففوض إليه السلطنة، وجعلني ولي العهد بعده بلفظه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 84 قال ابن السمعاني: واتفق أن في سنة إحدى وتسعين لما هزم عساكر أخيه والأمير حبشي كان فتحاً عظيماً في الإسلام، فإن أكثر ذلك العسكر كان ممن يميل عن الحق. فبلغ ذلك الإمام أبا الحسن علي بن أحمد المديني المؤذن، فصلى ركعتين، وسجد شكراً لله تعالى. ثم أجاز للسلطان سنجر جميع مسموعاته، فقرأت عليه بها أحاديث. وكان قد حصل له طرش. قال ابن الجوزي: واتفق أنه حارب الغز، يعني قبل الخمسين، فأسروه، ثم تخلص بعد مدة وجمع إليه أطرافه بمرو. وقال ابن خلكان: كان من أعظم الملوك همة، وأكثرهم عطاء. ثم قال: ذكر أنه اصطبح خمسة أيام متوالية، ذهب في الجود كل مذهب، فبلغ ما ذهب من العين سبعمائة ألف دينار، سوى الخلع والخيل. قال: وقال خازنه: اجتمع في خزائنه من الأموال ما لم يسمع أنه اجتمع في خزائن أحد ملوك الأكاسرة. وقلت له) يوماً: حصل في خزائنك ألف ثوب ديباج أطلس، وأحب أن تنظرها. فسكت، فأبرزت جميعها فحمد الله، ثم قال: يقبح بمثلي أن يقال: مال إلى المال. وأذن للأمراء في الدخول، فدخلوا عليه، ففرق عليهم الثياب وتفرقوا. قال: اجتمع عنده من الجواهر ألف وثلاثون رطلاً، ولم يسمع عند أحد من الملوك يقارب هذا. وقال ابن خلكان: ولم يزل أمره في ازدياد إلى أن ظهرت عليه الغز في سنة ثمان وأربعين، وهي واقعة مشهورة استشهد فيها الفقيه محمد بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 85 يحيى فكسروه وانحل نظام ملكه، وملكوا نيسابور، فقتلوا بها خلقاً كثيراً، وأسروا السلطان سنجر، وأقام في أسرهم خمس سنين. قلت: بل بقي في أسرهم ثلاث سنين وأربعة أشهر. وتغلب خوارزم شاه على مرو، يعني بعده. وتفرقت مملكة خراسان. وتوفي في ربيع الأول سنة اثنتين بعد خلاصه من الأسر، وانقطع بموته استبداد الملوك السلجوقية بخراسان. واستولى على أكثر مملكته السلطان خوارزم شاه أتسز بن نوشتكين. أتسز توفي قبله، فلعله أراد خوار زم شاه أرسلان بن أتسز بن محمد، والله أعلم. وقال ابن السمعاني: توفي في رابع وعشرين ربيع الأول، وهو الصحيح. وأظن ذلك غلطاً من الناسخ. ودفن في قبة بناها وسماها دار الآخرة. قال ابن الجوزي: ولما بلغ خبر موته إلى بغداد قطعت خطبته، ولم يعقد له العزاء، فجلست امرأة سليمان للعزاء، فرآها المقتفي بالله وأقامها. وقال ابن السمعاني: تسلطن بعده ابن أخته الخاقان حمود بن محمد بن بغراجان.) 4 (حرف الصاد)

4 (صلاح الدين.) متولي حمص.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 86 وكان قد تقدم عند الأتابك زنكي بالمناصحة وسداد الرأي، فلما شاخ عجز عن ركوب الفرس. وكان يحمل في المحفة. وخلفه من بعده في حمص أولاده، ثم تملكها أسد الدين وذريته. 4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوّز.) أبو الحسن المعافري، الشاطبي سمع: أخاه أبا بكر، وأبا علي الصدفي. وأجاز له عمه طاهر بن مفوز الحافظ. قال الأبار: وكان فقيهاً حافظاً، مقدماً في علم الفرائض يلجأ إليه في ذلك. وولي قضاء شاطبة. ثم استعفى فأعفي. روى عنه: ابناه أبو بكر عبد الله، ومفوز. وتوفي في المحرم. 4 (حرف العين)

4 (عبد الباقي بن محمد بن عبد الباقي.) أبو المنصور التميمي، الموصلي، الدمشقي. قرأ القرآن على أبي الوحش سبيع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 87 وسمع: الشريف النسيب، وأبا طاهر الحنائي، وأبا الحسن بن الموازيني. وكتب الحديث بخط حسن. وكان شاهداً متودداً. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الحسن علي بن محمد بن يحيى القاضي ابن الزكي، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم.) توفي في رمضان. 4 (عبد الصبور بن عبد السلام بن أبي الفضل.) أبو صابر الهروي، الفامي، التاجر. قال ابن السمعاني: ولد في رمضان سنة سبعين وأربعمائة. وكان صالحاً، كثير الخير، مشتغلاً بنفسه. سمع: أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري، وأبا عامر محمود بن القاسم الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطي، وإلياس بن مضر البالكي. وحدث بجامع الترمذي عن أبي عامر وكان من التجار المعروفين، صدوقاً أميناً. ورد بغداد حاجاً سنة تسع وثلاثين وحدث بها بجامع الترمذي، ورواه أيضاً بهمذان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 88 قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وأبو الحسن علي بن نجا الواعظ الحنبلي، وأحمد بن الحسن العاقولي، وآخرون. توفي بهراة في شعبان. 4 (عبد القاهر بن علي بن أبي جرادة.) الأمين مخلص الدين العقيلي، الحبلي، ناظر خزانة الملك نور الدين بحلب. قال أبو يعلى حمزة: راعني فقده لأنه كان خيراً، بليغاً، حسن البلاغة. نظماً ونثراً، بديع الكتابة، يتوقد ذكاء. وكانت بيننا مودة من الصبى بحكم تردده إلى دمشق. ورثيته بأبيات، فذكر منها: (وقد كان ذا فضلٍ وحسن بلاغة .......... ونظم كدر في قلائد حور)

(يفوق بحسن اللفظ كل فصاحة .......... وخط بديعٍ في الطروس منير)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 89 4 (عبد الملك بن علي بن حمد.) أبو الفضل الهمذاني، البزاز. عاش اثنتين وثمانين سنة. سمع: أحمد بن عمر البيع، وفند الشعراني، والدوني.) وببغداد: أبا سعد الصيرفي. مات في ربيع الأول. 4 (عبد الملك بن مسرة بن فرج بن خلف بن عزير.) أبو مروان اليحصبي، الشنتمري، ثم القرطبي. أحد الأئمة الأعلام. أخذ الموطأ عن أبي عبد الله بن الطلاع سماعاً، واختص بالقاضي أبي الوليد ابن رشد، وتفقه معه. وصحب أبا بكر بن مفوز، فانتفع به معرفة الحديث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 90 قال ابن بشكوال: كان ممن جمع الله له الحديث والفقه، مع الأدب البارع، والخط الحسن، والدين، والورع، والتواضع والهدي الصالح. كان على منهاج السلف المتقدم. أخذ الناس عنه، وكان أهلاً لذلك لعلو ذكره، ورفعة قدره. توفي لثمان بقين من رمضان. آخر من سمع منه أبو القاسم بن بقي. قاله ابن الزبير. 4 (عبد الوهاب بن محمد بن أحمد بن غالب.) أبو العرب التجيبي، الأندلسي، البلنسي، المعروف بالبقساني، نسبة إلى قرية بغربي بلنسية. سمع: أبا الحسن بن واجب، وأبا محمد بن خيرون، وخليص بن عبد الله، وأبا علي الصدفي، وأبا بحر الأسدي، وأبا محمد بن أبي جعفر الفقيه. وأجاز له طائفة آخرون. وكان خطيباً مفوهاً، فصيحاً، شاعراً، ذا لسانٍ وبلاغة وعربية، وله مشاركة في العلوم. ولي قضاء المرية وحدث. أخذ عنه: أبو عمر بن عياد، وأبو الحسن بن سعد الخير، وأبو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 91 مروان بن الجلاد. وتوفي في المحرم عن ثلاثٍ وسبعين سنة 4 (عثمان بن علي بن محمد بن علي.) أبو عمرو البيكندي، مسند أهل بخاري. قال ابن السمعاني: ولد في شوال سنة خمس وستين وأربعمائة، وكان إماماً فاضلاً، ورعاً، عفيفاً، نزهاً، قانعاً) باليسير، كثير العبادة، ثقة، صالحاً. سمع: أبا محمد عبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيدي المعمر، وأبا بكر بن الحسين خواهرزادة، وأبا الخطاب الطبري القاضي، والإمام محمد بن أحمد بن أبي سهل الفقيه، وطائفة كبيرة. روى عنه: تاسع شوال، وشيعه أمم. وهو آخر من حدث عن الإمام أبي المظفر عبد الكريم الأندقي. 4 (علي بن أحمد بن الحسين بن أبي نصر بن الأشعث بن حاشد.) الكندكيني، السغدي، السمرقندي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 92 روى بالإجازة عن السيد محمد بن محمد بن زيد. سمع منه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم. توفي في ربيع الأول. 4 (علي بن الوزير أبي علي الحسن بن علي بن صدقة.) صدر معظم، يلقب شرف الدولة. سمع: أبا القاسم الربعي، وغيره. وعنه: أبو سعد السمعاني. 4 (علي بن الحسن بن علي.) أبو الحسن بن شليها الدمشقي. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، وأبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا الفضل بن الفرات.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 93 روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم، وغيرهما. وتوفي رحمه الله في رمضان. 4 (علي بن صدقة بن علي بن صدقة.) الوزير أبو القاسم قوام الدين. استوزره أمير المؤمنين المقتفي سنتين، ثم عزله سنة خمس وأربعين. توفي في الثالث والعشرين من جمادى الأولى. ذكره ابن الجوزي.) قال ابن النجار: هو ابن أخي الوزير جلال الدين. 4 (علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك.) أبو الحسن الفزاري، الغرناطي، المعروف بابن المقري. روى عن: أبي الوليد بن بقوي، وشريح بن محمد، وأبي الحسن بن مغيث، وجماعة. قال الأبار: اعتنى بالحديث، وشارك في غيره. وعرف بصحة العقل. حدث عنه: أبو بكر بن أبي زمنين، وأبو جعفر بن شراحيل ابن أخته، وأبو الحسن بن جابر القرطبيون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 94 4 (عمر بن عبد الله بن علي بن محمد بن محمد بن أبي طاهر.) أبو حفص الحربي، المقرئ شيخ صالح، خير، قيم بكتاب الله. سمع بنفسه كثير وأفاد غيره. وتلا للكسائي، على ثابت بن بندار. وسمع: أبا عبد الله النعالي، وأبا الخطاب القارئ، وأبا بكر الطريثيثي، وأبا الفوارس الزينبي، وجماعة. روى عنه: الحسين بن أحمد بن الحباري النساج، وعمر بن طبرزد، وابن اللتي، وآخرون. وهو الذي روى عنه ابن اللتي الجزء الأول من مشيخة الفسوي والأمالي والقراءة لابن عفان. توفي في حادي عشر شعبان. وقرأ عليه: ريحان بن تنكان الضرير المقرئ، وعبد العزيز بن الناقد. 4 (عيسى بن محمد بن فتوح بن فرج.) الأستاذ أبو الأصبغ الهاشمي، الأندلسي، المقرئ، المعروف بابن المرابط. نزيل بلنسية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 95 أخذ القراءات عن: أبي زيد الوراق، وأبي عبد الله بن ثابت، وأبي بكر بن الصباغ الهدهد. وتصدر للإقراء. وكان من جلة المقرئين. أخذ عنه القراءات: أبو عبد الله بن الحباب. وحدث عنه: أبو عمر بن عياد، وابنه محمد، وأبو عبد الله بن سعادة.) وتوفي في رجب، وقد جاوز السبعين. قاله الأبار. 4 (حرف القاف)

4 (أبو القاسم بن الخليفة المستظهر بالله.) توفي في ثامن عشر جمادى الأولى، وحمل إلى التربة التي للخلفاء في الماء. ومضى معه الوزير وأرباب الدولة، وجلسوا للعزاء يومين. ثم خرج توقيع بإقامتهم من العزاء. وكان أصغر أولاد المستظهر، وأخا أمير المؤمنين المقتفي. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن الحسين.) الأديب الكامل أبو المكارم بن الآمدي، البغدادي. من فحول الشعراء. تأخر حتى مدح ابن هبيرة. ومات في هذه السنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 96 4 (محمد بن خذاداذ بن سلامة.) الفقيه أبو بكر البغدادي، الحداد. كان إماماً أصولياً، مناظراً، من أعيان الحنابلة. تفقه على أبي الخطاب، وسمع عن: ابن طلحة النعالي، وطراد، وابن البطر. روى عنه: ابن الأخضر، وثابت بن مشرف. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (محمد بن سليمان بن خلف.) أبو عبد الله النفزي، الشاطبي، المعروف بابن بركة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 97 سمع من: أبي عمران بن أبي تليد وأبي جعفر بن جحدر، وأبي علي بن سكرة. وأخذ رواية نافع عن: أبي الحسن بن شفيع. وكان إماماً مفتياً، نافذاً في عقد الشروط، متقدماً فيها. روى عنه: المعمر أبو عبد الله بن سعادة، وابن أخته محمد بن أحمد النخوي. وقد جاوز السبعين، وتوفي رحمه الله تعالى في هذا العام أو بعده.) 4 (محمد بن صافي بن خلف.) أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، قاضي أوريولة. يروي عن: أبي علي بن سكرة، وأبي محمد بن أبي جعفر الفقيه. 4 (محمد بن عبد الحميد بن الحسين بن الحسن.) أبو الفتح الأسمندي، السمرقندي، المعروف بالعلاء العالم. قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، مناظراً، برعاً، صنف تصنيفاً في الخلاف، وسار في البلدان، وتخرج على الإمام الأشرف، وصار من فحول المناظرين. وسمع من: علي بن عمر الخراط، وغيره. لقيته بسمرقند، وكان يقول لي: أنا تلميذ والدك، فإني دخلت مرو لأتفقه على مذهبه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 98 قال ابن السمعاني: كان على التفسير. ولم أسمع منه لأنه كان مدمناً للخمر على ماسمعت عامة الناس يقولون، ولم يكن يخفي ذلك. وسمعت أبا الحسن إبراهيم بن مهدي بن قلينا الإسكندراني يقول: سمعت من أثق به أن العلاء العالم قال: ليس في الدنيا راحة إلا في شيئين: كتاب أطالعه، وباطية خمرٍ أشرب منها. ولد في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة بسمرقند، وقدم بغداد حاجاً في سنة اثنتين هذه. وقال أبو سعد: حدثني ولدي أبو المظفر، نا أبو الفتح محمد بن عبد الحميد، نا علي بن إسماعيل الخراط، ثنا علي بن أحمد بن الربيع، نا أبي.. فذكر حديثاً. 4 (محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن ثابت.) العلامة أبو بكر الخجندي، ثم الإصبهاني. سمع: أبا علي الحداد، وجماعة. وقال ابن السمعاني: لقبه صدر الدين. كان صدر العراق في وقته على الإطلاق، إماماً، مناظراً، فحلاً، واعظاً، مليح) الوعظ، سخي النفس، جواداً

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 99 مهيباً. دخل بغداد مرات، وكان حسن التقدم عند السلطان. كان السلطان محمود يصدر عن رأيه. وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء. وكان يروي الحديث على المنبر من حفظه. قال ابن الجوزي: قدم بغداد، وتولى تدريس النظامية، وكان مليح المناظرة. حضرت مناظرته وهو يتكلم بكلمات معدودة كأنها الدرر. ووعظ بجامع القصر والنظامية. وما كان يداري في الوعظ، وكان مهيباً، وحوله السيوف. قال ابن السمعاني: خرج إلى أصبهان من بغداد، فنزل قرية بين همذان والكرج، نام في عافية وأصبح ميتاً في الثامن والعشرين من شوال فحمل إلى إصبهان. قال ابن الأثير: وقعت لموته فتنة عظيمة قتل فيها خلق بإصبهان. 4 (محمد بن عبيد الله بن نصر بن السري.) أبو بكر بن الزاغوني، البغدادي، المجلد. سمعه أخوه الإمام أبو الحسن من: أبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وأبي الفضل بن خيرون، ومالك البانياسي، ورزق الله التميمي، وطراد، وطائفة. وطال عمره، وتفرد في عصره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 100 روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي، وعمر بن طبرزد، والتاج الكندي، وابن ملاعب، ومحمد عبد الله بن البنا الصوفي، وعبد السلام بن يوسف العبرتي ومحاسن بن عمر الخزائني، وأبو علي الحسن بن إسحاق بن الجواليقي، وعبد السلام بن عبد الله الداهري، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي وهو آخر من روى عنه بالسماع. أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أنا محمد بن أحمد القطيعي، أنا أبو بكر بن الزاغوني، أنا أبو نصر الزينبي، أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو القاسم البغوي، ثنا أبو الربيع الزهراني، نا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن بلال، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بين العمودين تلقاء وجهه في جوف الكعبة.) أخرجه مسلم، عن أبي الربيع، فوافقناه. قال ابن السمعاني: أبو بكر بن الزاغوني، شيخ صالح، متدين، مرضي الطريقة. قرأت عليه أجزاء، وكان له دكان يجلد فيها. ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة، وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر. قلت: وفي هذا الشهر سمع منه: الداهري. وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير. عاش بعده نيفاً وتسعين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 101 وكان غاية في حسن التجليد اصطفاه المقتضي بالله لتجليد خزانة كتبه، رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن المبارك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الخل.) الإمام أبو الحسن بن أبي البقاء البغدادي، الفقيه الشافعي. كان إماماً بارعاً، خبيراً بالمذهب. تفقه على: أبي بكر الشاشي، والمستظهري. ودرس، وأفتى، وصنف، وتفرد بالفتوى ببغداد في المسألة الشرعية. وصنف كتاباً سماه توجيه التنبيه على صورة الشرح وهو مختصر، وذاك أول شرح صنف للتنبيه. وصنف كتاباً في أصول الفقه. وقد سمع الحديث من جماعة كبار، وحدث عن أبي عبد الله النعالي، ونصر بن أبي الخطاب بن البطر، وثابت بن بندار، وأبي عبد الله بن البسري، وجعفر السراج، وأبي بكر الطريثيثي، وأبي الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، وغالب الباقلاني، وأبي الحسن بن الطيوري، وآخرين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 102 روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد بن السمعاني، وأحمد بن طارق الكركي، والفتح بن عبد السلام، وجماعة آخرهم وفاة أبو الحسن القطيعي. وقيل: كان الناس يتحيلون على أخذ خطه في الفتاوى لحسن خطه لا للحاجة إلى الفتيا. ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قال أبن السمعاني:) هو أحد الأئمة الشافعية ببغداد، برع في العلم وهو مصيب في فتاويه، وله السيرة الحسنة والطريقة الجميلة. خشن العيش، تارك للتكلف، عن طريقة السلف. جلس بمسجده الذي بالرحبة لايخرج منه إلا بقدر الحاجة. وقال أبو الفرج بن الجوزي: توفي في المحرم. ودفن بالوردية. وتوفي أخوه: أبو الحسين أحمد بن الخل الشاعر في ذي القعدة من السنة أيضاً. قلت: وكان فقيهاً أيضاً، وعاش سبعاً وسبعين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 103 وقع الجزء الأول من مشيخة أبي الحسن لنا بعلو. 4 (محمد بن عمر بن عبد الصمد.) أبو الفتح المطيع البلخي، الفقيه الحنفي. سمع: أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي. أخذ عنه: السمعاني. مات في شعبان عن اثنتين وستين سنة. 4 (محمد بن مسعود بن أحمد بن الشدنك.) أبو الغنائم الميداني، البغدادي. كان يسكن الميدان عند دار البساسيري. قال ابن السمعاني: شيخ صالح: مستور. سمع: أبا الحسين عاصم بن الحسن. كتبت عنه. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول. قلت: وسمع: ابن رزق الله التميمي، وغيره. روى عنه: ابن السمعاني، وهبة الله بن وجيه بن السقطي، وعبد العزيز بن الأخضر. 4 (محمد بن يحيى بن محمد بن مذال.) أبو الفضل بن النفيس البغدادي، العطار.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 104 شيخ صالح، روى عن: أبي الحسين بن الطيوري. روى عنه: ابن السمعاني، وابن سكينة، وأبو الفرج بن الجوزي. توفي في صفر. 4 (مبشر بن أحمد بن حمود بن عبد الله بن أحمد.) أبو الفتوح النكوي، الإصبهاني، الزاهد، الواعظ. سمع: رزق الله التميمي، وأبا منصور بن شكرويه، وأبا حفص عمر بن أحمد السمسار. روى عنه: ابن السمعاني وقال: سألته عن مولده فقال: في حدود سنة تسعٍ وسبعين وأربعمائة. وروى عنه: يوسف بن المبارك الخفاف. وقال معمر بن الفاخر: توفي مبشر بن أبي سعد الزاهد رحمه الله في الثامن والعشرين من صفر. 4 (محمود بن إبراهيم.) أخو أبي بكر الصالحاني، الزاهد. سمع: أبا الخير بن ررا. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني. 4 (محمود بن حسين بن محمد.) الإصبهاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 105 سمع: رزق الله التميمي، والثقفي. ويكنى أبا الفتح. روى عنه: السمعاني، وقال: مات في شوال رحمه الله تعالى. 4 (المغيث بن يونس بن محمد بن مغيث.) أبو يونس القرطبي من بيت العلم والرواية. روى عن: أبيه، وأبي القاسم بن صواب، وأبي بحر بن العاص، وجماعة. وشوور بقرطبة.) وشرق بنفسه وببيته، وتوفي رحمه الله في رجب عن ست وستين سنة. 4 (منصور بن محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد.) برهان الدين أبو القاسم بن أبي سعد بن أبي نصر الصاعدي، النيسابوري، قاضي نيسابور. سمع من: جده أبي نصر، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وأبي القاسم عبد الرحمن الواحدي، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وقال أبو سعد: كان جيد الولاية، مشتغلاً بالعبادة. لزم الجامع مدة معتكفاً. وكان شديد الامتناع عن التحديث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 106 وقال عبد الرحيم بن السمعاني في معجمه، وهو كلام أبيه على لسان عبد الرحيم: كان إماماً، فاضلاً. عالماً، مهيباً، وقوراً، قصير اليد عن أموال الناس، غير أنه كان شديد الميل إلى مذهب أهل العذل، يعني المعتزلة قرأ والدي عليه جزءاً ضخماً بجهدٍ. وسمعت منه الأول من تاريخ نيسابور بروايته عن موسى بن عمران، عنه. توفي في ربيع الآخر. 4 (حرف النون)

4 (ناصر بن سلمان بن ناصر بن عمران بن محمد.) أبو الفتح، العلامة بن أبي القاسم الأنصاري، النيسابوري. قال ابن السمعاني: كان إماماً، مناظراً، بارعاً في الكلام، حاز قصب السبق فيه على أقرانه. وصار في عصره واحد ميدانه. وصنف التصانيف، وترسل من جهة السلطان سنجر إلى الملوك. مولده سنة تسع وثمانين وأربعمائة. قال: وكان صاحب أوقاف الممالك، وكان لا يتورع عن مال الوقف، ولا عن بيع رقاب أوقاف المساجد والربط. وكان يقول: يجب صرفها إلي لأني أذب عن الدين.) سمع أباه، وأبا الحسن المديني المؤذن، والفضل بن عبد الواحد التاجر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 107 وتوفي بمرو في جمادى الأولى. قلت: روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وأبوه. 4 (نصر بن نصر بن علي بن يونس.) أبو القاسم العكبري الواعظ، الشافعي. قال ابن السمعاني: شيخ واعظ، متودد، متواضع. وقال ابن النجار: كان يتكلم في الأعزية. سمع: أبا القاسم بن البسري، و عاصم بن الحسن التنكتي. ثنا عنه: ابن ابنه محمد بن علي، وأبو أحمد بن سكينة، وابن الأخضر، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وجماعة. قلت: وروى عنه: ابن السمعاني، وعبد الرحمن بن عبد الله الشيخ عبد القادر، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزال، وسعيد بن محمد بن الرزاز، وداود بن ملاعب الوكيل، ويوسف بن عمر بن نظام الملك، والحسن بن إسحاق بن الجوالقي، وأبو الحسن القطيعي وهو آخرهم. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المقير. قال ابن الجوزي: كان ظاهر الكياسة، يعظ وعظ المشايخ، ويتخيره الناس لعمل الأعزية. ولد سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في ذي الحجة. ونشأ ولده أبو محمد على طريقته إلى أن مات سنة خمس وسبعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 108 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عيسى بن حسن بن إدريس.) أبو البركات الأنباري، الواعظ، الزاهد، بغدادي كبير القدر.) ذكره أبو الفرج بن الجوزي فقال: قرأ القرآن على جماعة وسمع من: عبد الوهاب الأنماطي، وغيره. وقرأ النحو على الزبيدي وصحبه مده. وتفقه على القاضي الحراني، ووعظ. وكان يبكي على المنبر من حين صعوده إلى حين نزوله. وتعبد في زاويته نحو خمسين سنة. وكان ورعاً حتى إنه عطش مرة فجيء بماء بارد من بعض دور الحكام فلم يشرب. وكان لا يفعل شيئاً إلا بنية. وكان من جياد أهل السنة ورزق أولاداً صالحين فسماهم أبا بكر، وعثمان، وعمر، وعلي. وكان أماراً بالمعروف نهاءً عن المنكر مستجاب الدعوة، له كرامات ومنامات صالحة، رأى في بعضها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان هو وزوجته يصومان النهار ويقومان الليل، ويحييان بين العشائين، ولا يفطران إلا بعد العشاء. وختما أولادهما القرآن، وأقرءا جماعة من النساء والرجال، فلما توفي إلى رحمة الله قالت زوجته: اللهم لا تحييني بعده. فماتت بعده بخمسة عشر يوماً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 109 4 (وفيات سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل.) المقدسي. جد الحافظ الضياء. قرأت بخط الحافظ حفيده أنه توفي في شعبان بجبل قاسيون بجنينة الحمصي. وكان قد هاجر من نحو سنة. وخلف من الولد عبد الرحمن، وإبراهيم والد البهاء، وعبد الواحد والد الضياء، والرضا، وفاطمة. وأمهم مباركة عمة الشيخ موفق الدين. وقد حج فأخذتهم العرب، سلم له ذهب جعله في شمعة ألزقها بكفه. 4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن الحسن بن منصور.) أبو الفضل الكثيري القومسي، البياري المعبر. وكان كثير جده لأمه. ذكره ابن السمعاني فقال:) أديب، فاضل، شاعر، عابر. سمع: عبد الواحد بن القشيري، وطبقته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 110 وتوفي ببخارى عن اثنتين وثمانين سنة. روى عنه: هو، وولده عبد الرحيم. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد.) أبو علي الموسي اباذي، الصوفي، الهمذاني. سمع: الفضل بن أبي حرب الجرجاني، وأبا الفتح عبدوس بن محمد الهمذاني. مات في نصف رجب، وله تسعون سنة، فإنه ولد في المحرم سنة اثنتين وستين. روى عنه: السمعاني في التحبير. وقال ابن النجار: سمع من أحمد بن عيسى بن عباد الدينوري صاحب ابن لال. وعنه: المبارك بن كامل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 111 وله رباط بهمذان. وكان ظريفاً مطبوعاً، رحمه الله تعالى. 4 (الحسن بن إبراهيم بن زكون.) أبو علي القلانسي. دخل إلى الأندلس، وسمع منه ابن سكرة، وطبقته. توفي ليلة عيد الفطر. 4 (الحسن بن علي بن عبد الملك بن يوسف.) أبو محمد الإسكافي. وإسكاف بلدة بالنهروان. كان حافظاً للقرآن. قرأ على الشيخ أبي منصور الخياط وسمع منه ومن: أبي الفرج القزويني، وأبي الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبي محمد السراج. روى عنه: أحمد بن صالح الجبلي، وأحمد بن طارق، وعبد العزيز بن الأخضر. توفي في ربيع الآخر عن ثمانين سنة ببغداد. 4 (حرف السين)

4 (سعيد بن محمد بن عبد الواحد.) ) أبو الفخر الكرابيسي، الهمذاني، الصوفي، الرجل الصالح. سمع جده عبد الأحد بن علي، وعبد الغفار بن منصور السمسار، وعبد الرحمن الدوني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 112 مات في شوال عن ثمانين سنة غير أشهر. أخذ عنه السمعاني. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن نبهان بن محرز.) أبو محمد الغنوي، الزمن، أخو الشيخ أبي إسحاق الغنوي. شيخ صالح، ساكن، مقرئ. تلا على أبي الخطاب بن الجراح. قال ابن السمعاني: ولد بالرافقة ونشأ بحران وسكن بغداد. وأجاز له على يد أخيه طراد الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة. وسمع من: أبي القاسم بن بنان، وجماعة. كتبت عنه، وقال لي: ولدت سنة ثمان وسبعين. وتوفي رحمه الله في ثاني عشر ربيع الآخر. 4 (عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 113 مسند الوقت، أبو الوقت بن أبي عبد الله السجزي الأصل، الهروي، الماليني، الصوفي، رحمه الله. ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وسمع الصحيح، و منتخب مسند عبد، و كتاب الدرامي، من جمال الإسلام أبي الحسين عبد الرحمن بن محمد الداوودي في سنة خمس وستين ببوشنج، حمله أبوه إليها، وهي مرحلة من هراة. وسمع من: أبي عاصم الفضيل بن يحيى، ومحمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبي يعلى صاعد بن هبة الله الفضيلي، وبيبى بنت عبد الصمد الهرثمية، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوسنجي كلار، وأحمد بن نصر الكوفاني كاكو، وعبد الوهاب بن أحمد الثقفي) وأبي القاسم أحمد بن محمد بن العاصمي، ومحمد بن الحسين الضلوني، وأبي عطاء عبد الرحمن بن أبي عاصم الجوهري، وأبي عامر محمود بن القاسم الأزدي، وشيخه شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري، وأبي المظفر عبد الله بن عطاء البغاورداني، وأبي سعيد حكيم بن أحمد الإسفرائيني، وأبي عدنان القاسم بن علي القرشي، وأبي القاسم عبد الله بن عمر الكلوذاني، وأبي الفتح نصر بن أحمد الحنفي، وغيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 114 وحدث بخراسان، وإصبهان، وكرمان، وهمذان، وبغداد، واشتهر اسمه وازدحم عليه الطلبة، وبقي كلما قدم مدينة تسامع به الخلق وقصدوه. وسمع منه أمم لا يحصون. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وأبو الفتح بن الجوزي، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وأحمد بن حمد الليثي الإصبهاني، وحامد بن محمود الروذ راوري المؤدب، والحسن بن محمد بن علي بن نظام الملك، والحسين بن أحمد الخبازي، والحسين بن معاذ الهمذاني، وسفيان بن إبراهيم بن مندة، وأبو ذر سهيل بن محمد البوسنجي، وأبو الضوء شهاب الشذباني، وأبو روح عبد المعز، وعبد الجبار بن بندار الهمذاني القاضي، وعبد الجليل بن مندويه، وأحمد بن عبد الله السلمي العطار، وعثمان بن علي الوركاني الهمذاني، وعثمان بن محمود الإصبهاني، وفضل الله بن محمد البوسنجي، ومحمد بن ظفر بن الحافظ الطرقي، وأخوه محمود، ومحمد بن عبد الرزاق الإصبهاني، ومحمد بن عبد الفتاح البوسنجي، ومحمد بن عطية الله الهمذاني، ومحمد بن محمد بن سرايا البلدي الموصلي، ومحمد بن مسعود البوسنجي، ومحمود بن الواثق البيهقي، ومحمود شاه بن محمد بن إسماعيل اليعقوبي الهروي، ومقرب بن علي الهمذاني الزاهد، ويحيى بن سعد الرازي الفقيه، ويوسف بن عمر بن محمد بن عبيد الله بن نظام الملك البغدادي، وحماد بن هبة الله الحربي، وعمر بن طبرزد، وأبو منصور بن سعيد بن محمد الرزاز، وعمر بن محمد الدينوري السديد الصوفي، ويحيى بن عبد الله بن السهرودي، وأنجب بن علي الدارقزي الدلال، وعبد العزيز بن أحمد بن الناقد، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي نزيل الموصل، ومحمد بن أحمد بن هبة الله الروذراوري، وداود بن بندار الجيلي، وأبو العباس محمد بن عبد الله

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 115 الرشيدي المقرئ، ويحيى بن عبد الجبار الصوفي، ومحمد بن أبي علي الشطرنجي، وعلي بن أبي الكرم العمري، وأحمد بن ظفر بن الوزير بن هبيرة، وإسماعيل بن محمد بن خمازتكين، وعبد) الواحد بن المبارك الخريمي، ومحمد بن أحمد بن العريسة الحاجب، ومحمد بن هبة الله بن المكرم، وعبد الغني بن عبد العزيز بن البندار، ومظفر بن أبي السعادات بن حركها، وعلي بن يوسف بن صبوخا، وأحمد بن يوسف بن صرما، ومحمد بن أبي القاسم الميبذي، وزيد بن يحيى البيع، وعبد اللطيف بن المعمر بن عساكر، وعمر بن محمد بن أبي الريان، وأسعد بن علي بن صعلوك، والنفيس بن كرم، وعبد الله بن إبراهيم الهمذاني الخطيب، وأبو جعفر عبد الله بن شريف الرحبة، وعبد الرحمن بن أبي العز بن الخبازة، ومحمد بن عمر بن خليفة الروباني، وأبو المحاسن محمد بن عبيد الله بن المراتبي البيع، وأبو الحسن علي بن بوزندار، وأبو حفص عمر بن أعز السهروردي، وأبو هريرة محمد بن ليث بن الوسطاني، وصاعد بن علي الواعظ بإربل، وأبو بكر محمد بن المبارك المستعمل، وأبو علي الحسن بن الجواليقي، وأبو الفتح محمد بن النفيس بن عطاء، وأبو نصر المهذب بن قنيدة، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، وعبد الرحمن بن عتيق بن صيلا، وأبو الرضا محمد بن أبي الفتح المبارك بن عصية، وعبد السلام بن عبد الله بن بكر بن الزبيدي، وعمر بن كرم الحمامي، وأمة الرحيم بنت عفيف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 116 الناسخ، وعبد الخالق بن أبي الفضل بن عريبة، وظفر بن سالم البيطار، وإبراهيم بن عبد الرحمن المواقيتي، وعبد البر بن أبي العلاء الهمذاني، وأحمد بن شيرويه بن شهروار الديلمي وبقي إلى سنة خمس وعشرين، وعبد الله بن عبد الله عتيق بن باقا، وزكريا بن علي التغلبي، وعلي بن أبي بكر بن روزبة القلانسي، ومحمد بن عبد الواحد المديني، وأبو الحسن محمد ابن أحمد بن عمر القطيعي، وأبو المنجا عبد الله بن عمران اللتي، وأبو بكر محمد بن مسعود بن بهروز. وآخر من ذكر أنه سمع منه أبو سعد ثابت بن أحمد بن أبي بكر محمد بن الخجندي الإصبهاني، نزيل شيراز، فإن كان سمع منه فسماعه عنه في الخامسة، فإنه ولد سنة ثمان وأربعين. وسماع الإصبهانيين من أبي الوقت سنة اثنتين وخمسين أو قبلها. وتوفي هذا الخجندي في سنة سبع وثلاثين. وروى عنه بالإجازة: جهمة أخت رشيد بن مسلمة الدمشقي وتوفيت سنة ثمان وثلاثين، وأبو الكرم محمد بن عبد الواحد بن أحمد المتوكلي، ويعرف بابن شفتين، ومات سنة أربعين،) وكريمة بنت عبد الوهاب القرشية وتوفيت في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وهي آخر من روى عنه بالإجازة الخاصة. وذكره ابن السمعاني فقال: شيخ صالح، حسن السمت والأخلاق، متودد، متواضع، سليم الجانب، استسعد بصحبة الإمام عبد الله الأنصاري وخدمه مدة وسافر إلى العراق، وخوزستان، والبصرة، وقدم بغداد ونزل رباط البسطامي، فيما ذكره لي وسمعت منه بهراة، ومالين. وكان صبوراً على القراءة، محباً للرواية. وحدث بالصحيح،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 117 ومسند عبد، والدرامي، عدة نوب. وسمعت أن أباه سماه محمداً، فسماه الإمام عبد الله الأنصاري عبد الأول، وكناه بأبي الوقت. وقال الصوفي: ابن وقته. وقال أبو سعد في التحبير في ترجمة والد أبي الوقت إنه ولد بسجستان في سنة عشر وأربعمائة، وإنه سمع من علي بن بشرى الليثي الحافظ كتاب مناقب الشافعي لمحمد بن الحسين الآبري، إلا مجلساً واحداً، وهو من باب ما حكى عنه مالك إلى باب سخائه وكرمه، بسماعه من الآبري. وقال: سكن هراة، وهو صالح معمر، له جد في الأمور الدينية، حريص على سماع الحديث وطلبه حمل ابنه أبا الوقت على عاتقه إلى بوشنج، وكان عبد الله الأنصاري يكرمه ويراعيه. قال: وسمع بغزنة من الخليل بن أبي يعلى، وبهراة من أبي القاسم عبد الوهاب بن محمد بن عيسى الخطابي. وكتب إلي بالإجازة لمسموعاته سنة سبع وخمسين، ومات بمالين هراة في ثاني عشر شوال سنة اثنتي عشرة، وقيل: سنة ثلاث عشرة. عاش مائة وثلاث سنين. وقال زكي الدين البرزالي وغيره: طاف أبو الوقت العراق، وخوزستان، وحدث بهراة، ومالين، وبوشنج، وكرمان، ويزد، وإصبهان، والكرج، وفارس، وهمذان. وقعد بين يديه الحفاظ والوزراء، وكان عنده كتب) وأجزاء. وسمع عليه من لا يحصى ولا يحصر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 118 وقال ابن الجوزي: كان صبوراً على القراءة عليه، وكان شيخاً صالحاً كثير الذكر والتهجد والبكاء، على سمت السلف. وعزم في هذه السنة على الحج، وهيأ ما يحتاج إليه فمات. وقال الحافظ يوسف بن أحمد في الأربعين البلدية له، ومن خطه نقلت: ولما رحلت إلى شيخنا شيخ الوقت ومسند العصر ورحلة الدنيا أبي الوقت، قدر الله لي الوصول إليه آخر بلاد كرمان على طرف بادية سجستان، فسلمت عليه وقبلته، وجلست بين يديه، فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك. وقد كتبت ما وقع إلي من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي لأدرك بركة أنفاسك، وأحظى بعلو إسنادك. فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته، وجعل سعينا له، وقصدنا إليه، لو كنت عرفتني حق معرفتي لما سلمت علي، ولا جلست بين يدي. ثم بكى بكاء طويلاً وأبكى من حضره، ثم قال: اللهم استرنا بسترك الجميل، وأجعل تحت الستر ما ترضى به عنا. وقال: يا ولدي، تعلم أني رحلت أيضاً لسماع الصحيح ماشياً مع والدي من هراة إلى الداوودي ببوشنج، وكان لي من العمر دون عشر سنين، فكان والدي يضع على يدي حجرين ويقول: احملهما فكنت من خوفه أحفظهما بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجراً واحداً، فألقيه ويخف عني، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 119 فأخافه فأقول: لا. فيقول: لم تقصر في المشي فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز، فيأخذ الحجر الآخر من يدي ويلقيه عني، فأمشي حتى) أعطب، فحينئذ كان يأخذني ويحملني على كتفه. وكنا نلتقي على أفواه الطرق بجماعة من الفلاحين وغيرهم من المعارف، فيقولون: يا شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بوشنج، فيقول: معاذ الله أن نركب في طلب أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ورجاء ثوابه والانتفاع به. وكان ثمرة ذلك حسن نية والدي، رحمه الله، أني انتفعت بسماع هذا الكتاب وغيره، ولم يبق من أقراني أحد سواي، حتى صارت الوفود ترحل إلي من الأمصار. ثم أشار إلى صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي أن يقدم لي شيئاً من الحلواء، فقلت: يا سيدي قراءتي بجزء علي بن الجهم أحب إلي من أكل الحلواء. فتبسم وقال: إذا دخل الطعام خرج الكلام. وقدم لنا صحناً فيه حلواء الفانيذ. فأكلنا، ثم أخرجت الجزء وسألته إحضار الأصل، فأحضره وقال: لا تخف ولا تحرص، فإني قد قبرت ممن سمع علي خلقاً، فسل الله السلامة. فقرأت الجزء وسررت به، ويسر الله سماع الصحيح وغيره مراراً، ولم أزل في صحبته وخدمته إلى أن توفي في بغداد في ليلة الثلاثاء من ذي القعدة. قلت: بيض لليوم، وهو سادس الشهر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 120 قال: ودفناه في الشونيزية. قال لي: تدفني تحت أقدام مشايخنا بالشونيزية. ولما احتضر سندته إلى صدري، وكان مشتهراً بالذكر، فدخل عليه محمد بن القاسم العوفي، فأكب عليه وقال: يا سيدي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. فرفع طرفه إليه، وتلا هذه الآية: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين فدهش إليه هو ومن حضر من الأصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم السورة وقال: الله الله الله، ثم توفي وهو جالس على السجادة. وقال ابن الجوزي:) حدثني محمد بن الحسين التكريتي الصوفي قال: أسندته إلي فمات وكان آخر كلمة قالها: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين. قرأت بخط الحافظ يوسف بن أحمد: أنشدنا الزينبي أبو الفضل محمد بن الفضل بن بركاهويه لنفسه وقد دخل على أبي الوقت في النظامية بإصبهان، وشاهد اجتماع العلماء والحفاظ في مجلسه عند الإمام صدر الدين محمد بن عبد اللطيف الخجندي، والحافظ أبو مسعود كوتاه يقرأ عليه الصحيح: (أتاكم الشيخ أبو الوقت .......... بأحسن الأخبار عن ثبت)

(طوى إليكم علمه ناشراً .......... مراحل الأبرق والخبث)

(ألحق بالأشياخ أطفالكم .......... وقد رمى الحاسد بالكتب)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 121 (فمنة الشيخ بما قد روى .......... كمنة الغيث على النبت)

(بارك فيه الله من حامل .......... خلاصة الفقه إلى المفتي)

(انتهزوا الفرصة يا سادتي .......... وحصلوا الإسناد في الوقت)

(فإن من قوت ما عنده .......... يصير ذا الحسرة والمقت)

4 (عبد الجبار بن عبد الجبار بن محمد بن ثابت بن أحمد.) أبو محمد الثابتي، الخرقي، المروزي. فقيه بارع فاضل. تفقه على تاج الإسلام أبي بكر بن السمعاني، وعلى الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، ثم اشتغل في الحساب والهندسة، وتجاوزها إلى علوم الأوائل، ومع ذلك كان حسن الصلاة. سمع الكثير من الحديث فانتفع به، وجمع تاريخاً لمرو. وسمع: أبا بكر محمد بن السمعاني، وإسماعيل بن أحمد البيهقي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: ولد بقرية خرق في سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وتوفي بمرو يوم عيد الفطر. قاله أبو سعد وحدث عنه في التحبير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 122 4 (عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن شهرمرد بن مهرة.) الحافظ الكبير، أبو مسعود الأصبهاني كوتاه.) ذاكره الحافظ أبو موسى، وروى عنه، وقال فيه: أوحد وقته في علمه مع طريقته وتواضعه. ثنا لفظاً وحفظاً على منبر وعظه سنة تسع عشرة وخمسمائة، وسمعته يقول: ولدت سنة ست وسبعين وأربعمائة. وقال ابن السمعاني: من أولاد المحدثين، حسن السيرة، مكرم الغرباء، فقير، قنوع، صحب والدي مدة مقامه بإصبهان، وسمع بقراءته الكثير، وله معرفة تامة بالحديث، وهو من متقدمي أصحاب شيخنا إسماعيل الحافظ. سمع: رزق الله التميمي، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وأبا بكر بن ماجه الأبهري، وأبا عبد الله الثقفي، وجماعة كبيرة من أصحاب أبي سعيد النقاش، وأبي نعيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 123 وكتبت عنه وحضرت مجلس إملائه، وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه ثناء حسناً، ويفخم أمره، ويصفه بالحفظ والإتقان. قال أبو سعد: ولما وردت إصبهان كان لا يخرج من داره إلا لحاجة مهمة كان شيخه إسماعيل الحافظ هجره ومنعه من حضور مجلسه لمسألة جرت في النزول، وكان كوتاه يقول: أقول النزول بالذات، وكان شيخنا إسماعيل ينكر هذا، وأمره بالرجوع عن هذا الاعتقاد، فما فعل، فهجره لهذا. قلت: ورحل بعد الخمسمائة إلى بغداد، وحج وسمع، ورحل إلى نيسابور، ولقي أبا بكر الشيروتي. وقد روى عن ابن ماجة بجزء لوين، وكان عالياً له. وقد روى عنه الكبار. وقال أبن السمعاني: ثنا عبد الخالق بن زاهر بنيسابور، نا أبو العلاء صاعد بن سيار الحافظ إملاء، ثنا عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم: أنا روح بن محمد، أنا أبو الحسن الخرجاني، أنا ابن خرزاذ،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 124 ثنا علي بن روحان، نا أحمد بن سنان: سمعت شيبان بن يحيى يقول:) ما أعلم طريقاً إلى الجنة أقصر ممن سلك طريق حديث. قلت: وهذا من جملة ما روته كريمة بالإجازة عن عبد الجليل كوتاه، وبين وفاتها وفاة صاعد بن سيار مائة وعشرون سنة، وذلك مستفاد في السابق واللاحق. وقد روى عنه: ابن العساكر، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وآخرون. وتوفي في أول شعبان، وقيل في ثامنه، رحمه الله. 4 (عبد الرحمن بن مدرك بن علي.) أبو سهل التنوخي، المعري، الشاعر. زلزلت حماه في رجب، فهلك جماعة تحت الردم منهم أبو سهل. روى عنه من شعره أبو اليسر شاكر التنوخي الكاتب مقطعات، فيها قوله: (سارقته نظرة طال بها .......... عذاب قلبي وما له ذنب)

(يا جور حكم الهوى ويا عجباً .......... تسرق عيني ويقطع القلب)

4 (عبد الكريم بن الحسن بن أحمد بن يحيى.) أبو القاسم التميمي، النيسابوري، الكاتب. رئيس فاضل، لغوي، شاعر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 125 سمع: إسماعيل بن زهر النوقاني، وأبا إسحاق الشرازي الفقيه، وأبا بكر بن خلف، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيد الطوسي. قال أبو سعد: كان صحيح السماع. توفي رحمه الله في رمضان. ومن شعره: (سئمت تكاليف هذا الزمان .......... إلى كم أقاسي وحتى متى)

(فهل من إياب لوصلٍ مضى .......... وصل من ذهاب لهجرٍ أتى)

4 (عبد الواحد بن الحسن بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن جعفر.) ) الإمام أبو الفتح الباقرحي، البغدادي، من بيت الحديث. تغرب وجال في الآفاق. وسمع ببغداد، وخراسان. سمع: أباه، وأبا الحسن العلاف. وتفقه على إلكيا الهراسي. وبخراسان على الغزالي. وسمع بها من: إسماعيل بن الحسن الفرائضي، وعبد الغفار الشيرويي. وكان فقيهاً فاضلاً، سكن غزنة. ومولده سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وتوفي بغزنة في أواخر العام ظناً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 126 قال ابن النجار: كان مقدماً في الأدب وفي الترسل درس بالنظامية ثم عزل بأسعد الميهني. 4 (علي بن عساكر بن سرور.) أبو الحسن المقدسي، ثم الدمشقي، الخشاب، الكيال. سمع: الفقيه أبا الفتح نصر بن إبراهيم ببيت المقدس، وأبا عبد الله الحسن بن أبي الحديد بدمشق وكان قد جاء إليها تاجراً، ثم سكنها بعد أخذ القدس. وكان يصحب الفقيه نصر الله المصيصي. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وسمع سنة سبعين من أبي الفتح. وتوفي في سن أبي الوقت صحيح الذهن والجسم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 127 روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه القاسم، وأبو القاسم بن صصرى، وآخرون. توفي في شوال. 4 (علي بن هبة الله بن علي بن عبد الملك بن يوسف.) الصوفي، أبو الحسن. كان كثير الكلام فيما لا يعنيه. روى عن: ثابت بن بندار، والحسين بن علي بن البسري، وغيرهما. وتوفي إن شاء الله في هذه السنة. 4 (عمر بن أحمد بن منصور بن أبي بكر محمد بن القاسم بن حبيب.) ) العلامة أبو حفص بن الصفار النيسابوري، ختن أبي نصر القشيري على ابنته. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وسمع بقراءة جده إسماعيل بن عبد الغافر بن أبي بكر بن خلف، وأبي المظفر موسى بن عمران، وأبي تراب عبد الباقي المراغي، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأبي الحسن المديني، وجماعة. روى عنه: ابنه أبو سعد عبد الله، وابن ابنه القاسم بن عبد الله، وأبو سعد بن السمعاني، وابنه المظفر عبد الرحيم، والمؤيد الطوسي، ومنصور الفراوي، ويحيى بن الربيع الواسطي الفقيه، وسليمان الموصلي، وأخوه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 128 علي، وأبو الفضل محمد بن عبد الكريم الرافعي، وزينب الشعرية، وآخرون. ولقبه: عصام الدين. وكان من كبار أئمة الشافعية. قال حفيده القاسم: كان جدي نظيراً لمحمد بن يحيى، وكان يزيد على ابن يحيى بعلم الأصلين. وقال ابن السمعاني: إمام، بارع، مبرز، جامع لأنواع الفضل من العلوم الشرعية، وكان سديد السيرة، مكثراً من الحديث. توفي يوم عيد الأضحى. وقد ذكره عبد الغافر فقال: شاب فاضل، دين ورع، أصيل، من أحفاد الإمام أبي بكر بن فورك، والفقيه أبي بكر الصفار، ومن أسباط أبي القاسم القشيري. نشأ معي وفي حجر الوالد مع أخيه أبي بكر، وسمعا الكثير بإفادة جدهما والدي، وأدركا إسناد السيد أبي الحسن، والحاكم، وعبد الله بن يوسف، وهذا الإمام أحد وجوه الفقهاء الآن، يرجى له البقاء إن شاء الله إلى وقت الرواية. 4 (عيسى بن هارون.) أبو موسى المغربي، المالكي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 129 مدرس حلقة المالكية بدمشق. إمام في المذهب والفرائض. 4 (حرف الميم) ) 4 (محمد بن أحمد بن ثابت.) أبو العز بن الشيرجي، البغدادي. روى عن: أبي الحسن بن أيوب، وأبي سعد بن خشيش. وعنه: أبو سعد السمعاني، ومحمد بن أبي غالب الباذرائي. توفي في رمضان. 4 (محمد بن أحمد بن أبي القاسم.) أبو بكر النسفي، اللؤلؤي، نزيل بخارى. سمع بنسف من: أبي بكر محمد بن أحمد البلدي. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. وتوفي في نصف ربيع الآخر ببخارى. 4 (محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن يعلى.) أبو البركات ابن الصائغ البغدادي، المؤدب. كان مليح الخط، جيد النظم. صحب أبا النجيب السهروردي مدة طويلة. وحدث عن: أحمد بن عبد القادر بن يوسف. روى عنه: المبارك بن كامل، ويوسف بن مقلد. وعاش إحدى وثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 130 4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن معاذ.) أبو بكر اللخمي، الإشبيلي، المعروف بالفلنقي. أخذ القراءات من شريح، وخلفه في حلقته، وترحل إلى قلعة حماد، فقرأ بها على أبي بكر عتيق بن محمد المقرئ تلميذ العباس بن نفيس المصري. وروى عن: أبي الحسن بن الأخضر، وأبي مروان الباجي، وأبي محمد بن عتاب. قال الأبار: كان إماماً في صناعة الأقراء، مجوداً، مسنداً، مشاركاً في العربية، مليح الخط، له تأليف في القراءات سماه كتاب الإنماء إلى مذاهب السبعة القراء.) أخذ عنه: أبو الحسن نجبه، وأبو محمد بن عبيد الله، وأبو ذر الخشني. واستوطن فارس وأقرأ بها. وتوفي في المحرم. وآخر من تلا عليه بالسبع الإمام محمد بن البوت الفارسي. 4 (محمد بن أبي منصور معمر بن أحمد بن محمد.) أبو روح العبدي اللنباني، الإصبهاني. روى عن: أبي مطيع، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، ورزق الله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 131 روى عنه: محمد بن أبي المكارم المديني شيخ الأبرقوهي، وأجمد بن عمر بن لبيدة، وعلي بن يعيش، وجماعة. حج، وحدث ببغداد. ومات في شوال. وقع لنا حديثه عالياً. 4 (المبارك بن أحمد بن زريق.) أبو الفتح الواسطي، الحداد مقرىء أهل واسط وإمام جامعها، وأحد الموصوفين بالحذق في القراءات. قرأ علي: أبي العز القلانسي، وسبط الخياط. وسمع من: أبي نعيم الجماري، وخميس الحوزي، وأبي القاسم بن الحصين. وصتف في القراءات. روى عنه: ابنه المبارك، وابن إبراهيم بن البنا. قال ابن الدبيثي: سمعت الثناء عنه جميلاً. وتوفي في المحرم. 4 (المبارك بن أحمد بن محمد.) أبو القاسم البغدادي، الصيرفي، صاحب أبي بكر المرزفي. سمع: طراداً الزينبي، والنعالي، وهبة الله بن عبد الرزاق. وعنه ابن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 132 وكان شيخاً صالحاً، عاش نيفاً وسبعين سنة. وتوفي في ربيع الأول سنة ثلاث. 4 (المبارك بن أحمد بن منصور.) أبو محمد بن الشاطر، بغدادي. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وتوفي في رمضان. 4 (المبارك بن المبارك بن علي بن نصر.) الإمام الزاهد الكبير، أبو محمد بن التعاويذي، الجوهري. ولد سنة، وسمع: النعالي، وطراداً الزينبي، وابن البطر وحصل الأجزاء، وصحب الشيخ حماداً الدباس. قال ابن النجار: كان يتكلم عن لسان القوم، وله رياضات ومقامات. ثنا عنه: ابن سكينة، وابن الأخضر، وابن الحصري. وكان صدوقاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 133 توفي في جمادى الأولى في سنة ثلاث. 4 (المباركة بنت أبي بكر محمد بن منصور بن عمر الكرخي.) وتعرف بست الأخوة، أخت أبي البدر الكرخي. سمعت من: عاصم بن الحسين. وتوفيت في ذي الحجة. روى عنها: ابن طبرزد، وابن الأخضر، وثابت بن مشرف، وآخرون. 4 (مسعود بن محمد بن غانم بن محمد.) أبو المحاسن الغانمي الهروي، الأديب. ولد بطوس، ونشأ بنيسابور، وتفقه ببلخ، وسكن هراة. أجاز له: الأستاذ أبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن. وسمع مسند الهيثم من أبي القاسم أحمد بن محمد الخليلي. وسمع: أبا إسحاق إبراهيم الإصبهاني، وأبا جعفر السمنجاني، وغيرهم.) قال ابن السمعاني: كان إماماً فاضلاً، ورعاً، كثير العبادة. كان يتورع عند طعام والده لاختلاطه بالدولة. وعمر العمر الطويل في طاعة الله. وكان سريع النظم، ويسمي أشعاره السحريات.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 134 ولد سنة أربع وستين وأربعمائة، وتوفي في ربيع الأول. قلت: هو آخر من روى عن القشيري. وروى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم، وابن عساكر. سمع منه عبد الرحيم مسند الهيثم بن كليب، و رسالة القشيري. 4 (مسعود بن محمد بن شنيف.) الوراق، أخو أحمد. سمع: أبا غالب محمد بن محمد العطار، والحسين بن محمد السراج. سمع منه: أحمد بن يحيى بن هبة الله، وابن عمه الحسين بن شنيف، وابن اللتي، وإبراهيم بن محمود الشعار، وغيرهم. كنيته أبو الفتح. توفي في شعبان سنة ثلاث وخمسين. 4 (حرف النون)

4 (نصر بن منصور بن حسين.) أبو القاسم بن العطار، الحراني، التاجر، نزيل بغداد. كان متمولاً، كثير الصدقات، وفك الأسارى، وصلة المحدثين، مع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 135 الدين والخير. قال ابن الأخضر: سألته يوماً عن زكاة ماله فضحك وقال: سبعة آلاف دينار. قال ابن النجار: حدثونا أنه غرق له مركب، فأحضر الغواصين، فلم يزالوا يصعدون ما فيه حتى قال: قد بقي طشت وإبريق، فإن هذا المال مزكى لايضيع منه شيء. فغاصوا فوجدوه.) توفي في شعبان ببغداد، وله أربع وثمانون سنة. ولم يرو شيئاً. وكان يحفظ القرآن. قال أبو المظفر: كان خصيصاً بجدي، يحبه ويحسن إليه. حكى لي جماعة عنه أن عينه ذهبت، قال: فتوضأت من دجلة، وإذا بفقير عليه أطمار رثة، فقلت: إمسح على عيني. فمسح عليها، فعادت صحيحة، فناولته دنانير، فامتنع وقال: إن كان معك رغيف فنعم. فقمت وأتيت بخبز، فلم أره. فكان نصر رحمه الله لايمشي إلا وفي كمه خبز. وسمعت جماعة يحكون أن نصراً اشترى مملوكاً تركياً بألف دينار، وأعطاه تجارةً بألف دينار، وجهزه إلى بلاد إلى بلاد الترك. وكان جدي قد جمع كتاب المغفلين فكتب نصر إليه فعاتبه، وقال: أنا من جملة المحبين لك، وأنت تلحقني بالمغفلين فقال: بلغني كذا وكذا، وكيف يعود إليك وقد صار ببلاده

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 136 ومعه ألف دينار قال: فإنه عاد. قال جدي: أمحو اسمك وأكتب اسمه. قلت: هو والد الوزير ظهير الدين منصور العطار المقتول في سنة. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن محمد بن علي بن محمد.) أبو طاهر بن أبي الفتوح الطائي، الهمذاني سلار الحاج، وأخو المحدث أبي الفتوح محمد صاحب الأربعين. حج أكثر من عشرين حجة. قال ابن السمعاني: كان جلداً، خيراً متحرياً، عارفاً بالطرق، دخالاً في الأمور. سمع بهمذان: أبا الحسن طريف بن محمد الحيري، وأبا المظفر محمد بن أحمد الأبيوردي الأديب. سمعت منه بالحجاز، وكان يختم القرآن كله في ليلة قائماً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.) توفي في شعبان. 4 (يحيى بن سلامة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 137 تقدم في سنة إحدى وخمسين. وقال أبو الفرج بن الجوزي: توفي سنة ثلاث في ربيع الأول بميافارقين، ثم ذكر له أشعاراً كثيرة. 4 (يحيى بن عبد الملك بن شعيب.) أبو زكريا الكافوري، التاجر، الصالح. ورع، خير، صحب حماد الدباس ولازمه، وجمع كلامه بعد وفاته. سمع: أبا غاالب النعالي، وأبا الحسين بن الطيوري. وعنه: ابن الأخضر. مات في جمادى الآخرة في عشر الثمانين. 4 (الكنى)

4 (أبو إسحاق بن المستظهر.) أخو الخليفة المقتفي لأمر الله. توفي في منتصف المحرم، واغتم عليه الخليفة غماً شديداً. وماتت بعده والدته بيومين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 138 4 (أبو بكر السمرقندي.) ظهير الدين. من كبار الحنفية. درس بدمشق بمسجد خاتون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 139 4 (وفيات سنة أربع وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الله بن بركة.) أبو القاسم بن ناجية الحربي، الفقيه. تفقه على أبي الخطاب، وبرع في مذهب أحمد، ثم صار حنفياً، ثم تحول شافعياً، وكان إماماً بارعاً، بصيراً بالفقه، فقيه النفس، قيماً بالمناظرة، مليح الوعظ، ديناً.) قال ابن السمعاني: اجتمعت به يوماً فقال لي: أنا الساعة متبع الدليل ما أقلد أحداً. سمع من: ثابت بن بندار. وحدث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 140 وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه: ابن الأخضر، وأحمد بن يحيى بن هبة الله. ومولده سنة. 4 (أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن علي بن إسماعيل بن سليمان بن يعقوب بن إبراهيم بن) محمد بن الأمير إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس. أبو جعفر العباسي، المكي، نقيب الهاشميين بمكة. سمع من: أبي علي بن عبد الرحمن الشافعي، وغيره، وأبي مكتوم عيسى بن أبي ذر، وعبد القاهر بن عبد السلام العباسي المقرئ. ورد بغداد وحدث بها وبإصبهان. وولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة. وتوفي في شعبان. قال أبو سعد: شيخ، ثقة، صالح، متواضع، ما رأيت في الأشراف مثله. قدم علينا إصبهان، وأنا بها، لدين ركبه ومعه خمسة أجزاء فسمعت منه. وسمع في الكهولة ونسخ الكتب. ثم قدم إصبهان راجعاً من كرمان في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 141 سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. قلت: تفرد في وقته عن أبي علي الشافعي. روى عنه: ابن عساكر، والقاضي أبو المعالي أسعد بن المنجا، وثابت بن مشرف، وعبد السلام بن عبد الله الداهري، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي، وطائفة. وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير. وسماعه من الشافعي في الخامسة من عمره فإنه قال:) ولدت في إحدى الجمادين سنة ثمانٍ وستين. وهو من أولاد إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس. قال ابن النجار: كان صدوقاً، زاهداً، عابداً. قرأت بخطه قال: سمعت الحديث من أبي علي الشافعي سنة اثنتين وسبعين ولي من العمر سبع سنين. قلت: وهذا مخالف لما مر. 4 (أحمد بن محمد بن زيادة الله.) قاضي القضاة أبو العباس بن الخلال الثقفي، المرسي. روى عن: أبي علي بن سكرة وصحب أبا بكر بن فتحون. وتفقه على أبي القاسم بن أبي حمزة. ومال إلى الفقه والمسائل. وولي القضاء بأوريولة، ثم استعفى ثم ولي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 142 القضاء للأمير محمد بن سعد، ثم قبض عليه وسجنه، وأخذ أمواله، ثم قتله. روى عنه: أبو بكر عتيق بن عطاف، وعبد المنعم الخزرجي، وابن واجب. 4 (أحمد بن مهلهل بن عبد الله بن أحمد) أبو العباس البرداني، البغدادي، الضرير، العبد الزاهد. كان فقيهاً، عابداً، قانتاً لله. تفقه على أبي الخطاب الكلوذاني. وسمع من: أبي غالب البقال. ومن أبي طالب بن يوسف، وغيره. وحدث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 143 وكان المقتفي لأمر الله يزوره، والناس كافة. وبردانية: قرية من قرى إسكاف. وكان يعرف بالأزجي. توفي في جمادى الأولى. 4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن زيد بن جامع.) أبو زيد الحموي، الشامي. قدم بغداد، وسمع: أبا سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، وأبا طالب بن يوسف، وأبا القاسم) بن الحسين، وأبا العلاء بن كادش، وغيرهم. ذكره ابن السمعاني وذكر أنه سمع من أبي الحسين بن الطيوري، وهو وهم من ابن السمعاني. ثم قال: شيخ صالح، كثير العبادة، دائم التلاوة. كتبت عنه أحاديث يسيرة. قلت: ذكره ابن النجار، فقال: ويكنى أبا الفضل، حموي نزل بغداد، إلى حين وفاته كان نقطعياً. سمع الكثير من: أبي الحسين بن المبارك، وأبي سعد أحمد بن عبد الجبار. بهذا قال ابن النجار أيضاً ومشى فيه خلف أبي سعد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 144 قال: وكتب بخطه كثيراً، وجمع وخرج، وكان مشهوراً بالصلاح. وكان مولده سنة ثلاث أو خمس وثمانين وأربعمائة. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وأبو عبد الله بن الزبيدي وعنده عنه رسالة البرهان من تصنيفه ينتصر فيها لقدم القرآن ويرد على المخالفين. توفي في ذي الحجة. قرأت على أحمد بن مؤمن: أخبركم الحسين بن المبارك، أنا أبو الفضل جعفر بن زيد الحموي في رسالته، أنا أبو العز العكبري، أنا أبو طالب الحربي، ثنا علي بن عبد العزيز، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: بنيت هذه الصفات التي جاء بها القرآن ووردت بها السنة، وانتفى التشبيه عنه، كما نفى ذلك عن نفسه، فقال تعالى: ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد.) أبو المعالي بن الكرخي، الأزجي، المعدل. سمع: ابن طلحة النعالي، والحسين بن البسري. وعنه: ابن السمعاني وأثنى عليه، وابن الأخضر.) متعبد ورع. مات في ذي القعدة عن أربع وسبعين سنة رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 145 4 (الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله.) أبو علي الهاشمي، العباسي، البغدادي. سمع: أبا الحسن بن العلاف، وأبا غالب الباقلاني، وجماعة. روى عنه: ابن السمعاني وقال: له معرفة: بالأدب والشعر، قال لي إنه ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وكان شيخاً صالحاً، له أصول ببعض ما سمع. وقال ابن النجار: صنف كتاب سرعة الجواب أتى فيه بكل مليح. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان فيه لطف وظرف. جمع مسيرة المسترشد، وسيرة المقتفي. وتوفي في جمادى الآخرة. قلت: وكان يلقب بهاء الشرف. روى عنه: عبد المغيث بن زهير، وعبد الله بن عمر بن اللتي، وغيرهما.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 146 4 (حماد بن مجد بن هبة الله الغساني.) الدمشقي الشيخ أبو محمد القطائفي، المقرئ. قرأ القرآن على أبي الوحش سبيع، وأقرأه. وكان شيخاً مستوراً. توفي في رمضان. 4 (حرف الزاي)

4 (زيد بن سعد بن علي بن أحمد بن علي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 147 أبو إسماعيل العلوي، الحسني، الهمذاني. سمع: أبا الفتح عبدوس بن عبد الله، وأبا العلاء محمد بن طاهر. روى عنه: ابن السمعاني. مات بهمذان، وله ثمانون سنة. 4 (حرف السين) ) 4 (سعيد بن الحسين بن شنيف.) أبو عبد الله الدارقزي. أمين القضاة. وهو والد الحسين بن شنيف. سمع: الحسين بن محمد السراج، وابن طلحة النعالي. روى عنه: ابنه، وعمر بن طبرزد، وعبد العزيز بن الأخضر. توفي في آخر السنة. ذكره ابن السمعاني، لكنه غلظ فسماه عبد الله. 4 (حرف الظاء)

4 (ظهير بن أبي سعد بن علي الرفاء.) أبو الفتوح الهمذاني. كذا سماه السمعاني، وسماه ابن عساكر: خباثاً. سمع: عبدوس بن عبد الله. وتوفي في شوال، وله تسعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 148 4 (حرف العين)

4 (عبد الحليم بن محمد بن أبي القاسم بن علي بن أبي الفوارس.) أبو محمد البراني، البخاري، المعروف بالحليمي، النخوي، المقرئ. قال عبد الرحيم بن السمعاني: كان أديباً فاضلاً، ومقرئاً صالحاً، عالماً، بالنحو. كان يعلم الصبيان، ويقرئ القرآن، وله حلقة بجامع بخارى يختم فيها القراء يقرأون عليه. سمع: عثمان الفضيلي، وعبد الله بن عطاء الهروي، وأبا الفضل بكر الزرنجري، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق. سمعت منه كتاب الزاهد لهناد بن السري. وكان مولده، تقريراً، في سنة ثلاثٍ وتسعين بالبرانية. وتوفي ببخارى في رجب. 4 (عبد الرحمن بن أحمد بن أبي القاسم بن أحمد.) أبو القاسم المروزي، المؤذن، المقرئ.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 149 قرأ بالروايات على الأستاذ أبي محمد الكركانجي فأتقنها: وسمع بمرو، ثم سمع ببغداد جزء الأنصاري وغيره على قاضي المارستان. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. ولد سنة ست وثمانين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن المنصور.) أبو القاسم الحضرمي، الإسكندري. ولد سنة ست وستين وأربعمائة. وسمع من: أبي إسحاق الحبال، وعبد المحسن الشيحي، التاجر. ورخه ابن المفضل المقدسي. وأبوه ممن قرأ على ابن نفيس. وقرأ عليه ابن الخطية من سنة عشر. ورأيت في معجم السفر للسلفي: أنا أبو القاسم الحضرمي قال: أنا زيد بن الحسين الطحان سنة سبعين وأربعمائة، ثنا المحسن بن جعفر بن أبي الكرام، نا أبو بكر أحمد بن عبيد الحمصي، ثنا موسى بن عيسى بن المنذر، فذكر حديثاً. قال السلفي: عبد الرحمن من أولاد المحدثين. توفي أبوه قبل دخولي الثغر بمديدة قريبة، وهو محمد بن منصور بن محمد بن الفضل بن منصور بن أحمد بن يونس بن عبد الرحمن بن الليث بن المغيث بن عبد الحمن بن العلاء بن الحضرمي. أخرج إلي هذه النسبة عبد الرحمن بخط أبيه. كتب عبد الرحمن بخطه كتباً كباراً، وكتب عن أجزاء كثيرة. قلت: وقد سمع ولديه أحمد ومحمد من أبي عبد الله الرازي. قال ابن المفضل: توفي في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 150 4 (عبد الرحمن بن محمد بن عدنان بن محمد بن علي.) أبو شجاع الزينبي، الخريمي. قال ابن السمعاني:) أحد الأشراف، سمع الكثير بقراءة شجاع الذهلي، فسمع: ثابت بن بندار، وأبا سعد بن خشيش. كتبت عنه، وتوفي في ذي القعدة. 4 (عبد الواحد بن محمد بن مهذاب بن المفضل.) أبو المجد التنوخي، المعري. سمع من أبيه بالمعرة في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة نسخة أبي هدبة عن آبائه. وسكن دمشق حين أخذت الفرنج المعرة. وسمع: أبا القاسم بن النسيب، وغيره. ثم انتقل إلى المعرة بعد مدة طويلة حين استنقذت من العدو. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وغيره. 4 (عبد الواسع بن عطاء بن عبيد الله بن أحمد.) أبو أحمد الهروي، الصيرفي، أخو عبد المعز وعبد الفتاح. سمع من: القاضي صاعد بن سيار الكناني. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي رحمه الله في ربيع الآخر. 4 (عبد الوهاب بن إسماعيل بن محمد بن عمر.) أبو الفتح النيسابوري الصيرفي سبط أبي القاسم القشيري. عالم فاضل، مليح الخط.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 151 سمع الكثير، وسمع: فاطمة بنت أبي علي الدقاق جدته، وأبا بكر بن خلف، والفضل بن أحمد الجرجاني. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وتوفي في شوال وله إحدى وثمانون سنة. روى عنه: المؤيد الطوسي. 4 (عبد الوهاب بن عيسى.) أبو محمد اليشكري، المغربي، الفقيه المالكي، نزيل دمشق. قدمها سنة خمس وثلاثين، واعتنى به بعض الأمراء. واجتمع عليه جماعة من المغاربة.) ودرس ووعظ وفتح عليه، فلما قتل الفندلاوي رحمه الله جلس أبو محمد في حلقة المالكية. ثم بنى السلطان نور الدين دار الحجر الذهب عند المارستان، وجعلها مدرسة، وولى هذا تدريسها. وتوفي في رجب. 4 (علي بن علي بن نصر.) أبو الحسن بن أبي تراب البصري الأديب، الشاعر. سمع ببغداد من: أبي البركات الوكيل، وأبي الحسين الطيوري. وعنه: حمزة بن القبيطي. مات في ذي الحجة عن بضع وتسعين سنة. 4 (عمر بن محمد بن الحسن بن عبد الله.) أبو حفص الهمذاني، المعروف بالزاهد. ورد بغداد بعد الخمسمائة، وتفقه على أسعد الميهني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 152 قال ابن السمعاني: كان ورعاً، صالحاً، متديناً. ثم ورد خراسان، وسكن مرو مدة. وصحب يوسف الهمذاني الزاهد، وكان يروض نفسه ويداوم على التهجد والصوم وأكل الحلال. وكان لا يخاف في الله لومة لائم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وصحب ببغداد الشيخ حماد الدباس، ثم سكن قرية بأرض مرو، وتأهل ورزق الأولاد، واشتغل بالعبادة ودعوة الخلق إلى الحق. وسمع صحيح البخاري من أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي. روى عنه: أبو سعد، وقال: توفي في أحد الربيعين أو الجماديين، وله أربع وستون سنة. 4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت سعد الله بن سعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد الميهني.) أم عطية. قدمت بغداد وأقامت، وروت عن: محمد بن أحمد الكامخي، ومحمد بن الحسن الإسفرائيني.) وعنها: عمر بن كرم. توفيت في جمادى الآخرة رحمها الله. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن عمر بن عبد الملك بن عبد العزيز.) الفقيه أبو ثابت المستملي البخاري، الصفار. إمام الجامع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 153 سمع: أبا علي النسفي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وتوفي في رمضان ببخارى، وله سبع وثمانون سنة رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن محمد بن أحمد بن مكتوم بن الربيع.) أبو القاسم الشيباني، الخوارزمي، الصوفي. تغرب ورأى المشايخ ودخل الشام بعد الخمسمائة. وسمع بإصبهان، وخدم بمرو يوسف الهمذاني. وتوفي في ربيع الأول في عشر التسعين. 4 (محمد شاه بن محمود بن محمد بن ملكشاه.) السلجوقي. طلب أن يخطب له ببغداد، فلم يجب إلى ذلك، فسار إليها وحاصرها على ما هو مذكور في الحوادث. ثم رحل عن بغداد، وتوفي في ذي الحجة بقرب همذان بعلة السل وله ثلاث وثلاثون سنة. وكان موصوفاً بالعقل والكرم والتأني في أموره. واختلفت الأمراء بعده، فطائفة طلبت أخاه ملكشاه، وطائفة طلبت أخاه الآخر سليمان شاه وهم الأكثر، وطائفة طلبت أرسلان الذي مع إلدكز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 154 4 (مسعود بن عبد الله بن أبي يعلى.) أبو علي الشيرازي، ثم البغدادي الخياط. سمع: الحسين بن الطيوري، وأبا سعد بن خشيش. روى عنه: محمد بن أحمد بن علي الصوفي. توفي في المحرم عن ثمان وسبعين سنة.) 4 (مسعود بن محمد بن عبد الغفار بن عبد السلام.) أبو سعد الغياثي، الماهاني، المروزي فقيه عالم بمذهب أبي حنيفة، واعظ كثير المحفوظ، كثير الرغبة في تحصيل المال. سمع أبا نصر محمد بن محمد الماهاني، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق. روى عنه: ابن السمعاني، وولده. وتوفي في ذي الحجة. وعظ ببغداد. 4 (منجح بن مفلح بن أحمد بن محمد.) أبو سعد بن أبي الفتح الرومي، البغدادي. سمع: أبا عبد الله النعالي، وأبا طاهر الباقلاني، وجماعة. وكان فقيهاً، يعمل الورق. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني، وقال: توفي في جمادى الآخرة. روى عنه بالإجازة ابن المقير. 4 (حرف النون)

4 (نيروز بن مسلم بن عبدون بن أبي فوناس.) الإمام أبو علي الرزهوني الفاسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 155 مولده سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، ودخل إلى الأندلس، وسمع من أبي علي بن سكرة، وعباد بن سرحان. وكان فقيهاً بارعاً، تخرج به أهل فاس. ورخه ابن فرتون وقال: ثنا عنه محمد بن أحمد بن وسون، وعبد الرحيم بن الملجوم. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن نزار المنبجي.) فاضل، شاعر محسن. قال ابن الجوزي: كان يحضر مجلسي، وجد في أذنه ثقلاً فخاف الطرش، فاستدعى طرقياً) فامتص أذنه حتى خرج شيء من مخه، وكان سبب موته. وقد ذكره أبو سعد بن السمعاني. وقدم الشام ومدح السلطان نور الدين، فمن شعره: (لو صد عني دلالاً أو معاتبة .......... لكنت أرجو تلاقيه وأعتذر)

(لكن ملالاً فلا أرجو لعطفه .......... جبر الزجاج عسير حين ينكسر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 156 4 (وفيات سنة خمس وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الجليل.) أبو العباس التدميري، الأندلسي. روى عن: أبي علي بن سكرة، وأبي محمد بن عطية، وجماعة. وكان عالماً باللغة والنحو، ومصنفاً نبيلاً. أدب أولاد صاحب مراكش. وتوفي بفاس. 4 (أحمد بن محمد بن الحسين.) أبو بكر البغدادي، المراوحي المقرئ. سمع: ابن بيان، وأبياً النرسي، وأبا الخطاب الكلوذاني. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وكان يؤم بمسجد. توفي في شعبان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 157 4 (أحمد بن هبة الله بن محمد بن البيضاوي.) أبو طالب. سمع: ثابت بن بندار، وغيره. روى عنه: عمر بن علي القرشي الحافظ. توفي في شوال. وكان من الحجاب. 4 (إبراهيم بن منبه بن عمر.) أبو أمية الغافقي، الأندلسي. من أهل المرية. أخذ القراءات عن: ابن شفيع.) وسمع: أبا علي بن سكرة، وابن رغيبة، وأبا محمد بن عتاب. وحج، فسمع من سلطان بن إبراهيم المقدسي. وولي الخطابة والقضاء بمرسية. سمع منه: أبو القاسم بن حنيش، وغيره. ولم تحفظ وفاته، ولكنه حدث في هذا العام بصحيح البخاري عن رجلٍ، عن كريمة. 4 (حرف الباء)

4 (بزان بن مامين.) الأمير الكبير مجاهد الدين الكردي، أحد الموصوفين بالشجاعة، والرأي، والسماحة، وصاحب الصدقات الكثيرة. مات بداره عند باب الفراديس، ودفن بمدرسته الجمالية، ولم يخل من باك عليه ومتأسف لفقده. ورثي بقصائد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 158 وكان من أمراء دمشق، وبقي في الإمرة زماناً. ورخه حمزة التميمي أو إنسان بعده، فإن حمزة مات في هذه السنة. وقد توفي في أوائل العام. 4 (حرف الحاء)

4 (حمزة بن أسد بن علي بن محمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 159 أبو يعلى التميمي، الدمشقي، العميد بن القلانسي، الكاتب. حدث عن: سهل بن بشر، وحامد بن يوسف التنيسي. قال الحافظ ابن عساكر: سمع منه بعض أصحابنا، ولم أسمع منه. قال: وكان أديباً كاتباً. تولى رئاسة دمشق مرتين، وكان يكتب له في سماعه أبو العلاء المسلم بن القلانسي، فذكر أنه هو ذاته. كذلك كان يسمى. وقد صنف تاريخاً للحوادث من بعد سنة أربعين وأربعمائة إلى حين وفاته. وقرأت من شعره:) (يا نفس لا تجزعي من شدة عرضت .......... وأيقني من إله الخلق بالفرج)

(كم شدة عظمت ثم انجلت ومضت .......... من بعد تأثيرها في المال والمهج) توفي في ربيع الأول. قلت: روى عنه: ابن صصرى، ومكرم بن أبي الصقر، وجماعة. وجمع بين الإنشاء كتابة الحساب، وحمدت ولايته. وتوفي في عشر التسعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 160 4 (حمزة بن علي بن هبة الله بن الحسن بن علي.) الثعلبي، أبو معالي، الدمشقي، المعروف بأبي الحبوبي، البزار. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، وأبا الفتح المقدسي، وسهل بن بشر الإسفرائيني. سمعه عمه أبو المجد معالي بن هبة الله. قال ابن عساكر: كلن شيخاً لا بأس به. سمعته يقول: ولدت في آخر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 161 سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. ومات في جمادى الأولى. ودفن بسفح قاسيون. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابنه البهاء، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وعبد الخالق بن أسد، وابنه غالب، وحمزة بن عبد الوهاب الكندي، وأحمد بن المسمع، ومكرم بن أبي الصقر، وأبو نصر محمد بن الشيرازي. وأخر من روى عنه كريمة القرشية. 4 (حرف الخاء)

4 (خسروشاه.) سلطان غزنة، وابن سلاطينها. ولي الملك بعد أبيه الملك بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمد بن سبكتكين. قال ابن الأثير: توفي في رجب من سنة خمس. وكان عادلاً حسن السيرة في رعيته، ومحباً للخير، مقرباً للعلماء، راجعاً إلى أقوالهم. وكان ملكه تسع سنين. وملك بعد ابنه ملكشاه، فلما ملك نزل علاء الدين ملك الغور فحاصر غزنة، وكان الثلج كثيراً، فلم يمكنه المقام وعاد إلى بلاده.) 4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن عثمان بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن.) أبو الطيب القرشي، الزهري، العوفي، البخاري فاضل، طريف،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 162 كيس، مطبوع الحركات. طلب الحديث وتفقه، ووعظ وعظاً مليحاً. وسمع من: جده محمد بن عبد الحميد العوفي وعثمان بن إبراهيم الفضيلي، وبكر بن الرزنجري. وتوفي في رجب وله إحدى وسبعون سنة. 4 (حرف العين)

4 (عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور.) أبو عبد الكريم المقدسي. شيخ صالح، مقرئ. هاجر إلى دمشق قبل الجماعة. وتعلم بها شيئاً من العلم، ثم عاد. وكان كثير الخير، نظيف الثياب صالحاً. ثم جاء ومضى إلى حران المرح، فأم بأهلها، وعاد مريضاً إلى دمشق، فمات في رجب. وهو عم الحافظ الضياء. قال: سألت خالي موفق الدين عنه، فقال: كان أكبر إخوته. انتقل إلى قرية جحا وأم بأهلها، ثم قدم علينا بعد أن انتقلنا إلى الجبل من مسجد أبي صالح، فأسس له بيتاً في الدير، وخرج إلى حران المرح. وسمعت شيخنا العماد إبراهيم بن عبد الواحد قال: كان يخطب في حران، فقال في خطبته: اللهم ارحم أمير المؤمنين المقتفي، بدل أصلح، فلما كان بعد أيام جاءنا الخبر بموت المقتفي. 4 (عبد الرحمن بن أبي سعد محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى.) أبو القاسم الفارسي، ثم السرخسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 163 فقيه ورع، قانع، خير. تفقه على محيي السنة البغوي، وبعده على عبد الرحمن بن عبد الله النيهي، وأتقن مذهب الشافعي.) وتوفي في الكهولة بنسا في هذا العام ظناً. 4 (عبد الرشيد بن أبي بكر بن أبي الفضل بن ينال.) أبو محمد الهروي، الطائي، البناء. شيخ صالح. سمع كثيراً من: محمد بن علي العميري. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وغيره. توفي بسجستان في ربيع الأول. 4 (عبد الرشيد بن أبي بكر بن ينال.) أبو محمد الهروي، المهندس. شيخ صالح، سمع كثيراً من محمد بن علي العميري وحده، من ذلك: العوالي في التاريخ لابن عدي، رواه عن العميري، عن البوشنجي، عنه. سمعه منه السمعاني وقال: مات بسجستان في ربيع الآخر عن ثمانين سنة. 4 (عبد... بن مكي بن أيوب.) أبو محمد التغلبي، الشاطبي، فقيه، حافظ، شروطي حاذق، شاعر. ولي خطة الشورى بشاطبة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 164 وروى عن أبيه، وأبي عبد الله بن سيف، وأبي بكر بن مفوز، وأبي علي بن سكرة. 4 (عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن حمزة بن محمد بن عبد الله.) الثقفي، أبو جعفر قاضي القضاة. سمع: أبا الغنائم محمد بن علي النرسي، وولي قضاء الكوفة مدة. ثم ولاه المستنجد بالله في هذا العام قضاء العراق، فتوفي في آخر العام وقد ناهز الثمانين. قال أبو سعد السمعاني: من بيت القضاء والعلم، فصيح العبارة، يحفظ التواريخ. سمع ببغداد أبا الخطاب بن البطر، وأبا عبد الله بن البسري، وقال لي: ولدت في صفر سنة بالكوفة. وقرأت عليه جزءاً من المحامليات. 4 (عبد الواحد بن ثابت بن روح بن محمد بن عبد الواحد.) أبو القاسم الصوفي، الراراني، الإصبهاني. وراران قرية. قال أبو سعد:) صالح، خير، من بيت الحديث والتصوف. سمع: الحافظ سليمان بن إبراهيم، وطراد بن محمد الزينبي، وجماعة بإصبهان. وتوفي في السابع والعشرين من ذي الحجة. 4 (علي بن حسان بن علي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 165 أبو الحسن بن العلبي والد زكريا. شيخ بغدادي. سمع من: طراد الزينبي. روى عنه: محمد بن مشق، وغيره. توفي رحمه الله في شعبان. 4 (عيسى بن الظافر إسماعيل بن الحافظ بن عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله.) العبيدي. الفائز بنصر الله أبو القاسم، خليفة مصر. بويع بالقاهرة يوم قتل والده وله خمس سنين، وقيل: بل سنتان، فحمله الوزير عباس على كتفه، ووقف في صحن الدار به، مظهراً الحزن والكآبة، وأمر أن يدخل الأمراء، فدخلوا فقال: هذا ولد مولاكم، وقتل عماه مولاكم، وقد قتلتهما كما ترون به، والواجب إخلاص الطاعة لهذا الطفل. فقالوا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 166 كلهم: سمعنا وأطعنا. وضجوا ضجة واحدة بذلك، ففزع الغلام، وبال على كتف عباس من الفزع. وسموه الفائز، وسيروه إلى أمه، واختل عقله من تلك الصيحة فيما قيل، فصار يتحرك في بعض الأوقات ويصرع. ولم يبق على يد عباس يد، ودانت له الممالك. وأما أهل القصر فإنهم اطلعوا على باطن القضية، فأخذوا في إعمال الحيلة في قتل عباس وابنه، فكاتبوا طلائع بن رزيك الأرمني والي منية بني خصيب، وكان موصوفاً بالشجاعة والرأي، فسألوه النصرة، وقطعوا شعور النسوان والأولاد، وسيروها في طي الكتاب، وسودوا الكتاب. فلما وقف عليه اطلع من حوله من الجند عليه، وأظهر الحزن، ولبس السواد، واستمال عرب الصعيد، وحشد وجمع. ثم كاتب أمراء القاهرة، فلما قرب خرج إليه الأمراء، والجند، والسودان، وبقي عباس في نفرٍ يسير، فهرب هو وابنه وغلمانه والأمير أسامة بن منقذ. وقيل هو الذي أشار عليهما بقتل الظافر، والعلم لله. فنقل ابن الأثير قال:) اتفق أن أسامة بن منقذ قدم مصر، فاتصل بعباس، وحسن له قتل زوج أمه العادل علي بن السلار فقتله، وولاه الظافر الوزارة، فاستبد بالأمر، وتم له ذلك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 167 وعلم الأمراء أن ذلك من فعل ابن منقذ، فعزموا على قتله، فخلا بعباس وقال له: كيف تصبر على ما أسمع من قبيح القول من الناس: أن الظافر يفعل بابنك نصر وكان من أجمل الناس، وكان ملازماً للظافر. فانزعج لذلك فقال: كيف الحيلة قال: اقتله فيذهب عنك العار. فاتفق مع ابنه على قتله. وقيل: إن الظافر أقطع نصر بن عباس قليوب كلها، فدخل وقال: أقطعني مولانا قليوب. فقال ابن منقذ: ما هي في مهرك بكثير. فجرى ما ذكرناه. وهربوا فقصدوا الشام على ناحية أيلة في ربيع الأول سنة تسع وأربعين. وملك الصالح طلائع بن رزيك ديار مصر من غير قتال، وأتى دار بن عباس المعروفة بدار الوزير المأمون ابن البطائحي التي هي اليوم المدرسة السيوفية الحنفية، فاستحضر الخادم الصغير الذي كان مع الظافر لما نزل سراً، وسأله عن الموضع الذي دفن فيه الظافر، فعرفه به، فقلع البلاطة التي كانت عليه، وأخرج الظافر ومن معه من المقتولين، وحملوا، وقطعت عليهم الشعور، وناحوا عليهم بمصر، ومشى الأمراء قدام الجنازة إلى تربة القصر. وتكفل الصالح بالصغير ودبر أحواله. وأما عباس ومن معه، فإن أخت الظافر كاتبت الفرنج بعسقلان الذين

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 168 استولوا عليها من مديدة يسيرة، وشرطت لهم مالاً جزيلاً إذا خرجوا عليه وأخذوه. فخرجوا عليه، فواقعهم، فقتل عباس، وأخذت أمواله، وهرب ابن منقذ في طائفة إلى الشام. وأرسلت الفرنج نصر بن عباس إلى مصر في قفص حديد، فلما وصل تسلم رسولهم المال، وذلك في ربيع الأول سنة خمسين. ثم قطعت يد نصر، وضرب ضرباً مهلكاً وقرض جسمه بالمقارض، ثم صلب على باب زويلة حياً، ثم مات. وبقي مصلوباً إلى يوم عاشوراء سنة إحدى وخمسين، فأحرقت عظامه. وهلك الفائز سنة خمس، وهو ابن عشر سنين أو نحوها.) وقيل: إن الملك الصالح ابن رزيك بعث إلى الفرنج يطلب منهم نصر بن عباس، وبذل لهم أموالاً، فلما وصل سلمه الملك الصالح إلى نساء الظافر، فأقمن يضربنه بالقباقيب واللوالك أياماً، وقطعن لحمه، وأطعمنه إياه إلى أن مات، ثم صلب. ولما مات الفائز بالله بايعوا العاضد لدين الله أبا محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ بن عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي، ابن عم الفائز، وأجلسه الملك الصالح طلائع بن زريك على سرير الخلافة، وزوجه بابنته. ثم استعمل الصالح على بلد الصعيد شاور البدوي الذي وزر. 4 (حرف الفاء)

4 (فضل بن حسن.) أبو القاسم الأنصاري، الدمشقي، الكتاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 169 كان يخرج إلى الغوطة ويقارض الكتان بالغزل. روى عن: سهل بن بشر. روى عنه: الحافظ بن عساكر، وقال: مات في ذي الحجة. 4 (الفضل بن الحسن بن علي بن محمد.) الخطيب أبو نصر الطوسي، المقرىء. قال أبن السمعاني: كان يؤم الوزراء. قدم علينا مع الوزير محمود بن أبي توبة، وخطب مرو. وكان حسن الصوت، عالماً، كثير المحفوظ. حج وسمع أبا القاسم بن بيان، وأبا الرضا علي بن يحيى النسفي، وهادي بن إسماعيل الحسيني. وكان قد سمع: أبا تراب عبد الباقي المراغي، ونصر الله بن أحمد الحسنامي على ذكر لي يوماً، وما رأيت له أصلاً يفرح به. ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة، وتوفي بمرو في جمادى الآخرة. وروى عنه: عبد الرحيم. 4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن الحسين بن القاسم.) ) أبو بكر الهروي، الحصيري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 170 قال عبد الرحيم في معجمه: كان شيخاً صالحاً، حسن الخط، حملني والدي إليه ليسمعني منه صحيح الإسماعيلي. فسمعت منه. سمع: أبا عامر محمود بن القاسم الأزدي، وإسماعيل بن حمزة الهروي، وأبا أحمد إسماعيل بن عبد الله القهندزي. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وتوفي بهراة في رابع جمادى الآخرة. وقال أبو سعد في التحبير: سمعت منه الجامع الصحيح للإسماعيلي بروايتين، عن إسماعيل بن حمزة بن فضالة العطار، ثم الحسين بن محمد الباشاني، عنه. وسمعت منه الجواهر لمحمد بن المنذر شكر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 171 4 (حرف الكاف)

4 (كريمة بنت أحمد بن علي الكوفي، الأبيوردي.) أم الحسين العابدة. نزلت مرو، وسمعت مع السمعاني. وكانت صوامة، قوامة، متهجدة قانتة، عابدة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد المقتفي لأمر الله.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 172 أمير المؤمنين أبو عبد الله بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله جعفر بن المعتضد الهاشمي، العباسي، رضي الله عنه. من سروات الخلفاء، كان عالماً، ديناً، شجاعاً، حليماً، دمث الأخلاق، كامل السؤدد، خليقاً للإمامة، قليل المثل في الأئمة عليهم السلام، لا يجري في دولته أمر وإن صغر إلا بتوقيعه. وكتب في خلافته ثلاث ربعات منها ربعة نفدت إلى بلاد فارس. ووزر له علي بن طراد الزينبي، ثم أبو نصر بن جهير، ثم أبو القاسم علي بن صدقة، ثم أبو المظفر يحيى بن هبيرة، وحجبه أبو المعالي بن الصاحب، ثم كامل بن مسافر، ثم أبو غالب بن المعوج، ثم أبو الفتح بن الصقيل، أبو القاسم علي بن الصاحب. وكان آدم، مجدور الوجه، مليح الشيبة، له هيبة عظيمة، وأمه حبشية.) ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة في الثاني والعشرين من ربيع الأول، وبويع بالخلافة في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة، وقد جاوز الأربعين. وسمع من مؤدبه أبي البركات بن أبي الفرج بن السيبي. قال ابن السمعاني: وأظن أنه سمع جزء ابن عرفة من أبي القاسم بن بيان، مع أخيه المسترشد بالله، واتفق أني كتبت قصة إليه، وسألته الإنعام بالأحاديث، والإذن في السماع منه، فأنعم وفتش على الجزء ونفذه إلي على يد شيخنا أبي منصور بن الجواليقي وكان يؤم به الصلوات، فخرجت من بغداد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 173 قبل أن أسمعه منه، غير أني سمعته من ابن الجواليقي، وكان قد قرأه عليه. حدثنا أبو منصور، ثنا المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين، أنا أبو البركات أحمد بن عبد الوهاب، وأنا أبو محمد الصريفيني، أنا المخلص، أنا إسماعيل الوراق، ثنا حفص بن عمرو الربالي، نا أبو سحيم، عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الناس إلا شحاً، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق. قلت: أنا أبو المعالي الهمذاني، أنا أبو علي بن الجواليقي، أنا أبو المظفر يحيى بن محمد الوزير قال: قرأت على مولانا المقتفي لأمر الله سنة اثنتين وخمسين حدثكم السيبي، فذكره. وأجاز لنا جماعة سمعوه من الكندي، أنا أبو الفتح عبد الله بن البيضاوي، أنا أبو محمد بن هزاز مرد الصريفيني، فذكره. وقد جدد المقتفي باباً، واتخذ من العتيق تابوتاً لدفنه. وكان محمود السيرة، مشكور الدولة، يرجع إلى دين، وعقل، وفضل، ورأي وسياسة، جدد معالم الإمامة، ومهد رسوم الخلافة، وباشر الأمور بنفسه، وغزا غير مرة في جنوده، وامتدت أيامه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 174 وذكر أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي في كتاب المناقب العباسية المقتفي، فقال: كانت أيامه نضرة بالعدل، زهرة بفعل الخيرات، وكان على قدمٍ من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه ومعه.) وكان في أول عمره متشاغلاً بالدين، ونسخ ربعات وقرأ القرآن إلى أن قال: ولم ير مع سماحته ولين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة في شهامته وصرامته وشجاعته، مع ما خص به من زهده وورعه وعبادته. ولم تزل جيوشه منصورة حيث يممت. قال ابن الجوزي: مات بالتراقي، وقيل: دمل في عنقه، فتولي ليلة الأحد ثاني ربيع الأول، عن ست وستين سنة إلا ثمانية وعشرين يوماً. قال: ومن العجائب أنه وافق أباه في علة التراقي، وماتا جميعاً في ربيع الأول. وتقدم موت شاه محمد على موت المقتفي بثلاثة أشهر، وكذلك المستظهر مات قبله السلطان محمد بن ملكشاه بثلاثة أشهر. ومات المقتفي بعد الغرق بسنة، وكذلك القائم مات بعد الغرق بسنة. وكان من سلاطين دولته السلطان سنجر صاحب خراسان، والسلطان نور الدين صاحب الشام. واستوزر عون الدين يحيى بن هبيرة. وكان هو الذي قام بحشمة الدولة العباسية، وقطع عنها أطماع الملوك السلجوقية وغيرهم من المتغلبين. ومن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 175 أيام المقتفي عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء، ولم يبق لهم فيها منازع. وقبل ذلك لعل من دولة المقتدر إلى وقته كان الحكم للمتغلبين من الملوك، وليس للخليفة معهم إلا اسم الخلافة. وكان رضي الله عنه كريماً، جواداً، محباً للحديث وسماعه، معتنياً بالعلم، مكرماً لأهله. وبويع بعده ولده أبو المظفر يوسف، ولقب بالمستنجد بالله. 4 (محمد بن أحمد بن علي بن الحسن.) أبو المظفر بن التريكي، الهاشمي، العباسي، خطيب جامع المهتدي. كان من كبار العدول ببغداد، وله إسناد عالٍ على قتله. روى عن: أبي نصر الزينبي، وعاصم، ورزق الله. ولد سنة سبعين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعلي بن هارون الحلي النحوي، وأبو الفرج محمد بن عبد الرحمن، والشطي التاجر، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، ويحيى بن أبي المظفر) الحنفي مدرس النفيسية،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 176 وآخرون توفي في نصف ذي القعدة. 4 (محمد بن علي بن عمر.) الخطيب أبو بكر البروجردي. قدم بغداد، وتفقه على أسعد الميهني. وتفقه بمرو مدة حتى برع في المذهب، وصار من أئمة الشافعية. وانقطع إلى صحبة يوسف بن أيوب الزاهد، وتعبد ولزم الطاعة، وحج. روى عنه: أبو سعد السمعاني أناشيد، وقال: يعرف بالموفق، وأثنى عليه وروى عن: أبي منصور محمد بن علي الكراعي، والفقيه عمر بن محمد السرخسي، وجماعة. وسمع الكثير، وقرأ بنفسه ببغداد على قاضي المرستان. ومات في ربيع الأول وله سنة. 4 (محمد بن محمد بن محمد الحسن بن علوي بن محمد بن محمد بن زيد بن غبرة.) الهاشمي، أبو الحسن الحارثي، الكوفي، المعروف بابن المعلم. أحد عدول الكوفة. من ولد ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 177 ولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة، وسمع سنة خمس وسبعين من العدل أبي الفرج محمد بن أحمد بن علان، وأبي علي محمد بن محمد بن محمد بن حمدان الخالدي، وأبي القاسم الحسين بن محمد بن سليمان الدهقان، وأبي غالب بن المنثور الجهني، وجماعة. وتفرد بالرواية عن بعضهم. ورحل إليه الطلبة إلى الكوفة. قال ابن النجار: روى لنا عن جماعة سمعوا منه بالكوفة، وقد سمع منه: أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، وأبو الفرج بن النقور. وحدث ببغداد قديماً. مات بالكوفة في سلخ ذي الحجة سنة خمس. قاله مسعود بن النادر. وقال أبو الفضل بن شافع: توفي في أواخر محرم سنة ست. قال:) وكان ثقة في روايته، سمعت عليه بقراءتي الأجزاء التي ظهرت له جميعها. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة كريمة الدمشقية. 4 (محمد بن أبي جعفر محمد بن علي بن محمد.) أبو الفتوح الطائي، الهمذاني، صاحب الأربعين الطائية. ولد سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة بهمذان. وسمع: فيد بن عبد الرحمن الشعراني، وعبد الرحمن بن حمد الدوني،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 178 وظريف بن محمد، ومحمد بن أبي العباس الأبيوردي الأديب، وإسماعيل بن الحسن الفرائضي، وعبد الغفار الشيروبي، وفخر الإسلام عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، وتاج الإسلام أبا بكر السمعاني، وشيرويه الديلمي، الحافظ، وابن طاهر المقدسي، وأبا القاسم بن بيان الرزاز. وتفقه بمرو على محيي السنة البغوي، وعلى أبي بكر االسمعاني. قال أبو سعد بن السمعاني: يرجع إلى نصيب من العلوم، فقه، وحديث، وأدب، ووعظ. حضرت وعظه بهمذان، فاستحسنته. قلت: روى عنه: محمد بن عبد الله بن البنا الصوفي بن الحسن بن الزبيدي، وأخوه الحسن، وجماعة. وتوفي في شوال بهمذان، وآخر من روى عنه ابن اللتي. 4 (محمد بن محمد بن عبد الكريم.) أبو المفضل بن زنبقة الواسطي، المعدل. ولد سنة خمسٍ وسبعين و أربعمائة، وعدل سنة خمسمائة. وسمع: أبا تمام، وأبا الفضل محمد بن محمد بن السوادي، وأبي غالب محمد بن حمد. وسمع البخاري ببغداد من نور الهدى أبي طالب. روى عنه: أبو يعلى محمد بن علي بن القارئ، وأبو طالب بن عبد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 179 السميع، وغيرهما. وتوفي في ذي الحجة.) 4 (محمد بن بركة بن بكا.) شيخ صالح سني. سمع: أبا غالب الباقلاني، وأبا الحسين بن الطيوري. وعنه: ابن الأخضر. 4 (محمد بن يحيى بن علي بن مسلم بن موسى بن عمران.) القرشي، اليمني، الزبيدي، الواعظ، أبو عبد الله. ولد في المحرم سنة ستين وأربعمائة، وقدم دمشق في حدود سنة ست وخمسمائة فوعظ وأخذ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فلم يحتمل طغتكين أتابك له ذلك، وأخرجه عن دمشق، فذهب إلى العراق، ودخلها سنة تسع وخمسمائة، ووعظ. وكان له معرفة بالنحو والأدب. وكان صبوراً على الفقر، متعففاً. ثم قدم دمشق رسولاً من المسترشد بالله في أمر الباطنية وعاد. وكان حنفي المذهب، على طريقة السلف في الأصول.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 180 قال أبو الفرج بن الجوزي: حدثني البراندسي قال: جلست مع الزبيدي من بكرة إلى قريب الظهر، وهو يلوك شيئاً في فيه، فسألته، فقال: لم يكن لي شيء، فأخذت نواة أتعلل بها. قال ابن الجوزي: وكان يقول الحق وإن كان مراً، ولا تأخذه في الله لومة لائم. ولقد حكي أنه دخل على الوزير الزينبي وقد خلعت عليه خلع الوزارة، والناس يهنونه بالخلعة، فقال هو: هذا يوم عزاء لا يوم هناء. فقيل له، فقال: أهنيء على لبس الحرير قال أبو الفرج: وحدثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه قال: سمعت محمد بن يحيى الزبيدي قال: خرجت إلى المدينة على الوحدة، فأواني الليل إلى جبل، فصعدت وناديت:) اللهم إني الليلة ضيفك. ثم نزلت فتواريت عند صخرة، فسمعت منادياً ينادي: مرحباً يا ضيف الله. لك مع كل طلوع الشمس تمر بقوم على بئر يأكلون خبزاً وتمراً، فإذا دعوك فأجب، فهذه ضيافتك. فلما كان من الغد سرت، فلما طلعت الشمس لاحت لي أهداف بئر، فجئتها، فوجدت عندها قوم يأكلون خبزاً وتمراً، ودعوني، فأجبت. قال ابن السمعاني: كان يعرف النحو معرفة حسنة، ويعظ، ويسمع معنا من غير قصد من القاضي أبي بكر الأنصاري، وغيره. وكان فناً عجيباً. وكان في أيام المسترشد يخضب بالحناء، ويركب حماراً مخضوباً بالحناء، وكان يجلس ويجتمع عليه العوام، ثم فتر سوقه. ثم إن الوزير عون الدين ابن هبيرة نفق عليه الزبيدي ورغب فيه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 181 وسمعت جماعة يحكون عنه أشياء السكوت عنها أولى. ثم قال: وقيل لي إنه يذهب إلى مذهب السالمية، ويقول إن الأموات يأكلون ويشربون وينكحون في قبورهم، والسارق والشارب للخمر والزاني لا يلام على فعله لأنه يفعل بقضاء الله. وسمعت علي بن الملك الأندلسي يقول: زاد الزبيدي في أسماء الله تعالى أسامي، ويقول: هو المتمم، والمبهم، والمظهر، والزارع. قال أبو البركات عبد الوهاب الأنماطي: حمل إلي الزبيدي جزءاً صنفه وذكر فيه أن لكل ميت بيت في الجنة وبيت في النار، فإذا دخل الجنة هدم بيته الذي في النار، وإذا دخل النار هدم بيته الذي في الجنة. قلت: وحفيداه اللذان رويا الصحيح هما الحسن والحسين ابنا المبارك بن محمد. وقال ابن عساكر: قال ولده إسماعيل:) كان أبي في كل يوم وليلة من أيام مرضه يقول: الله الله قريباً من خمسة عشر ألف مرة، وما زال يقول الله الله حتى لقي رحمة الله. توفي في ربيع الآخر. وقال أحمد بن صالح بن شافع: كان له في علم الأصول وعلم العربية حظ وافر، وقد صنف كتباً في فنون العلم تزيد على مائة مصنف. ولم يضيع شيئاً من عمره. ثم بالغ الجيلي في تعظيمه وقال: كان يخضب بالحناء ويعتم متلحياً دائماً. حكيت لي عنه من جهات صحيحة غير كرامة، منها رؤيته للخضر وجماعة من الأولياء. 4 (محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 182 أبو طاهر السبخي، البرودي، البخاري، الصابوني، الفقيه الزاهد. سمعه أبوه بقرية وركي أجزاء من الإمام المعمر أبي محمد عبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري. وسمع القاضي: أبا اليسر محمد بن محمد بن الحسين البزدوي، وعلي بن أحمد بن خدام، وأبا صادق أحمد بن الحسين الزندي، وجماعة. ولد بعد الثمانين وأربعمائة. وكان فقيهاً صالحاً صحب يوسف الهمذاني الزاهد، وإبراهيم الصفار الزاهد وأختص به.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 183 روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه. أبو طاهر محمد بن أبي بكر المروزي المؤذن، ويشتبه بأبي طاهر محمد بن أبي بكر السبخي هذا، فينبغي أن يتفطن له.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 184 4 (المبارك بن المبارك بن هبة الله بن معطوش.) أبو القاسم بن أبي المعالي البغدادي، التاجر، السفار. سمع: أبا العز محمد بن المختار، وحدث. قال أخوه أبو طاهر المبارك بن المعطوش: توفي أخي بدمشق سنة خمس وخمسين.) قلت: وسمع من: ابن بيان أيضاً. روى عنه: داود بن الفاخر. 4 (المبارك بن هبة الله بن علي بن العقاد.) أبو المعالي البغدادي، المؤدب. سمع من: طراد الزينبي، وأبي الحسن الأنباري الأقطع، وابن طلحة النعالي. وقد سماه السمعاني فيالذيل: المبارك بن الحسين، وإنما هو ابن أبي الحسين. روى عنه: أبو الحسن الشهرستاني، وأبو محمد بن الأخضر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 185 مات في صفر سنة خمس، وله خمس وثمانون سنة. 4 (المبارك بن أبي الفضل.) البغدادي، الطباخ، المؤدب. سمع: أبا الفضل بن خيرون. وتوفي في ذي العقدة. روى عنه: عمر القرشي الدمشقي، وغيره. 4 (مجاهد الدين.) واقف المدرسة المجاهدية. واسمه بزان. وقد ذكر. 4 (مسعود بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس بن الحصين.) أبو منصور بن أبي الفرج الشيباني، الكاتب. بغدادي جليل. حدث عن: أبي الخطاب بن البطر، وطبقته. قال ابن السمعاني: كتبت عنه. ولا أعرف من حاله شيئاً. وسمعته يقول: ولدت سنة سبع وستين وأربعمائة. وتوفي في أواخر ذي الحجة. قلت: وأخبرونا عن أبن المقير أن مسعود بن الحصين أجاز له. أنا أبو الخطاب علي بن عبد الرحيم بن الجراح.) وقد سمع أيضاً من: رزق الله، وأبي الحسن الأنباري، وطراد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 186 وقرأ القراءات على أبي منصور الخياط. وطلب، وكتب ما لا يوصف. وكان ثقة. 4 (ملكشاه بن السلطان محمود بن محمد السلجوقي.) توفي بإصبهان في ربيع الأول. قاله ابن الجوزي. فقيل إنه سم، وسبب ذلك أنه لما كثر جمعه بإصبهان في السنة الماضية أرسل إلى بغداد وطلب أن تقطع خطبة عمه سليمان شاه بن محمد، وتقام له الخطبة، ويعيدوا القواعد القديمة. فوضع ابن هبيرة الوزير خادماً اسمه غلبك الكوهرايي فمضى واشترى جارية بألف دينار، وباعها لملكشاه، وقرر معها أن تسمه، ووعدها أموراً عظيمة، فسمته في لحم مشوي، فأصبح ميتاً، فضربت فأقرت. وملك إصبهان بعده عمه سليمان شاه، فلم تطل مدته، ومات بعد سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 187 4 (منصور بن محمد بن سعيد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود.) أبو المظفر بن أبي الفضل المسعودي، المروزي. قال ابن السمعاني: كان أحد الفضلاء المبرزين، وأحد الدهاة الأجلاد وكان كثير المحفوظ، مليح الشعر. سمع: الإمام أبا المظفر جدي، وإسماعيل الناقدي، وأبا جعفر أحمد بن الحسين الخزاعي. وبنيسابور: أبا بكر الشيرويي، وغيره. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وآخرون. وولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وتوفي في أواخر رجب. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سعيد بن مظفر.) القاضي أبو الوفا البغدادي. عرف بابن المرخم. اشتغل بالطب والنجوم ومذهب الأوائل، حتى انطفأ نور إيمانه، وتقدم، ورأس إلى أن ناب في القضاء عن علي بن الحسين الزينبي، وعلا شأنه. ثم ولي أقضى القضاة، وظلم، وعسف، وأرتشى. وكان من سيئات المقتفي.) وكان يتظاهر بالفلسفة، فلما مات مخدومه واستخلف المستنجد سجنه مديدة، ثم أخرج من السجن ميتاً في شوال سنة خمس. وله نظم جيد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 188 ذكره علي بن أنجب في قضاة بغداد. 4 (يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن رافع.) أبو اليمن ابن تاج القراء الطوسي، أخو علي. سمع: البانياسي، وأبا الحسن الأنباري، ورزق الله. وعنه: ابن سكينة، وأبن الأخضر. ولد سنة ومات رحمه الله في ربيع الآخر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 189 4 (وفيات سنة ست وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن ظفر.) أبو الوفاء الثقفي، الإصبهاني، المعدل. مات في أول السنة. 4 (أحمد بن كبيرة بن مقلد.) أبو بكر الأزجي، الخزاز، الصالح، العابد. سمع: أبا القاسم بن بيان، وابن ملة المحتسب. روى عنه: أحمد بن يحيى بن هبة الله، وعبد العزيز بن الأخضر. توفي في ربيع الأول. 4 (أحمد بن المبارك بن عبد الباقي بن محمد بن قفرجل.) القطان الذهبي، أبو القاسم البغدادي. شيخ مسند، مستور. سمع: عاصم بن الحسين، وطراد بن محمد الزينبي، ورزق الله

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 190 التميمي، والفضل بن أبي حرب الجرجاني، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وابن خيرون، وأبا طاهر الباقلاني، وغيرهم. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وسعد بن طاهر البلخي، وزيد بن يحيى البيع، وأبو هريرة) محمد بن ليث الوسطاني، وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير. وكان له أخ اسمه باسمه أحمد حدث أيضاً بشيء عن شيوخ أخيه، وتوفي قديماً. 4 (أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب.) أبو المحاسن بن أبي نصر ابن الدباس. من أرباب البيوتات الكبار ببغداد، ومن ذرية القاسم بن عبيد الله الوزير. أديب، كاتب، شاعر، قعد به الوقت، وصار ينسخ بالأجرة. سمع: النعالي، وطراد الزينبي. روى عنه: ابن سكينة، ويوسف بن المبارك الخفاف. وتوفي رحمه الله في المحرم. 4 (أحمد بن هبة الله بن محمد.) أبو عبد الله بن الفرضي، بسكون الراء. البغدادي المقرئ. قرأ بالروايات على: أبي ياسر الحمامي، وثابت بن بندار، وعبد العزيز بن علي الخباز، ومحمد بن أحمد الوقاياتي، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 191 وسمع من: رزق الله التميمي، وعلي بن قريش، وجماعة. روى عنه: أحمد بن طارق، وابن الأخضر، وجماعة. وقرأ عليه بالروايات أبو الفتوح بن الحصري. وكان عالي الإسناد في القراءات. سكن الدسكرة وخطب بها. وكان القراء يقصدونه لعلو روايته. وكان صالحاً، خيراً، مسناً. توفي في جمادى الآخرة. ذكره ابن الدبيثي، والمحب بن النجار. 4 (إبراهيم بن دينار بن أحمد.) أبو حكم النهرواني، الفقيه الحنبلي، من علماء بغداد. كان من المشهورين بالزهد والورع، والحلم الزائد، وإليه كان المرجع في علم الفرائض. أنشأ مدرسة من ماله بباب الأزج، وانقطع بها للعلم والعمل. وكان يؤثر الخمول والتواضع والعيش الخشن، ويقتات من خياطة يده، فيأخذ على القميص حبتين فقط. ولقد اجتهدت جماعة في إغضابه وإضجاره فلم يقدروا.) وكان صبوراً على خدمة الفقراء والعجائز والزمنى، ولم ير عابساً قط. سمع: أبا الحسن العلاف، وابن بيان الرزاز، وغيرهما.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 192 روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وابن الأخضر، وأبو نصر عمر بن محمد المقرئ. وكان صدوقاً، صحيح السماع. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وسمع أيضاً من أبي الخطاب الكلوذاني. وتفقه على صاحبه أبي سعد بن حمزة، وقرأ عليه كثيراً. وقال ابن الجوزي: أعدت درسه بمدرسة ابن الشمحل، فلما توفي درست بعده بها. وكان يضرب به المثل في الحلم والتواضع. قرأت عليه القرآن والمذهب. وقرأت بخطه على ظهر جزء له: رأيت ليلة الجمعة عاشر رجب سنة خمس وأربعين فيما يرى النائم، كأن شخصاً في وسط داري، فقلت له: من أنت قال: الخضر، وقال: (تأهب للذي لا بد منه .......... من الموت الموكل بالعباد) ثم كأنه علم أنني أريد أن أقول له: هل ذلك عن قرب، فقال: قد بقي من عمرك اثنتا عشرة سنة تمام سني أصحابك. وعمري يومئذ خمس وستون سنة. قال ابن الجوزي: فكنت أترقب صحة هذا، ولا أفاوضه، فمرض اثنين وعشرين، وتوفي في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ست وخمسين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 193 قلت: إنما يكون اثنتي عشرة سنة إذا حسبنا السنة التي رأى فيها والتي توفي فيها. 4 (إبراهيم بن محمد بن علي.) أبو إسحاق الهمذاني الخطيب.) ولد سنة خمس وسبعين. وسمع من: نصر بن محمد بن زيرك المقرئ. كتب عنه: السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 194 4 (حرف الحاء)

4 (حاتم بن شافع بن صالح.) أبو الفتح الجيلي. بواب دار الخلافة. أخو صالح بن شافع. روى عن: جعفر بن الحكاك، وأبي منصور الخياط. وعنه: ابن الأخضر، وداود بن معمر، وغيرهما. مات فجأة في ربيع الآخر سنة ست وخمسين، وله سبعون سنة. 4 (الحسين بن الحسين.) الملك علاء الدين الغوري صاحب الغور. توفي بعد رجوعه من محاصرة مدينة غزنة. وكان من أجود الملوك سيرة. وكان قد كثر في جبالهم الإسماعيلية، فأخرجهم من تلك الأرض، ونظفها منهم، وراسل الملوك وهاداهم، واستمال صاحب نيسابور المؤيد أي أبه وهادنه. 4 (حمزة بن علي بن طلحة.) أبو الفتوح البغدادي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 195 روى عن: أبي القاسم بن بيان. وولي حجبة الباب، ثم الخزانة. وكان قريباً من المسترشد، وولي المقتفي وهو على ذلك. وبنى مدرسة إلى جانب داره، وحج، وتزهد، وانقطع في بيته حتى توفي، وكان محترماً يزوره الأكابر والدولة. 4 (حرف السين)

4 (سليمان شاه بن السلطان محمد بن السلطان ملكشاه.) السلطان السلجوقي. كان فاسقاً، مدمن الخمر، أهوج، أحمق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 196 قال ابن الأثير:) شرب الخمر في رمضان نهاراً وكان يجمع المساخر، ولا يلتفت إلى الأمراء، فأهمل العسكر أمره، وصاروا لا يحضرون بابه. وكان قد رد الأمور إلى الخادم شرف الدين كردباز، أحد مشايخ الخدم السلجوقية، وكان الخادم يرجع إلى دين وعقل، فاتفق أن سليمان شرب يوماً بظاهر همذان، فحضر عنده كردباز فكشف له بعضهم سوأته، فخرج مغضباً. ثم إنه بعد أيام عمد إلى مساخر سليمان شاه فقتلهم، وقال: إنما أفعل هذا صيانة لملكك. فوقعت الوحشة. ثم إن الخادم عمل دعوة حضرها السلطان، فقبض الخادم على السلطان بمعونة الأمراء، وعلى وزيره محمود بن عبد العزيز الحامدي في شوال سنة خمس وخمسين، وقتلوا الوزير، وجماعة من خاصة سليمان شاه، وحبسه في قلعة، ثم بعث من خنقه في ربيع الآخر سنة ست. وقيل: بل سمه. وقد ذكرنا من أخباره في الحوادث. 4 (حرف الطاء)

4 (طلائع بن رزيك.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 197 الأرمني، ثم المصري، الشيعي، الرافضي، أبو الغارات، وزير الديار المصرية، الملقب بالملك الصالح. كان والياً على الصعيد، فلما قتل الظاهر سير أهل القصر إلى ابن رزيك واستصرخوا به، فحشد وأقبل وملك ديار مصر، كما ذكرنا في ترجمة الفائز، واستقل بالأمور. وكانت ولايته في سنة تسع وأربعين. وكان أديباً، شاعراً، سمحاً، جواداً، محباً لأهل الفضائل، وله ديوان شعر صغير. ولما مات الفائز وبويع العاضد استمر رزيك في وزارته، وتزوج العاضد بابنته. وكان العاضد من تحت قبضته، فاغتر بطول السلامة، وقطع أرزاق الخاصة، فتعاقدوا على قتله، ووافقهم العاضد، وقرر مع أولاد الراعي قتله، وعين لهم موضعاً في القصر يكمنون فيه، فإذا عبر أبو الغارات قتلوه، فخرج من القصر ليلة، فقاموا إليه، فأراد أحدهم أن يفتح الباب فأغلقه، وما علم لتأخير الأجل. ثم جلس يوماً آخر، ووثبوا عليه عند دخوله القصر نهاراً وجرحوه عدة جراحات، ووقع الصوت، فدخل حشمه، فقتلوا أولئك، ثم حملوه إلى داره جريحاً، ومات ليومه) في تاسع عشر رمضان، وخرجت الخلع لولده العادل رزيك بالوزارة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 198 ورثاه عمارة اليمني بعدة قصائد. ومن شعر أبي الغارات: (ومهفهف ثمل القوام سرت إلى .......... أعطافه النشوات من عينيه)

(ماضي اللحاظ كأنما سلت يدي .......... سيفاً غداة الروع من جفنيه)

(قد قلت إذ خط العذار بمسكه .......... في خده إلفيه لا لاميه)

(ما الشعر دب بعارضيه، وإنما .......... أصداغه تقبضت على خديه)

(الناس طوع يدي وأمري نافذ .......... فيهم وقلبي الآن طوع يديه)

(فاعجب لسلطان يعم بعدله .......... ويجور سلطان الغرام عليها) وله أشعار كثيرة في أهل البيت تدل على تشيعه، وسوء مذهبه حتى قال الشريف الجواني: كان في نصر المذهب كالسكة المحماة، لا يفرى فرية، ولا يبارى عبقرية، وكان يجمع العلماء من الطوائف، ويناظرهم على الإمامة. قلت: وكان يرى القدر، وصنف كتاباً سماه: الاعتماد في الرد على أهل العناد يقرر فيه قواعد الرفض، وتعظيم بني عبيد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 199 وقال عمارة: دخلت عليه قبل قتلته بثلاثة أيام، فناولني قرطاساً فيه بيتان من شعره، وهما: (نحن في غفلة ونوم، وللمو .......... ت عيون يقظانة لا تنام)

(قد دخلنا إلى الحمام سنيناً .......... ليت شعري متى يكون الحمام) وقد كان أبو محمد بن الدهان النحوي نزيل الموصل شرح بيتاً من شعر ابن زريك وهو هذا: (تجنب سمعي ما تقول العواذل .......... وأصبح لي شغل، من الغر شاغل) فبلغه ذلك، فبعث إليه هدية سنية. ولما قتل رثاه عمارة اليمني، فأبلغ وأجاد حيث يقول: (خزت ربوع المكرمات لراحل .......... غمرت به الأجداث وهي قفار)

(شخص الأنام إليه تحت جنازة .......... خفضت برفعة قدرها الأقدار) ) (وكأنه تابوت موسى أودعت .......... في جانبيه سكينة ووقار)

(وتغاير الحرمان والهرمان في .......... تابوته وعلى الكريم يغار) أنبأني أحمد بن سلامة، عن علي بن نجا الواعظ قال: قرأت على الملك الصالح طلائع لنفسه: (قولوا لمغرور بطول العمر: .......... ويحك، ما عرفت صرف الدهر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 200 (نحن قعود و الزمان يجري .......... والموت يغدو نحونا ويسري)

(يطرق في غسق وفجر .......... وبعده أهوال يوم الحشر)

(طوبى لمن جانب طرق الشر .......... ومر جذلان خفيف الظهر) يمضي ويبقى منه حسن الذكر 4 (حرف العين)

4 (عبد الحميد بن إسماعيل بن أحمد.) أبو الفرج الموسياباذي، الهمذاني، الصوفي. سمع: عبدوس بن عبد الله، والفضل بن أحمد الزجاجي. مات في رمضان عن اثنين وثمانين سنة. أخذ عنه السمعاني. 4 (عبد العزيز بن محمد بن عمر بن محمد.) أبو محمد البغوي الخطيب، من أهل بغشور. شيخ صالح، ورع، تقي، قانت لله. ولي خطابة بغشور مدة، وكان الناس يتبركون به.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 201 سمع من: القاضي أبي سعيد بن أبي صالح البغوي، الدباس. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وقال: ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وتوفي بهراة في ربيع الأول. 4 (عبد الكريم بن أبي الفتح عبيد الله بن الإمام أبي القاسم القشيري.) أبو المعالي الواعظ. سمع: أباه، والفضل بن أحمد الجرجاني.) لقيه السمعاني بإسفراين، وقال: كان بنيسابور ويقع في الروافض، فقتلوه في الجمادين سنة ست هذه. 4 (عبد الملك بن السلام بن عبد الملك بن الصدر.) التيمي، البغدادي. سمع: الحسين بن محمد السراج. وحدث وتوفي في رمضان وهو مقل. سمع منه: أحمد بن طارق الكركي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 202 4 (عبد الوهاب بن محمد بن الحسين.) أبو الفتح بن الصابوني، المالكي، المقرىء، الخفاف. وهو من قرية المالكية التي على الفرات. ولد سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وسمع من: أبي عبد الله النعالي، ونصر بن البطر، وأبا طاهر محمد بن أحمد بن قيداس، وثابت بن بندار، والمبارك بن الطيوري، وخلقاً كثيراً. وسمع ونسخ، وحصل الأصول، وروى الكثير. وقرأ القراءات على أبي بكر بن بدران الحلواني، وأبي العز القلانسي. وأقرأ الناس، وكان قيماً بالروايات ومعرفتها، ثبتاً، صالحاً، حسن الطريقة. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر، وسبطه عمر بن كرم. قال ابن السمعاني: هو شيخ صدوق، قيم بكتاب الله، يأكل من كد يده كتبت عنه. وقال عمر بن علي القرشي: توفي في صفر. قلت: وله أربعون حديثاً. رواها عنه عمر بن كرم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 203 4 (عبد المنعم بن أبي سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه.) أبو محمد الإصبهاني.) روى عن: أبي الخير بن ررا. روى عنه: محمود بن مندة أبو الوفا. توفي في الثالث والعشرين من شعبان. 4 (عدنان بن محمد بن عدنان.) أبو هاشم الزينبي. سمع من: أبي القاسم الربعي، وأبي سعد بن خشيش. روى عنه: ابن السمعاني، وعبد العزيز بن الأخضر. 4 (علي بن محمد بن طاهر بن علي.) أبو تراب التميمي، الكرميني، أحد الأئمة الكبار. قال ابن السمعاني: أديب عديم النظير، حافظ، لأصول اللغة. لا نعرف في زماننا له نظيراً. ومع هذا الفضل كان ورعاً، عفيفاً، كثير التلاوة والتهجد، متديناً، متقناً لما ينقله. سمع من: القاضي أبي بكر محمود بن مسعود، وغيره. لقيته ببخارى، ومات بكرمينية في صفر. قلت: وروى عنه: ابنه عبد الرحيم بن السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 204 العلاء بن علي بن محمد بن علي. أبو الفرج بن السوادي، الواسطي، الكاتب، الشاعر المشهور، من بيت تقدم وحشمة. وقد كان أبو الفضل هبة الله بن الفضل القطان هجا قاضي القضاة أبا القاسم الزينبي بقصيدته التي أولها: (يا أخي الشرط أملك .......... لست للثعلب أترك) وهي زيادة على مائة بيت مشهورة. فأحضر الزينبي أبا الفضل وصفعه، وحبسه مدة. ثم من بعد ذلك مدح أبو الفرج هذا قاضي القضاة الزينبي لما قدم من واسط، فتأخرت عنه جائزته، وتردد مرات، فما أجدى، فاجتمع بابن القطان وشرح له حاله، ثم كتب إلى صديق لقاضي القضاة الزينبي:) (يا أبا الفتح الهجاء إذا .......... جاش صدر منه متسع)

(وقوافي الشعر دانية .......... ولها الشيطان متبع)

(فاحذروا كافات منحدر .......... ما لكم في صنعه طمع) واتصلت الأبيات بالزينبي، فأجاز ابن السوادي وأرضاه. ولد سنة اثنتين وأربعمائة بواسط، والسوادي نسبة إلى سواد العراق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 205 ومن شعره: (أشكو إليك ومن صدودك أشتكي .......... وأظن من شغفي بأنك منصفي)

(وأصد عنك مخافة من أن يرى .......... منك الصدود فيشتفي من يشتفي)

4 (عمر بن أحمد بن أبي الحسن.) الإمام أبو محمد الفرغاني، المرغيناني. نزيل سمرقند. فقيه، إمام، ورع، متواضع. سمع ببلخ من: أبي جعفر محمد بن الحسين السمنجاني، وإسماعيل بن أحمد البيهقي، ومحمد بن أبي القصر السجزي. روى عنه: عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني. وتوفي رحمه الله في المحرم سنة ست وله سبعون سنة. 4 (عمر بن محمد بن عبد الملك بن بنكي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 206 أبو حفص الفرخوزديزجي، النسفي، نزيل بخارى. شيخ صالح، عالم، متميز. سمع: أبا بكر البلدي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وعاش خمساً وستين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 207 4 (حرف القاف)

4 (قاسم بن هاشم بن فليتة بن قاسم بن أبي هاشم.) العلوي، الحسني، صاحب مكة. كان ظالماً جباراً، صادر المجاورين وأهل مكة، وهرب من عسكر الخليفة، فلما وصل أمير الحاج أرغش رتب مكانه عمه عيسى، فبقي كذلك إلى رمضان من السنة المقبلة، فجمع قاسم العرب، وقصد عمه، فهرب منه، فأقام بمكة أياماً ولم يكن له مال يوصله إلى العرب. ثم إنه) قتل قائداً كان معه، فتغيرت نيات أصحابه وكاتبوا عسكر عيسى فقدم. وهرب قاسم، فصعد جبل أبي قبيس، فسقط عن فرسه، فأخذه أصحاب عيسى فقتلوه. فتألم لقتله عمه وغسله، ودفنه عند أبيه فليته. واستقر الأمر لعيسى. ينبغي أن يحول إلى سنة سبع. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد.) القاضي أبو طاهر بن الكرخي، قاضي باب الأزج.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 208 ولي قضاء واسط أيضاً، وطالت أيامه في القضاء، وهو الذي حكم بفسخ خلافة الراشد. توفي في ربيع الأول. سمع من النعالي، والحسين بن البسري. وعنه: ابن الأخضر. 4 (محمد بن أحمد بن صدقة.) الوزير جلال الدين أبو الرضا. وزر للراشد بالله، وكان هو المدبر لأموره. وكان الراشد مهيباً، جباراً، ذا سطوةٍ، فخاف منه ابن صدقة، فصار إلى متولي الموصل الأتابك زنكي، ثم صلح أمره عند الراشد، فعاد إلى بغداد فلما خرج الراشد من بغداد سنة ثلاثين تأخر الوزير ابن صدقة عنه، فلما خلع الراشد وبويع المقتفي استخدام ابن صدقة في غير الوزارة. وكان يرجع إلى خيرٍ ودين وحدث عن أبي الحسين بن العلاف. سمع منه: أحمد بن شافع، وعمر بن علي القرشي. ولد سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة. وتوفي في شعبان ببغداد. وروى عنه: أحمد بن طارق الكركي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 209 4 (محمد ابن المقرئ أبي طاهر أحمد بن عبيد الله بن سوار.) أبو الفتوح البغدادي، الوكيل.) سمع: أباه، وطراداً، وأبا الفضل عبد الله بن محمد الدقاق، وجماعة. وعنه: ثابت بن مشرف، وغيره. وكان عسراً في التحديث. ومات في جمادى الآخرة. 4 (محمد بن أحمد بن عبد الكريم بن محمد.) أبو محمد بن المادح التميمي، البغدادي. شيخ معمر عالي الرواية. كان يروي الستة أجزاء ونحوها. سمع: أبا نصر الزينبي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وأبا الحسن الأنباري، وابن البطر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 210 روى عنه: إبراهيم بن محمود الشعار، وأحمد بن طارق، وعمر بن محمد الدينوري، وأحمد بن يحيى بن هبة الله، وعبد الحق بن محمد بن المقرون، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزال، ونصر بن أبي الفرج بن الحصري، وعلي بن بورنداز، وثابت بن مشرف، وعبد اللطيف بن عبد الوهاب بن محمد الطبري، وأبو الحسن محمد بن محمد بن أبي حرب النرسي، وطائفة سواهم. وتوفي في ذي القعدة. وكان أبوه ينوح على الصحابة بالقصائد، ويمدحهم في المواسم بصوت طيب ملحن. 4 (محمد بن علي بن إبراهيم بن زبرج.) أبو منصور البغدادي، النحوي، المعروف بالعتابي، صاحب الخط المنسوب. أخذ العربية عن: أبي السعادات بن الشجري، وأبي منصور بن الجواليقي. وسمع من: قاضي المرستان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 211 وكان من كبار النحاة، وخطه يتنافس فيه الفضلاء. توفي في جمادى الأولى، وقد جاوز السبعين رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن عمر بن محمد بن محمد.) أبو عبد الله الشاشي، فقيه، عابد، خير. تفقه بمرو علي محيي السنة البغوي، وحدث عنه بالأربعين الصغرى له. رواها عنه عبد الرحيم بن السمعاني.) وتوفي في شعبان، وله بضع وسبعون سنة. 4 (محمد بن محفوظ بن مسعود بن الحسن بن القاسم بن الفضل.) الثقفي، الإصبهاني، أبو طالب الرئيس. توفي في ذي القعدة. قاله عبد الرحيم الحاجي. 4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يعيش.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 212 أبو عبد الله اللخمي، البنسلي، نزيل شاطبة. روى عن: أبي سكرة، وأبي محمد بن خيرون. وحج سنة ست وخمسمائة، وأقام بمصر مدة. وسمع: أبا بكر عبد الله بن طلحة بن الفابري، وأبا الحسن بن الفراء، وأبا عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الرازي، وأبا بكر الطرطوشي، ورافع بن دغش. قال أبو عبد الله الأبار: كان ثقة ولم يكن له كبير معرفة. حدث عنه صهره أبو عبد الله بن الخباز، وأبو عمر بن عباد. وكان مولده سنة. 4 (محمد بن المؤيد بن عبد المنعم بن روج.) الإصبهاني، أبو عبد الله. توفي في آخر السنة. 4 (محمود بن محمد.) الخاقان التركي، صاحب ما وراء النهر، وابن أخت السلطان سنجر السلجوقي. قد ذكرنا من أخباره في الحوادث، وأمنه ولي ملك خراسان من تحت يد الغز، لا بارك الله فيهم، فلما كان في وسط سنة ست هذه سار بالغز، وحاصر نيسابور شهرين، وكان من تحت حكمة الغز، فأظهر أنه يريد الحمام، وهرب من الغز إلى المؤيد أي أبه صاحب نيسابور. ثم ترحلت الغز عن نيسابور بعد أشهر، فعاثوا وأفسدوا، ونهبوا طوس، والمشهد. ثم أمهله المؤيد إلى رمضان من سنة سبع الآتية، فقبض عليه وعلى ابنه الملك جلال الدين محمد، وكحلهما، وسجنهما، واستولى على ذخائر محمود وجواهره، وقطع خطبته، وخطب لنفسه بعد الخليفة، فلم تطل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 213 أيامهما في الحبس. ومات السلطان محمود، ثم مات بعده ابنه محمد. وكان قد أكرمهما في الحبس بعض الشيء، ونقل إليهما سراريهما، ولا أعلم متى توفيا، فلعله في سنة) ثمانٍ وخمسين. 4 (مقبل بن أحمد بن بركة بن الصدر.) أبو القاسم القرشي، التميمي، الطلحي، البغدادي، القزاز، المعروف بابن الأبيض الحنبلي، فقيه، إمام، فرضي، صالح، مقرئ، مجود. قرأ بالروايات على: أبي غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، وسمع من ثابت بن بندار، وأبي الحسن المبارك بن الجبار، وأبي القاسم الربعي، والعلاف، وجماعة. وولد في سنة ست وثمانين وأربعمائة. وعاش سبعين سنة. روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وزنجان بن تيكان، ومحمد بن محمد بن اليعسوب، وثابت بن مشرف، وغيرهم. وتوفي في ربيع الآخر، قاله ابن النجار. وآخر من روى عنه: ابن اللتي. 4 (منصور بن أبي فوناس.) أبو علي، فقيه مشاور. روى بالأندلس عن: أبي الصدفي، وأبي محمد بن عتاب. ومات في عشر التسعين. يعرف بالزرهوتي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 214 تفقه به أهل فاس، وحدث عنه جماعة. 4 (منصور بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن أبي جعفر بن الميني.) الكشميهني، الأمير أبو الغنائم ابن الأمير أبي جعفر، صاحب التقدم والرئاسة بمرو. نظر في الفلسفة والنجوم، وضيع أمواله في اللهو والعشرة، وقل ما بيده، وأصابته في الآخر زمانة من النقرس. سمع: أبا المظفر منصور بن السمعاني، وأبا نصر أحمد بن محمد بن صاعد القاضي، وجماعة. وعنه: عبد الرحيم بن السمعاني.) وتوفي في رمضان له خمس وثمانون سنة وأشهر. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن عبد العزيز المفرج بن عمرو بن مسلمة.) أبو المعالي التنوخي، الدمشقي، المعدل، الطيبي. سمع: هبة الله بن الأكفاني. روى عنه: أبو القاسم بن الصصرى. وقد حج مرات. وكان صالحاً، كثير الصدقة. توفي في رجب، ودفن بقاسيون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 215 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن محمد بن يحيى بن سعيد بن سعدون بن زيدون.) أبو بكر الفهرمي، القرطبي. روى عن: أبيه وتفقه به. وروى عن: أبي عبد الله بن الطلاع، وخازم بن محمد، وأبي عبد الله بن حمدين، وأبي عبد الله بن خليفة المرواني، وجماعة. قال الأبار: كان فقيهاً، حافظاً، مشاوراً في الأحكام. ثم انتقل إلى قرطبة إلى لبلة وتجول في الأندلس. حدث عنه: أبو القاسم القنطري، وأبو بكر بن خير، وأبو القاسم بن الملجوم. وكان مولده في رمضان سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وتوفي بإشبيلية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 216 4 (وفيات سنة سبع وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عمر بن أبي بكر بن خالويه.) الإصبهاني. في رمضان. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح.) الإصبهاني.) سمع: عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة. وتوفي في ربيع الآخر. 4 (أحمد بن يحيى بن أحمد بن زيد بن ناقة.) أبو العباس المسلي الكوفي. شيخ محدث سمع بنفسه، ورحل إلى بغداد، ونسخ وحصل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 217 سمع: أبا البقاء الحبال، وأبا الغنائم النرسي، وهبة الله بن أحمد الموصلي، وأبا محمد التككي. وله شعر وسط. روى عنه: أبو سعد السمعاني. ومولده في سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وممن روى عنه: مسمار بن العويس، ونصر الله بن محمد بن مدلل. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المقير. وتوفي يوم عيد الفطر بالكوفة. 4 (أحمد بن أبي المظفر محمد بن أبي مطيع أحمد بن محمد.) القاضي أبو مطيع الهروي، ثم المروزي. عالم، فاضل، كثير المحفوظ. سمع: عبد الرحمن بن أحمد السرخسي، وأبا عمرو الفضل بن أحمد بن متويه. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي في ربيع الأول. وكان مولده في نصف ذي الحجة سنة سبع وسبعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 218 4 (أسعد بن الحسين.) أبو المعالي بن الشهرستاني، الدمشقي. سمع أبا البركات بن الطاووس، وأبا طاهر محمد بن الحسين الحنائي، وهبة الله بن الأكفاني روى عنه: أبو القاسم بن عساكر. كان خيراً نزل الربوة مدة. 4 (حرف الباء) ) 4 (جهيس بن عبد الخالق بن زاهر بن طاهر.) الشحامي، أبو هريرة النيسابوري. سمع: جده، وأبا سعد محمد بن أحمد بن صاعد. كتب عنه أبو سعد السمعاني، وقال: مات تحت الهدم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 219 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم.) القاضي أبو ثابت النسفي، البردوي. سمع جميع مسند الحسن بن سفيان من أبي علي الحسن بن عبد الملك النسفي. وسمع من علي بن محمد بن خدام صاحب أبي الفضل منصور الكاغدي مسند على بن عبد العزيز البغوي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. توفي بسمرقند وله ثمانون سنة. 4 (الحسن بن علي بن القاسم المظفر الشهرزوري.) الموصلي، أبو عبد الله قاضي بغداد، مشاركاً لأبي البركات جعفر الثقفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 220 روى عن: أبي البركات محمد بن محمد بن خميس. أخذ عنه: عمر بن علي القرشي. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (حمزة بن أحمد بن فارس بن المنجا بن كروس.) أبو يعلى السلمي، الدمشقي. ولد يوم النحر سنة ثلاثٍ وسبعين وأربعمائة. وسمع من: نصر بن إبراهيم الفقيه، وسهل بن بشر الإسفرائيني، ومكي بن عبد السلام الرميلي. قال ابن عساكر: كتبت عنه بعد ما تاب، وكان شيخاً حسن السمت، توفي في صفر.) قلت: وروى عنه: عمر بن علي القرشي، وأخوه عبد الوهاب بن علي، والقاضي عبد الرحمن بن سلطان القرشي، وأبو القاسم بن صرصرى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 221 وأخر من روى عنه: اسحق بن طرخان الشاغوري. وأخر من روى عنه الموطأ من رواية يحيى بن بكير: مكرم بن أبي الصقر. وقد طلب بنفسه وكتب الحديث بخطه. 4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن محمد بن خلف بن سليمان بن خلف بن محمد بن فتحون.) أبو القاسم الأندلسي، الأريولي. سمع: أباه أبا بكر. وتفقه بأبي علي بن سكرة، وسمع منه. وأجاز له جده أبو القاسم خلف المذكور في سنة خمس وخمسمائة. وقرأ على أبي بكر بن عمار. وكتب إليه أبو عبد الله الخولاني، وغيره. وولي قضاء مرسية، ثم قضاء أوريولة. قال أبو عبد الله الأبار: كان من قضاة العدل، صارماً، مهيباً. توفي في جمادى الأولى وله اثنتان وستون سنة وثكله أهل بلده، وبكوه دهراً. 4 (حرف الزاي)

4 (زمرد بنت الأمير جاولي بن عبد الله.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 222 الخاتون الجهة، صفوة الملك، أخت الملك دقاق لأمه، وزوجة الملك بوري تاج الملوك وأم الملك إسماعيل شمس الملوك، ومحمود. سمعت من: أبي الحسين بن قبيس المالكي ونصر الله بن محمد المصيصي الفقيه واستنسخت الكتب وقرأت القرآن على: أبي محمد هبة الله بن طاووس، والقرطبي. وبنت المسجد الكبير الذي في صنعاء دمشق ووقفته مدرسةً على الحنفية، وهي من كبار) مدارسهم وأجودها معلوماً. وكانت كبيرة القدر، وافرة الحرمة ولما خافت من ابنها شمس الملوك دبرت الحيلة في قتله حتى قتل في حضرتها. وأقامت في الملك أخاه شهاب الدين محمود. ثم تزوجها الأتابك قسيم الدولة زنكي والد السلطان نور الدين وسارت إليه إلى حلب سنة اثنتين وثلاثين. فلما مات عادت إلى دمشق ثم حجت على درب بغداد وجاورت إلى أن ماتت بالمدينة ودفنت بالبقيع. قاله أبو القاسم بن عساكر بمعناه. وأما خاتون بنت معين الدين أنور فتأخرت ولها مدرسة بدمشق وخانكاه غربي البلد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 223 4 (حرف السين)

4 (سعد الله بن محمد بن علي بن أحمد بن حمدي.) أبو البركات، أخو الحسين. بغدادي، صالح، خير، يتجر في البر عند باب النوبي. سمع: نصر بن البطر، والحسين بن أحمد النعالي، وأبا بكر القرثيثي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال توفي في رابع شعبان. وروى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وابن سكينة المقري، وجماعة. ومات ابنه إسماعيل سنة أربع عشرة، وسيأتي. 4 (سهل بن محمد بن سهل.) الكموني، أبو القاسم السرخسي، ثم المروزي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 224 شيخ صالح خير متواضع. سمع من: أبا نصر محمد بن محمد الماهاني، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق. وتوفي في رمضان وله سبعون سنة. روى عنه: أبو المظفر عبد الرحيم. 4 (سهل بن محمد بن محمد بن علي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 225 أبو محمد المروزي، الخياط، الزاهد. من صلحاء مريدي الشيخ يوسف الهمذاني. قال عبد الرحيم بن السمعاني:) كان صالحاً، خيراً، ورعاً، كثير العبادة، متواضعاً، يأكل من الخياطة. حملني أبي إليه في سنة خمس وخمسين عائداً وزائراً، وقرأ عليه حديثين وحكاية. 4 (حرف الشين)

4 (شجاع.) الفقيه الحنفي. مدرس مشهد أبي حنيفة ببغداد. وتفقه عليه جماعة. وتوفي في ذي القعدة. قاله أبو الفرج بن الجوزي. 4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن الحسين بن أحمد بن محمد بن وزير.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 226 أبو الحسين الواسطي، الواعظ. قال ابن الدبيثي: كان أبوه من تناء قرية خسرو، بها ولد صدقة، وأحب العلم، وأقبل عليه. وقرأ القراءات على: المبارك بن زريق الحداد، وغيره. وطلب الحديث فسمع في حدود الخمسين بالبصرة من إمامها إبراهيم بن عطية. وبالكوفة من: أبي الحسن بن غبرة. وببغداد من: أبي الوقت، وأبي جعفر العباسي، وأحمد بن قفرجل، وجماعة. وتكلم في الوعظ، وحصل له القبول، وأخذ نفسه بالمجاهدة والرياضة وإدامة الصوم والتعبد. وله أتباع من أهل الخير. وسكن بغداد، وأكثر من طلب الحديث، وبنى له رباطاً لقراح القاضي وسكن فيه جماعة، فكان يخدمهم بنفسه، ويأخذ نفسه بكثرة المجاهدة. سمع منه: الشيخ أحمد بن أبي الهياج الذي خلفه بعد موته، وأحمد بن مبشر، وعمر بن محمد المقري، وجماعة. أنا عمر بن محمد بن هارون، نا صدقة، أنا محمد بن حمزة بن أبي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 227 الصقر بمكة، أنا ابن قبيس: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد، نا جدي، نا الخرائطي، فذكر حديثاً من مساوئ) الأخلاق. وقد روى عن: ابن أبي الصقر: محمد بن عبد الهادي، وعاش بعد صدقة مائة سنة وأشهراً. وقال ابن الجوزي في المنتظم: دخل صدقة بن وزير إلى بغداد، ولازم التقشف زائداً في الحد ووعظ. وكان يصعد إلى المنبر وليس عليه فرش. وأخذ قلوب العوام بثلاثة أشياء، أحدها التقشف الخارج، والثاني التمشعر، فإنه كان يميل إلى مذهب الأشعري، والثالث الرفض، فإنه كان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 228 يقول: سلموه إلى أصحابي. فتم له ما أراد، وبنى رباطاً اجتمع فيه جماعة. توفي في ذي القعدة. 4 (حرف العين)

4 (عبد الرحمن بن مروان بن سالم.) أبو محمد التنوخي، المعري، المعروف بابن المنجم، الواعظ. كان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 229 أبوه ينجم بدمشق، وكان هو يمشي على الدكاكين ينشط في الأسواق بصوت مطرب. خرج عن دمشق ورجع بعد مدة، فكان يعظ في الأعزية، ثم وعظ على الكرسي ورزق القبول. ثم سافر إلى العراق وتزهد، وظهر له بها سوق. ثم رجع إلى دمشق فوعظ، وأقبلوا عليه. قال ابن عساكر: وكان يظهر لكل طائفة أنه منهم حرصاً على التحصيل، وطلع صبي يتوب فحمله وقال: هذا صغير ما أتى صغيرة فهل كبير ركب الكبائر. فضج الناس وبكوا. وحضرنا عزاء أمير المؤمنين المتقي، فقام ورثاه بأبيات، فخلع عليه القاضي أبو الفضل ابن الشهرزوري ثوبه، وقال في ذلك اليوم: أبا المعرى لا المعزى. وذكر أشياء أضحك منها الحاضرين. وقال ابن النجار: قدم بغداد، قبل الأربعين وخمسمائة وعليه مسح مثل السياح، وصار له ناموس عظيم ووعظ. ازدحموا عليه، وجلس بدار السلطان، فحضر السلطان مجلسه، وصار له الجاه العظيم. ونفذه الخليفة رسولاً إلى الموصل. ومشى أمره.) وكان مستهتراً بنكاح الأبكار وأكثر من ذلك، حتى قيلت فيه الأشعار في الأسواق، وصار له جوار ومغنين. وفر من بغداد هارباً من الغرماء، وأقام بدمشق. وله ديوان شعر رأيته في مجلدة. وأنشدنا عنه ابن سكينة ومن شعره: (يا ساهراً عبراته ذرف .......... في الحد إلا أنها علق)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 230 (أتقيم بعدها وقد رحلوا .......... ومطياتك الشوق والقلق) وله: (أرى حب ذات الطوق يزداد لوعة .......... إذا نحت أو ناح الحمام المطوق)

(وقلبي على جمر الوداع مودع .......... وإنسان عيني بالمدامع يطرق)

4 (عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان.) الإشبيلي، شيخ الأطباء. له مصنفات في الطب. أخذ عن والده، وتقدم في الطب، وشاع ذكره، ولحق بأبيه أبي العلاء ابن زهر في الصناعة، وأقبل الأطباء على حفظ مصنفاته. وكان فاضلاً عند عبد المؤمن، عالي القدر، صنف له الترياق السبعيني ونال من جهته دنيا عريضة. ومن أجل تلامذته أبو الحسين بن سدون المصدوم، وأبو بكر بن الفقيه بن قاضي إشبيلية، والزاهد أبو عمران بن أبي عمران. ومات بإشبيلية. 4 (عدي بن مسافر بن إسماعيل بن موسى.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 231 الزاهد الشامي، ثم الهكاري سكناً، وذكره الحافظ عبد القادر فسماه عدي بن صخر الشامي، وقال: ساح سنيناً كثيرة، وصحب المشايخ، وجاهد أنواعاً من المجاهدات. ثم إنه سكن بعض جبال الموصل في موضع ليس به أنيس، ثم آنس الله تلك المواضع به، وعمرها ببركاته حتى صار لا يخاف أحد بها بعد قطع السبيل، وارتدع جماعة من مفسدي الأكراد ببركته. وعمره الله حتى انتفع به خلق، وانتشر ذكره. وكان معلماً للخير، ناصحاً، متشرعاً، شديداً في أمر الله، لا تأخذه في الله لومة لائم. عاش قريباً من ثمانين سنة ما بلغنا أنه باع شيئاً قط، ولا اشترى، ولا تلبس بشيء من أمر) الدنيا. كانت له غليلة يزرعها بالقدوم في الجبل ويحصدها، وصار يتقوت منها. وكان يزرع القطن ويكتسي منه. ولا يأكل من مال أحد شيئاً، ولا يدخل منزل أحد. وكان يجيء إلى الموصل فلا يدخلها. وكان له أوقات لا يرى فيها محافظة على أوراده. وقد طفت معه أياماً في سواد الموصل، فكان يصلي معنا العشاء، ثم لا نراه إلا الصبح. ورأيته إذا أقبل إلى القرية يتلقاه أهلها من قبل أن يسمعوا كلامه تائبين، رجالهم ونساؤهم، إلا من شاء الله منهم. ولقد أتينا معه على دير فيه رهبان، فتلقاه منهم راهبان، فلما وصلا إلى الشيخ كشفا رأسيهما وقبلا رجليه وقالا: ادع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 232 لنا، فما نحن إلا في بركاتك. وأخرجا طبقاً فيه خبز وعسل فأكل الجماعة. وأول مرة خرجت إلى زيارته مع طائفة، فلما أقبلنا أخذ يحادثنا ويسائل الجماعة ويؤانسهم، وقال: رأيت البارحة في النوم كأننا في نجوم، ونحن ينزل علينا شيء من البرد. ثم قال: الرحمة. فنظرت إلى فوق، فرأيت ناساً، فقلت: من هؤلاء فقيل: أهل السنة والصيت الحنابلة. وسمعت شخصاً يقول: يا شيخ، لا بأس بمداراة الفاسق فقال: يا أخي، دين مكتوم دين موشوم. وكان يواصل الأيام الكثيرة على ما اشتهر عنه، حتى أن بعض الناس كان يعتقد أنه لا يأكل شيئاً قط. فلما بلغه ذلك أخذ شيئاً، وأكله بحضرة الناس. واشتهر عنه من الرياضات، والسير، والكرامات، والانتفاع به ما لو كان في الزمان القديم لكان أحدوثة. ورأيته قد جاء إلى الموصل في السنة التي مات فيها، فنزل في مشهد خارج الموصل، فخرج إليه السلطان وأصحاب الولايات والمشايخ والعوام، حتى آذوه مما يقبلون يده فأجلس في موضع بينه وبين الناس شباك، بحيث لا يصل إليه أحد، فكانوا يسلمون عليه وينصرفون. ثم رجع إلى زاويته فمات على أحسن حالاته. وقال القاضي ابن خلكان:) أصله من قرية بيت فار من بلاد بعلبك، والبيت الذي ولد فيه من بيت فار يزار إلى اليوم. وتوجه إلى جبل الهكارية من أعمال الموصل، وانقطع فيه. وبنى هناك له زاوية، ومال إليه أهل البلاد ميلاً لم يسمع بمثله، وساد ذكره في الآفاق، وتبعه خلق، وجاوز اعتقادهم فيه الحد حتى جعلوه قبلتهم التي يصلون إليها، وذخيرتهم في الآخرة التي يعولون عليها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 233 صحب الشيخ عقيل المنبجي، والشيخ حماد الدباس، وغيرهما. وقبر بزاويته، وقبره من كبار المزارات عندهم. وعاش تسعين سنة. وتوفي سنة سبع، وقيل: سنة خمس وخمسين. قلت: قرأت بخط الحافظ الضياء. سمعت الشيخ نصر يقول: قدم الشيخ عدي الموصل سنة ست وخمسين، وفيها: أخذ من شعري. وتوفي يوم عاشوراء وقت طلوع الشمس سنة سبع. 4 (علي بن محمد بن عبد العزيز.) أبو القاسم العجلي، البندكاني، المروزي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 234 وبندكان: على بريد من مرو. سمع: الإمام أبا المظفر السمعاني. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. وتوفي في عاشر رمضان. 4 (علي بن موجود بن حسين.) أبو الحسن النظري، الكشاني، وكشانية من سغد سمرقند. إمام، مناظر، علامة. تفقه ببخارى على البرهان عبد العزيز، وبمرو على محمد بن الحسين النسفي، وسمع من جماعة. وعاش سبعين وسبع سنين. مات في ربيع الأول. قاله السمعاني. 4 (عمر بن محمد بن واجب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 235 أبو حفص القيسي، البلنسي.) شيخ المالكية، وصاحب الأحكام ببلنسية. سمع من: أبيه، وأبي محمد بن خيرون، وأبي بحر بن العاص، وأبي محمد البطليوسي. وتفقه بأبي محمد بن سعيد، وعرض عليه مختصر المدونة. وكان بصيراً بالأحكام، مفتياً، إماماً كبيراً. نوظر عليه في حياة أبيه وبعده وكان متواضعاً، نزهاً، قانعاً، متعففاً، منقبضاً عن السلطان، حسن السمت. ولي قضاء دانية، في حدود سنة ست وسبعين وأربعمائة. روى عنه: حفيده أبو الخطاب أحمد بن واجب، وأبو عمر بن عياد، وأبو عبد الله بن سعادة، وأبو محمد بن سفيان. وتوفي في سلخ رمضان. قال الأبار: وهو آخر حفاظ المسائل بشرق الأندلس، رحمه الله. 4 (حرف الكاف)

4 (إلكيا الصباحي.) صاحب الألموت، ومقدم الإسماعيلية ورئيس الضلال الباطنية. هلك في هذا العام، وقام بعده ابنه فأظهر التوبة وألزم الإسماعيلية الذين عنده الصلوات وصوم رمضان، وبعثوا إلى قزوين يطلبون من يصلي بهم ويعلمهم حدود الإسلام، والله أعلم بالنيات.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 236 حرف الفاء 4 (فضل الله بن محمد بن إبراهيم.) أبو بكر المروزي، الفقيه، الأديب، العالم، العابد، الصوام. أخذ عنه السمعاني وعاش نيفاً وسبعين سنة. مات في المحرم. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن تغلب.) أبو عبد الله البغدادي، التاجر، السفار. تأدب على ابن الجواليقي.) وحدث عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان بدمشق، وغيرهما. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم. وقال الحافظ: بلغني أنه توفي سنة ثمان وخمسين. وقال ابن مشق: توفي سابع وعشرين ذي القعدة سنة سبع وخمسين. 4 (محمد بن أحمد بن الحسين بن محمود.) أبو نصر العراقي الأواني، الكاتب المعروف بالفروخي. كان مستوفياً على السواد من قبل الوزير ابن هبيرة، وله يد طولى في النظم والنثر والرسائل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 237 4 (محمد بن الحسين بن علي بن صدقة.) أبو العز بن الوزير أبي علي. سمع المقامات من أبي محمد الحريري، وسمع من أبي سعد بن الطيوري. روى عنه إبراهيم بن محمود الشعار. انقطع إلى العبادة وصحب الصوفية، ومات رحمه الله كهلاً. 4 (محمد بن الحسن بن محمد بن محمد.) أبو الفتح الأنباري، الخطيب، المعدل. سمع أبا الحسين علي بن محمد بن محمد الأنباري. روى عنه: عمر بن علي القرشي، وأحمد بن الحسين العاقولي. حدث في هذه السنة، ولم تحفظ وفاته. 4 (محمد بن حمزة بن أحمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 238 العرقي، التنوخي، المقرئ. من شيوخ السلفي. قال: ولد بمصر سنة خمس وستين وأربعمائة. وذكر أنه سمع من الخلعي، وغيره. وقرأ اللغة على ابن القطاع.) 4 (محمد بن طاهر بن عبد الله بن علي بن إسحاق.) أبو بكر الطوسي رئيس نيسابور. صدر كبير. سمع في أيام عمه النظام بإصبهان من ابن شكرويه، وأبي بكر محمد بن أحمد بن ماجة، وسليمان الحافظ. أخذ عنه السمعاني. ومات في أوائل العام. 4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن.) أبو الفتح البخاري، ثم المروزي، الصفار، الفقيه. تفقه على القاضي عبد الرحمن بن عبد الرحيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 239 وسمع منه، ومن سعد بن محمد الباهلي. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات بخوارزم في رجب في عشر الثمانين. 4 (محمد بن مفضل بن سيار.) أبو نصر. ولد سنة سبع وثمانين. وسمع من: أبي عطاء المليحي، وصاعد بن سيار القاضي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وبقي بعد أخيه المذكور في سنة. وجدت وفاته في التحبير للسمعاني في ربيع الأول هذه السنة. 4 (محمد بن النعمان بن محمد بن أبي عاصم.) أبو الفتح الباقلاني، المروزي، ويعرف بأبي حنيفة. كان كثير التلاوة، ملازماً لصلاة الجماعة، غير أنه كان يشرب الخمر، ويعرف النجوم. قاله ابن السمعاني. سمع: أبا المظفر بن السمعاني، وإسماعيل بن محمد الزهري. ولد سنة ست وسبعين. ومات بهراة في شوال أو ذي القعدة.) روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (محمد بن أبي بكر بن أبي الخليل.) أبو بكر التميمي، الأندلسي، المريني. أخذ القراءات عن شريح. وروى عن: ابن خلصة النحوي، وأبي عبد الله بن أبي الخصال. وكان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 240 ذا فهم ومعرفة. أخذ عنه: أبو عبد الله بن نوح الغافقي، وغيره. 4 (محمود بن المبارك بن أبي غالب.) أبو.... البواب. بغدادي. روى عن: أبي الحسن بن العلاف، وابن الطيوري. روى عنه: أبو محمد بن الأخضر. وتوفي في رمضان. 4 (المؤيد بن محمد بن علي.) كان منقطعاً إلى الوزير ابن هبيرة. وكان بزي الأجناد. وله ديوان شعر. وقد أكثر من الهجاء والغزل، وجرت له أقاصيص، وسجن مدة، ثم أخرج عن بغداد. وتوفي بالموصل في رمضان وهو في عشر السبعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 241 والألوس: بالضم وهي ناحية عند حديثة عانة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 242 4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن علي بن صالح.) أبو الفتح البغدادي، الصوفي. سمع: أبا البركات محمد بن عبد الله الوكيل. سمع منه بواسط محمد بن علي الأنصاري في هذه السنة. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أحمد بن محمد بن الشبلي.) أبو المظفر القصار، الدقاق، المؤذن.) ولد سنة سبعين وأربعمائة. وسمع من: أبي نصر الزينبي، وهو آخر من سمع منه. وسمع من: طراد، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وأبي نصر بن المجلي، وغيرهم. روى عنه: إبراهيم الشعار، وأحمد بن طارق، وأبو طالب بن عبد السميع، وأبو الفتوح بن الحصري، وعبد العزيز بن الأخضر، وظفر وياسين

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 243 ولدا سالم البيطار، وأبو حفص عمر بن محمد الشهروردي، وعلي بن أبي سعد بن نميرة، وأخته فرحة، وزيد بن يحيى البيع، والنفيس بن كرم، وعبيد الله بن علي بن جوبا. وآخر من روى عنه: هبة الله بن عمر بن كمال القطان وتوفي هو وياسمين في سنة أربع وثلاثين. وتوفي الشبلي في سلخ ذي الحجة. وقع لي من طريقه جزءان. وآخر من روى عنه بالإجازة: نجيبة بنت الباقداري. 4 (هبة الله بن أحمد بن محمد.) أبو بكر البغدادي، الحفار. سمع من: رزق الله التميمي. كتب عنه: عمر بن علي، وإبراهيم بن الشعار. وآخر من روى عنه إجازة كريمة الزبيرية. وتوفي في شوال. أخبرنا محمد بن الحسن الفقيه، وجماعة آخرهم موتاً إبراهيم بن الشيرازي قالوا: أخبرتنا كريمة، أنا هبة الله بن أحمد الحفار في كتابه، أنا أبو محمد التميمي، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد الواعظ، نا المحاملي، نا أبو الأشعث، نا خالد بن الحارث، نا ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: أن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 244 النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو على أربعة نفر، فأنزل الله ليس لك من الأمر شيء الآية. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن بختيار.) ) أبو زكريا الشيرازي، ثم الدمشقي. حدث عن الفقيه نصر المقدسي. وروى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في رجب، وله ثمانون سنة. وروى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وقال: كان صوفياً، صالحاً، خيراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 245 4 (يحيى بن محمد بن يوسف.) أبو بكر الأنصاري، الغرناطي، الشاعر، المعروف بابن الصيرفي. ألف كتاب تاريخ الدولة اللمتونية. وكان من أعيان شعرائها، ومداح أمرائها. توفي بأريولة وله تسعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 246 4 (وفيات سنة ثمان وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدم بن نصر.) الرجل الصالح، أبو العباس المقدسي، الجماعيلي، الحنبلي. والد الشيخ أبي عمر، والشيخ الموفق، نزيل سفح قاسيون رضي الله عنه. ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وهاجر إلى دمشق سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، فنزل بمسجد أبي صالح بظاهر باب شرقي نحو سنتين، وانتقل إلى الجبل، وبنى الدير المبارك، وسكن بالجبل. وقد حج وجاور. وسمع من: زين العبدري صحيح مسلم. وحدث به. روى عنه ابناه. وتوفي في شوال. وكان صالحاً، زاهداً، عابداً، قانتاً، صاحب كرامات وأحوال. جمع أخباره سبطه الحافظ ضياء الدين، وساق له عدة كرامات، وحكى عن خاله الموفق، أن أباه قرأ في شهر رمضان بمسجد أبي صالح خمساً وستين ختمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 247 ثم حكاها عن الشيخ العماد، عن الشيخ أحمد، أنه قرأ ذلك.) وقال العماد: كان الشيخ أحمد بين عينيه نور لا يكاد أحد يراه إلا قبل يده. قلت: قبره بمقبرة المقادسة التي فوق مرقد الحوراني، مقصود بالزيارة، رضي الله عنه. 4 (أحمد بن مسعود بن يحيى بن إبراهيم.) أبو جعفر بن سكينة القيسي، السرقسطي، ثم الشاطبي. سمع من: أبي عامر بن حبيب، وعبد الحق بن عطية، وجماعة. وولي خطبة الشورى بشاطبة. قال ابن الأبار: وكان محدثاً، حافظاً، متقناً. أخذ عنه: أبو القاسم بن فيرة الضرير، وغيره. قال ابن عياد: لم أر بعد أبي الوليد بن الدباغ أحفظ منه لأسماء الرجال. وكان ورعاً، منقبضاً، متواضعاً، تزهد في آخر عمره، حتى عرف بإجابة الدعوة. توفي في رمضان. ويقال، توفي سنة سبع وخمسين. ومولده سنة خمس وخمسمائة. وكان رحمه الله بارعاً في كتابة الوثائق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 248 4 (حرف السين)

4 (سخاء بنت المبارك بن علي البغدادي.) وتدعى مهناز. سمعت من: أبي القاسم الربعي. روى عنها: أبو المعالي بن هبة، ونصر بن الحصري. وعاشت إلى هذه السنة. سديد الدين بن الأنباري. اسمه محمد، سيأتي إن شاء الله. 4 (سلامة بن أحمد بن عبد الملك بن الصدر.) أبو بكر البغدادي التاجر، أخو مقبل المذكور سنة سبع.) سمع: رزق الله التميمي، وطراداً، والنعالي. وتوفي في ثامن ربيع الأول.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 249 روى عنه: ابن الحصري، وأحمد بن البندنيجي. 4 (حرف الشين)

4 (شهردار بن شيرويه بن شهردار بن فناخسرو بن خسركان بن رينويه بن خسرو بن زرود) بن ديلم بن الدباس بن لشكري بن راجي بن كيوس بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحاك بن فيروز الديلمي.. أبو منصور ابن المحدث المؤرخ أبي شجاع الهمذاني. قال ابن السمعاني في الذيل: كذا قرأت نسبه في ديباجة كتابه. ثم قال: كان أبو منصور حافظاً، عارفاً بالحديث، فهماً، عارفاً بالأدب، ظريفاً، خفيفاً، لازماً مسجده، متبعاً أثر والده في كتابة الحديث وسماعه وطلبه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 250 رحل إلى إصبهان مع والده سنة خمس وخمسمائة، ثم رحل إلى بغداد سنة سبع وثلاثين. سمع: أباه، وأبا الفتح عبدوس بن عبد الله، ومكي بن منصور الكرجي، وحمد بن نصر الأعمش، وقيدس بن عبد الرحمن الشعراني، وأبا محمد الدوني. وبزنخان: الفقيه أبا بكر أحمد بن محمد بن زنجويه. وذكر أنه سمع منه مسند أحمد بن حنبل سنة خمسمائة، بروايته عن الحسين بن محمد الفلاكي، عن القطيعي. وله إجازة من أبي بكر بن خلف الشيرازي، وأبي منصور الحسين بن المقومي. كتبت عنه، وكان يجمع أسانيد كتاب الفردوس لوالده، ورتب لذلك ترتيباً عجيباً حسناً. ثم رأيت الكتاب سنة ست وخمسين بمرو في ثلاث مجلدات ضخمة، وقد فرغ منه، وهذبه ونقحه. وقال: أنا المقومي سنة ثلاث وثمانين إجازةً، وفيها ولدت. قلت: روى عنه: ابنه أبو مسلم أحمد وأبو سهل عبد السلام السرنولي، وطائفة.) وسمعنا من طريقه كتاب الألقاب لأبي بكر الشيرازي. وقيد وفاته في هذه السنة عبد الرحيم الحاجي. زاد السمعاني: في رجبها. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن علي بن أحمد بن علي بن حسين.) أبو القاسم الأنصاري، الدمشقي، الشاهد، المعروف بابن الشيرجي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 251 سمع من: سعد بن أحمد البسوي الذي استشهد بالقدس. روى عنه: ابن عساكر، وغيره. وتوفي في ربيع الآخر، رحمه الله. 4 (عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم بن عبد الله.) أبو محمد الكناني، الداراني، الدمشقي ابن أخت محمد بن إبراهيم النسائي. سمعه خاله من: أبي الفضل بن الفرات. وسهل بن بشر، وعبد الله بن عبد الرزاق. روى عنه: ابن عساكر وقال: لم يكن الحديث من صنعته، وابنه القاسم والمسلم بن أحمد المازني، ومكرم بن أبي الصقر، وكريمة، وآخرون. توفي في الخامس والعشرين من جمادى الأولى. وقد سمع قطعة كبيرة من السنن الكبير للنسائي على سهل بن بشر الإسفرائيني. 4 (عبد الرحمن بن زيد بن الفضل.) أبو محمد الوراق. بغدادي، ثقة. ذكره ابن السمعاني وقال: شيخ صالح، دين، كثير التلاوة، والصلاة، والعبادة، مشتغل بما يعنيه. سمع: أبا الحسن بن العلاف، وابن نبهان، وابن الزينبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 252 ولد في حدود سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. كتبت عنه. قلت: هذا كان من الصالحين ببغداد. روى عن: ابن طلحة النعالي أيضاً.) وعنه: إبراهيم بن محمد بن برهان النساج، وعبد الواحد بن علوان السقلاطوني، ومحمد بن عمر العطار، وهبة الله بن محمد بن الحسين الحلاج، والحرميون. وتوفي في العشرين من شوال. وأصله مدني. 4 (عبد اللطيف ابن المحدث أبي سعد أحمد بن محمد.) البغدادي، ثم الإصبهاني. سمع: أبا مطيع، وأبا الفتح الحداد. وكان صدوقاً. قرأ عليه ابن ناصر. مات في ذي القعدة بإصبهان. 4 (عبد المؤمن بن علي بن علوي.) القيسي المغربي، الكومي التلمساني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 253 ولد بقرية من ضياع تلمسان، وكان أبوه صانعاً في الفخار. نقل عبد الواحد المراكشي في كتاب المعجب فقال: إن عبد المؤمن قال: إنما نحن لقيس، لقيس غيلان من مضر بن نزار، ولكومية علينا حق الولادة فيهم والمنشأ، وهم أخوالي. وأما خطباء المغرب فكانوا يقولون إذا ذكروا الملك عبد المؤمن بعد ابن تومرت. قسيمه في النسب الكريم. ولد سنة سبع وثمانين وأربعمائة، واستقل بالملك إحدى وعشرين سنة، وعاش إحدى وسبعين سنة. واستوسق له أمراء العرب بموت أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين. قال: وكان أبيض، ذا جسم عمم تعلوه حمرة وكان أسود الشعر، معتدل القامة، رصيناً، جهوري الصوت، فصيحاً، جزل المنطق، لا يراه أحد إلا أحبه بديهة. قال: وبلغني أن ابن تومرت كان إذا رآه أنشد:) (تكاملت فيك أخلاق خصصت بها .......... فكلنا بك مسرور ومغتبط)

(فالسن ضاحكة والكف مانحة .......... والصدر منشرح والوجه منبسط) وقال ابن خلكان: كان عند موته شيخاً نقي البياض، معتدل القامة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 254 عظيماً، أشهل العينين، أكث اللحية، شثن الكفين، طويل القعدة، واضح بياض الأسنان. بخده الأيمن خال، عظيم الهامة. قال صاحب سيرته: هكذا رأيته. قال ابن خلكان: وحكي أن عبد المؤمن كان في صباه نائماً، فسمع أبوه دوياً، فرفع رأسه، فإذا سحابة سوداء من النحل قد أهوت مطبقة على بيته، فنزلت كلها على عبد المؤمن وهو نائماً، فلم يستيقظ، ولا أذاه شيء منها، فصاحت أمه، فسكتها أبوه، وقال: لا بأس، ولكني متعجب مما يدل عليه هذا. ثم طار عنه النخل كله، واستيقظ الصبي سالماً فمشى أبوه إلى زاجر فأخبره الأمر، فقال: يوشك أن يكون له شأن يجتمع على طاعته أهل المغرب. وقد ذكرنا في ترجمة ابن تومرت كيف وقع بعبد المؤمن، وأفضى إليه بسره. وكان ابن تومرت يقول لأصحابه: هذا غلاب الدول. وقد مر أيضاً في ترجمة ابن تومرت: وفي سنة إحدى وعشرين جرت وقعة البحيرة على باب مراكش استؤصلت فيها عامة عسكر الموحدين، ولم ينج منهم إلا أربعمائة مقاتل، وولت المصامدة. فلما توفي ابن تومرت سنة أربع وعشرين أخفوا موته، فكان عبد المؤمن وغيره يخرج الرجل منهم ويقول: قال المهدي كذا. وأمر بكذا. وجعل عبد المؤمن يخرج بنفسه، ويغير على البلاد، وأمرهم يكاد أن يدثر، حتى وقع بين المرابطين وبين الفلاكي ما أوجب عليه الهرب منه فقدم إلى جبل، فتلقاه عبد المؤمن بالإكرام، واعتضد به اعتضاداً كلياً. فلما كان في سنة تسع وعشرين صرحوا بموت المهدي، ولقبوا عبد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 255 المؤمن بأمير المؤمنين.) ورجعت حصون الفلاكي كلها للموحدين والفلاكي يغير على نواحي السوس، وأغمات، وهم كلهم تنموا أحوالهم وتستفحل. قال صاحب المعجب: قبل وفاة ابن تومرت بأيام استدعى المسمين بالجماعة، وأهل الخمسين، والقواد الثلاثة: عمر بن عبد الله الصنهاجي المعروف بعمر أرتاج، وعمر بن ومزال المعروف بعمر إينتي، وعبد الله بن سليمان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله سبحانه، وله الحمد، من عليكم أيتها الطائفة بتأييده، وخصكم من بين أهل هذا العصر بحقيقة توحيده، وقيض لكم من ألفاكم ضلالاً لا تهتدون، وعمياً لا تبصرون، لا تعرفون معروفاً، ولا تنكرون منكراً، قد فشت فيكم البدع، واستهوتكم الأباطيل، وزين لكم الشيطان أباطيل وترهات، أنزه لساني عن النطق بها، فهداكم الله به بعد ضلالة، وأبصركم به بعد العمى، وجمعكم بعد الفرقة، وأعزكم بعد الذلة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين، وسيورثكم أرضه وديارهم، وذلك بما كسبت أيديكم، وأضمرته قلوبكم، فجددوا لله خالص نياتكم، وأروه من الشكر قولاً وفعلاً ما يزكي به سعيكم، واحذروا الفرقة، وكونوا يداً واحدة على عدوكم، فإنكم إن فعلتم ذلك هابكم الناس، وأسرعوا إلى طاعتكم، وإن لا تفعلوا شملكم الذل، واحتقرتكم العامة. وعليكم بمزج الرأفة بالغلظة، واللين بالعنف. وقد اخترنا لكم رجلاً منكم، وجعلناه أميراً عليكم بعد أن بلوناه، فرأيناه ثبتاً في دينه، متبصراُ في أمره، وهو هذا، وأشار إلى عبد المؤمن، فاسمعوا له وأطيعوا، مادام سامعاً مطيعاً لربه تعالى وتقدس، فإن بدل ففي الموحدين بركة وخير، والأمر أمر الله يقلده من يشاء. فبايع القوم عبد المؤمن، ودعا لهم ابن تومرت، ومسح صدورهم. وأما ابن خلكان فقال: لم يصح عنه أنه استخلفه، بل راعى أصحابه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 256 في تقديمه إشارته، فتم له الأمر. قال: وأول ما أخذ من البلاد وهران، ثم تلمسان، ثم فاس، ثم سلا، ثم سبتة. ثم إنه حاصر مراكش أحد عشر شهراً، ثم أخذها في أوائل سنة اثنتين وأربعين. وامتد ملكه إلى أقصى المغرب وأدناه، وبلاد إفريقية، وكثيرٍ من الأندلس، وسمى نفسه: أمير المؤمنين، وقصدته الشعراء) وامتدحوه. ولما قال فيه الفقيه محمد بن أبي العباس التيفاشي هذه القصيدة وأنشده إياها: (ما هز عطفيه بين البيض والأسل .......... مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي) فلما أنشده هذا المطلع أشار إليه أن يقتصر عليه، وأجازه بألف دينار. وقال صاحب المعجب: ولم يزل عبد المؤمن بعد موت ابن تومرت يقوى، ويظهر على النواحي، ويدوخ البلاد. وكان من آخر ما استولى عليه مراكش كرسي ملك أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين. وكان لما توفي علي عهد إلى ابنه تاشفين، فلم يتفق له ما أمله فيه من استقلاله بالأمور، فخرج قاصداً نحو تلمسان، فلم يتهيأ له من أهلها ما يحب، فقصد مدينة وهران، وهي ثلاثة مراحل من تلمسان، فأقام بها، فحاصره جيش عبد المؤمن، فلما اشتد عليه الحصار خرج راكباً في سلاحه، فاقتحم البحر، فهلك. ويقال: إنهم أخرجوه وصلبوه، ثم أحرقوه في سنة أربعين. فكانت ولايته ثلاثة أعوام في نكدٍ، وخوف، وضعف. ولما ملك عبد المؤمن مراكش طلب قبر أمير المسلمين، وبحث عنه، فما وقع به. وانقطعت الدعوة لبني العباس بموت أمير المسلمين وابنه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 257 تاشفين، فإنهم كانوا يخطبون لبني العباس. ثم لم يذكروا إلى الآن، خلا أعوام يسيرة بإفريقية فقط، فإنه تملكها الأمير يحيى بن غانية... من جزيرة ميورقة. وقال سبط ابن الجوزي في المرآة: استولى عبد المؤمن على مراكش، فقتل المقاتلة، ولم يتعرض لرعية، وأحضر الذمية وقال: إن المهدي أمرني أن لا أقر الناس إلا على ملة الإسلام، وأنا مخيركم بين ثلاث: إما أن تسلموا، وإما أن تلحقوا بدار الحرب، وإما القتل. فأسلم طائفة، ولحق بدار الحرب آخرون وخرب الكنائس وردها مساجد، وأبطل الجزية. وفعل ذلك في جميع مملكته. ثم فرق في الناس بيت المال وكنسه، وأمر الناس بالصلاة فيه اقتداءً بعلي رضي الله عنه وليعلم الناس أنه لا يؤثر جمع المال. ثم أقام معالم الإسلام مع السياسة الكاملة، وقال: من ترك الصلاة ثلاثة أيام فاقتلوه. وكان يصلي بالناس الصلوات، ويقرأ كل يوم سبعاً، ويلبس) الصوف، ويصوم الاثنين والخميس، ويقسم الفيء على الوجه الشرعي، فأحبه الناس. وقال عزيز في كتاب الجمع والبيان: كان يأخذ الحق إذا وجب على ولده، ولم يدع مشركاً في بلاده، لا يهودياً، ولا نصرانياً ولا كنيسةً في بقعة من بلاده، ولا بيعة، لأنه من أول ولايته كان إذا ملك بلداً إسلامياً لم يترك ذمياً إلا عرض عليه الإسلام، ومن أبى قتل، فجميع أهل مملكته مسلمون لا يخالطهم سواهم. قال عبد الواحد بن علي: ووزر لعبد المؤمن أولاً عمر أرتاج، ثم أحله عن الوزارة ورفعه عنها، واستوزر أبا جعفر أحمد بن عطية الكاتب،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 258 وجمع له بين الوزارة والكتابة، فلما افتتح بجاية استكتب من أهلها أبا القاسم القالمي. ودامت وزارة ابن عطية إلى أن قتله في سنة ثلاثٍ وخمسين، وأخذ أمواله، ثم استوزر بعده عبد السلام الكومي، ثم قتله سنة سبع وخمسين، واستوزر ابنه عمر. وكان قاضيه أبو محمد عبد الله بن جبل الوهراني، ثم عبد الله بن عبد الرحمن المالقي، فلم يزل قاضياً له وصدراً من أيام ابنه يوسف بن عبد المؤمن. قال: ولما دان له أقصى المغرب مما كان يملكه المرابطون قبله، سار من مراكش إلى بجاية، فحاصر صاحبها يحيى الصنهاجي، فهرب يحيى في البحر حتى أتى مدينة يولة، وهي أول حد إفريقية، ومضى منها إلى قسنطينة المغرب، فأرسل عبد المؤمن وراءه جيشاً، فأخذه بالأمان، وأتوا به عبد المؤمن. وتملك عبد المؤمن بجاية وأعمالها، وكان يحيى بن العزيز، وأبوه، وجده المنصور، وجد أبيه المنتصر، وجدهم حماد من الشيعة الرافضة بني عبيد، والقائمين بدعوتهم. وطالت أيامهم حتى أخرجهم عبد المؤمن. واستعمل عبد المؤمن على مملكة بجاية ابنه عبد الله، ثم رجع إلى مراكش ومعه يحيى بن العزيز، وجماعة من أمراء دولة يحيى، فأمر لهم بخلع، وبوأهم المنازل، وخص يحيى به وصيره من قواده، ونال يحيى عنده مرتبة لا مزيد عليها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 259 قال:) وكان عبد المؤمن مؤثراً لأهل العلم، محباً لهم يستدعيهم من البلاد، ويجري عليهم الصلات، وينوه بهم. قال: وتسمى المصامدة الموحدين، لأجل خوض ابن تومرت بهم في علم الاعتقاد. وكان عبد المؤمن في نفسه كامل السؤدد، خليقاً للإمارة، سري الهمة، لا يرضى إلا بمعالي الأمور، كأنه، ورث الملك كابراً عن كابر. وكان شديد السطوة، عظيم الهيبة. قال عزيز في تاريخه: أخبرني رجل من أهل المهدية سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بصقلية قال: افتتح عبد المؤمن بجاية، فأتيتها بأحمال لنبتاع، فلما كنا على مرحلة منها سرقت لي شدة من المتاع، فدخلت وبعت المتاع، وأفدت فيه فائدة يسيرة. فقلت لتاجر: سرقت لي شدة، وأخاف الله علي في الباقي. فقال: وما أنهيت ذلك إلى أمير المؤمنين عبد المؤمن قلت: لا. قال: والله إن علم بك للحقك ضرر. فرحت إلى القصر، فأدخلني خادم عليه، فأعلمته ورجعت. فلما كان صبيحة اليوم الثالث جاءني غلام فقال: أجب أمير المؤمنين. فخرجت معه، فإذا جماعة كبيرة، والمصامدة محيطة بهم، فقال الغلام لي: هؤلاء أهل الصقع الذي أخذ رحلك فيه. فدخلت وأجلست بين يديه، فاستدعى مشايخهم، وقال لي: كم كان لك في الشدة التي فقدت أختها قلت: كذا وكذا. فأمر من وزن لي المبلغ وقال: قم أنت أخذت حقك، وبقي حقي وحق الله. وأمر بإخراج المشايخ وبقتل الجميع، فأقبلوا يتضرعون ويبكون

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 260 وقالوا:) تؤاخذ، سيدنا، الصلحاء بالمفسدين فقال: يخرج كل طائفة منكم من فيها من المفسدين. فصار الرجل يخرج ولده، وأخاه، وابن عمه، إلى أن اجتمع نحو مائة نفسٍ، فأمر أهلهم أن يتولوا قتلهم، ففعلوا. فخرجت من المغرب إلى صقلية خوفاً على نفسي من أهل المقتولين. قال عبد الواحد: قلت: كان عبد المؤمن من أفرد العالم في زمانه على هناته. قال عبد المؤمن بن عمر الكحال في أخبار ابن تومرت: توجه أمير المؤمنين عبد المؤمن إلى بلاد إفريقية، فسار في مائة ألف فارس محصاةً في ديوانه، سوى من يتبعها، وكانوا يصلون كلهم خلف إمامٍ واحد. قال: وكان هو يصلي الصبح مبكراً، ثم يركب، ويقف عند باب خيثمة، وبين يديه منادي يقول بصوتٍ عالٍ: الاستعانة بالله، والتوكل عليه. فينتظم حوله الكبراء على خيلهم، ويدعوا، ويؤمنون. ثم يأخذ في قراءة حزب من القرآن، وهم يقرأون معه بصوتٍ واحدٍ..... فإذا فرغ أمسك عنان فرسه، فيدعوا ويؤمنون، ثم يلحق أولئك الأعيان، ويلقبون بالطلبة والحفاظ، لا بالأمراء والقواد، إلى عساكرهم، ويبقى وحده، وحوله ألوف من عبيده السود، رجالةً بالرماح والدراق. وكان إذا مر على قومٍ سلم ودعا لهم، فيؤمنون، وكان فصيحاً بالعربية، حسن العبارة. قال: وكان في جوده بالمال كالسيل، وفي محبته لحسن الثناء كالعشاق. مجلسه مجلس وقار وهيبة، مع طلاقة الوجه. انعمرت البلاد في أيامه، وما لبس قط إلا الصوف طول عمره. وما كان في مجلسه حصر، بل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 261 مفروش بالحصباء، وله سجادة من الخوص تحته خاصة. وأما الأندلس فاختلت أحوالها اختلالا بيناً، أوجب تخاذل المرابطين وميلهم إلى الراحة، فهانوا على الناس، واجترأ عليهم الفرنج، وقام بكل مدينة بالأندلس رئيس منهم، فاستبد بالأمر،) وأخرج من عنده من المرابطين. وكادت الأندلس تعود إلى مثل سيرتها بعد الأربعمائة عند زوال دولة بني أمية. وأما بلاد مراغة فاستولى عليها صاحب أرغن، لعنه الله، ثم أخذ سرقسطة ونواحيها، فلا قوة إلا بالله. وأما أهل شرق الأندلس بلنسية ومرسية، فاتفقوا على تقديم الزاهد عبد الرحمن بن عياض. بلغني عن غير واحدٍ أنه كان مجاب الدعوة، بكاء، رقيقاً، فإذا ركب للحرب لا يقوم له أحد. كان الفرنج يعدونه بمائة فارس، فحمى الله بابن عياض تلك الناحية مدة إلى أن توفي، رحمه الله، ولا أتحقق تاريخ وفاته، فقام بعده خادمه محمد بن سعد وهو خليفته على الناس، فاستمرت أيامه إلى أن مات سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة. وأما أهل المرية فأخرجوا عنهم أيضاً المرابطين، وندبوا للأمر عليهم الأمير أبا عبد الله بن ميمون الداني، فأبى عليهم وقال: إنما وظيفتي البحر وبه عرفت. فقدموا عليهم عبد الله بن محمد بن الزيمي، فلم يزل على المرية إلى أن دخلها الفرنج واستباحوها. وأما جيان، وحصن شقورة، وتلك الناحية فاستولى عليها عبد الله بن همشك، وربما تملك قرطبة أياماً يسيرة. وأما إشبيلية، وغرناطة فأقامت على طاعة المرابطين. وأما غرب الأندلس، فقام به دعاة فتن ورؤوس ضلالة، منهم أحمد بن قسي، وكان في أول أمره يدعي الولاية، وكان ذا حيل وشعوذة، ومعرفة بالبلاغة، فقام بحصن مارتلة، ثم اختلف عليه أصحابه وتحيلوا، فأخرجوه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 262 وأسلموه إلى جند عبد المؤمن، فأتوه به، وهو الذي قال له عبد المؤمن: بلغني أنك دعيت إلى الهداية. فقال: أليس الفجر فجرين، كاذب وصادق فأنا كنت الفجر الكاذب. فضحك وعفا عنه. وجهز عبد المؤمن الشيخ أبا حفص عمر إينتي، فعدى البحر إلى الأندلس، فافتتح الجزيرة الخضراء، رندة، ثم افتتح إشبيلية، وغرناطة، وقرطبة. وسار عبد المؤمن في جيوشه وعبر) من زقاق سبتة، فنزل جبل طارق، وسماه: جبل الفتح. فأقام هناك شهراً، وابتنى هناك قصراً عظيمة ومدينة، فوفد إليه رؤساء الأندلس، ومدحه شعراؤها، فمن ذلك: (ما للعدى جنة أوفى من الهرب .......... أين المفر وخيل الله في الطلب)

(فأين يذهب من في رأس شاهقةٍ .......... وقد رمته سهام الله بالشهب)

(حدث عن الروم في أقطار أندلسٍ .......... والبحر قد ملأ البرين بالعرب) فلما أتم القصيدة قال عبد المؤمن: بمثل هذا تمدح الخلفاء. ثم استعمل على إشبيلية ولده يوسف الذي ولي الأمر بعده، واستعمل على قرطبة وبلادها أبا حفص إينتي، واستعمل على غرناطة ابنه عثمان بن عبد المؤمن. وكان قد استخدم العرب الذين ببلاد بجاية، وهم قبائل من بني هلال بن عامر، خرجوا إلى البلاد حين خلى بنو عبيد بينهم وبين الطريق إلى المغرب، فعاثوا في القيروان عيثاً شديداًُ وجب خرابها إلى اليوم، ودوخوا مملكة بني زيرك بن مناد، وهذا كان بعد موت المعز بن باديس، فانتقل ابنه تميم إلى المهدية، وسار هؤلاء العربان حتى نزلوا على المنصور الحمادي، فصالحهم على أن يجعل لهم نصف غلة البلاد، فأقاموا على ذلك إلى أن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 263 حاربوا عبد المؤمن في سنة ثمانٍ وأربعين، فتحزبوا عليه، وهم بنو هلال، وبنو الأثج، وبنو عدي وبنو رباح، وغيرهم من القبائل، وقالوا: لو جاورنا عبد المؤمن أجلانا وتحالفوا عليه. فبذل لهم رجار الفرنجي ملك صقلية نجدةً بخمسة آلاف مقاتل، فقالوا: لا نستعين إلا بمسلم. وساروا في عددٍ عظيم، وسار جيش عبد المؤمن في ثلاثين ألفاً، عليهم عبد الله بن عمر الهنتاني. فالتقوا، وانهزمت العرب، وأخذت البربر جميع متاعهم ونسائهم وأطفالهم، وأتوا بها عبد المؤمن، فقسم المتاع والمال، وصان الحريم وأحسن إليهم، وكاتب العرب واستمالهم، وحلف لهم، فأتوا مراكش، فخلع عليهم، وبالغ في إكرامهم. ثم استخدمهم عبد المؤمن، وأنزلهم بنواحي إشبيلية وشريش، فهم باقون إلى وقتنا. قال: وعبور عبد المؤمن إلى الأندلس في سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وكان قد كتب إلى أمراء) هؤلاء العربان رسالةً فيها أبيات قالها هو وهي: (أقيموا إلى العلياء هوج الرواحل .......... وقودوا إلى الهيجاء جرد الصواهل)

(وقوموا لنصر الدين قومة ثائر .......... وشدوا على الأعداء شدة صائل)

(فما العز إلا ظهر أجرد سابح .......... وأبيض مأثور وليس بسائل)

(بني العم من عليا هلال ابن عامر .......... وما جمعت من باسل وابن باسل)

(تعالوا فقد شدت إلى الغزو نية .......... عواقبها منصورة بالأوائل)

(هي الغزوة الغراء والموعد الذي .......... تنجز من بعد المدى المتطاول)

(بها تفتح الدنيا بها نبلغ المنى .......... بها تنصف التحقيق من كل باطل)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 264 (فلا تتوانوا فالبدار غنيمة .......... وللمدلج الساري صفاء المناهل) قال عبد الواحد بن علي المراكشي: أخبرني غير واحد ممن أرضى نقله، أن عبد المؤمن لما نزل مدينة سلا، وهي على البحر المحيط، ينصب إليها نهر عظيم يصب في البحر، عبر النهر، وضربت له الخيمة، وجعلت الجيوش تعبر قبيلة قبيلة، فخر ساجداً، ثم رفع رأسه، وقد بل الدمع لحيته، والتف إليه الخواص وقال: أعرف ثلاثة وردوا هذه المدينة لا شيء لهم إلا رغيف واحد، فراموا عبور هذا النهر، فبذلوا الرغيف لصاحب القارب على أن يعدي بهم، فقال: لا آخذه إلا على اثنين خاصة. فقال له أحدهم، وكان شاباً، خذ ثيابي، وأنا أعبر سباحة. ففعل ذلك. فكان كلما أعيا من السباحة دنا من القارب ووضع يده عليه ليستريح، فيضربه صاحبه بالمجذاف الذي معه، فما عدى إلا بعد جهد. قال: فما شك السامعون أنه هو العابر سباحةً، وأن الآخرين ابن تومرت، وعبد الواحد الشرقي. ثم نزل عبد المؤمن مراكش، وأقبل على البناء والغراس، وترتيب المملكة، وبسط العدل، وجعل ابنه عبد الله الذي على بجاية يشن الغارات على نواحي إفريقية بعد القيروان، حاصرها، وقطع أشجارها، وغور مياهها، وبها يومئذ عبد الله بن خراسان نائب صاحبها لوجار بن الدوقة الرومي، لعنه الله، وهو صاحب صقلية. فلما طال على ابن خراسان) الحصار، أجمع رأيه على مناجزة المصامدة، فخرج، فالتقوا، فانهزم المصامدة، وقتل منهم خلق، ورد ابن خراسان إلى البلد، فكتب عبد الله بن عبد المؤمن إلى أبيه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 265 يخبره. فلما كان في آخر سنة ثلاث وخمسين تهيأ عبد المؤمن لتونس، وسار حتى نازلها، ثم افتتحها عنوة، وفصل عنها إلى المهدية، وبها النصارى أصحاب ابن الدوقة، وهي له، ولكن نائبه بها يحيى بن حسن بن تميم بن المعز بن باديس، فحاصرها عبد المؤمن أشد الحصار، لأنها حصينة إلى الغاية. بلغني أن عرض سورها ممر ستة أفراس، وأكثرها في البحر، فكانت الأمداد تأتيها في البحر من صقلية. فأقام يحاصرها سبعة أشهر، فنقل ابن الأثير: نازل عبد المؤمن المهدية، فكانت الفرنج تخرج شجعانهم لقتال العسكر ويعودون، فأمر ببناء سور من غربيها، وأحاط أسطوله بالبحر، وركب عبد المؤمن في شيني، ومعه الحسن بن علي بن باديس الذي كان صاحبها، وأخذتها الفرنج منه من سنوات، فطاف بها في البحر، فهال عبد المؤمن ما رأى من حصانتها، وعرف أنها لا تؤخذ بقتال، وليس إلا المطاولة، فأمر بجلب الأقوات، وترك القتال، فلم يمض إلا أيام حتى صار في العسكر كالجبلين من القمح والشعير، وكان من يجيء من بعيد يقول: متى حدثت هذه الجبال فيقال: إنما هي غلة. وتمادى الحصار. وفي مدته أخذ بالأمان سفاقس، وبلد طرابلس، وقصور إفريقية، وافتتح قابس بالسيف. وكانت عساكره تغير. وجاءت جيوش صاحب صقلية، لعنه الله، فكانت مائتين وخمسين شينياً، فنصر الله عليهم أسطول عبد المؤمن. قال عبد المؤمن: قال عبد الواحد: واشتد على جيشه الغلاء. بلغني عن غير واحد أنهم اشتروا سبع باقلات بدرهم مؤمني، وهو نصف درهم...، ثم افتتحها بعد أن أمن النصارى على أن يلحقوا بصقلية. ثم جهز إلى قابس من افتتحها، ثم افتتح طرابلس الغرب. وأرسل إلى توزر وبلاد الجريد، فافتتحت كلها، وأخرج الفرتج منها وألحقهم ببلادهم،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 266 وتطهرت إفريقية من الكفر، وتم له ملك المغرب من طرابلس إلى سوس الأقصى، وأكثر جزيرة الأندلس. قال:) وهذه مملكة لا أعلمها انتظمت لأحد قبله منذ أيام مروان الحمار. وقيل: إنه بدا له أن يمر في هذا الوجه على قرية باجسرا، وبها ولد، ليزور قبر أمه وليصل من هناك من ذوي رحمه، فلما أطل عليها والجيوش قد نشرت بين يديه، والرايات قد خفقت على رأسه، أكثر من ثلاثمائة راية من بنود وألوية، وهزت أكثر من مائتي طبل، وطبولهم في نهاية الكبر، وغاية الضخامة، يخيل لسامعها إذا ضربت أن الأرض من تحته تهتز، فخرج أهل القرية للقائه، فقالت عجوز منهم: هكذا يعود الغريب إلى بلده، ورفعت صوتها. وفي سنة ثمان وخمسين أمر الناس بالجهاد لغزو الروم بالأندلس، واستنفر أهل مملكته ثم سار حتى نزل مدينة سلا، فمرض، ثم مات بها في السابع والعشرين من جمادى الآخرة. وكان قد جعل ولي عهده محمد، ولده الكبير وكان لايصلح، لإدمانه الخمور، وكثرة طيشه. وقيل كان به جذام. فلما مات اضطرب محمد هذا، وخلعوه بعد شهر ونصف، وأجمعت الدولة. على تولية أحد أخويه يوسف أو عمر، فأباها عمر، فبايعوا أبا يعقوب يوسف، فبقي في الخلافة اثنتين وعشرين سنة. وخلف عبد المؤمن ستة عشر ابناً، وهم: محمد المخلوع، وعلي، وعمر، ويوسف، وعثمان، وسليمان، ويحيى، وإسماعيل، والحسن، والحسين، وعبد الله، وعبد الرحمن، وعيسى، وموسى، وإبراهيم، ويعقوب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 267 قال صاحب الجمع والبيان: وقفت على كتاب كتبه عنه بعض كتابه، يقول بعد البسملة: من الخليفة المعصوم الرضي الزكي، الذي وردت البشائر به من النبي العربي، القامع لكل مجسم غوي، الناصر لدين الله الكبير العلي، أمير المؤمنين الولي، عبد المؤمن بن علي. 4 (علي بن أحمد.) أبو الحسن ابن الدلاء الدمشقي. روى عن نصر الدمشقي مجلساً، سمعه منه أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في شعبان، وله ثلاث وثمانون سنة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 268 4 (علي بن عبد الرحيم بن محمد بن علي بن أبي موسى.) الهاشمي الشريف أبو المظفر البغدادي. نبيل. ذكر وفاته أبو بكر محمد بن مشق. 4 (حرف الكاف)

4 (كمال بنت المحدث أبي محمد عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث ابن السمرقندي.) أم الحسين. صالحة خيرة. وهي زوجة أبي الفرج عبد الخالق بن أحمد اليوسفي. سمعها أبوها من: طراد الزينبي، وأبي عبد الله النعالي، وابن البطر، وجماعة في سنة إحدى وخمسين. ومولدها سنة نيف وأربعمائة. روى عنها: إبراهيم بن محمد بن برهان النساج. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن سفيان.) أبو بكر السلمي، المرسي. روى عن: أبي محمد بن أبي جعفر الفقيه، وأبي القاسم بن أبي المتان. روى عنه: أبو عبد الله بن عبد الحق التلمساني. توفي في هذا العام ظناً أو قبله. 4 (محمد بن أحمد بن محمد.) الدباس، المنقري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 269 هو ابن أخي أبي عبد الله البارع. كان صالحاً مقرئاً، وراقاً. سمع: مالكاً البانياسي، والنعالي. وعنه: ابن الأخضر. عاش ثمانين سنة. مات في صفر. 4 (محمد بن أحمد بن أبي العافية.) ) أبو عبد الله الملحمي، المرسي، يعرف بالقسطلي. روى عن: أبي علي بن سكرة، وتفقه عليه. وكان بصيراً بمذهب الإمام مالك، موصوفاً بذلك. تفقه عليه: أبو عبد الله محمد بن سليمان بن برطلة. 4 (محمد بن الحسين.) الملك سيف الدين ابن الملك علاء الدين الغوري، صاحب الغور. تفرد من عسكره يتفرج ويتصيد، فشعر به أمراء الغز، فأسرعوا إليه وأحاطوا به، فقاتلهم أشد قتال، إلى أن قتل هو وجماعة، وأسر الباقون. وبلغ جيشه الخبر، فانهزموا. وكان عاملاً، حسن السيرة. لما ملك منع جنده من أذية المسلمين. قتل في رجب وله نحو من عشرين سنة. 4 (محمد بن حماد.) أبو غالب الموسوي، المروزي. سمع: أبا المظفر بن السمعاني وخدمه مدة، وإسماعيل بن محمد الزاهري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 270 قال أبو سعد الحافظ: أتصل بالأمراء، وكان يرافقهم على شرب الخمر، وكان رافضياً مبالغاً. توفي في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة. 4 (محمد بن عبد الله بن سفيان بن سيد....) التجيبي، الشاطبي. روى عن: أبي القاسم بن الجنان، وأبي بكر بن أسد. وتفقه بصهره أبي بكر بن أسد. وكان عارفاً بالحديث. له مجموع في رجال الأندلس ذيل به على الصلة لابن بشكوال. وتوفي قبله سنة ثمان هذه. 4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن البيضاوي.) القاضي أبو عبد الله، بغدادي، فاضل، نبيل. ولد سنة ست وثمانين وأربعمائة، وحدث.) وتوفي في شوال. روى عن: ابن طلحة النعالي، وابن البطر، وأبي الحسن بن الطيوري. وعنه: أبو الفرج بن الجوزي، وأبو محمد بن الأخضر، وإسماعيل بن حمدي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 271 4 (محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم بن رفاعة.) سديد الدولة الشيباني، المعروف بابن الأنباري. كاتب الإنشاء بالديوان العزيز. أقام بديوان الإنشاء خمسين سنة، وناب في الوزارة، ونفذ رسولاً إلى ملوك الشام، وخراسان وكان ذا رأي وتدبير وحسن سيرة. وكان بينه وبين أبي محمد الحريري مصنف المقامات رسائل، وقد دونت. حدث عن: ابن الحصين، وأبي محمد بن السمرقندي. وسمع من أحمد بن محمد الخياط، وأبي عبد الله محمد بن نصر القيسراني بعض شعرهما. سمع منه: أحمد بن صالح بن شافع، والمبارك بن عبد الله بن النقور، وعبد المحسن بن خطلخ. وعاش نيفاً وثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 272 وشيعه ابن هبيرة الوزير فمن دونه. وكان رائق اللفظ، بليغ الكتابة، مليح الخط. وقد مدحه إبراهيم الغزي، وأبو بكر الأرجاني، ومحمد بن نصر القيسراني. وللأرجاني فيه أشعار لو دونت لجاءت تخلده. وله قصة في كتابته للإنشاء، فأنبأني أحمد بن سلامة، عن أحمد بن طارق، أنه سمع سديد الدولة ابن الأنباري يقول: كتب إلي صديقي هبة الله بن السقطي المحدث سنة ست وخمسمائة رقعة، وقد مات كاتب الإنشاء ابن رضوان: (قل لسديد الدولة المجتبى .......... في الأصل والأفضال والغرس)

(قد عنت لرتبة فانهض لها .......... واخطب جديد كتبة المجلس) قال: فكتبت على ظهرها: (يا من هوى مع فضله همة .......... بغير ثوب الشكر لا تكتسي)

(أرهقت عزمي في طلب العلا .......... لو رغبوا في كاتب مفلس)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 273 ودفعتها إلى الرسول، وكان صبياً فخرج في الحال، فاجتاز بباب العامة والرقعة بيده، والخط) رطب، فأخذ تراباً ينشفه، فصادف ابن الحلواني صاحب الخبر فقال: يا صبي ما هذه الرقعة قال: كتبها ابن السقطي إلى سديد الدولة ابن الأنباري. فكتب نسختها وعرضها على الإمام المستظهر بالله، فلما كان من الغد إذا رقعة ظهير الدين صاحب المخزن جاءتني إلى داري، يذكر فيها: إن رأى التجشم إلى داره التي أنا ساكنها لألقي إليه ما رسم فقل إن شاء الله. فركبت إليه في الحال، فحين دخلت قام متمثلاً وقال للجماعة: الخلوة. فانصرفوا، فقال: أمير المؤمنين يهدي إليك السلام ويقول: قد رغبنا في كاتب مفلس. فقلت في الحال: التصريح بطلب الرتب ما لا يقتضيه الأدب. فقلدت ولي يومئذ خمس وثلاثون سنة. وأنبأني أحمد، عن ابن طارق: حدثني سديد الدولة أن الحريري صاحب المقامات كتب إليه رقعة، فكتب إليه في كتاب بديهاً: (أهلاً بمن أهدى إلي صحيفة .......... صافحتها بالروح لا بالراح)

(وتبلجت فتأرجحت نفحاتها .......... كالمسك شيب فسيحة بالراح) فكتب إلي جواب هذه: لقد صدقت رواة الأخبار أن معدن الكتابة الأنبار. وقد ذكر وفاته ابن الأثير في الكامل في سنة خمس وثلاثين، والنسخة سقيمة فلعله بدل توفي: عزل أو نحوه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 274 محمد بن علي بن خطاب بن أبي الفتح. أبو شجاع الدينوري، ثم البغدادي، الخيمي، أخو يحيى. سمع: أبو الفضل أحمد بن خيرون، وأبا غالب الباقلاني، ومحمد بن عبد السلام. روى عنه: أبو محمد بن الخشاب، وعمر القرشي، وابن أخيه عبد اللطيف بن يحيى، وابن الحصري. توفي في شوال. المبارك بن أبي طاهر. أبو نصر بن الملاح. بغدادي. روى عن: الحسين بن علي البسري، وغيره. مكي بن علي بن المبارك بن طليب. الحربي، شيخ صالح. سمع من: أبي الحسن بن الطيوري، وغيره. وروى عنه: عبد الله بن خجستويه، وعبد العزيز بن الأخضر. توفي في رجب. 4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن أحمد بن أبي العز محمد بن المختار بن المؤيد بالله. أبو العباس بن أبي تمام) الهاشمي، الخريمي، التاجر، السفار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 275 كثير المال، من بيت العلم والشرف. حدث بمرو عن) جده. ومات بسمرقند. وروى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن الفضل بن عبد العزيز بن محمد بن الحسين بن علي.) أبو القاسم بن القطان المتوثي، الشاعر. سمع: أباه الفضل، وأبا الفضل بن خيرون، وأبا طاهر أحمد بن الحسين الباقلاني، وأبا عبد الله النعالي، وغيرهم. كان شاعراً محسناً، بليغ الهجاء. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سألته عن مولده فقال: سنة ثمان وسبعين. وتوفي يوم عيد الفطر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 276 قلت: وكان يعرف الطب والكحالة، وديوانه مشهور. وقد هجا الحيص بيص، وهو الذي شهره بهذا اللقب. وله قصيدة طنانة في كاتب الإنشاء سديد الدولة محمد بن الأنباري، وأولها: (يا من هجرت فلا تبالي .......... هل ترجع دولة الوصال)

(ما أطمع يا حياة قلبي .......... أن ينعم في هواك بالي)

(الطرف من الصدود باك .......... الجسم، كما ترين بالي)

(أهواك وأنت حظ غيري .......... يا قاتلتي، فما احتيالي)

(اللوم فيك يزجروني .......... عن حبك ما لهم، وما لي)

(طلقت تجلدي ثلاثاً .......... والصبوة بعد في خيالي)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 277 روى عنه: أبو الفتوح بن الحصري، وثابت بن مشرف، وابن الأخضر. وكان عسراً في الرواية. كذا. 4 (حرف الياء)

4 (ياقوت المسترشدي.) ) عن: أبي غالب بن البناء. وعنه: أبو الفتوح بن الحصري. ورخه ابن الدبيثي. 4 (يحيى بن سالم بن سعد بن يحيى.) الفقيه، أبو الخير بن أبي الخير العمراني، الشافعي. مصنف كتاب البيان في المذهب. قيل إنه كان يكرر على المذهب لأبي إسحاق، فكان يقرأه في ليلة واحدة. وله مصنفات مفيدة منها: غريب كتاب الوسيط للغزالي. نشر العلم باليمن، ورحل الناس إليه، وتفقهوا عليه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 278 وتوفي في هذه السنة رحمه الله تعالى. 4 (يغمر بن ألب سارخ.) الفقيه أبو الندى التركي، المقرئ. كان أبوه جندياً. قال ابن عساكر: كان يعمل في القراءة، وتفقه على شيخنا أبي الحسن بن مسلم، وكان يحفظ قطعة صالحة من الأخبار والأشعار. وكان يحثني على تبييض التاريخ، وكان قد حصل عندي فتور عن تبييضه، فلما

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 279 مات في هذه السنة وكنت في جنازته فكرت وقلت: أنا والله أحق بالاهتمام بهذا التاريخ فصرفت همتي إليه وشرعت في تبييضه. 4 (يوسف بن محمد بن مقلد بن عيسى.) أبو الحجاج الدمشقي، المعروف بابن الدوانيقي. قال ابن عساكر: سمع معنا من: هبة الله بن الأكفاني، وطاهر بن سهل بن بشر، ورحل فسمع ببغداد: أبا القاسم بن الحصين، وأبا غالب بن البناء. وتفقه على أبي منصور بن الرزاز. واستوطن بغداد، وتصوف وصحب أبا النجيب السهروردي. ووعظ وناظر، وقدم دمشق) ومرض بالاستسقاء فعدته في المنزل الذي كان فيه. وقرأ لابني أبي الفتح ثلاثة أحاديث من حفظه، ومات في عاشر شهر صفر. وأنشدنا أبو الحسين أحمد بن حمزة أنشدنا يوسف بن محمد التنوخي لنفسه:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 280 (أنوم بعدما هجع النيام .......... وظلم بعدما انقشع الظلام)

(نور الصبح في الفوزين بادٍ .......... ينادي ما بقي إلا منام)

(فبادر يا فتى قبل المنايا .......... فما لك بعد ذا عذر يقام)

(فعند الله موقفنا جميعاً .......... وبين يديه ينفصل الخصام)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 281 4 (وفيات سنة تسع وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن محمد بن هذيل.) أبو العباس الأنصاري، البلنسي. سمع: أبا الوليد بن الدباغ، وابن النعمة. وتفقه عند أبي محمد بن عاشر. ورحل فلقي بقرطبة أبا عبد الله بن الحاج، وغيره. وولي قضاء بلده، فلم تحمد سيرته. وكان عارفاً بالأدب والكتابة. توفي كهلاً. 4 (أحمد بن مسعود بن سعد بن علي.) أبو الرضا بن الناقد، الجصاص.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 282 بغدادي، ثقة جليل. سمع: أبا غالب الباقلاني، وأبا سعد بن خشيش، وأبا الحسن العلاف. فروى عنه: أحمد بن طارق، وعبد العزيز بن الأخضر، وابنه عبد العزيز بن أحمد. وتوفي في ذي الحجة. سقط من بناء للدولة فمات صائماً. 4 (أحمد بن موهوب بن علي بن حمزة.) أبو إسحاق المقصص السلمي، الدمشقي. سمع من: أبي الحسن علي بن الحسن بن الحزور، وإبراهيم بن يونس المقدسي، ونصر بن) أحمد الهمذاني المؤدب. سمع من المؤدب في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وكان شيخاً مباركاً من قراء السبع الكبير. سمع منه: الحافظ ابن عساكر، وابنه أبو المواهب، وأخوه أبو القاسم. ودفن بمقبرة باب الصغير. 4 (حرف السين)

4 (سعد بن إسماعيل بن حسين.) العميد، أبو الفتح النسوي، المستوفي. ساكن وقور متصل بالدولة. سمع الترغيب لحميد بن زنجويه من أبي بكر بن خزيمة. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وتوفي في ذي الحجة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 283 4 (سليمان بن محمد بن الفضل.) أبو القاسم الكندوج الإصبهاني. توفي في الثاني والعشرين من شوال. وكان عدلاً متميزاً. سمع الرئيس بن الثقفي. أخذ عنه: السمعاني، وغيره. 4 (سعد الله بن محمد بن علي بن أحمد بن حمدي.) أبو البركات البغدادي، الدقاق، البزاز. روى عن: أبي عبد الله بن طلحة النعالي، ونصر بن البطر، وأحمد بن علي الطريثيثي. وكان من أهل الخير. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وأبو الفرج بن الجوزي. وجماعة. توفي في شعبان. 4 (حرف الضاد) ) 4 (الضرغام بن عامر بن سوار.) الملك المنصور، فارس المسلمين، أبو الشيال اللخمي، المنذري، الذي استولى على الديار المصرية، وهرب منه شاور إلى نور الدين يستنجد به عليه، فسير معه أسد الدين شيركوه، فدخلوا مصر في رجب من هذا العام، فوجدوا الضرغام قد قتل في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة من السنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 284 قتل عند قبر الست نفيسة، وطافوا برأسه، وبقيت جثته حتى أكلها الكلاب، ثم دفن وبني عليه قبة معروفة عند بركة الفيل بها القلندرية. وفي التاريخ وهم، لأن الضرغام ما قتل إلا بعد دخول أسد الدين. 4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن معاوية بن خليف.) أبو السعادات الحربي، الخياط، الصالح ساكن من أهل القرآن والصلاح. سمع: أبا سعد بن خشيش، وأبا علي بن محمد بن محمد بن المهتدي، وغيرهما. قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وكان كخير الرجال. وقال ابن مشق: توفي في سابع جمادى الآخرة. وكان مولده سنة خمس وثمانين وأربعمائة. قلت: روى عنه: أحمد بن سلمان السكري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 285 4 (حرف العين)

4 (عبد الرحمن بن هبة الرحمن بن عبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم القشيري.) أبو خلف. نيسابوري ورع، عالم، خير، مليح الوعظ، ولي خطابة، نيسابور بعد والده. وكان ضريراً. سمع: أعمام أبيه، وعلي بن عبد الله بن أبي صادق، وعبد الغفار الشيرازي، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي.) روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وتوفي بنيسابور يوم عاشوراء. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن الأخوة.) أبو الفتح بن أبي الغنائم البغدادي، البيع، اللغوي، الأديب. نزيل إصبهان. روى عن أبي الحسن بن فتحان الشهرزوري مجلساً من أمالي بن بشران، سمعه منه السمعاني، وقال: شاب، له معرفة تامة باللغة والأدب. توفي في صفر. 4 (عبد الوهاب بن الحسين بن عبد الله.) أبو سعد الكرماني. خاتمة أصحاب أبي بكر بن خلف. شيخ صالح من أهل نيسابور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 286 سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا المظفر موسى بن عمران، وأبا سهل عبد الملك بن عبد الله الدشتي، وغيرهم. وولد في ربيع الأول سنة ثمانين وأربعمائة، وهو آخر من روى عن هؤلاء الثلاثة فيما أعلم. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عبد الرحيم، ومحمد بن ناصر بن سلمان الأنصاري، وجماعة. 4 (علي بن حمزة بن إسماعيل بن حمزة بن حمزة بن محمد بن السيد.) أبو الحسن العلوي الموسوي، الهروي. قال ابن السمعاني: كان سيداً، عالماً، زاهداً، عفيفاً، مواظباً على الجماعات. سمع الكثير بهراة من أبي عبد الله محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون، ومحمود بن القاسم الأزدي، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني، وصاعد بن سيار الكناني، وجماعة وخرج له أبو النصر عبد الرحمن الفامي جزءاً ضخماً عن شيوخه. وحدث بمرو، وهراة، وحدث بكتاب العوالي لابن عدي، وهو مجلد. وولد سنة ثمان وستين وأربعمائة.) قلت: وقد ذكره في كتاب ذيل تاريخ الخطيب، فقال: علوي، حسن السيرة، مرضي، جميل الظاهر والباطن، كثير العبادة والخير، يتفقد الفقراء ويراعيهم، محترم عند أهل بلده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 287 قلت: روى عنه هو وابنه وعبد الله بن عيسى بن أبي حبيب الأنصاري، وحفيده محمد بن إسماعيل الموسوي، وحفيده علي بن محمد بن إسماعيل الموسوي، وحفيده علي بن محمد الموسوي، ويحيى بن محمد بن عبد اللطيف المروزي، وأبو روح عبد المعز الهروي، وآخرون. وعاش إحدى وتسعين سنة. وكان مسند هراة في عصره. سمع الجامع لأبي عيسى، من أبي عامر الأزدي. 4 (عمر بن علي بن نصر.) أبو المعالي الصيرفي، البغدادي، الخفاف. سمع: رزق الله التميمي، وغيره. روى عنه: القاضي الصوفي القصار، وآخرون. وآخر من روى عنه بإجازة: كريمة بنت عبد الوهاب. توفي في شهر ربيع الأول. وآخر من روى عنه بالسماع: إسماعيل بن باتكين. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عمر.) الإصبهاني، المقدر، البناء، أبو الخير الباغبان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 288 شيخ مسند، عالي الإسناد، مشهور. سمع: أبا عمرو بن مندة، وأبا عيسى بن زياد، والمطهر البزاني، وأبا بكر بن ماجة، وحكيم بن محمد الإسفرائيني، حدث عنه بمسند الشافعي، بسماعه من جده لأمه علب بن محمد السقا. روى عنه: ابن السمعاني، وجامع بن خمارتاش، وصالح بن أحمد، ومحمد بن أحمد بن أبي الفتح النجار، ومحمد بن مكي الحنبلي، وأحمد بن صالح بن أحمد الهروي، وداد بن معمر،) وأحمد بن عبيد الله المستملي الخاني، وعبد البر بن أبي العلاء، ومحمود بن أحمد المعلم، ومعمر بن محمد بن مبشر، وأبو الوفاء محمود بن مندة الإصبهانيون. وآخر من روى عنه بالإجازة: كريمة ثم عجيبة الباقدارية. قال أبو مسعود الحاجي: توفي في ثاني عشر شوال. وقال ابن نقطة: كان ثقة، صحيح السماع، حدث بحضرة أبي العلاء الحافظ، وسمع منه مسند الشافعي أشياخنا أبو مسلم أحمد بن شيرويه، وعلي ومحمد ابنا عبد الرشيد بن نبهان، وعبد السلام بن شعيب الوطيسي، وغيرهم بهمذان. 4 (محمد بن أحمد بن عامر.) أبو عامر البلوي الطرطوشي، السالمي. من مدينة سالم سكن مرسية وكان عالماً، أديباً، مؤرخاً، لغوياً، صنف في اللغة كتاباً مفيداً. وله كتاب في الطب سماه: الشفا. وكتاب في التشبيهات. قال الأبار: روى عنه: عبد المنعم بن الفرس، وأبو القاسم بن البراق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 289 4 (محمد بن أحمد بن علي بن محمود.) أبو الفتوح الزوزني، الصوفي، ابن أبي سعد أحمد بن محمد. ولد سنة ثلاث وسبعين، وحدث. وتوفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة. 4 (محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن عبد الله بن يعقوب.) الحافظ، العلامة، أبو عبد الله البنجديهي، الزاغولي، الأرزي. وزاغول من عمل بنجدية، وقيل من عمل مرو الروذ، بها قبر المهلب بن أبي صفرة الأمير. ذكره أبو سعد بن السمعاني فقال: ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 290 ببنجدية، وسكن مرو، وتفقه على والدي وعلى: الموفق بن عبد الكريم الهروي.) وسمع: أبا الفتح نصر بن أحمد بن إبراهيم الحنفي، وعيسى بن شعيب السجزي، ومحيي السنة أبا محمد البغوي. وكان فقيهاً صالحاً، حسن السيرة، خشن العيش، تاركاً للتكلف، قانعاً باليسير، عارفاً بالحديث وطرقه، اشتغل بطلبه وجمعه طول عمره، وجمع كتاباً مطولاً أكثر من أربعمائة مجلدة، مشتملة على التفسير، والحديث، والفقه، واللغة، سماه قيد الأوابد. وسمع جماعة كثيرة. وسمعت بإفادته. ووفاته بقرية بوس كارنجان في ثاني عشر جمادى الآخرة. قلت: روى عنه هو وابنه عبد الرحيم بن أبي سعد. 4 (محمد بن طاهر بن عبد الله أخي نظام الملك الحسين ابني علي بن إسحاق بن العباس.) الرئيس أبو بكر الطوسي، الزادكاني. حمله أبوه أيام عمه النظام إلى إصبهان، وسمعه من الكبار. وكان مولده في سنة أربع وسبعين وأربعمائة. حدث عن: أبي بكر بن ماجة الأبهري، وأبي منصور محمد بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبي الحسن علي بن أحمد المؤدب. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه جزء لوين. وتوفي في بسردة من سواد نيسابور، في أحد الربيعين أو الجمادين. وبخط الضيا: مات سنة سبع كما مر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 291 4 (محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الأشعر.) الأموي، الداني، المقرئ، نزيل سبتة. أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن أبي الحسن بن شفيع، وأبي محمد بن إدريس. قال الأبار: أقرأ القرآن، وكان عالي الرواية، فاضلاً، مجاب الدعوة. أخذ عنه أبو الصبر أيوب بن عبد الله، وقال:) توفي رحمه الله في جمادى الآخرة. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله.) أبو الفتح الحمدوي، المروزي، البنجديهي، الفقيه. سمع جامع الترمذي من أبي سعيد الدباس. وقد سمعه منه السمعاني. وسمع من: هبة الله الشيرازي، والمظفر بن منصور بن منصور البرازي. ولد سنة بضع وستين. ومات بمرو في جمادى الآخرة في تاسعه سنة تسع. قاله أبو سعد. 4 (محمد بن علي بن أبي منصور.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 292 الصاحب جمال الدين أبو جعفر الإصبهاني، الملقب بالجواد. وزير صاحب الموصل أتابك زنكي بن آقسنقر. استعمله زنكي على ولاية نصيبين والرحبة، وجعله مشرف مملكته، واعتمد عليه. وكان نبيلاً رئيساً، دمث الأخلاق، حسن المحاضرة، محبوب الصورة، سمحاً، كريماً. ومدحه محمد بن نصر القيسراني بقصيدته التي أولها: (سقى الله بالزوراء من جانب الغربي .......... مها وردت ماء الحياة من القلب) قال القاضي ابن خلكان: وكان يحمل في السنة إلى الحرمين أموالاً وكسوة تقوم بالفقراء سنتهم كلها. وتنوع في أفعال الخير، حتى جاء في زمنه غلاء عظيم، فواسى الناس حتى لم يبق له شيء وباع بقياره، وعرف بالجواد. وأجرى الماء إلى عرفات أيام الموسم، وبنى سور مدينة النبي صلى الله عليه وسلم. وبالغ في أنواع البر والقرب، ولما قتل أتابك زنكي على قلعة جعبر رتبه سيف الدين غازي ابن زنكي وزيره إلى أن مات. ثم وزر بعده لقطب الدين مودود وأخيه. ثم إنه استكثر إقطاعه، وثقل عليه، فقبض عليه سنة ثمان وخمسين. ومات محبوساً مضيقاً عليه في سنة تسع. وكان يوم جنازته يوماً مشهوداً من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 293 ضجيج الضعفاء والأيتام حول جنازته. ودفن بالموصل، ونقل بعد سنة إلى مكة في تابوت، فوقفوا به وطافوا بتابوته، ثم ردوه فدفنوه) بالمدينة النبوية. قلت: خالفوا السنة بما فعلوا. ولما دخل تابوته الكوفة ذكره الخطيب وأثنى عليه وقال: (سرى نعشه فوق الرقاب وطالما .......... سرى بره فوق الركاب ونائله)

(فتى مر بالوادي فانثنت رماله .......... عليه وبالنادي فحنت أرامله) فضج الناس بالبكاء، وكانت ساعة عجيبة. قال ابن خلكان: وكان ابنه جلال الدين علي من بلغاء الأدباء، له ديوان رسائل أجاد فيه. وكان الصدر مجد الدين أبو السعادات المبارك بن الأثير في صباه كاتباً بين يديه، فكان يملي عليه الإنشاء. وتوفي سنة أربع وسبعين. وقد ولي وزارة الموصل، ومات بدنيسر، ودفن عند أبيه. وقد حكى ابن الأثير في ترجمة الجواد مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها فالله يرحمه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 294 4 (محمد بن مهدي بن الحسين بن عمر.) أبو الحسين الطبري الصوفي، نزيل بغداد. وبها نشأ. ومولده سنة ست وثمانين وأربعمائة. وأسمعه أبوه من محمد بن عبد السلام الأنصاري، وثابت بن بندار. 4 (محمد بن أبي زيد بن جمكا.) الإصبهاني. الرجل الصالح، والد حفصة. توفي في نصف شوال بإصبهان. 4 (حرف النون)

4 (نصر بن خلف.) السلطان أبو الفضل، صاحب سجستان. قال ابن الأثير: عمر مائة سنة، وتملك ثمانين سنة.) قلت: لا أعلم في الإسلام بقي ملكاً هذه المدة سوى هذا، وبعده تملك ابنه شمس الدين أبو الفتح أحمد بن نصر. قال: وكان أبو الفضل ملكاً عاقلاً، عفيفاً عن رعيته، وله آثار حسنة في نصرة السلطان سنجر في غير موقف. توفي رحمه الله في سنة تسع هذه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 295 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن علي بن خطاب.) أبو شجاع البغدادي، المقرئ. وليس هذا بالخيمي. ذاك يأتي سنة أربع وستين. وهذا ورخه ابن مشق في شعبان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 296 4 (وفيات سنة ستين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام.) أبو العباس بن الحطيئة اللخمي، الفاسي، المقرئ، الناسخ، الشيخ. إمام صالح كبير القلب، مقرئ بارع مجود، من أعلام المقرئين. نسخ الكثير بالأجرة. وكان مليح الخط، جيد الضبط. ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة بمدينة فاس، وحج ودخل الشام ولقي الكبار. ثم استوطن مصر بجامع راشدة خارج الفسطاط.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 297 وكان لأهل مصر فيه اعتقاد كبير لا مزيد عليه. قرأت بخط أبي الطاهر بن الأنماطي: سمعت شيخنا أبا الحسن شجاعاً المدلجي، وكان من خيار عباد الله يقول: كان شيخنا ابن الحطيئة شديداً في دين الله، فظاً غليظاً على أعداء الله. لقد كان يحضر مجلسه داعي الدعاة مع عظم سلطنته ونفوذ أمره، فلا يحتشمه ولا يكرمه، ويقول: أحمق الناس في مسألة كذا الروافض، خالفوا الكتاب والسنة وكفروا بالله.) وكنت عنده يوماً في مسجده بشرف مصر، وقد حضر بعض وزراء المصريين، أظن ابن عباس، فاستسقى في مجلسه، فأتاه بعض غلمانه بإناء فضة، فلما رآه ابن الحطيئة وضع يده على فؤاده، وصرخ صرخة ملأت المسجد وقال: واحراها على كبدي، أتشرب في مجلس يقرأ فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آنية الفضة لا والله لا تفعل، وطرد الغلام، فخرج، ثم طلب كوزاً، فجاء بكوز قد تثلم فشرب، واستحيا من الشيخ، فرأيته والله كما قال الله تعالى: يتجرعه ولا يكاد يسيغه. أتى رجل إلى شيخنا ابن الحطيئة بمئزر، وحاف بالطلاق ثلاثاً لا بد أن يقتله. فوبخه على ذلك وقال: علقه على ذاك الوتد. قال لنا شجاع وغيره: فلم يزل على الوتد حتى أكله العت وتساقط. وكان ينسخ بالأجرة، ولا يقبل لأحد قط هدية. وكان له على الجزية في الشهر ثلاثة دنانير. ولقد عرض عليه غير واحد من الأمراء أن يزيد جامكيته فما قبل. وكان له من الموقع في قلوبهم، مع كثرة ما يهينهم ما لم يكن لأحد سواه، وعرضوا عليه القضاء بمصر فقال: لا والله لا أقضي لهم. قال شيخنا شجاع: وكتب صحيح مسلم كله بقلم واحد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 298 وسمعته يقول وقال له إنسان: فلان رزق نعمة ومعدة، فقال: حسدتموه على التردد إلى الخلاء. وسمعته يقول، إذا ذكر عمر بن الخطاب: طويت سعادة المسلمين في أكفان عمر رضي الله عنه. قلت: وقرأ بالروايات على أبي القاسم بن الفحام بالإسكندرية، وعلم زوجته وابنته الكتابة، فكانا) يكتبان مثل خطه سواء. فإذا شرعوا في نسخ كتاب أخذ كل واحد منهم جزءاً من الكتاب ونسخوه، فلا يفرق بين خطوطهم إلا الحاذق. ووقع بمصر الغلاء، فأتاه جماعة وسألوه قبول شيء فامتنع، فخطب الفضل بن يحيى الطويل ابنته وتزوجها. ثم سأل أباها أن تكون أمها عندها لتؤنسها، ففعل. فما أحسن ما تلطف هذا الرجل في بر أبي العباس. وبقي أبو العباس وحده ينسخ ويقتنع. قرأ عليه جماعة منهم: شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي، وأبو الطاهر بن محمد بن بتان الأنباري ثم المصري وجماعة سواهم. وحدث عنه السلفي، وهو أكبر منه، وقال: توفي في آخر المحرم بمصر، قال: وكان رأساً في القراءات. سمع الحديث من أبي عبد الله الحضرمي، وأبي الحسن بن مشرف. وسمعته يقول: ولدت بفاس ودخلت الشام. قلت: وروى عنه صنيعة الملك هبة الله بن يحيى بن حيدورة، والأمير إسماعيل بن أحمد اللمطي، والنفيس أسعد بن قادوس. وهو آخر من حدث عنه. وقبره يزار بالقرافة الصغرى. وطلب لقضاء مصر فأبى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 299 قرأت بخط ابن الأنماطي الحافظ: حكى لنا أبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم قال: كان الشيخ أبو العباس قد أخذ نفسه بتقليل الأكل، بحيث بلغ في ذلك إلى الغاية. وكان يعجب ممن يأكل ثلاثين لقمة ويقول: لو أكل الناس من الضار ما أكل من النافع ما اعتلوا. وحكى لي شجاع أن أبا العباس ولدت له ابنته هند وكبرت، وقرأت عليه بالسبع، وقرأت عليه الصحيحين، وغير ذلك. وكتبت الكثير، وتعلمت عليه كثيراً من علوم القرآن، والحديث، وغير ذلك. ولم ينظر إليها قط. فسألت شجاعاً أكان ذلك عن قصد فقال: كان في أول العمر اتفاقاً، لأنه كان يشتغل بالإقراء إلى المغرب، ثم يدخل إلى بيته وهي في مهدها، وتمادى الحال إلى أن كبرت فصارت عادة. وزوجها ودخلت بيتها والأمر على ذلك،) ولم ينظر إليها قط إلى أن توفي رحمه الله تعالى. 4 (أحمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان.) الحمامي، البخاري، أبو العباس، الأديب، من مشيخة أبي سعد السمعاني. قال: كان فقيهاً، زاهداً، عارفاً باللغة، كثير الاجتهاد والتعبد. سمع: عبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري، والقاضي محمد بن الحسن النسفي، وجماعة. مولده سنة تسع وثمانين. ومات في ربيع الأول سنة ستين. وكان إمام الناس في الجمعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 300 4 (إبراهيم بن محمد.) أبو إسحاق الموصلي، الحنبلي، الفقيه. نزل دمشق، ودرس بالصادرية، وناب في الحكم للقاضي الزكي. وتوفي في هذه السنة. 4 (أمير ميران بن أتابك بن زنكي بن أقسنقر.) التركي، أخو السلطان نور الدين. كان شجاعاً مقداماً. مرض صاحب الشام نور الدين أخوه، فكاتب هو الأمراء ليملكوه، فلما عوفي نور الدين سار إليه، وأخذ منه حران بعد الخمسين وطرده، فمضى إلى صاحب الروم، وجيش الجيوش في العام الماضي. وكان نور الدين نازلاً على رأس الماء، فالتقوا، فكسره نور الدين. وقتل في الوقعة جماعة منهم ابن الداية الأمير، ورد أمير ميران إلى صاحب حصن كيفا. ثم اصطلح هو وأخوه. وأصابه سهم في عينه على بانياس فقتله. مات منه بدمشق. 4 (حرف الحاء)

4 (حسان بن تميم بن نصر.) أبو الندى الزيات.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 301 شيخ صالح، دمشقي. سمع مجالس من الفقيه نصر. وروى عنه: ابن عساكر، وابنه، وأبو المواهب الثعلبي، وعبد الخالق بن أسد، ومكرم بن أبي الصقر، وكريمة القرشية، وآخرون.) توفي الحاج حسان في تاسع عشر رجب، ودفن بباب الفراديس عن نيف وثمانين سنة. 4 (الحسين بن محمد بن الحسين بن حما.) البغدادي، سبط أبي سعد محمد بن عبد الملك الأسدي. سمع من: جده أبي سعد. وحدث في هذه السنة. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصري، وغيره. 4 (حرف الخاء)

4 (خزيفة بن سعد بن الحسن بن الهاطر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 302 أبو المعمر الأزجي، الوراق. ولد سنة ثمانين وأربعمائة. شيخ صالح مسند. سمع: ابن البطر، وأبا الفضل بن خيرون، وأبا الحسن بن أيوب البزاز، وجماعة. روى عنه: ابن السمعاني، ومحمد بن المبارك بدمشق، وشهاب الدين الشهروردي، وآخرون. توفي في العشرين من رجب. وقد روى عنه بالإجازة الرشيد أحمد بن مسلمة. 4 (حرف الراء)

4 (رستم بن علي بن شهريار بن قارن.) ملك مازندران. كان ملكاً شجاعاً مخوفاً، استولى في العام الماضي على بسطام وقومس، واتسعت ممالكه. مات في ثامن ربيع الأول، فكتم ابنه علاء الدين الحسن موته أياماً حتى تمكن وثبت ملكه. ثم خرج عليه صاحب جرجان ونازعه في الملك فلم يبال به.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 303 4 (حرف السين)

4 (سعيد بن سهل بن محمد بن عبد الله.) أبو المظفر النيسابوري، ثم الخوارزمي، الوزير المعروف بالفلكي. سمع: أبا الحسين المؤدب، ونصر الله بن الحمد الخشنامي. وسافر إلى خوارزم، ووزر لصاحبها. وكان ذا رأي وشهامة وكفاية وحسن سيرة وسخاء) ومكارم. ثم إنه خاف من صاحب خوارزم فحج وتصدق بأموال كثيرة، وتزهد، وتعبد. وحدث ببغداد ودمشق، وسكن بخانقاه السميساطي، وجدد بها الصفة الغربية والبركة والقناة التي بها من ماله. وتولى النظر في وقف الخانقاه. وكان ثقة، متواضعاً، صالحاً، حسن الاعتقاد. أثنى عليه ابن عساكر وغيره. ووقع لنا جزء الفلكي عن الشيخين المذكورين. روى عنه: ابن عساكر، وأبو القاسم بن صصرى، وأخوه أبو المواهب، وأبو عبد الله المجاور، وزين الأمناء، ومكرم، ومحمد بن غسان. ومات في شوال، ودفن بمقابر الصوفية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 304 4 (... بن عبد المطلب.) السيد أبو علي العلوي، الإصبهاني. توفي في رجب. 4 (حرف الطاء)

4 (طغرل شاه بن محمد بن الحسين.) الشيخ أبو المعالي الكاشغري. توفي بإصبهان في ثاني جمادى الأولى. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن سبعون.) أبو محمد القيرواني الأصل، البغدادي. سمع: أباه، وأبا الفضل بن خيرون. وحدث في هذا العام. روى عنه: عمر بن علي القرشي، ونصر بن الحصري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 305 4 (عبد الله بن سعد بن الحسن بن الهاطر.) الوزان، لقبه خزيفة. ذكرته في الخاء. 4 (عبد الله بن علي بن الحسين.) أبو محمد الكوفي، العطار.) سمع بدمشق: أبا البركات بن طاوس. وحدث. وتوفي بدمشق في ذي القعدة. وكان كثير التلاوة. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. 4 (عبد القاهر بن أحمد بن محمد بن الطوسي.) أبو علي. نزيل الموصل. أخو عبد الله خطيب الموصل، وعبد الرحمن، ومحمد، وعبد الوهاب. سمع من: جعفر السراج، وغيره. وتوفي يوم عيد الأضحى. 4 (عبد المحسن بن عبد المنعم بن علي بن منيب.) الفقيه أبو محمد الكفرطابي، ثم الشيزري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 306 رحل، وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي العز بن كادش، وطبقتهما. وتفقه بالنظامية، وسكن دمشق. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. وكان ثقة، خيراً. 4 (عبد الملك بن أحمد بن أبي يداس.) أبو مروان الصنهاجي، الجياني. قرأ القرآن والعربية على أبي بكر بن مسعود. وأخذ بالمرية عن: أبي الحجاج القضاعي، وغيره. وأقرأ بشاطبة القرآن والعربية. روى عنه: أبو عبد الله بن سعادة المعمر. 4 (عبد الواحد بن إبراهيم بن أحمد.) أبو الفضل بن القزة الدمشقي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 307 روى صحيح البخاري عن الفقيه نصر بن علي بن موسى السمسار، عن أبي زيد المروزي،) عن الفربري. وسمع مجلساً من نصر أيضاً. روى عنه: ابن عساكر، وقال: سألته عن مولده فقال: سنة خمس وسبعين وأربعمائة. ومات في ذي الحجة. قال: وكان قد اختلط. قلت: وروى عنه: علي بن محمد بن جمال الإسلام، وأبو القاسم بن صصرى وغيرهما. وقد روى بالإجازة عن: عاصم بن الحسين العاصمي. 4 (عبيد الله بن خليفة.) أبو الحسين البطليوسي. ولي قضاء إشبيلية في الدولة اللمتونية بعد القاضي أبي بكر بن العربي ثم عزل، وتوفي في شوال. 4 (عتيق بن عبد العزيز.) أبو بكر السمرقندي، الدرغمي، ثم النيسابوري، الأديب الأوحد. له المحفوظات في اللغة والشعر الجيد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 308 سمع: عبد الغفار بن شيرويه، وغيره. ولد سنة سبع وسبعين. ومات في حدود الستين. عطاء بن عبد المنعم. أبو الغنائم الإصبهاني. حج في هذا العام، فحدث ببغداد عن غانم البرجي. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصري، وغيره. 4 (علي بن أحمد بن محمد بن أبي العباس.) أبو الحسن الإصبهاني، المعروف باللباد.) سمع: رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبا بكر محمد بن أحمد بن ماجة، والقاسم بن الفضل الثقفي، ورجاء بن عبد الواحد بن قولوية، وأبا نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وجماعة. وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي. وخرج له معمر بن الفاخر جزءاً، وروى عنه جماعة. وروى عنه بالإجازة، أبو المنجا ابن اللتي، وكريمة. وتوفي في ثامن عشر شوال. 4 (علي بن أحمد بن مقاتل بن مطكود.) أبو الحسن السوسي، ثم الدمشقي، الشاغوري، ويعرف بابن المعلم. سمع جزءاً واحداً من أبي القاسم علي بن محمد المصيصي، وهو آخر من حدث عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 309 قال ابن عساكر: وكان قبل أن يحج يتولى توظيف ما يوجد من مزارع الشاغور. وتوفي في رمضان. قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن صصرى، وزين الأمناء أبو البركات، ومكرم، وجماعة. وهو أخو نصر بن أحمد. 4 (علي بن محمد بن الحسن بن علان.) أبو الحسن البواب. سمع: أبا الحسين بن الطيوري. وولد في سنة سبعين. وكان يمكنه أن يسمع من أبي نصر الزينبي، لكن السماع قسمية. توفي في المحرم. 4 (عمر بن محمد بن أحمد بن عكرمة.) أبو القاسم بن البرزي، الشافعي العلامة فقيه أهل الجزيرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 310 رحل إلى بغداد، واشتغل على إلكيا الهراسي، وأبي حامد الغزالي، وجماعة. وبرع في المذهب ودقائقه، وقصده الطلبة من البلاد وتفقهوا به. وصنف كتاباً كبيراً شرح فيه إشكالات المهذب. وكان من الدين والعلم بمحل رفيع.) قال القاضي ابن خلكان: كان أحفظ من بقي في الدنيا على ما يقال لمذهب الشافعي. وكان ينعت بزين الدين جمال الإسلام. انتفع به خلق كثير، ولم يخلف بالجزيرة مثله. وكان قد قرأ أولاً على أبي الغنائم محمد بن الفرج السلمي الطارقي، قليلاً من الفقه، فمات أبو الغنائم سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. توفي ابن البزري في أحد الربيعين، وله تسع وثمانون سنة. والبزري: نسبة إلى عمل البزر وبيعه، والبزر في تلك البلاد اسم للدهن المستخرج من حب الكتان وبه يستصبحون. وكان مولده في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. 4 (عمر بن بهليقا.) الطحان، البغدادي. عمر جامع العقيبة بالجانب الغربي من بغداد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 311 وتوفي في ذي القعدة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أبي سعد أحمد بن محمد بن البرودي.) أبو الفتوح الصوفي. سمع: الزينبي، وابن البطر. وعنه: ابن سكينة، وابن الأخضر. مات في جمادى الآخرة سنة تسع. 4 (محمد بن حمزة بن الحسن بن المفرج.) أبو عبد الله بن أبي يعلى الأزدي، الدمشقي، الشروطي. سمع: أباه، وعلي بن طاهر النحوي، وسبيع ابن المقرئ. مات في شعبان، وله إحدى وسبعون سنة. 4 (محمد بن عبد الله بن المسلم بن أبي سراقة.) أبو المجد الهمذاني، ثم الدمشقي.) سمع: أبا الحسين بن الموازيني، وعبد المنعم بن الغمر الكلابي، وحيدرة بن أحمد. سمع منه: أبو الفتح. وتولى عمالة الجامع، ثم عمالة الحشرية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 312 مات في شعبان أو رمضان. روى عنه: أبو المواهب، وأبو القاسم ابنا صصرى. 4 (محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد الحميد المعدل.) أبو عبد الله الحراني، ثم البغدادي. أحد العدول الكبار. كيس، متودد. سمع: هبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري، ورزق الله التميمي، وطراد بن محمد الزينبي، وأبا الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبا سعد المطرز، ويحيى بن مندة الحافظ، وغيرهم. ورحل إلى إصبهان. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سألته عن مولده فقال: سنة أربع وثمانين وأربعمائة. قلت: وروى عنه ابن الجوزي وقال: كان لطيفاً ظريفاً، جمع كتاباً سماه روضة الأدباء، وهو آخر من مات من شهود القاضي أبي الحسن الدامغاني. وروى عنه: ابنته خديجة، وعبد اللطيف بن محمد القبيطي. وله شعر حسن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 313 توفي في ثاني عشر جمادى الأولى. وآخر من روى عنه بالإجازة: الرشيد أحمد بن سلمة. 4 (محمد بن عبد الجبار بن جورية.) الإصبهاني. توفي في ربيع الآخر. 4 (محمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن يوسف العلاف.) ) أبو طاهر بن أبي الحسين ابن حجاب الديوان ومن بيت العلم. سمع: أباه، وابن طلحة النعالي، وابن البطر. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وتفرد بإجازته الرشيد بن مسلمة. وتوفي في ثاني عشر شعبان، ولم يكن مرضياً. 4 (محمد بن أبي خازم محمد بن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء.) القاضي أبو يعلى الصغير، شيخ الحنابلة. تفقه على: أبيه، وعمه القاضي أبي الحسين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 314 وكان من أنبل الفقهاء وأنظرهم وأفصحهم. وفي سنة ثمان وعشرين زكي، ثم بعد ذلك ولي قضاء واسط، فبقي بها مدة، ثم عزل عن القضاء والعدالة، ولزم العلم والمقام بمنزلة إلى أن توفي وقد أسن. سمع: الحسن بن محمد التككي، وأبا الحسن بن العلاف، وأبا الغنائم بن النرسي. روى عنه: أبو الفتح المندائي، وأبو محمد بن الأخضر، وغيرهما. وتوفي في ربيع الآخر ببغداد، وله ست وستون سنة. والأصح أنه توفي في خامس جمادى الأولى، وقد درس وأفتى وأفاد وتخرج به خلق. وكانت جنازته مشهودة. 4 (محمد بن محمد بن عمر بن قرطف.) أبو الفتح النعماني، الشاعر المشهور، يعرف بابن الأديب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 315 ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ببغداد، ومات في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة. وكان من ظرفاء البغداديين وشعرائهم. وله مع براعته في النظم كتابة في غاية الحسن. روى عنه من شعره: أبو سعد السمعاني، وأبو أحمد بن سكينة، وأحمد بن طارق الكركي. أنبأنا جماعة، عن ابن سكينة: أنشدنا أبو الفتح ابن الأديب لنفسه: (عاطل وهو بالمناقب خالي .......... نسب المجد غير عم وخال)

(شبه قرب الشخوص وفي .......... نقد المعاني تباين الأشكال)

(ما استطال القنا بطول الأنا .......... بيب ولكن بالصبر يوم النزال)

(رب حسن يعود قبحاً إذا لم .......... ترو عنه مما حسن الأفعال) ) (يوجد التبر في التراب كما .......... يستخرج المسك من دم الغزال) وبالإسناد له: (طليق دمع أسير القلب عاينه .......... كل بعينك فانظر ما يعانيه)

(تنام عن سهر لا تلتقي قصر .......... أجفانه كلما طالب بلياليه)

(تحيى على زفرات الشوق أضلعه .......... وأنت في غفلة عما يلاقيه) منها: (سهم على القلب قبيل السمع موقفه .......... قد أتبعته بسهم كف راميه)

(وليلة الجزع لما بات يرشقني .......... ثغر الزجاجة والصهباء من فيه)

(شربت كأس مدام من سلافته .......... فبحت بكأس عتاب من تجنيه)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 316 وبه له: (لم يبق بعد المفرق الأشيب .......... لديك من ملهى ولا ملعب)

(أنذرت الخمسين أنيابها .......... بعد ذهاب العمر المذهب)

(أنسيت ما فات كأن الذي .......... مضى من الأيام لم يحسب)

(هل هو إلا أمد منتهى .......... إلى بعيد الدار لم يعقب)

(مسافة قد تطمع في قطعها .......... بغير زاد وبلا مركب)

(يا ويح من أنفق أيامه .......... في طلب المتجر والمكسب)

(ما هو آت غير مستبعد .......... قد آن وضع الحامل المقرب)

(كل عام يرتجي المنى .......... وهن قد سوفن الوعد بي)

(وليس لي هم سوى وقفة .......... في حرم المدفون في يثرب)

4 (محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن زيد.) الشريف أبو طالب العلوي، الحسيني، البصري، النقيب، نقيب الطالبيين بالبصرة ثم عزل من النقابة. قال ابن السمعاني: قدم بغداد عدة نوب، وانحدرت في صحبته إلى البصرة واجتمعت به. وكان ظريفاً مطبوعاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 317 وكان أصحابنا البصريين يقولون إنه يكذب كثيراً، فاحشاً في أحاديث الناس.) وروى ببغداد عن أبي علي البسري. قال: وسمع منه، ومن: جعفر العباداني، وأبي عمر الحسن بن علي بن محمد بن غسان النحوي، ومحمد بن علي بن العلاف المؤدب. قال ابن نقطة: قدم بغداد سنة خمس وخمسين، وحدث بها على أبي علي بكتاب السنن لأبي داود الجزء الأول بالسماع المتصل، والباقي إجازة، إن لم يكن سماعاً. ثنا عنه: أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع، وسماعه من التستري سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وقال عمر بن علي القرشي في معجمه: أنا الشريف أبو طالب محمد بن أبي الحسين محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن عبد الله بن علي بن ماعز ابن الأمير عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، العلوي، ويعرف بابن أبي زيد، وسألته عن مولده فقال: في ربيع الأول سنة إحدى وستين وأربعمائة. وتوفي في ربيع الأول سنة ستين. قلت: وقال ابن السمعاني: ولد سنة تسع وستين وأربعمائة. وقال ابن النجار: سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن محمد،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 318 عن والده متى ولد قال: سنة تسع وستين. قلت: وروى أبو طالب ببغداد كتاب السنن. استقدمه الوزير ابن هبيرة وألزمه، وسمع منه الكتاب. وقد حدث أبو الفتوح بن الحصري عنه بالسماع المتصل، وقال:) أخبرت أن سماعه ظهر بعد ذلك. قال ابن نقطة: وهذا القول عندي فيه نظر، لأنا لم نسمع أحداً قاله غير ابن الحصري، والصحيح عندي ما قيده أبو المحاسن القرشي، يعني الجزء الأول فقط، وآخره عند كراهة مسه الذكر في الاستبراء. قال أبن نقطة: وحدثني أبو مسعود محمد بن محمد بن جعفر البصري الفقيه قال: قال لي علي بن الحسن ابن المعلمة: لما ورد إلى بغداد وأقرأنا السنن على أبي زيد النقيب، كتب لي أبو المحاسن القرشي يطلب منا سماع الشيخ في سنن أبي داود، فطلبت فلم أجد سماعه إلا في جزء واحد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 319 قلت: عاش ستاً وتسعين سنة، وقد رواه المقداد بن أبي القاسم القيسي بدمشق، أعني السنن كله، عن ابن الحصري، بسماعه عن العلوي عن التستري لجميع الكتاب سماعاً، فالله أعلم بحقيقة الأمر. أنبأونا عن أحمد بن طارق: أنشدنا أبو طالب العلوي لنفسه: (لا تشكون دهراً سطا .......... شكوا آله عين الخطا)

(واصبر على حدثانه .......... إن جار يوماً وامتطى)

(الدهر دهر القلب .......... يوماه بؤس أو عطا)

4 (محمد بن سعود بن عبد الملك بن خنيس.) أبو الكرم الغسال، البزار، بغدادي، مطبوع، صاحب نوادر، وحكايات، وأشعار، وله بضاعة يتجر فيها إلى الحجاز والري. سمع من: جعفر السراج، وأبي القاسم الزيلعي، وجماعة. قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وقال لي:) ولدت سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وقال ابن مشق: توفي في سابع عشر ربيع الأول. روى عنه: ابن الأخضر، وابن الحصري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 320 4 (مرجان الخادم.) قال ابن الجوزي: كان يقرأ القرآن، ويعرف شيئاً من مذهب الشافعي، وتعصب على الحنابلة فوق الحد. حتى أن الحطيم الذي كان برسم الوزير ابن هبيرة بمكة يصلي فيه ابن الطياخ الحنبلي مضى مرجان وأزاله من غير تقدم بغضاً للقوم، وناصبني دون الكل، وبلغني أنه كان يقول: مقصودي قلع هذا المذهب، ولما مات الوزير ابن هبيرة سعى بي إلى الخليفة فقال: عنده كتب مثل كتب الحريري، فقال الخليفة: هذا محال، فإن فلاناً كان عنده أحد عشر ديناراً لأبي حكيم وكان حشرياً فما فعل لها شيئاً حتى طالعنا. فدفع عني شره. ومات في ذي القعدة. 4 (... بن عبد الله بن عزيزة.) أبو الغنائم الإصبهاني. توفي في جمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 321 4 (محمود بن عبد العزيز.) شهاب الدين الحامدي، الهروي، وزير السلطان رسلان، ووزير أتابكه إلدكز. توفي في ربيع الأول من سنة ستين. وكان من رجال الدهر حزماً ورأياً. 4 (المظفر بن هبة الله بن المظفر.) أبو شجاع ابن المسلمة، البغدادي. سمع: أبا القاسم بن بيان، وشجاعاً الذهلي. روى عنه: يوسف بن الطفيل الدمشقي. وتوفي في رمضان.) 4 (حرف النون)

4 (نصر بن إدريس.) أبو عمرو الشقوري. الرجل الصالح، قاضي شاطبة. روى عن: أبي الحريز العاص، ويونس بن مغيث. ورخه أبو عبد الله الأبار. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن إبراهيم.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 322 أمين الدولة، أبو الحسن ابن التلميذ النصراني، المسيحي، البغدادي، شيخ الطب. سقراط عصره، وجالينوس زمانه، شيخ النصارى لعنهم الله وقسيسهم. ذكره العماد في الخريدة وما بلغ في وصف هذا الخنزير، ومن ما قاله: هو سلطان الحكماء، ومقصد العالم في علم الطب. وقال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة في تاريخه: ابن التلميذ، أوحد زمانه في صناعة الطب، ومباشرة أعمالها ما هو مشهور من تصانيفه وحواشيه على الكتب الطبية، وكان ساعور البيمارستان المعتضدي ببغداد إلى حين وفاته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 323 سافر في صباه إلى العجم، وبقي بها في الخدمة زماناً. وكان يكتب خطاً منسوباً، خبيراً باللسان السرياني واللسان الفارسي، واللغة، وله نظم حسن، ظريف. وكان والده أبو العلاء صاعد طبيباً مشهوراً. وكان أمين الدولة، وأبو البركات أوحد الزمان في خدمة المستضيء بأمر الله، وكان أوحد الزمان أفضل من أمين الدولة في العلوم الفلسفية، وله فيها تصانيف. وكان الآخر أبصر بالطب، وكان بينهما عداوة، ولكن كان ابن التلميذ أوفر عقلاً، وأجود طباعاً. وقال ابن خلكان: كان أوحد الزمان، واسمه هبة الله بن محمد بن ملكا، يهودياً فأسلم في آخر أيامه، وأصابه الجذام فعالج روحه بتسليط الأفاعي على جسده بعد أن تجرعها، فبالغت في نهشه، فبرئ من الجذام وعمي، فعمل ابن التلميذ:) (لنا صديق يهودي حماقته .......... إذا تكلم تبدو فيه من فيه)

(يتيه والكلب أعلى منه منزلة .......... كأنه بعد لم يخرج من التيه) وقال الموفق عبد اللطيف بن يوسف: كان ابن التلميذ كريم الأخلاق، عنده سخاء ومروءة، وأعمال في الطب مشهورة، وحدوس صائبة، منها أنه أدخل إليه رجل ينزف دماً في زمن الصيف فسأله تلاميذه، وكانوا قدر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 324 خمسين، فلم يعرفوا المرض، فأمره أن يأكل خبز شعير مع باذنجان مشوي، ففعل ذلك ثلاثة أيام، فبرئ، فسأله أصحابه عن العلة، فقال: إن دمه قد رق، ومسامه تفتحت، وهذا الغذاء من شأنه تغليظ الدم وتكثيف المسام. قال: ومن مروءته أن ظهر داره كان يلي المدرسة النظامية، فإذا مرض فقيه نقله إليه، فإذا أبل وهب له دينارين وصرفه. وقال الموفق بن أبي أصيبعة: كان الخليفة قد فوض إليه رئاسة الطب، فلما اجتمع الأطباء ليمتحنهم، كان فيهم شيخ له هيئة ووقار، فأكرمه، وكان للشيخ ذرية، وكان يعالج من غير علم. فلما انتهى الأمر إليه قال له ابن التلميذ: لم لا تلزم الجماعة في التخت لتعلم ما عندهم في هذه الصنعة فقال: وهل تكلموا بشيء إلا وأنا أعلمه، وسبق لي فهم أضعافه. قال: فعلى من قرأتم يا سيدنا إذا صار الإنسان في هذا السن ما يليق به إلا أن يسأل: كم لكم من التلاميذ. قال: فأخبرني ما قرأت من الكتب. قال: سبحان الله، صرنا إلى حد الصبيان. أتسأل مثلي هذا أنا يقال لي: ما صنفتم في الطب، وكم عندكم من الكتب والمقالات. ولا بد أن أعرفك بنفسي.) ثم دنا من أذن أمين الدولة وقال له سراً: اعلم أنني قد شخت وأنا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 325 جاهل بالطب، وما عندي إلا معرفة اصطلاحات مشهورة، وعمري كله الكسب بهذا الفن، ولي عائلة، فسألتك بالله أن تسترني ولا تفضحني بين الجماعة. فقال: على شرط أنك لا تهجم على مريض بما لا تعلمه.... فقال الشيخ: هذا مذهبي مذ كنت وما تعديت وصف شراب الليمون والجلاب. فقال ابن التلميذ للجماعة جهراً: يا شيخ ما كنا نعرفك فاعذرنا. وقال ابن أبي أصيبعة: حدثني سعد الدين بن أبي سهل البغدادي: رأيت ابن التلميذ، وكان يحب صناعة الموسيقى، وله ميل إلى أهلها. وكان شيخاً ربع القامة، عريض اللحية، حلو الشمائل، كثير النادرة. ومن نظم ابن التلميذ: (لو كان يحسن غصن البان .......... مشيتها تأوداً لحكاها غير محتشم)

(في صدرها كوكبا نور أقلهما .......... ركنان لم يقربا من كف مستلم)

(هتانتهما في حرير من غلائلها .......... فنحن في الحل والركنان في الحرم) وله: (عانقتها وظلام الليل منسدل .......... ثم انتبهت برد الحي في الغلس)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 326 (فغرقت... خوفاً أن أنبهها .......... وأتقي أن يذوب العقد من نفسي) وله: .......... (........ كتمنا .......... مستقيم فنام نظيرك) .......... (........ خصيتك .......... فلا يقوم ببيض غيرك) وله من الكتب أقراباذين وهو مشهور يتداوله الناس، وآخر اسمه الموجز صغير، واختصار كتاب الحادي للرازي، واختصار شرح جالينوس لفصول أبقراط، وشرح مسائل حنين ابن إسحاق واختصر الحواشي على القانون لابن سينا، ومقابلة في الفصد، وتصانيف سوى ذلك.) وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول، وله أربع وتسعون سنة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 327 لا رحمه الله، وخلف أموالاً جزيلة، وكتباً فائقة. ورثه ابنه، ثم أسلم ابنه قبيل موته، وعاش نحواً من الثمانين، واختنق في داره، وأخذ ماله، ونقلت كنبه على عشر جمال. وكان ابن التلميذ قد قرأ الطب على أبي الحسن سعيد بن هبة الله صاحب المصنفات. وذكر الموفق بن عبد اللطيف أن ولد أمين الدولة كان شيخه في الطب، وأنه انتفع به، وقال: لم أر من يستحق اسم الطب غيره، وخنق في دهليزه. قلت: ومن قارب أمين الدولة لأجل الحكمة: 4 (معتمد الملك أبو الفرج يحيى بن صاعد بن يحيى ابن التلميذ.) وكان بارعاً في الطب رأسه في الفلسفة، وله شعر رائق، وله عدة تلاميذ. وقد مدحه الشريف أبو يعلى محمد بن سارية، وكان قد أتاه إلى إصبهان، فحصل له من الأمراء والأعيان مالاً كثيراً، فقال في قصيدة منها: (فعمى أبي الفرج بن صاعد الذي ............. في المكاسب نائبا)

(ثقة أخلاقه سيد الحكماء .......... معتمد الملوك الفيلسوف الكاتبا)

4 (حرف الياء)

4 (ياغي أرسلان بن دانشمند.) صاحب ملطية جرى بينه وبين قلج أرسلان بن مسعود السلجوقي حروب لأنه كان جاره بقونية. وسببها أن قلج أرسلان تزوج بابنة الملك قتليق

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 328 فجهزت إليه، فنزل ياغي أرسلان فأخذ العروس وجهازها ثم أراد أن يزوجها بابن أخيه ذي النون فقيل له لا يصلح هذا، فعلمه بعض الفقهاء الرأي أن يأمرها بالردة عن الإسلام فارتدت لينفسخ النكاح، ثم أسلمت فزوجها لذي النون. فسار قلج أرسلان لقتاله فعملا مصافاً فانهزم قلج أرسلان. وهلك ياغي أرسلان عقب ذلك، وتملك بعده ابن أخيه إبراهيم بن محمد بن كشمند وأخوه ذو النون واتفقا مع قلج أرسلان. 4 (يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن جهم.) أبو المظفر يمين الخلافة الوزير عون الدين.) ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة بدور، وهو موضع من سواد العراق، بقرية بني أوقر، ودخل بغداد في صباه، وطلب العلم، وعاشر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 329 الفقهاء والأدباء وسمع الحديث، وقرأ القراءات، وشارك في فنون عديدة. وكان خبيراً باللغة، ويعرف النحو والعروض. وكان مسدداً في السنة واتباع السلف، ثم أمضه الفقر فتعرض للكتابة وأدب، وشارف الخزانة، ثم ولي ديوان الزمام للمقتفي بأمر الله، ثم استوزره المقتفي سنة أربع وأربعين فدام وزيره، ثم وزر لولده المستنجد إلى أن مات. وكان من خيار الوزراء أدباً، وصلاحاً، ورأياً، وتواضعاً لأهل العلم وبراً بهم. سمع: أبا عثمان بن ملة، وأبا القاسم بن الحصين، ومن بعدهما. وكان يحضر مجلسه الأئمة والفقهاء، ويقرأ عنده الحديث على الرواة، ويجري من البحوث والفوائد عجائب. دخل عليه الحيص بيص مرة، فقال له ابن هبيرة: قد نظمت بيتين تقدر أن تعززهما بثالث. فقال: وما هما قال: (زار الخيال نحيلاً مثل مرسله .......... فما شفاني منه الضم والقبل)

(ما زارني قط إلا أن يوافقني .......... على الرقاد فينفيه ويرتحل) فقال الحيص بيص من غير روية: (وما درى أن نومي حيلة نصبت .......... لوصله حين رأى اليقظة الحيل)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 330 وذكره أبو الفرج بن الجوزي فقال: كان يجتهد في اتباع الصواب، ويحذر الظلم، ولا يلبس الحرير. قال لي: لما رجعت من الحلة دخلت على المقتفي، فقال لي: ادخل هذا البيت وغير ثيابك. فدخلت فإذا خادم وفراش ومعهم خلعة حرير، فقلت: والله ما ألبسها. فخرج الخادم فأخبر المقتفي فسمعت صوته يقول: قد والله قلت إنه ما يلبس. وكان المقتفي معجباً به ولما استخلف المستنجد دخل عليه فقال له: يكفي في إخلاصي أني ما حابيتك في زمن أبيك. فقال: صدقت.) قال: وقال مرجان الخادم: سمعت المستنجد بالله ينشد لوزيره وقد مثل بين يديه في أثناء مفاوضة ترجع إلى تقرير قواعد الدين وإصلاح أمور المسلمين، فأعجب المستنجد به، فأنشده لنفسه: (صفت نعمتان خصتاك وعمتا .......... فذكرهما حتى القيامة يذكر)

(وجودك والدنيا إليك فقيرة .......... وجودك والمعروف في الناس ينكر)

(فلو رام يا يحيى مكانك جعفر .......... ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر)

(ولم أر من ينوي لك السوء يا أبا الم .......... ظفر إلا كنت أنت المظفر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 331 قال ابن الجوزي: وكان يبالغ في تحصيل التعظيم للدولة، قامعاً للمخالفين بأنواع الحيل. حسم أمور السلاطين السلجوقية، وكان شحنة، قد أذاه في صباه، فلما وزر أحضره وأكرمه. وكان يتحدث بنعم الله، ويذكر في منصبه شدة فقره القديم. ثم قال: نزلت يوماً إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به، وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء، وكان يبذل لهم الأموال. وكانت السنة تدور وعليه ديون وقال: ما وجبت علي زكاة قط. وكان إذا استفاد شيئاً قال: أفادنيه فلان. أفدته معنى حديث، فكان يقول: أفادنيه ابن الجوزي. فكنت أستحي من الجماعة. وجعل لي مجلساً في داره كل جمعة، وأذن للعوام في الحضور. وكان بعض الفقراء يقرأ عنده كثيراً، فأعجب وقال لزوجته: أريد أن أزوجه بابنتي. فغضبت الأم من ذلك. وكان يقرأ عنده الحديث كل يوم بعد العصر. فحضر فقيه مالكي، فذكرت مسألة، فخالف فيها الجميع وأصر، فقال الوزير: أحمار أنت أما ترى الكل يخالفونك فلما كان في اليوم الثاني قال للجماعة: إنه جرى مني بالأمس على هذا الرجل ما لا يليق، فليقل لي كما قلت له، فما أنا إلا كأحدكم. فضج المجلس بالبكاء، واعتذر الفقيه وقال:) أنا أولى بالاعتذار. وجعل يقول: القصاص القصاص، فلم يزل حتى قال يوسف الدمشقي: إذ أبى القصاص فالفداء، فقال الوزير: له حكمه. فقال الفقيه: نعمك علي كثيرة، فأي حكم بقي لي قال: لا بد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 332 قال: علي دين مائة دينار. فقال: أعطوه مائة دينار لإبراء ذمته، ومائة لإبراء ذمتي. فأحضرت في الحال. وما أحسن قول الحيص بيص في قصيدته في الوزير: (يهز حديث الجود ساكن عطفه .......... كما هز شرب الحي صهباء قرقف)

(إذا قيل عون الدين يحيى تألق ال .......... غمام وماس السمهري المثقف) قال: وكان الوزير يتأسف على ما مضى من زمانه، ويندم على ما دخل فيه. ولقد قال لي: كان عندنا بالقرية مسجد فيه نخلة تحمل ألف رطل، فحدثت نفسي أن أقيم في ذلك المسجد، وقلت لأخي محب الدين: أقعد أنا وأنت وحاصلها يكفينا. ثم انظر إلى ما صرت. ثم صار يسأل الله الشهادة ويتعرض لأسبابها. وفي ليلة ثالث عشر جمادى الأولى استيقظ وقت السحر فقاء، فحضر طبيبه ابن رشادة فسقاه شيئاً، فيقال إنه سمه، فمات وسقي الطبيب بعده بنصف سنة سماً، فكان يقول: سقيت كما سقيت فمات. ورأيت أنا وقت الفجر كأني في دار الوزير وهو جالس، فدخل رجل بيده حربة، فضربه بها، فخرج الدم كالفوارة، فالتفت فإذا خاتم ذهب، فأخذته وقلت: لمن أعطيه أنتظر خادماً يخرج فأسلمه له. فانتبهت فأخبرت من كان معي، فما استممت الحديث حتى جاء رجل فقال:) مات الوزير. فقال واحد: هذا محال أنا فارقته في عافية أمس العصر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 333 فنفذوا إلي، فقال لي ولده: لا بد أن تغسله. فغسلته، ورفعت يده ليدخل الماء في مغابنه، فسقط الخاتم من يده حيث رأيت ذلك الخاتم. ورأيت آثاراً بجسده ووجهه تدل على أنه مسموم. وحملت جنازته إلى جامع القصر، وخرج معه جمع لم نره لمخلوق قط، وكثر البكاء عليه لما كان يفعله من البر والعدل، ورثاه الشعراء. قلت: وقد روى عن المقتضي تلك الأحاديث المقتفوية. سمعتها من الأبرقوهي، عن ابن الجواليقي، وعنه. وقد شرح صحيحي البخاري ومسلم في عدة مجلدات، وسماه كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح. وألف كتاب العبادات في مذهب أحمد، وأزجوزة في المقصور والممدود، وأخرى في علم الخط، واختصر إصلاح المنطق لابن السكيت.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 334 وولي الوزارة بعده شرف الدين أبو جعفر أحمد بن البلدي، فأخذ في تتبع آل هبيرة، فقبض على ولديه محمد وظفر ثم قتلهما. وقال أبو المظفر: اضطر ورثة ابن هبيرة إلى بيع ثيابهم وأثاثهم، وبيعت كتب الوزير الموقوفة على مدرسته حتى أبيع كتاب البستان في الرقائق لأبي الليث السمرقندي بدانقين وحبة، وكان يساوي عشرة دنانير، فقال واحد: ما أرخص هذا البستان. فقال جمال الدين بن الحصين: لثقل ما عليه من الخراج. يشير إلى الوقفية. فأخذ وضرب وحبس، فلا قوة إلا بالله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 335 4 (يحيى بن محمد بن رزق.) أبو بكر الأندلسي. قال ابن بشكوال: هو من أهل المرية. أخذ عن جماعة من شيوخنا وصحبنا عند بعضهم. وكان محدثاً حافظاً، متيقظاً، عارفاً بالحديث ورجاله، ثقة، ديناً.) وقد أخذ عنه. وتوفي بسبتة في شعبان. وكان مولده سنة ثلاث وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 336 1 (المتوفون في هذه الطبقة تقريباً)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي.) القاضي أبو الخطاب الطبري، البخاري، العلامة. أستاذ في علم الخلاف، قدوة في علم النظر تفقه على والده، والإمام البرهان. وحدث عن: أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق، وغيره. وكان مولده في سنة سبع وتسعين وأربعمائة. روى عنه: أبو المظفر عبد الرحيم السمعاني وقال: هو أستاذي في علم الخلاف. 4 (أحمد بن الحسن بن سيد.) أبو العباس الجراوي، المالقي. من كبار النحاة والأدباء بالأندلس. حدث عن: أبي الحسن بن مغيث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 337 قال الأبار: توفي نحو الستين. ومن شعره: (وبين ضلوعي للصبابة لوعة .......... بحكم الهوى تقضي علي ولا أقضي)

(جنى ناظري منها على القلب ما جنى .......... فيا من رأى بعضاً يعين على بعض)

4 (أحمد بن قسي.) صاحب خلع النعلين. من أهل الأندلس. قال عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي: كان أول أمره يدعي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 338 الولاية، وكان ذا حيل وشعبذة ومعرفة بالبلاغة. ثم قام بحصن مارتلة، ودعا إلى بيعته، ثم اختلف عليه أصحابه، ودسوا عليه من أخرجه من الحصن بحيلة حتى) أسلموه إلى أحد الموحدين، فأتوا به عبد المؤمن، فقال له: بلغني أنك دعيت إلى الهداية. فكان من جوابه أن قال: أليس الفجر فجرين: كاذب وصادق قال: بلى. قال: فأنا كنت الفجر الكاذب. فضحك عبد المؤمن ثم عفا عنه. ولم يزل بحضرة عبد المؤمن حتى قتل. قتله صاحب له. قلت: كان سيء الاعتقاد، فلسفي التصوف، له في خلع النعلين أوابد ومصائب. 4 (إبراهيم بن أحمد.) القاضي أبو إسحاق السلمي، الغرناطي، ويعرف بابن صدقة. روى ببلده عن: أبي بكر بن غالب بن عطية، وغيره. وحج فسمع من: أبي بكر الطرطوشي، وأبي الحسن بن الفراء. روى عنه: أبو القاسم بن سمحون. قال الأبار: بقي إلى بعد الخمسين. 4 (إبراهيم بن عطية بن علي بن طلحة.) أبو إسحاق البصري، الضرير، المقرئ، إمام الجامع. شيخ صالح، طريف، كثير المحفوظ. سمع من: قاضي البصرة أبي عمر محمد بن أحمد النهاوندي. وأحسبه آخر من روى عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 339 وسمع ببغداد من مالك البانياسي. قال ابن الدبيثي: بقي إلى سنة إحدى وخمسين، وحدثنا عنه سعيد بن محادش، وأحمد بن مبشر المقرئ، وغيرهما. 4 (إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عقيل بن الأشعث.) ) الحكيم أبو إسحاق السمرقندي، المعروف جده بالدغوش. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. قال عبد الرحيم السمعاني: سمعت منه جزءاً من حديث قتيبة، قال: أنبأنا علي بن أحمد بن حسن الصيرفي، أنا عمر بن أحمد بن شاهين السمرقندي سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، أنا محمد بن جعفر بن محمد الدرماري سنة اثنتين وسبعين، ثنا محمد بن الفضل البلخي، عنه. 4 (أخمشاد بن عبد السلام بن محمود.) العلامة الواعظ، أبو المكارم الغزنوي، الحنفي. أحد فحول الفضلاء والعلماء، بحر يتموج، وفجر يتبلج، وهمام فتاك، وحسام بتاك، وفقيه مدره، وفصيح مفوه، وواعظ مذكر. كان بإصبهان، ثم لحق بالعسكر، وولي أرانية وحيرة. ثم لما كان محمد شاه محاصراً بغداد، ورد أبو المكارم هذا من جهة إلدكز، وعبر إلى الجانب الشرقي، وكأنه يؤدي رسالة واجتمع بالوزير ابن هبيرة وعاد، فاتهمه محمد شاه ونكبه. ثم عاد إلى حيرة، ومات بعد سنة اثنتين وخمسين وهو في الكهولة. قال العماد في الخريدة: أنشدني لنفسه:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 340 (امالك رقي ما لك اليوم رقة .......... على صبوتي والحين من تبعاتها)

(سألت حياتي إذ سألتك قبلة .......... لي الربح فيها خذ حياتي وهامشها)

4 (إسماعيل بن علي بن بركات.) أبو الفضل الغساني، الدمشقي، المقرئ، ويعرف بابن النجادي. من ذرية الإمام يحيى بن يحيى الغساني. قرأ بالروايات على سبيع بن المسلم. وسمع من: الشريف نسيب الدولة، وأبي طاهر الحنائي. وقدم بغداد سنة اثنتين وخمسين، فسمع ولده من أبي الوقت السجزي. ثم مات. قال ابن النجار: قرأ عليه شيخنا أحمد بن عبد الملك بن باتانة، وعبد الوهاب بن عيسى وأقرأ عنه.) وكان عالماً بالقراءات ووجوهها، صدوقاً، موثقاً، رحمه الله تعالى. 4 (أوحد الزمان الطبيب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 341 واسمه هبة الله بن علي بن ملكا، أبو البركات البلدي. وولد ببلد وسكن بغداد. وكان يهودياً فأسلم في أواخر عمره، وخدم المستنجد بالله. قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: تصانيفه في غاية الجودة، وكان له اهتمام بالغ في العلوم وفطرة فائقة. وكان مبدأ تعلمه الطب أن أبا الحسين سعيد بن هبة الله كان له تصانيف وتلامذة، ولم يكن يقرئ يهودياً، وكان أوحد الزمان يشتهي الأخذ عنه والتعلم منه، ونقل عليه بكل طريق فما مكنه، فكان يتخادم للبواب ويجلس في الدهليز، بحيث يسمع جميع ما يقرأ على أبي الحسين. فلما كان بعد سنة جرت مسألة وبحثوا فيها، فلم يجدوا لهم عنها جواباً، وبقوا متطلعين في حلها، فلما تحقق ذلك منهم أبو البركات، دخل وخدم الشيخ، وقال: يا سيدنا، بإذنك أتكلم في هذه المسألة. فقال: قل. فأجاب بشيء من كلام جالينوس، فقال: يا سيدنا، هذا جرى في اليوم الفلاني، في ميعاد فلان، وحفظته. فبقي الشيخ يتعجب من ذكائه وحرصه، واستخبره عن المكان الذي كان يجلس فيه، فأعلمه به فقال: من يكون عنده ذكاؤك ما نمنعه. وقربه وصار من أجل تلاميذه. وكان ببغداد مريض بالماليخوليا، بقي يعتقد أن على رأسه دناً، وأنه لا يفارقه، وكان يتحايد السقوف القصيرة، ويطأطئ رأسه، فأحضره أبو البركات عنده، وأمر غلامه أن يرمي دناً بقرب رأسه، وأن يضربه بجسمه بكسرة، فزال ذلك الوهم عن الرجل وعوفي، واعتقد أنهم كسروا الدن الذي على رأسه. ومثل هذه المداواة بالأمور الوهمية معتبر عند الأطباء. وقد أضر أبو البركات في عمره، وكان يملي على علي الحمال بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 342 فضلان، وعلى ابن الدهان المنجم، وعلى يوسف والد عبد اللطيف، وعلى المهذب بن النقاش كتاب المعتبر. وقيل: إن سبب إسلامه أنه دخل يوماً على الخليفة، فقام الحاضرون سوى قاضي القضاة، فلم يقم له لكونه يهودياً، فقال: يا أمير المؤمنين، إن كان القاضي لم يوافق الجماعة لكونه يراني على غير ملته، فأنا أسلم بين) يدي أمير المؤمنين، ولا أتركه ينقصني. وأسلم. خلف أوحد الزمان أبو البركات ثلاث بنات، وعاش نحو ثمانين سنة. وحدثني نجم الدين عمر بن محمد بن الكريدي قال: كان أوحد الزمان وأمين الدولة ابن التلميذ بينهما معاداة، وكان أوحد الزمان لما أسلم ينتقل بين اليهود ويلعنهم، فحضر في مجمع فقال أوحد الزمان: لعن الله اليهود. فقال ابن التلميذ: نعم وأبناء اليهود. فوجم أوحد الزمان ولم يتكلم. وله كتاب المعتبر، وهو في غاية الجودة في الحكمة التي في دين الفلاسفة، ومقالة في سبب ظهور الكواكب ليلاً واختفائها نهاراً، واختصار التشريح، وكتاب أقرباذين، ورسالة في العقل وماهيته وغير ذلك. من تلامذته: المهذب بن ميل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 343 4 (.... بن أحمد بن محمد بن جعفر.) شرف القضاة أبو المعالي الكرخي، الفقيه، الشاهد. خير متعبد، ولد سنة ثمانين وأربعمائة، وسمع: النعالي، والحسين بن البسري. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني، والمسعودي. 4 (.... بن محمد بن الحسن.) أبو المعالي الدناني، الإصبهاني، الفقيه. سمع من: طراد الزينبي، والرئيس أبي عبد الله الثقفي، وغيرهما. روى عنه: حفيده أبو الفتح محمد بن محمد بن أبي المعالي. توفي قريباً من الستين وخمسمائة. وكان من أئمة الفتيا بإصبهان. 4 (حرف الدال)

4 (دري.) الظافري، المصري، الأمير. ولي إمرة الإسكندرية، وإمرة دمياط ثم تزهد، وأقبل على الإشتغال والتحصيل، فبرع في علوم) الرافضة، وصنف التصانيف، من ذلك كتاب معالم الدين على قواعد الرافضة والمعتزلة، ينكر فيه الرؤية

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 344 والقدر. وله مصنف في الفقه مشهور بين الرافضة، لا بارك الله فيهم. وكان له منزلة عظيمة في دولة الرافضة... وكان صالح بن رزيك يحترمه ويكرمه. 4 (.... بن أبي سهل بن أبي سهل.) أبو محمد القصاب، اللحام، الهروي. سمع من: أبي... الغميري. قال ابن السمعاني: قيل كان يشرب الخمر... روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني 4 (حرف الراء)

4 (رسلان بن يعقوب بم عبد الرحمن بن عبد الله.) الجعبري الأصل، الدمشقي النشأة، الزاهد القدوة رضي الله عنه. قال شمس الدين الجزري: رسلان معناه بالتركي أسد. قال: وقال الشيخ نجم الدين محمد بن إسرائيل الشاعر: سمعت المشايخ الذين أدركتهم من أصحابه يقولون إنه من قلعة جعبر، من أولاد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 345 الأجناد. صحب شيخه أبا عامر المؤدب، وهو مقبور في القبة، التي بظاهر باب توما، وتعرف بتربة الشيخ رسلان في القبر القبلي، والشيخ رضي الله عنه في الأوسط، والشيخ أبو المجد خادم الشيخ رسلان في القبر الثالث. وصحب أبو عامر الشيخ ياسين، وهو صحب مسلمة وهو صحب الشيخ عقيل، وهو صحب الشيخ علي بن عليم، وهو صحب الشيخ أبا سعيد بن أحمد بن عيسى الخزاز، وهو صحب السري السقطي. قال: وكان الشيخ رسلان يعمل في صنعة النشر في الخشب، فذكروا عنه أنه بقي مدة عشرين سنة يأخذ ما يحصل له من أجرته، ويعطيها لشيخه أبي عامر، وشيخه يطعمه، فتارة يجوع، وتارة يشبع. وقيل عنه، وهو الأشهر، إنه كان يقسم أجرته ثلاثاً، ثلث ينفقه، وثلث يتصدق به، وثلث يكتسي) به ولمصالحه. وكان أولاً يتعبد بمسجد صغير داخل باب توما، جوار بيته ودكان النشر، ثم انتقل إلى مسجد درب الحجر، وقعد بالجانب الشرقي منه، وكان ينام هناك. وكان الشيخ أبو البيان في الجانب الغربي، وبقيا على ذلك زماناً يتعبدان، وكل واحد منهما بأصحابه في ناحية من المسجد. ثم خرج إلى ظاهر باب توما، إلى مسجد خالد بن الوليد، وهو مكان خيمة خالد لما حاصر دمشق، وعبد الله فيه إلى أن توفي بعد الأربعين وخمسمائة. وحكى الشيخ داود بن يحيى بن داود الحريري، وكان صدوقاً، قال: حكى لي جماعة أن الشيخ أرسلان لما شرع في بنيان المعبد، سير إليه الشيخ أبو البيان ذهباً مع بعض أصحابه حتى يصرفه في العمارة، فلما اجتمع به، وعرض عليه الصرة قال الشيخ أرسلان: ما يستحي شيخك يبعث إلي هذا، وفي عباد الله من لو أشار إلى ما حوله لصار ذهباً وفضة وأشار بيده، فرأى الرسول الطين ذهباً وفضة. وقال: عد إليه. فقال: والله ما بقيت أرجع، بل أكون في خدمتك إلى الموت. وانقطع عنده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 346 وقال الشيخ داود: كان الشيخ أحمد بن الرفاعي قد ذكر النخيل التي له، وعين على واحدة، وقال لأصحابه: إذا استوت هذه أديناها للشيخ أرسلان. فمر بها بعد مدة، فوجد أكثر ما عليها قد راح فسألهم، فقالوا: لم يطلع إليها أحد، ولكن في كل يوم يجيء إليها باز، أشهب يأكل منها، ولا يقرب غيرها، ثم يطير. فقال لهم: الباز الذي يجيء هو الشيخ رسلان، فذلك يقال له: الباز الأشهب. قال داود: ولما احتضر الشيخ أبو عامر المؤدب سألوه أن يوصي إلى ولده عامر، فقال: عامر خراب، ورسلان عامر. فلما توفي قام الشيخ رسلان مقامه، ولم تخف من عامر حاله.) قال شمس الدين بن الجزري: صليت العصر في مسجد كان فيه الشيخ رسلان، داخل باب توما، فقال لي يوسف المؤدب: يا سيدي، هنا بئر حفره الشيخ رسلان بيده، وأهل هذه الناحية يشربون منه للتداوي، ومن اشتكى جوفه، أو حصل له ألم، يشرب منه، فيعافى بإذن الله، وقد جربه جماعة ثم أشار بإصبعه وقال: هذا بيت الشيخ رسلان، وإلى جانبه الطريق. وكان.... فكلما كان يعمل بالمنشار.... كلمه المنشار مرتين، وفي الثالث كلمه وانقطع قطعة وقال: يا رسلان ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت. فترك العمل، وجلس في هذا المعبد، وهو مسجد صغير. وعاد نور الدين الشهيد اشترى داراً مجاورة للمسجد فوسعه وبنى له منارة ووقف عليه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 347 قال: وحكى لي الشيخ يوسف المؤدب، عن الشريف نصر الله أن نور الدين الشهيد سير إلى الشيخ رسلان ألف دينار مع مملوك، وقال: إن أخذها منك، فأنت حر، لوجه الله. فجاء بها إليه وهو يبني المعبد الذي بظاهر دمشق، فقال له: ما يستحي محمود ويبعث هذه، وفي عباد الله من لو شاء لجعل ما حوله ذهباً وفضة فرأى المملوك البنيان والطين ذهباً وفضة، فتحير وقال: يا سيدي قد جعل عتقي قبولك هذا الذهب. فأخذها وصرفها في الحال على المساكين، والأرامل، والأيتام، ففرقت بحضور المملوك. وذكر أيضاً أن الشيخ رسلان أعطى نور الدين من المنشار الذي كلمه وتقطع قطعة فأوصى نور الدين لأصحابه وأهله: إن مات أن يضعوه في كفنه. قلت: الشيخ علي الحريري صحب المغربل صاحب الشيخ. ويقال: إن هذه القبة بناها الشيخ رسلان على شيخه أبي عامر لما أعطاه بعض التجار مبلغاً من المال، فالله أعلم.) ومناقب الشيخ رسلان كثيرة، اقتصرنا منها على هذا، فرحمه الله ورضي عنه وكان عرياً من العلم، بخلاف الشيخ أبي البيان. 4 (ريحان الحبشي.) أبو محمد، الزاهد، الشيعي. كان بالديار المصرية بعد الخمسين. وكان من فقهاء الإمامية الكبار. قال ابن أبي طيئ في تاريخه: كان مقيماً بالقاهرة، وكان مولى الأمير سديد الدولة ظفر المصري. تفقه على الشيخ: الفقيه علي بن عبد الله بن عبد العزيز بن كامل الفقيه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 348 المصري، وعليه تخرج، وقرأ عليه سنة أربع وثلاثين وخمسمائة كتاباً. روى عن ريحان: سديد الدين شاذان بن جبريل القمي. وحكى لي أبي مذاكرة: كان الفقيه ريحان من أضبط الناس، وكان يكرر على النهاية، والمقنعة، والذخيرة، فقال: ما حفظت شيئاً فنسيته. وحدثني أبي عن القاضي الأسعد محمد بن علي المصري قال: كان الفقيه ريحان يصوم جميع الأيام المسنونة إلى صومها. وكان لا يأكل إلا من طعام يعلم أصله. وكان إذا قدمت الغلال التقط من الطرقات حبات من الشعير والقمح، فيتقوت به وكان يزجر نفسه إذا احتاج. وكان لا يصلي النوافل مقابل أحد، ويقول: الرياء. وكان إذا علم أحداً يحب العلم قصده في بيته وعلمه، ولا يأكل له شيئاً. وإذا علم أن الطالب محتاج، دخل له على الصالح بن رزيك، فيعلم ابن رزيك أنه جاء مثوبة فيقوم لذلك الرجل بجميع ما يحتاج إليه. وكان لا يطأ له على بساط، ولا يزيده أكثر من السلام في باب داره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 349 وكان ابن رزيك يبجله ويعظمه، ويقول: يقولون ما ساد من بني حام إلا اثنان: لقمان، وبلال، وأنا أقول: ريحان ثالثهم. وقيل: إن ريحان هذا عبد تفقه، ما نام إلا جالساً، ولا جلس قط إلا على رجليه. وأنه ما ذكر النار. إلا وأخذه دمع منها. وكان سريع الدمعة، كثير الحب لآل رسول الله صلى الله عليه) وسلم، خفيف الرفض. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن الحسن بن محمد بن سورة.) أبو محمد التميمي، النيسابوري، الدلال. سمع: عبد الله بن الحسين الوراق، ونصر الله بن محمد الخشنامي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني جزء الذهلي. 4 (عبد الله بن سيار بن صاعد بن سيار بن يحيى.) الكتاني القاضي أبو محفوظ الهروي. أخو القاضي أبي الفتح نصر بن سيار كان يؤثر الانفراد والعزلة. سمع من جده. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (عبد الله بن طاهر بن علي بن محمد بن علي بن فارس.) أبو المظفر بن أبي المعالي البغدادي، الخياط، التاجر. خرج عن بغداد قديماً، ودخل خراسان، والهند، وسكن لوهور، وولد له بها، ثم كان يتردد إليها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 350 وحدث عن: ثابت بن بندار، وجعفر السراج، وحسين بن البسري وابي بكر الطريثيثي وابي غالب البقلاني وتمام البرجي وأبي علي الحداد. وأبي بكر الشيرويي. قال ابن السمعاني: هو شيخ، عالم، فاضل، حسن السيرة، متواضع، له لسنة بالحديث، يحفظ الأجزاء والكتب التي سمعها، والطرق وأسماء شيوخه. وكان ثقة مكثراً، حدث بمرو، وبلخ. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. 4 (عبد الله بن محمد بن المظفر بن المتولي.) أبو محمد البغوي، البناء، الفقيه. قال ابن السمعاني:) ولد ببغشوار سنة تسع وسبعين وأربعمائة وكان فقيهاً، مفتياً، ذكياً. تفقه على محيي السنة أبي محمد البغوي، وولي قضاء بغشوار مدة. وسمع بنيسابور: العباس بن أحمد الشقاني، وأبا بكر الشيرويي، وجماعة. روى عنه: أبو المظفر عبد الرحيم. 4 (عبد الرحمن بن أبي نصر بن محمد بن أبي نصر.) أبو أحمد البغوي، شيخ الصوفية ببغداد. شيخ صالح، جواد، وسخي، يخدم الفقراء. سمع: عمر بن أحمد بن محمد البغوي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 351 روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وقال: ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. 4 (عبد الرشيد بن أبي حنيفة النعمان بن عبد الرزاق بن عبد الملك.) الإمام أبو الفتح الولوالجي. إمام فاضل، حسن السيرة. سمع ببلخ: أحمد بن محمد الخليلي، ومحمد بن الحسين السمنجاني، وببخارى: أبا بكر محمد بن الحسن النسفي، وأحمد بن أبي سهل، وأبا المعين المكحولي واسمه ميمون. وبسمرقند. محمد بن محمد بن أيوب التطواني. قال عبد الرحيم بن السمعاني: لقيته بتطوان وسمعت منه. ومولده بولوالج سنة سبع وستين وأربعمائة. 4 (.... بن أبي منصور محمد بن عبد الله بن عبد الواحد بن مندويه.) أبو القاسم الإصبهاني، الضرير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 352 سمع: أباه، وأبا بكر بن ماجة، ورزق الله. وعنه: السمعاني، وقال: كان حياً في سنة خمس وأربعين. 4 (.... بن عبد الجبار بن ناصر.) أبو الفتح الهروي، القواس.) شيخ، صالح، مستور. سمع أبا عبد الله العميري. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وغيره. 4 (.... بن عبد العزيز بن محمد بن شداد.) أبو بكر المعافري الأندلسي، الشوذري. وشوذر من عمل جيان. أخذ عن: شريح بن محمد، وأبي بكر بن العربي، وأبي عبد الله بن أبي الخصال، وجماعة. وكان أديباً، كاتباً، بليغاً، مفوهاً، شاعراً. قال الأبار: توفي في حدود الخمسين وخمسمائة. 4 (.... بن علي بن الحسن.) الرئيس أبو الفتح العلوي، النيسابوري: شيخ، عالم، عابد، راغب في الخير، عفيف. سمع: إسماعيل بن زاهر النوقاني، وأبا عدي بن محمد بن علي الأبيوردي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 353 4 (.... بن أبي طاهر بن عبد الواحد.) أبو القاسم الإصبهاني، الشرابي، الخباز، النشاستجي. سمع: رزق الله التميمي، وغيره. وأجاز لابن اللتي في سنة تسع وخمسين. 4 (.... بن محمد بن أحمد.) أبو علي الهروي، البناذاني، وبناذان: من قرى هراة. وهو أخو أمة الله، وأمة الرحمن. شيخ مستور، سمع: نجيب بن ميمون الواسطي. روى عنه: عبد الرحيم. 4 (عبد الوهاب بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي.) أبو الفضل البغدادي. تاجر متميز، صاحب صدقات وديانة.) سمع: أخاه أحمد، وأبا الحسن العلاف، وابن بدران الحلواني. وحدث بسمرقند بمقامات الحريري بسماعه بقوله من مصنفها. سمعها عنه عبد الرحيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 354 4 (.... بن علي بن منصور.) الإمام أبو بكر المروزي، الغازي، المقرئ، فقيه فاضل، مقرئ، كامل، ورع، قانع، مقل. له تصانيف في القراءات، والحساب، ومنازل القمر. سمع: أبا المظفر منصور بن السمعاني، وأبا الفتح عبيد الله الخشنامي، وغير واحد. روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم. 4 (.... بن عطاء الملك بن عبد الجبار بن أبي طاهر.) أبو المعالي السمرقندي، الخطيب، النخوي. سمع: أباه، وأبا بكر محمد بن أحمد البلدي، وأبا القاسم عبيد الله الكشاني، وأبا الحسن الخراط. روى عنه: عبد الرحيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 355 4 (عثمان بن علي بن عثمان.) أبو عمرو بن الإمام الأندلسي، والشلبي، نزيل إشبيلية. سمع من: أبي بكر محمد بن إبراهيم العامري، وأبي عبد الله بن مكي، وأبي بكر بن العربي، وجماعة. وكان أديباً بارعاً، بليغ القلم واللسان، كاتباً، كاملاً، وشاعراً محسناً. له مصنف في شعراء عصره. توفي بعد الخمسين. 4 (علي بن طويل بن أحمد بن طويل.) الشيخ أبو الحسن بن بيضا القيسي الفاسي. من ذوي الهيئة والشارة والصيانة. تفقه وبرع، وقرأ المخلص سنة خمس وسبعين على محمد بن علي الأزدي. وسمع بالأندلس من عبد الله بن أبي جعفر، وغيره. حدث عنه: ولده أبو الحسين يحيى، ومحمد بن رساحة القروي. قال ابن فرتون:) مات في عشر الستين وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 356 4 (علي بن محمد بن حمزة بن محمد بن حمزة.) أبو الحسن الإصبهاني، الفلكي، الخطاط. شيخ صالح متميز. سمع الحلية، ومسند أحمد، من أبي علي الحداد. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه جميع الحلية الأولى بسمرقند وولد في حدود تسعين وأربعمائة. 4 (عمر بن أبي بكر بن عثمان بن محمد بن أحمد.) أبو حفص البزودي، الشيخي، الصابوني، أخو محمد. سكن بخارى، وسمع: أبا محمد عبد الواحد الزبيري الكوركي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 357 وأبا صادق أحمد بن الحسين، وأبا اليسر محمد بن محمد البزدوي. وولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وغيرهما. 4 (عمر بن الفضل بن أحمد.) أبو الوفا بن مميز الإصبهاني. شيخ صالح، سديد. سمع بإفادة أخيه أحمد من روق الله التميمي، وغيره. وعمر حتى حدث بالكثير. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. 4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن محمد بن مبارك.) أبو محمد بن الحاج الأموي، الزقاق. أخذ القراءات بالأندلس عن: شريح بن محمد، ومنصور بن الخير. روى عن: أبي عبد الله الخولاني، وجماعة. ونزل مدينة فاس. وتصدر للإقراء، وأخذ الناس عنه. أخذ عنه: ابن خروف، وهذيل بن محمد، وأبو الصبر أيوب بن عبد الله.) وتوفي في سلا في حدود الستين وخمسمائة. 4 (.... بن سعيد بن الفضل.) أبو الفضل الخرقي، المفتاحي، التاجر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 358 رجل خير من أهل نيسابور. سمع: أبا الحسن علي بن أحمد المديني، وغيره. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. 4 (.... بن سعيد الإصبهاني المغازلي.) سمع: رزق الله التميمي، وغيره. روى عنه: شيوخ ابن البخاري محمد بن محمد بن أبي بكر، وعمر بن أبي الحنش الفصال، وأبو بكر شيبان بن الحسين الكيمختي الإصبهانيون، وغيرهم. 4 (قر.... بن طنطاش. أبو صالح الظفري، البغدادي.) شيخ صعلوك، وهو رأس طبقة البغداديين في لعب الشطرنج. سمع: أبا الحسين بن الطيوري، وهبة الله الموصلي، وابن بيان. كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال له إنه ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة. 4 (.... بن علي بن محمد بن عمر.) أبو مطيع الباغبان، الخباز. شيخ صالح. سمع: أبا مطيع، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 359 وأجاز من إصبهان لعبد الرحيم بن السمعاني. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبد الرحمن.) أبو عبد الله بن الصيقل الفهري، المرسي، الملقب: أبا هريرة... الآثار. سمع: أبا محمد بن أبي جعفر، وأبا الوليد بن الدباغ. وأجاز له جماعة. روى عنه: أبو بكر بن سفيان، وغيره.) 4 (محمد بن أحمد بن إبراهيم بن المنخل.) أبو بكر المهري الأديب الشلبي. أحد الشعراء المجودين. كان يعرف علم الكلام. روى عنه من ديوانه عبد الله بن أحمد الشلبي. فمن شعره: (مضت لي ست بعد سبعين حجة .......... ولي حركات بعدها وسكون)

(فيا ليت شعري أين، أو كيف، أو متى .......... يكون الذي لا بد أن سيكون)

4 (محمد بن الحسن بن محمود.) أبو جعفر المروزي، البيع، صاحب أموال كثيرة ذهبت في نهب مرو وفي المصادرة. وكان ديناً خيراً. سمع ببغداد من: أبي القاسم بن بيان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 360 روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وقال: قال: وزنت لابن بيان ديناراً أحمر حتى سمعت منه. يعني جزء ابن عرفة. ولد سنة أربع وثمانين. 4 (محمد بن عبد الحق بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحق.) أبو عبد الله الخزرجي، القريشي. سمع: أبا عبد الله محمد بن محمد بن الفرج مولى ابن الطلاع، وأكثر عنه. وعني بالفقه، وطال عمره، وعلا سنده. وسمع في الكهولة من أبي محمد ابن عتاب، وغيره. روى عنه: ابنه القاضي أبو محمد عبد الحق، وغيره. وآخر من روى عنه: أبو القاسم أحمد بن بقي سمع منه الموطأ، وأجاز له. وتوفي قريباً من سنة ستين وخمسمائة. وقد أجاز لنا عبد الله بن هرون الطائي سنة سبعمائة من المغرب. قال: ثنا حمد بن بقي بالموطأ، نا محمد بن عبد الحق، أنا ابن الطلاع، وهذا أعلى ما يوجد من الروايات بالمغرب. 4 (محمد بن عبد الحميد بن الحسين.) العلامة أبو الفتح الأسمندي، السمرقندي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 361 ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وسمع الحديث من: علي بن عثمان الخراط، وأسمند من قرى سمرقند. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وقال: كان إماماً مناظراً، له الباع الطويل في علم الجدل، وصنف التصانيف في علم الخلاف، وشاعت تصانيفه في البلدان. 4 (محمد بن علي بن عبد الله بن أحمد بن حمدان.) أبو سعيد، وأبو عبد الله الجاواني، الحلوي، العراقي. وجاوان قبيلة من الأكراد سكنوا الحلة. قدم بغداد في الصبى، وتفقه بها على: أبي حامد الغزالي، وإلكيا الهراسي حتى برع وتميز. وسمع من: الحميدي، وأبي سعد عبد الواحد بن القشيري، وأبي بكر محمد بن المظفر الشامي القاضي، وجماعة. وقرأ المقامات على الحريري. وكان إماماً مناظراً. شرح كتاب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 362 المقامات، وله كتاب عيون الشعر، وكتاب الفرق بين الراء والغين. وحدث بإربل، والموصل، وسكن البوازيج. وحدث ببغداد قديماً بكتاب: إلجام العوام للغزالي. وحدث عنه قاضي أسيوط أبو البركات محمد بن علي الأنصاري، وقال: أنبأنا شيخنا الإمام رضي الدين الجاواني بالموصل في رجب سنة تسع وخمسين وخمسمائة قال: أنا أبو سعد القشيري قراءة عليه ببغداد. وقال ابن النجار: أخبرنا الشهاب المزكي، أخبرنا أبو سعد بن السمعاني، أنشدني أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي بمرو: أنشدني أبو عبد الله محمد بن علي العراقي لنفسه بإربل: (دعاني من ملامكما دعاني .......... فداعي الحب للبلوى دعاني)

(أجاب له الفؤاد ونوم عيني .......... وسارا في الرفاق وودعاني)

(فطرفي ساهر في طول ليلي .......... وقلبي في يد الأشواق عاني)

(فكيف يصيخ للعذال سمعي .......... ولا عقلي لدي ولا جناني) وقد قرأ عليه أبو سعد أحمد بن إبراهيم المؤدب مقامات الحريري

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 363 بإربل سنة إحدى وخمسين،) وبقي إلى قريب الستين، وعاش اثنتين وتسعين سنة. 4 (محمد بن علي بن محمد بن أبي العاص.) النفزي، الأستاذ، أبو عبد الله الشاطبي، ويعرف ببلده بابن اللايه بتفخيم اللام وضم الياء، ثم هاء ساكنة، المقرئ الضرير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 364 أخذ القراءات عن أبي عبد الله محمد بن غلام الفرس الداني. وتصدر للإقراء مدة. أخذ عنه القراءات: أبو القاسم الرعيني، الشاطبي، أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز بن سعادة، والقاضي أبو بكر بن مفوز مع تقدمه. وكان موصوفاً بالإتقان والديانة. قال شيخنا أبو حيان: كان حياً في سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وهو والد المقرئ أبي جعفر أحمد بن محمد، وهو الذي خلف أباه أبا عبد الله في الإقراء رحمة الله عليهم. 4 (محمد بن عمر بن محمد بن العباس بن علي.) الأديب، أبو الفضل القرشي، المخزومي، الخالدي، الاشتيخني السغدي، السمرقندي. كان أديباً، نحوياً، بارعاً، صالحاً، خيراً، سريع الدمعة، كتب بنفسه أمالي أئمة سمرقند، واختص بالإمام مسعود بن الحسين الكشاني، وعليه تفقه. وسمع منه، ومن: علي بن عثمان الخراط، ومحمود بن مسعود الشعيبي، وجماعة كثيرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 365 وكان مولده بإشتيخن في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. ومات الخراط في سنة عشر، ومات الشعيبي سنة أربع عشرة. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (محمد بن أبي القاسم بن محمد الإصبهاني.) روى جزء لوين عن: أبي عيسى بن زياد، وعن أبي بكر بن ماجة الأبهري. روى عنه: جامع بن إسماعيل، وعرف بباله، والأمير أبو المعالي، وابنه غانم بن أبي المعالي بن حيدر الحسيني، ومحمد بن أبي الفتوح السوذرجاني، ومحمد بن أميرك بن حسن الصيرفي، والوجيه محمد بن أبي رشيد بن عبد المطلب الضراب، البصري، ومحمد بن محمد بن أبي نصر البقال، وسفيان بن إبراهيم بن مندة، وآخرون.) وكان أديباً نبيلاً. كنيته أبو بكر الصالحاني. 4 (محمد بن الفضل بن محمد بن منصور.) العلامة أبو طاهر البرجي، الإصبهاني، العروضي، إمام مناظر، فحل، صاحب فنون. سمع: أبا المطيع المصري، ومكي بن منصور الكرجي، وجماعة. عظمه السمعاني، وأخذ عنه ببلخ وببخارى في سنة إحدى وخمسين، ثم دخل بلاد الترك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 366 4 (محمد بن المجلى بن الصانع.) أبو المؤيد الجزري، الطبيب، المعروف بالعنتري. عرف بذلك لأنه في أول أمره يكتب سيرة عنترة العبسي. قال ابن أصيبعة: كان طبيباً مشهوراً، وعالماً مذكوراً حسن المعالجة والتدبير، فيلسوفاً، متميزاً في علم الأدب، شاعراً. روى السديد محمود بن عمر بن رقيقة الطبيب، عن الحكيم مؤيد الدين بن العنتري، عن أبيه، له هذه الأبيات: (احفظ بني وصيتي واعمل بها .......... فالطب مجموع بعض كلامي)

(فدم على طب المريض عناية .......... في حفظ قوته مع الأيام)

(بالشبه تحفظ صحة موجودة .......... والصدفية شفاء كل سقام)

(أقلل نكاحك ما استطعت فإنه .......... ماء الحياة يراق في الأرحام)

(واجعل طعامك كل يوم مرة .......... واحذر طعاماً قبل هضم طعام)

(لا تحقر المرض اليسير فإنه .......... كالنار تصبح وهي ذات ضرام)

(لا تهجرن القيء واهجر كلما .......... كيموسه سبب لي الأسقام)

(إن الحمى عون الطبيعة مسعد .......... شاف من الأمراض والآلام)

(لا تشربن بعقب أكل عاجلاً .......... أو تأكلن بعقب شرب مدام)

(إياك تلزم أكل شيء واحد .......... فيقود طبعك للأذى بزمام) في أبيات أخر وهي تنسب أيضاً إلى الرئيس ابن سينا وتنسب إلى المختار بن بطلان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 367 قال ابن أبي أصيبعة:) والصحيح أنها للعنتري. وله: (من لزم الصمت اكتسى هيبة .......... تخفى عن الناس مساويه)

(لسان من يعقل في قلبه .......... وقلب من يجهل في فيه) وله: (جردته الحمام من كل ثوب .......... وأرتني منه الذي كان قصدي)

(بدناً كالصباح من تحت ليل .......... حالك اللون أسود غير جعد)

(سكب الماء فوق جسم حكى .......... الفضة حتى اكتسى غلالة ورد)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 368 وله من المصنفات كتاب الحماية في الطبيعي والإلهي، وكتاب الأقراباذين وهو كبير مفيد، وكتاب رسالة الشعرى اليمانية إلى الشعرى الشمالية، كتبها إلى عرفة النحوي بدمشق، ورسالة يهني بها الوزير مروان الذي وزر بعده أتابك زنكي بن آقسنقر، ورسالة الفرق ما بين الدهر والزمان والكفر والإيمان، ورسالة العشق الإلهي والطبيعي، وكتاب النور المجتنى في المحاضرة. 4 (محمد بن الفضل بن إسماعيل بن الفضل.) أبو الفضل بن كاهويه التميمي، الإصبهاني، الكاتب. ولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وابن ملة، وخلقاً كثيراً بإصبهان، وبغداد، وخراسان، وخرج لنفسه معجماً. وكان كاتباً بليغاً، ناظماً، ناثراً، مرضي الأخلاق. 4 (محمد بن طيفور السجاوندي.) أحد القراء، هو أبو عبد الله الغزنوي، المقرئ، المفسر النحوي، له

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 369 تفسير حسن للقرآن، وكتاب علل القراءات في عدة مجلدات، وكتاب الوقف والابتداء في مجلد كبير يدل على تبحره. ولم يبلغني على من قرأ، ولا من أخذ عنه. وذكره القفطي مختصراً وقال: كان في وسط المائة السادسة رحمه الله. 4 (محمد بن هبة الله بن علي.) ) أبو المعالي بن العقاد، البغدادي، المؤدب. سمع: أبا الحسن الأنباري الخطيب، وأبا عبد الله النعالي. وعنه السمعاني، والمسعودي، وغيرهما. قال أبو سعد السمعاني: كان صالحاً، خيراً من أولاد المحدثين. ولد سنة ثمان وسبع وستين وأربعمائة. قلت: وبقي إلى سنة أربع وخمسين. 4 (محمود بن أحمد بن الفرج بن عبد العزيز.) أبو المحامد الشاعر، أخي الساغرجي، السمرقندي، المعروف بشيخ الإسلام. قال ابن السمعاني: إمام، فاضل، بارع، مبرز في أنواع الفضل، والتفسير، والحديث، والأصول، والخلاف، والوعظ، ومع اجتماع هذه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 370 الفضائل هو حسن السيرة، سليم الباطن، كثير الخير والعبادة، تارك لما لا يعنيه ولد سنة ثمانين وأربعمائة، وقال لي: أول ما كتبت الحديث، عن شيخ والداي الإمام يوسف بن صالح الخطيبي سنة إحدى وتسعين. وسمع بسمرقند من: الحسن بن عطاء السغدي، وأبي إبراهيم إسحاق بن محمد النوحي. وببخارى: أبا المعين ميمون المكحولي، وعلي بن أحمد الكلاباذي، والبرهان عبد العزيز بن عمر أستاذه. قرأت عليه تنبيه الغافلين لأبي الليث السمرقندي، عن النوحي، عن سبط الترمذي، عنه، من أوله إلى باب الورع. كتبت عنه بسمرقند، وحج سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. قلت: روى عنه عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (.... بن علي بن نصر بن أبي يعمر.) الأديب، أبو القاسم النسفي، نزيل سمرقند. نحوي لغوي، فاضل، كان يعلم أولاد الخاقان، وكان خيراً، صالحاً، صدوقاً. سمع: أبا بكر محمد بن أحمد البلدي، وعبد الله بن أبي جعفر النسفي، وعلي بن عثمان) الخراط، وغيرهم. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه أخبار مكة للأزرقي أنا البلدي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 371 أنا معتمد بن محمد بن محمد النسفي، أنا هارون بن أحمد الاستراباذي، عن إسحاق بن أحمد الخزاعي، عن أبي الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وتوفي سنة نيف وخمسين. 4 (.... بن محمد بن عبد الرحمن.) أبو القاسم المروزي، التاجر، السفار. سمع: أبا المظفر منصوراً السمعاني، وعبد الغفار الشيرويي. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه بمرو، وسمرقند، وولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة. 4 (مسعود بن محمد بن سعيد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود.) أبو الفتح المسعودي، المروزي، الخطيب بجامع مرو القديم. ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين. وسمع: الإمام أبا المظفر السمعاني، ومحمد بن الحسين الخزاعي، وأبا المظفر سليمان بن محمد الصيدلاني. وعنه: عبد الرحيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 372 .... بن محمد بن أحمد بن القاسم. أبو الفرج البغدادي، الخشاب. سمع: أبا عبد الله بن البسري، وأبا القاسم الربعي. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر. 4 (.... بن علي بن عيسى بن مختار.) أبو عمر الغافقي، الأندلسي، الشقوري. سمع: جامع الترمذي، من أبي علي بن سكرة. وأجاز له من خراسان أبو عبد الله الفراوي، وغيره.) ولي قضاء شقورة. روى عنه: ابن أخيه محمد بن عبد العزيز، وسبطه نصر بن عبد الله. بقي سبطه إلى بعد العشرين وستمائة. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله.) هو أوحد الزمان الطبيب. قد تقدم ذكره. 4 (هبة الله بن موفق.) مولى ابن.... الأزدي، الجياني، أبو الحسن. من أهل وادي آش.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 373 حج وسمع من: أبي عبد الله الرازي، وأبي بكر الطرطوشي. وسمع تجريد الصحاح من رزين العبدري، وأدخله الأندلس. روى عنه: أبو خلد البزداني، وأبو عبد الله المكناسي، وأبو خلد بن رفاعة. وكان صالحاً، ذا مشاركة في الفقه والأصول. ونيف على الثمانين. أجاز لأبي محمد بن سفيان في سنة. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن رافع.) أبو اليمن ابن تاج القراء الطوسي، أخو أبي الحسن علي. سمع من: مالك البانياسي، ورزق الله بن عبد الوهاب. وكان مولده سنة سبع وسبعين. 4 (يحيى بن عبد الملك بن أحمد بن الخطيب.) أبو زكريا السدري، الكافوري. ولد بحلب سنة ست وسبعين وأربعمائة، ونشأ ببغداد وصحب الشيخ حماداً الدباس، وجمع كلامه بعد وفاته. وسمع الحديث من: الحسين بن الطيوري، والحسن بن محمد بن عبد العزيز التككي. قال ابن السمعاني:) شيخ، صالح، دين، مشتغل بما يعنيه، له سكون وحياء ووقار كتبت عنه الحديث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 374 4 (يوسف بن آدم بن محمد بن آدم.) أبو يعقوب المراغي ثم الدمشقي المحدث. شيخ سني خير، له معرفة قليلة. رحل وسمع من: أبي الفضل محمد بن ناصر، وجماعة. وحدث بصحيح مسلم عن: أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي. وحدث بدمشق، وبغداد، ونصيبين، ونسخ الكثير. وكان مولده في سنة إحدى عشرة وخمسمائة. روى عنه: عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر، والشيخ أحمد والد الشيخ الموفق، وأبو الخير سلامة الحداد، والفقيه هلال بن محفوظ الرسعيني، وغيرهم. وفي سنة نيف وخمسين ضرب السيف البلخي الواعظ أنف يوسف بن آدم بدمشق فأدماه، فأخرج الملك نور الدين يوسف منفياً من دمشق، وانقطع خبره. قال ابن النجار: حدث بصحيح مسلم، سمعه منه شيخنا عبد الرزاق الجيلي، ومحمد بن مشق. وكان كثير الشغب، مثيراً للفتن بين الطوائف. وقال أبو الحسين القطيعي: كان إذا بلغه أن قاضياً أشعرياً عقد نكاحاً فسخ نكاحه، وأفتى أن الطلاق لا يقع في ذلك النكاح، فأثار بذلك فتنة، فأخرجه صاحب دمشق منها، فسكن حران، ثم ملكها نور الدين، فطلب منه أن يعود ليرى أمه بدمشق، فأذن له بشرط أن لا يدخل البلد، فجاء ونزل كهف آدم، فخرجت أمه إليه. ثم دخل دمشق يوم جمعة، فخاف الوالي من فتنة، فأمره بالعود إلى حران، فعاد إليها. لقيته وسلمت عليه بها، ومات في قرب ربيع الأول سنة تسع وستين والله أعلم.



الجزء التاسع والثلاثون

الجزء التاسع والثلاثون

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 5 5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة السابعة والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (أحداث سنة إحدى وستين وخمسمائة)

4 (الرفض في عاشوراء) ظهر في أيام عاشوراء من الرفض ببغداد أمر عظيم حتى سبوا الصحابة، وكانوا في الكرخ إذا رأوا مكحلاً ضربوه. 4 (وقوع الرخص) ووقع الرخص حتى أبيعت كارة الدقيق بعشرة قراريط قال ابن الجوزي: وقد اشتريتها في زمن المسترشد باثنتي عشر ديناراً 4 (هياج الكرج على بلاد الشام) وفيها هاجت الكرج على بلاد الإسلام، وقتلوا وسبوا، وغنموا ما لا يحصى. 4 (فتح المنيطرة) وفيها افتتح نور الدين حصن المنيطرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 6

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 7 4 (أحداث سنة اثنتين وستين وخمسمائة) إرسال العسكر لحرب شملة وقع الإرجاف بمجيء شمله التركماني إلى قلعة الماهكي، وبعث يطلب ويتنطع، فامتنع الخليفة أن يعطيه ما طلب من البلاد وبعث لحربه اكثر عسكر بغداد. 4 (عودة ركب الحاج) وقدم الركب، وأخبروا بالأمن والرخص والمياه، وأنهم نقضوا القبة التي بنيت بمكة للمصريين. 4 (مشاركة قطب الدين لعمه نور الدين الغزو) وفيها قدم قطب الدين من الموصل للغزو مع عمه نور الدين، فاجتمعا على حمص، وسارا بالجيوش، فأغاروا على بلاد حصن الأكراد، وحاصروا عرقة، وحاصروا حلبة، وأخذوا العريمة، وصافيتا. ثم صاموا رمضان بحمص، وساروا إلى بانياس، فنازلوا حصن هونين وأحرقوه. وعزم نور الدين على منازلة بيروت، فوقع خلف في العسكر، فعاد قطب الدين إلى الموصل، وأعطاه أخوه بلد الرقة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 8 4 (حريق اللبادين) وفيها، قال أبو المظفر ابن الجوزي: احترقت اللبادين، وباب الساعات بدمشق حريقاً عظيماً صار تاريخاً رقد طباخ هريسة على القدر ونام، فاحترقت دكانه، ولعبت النار في اللبادين، وتعدت إلى دور كثيرة، ونهبت أموال عظيمة، وأقامت النار تلعب أياماً. 4 (مسير شيركوه إلى مصر) وفيها كان مسير الأمير أسد الدين شيركوه المسير الثاني إلى مصر. جهز السلطان نور الدين المعظم جيوشه، وقيل: بل جهز معه ألفي فارس، فنزل بالجيزة محاصراً لمصر مدة نيف وخمسين يوماً، فاستنجد شاور بالفرنج، فدخلوا مصر من دمياط لنجدته، فرحل أسد الدين من بين أيديهم، وتقدم عن منزلته، ثم وقع بينه وبين المصريين حرب على قلة عسكره وكثرة عدوه، فانتصر فيها أسد الدين، وقتل من الفرنج ألوفاً وأسر منهم سبعين فارساً. قال ابن الأثير: كانت هذه الوقعة من أعجب ما يؤرخ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج الساحلية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 9 قلت: صدق والله ابن الأثير، وهذه تسمى وقعة البابين، وهو موضع بالصعيد، أدركته فيه الفرنج والمصريون في جمادى الآخرة من السنة، فعمل مشورة، فأشاروا بالتعدية إلى الجانب الشرقي والرجوع إلى الشام، وقالوا: إن انهزمنا إلى أين ناتجئ فقال برغ النوري صاحب الشقيف من خاف القتل إن القتل والأسر فلا يخدم الملوك، والله لئن عدنا إلى نور الدين من غير غلبة ليأخذن إقطاعاتنا ويطردنا. فقال أسد الدين: هذا رأيي. وقال صلاح الدين كذلك، فوافق الأمراء، ونصبوا للملتقى، وجعلوا الثقل في القلب حفظاً له وتكثيراً للسواد، وأقيم صلاح الدين في القلب، وقال له عمه أسد الدين: إذا حملوا عل القلب فلا تصدقوهم القتال، وتقهقروا، فإن ردوا عنكم فارجعوا على أعقابهم. ثم اختار هو طائفة يثق بشجاعتهم، ووقف في الميمنة فحملت الفرنج على القلب، فناوشوهم القتال، واندفعوا بين أيديهم على بقيتهم، فتبعتهم الفرنج، فحمل أسد الدين على باقي الفرنج والمصريين، فهزمهم، ووضع فيهم السيف. فلما عاد الفرنج من حملتهم على القلب رأوا عسكرهم مهزوماً، فولوا وانهزموا، ونزل النصر. ثم سار أسد الدين إلى الصعيد، فجبى خراجها، وأقام الفرنج بالقاهرة حتى استراشوا، وقصدوا) الإسكندرية وقد أخذها صلاح الدين يوسف ابن أخي أسد الدين، فحاصروها أربعة أشهر، وقاتل أهلها مع صلاح الدين أشد قتال بجموعه، فترحل الفرنج عن الإسكندرية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 10 4 (المهادنة بين أسد الدين وشاور) ثم وقعت مهادنة بين أسد الدين وشاور على أن ينصرف أسد الدين إلى الشام، ويعطى خمسين ألف دينار. فأخذها ورجع. واستقر بالقاهرة شحنة للفرنج، وقطيعة مائة دينار في السنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 11 4 (أحداث سنة ثلاث وستين وخمسمائة)

4 (إمتناع حج المصريين) لم يحج المصريون لما فيه ملكهم من الويل والاشتغال بحرب أسد الدين. 4 (رخص الورد ببغداد) ورخص الورد ببغداد إلى أن أبيع كل ثمانين رطلاً بقيراط. 4 (وزارة البلدي) وفيها ولي الوزير شرف الدين أبو جعفر أحمد بن محمد بن سعيد بن البلدي وزارة المستنجد بالله. وكان ناظراً بواسط. 4 (مصالحه البهلوان وصاحب مراغة) وفيها كان حرب ومحاصرة من البهلوان لصاحب مراغة آقسنقر الأحمديلي. ثم وقع الصلح بعد مصاف كبير. 4 (مشيخة الشيوخ) وفيها ولي مشيخة الشيوخ والأوقاف بدمشق، وحمص، وحماه: أبو الفتح عمر بن علي بن حمويه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 12 4 (أحداث سنة أربع وستين وخمسمائة)

4 (الإيقاع بالعيارين) فيها واقع غلمان الخليفة العيارين بالدجيل، وقتل كثير منهم، وجاءوا برؤوسهم، وأخذ قائدهم، ثم صلب ببغداد وتسعة من اللصوص. 4 (مصادرة الأمير قيماز) ) وفيها صودر الأمير قيماز ببغداد، أخذ منه ثلاثون ألف دينار، وانكسر بذلك. 4 (مسير أسد الدين إلى مصر) وفيها كان مسير أسد الدين إلى مصر المسير الثالث، وذلك أن الفرنج قصدت الديار المصرية في جمع عظيم، وكان السلطان نور الدين في جهة الشمال ونواحي الفرات، فطلعوا عليه من عسقلان، وأتوا بلبيس فحاصروها، وملكوها، واستباحوها، ثم نزلوا على القاهرة، فحاصروها، فأحرق شاور مصر خوفاً من الفرج، فلما ضايقوا القاهرة بعث إلى ملكهم يطلب الصلح عل ألف ألف دينار، يعجل له بعضها. فأجابه به ملك الفرنج مري إلى ذلك، وحلف له، فحمل إليه شاور مائة ألف دينار وماطله بالباقي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 13 وكاتب في غضون ذلك الملك العادل نور الدين يستنجد به، وسود كتابه، وجعل في طيه ذوائب النساء، وواصل كتبه يستحثه، فكان بحلب، فساق أسد الدين من حمص إلى حلب في ليلة. قال القاضي بهاء الدين يوسف بن شداد: قال لي السلطان صلاح الدين: كنت أكره الناس في الخروج إلى مصر هذه المرة، وهذا معنى قوله: فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً. 4 (دعوة صلاح الدين لدخول مصر) وقال ابن الأثير: حكي عن صلاح الدين قال: لما وردت الكتب من مصر إلى نور الدين أحضرني وأعلمني الحال، وقال: تمضي إلى عمك أسد الدين مع رسولي تحثوه على الحضور. ففعلت، فلما سرنا عن حلب، ميلاً لقيناه قادماً، فقال له نور الدين: تجهز. فامتنع خوفاً من غدرهم أولاً، وعدم ما ينفقه في العسكر آخراً، فأعطاه نور الدين الأموال والرجال، وقال: إن تأخرت عن مصر سرت أنا بنفسي، فإن ملكها الفرنج لا يبقى معهم بالشام مقام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 14 فالتفت إلي عمي وقال: تجهز يا يوسف. قال: فكأنما ضرب قلبي بسكين فقلت: والله لو أعطيت ملك مصر ما سرت. إليها فلقد قاسيت بإلاسكندرية من المشاق ما لا أنساه. قال عمي لنور الدين: لا بد من مسيره معي. فترسم له. فأمرني نور الدين وأنا أستقيله، وانقضى المجلس. ثم قال نور الدين: لا بد من مسيرك مع عمك. فشكوت الضائقة، فأعطاني ما تجهزت به، وكأنما أساق إلى الموت.) وكان نور الدين مهيباً، مخوفاً، مع لينه ورحمته، فسرت معه. فلما توفي أعطاني الله من الملك ما لا كنت أتوقعه. 4 (وزارة أسد الدين) رجعنا إلى ذكر مسير أسد الدين، فجمع الجيوش، وسار إلى دمشق، وعرض الجيش، ثم سار إلى مصر في جيش عرمرم، فقيل: كانوا سبعين ألف فارس وراجل. فتقهقهر الفرنج لمجيئه، ودخل القاهرة في ربيع الآخر وجلس في الدست وخلع عليه العاضد خلع ودخل السلطنة، وولاه وزارته، وهذه نسخة العهد: من عبد الله أبي محمد عبد الله بن يوسف العاضد لدين الله أمير المؤمنين، إلى السيد الأجل، الملك المنصور، سلطان الجيوش، ولي الأئمة، أسد الدين، هادي دعاة المؤمنين، أبي الحارث شيركوه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 15 العاضدي، عضد الله بن الدين، ومتع ببقائه أمير المؤمنين، وأدام أقدرته، وأعلى كلمته، سلام عليك فإنا نحمد الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله أن يصلي على محمد سيد المرسلين، وعلى آله الطاهرين، والأئمة المهديين ثم أتبع ذلك بخطبتين بليغتين، وأنه ولاه الوزارة، فوض إليه تدبير الدولة. وكتب هو في أعلى المنشور بخطه: هذا عهد لم يعهد لوزير بمثله، فتقلد أمانة رآك أمير المؤمنين أهلاً لحملها، والحجة عليك عند الله بما أوضحه لك من مراشد سبله، فخذ كتاب أمير المؤمنين بقوة، واسحب ذيل الفخار بأن اعتزت بك بنو النبوة، واتخذ للفوز سبيلاً ولا تنقضوا ألايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً. 4 (قتل شاور) وكان هذا قبل مقتل شاور وهو أن أسد الدين لما دخل القاهرة فأقام شاور بضيافته وضيافة عسكره، وتردد إلى خدمته، فطلب منه أسد الدين مالاً ينفقه على جيشه، فماطله. فبعث إليه الفقيه ضياء الدين عيسى بن محمد الهكاري يقول: إن الجيش طلبوا نفقاتهم، وقد مطلتهم بها، وتغيرت

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 16 قلوبهم، فإذا أبيت فكن على حذر منهم. فلم يؤثر هذا عند شاور، وركب على عادته، وأتى أسد الدين مسترسلاً، وقيل: إنه تمارض، فجاء شاور يعوده، فاعترضه صلاح الدين يوسف بن أيوب وجماعة من الأمراء النورية، فقبضوا عليه، فجاءهم رسول يطلب رأس شاور، فدبح وحمل رأسه إليه.) 4 (موت شيركوه) ثم لم يلبث أسد الدين أن حضرته المنية بعد خمسة وستين يوماً من ولايته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 17 4 (تقليد صلاح الدين أمور الخليفة) وقلد العاضد الملك الناصر صلاح الدين يوسف الأمور، وهو لقبه الملك الناصر، وكتب تقليده القاضي الفاضل، فقام بالسلطنة أتم قيام. قال العماد في البرق الشامي بعد أن ذكر استباحة الفرنج بلبيس: فأناخوا على القاهرة معولين على المحاصرة في عاشر صفر، فخاف الناس من نوبة بلبيس، فلو أن الفرنج لم يعمدوا بالسوء في بلبيس لو ثقت منهم القاهرة، ولم تدم المحاصرة. وأحرق شاور مصر، وخاف عليها منهم، فبقيت النار تعمل فيها أربعة وخمسين يوماً. وكان غرضه أن يأمن عليها من العدو الكافر، ثم عرف العجز، فشرع في الحيل، فأرسل إلى ملك الفرنج يبذل له المودة، وأنه يراه لدهره العمدة، فأحسن له العدة، ووفر لرجائه الجدة، وقال: أمهلني حتى أجمع لك الدنانير، وأنفذ لك منها قناطير، وأطمعه في ألف ألف دينار معجلة ومنجمة، وتوثق منه بمواثيق مستحكمة، ثم قال له: ترحل عنا، وتوسع الخناق، وتترك الشقاق. وعجل له مائة ألف دينار حيلة وخداعاً، ووصل بكتبه نور الدين مستصرخاً مستنفراً، وفي طيها ذوائب مجزوزة وعصائب محزوزة، وبقي ينفذ للفرنج في كل حين مالاً، ويطلب منهم إمهالاً، حتى أتى الغوث، فسلب أسد الدين القرار، وساق في ليلة إلى حلب، وقال إن الفرنج قد استحكم في البلاد المصرية طمعهم، ليس في الوجود غيرك من يرغمهم، ومتى تجمع العسكر وكيف تدفعهم فقال له: خزانتي لك، فخذ منها ما تريد، ويصحبك أجنادي. وعجل له بمائتي ألف دينار، وأمر خازنه ولي الدين إسماعيل بأن يعطيه ما يطلب. فقال: أمضي إلى الرحبة لجمع التركمان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 18 وذهب نور الدين ليتسلم قلعة جعبر، وحشد أسد الدين وحشر، وأسرع نور الدين بالعودة إلى دمشق. وخرجنا إلى الفوار، وأسد الدين هناك في العسكر الجرار، وأطلق لكل فارس عشرين ديناراً، ورحلوا على قصد مصر. وخيم نور الدين بمن أقام معه على رأس الماء، فجاء البشير برحيل الفرنج عن القاهرة عند وصول خبر العسكر، فدخلوا مصر في سابع ربيع الآخر، وتودد شاور إلى أسد الدين وتردد، وتجدد بينهما من الود ما تأكد.) ثم ساق العماد نحو ما قدمنا، وأنه قتل في سابع عشر ربيع الآخر. ثم قال: لوما فرغ العسكر بمصر بعد ثلاثة أيام من التعزية بأسد الدين اختلفت آراؤهم، واختلطت أهواؤهم، وكاد الشمل لا ينتظم، فاجتمع الأمراء النورية على كلمة واحدة، وأيد متساعدة، وعقدوا لصلاح الدين الرأي والراية، وأخلصوا له الولاء والولاية، وقالوا: هذا مقام عمه، ونحن بحكمه، وألزموا صاحب القصر بتوليته، ونادت السعادة بتلبيته، وشرع في ترتيب الملك وتربيته، وسلط الجود على الموجود، وبسط الوفور للوفود. قال القاضي بهاء الدين بن شداد: وكانت الوصية إلى صلاح الدين من عمه، ولما فوض إليه تاب من الخمر، وأعرض عن اللهو. ولقد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 19 سمعته يقول لما يسر الله ديار مصر: علمت أنه أراد فتح الساحل، لأنه أوقع ذلك في نفسي. وقال ابن واصل: لما مات أسد الدين كان ثم جماعة، منهم عين الدولة الياروقي، وقطب الدين خسرو الهذباني، وسيف الدين علي المشطوب، وشهاب الدين محمود الحارمي خال صلاح الدين، وكل منهم تطاول إلى الأمر، فطلب العاضد صلاح الدين ليوليه الأمر، حمله على ذلك ضعف صلاح الدين، وأنه لا يجسر أحد على مخالفته، فامتنع وجبن، فألزم وأحضر إلى القصر، وخلع عليه، ولقب بالملك الناصر صلاح الدين، وعاد إلى دار الوزارة، فلم يلتفت إليه أولئك الأمراء ولا خدموه، فقام بأمره الفقيه ضياء الدين عيسى الهكاري، وأمال إليه المشطوب، ثم قال لشهاب الدين: هذا هو ابن أختك، وملكه بك، ولم يزل به حتى حلفه له، ثم أتى قطب الدين وقال: إن صلاح الدين قد أطاعه الناس، لم يبق غيرك وغير عين الدولة، وعلى كل حال، فالجامع بينك وبين صلاح الدين أن أصله من الأكراد، فلا يخرج الأمر عنه إلى الأتراك. ووعده بزيادة إقطاعه، فلان وحلف. ثم ذهب ضياء الدين واجتمع بعين الدولة الياروقي، وكان أكبر الجماعة، وأكثرهم جمعاً، فلم تنفع رقاه، وقال: لا أخدم يوسف أبداً. وعاد إلى نور الدين ومعه غيره، فأنكر عليهم فراقهم له. قال العماد: وكان بالقصر أستاذ خصي يلقب مؤتمن الخلافة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 20 لأمره نفاذ، وبه في الشدة عياذ، وله بتحيل الحيل لياذ، وعلى القصر استحواذ، فتشمر وتنمر، وقال: من كسرى، ومن كيقباذ. وتآمر هو ومن شايعه وبايعه عل مكاتبة الفرنج، فكاتبوهم خفية، فاتفق أن تركمانياً عبر بالبير البيضاء، فرأى نعلين جديدين مع إنسان، فأخذهما وجاء بهما إلى صلاح الدين، فوجد في) البطانة خرقاً مكتوبة، ومكتومة، ومختومة، بالشر محتومة، وإذا هي إلى الفرنج من القصر، يرجون بالفرنج النصر فقال: دلوني على كاتب هذا الخط. فدلوه على يهودي من الرهط، فلما أحضروه لفظ بالشهادتين، واعترف أنه بأمر مؤتمن الخلافة كتبه، واستشعر الخصي العصي، وخشي أن تسبقه على شق العصي، فلزم القصر. وأعرض عنه صلاح الدين، ثم خرج إلى قرية له، فأنهض له السلطان صلاح الدين من أخذ رأسه في ذي القعدة. ولما قتل هذا الخادم سار السودان وثاروا، ومن استعار السعير استعاروا، وأقاموا ثاني يوم قتله وجيشوا، وكانوا أكثر من خمسين ألفاً، من كل أنبس أغلس، وأحمر أحمس، أجرى أجرس، ألسع أليس، أسود أسود، وأسحم حسامه يحسم، فحسبوا أن كل بيضاء شحمة، وكل سوداء فحمة، وحمراء لحمة، وأن كل ما أسدوه من العجاج مناله لحمة، فأقبلوا ونصرائهم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 21 زحمة وما في قلوبهم رحمة، فقال أصحابنا: إن فشلنا عنهم سلونا البقاء، وما في عادتهم العادية شيء من الإبقاء، فهاجوا إلى الهيجا، وكان المقدم الأمير أبو الهجيا، واتصلت الحرب بين القصرين، ودام الشر يومين، وأخروجوا عن منازلهم العزيزة إلى الجيزة، وكانت لهم محلة تسمى المنصورة، فأخرجت وحرثت. ولما عرف نور الدين النصر، واستقرار ملك مصر، وارتاح سره، وانسرح صدره، وأمد الصلاح بأخيه شمس الدولة تورانشاه. 4 (ملك الكز الري) قلت: وأما مملكة الري فكانت بيد إينانج يؤدي حملاً إلى إلدكز صاحب أذربيجان، فمنعه سنتين، وطالبه، فاعتذر بكثرة الجند والحاشية، فقصده إلدكز، فالتقيا وعملا مصافاً، فانهزم إينانج، وتحصن بقلعة، فحصره إلدكز فيها. ثم كاتب إينانج وأطمعهم، فقتلوه، وسلموا البلد إلى إلدكز، فلم يف لهم بما وعد، وطردهم، فظفر خوارزم شاه بالذي باشر قتل إينانج، فأخذه وصلبه. وأما إلدكز فعاد إلى همذان، وكان هذه المدة قد سكنها. 4 (تملك شملة بلاد فارس ورده) وفيها تملك الأمير شمله صاحب خوزستان بلاد فارس، ثم حشد صاحبها وجمع، وحارب شمله ونصر عليه، فرد شملة إلى بلاده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 22 4 (قتل ابني شاور وعمهما) ) وفيها قتل العاضد بالقصر: الكامل وأخاه ابني شاور وعمهما في جمادى الآخرة. وذلك أنهم لاذوا بالقصر، ولو أنهم جاءوا إلى أسد الدين سلموا، فإنه ساءه قتل شاور. 4 (الزلزلة بصقلية) وفيها كانت الزلزلة العظمى بصقلية، وأهلك خلق كثير، فلله الأمر من قبل ومن بعد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 23 4 (وفيات سنة خمس وستين وخمسمائة)

4 (الزلازل في الشام) وردت الأخبار بوقوع زلازل في الشام وقع فيها نصف حلب، ويقال، هلك من أهلها ثمانون ألفاً. ذكره ابن الجوزي. وقال العماد الكاتب: تواصلت الأخبار من جميع بلاد الشام بما أحدثت الزلزلة بها من الإنهداد والإنهدام، وأن زلات زلازلها حلت وجلت، ومعاقد معاقلها انحلت واختلت، وانبت ما فيها وتخلت، وأن أسوارها علتها الأسواء وعرتها، وقرت بها النواكب فنكبتها وما أقرتها، وأنهارت بالأرجاف أجراف أنهارها، وأن سماءها انفطرت، وشموسها كورت، وعيونها غورت وعورت. وذكر فصلاً طويلاً في الزلزلة وتهويلها. قال أبو المظفر بن الجوزي بعد أن أطنب في شأن هذه الزلزلة وأسهب: لم ير الناس زلزلة من أول الإسلام مثلها، أفنت العالم، وأخربت القلاع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 24 والبلاد. وفرق نور الدين في القلاع العساكر خوفاً عليها، لأنها بقيت بلا أسوار. 4 (نزول الفرنج على دمياط) وفيها نزلت الفرنج على دمياط في صفر، فحاصروها واحداً وخمسين يوماً، ثم رحلوا خائبين، وذلك أن نور الدين وصلاح الدين أجلبا عليها براً وبحراً، وأغارا على بلادهم. قال ابن الأثير: بلغت غارات المسلمين إلى ما لم يكن تبلغه، لخلو البلاد من المانع، فلما بلغهم ذلك رجعوا، وكان موضع المثل: خرجت النعامة تطلب قرنين، فعادت بلا أذنين. وأخرج صلاح الدين في هذه المرة أموالاً لا تحصى. حكي لي عنه أنه قال: ما رأيت أكرم من العاضد، أرسل إلي مدة مقام الفرنج على دمياط ألف ألف دينار مصرية، سوى الثياب وغيرها. 4 (أخذ نور الدين سنجار) وفيها توجه نور الدين إلى سنجار، فحاصرها حصاراً شديداً، ثم أخذها بالأمان، ثم توجه إلى) الموصل ورتب أمورها، وبنى بها جامعاً، ووقف عليه الوقوف الجليلة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 25 4 (دخول نجم الدين أيوب مصر) وفيها دخل نجم الدين أيوب مصر، فخرج العاضد إلى لقائه بنفسه، وكان يوماً مشهوداً، وتأدب ابنه صلاح الدين معه، وعرض عليه منصبه. 4 (منازلة نور الدين الكرك) وفيها سار نور الدين، فنازل الكرك، ونصب عليها منجنيقين، وقاتلهم أشد القتال، فبلغه وصول الفرنج إلى ماء عين، فعطف عليهم، فانهزموا. 4 (أسر أمير حصن عكار) وفيها طرق الفرنج حصن عكار من المسلمين، وأسروا أميرها، وهو خطلخ السلحدار مملوك نور الدين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 26 4 (وفيات سنة ست وستين وخمسمائة)

4 (وفاة المستنجد بالله) فيها وفاة المستنجد بالله، وما زالت الحمرة الكثيرة تعرض في السماء منذ مرض، وكانت ترمي ضوءها على الحيطان. 4 (خلافة المستضيء بالله) وبويع ابنه المستضيء أبو محمد الحسن، وأمه أرمنينة بايعه الناس، وصلى ليومه على المستنجد، ونادى برفع المكوس، ورد مظالم كثيرة، وأظهر من العدل والكرم ما لم نره من الأعمار، قاله ابن الجوزي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 27 ثم قال: واحتجب المستضيء عن أكثر الناس، فلم يركب إلا مع الخدم، ولم يدخل عليه غير قيماز. 4 (كتاب التهنئة برحيل الفرنج عن دمياط) وقال العماد الكاتب: أنشأت عن نور الدين كتاباً إلى العاضد، يهنئه برحيل الفرنج عن دمياط. وكان قد ورد كتاب العاضد بالإسقالة من الأتراك في مصر خوفاً منهم، والإقتصار منهم على صلاح الدين، فقلت: الخادم يهنيء بما مضاه الله من الظفر الذي أضحك سن الإيمان. ثم ذكر أن الفرنج لا تؤمن غائلتهم، والرأي إبقاء الترك بديار مصر.) 4 (وفاة قطب الدين) ولما بلغ نور الدين وفاة أخيه قطب الدين بالموصل، توجه ليدبر أحوالها. 4 (دخول نور الدين الموصل) وكان الخادم فخر الدين عبد المسيح قد تعرض للحكم، وأقام سيف الدين غازي مقام أبيه، فقال نور الدين: أنا أولى بتدبير البلاد، فسار ماراً على قلعة جعبر، واستصحب معه العسكر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 28 ثم سير من الرقة العماد الكاتب في الرسيلة إلى الخليفة. ثم حاصر نور الدين سنجار، وهدم سورها بالمجانيق، ثم تسلمها، وسلمها إلى ابن أخيه زنكي بن مودود. وقصد الموصل، فنزل عليها، خاض إليها دلة من مخاضة دجلة عليها تركماني. ثم أنعم نور الدين على أولاد أخيه، وأقر غازياً عليها، وألبسه التشريف الذي وصل إليه من الإمام المستضيء. ثم دخل نور الدين قلعة الموصل، فأقام بها سبعة عشر يوماً، وجدد مناشير ذوي المناصب، فكتب منسوراً لقاضيها حجة الدين ابن الشهرزوري، وتوقيعاً لنقيب العلويين، وكتب منشوراً بإسقاط المكوس والضرائب، فما أعيدت إلا بعد وفاته. قال العماد: وكتبت له منشوراً أيضاً بإطلاق المكوس والضرائب في جمع بلاده. قال: وحضر مجاهد الدين قايماز صاحب إربل في الخدمة النورية، وزخرت الموصل بأمواج هداياه. ثم ولى نور الدين سعد الدين كمشتكين بقلعة الموصل عنه نائباً، وأمر فخر الدين عبد المسيح بأن يكون له في خدمته

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 29 بالشام مصاحباً. واقتطع عن صاحب الموصل: حران، ونصيبين، والخابور، وعاد إلى سنجار، فأعاد إلى عمارة أسوارها، ودخل حلب في رجب. 4 (أسر جماعة من الفرنج) وكان ثلاثمائة فارس من الفرنج قد أغاروا، فصادفهم صاحب البيرة شهاب الدين محمد بن إلياس بن إيلغازي بن أرتق وهو يتصيد، فقتل وأسر أكثرهم، وقدم بالأسارى على نور الدين، وكان بينهم سبعة عشر فارساً، فيهم مقدم الإسبتار الأعور بحصن الأكراد. وللعماد الكاتب في شهاب الدين قصيدة مطلعها: يروق ملوك الأرض صيد القنائصوصيد شهاب الدين صيد القوامص 4 (بناء مدرسة للشافعية والمالكية بمصر) ) وفيها عمل صلاح الدين بمصر حبس المعونة مدرسة للشافعية، وبنى دار الغزل مدرسة للمالكية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 30 4 (تقليد قضاء مصر) وقلد القضاء بديار مصر صدر الدين عبد الملك بن درباس 4 (الغارة على الرملة، وعسقلان وغيرهما) وخرج بجيوشه فأغار على الرملة وعسقلان، وأولي الكفر الخذلان، وهجم ربض غزة، ورجع إلى مصر 4 (فتح قلعة أيلة) واقتتح قلعة أيلة في السنة، غزاها جنده في المراكب واستباحها قتلاً وسبياً. 4 (سماع صلاح الدين من السلفي) وفيها سار إلى الإسكندية ليشاهدها، ويرتب قواعدها، وسمع بها حينئذ من السلفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 31 4 (تحويل منازل العز إلى مدسة للشافعية) وفيها اشترى تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب منازل العز بمصر، وصيرها مدرسة للشافعية. 4 (وفاة ابن الخلال) وفي جمادى الآخرة توفي بمصر القاضي ابن الخلال صاحب ديوان الإنشاء بمصر، ولما كبر جلس في بيته. وكان القاضي الفاضل يوصل إليه كل ماله. 4 (استيلاء الخزر على دوين) وفيها ظهر ملك الخزر وفتح دوين، وهي بلدة قرب أذربيجان، وقتلوا من المسلمين بها ثلاثين ألفاً. 4 (ظهور مغربي دعي وقتله) وفيها ظهر بدمشق مغربي فربط طائفة من الأغنياء، وأظهر التخابيل، ثم أدعى الربوبية، فقتل، ولله الحمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 32

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 33 4 (وفيات سنة سبع وستين وخمسمائة)

4 (عزل ابن رئيس الرؤساء) ) في هذه السنة دخل نجاح الخادم على الوزير ابن رئيس الرؤساء ومعه خط الخليفة بعزله، وأمر بطبق دواته، وحل أزراره، وإقامته من مسنده، وقبض على ولده أستاذ الدار، ثم نهبت داره ودار ولده، واستنيب ابن جعفر ناظر المخزن في الوزارة. 4 (الحريق ببغداد) وفيها وقع حريق عظيم ببغداد. 4 (هدية صاحب البحرين) ووصلت رسل صاحب البرحين إلى الخليفة بهدايا 4 (تدريس ابن الجوزي بالحلبة) وقال ابن الجوزي: وتكلمت في رمضان بالحلبة، فتاب تحو مائتي رجل، وقطعت شعور مائة وعشرين منهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 34 4 (الخطبة للعباسيين بمصر) ووصل ابن عصرون رسولاً، بأن أمير المؤمنين خطب به بمصر، وضربت السكة باسمه، فغلقت أسواق بغداد، وعملت القباب. وكانت قد قطعت من مصر خطبة بني العباس من أكثر من مائتي سنة. قال العماد رحمه الله: استفتح السلطان سنة سبع بجامع مصر كل طاعة وسمع، وهو إقامة الخطب في الجمعة الأولى بمصر لبني العباس، وعفت البدعة، وصفت الشرعة، وأقيمت الخطبة العباسية في الجمعة الثانية بالقاهرة. وأعقب ذلك موت العاضد في يوم عاشوراء بالقصر، وجلس السلطان صلاح الدين للعزاء، وأغرب في الحزن والبكاء، وتسلم القصر، بما فيه من خزائنه ودفائنه. 4 (تعيين قراقوش زماماً لقصر الخلفاء) ولما قتل مؤتمن الخلافة صرف من هو زمام القصر وصير زمامه بهاء

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 35 الدين قراقوش، فما دخل القصر شيء ولا خرج إلا بمرأى منه ومسمع، ولا حصل أهل القصر بعد ذلك على صفو مشرع. فلما توفي العاضد احتيط على آل القصرفي موضع جعل برسمهم على الإنفراد، وقررت لهم الكسوات والأزواد، فدامت زماناً فجمعت رجالهم، واحترز عليهم، ومنعوا من النساء لئلا يتناسلوا، وهم إلى الآن محصورون محسورون لم يظهروا. وقد نقص عددهم،) وقلص مددهم. وفرق ما في القصر من الحرائر والإماء، وأخذ ما يصلح له ولأمرائه من أخاير الذاخير، وزواهر الجواهر، ونفائس الملابس، ومحاسن العرائس، وقلائد الفرائد، والدرة اليتيمة، والياقوتة الغالية القيمة. ووصف العماد أشياء عديدة. قال: واستمر البيع فيما بقي عشر سنين، ومن جملتها الكتب، وكانت خزانة الكتب مشتملة على نحو مائة وعشرين ألف مجلدة. وانتقل إلى القصر الملك العادل سيف الدين أبو بكر لما ناب عن أخيه، واستمرت سكناه فيه. وكان صلاح الدين لا يخرج من أمر نور الدين، ويعمل له عمل القوي الأمين، ويرجع إلى رأيه المتين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 36 4 (كتاب البشارة بالخطبة لأمير المؤمنين) وسير نور الدين إلى الديوان العزيز بهذه البشارة شهاب الدين المطهر بن العلامة شرف الدين بن أبي عصرون، وأمرني بإنشاء عامة تقرأ في سائر بلاد الإسلام: الحمد لله معلي الحق ومعلنه، وموهي الباطل وموهنه. منها: ولم يبق بتلك البلاد منبر إلا وقد أقيمت عليه الخطبة لمولانا الإمام المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين، وتمهدت جوامع الجمع، وتهدمت صوامع البدع. إلى أن قال: وطالما عليها الحقب الخوالي، وبقيت مائتين وثمان سنين ممنوة بدعوة المبطلين، مملوؤة بحزب الشياطين. فملكنا الله تلك البلاد، ومكن لنا في الأرض، وأقدرنا على ما كنا نؤمله من إزالة الإلحاد والرفض. وتقدمنا إلى كل من استنبنا أن يقيم الدعوة العباسية هنالك، ويورد الأدعياء ودعاء الإلحاد بها المهالك. وقال من إنشائه في البشارة إلى الديوان العزيز. وصارت مصر سوق الفسوق، ودوحة شعب الإلحاد، وموطن دعوة الدعي، ومحل المحال والمحل، وقحط الضلال والجهل، وقد استولت بها

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 37 جنود الشياطين، واستعلت بها دعوة المعطلين، وغلبت بها نجوى المبطلين، وتبلطت الجماعات والجمع، واستفحلت الشناعات والبدع، وأفرخ الشيطان بها وباض، واشتهر الجور واستفاض، واستبدل للعمائم السواد بالبياض.) وللعماد قصيدة منها: قد خطبنا للمستضيء بمصرنائب المصطفى إمام العصر وخذلنا نصرة العضد والعاضد والقاصر الذي بالقصر وتركنا الدعي يدعو ثبوراوهو بالذل تحت حجر وحصر 4 (وصول الخلع من الخليفة إلى دمشق) ووصل الأستاذ عماد الدين صندل الطواشي المقتفوي إلى دمشق رسولاً من دار الخلافة في جواب البشارة بالخلع والتشريفات لنور الدين وصلاح الدين في السنة، ومعه رسولان من الوزير، ومن الأمير قطب الدين قايماز. وكان صندل قد ولي أستاذيه الدار المستضيئة بعد الكمال ابن رئيس

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 38 الرؤساء. ولبس نور الدين الخلع، وهو فرجية، وجبة، قباء، وطوق ذهب ألف دينار، وحصان بسرج خاص، وسيفان، ولواء، وحصان آخر بحليته يجنب بين يديه. وقلد السيفين إشارة إلى الجمع له بين مصر والشام. وخرج في دست السلطنة، واللواء منشور، والذهب منثور إلى ظاهر دمشق، وانتهى إلى آخر الميدان، ثم عاد. وسير إلى صلاح الدين تشريف فائق، ولكنه دون ما ذكرناه لنور الدين بقليل، فكان أول، هبة عباسية دخلت الديار المصرية، وقضى أهلها منها العجب، وكان معها أعلام وبنود وأهب عباسية للخطباء بمصر. وسير إلى العماد الكاتب خلعة ومائة دينار من الديوان. قال: فسيرت إلى الوزير هذه المدحة، واستزدت المنحة، وهي: عسى أن تعود ليالي زرود وهي طويلة منها: نحولي من ناحلات الخصوروميلي إلى مائلات القدود وتطميني طاميات الوشاح وتعلقني علقات العقود

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 39 وما العيش إلا مبيت المحب فوق الترائب بين النهود وما كنت أعلم أن الظبأ يوجدرة قانصة للأسود وخيل بنت النجود الصعادبين العجاج بأرض الصعيد) سوابق قد ضمرن للطرادبكل عتاق من الجرد قود تخفق منها قلوب العداة كما خفقت عذبات البنود أذاعت، بمصر لداعي الهداة وانتقمت من دعي اليهود يعني بدعي اليهود العاضد، لأن جدهم عبيد الله قد جاء انه يهودي الأصل. 4 (رواية ابن الأثير في انقراض الدولة العبيدية) وقال ابن الأثير: فصل في انقراض الدولة المصرية وإقامة الدولة العباسية بمصر وذلك في المحرم سنة سبع، فقطعت خطبة العاضد، وخطب فيها للمستضيء بأمر الله أمير المؤمنين. وسبب ذلك أن صلاح الدين لما ثبت قدمه، وضعف أمر العاضد، ولم يبق من العساكر المصرية أحد، كتب إليه نور الدين يأمره بذلك، فاعتذر بالخوف من وثوب المصريين وامتناعهم، فلم يصغ إلى قوله، وأرسل إليه يلزمه بذلك. واتفق أن العاضد مرض، وكان صلاح الدين قد عزم على قطع الخطبة، فاستشار أمراءه كيف الإبتداء فمنهم من أقدم على المساعدة، ومنهم من خاف. وكان قد دخل مصر أعجمي يعرف بالأمير العالم، قد رأيته بالموصل، فلما رأى ما هم فيه من الإحجام قال: أنا ابتديء بها. فلما كان أول جمعة من المحرم صعد المنبر قبل الخطيب، ودعا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 40 للمستضيء بأمر الله، فلم ينكر ذلك أحد. فلما كانت الجمعة التالية أمر صلاح الدين الخطباء بقطع خطبة العاضد، ففعل ذلك، ولم ينتطح فيها عنزان. العاضد شديد المرض، فتوفي يوم عاشوراء، واستولى صلاح الدين على القصر وما حوى، وكان فيه من الجواهر والأعلاق النفسية ما لم يكن عند ملك من الملوك، فمنه القضيب الزمرد، طوله نحو قبضة ونصف، والجبل الياقوت، من الكتب التي بالخطوط المنسوبة نحو مائة ألف مجلد. 4 (بداية المنافرة بين صلاح الدين ونور الدين) وذكر أشياء، ثم قال: وفي هذه السنة حدث ما أوجب نفرة نور الدين عن صلاح الدين. أرسل نور الدين إليه يأمره بجمع الجيش، والمسير لمنازلة الكرك، ليجيء هو بجيشه ويحاصرانها. فكتب إلى نور الدين يعرفه أنه قادم. فرحل على قصد الكرك وأتاها، وانتظر وصوله، فأتاه كتاب يعتذر باختلاف البلاد، فلم يقبل عذره. وكان خواص صلاح الدين خوفوه من الإجتماع،) وهم نور الدين بالدخول إلى مصر، وإخراج صلاح الدين منها. فبلغ صلاح الدين ذلك، فجمع أهله، وأباه، خاله الأمير شهاب الدين الحارمي، وسائر الأمراء، وأطلعهم على نية نور الدين، واستشارهم فسكتوا،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 41 فقال ابن أخيه تقي الدين عمر: إذا جاء قاتلناه. ووافقه غيره من أهله، فسبهم نجم الدين أيوب واحتد، وكان ذا رأي ومكر، وقال لتقي الدين: اسكت، وزبره، وقال لصلاح الدين: أنا أبوك، وهذا خالك، أتظن أن في هؤلاء من يريد لك الخير مثلنا فقال: لا. فقال: والله لو رأيت أنا وهذا نور الدين لم يمكننا إلا أن ننزل ونقبل الأرض، ولو امرنا بضرب عنقك لفعلنا، فما ظنك بغيرنا فكل من تراه من الأمراء لو رأى نور الدين لما وسعه إلا الترجل له. وهذه البلاد له، وإن أراد عزلك فأي حاجة له إلا المجيء بل يطلبك بكتاب. وتفرقوا، وكتب أكثر الأمراء إلى نور الدين بما تم. ولما خلا بولده قال: أنت جاهل، تجمع هذا الجمع وتطلعهم على سرك، ولو قصدك نور الدين لم تر معك أحداً منهم. ثم كتب إلى نور الدين بإشارة والده نجم الدين يتخضع له، ففتر عنه. 4 (اتخاذ الحمام للمراسلة) قال العماد: وكان نور الدين لا يقيم في البلاد أيام الربيع والصيف محافظة عل الثغر، وصوناً من الحيف، ليحمي البلاد بالسيف. وهو متشوق إلى أخبار مصر وأحوالها، فرأى اتخاذ الحمام المناسب، وتدريجها

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 42 على الطيران لتحمل إليه الكتب بأخبار البلدان. وتقدم إلي بكتب منشور لأربابها، وإعذار أصحابها، ونودي بالتهديد لمن اصطاد منها شيئاً. 4 (تفويض العماد بالتدريس والنظارة) قال: وفي رجب فوض إلي نور الدين المدرسة التي عند حمام القصير، هي التي أنا منذ قدمت فيها ساكن. وكان فيها الشيخ الكبير ابن عبد وقد استفاد من علمه كل حر وعبد، فتوفي، وخلف ولدين، استمرا فيها على رسم الوالد، ودرسا بها، فخدعهما مغربي بالكيميا، فلزماه، وافتقرا به وأغنياه، وغاظ نور الدين ذلك، وأحضرهما ووبخهما، ورتبني فيها مدرساً وناظراً. 4 (عبور الخطا نهر جيحون إلى خوارزم) وفيها عبرت الخطا نهر جيحون يريدون هوارزم، فجمع هوارزم شاه ابن أرسلان بن أتسز بن محمد جيوشه وقصدهم، فمرض، فجهز الجيش للمقتفى، فالتوقا واشتد الحرب، ثم انهزم الخوارزميون، وأسر مقدمهم، ورجعت الخطا.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 43 4 (وفيات سنة ثمان وستين وخمسمائة)

4 (تدريس ابن الجوزي بجامع المنصور) قال ابن الجوزي: جلست يوم عاشوراء بجامع المنصور، فحضر من الجمع ما حزر بمائة ألف. 4 (التخوف من عسكر همذان) وفيها وقعت الأراجيف بمجيء العسكر من همذان، فأخذ الخليفة في التجنيد، وعمارة السور، وجمع الغلات، وعرض العساكر. 4 (حفل ختان إخوة الخليفة) وعمل ختان إخواته، إخوة الخليفة وأقاربه، فتفرقت الخلع، وذبح ألف رأس غنم، وثلاثة آلاف دجاجة، وعشرون ألف خشكنانكة، وغير ذلك. 4 (حضور الخليفة مجلس ابن الجوزي) وفي رجب تقدم إلي بالجلوس بباب ليسمع الخليفة، فكنت أجلس أسبوعاً، وأبو الخير القزويني إلى آخر رمضان، وجمعي عظيم، وجمعه يسير ثم شاع أن أمير المؤمنين لا يحضر إلا مجلسي، فكانت زيادة عظيمة ببغداد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 44 4 (استيلاء قراقوش على طرابلس الغرب) قال ابن الأثير: وفيها سار طائفة من الترك مع قراقوش مملوك تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين إلى جبال نفوسه، فاجتمع به بعض المقدمين هناك، فاتفقا وكثر جمعهما، ونزلا على طرابلس الغرب، فحاصراها مدة، ثم فتحت، فاستولى عليها قراقوش، وسكنها وكثرت عساكره. 4 (فتح برقة واليمن) وفبها افتتح شمس الدولة أخو صلاح الدين برقة على يد غلام له تركي. ثم سار وافتتح اليمن بعد ذلك. وقبض على ابن مهدي الخارج باليمن. وكان شاباً أسود، منحل الإعتقاد. 4 (حصار صلاح الدين الكرك) وفيها سار صلاح الدين بعساكر مصر يريد الكرك، وإنما بدأ بها لقربها إليه، وكانت تمنع من يقصد الديار المصرية، وتقطع القوافل، فحاصرها، وقاتل الفرنج، ثم رجع ولم يفتحها.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 45 4 (وفاة خوارزم شاه) وفيها مات خوارزم شاه أرسلان، وملك بعده ابنه الصغير محمود. 4 (الحرب بين أبناء خوارزم شاه على الملك) وكان ابنه الكبير علاء الدين تكش غائباً نائباً لأبيه على الجند، فاستنجد بالخطا وأقبل بهم، فاستعان أخوه محمود بصاحب نيسابور المؤيد، وعملوا المصاف، فأسر المؤيد وذبح صبراً، وهرب محمود، أسرت أمه فيما بعد، وقتلت، وثبت قدم تكش في الملك، فجاءت رسل صاحب الخطا بأمور مشقة، واقتراحات صعبة، فقتل كل من عنده من الخطا، ونبذ إلى ملك الخطا، فسار محمود إلى ملك الخطا، فجهز معه جيشاً، فنازل خوارزم وحصرها، فأمر تكش بإجراء ماء جيمون، فكانوا يغرقون، فرحلوا وندموا، فسار محمود بهم، فأخذ مرو، فعاد الخطا إلى بلادها وجعل محمود الغز من دأبه، وحاربهم وأولاهم ذلاً، ثم افتتح مدينة سرخس سنة ست وسبعين، ثم أخذ طوس. وأما نيسابور مملكتها، فتولاها طغان شاه، بعد والده المؤيد، وكان لعاباً مسرفاً على نفسه، ملك أربع عشرة سنة ومات. 4 (وإنهزام الروم أمام مليح الأرمني) وفيها، في جمادى الأولى هزم مليح بن لاون الأرمني النصراني صاحب بلاد الدروب وسيس عسكر الروم، لعنهم الله تعالى. وذلك أن نور

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 46 الدين، رحمه الله، كان قد استخدم سيس هذا، وأقطعه واستماله، وظهر له منه نصحه، وكان ملازماً لخدمة نور الدين، معيناً له على الفرنج، ولما قيل لنور الدين في معنى استخدامه وإعطائه بلاد سيس قال: أستعين به على قتال أهل ملته، وأريح طائفة من عسكري، وأجعله سداً بيننا وبين صاحب القسطنطينية. فجهز إليه صاحب الروم جيشاً كثيفاً، فالتقاهم، ومعه طائفة من عسكر المسلمين، فهزمهم، وكثر القتل والأسر في الروم، وقويت شوكة مليح. 4 (فتح نور الدين بهسناً ومرعش) وفيها سار نور الدين إلى بلاد الشرق، فصلى في جامع الموصل الذي بناه، وتصدق بمال عظيم، ثم رد وقطع الفرات، وقصد ناحية الروم، فافتتح بهسنا، ومرعش. 4 (خضوع قلج أرسلان لشروط نور الدين) ) ورد إلى الشام، معه ابن الدانشمند، ووعده بخلاص بلاده، فبعث قلج أرسلان إلى نور الدين يخضع له، وأن يرد إلى ابن الدانشمند قلاعه، فشرط عليه نور الدين:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 47 تجديد إسلامه، لأن قلج أرسلان اتهمه بالزندقة وأنه متى طلب منه عسكره ينجد به. وأن يزوج بنت قلج أرسلان بابن أخيه سيف الدين غازي صاحب الموصل. ففعل. وبعث نور الدين في خدمة ابن الدانشمند عسكراً صحبه الأمير فخر الدين عبد المسيح إلى ملطية وسيواس فلما مات نور الدين عادت البلاد إلى قلج أرسلان. 4 (تدريس القطب النيسابوري بالغزالية) وفيها قدم القطب النسابوري من حلب إلى دمشق، فدرس بالغزالية. 4 (بناء المدرسة العادلية) وشرع نور الدين في بناء مدرسة للشافعية، ووضع محرابها، فمات ولم يتمها. وبقي أمرها على حاله، إلى أن أزال الملك العادل ذلك البناء، وعملها مدرسة عظيمة، فهي العادلية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 48 4 (وفيات سنة تسع وستين وخمسمائة)

4 (حريق الظفرية) في المرحم وقع حريق بالظفرية، فاحترقت مواضع كثيرة. 4 (تدريس ابن الجوزي بجامع المنصور) قال ابن الجوزي: وجلست يوم عاشوراء في جامع المنصور، فحزر الجميع بمائة ألف، كذا قال. 4 (الإزدحام على درس ابن الجوزي بالحربية) قال: وسألني في ربيع الأول أهل الحربية أن أعمل عندهم مجلساً، فوعدتهم ليلة، فانقلبت بغداد، وعبر أهلها، وتلقيت بشموع حزرت ألف شمعة، وما رأيت البرية إلا مملوءة بالضوء، وكان أمراً مفرطاً، فلو قال قائل: إن الخلق كانوا ثلاثمائة ألف لما أبعد. 4 (وصول التقادم من نور الدين إلى الخليفة بمصر) وفي رجب وصل ابن الشهرزوري بتحف وتقادم للخليفة من نور الدين، وفيها حمار مخطط) كثوب عتابي، وخرج الخلق للفرجة عليه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 49 وكان فيهم رجل عتابي كثير الدعاوى، وهو بليد، ناقص الفضيلة فقال رجل: إن كان بعث إلينا حمار عتابي، فنحن عندنا عتابي حمار. 4 (التدريس بالنظامية) وفيها ولي أبو الخير القزويني تدريس النظامية ببغداد. 4 (خروج ابن أخي شملة وقتله) وخرج ابن أخي شملة التركماني، ويعرف ابن سنكة، أخذت قلعة في نواحي باذرايا ليتخذها عوناً له على الإغارة، فسارت لقتاله العساكر، فالتقوا، فطحن الميمنة، ثم حمي القتال، وظفروا به، وجيء برأسه إلى بغداد. 4 (وقوع البرد) وفيها وقع برد بالسواد، هدم الدور، وقتل جماعة وكثيراً من المواشي. وقال ابن الجوزي: فحدثني الثقة أنهم وزنوا بردة، فكانت سبعة أرطال. قال: وكان عامته كالنارنج. 4 (زيادة دجلة) وفي رمضان زدات دجلة زيادة عظيمة على كل زيادة تقدمت منذ بنيت

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 50 بغداد بذراع وكسر، وخرج الناس إلى البحر، وأيسوا من البلد، وضجوا إلى الله بالبكاء، وانهدمت دور كثيرة بمرة. وكان آية من الآيات. وهلكت قرى ومزارع لا تحصى. ونصب يوم الجمعة منبر خارج السور، وصلى الخطيب بالناس هناك. وفي الجمعة الأخرى اجتمعوا بمسجد التوبة. ودام الغرق أياماً، وكثر الإبتهال إلى الله. وبقي الخلق والأمراء كلما سدوا ثقباً وتعبوا عليه، غلبهم الماء وخربه، أو انفتح آخر عنده. 4 (الأمطار بالموصل) وجاءت أمطار هائلة بالموصل، ودامت أربعة أشهر، حتى تهدم بها نحو ألفي دار، وهلك خلق تحت الردم، وزدات الفرات زيادة كبيرة، وفاضت حتى أهلكت قرى ومزارع. ومن العجب أن هذا الماء على هذه الصفة، ودجيل قد هلكت مزارعه بالعطش. 4 (تجدد الخلاف بين السنة والرافضة) وتوفي السلطان نور الدين فتجدد بحلب بعد موته اختلاف بين السنة والرافضة، فقتل من) الطائفتين خلق، ونهب ظاهر البلد. 4 (البشارة بفتح اليمن وكسر الفرنج) وكان مما قدم به ابن الشهزوري من البشارة: فتح اليمن، وكسر الفرنج مرة ثانية، ومقدمهم الدوقش، وكان أسيراً عند نور الدين. أسره نوبة حارم، ففداه بخمسة وخمسين ألف دينار، وخمسمائة ثوب أطلس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 51 وفي كتاب يقول: ولم ينج من عشرة الآف غير عشرة حمر مستنفرة، فرت من قسورة. 4 (وصول الفتوحات إلى النوبة) وذكر ابن الأثير أن صلاح الدين لما استولى على مصر، وأراد أن يستبد بالأمر، خاف من نور الدين، وعرف أنه ربما يقصده، ويأخذ منه مصر، فشرع هو وأهل بيته في تحصيل مملكة تكون لهم ملجأ إن حصرهم. فجهز أخاه توارنشاه إلى النوبة، فافتتح منها. 4 (الفتوحات في اليمن) فلما عاد تجهز إلى اليمن بقصد عبد النبي صاحب زبيد، وطرده عن اليمن. وحسن لهم ذلك عمارة اليمني. فسار في أكمل الهيبة وألاهبة، فلم يثبت له أهل زبيد، وتفرقوا، فعمد العسكر إلى سور وبيد، ونصبوا السلالم، وطلعوا، فأسروا عبد النبي وزوجته الحرة، وكانت صالحة، كثيرة الصدقة، فعذبوا عبد النبي، واستخرجوا منه أموالاً كثيرة، ثم سار تورانشاه إلى عدن، وهي لياسر، فهزموه وأسروه. ثم سار فافتتح حصون اليمن، وهي قلعة تعز، وقلعة الجند. واستناب بعدن عز الدين عثمان بن الزنجيلي، وبزبيد سيف الدولة مبارك بن منقذ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 52 وزاد أبو المظفر السبط فقال: يقال إنه افتتح ثمانين حصناً ومدينة، وقتل عبد النبي بن مهدي. 4 (إخراج المحفوظ في خزائن مصر) وذكر ابن أبي طيء قال: في هذه السنة وصل الموفق بن القيسراني إلى مصر رسولاً من نور الدين، فاجتمع بصلاح الدين، وأنهى إليه رسالة، وطالبه بحساب جميع ما حصله من ارتقاع البلاد، فصعب ذلك عليه، وأراد شق العصا، ثم ثاب، وأمر النواب بالحساب، ثم عرضه على ابن القيسارني، وأراه جرائد الأجناد بالإقطاع. ثم أرسل معه هدية على يد الفقيه عيسى، وهي ختمة بخط ابن البواب، وختمة بخط مهلهل، وختمة بخط الحاكم البغدادي، وربعه مكتوبة بالذهب بخط يانس، وربعة عشرة أجزاء بخط

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 53 راشد، وثلاثة أحجار بلخش، وست قصبات) زمرد، وقطهة ياقوت وزن بسبعة مثاقيل، وحجر أزرق ستة مثاقيل، ومائة عقد جوهر، وزنها ثمانمائة وسبعة وخمسون مثقالاً، وخمسون قارورة دهن بلسان، وعشرون قطعة بلور، وأربع عشرة قطعة جزع، وإبريق يشم وطشت يشم، وصحون صيني، وزبادي أربعون، وكرتان عود قماري، وزن إحداهما ثلاثون رطلاً بالمصري، والأخرى أحد وعشرون، ومائة ثوب أطلس، وأربعة وعشرون بقيار مذهبة، وخمسون ثوباً حرير، وحلة فلغلي مذهب، وحلة مرايش صفراء وغير ذلك من القماش، وقيمتها مائتان وخمسة وعشرون ألف دينار، وعدة من الخيل، والغلمان، والجواري، والسلاح، ولم تصل إلى نور الدين، لأنه مات. فمنها ما أعيد، ومنها ما استهلك، لأن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 54 الفقيه عيسى وابن القيسراني وضعاً عليها من نهبها واستبدا بأكثرها. وقيل ردت كلها إلى صلاح الدين. وكان معها خمسة أحمال مال. 4 (مهادنة الصالح إسماعيل للفرنج) وتحركت الفرنج بالسواحل الفرنج بالسواحل، وكان بدمشق الملك الصالح إسماعيل ابن السلطان نور الدين، صبي عمره عشر سنين أو أكثر، فاستنجد بصلاح الدين صاحب مصر. وبلغ صلاح الدين نزول الملاعين على بانياس، فصالحهم الأمراء وأهل دمشق، وهادنوهم على مال وأسرى يطلقون. فكتب إلى جماعة يوبخهم فكتب إلى الشيخ شرف الدين بن أبي عصرون يخبره أنه لما أتاه كتاب الملك الصالح تجهز للجهاد وخرج، وسار أربع مراحل، فجاءه الخبر بالهدنة المؤذنة بذل الإسلام، من رفع القطيعة، وإطلاق الأسارى، وسيدنا المسيح أول من جرد لسانه الذي تغمد له السيوف وتجرد. وكتب في ذي الحجة من السنة. 4 (مصرع الذين سعوا في إعادة دولة بني عبيد) كانت دولة العاضد وذريته لذيذة لأناس، وهم يتقلبون في نعيمها، فأخروا وأبعدوا. فذكر جمال الدين بن واصل، وغيره، أن في سنة تسع وستين، أراد جماعة من شيعة العبيديين ومحبيهم إقامة الدعوة، وردها إلى العاضد، فكان منهم عمارة اليمني، وعبد الصمد الكاتب، والقاضي هبة الله بن كامل، وداعي الدعاة ابن عبد القوي، وغيرهم من الجند والأعيان والحاشية، ووافقهم على ذلك جماعة من أمراء صلاح الدين، وعينوا الخليفة والوزير، وتقاسموا الدور واتفق رأيهم على استدعاء الفرنج من صقلية والشام يقصدون مصر، ليشغلوا صلاح الدين بهم، ويحلو لهم الوقت، ليتم أمرهم ومكرهم.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 55 وقال لهم عمارة اليمني: أنا قد أبعدت أخاه تورانشاه إلى اليمن خوفاً من أن يسد مسده، وقرروا الأمور، وكاد أمرهم أن يتم، وأبى الله إلا أن يتم نوره، فأدخلوا في الشورى الواعظ زين الدين علي بن نجا، فأظهر لهم أنه معهم، ثم جاء إلى صلاح الدين، فأخبره، وطلب من صلاح الدين ما لابن كامل من الحواصل والعقار، فبذل له، وأمره بخالطتهم، وتعريف شأنهم، فصار يعلمه بكل متجدد. فجاء رسول ملك الفرنج بالساحل إلى صلاح الدين بهدية، ورسالة، وفي الباطن إليهم. وأتى الخبر إلى صلاح الدين من أرض الفرنج بجلية الحال، فوضع صلاح الدين على الرسول بعض من يثق إليه من النصارى، فداخل الرسول، فأخبره بحقيقة الأمر. وقيل إن عبد الصمد الكاتب كان يلقى القاضي الفاضل بخضوع زائد، فلقيه يوماً، فلم يلتفت إليه، فقال: القاضي: ما هذا إلا لسبب، فأخضر ابن نجا الواعظ، فأخبره الحال، وطلب منه كشف الأمر، فأخبره بأمرهم، فبعثه إلى صلاح الدين، فأوضح له الأمر، فطلب صلاح الدين الجماعة، وقررهم فأقروا وكان بين عمارة وبين الفاضل عداوة، فلما أراد صلاح الدين صلبه، تقدم الفاضل وشفع فيه، فظن عمارة أنه يحثه على هلاكه، فنادى: يا مولانا لا تسمع منه في حقي. فغضب القاضي الفاضل وخرج. فقال صلاح الدين: إنما كان يشفع فيك. فندم، وأخرج ليصلب، فطلب أن يمروا به على مجلس القاضي الفاضل، فاجتازوا به عليه، فأغلق بابه، فقال عمارة: عبد الرحيم قد احتجبإن الخلاص من العجب ثم صلب هو والجماعة بين القصرين، وذلك في ثاني رمضان، وأفنى بعد ذلك من بقي منهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 56 قال العماد الكاتب: وكان منهم داعي الدعاة ابن عبد القوي، وكان عارفاً بخبايا القصر وكنوزه، فباد ولم يسمح بإبدائها. وأما الذين نافقوا على صلاح الدين من جنده فلم يعرض لهم، ولا أعلمهم بأنه علم بهم. وكان ممن صلب القاضي العوريس، فحكى القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز أن قاضي القضاة العوريس قال: الصلب حق، فقال له ابن مريم: نعم. فعبرها العابر وقال: صاحب هذه الرواية يصل لأن المسيح معصوم، ولا يمكن أن يكون ذلك راجعاً إليه، لأن الله تعالى نص لنا أنه لم يصلب، فبقي أن يكون راجعاً إلى الرأي. وجاء الكتاب إلى دمشق بقصة هؤلاء يوم موت نور الدين رحمه الله وكانوا أيضاً قد كاتبوا) إنساناً وأهل الحصون يستعينون بهم. 4 (منازلة الفرنج الإسكندرية) فلما كان السادس والعشرون من ذي الحجة وصل أصطول الفرنج من صقلية، فنازلوا الإسكندرية بغتة، فجاءوا على بناء مراسلة الذين صلبوا. وكان معهم ألف وخمسمائة فرس، وعدتهم ثلاثون ألف مقاتل، من بين فارس وراجل، وكان معهم مائتا شيني، وست سفن كبار، وأربعون مركباً. وبرز لحربهم أهل الثغر، فحملوا على المسلمين حملة أوصلتهم إلى السور، ففقد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 57 من المسلمين فوق المائتين، فلما أصبحوا زحفوا على الإسكندرية، ونصبوا ثلاث دبابات بكباشها، وهي كالأبراج، وثلاث مجانيق تضرب بحجارة سود، استصحبوها من صقلية، فزحفوا إلى أن قاربوا السور، فرأى الفرنج من شجاعة أهل الإسكندرية ما راعهم. وبعثت بطاقة إلى الملك صلاح الدين وهو نازل على فاقوس، فاستنهض الجيش وبادروا. واستمر القتال. وفي اليوم الثالث فتح المسلمون باب البلد، وكبسوا الفرنح على غفلة، وحرقوا الدبابات، وصدقوا اللقاء، ودام القتال إلى العصر، ونزل من الله النصر، واستحر بالفرنج القتل. ورد المسلمون إلى البلد لأجل الصلاة. ثم كبروا عند المغرب، وهاجموا الفرنج في خيامهم، فتسلموها بما حوت، وقتلوا من الرجالة ما لا يوصف. واقتحم المسلمون البحر، فغرقوا المراكب وخرقوها، وهربت باقي المراكب، وصار العدو بين أسير، وقتيل، وغريق. وأحتمى ثلاثمائة فارس في تل، فأخذوا أسرى، وغنم المسلمون غنيمة عظيمة، فلله الحمد كثيراً. 4 (هلاك مري ملك الفرنج) وفي آخر السنة هلك مري ملك الفرنج، لا رحمه الله. وهو الذي حاصر القاهرة، وأشرف على أخذها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 58 4 (رسالة ابن المقدم إلى صلاح الدين ورده عليها) ولما بلغ صلاح الدين سوء تدبير الأمراء في دولة ابن نور الدين، كتب إليهم، ونهاهم عن ذلك. فكتب إليه ابن المقدم يردعه عن هذه العزيمة، ويقول له: لا يقال عنك إنك طمعت في بيت من غرسك، ورباك وأنبتك، وصفى مشربك، وأصفى ملبسك، وفي دست ملك مصر أجلسك، فما يليق بحالك غير فضلك وإفضالك.) فكتب إليه صلاح الدين: إنه لا يؤثر للإسلام وأهله، إلا ما جمع شملهم، وألف كلمتهم، وللبيت الأتابكي، أعلاه الله تعالى، إلا ما حفظ أصله وفرعه فالوفاء إنما يكون بعد الوفاء، ونحن في دار، والظانون بنا ظن السوء في واد. 4 (وعظ الطوسي بالتاجية وثورة الشيعة عليه) وفيها وعظ الطوسي بالتاجية من بغداد، فقال: ابن ملجم لم يكفر بقتله علياً رضي الله عنه، فجاءه الآجر من كل ناحية، وثارت عليه الشيعة، ولولا الغلمان الذين حوله لتقل. ولما هم الميعاد الآخر بالجلوس، تجمعوا معهم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 59 قوارير النفط ليحرقوه، فلم يحضر. فأحرقوا منبره. وأحضره نقيب النقباء وسبه، فقال: أنت نائب الديوان، وأنا نائب الرحمن. فقال: بل أنت الشيطان. وأمر به فسحب ونفي، فذهب إلى مصر، وعظم بها. ولقبه: الشهاب الطوسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 60 4 (وفيات سنة سبعين وخمسمائة)

4 (إعادة ابن الدمغاني إلى قضاء القضاة) فيها أعيد أبو الحسن بن الدامغاني إلى قضاء القضاة ببغداد، بعد أن بقي معزولاً خمسة عشر عاماً. 4 (موقف قايماز من توزير ابن المظفر) وفيها أراد المستضيء بالله إعادة ابن المظفر إلى الوزارة، فغضب من ذلك قايماز، وأغلق باب النوبي، وباب العامة وهم بأمر سوء، وقال: لا أقيم ببغداد حتى يخرج منها ابن المظفر هو وأولاده، فإنه عدوي، ومتى عاد إلى الوزارة قتلني. فقيل لابن المظفر: تخرج من البلد فقال: لا أفعل. فلما شدد عليه قال: إن خرجت قتلت، فاقتلوني في بيتي. فتلطفوا به، فجاء فخر الدولة بن المطلب، وشيخ الشيوخ، وحلف له قايماز أن لا يؤذيه ولا يتبعه. وأصبح العسكر في السلاح، والدروب تحفظ. ثم خرج بالليل الوزير ابن رئيس الرؤساء وأولاده، وسكن البلد. ثم دخل قايماز إلى الخليفة فاعتذر، ثم خرج طيب النفس. ثم بقيت الرسل تتردد، واستقر الأمر أن ابن رئيس الرؤساء يعبر إلى الجانب الغربي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 61 4 (تدريس ابن الجوزي تحت منظرة الخليفة) وفي رجب تكلم ابن الجوزي، قال: تقدم إلي بالجلوس تحت منظرة أمير المؤمنين، فتكلمت بعد العصر، وحضر السلطان، واكترى الناس الدكاكين، وكان موضع كل رجل بقيراط، حتى إنه اكتريت دكان بثمانية عشر قيراطاً. ثم جاء رجل فأعطاهم ستة قراريط حتى جلس معهم. ودرست بالمدرسة التي وقفتها أم الخليفة، وحضر قاضي القضاة، وخلعت علي خلعة، وألقيت يومئذ دروساً كثيرة من الأصول والفروع. ووقف أهل باب النوبي إلى باب هذه المدرسة كما يكون العيد وأكثر. وعلى باب المدرسة ألوف، وكان يوماً مشهوداً، لم ير مثله. ودخل على قلوب أرباب المذاهب غم عظيم. وتقدم ببناء دكة لنا في جامع القصر، فانزعجوا، وقالوا: ما جرت عادة الحنابلة بدكة فبنيت وجلست فيها. 4 (فتنة الأمير تتامش) وكان الأمير تتامش قد بعث إلى بلد الغراف من نهبهم وآذاهم، ونجا منهم جماعة، فاستغاثوا، ومنعوا الخطيب أن يخطب، وفاتت الصلاة أكثر الناس، فأنكر أمير المؤمنين ما جرى، وأمر تتامش وزوج أخته قايماز، فلم يحفلا بالإنكار، وأصرا على الخلاف، وجرت بينهما وبين ابن العطار منابذات، ثم أصلح بنيهم. فلما كان الغد، أظهروا الخلاف، وضربوا النار في دار ابن العطار، وطلبوه فاختفى. فطلب الخليفة قايماز فأبى، وبارز بالعناد. وكان قد حلف الأمراء، وخرج هو وتتامش وجماعة من الأمراء من بغداد، فنهبت العوائم دورهم، وأخذوا أموالاً زائدة عن الحد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 62 وقال ابن الأثير: ودخل بعض الصعاليك فأخذ أكياس دنانير، وفزع لا يؤخذ منه، فدخل إلى مطبخ الدار، فأخذ قدرة قدرة مملوءة طبيخاً، فألقى فيها الأكياس، وحملها على رأسه، فضحك الناس منه فقال: دعوني أطعم عيالي ثم استغنى بعد ذلك، ولم يبق من نعمة قطب الدين في ساعة واحدة لا قليل ولا كثير. وأما العامة فثاروا بأعوان قطب الدين، وأحرقوا من دروهم مواضع كثيرة، وبقي أهلها في جزع وحيرة، وقصدوا الحلة، ثم طلبوا الشام وقد تقلل جمعهم، وبقي مع قايماز عدد يسير. 4 (إعادة ابن رئيس الرؤساء إلى الوزارة) ثم خلع على الوزير ابن رئيس الرؤساء، وأعيد إلى الوزارة.) 4 (وفاة قايماز) وكتب الفقهاء فتاويهم أن قايماز مارق، وذلك في ذي القعدة. ثم جاء الخبر في ذي الحجة أن قايماز توفي، وأن أكثر أصحابه مرضى، فسبحان مزيل النعم عن المتمردين. 4 (إمتلاك صلاح الدين دمشق) وفيها ملك صلاح الدين دمشق بلا قتال، وكتب إلى مصر رجل من بصرى في الرابع والعشرين من ربيع الأول، وقد توجه صاحبها في الخدمة: ثم لقينا ناصر الدين بن المولى أسد الدين والأمير سعد الدين بن أنر، ونزلنا في الثامن والعشرين يجر الخشب، والأجناد إلينا متوافية من دمشق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 63 وأصبحنا ركبنا على خيرة الله، فعرض دون الدخول عدد من الرجال، فدعستهم عساكرنا المنصورة وصدمتهم، ودخلنا البلد، واستقرت بنا دار ولدنا، وأذعنا في أرجاء البلد النداء بإطابة النفوس وإزالة المكوس، وكانت الولاية فيهم قد ساءت وأسرفت وأجحفت، فشرعنا في امثتالنا أمر الشرع. 4 (هدم قلعة حمص) ثم نازل صلاح الدين بحمص، ونصبت المجانيق على قلعتها حتى دكتها. 4 (أخذ حماه) وسار إلى حماه، فملكها في جمادى الآخرة. 4 (محاصرة حلب واستغاثة صاحبها بالباطنية) ثم سار إلى حلب، وحاصرها إلى آخر الشهر، واشتد على الصالح إسماعيل بن نور الدين بها الحصار، وأساء صلاح الدين العشرة في حقه، واستغاث الصالح بالباطنية، ووعدهم بالأموال، فقتلوا الأمير ناصح الدين خمارتكين وجماعة، ثم قتلوا عن آخرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 64 4 (تسلم حمص) ورجع الناصر صلاح الدين إلى حمص، فحاصرها بقية رجب، وتسلمها بالأمان في شعبان. 4 (تسلم بعلبك) ثم عطف على بعلبك فتسلمها. 4 (كسرة عسكر حلب والموصل عند حماه) ) ثم رد إلى حمص، وقد اجتمع عسكر حلب، وكتبوا إلى صاحب لموصل، فجهز جيشه، وأمدهم بأخيه عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي، فأقبل الكل إلى حماه، فحاصروا البلد، فسار صلاح الدين فالتقاهم على قرون حماه، فانكسروا أقبح كسرة. ثم سار إلى جهة حلب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 65 4 (مصالحة صلاح الدين لصاحب حلب) ثم وقع الصلح بينه وبين زنكي، على أن يكون له إلى آخر بلد حماه والمعرة، وأن يكون لابن نور الدين حلب وجميع أنحائها. وتحالفوا ورد إلى حماه. فجاء رسل المستضيء بالهدايا والتشريفات والتهنئة بالملك. 4 (أخذ حصن بارين) ثم سار إلى حصن بارين، فحاصره ثم أخذه. 4 (الإنعام بحمص والإنابة بقلعة دمشق) وأنعم بحمص على ابن عمه الملك ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه، واستناب بقلعة دمشق أخاه سيف أخاه سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين. 4 (أخذ بعلبك وعصيان ابن المقدم بها) ورجع من حمص، فنازل بعلبك وأخذها من الخادم يمن الريحاني ثم أعطاها للأمير شمس الدين محمد ابن المقدم، فعصى عليه في سنة أربع وسبعين، فسار إليه، ثم حاصره أشهراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 66 4 (نصوص بعض الكتاب من إنشاء القاضي الفاضل) ومن كتاب فاضلي إلى العادل نائب مصر، عن أخيه صلاح الدين: قد أعلمنا المجلس أن العدو المخذول، كان الحلبيون قد استنجدوا بصلبانهم، واستطالوا على الإسلام بعدوانهم، وأمه خرج إلى حمص، فردنا حماه، وترتبنا للقاء، فسار العدو إلى حصن الأكراد متعلقاً بحبله، مفتضحاً بحيله، وهذا فتح تفتح له القلوب، قد كفى الله فيه القتال المحسوب. ومن كتاب فاضلي إلى الديوان العزيز من السلطان مضمونه تعداد ما للسلطان من الفتوحات، ومن جهاد الفرنح مع نور الدين، ثم فتح مصر، واليمن، وأطراف المغرب، وإقامة الخطبة العباسية بها. ويقول في كتاب: ومنها قلعة بثغر أيلة، بناها العدو في البحر، ومنه المسلك إلى الحرمين، فغروا ساحل الحرم، وقتلوا وسبوا، وكادت القبلة أن يستولى على أصلها، والمشاعر أن يسكنها) غير أهلها، ومضجع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتطرق إليه الكفار. وكان باليمن ما علم من الخارج ابن مهدي الملحد، الذي سبى الشرائف الصالحات، وباعهن بالثمن البخس، واستباحهن، ودعا إل قبر أبيه، وسماه كعبة، وأخذ الأموال، فأنهضنا إليه أخانا بعسكرنا، فأخذه، والكلمة هناك بمشيئة الله إلى الهند سامية. ولنا في المغرب أثر أغرب، وفي أعماله أعمال دون مطلبها مهالك، كالمهلك دون المطلب، وذلك أن بني عبد المؤمن قد اشتهر أن أمرهم قد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 67 آمر، وملكهم قد عمر، وجيوشهم لا تطاق، وأمرهم لا يشاق، ونحن فتملكنا ما يجاورنا منه بلاداً تزيد مسافتها على شهر، وسيرنا إليه عسكراً بعد عسكر، فرجع بنصر بعد نصر، ومن ذلك برقة، قفصة، قسطيلية، توزر، كل هذه تقام فيها الخطبة لأمير المؤمنين، ولا عهد لإقامتها من دهر. وفي هذه السنة كان عندنا وفد، نحو سبعين راكباً، كلهم يطلب السلطان بلده تقليداً، ويرجو منا وعداً، ويخاف وعيداً. وسيرنا الخلع والمناشير والألوية. فأما الأعداء الذين يقاتلوننا، فمنهم صاحب قسطنطينية، وهو الطاغتية الأكبر، والجالوت الأكفر، جرت لنا معه غزوات بحرية، ولم نخرج من مصر إلى أن وصلتنا رسالة في جمعة واحدة نوبتين بكتابين، يظهر خفض الجناح والإنتقال من معاداة إلى مهاداة، ومن مفاضحة إلى مناصحة، حتى أندر بصاحب صقلية وأساطيله، وهو من الأعداء، فكان حين علم بأن صاحب الشام وصاحب قسطنطينية قد اجتمعا في نوبة دمياط فكسرا، أراد أن يظهر قوته المستقلة، فعمر أسطولاً، استوعب فيه ماله وزمانه، فله الآن خمس سنين يكثر عدته، وينتخب عدته، إلى أن وصل منها في السنة الخالية إلى الإسكندرية أمر رائع، وخطب هائل، ما أثقل ظهر البحر مثل حمله، ولا ملأ صدره مثل خيله ورجله، وما هو إلا إقليم نقله، وجيش ما احتفل ملك قط بنظيره، لولا أن الله خذله. ثم عدد أشياء إلى أن قال: والمراد الآن تقليد جامع بمصر، واليمن، والمغرب، والشام، وكل ما تشتمل عليه الولاية النورية، وكل ما يفتحه الله للدولة العباسية بسيوفنا، ولمن يقيم من أخ وولد من بعدنا، تقليداً يضمن للنعمة تخليداً للدعوة تجديداً، مع ما تنعم عليه من السمات التي فيها الملك، والفرنج فهم يعرفون منا خصماً لا يمل، حتى يملوا، وقرناً لا يزال

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 68 محرم السيف حتى يحلوا، وإذا شد رأينا حسن الرأي ضربنا بسيف يقطع في غمده، وبلغنا المنى بمشيئة الله. ويد كل مؤمن تحت برده. واستنقذنا أسيراً من المسجد الأقصى الذي أسرى الله إليه بعبده.) 4 (مل البهلوان مدينة توريز) وفيا ملك البهلوان بن إلدكز مدينة توريز بالأمان، واستعمل عليها أخاه قرا رسلان. وتسلم مراغة. 4 (رواية ابن الأثير عن فتنة قايماز) قال ابن الأثير في فتنة قطب الدين قايماز: ولما أقام قايماز بالحلة، امتنع الناس من السفر، فتأخروا إلى أن رحل، فبادروا ورحلوا من الكوفة إلى عرفات في ثمانية عشر يوماً، وهذا ما يسمع بمثله، ومات كثير منهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 69 5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (ربنا أفرغ علينا صبراً)

5 (الطبقة السابعة والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وستين وخمسمائة)

4 (الألف) أحمد بن الحسين بن الحسين بن الحسين بن زينة. أبو عاصم الإصبهاني أخو أبي غانم محمد. عدل، زاهد، فاضل، من أولاد المحدثين. سمع: أبا مطيع، وأبا الفتح الحداد، وأبا العباس أحمد بن الحسن بن بحوكة، وأبا سعد المطرز، وطائفة. وعنه جماعة من الإصبهانيين. توفي في ربيع الأول وله تسع وستون سنة. أحمد بن يحيى بن عبد الباقي بن عبد الواحد. أبو الفضائل الزهري البغدادي الفقيه، ويعرف بابن شقران. كان إماماً، واعظاً، صوفياً، متعبداً، معيداً بالنظامية. سمع: أبا الحسن بن العلاف، وأبا الغنائم بن المهتدي بالله. روى عنه: إبراهيم الشعار، وأحمد بن منصور الكازروني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 70 وتوفي في المحرم.) وأخوه: أحمد آسن منه، ولا أعلم متى توفي. سمع من: ثابت بن بندار. روى عنه: عمر بن علي القرشي. ولهما أخ أخر. إبراهيم بن الحسن بن طاهر. الفقيه أبو طاهر بن الحصني، الحموي، الشافعي، من فقهاء دمشق. روى عن: أبي علي بن نبهان، ومحمد بن محمد بن المهدي، وأبي طالب الزينبي، وأبي طالب اليوسفي، وأبي طاهر الحنائي، وابن الموازيني. روى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو القاسم بن صصرى، وأبو نصر بن الشيرازي. وتوفي بدمشق في صفر. وولد بحماه في سنة خمس وثمانين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 71 إسماعيل بن سلطان بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ. شرف الدولة أبو الفضل الكناني الشزري، الأمير. أديب فاضل، وشاعر كامل. كان أبوه صاحب شيزر وابن صاحبها، فلما مات أبوه وليها أخوه تاج الدولة، وأقام هو تحت كنف أخيه إل أن خربتها الزلزلة، ومات أخوه وطائفة تحت الردم. وتوجه نور الدين فتسلمها، وكان إسماعيل غائباً عنها. فانتقل إلى دمشق وسكنها. وكانت الزلزلة في سنة اثنتين وخمسين. ولما سقطت القلعة على أخيه وأولاده وزوجة أخيه خاتون بنت بوري أخت شمس الملوك، وسلمت خاتون وحدها، وأخرجت من تحت الردم. وجاء نور الدين فطلب منها أن تعلمه بالمال، وهددها، فذكرت له أن الردم سقط عليها وعليهم، ولا تعلم شيئاً وإن كان شيء فهو تحت الردم. فلما حضر إسماعيل وشاهد ما جرى عمل: نزلت على رغم الزمان ولو حوتعيناك قائم سبقها لم تنزل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 72 فتبدلت عن كبرها بتواضعوتعرضت عن عزها بتذلل ومن شعره:) ومهفهف كتب الجمال بخدهسطراً يدله ناظر المتأمل بالغت في استخراجه فوجدتهلا رأي إلا رأي أهل الموصل إسماعيل بن علي بن زيد بن علي بن شهريار. أبو المحاسن الإصبهاني. سمع: رزق التميمي، وغيره. وأجاز في هذا العام لأبي المنجا ابن اللتي. محفوظ المعدل، وأبو النجم زاهر بن محمد، وغيرهم. 4 (الجيم) جياش بن عبد الله الحبشي. عبد ابن عفان الواعظ. روى عن: أبي الحسن بن العلاف. وعنه: ابن سكينة، والحسن بن المبارك بن الزبيدي. لعله مات أول العام، فإن ابن الحصري سمع منه في شوال سنة ستين. 4 (الحاء) الحسن بن سهل بن المؤمل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 73 أبو المظفر البغدادي الكاتب. سمع بواسط من: أبي نعيم محمد بن إبراهيم الجماري. وحدث ببغداد بمسند مسدد. سمع منه: إبراهيم الشعار، وعلي بن أحمد الزيدي، وعمر بن علي، وأحمد بن طارق في هذه السنة. ثم رجع ومات بعدها بيسير. وكان مولده في شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة. الحسن بن العباس بن علي بن الحسن بن علي بن الحسن بن محمد بن الحسن بن علي بن رستم. العلامة أبو عبد الله بن أبي الطيب الرستمي، الإصبهاني، الفقيه الشافعي.) ولد في صفر سنة ثمان وستين وأربعمائة. وسمع: أبا عمرو بن مندة، ومحمود بن جعفر الكوسج، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، وإبراهيم بن محمد القفال الطيان، وأبا بكر محمد بن أحمد السمسار، والفضل بن عبد الواحد بن سهلان، وعبد الكريم بن عبد الواحد الصحاف، وأبا عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبا منصور محمد بن أحمد بن شكرويه، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وسهل بن عبد الله الغازي، وأبا الخير محمد بن أحمد بن درا، والقاسم بن الفضل الثقفي، ورزق الله التميمي، وطراد الزينبي، وطائفة سواهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 74 روى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وشرف بن أبي هاشم البغدادي، وأحمد بن سعيد الخرقي، وأبو موسى المديني وقال فيه: أستاذي الإمام أبو عبد الله، ثم ساق نسبه كما تقدم. وروى عنه جماعة كبيرة منهم: الحافظ عبد القادر الرهاوي وقال: كان فقيهاً، زاهداً، ورعاً، بكاء عاش نيفاً وتسعين سنة، ومات سنة ستين كذا قال. قال: وحضرتهيوم موته، وخرج الناس إلى قبره أفواحاً. وأملى شيخنا الحافظ أبو موسى عند قبره مجلساً عند قبره مجلساً في مناقبه. وكان عامة فقهاء إصبهان تلاميذه، حتى شيخنا أبو موسى عليه تفقه. وروى عنه أبو موسى الحديث. وكان أهل إصبهان لا يثقون إلا بفتواه. وسألني شيخنا السلفي عن شيوخ إصبهان، فذكرته له فقال: أعرفه فقيهاً متنسكاً. قال أبو سعد السمعاني: إمام، متدين، ورع، يزجي أكثر أوقاته في نشر العلم والفتيا، وهو متواضع على طريقة السلف. وكان مفتي الشافعية. قال عبد القادر: سمعت أبا موسى شيخنا يقول: قرأ المذهب كذا كذا سنة، وكان من الشداد في السنة. وسعمت بعض أصحابنا الإصبهانيين يحكى عنه أنه كان في كل جمعة ينفرد في موضع يبكي فيه، فبكى حتى ذهبت عيناه. وكنا نسمع عليه وهو رثاثة من الملبس والمفرش، لا يساوي طائلاً، وكذلك الدار التي كان فيها. وكانت الفرق مجتمعة على محبته. قلت: وروى عنه: أبو الوفاء محمود بن مندة وبالإجازة أبو المنجا بن التي، وكريمة وأختها) صفية، وعاشت إلى سنة ست وأربعين وستمائة وآخر من روى عنه بالإجازة عجيبة بنت الباقداري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 75 قال أبو موسى: توفي مساء يوم الأربعاء ثاني صفر سنة إحدى وستين. وقال أبو مسعود الحاجي: توفي عشية يوم الأربعاء غرة صفر سنة إحدى وستين. وقال: أبو سعد السمعاني: إمام فاضل، مفتي الشافعية، وهو على طريقة السلف، له زاوية بجامع إصبهان، أكثر أوقاته يلازمها. ورد بغداد حاجاً بعد العشرين، وحدث بها. قال ابن الجوزي في المتنظم، قال: الشيخ عبد الله الجبائي ما رأيت أكثر بكاء منه. قال الجبائي: وسمعت محمد بن سالار وهو يتكلم على الناس، فلما كان في الليل، رأيت رب العزة في المنام، وهو يقول لي: يا حسن، وقفت على مبتدع، ونظرت إليه، وسمعت كلامه، لأحرمنك النظر في الدنيا. فاستيقظت كما ترى. قال الجبائي: وكانت عيناه مفتوحتين وهو لا ينظر بهما. الحسن بن علي بن الرشيد أبي إسحاق إبراهيم بم محمد بن الحسين بن الزبير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 76 القاضي مهذب الدين، أبو محمد الغساني الأسواني، أخو القاضي الرشيد أبي الحسين أحمد. وسيأتي في سنة ثلاث. ولأبي محمد ديوان شعر، وهو أشعر من أخيه. توفي بالقاهرة في رجب. وأول شعر قاله في سنة ست وعشرين وخمسمائة. وله في العاضد خليفة مصر: وإن أمير المؤمنين وذكرهقريبان للآي المنزل في الذكر لقول رسول الله: تلقون عترتيمعاً وكتاب الله في مورد الحشر إذا ما إمام العصر لاح لناظرفوا العصر إن الجاحدين لفي خسر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 77 ويكفي الورى منه يتيمة تاجهوما قد حوته من بهاء ومن فخر ولم تر عيني قبلاً قط كوكباً يلوح مع الشمس المنيرة في الظهر وما هو إلا البحر ليس بمنكرإذا ما تحلى بالجواهر والدرر على أنه لا يقتنيها لحاجة وشمس الضحى تغني عن الأنجم الزهر وقد قابلتها للمظلمة هالة به أبداً تسمو على هالة البدر) وما هي إلا بعض سحب يمينهوما زال منشئاً السحب من لجة البحر ومن شعره: لا تغررني بمرأى أو بمسمعفما أصدق لا سمعي ولا بصري وكيف آمن غيري عند نائبة يوماً إذا كنت من نفسي لأغرر وهو القائل: وما لي إلى ماء سوى النيل غلة ولو أنه، أستغفر الله، زمزم الحسين بن عبد الرحمن بن محبوب. أبو عبد الله البغدادي. توفي في شعبان عن ست وسبعين سنة. أصله من غزة من كبار الشافعية. سمع من: أبي الحسين بن الطيوري، وأبي الحسين بن العلاف، وأبي غالب الباقلاني. وعنه: ابن الأخضر، وداود بن معمر، وابن الحصري، وآخرون. الحسين بن علي بن محمد بن علي. أبو علي ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني. سمع: أبياً النرسي. روى عنه: عمر بن علي القرشي. وتوفي في رجب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 78 4 (الزاي) زيد بن علي بن زيد بن علي. أبو الحسين السلمي، الدمشقي، الدواجي، الفقيه. سمع: أباه، وأبا محمد بن الأكفاني، وجماعة. وتفقه على: جمال الإسلام. ورحل إلى بغداد فلقي أبا الفضل الأرموي وطبقته. ومات كهلاً في المحرم. 4 (السين) ) سعيدة بنت أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناً. امرأة صالحة. مسعت: عبد الواحد بن فهد العلاف. وعنها: السمعاني، وابن الحصري. ماتت في صفر. 4 (الشين) شعيب بن أبي الحسن علي بن عبد الواحد. الدينوري، ثم البغدادي أبو الفتوح الخياط. سمع من: أبيه. روى عنه: عمر القرشي. توفي في ربيع الأول. 4 (العين) عبد الله بن جابر بن عبد الله بن محمد بن علي. أبو إسماعيل بن أبي عطية ابن شيخ الإسلام. الأنصاري، الهروي. انتهت إليه رئاسة الصوفية بهراة وتقدمهم. وكان ذا قعدد في النسب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 79 قال أبو سعد السمعاني: كان فيه سلامة، وحج بعد الأربعين وخمسمائة، فسافر بها على سمت الصوفية وأهل العلم. كتبت عنه، وكان يعقد المجالس في الأشهر الثلاثة. سمع: أبا الفتح نصر بن أحمد بن محمد الحنفي، وطبقته. وكان يحضر مجلسه عالم لا يحصون اعتقاداً في جده وتبركاً بمكانه. ولد سنة خمس وخمسمائة. وتوفي في جمادى الآخرة بهراة. عبد الله بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم بن رواحة. أبو محمد الأنصاري، الحموي. ولد بحماه سنة ست وثمانين وأربعمائة. وكان شاعراً مجوداً. قال ابن عساكر: له يد في القراءآت وتهجد في الخلوات. دخل بغداد، ومدح المقتفي لأمر الله مراراً، وخلع عليه ثياب الخطابة، وقلده إياها بحماه. وقد أسر ولده في البحر، فمات قبل أن) يراه. وولد لابنه الحسين بالبحر ولده أبا القاسم عبد الله. ثم خلصه الله تعالى، وأتى بابنه إلى الإسكندرية وسمعا الكثير من السلفي. وتوفي هذا الخطيب في المحرم بحماه. وآخر ما قال: إلهي ليس لي مولى سواكافهب من فضل فضلك لي رضاكا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 80 وإن لا ترضى عني فاعف عنيلعلي أن أحوز به حماكا فقد يهب الكريم وليس يرضى وأنت محكم في ذا وذاكا عبد الله بن رفاعة بن غدير بن علي بن أبي عمر بن الذيال بن ثابت ابن نعيم. أبو محمد السعدي، المصري، الفقيه الشافعي، الفرضي. كان فقيهاً، ديناً، بارعاً في الفرائض والحساب. ولي القضاء بمصر بالجيزة مدة، ثم استعفى فاعفي، واشتغل بالعبادة. وكان مولده في ذي القعدة سنة سبع وستين وأربعمائة. ولزم القاضي الخلعي، وسمع منه الكثير وقدمه، وتفقه عليه، وسمع منه السنن لأبي داود، والسيرة والأجزاء العشرين، وغير ذلك. وهو آخر من حدث عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 81 روى عنه: محمد بن عبد الرحمن المسعودي، وأبو الجود المقريء، ومحمد بن يحيى بن الرذاذ، ويحيى بن عقيل بن شريف بن رفاعة، والقاضي عبد الله بن محمد بن مجلي. والحسن بن عقيل بن شريف بن رفاعة، والقاضي عبد الله بن محمد بن مجلي. والحسن بن عقيل بن شريف، وعبد القوي بن الجباب، وصنيعة الملك هبة الله بن حيدرة، ومحمد بن عماد، وابن صباح، وآخرون. وتوفي في ذي القعدة. وأخبرنا يحيى بن أحمد، ومحمد بن الحسين قالا: أنا محمد بن عماد، أنا ابن رفاعة، أنا أبو الحسن الخلعي، أنا أبو سعد الماليني، أنبا عبد الله بن عدي، ثنا الحسن بن الفرج الغزي: حدثني يحيى بن بكير، ثنا مالك، عن نافع عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عن بين رجل وامرأته وانتقى من ولدها، ففرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وألحق الولد بالمرأة.) عبد الله بن محمد بن عبد الله بن علي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 82 أبو محمد الأشيري، المغربي، الفقيه، الحافظ. رحل في كبره إلى العراق، وإلى الشام، وحدث عن: أبي الحسن علي بن عبد الله بن موهب الجذامي، والقاضي عياض. سمع منه: عمر بن علي القرشي، ومحمد بن المبارك بن مشق، وأحمد بن أحمد، وأبو الفتوح نصر بن الحصري، وأبو محمد الأستاذ الحلبي، وآخرون. وكان عالماً بالحديث، والإسناد، واللغة، والنسب، والنحو، مجموع الفضائل. حضر أجله باللبوة بين حمص وبعلبك قادماً من حلب، ودفن بظاهر بعلبك. وزارة قبره السلطان نور الدين، وبر عياله، وأجرى عليهم رزقاً. وقال جمال الدين علي القفطي في أخبار النحاة: إن الأشيري كان يخدم في بعض الأمور بدولة عبد المؤمن، ولما حصل مع القوم بالأندلس جرى له أمر، فخشي عاقبته، فانهزم بأهله وكتبه، وقصد الشام، فخرج من البحر إلى اللاذقية، وبها الفرنج، فسلمه الله تعالى حتى قدم حلب، فنزل على العلاء الغزنوي مدرس الهلاوية، وأقام عنده مدة، وروى لهم عن: أبي بكر ابن العربي، والقاضي عياض. وأقام إلى سنة تسع وخمسين. واتفق أن الوزير يحيى بن هبيرة صنف كتاب الإفصاح وجمع له علماء المذاهب، فطلب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 83 فقيهاً مالكياً، فذكروا له الأشيري، فطلبه من نور الدين، فسيره إليه، فأكرمه. ثم حج من بغداد بعياله سنة ستين، فضاق بهم الحال، فأقام بالمدينة، ثم جاء بمفرده في وسط السنة إلى الشام، فاجتمع بنور الدين بظاهر حمص، فوعده بخير، فاتفق أنه مرض ومات في رمضان باللبوة. وله كتاب تهذيب الإشتقاق الذي للمبرد. ثم إن نور الدين أحضر عائلته مع متولي السبيل، وقرر لهم كفايتهم بحلب، وصار ابنه جندياً. وقال الأبار: عبد الله بن محمد الصنهاجي الأشيري، سمع: أبا جعفر بن غزيون، وغيره. وكان شاعراً، كتب لصاحب المغرب. فلما توفي مخدومه استؤسر ونهبت كتبه، فتوجه إلى الشام. ذكره ابن عساكر وقال: سمع مني وسمعت منه. وتوفي في شوال. وقال ابن نقطة: سمع من شريح بن محمد، وابن العربي. وكان ثقة، صالحاً، حافظاً، توفي في) رمضان. قلت: أشير قلعة بالمغرب لبني حماد. قال ابن النجار: ثنا عنه ابن الحصري، وقال: كان إماماً في الحديث، ذا معرفة بفقهه ومعانيه، ورجاله، ولغته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 84 ثم حكى انزعاج ابن هبيرة بقوله له: ما قلت ليس صحيحاً. فانقطع الأشيري، وطلبه الوزير ولاطفه، وما تركه حتى قال له مثل قوله له، ووصله بمال، رحمهما الله تعالى. عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد. أبو طالب بن العجمي، الحلبي. من بيت حشمة، وتقدم، وفضيلة. رحل إلى بغداد فتفقه على: أبي بكر محمد بن أحمد الشاشي، وأسعد الميهني، وسمع من: أبى القاسم بن بيان. وعاد إلى بلده، وتقدم بها. وقدم رسولاً من صاحب حلب إلى دمشق، وتولى عمارة المسجد الذي ببعلبك في أيام أتابك زنكي بن أقسنقر، ثم حج وجاور، وتولى عمارة المسجد الحرام من قبل صاحب الموصل. وبني بحلب مدرسة مليحة، ووقف عليها. وكان فيه عصبية وهمة ومحبة للعلماء. ولد سنة ثمانين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن علي القرشي، وأبو محمد بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 85 علوان الأستاذ، وأبو القاسم بن صصرى، وآخرون. وتوفي رحمه الله تعالى في نصف شعبان. عبد الصمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الصمد بن محمد بن تميم. أبو المعالي التميمي، الدمشقي، الخطيب، الشاهد. قرأ بروايات، وسمع كثيراً من: أبي القاسم النسيب، وأبي طاهر الحنائي، وكان صدوقاً أميناً. حدث بشيء يسير، وتوفي في رمضان وله ثمان وستون سنة. عبد العزيز بن الحسين. القاضي الجليس، أبو المعالي بن الجباب، التميمي، السعدي، الأغلبي، المصري. كان جليساً لخليفة مصر، من أجلاء الأدباء، وكبار الإلباء.) توفي عن نيف وسبعين سنة. وهو والد عبد القوي راوي السيرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 86 ومن شعره: ومن عجب أن السيوف لديهمتحيض دماء والسيوف ذكور وأعجب من ذا إنها في أكفهم تأجج ناراً، وألاكف بحور عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جيلي دوست.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 87 وزاد بعض الناس في نسبه إل أن وصله بالحسن بن علي رضي الله عنه فقال: ابن أبي عبد الله بن عبد الله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله المحض بن حسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الشيخ أبو محمد الجيلي، الحنبلي، الزاهد، صاحب الكرامات والمقامات، وشيخ الحنابلة رحمة الله عليه. ولد بجيلان في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وقدم بغداد شاباً، فتفقه على القاضي أبي سعد المخرمي. وسمع الحديث من: أبي بكر أحمد بن المظفر بن سوسن التمار، وأبي غالب الباقلاني، وأبي القاسم بن بيان الرزاز، وأبي محمد جعفر السراج، وأبي سعد بن خشيش، وأبي طالب بن يوسف، وجماعة. ورى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن علي القرشي، وولداه عبد الرزاق وموسى ابنا عبد القادر، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، ويحيى بن سعد الله التكريتي، والشيخ علي بن إدريس اليعقوبي، وأحمد بن مطيع الباجسرائي، وأبو هريرة محمد بن ليث بن الوسطاني، أكمل بن مسعود الهاشمي، وطائفة آخرهم وفاة أبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن القبيط. وآخر من روى عنه بالإجازة: الرشيد بن أحمد بن مسلمة. وكان إمام زمانه، وقطب عصره، وشيخ شيوخ الوقت بلا مدافعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 88 أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن عبد السلام ببعلبك، أنا أبو محمد بن قدامة سنة إحدى عشرة وستمائة، أخبرنا شيخ الإسلام محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، أنا أبو بكر أحمد بن المظفر التمار، أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح، أنا يعقوب بن يوسف القزويني، ثنا محمد بن سعيد، ثنا عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: إن بني إسرائيل استخلفوا خليفة عليهم) بعد موسى، فقام يصلي في القمر، فوق بيت المقدس، فذكر أمرواً كان صنعها، فخرج فتدلى بسبب، فأصبح السبب معلقاً في المسجد وقد ذهب، فانطلق حتى أتى قوماً على شط البحر، فوجدهم يصنعون لبناً فسألهم كيف يأخذون هذا اللبن قال: فأخبروه، فلبن معهم، وكان يأكل من عمل يديه، فإذا كان حين الصلاة تطهر فصلى. فرفع ذلك العمال إلى قهرمانهم، إن فينا رجلاً يفعل كذا وكذا. فأرسل إليه، فأبى أن يأتيه، ثلاث مرات، ثم إنه جاءه بنفسه يسير على دابته، فلما رآه فر واتبعه، فسبقه وقال: انظرني أكلمك. قال: فقام حتى كلمه، فأخبره خبره، فلما أخبره خبره، وأنه كان ملكاً، وأنه فر من رهبة ربه عز وجل، قال: لأظن أني لاحق بك. قال: فلحقه فعبدا الله حتى ماتا برملة مصر. قال عبد الله: لو كنت ثم لاهتديت إلى قبريهما من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي وصف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 89 قال ابن السمعاني: أبو محمد عبد القادر فخر أهل جيلان، إمام الحنابلة وشيخهم في عصره، فقيه صالح دين، كثير الذكر دائم الفكر سريع الدمعة، تفقه على المخرمي، وصحب الشيخ حماد الدباس. قال: وكان يسكن باب الأزج في المدرسة التي بنوا له. مضيت يوماً لأودع رفيقاً لي، فلما انصرفنا قال لي بعض من كان معي: ترغب في زيادة عبد القادر والتبرك به فمضينا ودخلت مدرسته، وكانت بكرة، فخرج وقعد بين أصحابه، وختموا القرآن، فلما فرغنا أردت أن أقوم، فأجلسني وقال: حتى نفرغ من الدرس. ألقى درساً على أصحابه، ما فهمت منه شيئاً. وأعجب من هذا أن أصحابه قاموا وأعادوا ما درس لهم، فلعلهم فهموا لإلفهم بكلامه وعبارته. وقال أبو الفرج بن الجوزي: وكان أبو سعد المخرمي قد بنى مدرسة لطيفة بباب ألازج، ففوضت إلى عبد القادر، فتكلم على الناس بلسان الوعظ، وظهر له صيت بالزهد. وكان له سمت وصمت، وضاقت المدرسة بالناس. وكان يجلس عند سور بغداد، مستنداً إلى الرباط، ويتوب عنده في المجلس خلق كثير، فعمرت المدرسة ووسعت. وتعصب في ذلك العوام. وأقام بها يدرس ويعظ إلى أن توفي. قلت: لم تسع مرارة ابن الجوزي بأن يترجمه بأكثر من هذا، لما في قلبه له من البغض، نعوذ) بالله من الهوى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 90 أنبأنا أبو بكر بن طرخان أن الشيخ الموفق أخبرهم، وقد سئل عن الشيخ عبد القادر رضي الله عنه: أدركناه في آخر عمره، فأسكننا في مدرسته، وكان يعني بنا، وربما أرسل إلينا ابنه يحيى، فيسرج لنا السراج، وربما يرسل إلينا طعاماً من منزله. وكان يصلي الفريضة بنا إماماً، وكنت أقرأ عليه من حفظي من كتاب الخرقي غدوة، ويقرأ عليه الحافظ عبد الفني من كتاب الهداية. وما كان أحد يقرأ عليه ذلك الوقت سوانا، فأقمنا عنده شهراً وتسعة أيام، ثم مات وصلينا عليه ليلاً في مدرسته. ولم يسمع عن أحد يحكى عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه، ولا رأيت أحداً يعظمه الناس من أجل الدين أكثر منه. وسمعنا عليه أجزاء يسيرة. قرأت بخط السيف ابن المجد الحافظ: سمعت أبا عبد الله محمد بن محمود المراتبي يقول: سمعت الشيخ أبا بكر العماد رحمه الله قال: كنت قد قرأت في أصول الدين، فأوقع عندي شكاً، فقلت حتى أمضي إلى مجلس الشيخ عبد القادر، فقد ذكر أنه يتكلم على الخواطر. فمضيت إلى مجلسه وهو يتكلم فقال: اعتقادنا اعتقاد السلف الصالح والصحابة. فقلت في نفسي: هذا قاله اتفاقاً. فتلكم ثم التفت إلى الناحية التي أنا فيها، فأعاد القول، فقلت: الواعظ يلتفت مرة هكذا، ومرة هكذا. فالتفت إلي وقال: يا أبا بكر، وأعاد القول، قم فقد جاء أبوك، وكان غائباً. فقمت مبادراً إلى بيتنا، وإذا أبي فقد جاء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 91 قلت: ونظير هذه الحكاية ما حدثنا الفقيه أبو القاسم بن محمد بن خالد قال: حدثني شيخنا جمال الدين يحيى بن الصيرفي: سمعت أبا البقاء النحوي قال: حضرت مجلس الشيخ عبد القادر، فقرأوا بين يديه بالألحان، فقلت في نفسي: ترى لأي شيء لا ينكر الشيخ هذا. فقال الشيخ: يجيء واحد قد قرأ أبواباً من الفقه ينكر. فقلت في نفسي: لعل أنه قصد غيري. فقال: إياك نعني بالقول. فتبت في نفسي من اعتراضي على الشيخ. فقال قد قبل الله توبتك. وسمعت شيخنا ابن تيمية يقول: سمعت الشيخ عز الدين أحمد الفاروثي: سمعت شيخنا شهاب الدين السهروردي يقول: عزمت على الإشتغال بالكلام وأصول الدين، فقلت في نفسي: استشير الشيخ عبد القادر. فأتيته فقال قبل أن أنطق: يا عمر، ما هو من عدة القبر، يا عمر ما هو من عدة القبر.) قال: فتركته. وقال أبو عبد الله محمد بن محمود المراتبي: قلت للشيخ الموفق: هل لسماع الحديث عند ابن شافع، فكل ما سمعناه لم ننتفع به. قال السيف: يعني لنزول ذلك. وذلك انهم سمعوا منه المسند والبخاري. وقال شيخنا أبو الحسين اليونيني: سمعت الشيخ عز الدين بن عبد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 92 السلام يقول: ما نقلت إلينا كرامات أحد بالتواتر إلا الشيخ عبد القادر فقيل له هذا مع اعتقاده، فكيف هذا قال: لازم المذهب ليس بمذهب. وقال ابن النجار في ترجمة الشيخ عبد القادر: دخل بغداد سنة ثمان وثمانين، وله ثمان عشرة سنة، فقرأ الفقه على: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي الخطاب، وأبي سعد المبارك المخرمي، وأبي الحسين بن الفراء، حتى أحكم الأصول، والفروع، والخلاف. وسمع الحديث، فذكر شيوخه. قال: وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي، واشتغل بالوعظ إلى أن برز فيه. ثم لازم الخلوة، والرياضة، والسياحة، والمجاهدة، والسهر، والمقام في الخراب والصحراء. وصحب الشيخ حماد الدباس، وأخذ عنه علم الطريق. ثم إن الله تعالى أظهره للخلق، وأوقع له القبول العظيم، فعقد مجلس الوعظ في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وأظهر الله الحكمة على لسانه. ثم جلس في مدرسة شيخه أبي سعد للتدريس والفتوى في سنة ثمان وعشرين، وصار يقصد بالزيادة والنذور. وصنف في الأصول والفروع، وله كلام على لسان أهل الطريقة عال. روى لنا عنه ولده عبد الرزاق، وأحمد بن البندنيجي، وابن القبيطي، وغيرهم. كتب إلي عبد الله بن أبي الحسن الجبائي بخطه قال: قال لي الشيخ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 93 عبد القادر: طالبتي نفسي يوماً بشهوة، فكنتن أضاجرها، وأدخل في درب وأخرج إلى درب أطلب الصحراء، فبينما أنا أمشي، وإذ رأيت رقعة ملقاة، فإذا فيها: ما للأقوياء والشهوات، إنما خلقت الشهوات للضعفاء ليتقووا بها على طاعتي. فلما قرأتها خرجت تلك الشهوة من قلبي. قال: وقال لي: كنت أقتات بخرنوب الشوك، وورق الخس من جانب النهر. قرأت بخط أبي بكر عبد الله بن نصر بن حمزة التيمي: سمعت عبد القادر الجيلي قال: بلغت بي الضائقة في غلاء نزل ببغداد، إلى أن بقيت أياماً لا آكل فيها طعاماً بل أتتبع المنبوذات،) فخرجت يوماً إلى الشط لعلي أجد ورق الخس والبقل، فما ذهبت إلى موضع إلا وجدت غيري قد سبقني إليه، فرجعت أمشي في البلد، فلا أدرك موضعاً قد كان فيه شيء منبوذ إلا وقد سبقت إليه، فأجهدني الضعف، وعجزت عن التماسك، فدخلت مسجداً، وقعدت، وكدت أصافح الموت، إذ دخل شاب أعجمي ومعه خبز وشواء، وجلس يأكل، فكنت أكاد كلما رفع يده باللقمة أن أفتح فمي من شدة الجوع، حتى أنكرت ذلك على نفسي، إذ التفت فرآني، فقال: بسم الله فأبيت، فأقسم علي، فبادرت نفسي إلى إجابته، فأبيت مخالفاً لها ولهواها، فأقسم علي، فأجبته، وأكلت مقصراً، وأخذ يسألني: ما شغلك، ومن أين أنت فقلت: أما شغلي فمتفقه، وأما من أين، فمن جيلان. فقال: وأنا والله من جيلان، فهل تعرف لي شاباً جيلانياً اسمه عبد القادر، يعرف بسبط أبي عبد الله الصومعي الزاهد قلت: أنا هو. فاضطرب لذلك، وتغير وجهه، وقال: والله يا أخي، لقد وصلت إلى بغداد، ومعي بقية نفقة لي فسألت عنك، فلم يرشدني أحد، إلى أن نفدت نفقتي، وبقيت بعدها ثلاثة أيام لا أجد ثمن قوتي إلا من مالك معي، فلما كان هذا اليوم الرابع قلت: قد تجاوزتني ثلاثة أيام لم آكل فيها طعاماً، وقد أحلت لي الميتة، فأخذت من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 94 وديعتك ثمن هذا الخبر والشواء، فكل طيباً، فإنما هو لك، وأنا ضيفك الآن. فقلت: وما ذاك قال: أمك وجهت معي ثمانية دنانير، والله ما خنتك فيها إلى اليوم. فسكنته وطيبت نفسه، ودفعت إليه شيئاً منها. كتب إلي عبد الله بن أبي الحسن الجبائي قال: قال لي الشيخ عبد القادر: كنت في الصحراء أكرر الفقه وأنا في مشقة من الفقر، فقال لي قائل لم أر شخصه: افترض ما تسعين به على طلب الفقه. فقلت: كيف أقترض وأنا فقير، ولا وفاء لي قال: اقترض وعلينا الوفاء. قال: فجئت إلى بقال فقلت له: تعاملين بشرط إذا سهل الله لي شيئاً أعطيتك، وإن مت تجعلني في حل، تعطيني كل يوم رغيفاً ورشاداً. قال: فبكى وقال: يا سيدي أنا بحكمك. فأخذت منه مدة، فضاق صدري. فأظن أنه قال: فقيل لي: امض إلى موضع كذا، فأي شيء رأيت على الدكة فخذه وادفعه إلى البقلي. فلما جئت رأيت على دكة هناك قطعة ذهب كبيرة،) فأخذتها وأعطيتها للبقلي. قال: ولحقني الجنون مرة، وحملت إلى المارستان، وطرقتني الأحوال حتى مت، وجاءوا بالكفن، وجعلوني على المغسل، ثم سري عني وقمت. ثم وقع في نفسي أن أخرج من بغداد لكثرة الفتن التي بها، فخرجت إلى باب الحلبة، فقال لي قائل: إلى أين تمشي ودفعني دفعة حتى خررت منها، وقال: ارجع، فإن للناس فيك منفعة. قلت: أريد سلامة ديني. قال: لك ذلك. ولم أر شخصه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 95 ثم بعد ذلك طرقتني الأحوال، فكنت أتمنى من يكشفها لي، فاخترت بالظفرية، ففتح رجل داره، وقال لي: يا عبد القادر، إيش طلبت البارحة فنسيت وسكت، فاغتاظ مني، ودفع الباب في وجهي دفعة عظيمة، فما مشيت ذكرت الذي سألت الله، فرجعت أطلب الباب، فلم أعرفه. وكان حماداً الدباس. ثم عرفته بعد ذلك، كتب لي جميع ذلك مما كنت يشكل علي. وكنت إذا غبت عنه لطلب العلم ورجعت إليه يقول: أيش جاء بك إلينا أنت ففيه، مر إلى الفقهاء. وأنا أسكت. فلما كان يوم جمعة، خرجت مع الجماعة معه إلى الصلاة في شدة البرد، فلما وصلنا إلى قنطرة النهر، دفعني الناس في الماء. فقلت: غسل الجمعة، بسم الله. وكان علي جبة صوف، وفي كمي أجزاء، فرفعت كمي لئلا تهلك الأجزاء، وخلوني ومشوا، فعصرت الجبة، وتبعتهم، وتأذيت من البرد كثيراً. وكان الشيخ يؤذيني ويضربني، وإذا غبت وجئت يقول: قد جاءنا اليوم الخبز الكثير والفالوذج، وأكلنا وما خبأنا لك وحشة عليك، فطمع في أصحابه وقالوا: أنا فقيه، أيش تعمل معنا فلما رآهم الشيخ يؤذوني غار لي، وقال لهم: يا كلاب، لم تؤذونه والله ما فيكم مثله، وإنما أؤذيه لأمتحنه، فأراه جبلاً لا يتحرك. ثم بعد مدة قدم رجل من همذان يقال له يوسف الهمذاني، وكان يقال له القطب، ونزل في رباط فلما سمعت به مشيت إلى الرباط، فلم أره، فسألت عنه، فقيل: هو في السرداب، فنزلت إليه، فلما آني قام وأجلسني وفرشني، وذكر لي جميع أحوالي، وحل لي المشكل علي، ثم قال لي: تتكلم على الناس. فقلت: يا سيدي أنا رجل أعجمي قح، أخرش، أيش أتكلم على فصحاء بغداد فقال لي: أنت حفظت الفقه وأصوله، والخلاف، والنخو، واللغة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 96 وتفسير القرآن، لا يصلح لك) أن تتكلم إصعد على الكرسي، وتكلم على الناس، فإني أرى فيك عذقاً سيصير نخلة. قال: وقال لي الشيخ عبد القادر: منت أؤمر وأنهى في النوم واليقظة، وكان يغلب علي الكلام، ويزدحم على قلبي إن لم أتكلم حتى أكاد أختنق، ولا أقدر أن اسكت. وكان يجلس عندي رجلان وثلاثة يسمعون كلامي، ثم تسامع الناس بي، وازدحم علي الخلق، حتى صار يحضر المجلس نحو من سبعين ألفاً. وقال لي: فتشت الأعمال كلها، فما وجدت فيها أفضل من إطعام الطعام، أود لو أن الدنيا بيدي فأطعمها الجياع. وقال لي: كفي مثقوبة لا تضبط شيئاً، لو جاءني ألف دينار لم أبيتها. وكان إذا جاءه أحد بذهب يقول له: ضعها تحت السجادة. وقال لي: أتمنى أن أكون في الصحارى والبراري، لما كنت في أول الأمر، لا أرى الخلق ولا يروني. ثم قال: أراد الله مني منفعة الخلق، فإنه قد أسلم على يدي أكثر من خمسمائة، وتاب على يدي من العيارين والمشالحة أكثر من مائة ألف، هذا خير كثير. وقال لي: ترد علي الأثقال الكثيرة، ولو وضعت على الجبال تفسخت، فأضع جنبي على الأرض، وأقرأ إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسراً ثم أرفع رأسي وقد انفرجت عني. وقال لي: إذا ولد لي ولد أخذته على يدي، وأقول هذا ميت. فأخرجه من قلبي، فإذا مات لم يؤثر عندي موته شيئاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 97 وقال ابن النجار: سمعت عبد الرزاق بن عبد القادر يقول: ولد لوالدي تسع وأربعون ولداً، سبعة وعشرون ذكراً، والباقي إناث. وقال: كتب إلي عبد الله بن أبي الحسن الجبائي قال: كنت أسمع كتاب الحلية على ابن ناصر، فرق قلبي، وقلت في نفسي: اشتهيت أن أنقطع عن الخلق وأشتغل بالعبادة. ومضيت فصليت خلف الشيخ عبد القادر، فلما صلى جلسنا، فنظر إلي وقال إذا أردت الإنقطاع، فلا تنقطع حتى تتفقه، وتجالس الشيوخ، وتتأدب، وإلا تنقطع وأنت فريخ ما ريشت. قال ابن النجار: أخبرني أبو عبد الله محمد بن سعيد الشاهد، عن عبد الوهاب ابن الشيخ عبد القادر قال: سمعت أبا الثناء بن أبي البركات النهر ملكي يقول: قال لي صديق لي: قد سمعت) أن الشيخ عبد القادر لا يقع على ثيابه الذباب. فقلت: ما لي علم بهذا. ثم بكرنا يوم الجمعة، وحضرنا مجلسه، فالتفت إلي وإليه وقال: أيش يعمل الذباب عندي، لا دبس الدنيا، ولا عسل الآخرة. قال: وأنبأنا أبو البقاء عبد الله بن الحسين الحنبلي: سمعت يحيى بن نجاح الأديب يقول: قلت في نفسي: أريد أحصي كم يقص الشيخ عبد القادر شعراً من التواب. فحضرت المجلس ومعي خيط، فكلما قص شعراً عقدت عقدة تحت ثيابي من الخيط، وأنا في آخر الناس، وإذا به يقول: أنا أحل وأنت تعقد. قال: وسمعت شيخ الصوفية عمر بن محمد السهروردي يقول: كنت

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 98 أتفقه في صباي، فخطر لي أن أقرأ شيئاً من علم الكلام، عزمت على ذلك من غير أن أتكلم به، فاتفق أني صليت مع عمي الشيخ أبي النجيب، فحضر عنده الشيخ عبد القادر مسلماً، فسأله عمي الدعاء لي، وذكر له أني مشتغل بالفقه. وقمت فقبلت يده، فأخذ يدي وقال لي: تب مما عزمت على الإشتغال به، فإنك تفلح. ثم سكت وترك يدي، ولم يتغير عزمي عن الإشتغال بالكلام، حتى شوشت علي جميع أحوالي، وتكدر وقتي علي، فعلمت أن ذلك بمخالفة الشيخ. قال: وسمعت أبا محمد بن الأخضر يقول: كنت أدخل على الشيخ عبد القادر في وسط الشتاء وقوة برده، وعليه قميص واحد، وعلى رأسه طاقية، وحوله من يروحه بالمروحة، والعرق يخرج من جسده كما يكون في شدة الحر. قال: وسمعت عبد العزيز بن عبد الملك الشيباني: سمعت الحافظ عبد الغني: سمعت أبا محمد بن الخشاب النحوي يقول: كنت وأنا شاب أقرأ النحو، وأسمع الناس يصفون حسن كلام الشيخ عبد القادر، فكنت أريد أن أسمعه، ولا يتسع وقتي لذلك، فاتفق أن حضرت يوماً مجلسه، فلما تكلم لم أستحسن كلامه، ولم أفهمه، فقلت في نفسي: ضاع اليوم مني. فالتفت إلي الجهة التي كنت فيها وقال: ويلك تفضل النحو على مجالس الذكر، وتختار ذلك إصحبنا نصيرك سيبويه. وقال: حكى شيخنا أحمد بن ظفر بن الوزير ابن هبيرة قال: سألت جدي أن يأذن لي إلى الشيخ عبد القادر، فأذن لي، وأعطاني مبلغاً من الذهب، وأمرني أن أدفعه إليه، وتقدم إلي بالسلام عليه. فحضرت، فلما انقضى المجلس ونزل عن المنبر، سلمت عليه، وتحرجت من دفع الذهب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 99 إليه في ذلك الجمع، فبادرني الشيخ سابقاً لفكرتي وقال: هات ما معك، ولا عليك من الناس،) وسلم على الوزير. قال: ففعلت وانصرفت مدهوشاً. وقال أبو بكر عبد الله بن نصر الهاشمي: حدثني أبو العباس أحمد بن المبارك المرفعاني قال: صحبت الشيخ عبد القادر. وقال صاحب مرآة الزمان: كان سكون الشيخ عبد القادر أكثر من كلامه، وكان يتكلم على الخواطر، فظهر له صيت عظيم، وقبول تام. وما كان يخرج من مدرسته إلا يوم الجمعة، أو إلى الرباط وتاب على يده معظم أهل البغداد، وأسمل معظم اليهود والنصارى. وما كان أحد يراه إلا في أوقات الصلاة. وكان يصدع بالحق على المنبر، وينكر على من يولي الظلمة على الناس. ولما ولي المقتضي القاضي ابن المرخم الظالم، قال على المنبر: وليت على المسلمين ظلم الظالمين، ما جوابك غداً عند رب العالمين وكان له كرامات ظاهرة. لقد أدركت جماعة من مشايخنا يكحون منها جملة. حكى لي خالي لأمي خاصبك قال كان الشيخ عبد القادر يجلس يوم الأحد، فبت مهتماً بحضور مجلسه، فاتفق أنني احتملت، وكانت ليلة باردة، فقلت ما افوت مجلسه، وإذا انقضى المجلس اغتسلت. وجئت إلى المدرسة والشيخ على المنبر، فساعة وقعت عينه علي قال: يا زبير، تحضر مجلسنا وأنت جنب وتحتج بالبرد وحكى لي مظفر الحربي، رجل صالح، قال: كنت أنام في مدرسة الشيخ عبد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 100 القادر لأجل المجلس، فمضيت ليلة وصعدت على سطوح المدرسة، وكان الحر شديداً، فاشتهيت الرطب وقلت: يا إلهي وسديد، ولو أنها خمس رطبات. وقال: كان للشيخ باب صغير في السطح، ففتح الباب وخرج، وبيده خمس رطبات، وصاح: يا مظفر، وما يعرفني، تعال خذ ما طلبت. قال: ومن هذا شيء كثير. قال: وكان ابن يونس وزير الإمام الناصر قد قصد أولاد الشيخ عبد القادر، وبدد شملهم، وفعل في حقهم كل قبيح، ونفاهم إلى واسط، فبدد الله شمل ابن يونس ومزقه، ومات أقبح موتة.) قلت: كان الشيخ رضي الله عنه عديم النظير، بعيد الصيت، رأساً في العلم والعمل. جمع الشيخ نور الدين الشطنوفي المقرىء كتاباً حافلاً في سيرته وأخباره في ثلاث مجلدات، أتى فيه بالبردة وأذن الجرة، وبالصحيح والواهي والمكذوب، فإنه كتب فيه حكايات عن قوم لا صدق لهم، كما حكوا أن الشيخ مشى في الهواء من منبره ثلاث عشرة خطوة في المجلس، ومنها أن الشيخ وعظ، فلم يتحرك أحد فقال: انتم لا تتحركون ولا تطربون، يا قناديل اطربي. قال: فتحركت القناديل، ورقصت الأطباق. وفي الجملة فكراماته متواترة، ولم يخلف بعده مثله. توفي في عاشر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وله تسعون سنة، وشيعة خلق لا يحصون. قال الجبائي: كان الشيخ عبد القادر يقول: الخلق حجابك عن نفسك، ونفسك حجابك عن ربك. عبد العزيز بن علي بن محمد بن سلمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 101 أبو الأصبغ بن الطحان الأندلسي، السماني، الإشبيلي. ويكنى أبا حميد أيضاً. ولد سنة ثمان وتسعين وأربعمائة بإشبيلية. وأخذ القراءآت عن أبي العباس ابن عيشون، وأبي الحسن شريح وروى عنهما. وعن: أبي عبد الله بن عبد الرزاق الكلبي، ويحيى بن سعادة، وأحمد بن بقا صاحب أبي علي بن سكرة. وروى مصنف النسائي، عن أبي مروان بن مسرة، وروى أيضاً عن جعفر بن مكي: وانتقل بأخرة إلى مدينة فاس. ثم حج ودخل إلى العراق، ثم إلى الشام. وقرأ بواسط القراءآت أيضاً، وأقرأها. وكان بارعاً في معرفتها وتعليلها. وله مصنف في الوقف والإبتداء. قال أبو عبد الله بن الأبار: حج، وسمع منه، وجل قدره، وصنف تصانيف، وكان أستاذاً ماهراً في القراءآت. روى عنه: عبد الحق الإشبيلي، وعلي بن يونس. وأجاز لشيخنا أبي القاسم بن بقي. وكانت رحلته سنة أربع وخمسين. وقال ابن الدبيثي: سمعت غير واحد يقول: ليس بالمغرب أعلم بالقراءآت من ابن الطحان. قرأ) عليه الأثير أبو الحسن محمد بن الحسن بن أبي العلاء، وأبو طالب بن عبد السميع، ونعمة الله بن أحمد بن أبي الهندباء، وغيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 102 وتوفي بحلب بعد الستين. قلت: كتبته في هذه السنة ظناً لا يقيناً. عبد الكريم بن محمد بن أبي الفضل بن محمد بن عبد الواحد. الفقيه أبو الفضائل الأنصاري، الحرستاني، الدمشقي، الشافعي. قال الحافظ ابن عساكر: ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة، وسمع: جمال الإسلام السلمي، وأبا الحسن بن قبيس. ورحل فسمع ببغداد درس أبي منصور ابن الرزاز، وبخراسان درس محمد بن يحيى. وناب في التدريس عن ابن عصرون بالأمينية. وتوفي في رمضان. قلت: هو أخو قاضي القضاة جمال الدين عبد الصمد. عبد الواحد بن علي بن عبد الوهاب. الدينوري، أخو شعيب. توفي قبل شعيب بأيام في صفر، وله أربع وثمانون سنة. روى عن أبيه. وروى عنه أيضاً: عمر القرشي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 103 علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن جعفر. أبو الحسن القرشي الحرستاني، الدمشقي. سمع جزء الرافقي بحرستا من أبي عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد في سنة ثمانين وأربعمائة. وكان ذاكراً لسماعه. وهو الذي عرف الطلبة بنفسه لما رآهم يسمعون بحرستا، وقال: ما أنسى ابن أبي الحديد وقد طلع إلى هنا، وسمعنا عليه، وطلعتم إلى هذا الجوز، وفرطت لهم منه وأنا صبي. فدخل الطلبة ونبشوا سماعه وسمعوا منه. روى عنه: الحافظ بان عساكر، وابنه القاسم، محمود بن شتي وأبو القاسم بن صصرى، وسيف الدولة محمد بن غسان، ومكرم، وكريمة. ولم يخبرني أحد أنه رأى أصل سماع كريمة منه. توفي في شوال.) وآخر من روى لنا الجزء المذكور سنقر القضاعي بحلب، عن مكرم، عنه. علي بن أحمد بن محمد بن الكرخي. أبو المظفر. روى عن: الحسين بن علي بن البسري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 104 وتوفي في المحرم وله أربع وثمانون سنة. عمر بن ثابت بن علي. أبو القاسم البغدادي، ويعرف بابن الشمحل. سمع: أبا منصور الخياط، وأبا الحسين بن العلاف. وتوفي في ذي الحجة. وعنه: عمر القرشي، وأحمد بن طارق الكركي. وعاش خمساً وسبعين سنة. وكان ديوانياً متمولاً، فبنى مدرسة للحنابلة درس بها أبو حكيم النهرواني، ثم ابن الجوزي. ثم قبض عليه وصودر وبيعت المدرسة ولم يثبت وقفيتها، وصارت دار الأمير. 4 (الميم) محمد بن عبد بن أحمد بن مسعود بن مفرج. أبو القاسم الأندلسي، الشبلي، والمعروف بالقنطري. سمع: أبا بكر بن غالب، وأبا الحسين بن صاعد، وجماعة. وبإشبيلية: أبا الحاكم بن برجان، وأبا بكر بن العربي. وبقرطبة: ابن مغيث، وابن أبي الخصال، وطائفة. قال الأبار: كان من أهل المعرفة الكاملة بصناعة الحديث، بعيد الصيت

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 105 في الحفظ والإتقان، جماعة للكتب. وقد شوور في الأحكام. روى عنه: يعيش بن القديم الشلبي، وغيره. وتوفي بمراكش في ذي الحجة. محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن فرج بن سليمان. أبو عبد الله القيسي المكناسي، الشاطبي، المعروف بابن تريش المقرئ.) سمع من: أبى علي بن سكرة، وأبي زيد بن الوراق، وأبي محمد بن أبي جعفر، وأبي عمران بن أبي تليد، وطائفة. وله معجم شيوخه. وأخذ القراءآت عن: أبي بكر إبراهيم بن خلف، والشيخ أبي عبد الله بن الفراء الزاهد، وجماعة. قال الأبار: تصدر بشاطبة للإقراء، سالكاً طريقة جده محمد بن فرج، فأخذ عنه الناس. وكان قديم الطلب، مشاركاً في الحديث والأدب، ويتحقق في القراءآت، مع براعة الخط، وكتب علماً كثيراً. حدث عنه: أبو الحجاج بن أيوب، وأبو عمر بن عياد، وأثنى عليه ووصفه بالتقلل من الدنيا، وقال: توفي في جمادة الآخرة وله سبع وستون سنة. وروى عنه: ابن سفيان ووصفه بالمشاركة في حفظ التاريخ والبصر بالنحو. محمد بن علي بن محمد بن محمد بن أبان الحاجب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 106 أبو الفضل ابن الوكيل البغدادي. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا محمد الحسن بن رئيس الرؤساء وتوفي في جمادى الآخرة. كتب عنه أبو المحاسن عمر القرشي. محمد بن علي بن الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك أبي علي الطوسي. صدر، إمام، معظم، تفقه على أسعد الميهني، ودرس بمدرسة جدهم ببغداد ستة أعوام، ثم صرف، ثم أعيد سنة سبع وأربعين، وفوض إليه نظر أوقافها. كان ذا جاه عريض، وحرمة تامة. ثم عزل سنة سبع وخمسين، واعتقل مديدة ثم أطلق، فحج سنة تسع وخمسين. ثم سافر إلى الشام، فأكرم مورده، وولي تدريس الغزالية إلى أن توفي. وقد سمع من: أبي منصور بن خيرون، وأبي الوقت، ولم يرو لأنه مات شاباً. توفي في أوائل صفر، رحمه الله تعالى. محمد بن علي بن محمد بن عمر. أبو رشيد الباغبان الإصبهاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 107 توفي في أواخر ربيع الأول، وله ثمانون سنة أو نحوها.) محمد بن علي. الأديب أبو الفتح سبط النطنزي. توفي في المحرم. وكان من الأدباء البلغاء، له النظم والنثر. سافر البلاد ولقي الأكابر. وسمع من: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان. كتب عنه: أبو سعد السمعاني، والمبارك بن كامل. وكان محتشماً، نديماً للملوك، ويرجع إلى دين وخير. ونطنز: بليدة بنواحي إصبهان. ومن شعره: يا طالباً للعلم كي تحظى بهديناً ودنيا حظوة تعليه اسمعه ثم احفظه ثم اعمل بهلله ثم انشره في أهليه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 108 محمد بن محمد بن أحمد. أبو الأزهر بن غزال، الواسطي، الكاتب. ولد سنة خمس وثمانين. وسمع من: خميس الحوزي، وأبي نعيم محمد بن إبراهيم الجماري. وكان من كبار الكتاب المتصرفين. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي. وتوفي في وسط السنة. محمد بن محمد بن هبة الله. أبو بكر الفارسي، البغدادي، المغسل. روى عن: أبي سعد بن خشيش. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجي. وتوفي في ربيع الآخر. محمد بن يحيى بن محمد بن هبيرة. الرئيس عز الدين ابن الوزير عون الدين.) ناب في الوزارة عن أبيه مدة، فلما توفي أبوه حبس فهرب من الحبس، وواعد بدوياً حتى يهرب به، فنم به وذهب إلى أستاذ الدار، فأخبره

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 109 به، فأخذه وضربه مبرحاً وألقي في مطمورة، ثم خنق رحمه الله، وأخرج من دار الخلافة ميتاً. ثم خنق أخوه شرف الدين ظفر في لسنة الآتية. محمد بن أبي القاسم بن بابجوك. الأستاذ أبو الفضل الخوارزمي، البقال، النحوي، صاحب التصانيف. ويعرف أيضاً بالآدمي، لحفظه في النحو مقدمة ألادمي تلميذ الزمخشري وجلس بعده في حلقته، واشتهر اسمه وبعد صيته، وأقبل الطلبة على تصانيفه. مات في سلخ جمادى الآخرة، وقد نيف على السبعين. مسعود بن محمد بن أحمد. القاضي أبو الفضائل لمديني، الخطيب. توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة رحمه الله تعالى. قاله عبد الرحيم الطاجي. مشرف بن أبي سعد محمد بن إبراهيم الخباز. والد ثابت. شيخ بغدادي، سمع بإفادة أخيه المفيد علي من: أبي الغنائم بن المهتدي بالله، ومحمد بن عبد الباقي الدورقي، وجماعة. روى عنه: ابنه، وعبد الرزاق الجيلي. ومات في صفر. معمر بن عسكر بن قاسم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 110 أبو الحسن المخرمي المؤدب. سمع: أبا بكر أحمد بن سوسن التمار، وأبا القاسم بن بيان، أبا محمد الحريري البصري. روى عنه: داود بن معمر بن الفاخر في معجمه. وكان صالحاً يؤدب، وهو والد عبد اللطيف الذي روى عنه الأبرقوهي جزء أبي الجهم. توفي في رجب. مكي بن محمد بن خبيرة.) كان أسن من أخيه الوزير عون الدين. كنيته أبو جعفر، وكان فاضلاً، شاعراً فقيهاً. نظم الخرقي في الفقه وقريء عليه مراراً وولد قبل السبعين. وخاف عندنا سقي أخوه، فنز عن بغداد، فأدركه الموت بنواحي الموصل في ذي الحجة، وله نحو من تسعين سنة أو أكير. ولم يسمع إلا من المتأخرين. ولو سمع على مقدار عمره لسمع من أصحاب المخلص. 4 (الهاء) هبة الله بن عبد العزيز بن علي. أبو القاسم الجزري، المعدل. سمع: أبا عثمان بن ملة. روى عنه: نصر بن الحصري بمكة. وتوفي في ذي القعدة ببغداد فيما أرى. 4 (الياء) يوسف بن فتوح. أبو الحجاج الأندلسي، المريي، العشاب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 111 سمع: با علي بن سكرة، وخلف بن الإمام. وكان ذكياً فاضلاً، ولي الشورى ببلده، ثم حج، ونزل بمدينة فاس. وكان له حظ من الفقه، والتفسير، ومعفة النبات كان يجلبه ويتجر فيه. روى عنه: أبو السحن بن النقرات، وأبو عبد الله بن الغفار، ويحيى بن أحمد الجذامي، ويوسف بن أحمد. توفي سنة إحدى أو اثنتين وستين، قاله ألابار. وقد ذكره ابن فرحون فقال: أخذ بقرطبة عن أبي علي الجياني، وأبي القاسم خلف ابن الإمام الإشبيلي، وتحمل عنه الموطِأ وكان خبيراً بالنبات. وركب من المرية إلى بجاية، فغرقت كتبه بموسى بجاية، فأتى فاس، وأخفى نفسه عن الرواية، ثم روى الموطأ. يوسف بن المبارك.) أبو الفرج بن البيتي الدلال. سمع: أبا القاسم الربعي، وجعفر السراج. وعنه: ابن عساكر، وابن الأخضر، ابن الحصري. مات في ذي القعدة. يوسف بن محمد بن سماحة. أبو الحجاج الداني. سمع من: أبي علي الصدفي ابن سكرة. وتفقه بأبي محمد بن أبي جعفر. وناظر وبرع في الفقه، وكان مائلاً إلى علم الكلام وأصول الفقه، مشاركاً في الحديث. ولي قضاء دانية، ثم بلنسية، وتوفي على قضائها يوم عيد الفطر، وله ثمان وتسعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 112 4 (الكنى) أبو عاصم بن الحسين بن وسنة. الإصبهاني المحدث. أجاز لكريمة، ويرها. واسمه أحمد. يروي عن: أحمد بن أبي الفتح الخرقي، وغير واحد. توفي في أوائل ربيع الأول. أبو الفضائل بن شقران البغدادي. قال ابن الجوازي: كان في مبدأ أمره يتتلمذ لأبي العز الواعظ، ثم صار فقيهاً، ثم صار معيداً بالنظامية، ووعظ. وأخذ ينصر مذهب أبي الحسن الأشعري ويبالغ، فتقدم الوزير ابن هبيرة بخلعة، فانزل عن المنبر يوم جلوسه ثم ترك الوعظ، وأقام برباط بهروز مدة. وتوفي في صفر، وهو أحمد المذكور في أول السنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 113 4 (وفيات سنة اثنتين وستين خمسمائة)

4 (الألف) أحمد بن عبد الملك بن محمد. أبو البركات البردعاني، ثم البغدادي.) سمع: أبا سعد بن خشيش، وأبا الحسين بن الطيوري، وابن العلاف. سمع منه: أبو سعد السمعاني. وحدث عنه: ابن الأخضر، وعبد الرزاق الجيلي، وأحمد بن أحمد البندنيجي. ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. ومات في شعبان. أحمد بن علي بن الخليل. أبو العباس الجوسقي، المفريء، الخطيب، خطيب صرثر. سمع: محمد بن عبد الباقي الدوري، وعبد القادر اليوسفي، وابن الحصين. روى عنه: ابنه خليل، وابن الأخضر، وأحمد بن البندنيجي، ووصفاه بالصلاح. مات في رمضان عن أربع وسبعين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 114 أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد. أبو عبد الله الإصبهاني، المعدل، المعروف بفلا. قدم بغداد، وحدث عن: غانم البرجي، والحداد، وأبي منصور بن منويه الشروطي، وجماعة. روى عنه: ابن الأخضر، ونصر بن الحصري. توفي في سادس شوال بإصبهان. أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد. أبو العابس الأنصاري، والأندلسي. روى عن: أبي بكر بن غالب بن عطية، وأبي علي الصدفي، وأبي الحسن بن الباذش، وأبي الوليد بن رشد، وأبي محمد بن عتاب، وغيرهم. وكان متقناً للقراءآت، والتفسير، والكلام، يغلب عليه علم اللغة. حدث عنه: أبو ذر الخشني، وأبو الخطاب بن واجب، وأبو عبد الله الأندرشي. ورخه الأبار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 115 أحمد بن موهوب بن أحمد. النرسي. عن: ابن بيان الرزاز، وابن العلاف.) وعنه: عمر القرشي، وأبو الفتوح بن الحصري. توفي في شعبان. 4 (الحاء) الخضر بن شبل بن عبد. الفقيه، أبو البركان الجارثي، الدمشقي، الشافعي، خطيب دمشق ومدرس الغزالية، والمجاهدية. كان فقيهاً، إماماً كبير القدر، بعيد الصيت. بنى نور الدين مدرسته التي عند بابا الفرج، وجعله مدرسها. وقد قرأ على أبي الوحش سبيع، وسمع منه، ومن: ابن الموازيني، وجماعة. روى عنه: ابن عساكر، وابنه وزين الإسناد أبو نصر بن الشيرازي، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 116 ذكر له ابن عساكر ترجمة حسنة، فقال: سمع النسيب أبا طاهر الحنائي، وأبا الحسن بن الموازيني، وأبا الوحش الملائي، وجماعة كثيرة. وصحب أبا الحسن بن قيس. وتفقه على جمال الإسلام، وأبي الفتح نصر الله المصيصي. وكتب كثيراً من الحديث والفقه، ودرس سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وكان سديد الفتوى، واسع المحفوظ، ثبتاً في الرواية، ذا مروءة ظاهرة، لزمت درسه مدة، وعلقت عنه من مسائل الخلاف، وكان عالماً بالمذهب، يتكلم في الأصول والخلاف. ولد في شعبان سنة ست وثمانين وأربعمائة. وتوفي في ذي القعدة ودفن بمقبرة باب الفراديس. وقد قال السلفي: سمعت أبا البركات الخضر بن شبل صاحبنا بدمشق يقول: مسعت الشريف النسيب أبا القاسم يقول: أبو علي الأهوازي المقرىء، ثقة ثقة. الحسن بن محمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب. أبو علي ناظر بعقوبا. سيء السيرة. سمع: ابن العلاف، وابن نبهان. وعنه: أحمد بن طارق. مات في ذي الحجة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 117 4 (حرف العين) عبد الجليل بن أبي سعد منصور بن إسماعيل بن أبي سعد بن أبي بشر بن محمد. أبو محمد الهروي، الفامي، المعدل. قال ابن السعماني: كان من أهل الخير والصدق. سمع: أبا منصور عبد الرحمن بن محمد البوشنجي كلار، وأم الفضل بيبى. وتفرد عنهما، وأبا إسماعيل شيخ الإسلام. وغيرهم. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم. وقال: ولد في سادس شعبان سنة سبعين، وروى عنه: عبد القادر الرهاوي وهو أعلى شيخ به رواية، وعبد الباقي بن الواسع الأزدي، وآخرون. ولم يكن بقي في الدنيا أعلى إسناداً منه، وبموته ختم حديث البغوي. بعلو رحمه الله. 4 (عبد الرحمن يحيى بن عبد الباقي بن محمد.) أبو محمد الزهري، البغدادي. قال ابن مشق: توفي في ثامن عشر ذي الحجة، ودفن عند أخيه. ومولده في سنة سبع وسبعين وأربعمائة. ويعرف بابن شقران، وهم جماعة إخوة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 118 سمع هذا من: أبي الفضل أحمد بن خيرون، والحسين بن محمد السراج، وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري، وعبد المحسن الشيحي. سمع منه: أبو الحسن الزيدي، وأبو المحاسن القرشي، وأحمد بن طارق الككي، وعبد العزيز بن ألأخضر، وغيرهم. قال ابن الدبيثي: ولأبي الفضل بن شافع فيه كلام يغمزه. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة ابن مسلمة. قال ابن النجار: روى لنا عنه: ابن الأخضر، وعبد الرزاق الجيلي، وابن الحصري، وعلي بن مظفر العكبري. قال عمر بن علي: بان لنا تزوير هذا الشيخ، وعلمنا منه أشياء تبطل روايته. وقال احمد بن شافع: كان ذا هنة، قد صحب العلماء لو لم يفسد نفسه بنفسه. ولم يكن من أهل هذا الشأن.) عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 119 الحافظ الكبير أبو سعد، الملقب بتاج الإسلام، ابن الإمام الأوحد تاج الإسلام، معين الدين أبي بكر بن الإمام المجتهد أبي المظفر التميمي، السمعاني، المروزي. محدث المشرق، وصاحب التصانيف. ولد في الحادي والعشرين من شعبان سنة ست وخمسمائة بمرو، وحمله والده أبو بكر إلى نيسابور سنة تسع، وأحضره السماع من عبد الغفار الشروتي، وأبي العلاء عبيد بن محمد القشيري، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 120 وأحضره بمرو علي: أبي منصور محمد بن علي الكراعي، وغيره. ومات أبوه سنة عشر في أولها، وتربى أبو سعد بين أعمامه وأهله، فلما راهق أقبل على القرآن والفقه والإشتغال وكبر وأحب الحديث والسماع، وعني بهذا الشأن، ورحل قبل الثلاثين وبعدها إلى خراسان، وإصبهان، والعراق، والحجاز، والشام، وطبرستان، وما وراء النهر. فسمع بنفسه من: الفراوي، وزاهر الشحامي، وهبة الله السيدي، وتميم الجرجاني، وعبد الجبار الحواري، والحسين بن عبد الملك الخلال، وسعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، وإسماعيل بن أبي القاسم العازلي، وأبي يعد احمد بنالإمام أبي بكر محمد بن ثابت الجندي، وأبي نصر أحمد بن عمر الغازي، وعبد المنعم بن القشيري، وعبد الواحد بن محمد الشرابي، ومحمد بن حمد الكبريتي، وفاطمة بنت زعبل، وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وعلي بن علي الأمين، وعبد الرحمن بن محمد الشيباني الفزار، وعمر بن إبراهيم العلوي، الكوفي. وسمع بمدن كثيرة، وألف معجم البلان التي سمع بها، وصنف كتاب الأنساب، وكتاب ذيل تاريخ بغداد، وكتاب تاريخ مرو. وعاد إلى وطنه سنة ثمان وثلاثين، فتزوج وولد له أبو المظفر عبد الرحيم، فاعتنى

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 121 به، وأسمعه الكثير، ورحل به إلى نيسابور ونواحيها، وهراة وننواحيها، وبلخ، سمرقند، بخارى. وصنف له معجبماً. ثم عاد به إلى مرو، وألقى بها عصى الترحال، أقبل على التصنيف والإملاء والوعظ والتدريس. درس بالمدرسة العميدية، وكان عالي الهمة في الطلب، سريع الكتابة جداً، مجتهداً، مضبوط الأوقات. كتب عمن دب ودرج، وجمع معجمه في عشر مجلدات كبار. قال أبو عبد الله بن) النجار: سمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة الآف شيخ، وهذا شيء لم يبلغه أحد. وكان مليح التصانيف، كثير النشوار والأناشيد، لطيف المزاج، ظريفاً، حافظاً، واسع الرحلة، ثقة، صدوقاً، ديناً، جميل السيرة. سمع منه مشايخ وأقرانه، وثنا عنه جماعة من أهل خراسان، وبغداد. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه القاسم، وأبو أحمد بن سكينة، وعبد العزيز بن منيناً، وأبو روح عبد المعز الهروي، وأبو لضوء شهاب الشذياني، والإفتخار عبد المطلب الهاشمي، وابنه أبو المظفر عبد الرحيم بن السمعاني، ويوسف بن المبارك الخفاف، وأبو الفتح محمد بن محمد بن عمر الصائغ، وآخرون. 4 (ذكر مصنفاته) في تاريخ مرو خمسمائة طاقة، طراز الذهب في أدب الطلب مائة وخمسون طاقة، الإسفار عن الأسفار خمس وعشرون طاقة، الإملاء والإستملاء خمس عشر طاقة، معجم البلدان خمسون طاقة، معجم الشيوخ ثمانون طاقة، تحفة المسافر مائة وخمسون طاقة، التحف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 122 والهدايا خمس وعشرون طاقة، عز العزلة سعبون طاقة، الأدب في استعمال الحسب خمس طاقات، المناسك ستون طاقة، الدعوات أربعون طاقة، الدعوات النبوية خمس عشر طاقة، الحث على غسل اليد خمس طاقات، أفانين البساتين خمس عشر طاقة، دخول الحمام خمس عشرة طاقة، فضل صلاة التسبيح عشر طاقات، التحايا والهدايا ست طاقات، تحفة العيدين ثلاثون طاقة، فضل الديك خمس طاقات، الرسائل والوسائل خمس عشرة طاقة، صوم الأيتم البيض خمس عشر طاقة، سلوة الأحباب ورحمة الأصحاب خمس طاقات، التحبير في المعجم الكبير ثلاثمائة طاقة، فرط الغرام إلى ساكني الشام خمس عشر طاقة، مقام العلماء بين يدي الأمراء إحدى عشر طاقة، المساواة والمصافحة ثلاث عشرة طاقة، ذكرى حبيب رحل وبشرى مشيب نزل عشرون طاقة، الأمالي الخمسمائة مائتان طاقة، فوائد الماوائد مائة طاقة، فضل الهر ثلاث طاقات، الأخطار في ركوب البحار سبع طاقات، فضل الهر ثلاث طاقات، الأخطار في ركبو البحار سبع طاقات، الأنساب ثلاثمائة وخمسون طاقة، الأمالي ستون طاقة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 123 بخار بخور البخاري عشرون طاقة، تقديم الجفان إلى الضيفان سبعون طاقة، صلاة الضحى عشر طاقات، الصدق في الصداقة، الربح في التجارة، رفع الأرتياب في كتابة الكتاب أربع طاقات، النزوع إلى) الأوطان خمس وثلاثون طاقة، حث الإمام على تخفيف الصلاة فيطاقتين لفتة المشتاق إلى ساكني العراق أربع طاقات، السند لمن اكتنى بابي سع ثلاثون طاقة، فضائل الشام في طاقتين، فضل يس في طاقتين. توفي، وأبو المظفر ابنه هو الذي ورخه، في غرة ربيع الأول، وله ست وخسمون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 124 عبد الواحد بن الحسين بن عبد الواحد. أبو محمد البغدادي، البزاز، ويعرف بابن البارزي. سمع: أبا عبد الله النعالي، وابن البطر، ويحيى بن ثابت. روى عنه: الحافظ عبد الغني، وأبو الحسن بن رشيد، وأبو طالب بن عبد السميع، وأبو محمد بن قدامة، وآخرون. وآخر من روى عنه بالإجازة: الرشيد أحمد بن مسلمة. وتوفي في شوال، وله اثنتان وثمانون سنة. أخبرنا عبد الحافظ، أنا ابن قدامة، أنا أبو محمد عبد الواحد، أنا الحسين ابن طلحة، ثنا الحسن بن الحسين بن المنذر، ثنا عمر بن دينار إملاء، ثنا أبو يزيد يوسف بن يزيد بن كامل، ثنا ابن أبي مريم، ثنا عثمان بن مكتل، وأنس بن عياض قالا: ثنا الحارث بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب البلاد إلى الله مساجدها، أبغض البلاد إلى الله أسواقها. قال ابن النجار: كان عبد الواحد شيخاً صالحاً على طريقة السلف، رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 125 عبد الهادي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مأمون. أبو عروية السجستاني، الزاهد، شيخ الصوفية وإمام سجستان. يحول من الماضية إلى هنا، فإن فيها ورخه الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي، وقال: كان للمذهب ركتناً وثيقاً، ولأهل الحديث حصناً منيعاً. وكان صلب الدين، خلف جده وخاله في الرد على المبتدعين. وكانت أوراده تستغرق ليله ونهاره. ومناقبه لا تنتهي حتى ينتهي عنها. وقد سمع منه الحافظ عبد القادر الرهاوي فأكثر عنه وقال: سمع الحديث من جده عبد الله سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وحج. سمع المسند من أبي الحصين، وبلغني أنه لما حج قرأ عليه ابن ناصر مسلسلات أبى حاتم بن حبان، وكان زاهداً، ورعاً متواضعاً، كثير النوافل، سريع) الدمعة، حسن الأخلاق، عاش تسعاً وثمانين سنة ما عرفت له زلة. وكان منتشر الذكر في البلاد القاصية بحسن السيرة، وكان له رباط ينزل من ذلك شيئاً، بل يجلعله في نفقة الرباط، ويتعيش بغليلة له يسيرة، ومات وعليه دين هذا مع سعة جاهه بسجستان، حتى عند بعض مخالفيه. بلغنا موته وأنا بهراة بعد مفارقتي له بقليل، فأغلقت أسوار هراة، ومنع الوعاظ من الوعظ، وجلس واعظ وذكر مناقبه، وبكى الناس عليه. كنت يوماً عنده، فجعل إنسان يحدثنا بدخل بغداد، فتعجبت وقال سبحان الله، إنسان يعيش حتى يشيخ، ولا يرى في يد أحد عشرة دنانير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 126 قلت: ولا رأيت في ديك عشرة دنانير. قال: ولا خمسة. وكان يعظ في رباطه، فلما جئت إلى عنده قال: لكن أريد أن أشتغل بالحديث. فلم يعظ مدة مقامي. وكان قد ولي سجستان أمير معتزلي، فقصد الشيخ، فخرج من سجستان إلى هراة، وتلقوه ملتقى حسناً، ونزل في رباط شيخ الإسلام. وكان له ابن يقال له عبد لمعز، سمع مع أبيه من أبي نصر هبة الله بن عبد الجبار بن فارخ. وكان أعلم من أبيه، وقريباً مه في السيرة، والعقل، والوقار، والحرمة عند الناس، فلم يعش بعد أبيه طائلاً. سمعت رجلاً بسجستان يقول: خبرت أهل سجستان ليس فيهم أدين من عبد الهادي وأولاده. وكان لديانته قد فوض إليه الوقت وإمامة الجامع، وكان لا يقدر أحد من المخالفين يصلي في الصف الأول من الجامع من غلبة أصحابه مع قلتهم وكثرة المخالفين، ومساعدة السلطان لمخالفيه. قلت: توفي في هذه السنة إن شاء الله. فإن فيها كان عبد القدر بهراة، وقد شهد عزاءه، وأجاز لنا أبو زكريا يحيى بن الصيرفي الفقيه وغيره: أنا عبد القادر، أنا أبو عروية عبد الهادي. فذكر أحاديث. عبيد الله بن سعيد بن حسن بن الجوزي. أبو منصور، وكيل الوزير أبي المظفر بن هبيرة. سمع: أبا سعد بن خشيش، وأبا القاسم بن بيان.) ورى عنه: عبد العزيز بن الأخضر. وتوفي في ذي الحجة. علي بن أحمد بن محمد بن الكرجي. أبو المظفر الأزجي، أخو محمد، والحسن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 127 شيخ نظيف، منزو في منزله، مشتغل بالخير. سمع: أبا الفضل بن خيرون، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبا بكر الطريثيثي، ومحمد بن أبي نصر الحميدي. وعنه: ابن الأخضر، وعبد الرزاق الجيلي، وغيرهما. مولده في سنة سبع وسبعين وأربعمائة. ومات في المرحم سنة. علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد. أبو القاسم بن أبي الفضائل الكلابي، الدمشقي، الفقيه الشافعي، الفرضي، النحوي، المعروف بجمال الآية ابن الماسح. من علماء دمشق الكبار. ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وقرأ لابن عامر وغيره من القراء على أبي الوحش سبيع بن قيراط، وغيره. سمع: أباه، وسبيعاً، وأبا تراب حيدرة، وعبد المنعم بن الغمر، وغيرهم. وتفقه على: جما الإسلام السلمي، ونصر الله المصيصي. وكانت له حلقة كبيرة بالجامع يقرئ فيها القرآن والفقه والنحو. وكان معيداً لجمال الإسلام أبي الحسن في الأمينية، ودرس بالمجاهدية، وكان حريصاً على الإفادة. وعليه كان الاعتماد في الفتوى وقسمة الأرضين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 128 قلت: روى عنه: أبو المواهب، وأبو القاسم ابنا صصرى، وجماعة. ومات في ذي الحجة. وقد حدث بكتاب الوجيز للأهوازي في القراءآت، عن أبي الوحش، عنه. علي بن أبي سعد محمد بن إبراهيم بن سستان. أبو الحسن الأزجي، الخباز.) وقيل: اسم أبيه ثابت. كان علي أحد طلبة الحديث ببغداد، وكان يلقب بالمفيد. وهو خال يحيى بن بوش، فلذلك سمعه الكثير. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وأبا الغنائم بن المهتدي، والفقيه أبا الخطاب فمن بعدهم. وحدث بالكثير، وكان ثقة، فاضلاً. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة. روى عنه: يحيى بن بوش، والحافظ عبد الغني، وابن الأخضر، والشيخ الموفق، وأبو طالب بن عبد السميع، وعبد العزيز بن باقا، وآخرون. وتوفي رحمه الله بن عاشر شعبان. علي بنمهدي بن مفرج. أبو الحسن الهلالي، الدمشقي، الطبيب. سمع: أبا الفضل بن الكردي، وأبا القاسم النسيب، وأبا طاهر الحنائي، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 129 ورحل في الكهولة إلى بغداد، فسمع من: القاضي أبي بكر الأنصاري، وأبي منصور بن خيرون. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وكان يطب في المارستان، ونسخ الكثير. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وأبو نصر بن الشيرازي، وسكرة التاجر، وكريمة، وآخرون. ومات في ذي الحجة. علي بن يوسف بن خلف بن غالب. أبو الحسن العبدري، الداني. أخذ القراءآت عن عمر بن أبي الفتح، وعتيق بن محمد. وروى عن: أبي بكر بن الخياط، وأبي العباس بن عيسى، وأبي بكر بن زنجان وتفقه بهم. وأخذ الآداب واللغة عن جماعة. وكان فقيهاً، إماماً، مفيتاً، مشارواً، كبير القدر، مفوهاً، متضلعاً من العلوم. عاش ثمانين سنة. ويقال إنه مات في سنة تسع وخمسين. عمر بن محمد بن عبد الله بن نصر، بالتحريك.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 130 العلامة أبو شجاع البسطامي، ثم البلخي إمام مسجد رعوام ذكره ابن السمعاني فقال: مجموع حسن وجمله مليحة، مفت، مناظر، محدث، مفسر، واعظ، أديب، شاعر حاسب. قال: وكان مع هذه الفضائل حسن السيرة، جميل الأمر، مليح الأخلاق، مأمون الصحبة، نظيف الظاهر والباطن، لطيف العشرة، فصيح العبارة، مليح الإشارة في وعظه، كثير النكت والفوائد، وكان على كبر السن حريصاً على طلب الحديث والعلم، مقتبساً من كل أحد. قال لي: ولدت في سنة خمس وسبعين وأربعمائة. سمع ببلخ: أباه، وأبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، وإبراهيم بن محمد الإصبهاني، وأبا جعفر محمد بن الحسين السمنجاني وعليه تفقه، وجماعة كبيرة. كتبت عنه الكثير بمرو، وهراة وبخارى، وبسمرقند، وكتب عني الكثير، وحصل نسخه هذا الكتاب، يعني ذي تاريخ الخطيب. وكتب إلي من بلخ أبياتاً، وهي:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 131 يا آل سمعان ما أنسى فضائلكمقد صرن في صحف الأيام عنوانا معاهد آلفها النازلون بهافما وهت بمرور الدهر أركانا حتى أتاها أبو سعد فشيدهاوزادها بعلو الشأن بنيانا كانوا ملاذ بني الآمال فانقرضوامخلفين به مثل الذي كانا كانوا رياضاً فأهدوا من خلائفهإلى طائعنا روحاً وريحانا لولا مكان أبي سعد لما وجدواعلى مفاخرهم للناس برهانا كانت مآثرها عين الزمان وقدصارت مناقبه للعين إنسانا زان التواريخ بالتذييل مخترعاً أعجب بذيل به أضحى جربانا وقاه ربي من عين الكمال فماأبقت علاه لرد العين نقصانا قلت: سمع من الخليلي مسند الهثيم بن كليب، وغريب الحديث لابن قتيبة، والشمائل للترمذي وصنف كتاباً في أدب المريض والعائد. وقال ابن السمعاني في موضع آخر: لا يعرف أجمع للفضائل منه مع الورع التام. وسمع: الإمام أبا حامد أحمد بن محمد الشجاعي، وأبا نصر محمد بن محمد المهاني، وعبد الرحمن بن عبد الرحيم القاضي، وجماعة كثيرة.) قلت: روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وابن الجوزي، والإفتخار عبد المطلب الهاشمي، والتاج الكندي، وعبد الوهاب بن سكينة، وأبو الفتح المندائي، وأبو روح عبد المعز الهروي، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 132 وتوفي رحمه الله سنة اثنتين ببلخ. 4 (القاف) قرا رسلام بن داود بن سقمان بن أرتق بن أكسب. الأمير فخر الدين صاحب حصن كيفا وأكثر ديار بكر. لما احتضر بعث إلى الملك نور الدين يقول: بيننا صحبة في الجهاد وأريد أن ترعى ولدي. ولما توفي تملك بعده ولده نور الدين محمد، فحماه الملك نور الدين وذب عنه، ومنع أخاه قطب الدين من قصده. قاله بن الأثير. قيس بن محمد بن إسماعيل. أبو عاصم السويقي، المؤدب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 133 شيخ إصبهاني، فاضل، صوفي، مؤدب بجامع إصبهان. ذكره ابن السمعاني فقال: كان حسن السيرة، وكان رفيقاً لأبي نصر البونارتي إلى بغداد، فسمع بقراءته بها من أبي الحسين بن الطيوري، وغيره. قلت: وسمع من: أبي الحسن بن العلاف، والحسن بن محمد بن عبد العزيز التككي وأبي غالب محمد بن الحسن الباقلاني، وابن بيان، وابن نبهان، وعبد الله بن علي بن الآبنوسي، وغيرهم. وانتقى له اليونارتي جزءاً. وسمع منه الفضلاء. قال أبو سعد السمعاني: لحقته وما اتفق لي السماعي منه، وحدثني عنه جماعة. قال الحافظ الضياء، ومن خطه نقلت: سمعت أبا الضوء شهاب بن محمود: سمعت أبا سعد عبد الكريم بن محمد: سمعت محمد بن أبي نصر بن الحسن الخونجاني بإصبهان يقول: سمعت أبا عاصم قيس بن محمد الصوفي: سمعت المبارك بن عبد الجبار بن أحمد، سمعت ابن الشعشاع المصري يقول: رأيت أبا بكر بن النابلسي بعدما قتل في المنام وهو في أحسن هيئة، فقلت له: ما فعل الله بك فقال: حباني مالكي بدوام عزوواعدني بقرب الإنتصار)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 134 وقربني وأدناني إليهوقال: انعم بعيش في جواري قلت: أنبأنا بذلك أحمد بن سلامة بن يحيى بن بوش، عن أحمد بن عبد الجبار، عن الصوري كتابة. وقد روى عنه بالإجازة: أبو المنجا بن اللتي، وكريمة القرشية. وتوفي في سابع عشر جمادى الآخرة وهو في عشر التسعين. 4 (الميم) محمد بن إبراهيم بن ثابت أبو عبد الله المصري، الكيزاني، الواعظ، المقرئ. من شيوخ المصريين الفضلاء. توفي في المرحم وله كلان في السنة، وشعر جيد كثير في الزهد. وكان زاهداً ورعاً، له أصحاب ينتمون إليه. وقيل: توفي في ربيع الأول. قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي إنه توفي في سنة ستين، فيحرر هذا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 135 وقال: كان يقول بأن، أفعال العباد قديمة، وبينه وبين المصريين خلاف وكان قد دفن عند الشافعي، فتعصب عليه الخبوشاني ونبشه وقال: هذا حشوي لا يكون عند الشافعي، ودفن في مكان آخر. من شعره: يا من يتيه على الزمان بحسنهأعطف على الصب المشوق التائه أضحى يخاف على احتراق فؤادهأسفاً لأنك منه في سودائه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 136 محمد بن أبي سعد الحسن بن محمد بن علي بن حمدون. أبو المعالي، الكاتب، المعدل، كافي الكفاة، بهاء الدين البغدادي. من بيت فضل ورئاسة هو وأبوه. وكان ذا معرفة تامة بالأدب والكتابة. وله أخوان: أبو نصر، وأبو المظفر. سمع في سنة عشر وخمسمائة من إسماعيل بن الفضل الجرجاني. روى عنه: ابنه أبو سعد الحسن، وأحمد بن طارق الكركي، وأحمد بن أبي البقاء العاقولي.) وصنف كتاب لتذكرة في الآداب والنوادر والتواريخ، وهو كبير مشهور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 137 وكان عارض الجيش المقتفوي، ثم صار صاحب الزمام المستنجدي. قال العماد في الخريدة: وقف الإمام المستنجد على حكايات رواها ابن حمدون ي التذكرة توهم غضاضة على الدولة، فأخذ من دست منصبه وحبس. ولم يزل في نصبله إلى أن رمس. توفي في ذي القعدة محبوساً وله سبع وستون سنة. وتوفي أخوه أبو نصر في سنة خمس وأربعين. محمد بن عبد العزيز بن بادار. القزويني، ثم الطوسي أبو جعفر، زوج كبر بنت زاهر الشحامي. قال أبو سعد السمعاني: سمعت منها، ومات هو في المحرم سنة اثنتين عن أربع وتسعين سنة. سمع من شيخنا عبد الغفار الشيروتي. محمد بن محمد بن محمد بن أحمد. أبو المعالي بن الجبان، الحريمي، المعروف بابن اللحاس، العطار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 138 سمع من: جده أبي الحسن محمد، وعبد الله بن عطاء الهروي الإبراهيمي، وطراد الزينبي، والحسين بن محمد بن الحسين السراج، وغيرهم. وأجاز له أبو القاسم بن البسري. وهو آخر من روى عن هؤلاء المسمين. وقد سمع من جده سنة ثمان وسبعين، من أحمد بن علي البادي في حياة أبي نصر الزيني. وقد روى الكثير عن ابن لبسري بالإجازة. وكان يمكنه أيضاً السماعي منه، فإنه ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة، وتوفي في تاسع عشر ربيع الآخر وله أربع وتسعون سنة. روى عنه: أبو سعد السعماني، ويوسف بن المبارك البيع، وعبد الرحمن بن إسماعيل بن السمنذي، وعمر بن عيسى البزوري، وعبد الغني بن عبد العزيز بن البندار، وأبو بكر محمد بن المبارك المستعمل، وأفضل بن المبارك الشكناني، محمد بن أبي البركات بن معنين، وأبو بكر محمد بن الحسن ابن البواب الأمين، وأبو المنجا بن التي، والأنجب بن أبي السعادات الحمامي، ومحمد بن محمد بن الحسن السماك، واحمد بن يعقوب المارستاني، وغيرهم. قال ابن الدبيثي: ثقة، صحيح السماع.) وقال ابن النجار: كان شيخاً صالحاً، عفيفاً، صدوقاً، ظريفاً، حسن الأخلاق، لطيفاً حدث بالكثير، رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 139 محمد بن أبي القاسم بن بابجوك. زين المشايخ أب الفضل الخوارزمي، البقال النحوي، المقلب بالأدمي، لحفظه كتاب الأدمي في النحو. قال لنا أبو العلاء الفرضي: ذكره الحافظ محمود بن محمد بن أرسلان الخوارزمي في تاريخ خوارزم فقال: كان إماماً، حجة في العربية، أخذ عن الزمخشري، وخلفه في حلقته، وصنف كتاب شرح السماء الحسنى، وكتاب أسرار الأدب وافتخار العرب، وكتاب مفتاح التنزيل، وكتاب الترغيب في العلم، وكتاب كافي التراجم بلسان الأعاجم، وكتاب الأسمى في سرد الأسما، وكتاب أذكار الصلاة والهداية في المعاني والبيان، وكتاب إعجاز القرآن، وكتاب مياه العرب، وكتاب تفسير القرآن، وغير ذلك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 140 وقد سمع في الكهولة من عمر بن محمد بن حسن الرغولي، غيره. توفي بجرجانية خوارزم في شهر جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين، وله نيف وسبعون سنة. المبارك بن علي بن محمد بن علي بن خضير. أبو طالب الصيرفي، البغدادي. قال أبو سعد في الذيل: سمع الكثير بنفسه ونسخ. وله جد في السماع والطلب على كبر السن. وهو جميل الأمر سديدي السيرة. سمع: أبا سعد بن خشيش، وأبا الحسن بن العلاف، وأبا الغنائم بن النرسي، وأبا القاسم الرزاز، وأبا الحسن بن مرزوق، وأبا طالب اليوسفي، وخلقاً يطول ذكرهم. ورحل إلى دمشق وسمع بها: أبا الحسن بن المسلم، وهبة الله بن الأكفاني، وغيرهما. وخرج له أبو القاسم الدمشقي جزءاً عن شيوخه. وقال سمعت مه، وسمع منس، وسألته عن مولده فقال: سن ثلاث وثمانين وأربعمائة بالكرخ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 141 وقال ابن الدبيثي: حدث بالكثير، وثنا عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وابن الأخضر، وأبو طالب الهاشم، غيرهم. وكان ثقة. قلت: روى عنه أيضاً: الحافظ عبد الغني، وابن قدامة، ومنصور بن المعوج، وأحمد بن أبي الفتح بن لمعز الحراني، وعدة.) وأجاز لابن مسلمة. توفي في ثالث عشر ذي الحجة رحمه الله تعالى. المبارك بن المبارك بن صدقة. أبو الفضل البغدادي، والسمسار، الخباز. سمع: أبا عبد الله بن طلحة النعالي، وطراد بن محمد الزيني. روى عنه: عمر بن علي بن أحمد الزيدي، وأحمد بن أحمد البزاز، وعمر بن جابر، والحافظ عبد الغني، وابن قدامة. وأجاز للرشيد بن مسلمة. وتوفي رمه الله تعالى في تاسع عشر ربيع الآخر، وله إحدى وتسعون سنة. محمود بن محمد بن هبيرة. الخطيب أبو غالب، أخو الوزير عون الله. روى عن ابن الحسين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 142 وكان زاهداً عابداً، يخطب بقربته. توفي في شعبان. وقد حدث. مسعود بن الحسن بن القاسم بن الفضل بن أحمد بن أحمد بن محمود بن عبد الله بن إبراهيم. الرئيس المعمر، أبو الفرج بن أبي محمد بن الرئيس المعتمد أبي عبد الله الثقفي، الإصبهاني. مسند الوقت، ورحلة الدينا. كان شيخاً حسناً، رئيساً، جليللاً ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وأجاز له الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب، وأبو الغنائم عبد الصمد بن المأمون، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وغيرهم في سنة ثلاث وستين من بغداد على نقله أبو الخير عبد الرحيم بن محمد بن موسى. وأتهم أبو الخير، وكذبه في ذلك الحافظ أبو موسى المديني. نقله ابن النجار. وسمع من: جده، وأبي عمر بن مندة، وأبي عيسى بن زيادة، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، ومحمد بن أحمد السمسار، وإبراهيم بن محمد الطيان، وسهل بن عبد لله بن علي العلوي، وأبي نصر محمد بن عمر بن تانه، وأبي الخير محمد بن أحمد بن ررا، وسليمان بن إبراهيم الحافظ،) وغانم بن عبد الواحد، وأحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد، وطائفة سواهم. وخرجت له الفوائد في تسعة أجزاء. وطال عمره حتى أحلق الصغار بالكبار. وتفرد في الدنيا عن كثير من شيوخه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 143 روى عنه خلق، منهم: محمد بن يوسف الآملي، عبد الله بن أبي الفرج الجبائي، والحسين بن محمد الجرباذقاني، وعبد الأول بن ثابت المديني، وعبد القادر الرهاوي، وعبد الملك بن محمد المديني، ومحمد بن إبراهيم الإصبهاني كلين، ومحمد بن علي الحنبلي الحافظ، ومحمود بن محمد الحداد، أبو الوفا محمود بن مندة. وبالإجازة: أبو المنجا بن التي، وكريمة وأختها صفية. ولو عاش أحد من أصحابه من نسبة ما عاش هو بعد شيوخه لبقي إلى بعد الخمسين وشتمائة. توفي يوم الإثنين غرة رجب، وله مائة سنة. وآخر من روى عنه بالإجازة: عجيبة بنت أبي بكر الباقداري. قال السمعاني. لم يتفق أن أسمع منه شيئاً لاشتغالي بغيره، وما كانوا يحسنون الثناء عليه، والله يرحمه وقد حدثني محمد بن عبد الرحمن الفيج أنه قرأ على الرئيس أبي الفرج جميع تاريخ الخطيب في سنة ستين وخمسمائة. وكتب إلي بالإجازة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 144 4 (الهاء) هبة الله بن الحسن بن هلال. أبو القايم الدقاق. أسند ن بقي ببغداد، وكان يسكن الظفرية. سمع: عاصم بن الحسن العاصي البانياسي، الخطيب أبا الحسن الأنباري، وغيرهما. ولد سنة إحدى وسبعين، وقيل: سنة ثلاث سبعين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: كان شيخاً لا بأس به، ظاهره الخير والصلاح. وروى عنه: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق وقال: هو، فيما أظن، أقدم مشايخنا سماعاً ومحمد بن عمر بن الذهبي، وإسماعيل بن باتكين الجوهرين وعبد اللطيف بن محمد القبيطي، وآخرون. وآخر من روى عنه بالإجازة: الرشيد بن مسلمة.) قال ابن مشق: توفي في تاسع عشر المحرم. 4 (الياء) يزيد بن عبد الجبار بن عبد لله بن أحمد بن أصبغ. أبو خالد الأموي، المرواني، القرطبي. من أولاد أصحاب الأندلس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 145 روى عن: أبيه، وأبي محمد بن عتاب، وعبد الجليل بن عبد العزيز المقرئ، وابن مغيث، وطائفة. وكان بصيراً بالقراءآت والعربية. أخذ عنه: أبو جعفر بن يحيى، وأبو القاسم بن بقي. وجلس للإقراء. وله مصنف في قراءة نافع رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 146 4 (وفيات سنة ثلاث وستين وخمسمائة)

4 (الألف) أحمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس. أبو العباس التجيبي، المرسي. أجاز له أبو داود سليمان بن أبي القاسم. وسمع من: والده، وأبي علي بن سكرة. وتفقه بأبي محمد بن أبي جعفر. قال الأبار: وكان فقيهاً حافظاً، مدرساً. ولي قضاء بلده، وثنا عنه أبو عمر بن عباد، وابنه محمد، وأبو محمد بن سفيان. وتوفي رحمه الله في حادي عشر ذي الحجة. أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 147 الباجسرائي أبو المعالي التاني. سكن بغداد. وسمع م: نصر بن البطر، والحسين بن بسري، وجعفر بن السراج، وأبي منصور الخياط، وثابت بن بندار، وجماعة.) وحدث بالكثير. روى عنه: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وأب طالب علي بن محمد الحاجب، ومحمد بن عماد الحراني، وعبد اللطيف بن القبيطي، وأبو إسحاق الكاشغري، وآخرون. روى عنه بالإجازة: الرشيد بن مسلمة. وقال ابن الجوزي: كان ثقة. وقال ابن الدبيثي: خرج إلى همذان لدين عجز عن وفائه فأقام بها يسيراً، ومات في رمضان. ولم يحدث بها. أحمد بن علي بن الرشيد أبي إسحاق إبراهيم بن الزبير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 148 القاضي الرشيد أبو الحسين الغساني الأسواني، الكاتب، الشاعر. من بيت رئاسة وتقدم في الديار المصرية. ذكره لسلفي فقال: ولي النظر بالإسكندرية بغير اختياره في سنة تسع وخمسين وخمسمائة، ثم قتل ظلماً وعدواناً في المرحم سنة ثلاث. وأما العماد الكاتب فقال فيه: الخضم الزاخر، والبحر العباب، قتله شاور ظلماً لميله إلى أسد الدين شيركوه. وكان أسود الجلدة، سيد البلدة، أوحد عصره في علم الهندسة، والرياضيات، والعلوم الشرعية، والآداب، والشعريات. فمن شعره: جلت لدي الرزايا بل جلت همميوهل يضر جلاء الصارم الذكر غيري يغيره عن حسن شيمتهصرف الزمان وما يلقى من الغير لو كانت النار للياقوت محرقة لكان يشتبه الياقوت بالحجر لا تغررن بأطمار وقيمتهافإنما هي أصداف على درر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 149 وسافر رسولاً من مصر إلى اليمن، فمدح جماعة من ملوكها، منهم على بن حاتم بقوله: لئن أجد بت أرض الصعيد وأقحطوافلست أنال القحط في أرض قحطان وقد كفلت لي مأرب بمآربيفلست على أسوان يوماً بأسوان وإن جهلت حقي زعانف خندففقد عرفت فضلي غطارف همدان فحسده الداعي لبني في عدن على ذلك، فكتب بالأبيات إلى بني عبيد، فكان سبب الغضب عليه. ثم أمسكه وقيده، وأنفذه إلى مصر، فقتله شاور.) وهو أخو المهذب الشاعر المذكور في سنة إحدى. أحمد بن عمر بن حسين بن خلف. الإمام المفتي، الواعظ، أبو العباس القطيعي، قطيعة باب الأزج.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 150 قال ابن الدبيثي: هو والد شيخينا محمد وعلي. صحب القاضي أبا يعلى محمد بن محمد ابن القاضي أبي يعلى، وتفقه عليه، وتكلم في الوعظ. وسمع: أبا الفرج بن يوسف، والفضل بن سهل الإسفرائيني، وابن الواغوني. سمع منه: ابنه محمد. وتوفي رحمه الله في رمضان وله إحدى وخمسون سنة. قال ابن النجار: تكلم في مسائل الخلاف، وكان حسن المناظرة. لازم أبا يعلى الصغير حتى برع في الفقه. وسمع: أبا منصور القزاز. أحمد بن محد بن أحمد بن أحمد بن رشد. الإمام أبو القاسم قاضي قرطبة. تفقه على والده، ولازمه طويلاً. وسمع من: أبي محمد بن عتاب وأجاز له: أبو عبد الله بن الطلاعي، وأبو علي الغساني. قال ابن البشكوال: كان خيراً، فاضلاً، عاقلاً، ظهر بنفسه وأبوته، محبباً إلى الناس، طالباً السلامة منهم، باراً بهم. توفي في رابع عشر رمضان. وولد سنة وثمانين وأربعمائة. أحمد بن محمد بن علي بن صالح. أبو المظفر الكاغدي، الوراق. بغدادي مشهور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 151 سمع: أبا بكر الطرثيثي، وأبا القاسم بن بيان، وأبا الخطاب بن الجراح، وأبا الحسين بن الطيوري، وأحمد بن قريش. روى عنه: أحمد بن طارق، وعبد العزيز الأخضر، وإبراهيم ب عثمان الكاشغري، وآخرون. توفي في رجب. وهو راوي مشيخة الفسوي.) أحمد بن المقرب بن الحسين بن الحسن. أبو بكر بن أبي منصور الكرخي، البغدادي. سمع: طراد بن محمد الزيني، ونصر بن البطر، وأبا طاهر بن سوار، وجعفر السراج، وابن طلحة النعالي، وجماعة. قال أبو سعد السمعاني: شيخ كيس متودد، سمعت منه أحاديث. قال: لي: ولدت ليلة عرفة سنة تسع وسبعين وأربعمائة. قلت: روى عنه: هو، وابن الجوزي، والحافظ عبد الغني، وموفق الدين المقدسي، وأبو علي أحمد بن المعز الحراني، والحسين بن علي ابن رئيس الرؤساء، وعبد اللطيف ابن القبيطي، وأبو بكر محمد بن سعيد بن الخازن، وطائفة سواهم. توفي في ذي الحجة. وأجاز لغير واحد. وأثنى عليه الحفاظ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 152 ووثقه ابن الجوزي. قال ابن النجار: سمع بنفسه من جعفر السراج، وابن الطيوري، وكتب بخطه، وحصل. وكان صدوقاً متواضعاً. ربما حدث من لفظه. وكانت له أصول. ثنا عنه أبو احمد بن سكينة، وابن الأخضر، وأبو الفتوح بن الحصري. وقال غيره: قرأ القراءآت، وتفقه على مذهب الشافعي، وتصوف. توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة. أحمد بن هبة الله بن عبد القادر بن المنصور. الهاشمي، أبو العباس. بغدادي شريف. روى عن علي بن عبد الواحد الدينوري. التنتاش بن كمشتكين. أبو منصور المظفري الصوفي. ذكر أنه سمع من: جعفر السراج.) حدث عن: أبي طاهر بن يوسف. وعنه: عبد الله بن أحمد الخباز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 153 عاش ثمانين سنة. الأغر بن عبد السيد. أبو الفضل السلمي الحاجب. سمع منه: عمر بن علي القرشي، وأحمد بن طارق. توفي في صفر ببغداد. 4 (الياء) بندار بن سعد. أبو النجم بن الأشقر الأزجي. روى عن: أبي عثمان بن ملة. روى عنه: أبو الفتوح محمد بن علي الجلاجلي، وغريه. وعاش ثلاثاً وثمانين سنة. 4 (التاء) تركناز بنت عبد الله بن محمد بن علي بن الدامغاني. أخت جعفر. من بيت قضاء ورئاسة ببغداد. سمعت: أبا عبد الله بن طلحة النعالي. روى عنها: ابن السعماني، وعمر بن علي القرشي، ومحمد بن محمد بن أبي حرب النرسي، وسعيد بن محمد بن ياسين، وعيرهم. توفيت في ربيع الآخر. تمني بنت علي بن محمد بن عليان البواب البغدادي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 154 تدعى ست القضاة. روت عن: أبي القاسم الربعي. وعنها: عمر القرشي، وعلي الزيدي، وأبو الفتوح بن الحصري.) 4 (الجيم) جعفر بن أحمد بن علي بن المجلي. أبو الفضل بن أبي السعود. بغدادي، من أولاد الشيوخ. سمع: أباه، وأبا القاسم بن بيان. روى عنه: ابن السمعاني فيما أحسب، وعبد العزيز بن الأخضر. وتوفي رحمه الله في ذي الحجة. جعفر بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد. الثقفي، الكوفي الأصل، قاضي القضاة أبو البركات ابن قاضي القضاة أبي جعفر. ولي أبوه قضاء العراق سنة خمس وخمسين فاستناب ولده هذا، ثم توفي بعد أشهر، فولي مكان والده في صفر سنة ست. فلما مات الوزير عون الدين سنة ستين ناب أبو البركات في الوزارة مضافاً إلى قضاء القضاة، وهذا أمر فظيع كما ترى. فلما قدم أبو جعفر أحمد بن البلدي من واسط في صفر سنة ثلاث وستين قلد الوزارة. سمع أبو البركات من: أبي القاسم بن الحصين، وهبة الله بن الطبر، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 155 سمع منه: أبو المحاسن القرشي، وغيره. وتوفي في جمادى الآخرة، وله ست وأربعون سنة. ذكره ابن الدبيثي، وغيره. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان سبب موته أنه طولب بمال أخرجه عليه رجل من أهل الكوفة، فضاق صدره وأشرف على بيع عقاره، وكلنه الوزير ابن البلدي بكلمات خشنة فقاء الدم ومات. وكان جده أبو الحسين قاضياً. جوهر بن لولو الإسكندري المقرئ. قال الحافظ ابن المفضل: عنده الطرطوشي، وابن الخطاب. سمعنا منه رحمه الله تعالى. 4 (الحاء) ) الحسين بن علي بن حماد. أبو القاسم الجبائي. من كبار الحنابلة. وجبا: من قرى السواد. وهو أخو المقرىء دعوان. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وأبي النرسي. روى عنه: أبو محمد بن الأحضر، وغره. توفي في المحرم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 156 قال ابن النجار: نا عنه ابن الحصري وكان فقيهاً ورعاً كثير العبادة، منقطعاً، تفقه على أبي الخطاب. الحسين بن محمد بن حسين بن علي بن عريب. الإمام أبو علي الأنصاري، الطرطوشي، المقرئ. أخذ القراءآت بطرطوشة عن أبي محمد بن مؤمن، وبسرقسطة عن ابن الوراق. وتفقه بقاضي طرطوشة أبي العابس بن مسعدة. وتادب على جماعة. وأخذ القراءآت أيضاً على أبي سكرة، وأبي الحسن، وغير واحد. وكان قد حمل القراءآت عن أبي طاهر بن سوار، وغيره. وسمع أدب الكاتب لابن قتيبة بطرطوشة، من أبي العرب الصقلي الشاعر، بقراءته عليه، ورواه بعلو عن أبي عمر بن عبد البر. وأجاز له أبو محمد بن عتاب، وغير واحد. وتصدر للإقراء ببلده، والخطابة. وأقرأ بجامع المرية، فلما دخلها الفرنج استوطن مرسية وتصدر بها للإقراء، قدم للخطابة. قال ابن الأبار: انفرد في وقته بطريقة الإقراء، وأخذ الناس عنه، وكانت له حلقة عظيمة، وكان من فضائله متواضعاً، لين الجانب. وكان رجلاً صالحاً. ثنا عنه: أبو الخطاب بن واجب، وأبو محمد بن غلبون. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وتوفي بمرسية في ذي القعدة. قال: وكانت جنازته مشهودة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 157 حيدرة بن أبي البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن حمزة.) أبو المناقب العلوي، الحسيني، الزيدي، الكوفي. سمعه والده من: طراد الزيني، وغيره ببغداد وأبي البقاء الحبال، وغيره بالكوفة. وقد ذكره أبو سعد السعماني فقال: كتبت عنه بالكوفة، وسمعت أنه يعظ بها، وكان الناس يستبردون وعظه. وكان يدعي معرفة النحو واللغة. قلت: وروى عنه: أبو نصر محمد بن محمد الكاتب، والحافظ عبد الغني، والشيخ موفق الدين وآخرون. توفي بالكوفة في ذي الحجة. قال الشيخ الموفق: قدم علينا من بغداد وروى لنا عن طراد مجلسين من أماليه. قلت: وآخر أصحابه بالإجازة الرشيد بن مسلمة. 4 (الخاء) الخضر بن الفضل بن عبد الواحد. أبو طاهر الإصبهاني الصفار، المعروف برجل. ذكره ابن السمعاني في الذيل، وقال: أجاز له أبو عمرو بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 158 مندة، وإسماعيل بن مسعدة بن الإسماعيلي، وأبو إسحاق الطيان. كتب إلي بالإجازة في سنة خمس وأربعين. قلت: روى عنه عبد القادر الرهاوي، وجماعة. وأجاز للحافظ عبد الغني، ولابن قدامة، ولابن التي، وحدثوا عنه بالإجازة. وهو آخر من حدث بالإجازة عن المذكورين. توفي في ثالث عشر جمادى الأولى. قاله عبد الرحيم الحاجي. 4 (السين) سعد الله بن محمد بن علي بن طاهر. أبو الحسن البغدادي، الدقاق، المقرئ. قرأ القراءآت على ماعة، وأقرأ مدة. وروى عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وعبد المنعم بن القشيري، وهبة الله بن عبد الواسطي. وولد سنة ست وثمانين وأربعمائة.) روى عنه: عبد الوهاب بن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر، والشيخ الموفق، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 159 قال عمر بن علي القرشي: كان جالساً في مسجده بدرب السلسة يقرئ فمال ووقع ميتاً، وذلك في ربيع الآخر. قلت: أجاز للرشيد بن مسلمة، ولجماعة. سعد بن أحمد بن إسماعيل. أبو الفتوح الإسفرائيني، الصوفي. قال الدبيثي: قدم بغداد في صباه، وأقام برباط إسماعيل بن أبي سعد. وسمع من: أبي عبد الله الحميدي، وأبي الفواري طراد الزينبي. ثم صار إلى واسط، وسكن قرية عبد الله، تحت واسط بفرسخين، يخدم الفقراء برباط بها إلى أن مات. حدث بواسط. وثنا عنه: موهوب بن المبارك المقرئ، وأبو الفتح المندائي، وأبو طالب بن عبد السميع، وإبراهيم. وتوفي في صفر وله تسعون سنة. 4 (الشين) شاكر بن علي بن أحمد بن علي بن محمد. أبو الفضل الأسواري، الإصبهاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 160 سمع: أبا بكر محمد بن عزيزة، وأبا مطيع محمد بن عبد الواحد، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله السوذرجاني، وأبا العلاء محمد بن عبد الجبار الفرساني، وفضلان بن عثمان القيسي، وأبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، وجده أحمد بن علي الأسواري، وجماعة. وسمع جامع الترمذي من أبي الفتح الحداد. وروى عنه جماعة وروى عنه بالإجازة ابن التي، وكريمة. توفي في أواخر رمضان. 4 (الضاد) الضحاك بن سليمان بن سالم. أبو الأزهر الأنصاري، الأديب الشاعر.) قرأ القرآن على: أبي بكر محمد بن الخضر خطيب المحول. وشعره جيد مليح.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 161 4 (العين) عبد الله بن علي بن عبد الله بن عبد الرحمن. أبو محمد الطامذي، الإصفهاني، المقرئ. وطامذ: مكان بإصبهان. شيخ عالم، زاهد، معمر، عالي الرواية. رحل وسمع: أبا عبد لله النعالي، وابن البطر، وطراد بن محمد، وأبا الحسنين أيوب البزاز، وجعفر بن محمد العباداني، وأبا العباس بن أشته، وأبا نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وجماعة. وقرأ الحديث بنفسه على العباداني، وخرج له الطلبة. حدث عنه: محمد بن مكي الحنبلي، وعبد القادر الرهاوي، ومحمد بن أبي غالب شعرانة، ومحمد بن محمود الرويدشتي، وغيرهم. وبالإجازة: كريمة القرشية. وغلط أبو الفتح الأبيوردي فقرأ على إسماعيل بإجازته من الطامذي، ولم يدركه. توفي في العشرين من شعبان من سن عالية، رحمه الله تعالى. عبد الله بن موسى بن سليمان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 162 أبو محمد بن برطلة المرسي. سمع سنة عشر وخمسمائة من صهره أبي علي بن سركة. ورحل وسمع: أبا عبد الله بن الخطاب الرازي، وأبا بكر الطرطوشي. وولي إمامة جامع مرسية. وكان فاضلاً متواضعاً. أخذ عنه: أبو عمر بن عياد، وهو من جلة شيوخه. وتوفي وله اثنتان وثمانون سنة. 4 (عبد الخالق بن أسد.) قيل: توفي آخر السنة. وهو في العام المقبل.) عبد الرحمن بن علي بن علي بن سكينة. كان أسن من أخيه عبد الوهاب. سمع: أبه، وجده لأمه إسماعيل بن أبي سعد، وابن الحصين، وزاهر بن طاهر. وتوفي بحلب كهلاً. عبد الرحيم بن رستم. أبو الفضائل الزنجاني الفقيه، والشافعي. تفقه ببغداد على: أبي منصور سعيد بن الرزاز وقدم دمشق، ودرس بالمجاهدية ثم بالغزالية. وولي قضاء بعلبك، ولم يزل بها حتى قتل شهيداً. قال ابن عساكر: كان عالماً بالمذهب والأصول وعلوم القآن، شديداً على المخالفين، ويعني الحنابلة، وله شعر جيد. قتل ببعلبك في ربيع الآخر، وحمل إلى دمشق فدفن بها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 163 عبد السيد بن أبي القاسم علي بن العلامة أبي نصر بن الصباغ بغدادي. من بيت العلم والعدالة. سمع: ابن بيان، وابن نبهان. وحدث. روى عنه: عمر بم علي الدمشقي في معجمه. عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 164 الشيخ أبو النجيب الشهروردي، الصوفي، الواهد، الواعظ، الفقيه. الشافعي. سمع: أبا علي بن نبهان، وزاهر بن طاهر، والقاضي أبا بكر الأنصاري، وجماعة. وكان يحضر المشايخ عنده، وسمع الناس بإفادته. وتحصل الأصول والنسخ، ويعظ الناس في مدرسته. ذكره ابن النجار فقال: كان مذهبه في الوعظ اطراح الكلفة وترك التسجيع. وبقي مدة سنتين يستقي بالقربة على ظهره بالأجرة ويتقوت بذلك، ويقوت من عنده من الأصحاب. وكان له خربة على دجلة بأوي هو وأصحابه إليها يحضر عنده الرجل والرجلان والجماعة إلى ا، اشتهر اسمه وظهر، وصار له القبول عند الملوك، فكان السلطان يزوره، والأمراء. فبنى تلك الخربة رباطاً، وبنى إلى جانبها مدرسة، فصار رحمة لمن لجأ إليه من الخائفين يجير) من الخليفة والسلطان. ثم ولي التدريس بالنظامية سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وعزل عنها بعد سنتين وأملى مجالس، وصنف مصنفات. وقال: حملني عمي إلى الشيخ أحمد الصياد، وكان يأكل من الصيد، وكان مؤآخياً للشيخ أحمد العريبي. ثم قدم أسعد الميهني وولي تدريس لنظامية. قال ابن النجار: فصحبه الشيخ أبو النجيب واشتغل عليه اشتغالاً جيداً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 165 ثم صحب الشيخ أحمد الغزالي الواعظ، وسلكه، وجرت له أحوال ومقامات. كتب عنه أبو سعد السمعاني وأثنى عليه كثيراً، قال في الذيل: هبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه واسمع عبد الله بن سعد بن الحسن بن القاسم بن علقمة بن النضر بن معاذ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، من أهل سهرورد. سكن بغداد، وتفقه في النظامية زماناً، ثم هب له نسيم الإقبال والتوفيق فدله على الطريق، وانقطع عن الناس مدة مديدة، ثم رجع ودعا إلى الله، ورجع جماعة كثيرة بسببه إلى الله وتركوا الدنيا، وبنى رباطاً لأصحابه على الشط، وسكنه جماعة من الصالحين من أصحابه. حضرت عنده يوماً فسمعت من كلامه ما انتفعت به. وكتبت عنه وسألته عن مولوده فقال: تقديراً في سنة تسعين وأربعمائة بسهرورد. وقال عمر بن علي القرشي: أبو النجيب إمام من أئمة الشافعية، علم من أعلام الصوفي، ذكر لي أنه دخل بغداد، سنة سبع وخمسمائة، وسمع من ابن نبهان غريب الحديث لأبي عبيد، وتفقه على اسعد الميهني، وعلق التعليق وقرأ المذهب وتأدب على الفصيحي. ثم آثر الانقطاع وسلوك الطريق، فخرج على التجريد حافياً إلى الحج في غير وقته، وجرت له قصص. وسلك طريقاً وعراً في المجاهدات. ودخل إصبهان، وانقطع إلى أحمد الغزالي، فأرشد إلى الله تعالى بواسطة الذكر، ففتح له الطريق، وجال في الجبال.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 166 ودخل بغداد فصحب الشيخ حماد الدباس، شرع في دعاء الخلق إلى الله تعالى، فأقبل عليه الناس إقبالاً كثيراً، وصار له قبول عظيم. وتبعه جماهة، وصلح بسببه أمة صاروا سرجاً في البلاد وأئمة هدى. وبنى مدرسة ورباطين، ودرس وأفتى، وولي تدريس النظامية وحدث. ولم أرله أصلاً يعتمد عليه بسماعه غريب الحديث.) وقال ابن النجار: أنبأنا يحيى بن القاسم التكريتي: نا أبو النجيب قال: كنت أدخل على الشيخ حماد ويكون قد اعتراني بعض الفتور عما كنت عليه من المجاهدة فيقول: أراك قد دخلت علي وعليك ظلمة، فأعلم بسبب ذلك كرامة الشيخ فيه. وكنت أبقى اليومين والثلاثة لا أستطعم بزاد، وكنت أنزل إلى دجلة فأتقلب في الماء ليسكن جوعي، حتى دعتني الحاجة إلى أن اتخذت قربة وأستقي بها الماء لأقوام، فمن أعطاني شيئاً أخذته، ومن لم يعطني لم أطالبه. ولما تعذر ذلك في الشتاء علي خرجت يوماً إلى بعض الأسواق، فوجدت رجلاً بين يديه طبرزد، وعنده جماعة يدقون الأرز، فقلت: هل لك أن تستأجرني فقال: أرني يديك. فأريته فقال: هذه يد لا تصلح إلا للقلم. ثم ناولني قرطاسياً فيه ذهب، فقلت: ما آخذ إلا أجرة عملي، فإن كان عندك نسخاً تستأجرني في المسخ وإلا انصرفت. وكان رجلاً يقظاً، فقال: اصعد. وقال لغلامه: ماوله تلك المدقة. فناولني، فدققت معهم وليس لي عادة، وصاحب الدكان يلحظني. فلما عملت ساعة قال: تعال. فجئت إليه فناولني الذهب وقال: هذا أجرتك. فأخذته وانصرفت. ثم أوقع الله في قلبي الاشتغال بالعلم، فاشتغلت حتى أتقنت المذهب للواحدي. وسمعت كتب الحديث المشهورة. وقال ابن عساكر في تاريخه: ذكر أبو النجيب لي أنه سمع بإصبهان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 167 من أبي علي الحداد، واشتغل بالزهد والمجاهدة مدة، واستقى الماء بأجرة ثم اشتغل بالتذكير وحصل له قبول، وولي تدريس النظامية وأملى الحديث. وقدم دمشق سنة ثمان وخمسين عازماً على زيادة بيت المقدس، فلم يتفق له لانفساخ الهدنة بين المسلمين والفرنح، فحدث بدمشق ووعظ بها. قلت: روى عنه: أبن عساكر، وابنه القاسم، وابن السمعاني، وأبو أحمد بن سكينة، وأبو طالب عبد السميع، وابن أخيه الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي، وزين الأمناء أبو البركات، وطائفة. وقال ابن مشق في الوفيات: في سنة ثلاث هذه توفي أبو النجيب عبد القاهر السهروردي الكردي الواعظ، ومولده سنة تسعين وأربعمائة. وقال ابن الجوزي: توفي في جمادى الآخرة، ودفن بمدرسته. وقال الدبيثي: حدثنا عنه جماعة، ووصفوه بما يطول شرحه من العلم والحلم والمداراة) والسماحة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 168 عبد القاهر بن محمد بن عبد الله بن بحيى بن الوكيل. المعدل أبو الفتوج. ولي الحسبة بالجانب الغربي. وسمع من: أبيه أبي البركات، وأبي الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبي بكر بن سوسن. روى عنه: عمر بن طبرزد، والحافظ عبد الغني. وتوفي في ذي القعدة وله اثنتان وثمانون سنة. علي بن بكتكين بن محمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 169 الأمير علي كوجك التركماني، وهو زين الدين صاحب إربل. أحد البطال الموصوفين، والفرسان المذكورين. وكوجك معناه: لطيف القد لقب بذلك لأنه كان قصيراً. وكان معروفاً بالقوة المفرطة والشهامة. وكان ممن حاصر المقتفي. لأمر الله وخرج عن الطاعة، ثم طلب العفو وحسنت طاعته. وحج هو وأسد الدين شيركوه، وكان من أكبار الدولة الأتابكية. عمل نيابة الموصل مدة، وطال عمره. وقال ابن الأثير: فارق زين الدين علي خدمة صاحب الموصل قطب الدين مودود، وسار إلى إربل. وكان هو الحاكم في الدولة، وأكثر البلاد بيده، منها إربل، وفيها بيته وأولاده وخزائنه، ومنها شهرزور وقلاعها، وجميع بلد الهكارية وقلاعه كالعمادية، والحميدية، وتكريت، وسنجار، وحران، وقلعة الموصل. وكان قد أصباه طرش، وعمي أيضاً. فلما عزم على مفارقة الموصل إلى إربل سلم جميع ما بيده من البلاد إلى مودود، سوى إربل. وكان شجاعاً، عادلاً، حسن السيرة، سليم القلي، ميمون النقيبة، لم ينهزم في حرب قط، وكان جواداً، كثير العطاء للجند وغيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 170 مدحه الحيص بيص بقصيدة، فلما أراد أن ينشده قال: أنا ما أعرفك ما تقول، ولكن أعرف ما) تريد. إنه يريد شيئاً. وأمر له بخمسمائة دينار وفرس وخلعة. ولم يزل بإربل إلى أن مات بها هذه السنة. ولما فارق قلعة الموصل وليها الخادم فخر الدين عبد المسيح مملوك أتاب زنكي. قال ابن خلكان: توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وستين. قال: ويقال إنه جاوز المائة وهو والد مظفر الدين. علي بن الحسن بن سلامة. المنبجي، ث البغدادي. أخو أحمد ويحيى. روى عن: أبي القاسم بن بيان. وتوفي في صفر. علي بن عبد الرحمن بن محمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 171 أبو الحسن ابن تاج القراء الطوسي، ثم البغدادي. سمع جزء البانياسي منه. وسمع من: يحيى بن أحمد السيبي، وأبي بكر الطريثيثي، وغيرهما. وقال الشيخ الموفق: سمعنا مه جزءين يرويهما عن البانياسي. وقال ابن السمعاني: كان صوفياً خدم المشايخ وتخلق بأخلاقهم. طلبته عدة نوب فما صدفته. وهو أخو شيخنا يحيى. قلت: روى عنه: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وجماعة آخرهم موتاً أبو إسحاق الكاشغري. وآخر من روى عنه بالإجازة الرشيد بن مسلمة. وقال ابن مشق: توفي في صفر رحمه الله تعالى. علي بن عبد الرحمن بن مبادر. أبو الحسن الأزجي الفقيه الشافعي. قاضي واسط. كان من كبار الشافعية. ذكر ابن الدبيثي أنه توفي في هذه السنة، وهو أخو أحمد. وقد ولي قضاء ربع الكرخ، ثم عزل وسجن إلى أن مات في ربيع الأول. عمر بن بنيمان بن عمر بن نصر.) أبو المعالي البغدادي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 172 قال ابن الدبيثي: شيخ ثقة، صدوق. سمع: أبا عبد الله بن البسري، وثابت بن بندار، وأبا غالب البلاقاني، وأبا علي البرداني، وجماعة. سمع منه: إبراهيم بن محمود الشعار، وأبو الحسن الربذي، وعمر بن علي القرشي، وعبد العزيز بن الأخضر. وتوفي في رجب. قلت: روى عنه: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وابن اللتب، وجماعة. قال ابن النجار: كان صادقاً، صالحاً متديناً. 4 (القاف) القاسم بن علي بن الحسين بن محمد بن علي. أقضي القضاة أبو نصر ابن قاضي القضاة أبي القاسم بن نور الهدى الهاشمي، الزينبي، والعباسي، البغدادي، الفقيه الحنفي. قال ابن الدبيثي: تولى هذا أقضى القضاة شرقاً وغرباً سنة ست وخمسين. وناب في الحكم عنه ببغداد أبو الخير مسعود اليزدي. وتوفي قبل أن يتكهل في المحرم. قلت: ولد سنة تسع وعشرين. وسمع من قاضي المرستان ونحوه. وكان من صلاح زمانه، وله أدب، وشعره، وخط منسوب، ومعرفة بالمذهب، ويلقب بعلاء الدين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 173 ذكره ابن النجار. عاش أربعاً وثلاثين سنة. 4 (الميم) محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حمدي. أبو الفرج أخو الشيخ أبي المظفر أحمد. شيخ صالح عابد، قانت، قرأ القراءآت على: أبي منصور بن خيرون وسبط الخياط. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وابن البناء، وجماعة.) سمع منه: أحمد بن صالح الجيلي، وعلي بن أحمد الزيدي. وكان يسرد الصوم رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد بن عمران بن عبد الرحمن بن محمد بن عمران بن نمارة. أبو بكر الحجري البلنسي، من ولد حجر التميمي، والد أوس الشاعر. انتقل أبو بكر من بلنسية مع والده سنة سبع وثمانين وأربعمائة عند أخذ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 174 الروم، لعنهم الله، بلنسية. فنشأ بالمرية. ونقلت من خطه على نسختي التيسير: قرأ علي فلان هذا الكتاب، وأخبرته به عن الفقيه المشاور أبي بكر بن البطي، وأبي القاسم بن العربي، كلاهما عن مؤلفه. قلت: وقد قرأ على أبي الحسن البرجي. وسمع من: أبي علي الصدفي، وعباد بن سرحان، وعبد القادر بن الخياط وصحب الشيخ أب العباس بن العريف. ورحل إلى قربطة سنة ست وخمسمائة، فأخذ القراءآت عن أبي القاسم بن النحاس، وعليه اعتمد لعلو روايته التي ساوى بها في بعض الطرق أبا عمرو الداني. وسمع مه، ومن: أبي بحر بن العاص، وأجاز له أبو عبد الله الخولاني. وعاد إلى بلنسية لما تراجع أمرها، فأخذ علم العربية عن أبي محمد البطليوسي. وتفقه بأبي القاسم بن الأشقر السرقسطي. وتصدر للإقراء مع كثرة علومه ورئاسته. وصنف شرحاً لمقدمة ابن بابشاذ. قال الأبار: ثنا عنه غير واحد، وهو آخر من تلا بالروايات على ابن النحاس. وتوفي في شعبان، وصلى عليه ابن النعمة. وكانت جنازته مشهودة. وعاش ثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 175 قلت: عاش بعده يحيى بن سعدون القرطبي نزيل الموصل، وهو ممن قرأ بالروايات على أبي القاسم بن النخاس. محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم بن خلال. أبو الحسن بن الصابيء البغدادي. من بيت كتابة وفضيلة وأدب. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.) وسمع: أبا عبد الله النعالي، أبا عبد الله بن البسري، وأبا غالب الذهلي. قال ابن الدبيثي: كان ثقة، صحيح السماع. سمع منه: أبو المحاسن القرشي، وأبو بكر بن مشق، وأحمد بن أحمد الشاهد، وغيرهم. وأجاز للرشيد بن مسلمة، وغيرهم. وتوفي في ربيع الأول. محمد بن عبد الرزاق بن يوسف. أبو عبد الله الكلبي الإشبيلي. روى عن: أبي القاسم الهوزني. وصحب أبا بكر بن العربي مدة طويلة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 176 ورحل قديماً ولقي: أبا بكر الطرطوشي، ومحمد بن أحمد الرازي، وأبا الحسن بن مشرف، والسلفي. قال ابن بشكوال: انفرد برواية الكامل لابن عدي. وقد قرأت عليه بعضه، وناولنا جميعيه. وكان فاضلاً، ديناً، يتيماً، عالماً بما يحدث. استقضاه شيخنا أبو بكر على مدينة باجة، ثم استعفاه فأعفاه. ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وتوفي في سادس عشر جمادى الآخرة. محمد بن عبد الرشيد بن ناصر. أبو الفضل الرجائي، والإصبهاني، الواعظ، الزاهد. أصله من سرخس. حدث ببغداد وإصبهان عن: جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ. وكان إماماً، زاهداً، ورعاً، كبير القدر. له في بلده قبول زائد وأصحاب ومريدون. ذكره الحافظ عبد القادر في أعيان مشايخه فقال: تفقه على الجرستمي، وكان زوج أمه. وكان زاهداً ورعاً، طويل الصمت، ضحوك السن في سكينة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 177 ووقار. مات كهلاً في طريق مكة. وقال غيره: ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة. ومات بالحلة السيفية في ذي القعدة، ودفن بها) رحمه الله. محمد بن عبد المتكبر بن حسن بن عبد لودود بن المهتدي بالله. من بيت الخطابة والقضاء والرواية. كان خطيب جامع المنصور. روى عن: أبي السعود أحمد بن المجلي. وكنيته: أبو علي. ولم يسمع على قدر سنه، فإنه ولد سنة. توفي في رمضان. محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن ياسر. أبو بكر الأنصاري، الجياني، والأندلسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 178 قال: ولدت بجبال جيان في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وقدم دمشق وله نيف وعشرون سنة، ففتح مكتباً عند قنطرة سنان. وتفقه على أبي الفتح نصر الله المصيصي. قال الحافظ ابن عساكر: ثم زاملني إلى بغداد، وسمع من: ابن الحصين. وسمع بدمشق من جمال الإسلام. ودخل بعد العشرين إلى نيسابور، فسمع بها من أبي القاسم سهل بن إبراهيم المسجدي، وأدرك بمرو أبا منصور محمد بن علي الكراعي، وسمع منه. وسمع ببلخ من: عثمان بن محمد الشريك. وسمع صحيح مسلم من الفرواي. روى عنه: أبو المظفر بن السمعاني، وأبو الفتوح بن الحصري، والقاضي بهاء الدسن يوسف بن شداد، وأبو حفص عرم بن قشام، وأبو محمد ابن الأستاذ. أقام مدو بالموصل، ثم قدم حلب وولي خزانة الكتب بها. قال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي بكر الجياني: كنت مشتغلاً بالجدل والخلاف، مجداً في ذلك، فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم كأنه قد جاءني وقال لي: قم يا أبا بكر. فلما قمت تناول يدي فصافحني، قم ولى وقال لي: تعال خلفي. فتبعته نحواً من عشر خطوات وانتبهت. قال: فأتيت شيخنا أبا طالب إبراهيم بن هبة الله الدياري الزاهد، فقصصت عليه، فقال لي: يريد منك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تترك الخلاف وتشتغل بحديثه إذ قد أمرك بأتباعه، فتركت الاشتغال بالخلاف، وكان أحب إلي من الحديث. وأقبلت على الحديث.) سئل الحصري عن الجياني فقال: شيخ حافظ، عالم بالحديث، وفيه فضل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 179 وقال بعض الحلبيين: مات في سابع ربيع الآخر بحلب، رحمه الله تعالى. المبارك بن المبارك بن زيد. أبو الكرم الكوفي المقرئ. عرف بابن الطبقي، نزيل بغداد. سمع: ثابت بن بندار، وأبا الحسن العلاف. وحدث. 4 (النون) ناصر بن الحسن بن إسماعيل. الشريف الخطيب، أبو الفتوح الحسيني، المصري، المقرئ. قرأ القراءآت على أبي الحسن علي بن أحمد ألابهري صاحب الأهوازي، وعلى أبي الحسين يحيى بن الفرج الخشاب وتصدر للإقراء. أخذ عنه جماعة منهم أبو الجود غياث بن فارس. وحدث عن: محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي، وأبي الحسين الخشاب، وابن القطاع اللغوي، وغيرهم. وكان مولده في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وتوفي بحمه الله يوم عيد الفطر. روى عنه بالإجازة: أبو الحسن بن المقدسي الحافظ، وعيسى بن عبد العزيز اللخمي، وغيرهما.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 180 وسمع منه جماعة من المصريين، وهو قليل الحديث. وكان قراءته بالروايات في سنة اثنتين وخمسين وبعدها. نعمة بن زيادة الله بن خلف. أبو عبيد الغفاري. توفي بالإسكندرية في هذا العام. وقد سمع صحيح البخاري على الشيخ أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي بمكة، بقراءته وقراءة غيره، إلا شيئاً يسيراً من آخر الصحيح، فإنه قرأه) بالإجازة. روى عنه: علي بن المفضل الحافظ، وقاضي الإسكندرية أبو القاسم عبد الرحمن بن سلامة القضاعي، وغيرهما. نفيسة بنت محمد بن علي. أخت أبي الفرج بن البزاز الخفاف البغدادي. وتسمى أيضاً فاطمة، والأول أشهر. سمعت من: طراد الزينبي، والحسين بن طلحة النعالي الحمامي، وغيرهما. سمع منها: أبو سعد السمعاني، وعمر بن علي القرشي. روى عنها: الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وأبو إسحاق إبراهيم الكاشغري، وجماعة. وتوفيت في ذي الحجة. قال الموفق: سمعت الكثير عن طراد، وطبقته. وكانت نظيرة شهدة في كثرة السماع وعلوه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 181 أنا ابن الفراء، وغيره أن الشيخ الموفق أخبرهم قال: قرئ على نفسية بنت محمد، وأنا أسمع: أخبركم أبو عبد الله بن طلحة، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو، أنا عباس بن محمد، ثنا يعلى بن عبيد، ثنا الأعمش، عن سفيان، عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يموت أحدكم إلا وهو حسن الظن بالله. ولابن مسلمة إجازة منها. 4 (الهاء) هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن عساكر. الفقيه صائن الدين أبو الحسن الدمشقي، الشافعي، أخو الحافظ أبي القاسم. قال أبو القاسم: ولد أخي في رجب سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وقرأ بالروايات على: أبي الوحش سبيع بن قيراط، وعلى أحم بن محمد بن خلف الأندلسي مصنف المقنع في القراءآت، وهو من أصحاب أبي الحسين يحيى بن الفرج الخشاب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 182 وسمع: أبا القاسم النسيب، وأبا طاهر الحنائي، وأبا الحسن بن الموازيني. ووجد له سماع من أبي الحسن بن أبي الجرو الراوي، عن أبي الحسين بن السمسار، فلم يرده، وقال: لا أحق هذا الشيخ.) وتفقه مدة على أبي الحسن بن المسلم، وعلى الفقيه نصر الله بن محمد. ورحل إلى بغداد سنة عشر فسمع: أبا علي بن نبهان، وأبا علي بن المهدي، وأبا الغنائم بن المهتدي بالله، وأبا طالب الزينبي، وأبا طالب بن يوسف، وأصحاب البرمكي، والتنوخي. وعلق الخلاف عن أسعد الميهني. وقرأ علي أبي عبد الله بن أبي كدنة المتكلم شيئاً من أصول الفقه. وحج سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وأعاد بالأمنية لشيخه أبي الحسن السلمي، ودرس بالزواية الغربية، يعني الغزالية واقتنى وكتب الحديث الكثير. وكان معنياً بعلوم القرآن، والنحو، واللغة. وحدث بطبقات ابن سعد وسنن الدارقطني. وعرضت عليه الخطابة وغيرهما. فامتنع. وكان خاله أبو المعالي يجتهد أن ينوب عنه في القضاء فلم يفعل. وكان ثقة، ثبيتاً، متيقظاً. له شعر كثير. توفي في شعبان. قلت: روى عنه: هو، وابنه القاسم، أبو سعد السعماني، وبنو أخيه زين الأمناء الحسن، وفخر الدين عبد الرحمن شيخ الشافعية، وتاج الأمناء أحمد، وأبو نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن، وأبو القاسم بن صصرى، وسيف الدولة بن غسان، ومكرم، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 183 وذكر ابن الدبيثي أن الصائن وقع في الحمام ففلج أياماً ثم مات، رحمه الله تعالى. هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث. أبو المظفر بن المسمرقندي. شيخ بغدادي من بيت الحديث والثقة والرواية. سمع: أبا عبد الله النعالي، وأبا محمد السراج، وأبا زكريا التبريزي، وغيرهم. ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وأبو المحاسن القرشي. أنا العماد بن بدران، أنا ابن قدامة، أنا هبة الله بن السمرقندي، أنا الحسين بن بسري، فذكر حديثاً. توفي في رابع ربيع الآخر. هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن صصرى. أبو الغنائم التغلبي، الدمشقي المعدل.) قال الحافظ ابن عساكر: ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وسمع من: الفقيه نصر الله المصيصي، وهبة الله بن طاوس. وتفقه على: أبي الحسن بن المسلم السلمي، وغيره. وحفظ القرآن وتأدب، وكتب الحديث، وكان كثير الصلاة والتلاوة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 184 والصدقة. وأوصى بصدقات في عدة أشياء من وجوه البر. توفي في جمادى الآخرة، ودفن بمقبرة باب توما عند أبيه. وروى الحديث. قلت: هو والد الحافظ أبي المواهب وأخيه. هبة الله بن أبي المحاسن بن أبي بكر. أبو الحسن الجيلي اللوتمي، الزاهد. قدم بغداد في صباه وسكنها. وكان زاهداً، عابداً قانتاً، ورعاً، مدققاً في الورع، صاحب رياضات ومجاهدات. أثنى عليه عمر بن علي القرشي، وغيره. وعظمه ابن الدبيثي ثم قال: وقال لي أبو العلاء بن الرأس: لم أر في زمانه مثله. توفي في جمادى الآخر. وقد قال إنه سمع من بان الحصين. 4 (الياء) يحيى بن عبد الله بن محمد بن إسحاق. أبو زكريا الأنصاري، والأندلسي، اللري. روى عن: أبيه، وعمه. وسمع صحيح البخاري من أبي الوليد بن الدباغ. وأخذ النحو عن أبي بكر عتيق بن الخصم وبحث عليه كتاب سيبويه. وأقرأ العربية بلرية وخطب بجامعها. أخذ عنه أبو عبد الله بن عباد وقال: توفي في ذي الحجة وله ست وخمسون سنة. يوسف بن عبد الله بن بندار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 185 الإمام أبو المحاسن الدمشقي، الشافعي. تفقه على: أسعد الميهني ببغداد وبرع في الفقه وأصول والخلاف، وصار أنظر أهل عصره.) ودرس بالنظامية، وحدث عن: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وأبي البركات بن البخاري. روى عنه: أبو الخير الجيلاني، وغيره. ونفذ رسولاً إلى خوزستان فتوفي هناك في شوال. 4 (الكنى) أبو بكر بن سليمان. الأنصاري، الأندلسي، القرطبي، المقرئ. أخذ القراءآت عن: أبي القاسم بن رضا والعربية عن أبي الحسين بن الطراوة. ولقب تلميذ ابن الطراوة. وكان يقرئ القرآن والنحو. أخذ عنه أبو جعفر بن مضاء، واثنى عليه بحسن التعليم، وعبد الحق الخزرجي، وأبو القاسم أحمد بن بقي. توفي بقرطبة في هذه السنة، وقيل في الآتية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 186 4 (وفيات سنة أربع وستين وخمسمائة)

4 (الألف) أحمد بن عبد الرحمن بن مبادر. أبو بكر الأزجي، الدقاق. سمع: أبا عبد الله بن البسري، وأبا القاسم بن الربعي. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وتوفي في جمادى الأولى. وأنا عبد الحافظ بن بدران، وأنا ابن قدامة، ثنا مبادر، فذكر حديثاً. وآخر من روى عنه بالإجازة ابن مسلمة. إبراهيم بن محمود بن نصر بن نصر. أبو إسحاق الشاب، المحث، ابن أبي المجد الحراني، ثم البغدادي، الشعار. أحد من عني بطلب الحديث وكتابته إلى أن توفي مع صلاح وخير ومعرفة وفهم. وسمعه أبوه من: أبي منصور بن خيرون، وأبي عبد الله السلال، وجماعة.) ومولده سنة نيف وثلاثين وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 187 وقد سمع هو بنفسه من نصر بن نصر العكبري، وابن المادح، وهبة الله الشلبي، فمن بعدهم، حتى سمع من أصحاب قاضي المرستان. سمع منه: علي بن أحمد الزيدي. وكان الحازمي يثني عليه ويصفه بالحفظ، ويقول: لو عاش ما كان يماثله أحد. توفي في حياة والده في شهر رمضان وقد جاوز الثلاثين، وقيل: بل عاش سبعاً وعشرين سنة. قال ابن النجار: أخبرتنا زهرة بنت حاصر الأنباري قالت: ثنا إبراهيم بن محمود الشعار لفظاص سنة إحدى وستين: أنا الأرموي، فذكر حديثاً. إبراهيم بن محمد بن خليفة. أبو إسحاق النفزي، الداني، المقرئ. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن بن الدوش. وأخذ قراءة ورش عن: أبي الحسن بن شفيع. وسمع من: ابن تليد، وابن الخياط. وتصدر للإقراء، وحمل الناس عنه. قال الأبار: كان متحققاً بالقراءآت، معروفاً بالضبط والتجويد، وأديباً فصيحاً، عمر وأسن. وكان مولده سنة خمس وسبعين وأربعمائة. أبق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 188 الملك المظفر، مجير الدين، أبو سعيد، صاحب دمشق، ابن صاحبها جمال الدين محمد بن تاج الملك بوري بن طغتكين التركي، الدمشقي. ولد ببعلبك في ولاية والده على بعلك، وقدم معه دمشق لما وثب عليها وأخذها. فلما مات أبوه في سنة أربع وثلاثين أقيم مجير الدين هذا في لأمر وهو دون البلوغ، وأتابك زنكي إذ ذاك يحاصر دمشق، فلم يصل منها إلى مقصود، ورجع إلى حلب. وكان المدبر لدولة مجير الدين الأمير معين الدين أنر عتيق جد أبيه، والوزير هو الرئيس أبو الفوارس المسيب بن علي الصوفي يدير الأمور. ثم بعد مدة غضب عليه وأخرجه إلى صرخد، واستوزر أخاه أبا البيان حيدرة بن علي بن الصوفي مدة. ثم أقدم عطاء بن جقماط من بعلبك وقدمه على العسكر، وقتل الوزير أبا البيان، ثم قتل عطاء بعد يسير. ثم قدم الملك العادل نور) الدين محمود لما بلغته الأمور، فحاصر دمشق مدة قليلة، وتسلمها بالأمان في صفر سنة تسع وأربعين، ووفى لمجيد الدين أبق بما قرر له، وسلم إليه حمص، فانتقل إليها، وأقام بها يسيراً، ثم انتقل منها إلى بالس بأمر نور الدين، ثم توجه منها إلى بغداد، فقبله أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله، وأقطعه، وقرر له ما كفاه. وكان كريماً جواداً. ورخ بان خلطان وفاته في هذه السنة ببغداد، ترجمه مختصراً في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 189 سياق ترجمة نور الدين. ولم يورخ ابن عساكر موته. أزهر بن عبد الوهاب بن أحمد بن حمزة. أبو جعفر البغدادي، السباك، الأديب. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وسمع الكثير، وعني بالحديث. وسمع: أبا طالب عبد القادر اليوسفي، وأبا القاسم بن الحصين، وهبة الله بن الطبر. ولازم الحافظ عبد الوهاب الأنماطي فأكثر عنه. قال ابن الدبيثي: ثنا عنه جماعة، وسمع منه: عمر بن علي، ومحمد بن مشق. وتوفي في المحرم. قلت: وثقه ابن الجوزي. 4 (الحاء) الحسين بن الخضر بن الحسين بن عبدان. عفيف الدين ألازدي الدمشقي. من بيت حديث وعدالة. توفي رحمه الله في جمادى الآخرة. حمد بن عثمان بن سالار. المحدث، المفيد، الأوحد، الجوال، أبو محمد الإصبهاني، صاحب المعجم الكبير. سمع: أبا الوقت، ومحمد بن أبي نصر هاجر، وأبا الخير

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 190 الباغبان، وأبا العلاء الهمذاني، وعبد العزيز بن محمد الشيرازي، وابن البطي، وخلقاً. روى عنه: عبد العزيز بن أحمد بن الناقد.) مات بالحلة غريباً في ذي القعدة سنة أربع، وله ست وثلاثون سنة. 4 (الراء) رضية بنت الحافظ أبي علي البرداني. ذكر ابن مشق أنها توفيت في شوال. 4 (السين) سالم بن إبراهيم بن خلف. أبو الغنائم الأموس، الإسكندري، المقرئ. روى عن: أبي القاسم بن الفحام. قال أبو الحسن المقدسي: شيخ صالح، ثقة. توفي في جمادى الآخرة، ومولده سنة. سعد الله بن نصر بن سعيد بن علي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 191 أبو الحسن بن الدجاجي، البغدادي، الواعظ، المقرئ. قرأ ببعض الروايات على الزاهد أبي منصور الخياط، وأبي الخطاب علي بن الجراح، وسمع منهما، ومن جماعة. وأقرأ الناس ووعظهم سنين. سمع منه: عمر بن علي، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وعبد العزيز بن الأخضر. وحدث عنه: ابنه محمد، ويعيش بن مالك الأنباري، والشيخ الموفق، والأنجب الحمامي، ومحمد بن حماد، وآخرون. ولد سنة ثمانين وأربعمائة، وتوفي في شعبان. قال ابن الجوزي: وتفقه وناظر ووعظ، وكان لطيف الكلام حلو الإيراد وسئل في مجلس وعظه عن أحاديث الصفات، فنهى عن التعرض لها، وأمر بالتسليم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 192 وقال عبد الخالق بن أسد في معجمه: أنشدنا سعد الله بن لدجاجي الواعظ لنفسه: ملكتم مهجتي بيعاً ومقدرة فأنتم اليوم أعالي وأغلالي علوت فخراً ولكني ضنيت هوى فحبكم هو أعلالي 4 (الشيم) ) شاور بن محير بن نزار بن عشائر. السعدي، الهوازني، أبو شجاع ملك الديار المصرية ووزيرها. كان الملك الصالح طلائع بن رزيك قد ولاه إمرة الصعيد، ثم ندم على توليته حيث لا ينفع الندم. ثم إن شاور تمكن في الصعيد، وكان شجاعاً، فارساً شهماً، وكان الصالح لما احتضر قد وصى لولده رزيك أن لا يتعرض لشاور ولا يهيجه. وجرت أمور، ثم إن شاور حشد وجمع وأقبل من الصعيد على واحات، واخترق البرية إلى أن خرج من عند تروجة بقرب إسكندرية،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 193 وتوجه إلى القاهرة ودخلها، فقتل العادل رزيك بن الصالح، ووزر للعاضد. ثم إنه توجه إلى الشام، وقدم دمشق في سنة ثمان وخمسين مستنجداً بالسلطان نور الدين على عدوه، فأنجده بالأمير أسد الدين شيركوه بعد أربعة عشر شهراً، فسيره منه، فمضى واسترد له منصبه، فلما تمكن قال لأسد الدين: اذهب فقد رفع عنك العناء وأخلفه وعده. فأسف أسد الدسن وأضمر السوء له. وكان شاور قد استعان بالفرنج، وحارب بهم المسلمين، وقدموا على حمية، فخافهم أسد الدين وتحصن منهم ببلبيس شهوراً، وبقي بها محصوراً حتى ملت الفرنج من حصاره، فبذلوا له قطيعة يأخذها وينفصل عن بلبيس. واغتنم نور الدين تلك المدة خلو الشام من الفرنج، وضرب معهم المصاف على حارم، وأسر ملوكهم، وهي سنة تسع وخمسين. وقتل شاور في ربيع الآخر سنة أربع. وكان المباشر لقتله عز الدين جرديك النوري. وقال الروجي إن السلطان صلاح الدين ابن أخي أسد الدين هو الذي أوقع بشاور، وكان في صحبة عمه أسد الجين. وقيل: كان قتله إياه في جمادى الألوى، وذلك أن أسد الدين تمارض، فعاده شاور، وكان صلاح الدين قد ضمن له فخرج عليه، ففتك به. ولعمارة اليمني فيه: ضجر الحديد من الحديد وشاورفي نضر آل محمد لم يضجر حلف الزمان ليأتين بمثلهحنثت يمنيك يا زمان فكفر

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 194 وله في شاور عندما ظفر ببني رزيك وجلس في الدست: زالت ليالي بني رزيك وانصرمت والحمد والذم فيها غير منصرم) كان صالحهم يوماً وعادلهمفي صدر ذا الدست لم يقعد ولم يقم كنا نظن وبعض الظن مأثمة بأن ذلك جمع غير منهزم فمذ وقعت وقوع النسر خانهممن كان مجتمعاً من ذلك الرخم ولم يكونوا عدواً ذل جانبهوإنما غرقوا في سيلك العرم وما قصدت بتعظيمي عداك سوى تعظيم شأنك فاعذرني ولا تلم ولو شكرت لياليهم محافظة لعهدها لم يكن بالعهد من قدم ولو فتحت فمي يوماً بذمهملم يرض فضلك إلا أن يسد فمي قال الفقير عمارة: فشكرني شاور وأمراؤه على الوفاء لهم. شيركوه بن شاذي بن مروان بن يعقوب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 195 الملك المنصور أسد الدين، وزير العاضد العبيدي بمصر. مولده بدوين، بلدة من طرف أذربيجان. ونشأ بتكريت، إذ كان أبوه متولي قلعتها. وقيل جد مروان هو ابن محمد بن يعقوب. قال ابن الأثير المؤرخ: أصلهم من الأكراد الروادية، وهو فخذ من الهبانية، وأنكر جماعة من بني أيوب النسبة إلى الأكراد وقالوا: إنما نحن عرب نزلنا عند الأكراد، وتزوجنا منهم. وأسد الدين هذا كان من كبار أمراء السلطان نور الدين، فسيره إلى هصر عوناً لشاور كما ذكرناه. ولم يف له شاور، فعاد إلى دمشق. وسنة اثنتين وستين عاد أسد الدين إلى مصر طامعاً في أخذها، وسلك طريق وادي الغزلان، وخرج عند المفج، فكانت في تلك الوقعة، وقعة الأشمونيين. وتوجه ابن أخيه صلاح الدين إلى الإسكندرية فاحتمى بها، وحاصره شاور وعسكر مصر إلى أن رجع أسد الدين من الصعيد إلى بلبيس، وجرى الصلح بينه وبين المصريين، وسيروا له صلاح الدين وعاد إلى الشام. ولما وصل الفرنج، لعنهم الله إلى بلبيس وأخذوها وقتلوا أهلها، وسبوا الذرية في هذه السنة، سنة أربع، سير المصريون إلى أسد الدين وطلبوه ومنوه، ودخلوا في رماته لينجدهم. فمضى إليهم، وطرد الفرنج عنهم، وعزم شاور على قتله، وقتل الأمراء الكبار الذين معه، فناجزوه وقتلوه، وولي أسد الدين وزارة مصر في ربيع الآخر، وأقام بها شهرين وخمسة أيام. ثم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 196 توفي فجأة في ثاني وعشرين جمادى الآخرة بالقاهرة، فدفن بها، ثم نقل إلى مدينة الرسول صلى الله) عليه وسلم بوصية منه. وقام بالأمر بعده بمصر ابن أخيه الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب. وكان أسد الدين أحد الأبطال المذكورين، ومن يضرب بشجاعته المثل، وكانت الفرنج تهابه وتخافه. وقد حاصروه ببلبيس مدة، ولم يجسروا أن يناجزوه، وما لبلبيس سور يحميها، ولكن لفرط هيبته لم يقدموا عليه. وكان موته بخانوق عظيم قتله في ليلة. وكان كثيراً ما تعتريه التخم والهوانيق لكثرة أكله اللحوم الغليظة، فيقاسي شدة شديدة، ثم يتعافى. ولم يخلف ولداً سوى ناصر الدين الملك القاهر صاحب حمص. 4 (العين) عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن زيدون. أبو جعفر المخزومي، القرطبي، نزيل إشبيليلة. شيخ مسند، من كبار رواة الأندلس. ولد سنة إحدى وثماني وأربعمائة. وسمع سنة خمس وتسعين من أبي علي الغساني كتاب التصي. وسمع من أبي القاسم الهوزني. وكان فقيهاً عالماً. حدث عنه: أبو موسى بن الملقى، وأبو بكر بن خير. وتوفي رحمه الله يوم التروية. عبد الحاكم بن ظفر بن أحمد بن أحمد بن محمود الثقفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 197 أبو محمد الإصبهاني. سمع من: رزق الله التميمي. روى عنه: كريمة إجازة. وروى عنه بالسماع جماعة. عبد الخالق بن أسد بن ثابت. الفقيه أبو محمد الدمشقي، الحنفي، المحدث، الأطرابلسي الأصل.) تفقه شافعياً، ثم تحول إلى مذهب أبي حنيفة، وتفقه على الفقيه البلخي. ورحل في الحديث وكعه، وخرج، ودرس بالصادرية والمعينية، وعقد مجلس الوعظ. روى عنه: ابن غالب، ومحمد بن غسان، وإسماعيل بن يداش السلار، وغيرهم. وكان يلقب تاج الدين. سمع: جمال الإسلام علي بن المسلم، وعبد الكريم بن حمزة، وظاهر بن سهل، وعلي بن قيس الغساني، ويحيى بن بطريق، ونصر الله المصيصي، وابن طاوس بدمشق، وأحمد بن محمد الزوزني، وإسماعيل بن السمرقندي، وأبا محمد سبط الخياط وأخاه الحسين، وعبد الله البيضاوي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 198 وعبد الوهاب الأنماطي ببغداد وعمر بن إبراهيم العلوي بالكوفة وهبة الله ابن أخت الطويل بهمذان، وعتيق بن أحمد الرويدشتي، وفاطمة بنت محمد البغدادي، وإسماعيل الحمامي، وطائفة بإصبهان. وتوفي بدمشق في المحرم في أول السنة. ولي بمعجمة نسخة مليحة. عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن قزمان. أبو مروان القرطبي. ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وسمع من: أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي. وتفقه عند القاضي أبي الوليد بن رشد. قالي ابن بشكوال: كان من كبار العلماء وجله الفقهاء، مقدماً في الأدباء والنبهاء. أخذ الناس عنه. وتوفي في مستهل ذي القعدة. قلت: روى عنه: أبو الخطاب أحمد بن محمد بن واجب الحافظ البلنسي، وإبراهيم بن علي الخولاني شيخ عيسى الرعيني، ومحمد بن أحمد بن اليتيم شيخ لابن مسدي. عبد السلام بن عتيق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 199 السفاقسي ثم الإسكندري، الفقيه المالكي من علماء الثغر المذكورين. أخذ عنه أبو الحسن بن المفضل، وقال: توفي في ذي الحجة.) عبد العزيز بن الحسن بن أبي البسام. الحسيني الميروقي. ولد ببرقة وأخذ بها العربية عن أبي عبيدة الزاهد. وولي خطة الكتابة. وكان عابداً، صالحاً، مجتهداً. أخذ عنه من شعره: أبو العباس بن مضاء. عليم بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبيد الله. الحافظ أبو محمد القرشي، العدوي، العمري، الأندلسي. أحد الأعلام، ويكنى بابي الحسن أيضاً. ولد بشاطبة سنة تسع وخمسمائة. وسمع: أبا عبد الله بن مغور، وأبا جعفر بن جحدر. وسمع بدانية من: أبي عبد الله ابن غلام الفرس، وأبي إسحاق بن جماعة. ورحل إلى المرية فسمع بها من: أبي القاسم بن ورد، وأبي القاسم الحجاج القضاعي، وجماعة. قال ابن الأبار: كان أحد العلماء الزهاد، وأقرأ القرآن، ودرس الفقه. وكان صاحب فنون، كثير المحفوظات جداً لا سيما الصحيحين والموطأ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 200 وكان يقول: ما حفظت شيئاً فنسيته. وكان كثير الميل إلى السنن والآثار، وعلوم القرآن، مع حظ من علم النحو والشعر، والميل إلى الزهد، مع الورع والتواضع: وكان معظماً في النفوس، لين الجانب، كثير المحاسن. توفي في ذي القعدة ببلنسية. علي بن محمد بن علي بن هذيل. أبو الحسن البلنسي المقرئ، شيخ القراء بالأندلس. ولد سنة سبعين أو إحدى وسبعين وأربعمائة، ونشأ في حجر أبي داود سليمان بن نجاح، ولازمه بضعة عشر عاماً بدانية وبلنسية، وكان زوج أمه، وهو أثبت الناس فيه. حمل عنه الكثير من العلوم، وصارت إليه أصوله العتيقة. أتقن عليه القراءآت حتى برع فيها. وسمع صحيح البخاري ورواه عن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 201 أبي محمد الركلي. وسمع صحيح مسلم من طارق بن يعيش. وسمع مختصر الطيطلي في الفقه، من أبي عبد الله بن عيسى، وسمع سنن أبي داود من طارق) أيضاً. وأجاز له أبو الحسين بن البياز، وخازم بن محمد، وأبو علي بن سكرة، وغيرهم. قال الأبار: وكان منقطع القرين في الفضائل، والزهد، والورع، مع العدالة والتواضع والإعراض عن الدنيان والتقلل منها، صوماً قواماً، كثير الصدقة. كانت له ضيعة فكان يخرج لتفقدها فتصحبه الطلبة، فمن قاريء، ومن سامع، وهو منشرح، طويل الاحتمال على فرط ملازمتهم له وانتيابهم إياه ليلاً ونهاراً. وأسن وعمر. وهو آخر من حدث عن أبي داود. وغليه انتهت الرئاسة في صناعة الإقراء عامة عمره لعلو روايته، وإمامته في التجويد والإتقان. وحدث عن جلة لا يحصون، ورحلوا إليه، وأقرأ وحدث نحواً من ستين سنة. قال لنا محمد بن أحمد بن سلمون: كان رحمه الله يتصدق على اليتامى والأرامل، فقالت زوجته: إنك لتسعى بها في فقر أولادك. فقال لها: لا والله بل أنا شيخ طماع أسعى في عناهم. دقلت: قرأ عليه القراءآت أبو محمد لاقاسم بن قيرة الشاطبي، وأبو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 202 عبد الله محمد بن نوح الغافقي، وأبو جعفر أحمد بنعلي الحصار، وأبو عبد الله محمد بن سعيد المرادي، وأبو علي الحسين بن يوسف بن زلال، وأبو عبد الله محمد بن خلف بن سبع الزناتي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن سعادة الشاطبي، وعمه المعمر محمد بن عبد العزيز بن سعادة، وولد ابن هذيل أبو عامر محمد بن علي، وعلي بن محمد النفزي المعروف بابن فتوح، وأبو الأصبغ عبد العزيز بن أحمد بن الموصل الزاهد، وغلبون بن محمد بن غلبون الأنصاري، وجعفر بن عبد الله بن سيد بويه الخزاعي العابد شيخ الصوفية، وطائفة سواهم. وقرأ عليه رواية نافع: محمد بن أحمد بن مسعود الأزدي، والحسن بن عبد العزيز التجيبي، وغيرهما. وروى عنه الحديث خلق منهم: محمد بن أحمد بن سلمون، وسبطيته زينب بنت محمد بن أحمد الزهرية وتفيت سنة خمس وثلاثين وستمائة، وكذا توفي عامئذ الحسن التجيبي. وروى عنه بالإجازة محيي الدين العربي نزيل دمشق.) قال الأبار: توفي ابن هذيل في سابع عشر رجب يوم الخميس، ودفن يوم الجمعة، وصلى عليه أبو الحسن بن النعمة، وحضره السلطان أبو الحجاج يوسف بن سعد، وتزاحم الناس على نعشه. ورثاه واحب بن عمر بن واجب بقصيدة منها: لم أنس يوم تهادى نعشه أسفاً أيدي الورى وتراميها على الكفن كزهرة تتهادها الأكف فلاتقيم في راحة إلا على ظعن قال لنا ابن سلمون: هذا صحيح، كان الناس يتعلقون بالنظق والسقف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 203 ليدركوا النعش بأيديهم، ثم يمسحون بها على وجوههم. عاش أربعاً وتسعين سنة. علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز. القاضي زكي الدين أبو الحسن ابن القاضي المنتخب أبو المعالي القرشي الدمشقي قاضي دمشق هو وأوبه وجده. كان فقيهاً قاضي دمشق هو وأبوه وجده. كان فقيهاً، خيراً، ديناً، محمود السيرة، استعفى من القضاء فأعفي، وذهب إلى العراق فحج منها، ثم عاد إلى بغداد، فأقام بها سنة، وأدركه الموت. قال علي بن أحمد الزيي: كان نزهاً، عالماً، ذا وقار وتدين. وقال ابن الدبيثي: سمع من: عبد الكريم بن حمزة، وجمال الإسلام علي بن المسلم، وعبد الرحمن بن أبي نفيل. سمع منه: أبو محمد بن الخشاب مع تقدمه،. وأبو بكر الباقداري، وعمر بن علي القرشي. وأنا عنه أبو طالب بن عبد السميع الهاشمي، وأبو محمد بن الأخضر. وقال محمد بن حمزة بن أبي الصقر: وفيها ورد الخبر بوفاة القاضي أبي الحسن علي بن محمد القرشي ببغداد يوم الجمعة ثام وعشرين شوال، ودفن بالقرب من قبر أحمد بن حنبل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 204 قلت: وولد سنة سبع وخمسمائة. علي بن أبي نصر. الشيخ أبو الحن الهيتي، من سادة مشايخ العراق. صاحب أحوال وكرامات وأخلاق، وفقر. صحب الشيخ عبد القادر، وغيره.) قال ابن النجار: كان يسكن بزريران بقرب المدائن، وله بها رباط يقيم به، وعنده جماعة من المنقطعين إلى الله، وكان يتكلم على الخواطر، وله قبول عظيم بين العوام، ويقال ناهز المائة. مات رضي الله عنه في جمادى الأولى سنة أربع وستين وخمسمائة. عمر بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حجاج. أبو الحكم الإشبيلي اللخمي. روى عن: أبي مروان الباجي، وأبي الحسن شريح، وعباد بن سرحان، وجماعة. كان فاضلاً ورعاً. ولي هطابة إشبيلية وأخذ الناس عنه. وعاش بضعاً وثمانين سنة. عمر بن محمد بن علي. أبو نصر الكلوذاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 205 سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان. قال ابن السمعاني: حدث بعد خروجي من بغداد. قلت: ولد سنة خمسمائة. روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وابن قدامة. توفي في صفر. حرف الميم محمد بن أحمد بن الفرج. الدقاق أبو المعالي البغدادي، المعروف بابن العشبقي. ابن أخت الحافظ بن ناصر. وهو أخو عبيد الله ويوسف وأبي منصور محمد. سمع: أبا الحسن بن العلاف، وابن بيان، وأبا الغنائم النرسي، وأبا طالب يوسف. روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وابن قدامة، وابن الحصري، وجماعة. وكان ثقة. توفي في ذي القعدة وكان شروطياً، شاهداً. محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 206 الحاجب أبو الفتح بن البطي، البغدادي. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة.) وأجاز له أبو نصر الزينبي وهو آخر من روى عنه بالإجازة. وكان أبواه صالحين عادت عليه ركتهما. وعني به الحافظ أبو بكر ابن الخاضبة فسمعه من: مالك بن أحمد البانياسي، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري، وأبي الفضل عبد الله بن علي بن زكريا الدقاق، وعاصم بن الحسن، ومحمد بن أبي نصر الحميدي، وعبد الواحد بن فهد العلاف، ورزق الله التميمي، وأبي الفضل أحمد بن خيرون، وطراد، وابن لاخاضبة، وطائفة سواهم. ثم اتصل في شبيته بالأمير يمن أمير الجيوش، وغلب عليه وعلى جميع أموره. وكان الناس يقصدونه ويتشفعون به إلى مخدومه، وظهر منه خير ومروءة. وكان عفيفاً نزهاً، متفقداً للفقراء. قعد في بيته بعد موت أمير الجيوش، فكان شيخاً صالحاً، محباً للرواية حصل أكثر مسموعاته، وطال عمره، واشتهر ذكره وصار أسند شيخ ببغداد في زمانه. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو الفرج بن الجوزي، والحافظ عبد الغني، وفخر الدين محمد بن تيمية، وموفق الدين بن قدامة، وشهاب الدين السهروردي، وعلي بن أبي الفرج بن كبة، وتامر بن مطلق، وزهرة بنت محمد بن حاضر، وإسماعيل بن علي بن باتكين، وعلي بن أبي الفرج بن الجوزي، وسعيد بن محمد بن ياسين، ومحمد بن محمد بن السباك، والأنجب بن أبي السعادات، ومحمد بن عماد، والحسين بن علي ابن رئيس الرؤساء، وحنبل بن أحمد الجوسقي، وأحمد بن يحيى البراج، والموفق عبد اللطيف بن يوسف،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 207 وعبد السلام الزاهري، وداود بن معمر بن الفاخر، وعبد اللطيف بن عبد الوهاب الطبري، ومسمار بن العويس، والحسن بن الجوالقي، ومحمد بن محمد بن أبي حرب النرسي، وعلي بن أبي الفخار الهاشمي، وعبد اللطيف بن القبيطي، والمبارك بن علي بن المطرز، وعبد الله بن عمر بن التي، ومحمد بن مسعود بن بهروز، وعبد الله بن المظفر ابن الوزير علي بن طراد، ومحمد بن ياقوت الجازري الصوفي، وأحمد بن محمود بن المعز الحراني، وسعيد بن علي بن بكري وبقي إلى قبيل سنة تسع وثلاثين، وجمال النساء بنت أبي بكر العراف، وماتت سنة أربعين. وآخر من روى عنه: إبراهيم بن عثمان الكاشغري. وآخر من روى عنه بالإجازة: عيسى بن سلامة الحراني.) وتوفيت نفيسة في أواخر سنة اثنتين وخمسين بعد الشيخ المجد، وله مائة سنة وسنة وشهر. قال ابن نقطة: حدث ابن البطي بحلية الأولياء عن حمد الحداد، عن أبي نعيم. وسمع منه الأئمة والحفاظ، وهو ثقة صحيح السماع. وقال ابن مشق: توفي يوم الخميس سابع عشر جمادى الأولى، ودفن يوم الجمعة بباب أبرز. وقال الشيخ الموفق: ابن البطي شيخنا، وشيخ أهل بغداد، في وقته، وأكثر سماعه على ابن خيرون. وما روى لنا عن رزق الله التميمي، ولا عن الحميدي، ولا عن حمد الحداد، غيره. قال: وكان ثقة سهلاً في السماع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 208 وقال ابن النجار: كان صالحاً، مليح الأخلاق، حريصاً على نشر العلم. صدوقاً، حصل أكثر مسموعاته شراء، ونسخاً، وفقهاً. سمع منه: ابن ناصر، وسعد الخير، والكبار. محمد بن عبد الرحمن بن عبادة. أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، المقرئ. أخذ القراءآت عن: أبي القاسم بن النحاس، وشريح، ومنصور بن الخير. وسمع من: أبي محمد بن عتاب، وابن مغيث، وجماعة. وتفقه بأبي الوليد بن رشد، وأبي عبد الله بن الحاج. وتصدر للإقراء بجيان، وهي بلدة، ثم سكن شاطبة، وأخذ الناس عنه. وكان من مهرة القراء. ولد سنة ثمانين وأربعمائة. قال الأبار: أخذ عنه شيخنا أبو عبد الله بن سعادة. محمد بن عبد الملك بن عبد الحميد. أبو عبد الله الفارقي، والزاهد، ونزيل بغداد ذو العبارات الفصيحة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 209 والمعاني الصحيحة، المعرض عن زخارف الدنيا، المقبل على العم والتقوى كذا قال فيه ابن النجار. وقال: قدم بغداد في صباه فاستوطنها. وكان يتكلم على الناس كل جمعة بعد الصلاة بجامع القصر، يجلس على آجرتين، ويقوم إذا حمي الكلام. وسئل أن يعمل له كرسي، فأبى ذلك. وكان يحضر مجلسه العلماء والأعيان، ويتكلم على لسان) أهل الحقيقة بلسان عذب، وكلام لطيف، ومنطق بليغ، فانتفع به خلق كثير. وكان من أولياء الله وأصفيائه، له المقامات، والرياضات، والمجاهدات. دون كلامه أبو المعالي الكتبي في كتاب مفرد. روى لي عنه: ابن سكينة، وابن الحصري. وكان شيخاً مليح الصورة، ذا تجمل في ملبوسه وبيته فقر. وقال ابن الجوزي: كان محمد الفارقي يتلكم على الناس قاعداً، ورمبا قام على قدميه في دار سيف الدولة من الجامع. وكان يقال إنه يحفظ كتاب نهج البلاغة ويغير ألفاظه. وكانت له كلمات حسان في الجملة. وقال أبو المحاسن القرشي: قدم بغداد في صباه، وسمع من: جعفر السراج، وانقطع إلى الخلوة والمجاهدة والعبادة إلى أن لاحت له إمارات القبول. وكان العلماء والفضلاء يقصدونه ويكتبون كلامه الذي هو فوق الدر. كان متقللاً، خشن العيش. وقال ابن الدبيثي: كان يتكلم على الناس كل جمعة تكلف ولا روية والناس يكتبن. وقال أبو أحمد بن سكينة الأمير: سمعت أبا عبد الله الفارقي يقول: المحبة نار، زنادها جمال المحبوب، وكبريتها الكمد، وخزانها حرق القلوب، ووقودها الفؤاد والكبد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 210 قال: وسمعته يوقل: المحب لسطوة سلطان الجمال مغلوب، وبحسام الحسن مضروب، مأخوذ عنه، مسلوب. نجم رغبته غارب عن كل مرغوب، وطالع في فن العيوب. مصباح حبة يتوهج في رجاجة وجده، نار الوله بالمحبوب بشهاب شوقه وكمده في قلبه وكبده ساطع لا يهوب. وقال يحيى بن القاسم التكريتي: سمعت الشيخ محمد الفارقي يقول: الدني الهمة عند شهوته شمتخدم في اصطبل طبعه يخدم كودن كبره، وأتان تيهه، وحمار خرصه، جواد همه مقيد بقيود ذنابه. قد وضع على قدميه شبحة تتعبه من الجري في حلبة المكارم، وجعل على ظهره جبل الدك منسوجاً من الصفات الذمائم. ثم قال يحيى: حكى لي أبو الفتح مسعود بن محمد البدري قال: دخل يوسف بن محمد بن مفيد الدمشقي على الشيخ محمد الفارقي ومعه فقراء، فلما ظهر الفقراء إلى الشيخ لحقهم وجد، فصاحوا، فرفع رأسه وقال: لا تخبزوا فطيراً، فإن الفطير يوجع الفؤاد.) وقال ابن النحار: قرأت على يوسف بن جبريل بالقاهرة، عن القاضي أبي البركات محمد بن علي بن محمد الأنصاري قال: أنا الإمام الزاهد العارف أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقي بقراءتي، ولم أر ببغداد من يدانيه من فضله ويضاهيه، وهو المتكلم بالعراق، قال: ثنا شيخنا أبو البقاء المبارك بن الخل، فذكر حديثاً. قلت: ابن الخل هو والد الفقيه أبي الحسن، وصوفي زاهد، ذكرناه في سنة عشرين وخمسمائة. وقال القاضي عمر بن علي القرشي: محمد بن عبد الملك الفارقي العارف، قدم بغداد قديماً، وسمع بها من جعفر السراج. كذا قال القاضي. قال: وانقطع إلى الخلوة والمجاهدة والعبادة، واستعمل الإخلاص في أعماله إلى أن تحقق جريانه حكمه من قلبه على لسانه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 211 وكان الفضلاء يقصدونه ويكتبون كلامه الذي يفوق الدر. وجرى على طريقة واحدة م اختيار العفة والتقلل والتخشن، ورد ما يفتح عليه إلا القيل من الإجار. ولد سنة سبع وثمانين وأربعمائة. قال ابن الدبيثي: روى لنا عنه جماعة. وتوفي في رجب عن سبع وسبعين سنة. محمد بن علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح. الواعظ أبو بكر ابن جمال الإسلام أبي الحسن السلمي الفقيه، الدمشقي. سمع: أباه، وعلي بن الموازيني، وهبة الله بن الأكفاني، وجماعة. وكتب وحصل ودرس، ووعظ، في حياة أبيه. وولي تدريس الأمينية بعد أبيه وخطابة دمشق. وناب في القضاء عن القاضي كمال الدين أبي الفضل الشهرزوري. وكان حسن الأخلاق، قليل التصنع. روى عنه: القاسم بن عساكر، والحسين بن صصرى، وغيرهما. وتوفي في شوال عن اثنتين وستين سنة. محمد بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن أميرك. أبو بك ر الأنصاري الخازمي، بخاء منقوطة، الهروي، الفقيه الزاهد. سمع: أبا الفتح نصر بن أحمد الحنفي، وعبد الرزاق بن عبد الرحمن الماليني، وصاعد بن) سيار الدهان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 212 وبنيسابور: محمد بن أحمد بن صاعد، وسهل بن إبراهيم المسجدي، والفراوي. وبسرخس، وبلخ، وبغداد، وغيرها. وعنه: الحافظ عبد القادر الرهاوي، ونصر الله بن سلامة الهيني، وعمر بن أحمد بن بكرون، وآخرون. ولد سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. وورخ وفاته حفيده أبو الفتح عمر بن محمد بن محمد الخازمي. قال أبو سعد السمعاني: كان فقيهاً مناظراً، وأديباً بارعاً، عفيف النفس، حسن السيرة. تفقه بمرو، وبخارى. وقال يوسف بن أحمد الشيرازي: روى عن عيسى بن شعيب السجزي. سمعت مه غريب الحديث للخطابي. قال الرهاوي: سمع من: أبي نصر الشامي، وأبي الفتح الحنفي، ورحل إلى نيسابور وغيرهما. وسافر إلى مرو، وبرع بها في علم الخلاف. وكان عالماً بالفقه، والنحو واللغة، زاهداً متواضعاً، لازماً لبيته، وله ملك يعيش منه هو وأولاده، وكان يعظ في جامع هراة، وينال من المتكلمين. ولما رجعت إلى همذان شالني شيخنا الحافظ أبو العلاء: من المقدم بهراة قلت: أولاد شيخ الإسلام. فقال: إن كان لهم أمر مشكل إلى من يرجعون قلت: إلى الخازمي المبارك بن علي بن محمد بن غنيمة. أبو السعادات البغدادي، الشروطي. قرأ القراءآت على أبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل صاحب أبي العلاء الواسطي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 213 وسمع من: شجاع الذهلي، وأبي النرسي، وجماعة. روى عنه: أبو بك رمب مشقن وأبو محمد بن الأخضر. توفي في ربيع الأول، وله خمس وسبعون سنة. مسعود بن الحسن بن هبة الله. أبو المظفر الحلي، الضرير، المقرئ.) قدم بغداد في صباه، وقد قرأ على أبي العز القلانسي، ولكنه خلط وضبط، وادعى أنه قرأ على أبي القلانسي، لكنه خلط وضبط، وادعى أنه قرأ على أبي طاهر بن سوار وظهر كذبه، لأنه قال: قرأت عليه سنة ست وخمسمائة. وقد حدث عن: أبي القاسم بن بيان، وابن ملة. وتوفي في رجب. استوعبت خبره في طبقات القراء. معمر بن عبد الواحد بن رجاء بن عبد الواحد بن محمد بن الفاخر بن أحمد. الحافظ أبو أحمد القرشي، العبشمي. من ولد سمرة بن جندب من أعيان عدول إصبهان وكبار محدثيها وفضلاء وعاظها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 214 ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وسمع من: أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد، وغانم البرجي، وأبي المحاسن الرويانس، وأبي علي الجداد، ومحمد بن أحمد بن المطهر، وفاطمة الجوزدانية، وخلق كثير. ورحل سنة نيف وعشرين وخمسمائة فسمع: أبا القاسم بن الحصين، وأحمد بن رضوان، وأبا العز بن كادش، وأبا بكر الأنصاري، ومن بعدهم. وعاد إلى إصبهان مشغولاً بالسماع وإفادة الغرباء. وقدم بغداد ذلك سبع مرات يسمع ويسمع أولاده. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن الجوزي، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، والسهروردي، وأبو محمد بن الأخضر، وعمر بن جابر، وآخرون آخرهم أبو الحسن بن المقبر بالسماع، وابن مسلمة، وعيسى الخياط بالإجازة. قال ابن السمعاني: معمر، شاب، وكيس، وحسن العشرة والصبة، سخي النفس، متودد، يراعي حقوق الأصدقاء ويقضي حوائجهم. وأكثر ما سمعت بإصبهان من الشيوخ كان بإفادته. كان يدور من الصباح إلى الليل على الشيوخ شكر الله سعيه، ثم كان ينفذ إلي الأجزاء لأنسخها، ويكتب إلي وفاة الشيوخ كتب لي جزءاً عن شيوخه، وحدثني به. وقال ابن الجوزي: كان من الحفاظ الوعاظ، وله معرفة حسنة بالحديث، كان يخرج ويملي. سمعت مه بالمدينة في الروضة. وتوفي بالبادية ذاهباً إلى الحج في ذي القعدة.) وقال ابن النجار: كان سريع الكتابة موصوفاً بالحفظ والمعرفة، والثقة، والصلاح، والرموءة، والورع. صنف كثيراً في الحديث، والتواريخ، والمعاجم، وكان معظماً بغصبهان، ذا قبول رجاه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 215 أخبرنا عبد الحافظ، وابن الفراء قالا: أنا ابن قدامة سنة ست عشر وستمائة: أنا معمر بن عبد الواحد ببغداد، أنا أبو الفتح بن الحداد سنة خمسمائة، أنا ابن عبد كويه، أنا الطبراني، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا القعنبي، ثنا نغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أشد فرحاً بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها. قال ابن مشق: توفي في ثالث عشر ذي القعدة بطريق الحجاز، وولد لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة أربع تعسين وأربعمائة. 4 (الياء) ياروق بن أرسلان. التركماني الأمير. مقدم جليل القدر في قومه، إليه تنسب التركماني الياروقية. وكان عظيم الخلقة، هائل الشكل. سكن بظاهر حلب في قلبي البلد، وبنى هو وأبتاعه هناك أبنية كبيرة، فبقيت كالقرية. وهي على قويق نهر حلب. توفي في المحرم من السنة. يحيى بن علي بن خطاب. أبو المظفر الدينوري الدينوري، الخيمي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 216 شيخ بغدادي. سمع: أبا الفضل بن عبد السلام، وأبا غالب الباقلاني. روى عنه: ابنه عبد اللطيف، وابن الأخضر، وأبو لفتوح بن الحصري، والشيخ الموفق، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. ساكن عامل رحمه الله. 4 (الكنى) ) أبو طالب بن الإمام المستظهر بالله. الهاشمي من مشايخ بني العباس المتقدمين الذين بدار الخلافة. له بر ومعروف. توفي في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 217 4 (وفيات سنة خمس وستين وخمسمائة)

4 (الألف) أحمد بن صالح بن شافع بن صالح بن حاتم. أبو الفضل بن أبي المعالي الجيلي، ثم البغدادي، الحافظ. أحد الشهود والعلماء. سمع: هبة الله بن عبد الله الشورطي، وأبا غالب بن البناء، وأبا القاسم بن الطبر، وقاضي المرستان، وبدر بن عبد الله، وابن الطلاية فمن بعدهم. وقرأ الروايات على سبط الخياط، وعني بالحديث بعد الأربعين. وكان يقتفي أثر ابن ناصر ويحذر حذوه، ولازمه مدة، واستملى عليه. وكان مشاراً إليه بمعرفته الحديث، وهو الذي كان يقرأ الحديث بمجلسي ابن هبيرة. وكان مليح الخط، متقناً، محققاً، ورعاً، ديناً على طريقة السلف. له تاريخ على السنين من وفاة أبي بكر الخطيب يذكر فيه الحوادث الوفيات، ولم يبيضه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 218 روى عنه: ابن الأخضر، والشيخ لموفق، والحافظ عبد الغني، وآخرون. وتوفي في شعبان، وله خمس وأربعون سنة. وقال الشيخ الموفق: كان ابن شافع إماماً، حافظاً، ثقة، إماماً في السنة، يقرأ الحديث قراءة مليحة بصوت رفيع. قلت: وروى عنه بالإجازة ابن مسلمة. قال ابن النجار: كان حافظاً، حجة، ثبتاً، ورعاً، سنياً، صحيح النقل. وقال غيره: صلى عليه خلائق لا يخصون كثرة رحمه الله، وكان عنده حلم وسؤدد. أحمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان. أبو بكر بن البطي، أخو أبي الفتح المذكور عام أول.) سمع: أبا عبد الله النعالي، وأبا محمد السراج، وأبا القاسم الربعي. روى عنه: عمر بن علي القرشي، وتميم البندنيجي، وابن الأخضر، وآخرون. وتوفي في شعبان. أجاز لابن مسلمة، وكان حريصاً على المال مقسطاً على نفسه. أحمد بن عمر بن لبيدة. أبو العباس الأزجي، المقرئ. قرأ على سبط الخياط بالروايات، ولقي جماعة. وسمع الكثير، واعتنى بالحديث، وأفاد، ونسخ، وكان صدوقاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 219 روى عن: أبي القاسم بن الحصين، وجماعة. وسمع كل ما قرئ على ابن ناصر. روى عنه: عبد الرحمن بن المبارك. وتوفي بطريق الحجاز في ذي القعدة. أحم بن محمد بن علي بن قضاعة. أبو العابس البغدادي. سمع: أبا القاسم الربعي، وأبا القاسم بن بيان. سمع منه: أبو منصور بن الطيان، وأبو المحاسن القرشي. وحدث عنه: أبن الأخضر، والموفق، وآخرون. وتفوي يوم الأضحى. أحمد بن المبارك بن محمد بن الشدنك. أبو محمد الحريمي. شيخ بغدادي معمر. ولد سنة ست وستين وأربعمائة. ولو سمع في صغره للحق أبا القاسم بن البسري وطبقته، ولكنه سمع بنفسه من عاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وطراد الزيني، وغيرهم. وقاله ابن الدبيثي. سمع منه: أحمد بن صالح الجيلي، وأبو بكر بن مشق. وعمر حتى قارب المائة.) وما ذكر ابن النجار سماعه من عاصم وذويه بل قال: وجد سماعه من هبة الله بن المجلي، وأبي علي البرداني، وأبي غالب بن البناء. روى لنا عنه: محمد بن عبد الله بن جرير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 220 قال: وذكر تميم بن البندنيجي أنهما وضعا طبقة سماعه على عاصم بن الحسن، وأراد أن يسمعا فأنكر عليهما، وجرت قضية فأخفيا التسميع. 4 (الجيم) جوهرة بنت أحمد بن طاهر. سمعت: أبا الحسين بن العلاف. سمع منها: أبو سعد السمعاني، وعمر بن علي. وتوفيت في ذي الحجة. 4 (الحاء) حبشي بن حمد بن شعيب. أبو الغنائم الشيباني، الواسطي، الضرير. شيخ العربية ببغداد. لازم الشجري، وبلغ الغاية في النحو. وحدث عن قاضي المرتسان. مات في ذي القعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 221 الحسن بن علي بن محمد بن علي. أبو نصر ابن قاضي القضاة أبي الحسن الدامغاني. كان ينوب عن أخيه قاضي القضاة أبي الحسين احمد في القاضاء بالجانب الغربي. وحدث عن: أبي الغنائم النرسي. سمع مه: عمر القرشي. توفي في شوال. الحسن بن مكي بن جعفر بن إبراهيم. أبو علي المريدي، الصوفي، الفقيه. قال الشيخ موفق الدين: كان بدويرة السمياطي، وكان من أهل السنة. وكان يتوسوس في تكبيرة) الإحرام. قلت: روى عن الفتح لكروجي، غيره. روى عنه: الشيخ الموفق، وغيره. توفي قي رمضان. الحسن بن هلال بن محمد بن هلال. أبو محمد بن الصابيء، البغدادي، الكاتب، المعروف بالأشرف. من بيت حشمة وكتابة. سمع: أبا غالب الباقلاني، وأبا الغنائم النرسي. روى عنه ابن الأخضر، وغيره. ولد سنة ست وثمانين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 222 الحسين بن علي بن محمد ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم علي ابن المسلمة. أبو الفضائل البغدادي. روى عن: أبي القاسم بن الحصين. وعنه: عمر بن علي. الحسين بن محمد السيبي. عامل قوسان، أبو المظفر. سجن مدة، ثم قطعت يده ورجله. وحمل إلى المرستان، فتوفي. وله شعر رائق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 223 4 (الخاء) الخضر بن علي بن أبي هشام. الدمشقي، السمسار. عمر اسعين سنة، وسمع من: نصر المقدسي، وهو آخر من سمع منه، إلا أنه كان رافضياً. روى عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه، وأبو القاسم بن صصرى في مشيخته. وقد سمع سنة خمس وثماني من عبد الله بن الحسن البعلبكي، ومن أبي البركان أحمد بن طاوس. خطلخ الدباس.) مولى أبي الفتح بن شاتيل. سمع معه من: أبي القاسم الربعي. سمع منه: عمر العليمي، وعمر القرشي. وتوفي بالموصل في السنة ظناً. خلف بن يحيى بن فضلان. ألو القاسم البغدادي، المؤدب، المشاهد. سمع الكثير، وحدث عن: ابن الحصين، وأبي غالب بن البناء، وهبة الله بن الطبر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 224 سمع منه: ابناه فضلان، وعبد القادر، وأبو طالب بن عبد السميع. مات في رجب. قال ابن النجار: صالح كتدين، طلب بنفسه، ولا يعرف العلم. وخطه في غاية الرداءة، وأصوله مسخمة سقيمة، فيه غفلة وسلامة. وربما أحلق إسمه بخطه في طباق السماع التي بخطه. ثنا عنه أحمد بن البندنيجي. خليل بن وجيه. من شيوخ عبد الرحيم بن السمعاني. 4 (الطاء) طاوس أم أمير المؤمنين المستنجد بالله. ماتت في شهر ذي الحجة، وشيعتها الوزير والمراء قياماً في السفن إلى ترب الرصافة. 4 (العين) عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن النقور. أبو بكر بن أبي منصور بن أبي الحسين البزاز. شيخ ثقة، مشهور، من أولاد المحدثين. سمع: أباه، والمبارك بن عبد الجبار، وأبا الحسن العلاف، وأبا القاسم بن بيان، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 225 وروى الكثير. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وعمر العليمي، وعمر القرشي. وحدث عنه: الافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وعبد العزيز بن باقا، ومحمد بن إبراهيم) إلاربلي، ومحمد بن عماد، وطائفة. قال عمر بن علي: أبو بكر بن النقور طلب بنفسه وقرأ وكتب، وكان من أهل الدين والصلاح والتحري على درجة رفيعة. قل ما رأيت في شيوخنا أكثر تثبتاً منه. سألته عن مولده فقال: سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. وقال ابن مشق: توفي في عاشر شعبان سنة. عبد الباقي بن وفاء. أبو الموفق الهمذاني، الصوفي. روى عن: أبي القاسم بن بيان. وعنه: ابن الأخضر، وغيره. وكان معرفواً بين الصوفية. عبد المقسم بن محمد بن طاهر بن سعيد بن فضل الله بن أبي الخير الميهني. أبو الفضائل بن أبي البركات. من بيت المشيخة والتصوف. سمع: أباه، وأبا حامد الغزالي، وأبا الفتح عبيد الله بن محمد بن أزدشير بن محمد. وقدم بغداد وسكنها، وخدم الفقراء برباط البسطامي. سمع منه: ابناه محمد، وأحمد، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 226 وتوفي في المحرم، وله ثمان وسبعون سنة. عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال. أبو المكارم الأزدي. المعدل، الدمشقي. أحضره والده أبو طاهر هند عبد الكريم الكفرطابي في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، فروى له جزءاً من حديث خيثمة، وكان مولده في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وأربعمائة. ثم سمع من: الشريف النسيب، وأبي طاهر الحنائي، وأبي الحسن بن الموازيني. وأجاز له الفقيه نصر المقدستي، وأبو الفرج الإسفرائيني، وعبد الله بن عبد الرزاق الكلاعي، وجماعة.) روى عنه: الحافظ ابن عساكر وقال: حدث بقصة صالحة من مسموعاته، وحج غير مرة، وهو كثير الصلاة والصوم والتلاوة والصدقة. قلت: وكان من أعيان البلد. روى عنه: البهاء بن عساكر، والحافظ عبد الغني، والموفق المقدسي، وآخرون. وتوفي في عاشر جمادى الآخرة، ودفن بمقبرة باب الفراديس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 227 عثمان بن محمد بن أحمد بن نقاقا. أبو عمر النجار. بغدادي. روى عن: الفقيه أبي الخطاب الكلوذاني، وأبي طالب بن يوسف. روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وأحمد بن أحمد البندنيجي، وغيرهما. وتوفي في المحرم. علي بن أحمد بن محمد بن عثمان. أبو الحسن ابن القابلة الكلبي، والأندلسي، نزيل مراكش. روى عن: شريح بن محمد، وأبي بكر بن العربي. قال الأبار: وكان عالماً، متقناً، متقدماً في علم الأصول، شاعراً مكثراً، رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 228 علي بن ثروان بن زيد بن الحسن. أبو الحسن الكندي البغدادي، ابن عم تاج الدين الكندي. أديب شاعر، هو الذي أفاد تاج الدين وأحضره مجالس الأدب، وحثه من الصغر على العلم. وأصله من بلد الخابور، قدم بغداد وأخذ عن أبي منصور بن الجواليقي. ذكره القفطي في تاريخ النحاة. وقال الدبيثي: إنه سمع من إسماعيل بن السمرقندي، وجماعة. وسكن قبل موته مدينة دمشق، وحظي عند ملكها نور الدين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 229 وتوفي بعد سنة خمس وستين. علي بن محمد بن بركة. أبو الحسن الواسطي، ثم البغدادي الزجاج. روى عنه: أبي النرسي.) روى عنه: تميم بن أحمد، وأبو محمد بن قدامة، وجماعة. علي بن خلف بن غالب. الأنصاري الشلبي ابن غالب، الإمام القدوة، العارف، أبو الحسن، شيخ الصوفية، ونزيل قصر قرطبة. سمع الموطأ من أبي القاسم بن مضاء. وروى عن: أبي عبد الله بن معمر. وقرأ على وليد بن موفق الجياني تجريد الصحاح لرزين العبدري، عن مؤلفه وكتب السر مدة لصاحب شقورة. وله تصانيف. وكان ذا سنة واتباع وتمسك بالأثر. أخذ عنه: أيوب بن عبد الله الفهري، وعبد الجليل القصري، وغيرهما. وكان مبرزاً في التصوف، خيراً، رحيماً، متعبداً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 230 قال ابن الزبير: بقي إلى سنة وبلغ الثمانين. علي بن هبة الله بن محمد بن النجاري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 231 أبو الحسن بن أبي البركات البغدادي، والد قاضي القضاة أبي طالب. شيخ فقيه بارع، تفقه على أسعد الميهني. وسمع: أبا القاسم بن بيان، وابن نبهان. ودخل الروم، وولي قضاء قونية، وبها توفي في هذا العام. 4 (الميم) مجد الدين. أبو بكر ابن الداية، من أكبر الأمراء النورية، وهو أخو نور الدسن من الرضاع، وصاحب أمره، وبيت سره. وكان بطلاً شجاعاً، ديناً، عاقلاً، له خانقاه معروفة بحلب. واتفق موته وموت العمادي، وهما نائب حلب وأعمالها وحاجبه، فتوفي ابن الداية والعمادي بدمشق، فحزن عليهما نور الدين وبكى لفقدهما، وقال: قص جناحاي، وأعطى أولاد العمادي بعلبك، وقدم على عساكره بعد مجد الدين أخاه سابق الدين عثمان ابن الداية.) وللعمادي تربة مشهورة بقاسيون شمالي تربة بسركس، وهي أول تربة بنيت في الجبل، وإسمه مكتوب على بابها. محمد بن بركة بن خلف بن كرما.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 232 أبو بكر الصلحي، الصوفي. شيخ خير صالح، كريم، سخي. سمع: أبا علي بن المهدي، وأبا سعد بن الطيوري، وأبا طالب اليوسفي، وابن الحصين. وحدث بالشام. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابن أخيه تاج الأمناء احمد، وأبو محمد ابن الأستاذ، وأبو نصر بن الشيرازي. أخبرنا محمد بن مكي: أنا محمد بن هبة الله، أنا محمد بن بركة سنة إحدى وستين، أنا محمد بن محمد، أنا محمد بن محمد بن غيلان، أنا محمد بن عبد الله الشافعي، نا عبد الله بن روح، ومحمد بن ربح قالا: أنا يزيد بن هارون، نا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص: سمعت عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنية الحديث. مات الصلحي بدمشق في المحرم سنة 566.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 233 محمد بن حمزة ابن الشيخ أبي الحسن علي بن الحسن بن الموازيني. أبو المعالي السلمي، الدمشقي، المعدل. تفقه على جمال الإسلام. وسمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان، وبدمشق من الأمين هبة الله بن الأكفاني. قال الحافظ ابن عساكر: وكان متجملاً، حسن الإعتقاد. باع أملاكه وأنفقها على نفسه. قلت: روى عنه أبو القاسم بن صصرى، وأبو البركات زين الأمناء. ومات رحمه الله في جمادى الآخرة. محمد بن الخصيب بن المؤمل بن محمد. أبو عبد الله بن أبي العلاء البغدادي، أحد حجاب الخليفة. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا نعيم محمد بن إبراهيم الحماري الواسطي، وهبة الله ابن رئيس) الرؤساء المتوفى سنة ست وعشرين. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر، وجماعة. وتوفي في صفر، وكان يلعب بالحامام. محمد بن عبد الرحيم بن سلميان. أبو حامد وأبو عبد الله القيسي، الغرناطي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 234 شيخ مسن، ولد سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بغرناطة، وقدم الإسكندرية سنة ثمان وخمسمائة. سمع: أبا عبد الله محمد بن أحمد الرازي، ومرشد بن يحيى المديني، وهبة الله بن الحسين، وطائفة. ودخل خراسان، ثم قدم بعد مدة إلى بغداد وحدث بها، ثم قدم الشام، وسكن بحلب. قال ابن عساكر في تاريخه: كان كثير الدعاوى، لم يوثق بما يحكي من المستحيلات. سمعموا منه مجلس الباطاقة، ومات في صفر. قلت: روى عنه: الشيخ علي بن إدريس الزاهد، وأبو القاسم بن صصرى، والحسن والحسين ابنا الزبيدي، وأبو محمد ابن الأستاذ. محمد ابن المحدث أبي محمد عبد الله بن أحمد بن عمر بن السمرقندي. أبو منصور. بغدادي من بيت الحديث والرواية. روى عن: أبي القاسم بن بيان. وعنه: عبد العزيز بن الأخضر، وأبو الفتوح بن الحصري. محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 235 أبو المكارم العقيلي، الحلبي المعروف بابن العديم. من بيت العلم والقضاء والحشمة. كان كاتباً، شاعراً، فاضلاً. سمع من قرابته علي بن عبد الله بن أبي جرادة. ورحل فسمع من: أبي الفضل الأرموي، وجماعة. وبدمشق من: أبي الفتح نصر الله المصيصي. قال ابن النجار في تاريخه: حدثني أبو القاسم عمر بن هبة الله، يعني ابن العديم، سمعت الكندي) قال: كان أبو المكارم ابن العديم يسمع معنا، فورد دمشق ودعاه ابن القلانسي وكنت حاضراً فجعل لا يسأله عن شيء فيخبره عنه إلا وقال: بسعادتك. إن اقل: ما فعل فلان قال: مات بسعادتك. أبو قال: ما فعلت الدار الفلانية قال: خربت بعساتك. فلقبناه: القاضي بسعادتك. توفي أبو المكارم سنة خمس أو ست وستين. محمد بن محمد بن علي بن السكن. أبو عبد لله بن أبي سعد البغدادي، ويعرف بابن المعوج. من بيت حجابة وتميز. روى عن: نصر بن البطر. روى عنه: أب سعد بن السمعاني، وذكره في كتابه. ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. وحدث عنه: محمد بن المبارك بن أيوب، وأبو محمد بن قدامة، وعبد الله بن المظفر بن علي الزينبي، وأبو علي احمد بن محمد بن المعز الحراني، وجماعة. وأجاز لجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 236 وكان صالحاً، كاتباً، منشئاً. توفي في ربيع الأول، وله اثنتان وثمانون سنة. محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن المهتدي بالله. الخطيب أبو الحارث ابن الشيخ أبي الغنائم الهاشمي، العباسي. من بيت خطابة وعدالة. وكان خطيب جامع القطيعة. سمع: أباه، وأبا العز محمد بن المختار. سمع منه: عمر بن علي، وعبد السلام بن يوسف التنوخي، ومحمد بن سعد الله الدجاجي. توفي رحمه الله في ربيع الآخر. محمد بن أبي محمد بن ظفر. الشيخ حجة الدين الصقلي، نزيل حماه. وبها توفي. له مصنفات عديدة، وآداب وفضائل.) أختصر كتاب الإحياء، وألف كتاب خير البشر بخير البشر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 237 وكان مولده بصقلية، ومنشؤه بمكة. روى عنه: أبو محمد عبد العظيم بن عبد الغفار المصري، وغيره. المبارك بن علي بن عبد الباقي. أبو عبد الله البغدادي، الخياط. سمع: أبا ياسر محمد بن عبد العزيز الخياط، وأبا الحسن بن العلاف. سمع منه: أبو سعد السمعاني وقال: هو ابن أخت عبد الخالق بن أحمد بن يوسف وبإفادته سمعنا منه. وهو شيخ صالح، أمين موثوق به، لقيته ببلخ وسمعت منه، وسألته عن مولده فقال: سنة تسع وثمانين وأربعمائة. قلت: وقال ابن عساكر: سمع بإفادته خاله أبا سعد الأسدي، والعلاف، وأبا الغنائم النرسي، وأحمد بن إسماعيل الهمذاني. سمعنا منه بدمشق ثم سكن ديار بكر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 238 قلت: روى عنه: ابن الأخضر، والقاسم بن عساكر وأبو القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وغيرهم. وتوفي في شوال. محمود بن عبد الكريم بن علي بن محمد بن إبراهيم. أبو القاسم الإصبهاني، التاجر، المعروف بفورجة. سمع: أبا بكر محمد بن أحمد بن أحمد بن ماجة الأبهري، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الثقفي، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب، وجده علي بن محمد، وغيرهم. وخرجت له فوائد سمعت منه. وحدث بإصبهان، وبغداد، وحلوان. روى عنه: ابن السمعاني، ويوسف بن أحمد الشيرازي، ويوسف العاقولي، وعلي بن بورنداز، وعبد القادر الرهاوي، ومحمد بن ثابت الصائغ، ومحمد بن سعيد التاجر، ومحمد بن محمد بن محمد بن غانم الحافظ، ومحمد بن محمود ارويدشتي، ومحمود بن محمد اللباد، ومعاوية بن محمود الخباز الإصبهانيون. وتوفي بإصبهان في صفر، وبه ختم لوين.) وروى عنه بالإجازة: ابن التي، وكريمة، وصفية بنت عبد الوهاب، وعلم الدين علي بن الصابوني، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 239 مودود بن أتابكبن أقسنقر. الملك قطب الدين، صاحب الموصل، المعروف بالأعرج. أخو السلطان نور الدين. تملك الموصل بعد أخيه الأكبر سيف الدين غازي. قال ابن خلكان: وكان قطب الدين حسن السيرة، عادلاً في رعيته وفي حلمه، وفي أيامه عظم الوزير محمد الإصبهاني المعروف بالجواد، وهو الذي قبض عليه. وكان مدبر دولته للأمير زين الدين علي والد الملك مظفر الدين صاحب إربل. توفي في شوال بالموصل، وله نيف وأربعون سنة، وخلف عدة أولاد، منهم السلطان عز الدين مسعود، والسلطان سيف الدين غازي صاحب الموصل بعد أبيه. قال ابن الأثير: كان ملكه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصف. وكان فخر الدين عبد المسيح الخصي هو المدبر للأمور والحاكم في الدولة. قال: وكان قطب الدين من أحسن الملوك سيرة، وأعفهم عن أموال

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 240 رعيته، محسناً إليهم، كثير الإنعام عليهم، محبوباً إلى كبيرهم وصغيرهم، كريم الأخلاق، حسن الصحبة لهم، جم المناقب، وقليل المعايب. 4 (الياء) يحيى بن الحسن بن سلامة بن مساعد. أبو الرضا المنبجي، الحنفي، أخو أحمد، وعلي. سمع: أبا القاسم بن بيان، وشجاعاً الذهلي، وأبا العز محمد بن المختار. ولي قضاء المحول. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وتوفي في ذي الحجة. يوسف بن مكي بن علي. أبو الحجاج الحارثي، الشافعي، الدمشقي. إمام جامع دمشق.) قال الحافظ ابن عساكر: كان أبوه حائكاً، فنسأ يوسف وقرأ بروايات، وتفقه عند أبي الحسن بن المسلم. ورحل فسمع من: أبي طالب نور الهدى، وأبي علي بن المهدي، وأبي سعد بن الطيروري. وكان يسمع مع أخي، ثم حج وعاد مع حجاج الشام ولزم الفقيه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 241 نصر الله، وأعاد له، وقد أوصى بتدريس الرواية، فلم تصح له. وحدث، وكان ثقة ونصب لإمامة الجامع، وكتب كثيراً. توفي في صفر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 242 4 (وفيات سنة ست وستين وخمسمائة)

4 (الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن مالك.) أبو بكر بن أبي إسحاق العاقولي، الأزجي، الوزان. سمع: الحسين بن علي بن البسري. وعنه: أبو سعد بن السمعاني، وأحمد بن أحمد البندنيجي. توفي في ربيع الآخر. 4 (أحمد بن بنيمان بن عمر بن نصر.) أبو العباس الهمداني، ثم البغدادي، أخو عمر. سمع من: أبي الفضل محمد بن عبد السلام، وثابت بن بندار، والحسين بن البسري، والمبارك بن الطيوري. قال ابن الدبيثي: وكان ثقة، صحيح السماع. سمعه منه: محمد بن مشق، وجماعة. وأنا عنه ابن الأخضر. وتوفي في ذي القعدة. قلت: وروى عنه: عبد الله بن اللتي، والشيخ الموفق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 243 4 (أحمد بن محمد بن سعيد بن إبراهيم.) الوزير أبو جعفر بن البلدي، وزير المستنجد بالله، فلما توفي المستنجد وبويع المستضيء في هذه السنة كان المتولي لعقد بيعته أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء. ثم إنه استوزر أبا الفرج، فآنتقم من ابن البلدي وقتله. وكان في وزارته قد قطع أنف آمرأة ويد رجل) لجناية جرت، فسلم إلى أولئك، فقطعوا أنفه ثم يده، ثم ضرب المسكين بالسيوف، وألقي في دجلة الآخر. وكانت وزارته ستة أعوام. قال ابن الأثير: أتى ابن البلدي من يستدعيه للجلوس لعزاء المستنجد ولأخذ البيعة، فلما دخل دار الخلافة صرف إلى موضع وقتل، وقطع قطعاً، وألقي في دجلة، وأخذ ما في داره، فوجد فيها خطوط الخليفة يأمره بالقبض على ابن رئيس الرؤساء وقطب الدين قايماز، وخط الوزير بالمراجعة في ذلك، وصرفه عن هذا الرأي. فندما حيث فرطا في قتله، وعلما براءته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 244 قال ابن النجار: كان ابن البلدي شهماً مقداماً، شديد الوطأة، عظيم الهيبة، وله شعر يسير. 4 (أحمد بن أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف.) اليوسفي أبو جعفر. عن: عبد الله بن محمد بن جحشويه، عن القزويني. وعنه: محمد بن عبد الله السقلاطوني. 4 (الحاء)

4 (الحسن بن علي بن محمد بن علي.) الكامل أبو محمد بن السوادي، الواسطي، الحاسب. من بيت كتابة وتقدم. كان بارعاً في الحساب والمساحة، وفي الفرائض. سمع: أبا نعيم الحماري، ومحمد بن علي بن أبي الصقر، وأبا الخير بن العسال، وخميساً الحوزي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 245 وحدث ببغداد عن عمه محمد بن محمد في سنة سبع وعشرين وخمسمائة. قال ابن الدبيثي: ثنا عنه أبو الفتح المندائي، ومحمد بن يحيى القاضي، وأبو طالب بن عبد السميع. توفي بواسط في رمضان، وله سبع وثمانون سنة. 4 (السين)

4 (أبو أحمد بن الإمام.... بي، نزيل مرسية.) روى عن: أبي محمد بن برطلة، وأبي عبد الله بن سعادة، وجماعة.) قال الأبار: كان محدثاً، ورعاً، ديناً، خياراً، واقفاً على متون المصنفات، ظاهري المذهب. توجه إلى مكة سنة ست، فكان آخر العهد به. وولد سنة خمس وتسعين رحمه الله تعالى. 4 (سليمان بن فيروز.) أبو داود العبشري، الخياط الزاهد. سمع: محمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبا الحسن بن الصواف، وجماعة. وأجاز له أبو المحاسن الروياني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 246 وعنه: ابن الأخضر، وأحمد بن أحمد البندنيجي. قال ابن النجار: كان صالحاً، ورعاً، زاهداً، يأكل من كسب يده، ولا يخرج من مسجده. 4 (الطاء)

4 (طارق بن موسى بن طارق.) أبو جعفر البلنسي المقريء. أخذ القراءآت عن ابن هذيل بعد العشرين وخمسمائة، ورحل إلى شريح فأخذ عنه. وروى عن: أبي عبد الله بن المرابط. وكان بارعاً في القراءآت. أخذ عنه: أبو بكر بن لال، وغيره. قتل في جمادى الأولى سحراً. 4 (طاهر بن محمد بن طاهر بن علي.) أبو زرعة المقدسي، ثم الهمذاني. مولده بالري في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة في الرابع والعشرين من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 247 رمضان، بخط أبيه وسمع بها من محمد بن الحسين المقومي،. وغيره. وبالدون من: عبد الرحمن بن حمد. وبهمذان من: عبدوس بن عبد الله بن عبدوس. وبساوة من: محمد بن أحمد الكامخي. وبالكرخ من: مكي بن منصور السلار. وببغداد من: أبي القاسم بن بيان.) وحج غير مرة، وحدث بالكثير من مسموعاته. روى سنن النسائي و سنن ابن ماجة، وسكن به أبوه همذان فآستوطنها. روى عنه: أحمد بن صالح الجيلي، وأحمد بن طارق، وأبو الفرج بن الجوزي، وابن السمعاني، وعبد الغني، وابن قدامة، وابن الأخضر، وابن الزبيدي، وعبد اللطيف بن يوسف، وأحمد بن يحيى البراج، وعبد العزيز بن باقا، والمهذب بن فنيدة، وأبو القاسم علي بن الجوزي، وأبو حفص عمر بن محمد السهروردي، والأنجب بن أبي السعادات، وأبو بكر بن بهروز الطبيب، وأبو تمام علي بن أبي الفخار، وأبو طالب بن القبيطي، وأبو بكر محمد بن سعيد بن الخازن، وآخرون. قال عمر بن علي القرشي: بدأت بقراءة سنن ابن ماجة على أبي زرعة، قدم علينا حاجاً في العشرين من شوال، وقال لنا: الكتاب سماعي من أبي منصور المقومي. وكان سماعي في نسخة عندي بخط أبي، وفيها سماع إسماعيل الكرماني، فطلبها مني، قد بعثها من أكثر من ثلاثين سنة. قال القرشي: وتحققنا أن له إجازة من المقومي، فقرىء عليه إجازة، إن لم يكن سماعاً. قلت: وقد سمع من المقومي في شعبان سنة أربع وثمانين فضائل القرآن لأبي عبيد، وعمره ثلاث سنين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 248 وقال الدبيثي: توفي في ربيع الآخر بهمذان، وما كان يعرف شيئاً. قلت: سمعنا من طريقه الكتب المسماة، ومسند الشافعي واشتهر اسمه. وقد سماه ابن السمعاني في الذيل: داود، فوهم. وقيل: اسمه الفضل. قال: وولد سنة ثمانين رحمه الله. قال ابن النجار: أبو زرعة طاهر، طوف به والده، وسمعه ببغداد من أبي الحسن العلاف، وابن بيان. وكان تاجراً لا يفهم شيئاً من العلم. وكان شيخاً صالحاً، حمل جميع كتب والده، وكانت كلها بخطه، إلى الحافظ ابن السلار، ووقفها وسلمها إليه، فسمعت من يذكر أنها كانت في ثلاثين غرارة، رأيت أكثرها في خزانة أبي العلاء. وقيل: حج عشرين حجة.) 4 (العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن سعيد.) أبو محمد بن موصول العبدري، البلنسي. روى عن: أبي علي بن سكرة، وأبي محمد البطليوسي ولازمه، وأبي الحسن بن واجب، وجماعة. قال الأبار: وكان حافظاً للفقه بصيراً به مقدماً، مع الصلاح والزهد. وجمع كتاباً حافلاً في شرح مسلم، ولم يتمه، وشرح رسالة ابن أبي زيد. وكان أبو بكر بن الجد يغض منه. أخذ عنه: يحيى بن أحمد الجذامي، وأحمد بن أبي هارون، وأبو بكر بن خير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 249 وثنا عنه: أبو الخطاب بن واجب، وأبو عبد الله الدريثي، وأجاز لهما في هذه السنة وانقطع خبره. 4 (عبد الله بن خلف الكفرطابي.) النحوي. درس النحو بحماه مدة، وصنف فيه. وكان يلقب بسطيح. ورخه ابن عساكر. 4 (عبد الجبار بن محمد بن علي.) أبو طالب المعافري، المغربي، اللغوي. قدم البلاد، وأقرأ العربية. بمصر، وببغداد، وانتفع به خلق. وتوفي وهو راجع إلى بلاده. وهو شيخ عبد الله بن بري، النحوي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 250 4 (عبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم بن خلف بن أبي ليلى.) أبو بكر الأنصاري، الغرناطي، ثم المرسي. قال أبو عبد الله الأبار: هو من ولد عبد الرحمن بن أبي ليلى قارىء الكوفة. سمع: أباه أبا القاسم المتوفى سنة أربع عشرة، وأبا علي الصدفي، ولازمه كثيراً. وهو أثبت الناس فيه، كان قارئه للناس. وسمع: أبا محمد بن جعفر الفقيه، وأبا محمد بن عتاب.) وحج فسمع: أبا المظفر الشامي، وأبا علي بن المرجا. وكان عدلاً خيراً، موصوفاً بالإتقان، متقللاً، منقبضاً عن الناس، بضاعته حمل الآثار مع مشاركته في الأدب، وغيره. وقد كتب للأمير أبي إسحاق بن تاشفين، وآمتحن معه لما نكب، وأخذت كتبه. وقد أراده أبو العباس بن الخلال على القضاء فآمتنع، ولزم باديته بخارج مرسية إلى أن رغب إليه بأخرة، فقعد للإسماع، وتنافسوا في الرواية عنه. وروى عنه جلة من شيوخنا. وتوفي رحمه الله تعالى بالذبحة، وله ست وسبعون سنة. 4 (عبد الرحيم بن أبي الوفاء علي بن أبي طالب محمد بن عيسى بن عبد الوهاب بن المرزبان.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 251 أبو مسعود الإصبهاني، الحاجي، الحافظ المعدل. سبط غانم البرجي. سمه من: جده غانم، وأبي علي الحداد، وجماعة. ورحل إلى نيسابور فسمع من: أبي عبد الغفار الشيروي. وإلى بغداد فسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي العز بن كادش، وطائفة. قال ابن السمعاني في ترجمته: شاب كيس، متودد، حسن السيرة، له أنس بالحديث وهو أحد الشهود المعدلين. قلت: وسمع منه أبو القاسم بن عساكر المعجم الكبير للطبراني، وله جزء وفيات شيوخه ومن بعدهم من الإصبهانيين، سمعناه بإجازة كريمة منه. وأجاز أيضاً لابن اللتي. وحدث عنه أيضاً الحافظ عبد القادر الرهاوي، وغيره. وتوفي في الثاني والعشرين من شوال عن بضع وسبعين سنة. 4 (العز بن محمد بن الحسن.) أبو البقاء المصري المالكي الفقيه. توفي بمصر في ربيع الأول. قال أبو الحسن بن المفضل: وأجاز لنا. 4 (اللام) ) 4 (لبيب بن شجاع بن مسعود.) أبو الفتوح الوسطاني. توفي في رمضان ببغداد. وهو والد أبي هريرة محمد. 4 (الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الحسين بن جابر.) أبو بكر بن أبي الدينوري، الصوفي، المقرىء، ثم البغدادي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 252 قدم جده من الدينور فسكن بغداد. وأبو بكر هذا هو والد أبي نصر عمر بن محمد المقرىء. ولد سنة ثلاث وخمسمائة، وسمع من: أبي الحصين، وهبة الله بن الطبر. وقرأ القراءآت على أبي محمد سبط الخياط. وكان صالحاً، ورعاً، عالماً. صحب أبا النجيب السهروردي مدة. روى عنه: ابنه عمر. وتوفي بدمشق. 4 (محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن أبي العيش.) أبو عبد الله اللخمي، الطرطوشي، المعروف بابن الأصلي. رحل في طلب العلم، وأخذ القراءآت عن: منصور بن الخير. وسمع من: أبي عبد الله بن أبي الخصال، وأبي القاسم بن ورد، وجماعة. وجلس للناس للإقراء، ونفعهم. سمع منه الموطأ في سنة تسع وخمسين أبو الحسين بن جبير الكناني. وكتب عنه: ابن عياد، وغيره. ولد سنة، وتوفي في هذا العام، وقيل بعده. 4 (محمد بن عمر بن عبد العزيز بن مازة.) أبو جعفر البخاري، الفقيه الحنفي، شيخ بخارى ورئيسها وابن شيخها. لقبه: شمس الدين. روى عن: أبيه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 253 وعنه: أبو البركات محمد بن علي الأنصاري قاضي أسيوط في مشيخته سمع منه ببغداد لما) قدمها. عاش خمساً وخمسين سنة. 4 (محمد بن محمد بن سعد بن محمد.) أبو الفضل بن عساكر الأنباري، الكاتب. روى جزء ابن عرفة عن ابن بيان. وعنه: أبو الفتوح نصر بن الحصري. ومن شعره: وكتب به إلى المستنجد: خدمتك فارساً حدثاً غنياً أؤمل سبب كفيك الغزيرا أيجمل أن أفارق بعد حينجنابك راجلاً شيخاً فقيرا توفي رحمه الله غريباً بقونية في ربيع الأول. 4 (محمد بن يوسف بن سعادة.) أبو عبد الله المرسي، مولى سعيد بن نصر. نزيل شاطبة. أكثر عن: أبي علي بن سكرة وصارت إليه عامة أصوله وكتبه لصهر بينهما. وتفقه على: أبي محمد بن جعفر. ورحل، فسمع: أبا محمد بن عتاب، وأبا بحر بن العاص. وحج فلقي بالإسكندرية أبا الحجاج الميورقي فصحبه وأخذ عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 254 وسمع بمكة من: رزين بن معاوية، وأبي محمد بن غزال صاحب كريمة. ولقي بالمهدية: أبا عبد الله المازري، فسمع منه كتاب العلم. قال ابن الأبار: كان عارفاً بالآثار، مشاركاً في التفسير، حافظاً للفروع، بصيراً باللغة، مائلاً إلى التصوف. ذا حظ في علم الكلام، أديباً، فصيحاً مفوهاً، خطيباً، مع الوقار، والحلم، والسمت، والتلاوة، والخشوع، والصيام. ولي خطة الشورى بمرسية والخطابة، ثم ولي قضاء شاطبة فاستوطنها. وحدث وأقرأ. سمع منه أبو الحسن بن هذيل مع تقدمه جامع الترمذي، وصنف كتاب شجرة الوهم المترقية إلى ذروة الفهم لم يسبق إلى مثله. ثنا عنه أكابر شيوخنا، وكان موته بشاطبة مصروفاً عن القضاء.) ودفن في أول يوم من سنة ست، وله سبعون سنة. 4 (محمود بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.) أبو البدائع المسعودي، الخطيبي، المروزي، الكشميهني. روى هو وأبوه عن أبي منصور محمد بن علي الكراعي. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وزين الأمناء. توفي ببغداد كهلاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 255 4 (الياء)

4 (يحيى بن ثابت بن بندار بن إبراهيم.) أبو القاسم الوكيل ابن المقرىء أبي المعالي الدينوري، ثم البغدادي، البقال. سمع: أباه، وطراد بن محمد الزينبي، وأبا الحسن بن العلاف، وأبا عبد الله النعالي، وجماعة. وروى الكثير. سمع منه: ابن السمعاني، وعمر بن علي القرشي. روى عنه بالإجازة: الحافظ ابن عساكر، وصاحبه الرشيد أحمد بن مسلمة وبالسماع: أبو الفرج ابن الجوزي، وابن الأخضر، وعبد الغني، وابن قدامة المقدسيان، وابن اللتي، والموفق عبد اللطيف، والفخر الإربلي، وشهاب الدين السهروردي، وعبد الله بن باقا، ومحمد بن عماد الحراني، وأبو الكرم محمد بن دلف بن كرم، وعبد الوهاب بن محمود الجوهري، وعلي بن مبارك بن فائق، وعبد اللطيف بن محمد القبيطي، وخلق سواهم. توفي في خامس ربيع الأول، وقد جاوز الثماني. روى صحيح الإسماعيلي، عن أبيه، عن البرقاني، عنه. يوسف المستنجد بالله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 256 أمير المؤمنين أبو المظفر بن المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله أبي القاسم عبد الله الهاشمي العباسي. خطب له والده بولاية العهد في سنة سبع وأربعين، فلما احتضر أبوه كان عنده حظيته أم علي، فأرسلت إلى الأمراء أن يقوموا معها ليكون الأمر لابنها علي، وبذلت لهم الإقطاعات والأموال، فقالوا: كيف الحيلة مع وجود ولي العهد يوسف فقالت: أنا أقبض عليه، فأجابوها، وعينوا) لوزارته أبا المعالي بن إلكيا الهراسي، وهيأت هي عدة من الجواري بسكاكين، وأمرتهن بالوثوب على ولي العهد المستنجد، وكان له خويدم، فرأى الجواري بأيديهن السكاكين، وبيد علي وأمه سيفين، فعاد مذعوراً إلى المستنجد وأخبره، وبعثت هي إليه تقول: إحضر، فأبوك يموت. فطلب أستاذ داره، وأخذه معه في جماعة من الفراشين، ولبس الدرع، وشهر سيفاً، فلما دخل ضرب واحدة من تلك الجواري جرحها، فتهاربن، وأخذ أخاه علياً وأمه فحبسها، فغرق

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 257 بعض الجواري، وقتل بعضهن واستخلف يوم موت أبيه في ربيع الأول سنة خمس وخمسين. وولد سنة ثمان عشرة. وأمه طاوس كرجية. أدركت خلافته. قال ابن الدبيثي: كان يقول الشعر. قال: وكان نقش خاتمه: من أحب نفسه عمل لها. قال ابن النجار: حكى ابن صفية أن المقتفي كان قد نزل يوماً في المخيم بنهر عيسى، والدنيا صيف، فدخل إليه المستنجد، وقد أثر الحر والعطش فيه. فقال: أيش بك قال: أنا عطشان. قال: ولم تركت نفسك قال: يا مولانا، فإن الماء في الموكبيات قد حمي. فقال: أيش في فمك قال: خاتم يزدن عليه مكتوب اثني عشر إمام، وهو يسكن من العطش. فضحك وقال: والك يريد يصيرك يزدن رافضياً، سيد هؤلاء الأئمة الحسين، ومات عطشان. وقال سبط ابن الجوزي في المرآة: ومن شعر المستنجد: عيرتني بالشيب وهو وقارليتها عيرت بما هو عار

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 258 إن تك شابت الذوائب منيفالليالي تزينها الأقمار وله في بخيل: وباخل أشعل في بيتهتكرمة منه لنا شمعه فما جرت من عينها دمعة حتى جرت من عينه دمعه وقال ابن الجوزي: أول من بايعه عمه أبو طالب، ثم أخوه أبو جعفر وكان أسن من المستنجد، ثم الوزير عون الدين، ثم قاضي القضاء.) وحدثني الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة: حدثني أمير المؤمنين المستنجد بالله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام منذ خمس عشر سنة فقال لي: يبقى أبوك في الخلافة خمس عشرة سنة. فكان كما قال. ورأيته صلى الله عليه وسلم قبل موت أبي بأربعة أشهر، فدخل بي من باب كبير، ثم ارتفعنا إلى رأس جبل، وصلى بي ركعتين وألبسني قميصاً، ثم قال لي: قل اللهم اهدني فيمن هديت. وذكر دعاء القنوت. وحدثني الوزير ابن هبيرة قال: كان المستنجد قد بعث إلي مكتوباً مع خادم في حياة أبيه، وكأنه أراد أن يسره عن أبيه، فأخذته وقلبته، وقلت للخادم: قل له: والله ما يمكنني أن أقرأه، ولا أن أجيب عنه. قال: فأخذ ذلك في نفسه علي. فلما ولي دخلت عليه فقلت: يا أمير المؤمنين، أكبر دليل في نصحي أني ما حابيتك نصحاً لأمير المؤمنين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 259 فقال: صدقت، أنت الوزير. فقلت: إلى متى فقال: إلى الموت. فقلت: أحتاج، والله، إلى اليد الشريفة. فأحلفته على ما ضمن لي. قال ابن الجوزي: وحكي أن الوزير بعد ذلك خدم بحمل الكثير من خيل، وسلاح، وغلمان، وطيب، ودنانير، فبعث أربعة عشر فرساً عراباً، فيها فرس يزيد ثمنه على أربعمائة دينار، وست بغلات، وعشرة غلمان ترك، وعشرة زرريات، وخوذة، وعشرة تخوت من الثياب، وسفط فيه عود، وكافور، وعنبر، وسفط فيه دنانير، فقبل منه وطاب قلبه. وأقر المستنجد أصحاب الولايات، وأزال المكوس والضرائب. توفي رحمه الله في ثامن ربيع الآخر. وكان موصوفاً بالعدل والرفق. أطلق من المكوس شيئاً كثيراً، بحيث لم يترك بالعراق مكساً فيما نقل صاحب الروضتين وقال: كان شديداً على المفسدين والعوانية. سجن رجلاً كان يسعى بالناس مدة، فحضر رجل وبذل فيه عشرة الآف دينار، فقال: أنا أعطيك عشرة الآف دينار، ودلني على آخر مثله لأحبسه وأكف شره. ومن أخبار المستنجد، قال ابن الأثير: كان أسمر، تام القامة، طويل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 260 اللحية. اشتد مرضه، وكان) قد خافه أستاذ الدار عضد الدين أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء، وقطب الدين قايماز المقتفوي أكبر الأمراء، فلما اشتد مرض الخليفة اتفقا وواضعا الطبيب على أن يصف له ما يؤذيه، فوصف له الحمام، فامتنع لضعفه، ثم أدخلها، فأعلق عليه باب الحمام فمات. هكذا سمعت غير واحد ممن يعلم الحال. قال: وقيل إن الخليفة كتب إلى وزيره مع طبيبه ابن صفية يأمره بالقبض على قايماز وابن رئيس الرؤساء وصلبهما. فاجتمع ابن صفية بابن رئيس الرؤساء، وأعطاه خط الخليفة، فاجتمع بقايماز ويزدن، وأراهما الخط، فاتفقوا على قتل الخليفة، فدخل إليه يزدن، وقايماز العميدي، وحملاه، وهو يستغيث، إلى الحمام وأغلقاه عليه فتلف. قال: ولما مرض المستنجد أرجف بموته، فركب الوزير بالأمراء والسلاح، فأرسل إليه عضد الدين يقول: إن أمير المؤمنين قد خف، وأقبلت العافية. فعاد الوزير إلى داره. وعمد عضد الدين ابن رئيس الرؤساء وقايماز، فبايعا المستضيء بالله أبا محمد الحسن بن المستنجد. قال ابن النجار: كان المستنجد موصوفاً بالفهم الثاقب، والرأي الصائب، والذكاء الغالب، والفضل الباهر، له نثر بليغ، ونظم بديع، ومعرفة بعمل آلات الفلك والاسطرلاب، وغير ذلك رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 261 4 (الكنى)

4 (ابن الخلال الكاتب.) ويعرف بالقاضي، صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية، واسمه أبو الحجاج يوسف بن محمد بن حسين، الأديب موفق الدين. وكان قد شاخ وكبر، فلما مات أقام صلاح الدين مكانه القاضي الفاضل. مات في جمادى الآخرة. قال العماد: هو ناظر مصر، وإنسان ناظره، وجامع مفاخره. وكان إليه الأنشاء. عطل في آخر أيام، وعمر وأضر. ثم قال: أنشدني مرهف بن أسامة: أنشدني الموفق بن الخلال لنفسه: عدت ليال بالعذيب خواليوخلت مواقف الوصال خوالي ومضت لذاذات تقضى ذكرهاتصبي الخلي وتستهيم السالي) فوجلت موردة الخدود فأوثقتفي الصبوة الخالي بحسن الخال

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 262 وله: أما اللسان فقد أخفى وقد كتمالو أمكن الجفن كف الدمع حين هما أصبتم بسهام اللحظ مهجتهفهل يلام إذا أجرى الدموع دما قد صار بالسقم من تعذيبكم علماً ولم يبح بالذي من جوركم علما وله: وله طرف لواحظهبصرت شوقي على جلدي قذفت عيني سوالفهفتدارت منه بالزردي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 263 4 (وفيات سنة سبع وستين وخمسمائة)

4 (حرق الألف)

4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن الرحبي.) أبو علي الحريمي، العطار، البواب. سمع: أبا عبد الله النعالي، وأبا الحسن بن الخل، وأبا سعد بن خشيش. روى عنه: ابن الأخضر، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، وأبو القاسم بن محمد بن القر، وسعيد بن علي بن بكري، وأحمد بن يعقوب المارستاني، وعبد اللطيف بن القبيطي، وواثلة بن كراز الملاح. توفي في صفر، وله سنة. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد.) أبو عبد الله الإصبهاني، يعرف بعلاء المعدل. سمع: غانماً البرجي، وأبا منصور بن مندويه، وأبا علي الحداد. وحدث ببغداد وكان حياً في هذا العام. 4 (الجيم)

4 (جعفر بن أحمد بن خلف بن حميد بن مأمون.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 264 أبو أحمد البلنسي. روى عن: أبي محمد البطليوسي، وأبي القاسم الأبرش.) قال الأبار: وكان ثقة خياراً، وهو والد القاضي أبي عبد الله بن حميد. عاش نيفاً وسبعين سنة. 4 (الحاء)

4 (الحسن بن علي بن عبد الله بن السماك.) الحريمي. سمع: أبا علي البرداني، وأبا العز محمد بن المختار، وشجاعاً الذهلي. وسافر عن بغداد سنن كثيرة. وسمع منه: ابنه واثق، وأبو بكر بن مشق، وأحمد بن محمد البندنيجي. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (الخاء)

4 (الخضر بن نصر بن عقيل.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 265 أبو العباس الإربلي، الفقيه الشافعي، أحد الأئمة. اشتغل ببغداد على ألكيا الهراسي، وأبي بكر الشاشي. قال ابن خلكان: وله تصانيف كثيرة في التفسير والفقه، وغير ذلك. وألف كتاباً فيه ست وعشرون خطبة نبوية كلها مسندة، وانتفع عليه خلق. وكان رجلاً صالحاً. توفي بإربل، وولي التدريس مكانه ابن أخيه عز الدين أبو القاسم نصر بن عقيل بن نصر، ثم سخط عليه مظفر الدين، فأخرجه، فقدم الموصل بعد الستمائة وبها توفي سنة تسع عشرة. 4 (السين)

4 (سليمان بن داود:) التويزي الأندلسي، ويعرف بابن حوط الله. أخذ القراءآت عن ابن هذيل. وسمع من: طارق بن يعيش، وأبي الوليد بن الدباغ. وكان حسن التلاوة أخذ عنه: ابناه أبو محمد وأبو سليمان.) وتوفي في عاشر ذي الحجة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 266 4 (سليمان بن علي بن عبد الرحمن.) أبو تميم الفراتي، الرحبي، المقرىء، الخباز. سمع: عبد الرحمن بن الحسين بن محمد الحنائي. وروى عنه: ابنا صصرى، وعبد الرحمن بن عمر النساخ، وآخرون. مات رحمه الله تعالى في ربيع الأول. نفلت وفاته من خط أبي عبد الله البرزالي. 4 (العين)

4 (عاشر بن محمد بن عاشر بن خلف.) أبو محمد الأنصاري، الشاطبي. سمع من: أبي علي بن سكرة، وأبي جعفر بن جحدر، وأبي عامر بن حبيب، وأبي عمران بن أبي تليد، وأبي بحر الأسدي. وتفقه بأبي محمد بن أبي جعفر. وأخذ القراءآت بقرطبة عن أبي العباس بن ذروه. وأخذ بعض الروايات عن أبي القاسم بن النحاس، وتوفي الشيخ. وسمع من: ابن عتاب. وأجاز له أبو عبد الله الخولاني، وجماعة. وعني بالفقه، وشهر بالحفظ. وولي خطة الشورى ببلنسية، ثم قضاء مرسية، فحمدت سيرته، ونال دنيا وحشمة. ثم صرف عند زوال دولة الملثمين. وانتهت إليه رئاسة الفتوى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 267 روى عنه: أبو الخطاب بن واجب، وأبو عبد الله بن سعادة، وإبن أخته أبو محمد بن غلبون، وأبو عبد الله الأندرشي. وله مصنفات نافعة. مات في نصف شعبان بعد أن كف بصره وله ثلاث وخمسون سنة. 4 (عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر.) العلامة أبو محمد بن الخشاب، النحوي.) شيخ بغداد ونحوي البلاد، يقال إنه بلغ في النحو درجة أبي علي الفارسي. وكانت له معرفة تامة بالحديث، واللغة، والهندسة، والفلسفة، وغير ذلك. أخذ عن: أبي منصور بن الجواليقي، وأبي بكر بن جوامرد القطان النحوي، وعلي بن أبي زيد الفصيحي، وأبي السعادات هبة الله بن الشجري، والحسن بن علي المحولي اللغوي، حتى أحكم العربية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 268 وكان مولده سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وسمع من: أبي القاسم الربعي، وأبي الغنائم النرسي، وأبي زكريا بن مندة، وغيرهم. ثم طلب بنفسه، وقرأ الكثير. وسمع من: أبي عبد الله البارع، وابن الحصين، وابن كادش، وأبي غالب بن البنا. وقرأ العالي والنازل إلى أن قرأ على أقرانه. وكان له كتب كثيرة إلى الغاية. وروى الكثير، وتخرج به خلق في النحو. وحدث عنه: أبو سعد السمعاني، وذكره في تاريخه فقال: شاب كامل، فاضل، له معرفة تامة بالأدب، واللغة، والنحو، والحديث، يقرأ الحديث قراءة حسنة، صحيحة، سريعة، مفهومة. سمع الكثير بنفسه، وجمع الأصول الحسان من أي وجه، وكان يضن بها. سمعت بقراءته من أبي بكر محمد بن عبد الباقي، وابن السمرقندي وسمعت لقراءته مجلدات من طبقات ابن سعد. وكان يديم القراءة طول النهار من غير فتور. قلت: كان عمره إذ ذاك أربعين سنة. قال: وسمعت أبا شجاع عمر البسطامي يقول: لما دخلت بغداد قرأ علي ابن الخشاب غريب الحديث لأبي محمد القتيبي قراءة ما سمعت قبلها مثلها في الصحة والسرعة. وحضر جماعة من الفضلاء، وكانوا يريدون أن يأخذوا عليه فلتة لسان فما قدروا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 269 قال ابن السمعاني: كتبت عنه جزءاً رواه عن الربعي، وسألته عن مولده فقال: أظن أنه في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وقال ابن النجار إنه أخذ الحساب والهندسة عن: أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري. وأخذ الفرائض عن أبي بكر المزرفي. وكان ثقة. ولم يكن في دينه بذاك. قلت: روى عنه أيضاً: أبو اليمن الكندي، والحافظ عبد الغني، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو) أحمد بن سكينة، وأبو محمد بن قدامة، ومحمد بن عماد الحراني، وأبو البقاء العكبري، وأبو الحسن علي بن نصر الحلي وهو شيخهما في النحو وشيخ الفخر أبي عبد الله بن تيمية الخطيب. وقرأت بخط أبي محمد بن قدامة: كان ابن الخشاب إمام أهل عصره في علم العربية، وحضرت كثيراً من مجالسه، لكن لم أتمكن من الإكثار عنه لكثرة الزحام عليه، وكان حسن الكلام في السنة وشرحها. قلت: وكان ظريفاً مزاحاً على عادة الأدباء. قال ابن الأخضر: كنت عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله مكي القراد فقال: عندك كتاب الجبال فقال: يا أبله ما تراهم حولي وقال ابن النجار: سمعت بعضهم يقول: سأل ابن الخشاب واحد من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 270 تلامذته: الفقا يمد أو يقصر فقال: يمد ثم يقصر. قال: وبلغني أن اثنين أتياه ليعرضا عليه شعراً قالاه، فسمع من أحدهما، فقال للآخر: هو أردأ شعراً منك. فقال: وكيف ولم تسمع شعري قال: لأن شعره لا يمكن أن يكون أردأ منه. وسأل بعض تلامذته: ما بك فقال: فؤآدي. فقال: لو لم تهمزه لم يوجعك. قال: وبلغني أن بعض المعلمين قرأ عليه قول العجاج: أطرباً وأنت فنسريوإنما يأتي الصبا الصبي فجعل الصبا بالياء، فقال له: هذا عندك في المكتب. فاستحى. وله في الشمعة: صفراء لا من سقم مسهاكيف وكانت أمها الشافيه عريانة باطنها مكتسفأعجب لها كاسية عاريه قال ابن النجار: وسمعا حمزة القبيطي يقول: كان ابن الخشاب يتعمم بالعمامة، وتبقى على حالها مدة حتى يسود ما يلي رأسه منها، وتتقطع من الوسخ، وترمي عليها العصافير ذرقها، فيتركه على حاله.) قال: وسمعت أبا محمد بن الأخضر أن ابن الخشاب ما تزوج قط ولا تسرى، وكان قذراً يستقي بجرة مكسوراً. ولما مرض أتيناه نعوده، فوجدناه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 271 في أسوأ حال من وسخ الثياب وقذر مكانه وعدم الغداء. فأشرنا على القاضي أبي القاسم بن الفراء بأن ينقله إلى داره، فنقله وأسكنه في بيت نظيف، وألبسه ثوباً نظيفاً، وأحضر الأسربة والماء ورد، فوجد راحة وخفة، فأشهدنا بوقف كتبه، فاستولى عليها بيت العطار، وباعوا أكثرها، وتفرقت حتى بقي عشرها. فترك برباط المأمونية. قال ابن النجار: كان رحمه الله بخيلاً، متبذلاً في ملبسه ومطعمه، ويلبس قذراً، ويلعب بالشطرنج على الطريق، ويقف على المشعبذ وأصحاب القرود، يكثر المزاج. وقد صنف الرد على الحريري في موضع من المقامات، وشرح اللمع لابن جني ولم يتمه، وشرح مقدمة الوزير ابن هبيرة في النحو، وصنف الرد على أبي زكريا التبريزي في تهذيبه لإصلاح المنطق. وقال جمال الدين القفطي: كان مطرحاً للتكلف، وفيه بذاءة، ويقف على الحلق، ويقعد للشطرنج أين وجده، وكلامه أجود من قلمه. وكان ضيق العطن، ما صنف تصنيفاً فكمله. شرح الجمل للجرجاني، وترك أبواباً في وسط الكتاب وأقر هذا التصنيف وهو على هذه الصورة، ولم يعتذر عنه. قال ابن النجار: سمعت أبا بكر المبارك بن المبارك النحوي يقول: كان أبو محمد بن الخشاب يحضر دائماً سوق الكتب، فإذا نودي على الكتاب يريد أن يشتريه أخذه وطالعه، واستغفل الحاضرين، وقطع ورقة، ثم يقول إنه مقطوع ليشتريه برخص، فإذا اشتراه أعاد الورقة في بيته. قال: وكان له إيوان كبير ملآن من الكتب والأجزاء، فكان إذا استعار شيئاً وطلب منه يقول: قد حصل بين الكتب فلا أقدر عليه. قلت: إن صح هذا فلعله تاب والله يغفر له.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 272 قال ابن الجوزي: دخلت عليه في مرضه وقد يئس من نفسه، فقال لي: عند الله أحتسب نفسي. وتوفي يوم الجمعة ثالث رمضان. ودفن يوم السبت. وحدثني عبد الله بن أبي الفرج الحنائي الرجل الصالح قال: رأيته في النوم بعد موته بأيام،) ووجهه مضيء، فقلت له: ما فعل الله بك قال: غفر لي وأدخلني الجنة، إلا أنه أعرض عني. فقلت له: أعرض عنك فقال: نعم، وعن جماعة من العلماء تركوا العمل. 4 (عبد الله بن طاهر بن حيدرة بن مفوز.) أبو محمد المعافري، الشاطبي. أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن أبي العيش. وسمع من: أبيه، وأبي إسحاق بن جماعة. وتفقه بأبي عبد الله بن مغاور، وأجاز له آخرون. قال الأبار: كان فقيهاً، إماماً، خبيراً بالشروط، وقوراً. ولي قضاء شاطبة، فجرى على طريقة السلف الصالح، عدلاً، وزكاة، وحلماً، وأناة. وتوفي كهلاً. 4 (عبد الله بن منصور بن هبة الله بن أحمد.) أبو محمد بن أبي الفوارس بن الموصلي، البغدادي، المعدل. سمع من أبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل ديوان المتنبي وتفرد به.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 273 وسمع من: أبي عبد الله النعالي، وأبي الحسن بن الطيوري، وأبي الحسن بن العلاف، وشجاع الذهلي، وغيرهم. سمع منه: أبو محمد بن الخشاب، وأبو سعد بن السمعاني، وغير واحد. وحدث عنه: أبو محمد بن الأخضر، وابن قدامة، ومنصور بن الزكي، والغزال، ومحمد بن عماد الحراني، وأبو حفص السهروردي في مشيخته، وآخرون. وروى عنه بالإجازة الرشيد بن مسلمة، وغيره. قال الدبيثي: فقد أياماً ثم فقد في بيته ميتاً في ربيع الآخر، وله ثمانون سنة. 4 (عبد الله العاضد لدين الله.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 274 أبو محمد بن يوسف بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم العبيدي، المصري، الرافضي، الذي يزعم هو وبيته أنهم فاطميون وهو آخر خلفاء مصر. ولد سنة ست وأربعين وخمسمائة في أولها. ولما هلك الفائز ابن عمه واستولى الملك طلائع بن) رزيك على الديار المصرية بايع العاضد وأقامه صورة، وكان كالمحجور عليه لا يتصرف في كل ما يريد. ومع هذا كان رافضياً، سباباً، خبيثاً. قال ابن خلكان: كان إذا رأى سنياً استحل دمه. وسار وزيره الملك الصالح سيرة مذمومة، واحتكر الغلات، فغلت الأسعار، وقتل أمراء الدولة خيفة منهم، وأضعف أحوال دولتهم بقتل ذوي الرأي والبأس، وصادر ذوي الثروة. وفي أيام العاضد ورد حسن بن نزار بن المستنصر العبيدي من الغرب، وقد جمع وحشد، فلما قارب مصر غدر به أصحابه، وقبضوا عليه، وأتوا به إلى العاضد، فذبح صبراً في سنة سبع وخمسين. قلت: ثم قتل ابن رزيك، ووزر له شاور، فكان سبب خراب دياره، ودخل أسد الدين إلى ديار مصر كما ذكرنا، وقتل شاور، ومات بعده أسد الدين، وقام في الأمر ابن أخيه صلاح الدين وتمكن في المملكة. قال القاضي جمال الدين ابن واصل: حكى لي الأمير حسام الدين، فحكى أنه لما وقعت هذه الوقعة، يعني وقعة السودان، بالقاهرة التي زالت دولتهم فيها، ودولة آل عبيد، قال: شرع صلاح الدين يطلب من العاضد أشياء من الخيل والرقيق والأموال ليتقوى بذلك. قال: فسيرني يوماً إلى العاضد أطلب منه فرساً، ولم يبق عنده إلا فرس واحد، فأتيه وهو راكب في بستانه المعروف بالكافوري الذي يلي القصر،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 275 فقلت: صلاح الدين يسلم عليك، ويطلب منك فرساً. فقال: ما عندي إلا الفرس الذي أنا راكبه ونزل عنه وشق خفيه ورمى بهما، وسلم إلي الفرس، فأتيت به صلاح الدين. ولزم العاضد بيته. قلت: واستقل صلاح الدين بالأمر، وبقي العاضد معه صورة إلى أن خلعه، وخطب في حياته لأمير الؤمنين المستضيء بأمر الله العباسي، وأزال الله تلك الدولة المخذولة. وكانوا أربعة عشر متخلفاً لا مستخلفاً. قال الإمام شهاب الدين أبو شامة: اجتمعت بالأمير أبي الفتوح ابن العاضد وهو مسجون مقيد في سنة ثمان وعشرين وستمائة، فحكى لي أن أباه في مرضه استدعى صلاح الدين فحضر، قال: فأحضرونا، يعني أولاده، ونحن صغار، فأوصاه بنا، فالتزم إكرامنا وآحترامنا. قال أبو شامة: كان منهم ثلاثة بإفريقية وهم الملقبون بالمهدي، والقائم، والمنصور، وأحد عشر) بمصر، وهم: المعز، والعزيز، والحاكم، والظاهر، والمستنصر، والمستعلي، والآمر، والحافظ، والظافر، والفائز، والعاضد، يدعون الشرف، ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي، حتى اشتهر لهم ذلك بين العوام، فصاروا يقولون الدولة الفاطمية والدولة العلوية. إنما هي الدولة اليهودية، أو المجوسية الملحدة الباطنية. قال: وقد ذكر ذلك جماعة من العلماء الأكابر أنهم لم يكونوا لذلك أهلاً، ولا نسبهم صحيح، بل المعروف أنهم بنو عبيد. وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي. قال: وقيل كان والد عبيد هذا يهودياً من أهل سلمية، وكان حداداً. وعبيد كان اسمه سعيد، فلما دخل المغرب تسمى بعبيد الله، وآدعى نسباً ليس

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 276 بصحيح. وذكر ذلك جماعة من علماء الأنساب، ثم ترقت به الحال إلى أن ملك المغرب، وبنى المهدية، وتلقب بالمهدي. وكان زنديقاً خبيثاً، عدواً للإسلام. قتل من الفقهاء، والمحدثين، والصالحين جماعة كبيرة، ونشأت ذريته على ذلك. وبقي هذا البلاء على الإسلام من أول دولتهم إلى آخرها، وذلك في ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين إلى سنة سبع وستين وخمسمائة. وقد بين نسبهم جماعة مثل القاضي أبي بكر الباقلاني، فإنه كشف في أول كتابه المسمى كشف أسرار الباطنية عن بطلان نسب هؤلاء إلى علي رضي الله عنه، وكذلك القاضي عبد الجبار بن أحمد استقصى الكلام في أصولها، وبينها في أواخر كتاب تثبيت النبوة، وبين ما فعلوه من الكفريات والمنكرات. قرأت في تاريخ صنف على السنين في مجلد صنفه بعض الفضلاء سنة بضع وثلاثين وستمائة، وقدمه لصاحب مصر الملك الصالح: في سنة سبع وستين: وفى العاضد في يوم عاشوراء بعد إقامة الخطبة بمصر بيويمات في أول جمعة من المحرم لأمير المؤمنين المستضيء بالله، والعاضد آخر خلفاء مصر. فلما كانت الجمعة الثانية خطب بالقاهرة أيضاً للمستضيء، ورجعت الدعوة العباسية بعد أن كانت قد قطعت بها أكثر من مائتي سنة. وتسلم الملك صلاح الدين قصر الخلافة، واستولى على ما كان به من الأموال والذخائر، وكانت عظيمة الوصف. وقبض على أولاد العاضد وأهل بيته، وحبسهم في مكان واحد بالقصر، وأجرى عليهم ما يمولهم، وعفى آثارهم، وقمع مواليهم وسائر أنسبائهم. قال: وكانت هذه الفعلة من أشرف أفعاله، فلنعم ما فعل، فإن هؤلاء كانوا باطنية زنادقة، دعوا) إلى مذهب التناسخ، وآعتقاد حلول الجزء الإلهي في أشباحهم. وقد ذكرنا أن الحاكم قال لداعيه: كم في جريدتك

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 277 قال: ستة عشر ألفاً يعتقدون أنك الإله. قال شاعرهم... في الحاكم: ما شئت لا ما شاءت الأقدارفآحكم فأنت الواحد القهار فلعن الله المادح والممدوح، فليس هذا في القبح إلا كقول فرعون أنا ربكم الأعلى. قال بعض شعرائهم في المهدي برقادة: حل برقادة المسيححل بها آدم ونوح حل بها الله في علاهفما سوى الله فهو ريح قال: وهذا أعظم كفراً من النصارى، لأن النصارى يزعمون أن الجزء الإلهي حل بناسوت عيسى فقط، وهؤلاء يعتقدون حلوله في جسد آدم ونوح والأنبياء وجميع الأئمة. هذا اعتقادهم لعنهم الله. فأما نسبهم فأئمة النسب مجمعون على أنهم ليسوا من ولد علي رضوان الله عليه، بل ولا من قريش أصلاً. قلت: قد ذكرنا فيما مضى أن القادر بالله كتب محضراً يتضمن القدح في نسبهم ومذهبهم، وأنه شهد في ذلك المحضر خلق، منهم: الشريفان الرضي، والمرتضى، والشيخ أبو حامد الإسفرائيني، وأبو جعفر القدوري وفي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 278 المحضر أن أصلهم من الديصانية، وأنهم خوارج أدعياء. وذلك في سنة اثنتين وأربعمائة. وقال العماد الكاتب، يصف ما جرى على ما خلفه العاضد من ولد وخدم وأمتعة، إلى أن قال: وهم الآن محصورون محسورون، ولم يظهروا، وقد نقص عددهم، وقلص مددهم. ثم عرض من بالقصر من الجواري والعبيد فوجد أكثرهن حرائر، فأطلقهن، وفرق من بقي. وأخذ يعني صلاح الدين كلما صلح له ولأهله وأمرائه من أخاير الذخائر، وزواهر الجواهر، ونفائس الملابس، ومحاسن العرائس، والدرة اليتيمة، والياقوتة الغالية القيمة، والمصوغات التبرية، والمصنوعات العنبرية، والأواني الفضية، والصواني الصينية، والمنسوجات المغربية، والممزوجات الذهبية، والعقود والنقود، والمنظوم والمنضود، وما لا يعد الإحصاء.) وأطلق البيع بعد ذلك في كل جديد وعتيق، وبال وأسمال، واستمر البيع فيها مدة عشر سنين، وانتقلت إلى البلاد بأيدي المسافرين. وكتب السلطان صلاح الدين إلى وزير بغداد على يد شمس الدين محمد بن المحسن بن الحسين بن أبي المضاء البعلبكي الذي خطب أول شيء بمصر لبني العباس في أول السنة بإنشاء الفاضل كتاباً، فمما فيه: قد توالت الفتوح غرباً وشرقاً، ويمناً وشآماً، وصارت البلاد والشهر بل الدهر حرماً حراما، وأضحى الدين واحداً بعدما كان أديانا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 279 والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها إلا صماً وعميانا. والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شائعة. ذلك أنهم اتخذوا عباد الله من دون أولياء، وسموا أعداء الله أصفياء. وتقطعوا في أمرهم شيعا، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا. وكذبوا بالنار، فعجلت لهم نار الحتوف، ونثرت أقلام الظباء حروف رؤوسهم نثر الأقلام للحروف. ومزقوا كل ممزق، وأخذ منهم كل مخنق. وقطع دابرهم، ووعظ آتيهم غابرهم. ورغمت أنوفهم ومنابرهم، وحقت عليهم الكلمة تشريداً وقتلا، وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً، وليس السيف عمن سواهم من الفرنج بصائم، ولا الليل عن السير إليهم بنائم. ولا خفاء عن المجالس الصاحبي أن من شد عقد خلافة، وحل عقد خلاف، وقام بدولة وقعد بأخرى قد عجز عنها الأخلاف والأسلاف، فإنه يفتقر إلى أن يشكر ما نصح، ويقلد ما فتح، ويبلغ ما اقترح، ويقام حقه ولا يطرح، ويقرب مكانه وإن نزح، وتأتيه التشريفات الشريفة. إلى أن قال: وقد أنهض لإيصال ملطفاته، وتنجز تشريفاته، خطيب الخطباء بمصر، وهو الذي اختاره لصعود المنبر، وقام بالأمر قيام من بر، واستفتح بلبس السواد الأعظم، الذي جمع الله عليه السواد الأعظم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 280 وقال ابن أبي طيء: لما فرغ السلطان من أمر الخطبة أمر بالقبض على القصور بما فيها، فلم يوجد فيها من المال كبير أمر، لأن شاور كان قد ضيعه في إعطائه الفرنج، بل وجد فيها ذخائر جليلة. ومن عجيب ما وجد فيه قضيب زمرد شبر وشيء في غلظ الإبهام، فأخذه السلطان، وأحضر صائغاً ليقطعه، فأبى الصائغ وآستعفى، فرماه السلطان، فانقطع ثلاث قطع، وفرقه على نسائه. ووجد طبل القولنج الذي صنع للظافر، وكان من ضربه خرج منه الريح واستراح من القولنج،) فوقع إلى بعض الأكراد، فلم يدر ما هو، فكسره، لأنه ضرب به فحبق. ووجد في الذخائر إبريق عظيم من الحجر المائع، فكان من جملة ما أرسل من التحف إلى بغداد. ثم وصل موفق الدين بن القيسراني، واجتمع من مصر بصلاح الدين، وأبلغه رسالة نور الدين، وطالبه بحساب جميع ما حصله، فصعب ذلك عليه، وهم بشق العصا، ثم سكن، وأمر النواب بعمل الحساب، وعرضه على ابن القيسراني، وأراه جرائد الأجناد بأخبارهم، وقد ذكر في الحوادث جميع ذلك. وكان عمارة اليمني الشاعر نت العبيديين ممن يتولاهم، فرثى العاضد بهذه: رميت يا دهر كف المجد بالشلل وجيده بعد حسن الحلى بالعطل سعيت في منهج الرأي العثور فإنقدرت من عثرات الدهر فاستقل خدعت مازنك الأعلى فأنفك لاينفك ما بين أمر الشين والخجل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 281 لهفي ولهف بني الآمال قاطبة على فجيعتها في أكرم الدول قوم عرفت بهم نسب الألوف ومنكمالها أنها جاءت ولم أسل يا عاذلي في هوى ابن فاطمة لك الملامة إن قصرت في عذلي بالله در ساحة القصرين وآبك معيعليهما لا على صفين والجمل ماذا ترى كانت الإفرنج فاعلة في نسل آل أمير المؤمنين علي أسلت من أسف دمعي غداة خلترحابكم وغدت مهجورة السبل والله لا فاز يوم الحشر مبغضكمولا نجا من عذاب النار غير ولي وهي طويلة. قيل: كان موت العاضد بذرب مفرط أتلفه. وقيل: مات غماً لما سمع بقطع خطبته وقيل: بل كان خاتم مسموم فأمتصه، فمات لما سمع بزوال دولته، والأول أقرب وأشبه. 4 (عبد الله بن أحمد بن الحسين.) الرئيس أبو محمد الحميري الأطرابلسي، الكاتب، ويعرف بابن النقار. ولد بطرابلس سنة تسع وسبعن، وقرأ بها الأدب، فلما أخذتها الفرنج

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 282 تحول إلى دمشق. وكان شاعراً فاضلاً، كتب لملوك دمشق، ثم كتب لنور الدين رحمه الله. وعمر دهراً وله قصيدة) مشهورة يقول فيها: من منصفي من ظالم متعتبيزداد ظلماً كلما حكمته ملكته روحي ليحفظ ملكهفأضاعني وأضاع ما ملكته أحبابنا أنفقت عمري عندكمفمتى أعوض بعض ما أنفقته فلمن ألوم على الهوى وأنا الذيقدت الفؤآد إلى الغرام وسقته

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 283 4 (عبد الكريم بن إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد.) النيسابوري، ثم البغدادي، الصوفي. سمع من: ابن الحصين، وزاهر الشحامي. كتب عنه: عمر بن علي القرشي، وغيره. 4 (عبد الملك بن إلكيا الهراسي أبي الحسن علي بن محمد.) الطبري، ثم البغدادي. سمع من: ابن بيان الرزاز. روى عنه: ابن الأخضر. وتوفي في ربيع الآخر. 4 (عبد الملك بن محمد بن باتانة.) أبو الحسن المغربي، المجود. ماذكر ابن النجار على من تلا. سمع: أبا العز بن المختار. ومات في ربيع الأول.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 284 4 (عثمان بن يوسف بن أيوب.) أبو عمرو الكاشغري، الخجندي، ويعرف أبوه بابن زريق. من أهل كاشغر، سكن بغداد. وكان يوسف يخدم في إصطبل المستظهر بالله، فولد له عثمان، وتفقه على مذهب أبي حنيفة، وسمع الحديث. وسمع أولاده علياً، وأبا بكر، وإبراهيم من: أبي الفتح بن البطي، وأبي بكر بن النقور، وأبي المعالي بن حنيفة، وأمثالهم.) وحصل الأصول، واستنسخ، ونفذ من الديوان العزيز في مهم إلى الملك نور الدين، فسمع منه الشيخ أبو عمرو، وأخوه الشيخ الموفق، والحافظ عبد الغني في سنة خمس وستين. قال ابنه إبراهيم: توفي في حدود سنة سبع وستين. 4 (عرقلة.) الشاعر المشهور. هو أبو الندى حسان بن نمير الكلبي، الدمشقي، شاعر مجيد، ونديم خليع، وأعور مطبوع، وهو القائل في دمشق. فأما دمشق فجنات مزخرفة للطالبين بها الولدان والحور ما صاح فيها على أوتاره قمرإلا وغناه قمري وشحرور يا حبذا دروع الماء تنسجهاأنامل الريح لولا أنهازور وله وقد ولي صلاح الدين يوسف بن أيوب شحنكية دمشق لنور الدين

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 285 في سنة 560: رويدكم يا لصوص الشامفإني لكم ناصح في المقال أتاكم سمي النبي الكريميوسف رب الحجى والجمال فذلك يقطع أيدي النساوهذا يقطع أيدي الرجال وكان صلاح الدين وعده إن أخذ مصر أن يعطيه ألف دينار، فلما ملكها قال فيه: قل لصلاح الدين معيني عند افتقارييا ألف مولاي أين الألف دينار أخشى من الأسر إن حاولت أرضكموما تقى جنة الفردوس بالنار فجد بها عاضديات موفرة من بعد ما خلف الطاغي أخو الغار حمراً كأسيافكم غبراً كخيلكمعتقاً ثقالاً كأعدائي وأطماري فأعطاه ألف دينار وأخذ له من إخوته مثلها، فجاءه الموت ولم ينتفع بفجأة الغنى. ومن شعره: عندي لكم من الأشواق والبرحاما صير الجسم من بعد الضنا شبحا أحبابنا لا تظنوني سلوتكمالحال ما حال والتبريح ما برحا لو كان يسبح صب في مدامعهلكنت أول من في دمعه سبحا أو كنت أعلم أن البين يقتلني ما تبت عنكم ولكن فات ما ربحا) وله: ترى عند من أحببته لا عدمتهمن الشوق ما عندي وما أنا صانع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 286 جنبي إذا حدثت عن ذاك أعينوكلي إذا نوجيت عنه مسامع ولعرقلة ديوان مشهور. توفي بدمشق في حدود سنة سبع هذه. 4 (علي بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن يعيش.) أبو الحسن القرشي، الزهري، العوفي، الباجي، قاضي إشبيلية. سمع: أبا القاسم الهوزني، وشريح بن محمد، وأبا بكر بن العربي. وناظر في المدونة عند أبي مروان الباجي. وأخذ العربية عن: أبي الحسن بن الأخضر. وسمع بقرطبة من: أبي محمد بن عتاب، وابن بقي، وأبي الوليد بن طريف. قال الأبار: وكان فقيهاً، مشاوراً، محدثاً، متقدماً بنفسه وبشرفه. وله تصنيف في مناسك الحج. حدث عنه: أبو بكر بن خير، وأبو عمر بن عباد، وأبو بكر بن أبي زمنين، وأبو الخطاب بن واجب. وآخر من حدث عنه أبو القاسم عبد الرحمن ابنه. توفي في ربيع وله سبع وسبعون سنة. وكانت له جنازة مشهودة. 4 (علي بن صالح بن أبي الليث.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 287 أبو الحسن بن عز الناس العبدري، الدانين الطرطوشي. سمع: أبا محمد بن الصيقل، وأبا بكر بن العربي، وأبا القاسم بن ورد. جيد الاستنباط، فصيحاً لسناً. وكان رأس الفتوى بدانية. وله مصنفات. أخذ عنه: أبو عمرو بن عياد، وابنه محمد، وأبو محمد بن سفيان، وأسامة بن سليمان، وأبو القاسم بن سمحون. وقتل مظلوماً بدانية سنة ست وستين. وقال محمد بن عياد: قتل لسعاية لحقته عند السلطان محمد بن سعد سنة سبع وستين، وولد سنة ثمان وخمسمائة بطرطوشة.) 4 (علي بن عبد الله بن خلف بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك.) الإمام أبو الحسن ابن النعمة الأندلس، المريي، نزيل بلنسية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 288 أخذ في صغره عن أبي الحسن بن شفيع. وسمع من: عباد بن سرحان. وانتقل به أبوه إلى بلنسية سنة ست وخمسمائة فقرأ بها القرآن على موسى بن خميس الضرير، وأبي عبد الله بن باسة. وأخذ العربية عن أبي محمد البطليوسي وآختص به. وروى عن: أبي بحر بن العاص، وخليص بن عبد الله، وأبي عبد الله بن أبي الخير. ورحل إلى قرطبة سنة ثلاث عشرة فتفقه بأبي الوليد بن رشد، وأبي عبد الله بن الحاج. وسمع من: أبي محمد بن عتاب، وأبي القاسم بن بقي، وأبي الحسن بن مغيث، وجماعة. وسمع أيضاً من: أبي علي بن سكرة. وأجاز له جماعة وتصدر ببلنسية لإقراء القرآن، والفقه، والنحو، والرواية، ونشر العلوم. قال الأبار: وكان عالماً متقناً، حافظاً للفقه والتفاسير ومعاني الآثار، مقدماً في علم اللسان، فصيحاً، مفوهاً، ورعاً، فاضلاً، عند الخاصة والعامة، دمث الأخلاق، لين الجانب. ولي خطة الشورى وخطابة بلنسية دهراً، وانتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى. وصنف كتاب ري الظمآن في تفسير القرآن، وهو كبير. وصنف كتاب الإمعان في شرح مصنف النسائي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 289 أبي عبد الرحمن بلغ في الغاية في الاحتفال والإكثار، وانتفع به الناس، وكثر الراحلون إليه. وأخبرنا عنه جماعة من شيوخنا، وهو خاتمة العلماء بشرف الأندلس. توفي في رمضان إلى رحمة الله تعالى، وهو في عشر الثمانين. قرأ عليه بالروايات: أبو علي الحسن بن محمد بن فاتح. 4 (علي بن عمران بن معروف.) أبو الحسن البكري الإصبهاني. كان سالار الحاج، حج مرات. روى عن: أبي مطيع، وأبي الفتح الحداد. وعنه: أبو المحاسن القرشي، وابنه أبو بكر عبد الله.) ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 290 ومات في ذي الحجة. 4 (علي بن أبي الله محمد بن أحمد بن فيد.) أبو الحسن الفارسي الأصل القرطبي. روى عن: أبي محمد بن عتاب، وأبي الوليد بن طريف، وأبي بحر الأسدي. وحج سنة ثلاثين، فسمع: أبا بكر بن عشير الشرواني، وأبا علي بن العرجاء، وأبا المظفر الشيباني. قال الأبار: ولقي أيضاً: أبا سعيد حيدر بن يحيى، وسلطان بن إبراهيم المقدسي وأكثر عن السلفي. وآنصرف إلى قرطبة بفوائد جمة، فسمعوا منه. وكان من أهل العناية الكاملة بالرواية، ثبتاً، عارفاً، موصوفاً بالذكاء والحفظ، متواضعاً. خرج من قرطبة في الفتنة بعد الأربعين وخمسمائة، فنزل كورة ألش، من أعمال مرسية، فولي خطابتها مدة. وكان الناس يقصدونه. حدث عنه ابن بشكوال وأعجب من هذا أن رزين بن معاوية العبدري حدث عنه بسيرة ابن إسحاق، بروايته عن السلفي. وحدث عنه من شيوخنا: أبو الخطاب بن واجب، وأبو عبد الله التجيبي. استشهد في خروجه من ألش مع عامة أهلها لما خافوا من الأمير سعد بن محمد، وكانوا قد خلعوا دعوته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 291 قتل في هذه السنة وقد قارب الثمانين. 4 (علي بن محمد بن خليد.) أبو الحسن بن الإشبيلي. سكن المرية، وأخذ عن: أبي القاسم بن ورد ولازمه. وبرع في علم الأصول والكلام. وكان خطيباً مفوهاً، وافر الحرمة. أخذ عنه: أبو القاسم بن الملجوم، وأبو عمرو بن عبد الله. توفي بمراكش. 4 (القاف) ) 4 (القاسم بن الفضل بن عبد الواحد بن الفضل.) أبو المطهر بن أبي طاهر الإصبهاني، الصيدلاني. سمع من: رزق الله التميمي، ومكي بن منصور الكرجي، وغيرهم. حدث عنه بمسند الشافعي: أحمد بن محمد الجنزي، ثم الإصبهاني، وروى عنه: أبو نزار ربيعة بن الحسن اليمني، ومحمد بن مسعود بن أبي الفتح

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 292 المديني، والحافظ عبد القادر الرهاوي، ومحمد بن أبي سعيد بن طاهر الفقيه، ومعاوية بن الفضل، وجماعة. وروى عنه: بالإجازة: موفق الدين بن قدامة، وكريمة القرشية وكان من آخر من روى عن رزق الله أو آخرهم. توفي في نصف جمادى الأولى عن نيف وتسعين سنة. ورخه ابن نقطة. وروى عنه أبو سعد السمعاني وقال: كان متميزاً، حريصاً على طلب الحديث، مليح الخط، سمع وأكثر وبالغ. روى عن: سليمان الحافظ، وجده لأمه أبا منصور محمد بن علي بن عبد الرزاق، وطائفة. 4 (الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الزبير.) أبو عبد القيسي الشاطبي، عرف بالإغريثي، نسبة إلى بعض أعمال شاطبة. ولي خطاب شاطبة، وكان موصوفاً بالزهد والخشوع وإلا...، والبكاء مشاراً إليه بإجابة الدعوة. 4 (محمد بن أسعد بن محمد بن نصر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 293 الفقيه أبو المظفر بن عبد الحليم البغدادي، العراقي، الحنفي، الواعظ، نزيل دمشق، وكان يعظ بها. ثم درس بالطرخانية وبالصادرية، وبنى له الأمير معين الدين أنز مدرسة. وظهر له القبول في الوعظ. وسمع: أبا علي بن نبهان، وأبا غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، ونور الهدى الزينبي، وغيرهم.) روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه شمس الدين أبو القاسم، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي، وغيرهم. قال الحافظ ابن عساكر في ترجمته، وذكر أنه سمع المقامات من الحريري، وألف تفسيراً وشرح المقامات: وأنشدني بماردين أبياتاً، لقيته بها. قلت: أنبا بالمقامات الكاتبة أمة العزيز بنت يوسف بن غنيمة بمنزلها، أبا أبو نصر بن الشيرازي، أنا أبو المظفر الحنفي، أنا الحريري المصنف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 294 توفي عن نيف وثمانين سنة بدمشق. وقد كتب عنه أبو سعد بن المعاني، رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن سعد بن مردنيش.) الأمير أبو عبد الله، صاحب الشجاعة والإقدام بمرسية ونواحيها. ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وتنقلت به الأحوال، وتملك مرسية وبلنسية، واستعان بالفرنج على حرب الموحدين، واستفحل شأنه بعد موت عبد المؤمن، فسار إليه أبو يعقوب بن عبد المؤمن، وعبر إلى الأندلس في مائة ألف، ودخل إشبيلية، وجاء إليه أخوه عمر، وكان نائبه على الأندلس، فاستشعر ابن مردنيش العجز، والقهر، ومرض مرضاً شديداً، وآحتضر، فأمر بنيه أن يبادروا إلى أبي يعقوب، ويسلموا إليه البلاد التي بيده. ومات هو في التاسع والعشرين من رجب، فقيل إن أمه سقته السم لأنه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 295 كان قد أساء إلى أهله وخواصه، فكلمته وأغلظت له، فتهددها حتى خافت منه، فعملت عليه وسقته، وبادر إخوته فسلموا شرق الأندلس إلى أبي يعقوب، وهي مرسية، وبلنسية، وجيان، فأكرمهم وفرح بمحبتهم، وتزوج بأختهم، وصاروا من حزبه. 4 (محمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس.) أبو بكر العبدري، القرطبي الأديب. روى عن: أبي محمد بن عتاب، وأبي الوليد بن رشد، وأبي بحر الأسدي، وابن مغيث، وجماعة. قال الأبار: كان متقدماً في علم اللسان، متصرفاً في غيره من الفنون، حافظاً، حافلاً، شاعر، مجوداً. نزل مراكش، وأقرأ بها العربية، والآداب، وشرح الجمل للزجاجي.) حدث عنه: يعيش بن العديم. وتوفي بمراكش عن إقلاع وإنابة. 4 (محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن الفرج بن خلف.) الإمام أبو عبد الله ابن الفرس الأنصاري، الخزرجي، الغرناطي. سمع أباه أبا القاسم وأخذ عنه القراءآت، وتفقه عليه. وسمع: أبا بكر بن عطية، وأبا الحسن بن الباذش. ورحل إلى قرطبة فسمع: أبا محمد بنت عتاب، وأبا بحر، وابن رشد، وابن مغيث، وطائفة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 296 وتفقه ببعضهم وأخذ القراءآت بقرطبة. وعدد شيوخه خمسة وثمانون. قال الأبار: كان عالماً، حافلاً، راوية، مكثراً متحققاً بالقراءآت والفقه، وله مشاركة في الحديث والأصول مع البصر بالفتوى. نزل مرسية، وولي خطة الشورى، ثم ولي قضاء بلنسية، ثم استعفى منه، وكان في وقته أحد حفاظ الأندلس في المسائل مع المعرفة بالآداب. وكانت أصوله أعلاماً نفسية لا نظير لها، جمع منها كثيراً وكتب بخطه أكثرها. قال التجيبي: ذكر لي من فضله ما أزعجني إليه، فلقيت عالماً كبيراً، ووجدت عنده جماعة وافرة من شرق الأندلس وغربها، يأخذون عنه الفقه، والحديث، والقراءآت، إفراداً وجمعاً. قرأ عليه بها وبرواية يعقوب، واستظهر عليه التيسير وملخص القابسي. وكان أنه قر وكان يؤم بجامع مرسية لحسن صوته. قال الأبار: ثنا عنه جماعة من جلة شيوخنا. وتوفي في شوال وله ست وستون سنة. 4 (محمد بن علي بن جعفر القيسي القلعي.) من قلعة حماد بالمغرب. أبو عبد الله بن الرمامة، نزيل مدينة فاس. تفقه على: أبي الفضل بن النحوي. ودخل الأندلس فسمع من: أبي محمد بن عتاب، وأبي بحر الأسدي.) وولي قضاء فاس فلم يحمد. وكان عاكفاً على تواليف الغزالي لا سيما البسيط.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 297 روى عنه: أبو القاسم بن بقي، وجماعة. مات في رجب، وله تسع وثمانون سنة، وله تصانيف. 4 (محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد.) الفقيه أبو حامد الطوسي، البروي، الشافعي. سمع: محمد بن إسماعيل الفارسي، وعبد الوهاب بن شاه الشاذياحي وتفقه بأبي سعد محمد بن يحيى. وقدم دمشق سنة خمس وستين، ونزل بدويرة السميساطي، وكان واعظاً، فاضلاً، مناظراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 298 توفي ببغداد في رمضان وله خمسون سنة. كذا ذكره ابن عساكر. وأما ابن الدبيثي فأطنب في وصفه، وسماه محمد بن محمد بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله البروي، وقال: أحد علماء عصره، والمشار إليه بالتقدم في معرفة الفقه، والكلام، والنظر، وحسن العبارة والبلاغة. قدم من دمشق فرزق قبولاً ببغداد، ودرس بها الأصول والجدل بالمدرسة البهائية وكان يحضر درسه خلق. ووعظ بالنظامية ثم عاجله الموت. وقد حدث بشيء يسير. وكناه ابن الجوزي في منتظمه أبا المظفر، وقال: قدم علينا بغداد، وجلس للواعظ، وأظهر مذهب الأشعري، وناظر عليه، وتعصب على الحنابلة وبالغ. وقال ابن الأثير: اصابه إسهال فمات، فقيل إن الحنابلة أهدوا له حلواء، فأكل منها فمات هو، وكل من أكل منها. وقال سبط ابن الجوزي: كان شاباً، حسن الصورة، فصيحاً، مليح الإشارة والعبارة بالغ في ذم الحنابلة، وقال: لو كان لي أمر لوضعت عليهم الجزية. فيقال إنهم دسوا عليه امرأة جاءته في الليل بصحن حلوى مسموم، وقالت: هذا يا سيدي من منزلي. فأكله هو وآمرآته وولد صغير، فأصبحوا موتى. وقال ابن خلكان في اسمه: محمد بن محمد بن محمد بن محمد سعد، أبو منصور البروي، صاحب التعليقة المشهورة في الخلاف، وكان من أكبر أصحاب محمد بن يحيى، وله جدل مليح مشهور، أكثر إشغال الفقهاء به، وشرحه تقي الدين منصور بن عبد الله المصري المعروف) بالمعثر شرحاً

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 299 مشبعاً. ودخل البروي بغداد فصادف قبلاً وافراً، وتوفي بعد أشهر رحمه الله تعالى. 4 (المبارك بن محمد بن المعمر.) أبو المكارم الباذرائي، الرجل الصالح. سمع من: نصر بن البطر، وأحمد بن علي الطريثيثي، ومحمد بن عبد العزيز الخياط، وعلي بن عبد الرحمن الجراح، وأبي الحسن بن الغلاف، وغيرهم. قال الشيخ الموفق: شيخ صالح ضعيف، أكثر أوقاته مستلقي على قفاه، فسألنا عن الصلاة قاعداً لعجزه. قلت: روى عنه: تميم البندنيجي، والحافظ عبد الغني، وعبد القادر الرهاوي، والشيخ الموفق، وعلي بن ثابت الطالباني، وأبو طالب بن عبد السميع، والضحاك بن أبي بكر القطيعي، وعلي بن الحسين بن بوش الباوري، وآخرون. وتوفي رحمه الله في العشرين من جمادى الآخرة. 4 (محمود بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن.) الفقيه أبو المحامد الكشميهني المروزي، الصوفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 300 روى عن: أبي منصور محمد بن علي الكراعي. حدث بدمشق وبغداد. روى عنه: عبد الكريم بن محمد السيدي، وأبو القاسم بن صصرى، وغير واحد. توفي ببغداد. 4 (النون)

4 (نصر الله بن عبد الله بن مخلوف بن علي بن قلاقس.) القاضي الأغر أبو الفتوح اللخمي، الأزهري، الإسكندري الأديب، الشاعر. له ديوان مشهور وكان شاعراً محسناً، له في السلفي مدائح وهي في ديوانه. وكان كثير الأسفار. وله في كثرة أسفاره: والناس كثر ولكن لا يقدر ليإلا مرافقة الملاح والحادي ثم دخل اليمن، ومدح وزيرها أبا الفرج ياسر بن بلال وزير الملك

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 301 محمد بن عمران بن محمد) بن الداعي سبأ بن أبي السعود اليامي صاحب اليمن. ورجع من اليمن مثرياً من جوائزه، فغرق جميع ما معه بقرب دهلك، فرد إليه وهو عريان، وأنشده قصيدته التي أولها: صدرنا وقد نادى السماح بنا ردوافعدنا إلى مغناك والعود أحمد ثم أنشده قصيدة أخرى، هي: سافر إذا حاولت قدراسار الهلال فصار بدرا والماء يكسب ما جرى طيباً ويخبث ما آستقرا وتنقل الدرر النفيسة بدلت بالبحر نحرا يا راوياً عن ياسرخبراً ولم يعرفه خبرا إقرأ بغرة وجههصحف المنى إن كنت تقرا وآلثم بنان يمينهوقل السلام عليك بحرا وغلطت في تشبيههبالبحر فاللهم غفرا أو ليس نلت بذا غنى جما ونلت بذاك فقرا وعهدت هذا لم يزلمداً، وذاك يعود جزرا وله، رحمه الله، في القاضي الفاضل هذه: ما ضر ذاك الريم أن لا يريملو كان يرثي لسليم سليم وما على من وصله جنة أن لا أرى من صده في جحيم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 302 رقيم خد نام عن ساهرما أجدر النوم بأهل الرقيم ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، وتوفي في ثالث شوال بعيذاب. 4 (الواو)

4 (وجيه بن هبة الله بن المبارك بن موسى.) أبو العلاء بن أبي البركات السقطي، البغدادي، الأزجي، من أولاد الشيوخ. سمع: أباه، والحسين بن علي بن البسري، وأبا سعد بن خشيش، وأبا القاسم بن الربعي، والعلاف، وغيرهم. روى عنه: ابن الأخضر، وطاهر الأزجي، وأبو محمد بن قدامة، وآخرون.) وقال ابن النجار: كان من دعاة المواكب الديوانية، وسكن في أواخر عمره أوانا. وقال أبو سعد السمعاني: كتبت عنه أحاديث، وقال لي أبو القاسم الدمشقي: هو أدبر من أبيه. قال أبو سعد: وقال لي: ولدت سنة خمس وتسعين، فإن صح قوله فسماعه من ابن البسري حضوراً. قال هبة الله بن وجيه: توفي أبي في ذي القعدة سنة سبع بصريفين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 303 4 (الياء)

4 (يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد.) الإمام أبو بكر الأزدي القرطبي، المقرىء، نزيل الموصل. قرأ القراءآت بالأندلس على أبي القاسم خلف بن إبراهيم النحاس الحصار مقرىء الأندلس، وعلى أبي الحسن عون الله بن محمد بن عبد الرحمن نائبه الخطيب بقرطبة، وتوفي سنة عشر، وأحمد بن عبد الحق الخزرجي بالأندلس، وما هذان بمعروفين. ورحل فقرأ بالإسمندرية على: أبي القاسم عبد الرحمن بن الفحام. وأتى بغداد فقرأ القراءآت على: أبي عبد الله الحسين بن محمد البارع، وأبي بكر المزرفي، وسبط الخياط. وسمع بقرطبة من: أبي محمد بن عتاب وبالثغر من: أبي عبد الله الرازي وبمصر من: أبي صادق مرشد بن يحيى، سمع منه سنة خمس عشرة صحيح البخاري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 304 وببغداد من: البارع، وابن الحصين، وأبي العز بن كادش. ثم قدم دمشق فسكنها مدة، وأقرأ بها القرآن والنحو. وكان ماهراً بالعربية، بصيراً بالقراءآت، عالي الإسناد فيها، شديد العناية بها من صغره. وكان متواضعاً، حسن الأخلاق، ثقة، نبيلاً. وحدث ابن سعدون هذا عن أبي القاسم الزمخشري بكتاب أسماء الجبال والمياه. وخرج عن دمشق حين توجه النصراني الكندي إليها، فدخل الموصل وذهب إلى إصبهان، ثم عاد إلى الموصل فسكنها. ولد في ربيع الأول سنة ست وثمانين وأربعمائة. روى عنه: الحافظان ابن عساكر، والسمعاني، وأبو جعفر القرطبي والد التاج، وعبد الله بن) الحسن الموصلي، ومحمد بن محمد الحلي، والقاضي بهاء الدين يوسف بن شداد، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي. وقرأ عليه القراءآت فخر الدين محمد بن أبي المعالي الموصلي، وعز الدين محمد بن عبد الكريم بن حرمية البوازيجي، وابن شداد، والكمال عبد المجير بن محمد القبيصي بحلب. قال ابن عساكر: هو ثقة، ثبت. وقال ابن السمعاني: هذا أحد أئمة اللغة، وله يد قوية في النحو. قرأ القراءآت بروايات على جماعة بمصر والعراق، وهو فاضل دين، ورع، حسن الإقراء والأخذ. له وقار وسكون، واشتغال بما يعنيه. سمعت منه نسخة أبي عبد الله الرازي، وكان ثقة، ثبتاً، صدوقاً، نبيلاً، قليل الكلام، كثير الخير، مفيداً. وقال ابن عساكر: توفي يوم الجمعة يوم عيد الفطر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 305 وقال ابن خلكان: لقبه: صائن الدين. 4 (يحيى بن محمد بن عبد العزيز بن عقال.) أبو زكريا الفهري، البلنسي. سمع من: أبي الوليد بن الدباغ، وأبي بكر بن برنجال وتفقه على أبي محمد بن عاشر، وأبي بكر بن أسد. ولقي بقرطبة أبا جعفر البطروجي، فتفقه به، وناظر عليه في المدونة. وسمع من: أبي بكر ابن العربي. وبغرناطة من القاضي عياض. وولي خطة الشورى ببلده. قال الأبار: وكان فقيهاً، حافظاً، مفتياٌ، قائماً على المدونة والغنية، متين المعرفة، عاكفاً على عقد الشروط. وولي قضاء اندة من كور بلنسية، وقضاء ألش، فحمدت سيرته. أخذ عنه شيخنا أبو عبد الله بن نوح وتفقه عليه. توفي في صفر وله ثلاث وستون سنة. وتوفي أخوه محمد قبيله في المحرم.) 4 (يحيى بن محمد بن هانيء بن ذي النون.) أبو بكر بن مانيه التغلبي، الغرناطي. سمع من: غالب بن عطية، وأبي الوليد بن يقول، وأبي بكر بن العربي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 306 وحج سنة ثلاثين. وسمع من: أبي علي بن العرجا. وبمصر من: سلطان بن إبراهيم المقدسي. وأكثر من السماع، واستوطن أوريولة وولي خطابتها، وحدث بها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 307 4 (وفيات سنة ثمان وستين وخمسمائة)

4 (الألف)

4 (أحمد بن سعيد بن حسن.) أبو الحارث البغدادي، الخياط، المقرىء، المعروف بالعسكري. سمع: أبا علي بن نبهان، وأبيا النرسي. روى عنه: عمر بن علي القرشي، وقال: كان غير ثقة. بان لنا تزويره في غير شيء. 4 (أحمد بن محمد بن شنيف بن محمد.) أبو الفضل الدارقزي، المقرىء. شيخ معمر، عالي الطبقة. قرأ بالروايات على: أبي طاهر بن سوار، وأبي منصور محمد بن أحمد الخياط، وثابت بن بندار. وسمع منهم الحديث. وأقرأ القرآن. سمع منه: عمر القرشي، وعلي بن أحمد الزيدي، وصالح العطار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 308 قال ابن الدبيثي: ثنا عنه غير واحد. وتوفي في المحرم وله ست وتسعون سنة. قلت: هذا أسند من بقي في القراءآت، في طبقة سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري، والعجب من البغداديين كيف لم يزدحموا على هذا ويقرأوا عليه 4 (أحمد بن هبة الله بن عبد القادر بن الحسين.) أبو العباس الهاشمي، المنصوري الخطيب.) توفي في جمادى الأولى ببغداد. ورخه ابن مشق. 4 (إبراهيم بن مسعود بن عياش.) أبو إسحاق الوقاياتي، البغدادي، المقرىء. قرأ القرآن على سبط الخياط، وغيره. طلب الحديث وعني به، وكتب كثيراً من الأجزاء عن هبة الله بن الطبر، وأبي غالب بن البناء، وقاضي المرستان. وعنه: ابن الأخضر، ويوسف بن كامل. وكان صدوقاً خيراً. 4 (إبراهيم بن محمد.) أبو إسحاق الشنتمري، صاحب أبي إسحاق بن هذيل المقرىء وخليفته على التعليم. استضشهد في وقعة بظاهر بلنسية في رجب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 309 4 (أرسلان بن خوارزم شاه أتسز بن محمد بن أنوشتكين.) رجع من قتال أمة الخطا مريضاً فمات. وكان حاكماً على خوارزم وأعمالها وتملك بعده ابنه سلطان شاه محمود. وأما ابنه الآخر، وهو الأكبر، وهو علاء الدين تكش فكان مقيماً بالجند، فلما بلغه موت أبيه وتملك أخيه الصغير غضب، وقصد ملك الخطا، واستمد منه، فبعث معه جيشاً، فلما قاربوا خوارزم، خرج سلطان شاه ووالدته إلى المؤيد صاحب نيسابور، وتملك علاء الدين خوارزم وبلادها بغير قتال. وأما المؤيد فسار مع محمود بجيوشه، وقارب خوارزم، فالتقوا وحمي الحرب، فانهزمت الخراسانية، وأسر المؤيد، وقتل بين يدي الدين تكش صبراً، وهرب محمود وأمه إلى دهستان، فحاصرهم تكش، وافتتح البلد، فهرب محمود، وأمسكت أمه، فقتلها تكش. قام بعد المؤيد ابنه طغان شاه أبو بكر. وسار محمود إلى عند غياث الدين ملك الغور، فأكرمه وأجله، وثبت ملك أخيه تكش. 4 (إلدكز.) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 310 الأتابك شمس الدين صاحب أذربيجان، وهمذان. كان مملوكاً للكمال السميرمي وزير السلطان محمود السلجوقي، فلما قتل السميرمي صار إلدكز إلى السلطان وصار أميراً، فلما ولي مسعود السلطنة ولاه أرانية. ثم غلب على أكثر أذربيجان وبلاد همذان وإصبهان، والري، وخطب بالسلطنة لابن امرأته أرسلان شاه بن طغرل. وكان عدد عسكر إلدكز خمسين ألفاً. وكان أرسلان شاه من تحت أمره. وكان فيه عقل، وحسن سيرة، ونظر في مصالح الرعية. وكان ملكه من باب تفليس إلى مكران. وولي بعده ولده محمد البهلوان. 4 (أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 311 الأمير نجم الدين أبو الشكر، الكردي، الدويني. والد الملوك. كان أبوه من أهل دوين ومن أبناء أعيانها. وبها ولد أيوب. وولي أول شيء قلعة تكريت، ثم انتقل إلى الموصل وخدم أتابك زنكي والد نور الدين، وكان وجيهاً عنده. ثم انتقل إلى الشام، وولي بها نيابة بعلبك، ووليها لنور الدين أيضاً قبل أن يستولي على دمشق، فولد له بها الملك العادل أبو بكر. مبدأ سعادة شاذي فيما بلغنا، أنه كان لشاذي صاحب، وهو جمال الدولة بهروز وكان ظريفاً لطيفاً، خيراً، وكان كثير الود لشاذي. فآتهم بهروز بزوجة أمير بدوين، فأخذه الأمير وخصاه، فنزح عن دوين، ثم آتصل بالطواشي الذي هو لالا أولاد السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه. فوجده لطيفاً كافياً في جميع أموره، فنفق عليه، وجعله يركب مع أولاد السلطان. ثم توصل إلى السلطان، وصار يلعب معه بالشطرنج وأحبه. ومات اللالا، فصيره مكانه، وأرصده لمهماته، وشاع ذكره، فأرسل إلى صديقه شاذي بطلبه، فلما قدم عليه بالغ في إكرامه. ثم إن السلطان جعل بهروز نائبه على بغداد، فاستصحب معه شاذي وأولاده، ثم أعطاه السلطان قلعة تكريت، فلم يثق في أمرها بسوى شاذي، فأرسله إليها، فأقام بها مدة إلى أن توفي بها، فولي عليها ولده نجم الدين أيوب هذا فقام في إمرة القلعة أحسن قيام، فشكره بهروز وأحسن إليه. فآتفق أن آمرأة خرجت من القلعة، فعبرت باكية على نجم الدين وأخيه أسد الدين شيركوه، فسألاها، فقالت: تعرض إلي الإسفهسلار فقام شيركوه فأخذ حربة للإسفهسلار فقتله) بها، فأمسكه أخوه واعتقله، وكتب بذلك إلى بهروز، فرد جوابه: لأبيكما علي حق، وأشتهي أن تخرجا من بلدي. فخرجا إلى الموصل، فأحسن إليهما أتابك زنكي وأكرمهما، فلما ملك

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 312 زنكي بعلبك استناب بها نجم الدين، فعمر بها خانقاه للصوفية. وكان رجلاً خيراً، ديناً، مباركاً، كثير الصدقات، سمحاً، كريماً، وافر العقل. ولما توجه أخوه أسد الدين إلى مصر وغلب عليها، كان نجم الدين في خدمة السلطان نور الدين بدمشق. فلما ولي الوزارة صلاح الدين ابنه بمصر سيره نور الدين إلى عند ابنه صلاح الدين، فدخل القاهرة في رجب سنة خمس وستين، وخرج العاضد للقائه، وترجل ولده في ركابه، وكان يوماً مشهوداً. وعرض عليه ولده الأمر كله فأبى وقال: يا ولدي ما اختارك الله لهذا الأمر إلا وأنت له أهل. وبقي عنده، وأمر صلاح الدين أيده الله في ازدياد إلى أن ملك البلاد. فلما خرج لحصار الكرك خرج نجم الدين من باب القصر بالقاهرة، فشب فرسه فرماه، فحمل إلى داره وبقي تسعة أيام، ومات في السابع والعشرين من ذي الحجة. وكان يلقب بالأجل الأفضل. ومنهم من يقول بالملك الأفضل. ودفن إلى جانب أخيه أسد الدين بالدار، ثم نقلا إلى المدينة النبوية في سنة تسع وسبعين. وقد روى بالإجازة عن الوزير أبي المظفر بن هبيرة. سمع منه: يوسف بن الطفيل، والحافظ عبد الغني، والشيح الموفق. قال الشيخ أبو عمر: أنا نجم الدين أيوب أنا ابن هبيرة إجازة قال: كنت أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعيناي مطبقتان، فرأيت من وراء جفني كاتباً يكتب بمداد أسود صلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أنظر مواقع الحروف في ذلك القرطاس، ففتحت عيني لأنظره ببصري، فرأيته وقد توارى عني، حتى رأيت بياض ثوبه. وقد أشرت إلى هذا في كتابنا، يعني الإفصاح.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 313 وقال الصاحب أبو القاسم بن أبي جرادة: وذكر لي رجل عارف بعلم النسب نسب أيوب بن شاذي إلى عدنان، وى أعتمد على نقله. قال: كان المعز إسماعيل بن سيف الإسلام طغتكين بن أيوب صاحب اليمن آدعى نسباً في بنى أمية، وآدعى الخلافة. وكان شيخنا قاضي القضاة ابن شداد يحكي عن السلطان صلاح الدين) إنكار ذلك. وشاذي اسم أعجمي معناه: فرحان. ودوين بضم الدال وكسر الواو: بلدة بآخر أذربيجان تجاوز بلاد الكرج، والنسبة إليها دويني، ودويني، بفتح الواو. ولأيوب من الأولاد: السلطان صلاح الدين، والسلطان العادل سيف الدين، وشمس الدولة تورانشاه الذي دخل اليمن أولاً وتملكها، وشاهنشاه والد صاحب بعلبك عز الدين فروخ شاه، وصاحب حماه تقي الدين عمر ابني شاهنشاه وسيف الإسلام ظغتكين صاحب اليمن، وتاج الملوك بوري وهو أصغرهم، وست الشام، وربيعة. 4 (أي ايبه بن عبد الله السنجري.) الملك، الملقب بالمؤيد. استولى على نيسابور وكثير من خراسان بعد الغز، فلم شعثها، ورتب قواعدها، وكان من أمراء السلطان سنجر. قتل في مصاف بينه وبين خوارزم شاه علاء الدين أول ما ملك علاء الدين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 314 4 (الجيم)

4 (جعفر بن عبد الله بن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد الدامغاني.) أبو منصور، شيخ بغدادي رئيس. سمع: أبا مسلم بن عبد الرحمن السمناني، وأبا الحسين بن الطيوري، وأبا طاهر ابن سوار، وأبا زكريا بن مندة، وغيرهم. ولد سنة تسعين وأربعمائة. وحدث عنه: عمر بن علي القرشي، وابن الأخضر، والموفق بن قدامة، وولده يحيى بن جعفر الذي يروي عنه شيخنا سنقر الحلبي، وسعيد بن محمد بن ياسين، وعبد السيد بن أحمد خطيب بعقوبا، وآخرون. توفي في جمادى الآخرة. قال ابن النجار: كان نبيلاً، جليلاً، محمود السيرة، سمع الكثير، وكان صدوقاً. وقيل: كان على إشراف ديوان الأبنية.) 4 (الحاء)

4 (الحسن بن صافي بن عبد الله.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 315 أبو نزار، الملقب بملك النحاة البغدادي، النحوي. ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة. وسمع الحديث من: نور الهدى أبي طالب الزينبي. وقرأ النحو على: أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي. وعلم الكلام على: محمد بن أبي بكر القيرواني. والأصول على: أبي الفتح أحمد بن علي بن برهان. والخلاف على: أسعد الميهني. وصار أنحى أهل طبقته. وكان فصيحاً، ذكياً، متقعراً، معجباً، فيه تيه وبأو، لكنه صحيح الإعتقاد. ذكره ابن النجار وطول، وقال: أبوه مولى لحسين الأرموي التاجر، له كتاب الحاوي في النحو، مجلدان والعمد في النحو، مجلد، والتصريف مجلد، وعلل القراءآت مجلدان، وأصول الفقه مجلدان، وأصول الدين مجلد صغير وله التذكرة السفرية عدة مجلدات. قلت: سكن واسط مدة بعد العشرين وخمسمائة، وحملوا عنه أدباً كثيراً، ثم صار إلى شيراز، وكرمان، وتنقلت به الأحوال إلى أن استقر بدمشق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 316 وكان يقال له أيضاً حجة العرب. وكان أحد النحاة المبرزين، والشعراء المتجددين. وله عدة تصانيف. ذكره العماد الكاتب فقال: أحد الفضلاء، بل واحدهم فضلاً، وماجدهم نبلاً. وبالغ في وصفه بالعلم، والرئاسة، والكرم، والإفضال. وقال ابن خلكان: له مصنفات في الفقه والأصلين، والنحو. وله ديوان شعر، فمن شعره: سلوت بحمد الله عنها فأصبحتدواعي الهوى من نحوها لا أجيبها على أنني لا شامت إن أصابهابلا ولا راض بواش يعيبها وروى عنه جماعة منهم القاضي شمس الدين ابن الشيرازي.) وتوفي في تاسع شوال. ورؤي في النوم فقال: غفر لي ربي بأبيات قلتها، وهي: يا رب ها قد أتيت معترفاً بما جنته يداي من زلل ملآن كف بكل مأثمة صفر يد من محاسن العمل وكيف أخشى ناراً مسعرة وأنت يا رب في القيامة لي قال ابن العديم في تاريخ حلب: ذكر لي شمس الدين محمد بن يوسف بن الخضر أن ملك النحاة خلع عليه نور الدين خلعة فلبسها، ومر بطرقي قد علم تيساً إخراج الخبية بإشارات علمها التيس، فوقف ملك النحاة على الحلقة وهو راكب، فقال الطرقي: في حلقتي رجل رجل عظيم القدر، ملك في زي عالم، أعلم الناس، وأكرم الناس، فأرني إياه. فشق التيس

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 317 الحلقة، وخرج حتى وضع يده على ملك النحاة فما تمالك أن نزع الخلعة ووهبها للطرقي. فبلغ ذلك نور الدين، فعاتبه على فعله، فقال: يا مولانا عذري واضح، لأن في بلدك مائة ألف تيس، ما فيهم من عرف قدري غير ذلك التيس. فضحك نور الدين منه. 4 (الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر.) أبو علي البطليوسي، الأنصاري، المعروف في بلده بابن الفراء. سمع بالإسكندرية من: أبي بكر الطرطوشي، وغيره. ودخل خراسان فسمع من: أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، وسهل بن إبراهيم السبيعي، والأديب أحمد بن محمد الميداني، وأبي عبد الله الفراوي. ثم قدم في أواخر عمره بغداد فسمع منه: عمر بن علي القرشي، وابنه عبد الله بن عمر. ثم سافر إلى الشام بعد أن حج، فسكن حلب. وكان قد قرأ علم الكلام على أبي نصر بن القشيري. وكان صالحاً، بكاء، خائفاً. وهم أبو سعد السمعاني في قوله: توفي سنة ثمان أو تسع وأربعين، فقد قال أبو المواهب بن صصرى، وهو أحد من أخذ عنه: توفي بحلب سنة ثمان وستين، وقد بلغ الثمانين. قلت: حدث بصحيح مسلم ببغداد في سنة ست وستين، فسمعه منه: الموفق عبد اللطيف بن) يوسف، ومحمد بن إسماعيل بن أبي الضيف،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 318 وعبد الله بن عمر بن علي القرشي، بقراءة أبيه. وروى عنه بدمشق: الفخر الإربلي، وأبو نصر بن الشيرازي، وغيرهما. 4 (السين)

4 (سعد بن علي بن القاسم.) أبو المعالي الحظيري، الكتبي، الوراق. المعروف بدلال الكتب ببغداد. وكانت له فضائل، وله مجاميع مفيدة، منها كتاب زينة الدهر الذي ذيله على دمية القصر للباخرزي، وله كتاب لمح الملح. وشعره مليح فمنه: ومعذر في خدهورد في فمه مدام ما لان لي حتى تغشى صبح سالفه ظلام وله: شكوت هوى من شف قلبي بعدهتوقد نار ليس يطفى سعيرها وقال: بعادي عنك أكثر راحة ولولا بعاد الشمس أطرق نورها

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 319 توفي رحمه الله في صفر ببغداد. والحظيرة: موضع فوق بغداد من عمل دجيل. 4 (الصاد)

4 (صالح بن إسماعيل بن سيد.) العلامة أبو طالب الإسكندراني، المالكي، الفقيه، المعروف بابن بنت معافى. من أصحاب أبي بكر الطرطوشي. تفقه عليه الحافظ أبو الحسن علي بن الفضل، وغيره. وسمع منه الموطأ: أبو القاسم الصفراوي. 4 (العين)

4 (عبد الله بن المبارك بن علي بن الحسين.) أبو الفتح بن البقلي، الحريمي، القزاز. روى عن: ثابت بن بندار.) سمعه: أبو بكر الباقداري، وعمر بن علي القرشي، وغيرهما. وتوفي في صفر. 4 (عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن حدار بن موسى.) أبو الخير الإصبهاني. سمع: أبا القاسم غانماً البرجي، وأبا علي الحداد، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وفاطمة الجوزدانية، وأبا القاسم بن الحصين، وأبا العز بن كادش. وأملى بإصبهان مجالس. ثم حج سنة اثنتين وستين. وحدث ببغداد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 320 روى عنه: أحمد بن طارق، وابن الأخضر، وأبو طالب بن عبد السميع، والحافظ عبد الغني، وأبو محمد بن قدامة، وآخرون. وتوفي في شوال. وله تسع وستون سنة. قال ابن النجار: كان من حفاظ الحديث، موصوفاً بالفضل ومعرفة الحديث. وقال ابن الأخضر: كانوا يفضلونه بالحفظ على معمر بن الفاخر. ثم طول ابن النجار ترجمته بأنهم رموه بالوهن، واتهموه في نقل إجازة مسعود الثقفي، من الخطيب، وابن المأمون، وهؤلاء. 4 (عبد الملك بن عياش.) أبو الحسن الأزدي القرطبي. أخذ عن: أبيه عياش بن فرج. دخل في الدنيا بعد الزهد، وكتب للدولة، وحصل ثروة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 321 وقال: عصيت هوى نفسي صغيراً فعندمارمتني الليالي بالمشيب وبالكبر أطعت الهوى عكس القضية ليتنيخلقت كبيراً ثم عدت إلى الصغر فزاد ابنه أبو الحسن علي: هنيئاً له إن لم يكن كابنه الذيأطاع الهوى في حالتيه وما اعتذر وكان عبد الملك بن عياش مع فنونه وفضائله من أبرع الناس خطاً. 4 (علي بن حمزة بن فارس.) ) أبو الحسن بن القبيطي، الحراني. والد حمزة ومحمد. قدم بغداد فاستوطنها، وقرأ القراءآت على: أبي العز القلانسي. وسمع من: أبي بكر المرزفي، وغيره. سمع منه: ولداه، وأبو المحاسن القرشي. وتوفي في جمادى الآخرة. قال ابن النجار: قرأ لأبي عمرو على القلانسي تلا عليه ابنه حمزة. صالح، خير، له دنيا. عاش ثلاثاً وثمانين سنة. 4 (علي بن المبارك بن الحسين بن عبد الوهاب بن نغوبا.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 322 أبو الحسن الواسطي، المعدل. من بيت حديث وميزة. سمع: أبا نعيم محمد بن إبراهيم الجماري، وأبا نعيم بن ربرب، وأبا الأزهر علي بن أحمد الكتابي، وخميساً الحوزي. وببغداد من: عبد الوهاب الأنماطي، وجماعة. وروى الكثير. سمع منه: صدقة بن الحسين مع تقدمه، وأحمد بن طارق، وعبد العزيز بن الأخضر، والشيخ الموفق، وآخرون. وغرق في دجلة منحدراً إلى واسط في ذي القعدة وله اثنتان وثمانون سنة. وروى عنه أيضاً سليمان بن داود الحربي النساج. صدوق. 4 (الميم)

4 (محمد بن الحسن بن الحسين.) أبو جعفر الإصبهاني، الصيدلاني. شيخ معمر، عالي الإسناد، معدوم النظير. له إجازة من الهرويين في سنة أربع وسبعين وأربعمائة. أجاز له: عبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلار البوشنجي، وبيبى الهرثمية وهو آخر من روى في الدنيا عنهما، وأبو عامر محمود بن القاسم الأزدي، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل، ونجيب بن ميمون الواسطي، ومحمد بن علي العميري، وجماعة.) وسمع سنة أربع وثمانين ببلده من: سليمان بن إبراهيم الحافظ،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 323 ورزق الله التميمي، والقاسم بن الفضل الرئيس، وأبي نصر أحمد بن عبد الله بن سمير، ومحمد بن علي بن محمد بن فضلويه الأبهري، ومحمد بن علي بن أحمد السكري، والثلاثة يروون عن محمد بن إبراهيم بن جعفر اليزدي. وسمع أيضاً من: مكي السلار، وعمر بن أحمد بن عمر السمسار، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، وجماعة. خرج له الحافظ أحمد بن عمر النايني جزءاً سماه لآليء القلائد. روى عنه: عبد العظيم بن عبد اللطيف الشرابي، والحافظ عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، وعبد الكريم بن محمد بن محمد المؤدب، والعماد أحمد بن أحمد بن أميركا الإصبهاني وبقي العماد إلى بعد الثلاثين وستمائة. وأجاز أبو جعفر لكريمة، ولعلم الدين علي بن الصابوني، وجماعة. وتوفي في السادس والعشرين من ذي القعدة. ورخه أحمد بن الجوهري الحافظ. 4 (محمد بن خمارتكين.) أبو عبد الله التبريزي، البغدادي، الفقيه. سمع من: مولاه أبي زكريا التبريزي، وأبي الخطاب الكلوذاني، وأبي الخير المبارك بن العسال. روى عنه: ابنه إسماعيل، وأحمد بن أحمد البندنيجي، والموفق عبد اللطيف بن يوسف، وعبد اللطيف بن القطيعي. وتوفي في العشرين من ربيع الأول وله تسعون سنة. وكان فقيهاً بالنظامية. 4 (محمد بن عبد الخالق بن أحمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 324 اليوسفي، أخو عبد الحق، وعبد الرحيم. وهو أصغر الإخوة وأدبرهم. سمع بيزد: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن. وببغداد: قاضي المرستان، وأبا منصور الشيباني القزاز. وآستوطن الموصل. وله ذكر في تزوير السماعات، أفسد بها أحوال شيوخ، واختلط إسماعهم) بتزويره، فترك الناس حديثهم. قال ابن الدبيثي: سمعت تميم بن البندنيجي يقول: أبو الفضل خطيب الموصل ثقة صحيح السماع، أدخل عليه محمد بن عبد الخالق في حديثه أشياء لم يسمعها، وكان قد دخل عليه ولاطفه بأجزاء ذكر أنه نقل سماعه فيها من مثل طراد، والنعالي، وابن البطر، وهؤلاء قد سمع منهم أبو الفضل، فقبلها منه، وحدث بها اعتماداً على نقل محمد له، وإحسان الظن به، فلما علم كذب محمد طلبت أصول الأجزاء التي حملها إليه، فلم توجد، وآشتهر أمره، فلم يعبأ الناس بنقله، وترك خطيب الموصل كلما شك فيه، وحذر من رواية ما شك فيه. قلت: وبعد ذلك جمع خطيب الموصل مشيخته المشهورة وخرجها من أصوله. توفي محمد في سنة ثمان وستين في جمادى الآخرة، وله ست وأربعون سنة. 4 (محمد بن علي بن عمر بن زيد.) أبو بكر بن اللتي، الحريمي. قرأ بالروايات على أبي منصور بن خيرون، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 325 وسمع من: القاضي أبي بكر، وأبي منصور القزاز، وجماعة. وكان له فهم وعناية، وبإفادته سمع ابن أخيه أبو المنجا عبد الله بن عمر. قال ابن النجار: كان صدوقاً، سمع منه محمد بن مشق. وتوفي في رمضان، وله تسع وأربعون سنة. 4 (المبارك بن نصر الله بن سلمان.) الإمام أبو الفتح بن الدبي، الفقيه الحنفي. أحد الكبار ببغداد. درس المذهب، وتوفي في آخر السنة. وكان عامل ديوان المقاطعات، وكتب جميع ماله لامرأة له يهودية، وحرم ابن أخيه. 4 (محمود بن محمد بن العباس.) الفقيه أبو محمد الخوارزمي، الشافعي. سمع: أباه، وجده عباس بن رسلان، وإسماعيل بن أحمد البيهقي، ومحمد بن عبد الله الحفصوي سمع منه بمرو، وأحمد بن عبد الواحد الفارسي بسمرقند، ومحمد بن علي بن المطهري ببخارى، وابن الطلاية ببغداد، ووعظ بها بالنظامية.) سمع منه: يوسف بن مقلد، وأحمد بن طارق. قال أبو سعد السمعاني: كان فقيهاً، عارفاً بالمتفق والمختلف، صوفياً، حسن الظاهر والباطن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 326 سمع الكثير على كبر السن، وعلق المذهب عن الحسن بن مسعود البغوي. وأفاد الناس بخوارزم، وألف تاريخ خوارزم. ولد سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. قلت: توفي في رمضان سنة ثمان رحمه الله، وكان يعرف بالعباسي، وله ترجمة في تاريخ ابن النجار. وقال السمعاني: سمعت منه بجرجانية خوارزم. قلت: طالعنا الأول من تاريخ خوارزم له. 4 (مسعود بن محمد بن سعيد بن مسعود.) الإمام أبو الفتح المسعودي، المروزي. خطيب مرو. كثير العبادة، ملازم للتلاوة، وكان ينظم الشعر وينشيء الخطب. ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. وسمع من: والده، ومن أبي بكر بن السمعاني، ووالده الإمام أبي المظفر منصور السمعاني، وأبي منصور البيع، وأبي عبد الله الدقاق، وغيرهم. وأجاز له بكر بن خلف الشيرازي، وأبو بكر بن سوسن البغدادي، وأبو بكر حفيد ابن مردويه. وخرج له أبو سعد السمعاني مشيخة. وسمع منه: أبو المظفر عبد الرحيم بن السمعاني، وأخوه أبو زيد، ورقية بنت المنيعي، وغيرهم. وطال عمره وتفرد في وقته. توفي سنة. 4 (الموفق بن أحمد بن محمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 327 أبو المؤيد المكي، العلامة، خطيب خوارزم. كان أديباً، فصيحاً، مفوهاً، خطب بخوارزم دهراً، وأنشأ الخطب، وأقرأ الناس، وتخرج به جماعة.) وهو الذي يقال له: خطيب خوارزم. توفي بخوارزم في صفر. قال ابن الدبيثي: أنبا ناصر بن عبد السيد الأديب، أنا الموفق، أنا أبو الغنائم النرسي، الكوفي.. فذكر حديثاً. وله كتاب في فضائل علي، رأيته وفيه واهيات كثيرة. لخطيب خوارزم شعر جيد، معجرف اللغة، كقوله: لقد شق قلبي سهم النوى على أن موتي في خدشه أموت بتأفيف هجر الحبيبفقس كيف حالي لدى بطشه إذا لم تنل لظى الصدر منشآبيب وصل فمن رشه ألا فانعش ذا هوى قد هوى ففي بطشة المنع من نعشه 4 (يزدن التركي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 328 من كبار أمراء الدولة، وكان شيعياً غالياً، متعصباً. فانتشر بسببه الرفض، وتأذى أهل السنة إلى أن هلك في ذي الحجة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 329 4 (وفيات سنة تسع وستين وخمسمائة)

4 (الألف)

4 (أحمد بن جعفر بن أحمد بن إدريس.) أبو القاسم الغافقي، المقرىء، الخطيب. نزيل الإسكندرية. توفي فيها، ومولده سنة خمسمائة. أخذ عنه: الحافظ ابن المفضل، وأبو القاسم الصفراوي، وغيرهما. 4 (أحمد بن عبد الله.) أبو طالب العلوي، القصري. من ولد محمد بن الحنفية. روى عن: يوسف اللخمي بالمغرب. 4 (أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الصقر.) أبو العباس الأنصاري، الأندلسي. قاضي إشبيلية.) سمع من: أبي الحسن بن الباذش، وأبي القاسم بن الأبرش، ودرس عليهما العربية. وكان بصيراً بالفقه، معروفاً بالذكاء، بارع الخط. روى عنه: ابنه، وأبو خالد بن رفاعة. توفي بمراكش في جمادى الأولى، وقد قارب الثمانين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 330 4 (أحمد بن عبيد الله بن العباس.) البغدادي، المؤدب. صحب أبا الخطاب الكلوذاني الفقيه، وسمع منه. روى عنه: عبد الله بن أحمد الخباز. وكان يؤم بمسجد. توفي في رمضان. 4 (أحمد بن علي بن المعمر بن محمد بن المعمر.) النقيب أبو عبد الله العلوي، الحسيني. شريف، نبيل، عريق في السيادة، له شعر وترسل. تولى نقابة العلويين بعد والده سنة ثلاثين. وسمع: أبا الحسين الطيوري، وأبا الحسين بن العلاف، وأبياً النرسي، وغيرهم. وولد في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. روى عنه: أحمد بن طارق، والشيخ الموفق، وأبو إسحاق الكاشغري، ومحمد بن عبد العزيز بن الخزاز، وطائفة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 331 قال ابن النجار: كان يحب الرواية ويكرم أهل الحديث. وله شعر فائق، وحدث بالكثير. توفي في جمادى الأولى، وللرشيد بن مسلمة إجازة منه. 4 (إبراهيم بن يحيى.) أبو عمرو الشاطبي، الأديب. روى عن: أبي علي بن سكرة، وأبي عمران بن أبي تليد. كتب عنه: أبو عمر بن عات، وغيره. وكان إخبارياً. 4 (إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن باديس بن العابد.) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 332 أبو إسحاق بن قرقول الوهراني، الحمزي. وحمزة: موضع من عمل بجاية. ولد بالمرية. وسمع من: جدة لأمه أبي القاسم بن ورد، وأبي الحسن بن نافع. وروى عن خلق منهم: أبو عبد الله بن زغبة، وأبو الحسن بن معدان ابن اللوان، وأبو عبد الله بن الحاج، وأبو العباس بن العريف. وأخذ عن أبي إسحاق الخفاجي ديوانه. قال الأبار: وكان رحالاً في العلم فقيهاً نظاراً، أديباً، حافظاً، يبصر الحديث ورجاله. صنف وكتب الخط الأنيق، وأخذ الناس عنه. وانتقل من مالقة إلى سبتة، ثم إلى سلا، ثم إلى فاس، وبها توفي في شعبان. وكان مولده في سنة خمس وخمسمائة. وكان رفقياً للسهيلي، فلما تحول إلى سلا نظم فيه السهيلي: سلا عن سلا إن المعارف والنهى بها ودعا أم الرباب ومأسلا بكيت أسى أيام كان بسبتة فكيف التأسي حين منزله سلا وقال أناس: إن في البعد سلوة وقد طال هذا البعد والقلب ما سلا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 333 فليت أبا إسحاق إذ شطت النوى تحيته الحسنى من الريح أرسلا فعادت دبور الريح عندي كالصبابذي غمر إذ أمر زيد تبسلا فقد كان يهديني الحديث موصلاً فأصبح موصول الحديث مرسلا وقد كان يحيى العلم والذكر عندناأوان دنا، فالآن بالنأي كسلا فلله أم بالمرية أنجبتبه وأب ماذا من الخير أنسلا 4 (أسعد بن عبد الكريم بن أحمد.) أبو المنيع الهمذاني، المزكي. أنفق مالاً صالحاً على العلماء. وروى الكثير بالإجازة عن: أبي الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس. وورد دمشق مرة. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى.) توفي في جمادى الأولى. 4 (الجيم)

4 (جامع السمك بن محمد بن جامع.) الحربي، الصياد. سمع: ابن الحصين. وحدث عنه: أحمد بن أحمد بن البندنيجي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 334 4 (الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل.) الحافظ، بو العلاء الهمذاني، العطار، المقرىء، المحدث، شيخ مدينة همدان. رحل إلى إصبهان، وقرأ القراءآت على أبي علي الحداد، وسمع منه الكثير. وقرأ القراءآت على أبي العز القلانسي بواسط. وعلى: أبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرفي، وجماعة ببغداد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 335 وسمع بها من: أبي القاسم بن بيان، وأبي علي بن المهدي، وخلق. ومن: أبي عبد الله الفراوي، وطبقته بخراسان. ثم رحل ثانية سنة نيف وعشرين وخمسمائة إلى بغداد، فقرأ بها لولده الكثير، ثم قدمها بعد الثلاثين. ثم قدمها بعد الأربعين، فقرأ بها لولده أحمد الكثير على: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وابن الزاغوني، وحدث إذ ذاك بها. وقرأ عليه القراءآت: أبو أحمد بن سكينة. وروى عنه: هو، والمبارك بن الأزهر، وأبو المواهب بن صصرى، وعبد القادر بن عبد الله الرهاوي، ويوسف بن أحمد الشيرازي، ومحمد بن محمود بن إبراهيم الحمامي، وأولاده أحمد، وعبد البر، وفاطمة، وعتيق بن بدل المكي بمكة، وسبط محمد بن عبد الرشيد بن علي بن بنيمان، وأخو هذا القاضي علي بن عبد الرشيد وماتا في شهر سنة إحدى وعشرين، وأخوهما القاضي عبد الحميد، وبقي إلى سنة سبع وثلاثين، وسماعه في الرابعة. وروى عنه بالإجازة: أبو الحسن بن المقير، وهو آخر من روى عنه فيما أعلم. ذكره أبو سعد السمعاني فقال: حافظ، متقن، ومقرىء فاضل، حسن السيرة، جميل الأمر، مرضي الطريقة، عزيز النفس، سخي بما يملكه، مكرماً للغرباء، يعرف الحديث والقراءآت) والأدب معرفة حسنة. سمعت منه بهمذان. وقال الحافظ عبد القادر الرهاوي: شيخنا الإمام أبو العلاء أشهر من أن يعرف، بل تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة، على ما بلغنا من سيرة العلماء والمشايخ. ربى على أهل زمانه في كثرة السماعات، مع تحصيل أصول ما يسمع، وجودة النسخ، وإتقان ما كتبه بخطه. فإنه ما كان يكتب شيئاً إلا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 336 منقوطاً معرباً. وأول سماعه من عبد الرحمن بن حمد الدوني في سنة خمس وتسعين وأربعمائة. وبرع على حفاظ عصره في حفظ ما يتعلق بالحديث في الأنساب، والتاريخ، والأسماء، والكنى، والقصص، والسير. ولقد كان يوماً في مجلسه، وجاءته فتوى في أمر عثمان رضي الله عنه، فأخذها وكتب فيها من حفظه، ونحن جلوس، درجاً طويلاً، ذكر فيه نسبه، ومولده، ووفاته، وأولاده، وما قيل فيه، إلى غير ذلك. وله التصانيف في الحديث، والزهد والرقائق، وصنف زاد المسافر في نحو خمسين مجلداً. وكان إماماً في القرآن وعلومه، وحصل من القراءآت المسندة، إنه صنف العشرة والمفردات، وصنف في الوقف والإبتداء، والتجويد، والماءآت، والعدد ومعرفة القراء وهو نحو من عشرين مجلداً. واستحسنت تضانيفه في القرآن، وكتبت، ونقلت إلى خوارزم والشام. وبرع عليه جماعة كثيرة في علوم القرآن. وكان إذا جرى ذكر القراء يقول: فلان مات في سنة كذا، وفلان مات في سنة كذا، وفلان يعلو إسناده على فلان بكذا. وكان إماماً في النحو واللغة، سمعت أن من جملة ما حفظ في اللغة كتاب الجمهرة، وخرج له تلامذة في العربية أئمة يقرأون بهمذان. وفي بعض من رأيت من أصحابه من جملة محفوظاته كتاب الغرايبين للهروي. وكان عتيقاً من حب المال، مهيناً له، باع جميع ما ورثه، وكان من أبناء التجار، وأخرجه في طلب العلم، حتى سافر إلى بغداد، وإصبهان مرات كثيرة ماشياً، وكان يحمل كتبه على ظهره. وسمعته يقول: كنت أبيت ببغداد في المساجد، وآكل خبز الدخن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 337 وسمعت شيخنا أبا الفضل بن بنيمان الأديب بهمذان يقول: رأيت الحافظ أبا العلاء في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم على رجليه، لأن السراج كان عالياً. ثم نشر الله ذكره في) الآفاق، وعظم شأنه في قلوب الملوك وأرباب المناصب والعوام، حتى إنه كان يمر في همذان فلا يبقى أحد رآه إلا قام ودعا له، حتى الصبيان واليهود. حتى إنه كان في بعض الأحايين يمضي إلى مشكان، بلدة في ناحية همذان، ليصلي بها الجمعة، فكان يتلقاه أهلها خارج البلد، المسلمون على حدة، واليهود على حدة، يدعون له إلى أن يدخل البلد. وكان يفتح عليه من الدنيا جمل، فلم يدخرها، بل كان ينفقها على تلامذته، حتى إنه ما كان يكون عنده متعلم إلا رتب له دفقاً يصل إليه، وإذا قصده أحد يطلب بره وصله بما يجد إليه من السبيل من ماله وجاهه، ويتدين له. وكانت عليه رسوم لأقوام في كل سنة يبعثها إلى مكة، وبغداد، وغيرهما. وما كان يبرح عليه ألف دينار همذانية أو أكثر من الدين، مع كثرة ما كان يفتح عليه. وكان يطلب لأصحابه من الناس، ويعز أصحابه ومن يلوذ به، ولا يحضر دعوة حتى تحضر جماعة أصحابه. وكان لا يأكل من أموال الظلمة، ولا قبل منهم مدرسة قط ولا رباطاً، وإنما كان يقرىء في داره، ونحن في مسجده، فكان يقرىء نصف نهاره الحديث، ونصفه القرآن والعلم. وكان لا يغشى السلاطين، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يمكن أحداً أن يعمل في محلته منكراً ولا سماعاً. وكان ينزل كل إنسان منزلته، حتى تألفت القلوب على محبته وحسن الذكر له في الآفاق البعيدة. حتى أهل خوارزم، الذين هم من أشد الناس في الاعتزال

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 338 كتبوا تصانيفه، وصار له عندهم من الصيت لعل قريباً من همذان، مع مباينتهم له في الإعتقاد، ومعرفتهم شدته في الحنبلية. وكان حسن الصلاة، لم أر أحداً من مشايخنا أحسن صلاة منه. وكان متشدداً في أمر الطهارات، حتى إنه ما كان يثق بكل أحد. وكان لا يدع أحداً يمس مداسه. وقد حضرته يوماً وأخذ منطراً وجبة برد قد أهديا له، وكانا جديدين بطراوتهما، فجاء بهما إلى بركة فيها ماء وطين وورق الشجر، فغمسهما في الماء وسمعته يقول: قليلاً قليلاً ثقة بالله. فغسلهما، وآنطفأت نضارتهما. وكان لا يبالي ما لبس. ولا يلبس الكتان بل القطن، ثياب قصار، وأكمام قصار، وعمامة نحو سبعة أذرع. وكان لا يتشهى المواكيل، ولا يكاد يأمر بصنعة طعام.) وكانت السنة شعاره ودثاره اعتقاداً وفعلاً. كان لا يكاد يبدأ في أمر إلا ابتدأ فيه بسنة إما دعاء وإما غير ذلك. وكان معظما للسنة بحيث أنه كان إذا دخل مجلسه أحد، فقدم له رجله اليسرى كلف أن يرجع فيقدم اليمنى. وكان لا يمس أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو على وضوء، ولا يدع شيئاً قط إلا مستقبل القبلة تعظيماً لها. ورآني يوماً وعلى رأسي قلنسوة سوداء مكشوفة فقال: لا تلبسها مكشوفة، فإن أول من أظهر لبس هذه القلانس أبو مسلم الخراساني. ثم شرع في ذكر أبي مسلم، فذكر أحواله من أولها إلى آخرها. قال: وسمعت من أثق به يحكي أن السلفي رأى طبقة بخط أبي العلاء فقال: هذا خط أهل الإتقان. وسمعته يحكي عنه أنه ذكر له فقال: قدمه دينه. وسمعت من أثق به يحكي عن أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 339 الفارسي أنه قال للحافظ أبي العلاء لما دخل نيسابور ما دخل نيسابور مثلك. وسمعت الحافظ أبا القاسم علي بن الحس يقول، وذكر رجلاً من أصحابه رحل: إن رجع ولم يلق الحافظ أبا العلاء ضاعت سفرته. قال: وقد روى عنه الحافظ أبو القاسم. وقال الحافظ محمد بن محمود الحماني الهمذاني: ولد شيخنا أبو العلاء في ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. قال: وتوفي في تاسع عشر جمادى الأولى. وذكره ابن النجار فقال: إمام في علوم القراءآت، والحديث، والأدب، والزهد، والتمسك بالسنن، رحمه الله. 4 (الحسن بن عبد الله بن حسين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 340 أبو الحسن بن الأشيري، الكاتب، نزيل تلمسان. قال الأبار: كان عالماً بالقراءآت، واللغة، والشعر. صنف في غريب الموطأ، وغير ذلك.) 4 (الحسين بن محمد بن الحسين بن حما.) الشيخ أبو عبد الله البغدادي، من وكلاء القضاة. سمع من: جده لأمه أبي سعد محمد بن عبد الله الأسدي، وأبي سعد بن خشيش. قال ابن النجار: ثنا عنه ابن الأخضر. ولد سنة تسعين وأربعمائة، ومات في شوال سنة تسع. 4 (الدال)

4 (دلف بن كرم.) أبو الفرج المكبري المقري، الخباز. أحد طلبة الحديث ببغداد. سمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا القاسم بن السمرقندي فمن بعدها. سمع منه: علي بن أحمد الزيدي، ومكي الفراء. وتوفي في عشر السبعين. 4 (دهبل بن علي بن منصور بن إبراهيم.) المعروف بابن كاره، أبو الحسن الحريمي، والد عبد الله. كان فقيهاً حنبلياً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 341 سمع: الحسين بن علي بن البسري، وأبا القاسم بن بيان، وابن نبهان. وكان زاهداً، ثقة. سمع منه: أبو سعد بن السمعاني، وعلي بن أحمد الزيدي، وأبو محمد بن الأخضر، وابن قدامة، وأبو المنجا بن اللتي، ولبابة بنت الثلاجي، وآخرون. وتوفي في ثاني المحرم، وكان قد أضر. 4 (السين)

4 (سعد الله بن مصعب بن محمد.) أبو القاسم البغدادي، المقرىء، المعروف بابن ساقي الماء. قال الدبيثي: بقي أكثر من سبعين سنة مقيماً بمسجد بالجانب الغربي. قرأ القراءآت على: أبي عبد الله البارع. وسمع من: أبي القاسم بن بيان.) كتب عنه: عمر القرشي، وتوفي في المحرم. 4 (سعيد بن المبارك بن علي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 342 أبو محمد بن الدهان البغدادي، النحوي، صاحب المصنفات. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا غالب بن البنا، وغيرهما. كتب عنه أبو سعد السمعاني وقال: قال لي: ولدت سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وهو شاب فاضل له معرفة بالنحو ويد باسطة في الشعر. شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي في ثلاث وأربعين مجلداً، وشرح اللمع لابن جني في ثلاث مجلدات. وقال ابن الدبيثي: سكن في أواخر عمره بالموصل، وأخذ عنه أهلها. وقال جمال الدين القفطي: رحل إلى إصبهان، وسمع بها، واستفاد من خزائن وقوفها، وكتب الكثير من الأدب بخطه. وأخذ الناس عنه. وخرج عن بغداد قاصداً إلى دمشق، فاجتاز بالموصل وبها وزيرها جمال الدين محمد الإصبهاني الجواد الماضي ذكره فأكرمه وصدره بالموصل للإفادة. وغرقت كتبه ببغداد في غيبته، ثم حملت إليه، فشرع في تبخيرها باللاذن ليقطع الرائحة الردية، إلى أن بخرها بنحو من ثلاثين رطلاً لاذناً، فطلع ذلك إلى رأسه وعينه، فأحدث له العمى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 343 ومن شعره: بادر إلى العيش والأيام راقدة ولا تكن لصروف الدهر منتظر فالعمر كالكأس يبدو في أوائلهصفو وآخره في قعره الكدر وقال الحافظ ابن عساكر: سمعت سعيد بن الدهان ببغداد يقول: رأيت في النوم منشداً ينشد محبوبه. أيها الماطل دينيأملي وتماطل علل القلب فإنيقانع منك بباطل وله سرقات المتنبي في مجلد، وكتاب التذكرة سبع مجلدات. قال أبو العماد الكاتب: هو سيبويه عصره، ووحيد دهره. لقيته ببغداد، وكان يقال حينئذ: النحويون في بغداد أربعة: ابن الجواليقي، وابن الشجري، وابن الخشاب، وابن الدهان. وقال ابن خلكان: لقبه: ناصح الدين، رحمه الله تعالى.) 4 (سليمان بن علي بن عبد الرحمن.) أبو تميم الرحبي، الدمشقي، الخباز. سمع جزءاً من عبد الرحمن بن الحسن الحنائي، وهو آخر من حدث عنه. روى عنه: الحافظان أبو المواهب، وعبد الغني، والشيخ الموفق، وأبو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 344 القاسم بن صصرى، وعبد الرحمن بن عمر النساج، والقاضي عمر بن المنجا. قال أبو المواهب: توفي في ربيع الآخر، وكان مقرئاً صالحاً. ما حدثنا عن ابن الحنائي سواه. 4 (العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن الحسين.) أبو محمد بن النقار الطرابلسي، الشامي، الحميري، الكاتب، المعدل. ولد بأطرابلس سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وعاش تسعين سنة. قدم دمشق شاباً عند استيلاء العدو على أطرابلس، وتقدم في كتابة الإنشاء، وكتب لصاحب الشام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 345 وكان جيد النظم والنثر، كبير القدر. روى عنه ابن عساكر في تاريخه قصيدتين. 4 (عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون.) أبو محمد بن أبي نصر بن أبي طاهر بن أبي الحسين النرسي، البغدادي. من بيت العدالة والرواية. سمع: أبا الفضل محمد بن عبد السلام، وأبا غالب الباقلاني، وأبا بكر الطريثيثي، وأبا الحسين بن الطيوري، وابن العلاف. سمع منه: علي بن أحمد الزيدي، وأبو بكر الباقداري. وحدث عنه جماعة وأثنوا عليه منهم: الحافظ عبد الغني، وأبو محمد بن قدامة، وعبد العزيز بن الأخضر، وحفيداه أحمد وإسماعيل ابنا إسماعيل بن النرسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 346 وكان يلقب بالحمامة. توفي رحمه الله في رمضان وله ثلاث وثمانون سنة. 4 (عبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد الواحد بن الاستاذ أبي القاسم القشيري.) أبو محمد النيسابوري، الصوفي.) حدث بدمشق وبغداد عن أبيه وعبد الغفار الشيرويي، ومحمد بن أحمد بن صاعد. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وأبو القاسم بن صصرى، والجماعة. وتوفي رحمه الله في المحرم بإصبهان. 4 (عبد الواحد بن عبد الملك بن محمد بن أبي سعد.) أبو نصر الفضلوسي الكرجي، الصوفي، الزاهد. له عبادة ومجاهدات، وسافر الكثير ولقي المشايخ. وحج مرات. وربما حج منفرداً متوكلاً. وسمع بإصبهان، وبغداد، ومصر. وسمع من: أبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وأبي القاسم بن الحصين. وكان أبو الفرج بن النقور قد كتب عنه عجائب، وأنه قد رأى الخضر ورأى الجن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 347 ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وروى عنه جماعة منهم أبو سعد السمعاني. وقال ابن الدبيبثي إنه توفي بالكرخ في سنة تسع هذه. 4 (عبد النبي بن المهدي.) اليمني الخارجي، الملقب بالمهدي. كان أبوه المهدي قد استولى على اليمن، وظلم وعسف، وشق بطن الحبالى، وذبح الأطفال، وتمرد على الله. وكان يرى رأي القرامطة. وولي الأمر بعده عبد النبي هذا، ففعل أنحس من فعل الوالد، وسبى النساء، وبنى على قبر أبيه قبة عظيمة لم يعمل في الإسلام مثلها، فإنه صفح حيطانها بالذهب والجواهر، ظاهراً وباطناً، وعمل لها ستور الحرير، والقناديل الذهب، فيقال إنه أمر الناس بالحج إلى قبر أبيه، كما لحج الكعبة، وأن يحمل كل واحد إليها مالاً، ومن لم يحمل مالاً قتله، ومنعهم من الحج، فكانوا يقصدونها من السحر، واجتمع فيها أموال لا تحصى، وانهمك في اللذات والفواحش إلى أن قصمه الله وآستأصله على يد شمس الدولة ابن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 348 أيوب، واستولى على جميع خزائنه وعذبه، ثم قتله، وهدم القبة، وأحرق ما فيها. هذا معنى ما قاله صاحب مرآة الزمان. 4 (علي بن أحمد بن أبي بكر.) ) أبو الحسن الكناني أبي الحسين القرطبي، نزيل مدينة فاس. مع الموطأ بقراءة أبيه من: أبي عبد الله محمد بن الفرج مولى الطلاع. وسمع من: أبي الحسن القيسي، وأخذ عنه القراءآت وخازم بن محمد، وأبي القاسم بن مدير، وأبي الوليد بن خشرم. وأخذ عنه الكبار. وأخذ أيضاً عن: الحسن بن شفيع، وأبي عمر الألبيري. وقرأ بجيان على: أبي عامر محمد بن حبيب. ثم حج سنة خمسمائة، ولقي أبا حامد الغزالي وصحبه. كذا قال أبو عبد الله الأبار: وفي هذا نظر، إلا أن يكون دخل خراسان، وهو محتمل على بعد. قال: وأقام ببيت المقدس يعلم القرآن تسعة أشهر، ثم انصرف واستوطن مدينة فاس سنة ثلاث وخمسمائة، وتصدر للإقراء، وطال عمره. وروى عنه من شيوخنا: أبو القاسم بن بقي، وأبو زكريا النادلي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 349 وقرأت على النادلي كتاب الشهاب للقضاعي، بسماعه منه، عن القيسي، عن مؤلفه. وكان مولده سنة ست وسبعين وأربعمائة. قلت: عاش ثلاثاً وتسعين سنة. وكان من أسند أهل وقته. وقد روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المفضل، وبالسماع عبد العزيز بن علي بن زيدان النحوي السمناني، نزيل فاس. 4 (علي بن إبراهيم بن المسلم.) أبو الحسن الأنصاري، الزاهد، المعروف بابن بنت أبي سعد. توفي بمصر في رجب. وقد حدث قبل موته بيسير. وكان محدثاً، عارفاً بشيوخ المصريين. أخذ عنه الحافظ عبد الغني، والمصريون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 350 4 (علي بن الحسن بن علي بن أبي الأسود.) أبو الحسين بن البلى البغدادي، عم هبة الله بن البل. روى عن: أبي القاسم الربعي، وابن بيان الرزاز. سمع منه: علي بن أحمد الزيدي، وغير واحد.) وروى عنه: علي بن محمد العلوي، وابن الأخضر، وموفق الدين المقدسي، وآخرون. توفي في ذي الحجة. 4 (علي بن الحسن بن علي.) أبو الحسن بن الرميلي، الفقيه الشافعي. كان من أئمة الشافعية، ورشح ببغداد لتدريس النظامية. وروى القليل عن: الأرموي، وأبي الوقت. وله تعليقة في الخلاف. وكتب على طريقة ابن البواب، وأعاد بالنظامية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 351 4 (عمارة بن علي بن زيدان.) الفقيه أبو محمد الحكمي، المذحجي، اليمني، نجم الدين الشافعي، الفرضي. الشاعر المشهور. تفقه بزبيد مدة أربع سنين في المدرسة. وحج سنة تسع وأربعين وخمسمائة. ومولده سنة خمس عشرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 352 وسيره صاحب مكة قاسم بن هاشم بن فليتة رسولاً إلى الفائز خليفة مصر، فآمتدحه بقصيدته الميمية، وهي: الحمد للعيس بعد العزم والهممحمداً يقوم بما أولت من النعم لا أجحد الحق، عندي للركاب يدتمنت اللجم فيها رقبة الخطم قربن بعد مزار العز من نظريحتى رأيت إمام العصر من أمم ورحن من كعبة البطحاء والحرموفداً إلى كعبة المعروف والكرم فهل درى البيت أني بعد فرقتهما سرت من حرم إلا إلى حرم حيث الخلافة مضروب سرادقهابين النقيضين من عفو ومن نقم وللإمامة أنوار مقدسة تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم وللنبوة آيات تنص لناعلى الخفيين من حكم ومن حكم وللمكارم أعلام تعلمنامدح الجزيلين من بأس ومن كرم وللعلا ألسن تثني محاورهاعلى الحميدين من فعل ومن شيم) أقسمت بالفائز المعصوم معتقداً فوز النجاة وأجر البر في القسم لقد حمى الدين والدنيا وأهلهماوزيره الصالح الفراج للغمم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 353 اللابس الفخر لم تنسج غلائلهإلا يد الصنعتين السيف والقلم ليت الكواكب تدنو لي فأنظمهاعقود مدح فما أرضى لكم كلمي فوصلوه. ثم رد إلى مكة، وعاد إلى زبيد. ثم حج، فأعاده صاحب مكة في الرسلية، فآستوطن مصر. قال ابن خلكان: وكان شافعياً شديد التعصب للسنة، أديباً، ماهراً، ولم يزل ماشي الحال في دولة المصريين إلى أن ملك صلاح الدين، فمدحه ومدح جماعة. ثم إنه شرع في أمور، وأخذ في اتفاق مع رؤساء البلد في التعصب للعبيديين وإعادة أمرهم، فنقل أمرهم، وكانوا ثمانية من الأعيان، فأمر صلاح الدين بشنقهم في رمضان بالقاهرة، وكفى الله شرهم. ولعمارة كتاب أخبار اليمن، وله شيء في أخبار خلفاء مصر ووزرائها. وكان هؤلاء المخذولون قد هموا بإقامة ولد العاضد. وقيل إنهم كاتبوا الفرنج لينجدوهم، فنم عليهم رجل جندي. وقد نسب إلى عمارة بيت شعر، وهو: قد كان مبدأ هذا الأمر من رجلسعى إلى أن دعوه سيد الأمم فأفتى الفقهاء بقتله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 354 وله ديوان مشهور. وللفقيه عمارة مجلد فيه النكت العصرية في الدولة المصرية ترجم نفسه في أوله فقال: والحديث كما قيل شجون، والجد قد يخلط بالمجون، وعسى أن يقول من وقع في يده هذا المجموع: خبرتنا عن غيرك، فمن تكون وإلى أي عش ترجع من الوكون وأنا أقتصر وأختصر: فأما جرثومة النسب فقحطان، ثم الحكم بعد سعد العشيرة المذحجي. وأما الوطن فمن تهامة باليمن مدينة يقال لها مرطان من وادي وسارع، بعدها من مكة أحد عشر يوماً، وبها المولد والمربى، وأهلها بقية العرب في تهامة، لأنهم لا يساكنهم حضري ولا يناكحونه، ولا يجيزون شهادته، ولا يرضون بقتله قوداً بأحد منهم. ولذلك سلمت لغتهم من) الفساد. وكانت رياستهم تنتمي إلى المثيب بن سليمان، وهو جدي من جهة الأم، وإلى زيدان، وهو جدي لأبي، وهما أبناء عم. وكان زيدان يقول: أنا أعد من أسلافي أحد عشر جداً، ما منهم إلا عالم مصنف في عدة علوم. ولقد أدركت عمي علي بن زيدان وخالي محمد بن المثيب، ورياسة حكم بن سعد تقف عليهما. وما أعرق فيمن رأيته أحداً يشبه عمي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 355 علياً في السؤدد. وحدثني أخي يحيى بن أبي الحسن، وكان عالماً بأيام الناس، قال: لو كان عمك علي بن زيدان في زمن نبي لكان حوارياً له أو صديقاً لفرط سؤدده. وحدثني الفقيه محمد بن حسين الأوقص، وكان صالحاً، قال: والله لو كان علي بن زيدان قرشياً ودعانا إلى بيعته لمتنا تحت رايته لاجتماع شروط الخلافة فيه. قال لي أخي يحيى: كان علي لا يغضب، ولا يقذع في القول، ولا يجبن، ولا يبخل، ولا يضرب مملوكاً أبداً، ولا يرد سائلاً، ولا عصى الله تعالى بقول ولا فعل، وهذه همة الملوك، وأخلاق الصديقين. وحسبك أنه حج أربعين حجة، وزار النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات، ورآه في النوم خمس مرات، وأخبره بأمور لم يخرم منها شيء. فقلت لأخي: من القائل: إذا طرقتك أحداق اللياليولم يوجد لعلتها طبيب وأعوز من مجيرك من سطاهافزيدان هجيرك والمثيب هما رداً علي شتيت ملكيووجه الدهر من رغم قطوب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 356 وقاما عند خذلاني بنصريقياماً تستكين له الخطوب فقال: هو السلطان علي بن حبابة. وكان قومه قد أخرجوه من ملكه، وأحقروه من ملكه وولوا عليهم أخاه سلامة، فنزل بهما، فسارا معه في جموع من قومهما حتى عزلا سلامة وردوا علياً وأصلحا له قومه. وكان الذي وصل إليه من برهما وأنفقاه على الجيش في نصرته ما ينيف على خمسين ألفاً. حدثني أبي قال: مرض علي بن زيدان مرضاً أشرف منه على الموت ثم أبل منه، فأنشدته لرجل من بني الحارث يدعى سالم بن شافع، وكان وفد عليه يستعينه في دية قتيل لزمته، فلما) اشتغلنا بمرضه رجع الحارثي إلى قومه: إذا أودى ابن زيدان عليفلا طلعت نجومك يا سماء ولا اشتمل النساء على حنينولا روى الثرى للسحب ماء على الدنيا وساكنها جميعاً إذا أودى أبو الحسن العفاء قال: فبكى عمي وأمرني بإحضار الحارثي، ودفع إليه ألف دينار. وبعد ستة أشهر ساق عنه الدية. وحدثني خالي محمد بن المثيب قال: أجدب الناس سنة، ففرق علي بن زيدان على المقلين أربعمائة بقرة لبون، ومائتي ناقة لبون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 357 وأذكر وأنا طفل أن معلمي عطية بن محمد بعثني إلى عمي بكتابة كتبها في لوحي. فضمني إليه وأجلسني في حجره وقال: كم يعطى الأديب قلت: بقرة لبوناً. فضحك، ثم أمر له بمائة بقرة لبون معها أولادها، ووهب له غلة أرض حصل له منها ألفا إردب من السمسم خاصة. وأما سعة أمواله، فلم تكن تدخل تحت حصر، بل كان الفارس يمشي من صلاة الصبح إلى آخر الساعة في فرقانات من الإبل والبقر والغنم كلها له. وكان يسكن في مدينة منفردة عن البلد الكبير. وأما حماسته وشدة بأسه فيضرب بها المثل، وهو شيء يزيد على العادة بنوع من التأييد، فلم يكن أحد يقدر أن يجر قوسه. وكان سهمه ينفذ من الدرقة ومن الإنسان الذي تحتها. وكان الناس يسرحون أموالهم إلى واد معشب مخصب فسيح بعيد من البلد، وفيه عبيد متغلبة نحو من ثلاثة الآف راجل، قد حموا ذلك الوادي بالسيف، يقطعون الطريق، ويعتصمون بشعفات الجبال وصياصيها. وكان العدد الذي يسرح مع المال في كل يوم خمسمائة قوس ومائة فارس. فشكى الناس إلى علي بن زيدان أن فيهم من قد طال شعره، وانقطع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 358 حذاؤه ووتره، وسألوه أن ينظر لهم في من ينوب عنهم يوماً ليصلحوا أحوالهم. فنادى مناديه بالليل: من أراد أن يقعد فليقعد، فقد كفي. ثم أمر الرعاء فرحلوا، وركب وحده فرساً له نجدياً من أكرم الخيل سبقاً وأدباً وجنب حجرة. فما هو إلا أن وردت الأنعام ذلك الوادي حتى خرجت عليها العبيد، فاستاقوها وقتلوا من الرعاء تسعة. فركب ابن زيدان فأدرك العبيد، وهم سبعمائة رجل أبطال، فقال لهم: ردوا) المال، وإلا فأنا علي بن زيدان. فتسرعوا إليه فكان لا يضع سهماً إلا بقتيل، حتى إذا ضايقوه اندفع عنهم غير بعيد، فإذا ولوا كر عليهم، ولم يزل ذلك دأبه ودأبهم حتى قتل خمسة وتسعين رجلاً فطلب الباقون أمانه ففعل، وأمرهم أن يدير بعضهم بكتاف بعض، ففعلوا، وأخذ جميع أسلحتهم فحملها بعمائمهم على ظهور الإبل، وعاد والعبيد بين يديه أسارى. وقد كان بعض الرعاء هرب فنعاه إلى الناس، فخرج الناس أرسالاً حتى لقوه العصر خارجاً من الوادي، والمواشي سالمة، والعبيد أسارى. قال لي أبي: أذكر أنا لم نصل تلك الليلة صحبته إلى المدينة حتى

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 359 كسرت العرب على باب داري ألف سيف، حتى قيل إن علياً قتل وآمتد الخبز إلى بني الحارث، وكانوا خلفاً، فأصبح في منازلهم سبعون فرساً معقورة مكسورة حزناً عليه. ثم اصطنع العبيد وأعتقهم، ورد عليهم أسلحتهم، فتكفلوا له أمان البلاد من عشائرهم. وكان السفهاء والشباب منا لا يزال يجني بعضهم على بعض، ويكثر الجراح والقتل، فأذكر عشية أن القوم هزمونا حتى أدخلونا البيوت، فقيل لهم: هذا علي أقبل. فانهزموا حتى مات تحت أرجل القوم ثلاثة رجال. ثم أصلح بين الناس. توفي علي بن زيدان سنة ست وعشرين وخمسمائة، وتبعه خالي محمد بن المثيب سنة ثمان، فكان أبي يتمثل بعدهما بقول الشاعر: ومن الشقاء تفردي بالسؤدد وتماسكت أحوال الناس لوالدي سنة تسع وعشرين، وفيها أدركت الحلم. ثم منعنا الغيث سنة وبعض أخرى، حتى هلك الحرث، ومات الناس في بيوتهم، فلم يجدوا من يدفنهم. وفي سنة إحدى وثلاثين دفعت لي والدتي مصوغاً لها بألف مثقال، ودفع لي أبي أربعمائة دينار وسبعين، وقالا لي: تمضي إلى زبيد إلى الوزير مسلم بن سخت، وتنفق هذا المال عليك وتنفقه، ولا ترجع حتى تفلح، وزبيد عنا تسعة أيام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 360 فأنزلني الوزير في داره مع أولاده، ولازمت الطلب، فأقمت أربع سنين لا أخرج من المدرسة إلا لصلاة الجمعة. ثم زرت أبوي في السنة الخامسة ورددت ذلك المصاغ، ولم أحتج إليه. وتفقهت، وقرأ علي جماعة في مذهب الشافعي والفرائض. ولي فيها مصنف يقرأ باليمن.) وقد زارني والدي بزبيد سنة تسع وثلاثين، فأنشدته من شعري، فاستحسنه واستحلفني أن لا أهجو مسلماً. فحلفت له، ولطف الله بي، فلم أهج أحداً، سوى إنسان هجاني ببيتين بحضرة الملك الصالح، يعني ابن رزيك، فأقسم علي أن أجيبه. وحججت مع الحرة أم فاتك ملك زبيد، وربما حج معها أهل اليمن في أربعة الآف بعير. ويسافر الرحل منهم بحريمه وأولاده. إلى أن قال: فأذكر ليلة، وقد سئمت ركوب المحمل، أني ركبت نجيباً، وحين تهور الليل آنست حساً، فوجدت هودجاً مفرداً، والبعير يرتعي، فناديت مراراً يا أهل الجمل. فلم يكلمني أحد، فدنوت فإذا امرأتان نائمتان في الهودج، أرجلهما خارجة ولكل واحدة زوج خلخال من الذهب. فسلبت الزوجين من أرجلهما وهما لا تعقلان، وأخذت بخطام

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 361 الجمل حتى أبركته في المحجة العظمى وعقلته، وبعدت عنه بحيث أشاهده، حتى مرت قافلة، فأقاموا البعير وساقوه. فلما أصبح الناس إذا صائح ينشد الضالة، ويبذل لمن ردها مائة دينار. وإذا هما امرأتان لبعض أكابر أهل زبيد. وكانت عادة الحرة أن تمشي في الساقة، فمن نام أيقظته، وكا لها مائة بعير برسم حمل المنقطعين. وحين تنصفت الليلة الثانية تأخرت حتى مر بي محملها، فبادر الغلمان إلي وقالوا: لك حاجة فقلت: الحديث مع الحرة. ففعلوا ذلك، فأخرجت رأسها من سجف الهودج. قال: فناولتها الزوجين، وبلغني أن وزنهما ألف مثقال، فقالت: ما اسمك ومن تكون فقد وجب حقك. فأعلمتها، وحصل لي منها جانب قوي وصورة وتقدم، وتسهل الوصول إليها في كل وقت. وبذلك حصلت معرفة بالوزير القائد أبي محمد سرور الفاتكي. وكسبت بمعرفتها مالاً جزيلاً. وتجرت لها بألوف من المال، وترددت إلى عدن، وحصلت لي صحبة أهل عدن. وقضى ذلك باتساع الحال وذهاب الصيت، حتى كان القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي عقامة الحفائلي رأس أهل العلم والأدب بزبيد يقول لي: أنت خارجي هذا الوقت وسعيده، لأنك أصحبت تعد من جملة أكابر التجار وأهل الثروة، ومن أعيان الفقهاء الذين أفتوا، ومن أفضل أهل الأدب. فأما الوجاهة عند أهل الدول، ونعمة خدك بالطيب واللباس وكثرة السراري، فو الله ما أعرف من) يعشرك فيه، فهنيئاً لك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 362 فكأنه والله بهذا القول نعى إلي حالي وذهاب مالي. وذلك أن كتاب الداعي محمد بن سبأ صاحب عدن جاءني من ذي الحجة يستدعي وصولي إليه، فاستأذنت أهل زبيد، فأدنوا لي على غش. وكانت للداعي بيدي خمسة الآف دينار سيرها معي أتباع له، بها أمتعة من مكة وزبيد، فلما قدمت إلى ذي جبلة وجدته قد دخل عروساً على ابنة السلطان عبد الله. وكان جماعة من أكابر التجار والأعيان، مثل بركات ابن المقرىء، وحسن ابن الحمار، ومرجى الحزاني، وعلي بن محمد النيلي، والفقيه أبي الحسن بن مهدي القائم الذي قام باليمن، وأزال دولة أهل زبيد، وكانوا قد سبقوني ولم يصلوا إلى الداعي. فلما وصلت إلى ذي جبلة كتبت إليه قول أبي الطيب: كن حيث شئت تصل إليك ركابنافالأرض واحدة وأنت الأوحد ثم أتبعت ذلك برقعة أطلب إذن بالاجتماع به، فكتب بخطه على ظهرها: مرحباً مرحباً قدومك بالسعدفقد أشرقت بك الآفاق لو فرشنا الأحداق حتى تطأهنلقلت في حقك الأحداق وكان هذان البيتان مما حفظه عن جارية مغنية كنت أهديتها إليه، واتفق أن الرقعة وصلت مفتوحة بيد غلام جاهل، فلم تقع في يدي حتى وقف عليها الجماعة كلهم، وركبت إليه فأقمت عنده في المستنزه أربعة أيام، فما من الجماعة إلا من كتب إلى أهل زبيد بما يوجب سفك دمي، ولا علم لي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 363 حسداً منهم وبغياً. وكان مما تمموا به المكيدة علي ونسبوه إلي، أن علي بن مهدي صاحب الدولة اليوم باليمن التمس من الداعي محمد بن سبأ أن ينصره على أهل زبيد، فسألني الداعي أن أعتذر عنه إلى علي بن مهدي لما كان بيني وبين ابن مهدي من أكيد الصحبة في مبادى أمره، لأني لم أفارقه إلا بعد أن استفحل أمره، وكشف القناع في عداوة أهل زبيد، فتركته خوفاً على مالي وأولادي لأني مقيم بينهم. وحين رجعت إلى زبيد من تلك السفرة وجدت القوم قد كتبوا إلى أهل زبيد في حقي كتباً مضمونها: إن فلاناً كان الواسطة بين الداعي وبين ابن مهدي على حربكم وزوال ملككم فاقتلوه. فحدثني الشيخ جياش قال: أجمع رأيهم على قتلك في ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين. فجاءهم بالليل خبر محمد بن الأغر ونفاقه وزحفه على تهامة، فآنزعجوا واشتغلوا، وخرجت حاجاً بل هاجاً إلى مكة سنة تسع. فمات أمير مكة) هاشم بن فليتة، وولي الحرمين ابنه قاسم، فألزمني السفارة عنه إلى الدولة المصرية، فقدمتها في ربيع الأول سنة خمسين، والخليفة بها الفائز، والوزير الملك الصالح طلائع بن رزيك. فلما أحضرت للسلام عليهما في قاعة الذهب أنشدتهما: الحمد للعيس بعد العزم والهممحمداً يقوم بما أولت من النعم إلى آخرها. وعهدي بالصالح يستعيدها في حال النشيد، وألاستاذون وأعيان الأمراء والكبراء يذهبون في الإستحسان كل مذهب، ثم أفيضت علي خلع من ثياب الخلافة مذهبة، ودفع لي الصالح خمسمائة دينار، وإذا ببعض ألاستاذين خرج لي من عند السيدة بنت الإمام الحافظ بخمسمائة دينار أخرى. وأطلقت لي رسوم لم تطلق لأحد قبلي. وتهادتني أمراء الدولة إلى منازلهم، واستحضرني

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 364 الصالح للمجالسة، وآنثالت علي صلاته، ووجدت بحضرته أعيان أهل الأدب الجليس أبا المعالي بن الحباب، والموفق بن الخلال صاحب ديوان الإنشاء، وأبا الفتح محمود بن قادوس، والمهذب حسن بن الزبير. وما من هذه الجلة أحد إلا ويضرب في الفضائل النفسانية والرياسة الإنسانية بأوفر نصيب. وأما جلساؤه من أهل السيوف فولده مجد الإسلام، وصهره سيف الدين حسين، وأخوه فارس الإسلام بدر، وعز الدين حسام، وعلي بن الزبد، ويحيى بن الخياط، ورضوان، وعلي هوشات، ومحمد بن شمس الخلافة. قلت: وعمل عمارة في الصالح عدة قصائد، وتوجه إلى مكة مع الحجاج، ثم ذكر أنه قدم في الرسلية أيضاً من أمير مكة. وذكر أنه حضر مجلس الصالح طلائع، قال: فكانت تجري بحضرته مسائل ومذاكرات ويأمرني بالخوض فيها، وأنا منعزل عن ذلك لا أنطق، حتى جرى من بعض الأمراء ذكر بعض السلف، فاعتمدت قوله تعالى: فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ونهضت، فأدركني الغلمان، فقلت: حصاة يعتادني وجعها. وانقطعت ثلاثة أيام، ورسوله في كل يوم والطبيب معه. ثم ركبت بالنهار، فوجدته في بستان وقلت: إني لم يكن بي وجع، وإنما كرهت ما جرى في حق السلف، فإن أمر السلطان بقطع ذلك حضرت، وإلا فلا، وكان لي في الأرض سعة، وفي الملوك كثرة، فتعجب من هذا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 365 وقال: سألتك ما الذي تعتقد في أبي بكر وعمر؟ قلت: أعتقد أنه) لولاهما لم يبق الإسلام علينا ولا عليكم، وأن محبتهما واجبة. فضحك، وكان مرتاضاً حصيفاً قد لقي في ولايته فقهاء السنة وسمع كلامهم، وقد جاءتني منه مرة أبيات معها ثلاثة أكياس ذهب، وهي قوله: قل للفقيه عمارة يا خير منأضحى يؤلف خطبة وخطابا إقبل نصيحة من دعاك إلى الهدى قل حطة وادخل إلينا البابا تلق الأئمة شافعين ولا تجدإلا لدينا سنة وكتابا وعلي إن يعلو محلك في الروى وإذا شفعت إلي كنت مجابا وتعجل الآلاف ديني ثلاثة صلة وحقك لا تعد ثوابا فأجبته مع رسوله: حاشاك من هذا الخطاب خطابايا خير أملاك الزمان نصابا فآشدد يديك على صفاء محبتيوآمنن علي وسد هذا البابا ومن مليح قول عمارة اليمني من قصيدة: لو لم يكن يدري بما جهل الورى من الفضل لم تبق عليه الفضائل لئن كان منا قاب قوس فبيننافراسخ من إجلاله ومراحل وله يرثي الصالح بن رزيك لما قتل: أفي أهل ذا النادري عليم أسائلهفإني لما بي ذاهب اللب ذاهله سمعت حديثاً أحسد الصم عندهويذهل واعيه ويخرس قائله وقد رابني من شاهد الحال أننيأرى الدست منصوباً وما فيه كافله

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 366 وإني أرى فوق الوجوه كآبة تدل على أن الوجوه تواكله دعوني فما هذا بوقت بكائهسيأتيكم ظل البكاء وذابله وله من قصيدة: أفاعيلهم في الجود أفعال سنة وإن خالفوني في اعتقاد التشيع ومن شعره الفائق لي في هوى الرشأ العذري إعذارلم يبق مذ أقر الدمع إنكار لي في القدود وفي لثم الخدود وفيضم النهود لبانات وأوطار) لمني جزافاً وسامحني مصارفة فالناس في درجات الحب أطوار وغر غيري ففي أسري ودائرتيفي المها درة قلبي لها دار ومن كتاب فاضلي إلى نور الدين عن صلاح الدين في أمر المصلبين، وفي جملتهم عمارة اليمني: قصر هذه الخدمة على متجدد سار في الإسلام، والمملوك لم يزل يتوسم من جند مصر وأهل القصر أنهم أعداء وإن قعدت بهم الأيام، ولم تزل عيونه بمقاصدهم موكلة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 367 وخطراته في التحرز منهم مستعملة، لا يخلو شهر من مكر يجتمعون عليه، وحيلة يبرمونها. وكان أكثر ما يستروحون إليه المكاتبات إلى الفرنج، فسير ملك الفرنج كاتبه، جرج رسولاً إلينا ظاهراً، وإليهم باطناً. والمولى عالم أن عادة أوليائه المستفادة من أدبه أن لا يبسطوا عقاباً مؤلماً، وإذا طال لهم الإعتقاد خلى سبيلهم. ولا يزيدهم العفو إلا ضراوة، ولا الرقة عليهم إلا قساوة. وعند وصول جرج ورد إلينا كتاب ممن لا نرتاب به من قومه يذكرون أنه رسول مخاتلة لا رسول مجاملة، وحامل بلية، لا حامل هدية. فأوهمناه الإغفال، فتوصل مرة بالخروج إلى الكنيسة إلى الاجتماع بحاشية القصر وأعوانهم، فتنقلت إلينا أحوالهم فأمسكنا جماعة متمردة قد اشتملت على الإعتقادات المارقة، وكلا أخذ الله بذنبه، فمنهم من أقر طائعاً، ومنهم أقر بعد الضرب، وانكشف المكتومات، وعينوا خليفة ووزيراً. وكانوا فأما تقدم، والمملوك بالعسكر على الكرك والشوبك، قد كاتبوهم، وقالوا إنه بعيد، والفرصة قد أمكنت. وكاتبوا سناناً صاحب الحشيشية بأن الدعوة واحدة، والكلمة جامعة، واستدعوا منه من يغتال المملوك. وكان الرسول خال ابن قرجلة، فقتل الله تعالى بسيف الشرع والفتاوى جماعة من الغواة الدعاة إلى النار، وشنقوا على أبواب قصورهم، وصلبوا على الجذوع المواجهة لدورهم، ووقع التتبع لأتباعهم، وشردت الإسماعيلية، ونودي بأن يرحل كافة الأجناد وحاشية القصر إلى أقصى الصعيد، وثغر الإسكندرية، فظهر به داعية يسمى قديد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 368 القفاص، ومع خموله بمصر، قد فشت بالشام دعوته، وطبقت مصر فتنته، وإن أرباب المعايش يحملون إليه جزءاً من كسبهم. ووجدت في منزله بالإسكندرية عند القبض عليه فيها خلع العذار، وصرح الكفر الذي ما عنه اعتذار. وكان يدعى النسب إلى أهل القصر، وأنه خرج منه صفيراً، ونشأ على الضلالة كبيراً،) فقد صرعه كفره، وحاق به مكره. والحمد لله وحده. 4 (الفاء)

4 (فوارس بن موهوب بن عبد الله.) ابن الشباكية الخفاف أبو الهيجا. روى عن: إسماعيل بن ملة. روى عنه: مكي الفرا، وأبو محمد بن قدامة، وجماعة. 4 (الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محرز بن عبد الله.) أبو بكر البطليوسي، عرف بالمنتانجشي، نزيل إشبيلية. سمع من: أبيه، ومن أبي الوليد العتبي، وأبي محمد بن عتاب، وأبي القاسم بن النخاس. وأخذ عن ابن النخاس القراءآت، وعن: أبي عبد الله بن مزاحم، وابن طريف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 369 وأخذ العربية والأدب عن: أبي عبد الله بن أبي العافية. قال الأبار: كان فقيهاً، مشاوراً، حافظاً، أديباً، حافلاً، كاتباً. روى عنه: أبو بكر بن خير، وأبو عمر بن عياد، وأبو الخطاب بن واجب شيخنا، وغيرهم. توفي في آخر السنة. قال: وفي هذه السنة كان غزوة السبطاط وفتح قنطرة السيف عنوة. 4 (محمد بن الحسين بن أحمد بن عمر.) أبو شجاع المادرائي، أحد الحجاب الأعيان بالديوان العزيز. سمع من: طراد الزينبي، وأبي عبد الله بن طلحة النعالي، وغيرهما. سمع منه: المبارك بن كامل مع تقدمه، وعمر بن علي القرشي. وحدث عنه: أحمد بن أحمد ألازجي، وعبد اللطيف بن القبيطي، وموفق الدين بن قدامة، وغيرهم. وكان مولده في سنة ثمانين وأربعمائة، وتوفي في صفر. أخبرنا عبد الحافظ بنابلس، أنا عبد الله بن أحمد، أنا محمد بن الحسين المادرائي بقراءتي: أنا طراد بن محمد، أنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي: ثنا محمد بن عمرو، ثنا) محمد بن عبد الملك الدقيقي، ثنا بكر بن عمر، ثنا شعبة: أنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من الشعر حكماً، وإن من البيان سحراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 370 4 (محمد بن عبد الملك بن مسعود.) أبو بكر الدينوري، أحد العدول ببغداد. كان متساهلاً في الشهادة فعزل. وكان غير محمود الطريقة. ثم أعيد إلى العدالة في أواخر أيامه. سمع من: أبي سعد بن الطيوري، وعبد القادر بن يوسف. روى عنه: أبو سعد السمعاني، ومات قبله. توفي سنة تسع في شعبان. 4 (محمود بن أبي سعيد زنكي بن أقسنقر التركي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 371 الملك العادل نور الدين، ناصر أمير المؤمنين أبو القاسم. قال ابن عساكر: كان أقسنقر قد ولي ناية حلب للسلطان ملك شاه بن ألب رسلان، وولي غيرها من بلاد الشام. ونشأ قسيم الدولة زنكي بالعراق، وندبه السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب رسلان برأي الخليفة المسترشد بالله لولاية الموصل، وديار بكر، والبلاد الشامية، بعد قتل أقسنقر البرسقي، وموت ابنه مسعود. فظهرت كفاية زنكي، وعرفت شهامته وثباته عند ظهور ملك الروم، ونزوله على شيزر، حتى رجع إلى بلاده خائباً: وقد حاصر ابن قسيم الدولة زنكي دمشق مرتين، فلم يفتحها، وافتتح الرها، والمعرة، وكفر طاب وغيرها من أيدي الكفار. وتوفي، وقام مقامه في ولاية الشام ابنه الملك نور الدين. ولد في شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة، ودخل قلعة حلب بعد قتل والده على جعبر في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، فخلع على الأمراء. قلت: تملك وله ثلاثون سنة. وكان أعدل ملوك زمانه بالإجماع، وأكثرهم جهاداً، وأحرصهم على الخير، وأدينهم وأتقاهم لله. قال ابن عساكر: ظهر منه بذل الإجتهاد في قيام الجهاد، وخرج من حلب غازياً في أعمال تل باشر، فافتتح حصوناً كثيرة، وقلعة أفامية، وحصن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 372 البارة، وقلعة الراوندن، وقلعة تل خالد،) وحصن كفرلاثا، وحصن بسرفوث بجبل بني عليم، وقلعة عزاز، وتل باشر، ودلوك، ومرعش، وقلعة عين تاب، ونهر الجوز. وغزا حصن إنب، فقصده الإبرنس صاحب أنطاكية، فواقعه، فكسره نور الدين وقتله، وقتل ثلاثة الآف إفرنجي، وبقي له ولد صغير مع أمه بأنطاكية، فتزوجت بإبرنس آخر، فخرج نور الدين في بعض غزواته فأسر الإبرنس الآخر، فتملك أنطاكية ابنه، وباعه نور الدين نفسه بمال عظيم. قال: وأظهر السنة بحلب، وغير البدعة التي كانت له في التأذين، وقمع الرافضة، وبنى بها المدارس، وأقام العدل. وحاصر دمشق مرتين، ثم قصدها الثالثة. وقد كان صالح معين الدين أنز نائب صاحبها، وصاهره، واجتمعت كلمتهما على الغزو، فسلم أهل دمشق إليه البلد لغلاء الأسعار، وللخوف من العدو، فتملكها وسكنها، وحصن سورها، وبنى بها المدارس والمساجد، ووسع أسواقها، ورفع عن الناس الأثقال، ومنع من أخذ ما كان يؤخذ منهم من المغارم بدار بطيخ وسوق الغنم. وضمان النهر والكيالة، وأبطل الخمر. وأخذ من الفرنج ثغر بانياس، والمنيطرة. وكان في الحرب رابط الجأش، ثابت القدم، حسن الرمي. وكان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 373 يتعرض بنفسه للشهادة، فلقد حكى عنه كاتبه أبو اليسر شاكر بن عبد الله أنه سمعه يسأل الله أن يحشره من بطون السباع وحواصل الطير، والله يقي مهجته من الأسوأ. فلقد أحسن إلى العلماء وأكرمهم، وبنى دور العدل، وحضرها بنفسه أكثر الأوقات، ووقف على المرضى، وأدر على الضعفاء والأيتام وعلى المجاورين، وأمر بإكمال سور مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، واستخراج العين التي بأحد، وكانت قد دفنتها السيول. وفتح سبل الحج من الشام، وعمر الربط، والخوانق، والبيمارستانات في بلاده، وبنى الجسور والطرق والخانات، ونصب مؤدبين للأيتام. وكذلك صنع لما ملك بسنجار، وحران والرقة، والرها، ومنبج، وشيزر، وحماه، وحمص، وصرخد، وبعلبك، وتدمر. ووقف كتباً كثيرة على أهل العلم. وكسر الفرنج والأرمن على حارم هو وأخوه قطب الدين في عسكره الموصل، وكان العدو ثلاثين ألف، فلم يفلت منهم إلا القليل. وقبلها كسر الفرنج على بانياس. قال سبط الجوزي: سبب أخذ نور الدين دمشق ما ظهر من صاحبها مجير الدين من الظلم) ومصادرات أهلها، وقبضه على جماعة من الأعيان، واستدعى زين الدولة بن الصوفي الذي ولاه رياسة دمشق لما أخرج أخاه وجيه الدولة منها، فقتله في القلعة، ونهب داره، وأحرق دور بني الصوفي، ونهب أموالهم. وتواترت مكاتباته للفرنج يستنجد بهم ويطعمهم في البلاد، وأعطاهم بانياس، فكانوا يشنون الغارات إلى باب دمشق، فيقتلون ويأسرون. وجعل للفرنج على أهل دمشق قطيعة، فكاتب أهل دولته نور الدين، فأخذ نور الدين معه في الملاطفة والود، وخاف إن شد عليه أن يستعين بالفرنج. ولم يزل إلى أن تسلم دمشق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 374 قال ابن عساكر: وقد كان شاور السعدي أمير الجيوش بمصر وصل إلى جنابه مستجيراً له لما عاين الدهر، فأكرمه وأكرم مورده واحترمه، وبعث معه جيشاً لرده إلى درجته، فوصلوا معه، وقتلوا خصمه، ولم يقع منه الوفاء بما ورد من جهته، فأصر على المشاققة وكابر، واستنجد بالعدو المخذول، فأنجدوه، وضمن لهم الأموال العظيمة، فرجع عسكر نور الدين، فحدث صاحب الفرنج نفسه بأخذ مصر، فتوجه إليها بعد سنين لينتهز الفرصة، فأخذ بلبيس، وخيم بعرصة مصر، فلما بلغ نور الدين ذلك، بذل جهده في توجيه الجيش إليها، فلما سمع العدو بمجيء الجيش رجعوا، وأمن أهل مصر بقدوم الجيش وانتعشوا، واطلع من شاور على المخامرة، وأنه أنفذ يراسل العدو ليردهم إلى مصر، ويدفع بهم الجيش، فلما عرف غدره تمارض أسد الدين، فجاء شاور يعوده، فوثب جورديك وبزغش النوريان فقتلاه، وأراح الله منه، وصفى الأمر لأسد الدين، وتملك وحمدت سيرته، وظهرت السنة بمصر. وكان حسن الخط، حريصاً على تحصيل الكتب الصحاح والسنن، كثير المطالعة للفقه، والحديث، مواظباً على الصلوات في جماعة، كثير التلاوة، والصيام، والتسبيح، عفيفاً، متحرياً في المطعم والمشرب، عرياً عن التكبر. وكان ذا عقل متين ورأي رهين، مقتدياً بسيرة السلف، متشبهاً بالعلماء والصلحاء. روى الحديث وأسمعه بالإجازة. وكان من رآه شاهد من جلال السلطنة وهيبة الملك ما يبهره، فإذا فاوضه رأى من لطافته وتواضعه ما يحيره. ولقد حكى عنه من صحبه في حضره وسفره أنه لم يسمع منه كلمة فحش في رضاه ولا في ضجره، وإن أشهى ما إليه كلمة حق يسمعها، وإرشاد إلى سنة يتبعها، يؤآخي الصالحين ويزورهم، وإذا احتلم مماليكه أعتقهم، وزوج ذكرانهم بإناثهم ورزقهم. ومتى تكررت الشكاية) من ولاته عزلهم. وأكثر ما

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 375 أخذه من البلدان تسلمه بالأمان. وكان كلما فتح الله عليه فتحاً، وزاده ولاية، أسقط عن رعيته قسطاً، حتى ارتفعت عنهم الظلامات والمكوس، وآتضعت في جميع ولايته الغرامات والنحوس. وقال أبو الفرج بن الجوزي: نور الدين ولي الشام سنين، وجاهد الثغور، وانتزع من أيدي الكفار نيفاً وخمسين مدينة وحصناً، وبنى مارستاناً في الشام، فأنفق عليه مالاً، وبنى بالموصل جامعاً غرم عليه سبعين ألف دينار ثم أثنى عليه. وقال: كان يتدين بطاعة الخلفاء، وترك المكوس قبل موته وبعث جنوداً فتحوا مصر. وكان يميل إلى التواضع، ومحبة العلماء والصلحاء، وكاتبني مراراً. وأحلف الأمراء على طاعة ولده بعده، وعاهد ملوك الفرنج، وصاحب طرابلس، وقد كان في قبضته أسيراً، على أن يطلقه بثلاثمائة دينار، وخمسمائة حصان، وخمسمائة زردية، ومثلها تراس إفرنجية، ومثلها قنطوريات، وخمسمائة أسير مسلمين، وبأنه لا يغير على بلاد المسلمين سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام. وأخذ منه في قبضته على الوفاء بذلك مائة من أولاد الفرنج وبطارقيهم، فإن نكث أراق دماءهم. وعزم على فتح بيت المقدس، فتوفي في شوال. وكانت ولايته ثمانياً وعشرين سنة. وقال الموفق عبد اللطيف: كان نور الدين لم ينشف له لبد من الجهاد، وكان يأكل من عمل يده، ينسخ تارة، ويعمل أعلافاً تارة، ويلبس الصوف، ويلازم السجادة والمصحف، وعمر المدارس، وعمر المارستان بدمشق للمهذب ابن النقاش تلميذ أوحد الزمان. وكان حنفياً، ويراعي مذهب الشافعي، ومالك. وكان ولده الصالح أحسن أهل زمانه صورة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 376 ونزل نور الدين على حارم، فكبستهم الفرنج، وهرب جيشه على الخيل عرياً، وقام هو حافياً، فركب فرس النوبة، وأخذت الفرنج الخيم بما حوت، فلما دخل حلب غرم لجميع الجند ما ذهب، حتى المخلاة والمقود، وخرج بعد شهر بأتم عدة، وكسرهم كسرة مبيدة. ونقل الحسن بن محمد القليوبي في تاريخه قال: لما جاءت الزلزلة بنى نور الدين في القلعة بيتاً من خشب كان يبيت فيه، فدفن في ذلك البيت، ورثاه جماعة من الشعراء، وأخرجت الأمراء ولده مشقوق الثياب، مجزوز الشعر، وأجلسوه على التخت الباقي من عهد تتش، والناس حوله يبكون، ثم حلف له الأمراء.) وقال القاضي ابن خلكان: وسير نور الدين الأمير أسد الدين شيركوه إلى مصر ثلاث دفعات، ثم ملكها صلاح الدين نيابة له، وضرب باسمه السكة والخطبة. قال: وكان زاهداً، عابداً، متمسكاً بالشريعة، مجاهداً، كثير البر والأوقاف. وبنى بالموصل الجامع النوري. وله من المناقب ما يستغرق الوصف. توفي في حادي عشر شوال بقلعة دمشق بالخوانيق، وأشاروا عليه بالفصد فامتنع، وكان مهيباً، قلما روجع، وكان أسمر طويلاً، حسن الصورة، ليس بوجهه شعر سوى حنكه. وعهد بالملك إلى ولده الملك الصالح إسماعيل، وهو ابن إحدى عشرة سنة. وقال ابن الأثير: حكى لي الطبيب قال: استدعاني نور الدين مع غيري، فدخلنا عليه، وقد تمكنت الخوانيق منه، وقارب الهلاك، ولا يكاد يسمع صوته، فقلت: ينبغي أن ينتقل إلى موضع فسيح مضيء، فله أثر في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 377 هذا المرض. وأشرنا بالفصد، فقال: ابن ستين سنة لا يفتصد. وآمتنع منه، فعالجناه بغيره، فلم ينجع. قال ابن الأثير: كان أسمر طويلاً، ليس له لحية إلا في حنكه. وكان واسع الجبهة، حسن الصورة، حلو العينين، قد طالعت السير، فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحرياً منه للعدل. وكان لا يأكل، ولا يلبس، ولا يتصرف في الذي يخصه إلا من ملك كان له قد اشتراه من سهمه من الغنيمة، ومن الأموال المرصدة لمصالح المسلمين. ولقد طلبت منه زوجته فأعطاها ثلاثة دكاكين بحمص كراها نحو عشرين ديناراً في السنة، فاستقلتها فقال: ليس لي إلا هذا، وجميع ما بيدي أنا فيه خازن للمسلمين. وكان رحمه الله يصلي كثيراً بالليل. وكان عارفاً بالفقه على مذهب أبي حنيفة، ولم يترك في بلاده على سعتها مكساً. إلى أن قال في أوقافه على أنواع البر: سمعت أن حاصل وقفه في الشهر تسعة آلاف دينار صوري. قال له القطب النيسابوري مرة: لا تخاطر بنفسك، فإن أصبت في معركة لا يبقى للمسلمين أحد إلا أخذه السيف. فقال: من محمود حتى يقال له هذا من حفظ البلاد قبلي ذلك الله الذي لا إله إلا هو. وقال يحيى بن محمد الوهراني، وذكر نور الدين: هو سهم للدولة سديد، وركن للخلافة شديد،) وأمير زاهد، وملك مجاهد، تساعده الأفلاك، وتعضده الجيوش والأملاك، غير أنه عرف بالمرعى الوكيل لابن السبيل، وبالمحل الجديب للشاعر الأريب، فما يرزى ولا يعزى، ولا لشاعر عنده نعمة تجزى. وإياه عنى أسامة بن منقذ بقوله:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 378 سلطاننا زاهد والناس قد زهدواله فكل عن الخيرات منكمش أيامه مثل شهر الصوم طاهرة من المعاصي وفيها الجوع والعطش قلت: وفي كتاب البرق الشامي وغيره من مصنفات العماد الكاتب كثير من سيرة نور الدين وأخباره. وقد عني الإمام أبو شامة في كتاب الروضتين له بأخباره الدولتين النورية والصلاحية. ودفن نور الدين بتربته على باب الخواصين رحمه الله، وعاش ابنه عشرين سنة، ومات بالقولنج في حلب. قال مجد الدين ابن الأثير الجزري، في تاريخ الموصل على ما حكاه أبو المظفر بن الجوزي عنه قال: لم يلبس حريراً قط، ولا ذهباً ولا فضة، ومنع من بيع الخمر في بلاده. قلت: قد لبس خلعة الخليفة وهي من حرير وطوق ذهب، فلعله أراد أنه لا بد من لبس ذلك. قال: وكان كثير الصيام، وله أوراد في الليل والنهار، كثير اللعب بالكرة، فكتب إليه بعض الصالحين ينكر عليه ويقول: تتعب الخيل في غير فائدة. فكتب إليه بخطه: والله ما أقصد اللعب، وإنما نحن في ثغر، فربما وقع الصوت، فتكون الخيل قد أدمنت على سرعة الإنعطاف بالكر والفر. وأهديت له عمامة مذهبة من مصر، فوهبها لشيخ الصوفية ابن حمويه، فبعث بها إلى المعجم، فأبيعت بألف دينار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 379 قال: وكان عارفاً بمذهب أبي حنيفة، وليس عنده تعصب، والمذاهب عنده سواء. قال: وكان يلعب يوماً في ديوان دمشق، وجاءه رجل فطلبه إلى الشرع، فجاء معه إلى مجلس القاضي كمال الدين بن الشهرزوري، وتقدمه الحاجب يقول للقاضي: لا تنزعج، واسلك معه ما تسلك مع آحاد الناس. فلما حضر سوى بينه وبين خصمه وتحاكما، فلم يثبت للرجل عليه حق، وكان يدعي ملكاً في نور الدين، فقال نور الدين: هل ثبت له حق قالوا: لا. قال: فاشهدوا أني) قد وهبت له الملك، وإنما حضرت معه لئلا يقال عني أني دعيت إلى مجلس الشرع فأبيت. قال: ودخل يوماً فرأى مالاً كثيراً، فقالوا: بعث بهذا القاضي كمال الدين من قابض الأوقاف. فقال: ردوه، وقولوا له: أنا رقبتي دقيقة، لا أقدر على حمله غداً، وأنت رقبتك غليظة تقدر على حمله. ولما قدم أمراؤه دمشق أفنوا الأملاك، واستطالوا على الناس، خصوصاً أسد الدين شيركوه، ولم يقدر القاضي على الإنتصاف من شيركوه، فأمر نور الدين ببناء دار العدل، فقال شيركوه: إن نور الدين ما بنى هذه الدار إلا بسببي، وإلا فمن يمتنع على كمال الدين. وقال لديوانه: والله لئن أحضرت إلى دار العدل بسبب واحد منكم لأصلبنه. فإن كان بينكم وبين أحد منازعة فآرضوه مهما أمكن، ولو أتى على جميع مالي. وكان نور الدين يقعد في دار العدل في الأسبوع أربع مرات، ويحضر عنده الفقهاء والعلماء، ويأمر بإزالة الحاجب والبوابين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 380 قال: وكان إذا حضرت الحرب حمل قوسين وتركشين، وكان لا يتكل الجند على الأمراء، بل يتولاهم بنفسه، ويباشر خيولهم وسلاحهم. قال: وأنفق على عمارة جامع الموصل ستين ألف دينار، وفوض عمارته إلى الشيخ عمر الملا الزاهد. قال: ويقال: أنفق عليه ثلاثمائة ألف دينار، فتم في ثلاث سنين. وبنى جامع حماه على العاصي. قال: ووقع في أسره ملك إفرنجي، فأشار الأمراء ببقائه في أسره خوفاً من شره، وبذل هو في نفسه مالاً. فبعث إليه نور الدين سراً يقول: أحضر المال. فأحضر ثلاثمائة ألف دينار، فأطلقه. فعند وصوله إلى مأمنه مات. فطلب الأمراء سهمهم من المال، فقال: ما تستحقون منه شيئاً لأنكم نهيتم، وقد جمع الله لي الحسنيين: الفداء، وموت اللعين، وخلاص المسلمين منه. فبنى بذلك المال المارستان، والمدرسة بدمشق، ودار الحديث. قال: وما كان أحد من الأمراء يتجاسر أن يجلس عنده من هيبته، فإذا دخل عليه فقير أو عالم أو رب حرفة قام ومشى إليه وأجلسه إلى جانبه، ويعطيهم الأموال، وإذا قيل له في ذلك يقول: هؤلاء لهم حق في بيت المال، فإذا قنعوا منا ببعضه فلهم المنة علينا. وقال العماد الكاتب في البرق الشامي: أكثر نور الدين في السنة التي توفي فيها من الصدقات،) والأوقاف، وعمارة المساجد، وأسقط كلما فيه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 381 حرام، فما أبقى سوى الجزية والخراج، وما يحصل من قسمة الغلات على قويم المنهاج، وأمرني بكتابة مناشير لجميع أهل البلاد، فكتبت أكثر من ألف منشور، وحسبنا ما تصدق به في تلك الشهور، فكان ثلاثين ألف دينار. وكان له برسم نفقته الخاصة في كل شهر من الجزية ما يبلغ ألفي قرطاس، يصرفها في كسوته ومأكوله، وأجرة الخياطة، وجامكية طباخة، ويستفضل منها ما يتصدق به في آخر الشهر. وقيل إن قيمة كل ستين قرطاساً بدينار. وذكر العماد جملة من فضائله. وقال في ترجمته القاضي ابن واصل: حكى معين الدين محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن القيسراني قال: انكسر على ضامن الزكاة مال، وهو ابن شمام، فباع أملاكه بثمانية الآف دينار صورية وحملها، فحبس على ما بقي عليه، وكان جدي خالد هو الوزير والمشير، فقال لنور الدين: رأيت البارحة كأن المولى قد نزع ثيابه ودفعها إلي وقال: اغسلها. فأخذتها وغسلتها. فأطرق وسكت، فندمت وخفت أن يكون تطير مني، فخرجت وأنا ضيق الصدر، فبقيت ثمانية أيام لم يطلبني، فساء ظني، فدخل على نور الدين الشيخ إسماعيل المكبس، وكان يحبه، فقال: يا مولانا قد حضر من زاد في دار الزكاة خمسة الآف دينار في السنة، فانتهره وقال: قد أصبحت على سجادتي بعد أدآء فريضتي أذكر الله، واستفتحت أنت تبشرني بمكس. فوجم الشيخ إسماعيل، ثم قال: اطلبوا خالداً. قال: فحضرت، فتبسم وقال: قد تفسر منامك. فقلت: بخير إن شاء

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 382 الله. فقال: لا تظن أن تركي لك لوجدة، بل كنت مفكراً في المنام حتى فتح الله بتأويله. إعلم أن غسل الثياب غسل أوساخ الذنوب، ولا ذنب أوسخ من تناول أموال المكوس. فلا تترك من يومنا هذا في بلد من بلادي مكساً، ولا درهماً حراماً، واكتب بذلك تواقيع تكون مخلدة في البلاد. والتفت إليه إسماعيل فقال: مر أطلق ابن شمام، ورد عليه ما أخذ منه. فلما عرف ابن شمام بذلك، اقترح بأن يجعل الذهب في أطباق، وتزف بالطبول والبوقات في الأسواق. فأمر نور الدين بإجابته، وأن يخلع عليه. وكتب جدي خالد بذلك تواقيع ونسختها كلها: الحمد لله فاتح أبواب الخيرات، بعد إغلاقها، وناهج سبل النجاة لطلابها وطراقها، وفارج الكربات بعد إرتاجها وإطباقها، الذي منح أولياءه) التوفيق، وأوضح لهم دليله، ونصر أهل الحق، وأعان قبيله، نحمده على جزيل مواهبه، وجليل رغائبه، ونسأله أن يصلي على محمد الذي أوضح الطريق والمحجة، وأوجب الحجة، وعلى آله.. إلى أن قال: وبعد، فقد اتضح على الأفهام، ووضح عند الخاص والعام، ما نغاديه ونراوحه، ونماسيه ونصابحه، ونشتغل به عامة أوقاتنا، ونعمل فيه عقولنا وأفكارنا من الإجتهاد في إحياء سنة حسنة، وإماتة سنة سيئة، وإزالة مظلمة، ومحو سيرة مؤلمة.. إلى أن قال: وقد علمتم معاشر الرعايا وفقكم الله، ما كان مرتباً من المظالم المجحفة بأحوالكم، والمكوس المستولية على شطر أموالكم، والرسوم المضيقة عليكم في أرزاقكم، فأمرنا بإزالة ذلك عنكم أولاً فأولاً، ولا نتبع في إقراره على وجوهه شبهة ولا تأولاً. وقد كان بقي من رسم الظلم ومعالم الجور في سائر ولايتنا ما أمرنا بإزالته رأفة بكم ولطفاً، الآن خفف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 383 الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً. وسنذكر ما أزلناه من المظالم والمكوس أولاً وآخراً من سائر أعمال ولايتنا عمرها الدهر في هذا السجل من الديوان. قال: ثم كتب بخط دقيق ما صورته: ذكر ما أطلق من الرسوم والضرائب في هذا التاريخ، ورسم إطلاق ذلك وتعفية آثاره، وإخماد ناره، ومبلغ ما يحصل من ذلك في كل سنة خمسمائة ألف وستة وثمانون ألفاً وأربعمائة وسبعون ديناراً. فمن ذلك دمشق بتواريخ متقدمة مائتا ألف وعشرون ألفاً وخمسمائة وثلاثة وثمانون ديناراً. دمشق في تاريخ هذا الكتاب خمسون ألفاً وسبعمائة وثلاثون ديناراً، تدمر خمسمائة دينار، صرخد سبعمائة دينار، القريتين والسخنة. خمسمائة دينار، بانياس ألف ومائتا دينار، بعلبك وأعمالها ستة الآف وتسعمائة وعشرون ديناراً، حمص وأعمالها ستة وعشرون ألف دينار ونيفاً، حماه وأعمالها ستة وعشرون ألف دينار ونيف، حلب ستة وتسعون ألف دينار ونيف، سيرين ألفان وثلاثمائة وستون ديناراً، المعرة سبعة الآف دينار، كفر طاب ألف دينار، عزاز ستة الآف وخمسمائة دينار، تل باشر ألف وخمسمائة دينار، عين تاب تسعة وثمانون ديناراً، بالس أربعة الآف دينار، منبج وأعمالها ثمانية عشر ألفاً وخمسمائة وستة وستون ديناراً، الباب وبزاعة ثلاثة الآف دينار، قلعة نجم ثلاثمائة دينار، قلعة نجم ثلاثمائة دينار، قلعة جعبر سبعة الآف وستمائة دينار ونيف، الرقة ستة وعشرون ألفاً وستمائة ونيف ديناراً، سنجار سبعة الآف دينار، الموصل ثمانية وثلاثون ألف) دينار نصيبين عشرة الآف وأربعمائة دينار، مرابان خمسة الآف وسبعمائة دينار، بطايان من أعمال الخابور مائتان وخمسون ديناراً، الأرسل سبعمائة وخمسون ديناراً، السمسمانية ألف دينار، قرقيسيا ألف دينار، الشلين مائتا دينار، ماكسين خمسة الآف دينار، المجدل ثلاثة الآف دينار، الحصين ستمائة دينار ونيف، الجحيشة هي وما قبلها من الخابور مائتا دينار، المحولية مائة وثلاثة وستون ديناراً، الرحبة ستة عشر ألفاً وسبعمائة وأربعون ديناراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 384 ثم كتب بعد ذلك بالقلم الجافي: تحقيقاً للحق، وتمحيقاً للباطل، ونشراً للعدل، وتقديماً للصلاح الشامل، وإيثاراً للثواب الآجل على الحطام العاجل.. إلى أن قال: فأيقنوا أن ذلك إنعام مستمر على الدهور، باق إلى يوم النشور، ف كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور. وسبيل كل واقف على هذا المثال من الولاة والعمال حذف ذلك كله، وتعفية رسومه، ومحو آثاره، وإقراره وإطلاقه على الإطلاق، فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم. والتوقيع الأعلى حجة لمضمونه ومقتضاه. وكتب بيده الكريمة شرفها الله، في مستهل رجب سنة سبع وستين وخمسمائة. ومن شجاعته، نقل ابن واصل وغيره أنه كان من أقوى الناس بدناً وقلباً، وأنه لم ير على ظهر فرس أشد منه، كأنما خلق عليه ولا يتحرك. وكان من أحسن الناس لعباً بالكرة، تجري الفرس ويتناولها من الهواء بيده، ويرميها إلى آخر الميدان. وكان يمسك الجوكان بكم قبائه استهانة باللعب. وكان إذا حضر الحرب أخذ قوسين وتركاشين، وباشر القتال بنفسه. وكان يقول: طالما تعرضت للشهادة فلم أدركها. قلت: قد أدركتها على فراشك، وبقي ذلك في أفواه المسلمين تراهم يقولون: نور الدين الشهيد. وما شهادته إلا بالخوانيق رحمه الله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 385 ومن فضائله، قال سبط ابن الجوزي إنه كان له عجائز بدمشق وحلب، فكان يخيط الكوافي ويعمل الكساكير ويبيعها له العجائز سراً، فكان يوماً يصوم ويفطر على أثمانها. حكى لي شرف الدين يعقوب بن المعتمد أن في دارهم سكرة على حرستان من عمل نور الدين يتبركون بها، وهي باقية إلى سنة خمسين وستمائة. ومنها ما حكى لي الشيخ أبو عمر قال: كان نور الدين يزور والدي في المدرسة الصغيرة) المجاورة للدير، ونور الدين بنى هذه المدرسة، والمصنع، والفرن فجاء لزيارة والدي، وكان في سقف المسجد خشبة مكسورة، فقال له بعض الجماعة: لو جددت السقف. فنظر إلى الخشبة وسكت. فلما كان من الغد جاء معماره ومعه خشبة، فزرقها موضع المكسورة ومضى. فقال له بعض الحاضرين: ذاكرتنا في كشف سقف. فقال: لا والله، وإنما هذا الشيخ أحمد رجل صالح، وإنما أزوره لأنتفع به، وما أردت أن أزخرف له المسجد. ومنها ما حكى لي نجم الدين الحسين بن سلام قال: لما ملك الأشرف دمشق، وعمر في القلعة مسجد أبي الدرداء، قال لي: يا نجم الدين، كيف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 386 ترى هذا المسجد قد عمرته وأفردته عن الدور، وما صلى فيه أحد من زمان أبي الدرداء. فقلت. الله الله يا مولانا، ما زال نور الدين منذ ملك دمشق يصلي فيه الصلوات الخمس. حدثني والدي، وكان من أكابر عدول دمشق، أن الفرنج لما نزلت على دمياط بعد موت أسد الدين، وضايقوها، أشرفت على الأخذ، فأقام نور الدين عشرين يوماً صائماً، لا يفطر إلا على الماء، فضعف وكاد يتلف، وكان مهيباً لا يتجاسر أحد أن يخاطبه في ذلك، وكان له إمام ضرير إسمه يحيى، وكان يقرأ عليه القرآن، فاجتمع إليه خواص نور الدين، وكلموه في ذلك. فلما كان تلك الليلة رأى الشيخ يحيى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقول له: يا يحيى بشر نور الدين برحيل الفرنج عن دمياط. فقلت: يا رسول الله، ربما لا يصدقني فقال: قل له بعلامة يوم حارم. قال: وآنتبه يحيى، فلما صلى نور الدين خلفه الفجر، وشرع يدعو، هابه أن يكلمه، فقال له نور الدين: يا يحيى. قال: لبيك. قال: تحدثني أو أحدثك فارتعد يحيى وخرس، فقال: أنا أحدثك، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة، وقال لك: كذا وكذا. قال: نعم، فبالله يا مولانا، ما معنى قوله: بعلامة يوم حارم قال: لما التقينا خفت على الإسلام، فآنفردت ونزلت، ومرغت وجهي على التراب، وقلت: يا سيدي، من محمود في البين، الدين دينك، والجند جندك، وهذا اليوم هو، فافعل ما يليق بكرمك. قال: فنصرنا الله عليهم. وحكى لي شيخنا تاج الدين الكندي قال: ما تبسم نور الدين إلا نادراً. حكى لي جماعة من المحدثين أنهم قرأوا عنده حديث التبسم، وكان يرويه،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 387 فقالوا له: تبسم. فقال: لا ولله لا أتبسم) من غير عجب. وللعماد الكاتب فيه يرثيه: يا ملكاً أيامه لم تزلمفضلة فاضلة فاخرة ملكت دنياك وخلفتهاوسرت حتى تملك الآخرة رحمه الله. 4 (مظفر بن القاسم.) أبو القاسم الصيدلاني، المقرىء، المجود. قرأ القراءآت على أبي العز القلانسي. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين. وأقرأ ببغداد في آخر أيامه. 4 (الهاء)

4 (هبة الله بن كامل.) أبو القاسم المصري، قاضي القضاة وداعي الدعاة. كان عالماً، فاضلاً، أديباً، شاعراً، متفنناً، من كبار علماء الدولة المصرية. وكان عندهم في الرتبة العليا. وكان أحد الجماعة الذين سعوا في إعادة دولة بني عبيد، فظفر بهم السلطان صلاح الدين، فأول ما صلب داعي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 388 الدعاة هذا، وعمارة اليمني نسأل الله السلامة. وصلب في رمضان وهو صائم. 4 (الهيثم بن هلال بن الهيثم بن محمد.) أخو جعفر بن أبي سعد البغدادي، من أبناء الرؤساء. سمع من: أبي القاسم الربعي، والحسن بن محمد التككي، وأبي الحسن بن العلاف. روى عنه: أحمد بن طارق، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة، وآخرون. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (الياء)

4 (يحيى بن سعد الله بن عبد الباقي.) أبو منصور البجلي، الكوفي.) قدم بغداد وحدث بها عن: عمه محمد بن عبد الباقي بن مجالد، وابي الغنائم النرسي. روى عنه: ابن أخيه سعد الله، وابن الأخضر. وتوفي في ربيع الآخر عن أربع وسبعين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 389 4 (يحيى بن نجاح.) البغدادي، المؤدب. محدث، نحوي، لغوي، شاعر. كان يؤدب. 4 (يوسف بن آدم.) توفي سنة تسع بحران. وقد مر مجملاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 390 4 (وفيات سنة سبعين وخمسمائة)

4 (الألف)

4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن البسري.) أبو الفرج البغدادي، سبط أبي منصور بن النقور. شيخ بزار، سمع من: جده. أخذ عنه: عمر القرشي، وعلي الزيدي. وسمع أيضاً من: أبي الحسين بن الطيوري. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجي، وغيره. 4 (أحمد بن المبارك بن سعد.) أبو العباس البغدادي، المقرىء، المعروف بالمرقعاتي. روى عن: ثابت بن بندار، وهو جده لأمه. روى عنه: ابنه عبد الرحمن، وأبو محمد بن الأخضر، وابن قدامة، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وجماعة. وسئل الشيخ الموفق عنه فقال: أظنه نسب إلى المرقعاتي لكونه يبسط المرقعة للشيخ عبد القادر على الكرسي. وقال الدبيثي: كان عسراً في الرواية. توفي في صفر.) قلت: وأجاز للرشيد بن مسلمة، وغيره. وكان ملازماً لخدمة عبد القادر رضي الله عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 391 4 (أحمد بن موهوب بن المبارك بن محمد بن أحمد.) الشريك أبو شجاع. كان أمين القضاة بالحريم الطاهري. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان. وكان ثقة. روى عنه: ابن مشق، وابن الأخضر، وابن قدامة، وآخرون. توفي في ذي القعدة. 4 (بن أبي عبد الله بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي.) ثم الإسكندراني. سمع من: أبيه، وأبي صادق المديني، والفارقي. قال أبو الحسن بن الفضل: توفي في صفر ولم يكن أهلاً أن يروى عنه. 4 (أرسلان شاه السلجوقي.) صاحب همدان. قال سبط الجوزي: توفي سنة سبعين. قلت: سيأتي في سنة. 4 (أسعد بن هبة الله.) أبو المظفر الربعي، المؤدب، المعروف باب الخيزراني، البغدادي. تفقه على مذهب أبي حنيفة، وتأدب على ابن الجواليقي. وسمع: ابن الحصين، وأبا غالب بن البناء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 392 روى عنه: علي بن أحمد الزيدي، وأحمد بن أحمد البندنيجي. 4 (الحاء)

4 (حامد بن محمد بن حامد.) أبو الفضل الحنبلي. قدم بغداد، وتفقه. وسمع من: عبد الوهاب الأنماطي، وعاد إلى حران، ودرس، وأفتى. وكان ورعاً به وسواس) في الطهارة. ذكره ابن الجوزي في المنتظم، ويقال له: حامد بن أبي الحجر. قرأت بخط ابن الحاجب قال: ذكر لي شيخنا عمر بن منجا أنه قدم دمشق في دولة نور الدين، فأخذ والدي إلى حران. قال ابن الحاجب: وذكر لي عدل حراني أن ابن حامد هذا كان من أعيان البلد، ووجد من الجاه في أيام نور الدين ما لا يجده غيره، واستنابه في جميع أمور البلد، وأمرهم أن يكتبوا له توقيعاً بذلك. فلما حضر عند الديوان ورأوا بزته وسمته قال بعضهم لبعض: ما ذا يوم معاش ذا يوم صخرة. ففهم وتلا: وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وتبسم، فاستحيوا. 4 (الخاء)

4 (خديجة بنت أحمد بن الحسن بن عبد الكريم.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 393 فخر النساء بنت النهرواني، البغدادية، ويعرف أبوها بابن الغبيري. امرأة صالحة مسندة. روت عن: أبي عبد الله النعالي. روى عنها ابن أخيها علي بن روح، والموفق المقدسي، ونصر بن عبد الرزاق، والشيخ العماد المقدسي وأظن ابن راجح. توفيت في رمضان. 4 (روح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح.) قاضي القضاة أبو طالب الحديثي، ثم البغدادي. سمع: إسماعيل بن الفضل الجرجاني، ومحمد بن عبد الباقي البجلي، وابن الحصين. سمع منه: صدقة بن الحصين، وعمر بن علي القرشي. وحدث عنه: إسفنديار بن الموفق. ولم يزل على قضاء القضاة إلى حين وفاته. قال ابن النجار: كان متديناً، حسن الطريقة، عفيفاً، نزهاً. ولاه المستضيء سنة ست وستين وخمسمائة بعد امتناع منه شديد.) توفي في المحرم، وله ثمان وستون سنة. وآخر من روى عنه بالإجازة الرشيد بن مسلمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 394 4 (السين)

4 (سعيد بن صافي.) أبو شجاع البغدادي، الحاجب، الجمالي. مولى أبي عبد الله بن جردة. قرأ القرآن على جماعة، وسمع حضوراً من أبي الخميس العلاف، ثم من ابن بيان، وابن ملة. وكتب الكثير بخطه. روى عنه: ابن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة. وتوفي في رجب. 4 (سليمان بن عبد الواحد.) أبو الربيع الهمذاني، الغرناطي، قاضي غرناطة. له مصنف في الفقه. حدث عنه: أبو القاسم الملاحي. وأجاز في هذه السنة لأبي عبد الله الأندرشي، شيخ ألابار. 4 (الشين)

4 (شملة التركماني.) كان قد تغلب على بلاد فارس، واستحدث قلاعاً، ونهب الأكراد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 395 والتركمان، وبدع. وقوي على السلجوقية، وكان يظهر طاعة الإمام مكراً منه. وتم له الأمر أكثر من عشرين سنة إلى أن نهض على قتال بعض التركمان، فتهيأوا له، واستعانوا بالبهلوان ابن إلدكز، فساعدهم جيشه، وعلموا مصافاً، فأصاب شملة سهم، وانكسر جيشه وأخذ أسيراً هو وولده وابن أخيه. ومات بعد يومين، لا رحمه الله، فما كان أظلمه وأغشمه. 4 (العين)

4 (عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق.) أبو محمد السلمي، البغدادي. ذكر أنه من ولد أبي عبد الرحمن السلمي قاريء الكوفة.) سمع: أبا القاسم الربعي، وأبا الغنائم النرسي، وابن بيان، وجماعة. روى عنه: ابن الأخضر، والموفق بن قدامة، وابنه الشمس أحمد بن عبد الله السلمي العطار، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، والخليل بن أحمد الجواسقي، وعثمان بن أبي نصر ابن الوتار، وجماعة. وتوفي في المحرم. 4 (عبد الرحمن بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الباقي.) أبو طالب التميمي، الدمشقي. سمعه أبوه من هبة الله بن الأكفاني، وطبقته. ثم سمع هو بنفسه واشتغل وحصل، وشهد عند القضاة. وتوفي في شوال. كتب عنه أبو المواهب بن صصرى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 396 4 (عبد الصمد بن محمد بن علي بن أبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون.) أبو الغنائم الهاشمي، العباسي. شيخ صالح عابد، من بيت الحديث والشرف. روى عن: أبي علي بن نبهان، وأبي النرسي. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجي، وغيره. 4 (عبد الملك ابن قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد الحديثي.) استنابه أبوه في القضاة بدار الخلافة، وعين بعد موت والده للقضاء. بغته الموت وهو شاب. سمع من: أبي عبد الله السلال، والأرموي. روى عنه: عبد الملك بن أبي محمد البرداني. وكان ديناً حسن الطريقة، يكنى أبا المعالي. قال ابن النجار: سمعت جارنا أبا الحسن بن ملاعب يقول: كان القاضي عبد الملك يخرج من دار والده بالطيلسان والوكلاء والركابية بين يديه وهو راكب، فإذا نزل ودخل ذهب الجماعة. ثم خرج هو في ثياب قصيرة وعمامة لطيفة، والسجاد على كتفه، فيأتي مسجده بالسوق، فيؤذن) ويقيم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 397 وكان يسحر في رمضان، وله معرفة بالوقت، رحمه الله تعالى. 4 (عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.) الطوسي، أخو خطيب الموصل. روى عن: جعفر السراج. وتوفي في شوال. كتب عنه أبو سعد السمعاني مع تقدمه. وروى عنه: عبد الكريم السندي، ومحمد بن ياقوت. 4 (عثمان بن فرج بن خلف.) أبو عمرو العبدري، السرقسطي. حج فسمع من: أبي عبد الله الرازي، وعبد الله بن طلحة النابري، وسكن القاهرة. روى عنه: عوض بن محمود، وأبو عبد الأندرشي، وغيرهما. حدث في هذا العام ولا أعلم وفاته بعد. 4 (علي بن خلف بن عمر بن خلال.) أبو الحسن الغرناطي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 398 روى عن: أبي الحسن بن الباذش، وأبي بكر بن الخلوف، وأبي القاسم ابن النحاس، ومنصور بن الخير. روى القراءآت. سكن ميورقة وغيرها، وأقرأ القراءآت، وكان عارفاً بها سخياً، جواداً. روى عنه: أبو عمر بن عياش وأجاز لأبي الخطاب بن واجب، وأبي بكر عتيق. وكف بصره بأخرة. قال الأبار: وتوفي بميورقة في نحو سنة سبعين. 4 (الفاء)

4 (فاطمة بنت علي بن عبد الله الوقاياتي.) أم علي البغدادية.) سمعت: أبا عبد الله بن البسري، وأبا القاسم الرزاز. روى عنها: ابن الأخضر، وموفق الدين بن قدامة، وجماعة. وماتت رحمها الله تعالى في آخر السنة. 4 (فاطمة بنت المحدث أبي غالب محمد بن الحسن الماوردي.) أم الخير. سمعها أبوها من: أبي عبد الله البسري، وأبي النرسي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 399 وعنها: أحمد البندنيجي. وماتت في ربيع الآخر. 4 (القاف)

4 (قايماز.) قطب الدين مملوك المستنجد بالله. ارتفع أمره وعلا قدره في أيام مولاه، فلما استخلف المستضيء بالله عظم وصار مقدماً على الكل. ولم يكن على يده يد. وقد أراد المستضيء تولية وزير فمنعه قايماز من ذلك، وأغلق باب النوبي، وهم بأمر سوء، ثم خرج من بغداد في جيش، فمات بناحية الموصل في ذي الحجة، وكفى الله شره. وكان كريماً طلق الوجه، قليل الظلم. 4 (الميم)

4 (محمد بن حسين بن عبد الله بن حيوس.) أبو عبد الله الفاسي، شاعر مفلق، بديع النظم، سائر القول مع الأمراء. وله ديوان. روى عنه: عبد العزيز بن بدران، وغيره. وعاش سبعين سنة. 4 (محمد بن حمزة بن علي بن طلحة الرازي.) ثم البغدادي، من أبناء المحتشمين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 400 سمع: هبة الله بن الحصين. وتوفي في رمضان.) كتب عنه: عمر بن علي، وغيره. 4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن خليل.) أبو عبد الله القيسي، اللبلي. صحب مالك بن وهب ولازمه مدة، وسمع صحيح مسلم من أبي علي الغساني. وروى عنه، وعن: ابن الطلاع، وخازم بن محمد، وأبي الحسين بن سراج، وأبي علي الصدفي، وجماعة. وذكر ابن الزبير أن روايته للموطأ عن ابن الطلاع إجازة إن لم يكن سماعاً. قال الأبار: كان من أهل الرواية والدراية. نزل فارس، ثم مراكش. أخذ عنه: شيخنا أبو عبد الله الأندرشي، وأبو عبد الله بن عبد الحق، قاضي تلمسان. 4 (محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم.) أبو بكر الطوسي الملقب ناصح المسلمين. فقيه، إمام، مسند. حدث في رجب من السنة عن: علي بن أحمد المديني، ونصر الله بن أحمد الخشنامي، والفضل بن عبد الواحد التاجر أصحاب الحيري، ونحوهم. روى عنه: زينب الشعرية، وولداها المؤيد وبيبى ولدي نجيب الدين محمد بن علي بن عمر الطوسي، وعثمان بن أبي بكر الخبوشاني، ومحمد بن أبي طاهر العطاردي، وأبو حامد محمد بن محمد بن أبي سكر السمناني، ثم الجويني، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 401 وكان أسند من بقي بنيسابور في هذا الوقت. وله أربعون سمعناها، خرجها له علي بن عمر الطوسي. وممن روى عنه: الحسن بن عبيد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن القشيري. 4 (محمد بن المبارك بن محمد بن جابر.) أبو نصر البغدادي. روى عن: أبي علي بن نبهان، ونور الهدى الزينبي. روى عنه: تميم بن أحمد، ونصر بن عبد الرزاق، وغيرهما. وتوفي في أواخر السنة وقد أضر.) وعاش نيفاً وسبعين سنة. 4 (محمد بن محمد بن فارس.) أبو بكر بن الشاروق، الحريمي، المقرىء. أحد القراء الموصوفين بجودة الأدآء وملاحة الصوت. سمع: الحسين بن الطيوري. روى عنه: محمد بن مشق، وابن الأخضر. توفي في رجب. 4 (معالي بن أبي بكر بن معالي.) البغدادي الكيال. سمع: أبا الغنائم النرسي. روى عنه: أبو محمد بن قدامة، والشهاب بن راجح، والعماد إبراهيم بن عبد الواحد. 4 (الهاء)

4 (هبة الله بن أبي بكر بن طاهر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 402 الفزاري، البغدادي، القزاز. روى عن: جده أبي ياسر أحمد بن بندار البقال. وعنه: ابن الأخضر. توفي في صفر. 4 (هبة الله بن عبد الله بن منصور.) الأنطاكي، ثم الدمشقي. أبو القاسم الخطيب. روى عن: عبد الكريم بن حمزة. وعنه: أبو القاسم بن صصرى. 4 (الواو)

4 (ورع بنت أحمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال.) بدر التمام. روت عن أبيها عن جده الحافظ أبي محمد.) وعنها: أبو الفتوح بن الحصري، وغيره. 4 (الياء)

4 (يحيى بن عبد الله بن محمد بن المعمر بن جعفر.) الثقفي، أبو الفضل، صاحب فخر بن المقتفي، والمستنجد. ناب في الوزارة للمستضيء، وبقي في المناصب ثمانياً وعشرين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 403 وكان حافظاً لكتاب الله. وحج مرات كثيرة. وخلف ولدين ماتا شابين. 4 (يوسف بن المبارك بن أبي شيبة.) أبو القاسم الخياط، المقرىء. صار في آخر أيامه وكيلاً بباب القاضي. وقد قرأ بالروايات على: أبي العز القلانسي، وجماعة. وسمع: ابن ملة. وآدعى أنه قرأ على أبي طاهر بن سور، وبان كذبه في ذلك. قرأ عليه جماعة. وروى عنه ابن الأخضر حديثاً. توفي في رجب. وفيها ولد: سبط السلفي. والشرف المرسي. والبدر عمر بن محمد الكرماني الواعظ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 404 4 (المتوفون في هذه الحدود ما بين الستين والسبعين)

4 (الألف)

4 (أحمد بن زهير بن محمد بن الفضل.) أبو العباس المعروف بملة الإصبهاني. سمع: أبا نهشل عبد الصمد العنبري، ومحمد بن طاهر المقدسي. وعنه: عمر بن علي القرشي، وأبو محمد بن قدامة.) حدث ببغداد سنة أربع وستين. 4 (أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن أبي العاصي.) أبو جعفر النقزي، الشاطبي، المعروف بابن اللاية المقرىء. أخذ القراءآت عن: أبيه الأستاذ أبي عبد الله. ورحل إلى دانية فأخذ عن: أبي عبد الله محمد بن سعيد. وخلف أباه في الإقراء. أخذ عنه جماعة، منهم: ابن قيرة الشاطبي. قال الأبار: كان معروفاً بالضبط والتجويد، كأبيه. قلت: ذكر قبله من توفي سنة ثلاث وستين، وبعده من توفي سنة تسع وستين وخمسمائة. 4 (الراء)

4 (رجاء بن حامد بن رجاء بن عمر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 405 أبو القاسم المعداني الإصبهاني. سمع: رزق الله التميمي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، ومكي بن منصور بن علان الكرجي، وهذه الطبقة. روى عنه: الحافظ عبد القادر الرهاوي، وأبو نزار ربيعة اليمني، وسليمان بن داود بن ماشاذة، وسبط محمد بن عمر بن أبي الفضائل، ومحمود بن محمد الوركاني. وبالإجازة كريمة، وغيرها. أنا سليمان بن قدامة، انبأنا محمد بن محمد بن أبي المعالي الوثابي، نا رجاء بن حامد قراءة، فذكر حديثاً. 4 (العين)

4 (عبد الله بن أسد بن عمار.) الدقاق أبو محمد بن السويدي شيخ معمر، روى بالإجازة المطلقة. روى عن: عبد العزيز الكتاني. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى في معجمه، وقال: توفي بعد الستين. 4 (عبد الله بن محمد بن أبي العباس.) ) أبو بكر النوقاني. قدم دمشق في سنة سبع وستين، وحدث بها بحضرة الحافظ ابن عساكر. ونزل بقية الطواويس. وروى عن: أبيه، عن أبي بكر بن خلف الشيرازي، وغيره. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وعبد الكريم خطيب زملكا، وآخرون. مولده في سنة إحدى عشرة وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 406 4 (عبد الله بن محمد بن سهل العبدري.) إمام جامع ميورقة. سمع بشاطبة من أبي عمران بن أبي تليد. وأقرأ بإشبيلية القراءآت على شريح. مات بعد الستين وخمسمائة. 4 (عبد الله بن عمر بن سليخ.) أبو محمد البصري. حدث بمربد البصرة. كان منزله بها. سمع من: جعفر بن محمد بن الفضل العباداني، ولعله آخر من روى عنه. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وأبو السعود محمد بن محمد بن جعفر البصري، وغيرهم. وحدث في سنة ثمان وستين. وآخر من روى عنه أبو السعود عبد الله بن عبد الودود البصري الدباس. 4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله.) أبو الفتوح الجوهري، الإصبهاني. سمع: أبا نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وأبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، وإسماعيل بن أبي عثمان الصابوني، وأحمد بن أبي الفتح الخرقي. أجاز لابن اللتي، ولكريمة. 4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.) أبو محمد الطوسي، الخطيب.) كان بالموصل مع إخوته. ولد ييغداد في سنة ثمانين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 407 وسمع من: طراد، وابن طلحة النعالي. وسمع كتاب شريعة المقاري لأبي بكر بن أبي داود، على أبي الحسين ابن الطيوري في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. سمع منه: أبو المحاسن علي القرشي، وأبو الحسن الزيدي، وأبو محمد ابن الأخضر، وابن أخيه عبد المحسن ابن خطيب الموصل. وأجاز لأبي منصور بن عفجة، ولكريمة. وبقي إلى بعد الستين. 4 (عبد الرحمن بن محمود بن مسعود بن أحمد.) أبو حامد المسعودي، البنجديهي، الخمقري، المروزي. ذكره أبو سعد السمعاني في التحبير فقال: من أهل بنجديه، شيخ صالح، عفيف، معمر، تفرد برواية الجامع للترمذي، عن القاضي أبي سعيد محمد بن علي بن الدباس. سمعت منه بعض الكتاب، ونشأ له ولد اسمه محمد، فهم الحديث، وبالغ في طلبه، ورحل إلى العراق، والشام، ومصر، والإسكندرية. قلت: هو تاج الدين محمد بن عبد الرحمن المسعودي المتوفى بعد الثمانين وخمسمائة. وأما أبوه عبد الرحمن صاحب الترجمة فروى عنه جامع الترمذي بالإجازة القاضي أبو نصر بن الشيرازي. 4 (عبد الرحيم بن عبد الجبار بن يوسف.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 408 أبو محمد التجيبي، الأندلسي، السمنتي، وسمنت حصن. أخذ القراءآت بالمرية عن أبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن رضا. وتصدر للإقراء بمرسية. وتوفي في حدود السبعين. مولده سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. 4 (عبد الرحيم بن محمد بن أبي العيش.) ) أبو بكر الأنصاري. روى عن: أبي محمد بن عتاب، وأبي علي الصدفي، وأبي عمران بن أبي تليد، وجماعة. وسكن مراكش وحدث بها. وتوفي في رأس السبعين تقريباً. روى عنه: أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الزهري، والقاضي أبو الحسن الزهري. 4 (عبد الصمد بن ظفر بن سعيد بن ملاعب.) أبو نضر الربيعي، الحلبي، المعروف بالقباني. سمع من: طاهر بن عبد الرحمن بن العجمي جزءاً من رواية علي بن عمر الحربي السكري. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم. لقياه بحلب في حدود الستين وخمسمائة. 4 (عبد العزيز بن علي بن محمد بن سلمة.) أبو الأصبغ ويقال: أبو حميد السماتي، الإشبيلي، الطحان. ويعرف بابن الحاج أيضاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 409 من جلة المقرئين. قرأ على أبي الحسن شريح بن محمد، وأبي العباس ابن عيشون. وقد مر في سنة إحدى وستين على التقريب. 4 (عبد الكريم بن عمر بن أحمد بن عبد الواحد.) أبو إبراهيم الإصبهاني، العطار، المعروف بالجنيد. سمع: القاسم بن الفضل الثقفي. وأجاز لكريمة. 4 (علي بن أبي منصور بن عبد الصمد بن أبي بكر أحمد بن محمد بن الحافظ أبي بكر أحمد) ابن موسى بن مردويه بن فورك. أبو المحاسن الإصبهاني. من بيت الحديث والعلم. سمع: القاسم بن الفضل، ومكي بن منصور السلار، وغيرهما. روى عنه: عبد القادر الرهاوي.) وبالإجازة: ابن اللتي، وكريمة. 4 (عمر بن محمد بن أحمد بن علي بن عديس.) أبو حفص القضاعي، البلنسي، اللغوي، صاحب أبي محمد البطليوسي. حمل عنه الكثير، ورحل إلى باجة، فأخذ عن: أبي العباس بن حاطب، وقرأ عليه الكامل للمبرد، وغيره في سنة ست وعشرين. وصنف كتاباً حافلاً في المثلث في عشرة أجزاء ضخام، دل على تبحره وسعة اطلاعه وحفظه للغة. وشرح الفصيح شرحاً مفيداً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 410 وسكن تونس، وبها توفي في حدود السبعين. قاله الأبار. 4 (الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عساكر.) الأزدي، المرسي. سمع الشهاب من أبي القاسم بن الفحام. وحدث به قبل السبعين. وسمع منه: عبد الكبير بن بقي، وغيره. 4 (محمد بن الحسن بن هبة الله.) أبو عبد الله بن عساكر الدمشقي، أخو الحافظ أبو القاسم، والصائن. ولد بعد الخمسمائة بقليل. قال القاسم بن عساكر: هو عم الأوسط. سمع الكثير من: عبد الكريم بن حمزة، وأبي الحسن بن قيس المالكي. وتفقه على: أبي الفتح نصر الله المصيصي. وسمعت بقراءته كثيراً. وما أظنه حدث. وكان شيخاً كريماً، حسن الأخلاق، كثير التلاوة. قلت: هو والد العلامة فخر الدين، وزين الأمناء، وتاج ألامناء أبي نصر عبد الرحيم. توفي رحمه الله سنة بضع وستين. 4 (محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد بن أحمد بن مدرك.) أبو عبد الله وأبو بكر الغساني المالقي.) روى عن: أبي الحسن بن مغيث، وأبي جعفر بن عبد العزيز، وأبي بكر بن العربي، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 411 قال الأبار: وكان مؤرخاً، نسابة، فصيحاً، جمع ما لا يوصف من الكتب، وحدث عنه: أبو الحجاج بن الشيخ، وأبو علي الرندي، وأبو محمد بن غلبون شيخنا. 4 (محمد بن عبيد الله بن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن.) الإصبهاني، الحداد. روى عن: جده، وأبي العباس أحمد بن أبي الفتح الخرقي، وغيرهما. وأجاز لكريمة وحدث. وكان خطيباً نبيلاً، حريصاً على الرواية، له فهم ومعرفة. وقد سمع أيضاً من: أبي مطيع محمد بن عبد الواحد المصري، وأبي سعيد المطرز. وولد بنيسابور إذ أبوه بها، وحضر عند أبي سعد بن أبي صادق، وغيره. 4 (محمد بن أبي الحكم عبيد الله بن مظفر.) الباهلي، ثم الأندلسي، ثم الدمشقي، أبو المجد الطبيب. رئيس الأطباء بدمشق، ويلقب بأفضل الدولة. كان مع براعته في الطب بصيراً بالهندسة، لعاباً بالعود، مجوداً للموسيقى، وله يد في عمل الآلات. قد صنع أرغناً، وبالغ في تحزيزه. اشتغل على والده أبي الحكم المتوفى سنة تسع وأربعين. وكان السلطان نور الدين يقدمه ويرى له، ورد إليه أمر الطب بمارستانه الذي أنشأه، فكان يدور على المرضى، ثم يجلس في الإيوان يشغل الطلبة، ويبحثون نحو ثلاث ساعات. وكان حياً في هذا الوقت. ولم يذكر ابن أبي أصيبعة وفاته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 412 4 (محمد بن علي بن عبد الله.) أبو بكر البتماري، الحريمي، المعروف بابن العجيل. وبتماري من قرى النهروان. سمع: أحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا سعد بن خشيش. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي. قال ابن النجار: بلغني أنه توفي بعد السبعين.) 4 (محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن حمدان بن الحسين.) أبو الغنائم الجصاني، الهيثي، الأديب، اللغوي. نزيل الأنبار. وينسب إلى جصين، أحد ملوك الفرس الذين كان صاحب قلعة عند الأنبار في الزمن القديم. سمع أبو الغنائم من: يحيى بن علي بن محمد بن الأخضر الأنباري، وقرأ القراءآت ببغداد على: أبي بكر المزرفي، وسبط الخياط وسمع من: ابن الحصين، وجماعة. وحدث بهيت والأنبار سنة اثنتين وستين. وصنف كتاب روضة الآداب في اللغة، والمثلث الحمداني، والحماسة، وغير ذلك. وولد بهيت في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، ولم تضبط وفاته. سمع منه: أبو أحمد بن سكينة، ويوسف بن أحمد الشيرازي. 4 (محمد بن غريب بن عبد الرحمن بن غريب.) أبو الوليد العبسي، السرقسطي. نزيل شاطبة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 413 روى عن: أبي علي الصدفي، وابن عتاب. وتصدر للإقراء بشاطبة. وولي خطابتها. أخذ عنه: أبو عبد الله بن سعادة حرف نافع. 4 (محمد بن محمود بن علي بن أبي علي الحسن بن يوسف بن حجر بن عمرو.) العلامة أبو الرضا ألاسدي، الطرازي، البخاري. قال عبد الرحيم بن السمعاني: كان إماماً فاضلاً، مبرزاً، ورعاً، تقياً، كثير الذكر والتهجد والتلاوة. تفقه على الإمام الحسين بن مسعود بن الفراء بمرو الروذ، وعلى الإمام عبد العزيز بن عمر ببخارى. وسمع: أبا الفضل بكر بن محمد الزرنجري، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمد بن علي بن حفص وهو أول أستاذ لي في الفقه. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة ببخارى. 4 (محمد بن أبي الرجاء أحمد بن محمد بن أحمد.) أبو عبد الله الإصبهاني المعروف بالكسائي.) سمع: أبا مطيع محمد بن عبد الواحد المصري، وغيره. روى عنه بالإجازة: ابن اللتي، وكريمة. توفي بعد الستين. 4 (محمد بن المرجا الحسين بن محمد بن الفضل بن علي.) أبو جعفر التيمي، الإصبهاني. سمع: أبا العباس أحمد بن أبي الفتح الخرقي، وأبا مطيع المصري. وعنه بالإجازة: ابن اللتي، وكريمة. 4 (محمود بن إسماعيل بن عمر بن علي.) الإمام العلامة أبو القاسم الطريثيثي، النيسابوري، الفقيه. تخرج بأبي بكر محمد بن منصور السمعاني في الفقه. وبرع في الأصول

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 414 والنظر والمذهب. وكان حسن السيرة متواضعاً مطرحاً للتكلف. سمع: عبد الغفار الشيرويي، وصاعد بن سيار. سمع منه عبد الرحيم بن السمعاني، وغيره. 4 (مسعود بن عبد الله بن أحمد بن أبي يعلى.) أبو علي الشيرازي، ثم البغدادي. سمع: أبا الحسين المبارك بن الطيوري، وأبا سعد بن خشيش. روى عنه: محمد بن أحمد الصوفي، وعبد السلام الداهري الخفاف. 4 (الياء)

4 (يوسف بن إسماعيل.) أبو الحجاج المخزومي، القرطبي، المعروف بالمرادي اللغوي. أخذ عن: أبي الحسين بن سراج فأكثر. وعن: أبي عبيدة جراح بن موسى، وأبي جعفر بن عبد العزيز. وجلس لإقراء العربية واللغة. وكان حافظاً للغريب، معتنياً باللغات، لازمه أبو جعفر ابن يحيى مدة وأكثر عنه.



الجزء الأربعون

الجزء الأربعون

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 5 5 (بسم الله الرحمن الرحيم) ) 5 (الطبقة الثامنة والخمسونَ حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وسبعون وخمسمائة)

4 (جلوس ابن الجوزي تحت المنظرة) قال ابن الجوزي: تقدم إلي بالجلوس تحت المنظرة، فتكلمت في ثالث المحرم والخليفة حاضر، وكان يوماً مشهوداً. ثم تقدم إلي بالجلوس يوم عاشوراء فكان الزحام شديداً زائداً على الحد، وحضر أمير المؤمنين. 4 (القبض على أستاذ الدار صندل) وفي صفر قبض على أستاذ الدار صندل الذي جاء في الرسلية إلى نور الدين، وعلى خادمين أرجف الناس على أنهم تحالفوا على سوء. وولي أبو الفضل ابن الصاحب أستاذية الدار، وولي مكانه في الحجابة ابن الناقد. 4 (زواج بنت ابن الجوزي) قال ابن الجوزي: وكانت ابنتي رابعة قد خطبت، فسأل الزوج أن يكون العقد بباب الحجرة، فحضرنا يوم الجمعة، وحضر قاضي القضاة، ونقيب النقباء، فزوجتها بأبي الفرج بن رشيد الطبري، وتزوج حينئذ ولدي أبو القاسم بابنة الوزير عون الدين بن هبيرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 6 قلت: رابعة هي والدة الواعظ شمس الدين بن الجوزي، لم يطل عمر ابن الرشيد معها، ثم تزوجها أبو شمس الدين. وأما ابنه أبو القاسم فإنه تحارب وصار ينسخ بالأجرة، وهو ممن أجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي. 4 (كلام ابن الجوزي تحت المنظرة) قال: وتكلمت في رجب تحت المنظرة وازدحم الخلق، وحضر أمير المؤمنين. وكنت إذا تكلمت أصعد المنبر، ثم أضع الطرحة إلى جانبي، فإذا فرغت أعدتها. وكان المستضيء بالله كثيراً ما يحضر مجلس ابن الجوزي في مكان من وراء الستر، وقال مرةً: ما على كلام ابن الجوزي مزيد. يعني في الحسن. 4 (كثرة الرفض) ) قال: وكان الرفض قد كثر، فكتب صاحب المخزن إلى أمير المؤمنين إن لم تقوِّ يد ابن الجوزي لم يطق رفع البدع. فكتب بتقوية يدي، فأخبرت الناس بذلك على المنبر، فقلت: إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قد بلغه كثرة الرفض، وقد خرج توقيعه بتقوية يدي في إزالة البدع، فمن سمعتموه يسب فأخبروني حتى أخرّب داره وأسجنه. فانكف الناس. وأمر بمنع الوعاظ إلا ثلاثة أنا، وأبو الخير القزويني من الشافعية، وصهر العبادي من الحنفية. ثم سئل في ابن الشيخ عبد القادر، فأطلق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 7 4 (خروج المستضيء إلى كشكه) وفي ذي القعدة خرج المستضيء إلى الكشك الذي جدده راكباً، والدولة مشاة، ورآه الناس، ودعوا له. 4 (ولاية المخزن) وفيها خلع على الظهير بن العطار بولاية المخزن. 4 (وليمة الوزير ابن رئيس الرؤساء) وفيها عمل الوزير ابن رئيس الرؤساء دعوةً جمع فيها أرباب المناصب، وخلع عليّ، ونصب لي منبر في الدار، وحضر الخليفة الدعوة، فلما أكلوا تكلمت، وحضر السلطان والدولة، وجميع علماء بغداد ووعاظها إلا النادر. 4 (الفتنة بمكة) وفيها أرسل إلى صاحب المدينة تقليد بمكة، فجرت لذلك فتنة بمكة، وقتل جماعة. ثم صعد أمير مكة المعزول، وهو مكثر بن عيسى بن فليتة، إلى القلعة التي على أبي قبيس، ثم نزل وخرج عن مكة. ووقع النهب بمكة، وأحرقت دور كثيرة. وحكى القليوبي في تاريخه أن الركب خرجوا عن عرفات، ولم يبيتوا بمزدلفة، ومروا بها، ولم يقدروا على رمي الجمار، وخرجوا إلى الأبطح، فبكروا يوم العيد، وقد خرج إليهم من يحاربهم من مكة، فتطاردوا وقتل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 8 جماعة بين الفريقين. ثم آل الأمر إلى أن أصيح في الناس: الغزاة إلى مكة. قال ابن الجوزي: فحدثني بعض الحاج أن زرّاقاً ضرب بالنفط داراً فاشتعلت، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكانت تلك الدار لأيتام، ثم سوى قارورة نفط ليضرب بها، فجاء حجر فكسرها،) فعادت إليه وأحرقته. وبقي ثلاثة أيام فتفسخ الجسد، ورأى بنفسه العجائب، ثم مات. قال: ثم ذلك الأمير الجديد قال: لا أجسر أن أقيم بعد الحاج بمكة. فأمروا غيره. 4 (وقعة تل السلطان) وفيها كانت وقعة تل السلطان، وحيث ذلك أن عسكر الموصل نكثوا وحنثوا ووافوا تل السلطان بنواحي حلب في جموع كثيرة، وعلى الكل السلطان سيف الدين غازي بن مودود بن زنكي، فالتقاهم السلطان صلاح الدين في جمع قليل، فهزمهم وأسرهم، ونهب، وحقن دماءهم. ثم أحضر الأمراء الذين أسرهم فأطلقهم ومنّ عليهم. 4 (قال ابن الأثير) لم يقتل من الفريقين على كثرتهم إلا رجل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 9 واحد. ووقفت على جريدة العرض، فكان عسكر سيف الدين غازي في هذه الوقعة يزيدون على ستة آلاف فارس، والرجالة، أقل من خمسمائة. 4 (فتوحات صلاح الدين) قلت: سار صلاح الدين إلى منبج فأخذها، ثم سار إلى عزاز، فنازل القلعة ثمانيةً وثلاثين يوماً، وورد عليه وهو محاصرها قوم من الفداوية، وجرح في فخذه، وأخذوا وقتلوا، ثم افتتح عزاز. 4 (كتاب فاضلي إلى الخليفة) ومن كتاب فاضلي عن صلاح الدين إلى الخليفة يطالع أن الحلبيين والموصليين، لما وضعوا السلاح، وخفضوا الجناح، اقتصرنا بعد أن كانت البلاد في أيدينا على استخدام عسكر الحلبيين في البيكارات إلى الكفر، وعرضنا عليهم الأمانة فحملوها، والأيمان فبذلوها. وسار رسولنا، وحلف صاحب الموصل يميناً، جعل الله فيها حكماً. وعاد رسوله ليسمع منا اليمين، فلما حضر وأحضر نسختها أومأ بيده ليخرجها، فأخرج نسخة يمين كانت بين الموصليين والحلبيين على حربنا، والتساعد على حزبنا. وقد حلف بها كمشتكين الخادم بحلب، وجماعة معه يميناً نقضت الأول، فرددنا اليمين إلى يمين الرسول، وقلنا: هذه يمين عن الأيمان خارجة، وأردت عمراً وأراد الله خارجة. وانصرف الرسول. وعلمنا أن الناقد بصير، والمواقف الشريفة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 10 مستخرجة الأوامر إلى الموصلي إما بكتاب مؤكد بأن لا ينقض العهد، وإما الفسحة لنا في حربه. 4 (استعراض صلاح الدين ذخائر ابن حسان) ) وقال ابن أبي طيء: لما ملك صلاح الدين منبج في شوال صعد الحصن، وجعل يستعرض أموال ابن حسان وذخائره، فكانت ثلاثمائة ألف دينار، فرأى على بعض الأكياس والآنية مكتوباً يوسف. فسأل عن هذا الاسم، فقيل: له ولد يحبه اسمه يوسف، كان يدخر هذه الأموال له. فقال السلطان: أنا يوسف، وقد أخذت ما جبى لي. 4 (جرح السلطان من الحشيشية) ومن كتاب السلطان إلى أخيه العادل يقول: ولم ينلني من الحشيشي الملعون إلا خدش قطرت منه قطرات دم خفيفة، انقطعت لوقتها، واندملت لساعتها. 4 (منازلة حلب) وأما صلاح الدين فسار من عزاز فنازل حلب في نصف ذي الحجة، وقامت العامة في حفظها بكل ممكن. وصابرها صلاح الدين شهراً، ثم ترددت الرسل في الصلح، فترحل عنهم، وأطلق لابنة نور الدين قلعة عزاز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 11 4 (كسوف الشمس) قال ابن الأثير: وفي رمضان انكسفت الشمس ضحوة نهار، وظهرت الكواكب، حتى بقي الوقت كأنه ليل مظلم، وكنت صبياً حينئذٍ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 12 4 (سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة)

4 (وعظ ابن الجوزي) في المحرم وعظ ابن الجوزي، وحضر الخليفة في المنظرة، وازدحمت الأمم. 4 (عرس ابنة ابن الجوزي) قال: وكان عرس ابنتي رابعة، وحضرت الجهة المعظّمة، وجهزتها من عندها بمال كثير. 4 (نقص دجلة) وفي صفر نقصت دجلة واخترقت حتى ظهرت جزائر كثيرة، وكانوا يجرون السفن في أماكن. 4 (البرد في بغداد) جاء في آب برد شديد ببغداد، فنزلوا عن الأسطحة، ثم عاد الحر. 4 (وعظ ابن الجوزي بجامع القصر) ) وفي جمادى الآخرة وعظت بجامع القصر، واجتمع خلائق، فحزروا الجمع بمائة ألف، وكان يوماً مشهوداً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 13 4 (وقعة السلجوقي الطامع بالسلطنة) وفيها قارب بغداد بعض السلجوقية ممن يروم السلطة، وجاء رسوله ليؤذن له في المجيء، فلم يلتفت إليه، فجمع جمعاً، ونهب قرى، فخرج إليه عسكر فتواقعوا. وخرج جماعة. وعاد العسكر فعاد هو إلى النهب، فرد إليه العسكر وعليهم شكر الخادم، فترحل إلى ناحية خراسان. 4 (الزلزلة بالري وقزوين) وفيها كانت بالري وقزوين زلزلة عظيمة. 4 (معاقبة الطحان) وفيها قال رجل لطحان: أعطني كارة دقيق. فقال: لا. فقال: والله ما أبرح حتى آخذ. فقال الطحان: وحق علي ما هو خير من الله ما أعطيك. فشهد عليه جماعة، فسجن أياماً. ثم ضرب مائة سوط، وسوّد وجهه وصفع والناس يرجمونه، وأعيد إلى الحبس. 4 (جلوس ابن الجوزي) وجلس ابن الجوزي في السنة غير مرة، يحضر فيها الخليفة. 4 (وقعة الكنز) وفيها كانت وقعة الكنز مقدّم السودان بالصعيد جمع خلقاً عظيماً، وسار إلى القاهرة في مائة ألف ليعيد دولة العبيديين، فخرج إليه العادل سيف الدين، وأبو الهيجا الهكّاري، وعز الدين موسك، فالتقوا، فقتل الكنز، وما

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 14 انتطح عنز مع عنز، وقتل خلق عظيم من جموعه، حتى قيل إنه قتل منهم ثمانون ألفاً. كذا قال أبو المظفّر بن قزغلي، فالله أعلم بذلك. 4 (أخذ صلاح الدين منبج) وفيها أخذ صلاح الدين منبج من صاحبها قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، وكان قد ولاّه إياها الملك نور الدين لمّا انتزعها نور الدين من أخيه غازي بن حسان. 4 (مصالحة صلاح الدين حلب) وفيها حاصر صلاح الدين حلب مدة، ثم وقع الصلح، وأبقى حلب على الملك الصالح ابن نور الدين ورد عليه عزاز.) 4 (تخريب مصياف) وعاد إلى مصياف، بلد الباطنية، فنصب عليها المجانيق، وأباح قتلهم، وخرّب بلادهم، فضرعوا إلى شهاب الدين صاحب حماه، خال السلطان، فسأل فيهم، فترحل عنهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 15 4 (بناء سور مصر) وتوجه إلى مصر وأمر ببناء السور الأعظم المحيط بمصر والقاهرة، وجعل على بنائه الأمير قراقوش. قال ابن الأثير: دوره تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاثمائة ذراع بالقاسمي، ولم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين. وقال أبو المظفر ابن الجوزي: ضيّع فيه أموالاً عظيمة، ولم ينتفع به أحد وأمر بإنشاء قلعة بجبل المقطم وهي التي صارت دار السلطنة. قال ابن واصل: شرع بهاء الدين قراقوش الأسدي فيها، وقطع الخندق وتعميقه، وحفر واديه، وهناك مسجد سعد الدولة، فدخل في القلعة وحفر فيها بئراً كبيراً في الصخر. ولم يتأت هذا بتمامه إلا بعد موت السلطان بمدة. وبعد ذلك كمل السلطان الملك الكامل ابن أخي صلاح الدين العمارات بالقلعة وسكنها. وهو أول من سكنها. وإنما كان سكناه وسكنى من قبله بدار الوزارة بالقاهرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 16 4 (سماع السلطان من السلفي) ثم سار إلى الإسكندرية، وسمع فيها من السلفي، وتردد إليه مرات عديدة، وأسمع منه ولديه الملك العزيز، والملك الأفضل. 4 (بناء تربة الشافعي) ثم عاد إلى مصر وبنى تربة الشافعي رضي الله عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 17 4 (سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة)

4 (العفو عن تتامش) في أولها دخل بغداد تتامش الأمير الذي خرج مع قيماز، ونزل تحت التاج، وقبّل الأرض مراراً، فعفي عنه، وأعطي إمرية. 4 (وعظ ابن الجوزي) ) وحضر ابن الجوزي مرتين فوعظ، وأمير المؤمنين يسمع، واجتمع خلق لا يحصون. وجرت ببغداد همرجة، وقبض على صاحب الحجاب وعلى جماعة. 4 (فتوى لابن الجوزي) قال ابن الجوزي: وجاءتني فتوى في عبد وأمة، أعتقهما مولاهما، وزوّج أحدهما بالآخر، فبقيت معه عشرين سنة، وجاءت منه بأربعة أولاد، ثم بان الآن أنها أخته لأبويه، وقد وقعا في البكاء والنحيب. فعجبت من وقوع هذا، وأعلمتهما أنه لا إثم عليهما، وبوجوب العدة، وأنه يجوز له النظر إليها نظره إلى أخته، إلا أنه يخاف على نفسه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 18 4 (تكلم ابن الجوزي) وفي ليلة رجب تكلمت تحت المنظرة الشريفة، والخليفة حاضر، ومن الغد حضرنا دعوة الخليفة التي يعملها كل رجب، وحضر الدولة، والعلماء، والصوفية، وختمت ختمة، وخلع على جماعة كثيرة، وانصرف من عادته الانصراف، وبات الباقون على عادتهم لسماع الأبيات، وفرق عليهم المال. 4 (بناء مسجد عظيم ببغداد) وفيها عمل الخليفة مسجداً عظيماً ببغداد، وجعل إمامه حنبلياً، وزخرفه. وتقدم إليّ فصليت فيه التراويح. وتكلمت في رمضان في دار صاحب المخزن وازدحموا، وكان الخليفة حاضراً. 4 (هبوب الريح ببغداد) وفي شوال هبت ريح عظيمة ببغداد، فزلزلت الدنيا بتراب عظيم، حتى خيف أن يكون القيامة. 4 (وقوع البرد) وجاء برد ودام ساعة، ووقعت مواضع على أقوام، ومات بعضهم. 4 (اغتيال الوزير ابن رئيس الرؤساء) وتهيّأ الوزير ابن رئيس الرؤساء للحج، فقيل إنه اشترى ستمائة جمل،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 19 منها مائة للمنقطعين، ورحل في رابع ذي القعدة، فلما وصل في الموكب إلى باب قطفتا قال رجل: يا مولانا أنا مظلوم. وتقرّب، فزجره الغلمان، فقال: دعوه. فتقدم إليه، فضربه بسكين في خاصرته، فصاح الوزير: قتلني. ووقع وانكشف رأسه، فغطى رأسه بكمه على الطريق، وضرب ذلك الباطني) بسيف. فعاد وضرب الوزير، فهبروه بالسيوف. وقيل: كانوا اثنين، وخرج منهم شاب معه سكين فقتل، ولم يعمل شيئاً، وأحرق الثلاثة. وحمل الوزير إلى داره، وجرح الحاجب. وكان الوزير قد رأى أنه معانق عثمان رضي الله عنه، وحكى عنه ابنه أنه اغتسل قبل خروجه، وقال: هذا غسل الإسلام فإني مقتول بلا شك. ثم مات بعد الظهر، ومات حاجبه بالليل. وعمل عزاء الوزير، فلم يحضره إلا عدد يسير، فتعجب من هذه الحال فإنه قد يكون عزاء تاجر أحسن من ذلك. وكان انقطاع الدولة إرضاءً لصاحب المخزن. ولما كان في اليوم الثاني لم يقعد أولاده، فلما علم السلطان بالحال أمر أرباب الدولة بالحضور فحضروا. وتكلمت على كرسي. 4 (حجابة ابن طلحة الباب) ثم ولّي ابن طلحة حجابة الباب، وبعث صاحب المخزن بعلامة بعد ثلاث إلى الأمير تتامش فحضر، فوكل به في حجرة من داره، ونفذ إلى بيته، فأخذت الطبل والكوسات، وكل ما في الدار. واختلفت الأراجيف في دينه، وقيل إنه اتهم بالوزير، وخيف أن تكون نيته رزية للخليفة، فقيل إنه كاتب أمراء خراسان، وما صح ذلك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 20 وناب صاحب المخزن في الوزارة. 4 (فتنة اليهود) وجاء أهل المدائن فشكوا من يهود المدائن، فإنهم قالوا لهم: قد آذيتمونا بكثرة الأذان. فقال المؤذّن: لا نبالي تأذّيتم أو لا. فتناوشوا وجرت بينهم خصومة استظهر فيها اليهود، فجاء المسلمون مستصرخين إلى صاحب المخزن، فأمر بحبس بعضهم، ثم أطلقهم فاستغاثوا يوم الجمعة بجامع الخليفة، فخفف الخطيب. فلما فرغت الصلاة استغاثوا، فخرج إليهم الجند فضربوهم ومنعوهم، فانهزموا. فغضب العوام نصرة للإسلام، فضجوا وشتموا، وقلعوا طوأبيق الجامع، وضربوا بها الجند وبالآجر، وخرجوا فنهبوا المخلّطين، لأن أكثرهم يهود. فوقف صاحب الباب وبيده السيف مجذوباً، وحمل على الناس ثانيةً فرجموه، وانقلب البلد، ونهبوا الكنيسة، وقلعوا شبأبيكها، وقطّعوا التوراة، واختفى اليهود. فتقدّم الخليفة بإخراب كنيسة المدائن، وأن تجعل مسجداً.) 4 (خروج لصوص من الحبس) وبعد أيام خرج لصوص من الحبس قطعوا الطريق، فصلبوا بالرحبة، وكان منهم شاب هاشمي. 4 (وقعة الرملة) وفيها وقعة الرملة، فسار السلطان صلاح الدين من القاهرة إلى عسقلان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 21 فسبى وغنم، وسار إلى الرملة، فخرج عليه الفرنج مطلبين وعليهم البرنس أرناط صاحب الكرك، وحملوا على المسلمين، فانهزموا، وثبت السلطان وابن أخيه المظفر تقي الدين عمر، ودخل الليل، واحتوت الملاعين على أثقال المسلمين، فلم يبق لهم قدرة على ماء ولا زاد، وتعسفوا تلك الرمال راجعين إلى مصر، وتمزقوا وهلكت خيلهم. ومن خبر هذه الوقعة أن الفقيه عيسى أسر، فافتداه السلطان بستين ألف دينار، وكان موصوفاً بالشجاعة والفضيلة، أسر هو وأخوه ظهير الدين، وكانا قد ضلاّ عن الطريق بعد الوقعة. ووصل صلاح الدين إلى القاهرة في نصف جمادى الآخرة. قال ابن الأثير: رأيت كتاباً بخط يده كتبه إلى شمس الدولة تورانشاه، وهو بدمشق، يذكر الوقعة، وفي أوله: (فذكرتك والخطيّ يخطر بيننا .......... وقد نهلت منا المثقّفة السمر) ويقول فيه: لقد أشرفنا على الهلاك غير مرة، وما نجانا الله إلا لأمر يريده. وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر وقال غيره: انهزم السلطان، والناس لم يكن لهم بلد يلجأون إليه إلا مصر، فسلكوا البرية، ولقوا مشاقاً، وقل عليهم القوت والماء، وهلكت خيلهم، وفقد منهم خلق. ودخل السلطان القاهرة بعد ثلاثة عشر يوماً، وتواصل العسكر، وأسر الفرنج فيهم. واستشهد جماعة منهم: أحمد ولد تقي الدين عمر المذكور، وكان شاباً حسناً له عشرون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 22 وكان أشد الناس قتالاً يومئذ الفقيه عيسى الهكّاري. وحملت الفرنج على صلاح الدين، وتكاثروا عليه، فانهزم يسيراً قليلاً قليلاً. وكانت نوبةً صعبة. 4 (نزول الفرنج على حماه) وفيها نزلت الفرنج على حماه، وهي لشهاب الدين محمود بن تكش خال السلطان، وكان) مريضا، وكان الأمير سيف الدين المشطوب قريبا من حماه، فدخلها وجمع الرجال، فزحفت الفرنج على البلد، وقاتلهم المسلمون قتالا شديدا مدة أربعة أشهر، ثم ترحلوا عنها. وأما السلطان فإنه أقام أياما بمن سلم معه، ثم خرج من مصر، وعيّد بالبركة، ثم كمل عدة جيشه، فبلغه أمر حماه، فأسرع إليها، فلما دخل دمشق تحقق رحيل الفرنج عن حماه. 4 (عصيان ابن المقدم ببعلبك) وعصى الأمير شمس الدين محمد بن المقدم ببعلبك، فكاتبه السلطان وترفق به، فلم يجب، ودام إلى سنة أربع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 23 4 (كتاب ابن المشطوب بقتلى الفرنج) وجاء كتاب ابن المشطوب أن الذي قتل من الفرنج على حماه أكثر من ألف نفس. 4 (مطالعة القاضي الفاضل بقتل الوزير) ووردت مطالعة القاضي الفاضل إلى صلاح الدين تتضمن التوقيع لقتل الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء، وفيها: وما ربّك بظلاّم للعبيد فقد كان عفا الله عنه قتل ولدي الوزير ابن هبيرة، وأزهق أنفسهما وجماعة لا تحصى، وهذا البيت، بيت ابن المسلمة، عريق في القتل، وجدّه هو المقتول بيد البساسيري. ثم قال: وقد ختمت له السعادة بما حتمت به له الشهادة، لاسيما وهو خارج من بيته إلى بيت الله، ووقع أجره على الله. (إنّ المساءة قد تسرّ وربما .......... كان السرور بما كرهت جديرا)

(إن الوزير وزير آل محمد .......... أودى فمن يشناك كان وزيرا.) وهما في أبي سلمة الخلاّل وزير بني العباس قبل أن يستخلفوا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 24 4 (سنة أربع وسبعين وخمسمائة)

4 (جلوس ابن الجوزي في عاشوراء) قال ابن الجوزي: تكلمت في أول السنة وفي عاشوراء تحت المنظرة، وحضر الخليفة، وقلت: لو أني مثلت بين يدي السدة الشريفة لقلت: يا أمير المؤمنين، كن لله سبحانه مع حاجتك إليه، كان لك مع غناه عنك. إنه لم يجعل أحدا فوقك، فلا ترض أن يكون أحد أشكر له منك. فتصدّق أمير المؤمنين يومئذ بصدقات، وأطلق محبوسين.) 4 (كسوف القمر و الشمس) وانكسف القمر في ربيع الأول، وكسفت الشمس في التاسع و العشرين منه أيضا. 4 (ولادة ثلاثة توائم) وولدت امرأة من جيراننا ابنا وبنتين في بطن، فعاشوا بضع يوم. 4 (تجديد قبر أحمد بن حنبل) وفيها جدّد المستضيء قبر أحمد بن حنبل رحمه الله، وعمل له لوح فيه: هذا ما أمر بعمله سيّدنا ومولانا الإمام المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين. هذا في رأس اللوح. وفي وسطه: هذا قبر تاج السنّة، ووحيد الأمة، العالي الهمة، العالم، العابد، الفقيه، الزاهد، الإمام أبي عبد الله

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 25 أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانيّ رحمه الله، توفّي في تاريخ كذا. وكتب حول ذلك آية الكرسي. 4 (تكلم ابن الجوزي في جامع المنصور) وتكلمت في جامع المنصور، فاجتمع خلائق، وحزر الجمع بمائة ألف وتاب خلق، وقطعت شعورهم ثم نزلت فمضيت إلى قبر أحمد، فتبعني من حزر بخمسة آلاف 4 (إطلاق تتامش)

4 (وفيه أطلق الأمير تتامش إلى داره.)

4 (عمل الدكّة بجامع القصر) وتقدم المستضيء بعمل دكة بجامع القصر للشيخ أبي الفتح بن المنى الحنبليّ، وجلس فيها، فتأثر أهل المذاهب من عمل مواضع للحنابلة. 4 (حديث ابن الجوزي عن نفسه) وكان الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء يقول: ما دخلت قط على الخليفة إلا جرى ذكر فلان، يعنيني، وصار لي اليوم خمس مدارس، ومائة وخمسون مصنّفا في كل فن. وتاب على يدي أكثر من مائة ألف، وقطعت أكثر من عشرة آلاف طايلة، ولم ير واعظ مثل جمعي، فقد حضر مجلسي الخليفة، والوزير، وصاحب المخزن، وكبار العلماء، والحمد لله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 26 4 (حكاية ابن الجوزي عن الرشيد) ) وفي رجب عمل المستضيء الدعوة، ووعظت وبالغت في وعظ أمير المؤمنين، فمما حكيت له أن الرشيد قال لشيبان: عظني. قال: لأن تصحب من يخوّفك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمّنك حتى يدركك الخوف. قال: فسّر لي هذا. قال: من يقول لك أنت مسؤول عن الرعيّة فاتق الله، أنصح لك ممّن يقول: أنتم أهل بيت مغفور لكم، وأنتم قرابة نبيّكم. فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله. وقال له في كلامه: يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك، وإن سكتّ خفت عليك، وأنا أقدّم خوفي عليك على خوفي منك. 4 (ظهور مشعبذ) وفي رمضان جاء مشعبذ فذكر أنه يضرب بالسّيف والسّكين فلا تعمل فيه، لكن بسيفه وسكّينه خاصة. 4 (قتل ابن قرايا الرافضيّ) وفيه أخذ ابن قرايا الذي ينشد على الدكاكين من شعر الرافضة، فوجدوا في بيته كتبا في سبّ الصحابة، فقطع لسانه ويده، وذهب به إلى المارستان، فرجمته العوام بالآجرّ، فهرب وسبح وهم يضربونه حتى مات. ثم أخرجوه وأحرقوه، وعملت فيه العامة كان وكان، ثم تتبّع جماعة من الروافض، وأحرقت كتب عندهم، وقد خمدت جمرتهم بمرّة، وصاروا أذلّ من اليهود.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 27 4 (امتناع الركب العراقيّ) ولم يخرج الركب العراقي لعدم الماء والعشب، وكانت سنة مقحطة. وحجّ من حجّ على خطر. ورجع طائفة فنزلت عليهم عرب، فأخذوا أكثر الأموال، وقتل جماعة. 4 (هبوب ريح وظهور نار ببغداد) وفي ذي القعدة هبّت ببغداد ريح شديدة نصف الليل، وظهرت أعمدة مثل النار في أطراف السماء كأنها تتصاعد من الأرض، واستغاث الناس استغاثة شديدة. وبقي الأمر على ذلك إلى السّحر. 4 (جلوس ابن الجوزي يوم عرفة) ) وجلست يوم عرفة بباب بدر، وأمير المؤمنين يسمع. 4 (اجتماع الفرنج عند حصن الأكراد) وفيها اجتمعت الفرنج عند حصن الأكراد، وسار السلطان الملك الناصر صلاح الدين فنزل على حمص في مقابلة العدوّ. 4 (تسلّم صلاح الدين بعلبك) فلما أمن من غاراتهم سار إلى بعلبكّ، فنزل على رأس العين، وأقام هناك أشهراً يراود شمس الدين ابن المقدّم على طاعته، وهو يأبى. ولم يزل الأمر كذلك إلى أن دخل رمضان، فأجاب شمس الدين إلى تسليم بعلبكّ على عوض طلبه. فتسلّمها السلطان، وأنعم بها على أخيه المعظّم شمس الدولة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 28 تورانشاه بن أيوب. وسار إلى دمشق في شوّال. ثم أقطع أخاه شمس الدولة تورانشاه بمصر، و استردّ منه بعلبكّ. 4 (قتل هنفري الفرنجي) قال ابن الأثير: في ذي القعدة أغارت الفرنج على بلاد الإسلام وعلى أعمال دمشق، فسار لحربهم فرّخشاه ابن أخي السلطان في ألف فارس، فالتقاهم وألقى نفسه عليهم، وقتل من مقدميهم جماعةً، منهم هنفري، وما أدراك ما هنفري، كان يضرب المثل في الشجاعة. 4 (غارة البرنس على شيزر) وفيها أغار البرنس صاحب أنطاكية على شيزر. 4 (غارة صاحب طرابلس) وأغار صاحب طرابلس على التركمان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 29 4 (إنعام السلطان على الملك المظفر) وفيها أنعم السلطان على ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بحماه، والمعرة، وفامية، ومنبج، وقلعة نجم، فتسلمها وبعث نوابه إليها، وذلك عند وفاة صاحب حماه شهاب الدين محمود خال السلطان. ثم توجه إليها الملك المظفر تقي الدين، ورتب في خدمته أميران كبيران: شمس الدين بن المقدم، وسيف الدين علي بن المشطوب، فكانوا في مقابلة صاحب أنطاكية. ورتب بحمص ابن شيركوه في مقابلة القومص.) 4 (إنشاء سور القاهرة) وجاء من إنشاء الفاضل: وأما ما أمر به المولى من إنشاء سور القاهرة، فقد ظهر العمل، وطلع البناء، وسلكت به الطريق المؤدية إلى الساحل بالمقسم. والله يعمر المولى إلى أن يراه نطاقاً على البلدين، وسواراً أو سوراً يكون الإسلام به محلى اليدين، والأمير بهاء الدين قراقوش ملازم للاستحثاث بنفسه ورجاله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 30 4 (ختام كتاب المنتظم) قلت: وهذه السنة هي آخر المنتظم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 31 4 (سنة خمس وسبعين وخمسمائة)

4 (الظفر بذيل كتاب المنتظم) أجاز لنا شيخنا أبو بكر محفوظ بن معتوق بن أبي بكر بن عمر البغدادي أن البذوري التاجر قد ذيّل المنتظم في عدة مجلدات ذهبت في أيام التتار الغازانية سنة تسع وتسعين وستمائة من خزانة كتبه الموقوفة بتربته بسفح قاسيون، ثم ظفرنا ببعضها. فذكر في حوادث هذه السنة، سنة، أن أبا الحسن علي بن حمزة بن طلحة حاجب باب النوبي عزل بعميد الدين أبي طالب يحيى بن زيادة. 4 (وصول البشارة إلى بغداد بكسر الفرنج) وفي صفر وصل إلى بغداد ثلاثة عشر نجاباً، نفذهم صلاح الدين يبشرون بكسرة الفرنج، فضربت الطبول على باب النوبي، وخلع عليهم، وأخبر وأن صلاح الدين حارب الفرنج ونصر عليهم وأسر أعيانهم، وأسر صاحب الرملة، وصاحب طبرية. 4 (وقعة مرج العيون) قلت: وهي وقعة مرج العيون. ومن حديثها أن صلاح الدين كان نازلاً بتل بانياس، بين سراياه، فلما استهل المحرم ركب فرأى راعياً، فسأله عن الفرنج، فأخبر بقربهم، فعاد إلى مخيمه، وأمر الجيش بالركوب، فركبوا، وسار بهم حتى أشرف على الفرنج

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 32 وهم في ألف قنطارية، وعشرة آلاف مقاتل من فارس وراجل، فحملوا على المسلمين، فثبتوا لهم، وحمل المسلمون عليهم فولوا الأدبار، فقتل أكثرهم، وأسر منهم مائتان وسبعون أسيراً، منهم: بادين مقدم الداوية، وأوذ بن القومصة،) وأخو صاحب جبيل، وابن صاحب مرقية، وصاحب طبرية. فأما بادين بن بارزان فاستفك نفسه بمبلغ وبألف أسير من المسلمين. واستفك الآخر نفسه بجملة. ومات أوذ في حبس قلعة دمشق. وانهزم من الوقعة ملكهم مجروحاً. وأبلى في هذه الوقعة عز الدين فرخشاه بلاءً حسناً. 4 (الظفر ببطستين للفرنج) واتفق أن في يوم الوقعة ظفر أسطول مصر ببطستين، وأسروا ألف نفس، فالله الحمد على نصره. 4 (انهزام سلطان الروم أمام المظفر تقي الدين) وكان قليج أرسلان سلطان الروم طلب رعبان، وزعم انه من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 33 بلادهم، وإنما أخذه منه نور الدين على خلاف مراده، وان ولده الصالح إسماعيل قد انعم به عليه. فلم يفعل السلطان، فأرسل قليج عشرين ألفاً لحصار الحصن، فالتقاهم تقي الدين عمر صاحب حماه ومعه سيف الدين علي المشطوب في ألف فارس، فهزمهم لأنه حمل عليهم بغتةً وهم على غير تعبئة، وضربت كوساته، وعمل عسكره كراديس. فلما سمعت الروم الضجة ظنوا أنهم قد دهمه جيش عظيم، فركبوا خيولهم عرياً، وطلبوا النجاة وتركوا الخيام بما فيها، فأسر منهم عدداً، ثم منّ عليهم بأموالهم وسرّحهم. ولم يزل تقي الدين يدل بهذه النصرة، ولا ريب أنها عظيمة. 4 (وصول بعض أسرى الروم والغنائم إلى بغداد) وورد بغداد رسول صلاح الدين، وهو مبارز الدين كشطغاي، وجلس له ظهير الدين أبو بكر بن العطار، وبين يديه أرباب الدولة، فجاءوا بين يديه اثنا عشر أسيراً عليهم الخوذ والزرديات، ومع كل واحد قنطارية، وعلى كتفه طارقة منها طارقة ملك الفرنج، وعلى القنطاريات سعف الفرنج. وبين يديه أيضاً من التحف والنفائس، من ذلك صنم طوله ذراعين حجر، فيه صناعة عجيبة، قد جعل سبابته على شفته كالمتبسم عجباً. ومن ذلك صينية ملأى جواهر، وضلع آدمي نحو سبعة أشبار، في عرض أربع أصابع، وضلع سمكة، طوله عشرة أذرع، في عرض ذراعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 34 4 (حجوبية ابن الدارع) وفيها رتب حاجب الحجاب أبو الفتح محمد بن الدارع، وكان من حجاب المناطق.) 4 (وصول ابن الشهرزوري رسولاً إلى بغداد) وفيها قدم رسول صلاح الدين، وهو القاضي أبو الفضائل بن الشهرزوري، وبين يديه عشرة من أسرى الفرنج، وقدم جواهر مثمنة. 4 (عزل ابن الزوّال عن النقابة بالزينبي) وفيها عزل عن نقابة النقباء أبو العباس أحمد بن الزوال بأبي الهيجا نصر بن عداد الزينبي. 4 (الإرجاف بموت الخليفة) وفي شوال مرض الخليفة وأرجف بموته، وهاش الغوغاء ببغداد، ووقع نهب، وركب العسكر لتسكيتهم، فتفاقم الضرّ، واتسع الخرق، وركبت الأمراء بالسلاح، وصلب جماعة من المؤذنين على الدكاكين. وكانت العامة قد تسوّروا على دار الخلافة، ورموا بالنشّاب فوقعت نشّابة في فرس النائب ومعه جماعة، فتأخروا من مكانهم. 4 (التوقيع بولاية العهد) وفيه وقّع للأمير أبي العباس أحمد بولاية العهد. وقال الوزير لمن حضر من الدولة: اليوم الجمعة، ولا بدّ من إقامة الدعوة و الجهة بنقشا، يعني امرأة الخليفة قد بالغت في كتم مرض أمير المؤمنين، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بتيقّن الأمر، فإن كان حيّا جرت الخطبة على العادة، وإن كان قد توفّي خطبنا لولده حيث وقّع له بولاية العهد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 35 ثم عيّن الشيخ أبو الفضل مسعود بن النادر ليحضر بين يدي الخليفة، فدخل صحبة سعد الشيرازي، فقال المملوك: الوكيل، يشير بقوله إلى ظهير الدين بن العطار، ينهي أنه وقّع بالخطبة للأمير أحمد بولاية العهد، وما وسع المملوك إمضاء ذلك بدون مشافهة. فقال المستضيء: يمضي ما كنّا وقّعنا به. فقبّل الأرض، وعاد فأخبر الوزير ظهير الدين، فسجدوا شكرا لله تعالى على عافيته، وخطب لولاية العهد لأبي العباس، ونثرت الدنانير في الجوامع عند ذكره. 4 (امتلاك الكردي قلعة الماهكي) و في شوّال ملك عبد الوهاب بن أحمد الكردي قلعة الماهكي، وعمل سلاليم موصولة، ونصبها عليها في ليلة ذات مطر ورعود، فشعر الحارس، فذهب وعرّف المقدّم كمشتكين، فقام بيده) طبر، وبين يديه المشعل، فوثبوا عليه فقتلوه، وقتلوا الحارس، ونادوا بشعار عبد الوهّاب. 4 (وفاة الخليفة المستضيء) وفي سلخ شوّال مات الخليفة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 36 4 (خلافة الناصر لدين الله) وبويع ابنه أحمد، ولقّبوه الناصر لدين الله، فجلس للمبايعة في القبّة، فبدأ أخوه وبنو عمّه وأقاربه، ثم دخل الأعيان، فبايعه الأستاذ دار مجد الدين هبة الله ابن الصاحب، ثم شيخ الشيوخ، ثم فخر الدولة أبو المظفّر بن المطلب، ثم قاضي القضاة عليّ ابن الدامغانيّ، وصاحب ديوان الإنشاء أبو الفرج محمد ابن الأنباريّ، والحاجب أبو طالب يحيى ين زيادة. ثم طلب الوزير ظهير الدين بن العطار، وكان مريضا، فأركب على فرس، ثم تعضّده جماعة، وأدخل فصعد وبايع، ووقف عن يمين الشبّاك الذي فيه الخليفة، فعجز عن القيام، فأدخل إلى التاج، ثم راح إلى داره. وبايع من الغد من بقي من العلماء والأكابر. وقدّم بعزل النقيب أبي الهيجا، وبإعادة ابن الزّوال وتوجّهت الرسل إلى النواحي بإقامة الدعوة الناصريّة. 4 (القبض على ابن العطار) وفي اليوم الخامس من البيعة تقدم إلى عماد الدين صندل المقتفوي، و سعد الدولة نظر المستنجديّ الحبشيّ بالمضيّ إلى دار ابن العطار في عدّة من المماليك للقبض عليه، فجاءوا ودخلوا عليه من غير إذن، وقبضوا عليه بين الحريم، وترسّم بداره أستاذ دار، فنهبت العامّة فيها، وعجز الأستاذ دار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 37 4 (الخلعة بإمرة الحاجّ) وفي سادس ذي القعدة خلع على طاشكتين خلعة إمرة الحاج، وتوجّه إلى الحج وتقدّمه خروج الرّكب. 4 (هتك ابن العطار بعد وفاته) وقيّد ابن العطار، وسحب وسجن في مطبّق، فهلك بعد ثلاث، و حمل إلى دار أخته، فغسّل وكفّن، وأخرج بسحر في تابوت، ومعه عدّة يحفظونه، فعرفت العامّة به عند سوق الثلاثاء، فسبّوه وهمّوا برجمه، فدافعهم الأعوان، فكثرت الغوغاء، وأجمعوا على رجمه، وشرعوا،) فخاف الحمّالون من الرجم، فوضعوه عن رؤوسهم وهربوا، فأخرج من التابوت وسحب، فتعرّى من أكفانه، وبدت عورته، وجعلوا يصيحون بين يديه: بسم الله، كما يفعل الحجّاب، وطافوا به المحالّ والأسواق مسلوبا مهتوكا، نسأل الله السّتر والعافية. قال ابن البزوريّ: وحكى التميميّ قال: كنت بحضرته وقد ورد عليه شيخ يلوح عليه الخير، فجعل يعظه بكلام لطيف، ونهاه عن محرّمات، فقال: أخرجوه الكلب سحبا. وكرّر القول مراراً. وقال الموفّق عبد اللطيف: صحّ عندي بعد سنين كثيرة أنّ ابن العطّار هو الذي دسّ الحشيشية على الوزير عضد الدين حتى قتلوه. ولّي المخزن وسكن في دار قطب الدين تيمار الذي هلك بنواحي الرحبة، وأخذ يبكّت على الوزير، وانتصب لعداوته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 38 قال ابن البزوريّ: ثم في آخر النهار خلّص مماليك الحاجب ابن العطار من باب الأزج بعد تغيّر حاله وتجرّد لحمه عن عظمه، فحمل على نعش مكشوف، فوارته امرأة بإزار خليع. ثم دفن. 4 (الوباء والغلاء ببغداد) وكان الوباء والغلاء والمرض شديدا ببغداد، وكرّ القمح بمائة وعشرين ديناراً. 4 (إرسال الخلع إلى ملوك الأطراف) وفي سلخ الشهر خلع على جميع الدولة، وأرسلت الخلع إلى ملوك الأطراف، وركبوا بالخلع في مستهل ذي الحجّة، وجلس الناصر لدين الله للهنا، فدخل إلى بين يدي سدّته أستاذ الدار مجد الدين ابن الصاحب، وتلاه نائب الوزارة شرف الدين سليمان شادوست، فقبّلا الأرض. ثم خرج نائب الوزارة فركب، وخلع على ابن الصاحب قميص أطلس أسود، وفرجيّة نسيج، وعمامة كحلية بعراقيّ، وقلّد سيفا محلّى بالذهب، وركب فرسا بمركب ذهب، وكنبوش إبريسم، وسيف ركاب، وضربت الطبول على بابه. 4 (الزلزلة ببلاد الجبل) وجابت ببلاد الجبل زلزلة عظيمة سقطت قلاع كثيرة، وهلك خلق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 39 4 (سنة ست وسبعين وخمسمائة) ) 4 (عزل وتولية في نيابة الوزارة) في أوّلها عزل شرف الدين بن شادوش عن نيابة الوزارة لأجل علوّ سنّه وثقل سمعه، ووليها جلال الدين هبة الله بن عليّ بن البخاريّ. 4 (صلاة الناصر بجامع الرصافة) وفي المحرّم ركب الناصر لدين الله إلى الكشك، وصلّى الجمعة بجامع الرصافة. 4 (قدوم رسول الملك طغرل) وفيه قدم رسول الملك طغرل السلجوقيّ. 4 (القبض على ابن الوزير) وفيه تقدّم إلى أستاذ الدار بالقبض على كمال الدين عبيد الله ابن الوزير عضد الدين محمد ابن رئيس الرؤساء، فنفّذ للقبض عليه عزّ الدولة مسعود الشرأبي في جماعة من المماليك، فحمل مسحوباً إلى بين يديه، فأمرهم أن يرفقوا به، وقيّد وسجن. 4 (وصول أمير الحاج) وفي صفر وصل أمير الحاج وفي صحبته صاحب المدينة عز الدين أبو سالم القاسم بن مهنّى للمبايعة. 4 (خروج صلاح الدين لمحاربة الأرمن) وفيها توجّه السلطان صلاح الدين قاصداً بلاد الأرمن وبلاد الروم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 40 ليحارب قليج رسلان بن مسعود بن قليج رسلان. والموجب لذلك أن قليج زوّج بنته لمحمد بن قرا رسلان بن داود صاحب حصن كيفا، و مكثت عنده حيناً، وأنه أحب مغنية وشغف بها، فنزوجها، وصارت تحكم في بلاده، فلما سمع بذلك حموه قصد بلاده عازماً على أخذ ابنته منه، فأرسل محمد إلى صلاح الدين يستنجد به، وكرر إليه الرسل. ثم استقر الحال على أن يصبروا عليه سنة، ويفارق المغنية. ونزل صلاح الدين على حصن من بلاد الأرمن فأخذه وهدمه. 4 (وصول الخلع إلى صلاح الدين) ثم رجع إلى حمص فوصله التقليد والخلع من الخليفة الناصر، فركب بها بحمص، وكان يوماً مشهوداً.) 4 (من كتاب صلاح الدين إلى الخليفة الناصر) ومن كتاب السلطان صلاح الدين إلى الخليفة: والخادم ولله الحمد جدد سوابق في الإسلام والدولة العباسية لا تعدها أوليّة أبي مسلم، لأنه والى ثم دارى، ولا آخرية طغرلبك لأنه نصر ثم حجر. والخادم من كان ينازع الخلافة رواءها، وأساغ الغصة التي أذخر الله للإساغة في سيفه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 41 ماءها، فرجل الأسماء الكاذبة الراكبة على المنابر، وأعز بتأييد إبراهيمي، فكسر الأصنام الباطنية بسيفه الطاهر. 4 (سماع صلاح الدين الموطأ في الإسكندرية) وقال العماد الكاتب: توجه السلطان إلى الإسكندرية، وشاهد الأسوار التي جددها، وقال: نغتنم حياة الإمام أبي طاهر بن عون. فحضرنا عنده وسمعنا عليه الموطأ. وكتب إليه القاضي الفاضل يهنيه وبقول: أدام الله دولة الملك الناصر سلطان الإسلام والمسلمين، محيي دولة أمير المؤمنين، وسعده برحلته للعلم، والإثابة عليها. وفي الله رحلته، وفي سبيل الله يوماه: يوم سفك دم المحابر تحت قلمه، ويوم سفك دم كافر تحت علمه. ففي الأول يطلب حديث المصطفى، فيجعل أثره عيناً لا تستر، وفي الثاني يحفل لنصرة شريعة هداه على الضلال فيجعل عينه أثراً لا يظهر. إلى أن قال: وما يحسب المملوك أن كاتب اليمين كتب لملك رحلةً قط في طلب العلم إلا للرشيد، فرحل بولديه الأمين والمأمون لسماع هذا الموطأ الذي اتفقت الهمتان الرشيدية والناصرية على الرغبة في سماعه، والرحلة لانتجاعه. وكان أصل الموطأ بسماع الرشيد على مالك في خزانة المصريين، فإن كان قد حصل، وإلا فليلتمس. 4 (تقليد الخليفة البلاد لصلاح الدين) وفيها أرسل شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم، وبشير المستنجدي الخادم إلى السلطان صلاح الدين بتقليد ما بيده من البلاد، وهو من إنشاء قوام

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 42 الدين بن زبال، فمنه: ما كان يملك الأجل السيد صلاح الدين، ناصر الإسلام، عماد الدولة، جمال الملة، فخر الملة، صفي الخلافة، تابع الملوك والسلاطين، قامع الكفرة والمتمردين، قاهر الخوارج والمشركين، فخر المجاهدين، ألب غازي بك أبو يعقوب يوسف بن أيوب، أدام الله علوه على هذه السجايا مقبلاً.) وذكر التقليد، وفيه: آمره بتقوى الله، وآمره باتخاذ القرآن دليلاً، وآمره بمحافظة الصلاة، وحضور الجماعة وبلزوم نزاهة الحرمات، وآمره بالإحسان بإظهار العدل، وأن يأمر بالمعروف، وأن يحتاط في الثغور، وأن يجنب إلى الأمان. وآمره بكذا. وكتب في صفر سنة ست وسبعين. 4 (وصول رسول ابن عباد) وفيها وصل الفقيه هبة الله بن عبد الله بن عباد صاحب جزيرة قيس رسولاً. وقدم.. 4 (ركوب الخليفة الدست) وفي جمادى الأولى يوم الجمعة ركب الخليفة في الدست بظلة الشمسية..، وعلى رأسه الطرحة، والكل مشاة، وخرج إلى ظاهر السور، ثم رد إلى جامع المنصور وصلى، وأقام بكشك الملكية أسبوعاً. وركب الجمعة الأخرى في موكبه، وصلى بجامع الرصافة، وركب في الشبارة الطويلة، تظله القبة السوداء، وأرباب الدولة قيام في السفن والخلق يدعون له.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 43 4 (إقطاع طغرل البصرة) وفيها أقطع طغرل الناصري الخاص البصرة بعد موت متوليها قسيم الدولة بها. 4 (خروج الخليفة للصيد) وفي جمادى الآخرة ركب الناصر لدين الله في موكبه، وخرج إلى الصيد، وطاف البلاد والأعمال، وغاب أسبوعاً. 4 (نيابة فرخشاه دمشق) وفيها ولي نيابة دمشق عز الدين فرخشاه ابن أخي السلطان، وكان حازماً، عاقلاً، شجاعاً، مقداماً، كثير الحرمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 44 4 (سنة سبع وسبعين وخمسمائة)

4 (تخريب بلاد الكرك) فيها قصد عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بلاد الكرك بالعساكر وخربها، وعاد. وكان ملك الفرنج برنس لعنه الله قد سولت له نفسه قصد المدينة النبوية ليتملكها، فسار فروخشاه إلى بلد المذكور ونهبه، فآل البرنس بالخيبة. 4 (ركوب الخليفة في موكب) ) وفي رجب ركب الخليفة في موكبه إلى الكشك، فنزل به، وقدم إلى بغداد بزرافة من صاحب جزيرة قيس. 4 (معاتبة صلاح الدين على تسمّيه بالناصر) وفيها أرسل من الديوان إلى السلطان صلاح الدين يأخذ عليه في أشياء منها تسمّيه بالملك الناصر، مع علمه أن الإمام اختار هذه السمة لنفسه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 45 4 (أخذ عز الدين حلب) وفي شعبان ساق عز الدين مسعود وأخذ حلب، وكان الصالح إسماعيل بن نور الدين قد أوصى له بها. 4 (مقايضة سنجار بحلب) وفي شوال تزوج بأم الصالح، ثم قايض أخاه عماد الدين بسنجار، وقدم عماد الدين فتسلم حلب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 46 4 (سنة ثمان وسبعين وخمسمائة)

4 (رخاء الأسعار بالعراق) فيها تراخت الأسعار بالعراق. 4 (الوثوب على صاحب قلعة الماهكي) وفيها وثب على عبد الوهاب الكردي صاحب قلعة الماهكي ابن عمه جوبان، فأخرجه مهنا، ونادى بشعار الدولة العباسية، فأرسلت إليه الخلعة والتقليد بولايتها. 4 (الكتابة إلى صلاح الدين بالرحيل عن الموصل) وفيها وصل قاضي الموصل ووزيرها ابن الشهرزوري إلى الديوان العزيز يطلب أن يتقدم إلى السلطان صلاح الدين بالارتحال عن الموصل، فإنه نزل محاصراً، ذاكراً أن الخليفة أقطعه إياها، فأجيب سؤاله، وكتب إلى السلطان بالارتحال عنها. وسار إليه في الرحلية شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم. 4 (فتح بلد كبير بالروم) وفيها افتتح ملك الروم قليج رسلان بن مسعود بلداً كبيراً بالروم كان للنصارى، وكتب إلى الديوان بالبشارة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 47 4 (فتح حرّان وسروج وسنجار وغيرها) وافتتح فيها صلاح الدين حران، وسروج، وسنجار، ونصيبين، والرقة، والبيرة، ونازل الموصل وحاصرها، فبهره ما رأى من حصانتها، فرحل عنها، وقصده شاه أرمن بعساكر جمّة، واجتمع في ماردين بصاحبها، وفتح آمد. 4 (ملك صلاح الدين حلب) ثم رجع إلى حلب فملكها، وعوّض صاحبها سنجار. 4 (الخلعة بشرف الفتوة) وفيها تفتّى الناصر لدين الله إلى الشيخ عبد الجبار، ولقب بشرف الفتوة عبد الجبار، وخلع عليه. وكان النقيب لهم أبو المكارم أحمد بن محمد بن داذي النيلي. وفتّى الناصر لدين الله في ذلك الوقت ولد رفيقه علي بن عبد الجبار، وخلع عليه وعلى النقيب. وكان عبد الجبار هذا في بدء أمره شجاعاً مشهوراً، تهابه الفتيان، وتخافه الرجال، ثم ترك ذلك ولزم العبادة، وبنى لنفسه موضعاً، فأمر الخليفة بإحضاره حين تضوّع عبير أخباره، وتفتّى إليه، وجعل المعوّل في شرعها عليه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 48 4 (الخروج الأخير لصلاح الدين من مصر) وفيها خرج صلاح الدين من مصر غازياً، وما تهيأ له العود إليها، وقد عاش بعد ذلك اثنتي عشر سنة. 4 (دخول سيف الإسلام اليمن) وفيها بعث صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين على مملكة اليمن، وإخراج نوّاب أخيه تورانشاه منها فدخل إليها، وقبض على متولّى زبيد حطان بن منقذ الكناني. فيقال إنه قتله سراً وأخذ منه أموالاً لا تحصى. وهرب منه عز الدين عثمان بن الزنجيلي. وتمكن سيف الإسلام من اليمن. 4 (وفاة فروخشاه) وفيها مات عز الدين فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب، فبعث عمه على نيابة دمشق شمس الدين محمد بن المقدّم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 49 4 (سنة تسع وسبعين وخمسمائة) ) 4 (قدوم رسول ملك مازندران إلى الخليفة) في المحرم قدم رسول ملك مازندران، فتلقي وأكرم، ولم يكن لمرسله عادة بمراسلة الديوان، بل الله هداه من غيّ هواه، وقدمه هدية. 4 (قتل مستفت سب الشافعي) وفيها جاء رجل إلى النظامية يستفتي، فأفتي بخلاف غرضه، فسب الشافعي، فقام إليه فقيهان، لكمه أحدهما، وضربه الآخر بنعله، فمات ليومه، فحبس الفقيهان أياماً، وأطلقا عملاً بمذهب أبي حنيفة. 4 (القبض على مجاهد الدين قايماز وإعادته) وفي جمادى الأولى قبض عز الدين مسعود صاحب الموصل على نائبه وأتابكه مجاهد الدين قايماز، وكان هو سلطان تلك البلاد في المعنى، وعز الدين معه صورة. ولكن تخرّم عليه بإمساكه.. ثم إنه أخرجه وأعاده إلى رتبته. 4 (مجيء الرسلية إلى صلاح الدين) وفي رمضان جاء إلى صلاح الدين بالرسلية شيخ الشيوخ، وبشير الخادم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 50 4 (الفراغ من رباط المأمونية) وفي شوال فرغ من رباط المأمونية وفتح إنشاءآته والدة الناصر لدين الله، ومد به سماط، وحضره أرباب الدولة، والقضاة، والأئمة، والأعيان، ورتب شهاب الدين الشهروردي شيخاً به، ووقفت عليه الوقوف النفيسة. 4 (قدوم الخجندي للحج) وقدم رئيس إصبهان صدر الدين عبد اللطيف الخجندي للحج، فتلقّى موكب الديوان، وأقيمت له الإقامات. وزعيم الحاج في هذه السنين مجير الدين طاشتكين. 4 (كتاب فاضلي إلى الديوان بتشتيت الفرنج) ومن كتاب فاضلي إلى الديوان: كان الفرنج قد ركبوا من الأمر نكرا، وافتضوا من البحر بكرا، وعمروا مراكب حربية شحنوها بالمقاتلة والأسلحة والأزواد، وضربوا بها سواحل اليمن والحجاز، وأثخنوا وأوغلوا في البلاد، واشتدت مخافة أهل تلك الجوانب، بل أهل القبلة، لما أرمض إليهم من خلل الطواف، وما ظن المسلمون إلا أنها الساعة، وقد نشر مطوي أشراطها،) وطوي منشور بساطها. فثار. غضب الله لفناء بيته المحرم، ومقام خليله الأكرم، وضريح نبيّه الأعظم صلّى الله عليه وسلّم، ورجوا أن يشحذ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 51 البصائر بنكاية هذا البيت، إذ قصده أصحاب الفيل، ووكلوا إلى الله الأمر، فكان حسبهم ونعم الوكيل. وكان للفرنج مقصدان: أحدهما قلعة أيلة، والآخر الخوض في هذا البحر الذي تجاوره بلادهم من ساحله، وانقسموا فريقين. أما الذين قصدوا أيلة، فإنهم قدروا آن يمنعوا أهلها من مورد الماء، وأما الفريق القاصد سواحل الحجاز واليمن، فقدروا أن يمنعوا طريق الحاج عن حجه، ويحول بينه وبين فجّه، ويأخذ تجار اليمن، وكارم، وعدن، ويلم بسواحل الحجاز فيستبيح، والعياذ بالله، المحارم. وكان الأخ سيف الدين بمصر قد عمر مراكب، وفرقها على الفريقين، وأمرهم بأن تطوى وراءهم الشقتين، فأما السائرة إلى قلعة أيلة، فإنها انقضت على مرابطي الماء انقضاض الجوارح على بنات الماء، وقذفتها قذف شهب السماء، فأخذت مراكب العدو برمتها، قتلت أكثر مقاتلتها، إلا من تعلق بسعف وما كاد، أو دخل في شعب وما عاد، فإن العربان اقتصوا آثارهم، والتزموا إحضارهم. وأما السائرة إلى بحر الحجاز، فتمادت في الساحل الحجازي، فأخذت تجاراً، وأخافت رفاقا، ودلها على عورات البلاد من هو أشد كفراً ونفاقا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 52 وهناك وقع عليها أصحابنا، وأخذت المراكب بأسرها، وفرّ فرنجها، فسلكوا في الجبال مهاوي المهالك، ومواطن المعاطب، وركب أصحابنا وراءهم خيل العرب، يقتلون ويأسرون، حتى لم يتركوا مخبراً، ولم يبقوا لهم أثراً، وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً، فقيّد منهم إلى مصر مائة وسبعون أسيراً. 4 (تسلم صلاح الدين حلباً) وفي المحرم نزل صلاح الدين على حلب، ثم تسلمها صلحاً. 4 (أخذ الغوري ملك الهند غزنة) وفيها سار شهاب الدين الغوري بعد ما ملك جبال الهند، وعظم سلطانه إلى مدينة هاوور في جيش عظيم وفيها السلطان خسروشاه بن بهرامشاه السبكتكيني الذي كان صاحب غزنة من ثلاثين سنة، فحاصره مدةً، ثم نزل بالأمان فأكرمه ووفى له. فورد رسول السلطان غياث الدين إلى أخيه يأمره بإرسال خسروشاه إليه، فقال له: أنا لي يمين في عنقك. فطيّب قلبه ومنّاه، وأرسله هو وولده، فلم يجتمع بهما غياث الدين بل بعثهما إلى بعض القلاع، فكان آخر) العهد بهما. وهذا آخر ملوك بني سبكتكين. وكان ابتداء دولتهم من سنة ست وستين وثلاثمائة، فتبارك الله الذي لا يزول ملكه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 53 4 (عودة الرسلية بالتقدمة إلى بغداد) وفيها عاد شيخ الشيوخ بالتقدمة، وبشير من الرسلية، ومعهم رسول صلاح الدين بتقدمة كان منها شمسية، يعني جزءاً، وهي مصنوعة من ريش الطواويس، لم ير في حسنها، وعليها اسم المستنصر بالله معد العبيدي. 4 (وفاة نائب الوزارة وولاية ابن صدقة) وتوفي الخلال أبو المظفر بن البخاري نائب الوزارة، فولّي مكانه حاجب باب النوبي عز الدين أبو الفتوح بن صدقة. 4 (ولاية الحجابة) وولي الحجابة أحمد بن هبيرة. 4 (وفاة شيخ الشيوخ وبشير) وعاد إلى الشام شيخ الشيوخ، وبشير على الفور، فمرضا، وطلبا الرجعة إلى العراق، فقال صلاح الدين: أقيما. فلم يفعلا، وسارا في الحر، فماتا بالرحبة. 4 (منازلة صلاح الدين حلباً وتسلّمها) ونازل السلطان حلب، وحاصرها أشد حصار، ثم وقّع الصلح بين صاحبها عماد الدين وبين السلطان، على أن يعوّضه عنها سنجار، ونصّيبين، والرّقّة، وسروج، والخأبور. وتسلّم حلب في ثاني عشر صفر. وفيه يقول القاضي محيي الدين ابن القاضي زكي الدين ابن المنتخب يمدحه بأبيات جاد منها قوله: (وفتحكم حلباً بالسيف في صفر .......... مبشر بفتوح القدس في رجب)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 54 4 (البشارة بفتح القدس) وقد ذكر صاحب الروضتين أن الفقيه مجد الدين بن جميل الحلبيّ الشافعيّ وقع إليه تفسير القرآن لأبي الحكم بن برّجان، فوجد فيه عند قوله تعالى: ألم. غلبت الروم أنّ الرّوم يغلبون في رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ويفتح البيت المقدس، ويصير داراً للإسلام إلى آخر الأبد. واستدلّ بأشياء في كتابه. فلما فتحت حلب على يد السلطان صلاح الدين، كتب إليه) المجد بن جميل ورقة يبشّره بفتح القدس على يديه، ويعيّن فيها الزمان، وأعطاها للفقيه عيسى، فلم يتجاسر أن يعرضها على السلطان، وحدّث بما فيها لمحيي الدين، وكان واثقاً بعقل المجد وأنّه لا يقول هذا حتّى تحققه، فعمل القصيدة التي فيها هذا البيت، فلما سمعه السلطان بهت وتعجّب. فلما اتفق له فتح القدس في رجب، سار المجد مهنّئاً، وذكر له حديث الورقة، فتعجّب وقال: قد سبق إلى ذلك محيي الدين، غير أني أجعل لك حظّاً. ثم جمع له من في العسكر من الفقهاء والصّلحاء، ثم أدخله بيت المقدس والفرنج بعد فيه لم ينظّف منهم، وأمره أن يذكر درساً على الصّخرة. فدخل ودرّس هناك، وحظي بذلك. ثم قال أبو شامة: وقفت أنا على ما فسره ابن برّجان من أن البيت المقدس استولت عليه الروم عام سبعة وثمانين وأربعمائة، وأشار إلى أنّه يبقى بأيديهم إلى تمام خمسمائة وثلاث وثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 55 قال أبو شامة: وهذا الذي ذكره أبو الحكم من عجائب ما اتّفق. وقد تكلّم عليه شيخنا السّخاويّ فقال: وقع فيتفسير أبي الحكم أخبار عن بيت المقدس، وأنّه يفتح في سنة ثلاث وثمانين. قال: فقال لي بعض الفقهاء: إنّه استخرج ذلك من فاتحة السّورة. فأخذت السّورة، وكشفت عن ذلك، فلم أره أخذ ذلك من الحروف، وإنّما أخذه فيما زعم من غلبت الرّوم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين فبنى الأمر على التاريخ كما يفعل المنجّمون، ثم ذكر أنهم يغلبون في سنة كذا، وفي سنة كذا، على ما تقضيه ووافر التقدير. وهذه نجامة وافقت إصابة إن صحّ أنّه قال ذلك قبل وقوعه، وليس ذلك من الحروف، ولا هو من قبيل الكرامات. فإنّ الكرامات لاتكتسب، ولا تفتقر إلى تاريخ، ولذلك لم يوافق الصّواب لمّا أراد الحساب على القراءة الأخرى الشّاذّة وهي غلبت بالفتح، ولو صحّ ذلك، لأنّه قال في سورة القدر: لو علم الوقت الذي نزل فيه القرآن لعلم الوقت الذي يرفع فيه. فهذا ما ذكره. 4 (كتاب فاضلي بإبطال المكس بالرّقّة) ومن كتاب إلى الديوان: أشقى الأمراء من سمّن كيسه وأهزل الخلق، وأبعدهم من الحق من اخذ المكس وسمّاه الحق. ولمّا فتحنا الرّقّة أشرفنا على سحت يؤكل، وظلم ممّا أمر الله أن يقطع، وأمر الظالمون أن يوصل، فأوحينا إلى كافّة الولاة من قبلنا أن يضعوا هذه الرسوم بأسرها، ويكفوا الرعايا من سائر أيام ملكته بأسرها، ونعتق الرقّة من ربّها، وتسدّ هذه الأبواب) وتعطّل، وتنسخ هذه الأمور وتبطل، وتبقى ماهيّة الأحكام، وأئمة الخلود، خالدة الدوام، تامّة البلاغ، يانعة التمام، ملعون من يطمح إليها ناظره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 56 ومنه: وإذا ولاّه أمير المؤمنين ثغراً لم يبت في وسطه، ولم يقم في ظل غرفه، بل يبيت السّيف له ضجيعاً، ويصبح ومعتدل القتال له ربيعاً، لا كالذين يطلبون أبواب الخلافة كالعباد ولا يؤامروها في تصرّفاتها مؤامرة الاستعباد، وكأن الدنيا لهم إقطاع لا إيداع، وكأن الإمارة لهم تخليد لا تقليد. وكأن السلاح لهم زينة كليله ولابسه، وكأن مال الله عندهم وديعة، لايدر مانعة ولا كابسة، وكأنهم في البيوت الدّمى في لزوم خدرها، لا في مستحسنات صورها، راجين من الدّين بالعروة الدنيّة، ومن إعلاء كلمته بما يسمعونه على الدّرجات الخشبيّة، ومن جهاد الخوارج باستحسان الأخبار المهلّبيّة، ومن قتال الكفّار بأنّه فرض كفاية، تقوم به طائفة فيسقط عن البقيّة. 4 (محاصرة السلطان الكرك) وفيها سار السلطان بجيوشه إلى الكرك فحاصرها، ونصب عليها المجانيق، ثم جاءته الأخبار باجتماع الفرنج، فترك الكرك، وسار إليهم بعد أن كان قد أشرف على أخذها، فخالفوه في الطريق إلى الكرك، وأتوا إليها بجموعهم، فسار إلى نابلس، ثم إلى دمشق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 57 وأعطى أخاه نائب مصر الملك العادل سيف الدّين حلب وأعمالها، فإنّه ألحّ عليه في طلبها. فسار إليها، وانتقل منها الملك الظاهر غازي، وقدم على والده. 4 (نيابة الملك المظفّر بمصر) وبعث السلطان ابن عمّه الملك المظفّر تقي الدّين عمر صاحب حماه على نيابة الدّيار المصريّة موضع الملك العادل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 58 4 (سنة ثمانين وخمسمائة)

4 (جعل مشهد الكاظم أمناً) فيها جعل الخليفة الناصر مشهد موسى الكاظم أمناً لمن لاذ به، فالتجأ إليه خلق، وحصل بذلك مفاسد. 4 (موت رجل راهن على دفنه نصف يوم) وفي صفر راهن رجل ببغداد على خمسة دنانير أن يندفن من غدوة إلى الظّهر، فدفن وأهيل) عليه التراب، ثمّ كشف عنه وقت الظّهر، فوجد ميتاً وقد عصفر سواعده من هول ما رأى. 4 (كتاب السلطان بمحاسن دمشق) وفيها كتب زين الدّين بن نجيّة الواعظ كتاباً إلى صلاح الدّين يشوّقه إلى مصر ويصف محاسنها، ومواطن أنسها، فكتب إليه السلطان، بإنشاء العماد فيما أظنّ: ورد كتاب الفقيه زين الدّين: لا ريب أنّ الشام أفضل، وأنّ أجر ساكنه أجزل، وأنّ القلوب إليه أميل، وأنّ زلاله البارد أعلّ وأنهل، وأنّ الهواء في صيفه وشتائه أعدل، وأنّ الجمال فيه أجمل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 59 وأكمل، وأنّ القلب به أروح، وأنّ الروح به أقبل. فدمشق عاشقها مستهام، وما على محبّها ملام. وما في ربوتها ريبة، ولكلّ نور فيها شيبة، وساجعاتها على منابر الورق خطباً قطرب، وهزاراتها وبلابلها تعجم وتعرب، وكم فيها من جواري ساقيات، وسواقي جاريات، وأثمار بلا أثمان، وفاكهة ورمّان، وخيرات حسان، وكونه تعالى أقسم به فقال: والتين والزّيتون يدلّ على فضله المكنون. وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: الشام صفوة الله من بلاده، يسوق إليها خيرته من عباده. وعامّة الصحابة اختاروا به المقام. وفتح دمشق بكر الإسلام. وما ينكر أنّ الله تعالى ذكر مصر، لكنّ ذلك خرج العيب له والذّمّ. ألا ترى أنّ يوسف عليه السلام نقل منها إلى الشام. ثم المقام بالشام أقرب إلى الرّباط، وأوجب للنشاط. وأين قطرب المقطّم من سنا سنين وأين دار آصف لمن ذروة الشرف المنير، وأين لبانة لبنان من الهرمين وهل هما إلاّ مثل السّلعتين وهل للنّيل مع طول نيله وطول ذيله برد بردى في نقع العليل وما لذلك الكثير طلاوة هذا القليل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 60 وإن فاخرنا بالجامع وفيه النّسر، ظهر بذلك قصر القصر، ولو كان لهم مثل بانياس، لما احتاجوا إلى قياس المقياس، ونحن لا نحقر الوطن كما حقرته، وحبّ الوطن من الإيمان، ونحن لا ننكر فضل مصر، وأنّه إقليم عظيم، ولكن نقول كما قال المجلس الفاضليّ: إنّ دمشق تصلح أن تكون بستاناً لمصر. والسّلام. 4 (مهاجمة السلطان نابلس) وفيها هجم السّلطان نابلس، وكان قد وصل لنجدته عسكر ديار بكر، وعسكر آمد، والحصن، والعادل من حلب، وتقيّ الدين من حماه، ومظفّر الدّين صاحب إربل. هكذا ذكر أبو المظفّر في مرءآته. قال: نازل الكرك ونصب عليها المجانيق، فجاءتها نجدات الفرنج من كل فجّ، وأجلبوا وطلبوا. واغتنم السلطان خلوّ الساحل منهم، ورأى أنّ حصارها يطول، فسار ونزل) الغور وهجم نابلس، فقتل وسبى، وطلع على عقبة فيق، ودخل دمشق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 61 4 (منازلة الكرك) وأما ابن الأثير فقال: نازل الكرك، ونصب المنجنيقات على ربضه وملكه، وبقي الحصن وهو والرّبض على سطح واحد، إلاّ أنّ بينهما خندقاً عظيماً، عمقه نحو ستين ذراعاً، فأمر السلطان بإلقاء الأحجار والتراب فيه ليطمّه، فلم يقدروا على الدنوّ منه لكثرة النشّاب وأحجار المجانيق، فأمر أن يبنى من الأخشاب واللّبن ما يمكن للرجال يمشون تحت السقائف، فيلقون في الخندق ما يطمّه، ومجانيق المسلمين مع ذلك ترمي الحصن ليلاً ونهاراً، فاجتمعت الفرنج عن آخرها، وساروا عجلين، فوصل صلاح الدّين إلى طريقهم يتلقّاهم، فقرب منهم، ولم يمكن الدنوّ منهم لخشونة الأرض وصعوبة المسلك، فأقام ينتظر خروجهم إليه، فلم يبرحوا منه، فتأخّر عنهم، فساروا إلى الكرك، فعلم صلاح الدّين أنّه لا يتمكّن منهم حينئذ، ولا يبلغ غرضه، فسار إلى نابلس، ونهب كل ما على طريقه من قرى الفرنج، وأحرق نابلس وأسر وسبى، واستنقذ الأسرى. وبثّ السّرايا يميناً وشمالاً. 4 (خروج ابن غانية الملثّم بالمغرب) قال: وفي شعبان خرج ابن غانية الملثّم وهو علي بن إسحاق، من كبار الملثّمين الذين كانوا ملوك المغرب، وهو حينئذ صاحب ميورقة، إلى بجاية فملكها بقتال يسير. وذلك إثر موت يوسف بن عبد المؤمن، فقويت نفس ابن غانية وكثر جموعه، ثم التقاه متولي بجاية، وكان غائباً عنها. وكسر على متولي بجاية، وانهزم إلى مرّاكش، واستولى ابن غانية على أعمال بجاية

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 62 سوى قسنطينة الهوى، فحصرها إلى أن جاء جيش الموحدين في صفر سنة إحدى وثمانين في البر والبحر إلى بجاية، فهرب منها أخوا ابن غانية فلحقا به، فترحّل عن قسنطينة، وسار إلى إفريقية، فحشد وجمع، والتف عليه سليم، ورياح، والترك الذين كانوا قد دخلوا من مصر مع قراقوش، وبعدها، وصاروا في جيش عظيم، فتملّك بهم ابن غانية جميع بلاد إفريقية، سوى تونس، والمهديّة، حفظتهما عساكر الموحدين على شدة وضيق نالهم، وانضاف إلى ابن غانية كل مفسد وكل حرامي، وأهلكوا البلاد والعباد، ونزل على جزيرة باشرا وهي بقرب تونس، تشمل على قرىً كثيرة، فطلب أهلها الأمان فأمنهم، فلما دخل عسكره نهبوها وسلبوا الناس، وامتدت أيديهم إلى الحريم والصبيان، والله المستعان.) 4 (إقامة الخطبة العباسية بإفريقية) وأقام ابن غانية بإفريقية الخطبة العباسية، وأرسل إلى الناصر لدين الله يطلب منه تقليداً بالسلطنة. ونازل قفصة سنة اثنتين وثمانين، فتسلمها نوّاب ابن عبد المؤمن بالأمان وحصنها. فجهّز يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن جيوشه، وسار في سنة ثلاث لحربه، فوصل إلى تونس، وبعث ابن أخيه في ستة آلاف فارس، فالتقوا، فانهزم الموحدون لأنهم كان معهم جماعة من الترك، فخامروا عليهم حال المصاف، وقتل جماعة من كبار الموحدين، وكانت الوقعة في ربيع الأول سنة ثلاث. فسار يعقوب بنفسه، فالتقوا في رجب بالقرب من مدينة قابس فانهزم ابن غانية، واستمر القتل بأصحابه فتمزّقوا، ورجع يعقوب إلى قايوس فافتتحها، وأخذ منها أهل قراقوش، فبعثهم إلى مراكش. ونازل قفصة فحاصرها ثلاثة أشهر، وبها الترك، فسلّموها بالأمان. وبعث بالأتراك ففرقهم بالثغور لما رأى من شجاعتهم. وقتل طائفةً من الملثمين، وهدم أسوار قفصة، وقطع أشجارها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 63 واستقامت له إفريقية بعد أن كادت تخرج عن بيت عبد المؤمن. وامتدت أيام عبد ابن غانية إلى حدود عام ثلاثين وستمائة. 4 (منازلة السلطان الكرك) وفي جمادى الأولى جمع السلطان الجيوش، وسار إلى الكرك فنازلها، ونزل بواديها، ونصب عليها تسعة مجانيق قدّام الباب، فهدّمت السور، ولم يبق مانع إلاّ الخندق العميق، ولم يكن حيلة إلاّ ردمه، فضرب اللّبن، وجمعت الأخشاب، وعملوا مثل درب مسقوف يمرّون فيه، ويرمون التراب في الخندق، إلى أن امتلأ، بحيث أنّ أسيراً رمى نفسه من السور إليه ونجا. وكانت فرنج الكرك وسائر ملوكهم وفرسانهم يستمدّون بهم، فأقبلوا من كلّ فجّ في حدّهم وحديدهم، فنزلوا بمضائق الوالة، فرحل السلطان، ونزل على البلقاء، وأقام ينتظر الملتقى، فما تغيّروا، فتقهقر على حسبان فراسخ، فوصلوا إلى الكرك، فقصد السلطان الساحل لخلوّه، ونهب كلّ ما في طريقه، وأسر وسبى، فأكثر وبدّع بسبطيَة، وجينين، ثم قدم دمشق. 4 (حصار الكرك في كتاب للعماد) ومن كتاب عماديّ في حصار الكرك يقول: لولا الخندق الذي هو وادٍ لسهل مشرع، فعملنا دبّابات قدّمناها، وبنينا إلى سفيرة ثلاثة أسراب باللّبن وسقفناها، وشرعنا في الطمّ، وتسارع) الناس، ولم يبق إلاّ من يستبشر بالعمل، وتجاسروا حتى ازدحموا نهاراً، كازدحامهم يوم العيد ليلاً، كاجتماعهم في جامع دمشق ليلة النصف السعيد، وهم من الجراح سالمون، وبنصر الله موقنون، وإن أبطأ العدوّ عن النجدة. والنصر قريب سريع،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 64 و الحصن بمن فيه صريع قد خرقت الحجارة حجابهن وقطعت بهم أسبابه، وناولته من الأجل كتابه، وحسرت لثام سوره وخلعت نقابه، فألوف الأبراج مجدوعة، وثنايا الشرفات مقلوعة ورؤوس الأبدان مخروزة، وخروق العوامل مهموزة، وبطون السقوف مبقورة، وعصا الأساقف معقورة، ووجوه الجدر مسلوخة، وجلود البواشير مبشورة، والنّصر اشهر من نار على علم، والحرب قدم من ساق على قدم. 4 (وفاة رسولي الخليفة بالشام) وقدم السلطان وبدمشق الرسولان شيخ الشيوخ صدر الدّين و الطواشي بشير، فمرضا، ومات جماعة من أصحابهما، وكان الشيخ نازلاً بالمنبع، فكان السلطان يعوده في كلّ يوم. وكان قدومهما في الصلح بين السلطان وبين عزّ الدّين صاحب الموصل، فلم ينبرم أمر، فطلبا العود إلى بغداد، وعادا، فمات بشير بالسّخنة، وشيخ الشيوخ بالرحبة. 4 (الإذن للجيوش بالعودة إلى أوطانها) وأذن السلطان للجيوش بالرجوع إلى أوطانهم. 4 (خلعة السلطان على صاحب حصن كيفا) وخلع على نور الدّين بن قرا رسلان صاحب حصن كيفا الخلعة التي جاءته هذه المرّة من الخليفة بعد أن لبسها السلطان. 4 (كتابة منشور لصاحب إربل) ثم كتب لزين الدّين يوسف بن زين الدّين عليّ صاحب إربل منشوراً بإربل وأعمالها لمّا اغتدى إليه، وفارق صاحب الموصل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 65 4 (خروج السلطان بقصد الموصل) ثم وصلت رسل زين الدّين يوسف إلى السلطان بأنّ عسكر الموصل وعسكر قزل صاحب العجم نازلوا إربل مع مجاهد الدّين قايماز. وأنّهم نهبوا وأحرقوا، وأنّه نصر عليهم وكسرهم، فكان هذا ممّا حرّك عزم السلطان على قصد الموصول هذه المرّة. فسار السلطان على طريق) البقاع وبعلبك، ثمّ حمص وحماهن فأقام بحماه إلى انسلاخ السّنة. 4 (وفاة صاحب ماردين) وفيها مات صاحب ماردين قطب الدّين إيلغازي بن نجم الدّين الرّتقيّ، رحمه الله تعالى. انتهت هذه الطبقة ولله الحمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 66 5 (بسم الله الرّحمن الرّحيم)

5 (ربّنا أفرغ علينا صبراً)

5 (الطبقة الثامنة والخسُونَ وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وسبعين وخمسمائة)

4 (أحمد بن عليّ بن محمد بن العبّاس.) الشريف أبو جعفر بن المقشوط، الهاشميّ، البغداديّ. توفّي في ربيع الآخر. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن إبراهيم بن محمد.) أبو محمد القيسيّ الدمشقيّ الواعظ. سمع: ابن الأكفانيّ، وغيره. وعنه: أبو القاسم بن صصرى. 4 (الحسين بن محمد بن نمير.) أبو الحسن الإشبيليّ، الضرير، الفقيه الظاهريّ. قال الأبّار: كان يجتمع إليه ويناظر عليه. أخذ عنه مفرّج بن حسين الضّرير، وغيره. 4 (حرف الطاء)

4 (طغدي بن خمارتكين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 67 أبو محمد التركّيّ من شيوخ بغداد. سمع: أبا القاسم الرّبعيّ، وابن بدران الحلوانيّ. روى عنه: ابن الأخضر، ومنصور بن السكن، وغيره.) توفيّ في ذي الحجّة. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن حمزة بن محمد بن سماوة.) أبو الفرج الكرمانيّ، ثم الجيرُفتيّ، ثم الدّمشقيّ. تفقّه على جمال الإسلام السّلميّ، وولّي خطابة دومة زماناً. وروى عن جمال الإسلام. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وقال: كان ثقة صالحاً. توفّي في ربيع الآخر وهو في عشر الثمانين. وروى عنه أيضاً أبو القاسم بن صصرى. 4 (عبد اله بن محمد بن سهل.) أبو محمد الغرناطيّ الضرير، المقرئ. ويعرف بوجه نافخ. أخذ القراءآت عن أبي محمد بن درّيّ ولازمه. وعن عبد الرحيم بن الفرس. وسمع منهما، ومن: غالب بن عطيّة، وجماعة. وأجاز له أبو عليّ بن سكّرة، وغيره. قال الأبّار: كان بارعاً في العربية. حدّث عنه: ابنه أبو عبد الله، وابن عيّاد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 68 وتوفّي في ذي القعدة. 4 (عبد الحقّ بن سليمان.) أبو عبد الله القيسيّ، التلمسانيّ، قاضي تلمسان. سمع: القاضي أبا بكر بن العربيّ، وغيره. قال الأبّار: كان جليل القدر، عظيم الوجاهة، يستظهر مقامات الحريريّ، ثم تزهّد ورفض الدنيا، وحجّ وجاور، وأجهد نفسه صلاةً وصوماً وطوافاً. توفّيبالمدينة النبوية كهلاً. عبد الرحمن بن خلف الله بن عطيّة. في المتوفّين تقريباً.) 4 (عبد الرحمن بن محمد بن محمد.) أبو محمد السلميّ، المكناسيّ، الكاتب، الأديب. قال الأبّار: ختمت به البلاغة بالأندلس، ورأس في الكتابة. وديوان رسائله بأيدي الناس يتنافسون فيه. وكتب لأبي عبد الله محمد بن سعد، وغيره من الأمراء. وتوفّي كهلاً رحمه الله. 4 (عثمان بن عبد الملك.) اللّخميّ، الصفّار، الواعظ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 69 سمع: أبا الحسن بن العلاّف، وابن فتحان الشّهرزوريّ، وابن بيان. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. 4 (عليّ بن إبراهيم بن عيسى بن سعد الخير.) أبو الحسن البلنسيّ الأنصاريّ، النحويّ. قال الأبّار: سمع من أبي محمد النيليّ وأبي الوليد بن الدبّاغ. ولازم أبا الحسن بن النّعمة وتأدّب به، وكان عالماً بالعربية و اللغة، إماماً في ذلك. أقرأها حياته كلّها. وكان بارع الخط، كاتباً بليغاً، شاعراً مجيداً، مولّداً. وكانت فيه غفلة معروفة، وله مصنّف على كتاب الكامل للمبرّد، وغير ذلك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 70 توفّي بإشبيلية في ربيع الأوّل. وقيل: توفّي سنة سبعين. 4 (عليّ بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين.) الحافظ الكبير أبو القاسم، ثقة الدّين ابن عساكر الدمشقيّ، الشّافعيّ، صاحب تاريخ دمشق. أحد الأعلام في الحديث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 71 ولد في مستهلّ سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وسمّعه أخوه الصّائن هبة الله سنة خمس وخمسمائة وبعدها من: الشريف أبي القاسم النّسيب، وأبي القاسم قوام بن زيد، وأبي الوحش سبيع بن قيراط، وأبي طاهر محمد بن الحسين الحنّائيّ، وأبي الحسن بن الموازينيّ، وأبي الفضائل الماسح، ومحمد بن علي المصّيصيّ.) ثم سمع بنفسه من: أبي محمد بن الأكفانيّ، وأبي الحسن بن قبيس المالكي، وعبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن سهل، ومن بعدهم. ودخل إلى بغداد سنة عشرين، فأقام بها خمس سنين. وحجّ في سنة إحدى وعشرين، فسمع بمكّة من: عبد الله بن محمد بن الغزال المصريّ صاحب كريمة المروزيّة. وسمع ببغداد من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي الحسن الدّينوريّ، وأبي العزّ بن كادش، وقراتكين بن أسعد، وأبي غالب بن البنّا، والبارع أبي عبد الله الدبّاس، وهبة الله الشّروطيّ، وخلق كثير. وعلّق مسائل الخلاف على أبي سعد إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن. ولازم الدّرس والتفقّه بالنظاميّة، ورجع بعلم جمّ وسماعات كثيرة. وسمع بالكوفة من: عمر بن إبراهيم العلويّ. ثم رحل سنة تسع وعشرين على أذربيجان إلى جرجان، وجال في بلادها، ودخل إلى إصبهان، وبقي في هذه الرحلة نحو أربع سنين، فسمع: أبا عبد الله محمد بن الفضل الفراويّ، وعبد المنعم بن القشيريّ، وهبة الله السيّديّ، وتميم بن أبي سعيد الجرجانيّ الهرويّ، ويوسف بن أيوب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 72 الزّاهد، وزاهر بن طاهر الشّحّاميّ، والحسين بن عبد الملك الأديب، وسعيد ابن أبي الرّجاء، وغانم بن خالد، وإسماعيل بن محمد الحافظ، والموجودين في هذا العصر. وخرّج أربعين حديثاً في أربعين بلداً كالسلفيّ. وعدّة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ وثمانون امرأة ونيّف. وحدّث بخراسان، وإصبهان، وبغداد. وسمع منه الكبار: كالحافظ أبي العلاء الهمذانيّ، والحافظ أبي سعد السّمعانيّ. وصنّف التصانيف المفيدة، ولم يكن في زمانه أحفظ ولا أعرف بالرجال منه. ومن تصفّح تاريخه علم قدر الرحلة. وأجاز له من الكبار: أبو الحسن بن العلاّف، وأبو القاسم بن بيان، وأبو علي بن نبهان، وأبو الفتح أحمد بن محمد الحدّاد، وغانم البرجيّ، وأبو بكر عبد الغفّار الشيرويّ، وأبو علي الحداد، وأبو صادق مرشد بن يحيى، وأبو عبد الله الرّازيّ، وطائفة. روى عنه: ابنه القاسم، وبنو أخيه فخر الدّين أبو منصور، وتاج الأمناء، وزين الأمناء عبد) الرحيم، وعزّ الدين النسّابة ابن تاج الأمناء، والحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم الحسين، والقاضي أبو القاسم بن الحرستانيّ، وأبو جعفر القرطبيّ، والحافظ عبد القادر، وأبو الوحش عبد الرحمن بن نسيم، والحسن بن عليّ الصّيقليّ، وصالح بن فلاح الزّاهد، وظهير الدين عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سلطان القرشيّ، وأبو العزّ مظفّر بن عقيل الشّيبانيّ العقّار والد النجيب، والصائن نصر الله بن عبد الكريم بن الحرستانيّ، والبدر بن يونس بن محمد الفارقيّ الخطيب، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي، ومحمد ابن أخي الشيخ أبي البيان، وعبد القادر بن الحسين البغدادي، ونصر الله بن فتيان، وإبراهيم وعبد العزيز ابنا الخشوعي، ويونس بن منصور السقباني، وإدريس بن الخضر الشيباني، ومحمد بن رومي الحرداني، وحاطب بن عبد الكريم المزّي، وذاكر بن عبد الوهاب الستياني،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 73 وذاكر الله بن أبي بكر الشعيري، ومحمد بن غسان، ومحمد بن عبد الكريم بن الهادي، والمسلم بن أحمد المازني، وعبد العزيز بن محمد بن الدجاجية، وعبد الرحمن بن عبد المؤمن زريق العطار، وشعبان بن إبراهيم، ومحمد بن أحمد بن زهير، ومحمود بن خطير الدارانيون، وعبد الرحمن بن راشد البيت سوائي، ونجم الأمناء عبد الرحمن بن علي الأزدي، وعمر بن عبد الوهاب البرادعي، وعتيق السلماني، وبهاء الدين علي بن الجمّيزي، وعبد المنعم بن محمد بن محمد بن أبي المضاء نزيل حماه، ومات في آخر سنة أربع وأربعين، والرشيد أحمد بن مسلمة، وعبد الواحد بن هلال، وخلق آخرهم وفاةً أبو بكر محمد بن المسلم بن علان. وقد روى عنه الكثير أبو سعد السمعاني ومات قبل ابن علان بتسعين سنة. فمن تصانيفه: التاريخ ثمانمائة جزء، والموافقات اثنا وسبعون،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 74

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 75 والأطراف التي للسنن ثمانية وأربعون جزءاً، وعوالي مالك أحد وثلاثون جزءاً، وغرائب مالك عشرة أجزاء، ومعجم القرى والأمصار جزء، ومعجم شيوخه اثنا عشر جزءاً، ومناقب الشبان خمسة عشر جزءاً، وفضل أصحاب الحديث أحد عشر جزءاً، والسباعيات سبعة أجزاء، وكتاب تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري مجلّد، والسلسلات له مجلّد، وكتاب فضل الجمعة مجلّد، والأربعون الطوال ثلاثة أجزاء، وعوالي شعبة مجلّد، وكتاب الزّهادة في ترك الشهادة مجلّد، وعوالي الثوريّ مجيليد، والأربعون الجهاديّة، والأربعون البلديّة، والأربعون الأبدال، ومسند أهل داريّا مجلّد لطيف، وحديث أهل صنعاء الشام مجلد صغير، وفضائل عاشوراء ثلاثة أجزاء، وكتاب الزلازل ثلاثة) أجزاء، وثواب المصاب بالولد جزءآن، وطرق قبض العلم جزء، وكتاب فضل مكّة، وكتاب فضل المدينة، و كتاب فضل القدس، وجزء فضائل عسقلان، وجزء فيمن نزل بالمزّة، وجزء

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 76 في فضائل الرّبوة والنيرب، وجزء في مقام إبراهيم وبرزة، وجزء في قرية الحِميريين، وجزء أهل كفرسوسة، وجزء أهل كفربطنا، وجزء بيت قوفا، وبيت راسين، وجزء سعد بن عبادة، والمنيحة، وجزء أهل حرستا، وجزء أهل زملكا، وجزء بيت لِهيا، وجزء جوبر، وجزء أهل حردان، وجزء أهل جدَيا، وجزء أهل برزة، وجزء أهل منين، وجزء أهل بيت سوا، وجزء أهل بعلبك، وجزء المبسوط لمنكر حديث الهبوط، والجواهر واللآلئ ثلاثة أجزاء، وغير ذلك. وأملى أربعمائة مجلس وثمانية مجالس في فنون شتّى، وخرّج لشيخه أبي غالب ابن البنّا مشيخة، وأربعين حديثاً مصافحات لرفيقه أبي سعد السّمعانيّ، وأربعين حديثاً مساواة لشيخه الفراويّ. وخرّج في آخر عمره لنفسه كتاب الإبدال ولم يتمّه، ولو تمّ لجاء في نحو مائتي جزء. ذكره ابن السّمعانيّ في تاريخه فقال: كبير العلم، غزير الفضل، حافظ، ثقة، متقن، ديّن، خيّر حسن السّمت، جمع بين معرفة المتون والأسانيد، صحيح القراءة، متثبّت، محتاط. رحل وتعب، وبالغ في الطلب إلى أن جمع ما لم يجمع غيره، وأربى على أقرانه. ودخل نيسأبور قبلي بشهر أو نحوه في سنة تسع وعشرين، فسمع بقراءتي وسمعت بقراءته مدّة مقامنا بها، إلى أن اتّفق خروجه في سنة ثلاث وثلاثين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 77 وسمعت منه كتاب المجالسة بدمشق، ومعجم شيوخه. وكان قد شرع في التاريخ الكبير لمدينة دمشق، وصنّف التصانيف، وخرّج التخاريج. وقرأت بخط ابن الحاجب قال: حدّثني زين الأمناء قال: حدّثني ابن القزوينيّ، عن والده مدرّس النّظاميّة، يعني أبا الخير، قال: حكى لنا أبو عبد الله الفراويّ قال: قدم أبو القاسم بن عساكر فقرأ عليّ ثلاثة أيام، فأكثر وأضجرني، وآليت على نفسي أن أغلق الغد بأبي وأمتنع، فلما أصبحت قدم عليّ شخص فقال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلّم إليك. قلت: مرحباً برسول رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقال رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في النوم فقال لي: امض إلى الفراويّ وقل له: قدم بلدكم رجل من الشام أسمر اللون يطلب الحديث، فلا يأخذك منه ضجر ولا ملل.) قال القزوينيّ: فوالله ما كان الفراويّ يقوم من المجلس حتّى يقوم الحافظ ابتداء منه. وقال ابنه القاسم أبو محمد الحافظ: كان رحمه الله مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن. يختم في كلّ جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار. وكان يحيي ليلة النصف والعيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب في غير طاعة. وقال لي: لمّا حملت بي أمّي رأت في منامها قائلا يقول لها: تلدين غلاماً يكون له شأن. وحدّثني أنّ أباه رأى رؤيا معناها: يولد لك ولد يحيي الله به السنّة. حدّثني أبي رحمه الله قال: كنت أقرأ على أبي الفتح المختار بن عبد الحميد وهو يتحدّث مع الجماعة فقال: قدم علينا أبو عليّ بن الوزير، فقلنا: ما رأينا مثله. ثم قدم علينا أبو سعد بن السّمعانيّ فقلنا: ما رأينا مثله. حتّى قدم علينا هذا، فلم نر مثله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 78 وحكى لي أبو الحسن عليّ بن إبراهيم الأنصاريّ الحنبليّ عن أبي الحسن سعد الخير قال: ما رأينا في سنّ الحافظ أبي القاسم مثله. وحدّثنا محمد بن عبد الرحمن المسعوديّ: سمعت أبا العلاء الهمذانيّ يقول لرجل، وقد استأذنه أن يرحل، فقال: إن عرفت أستاذاً أعرف منّي أو في الفضل مثلي فحينئذ آذن لك أن تسافر إليه، إلاّ أن تسافر إلى الحافظ ابن عساكر، فإنّه حافظ كما يجب. فقلت: من هذا فقال: حافظ الشام أبو القاسم ويسكن دمشق. وأثنى عليه. وكان يجري ذكره عند خطيب الموصل أبي الفضل فيقول: ما نعلم من يستحقّ هذا اللقب اليوم، أعني الحافظ، ويكون به حقيقاً سواه. كذا حدّثني أبو المواهب بن صصرى، وقال: لمّا دخلت همذان أثنى عليهالحافظ أبو العلاء وقال: أنا أعلم أنّه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالق الناس و مازحهم كما أصنع، إذاً لاجتمع عليه الموافق والمخالف. وقال لي يوماً: أيّ شيء فتح له، وكيف ترى الناس له قلت: هو بعيد من هذا كلّه، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلاّ بالجمع والتصنيف والتّسميع في نزهه وخلواته. فقال: الحمد لله، هذا ثمرة العلم. ألا إنّا قد حصل لنا هذا المسجد والدار والكتب، هذا يدلّ على قلّة حظوظ أهل العلم في بلادكم. ثم قال لي: ما كان يسمّى أبو القاسم ببغداد إلاّ شعلة نار من توقّده وذكائه وحسن إدراكه.) وقال أبو المواهب: أمّا أنا فكنت أذاكره في خلواته عن الحفّاظ الذين لقيهم. فقال: أمّا ببغداد فأبو عامر العبدريّ، وأمّا بإصبهان فأبو تصر اليونارتيّ، لكن إسماعيل الحافظ كان أشهر منه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 79 فقلت له: فعلى هذا ما رأى سيّدنا مثله. فقال: لا تقل هذا، قال الله تعالى: فلا تزكّوا أنفسكم. قلت: وقد قال تعالى: وأمّا بنعمة ربّك فحدّث. فقال: نعم، لو قال قائل: إنّ عيني لم تر مثلي لصدق. قال أبو المواهب: وأنا أقول لم أر مثله، ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدّة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأوّل إلاّ من عذرن والإعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجّة، وعدم التطلّع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدّور. وقد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه، وقلّة التفاته إلى الأمراء، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. قال لي: لمّا عزمت على التّحديث، والله المطّلع أنّه ما حملني على ذلك حبّ الرياسة والتقدّم، بل قلت: متى أروي كلّ ما سمعت وأيّ فائدة في كوني أخلّفه بعدي صحائف فاستخرت الله تعالى واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد، وطفت عليهم، فكلٌّ قال: ومن أحق بهذا منك. فشرعت في ذلك في سنة ثلاث وثلاثين. وقال عمر بن الحاجب: حكى لي زين الأمناء أنّ الحافظ لمّا عزم على الرحلة اشترى جملاً، وتركه بالخان، فلما رحل القفل تجهّز. وخرج فوجد الجمل قد مات. فقال له الجماعة الذين خرجوا لوداعه: ارجع فما هذا فالٌ مبارك، وفنّدوا عزمه، فقال: والله لو مشيت راجلاً لا أثنيت عزمي. وحمل خرجه وقماشه، وتبع المركب، واكترى منهم في القصير. وكانت طريقه مباركة. وقال أبو محمد القاسم: قال لي والدي لمّا قدمت في سفري: قال لي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 80 جدّي القاضي أبو المفضّل يحيى بن علي: اجلس إلى سارية من هذه السواري حتّى نجلس إليك. فلمّا عزمت على الجلوس اتّفق أنّه مرض ولم يقدر بعد ذلك خروج إلى المسجد. وكان أبي رحمه الله قد سمع بنسا لم يحصّل منها نسخاً اعتماداً على نسخ رفيقه الحافظ أبي عليّ بن الوزير. وكان ما حصّله أبي لا يحصّله ابن الوزير، فسمعته يقول: رحلت وما كأني رحلت. كنت) أحسب أن ابن الوزير يقدم بالكتب مثل الصحيحين، وكتب البيهقي والأجزاء، فاتفق سكناه بمرو، وكنت أؤمل وصول رفيق آخر يوسف بن فارو الجياني، ووصول رفيقنا المرادي، وما أرى أحداً منهم قدم، فلا بد من الرحلة ثالثاً وتحصيل الكتب والمهمات. فلم يمض أيام يسيرة حتى قدم أبو الحسن المرادي، فأنزله أبي عندنا، فقدم بأربعة أسفاط كتب مسموعة، ففرح أبي بذلك، وكفاه الله مؤونة السفر. وأقبل على النسخ والاستنساخ، وقابل، وبقي من مسموعاته نحو ثلاثمائة جزء، فأعانه عليها ابن السمعاني، ونقل إليه منها جملةً حتى لم يبق عليه أكثر من عشرين جزءاً. وكان كلما حصل له جزء منها كأنه قد حصل على ملك الدنيا. قلت: وله شعر جيد يملي منه عقيب مجالسه، فمنه: (أيا نفس ويحك جاء المشيب .......... فماذا التصأبي وماذا الغزل)

(تولّى شبأبي كأنْ لم يكن .......... وجاء مشيبي كأنْ لم يزل)

(فيا ليت شعري ممن أكون .......... وما قدّر الله لي من الأزل)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 81 سمعت أبا الحسين اليونيني: سمعت أبا محمد المنذري الحافظ يقول: سألت شيخنا أبا الحسن علي بن المفضّل الحافظ عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ. فقال: من قلت: الحافظ ابن ناصر، وابن عساكر. فقال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو موسى المديني، وابن عساكر. قال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو الطاهر السلفي، وابن عساكر. فقال: السّلفي شيخنا السّلفي شيخنا. قلت: يعني انه ما أحب أن يصرح بأن ابن عساكر افضل من السلفي، ولوّح بأنه شيخه. ويكفي هذا في الإشارة. قلت: والرجل ورع ثبت. وما أطلق أنه ما رأى مثل نفسه في جواب الحافظ أبي المواهب إلا وهو بار صدوق. وكذلك رأيت شيخنا أبا الحجاج المزّي يميل إلى هذا. وأنا جازم بذلك أنه ما رأى مثل نفسه.) هو أحفظ من جميع الحفّاظ الذين رآهم من شيوخه وأقرانه. وقال الحافظ أبو محمد عبد القادر الرّهاوي: رأيت الحافظ السلفي، والحافظ أبا العلاء، والحافظ أبا موسى، ما رأيت فيهم مثل ابن عساكر. وقرأت بخط عمر بن الحاجب: قال: حكى لي من أثق به أن الحافظ عبد الغني قال: الحافظ ابن عساكر برجال الشام أعرف من البخاري لهم، وندم على ترك السماع منه ندامةً كليّة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 82 وذكره ابن النجار في تاريخه فقال: إمام المحدّثين في وقته، ومن انتهت الرئاسة في الإتقان والحفظ والمعرفة التامة والثقة، وبه ختم هذا الشأن. روى عنه جماعة وهو في الحياة، وحدّثوا عنه بالإجازة في حياته. قال: وقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه: أخبرني أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي الحافظ من لفظه بمنى إملاء يوم النفر الأول، وكان احفظ من رأيت من طلبة الحديث والشبان، وكان شيخنا الإمام إسماعيل بن محمد يفضله على جميع من لقيناهم من أهل إصبهان وغيرها. قدم إصبهان، وسمع ونزل في داري، وما رأيت شاباً أورع ولا أتقن ولا أحفظ منه. وكان مع ذلك فقيهاً أديباً سنّياً، جزاه الله خيراً، وكثّر في الإسلام مثله، أفادني في الرحلة الأولى والثانية ببغداد كثيراً، وسألته عن تأخره في الرحلة الأولى عن المجيء إلى إصبهان فقال: لم تأذن لي أمي. قلت: وهو مع جلالته وحفظه يروي الأحاديث الواهية والموضوعة ولا يتبينها، وكذا كان عامة الحفاظ الذين بعد القرون الأولى، إلاّ من شاء ربك فليسألنّهم الله تعالى عن ذلك. وأي فائدة بمعرفة الرجال ومصنفات التاريخ والجرح والتعديل إلاّ كشف الحديث المكذوب وهتكه. قال ابنه أبو محمد: توفي أبي في حادي عشر رجب، وحضر الصلاة عليه السلطان صلاح الدين، وصلّيت عليه في الجامع، والشيخ قطب الدين في الميدان الذي يقابل المصلى. ورأى له جماعة من الصالحين منامات حسنة، ورثي بقصائد، ودفن بمقبرة باب الصغير. قلت: قبره مشهور يزار رحمه الله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 83 4 (علي بن حميد بن عمّار.) أبو الحسن الأنصاري، الأطرابلسي، ثم المكي، النحوي، المقرئ.) حدّث هذا العام بصحيح البخاري عن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي سماعاً، وهو آخر من سمع من أبي مكتوم. روى عنه: محمد بن عبد الرحمن التّجيبي الأندلسي، وعبد الرحمن بن أبي حرمي فتّوح بن بنين المكي العطار، وناصر بن عبد الله المصري العطار نزيل مكة ستين عاماً، وأبو الربيع سليمان بن أحمد السعدي المغربل الشارعي، وآخرون. ولا أعلم متى توفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 84 4 (علي بن المبارك بن أحمد بن محمد بن بكري.) أبو الحسن البغدادي. سمع: أبا علي بن المهدي، وأبا الغنائم بن المهتدي بالله، وابن الحصين. سمع منه: عمر بن علي القرشي، وعمر العليمي الدمشقيان. توفي في جمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 85 4 (علي بن المظفّر بن علي بن حسين الظهيري.) أبو القاسم والد الأعز. سمع: هبة الله بن أحمد الموصلّين وأبا الغنائم النرسي. روى عنه: تميم بن أحمد البندنيجي، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو الفتوح بن الحصري، وأبو محمد بن قدامة، وغيرهم. توفي في جمادى الآخرة في الطريق فجأة، وله ست وسبعون سنة. وكان مهيباً، وقوراً، صموتاً. 4 (عمر بن هدية بن سلامة.) أبو حفص البغدادي، الصوّاف، السمسار. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا الخطاب الكلوذاني. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي ووثّقه. عاش تسعاً وثمانين سنة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أحمد بن سليمان.) ) أبو عبد الله الغافقي، المعروف بالقباعي. من أهل الجزيرة الخضراء. روى ببلده عن: أبي عبد الله بن عبد الحق، وأبي عبد الله بن أبي صوفة، وغيرهما.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 86 وأجاز له أبو علي بن سكّرة الصدفي. وولّي خطابة بلده. قال الأبّار: وكان فقيهاً مشاوراً، ذا دعابة مع خشية وخشوع. حدّث عنه: أبو القاسم بن الحسن، وأبو نصر السبتي، ويعيش بن النديم، وأبو الخطاب عمر بن الجميّل. وأجاز في رجب من السنة. ولم تؤرخ وفاته. 4 (محمد بن أسعد بن محمد بن الحسين.) الإمام مجد الدين، أبو منصور الطوسي، العطاري، المعروف بحفدة. الفقيه الشافعي. كان فقيهاً واعظاً أصوليّاً فاضلاً، تفقّه بمرو على أبي بكر محمد بن منصور السمعاني، ثم انتقل إلى مرو الروذ، وتفقه على القاضي أبي محمد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي، وسمع منه كتأبيه: شرح السنّة، ومعالم التنزيل، وغير ذلك. ثم انتقل إلى بخارى واشتغل بها على البرهان عبد العزيز بن عمر بن مازة الحنفي. ثم عاد إلى مرو، وقدم أذربيجان، والجزيرة، واجتمع الناس عليه بسبب الوعظ. وكان مجلسه في الوعظ من أحسن المجالس، ولا ندري لم لقّب حفدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 87 روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأبو أحمد بن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو المجد محمد بن الحسين القزويني، والقاضي أبو المحاسن يوسف بن رافع بن شداد، وآخرون. قال السمعاني: كتبت عنه بمرو، ونيسأبور. وكان فقيهاً، واعظاً، شاطراً، جلداً، فصيحاً. سمع من: عبد الغفار الشيروي، وأبي الفتيان الروّاسي، وناصر بن أحمد العيّاضي. أخبرنا أحمد بن إسحاق: أنا رافع بن يوسف الأسدي قدم علينا مصر: أنا محمد بن أسعد، أنا محيي السنّة الحسين بن مسعود، أنا أحمد بن عبد الله بن أحمد الصالحي ح، وأنا إسماعيل بن عبد الرحمن: أنا ابن قدامة، أنا البطّيّ، أنا أبو الحسن الأنباري قال: أنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل الصفّار: ثنا أحمد بن منصور، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن عاصم بن أبي الجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن أبي جبل، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 88 قال ابن خلّكان: توفي في ربيع الآخر سنة إحدى بتبريز. وقال: قيل أيضاً إنه توفي في رجب سنة ثلاث وسبعين، فالله أعلم. والثاني أصح. وكان مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة. 4 (محمد بن الحسن بن علي بن هلال بن همصا بن نافع.) العجلي. أخو هبة الله الدقاق، البغدادي. روى عن: علي بن محمد بن علي الأنباري، الحنبلي، وسعد الله بن أيوب، وأبي الخطاب الكلواذاني. وتفقه على أسعد الميهني. وأخذ الأدب عن: أبي منصور بن الجواليقي. وكان مولده سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. ولد أخ آخر باسمه. كتب ذاك أبو المعالي. 4 (محمد بن الحسين بن محمد بن المعلم.) القاضي أبو منصور الحنفي. ناب في القضاء عن قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي، ودرّس. وسكن همذان مدة، ثم قدم بغداد رسولاً. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وعلي بن الموحد. سمع منه: أبو المواهب بن صصرى، وغيره بهمذان. وعاش ثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 89 4 (محمد بن عبيد الله بن علي.) أبو حنيفة بن أبي القاسم الإصبهاني، الخطيبي. من بيت علم وشهرة. قدم بغداد حاجاً سنة نيّف وستين. وحدّث عن: جدّه لأمه حمد بن صدقة، وأبي مطيع المصري، وأبي بكر بن مرذويه، وأبي الفتح الحداد، وعبد الواحد بن حمد الدوني. وأملى عدة كجالس. وكان حنفي المذهب. روى عنه: أبو طالب بن عبد السميع، وموفق الدين بن قدامة، وأبو القاسم بن صصرى، لقيه بمكة، وسمع منه بقراءة أبيه.) توفي أبو حنيفة بإصبهان وله ثلاث وثمانون سنة. وروى عنه: ابن الأخضر. 4 (محمد ابن الوزير علي بن طراد الزينبي.) أبو العباس المعروف بالأمير التركي، لأنه ابن تركية. كان مقبلاً على العلم. قرأ الفرائض والأدب. وقرأ الحديث على: هبة الله الشبلي، وابن البطيّ. ولم يلحق أن يسمع من أبيه. وتوفي شاباً. 4 (محمد بن محمد بن حمّود.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 90 أبو الأزهر الواسطي، المقرئ، الصوفي. قرأ بالروايات على أبي العز القلانسي. وسمع من: أبي نعيم محمد بن إبراهيم الجماري. وببغداد من أبي غالب بن البناء. وأقرأ الناس مدةً. روى عنه: عمر بن يوسف ختن ابن الشعار، وعمر بن محمد بن أحمد الدينوري، ومحمد بن أحمد بن إسماعيل القزويني. ذكره ابن النجار فأطنب في وصفه وقال: كان شيخاً صالحاً، ورعاً، تقياً، زاهداً، قانعاً، منقطعاً عن الناس، يرجع إلى فضل وعلم بالقراءآت. وتوفي رحمه الله ببغداد قي رجب. 4 (محمد بن محمد بن أحمد بن خلف بن إبراهيم بن لبيب.) الإمام أبو القاسم بن الحاج التجيبي، القرطبي. سمع من: والده الشهيد أبي عبد الله بن الحاج، وأبي محمد بن عتاب، وأبي علي بن سكرة، وأبي الوليد بن رشد، وابن يحيى بن العاص. وأجاز له أبو عبد الله الخولاني. وكان بصيراً بمذهب مالك، عارفاً بالمسائل، ذاكراً للخلاف. وجلس للمناظرة مكان أبيه. ولم يكن يعرف الحديث. وكان وقوراً مهيباً، لا يتكلم إلا في النادر. ولّي قضاء الجماعة بقرطبة وقتاً، ثم خرج عنه في) الفتنة، وتجول في الأندلس، واستقر بمرسية مرتسماً في ديوان الجند عند الأمير محمد بن سعد. ثم سافر إلى ميورقة بعد موت ابن سعد، فحدّث بها. روى عنه: فقيل بن...، وابن سفيان، وغيرهما.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 91 ثم وفد إلى إشبيلية فمات بها. 4 (مبارك بن الحسن.) أبو النجم، ابن القابلة الفرضي. بغدادي، عارف بالفرائض والمواقيت. سمع: أبا الحسين بن القاضي أبي يعلى. 4 (محفوظ بن أبي عبد الله محمد بن عبد المنعم.) أبو جعفر بن الوراق البغدادي، الوكيل باب القاضي. سمع: أبا الحسين بن الطيوري، وأبا سعد الأسدي. روى عنه: حفيده محمد بن يوسف، وعبد العزيز بن الأخضر، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة، وله ثمان وسبعون سنة. 4 (مسعود بن الحسين بن سعد.) القاضي، أبو الحسين اليزدي، الحنفي. أفتى، ودرّس، وناب في القضاء ببغداد، ثم خرج إلى الموصل ودرّس بها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 92 وتوفي في جمادى الآخرة، وله بضع وستون سنة. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن يحيى بن الحسن.) أبو جعفر بن البوقي الواسطي، العطار، الفقيه الشافعي. كان عارفاً بالمذهب والخلاف والفرائض. تفقّه على أبي علي الفارقي. وسمع: أبا نعيم الجماري، وأبا نعيم بن زبزب، وخميساً الحوزي. وببغداد: أبا بكر الأنصاري، وغيره. وبرع في المذهب، وناظر الفقهاء. ثم استقدمه الوزير عون الدين فحدّث ببغداد.) وروى عنه: ابن الأخضر، وأبو إسحاق الكاشغري، وجماعة. وتوفي في ذي القعدة بواسط، وله سنة. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سعيد بن أبي الأسود.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 93 أبو علي الثقفي، الإصبهاني. حدّث ببغداد عن: أبي علي الحداد، وطائفة. وعنه: محمد بن مشّق، وأبو طالب بن عبد السميع. مات في رجب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 94 4 (وفيات سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد العزيز بن الفضل بن الخليع.) الأنصاريّ، الناسخ، الأندلسيّ، الشريّونيّ. أخذ عن: أبي محمد البطليوسيّ. وأحكم العربية. وكان أديباً شاعراّ، بديع الكتابة. نسخ الكثير، وقتل صبراّ بإشبيلية في حدود هذا العام. 4 (أحمد بن محمد بن هبة الله.) أبو منصور بن سركيل البغداديّ. سمع: أبا الحسن بن العلاّف. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر. وتوفّي في جمادى الآخرة. 4 (إبراهيم بن الخلف بن الحبيب.) الفهريّ، الأندلسيّ، من ولد أمير الأندلس، عياض بن يوسف. أخذ الصحيحين عن: ميمون بن ياسين. وغلب عليه علم الأدب والفرائض.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 95 روى عنه: أبو الخطّاب بن واجب. وعاش أربعاً وثمانين سنة.) ذكره أحمد بن فرتوت في تاريخه فقال: سمع الموطّأ عام سبعة وخمسمائة من القاضي أبي عبد الله محمد بن عليّ بن حمدين. وكان من أهل الإتقان، مشاراً إليه في العلم والذّكاء. 4 (إسماعيل بن عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل.) العثمانيّ الدّيباجيّ أبو الطاهر، أخو المحدّث أبي محمد عبد الله. سمع بإفادة أخيه من جماعة. أخذ عنه: الحافظ أبو الحسن بن الفضل وقال: مات في ذي القعدة بعد أخيه بتسعة عشر يوماً بالإسكندريّة. 4 (حرف الباء)

4 (بشير الهنديّ.) مولى عبد الحقّ اليوسفيّ. سمع من: أبي سعد بن خشيش، وأبي القاسم بن بيان. وكان رجلاً صالحاً. 4 (حرف الحاء)

4 (الحجّاج بن يوسف الهوّاريّ.) قاضي الجماعة بمرّاكش، وخطيبها. يكنّى أبا يوسف. وهو من أهل أعمال بجّاية. قال ابن الأبّار: كان فصيحاً مفوّهاً، بليغاً، مدركاً. نال دنيا عريضة. ولمّا توفّي حضر دفنه السّلطان. 4 (الحسن بن سعيد بن أحمد بن الحسن بن البنّا.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 96 أبو محمد بن أبي القاسم البغداديّ، الحربيّ، والد غياث. سمع الكثير من: جعفر السرّاج، وأبي غالب الباقلاّني، وأبي سعيد بن خشيش، وغيرهم. روى عنه: ابن الأخضر، وابن الحصريّ، وغيره. وهو من بيت الرواية. توفّي في رجب. 4 (الحسن بن عبد الله بن هبة الله ابن المسلمة.) ) تاج الدّين أخو الوزير أبي الفرج. سمع: أبا منصور بن خيرون. 4 (الحسن بن عبد الجبّار.) أبو محمد بن البردغوليّ. روى عن: أحمد بن الحسين بن قريش. 4 (الحسن بن عليّ بن نصر بن محمد بن خميس.) القاضي أبو عليّ الكعبيّ، الموصليّ، قاضي العسكر. توفّي في أوّل سنة اثنتين وسبعين عن ست وستّين سنة. كتب عنه: أبو المواهب بن صصرى. 4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن المبارك بن محمد بن عبد الواحد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 97 أبو محمد بن الدّخلة البغداديّ، المقرىء، القزّاز، الكرخيّ. سمّعه أبوه من: أبي عبد الله بن طلحة النّعاليّ، وأبي الحسين بن الطّيوريّ. روى عنه: تميم بن أحمد البندنيجيّ، ومحمد بن مشِّق، وأبو محمد، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد المقدسيّ. وتوفّي في صفر. 4 (حرف الظاء)

4 (ظَفَر بن عمر.) أبو أحمد الخبّاز. سمع من: شجاع الذّهليّ، ومحمد بن عبد الواحد القزّاز. وحدّث. وتوفّي في صفر أيضاً. روى عنه: عبد الرحمن بن محفوظ، والأعزّ بن فضائل. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن خلف بن سعادة.) ) أبو محمد الإصبحيّ، الدّانيّ. سمع: أبا بكر بن نمارة، وأبا الحسن سعد الخير. ثم رحل فأكثر عن السِّلفيّ، وأبي الطاهر بن عون، وكتب عنه الكثير. وسمع منه: جعفر بن أبي عون الشّاطبيّ، وعبد الله بن محمد. وحدّث عنه: أبو القاسم عيسى بن الوجيه عبد العزيز عيسى الشُّريشيّ،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 98 وحمّله الرواية عن قوم لم يرهم ولا أدركهم، وبعضهم لا يعرف، قاله أبو عبد الله الأبّار في تاريخه، ثم قال: وذلك من أوهام عيسى هذا واضطّرابه في روايته. قال: وقال أبو عبد الله التّجيبيّ: كان ابن سعادة مقرئاً، محدّثاً، ورعاً، فاضلاً، أُخبرت أنّه غرق في البحر عند صدره. قلت: توفّي في بغداد هذه السّنة فيما أرى، أو في الّتي قبلها، كهلاً. 4 (عبد الله بن عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل.) القاضي أبو محمد العثمانيّ، الأمويّ، الديباجيّ، الإسكندرانيّ، المجدّث. روى عن: أبيه، وأبي القاسم بن الفحّام الصّقليّ المقرىء، وأبي بكر محمد بن الوليد الطّرطوشيّ، وأبي عبد الله الرّازيّ، وأبي الفضل جمعة بن إسماعيل بن خلف المقرىء، وعبد الله بن يحيى بن حمّود، وطائفة. وله فوائد في ثمانية أجزاء رواها جعفر الهمذانيّ عنه. وروى عنه: الحافظ أبو محمد عبد الغنيّ، والحافظ عبد القادر الرّهاوي، والحافظ علي بن المفضل، وابن راجح، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 99 وكان يعرف بابن أبي اليابس. قال ابن المفضّل: كان عنده فنون عدّة. توفّي في شوّال، ومولده في سنة أربع وثمانين وأربعمائة. قال حمّاد الحرّانيّ: رمى السّلفيّ العثمانيّ بالكذب. وقال حمّاد: ذكر لي جماعة من أعيان الإسكندريّة أنّ العثمانيّ كان صحيح السّماعات، وكان ثقة ثبتاً، صالحاً، متعفّفاً، وكان يقرئ النحو و اللغة و الحديث. وسمعت جماعة يقولون إنّه كان يقول: كلّ من بيني وبينه شيء فهو في حلّ ماعدا السّلفيّ) فبيني وبينه وقفة بين يدي الله تعالى. أنشدنا أبو عليّ بن الخلاّل أنشدنا جعفر، أنشدنا أبو محمد العثمانيّ، أنشدني أبو الحسن عليّ بن محمد البغداديّ لنفسه: (ما أجهل الإنسان في فعله .......... من جمع آثام وأوزار)

(يبخل بالمال على نفسه .......... وهو بها يسخو على النّار)

4 (عبد الله بن عطاف.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 100 الأَزديّ، الإسكندرانيّ. ورّخه الحافظ ابن المفضّل وروى عنه، وقال: توفّي في صفر. وكان ثقة متحرّياً. سمع: أبا عبد الله الرّازيّ، وأبا بكر الطّرطوشيّ. وكان لا بأس به في الفقه. 4 (عبد الصّمد بن سعد بن أحمد بن محمد.) أبو محمد النسويّ، ثم الدمشقيّ، المعروف بالقاضي. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة. وتوفّي في صفر بدمشق. وسمع من: قوام الدّين بن زيد في سنة خمس وتسعين. روى عنه: الحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وعبد الحق بن خلف، والعزّ محمد بن أحمد النسّابة، وغيرهم. 4 (عليّ بن عساكر بن المرحّب بن العوّام.) أبو الحسن البطائحيّ، الضرير، المقرىء، الأستاذ. والبطائح: بين واسط والبصرة. قدم بغداد وحفظ بها القراءآت، وقرأه بالروايات الكثيرة المشهورة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 101 والشّاذّة على أبي العزّ القلانسيّ، وأبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرَفيّ، وسبط الخيّاط. وقرأ بالكوفة على: الشريف عمر بن إبراهيم العلويّ. وسمع من: أبي طالب يوسف، وابن الحصين، وطائفة. وروى الكثير وتصدّر للإقراء. وقرأ القراءآت مدّة طويلة. وكان بارعاً فيها، جيّد المعرفة بالعربيّة، ثقة صحيح السّماع، أثنى عليه غير واحد.) ولد سنة تسعين وأربعمائة أو قبيلها. وروى عنه القراءآت خلق كثير، آخرهم وفاة عبد العزيز بن دُلَف. وسمع منه الكبار. وحدّث عنه الحافظ عبد الغنيّ، وأبو محمد بن قدامة، والحافظ عبد القادر، والزاهد عمر المقدسيّ، والشّهاب بن راجح، وأبو صالح الجيليّ، وعبد العزيز بن ياقا. وآخر من روى عنه وقرأ عليه القراءآت العشر الإمام بها الدّين عليّ بن الجمّيزيّ. وتوفّي في الثامن والعشرين من شعبان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 102 4 (... بن محمد بن هبة الله.) أبو محمد البغداديّ، المعروف بابن المطّلب. سمع: أبا الحسن العلاّف، وأبا طالب اليوسفيّ. سمع منه بمكّة: الفرّاء، وغيره. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أبي الفرج بن ماشاذة.) أبو بكر الإصبهانيّ، السكّريّ، المقرىء. مقرئ، مجوّد، عالم بطرق القرّاء، طويل العمر. سمع: الحافظ سليمان بن إبراهيم وتفرّد عنه، والقاسم بن الفضل الرئيس، ومكّيّ بن منصور السلاّرن وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 103 روى عنه محمد بن مكّيّ الحنبليّ، والحافظ عبد القادر، وعبد الأعلى بن محمد بن محمد الرّستميّ، وإسحاق بن المطهّر اليزديّ القاضي، وأحمد بن إبراهيم بن سفيان بن مندة، وجامع بن أحمد الخبّاز الإصبهانيّون، وآخرون. وبالإجازة كريمة القرشيّة. وتوفّي في هذا العام وله نيّف وتسعون سنة. 4 (محمد بن سعيد بن محمد بن عمر.) أبو سعيد بن الإمام أبي منصور الرّزّاز، البغداديّ، المعدّل. سمع: أبا القاسم بن بيان، وابن نبهان، وزاهر بن طاهر، وابن الحصين. وتفقّه على والده، وله شعر حسن. وَلي نظر الحشريّة مدّة، فلم تحمد سيرته. قاله ابن النجّار.) روى عنه: أبو نصر عمر بن محمد الدّينوريّ. وتوفّي في ذي الحجّة وله إحدى وسبعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 104 4 (محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفّر بن عليّ.) قاضي القضاة، كمال الدّين، أبو الفضل بن أبي محمد بن الشّهرزوريّ، ثم الموصليّ، الفقيه الشافعيّ، ويعرفون قديماً ببني الخراسانيّ. ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وتفقّه ببغداد على أسعد الميهنيّ. وسمع الحديث من نور الهدى بن أبي طالب الزّينيّ. وبالموصل من: أبي البركات بن خميس، وجدّه لأمّه عليّ بن أحمد بن طوق. وولّي قضاء بلده. وكان يتردّد إلى بغداد وخراسان رسولاً من أتابك زنكي. ثم قدم الشام وافداً على نور الدّين، فبالغ في إكرامه، ونفّذه رسولاً من حلب الديوان العزيز. وقد بنى بالموصل مدرسة، وينى بمدينة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رباطاً. ثم ولاّه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 105 السلطان نور الدين قضاء دمشق، ونظر الأوقاف، ونظر أموال السلطان، وغير ذلك. فاستناب ابنه القاضي أبا حامد بحلب، وابن أخيه أبا القاسم بحماه، وابن أخيه الآخر في قضاء حمص. وحدّث بالشام وبغداد. قال القاسم بن عساكر: وُلّي قضاء دمشق سنة خمس وخمسين، وكان يتكلم في الأصول كلاماً حسناً، وكان أديباً، شاعراً، ظريفاً، فكه المجلس، وقف وقوفاً كثيرة، وكان خبيراً بالسياسة وتدبير الملك. وقد أنبا بحضرة أبي قال: أنبا ابن خميس فذكر حديثاً. وقال ابن خلّكان: وُلّي قضاء دمشق، وترقّى إلى درجة الوزارة، وحكم في البلاد الشاميّة، واستناب ولده محيى الدين في الحكم بحلب. وتمكّن في الأيّام النوريّة تمكّناً بالغاً. فلما تملّك صلاح الدين أقرّه على ما كان عليه. وله أوقاف كثيرة بالموصل، ونصّيبين، ودمشق. عظمت رئاسته، ونال ما لم ينله أحد من التقدّم. وقال سبط ابن الجوزي: قدم صلاح الدين سنة سبعين فأخذ دمشق. قال: وكان عسكر دمشق لما رأوا فعل العوام والتقاءهم له، ونثره عليهم الدراهم والذهب، فدخلها ولم يغلق في وجهه باب، وانكفأ العسكر إلى القلعة، ونزل هو بدار العقيقي، وكانت) لأبيه. وتمنّعت عليه القلعة أياماً. ومشى صلاح الدين إلى دار القاضي كمال الدين، فانزعج وخرج لتلقيه، فدخل وجلس وباسطه وقال: طب نفساً، وقرّ عيناً، فالأمر أمرك، والبلد بلدك. فكان مشي صلاح الدين إليه من احسن ما ورّخ، وهو دليل على تواضعه، وعلى جلالة كمال الدين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 106 وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان أبو الفضل رئيس أهل بيته، بنى مدرسةً بالموصل، ومدرسة بنصيبين. وولاه نور الدين القضاء، ثم استوزره، ورد بغداد رسولاً، فذكر أنه كتب قصةً إلى المقتفي، وكتب على رأسها محمد بن عبد الله الرسول، فكتب المقتفي: صلّى الله عليه وسلّم. وقال سبط ابن الجوزي: لما جاء الشيخ أحمد بن قدامة والد الشيخ أبي عمر إلى دمشق خرج إليه أبو الفرج ومعه ألف دينار، فعرضها فلم يقبلها، فاشترى بها قرية الهامة، ووقفها على المقادسة. ولما توفي رثاه بحلب ابنه محيي الدين بقصيدتها التي أولها: (ألمّوا بسفح قاسيون وسلّموا .......... على جدث بادي السنا وترحّموا)

(وأدوا إليه عن لبيب تحيةً .......... يكلّفكم إهداءها القلب والفم) توفي في المحرم يوم الخميس السادس منه. وقد روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم بن صصرى، وموفق الله بن قدامة، وبهاء الدين بن عبد الرحمن، وشمس الدين عمر بن المنجّا، وأبو محمد بن الأخضر، وآخرون. ومن شعره: (وجاءوا عشاءً يهرعون وقد بدا .......... بجسمي من داء الصبابة ألوان)

(فقالوا وكل معظم بعض ما رأى .......... أصابتك عين. قلت: إنّ وأجفان)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 107 4 (محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن علي بن النرسي.) أبو الفتح الأزجي، الضرير. من بيت حديث وعدالة. سمع: أباه، وأبا القاسم بن بيان، وغيرهما. روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة، وجماعة.) وتوفي في ربيع الأول. ورّخه الدّبيثي. وقال ابن مشّق: توفي في ذي الحجة، والأول أصح وهو الذي نقله ابن النجار. 4 (محمد بن علي بن محمد بن مهند.) أبو عبد الله بن السقّا، الحريمي، المقرئ. شيخ صالح ملقن، لقن خلقاً. وكان يستقي الماء إلى بيوت الناس ويتعفف به. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وغيره. توفي في صفر. روى عنه: عبد الله بن أحمد الخباز، وغيره. 4 (محمد بن غالب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 108 أبو عبد الله الأندلسي، الرصافي، رصافة بلنسية، الرفاء. نزيل مالقة. كان يعيش من صناعة الرفو بيده. قال الأبّار: كان شاعر زمانه. سكن غرناطة مدة، وامتدح أميرها. وشعره مدوّن يتنافس فيه الناس. كان ينظم البديع، ويبدع المنظوم. ولم يتزوج وكان متعففاً. روى عنه من نظمه: أبو علي بن كسرى المالقي، وأبو الحسين بن جبير. توفي في رمضان بمالقة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 109 4 (محمد بن محمد بن عبدكان.) أبو المحاسن البغدادي، المقرئ. قرأ القرآن على: أبي الخير المبارك الغسّال، وأبي سعد محمد بن عبد الجبار الحريمي. قرأ عليه: عبد الوهاب بن برغش. وله مصنف في الأصول سماه نور المحجّة على طريقة الأشعري. ويعرف بابن الضجة. 4 (محمد بن محمود بن محمد.) أبو طالب بن الشيرازي، البغدادي، المعروف بابن العلوية. سمع: أبا غالب محمد بن الحسن الباقلاني. روى عنه: ابن الأخضر، والحافظ عبد القادر، وجماعة.) وولي قضاء بعض البلاد، وأقام بواسط مدةً، وبها توفي في ذي الحجة. 4 (محمد بن المحسّن بن الحسين بن أبي المضاء.) الخطيب شمس الدين أبو عبد الله البعلبكي، ثم المصري. نشأ بمصر وقرأ بها الأدب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 110 وسمع بدمشق من: الحافظ ابن عساكر، وغيره. ورحل إلى بغداد وسمع بها وقرأ الفقه. وعاد إلى مصر، واتصل بالسلطان صلاح الدين. وهو أول من خطب بمصر لبني العباس. ثم نفّذه السلطان رسولاً إلى الديوان. وسمع ببغداد من: أبي زرعة، وابن البطي. ومات بدمشق ولم يكمل أربعين سنة. 4 (المبارك بن عبد الجبار بن محمد.) أبو عبد الله البردغولي. روى عن: أحمد بن علي بن قريش. روى عنه: ابنه عبد السلام، وغيره. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (المبارك بن محمد بن المبارك.) أبو جعفر البصري، المواقيتي، الكتّاني الشافعي، المعدّل. ولد سنة تسعين وأربعمائة. وسمع من: أبي طاهر محمد بن محمد بن إبراهيم العبدي، والغطريف بن عبد الله السعيداني، وجابر بن محمد بن جابر، وعدة. وحدّث ببغداد. وروى عنه: عمر بن محمد بن جابر الصوفي، ومحمد بن غالب الباقدرائي، وطائفة. وسمع من السلفي بالبصرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 111 قال ابن النجار: مات بالبصر بعد السبعين وخمسمائة. 4 (محمود بن محمد بن عبد الواحد بن ماشاذة.) الإصبهاني الصوفي، نزيل بغداد، وشيخ رباط الأقفاصيين.) زاهد عابد عارف. سمع من: زاهر الشحّامي، وأبي غالب بن البناء، وأبي بكر المزرفي. وله مصنفات في الحقائق. سمع منه: عمر بن علي القرشي، ومحمد بن بنا الضرير. توفي في ربيع الآخر، كذا ترجمه ابن النجار. 4 (مسعود بن عبد الله بن عبيد الله.) أبو عبد الله البغدادي الواعظ. روى بدمشق عن أبي الوقت. وعنه: أبو القاسم بن صصرى. مات في رمضان. 4 (مسلم بن ثابت بن زيد بن القاسم.) أبو عبد الله بن النخاس، الوكيل، البغدادي. ويعرف بابن جوالق والد عبد الله. فقيه إمام حنبلي. تفقه على: أبي بكر الدينوري. وتوكل لبعض الأمراء، وعلّت سنه. وحدّث بالكثير عن: أبي بكر بن سوسن، وأبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وأبي النرسي، وجماعة. وولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 112 روى عنه: أبو محمد بن قدامة، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وأبو البقاء إسماعيل بن محمد بن يحيى الهمذاني، والحسين بن مسعود البيّع، وعثمان بن أبي نصر بن الوتار، وآخرون. توفي في ذي الحجة. وقد سمع منه أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، والقدماء. 4 (حرف النون)

4 (نصر بن سيّار بن صاعد بن سيّار.) شرف الدين، أبو الفتح الكناني، الهروي، القاضي الحنفي، الفقيه.) من بيت القضاء والحشمة والرواية. وكان خبيراً بالمذهب، عالي الإسناد، معمّراً. سمع الكثير من: جدّه القاضي أبي العلاء صاعد بن سيّار بن يحيى بن محمد بن إدريس، والقاضي أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبي عطاء عبد الأعلى بن أبي عمر المليحي، والزاهد محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، وأبي نصر أحمد بن أبي المعروف بأميرجة سك، وغيرهم. وأجاز له شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وأبو القاسم أحمد بن محمد الخليلي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 113 قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، مناظراً، فاضلاً، متديّناً، حسن السيرة، مطبوع الحركات، تاركاً للتكلف، سليم الجانب. ولد في شوال سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قلت: روى عنه هو، وابنه أبو المظفر عبد الرحيم، وأبو القاسم زنكي بن أبي الوفاء، ومودود بن محمود الشقّاني، والحافظ عبد القادر الرهاوي، والمفتي ضياء الدين أبو بكر بن علي المامنجي، المصري، وآخرون. وبالإجازة القاضي شمس الدين ابن الشيرازي. قال السمعاني في تحبيره: سمعت منه جامع الترمذي، وسمعت منه كتاب الزهد لسعيد بن منصور، بروايته عن جده. وقال ابن نقطة إنه حدّث بكتاب الجامع للترمذي، عن أبي عامر الأزدي. وسمع صحيح الإسماعيلي، من جده، وكان سماعه صحيحاً. وبلغني أنه توفي يوم الثلاثاء عاشر المحرم. قلت: عاش سبعاً وتسعين سنة. وكان رحمه الله أسند من بقي بخراسان. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن علي بن محمد بن زنبقة.) أبو القاسم الصفار. شيخ بغدادي. سمع: شجاعاً الدّهلي، وأبا علي بن المهدي. روى عنه: عبد الوهاب بن أزهر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 114 قال ابن القطيعي: مات في شوال. 4 (هبة الله بن يحيى بن محمد بن هبة الله.) أبو محمد البغدادي، الوكيل بباب القضاة. سمع: أبا الحسن العلاّف. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصري. توفي في ربيع الآخر. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أحمد.) أبو شجاع بن البراج، الوكيل بباب القضاة، ثم زكّي، وشهد وتقدم. روى عن: أبي القاسم بن الحصين، وغيره. كتب عنه: عمر القرشي، وغيره. 4 (يحيى بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.) أبو زكريا بن الخطاب الرازي، ثم الإسكندراني. سمع من والده وتوفي في هذه السنة. وحدّث. ضعّفه ابن المفضّل وقال: لا أروي عنه. وفيها ولد الشيخ الفقيه حونين في رجب، والصفي إسماعيل بن إبراهيم بن الدرجي بدمشق، والكمال علي بن شجاع الضرير بمصر في شعبان، والشيخ أوحد الدين عمر الدويني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 115 4 (وفيات سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى.) أبو جعفر ابن القاصّ الشيرازي، ثم البغدادي، القطفطي المقرئ، الزاهد. صاحب رياضة وتعبّد ونسك وعرفان وتصوّف.) قرأ القراءآت على أحمد بن علي بن بدران الحلواني، وأبي الخير المبارك الغسّال، وأبي بكر محمد بن بركات بن سلامة الدارمي الآمدي. وسمع: أبا محمد بن الأبنوسي، وأبا القاسم بن بيان، وجماعة. وحدّث وأقرأ الناس. أخذ عنه جماعة وأثنوا عليه. وتوفي في صفر وله سبع وسبعون سنة. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأبو بكر بن مشّق، وآخرون، وأبو القاسم بن صصرى، وأحمد بن أحمد البندنيجي. وقرأ عليه بالروايات عبد العزيز بن دلف، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 116 4 (أحمد بن حامد بن الفرات بن أحمد بن مهدي.) أبو العباس الربعي، الضمري، البزاز. سمع ابن الخطاب الرازي بثغر الإسكندرية. روى عنه: ابن صصرى في مشيخته، وفيها أنه ولد بقرية ضمير سنة ست وثمانين وأربعمائة. وله شعر حسن. مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث هذه. 4 (أحمد بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس.) أبو العباس البغدادي، الحنبلي، الفقيه، الزاهد. ولد سنة إحدى وخمسمائة. وسمع من: أبي سعد بن الطيوري، وأبي طال الزينبي. وتفقّه على أبي بكر الدينوري، وأبي خازم بن القاضي أبي يعلى. وأنشأ له نصر بن العطار التاجر مدرسةً ودرّس بها. وأقرأ الفقه وتخرّج به جماعة. وكان زاهداً عابداً، خيّراً، متنبّلاً، كبير القدر. قرأ أيضاً القراءآت على أبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرفي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 117 روى عنه: موفق الدين المقدسي وقال: كان من أصحاب أحمد، وله مسجد ومدرسة. يتكلم في مسائل الخلاف ويدرس. وكان يتزهد وما علمت منه إلا الخير. قال ابن مشّق: توفي في خامس صفر. وروى عنه أيضاً عبد العزيز بن باقا، ومحمد بن أحمد بن شافع. 4 (أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملكشاه.) السلجوقي السلطان. توفي في هذا العام. وكان القائم بدولته زوج أمه شمس الدين إلدكز، وابنه البهلوان. وكان أرسلان سلطاناً مستضعفاً، له السكة والخطبة. ولما مات خطب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 118 بعده لولده طغرل الذي قتله خوارزم شاه، كما يأتي إن شاء الله تعالى. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد.) أبو علي بن الخويري، العباسي. سمع: إسماعيل بن السمرقندي، وطائفة. وقرأ بالروايات على الشهرزوري، وأقرأ القراءآت والعربية بواسط. وكان يعلم الموسيقى، فيه دين وتعبّد. أرّخه ابن النجار. 4 (حرف الدال)

4 (داود بن محمد بن الحسن بن خالد.) القاضي أبو سليمان الخالدي، الإربلي، ثم الحصكفي، الفقيه الشافعي. ولد سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة بالموصل. وتفقه ببغداد. وسمع: أبا القاسم بن بيان ببغداد وأبا منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي بمرو. وقدم دمشق رسولاً فحدّث بها، ثم سكن الموصل وحدّث بها بأشياء منها صحيح البخاري، لكنه أسقط من إسناده إلى البخاري رجلاً، واستمر الوهم عليهم وعليه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 119 روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي.) وأجاز البهاء عبد الرحمن. وتوفي بالموصل يوم النحر، وقد ولي قضاء كيفا مدة. 4 (داود بن يزيد.) أبو سليمان السعدي، الغرناطي. بقية النحويين بالأندلس. أخذ عن: أبي الحسن بن الباذش وكان من أكبر تلامذته. وسمع من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر بن العاص، وابن مغيث، وغيرهم. وكان له مشاركة في علم الحديث. أخذ القراءآت عنه، ومن رواته: أبو بكر بن أبي زمنين، وأبو الحسن بن خاروف، وأبو القاسم الملاحي. وتوفي عن خمس وثمانين سنة. 4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن الحسين بن الحسن بن بختيار.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 120 أبو الفرج بن الحداد البغدادي، الفقيه، الحنبلي، الناسخ. تفقه على: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي الحسن بن الزاغوني وسمع منهما. ومن: أبي عثمان بن ملّة، وأبي طالب اليوسفي. وكان قيّماً بالفرائض والحساب، ويفهم الكلام. وأقرأ الناس، وتخرّج به جماعة. وكان مليح الخط، نسخ الكثير، وكان ذلك معاشه. وكان يؤمّ بمسجد وهو يقيم فيه. قال أبو الفرج بن الجوزي: ناظر وأفتى إلا أنه كان يظهر في فلتات لسانه ما يدل على سوء عقيدته. وكان لا ينضبط، فكل من يجالسه يعثر منه على ذلك. وكان تارةً يميل إلى مذهب الفلاسفة، وتارةً يعترض على القدر. دخلت عليه يوماً وعليه جرب فقال: ينبغي أن يكون هذا على جمل لا علي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 121 وقال لي يوماً: أنا لا أخاصم إلا من فوق الفلك. وقال لي القاضي أبو يعلى: مذ كتب صدقة الشفاء لابن سينا تغير. وحدثني علي بن الحسن المقرئ فقال: دخلت عليه فقال: والله ما أدري من أين جاءوا بنا، ولا إلى أي مطبق يريدون أن يحملونا.) وحدثني الظهير بن الحنفي قال: دخلت عليه فقال: إني لأفرح بتعثيري. قلت: ولم قال: لأن الصانع يقصدني. وكان طول عمره ينسخ بالأجرة، وفي آخر عمره تفقده بكيس، فقيل له، قال: أنا كنت أنسخ طول عمري فلا أقدر على دجاجة. فانظر كيف بعث لي الحلواء والدجاج في وقت لا أقدر أن آكله. وهو كقول ابن الراوندي: وكنت أتأمل عليه إذا قام للصلاة، وأكون إلى جانبه، فلا أرى شفتيه تتحرك أصلاً. ومن شعره: (لا توطّنها فليست بمقام .......... واجتنبها فهي دار الانتقام)

(أتراها صنعةً من صانع .......... أم تراها رميةً من غير رام) فلما كثر عثوري على هذا منه هجرته، ولم أصلّ عليه حين مات. وكان يعرف منه فواحش. وكان يطلب من غير حاجة. وخلّف ثلاثمائة دينار. وحكي عنه أنه رؤي له منامات نحسة، نسأل الله العفو.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 122 توفي في ربيع الآخر في عشر الثمانين. 4 (حرف العين)

4 (عبد الباقي بن أبي العز بن عبد الباقي ابن الكوار.) البغدادي الصوفي، ويعرف بابن القوّالة. روى عن: أبي الحسين بن الطيوري. روى عنه: عمر بن بكرون، وابن الأخضر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 123 وتوفي في ربيع الآخر. 4 (عبد الرحمن بن أبي القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن.) روى عن: أبي القاسم بن النخاس، وأبي محمد بن عتّاب، وغيرهم. قال الأبّار: وكان فقيهاً مشاوراً. ولي القضاء، وكان عريقاً في العلم والنباهة. سمع منه: ابنه أبو الوليد يزيد، وحفيده شيخنا أبو القاسم أحمد بن يزيد. وتوفي عن ثمان وسبعين سنة.) 4 (عبد العزيز بن أحمد بن غالب.) أبو الأصبغ بن مؤمّل البلنسي، الزاهد، المقرئ. قال الأبّار: أخذ القراءآت عن ابن هذيل، وكان مقدّماً فيها، عارفاً بالتعليل، مجوّداً، فرداً في الاجتهاد، صوّاماً قوّاماً، صاحب ليل. ولم يتزوج قط. توفي في حدود سنة ثلاث. 4 (عبد الكريم بن عسكر.) أبو محمد المخزومي، الخالدي، الهمذانيّ الأصل. ولد بمصر، وسكن الإسكندرية. وكان يعرف بالنجار. سمع من: أبي صادق مرشد، وأبي عبد الله الرازي. قال الحافظ ابن المفضّل: سألته عن مولده فقال: في رجب سنة سبع وتسعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 124 سمعنا منه كتاب الأثمان لابن أبي شيبة، والحادي والعشرين من حديث الدّهليز. وكان شيخاً صالحاً. قال لي: نسبي عندي بخط أبي إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه. وتوفي في تاسع عشر ذي الحجة. قلت: روى عنه. جعفر الهمذاني، وعبد الوهاب بن روّاج، وجماعة. 4 (... بن عبد الله بن عبد الرحمن بن مسعود بن عيشون.) أبو مروان المعافري، البلنسي. روى عن: أبي الوليد بن الدباغ. وحج فلقي: أبا علي بن العوجا، وأبا عبد الله المازري، وأبا طاهر بن سلفة. روى عنه: أبو عبد الله بن نوح الغافقي. قال الأبّار: وكان نهاية في الصلاح والبر والخير، متواضعاً. لم يتزوّج، وكان ذا ثروة، واقتنى كثيراً من الكتب. وتوفي سنة ثلاث أو. 4 (عتيق بن عبد العزيز بن علي بن صيلا.) أبو بكر الحربي، الخباز، والد عبد الرحمن، وعبد العزيز. سمع: عبد الواحد بن علوان الشيباني، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وغيرهما.) روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وعبد الرزاق الجيلي، وأحمد بن أحمد البندنيجي، والبهاء عبد الرحمن، والأنجب بن محمد بن صيلا الحمامي، وأبو القاسم بن أبي الحسين المالحاني، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 125 ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. ومات في ربيع الآخر وله ثمان وخمسون سنة. 4 (علي بن الحسين بن علي.) أبو الحسن اللّواتي الفاسي. روى عن: أبي جعفر بن بافي، وأبي الحسين بن الأخضر الإشبيلي أخذ عنه النحو واللغة. وسمع: أبا عبد الله بن شبرين. وأجاز له أبو عبد الله الخولاني، وأبو علي الصدفي. وحدّث بالموطّأ عن الخولاني، لقيه سنة إحدى وخمسمائة، وأجاز له وروى عن جماعة آخرين. قال الأبّار: كان فقيهاً، مشاوراً، فاضلاً، متقناً. أخذ عنه يعيش بن النديم، وأبو عبد الله بن الحق التلمساني، وأبو الخطاب بن الحمّيل، يعني ابن دحية. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة. 4 (علي بن عبد الله بن حمود.) أبو الحسن المكناسي، الفاسي، وأصله من مكناسة الزيتون، حج سنة اثنتي عشرة. وأخذ عن أبي بكر الطرطوسي سنن أبي داود، وصحيح مسلم، أخذ عن طرخان، وجامع أبي عيسى، عن ابن المبارك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 126 ودخل الأندلس مرابطاً. ثم حج ثانياً وجاور، وأقام بالحرم. قال ابن الأبّار: وكان زاهداً، ورعاً، محسناً إلى الغرباء. توفي بمكة عن سبع وسبعين سنة. 4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت نصر بن العطار البغدادية.) أخت صاحب المخزن. امرأة محتشمة، زاهدة، عابدة، كبيرة القدر. سمعها أرباب الدولة لأجل أخيها، وخلق كثير.) وقال أخوها إنها ما خرجت من البيت في عمرها إلاّ ثلاث مرات رضي الله عنها. 4 (... بن حيدرة.) أبو المجد البجلي، الكاتب. توفي بدمشق في جمادى الأولى. يروي عن: الحسن بن صصرى. روى عنه: الحافظ أبو المواهب وقال: ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة. ويعرف بابن الرميلي. وروى عنه أيضاً أبو القاسم بن صصرى. 4 (حرف الكاف)

4 (كمشتكين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 127 نائب حلب للملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، ولقبه: سعد الدين. وهو مدبر دولة الصالح. وكان الرئيس أبو صالح ابن العجمي كالوزير في دولة إسماعيل فقتل، فاتهموا به سعد الدين، وحسّنوا للصالح القبض عليه، فقبض عليه وقتل تحت العذاب في هذه السنة. لأن رفقاءه الخدام حسدوا مرتبته، ومالوا إلى أبي صالح، فجهز كمشتكين عليه جماعة من الباطنية، فقتلوه يوم جمعة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبد الجبار.) الفقيه، أبو المظفّر الحنفي، المعروف بالمشطّب السّمناني. تفقه بمرو على أبي الفضل الكرماني، وأفتى، وناظر، ودرّس. وكان مولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وجال في بلاد المشرق، ثم استوطن بغداد، ودرّس المذهب بمدرسة زيرك. وحدّث عن: أبي المعالي جعفر بن حيدر، والحسين بن محمد بن فرّخان. وعنه: عمر القرشي. وتوفي في حادي عشر جمادى الأولى، وشيّعه قاضي القضاة، والناس. 4 (محمد بن أحمد بن هبة الله بن محمد.) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 128 أبو عبد الله بن أبي منصور الدّيناريّ. ذكر أنّه من ولد ذي الرياستين. روى عن: أبي القاسم بن بيان. وأبي النّرسيّ. سمع منه: عمر بن علي القرشيّ، وعمر بن محمد العليميّ، وعبد العزيز بن الأخضر. وتوفّي في آخر العام، وقيل: توفّي في شوّال سنة. 4 (محمّد بن أسعد حفَدة العطّاريّ.) درّس، وأفتى، وناظر، وأخذ عن: الغزاليّ. وقد ذكر في سنة إحدى وسبعين. وذكره في سنة ثلاث أبو الفرج بن الجوزيّ، وابن الدّبيثي وقال: روى عن أبي الفتيان عمر الدّهستانيّ. ثنا عنه: عبد الوهّاب بن سكينة، وابن الأخضر. وطوّل فيه ابن النجّار. 4 (محمد بن بدر بن عبد الله.) أبو الرّضا الشّيحيّ. كان أبوه يروي عن أبي بكر الخطيب. سمع: أباه، وأبا الحسن بن العلاّف، وأبا القاسم بن بيان. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجيّ، وابن الأخضر. وآخر من روى عنه يحيى بن القميرة. توفّي في ربيع الأوّل. 4 (محمد بن بُنيمان بن يوسف.) الهمذانيّ. توفّي في آخر السّنة عن تسعين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 129 وكان مسنِد همذان في وقته. يحوّل إلى هنا. نعم. هو أبو الفضل المؤدّب الأديب. سمع: محمد بن جامع القطّان الجوهريّ، شيخ همذانيّ.) وقد روى عن ابنه جامع بن محمد، والرّيحانيّ. وتوفّي سنة إحدى وسبعين. وسمع من: مكّيّ بن منصور السّلاّر الكرجيّ، ومن: سعد بن عليّ العجليّ مفتي همذان، ومن: عبد الرحمن بن حمد الدّونيّ، وغيرهم. روى: سنن النّسائيّ، وعمل يوم وليلة لابن السُّنّيّ، عن الدّونيّ. قال السّمعانيّ: هو أبو الفضل المؤدّب المؤذّن الأُشنانيّ. وهو سبط أحمد بن نصر الحافظ الأعمش. شيخ أديب فاضل، جميل الطّريقة، له سمتٌ، ووقار، وصلاح، وتودّد، مكثر من الحديث. سمع من: جدّه، وعبدوس بن عبد الله بن عبدوس، والحسن بن ياسين، وجماعة كبيرة بإفادة جدّه. وقرأ الأدب على أبي المظفّر الأبيورديّ. سمعت من لفظه كتاب سنن التّحديث لصالح بن أحمد الهمذانيّ، وجزء الذُهليّ. قلت: حدّث عنه: يوسف بن أحمد الشّيرازيّ في الأربعين البلدانية له، وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن محمد الكرأبيسيّ، وآخرون. وكان أسند من بقي ببلده. وكان شيخاً صالحاً، أديباً، فاضلاً، انفرد بالرواية عن جماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 130 قال أبو المواهب: سألته عن مولده فقال: سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وتوفّي في آخر سنة ثلاث وسبعين بهمذان. 4 (محمود بن تكَش.) الأمير شهاب الدين الحارميّ، خال صلاح الدين. أعطاه السلطان حماه عندما تملّكها، فبقي بها هذه المدّة، ومرض فحاصرته الفرنج حصاراً شديداً، ولولا لطف الله لأخذت الفرنج حماه. ولمّا ترحّلوا توفّي شهاب الدين. توفّي قبله بثلاثة أيّام ولده، وكان شابّاً مليحاً، من أحسن أهل زمانه. 4 (محمّد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم عليّ ابن المسلمة.) أبو الفرج، وزير العراق.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 131

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 132 سمع من: ابن الحصين، وعبيد الله بن محمد بن البيهقيّ، وزاهر الشّحّاميّ. روى عنه: حافده داود بن عليّ. وكان أوّلاً أستاذ دار المقتفيّ، والمستنجد، ووَزر للمستضيء. وكان فيه مروءة وإكرام للعلماء. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة، وكان يلقّب عضد الدين. وكان سريّاً، مهيباً، جواداً. قال الموفّق عبد اللطيف: كان إذا وزن الذّهب يرمي تحت الحصر قراضةً كثيرة قدر خمسة دنانير، فأخذت منها يوماً، فنهرني أبي وقال: هذه يرميها الوزير برسم الفرّاشين. وكان يسير في داره، فلا يرى واحداً منّا معشر الصّبيان إلاّ وضع في يده ديناراً، وكذا كان يفعل ولداه كمال الدين، وعماد الدين، إلاّ أنّ دينارهما أخفّ. وكان والدي ملازمه على قراءة القرآن والحديث. استوزره الإمام المستضيء أوّل ماولي، واستفحل أمره. وكان المستضيء كريماً رؤؤفاً، واسع المعروف، هيّناً، ليّناً. وكانت زوجته بنفسه كثيرة الصّدقات والمروءة. وكان الوزير ذا انصباب إلى أهل العلم والصّوفيّة، يسبغ عليهم النعمة، ويشتغل هو وأولاده بالحديث والفقه والأدب. وكان الناس معهم في بلهَنيّة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 133 ثم وقعت كدورات، منها الإحنة التي وقعت بينه وبين قطب الدين قايماز. قلت: ذكرتها في مكانها. وعزل ثم أُعيد إلى الوزارة. وخرج من بيته حاجّاً في رابع ذي القعدة، فضربه واحد من الباطنيّة أربع ضربات على باب قطُفتا، فحمل إلى دار هناك، فلم يتكلّم، إلاّ أنّه كان يقول: الله، الله. وقال: ادفنوني عند أبي. ثم مات بعد الظّهر، رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن عبد الله بن الحسين بن السَّكن.) أبو سعد بن المعوَجّ. ولّي حجابة الباب النّوبيّ في سنة إحدى وسبعين، وجرح مع الوزير أبي الفرج المذكور جراحات منكرة، ومات ليلتئذٍ. 4 (محمد بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن منصور.) ) أبو الثناء الزّيتوني، الواعظ، المجهر، سبط ابن الواثق. ولد سنة اثنتين وخمسمائة. وسمع: هبة الله بن الحصين، وأبا بكر الأنصاريّ. وبنيسأبور من: محمد بن الفضل الفراويّ، وعبد الجبّار الخواريّ، وأبي سعيد بن أحمد بن محمد صاعد، وزاهر بن طاهر، وعبد الغافر بن إسماعيل. وبهراة: تميم بن أبي سعيد الجرجانيّ. ولزم مسجداً في آخر عمره يعظ فيه، ويروي الحديث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 134 وسمع منه خلق، وحدّث بكتاب أسباب النّزول للواحديّ. روى عنه: أبو طالب بن عبد السميع، وأبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وطائفة. قال ابن قدامة: كان شيخ جماعة، له أصحاب. حدّثني الشهاب الهمذانيّ أنّه رجل صالح له كرامات. وقال ابن النجّار: لزم مسجده معتكفاً على الإقراء والتحديث والوعظ ونفع الناس. وكان مشهوراً بالصلاح والزّهد والعبادة والتّقى، كان الناس يتبرّكون به ويستشفون بدعائه. وكان له صيت عظيم عند الخاصّ والعام. كان السلطان مسعود يأتي إلى زيارته، ويقال إنّه وُجد في تركته عدّة رقاع قد كتبها إليه السلطان يخاطبه فيها بخادمه. وكان مليح الخلقة، ظريف الشكل، بزِيّ الصوفية، وله تلاميذ ومريدون. وقال ابن الدّبيثي: توفّي في نصف رمضان رحمه الله. 4 (محمد بن ميدمان.) أبو عبد الله الكلبيّ، القرطبيّ. سمع: جامع الترمذيّ سنة عشرين وخمسمائة من عبّاد بن سرحان. وكان أديباً متصرّفاً فاضلاً. ذكره الأبّار. 4 (منوية.) أمة الواحد بنت عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف، ابنة عم أبي الحسين بن عبد الحقّ) وزوجته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 135 سمعت من: أبي الحسن بن العلاّف. وصفها أبو سعد بن السّمعانيّ، وروى عنها هو، وموفّق الدين بن قدامة، وآخرون. وتوفّيت في المحرّم في عشر الثّمانين، رحمها الله. 4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن العبّاس بن محمد بن أحمد بن محمد بن المأمون.) أبو محمد الهاشمي، العباسي، المأموني، البغدادي، الأديب. سمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور بن زريق الشيباني، وغيرهما. وصنف شرحاً لمقامات الحريري مختصراً. وجمع تاريخاً على السنين فيه أخبار الأوائل والحوادث والدول في مجلدين. توفي في ذي الحجة. 4 (هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن صصرى.) القاضي الجليل أبو الغنائم الربعي، التغلبي. الدمشقي. روى عن: يحيى بن بطريق، وابن المسلم، وهبة الله بن طاووس، وجماعة. وتفقه وقرأ القرآن، وحصّل وشهد على القضاة، وحدّث بدمشق والحرمين. روى عنه: ولداه أبو المواهب، وأبو القاسم. وكان كثير البر والتعبد والتلاوة. يختم في شهر رمضان ثلاثين ختمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 136 توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث، وله اثنتان وستون سنة. 4 (حرف لام ألف)

4 (لاحق بن علي بن منصور بن كارة.) أبو محمد أخو دهبل. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان. كتب عنه أبو سعد السمعاني، وذكره في تاريخه. وحدّث عنه: ابن الأخضر، والشيخ الموفق، والبهاء، وآخرون. توفي ليلة نصف شعبان، وله ثمان وسبعون سنة.) وعنه: ابن المقيّر، وعبد العزيز بن خلف. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن موهوب بن المبارك بن السدنك.) أبو نصر المستعمل، أخو أحمد. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا العز محمد بن المختار، وغيرهما. روى عنه: ابن الأخضر، وعبد العزيز بن الزبيدي، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن عبد الواحد بن سفيان، وجماعة. وتوفي في شوال، وله أربع وسبعون سنة. 4 (يحيى بن يوسف بن أحمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 137 أبو شاكر السقلاطوني، عرف بصاحب ابن بالان. شيخ مسند، معمر. روى عن: ثابت بن بندار، والحسين بن علي بن البسري، وابن الطيوري، وأبي سعد بن حشيش، وأحمد بن سوسن، وغيرهم. روى عنه: ابن الأخضر، وابن قدامة، والبهاء، والمبارك بن علي المطرز، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن الجمّيزي، وآخرون. وكان خبّازاً. توفي في شعبان. 4 (يوسف بن محمد.) أبو الحجاج الإسكندري، المؤدب. سمع: أبا بكر الطرطوشي. قال ابن المفضل: ثنا، وكان فرضيّاً، له شعر. وفيها ولد الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي الحسيني، الحلبي، ثم المصري في رمضان. ومحمد بن سليمان بن أبي الفضل الأنصاري ليلة الفطر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 138 4 (وفيات سنة أربع وسبعين وخمسمائة) ) 4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن علي.) أبو منصور النهرواني، المؤدب، المعروف بابن بهدل. سمع: أبا سعد أحمد بن الطيوري، وغيره. سمع منه: عمر القرشي، وأبو القاسم بن البندنيجي. وتوفي في رمضان عن ثمانين سنة. روى عنه: ابن الطيوري. 4 (أحمد بن علي بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المهتدي بالله.) أبو تمام بن أبي الحسن بن أبي تمام الهاشمي ابن الغريق. خطيب الحربية. روى عن: ابن الحصين، وغيره. كتب عنه: محمد بن المبارك بن مشّق. 4 (أحمد بن علي بن الحسين بن الناعم.) أبو بكر الوكيل بباب القاضي. سمع: هبة الله بن أحمد الموصلي، وأبا القاسم بن بيان، وابن بدران الحلواني، والقاسم بن علي الحريري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 139 روى عنه: ابن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. توفي في ربيع الأول. 4 (أحمد بن نصر بن تميم.) الفقيه أبو زيد الحموي، الأشعري، المتكلم. كان متعصباً في علم الكلام. ولي حسبة دمشق وحسبة مصر. 4 (إبراهيم بن أحمد.) والد البهاء عبد الرحمن المقدسي. توفي في رجب. قرأت ترجمته بخط الضياء، وقال: ولد في حدود سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وسألت عنه) خالي الموفق، فقال: كان رجلاً كاملاً حسن الخلق. كان يمازحني وأنا صغير، وكنت أحبه لحسن خلقه. سمعت أن عمي إبراهيم سافر إلى مصر في تجارة، ومضى إلى إسكندرية فسمع من السلفي. وكان مقدّم الفرنج قد حبسه وأراد صلبه لأنهم وجدوه ومعه متاع من آلة الكنيسة قد اشتراه من سارق، فهرب هو وغيره من الحبس بالليل. 4 (أسعد بن بلدرك بن أبي اللقاء.) أبو أحمد الجبريلي، البواب بدار الخلافة. شيخ بغدادي، معمر. قال: عمر بن علي القرشي: سألته عن مولده فقال: في ربيع الأول سنة سبعين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 140 قلت: كان يمكن أن يجيز له أبو الحسين بن النقّور، وأن يسمع من أبي نصر الزينبي فيبقى مسند الدنيا. قال ابن الدّبيثي: كان أبوه صاحباً للرئيس أبي الخطاب بن الجرّاح، فأسمعه منه، ومن: أبي الحسن بن العلاف. روى عنه: ابن الأخضر، والشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن أبي البدر مقبل بن فتيان بن المنّى، وطائفة سواهم. توفي في سلخ ربيع الأول. 4 (... بن أبي الفوارس بن أبي بكر.) أبو بكر الإصبهاني، السنباك. سمع: أبا مطيع محمد بن عبد الواحد. وحدّث في رجب من السنة. ولا أعلم وفاته. روى عنه: الحافظ عبد الغني. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن علي بن محمد بن فرج.) الكلبي، المعروف بابن الجميّل الداني. والد عمر وعثمان المحدّثين النازلين بديار مصر.) نزل أبو علي سبتة، وبها توفي عن ثمانين سنة. قال الأبّار: لا أعلم له رواية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 141 4 (حرف الزاي)

4 (زيد بن نصر بن تميم.) الحموي، الفقيه الشافعي. كذا سمّاه أبو المواهب بن صصرى، وهذا هو أبو زيد أحمد بن نصر المذكور آنفاً. وقال: توفي في شعبان بدمشق وقد جاوز السبعين، وكان ذا فنون وذا خبرة بمقالة الأشعري. وروى عن: عبد الكريم بن حمزة، وجمال الإسلام وتفقه عليه مدة. قال البهاء ابن عساكر: كان شديد التعصّب في مذهب الحق، وهو زيد أبو القاسم الحموي، ثم تسمّى بأحمد، وتكنّى بأبي زيد. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. 4 (حرف السين)

4 (سعد بن محمد بن سعد بن صيفي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 142 شهاب الدين، أبو الفوارس، الشاعر المشهور، الملقّب بالحيص بيص، ومعناهما: الشدّة والاختلاط. قيل إنه رأى الناس في شدّة وحركة، فقال: ما للناس في حيص بيص فلزمه ذلك. وكان من فضلاء العالم. وتفقه على مذهب الشافعي بالري على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزّان، وتكلم في مسائل الخلاف. وذكره ابن السمعاني في ذيله فقال: كان فصيحاً، حسن الشعر. وذكره ابن أبي طيء في تاريخ الشيعة فقال: شاعر فاضل، بليغ، وافر الأدب، عظيم المنزلة في الدولتين العباسية والسلجوقية. وكان ذا معرفة تامة بالأدب، وباع في اللغة، وحفظ كثير للشعر. وكان إماماً في الرأي، حسن العقيدة. حدّثني عبد الباقي بن زريق الحلبي الزاهد قال: رأيته واجتمعت به فكان صدراً في كل علم، عظيم النفس، حسن الشارة، يركب الخيل العربية الأصيلة ويتقلّد بسيفين، ويحمل حلقة الرمح،) ويأخذ نفسه بمآخذ الأمراء، ويتبادى في لفظه، ويعقد القاف. وكان أفصح من رأيت. وكان يناظر على رأي الجمهور. وقال الزينبي: سمع من: أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي. وبواسط من: أبي المجد محمد بن جهور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 143 وله ديوان شعر مشهور وترسّل. وكان برعاً في الشعر، محسناً، بديع المعاني، مليح الرسائل ذا خبرة تامة باللغة. ومن شعره: (فما أنصفت بغداد نائبها الذي .......... كثر الثناء به على بغداد)

(سل ذا إذا مدّ الجدال رواقه .......... بصوارم غير السيوف حداد)

(وجرت بأنواع العلوم مقالتي .......... كالسيل مدّ إلى قرار الوادي)

(وذعرت ألباب الخصوم بخاطر .......... يقظان في الإصدار والإيراد)

(فتصدّعوا متفرقين كأنهم .......... مال تفرقه يد ابن طراد) وله يستعفي من حضور سماط ابن هبيرة، ويسمون السماط: الطبق، لما كان يناله من تألمه بقعود بعض الأعيان فوقه، فقال: (يا باذل المال في عدم وفي سعة .......... ومطعم الزاد في صبح وفي غسق)

(في كل بيت خوان من فواضله .......... يميرهم وهو يدعوهم إلى الطبق)

(فاض النوال، فلولا خوف مفعمة .......... من بأس عدلك نادى الناس بالغرق)

(وكل أرض بها صوب وساكنة .......... حين الوغى من نجيع الخيل والعرق)

(صن منكبي عند زحام إن غضبت له .......... تمكّن الطعن من عقلي ومن خلقي)

(وإن رضيت به فالذل منقصة .......... وكم تكلّفته خجلاً فلم أطق)

(وإن توهّم قوم أنهم حمق .......... فربما اشتبه التوقير بالحمق)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 144 وقد مدح الخلفاء والوزراء، واكتسب بالشعر. وكان لا يخاطب أحداً إلاّ بالكلام العربي، ويلبس زي العرب، ويتقلّد سيفاً. فعمل فيه أبو القاسم بن الفضل: (كم تبادى وكم تطوّل طرطو .......... رك ما فيك شعرة من تميم)

(فكل الضبّ واقرط الحنظل اليا .......... بس واشرب ما شئت من بول الظّليم) ) (ليس ذا وجه من يضيف ولا يق .......... ري ولا يدفع الأذى عن حريم) فعمل أبو الفوارس لمّا بلغته الأبيات: (لا تضع من عظيم قدر وإن كن .......... ت مشاراً إليه بالتعظيم)

(فالشريف العظيم يصغر قدراً .......... بالتعدي على الشريف العظيم)

(ولع الخمر بالعقول رمى الخم .......... ر بتنجيسها وبالتحريم) رواها عنه القاضي بهاء الدين بن شدّاد سماعاً. وقد روى عنه: محمد بن أبي البدر المنّي، وغيره. وتوفي رحمه الله في سادس شعبان. 4 (سعد الله بن نجا بن محمد بن فهد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 145 أبو صالح بن الوادي الدلال في الدور. سمع الكثير من: زاهر، وهبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبي غالب بن البنّاء، وهبة الله بن الطبر، وطبقتهم. وبورك له في مسموعاته. وروى الكثير، وسمع منه خلق. قال ابن الدّبيثي: كان ثقة، مضى على الصحة، وأجاز لي مرويّاته. قلت: روى عنه ابن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة من البغداديين. وتوفي في ذي الحجة. 4 (حرف الشين)

4 (شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الدينوري، ثم البغدادي، الإبري.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 146 الكاتبة، فخر النساء، مسندة العراق. قال ابن الدّبيثي: امرأة جليلة صالحة، ذات دين، وورع، وعبادة. سمعت الكثير وعمّرت، وصارت أسند أهل زمانها، وعني بها أبوها. وسمعت من: طراد بن محمد الزينبي، وابن طلحة النعالي، وأبي الحسن بن أيوب، وأبي الخطّاب بن البطر، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، والحسن بن أحمد بن سلمان الدقّاق، وثابت بن بندار، وأخيه أبي ياسر أحمد، وعبد الواحد بن علوان الشيباني، وجعفر السرّاج،) وأبي منصور محمد بن هريسة، ومنصور بن حيد النيسأبوري، وأبي البركات حمد بن عبد الله الوكيل، وأبي غالب الباقلاني، وجماعة. روى عنها: الحفّاظ الكبار أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو محمد عبد الغني، وعبد القادر الرهاوي، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو محمد بن قدامة، والعماد إبراهيم بن عبد الواحد، والبهاء عبد الرحمن، والشهاب بن راجح، والقاضي أبو صالح الجيلي، والناصح ابن الحنبلي، والفخر الإربلي، وعبد الرزاق بن سكينة، وشيخ الشيوخ أبو محمد بن حمّويه، والأعز بن العلّيق، وإبراهيم بن الخير، وأبو الحسن بن الجمّيزي، وأبو القاسم بن قمّيرة، ومحمد بن مقبل بن المنّي، وخلق كثير. وكان تكتب خطاً مليحاً. قال أبو الفرج بن الجوزي: قرأت عليها كثيراً من حديثها. واكن لها خطّ حسن. وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة، وعاشت مخالطةً للدار ولأهل العلم. وكان لها برّ وخير. وقرئ عليها الحديث سنين، وعمّرت حتى قاربت المائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 147 وتوفّيت ليلة الإثنين رابع عشر المحرم، وصلّي عليها بجامع القصر، وأزيل شبّاك المقصورة لأجلها، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء. وقال الشيخ الموفّق، وقد سئل عنها: انتهى إليها إسناد بغداد، وعمّرت حتى ألحقت الصغار بالكبار. وكان لها دار واسعة، وقلّ ما كانت تردّ أحداً يريد السماع. وكانت تكتب خطّاً جيّداً، لكنه تغير لكبرها. وقال أبو سعد السمعاني في الذيل وذكرها، فقال: امرأة من أولاد المحدّثين، متميّزة فصيحة، حسنة الحظ، تكتب على طريقة الكاتبة بنت الأقرع. وما كان ببغداد في زمانها من يكتب مثل خطّها. وكانت مختصّة بأمير المؤمنين المقتفي. سمّعها أبوها الكثير، وعمّرت حتى حدّثت. قرأت عليها جزء الحفّار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 148 4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن عبد الملك بن سعيد.) أبو الحسن الأوسي، المالقي. أخذ القراءآت عن: أبيه، وأبي المطرّف بن زيد الورّاق، ومنصور بن الخير.) وروى عن: أبي يحمر الأسدي، وأبي القاسم بن رشد، وغالب بن عطيّة، وشريح، وخلق سواهم. واكن من أهل العلم والزهد. وكان يشارك في الأصول. قال الأبّار: لم يكن بالضابط. أخذ عنه أبو بكر بن أبي زمنين، وأبو الصبر السبتي، وابن عيشون وأجاز له في صفر من هذه السنة. ولا نعلم وفاته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 149 4 (... بن محمد بن مسعود بن السدنك.) أبو الفتح الحريمي. سمع: أبا الحسن العلاّف، وأبا علي بن نبهان، وغيرهما. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وذكره في الذيل. وروى عنه: أحمد بن منصور الكازروني، وغيره، وابن الأخضر، وأبو المعالي بن شافع. وتوفي في رمضان. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن الخضر بن الحسين.) الفقيه أبو البركات بن الشيرجي، الموصلي، الشافعي، أحد الأئمة. انتفع به جماعة، وحصّل المذهب وناظر. وسمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور الشيباني، وجماعة. روى عنه: غير واحد بالموصل، منهم: محمد بن علوان الفقيه، والقاضي بهاء الدين بن شدّاد. وكان زاهداً إماماً، متقشّفاً. 4 (عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر.) أبو رشيد الإصبهاني. سمع: الرئيس: أبا عبد الله الثقفي، وأحمد بن عبد الغفار بن أشتة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 150 وهو آخر من روى عنهما بإصبهان. وتوفي ربيع الآخر عن نيّف وتسعين سنة. روى عنه: طائفة بإصبهان. وبالإجازة: ابن اللتيّ، وكريمة.) 4 (عبد الله بن محمد بن علي بن خلف.) أبو محمد الشاطبي. أخذ القراءآت عن أبيه. وسمع من: أبي الوليد بن الدبّاغ، وأبي لإسحاق بن جماعة، وأبي بكر بن أسد وتفقّه به. وأخذ الأدب عن جماعة. وعاش ستين سنة. ذكره الأبّار. 4 (عبد الله بن محمد بن عيسى.) أبو محمد بن المالقي، الأنصاري. نزيل مرّاكش. أخذ عن: أبي الحكم بن برجان، واختلف إليه. وبرع في علمه. وكان فقيهاً، نظّاراً، خطيباً، مفوّهاً متيقّظاً. وكان ذا دنيا وسعة وجاه. 4 (عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف.) أبو نصر بن الحافظ أبي الفرج، أخو أبي الحسين عبد الحق البغدادي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 151 من بيت حديث وصلاح. حدّث عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وأبي الحسن محمد بن مرزوق، وأبي طالب بن يوسف. قال أبو المحاسن عمر بن علي القرشي: كتبت عنه، وكان خيّاطاً، خيّراً، ذا مروءة تامة. ولد سنة خمس وخمسمائة، وتوفي بمكّة. قلت: حدّث ببغداد ودمشق. روى عنه: ابن الأخضر، والشيخ موفق الدين، والبهاء عبد الرحمن، وعبد الحق الضيالي، والشمس أحمد بن عبد الواحد، وكتائب بن مهدي، وآخرون، آخرهم عبد الحق بن خلف. 4 (عبيد الله بن عبد الله بن خلف بن عيّاش.) أبو مروان الأنصاري، القرطبي، نزيل مالقة. سمع الموطّأ من: أبي محمد بن عتّاب سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وكان رجلاً صالحاً.) حدّث عنه أبو العباس بن الجنان المالقي. 4 (علي بن عيسى بن هبة الله.) الشيخ مهذّب الدين بن النقّاش البغدادي، الطبيب، الأديب، صاحب أمين الدولة ابن التلميذ. سمع من: ابن الحصين، وحدّث. وكان بزّازاً، وكان أبوه أديباً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 152 توفي سنة أربع وأربعين. وهو من شيوخ ابن السمعاني. قدم المهذّب دمشق وطبّ بها، ورأس واشتغل وأشغل، واشتهر ذكره. وخدم نور الدين بالطب والإنشاء، وخدم في زمانه في مارستانه. ثم طبّ صلاح الدين. وتوفي في المحرم بدمشق. 4 (علي بن محمد بن عيسى.) الإصبهاني، الوزير، جلال الدين ابن الوزير جمال الدين الجواد، وزير صاحب الموصل. وزر هذا للملك سيف الدين غازي بن مودود في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 153 فظهرت منه فضيلة وخبرة الديوان، وله خمس وعشرون سنة. ثم قبض عليه بعد سنين فشفع فيه حموه كمال الدين وزير صاحب آمد، فأطلق له، فسار إلى آمد مريضاً، وتعلل ثم مات بدنيسر سنة أربع وسبعين، ثم حمل إلى المدينة النبوية، فدفن عند والده رحمهما الله تعالى. 4 (علي بن مهدي بن علي بن قلينا.) أبو القاسم اللخمي، الفقيه الإسكندري. وبنو قلينا من أقدم بيت في الإسلام. يقال إن أسلافهم حضروا فتح الإسكندرية. وذكر هذا الحافظ ابن المفضّل، وقال: كان ثقة، وله أدب وشعر. حدّثنا عن أبي عبد الله الرازي، وأبي بكر الطرطوشي، وأبي الحسن التونسي. قلت: وإليه ينسب جزء ابن قلينا الذي للسلفي. 4 (علي بن خلف بن العريف.) أبو القاسم الإسكندراني.) قال ابن المفضّل: توفي في صفر، ونبا عن: أبي عبد الله الرازي. 4 (عمر بن محمد بن عبد الله بن الخضر بن مسافر.) أبو الخطّاب العليمي، ثم الدمشقي، التاجر، ويعرف بابن حوائج كاش. سافر للتجارة إلى مصر، والعراقين، وخراسان، وما وراء النهر. وكان يطلب الحديث ويسمع ويكتب حتى أكثر من ذلك. سمع: نصر الله بن محمد المصّيصي، ونصر بن أحمد بن مقاتل، وناصر بن عبد الرحمن النجار، وأبا القاسم بن البنّ بدمشق. والشريف ناصر بن إسماعيل الحسيني الخطيب، وعبد الله بن رفاعة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 154 بمصر والسّلفي بالثغر والحسين بن خميس بالموصل، ونصر بن المظفّر الشخص بهمذان وأبا سعد هبة الرحمن بن القشيري، وأبا البركات عبد الله بن الفراوي، وعمر بن أحمد الصفّار، وعبد الخالق بن زاهر بنيسأبور، وهبة الله الدقّاق، ومحمد بن عبد الله الحرّاني، وابن البطيّ ببغداد. وبالغ حتى سمع من أقرانه ومن دونهم. وكان يفهم ويدري. قال ابن النجار: كان صدوقاً محمود السيرة. روى اليسير ببغداد، ودمشق. ثنا عنه ابن الأخضر وأثنى عليه. وسمع منه: شيخه أبو سعد السمعاني. وروى عنه زين الأمناء وقال: سمعته يقول: مولدي سنة عشرين وخمسمائة. قال: وتوفي بدمشق في شوال. وكان فاضلاً، حسن الأخلاق، طيب المعاشرة. 4 (حرف الفاء)

4 (فتح بن محمد بن فتح.) أبو نصر الإشبيلي، الأنصاري. أخذ القراءآت عن: منصور بن الخيّر، وأبي العباس بن القصبي، وابن الأصبغ عيسى بن حزم، وغيرهم. وتصدّر بقرطبة مدةً، ثم أقرأ بشلب، ثم تحول إلى فاس، فأخذ عنه أبو القاسم بن الملجوم، ومفرّج الضرير، وعبد الجليل بن موسى، وعقيل بن عطيّة.) توفي في شهر رجب. 4 (حرف الكاف)

4 (كرم بن أحمد بن عبد الرحمن بن قتيبة.) الدارقزّي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 155 سمع الكثير بنفسه من: أبي غالب بن البنّا، وأبي المواهب بن الملوك، والقاضي أبي بكر، وطائفة. وروى عنه: صفيّة بنت عبد الجبار. وأضرّ بأخرة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن.) الأنصاري، الإشبيلي أبو عبد الله ابن المجاهد الزاهد. وقيل لأبيه المجاهد لأنه كان كثير الغزو. ولد أبو عبد الله في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وقد سمع من: أبي مروان الباجي ولازم أبا بكر بن العربي. وأخذ النحو عن: أبي الحسين بن الأخضر. قال الأبّار: كان المشار إليه في وقته بالصلاح والورع والعبادة وإجابة الدعاء. كان أحد أولياء الله الذين تذكّر بهم رؤيتهم. آثاره مشهودة وكراماته معروفة رضي الله عنه، مع الحظ الوافر من الفقه والقراءآت. وعمّر وأسنّ. وأخذ عنه: أبو بكر بن خير، وأبو عمران المرتّل وهو الذي سلك طريقته من بعده، وأبو عبد الله بن قسّوم الفهمي، وأبو الخطاب بن الجميّل. وتوفي في شوال. وكان قد انقطع من مجلس أبي بكر بن العربي، فقيل له في ذلك، فقال: كان يدرّس وبغلته عند الباب ينتظر الركوب إلى السلطان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 156 4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد.) ) أبو عبد الرحمن القيسي، المرسي، الفقيه. أخذ بقرطبة عن: أبي مروان بن سمرة، وطبقته. ثم أقبل على مطالعة كتب الأوائل، فصار إماماً فيها، والله أعلم بما يعتقده منها. توفي بمرّاكش. 4 (محمد بن علي بن أحمد بن واصل.) أبو المظفّر ابن الموازيني، المصري، ثم البغدادي سبط ابن الأخوة. روى عن: ابن بيان الرزّاز. وعنه: ابن الأخضر وابن الحصري. 4 (محمد بن نسيم بن عبد الله.) العيشوني، أبو عبد الله. كان نسيم مولى أبي الفضل بن عيشون. سمع محمد من: أبي الحسن بن العلاف، وأبي القاسم بن بيان. روى عنه: ابن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، والمأمون بن أحمد الرشيدي، وعبد القادر الرهاوي، والحسين بن باز الموصلي، وأبو الحسن علي بن الجمّيزي، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 157 ومات شهيداً، فإنه وقع من سلّم بيته فمات لوقته في جمادى الآخرة. 4 (محمد بن هبة الله بن عبد الله.) السديد، السلماسي، الفقيه الشافعي. قال ابن خلّكان: هو الذي شهر طريقة الشريف بالعراق. وقصده الناس واشتغلوا عليه. وخرج من تلامذته علماء ومدرّسون منهم العماد محمد والكمال موسى ابنا يونس، والشرف محمد بن علوان بن مهاجر. وكان مسدداً في الفتوى. أعاد ببغداد بالنظامية، وأتقن عدة فنون. وتوفي في شعبان. 4 (المبارك بن محمد بن مكارم بن سكّينة.) أبو المظفّر. بغدادي محتشم.) روى عن: أبي القاسم بن بيان. وعنه: ابن الأخضر. توفي في رجب بأرض السواد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 158 ذمّه ابن النجار، كان يأكل الربا. 4 (المشرّف بن علي بن مشرّف بن المسلم.) أبو الفضل الأنماطي. توفي بالإسكندرية، ومولده سنة ست وخمسمائة. قاله ابن المفضّل الحافظ. المهذّب بن النقّاش. الطبيب. هو علي بن عيسى البغدادي، مرّ. 4 (حرف النون)

4 (نفيس بن دينار.) الرزّاز. روى عن: ابن الحصين. وعنه: تميم البندنيجي. 4 (حرف الياء)

4 (ياقوت النقّاش.) عن ابن الحصين. وعنه: ابن الأخضر، وجماعة. وفيها ولد: الصدر البكري، وإبراهيم بن نجيب بن بشارة بالقاهرة، والحسن بن علي بن منتصر الكببي، وأحمد بن حامد بن أحمد الأرياحي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 159 4 (وفيات سنة خمس وسبعين وخمسمائة) ) 4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن.) أبو بكر الفارسي. شيخ رباط الزوزني ببغداد. قال ابن الدّبيثي: كان كثير العبادة دائم الصوم والصلاة والتلاوة، وهو أصغر من أخيه الحسن. وقد سمع: هبة الله بن الطبر، وأبا بكر الأنصاري، وابن رزيق الشيباني، وغيرهم. سمع منه: محمد بن سعد الله الدجاجي، ومحمد بن علي بن الرأس. توفي كهلاً في ذي القعدة. 4 (أحمد بن عبد الرحمن بن سلمان بن حمزة بن الخضر.) السّلمي، الدمشقي، أبو الحسين. سمع: عم أبيه عبد الكريم بن حمزة. روى عنه: أبو المواهب، وأبو القاسم ابنا صصرى. وتوفي في ذي القعدة وقد جاوز السبعين رحمه الله تعالى. 4 (أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن الدينوري.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 160 أبو العباس البغدادي، شيخ مقلّ. سمع: أبا علي بن المهدي، وابن الحصين. وعنه: أبو المحاسن القرشي، وابنه عبد الله بن عمر. توفي في رمضان. 4 (أحمد بن محمد بن عبد الرحمن.) أبو العباس اليافعي، السبتي. روى عن: شريح، والقاضي عياض. وعنه: أبو الخطاب بن دحية، وغيره. 4 (أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر.) أبو العباس الهاشمي، البغدادي. سمع: أبا الغنائم النرسي، وأبا الحسن محمد بن مرزوق.) سمع منه: ابناه، وعمر بن علي، وغير واحد. وروى عنه: الشيخ موفق الدين، والبهاء عبد الرحمن، وآخرون. توفي في شعبان وله ثمان وسبعون سنة. 4 (أحمد بن أبي الوفاء بن عبد الرحمن بن عبد الصمد.) أبو الفتح، البغدادي، الحنبلي، ابن الصائغ. ويعرف بغلام أبي الخطاب لخدمته له. روى عن: أبي القاسم بن بيان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 161 وحدّث بحلب، وحرّان. روى عنه: الحافظ أبو محمد عبد الغني، والحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي، وأبو القاسم بن صصرى، وإبراهيم بن أبي الحسن الزيّات، وأخواه محمد وبركات، وعلي بن سلامة الخياط، وعماد بن عبد المنعم بن منيع، وعبد الحق بن خلف، وسليمان بن أحمد المقدسي الفقيه، وابنه عبد الرزاق بن أحمد. وتوفي بحرّان. قال ابن النجار: درّس بحرّان وأفتى. مولده سنة سبعين وأربعمائة، توفي سنة ستّ. كذا قال في موته. 4 (إبراهيم السّلمي بن علي.) أبو إسحاق السّلمي، الآمدي، ظهير الدين ابن الفرّاء. قرأ ببعض الروايات على أبي عبد الله البارع. وسمع من: ابن الحصين، والفراوي. وتفقّه على أسعد الميهني. وعلّق الخلاف بنيسأبور عن الإمام محمد بن يحيى. وحدّث بصحيح مسلم. ومولده سنة إحدى وخمسمائة. وكان فقيهاً، مهيباً، عارفاً بمذهب الشافعي. ومن شعره: (تحامته غزلان الحمى ومها النّقا .......... كما تتحامى العين سهماً مفوّقا) ) (وبات يرجّي من مزار مزوّر .......... وصالاً محالاً واعتذاراً منمّقا)

(وكم جمعت بين الشتيتين غفوة .......... فما التقت الأجفان حتى تفرّقا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 162 4 (إبراهيم بن علي بن مواهب.) أبو إسحاق بن الزّرّاد الأزجيّ. سمع أبا الغنائم محمد بن علي النّرسيّ، وابن الحصين. روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ وهو أقدم منه، وأبو الحسن القطيعيّ في تاريخه. توفّي رحمه الله في تاسع رجب. 4 (إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضِر.) أبو طاهر بن أبي منصور بن الجواليقيّ. سمع: زاهر بن طاهر، وابن الحصين، وجماعة. وولد سنة سبع عشرة. 4 (إسماعيل بن موهوب بن الجواليقيّ.) أبو محمد. توفّي في شوّال بعد أخيه إسحاق بشهرين. وكان إسماعيل أديباً لغويّاً، قرأ على والده. وسمع من: ابن الحصين، وأبي العزّ بن كادش. وأقرأ الناس العربية بعد أبيه. وروى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. قال ابن النجّار: كان من أعيان العلماء بالأدب صحيح النّقل، كثير

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 163 المحفوظ، ثقة، نبيلاً، مليح الخط. تأدّب على أبيه، وله حلقة بجامع القصر. وقد كتّب أولاد الخلفاء كأبيه، مع التزهّد والدّيانة والرّزانة. قال ابن الجوزيّ: ما رأينا ولداً أشبه أباه مثل إسماعيل بن الجواليقيّ. 4 (إسماعيل بن أبي القاسم نصر بن نصر.) العُكبَريّ، أبو محمد الواعظ.) سمع: أبا طالب بن يوسف، وأبا سعد أحمد بن الطّيوريّ. وتوفّي في شوّال. وولد سنة خمسمائة. قال ابن النّجار: كان فقيهاً شافعيّاً، حسن الوعظ. 4 (إليسَع بن عيسى بن حزم بن عبد الله بن إليَسَع.) أبو يحيى الغافقيّ، الجيّانيّ، المقرىء. سكن أبوه المَريّة. أخذ القراءآت عن: أبيه، وأبي العبّاس القصير، وأبي القاسم بن أبي رجاء، وأبي الحسن شُريح. وسمع منهم، ومن: أبي عبد الله بن زُغيبة، وابن موهَب الجذاميّ، وأبي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 164 الفضل بن مشرّف، وابن أخت غانم. ولقي ببلنسية: أبا حفص بن واجب، وأبا إسحاق بن خفاجة الشاعر. وأجاز له أبو محمد بن عتّاب، وأبو عمران بن تليد، وجماعة. ورحل واستوطن الإسكندريّة، وأقرأ بها القراءآت. ثم رحل إلى القاهرة واشتمل عليه الملك صلاح الدين، ورسم له جارياً يقوم به. وكان يكرمه ويحترمه ويقبل شفاعته. وكان من أوّل من خطب بالدعوة العباسيّة. وكان فقيهاً، مشاوَراً، مقرئاً، محدّثاً، حافظاً نسّابة، بديع الخط، بليغ الإنشاء، رائق النظم. وله تصنيف سمّاه المُغرب في محاسن المغرب. قيل هو متّهم في هذا التصنيف. روى عنه: أبو عبد الله التُجيبيّ، والحافظ أبو الحسن بن المفضّل، وأبو الحسين بن الصفراويّ، وآخرون. وقرأ عليه بالروايات ابن الصفراويّ، وغيره. وتوفّي في رجب وقد جاوز السبعين. 4 (حرف التاء)

4 (تجنّي أم عِتب الوهبانيّة.) عتيقة أبي المكارم بن وهبان.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 165 شيخة مسندة معمّرة. وهي من آخر من سمع في الدنيا من طراد الزَّينبيّ، وابن طلحة النّعاليّّ. روى عنها: أبو سعد السّمعانيّ، والشيخ الموفّق، والبهاء عبد الرحمن، والناصح بن نجم الحنبليّ، وعبد الرحيم بن عمر ببن علي القرشيّ، وعمر بن عبد العزيز بن النّاقد، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، وأبو الفتوح نصر بن الحصري، وهبة الله بن الحسن الدّوامي، وسيّدة بنت عبد الرحيم بن السّهرورديّ، ومحمد بن عبد الكريم السّيّديّ، وزُهرة بنت حاضر، وفخر النساء بنت الوزير محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء، ويوسف بن يحيى البزّاز، وأبو الوليد منصور بن عبد الله بن عفيجة، وإبراهيم بن الخيّر، ويحيى بن القُميرة، وآخرون. قال ابن الدّبيثي: أجازت لنا، وتوفّيت في شوّال. 4 (حرف الحاء)

4 (الحجّاج بن عليّ بن حجّاج.) أبو القاسم بن الدّبيثي، الواسطيّ. قال ابن الدّبيثي: هو جدّي لأمّي. سمع بواسط من القاضي الجلأبي. وسمع ببغداد من: أبي السعادات أحمد بن أحمد، وابن الحصين. وسألته عن مولده فقال: سنة خمس وخمسمائة يوم عاشوراء وتوفّي رحمه الله في صفر. سمعته يتمثّل بشِعر. 4 (الحسن المستضيء بأمر الله.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 166 أمير المؤمنين أبو محمد بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي، الهاشميّ، العبّاسيّ. بويع بالخلافة بعد موت أبيه في ربيع الآخر سنة ستّ وستّين وخمسمائة. وكان القائم بأخذ البيعة له الوزير عضد الدين أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء واستوزره يومئذ. ولد المستضيء في سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وكان ذا حلم وأناة، وفيه رأفة. وكان كثير الصّدقة و المعروف. وأمه أرمنية تدعى غضة، وكان له من الولد أحمد، وهو الإمام الناصر، وهاشم أبو منصور.) قال ابن الجوزيّ في المنتظم: بايعه الناس ونودي برفع المكوس، وردّ مظالم كثيرة، واظهر من العدل والكرم ما لم نره في أعمارنا. وفرّق مالاً عظيماً على الهاشميّين، والعلويين، والعلماء، والمدارس، والرُباط. وكان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 167 دائم البذل للمال ليس له عنده وقع. ولمّا استخلف خلع على أرباب الدولة وغيرهم، فحكى خيّاط المخزن أنّه فصّل ألفاً وثلاثمائة قباء أبريسم. وخُطب له على منابر بغداد، ونُثرت له الدنانير كما جرت العادة. ووُلّي رَوح بن الحديثيّ قضاء القضاة، ثم أمّر سبعة عشر مملوكاً. وللحيص بيص فيه: (يا إمام الهدى علوتَ من الجو .......... د بمالٍ وفضّةٍ ونضارٍ)

(فوهبتُ الأعمارَ والأمن والبل .......... دان في ساعةٍ مضت من نهار)

(فبماذا نثني عليك وقد جا .......... وزت فضلَ البحور والأمطار)

(إنّما أنت مُعجِزٌ مستقلٌّ .......... خارقٌ للعقول وللأفكار)

(جمعَت نفسُك الشريفة بالبأ .......... س وبالجود بين ماءٍ ونار) قال ابن الجوزيّ: واحتجب المستضيء عن أكثر الناس، فلم يركب إلاّ مع الخدم، ولم يدخل عليه غير قَيماز. وفي خلافته انقضت دولة بني عبيد المصريين، وخُطب له بمصر، وضُربت السكّة باسمه، وجاء البشير بذلك إلى بغداد، فغلّقت الأسواق ببغداد وعُملت القباب. وصنّفتُ كتاباً سمّيته النصر على مصر وعرضته على الإمام المستضيء. توفّي في شوّال. قلت: رُزق سعادة عظيمة في خلافته، وخطب له باليمن، وبرقة، وتَورز، ومصر إلى أسوان. ودانت الملوك بطاعته. وكان يطلب ابن الجوزيّ، ويأمر بعقد مجلس الوعظ، ويجلس بحيث يُسمَع، ويميل إلى الحنابلة. وفي أيّامه ضعُف الرفض ببغداد ووهى، وأمِن الناس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 168 قال ابن النجار: وكان حليماً، رحيماً، شفيقاً، ليّناً، كريماً. نقلت من خط أبي طالب عبد السميع أنّه كان من الأئمة الموفّقين، كثير السخاء، حسن السيرة. إلى أن قال: اتصل بي أنّه وهب في يوم لجهات وحظايا زيادةً على خمسين ألف دينار. وقال عبد العزيز بن دلف: ثنا مسعود بن الناصر قال: كنت أنادم المستضيء، وكان صاحب) المخزن ابن العطّار قد عمل تور كأنّه شمعدان شمعه من ألف دينار. قال: فحضر وفيه الشمعة، فلمّا قمت قام الخادم بها بين يديّ، فأطلق لي التور. مات في سلخ شوّال. 4 (حرف السين)

4 (سالم بن عليّ بن سلامة) الدلاّل ابن البيطار. بغداديّ، سمع بنفسه من القاضي أبي بكر الأنصاريّ، وعليّ بن الصبّاغ، وجماعة. وحدّث. 4 (سعيد بن عبد الله بن أحمد بن مفضّل.) أبو القاسم الأزَجيّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 169 سمع: أبياً النرسيّ، ومحمد بن عبد الباقي الدُّوريّ. وكان كاتباً مذموم السيرة. وتوفّي في رمضان. 4 (حرف الشين)

4 (شافع بن صالح بن حاتم.) الجيليّ، ثم البغداديّ. أخو الحافظ أحمد بن صالح. وشافع الأكبر. وكان من عدول بغداد. سمع: أبا سعد بن الطُيوريّ، وهبة الله بن الحصين، وهبة الله الشروطيّ. روى عنه: إلياس بن جامع الإربليّ، وجماعة. قال ابن الدّبيثي: أجاز لنا. وتوفّي في آخر السنة. 4 (شهاب بن أبي الفوارس محمد بن هبة الله.) أبو شجاع البوّاب. أسمعه خاله علي بن سعد الخبّاز من: أبي نصر بن رضوان، وهبة الله بن الحصين. روى عنه غير واحد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 170 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن بكران.) أبو محمد الداهريّ، الضرير، المقرىء، والد عبد السلام الخفّاف. والداهرية من قرى السّواد. قرأ على سبط الخيّاط. وسمع من: أبي غالب بن البنّا. وتوفّي راجعاً من الحج. 4 (عبد الله بن أحمد بن عليّ بن قرشيّ.) أبو الوليد الحجريّ، القرطبي. سمع من: أبا الوليد بن الدباغ، وأبي الحسن بن النعمة، وجدّه لأمه أبي الحسن بن فيد. وصحِب أبا بكر عتيق ابن الخصم وتأدّب به، وأبي الحسن بن سعد الخير. ومهر في صناعة العربية واللغة، وجلس لإقرائهما. وله النظم والنثر. أخذ عنه: أبو عبد الله بن سعادة النحويّ، وغيره. 4 (عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف.) أبو الحسين الشيخ، الثقة، من بيت الحديث والفضل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 171 ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وسمّعه أبوه الكثير من أبي الحسين بن الطّيوري، وجعفر السرّاج، وأبي القاسم الربعي، وأبي سعد بن خشيش، وأبي الحسن العلاّف، وابن بيان، وخلق سواهم. وكان أبو الفضل بن شافع يقول: هو أثبت أقرانه. وقال عبد العزيز بن الأخضر: كان عبد الحق لا يحدّث بما سمعه حضوراً. ترك ذلك تورّعاً. روى عنه: ابن السمعانيّ، وذكره في تاريخه، وأبو الفرج بن الجوزيّ، وقال: كان حافظاً لكتاب الله، ديّناً، ثقة، سمع الكثير وحدّث. وهو من بيت المحدّثين. وقال البهاء عبد الرحمن: سمعنا كثيراً على عبد الحق، وكان من بيت الحديث فإنّه روى لنا عن أبيه عن أبيه عن أبيه. قال: وكان صالحاً فقيراً، وكان عسِراً في السماع جداً. ورزقت منه حظّاً، لأنّه كان يراني منكسراً مواظباً، وكان يعيرني الأجزاء فأكتبها. وأُلهم في آخر عمره القرآن، فكان يقرأ كل) يوم عشرين جزءاً أو أكثر. قلت: وروى عنه الحافظان: عبد العزيز بن الأخضر، وعبد القادر الرُهاوي، والشيخ موفق الدين، والحافظ عبد الغنيّ، والشّهاب بن راجح، وحمد بن صدّيق الحرّانيّ، وأبو الحسين القطيعيّ، وعبد الرحمن بن بختيار، وقيصر البوّاب، وإبراهيم بن الخيّر، ويحيى بن القميرة، وعليّ بن هبة الله بن الجمّيزيّ، والأعز بن العلّيق، ومحمد بن عبد الكريم السِنديّ، وخلق سواهم. وقال ابن مشِّق: توفّي في السادس والعشرين من جمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 172 4 (عبد المحسّن بن تُريك بن عبد المحسّن بن تريك.) أبو الفضل الأزَجيّ، البيّع. سمع: أبا الغنائم النّرسيّ، وأبا القاسم بن بيان، وأبا عبد الله الدّوري. سمع منه: أحمد وتميم ابنا أحمد البندنيجيّ، وعبد العزيز بن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، ونصر بن عبد الرزاق، وآخرون. توفّي يوم عرفة. 4 (عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة.) أخو الشيخ أبي عمر، والشيخ الموفّق. ولد في أوّل سنة خمسين، وعاش خمساً وعشرين سنة. ومات في طريق الحج. وقد سافر إلى بغداد، وسمع من: شُهدة، وعبد الحق، وجماعة. وكان ذا مروءة وكرم. رمي بسهم بين مكّة وعرفات، فبقي منه مريضاً حتى مات بين تيماء والمدينة. قال الضّياء: وسمعت أنّ ابنه الشّرف كان طفلاً نائماً، فانتبه فقال: الساعة يدفنون أبي. فزجرته أمّه. فلمّا قدم الحاج تبيّن أنهم دفنوه تلك الليلة. خلّف من الولد: أحمد، وسارة، وزينب. 4 (علمُ زوجة الشيخ محمد بن يحيى الزّبيدي.) امرأة زاهدة، صالحة، واعظة.) قدمت بغداد مع زوجها. وهي أم المبارك وجدّة الحسين. تزوّج بها بدمشق، وعُمّرت دهراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 173 4 (عليّ بن أحمد بن محمد بن عمر بن حسن.) أبو الحسن العَلويّ الحسينيّ الزيديّ البغداديّ، القدوة السيّد الفقيه الشافعي المحدّث. قال ابن الدّبيثي: أحد الأعيان والزّهّاد والنسّاك. حفظ القرآن وحصّل الفقه، وكتب الكثير من الحديث وجمعه. وكان نبيلاً، جامعاً لصفات الخير. سمعت شيخنا ابن الأخضر يعظّم شأنه ويثني عليه ويصف زهده ودينه. وقال: أوّل سماعه سنة أربعين وإلى آخر عمره. سمع: الحافظ ابن ناصر، وابن الزاغونيّ، ونصر بن العكبريّ. وانتخب لنفسه أجزاء، وحدّث بها وسمع منه شيوخه وأقرانه تبرّكاً به، منهم: عمر القرشيّ، وعمر العُليميّ، وأبو المواهب بن صصرى. وكان ثقة صدوقاً. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وتوفّي في شوّال وأبواه في الحياة، ودفن بداره. ووقف كتبه، وانتفع بها الناس. فقيل إنّ الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء لمّا عاد إلى الوزارة بعث إليه بألف دينار، وكان نذَرها إن عاد إلى الوزارة، فلمّا سمع المستضيء بذلك بعث إلى الشريف بألف دينار أخرى، وبعثت إليه بنفسه أمّ الخليفة بألف دينار، فلم يتصرّف فيها بل بنى مسجداً واشترى كتباً كثيرة وقفها فيه وانتفع بها الناس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 174 4 (عليّ بن حُميد بن عمّار.) أبو الحسن الأنصاريّ، الأطرابلسيّ، ثم المكيّ، النحويّ، المقرىء. حدّث في هذا العام في صحيح البخاريّ، عن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذرّ الهرويّ سماعاً، وهو آخر من سمع منه. روى عنه: محمد بن عبد الرحمن التُجيبيّ الأندلسيّ، وعبد الرحمن بن أبي حرَميّ فتّوح بن بنين المكّي العطّار، وناصر بن عبد الله المصريّ العطّار

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 175 نزيل مكة ستين عاماً، وأبو الربيع سليمان بن أحمد السّعديّ المغربل الشاويّ، وآخرون. وحدّث في سنة خمس وسبعين.) 4 (عليّ بن هبة الله بن عليّ بن خلدون.) أبو المعالي الواعظ. ولد ببغداد، ونشأ بالكوفة، وحج، ودخل مصر فتعلّم الوعظ، ثم قدم دمشق وسمع بها من أبي الحسين علي بن الموازيني. وسكنها حتى مات. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى وقال: توفي في ربيع الآخر عن ثلاث وتسعين سنة ممتّعاً بحواسه. قلت: وروى عنه: عتيق السلماني، ومكي بن علان. 4 (عمر بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي.) أبو المحاسن القرشي، الزبيري، الدمشقي، القاضي، الحافظ. قال ابن الدّبيثي: حافظ، ثقة، عالم. عني بطلب الحديث وبسماعه، وكتابته: وسمع بدمشق، وحلب، وحرّان، والموصل، وبغداد، والكوفة، والحجاز، ورزق الفهم والحديث. سمع: أبا الدر ياقوت، وأبا القاسم بن البنّ، وأبا طالب عبد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 176 الرحمن بن العجمي، وحامد بن محمود الحرّاني. وقد م بغداد في سنة ثلاث وخمسين، وسكنها. وسمع: أبا الوقت، وأبا جعفر العباسي، وأبا المظفر بن التريكي، وأبا محمد بن المادح، فمن بعدهم. حتى سمع من أصحاب قاضي المرستان. وصحب أبا النجيب السهروردي. وولاّه قاضي القضاة روح بن الحديثي قضاء الحريم. ونفّذ رسولاً إلى نور الدين وما كان بلغ الثلاثين سنة. سمع منه: أبو سكّرة الباقدراي، وأحمد بن أحمد البندنيجي، وأبو الفتوح بن الحصري، وابنه أبو بكر عبد الله بن عمر. وأجاز لي. ولد بدمشق في شعبان سنة ست وعشرين. وتوفي في ذي الحجة. 4 (عيسى بن أحمد بن محمد بن عبيد الله.) أبو هاشم الدوشأبي، الهاشمي، العباسي، البغدادي، الهرّاس. وهو منسوب إلى دوشاب بن علي) العباسي. سمع من: أبي عبد الله الحسين بن علي بن البسري. قال أبو سعد السمعاني: كان هرّاساً. كتبت عنه حديثين. قلت: وروى عنه: البهاء عبد الرحمن، وأبو بكر بن عبد الله بن نصر قاضي حرّان، وحمد بن صديق، وابن المقيّر، وجماعة. توفي في رجب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 177 4 (عيسى بن الإمام المسترشد بالله.) توفي كهلاً في المحرم. 4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن عبد الرحمن بن دحمان.) أبو محمد الأنصاري، المالقي، المقرئ. قال الأبّار: أخذ القراءآت عن أبي منصور بن الخير، وأبي عبد الله ابن أخت غانم، وأبي الحسين بن الطراوة، وأبي الفتح سعدون المرادي أخذ عنه كتب النحو. وناظر في المدونة على: أبي محمد بن الوحيدي، وأبي عبد الله بن الأديب. وسمع منهما صحيح البخاري. وأجاز له أبو بحر الأسدي، وأبو عبد الله بن الحاج، وجماعة. وكان مقرئاً جليلاً، نحوياً ماهراً، عالماً بالقراءآت والعربية، متصوّراً لإقرائها. حدّث عنه جماعة من شيوخنا. وقد أخذ عنه: أبو زيد السهيلي مع تقدّمه، وأبو الحسن بن خروف. توفي بمالقة وقد نيّف على الثمانين. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الفرج.) أبو منصور الدقّاق، البغدادي الوكيل بباب القاضي. وهو أحد الأخوة الأربعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 178 سمّعه خاله الحافظ محمد بن ناصر بن أحمد بن محمد بن المحاملي، وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي، وأبي طالب اليوسفي، وأبي العز القلانسي.) وحدّث عنهم. وكان ثقة. روى عنه: الحافظ أبو بكر الخازمي، وأبو محمد بن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، وطائفة سواهم. وتوفي في ذي الحجة. وكان مولده في سنة أربع وخمسمائة. وأول سماعه سنة إحدى عشرة من ابن يوسف. 4 (محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليل.) أبو الفرج الأديب الهيتي. سمع: أبا القاسم بن الطبر، وعبد الوهاب الأنماطي. وقرأ العربية على ابن الشجري. كتب عنه ابن السمعاني مع تقدّمه، وتوفي في ربيع الآخر. 4 (محمد بن خير بن عمر بن خليفة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 179 المقرئ، الأستاذ، الحافظ، أبو بكر اللمتوني، الإشبيلي. أخذ القراءآت عن شريح، واختص به حتى برع وفاق. وسمع من: أبي مروان الباجي، وأبي بكر بن العربي. ورحل إلى قرطبة فسمع من: أبي جعفر بن عبد العزيز، وابن عمه أبي بكر، وأبي القاسم بن بقي، وابن مغيث، وابن أبي الخصال، وطائفة. قال الأبّار: وكان مكثراً إلى الغاية بحيث أنه سمع من رفاقه، وسمع أكثر من مائة نفر. ولا نعلم أحداً من طبقته مثله. وتصدّر بإشبيلية للإقراء و الإسماع. وأخذ الناس عنه. وكان مقرئاً مجوّداً، ومحدّثاً متقناً، أديباً، نحوياً، لغوياً، واسع المعرفة، رضاً، مأموناً. ولما مات بيعت كتبه بأغلى ثمن لصحّتها. ولم يكن له نظير في هذا الشأن مع الحظ الأوفر من علم اللسان. توفي في ربيع الأول، وكان له جنازة مشهودة. وولد سنة اثنتين وخمسمائة. أكثر عن شيخنا ابن واجب.) 4 (محمد ابن قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن علي.) القاضي أبو الفتح بن الدامغاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 180 كان عارفاً بمذهب أبي حنيفة، وناب في الحكم عن والده. وتوفي شاباً عن تسع وعشرين سنة. 4 (محمد بن علي بن حمزة بن محمد.) أبو يعلى بن الأقساسي، العلوي، الشريف، الكوفي، أخو النقيب أبي محمد الحسن بن علي. كان أديباً، شاعراً. سمع من: أبي النرسي، وأبي بركات عمر بن إبراهيم العلوي. وتوفي في ذي الحجة وقد قارب الثمانين. 4 (محمد بن القاضي عياض بن موسى بن عياض.) اليحصبي السبتي أبو عبد الله قاضي دانية. قيل: توفي في هذه السنة، أو سنة اثنتين وسبعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 181 4 (محمد بن أبي غالب بن أحمد بن مرزوق.) الحافظ أبو بكر الباقداري، الضرير. قدم بغداد في صباه من باقدار، وقرأ على جماعة. وسمع الحديث من خلق كثير. وقال ابن الدّبيثي: وانتهى إليه معرفة رجال الحديث وحفظه، وعليه كان المعتمد فيه. وقال أبو الفتوح بن الحصري: هو آخر من بقي من حفّاظ الحديث الأئمة. وقال ابن الدّبيثي: سمعت غير واحد من شيوخنا يذكرون أبا بكر الباقداري، ويصفونه بالحفظ ومعرفة الرجال، والمتون، والإتقان، مع كونه ضريراً مقصوراً، إلاّ أنه كان حفظة، حسن الفهم. سمع: أبا محمد سبط الخيّاط، وابن ناصر، وابن الزاغوني، والفضل بن سهل الإسفرائيني، والناس بعدهم. وبلغني أن ابن ناصر كان يراجع الباقداري في أشياء، ويرجع إلى قوله. وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم، وذكر الباقداري فقال: كان أبوه أحد حفاظ بغداد) المشهورين بمعرفة الرجال، والتقدّم مع ضرره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 182 قلت: وسمع منه: إبراهيم الشعار، وعمر بن علي القرشي، ونصر بن الحصري. وقال ابن الدّبيثي: أنا عبد الله بن عمر الوكيل، أنا الحافظ أبو بكر، أنا ابن الزاغوني، وسعيد بن البنّا، وابن المادح قالوا: أنا أبو نصر الزينبي، فذكر من البعث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم توفيت بنته زينب، فخرج لجنازتها.. الحديث. توفي الحافظ أبو بكر في ذي الحجة كهلاً. وكانت بنته عجيبة من أسند شيوخ بغداد. سمّعها واستجاز لها الكبار. 4 (محمد بن محمد.) الأنباري، أبو الفرج. صاحب ديوان الإنشاء ببغداد. ناب في الوزارة. وقد كتب الإنشاء سبعة عشر عاماً وأشهراً. وحدّث عن: عبد الله بن أحمد بن السمرقندي. توفي في ذي القعدة وله ثمان وستون سنة. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي. وكان ناقص الفضيلة، ظاهر القصور في الترسّل. وإنما روعي من أجل والده سديد الدولة محمد بن عبد الكريم. 4 (محمد بن محرز.) أبو عبد الله الوهراني المغربي، ركن الدين. وقيل جمال الدين. أحد ظرفاء العالم وأدبائهم. قدم من بلاده إلى مصر وهو يدّعي أنه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 183 يعرف صناعة الإنشاء، فرأى بها القاضي الفاضل والعماد الكاتب وتلك الحلبة، فعلم من نفسه أنه ليس من طبقتهم، فسلك سبيل الهزل، وعمل المنامات المشهورة، والرسائل المعروفة. ولو لم يكن في ذلك إلاّ المنام الكبير لكفاه، فإنه ما سبق إلى مثله. قدم إلى دمشق وأقام بها مديدة، وبها توفي في رجب. وأما وهران فمدينة كبيرة على أرض القيروان بينها وبين تلمسان يومان. بنيت سنة تسعين ومائتين.) ومن كلامه، مما كتب به إلى القاضي الأثير: فالخادم كلما ذكر تلك المائدة الخصيبة، وما يجري عليها من الخواطر المصيبة علم أن التخلف عنها هو المصيبة. لكنه إذا ذكر ما يأتي بعدها من القيام والقعود، والركوع والسجود، علم أن هذا أجرة ما يأكله من تلك الوليمة، نحو من عشرين تسليمة، كل لقمة بنقمة، فما تحصل الشبعة إلا بأربعين ركعة، فيكون الدعوة عليه لا له، والحضور في الشرطة أحب إليه منها له. فزهدت حينئذ في الوصول، إذ ليس للخادم من الدين، ولا قوة اليقين، ما يجهز لأجله مؤآكلة الوجوه القمرية، بمشاهدة السنة العمرية. فموعد الإتمام انقضاء شهر الصيام، والسلام. وكتب رقعة إلى ابن القاسم العوني الأعور: يا مولاي الشيخ الزاهد، دبّوس الإسلام، لتّ الفقهاء، قنطارية العلماء، تافروت الأئمة، طبل باز السنة، نصر الله خاطرك، وستر ناظرك. أنت تعلم أن الله ما خلقك إلاّ تلعة، فكن في رقاب الرافضة واليهود، وما صوّرك إلاّ لالكة في رؤوس المبتدعة، وأراذل الشهود. وأنت بلا مرية جعموس عظيم، ولكن في ذقون الزائغين، فالله ينفعك بالإسلام، ولا يوقعك يوم القيامة في يد علي عليه السلام، وأن ينقذك من الهاوية، بشفاعة معاوية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 184 وله: وصل كتاب الأمير المولى تقي الدين مصطفى أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، حتى يتوب المخلص من القيادة، وينقطع المعيدي إلى العبادة، بألفاظ أحسن من فتور الألحاظ، ومعاني كترجيع المغاني. وكان ذلك أجمل في عيني من الروض غبّ السحاب، وألذ من الصفع بخفاف القحاب، لا بل أحلى من مطابقة الزامر للعوّاد، وأشهى إلى النفس من مواعيد القوّاد، فطرب المملوك ولا طرب فلان الفلاني لما اجتمع بفلانة في دعوة فلان في المحرم من هذه السنة، وغنّت له: (ما غيّر البعد ودّاً كنت تعرفه .......... ولا تبدّل بعد الذكر نسيانا)

(ولا ذكرت صديقاً كنت آلفه .......... إلاّ جعلتك فوق الذكر عنوانا) فإنه لما سمع ذلك قام وقعد، وصاح ولطم، وفتل شعر عنفقته، وأدار شربوشه على رأسه، وشق غلالته، وجرى إلى الشمعة ليحرق ذقنه بها ولم يزل يحلف بحياة الجماعة، ليسكبنّ قدحه في سرّتها، ويتلقّاه ويلتقيه من بين أشفارها، بحيث أن يكون لحيته ستارة على ثقبها، فمنعه عشيقها، فحلف برأس الملك العظيم ليشربنّ بخفّها، فقال: هذا هيّن، فلو أردت أن أسقيك بالخف) ثلاثمائة فعلت. فعبّ في الخف إلى أن وقع. لا والله ولا طرب الصوفية ليلة العيد، إذا حضر عندهم مرتضى المغني، معشوق العماد الكاتب، وقد أسبل شعره على كتفيه، وأمسك أبو شعيب الشمعة بين يديه، وهو يغني لابن رشيق القيرواني: (فتور عينيك ينهاني ويأمرني .......... وورد خديك يغري بي ويغريني)

(أمّا لئن بعت ديني واشتريت به .......... دنيا فما بعت فيك الدين بالدون)

(سبحان من خلق الأشياء قاطبةً .......... تراه صوّر ذاك الجسم من طين)

(استغفر الله لا والله ما نفعت .......... من سحر مقلته آيات ياسين) فإنهم لما سمعوا هاجوا وماجوا، وصاحوا وناحوا، وزعقوا وقفزوا إلى السماء، وفتلوا حتى انخسف ببعضهم الموضع، فنبشوا وكفّنوا ودفنوا، والباقون يرقصون ولا يدرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 185 وبعد هذا فالذي فعله مولانا تقي الدين من التقاء الجمع الكثير بالعدد القليل عين الخطأ، لأنه ما المغرور بمحمود وإن سلم. فالله الله لا يكون لها مثنوية، ولا يرجع المولى يلتقي ألفاً وستمائة فارس إلاّ أن يكون في ثلاثين ألفاً، بشرط أن يكون العدو مثل حمزة الزامر، وعثمان الجنكي، وأبي علي العوّاد، وحميدة المخنّث، وأمثال هؤلاء الفرسان، ويكون جندك مثل فلان وفلان الذين ما اجتمع المملوك بواحد منهم إلاّ تجشّأ في وجهي سيوف وسكاكين، ويزعم أنه يقرقش الحديد. والرأي عندي غير هذا كله. وهو أن تستقيل من الخدمة، وتنقطع في بستان القأبون، وتنكث التوبة، وتجمع علوق دمشق، وقحاب الموصل، وقوّادين حلب، ومغاني العراق، وتقطع بقية العمر على القصف، وتتكل على عفو العفو الرحيم. فيوم من أيامك في دمياط مكفّر لهذا كله. فإن قبلت مني فأنت صحيح المزاج، وإن أبيت ولعنت كل ما جاء من وهران، فأنت منحرف محتاج إلى العلاج. وله، جواب كتاب إلى الكندي: فأما تعريضه لخادمه بالقيادة، وعتبه علي بالتزويج من النساء العواهر، فسيّدي معذور، لأنه لم يذق حلاوة هذه الصفعة، ولو أنه أدام الله عزّه خرج يوماً من البيت، ولم يترك إلا الخبز والجبن، ورجع بعد ساعة، وجد السنبوسك الموّرد، والدجاج المسمّن، والفاكهة المنوّعة، والخضرة النضرة، فتربّع في الصدر، فأكل وشرب وطرب، ولم يخرج في هذا كله إلا التغافل وحسن الظن، وقلة الفضول لسأل الله أن يحييه قوّاداً، وأن يميته قوّاداً، وأن يحشره مع القوّادين.) ويظن الخادم أنه في هذا القول كجالب التمر إلى هجر، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ومهما جهل من فضل نكاح الملاح النهمات،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 186 فلا يجهل أن أكل الحلاوة مع الناس أحسن من أكل الخرا منفرداً. 4 (محمد بن محمد بن محمد بن عثمان.) أبو الفضل بن الدباب البابصري، الدبّاس. عن: عبد الله بن الحصين، وأحمد بن المجلي. وعنه: محمد بن أحمد بن صالح الجيلي. وكان شيخاً صالحاً، كثير الصدق. مات في شعبان. 4 (المبارك بن علي بن الحسين بن عبد الله بن محمد.) أبو محمد بن الطباخ البغدادي، الحنبلي. نزيل مكة. كان إمام الحنابلة بمكة ويكتب العمر ويبيعها. سمع: أبا السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وهبة الله بن الحصين، وابن كادش، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذّن، وجماعة. ونسخ بخطه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 187 سمع منه: أبو سعد السمعاني مع تقدّمه. وروى عنه: أبو محمد بن قدامة، وابن الأخضر، وغير واحد. وتوفي في شوال. أخبرني عبد الحافظ، أنا ابن قدامة، أنا ابن الطباخ، أنا زاهر، وإسماعيل بن المؤذّن بالمسلسل بالأوليّة. 4 (المبارك بن محمد بن أحمد بن محمد بن قيداس.) أبو المعالي الحريمي. سمع: ابن بيان، وأبياً النرسي. وعنه: عبد الله بن أحمد الخباز. وكان ظريفاً مطبوعاً.) بقي إلى هذه السنة، وتوفي في الغربة. 4 (المبارك بن محمد بن عبد الكريم بن أبي الفوارس.) أبو الفتوح الهاشمي، البغدادي. سمع: ابن بيان، وابن نبهان. وقرأ القرآن على: أبي بكر المزرفي. سمع منه: عمر القرشي، وابن الأخضر. وتوفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة. 4 (محمود بن تكش.) الأمير شهاب الدين الحارمي صاحب حماه. خال السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 188 مات في هذه السنة كهلاً. 4 (مكّي بن محمد بن عبد الملك.) الهمذاني، أبو محمد الشعّار. من بيت الحديث. ذكره ابن النجار فقال: كان حافظاً ذا فهم ثاقب وإدراك. وكان من أصحاب الحافظ أبي العلاء العطار، خصّيصاً به، مقدّماً عنده. قدم بغداد، وحدّث عنه: محمد بن علي بن كاكويه الكاتب، وأبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي، وأبي جعفر محمد بن أبي علي الحافظ، وهبة الله ابن أخت الطويل. روى عنه: محمد بن محمود الحرّاني، وأبو الحسن القطيعي. وتوفي في المحرم عن سنة. 4 (منصور بن نصر بن منصور بن الحسين.) أبو بكر بن العطار الحرّاني، ثم البغدادي، الكاتب الوزير. كان أبوه من كبار التجار. قال ابن النجار: نشأ أبو بكر، وسمع الكثير وقرأ العلم. وقال ابن الدّبيثي: لقبه ظهير الدين. سمع من: ابن ناصر، وأبي بكر بن الزاغوني، وأبي الوقت.) سمع منه: مكّي الغرّاد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 189 فلما مات أبوه بسط يده بالمال وخالط الدولة. قال ابن النجار: ورث نعمةً طائلة، وخالط الكبراء وأرباب المناصب، وبذل معروفه، وتوصّل حتى صار له اختصاص بالإمام المستضيء قبل أن يلي الخلافة. فلما استخلف قرّبه وولاّه مشارفة المخزن، ثم ولاّه نظر المخزن والوكالة المطلقة، وارتفع أمره. فلما قتل الوزير أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء ردّ المستضيء جميع أمور دواوينه إليه، ونابه في الوزارة. وكان كل الدولة يحضرون إليه. وكان يولّي ويعزل. وكان شهماً مقداماً، له هيبة عظيمة، وشدّة وطأة، ولم يزل على ذلك حتى مات المستضيء، فأقرّه الناصر على نظر المخزن فقط، ثم خلاّه أياماً وقبض عليه وسجنه أياماً، ومات. وبلغني أن مولده سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. وأنبأنا ابن الجوزي قال: منصور بن العطار كان مقداماً على القطع والصلب، ولما مات حمل إلى بيت أخته، فأخرج بعد الصبح، فعلم به الناس فضربوا التأبوت بالآجر، ثم رمي فطرح التأبوت في النار، وخرّق الكفن، وأخذ القطن، فأخرج عرياناً، وشدّ في رجله حبل، وسحب إلى المدبغة. ورموه فيها. ثم سحب إلى قراح أبي الشحم، والصبيان يصيحون بين يديه: يا مولانا وقّع لنا. إلى أن جاء جماعة من الأتراك فاستخلصوه منهم، ولفّوه في شقّة، ومضوا به فألقوه في قبر والده. توفي في ذي القعدة وأراح الله منه، إلاّ أنه كان نقمة وعذاباً على الشيعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 190 4 (منوجهر بن محمد بن تركانشاه.) أبو الفضل الكاتب، كاتب الأمير قطب الدين قايماز المستنجدي. قال ابن النجار: كان أديباً فاضلاً، صادقاً، حسن الطريقة، صدوقاً. سمع: أباه أبا الوفاء، وهبة الله بن أحمد الموصلي، وأبا القاسم بن بيان، والقاسم بن علي الحريري روى عنه المقامات مراراً. وهو آخر من رواها عنه ببغداد. روى عنه: أبو سعد السمعاني. وثنا عنه: ابن الأخضر، وأبو الفتوح بن الحصري، وأحمد بن البندنيجي، وسعيد بن المبارك الحمامي.) وقرأت مولده بخطه في شوال سنة تسع وثمانين وأربعمائة. وحدّث بكتاب إصلاح المنطق عن أبي عبد الله البارع. قلت: وأصله من بروجرد، وهو بغدادي. وروى عنه: البهاء عبد الرحمن، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، ويوسف بن عمر بن صفير، وطائفة سواهم. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن عبد الرحمن بن عبد السلام.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 191 أبو الفتوح الدامغانيّ، الحنفيّ، الفقيه. كان مفتياً، مناظراً ببغداد، كثير العبادة، ديّناً خيّراً رحمه الله. 4 (حرف الباء)

4 (يوسف بن أحمد بن الحسين.) أبو طالب اللبّان. له دكّان ببغداد لبيع الّلبن. سمع: أبا المعالي أحمد بن البخاريّ، وأخاه هبة الله، وأبا العزّ بن كادش. وعنه: أحمد بن البندنيجيّ، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزّال. مات في شعبان عن خمس وسبعين سنة. 4 (يوسف بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن أبي زيد.) الأندلسيّ اللُّرييّ الأستاذ أبو عمر بن عيّاد. أخذ القراءآت عن: أبي عبد الله بن أبي إسحاق. وقدم بلنسية سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، ولقي بها أعلام المقرئين: أبا مروان بن الصّيقل، وابن هذيل، وأبا الحسن بن النعمة، فأخذ عنهم. وسمع من: أبي الوليد بن الدبّاغ، وطارق بن يعيش، وخلق. وكتب إليه أبو القاسم بن ورد، وأبو محمد بن عطيّة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 192 وكان معنيّاً بصناعة الحديث، جمّاعة للدفاتر والدواوين، معدوداً في الأثبات المكثرين. سمع العالي والنازل، ولقي خلقاً، ولو اعتنى بذلك من أوّل أمره اعتناءه به في الآخر لبذّ أقرانه) وفات أصحابه. وكان يحفظ أخبار المشايخ وينفق عليهم ويعتني بهم، ويؤرّخ وفياتهم ويدوّن قصصهم، وفي ذلك أنفق عمره. وكان قد شرع في تذييل كتاب ابن بشكُوال، وله كتاب الكفاية في مراتب الرواية والمرتضى في شرح المنتقى لابن الجارود، وبهجة الألباب في شرح الشّهاب، والأربعون حديثاً في النشر وأهوال الحشر، وأربعون حديثاً في وظائف العبادة، والمنهج الرائق في الوثائق، وبهجة الحقائق في الزهد والرّقائق، وكتاب طبقات الفقهاء من عصر ابن عبد البرّ إلى عصره. حدّث عنه: ابنه أبو عبد الله محمد، وأبو الحجّاج بن عَبدَة، وأبو محمد بن غلبون، وغيرهم. وصفه بعض أصحابه بالمشاركة في الآداب والفقه وفهم القراءآت. وكان من أهل التواضع والخلق السّهل. واستشهد ببلده عند كبسة العدوّ، فقاتل حتّى أُثخن جراحاً، ثم أجهزوا عليه، وذلك يوم العيد. وعاش سبعين سنة رحمه الله. ترجمه الأبّار. 4 (يوسف بن عمر بن الحسن.) أبو الحجّاج بن البستنيان البغدادي، المقرئ. سمع: أبا طالب بن يوسف، وحدّث. وتوفي في المحرم وقد شاخ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 193 وفيها ولد ابن عبد المنعم، والإمام مجد الدين إسماعيل بن باطيش الفقيه، ومحمد بن الأنجب النعّال، وعبد الغني بن بنين، والعماد أبو بكر بن هلال بن عبّاد الحنفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 194 4 (وفيات سنة ست وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام.) أبو الغنائم الكاتب.) سمّعه أبوه أبو الفتح من: جدّه، وأبي الغنائم بن المهتدي بالله، وأبي علي بن المهدي، وابن الحصين. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي، وغيره. ذبح غيلةً في جمادى الأولى ولم يعلم بوفاته. 4 (أحمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حمدي.) أبو المظفر البغدادي، المقرئ، الشاهد. قرأ القراءآت على أبي محمد سبط الخياط، وقبله على أبي بكر المزرفي، وأبي عبد الله البارع. وأقام بعد بمسجد ابن جردة. وكان طيب الصوت مجوّداً. سمع: أبا سعد بن الطيوري، وأبا العز بن كادش، وزاهر بن طاهر، وابن الحصين، وخلقاً سواهم. وحدّث بالكثير. وولد سنة عشر وخمسمائة. وتوفي في جمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 195 روى عنه: أبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن المقبل بن المنّي. 4 (أحمد بن عبد الله بن الإمام أبي بكر محمد بن أحمد.) الشاشي، ثم البغدادي، العلاّمة أبو نصر مدرّس النظامية، وأحد المصنّفين في المذهب. تفقّه على أبيه، وعلى أبي الحسين بن الخل. وسمع من أبي الوقت. ومات شاباً رحمه الله تعالى. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 196 الحافظ الكبير أبو طاهر بن أبي أحمد بن سلفة الإصبهاني، الجرواني، وجروان: محلّة بإصبهان. وسلفة لقب أحمد وإليه ينسب. قال الحافظ عبد الغني: سمعت السّلفي يقول: أنا أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين، وكان عمري نحو عشر سنين. وقد كتبوا عني في أول سنة اثنتين وتسعين وأنا ابن سبع عشرة سنة أو أكثر أو أقل، وليس في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 197 وجهي شعرة كالبخاري يعني لمّا كتبوا عنه.) وأول سماع السّلفي سنة ثمان وثمانين. سمع من: القاسم بن الفضل الثقفي وسمع من: عبد الرحمن بن محمد بن يوسف السمسار، وسعيد بن محمد الجوهري، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، والفضل بن علي الحنفي، وأحمد بن عبد الغفار بن أشنة، وأحمد ومحمد ابنا عبد الله بن السوذرجاني، ومكي بن منصور بن علاّن الكرجي، ومعمر بن أحمد اللنباني، وخلق كثير. وعمل معجماً حافلاً لشيوخه الإصبهانيين. ثم دخل في رمضان إلى بغداد، من سنة ثلاث وتسعين وأدرك أبا الخطاب نصر بن البطر، فقال حمّاد الحرّاني: سمعت السّلفي يقول: دخلت بغداد في رابع شوال سنة ثلاث، فساعة دخولي لم يكن لي همّة إلاّ أن مضيت إلى ابن البطر فدخلت عليه، وكان شيخاً عسراً، فقلت: قد وصلت من إصبهان لأجلك. فقال: إقرأ. جعل بدل الراء غيناً. فقرأت عليه وأنا متّكأ لأجل دمامل بي، فقال: أبصر ذا الكلب. فاعتذرت بالدماميل، وبكيت من كلامه، وقرأت سبعة عشر حديثاً، وخرجت، ثم قرأت عليه نحواً من خمسة وعشرين جزءاً، ولم يكن بذاك. قلت: فسمع منه، ومن: أبي بكر الطريثيثي، وأبي عبد الله بن البسري، وثابت بن بندار، والموجودين بها. وعمل معجماً لشيوخ بغداد، ثم حج وسمع في طريقه بالكوفة من: أبي البقاء المعمر بن محمد الحبال، وغيره. وبمكة من: الحسين بن علي الطبري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 198 وبالمدينة: أبا الفرج القزويني. وقدم بغداد، وأقبل على الفقه، والعربية، حتى برع فيهما، وأتقن مذهب الشافعيّ. ثم رحل إلى البصرة سنة خمسمائة، فسمع من: محمد بن جعفر العسكريّ، وجماعة. وبزَنجان: أبا بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الفقيه، الراوي عن أبي عليّ بن شاذان. وبهمذان: أبا غالب بن أحمد بن محمد المزكّي، وطائفة. وجال في الجبال ومدنها. وسمع بالريّ، والدينَوَر، وقزوين، وساوة، ونهاوند. وكذا طاف بلاد أذربيجان إلى درَبند، فسمع بأماكن، وعاد إلى الجزيرة من ثغر آمد.) وسمع بخِلاط، والرحبة، وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة بعلم جمّ، فأقام بها عامين. وسمع بها من: أبي طاهر الحنّائي، وأبي الحسن بن الموازينيّ، وخلق. ثم مضى إلى صور، وركب منها البحر الأخضر إلى الإسكندريّة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 199 فاستوطنها إلى الموت، لم يخرج منها إلاّ مرّة في سنة سبع عشرة إلى مصر، فسمع من: أبي صادق المدينيّ، والموجودين. وعاد. وكان إماماً، مُقرئاً، محموداً، ومحدّثاً، حافظاً، جهبذاً، وفقيهاً متقناً، ونحويّاً ماهراً، ولغويّاً محققاً، ثقة فيما ينقله، حجّة، ثبتاً، انتهى إليه علوّ الإسناد في البلاد. وقد جمع معجماً ثالثاً في البلدان التي سمع بها، سوى إصبهان، وبغداد، فإنّ لكلّ واحدة معجماً. سمع منه ببغداد من شيوخه ورفاقه: أبو علي البرَدانيّ، وهزارسب بن عوض، وأبو عامر العبدريّ، وعبد الملك بن يوسف، وسعد الخير الأندلسيّ. وروى عنه: الحافظ محمد بن طاهر شيخه، وسبطُه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكّي، وبينهما في الموت مائة وأربع وأربعون سنة. وروى عنه: الحافظ سعد الخير، وعليّ بن إبراهيم السرَقسطيّ، وأبو العزّ محمد بن علي المُلقاباذيّ، والطبيب بن محمد المروزيّ، وقد روى عن هؤلاء الثلاثة عنه أبو سعد السمعاني. ومات ابن السمعانيّ قبله بأربع عشرة سنة. وروى عنه أيضاً: الصائن هبة الله بن عساكر، ويحيى بن سعدون القرطبيّ. وروى عنه بالإجازة جماعة ماتوا قبله، منهم القاضي عِياض.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 200 وروى عنه أمم منهم: حمّاد الحرّاني، والحافظ علي بن الفضل، والحافظ عبد الغني، والحافظ عبد القاهر الرُّهاويّ، وابن راجح، وعبد القوي بن الجبّاب، وفرقد الكبانيّ، وعبد الغفّار المحبّلي، ونصر بن جرو، والفخر الفارسي، والشيخ حسن الأدمي، وعيسى بن الوجيه اللخميّ، ومحمد بن عمّاد، ومحمد بن عبد الوهّاب بن الشيرجيّ، وعبد الخالق بن إسماعيل التنيسيّ، وعلي بن رحّال، ومحمد بن محمد بن سعيد المأموني، ومرتضى بن أبي الجود، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الصفراوي، وأبو الفضل جعفر الهمذاني، وإبراهيم ومحمد ابنا عبد الرحمن بن الحبّاب، وأحمد بن محمد بن الحبّاب، وعبد الرحيم بن الطفيل، والحسن بن دينار، وعلي بن مختار، ويوسف بن المخيلي، وظافر بن شحم، وعلي بن زيد التسارَسيّ، ومحمد بن علي) بن تاجر عينه، وحمزة بن أوس الغزّال، وعلي بن جبارة، ويحيى بن عبد العزيز الأغماتيّ، وحسين بن يوسف الشاطبي، وعبد العزيز بن النقّار، ومظفّر بن الفوّيّ، ومنصور بن الدماغ، وعلي بن محمد السخاويّ، وعلي بن عبد الجليل الرازي، وأبو الوفاء عبد الملك ابن الحنبليّ، وشعيب الزعفراني، والعَلم بن الصأبوني، والعز بن رواحة، وعبد الوهاب بن رَواح، ويوسف بن محمود الساويّ، وبهاء الدين بن الجيزيّ، وهبة الله بن محمد ابن الواعظ. وتوفّي سنة خمسين وستمائة، والسِّبط. وبقي أبو بكر محمد بن الحسن السّفاقُسيّ إلى سنة أربع وخمسين، فروى عن السِلَفيّ المسلسل بأوّل حديث، رواه حضوراً، ولم يكن عنده سواه. وهو ابن أخت الحافظ علي بن المفضّل. أنبأني أحمد بن سلامة، عن فاطمة، بنت سعد الخير ح. وقال ابن النجار: قرأت على محمد بن عبد الله المخزوميّ، عن فاطمة بنت سعد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 201 الخير، قالت: أنا أبي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة: حدّثني أبو طاهر بن سِلَفة سنة سبع وتسعين وأربعمائة: أنا القاسم بن الفضل الثّقفي، فذكر حديث البلد الرائع، وهو إصبهان، متنه: إنكم اليوم على دين وإني مُكاثر بكم الأمم. ولا أعلم أحداً في الدنيا حدّث نيّفاً وثمانين سنة سوى السلفيّ. وقد أملى المجالس الخمسة بسلَماس، وعمره ثلاثون سنة. وعمل الأربعين البلديّة التي لم يُسبق إلى مثلها. وقد انتخب على غير واحد من شيوخه. قال الزاهد أبو علي الأوقيّ: سمعت السِلَفيّ يقول: لي ستون سنة ما رأيت منارة الإسكندرية إلاّ من هذه الطاقة. رواها ابن النجّار عن الأَوقي. وقال ابن المفضّل في معجمه: عدّة شيوخ شيخنا السلفي تزيد على ستمائة نفس بإصبهان. وخرج إلى بغداد وله نحو من عشرين سنة أقلّ أو أكثر، ومشيخته البغدادية خمسة وثلاثون جزءاً. وله تصانيف كثيرة. وكان يستحسن الشعر وينظمه، ويثيب من يمدحه. وأخذ الفقه عن: إلكِيا أبي الحسن علي بن محمد الطبريّ، وأبي بكر محمد بن أحمد الشّاشيّ، وأبي القاسم يوسف بن علي الزَنجاني. والأدب عن: أبي زكريا التبريزيّ، وأبي الكرم بن فاخر، وعلي بن محمد القصبجيّ. وسمعته يقول: متى لم يكن الأصل بخطّي لم أفرح به. وكان جيّد الضبط، كثير البحث عمّا يشكل عليه. وكان أوحد زمانه في علم الحديث، وأعرفهم) بقوانين الرواية والتحديث. جمع بين علوّ الإسناد، وعلوّ الانتقاد، وبذلك كان ينفرد عن أبناء جنسه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 202 وقال ابن السمعانيّ في الذيل: هو ثقة ورع، متقن، متيقّظ، حافظ، فهم، له حفظ من العربية، كثير الحديث، حسن الفهم والبصيرة فيه. روى عنه الحافظ ابن طاهر فسمعت أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: سمعت محمد بن طاهر المقدسي يقول: سمعت أبا طاهر الإصبهاني، وكان من أهل الصنعة، يقول: كان أبو حازم العبدريّ: إذا روى عن أبي سعد المالينيّ يقول: أنبا أحمد بن حفص الحديثيّ هذا أو نحوه. وقال الحافظ عبد القادر الرهاوي: سمعت من يحكي عن الحافظ ابن ناصر أنّه قال عن السلفي: كان ببغداد كأنّه شعلة نار في تحصيل الحديث. قال عبد القادر: وكان له عند ملوك مصر الجاه والكلمة النافذة مع مخالفته لهم في المذهب. وكان لا يبدو منه جفوة لأحد، ويجلس للحديث فلا يشرب ماء، ولا يبزق، ولا يتورّك، ولا يبدو له قدم، وقد جاز المائة. بلغني أنّ سلطان مصر حضر عنده للسماع، فجعل يتحدّث مع أخيه فزَبَره وقال: إيش هذا، نحن نقرأ الحديث وأنتما تتحدّثان قال: وبلغني أنّه في مدّة مقامه بالإسكندريّة، وهي أربع وستون سنة، ما خرج إلى بستان ولا فرجة غير مرّة واحدة. بل كان عامّة دهره لازماً مدرسته، وما كنّا نكاد ندخل عليه إلاّ نراه مطالعاً في شيء. وكان حليماً، متجمّلاّ لحفّاظ الغرباء. وقد سمعت بعض فضلاء همذان يقول: السلفيّ أحفظ الحفّاظ. وحدّث بدمشق، فسمع منه أصحابنا، ولم أظفر بالسماع منه. وسمعت بقراءته من شيوخ عدّة. ثم خرج إلى مصر، واستوطن الإسكندرية، وتزوّج بها امرأة ذات يسار، وحصلت له ثروة بعد فقر وتصوّف. وصارت له بالإسكندرية وجاهة. وبنى له العادل عليّ بن إسحاق بن السلاّر أمير مصر مدرسة بالإسكندرية. وحدّثني عنه أخي وأجاز لي. أنا ابن البطر أنا ابن البيِّع فذكر حديثا، وهو موافقة مسلم من سادس المحامليّات.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 203 ثم قال: أنشدنا أبو سعد السمعانيّ بدمشق، أنشدنا أبو العزّ محمد بن عليّ البستيّ: أنشدنا أبو) طاهر أحمد بن محمد الحافظ لنفسه بميّافارقين: (إنّ علم الحديث علم رجال .......... تركوا الابتداع للأتباع)

(فإذا الليل جنّهم كتبوه .......... وإذا أصبحوا غدوا للسماع) وقلت: أنشدناهما أبو الحسين اليونينيّ وأبو عليّ بن الخلاّل قالا: أنشدنا جعفر بن عليّ، أنشدنا السلفيّ، فذكرهما. وقال الحافظ عبد القادر عنه: وكان آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، حتّى إنّه كان قد زال من جواره منكرات كثيرة. ورأيته يوماً وقد جاء جماعة من المقرئين بالألحان فأرادوا أن يقرأوا، فمنعهم من ذلك وقال: هذه القراءة بدعة. بل اقرأوا ترسُّلاً فقرأوا كما أمرهم. قرأت بخط الحافظ عبد الغني جزءاً فيه نقل خطوط المشايخ للسِلفيّ بالقراءآت. وقد قرأ بحرف عاصم على أبي سعيد المطرّز، وقرأ بحمزة والكسائيّ على محمد بن أبي نصر القصّار، وقرأ برواية قالون على نصر بن محمد الشيرازيّ، وبرواية قُنبل على بن أحمد الخِرقيّ، وقد قرأ عليهم سنة إحدى وتسعين وبعدها. وقال ابن نقطة: كان حافظاً، ثقة، جوّالاً في الآفاق. سأل عن أحوال الرجال شجاعاً الذّهليّ، والمؤتمن الساجيّ، وأبا علي البرَداني، وأبا الغنائم النَرسي، وخميساً الحوزيّ. وحدّثني عبد العظيم المنذريّ الحافظ قال: لمّا أرادوا أن يقرأوا سنن النسائي على السلفي أتوه بنسخة سعد الخير وهي مصححة قد سمعها من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 204 الدّونيّ. فقال: اسمي فيها قالوا: لا. فاجتذبها من يد القارئ بغيظ وقال: لا أحدّث إلاّ من أصل فيه اسمي. ولم يحدّث بالكتاب. وقال لي عبد العظيم إنّ أبا الحسن المقدسيّ قال: حفظت أسماء وكنَى، وجئت إلى السِلفي فذاكرته بها، فجعل يذكرها من حفظه، وما قال لي أحسنت. وقال: ما هذا شيء مليح، أنا شيخ كبير في هذه البلدة هذه السنين لا يذاكرني أحد وحفظي هكذا. وقال أبو سعد السمعاني: أنشدنا يحيى بن سعدون النّحوي بدمشق: أنشدنا السِلفيّ لنفسه: (ليس حسن الحديث قرب رجال .......... عند أرباب علمه النقّاد)

(بل علوُّ الحديث عند أولي الإت .......... قان والحفظ صحّة الإسناد)

(فإذا ما تجمّعا في حديث .......... فاغتنمه فذاك أقصر المراد) قلت: أنشدنا اليونينيّ، وابن الخلاّل قال: أنشدنا جعفر أنشدنا السِلفيّ فذكرها.) قرأت بخط السيف بن المجد: سمعت أحمد بن سلامة النجّار يقول إنّ الحافظَين: عبد الغني وعبد القادر، أرادا سماع كتاب اللاّلكائيّ، يعني شرح السنّة، على السلفيّ، فأخذ يتعلّل عليهما مرّة، ويدافعهما عنه أخرى بأصل السماع، حتى كلّمته امرأته في ذلك. قرأت بخط الحافظ عمر بن الحاجب أنّ معجم السفَر للسلفي مشتمل على ألفي شيخ. وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم: كان السلفيّ مُغرى بجمع الكتب والاستكثار منها. وما كان يصل إليه من المال يخرجه في شرائها. وكان عنده خزائن كتب، ولا يتفرّغ للنظر فيها. فلمّا مات وجدوا معظم الكتب في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 205 الخزائن قد عفّنت، والتصق بعضها في بعض، لنداوة الإسكندرية. وكانوا يستخلصونها بالفأس فتلف أكثرها. أنبأنا أحمد بن سلامة الحداد، عن الحافظ عبد الغني، أن السلفي أنشدهم لنفسه: (ضلّ المجسّم والمعطّل مثله .......... عن منهج الحق المبين ضلالا)

(وأتى أماثلهم ينكر لا رعوا .......... من معشر قد حاولوا الأشكالا)

(وعدّوا يقيسون الأمور برأيهم .......... ويدلّسون على الورى الأقوالا)

(فالأولون تعدوا الحد الذي .......... قد حدّ في وصف الإله تعالى)

(وتصوّروه صورةً من جنسنا .......... جسماً، وليس الله عزّ مثالا)

(والآخرون فعطّلوا ما جاء في .......... القرآن أقبح بالمقال مقالا)

(وأبوا حديث المصطفى أن يقبلوا .......... ورأوه حشواً لا يفيد منالا) وهي بضعة وعشرون بيتاً. وله قصيدة أخرى نحو من تسعين بيتاً، سمّى فيها أئمة السنّة، ورؤوس البدعة، أوردتها في ترجمته التي أفردتها. وقال الوجيه عيسى بن عبد العزيز اللخمي: توفي الحافظ صبيحة الجمعة خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين، وله مائة وست سنين. ولم يزل يقرأ عليه الحديث إلى أن غربت الشمس من ليلة وفاته، وهو يرد على

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 206 القارئ اللحن الخفي، وصلى يوم الجمعة الصبح عند انفجار الفجر، وتوفي بعدها فجأةً. قلت: قد اضطرب قول السلفي في مولده. وقد ذكرنا قوله للحافظ عبد الغني إنه كان ابن نحو عشر سنين وقت قتل نظام الملك، فيكون مولده على هذا القول في حدود سنة خمس وسبعين.) وقال الإمام شهاب الدين أبو شامة: سمعت الإمام علم الدين السخاوي يقول: سمعت أبا طاهر السلفي يوماً وهو ينشد لنفسه شعراً قاله قديماً، وهو: (أنا من أهل الحديث وهم خير فئة .......... جزت تسعين وأرجو أن أجيز مائة) فقيل له: قد حقق الله رجاءك. فعلمت أنه قد جاوز المائة. وذلك في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وقال محمد بن عبد الرحمن بن علي التجيبي الأندلسي: سمعت الحديث على السلفي، ووجدت بخطّه: مولدي بإصبهان سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة تخميناً لا يقيناً. وقال قاضي القضاة ابن خلّكان: كانت ولادة السلفي سنة اثنتين وسبعين تقريباً. قال: وجدت العلماء بالديار المصرية من جملتهم الحافظ زكي الدين عبد العظيم يقولون في مولده هذه المقالة. قال: ثم وجدت في كتاب زهر الرياض لجمال الدين عبد الرحمن بن عبد المجيد الصفراوي يقول: إن السلفي كان يقول: مولدي بالتخمين لا باليقين سنة ثمان وسبعين. قد شذّ الصفراوي عن الجماعة بهذا القول، والسلفي فقد جاوز المائة بلا ريب. وقد طلب الحديث، وكتب الأجزاء، وقرأ بالروايات في سنة تسعين

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 207 وبعدها، فقد حكى الحافظ عبد الغني أنه حدّث سنة اثنتين وتسعين، وما في وجهه شعرة، وأنه كان ابن سبع عشرة سنة أو نحوها، ولكنه اختلف قوله، فتارةً قال سنة اثنتين وسبعين تقريباً، وتارةً يقول في سنة خمس وسبعين تقريباً، وهذا تباين ظاهر. 4 (أحمد بن أبي الوفاء.) الصائغ الحنبلي. قد ذكر في العام الماضي. وقيل: توفي في هذا العام. 4 (إبراهيم بن علي بن مواهب.) أبو إسحاق ابن الزرّاد، الأزجي، البزّاز. روى عن: أبي الغنائم النرسي. سمع منه: أبو سعد السمعاني. وتوفي في رجب.) 4 (أيوب بن محمد بن وهب بن أيوب.) أبو محمد الغافقي، المعروف بابن نوح، وهو لقب جدّهم وهب بن أيوب لقّب به لكثرة أولاده. كان أبو محمد من رؤساء سرقسطة. روى عن: أبيه محمد، وأبي زيد بن الورّاق، وأبي مروان بن الصيقل، وجماعة. وأخذت الروم سرقسطة فخرج منها سنة اثنتي عشرة إلى طرطوشة، ثم سكن غرناطة، ولقي أبا عبد الله بن أبي الخصال، وكتب عنه خطبه التي عارض بها ابن نباتة. ثم كرّ إلى بلنسية فسكنها، وولي قضاء جزيرة سقر بعد أبيه. ونسخ علماً كثيراً، وجمع شيئاً من التاريخ رواه عنه ابنه القاضي أبو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 208 عبد الله محمد بن نوح، وقال: توفي في صفر عن تسعين سنة. 4 (حرف الباء)

4 (بدر.) الحبشي الجذاذادي، الطواشي، أبو الضياء، مولى العدل أبي عبد الله محمد بن جذاذاد الإسكندري أو المصري، والثاني أقرب. سمع: أبا عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وأبا صادق المديني، وأبا الحسين الفرّاء، وعبد الرحمن بن فاتك، وأبا القاسم بن الدوري. روى عنه: أبو الحسن بن المفضّل، ويوسف بن جبريل اللواتي، وأبو القاسم سبط السلفي، وآخرون. وتوفي في شوال رحمه الله تعالى. 4 (حرف التاء)

4 (تورانشاه.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 209 الملك المعظّم، شمس الدولة بن أيوب بن شاذي، أخو صلاح الدين، والسلطان سيف الدين، وكان يلقب أيضاً بفخر الدين. وكان أسنّ من صلاح الدين، فكان يحترمه ويرجّحه على نفسه. وسيّره سنة ثمان وستين إلى بلاد النوبة ليفتحها، فلما قدمها وجدها لا تساوي التعب، فرجع بغنائم كثيرة، ورقيق. ثم أرسله إلى اليمن، وبها عبد النبي بن مهدي قد استولى على أكثر اليمن. فقدمها تورانشاه، وظفر بعبد النبي وقتله، وملك معظم اليمن.) وكان سخيّاً جواداً. ثم إنه قدم دمشق في آخر سنة إحدى وسبعين، وقد تمهّدت له مملكة اليمن، لكنه كره المقام بها، وحن إلى الشام وثماره. وكان قد جاءه رسول من أخيه صلاح الدين يرغّبه في المقام باليمن، فلما أدى الرسالة طلب ألف دينار، وقال لغلام له: امض إلى السوق واشتر لي بها قطعة ثلج. فقال: ومن أين هنا الثلج فقال: فاشتر به طبق مشمش، فقال: ومن أين يوجد ذلك فأخذ يذكر له أنواع الفواكه، والغلام يقول ما يوجد. فقال للرسول: ليت شعري، ما أصنع بالأموال إذا لم أنتفع بها في شهوتي ورجع الرسول فأذن له السلطان في القدوم. وقد كتب له بإنشاء القاضي الفاضل: (لا تضجرن مما أتيت فإنه .......... صدر لأسرار الصبابة ينفث)

(أما فراقك واللقاء فإنّ ذا .......... منه أموات وذا منه أبعث)

(حلف الزمان على تفرق شملنا .......... فمتى يرق لنا الزمان ويحنث)

(حول المضاجع كتبكم فكأنني .......... ملسوعكم وهي الرقاة النفّث)

(كم يلبث الجسم الذي ما نفسه .......... فيه ولا أنفاسه كم يلبث) فلما قدم دمشق استنابه صلاح الدين لما رجع إلى مصر. ثم انتقل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 210 تورانشاه إلى مصر سنة أربع وسبعين. وكانت وفاته بالإسكندرية في صفر سنة ست، فنقلته أخته ست الشام فدفنته في مدرستها. وذكر المهذب محمد بن علي بن الخيمي الحلّي الأديب قال: رأيت في النوم شمس الدولة تورانشاه بعد موته، فمدحته بأبيات وهو في القبر، فلفّ كفنه ورماه إليّ، ثم قال: (لا تستقلّنّ معروفاً سمحت به .......... ميّتاً فأمسيت منه عاري البدن)

(ولا تظنّن جودي شانه بخل .......... من بعد بذلي ملك الشام واليمن)

(إني خرجت من الدنيا وليس معي .......... من كل ما ملكت يدي سوى كفني) تورانشاه: معناه ملك الشرق. قال ابن الأثير: كان لما قدم من اليمن وعمل نيابة دمشق قد ملك بعلبك، ثم عوّضه أخوه عنها بالإسكندرية إقطاعاً، فذهب إليها. وكان له أكثر بلاد اليمن، ونوّابه هناك يحملون إليه الأموال من زبيد، وعدن، وما بينهما. وكان أجود الناس وأسخاهم كفّاً، يخرج كلما يحمل إليه من البلاد، ومع هذا مات وعليه نحو مائتي ألف دينار، فوفّاها أخوه صلاح الدين عنه. وكان منهمكاً على اللهو واللعب، فيه شر) وظلم. 4 (حرف الحاء)

4 (حمّاد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن أحمد بن شيث بن نصر بن شيث بن الحكم) بن افلذ بن أبان بن عقبة بن يزيد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 211 الإمام قِوام الدين أبو المحامد ابن الإمام ركن الدين أبي إسحاق ابن الإمام أبي إبراهيم الوائليّ، البخاريّ ابن الصّفّار الحنفيّ. سمع من: أبيه، وإسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقيّ. وعنه: إسماعيل بن محمد البيلقيّ، وإبراهيم بن سالار الخُوارزميّ، وأبو الفضل عبيد الله بن إبراهيم المحبوبيّ، والأديب أبو عليّ الحسن بن عمر التّرمذيّ، وبرهان الإسلام عمر بن مسعود بن مازة، وآخرون آخرهم موتاً تاج الإسلام محمد بن طاهر بن محمد الخُداباذيّ البخاريّ. نقلت ذلك من خط الفرَضيّ. ثم قال: وأبوه ركن الدين. من كبار مشايخ البخاريّ. سمع على: والده، وعلى عمر بن منصور البزّاز المعروف بخَنب، وعبد العزيز بن المستقر الكرمينيّ، وأجاز له، وشيخ الإسلام أبو نصر أحمد بن عثمان العاصميّ البلخيّ، وغيرهم. قال: وتوفّي ركن الدين بعد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وأبوه إسماعيل الوائليّ: روى عن: عمر بن عبد العزيز بن محمد بن النّضر الشُروطي، وأبي عاصم محمد بن علي البلخيّ، وأبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسيّ. وعنه: ولده ركن الدين. ولم يذكر الفرَضيّ لهذا وفاة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 212 4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن يحيى بن خطّاب.) أبو القاسم القرطبيّ الزّاهد.) من أهل التصوّف والهدي الصالح. وكان يوصف بإجابة الدعوة. أمَّ بجامع قرطبة مُدَيدَة، ثم رغب في الإنقباض. وكان يعظ ويقصده الناس للبركة رحمه الله تعالى. 4 (حرف السين)

4 (سالم بن إسحاق بن الحسين.) البزّاز أبو المعالي التّنوخيّ. تاجر صاحب مروءة وخير. قال الشيخ الموفّق: كان ذا مروءة وكرم. حملني الحافظ عبد الغني من بغداد إلى دمشق، وكنّا نرى منه كرماُ وبذلاً. قلت: روى عن سعيد بن البنّا، وجماعة من البغداديين. سمع منهم بعد الأربعين وخمسمائة. وروى عنه: أبو المواهب بن صصرى، والحافظ عبد القادر، والشيخ الموفّق. وكان يسافر كثيراً للتجارة. وتوفّي في عشر الستين. 4 (سعيد بن الحسين بن سعيد بن محمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 213 أبو المفاخر الهاشمي، المأمونيّ، النًيسأبوريّ، الشريف. قدم مصر وحدّث بها بصحيح مسلم غير مرّة، عن أبي عبد الله الفراوي. روى عنه: أبو الحسن بن المفضّل المقدسيّ، وصالح بن شجاع الدلَجي، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز ابن الجبّاب، وحفيده محمد بن محمد المأمونيّ، وآخرون. ورّخه ابن المفضّل. 4 (سعيد بن عبد الله بن القاسم.) فخر الدين أبو الرّضا، أخو القاضي كمال الدين محمد الشهرزوريّ. فقيه شافعيّ. سمع بالعراق من: زاهر الشّحّاميّ، والقاضي أبي بكر، وجماعة. وتفقّه بخراسان عند الفقيه محمد بن يحيى. وعاد إلى الموصل، وتقدّم وساد، وصار أوجه أهل بيته. وسار في الرسليّة إلى بغداد. سمع منه: هبة الله بن الحسن الفقيه، وإلياس بن جامع الإربليّ، وأحمد بن صدقة.) وتوفّي في جُمادى الآخرة في العشر الأخير عن سبعين سنة. 4 (سليمان بن أحمد بن سليمان.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 214 وبعض أصحابه قال فيه: سليمان بن خلف. أبو الحسن الإشبيلي جدّ أبي العبّاس أحمد بن سيّد الناس لأمّه. سمع من أبي بكر بن طاهر، وأبي الحسن شريح وأخذ عنه القراءآت. وسمع من: ابن العربيّ، وغير واحد. وكان مقرئاً، نحويّاً، ضابطاً، مجوّداً. أخذ عنه: أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله، ومفرَّج بن حسين الضرير، وغيرهم. حدّث في هذا العام وانقطع ذكره. 4 (سليمان بن محمد بن حسن.) أبو طالب العُكبريّ، ثم الواسطيّ، المقرئ. قرأ القراءآت على: ابن شيران، وأبي بكر المزرَفيّ، وسبط الخيّاط، والشهرزوريّ. قرأ عليه ابن الدّبيثي، وعليّ بن منصور البُرسقيّ. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن المحدِّث عبد الرحمن بن أحمد بن عليّ بن صابر السُّلَميّ.) أبو المعالي الدمشقي، ويعرف بابن سيده. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 215 وسمع: الشريف أبا القاسم النّسيب، وأبا طاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ، وابن الموازينيّ، وطبقتهم. وحدّث ببغداد فسمع منه: الحافظ أبو سعد السمعانيّ كتاب المروة. وذكره في الذيل فقال: شابّ قدِم بغداد للتجارة. وذكره أبو المواهب بن صصرى في معجمه فقال: باع كتب أبيه وعمّه بثمن بخس، وأعرض عن الخير في وسط عمره، ثم أقلع في آخره. وسُمع منه من النُّسَخ التي بأيدي الناس. وتوفّي في رجب. قلت: وروى عنه الحافظ أبو محمد عبد الغنيّ، والشيخان أبو عمرو والموفّق، والبهاء عبد) الرحمن، والشمس عمر بن المُنَجّا، وسالم بن عبد الرزاق، وأخوه يحيى، وعبد الحق بن خلف، والحافظ الضّياء، وغيرهم. 4 (عبد الله بن خلف بن محمد بن حبيب بن فَرقد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 216 أبو محمد القرشيّ، الفهريّ، الأندلسيّ، الإشبيليّ. سمع من أخيه أبي إسحاق من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي الحسن بن بقيّ. وناظر في الرأي عن أبي عبد الله بن الحاجّ. وأخذ القراءآت عن أبي عمرو وموسى بن حبيب عن مكّيّ بن أبي طالب. وقال الأبّار: كان حافظاً للفقه، صادعاً بالحق. حدّث عنه ابنه أبو القاسم. 4 (عبد الله بن مغيث بن يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبد الله بن مغيث.) أبو محمد بن الصّفّار الأنصاريّ، القرطبيّ. روى عنه جدّه أبي الحسن، وأبي عبد الله بن الحاجّ، وأبي الحسن شُرَيح، وأبي بكر بن العربيّ، وجماعة. ووُلّي قضاء الجماعة بقرطبة ثمانية عشر عاماً. قال الأبّار: روى عنه أبو القاسم بن الملجوم، وعامر بن هاشم، وأبو محمد بن حوط الله، وأخوه أبو سليمان بن حَوط الله. وتوفّي في ربيع الأوّل وله ستون سنة. 4 (عبد الله بن يزيد بن عبد الله.) القاضي أبو محمد السعديّ، الغَرناطيّ، ثم اليحصُبيّ. من قلعة يحصُب. حدّث في هذا العام عن أبي الوليد بن طريف، وأبي الحسن بن البادش، وطائفة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 217 وعنه: الأخوان ابنا حوط الله، وابن دحية، وآخرون. 4 (عبد الله بن يوسف بن عليّ بن محمد.) القضاعيّ، المُرّيّ. سمع من: أبيه. وبالثّغر من: أبي عبد الله محمد بن أحمد الرّازيّ.) روى عنه: عليّ بن المفضّل الحافظ. بقي إلى هذا العام. 4 (عبد الله بن يحيى بن عليّ بن هلال.) أبو سعيد الأزَجيّ، الدّبّاس، المعروف بابن الأعرأبي. سمع أبا القاسم بن بيان، وأبا ياسر البرَدانيّ، ومحمد بن عبد الباقي الدّوريّ، وابن الحصين، وجماعة. سمع منه: أبو محمد بن الخشّاب مع تقدّمه. وروى عنه: ابن الدّبيثي، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. وتوفّي في ربيع الآخر وله ستّ وسبعون سنة. 4 (عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عليّ بن عبد الرحمن بن سعيد) بن حُميد بن أبي العجائز. أبو الفهم الأَزديّ، الدّمشقي. من بيت الحديث والرواية. سمع: أبا طاهر الحِنّائيّ، وغيره. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو المواهب بن صصرى، وإبراهيم الخُشوعيّ، ومكّيّ بن علاّن، وطائفة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 218 وكان ملازماً لحلقة الحافظ ابن عساكر. توفّي رحمه الله في جُمادى الآخرة، وله ثمانون سنة. وهو راوي حديث سختام. 4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد.) أبو جعفر بن القصير الأَزديّ، الغرناطيّ. روى عن: أبيه أبي الحسن، وعمّه أبي مروان عبد الملك، وأبي الحسن بن البادش، وأبي الوليد بن رشد، والقاضي عِياض. وكان وجيهاً في بلده، من بيت تقدّم، وكان كثير العناية بالرواية، وله حظّ وافر من الفقه والأدب. وصنّف تصانيف منها شيء من مناقب أهل عصره. وحجّ وسكن بإفريقية وتونس. ووُلّي القضاء.) وحدّث عنه: أبو عبد الله بن نافع الخطيب. غرق في البحر في آخر العام رحمه الله تعالى. 4 (عبد العزيز بن عبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد الواحد بن أبي القاسم القُشيريّ.) أبو المحاسن النَيسأبوريّ، الصوفيّ. توفّي في ربيع الأوّل، وله خمسون سنة. روى عن: عبد المنعم القُشيريّ. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. 4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هبة الله ابن رئيس الرؤساء.) أبو المفضّل ابن الوزير أبي الفرج. يلقّب كمال الدين. استنابه أبوه في الأستاذ داريّة ثم استقلّ بها عندما وَزَر أبوه. وكان ذا غلظة وشدّة وطأة وصرامة وقساوة وسوء سيرة. كانت الألسنة مجمعة على ذمّه. وله شعر جيّد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 219 قال العماد الكاتب: هو شهم مهيب، وله فهم مصيب. وهو غضنفر بني المظفّر، وقيل: بني الرقيل. ومن شعره: (وأهيَفُ معسول النكاهة واللَّمى .......... مليح النّسى والشمائل والقدّ)

(به ريّ عيني وهو ظامئ إلى دمي .......... وخدّي له ورد ومن خدّه وردي) توفّي في الكهولة. وقد عُزل عن أستاذيّة الدار لسوء سيرته، في أيّام أبيه. وخافه مجد الدين ابن الصاحب أستاذ دار الخليفة الناصر، فدقّق الحيلة في القبض عليه، ثم صادره وعاقبه عقوبة شديدة. وقيل إنّه رفسه برجله فمات منها. 4 (عليّ بن أحمد بن محمد بن بكروس.) أبو الحسن. ولد سنة تسع وخمسمائة. وتوفّي في ثالث ذي الحجّة ببغداد. كذا سمّاه ابن مشِّق، وسيُعاد. 4 (عليّ بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الملك.) ) أبو الحسن بن القصّار السُّلَميّ، المِرداسيّ، الرَقّيّ، ثم البغداديّّ، اللغويّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 220 كان علاّمة العرب وحجّة الأدب في نقل اللغة. أخذ عن أبي منصور بن الجواليقيّ، وكتب الكثير. وأكثر المطالعة. وكان مليح الخط، وأنيق الوِراقة والضبط، ثقة. سافر إلى مصر تاجراً، وأقام بها مدّة، وقرأ بها الأدب على أبي الحجّاج يوسف بن محمد بن الحسين الكاتب ابن الخلاّل صاحب ديوان الإنشاء. ثم قدم بغداد، وتصدّر للإقراء والإفادة في داره. وكان الفضلاء يترددون إليه، ويقرأون عليه كتب الأدب. وسمع من: أبي الغنائم بن المهتدي، وأبي العز بن كادَش، وجماعة. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصريّ، وابن أخته أحمد بن طارق، وغيرهما. وتوفّي في المحرّم. وولد سنة ثمان وخمسمائة. وقال ابن النجّار: وخلّف مالاً طائلاً، وكان بخيلاً مقتّراً على نفسه رحمه الله تعالى. قلت: كان آية في اللغة، وهو متوسّط في النحو، وكان تاجراً متموّلاً، سافر إلى مصر. ويحضر حلقة ابن برّيّ يأخذ عنه اللغة. وكان يحفظ من أشعار العرب ما لا يوصف. 4 (علي بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 221 أبو الحسن أخو أبي العبّاس البغداديّ، الحنبليّ. شيخ صالح، سمع الكثير بنفسه. روى عن: أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله، وابن الحصين، وأبي غالب بن البنّاء، وهبة الله الشُروطيّ، وجماعة. روى عنه: موفّق الدين بن قُدامة، والبهاء عبد الرحمن، والياس الإربليّ وآخرون. توفّي في ذي الحجّة. 4 (عمر بن عبد الرحمن بن عذرة.) أبو حفص الأنصاريّ، الأندلسيّ، من أهل الجزيرة الخضراء.) روى عن: أبي بكر بن العربي، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي القاسم بن بقِيّ. ووُلي قضاء بلده وقضاء سبتة. وكان فقيهاً مشاوراً، له النظم والنثر. أخذ عنه: أبو الوليد القسطَليّ، وعمر بن عبد المجيد النحويّ، وجماعة. وتوفّي في رمضان. 4 (حرف الغين)

4 (غازي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 222 سيف الدين صاحب الموصل ابن الملك قطب الدين مودود بن أتابك زنكي بن آق سنقر التّركيّ. والد سنجر شاه صاحب جزيرة ابن عمر. لمّا مات أبوه قطب الدين بلغ السلطان نور الدين الخبر، وهو على تل باشَر، فسار في الحال إلى الموصل، وأتى الرقة في أول سنة ست وستين فملكها، ثم سار إلى نصيبين فملكها، ثم أخذ سنجار في ربيع الآخر، ثم أتى الموصل، وقصد ألا يقابلها، فعبر بجيشه من مخاضة بلد ثم نزل قبالة الموصل، وأرسل إلى غازي وعرّفه صحة قصده، فصالحه. ونزل الموصل ودخلها، وأقرّ صاحبها فيها، وزوجه بابنته وعاد إلى الشام، فدخل في شعبان من السنة. فلما تملك صلاح الدين وسار إلى حلب وحاصرها، سيّر إليه غازي جيشاً عليه أخوه عز الدين مسعود، فالتقوا عند قرون حماه، فانكسر عز الدين. فتجهّز غازي وسار بنفسه، فالتقوا على تل السلطان، وهي قرية بين حلب وحماه في شوال سنة إحدى وسبعين، فانكسرت ميسرة صلاح الدين بمظفّر الدين ابن ربيب الدين صاحب إربل، فإنه كان على ميمنة غازي، فحمل السلطان صلاح الدين بنفسه، فانهزم جيش غازي فعاد إلى حلب، ثم رحل إلى الموصل. ومات بالسل في صفر. وعاش نحواً من ثلاثين سنة. قال ابن الأثير: كان مليح الشباب، تام القامة، أبيض اللون، وكان عاقلاً وقوراً، قليل الالتفات. لم يذكر عنه ما ينافي الصفة. وكان غيوراً شديد الغيرة، يمنع الخدّام من دخول الدور، ولا يحب الظلم، على شحّ فيه وجبن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 223 قلت: وأدار الخمر والزنا ببلاده بعد موت نور الدين، فمقته أهل الخير. وقد تاب قبل موته بيسير، وتملّك بعده أخوه مسعود، فبقي ثلاث عشرة سنة.) 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن حامد.) أبو سعيد الإصبهاني. من حفّاظ الحديث ببلده. يروي عن: أبي العلاء صاعد بن سيّار الدهّان. وغيره. توفي بإصبهان. 4 (محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن هشام.) الإمام أبو عبد الله الخشني، الرّندي، نزيل مالقة. ويعرف قديماً باسم العويص. أخذ القراءآت عن: منصور بن الخير، وعن أبي القاسم بن رضا. وسمع من: ابن مغيث، وابن مكّي، وجماعة. وناظر في كتاب سيبويه على ابن الطراوة وروى عنه، وعن أبي محمد البطليوسي. قال الأبّار: وكان مقرئاً ماهراً، نحوياً، لغوياً، دأب على تعليم القرآن والعربية دهره. وحدّث. وتوفي بمالقة في شوال. ثنا عنه: ابن حوط الله، وأبو العباس الغرقي. 4 (محمد بن علي بن محبوب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 224 أبو بكر البغدادي المسدّي. سمع: أبا العز محمد بن المختار، وأحمد بن الحسين بن قريش. وعنه: ابن الحصري، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن جرير. وكان مباركاً. توفي في ربيع الآخر. 4 (محمد بن محمد بن مواهب.) أبو العز بن الخراساني، البغدادي، الشاعر، صاحب العروض ومصنّف النوادر المنسوبة إلى حدّة الخاطر. قرأ الأديب على: أبي منصور بن الجواليقي. وله ديوان شعر في خمسة عشر مجلداً. قال العماد الكاتب. ومصنفات أدبية ومدح الخلفاء) والوزراء، وتغيّر ذهنه في آخر أيامه قليلاً. وكان بارع الأدب بصيراً بالعروض، مقدّماً في اللغة والنحو، صاحب مجون وخلاعة ونوادر. سمع: أبا الحسين المبارك بن عبد الجبار، وأبا سعد بن خشيش، وأحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا علي بن نبهان. قال ابن الدّبيثي: سمعت منه وتركته لتغيّره. وأجاز لي قبل أن يتغير ذهنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 225 قلت: روى عنه الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. توفي في رمضان، وله اثنتان وثمانون سنة. قال ابن الدّبيثي: أنشدنا في المسترشد بالله: (قل للإمام الذي أنعامه نعم .......... وسحّ كفّيه منه تخجل الدّيم)

(وعرضه وافر في كل نازلة .......... وماله في جميع الناس مقتسم)

(وبحره الجمّ عذب ماؤه غدق .......... سهل الشرائع غمر طيّب سم)

(مسترشد إن بدا فالبدر غرّته .......... وإن يقل كلماً فالدرّ منتظم)

4 (المبارك بن عبد الله بن محمد.) أبو منصور البغدادي. قال الدّبيثي: كان خيّراً متيقظاً. سمعت عليه. روى عن: ابن الحصين، وزاهر بن طاهر. ولازم ابن ناصر فأكثر. وتوفي رمضان. 4 (المبارك بن المبارك بن محمد بن أحمد بن حكيم.) أبو بكر الخياط البغدادي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 226 سمع: أبا الحسن العلاف، وشجاعاً الذهلي، وأبا علي بن المهدي، وغيرهم. روى عنه: إلياس بن جامع، وابن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، وآخرون. توفي أيضاً في رمضان. 4 (المبارك بن محمد بن محمد بن العرمرم.) أبو جعفر بن أبي طاهر بن الواسطي، البغدادي. له إجازة من جعفر السرّاج، وأبي الحسين بن الطيوري.) سمع منه: علي بن أحمد الرّندي، ومحمد بن سعيد الدّبيثي. مات في ذي القعدة سنة ست. 4 (مسعود بن عمر الملاح.) سمع: أبا الحسن بن الزاغوني، وعلي بن الفاعوس. روى عنه: أبو الحسن القطيعي في تاريخه. 4 (مسعود بن محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة.) الإمام أبو عبد الله الإصبهاني، المفسّر، الفقيه. قال ابن النجار: كان إماماً حافظاً، قيّماً بالمذهب، والخلاف، والتفسير، والوعظ. سمع: غانماً البرجي، وأبا علي الحداد، ومحمود بن إسماعيل، وعبد الكريم بن فورجة. وحج وحدّث ببغداد، وجلس للوعظ، ولقي القبول التام، واستحسن الأكابر كلامه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 227 قلت: ولم يذكر أن أحداً روى عنه. 4 (مسلم بن عبد المحسن بن أحمد.) أبو الغنائم الكفرطأبي، ثم الدمشقي، البزّاز. سمه من: جدّه لأمه أبي طاهر محمد بن الحسين الحنائي. ودخل بغداد للتجارة، وسمع بها: علي بن هبة الله بن عبد السلام. أخذ عنه: عمر بن محمد بن جابر، وإلياس بن جامع، وغيرهما. وتوفي في جمادى الآخرة عن إحدى وسبعين سنة. 4 (مظفّر بن خلف بن عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد الشّحامي.) النيسأبوري. حدّث بدمشق عن: وجيه بن طاهر. وكان صوفياً ينسخ بالأجرة. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، ومحمد البلخي المقرئ. 4 (مظفّر بن محمد بن عبد الباقي بن جند.) أبو عبد الله البناء، البغدادي. معمّر وهو ابن عم بقاء بن عمر.) سمع: أبا طالب بن يوسف، وأبا الحسن الزاغوني، وأبا غالب بن البنّاء. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجي وأثنى عليه. وتوفي في ربيع الآخر. 4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن أحمد بن حمزة بن أبي الحجّاج.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 228 أبو الفتح العدوي، الحلبي، ثم الدمشقي، العطار. حدّث عن: هبة الله بن طاوس. وعنه: أبو القاسم بن صصرى. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أحمد بن محمد بن هلال.) أبو الفرج بن الأعرابي، الأزجي، الدبّاس. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا الغنائم النرسي، وأبا ياسر البرداني. سمع منه: أبو محمد بن الخشّاب، وعمر بن علي القرشي. وتوفي في رجب. وهو أسنّ من ابن عمّه عبد الجبار بعامين. 4 (حرف الواو)

4 (واثق بن الحسين بن علي.) العطار أبو الحسين بن السمّاك. سمع: أبا الحسين بن الحصين، وأبا غالب بن البنّاء. روى عنه: عبد الله بن أحمد الخباز. وعاش ثلاثاً وستين سنة. 4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن محمد بن علي بن أبي سعيد.) الموصلي، ثم البغدادي، أخو سليمان وعلي، ووالد الموفق عبد اللطيف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 229 صحب أبا النجيب السهروردي وتفقّه عليه.) وسمع: أبا القاسم بن السمرقندي، وأبا منصور بن خيرون، وخلقاً. وسمّع ابنه، وحدّث. وتوفي في المحرم، وله إحدى وستون سنة. 4 (يونس بن محمد.) أبو الوليد القسطلي، الأندلسي. من فحول الشعراء وأعيان البلغاء. كتب لبعض ملوك الأندلس، وصنّف في الأدب. وفيها ولد كمال الدين ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس الماراني في ربيع الأول.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 230 4 (وفيات سنة سبع وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن حميد بن الحسن.) أبو منصور الأزجي، الكاتب، الشيباني، مصنّف المقامات العشرين. أديب بارع، وشاعر محسن. روى عنه: ولده يوسف. توفي في ربيع الأول ببغداد. 4 (أحمد بن عبد الملك بن عميرة.) أبو جعفر الضّبّي، الأندلسي. سمع بمرسية من: أبي علي الصدفي، وأبي محمد بن أبي جعفر الفقيه. وبقرطبة: أبا محمد بن عتّاب، وابن رشد. ولقي بمصالة منصور بن الخير وأخذ عنه القراءآت. وحجّ، وكان زاهداً عابداً، قانتاً لله. روى عنه: سليمان بن حوط الله، وأحمد بن يحيى بن عميرة. وتوفي عن سنّ عالية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 231 4 (أحمد بن علي بن محمد بن عبد الملك بن سليمان بن سند.) أبو العباس الأندلسي، الكتّاني، النحوي، من أهل إشبيلية.) وكان يعرف باللص لإغارته على الأشعار في حداثته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 232 روى عن: أبي بحر الأسدي، وأبي محمد بن صاوة. وأقرأ الآداب والعربية واللغة. وكان شاعراً محسناً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 233 روى عنه: أبو الحسين بن رزقون، وأبو الخطّاب بن دحية. وعاش بضعاً وسبعين سنة. وتوفي سنة سبع أو سنة ثمان وسبعين. 4 (أحمد بن علي بن سعيد.) أبو العباس الحوزي الصوفي. قرأ بواسط، وسمع بها من: أبي علي الحسين بن إبراهيم الفارقي. وببغداد من: أبي بكر الأنصاري. وكان رجلاً صالحاً. عاش سنة. 4 (أحمد بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام.) أبو الغنائم الكاتب، أخو أبي منصور عبد الله. سمع: أبا علي بن المهدي، وأبا القاسم بن الحصين. وحدّث. قتله غلام له طمعاً في شيء كان له في المحرم. وقيل في سنة ست. وولد سنة أربع وخمسمائة. 4 (أحمد بن محمد بن أبي القاسم.) الشيخ أبو الرشيد الخفيفي، الصوفي، الزاهد. قال ابن النجار: قدم بغداد شاباً من أبهر زنجان، وتفقّه مدّة. وسمع: زاهر الشحّمي، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي، وجماعة. وصحب أبا النجيب السهروردي وانقطع، وجلس في الخلوة، وظهر له الكرامات، وفتح عليه. روى لنا عنه: أبو نصر عمر بن محمد بن جابر المقري. وقرأت بخط عمر بن علي القرشي: جلس أبو الرشيد الأبهري في الخلوة اثنتي عشرة سنة، وفتح له خير كثير، وظهر كلامه.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 234 وقد كتب من كلامه ما يقارب ثمانين مجلدة. قال ابن النجار: بلغني أنه كان في جمادى الآخرة. وكان منسوباً إلى ابن خفيف الشيرازي. 4 (أحمد بن مواهب بن حسن.) أبو عبد الرحمن البغدادي، المعروف بغلام الزاهد ابن العلبي. شيخ صالح، سمع: أبا طالب بن يوسف. سمع منه: ابنه عبد الرحمن، وتميم بن أحمد البندنيجي، والحافظ عبد القادر الرّهاوي. سمعوا منه في هذه السنة، وانقطع خبره. 4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران.) الإمام رضي الدين أبو إسحاق الجزري، الفقيه الشافعي. تفقّه وبرع على شيخه أبي القاسم بن البزري. ثم تفقّه ببغداد بالنظامية. وسمع من: الكروخي. ودرّس ببلده وساد بعد ابن البزري. مات في المحرم عن أربع وستين سنة. ذكره الفرضي. 4 (إسماعيل بن الملك الصالح نور الدين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 235 أبو الفتح بن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي التركي. ختنه أبوه في سنة تسع وستين، وسرّ به، وزيّنوا دمشق، وكان وقتاً مشهوداً وهو يوم عيد الفطر. وزيّنت دمشق أياماً وضربت خيمة بالميدان، وصلّى هناك بالناس شمس الدين قاضي العسكر، وخطب، ثم مدّ السماط العام، وأنهب على عادة الترك. وعاد نور الدين إلى القلعة فمد سماطه الخاص، ولعب من الغد بالكرة، فاعترضه برتقش أمير آخور وقال له: باش. فاغتاظ بخلاف عادته، وزير برتقش، ثم ساق ودخل القلعة، فما خرج منها إلاّ ميّتاً. وتوفي نور الدين بعد الختان بأيام، فحلّف أمراء دمشق لابنه أن يكون في السلطنة بعده، وهو يومئذ صبي، ووقعت البطاقة إلى حلب بموت نور الدين، ومتولّيها شاذبخت الخادم، فأمر بضرب البشائر، وأحضر الأمراء والعلماء وقال: هذا كتاب من السلطان بأنه ختن ولده وولاّه العهد. فحلفوا كلهم في الحال. ثم قام إلى مجلس فلبس الحداد، وخرج إليهم وقال: يحسن الله) عزاكم في الملك العادل بن زنكي. وأما صلاح الدين فسار إلى الشام ليكون هو مدبّر دولة هذا الصبي، ويستولي على الأمور. ووقعت الفتنة بحلب بين السنّة والرافضة. ونهبت الشيعة دار قطب الدين ابن العجمي، ودار بهاء الدين بن أمين الملك. ونزل بحرية القلعة وأمرهم الأمير شمس الدين بن علي بن محمد ابن الداية والي القلعة أن يزحفوا إلى دار أبي الفضل بن الخشّاب رئيس الشيعة، فزحفوا إليها ونهبوها، واختفى ابن الخشّاب. ثم وصل الصالح إسماعيل إلى حلب في ثاني المحرّم من سنة سبعين، ومعه سابق الدين ابن الدايّة، فقبض عليه، وصعد القلعة، وظهر ابن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 236 الخشّاب، وركب في جمع عظيم إلى القلعة، فصعد إليها، والشيعة تحت القلعة وقوف. فقتل بها ابن الخشّاب وتفرّق ذلك الجمع. وسجن شمس الدين علي بن الدايّة وأخواه: سابق الدين عثمان، وبدر الدين حسن. ودخل السلطان صلاح الدين دمشق في سلخ ربيع الآخر، ثم سار إلى حمص فملكها. ثم نازل حلب في سلخ جمادى الأولى، فنزل الملك الصالح إلى البلد، واستنجد بأهلها، وذكّرهم حقوق والده، فوعدوه بالنصر، وجاءته النجدة من ابن عمه صاحب الموصل مع عز الدين مسعود بن مودود. فردّ السلطان صلاح الدين إلى حماه، وتبعه عز الدين مسعود، فالتقوا عند قرون حماه في رمضان. فانكسر عز الدين وانهزم، وردّ صلاح الدين فنازل حلب، فصالحوه وأعطوه المعرّة، وكفرطاب، وبارين. ثم جاء صاحب الموصل سيف الدين غازي في جيش كثيف، وجاء صلاح الدين بعساكره، فالتقوا في شوال سنة إحدى وسبعين، فانكسر صاحب الموصل على تل السلطان، وسار صلاح الدين، فأخذ منبج، ثم نازل عزاز ففتحها، ثم نازل حلب في ذي القعدة، وأقام عليها مدةً. وبذل أهلها المجهود في القتال، بحيث أنهم كانوا يحملون ويصلون إلى مخيم صلاح الدين، وأنه قبض على جماعة منهم، فكان يشرّح أسافل أقدامهم، ولا يمنعهم ذلك عن القتال، فلما ملّ منهم صالحهم وسار عنها. وخرجت إليه أخت الملك الصالح، وكانت طفلة، فأطلق لها عزاز لما طلبتها منه. وكان تدبير أمر حلب إلى والدة الصالح، وإلى شاذبخت، وخالد بن القيسراني. ثم إن الصالح مرض بالقولنج جمعتين، ومات في رجب من سنة سبع، وتأسفوا عليه، وأقاموا عليه المآتم، وفرشوا الرماد في الأسواق، وبالغوا في النوح عليه. وكان أمراً منكراً.) وكان ديّناً، عفيفاً، ورعاً، عادلاً، محبّباً إلى العامة، متّبعاً للسنّة، رحمه الله، ولم يبلغ عشرين سنة. وذكر العفيف بن سكّرة اليهودي لا رحمه الله، وكان يطبّبه، قال:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 237 قلت له: يا مولانا، والله شفاؤك في قدح خمر، وأنا أحمله إليك سراً، ولا تعلم والدتك، ولا اللالا، ولا أحد. فقال: كنت أظنك عاقلاً، نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم يقول: إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرّم عليها. وتقول لي أنت هذا. وما يؤمنني أن اشربه وأموت وهو في جوفي. وقيل: توفي وله قريب من ثماني عشر سنة. فتملّك حلب بعده عزّ الدين مسعود ابن عمّه مودود. 4 (أشرف بن هبة الله.) أبو العباس الهاشمي، البيّاضي. إمام جامع المنصور. سمع: أحمد بن المجلي، وهبة الله بن الحصين. سمع منه: محمد بن مشّق، وأحمد بن أحمد البندنيجي. وتوفي في أول السنة. 4 (حرف التاء)

4 (تمرتاش.) مولى أبي الفرج هبة الله ابن رئيس الرؤساء. سمع من: أبي الحسين بن العلاّف. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره، ونصر بن الحصري. وتوفي في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 238 4 (حرف السين)

4 (سليمان بن أرسلان.) المعروف بشرف الدين بن شاووش البغدادي. كان يخدم في السواد فعلا وساد، وناب في وزارة الناصر لدين الله أول ما استخلف، ثم عزل بعد شهرين لشيخوخته وضعفه. توفي في جمادى الأولى عن سنّ عالية.) 4 (حرف العين)

4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 239 كمال الدين أبو البركات الأنباري، النحوي، الرجل الصالح، صاحب التصانيف المفيدة. سكن بغداد من صباه، وتفقّه بالنظامية على أبي منصور بن الرزّاز، وقرأ النحو على أبي السعادات بن الشجري: واللغة على أبي منصور بن الجواليقي. وبرع في الأدب حتى صار شيخ العراق في عصره، وأقرأ الناس ودرّس النحو بالنظامية، ثم انقطع في منزله مشتغلاً بالعلم والعبادة والورع وإفادة الناس. وكان زاهداً ناسكاً، تاركاً للدنيا، ذا صدق وإخلاص. قال الموفق عبد اللطيف: أما شيخنا كمال الدين الأنباري فلم أر في العبّاد والمنقطعين مثله في طريقه، ولا أصدق منه في أسلوبه، خير محض لا يعتريه تصنّع، ولا يعرف الشرور، ولا أحوال العالم. وكان له من أبيه دار يسكنها، ودار وحانوت مقدار أجرتهما نصف دينار في الشهر ينتفع به ويشتري منه ورقاً. وسيّر إليه المستضيء خمسمائة دينار فردّها، فقالوا له: اجعلها لوالدك، فقال: إن كنت خلقته فأنا أرزقه. وكان لا يوقد عليه ضوءاً. وتحته حصير قصب، وعليه ثوب وعمامة من قطن يلبسهما يوم الجمعة. وكان لا يخرج إلاّ للجمعة، ويلبس في بيته ثوباً خلقاً. وكان ممن قعد في الخلوة عند الشيخ أبي النجيب. قرأ عليه معيد بالنظامية، فبقي يكثر الصياح والكلام، فلطمه على رأسه وقال: ويلك، إذا كنت تجترّ في المرعى متى ترعى والشيخ مائة وثلاثون مصنفاً، أكثرها نحو، وبعضها في الفقه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 240 والأصول، والتصوّف، والزهد، أتيت على أكثرها قراءةً، وسماعاً وحفظاً. قلت: من كتبه أسرار العربية، الإنصاف في مسائل الخلاف، أخبار النحاة، الداعي إلى الإسلام في علم الكلام، النور اللائح في اعتقاد السلف الصالح، الجمل في علم الجدل، كتاب ما، وغرائب إعراب القرآن، ديوان اللغة، الضاد والظاء، تفسير لغة المقامات، شرح الحماسة، شرح المتنبي، نزهة الألبّا في طبقات الأدبا، تاريخ الأنبار، نسمة العبير في علم التعبير.) وروى الحديث عن: أبيه، وخليفة بن محفوظ الأنباري، ومحمد بن محمد بن عطّاف، وأحمد بن نظام الملك. روى عنه: الحافظ أبو بكر الحازمي، وابن الدّبيثي، وطائفة. وتوفي في شعبان. وله أربع وستون سنة. ومن شعره: (دع الفؤآد بما فيه من الخرق .......... ليس التصوّف بالتلبيس والخرق)

(بل التصوّف صفو القلب من كدر .......... ورؤية الصوفية أعظم الخرق)

(وصبر النفس على أذى مطامعها .......... وعن مطامعها في الخلق بالخلق)

(وترك دعوى بمعنى فيه حقته .......... فكيف دعوى بلا معنى ولا خلق)

4 (عبد الصمد بن علي.) أبو القاسم بن الأخرم البغدادي، الحذّاء. سمع: أبا علي الباقرجي، وأبا سعد بن الطيوري، وأبا طالب اليوسفي. سمع منه: عمر القرشي، وجماعة. وتوفي فجأة في ذي الحجة، وله سبعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 241 4 (عبد القادر بن علي نوقة.) أبو محمد الواسطي الشاعر. جالس أبا السعادات بن الشجري، وأبا منصور بن الجواليقي. ومدح الخلفاء. ومات غريباً بمصر. ومن شعره: (أصيب ببلوى الجسم أيّوب فاغتدى .......... به تضرب الأمثال أن ذكر الصبر)

(فلما انتهى بلواه من بعد جسمه .......... إلى القلب نادى معلناً: مسني الضّر)

(وكل بلائي عند قلبي ولم أبح .......... بشكوى الذي ألقى ولم يظهر السرّ) هذا هذيان وقول من وراء العافية، ومجرد دعوى كاذبة. كما فشر من قال: وكل بلاء أيوب بعض بليّتي.) ولكن الشعراء في كل واد يهيمون، ويقولون مالا يفعلون. وكما قيل: أملح الشعر أكذبه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 242 4 (عثمان بن يوسف بن أبي بكر بن عبد البرّ بن سيّدي بن ثابت.) أبو عمرو الأنصاري، السرقسطي، المعروف بالبلجيطي. أخذ القراءآت عن: أبي زيد الورّاق، ويحيى بن محمد القلعي. وأخذ قراءة نافع عن: أبي زيد بن حيوة. واختلف إلى أبي جعفر بن سراج، وأبي الحسن بن طاهر وأخذ عنه العربية. وسمع التيسير سنة إحدى وعشرين وخمسمائة من ابن هذيل. وأقرأ القراءآت، وسكن بلد لريّة ثم ولّي قضاءها. وكان محققاً للقراءآت، ضابطاً، إخبارياً، ذاكراً، ماهراً بالقضاء والشروط. توفي عن تسعين سنة في نصف ذي القعدة. أخذ عنه: أبو عمر بن عيّاد، وأبو عبد الله بن عيّاد، وأبو عبد الله الشوني، وأبو الربيع بن سالم. 4 (علي بن محمد بن الحسن.) أبو المفاخر المستوفي البيهقي، الواعظ، الصوفي. حدّث ببغداد وواسط عن: محمد بن أحمد بن صاعد، وعبد الغافر بن إسماعيل، وأبي عبد الله الفراوي، وغيرهم. وتوفي رحمه الله في شعبان. 4 (عمر بن علي بن الزاهد محمد بن علي بن حمّويه.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 243 أبو الفتح الجويني الصوفي، شيخ الشيوخ بدمشق. ولد في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة. وسمع من: جدّه، وأبي عبد الله الفراوي، وأبي القاسم الشّحامي، وأبي الفتوح عبد الوهاب الشاذياخي، وعبد الجبار الخواري، وعبد الواحد الفارمذي. وأقام بدويرة السميساطي. وحدّث وإليه انتهى التقدم في التصوّف. وكان السلطان صلاح الدين يحترمه ويعظمه، وهو أخي أبي بكر وأبي سعد عبد الواحد. روى عنه: الحافظ أبو المواهب، وأخوه أبو القاسم الحسين، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ) الضياء، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 244 وتوفي في رجب ودفن بمقابر الصوفية. وذكره العماد الكاتب فقال: كبير الشأن كثير الإحسان، لم يكن له في علم الطريقة والحقيقة مساو. وأقبل عليه نور الدين بكلّيته، وأمرني بإنشاء منشور له بمشيخة الشام، ورغّبه بالإحسان في المقام، ومن جملة ما أتحفه به عمامة ذهبية نفّذ بها صلاح الدين من مصر، فبذل له فيها ألف دينار بزنة ذهبها، فلم يجب. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز.) أبو عبد الله الحميري، القرطبي، المعروف بالأستجي نزيل مالقة. سمع: صحيح البخاري من شريح. وولي خطابة مالقة. وكان من أهل الفضل والصلاح. ورّخه الأبّار، وقال: ثنا عنه أبو عبد الله الأندرشي، وأبو سليمان بن حوط الله. 4 (محمد بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال.) أخو الحافظ أبي القاسم، أبو عبد الله القرطبي. روى عن: أبيه، وأبي جعفر البطروجي، وأبي الحسن بن مغيث. وكان فقيهاً شروطياً. وأجاز له أبو علي بن سكّرة. توفي في جمادى الآخرة قبل أخيه. 4 (محمد بن محمد بن شجاع بن أحمد بن علي.) أبو الطيّب اللفتواني، الإصبهاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 245 سمع: أباه أبا بكر، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وفاطمة الجوزدانيّة، وجماعة. وطلب بنفسه، وكتب، وقرأ. توفي في صفر.) 4 (المبارك بن علي بن محمد بن خلف.) أبو الفائز البرداني، الدلاّل في الدور. سمع: أبا الغنائم النرسي، ومحمد بن الحسن بن البنّا، وأبا طالب بن يوسف. روى عنه: أبو بكر الحازمي، وابن الأخضر، وآخرون. توفي في جمادى الآخرة وله سبع وسبعون سنة. وقيل: إحدى وثمانون سنة. 4 (حرف الهاء)

4 (هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم.) أبو طاهر الحلبي، الخطيب. شيخ زاهد خيّر بارع في العربية. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني، والخطيب يونس بن محمد الفارقي. وتوفي في جمادى الآخرة. وروى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وقال: كان خطيب حلب، جامعاً لفنون شتّى. وقال ابن النجار: أديب، بليغ، فصيح، له تصانيف وخطب، وله كتاب التنبيه عن اللحن الخفي. قرأ عليه حمزة بن القبّيطي. عاش ثلاثاً وثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 246 4 (هبة الله بن المبارك بن بكري الحريمي.) من بيت رواية. سمع: أبا الحسن الدينوري، وابن الحصين، أخذ عنه ابن مشّق، وغيره. وتوفي في شوال. وروى عنه: عبد الوهاب بن برغش، وعبد الرحمن بن عمر الغزّال. 4 (هبة الله بن أبي الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد.) أبو العباس بن الجلخت الواسطي، المعدّل. ثقة، صحيح السماع، من بيت رواية وعدالة. ولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة. وسمع: أبا نعيم محمد بن إبراهيم الجماري، وأبا نعيم محمد بن زبزب، ومحمد بن محمد بن السوادي.) وسمع ببغداد من: هبة الله بن البخاري، وأبا بكر القاضي. وروى الكثير. روى عنه: أبو عبد الله بن الدّبيثي وترجمه، وقال: توفي في رجب. حرف الياء 4 (يحيى بن علي بن يحيى ين العافية.) المؤذّن أبو زكريا الدمشقي، المقري. سمع من: جمال الإسلام أبي الحسن. كتب عنه: أبو المواهب بن صصرى، وقال: توفي في ربيع الأول.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 247 4 (الكنى)

4 (أبو الفهم بن فتيان بن حيدرة.) البجلي، الدمشقي ابن الكاتب. زاهد عابد ورع. روى عن: جمال الإسلام. وعنه: ابن صصرى. وفيها ولد: أبو البيان بن سعد الله بن راهب الحموي بحماه وشمس الدين إسحاق بن بلكويه، وأبو الفتح عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي، وعبد العزيز بن عبد الوهاب الكفرطابي، وعماد الدين بن الحرستاني، وكمال الدين أحمد بن نعمة بنابلس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 248 4 (وفيات سنة ثمان وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي الحسن بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة.) الزاهد الكبير، سلطان العارفين في زمانه أبو العباس الرفاعي، المغربي، رضي الله عنه. قدم أبوه العراق وسكن البطائح بقرية اسمها أم عبيدة، فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد،) ورزق منها بأولاد منهم الشيخ أحمد بن الرفاعي رحمه الله. وكان أبو الحسن مقرئاً يؤمّ بالشيخ منصور، فمات وزوجته حامل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 249 بالشيخ أحمد، فربّاه خاله منصور، فقيل إنه ولد في أول المحرم سنة خمسمائة. ويروى عن الشيخ يعقوب بن كراز قال: كان سيدي أحمد بن الرفاعي في المجلس، فقال لأصحابه: إي سادة، أقسمت عليكم بالعزيز سبحانه، من كان يعلم فيّ عيباً يقوله. فقام الشيخ عمر الفاروقي وقال: إي سيدي، أنا أعلم فيك عيباً. فقال: يا شيخ عمر، قله لي. قال: إي سيدي عيبك نحن الذين مثلنا في أصحابك. فبكى الشيخ والفقراء وقال: أي عمر، إن سلم المركب حمل من فيه في التّعدية. وقيل إن هرّةً نامت على كمّ الشيخ أحمد، وجاء وقت الصلاة، فقصّ كمّه ولم يزعجها، وعاد من الصلاة فوجدها قد فاقت، فوصل الكمّ بالثوب وخيّطه وقال: ما تغيّر شيء. وعن يعقوب بن كراز، وكان يؤذن في المنارة ويصلّي بالشيخ، قال: دخلت على سيدي أحمد في يوم بارد، وقد توضّأ ويده ممدودة، فبقي زماناً لا يحرك يده، فتقدّمت وجئت أقبّلها فقال: أي يعقوب، شوّشت، على هذه الضعيفة. فقلت: من هي. قال: بعوضة كانت تأكل رزقها من يدي، فهربت منك. قال: ورأيته مرةً يتكلم ويقول: يا مباركة ما علمت بك، أبعدتك عن وطنك. فنظرت فإذا جرادة تعلّقت بثوبه، وهو يعتذر إليها رحمةً لها. وعنه قال: سلكت كل الطرق الموصلة، فما رأيت أقرب ولا أسهل ولا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 250 أصحّ من الافتقار، والذلّ، والانكسار. فقيل له: يا سيدي، فكيف يكون قال: تعظّم أمر الله، وتشفق على خلق الله، وتقتدي بسنّة سيدك رسول الله. وورد أنه كان فقيهاً، شافعي المذهب. وعن الشيخ يعقوب بن كراز قال: كان سيدي أحمد إذا قدم من سفر شمّر، وجمع الحطب، ثم يحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين، فكان الفقراء يوافقونه ويحتطبون معه. وربما كان يملأ الماء للأرامل ويؤثرهم رحمه الله.) قيل له: أي منصور أطلب. فقال: أصحأبي. فقال رجل لسيدي أحمد: يا سيدي وأنت أيش فبكى فقال: أي فقير، ومن أنا في البين، ثبّت نسب وأطلب ميراث. فقلت: يا سيدي أقسم عليك بالعزيز أيش أنت قال: أي يعقوب، لمّا اجتمع القوم وطلب كل واحد شيئاً دارت النوبة إلى هذا اللاشيء أحمد وقيل: أي أحمد أطلب. قلت: أي ربّ علمك محيط بطلبي. فكرر عليّ القول، قلت: أي مولاي، أريد أن لا أريد، وأختار أن لا يكون لي اختيار. فأجابني، وصار الأمر له وعليه. أي يعقوب، من يختاره العزيز يحببه إلى هذه البقعة. وعن يعقوب قال: مرّ سيدي على دار الطعام، فرأى الكلاب يأكلون التمر من القوصرّة، وهم يتجارشون، فوقف على الباب لئلا يدخل إليهم أحد يؤذيهم، وهو يقول: إي مباركين اصطلحوا وكلوا، وإلاّ يدروا بكم منعوكم. ورأى فقيراً يقتل قملةً فقال: لا واخذك الله، شفيت غيظك وعن يعقوب، قال لي سيدي أحمد: يا يعقوب، لو أن عن يميني خمسمائة يرّوحوني بمراوح الندّ والطيب، وهم من أقرب الناس إلي، وعن يساري مثلهم من أبغض الناس إليّ، معهم مقاريض يقرضون بها لحمي، ما

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 251 زاد هؤلاء عندي، ولا نقص هؤلاء عندي بما فعلوه. ثم قرأ: كي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختار فخور. وكان سيدي أحمد إذا حضر بين يديه تمر أو رطب ينقّي الشيص والحشف لنفسه يأكله ويقول: أنا أحق بالدون من غيري، فإني مثله دون. وكان لا يجمع بين لبس قميصين لا في شتاء ولا في صيف، ولا يأكل إلا بعد يومين ثلاثة أكلةً. وإذا غسل ثوبه نزل في الشطّ كما هو قائم يفركه، ثم يقف في الشمس حتى ينشف. وإذا ورد عليه ضيف يدور على بيوت أصحابه يجمع الطعام في مئزر. وأحضر ابن الصيرفي وهو مريض ليدعو له الشيخ ومعه خدمه وحشمه، فبقي أياماً لم يكلمه، فقال يعقوب بن كراز: أي سيدي ما تدعو لهذا المريض. فقال: أي يعقوب، وعزّة العزيز لأحمد كل يوم عليه مائة حاجة مقضيّه، وما سألتموه منها حاجةً واحدة. فقلت: أي سيدي فتكون واحدة لهذا المريض المسكين.) فقال: لا كرامة ولا عزازة، تريدني أن أكون سيّء الأدب. لي إرادة وله إرادة. ثم قرأ: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين أي يعقوب، الرجل المتمكّن في أحواله، إذا سأل حاجةً وقضيت له، نقص تمكّنه درجةً. فقال: أراك تدعو عقيب الصلوات وكل وقت. قال: ذاك الدعاء تعبّد وامتثال. ودعاء الحاجات لها شروط، وهو غير هذا الدعاء. ثم بعد يومين تعافى ذلك المريض.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 252 وعن يعقوب أنه سأل الشيخ أحمد: أي سيدي، لو كانت جهنّم لك ما كنت تصنع بهاتعذّب بها أحداً فقال: لا وعزّته، ما كنت أدخل بها أحداً. فقال: أي شيخ، فأنت تقول إنّك أكرم ممن خلقها لينتقم بها ممن عصاه. فزعق وسقط على وجهه زماناً، ثم أفاق وهو يقول: من هو أحمد في البين يكرّرها مرات. وقال: أي يعقوب، المالك يتصرف سبحانه. وعن يعقوب أن الشيخ أحمد كان لا لأحد من أبناء الدنيا، ويقول: النظر إلى وجوههم يقسّي القلب. وعن الشيخ يعقوب، وسئل عن أوراد سيدي أحمد، فقال: كان يصلّي أربع ركعات بألف قل هو الله أحد. ويستغفر الله كل يوم ألف مرّة، واستغفاره أن يقول: لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، عملت سوءاً، وظلمت نفسي، وأسرفت في أمري، ولا يغفر الذنوب إلاّ أنت، فاغفر لي، وتب عليّ، إنك أنت التوّاب الرحيم. يا حيّ يا قيّوم، لا إله إلاّ أنت. وذكر غير ذلك. وكان يترنّم بهذا البيت: (إن كان لي عند سليمى قبول .......... فلا أبالي بما يقول العذول) وكان يقول: (ومستخبر عن سرّ ليلى تركته .......... بعمياء من ليلى بغير يقين)

(يقولون: خبّرنا، فأنت أمينها .......... وما أنا إن خبّرتهم بأمين) ويقول: (أرى رجالاً بدون العيش قد قنعوا .......... وما أراهم رضوا الدنيا على الدّين) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 253 (إذا رأيت ملوك الأرض أجمعها .......... بلا مرآء ولا شك ولا مين)

(وقيل هو فوقهم في الناس مرتبةً .......... فقل نعم ملك في زي مسكين)

(ذاك الذي حسنت في الناس سيرته .......... وصار يصلح للدنيا وللدين) ويقول: (أغار عليها من أبيها وأمّها .......... ومن كل من يرنو إليها وينظر)

(وأحذر من حدّ المرآة بكفّها .......... إذا نظرت منك الذي أنا أنظر) ومنه: (إذا تذكّرت من أنتم وكيف أنا .......... أجللت ذكركم يجري على بالي)

(ولو شريت بروحي ساعةً سلفت .......... من عيشتي معكم ما كان بالغالي) وكان كثير التعظيم لخاله سيّدي الشيخ منصور، ويقول للفقراء: إذا قبّلتم عتبة الشيخ منصور، فإنما تقبّلون يده. ويقول: أنا ملاّح لسفينة الشيخ منصور، فاسألوا ربّنا به في حوائجكم. وكان يقول: إلى أن ينفخ في الصور لا يأتي مثل طريق الشيخ منصور. وعن ابن كزار: سمعت يوسف بن صقير المحدّث يقول: كنّا في قرية الصريّة مع سيدي أحمد، وقد غنّى ابن هديّة: (لو يسمعون كما سمعت حديثها .......... خرّوا لعزّه ركّعاً وسجودا) فقام سيدي وتواجد، وردّد البيت، ولم يزل حتى كادت قلوب الفقراء تنفطر. وكان ذلك في بدايته بعد موت الشيخ منصور. ولمّا كان في النهاية بقي سبع سنين لا يسمع الحادي وهو قريب منه حتى توفي. وعنه قال: ذكر الشيخ جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي أن سبب وفاة سيدي أحمد أبيات أنشدت بين يديه، تواجد عند سماعها تواجداً كان سبب مرضه الذي مات فيه. وكان المنشد لها الشيخ عبد الغني بن نقطة حين زاره، وهي: (إذا جنّ ليلي هام قلبي بذكركم .......... أنوح كما ناح الحمام المطوّق)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 254 (وفوقي سحاب يمطر الهمّ والأسى .......... وتحتي بحار بالدموع تدفّق)

(سلوا أمّ عمرو كيف بات أسيرها .......... تفكّ الأسارى دونه وهو موثّق)

(فلا أنا مقتول ففي القتل راحة .......... ولا أنا ممنون عليّ فأعتق) ) قال: وتوفي يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين. وعن يعقوب بن كراز قال: كان سيدي أحمد والفقراء في نهر وليد فقال: لا إله إلاّ الله، قد حان أوان هذا المجلس، فليعلم الحاضر الغائب أن أحمد يقول، وأنتم تسمعون: من خلا بامرأة أجنبية، فأنا منه بريء، وربنا سبحانه منه بريء، ومن خلا بأمرد فكذلك، ومن نكث البيعة فإنما ينكث على نفسه. ثم قام من مجلسه. وبعد شهر عبر إلى الله، ودفن في قبّة الشيخ يحيى النجار. وحكى الشيخ محمد بن أبي بكر بن أبي طالب الصوفي أنه سمع جدّه عفيف الدين أبا طالب يقول: سمعت الشيخ عبد الرحمن شملة يقول: سمعت سيدي علي يقول: لما حضرت الوفاة سيدي أحمد قبلها بأيام قلت: أي سيدي، ما نقول بعدك، وأيش تورّثنا فقال: أي علي، قل عنّي إنه ما نام ليلةً إلاّ وكل الخلق أفضل منه، ولا حرد قط، ولا رأى لنفسه قيمةً قط. وأما ما أورثه فيا ولدي تشهد أنّ لي مال حتى أورثكم إنما أورثكم قلوب الخلق. فلما سمعت من سيدي خرجت إلى الشيخ يعقوب بن كراز فأخبرته، فقال: لك حسب، أو لذريّتك معك فعدت إلى سيدي فقلت له فقال: لك

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 255 ولذريّتك إلى يوم القيامة البيعة عامة، والنعمة تامة، والضمين ثقة، هي اليوم مشيخة وإلى يوم القيامة مملكة بمشيخة. نقلت أكثر ما هنا عن يعقوب من كتاب مناقب ابن الرفاعي رضي الله عنه. جمع الشيخ محيي الدين أحمد بن سليمان الهمّامي، الحسيني، الرفاعي، شيخ الرواق المعمور بالهلالية، بظاهر القاهرة، سمعه منه الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن الشيخ أبو طالب الأنصاري، الرفاعي الدمشقي، ويعرف بشيخ حطّين، بالقاهرة سنة ثمانين وستمائة. وقد كتبه عنه مناولةً وإجازةً المولى شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجزري، وأودعه تاريخه في سنة خمس وسبعمائة، فأوّله قال: ذكر ولادته. ثم قال: قال الشيخ أحمد بن عبد الرحمن ابن الشيخ يعقوب بن كراز وأكثر الكتاب عن الشيخ يعقوب، وهو نحو من أربعة كراريس. وهو ثمانية فصول في مقاماته وكراماته، وغير ذلك. وهي بلا إسناد، وقع الاختيار منها على هذا القدر الذي هنا. وتوفي الشيخ ولم يعقب. وإنما المشيخة في أولاد أخيه.) قال القاضي ابن خلّكان: كان رجلاً صالحاً، شافعيّاً، فقيهاً، انضم إليه خلق من الفقراء، وأحسنوا فيه الإعتقاد، وهم الطائفة الرفاعية، ويقال لهم الأحمدية. ويقال لهم البطائحية. ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيّات حيّةً، والنزول إلى التنانير وهي تضرم ناراً، والدخول إلى الأفرنة، وينام الواحد منهم في جانب الفرن والخبّاز يخبز في الجانب الآخر. وتوقد لهم النار العظيمة، ويقام السماع، فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ. ويقال إنهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه. ولهم أوقات معلومة يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يحصون ويقومون بكفاية الجميع. والبطائح عدّة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 256 أحمد بن المسلم. سيأتي. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن المعمّر.) أبو جعفر البغدادي. سمع: أبا القاسم بن بيان. وعنه: نسيبه أبو طالب بن علي بن جعفر. مات في صفر. قاله ابن النجار. 4 (الحسن بن علي بن الحسين بن شيرويه.) أبو علي الدّيلمي الأصل، الأزجي. سمع: أبا الغنائم محمد بن علي النرسي. روى عنه: أحمد وتميم ابنا البندنيجي، ونصر بن الحصري، وأبو الحسن بن المقيّر، وجماعة. وتوفي في وسط السنة. 4 (الحسن بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطّلب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 257 فخر الدولة أبو المظّفر ابن الوزير أبي المعالي. كان متصوّفاً زاهداً كثير الحج والصدقات والأوقاف، كبير الشأن، وافر الحرمة. له جامع كبير) بغربي بغداد. له مدرسة بشرقي بغداد ورباط، ولم يدخل في الولايات. سمع: أبا الحسن العلاّف وقرأ الأدب على أبي بكر بن جوامرد. وامتنع في كبره من الرواية. وقد سمع منه: أبو سعد السمعاني، وأحمد بن صالح الجيلي، والكبار. وتوفي في شوال. 4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الملك بن علي بن طاوس.) أبو طالب الدمشقي. قرأ القرآن الكريم على أبي الوحش سبيع بن قيراط صاحب أبي علي الأهوازي، وهو آخر من قرأ في الدنيا عليه، وآخر من سمع من الشريف أبي القاسم النسيب، وأبي الحسن علي بن طاهر. ومولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وكان أبوه وجده من كبار المقرئين. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم. وقال أبو القاسم: توفي في ثامن شوال. وروى عنه أيضاً: موفق الدين بن قدامة، والشمس والضياء ابنا عبد الواحد، والبهاء عبد الرحمن، وزين الأمناء، وطائفة سواهم، وأحمد بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 258 الحسن بن ريش، والعزّ النّسّابة، ولإبراهيم بن الخشوعي. 4 (خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف بن داحة.) أبو القاسم الأنصاري، القرطبي، المحدّث. حافظ الأندلس في عصره ومؤرّخها ومسندها. ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وسمع: أباه، وأبا محمد بن عتّاب فأكثر، وأبا بحر بن العاص، وأبا الوليد بن رشد، وأبا الوليد بن طريف، وأبا القاسم بن بقيّ، وخلقاً. ورحل إلى إشبيلية فسمع: شريح بن محمد، وأبا بكر بن العربي.) وأجاز له: علي بن سكّرة، وأبا القاسم بن منظور، وطائفة. ومن العراق: أبو المظفّر هبة الله الشلبي بأخرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 259 وله معجم مفيد. قال أبو عبد الله الأبّار: كان متّسع الرواية، شديد العناية بها، عارفاً بوجوهها، حجّة، مقدّماً على أهل وقته، حافظاً، حافلاً، إخبارياً، تاريخياً، ذاكراً لأخبار الأندلس القديمة والحديث. سمع العالي والنازل. وأسند عن شيوخه نيّفاً وأربعمائة كتاب بين صغير وكبير. ورحل إليه الناس وأخذوا عنه. وثنا عنه جماعة، ووصفوه بصلاح الدخلة، وسلامة الباطن وصحة التواضع، وصدق الصبر للطلبة، وطول الاحتمال: وألّف خمسين تأليفاً في أنواع العلم. وولّي بإشبيلية قضاء بعض جهاتها لأبي بكر بن العربي. وعقد الشروط، والرواة عنه لا يحصون، منهم: أبو بكر بن خير، وأبو القاسم القنطري، وأبو القاسم بن سمحون، وأبو الحسن بن الضحّاك. وكلهم ماتوا قبله. وصنّف كتاب الصّلة في علماء الأندلس، وصل به تاريخ ابن الفرضي. وقد حمله عنه شيخه أبو العباس بن العريف الزاهد. قلت: وله كتاب الحكايات المستغربة مجلّد، وغوامض الأسماء المبهمة عشرة أجزاء، وكتاب معرفة العلماء الأفاضل أحد وعشرون جزءاً، وطرق حديث المغفر ثلاثة أجزاء، القربة إلى الله بالصلاة على نبيّه جزء كبير، من روى الموطّأ عن مالك في جزءين، اختصار تاريخ أبي بكر القشّي في تسعة أجزاء، أخبار سفيان بن عيينة جزء كبير، أخبار ابن المبارك جزءآن، أخبار الأعمش ثلاثة أجزاء، أخبار النّسائي جزء، أخبار زيادة شبطون جزء، أخبار المحاسبي جزء، أخبار أبي القاسم جزء، أخبار إسماعيل القاضي جزء، أخبار ابن وهب جزء، أخبار أبي المطرّف عبد الرحمن بن مرزوق القنازعي جزء، قضاة قرطبة ثلاثة أجزاء،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 260 المسلسلات جزء، طرق من كذب عليّ جزء إلى غير ذلك. وممن روى عنه: أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد، وأحمد بن عبد المجيد المالقي، وأحمد بن محمد الأصلع، وأبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي، وأحمد بن عيّاش المرسي، وأحمد بن أبي حجة القيسي، وثابت بن محمد الكلاعي، ومحمد بن إبراهيم بن) صلتان، ومحمد بن عبد الله الصفار القرطبي، وموسى بن عبد الرحمن الغرناطي، وأبو الخطاب عمر بن دحية، وأخوه عثمان بن دحية. وبالإجازة: أبو الفضل جعفر بن علي الهمذاني، وأبو القاسم سبط السلفي، وآخرون. قال الأبّار: توفي في ثامن رمضان. ودفن بقرب قبر يحيى بن يحيى الليثي وله أربع وثمانون سنة. 4 (خليفة بن المسلم بن رجاء.) أبو طالب التنوخي، الإسكندراني، ويعرف بأحمد اللخمي. قال أبو الحسن بن المفضل الحافظ: غلب عليه أحمد. سمع: أبا عبد الله الرازي، وأبا بكر الطرطوشي، وعبد المعطي بن مسافر. وكان عارفاً بالفقه والأصول، ماهراً في علم الكلام وفيه لين فيما يرويه، إلاّ أنّا لم نسمع منه إلاّ من أصوله. توفي في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 261 قلت: وروى عنه: أبو القاسم بن رواحة، وعبد الوهاب بن رواج، وأبو علي الأوقي، وبنا بن هجّام. 4 (....) العبد الصالح. توفي بالقاهرة، في ذي القعدة. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.) الخطيب أبو الفضل بن أبي نصر الطوسي، ثم البغدادي، نزيل الموصل وخطيبها. ولد في صفر سنة سبع وثمانين وأربعمائة. وسمع حضوراً من: طراد الزينبي، وأبي عبد الله بن طلحة النعالي، وطائفة. وسمع من: ابن البطر، والطريثيثي، وأحمد بن عبد القادر، وأبي الفضل محمد بن عبد السلام، وجعفر السراج، وأبي الخطاب بن الجرّاح، وأبي غالب الباقلاني، وأبي الحسن بن أيّوب البزّار، ومنصور بن حيد،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 262 والحسين بن البسري وأبي منصور الحنّاط، وجماعة.) وتفرّد بالرواية عن أكثرهم. وكان في نفسه ثقة. وكان أبو بكر الخازمي إذا روى عنه قال: أنا أبو الفضل من أصله العتيق يقول ذلك احترازاً مما زوّر له وغيره محمد بن عبد الخالق اليوسفي. لكن لما بيّن المحدثون ذلك للخطيب أبي الفضل رجع عن روايته. ثم خرّج لنفسه المشيخة المشهورة من أصوله. روى عنه: أبو سعد السمعاني. وعبد القادر الرّهاوي، وأبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، والقاضي أبو المحاسن يوسف بن شدّاد، وأبو الحسن علي بن الأثير، وأبو البقاء يعيش النحوي، وعبد الكريم بن عبد الرحمن الترأبي، وأبو الخير إياس الشهرزوري، وإبراهيم بن يوسف بن خنّة الكتبي الموصلي، وآخرون. قال الشيخ الموفق: كان شيخاً حسناً. قرأت عليه المعتقد لعبد الرحمن بن أبي حاتم. فكتب في آخره سماعي، وكتب: هذا اعتقادي وبه أدين لله تعالى. ولم نر منه إلا الخير. وقال ابن الدّبيثي: أنشدنا لنفسه كتابةً: (أقول وقد خيّمت بالخيف من منىً .......... وقرّبت قرباني وقضّيت أنساكي)

(وحرمة بيت الله ما أنا بالذي .......... أملّك مع طول الزمان وأنساك) توفي رحمه الله في رمضان في اثنتين وتسعين سنة. وقال الحافظ ابن النجار في تاريخه: ولد ببغداد، وقرأ الفقه والأصول

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 263 على إلكيّا أبي الحسن علي بن محمد الهرّاسي، وأبي بكر الشاشي. وقرأ الأدب على: أبي زكريا التبريزي، وأبي محمد الحريري. وسمع بإصبهان من: أبي علي الحداد وبنيسأبور من: أبي نصر بن القشيري وبترمذ من: أبي المظفر ميمون بن محمد، وبالموصل من: أبيه وعمّه. وولي خطابتها زماناً. وتفرّد وقصده الرحالون. ثنا عنه: هبة الله بن باطيش، وعلي الطبيب، وأبو الحسن محمد بن القطيعي. 4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن حمنيس.) أبو محمد السرّاج البغدادي. وقيل اسمه عبيد الله. سمع: أحمد بن المظفّر بن سوسن، وأبا القاسم بن بيان، وأبا العز محمد بن المختار، وأبا) الحسن بن العلاّف، وأبا سعد بن خشيش. قال ابن الأخضر: كان عاميّاً لا يفهم، ولا يحسن أن يصلي، ولا يقرأ التحيات. قلت: روى عنه: تميم البندنيجي، ونصر بن الحصري، وأبو عبد الله بن الدّبيثي، وأبو صالح الجيلي، ومحمد بن إسماعيل الطبال، وعبد اللطيف بن المبارك النهرواني، وآخرون. ومات في رجب عن سنّ عالية. 4 (عبد الله بن عبد الله.) أبو الخير الرومي، الجوهري، مولى جعفر الطيبي. قال الدّبيثي: كان خيّراً حافظاً للقرآن. قرأ لأبي عمرو على أبي العز

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 264 القلانسي سنة سبع عشرة وخمسمائة ببغداد. وأقرأ الناس. وروى عن: أبي القاسم بن الحصين. 4 (عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فتوح.) أبو محمد الحضرمي، الداني، النحوي، المعروف بعبدون، وبابن صاحب الصلاة. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن سعيد الداني، وقرأ عليه الأدب، وعلى: والده يحيى، وأبي الحسن طاهر. وحمل عن: الحافظ أبي الوليد بن خيرة. وأقرأ النحو بشاطبة زماناً. ثم أدّب بني صاحب بلنسية. وكان مبرّزاً في العربية، مشاركاً في الفقه وقول الشعر، متواضعاً، طيب الأخلاق. أخذ عنه جلّ منهم: أبو جعفر الذهبي، وأبو الحسن بن حريق، وأبو محمد بن نصرون، وأبو الربيع بن سالم. وتوفي في مستهلّ رجب ببلنسية وله إحدى وستون سنة. 4 (عبد الله بن القاضي أبي خازم محمد بن القاضي أبي يعلى بن الفرّاء.) الحنبلي أخو أبي يعلى الصغير. سمع: أباه، وابن الحصين، وابن كادش. وعنه: القطيعي، وعبد الله بن أحمد الخباز. ولد سنة عشر وخمسمائة.) ومات في ذي الحجّة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 265 4 (... بن عبد الله بن علوان.) أبو عبد الله الأسدي، الحلبي المجاور بالحجاز، أخو أبي محمد ابن الأستاذ. إمام زاهد عابد. علّق عنه أبو المواهب بن صصرى، وقال: أقام بالحجاز سنين، وكان للمجاورين به راحة. قدم علينا سنة ثمان وسبعين، ثم سأل من صلاح الدين أن يرسل معه من يخفره إلى المدينة، فأرسل معه من خفره، فوصل ومرض، فمات في شعبان منها. 4 (علي بن أنوشتكين.) أبو الحسن الجوهري. روى عن: أبي النرسي. سمع منه: عمر بن علي، وغيره. وتوفي في رجب وقد نيّف على الثمانين. 4 (علي بن الحسين.) أبو الحسن الأندلسي، النجار، الزاهد المعروف بابن سعدوك من جزيرة شقر. سكن بلنسية. قال الأبّار: كان من أهل الزهد والصلاح التام والعلم، يستظهر كثيراً من صحيح مسلم. وتؤثر عنه كرامات مشهورة ومقالات عجيبة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 266 وكان يخبر بأشياء خفيّة لا تتوانى أن تظهر جليّة. وكان أمّاراً بالمعروف، نهّاءاً عن المنكر. يجلس للناس ويعظ. وكانت العامة حزبه. ولما مات ازدحم الخلق على نعشه رحمه الله. 4 (عيسى بن عمران.) أبو موسى المكناسي. صحب أبا القاسم بن ورد واختص به. وكان يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي القاسم بن ورد. ولقي بأغمات أبا محمد اللخمي فسمع منه في سنة ثلاثين. وكان من الراسخين في العلم، قائماً على الأصول والفروع، أديباً شاعراً، خطيباً، مفوّهاً، مدركاً، من رجال الكمال.) ولي قضاء مراكش فحمدت سيرته. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وتوفي في شعبان وله ست وستون سنة. 4 (حرف الفاء)

4 (فرّوخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.) الملك عز الدين أبو سعد، صاحب بعلبك، ابن أخي السلطان صلاح الدين. كان كثير الصدقة التواضع، ولديه فضيلة في العربية والشعر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 267 ناب عن صلاح الدين بالشام، وكان للتاج الكندي به اختصاص. وقد مدحه هو والعماد الكاتب. توفي بدمشق في جمادى الأولى، ودفن بقبّته. ومدرسته بالشرف الأعلى. وولي بعلبك بعده ابنه الملك الأمجد. 4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن عمر.) الأديب البارع، أبو عبد الله البغدادي، المؤدب، ويعرف بالخليع، الشاعر مدح الخلفاء والوزراء. روى عنه: أبو الحسن بن القطيعي. وكان من فحول الشعراء. له قصيدة طنانة في المستضيء. مات في جمادى الأولى سنة ثمان، وله إحدى وستون سنة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبيد الله بن حسين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 268 أبو المفضل الآمدي ثم الواسطي. سبط ابن الأغلاقي. من أهل القرآن والحديث والتصوّف. سمع من: أحمد بن محمد بن حمدون المقرئ، والمبارك بن إبراهيم الخطيب، وأبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي. وتوفي في ذي الحجة بواسط، وله ثلاث وسبعون سنة. روى عنه: أبو عبد الله بن الدّبيثي في تاريخه.) 4 (محمد بن عبد الملك بن علي بن محمد.) أبو المحاسن الهمذاني. كان أبوه محدّثاً مكثراً، قدم بغداد واستوطنها. وسمع محمد من: ابن الفاعوس، وابن الحصين، وأحمد بن رضوان، وزاهر بن طاهر. وكان محمد ثقة مطبوعاً، سمع منه جماعة. وتوفي في ذي الحجة. أجاز لابن الدّبيثي، وللشيخ الضياء. وحدّث عنه: عبد الرحمن بم عمر الغزّال. 4 (محمد بن عتيق بن عطّاف.) أبو عبد الله الأنصاري اللاردي، المعروف بابن المؤذن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 269 سكن بلنسية. وأخذ عن: أبي محمد القلني وناظر عليه في المدوّنة. ورحل إلى قرطبة فناظر على أبي عبد الله بن الحاج. وقدم للشورى والفتيا ببلنسية. وكان عارفاً بالفقه، حافظاً إماماً. توفي رحمه الله في شعبان وقد تعدّى الثمانين. 4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.) أبو عبد الرحمن بن أبي الفتح الكشمهيَنيّ، المروَزيّ، الواعظ. والد أبي المجاهد محمود. قدِم بغداد سنة ستين وخمسمائة. وحدّث بصحيح مسلم عن الفُراوي في مجلس الوزير ابن هبيرة. وسمع أيضاً من: أبي بكر محمد بن منصور السمعانيّ، وأبا حنيفة النعمان ابن إسماعيل، وأبا منصور محمد بن علي الكراعيّ. وقد سمع ببغداد من: هبة الله بن الطّبر، وأبي غالب بن البنّا. وسمع بنيسأبور من: أحمد بن علي بن سلموَيه، والفراويّ، وعبد الغافر بن إسماعيل. وقد قدم الشام وحدّث بها. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصريّ، والأستاذ عبد الرحمن الأسَديّ بحلب، وزين الأُمناء ابن) عساكر، وأبو القاسم بن صصرى بدمشق حدّث بها

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 270 هو وابنه محمود ولم يذكرهما ابن عساكر في تاريخه فإنّهما قدما دمشق بعد أن فرغ من التاريخ. وآخر من روى عنه: أبو إسحاق الكاشغَريّ. سمع منه جزء الكراعيّ أو بعضه في سنة ستين وخمسمائة. وكان ورعاً ديّناً، مليح الوعظ. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وغيره. وتوفّي في المحرّم بمَرو، وله خمس وثمانون سنة إلاّ شهراً. 4 (محمد بن مالك بن أحمد بن مالك.) أبو بكر وأبو عبد الله الميريليّ نزيل إشبيلية. أخذ القراءآت عن شُريح، والعربية عن أبي العبّاس بن حاطب. وروى عن: أبي بكر بن العربي. وحجّ وحدّث. وكان فاضلاً زاهداً مشاراً إليه بإجابة الدعوة. روى عنه: ثابت بن خيار وقرأ عليه كتاب سيبويه، وأبو إسحاق الأصبحيّ، وأخذ عنه القراءآت وأجاز له في شوّال من السنة. 4 (مروان بن عبد الله بن مروان بن محمد.) أبو عبد الملك البلَنسيّ، قاضي بلَنسِية ورئيسها. سمع من: أبي الحسن بن هُذيل، وأبي عبد الله بن سعيد الدّاني، وأبي الوليد الدبّاغ. وأجاز له أبو عليّ بن سكّرة، وجماعة. ووُلي القضاء سنة تسع وثلاثين، ثم تأمّر ببلده عند انقراض الدولة اللمتونيّة في شوّال من سنة تسع، وبويع بالإمرة في صفر سنة أربعين. ثم خُلع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 271 بعد قليل، وحبسه اللمتونيّون في حصن سيف عشرة سنين. ثم خلّص وسار إلى مرّاكش وحدّث بها. قال الأبّار: أخذ عنه: أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله، وعقيل بن عطيّة، وأبو الخطّاب بن الحميّل، وأخوه عثمان. ومات بمرّاكش وله أربع وسبعون سنة. 4 (مسعود بن محمد بن مسعود.) قطب الدين النَيسأبوريّ أبو المعالي الطُرَيثيثيّ، الفقيه الشافعيّ، نزيل دمشق.) ولد سنة خمس وخمسمائة. ورأى: أبا نصر عبد الرحيم بن القشيريّ. وتفقّه بنيسأبور على ابن يحيى. وقرأ الأدب على والده أبي عبد الله الطُرَيثيثيّ. ثم رحل إلى مرو، فتفقّه على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المَروَزيّ. وسمع من: هبة الله السّدّيّ، وعبد الجبّار البيهقيّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 272 ودرّس بنظاميّة نيسأبور نيابة، واشتغل بالوعظ. وورد بغداد ووعظ بها، وحصل له القبول التام. وكان ديّناً، عالماً، متفنّناً. ثم راح إلى دمشق سنة أربعين، وأقبلوا عليه، ودرّس بالمجاهديّة ثم بالزاوية الغزاليّة بعد موت أبي الفتح نصر الله المصّيصيّ. وكان حسن النّظَر. ثم خرج إلى حلب، وولي بها تدريس المدرستين اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين، ثم مضى إلى همَذان وولي بها التدريس مدّة، ثم عاد إلى دمشق، ودرّس بالغزاليّة وحدّث، وتفرّد برئاسة الشافعية. قال القاسم بن عساكر: كان حسن الأخلاق، متودّداً، قليل التصنّع. مات في سلخ رمضان. ودفن يوم العيد. قلت: ورد بغداد رسولاً، وكتب عنه: عمر بن علي القرشيّ، وأبو المواهب بن صصرى، وأجاز للبهاء عبد الرحمن، وللحافظ الضياء. وروى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وتاج الدين عبد الله بن حمُّوَيه. وتخرّج به جماعة. وقيل إنّه وعظ مرّةً، فسأل نور الدين أن يحضر مجلسه، فحضر فشرع في وعظه يناديه كما كان يفعل البرهان البلخيّ شيخ الحنفيّة، فقال للحاجب: اصعد إليه، وقل له لا تخاطبني باسمي. فسُئل نور الدين عن ذلك فيما بعد. فقال: إنّ البلخيّ كان إذا قال يا محمود قامت كلّ شعرة في جسدي هيبة له، ويرقّ قلبي، والقطب إذا قال يا محمود يقسو قلبي ويضيق صدري. حكاها سبط ابن الجوزيّ، وقال: كان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 273 القطب غريقاً في بحار الدنيا. قلت: وكان معروفا بالفصاحة والبلاغة وكثرة النوادر ومعرفة الفقه والخلاف. تخرّج به) جماعة. ودرّس أيضاً بالجاروخيّة. ودفن بتربة أنشأها بغربيّ مقابر الصّوفيّة. وبنى مسجداً على الصخرات التي بمقبرة طاحون الميدان، ووقف كتُبه. 4 (معَدّ بن حسن بن عبد الله.) أبو تراب البغداديّ، المنادي. سمع: أبا سعد أحمد بن عبد الجبّار الصّيرفي، وهبة الله بن الحصين. سمع أحمد بن أحمد البندنيجيّ. وكان لا بأس به ينادي على السَّقط. وتوفّي في جُمادى الآخرة. 4 (مودود.) الذهبيّ، الزاهد، بغداديّ كبير القدر. قال ابن النّجّار: ذكر لي شيخنا السّهرورديّ أنّه كان من أولياء الله المكاشفين. قال: وصحِبته. قال ابن النجّار: وذكر لي أبو الحسن القطيعيّ: أُخذ مودود الذهبي في حادثة إلى باب النّوبيّ، فأمروا بضربه، فلما رفع الضارب بيده لم يقدر على حطّها. فأُطلق فأُطلقت يد الضارب، فانقطع عن الناس. وكان جارنا أبو البركات الشهرزوري يذكر لنا أحواله و كراماته. توفّي في هذا العام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 274 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل.) أبو محمد بن أبي نصر الشيرازيّ، ثم البغداديّ. ولد ببغداد سنة خمسمائة، وسمع بها: أبا عليّ بن نبهان، ومحمد بن الحسن بن باكير، الفارسيّ، وجماعة. وكان عدلاً فاضلاً، وصوفيّاً واعظاً. قدم دمشق سنة ثلاثين وخمسمائة فاستوطنها، وولي إمامة مشهد عليّ بالجامع. وفُوّض إليه عقد الأنكحة.) وكان ديّناً، حسن الطريقة. ولمّا توفّي في ربيع الأوّل خلَفه في إمامة المشهد ابنه القاضي أبو نصر. روى عنه: ابنه، وابن ابنه أبو المعالي أحمد بن محمد، وأبو المواهب بن صصرى، وآخرون. 4 (حرف الواو)

4 (وفاء بن أسعد بن النّفيس بن البهيّ.) أبو الفضل التّركيّ، ثم البغداديّ الخبّاز. شيخ صالح من أولاد الأجناد. سمعك أبا القاسم بن بيان، وأبا الخطّاب الكَلوَذانيّ، وأبا طاهر عبد الرحمن اليوسفيّ، وجماعة. وولد سنة خمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 275 روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وأبو محمد بن قُدامة، والبهاء عبد الرحمن، وأبو صالح الجيليّ، وجماعة. وقال أبو الفتوح بن الحصريّ: توفّي في ربيع الآخر. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أحمد بن يحيى بن سيدبونه.) أبو زكريّا الخزاعيّ، الدانيّ. روى عن: أبيه، وأبي إسحاق بن جماعة. وأخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن سعيد الدّانيّ. وحجّ، وسمع بالإسكندريّة. سمع منه في هذا العام محمد بن عمر بن عامر الدّانيّ. وفيها وُلد بعقرباء، مكّيّ بن عبد الرزّاق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 276 4 (وفيات سنة تسع وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بم محمد بن سليمان بن محمد.) الإمام أبو جعفر الأنصاريّ، الأندلسيّ، الملقّب بالطيلسان، لحسن بِزّته. أكثر عن أبي مروان بن مسَرّة، وغيره.) وطال عمره. قال حفيده أبو القاسم بن الطّيلسان: توفّي في صفر. 4 (إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان.) أبو إسحاق الأنصاريّ، الغَرناطيّ. سمع من: غالب بن عطيّة، وابن البادش، وأبي الوليد بن بقوة، وابن عتّاب. وقرأ بالروايات على: منصور بن الخير، وابن شفيع، وابن المطرِّف بن الورّاق. وسمع الموطّأ في يوم واحد على ابن موهب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 277 وله إجازة من أبي بكر الطّرطوشيّ. وأوّل سماعه سنة أربع عشرة وخمسمائة. وكان ذا تفنّن في العلوم. وُلّي القضاء بأماكن. روى عنه: أبو الخطّاب بن واجب. مات في جُمادى الأولى وله أربع وثمانون سنة رحمه الله تعالى. 4 (إسماعيل بن قاسم الزيّات.) المصريّ. روى عن: أبي صادق. مرشد بن يحيى المدينيّ، وغيره. روى عنه: الحافظ عبد الغنيّ، والشيخ أبو عمر، ونبا بن أبي المكارم الأطرابلُسيّ، وكريمة بنت عبد الحقّ القُضاعيّة، وجماعة. قال أبو الحسن بن المفضّل: أجاز لي ولولدَيَّ. وتوفّي رحمه الله بمصر في شعبان. 4 (حرف الباء)

4 (بُجَير بن عليّ بن بُجَير.) القاضي أبو الفتح الأشيريّ، الفقيه، نزيل دمشق. حدّث عن عبد الملك الكَروخيّ. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغيره.) وناب في القضاء عن الشهرزوريّ. ودرّس بالغزاليّة مدّة، وعاش نيّفاً وسبعين سنة. توفّي في تاسع ربيع الآخر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 278 4 (بوري.) تاج الملوك مجد الدين، أخو السلطان صلاح الدين. صار إلى عفو الله في الثالث والعشرين من صفر، وله ثلاث وعشرون سنة. وكان أصغر أولاد نجم الدين أيّوب. وكان أديباً فاضلاً له ديوان شِعر، فمنه: (ياحياتي حين يرضى .......... ومماتي حين يسخط)

(بين أجفانك وسلطان .......... على ضعفي مُسلط)

(قد تصبّرت وإن .......... برّح بي الشوق وأفرط)

(فلعلّ الدهر يوماً .......... بالتّلاقي منك يغلط) وله: (رمضان بلا مرضان إلاّ أنهم .......... غلطوا إذاً في قولهم وأساءوا)

(مرضان فيه تخالف، فنهاره .......... سِلّ وسائر ليله استسقاء.) وله:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 279 (أقبل من أعشقه راكباً .......... من جهة الغرب على أشهب)

(فقلت: سبحانك يا ذا العُلا .......... أشرقت الشمس من المغرب) توفّي رحمه الله على حلب من طعنة أصابت رُكبته يوم سادس عشر المحرّم يوم نزول أخيه عليها، فمرض منها. وكان السلطان قد أعدّ للصالح عماد الدين صاحب حلب ضيافة في المخيّم بعد الصلح، وهو على السِّماط إذ جاءه الحاجب فأسرّ إليه موت بوري، فلم يتغيّر وأمره بتجهيزه ودفنه سرّاً، وأعطى الضّيافة حقّها. فكان يقول: ما أخذنا حلب رخيصة. وبوري بالعربيّ: ذئب. 4 (حرف التاء)

4 (تقيّة.) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 280 أمّ عليّ. الشاعرة بنت المحدّث غيث بن عليّ السُّلَميّ الأرمنازيّ، ثم الصّوريّ. والدة المحدّث تاج الدين عليّ بن فاضل بن صمدون الصّوري. صحبت السِّلفي بالإسكندريّة، تعاليقها، وقال: عثُرتُ في منزلي، فانجرح أخمصي، فشقّت وليدة في الدار خِرقةً من خمارها وعصَبتها، فأنشدت تقيّة في الحال لنفسها: (لو وجدت السبيل جُدتُ بخدّي .......... عوضاً عن خمار تلك الوليدة)

(كيف لي أن أُقبِّل اليوم رِجلاً .......... سلكت دهرَها الطريق الحميدة.) وذكر الحافظ تقي الدين المنذريّ أنّ تقيّة نظمت قصيدة تمدح بها الملك المظفّر تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين، فوصفت الخمر وآلة المجلس فلمّا قرأها قال: الشيخة تعرف هذه الأحوال من صباها. فبلغها ذلك، فعملت قصيدةً أخرى جريئة وأرسلتها، تقول عِلمي بذاك كعِلمي بهذا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 281 وُلِدت بدمشق من أوّل سنة خمسٍ وخمسمائة. وتوفّيت في أوائل شوّال.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 282

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 283

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 284 وقد روى عنها من شِعرها أبو القاسم عبد الله بن رَواحة. وتوفّي ابنها في سنة ثلاثٍ وستمائة. 4 (ثعلب بن مذكور بن أرنب) أبو الحسن، وقيل أبو الحصين الأكّاف، أخو رجب. سمع من: أبي العز بن كادش، وأبي القاسم بن الحصين، وأبي غالب بن البنّاء. وكان حارساً سيّء الطريقة، ليس بأهل أن يُحمل عنه. كان مقدّم حرّاس الخليفة. مات في رمضان. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن سعيد بن عبد الله بن بُندار.) أبو عليّ الشّاتايّ علم الدين الشاعر. وسمع من: قاضي المَرِستان، وابن الحصين، وإسماعيل بن السّمَرقَنديّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 285 وأنشأ الرسائل، وسكن الموصل، ونفّذه أميرها رسولاً إلى الديوان. وخرج إلى الشام، وحدّث بها. وسمّاه ابن عساكر في تاريخه.) وكان ابن هُبَيرة الوزير مقبلاً عليه. توفّي في شعبان بالموصل. 4 (الحسَن بن عسكر.) أبو محمد الواسطيّ. سمع: أبا علي الفارقيّ، وغيره. روى عنه: ابن الدّبيثي قال: كنت ببغداد في ليلة رجب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة جالساً على دكّة للفرجة بباب أبرَز، إذ جاء ثلاث نسوة فجلسن إلى جانبي، فأنشدتُ متمثّلاً: (هواءٌ ولكنّه راكدٌ .......... وماءٌ ولكنّه غير جاري) فقالت لي إحداهنّ: هل تحفظ لهذا البيت تمام قلت: لا. فقالت: إن أنشَدَك أحدٌ تمامه ما تعطيه قلت: أقبّل فاه. فأنشدتني. (وخمرٌ من الشّمس مخلوفةٌ .......... بدت لك في قَدَحٍ من نُضار)

(إذا ما تأمّلتَها وهي فيه .......... تأمّلتَ نوراً محيطاً بنار)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 286 (هواءٌ ولكنّه جامدٌ .......... وماءٌ ولكنّه غير جاري)

(كأنّ المدير لها باليمين .......... إذا دار للشُّرب أو باليسار)

(توشّح ثوباً من الياسمين .......... له فرد كمّ من الجلَّنار)

4 (الحسين بن القاضي أبي الحسن أحمد ابن قاضي القضاة عليّ بن محمد.) الدّامَغانيّ. استنابه أخوه قاضي القضاة في القضاء ببغداد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة. قال ابن النجّار: لم يُحمَد في القضاء. ثنا عنه أحمد بن الحسن بن حنظلة الليثيّ. وقد سمع من: ابن الحُصَين، وأبي غالب بن البنّاء. وعاش نيّفاً وستين سنة. 4 (الحسين بن هبة الله بن رُطبة.) ) أبو عبد الله السّواريّ، شيخ الشيعة، وأبو شيخهم الفقيه العلاّمة أبي طاهر هبة الله. كان متبحّراً في الأصول والفروع على مذهب الرافضة. قرأ الكثير، ورحل إلى خُراسان، والريّ، ومازندَران، ولقي كبار الشيعة، وصنّف، واشتغل بسورا، والحِلّة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 287 وتوفّي في رجب. 4 (حرف السين)

4 (سُبَيع بن خَلَف بن محمد.) أبو الوحش الأسَديّ، الأديب. شاعر دمشقيّ معروف، مليح القول. روى عنه: أبو المواهب بن صَصرى، وقال: مات في عاشر رجب. وأنشدني لنفسه: (يمّمت دار أبي فلانٍ قاصداً .......... بمدائحي فيه وحسن قصائدي)

(فرأيت منه ضِدّ ما عوّدتُه .......... من بخله المتكاثف المتزايد)

(فذكرت لمّا أن رجعت مُجَلبباً .......... بعطائه ولقيت غير عوائدي)

(ولربّما جاد البخيل وما به .......... جودٌ ولكن من نجاح القاصد)

4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن عبد الرحمن بن عليّ بن زَرعان.) أبو محمد البغداديّ، التاجر، أحد الأعيان. سمع: ابن الحصين، وأبا غالب بن البنّاء، وأبا غالب محمد بن الحسن الماوَرديّ وجماعة. وكتب بنفسه عنهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 288 سمع منه جماعة. 4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن عطيّة.) أبو منصور اللَّخميّ، الإسكندريّ. رجلٌ صالح. روى عن: أبي بكر الطَّرطوشيّ.) أخذ عنه: أبو الحسن المقدسيّ، وغيره. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح بن محمد بن أحمد.) أبو الفتح القاسميّ، الخِرَقيّ، الإصبهانيّ. شيخ نبيل صالح من أولاد المحدّثين، ومن بقايا المسندين. سمع: أبا العبّاس الراوي عن عبد الرحمن بن أبي بكر الذّكواني، وأبا مطيع محمد بن عبد الواحد الصحّاف، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله بن أحمد السوذَرجانيّ، وأبا الفتح أحمد بن محمد الحدّاد، وبُندار بن محمد الخلقاني القاضي، وعبد الرحمن بن حمد الدّوني، وأبا أحمد حمد بن عبد الله بن حنّة، وعبد الرحمن بن أبي عثمان الصّأبونيّ، وعمر بن محمد بن عمر بن علُّوَيه، وأبا علي الحدّاد، وطائفة سواهم. وتفرّد بالرواية عن جماعة، وسماعه من ابن علّويه في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة حضوراً، فأنا ابن الخلاّل، ثنا محمد بن يوسف البرزاليّ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 289 الحافظ أنّ هذا الشيخ وُلد في يوم عيد النّحر سنة تسعين وأربعمائة. وكان جدّه حيّاً، فسمّاه باسمه وكنّاه بكنيته. وعاش بعد ذلك شهراً. قلت: روى عنه: الحافظ عبد الغني، ومحمد بن مكّي الحنبلي، وعبد الله بن أبي الفرج الجُبّائيّ، والمهذّب بن الحسين بن زينة، وأبو الفضل بن سلامة العطّار، ومحمد بن خليل الراذاني، وآخرون. و بالإجازة: ابن اللّتّيّ، و كريمة، والحافظ الضياء، والرشيد إسماعيل بن العراقيّ، وغيرهم. وقرأت وفاته بخط زكيّ الدين البِرزاليّ في يوم الثلاثاء بعد فراغه من صلاة الصبح السابع والعشرين من رجب، ودفن بالمصلّى، وصلّى عليه الحافظ أبو موسى المدينيّ. أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن العطار بقراءتي: أنا أبو الفضل بن سلامة بحرّان، أنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد بإصبهان، أنا تمّام بن عبد الملك، ثنا أبو بكر بن بُندار، ثنا الطّبراني، ثنا أحمد بن المُعلّى الدمشقي، نا أحمد بن أبي الحواري: سمعت محمد بن يوسف الفِريأبي يقول: على الإمام أن يضرب أعناق الجهميّة والروافض، فإنّهم زنادقة. 4 (عبد الله بن فرج.) ) أبو محمد الأنصاريّ، القرطبي، الورّاق، الزّمِن. الرجل الصالح. أجاز له أبو محمد بن عتّاب ما رواه عن مكّيّ بن أبي طالب خاصة. وأخذ أيضاً عن: أبي الوليد بن طريف، وأبي بكر بن العربيّ. وتوفّي في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 290 4 (علي بن علي بن نما بن حمدون.) الكاتب أبو الحسن الحِلّي، الرّافضي، الخبيث. مدح ملوك الشام، وله ديوان. وقد كفّر الصحابة رضي الله عنهم. وهو القائل، لعنه الله: (أيُولّى على البريّة من لي .......... س على حمل سورةٍ بأمين) وهذا البيت من قصيدة ينشدها أهل الرفض في المواسم. ذكره ابن النجّار. 4 (حرف الكاف)

4 (كرم بن بختيار بن علي.) البغداديّ، الزّاهد. أحد الصالحين. روى عن: هبة الله بن الحصين. أخذ عنه: ابن مشِّق، وعبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن أبي بكر البزّاز، وغيرهم. وتوفّي في ذي الحجّة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 291 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن بلال.) أبو سعيد المُزنيّ، الحارثيّ، الدّهّان. حدّث عن: جمال الإسلام أبي الحسن. وعنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه الحسين. 4 (محمد بن أحمد بن حمزة بن جِياه.) أبو الفرج الكاتب الحلّي.) من فرسان البلاغة والشعر. له النظم والنثر. روى عنه: علي بن نصر بن هارون الحلّي، ومحمود بن مُفَرّج، وأبو بكر عبيد الله بن عليّ التّيمي. ولم يكن بالعراق مثله في الترسّل والأدب، ولكنّه كان ناقص الحظ، له ملك يتبلّغ منه. مات في المحرّم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 292 4 (محمد بن أحمد بن محمد.) أبو عبد الله بن عرّاق الغافقيّ، القرطبيّ، المُقرئ. أخذ القراءآت، سوى قراءة الكوفيين، عن: أبي القاسم بن النّخّاس، وعون الله بن محمد. وسمع من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر بن العاص. وتصدّر للإقراء والتسميع. روى عنه: ابن حَوط الله، وأبو الخطّاب بن دحية. وتوفّي في رجب. ومولده في سنة تسعين وأربعمائة. 4 (محمد بن بختيار.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 293 أبو عبد الله البغدادي، الأبله، الشاعر، صاحب الديوان المشهور. كان شابّاً ظريفاً وشاعراً محسناً، يلبس زيّ الجند. وشعره في غاية الرقّة وحسن المخلص إلى المدح. وكان أحد الأذكياء، ولذا قيل له الأبله بالضِّدّ. وقيل: بل كان فيه بَلَه. توفّي ببغداد في جُمادى الآخرة. وقد سار له هذا البيت: (ما يعرف الشوقَ إلاّ مَن يُكابدُه .......... ولا الصبابةَ إلاّ من يعانيها.) وله: (دارك يا بدرَ الدّجى جنّةٌ .......... وبغيرها نفسي لا تلهو)

(وقد أتى في خبرٍ أنّه .......... أكثر أهل الجنّة البلهُ) وله:) (أقول للغيث لمّا سال واديه .......... تحدّثي عن جفوني يا غواديه)

(أعرت مُزنَكَ أجفاناً بكيت له .......... فمن أعارك ضوء البرق من فيه)

(أما ورد خدّه والشهب ناعسةٌ .......... والليل قد راق أو كادت حواشيه)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 294 (لقد وهى عزم صبري يوم ودّعَني .......... أحوى ضعيف نطاق الخصر واهيه)

(عصيت في حبّه من بات يعذلني .......... وما أطعت الهوى دالاً لأعصيه)

(بالله يا لائمي فيمن كلفتُ به .......... أقامةُ الغصن أحلى، أم تثنّيه) قال أبو الفرج بن الجوزيّ: ذكر عنه أنّه خلّف ثمانية آلاف دينار، وشاع أنّه كان يُعامل بالرّبا. ثم ورّخ وفاته كما مرّ. روى عنه: أبو الحسن القطيعيّ، وعلي بن نصر الأديب. 4 (محمد بن جعفر بن عقيل.) أبو العلاء البصريّ، ثم البغداديّ، المقرئ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 295 قرأ القراءآت على: أبي الخير المبارك الغسّال. وسمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا الغنائم النّرسيّ، وأبا غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز. قال ابن الدّبيثي: وكان حسن المحاضرة، كثير المحفوظ من الأشعار والحكايات. وأجاز له: أبو الحسن العلاّف، وأبو الفتح الحدّاد الإصبهاني. ذكره ابن السمعاني في الذيل. قلت: روى عنه: أمين الدين سالم بن صصرى، ومحمد بن أحمد بن خيثمة بن الخرّاط، ومحمد بن سعيد بن الخازن، وآخرون. ولم أظفر باسم أحدٍ ممّن قرأ عليه بالروايات. وتوفّي في جُمادى الآخرة وله ثلاث وتسعون سنة. 4 (محمد بن عبد العزيز بن عليّ بن عيسى.) أبو الحسن الغافقي، القرطبي، المعروف بالشقوري. سمع من: أبي عبد الله بن الأحمر، وأبي بكر بن العربي، وأبي جعفر البطروجي، وجماعة. قال الأبّار: وكان حافظاً لأخبار الأندلس، معنياً بالرجال، ضابطاً، متقناً، له مشاركة في اللغة والنحو، مع الزهد والفضل.) وولي قضاء شقورة وحمدت سيرته، وأخذ الناس عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 296 وتوفي في المحرم. وكان مولده سنة عشرين وخمسمائة. 4 (محمد بن محمد بن الجنيد بن عبد الرحمن بن الجنيد.) أبو مسلم الإصبهاني. سمع: أبا الفتح الحداد، وأبا سعد المطرز، والحافظ محمد بن طاهر المقدسي. وقدم بغداد حاجاً مع خاله أبي الغنائم محمد بن الحسين بن رزينة، فكتب عنه المبارك بن كامل الخفّاف حديثين. وكان ثقة من بيت حديث وتصوّف. توفي في رجب وله سنة. وقد روى الكثير بإصبهان. 4 (محمد بن محمد بن حمزة بن أبي جيش.) أبو طالب الأزدي، الدمشقي. سمع: هبة الله بن الأكفاني. روى عنه: المسلم بن عبد الوهاب، وأبو القاسم بن صصرى. 4 (محمد بن أبي الأزهر علي بن أحمد بن محمد بن علي بن يوسف.) أبو طالب الواسطي، الكتاني، المحتسب، المعدّل. كان على حسبة واسط هو وأبوه. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 297 قال ابن الدّبيثي: سمع محمد بن علي بن أبي الصقر الشاعر، وأبا نعيم محمد بن إبراهيم الحمادي، وأبا الحسن كاتب الوقف، وأبا نعيم بن زبزب، وأحمد بن أبي محمد الكعبري، وأبا غالب محمد بن أحمد، والمبارك بن فاخر، وهبة الله بن السقطي. وانفرد في الدنيا بإجازة أبي طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني، وأبي منصور عبد المحسن الشيحي، وأبي الحسن بن أيوب البزّاز. ورحل إلى بغداد فسمع أبا الحسن العلاف، وأبا القاسم بن بيان، ونور الهدى الزينبي. وكان ثقة صحيح السماع، متخشّعاً، يرجع إلى دين وصلاح.) رحل الناس إليه وكتبوا عنه. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وعبد القادر الرهاوي، وأبو بكر بن موسى الحارمي، وأبو الفتح المندائي، وأبو طالب بن عبد السميع. وسمعنا منه الكثير ونعم الشيخ كان. سمعت منه بقراءتي في سنة أربع وسبعين. قلت: وروى عنه المرجّا بن شقير كتاب الطّوالات للتنوخي. قال ابن الدّبيثي: وأنشدنا قال: أنشدنا محمد بن علي بن زبزب سنة أربع وخمسمائة: أنشدنا أبو تمام علي بن محمد بن حسن قاضي واسط لبعضهم: (لمّا تكهّل من هويت .......... وقلت: ربع قد دثر)

(عاينت من طلابه .......... بالباب أفواجاً زمر)

(وكذاك أرباب الحديث .......... نفاقهم عند الكبر)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 298 توفي رحمه الله في ثاني المحرم بواسط وله أربع وتسعون سنة. 4 (محمود بن نصر بن حمّاد بن صدقة بن الشعار.) أبو المجد الحراني، البغدادي، والد المحدّث إبراهيم. شيخ صالح، سمع الكثير بنفسه من: هبة الله بن الحصين، وهبة الله بن الطبر، وأبي بكر المزرفي، فمن بعدهم. قال ابن الدّبيثي: كان ثقة، صحيح النقل. توفي في رمضان وله ثمان وسبعون سنة. قرأت عليه ونعم الشيخ كان. قلت: وروى عن: العلامة أبي الوفاء بن عقيل. وروى عنه: القاضي أبو منصور سعيد بن محمد بن جحدر الصوفي. وقد قرأ بالروايات على هبة الله بن الطبر وكان ثقة. 4 (مقاتل بن عزّون.) الرقّي، المعروف ابن العريف المصري. واسع الرواية.) قال الحافظ ابن المفضل في الوفيات: قرأت عليه سنن أبي داود، وأخبرنا ابن المشرّف، عن الحبّال، عن أبي محمد النخّاس، عن ابن الأعرأبي مناولةً، عنه. وقرأت عليه ستة أجزاء من أول كتاب الأسماء والكنى للنسائي، وهو عشرون جزءاً، عن ابن المشرف، عن الحبّال، عن ابن الخصيب، عن ابن النسائي، عن أبيه. وناولني صحيح مسلم، أصل سماعه من يوسف الميورقي، اللخمي، عن الحسين بن علي الطبري، بسنده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 299 وتوفي في رمضان، ومولده سنة إحدى وخمسمائة رحمه الله تعالى. 4 (الموفق بن شوعة.) اليهودي، المصري، الطبيب، الملقّب بالقيثارة. من أعيان الأطباء والكحّالين. وكان ظريفاً، شاعراً، ماجناً. خدم السلطان صلاح الدين بالطب. وكان الشيخ نجم الدين الخبوشاني له صورة بمصر، وفيه صلاح ودين، فإذا رأى ذمّياً راكبه قصد قتله، فكانوا يتحامونه، فرأى الموفق راكباً فضربه بشيء أصاب عينه، فقلعها وراحت هدراً. وله، أعني الموفق، قصيدة يهجي فيها ابن جميع اليهود يرأس الأطباء بالقاهرة ويرميه بالأبنة. ولهم اللعنة. 4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن إبراهيم بن عثمان.) أبو الحجاج العبدري، الغرناطي، المعروف بالثغري. أخذ القراءآت عن: عبد الرحيم بن الفرس، وأبي الحسن شريح بن محمد، وأبي بكر يحيى بن الخلوف، وأبي الحسن بن الباذش. وسمع منهم، ومن: أبي مروان الباجي، وأبي بكر بن العربي، وأبي الحسن بن مغيث، وخلق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 300 وصحب أبا بكر بن مسعود النحوي مدةً، وأخذ عنه العربية. وأجاز له أبو علي بن سكّرة، وأبو بكر الطرطوشي. قال الأبّار: وكان فقيهاً حافظاً، محدّثاً، راوية، مقرئاً، ضابطاً، مفسراً، أديباً. نزل في الفتنة) قليوشة وأقرأ فيها. وولي الصلاة والخطبة. أكثر عنه أبو عبد الله التجيبي وقال: لم أر أفضل منه، ولا أزهد، ولا أحفظ لحديث وتفسير منه. ولم أر بالبلاد المشرقية أفضل من أبي محمد العثماني ولا أورع. قال: وروى عن أبي الحجاج: أبو عمر بن عياد، وأبو العباس بن عميرة، وأبو سليمان بن حوط الله. وتوفي رحمه الله في شوال، وله سنة. 4 (يونس بن محمد بن منعة بن مالك بن محمد.) الإمام رضي الدين أبو الفضل الموصل الإربلي الأصل، الشافعي. والد الشيخ كمال الدين موسى وعماد الدين محمد. ولد بإربل، وتفقه بالموصل على الحسين بن نصر بن خميس الجهني، وسمع منه كثيراً من حديثه. ثم انحدر إلى بغداد وتفقه بها على أبي منصور سعيد بن محمد الرزاز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 301 ثم ردّ إلى الموصل وسكنها، وصادف بها قبولاً عند متولّيها زين الدين علي كوجك صاحب إربل. ودرّس وأفتى وناظر، وتفقه به جماعة. توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة. ورّخه ابن خلّكان. وفيها ولد: نقيب الأشراف بهاء الدين علي بن محمد بن أبي الجن. وأبو المجد عبد الملك بن نصر بن الفوي بالثغر. سمع من ابن المفضّل. وأبو بكر بن علي بن بكّار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 302 4 (وفيات سنة ثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن علي بن معمر بن رضوان.) أبو بكر بن جرادة المشاهر البغدادي. سمع: إسماعيل بن ملّة، وأبا طالب بن يوسف. سمع منه: عمر بن علي.) وتوفي في جمادى الآخرة، وهو ابن خمس وتسعين سنة. قاله الدّبيثي. 4 (أحمد بن المبارك بن درك.) أبو العباس البغدادي، الضرير، المقرئ، الدارقزّي. شيخ صالح. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأحمد بن علي بن قريش. سمع منه: أحمد بن طارق، وعبد العزيز بن الأخضر، وغيرهما. وقال إلياس بن جامع الإربلي: قرأت عليه جزءاً تحت شجرة في داره، فقال لي: قرأت تحت هذه الشجرة عشرة آلاف ختمة. توفي في جمادى الآخرة، وله ثمان وسبعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 303 4 (إبراهيم بن حسين بن يوسف بن محارب.) أبو إسحاق القيسي البلنسي، المقرئ. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن سعيد. سمع من: أبي بكر بن برنجال. وأخذت عنه القراءآت وكتبها. وكان مشهوراً بالتجويد. قال الأبّار: أخذ عنه شيوخنا أبو عبد الله بن واجب، وأبو الحجاج بن أيوب، وأبو الحسن بن خيرة. وقرأ عليه في صغره أبو جعفر بن عون الله الحصّار. توفي سنة ثمانين أو إحدى وثمانين. 4 (إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق.) الملك قطب الدين صاحب ماردين. وليها مدةً طويلة بعد أبيه. وكان موصوفاً بالشجاعة والعدل. توفي في جمادى الآخرة، وخلّف ولدين صغيرين، فأقيم في الأمر أحدهما، وهو حسام الدين، وقام بتدبيره مملوكه نظام الدين ألبقش من تحت جناح خال أبيه شاه أرمن صاحب خلاط. فلما مات ولي الآخر قطب الدين، فامتدت أيامه إلى أن قتل ألبقش واستقل بالأمر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 304 4 (حرف الباء)

4 (بدر بن عبد الغني بن محمد.) أبو النجم الطحان، الواسطي، المقرئ. قرأ على: علي بن شيران، وأبي محمد سبط الخياط. روى القراءآت بواسط. قال الدّبيثي: سمعت منه. وتوفي في ربيع الأول. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عيسى بن أصبغ.) أبو الوليد الأزدي، القرطبي، المعروف بابن المناصف. روى عن: عم أبيه أبي محمد بن عتّاب، سمع منه المدوّنة وكتابه الكبير في المواعظ الملقب بشفاء الصدور. وله إجازة عن: أبي علي بن سكّرة. ولي خطابة إشبيلية. وحدّث عنه: أبو القاسم بن الملجوم، وأبو سليمان بن حوط الله، وأبو الخطاب بن دحية. وتوفي في المحرم. وولد ظنّاً سنة اثنتين وخمسمائة. 4 (الحسين بن علي بن عبد الواحد بن شبيب.) أبو عبد الله النصيبي، ثم البغدادي، الكاتب. كان كاتباً منشئاً، فصيحاً، بليغاً، مفوّهاً، له النّظم والنثر. وكان يدخل على المستنجد بالله ويجالسه، ويحب سماع كلامه. ويأمره

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 305 بإطالة مقامه. قال له مرةً مصحّفاً: أإبن شبيب فجاوبه مسرعاً: عبد مولانا. توفي في ربيع الآخر. 4 (حرف الزاي)

4 (زهير بن محمد بن أحمد بن أبي سعيد.) أبو سعد الإصبهاني، يعرف بشعرانة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 306 والد محمد شعرانة الذي أجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي. سمع: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي. قال الدّبيثي: وكان مقرئاً مجوّداً، قدم بغداد، ولقيه بالحلّة وبمدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وسمعت منه. وتوفي معنا بوادي العروس في تاسع المحرم. 4 (حرف السين)

4 (السّديد.) أبو البيان بن المدوّر اليهودي، طبيب السلطان صلاح الدين. كان حاذقاً بصيراً بالعلاج، خدم الخلفاء الباطنية، وخدم بعدهم صلاح الدين، وطال عمره وانقطع. وكان له في الشهر أربعة وعشرون ديناراً إلى أن مات إلى لعنة الله. وكان يقرئ الطب في داره بمصر، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة. وهو من تلامذة زين الحسّاب. توفي سنة ثمانين. 4 (سعد بن الحسن بن سلمان.) أبو محمد الحرّاني، ثم البغدادي، ويعرف بابن التوراني. وتوران قرية على باب حرّان. كان تاجراً معروفاً، وأديباً شاعراً. جالس أبا منصور الجواليقي، وغيره. روى عنه أبو سعدون شعره في الذيل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 307 وتوفي في ذي القعدة. 4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد وقّاص.) أبو محمد اللمطي، الميورقي، خطيب ميورقة ومفتيها. استشهد في الحادثة الكائنة بقصر ميورقة في هذا العام. 4 (عبد الرحيم بن أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد.) صدر الدين أبو القاسم النيسأبوري، ثم البغدادي، الصوفي. شيخ الشيوخ. كان حسن النظم والنثر، وله رأي ودهاء وتقدّم وجاه عريض. فكان المشار إليه في حسن الرأي والتدبير، مع زهد وعبادة.) ترسّل إلى الشام، وكانت الملوك تستضيء برأيه. سمع: أباه، وأبا القاسم بن الحصين، وزاهر بن طاهر، وأبا علي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 308 الفارقي، ومقرّب بن الحسين النسّاج. وروى الكثير، وكان صدوقاً نبيلاً. سمع منه: أبو سعد السمعاني مع تقدّمه، وأبو الخير القزويني، وأبو منصور حفدة العطاري. وروى عنه: أبو أحمد بن سكينة، وابنه أبو الفتوح، وأبو عبد الله محمد بن الدّبيثي، وسالم بن صصرى، وآخرون. وكان في الرسلية من قبل أمير المؤمنين، هو والطواشي شهاب الدين بشير، فمرضا بدمشق، وطلبا العودة إلى بغداد. وسارا في الحر، فتوفي بشير بالسخنة. وأما الشيخ صدر الدين فإنه لم يستعمل في مرضه هذا دواءً توكّلاً على الله تعالى. كذا نقل ابن الأثير في تاريخه. وتوفي بالرحبة في رجب. وكان معه كفنه إلى أين سافر، وكان من غزل أمه، ومعه دينار لتجهيزه، من أجرة غزل أمه. 4 (عبد الرحيم بن عمر بن عبد الرحيم بن أحمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 309 أبو القاسم الحضرمي، الفاسي، المعروف بابن عكيس. سمع بقرطبة وإشبيلية من: أبي الحسن بن المغيث، وأبي بكر بن العربي. وكان حافظاً، مشاوراً، فقيهاً، مبرّزاً، له تواليف. حدّث عنه: ابنه عمر، وأبو محمد بن مطروح. توفي في شعبان وله ثمانون سنة. 4 (عبد القادر بن هبة الله الغضائري.) سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا الحسين بن الفرّاء. كتب عنه: ابن مشّق، وغيره. 4 (عبد اللطيف بن محمد بن ثابت.) الخجندي، رئيس إصبهان. عالم، إمام كبير القدر، بعيد الصّيت. قدم بغداد ووعظ، وحج، وعاد إلى بلده.) فتوفي في ربيع الأول، وقد حدّث. 4 (عبيد الله بن علي بن محمد بن محمد بن الحسين بن الفرّاء.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 310 أبو القاسم بن أبي الفرج ابن أبي خازم ابن القاضي أبي يعلى البغدادي، الحنبلي. سمّعه أبوه الكثير من أبي منصور عبد الرحمن القزّاز، وأبي منصور بن خيرون، وأبي عبد الله السلال، وأبي الحسن بن عبد السلام. وطلب هو بنفسه، وأكثر عن أصحاب عاصم بن الحسن، وطراد. وبالغ حتى سمع من أصحاب ابن الحصين. وكتب وحصّل الأصول. قال ابن النجار: وكانت داره مجمعاً لأهل العلم والشيوخ، وينفق عليها ويتكرّم. وكان لطيفاً حسن الأخلاق ذا مروءة. قرأ الفقه وشهد على القضاة، ثم عزل لما ظهرت منه أشياء لا تليق بأهل الدين قبل موته بقليل. سمع منه: ابن الأخضر، وكان يصفه بالسخاء والعطاء. وقال لي ابن القطيعي: كان عدلاً في روايته ضعيفاً في شهادته. مات سنة ثمانين في آخرها. مرض بالفالج أسبوعاً. ومولده سنة سبع وعشرين. قلت: روى عنه الشيخ الموفق وقال: كان آخر من بقي من ذرية القاضي أبي يعلى ممن له حشمة وجاه ومنصب. وكان له دار واسعة، وعنده أكثر كتب أبي يعلى. ثم افتقر فباع أكثرها. 4 (عتيق بن أحمد بن سلمون.) أبو بكر البلنسي، النحوي. أخذ القراءآت عن: ابن هذيل والنحو عن: أبي محمد بن عبدون. استشهد في كائنة غربالة. 4 (عثمان بن محمد بن عيسى.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 311 أبو عمرو اللخمي، المرسي، البشجي، نسبةً إلى بعض الثغور. أخذ عن: أبي الحسن بن هذيل، وأبي عبد الله بن سعادة. وكان فقيهاً ماهراً، مدرّساً، مناظراً. تفقّه به أبو سليمان بن حوط الله.) وروى عنه: هو، وأبو عيسى بن أبي السداد. 4 (علي بن محمد بن عبد الوارث.) أبو الحسن الغرناطي. روى عن: أبي الحسين بن ثابت، وابن العربي، وشريح بن محمد، وأبي جعفر البطروجي. قال ابن الزبير: صاحب رواية ودراية وخير وتواضع. توفي سنة ثمانين أو نحوها. 4 (علي بن محمد بن عبد الملك.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 312 أبو الحكم اللخمي الإشبيلي. نزل به أبوه قرطبة. سمع: أباه، وأبا عبد الملك بن مكي، وأبا الحسن بن مغيث. وولي خطّة الكتابة بمراكش. وكان كاتباً بليغاً مفوّهاً، من بيت الرئاسة. حدّث في هذا العام واختفى خبره. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أبي علي.) أبو بكر الإصبهاني، ثم البغدادي السيدي، منسوب إلى خدمة الأمير السيد أبي الحسن العلوي. شيخ صالح. سمع في الكهولة من: ابن البطي، وأبي زرعة، ومعمّر بن الفاخر. وسمّع: ابنه عبد الكريم، وحفيده أبا جعفر محمداً. وكان ثقة. روى عنه: إلياس بن جامع الإربلي في مصنفاته. وتوفي في شعبان، وله سبعون سنة. 4 (محمد بن أحمد بن أبي علي محمد بن سعيد بن نبهان.) أبو الفرج البغدادي، الكرّاخي. سمع من: جدّه، وابن بيان الرزاز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 313 روى عنه: تميم البندنيجي، والحسين بن محمد بن عبد القاهر، وأبو بكر عبد الله بن أحمد) المقرئ، وسالم بن صصرى، ومحمد بن إسماعيل الطبال، وجماعة. وكان شاعراً يمدح الرؤساء، وله: (تركت القريض لمن قاله .......... وجود فلان وأفضاله)

(وتبت من الشعر لما رأيت .......... كساد كساد القريض وإهماله)

(وعدت إلى منزلي واثقاً .......... برب يرى الخلق سوّاله) توفي في رمضان وله أربع وتسعون سنة. 4 (محمد بن أحمد بن طاهر.) أبو بكر الأنصاري، الإشبيلي، النحوي. ويعرف بالخدب. أخذ العربية عن: أبي القاسم بن الرمال، وأبي الحسن بن مسلم. وساد أهل زمانه في العربية، ودرّس في بلاد مختلفة. وكان قائماً على كتاب سيبويه، وله عليه تعليق سماه الطرر، لم يسبق إلى مثله. وكان يتعانى التجارة، فدخل مدينة فاس وأقرأ أهلها مدةً. أخذ عنه: أبو ذر الخشني، وأبو الحسن بن خروف. وحج، وأقرأ بمصر، وحلب، والبصرة، ثم رجع. واختلط عقله فأقام ببجّاية وربما ثاب إليه عقل فيتكلم في مسائل أحسن ما يكون. ذكره الأبّار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 314 4 (محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة بن أبي جميل.) القرشي أبو عبد الله بن أبي يعلى الشروطي المعدّل الدمشقي، المعروف بابن أبي الصقر. أحد محدّثي دمشق الثقات. ولد في رجب سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وسمع من: هبة الله بن الأكفاني، وعلي بن أحمد بن قبيس، وجمال الإسلام أبي الحسن السلمي، وطائفة. ورحل سنة تسع وعشرين، فسمع: هبة الله بن الطبر، وأبا بكر الأنصاري، وجماعة. ولم يزل مشتغلاً بالطلب والإفادة. وسمّع ولده مكرماً من حمزة بن الحبوبي، وطبقته. وكان شروطي البلد. روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وعبد القادر الرهاوي، وأبو الحسن القطيعي، والضياء محمد،) وآخرون. وقرأت وفاته بخط الحافظ الضياء في يوم السبت السابع والعشرين من صفر سنة ثمانين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 315 قلت: روى عنه: أبو المواهب بن صصرى. 4 (محمد بن خالد بن بختيار.) أبو بكر الأزجي ابن الرزاز، الضرير، المقرئ. قال الدّبيثي: شيخ فاضل، عارف بالقراءآت وأدب. قرأ على أبي عبد الله البارع، وسبط الخياط، ودعوان بن علي. وسمع منهم. وأقرأ الناس مدةً، وتخرج به جماعة في النحو. وكان ثقة عارفاً بوجوه القراءآت. أمّ مدةً بمسجد دعوان بباب الأزج. وتوفي في المحرم رحمه الله. 4 (محمد بن سعيد بن عبيد الله.) أبو المظفر المؤدب. شيخ بغدادي، مليح الخط. علّم خلقاً. قال الدّبيثي: هو مؤدبنا. وكان شيخنا ابن ناصر يقول: هو علمني الخط. حدّث عن: أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي منصور بن الجواليقي، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. 4 (محمد بن عبد الكريم بن الفضل.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 316 أبو الفضل القزويني، الرافعي، الفقيه الشافعي، والد صاحب الشرح تفقه ببلده على ملكداذ بن علي العمركي، وأبي علي بن شافعي، وأبي سليمان الزبيري. وسمع منهم. ثم قدم بغداد، وتفقه على أبي منصور بن الرزاز بالنظامية، وسمع منه. ومن: سعد الخير، ومحمد بن طراد الزينبي، وغيرهم. ثم رحل إلى محمد بن يحيى فقيه نيسأبور فتفقه عنده، وبرع في المذهب. وسمع من: عبد الله بن الفراوي، وعبد الخالق بن الشحامي. ثم عاد إلى وطنه، ودرّس الفقه وروى الحديث. أخذ عنه: ابنه الإمام أبو الفضائل، وغيره.) وتوفي في رمضان وهو في عشر السبعين. 4 (محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن.) أبو عبد الرحمن المروزي، الكشميهني، الصوفي. قدم دمشق سنة ثمان وخمسين، وحدّث بها عن: محمد بن علي الكراعي. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغير واحد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 317 ومات سنة 580. 4 (المبارك بن محمد بن يحيى.) أبو بكر ابن الواعظ الزبيدي. قدم مع أبيه بغداد وسكنها، وتكلّم في الوعظ. وسمّع ابنيه الحسن والحسين من أبي الوقت. وحدّث عن: أبي غالب بن البنّاء، وغيره. أخذ عنه: محمد بن أحمد بن صالح الجيلي، وابن الدّبيثي، وغيرهما. وتوفي في جمادى الآخرة، وله سنة. 4 (محمود بن أبي القاسم بن عمر بن حمكا.) أبو الوفاء سبط محمد بن أحمد البغدادي، الإصبهاني. شيخ معمّر، مسند، ثقة. حمل الناس عنه، وطال عمره. وتفرّد في عصره. وكانت له إجازة من النقيب طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي. وسمع: أبا الفتح أحمد بن عبد الله السوذرجاني. وحدّث ببغداد في سنة ست وخمسين وخمسمائة. وتوفي سنة ثمانين هذه في ربيع الآخر وله إحدى وتسعون سنة. روى عنه: محمد بن محمد بن محمد بن واقا، وأبو الفتوح بن الحصري، والحافظ عبد الغني. وهو ابن أخت الحافظ أبي سعد البغدادي. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن البخاري.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 318 أبو المظفر، ابن عم قاضي القضاة أبي طالب.) تفقه على مذهب الشافعي، وبرع في علم الكلام. وولاه أمير المؤمنين الناصر نيابة الوزارة إلى أن مات في المحرم. بقي فيها بعض سنة. 4 (حرف الواو)

4 (وشاح بن جواد بن أحمد.) أبو طاهر البغدادي، الضرير. سمع: أبا طالب عبد القادر بن يوسف. أخذ عنه: أبو محمد بن الأخضر، وغيره. توفي في شعبان. 4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن عبد المؤمن بن علي.) السلطان أبو يعقوب صاحب المغرب. لمّا مات عبد المؤمن في سنة ثمان وخمسين كان قد جعل الأمر بعده

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 319 لابنه الأكبر محمد، وكان لا يصلح للملك لإدمانه الخمور وكثرة طيشه. وقيل: كان به أيضاً جذام. فاضطرب أمره، وخلعه الموحّدون بعد شهر ونصف. ودار الأمر بين أخويه يوسف وعمر، فامتنع عمر وبايع أخاه مختاراً، وسلّم إليه الأمر، فبايعه الناس، واتّفقت عليه الكلمة بسعي أخيه عمر، وأمّهما هي زينب بنت موسى الضرير. وكان أبو يعقوب أبيض بحمرة، أسود الشعر، مستدير الوجه، أفوَه، أعيَن، إلى الطّول ما هو، حلو الكلام، في صوته جهارة، وفي عبارته فصاحة. حلو المفاكهة، له معرفة تامّة باللغة والأخبار. قد صرف عنايته إلى ذلك لمّا ولي لأبيه إشبيلية، وأخذ عن علمائها، وبرع في أشياء من القرآن والحديث والأدب. قال عبد الواحد بن علي التّميميّ في كتاب المعجِب: صحّ عندي أنّه كان يحفظ أحد الصحيحين، غالب ظنّي أنّه البخاري. وكان سديد الملوكيّة، بعيد الهمّة، سخيّاً، جواداً، استغنى الناس في أيّامه، وتموّلوا. قال: ثم إنّه نظر في الفلسفة والطب، وحفظ أكثر الكتاب الملكيّ. وأمر بجمع كتب الفلاسفة، فأكثر منها وتطلّبها من الأقطار. وكان ممّن صحبه أبو بكر محمد بن طُفيل الفيلسوف، وكان) بارعاً في علم الأوائل، أديباً، شاعراً، بليغاً، فكان أبو يعقوب شديد الحبّ له. بلغني أنّه كان يقيم عنده في القصر أيّاماً ليلاً ونهاراً، وكان هو الذي نبّه على قدر الحكيم أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المتفلسف. وسمعت أبا بكر بن يحيى القرطبي الفقيه يقول: سمعت الحكيم أبا الوليد يقول: لمّا دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طُفيل فقط، فأخذ أبو بكر يُثني عليّ ويُطريني، فكان أوّل ما فاتحني به أمير المؤمنين أن قال لي: ما رأيهم، يعني الفلاسفة، في السماء، أقديمة أم حادثة فأدركني الخوف فتعلّلت وأنكرت اشتغالي بعلم الفلسفة، ففهم مني

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 320 الرَّوع، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلّم على المسألة، ويذكر قول أرسطو فيها، ويورد احتجاج أهل الإسلام على الفلاسفة، فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنّها في أحد من المشتغلين. ولم يزل يبسطني حتّى تكلّمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلمّا قمت أمر لي بخلعةٍ ودابّةٍ ومال. وقد وَزَرَ لأبي يعقوب أخوه عمر أيّاماً، ثم رفع قدره عنها، وولّى أبا العلاء إدريس بن جامع إلى أن قبض عليه سنة سبع وسبعين، وأخذ أمواله، واستوزر وليّ عهده ولده يعقوب. وكتب له ولده عيّاش بن عبد الملك بن عيّاش كاتب أبيه، وأبو القاسم العالميّ، وأبو الفضل جعفر بن أحمد بن محشوه البِجّائيّ. وكان على ديوان جيشه أبو عبد الرحمن الطّوسيّ. وكان حاجبه مولاه كافور الخَصيّ. وكان له من الولد ستة عشر ذَكَراً منهم صديقي يحيى. قال: ومنه تلقّيت أكثر أخبارهم. ولم أر في الملوك ولا في السّوقة مثله. قال: وقضاته: أبو محمد المالقيّ، ثم عيسى بن عمران التّاري، وتارا من أعمال فاس. ثم الحجّاج بن إبراهيم التُجيبيّ الأغماتيّ الزاهد، فاستعفى، فولي بعده أبو جعفر أحمد بن مضاء القرطبيّ. وفي سنة اثنتين وستين وخمسمائة نزعت قبيلة غمارة الطاعة، وكان رأسهم سُبع بن حيّان ومزردع فدعوا إلى الفتنة. واجتمع لهم خلق. وبلاد غَمارة طولاً وعرضاً مسيرة اثنتي عشرة مرحلة، فخرج أبو يعقوب بجيوشه، فأسلمت الرجلين جموعهما فأُسِرا، وشرّدهما إلى قرطبة. ودخل الأندلس، والتفت على ما بيد محمد بن سعيد بن مردنيش، فنزل إشبيلية، وجهّز العساكر إلى محمد، وأمّر عليهم أخاه أمير غَرناطة عثمان. فخرج محمد في جموع أكثرها من الفرنج.) وكانوا أجناده، قد اتّخذهم أنصاره لمّا أحسّ باختلاف قوّاده عليه، فقتل أكثرهم، وأمّر الفرنج وأقطعهم. وأخرج

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 321 الكثير من أهل مُرسِية وأسكن الفرنج دورهم. فالتقى هو والموحّدون على فرسخ من مُرسية، فانكسر وانهزم جيشه، وقُتل منهم جملة. ودخل مُرسية مستعدّاً للحصار، فضايقه الموحّدون، وما زالوا محاصرين له إلى أن مات، فسُتِرت وفاته إلى أن ورد أخوه يوسف بن سعد من بلنسية، فاتّفق رأيه ورأي القوّاد على أن يسلّموا إلى أبي يعقوب البلاد. ففعلوا ذلك. وقد قيل إنّ محمد بن سعد لمّا احتضر أشار على بنيه بتسليم البلاد. وسار أبو يعقوب من إشبيلية قاصداً بلاد الأدفنش لعنه الله تعالى. فنازل مدينة وَبزي، وهي مدينة عظيمة، فحاصرها أشهراً إلى أن اشتدّ الأمر وأرادوا تسليمها. قال: فأخبرني جماعة أنّ أهل هذه المدينة لمّا برح بهم العطش أرسلوا إلى أبي يعقوب يطلبون الأمان، فأبى، وأطمعه ما نقل إليه من شدّة عطشهم وكثرة من يموت منهم فلمّا يئسوا من عنده سُمِع لهم في الليل لغَط وضجيج، وذلك أنّهم اجتمعوا يدعون الله ويستسقون، فجاء مطر عظيم كأفواه القِرَب ملأ صهاريجهم وتقوّوا، فرحل عنهم أبو يعقوب بعد أن هادن الأدفنش سبع سنين. وأقام بإشبيلية سنتين ونصف، ورجع إلى مراكش في آخر سنة تسع وستّين وقد ملك الجزيرة بأسرها. وفي سنة إحدى وسبعين خرج إلى السوس لتسكين خلاف وقع بين القبائل فسكّنهم. وفي سنة خمس وسبعين خرج إلى بلاد إفريقية حتى أتى مدينة قفصة. وقد قام بها ابن الرّند، وتلقّب بالناصر لدين النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فحاصره وأسره،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 322 وصالح ملك صقَلية وهادنه على أن يحمل إليه كل سنة مالاً، فأرسل إليه فيما بلغني ذخائر معدومة النظير، منها حجر ياقوت على قدر استدارة حافر الفرَس، فكلّلوا به المصحف، مع أحجار نفيسة. وهذا المصحف من مصاحف عثمان رضي الله عنه، من خزائن بني أميّة، يحمله الموحّدون بين أيديهم أنّى توجّهوا على ناقة عليها من الحليّ والديباج ما يعدل أموالاً طائلة. وتحته وِطاء من الديباج الأخضر، وعن يمينه وشماله لواءآن أخضران مذهّبان لطيفان. وخلف الناقة بغلٌ مُحَلّى عليه مصحف آخر. قيل بأنّه بخط تومَرت. هذا كلّه بين يدي أمير المؤمنين.) قال: وبلغني من سخاء أبي يعقوب أنّه أعطى هلال بن محمد بن سعد المذكور أبوه في يوم إثني عشر ألف دينار وقرّبه، وبالغ في رفع منزلته. وقال الحافظ أبو بكر بن الجدّ: كنّا عند أمير المؤمنين أبي يعقوب، فسألَنا عن سحر النبي صلّى الله عليه وسلّم كم بقي مسحوراً فبقي كل إنسان منّا يتزمزم، فقال: بقي به شهراً كاملاً. صحَّ ذلك. وكان أمير المؤمنين إماماً يتكلّم في مذاهب الفقهاء فيقولك قول فلانٍ صواب، ودليله من الكتاب والسنة كذا وكذا، فنتابعه على ذلك. قال عبد الواحد: ولمّا تجهّز لحرب الروم أمر العلماء أن يجمعوا أحاديث في الجهاد تملى على الموحّدين ليدرسوا. ثم كان هو يملي بنفسه عليهم، فكان كلّ كبير من الموحّدين يجيء بلوح ويكتب. وكان يُسهل عليه بذل الأموال سعة ما يتحصّل من الخراج. كان يرتفع إليه من إفريقية في كل سنة مائة وخمسون، حمل بغل، هذا سوى حمل بِجاية وأعمالها. وكانت أيّامه مواسم وخصباً وأمناً. وفي سنة تسع وسبعين تجهّز للغزو واستنفر أهل السهل والجبل والعرب، فعبر بهم الأندلس فنزل إشبيلية، ثم قصد مدينة شَنترين أعادها إلى المسلمين، وهي بغرب الأندلس. أخذها ابن الربق لعنه الله، فنازلها أبو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 323 يعقوب وضايقها، وقطع أشجارها، وحاصرها مدّة. ثم خاف المسلمون البرد وزيادة النهر، فأشاروا على أبي يعقوب بالرجوع فوافقهم. وقال: غداً فرحل. فكان أوّل من قوّض خباءه أبو الحسن علي بن القاضي عبد الله المالقيّ، وكان خطيبهم. فلمّا رآه الناس قوّضوا أخبيتهم ثقةً به لمكانه، فعبر تلك العشيّة أكثرُ العسكر النهر، وتقدموا خوف الزحام، وبات الناس يعبرون الليل كلّه، وأبو يعقوب لا علم له بذلك. فلما رأى الروم عبور العساكر، وأخبرهم عيونهم بالأمر، انتهزوا الفرصة وخرجوا وحملوا على الناس، فانهزموا أمامهم حتى بلغوا إلى مخيّم أبي يعقوب، فقتل على باب المخيّم خلق من أعيان الجند، وخلص إلى أمير المؤمنين، فطعن تحت سُرّته طعنة مات منها بعد أيّام يسيرة. وتدارك الناس، فانهزم الروم إلى البلد، وقد قضوا ما قضوا، وعبر الموحّدون بأبي يعقوب جريحاّ في مِحَفّة، وتهدّد ابن المالقيّ فهرب بنفسه حتى دخل مدينة شنترين، فأكرمه ابن الربق.) وبقي عنده إلى أن تهيّأ له أمر، فكتب إلى الموحّدين يستعطفهم ويتقرّب إليهم بضعف البلد، ويدلّهم على عورته. وقال لابن الربق: إنّي أريد أن أكتب إلى عيالي بإكرام الملك لي. فأذن له، فعثر على كتابه فأحضره وقال: ما حملك على هذا مع إكرامي لك فقال: إنّ ذلك لا يمنعني من النصح لأهل ديني. فأحرقه. ولم يسيروا بأبي يعقوب إلاّ ليلتين أو ثلاثاً حتى مات. وأخبرني مكن كان معهم أنّه سمع في العسكر النداء للصلاة على جنازة رجل، فصلّى الناس قاطبة لا يعرفون على من صلّوا. وصبّروه وبعثوا به في تأبوت مع كافور الحاجب إلى تيتمّلل، فدفن هناك مع أبيه وابن تومرت. مات في سابع رجب، وأخذ البيعة لابنه يعقوب عند موته، فبايعوه. وفيها وُلد:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 324 التّقيّ عبد الرحمن بن مُرهَف الناشريّ، المقرئ، وقاضي حماه أبو طاهر إبراهيم بن هبة الله بن البازريّ الجُهنيّ في شعبان. وفاطمة بنت محمود ابن الملثّم العادليّ، سمعت من البوصيريّ. وفيها وُلد: عبد الحميد بن رضوان المصريّ. وأبو القاسم محمد بن عبد المنعم، روى عن ابن طبَرزَد. وأبو بكر محمد بن زكريّا بن رحمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 325 4 (المتوفّون على التخمين)

4 (حرف الألف)

4 (إبراهيم بن محمد.) اللّخميّ السّبتيّ، المعروف بابن المتقن. روى عن: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر الأسديّ. وحجّ، وسمع من السِّلفيّ. قال الأبّار: توفّي بعد السبعين وخمسمائة. 4 (إسحاق بن هبة الله.) أبو طاهر الخراقيّ، المقرئ.) قدم دمشق سنة اثنتين وسبعين، وحدّث عن: علي بن الصّبّاغ. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغيره. 4 (إسماعيل بن غانم بن خالد.) أبو رشيد الإصبهانيّ، البيّع. سمع: أبا الفتح أحمد بن عبد الله السّوذر جاني، وأحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه، وجماعة. وعمّر دهراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 326 روى عنه: الحافظ عبد الغني، ومحمد بن سعيد بن أحمد الأسواريّ، ومحمد بن النجيب أحمد ابن نصر الإصبهانيّ، وآخرون. وبقي إلى سنة خمس وسبعين. وهو من كبار الشيوخ الذين لحقهم عبد الغني بإصبهان. 4 (إسماعيل بن يونس بن سلمان.) القُرشيّ، الدّمشقي المعروف بابن الأفطس. سمع: هبة الله بن الأكفانيّ، وعلي بن أحمد بن قبيس. وأجاز للضياء محمد. 4 (حرف الحاء)

4 (حبيب بن إبراهيم بن عبد الله.) أبو رشيد الإصبهاني، المقرئ. سمع: محمود بن إسماعيل الصيرفي، وغيره. وعنه: الحافظ عبد الغني، وغيره. وأجاز للحافظ الضياء فيما أظن. 4 (حرف الزاي)

4 (زاهر بن إسماعيل بن أبي القاسم.) الهمذانيّ. أجاز للضياء في سنة أربع وسبعين. وأدركه الحافظ عبد الغنيّ.) 4 (حرف السين)

4 (سالم بن عبد السلام بن علوان.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 327 أبو المُرجّى البوازيجي، الصوفي. صحب أبا النّجيب السّهروَرديّ ولازمه. وسمع معه من: زاهر الشّحّامي، وغيره. وعنه: يوسف بن محمد الواعظ، وعمر بن محمد المقرئ، وشهاب الدين السهرورديّ، وغيرهم. وتوفّي قبل الثمانين وخمسمائة. قاله ابن الدّبيثي. 4 (سلامة الصيّاد.) المَنبِجيّ، الزاهد، رفيق الشيخ عديّ. قال الحافظ عبد القادر الرُّهاوي، وكانا جميعاً من تلاميذ الشيخ عقيل: المنبجيّ الزاهد، ساح ولقي المشايخ، ورأى منهم الكرامات، وأقام بالموصل مدّة في زمن بني الشهرزوريّ حين كان لا يقدر أحدٌ أن يتظاهر بالحنبلية ولا السنّة. فأقام يُظهر السنة ويُحاجّ عنها. ثم رجع إلى منبج، فأقام بها إلى أن مات. وكان يتعيّش في المقاثي وعمل الحصر، وينفق من ذلك. دخلت عليه بمنبج في داره وهو جالس على حصير يعمله، فترك العمل، وأقبل عليّ يحادثني، فرأيت منه وقاراً وعدلاً وحفظ لسان، وتعرّياً من الدعاوى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 328 وكان قد لزم بيته، وترك الخروج إلى الجماعة لأنّ أهل منبج كانوا قد صاروا ينتحلون مذهب الأشعريّ، و يبغضون الحنابلة بسبب واعظٍ قدِم يسمّى الدّماغ، فأقام بها مدّة، وحسّن لهم ذلك. وكان البلد خالياً من أهل العلم، فشربت قلوبهم ذلك. قال: وسمعت رجلاً يقول للشيخ عسكر النصيبي: أهل منبج قد صاروا يبغضون أهل حران. فقال: لا يبغض أهل حران من فيه خير. وسمعت الشيخ سلامة يقول، لما مضى الدماغ إلى دمشق ومات، جاءنا الخبر فقاموا يصلون عليه، ولم أقم أنا، فقالوا لي: ما تصلي عليه فقلت: لا، قعودي أفضل. وقالوا لي: لم لا تخرج إلى الجماعة فقلت: جماعتكم صارت فرقة.) وقال لي: عبر الشيخ الزاهد أبو بكر بن إسماعيل الحراني على منبج، ولم يدخل إلي، وبعث يقول: إنه لم يدخل إلي لأجل أهل منبج. وأنا إيش ذنبي. وكان الشيخ أبو بكر يذكره كثيراً، وينوّه باسمه، ويحث على زيارته، وهو الذي عرّفنا به. سمعت الشيخ سلامة يقول: كنت بالموصل في زمن بني الشهرزوري أذكر السنّة، وأنكر السماع. سمعت رجلاً من أهل الموصل يقول: جئت إلى الجزيرة، فأخبرت أن الشيخ هناك، فسألت عنه فوجدته في بعض المساجد، فجئت إليه، ثم خرجنا من هناك، فمشى بين يديّ، فنظرت فإذا هو سبقني، فقلت في نفسي من غير أن يسمع، كذا وكذا من أخت كذا. فالتفت إلي وقال: أي أخواتي فإنهن جماعة؟ قلت: أيهن شئت.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 329 4 (سليمان بن محمد بن سليمان.) أبو الربيع الحضرمي، الإشبيلي، المعروف بالمفوّقي. روى عن: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر الأسدي. وكان يعقد الشروط. وكان أبو بكر بن الجد يغض منه ويغص به. روى عنه: ابن أخته محمد بن علي التجيبي. قال الأبّار: توفي في حدود الثمانين. 4 (السموأل بن يحيى بن عياش.) المغربي، ثم البغدادي. كان يهودياً فأسلم، وبرع في العلوم الرياضية. وكان يتوقّد ذكاءً، وسكن بلاد العجم مدةً بأذربيجان ونواحيها. ومات قبل أن يكتهل بمراغة في هذا القرب. قال الموفق عبد اللطيف: أبلغ في العدديات مبلغاً لم يصله في زمانه، وكان حاد الذهن جداً بلغ في العدديات وصناعة الجبر الغاية القصوى. وله كتاب المفيد الأوسط في الطب، وكتاب إعجاز المهندسين صنفه في سنة سبعين وخمسمائة، وكتاب الرد على اليهود، وكتاب القوانين) في الحساب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 330 4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن وجيه بن طاهر بن محمد.) الشحامي. أجاز للشيخ الضياء في مرويّاته. 4 (حرف العين)

4 (عباس بن أبي الرجاء بن بدر.) أبو الفضل الراراني. أجاز للضياء من إصبهان. وهو أخو خليل. سمع من: الحداد. 4 (عبد الله بن عبد الواحد بن الحسن بن المفرّج.) أبو محمد الكناني، الدمشقي، المؤدب. إمام مسجد لبيد بالفسقار. سمع: أبا الحسن بن الموازيني، ومحمد بن علي بن محمد بن أبي العلاء المصّيصي. قال أبو المواهب بن صصرى: وكانت له حلقة بالجامع يقرئ بها الصبيان، وكان شيخاً صالحاً. وقال ابن خليل: ولد في رجب سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة قلت: روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. وأجاز لجماعة. وتوفي سنة نيّف وسبعين، وقد جاوز الثمانين رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 331 4 (عبد الجبار بن محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني.) أبو سعيد الإصبهاني. من كبار مسندي بلده. سمع من: القاسم بن الفضل الإصبهاني، الثقفي. وحدّث سنة سبعين. وتوفي بعد ذلك بسنة أو نحوها.) روى عنه: محمد بن خليل الراراني، وعمر بن أبي بكر بن مسعود الإصبهاني. وبالإجازة كريمة. 4 (عبد الرزاق بن إسماعيل بن محمد بن عثمان.) أبو المحاسن الهمذاني القومساني. سمع: عبد الرحمن بن حمد الدوني، وناصر بن مهدي الهمذاني، وغيرهما. روى عنه: الحافظ عبد الغني. وأجاز للحافظ الضياء في سنة أربع وسبعين. 4 (عبد الملك بن محمد بن عبد الملك.) أبو مروان الأنصاري، الإشبيلي، الحمامي. سمع: تاريخ ابن خيثمة من: أبي الحسن بن مغيث. وعنه: أبو القاسم الملاّحي، وأبو سليمان حوط الله. مات قبل الثمانين وخمسمائة. 4 (عبيد الله بن محمد التميمي.) أبو الحسين ابن اللحياني، الإشبيلي، المقرئ. أخذ القراءآت عن: شريح، وأحمد بن عيشون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 332 وتصدّر للإقراء. قرأ عليه: أبو القاسم بن أبي هارون. وحدّث عنه: مفرّج بن حسين الضرير. توفي في حدود الثمانين. 4 (علي بن بركات.) أبو الحسن المشغراني، ثم الدمشقي، المقرئ. توفي بعد السبعين. روى عن: نصر الله بن محمد المصّيصي. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. 4 (علي بن الحسين اللوّاتي.) ) مر في سنة ثلاث وسبعين. 4 (علي بن خلف بن غالب.) أبو الحسن الأنصاري، الأندلسي، نزيل قصر كتامة. سمع من: أبي القاسم بن رضا، وأبي عبد الله بن معمر، وأبي الحسن بن وليد بن مفوّز. وتعلّم الفرائض والحساب وتصوّف. وصنّف كتاب اليقين. رواه عنه: عبد الجليل بن موسى. وقال أيوب بن عبد الله السبتي: رحلت إليه مرّات إلى قصر عبد الكريم وكان قد سكنه. وكان محدّثاً شاعراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 333 4 (علي بن محمد بن ناصر.) أبو الحسن الأنصاري، القرطبي. أخذ القراءآت عن: أبي عبد الله بن صائن، وعبد الجليل بن عبد العزيز. وروى عن: أبي القاسم بن بقي، وأبي جعفر البطروحي، وأبي القاسم بن رضا، وجماعة. وكان مقرئاً، نحوياً. روى عنه: أبو بكر محمد بن علي الشريشي. 4 (علي بن هبة الله.) الكاملي، المصري. سمع من: أبي صادق مرشد المديني، وغيره. روى عنه: الحافظ عبد الغني، وعبد القادر، وابن رواحة، وعلي بن رحّال، وعبد الرحيم بن الطفيل، ومحمد بن الملثّم، وآخرون. 4 (علي بن أبي القاسم بن أبي حنّون.) أبو الحسن التلمساني، قاضي مراكش. روى عن: أبي عبد الله الخولاني، وأبي علي بن سكّرة. وعنه: أبو عبد الله بن عبد الحق التلمساني، وعقيل بن طلحة، وأبو الخطاب بن دحية. قال الأبّار: كان حياً في حدود الثمانين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 334 4 (حرف القاف) ) 4 (القاسم بن علي بن صالح.) أبو محمد الأنصاري نزيل دانية. أخذ القراءآت عن: أبي العباس القصيبي، وأبي العباس بن العريف، وابن غلام الفرس فسمع منه التيسير سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وتصدّر للإقراء بدانية. أخذ عنه: أسامة بن سليمان، وغيره. بقي إلى قريب الثمانين وخمسمائة. نسيته وقت ترتيب الأسماء. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن التابلان.) المنبجي الزاهد. قال الحافظ عبد القادر: كان رفيق الشيخ عديّ والشيخ سلامة، من تلاميذ الشيخ عقيل. حدّثني بعض الصوفية أن الشيخ عقيل أوصى له بعد موته بالجلوس في موضعه. دخلت عليه بمنبج غير مرة فرأيت شيخاً وقوراً مهيباً. عاش عمراً طويلاً في طريقة حسنة ومحمود ذكر. وكان له جماعة تلاميذ. وكان حافظاً للقرآن يؤمّ بالناس. وكان له ملك يتعيّش منه رحمه الله. قلت: كأن هذا بقي إلى قرب الستمائة، فإن ابنه الفقيه أحمد بن محمد بن إبراهيم بن التابلان المنبجي سمع منه شيخنا الشهاب الدشتي بمنبج، وهو يروي عن التاج الكندي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 335 4 (محمد بن عبد الله بن محمد.) الغرناطي أبو عبد الله بن الغاسل. سمع: أبا عبد الله النميري وصحبه زماناً. ورحل معه فلقي أبا الحسن بن الباذش. وقرأ بالروايات على شريح. وسمع أيضاً: أبا الحسن بن مغيث. وأجاز له ابن عتّاب. وكان مقرئاً، محدّثاً، ضابطاً. توفي سنة نيّف وسبعين.) 4 (محمد بن عبد العزيز.) الفقيه أبو عبد الله الإربلي، الشافعي. قدم بغداد، وتفقه بالنظامية، وبرع في المذهب. وولي إعادة النظامية. ومن شعره، وكتبه عنه عبد السلام بن يوسف الدمشقي: (رويدك فالدنيا الدنيّة كم دنت .......... بمكروهها من أهلها وصحابها)

(لقد فاق في الآفاق كل موفق .......... أفاق بها من سكره وصحا بها)

(فسل جامع الأموال فيها بحرصه .......... أخلّفها من بعده أم سرى بها)

(هي الآل فاحذرها وذرها لأهلها .......... فما الآل إلا لمعة من سرابها)

(وكم أسد ساد البرايا ببرّه .......... ولو نابها خطب إذا ما دنى بها)

(فأصبح فيها عبرةً لأولي النهى .......... بمخلبها قد مزّقته ونابها) قال ابن النجار: وبلغني أن أبا عبد الله الإربلي سافر إلى الشام ومات هناك في حدود سنة ثمانين وخمسمائة. 4 (محمد بن علي بن عبد الله بن علي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 336 أبو بكر البتمّاري، النهرواني، المعروف بابن العجيل. سمع: أحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا سعيد بن خشيش. سمع منه: عمر القرشي، وغيره. وأصابه صمم. وتوفي بعد السبعين. ذكره ابن النجار. 4 (محمد بن كشيلة.) الحراني، الزاهد. قال الرهاوي: كان أحد مشايخ أهل حران، زهداً، وورعاً واجتهاداً في أبواب الخير. وكان متواضعاً، كريماً، حيّياً، لا يكاد يرفع رأسه من الحياء، صبوراً على الفقر موثراً. وكان الشيخ أبو بكر بن إسماعيل يذكره ويمدحه بكونه يعيش من كسبه. ولما مرض أبو بكر خرج محمد إلى عيادته، فوصّى له بثلث رحاه، واستخلفه في موضعه بالمشهد.) وسمعت بعض أصحابنا يقول: قال أصحاب أبي بكر لأبي بكر: من تأمرنا نجالس بعدك فقال: عليكم بسيد السادات محمد. ذكر الرهاوي هؤلاء وغيرهم. وما أراه ذكر الشيخ حياءً، وسأذكره في سنة إحدى وثمانين إن شاء الله تعالى. 4 (محمود بن محمد.) أبو الثناء البغدادي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 337 حدّث بالإسكندرية عن: هبة الله بن الحصين، وأبي منصور القزاز. روى عنه: علي بن المفضّل، وغيره. 4 (المطهّر بن عبد الكريم بن محمد بن عثمان.) الهمذاني القومساني. روى عن: عبد الرحمن بن الدوني، وناصر بن مهدي. وعنه: الحافظ أبو محمد المقدسي، وغيره. وناصر المذكور هو ابن مهدي بن نصر بن علي بن نصر بن عبدان أبو علي المشطّب الهمذاني. بكّر به أبوه أبو الحسن المشطّب فأسمعه سنن الحلواني من علي بن شعيب بن عبد الوهاب الهمذاني. وكان علي بن شعيب مسند همذان في زمانه. روى عن أوس الخطيب، وجبريل العدل، وأبي أحمد الغطريفي، وإسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان، وطائفة. روى عنه: علي بن الحسين، وابن ممان. وناصر هذا، وأحمد بن عمر البيّع. وكان ثقة، صدوقاً، صالحاً. قال الحافظ شيرويه: سمعت أبا بكر الأنصاري يقول: لما رجع الشيخ محمد بن عيسى، شيخ الصوفية، إلى همذان استقبله الخاص والعام، وكان علي بن شعيب مع من استقبله، وكان راجلاً، رثّ الهيئة، فكان أبو منصور محمد بن عيسى لا ينزل لأحد، لا للأشراف ولا للوجوه، وإنما يصافحهم راكباً. فلما رأى علي بن شعيب نزل عن دابته وعانقه، ومشى معه ساعة حتى سأله أن يركب فركب. قلت: كان ابن شعيب باقياً بعد الثلاثين وأربعمائة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 338 4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن إسماعيل الحراني. الزاهد.) ذكره الحافظ فقال: كان من مفاريد الزمان. اجتمعت فيه من خلال الخير أشياء لو سطرت كانت سيرة. كان زاهداً، ورعاً، مجاهداً، مجتهداً، متواضعاً، ذا عزائم خالصة، بصيراً بآفات أعمال الآخرة وعيوب الدنيا، ذا تجارب. ساح وخالط، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، منقاداً للحق، محباً للخمول، عارياً من تزيّ أهل الدين. ظاهراً لا يستوطن المواضع. كان تارةً يكون معمماً، وتارةً بغير عمامة، وتارة محلوقاً وتارة بشعر. إذا وقف بين جماعة لا يعرفه الغريب، ولم يكن له في المسجد موضع يعرف به. وكان إذا قال له أحد: أريد أن أتوب على يدك. يقول: إيش تعمل بيدي، تب إلى الله. وكان شجاعاً. وهو الذي جرّى المسلمين على محاصرة الرّها في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، واشتهر بين الناس أنهم يوم وقعة الثلمة التي بالرها دخل منها المسلمون رأوا رجلاً قد صعد فيها، فهزم من كان بها من الإفرنج، وصعد الناس بعده، فحكى لي بعض الناس أنه الشيخ أبو بكر رضي الله عنه. وبلغني أن ناساً اختلفوا فيه، فحلف بعضهم أنه الشيخ عدي بن صخر، فاختلفوا إليه في ذلك، فقال: ذاك الحرّاني. سمعته يقول: كان أبي قد أسره الفرنج إلى الرها، فقادوه، وأخذوني وأخي رهينةً، يعني وهما صغيران فكان صاحب البلد يأخذني ويجيء بي عند الصليب، ويجعل يحني رأسي نحوه، فأمتنع عليه مع هيبته، ويقع في نفسي أني إن فعلت صرت نصرانياً. وكان يأخذ أخي فيجيء به إلى الصليب، فيسجد له، فأتعلق به وأمنعه. ثم إنه خلّص من أيدي الفرنج، فسمعته يقول: كنت أمر إلى الرها في الليل فأصعد إلى السور، وأنزل إلى البلد، فإذا عرفوا بي صعدت إلى السور، فإذا صرت على السور ومعي سيفي وترسي لم أبال بأحد. وصعدت مرةً إلى السور، فلقيت اثنين، قتلت الواحد ودخل الآخر إلى البرج، فدخلت خلفه فقتلته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 339 سمعته غير مرة يقول: رأيت قائلاً يقول لي: كن تبعاً إلا في ثلاثة: في الزهد، والورع، والجهاد. وحج نحوفاً من ثلاثين حجة ماشياً. وبلغني عنه أنه حج في بعضها، ولم ينم في تلك المدّة حتى) خرج من الحج. ثم إنه ترك الحج، وسكن مشهداً قريباً من حرّان، واشتغل بعمارة رحى هناك. ورتّب الضيافة لكل وارد خبزاً ولحماً وشهوات. وكان سبب ذلك كما حكى لي قال: كنت أنا وآخر في الشام، فجعنا جوعاً شديداً، ثم جئنا إلى قرية، فصنع لنا إنسان طعاماً وقدّمه إلينا، فجعلنا نأكل وهو حار، فلما رأى شراهتنا في الأكل مع حرارته قال: أرفقوا فهو لكم. فاعتقد أنه لو كان لذلك الرجل ذنوب مثل الجبال لغفرت لما صادف من إشباع جوعنا. فرأيت أن حجي ليس فيه منفعة لغيري، وأني لو عملت موضعاً يستظل به إنسان كان أفضل من حجي. وكان مع ذلك يكره كثرة العلائق ويقول: لو قيل لي في المنام أنك تصير إلى هذا المال ما صدّقت. وبنى عند المشهد خاناً للسبيل، وكان يعمل عامّة نهاره في الحر والغبار، ويقول: لو أن لي من يعمل معي في الليل لعملت. وعمل لنفسه رحىً، وكان يتقوّت منه باليسير، ويخرج الباقي في البرّ. دخلت عليه في بيته مراراً وهو يتعشّى، فما رأيته جالساً في سراج قط، ولا كان تحته حصير جيّد قط ولا فراش، بل حصير عتيق، تحته قش الرز. وحضرت يوماً معه في مكان، فلما حضر وقت الغداء جلسنا نتغدّى، وأخرج رغيفاً كان معه، فأكل نصفه، وناولني باقيه، وقال: ما بقي يصلح لي، آكل شيئاً ولا أعمل شيئاً. وقال لي: وددت أني لآتي مكاناً لا أخرج منه حتى أموت.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 340 وقد سمعته يقول: وذكر لي إنسان أن بعض الرؤساء عرض عليه ملكاً يقفه عليه، فقال له أبو بكر: وإيش تعمل به لو لم يكن في مالهم شبهة إلا الجاه لكفى. سمعت فتيان بن نيّاح الحرّاني، وكان عالم أهل حران وقد جرى بيننا ذكر للكرامات فقال: أنا لا أحكي عن الأموات ولكن عن الأحياء. هذا أبو بكر بن إسماعيل حج في بعض السنين، فلما قرب مجيء الحاج جاء الخبر أن أبا بكر قد مات. فجلست محزوناً فجاءتني والدته وأنا في مكاني هذا، فسلّمت، فرددت عليها متحزّناً. فقالت: إيش هو فقلت: هو الذي يحكى.) فقالت: ما هو صحيح. قلت: من أين لك قالت هو قال لي قبل أن يخرج إنه سيبلّغك أني قد متّ، فلا تصدقي، فإني لا بد أجيء وأتزوّج، وأرزق إبناً وأموت. قال: فأول من جاء هو، وتزوّج ورزق إبناً، ومات. هذا مع كراهيته إظهار الكرامات والدعاوى. وكان عاقلاً فاطناً، يتكلّم بالحكمة في أمر الدين. حدّثني من حضر موته قال: كنّا أنا وفلان وفلان، فتوضّأ ثم صار يسأل عن وقت الظهر، فقال بعضنا: جرت عادة الناس يأخذون من آثار مشايخهم للتبرّك. فقال: إن قبلتم مني لا تريدون شيئاً من الدنيا. قال: فبينما أنا جالس أغفيت، فرأيت كأن البيت الذي نحن فيه يخرج منه مثل ألسن الشمع، يعني النور. ورأيت كأن شيخاً جاء إلى عند الشيخ أبي بكر، فقلت: من هذا فقيل: هذا الشيخ حمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 341 فانتبهت فجعلت أسأل الجماعة عن الشيخ حمد، ففطن لي الشيخ فقال: إيش تقول فقصصت عليه الرؤيا، فقال: نعم هذا الشيخ حمد بن سرور قد جاء إلينا. وكان الشيخ حمد من مشايخ حران. قال: ثم إنه مال يسأل عن وقت الظهر، حتى بقي من الوقت قدر قراءة جزء، ثم إنه تفل مثل النّقحة، فخرجت منها نفسه وحمل إلى حران فدفن بها رضي الله عنه. 4 (أبو جعفر بن هارون.) الترحالي، الأندلسي، من كبار أهل إشبيلية. وكان رأساً في الفلسفة، والطب، والكحالة. ذا عناية بكتب أرسطو طاليس. خدم أبا يعقوب بن عبد المؤمن. وقد أخذ عن الفقيه أبي بكر بن العربي، ولازمه مدّة. وعنه أخذ أبو الوليد بن رشد الحفيد، علم الأوائل. وترحاله: من ثغور الأندلس.) 4 (أبو الفتح.) الموصلي، العابد، ويعرف بابن الرئيس. قال الحافظ الرهاوي: كان زاهداً، ورعاً، قنوعاً، صائم الدهر، نوراني الوجه، حسن الأخلاق، رزين العقل، متواضعاً، شديداً في السنّة، داعياً إليها، حافظاً للقرآن. لقّن خلقاً. وكان خياطاً يتقوّت باليسير والباقي ينفقه على أخيه وأولاد أخيه. وكان يلبس قميص خام ومئزر خام خشناً. ولم يكن بالموصل في آخر زمانه مثله. وشيّعه خلق لا يحصون رحمه الله تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 342 4 (أبو الوفا.) شيخ أهل آمد في زمانه. قال الحافظ الرهاوي: تكررت إليه مدّة مقامي بآمد، فرأيت منه عقلاً وافراً، وحلماً وتواضعاً، وسخاءً، وتألّفاً للناس على مذهب أحمد. وكان كثير الاحتمال للأذى في تألّف الناس. مفيداً بكلامه، حافظاً للسانه، ذكيّاً، فهماً. لم أر في تردادي إليه سقطةً، ولا بلغني عنه. ولقد فرحت برؤيتي له فرحاً شديداً، وأحببته كأشد ما أحببت أحداً من المشايخ. وكان له شيء من الدنيا يتعيّش منه، ويواسي منه الفقراء، رحمه الله تعالى.

الجزء الحادى والأربعون

الجزء الحادي والأربعون

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 5 5 (بسم اللَّه الرحمن الرحيم)

5 (ربَّنَا أفرغْ علينا صَبراً)

5 (الطبقة التاسعة والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وثمانين وخمسمائة)

4 (وقوع البرد) في المحرَّم وقع بناحية نهر الملك بَرَدٌ أهلك الزَّرْع وقتل المواشي، وُزِنت منه بَرَدة فكانت رِطْلين بالعراقيّ. 4 (تدريس النظامية) وفي صَفَر انفصل رضيّ الدّين أبو الخير القزْوينيّ عن تدريس النظّامية، وولي أبو طالب المبارك بن المبارك الكرْخيّ، وخُلِع عليه من الدّيوان العزيز بطراحة. 4 (منع الوعاظ) وفي رجب أمر الخليفة منْع الوعّاظ كلَّهم إلاّ ابن الجوزيّ. 4 (مولود بأذن واحدة) ووُلِد بالعراق ولدٌ طول جبهته شبر وأربعة أصابع، وله أُذُنٌ واحدة. 4 (خطبة الملثّم للناصر لدين اللَّه) وفيها وردت الأخبار بأنَّ عليّ بن إسحاق الملثَّم خطب للناصر لدين اللَّه بمعظم بلاد المغرب، وخالف بني عبد المؤمن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 6 4 (مسير السّلطان إلى الموصل) وفيها سار السّلطان الملك النّاصر قاصداً الموصِل، فلمّا قاربَ حلبَ تلقّاه صاحبها الملك العادل أخوه، ثمّ عَدَّى الفراتَ إلى حَرّان، وكانت إذ ذاك لمظفّر الدّين ابن صاحب إربِل، وقد بذل خطّه بخمسين ألف دينار يوم وصول السّلطان إلى حَرّان برسم النَّفَقَة، فأقام السّلطان أياماً لم يَرَ للمال أثراً، فغضب على مظفّر الدّين واعتقله، ثم عفا عنه، وكتب له تشريفاً بعد أن تسلَّمَ منه حرَّان، والرُّها، ثم أعادهما إليه في آخر العام. وسار إلى الموصل فحاصرها وضايقها، وبذلت العامَّةُ نفوسهم في القتال بكلّ ممكنٍ لكون بنت السّلطان نور الدين، وهي زوجة صاحب الموصل عزّ الدّين سارت إلى صلاح الدّين قبل أن ينازل البلد، وخضعت له تطلب الصُّلْح والإحسان، فردّها خائبة، ثم إنه ندِم، ورأى أنّه عاجز عن أخذ البلد عَنْوةً، فأتت الأخبار بوفاة شاه أرمن صاحب) خِلاط، وبوفاة نور الدّين محمد صاحب حصن كيفا وآمِد، فتقسّم فِكْرُه، واختلفت آراء أمرائه، فلم يلبث أن جاءته رُسُل أمراء خِلاط بتعجيل المسير إليهم، فأسرع إليهم، وجعل على مقدِّمته ابنَ عمّه ناصر الدّين محمد بن شِيرَكُوه ومظفَّر الدّين كوكبوري ابن صاحب إربل إلى خِلاط، فوجد الأمير بكتمر مملوك شاه أرمن قد تملَّك، فنزلا بقربها. ووصل الملك شمس الدّين البهلوان محمد بن ألْدِكِز بجيش أذرْبَيْجان ليأخذ خِلاط فنزل أيضاً بقربها. وكان الوزير بها مجد الدّين عبد اللَّه بن الموفَّق بن رشيق، فكاتب صلاح الدّين مرّة، وصلاح الدّين أخرى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 7 4 (منازلة صلاح الدّين ميّافارقين) ووصل صلاح الدّين ميّافارقين فنازلها وحاصرها، وكتب إلى مقدّمته يأمرهم بالعَود إليه فعادوا، وتسلّمها بأمان، وسلّمها إلى مملوكه سُنْقُر في جُمادى الأولى. فأتته رُسُلُ البهلوان بما فيه المصلحة وأن يرجع عن خلاط، فأجاب: على أن ترحل أنت أيضاً إلى بلادك. 4 (منازلة الموصل) ثم عاد صلاح الدّين فنازل الموصل وضايقها، فخرج إليه جماعة من النّساء الأتابكيّات فخضعْن له، فأكرمهن وقّبِلَ شفاعتهنّ. واستقرّ الأمر على أن يكون عماد الدّين زنكي بن مودود بن زنكي صاحب سنْجار هو المتكلّم، فتوسّط بأن تكون بلاد شهرزُور وحصونها للسّلطان، وتُضْرب السّكّة باسمه والخطْبة له بالموصل، وأن تكون الموصل لصاحبها، وأن يكون طَوْعه. 4 (مرض السّلطان) ثم رجع السّلطان فتمرّض بحَرّان مُدَيْدَة، واشتدّ مرضه، وتناثر شَعْر رأسه ولحيته، وأرجفوا بموته. ثم عُوفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 8 4 (وفاة صاحب حمص) وتُوُفّي ناصر الدّين محمد بن أسد الدّين صاحب حمص، فأنعم بها السّلطان على ولده الملك المجاهد أسد الدّين شِيركُوه بن محمد. وسِنُّه يومئذٍ ثلاث عشرة سنة، وأمتدَّت أيّامه. 4 (مصالحة أهل خلاط للبهلوان) وأمّا أهل خِلاط فإنّهم أصطلحوا مع البهلوان محمد، وصاروا من حزبه. 4 (فتنة التركمان والأكراد) ) قال ابن الأثير: وفيها ابتداء الفتنة بين التُّرْكمان والأكراد بالموصل، والجزيرة، وشهرزور، وأَذَرْبَيْجان، والشّام. وقُتِلَ فيها من الخلْق ما لا يُحصى، ودامت عدّة سنين. وتقطّعت الطُّرُق، وأُرِيقت الدّماء، ونُهبت الأموال. وسببها أن تُرْكمانيّة تزوَّجت بتُركمانيّ، فاجتازوا بأكرادٍ، فطلبوا منهم وليمة العُرْس، فامتنعوا وجرى بينهم خصام آلَ إلى القتال، فقُتِل الزَّوج،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 9 فهاجت الفِتنة، وقامت التّرْكُمان على ساقٍ، وقتلوا جمْعاً من الأكراد، فتناخت الأكراد وقتلوا في التُّرْكُمان. وتفاقم الشَّرّ ودام، إلى أن جمع الأمير مجاهد الدّين قايماز رحمه اللَّه عنده جَمعاً من رؤوس التُّرْكُمان والأكراد وأصلح بينهم، وأعطاهم الخِلَع والثياب، وأخرج عليهم مالاً جمّاً، فانقطعت الفتنة. 4 (إستيلاء ابن غانية على بلاد إفريقية) وفيها استولى ابن غانية الملثّم على أكثر بلاد إفريقية كما ذكرنا في سنة ثمانين استطراداً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 10 4 (سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة)

4 (إعتدال صحّة السّلطان) في أولها صح مزاج السّلطان بحرّان فرحل عنها، ومعه والداه الظاهر، والعزيز، وأخوه العادل، وقدِم الشام. فبذل العادل بلاد حلب لأولاد أخيه، فشكره السّلطان على ذلك، وملّكها للسلطان الملك الظاهر غازي ولده. وسيَّر أخاه العادل إلى مصر، ونزل على نواحي البلقاء. وقيل إن الملك الظاهر لمّا تزوَّج بابنة العادل نزل له العادل عن حلب، وقال: أنا ألزم خدمة أخي وأقنع بما أعطاني. وسمح بهذا لأن السّلطان أخاه كان في مرضه قد أوصى إليه على أولاده وممالكه، فأعجبه ذلك. 4 (رواية المنجمين عن خراب العالم) قال العماد الكاتب: أجمع المنجّمون في سنة اثنتين وثمانين في جميع البلاد بخراب العالم في شعبان عند اجتماع الكواكب الستة في الميزان بطوفان الريح في سائر البلدان. وخوّفوا بذلك من لا توثُّق له باليقين، ولا إحكام له في الدّين من ملوك الأعاجم والروم، وأشعروهم من تأثيرات النجوم، فشرعوا في حفر مغارات على التُّخُوم، وتعميق بيوت في الأسراب وتوثيقها، وشدّ منافسها على الريح، ونقلوا إليها الماء والأزواد وانتقلوا إليها، وانتظروا الميعاد وسلطاننا متنمّر من أباطيل المنجّمين، مُوقنٌ أنّ قولهم مبنيّ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 11 على الكذب والتخمين. فلمّا كانت الليلة التي) عيَّنها المنجمون لمثل ريح عاد، ونحن جلوسٌ عند السّلطان، والشُّموع توقد، وما يتحرك لنا نسيم، ولم نرَ ليلةً مثلها في ركودها. وعمل في ذلك جماعةٌ من الشعراء. فممّا عمل أبو الغنائم محمد بن المعلّم فيما ورَّخه أبو المظفَّر السَّنَةَ في المرآة: (قُلْ لأبي الفضل قَولَ معترفٍ .......... مضى جُمادى وجاءنا رَجَبُ)

(وماجرت زعزعا كما حكموا .......... ولا بَدَا كوكبٌ له ذَنَبُ)

(كلاَّ، ولا أظلَّت ذُكاء ولا .......... أبدت أذىً في أقرانها الشُّهُبُ)

(يقضي عليها من ليس يعلم ما .......... يُقضى عليه هذا هو العَجبُ)

(قد بان كذِبُ المنجّمين وفي .......... أي مقال قالوا وماكذبوا)

4 (فتنة عاشوراء) قال ابن البُزُوريّ: وفي يوم عاشوراء سنة اثنتين قال محمد بن القادسيّ فُرِش الرَّماد في الأسواق ببغداد، وعلقت المسموح، وناح أهل الكَرخ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 12 والمختارة، وخرج النساء حاسراتٍ يلطمن وينحن من باب البدريّة إلى باب حجرة الخليفة، والخِلَع تُفاض عليهنّ وعلى المنشدين من الرجال. وتعدى الأمر إلى سبِّ الصحابة. وكان أهل الكرخ يصيحون: مابقي كتمان. وأقاموا ابنة قرايا، وكان الظّهير ابن العطار قد كبس دار أبيها، وأخرج منها كُتباً في سبّ الصحابة، فقطع يديه ورجليه، ورجمته العوّام حتى مات، فقامت هذه المرأة تحت منظرة الخليفة وحولها خلائق وهي تنشد أشعار العوْني وتقول: إلعنوا راكبةَ الجمل. وتذكر حديث الإفْك. قال: وكلّ ذلك منسوبٌ إلى أستاذ الدّار، وهو مجد الدّين ابن الصّاحب، ثم قُتِل بعد. 4 (خلاف الفرنج) وفيها وقع الخلاف بين الفرنج لعنهم اللَّه وتفرَّقت كلمتهم، وكان في ذلك سعادة الإسلام. 4 (غدْر أرناط صاحب الكَرَك) وفيها غدر اللعين أرناط صاحب الكرك فقطع الطريق على قافلةٍ كبيرة جاءت من مصر، فقتل وأسر، ثم شن الغارات على المسلمين، ونبذ العهد. فتجهز السّلطان صلاح الدّين لحربه، وطلب العساكر من البلاد، ونذر إن ظَفَرَ به ليقتلنّه، فأظفره اللَّه به كما يأتي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 13 4 (خروج طغتكين عن طاعة صلاح الدين) أنبأنا ابن البُزُوري في الذيل قال: وقدِم الحاجّ بغداد، وأخبروا أنّ سيف الإسلام طُغتِكين أخا صلاح الدّين خرج عن الطاعة، وترك مراضي الديوان واتّباعه، واستولى على مكّة وأهلها، وخطب لأخيه. وأخبروا أنّ قِفل الكعبة عَسُر عليهم فتحُه، وازدحم الناس، فمات منهم أربعةٌ وثلاثون نفساً. 4 (مزاعم المنجّمين) قال: وفي هذه السنة كان المنجّمون يزعمون أنّ في تاسع جُمادى الآخرة تجتمع الكواكب الخمسة في برج الميزان، وهو القِران الخامس، ويدلّ ذلك على رياحٍ شديدة، وهلاك مدنٍ كثيرة، فلم يُرَ إلاّ الخير. وأُخبرتُ أنّ الهواء توقَّف في الشهر المذكور على أهل السواد، فلم يكن لهم مايذرّون به الغلَّة. وكان الخليفة أمر بأخذ خطوط المنجمّين بذلك، فكتبوا سوى قايماز، وكان حاذقاً بالنّجوم، فإنّه كتب: لا يتم من ذلك شيء. وخرج. فقال له منجّم: ما هذا قال: إن كان كما تزعمون من هلاك العالم مَن يواقفني وإن كان ماقلته حظيت عندهم. 4 (عقد قران الخليفة الناصر) وفيها عقد أمير المؤمنين الناصر على الجهة سلجوق خاتون بنت قَلِج أرسلان بن مسعود صاحب بلاد الروم بوكالةٍ من أخيها كيخسْرُو، وسار لإحضارها الحافظ يوسف بن أحمد شيخ الرّباط الأرجواني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 14 4 (الفتنة بين الرافضة والسُّنَّة) وفيها جَرت فتنة عظيمة بين الرافضة والسُّنة قُتل فيها خلقٌ كثير، وغلبوا أهل الكرخ. 4 (الفِتَن بإصبهان) وفيها وردت الأخبار بالفتن بإصبهان، والقتال والنهب، وإحراق المدارس، وقتل الأطفال، فقُتِل أربعة آلاف نفس. وسببه اختلاف المذاهب بعد وفاة زعيم إصبهان البلهوان. ثم ملك بعده أخوه فهذَّب البلاد. 4 (إمرة الركْب العراقي) وأمير الركب العراقي في هذه الأعوام طاشتكين المستنجديّ.) 4 (كثرة الخُلْف بين الأمم والطوائف) وفي هذه الأيام كَثُر الخُلْف بديار بكر والجزيرة بين الأكراد والتركمان، وبين الفرنج والروم والأرمن، وبين الإسماعيلية والسُّنَّة. وقتلت الإسماعيلية ابن نيسان والد الذي أخذ منه صلاح الدّين آمِد. 4 (تصادم الطيور في الجوّ) ووقع بين الكراكيّ واللقالق والإوزّ، وصارت تصطدم بالجو وتتساقط جرحى وكَسْرَى، وأمْتار الناس منها بأرض حرّان. قاله عبد اللطيف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 15 4 (سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة)

4 (إتفاقات الأوائل) أول يوم في السنة كان أول أيام الأسبوع، وأول السنة الشمسية وأول سِنيّ الفُرس، والشمس والقمر في أول البروج. وكان ذلك من الإتفاقات العجيبة. قاله لنا ابن البُزُوريّ. 4 (نقابة النقباء) قال: وفي صَفَر عُزل نقيب النُّقباء ابن الرمّال بأبي القاسم قُثَم بن طلحة الزَّينبيَ. 4 (قتل مجد الدّين ابن الصاحب) وفي ربيع الأول استدعيَ مجد الدّين هبة اللَّه ابن الصاحب أستاذ الدّار إلى باطن دار الخلافة، فقُتِل بها. وكان قد ارتفعت رُتْبته وعلا شأنه وتولّى قتلَه ياقوت الناصريّ، وعلَّق رأسه على باب داره. وولي أستاذيّة الدار قِوام الدّين أبو طالب يحيى بن زيادة، نقلاً من حجابة الباب النُّوبيّ وأمر بكشف تركة ابن الصّاحب، فكانت ألف ألف دينار وخمسة وثلاثين ألف دينار، سوى الأقمشة والآلات والأملاك. وتقدَّم أن لايتعرض إلى مايخصّ أولاده من أملاكهم التي باسمهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 16 وقال سبط الجوزيّ: قرَّبه الناصر تقريباً زائداً، فبسط يده في الأموال، وسفك الدّماء، وسبّ الصحابة ظاهراً، وبَطَر بطَراً شديداً، وعزم على تغيير الدولة. الى أن قال: وثب عليه في الدِّهليز ياقوت شِحنة بغداد فقتله، ووُجد له مالم يوجد في دُور الخلفاء. 4 (إحراق النقيب) ) قلت: وتُوفّي النقيب عبد الملك بن عليّ بالسجن، وكان خاصاً بابن الصاحب والمنفّذ لمراسمه، وأُخرج، فلمّا رأت العامّة تابوته رَمَوه، وشدّوا في رجله حبلاً وسحبوه، وأحرقوه بباب المراتب. 4 (نيابة الوزارة) وفي شوال عُزل ابن الدريج عن نيابة الوزارة، ثم نُفِّذ إلى جلال الدّين أبي المظفّر عُبيد اللَّه بن يونس فوُلي الأمر. ثم استُدْعيَ يوم الجمعة إلى باب الحجرة، وخُلعَ عليه خِلعة الوزارة الكاملة، ولُقِّب يومئذٍ جلال الدّين، وقبَّل يد الخليفة وقال له: قلَّدتك أمور الرعية فقدِّم تقوى اللَّه أمامك. 4 (وفاة ابن الدامغاني) وقد كان ابن يونس يشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن بن الدّامغانيّ، وتوقَّف مرة في سماع قوله. فلمّا كان هذا اليوم كان قاضي القضاة ممّن مشى بين يديه. فقيل إنّه قال: لعن اللَّه طول العمر. ثم مات بعد أيام في ذي الحجّة، فوُلّي قضاءَ القضاة بالعراق أبو طالب عليّ بن عليّ بن البخاري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 17 4 (هدم مملكة السّلطان طغرل) وفيها أرسل السّلطان طُغْرُل بن أرسلان بن طُغْرُل بن محمد السلجوقي إلى الديوان يطلب أن تُعمر دار المملكة ليجيء وينزلها، وأن يُسمى في الخطبة. فأمر الخليفة فَهُدمت المملكة وأُعيد رسوله بغير جواب. وكان مُستضعف المُلك مع البهلوان ليس له غير الاسم. فلما توفّي البهلوان قويت نفسه وعسكر، وانضمَّ إليه أمراء. 4 (الحرب بين الركْب العراقي والركْب الشامي) وحجَّ بالركب العراقي مُجِير الدّين طاشتكين على عادته. وحجَّ من الشام الأمير شمس الدّين محمد بن عبد الملك، المعروف بابن المقدَّم، فضرب كوساته، وتقدَّم من عرفات قبل أصحاب الخليفة، فأرسل طاشتِكين يلومه، فلم يفكّر فيه، فركب طاشتكين في أجناده، إلى قتاله، وتبعه خلق من ركب العراق. ووقع الحرب، وقُتِل من رَكب الشام خلق. 4 (وفاة ابن المقدَّم) ثم أُسِرَ ابن المقدَّم، وجيء به إلى خيمة طاشتكين، وخيطت جراحاته، ثم مات بمِنى ودُفن بها.) قلت: وقد كان من كبار الأمراء النُّوريّة وولي نيابة دمشق للسلطان صلاح الدّين وهو واقف المدرسة المقدّميَّة. 4 (إحراق ضياع الكرك والشوبك) وفيها كتب السّلطان صلاح الدّين إلى الأمصار يستدعي الأجناد إلى

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 18 الجهاد. وبرز في أول السنة، ونزل على أرض بُصرى مرتقباً مجيء الحاجّ ليخفرَهم من الفرنج. وسار إلى الكرك والشَّوبك، فأحرق ضياعهما، وأقام هناك شهرين. 4 (الإغارة على طبريّة) واجتمعت الجيوش برأس الماء عند ولده الأفضل، فجهَّز بعثاً فأغاروا على طبرية. 4 (هزيمة الفرنج بصفُّورية) وقدِم من الشرق مظفَّر الدّين صاحب إربل بالعساكر، وقدِم بدر الدّين ولدرم على عسكر حلب، وقايماز النَّجْميّ على عسكر دمشق، فساروا مُدلجين حتى صبَّحوا صفورية، فخرجت الفرنج فنصر اللَّه المسلمين، وقُتِل من الفرنج خلقٌ من الإسبِتار، وأسروا خلقاً. 4 (موقعة حطين) وأسرع السّلطان حتى نزل بعشترا، وعرض العساكر وأنفق فيهم، وسار بهم وقد ملأوا الفضاء فنزل الأرْدُنّ، ونزل معظم العساكر. وسار إلى طبرية فأخذها عنوةً، فتأهَّبت الفرنج وحشدوا، وجاءوا من كل فجّ وأقبلوا، فرتَّب عساكره في مقابلهم وصابَحهم وبايتَهم. وكان المسلمون اثني عشر ألف فارس وخلقٍ من الرجَّالة. وقيل كان الفرنج ثمانين ألفاً مابين فارسٍ وراجلٍ. والتجأوا إلى جبل حطين، فأحاط المسلمون بهم من كل جانب، فهرب القومُّص لعَنه اللَّه، ووقع القتال، فكانت

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 19 الدائرة على الفرنج، وأُسِر خلقٌ منهم الملك كي، وأخوه جفري، وصاحب جُبيل، وهنفري بن هَنفري، والإبرِنْس أرناط صاحب الكرك، وابن صاحب إسكندرونة، وصاحب مرقيّة. وما أحلى قول العماد الكاتب: فَمَن شاهد القتلى يومئذٍ قال: ما هنالك أسير، ومَنْ عاين الأسرى قال: ما هنالك قتيل. قلت: ولا عَهْد للإسلام بالشام بمثل هذه الوقعة من زمن الصحابة. فقتل السّلطان صاحب الكرك بيده لأنه تكلَّم بما أغضب صلاح الدّين، فتنمّر وقام إليه طيَّر رأسه، فأُرعب الباقون.) وقال ابن شداد: بل كان السّلطان نذر أن يقتله لأنه سار ليملك الحجاز، وغَدَرَ وأخذ قفلاً كبيراً، وهو الذي كان مقدَّم الفرنج نوبةَ الرملة لمّا كبسوا صلاح الدّين وكسروه سنة ثلاثٍ وسبعين. وكان أرناط فارس الفِرنج في زمانه، وقد وقع في أسر الملك نور الدين، وحبسه مدّةً بقلعة حلب. فلما مات نور الدّين وذهب ابنه إلى حلب وقصده صلاح الدّين غير مرةٍ ليأخذ حلب أطلق أرناط وجماعةً من كبار الفرنج ليُعِينوه على صلاح الدين. ثم قيَّد جميع الأسارى وحُملوا إلى الحصون، وأخذ السّلطان يومئذٍ منهم صليب الصَّلَبُوت.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 20 وكانت وقعة حطّين هذه في نصف ربيع الآخر، ولم ينْجُ فيها من الفرنج إلاّ القليل، وهي من أعظم الفتح في الإسلام. وقيل كان للفرنج أربعين ألفاً. وأبيع فيها الأسير بدمشق بدينار فللَّه الحمد. قال أبو المظفَّر بن الجوزيّ: خيَّم السّلطان على ساحل البحيرة في اثني عشر ألفاً من الفُرسان سوى الرّجّالة، وخرج الفرنج من عكّا، فلم يدعوا بها محتلِماً. فنزلوا صفورية، وتقدَّم السّلطان إلى طبرية، فنصب عليها المجانيق، وافتتحها في ربيع الآخر، وتقدمت الفرنج فنزلوا لوبية من الغد، وملك المسلمون عليهم الماء، وكان يوماً حارّاً. والتهب الغور عليهم، وأضرم مظفَّر الدّين النّارَ في الزُّروع، وأحاط بهم المسلمون طول الليل، فلمّا طلع الفجر قاتلوا إلى الظُّهر، وصعدوا إلى تل حطين والنار تُضرَم حولهم، وساق القومُّص على حمِيَّة وحرق، وطلع إلى صفد، وعملت السيوف في الفرنج، وانكسر من الملوك جماعة، وجيء بصليب الصَّلَبُوت إلى السّلطان، وهو مرصَّع بالجواهر واليواقيت في غلافٍ من ذهب. فأُسرَ ملك الفرنج درباسُ الكُرديّ، وأسر إبرنس الكرك إبراهيم غلام المهرانيّ. قال: واستدعاهم السّلطان، فجلس الملك عن يمينه، ويليه إبرنس الكرك، فنظر السّلطان إلى الملك وهو يَلهَث عطشاً، فأمر له بماءٍ وثلج، فشرب وسقى البرنس، فقال السّلطان: ما أذِنتُ لك في سقيه. والتفت إلى البرنس فقال: ياملعون ياغدّار، حَلَفت ونكثت. وجعل يعدد عليه غدراته. ثم قام إليه فضربه حلَّ كتفه، وتمَّمه المماليك، فطار عقل الملك، فطار عقل الملك، فأمنه السّلطان وقال: هذا كلب غَدَر غير مرَّة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 21 إلى أن قال: وأبيعت الأسارى بثمنٍ بخسٍ، حتى باع فقيرٌ أسيراً بنَعل، فقيل له في ذلك فقال:) أردتُ هوانهم. ووصل القاضي ابن عصرون دمشقَ وصليب الصَّلَبُوت منكّساً بين يديه، وعاد السّلطان إلى طبرية، وآمن صاحبتها، فخرجت بأموالها إلى عكّا. وأمّا القومُّص فسار من صفد إلى طرابُلسَ فمات بها، فقيل: مات من جراحاتٍ أصابته. وقيل: إنّ إمرأته سمّته. قال القاضي جمال الدّين بن واصل: اجتمعت الجحافل على رأس الماء عند الملك الأفضل ابن السّلطان، فتأخرت العساكر الحلبيّة لانشغالها بفرنج أنطاكية وبالأرمن، فدخل الملك مظفر صاحب حماه فأخمد ثائرتهم، ثم رد إلى حماه ومعه فخر الدّين مسعود بن الزعفرانيّ على عساكر الموصل وعسكر ماردين، فلحقوا السّلطان بعشترا، ثم ساروا، وأحاطت جيوشه بُحيرة طبرية عند قرية الصّفيرة، ثم نازل طبريّة فافتتحها في ساعةٍ من نهار. 4 (رواية ابن الأثير) وحكى ابن الأثير عمّن أخبره عن الملك الأفضل قال: كنت إلى جانب والدي السّلطان في مُصافّ حطِّين، وهو أول مُصافٍّ شاهدته، فلما صار ملك الفرنج على التلة حملوا حملةً منكرةً علينا، حتى ألحقوا المسلمين بوالدي، فنظرت إليه وقد أربدَّ لونه، وأمسك بلحيته، وتقدم وهو يصيح: كذب الشيطان. فعاد المسلمون على الفرنج، فرجعوا إلى التل. فلمّا رأيت ذلك صُحت: هزمناهم، هزمناهم، فعاد الفرنج وحملوا حملةً ثانيةً حتى

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 22 ألحقوا المسلمين بوالدي، وفعَل مثل مافعل أولاً، وعطف المسلمون عليهم وألحقوهم بالتل، فصحت أنا: هزمناهم. فقال والدي: اسكُت، ما نهزمهم حتى تسقط تلك الخيمة، يعني خيمة الملك. قال: فهو يقول لي وإذا الخيمة قد سقطت، فنزل أبي وسجد شكراُ لله، وبكى من فرحه. وكان سبب سقوطها أنهم عطشوا، وكانوا يرجون بالحملات الخلاص، فلما لم يجدوه نزلوا عن خيلهم وجلسوا، فصعد المسلمون إليهم، وألقوا خيمة ملكهم، وأسروهم كلّهم. 4 (رواية ابن شداد) قال القاضي بهاء الدّين بن شدّاد: وحدَّثني من أثَق به أنهّ لقي بحَوران شخصاً واحداً ومعه طنب خَيمة، وفيه نيّفٌ وثلاثون أسيراً يجرهم وحده بخذلانٍ وقع عليهم. 4 (إنشاء العماد) ومن إنشاءٍ عمادي إلى الخليفة: الحمد للّه الذي أعاد الأسلام جديداً..) إلى أن قال: ونورد البُشرى بما أنعم اللَّه تعالى في يوم الخميس الثالث والعشرين من ربيع الآخر إلى الخميس الآخر، عمل سبع ليالٍ وثمانية أيام حُسُوما، فيوم الخميس فُتحت طبرية، ويوم الجمعة والسبت نُودي الفرنج فكُسِروا كسرةً ما لهم بعدها قائمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 23 وفي يوم الخميس سلخ الشهر فُتحت عكا بالأمان، ورُفعت بها أعلام الإيمان، وهي أمُّ البلاد، وأخت إرمَ ذات العماد. إلى أن قال: فأمّا القتلى والأسرى فإنها تزيد على ثلاثين ألفاً، يعني في وقعة حطّين وما حولها في هذا الأسبوع وقد ذكر العماد رحمه اللَّه أيضاً أنّه خُلّص من هذه السنة من أسر الكُفر أكثر من عشرين ألف أسير، ووقع في الأسر من الكفار مائة ألف اسير. هكذا قال. 4 (تتابع الفتوحات) ثم سار السّلطان إلى عكا فوصلها بعد خمسة أيامٍ من الوقعة، فأخذها بالأمان، وملَكها بلا مشقة. وبلغ السّلطان الملك العادل هذا النصرُ العظيمُ، فخرج من مصر بالجيوش، فمرّ بيافا ومجدل فافتتحهما عنوةً، وغنم من الأموال ما لا يوصف. ثم فتح الله الناصرة وصفورية على يد مظفر الدّين صاحب إربل عنوةً، وفُتحت قيسارية على يد ولدرم وغرس الدّين قِليج عَنوة، ونابلس على يد حسان الدّين لاجين بالأمان بعد قتالٍ شديد، ثم حصن الفولة بالأمان. 4 (فتح تبنين وصيدا وبيروت وجبيل) ثم نازل السّلطان تبنين فافتتحها، ثم صيدا فافتتحها، ثم بيروت ثم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 24 جُبَيل، ثم سار إلى عسقلان فحاصرها وضيّق عليها بالقتال والمجانيق، ثم أخذها بالأمان. وأخذ الرملة، والدّاروم، وغزّة، وبيت جبريل، والنَّطرُون بالأمان. 4 (فتح بيت المقدس) ثم سار مؤيداً منصوراً إلى البيت المقدس، فنزل من غربيه في نصف رجب، وكان بها يومئذٍ ستون ألف مقاتل. فقاتلهم المسلمون أشد قتال، ثم انتقل السّلطان بعد خمسٍ إلى الجانب الشمالي من البلد ونصب المجانيق ووقع الجدّ، فطلب الفِرنج الأمان، فأمَّنهم بعد تمنُّع، وقرر على كل رجلٍ عشرة دنانير، وعلى كل امرأةٍ خمسة دنانير، وعلى كل صغير وصغيرةٍ دينارين فإن من عجز أُمهل أربعين يوماً، ثم يُسترقّ. فأجابوا إلى ذلك. وجمع المال فكان سبعمائة ألف دينار،) فقسّمه في الجيش. وبقي ثلاثون ألفاً ليس فيهم فكاك، فاستبعدهم وفرَّقهم. وخلّص من أسارى المسلمين عشرين ألفاً. وخرج منها البترَك بأموالٍ لاتُحصى، فأراد الأمراء الغدر به فمنعهم وخَفَره وقال: الوفاء خير من الغدر، وهذا البترك عندهم أعظم رُتبةً من ملك الفرنج. وكان ببيت المقدس أيضاً من الكبار صاحب الرملة ياليان ابن ياوران، وهو دون ملك الفرنج في الرُّتبة بقليل، وخلق كثير من كبار فرسانهم. وكان الموت أهون عليهم من أخذ المسلمين القدس من أيديهم إذ هو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 25 بيت عبادتهم الأعظم، ومحلّ تجسُّد الناسوت فيما زعموا باللاهوت تعالى اللَّه وتقدَّس عما يقولون عُلواً كبيراً وبه قُمامة التي تُدعى القيامة محلّ ضلالتهم وقبلة جهالتهم، زعموا أنّ المسيح دُفن بعد الصَّلب بها ثلاثة أيام، ثم قام من القبر، وصعد إلى السماء، فبالغوا في تحصينه بكل طريق. فنازله السّلطان، وما وجد عليه موضعاً أقرب من جهة الشمال فنزل عليه، واشتد الحرب، وبقيت الفرسان تخرج من المدينة وتحمل وتقاتل أشد القتال وأقواه، ثم إن المسلمين حملوا عليهم يوماً حتّى أدخلوهم القدس، ولصقوا بالخندق، ثمّ جدُوا في النُّقوب، وتتابع الرمي بالمجانيق من الفريقين ووقع الجدّ، واجتمعت الفرنج، واتفقوا على طلب الأمان، فامتنع السّلطان أيده اللَّه من إجابتهم فقال: لا أفعل فيه إلاّ كما فعلتم بأهله حين ملكتموه من نحو تسعين سنة. فرجعت رُسُلهم خائبين. فحرج صاحب الرملة ياليان بنفسه فطلب الأمان فلم يعط، فاستعطف السّلطان فامتنع، فلما أيس قال: نحن خلقٌ كثير وإّنما يفترّون عن القتال رجاء الأمان ورغبةً في الحياة، وإذا رأينا أن الموت لابد منه لنقتلنّ أبناءنا ونساءنا، وتحرق أموالنا، ولا ندع لكم شيئاً، فإذا فرغنا أخربنا الصَّخرة والأقصى، وقتلنا الأسرى، وهم خمسة آلاف مسلم، وقتلنا الدّوابّ، ثمّ خرجنا إليكم وقاتلنا قتال الموت، فلا يُقتل مّنا رجل حتّى يقتل رجلاً ونموت أعزاء. فاستشار حينئذٍ السّلطان أمراءه فقالوا: المصلحة الأمان. وقالوا: نحسب أنهم أسارى بأيدينا فنبيعهم نفوسهم. فأمنهم بشرط أن يزن كل رجلٍ عشرة دنانير، وكل أمرأةٍ خمسة دنانير، والطفل دينارين. ثم رفعت أعلام الإسلام على السُّور، ورتّب السّلطان أمناءه على أبواب القدس ليأخذوا المال ممّن يخرج، وكان بها ستّون ألفاً سوى النساء والولدان. ووزن ياليان من عنده عن ثمانية عشر) ألف رجل. ثم بعد ذلك أُسر منها عشرة آلاف نفس فقراء لم يقدروا على شراء أنفسهم. ثم إن جماعةً من الأمراء ادعوا أنّ لهم في القدس رعيَّة، فكان يطلقهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 26 كمظفّر الدّين ابن صاحب إربل ادَّعى أنّ جماعةَ من أهل الرُّها بالقدس وعدّتهم ألف نفس. وكذلك صاحب البيرة ادّعى أنّ فيها خمسمائة نفس من أهل البيرة. 4 (تطهير قبة الصخرة والمسجد الأقصى) وكان على رأس قبة الصخرة صليبٌ كبيرٌ مذهّب، فطلع المسلمون ورموه، وضجّ الخلق ضجَّةً عظيمةً إلى الغاية. وكان المسجد الأقصى مشغولاً بالخنازير والخبَث والأبنية، بنَت الدّاويةُ في غربيه مساكن وفيها المراحيض، وسدوا المحراب، فبادر المسلمون إلى تنظيفه وتطهيره، وبسطوا فيه البُسط الفاخرة، وعلقت القناديل، وخطب به الناس يوم الجمعة، وهو رابع شعبان، القاضي محيي الدّين بن الزّكيّ. وتسامع الناس، وتسارعوا من كل فجٍّ وقُربٍ وبُعدٍ للزيارة، وازدحموا يوم هذه الجمعة حتى فاتوا الإحصاء. وحضر السّلطان فصّلى بقبة الصخرة، وفرح إذ جعله اللَّه تعالى في هذا الفتح ثانياً لعمر رضي الله عنه، فاستفتح القاضي خطبته بقوله تعالى: فقُطعَ دابِرُ القومِ الذين ظلمُوا والحمد للَّه ربِّ العالمينَ، ثمّ أوّل الأنعام، وآخر سُبحان، وأول الكهف، وحمدَلة النَّمل، وأول سبأ، وفاطر، ثم قال: الحمد للَّه مُعز الإسلام ينصره.. إلى آخرها. ثم خطب ثلاث جُمعٍ بعدها من إنشائه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 27 4 (عمل منبر الأقصى) وقد كان الملك نور الدّين أنشأ منبراً برسم الأقصى قبل فتح بيت المقدس طمعاً في أن يفتتحه، ولم تزل نفسه تحدثه بفتحه، وكان بحلب نجّار فائق الصَّنعة، فعمل لنور الدّين هذا المنبر على أحسن نعتٍ وأجمله وأبدعه، فاحترق جامع حلب، فنُصب فيه لما جُدّد المنبر المذكور، ثم عمل النّجّار المذكور ويُعرف بالأخترينيّ، نسبةً إلى قرية أخترين، محراباً من نسبة ذلك المنبر، فلما افتتح السّلطان بيت المقدس أمر بنقل المنبر إلى جانب محراب الأقصى، فلله الحمد على هذه النعم التي لاتُحصى. وقد كانت الفرنج بنوا على الصخرة كنيسةً، وغيّروا أوضاعها وصوروها، ونصبوا مذبحاً،) وعملوا على موضع القدم قُبةً لطيفةً مذهَّبةً بأعمدة رخام، فخربت تلك الأبنية عن الصخرة وأُبرزت. وكانت الفرنج قد قطعوا منها قطعاً، وحملوها إلى القسطنطينية وإلى صقيلية، حتى قيل كانوا يبيعونا بوزنها ذهباً. وحضر الملك المظفَّر تقيّ الدّين فحمل إليها أحمالاً من ماء الورد فغسلها بها، وكنس ساحتها بيده، وغسل جدرانها، ثم بخَّرها بالطِّيب. وحضر الملك الأفضل ابن السّلطان ففرش فيها بُسطاً نفيسة ورتب الأئمة، والمؤذنين، والقُوَّام. ثم عين السّلطان كنيسة صندجية وصيَّرها مدرسةً للشافعية ووقف عليها وقوفاً جليلة. وقرَّر دار البترك الأعظم رباطاً للفقراء، ومحا آثار النصرانية، وأمر بإغلاق كنيسة قُمامة، ومنع النصارى من زيارتها. ثم تقرر بعدُ على من زارها ضريبة تؤخذ منه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 28 ولما افتتح عمر بيت المقدس أقرَّ هذه الكنيسة ولم يهدمها، ولهذا أبقاها السّلطان. وللنَّسَّابة محمد بن سعد الجواني نقيب الأشراف بمصر: (أتُرى مناماً مابعيني أُبصرُ .......... القدس يُفتح والنصارى تكسرُ)

(وقمامة قمت من الرجس الذي .......... بزواله وزوالها يتطهَّرُ)

(ومليكهم في القيد مصفودٌ ولم .......... يُرَ قبل هذا لهم ملكاً يؤسَرُ)

(قد جاء نصر اللَّه والفتحُ الذي .......... وعد الرسولُ فسبّحوا واستغفروا)

(يا يوسف الصديق أنت بفتحها .......... فروقها عمر الإمام الأطهرُ)

4 (رواية سبط ابن الجوزي) قال المظفر ابن الجوزي: ولمّا افتتح السّلطان عكّا راح إلى تِبنين فتسلمها بالأمان، وتسلَّم صيدا، وبيروت، وجُبيل، وغزة، والداورم، والرملة، وبيت جبريل، وبلد الخليل، ونازل عسقلان فقُتل عليها حسام الدّين ابن المهراني ثم تسلمها. فكان مدة استيلاء الفرنج عليها خمساً وثلاثين سنة. الى أن قال: ملك السّلطان هذه الأماكن في أربعين يوماً أولها ثامن عشرين جمادى الأولى، ثم نازل القدس. إلى أن قال: وخلّص من الأسر بعكا أربعة آلاف، ومن القدس ثلاثة آلاف فلله الحمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 29 4 (فتح عسقلان) ) وقال ابن الأثير: سار السّلطان عن بيروت نحو عسقلان، واجتمع بأخيه العادل سيف الدين، ونازلوها في سادس جُمادى الآخرة، وزحفوا عليها مرةً أخرى، وأُخذت بالأمان في سلخ الشهر وسار أهلها إلى بيت المقدس. وتسلّم البلد لثلاثٍ بقين من رجب. وأنقذه اللَّه من النصارى الأنجاس بعد إحدى وتسعين سنة. 4 (الصلاة في المسجد الأقصى) فلما كان يوم الجمعة رابع شعبان أقيمت الجمعة بالمسجد الأقصى، وخطب للناس قاضي القضاة محيي الدّين بن الزَّكيّ خطبة موثَّقة بليغة. وابتدأ السّلطان في إصلاح المسجد الأقصى والصخرة، ومحو آثار الفرنج وشعارهم. وتنافس الملوك معه في عمل المآثر الحسنة والآثار الجميلة، فرزقنا اللَّه شُكر هذه النعم، ورحم اللَّه صلاح الدّين وأسكنه الجنّة. 4 (وقعة حطين يصفها العماد) وللعماد الكاتب يصف وقعة حطين: حتى إذا أسفر الصباح خرج إلى... تحرق نيران الفصال أهل النار، ورنَّت القسيّ، وغنَّت الأوتار، واليوم ذاكٍ، والحرب شاكٍ، وسقط عليهم فيض، وماء الغيظ منهم غيض، وقد وَقَدَ الحرّ، واستشرى الشرّ، ووقع الكر والفرّ، والجو محرق، والجوى مقلق، وأصبح الجيش على تعبية، والنصر على تلبية. قال: وبرَّح بالفرنج العطش، وأبت عثرتها تنتعش، فرمى بعض المطوِّعة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 30 المجاهدين النار في الحشيش، فتأجج عليهم استعارها، فرجا الفرنج فرجاً، وطلب قلبهم المحرج مخرجاً. وكلما خرجوا جُرحوا، وبرح بهم حرّ الحرب فما برحوا، فشوتهم نار السهام وأشوتهم، وصمتت عليه قلوب القسي القاسية وأصمتهُم. وقال: وفتحوا في يوم الجمعة مستهل جُمادى الأولى، فجئنا إلى كنيستها العظمى، فأزحنا عنها البؤسى بالنُّعمى، وحضر الأجل الفاضل فرتَّب بها المنبر والقبلة. وأول من خطب بها جمال الدّين عبد اللطيف بن أبي النّجيب السهرُورديّ، وولاّه السّلطان بها القضاء والخطابة والأوقاف. وقال في حصار القدس: أقامت المنجنيقات على حصانته حدّ الرجم، وواقعت ثنايا شرفاته بالهتم، وتطايرت الصخور في نُصرة الصخرة المباركة، وحَجَرت على حكم السور بسَفَه) الأحجار المتداركة، وحسرت النقوب عن عروس البلد نقب الأسوار، وانكشفت للعيون انكشاف الأسرار. 4 (حصار صور) وفي رمضان توجه صلاح الدّين فنازل صور ونصب عليها المجانيق، وكان قد اجتمع بها خلقٌ لا يُحصون من الفرنج، فقاتلهم قتالاً شديداً، وحاصرها إلى آخر السنة وترحَّل عنها. وكان قد خرج أصطول صور في الليل فكبس أصطول المسلمين، وأسروا المقدَّم والرئيس وخمس قطع، وقتلوا خلقاً من المسلمين في أواخر شوال، فعظُم ذلك على السّلطان وتألم، وهجم الشتاء والأمطار، فرحل في ثاني ذي القعدة، وأقام بمدينة عكا شهرين في خواصه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 31 4 (سنة أربع وثمانين وخمسمائة)

4 (فتح بلاد الساحل الشمالية) ترحَّل السّلطان صلاح الدّين عن الصور لأنه تعذَّر عليه فتحها لكثرة من فيها وقوَّة شوكتهم. ونزل على حصن كوكب في وسط المحرَّم، فوجده لا يُرام، فرتب عليه قايماز النجمي في خمسمائة فارس، ثم قدِم دمشق وأقام بها مُديدَة. ورحل إلى بعلبك فرتَّب أمورها، ثم اجتمع هو والملك عماد الدّين زنكي بن مودود، وصاحب سنجار على بحيرة قَدَس، وكان قد جاء إلى السّلطان لأجل الغزاة، فجعله على ميمنته، وجعل مظفر الدّين ابن صاحب إربل على الميسرة. ثم سار السّلطان فنزل بأرض حصن الأكراد في ربيع الآخر، وبث العساكر في تخريب ضياع الفرنج، وقطّع أشجارهم ونهبهم. ثم رحل إلى أنطرَطُوس، فافتتحها عَنوةً، وسار إلى جَبَلَة فتسلمها

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 32 عنوة في ساعتين ثم تسلَّم بكّاس والشُّغر وسلمها إلى الأمير غرز الدّين قليج والد الأميرين سيف الدّين وعماد الدين. ثم سيَّر ولده الملك الظاهر إلى سرمانية فهدمها. قال العماد الكاتب: فهذه ستّ مدن وقلاع فُتحت في ست جُمَع تباع جَبَلَة، اللاذقية، وصهيون، والشغر، وبَكّاس، وسرمانية. 4 (فتح برزية ودبساك وبغراس) ثم نزل السّلطان حصن بَرزَيَة في جمادى الآخرة، وضربه بالمجانيق وأخذه بالأمان، وسلمه إلى الأمير عز الدّين بن شمس الدّين بن المقدّم.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 33 ثم رحل إلى دربساك فتسلمها، ثم رحل إلى بغراس فتسلّمها. 4 (مهادنة صاحب أنطاكية) ثم عزم على قصد انطاكية، فرغب صاحبها البرنس في الهدنة، فهادنه السّلطان. ثم رحل. وودعه عماد الدّين زنكي، وعاد إلى سنجار. 4 (دخول السّلطان حلب ودمشق) وأقام السّلطان بحلب أياماً، ثم قدَم حماه وضيفه تقي الدّين عمر، فأعطاه الجبلة واللاذقية. وسار على طريق بعلبك في شعبان، ودخل دمشق وخرج منها في أوائل رمضان طالباً للغزاة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 34 4 (فتح تبنين والشوبك) وأما الملك العادل أخوه فكان نازلاً على تبنين بعساكر مصر متحرّزاً على البلاد من غائلة العدو. وكان صهره سعد الدّين كمشتية الأسدي مُوَكلاً بحصار الكرك، فضاقت الميرة عليهم، ويئسوا من نجدةٍ تأتيهم، فتضرعوا إلى الملك العادل، وترددت الرسل بينهم، وهو يشدد حتى دخلوا تحت حكمه، وسلّموا الحصن إلى المسلمين في رمضان لفرط ما نالهم من الجوع والقحط. ثم تسلّم السّلطان الشوبك بالأمان. 4 (فتح صفد) وسار السّلطان إلى صفد فنازلها، ووصل إليه أخوه العادل، ودام الحصار عليها إلى ثامن شوال وأُخذت بالأمان. وكان أهلها قد قاربت ذخائرهم وأقواتهم أن تنفذ، فلهذا سلّموها. ولو اتكل أخذُها وأخذ الكرك إلى فتحها بأسباب الحصار والنقوب لطال الأمر جداً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 35 4 (فتح حصن كوكب) ثم سار إلى حصن كوكب ونازلها وحاصرها، وأخذها بالأمان في نصف ذي القعدة. 4 (تعييد السّلطان في القدس) ثم قصد بيت المقدس فدخلها في ثامن ذي الحجة هو وأخوه فعيَّد. وسار إلى عسقلان فرتب أمورها، وجهَّز أخاه إلى مصر. ثم رحل صوب عكا ووصلها في آخر السنة. 4 (رواية سبط ابن الجوزي) قال صاحب مرآة الزمان: ووكل صلاح الدّين بحصار كوكب قايماز النجمي، ووكّل بصفد طغريل، وبعث إلى الكرك والشوبك كوببا وهو صهر السّلطان. وسار في الساحل ففتح) أنطرسوس، وكان بها برجان عظيمان، فخربهما، وقتل من كان فيهما. وأما جَبَلَة فأرسل قاضيها منصور بن نبيل يشير على السّلطان بقصدها، وأخذ أماناً لأهل جَبَلَة. وكان إبرنس أنطاكية قد سلَّملها إلى القاضي منصور

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 36 ووثق به في حفظها، فنازلها صلاح الدّين وأخذها. وامتنع عليه الحصن يوماً، وتسلّمه بالأمان. وسار إلى اللاذقية، وهي بلد كبير على الساحل، بها قلعتان على تلّ، ولها ميناء من أحسن المواضع، وهي من أطيب البلاد، فحاصرها أياماً، وأفتتحها، وأخذ منها غنائم كثيرة، ثم نازل القلعتين، وغلّقت النّقوب، فصاحوا بالأمان إلى أنطاكية. قال العماد: ولقد كثر تأسُّفي على تلك العمارات كيف زالت، وعلى تلك الحالات كيف حالت. 4 (فتح صهيون) وسار فنازل صهيون، وهي حصينة في طرف الجبل، ليس لها خندق محفور إلاّ من ناحية واحدة، طوله ستون ذراعاً، نُقر في حجر، ولها ثلاثة أسوار. وكان على قُلّتها عَلَمٌ طويل عليه صليب. فلما شارفها المسلمون ووقع الصليب، فاستبشروا ونصبوا عليها المناجيق، وأخذوها بالأمان في ثلاثة أيام، ثم سلّملها إلى ناصر الدّين منكورس بن الأمير خُمارتكين، فسكنها وحصَّنها. وكان من سادة الأمراء وعقلائهم. وتوفي وهو مالك صهيون. وولي بعده ولده مظفر الدّين عثمان، ثم وليها بعده سيف الدّين محمد بن عثمان إلى بعد السبعين وستمائة. 4 (فتح الحصون الشمالية) وبثَّ السّلطان عسكره وأولاده فأخذوا حصون تلك الناحية مثل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 37 بلاطُنس، وقلعة الجماهرين، وبكّاس، والشُّغر، وسرمانية، ودربساك، وبغراس، وبرزية. قال: وعُلُوّ قلعة برزية خمسماية ونيفٌ وسبعون ذراعاً، لأنها على سنِّ جبلٍ شاهقٍ، ومن جوانبها أودية، فسلم دربساك إلى علم الدّين سليمان بن جندر، وهي قلعة قريبة من أنطاكية. 4 (مهادنة صاحب أنطاكية) ثم سار يقصد أنطاكية، فراسله صاحبها وقدَّم له. وكانت العساكر المشرقيّة قد ضجرت خصوصاً عماد الدّين صاحب سنجار، فطال عليه المُقام. فهادن السّلطان صاحب أنطاكية ثمانية أشهر على أن يُطلق الأسارى. ودخل إلى حلب فبات بها وعاد إلى دمشق. وأعطى تقي الدّين عمر صاحب حماه جَبَلَة واللاذقية.) 4 (رواية ابن الأثير عن فتوحات الشمال) وقال ابن الأثير: نزل صلاح الدّين تحت حصن الأكراد، وكنت معهم، فأتاه قاضي جَبَلَة منصور بن نبيل، وكان مسموع القول عند بيمند صاحب أنطاكية وجَبَلَة، وله الحُرمة الوافرة، ويحكم على جميع المسلمين بجبَلَة ونواحيها، فحملته غيرة الدّين على قصد السّلطان، وتكفَّل له بفتح جبلَة واللاذقية والبلاد الشمالية، فسار صلاح الدّين معه فأخذ أًنطرطُوس، وسار إلى المرقب، وهو من حصونهم التي لاتُرام، ولاتحدّث أحد نفسه بملكه لعُلُوّه وامتناعه، ولا طريق إلى جبلَة إلاّ من تحته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 38 ثم ساق عز الدّين ابن الأثير فتوحات الحصون المذكورة بعبارةٍ طويلة واضحة، لأن عز الدّين حضر هذه الفتوحات الشمالية. ثم ذكر بعدها فتح الكرك، والشوبك وما جاور تلك الناحية من الحصون الصغار. ثم ذكر فتح صفد، وكوكب، إلى أن قال: فتسلّم حصن كوكب في نصف ذي القعدة، وأمنهم وسيَّرهم إلى صور، فاجتمع بها شياطين الفرنج وشجعانهم، واشتدت شوكتهم، وتابعوا الرُّسل إلى جزائر البحر يستغيثون، والأمداد كلّ قليل تأتيهم. وكان ذلك بتفريط صلاح الدّين في إطلاق كل من حضره، حتى عضّ بنانه ندماً وأسفاً حيث لم ينفعه ذلك. وتمّ للمسلمين بفتح كوكب من حد أيلة إلى بيروت، لايفصل بين ذلك غير مدينة صور. 4 (نيابة الوزارة) أنبأني ابن البُزُوريّ قال: وفي المحرّم خرج الوزير جلال الدّين بن يونس للقاء السّلطان طُغرل بن رسلان شاه في العساكر الديوانية، واستنيب في الوزارة قاضي القضاة أبو طالب عليّ بن البخاري. 4 (المصافّ بين طغرل والوزير ابن يونس) وفي ربيع الأول كان المُصافّ بين الوزير ابن يونس وطُغرل، وحرَّض الوزير أصحابه وكان فيما يقول: مَن هاب خاب، ومَن أقدم أصاب، ولكل أجلٍ كتاب. فلما ظهر له تقاعس عساكره عن الإقدام، وزلت بهم الأقدام، تأسَّف على فوت المُرام، وثبت في نفرٍ يسير كالأسير، وبيده سيف مشهور، ومُصحف منشور، لايقدم لهيبته أحدٌ عليه، بل ينظرون إليه. وأقدم بعض خواص طُغرل وجاء فأخذ بعنان دابته، وقادها إلى خيمته، ثم أنزله وأجلسه، فجاء إليه السّلطان في خواصه ووزيره، فلزم معهم قانون الوزارة، ولم يقم اليهم، فعجبوا من فِعله، وكلَّمهم بكلام) خشن، فلم يزل السّلطان طُغرل له مُكرِماً، ولمنزلته محترماً، إلى حين عوده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 39 4 (رواية سبط ابن الجوزي عن ابن يونس) وأما أبو المظفر فقال في المرآة: أخذ ابن يونس وكان محلوق الرأس، فأُحضر بين يدي السّلطان طُغرل، فألبسه طرطوراً أحمر فيه خلاخل، وجعل يضحك عليه، ولم يرجع إلى بغداد من العسكر إلاّ القليل، تقطعوا في الجبال، وماتوا جوعاً وعطشاً، وعمل الناس الأشعار فيها. قال: ثم كتب الخليفة إلى بكتمر صاحب خِلاط ليطلب ابن يونس من طُغرُل، وكان قزل أخو البهلوان قد حشد وجمع، والتقى طغرل على هَمذان، فانهزم طغرل إلى خلاط ومعه ابن يونس، فأنكر عليه بكتمر ما فعله بالوزير وبعسكر الخليفة، فقال: هم بدأوني وبغوا عليَّ. فقال له: أطلق الوزير. فلم يُمكنه مخالفته فأطلقه، فبعث إليه بكتمر الخيل والمماليك، فردّ الجميع، وأخذ بغلين ببردعتين، وركب هو بغلاً وغلامه آخر، وسار في زيّ صوفي، وقدم الموصل، فانحدر في سفينة متنكراً. 4 (العزل عن نيابة الوزارة) وفي ربيع الأول عُزل قاضي القضاة أبو طالب عن نيابة الوزارة. 4 (وزارة بغداد) وفي شعبان وُلّي الوزارةَ ببغداد شهاب الدّين أبو المعالي سعيد بن حديدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 40 4 (قضاء القضاة) وفي رمضان عُزل أبو طالب عليّ بن عليّ عن قضاء القضاة، وقُلده فخر الدّين أبو الحسن محمد بن جعفر العباسي. 4 (ضعف تدبير الوزارة) وفيه وصل الوزير جلال الدّين في سفينةٍ من الموصل، وصعد إلى داره مختفياً. وبلغ الخليفة فكتب إلى ابن حديدة يقول: أين هو ابن يونس فقال: يكون اليوم بتكريت. فقال له الخليفة: بهذه المعرفة تدبِّر دولتي ابن يونس في بيته. وكان ابن حديدة بقوانين التجارة أعرف منه بقوانين الوزارة. 4 (ولاية الأستاذدارية) وفي شوال عزل عن الأستاذدارية أبو طالب بن زيادة ووُلّي عليّ بن بختيار.) 4 (ظهور الباطنية بالقاهرة) وفيها ثار بالقاهرة اثنا عشر من بقايا شيعة الباطنية بالليل، ونادوا: يالَ عليّ يالَ عليّ. وصاحوا في الدّروب ليلبي أحدٌ دعوتهم، فما التفت إليهم أحد. فاختفوا. 4 (استرجاع السّلطان عسقلان) وفيها وهب السّلطان أخاه العادل سيف الدّين الكرك، واستعاد منه عسقلان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 41 4 (سنة خمس وثمانين وخمسمائة)

4 (إعتذار شحنة إصبهان) في أوّلها قدِم الخادم فرج شحنة إصبهان رسولاً من السّلطان طُغرُل، فقدم تُحفاً وهدايا، ومضمون الرسالة الإستغفار والإعتذار، لاجئاً إلى الديوان لتقال عثرَتُه. 4 (الخطبة لولي العهد) وفي صَفَر أمر الخليفة بالدعاء بالخُطبة لولي عهده أبي نصر محمد، ونقش اسمه على الدينار والدرهم، وأن يُكتب بذلك إلى سائر البلاد. 4 (ولاية ابن يونس المخزن) وفي صفر أيضاً وُلي أبو المظفر عُبيد اللَّه بن يونس الذي كان وزيراً وكسره طغرُل صدراً بالمخزن المعمور. 4 (عزل ابن حديدة) وفيه عُزل الوزير ابن حديدة. وكانت ولايته أقل من شهر. 4 (وصول صليب الصلبوت إلى باب النوبيّ) وفي ربيع الأول وصل القاسم بن الشهرَزُوريّ رسولاً من السّلطان صلاح الدّين وصحبته صليب الصَّلبُوت التي تزعم النصارى أن عيسى عليه السلام صُلب عليه. فأُلقي بين عتبة باب النُّوبيّ، فبقي أياماً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 42 4 (محاصرة قلعة الحديثة) وفي جمادى توجه مُجير الدّين طاشتكين الحاج في جيش فنزل على قلعة الحديثة وحاصرها. 4 (تقليد نيابة الوزارة) وفي رجب قُلِّد مؤيد الدّين محمد بن القصاب نيابة الوزارة.) 4 (مقتل زعيم قلعة تكريت) وفي شوال قُتل زعيم قلعة تكريت، وتسلمها نواب الخليفة. 4 (عزل صدر المخزن) وفي ذي القعدة عُزل صدر المخزن أبو المظفَّر عُبيد اللَّه بن يونس. 4 (وصول شباب من الفرنج) وفيها وصل جماعة من الفرنج شباب مِلاح مُرد في القيود من جهة صلاح الدّين إلى الديوان العزيز، فقال فيهم قوام الدّين يحيى بن زيادة: (أبدى بُدُوراً على غصونٍ .......... أسرى يُقادون في القيود)

(قد نُظموا في الحبال حَسرى .......... نظم الجُمانات في العقود)

(إن سكنوا هؤلاء ناراً .......... فهي إذاً جنّة الخلود)

4 (تسليم أرناط حصن الشقيف وغدره) وفيها سار السّلطان صلاح الدّين من عكا إلى دمشق فدخلها في صفر، توجَّه إلى شَقِيف أرنُون فأقام بمرج برغوث أياماً، ثم أتى مرج

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 43 عيون، فنزل أرناط صاحب الشقيف وحيداً إلى خدمة السّلطان فخلع عليه واحترمه، وكان من أكبر الفرنج وكان يعرف العربية، وله معرفة بالتواريخ، فسلم الحصن من غير تعب وقال: لا أقدر أُساكن الفرنج، والتمس المُقام بدمشق، ثم بدا منه غدر فقبض عليه وحبسه بدمشق، ووكل بالحصن من يحاصره. 4 (مقتل الفرنج عند صيدا وعكا) ثم بلغ إلى السّلطان أن الفرنج قد جمعوا وحشدوا وجيشوا من مدينة صور، وساروا لحصار صيدا وعكا ليستردوها، فسار إليهم فالتقاهم، فظهر الفرنج وقُتل في سبيل الله طائفة. ثم كرّ المسلمون عليهم فردوهم حتى ازدحموا على جسرٍ هناك، فغرق مائتا نفس. 4 (القتال على عكا) ثم سار السّلطان إلى تبنين فرتب أمورها، وسار إلى عكا فأشرف عليها، وقرر بها أميرين: سيف الدّين عليّ المشطوب الكردي، وبهاء الدّين قراقوش الخادم الأبيض، وعاد فلم يلبث أن نازلت الفرنج عكا، وجاءت من البرّ والبحر، فسار السّلطان حتى نزل قبالتهم وحاربهم مراتٍ عديدة، وطال القتال عليهم، واشتد البلاء، وقتل خلقٌ من الفرنج والمسلمين إلى أن دخلت السنة) الآتية والأمر كذلك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 44 4 (نيابة دمشق) وفيها وُلي نيابة دمشق الأمير بدر الدّين مودود أخو الملك العادل لأمه. 4 (رواية ابن الأثير عن تحشدات الفرنج) وقال ابن الأثير: اجتمع بصور عالم لايُعد ولايُحصى، ومن الأموال ما لا يَفنى. ثم إن الرهبان والقُسوس وجماعة من المشهورين لبسوا السواد، وأظهروا الحزن على بيت المقدس، ودخل بهم بلاد الفرنج يطوف بهم ويستنفرون الفرنج، وصوروا صورة المسيح وصورة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضرب المسيح وقد جرحه، فعظم ذلك على الفرنج، وحشدوا وجمعوا حتى تهيأ لهم من الرجال والأموال ما لا يتطرق إليه الإحصاء، فحدثني رجلٌ من حصن الأكراد من أجناد أصحابه الذين سلموه إلى الفرنج قديماُ، وكان قد تاب وندم على ما كان منه في الغارة مع الفرنج على الإسلام. قال: دخل عليّ جماعة من الفرنج من أهل حصن الأكراد إلى البلاد البحرية في أربعة شواني يستنجدون. قال: وانتهى بنا الطّواف إلى رومية الكبرى، فخرجنا منها وقد ملأنا الشواني نُقْرة. قال ابن الأثير: فخرجوا على الصعب والذلول براً وبحراً من كل فجٍّ عميق، ولولا أن اللَّه لطف بالمسلمين وأهلك ملك الألمان لما خرج إلى الشام، وإلاّ كان يقال إن الشام ومصر كانتا للمسلمين. قال: ونازلوا عكا في منتصف رجب، ولم يبق للمسلمين إليها

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 45 طريق، فنزل صلاح الدّين على تل كيسان، وسيّر الكُتب إلى ملوك الأطراف بطلب العساكر، فأتاه عسكر الموصل وديار بكر والجزيرة، وأتاه تقي الدّين ابن أخيه. قال ابن الأثير: فكان بين الفريقين حروب كثيرة، فقاتلهم صلاح الدّين في أول شعبان، فلم ينل منهم غرضاً، وبات الناس على تعبئة، وباكروا القتال من الغد، وصبر الفريقان صبراً حار له مَن رآه إلى الظهر، فحمل عليهم تقي الدّين حملة منكرة من الميمنة على من يليه فأزاحهم عن مواقفهم، والتجأوا إلى من يليهم، وملك تقي الدّين مكانهم والتصق بعكا. ودخل المسلمون البلد، وخرجوا منه، وزال الحصر. وأدخل اليهم صلاح الدّين ما أراد من الرجال والذخائر، ولو أن المسلمين لزموا القتال إلى الليل لبلغوا ما أرادوا. وأدخل اليهم صلاح الدّين الأمير حسام الدّين) السّمين. 4 (ذكر الوقعة الكبرى) قال: وبقي المسلمون إلى العشرين من شعبان، كل يوم يغادون القتال ويراوحونه، والفرنج لا يظهرون من معسكرهم ولا يفارقونه حتى تجمعوا للمشورة، فقالوا: عساكر مصر لم تحضر، والحال مع صلاح الدّين هكذا. والرأي أننا نلقى المسلمين غداً لعلنا نظفر بهم. وكان كثير من عساكر السّلطان غائباً، بعضها في مقابل أنطاكية خوفاً من صاحب أنطاكية، وبعضها في حمص مقابل طرابُلس، وعسكر في مقابل صور، وعسكر مصر بالإسكندرية ودمياط، وأصبح صلاح الدّين وعسكره على غير أُهبة، فخرجت الفرنج من الغد كأنهم الجراد المنتشر، قد ملأوا الطُّول والعرض، وطلبوا ميمنة الإسلام وعليها تقي الدّين عمر، فردفه السّلطان برجال، فعطفت الفرنج

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 46 نحو القلب، وحملوا حملة رجلٍ واحد، فانهزم المسلمون، وثبت بعضهم، فاستشهد جماعة، منهم الأمير مجلس، والظهير أخو الفقيه عيسى الهكاريّ، وكان متولّي بيت المقدس، والحاجب خليل الهكاري. ثم ساقوا إلى التل الذي عليه خيمة صلاح الدّين فقتلوا ونهبوا، وقتلوا شيخنا جمال الدّين بن رواحة، وانحدروا إلى الجانب الآخر من التل، فوضعوا السيف فيمن لقوه، ثم رجعوا خوفاً أن ينقطعوا عن أصحابهم، فحملت ميسرة المسلمين عليهم فقاتلوهم، وتراجع كثيرٌ من القلب، فحمل بهم السّلطان في أقفية الفرنج وهم مشغولون بالميسرة، فأخذتهم سيوف الله من كل جانب، فلم يفلت منهم أحدٌ، بل قُتل أكثرهم، وأُسر الباقون، فيهم مقدَّم الداوية الذي كان السّلطان قد أسره وأطلقه، فقتله الآن. وكانت عدة القتلى عشرة آلاف، فأمر بهم فأُلقوا في النهر الذي يشرب منه الفرنج. وكان أكثرهم من فرسان الفرنج. قال القاضي ابن شداد: لقد رأيتهم يُلقوم في النهر فحزرتُهم بدون سبعة آلاف. قال غيره: وقُتل من المسلمين نحو مائة وخمسين نفراً، وكان من جملة الأسرى ثلاث نسوة فرنجيات كنَّ يقاتلن على الخيل. وأما المنهزمون فبلغ بعضهم إلى دمشق، ومنهم من رجع من طبرية. قال العماد الكاتب: العجب أن الذين ثبتوا نحو ألف ردّوا مائة ألف، وكان الواحد يقول: قتلت من الفرنج ثلاثين، قتلت أربعين. وجافت الأرض من نتن القتلى، وأنحرفت الأمزجة وتمرّض صلاح

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 47 الدّين، وحصل له قولنج) كان يعتاده. فأشار الأمراء عليه بالإنتقال من المنزلة، وترك مضايقة الفرنج، وأن يبعد عنهم، فإن رحلوا فقد كُفينا شرهم، وإن أقاموا عُدنا، وأيضاً فلو وقع إرجاف، يعني بوفاتك، لهلك الناس، فرحل إلى الخرُّوبة في رابع عشر رمضان. 4 (محاصرة الفرنج عكا) وأخذت الفرنج في محاصرة عكا، وعملوا عليها الخندق، وعملوا سوراً من تراب الخندق وجاءوا بما لم يكن في الحساب. واشتعل صلاح الدّين بمرضه، وتمكن الفرنج وعملوا ماأرادوا. وكان مَن بعكا يخرجون إليهم كل يوم ويقاتلونهم. وفي نصف شوال وصل العادل بالمصريين، فقويت النفوس، وأحضر معه من آلات الحصار شيئاً كثيراً. وجمع صلاح الدّين من الرجالة خلائق، وعزم على الزحف. وجاءه الأصطول المصري عليه الأمير لؤلؤ، وكان شهماً، شجاعاً، خبيراً بالبحر ميمون النقيبة، فوقع على بطسةٍ للفرنج فأخذها، وحوَّل ما فيها إلى عكا فسكنت نفوس أهلها وقوي جَنانهم. قال: ودخل صفر من سنة ست وثمانين، فسمع الفرنج أن صلاح الدّين قد سار يتصيد، ورأوا اليزَك الذي عليهم قليلاً، فخرجوا من خندقهم على اليزك العصر، فحمي القتال إلى الليل وقُتل خلقٌ من الفريقين، وعاد الفرنج إلى سورهم. وجاءت السّلطان الأمدادُ، وذهب الشتاء فتقدم من الخروبة نحو عكا،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 48 فنزل بتل كيسان وقاتل الفرنج كل يوم وهم لايسأمون. إلى أن قال: وافترقوا فرقتين، فرقة تقابله، وفرقة تقاتل عكا. ودام القتال ثمانية أيام متتابعة. ثم ساق قصة الأبراج الخشب التي يأتي خبرها، وقال: فكان يوماً مشهوداً لم ير الناس مثله، والمسلمون ينظرون ويفرحون، وقد أسفرت وجوههم بنصر الله. إلى أن قال: 4 (ذكر وصول ملك الألمان إلى الشام) والألمان نوع من أكثر الفرنج عدداً وأشدهم بأساً. وكان قد أزعجه أخذ بيت المقدس، فجمع العساكر وسار، فلما وصل إلى القسطنطينية، ملكها عن منعهم من العبور في بلاده، فساروا وعبروا خليج قسطنطينية، ومروا بمملكة قلج أرسلان، فثار بهم التركمان، فما زالوا يسايرونهم ويقتلون من أنفراد ويسرقونهم. وكان الثلج كثيراً فأهلكهم البرد والجوع، وماتت خيلهم لعدم) العلف والبرد، وتم عليهم شيء ما سمع بمثله. فلمّا قاربوا قونية خرج قطب الدين ملكشاه بن قلج رسلان ليمنعهم، فلم يقربهم، وكان قد حجر على والده، وتفرق اولاده، وغلب كال واحد على ناحية من بلاده. فنازلوا قونبة وأرسلوا إلى قلج أرسلان هدية قالوا: ما قصدُنا بلادك، إنما قصدنا بيت المقدس وطلبوا منه أن يأذن لرعيته في إخراج سوق، وشبعوا وتزوَّدوا. وطلبوا من صاحب الروم جماعة تخفرهم من لصوص التركمان، فنفذ معهم خمسة وعشرين أميراً، فما قدروا على منع الحرامية لكثرتهم، فغضب ملك الألمان، وقبض على أولئك الأمراء، وقيدهم ونهب متاعهم، ثم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 49 منهم من خلص، ومنهم من مات في الأسر. 4 (رواية ابن واصل) وقال ابن واصل: جمع قطب الدّين صاحب قونية العساكر والتقاهم فكسروه كسرةً عظيمةً، وهجموا قونية بالسيف، وقتلوا منها عالماً عظيماً. ووصل إلى السّلطان مناصحة من ملك الأرمن صاحب قلعة الروم: كتاب المخلص الداعي الكاغيكوس أن ملك الألمان خرج من دياره، ودخل بلاد الهنكر، ثم أرض مقدم الروم، فقهره وأخذ رهائنه وولده وأخاه في جماعة، وأخذ منه أموالاً عظيمة إلى الغاية. وسار ملك الألمان حتى أتى بلاد الأرمن، فأمدهم صاحبها بالأقوات وخضع لهم، ثم ساروا نحو أنطاكية فنزل ملكهم يغتسل في نهر هناك، فغرق في مكانٍ منه لايبلغ الماء وسط الرجل، وكفى اللَّه شره. وقيل: بل غرق في مخاضةٍ، أخذ فرسه التّيَار. وقيل: بل سبح فمرض أياماً ومات. وسار في الملك بعده ولده، وسار إلى انطاكية فاختلف أصحابه عليه، وأحب بعضهم العود إلى بلاده، ومال بعضهم إلى تملك أخ له فرجعوا، فسار من ثبت معه فوصلوا إلى انطاكية، وحسن لهم المسير إلى الفرنج الذين على عكا، فساروا على جبلة واللاذقية، وتخطف المسلمون منهم فبلغوا طرابلس، وأقاموا بها أياماً، فكثر فيهم الموت، ولم يبق منهم إلاّ نحو ألف رجل،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 50 وركبوا في البحر إلى الفرنج الذين على عكا، وصلوا ورأوا ما نالهم وما هم فيه من الإختلاف عادوا إلى بلاهم، فغرق بهم المراكب، ولم ينج منهم أحدٌ. وردّ اللَّه كيدهم في نحرهم. قال ابن واصل: ورد كتاب الملك الظاهر من حلب إلى والده يخبره أنه قد صحَّ أن ملك الألمان قد خرج من جهة القسطنطينية في عدةٍ عظيمةٍ، قيل إنّهم مائتا ألف وستّون ألفاً تريد الإسلام) والبلاد. قلت: كان هلاك هذه الأمة من الآيات العظيمة المشهورة. وكان الحامل لخروجهم من أقصى البحار أخذ بيت المقدس من أيديهم. قال ابن واصل: وصل إلى السّلطان كتاب كاغيكوس الأرمنيّ صاحب قلعة الروم، وهو للأرمن كالخليفة عندنا. نسخة الكتاب: كتاب الداعي المخلص الكاغيكوس: فما أطلع به مولانا ومالكنا السّلطان الملك النّاصر، جامع كلمة الإيمان، رافع علم العدل والإحسان، صلاح الدّين والدنيا، من أمر ملك الألمان، وما جرى له، فإنه خرج من دياره، ودخل بلاد الهنكر غصباً ثمّ دخل أرض مقدَّم الروم، وفتح البلاد ونهبها، وأخذ رهائن ملكها، ولده وأخاه، وأربعين نفراً من جلسائه، وأخذ منه خمسين قنطاراً ذهباً، وخمسين قنطاراً فضة، وثياب أطلس مبلغاً عظيماً، واغتصبت المراكب، وعدى بها إلى هذا الجانب، يعني في خليج قسطنطينية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 51 قال: ودخل إلى حدود بلاد قلج أرسلان، وردّ الرهائن، وبقي سائراً ثلاثة أيام، وتركمان الأرواح يلقونه بالأغنام والأبقار والخيل والبضائع، فتداخلهم الطمع وتجمعوا له من جميع البلاد، ووقع القتال بين التركمان وبينهم، وضايقوه ثلاثة وثلاثين يوماً وهو سائر. ولما قرب من قونية جمع ابن قلج أرسلان العساكر، فضرب معه المصاف، فكسره ملك الألمان كسرة عظيمة، وسار حتى أشرف على قونية، فخرج إليه جموع عظيمة، فردّهم مكسورين، وهجم قونية بالسيف، وقتل منهم عالماً عظيماً من المسلمين، وأقام بها خمسة أيام، فطلب قلج أرسلان منه الأمان فآمنه، وأخذ منه رهائن عشرين من أكابر دولته، وأشار على الملك أن يمروا على طرطوس ففعل. وقبل وصوله بعث إليّ رسولاً، فأنفذ المملوك خاتماً، وصحبته ما سأل، وجماعة إليه، فكثرت عليه العساكر ونزل على نهرٍ فأكل خبزاً ونام، ثم تاقت نفسه إلى الاستحمام ففعل، وتحرك عليه مرضٌ عظيم ومات بعد أيام قلائل. وأما لافون فسار لتلقية، فلما علم بهذا احتمى بحصنٍ له. وأما ابن ملك الألمان فكان أبوه منذ خرج نصب ولده هذا عوضه، وتأصرت قواعده، فلما بلغه هرب رسل لافون نفذ يستعطفهم فأحضرهم وقال: إن أبي كان شيخاً كبيراً، وإنما قصد هذه الديار لأجل حج بيت المقدس وأنا) الذي دبرت المُلك، فمن أطاعني وإلاّ قصدت بلاده. واستعطف لافون، واقتضى الحال الاجتماع به ضرورة. وبالجملة قد عرض عسكره، فكانوا اثنين وأربعين ألف فارس، وأما الرّجّالة فلا يُحصون، وهم أجناس متفاوتة، وهم على سياسةٍ عظيمة، حتى إن من جنى منهم جناية قُتِل. ولقد جنى كبير منهم على غلامه فجاوز الحدَّ في ضربه، فاجتمعت القسوس للحكم فأمروا بذبحه، فشفع إلى الملك منهم خلقٌ، فلم يلتفت إلى ذلك وذبحة. وقد حرّموا الملاذَّ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 52 على أنفسهم، ولم يلبسوا إلا الحديد، وهم من الصبر على الذل والتعب والشقاء على حالٍ عظيم. انتهى الكتاب. فلما هلك ملكهم سار بهم ولده إلى انطاكية، وعمهم المرض، وصار معظمهم حملة عصي وركاب حمير. فتبرَّم بهم صاحب أنطاكية، وحسن لهم قصد حلب، فأبوا وطلبوا قلعته ليودعوا فيها الخزائن، فأخلاها لهم، ففاز بما وضعوه بها وجاءت فرقة من الألمانية إلى بغراس، وظنوا أنها للنصارى، ففتح واليها الباب، وخرج أصحابه فتسلموا صناديق أموال، وقتلوا كثيراً منهم، ثم خرج جُند حلب وتلقطوهم. وكان الواحد يأسر جماعة، فهانوا في النفوس بعد الهيبة والرعب منهم، وبيعوا في الأسواق بأبخس ثمن. قال ابن شداد: مرض ابن ملك الألمان مرضاً عظيماً في بلاد ابن لاون، وأقام معه خمسة وعشرون فارساً وأربعون داوياً، ونفذ عسكره نحو أنطاكية، حتى يقطعوا الطريقن ورتبهم ثلاث فرق لكثرتهم. فاجتازت فرقة تحت بغراس، فأخذ عسكر بغراس مع قلته مائتي رجلٍ منهم. وسار بعضهم عسكر البلاد فكشف أخبارهم، فوقعوا على فرقة منهم، فقتلوا وأسروا زُهاء خمسمائة. وقال ابن شداد: حضرت من بخبر السّلطان عنهم ويقول: هم ضعفاء قليلو الخيل والعدة، أكثر ثقلهم على حمير وخيل ضعيفة، ولم أر مع كثير منهم طارقة ولا رُمحاً، فسالهم عن ذلك فقالوا: أقمنا بمرجٍ وخمٍ أياماً، وقلَّت أزوادنا وأحطابنا، فأوقدنا معظم عُدَدنا، وذبحنا الخيل وأكلناها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 53 ومات الكُند الذي الذي على الفرقة الواحدة، وطمع ابن لاون حتى عزم على أخذ مال الملك لضعفه ومرضه، وقلّة من أقام معه، فشاور السّلطان الأمراء، فوقع الاتفاق على تسيير بعض العساكر إلى طريقهم. فكان أول من سار الملك المنصور محمد بن المظفر، ثم عز الدّين ابن المقدم صاحب بَعرين وفامية، ثم الأمجد صاحب بعلبك، ثم سابق الدّين عثمان ابن الداية) صاحب شيزر، ثم عسكر حماه. ثم سار الملك الظاهر إلى حفظ حلب، فخفت الميمنة، وانتقل اليها الملك العادل، ووقع في العسكر مرضٌ كثير، وكذلك في العدو. وتقدَّم السّلطان بهدم سور طبرية، ويافا، وأرسُوف، وقيسارية، وصيدا، وجُبيل، وانتقل أهلها إلى بيروت. وفي رجب سار ملك الألمانيين من انطاكية إلى اللاذقية ثم إلى طرابلس، وكان قد سار إليه المركيس صاحب صور، فقوّى قلبه، وسلك به الساحل، فكانت عدة من معه لمّا وصل إلى طرابلس خمسة آلاف بعد ذلك الجيش العظيم. ثم إنه نزل من البحر، وسار معظم أصحابه في الساحل، فثارت عليه ريح، فأهلكت من أصحابه ثلاثة مراكب، فوصل إلى عكا في جمع قليل في رمضان، فلم يظهر له وقع، ثم هلك على عكا في ثاني عشر ذي الحجّة سنة ستٍّ وثمانين، فسبحان من أبادهم ومحقهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 54 ويوم وصول ملك الألمان إلى عكا ركبت الفرنج وأظهروا قوة وأرجفوا، وحملوا على يزك المسلمين، فركب السّلطان، ووقع الحرب، ودام إلى الليل وكانت الدائرة على الكفار، ولم يزل السيف يعمل فيهم حتى دخلوا خيامهم. ولم يُقتل من المسلمين إلاّ رجلان، لكن جُرح جماعة. ولما مات طاغية الألمان حزنت عليه الفرنج، وأشعلوا نيراناً هائلة بحيث لم يبق خيمة إلاّ أوقد فيها النار. ومات لهم كند. عظيم، ووقع الوباء فيهم المرض، ومرض كندهري، وصار يموت في اليوم المائة وأكثر في معسكرهم. وأستأمن منهم خلق عظيم، أخرجهم الجوع، وقالوا للسلطان: نحن نركب البحر في مراكب صغار، ونكسب من النصارى، ويكون الكسب لنا ولك. فأعطاهم السّلطان مركباً فركبوا فيه، وتحفّزوا لمراكب التجار النصارى، وأتوا بالغنائم إلى السّلطان فأعطاهم الجيمع، فلما رأوا هذا أسلم جماعة منهم. واستشهد في هذه السنة سبعة أمراء على عكا. 4 (استشهاد الأمير جمال الدّين بن ألدكز) والتقى شواني المسلمين وشواني الفرنج في البحر، وأحرقت للفرنج شواني برجالها، وأحاطت مراكب العدو بشينّي مقدمة الأمير جمال الدّين محمد بن ألدكز، فترامى ملاحو الشيني إلى الميناء، فقاتل جمال الدين، فعرضوا عليه الأمان فقال: ما أضع يدي إلاّ في يد مقدمكم الكبير. فجاء مقدمهم اليه، فعانقه جمال الدّين وماسكة وشحطه، فوقعا في البحر وغرقاً معاً.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 55 4 (سنة ست وثمانين وخمسمائة) استهلت والفرنج مُحدقون بعكا محاصرون لها، والسّلطان بعساكره في مقابلتهم، والقتال عمَّال، فتارةً يظهر هؤلاء. وتارة يظهر هؤلاء. وقدمت العساكر البعيدة مَدَاً للسلطان صلاح الدّين، فقدم صاحب حمص أسد الدين، وصاحب شيزر سابق الدّين عثمان ابن الداية، وعز الدّين ابن المقدم، وغيرهم. ثم قدمت عساكر الشرق مع مظفر الدّين صاحب إربل، ومع عماد الدينابن صاحب سنجار، ومعز الدّين سنجرشاه بن غازي. واشتد الأمر، وجدَّت الفرنج في الحصار، وأتتهم الأزواد من الجزائر البعيدة حتى ملأوا البر والبحر وتوفي صاحب إربل زين الدّين يوسف بن زين الدّين عليّ كوجك، ففوض السّلطان مملكة إربل من حينئذٍ إلى مظفر الدّين كوكبرى بن علي. ودام الحصار والنزال على عكا حتى فرغت السنَّة. ومن كتاب فاضلي إلى بغداد: ومن خبر الفرنج أنهم الآن على عكا يمدهم البحر بمراكب أكثر عدة من أمواجه، ويخرج للمسلمين أمر من أجاجه، وقد تعاضدت ملوك الكفر على أن أن ينهضوا اليهم من كل فرقة طائفة، يرسلوا اليهم من كل سلاحٍ شوكة، فإذا قتل المسلمن واحداً في البر بعثوا ألفاً عوضه في البحر، فالزرع أكثر من الحصاد، والثمرة أنمى من الجذاذ. وهذا العدو قد زرَّ عليه من الخنادق دروعاً متينة، واستجنّ من الجنوبات بحصونٍ حصينة، فصار معجزاً، وممتنعاً حاسراً، ومدرعاً، ومواصلاً،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 56 ومنقطعاً، وعددهم الجم قد كاثر القتل، ورفا بهم الغلب، قد قطعت النصل لشدة ماقطعها النصل. وأصحابنا قد أثيرت فيهم المدة الطويلة، والكلف الثقيلة في استطاعتهم لا في طاعتهم، وفي أحوالهم لا في شجاعتهم، وكل من يعرفهم يُناشد اللَّه فيهم المناشدة النبوية في الصحابة البدرية، اللهم أن تهلك هذه العصابة، ويخلص الدعاء ويرجوا على يد مولانا أمير المؤمنين الإجابة. وقد حرم باباهم، لعنه اللَّه، كل مباح واستخرج منهم كلّ مدحور، وأغلق دونهم الكنائس، ولبس وألبس الحداد، وحكم أن لايزالوا كذلك أو يستخلصوا المقبرة. فيا عُصبة محمد خلفه في أمته بما تطمئن به مضاجعه، ووفَّه الحق فينا، فإنا والمسلمون عندك ودائعه، ولولا أن في التصريح ما يعود على العدالة بالتجريح، لقال الخادم مايبكي العيون وينكي القلوب، لكنه صابر محتسب، منتظر للنصر مرتقب. ربِّ إني لاأملك إلا نفسي، وماهي في سبيلك مبذولة، وأخي وقد هاجر هجرة يرجوها مقبولة، وولدي وقد بذلت) للعدوّ صفحات وجوههم، وهان على عيونك بمكروههم. ونقف عند هذا الحد، وللَّه الأمر من قبل ومن بعد. وقال الموفق عبد اللطيف: إن الفرنج عاثوا في سوق العسكر وفي الخيم، فرجع عليهم السّلطان فطحنهم طحناً، وأحصى قتلاهم بأن غرزوا في كل قتيل سهماً، ثم جمعوا السهام، فكانت اثني عشر ألفاً وخمسمائة. والذين لحقوا بأصحابهم هلك منهم تمام أربعين ألفاً. وبلغت الغرارة عندهم مائةً وعشرين ديناراً. قال: وخرجوا مرةً أخرى، فقُتل منهم ستة آلاف ونيف، ومع هذا فصبرهم صبرهم. وعمروا على عكا برجين من خشب كل برج سبع طبقات، بأخشاب عاتية، ومسامير هائلة، يبلغ المسمار نصف قنطار، وضبات على هذا القياس، وصُفِّح كل برج منها بالحديد، ولُبس الجلود، ثم اللُّبود المُشربة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 57 بالخلّ، وجلل ذلك بشباك من حبال القنب لترد حدة المنجنيق، وكل واحد يعلو سور عكا بثلاث طبقات. وزحفوا بهما إلى السور، وفي كل طبقة مقاتلة، فيئس المسلمون بعكا، فقال دمشقي يقال له ابن النحاس: دعوني أضربها بالمجانيق. فسخروا منه، فطلب من قراقوش أن يمكنه من الآلات، ورمى البرج حتى خلخله، ثم رماه بقدر نفط، ثم صاح: اللَّه أكبر، فعلاً الدُّخان، فضج المسلمون، وبرزوا من عكا وعملت النار في أرجائه، والفرنج ترمي أنفسها من الطبقات، واشتعلوا، فأحرق المسلمون الستائر والعُدَد، وانكسرت صولتهم. ثم اجتمعت هممهم نوبةً، وعملوا كبشاً هائلة، رأسه قناطر من الحديد ليبعجوا به السور فينهدم، فلما سحبوه وقُرِّب من السور ساخ في الرمل لثقله، وعجزوا عن تخليصه. وكان المسلمون في عكا في مرض وجوع قد ملوا من القتال، ما يحملهم سوى الإيمان بالله تعالى. وقد هدمت الفرنج برجاً وبدنه، ثم سد ذلك المسلمون في الليل ووثقوه. وكان السّلطان يكون أول راكب وآخر نازل. قلت: ولعله وجبت له الجنة برباطه هذين العامين. ذكر العماد الكاتب أنه حزر ما قُتل من الفرنج في مدة الحرب على عكا، فكان أكثر من مائة ألف. ومن كتاب إلى بغداد: وقد بُلي الإسلام منهم بقومٍ استطابوا الموت،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 58 واستجابوا الصوت، وفارقوا الأوطان والأوطار، والأهل والديار، طاعة لقسِّيسهم وغيره لمعبدهم وحمية لمعتقدهم،) وتهالكاً على مقبرتهم، وتحرّقاً على فخامتهم، حتى خرجت النساء من بلادهن متبرزات، وسرّن في البحر متجهزات، وكانت منهن ملكة استتبعت خمسمائة مقاتل، والتزمت بمؤونتهم، فأخذت برجالها بقرب الإسكندرية. ومنهن ملكة وصلت مع ملك الألمان، وذوات المقانع من الفرنج مقنعات دارعات، يحملن الطوارق والقنطاريات. وقد وُجدت في الوقعات التي جرت عدة منهن بين القتلى. وما عُرفن حتى سُلبن. والبابا الذي برومية قد حرّم عليهم لذاتهم وقال: مَن لا يتوجه إلى القدس فهو محرم، لا ملح له ولا مطعم، فلهذا يتهافتون على الورود، ويتهالكون على يومهم الموعود. وقال: إني واصل في الربيع، جامع على الإستنفار شمل الجميع. وإذا نهض هذا اللعين فلا يعقد عنه أحد، ويصل معه كل من يقول للَّه تعالى ولد. ومن كتاب فاضلي إلى السّلطان: فليس إلاّ الدعاء والتجلد للقضاء، فلا بد من قدر مفعول، ودعاء مقبول. (نحن الذين إذا علوا لم يبطروا .......... يوم الهجاج وإن عُلو لم يضجروا) ومَعاذ الله أن يفتح علينا البلادن ثم يغلقها، وأن يسلم على أيدينا القدس، ثم ينصره، ثم معاذ اللَّه أن يغلب عن النصر، ثم معاذ اللَّه أن يُغلب على الصبر. وإذا كان ما يُقدمنا اللَّه إليه لا بدَّ منه وهو لقاؤه، فلأن نلقاه والحجة لنا خير من أن نلقاه والحجة علينا. ولا تعظم هذه الفتون على مولانا فتبهر صبره، وتملأ صدره، فلا تَهنُوا وتدعوآ إلى السلم وأنتم الأعلون واللَّه معكم. وهذا دين ما غُلب بكثرة وإنما اختار اللَّه له أرباب بنات، وروى قلوب رجالات، فليكن الولي نِعم السلف، لذلك الخَلَف، واشتدي أزمة تنفرجي، والغمرات تذهب ثم لاتجيء، واللَّه يُسمعنا مايسر القلوب،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 59 ويصرف عن الإسلام غاشية هذه الكروب. ونستغفر اللَّه فإنه ماابتلى إلاّ بذنب. ومن كتاب آخر يقول: ولست بملكٍ هازم لنظيره، ولكنّك الإسلام للشِّرك هازم. يشير رحمه اللَّه إلى أنه وحده بعسكره في مقابلة جميع دين النصرانية، لأن نفيرهم إلى عكا لم يكن لعده بعد، ولا وراءه حدّ. ثم قال: وليس لك من المسلمين مساعد إلا بدعوة، ولا خارج بين يديك إلا بأجرة، نشتري منهم الخطوات شبراً بذراع، تدعوهم إلى الفريضة، وكأنك تكلفهم النافلة، وتعرض عليهم الجنة، وكأنك تريد أن تستأثر بها دونهم. والآراء تختلف بحضرتك، فقائل يقول: لم لا يتباعد عن المنزلة وآخر: لم لايميل إلى) المصالحة ويشير بالتخلي عن عكا، حتى كأن تركها تعليق المعاملة، ولا كأنها طليعة الجيش، ولا قفل الدار، ولا خرزة السِّلك إن وهت تداعى السِّلك. فألهمك اللَّه قتل الكافر، وخلاف المجدل، فكما لم يُحدث استمرارُ النعم لك بطراً، فلا تُحدث له ساعات الامتحان ضجراً. وما أحسن قول حاتم: (شربنا كأس الفقر يوماً وبالغنى .......... وما فينا إلا سقانا به الدهرُ)

(فما زادنا تعباً على ذي قرابةٍ .......... غِنانا ولا أزرى بأحسابِنا الفقر) وقال الآخر: (لا بطراً إن تتابعت نِعَمٌ .......... وما يرقي البلا محتسبٌ) وقيل للمهلَّب: أيسرك سفرٌ ليس فيه تعب فقال: أكره عادة العجز. ونحن في ضر قد مسَّنا، ولا نرجوا لكشفه إلاّ من ابتلى. وفي طوفان فتنة، قال لاَ عاصِمَ اليومَ من أمرِ اللَّه إلاّ من رَحِمَ، ولنا ذنوب قد سدَّت

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 60 طريق دعائنا، فنحن أولى أن نلوم أنفسنا، والله قدر لا سلام لنا في دفعه إلاّ لا حول ولا قوة إلاّ بالله. وقد أشرفنا على أهوال قُل اللَّه ينجيكم منها ومن كل كرب. وقد جمع لنا العدو، وقيل لنا: اخشوه فنقول: حسبنا الله ونعم الوكيل. وليس إلاّ الاستغاثة بالله، فما دأبنا في الشدائد إلاّ على طروق بابه، وعلى التضرع له فلولا إذ جاءَهم بأسُنا تضرعوا ولكن قست قُلوبهم نعوذ بالله من القسوة، ومن القنوط من الرحمة. وما شرَّد الكرى، وطوَّل على الأفكار السَّرى، إلاّ ضائقة القوت بعكا. وهذه الغمرات هي نعمة اللَّه عليه، وهي درجات الرضوان، فاشكر اللَّه كما تشكره على الفتوحات. وأعلم أن مثوبة الصبر فوق مثوبة الشكر. ومن ربط جأش عمر رضي اللَّه عنه قال: لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت. وبهذه العزائم سبقونا فلا تطمع بالغبار، وامتدت خُطاهم، ونعوذ باللَّه من العثار. ومن... أن ترق بك ماضية جبل فلا تعجز، وإن نزل بك ما ليس فيه حيلة فلا تجزع. ولما اشتد الأمر بعكا وطال أرسل السّلطان كتاباً إلى شمس الدين بن منقذ يأمره بالمسير إلى صاحب المغرب يعقوب بن يوسف بن يوسف بن عبد المؤمن يستنصر به، ليقطع عنه مادتهم من جهة البحر. وأمر منقذ أن يستقريء في الطريق والبلاد ما يُحيي به الملك يعقوب وكيف عاداتهم. وأن يقصّ عليه: من أول وصولنا إلى مصر، وما أزلنا بها من الإلحاد، ة وما فتحنا من) بلاد الفرنج وغيرها وتفصيل ذلك كله، وأمر عكا، وأنه لا يمضي يوم إلا عن قوة تتجدد وميزة في البحر تصل، وأن ثغرنا حصروه، ونحن حصرناهم، فما

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 61 تمكنوا من قتال الثغر، ولا تمكنوا من قتالنا وخندقوا على نفوسهم عدة خنادق، فما تمكنا من قتالهم. وقدموا إلى الثغر أبرجة من الخشب أحرقها أهله. وخرجوا مرتين إلينا يبغون غرتنا، ينصرنا اللَّه عليهم، ونقتلهم قتلاً ذريعاً، أجلت إحدى النوبتين عن عشرين ألف قتيل منهم. والعدو وإن حصر الثغر فإنه محصور، ولو أبرز صفحته لكان بإذن اللَّه هو المكسور. ويذكر مادخل الثغر من اساطيلنا ثلاث مرات واحتراق مراكبهم، وهي الأكثر، ودخلوها بالسيف الأظهر ينقل إلى البلد الميرة. وإن أمر العدو قد تطاول ونجدته تتواصل، ومنهم ملك الألمان في جموع جماهيرها مجمهرة وأمواله مقنطرة. وإن اللَّه سبحانه تعالى قد قصم طاغية الألمان، وأخذه أخذ فرعون بالإغراق في نهر الدنيا، وإنهم لو أرسل اللَّه عليهم أسطولاً قوياً مستعداً بقطع بحره، ويمنع ملكه، لأخذنا العدو بالجوع والحصر، والقتال والنصر. فإن كانت بالجانب الغربي الأساطيل ميسرة، والرجال في اللقاء فارهة غير كارهة، فالبدار. وأنت أيها الأمير أول من استخار اللَّه وسار، وما رأينا أهلاً لخطابنا، ولا كفؤاً لإنجادنا، إلاّ ذلك الجانب، فلم ندعه إلا لواجب عليه. فقد كانت تتوقع منه همة تقدُ في الغرب نارها، ويستطير في الشرق سناها، ويغرس في العُدوة القصوى شجرتها، فينال من في العُدْوة الدنيا جناها، فلا ترضى همته أن يعين الكفر الكفر، ولا يعين الإسلام الإسلام. واختص بالإستعانة لأن العدو جاره، والجار أقدر على الجار، وأهل الجنة أولى بقتال أهل النار. ولأنه بحر والنجدة بحرية، ولا غرو أن تجيش البحار. وأن يذكر مافعل بوزبا وقراقوش في أطراف المغرب، فيعرفه أنهما ليسا من وجوه الأمراء، ولا من المعدودين في الطواشية والأولياء، وإنما كسدت سوقهما، وتبعها ألفافٌ أمثالهما. والعادة جارية أنّ العساكر إذ طالت ذيولها وكثرت جُموعها، خرج منها وانضاف إليها، فلا يظهر مديدها ولا نقصها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 62 ولا كان هذان المملوكان ممن غاب أحضر ولا إذا ذهب افتقد، ولا يُقدر في أمثالهما أنهما ممن يستطيع نكايةً، ولا يأتي بما يوجب شكوى من جناية. ومعاذ اللَّه أن يأمر مفسداً يفسد في الأرض. والله يوفق الأمير، ويهدي دليله، ويسهل سبيله. وكتب في شعبان سنة ست وثمانين.) وأما الكتاب إلى صاحب المغرب فعنوانه: بلاغ إلى محل التقوى الطاهر من الذَّنب، ومستقر حزب اللَّه الظاهر من الغرب، أعلا اللَّه به كلمة الإيمان، ورفع به منار الإحسان. وأوّله: بسم الله الرحمن الرحيم. الفقير إلى رحمة ربه يوسف بن أيوب. أما بعد، فالحمد لله الماضي المشيّة المُمضي القضية، البرُّ بالبرية، الحفي بالحنيفية، الذي استعمل عليها من استعمر به الأرض، وأغنى من أهلها من ماله القرض، وأنجد من أجرى على يده النافلة والفرض، وصلى اللَّه على محمد الذي أنزل عليه كتاباً فيه الشفاء والتبيان. الى أن قال: وهذه التحية ى الطيبة وفادة على دار الملك، ومدار النُّسك، ومحل الجلالة، وأصل الأصالة، ورأس السياسة، ونفس النفاسة، وعلم العلم، وقائم الدّين وقيمه، ومقدم الإسلام ومقدمه، ومثبت المتقين على اليقين، ومُعلي الموحدين على الملحدين، أدام اللَّه له النصرة، وجهَّز به العُسرة وبسط له باع القدرة. تحية استتر فيها الكتاب، واستنيب عنها الجواب، وحفز بها حافزان، أحدهما شوق قديم كان مطل غيمة ممكناً إلى أن تتيسر الأسباب، والآخر مُرام عظيم كرّه إذا استفتحت به الأبواب. وكان وقت المواصلة وموسم المكاتبة عناءه بفتح بيت المقدس وعدة من الثغور، ولم تتأخر المكاتبة إلاّ ليتم الله مابدا من فضله، والمفتتح بيد اللَّه مُدن وأمصار، وبلاد كبار وصغار، والباقي بيد الكُفر منها أطرابلس، وصور، وأنطاكية، يسّر اللَّه أمرها بعد أن كسر اللَّه العدو الكسرة التي لم يجبر بعدها، ولم يؤجر فتح هذه المدن الثلاثة، إلاّ أن فرع الكفار بالشام استصرخ بأصله،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 63 فأجابوهم رجالاً وفرساناً، وزرافات ووحدانا، وبراً وبحراً، ومركباً وظهراً، وسهلاً ووعراً. وخرج كل من يلبي دعوة بطركه، ولا يحتاج إلى عزمة ملكه. ونزلوا على عكا يمدهم البحر بأمداده، ويصل إلى المقاتل مايحتاجه من سلاحه وأزواده، وعدتهم مائة ألف أو يزيدون، كلما أفناهم القتل أخلفتهم النجدة. قال: واستمر العدو يحاصر الثغر محصوراً منّا أشد الحصر، لا يستطيع قتال الثغر لأنا من خلفه، ولا يستطيع الخروج إلينا خوفاً من حتفه، ولا نستطيع الدخول إليه لأانه قد سور وخندق، وحاجز من وراء الحجرات وأغلق. ولما خرج ملك الألمان بجيشه وعاد على رسم قديم إلى الشام، فكان العود لأُمة أحمدٍ أحمدْ. فظنوا أنه يزعجنا فبعثنا إليه من تلقاه بعسكرنا الشمالي، فسلك ذات الشمال متوعراً، وأظهر أنه مريض. وكان أبوه الطاغية قد هلك في طريقه غرقاً،) وبقي ابنه المقدم المؤخر، وقائد الجميع المكسر، وربما وصلهم إلى ظاهر عكا في البحر، تهيباً أن يسلك البر، ولو سبق عساكرنا إلى عساكر الألمان قبل دخولها إلى أنطاكية لأخذوهم، ولكن لله المشيئة. ولما كانت حضرة سلطان الإسلام، وقائد المجاهدين إلى دار السلام، أولى من توجه إليه الإسلام وبثه، واستعان به على حماية نسله وحرثه، وكانت مساعيه ومساعي سلفه في الجهاد الغُرّ المحجلة، الكاشفة لكل معضلة، والأخبار بذلك سائرة، والآثار ظاهرة. الى أن قال: وكان المتوقع من تلك الدولة العالية، والعزمة العارية مع القدرة الوافية، والهمة المهدية الهادية، أن يمد غرب الإسلام المسلمين بأكثر مما أمد به غرب الكفار الكافرين. فيملأها عليهم جواري كالأعلام، ومدناً في الحج كأنها الليالي مقلعة بالأيام، تطلع علينا آمالاً، وعلى الكفر آجالاً، وتردنا إما جملة وإما أرسالاً ولما استبطئت ظُنَّ أنها قد توقفت على الاستدعاء، فصرحنا به في هذه التحية، وسُير لخضور مجلسه الأطهر، ومحله

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 64 الأنور، الأمير الأجل المجاهد شمس الدّين أبو الحرم عبد الرحمن بن منقذ، الهدية إليه ختمة في ربعة، وثلاثماية مثقال مسك، وستماية حبة عنبر، عشرة منارهن بلسان مائة درهم، مائة فؤوس بأوتارها، عشرون سرجاً، عشرون سيفاً، سبعمائة سهم. وكان دخوله على يعقوب في العشرين من ذي الحجة بمراكشن فأقام سنة وعشرين يوماً، وخرج وقدم الإسكندرية في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وثمانين، ولم يحصل الغرض، لأنه عزَّ على يعقوب كونه لم يُخاطب بأمير المؤمنين. وقد مدحه ابن منقذ بقصيدةٍ منها: (سأشكر بحراً ذا عُبابٍ قطعته .......... إلى بحر جود ما لنعماه ساحلُ)

(إلى معدن التقوى إلى كعبة الهدى .......... إلى مَن سَمَت بالذِّكر منه الأوائل) وكان السّلطان صلاح الدّين قد هم بأن يكتب إليه بأمير المؤمنين، فكتب إلى السّلطان القاضي الفاضل يقول: والمملوك ليس عند المولى من أهل الاتهام، والهدية المغربية نجزت كما أمر. وكتب الكتاب على ما مثّل، وفخَّم الوصف فوق العادة. وعند وصول الأمير نجم الدّين فاوضته في أنه لايمكن إلا التعريض لا التصريح بما وقع له أنه لا تنجح الحاجة إلا به من لفظة أمير المؤمنين، وأن الذي أشاروا بهذا ما قالوا نقلاً، ولا عرفوا) مكاتبة المصريين قديماً. وآخر ما كتب في أيام الصالح بن رزيك، فخوطب به أكبر أولاد عبد المؤمن وولي عهده بالأمير الأصيل النجار، الجسيم الفخار. وعادت الأجوبة إلى ابن رُزيك الذي في اتباع مولانا مائة مثله، مترجمة بمعظم أمره، وملتزم شكره. هذا والصالح يتوقع أن يأخذ ابن عبد المؤمن البلاد من يديه، ما هو أن يهرب مملوكان طريدان منا فيستوليان على أطراف بلاده، ويصل المشار إليه بالأمر من مراكش إلى القيروانن قيلقاهم فيُكسر مرة ويتماسك أخرى وأُعلم نجم الدّين بذلك فأمسك مقدار عشرة أيام. ثم أنفذ نجم الدّين إليه على يد ابن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 65 الجليس بأن الهدية أشير عليه بأن لايستصحبها، وإن استصحبها تكون هدية برسم من حواليه، وأنَّ الكتاب لا يأخذه إلا بتصريح أمير المؤمنين، وأن السّلطان عزّ نصرُه رسم بذلكن والملك العادل بأن لايسير إلا بذلك، وأنه إذا لقي القوم خاطبهم بهذه التحية عن السّلطان من لسانه، فأجابه المملوك بأن الخطاب وحده يكفي، وطريق جحده ممكن، وإن الكتابة حجة تقيد اللسان عن الإنكار، فلا ينبغي. ومتى قُرئت على منبر الغرب جُعلنا خالعين شاقين عصا المسلمين، مطيعين من لا تجوز طاعته ويفتح باب يعجز موارده عن الإصدار، بلا تمضي وتكشف الأحوال، فإن رأيت للقوم شوكة، ولنا زبدة، فعدهم بهذه المخاطبة، واجعل كلما يأخذه ثمناً للوعد بها خاصة فامتنع وقال: أنا أقضي أشغالي، وأتوجه للإسكندرية، وأنتظر جواب السّلطان. وإلى أن انجز أمر الموكب وأمر الركاب، فسيَّر المملوك النسخة فإن وافقت فيتصدق المولى بترجمة يلصقها على ماكتبه المملوك، ويأمر نجم الدّين بتسلم الكتاب، مع أن ابن الجليس حدثه عنه أنه ممتنع من السفر إلا بالمكاتبة بها. فأمّا الذي يترجم به مولانا فيكون مثل الذي يُدعى به على المنبر لمولانا، وهو الفقير إلى اللَّه تعالى يوسف بن أيوب. وإذا كتب إليهم ابن رزيك من السيد الأجل، الملك الصالح، قُبح أن يكتب إليه مولانا الخادم. وهذا مبلغ رأي المملوك وقد كتب النسخة، ولم يبق إلا تلك اللفظة، وليست كتابة المملوك لها شركاً، والمملوك وعقبه مستجيرون بالله، ثم بالسّلطان من تعريضهم لكدر الحياة ن ومعاداة من لا يُخفى عنه خبر، ولا تُقال به عثرة. والكتاب الذين يشتغلون بتبييض الانسخة موجودون، فينوبون عن المملوك. ومن كتاب له رحمه اللَّه إلى السّلطان: تبرَّم مولانا بكثرة المطالبات، لا أخلاه اللَّه من القدرة عليها، وهنيئاً له. فاللَّه تعالى يطالبه بحسن الخلافة في أمته، والسلف يطالبونه بحفظ دينه،) ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طالبه بِحُسن الخلافة في أمته، والسلف يطالبونه بمباشرة ما لو حضروه لما زادوا على مايفعله المولى، وأهل الحزب يطالبونه بالذهب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 66 والفضة والحديد، والرعية تطالبه بالأمن في سربهم، والإستقامة في كسبهم، والسلامة في سُبُلهم، ونفسه الكريمة تطالبه بالجنة فهل عدم من اللَّه نصرة أم هل استمرت به عُسرة أم هل تمت لعدوه عليه كرَّة هل بات إلا راجياً ام أصبح إلا راضياً. إلى أن قال: والمشهور أن ملك الألمان خرج في مائتي ألف، وأنه الآن في دون خمسة الآف. قلت وأنبئت عن العماد الكاتب قال: ووصلت في مراكب ثلاثمائة إفرنجية من ملاحهم الزواني قد سبلن أنفسهن لعسكر الفرنج تغرية لإسعاف الشباب من كل تائقةٍ شائقة، مائقةٍ رائقة، رامقة مارقة، تميس كأنها قضيب، وتزينت وعلى لبها صليب، فتحنَ ابواب الملاذ، وسَبَلنَ مابين الأفخاذ. 4 (العفو عن الملك طغرل) وفي المحرم خرجت جيوش بغداد، ومقدمها نجاح الشرابيّ إلى دقُوقاً لقتال الملك طُغرل، فدخل بعد أيام ولد طُغرل، ابن سبع سنين، يطلب العفو لأبيه، فعفا عنه. 4 (ولادة ابنين وبنتين في بطن واحد) وأنبأنا ابن البُزُروي قال: في ربيع الأول وُلدت امرأة ابنين وبنتين في جوف واحد. 4 (مقتل آلاف الفرنج أمام المصريين) وفي جمادى الآخرة في العشرين منه خرجت جيوش الفرنج من وراء خنادقهم، وحملوا على الملك العادل والمصريين فالتقوهم، واشتد القتال، فتقهقر المصريون، ودخل الفرنج خيامهم ونهبوها، فكرَّ المصريون عليهم فقتلوهم بين الخيام، وذهبت فرقة من المسلمين، فوقفت على فم الخندق

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 67 تمنع من يخرج مدداً، وأخذت الفرنج السيوف من كل ناحية، فقتل منهم مقتلة عظيمة فوق العشرة آلاف وقيل ثمانية آلاف وأقل ما قيل خمسة آلاف. وقُتل من المسلمين نحو عشرة أنفس فقط. وكان يوماً مشهوداً حاز فضله المصريون. 4 (موت ملك الألمان) وجاءت الأخبار من الغد بموت ملك الألمان، وبالوباء في أصحابه، وتباشر المسلمون، وفرحوا بنصر اللَّه، فجاءت الفرنج نجدة كبيرة لم تكن في حسبانهم مع ملكهم كندهري، وجاءتهم أموال) كثيرة وميرة وأسلحة، فقويت نفوسهم. 4 (دخول بطسة المسلمين عكا) وأنتنت منزلة المسلمين بريح القتلى، فانتقل صلاح الدين، إلى الخرُّوبة في السابع والعشرين من جمادى الآخرة، كما انتقل عام أول. وقلَّت الأقوات بعكا، فبعث السّلطان إلى بيروت فجهز بطسة عظيمة، وألبس الرجال لبس الفرنج، ورفعوا الصُّلبان بالبطسة، فوصلت إلى عكا، فلم يشك الفرنج أنها لهم، ولم يتعرضوا لها، فلما حاذت ميناء عكا ودخلته ندمت الفرنج، وانتعش المسلمون. 4 (خروج كمين المسلمين على الفرنج) وفي شوال خرجت الفرنج من وراء خنادقهم في أكمل أُهبة وأكثر عدد،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 68 فالتقاهم السّلطان في تعبئةٍ حسنةٍ، فكان أولاده في القلب، وأخوه الملك العادل في الميمنة، وابن أخيه تقي الدّين عمر، وصاحب سنجار عماد الدّين في الميسرة. واتفق للسلطان قولنج كان يعتاده، فنُصبت له خيمة على تل، فرأى الفرنج ما لا قبل لهم به فتقهقروا. قال ابن الأثير: لو لا الألم الذي حدث لصلاح الدّين لكانت هي الفيصل، وإ نما للَّه أمر هو بالغه. فلما دخل الفرنج خندقهم، ولم يكن لهم بعدها ظهور منه، عاد المسلمون إلى خيامهم وقد قتلوا من الفرنج خلقاً يومئذ. إلا أن في الثالث والعشرين من شوال تعرض عسكر من المسلمين للفرنج، فخرج إليهم أربعمائة فارس فناوشوهم القتال وتطارحوا، فتبعهم الفرنج، فخرج كمين للمسلمين عليهم فلم يفلت منهم أحد. 4 (اشتداد الغلاء على الفرنج) واشتد الغلاء على الفرنج، وجاء الشتاء، وانقطعت مادة البحر لتهيجه، ولولا أن بعض الجهال كانوا يجلبون إليهم الغلات لأن الغرارة بلغت عندهم ألف درهم، لكانوا هلكوا جوعاً. 4 (تبديل عسكر عكا) وأرسل أهل عكا يشكون الضجر والسآمة، فأمر السّلطان بإخراجهم، وإقامة البدل، وكان ذلك من أسباب أخذها. فأشار الجماعة عليه بأن يرسل اليهم النفقات الواسعة والذخائر، فإنهم قد تدربوا، واطمأنت نفوسهم، فلم يفعل وتوهم فيهم الضجر، وأن ذلك يحملهم على العجز. وكان) بها أبو الهيجا السمين، فنزل الملك العادل تحت جبل حيفا، وجمع المراكب والشواني، فكان يبعث فيها عسكراً، ويرد عوضهم من عكا في المراكب،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 69 لكن كان بها ستون أميراً، فخرج أولئك، ودخل بدلهم عشرون أميراً فكان ذلك من التفريط أيضاً. وتوانى أجناد صلاح الدين، واتكل على غيره. وكان رأس الذين دخلوا سيف الدّين عليّ المشطوب، وكان دخولهم في أول سنة سبع وكان بها زهاء عشرين ألفاً. ولم يخرج قراقوش. 4 (كسرة مراكب القوت عند عكا) وجهز السّلطان لعكا إقامةً كبيرةً وقُوتَ سنة، ولكن كان البحر في هيجه، فتكسرت عامّة المراكب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 70 4 (سنة سبع وثمانين وخمسمائة)

4 (استيلاء الفرنج على عكا) دخلت وقت اشتدت مضايقة الفرنج لعكا، والقتال بينهم وبين السّلطان مستمر، وكل وقتٍ يأتيهم مددٌ من البحر، فوصل ملك الإنكلتير في جمادى الأولى، وكان قد دخل قبرص وغَدر بصاحبها وتملكها، ثمّ سار إلى عكا في خمسٍ وعشرين قطعة مملوءة رجالاً وأموالاً، وكان رجل وقته مكراً ودهاءً، ورُميَ المسلمون منه بحجر ثقيل. وعظم الخطب، وعملت الفرنج تلاًّ عظيماً من التراب لا تؤثر فيه النار ولا غيرها، فنفعهم في القتال وأوهن المسلمين خروج أميرين في الليل ركبوا في شينيّ ولحقوا بالمسلمين، فضعفت الهمم ووجلت القلوب، وراسلوا صلاح الدين، فبعث إليهم أن اخرجوا من البلد كلكم على حميّة، وسيروا مع البحر، واحملوا عليهم، وأنا أجيئهم من الجهة الأخرى وأكشف عنكم، وذروا البلد بما فيه. فشرعوا في هذا، فلم يتهيأ لهم، ولا تمكنوا منه، فلما اشتد البلاء على أهل عكا وضعُفت قلوبهم، وقلت منعتهم، ونُقبت بدنة من الباشورة، حرج الأمير سيف الدّين عليّ بن أحمد المشطوب الهكاريّ إلى ملك الفرنج وطلب الأمان، فأبى عليه إلا أن ينزل على حكمه، فقال: نحن لا نُسلّم البلد إلا أن نُقتل بأجمعنا، ورجع مغاضباً. فلما كان يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة زحف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 71 الفرنج زحفاً شديداً، وأشرفوا على أخذ البلد، فطلب المسلمون منهم الأمان على أن يُسلموا إليهم عكا، ومائتي ألف دينار،) وألفاً وخمسمائة أسير، ومائة أسير من الأعيان، وصليب الصَّلبوت. فوقع الأمان على ذلك، وأخذوا رهائن على تمام القطيعة، وملكوا عكا. فلما كان في ثامن رجب جاءت رُسلهم لذلك، فأحضر السّلطان مائة ألف دينار، وصليب الصَّلبوت، والأسارى، فأبوا إلاّ جميع المال، واختلف الأمر نحو شهر، ثمّ كمل لهم المال، وأحضر صليبهم، وكانوا قد ظنُّوا أن السّلطان فرَّط فيه، فلما عاينوه خروا له سُجَّداً. ثمّ ظهر للسلطان غدرهم ومكرهم، فتوقَّف في مضاء المقرر. 4 (رواية ابن شداد) قال ابن شداد في سيرة صلاح الدّين: إن الذين بعكا بذلوا للفرنج البلد بما فيه من السلاح والآلات والمراكب، ومائتي ألف دينار، وخمسمائة أسير، ومائة أسير يقترحونهم معروفين، وصليب الصلبوت، على أن يخرجوا بأموالهم وأهلهم، ويعطوا للمركيس الذي توسط بينهم أربعة آلاف دينار، فلما وقف السّلطان على ذلك أنكره وعظم عليه، وجمع أهل الرأي، واضطربت آراؤهم، وتقسم فكره، وعزم على أن يكتب تلك الليلة ينكر عليهم المصالحة، وبقي متردداً، فلم يشعر إلى وقد ارتفعت صلبان الكفر على البلد، ونارهم وشعارهم على السور، وذلك ظهر يوم الجمعة سابع عشر من جمادى الآخرة، وصاح الفرنج صيحةً واحدةً، وعظمت المصيبة على المسلمين،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 72 ووقع فيهم البكاء والنحيب، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وخيم ملك الأنكتير بيافا، وشرعوا في عمارتها. ثمّ راسل ملك الأنكتير السّلطان في طلب الهدنة، فكانت الرسائل تتردد إلى الملك العادل، فتقررت القاعدة أن الأنكتير يزوج أخته بالملك العادل ويكون القدس وما بأيدي المسلمين من بلاد الساحل للعادل، وتكون عكا لأخت ملك الأنكتير مضافاً إلى مملكةٍ كانت لها داخل البحر قد ورثتها من زوجها. وأجاب صلاح الدّين إلى ذلك، فاجتمع الرهبان والقسيسون، وأنكروا على الملكة، ومنعوها من الإجابة. ثمّ إن الفرنج نوهوا بقصد بيت المقدس، فصاف صلاح الدّين إلى الرملة جريدة، وجرت بين المسلمين وبين الفرنج عدة وقعات صغار في هذه الأيام، في سائرها يكون الظفر للمسلمين. ثمّ دخل صلاح الدّين القدس لكثرة الأمطار، وتقدمت الفرنج إلى النطرون على قصد بيت المقدس. واشتد الأمر، وجرى بينهم وبين يزك المسلمين عدة وقعات. 4 (تحصين القدس) وجد صلاح الدّين في تحصين القدس بكل ممكن، حتى كان يحمل الحجارة على فرسه بنفسه،) ومما جرى أن ملك الأنكتير ركب بالفرنج في البحر، فركب السّلطان في البر لقتالهم. فأحضر الفرنج جماعة من أسارى المسلمين، فقتلوهم صبراً، فحمل المسلمون عليهم وأزالوهم عن مواقفهم، وقتلوا منهم جماعة، واستشهد من المسلمين جماعة. ثمّ انصرف السّلطان في المال المقرر، فلما دخل شعبان زحفت الفرنج بخيلهم ورجلهم، فعرف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 73 السّلطان أن قصدهم عسقلان، فرحل بالجيش، قبالتهم، وبقي يزك المسلمين يقاتلونهم في كل مرحلة. 4 (وقعة نهر القصب) ثم كانت بينهم وبين السّلطان وقعة نهر القصب، استشهد فيها أياز الطويل وكان أحد الأبطال. ثمّ كانت وقعة أرسوف، فكانت الدبرة على الفرنج خذلهم اللَّه. 4 (هدم عسقلان وتخريب الرملة ولد) ووصل السّلطان إلى عسقلان فأخلاها، وشرع في هدمها في أثناء شعبان. ثمّ رحل إلى الرملة، فأمر بتخريب حصنها، وتخريب لُدّ، ثمّ مضى جريدةً إلى القدس وأمر وعاد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 74 4 (إقطاع الدينور للماهكي) أنبأنا ابن البزوري قال: في ربيع الأول حضر عبد الوهاب الكردي السارق قلعة الماهكي مصفداً بالحديد، فرحمه الخليفة وخلع عليه وأعطي كوسات وأعلاماً، وأقطع الدينور. 4 (أستاذ دارية الخلافة) وفي جمادى الأولى عُزل عن أستاذ دارية الخلافة عليّ بن بختيار وولي جلال الدّين عبيد اللَّه بن يونس. 4 (السعي من تكريت إلى بغداد في يوم) وفي جُمادى الآخرة عدا بركة الساعي من تكريت إلى بغداد في يومٍ ولم يسبق إلى هذا، وحصل له خلع ومال طائل. 4 (جاثليق النصارى) وفيه رُتب الموصلي النصراني جاثليق النصارى، وخُلع عليه بدار الوزارة، وقريء عهد في كنيسة درب دينار. 4 (خروج عسكر الخليفة إلى خوزستان) وفي شوال خرج العسكر الخليفيّ مع مؤيد الدّين ابن القصاب نائب الوزارة، وعز الدّين نجاح) الشرابي إلى بلاد خوزستان، ورجعوا في ذي الحجة. 4 (إحراق السهروردي الساحر) وفيها ظهر بحلب الشهاب السهروردي الفيلسوف الساحر. وكان فقيهاً واعظاً، ملعون الإعتقاد، بارعاً في علوم الأوائل، خبيراً بالسيمياء، فعقد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 75 صاحب حلب الملك الظاهر له مجلساً، فأفتوا بكفره، فحبس في هذه السنة ثمّ أحرق بعد أن ميت جوعاً. 4 (تراجع الفرنج إلى الرملة) وفيها، في آخرها، تأخر الفرنج إلى الرملة لقلة الميرة عليهم. وقال ملك الأنكتار لمن معه: إني ما رأيت القدس، فصوروها لي. فرأى الوادي يحيط بها ماعدا موضع يسير من جهة الشمال. فقال: هذه المدينة لا يمكن حصرها مع وجود صلاح الدّين، ومع اجتماع كلمة المسلمين. 4 (انتحار تاجر حلبي) وفيها، قال لنا ابن البزوري في مذيَّله: قدم بغداد تاجر حلبي بمال طائل، فعشق واحدة فأنفق عليها ماله حتى أفلس، ولم يبق يقدر عليها، ولا له صبر عنها، فدخل عليها فضربها بسكين، وضرب نفسه فمات. وأما هي فخيط جرحها وعاشت. 4 (حج طاشتكين) وحج بالناس من بغداد طاشتكين على عادته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 76 4 (إمارة مكة) وفيها أخذ داود أمير مكة ما في الكعبة من الأموال وطوقاً كان يمسك الحجر الأسود لتشعثه، إذ ضربه ذاك الباطني بعد الأربعمائة بالدبوس. فلما قدم الركب عزل أمير الحاج داود، وولى أخاه مكثراً، وهما ابنا عيسى بن فُليتة بن قاسم بن محمد بن أبي هاشم الحسني، فأقام داود بثجله إلى أن توفي في رجب سنة تسع وثمانين وهو وآباؤه الخمسة أمراء مكة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 77 4 (سنة ثمان وثمانين وخمسمائة)

4 (استتابة ابن عبد القادر) قال ابن البزوري: في صفر كُفَّت يد عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر عن وقف الجهة الإخلاطية سجلق خاتون. ووجد عند ابنه عبد السلام كُتُب بخط والده عبد الوهاب فيها يتخيَّر الكواكب، فسُئل: هل هي بخطك فأقر، فأفتوا بقلة دينه، وأن الكاتب لها والقارىء لها مخطيء،) ومُعتقدها كافر. وعُرضت الفتاوى على الخليفة فاستُتيب، وأُحرقت الكتب في محفل. وكان فيها أن لا مدبر للعالم سوى الكواكب، وأنها هي الرزاقة. ووهت حًرمة بني عبد القادر، وأخرجوا عن مدرستهم، وسُلمت إلى ابن الجوزي. 4 (عزل قاضي القضاة) وفيها عُزل قاضي القُضاة العباسي لأنه حكم في كتابٍ زوّره حاجبه أبو جعفر وابن الحرانيّ. 4 (ترسُّل السهروري) وفيها نفذ شهاب الدّين السهروردي رسولاً إلى زعيم خلاط بكتمر. 4 (حبس أمير الحاج طاشتكين) وفي رجب عُقد مجلس بدار أستاذ دار الخليفة، وأحضر أمير الحاج مجير الدّين طاشتكين متولي الحلَّة، ثمّ أخرج مكتوب فيه الخادم طاشتكين

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 78 يخدم السّلطان ويقول: أنا مشدود بواسط في خدمتكم، وهذا وقتكم، والبلاد خالية ن فإذا هادنت الفرنج وعدت إلى الشام فأنا أتولى الخدمة. وقد توج المكتوب بالقلم الشريف. إنا ما أنبأنا إلى طاشتكين قط وله حقوق، غير أن باطنه روى مايخبئه. فأنكر طاشتكين، وزعم أن هذا الخط لايعرفه. فشهد عليه جماعة ممن تختص به وكذبوه. فحُبس، وكان له إلى هذه السنة تسع عشرة حجة. ووُلي ايليا إمرة الحاج. 4 (بناء دار الخلافة) وبنى الخليفة داراً هائلة مزخرفة في بستانها من الطير والوحش ما يبهت الرائي. فلما فرغت وهبها لولده أبي نصر محمد. 4 (عمارة الفرنج عسقلان) وفيها في المحرم، أعني سنة ثمانٍ، نزل الفرنج بعسقلان وهي خراب، فأخذوا في عمارتها. 4 (قتل المركيس صاحب صور) وفي ربيع الآخر قُتل المركيس صاحب صور، وكان من شياطين الفرنج، قدم من البحر في مركبٍ عالٍ وتجارة أيام فتح بيت المقدس، فدخل صور وأهلها في هَرج ومرج، وليس لهم رأس، فملكوه عليهم، فقام بأمرهم أتم قيام، وضبط البلد وحصَّنها، وحاصرهم صلاح الدّين مدة بعد فتح بيت المقدس فلم يقدر عليهم، فجرّد على البلد من يضيّق عليهم ورحل. وكان المركيس أحد من بالغ في حصار عكا. وكان سبب قتله أن سناناً مقدم الإسماعيلية بعث) إليه صلاح الدّين أن يرسل من يقتل ملك الإنكتار،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 79 وإن قتل المركيس فله عشرة آلاف دينار. فأرسل رجلين في زي الرهبان، فاتصلا بصاحب صيدا، فأظهرا العبادة، فأنس بهما المركيس، ووثق لهما فقتلاه، وقُتلا معه. تملك كندهري صور وتملَّك صور بعده كندهري ابن أخت ملك الأنكتار، فبقي إلى سنة أربع وتسعين، فسقط من سطح ومات. وكان لما رحل خاله إلى بلاده أرسل يستعطف صلاح الدّين ويطلب ويطلب منه خلعةً وقال: أنت تعلم أن لبس القباء والشربُوش عندنا عيب، وأنا ألبسهما منك محبة فيك. فنفذ إليه خلعة سنية بشربوش،، فلبسها بعكا. 4 (انتهاب البصرة) وفيها في صفر نهبت بنو عامر البصرة. تجمعوا مع أميرهم عُميرة، وكان بها أمير فحاربهم، فلم يقو لهم، وقتل جماعة، ودخلوها وفعلوا كل قبيح، وذهبت أمتعة الناس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 80 4 (انصباب البلاء على الفرنج) وفيها في جمادى الأولى استولت الفرنج على حصن الداروم، ثمّ ساروا حتى بقوا على فرسخين من القدس، فصب المسلمون عليهم البلاء، وتابعوا إرسال السرايا، وبُليَ الفرنج منهم بداهيةٍ، فرجعوا وتخطفهم المسلمون. 4 (غزو الهند وقتل ملكها) وكان شهاب الدّين الغُري غزا الهند في سنة ثلاث وثمانين فانهزم، فلما كان في هذه السنة خرج من غزنَة بجيوشه، وقصد عدوه، فتجهز الكافر ملك الهند وسار نحوه، فلما قاربه تقهقر شهاب الدين، وتبعه ملك الهند إلى أن قارب ملك المسلمين، فندب شهاب الدّين شطر جيشه، فداروا في الليل حتى صاروا من وراء الهنود، وحمل من الغد هو من بين أيديهم وأولئك من خلفهم، وكثر القتل في الهنود، وأُسر ملكهم في خلقٍ من جنده، وغنم المسلمون ما لا يوصف. ومن ذلك أربعة عشر فيلاً، فقال ملك الهند: إن كنت طالباً بلادنا فما بقي بها من يحفظها، وإن كنت طالب مالٍ فعندي أموال تحمل منها جمالك كلها. فسار شهاب الدين، وهو معه، إلى قلعته واسمها جهير، فتملكها شهاب الدّين وتملك جميع نواحيها، وأقطع الجميع لمملوكه قُطب الدّين أيبك. وقتل ملك الهند ورجع إلى غزنة مؤيداً) منصوراً. 4 (كسرة المسلمين) وكان عسكر مصر قد خرجوا للغزاة فأقاموا ببلبيس حتى اجتمعت إليهم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 81 القوافل، وساروا في الليل، فتهيأت الفرنج لكسبهم وكمنوا لهم، ثمّ بيتوهم بأرض الحسا. فطاف الإنكلتير حول القفل في صورة بدوي، فرآهم ساكنين، فكبسهم في السَّحر بخيله ورجله، فكان الشجاع من نجا بنفسه. وكانت وقعة شنعاء لم يُصب الناس بمثلها في هذه السنين. وتبدد الناس في البرية وهلكوا، وحازت الفرنج أموالاً وأمتعة لاتحصى، وأسروا خمسمائة نفس، ونحو ثلاثة آلاف جمل محملة، فقويت نفوس الملاعين بالظفر والغنائم، وعزموا على قصد القدس. 4 (المشورة في أمر القدس) وسار كندهري إلى صور، وطرابلس، وعكا يستنفر الناس، فهيأ السّلطان القدس وحصنها للحصار، وأفسد المياه التي بظاهر القدس كلها، وجمع الأمراء للمشورة، فقال القاضي بهاء الدّين بن شداد: فأمرني أن أحثهم على الجهاد، فذكرت مايسر اللَّه تعالى، وقلت إن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد به الأمر بايع الصحابة على الموت، ونحن أول من تأسى به، نجتمع عند الصخرة، ونتحالف على الموت. فوافقوا على ذلك وسكت السّلطان طويل والناس كأن على رؤوسهم الطير، ثمّ قال الحمد لله والصلاة على رسول اللَّه. واعلموا أنكم جند الإسلام اليوم ومنعته، وأنتم تعلمون أن دماء المسلمين وأموالهم وذراريهم متعلقة في ذمتكم. وإن هذا العدو ليس له من يلقه غيركم، فلو لويتم أعنتكم، والعياذ بالله، طوى البلاد، وكان هذا من ذمتكم، فإنكم أنتم الذين تصديتم لهذا، وأكلتم بيت مال المسلمين لخفظ حوزتهم. فانتدب جوابه سيف الدّين المشطوب وقال: نحن مماليكك وعبيدك، وأنت الذي أنعمت علينا وعظمتنا، وليس لنا إلاّ رقابنا، وهي بين يديك

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 82 والله مايرجع أحد منا عن نصرتك إلى أن تموت. فقال الجماعة مثل ما قال، فأنبسطت نفس السّلطان وأطعمهم، ثمّ انصرفوا. فلما كان عشاء الآخرة اجمعنا في خدمته على العادة وسمرنا وهو غير منبسط. ثمّ صلينا العشاء وكانت الصلاة هي الدستور العام، فصلينا وأخذنا في الإنصراف فاستدعاني وقال: أعلمت ماتجدد قلت: لا.) قال: قال إن أبا الهيجا السمين تقدم الي اليوم وقال: اجتمع اليوم عنده الأمراء، وأنكروا موافقتنا على الحصار، وقالوا لا مصلحة في ذلك، فإنَّا نُحصر ويجري علينا ماجرى على أهل عكا، وعند ذلك تؤخذ بلاد الإسلام أجمع. والرأي أن نهمل مصافاً، فإن هزمناهم ملكنا بقية بلادهم، وإن تكن الأخرى سلم العسكر وذهب القدس. وقد انحفظت بلاد الإسلام وعساكرها مدة بغير القدس. وكان السّلطان رحمه الله عنده من القدس أمر عظيم لا تحمله الجبال، فشقت عليه الرسالة. وقمت تلك الليلة في خدمته إلى الصباح، وهي من الليالي التي أحياها في سبيل اللَّه. وكان مما قالوه في الرسالة: إنك إن أردتنا أن نقيم بالقدس فتكون أنت معنا أو بعض أهلك، فالأكراد لا يدينون للأتراك، ولا الأتراك يدينون للأكراد. فانفصل الحال على أن يضم من أهله الملك الأمجد صاحب بعلبك. وكان رحمه اللَّه يحدِّث نفسه بالمقام، ثمّ امتنع من ذلك لما فيه من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 83 خطر للإسلام، فلما صلينا الصبح قلت له: ينبغي أن ترجع إلى الله تعالى ن وهذا يوم جمعة، وفيه دعوة مُستجابة، ونحن في أبرك موضع. فالسّلطان يغتسل الجمعة ويتصدق بشيء سراً، وتصلي بين الأذان والإقامة ركعتين تناجي فيهما ربكن وتفوض مقاليد أمورك إليه، وتعترف بعجزك عما تصديت له، فلعله يرحمك ويستجيب لك. وكان رجمه الله حسن الإعتقاد، نام الإيمان، يتلقى الأمور الشرعية بأحسن انقياد. فلما كان وقت الجمعة صليت إلى جانبه في الأقصى، وصلى ركعتين، ورأيته ساجداً ودموعه تتقاطر. ثم انقضت الجمعة. فلما كان العشي وصلت رقعة من عز الدّين جرديك، وكان في اليزك، يقول فيها: إن القوم قد ركبوا بأسرهم، ووقفوا في البر على ظهر، ثمّ عادوا إلى خيامهم، وقد سيرنا جواسيس تكشف أخبارهم. ولما كان الغد يوم السبت، وهو الحادي والعشرين من جمادى الآخرة، وصلت رقعة أخرى تخبر أن الجواسيس رجعوا، وأخبروا أن القوم اختلفوا في الصعود إلى القدس أو الرحيل إلى بلادهم، فذهب الفرنسيسة إلى الصعود إلى القدس وقالوا: إنما جئنا بسببه فلا نرجع. وقال الأنكتير إن هذا الموضع قد أفسدت مياهه ولم يبق حوله ماء، فمن أين نشرب قالوا:

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 84 نشرب) من نهر نقوع وهو على فرس من القدس فقيل: كيف نذهب اليه قالوا: قسم يذهب إلى السقي، وقسم يبقى على البلد، فقال: إذاً يأخذ العسكر البراني الذي لهم من الذي يذهب مع الدواب، ويخرج عسكر البلد على الباقين. فانفصل الحال على أنهم حكموا ثلاثمائة من أعيانهم، وحكم الثلاثمائة اثني عشر منهم، وحكم الإثنا عشر ثلاثة منهم، وقد باتوا على حكم الثلاثة. فلما أصبحوا حكموا عليهم بالرحيل، فلم يمكنهم المخالفة ن فرحلوا ليومهم، وهو يوم السبت المذكور، نحو الرملة، ناكصين على أعقابهم. ثم نزلوا الرملة، وتواتر الخبر بذلك إلى السّلطان وكان يوم فرح وسرور. ثم ورد رسول الأنكتير في الصلح يقول: قد هلكنا نحن وأنتم، والأصلح حقن الدماء، ولاتغتر بتأخيري عن منزلتي، فالكبش يتأخر لينطح. وهذا ابن اختي كندهري قد ملكته هذه الديار، وسلمته اليك يكون بحكمك. وإن جماعة من الرهبان قد طلبوا منك كنائس، فما بخلت بها عليهم، وأنا أطلب منك كنيسة في القدس، وأنا أرسلتك به مع الملك العادل قد تركته يعني من طلبه القدس وغيرها، ولو أعطيتني قرية أو مقرعة لقبلتها. فاستشار السّلطان الأمراء، فأشاروا بالصلح لما بهم من الضجر والتعب

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 85 وعلاهم من الديون. فاستقر الحال أن الجواب ماجزاء الإحسان إلاّ الإحسان، وابن اختك يكون كبعض أولادي، وسيبلغك ماأفعل به، وأنا أعطيك أكبر الكنائس، وهي القيامة، والبلاد التي بيدك بيدك، وما بأيدينا من القلاع الجبلية يكون لنا، ومابين العملين مناصفة، وعسقلان وما وراءها يكون خراباً. فانفصل الرسول طيب القلب. ثم ورد رسوله يقول أن يكون لنا في القدس عشرون نفراً، وإن من سكن من النصارى والفرنج في القدس لا يُتعرض لهم، أما بقية البلاد فلنا منها الساحليات والوطاة، والبلاد الجبلية تكون لكم. فأجابه السّلطان بأن القدس ليس لكم فيه سوى الزيارة. فقال الرسول: وليس على الزوار شيء فقال السّلطان: نعم. وأطلق لهم بلاد عسقلان يزرعونها، وأن تكون قرى الداروم مناصفة. 4 (عمارة سور القدس) وفيها قسم السّلطان صلاح الدّين عمارة سور بيت المقدس على أخيه وأولاد أخيه. ولم يزل مُجداً في عمارتها حتى ارتفعت.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 86 4 (موت ابن المشطوب) وفيها كان خلاص سيف الدّين عليّ بن المشطوب أمير عكا من الأسر على مال قرره. ثمّ مات في آخر شوال. فعين السّلطان ثلث نابلس لمصالح بيت المقدس وباقيها للأمير عماد الدّين أحمد ابن المرحوم سيف الدّين المشطوب. 4 (أخذ الفرنج للداروم) وفيها نازل الفرنج قلعة الداروم وافتتحوها بالسيف. ثمّ كانت وقعات بينهم وبين المسلمين كلها للمسلمين عليهم، إلا وقعة واحدة كان العادل أخو السّلطان مقدمها ودهمهم العدو فهزموهم. 4 (فتح يافا وقلعتها) وفيها نزل السّلطان على يافا وأخذها بالسيف، وأخذ القلعة بالأمان ثمّ طولوا ساعات الانتقال وأمهلوا وسوفوا، حتى جاءهم ملك الأنكتير نجدة في البحر بغتة، ودخل القلعة وغدروا، فأسر السّلطان من كان قد خرج منهم، وسار إلى الرملة. 4 (الهدنة بين السّلطان والفرنج) ثم وقعت الهدنة بينه وبين الفرنج مدة ثلاث سنين وثمانية أشهر، وجعل لهم من يافا إلى قيسارية إلى عكا، إلى صور. وأدخلوا في الصلح طرابلس، وأنطاكية، واستعاد منهم الداروم ودخل في هذا الصلح وهو كاره يأكل يديه من الحنق والغيظ ولكنه عجز وكثرت عليه الفرنج. وكتب كتاب الصلح

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 87 بين الملتين في الثاني والعشرين من شعبان. ووقعت الأيمان والمواثيق على ذلك من الفريقين، ونودي بذلك. وكان في جملة من حضر عند صلاح الدّين صاحب الرملة فقال لصلاح الدّين ما عمل أحد ما عملت، إننا أحصينا من خرج إلينا في البحر من المقاتلة فكانوا ستمائة ألف رجل ما عاد منهم إلى بلادهم من كل عشرة واحد، بعضهم قتلوا، وبعضهم مات، وبعضهم غرق، وأذن صلاح الدّين في زيارة القدس للفرنج، وترددت الرسل بين السّلطان وبين الفرنج 4 (امتناع جند السّلطان عن القتال) ثم سار فنزل بالعوجا، وبلغه أن الأنكتير بظاهر يافا في نفر يسير، فساق ليكبسه، فأتى فوجد نحو عشر خيم، فحمل السّلطان عليهم فثبتوا ولم يتحركوا، وكشروا عن أنياب الحرب، فأرتاع عسكر السّلطان وهابوهم وداروا حولهم حلقة. وكانت عدة الخيل سبعة عشر، والرجال ثلاثمائة) فوجد السّلطان من ذلك وتألم، ودار على جنده ينخيهم على الحملة، فلم يجب دعاءه سوى ولده الملك الظاهر. وقال للسلطان الجناح أخو سيف الدّين المشطوب: قل لغلمانك الذين ضربوا الناس يوم فتح يافا وأخذوا منهم الغنيمة يحملون. وكان في نفوس العسكر غيظ على السلطان حيث فوَّتهم الغنيمة. فغضب السّلطان وأعرض عن القتال.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 88 وذُكر أن الأنكتير حمل يومئذٍ بُرمحه من طرف الميمنة إلى طرف الميسرة، وماتعرض له أحد. فرد السّلطان وسار إلى النطرون ثمّ إلى القدس. 4 (توثيق الهدنة) ومرض الأنكتير، وكانت رسُله تتردد في طلب الخوخ والكمثرى، وكان السّلطان يمده بذلك وبالثلج. ثم عُقدت الهدنة وتوثّق من الفريقين، فحلف جماعة من ملوك الفرنج ومن ملوك الإسلام من آل السّلطان ومن أمرائه الأعيان، وكان يوم الصلح يوماً مشهوداً، عم الفرح هؤلاء وهؤلاء. ورجع إلى القدس فتمم أسواره ودخل دمشق. 4 (مقتل سلطان الروم) وفيها قُتل سلطان الروم قلج أرسلان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 89 4 (سنة تسع وثمانين وخمسمائة)

4 (قدوم ابن شملة على الخليفة) فيها قدم عليّ ابن الأمير شملة إلى الخليفة بمفاتيح قلاع أبيه فخلع عليه. 4 (إمرة الحاجّ) وفيها ولي إمرة الحاج قطب الدّين سنجر الناصري. 4 (إعادة ابن البخاري للقضاء) وفيها أعيد إلى القضاء أبو طالب بن البخاري. 4 (مقتل بكتمر) وفيها قُتل بكتمر المتغلب على مدينة خلاط على يد الباطنية. وكان قد تسلطن وضرب لنفسه الطبل في أوقات الصلوات الخمس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 90 4 (مرض السّلطان طغرل) ) وفيها سار السّلطان طُغرل إلى الري، قتل بها ألف نفس، وعاد إلى همذان، فمرض وبطل نصفه. 4 (الخلعة على قيماز) وفيها خلع على قيماز شحنة إصبهان القادم في صُحبه مؤيد الدّين ابن القصاب وأُعطي ستة آلاف دينار، وتوجه إلى بلده وفي صحبته الأميران سنقر الطويل وإيلبا. 4 (وفاة السّلطان صلاح الدّين) وتُوفيّ السّلطان صلاح الدّين، فوصل إلى بغداد في رمضان الرسول وفي صُحبته لأمة الحرب التي لصلاح الدّين وفَرسه ودينار واحد وستة وثلاثون درهماً، لم يخلف من المال سواها. وصُحبه ذلك صليب من الذهب الأحمر كان قد أخذه من القدس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 91 4 (افتتاح مدرسة ببغداد) وفيها فُتحت المدرسة التي بُنيت ببغداد لوالدة الناصر لدين اللَّه، ودرَّس بها أبو عليّ النوقاني. 4 (فتوحات أيبك) وفيها غزا السّلطان شهاب الدّين صاحب غزنة وتقدم مملوكه أيبك بالجيوش، فأفتتح ماأمكنه، وسبا وغنم شيئاً كثيراً، ورجع سالماً. 4 (انقضاض كوكبين) قال ابن الأثير: وفيها أنقض كوكبان عظيمان واضطربا، وسُمع صوت هدَّةٍ عظيمة، وذلك بعد طلوع الفجر، غلب ضوءهما ضوء القمر وضوء النهار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 92 4 (سنة تسعين وخمسمائة)

4 (ولاية شحنكية بغداد) في ربيع الأول وليَّ مجد الدّين ياقوت الرومي شحنكية بغداد، فأقام سياسة البلد وأخلاه من المفسدين. 4 (الحرب بين ملك غزنة وسلطان الهند) وفيها كان الحرب بين السّلطان شهاب الدّين الغوري ملك غزنة وبين بنارس سلطان الهند. وذلك أن أيبك مملوك شهاب الدّين لما دخل عام أول الهند فأغار على الأطراف تنمر بنارس وغضب، وهو أكبر ملوك الهند.) قال ابن الأثير: وولايته من حد الصين إلى بلاد ملاو طولاً، ومن البحر إلى ميسرة عشرة أيام من لهاوور عرضاً، فحشد وجمع وقصد الإسلام، فطلبه شهاب الدّين بجيوشه، فالتقى الجمعان على نهر ماجون. قال: وكان مع الهندي سبعمائة فيل. وكذا قال ابن الأثير. قال: ومن العسكر على ماقيل ألف ألف نفس، ومن جملة عسكره عدة أمراء مسلمين كانوا في تلك البلاد. فصبر الفريقان، واشتد الحرب، وكان النصر لشهاب الدين، وكثر القتل في الهنود حتى جافت منهم الأرض، وأخذ شهاب الدّين تسعين فيلاً. وقتل بنارس ملك الهند، ولم يعرفه أحد، إلاّ أنه كان قد شد أسنانه بالذهب، فبذلك عُرِف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 93 ودخل شهاب الدّين بلاد بنارس وحمل من خزائنها ألفاً وأربعمائة حمل، وعاد إلى غزنة. ومن جملة الفيلة التي أخذها فيل أبيض. حدثني بذلك من راّه فلما عرضت الفيلة على شهاب الدّين خدمت جميعها إلا الفيل الأبيض فإنه لم يخدم. 4 (مقتل السّلطان طغرل) وفيها، في جمادى الأولى، وصل رسول من خوارزم شاه وصحبته ابن عبد الرشيد الذي سار في رسالة الخليفة إلى خوارزم شاه يأمره بمحاربة المارق طُغرل السلجوقي. فمرض عبد الرشيد وأحس بالموت، فأمر ولده بالمسير إلى خوارزم شاه لأداء الرسالة، فقابل الرسالة بالسمع والطاعة، وسار بجيوشه فحارب طُغرل وانتصر عليه، وهزم عساكره ونهب أمواله، وقتله، وحمل رأسه إلى بغداد وصحبة رسوله، فأبرز للقيه الموكب، وأُتي بالرأس على رُمح، ودخل قاتله وهو شابٌّ تركيّ من أمراء خُوارزم شاه. وأول كتابه: الحمد لله الذي جعل الملوك من أخلص المماليك عقيدة ونية، وأصحَّهم ولاء وعبودية، وأضفاهم سريرة وطويّة. وفيه: ولما وردت المراسم بردع ذلك المارق المنافق، أرسل المملوك داعياً له إلى الطريق اللاحب، ومشيراً عليه باعتماد الواجب، ليعود إلى طاعة

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 94 الإمام، وعارضاً عليه تجديد الإسلام، أو الاستعداد للمصافّ، والرجوع إلى حكم الاستئناف. وكان بالري، فزلف المملوك إليه في كتيبةٍ شهباء من جنود الإسلام، مقنّعة بالزَّرَد المحبوك، مُحتف بالملائكة، محفوفة بالملوك، يتألق حديدها، ويتنمر أسودها، وهي كالجبل العظيم، والليل البهيم، خلفها السباع والذفريان) وفوقها النسور والعقبان، وبين يديها شخص المنون عريان، إلى أن وافت ذلك المخذول، وهو في جيش يُعجز الإحصاء، ويضيق عنه الفضاء، فصب اللَّه عليهم الخذلان، لمّا تراءى الجمعان، وبرز الكفر إلى الإيمان، فتلا المملوك: قاتلوهم يُعذبهم اللَّه بأيديكُم. إلى أن قال: وأنقذ اللَّه حكمه في الطاغية، وعجل بروحه إلى الهاوية، وملك المملوك بلادهم. 4 (إلتجاء خوارزم شاه إلى الجبال) قال ابن الأثير: وكان الخليفة قد سير نجدة لخوارزم شاه، وسير له مع وزيره ابن القصاب خلع السلطنة، فنزل على فرسخ من همذان، فأرسل إليه خوارزم شاه بعد الوقعة يطلب إليه، فقال مؤيد الدّين ابن القصاب: ينبغي أن تحضر أنت وتلبس خلعة أمير المؤمنين من خيمتي. وترددت الرسل بينهما، فقيل لخوارزم شاه. إنها حيلة على القبض عليك. فرحل خوارزم شاه ليأخذه، فأندفع بين يديه، والتجأ إلى بعض الجبال. فامتنع به. 4 (ولاية الأستاذ دارية) وفيها عزل أبو المظفر عبيد اللَّه بن يونس من الأستاذ دارية، وحبس إلى أن مات، وولي مكانه تاج الدّين أبو الفتح بن رزين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 95 4 (قتل متولي الحلة) وفيها قبض على ألب غازي متولي الحلة وأخذت أموله، وقتل جزاء بما كذب على الأمير طاشتكين. 4 (وزارة ابن القصاب) وفي رمضان أحضر مؤيد الدّين ابن القصاب وشافهه الخليفة بالوزارة، وقال: يا محمد قد قلدتك ما وراء بابي، وجعلته في ذمتك، فأعمل فيما ترى برأيك. وخلع عليه وضُربت النوبة على بابه على قاعدة الوزراء، ثمّ توجه إلى تستر، فافتتح بلاد خوزستان. 4 (حبس ابن الجوزي) وفي شوال وقع الرضا عن أولاد الشيخ عبد القادر وأخذ ابن الجوزي إلى واسط، فحُبس بها مدة خمس سنين. 4 (السلاطين الأيوبيون وبلادهم) ) وكان سلطان مصر في هذه السنة: الملك العزيز عماد الدّين عثمان بن صلاح الدّين، وسلطان دمشق: الملك الأفضل نور الدّين عليّ بن صلاح الدين، وسلطان حلب: الملك الظاهر غياث الدّين غازي بن صلاح الدين، والكرك وناحيتها، حرَّان، والرُّها، وتلك الناحية بيد الملك العادل سيف

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 96 الدّين أبي بكر، وحماه، والمعرة، وسلمية، ومنبج بيد الملك المنصور محمد بن تقي الدّين عمر بن شاهنشاه، وبعلبك بيد الأمجد بهرام شاه بن فرخشاه، وحمص بيد المجاهد أسد الدّين شيركوه. 4 (قصد الملك العزيز دمشق) وكان الملك العادل بالكرك عند موت أخيه وهي مستقرة وحصنه، فتوجه نحو دمشق لما بلغه مجيء الملك العزيز يحاصر أخاه الأفضل، ورافقه الظاهر غازي، فأصلح بينهم عمهم، ورجع العزيز إلى مصر في رمضان من السنة الماضية. ثم إن العزيز قصد دمشق في هذه السنة في شعبان. 4 (استعادة الفرنج جبيل) وقال الأمام أبو شامة: وفيها أستعادت الفرنج حصن جبيل بمعاملة من خصي كردي. قلت: ثمّ أفتتحها الملك الأشرف بعد مائة سنة. 4 (الصلح بين الأخوين الأفضل والعزيز) قال: وفيها قدم العادل من الشرق وطلع إلى قلعة حلب وبات بها واستخلص داروم من اعتقال ابن أخيه الملك الظاهر، ثمّ قدم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 97 دمشق فأصلح بين الأخوين الأفضل والعزيز، على أن للعزيز من بيسان إلى أسوان. وقدم الظاهر، من حلب إلى دمشق، ثمّ عاد كلّ إلى بلاده. 4 (زواج العزيز من ابنة عمه) وتزوج العزيز بابنة عمه العادل. 4 (دهاء الملك العادل) قلت: وذلك من دهاء الملك العادل فإنه بقي يلعب بأولاد أخيه لعباً، فإنه قدم من حلب بصاحبها، وبصاحب حماه ناصر الدّين محمد بن عمر، وبصاحب حمص، وغيرهم، واتفقوا على حفظ دمشق. وأوضح لهم العادل بأن الملك العزيز إن ملك دمشق أخذ منكم بلادكم. 4 (المصالحة بين الأيوبيين) ) فلما رأى العزيز اجتماعهم راسل في الصلح، فاستقرت القاعدة على أن يكون له مملكة فلسطين، وهي البيت المقدس وبلادها مع مصر، على أن للعادل إقطاعه الأول بمصر، وأن يكونوا نائباً بالسلطنة بمصر. وأن للملك الأفضل دمشق والأردن، وأن للظاهر مملكة حلب مع جبلة واللاذقية. وتفرقوا على ذلك. وخرج الأفضل فودع أخاه الملك العزيز.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 98 قال العماد الكاتب: قال لي الأفضل: كنت قد فارقت أخي منذ تسع سنين، وما التقينا إلا في هذه السنة. قال: وأنشدني لنفسه في المعنى: (نظرتُكَ نظرةً من بعد تِسعٍ .......... تقضَّت بالتفرُّق من سنين)

(وغضّ الطَّرف عنها طرفٌ غدرٍ .......... مسافة قرب طرفٍ من جبين)

(فَويح الدهر لم يسمح بقربٍ .......... بُعيدُ به الهجوعَ إلى الجُفُون)

(فراقٌ ثمّ يُعبُقه بّينٌ .......... يعيدُ إلى الحشا عدم السكون)

(ولا يبدي جيوشَ القُربِ حتى .......... يرتبَ جيشَ بُعدٍ في الكمين)

(ولا يدني محلّي منك إلا .......... إذا دارت رحى الحرب الزَّبُون)

(فليتَ الدهرُ يسمحُ لي بأُخرى .......... ولو أمضى بها حُكمَ المنون) فقلت: لله درك ما أبدع هذا المعنى، فكاتب أخاك بما فيه استعطاف. 4 (الإفساد على الأفضل) قال العماد: فلو ترك الأفضل وفطنته الذكية، لجرت الأمور على السداد، ولكن أصحابه وجلساءه أفسدوا أحواله، ورموا أكابر أمرائه بالمكاتبة والخيانة، فوقعت الوحشة، وقالوا له: أنت أحق بالسلطنة، وأنت أكبر الأخوة، وأنت ولي عهد أبيك. فتفرق عنه كبراء دولته، وتوجهوا إلى العزيز فكان إذا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 99 قدم منهم أمير بالغ في إكرامه، فأخذوا يحرضون العزيز على قصد دمشق. وأقبل الأفضل مع هذا على الشرب والأغاني ليله ونهاره، وأشاع ندماءه أن عمه العادل حضر عنده ليلة، وحسن له ذلك واستحسن المجلس، وقال: أي حاجةٍ لك إلى التكتم، ولا خير في اللذات من دونها ستر. فقبل وصية عمه وتظاهر. ودبر وزيره الأمور برأيه الفاسد. ثم إن الأفضل أصبح يوماً تائباً من غير سبب، وأراق الخمور، وأقبل على الزهد، ولبس الخشن) وأكثر التعبد. وواظب على صيام أكثر الأوقات، وشرع في نسخ مصحف، وضرب أواني الشرب دراهم ودنانير، واتخذ لنفسه مسجداً وجالس الفقراء. قال ابن واصل، وغيره: ولكنه كان قليل السعادة، ضعيف الآراء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 100 5 (بسم اللَّه الرحمن الرحيم)

5 (اياك نعبدُ وإياك نستعين)

5 (الطبقة التاسعة والخمسون وفيات)

1 (سنة إحدى وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن سالم بن نبهان.) أبو سعيد الأسدي، المطَّوعي، القاضي. حدث في هذا العام بالإجازة ببغداد عن: أحمد بن محمد الزَّنجونيّ. روى عنه: أحمد بن محمود الواسطي. ومولده سنة خمسمائة. 4 (أحمد بن محمد بن عبدالله بن أحمد.) أبو العباس بن اليتيم الأنصاري، البلنسيّ، الأندرشي المقرىء. أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن موهب الجذامي، وأبي عليّ بن عُريب، وأبي اسحاق بن صالح، وأبي العباس بن العريف، وجماعة لقيهم بالمرية وسمع منهم. ومن: ابن ورد، وابن عطية، وابن اللوّاز. وأجاز له أبو عليّ بن سُكرة. وتصدَّر للإقراء بمالقة، وأخذ الناس عنهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 101 قال الأبّار: ثنا عنه: ابنه أبو عبدالله وأبو القاسم بن بقيّ، وأبو الخطاب الرملي. وتُوفي في رمضان بالمريَّة. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن عليّ بن الطيبيّ.) أبو العباس المعدل، والد الوزير أبي المظفر عُبيد اللَّه. سمع من: المعمر بن محمد البيع. وقاضي المرستان. وحدَّث.) 4 (إبراهيم بن محمد بن منذر بن أحمد بن سعيد بن ملكون.) الأستاذ أبو إسحاق الحضرمي، النحوي، الإشبيلي. سمع من: أبي مروان الباجي، وشُريح بن محمد، وعبّاد بن سرحان، وأبي الوليد بن حجَّاج، وأبي القاسم بن الرمال، وعنهما أخذ علم العربية والآداب فرأسَ فيهما وبرع. وأجاز له أبو الحسن بن مغيث، وجماعة. واشتهر اسمه وصنف ايضاح المنهج جمع فيه بين كتابي ابن جنّي على الحماسة التنبيه و المبهج، وصنَّف غير ذلك. أخذ عنه جماعة من الجلة، وأجاز لأبي سليمان بن حوط اللَّه. وتُوفي بإشبيلية، ودُفن بداره. حَمل عنه: أبو عليّ الشلوبين، والقاضي أبو مروان الباجيّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 102 4 (إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف.) من ولد حُميد بن عبد الرحمن بن عوف. صدر الإسلام أبو الطاهر القرشي الزُّهريّ الإسكندريّ، الفقيه المالكي. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وتفقه على أبي بكر الطرطوشي، وبرع في المذهب وأقرأ الناس، وتخرج به جماعة. وسمع من: الطرطوشي، وأبي عبد اللَّه محمد بن أحمد الرازي. كتب عنه الحافظ أبو طاهر بن سِلفه وهو من شيوخه. وحدَّث عنه: الحافظ عبد الغني المقدسي، وعبدالقادر الرُّهاوي، وعلي بن المفضل، وآخرون، وأحفاده الحسن وعبد اللَّه وعبد العزيز بنو الفقيه عبد الوهاب وله. ورحل إليه السّلطان صلاح الدّين يوسف، وسمع منه الموطأ. تُوفي رحمه اللَّه في الخامس والعشرين من شعبان. 4 (حرف الباء)

4 (بهلوان بن إلدِكز.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 103 الأتابَك شمس الدّين صاحب أذربيجان وعراق العجم إصبهان، والرّي، وبلاد أرّان. كان أبوه الأتابك إلدكز كبير القدر، وكان أتابك السّلطان رسلان شاه بن طُغريل بن محمد بن) ملكشاه، فمات هو وسلطانه في سنة سبعين وخمسمائة، فتملك البهلوان إلى أن مات في آخر هذا العام، وقام بعده أخوه الملك قزل من أمه، فبقي إلى أن مات سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة. وكان البهلوان قد أقام في الملك طغريل بن أرسلان شاه آخر ملوك بني سلجوق، فكان من تحت حكم البهلوان. وخلف البهلوان فيما قيل خمسة آلاف مملوك وثلاثين ألف دابّة، ومن الأموال ما لا يُحصى. ثم قوي طُغريل وتحارب هو وقزل، وجرت أمور طويلة. 4 (حرف الثاء)

4 (ثعلب بن عليّ بن حسن.) أبو الوحش الأنصاري، المصري، الكاتب. روي عن: عبد اللَّه بن رفاعة، وأحمد بن الحُطيئة. وعنه: الحافظ ابن المفضل. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن سعيد بن أحمد بن البنّا.) أبو محمد. من بيت الحديث والإسناد. قد ذكرناه في سنة اثنتين وسبعين. وبعض الناس ذكر أنه مات في هذا العام في شعبان، فالله أعلم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 104 4 (حياة بن قيس بن رحّال بن سلطان.) الأنصاري، الحراني، الزاهد، شيخ حران وصالحها، قُدوة الزهاد بها. كان عبداً صالحاً، سكاناً، قانتاً لله، صاحب أحوال وكرامات، وصدق وإخلاص، وجدٌّ واجتهاد، وتعفُّف وانقباض. كانت الملوك والأعيان يزورونه ويتبرَّكون بلقائه. وكان كلمة إجماع بين بلده. وقيل إن السّلطان نور الدّين بن زنكي زاره واستشاره في جهاد الفرنج، فقوّى عَزمه ودعا له، ولما توجَّه السّلطان صلاح الدّين إلى حرب صاحب الموصل دخل على الشيخ حياة وطلب منه الدُّعاء، فأشار عليه بترك المسير إلى الموصل، فلم يقبل، وسار إليها فلم يظفر بها. ومن شيوخه: أبو عبد الله الحُسين البواري الرجل الصالح تلميذ الشيخ مُجلّي بن ياسين.) وللشيخ حياة سيرةٌ في نحو مجلَّد كانت عند ذريته، فلما استولت التتار الغازانية على الشام نُهب بالصالحية. وقد بَلَغَنا عنه أنه كان ملازماً بحرّان نحواً من خمسين سنة لم تَفُته الجماعة إلا من عُذرٍ شرعيَ. وكان بشوش الوجه، لين الجانب، رحيم القلب، سخياً كريماً، محباً لله تعالى، راجياً عفوه وكرمه، صاحبَ ليلٍ وتهجُّد. انتقل إلى اللَّه تعالى في ليلة الأربعاء سلخ جُمادى الأولى سنة إحدى

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 105 وثمانين هذه، وله ثمانون سنة رحمه اللَّه، ولم يخلف بحران بعده مثله. نقلتُ كثيراً من ترجمته من تاريخ صاحبنا العدل الجليل شمس الدّين أبي المجد محمد بن ابراهيم ابن الجزري، وهو تاريخ مفيد استفدت منه أشياء مطبوعة لا تكاد توجد إلا فيه. وقد كنت انتخبتُ منه مجلداً هو الآن ملك الفقيه المحدّث الأوحد صاحبنا صلاح الدّين خليل بن كيكلدي الشافعي، حفظه اللَّه وأصلحه. 4 (حرف السين)

4 (سعد الدين.) ولد الأمير مقدم الجيوش معين الدّين أنر، اسمه مسعود. كان من أكابر الأمراء النورية والصلاحية لأبوته ولمكان أخته الخاتوت زوجة نور الدّين وصلاح الدّين. توفي في هذه السنة بعد أخته بيسير. وكان زوج ربيعة خاتون أخت السّلطان صلاح الدّين، فتزوج بعده بها ابن صاحب اربل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 106 4 (سعيد بن أبي البقاء الموفق بن عليّ بن جعفر.) أبو محمد النسابوري،. ثمّ البغدادي، الصوفي، الخازن. صحب شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد، وكان برباطه. وُلد سنة خمس وخمسمائة، وسمع: هبة اللَّه بن حصين، والحسين بن الفرخان السمناني. روى عنه: ابنه محمد، وعبد العزيز بن دلف، وجماعة. 4 (حرف الشين)

4 (شاكر بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه) ) الرئيس ابو اليسر التنوخي، المعري، ثمّ الدمشقي، كاتب الإنشاء. كان أديباً فاضلاً، جليلاً، ذكياً، شاعراً قرأ الأدب على جده القاضي أبي المجد محمد بن عبد اللَّه بحماه. وسمع من أبي عبد اللَّه الحسين بن العجمي، وغيره. وحدث. وولد بشيزر في سنة ست وتسعين وأربعمائة. روى عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر مع تقدمه، وهو جد المحدث تقي الدّين إسماعيل. وكان كاتب إنشاء ديوان الملك نور الدين. وروى عنه أيضاً: ابنه إبراهيم، وأبو القاسم بن صصرى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 107 4 (شاه أرمن.)

4 (صاحب مملكة خلاط.) توفي بها في تاسع ربيع الآخر، وتملك بعده مملوكه بكتمر. 4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه) أبو طالب ابن النقيب الطاهر أبي عبد اللَّه أحمد بن عليّ بن المعمر العلوي، الحسني، البغدادي، النقيب. ولي النقابة بعد أبيه، وله شعر جيد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 108 4 (عبد اللَّه بن أسعد بن عليّ بن عيسى.) مهذب الدّين أبو الفرج ابن الدهان، الموصلي، الفقيه، الشافعي، الأديب، الشاعر. ويعرف أيضاً بالحمصي. له ديوان صغير كان مجموع الفضائل. لما ضاقت به الحال بالموصل وعزم على قصد الملك الصالح طلائع بن رزيك وزير مصر، كتب إلى الشريف ضياء الدّين زيد بن محمد نقيب الموصل: (وذات شجو أسال البين عبرتها .......... باتت تؤمل بالتقييد إمساكي)

(لجت فلما رأتني لا أصيخ لها .......... بكت فأقرح قلبي جفنها الباكي)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 109 (قالت وقد رأت الأجمال محدجة .......... والبين قد جمع المشكو والشاكي:) ) (من لي إذا غبت في ذا المحل قلت لها .......... اللَّه وابن عبيد اللَّه مولاك) فقام النقيب بواجب حقها مدة غيبته بمصر. ومدح ابن رزيك بالقصيدة الكافية التي يقول فيها: (أأمدح الترك أبغي الفضل عندهم .......... والشعر ما زال عند الترك متروكا)

(لانلت وصلك إن كان الذي زعموا .......... ولا شفا ظمأي جود ابن رزيكا) ثم تقلبت به الأحوال، وتولي التدريس بحمص. ثمّ قدم على السّلطان صلاح الدّين، فأحسن إليه، وله فيه مدائح جيدة. ومن شعره: (يضحى بجانبي مجانبة العدى .......... ويبيت وهو إلى الصباح نديم)

(ويمر بي يخشى الرقيب فلفظه: .......... شتمٌ، وغنجُ لحاظه تسليم) وله: (قالوا: سلا، صدقوا، عن السل .......... وان ليس عن الحبيب)

(قالوا: فلم ترك الزيا .......... رة قلت: من خوف الرقيب)

(قالوا: فكيف يعيش مع .......... هذا فقلت: من العجيب)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 110 ومن شعره: (تردي الكتائب كتبه فإذا انبرت .......... لم تدرِ أنفذ أَسطراً أم عسكرا)

(لم يُحسِن الإتراب فوق سُطورها .......... إلاّ لأنّ الجيش يعقد عثيرا) وقال جمال الدّين القفطي: ابن الدهان نحوي، أديب، شاعر، قدم الشام صحبة أبي سعد بن عصرُون، وكان يلزم درسه ثمّ إنه ولي التدريس بحمص. تُوفي في شعبان بحمص. 4 (عبد اللَّه بن سماقة.) قِوام الدّين أبو محمد، وزير ابن قُرا رسلان. دخل عليه في ثامن رمضان مماليك مخدومة فطلبوه إلى الخدمة فجاء ودخل في الدهليز، فأغلقوا الباب الذي دخل منه، والباب الذي من جهة الأمير وقتلوه، وأخرجوه. 4 (عبد اللَّه بن محمد بن أبي عُبيد.) ) البكري، القرطبي، أبو عُبيد. روى عن: جعفر بن مكيّ، وأبي جعفر البطروجي، وغيرهما. وكان من أهل المعرفة باللغة والأدب. وكان جده أبو عُبيد عبد اللَّه بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 111 عبد العزيز من مفاخر الأندلس. وهذا أخذ عنه: أبو القاسم بن بقيّ، وأبو القاسم الملاحي، وابنا حوط الله. وتُوفي بقرطبة عن أربع وسبعين سنة في جمادى الأولى، قاله الأبّار. 4 (عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن حسين بن سعيد.) أبو محمد الحافظ الأزديّ، الإشبيلي، ويُعرف أيضاً بابن الخرّاط. روى عن: شريح بن محمد، وأبي الحكم بن برجلان، وعمر بن أيوب، وأبي بكر بن مدير، وأبي الحسن طارق وطاهر بن عطية. وأجاز له محدث الشام أبو القاسم بن عساكر، وغيره. ونزل بجاية وقت فتنة الأندلس بانقراض الدولة اللمتونية، فبث علمه بها. وصنف التصانيف، وولي الخطبة والصلاة بها. قال الأبار: وكان فقيهاً، حافظاً، عالماً بالحديث وعلله، عارفاً بالرجال، موصوفاً بالخير، والصلاح، والزهد، والورع، ولزوم السنة، والتقلل من الدنيا، مشاركاً في الأدب وقول الشعر. وقد صنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى. سبقه إلى مثل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 112 ذلك أبو العباس بن أبي مروان الشهيد بلبلة، فحظي عبد الحق دونه وله الجمع بين الصحيحين مصنف. وله مصنف كبير في الجمع بين الكتب الستة. وله كتاب في المعتل من الحديث، وكتاب في الرقائق، ومصنفات أخر. وله في اللغة كتاب حافل ضاهى به كتاب الغريبين للهروي. حدثنا عنه جماعة من شيوخنا. ولد سنة عشرٍ وخمسمائة. وتوفي رحمه اللَّه ببجاية بعد محنةٍ من قبل الوفاة في ربيع الآخر. ومن شعره: (واهاً لدنيا ولمغرورها .......... كم شابت الصفو بتكديرها) ) (أي امرىء أمن في سربه .......... ولم ينله سوء مقدورها)

(وكان ذا عافيةٍ جسمه .......... مَن مس بلواها وتغييرها)

(وعنده بلغة يومٍ فقد .......... حيزت إليه بحذا فيرها) سمع من ابن عطية صحيح مسلم عن محمد بن بشر، عن الصدفي، عن العذري، نازلاً. وذكر ابن فرتون أن وفاته كانت سنة اثنتين وثمانين. وقال: حدثني عنه أبو ذر، وأبو الحجاج ابن الشيخ، وأبو عبد اللَّه بن ينيمش. وحدثني أبو العباس العزفي، بسبتة: كتب إلي عبد الحق: ثنا عبد العزيز بن خلف بن مدير، نا أبو العباس العذري، نا محمد بن روح بمكة، نا الطبراني فذكر حديثاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 113 ومن شعره رحمه تعالى: (إن في الموت والمعاد لشغلاً .......... وادكاراً لذي النهى وبلاغا)

(فاغتنم خطتين قبل المنايا: .......... صحة الجسم يا أخي والفراغا) قلت: وروى عنه أبو الحسن عليّ بن محمدالمعافريّ خطيب الأندلس. 4 (عبد الرحمن بن إسماعيل بن جعفر بن أحمد بن صولة) أبو القاسم المصري، المالكي، الكاتب المعدل. حدث عن الفقية سلطان بن أبراهيم المقدسي. وتوفي في ذي القعدة. 4 (عبد الرحمن بن أيوب بن تمام. أبو القاسم الأنصاري، المالقي. روى عن: أبي بكر بن) العربي، وأبي الحسن شريح، وأبي جعفرالبطروجي، وجماعة. وكان عالماً بالعربية، واللغة، والاّداب، مبرزاً فيها، مع مشاركة في الفقة والحديث. استوطن دانية وأقرأ بها العربية، وأسمع الحديث. روى عنه جماعة. وتوفي في شوال. قاله الأبار. 4 (عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن أحمد بن أصبغ بن الحسين بن سعدون بن رضوان بن فتوح.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 114 الإمام الحبر لأبو القاسم، وأبو زيد، ويقال أيضاً أبو الحسن، ابن الخطيب أبي محمد ابن الخطيب أبي عمر بي أبي الحسن الخثعمي السُّهيلي، الأندلسي المالقي، النحوي، الحافظ، صاحب المصنفات. أخذ القراءآت عن: سليمان بن يحيى، وبعضها عن: أبي عليّ منصور بن الخير.) وسمع: أبا عبد اللَّه المعمر، وأبا بكر بن العربي، وأبا عبد الله بن مكي، وأبا عبد الله بن نجاح الذَّهبي، وجماعة. وأجاز له أبو عبد الله ابن أخت غانم، وغيره. وناظرَ على أبي الحسين بن الطَّبر في كتاب سيبويه وسمع منه كثيراً من كتب اللغة والآداب. وكفَّ بصره وهو ابن سبع عشرة سنة. وكان عالماً بالقراءات، واللُّغات، والغريب، بارعاً في ذلك. تصدَّر للإقراء والتدريس والحديث. وبعُدَ صيته، وجلَّ قدره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 115 جمع بين الرواية والدراية، وحمل الناس عنه وصنَّف الروض الأنُف في شرح السيرة لابن إسحاق، دل على تبحره وبراعته. وقد ذكر في آخره أنه استخرجه من نيفٍ وعشرين ومائة ديوان. وللسُّهيلي في ابن قرقول: (سَلا عن سَلا أهل المعرف والنُّهى .......... بها ودعا أمَّ الرباب ومأسلا)

(بكيت دماً أزمان كان بسبتة .......... فكيف التأسي حين منزله سَلا)

(وقال أناسٌ: إنَّ في البعد سلوةً .......... وقد طال هذا البعد والقلب ما سلا)

(فليت أبا اسحاق إذ شطَّت النوى .......... تحيته الحسنى مع الريح أرسلا)

(فعادت دبُور الريح عندي كالصِّبَى .......... لدى عمر إذا مر زيد تنسلا)

(وقد كان يُهديني الحديث معنعناً .......... فأصبح موصول الأحاديث مُرسلا) وله كتاب التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء الأعلام، وكتاب شرح آية الوصية، و شرح الجُمل ولم يتمه. واستدعي إلى مراكش ليسمع بها. وبها تُوفي في الخامس والعشرين من شعبان هو والإمام أبو الطاهر إسماعيل بن عوف شيخ الإسكندرية في يوم واحد، وعاش ثنتين أو ثلاثاً وسبعين سنة. قال ابن خلكان: فتُّوج جدهم هو الداخل إلى الأندلس، سمع منه أبو الخطاب بن دحية. وقال: كان ببلده يتسوغ بالعفاف، ويتبلغ بالكفاف، حتى نما خبره إلى صاحب مراكش، فطلبه وأحسن إليه، وأقبل عليه. وأقام بها نحواً من ثلاثة أعوام. وسُهيل قرية بالقرب من مالقة سُميت بالكوكب لأنه لا يُرى من جميع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 116 الأندلس إلا من جبلٍ) مُطلّ على هذه القرية. ثم وجدت على كتاب الفرائض للسُّهيليّ أنه ولد بإشبيلية سنة ثمان وخمسمائة، وأنه وُلي قضاء الجماعة، فحسنت سريته. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن علي.) أبو القاسم السبيي، ثم المصري الرجل الصالح المعروف بابن نُخيسة الجيار. وُلِد سنة ثمانٍ وخمسمائة. وسمع من: سلطان بن إبراهيم المقدسي وأجاز له محمد بن عبد الله بن الحسن بن طلحة التنيسي ابن النّخّاس. روي عنه المصريون. قال الحافظ زكي الدّين المنذري: ثنا عنه جماعة من شيوخنا. وسبيه: مثل صبية بباء موحدة، من قُرى عسقلان، ونُخيسة والنّخّاس: بنون ثم خاء معجمة فيها. والجيار: بجيم، ثم ياء آخر الحروف. 4 (عبد الرحمن بن عليّ بن عبد الرحمن بن عباس.) أبو القاسم، أبو محمد الجذاميّ المقرىء، نزيل سبتة. روى عن: أبي الحسن بن مغيث، وأبي عبد اللَّه بن مكي، وأبي الحسن شُريح وقرأ عليه القرآن، وعلى أبي القاسم بن رضا. وتصدر للإقراء والتحديث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 117 حدَّث عنه: أبو سليمان، وأبو محمد ابنا حوط اللَّه، وأيوب بن عبداللَّه، وغيرهم. 4 (عبد الرزاق بن نصر بن السّلم بن نصر.) أبو محمد، وأبو مسلم الدمشقي، النجار، البناء. سمع من: أبي طاهر محمد بن الحسين الحنائي، وأبي الحسن بن الوازيني، وهبة اللَّه ابن الأكفاني، وأبي عبداللَّه محمد بن عليّ بن أبي العلاء، وأبي الحسن بن مسلم الفقيه، وعبد الرحمن بن صابر. ولد في سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة. وتًوفي في سادس ربيع الآخر. روى عنه: عبد القادر الرهاوي، وعبداللَّه بن الخُشوعي، وأبو المعالي أحمد بن الشيرازي،) والشمس محمد بن عبد الهادي المقدسي، والأمين أبو الغنائم سالم بن صصرى، والتاج محمد بن أبي جعفر القرطبي، وآخرون. 4 (عبد الصمد بن الحسين بن أبي الوفاء عبد الغفار.) أبو المظفر الكلاهيني، الزنجاني، الصوفي، الواعظ المعروف بالبديع. وعظ ببغداد دهراً، وأخذ الوعظ أبي النحيب السهروردي وصحبه. وحدث ب مسند أحمد كله عن ابن الحُصين. وروي أيضاً عن: زاهر الشحاميّ. قال ابن الدَّبيثي: وكان له رباط بقراح القاضي يجلس فيه، وعنده جماعة من الفقراء. قلت: وقرأ عليه الحفاظ أبو بكر الحازمي المُسند.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 118 وتوفي في ربيع الآخر. وكان ذا تعبدٍ وتألهٍ. 4 (عُبيد اللَّه بن عبداللَّه بن محمد بن نجا بن شاتيل.) أبو الفتح البغدادي، الدّباس. سمع: أباه، والحسين بن عليّ بن البسريّ، وأبا غالب محمد بن الحسن الباقلاني، وأحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا الحسن بن العلاف، وأنفرد عنهم سوى أبيه وأبا سعد بن خُشيش، وأبا القاسم عبي بن الحسن الربعي، وأُبيا النرسي، وأبا عليّ النبهان، وطائفة. ووجد سماعه منقولاً بخط أبي بكر بن كامل على جزء الإفك، من أبي الخطاب بن البطر سنة تسعين وأربعمائة، فسمعه عليه قوم، فإن كان سماعه صحيحاً فتاريخه غلط، وإن كان تاريخه صحيحاً فيكون لأخ له باسمه مات. قال ابن النجار: مع أن أكثر أصحاب الحديث أبطلوا سماعه من ابن البطر، فإنه ذكر أن مولده سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. وقال بعضهم عنه إنه وُلد سنة تسع وثمانين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني مع تقدمه، وابن الأخضر، والشيخ الموَّفق، والبهاء عبد الرحمن، والعز محمد ابن الحافظ، وأبوه، وسالم بن صصرى، ومحمد بن أبي بكر الحمامي، ومحمد بن عليّ بن بقاء السباك، وفضل اللَّه الجيليّ، وخلق كثير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 119 وكان مُسند بغداد في عصره. وآخر من روى عنه بالإجازة الزين أحمد بن عبد الدائم. قال أبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي: سألته عن مولده فقال: في ذي الحجة سنة إحدى) وتسعين وأربعمائة. وتوفي في العشرين من رجب. ووقع له حديثٌ بينه وبين أبي داود السجستاني، فيه ثلاثة أنفس. 4 (عُبيد اللَّه بن عليّ بن غلندة.) أبو الحكم الأندلسي، مولى بني أمية. نزل إشبيلية، وكان شاعراً، طبيباً، ماهراً، بارع الخط. نقل خطّه الكثير. وطال عُمره. وتُوفي بمراكش. 4 (عساكر بن عليّ بن إسماعيل بن نصر.) أبو الجيوش المصري المولد، الخندقي المنشأ، المصريّ المقرىء، النحوي، الشافعي، المعدل. ولد سنة تسعين وأربعمائة، وأخذ القراءآت عن: أبي الحسين أحمد بن محمد بن شمول المقرىء، وعلي بن عبد الرحمن بن القاسم الحضرمي نفطويه، وأبي إسحاق إبراهيم بن أغلب النحوي، والشريف الخطيب. وسمع من: محمد بن أحمد الرازي. وتفقَّه على قاضي القضاة مُجلِّي بن جُميع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 120 وقرأ العربية على ابن بري، وغيره. وتصدَّر للإقراء بدار العلم وبالجامع الظافري. وانتفع به الناس. أخذ عنه علم الدّين السخاوي، وجماعة. وتُوفي في تاسع المحرَّم. وكان صالحاً خيِّراً. 4 (عصمة الدين.) الخاتون المحترمة بنت الأمير معين الدّين أنز. زوجة السّلطان نور الدين، ثم زوجة السّلطان صلاح الدّين في سنة اثنتين وسبعين، وكانت من أعف النساء وأجلّهن، وأوفرهنّ حشمةً. وهي واقفة المدرسة الخاتونية بمحلة حجر الذهب بدمشق، والخانقاه الخاتونية التي على بانياس. أما الخاتونية التي في آخر الشُرف القبلي فمنسوبة إلى زُمُرُّد خاتون بنت جاولي أخت الملك دُقاق لأمّه، وزوجة أتابك زنكي والد نور الدين. تُوفيت عصمةُ الدّين بدمشق في ذي القعدة، وتُعرف بالخاتون العصمية، ودفنت بتربتها المنسوبة إليها بقاسيون قبلي قبة شركس. ومنارتها كلها حجر. 4 (عمر بن عبد المجيد بن عمر بن حسين.) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 121 أبو حفص القرشيّ، العبدري، الميانشي، شيخ الحرم. حدَّث عن: القاضي أبي المظفَّر محمد بن عليّ بن الحسين الشيباني الطبري، وأحمد بن معد الإقليشي، ومحمد بن عليّ المازري، وأبي طاهر السلفي. ولقي أبا عبد الله محمد بن أحمد الرازي وفرَّط به، فأكثر ما عمل أنه تناول منه سُداسياته. روى عنه: عبد الرحمن بن أبي حًرمي، وجماعة. وآخر من حدَّث عنه صدر الدّين أبو عليّ البكري. توفي بمكة في جمادى الأولى. وكان محدثاً متقناً صالحاً، صنَّف جزءاً في ما لا يسمع المحدث جهله. 4 (حرف الفاء)

4 (الفضل بن الحسين بن إبراهيم بن سليمان.) أبو المجد الحميري، البانياسي، الرئيس عفيف الدين. من كبار شيوخ دمشق. وُلد بها في رجب سنة خمسٍ وتسعين وأربعمائة. وهو آخر من حدَّث عن أبي القاسم الكلابي. وحدث أيضاً عن: أبي الحسن عليّ، وأبي الفضل محمد ابني الحسن بن الموازيني، وغيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 122 روى عنه: موفق الدّين الحنبليّ، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ الضياء، وعبد الرحمن بن أبي حَرميّ المكي، وآخرون. وتوفي في سابع شوال. ولم يكن من بانياس، وإنما خزن مرةً رُزاً كثيراً من بانياس، فكان الرزازون يقول أحدهم: إذهبوا بنا نشتري من البانياسي. وإليه يُنسب الدَّرب الذي في الكتانيين. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن عبد الملك أسد الدّين شيركوه بن شاذي بن مروان.) الملك القاهر ناصر الدين، صاحب حمص، ابن عم صلاح الدّين. تُوفي بحمص يوم عرفة، وقت الوقفة، بمرضٍ حادٍ مزعج، وتملَّك حمص بعده ولده الملك المجاهد أسد الدّين شيركوه فطالت أيامه. وكان السّلطان صلاح الدّين قد مرض في هذه السنة بحران في شوال حتى اشتد مرضه) وأوصى، فسار من عنده ناصر الدّين محمد واجتاز بحلب، وأخذ جماعة من الأحداث وأعطاهم مالاً ووعدهم، وقدِم حمصَ فكاتب أهل دمشق بأن تكون له دمشق إن مات ابن عمه. ثم عوفي صلاح الدّين. وقيل إنه سكر فقتله الخمر، وقيل ابن عمه سقاه سُمّاً، ونقلته زوجته بنت عمه ست الشام بنت أيوب إلى تربتها بمدرستها الشامية بظاهر دمشق، ودفنته عند أخيها شمس الدولة تورانشاه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 123 وكان موصوفاً بالشجاعة والإقدام، له نفسٌ أبيه، وهمة ايوبية. قال ابن واصل: شرب جمراً فأكثر منها فأصبح ميتاً. فقطع السّلطان لولده الملك المجاهد وله اثنتا عشرة سنة، فتملك حمص بضعاً وخمسين سنة. وذكر العماد الكاتب أن التركة بلغت ما قيمته ألف ألف دينار. 4 (محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب بن الحسين بن علي.) الحافظ أبو سعد الإصبهاني، الصائغ. ولد سنة سبع وتسعين وأربعمائة. وسمع من: أبي القاسم غانم البرجي، وأبي عليّ الحداد، وحمزة بن العباس العلوي، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وصاعد بن سيار الدهان، وأبي عدنان محمد بن عبد الواحد الدقاق، وطائفة. ورحل إلى الجبال، وفارس، وخوزستان. وسمع بهمذان من: جُميع بن الحسن، وأبي طاهر محمد بن عبد الغفار، وأبي جعفر محمد بن أبي عليّ الحافظ. سمع بشيراز من: أبي منصور عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الخطيب، وأبي الفتح هبة اللَّه بن الحسن، وجماعة. وسمع بالأهواز من: أبي القاسم عبد العزيز بن الحسن. وحدث وخرج. وقد كتب عنه من أماليه الحافظ أبو سعد السمعاني. وروى عنه: الحافظ عبد الغني، والفقيه أبو نزار ربيعة اليمني. وبالإجازة: كريمة، وابن اللَّتّي. وتُوفي في الثاني والعشرين من ذي القعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 124 4 (محمد بن عليّ بن محمد.) أبو الفوارس، العجلي، اليعقوبي.) ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وسمع من: محمد بن طراد، وعلي بن الصباغ. وحدَّث. 4 (محمد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر بن محمد.) الحافظ الكبير أبو موسى المديني، الإصبهاني. صاحب التصانيف وبقية الأعلام. وُلد في ذي القعدة سنة إحدى وخمسمائة. وسمع حضوراً في سنة ثلاثٍ باعتناء والده من: أبي سعد محمد بن محمد الطرِّز، ومات المطرز في شوال سنة ثلاثٍ وخمسمائة. وسمع من: أبي منصور محمد بن عبد اللَّه بن مندويه الشُّروطي، وغانم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 125 البرجي، وأبي عليّ الحداد، وأبي الفتح محمد بن عبد الله خورست، وأبي الفتح محمد بن عبد اللَّه الشرابيّ بِليزة، وأبي الرجاء محمد بن أبي زيد الجرداني، ومحمد بن أحمد بن ألمطهر العدناني، وأبي الفضل محمد بم طاهر الحافظ، ومحمد بن الفضل القرابي القصار، وأبي الرجاء أحمد بن عبيد اللَّه بن مندة، وإبراهيم بن أبي الحسين محمد بن أبرويه، وإبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر الصالحاني، وإسماعيل بن الفضل الإخشيد، وأبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ وبه تخرَّج وهو أستاذه، وإسحاق بن أحمد الراشتيناني، وتميم بن عليّ الواعظ، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وحمزة بن العباس العلوي، وأبي شكر حمد بن عليّ الحبال، وجيب بن أبي مسلم الزاهد، ورجا بن إبراهيم الخباز، وطلحة بن الحسين الصالحاني، وطاهر بن أحمد البزار، وأبي نهشل بن عبد الصمد بن أحمد العنبري، وعبد الكريم بن عليّ بن فورجة، وعبد الواحد بن محمد الدشتج، وعثمان بن عبد الرحيم اللبيكي النيسابوري، وعلي بن عبد اللَّه النيسابوري الواعظ يرويان عن أبن مسرور وغانم بن عليّ العطار مشكة، ومحمود بن إسماعيل الصيرفي الأشقر، ونصر بن أبي القاسم الصباغ، ونوشروان بن شيرزاد الديلمي، وهبة اللَّه بن الحسن الأبرقوهي، وهبة اللَّه بن الحصين، سمع منه المسند وهبة اللَّه بن الطير الحريري، وهادي بن إسماعيل العلوي، والهيثم بن محمد المعداني، ويحيى بن عبد الوهاب بن مندة الحافظ، وخجسته بنت عليّ بن أبي زر، ودعجاء بنت أبي سهل الكادغي، وفاطمة الجوزدانية، وأبي) العز بن كادش، وخلق كثير ببلده، وببغداد، وهمذان. وصنف التصانيف النافعة. وكان واسع الدائرة في معروفة الحديث، وعلله، وأبوابه، ورجاله، وفنونه، ولم يكن في وقته أحد أحفظ منه، ولا أعلم، ولا أعلى سنداً ممن يعتني بهذا الشأن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 126 قال ابن الدبيثي: عاش حتى صار أوحد وقته وشيخ زمانه إسناداً وحفظاً. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت منه وكتب عني، وهو صدقة صدوق. قلت: وروى عنه: الحافظ محمد بن مكي، وعبد العظيم بن عبد اللطيف الشرابي، والحسن بن أبي معشر الإصبهاني، والناصح بن العنبلي، وأبو نجيح محمد بن معاوية مقرىء إصبهان، وخلق كثير. وبالإجازة: الفقيه محمد اليونيني، وعبد اللَّه بن الخشوعي، وآخرون. وكانت رحلته إلى أبن الحصين سنة أربع وعشرين وخمسمائة. ثم قَدم بغداد ثانياً اثنتين وأربعين، وعاد إلى بلده وأقبل على التصنيف والإملاء وتعليم العلم والأدب. ومن مصنفاته الكتاب المشهور في تتمة معرفة الصحابة الذي ذيّل به على أبي نعيم، يدل على تبحره وحفظه، وكتاب الطوالات مجلدان، وكتاب تتمة الغريبين يدل على براعته في اللغة والغريب، وكتاب الوظائف، وكتاب اللطائف وكتاب عوالي التابعين، وغير ذلك. وعرض من حفظه كتاب علوم الحديث للحاكم على إسماعيل الحافظ. (سقط: قال الحافظ عبد القادر إن أبا موسى حصل من المسموعات بإصبهان خاصة ما لم يحصل لأحد في زمانه فيما أعلم، وانضم إلى كثرة مسموعاته الحفظ والإتقان. وله التصانيف التي أربى فيها على تصانيف بعض من تقدمه، مع الثقة فيما يقول، وتعففه الذي لم نره لأحد من حفاظ الحديث في زماننا له شيء سير يتربح به وينفق منه، ولا يقبل من أحد شيئا قط، حتى إنه كان)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 127 ببعض قرى إصبهان رجل من أهل العلم والدين أراد أن يحج حج نافلة، فجاء جماعة إلى الحافظ أبي موسى فسألوه أن يشفع إليه في قعود عن الحج لما يرجون من الانتفاع باقامته، فخرج معهم إلى القرية راكباً على حماره، فأجابه إلى ذلك، فحملوا إلى أبي موسى شيئاً من الذهب، فلم يقبله. فقالوا: فرقه في أصحابك. قال: فرقوه أنتم إن شئتم. وحدثني بعض من رحل بعدي إلى إصبهان أن رجلاً من الأغنياء أوصى إلى الشيخ أبي موسى بمال كثير يفرقه في البر، فلم يقبل، وقال: بل أوصي إلى غيري، وأنا أدلك إلى من تدفعه إليه. ففعل. وفيه من التواضع بحيث أنه يقرئ كل من أراد ذلك من صغير وكبير. ويرشد المبتدئين، حتى رأيته يحفظ صبياناً في الألواح. ولا يكاد يستتبع أحداً إذا مضى إلى موضع، حتى إنني تبعته مرة فقال: ارجع. ثم تبعته، فالتفت إلى مغضباً وقال لي: ألم أقل لك لاتمش خلفي، أنت إذا) مشيت خلفي لا تنفعني، وتبطل عن النسخ وترددت إليه نحوا من سنة ونصف، فما رأيت منه ولا سمعت عنه سقطة تعاب عليه. وقال محمد بن محمود الرويدشتي: توفي الحافظ أبو موسى في تاسع جمادى الأولى. وكان أبو مسعود كوتاه الحافظ يقول: أبو موسى كنز مخفي. وقال الحسين بن يوحن الباوري: كنت في مدينة الخان فجاءني رجل فسألني عن رؤيا قال: رأيت كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي. فقلت: هذه رؤيا الكبار، وإن صدقت رؤياك يموت إمام لا نظير له في زمانه. فإن هذا المنام رئي حالة وفاة الشافعي، والثوري، وأحمد بن حنبل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 128 قال: فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى. وعن عبيد اللَّه بن محمد الخجندي قال: لما مات أبو موسى لم يكادوا ينزعون حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، وكان الماء قليلاً بإصبهان، رحمه اللَّه. 4 (محمد بن منجح بن عبد اللَّه.) أبو شجاع الفقيه الشافعي، الصوفي الواعظ. توفي ببغداد في ربيع الأول. وكان مولده في سنة خمس وخمسمائة. وسمع من قاضي المرستان. وتفقه على: أبي محمد بن عبد اللَّه بن أبي بكر الشاشي وأجاز له ابن طاهر المقدسي. وله شعر حسن. وتفقه أيضاً بالجزيرة على الأستاذ أبي القاسم البزري، وخرج إلى الشام. وولي قضاء بعلبك، ثم عاد إلى بغداد. ومن شعره: (سلامٌ على وادي الغضا ما تناوحتْ .......... على ضفَّتيه شمالاً وجنوبُ)

(أحمل أنفاس الخزامى تحيةً .......... إذا آن منها بالعشي هبوبُ)

(لعمري لأن شطت بنا غربة النوى .......... وطالت صروفٌ دوننا وخطوبُ)

(وما كل رمل جئته رملٍ عالجٍ .......... ولا كل ماء عمت فيه مشروبُ)

(رعى اللَّه هذا الدهر كل محاسني .......... لديه وإن كثرتُهن ذنوبُ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 129 وكان رحمه الله فيه مزاج ودعابة. طاب وعظه لأهل واسط لما دخلها، فسألوه أن يجلس في الأسبوع مرتين، فكان عيَّن يوماً يحتجون بأن القراء يكونون مشغولين، فقال: لو عرفت هذا كنت جئت معي بيومٍ من بغداد.) تُوفي ببغداد في ثامن عشر ربيع الأول. 4 (المبارك بن فارس.) أبو منصور الماوردي. حدَّث بدمشق في هذه السنة عن قاضي المرستان بنسخة الأنصاري. سمع منه: بَدَل التبريزي. 4 (محمود بن أحمد بن عليّ بن أحمد.) أبو الفتح المحمودي البغدادي الجعفري الصوفي، ابن الصابوني. من ساكني الجعفرية، كان من أجلاء الشيوخ. ولد سنة خمسمائة تقريباً، وقرأ بالروايات على أبي العز القلانسي. وسمع الحديث من: أبي القاسم بن الحُصين، وأبي بكر المرزفي، وعلي بن المبارك بن نغويا، وأبي البدر الكرخي. وصحب: أبا الحسن عليّ بن مهدي البصري الصوفي، وحماد بن مسلم الدباس. وكان له رباط ببغداد. ثم إنه سافر إلى مصر وسكنها، وروى بها الكثير. وحدَّث عنه: ابنه علم الدين، وابن المفضل الحافظ، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 130 ولقبه جمال الدين. وهو منسوب إلى جد أمه شيخ الإسلام أبي عثمان الثابوني، وقيل لجده أبي جعفر عليّ بن أحمد المحمودي، لاتصاله بالسّلطان محمود بن محمد بن ملكشاه. ولما قدم أبو الفتح هذا دمشق نزل إلى زيارته السّلطان نور الدّين محمود، وسأله الإقامة بدمشق، فذكر له قصده زيارة الشافعي رضي اللَّه عنه، فجهزه صحبه الأمير نجم الدّين أيوب عندما سار إلى ولده صلاح الدّين، وصار بينه وبين نجم الدّين مودة أكيدة، ومحبة عظيمة، فكان السّلطانان الناصر والعادل يرعيانه ويحترمانه. وقد كتب الشيخ الزاهد عمر الملاّ الموصلي كتاباً إلى ابن الصابوني هذا يطلب منه الدعاء. تُوفي في الثامن والعشرين من شعبان. 4 (مظفر بن محمد بن عبد الخالق.) أبو سعيد البغدادي، النجار، المعبر الرؤيا، ويُعرف بالحُجة. كان مشهوراً بالكلام العجيب، وقد سمع الكثير من: عبد القادر بن محمد بن يوسف، ولبن) الحُصين، وزاهر الشحامي. روى عنه: عبد اللَّه بن أحمد الخياط، وغيره. وتوفي في شوال عن سبعٍ وسبعين سنة. 4 (موسى بن عبد اللَّه بن هلوات.) أبو عمران الجُذامي، الناتليّ، المصري، الفقيه الشافعي، المقرىء، الضرير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 131 قرأ القرآن على محمد بن إبراهيم الكيزاني، وعلي بن عبد الرحمن نفطويه. وسمع من: مُنجب المرشدي. وتفقّه على: القاضي المحجلي بن جُميع المخزومي. روى عنه: ابنه وحرمي، وجماعة. وتُوفيّ رحمه اللَّه في ذي القعدة. 4 (حرف النون)

4 (نور الدين.) صاحب آمد وحصن كيفا. اسمه محمد بن قُرا رسلان بن داوة. توفي في هذه السنة، وتملك بعده ابنه قُطب الدّين سقمان، وزرَ له القوام بن سماقا الأسعردي. فبادر سقمان إلى خدمة السّلطان صلاح الدّين وهو يحاصر ميافارقين، فأقره على ملك بلاده، وأن يصدر عن أمره ونهيه. ثم إن قطب الدّين سمكان قتل غيلة في رمضان من السنة. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن إبراهيم بن علي.) القاضي أبو الحسين المصري، الخيمي، المقرىء، نائب الحكم بمصر. روى عن: أبي طالب عبد الجبار بن محمد المعفري، وغيره. 4 (يوسف بن المظفر بن فاخر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 132 أبو الحجاج البغدادي، المقرىء، نزيل واسط. قرأ القراءآت على جماعة بواسط، منهم: أبو الفتح بن زُريق، وأبو يعلى بن تركان. وببغداد على: أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري.) وأقرأ الناس مدةً. وكان بارعاً في الفن، حلو التلاوة، مجوداً. ويُعرف بغلام كنيني. تُوفي في أول ذي الحجة. 4 (يونس بن أحمد بن عبيد اللَّه بن هبة اللَّه.) أبو منصور البغدادي، والد الوزير أبي المظفر عُبيد اللَّه بن يونس. كان متديناً، حسن الطريقة، توكل لوالدة الخليفة. وحدّث عن: هبة اللَّه بن الحُصين، وأبي منصور القزاز. 4 (مواليد السنة) وفيها ولد: قاضي قُوص صالح بن الحسين الجعفري الزينبي، وله تواليف. والعلامة زكي الدّين عبد العظيم المنذري. ومجد الدّين عليّ بن وهب القشيري بمنفلوط، والخطيب عبد المعطي بن عبد الكريم الأنصاري، ويوسف بن عمر ابن خطيب بيت الآبار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 133 4 (وفيات سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بع عبدالصمد بن أبي عُبيدة محمد بن أحمد.) أبو جعفر الخزرجي، القرطبي، نزيل بجاية وغرناطة. روى عن: أبي عبدالله بن مكي، وأبي جعفر البطروجي، وعبد الرحيم الحجاري، وشريح بن محمد، وأبي بكر بن العربي. وكان معتنياً بالآثار، صنّف كتاب الأحكام وسمَّاه آفاق الشموس وأعلاق النفوس. قال الأبار: ثنا عنه: ابن بقي، وأبو سليمان بن حَوط اللَّه. وتوفي بفاس في ذي الحجة، وله أربع وستون سنة، رحمه اللَّه تعالى. 4 (أحمد بن يوسف بن عبد العزيز بن محمد بن رشد.) أبو القاسم القيسي، الوراق، القرطبي. روى عن أبيه، وأبي محمد بن عتاب، وأبي بحر الأسدي، وابن رشد.) أخذ عنه: أبو القاسم بن بقي، وأبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو الحسن بن قُطرل. توفي يوم عرفة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 134 4 (أحمد بن أبي بكر بن المبارك بن الشبل.) أبو السعود الحريمي، العطار، الزاهد. صاحب الشيخ عبد القادر، وكان منزله مجمع الفقراء، وله قبول زائد. وصار يشار إليه في الطريقة والمعرفة، وفيه رفق وانبساط، رحمة اللَّه تعالى. 4 (حرف الباء)

4 (بيبش بن محمد بن عليّ بن بيبش.) أبو البكر العبدري، الشاطبي، الفقيه، قاضي شاطبة. سمع: أبا الحسن بن هذيل، وأبا عبد اللَّه بن سعادة. وكان أمرء صدق، حميد السيرة، مهيباً. قل ما يغيب عنه شيء من صحيح البخاري لخفظه إياه. وكان مقتياً، مُفسراً، مصنفاً، له آثار في ألأمر بالمعروف وقمع الباطل. ألف الأحاديث التي انفرد بها مسلم، واختصر صحيح البخاري. وعاش ثمانياً وخمسين سنة. 4 (حرف الحاء) الحسن بن أحمد بن قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن محمد بن علي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 135 القاضي الأجل أبو محمد بن الدامغاني. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وسمع: هبة اللَّه بن الطبر، وإسماعيل بن السمرقندي. وولي القضاء بربع الكرخ، ثم قضاء واسط مضافاً إلى قضاء الكرخ فانحدر إلى واسط، واستناب على الكرخ. فلما عزل أخوه قاضي القضاة عزل هذا فلازم بيته. فلما وُليّ قضاء القضاة روح الحديثي أعاد إلى قضاء واسط. توفي في رجب ببغداد. 4 (الحسن بن ابراهيم بن علي.) فخر الكُتّاب الجُويني المجوّد.) كان أوحد زمانه في براعة الخط، كتب عليه خلقٌ ببغداد. وخطَّه يتعالى في تحصيله بالثمن الوافر. توفي في هذه السنة فيما نبأني ابن البروزي. 4 (الحسن بن سيف.) أبو عليّ الشهراباني، ثم البغدادي، التاجر العدل. توفي بمكة في جمادى الأولى. وقد روى عن: زاهر بن طاهر الشحامي. 4 (الحسن بن عليّ بن بركة بن عبيدة.) أبو محمد الكرخي، المقرى، النحوي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 136 من كبار القراء. قرأ القراءآت على أبي منصور بن خيرون، وأبي محمد السبط. ورحل إلى الكوفة فقرأ على أبي البركات عمر بن إبراهيم. وسمع الحديث من القاضي أبي بكر. وأخذ العربية عن أبي السعادات بن الشجري. وكان إماماً أيضاً في معرفة الفرائض والحساب. أقرأ الناس، وتخرَّج به جماعة. وتوفي رحمه اللَّه في شوال. ومن شعره: (وما أن الشيب من أجل لونه .......... ولكنهُ حادٍ إلى الموت مُسرعُ)

(إذا مابدت منه الطليعة أذنت .......... بأن المنايا بعدها تتطلعُ)

(فإن قصها المقراضُ جاءت بأختها .......... وتَطلعُ يتلوها ثلاثٌ وأربعُ)

(وإن خُضبت حال الخضاب لأنه .......... يغالب صُنع اللَّه والله أصنعُ)

4 (الحسين بن عليّ بن مجهل.) أبو عبد اللَّه البغدادي، الضرير. الرجل الصالح. قرأ القراءآت على جماعة. وسمع من: أبي عبد الله البارع، وهبة الله بن الحصين. روى عنه ابن الدُّبيثي في تاريخه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 137 وتوفي في ثالث ربيع الأول.) قال ابن النجار: قرأ بالروايات على البارع. 4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن كامل بن منصور.) الأمير أبو محمد الغنوي، المعدل بدمشق. روى عن: محمد بن أحمد بن تغلب الآمدي. وعاش خمساً وسبعين سنة. وكان كبير المروءة، قاضياً لحقوق الناس. ويُنعت بصفي الدولة. كتب عنه: أبو المواهب. 4 (حرف الضاد)

4 (ضياء بن بدر بن عبد اللَّه.) أبو الفرج بن الزاز، عتيق ابن غوادي التاجر. بغدادي يروي عنها: هبة اللَّه بن البخاري، والحسين بن محمد البارع، وغيرهما. كتب عنه: عمر بن عليّ القُرشي. وأجاز لابن الدبيثي. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (حرف الطاء)

4 (طُغان شاه بن الملك المؤيد أي أبه.) وكنيته أبو بكر. تملك نيسابور بعد مقتل والده سنة ثمانٍ وستين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 138 وكان منهمكاً في اللذات، معاقراً للخمر. التقى هو في سنة ست وسبعين وسلطان شاه ابن صاحب خوارزم الذي تملك مرو، فنصر عليه سلطان شاه وأخذ بعض بلاده. وتوفي في المحرم سنة اثنتين هذه، وتملك بعده ابنه سنجرشاه، وصير أتابكه مملوك جده أمير منكلي، فغلب على الأمور، وتفرق أمراء والده واتصل أكثرهم بسلطان شاه الخوارزمي، وهو أخو علاء الدّين تكش. وأساء منكلي وظلم وعسف، وقتل بعض الأمراء، فسار إليه علاء الدّين تكش، وحصر نيسابور) شهرين، ثم عاد لحصارها من العام الآتي، فتسلمها بالأمان، وقتل منكلي، وأخذ سنجر شاه معه، وأزواجه بابنته، وتزوج بوالدته، وبقيت البنت في صحبة سنجر مدة وماتت، فتزوج بأخت علاء الدين. وعاش إلى سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة. قال أبو الحسن البيهقي في كتاب مسارب التجارب. 4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن بري بن عبد الجبار بن بري.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 139 العلامة أبو محمد بن أبي الوحش المقدسي الأصل المصري، النحوي الشافعي. وُلد سنة تسع وتسعين وأربعمائة في رجبها. وقرأ الأدب على الإمام أبي بكر محمد بن عبد الملك النحوي. وسمع من: أبي صادق المديني، وأبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وعبد الجبار بن محمد المعافري، وعلي بن عبد الرحمن الحضرمي، وأبي البركات محمد بن حمزة البن العراقي، وابن العباس بن الحطيئة، وغيرهم. وتصدر بجامع مصر لإقراء العربية، وتخرج به جماعة كثرية. وانفرد بهذا الشأن، وقصد الطلبة من الآفاق. قال جمال الدّين القفطي: وكان عالماً بكتاب سيبويه وعلله، قيماً باللغة وشواهدها. وكان إليه التصفح في ديوان الإنشاء، لايصدر كتاب عند الدجولة إلى ملوك النواحي إلا بعد أن يتصفحه. وكان ينسب إلى الغفلة في غير العربية ويُحكى عنه حكايات. وقد تصدر غير واحد من أصحابه في حياته. وكان قليل التصنيف، له مقدمة سماها اللباب وله جواب المسائل العشر التي سأل عنها ملك النحاة. وله حواشي على صحيح الجوهري أجاد فيها، وهي ست مجلدات، وكان ثقة حُجّة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 140 توفي في السابع والعشرين من شوال. روى عنه: الحافظ ابن المفضل، والزاهد أبو عمر المقدسيان، والفقيه عبد اللَّه بن نجم بن شاس، وأبو المعالي عبد، الرحمن بن عليّ المغيري، ومصطفى بن محمود، ونبأ بن أبي المكارم الأطرابُلسي، والوجيه عبد الرحمن بن محمد القوصي، والزاهد أبو العباس أحمد بن) عليّ بن محمد القسطلاني، وعبد الرحيم بن الطفيل، وبهاء الدّين عليّ بن الجميزي، ومرتضى بن أبي الجود حاتم. ومن تلامذته: أبو موسى عيسى بن يللنجت الجزولي صاحب القانون وقال الموفق عبد اللطيف: كان ابن بري شيخاً محققاً، صُحفيّاً، ساذج الطباع أبله في أمور الدنيا، مبارك الصحبة، ميمون الطلعة، وفيه تغفل عجيب، يستبعد من سمعه أن يجتمع في رجل متقن للعلم. فمن ذلك أنه كان يلبس ثياباً فاخرة، ويأخذ في كمه الواسع العنب والبيض والحطب. وربما وجد منزله مغلقاً فرمى بالبيض من الطاقة إلى داخل، ويقطر ماء العنب على قدمه، فيرفع رأسه إلى السماء ويقو: العُجب أنها تمطر مع الصحو. وكان يتحدث ملحوناً ولا يتكلفُ ويتبرم بمن يخاطبه بإعراب، رحمه اللَّه. قلت: وقد أجاز لجميع من أدرك حياته من المسلمين. قرأت ذلك بخط أحمد بن الجوهري، عن خط حسن بن عبد الباقي الصقلي، عنه. 4 (عبد اللَّه بن محمد بن جرير.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 141 أبو محمد القرشي، الأموي، البغدادي، الناسخ، من ولد سعيد بن العاص ابن أمية. سمع: الكثير وكتب من الكتب الكبار شيئاً كثيراً، وكان مليح الكتابة، محدثاً مفيداً، مالكي المذهب. سمع: القاضي أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور بن زريق، ويحيى بن الطراح، وأبا البدر الكرخي، وأبا منصور بن خيرون، وعبد الوهاب الأنماطي، خلقاً كثيراً. روى عنه: عمر بن عليّ القرشي وإلياس بن جامع، ومحمد بن مشق، وآخرون. وتوفي في سابع ربيع الأول. قال ابن الدُّبيثي: ظاهرُ أمره الصدق. وقال ابن النجار: كتب ما لا يدخل تحت الحصر بالأجرة. ويقال إنه كتب بخسمائة رطل حبرٍ أحصاها هو، وكان حسن الطريقة، متديناً. توفي في شعبان وله سنة. 4 (عبد الرحمن بن جامع بن غنيمة بن البنا.) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 142 أبو الغنائم، ويُدعى أيضاً غنيمة، الفقيه الصالح، البغدادي، الحنبلي. تفقه على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري. وسمع من: أبي طالب بن يوسف. وسمع من: أبي الحصين المسند، ومن: الحسين بن عبد الملك الخلال، والقاضي أبي بكر. وكان فقيهاً مناظراً عارفاً بالمذهب. روى عنه: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وحمد بن أحمد بن صديق، وعمر بن بركات الحرانيان، وأبو عبد اللَّه بن الدبيثي، وآخرون. توفي ثامن شوال. 4 (عبد الرحمن بن عليّ بن محمد بن قاسم.) الشريف الأجل أبو القاسم العلويّ الحُسيني. توفي في شوال بالقاهرة. وُلد بدمشق في حدود سنة عشرين وخمسمائة. وهو جد الشريف عز الدّين الحافظ. 4 (عبد السلام بن يوسف بن محمد بن مقلد.) أبو الفتوح التنوخي، الجماهيري، الدمشقي الأصل، البغدادي. سمع ببغداد بإفادة أبيه من: القاضي الأرموي، وأبي منصور بن خيرون، وابن ناصر، وأبي الوقت. وطلب بنفسه، وقرأ على الجماعة الشيوخ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 143 وحدَّث ببغداد، والموصل، ودمشق. وبدمشق توفي في رجب. كتب عنه: أبو المواهب الحافظ وقال: كان قد قدم إلينا مسروراً من عند الملك الناصر صلاح الدّين وأعطاه ذهباً. وكان يترسل وينظم، وحملت تركته إلى أهله بالعراق. ومن شعره: على ساكني بطن العقيق سلامُ وهي أبيات مشهورة.) 4 (عبد الصمد بن محمد بن يعيش.) الغساني الأندلسي، المنكبي، خطيب المنكب. أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن ثابت، وأبي بكر بن الخلوف. وروى عن: أبي الحسن شريح، وأبي الحسن بن مغيث، والقاضي عياض. وتصدر للإقراء. وأخذ الناس عنه. روى عنه: أبو القاسم الملاحي، وأبو محمد بن حوط اللَّه. وبقي إلى هذا العام. 4 (عبد الغني بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن.) الهمذاني، العطار، أبو محمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 144 رحل به والده إلى إصبهان فسمع من: جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وغانم بن خالد. ورحلَ به إلى بغداد فسمعه من: أبي القاسم بن الحُصين، وأبي غالب بن البنّا وطبقتهما. وبهمذان من: عبد الملك بن مكي بن بنجير، وهبة اللَّه ابن أخت الطويل، وطائفة. وله إجازة من أبي عليّ الحداد. توفي، رحمه اللَّه، في رمضان ببلده، وكان مولده في المحرم سنة خمس عشرة وخمسمائة. روى عنه: أبو عبد اللَّه بن الدبيثيّ، فإنه حجّ سنة إحدى وثمانين. وحدَّث. 4 (عبد الغني بن القاسم بن الحين.) أبو محمد المعري، المقريء، الشافعي الحجار الذي اختصر تفسير سُليم الرازي، واختصره اختصاراُ حسناً وقال: أنا به أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم بن ثابت المقرىء، أنا سلطان بن المقدسي، عن نصر المقدسي، عن سًليم. سمع منه: عبد اللَّه بن خلف المسكي. تُوفي في شوال. 4 (علي بن أحمد بن عليّ.) أبو الحسن الطليطلي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 145 روى عن: أبي عبد اللَّه بن مكي، وأبي جعفر البطروجي، وأبي الحسن شريح. وأخذ القراءآت عن شريح.) روى عنه: يعيش بن القديم، وأبو الحسن بن القطان. وكان حياً في هذه السنة. 4 (علي الوزير عضد الدّين أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن هبة اللَّه المظفر ابن رئيس) الرؤساء. أبو الحسن عماد الدين. تزهد وتصوَّف، وبنى رباطاً بدار الخلافة، فلما نكب أخوه اُتُّهم هو بمالِ إخوته الصغار، فخرج إلى الشام، فأكرمه السّلطان صلاح الدّين، وأدرّ عليه أنعاماً. وكان قد سمع من: القاضي الأرموي، وأبي الوقت. وعاش أربعاً وأربعين سنة، ودُفن بقاسيون. 4 (عمر بن أبي بكر بن عليّ بن حسين.) أبو حفص ابن التبان المأموني، البغدادي. سمع: هبة اللَّه بن الحُصين، وزاهر بن طاهر الشحامي، وأبا غالب بن البنا، وجماعة. وكان رجلاً صالحاً من سكان المأمونية. 4 (عِوَض بن إبراهيم بن خلف.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 146 أبو محمد البغدادي، المراتبي، المقرىء. قرأ القراءآت على: أبي عبد اللَّه البارع، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي. وسمع من: ابن الحُصين. أخذ عنه: أبو عبد اللَّه ابن الدُّبيثي. وقرأ عليه بعض الختمة، وقال: توفي في رجب. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن داود.) الشيخ أبو الرضا المؤدب، الحيسوب، المعروف بالمفيد. بغدادي بارع في الحساب، له تصانيف. سمع منه ابن البطي قليلاً، وتخرَّج عليه خلق. 4 (محمد بن أحمد بن العلامة أبي المظفر بن عبد الجبار السمعاني.) أبو المعالي المروزي، الواعظ.) ورد بغداد، ووعظ بها مدة، وتوفي بها. وهو ابن عم الحافظ أبي سعد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 147 4 (محمد بن الحسن بن الحسين بن محمد بن إسحاق بن موهوب بن عبد الملك بن منصور.) الفقيه أبو الحسن، وقيل أبو الفضل السمرقندي، المنصوري، الحنفي، المقرىء خطيب سمرقند. من علماء بلده. تفقه على الحسن بن عطاء السغدي، وعمر بن محمد النسفي. وسمع من أبي المحاميد محمود بن مسعود القاضي السغدي، وعلي بن عثمان الخراط، وأبي إبراهيم إسحاق بن محمد النوحي، وإبراهيم بن إسماعيل الصّفّار. وحدَّث ببغداد سنة ستٍّ وسبعين. وعاد إلى بلاده. وتوفي في هذه السنة عن مائةٍ وأربع سنين، وكان معمراً مُسنداً. روى عنه: أبو الحسن بن القطيعي، وعبد اللَّه بن أبي النجيب السهرودي. وكان ممتعاً بحواسه في هذه السنة. وقيل: بل عاش سنة. 4 (محمد بن طلحة بن عليّ بن أحمد.) الفقيه أبو أحمد العامري، البصري، الفقيه المالكي، المفتي. وٌ لد سنة عشرين وخمسمائة. وأقرأ القرآن وحدَّث، وأفتى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 148 سمع من: ابن ناصر، وغيره. وتوفي رحمه اللَّه في رمضان بالبصرة. 4 (محمد بن الحافظ أبي مسعود عبد الجليل بن أبي بكر محمد بن عبد الواحد.) أبو حامد بن كوتاه الإصبهاني، الجوباري. وأبو بكر هو الملقب بكوتاه، وعرف بذلك أيضاً عبد الجليل، وهو بالعربي: القصير. وجُوبار: محلة بإصبهان. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وسعيد بن أبي الرجا الصيرفي، وأبي نصر الغازي،) ومنصور بن محمد بن الحسن بن سُليم، والحُسين بن عبد الملك الخلال. وحدث ببغداد، وإصبهان، وجمع كتاباً في أسباب الحديث. روى عنه عبد اللَّه بن أحمد الخباز، وأبو نزار ربيعة اليماني. وتوفي في نصف المحرم. 4 (محمد بن القاضي السعيد عليّ بن عثمان بن إبراهيم.) القرشي، المخزومي، المغيري، المصري، القاضي الأسعد، أبو الطاهر الشافعي. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 149 وسمع من: السلفي، والعثماني. واستشهد في صفر ببزاعة. 4 (محمد بن عليّ بن فارس.) الفراش، الشرابيّ أبو بكر، ويُقال أبو عبد اللَّه الزاهد. حدَّث عن: أبي القاسم بن الحصين، وغيره. وكان منقطعاً بمسجد كامل. 4 (محمد بن أبي منصور المبارك بن محمد بن محمد بن الخطيب.) أبو المعالي قاضي المدائن وابن قاضيها. الفقيه الشافعي. روى عن: أبي الوقت. وله شِعر. حرف الهاء هارون بن أحمد بن جعفر بن عات. أبو محمد النفزي، الشاطبي، المقرىء. أخذ القراءآت عن: أبي مروان بن يسار صاحب ابن الدوش. وسمع من: أبي الوليد بن الدباغ. وتفقه على أبي جعفر الخشني ولازمه سبع سنين، وعرض عليه المدوَّنة مرات. ومهر عنده. وكان فقيهاً مشاوراً مستقلاً بالفتوى، فرضياً، حاسباً، مصنفاً. استُقضيَ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 150 بشاطبة فحُمدَت سيرته.) روى عنه: أبو عمر بن عباد، وأبو عبد اللَّه بن سعادة، وابنه أبو عمر بن عات. وتوفي في شعبان عن سبعين سنة. وكان من أئمة الأندلس. حرف الواو واجب بن أبي الخطاب محمد بن عمر بن محمد بن واجب بن عمر بن واجب. أبو محمد ألب لنسي تقيسي. وأجاز له أبو مران بن قزمان، وأبو طاهر السلفي. وسمع منه: أبو سليمان بن أحوط اللَّه. وكان كاتباً بليغاً، شاعراً خطيباً، مفوّهاً، من بيت جلالة. بيت جلالة. صحب السّلطان، وتوفي بمراكش. وجد جده واجب سمع من أبي العباس العُذري، وتوفي قبل التسعين وأربعمائة. 4 (الكنى)

4 (أبو السعود بن الشبل.) العطار الحريمي الزاهد. كان عطاراً فزهد، وصحب الشيخ عبد القادر، وصار من كبار الفقراء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 151 له كرامات وأحوال، وقبول عظيم. غلب عليه الفناء فكان لا يأكل ولا يلبس إلا أن يطعموه أو يلبسوه. ولا يكاد يتكلم إلاّ جواباً. ولا يزال على طهارة مستقبل القبلة. حكى لي عنه جماعة. يقول أبو المظفر بن الجوزي: قالوا كان جالساً فوقع السقف، فجاء طرف جذع على أضلاعه فكسرها، فلم يتحرك فبقي عشرين سنة، فلما مات وجُرِّد للغسل رأوا أضلاعه مكسرة. توفي في عاشر شوال، وبنوا على قبره قبة عالية، وقبره يُزار رحمه اللَّه. 4 (مواليد السنة) وفيها وُلد الكمال بن طلحة، وزكي البيلقاني، وعثمان بن عبد الرحمن بن رشيق الرَّبعي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 152 4 (وفيات سنة ثلاث وثمانين خمسمائة) ) 4 (حرف الألف) أحمد بن المفرج بن درع. التكريتي. حدث عن: أبي شاعر محمد بن سعد، وغيره. وتوفي بتكريت. 4 (أحمد بن أبي المطَّرف عبد الرَّحمن بن أحمد بن عبد الرَّحمن بن جزي.) أبو بكر البلنسي. سمع: أبا محمد البطليوسي، وطارق بن يعيش، وأبا الوليد بن الدباغ وأقرأ الناس الفرائض والحساب وهو آخر الرّواة عن البَطَلْيُوسي. حدث عنه: أبو عامر بن نذير، وأبو الربيع بن سالم، وأبن نعمان. وبالإجازة: الطيب بن محمد، وأبو عيسى بن أبي السداد. وتوفي في المحرم عن أربعٍ وثمانين سنة. 4 (إبراهيم بن حسين.) الأمير الكبير حسام الدّين المهراني، أحد أمراء صلاح الدّين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 153 استشهد على حصار عسقلان في جمادى الآخرة. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن حافظ بن الحسن بن الحسين.) أبو عليّ الغساني الدمشقي، الناسخ، المعدل. حدث عن: طاهر بن سهل الإسفراييني. وعاش ستاً وثمانين سنة. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. ضعف وأصابته رعشة وافتقر، رحمه اللَّه. 4 (الحسن بن نصر اللَّه بن عبد الواحد بن أحمد.) أبو القاسم الدسْكرِي، ثم البغداديّ، المعروف بابن الفقيه. سمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن البنا.) وكان جده أبو سعد عبد الواحد من أصحاب الشيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ. 4 (حرف السين)

4 (سعيد بن عبد السّميع بن محمد بن شجاع.) أبو الحسن الهاشميّ، البغدادي. ولد سنة أربعة عشر وخمسمائة. وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وهبة اللَّه بن عبداللَّه الشُّروطيّ، وأبي بكر الأنصاري. كتب عنه جماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 154 وتوفي في ربيع الأول. 4 (سليمان بن عبداللَّه.) أبو الربيع التجيبي الخشيني، يقال الخشني، المقرىء. روى عن: أبي القاسم بن الأبرش، وأحمد بن يعلى. أجاز له أبو محمد بن عتاب. وكان عارفاً بالعربية والفقه. وتصدر للإقراء والعربية. حدث عنه: أبو محمد، وأبو سليمان، إبنا حَوْط اللَّه وأجاز لهما في هذا العام، وانقطع خبره. 4 (حرف الشين)

4 (شروين بن حسن) الأمير الكبير، جمال الدّين الزرزاري، الصلاحيّ. كان أول من بادر وخاطر فسبق بأصحابه إلى منازلة القدس قبل تواصل الجيش، فلقيه جمع كبير من الفرنج خرجوا يزكاً فقتلوه، وقتلوا جماعة من أصحابه، رحمهم اللَّه. 4 (حرف العين)

4 (عبد الجبار بن يوسف بن عبد الجبار بن شبل بن علي.) القاض الأكرم أبو محمد ابن القاضي الأجل أبي الحجاج الجذامي، الصويتي، والمقدسي. ولد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وسمع من السفلي. وولي ديوان الجيوش بمصر مدة.) وصويت: فخذ من جذام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 155 توفي في سابع عشر ذي القعدة ببيت المقدس، ودفن بباب المرجة. ومولده وداره بمصر. 4 (عبد الجبار بن يوسف بن صالح بن البغدادي.) شيخ الفتوة ورئيسها، ودرة تاجها، وحامل لوائها. تفرد بالمروءة والعصبية، وانفرد بشرف النفس والأبوة، وانقطع إلى عبادة اللَّه تعالى بموضع اتخذه لنفسه وبناه، فاستدعاه الإمام الناصر لدين اللَّه وتفتى إليه، ولبس منه. خرج حاجاً في هذه السنة فتوفي بالمعلى، ودفن به في ذي الحجة. 4 (عبد الغني بن أبي بكر) البغدادي، الإسكاف، الفقير، المعروف بابن نقطة، وهي أمه. كان يلعب بالحمام، فتاب على يد الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، وصحب الفقراء فكثر أتباعه، وبنت له أم الخليفة مسجداً، ولا الخط، بل كان رجلاً خيِّراً. توفي كهلاً في جمادى الآخر رحمه اللَّه. وهو والد الحافظ أبي بكر محمد مصنف التقييد. وذكر ابنه أنه كان لا يدخر شيئاً. وله أخبار مشهورة في الإيثار والتنزه عن الدنيا. 4 (عبد المغيث بن زهير بن زهير بن علوي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 156 المحدث أبو العز بن أبي حرب البغدادي، الحربي. أحد من عني بهذا الشأن. قرأ الكثير، وحصل، ونسخ، وخرج، وصنف. قال أبن الدبيثي: كان ثقةً صالحاً، صاحب سنة، منظوراً إليه بعين الديانة والأمانة. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا العز بن كادش، وهبة اللَّه بن الطبر، وأبا غالب بن البنا، فمن بعدهم. وحدث بالكثير، وأفاد الطلبة، ونعم الشيخ كان. كان مولده في سنة خمسمائة، وتوفي في الثالث والعشرين من المحرم. قلت: روى عنه: الشيخ الموفق، والحافظ عبد الغني، وحمد بن صديق الحراني، والبهاء المقدسي، وأبو عبداللَّه الدبيثي، وخلق سواهم. وصنف كتاباً في فضائل يزيد أتى فيه بالعجائب، ولو لم يصنفه لكان خيراً له. وعمله رداً) على أبن الجوزي. ووقع بينهما عداوة لأجل يزيد، نسأل اللَّه أن يثبت عقولنا، فإن الرجل ما لا يزال بعقله حتى ينتصب لعداوة يزيد أو ينتصر له، إذ له أسوة بالملوك الظلمة. وذكر شيخنا ابن تيمية قال: قد قيل إن الخليفة الناصر لما بلغه نهي الشيخ عبد المغيث عن لعنة يزيد قصده متنكراً، وسأله عن ذلك، فعرفه عبد المغيث، ولم يظهر أنه يعرفه، فقال: يا هذا، أنا قصدي كف ألسنة الناس عن خلفاء المسلمين، وإلا فلو فتحنا هذا الباب لكان خليفة الوقت هذا أحق

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 157 باللعن، فإنه يفعل كذا وجعل يعدد خطايا الخليفة، حتى قال يا شيخ ادع لي. وذهب. 4 (عطاء بن عبد المنعم بن عبداللَّه.) أبو الغنائم الإصبهاني، الخاني. حدث ببغداد، وإصبهان عن: غانم البرجي. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصري. وعاش إلى هذه السنة. وكان مولده سنة 4 (علي بن أحمد بن علي.) أبو الحسن لبان الشريشي. سمع صحيح خ. من أبي الحسن شريح، وقرأ عليه بالروايات. وروى عن أبي بكر بن العربي الموطأ. وولي قضاء شريش. وكان من أهل العدالة والورع. صنف شرحاً لمقامات الحريري، وله النظم والنشر. قال الأبار: حدث عنه جماعةً من شيوخنا. 4 (علي بن أحمد بن قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن قاضي القضاة أبي عبداللَّه.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 158 الدامغاني، أبو الحسن قاضي القضاة بالعراق، الفقيه الحنفي. ولد سنة ثلاثة عشر وخمسمائة ببغداد. وسمع: هبات اللَّه بن الحصين، وأبن الطبر، والشروطي، وأبا الحسين بن القاضي أبي يعلى. وكان ساكناً وقوراً، رئيساً، نبيلاً. ولي قضاء ربع الكرخ بعد وفاة والده. ثم ولي قضاء القضاة بعد وفاة أبي القاسم الزينبي سنة ثلاثٍ وأربعين، فبقي فيه إلى أن عزله المستنجد أول ما استخلف وطالت أيام عزله. ثم وُلي القضاء في سنة سبعين وخمسمائة.) سمع منه: عمر القرشي، ومحمد بن عبد الواحد بن الصباغ، وغيرهما. وتوفي في ذي القعدة، وشيعه أعيان الدولة وخلق كثير. قال ابن النجار: كان مهيباً، جليلاً، عالماً، تخين الستر، عفيفاً، كامل العقل، نزهاً، جميل السيرة. 4 (علي بن محمد بن عليّ بن أبي منصور جلال الدّين ابن الوزير أبي جعفر الجواد وزير) السّلطان عز الدّين مسعود. توفي في المحرم. وقيل: توفي قبل هذا. وقد ذكر. 4 (عيسى بن مالك.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 159 العقيلي الأمير الشهيد عز الدين، ابن صاحب قلعة جعبَر. أمير جليل، شجاع بطل. استشهد في حصار القدس بعد أن بين وأبلى بلاءً حسناً، وتأسف المسلمون على قتله. قُتل في رجب، رحمه اللَّه. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن بركة بن عمر.) أبو عبداللَّه البغدادي، الحلاج العطار، لا القطان. له إجازة عالية من أبي القاسم الربعي، وأبي الغنائم النرسي، وشجاع الذُّهلي. حدَّث بها عنهم. سمع منه: عبد الجبار بن البندار، وجماعة، ومحمد بن أحمد بن شافع. مات في ذي القعدة. 4 (محمد بن ذاكر بن محمد بن أحمد بن عمر.) أبو بكر الإصبهاني، الخرقي. حج سنة ثمنٍ وستين. وحدَّث ببغداد عن: أب يعلي الحداد، وجعفر الثقفي. وسمع الكثير من أصحاب أحمد بن محمود الثقفين وسعيد العيار. وخرج لنفسه مُعجماً. كتب عنه أبو بكر الحازمي، وجماعة، وابنه أبو نصر القاسانيّ. وتوفي في رجب عن ثمانين سنة وهو محمد أبو رشيد الغزال: سمعت منه الكثير بإفادة والدي، وقد رحل إلى نيسابور بعد الأربعين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 160 4 (محمد بن عبد الخالق بن أبي شُكر.) أبو المحاسن الأنصاري، الإصبهاني، الجوهري. وُلد سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة. وسمع حضوراً سُنن النسائي، من الدوني، وسمع كتاب إصبهان، و الحلية، و مُستخرج أبي نعيم على خ. م.، على أبي عليّ الحداد. وسمع المعجم الكبير للطبراني، على المجسَّد بن محمد الإسكاف، بسماعه من ابن فادشاه. ورَّخ موته أبو رشيد الغزال. 4 (محمد بن أبي مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد.) أبو حامد كوتاه الإصبهاني. والد أبي بكر محمد. محدّث حافظ مصنف، له كتاب أسباب الحديث على أُنموذج أسباب النزول للواحدي، لم يُسبق إلى مثله. وسوَّد تاريخاً لإصبهان، وكتب الكثير، وكان صدوقاً نبيلاً. سمع: جعفر بن عبد الواحد، وزاهر بن طاهر، وسعيد بن أبي الرجاء. روى عنه: أبو محمد الغزال. توفي في المحرم وبه ثلاثٌ وستون سنة. وقيل: تُوفي في العام الماضي. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن خليفة بن أبي العافية.) الأزدي، الغرناطي، أبو بكر الكُتندي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 161 روى عن: أبي محمد بن أبي جعفر، وأبي عبد الله بن مكي، وأبي الحسن بن مغيث. ولقي ابن خفاجة الشاعر وأخذ عنه. روى عنه: أبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو القاسم الملاحي، وغيرهما. وكان أديباً، كاتباً، شاعراً، لغوياً. تُوفي سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وثمانين. 4 (محمد بن عبد الملك.) الأمير شمس الدّين ابن المقدَّم. من كبار أمراء الدولتين النورية والصلاحية. وهو الذي سلًم سنجار إلى نور الدين، وسكن دمشق. فلما تُوفي نور الدّين كان أحد من قام بسلكنة نور الدين. ثم إن صلاح الدين، أعطاه بعلبك، فتحول إليها وأقام بها. ثم عصى على) صلاح الدين، فجاء إليه وحاصره، وأعطاه عوضها بعض القلاع. ثم استنابه على دمشق سنة نيف وثمانين. وكان بطلاً شجاعاً، محتشماً. وقد حضر في هذا العام وقعة حطين، وفتوح عكا، والقدس، والسواحل. وتوجه إلى الحج في تجمل عظيم، فلما بلغ عرفات رفع علم صلاح الدّين وضرب الكوسات، فأنكر عليه طاشتكين أمير الركب العراقي وقال: لا يُرفع هنا علم الخليفة. فلم يلتفت إليه، وأمر غلمانه فرموا علمَ الخليفة، وركب فيمن معه من الجند الشاميين، وركب طاشتكين، فالتقوا وقتل بينهما جماعة. وجاء ابن المقدم سهمٌ في عينه، فخرّ صريعاً. وجاء طاشتكين فحمله إلى خيمته وخيط جراحه، فتوفي من الغد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 162 بمنى يوم الأضحى. ونهب الركب الشاميّ. قال العماد الكاتب: وصل شمس الدّين عرفات، وما عرف الآفات. وشاع وصوله، وضُربت طبوله، وجالت خيوله، وخفقت أعلامه، وضُربت خيامه، فغاظ ذلك طاشتكين، فركب في أصحابه فأوقع بشمس الدّين وأترابه، وقتل جماعة وجُرحوا. قال: ودفن بالمُعلى، وارتاع طاشتكين لما اجترمه، وأخذ شهادة الأعيان أن الذنب لابن المقدم. وقُرىء المحضر في الديوان. ولما بلغ السّلطان مقتله بكى وحزن عليه وقال: قتلني اللَّه إن لم أنتصر له. وتأكدت الوحشة بينه وبين الخليفة. وجاءه رسولٌ يعتذر فقال: أنا الجواب عما جرى. ثم اشتغل بالجهاد عن ذلك. وقال ابن الأثير: لما فتح بيت المقدس طلب ابن المقدم من السّلطان إذناً ليحج ويُحرم من القدس، ويجمع في سَنَته بين الجهاد والحج، وزيارة الخليل، والرسول صلى اللَّه عليهما وسلم. وكان قد اجتمع بالشام ركبٌ عظيم، فحج بهم ابن المقدّم. فلما كان عشية عرَفة، أمر بضرب كوساته ليتقدم للإفاضة، فأرسل إليه مُجير الدّين طاشتكين ينهاه عن التقدم، فأرسل إليه: إني ليس لي معك تعلُّق، وكلٌّ يفعل ما يراه. وسار ولم يقف. فركب طاشتكين في أجناده، وتبعه من الغوغاء والطماعة عالمٌ كبير، وسدوا حاجّ الشام، فلما قربوا خرج الأمر عن الضبط، فهجم طماعةُ العراق على الشاميين وفتكوا فيهم، وقتلوا جماعة، ونُهبت أموالهم. وجُرح ابن المقدَّم عدة جراحات. وكان يكفُّ أصحابه عن القتال، ولو أذن لانتصف منهم، ولكنه راقب اللَّه تعالى وحُرمة المكان واليوم، فلما أُثخن بالجراحات أخذه طاشتكين إلى خيمته، وأنزله عنده ليمرضه) ويستدرك الفارط، فمات من الغد، ورُزق الشهادة بعد الجهاد، رحمه اللَّه تعالى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 163 قلت: وله دارٌ كبيرة إلى جانب مدرسته المقدَّمية بدمشق، ثم صارت لصاحب حماه، ثم صارت لقراسنقُر المنصوري، ثم صارت السّلطان الملك الناصر بعده. وله تربة، ومسجد، وخان داخل باب الفراديس. محمد بن عمر بن محمد بن واجب. أبو بكر القيسي البلنسي. سمع: أباه وعليه تفقّه، وأبا الحسن ابن النعمة. وأخذ القراءات عن: أبي محمد بن سعدون الضرير. محمد بن يحيى بن محمد بن مواهب بن إسرائيل. أبو الفتح البرداني. روى عن: أبي عليّ بن نبهان، وأبي غالب محمد بن عبد الواحد، وأبي عليّ ابن المهلبي، ومحمد بن عبد الباقي الدُّري. قال ابن الدُّوري. قال ابن الدُّبيثي: رأيت بعضهم يتهمه بالتحديث بما لم يسمعه، ولم أقف على ما يُنافي الصحة. سمعنا منه. وسمع منه: عمر القرشي، وأصحابنا. ووُلد سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وتوفي رمح اللَّه في جمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 164 المبارك بن الأعز بن سعد اللَّه. أبو المظفَّر التوثي، القوَّال. مغني بغداد في عصره. من أهل محلة التوثة. كان رأساً في الغناء، وأخذ المطربون عنه الأنغام. وله تصانيف في الموسيقى. وكان يخالط الصوفية. المبارك بن عبد الواحد بن غيلان. البغدادي.) سمع من: ابن الحُصين، وحدث. 4 (محفوظ بن أحمد بن العلامة أبي الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن.) الكلوذانّي. وحدَّث. وكان أبوه من عُدُول بغداد. 4 (مخلوف بن عليّ بن عبد الحق.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 165 الفقيه أبو القاسم التميمي، القروي، ثم الإسكندراني. الفقيه المالكي، المعروف بابن جارة. تفقه وبرع في المذهب. ومن شيوخه: أبو الحجاج يوسف بن عبد العزيز اللخمي، ومحمد بن أبي سعيد الأندلسي، وسند بن عنان، وأبو عبداللَّه المازري، وآخرون. ودرّس وأفتى، وانتفع به جماعةٌ كثيرة في الفقه. وكان من أعلام المذهب. تُوفي في رمضان بالثغر. تفقه به ابن المفضل، وروى عنه. 4 (حرف النون)

4 (نصر اللَّه بن أبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد) أبو السادات بن زُريق الشيباني، القزَّاز، الحريمي. مُسند بغداد في وقته. كان شيخاً صالحاً من بيت الرواية. سمع: جده أبا غالب، وأبا سعد بن خُشيش، وأبا القاسم الربعي، وأبا الحسين بن الطُّيوري، وأبا الحسن بن العلاف، وأبا العز محمد بن المختار، وأبا العباس أحمد بن محمد بن عمروس، وأحمد بن محمد بن عليّ بن العلاف، وأبا القاسم بن بيان، وأبا عليّ بن نبهان، وشجاع بن فارس الذُّهليّ، وأمه شمس النهار بنت أبي عليّ البردانيّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 166 حدَّث عنه: أبو سعد بن السمعاني، ومات قبله بإحدى وعشرين سنة. وابنه عثمان، وابن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، والتقي بن باسويه، ومعالي بن سلامة الحراني، وأبو عبداللَّه بن الدبيثي، والجمال أبو حمزة، ومحمد بن الحافظ عبد الغني، والأمين سالم بن صصرى، وفضل) اللَّه بن عبد الرزاق الجيلي، ومحمد بن عليّ بن بقاء السباك، ومحمد بن أبي الفتوح بن الحصري، وعبداللَّه بن عمر البندنيجي، واّخرون. واّخر من روى عنه بالأجازة ابن عبدالدائم. قال أبن الدبيثي: أراني مولده بخط جده أبي غالب في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. وتوفي في تاسع عشر ربيع الآخر، وله اثنتان وتسعون سنة. 4 (نصر بن فتيان بن مطر.) العلامة صاحب الدّين أبو الفتح بن المني النهرواني، الحنبلي، فقيه العراق. ولد سنة إحدى وخمسمائة. وتفقه على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري، ولازمه حتى برع في المذهب. وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، والحسين بن محمد البارع، وأبي بكر محمد بن عليّ بن الدنف، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبي الحسن بن الزاغوني، وأبي غالب بن البنا، وأبي نصر اليونارتي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 167 وتصدر للإشغال، وطال عمره، وقصده الطلبة من البلاد، وبعد صيته، واشتهر أسمه، وتخرج به أئمة. قال أبن النجار: كان ورعاً عابدا، حسن السمت، على منهاج السلف. أضر في اّخر عمره، وحصل له طرش. ولم يزل يدرس الفقه إلى حين وفاته. توفي في خامس رمضان. وقال أبن الدبيثي: كان له مسجد في المأمونية وبه يدرس. قلت: تفقه عليه الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وروى عنه: هما، وابن أخيه محمد بن مقبل، وأبو صالح نصر بن عبد الرزاق، وجماعة. قال ابن النجار: حمل على الرؤوس، وتولى حفظ جنازته جماعة من الأتراك خوفاً من العوام وازدحامهم عليه، ودفن بداره. 4 (حرف الهاء) هبة اللَّه بن أبي القاسم عليّ بن هبة اللَّه بن محمد بن الحسن. المولى مجد الدّين أبو الفضل ابن الصاحب، أستاذ دار المستضيء. انتهت إليه الرئاسة في) زمانه. وبلغ من الرتبة رتب الوزير وأبلغ، وصار يولي ويعزل. وماج في أيامه الرفض، وشمخت المبتدعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 168 وقد ولي حجابه الباب النوبي في أيام المستنجد، ولما بويع الناصر قربه وأدناه، وحكمه في الأمور والصدور. ولم يزل على ارتقائه إلى أن سعى به بعض الناس، فاستدعي إلى دار الخلافة، فقتل بها تاسع عشر ربيع الأول، وعلق رأسه على داره. وكان رافضياً سباباً. عاش إحدى وأربعين سنة، وقد خلف تركه عظيمة منها ألف ألف دينار ونيف. 4 (مواليد السنة) وفيها وُلد: التقي الحوراني الزاهد، وفراس بن العسقلاني، والجمال يحيى ابن الصيرفي، وعمر بن عوة الجزري، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 169 4 (وفيات سنة أربع وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسن.)

4 (إبراهيم بن سفيان بن إبراهيم عبد الوهاب ابن الحافظ عبداللَّه بن مندة.) أبو إسحاق العبدي، الإصبهاني. حدث عنه: زاهر الشحامي، والحسين بن الخلال، وخلق. قال ابن النجار: سمع كثيراً وأسمع أولاده، وكتب بخطه وكان موصوفاً بالصدق والأمانة، وحسن الطريقة والديانة. توفي في ثاني عشر جمادى الأولى. 4 (إبراهيم بن عبد الأعلى بن أحمد.) أبو غالب الخطيب، الواسطي، المعدل. شيخ صالح يخطب بقرية. سمع: أباه، ونصر اللَّه بن الجلخت، والحسن بن إبراهيم الفارقي الفقيه، والمبارك بن نغوبا. قال ابن الدبيثي: قدم بغداد، وكتبنا عنه وكان ثقةً توفي في المحرم وله نيف وسبعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 170 4 (أسامة بن مرشد بن عليّ بن مقلد بن نصر بن منقذ.) ) الأمير الكبير مجد الدين، مؤيد الدولة، أبو المظفر الكناني، الشيرزي الأديب، أحد أبطال الإسلام، ورئيس الشعراء الأعلام. ولد بشيرز في سنة ثمانٍ وثمانين وأربعمائة. وسمع سنة تسعٍ وتسعين نسخة أبي هدبة من: عليّ بن سالم السنبسي. سمع منه: أبو القاسم بن عساكر الحافظ وأبو سعد السمعاني، وأبو المواهب بن صصرى، والحافظ عبد الغني، ووله الأمير أبو الفوارس مرهف، والبهاء عبد الرحمن، وشمس الدّين محمد بن عبد الكافي، وعبد الصمد بن خليل بن مقلد الصائغ، وعبد الكريم بن نصر اللَّه بن أبي سُراقة، وآخرون. وله شعر يروق وشجاعة مشهورة. دخل ديار مصر وخدم بها في أيام

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 171 العادل بن السلار، ثم قدم دمشق، وسكن حماه مدةً، وكان أبوه أميراً شاعراً مجيداً أيضاً. وقال ابن السمعاني: قال لي أبو المظفر: أحفظ أكثر من عشرين ألف بيت من شعر الجاهلية. ودخلت بغداد وقت محاربة دبيس والمسترشد بالله، ونزلت بالجانب الغربي، وما عبرت إلى شرقيها. وقال العماد الكاتب: مؤيد الدولة أعرف أهل بيته في الحسب، وأعرفهم بالأدب. وجرت له نبوة في أيام الدمشقيين، وسافر إلى مصر فأقام بها سنين في أيام المصريين، ثم عاد إلى دمشق. وكنت أسمع بفضله وأنا بإصبهان. وما زال بنو منقذ مالكي شيزر إلى أن جاءت الزلزلة في سنة نيفٍ وخمسين وخمسمائة، وخربت حصنها، وأذهبت حسنها، وتملكها نور الدّين عليهم، وأعاد بناءها، وتشعبوا شعباً، وتفرقوا أيدي سبأ. وأسامة كإسمه في قوة نثره ونظمه، تلوح في كلامه إمارة الأمارة، ويؤسس بيتُ قريضه عمارة العبارة. انتقل إلى مصر فبقي بها مؤمَّراً، مشاراً إليه بالتعظيم إلى أيام ابن رزيك، فعاد إلى دمشق محترماً حتى أخذت شيزر من أهله، ورشقهم صرف الزمان بنبله، ورماه الحدثان إلى حصن كيفا مقيماً بها في والده، مؤثراً بلدها عل بلده، حتى أعاد اللَّه دمشق إلى سلطنة صلاح الدّين، ولم يزل مشغوفاً بذكره، مستهتراً بإشاعة نظمه ونثره. والأمير عضد الدولة ولد الأمير مؤيد الدولة جليسه ونديمه، فطلبه إلى دمشق وقد شاخ، فاجتمعتُ به وأنشدني لنفسه في ضرسه: (وصاحب لا أملُّ الدهرَ صُحبته .......... يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهدِ) ) (لم ألقه مذ تصاحبنا، فحين بدا .......... لناظري افترقنا فُرقة الأبدِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 172 قال العماد: ومن عجيب ما اتفق لي أني وجدتُ هذين البيتين مع أُخر في ديوان أبي الحسين أحمد بن منير الرفاء المتوفي سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة، وهي: (وصاحب لا أملُّ الدهر صُحبته .......... يسعى لنفعي وأجني ضره بيدي)

(أدنى إلى القلب من سمعي، ومن بصري .......... ومن تلادي، ومن مالي، ومن ولدي)

(أخلو ببثي من خالٍ بوجنته .......... مداده زائد التقصير للمُددِ) والأشبه أن ابن منير أخذهما وزاد عليهما. ولأسامة في ضرس آخر: (أعجب بمحتجب عن كل ذي نظر .......... صحبته الدهر لم أسبر خلائقه)

(حتى إذا رابني قابلته فقضى .......... حباؤه وإبائي أن أفارقه) وله: (وصاحب صاحبني في الثبى .......... حتى ترديت رداء المشيب)

(لم يبدُ لي ستين حولاً، ولا .......... بلوت من أخلاقه ما يريب)

(أفسده الدهر، ومن ذا الذي .......... يحافظ العهد بظهر المغيب)

(منذ افترقنا لم أصب مثله .......... عُمري ومثلي أبداً لا يصيب) وله: (قالوا نهتهُ الأربعون عن الصبا .......... وأخو المشيب بحرم ثمَّتَ يهتدي)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 173 (كم صار في ليل الشباب فدلَّه .......... صبح المشيب على الطريق الأقصد)

(وإذا عددت سني ثم نقصتها .......... زمنَ الهُموم فتلك ساعةُ مولدي) وله في الشيب: (أنا كالدُّجى لما تناهى عُمره .......... نشرت له أيدي الصباح ذوائبا) وله: (أنظر إلى لاعب الشطرنج يجمعها .......... مغالباً ثم بعد الجمع يرميها)

(كالمرء يكدحُ للدنيا ويجمعها .......... حتى إذا مات خلاها وما فيها) وله إلى الصالح طلائع بن رزيك وزير مصر يسأله تسيير أهله إلى الشام، وكان الصالح ابن) رزيك يتوقع رجوعه إلى مصر: (أذكرهم الودَّ إن صدُّوا وإن صدفوا .......... إن الكرام إذا استعطفتهم عطفوا)

(ولا تُرد شافعاً إلاّ هواك لهم .......... كفاك ما اختبروا وما كشفوا)

(ياحيرة القلب والفسطاطُ دارُهم .......... لم تصقب الدار ولكن أصقب الكلفُ)

(فارقتكم مُكرهاً والقلب يخبرني .......... أن ليس لي عوضٌ عنكم ولا خلفُ)

(ولو تعوَّضتُ بالدنيا غُبنتُ، وهل .......... يعوضنيعن نفس الجوهر الصدفُ)

(ولست أُنكر ما يأتي الزمان به .......... كل الورى لرزايا دهرهم هرفُ)

(ولا أسفتُ لأمر فات مطلبه .......... ولكن لفرقةِ من فراقته الأسفُ)

(الملكُ الصالح الهادي الذي شهدت .......... بفضل أيامه الأنباء والصُحفُ)

(كلك أثل عطاياه الغنى، فإذا .......... أدناكَ منه فأدنى حظك الشرفُ)

(سعت إلى زُهده الدنيا بزخرفها .......... طوعاً، وفيها على خطابها صلفُ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 174 (مشهدُ وعيونُ الناس هاجعةٌ .......... على التهجدِ والقرآن معتكفُ)

(وتشرق الشمس من لألآء غُرتهِ .......... في دسته فتكاد الشمس تنكسفُ) فأجابه الصالح، وكان يجيد النظم رحمه اللَّه: (آدابُك الغر بحرٌ ما له طرفُ .......... في كل جنسٍ بدا من حُسنه طُرفُ)

(نقول لما أتانا ما بعثتً به: .......... هذا كتابٌ أتى، أم روضةٌ أنُفُ)

(إذا ذكرناك مجد الدّين عاودنا .......... شوقٌ تجدد منه الوجد والأسفُ)

(يا من جفانا ولو قد شاء كان الى .......... جنابنا دون أهلِ الأرض ينعطفُ) ولأسامة: (مع الثمانين عاش الضعفُ في جسدي .......... وساءني ضعفُ رجلي واضطرابُ يدي)

(إذا كتبتُ فخطّي خط مضطربٍ .......... كخط مرتعش الكفين مرتعد)

(فاعجب لضعف يدي عن حملها قلماً .......... من بعد حطمِ القنا في لبَّةِ الأسدِ)

(وإن مشيتُ وفي كفي العصا ثقلت .......... رجلي كأني أخوض الوحل في الجلد)

(فقل لمن يتمنى طول مدته: .......... هذي عواقبُ طول العمر والمُدد) ولما قدم من حصن كيفا على صلاح الدّين قال:) (حمدت على طول عُمري المشيبا .......... وإن كنتُ أكثرتُ فيه الذُّنوبا)

(لأني حييتُ إلى أن لقيت .......... بعد العدوّ صديقاً حبيبا) وله: (لا تستعر جلداً على هجرانهم .......... فقواك تضعفُ عن حدودٍ دائمِ)

(وأعلم بأنك إن رجعت إليهم .......... طوعاً، وإلا عُدت عودة راغمِ) وعندي له مجلداٌ فيه بما رأى من ألأهوال قال: حضرؤت من المصافات والوقعات مهول أخطارها، واصطليت من سعير نارها، وباشرتُ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 175 الحرب وأنا ابن خمس عشرة سنة إلى أن بلغت مدى التسعين، وصرتُ من الخوالف، خدين المنزل، وعن الحروب بمعزل، لا أُعدُّ لمهم، ولا أُدعى لدفاع ملم، بعدما كنتُ أول من تنثني عليه الخناصر، وأكبر العددِ لدفع الكبائر، وأول من يتقدم السنجقية عند حملة الأصحاب، وآخر جاذب عند الجولة لحماية الأعقاب. (كم قد شهدت من الحروب فليتني .......... في بعضها من قبل نكسي أقتلُ)

(فالقتل أحسن بالفتى من قبل أن .......... يفنى ويُبليه الزمانُ وأجملُ)

(وأبيك ما أحجمتُ عن خوض الردى .......... في الحرب، يشهد لي ذاك المنصلُ)

(لكن قضاء اللَّه أخَّرني الى .......... أجلي الوقت لي فماذا أفعلُ) ثم أخذ يعد ما أحضره من الوقعات الكبار قال: فمن ذلك وقعة كان بيننا وبين اإسماعيلية في قلعة شيزر لما وثبوا على الحصن في سنة سبعٍ وعشرين وخمسمائة، ومصافّ على تكريت بين أتابك زنكي بن أقسنقر، وبين قراجا صاحب مرس في سنة ستٍّ وعشرين، ومصاف بين المسترشد بالله وبين

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 176 أتابك زنكي على بغداد في سنة سبعٍ وعشرين، ومصاف بين أتابك زنكي وبين الأرتقية وصاحب آمد في سنة ثمانٍ وعشرين، ومصاف على رفنية بين أتابك زنكي وبين الفرنج سنة إحدى وثلاثين، ومصاف قنسرين بين أتابك وبين الفرنج لم يكن فيه لقاء في سنة إحدى وثلاثينن ووقعة بين المصريين وبين رضوان الولخشي سنة اثنين وأربعين، ووقعة بين السودان بمصر في أيام الحافظ في سنة أربع وأربعين. ووقعة كانت بين الملك العادل ابن السّلار، وبين أصحاب ابن مصال في السنة، ووقعة أيضاً بين أصحاب العادل وبين ابن مصال في السنة أيضاً بدلاً، وفتنة قُتل فيها العادل بن السلار في سنى ة ثمانٍ وأربعين. وفتنة قُتل فيها الظافر وأخواه وابن عنه في سنة تسعٍ وأربعين، وفتنة) المصريين وعباس ابن أبي الفتوح في السنة. وفتنة أخرى بعد شهر حين قامت عليه الجند. ووقعة كانت بننا وبين الفرنج في السنة. ثم أخذ يسرد عجائب ما شاهد في هذه الوقعات، ويصف فيها شحاعته وإقدامه رحمه اللَّه. وقد ذكره يحيى بن أبي طيء في تاريخ الشيعة فقال: حدثني أبي قال: اجتمعت به دفعات، وكان إمامياً حسن العقيدة، إلا أنه كان يداري عن منصبه ويظهر التقية. وكان فيه خيرٌ وافر. وكان يرفد الشيعة، ويصل فقراءهم، ويعطي الأشراف. وصنَّف كتباً منها التاريخ البدري جمع فيه أسماء من شهد بدراً من الفريقين، كتاب أخبار البلدان في مدة عمره، وذيل على خريدة القصر للباخرزي، وله ديوان كبير، ومصنفات.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 177 توفي ليلة الثالث والعشرين من رمضان بدمشق، ودُفن بسفح قاسيون عن سبع وتسعين سنة. 4 (إقبال بن أحمد بن عليّ بن برهان.) أبو القاسم الواسطي، المقرىء، النحوي، المعروف بابن الغاسلة. ولد بواسط سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، وقرأ القرآن على المظفر بن سلامة الخباز، وجماعة. وسمع من: أبي عليّ الفارقي، وأبي السعادات الخطيب. ودخل بغداد فسمع من: أبي بكر بن الزاغونيّ. وكان عارفاً بالعربية. توفي ليلة عيد الأضحى. وبرهان: بالفتح. روى عنه: ابن الدُّبيثي ووثقه. 4 (أيوب بن محمد.) أبو محمد بن القلاطي، البلنسي، المؤدب. أخذ القراءآت عن: ابن هذيل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 178 وكان صالحاً، محققاً، مجوِّداً. أخذ عنه: أبو الربيع بن سالم، وأبو بكر بن محرز. 4 (حرف الحاء.)

4 (الحسن بن عليّ بن إبراهيم.) ) أبو عليّ الجويني الكاتب. صاحب الخط المنسوب. كان أديباً فاضلاً، شاعراً، حدَّث عن: موهوب بن أحمد الجواليقي. قال أبو محمد المنذري: أنشدنا عنه غير واحدٍ من أصحابه. وتوفي في تاسع صفر بالقاهرة. قال: وقيل إنه تُوفي سنة ستٍّ وثمانين. قلت: وكان مختصاً بالسلطان نور الدّين وبابنه لأدبه وظرفه. 4 (الحسين بن مسافر بن تغلب.) أبو عبداللَّه الواسطي، البرجوني، الضرير، المقرىء. قدم بغداد في صباه، وقرأ القراءآت على سبط الخياط وأكثر عنه، وعاد إلى بلده، وحمل الناس عن. وكان حاذقاً بالفن. روى عنه: أبو عبداللَّه الدُّبيثي، وغيره. توفي في ذي الحجة. وجده تغلب: بغين معجمة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 179 4 (حرف الخاء)

4 (خالص) الأمير مجاهد الدّين الحبشي، الخادم. كان ذا رأي وعقل. وله اختصاص بالدخول على الخليفة. توفي في رجب. قال ابن الأثير: كان أكبر أمراء بغداد. 4 (حرف السين)

4 (سلجوقي خاتون بنت قليج رسلان بن مسعود.) الرومية الجهة، المعظمة، ابنة سلطان الروم، وترعف بالخلاطية. زرجة الناصر لدين اللَّه، وكان يحبها. قدمت بغداد للحج، فوصفت لأمير المؤمنين، وأخبر بجمالها الزائد،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 180 وكانت مزوَّجة بصاحب حصن كيفا. فحجت وعادت إلى بلدها، فتوفي زوجها، غفراسل الخليفة أخاها وخطبها، فزوجها) منه. ومضى لإحضارها الحافظ يوسف بن أحمد شيخ رباط الأرجوانية في سنة إحدى وثمانين، فأحضرت وشغف الخليفة بها. وبنت لها رباطاً وتربةً بالجانب الغربي، فتوفيت قبل فراغ العمارة، ودخل على الخليفة من الحزن ما لا يوصف، وذلك في ربيع الآخر، وحضرها كافة الدولة والقضاة والأعيان. ورفعت الغرز والطرحات، ولبسوا الأبيض ورفعت السملة ووضعت على رؤوس الخدام، وارتفع البكاء من الجواري والخدم، وعُمل لها العزاء والختمات. 4 (سليمان بن أبي البركات محمد بن محمد بن الحسين بن خميس.) أبو ربيع الكعبين الموصلي المعدل. حدث عن والده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 181 وتوفي في أول السنة. وكان ثقة. وأبوه أبو البركات يروي عن أبي نصر أحمد بن طوق الموصلي. وأبو البركات هو عم الفقيه الإمام أبي عبداللَّه الحسين بن نصر بن خميس الشافعي، وكان صاحب فنون. روى عن ابن البطر وطبقته، ومات بالموصل قبل أبي الوقت. 4 (حرف الصاد)

4 (صبيح بن عبداللَّه.) أبو الخير الحبشي، العطاري، البغدادي، الزاهد، مولى أبي القاسم نصر بن منصور العطار، الحراني، التاجر. حفظ القرآن وسمع الكثير من ابن مولاه، وكتب بخطه الكثير. واعتنى بالسماع فسمع من: ابن ناصر، ونصر العكبري، وابن الزغواني، وأبي الوقت. وطبقتهم وكان عبداً صالحاً، وقف كُتُبه. ويقال له: النصري، نسبة إلى معتقه نصر. سمع منهك إبراهيم بن محمود الشعار، معلي بن الحسن ابن رئيس الرؤساء، وأبو المواهب بن صصرى، وداود بن علي. توفي في صفر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 182 واسم أبيه: بكَّر مُثقَّل، وهو فردٌ. 4 (حرف الظاء)

4 (ظاعن بن محمد بن محمود بن الفرنج بن زرير.) أبو محمد، وأبو المقيم الأسدي، الزبيري، الأزجي، الخياط، من ذرية أمير المؤمنين عبداللَّه بن الزبير. سمع: أبا عثمان بن ملة، وأبا طالب بن يوسف. وكان حافظاً لكتاب اللَّه. روى عنه: حفيده عليّ بن عبد الصمد شيخ للدمياطي، وغيره. وآخر من حدث عنه أبو الحسن بن النعال. وسمع منه: أبو سعد بن السمعاني وقال: شابٌّ من أهل دار الخلافة، لا بأس به، كتبت عنه شيئاً يسيراً، وقال لي: كناني المسترشد بالله بأبي مقيم، ولي أربعون سنة. قال ذلك في سنة ستٍّ وثلاثين. وقال ابن الدبيثي: ولد في ذي الحجة سنة. قلت: آخر من روى عنه: محمد ابن أنجب النعال الصوفي. 4 (ظافر بن عساكر بن عبداللَّه بن أحمد) أبو المنصور الخزرجي، الأنصاري، المصري، المالكي. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: أحمد بن الحطيئة. ومحمد بن إبراهيم الكيزاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 183 وهو والد المحدث أبي اليمن بركات. وله شعر حسن. 4 (حرف العين.)

4 (عبداللَّه بن عليّ بن عمر بن حسن.) سمع: أباه، ومحمد بن خلف بتكريت. ورحل وطلب الحديث، فسمع بالموصل محمد بن القاسم الأنصاري، وأحمد بن أبي الفضل الزبيري وببغداد: أبا الفتح الكروخي، وابن ناصر، وعبد الخالق اليوسفي.) سمع منه: أهل تكريت والرحالة. قال ابن الدبيثي: كان فيه تساهل في الراوية. وتوفي في ربيع الأول. قلت: روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وعز الدّين ابن الأثير. قال: وكان عالماً بالحديث، وله تصانيف حسنة. 4 (عبداللَّه بن محمد بن سعد اللَّه بن محمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 184 أبو محمد البجلي، الجريري، البغدادي، الحنفي الواعظ المعروف بابن الشاعر. نزيل القاهرة. توفي بالقاهرة عن ثنتين وسبعين سنة. وكان ذا جاهٍ وقبول وتقدم في مذهبه. روى عنه: ابن الحصين، وأبي المواهب بن ملوك، والقاضي أبي بكر، وجماعة من الكبار. وقدم دمشق وسمع من: أبي المكارم بن هلال، والحافظ ابن عساكر. ودرس بالأسدية، وهي التي في قبلة الميدان. وحدَّث بدمشق، ومصر. روى عنه: ابن المفضل الحافظ، وأبو القاسم بن صصرى. 4 (عبداللَّه بن محمد بن أبي المفضل.) أبو بكر الطوسي، الشنجي، شيخ رباط الشونيزية. وذكر أنه ابن أخت الغزالي. روى عن: عبد المنعم بن القشيري. وعنه: أبو المواهب بن صصرى. توفي في ذي الحجة سنة أربعٍ وثمانين. 4 (عبداللَّه بن محمد بن مسعود بن خلف.) أبو محمد اللخمي، الإشبيلي، نزيل بلنسية. روى عن: أبي الحسن بن مغيث، وأبي بكر بن العربي، وجماعة. لقيه أبو الربيع بن سالم في هذه السنة وأخذ عنه. 4 (عبد الباقي بن إبراهيم.) الواسطي، الحنائي. يروي عن: أبي عليّ الفارقي.) روى عنه: ابن الدُّبيثي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 185 مات في جمادى الأولى. 4 (عبد الجبار بن هبة اللَّه بن القاسم بن منصور.) أبو طاهر بن أبي البقاء بن البندار البغدادي. ولد سنة اربع وخمسمائة. وسمع من: أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله، وهبة اللَّه بن عليّ البخاري، وعليّ بن عبداللَّه الدينوري، وهبة اللَّه بن الحصين، وأبي غالب بن البنا وجماعة. روى عنه: أبو بكر الحازمي، وأبو بكر بن مشقّ، وجماعة. وكان ثقة من بيت الرواية. توفي في شوال. 4 (عبد الرحمن بن الحسين بن الخضر بن الحسين بن عبداللَّه بن الحسين بن عبدان.) العدل ابو الحسين بن العدل أبي عبداللَّه الأزدي، الدمشقي. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: عبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن سهل الإسفرائيني، وعلي بن عيسى المالكي، وجمال الإسلام. ورحل فسمع ببغداد من: أبي الفضل الأرمويّ، والمبارك بن المبارك التعاويذي، وعلي بن عبد السيد الصباغ. وتوفي في رابع عشر شعبان. رُوي عنه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 186 4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبيد اللَّه بن يوسف بن أبي عيسى.) القاضي أبو القاسم بن حُبيش الأنصاري الأندلسي المريّي، نزيل مرسية. وحُبيش خاله، فنُسب إليه. واشتهر به. ولد سنة أربع وخمسمائة بالمرية، وقرأ القراءآت على أبي القاسم أحمد بن عبد الرحمن القصبيّ، وأبي القاسم بن أبي رجاء البلويّ. وأبي الأصبغ بن اليسع.) وتفقه بأبي القاسم بن ورد، وأبي الحسن بن نافع. وسمع منهما. ومن: أبي عبداللَّه بن وضاح، وعبد الحق بن غالب، وعلي بن إبراهيم الأنصاري، وأبي الحسن بن موهب الجذامي. ورحل إلى قرطبة، فأدرك بها يونس بن محمد بن مغيث، وهو أسند شيوخه، فسمع منه ومن: جعفر بن محمد بن مكين وقاضي الجماعة محمد بن أصبغ، وأبي بكر ابن العربي. وأخذ الأدب عن: أبي عبداللَّه محمد بن أبي زيد النحويّ. وبرع في النحو فلما تغلبت الروم على المرية سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة خرج إلى مرسية، ثم أوطن جزيرة شقر، وولي القضاة والخطابة بها ثنتي عشرة سنة. ثم نقل إلى خطابة مرسية، ثم ولي قضاء سنة خمسٍ وسبعين، فحمدت أحكامه مع ضيقٍ في أخلاقه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 187 وكان أحد أئمة الحديث بالأندلس، والمسلم له في حفظ أغربة الحديث ولغات العرب وأيامها، لم يكن أحد يجاريه في معرفة الرجال والتواريخ والأخبار. قاله أبو عبداللَّه الأبار. قال: وسمعت أبا سليمان بن حوط اللَّه يقول: سمعته يقول إنه مرّ عليه وقتٌ يذكر فيه تاريخ أحمد بن أبي خيثمة أو أكثره. قال أبو سليمان: وكان خطيباً، فصيحاً، حسن الصوت، لهُ خطبٌ حسان. وذكره أبو عبداللَّه بن عياد فقال: كان عالماً بالقرآن إماماً في علم الحديث، عارفاً بعلله، واقفاً على رجاله. لم يكن بالأندلس من يُجاريه فيه. أقرَّ له بذلك أهل عصره، مع تقدمه في اللغة والأدب. واستقلاله بغير ذلك من جميع الفنون. قال: وكان له حظ من البلاغة والبيان، صارماً في أحكامه، جزلاً في أموره. تصدّر للإقراء والتسميع وتدريس الأدب، وكانت الرحلة في وقته إليه وطال عمره. قال: وله كتاب المغازي في عدة مجلدات حمله عنه الناس. قلت: روى عنه: أحمد بن محمد الطرطوشي، وأبو سليمان بن حوط اللَّه، ومحمد بن وهب الفهري، ومحمد بن الحسن اللخمي الدانيّ، ومحمد بن إبراهيم بن صلتان، ومحمد بن أحمد بن حبُّون المرسي، ومحمد بن محمد بن أبي السداد اللمتونيّ، ونذير بن وهب الفهريّ أخو محمد، وعبداللَّه بن الحسن المالقي، ويُعرف بابن القُرطبيّ الحافظ، وأبو الخطاب عمر بن دُحية الكلبيّ، وعلي بن يوسف بن الشريك، وعليّ بن أبي العافية القسطلي، وخلق سواهم.) وروى عنه بالإجازة أبو عليّ عمر بن محمد الشلوبين النحوي، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 188 قال الأبار: توفي بمرسية في رابع عشر صفر. وكاد يهلك ناسإ من الزحمة على نعشه. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد.) أبو الحسن القُرطبي. روى عن أبيه: ابيه أبي بكر، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي عبداللَّه بن مكي، وأبي الحسن شريح، وميمون بن ياسين. وولي خطابه إشبيلية. وكان من أهل الفضل والصلاح والإنقباض. أخذ الناس عنه. توفي سنة أربعٍ، وقيل سنة. 4 (عشير بن عليّ بن أحمد بن الفتح.) أبو القبائل الشامي، الجبلي، المزارع، القيِّم، الوقّاد، الرجل الصالح، المعمر. ولد سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وسمع وهو كبير من: أبي صادق مرشد بن يحيى المديني، وأبي عبداللَّه محمد بن أحمد الرازي. روى عنه: الحافظ عبد الغني، والحافظ عبد القادر، وطائفة آخرهم عبد الغني بن بنين. وعاش مائة وسنتين. قال الحاقظ المنذري: قال لي بعض شيوخنا: لولا بياض لحيته ما منت شيخاً لظهور قوته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 189 وكأنه من جَبلة التي بالساحل. 4 (علي بن يحيى بن عليّ بن محمد بن الطّرّاح.) أبو الحسن بن أبي محمد البغدادي، المُدير. سمع: أباه، وهبة اللَّه بن الحصين، وهبة اللَّه الشُّروطي، ومحمد بن الحسين الإسكاف، وجماعة. ويُقال لمن يدور بالسجلات التي حكم القاضي على الشهود: المدير. واشتهر بهذا جدُّه. توفي في رمضان.) 4 (عمر بن بكر بن محمد بن عليّ بن الفضل.) القاضي العلامة عماد الدّين أبو حفص ابن الإمام الكبير شمس الأئمة أبي الفضل الأنصاري، الخزرجي، الجابري، البخاري، الزرنجري، وزرنجرة من أعمال بخارى. الفقيه الحنفيّ، ويُكنّى أيضاً بأبي العلاء. أنبأني أبو العلاء الفرضي قال: هو نعمان الثاني في وقته، قفقّه على أبيه وعلى بُرهان الأئمة ابن مازة رفيق والده. وسمع صحيح البخاري من أبيه، أنا أبو سهل الأبيوردي، أنا أبو عليّ بن حاجب الكشاني، أنا الفربري، عن المؤلف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 190 وسمع أيضاً من: الحسين بن أبي الحسن الكاشغري، وأبي الفتح محمد بن إبراهيم الحمدوني السخسيّ، وغيرهم. تفقَّه عليه شمسُ الأئمة أبو الوحدة محمد لن عبد الستار الكردي، ومفتي الشرق جمال الدّين عُبيد اللَّه بن إبراهيم المحبوبي، وصدر العالم محمد بن عبد العزيز بن مازة. وسمع منه: أبو الوحدة المذكور، وأثير الدّين أحمد بن محمد الخجنديّ. وعاش نحواً من تسعين سنة. وانتهت إليه رئاسة المذهب. وتوفي في تاسع عشر شوال. وهو آخر من روى عن أبيه. 4 (عمر بن نعمة بن يوسف بن سيف بن عساكر.) أبو حفص الرؤبيّ، المقدسي، ثم المصري، المقري، البناء. ولد سنة خمسمائة، وقرأ القرآن على سلطان بن صخر. وسمع من أبي الفتح الكروخيّ. وأقرأ القرآن مدةً طويلة بمسجده بسوق وردان. وكان عجباً في ملازمة التلقين. روى عنه: ابنه أبو الحرم مكي، وقال إنه منسوب إلى رؤبة، وإنه صحابي وهذا لا يُعرف. وقيل روبة بلد الشام. 4 (عيسى بن مودود بن عليّ بن عبد الملك بن شعيب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 191 الأمير فخر الدّين أبو المنصور التركي، صاحب تكريت. من أتراك الشام.) كان حسن السير، كثير المروءة، سمحاً، جواداً، له نظمُ لطيف الأسلوب، وترسُّل، وديوان. ومن شعره: (وما ذات طوق في فُروع أراكةٍ .......... لها رنة تحت الدُّجى وصدوحُ)

(ترامت بها أيدي النَّوى ة تكنت .......... بها فرقةٌ من أهلها ونُزوحُ)

(بأبرحَ من وجدي لذكراك متى .......... تألق برقٌ أو تنسَّم ريح) وُلد بحماه وقتلته إخوته بقلعة تكريت، ثم باع أخوه إلياس قلعة تكريت للخليفة. 4 (حرف الغين)

4 (غالب بن محمد بن هشام.) أبو تمام العوفي، الأندلسي، من أهل وادي آش. روى عن: أبي القاسم بن ورد، وأبي محجمد بن عطية، وأبي الحجاج القُضاعي، وجماعة. حدَّث عنه: أبو القاسم الملاحي، وأبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو الوليد بن الحاج. عاش إلى هذه السنة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن أحمد.) أبو عبداللَّه البُستيّ، الصوفيّ، العارف. توفي بروذراور في رمضان عن نيفٍ وثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 192 له تصانيف في الطريقة. 4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مسعود بن أحمد بن الحسين)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 193 الإمام أبو سعيد وأبو عبداللَّه بن أبي السعادات المسعودي، الخُراساني، البنجديهي، الفقيه الصوفي، المحدث. وُلد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة في أول ربيع الآخر. وسمع بخُراسان من: أبي شجاع عمر بن محمد البسطامي، وأبي الوقت السجزيّ، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وعبد السلام بن أحمد بليترة، وأبي النصر الفامي، ومسعود بن محمد الغانمي، والحسن بن محمد الموساباذيّ. وسمع ببغداد من: أبي المظفر محمد بن أحمد بن التُّريكي وبمصر من: عبداللَّه بن رفعة) وبالإسكندرية من: السلفي. وحدَّث عن أبيه، وعبد الصبور بن عبد السلام، ومسعود بن الحسن الثقفي. وأملى بمصر سنة خمسٍ وسبعين مجالس. وبنجديه: من أعمال مرو الرُّوذ. وأدب الملك الأفضل بن السّلطان صلاح الدّين. وصنَّف وشرح المقامات وطوله، وأقتنى كُتباً نفيسة بجاه الملك. قال القفطي: فأخبرني أبو البركات الهاشمى قال: لما دخل صلاح الدّين حلب سنة سبعٍ وسبعين نزل البنجديهي الجامع، واختار من خزانة الوقف جُملة كُتبٍ لم يمنعه منها أحد، ورأيته يحشرها في عدل. وكان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 194 المحدثون يلينونه في الحديث، ولقبه: تاج الدين. وقال المنذري: كتب عنه السلفي أناشيد. وثنا عنه الحافظ عليّ بن المفضل، وآخرون. وهو منسوبٌ إلى جده مسعود. قلت: روى عنه: محمد بن أبي بكر البلخي، وزين الأمناء أبو البركات، والتاج بن أبي جعفرن وجماعة. وقال ابن خليل الأدمي: لم يكن في نقله بثقةٍ ولا مأمون. توفي المسعودي في سلخ ربيع الأول، ودُفن بسفح جبل قاسيون، ووقف كتبه بالسميساطية. وقال ابن النجار في تاريخه: كان المسعودي من الفضلاء في كل فن، في الفقه، والحديث، والأدب وكان من أظرف المشايخ، وأحسنهم هيئة، وأجملهم لباساً. قدم بغداد سنة أربع وخمسين طالب حديث. وسمع بدمشق من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، والفلكي. وأجاز له أبو العز بن كادش.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 195 4 (محمد بن عبيد اللَّه بن عبداللَّه.) أبو الفتح بن التعاويذي، الشاعر المشهور صاحب الديوان الذي في مجلدتين. وإنما عرف بابن التعاويذي لأنه سبط المبارك بن المبارك ابن التعاويذيّ. وكان عُبيد اللَّه والده مولّى لبني المظفَّر اسمه نُشتكين، ثم سمّي عُبيد اللَّه. وأضرّ أبو الفتحج في آخر عمره.) وكان شاعر العراق في وقته. وهو القائل: (أمط اللثام عن العذارِ السائل .......... ليقوم عُذري فيك عند عواذلي)

(واغمد لحاظك قد فللت تجلدي .......... وأكفن سهامك قد أصبتّ مقاتلي)

(لا تجمع الشوقّ المبرّح والقلى .......... والبين لي، أحد الثلاثة قاتلي)

(وبنفسي الغضبان لا يرضيه غيرُ .......... دمي ومافي سفكهِ من طائل)

(عانقته أبكي ويبسم ثغره .......... كالبرق أومضَ في غمامٍ هاطلِ) وكان كاتباً بديوان المقاطعات، وكان الوزير أبو جعفر بن البلديّ قد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 196 عزل الدواوين وصادرهم وعاقبهم، فعمل ابن التعاويذي في بغداد من قصيدة: (بادت وأهلوها معاً فديارهم .......... ببقاء مولانا الوزير خرابُ)

(والناسُ قد قامت قيامتهم فلا .......... أنسابَ بنيم ولا أسبابُ)

(حَشرٌ وميزانٌ وهولٌ مفظعٌ .......... وصحائفٌ منشورةٌ وحسابُ)

(مافاتهم من كل ما وعدوا به .......... في الحشر إلاّ راحمٌ وهَّابُ) وله: (قالت أتقنعُ أن أوزورك في الكرى .......... فتبيتَ في حُلمِ المنام ضجيعي)

(وابيك ماسمحت بطيف خيالها .......... إلا وقد ملكت عليّ هجوعي) وله أشعارٌ كثرية يرثي عينيه ويبكي أيام شبابه. وكان قد جمع ديوانه قبل العمى، ورتبه أربعة فصول. وكلما جدده بعد ذلك سمّاه الزيادات. روى عنه: عليّ بن المبارك الوارث. وتوفي رحمه اللَّه في شوال عن خمسٍ وستين سنة. 4 (محمد بن عليّ بن عبد العزيز بن جابر بن أوسن.) أبو عبداللَّه اليحصبي، القرطبي. روى عن: أبي مروان بن ميسرة، وأبي عبداللَّه بن أصبغ. وسمع الموطأ من: أبي عبداللَّه بن نجاح الذهبي. وقرأ القراءآت على عياش بن فرخ. وأتقن العربية وولي خطابة قرطبة. روى عنه: أبو سليمان بن حوّط اللَّه، وابو القاسم بن ملجوم.) ووصفه غير واحد بالحفظ والدين. وتوفي في ذي القعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 197 4 (محمد بن عليّ بن محمد بن الحسن بن صدقة.) أبو عبداللَّه الحراني، التاجر السفار، ويعرف بابن الوحش. شيخ صالح، صدوق، معمَّم، جليل، تردَّد في التجارة إلى خراسان، وغيرها. وسمع في الكهولة صحيح مسلم من أبي عبداللَّه الفراوي سنة ثمانٍ وعشرين وخمسمائة وله إحدى وأربعون سنة. وحدَّث به بدمشق، وسمعه منه خلق. روى عنه: الشيخ أبو عمر، والشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ الضياء، وخطيب مردا، ومحمد بن عبد الهادي، وابن عبد الدائم، ويوسف بن خليل، وأبو المعالي أحمد بن محمد الشيرازي، ومحمد بن سعد الكاتب، والعماد عبداللَّه بن الحسن بن النحاس، ومحمد بن سليمان الصقلي الدلاّل، وخلق سواهم. وقد روى ابن الدُّبيثي في تاريخه عن ابن الأخضر، عنه. توفي في ربيع الأول. وقيل في ربيع الآخر بدمشق، وله سبعٌ وتسعون سنة. وقال ابن النجار: سكن دمشق وبنى بها مدرسة ووقفها على الحنابلة. 4 (محمد بن المطهر بن يعلى بن عوض بن أميرجة.) أبو الفتوح العلوي، العمري، الهروي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 198 حدث ببغداد، والحجاز عن أحمد بن محمد بن صاعد، ومحمد بن الفضل الفراوي. روى عنه: ابو عبداللَّه بن الدبيثي: والتاج بن محمد بن أبي جعفر. ومحمد بن أبي بدر بن المَنِّي، وأبو القاسم عليّ بن سالم بن الخشاب، وآخرون. وتوفي بإذربيجان، ولعله حدث هناك، وعاش ثمانين سنة. 4 (محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم) الحافظ أبو بكر الحازمي، الهمذاني. ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 199 وسمع بهمذان من: أبي الوقت حضوراً، ومن شهردار بن شيرويه، وأبي زرعة بن طاهر، وأبي العلاء العطار، ومحمد بن بنيمان، وعبداللَّه بن حيدر القزويني، ومعمر بن الفاخر.) ورحل على بغداد سنة بضع وسبعين فسمع: عبداللَّه بن عبد الصمد السلمي العطار، وأبا الحسين عبد الحق، وأخاه أبا نصر عبد الرحيم، وأبا الثناء محمد بن محمد بن الزيتوني، وطائفة. وسمع بالموصل من خطيبها أبي الفضل. وبواسط من: أبي طالب الكناني المحتسب، وأحمد بن سالم المقرىء، وبالبصرة من: محمد بن طلحة المالكي. وبدرب عمرو بإصبهان من: أبي الفتح عبداللَّه بن أحمد الخرقي، وأحمد بن ينال، وأبي موسى المديني الحافظ، وطائفة سواهم. وسمع بالجزيرة، والحجاز، والشام، وعني بهذا الشأن، وكتب الكثير، وصنف وله إجازةٍ من: أبي سعد السمعاني، وأب يعبداللَّه الرستمي، وأبي طاهر السلفي. روى عنه:: أبو عبداللَّه الدبيثي، والتقي عليّ بن ماسويه المقرىء، وابن أبي جعفر، وخطيب دمياط الجلال عبداللَّه بن محسن السعدي، وآخرون. قال ابن الدبيثي: قدم بغداد عند بلوغه واستوطنها، وتفقه بها على مذهب الشافعي، وجالس علماءها، وتميز، وفهم وصار من أحفظ الناس للحديث وأسانيده ورجاله، مع زهد، وتعبد، ورياضةٍ وذكر. صنف في علم الحديث عدة مصنفات، وأملى عدة مجالس. سمعت منه ومعه. وكان كثير المحفوظ، حلو المذاكرة، يغلب عليه معرفة أحاديث الأحكام. وأملى طرق الأحاديث التي في كتاب المهذب لأبي إسحاق وأسندها. ولم يتمه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 200 وقال ابن النجار: كان من الأئمة الحافظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله. ألف كتاب الناسخ والمنسوخ، وكتاب عجالة المبتديء في الأنساب و المؤتلف و المختلف في أسماء البلدان، وكتاب إسناد الأحاديث التي في المهذّب. وأملى بواسط مجالس. وكان ثقة، حجة، نبيلاً، زاهداً، عابداً، ورعاً ملازماً للخلوة والتصنيف ونشر العلم. أدركه أجله شاباً. وسمعت محمد بن محمد بن محمد بن غانم الحافظ بإصبهان يقول: كان شيخنا الحافظ أبو موسى يفضل أبا بكر الحازمي على عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ويقول: هو أحفظ منه. وما رأيت شاباً أحفظ منه. سمعتُ محمد بن سعيد الحافظ يقول: ذكر لنا الحازمي أ، مولده في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.) وتوفي في قامن وعشرين جمادى الأولى. قلت: عاش خمساً وثلاثين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 201 4 (محمد بن أبي المعالي بن قايد.) أبو عبداللَّه الأواني، الصوفي، الصالح. دخل عليه رجل من الملاحدة في الخامس والعشرين من رمضان وحده فقتله وهو صائم، ودفن في رباطه رحمه اللَّه بأوانا. حكى عنه شهاب الدّين عمر السهرودي وغيره حكايات. وايد بالقاف. وأوانا قرية على مرحلة من بغداد مما يلي الموصل. قال سبط ابن الجوزي: كان صاحب كرامات وإشارات ورياضيات، وكلام على الخواطر. أقعد زماناً، وكان يحمل في محفة إلى الجمعة. وقدم إلى أوانا واعظ فنال من الصحابة، فجاءوا به في المحفة، فصاح على الواعظ من دعاة سنان رأس الإسماعيلية، وزحمته العامة فهرب إلى الشام، وحدث سناناً بما جرى عليه، فبعث له اثنين، فأقاما في رباطه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 202 أشهراً يتعبدان، ثم وثبا عليه فقتلاه، وقتلا صاحبه عبد الحميد، وهربا مذعورين، فدخلا البساتين، فرأيا فلاحاً يسقي ومعه مر، فأنكرهما وحط بالمر على الواحد فقتله، فحمل عليه الآخر فاتقاه بالمر، فقتل الآخر. ثم سقط في يده وندم، وراّهما بزي الفقر. ووقع الصائح بأوانا حتى بطلت يومئذٍ الجمعة بها. وجاء الفلاح للضجة فسأل: من قتل الشيخ فوصفوا له صفة الرجلين، فقال: تعالوا. فجاء معه فقراء فقالوا: هما واللهِ وقالوا له أعلمت الغيب قال: لا والله، بل أُلهمت إلهاماً فاحرقوهما. وقيل إن الشيخ عبداللَّه الأرموي نزيل قاسيون حضر هذه الوقعة. 4 (المبارك بن أحمد غالب أحمد بن وفا بن منصور.) الأزجي أبو الفضل الدقاق المعروف بابن الشيرجي. ولد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وحدَّث عن: أبي القاسم بن الحصين، وأبي غالب بن البنا. وتوفي رحمه اللَّه تعالى في شوال. 4 (المبارك بن أبي بكر عبداللَّه بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن النفور.) أبو الفرج البغدادي، المعدل. من بيت الرواية، والمشيخة.) زلد سنة أربع عشرة وخمسمائة. وسمع بإفادة أبيه، وبنفسه من: هبة اللَّه بن الحصين، وأحمد بن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 203 الحسن بن البنا، وهبة اللَّه بن أحمد الحريريي، وأبي بكر الأنصاري، وأبي منصور القزاز، وطائفة. وهو آخر أولاد ابن النفور، ولم يخلف ذكراً. سمع منه: إبراهيم بن الشعار، وعلي بن أحمد الزيدي، وعمر بن علي، وآخرون. توفي في شعبان. 4 (مسعود بن قُراتكين.) أبو الفتح البدري، الجندي. حدًّث عن: أبي جعفر بن محمد بن العباسي، وأبو الوقت، وجماعة بنابلس. وكان جندياً فتزهد وتعبّد. 4 (مفرج بن سعادة.) أبو الفرج الإشبيلي، المعروف بغلام أبين عبداللَّه البرزالي. روى عن: ميميون بن ياسين، وأبي القاسم الهوزني، ونعمان بن عبد الله. وأجاز له أبو محمد بن عتاب. وكان محدثاً، حافظاً، متقناً، نبيلاً. أخذ عنه أبو جعفر بن أبي مروان، وأبو محمد بن جهور، وأبو بكر بن عُبيد. وكان حياً في هذه السنة. 4 (المفضل بن عليّ بن مفرّج بن حاتم بن الحسن.) القاضي الأنجب أبو المكارم المقدسي، الإسكندراني، المالكي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 204 ولد سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وحدَّث عن: عمه الحسين بن مفرج المقدسي. روى عنه: ابنه الحافظ أبو الحسن، وغيره. وتوفي في رجب بالإسكندرية. 4 (ميمون بن جبارة بن خلفون.) أبو تميم الفرداوي. دخل الأندلس وولي قضاء بلنسية مدة، ثم صُرف. وولي قضاء بجاية.) وكان من كبار العلماء، معدوداً في الرؤساء، كريم الأخلاقن عظيم الحرمة، وبه انتفع أهل بلنسية واستقاموا وتفقهوا. استقدم إلى مراكش لتولي قضاة مرسية بعد وفاة الإمام أبي القاسم بن حُبيش، فتوفي في طريقه إليها بتلمسان. أخذ عند القاضي أبو عبداللَّه بن عبد الحق، وغيره. 4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن محمد بن عبداللَّه بن أحمد بن محمد.) أبو جعفر بن المهتدي بالله، الخطيب العباسي. من بيت خطابة ورئاسة. وُلي خاطبة جامع القصر زماناً، وسمع: أبا طالب بن يوسف، هبة اللَّه بن الحصين. وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي. وكان كثير الخشوع في صلاته، بليغ الموعظة. توفي في صفر وله أربعٌ وسبعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 205 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عيسى بن أزهر.) أبو بكر الحجري، الشريشي، قاضي شريش. أخذ عن: أبيه، وأبي القاسم بن جهور. وعلم بالقراّن والعربية. حدث عنه: أبو العباسبن سلمة اللورقي، وأبو بكر الغزال. وأجازلأبي عليّ الشلُوبيني. 4 (يحيى بن محمودبن سعد.) أبو الفرج الثقفي، الصوفي، الإصبهاني. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة، وسمع حضوراً في الأولى من: أبي عليّ الحداد، وحمزة بن العباس العلوي، وأبي عدنان محمد بن أحمد بن أبي نزار. وسمع من: حمزة بن طباطبا العلوي، وعبد الكريم بن عبد الرزاق الحسناباذي، والمحسن بن محمد بن عمر بن واقد، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، والحسين بن عبد الملك الأديب، وفاطمة) بنت عبداللَّه الجوزدانية، وجده لأمه إسماعيل بن محمدالحافظ مؤلف الترغيب والترهيب وحدَّث بإصبهانن ودمشق، وخلب، والموصل، وكان له نسخٌ بمسموعاته، اقتناها له والدهز ورحل في آخر عمره، ونشر حديثه. روى عنه: الشيخ الموفَّق، وأبو الحسن محمد بن حموية، والشيخ أبو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 206 عمر، وابنه عبداللَّه بن أبي عمر، ويوسف بن خليل، ة ومحمد بن عبد الواحد، وبدل التبريزي، والخطيب عليّ بن محمد عليّ المعفري، والرضي عبد الرحمن المقدسي، والقاضي زين الدّين عبداللَّه ابن الأستاذ، ومحمد بن طرخان الصالحي، ونجم الدّين الحسن بن سلام، وسالم بن عبد الرزاق خطيب عقرباء، وعقيل بن نصر اللَّه بن الصوفي، واسحاق بن الحسين بن صصرى، وخطيب مردا، والعماد عبد الحميد، ومحمد ابنا عبد الهادي، والضياء صقر الحلبي، وإبراهيم بن خليل، وخلق كثير آخرهم الزين أحمد بن عبد الدائم. توفي قريباً من همذان غريباً عن سبعين سنة. وقيل توفي في أواخر سنة ثلاثٍ وثمانين. 4 (يعقوب بن محمد بن خلف بن يونس بن طلحة.) أبو يوسف الشقري، نزيل شاطبة. قرأ الموطأ: عل أبي بكر عتيق بن أسد، وصحب أبا إسحاق بن خفاجة الشاعر، وحمل عنه. وكان فقيهاً مشاوراً، أديباً، بارعاً، عالماً، بالشروط. روى عنه: طلحة بن يعقوب، وأبو القاسم بن بقي، وأبو القاسم البراق. وعاش ثمانياً وسبعين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 207 4 (مواليد السنة) وفيها ولد: حسن بن المهر البغدادي، وأبو بكر عبداللَّه بن أحمد بن طغان الطرائفي، والرشيد العطار الحافظ، ويوسف بن مكتوم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 208 4 (وفيات سنة خمس وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف) ) 4 (أحمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن يَنَال.) أبو العباس الترك الإصبهاني، شيخه الصوفية بإصبهان. كان أديباً متواضعاً، عالي الرواية. مسند إصبهان في عصره. سمع: أبا مطيع محمد بن عبد الواحد المصريّ، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وتفرّد بالرواية عنهما. وقدم بغداد في صباه فسمع: أبا عليّ نبهان الكاتب، وأبا طاهر عبد الرحمن بن أحمد اليوسفي. وطال عمره: وخرج له الحافظ أبو موسى المديني. وروى عنه: أبو القاسم بن عساكر الحافظ، والحافظ عبد الغني، والحافظ أبو بكر الحازمي، وأبو المجد القزويني، وخلق كثير. وبالإجازة: أبو المنجا بن اللتي، والرشيد إسماعيل العراقي. وتوفي في شعبان بإصبهان عن نيفٍ وتسعين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 209 4 (أحمد بن حمزة بن أبي الحسن عليّ بن الحسن بن الحسين بن الموازيني.) السُّلمي، الدمشقي، أبو الحسين بن أبي طاهر، المعدل. ولد في ربيع الأول سنة ستٍّ وخمسمائة. وسمع من: جده أبي الحسن، وأمه شكر بنت سهل الإسفرائيني. ورحل إلى بغداد وهو كهل فسمع: أبا الكرم الشهرزوريُّ، وأبا بكر بن الزاغوني، ومحمد بن عُبيد اللَّه الرطبي، وسليمان بن مسعود الشحام. وسعيد بن البنا، وجماعة. وله إجازة من أبي عليّ الحداد، وغيره. وكان محدثاً، خيراً، صالحاً، يحب العزلة والإنقطاع. روى عنه: البهاء عبد الرحمن، والضياء محمد، والزين بن عبد الدائم، وجهمة بنت هبة اللَّه السلمية، وعبد الحق بن خلف، وعلي بن حسان الكتبي، ويوسف بن خليل الحافظ، ومحمد بن سعد الكاتب، وأبو الفضل عباس بن نصر اللَّه القيسراني، والعماد عبد اللَّه بن الحسن بن النحاس الأصم، وخطيب مردا محمد بن إسماعيل، والعماد عبد الحميد بن عبد الهادي، وخلق سواهم. قرأت في حقه بخط الضياء: كان خيراً، ديِّناً مبرياً، سمعنا عليه الكثير، وكان يسكن الجبل.) وكان كل ليلة يأتي من منزله حتّى نسمع عليه، وكان قد انحنى. وسمعنا عليه أكثر الخلية بإجازته من أبي عليّ الحداد. وقرأت بخط ابن الحاجب أنه سمع أيضاً من نصر بن نصر العكبري، وابن ناصر، وأبي العباس بن الطلاية، وأبي الفضل الأرموي، وهبة اللَّه الحاسب، وأبي القاسم الكروخي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 210 وبالموصل متن: الحسين بن نصر بن خميس وبنصيبين من عسكر بن أسامة وبدمشق أيصاً من: حمزة بن كردوس، ومحمد بن أحمد بن أبي الحوافر، وحمزة بن أسد التميمي. ولم يزل مؤثراً للإنقطاع عن الناس. أنفق مالاً صالحاً على زاوية انقطع اليها بالجبل. وكان مقبلاً على شأنه، مفيداً لمن قصده من إخوانه، مواسياً، باذلاً. خرج لنفسه مشيخة، وخرج في الرقائق الفضائل، ورحل إلى العراق مرتين. وتوفي في نصف المحرم. قلت: كذا ورخه الضياء، والدبيثي، والمنذري، وغيرهم. وقال أبو المواهب بن صصرى: توفي في نصف ذي الحجة سنة خمس، ولعله سبق قلم. 4 (أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن الفضل.) الفقيه أبو الفضل بن الشيخ أبي القاسم ابن أبي عبد اللَّه الخضرمي الصقلّيّ الأصل، ثم الإسكندراني، المالكي. تفقه وأحكم المذهب. وروى عن أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد الرازي، وأبي الوليد محمد بم عبد اللَّه بن خيرة، ويوسف بن محمد الأموي. وسمع في الكهولة بمصر من أبي محمد بن رفاعة. وبمكة من الحافظ أبي موسى المديني. وحدث ودرس. وقال مولدي في المحرم سنة الثنتين وعشرين، فعلى هذا يكون سماعه من الرازي حضوراً. وهو من بيت الرواية والعلم. حدَّث هو وأخوه القاضي محمد، وأبوهما، وجدهما. وأبوهما آخر من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 211 حدَّث عن الحبال بالإجازة. توفي أحمد في سادس رجب، وهو أقدم شيخ لأبي طاهر بن الأنماطي الحافظ وروى عنه) جماعة. 4 (أحمد بن أبي نصر بن نظام الملك.) الطوسي، ثم البغدادي. أحد الأكابر. كتن ذا فضل وأدب وحشمة وجلالة. توفي ببغداد، وشيعه الأعيان. 4 (إسحاق بن محمد بن علي.) أبو إبراهيم العبدري الميورقي، ويعرف بابن عائشة. فقيه مالكي مشاور، قائم على المدونة بعيد الصيت. تفقه عليه غير واحد. اشتغل على أبي إسحاق بن فتحون، وغيره. وتوفي في حدود هذه السنة. 4 (إسماعيل بن مفروج بن عبد الملك بن إبراهيم.) أبو العرب الكناني السبتي، المغربي، ويعرف بابن معيشة. شاب فاضل في علم الكلام والأدب. له شعر جيد. قدم العراق وناظر. وأول طلوعه من البحر من اللاذقية. فدخل حلب ومدح الملك الظّاهر صاحبها، فخلع عليه. واتفق أنه دخل الحمام، فرأى رجلاً يخاصم الناطور على عمامة له ضاعت، فقال: أنا أقاسمك بقياري. ثم قطعه نصفين. وكان معروفاً بالكرم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 212 وفي شعره يبوسة وفصاحة. فله في الظاهر: (جنب السرب وخف بن أن تصد .......... أيها الاّمل جهداً أن يصد)

(واجتنبرشقةً ظبي إن رنا .......... أثبت الأسهم في خلب الكبد)

(تعلي الطرف طائي الحشا .......... مازني الفتك صخري الجلد)

(أهيف لاعبه من شعره .......... أرقم ماسَ على خوطه قد)

(فانثنت غصنا ومن أزهاره .......... بدر تمٍّ حل في برج الفند)

(منعته عرقباأصداغه .......... من جنا لثم ومن تجميش يد)

(وحسام من لحاظ خلته .......... صارم الظاهر يوم المطرد)

(ملكٌ قامت له هيبة .......... عوض الجيش وتكثير العدد)

(علق الفرقد في جبهته .......... والثريا في عذارٍ فوق خد) ) (وأرانا سرجه شمس الضحى .......... فحسبنا أنه برج الأسد) ثم رجع أبو العرب هذا في هذا العام على مصر، فالتقى الحكيم أبا موسى اليهودي الذي أُهدر دمه بالمغرب وهرب، فاصطنعه أبو العرب، فمني الخبر إلى صاحب المغرب، فطلب أبا المغرب أيضاً، فهرب وطلع من اللاذقية ثانياً، وأراد أن يتكلم في اليهودي بمصر، فبذل لرجلٍ ذهباً حتّى يقتل أبا العرب، فأتاه وهو على شاطيء النيل، فضربه بخشبة، فسقط في النيل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 213 4 (حرف التاء)

4 (تميم بن الحسين بن أبي نصر.) أبو نصر البغدادي، البزاز ويُعرف بابن القراح. روى عن: هبة اللَّه بن الحصين، وغيره. والقَراح بالتخفيف. 4 (حرف الهاء)

4 (حزب اللَّه بن محمد بن علي.) أبو مروان الأزدي، البلنسي. أخذ القراءآت عن أبي عبد اللَّه بن أبي إسحاق. وكان يحفظ الكامل للمبرد، و النوادر للقالي. 4 (الحسن بن أحمد بن يحيى.) أبو عليّ الأنصاري، القرطبي، نزيل مالقة. والد الحافظ أبي محمد. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن سعد بن خلف، وأبي القاسم بن رضا. وسمع منهما، ومن: أبي إسحاق بن قرقول. وكان ذا فنون، وله يد طولى في الفرائض. أخذ عنه: ابنه: وأبو الربيع بن سالم، وعبد الحق بن بونة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 214 وتوفي في رمضان في عشر السبعين. 4 (الحسن بن محمد بن الحسن) أبو عليّ بن الرهبيل الأنصاري، البلنسي. سمع من: أبي الحسن بن النعمة كثيراً وأخذ عنه القراءات.) وحج فسمع من السفلي، والصحيح للبخاري، من عليّ بن عمار. ورجع فلزم الزهد والتبتل. سمعوا منه بالإسكندرية التيسير بروايته عن ابن هذيل. مات في شعبان كهلاً. 4 (الحسين بن عبد اللَّه بن رواحة.) أبو عليّ الأنصاري، الحموي. الفقيه الشافعي، الشاعر ابن خطيب حماه. ولد سنة خمسة عشر وخمسمائة. وسمع دمشق من: أبي المظفر الفلكي، وأبي الحسن عليّ بن سليمان المرادي، والصائن هبة اللَّه، وجماعة. ووقع في أسر الفرنج، فبقي عندهم مدة، وولد له بجزائر البحر عز الدّين عبد اللَّه. ثم قدم به إلى الإسكندرية، وسمعه الكثير من السفلي. وسبب أسره أنه سافر في البحر إلى المغرب فأسر، ثم خلصه اللَّه سبحانه. وله شعر رائق وحصلت له الشهادة على عكا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 215 قال الحافظ المنذري: أنشدنا عنه أبو الحسن عليّ بن إسماعيل الكندي بمصر، ومحمد بن المفضل البهراني بمنبج. قال القاضي ابن واصل في مصرعه: نقلت من خطه نسبه هكذا: الحسين بن عبد اللَّه بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم بن عبد اللَّه بن رواحة بن عبيد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن رواحة الخزرجي الحموي. 4 (حرف الخاء)

4 (خاصة بنت أبي المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري.) الواعظة صاحبة الشيخ أبي النجيب السهروردي. كانت تعظ برباطها على النساء، وقد حدثت.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 216 4 (حرف الراء) الرشيد بن البوسنجي. نشأ ببغداد، وكان من ملاحها، فحصل الأدب وقال الشعر. ثم تحول إلى الشام، وأتصل بخدمة السّلطان صلاح الدّين، وعلا شأنه حتّى بعثه السّلطان رسولاً إلى الخليفة فعز عليهم ذلك وقالوا: من هو ابن البوسنجي حتّى يبعث إلى الديوان رسولاً وحصل في هذا إنكار.) ثم إنه استشهد على عكا بسهم، وضرب له في الجهاد بسهم. ومن شعره: (قفوا وأسألوا عن حال قلبي وضعفه .......... فقد زاده الشوق الأسى فوق ضعفه)

(وقولوا لمن أرجو الشفاء بوصله .......... مريضك قد أشفى على الموت فاشفه)

(أخو سقم أخفاه أخفاؤه الهوى .......... نحولاً ومن يخف المحبة تخفه)

(وما شغفي بالدار إلا لأهلها .......... وما جزعي بالجزع إلا لخشفة)

4 (حرف السين)

4 (سعيد بن يحيى بن عليّ بن حجاج.) أبو المعالي الدبيثي. والد الحافظ أبي عبد اللَّه من قرية دبيثا. قدم جده عليّ منها إلى واسط فسكنها. سمع سعيد من: سعد الخير الأنصاري. وأجاز له أبو عليّ الفارقي الفقيه. كتب عن ابنه، وقال: توفي يوم الأضحى. وولد في سنة 527.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 217 4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن عبد اللَّه) التجيبي، القرطبي، أبو محمد الزاهد المعروف بالأندوجري. كان صالحاً، عابداً، فاتناً، مجاب الدعوة، له ذكرٌ. 4 (عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن الخلال.) أبو الفرج الأبياري، البغدادي. من رؤساء العراق. ولي صدرية ديوان الزمام مدةً، ثم عزل. عبد اللَّه بن محمد بن هبة اللَّه بن المطهر بن عليّ بن أبي عصرون بن أبي السري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 218 قاضي القضاة شرف الدّين أبو سعد التميمي، الحديثي، ثم الموصلي، أحد الأعلام. تفقه أولاً على: القاضي المرتضى الشهرزوري، وأبي عبد اللَّه بن خميس الموصلي. وكان مولده سنة، وتلقن على المسلم السروجي. وقرأ بالسبع ببغداد على: أبي عبد اللَّه الحسين بن محمد البارع، وبالعشر على: أبي بكر المزرفي، ودعوان، وسبط الخياط) وتوجه إلى واسط فتفقه بها على القاضي أبي عليّ الفارقي، وبرع عنده. وعلق ببغداد عن: أبي سعد الميهني. وأخذ الأصول عن أبي الفتح أحمد بن عليّ بن برهان. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي البركات بن البخاري، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن. درس النحو على: أبي الحسن بن دبيس، وأبي دلف. وسمع قديماً في سنة ثمانٍ وخمسمائة من أبي الحسن بن طوق. ورجع إلى وطنه بعلمٍ كثير، فدرس بالموصل في سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة. ثم أقام بسنجار مدةً. ووصل حلب في سنة خمسٍ وأربعين، ودرس بها، وأقبل عليه صاحبها السّلطان نور الدين. فلما أخذ دمشق سنة تسعٍ وأربعين قدم معه، ودرس بالغزالية، وولي نظر الأوقاف. ثم ارتحل إلى حلب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 219 ثم ولي قضاء سنجار، وحرّان، وديار ربيعة، وتفقه عليه جماعة، ثم عاد إلى دمشق في سنة سبعين، فولي بها القضاء سنة ثلاثٍ وسبعين. وصنَّف التصانيف، وانتفع به خلق، وانتهت إليه رئاسة المذهب. ومن تلامذته الشيخ فخر الدّين أبو منصور بن عساكر. ومن تصانيفه: صفوة المذهب في نهاية المطلب في سبع مجلدات، وكتاب الإنتصار في أربع مجلدات، وكتاب المرشد في مجلدين، وكتاب الذريعة في معرفة الشريعة، وكتاب التيسير في الخلاف أربعة أجزاء، وكتاب ما أخذ النظر ومختصر في الفرائض، وكتاب الإرشاد في نصرة المذهب ولم يُكمله، وذهب فيما نُهب له بحلب. وبنى له نور الدّين المدارس بحلب، وحماه، وحمص، وبعلبك. وبنى هو لنفسه مدرسة بحلب، وأخرى بدمشق. وله أيضاً كتاب التنبيه في معرفة الأحكام وكتاب فوائد المهذب في مجلدين، وغير ذلك. وروى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وأبو نصر بن الشيرازي، وأبو محمد بن قدامه، وعبد اللطيف بن سينا، والتاج بن أبي جعفر، وعبد الرحمن بن عبدان، وعلي بن قرنين، وصديق بن رمضان، وخلق آخرهم موتاً العماد أبو بكر عبد اللَّه بن النحاس. وأضر في آخر عمره وهو قاض، فصنف جزءاً في جواز قضاء الأعمى، وهو خلاف مذهبه. وفي المسألة وجهان، والجواز أقوى، لأن الأعمى أجود حالاً من الأصم والأعجمي الذي) يتعرف الأمور بترجمان. وقد كان ولي القضاء قبل شرف الدّين القاضي ضياء الدّين ابن

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 220 الشهرزوري، بحكم العهد إليه من عمه القاضي كمال الدّين قاضي الشام، فلم يعزله السّلطان صلاح الدّين، وآثر أن يكون الحكم لابن أبي عصرون، فاستشعر ذلك ضياء الدين، فاستعفى فأعفي، وبقي على وكالة بيت المال. محيي الدّين محمد بن الزكي، وكتب لهما توقيع سلطاني، فكانا في الحكم المستقلين، وإن كان في الظاهر نائبين، وذلك في سنة اثنتين وسبعين. فلما عاد السّلطان من مصر سنة سبع وسبعين تكلم الناس في ذهاب بصر ابن عصرون، ولم يذهب بالكلية أو ذهب، فولي السّلطان القضاء لولده القاضي محي الدّين من غير عزلٍ للوالد. واستمر هذا إلى سنة سبع وثمانين، فصرف عن القضاء، واستقل القاضي محيي الدّين بن الذكي. ويقال أن هذا له: (أؤمل أن أحيا وفي كل ساعة .......... تمر بي الموتى تهز نعوشها)

(وما أن إلا مثلهم غير أن لي .......... بقايا ليالٍ في الزمن أعيشها) توفي إلى رضوان اللَّه في حادي عشر رمضان. ودفن بمدرسته بدمشق. وقد سؤل عنه الشيخ الموفق فقال: كان إمام أصحاب الشافعي في عصره، وكان يذكر الدرس في زاوية الدولعي، ويصلي صلاةً حسنةً ويتم الركوع والسجود. ثم تولى القضاء في آخر عمره وعمي، وسمعنا درسه مع أخي أبي عمر، وانقطعنا عنه، فسمعت أخي رحمه اللَّه يقول: دخلت عليه بعد انقطاعنا فقال: لم انقطعتم عني فقلت: إن ناساً يقولون إنك أشعري. فقال: واللَّه ما أنا بأشعري. هذا معنى الحكاة. ومن شعر القاضي شرف الدين: (كل جمع في الشتات يصير .......... أي صفوٍ ما شانه تكدير)

(أنت في اللهو والأماني مقيمٌ .......... والمنايا في كل وقتٍ تسير)

(والذي غله بلوغ الأماني .......... بسراب وخلبٍ مغرور)

(ويك يا نفسُ اخلصي إن ربي .......... بالذي أخفت الصدور بصير)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 221 4 (عبد اللَّه بن أبي الفتوح بن عمران) الإمام أبو حامد القزوني الشافعي.) رحل إلى نيسابور، وتفقه على الإمام محمد بن يحيى. وتفقه ببغداد على: أبي المحاسن يوسف بن بندارالدمشقي. وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر الحافظ، وجماعة. وحدث بقزوين. 4 (عبد الرحمن بن أبي عامر أحمد بن عبد الرحمن بن الربيع.) الأشعري، القرطبي، أبو الحسين. سمع: أباه، وأبا بكر بن العربي. وأبا جعفر البطروجي، وعباد بن سرحان، وأبا مروان بن مسرة، وجماعة. روى عنه: أبو الربيع بن سالم الحافظ، وغيره. وله جزء مفيد خرّجه عن مشيخته. وُلي قضاء استجة، وكان ذا عناية بالحديث، وعاش ستاً وستين سنة، لأنه ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة. وروى عنه أيضاً بنوه الربيع، ويحيى، وأحمد، وأبو يحيى بن الفَرس. 4 (عبد الرحمن بن قاضي القضاة عبد الملك بن عيسى بن درباس.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 222 أبو طالب المارانيّ. توفي في حياة والده. وكان قد ناب عن أبيه في القضاء. 4 (عبد الرزاق بن عليّ بن محمد بن عليّ بن الجوزي.) أبو البقاء البغدادي، الصفار، أخو العلامة أبي الفرج. توفي في المحرم. يقال إنه روى شيئاً من الحديث. وكان مزوقاً دهاناً. سمعه أخوه من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي. روى عنه: ابن أخيه أبو القاسم علي، وأبو الحسن بن القطيعي. ومولده كان في صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة. سقط من الصقالة. فزَمن مدةً. 4 (عبد السلام بن عبد السميع بن محمد.) أبو جعفر الهاشمي البواب.) سمع من: زاهر، وأبي الحصين. وعنه: عبد اللَّه بن أحمد الخباز. مات في ربيع الأول. 4 (عبد المجيد بن الحصين بن يوسف بن الحسن بن أحمد بن دُليل.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 223 أبو المفضل الكندي، الإسكندرانيّ المعدل. سمع من: الإمام أبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي، وروى عنه سنن أبي داود. وحدث عنه: أبو البقاء صالح بن بدر الشافعي، والحسن بن ناصر المهدوي، وعلي بن محمد بن منتصر، وآخرون. وتوفي في تاسع شوال وله اثنتان وتسعون سنة. 4 (عبيد اللَّه بن هبة اللَّه.) أبو الوفاء القزويني، ثم الإصبهاني، الواعظ الحنفي، يُعرف بابن شفروه. أخو رزق اللَّه. له النظم والنثر، وكان فصيحاً بليغاً، عقد ببغداد مجلس الوعظ لما حج. وتوفي كهلاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 224 4 (علي بن سلمان بن سالم.) أبو الحسن الكعكي. سمع الكثير من: أبي الفتح بن شاتيل، وطبقته. وكتب بخطه، وعني بالسماع. ومات شاباً، رحمه اللَّه. 4 (علي بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم بن يوسف.) القاضي السعيد، أبو الحسن القرشين المخزومي، الشافعي المصري. ولد سنة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وحدَّث عن: عبد العزيز بن عثمان التونسي، وأحمد بن الحطيئة، وإسماعيل بن الحارث القاضي. قال أبو محمد المنذري: حدثونا عنه، وكان عرفاً بكتابة الخراج، صنَّف في ذلك كتاباً. وتقلَّب) في الخدم وتقدم فيها. 4 (عيسى بن محمد بن عيسى.) الأمير العالم، الفقيه، أبو محمد الهكاري، الشافعي، ضياء الدين. أحد أمراء الدولة الصلاحية، بل وأحدهم وكبيرهم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 225 كان في مبدأ أمره يشتغل، فتفقه بالجزيرة على الإمام أبي القاسم عمر بن البزري شيخ الشافعية واشتغل بحلب بالمدرسة بالجزيرة على الإمام أبي القاسم عمر بن البزري شيخ الشافعية واشتغل بحلب بالمدرسة الزجاجية، ثم اتصل بخدمة الملك أسد الدّين شيركوه، وصار إمامه في الصلوات، وتوجه معه إلى مصر. وكان هو أحد الأسباب المُعِينة على سلطنة صلاح الدّين بعد عمه مع الأمير الطواشي بهاء الدّين قراقوش، فرعيت له خِدَمه وقِدّمه. وكان ذا شجاعة وشهامة فأمره أسد الدين. وقد سمع من: الحافظ أبي طاهر السلفي، والحافظ ابن عساكر. وحدَّث بقيسارية، فسمع منه: القاضي محمد بن عليّ الأنصاري، وغيره. وكان ذا مكانةٍ عظيمة عند صلاح الدين، واشتهر بقضاء الحوائج، فكان لا يدخل على صلاح الدّين إلاّ معه أوراق وقصص في عمامته ومنديله وفي يده فيكتب له عليها. توفي رحمه اللَّه في ذي القعدة بالمخيم أيام حصر عكا. وله ذكرٌ في الحوادث وأنه أسر وخلص بستين ألف دينار. 4 (حرف الغين)

4 (غيداق بن جعفر.) الديلمي. روى شيئاً عن: أحمد بن ناقة. 4 (حرف القاف)

4 (قيصر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 226 الأمير الأجلّ ابن الأمير طي بن الملك أمير الجيوش شاور بن مجير السعدي، المصري. روى عن: أبي الحسن عليّ بن إبراهيم بن السلم الأنصاري. وتُوفي في ذي القعدة.) 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبد اللَّه بن صاف.) أبو بكر الإشبيلي، المقرىء. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن شُريح واختلف إلى أبي القاسم بن الرمّاك في العربية. وأجاز له أبو الحسن بن مغيث، وابن مكي. وكان عارفاً بالقراءآت والعربية متقدماً فيهما. من كبار أصحاب شريح، شرح الأشعار الستة و الفصيح لثعلب، وغير ذلك. قال أبو عبد اللَّه الأبار: حدَّث عنه جماعة من شيوخنا، وأقرأ نحواً من خمسين سنة. وتوفي سنة خمس، ويقال سنة ست وثمانين عن بضعٍ وسبعين سنة رحمه اللَّه. 4 (محمد بن عبد اللَّه بن عبد الكريم.) الأنصاري، الطنجي. دخل الأندلس، وسمع من: أبي الحسن بن مغيث، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 227 وكان أديباً شاعراً. ورخه الأبار. وطنجة من أقصى المغرب. 4 (محمد بن عبد الملك بن علي.) أبو الكرم الهاشمي، المخرِّميّ. سمع: هبة اللَّه بن الحصين، وأبا غالب بن البنا. روى عنه: عبد اللَّه بن أحمد الخباز، وغيره. وكتب عنه جماعة. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (محمد بن عبد الواحد بن العدل أبي غالب محمد بن علي.) الفقيه أبو جعفر بن الصباغ، البغدادي، الشافعي. سمع: أبا السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وأبا القاسم هبة اللَّه بن الحُصين. وناب في تدريس النظامية.) سمع: عمر بن عليّ القرشي، وسعيد بن هبة اللَّه، وغيرهما. وتوفي في ذي الحجة وقد شاخ. فإنه ولد في سنة ثمانٍ وخمسمائة. تفقَّه على سعيد الرزاز. وولي القضاء بحريم دار الخلافة فلم تُحمد سيرته وعُزل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 228 وكانت له إجازة من ابن بيان الرارّ. وروى عنه من المتأخرين: محمد بن النفيس الأزجي، وغيره. 4 (محمد بن المبارك بن محمد بن الحسين.) أبو السعادات السلمي الجُبيّ. سمع: ابن شاتيل، وأبا السعادات، وكتب تصانيفه. والجُبّة: قرية من قرى بغداد على طريق خراسان، وبها توفي في ذي الحجة. وكان أبوه أحد الشيوخ الزُّهاد، كنيته أبو سعد. 4 (محمد بن يوسف بن محمد بن قائد.) موفق الدّين الإربلي، والبحراني، النحوي، الشاعر. كان بارع الأدب، رائق الشعر، لطيف المعاني. قدم دمشق، ومدح السلطان صلاح الدّين، ومدح صاحب إربل زين الدّين يوسف بن زين الدّين علي، إلاّ أنه اشتغل بعلم الفلاسفة. وكان يعرف الهندسة، وألف فيها. وكان أبوه من تجار إربل يتردد إلى البحرين، فولد له الموفّق بالبحرين. وله: (رب دارٍ بالغضا طال بلاها .......... عكف الدَّهرُ عليها فبكاها)

(درست إلاَّ بقايا أسطرٍ .......... سمح الدهر بها ثم محاها)

(وقفت فيها الغوادي وقفةً .......... أَلصقت حَرَّ ثراها بحشاها)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 229 (وبكت أطلالها نائبةً .......... عن جفوني أحسن اللَّه جزاها)

(كان لي فيها زمانٌ وانقضى .......... فسقى اللَّه زماني وسقاها)

4 (المبارك بن المبارك بن المبارك.) أبو طالب الكرخي، الفقيه الشافعي، صاحب ابن الخلّ. وكان من أئمة الشافعية. درّس، وأفتى، وكتب الخطّ المنسوب.) وسمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا بكر الأنصاري. وكان ذا جاهٍ وقبول لكونه أدب السادة الأمراء أولاد الناصر لدين اللَّه. درّس بالنظامية بعد أبي الخير القزويني سنة إحدى وثمانين، وتفقّه به جماعة. وكتب عنه أبو بكر الحازمي، وغيره. وعاش اثنتين وثمانين سنة، وتوفي في ثامن ذي القعدة. وذكر الموفق عبد اللطيف فقال: كان ربّ عِلم، وعمل، وعفاف، ونُسك، ورع. وكان ناعم العيش، يقوم على نفسه وبدنه قياماً حكيماً. رايته يُلقي الدرس، فسمعتُ منه فصاحةً رائعة، ونغمة رائقة، فقلت: ما أفصح هذا الرجل فقال شيخنا ابن عبيدة النحوي: كان أبوه عوّاداً، وكان هو معي في الكتب، وضرب بالعود وأجاد وتحذَّق فيه حتّى شهدوا له أنه في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 230 طبقة معبد، ثم أنف واشتغل بالخط، إلى أن شهد له أنه أكتب من ابن البواب ولا سيما في الطومار والثلث، ثم أنِف منه، واشتغل بالفقه، فصار كما ترى. وعلم ولدّي الناصر لدين اللَّه، وأصلحا مداسهُ. 4 (مجاهد بن محمد بن مجاهد.) أبو الجيش الأندلسي. قال الأبار: روى عن أبي عليّ الصدفي، وأبي محمد بن عتاب. قال يعيش بن القديم: لقيته بمراكش. وبها توفي في ذي القعدة. 4 (محمود بن عليّ بن أبي طالب بن عبد اللَّه بن أبي الرجاء.) الأستاذ أبو طالب التميمي، الإصبهاني، الشافعي، المعروف بالقاضي. صاحب الطريقة في الخلاف. كان من كبار الأئمة. تفقه على الإمام محمد بن يحيى صاحب الغزالي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 231 وكان له في الوعظ اليد البيضاء، وكان ذا تفنُّن في العلوم. تفقّه به جماعة بإصبهان، وتوفي في شوال. وله تعليقة جمّة المعارف. 4 (مشرف بن المؤيد بن علي.) أبو المحاسن الهمذاني، الصوفيّ، الشافعي، البزّاز، أثير الدين، المعروف بابن الحاجب.) سمع: هبة اللَّه بن الفرَج ابن أخت الطويل، وأبا الفتوح الطائي. وقدم دمشق، فسمع بها من أبي الحسن عليّ ابن بنت أبي سعد. وقد سمع من جماعة سوى مَن ذكرنا. وحدَّث بمصر وبها توفي في ثامن جمادى الأولى. وهو أخو جدِّ شيخنا الأبرقُوهيّ. 4 (مُنجبُ بن عبد اللَّه.) أبو المعالي، وأبو النجاح، مولى مرشد بن يحيى المديني، المرشدي. روى عن مولاه صحيح البخاري، وعاش قريباً من مائة سنة. وكان ظاهر القوة يمشي على هذا السن. بالقبقاب عدة فراسخ. روى عنه جماعة منهم: ضياء الدّين عيسى بن سليمان بن رمضان، وكُتاب بنت مرتضى بن أبي الجود، والحافظ عليّ بن المفضل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 232 وتوفي في المحرم. 4 (موسى بن جكوا.) الأمير الكبير عز الدّين ابن خال السلطان صلاح الدّين. توفي بمنزلة العسكر على عكا مُرابطاً رحمه اللَّه تعالى. 4 (حرف الياء)

4 (يزيد بن محمد بن يزيد بن رفاعة.) أبو خالد اللخميّ، الغرناطيّ. ويُعرف بابن الصفر أيضاً. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن الباذش. وسمع من أبي محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تُليد، وطائفة. وكان عارفاً بالقراءآت والعربية، رواية جليلاً، يعقد الوثائق. مات في المحرم وله أربعٌ وسبعون سنة. 4 (يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد اللَّه.) الحافظ أبو يعقوب الشيرازي، ثم البغدادي، الصوفي، شيخ الصوفية، بالرباط الأرجواني. وُلد سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة. وسمعه أبوه من الحافظ أبي القاسم بن السمرقندي، وأبي محمد بن الطرّاح، وأبي الحسن بن عبد السلام،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 233 وأبي سعد بن محمد بن محمد البغدادي، وعمر) بن أحمد البندنيجي، والكروخي. وسمع بنفسه من: ابن ناصر، وابن الزاغوني، وهذه الطبقة. وجال في الآفاق مابين خُراسان، وفارس، والجزيرة، والشام، والحجاز، والجبال. وسمع: أبا الحسن بن غبرة بالكوفة، وأبا الوقت السجزي بكرمان، وعبد اللَّه بن عمر بن سليخ بالبصرة، وأحمد بن بختيار القاضي بواسط، وعبد الجليل بن أبي سعد بهراة وأبا بكر محمد بن عليّ الطوسي، وعبد الملك بن جامع الفارسي بنيسابور، وأبا شجاع البسطامي ببلخ، وإسماعيل بن عليّ الحمامي المعمر، ومسعود الثقفي، والرستمي، وطائفة بإصبهان ونصر بن المظفر، وشيرويه بهمذان، وعبد الواحد بن هلال بدمشق. وخرج وكتب الكثير. وكان ثقة واسع الرحلة، جمع أربعي البلدان، فأجاد تصنيفها. روى عنه: عبد الرحمن بن عمر الواعظ، والتاج محمد بن أبي جعفر القرطبي، وأبو عبد اللَّه بن الدُّبيثي، وآخرون. وثّقه الدبيثي، وكتب عنه أبو المواهب بن صصرى وقال: اشتعل في آخر عمره بالترسل من الديوان إلى الأطراف، وولي رباطاً ببغداد. وكان حسن المفاكهة والعشرة. وقال ابن النجار: كان ثقة حسن المعرفة، نُفِّذ رسولاً من الديوان العزيز إلى الروم وولي المشيخة برباط الخليفة، وصارت له ثروة، وحدّث باليسير. وتوفي في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 234 4 (مواليد السنة) وفيها ولد: الحافظ زين الدّين خالد بن يوسف بنابلس، وشرف الدّين عمر بن عبد اللَّه بن صالح السُّبكيُّ، وأبو البركات أحمد بن عبد اللَّه النحاس الإسكندري، وعبد الواحد بن أبي بكر بن الحموي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 235 4 (وفيات سنة ست وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عليّ بن أحمد.) أبو العباس المازني، النصيبي، الجابي، المعروف أبوه بالخطيب. شيخ دمشقي. وهو والد المسلّم.) سمع: عبد الكريم بن حمزة، وغيره. وولد سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، وعاش ثمانياً وثمانين سنة. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. 4 (أحمد بن عليّ بن هبة اللَّه بن المأمون.) أبو العباس بن الزوال العباسي، المأموني، البغدادي، أحد العدول والأشراف. قرأ القراءات على: أبي بكر بن المزرفي. والعربية على: أبي منصور بن الجواليقي. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي العز بن كادش، وبدر بن عبد اللَّه الشيحي. وصنَّف في اللغة، وروى الكثير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 236 روى عنه: أبو عبد اللَّه بن الدبيثي، وغيره. وولي قضاء دُجيل، وكان رأساً في العربية. ولد سنة تسعٍ وخمسمائة، وتوفي في شعبان. أنبأني ابن البزوري أن مصنَّفاً سماه أسرار الحروف، قال: ووقع لي جزء بخطُّه فنقلت منه قوله: (قد كنت أركب بالخيل العتاق فما .......... أبقى لي الدهرُ لا بغلاً ولا فرسا)

(وكنت أنهضُ بالعبءِ الثقيل فقد .......... أجدَّ بي الدهرُ عن نهضي به فَرَسا)

(وكم فرستُ أسوداً عنوةً فِرَساً .......... وعضني الدهرُ حتّى خلته فَرِسا)

(فآه من دهرنا أُفٍّ له فلقد .......... أضاع حرّاً كريماً بيننا فَرَسَا) مِنَ الفراسة. 4 (أحمد بن محمد بن الحسن بن خلف.) أبو جعفر بن رنجال الدانيّ. أبو جعفر بن برنجال الداني. سمع: أباه، وأبا بكر بن أسوة القاضي. وولي قضاء دانية. وتوفي في جمادى الأولى، وقد شاخ. 4 (احمد بن محمد بن عمر.) ) العلامة الزاهد زين الدّين أبو القاسم البخاري، العتابي، من محلة عتاب ببُخارى. كان من كبار الحنفية، صنَّف الجامع الكبير و الزيادات و تفسير القرآن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 237 لازمه شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردي، وأخذ عنه. ومات ببخارى، ورخه الفرضيّ. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن هبة اللَّه بن أبي البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن) الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسين بن صصرى. الحافظ الكبير أبو المواهب بن أبي الغنائم الربعي، التغلبي، البلدي الأصل، الدمشقي، المعدل. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة، وكان اسمه أولاً نصر اللَّه فغيره بالحسن. سمع بدمشق: جده أبا البركات، والفقيه نصر اللَّه بن محمد المصيصي، وعبدان بن زرين المقري، وعلي بن حيدرة العلوي، ونصر بن أحمد بن مقاتل، والحسين بن البُنّ الأسديّ، وأبا يَعلَى بن الحُبُوبيّ، وأبا المظفر الفلكي، وحمزة بن كروس، وأبا الحسين هبة اللَّه بن الحسن، وأبا يعلى حمزة بن أسد التميمي، وأبا الندى حسان بن تميم، وخلقاً كثيراً. ولزم أبا القاسم الحافظ فأكثر عنه، وتخرج به، وعُني بهذا الشأن أتمّ عنايةٍ، ثم رحل فسمع بحماه: محمد بن ظَفَر الحجة، وبحلب: أبا طالب بن العجمي، وابن ياسر الجياني، وبالموصل: الحسن بن عليّ الكعبي، وسليمان بن محمد بن خميس، ويحيى بن سعدون المقرىء، وطائفة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 238 وببغداد: هبة اللَّه بن الحسن الدقاق، ومحمد بن عبد الباقي ابن البطيّ، ويحيى بن ثابت، وصالح بن الرحلة، وشهدة الكاتبة، وجماعة. وبهمذان: أبا العلاء العطار الحافظ، وبإصبهان محمد بن أحمد بن ماشاذة صاحب سليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبا رشيد عبد اللَّه بن عمر، وعلي بن محمد بن أحمد بن مردويه، والحافظ أبا موسى المديني، وطائفة. وبتبريز: محمد بن أسعد العطاري، حفده أو لقيه بالموصل. روى عنه: ولده أمين الدّين سالم.) وصنَّف التصانيف، وجمع، المعجم، لنفسه في ستة عشر جزءاً، وصنف فضائل الصحابة و فضائل االقدس، و عوالي ابن عُيينة، وجزءاً في رباعيات التابعين. وأصيب بكتبه فإنها احترقت لما وقع الحريق بالكلاسة. ثم وقف بعد ذلك خزانةً أخرى. وكان ثقةً متقناً، مستقيم الطريقة، لين الجانب، سمحاً، كريماً. رحل سنة ثمانٍ وسبعين بابنه أب يالغنائم سالم، فسمعه من ابن شاتيل وطبقته. قال أبو عبد اللَّه الدُّبيثيّ: كان ثقة، وتوفي سنة ستٍّ وثمانين. وكتب إلينا بالإجازة. قلت عاش تسعاً وأربعين سنة. 4 (الحسين بن محمد بن الحسين.) أبو عليّ الفارسي، الدارابجرديّ، المقرىء، الخوّاصّ، المؤدب.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 239 سمع: هبة اللَّه بن الأكفاني. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. وتوفي في رجب. 4 (خرف الخاء)

4 (خلف بن محمد بن رئيس.) المكي، ثم المصري. سمع من: الفقيه رسلان بن عبد اللَّه، المعروف بابن بصيلة. 4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن أبي القاسم خلف بن عمر.) أبو الحسن الأنصاري، الأوثبّي، المالقيّ. روى عن: منصور بن الخير، وأبي الحسين بن الطراوة. ورحل فلقي بتلمسان أبا جعفر بن باقي، وأخذ عنه علم الكلام. ولقي بتونس عبد الرزاق الفقيه. وأخذ بالمهدية عن أبي: أبي عبد اللَّه المازري. وكان متقدماً في علم الكلام والعقليات. روى عنه: أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حَوط اللَّه. وتوفي في رمضان وله ستٌّ وثمانون سنة.) 4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن عمر بن أبي بكر.) سيف الدين، أبو القاسم المقدسي، الحنبلي. أحد الأعلام. وُلد سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة بجبل قاسيون. ورحل إلى بغداد،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 240 وسمع بها الكثير، وتفقه. قرأت أخباره بخط الحافظ الضياء قال: اشتغل بالفقه، والخلاف، والفرائض، والنحو، وصار إماماً، عالماً، ذكياً، فطناً، فصيحاً، مليح الإيراد، حتّى إنني سمعت بعض الناس يقول عن بعض الفقهاء إنه قال: ما اعترض السيف على مستدل إلاّ ثلم دليله. وكان يتكلم في المسألة غير مستعجلٍ بكلام فصيح من غير توقف ولا تتعتع. وكان رحمه اللَّه حسن الخلق والخلق وكان أنكر منكراً ببغداد، فضربه الذي أنكر عليه وكسر ثنيته، ثم إنه مُكّن من ذلك الرجل، فلم يقتصّ منه. وسافرتُ معه إلى بيت المقدس، فرأيت منه من ورعه وحُسنِ خُلقه ما تعجبت منه. قال: وشهدنا غزاةً مع صلاح الدّين، فجاء ثلاثة فقهاء فدخلوا خيمة أصحابنا، فشرعوا في المناظرة، وكان الشيخ الموفق والبهاء حاضرين، فارتفع كلام أولئك الفقهاء، ولم يكن السيف حاضراً، ثم حضر فشرع في المناظرة، فما كان بأسرع من أن انقطعوا من كلامه. وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول مرة: كان أبو القاسم عبد اللَّه بن عمر فيه من الذكاء والفطنة ما يدهش أهل بغداد. كان يحفظ درس الشيخ إذا ألقي عليه مرة أو مرتين، وكنت أتعب حتّى أحفظه. وكان ورعاً، يتعلم من العماد ويسلك طريقه. وكان مبرزاً في علم الخلاف. واشتغل بالنحو على الشيخ أبي البقاء، فحفظ كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي. واشتغل بعلم العروض وصنَّف فيه تصانيف. قال الضياء: توفي بحران في شوال. ورثاه سليمان ابن النجيب بقوله: (على مثلِ عبد اللَّه يفترض الحزنُ .......... وتُسفح آماقٌ ولم يغتمض جفنُ)

(عليه بكر الدّين الحنيفي والتُّقى .......... كما قد بكاه الفقه والذِّهنُ والحُسنُ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 241 (ثوى لثواه كلُّ فضلٍ وسؤددٍ .......... وعلمٍ جزيلٍ ليس تحمله البُدنُ) وهي بضعةٌ وستون بيتاً.) وقال فيه جبريل المصعبي المصري: (صبري لفقدك عبد اللَّه مفقودُ .......... ووجدُ قلبي عليك الدَّهر موجودُ)

(عدمتُ صبري لما قيل إنك في .......... قبر بحران سيف الدّين مغمودُ)

(نبكي عليك بشجوٍ بالدما كما .......... تبكي التعاليقُ حزناً والمسانيدُ)

(وللمشايخ تعديدٌ عليك كما .......... للطير في الرُّوح تغريدٌ وتعديدُ) وهي ستة وعشرون بيتاً. 4 (عبد الجبار بن الحسن بن عبد العزيز.) أبو الحسن القرشي، المخزومي، الفراش. مصري قديم المولد. سمع في الكهولة من: عبد اللَّه بن رفاعة. 4 (عبد الرحمن بن عليّ بن عبد العزيز بن عليّ بن قريش.) أبو المجد المخزومي، المصري. استشهد في جمادى الأولى بظاهر عكا. له رواية عن: السلفي. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن غالب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 242 أبو القاسم الأنصاري، القرطبي المعروف بالشراط. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن شريح، وأبي القاسم الحجاري، وأبي القاسم بن رضا. وسمع من: أبي القاسم بن بقي، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي عبد اللَّه بن مكي، وأبي بكر بن العربي، وجماعة. وأخذ الأدب عن: أبي بكر بن فندلة، وأبي الوليد بن حجاج. قال الأبار: وكان عارفاً بالقراءآت، رأساً في تجويدها، بصيراً بالعربية، زاهداً، ورعاً، صاحب ليل، أقرأ الناس القراءات والنحو، وحدث. روى عنه: ابنه غالب، وابن أخته الأستاذ أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد، وابنا حوط اللَّه، والحافظ أبو محمد القرطبي، وأبو عليّ الرندي، وأبو محمد بن عطية، وأبو الحسين بن السراج، وأبو يحيى بن عبد الرحيم.) وتوفي في ثاني جمادى الآخر وله خمسٌ وسبعون سنة. ولم يتخلف عن جنازته كبيراً جداً، ودفن بمقبرة أمّ سلمة بظاهر قرطبة. 4 (عبد الرشيد بن عبد الرزاق.) الكرخي، الصوفي، أبو محمد. ذكره أبو شامة في تاريخه في ترجمة إبراهيم بن محمد فقال: جرت ببغداد واقعة كان ببغداد عبد الرشيد، كان مرعاً عاملاً، وكان ببغداد النفيس الصوفي يضحك منه ويسخر به، وكان يدخل على الخليفة، فدخل يوماً مدرسة دار الذهب فجعل يتمسخر، فقال له الكرخي: إتق اللَّه، نحن في بحث العلم وأنت تهزل. فدخل على الخليفة وبكى وقال: ضربني الكرخي وعيرني. فثار الخليفة وأمر بصلبه. فأخرج وعليه ثوب ليصلبوه فقال: دعوني أصلي ركعتين. فصلى وصبوه، فجاء أمر الخليفة لا تصلبوه وقد فات، فلعن الناس

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 243 النفيس واختفى. ورأى بعض الصالحين الكرخي في النوم فقال له: ما فعل اللَّه بك قال: أوقفني بين يديه، فقلت: يا إلهي رضيت ما جرى عليّ فقال: أو ما سمعت ماقلت: ولا تحسبنَّ الذين قُتلوا في سبيل اللَّه أمواتاً إني أردتُ أن تصل إلى درجة الشهداء. 4 (عبد المحمود بن أحمد بن علي.) الفقيه الصالح أبو محمد الواسطي، الشافعي. تفقه بواسط على أبي جعفر هبة اللَّه بن البوقي. وسمع بالكوفة من: أبي العباس بن ناقة، وبالبصرة من المبارك بن محمد المواقتي، وبمكةَ من المبارك بن عليّ الطباخ. ودرس وأفتى ومات كهلاً في ربيع الأول بواسط. 4 (عبد المنعم ابن المقرء الكبير أبي بكر يحيى بن خلف بن النفيس.) الإمام أبو الطيب الحميري، الأندلسي، الغرناطي، المقرء، المكتب. أخذ القراءآت عن والده، وعن: أبي الحسن شريح، وأبي الحسن بن ثابت الخطيب، وأبي عبد اللَّه النوالشيّ، وأبي الحسن بن هذيل، وجماعة. وروى عن: أبي بكر بن العربي، وأبي الحسن بن موهب، والقاضي عياض، وعبد الرحمن بن أحمد بن رضا، وجماعة.) ونزل مراكش مدة، فأدب بالقرآن زماناً وأقرأ القراءآت.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 244 قال عبد اللَّه الأبار: أخذ عنه ولم يكن بالضابط لأسماء شيوخه مع رداءة خطه. وكان له حظ من العربية. ثم إنه حج وتجول في بلاد المشرق، وسكن الإسكندرية وحدث بها، وأقرأ القراءات، وسمع فيها هناك الموطأ أبو الحسب بن خيرة. قلت: وقرأ عليه القراءآت أبو القاسم بن عيسى. وسمع منه: عليّ بن المفضل الحافظ، الفقيه أبو البركات محمد بن محمد البلوي. وتوفي في ربيع الأول، ويعرف بابن الخُلوف. 4 (عبد الواحد بن أبي الفتح بن عبد الرحمن بن عصية.) أبو محمد البغدادي، الحربي. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (عبد الوهاب بن عبد الصمد بن محمد بن غياث.) أبو محمد الصدفي، نزيل مالقة. سمع: أبا بكر بن العربي، وأبا الوليد بن بقوة. وأخذ عن: أبي عبد اللَّه النوالشي كثيراً من كتب القراءآت. وولي القضاء، وحدَّث. وقتل رحمه اللَّه بإشبيلية في فتنة الجريري، وصلب في هذه السنة. 4 (عثمان بن سعادة بن غنيمة.) اللبّان المعّاز. سمع من ابن ناصر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 245 4 (عثمان بن الحسن بن قُديرة.) أبو عمرو البغدادي، الدقاق. حدَّث عن: أبي البدر إبراهيم الكرخي، وغيره. 4 (علي بن محمد بن علي.) أبو الحسن البغدادي، الضرير، الفقيه. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا غالب بن البناء، وأبا القاسم بن السمرقندي.) وحدَّث. 4 (عيسى بن محمد بن شعيب.) أبو موسى الغافقي، الورَّاق. روى عن: أبي بكر بن العربي، وأبي الفضل بن الأعلم، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 246 وكان فقيهاً، كاتباً، شاعراً. استوطن فاس. وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه: أبو الحسن بن القطان. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عليّ بن أبي الضوء.) أبو الحارث الهاشمي، الواسطي، الضري. سمع: نصر بن نصر العُكبَري، المبارك بن المبارك السّرّاج. وتوفي بواسط. 4 (محمد بن جعفر بن أحمد بن حميد بن مأمون.) أبو عبد اللَّه الأموي، البلنسي، المقرىء. أخذ القراءآت عن: ابن هذيل ثم رحل إلى غرناطة فأخذ القراءآت عن: أبي الحسن بن ثابت الخطيب، وأبي عبد اللَّه بن أبي سمرة. وأخذ القراءآت بإشبيلية عن: أبي الحسن شريح. وسمع منهم ومن: أبي جعفر بن ثعبان. وقرأ بجيان علم العربية واللغة على: أبي بكر بن مسعود. وأقرأ العربية واللغة، وحمل الناس عنه. وقد أجاز له أبو الحسن بن مغيث.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 247 وسمع بالمرية: أبا محمد بن عطية. وولي قضاء بلنسية فحمدت طريقته. ثم أوطن مرسية في آخر عمره. وتوفي في جمادى الأولى وله ثلاثٌ وسبعون سنة. روى عنه أبو الربيع بن سالم، وغيره.) 4 (محمد بن الحسين بن الخضر بن عبد اللَّه بن عبدان.) أبو طالب الأزدي، الدمشقي، العدل. ولد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وسمع من: عبد الكريم بن حمزة، وجمال الإسلام بن المسلم، وأبي الحسن عليّ بن أحمد بن قبيس، وطاهر بن سهل. روى عنه: الحافظ ابن خليل، وغيره. وتوفي رحمه اللَّه في ربيع الآخر. 4 (محمد بن خلف بن صاف) مر سنة خمس. 4 (محمد بن أبي الطيب سعيد بن أحمد بن سعيد بن عبد البر بن مجاهد.) الفقيه أبو عبد اللَّه الأنصاري، الإشبيلي، المالكي، المقرىء المعروف بابن زرقون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 248 ولد سنة اثنتين وخمسمائة، فأجاز له في هذه السنة أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد الخولاني. وانفرد في الدنيا بالرواية عنه. وسمع بمراكش من: أبي عمران موسى بن أبي تليل وتفرد بالسماع منه. وسمع بسبته من: القاضي عبد اللَّه بن أحمد بن عمر القيسي الوحيدي. وسمع أيضاً من: عبد المجيد بن عبدون، وخلف بن يوسف، الأبرش، والقاضي عياض، ولزمه زماناً. وحدث عنهم، وعنك أبي محمد بن عتاب، وحمد بن شبرين الشلبي، وأبي بحر بن العاص، وأبي الحسن شريح، وأبي مروان عبد الملك بن عبد العزيز. وقرأ التقصي على أبي عمران بن أبي تليد، وسمع الموطأ من القاضي غياض. قال الأبار: وولي قضاء سبتة فشكر. وكان من سروات الرجال، فقيهاً، مبرزاً، وأديباً كاملاً، حسن البزة، لين الجانب، صبوراً على التسميع، جمع بين جامع الترمذي ووسنن أبي داود، ورحل الناس إليه لعلو روايته. ولم يكن له سماع كثير. قال: وولد بشريش في نصف ربيع الأول سنة اثنين، وفي ذي قعدتها أجاز له الخولاني. وتوفي بإشبيليا في نصف رجب.) قلت: روى عنه: احمد بن محمد النباتي ابن الرومية، وإبراهيم بن قسوم اللخمي، وأبو سليمان داود بن حوط اللَّه، ومحمد بن عبد اللَّه بن القرطبي، ومحمد بن عبد النور الإشبيلي، ومحمد بن عامر الفهري،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 249 ومحمد بن محمد اللوشي الجياني، ومحمد بن إسماعيل بن خلفون الأوني الحافظ، ومحمد بن عبد اللَّه بن الصفار الضرير، وعبد الغني بن محمد الغرناطي الصيدلاني، وأبو الخطاب عمر بن حسن الكلبي بن دحية وأخوه عثمان، وخلق كثير. وكان مسند الأندلس في وقته. وزرقون هو لقب جدهم سعيد. 4 (محمد بن عبد اللَّه بن يحيى بن فرج بن الجلد.) أبو بكر الفهري، الإشبيلي، الحافظ. أصله من لبلة. سمع أبا الحسن بن الأخضر، وبحث عليه كتاب سيبويه وأخذ عنه كتب اللغات. وسمع صحيح مسلم من أبي القاسم الهوزني، ومن أبي الحسن شريح، وأبي بكر بن العربي، وكان لا يحدث عنهما. ولقي بقرطبة أبا محمد بن عتاب، وأبا الوليد بن رشد، وأبا بحر بن العاص. وبرع في الفقه والعربية، وانتهت إليه الرئاسة في الحفظ والفُتيا، وقدم للشورى مع أبي بكر العربي ونظرائه سنة إحدى وعشرين. وعظم جاهه وحرمته مع أنه امتحن في كائنة لبلة، وقيد وسجن. وكان في وقته فقيه الأندلس، وحافظ مذهب مالك. واستفاد ثروة عظيمةً ودنيا واسعة ولم يكن الحديث من شأنه، مع أن إسناده فيه عال، وإليه كانت رئاسة بلده. وكان فقيهاً، فصيحاً، خطيباً، مفوهاً، كبير الشان. يبلغ بالبديهة ما لا يبلغه بالروية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 250 أخذ عنه جلةُ أهل الأندلس، وطال عمره، واشتهر اسمه. وتوفي في رابع عشر شوال سنة ست وثمانين وله تسعون سنة كاملة وأشهر. وممن روى عنه: محمد بن عبيد اللَّه الشريشي، وأبو الحسين محمد بن محمد بن سعيد بن زرقون، وأبو بكر محمد بن عليّ ابن الغزال، وأبو عليّ عمر بن محمد الشلوبين، وأبو الخطاب بن دحية، ويحيى بن أحمد السكوني، اللبلي، وخلق سواهم. 4 (محمد بن عبد الباقي بن عبد العزيز بن عبد الباقي.) أبو الفتح الشهرياري، الفارسي الأصل، البغدادي، المعروف بالداريح. خدم حاجباً ثم ولي حجبة) الحجاب، ثم نقل إلى صدرية ديوان العرض. ثم خرج بالعسكر المنصور إلى دقوقا فأفتتحها. وكان نجيباً، شهماً، كامل السؤْدد فولي نيابة الوزارة، وعزل قبل موته. وتوفي في ثامن جمادى الأولى. 4 (محمد بن محمد بن عبد اللَّه بن القاسم بن المظفر بن علي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 251 قاضي القضاة أبو حامد ابن قاضي كمال الدّين أبي الفضل بن الشهرزوري الموصلي، الفقيه الشافعي، الملقب بمحيي الدين. كان أبوه من أميز القضاة وأحشمهم. وقد مر في سنة اثنين وسبعين. وتفقه هذا ببغداد على أبي منصور سعيد بن الرزاز، ثم قدم الشام، وولي قضاء حلب بعد أن ناب في الحكم بدمشق عن أبيه، ثم بعد حلب أنتقل إلى الموصل وولي قضاءها، ودرس بمدرسة أبيه، وبالمدرسة النظامية بها. وتمكن من الملك عز الدّين مسعود بن زنكي، واستولى على أموره. وكان جواداً سرياً. قال ابن خلكان رحمه اللَّه: قيل إنه انعم في بعض رسائله إلى بغداد بعشرة آلاف دينار أميرية على الفقهاء والأدباء والشعراء. ويقال إنه في مدة حكمة بالموصل لم يعتقل غريماً على دينارين فما دونها بل كان يوفيها عنه. ولما ولي قضاء حلب كان بعد عزل أبن أبي جرادة، فتمكن أيضاً من صاحبها الملك الصالح إسماعيل بن نور الدّين غاية التمكن، وفوض إليه تدبير مملكة حلب. ثم فارق حلب في سنة ثلاث وسبعين. وتوجه رسولاً إلى الخليفة غير مرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 252 ويحكى عنه رئاسة ضخمة، ومكارم كثيرة. وأنشدني له بعض الأصحاب في جرادة: (لها فخِذا بِكْرٍ وساقا نعامةٍ .......... وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم)

(حبتها أفاعي الرمل بطناً وأنعمت .......... عليها جياد الخيل بالرأس والفم) قلت: حدث عن عم أبيه أبي بكر محمد بن القاسم. كتب عنه القاضي أبو عبد اللَّه محمد بن عليّ الأنصاري. وتوفي في رابع عشر جمادى الأولى. وله اثنتان وستون سنة. ودفن بالموصل، وقيل أنه نقل إلى المدينة المنورة، ولم يصحّ.) ومن شعره: (قامت بإثبات الصفات أدلةٌ .......... قصمت ظهورأ ئمة التعطيل)

(وطلائع التنزيه لما أقبلت .......... هزمت دوي التشبيه والتمسيل)

(فالحق ما صرنا إليه جميعنا .......... بأدلة الأخبار والتنزيل)

(من لم يكن بالشرع مقتدياً فقد .......... ألقاه فرط الجهل في التضليل)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 253 4 (محمد بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن واجب) أبو عبد اللَّه القيسي، البلنسي، المقرئ. روى عن: أبيه، وأبي العباس بن الخلال، وأبي عبد اللَّه بن سعادة، وأبي الحسن بن النعمة، وأخذ عنه القراءآت والأدب. وقرأ ببعض الروايات عن أبي القاسم محمد بن وضاح. وكان موصوفاً بالتجويد والصلاح. توفي في الكهولة، رحمة اللَّه تعالى. 4 (محمد بن مالك بن محمد.) أبو عبد اللَّه الغافقي، المرسي. أخذ عن: أبي بكر بن العربي. وكان بصيراً بمذهب مالك مقدماً محققاً له، ذاكر. 4 (محمد بن المبارك بن الحسين بن طالب) أبو عبد اللَّه بن أبي السعود الحلاوي، الحربي، المقرئ. شيخ معمر عتيق، لم يظهر له سماع ولا إجازة. ثم أن المحدث أحمد بن سلمان بن شريك ذكر إنه وجد له إجازات من جماعة قدماء، منهم أبو الحسن بن الطيوري، وجعفر بن أحمد السراج، وجماعة. فازدحم عليه الطلبة، وقرأوا عليه الكثير في زمنٍ يسير. ولم يعش بعد ظهور الإجازة إلا أربعين يوماً. قال أبو عبد اللَّه الدبيثي: وكتب إلى تميم بن أحمد البندنيجي قال: وجدت سماع هذا الشيخ بعد موته في سنة تسعٍ وتسعين من جعفر السراج، وفي سنة ستٍّ وخمسمائة من أبي منصور عليّ بن محمد الأنباري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 254 وقال: مولده بمكة في جمادى الآخرة سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة، ومات في التاسع والعشرين من ذي القعدة، ودفن عند بشر الحافي، وله ثلاثٌ وتسعون سنة. وقال ابن النجار: محمد بن الحلاوي سمع: أباه، وأبا الحسين محمد بن محمد بن الفراء،) وظهرت له إجازة قديمة من أبي الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، والحسن بن محمد التككي، وابن الطيوري، فأكتب عليه أصحاب الحديث يقرأون عليه. سمع منه عامة رفقائنا، وحدثونا عنه. 4 (محمد بن أبي الليث بن أبي طالب.) أبو بكر الراذاني، الضرير، المقرىء، العراقي، المعروف بالقنين. قرأ القراءآت على أبي محمد سبط الخياط، ودعوان بن عليّ الجبائي، وسمع منهما. ومن: محمد بن الحسين المزرفي، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وجماعة. وأقرأ، وحدث. وراذان ناحية من السواد كبيرة، وراذان قرية أيضاً من نواحي المدينة لها ذكر في حديث ابن مسعود. 4 (المبارك بن أحمد بن أبي محمد.) أبو محمد الدينوري ثم البغدادي، الشروطي سبط ابن السلاسل. سمع: هبة اللَّه بن الحصين، وابن البخاري، وأبا بكر الأنصاري. سمع منه جماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 255 وتوفي في ذي الحجة. 4 (مسعود بن عليّ بن عبيد اللَّه بن النادر.) أبو الفضل البغدادي، المعدل، المقرىء، المحدث. ولد في أول سنة ست عشرة، وسمع الكثير، وتلقن القرآن على أبي بكر محمد بن الحسين المزرفي. وقرأ ببعض الورايات على أبي محمد سبط الخياط. وسمع: أبا بكر الأصاري، ويحيى بن البناء، وهبة اللَّه بن الطبر، وأبا منصور بن زريق، وأبا القاسم بن السمرقندي، وأبا البركات الأنماطي، وجماعة كثيرة. وعني بهذا الشأن، وكتب الكثير، وكان مليح الخط، ثقة، ظريفاً صاحب نوادر. قال الدبيثي: سمعته يقول: كتبت القراّن بخطي مائة وإحدى وعشرين مرة، منهما ختمة تحت ميزاب الكعبة. قال ابن النجار: كان ثقةً موصوفاً بالدماثة والظرف والتجمل والمزاح والدعابة. وكان خصيصاً بمنصور بن العطار صاحب المخزن، وبطريقه صار يجالس المستضء وينادمه.) قلت: روى عن: الشي الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 256 وسمع منه: أبو سعد بن السمعاني، وأبو بكر الحازمي، وتقي الدّين عليّ بن المبارك بن ناسويه. وتوفي في الثالث والعشرين من المحرم. 4 (حرف النون)

4 (نجم الدين.) الفقيه أبو العلاء ابن شرف الإسلام أبي البركات عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج عبدالواحد بن محمد الإنصاري، الخزرجي، السعدي، العبادي، الشيرازي، ثم الدمشقي، الحنبلي، والد الناصح. فقيه فاضل في مذهبه، أجاز له أبو الحسن عليّ بن عبيد اللَّه بن الزاغوني، وغيره. وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر. ودفن بسفح قاسيون بتربتهم، وشيعه خلائق. 4 (نصر اللَّه بن عليّ بن منصور.) أبو الفتح بن الكيالي الواسطي، المقرىء، الفقيه الحنفي، قارىء واسط. أخذ العشرة عن أبي القاسم عليّ بن عليّ بن شيران، ورحل إلى بغداد فقرأ القراءات على: أبي عبد اللَّه الحسين البارع، وإبراهيم بن محمد الهيتي القاضي. وتفقه وقرأ الخلاف وناظر ودرس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 257 وأخذ النحو عن: أبي السعادات هبة اللَّه بن الشجري، وابن الجواليقي. وسمع من: أبي عليّ الفارقيّ، هبة اللَّه بن الحصن، وجماعة. وولي قضاء البصرة سنة خمسٍ وسبعين. ثم قدم بغداد فأقرأ بها. كان عزيز الفضل واسع العلم. ثم ولي قضاء واسط، وعاد إلى وطنه. ولد سنة اثنتين وخمسمائة، ونوفي في جمادى الآخرة عن أربعٍ وثمانين سنة. وكان عالي الإسناد في القراءآت. روى عنه: أبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي، ومحمد بن سعيد الحافظ، وعبد الوهاب بن بزغش، وآخرون. قال محمد بن سعيد الدبيثي. قرأت عليه بالروايات، وسمعت منه الكثير، وكان ثقة صدوقاً. قلت: وقرأ عليه بكتابه المفيدة في العشرة: ابن الدُّبيثي وأبو بكر محمد بن محمود بن محمد بن حمزة الناسخ الأزجي.) وسمع منه: الكتاب: هما، والمرجي بن شقيرة، وأبو طالب بن عبد السميع، وعلي بن مسعود بن هياب الجماجمي، وعمر بن عبد الواحد العطار الواسطيون. 4 (حرف الهاء)

4 (أبو الكارم المصري، الفقيه.) ذكره: أبو عبد اللَّه الأبار في تاريخه فقال: كان من أهم العلم، عارفاً بالأصول، حافظاً للحديث، متيقظاً، حسن الصورة والشارة. دخل الأندلس،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 258 وولي قضاء لإشبيلية سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وبه صرف أبو القاسم الخولاني. وأقام بها سنةً. وكان قدومه الأندلس خوفاً من صلاح الدّين. قدم في قوم من شيعة العبيدي ملك مصر، ثم استصحبه المنصور معه في غزوة قفصة الثانية، وولاه قضاء تونس، وولى صاحبه أبا الوفاء المصري القضاء. توفي أبو المكارم على قضاء تونس سنة ستٍّ هذه. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن محمد بن أحمد.) أبو بكر الأنصاري، القرطبي. عُرف بالأركشي. حَماَ عن أبي لإسحاق بن خفاجة ديوانه. وسمع من: أبي الطاهر التميمي، وعباد بن سرحان، وأبي بكر بن العربي. وكان أديباً، بليغاً، كاتباً، شاعراً. قُتل بقرطبة في داره وله إحدى وثمانون سنة. روى عنه: أبو سليمان بن حوط اللَّه. 4 (يوسف.) زين الدّين أبو يعقوب بن زين الدّين عليّ كوكجك بن يلتكين. صاحب إربل. وليها والده إلى أن مات، وولي بعده ولده فغلب على البلد أخوه مظفر الدين. وكانت وفاته بظاهر عكا مرابطاً في شوال.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 259 4 (مواليد السنة) وفيها وُلد: العز حسن بن محمد الضرير المتكلم، وأبو عيسى عبد اللَّه بن علاق،) والمعين أحمد بن القاضي زين الدين، والجمال عبد الرحمن بن سليمان البغدادي، وشيخ الشيوخ عبد العزيز محمد الأنصاري، وإسماعيل بن عبد اللَّه ابن قاضي اليمن.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 260 4 (وفيات سنة سبع وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن سالم.) أبو العباس البرجوني، الواسطي المقرىْ. شيخ معمر، ولد سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة. وسمع من: أبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي. روى عنه: عليّ بن المبارك البرجوني بن باسويه، وعليه تلّقن القرآن كله. 4 (أحمد بن محمد بن أبي الحسن عليّ بن هبة اللَّه بن عبد السلام.) أبو الغنائم البغدادي الكاتب، أخو أبي منصور عبد اللَّه. سمع: أبا عليّ بن امهدي، وأبا القاسم، وأبا الحسن بن عبد السلام. استشهد ببغداد في سادس عشر المحرم، قتله غلامه لأجل سحت الدنيا. كتب عنه: عمر بن علي، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 261 وعاش 83 سنة. 4 (أحمد بن أبي السعادات المبارك بن الحسين بن عبد الوهاب بن الحسين بن نغويا.) أبو الفرج الواسطي. ولد سنة خمسمائة، وحدَّث عن خميس بن عليّ الحوزي الحافظ، والفضل بن الحين بن تركمان، وأبي تغلب محمد بن عجيف، وغيرهم. ونغوبا لقب لجده، لقب باسم ضيعةٍ كان يكثر المضيّ إليها. توفي في ربيع الأول. وقال يوسف بن خليل: روى عن أبي سعيد محمد بن حماد العميد، عن البرمكي جزء الأنصاري سماعاً.) 4 (أحمد بن منصور بن أحمد بن عبد اللَّه.) أبو العباس الكازروني. قدم بغداد، وسمع: أبا محمد سبط الخياط، وأبا عبداللَّه بن السلال، وأبا بكر أحمد بن الأشقر، وجماعة. وكتب أكثر مسموعاته، وتفقه مدةً على مذهب الشافعي. ثمّ وليّ قضاء كازرون، ثمّ قدم بعد مدةٍ رسولاً من أمير شيراز، وحدَّث. روى عنه أبو عبداللَّه الدُّبيثيّ فقال: سمعت منه مشيخة في سبعة أجزاء

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 262 جمعها لنفسه، وقال لي ولدت سنة ستّ عشرة وخمسمائة. وتوفي في جمادى الأولى بشيراز. وقد حفظ أبو العباس هذا جماعة كتبٍ في اللغة والعربية. 4 (أحمد بن أبي محمد بن أبي القاسم.) أبو الرضا، الرجل الصالح المقرىء النجاد. من شيوخ بغداد. سمع: عبد الوهاب الأنماطي، وأبا الحسن بن عبد السلام، وغيرهما. ويُعرف بابن العودي. قرأ القراءآت على سبط الخياط. وكان ناسخاً. 4 (لإبراهيم بن بركة بن إبراهيم بن طاقويه.) أبو اسحاق الأزجي البيّع. ولد سنة ثلاثٍ وخمسمائة، قرأ ببعض الروايات على أبي بكر المزرفي، وأبي الفضل الإسكاف. وسمع: أبا العزّ بن كادش، وزاهر بن طاهر، وابن الحصين، وجماعة. روى عنه أبو بكر الحازمي، وأبو عبداللَّه الدُّبيثيّ، ويوسف بن خليل. ولم يكن بالمرضيّ في دينه. توفي في ذي القعدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 263 قال ابن النجار: وكان يشرب الخمر. 4 (إسحاق بن هبة اللَّه.) ) أبو طاهر الأسنانبرتي الضرير المقرىء، ويسمى أحمد. من سواد العراق. قرأ بالروايات على: هبة اللَّه بن الطبر، وسبط الخياط. وسمع من: عليّ بن عبد السيد، وغيره. وسكن دمشق وأقرأ بها. وكان صالحاً، مجوداً، مقرئاً. سمع منه: أبو المواهب بن صصرى، والخضر بن عبدان. حدث في هذه السنة. 4 (أسعد بن إلياس بن جرجس.) المطران موفق الدّين الطبيب، طبيب السّلطان صلاح الدّين، وشيخ الأطباء بالشام. وكان من أهل الظَّرافة والنظافة، ومن ذوي الفصاحة والحصافة. وفَّقه اللَّه في بدايته للإسلام، ونال الحشمة والإحترام. وتوفي في ربيع الأول. وكان مع براعته في الطب عارفاً بالعربية، ذكياً، كثير الإشتغال، له تصانيف. وكان مليح الصورة، سمحاً، جواداً، نبيلاً، يركب في مماليك تركٍ حتّى كأنه وزير، ويتيه ويحمق. وقد اشتغل على مهذَب الدّين بن النقاش. ويُقال إنه من عُجبه وبأوِهِ عمل أنابيب بركة قاعته ذهباً. وزوجه السّلطان بواحدة من حظاياه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 264 وخلف من الكتب نحواً من عشرة آلاف مجلدة. وأجلّ تلامذته المهذب عبد الرحيم بن عليّ الدخوار. 4 (أسعد بن نصر بن أسعد.) أبو منصور بن العبرتي الشاعر. أخذ الأدب عن: أبي محمد بن الخشاب، وغيره. وتوفي في رمضان. 4 (إقبال بن المبارك بن محمد بن الحسن.) أبو جعفر العكبري، الواسطي، المعدل.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 265 سمع: عليّ بن عليّ بن شيران، وأبا عليّ الفارقي، وأبا عبداللَّه محمد بن عليّ الجلابي، وغيرهم. وحدَّث، وتوفي في خامس رمضان. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن حمزة بن الحسين بن حبيش.) البهراني، الحبشي، الحموي، القصاعي، الشافعي،، قاضي حماه، أمين الدولة، أبو القاسم. أحد الكرماء الأجواد. كان يضيف الخاص والعام. وكان السّلطان صلاح الدّين يكرمه ويُجله. وكان لا يقبل برَّ أحدٍ. نقلت هذا من تعاليق البرزالي، وأنه مات سنة سبعٍ، في ترجمة العدل كمال الدّين عبد الوهاب بن القاضي محيي الدّين حمزة بن محمد قاضي القضاة بحماه أبي القاسم هذا. قلت: ومن أولاده خطيب دمشق موفق الدّين محمد بن محمد بن المفضل بن محمد بن عبد المنعم بن أبي القاسم. 4 (الحسين بن يوحن بن أبويه.) الباوريّ. شيخ صالح توفي بإصبهان. يروي عن: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر. في السنة الآتية، والأظهر أنه توفي في هذا العام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 266 4 (حرف السين)

4 (سليمان بن جندر) الأمير الكبير علم الدّين صاحب عزاز، وبغراس. أحد الأمراء الكبار، له مواقف مشهودة في جهاد الفرنج. توفي في اّواخر ذي الحجة بقرية غباغب. 4 (حرف الصاد)

4 (صالح الزناتي.) أبو الحسن الإشبيلي العابد، أحد الأولياء. ذكره أبو عبداللَّه الأبار في تاريخه، فقال: زاهد عابد) لم يتشبت من الدنيا بقليل ولا بكثير، ولا شاهده أحد يبتاع شيئاً، ولا يطبخ قدراً. وكان يأوي إلى مسجد. شيع جنازته أمم لا يحصون. 4 (حرف العين)

4 (عبداللَّه بن عبد الحق.) القاضي أبو محمد الأندلسي الأنصاري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 267 ولي قضاء إشبيلية. قال الأبار: كان جزلاً، صارماً، صليباً في الحق، ذا سطوةٍ مرهوبةٍ، وأحكامٍ محمودةٍ. 4 (عبداللَّه بن عبد القادر بن أبي صالح.) أبو عبد الرحمن الجيلي. كان اكبر ولد الشيخ: ولد سنة ثمانٍ وخمسمائة. وسمع: هبة اللَّه بن الحصين، وأبا غالب بن البنا. ويقال إنه حدث ولم يكن مشتغلاً بالعلم. توفي في صفر. 4 (عبداللَّه بن مسعود بن عبداللَّه بن أبي يعلى.) أبو القاسم الشيرازي، ثمّ البغدادي، الخياط. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا البركات عبداللَّه بن أحمد البيع. وحدث. توفي في المحرم. روى عنه: أبو الحسن القطيعي. 4 (عبد الحق بن عبد الملك بن بونه بن سعيد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 268 أبو محمد المالقي، العبدري، المعروف بابن البيطار. نزيل مدينة المنكب بالأندلس. شيخ معمر، يروي عنه: أبيه أبي مروان، وأبي محمد بن عتاب، وأبي بحر بن العاص، وغالب بن عطية، وأبي الحسن بن الباذش، وأبي الحسن بن مغيث، وطائفة. وأجاز له أبو عليّ بن سكرة. قال أبو عبداللَّه الأبار: كان عالي الإسناد، صحيح السماع، اعتنى به أبوه وسمعه صغيراً، ورحل به إلى قرطبة فأورثه نباهة، وأخذ عنه جماعة من شيوخنا، وقرأت بخط ابن سالم أنه توفي في اّخر سنة سبعٍ وثمانين. وقال ابن حوط اللَّه: توفي يوم الأضحى سنة ستٍّ وثمانين. وكان مولده في سنة أربعٍ وخمسمائة. قلت: روى عنه جماعة كابن دحية، وغيره. وقال ابن فرتون: ثنا عنه: هاني بن) هاني، وابنا حوط اللَّه، وأبو الربيع بن سالم، وغيرهم. ومن رواياته عن اثنين عن أبي بكر عن أبي الفضل الجوهري قال: (يا خربَ القلب عامرَ الوطن .......... عشتَ وغرتكَ صحةُ البدنِ)

(لا أنت قصرت في القبيح ولا .......... سترت بعض القبيح بالحسنِ)

(لو كنت ممن تكفه وعظةٌ .......... كفك ذكرُ الحنوط والكفنِ)

4 (عبد الرحمن بن عليّ بن المسلم بن الحسين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 269 الفقيه أبو محمد اللخمي، الدمشقي، الخرقي، الفقيه الشافعي. ولد في نصف شعبان سنة تسعٍ وتسعين وأربعمائة. وسمع: أبا الحسن عليّ بن الموازيني، وعبد الكريم بن حمزة، وعلي بن أحمد بن قبيس، وأبا الحسن بن المسلم الفقيه، وطاهر بن سهل الإسفرائيني، والحسين بن حمزة الشعيري، ونصر اللَّه المصيصي الفقيه، وجماعة. روى عنه: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ الضياء، ويوسف بن خليل، وخطيب مرو، وإبراهيم بن خليل، وعبد الرحمن بن سلطان الحنفي، وأبو الثناء محمود بن نصر اللَّه ابن البعلبكي، ومحمد بن سعد الكاتب، وأحمد بن عبد الدائم، وطائفة سواهم. ونقلت من خط عمر بن الحاجب قال: حكى ابن نقطة عن ابن الأنماطي أن الخرقي روى نسخة أبي مسهر بقوله، ولم يوجد له بها سماع، إنما سمعت عليه بقوله، عن ابن الموازيني. قال ابن الحاجب: وكان فقيهاً، عدلاً، صالحاً، يقرأ كل يومٍ وليلةٍ ختمة. توفي في ذي القعدة. وأنبأني أبو حامد بن الصابوني أن أبا محمد بن الخرقي أعاد مدة بالأمينية لجمال الإسلام أبي الحسن السلمي، وكان من جلة العدول بدمشق،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 270 وأضر في الاّخر واقعد، فاحتاج ليلةًً إلى الوضوء، ولم يكن عنده في البيت أحد. فذكر عنه أنه قال: فبينا أنا أتفكر إذا بنورِ من السماء دخل البيت، فبصرت بالماء فتوضأت، حدَّث بذلك بعض إخوانه، وأوصاه أن لا يخبر بها إلاّ بعد موته. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن مغاور.) الفقيه أبو بكر السلمي، الشاطبي الكاتب. ولد في سنة اثنتين وخمسمائة.) وسمع من: أبيه محمد بن مغاور بن الحكم، وأبي عليّ الحسين بن محمد الصدفي ابن سُكرة، وهو آخر من سمع منه. وأخذ صحيح البخاري عن أبي جعفر أحمد بن عليّ بن غزلون صاحب أبي الوليد الباجي. وسمع أيضاً من أحمد بن عبد الرحمن بن جحدر الأنصاري، الشاطبي. قال الأبار: وكان بقية مشيخة الكتاب والأدباء والمشاهير، مع الثقة والكرم، ليغاً مفوَّهاً، مدركاً، له حظ وافرٌ من قرض الشعر وصدق اللهجة طال عُمره وعلت روايته. وتوفي في صفر. حدث بشاطبة، فروى عنه: أبو القاسم الطيب المرسي، وقال: هو

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 271 رئيس البلاغة وإبنا حوط اللَّه، وهاني بن هاني، وأبو الربيع بن سالم. 4 (عبد المنعم بن أبي البركات عبداللَّه بن محمد بن الفضل أبي أحمد بن محمد.) أبو المعالي الصاعدي، الفُراوي الأصل، النيسابوري. ولد سنة سبع وتسعين وأربعمائة في ربيع الأول. وسمع من: جده، عبد الغفار بن محمد الشيروي، وأبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، وأبي الفضل العباس بن أحمد بن محمد الشَّقاني، وأبي الحسن طريف بن محمد الحيريّ، وجماعة. وحج في أواخر عمره، وحدَّث بالحرمين وبغداد. وتفرَّد عن أقرانه. وكان أسند أهل خُراسان. روى عنه: مُكرم بن مسعود الفقيه، الإمام شمس الدّين أحمد بن عبد الواحد والد الفخر بن البخاري، والتقي عليّ بن باسويه، وأبو عبداللَّه محمد بن عمر القرطبي المقرىء، وأبو محمد عبداللَّه بن عبد الجبار الأموي، وأبو عبداللَّه الدُّبيثي، والنفيس محمد بن رواخة، والتاج محمد بن أبي جعفر، وآخرون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 272 وهو من بيت الرواية والإسناد العالي هو وابنه منصور، وأبوه، وجده، وأبو جده، وحفيده محمد بن منصور. وفراوَه، بالضم والفتح، بُليدة مما يلي خوارزم. قدم منها أبو مسعود الفضل فسكن نيسابور. توفي عبد المنعم رحمه اللَّه في أواخر شعبان بنيسابور، وله تسعون سنة. 4 (علي بن أبي السعادات بن عليّ بن منصور.) ) أبو الحسن الهاشمي، البغدادي، الخراط. شيخ معمّ، سمع جزء ابن عرفة من: أبي القاسم بن بيان. روى عنه: سعيد بن المبارك، وأبو بكر الخباز. وتوفي في صفر. 4 (عمر بن الأمير نور الدّين شاهنشاه بن الأمير نجم الدّين أيوب بن شاذي.) الملك المظفر تقي الدّين صاحب حماه، وأبو ملوكها.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 273 كان بطلاً شجاعاً له مواقف مشهودة في قتال الفرنج مع عمه السّلطان صلاح الدّين وكان يحبه، وهو الذي أعطاه حماه. وقد استنابه على مصر مدة، وأعطاه المعرة، وكفر طاب، وميافارقين. ثمّ أعطاه في العام الماضي حران والرها بعد ابن صاحب إربل، فأذن له في السفر إلى تلك البلاد ليقرر قواعدها، فسار إليها وإلى ميافارقين في سبعمائة فارس، وكان عالي الهمة، فقصد مدينة حاني فحاصرها وافتتحها، فلما سمع الملك بكتمر صاحب خلاط سار لقتاله في أربعة آلاف فارس فالتقوا، فلم يثبت عسكر خلاط وانهزموا، فساق تقي الدّين وراءهم، وأخذ قلعة لبكتمر، ونازل خلاط وحاصرها، فلم ينل غرضاً لقلة عسكره، فرحل. ونازل منازكرد مدة. وله أفعال بر بمصر والفيوم. وسمع بالإسكندرية من: السفلي، والفقيه إسماعيل بن عوف، وروى شيئاً من شعره. توفي على منازكرد محاصراً لها، وهي من عمل أرمينية في طريق خلاط، في تاسع عشر رمضان، ونقل إلى حماه فدفن بها. وكان فيها عدل، وكرم، ورئاسة. ثم فوض السّلطان حماه، والمعرة، وسليمة إلى ولده الملك المنصور ناصر الدّين محمد. وكان تقي الدّين قد حدث نفسه بتملك الديار المصرية، فلم يتم له، وعوفي عمه صلاح الدّين، وطلبه إلى الشام، فامتنع واستوحش، وهم باللحوق بمملوكيه قراقوش وبوزبا اللذين استوليا على برقة وأطراف المغرب، وتجهز للمسير ثمّ سار إليه الفقيه عيسى الهكاري الأمير، وكان مهيباً مطاعاً، فثنى عزمه، واخرجه إلى الشام، فأحسن إليه عمه السّلطان وأكرمه وداراه، وأعطاه عدة بلاد. قال ابن واصل: كان الملك المظفر عمر شجاعاً جواداً، شديد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 274 البأس، عظيم الهيبة، ركناً من أركان البيت الأيوبي. وكان عنده فضل وأدب، وله شعر حسن، أصيب السّلطان صلاح الدّين) بموته لأنه كان من أعظم أعوانه على الشدائد. وتملك حران، والرها بعده العادل سيف الدين. 4 (حرف الغين)

4 (غياث بن هياب بن غياث بن الحسين.) أبو الفضل البصري، ثمّ المصري، المعروف بالأنطاكي. سمع: عبداللَّه بن رفاعة. روى عنه: أبو الطاهر إسماعيل بن الأنماطي. وغياث وهياب بالتشديد. 4 (حرف الفاء.)

4 (فضالة بن نصر اللَّه بن جواس.) أبو المكارم العرضي. سمع بدمشق من أبي الفتح نصر اللَّه المصيصي. وحدَّث. روى عنه: محمد وإسماعيل ابنا جعفر. 4 (الفضل بن أبي المطهر القاسم بن الفضل بن عبد الواحد.) أبو الفضل الإصبهاني، الصيدلاني. روى عن: أبي عليّ الحداد، وغيره. روى عنه: الحافظان أبو بكر الحازمين وأبو ربية اليمني. توفي في الحادي والعشرين من جُمادى الآخرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 275 وكان مُكثراً. وهو أخو عبد الواحد. 4 (حرف القاف)

4 (قزل أرسلان) أخو البهلوان محمد بن إلدكز. ولي أذربيجان، وأرّان، وهمذان، وإصبهان، والري بع أخيه. وقد كان سار إلى إصبهان والفتن بها متصلة بين المذاهب، وقد قتل خلق، فقبض على جماعة من الشافعية فصلب بعضهم، وعاد إلى همذان، وخطب لنفسه بالسلطنة.) وكان فيه كرم وعدل وحلم في الجملة. قتل ليلةً على فراشه غيلة، ولم يُعرف قاتله، وذلك في شعبان. قاله البن الأثير. 4 (حرف الميم) محمد بن إبراهيم بن محمد بن وضاح. أبو القاسم اللخمي، الغرناطي. أخذ القراءآت عن: أبي الحسين بن هُذيل. وحج فأخذ القراءآت بمكة عن: أبي عليّ بن العرجا سنة سبعٍ وأربعين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 276 وحج ثلاث حجج. ودخل بغداد، ثمّ رد واستوطن جزيرة واستوطن جزيرة شُقر خطيباً ومقرئاً بلا معلوم. وكان زاهداً قانتاً واحداً في وقته، يُشار إليه بإجابة الدعوة. أخذ عنه: ابنه أبو بكر محمد بن محمد، وأبو عبداللَّه بن سعادة. 4 (محمد بن أحمد بن سلطان.) أبو الفضل الواسطي، الغرَّافيّ. حدَّث عن: أب يعلي الحسن بن إبراهيم الفارقي. والغرَّاف: من سواد واسط. 4 (محمد بن أحمد بن عبد اللَّه) أبو عبداللَّه الجمدي، والجمد: قرية بدجيل. سكن بغداد، وسمع من: أبي البدر الكرخي، وعبد الوهاب بن الأنماطي، وسعد الخير الأندلسي، وطائفة. روى عنه: محمد بن خالد الحربي. وكان صالحاً خيراً، مُجاوراً بجامع الرصافة. 4 (محمد بن الحسن بن محمد.) أبو عبداللَّه الراذاني، ثمّ البغدادي. كان من أولاد المشايخ. سمع: أبا بكر الأنصاريّ، وأبا القاسم بن السمرقندي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 277 سمع منه: محمد بن محمود بن المعز الحراني، وغيره.) توفي في جمادى الأولى. 4 (محمد بن عبد الكريم ابن شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد.) النيسابوري، الصوفي. صحب جده، وسمع منه، ومن: أبي الفتح عبد الملك الكروخي، وأبي الوقت السجزي. وتوفي في جمادى الآخرة. حدَّث بدمشق فسمع منه: أحمد بن عثمان بن أبي الحديد الدمشقي، ومحمد بن محمد بن المروزي. 4 (محمد بن عليّ الوزير أبي طالب بن أحمد بن علي.) أبو المحاسن السميرمي، الإصبهاني، الملقب بالعضد. قتل أبوه ببغداد سنة ستّ عشرة، وحُمل في تابوت، وسار معه ولده هذا إلى إصبهان. ثمّ أنه قدم فغي دولة المقتفي والمستنجد ومدحهما، وخدم في الديوان، ثمّ عاد إلى إصبهان، ومضى إلى أذربيجان، وخدم السّلطان داود، وتولى الكتابة والإنشاء، ثمّ عاد إلى إصبهان وتزهد وتعبد، وأقبل على شأنه. وقد سمع بإصبهان من غانم بن خالد، ومن إسماعيل الحافظ. وكتب متباً كثرية بخطه المليح. وله شعرٌ رائق. وترجل له قاضي إصبهان مرةً، فرأى سرجه بالحرير، فأنكر عليه وعنّفه. توفي في رمضان سنة سبعٍ وثمانين. 4 (محمد.) ويلقب بالفضل، أبو المحاسن ولد الوزير الكبير أبي طالب عليّ بن أحمد السُّميرميّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 278 ولد سنة 505 ؛ هو هذا المتقدم. 4 (محمد بن عمر بن لاجين.) ابن أُخت السّلطان صلاح الدّين، الأمير حسام الدين. توفي في تاسع عشر رمضان في الليلة التي توفي في صبيحتها صاحب حماه تقي الدين، فحزن عليهما السّلطان. ودفن حسام الدّين في التربة الحسامية المنسوبة إليه من بناء والدته ست الشام، وهي في الشامية الكبرى بظاهر دمشق.) وقيل اسمه عمر بن لاجين. 4 (محمد بن الموفق بن سعيد بن عليّ بن الحسن.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 279 نجم الدّين أبو البركات الخُبوشاني، الصوفي، الفقيه الشافعي. قال القاضي شمس الدين: كان فقيهاً ورعاً، تفقه بنيسابور على محمد بن يحيى وكان يستحضر كتابه المحيط حتّى قيل أنه عُدم الكتاب فأملاه من خاطره. وله كتاب تحقيق المحيط وهو في ستة عشر مجلداً رأيته. وقال الحافظ المنذري: كان مولده بأستوا بخبوشان في رجب سنة عشر وخمسمائة، وحدَّث عن: أبي الأسعد هبة الرحمن القشيري. وقدم مصر سنة خمس وستين فأقام بالمسجد المعروف بالقاهرة على باب الجوانية مدةً، ثمّ تحوَّل إلى تربة الشافعي رحمه اللَّه، وتبتل في المذهب كتاباً مشهوراً. وخُبُوشان قرية متن أعمال نيسابور. وقال ابن خلكان: كان السّلطان صلاح الدّين يقربه ويعتقد في علمه ودينه، وعمَّرَ له المدرسة المجاورة لضريح الشافعي، ورأيتُ جماعةً من أصحابه، وكانوا يصفون فصله ودينه، وأنه كان سليم الباطن. وقال الموفق عبد اللطيف: كان فقيهاً صوفياً، سكن خانقاه السُميساطيّ بدمشق، وكانت له معرفة بنجم الدّين أيوب، وبأسد الدّين أخيه. وكان قشفاً في العيش، يابساً في الدين، وكان يوقل بملء فيه: اصعد إلى مصر وأُزيل ملك بني عُبيد اليهودي. فلما صعد أسد الدّين صعِد ونزل بمسجد، وصرَّح

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 280 بثلب أهل القصر، وجعل تسبيحه سبَّهم، فحاروا في أمره، فأرسلوا إليه بمالٍ عظيم، قيل مبلغه أربعة آلاف دينار، فلما وقع نظره على رسولهم وهو بالزِّي المعروف، نهض إليه بأشد غضب وقال: ويلك ما هذه البدهة وكان الرجل قد زوًّر في نفسه كلاماً يلاطفه به، فأعجله عن ذلكن فرمى الدنانير بين يديه، فضربه على رأسه، فصارت عمامته حَلقاً في عنقه، وأنزله من السُّلَّم وهو يرمي بالدنانير على رأسه، ويلعن أهل القصر. ثم إن العاضد توفي، وتهيب صلاح الدّين أن يخطب لبني العباس خوفاً من الشيعة، فوقف الخُبوشاني قُدام المنبر بعصاه، وأمر الخطيب أن يذكر بني العباس، ففعل، ولم يكن إلا الخير. ووصل إلى بغداد، فزينوا بغداد وبالغوا، وأظهروا من الفرح فوق الوصف.) ثم إن الخُبُوشانيّ أخذ في بناء ضريح الشافعي، وكان مدفوناً عنده ابن الكيزاني، رجلٌ ينسب إلى التشبيه، وله أتباع كثيرون من الشارع. قلت: بالغ الموفق، فإن هذا رجلٌ سُنّيّ يلعن المشبّهة، توفي في حدود الستين وخمسمائة. قال: فقال الخبوشاني: لا يكون صدّيق وزنديق في موضع واحد. وجعل ينبش ويرمي عظامه وعظام الموتى الذين حوله، فشد الحنابلة عليه وتألبوا، وصار بينهم حملات حربية، وزحفات إفرنجية، إلى أن غلبهم وبنى القبر والمدرسة، ودرّس بها. وكان يركب الحمار، ويجعل تحته أكسية لئلا يصل إليه عرقُه. وجاء الملك العزيز إلى زيارته وصافحته، فاستدعى بماءٍ وغسل يده وقال: ياولدي إنك تمسك العنان، ولا يتوقّى الغلمان عليه. فقال: اغسل وجهك، إنك بعد المصافحة لمست وجهك. فقال: نعم. وغسل وجهه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 281 وكان أصحابه يتلاعبون به، ويأكلون الدنيا بسببه، ولا يسمع فيهم قولاً، وهم عنده معصومون. وكان متى رأى ذمياً راكباً قصد قتله، فكانوا يتحامونه، وإنه ظفر بواحد منهم، فوكزه بالمقرعة، فأندر عينه وذهبت هدراً. وكان هذا طبيباً يُعرف بابن شوعة وكان صلاح الدّين لما توجه إلى الفرنج نوبة الرملة خرج في عسكرٍ كثيفٍ فيهم أربعة عشر ألف فارس مزاجي العلل، وجاء إلى وداعه، فالتمس منه أن يُسقط رسوماً لا يمكن إسقاطها، فساء عليه خُلُقه وقال: قم لا نَصَرك اللَّه، ووكزه بعصا، فوقعت قلنسوته عن رأسه. فوجم لها، ثمّ نهض متوجهاً إلى الحرب، فكُسر وأُسر كثيراً من أصحابه، فظن أن ذلك بدعوة الشيخ، فجاء وقبّل يديه، وسأله العفو. وكان تقي الدّين عمر بن أخي صلاح الدّين له مواضع يباعُ فيها المزرُ. فكتب ورقةً إلى صلاح الدّين فيه: إن هذا عمر لا جبره اللَّه يبيع المزر. فسيرها إلى عمر وقال: لا طاقة لنا بهذا الشيخ فارضه. فركب إليه، فقال له حاجبه ابن السلاّر: قف بباب المدرسة وأسبقك. فأُطيء لك. فدخل وقال: إن تقي الدّين يٍ لم عليك. فقال: بل شقي الدّين لا سلم اللَّه عليه. قال: إنه يعتذر ويقول: ليس لي موضع يباع فيه المزر. فقال: يكذب. فقال: إن كان هناك موضع مزرٍ فأرناه. فقال: أُدنُ. وأمسك ذؤآبتيه وجعل يلطم على رأسه وخديه ويقول: لست مزاراً فأعرف مواضع المزر، فخصوه من يده، فخرج إلى تقي الدّين وقال: سلمتُ وفديتك بنفسي.) وعاش هذا الشيخ عُمره لم يأخذ درهماً من مال الملوك، ولا أكل من وقف المدرسة لقمةً، ودُفن في الكساء الذين صحبه من خُبوشان. وكان بمصر رجل تاجر من بلده يأكل ماله. وكان قليل الرُّزء، ليس له نصيب في لذات الدنيا. ودخل يوماً القاضي الفاضل لزيارة الشافعي، فوجده يُلقي الدرس على

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 282 كُرسي ضيق فجلس على طرفه وجنبه إلى القبر، فصاح به: قم ظهرك إلى الإمام. فقال: إن كنتُ مستدبره بقالبي فأنا مستقبله بقلبي، فصاح فيه أخرى وقال: ما تعبّدنا بهذا. فخرج وهو لا يعقل. توفي في ذي القعدة. 4 (محمود بن محمد بن الحسين.) الفقيه أبو القاسم القزويني، الشافعي، الواعظ. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وحدَّث بمصر عن أبي شجاع عمر بن محمد البسطتمي، وأبي القاسم بن عساكر، والِّلفي. ودرّس بمشهد الحسين مدةً. ووعظ. وتوفي في صفر. 4 (حرف النون)

4 (نور العين بنت أبي بكر بن أحمد بن أبي الليات.) الحربية البغدادية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 283 أجاز لها شجاع الذُّهلي، وأبو طالب بن يوسف، وعبيد اللَّه بن نصر الزاغوني. روت بالإجازة. وتوفيت في رجب. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن حبش بن أميرك.) الشهاب السهروردي، الفيلسوف. شابٌ فاضل، متكلم، مناظر، يتوقد ذكاء. ذكره ابن أبي أُصيبعة فقال: اسمه عمر. كان أوحداً في العلوم الحكيمة، جامعاً لفنون الفلسفة، بارعاً في أصول الفقه، مفرط الذكاء، فصيح العبارة، لم ينظر أحداً إلاّ أربى عليه، وكان علمه) أكثر من عقله.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 284 قال فخر الدين المارديني: ما أذكى هذا الشاب وأفصحه إلا أني أخشى عليه لكثرة تهوره واستهتاره تلافه. ثم إن الشهاب السهروردي قدم الشام فناظر فُقهاء حلب، ولم يُجاره أحدٌ، فاستحضره الملك الظاهر، وعقد له مجلساً، فبان فضله، وبهر علمه، وحسن موقعه عند السّلطان، وقربه، واختص به، فشنعوا عليه، وعملوا محاضر بكفره، وزادوا عليه أشياء كثيرة، فبعث إلى ولده الملك الظاهر بخط القاضي الفاضل يقول فيه: لا بد من قتله، ولا سبيل إلى أن يُطلق ولا يُبقي بوجه. فلما لم يبق إلاّ قتله اختار هو لنفسه أن يترك في بيتٍ حتّى يموت جوعاً، ففُعل به ذلك في أواخر سنة ستٍّ وثمانين بقلعة حلب. وعاش ستاً وثلاثين سنة. حكى ابن أُصيبعة هذا الفصل عن السديد محمود بن زقيقة. ثمّ قال: وحدثني الحكيم إبراهيم بن صدفة أنه اجتمع مع الشهاب هو وجماعة، وخرج من باب الفرج إلى الميادين، فجرى ذكر السيماء، فمشى قليلاً وقال: ما أحسن دمشق وهذه المواضع. فنظرنا فإذا م ناحية الشرق جواسق مبيضة كثيرة مزخرفة، وفي طاقاتها نساء كالأقمار ومغاني، وغير ذلك فتعجبنا وأنذهلنا فبقينا ساعةً، وعُدنا إلى ما كنا نعرفه، إلا أني عند رؤية ذلك بقيت أحس من نفسي كأني في سنة خفية، ولم يكن إدراكي كالحالة التي أتحقَّقها منيّ. وحدثني بعض فقهاء العجم قال: كنا مع شهاب الدّين عند القابون، فقلنا: يامولاي، نريد رأس غنم. فأعطانا عشرة دراهم، فاشترينا رأساً، ثمّ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 285 تنازعنا نحن والتركماني فقال الشيخ: روحوا بالرأس وأنا أُرضيه، فتقدمنا، ثمّ تبعنا الشيخ، فقال التركماني: أعطني رحلي وارضني. وهو لا يردّ في التركماني، وجذب يده وقال: كيف تروح وتخليني فإذا بيد الشيخ قد انخلعت من كتفه، وبقيت في يد التركماني، ودمها يشخب. فتحير التركماني، ورماها وهرب، فأخذ الشيخ تلك اليد اليسرى بيده اليمنى، فلما صار معنا رأينا في يده منديله لا غير. وقال الضياء صقر: في سنة تسع وسبعين قدم إلى حلب شهاب الدّين عمر السهروردي، ونزل في مدرسة الحلاوية، ومدرسها الافتخار الهاشمي، فحضر وبحث وهو لابس دلق، وله إبريق وعكاز. فأخرج له افتخار الدّين ثوب عتابي، وبقيار، وغلالة، ولباس، وبعثها مع والده إليه. فسكت عنه، ثمّ قال: ضع هذا واقضِ لي حاجة. وأخرج فص بلخش كالبيضة، ما ملك أحدٌ مثله) وقال: نادِ لي عليه وعرِّفني. فجاب خمسة وعشرين ألفاً. فأخذه العريف وطلع إلى الملك الظاهر غازي، فدفع فيه ثلاثين ألفاً. فنزل وشاورن فأتاه ابن الافتخار وعرّفه، فتألم وصعُب عليه، وأخذ الفصَّ جعله على حجر، وضربه بحجرٍ آخر فتته، وقال: يا ولدي، خُذ هذه الثياب، وقبل يد والدك، وقُل له: لو أردنا الملبوس ما غُلبنا عنه. فراح إلى أبيه، وعرّفه فبقي متحيراً. وأما السّلطان فطلب العريف وقال: أريد الفص. فقال: هو لابن الشريف الافتخار. فركب السّلطان، ونزل إلى المدرسة، وقعد في الإيوان

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 286 وكلمه، فقال السّلطان: إن صدق حدسي فهذا الشهاب السهروردي. ثمّ قام واجتمع به، وأخذ معه إلى القلعة، وصار له شأنٌ عظيم، وبحث مع الفقهاء وعجزهم، واستطال على أهل حلب، وصار يكلمهم كلام من هو أعلى منهم قدراً، فتعصبوا عليه، وأفتوا في دمه حتّى قُتل. وقيل: إن الملك الظاهر سير إليه من خنقه، ثمّ بعد مدةٍ نقم على الذين أفتوا في دمه، وحبس جماعةً وأهانهم وصادرهم. حدثني السديد محمود بن زقية قال: كان السهروردي لا يلتفت إلى ما يلبسه، ولا يحتفل بأمور الدنيا. كنتُ أتمشى أنا وهو في جامع ميافارقين وعليه جبة قصيرة زرقاء، وعلى رأسه فوطة، وفي رجليه زربول، كأنه خربندا. وللشهاب شعر رائق حسن، وله مصنفات منها كتاب التلويحات اللوحية والعرشية، وكتاب اللمحة، وكتاب هياكل النور، وكتاب المعارج وكتاب المطارحات، وكتاب حكمة الإشراق. قلت: سائر كتبه فلسفة وإلحاد. نسأل اللَّه السلامة في الدين. قُتل سنة سبعٍ وثمانين. وذكره في حرف الياء ابن خلكان، فسماه كما ذكرنا، وأنه قرأ الحكمة والأصول على مجد الدّين الجيلي شيخ الفخر الرازي بمراغة، وقال: كان شافعي المذهب، وله في النظم والنثر أشياء، ولقبوه المؤيد بالملكوت. قال: وكان يتهم بانحلال العقيدة والتعطيل، ويعتمد مذهب الحكماء

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 287 المتقدمين. اشتهر ذلك عنه، وأفتى علماء حلب بإباحة دمه. وكان أشدهم عليه زين الدين، ومجد الدّين ابني جهبل.) ابن خلكان قال: قال السيف الآمدي: اجتمعت بالسهروردي بحلب، فرأيته كثير العلم، قليل العقل. قال لي: لا بُد أن أملك الأرض. رأيت كأني قد شربت ماء البحر. فقلت: لعل هذا يكون اشتهار العلم وما يناسب هذا فرأيته لا يرجع. ولما أن تحقق هلاكه قال: (أرى قدمي أراقَ دمي .......... وهانَ دمي فها نَدَمي) قال ابن خلكان: حبسه الملك الظاهر، ثمّ خنقه في خامس رجب سنة سبع. وقال بهاء الدّين بن شداد: قتل ثمّ صُلب أياماً. وقال: أُخرج السهروردي ميتاً في سلخ سنة سبعٍ من الحبس، فتفرق عنه أصحابه. وقد قرأتُ بخط كاتب ابن وداعة أن شيخنا محيي الدّين بن النحاس حدثه قال: حدثني جدي موفق الدّين يعيش النحوي، أن السهروردي لما تكلموا فيه قال له تلميذ: قد كثروا القول بأنك تقول النبوة مكتسبة، فانزح بنا. فقال: اصبر عليّ أياماً حتّى نأكل البطيخ ونروح، فإن بي طرفاً من السِّل، وهو يوافقه. ثم خرج إلى قرية دوبران الخشاب، وبها محفرة تراب الراس، وبها بطيخ مليح، فأقام عشرة أيام، فجاء يوماً إلى المحفرة، وحفر في أسفلها، فطلع له حصى، فأخذ ودهنه بدهنٍ معه، ولفه في قطنٍ وتحمّله في وسطه

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 288 ووسط أصحابه أياماً. ثمّ أحضر بعض من يحك الجوهر، فحكه فظهر كله ياقوتاً أحمر، فباع منه ووهب. ولما قُتل وُجد منه شيء في وسطه. 4 (يحيى بن غالب بن أحمد بن أبي غالب.) أبو القاسم البغدادي، الحربي. سمع: عبداللَّه بن أحمد بن يوسف. وأجاز به شجاع الذُهلي وأحمد بن الحسين بن قريش. وحدَّث. وتوفي في شعبان. 4 (يحيى بن محمد بن يحيى بن أبي إسحاق.) أبو بكر الأنصاري، الأندلسي، اللرييّ، مكن أهل لرية. أخذ القراءآت عن أبيه، وسمع منه، ومن: ابن هُذيل. وأجاز له أبو عبداللَّه بن سعيد الداني، والسلفيّ.) وتصدّر للإقراء. وخلف أباه جارياً على مهيعة. سمع منه محمد بن عباد كثيراً، وأخذ عنه القراءآت أبو عبداللَّه بن هاجر. وسمع منه في هذه السنة أبو عبداللَّه بن غبرة. 4 (يحيى بن أبي القاسم مقبل بن أحمد بن بركة بن الصدر.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 289 أبو طاهر البغدادي، الحريمي، المعروف بابن الأبيض. ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا بكر الأنصاري. وحدَّث. توفي رحمه اللَّه في ذي القعدة. 4 (يحيى بن هبة اللَّه بن فضل اللَّه بن محمد.) أبو الحسن ابن النخاس، بخاء معجمة، الواسطي، الغرافي. حدَّث عن: أبي عليّ الفارقي، وأبي الحسن بن عبد السلام. توفي في رابع شوال. وكان أبوه أبو المعالي قاضياً بالغرّاف. 4 (يعقوب بن يوسف بن عمر بن الحسين.) أبو محمد الحربي، المقرىء. قرأ القراءآت على: الحسين بن محمد البارع، ومحمد بن الحسين المزرفي، وغيرهما. وسمع من: ابن الحصين، وابن كادش، وأبي الحسين بن الفراء، وجماعة. وأقرأ الناس القراءآت، وكان مبرزاً في معرفتها، قيماً بها، ثقةً، مُسناً. روى عنه: البهاء عبد الرحمن وقال: سمعنا عليه، وعلى عبد المغيث مسند الإمام أحمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 290 وروى عنه: أبو عبداللَّه الدبيثي وأجاز للزين بن عبد الدائم، وغيره. وتوفي في شوال عم سن عالية. وعنه أيضاً: عبد الرحمن بن يوسف بن الكل. 4 (يوسف بن الحسن بن أبي البقاء بن الحسن.) أبو محمد العاقولي الأصل، البغدادي، المأموني، المقرىء.) ولد سنة عشرٍ وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر بن عبد الباقي، وأبي منصور القزاز، وجماعة. وكتب الكثير. قال ابن الدبيثي، كتبتُ عنه، وما أعلم من أمره إلا خيراً. وتوفي في صفر. وقال ابن النجار: كان صالحاً متديناً، إلا أنه لم يكن يعرف شيئاً من علم الحديث، وهو كثير الغلط. 4 (يوسف الأندلسي.) البشري، الزاهد، أبو الحجاج. تلميذ أبي عبداللَّه بن المجاهد. مشهور بالزهد والعبادة، وله في ذلك أخبار وأحوال. وعاش نحواً من ثمانين سنة. توفي في هذه السنة ظناً. 4 (الكنى)

4 (أبو القاسم بن حُبيش.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 291 البهراني الحموي، الفقيه الشافعي، قاضي القضاة بحماة، أمين الدين. قال القاضي ابن واصل: توفي في حادي عشر رمضان. قال: وكان رئيساً جواداً، عظيم القدر بحماه، مشهوراً عند الملوك. قلت: هو من أجداد شيخنا موفق الدّين الحموي خطيب دمشق. 4 (مواليد السنة) وفيها ولد: العماد أبو جعفر محمد بن السهروردي، والمجد محمد بن إسماعيل بن عساكر، النجيب عبد اللطيف بن الصقيل، والنصير بن تمام رئيس المؤذنين، ونجم الدّين مظفر بن محمد بن الياس بن الشيرجي، والأمير يعقوب بن المعتمد العادليّ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 292 4 (وفيات سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة) ) 4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد.) الفقيه أبو العباس، العراقي، الحنبلي، المقرىء، الملقن بجامع دمشق تحت النشر. سمع: محمد بن عبداللَّه بن سهلون السبط، وأبا الفتح الكروخي، وسعد الخير الأنصاري، وجماعة. وهو والد الرشيد إسماعيل الراوي بالإجازة عن السلفي. روى عن: الشيخ موفق الدين، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. ذكر زكي الدّين المنذري أنه توفي في هذه السنة. وقال الضياء محمد: توفي في جمادى الأولى سنة ست وسبعين، فوهم. وذكره الشيخ الموفق فقال: إمام في السنة داعياً إليها، إمام في القراءة، كان يقرىء تحت النسر، وكان ديناً يقول شعراً حسناً. وشرح عبادات الخرقي بالشعر. وقال ابن النجار: قرأ القرآن على سبط الخياط، وسمع بدمشق في سنة إحدى وخمسين أيضاً من محمد بن أحمد بن أبي الحوافر البعلبكي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 293 وروى عنه أيضاً: يوسف بن خليل، ومحمد بن طرخان. وقال ابن خليل: قرأ القرآن بالقراءآت على أبي محمد، وغيره. وكان شيخاً فاضلاً، متفنناً، طيب المحاضرة. توفي سنة ثمانٍ. 4 (أحمد بن خلف.) أبو القاسم الكلاعي، الإشبيلي، الفقيه، المعروف بالحوفي. سمع صحيح البخاري من أبي الحسن شريح، وأبي بكر بن العربي. وولي قضاء إشبيلية مرتين. وكان مشكوراً في الأحكام، فرضياً. 4 (إبراهيم بن اسماعيل بن سعيد بن أبي بكر.) الفقيه، الإخباري أبو اسحاق الهاشمي، العباسي، المصري، إمام مسجد الزبير. من فضلاء المالكية. حدَّث عن: أبي القاسم بن عساكر بمصر.) وألف تاريخاً في أمراء مصر إلى أيام صلاح الدّين، وجمع مجاميع. وله كتاب البُغية والاغتباط في من سكن الفسطاط، وكتاب في الوعظ. وله نظم. توفي في ربيع الأول وله ثلاثٌ وسبعون سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 294 4 (إسماعيل بن عليّ بن إبراهيم بن أبي القاسم.) أبو الفضل الجنزوي الأصل، الدمشقي، المولد والدّار، الفقيه الشافعي الشروطي، الكاتب المعدل، الفرضي. ويقال فيه أيضاً الجنزي. ولد في ربيع الأول سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، وتفقه على جمال الإسلام أبي الحسن بن المسلم، وأبي بكر بن محمد بن القاسم الشهرزوري، وطبقتهم بدمشق. ورحل فسمع: أبا البركات هبة اللَّه بن البخاري، وأبا محمد عبداللَّه بن السمرقندي، وأبا عليّ الحسن بن إسحاق الباقرحي، وأبا الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني، وأبا نصر أحمد بن محمد الطوسي، وأبا القاسم هبة اللَّه الحريري، وأبا بكر الأنصاري، وطائفة كبيرة ببغداد، والأنبار. كتب عنه: عمر بن عليّ القرشي، وأبو المواهب بن صصرى، وأبو محمد القاسم ابن الحافظ، وعبد العزيز بن الأخضر، وعبد القادر بن الرهاوي، ومحمد بن الواحد، ويوسف بن خليل الحفاظ، والشيخ موفق الدين،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 295 والبهاء عبد الرحمن، والتاج أبي جعفر، وإبراهيم بن خليل، وعبداللَّه بن الخُشوعي، والعماد عبد الحميد بن عبد الهادي، والزين أحمد بن عبد الدائم. وجنزة من مدن أران، وإقليم اران بين أذربيجان وأرمينية. كان يشهد على باب الجامع، وكان بصيراً بكتابة الشروط نبيهاً في الحديث ذا عناية بسماعه وروايته. تُوفي في سلخ جمادى الأولى. ورحل إلى بغداد مرات، وعمرِّر تسعين سنة. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن الإمام أبي جعفر هبة اللَّه بن يحيى بن أبي نعيم الحسن بن أحمد.) الفقيه أبو عليّ الواسطي، الشافعي، المعدل، المعروف بابن البوقي. ولد سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة.) وتفقه على أبيه، وبرع في المذهب. وسمع من: أبي الكرم نصر اللَّه بن محمد بن مخلد، وأبي عبداللَّه محمد بن عليّ الجُلابي، وسعد بن عبد الكريم الغندجاني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 296 وسمع ببغداد من: الوزير أبي المظفر بن هُبيرة، وأبي الفتح بن البطني، وجماعة. روى عنه: أبو عبداللَّه الدُّبيثي. وكان إليه الفتوى بواسط. وتوفي رحمه اللَّه في سادس شعبان. 4 (الحسين بن يوحن بن أبويه بن النعمان.) أبو عبداللَّه الباوري، اليمني. وباور جزيرة في البحر باليمن. سمع ببغداد: أبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وابن الناصر، وابن الزاغوني. ودخل إصبهان وسكنها، وسمع بها من: أبي الخير الباغبان، ومسعود الثقفي، وجماعة. ثم قدم بغداد، وسمع ولديه: الحسن، وعلياً من شهدة. سمع منه: عبداللَّه االجبائي، وعلى بن يعيش القواريري. وكان صالحاً صوفياً، كتب الكثير. كان الشيخ عبد الزاق الجيلي بثني عليه كثيراً. روى عنه، أبو عبداللَّه الدبيثي، وغيره. قال ابن النجار، توفي سنة ثمان وثمانين بإصبهان، وقد نيف على الثمانين، رحمه اللَّه. 4 (حرف الخاء)

4 (خالد بن محمد بن نصر بن صغير.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 297 الرئيس موفق الدّين أبو البقاء ابن الأديب البارع أبي عبد اللَّه، المخزومي، الخالدي، الحلبي، ابن القيسراني، الكاتب، وزير السّلطان نور الدين. كان صدراً نبيلاً، وافر الجلالة، بارع الكتابة، يكتب بالخط الملحقق كتابة ينفرد بها. بعثه نور الدّين رسولاً إلى الديار المصرية، فسمع من: عبداللَّه بن رفاعة، والسلفي. وسمع بدمشق من: ابن عساكر. وحدث بحلب) روى عنه: الموفق يعيش النحوي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة بحلب. 4 (حرف الزين)

4 (زينب ست الناس) وتدعى مباركة، بنت الشيخ أبي الفتح عبد الوهاب بن محمد الصابوني، الخفاف، الحنبلي. سمعها أبوها من: هبة اللَّه بن الحصين، وقراتكين بن الأسعد، وأحمد بن البنا. روى عنها: ابنها عمر بن كرم الدينوري، والحسن بن محمد بن حمدون. وتوفيت في ذي القعدة. وهي أخت عبد الخالق.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 298 حرف السين ست الدار بنت عبد الرحمن بن عليّ بن الأشقر. الحربية. روت عن: أبيها، وعبداللَّه بن أحمد بن يوسف. 4 (سعد السعود بن أحمد بن هشام بن إدريس.) أبو الوليد الأموي، الأندلسي، اللبلي. ويعرف بابن عفير. روى عن: أبي الحسن شريح، وأبي محمد بن كوثر، وأبي الحسن بن مؤمن، وأبي العباس بن أبي مروان واختص به ولزمه. وسمع من جماعة اّخرين قال الأبار: وكان فقيهاً ظاهرياً، محدثاً، نظاراً، أديباً، شاعراً. حدث عنه ابنه أبو أمية إسماعيل، وأبو العباس النباتي، وأبو عبداللَّه بن خلفون. وتوفي في ذي القعدة بقرية برجلاته من قرى لبلة. وعاش خمساً وسبعين سنة، رحمة اللَّه تعالى. 4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن مكارم بن أحمد بن سعد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 299 أبو منصور الموصلي، القلانسي، المؤدب، البقال. سمع مسند المعافى بن أبي القاسم نصر بن أحمد بن صفوان في سنة اثني عشر وخمسمائة. روى عنه: أبو الحسن عليّ بن محمد بن الأثير، والحافظ ابن خليل، وغيرهما. توفي في رابع رمضان بالموصل. 4 (حرف العين) ) 4 (عبد السلام بن عليّ بن عبد العزيز بن عليّ بن قريش.) القاضي الوجيه أبو المعالي القرشي، المخزومي، المصري الكاتب. توفي بالقدس ودفن به. كتب للملك العادل مدة. 4 (عبد الواحد بن عليّ ابن القدوة أبي عبداللَّه محمد بن حمويه.) أبو سعد الجونيي، البحيراباذي، الشافعي، الصوفي. ولد سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة. وسمع من: وجيه الشحامي. وببغداد من: أبي الوقت وبهمذان من: شهردار بن شيرويه، وأبي الفضل أحمد بن سعد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 300 وحدث ببغداد، ومكة، ودمشق. روى عنه: عليّ بن المفضل الحافظ، والتاج بن أبي جعفر، وآخرون. وتوفي بالري. وممن روى عنه: ابن أخته تاج الدّين عبد السلام، وأبو طاهر الحسن بن أحمد التميمي. ووهم من قال إنه توفي سنة خمسٍ وثمانين. وقد ذكر أبو حامد بن الصابوني ان سنة ثمانٍ وهم أيضاً، فإن شيخنا أبا طاهر التميمي سمع منه مشيخة وجيه في المحرم سنة تسع وثمانين. 4 (عبد الوهاب بن الحسن بن عليّ) أبو الفتح بن الكتاني، الواسطي. روى عنه: الحسن بن محمد بن السوادي، وخميس بن عليّ الحوزي الواسطيين. مات في صفر. 4 (عبد الوهاب بن هبة اللَّه بن أبي ياسر عبد الوهاب بن عليّ بن أبي حبة.) أبو ياسر الدقاق، الطحان، البغدادي. سمع الكثير من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي غالب بن البناء، وأبي الحسن بن الفراء، وهبة اللَّه بن الطبر، ومحمد بن الحسين المزرفي، وزاهر الشحامي، وخلق كثير.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 301 وروى الكثير. وحدث بمسند أحمد بحران. وكان فقيراً قانعاً. قال ابن النجار: كان لا بأس به، صبوراً، صحيح السماع، ولد سنة ست عشرة وخمسمائة، وأدركه أجله بحران في الحادي والعشرين من ربيع الأول. قلت: حدث ببغداد، والموصل، وحران. وأبو حبة: بباء موحدة.) روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وعبد العزيز بن محمد بن صديق. 4 (عبيد اللَّه بن أحمد بن عليّ بن عليّ بن السمين.) أبو جعفر بن أبي المعالي البغدادي. من أولاد المحدثين. سمع: هبة اللَّه الحريري، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري، وعبد الرحمن بن محمد الشيباني، وعبداللَّه بن أحمد اليوسفي، وعبد الملك الكروخي، وطائفة سواهم. وكتب بخطه الكثير لنفسه. وخرج، وحدث ببغداد والموصل. وولد سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة. قال أبو الحسن القطيعي: كتبتُ عنه، وكان ثقة من أهل التقشف والصلاح.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 302 كتب الكثير، وأكل من كسب يده. قلت: وروى عنه الإمام أبو عمرو بن الصلاح. وتوفي في رمضان. 4 (عرفة بن عليّ بن أبي الفضل.) أبو المعالي بن البقلي المقرىء، الزاهد. شيخ عابد منقطع في مسجده، يلقن القرآن. روى عن: أبي نصر الحسن بن محمد اليونارتي، وجماعة. وروى عنه: محمد بن مقبل. وعاش تسعاً وثمانين سنة. 4 (علي بن أحمد ابن صاحب القلاع الهكارية أبي الهيجاء بن عبداللَّه بن المرزبان بن عبد) اللَّه. الأمير الكبير، مقدم الجيوش، سيف الدّين الهكاري المشطوب. ولي نيابة عكا، ثمّ أقطعه السلطان، صلاح الدّين القدس. وخلص من الفرنج الذين أسروه من عكا قبل موته بنحوٍ ستة أشهر. ولم يكن في أمراء الدولة أحدٌ يُدانيه حشمةً وجلالة. وكان يُلقب بالأمير الكبير. ولما استفك من الأسر وصل إلى السّلطان وهو بالقدس في جمادى الآخرة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 303 قال ابن شداد: دخل على السلطان بغتةً وعنده أخو الملك العادل، فنهض واعتنقه، وسرَّ به سروراً عظيماً، وأخلى المكان، وتحدث معه طويلاً. قلت: وقيل إن خبزه كان يعمل ثلاثمائة ألف دينار. وقيل: إنه استفك نفسه من الفرنج بخمسين ألف دينار، وجاء فأعطاه السّلطان نابلس، فظلم أهلها قليلاً، فشكوه إلى السّلطان، فعتب عليه. ثمّ مات عن قريب. وأقطع السّلطان ولده عماد الدّين أحمد بن سيف الدّين المشطوب ثلث نابلس. وأما سيف الدّين فتوفي بالقدس في شوال. وكان ابنه عماد الدّين ابن المشطوب من كبار أمراء الدولة الكاملية. 4 (علي بن أحمد بن محمد.) الحديثي، أخو قاضي القضاة روح. سمع: قاضي الرمستان، وعبد الرحمن القزاز، وبدر الشيحي. وعنه: يوسف بن خليل، وغيره. مات في ربيه الآخر. 4 (علي بن مرتضى بن عليّ بن محمد ابن الداعي.) الشريف الأجل أبو الحسن بن الشريف أبي الحسين المرتضى الحسيني، الإصبهاني الأصل، البغدادي، الفقيه الحنفي، المعروف بالأمير السيد. ولد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وتفقه وحدَّث عن: أبي سعد أحمد بن محمد البغدادي. ودرّس مدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 304 وكان من سراة الناس وأعيانهم. روى عنه: عمر بن عليّ القرشي، وغيره. 4 (عون بن عبد الواحد بن شُنيف.) البغدادي، الرجل الصالح. روى عن أبي بكر الأنصاري، وغيره. وكان عارفاً بالفرائض رحمه اللَّه تعالى. 4 (حرف الفاء) ) 4 (فارس بن أبي القاسم بن فارس بن أبي سعد.) أبو محمد الحربي الحفار، الشيخ الصالح. ولد سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وسمع: عليّ بن محمد بن أبي يعلى الكوفي، وأحمد بن الحسن بن قريش، ومحمد بن محمد المهدي، وهبة اللَّه بن الحصين، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 305 وهو آخر من سمع من ابن قريش. روى عنه: يوسف بن خليل، وغيره. وتوفي في شوال. 4 (حرف القاف)

4 (قاسم بن إبراهيم بن عبد اللَّه.) أبو إبراهيم المقدسي، ثمّ المصري، الشافعي، الشيخ الصالح. ولد في حدود سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وسمع من: عليّ بن إبراهيم بن صولة، وعبد الغنتي بن طاهر الزعفراني، وابن رفاعة الفرضي. روى عنه: عليّ بن المفضل الحافظ، وأبو نزار ربيعة اليمني، ومحمد بن عبداللَّه بن مزيبل، وأبو محمد بن المحسن بن عبد العزيز المخزومي ابن الصيرفي، وعثمان بن مكي الشارعي، وعبد الغني بن نبين، وآخرون. توفي في ثالث عشر المحرم. 4 (قُراجا) ألمير أبو منثور الصلاحي، أمير الإسكندرية. دفن بداره بالإسكندرية في جمادى الأولى. وسمع من: أبي طاهر السِّلفي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 306 4 (قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قُتُلمش بن اسرائيل بن سجلوق بن) دُقاق. التركماني، السّلطان عز الدين.) وقيل والد قتلمش هو رسلان بن بيغو بن سلجوق، وقيل: قتلمش بن أرسلان بيغو بن سلجوق بن دقاق. فبيغو بالعربي هو إسرائيل. السلجوقيّ ملك الروم. كان فيه عدل وحسن سياسة، وسداد رأي. طالت أيامه. وهو والد الجهة السلجوقية زوجة الناصر لدين اللَّه. وتسلطن بعده ولده السّلطان غياث الادين كيخسرو. وقيل إنه قتل. وهو من السلاطين السلجوفية، وكان قد قوي عليه أولاده، حتّى لم يبق له معهم إلا مجرد الاسم، لكونه شاخ. توفي بقونية في منتصف شعبان. ورخه ابن الأثير، وقال: كان له من البلاد قونية، وأقصرا، وسيواس، وملطية. وكانت مدة تسعاً وعشرين سنة، وكان ذا سياسة، وعدل، وهيبة عظيمة وغزوات كثرية في الروم. ولما كبر فرق بلاده على أولاده، فحجر عليه ابنه قطب الين، فهرب إلى ابنه الآخر، فتبرم به. ثمّ أكرمه ولده كيخسرو رسار في خدمته. وندم هو على تفريق بلاده على أولاده. وكان ملكه بضعاً وثلاثين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 307 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أسعد بن عليّ بن معمر بن عمر بن عليّ بن الحسين بن أحمد بن عليّ بن) إبراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد الجوَّاني بن عبيد اللَّه بن حُسين بن زين العابدين بن الحسين. عُبيد اللَّه بن حسين بن زين العابدين بن الحسين. الشريف أبو عليّ ابن الشريف الأجل أبي البركات العلوي، الحسيني، العُبيدلي، الجواني ألمصري. ولد سنة خمسٍ وعشرين وخمسمائة، قرأ على والده، وعلى: ألفقيه عبد الرحمن بن الحسين بن الجباب، وعبد المنعم بن موهوب الواعظ، ومحمد بن إبراهيم الكيزاني. وحدث عن: عبداللَّه بن رفاعة، والسلفي. قال الحافظ عبد العظيم: ثنا عنه غير واحد. وولي نقابة الأشراف مدة بمصر، وذكر أنه صنَّف) كتاب طبقات الطالبيين، وكتاب تاج الأنساب ومنهاج الصواب، وغير ذلك. وكان علامة النسب في عصره. وأخذ ذلك عن ثقة الدولة أبي الحسين يحيى بن محمد بن حيدرة الحسني الأرقطي. ومحمد هذا منسوب إلى الجوانية، وهي من عمل المدينة من جهة الفرع.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 308 ذكر أن السّلطان صلاح الدّين وقع لأبي عليّ تربعها وأنه وكل عليها من يستغلها له. قلت: روى عنه يونس بن محمد الفارقي هذه القصيدة التى مدح بها القاضي أبا سعد بن عصرون، وهي: (هتفت فمادت بالفروع غصون .......... وبكت فجادت بالدموع عيون)

(مرحت بها قضب الأراكة فانثنى .......... غصنٌ يميسُ بها وماد غصون)

(مالي وما للهاتفات ترنماً .......... يصبو لهنَّ فؤآدي المحزون) وهي قصيدة طويلة. محمد بن إسماعيل بن عُبيد اللَّه بن ودعة. الفقيه أبو عبداللَّه لن البقال، البغدادي، الشافعي، معيد النظتمية. كان بارعاً في المذهب والخلاف. واخترمته المنية شاباً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 309 4 (محمد بن الإمام أبي الحسن عليّ بن محمد بن عليّ بن هذيل.) الشيخ أبو عبداللَّه البلنسي. سمع من أبيه، وأبي عبداللَّه بن سعيد، وأبي الوليد بن الدباغ. وحج سنة تسع وثلاثين فسمع من: السلفيّ. أخذ عنه: أبو عمر بن عباد، وابناه محمد وأحمد، وأبو الربيع بن سالم الكلاعي، وأبو بكر بن محرز، وغيرهم. قال الأبار: وكان في غاية الصلاح والورع، وله حظٌّ من علم التعبير. وعاش تسعاً وستين سنة. 4 (محمد بن عليّ بن شهر اشوب بن أبي نصر.) أبو جعفر السروري، المازندراني، رشيد الدّين الشيعي، أحد شيوخ الشيعة، لا بارك اللَّه فيهم. قال ابن أبي طيء في تاريخه: نشأ في العلم والدراسة وحفظ القرآن وله ثمان سنين. واشتغل) بالحديث، ولقي الرجال، ثمّ تفقه وبلغ النهاية في فقه أهل البيت، ونبغ في علم الأصول حتّى صار رحلةً. ثمّ تقدم في علم القرآن، القراءآت، والغريب، والتفسير، والنحو، وركب المنبر للوعظ.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 310 ونفقت سوقه عند الخاصة والعامة. وكان مقبول الصورة، مستعذب الألفاظ مليح المعاني الغوص على المعاني. حدثني قال: صار لي سوقٌ بمازندران حتّى خافني صاحبها، فأنفذ يأمرني بالخروج عن بلاده، فصرت إلى بغداد في أيام المقتفي، ووعظت، فعظمت منزلتي واستدعيت، وخلع عليّ، وناظرت، واستظهرت على خصومي، فلقبت برشيد الدين، وكنت أُلقب بعز الدين. ثمّ خرجت إلى الموصل، ثمّ أتيت حلب. قال: وكان نزوله على والدي فأكرمه، وزوجه ببنت أخته، فربيت في حجره، وغذاني من علمه، وبصرني في ديني. وكان إمام عصره، وواحد دهره. وكان الغالب عليه علم القراّن والحديث، كشف وشرح، وميز الرجال، وحقق طريق طالبي الإستناد، وأبان مراسيل الأحاديث من الآحاد، وأوضح المفترق من المتفق، والمؤتلف من المختلف، والسابق من اللاحق، والفصل من الوصل، وفرق بين رجال الخاصة ورجال العامة. قلت: يعني بالخاصة الشيعة، وبالعامة السنة. حدثني أبي قال: ما زال أصحابنا بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بطة الشيعي من ابن بطة الحنبلي بالفتح، والشيعي بضمها. وكان عند أصحابنا بمنزلة الخطيب للعامة، وكيحيى بن معين في معرفة الرجال. وقد عارض كل علم من علوم العامة بمثله، وبرز عليهم بأشياء حسنة لم يصلوا إليها. وكان بهي المنظر، حسن الوجه والشيبة، صدوق اللهجة، مليح المحاورة، واسع العلم، كثير الفنون، كثير الخشوع والعبادة والتجهد، لا يجلس إلا على وضوء. توفي ليلة سادس عشر شعبان سنة ثمانٍ وثمانين، ودفن بجبل جوشن عند مشهد الحسين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 311 4 (محمود بن محمد بن كرم.) أبو المجد البغدادي، الضرير، المقرىء. روى عن: أبي غالب بن البناء. روى عنه: عبداللَّه بن أحمد الخباز. توفي في شهر رجب.) 4 (حرف النون) نصر بن منصور بن الحسن بن جوشن بن منصور بن حميد. الأمير أبو المرهف النمري، الشاعر المشهور. من أولاد أمراء العرب. وأمه بنت سالم بن مالك بن بدران بن مقلد بن مسيب العقيلي. ولد بالرافقة سنة إحدى وخمسمائة، ونشأ بالشام، وخالط أهل الأدب، وقال الشعر الفائق وهو مراهق. وأصابه جدري وله أربع عشرة سنة، فضعف بصره، فكان لا يبصر إلا شيئاً قريباً منه. ثمّ وقع الاختلاف بين عشيرته بعد موت والده، واختل أمرهم. فسار إلى بغداد طامعاً في مداواة عينيه، فأيأسته الأطباء من ذلك، فاشتغل بالقراّن فحفظه، وتفقه على مذهب أحمد، وقرأ العربية على أبي منصور بن الجواليقي. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر الأنصاري، ويحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وعبدالرحمن الأنماطي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 312 وقوض ما تبقى من بصره من ألمٍ أصحابه، وصحب الصالحين والأخيار، ومدح الخلفاء والوزراء. وكان فصيح القول، حسن المعاني، وفيه دين وتسنن. روى عنه: عثمان بن مقبل، والبهاء عبد الرحمن، ويوسف بن خليل، ومحمد بن سعيد الدبيثي، وعلي بن يوسف الحمامي، واّخرون. قال أبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي: منع الوزير ابن هبيرة الشعراء من إنشاد الشعر بمجلسه، فكتب النميري إليه قصيدة، فكتب الوزير عليها: هذا لو كان الشعراء كلهم مثله في دينه وقوله لم يمنعوا، وإنما يقولون ما لا يحل الإقرار عليه، وهو فالصديق، وما يذكره يوقف عليه، ورسومه تزار. قلت: وفي ديوانه عدة قصائد مدح بها المقتفي لأمر اللَّه، فمن ذلك: (جوًى بين أثناء الحشاء ما يزايلُه .......... ودمعٌ إذا كفكفته لجَّ هاملُةْ)

(يضيق لبُعْد النّازلين على الشّرى .......... بمرفضّ دمع العين منّي مُسائلُهْ)

(وهل أنسين الحيَّ من اّل جَنْدَلِ .......... تجاوَب ليلاً بُزْله وصواهلُهْ)

(تُبوِّئهُ الثَّغرَ المَخُوفَ محلّه طوالُ .......... ردينياته ومناصلُهْ)

(وتقتنص الأعداءَ جهْراً رجالُه .......... كما اقتنصت حر باز شهب أجادلُهْ) ) (وكنت أرى أنّي صبورٌ على النَّوى .......... فلمّا افترقنا غالَ صبري غوائلُهْ)

(أَفُرسانَ قيسٍ من نُمَيْرٍ إذا التقنا .......... تولج لبّاه الكُماة عواملُهْ)

(هل السَّفْح من نجم المعاقل بالشّرى .......... على العهدِ منكم أمْ تعفَّت منازلُهْ)

(وهل ما يُقضى من زمان اجتماعنا .......... بمردودٍ أسحارهُ وأصائلُهْ)

(بكم يأمن الجاني جزيرة ماضي .......... ويروي من الخُطى في الحرب ناهلهْ)

(وأوهن طول البعد عنكم تجلدي .......... وغادر ليلى سرمداً متطاولُهْ)

(ولم أتخذ إلفاً من الناس بعدكم .......... وهل يألف الإنسان مَنْ لا يُشاكله) وله فيه: (لو لا القنا والصوارم الخدمُ .......... ما أقلعتْ عن عنادها العجمُ)

(توهموا المُلك بالعراق ومل .......... شارفه مسلم الحمى لهمُ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 313 (وما دروا أنَّ دون حوزته .......... من المنايا لأمرهِ وخدَمُ)

(تتابعوا في عجاجتي لجبٌ .......... تضيق عنه البطاحُ والأكمُ)

(لا يحسبون الإمام من مُضرٍ .......... مرصده للعدى به النقمُ)

(حتى إذا أبصروا كتائبه .......... حاروا فما أقدموا ولا انهزموا)

(قد تلقاهم بمرهفةٍ .......... مابرحت من غمودها القممُ)

(فناشدوهُ الأمان والتزموا .......... لأمره الطاعة التي التزموا)

(وردَّ عنهم عقابه ملكٌ .......... شيمته العفو حين يحتكم)

(لله در النفوس هاديةً .......... إذا أناسٌ عن الرشاد عًمُوا)

(هو الدواء الذي تزول به .......... عن القلوب الشكوك والتهمُ)

(ما ابتسمت والخطوب مظلمة .......... إلا انجلَت بابتسامتها الظلمُ) وله: (يزهدني في جميع الأنام .......... قلةُ انصافِ مَن يُصحبُ)

(وهل عرف الناس ذو نُهية .......... فأمسى لهم فيهم مأربُ)

(هم الناس مالم تجرِّ بهمُ .......... وطُلسُ الذئاب إذ جُربوا)

(وليتك تسلم عند البعادِ .......... منهم فكيف إذا قُرِّبوا) ) أنشدنا محمد بن عليّ الواسطي: أنشدنا عبد الرحمن بن إبراهيم، أنشدنا نصر بن منصور لنفسه: (أُحب علياً والبتول وولدها .......... ولا أجحد الشيخين حقَّ التقدمِِ)

(وأبرأُ ممن نال عثمان بالأذى .......... كما أتبرأ من ولاء ابن مُلجمِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 314 (ويُعجبني أهلُ الحديثِ لصدقهم .......... مدى الدهر في أفعالهم والتكلمِ) توفي رحمه اللَّه في ربيع الآخر وله ثمانٌ وثمانون سنة. 4 (نصر بن أبي منصور.) المؤدب المعروف بالحكم الشاعر. توفي في هذه السنة أيضاً. وقد روى عنه من شعره ابن الدبيثي هذين البتين: (ولما رأى ورداً بخديه يُجتنى .......... ويقطفُ أحياناً بغير اختياره)

(أقام عليه حارساً من جفونه .......... وسلَّ عليه مرهفاً من عِذاره) قلت: لو قال وسيجه صوناً بآسِ عِذاره لكان أحسن. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الجليل بن مجبر.) أبو بكر الفهري، المرسي، ثمّ الإشبيلي، شاعر الأندلس في زمانه بلا مُدافعة. أخذ الأدب عن شيوخ مرسية، ومدح الملوك والأمراء، وشهد له بقوة عارضته، وسلامة طبعه قصائده البديعة التي سارت أمثالاً، وبعدتُ على قربها منالاً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 315 أخذ عنه: أبو القاسم بن حسان، وغيره. توفي بمراكش ليلة عيد النخر في الكهولة. وقيل: توفي سنة سبع الماضية. وله: (لا تغبط المجذوب في عِلمهِ .......... وإن رأيت الخصب في حالهِ)

(إن الذي ضيّع من نفسه .......... فوق الذي ثمر من مالهِ) وله أيضاً:) (إن الشدائد قد تغشى الكريم .......... لأن تبين فضل سجاياه وتوضحه)

(كمبرد القين إذ يعلو الحديد به .......... وليس يأكله إلا ليصلحه) ذكره أبو عبداللَّه الأبار في تكملة الصلة وبالغ في وصفه. ولابن مجبر ديوان أكثر مافيه من المدائح في السّلطان يعقوب صاحب المغرب. فمن ذلك هذه القصيدة البديعة: (أتراه يترك الغزلا .......... وعليه شبَّ واكتهلا)

(كلفٌ بالغيد ما علقت .......... نفسه السلوان مُذ عقلا)

(غير راضٍ عن سجيةِ مَنْ .......... ذاق طعم الحب ثمّ سلا)

(أيها اللوامُ ويحكُم .......... إن لي عن لبومكم شُغلا)

(نظرت عيني لشقوتها .......... نظراتٍ وافقت أجلا)

(غادةً لما مثلت لها .......... تركتني في الهوى مثلا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 316 (خشيت أني سأحرقها .......... إذ رأت رأسي قد اشتعلا)

(يا سراة الحيِّ مثلكم .......... يتلافى الحادث الجلا)

(قد نزلنا في جواركم .......... فشكرنا ذلك النُّزلا)

(ثم واجهنا ظباءكم .......... فلقينا الهول والوهلا)

(ثم واجهنا ظباءكم .......... فلقينا الهول والوهلا)

(أضمنتم أمن جيرتكم .......... ثم ما أمنتم السبلا)

(ليتنا نلقى السيوف ولم .......... نلق تلك الأعين النُّجلا)

(أشرعوا الأعطاف مايسةً .......... حين أشرعنا القنا الذُّبلا)

(واستفزَّتنا عيونُهُم .......... فخلعنا البيض والأسلا)

(نصروا بالحُسن فانتبهوا .......... كل قلبٍ بالهوى خُذلا)

(طلتني الغيد، من جلدي .......... وأنا حلَّيتها الغزلا)

(حملت نفسي على فننٍ .......... سمتها صبرا فما احتملا)

(ثم قالت سوف نتركها .......... سلباً للحبّ أو نفلا)

(قلتُ: أما هي قد علقت .......... بأمير المؤمنين، فلا) ) (ما عدا تأميلها ملكاً .......... من رآه أدرك الأملا)

(فإذا ما الجودُ حرَّكه .......... فاض في كفيه فانهملا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 317 وهي مائة وتسعة أبيات. وله يمدح يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن أيضاً: (دعا الشوق قلبي والركائبَ والركبا .......... فلبَّوا جميعاً وهو أول من لبَّى)

(وظلنا نشاوى للذي بقلوبنا .......... نخال الهوى كأساً وتحسبنا شربا)

(أرق نفوساً عندما نصف الهوى .......... وأقسى قلوباً عندما نشهد الحربا)

(ويؤلمنا لمعُ البروق إذا بدا .......... ويصرعُنا نفحُ النسيم إذا هبّا)

(يقولون: داوِ القلب تسلُ عن الهوى .......... فقلت: لنعم الرأيُ لو أن لي قلبا)

4 (يزيد بن محمد بن يزيد بن رفاعة.) أبو خالد اللخمي، الغرناطي، المحدث. قد مرَّ في سنة خمسٍ وثمانين. وقال ابن الزبير: كان من جلة الشيوخ، وثقاة الرواة، عارفاً بالأسانيد، يعظ ويُقرىء. وكان مكثراً. عن أبي محمد الرشاطي. وسمى جماعة. ثم افتقر واحتاج بدخول النصارى المرية، فجلس يؤدب. مات من عطسةٍ في المحرم سنة ثمانٍ وثمانين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 318 4 (مواليد السنة) وفيها ولد: إسماعيل بن عبد القوي بن عزون، وتاج الدّين عليّ بن أحمد بن القسطلاني، والصاحب كمال الدّين عمر بن العديم، والضياء زُهير بن عمر الزُّرعي، والكمال إسحاق بن خليل السيباني قاضي زرَع، وعمر بن أبي الفتح بن عوة الجزري التاجر، ويحيى بن شجاع بن ضرغام صاحب ابن المفضل المقدسي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 319 4 (وفيات سنة تسع وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أسعد بن محمد بن أحمد.) أبو المعالي الإصباني، المديني. سمع: أيا الطاهر إسحاق بن أحمد الراشتيناتي. وأجاز له غانم البرجي، وأبو عليّ الحداد. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن السَّكن.) أبو الفتح بن أبي غالب بن المعوج. سمع: أباه، وأبا القاسم بن السمر قندي، وأبو الحسن بن عبد السلام، وجماعة كثيرة. وطلب، ونسخ، وحصل. روى عنه: أبو عبد اللَّه الدبيثي، ويوسف بن خليل. وكان صحيح السماع، صالحاً. 4 (إبراهيم بن إسماعيل بن سعيد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 320 الفقيه أبو إسحاق القرشي، الهاشمي، المصري، المالكي. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وحدث عن: أبي القاسم بن عساكر، وعبد المولى بن محمد المالكي. وكان إمام مسجد الزبير بن العوام بمصر، وبه يعرف. توفي في ربيع الآخر وله مجاميع في الرقاق وغيرها. رحمه اللَّه تعالى. 4 (إبراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الخشاب.) القاضي الرئيس أبو طاهر الحلبي، من أعيان الحلبيين وكبرائهم. كان فاضلاً، أديباً، شاعراً، منشئاً، له نظر في العلوم، إلا أنه كان من أجلاء الشيعة المعروفين. وكان دمث الأخلاق، ظريفاً، مطبوعاً، وهو والد المولى الصدر بهاء الدّين الحسن بن الخشاب. توفي في ذي القعدة، وله ثمان وخمسون سنة. 4 (أسعد بن نصر بن أسعد.) ) أبو منصور بن لعبرتي، الأديب. أخذ النحو عن: أبي محمد بن الخشاب، والكمال عبد الرحمن الأنباري. وعلم الناس العربية. وكان له شعر حسن وتواليف، ومآخذ على النحاة. توفي رحمه اللَّه في رمضان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 321 حرف الباء 4 (بُزْغُش.) أبو عليّ عتيق أبي طاهر محمد بن عليّ الأنصاري، الدباس. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا غالب بن البناء، وأبا الحسين بن الفراء. روى عنه: يوسف بن خليل. وتوفي في أول جمادى الأولى. وقد أسرف في إظهار الشماتة بموت صلاح الدّين، وسمى نفسه عبد العزيز. وظهر منه رعونة. وتجهز لقصد ميافارقين. وكان مملوك لشاه أرمن قد تزوج بابنة بكتمر، وطمع في الملك، فجهز على بكتمر من قتله، وتملك بعده. قال ابن الأثير: وكان بكتمر خيراً، صالحاً، كثير الصداقة، محباً للصوفية، حسن الميسرة في الرعية.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 322 4 (حرف الحاء) حاتم بن محمد بن الحسن بن مفرج بن حاتم. الفقيه أبو المحاسن المقدسي، الأصل، الإسكندراني. ابن عم الحافظ عليّ بن المفضل. توفي في الكهولة. ولا أعلمه روى شيئاً. 4 (حرمي بن مغفر.) أبو محمد الشاهد البزاز، المصري. سمع: منجباً المرشدي. 4 (الحسن بن أبي سعد المظفر بن الحسن بن المظفر بن السبط الهمذاني.) أبو محمد، ويقال اسمه ثابت. وهو بكنيته أشهر. شيخ بغدادي، روى عن جده، عن أبي علي.) سمع منه: أحمد بن طارق، وجعفر بن أحمد العباسي. وتوفي في رجب. 4 (الحسن بن أبي نصر بن أبي حنيفة بن القارض.) أخو الحسين. وسماه بعضهم: المبارك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 323 روى عنه: هبة اللَّه بن الحصين. روى عنه: يوسف بن خليل، وغيره. 4 (الحسين بن عبد الرحمن بن الحسين بن عليّ بن الخضر بن عبدان.) الأزدي، الدمشقي، أبو عبد اللَّه المحدث. له سماعات كثيرة وإجازات. وتوفي في رابع رمضان. 4 (حرف الدال)

4 (داود بن عيسى بن فُليتة بن قاسم بن محمد بن أبي هاشم.) العلوي، الحسني، صاحب مكة. توفي في رجب. قال ابن الأثير: وما زالت إمرة مكة تكون له تارة ولأخيه مُكثر تارةً إلى أن مات. 4 (حرف الراء)

4 (أبو رجال بن غلبون.) المرسي الكاتب. روى عن: أبي جعفر بن وضاح، وحمل عن ابن خفاجة ديوانه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 324 وكان أديباً، بليغاً، فصيحاً. أخذ عنه: أبو الربيع بن سالم. لأبي عبد اللَّه الأبار ديوان أبي إسحاق بن خفاجة. توفي في ذي الحجة. 4 (رجب بن مذكور بن أرنب.) أبو المحرم، ويقال أبو عثمان الأزجي الأكاف. شيخ أمي، صحيح السماع، عالي الرواية.) سمع هو، وأخوه ثعلب من: هبة اللَّه بن الحصين، وأحمد بن الحسن البناء، وأبي العز أحمد بن كادش، وعلي بن أحمد بن الموحد، وقراتكين بن الأسعد، وجماعة. سمع منه: عمر بن عليّ القرشي، ومات قبله بأربع عشرة سنة. وروى عن رجب: يوسف بن خليل، وسالم بن صصرى، والبهاء عبد الرحمن، وابن الدبيثي. قال ابن النجار: شيخ لا بأس به. توفي في ثالث عشر رمضان. 4 (حرف الزاي)

4 (زبيدة.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 325 ابنة المقتفي لأمر اللَّه التي تزوج بها السّلطان مسعود السلجوقي على مهر مائة ألف دينار، ولم يدخل بها. عاشت إلى هذا العام. 4 (حرف السين)

4 (سالم بن سلامة.) أبو محمد السوسي، المغربي، نزيل سجلماسة. سمع بفاس صحيح البخاري من أبي عبد اللَّه بن الرمامة. وكان حافظاً لمذهب مالك، زاهداً، خيراً، يورد الفقه بالبربري. قال الأبار: وقد نيف على المائة سنة. 4 (سلطان شاه الخوارزمي.) اسمه محمود. يأتي في موضعه. 4 (سنان بن سلمان بن محمد.) أبو الحسن البصري، كبير الإسماعيلية وصاحب الدعوة النزارية. وكان أديباً، فاضلاً، عارفاً بالفلسفة وشيء من الكلام والشعر والأخبار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 326 4 (تفسير الدعوة النِّزاريِّة) وكانت في حدود الثمانين وأربعمائة فيما أحسب. وهي نسبة إلى نزار بن المستنصر بالله معد بن الظاهر عليّ بن الحاكم العُبيدي.) وكان نزار قد بايع له أبوه، وبث له الدُّعاة في البلاد بذلك، منهم صباح صاحب الدعوة. وكان صباح ذا سمتٍ، وذلقٍ، وإظهار نسكٍ، وله أتباعٌ من جنسه، فدخل الشام والسواحل، فلم يتم له مراد، فتوجه إلى بلاد العجم، وتكلم مع أهل الجبال والغُتم الجهلة من تلك الأراضي، فقصد قلعة الموت، وهي قلعة حصينة، أهلها ضعاف العقول، فقراء، وفيهم قوة وشجاعة. فقال لهم: نحن قومٌ زُهَّاد نعبدُ اللَّه في هذا الجبل، ونشتري منكم نصف القلعة بسبعة آلاف دينار، فباعوه إياها، وأقام بها. فلما قوي استولى على الجميع. وبلغ عدة أصحابه ثلاثمائة ونيفاً. واتصل بملك تلك الناحية: إن ههنا قوماً يُفسدون عقائد الناس، وهم في تزيُّد، ونخاف من عائلتهم. فنهَدَ إليهم، ونزل عليهم، وأقبل على سُكره ولذَّاته. فقال رجلٌ من قوم صباح اسمه عليّ البعقوبي: أي شيء يكون لي عندكم إن أنا كفيتكم مؤونة هذا العدو قالوا: يكون لك عندنا ذكران. أي نذكرك في تسابيحنا. قال: رضيت. فأمرهم بالنزول من القلعة ليلاً، وقسمهم أرباعاً في نواحي العسكر، ورتب معهم طبولاً وقال: إذا سمعتم الصياح فاضربوا الطبول، ثم انتهز عليّ البعقوبي الفرصة من غرة الملك، وهجم عليه فقتله، وصاح أصحابه، فقتل الخواص عليّاً، وضرب أولئك بالطبول، فأرجفوا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 327 الجيش، فهجّوا على وجوههم، وتركوا الخيام بما فيها، فنقل الجميع إلى القلعة، وصار لهم أموال وأعتاد، واستفحل أمرهم. وأما نزار، فإن عمته خافت منه، فعاهدت أعيان الدولة على أن تُولي أخاه الآمر، وله ست سنين وخاف نزار فهرب إلى الإسكندرية، وجرت له أمور، ثم قتل بالإسكندرية. وصار أهل الألموت يدعون إلى نزار، فأخذوا قلعة أخرى، وتسرع أهل الجبل من الأعاجم إلى الدخول في دعوتهم وباينوا المصريين لكونهم قتلوا نزاراً. وبنوا قلعةً، وأتسع بلاؤهم وبلادهم، وأظهروا شغل الهجوم بالسكين التي سنها لهم عليّ البعقوبي، فارتاع منهم الملوك، وصانعوهم بالتُّخف والأموال. ثم بعثا داعياً من دُعاتهم في حدود الخمسمائة أو بعدها إلى الشام، يُعرف بأبي محمد، فجرت له أمور، إلى أن ملك قلاعاً من بلد جبل السُّماق، كانت في يد النُّصيرية. وقام بعده سنان هذا وكان شهماً، مهيباً، وله فحولية، وذكار، وغور. وكان لا يُرى إلا ناسكاً، وذاكراً، أو واعظاً، كان يجلس على حجر، ويتكلم كأنه حجر، لايتحرك منه إلا لسانه، حتى اعتقد جُهالهم فيه) الإلهية. وحصَّل كُتباً كثيرةً. وأما صباح فإنه قرر عند أصحابه أن الإمام هو نزار. فلما طال انتظارهم له، وتقاضيهم به قال: إنه بين أعداء، والبلاد شاسعة، ولا يمكنه السلوك، وقد عزم أن يختفي في بطنِ حاملٍ، ويجيء سالماً، ويستأنف الولادة. فرضوا بذلك. اللَّهُمَّ ثبت علينا عقولنا وإيماننا. ثم إنه أحضر جارية مصرية قد أحبلها وقال: إنه قد اختفى في بطن هذه فأخذوا يعظمونها، وينخشعون لرؤيتها، ويرتقبون الإمام المنتظر أن يخرج منه، فولدت ولداً، فسماه حَسَناً. فلما تسلطن خُوارزم شاه محمد بن تكش، واتسع ملكه، وفخم أمره،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 328 قصد بلاد الملاحدة، وهي قلاع حصينة، منيعة كبيرة، يقال إنها ممتدة إلى أطراف الهند. وقد حكم على الملاحدة بعد صباح ابنه محمد، ثم بعده الحسن بن محمد بن صباح المذكور، فرأى الحَسَنُ من الحزم أن يتظاهر بالإسلام، وذلك في سنة سبعٍ وستمائة، فادعى أنه رأى علياً عليه السلام في النوم يأمره أن يُعيد شعار الإسلام من الصلاة، والصيام، والأذان، وتحريم الخمر. ثم قصَّ المنام على أصحابه وقال: أليس الدّين لي قالوا: فتارةً أرفع التكاليف، وتارة أضعها. قالوا: سمعاً وطاعةً. فكتب بذلك إلى بغداد والنواحي، واجتمع بمن جاوره من الملوك، وأدخل بلاده القراءة، والفقهاء، والمؤذنين، واستخدم في ركابه أهل قزوين. وذلك من العجائب. وجاء رسوله ونائبه في صحبة رسول الخليفة إلى الملك الظاهر إلى حلب، بأن يقتل النائب الأول ويقيم هذا النائب له على قلاعهم التي بالشام. فأنفق عليهم الظاهر وأكرمهم، وخلصوا بإظهار الإسلام من يد خوارزم شاه. رجعنا إلى أخبار سنان. كان أعرج لحَجَرٍ وقع عليه من الزلزلة الكائنة في دولة نور الدين. فاجتمع إليه محبوه، على ما ذكر الموفق عبد اللطيف، لكي يقتلوه. فقال لهم. ولم تقتلوني. قالوا: لترجع إلينا صحيحاً، فإنا نكره أن يكون فينا أعرج. فشكرهم ودعا لهم، وقال: اصبروا عليَّ، فليس هذا وقته. ولاطفهم. ولما أراد أن يُحلهم من الإسلام، ويسقط عنهم التكاليف لأمرٍ جاءه من

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 329 الألموت على عهد إلكيا محمد، نزل إلى مقثأةٍ في شهر رمضان، فأكل منها، فأكلوا معه، واستمر أمرهم على ذلك.) وأول قدوم سنان كان إلى حلب، فذكر سعد الدّين عبد الكريم، رسول الإسماعيلية، قال: حكى سنان صاحب الدعوة قال: لما وردت الشام اجتزتُ بحلب، فصليت العصر بمشهد عليّ بظاهر باب الجنان، وثمَّ شيخ مُسنّ، فسألته: من أين يكون الشيخ قال: من صبيان حلب. وقال الصاحب كمال الدّين في تاريخ حلب: أخبرني شيخ أدرك سناناً أن سناناً كان من أهل البصرة، وكان يعلم الصبيان، وأنه مر وهو طالع إلى الحصون على حمارٍ حين ولاه إياها صاحب الألموت، فمر بإقميناس، فأراد أهلها أخذ حماره، فبعد جهد تركوه، وبلغ من أمره مابلغ. وكان يُظهر لهم التنسُّك حتى انقادوا له، فأحضرهم يوماً وأوصاهم، وقال: عليكم بالصفاء بعضكم لبعض، ولا يمننّ أحدكم أخاه شيئاً هو له. فنزلوا إلى جبل السماق وقالوا: قد أمرنا بالصفاء، وأن لا يمنع أحدنا صاحبه شيئاً هو له. فأخذ هذا زوجة هذا، وهذا بنت هذا سِفاحاً، وسموا أنفسهم الصُّفاة. فاستدعاهم سنان إلى الحصون، وقتل منهم مقتلةً عظيمة. قال الصاحب كمال الدين: وتمكن في الحصون، وانقادوا له ما لم ينقادوا لغيره، وتمكن. وأخبرني عليّ بن الهواري أن الملك صلاح الدّين سير إليه رسولاً، وفي رسالته تهديد، فقال للرسول: سأريك الرجال الذين ألقاه بهم. وأشار إلى جماعة من أصحابه بأن يُلقوا أنفسهم من أعلى الحصن، فألقوا أنفسهم وهلكوا. قال: وبلغني أنه أحل لهم وطء أمهاتهم، وأخواتهم، وبناتهم، وأسقط

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 330 عنهم صوم رمضان. قال: وقرأت بخط أبي غالب بن الحُصين في تاريخه: وفيه يعني محرّم سنة تسع وثمانين، هلك سنان صاحب دار الدعوة النزارية بالشام بحصن الكهف. وكان رجلاً عظيماً، خفي الكيد، بعيد الهمة، عظيم المخاريق، ذا قدرة على الإغواء، وخديعة القلوب، وكتمان السر، واستخدام الطَّغام والغفلة في أغراضه الفاسدة. وأصله من قرية من قرى البصرة، وتُعرف بعقر السدف. خدم رؤساء الإسماعيلية بالألموت، وراضَ نفسه بعلوم الفلسفة. وقرأ من كتب الجدل والمغالطة، ورسائل إخوان الصفا وما شاكلها من الفلسفة الإقناعية المشوقة غير المبرهنة. بنى بالشام حصوناً لهذه الطائفة، وبعضها مستجدة، وبعضها كانت قديمة، فاحتال في تحصيلها وتحصينها، وتوعير مسالكها. وسالمته الأيام، وخافته الملوك من أجل هجوم أصحابه عليهم. ودام له الأمر بالشام نيفاً وثلاثين سنة. وسيَّر إليه داعي دُعاتهم من ألموت جماعةً في عدة مرار ليقتلوه، خوفاً من استبداده عليه) بالرئاسة، فكان سنان يقتلهم، وبعضهم يخدعه سنان، ويثنيه عما سُيِّر لأجله. قال كمال الدين: قرأت بخط الحسين بن عليّ بن الفضل الرازي في تاريخه قال: حدَّثني الحاجب معين الدّين مودود أنه حضر عند الإسماعيلية سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وأنه خلا بسنان، وسأله عن سبب كونه في هذا المكان، فقال: إنني نشأت بالبصرة، وكان والدي من مقدميها. فوقع هذا الحديث في قلبي، فجرى لي مع أخوتي أمرٌ أحوجني إلى الإنصراف عنهم، فخرجت بغير زاد ولا ركوب، فتوصلت حتى بلغت الألموت، فدخلتها وبها إلكيّا محمد متحكم، وكان به ابنان سماهما: الحسن، والحسين، فأقعدني معهما في المكتب، وكان يبرني برَّهما، ويساويني بهما. وبقيت حتى مات وولي بعده ابنه الحسن، فأنفذني إلى الشام.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 331 قال: فخرجت مثل خروجي من البصرة، فلم أقارب بلداً إلا في القليل. وكان قد أمرني بأوامر، وحملني رسائل. فدخلت الموصل، ونزلت مسجد التمارين، وسرت من هناك إلى الرقة، وكان معي رسالة إلى بعض الرفاق بها، فأديت الرسالة، فزودني، واكترى لي بهيمةً إلى حلب. ولقيت آخر أوصلتُ إليه رسالةً، فاكترى لي بهيمةً، وأنفذني إلى الكهف. وكان الأمر أن أقيم بهذا الحصن. فأقمت حتى توفي الشيخ أبو محمد في الجبل، وكان صاحب الأمر، فتولى بعده الخواجة عليّ بن مسعود بغير نصٍّ، إلا باتفاق بعض الجماعة. ثم اتفق الرئيس أبو منصور بن أحمد بن الشيخ أبي محمد، والرئيس فهد، فأنفذوا من قتله، وبقي الأمر شورى، فجاء الأمر من الألموت بقتل قاتله، وإطلااق فهد، ومعه وصية، وأمر أن يقرأها على الجماعة، وهذه نسخة المكتوب: هذا عهدٌ عهدناه إلى الرئيس ناصر الدّين سنان، وأمرنا بقراءته على سائر الرفاق والإخوان، أعاذكم اللَّه جميع الإخوان من اختلاف الآراء، واتباع الأهواء، إذ ذاك فتنة الأولين، وبلاء الآخرين، وفيه عبرة للمعتبرين، من تبرَّأ من أعداء اللَّه، وأعداء وليه ودينه، عليه مولاة أولياء اللَّه، والاتحاد بالوحدة سُنّة جوامع الكلم، كلمة اللَّه والتوحيد والإخلاص، لا إله إلا اللَّه، عُروة اللَّه الوثقى، وحبله المتين، ألا فتمسكوا به، واعتصموا، عباد اللَّه الصالحين فبه صلاح الأولين، وفلاح الآخرين. أجمعوا آراءكم لتعليم شخصٍ معين بنصٍّ من اللَّه ووليه. فتلقوا ما يُلقيه إليكم من أوامره ونواهيه بقبول، فلا وربِّ العالمين لا تؤمنون حتى تحكموه فيما شجر بينكم، ثم لا تجدوا في أنفسكم حرجاً مما قضى، وتسلموا تسليماً. فذلك الاتحادُ به الوحدة التي هي آية الحق، المنجية من المهالك، المؤدية إلى السعادة السرمدية، إذ الكثرة علامة الباطل،) المؤدية إلى الشقاوة المخزية، والعياذ

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 332 بالله من زواله، وبالوحدة من آلهة شتى، وبالوحدة من الكثرة، وبالنص والتعليم من الأدواء والأهواء المختلفة، وبالحق من الباطل، وبالآخرة الباقية من الدنيا الملعونة، الملعون ما فيها، إلا ما أُريد به وجه اللَّه، ليكون علمكم وعملكم خالصاً لوجهه الكريم. ياقوم إنما دنياكم ملعبةٌ لأهلها، فتزودوا منها للآخرة، وخير الزاد التقوى. إلى أن قال: أطيعوا أميركم ولو كان عبداً حبشياً، ولا تزكُّوا أنفُسكم. قال كمال الدين: وكتب سنان إلى سابق الدّين صاحب شيزر يعزيه عن أخيه شمس الدّين صاحب قلعة جعبر: (إن المنايا لا يطأن بمنسمِ .......... إلا على أكتاف أهل السُّؤددِ)

(فلئن صبرت فأنت سيد معشرٍ .......... صُبُرٍ وإن تجزع فغير مُفنَّدِ)

(هذا التناصر باللسان ولو أتى .......... غيرُ الحمام أتاك نصري باليدِ) وهي لأبي تمام. وقال: ذُكر أن سنان كتب إلى نور الدّين محمود بن زنكي، والصحيح أنه إلى صلاح الدّين: (يا ذا الذي بقراع السيف هدَّدنا .......... لا قام مصرعُ جنبي حين تصرعه)

(قام الحمام إلى البازي يُهددُهُ .......... واستيقظت لأسود البر أضبعُه)

(أضحى يسد فم الأفعى بإصبعه .......... يكفيه ما قد تُلاقي منه إصبعه) وقفنا على تفصيله وجُمَله، وعلمنا ما هدَّدنا به من قوله وعمله، ويالله العجب من ذُبابة تطنّ في أُذُن فيل، وبعوضة تُعد في التماثيل، ولقد قالها قومٌ من قبلك آخرون، فدكرنا عليهم ما كان لهم ناصرون، أللحق تدحضون، وللباطل تنصرون، سيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون. ولئن صدر قولك في قطع رأسي، وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي، فتلك أمانيُّ كاذبة،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 333 وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض. وإن عُدنا إلى الظواهر، وعدلنا عن البواطن، فلنا في رسول اللَّه أسوة حسنة: ما أوُذي نبيٌ ما أُوذيتُ. وقد علمتم ما جرى على عترته وشيعته، والحال ما حال، والأمرُ ما زال، ولله الأمر في الآخرة والأولى. وقد علمتم ظاهر حالنا، وكيفية رجالنا، ومايتمنونه من الفوت، ويتقربون به إلى حياض الموت، وفي المثل: أو للبط تهدد بالشط فهيىء للبلايا أسباباً، وتدرع للرزايا جلباباً، فلأظهرن عليك منك، وتكون كالباحث عن حتفه بظلفه، وما ذلك على اللَّه بعزيز، فإذا) وقفت على كتابنا هذا، فكن لأمرنا بالمرصاد، ومن حالك على اقتصاد، وأقرأ النحل وآخر ص. وقال كمال الدين: حدثني النجم محمد بن إسرائيل قال: أخبرني المنتجبُ بن دفتر خوان قال: أرسلني صلاح الدّين إلى سنان زعيم الإسماعيلية حين وثبوا على صلاح الدّين للمرة الثالثة بدمشق، ونعى القُطب النيسابوري، وأرسل معي تهديداً وتخويفاً، فلم يُجبه، بل كتب على طُرّة كتاب صلاح الدّين، وقال لنا: هذا جوابكم. (جاء الغراب إلى البازي يهددهُ .......... ونبهت لصراع الأسد أضبعُه)

(يا مًن يهددني بالسيف خُذهُ وقُم .......... لا قام مصرعُ جنبي حين تصرعه)

(يامن يسد فم الأفعى بإصبعه .......... يكفيه ما لقيت من ذاك أصبعُه) ثم قال: إن صاحبكم يحكم على ظواهر جُنده، وأنا أحكم على بواطن جُندي، ودليله ما تشاهد الآن. ثم دعا عشرةً من صبيان القاعة، وكان على حصنه المنيف، فاستخرج سكيناً وألقاها إلى الخندق، وقال: من أراد هذه فليُلقِ نفسه خلفها. فتبادروا جميعاً وثباً خلفها، فتقطعوا. فعدنا إلى السّلطان صلاح الدّين وعرّفناه، فصالحه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 334 وذكر الشيخ قطب الدّين في تاريخه أن سناناً سيَّر إلى صلاح الدّين رحمه اللَّه رسولاً، وأمره أن لا يؤدي رسالته إلا خلوة، ففتشه صلاح الدّين، فلم يجد معه ما يخافه، فأخلى له المجلس، إلا نفر يسير، فامتنع من أداء الرسالة حتى يخرجوا، فأخرجهم كلهم، سوى مملوكين، فقال: هات رسالتك. فقال: أمرت أن لا أقولها إلاّ في خلوة. فقال: هذان ما يخرجان، فإن أردت تذكر رسالتك، وإلا فقم: قال: فلم لا يخرج هذان قال: لأنهما مثل أولادي. فالتفت الرسول إليهما، وقال لهما: إذا أمرتكما عن مخدومي بقتل هذا السّلطان تقتلانه قالا: نعم. وجذبا سيفهما. فبهت السّلطان، وخرج الرسول وأخذهما معه. وجنح صلاح الدّين إلى الصلح والدخول في مراضيه. قلت: هذه حكاية مرسلة، والله أعلم بصحتها. وقال كمال الدين: أنشدني سنان لنفسه: (ما أكثر الناس وما أقلهُم .......... وما أقلَّ في القليل النُّجبا)

(ليتهم إذ لم يكونوا خُلِقُوا .......... مهذَّبين صَحبُوا مُهذَّبا) ) قال: وقرأت على ظهر كتاب لسنان صاحب الدعوة: (ألجأني الدهرُ إلى معشرٍ .......... ما فيهم للخير مستمتعُ)

(إن حدَّثوا لم يفهموا سامعاً .......... أو حدثوا مجُّوا ولم يسمعوا)

(تقدُّمي أخرني فيهمُ .......... من ذنبه الإحسانُ ما يصنعُ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 335 4 (حرف الشين)

4 (شمس النهار بنت كامل.) البغدادية. روت عن: أبي الحسين محمد بن أبي يعلى الفراء. توفيت في تاسع ربيع الآخر. 4 (حرف الطاء)

4 (طُغدي بن خُتلُغ بن عبد اللَّه.) أبو محمد الأميري، البغدادي، الفرضي، ويُسمى عبد المحسن، وهو بطُغدي أشهر. ولد سنة، وقرأ القراءآت على: عليّ بن عساكر البطائحي زوج أمه، وهو الذي رباه. وسمع بإفادته من: أبي الفضل الأموري، وابن باجة، وهبة اللَّه بن أبي شُريك، وأبي الوقت. وكان أستاذاً في الفرائض، قدم الشام واستوطنها وحدَّث بها. وتوفي في المحرم. روى عنه: يوسف بن خليل، والضياء محمد.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 336 4 (حرف الظاء)

4 (ظَفَر بن أحمد بن ثابت بن محمد.) أبو الغنائم ابن الحافظ أبي العباس الطرقيّ، ثم اليزدي. سمع من أبيه، وأبي عليّ الحداد، وجماعة. وقدم بغداد حاجاً فحدَّث بها. وطرق: بُليدة من نواحي إصبهان. 4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن الحسين بن الخضر بن عبدان.) ) الأزدي، الدمشقي. روى شيئاً يسيراً عن: أبي الحسن بن عليّ بن أشليها، وأبي يعلى بن الحُبوبي. توفي في المحرم. 4 (عبد اللَّه بن محمد بن عليّ بن هبة اللَّه بن عبد السلام.) أبو منصور بن أبي الفتح البغدادي، الكاتب. من بيت حديث وكتابة. ولد في جمادى الأولى أو في ربيع الآخر سنة ستٍّ وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم هبة اللَّه بن الحصين وقبله من أبي القاسم بن بيان، وسماعه منه حضوراً.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 337 ومن: أبي عليّ بن نبهان، ومحمد بن عبد الباقي الدوري، وعبد القادر بن يوسف، وجعفر بن الحسن السلماسي، وغيرهم. وهو والد الفتح مُسند بغداد في زمانه. توفي في تاسع ربيع الأول. روى عنه: يوسف بن خليل، والشيخ الموفق، والجلال عبد اللَّه بن الحسن قاضي دمياط، وعلي بن عبد اللطيف بن الخيمي، ومحمد بن نفيس الزعيمي، وأحمد بن شكر الكندي، وآخرون. قال عبد العزيز بن الأخضر: سمعت منه، ومن أبيه وجده. 4 (عبد اللَّه بن المبارك بن أبي نصر المبارك بن زوما.) أبو بكر الأزجي، البزاز. روى عن: أبي القاسم بن الحصين، وزاهر الشحامي. روى عنه: تميم بن أحمد، ويوسف بن خليل، وغيرهما. وتوفي بعد الذي قبله بيومين. 4 (عبد الخالق بن أبي هاشم محمد بن المبارك.) الشريف أبو جعفر الهاشمي، الكفوي، القصري، قصر الكوفة. روى عن: هبد اللَّه بن الحسين. 4 (عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد العزيز بن ميلا.) الحربي، الخبَّاز.) روى عن: سعيد بن البنا.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 338 وتوفي في سابع شعبان. روى عنه: ابن خليل. 4 (عتيق بن هبة اللَّه بن ميمون بن عتيق بن وردان.) أبو الفضل. من ذرية عيسى بن وردان التابعي، المصري. حدَّث عن أبيه، عن آبائه بنسخةٍ مُنكرةٍ بعيدة عن الصحة. روى عنه: ولده المحدث أبو الميمون عبد الوهاب، وغيره. توفي في العشرين من شعبان. 4 (علي بن أحمد بن محمد بن كوثر.) أبو الحسن المحاربي، الغرناطي. سمع من: أبيه أبي العباس. وحجّا معاً، فسمعا بمكة من أبي الفتح الكروخي سنة سبعٍ وأربعين جامع أبي عيسى. وأخذ القراءآت بمكة عن: أبي عليّ بن العرجاء القيرواني، وأبي الحسن بن رضا البلنسي الضرير، وسمع منهما. ومن: أبي الفضل الشيباني، وأبي بكر بن أبي الحسن الطوسي. وقرأ بمصر على أحمد بن الحطيئة سنة ثلاثٍ وخمسين، وعلى الشريف أبي الفتوح الخطيب. وأخذ العربية عن ابن بري.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 339 وحمل عن السلفي كثيراً، وتصدّر بغرناطة للإقراء والرواية. وصنَّف في القراءآت، وأخذ الناس عنه. وتوفي في ربيع الآخر رحمه اللَّه. 4 (علي بن الحسين بن قنان بن أبي بكر بن خطاب.) أبو الحسن الأنباري ثم البغدادي السمسار الرُّبي. ولد سنة خمسمائة. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وزاهر بن طاهر، وهبة اللَّه بن الطبر، وهبة اللَّه الشروطي، ويحيى وأحمد ابني البنا، وجماعة كثيرة.) وحج نحواً من أربعين حجة. 4 (علي بن أبي شجاع بن هبة اللَّه بن روح.) الأميني أبو الحسن البغدادي، الشاعر. توفي في هذا العام. وله: (لكم عليّ الدنفِ العليلِ .......... حُكمُ العزيز على الذَليلِ)

(ما لي إذا ما جُرتُمُ .......... يوماً سوى الصبر الجميل)

(من لحظه سحرُ العيونِ .......... ولفظة شركُ العقولِ)

(كيف السبيل إلى لماهُ .......... ورشف ذاك السلسبيلِ)

(ما لي عُدُولٌ عن هواهُ .......... فدع ملامكَ يا عَذُولي)

4 (علي بن عبد اللَّه بن عبد الرحيم.) أبو الحسن الفهري، البلنسي المقرىء.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 340 أخذ القراءآت عن: أبي الحسن بن هُذيل. روى الحديث عن: أبي الوليد بن الدباغ، وجماعة. وكان صالحاً، منعزلاً عن الناس. روى عنه: أبو الربيع بن سالم وقال: توفي في حدود التسعين وخمسمائة. 4 (عيسى بن الصالح عبد الرحمن بن زيد بن الفضل.) الورّاق أبو شجاع العتابي، البغدادي. سمع من: جده لأمه أبي السعود أحمد بن عليّ المجلي، وهبة اللَّه بن الحُصين، وأحمد بن ملوك الوراق. وحدَّث. روى عنه: يوسف بن خليل. وأجاز لابن الدبيثي. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أبي عليّ الحسن بن الفضل بن الحسن.) الأدَمي، أبو الفضل الإصبهاني.) سمع من: أبي عليّ الحداد، وأجاز له. وتوفي في ذي القعدة. 4 (محمد بن الفقيه أبي عليّ الحسين بن مفرج بن حاتم.) المقدسي. ثم الإسكندراني رشيد الدّين الواعظ. وُلد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 341 وسمع من أبيه. روى عنه: ابن عمه الحافظ أبو الحسن. وتوفي في رمضان. محمد بن ساكن بن عيسى بن مخلوف. أبو عبد اللَّه الحميري، المصري. شيخ جليل عالم. جمع لنفسه مشيخة ذكر أنه قرأ فيها القرآن على أبي الحسن عليّ بن محمد الروحانيّ، والشريف أبي الفتوح ناصر بن الحسن، وأبي العباس بن الحطيئة، ومحمد بن إبراهيم الكيزاني. وأنه سمع من: عبد الرحمن بن الحسين الحباب، والفقيه عمر بن محمد البلوي الذهبي، وعبد اللَّه بن رفاعة، والسلفي، وطائفة. وحدَّث وألف مجاميع، وتصدَّر بجامع مصر، وخطب بجيزة الفسطاط مدة. توفي في أوائل شوال. 4 (محمد بن عبد اللَّه بن الفقيه مُجَلي بن الحسين بن عليّ بن الحارث.) الرملي الأصل، المصري، الفقيه الشافعي، القاضي أبو عبد اللَّه. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. ناب في القضاء بمصر نحواً من عشرين سنة. وسمع من: أبي الفتح سلطان بن إبراهيم الفقيه، وأبي صادق مرشد بن يحيى، وابن رفاعة. وحدَّث. وكان يُقال له حسّون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 342 وهو والد القاضي أبي محمد عبد اللَّه. وكان جده الفقيه مُجلي قد سمع من القاضي الخلعي. وولي عقد الأنكحة بالرملة.) 4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن محمد بن الفضل بن منصور بن أحمد بن) يونس بن عبد الرحمن بن الليث بن عبد الرحمن بن المغيث بن عبد الرحمن بن العلاء بن الحضرمي. الفقيه أبو عبد اللَّه ابن الشيخ أبي القاسم بن أبي عبد اللَّه الحضرمي، العلائي، الصَّقَلّيّ، ثم الإسكندراني، المالكي. وسمع من: أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد الرازي. وتفقه على مذهب مالك. وكان في القضاء بالثّغر مدّة. روى عنه: أبو الحسن بن المفضل، وابن رواح، وعبد الرحمن بن يحيى بن علاس القصديريّ، وعلي بن إسماعيل بن سكين، وعلي بن عمر بن ركاب الإسكندرانيون. 4 (محمد بن عليّ بن محمد) أبو بكر السرخسي، ثم البغدادي، الخياط المعروف بالخاتوني. سمع من: أبي القاسم سعيد بن البنّا، وأبي بكر بن الزَّاغونيّ، وجماعة. وحدث. 4 (محمد بن محمد بن عبد الحميد بن الحارث.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 343 أبو عبد اللَّه وأبو بكر اليعمريّ، الأندلسيّ، الأديب، الشاعر. روى عن: أبي عبد اللَّه بن أبي الخصال. روى عنه: أبو عبد اللَّه بن الصّفّار، وغير واحد. 4 (المبارك بن كامل بن مقلّد بن عليّ بن نصر بن منقذ.) الأمير سيف الدولة أبو الميمون الكنانيّ، الشّيزريّ. ولد بشيزر سنة ستٍّ وعشرين وخمسمائة، وسمع بمكّة قليلاً من أبي حفص الميانشيّ. روى عنه ولده الأمير إسماعيل. وقد ولي سيف الدولة أمر الدواوين بمصر مدّةً، وله شعرٌ يسير. وكان مع شمس الدّولة تورانشاه أخي السّلطان لمّا ملك اليمن، فناب في مدينة زبيد عنه. ثم رجع معه، واستناب أخاه حطّان، فلمّا مات شمس الدّولة حبسه السّلطان، لأنّه بلغه عنه أنّه قتل باليمن جماعةً، وأخذ أموالهم، فصادره، وضيّق عليه، وأخذ منه مائة ألف دينار، وذلك في سنة سبْعٍ وسبعين. ولمّا توجّه سيف الإسلام طغتكين إلى اليمن، تحصّن الأمير حطّان في قلعةٍ وعصى، فخدعه) سيف الإسلام حتّى نزل إليه، فاستصفى أمواله وسجنه، ثمّ أعدمه.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 344 وقيل إنه أخذ منه سبعين غلاف زردية مملوءاً ذهباً. توفي سيف الدّولة في رمضان بالقاهرة. 4 (المبارك بن أبي بكر بن أبي العز.) أبو الفتح البغدادي، المقرىء المعروف بابن غلام الدّيك، وبابن الدّيك. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي القاسم بن الطّبر، وأبي السُّعُود أحمد بن المجلّيّ، وأبي الحسين محمد بن الفرّاء، وجماعة. وكان واعظاً فاضلاً. سمع منه: محمد بن مشِّق، وتميم البندنيجيّ، وجماعة. واسم أبيه أحمد. توفي في المحرَّم. 4 (المبارك بن أبي نصر بن أبي عبد اللَّه بن أبي ظاهر بن أبي حنيفة.) أبو محمد بن الفارض البغداديّ، الحريميّ. ويقال إسمه الحسن. سمع من: أبي القاسم بن الحصين، وجماعة. وتوفي في شعبان.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 345 4 (مبشّر بن أحمد بن عليّ.) أبو الرّشيد الرّازيّ، ثم البغداديّ، الفرضيّ، الحاسب. له مصنَّفات مفيدة. روى عن: أبي الوقت وتوفّي برأس عين في ذي القعدة. وانتفع عليه جماعة. ولقد بالغ ابن النّجّار في تقريظه وقال: كان إماماً في الجبر، والمقابلة، والمساحة، وخواصّ الأعداد، واستخراج الضّمير، وحساب الوقت، وقسمة الفرائض، والمنطق، والفلسفة، والهيئة. صنف في جميع ذلك، وكان شديد الذّكاء، شُدّت إليه الرحال. إلى أن قال: وكان يرمى بفساد العقيدة وإنكار البعث، ويتهاون بالفرائض. نفذ من الدّيوان رسولاً إلى الشّام، فمات برأس العين. 4 (محاسن بن أبي بكر بن سلمان بن أبي شريك.) أبو البدر الحربيّ.) روى عن: عبد اللَّه بن أحمد اليوسفيّ. وتوفي في جمادى الأولى.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 346 4 (محمود بن خوارزم شاه أرسلان بن خوارزم شاه اتسز بن محمد بن أنوشتكين.) السّلطان الخوارزمي، ولقبه: سلطان شاه. وهو أخو علاء الدّين خوارزم شاه تكش. تملك بعد والده في سنة ثمانٍ وستين، وجرت له أمورٌ يطول شرحها. وكان أخوه قد سلَّم إليه أبوه بعض المدائن، فحشد وجمع وقصد أخاه، فترك خوارزم وهرب. وذلك مذكورٌ في الحوادث. ثم إنه استولى على مملكة مرو. وكان نظيراً لأخيه في الحزم والعزم والرأي والشجاعة. وحضر غير مصاف. واستعان بجيش الخطا. وافتتح جماعة مدائن. وكان السيف بينه وبين أخيه، لأنه أخذ منه خوارزم، والتقاه فهزمه، وأسر أمه أمّ محمود فقتلها، واستولى على أكثر حواصل أبيها أعني علاء الدين. ونقل ابن الأثير في كامله فصلاً طويلاً في أخبارها استطراداً. وحكى فيه عن بعض المؤرخين أنّ سلطان شاه أخذ مرو، ودفع الغزّ عنها، ثم تجمعوا له وأخرجوه، وانتهبوا خزائنه، وقتلوا أكثر رجاله، فاستنجد بالخطا، وجاء بعسكرٍ عظيم، وأخرج الغُزّ عن مرو، وسرخس، ونسا، وأبيورد، وتملَّكها، ورجعت الخطا إلى بلادهم بالأموال. ثم كاتب غياث الدّين الغوري ليسلم إليه هراة، وبعث إليه غياث الدّين أيضاً، فأمره أن يخطب له ببلاده، فسار وشن الغارات، ونهب بلاد الغوري، وظلم وعسف، فجهز الغوري لحربه ابن أخيه بهاء الدّين وصاحب سجستان، فتقهقر سلطان شاه إلى مرو بعد أن عمل كل قبيح بالقرى، فتحزّب لقصده

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 347 غياث الدّين وأخوه شهاب الدّين صاحب الهند. وجمع شاه العساكر واستخدم الغُزَّ وأُلي الطمع، وعسكر بمرو الروذ، وعسكر الغوريون بالطالقان. وبقوا كذلك شهرين، وترددت الرسل في معنى الصلح، فلم ينتظم أمر. ثم التقى الجمعان، وصبر الفريقان، ثم انهزم جيش سلطان شاه، ودخل هو مرو في عشرين فارسان فانتهز أخوه تكش الفرصة، وسار عسكر، وبعث عسكراً إلى حافة جيحون يمنعون أخاه من الدخول إلى الخطا إن أراده، فلما ضاقت السبل على سلطان شاه، خاطر وسار إلى غياث الدّين يأمره بالقبض عليه، فلم يفعل. فبعث علاء الدّين يتهدده بقصد بلاده، فتجهز غياث الدّين وجمع العساكر، فلم ينشب سلطان شاه أن تُوفي في سلخ رمضان في سنة تسع هذه، فاستخدم غياث الدّين أكثر أجناده، وأنعم عليهم،) وجرى بعده لعلاء الدّين تكش ولغياث الدّين اختلاف وائتلاف طمعت بسبب ذلك الغُزّ، وعادوا إلى النهب والتخريب، فتجهز علاء الدّين تكش، وسار ودخل مرو، وسرخس، ونسا، وتطرق إلى طوس. قلت: وساق ابن الأثير رحمه اللَّه قولاً آخر مخالفاً لهذا في أماكن، واعتذر عنه ببعد الديار، واختلاف النقلة من السُّفار. 4 (مسعود بن الملك مودود بن أتابك زنكي بن أقسُنقُر.) السّلطان عز الدّين أبو المظفر صاحب الموصل. وصل إلى حلب قبل السّلطان مُنجداً لابن عمه الصالح إسماعيل بن نور

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 348 الدّين على السّلطان صلاح الدّين، وليرهب صلاح الدّين، لئلا يطمع ويقصد الموصل فانضم إليه عسكر حلب، وسار في جمعٍ كثير، فوقع المصاف على قرون حماه، فكسره صلاح الدّين، وأسر جماعة من أمرائه في سنة سبعين، كما ذكرناه في الحوادث. وعاد صلاح الدّين فنازل الموصل ثالثاً، فمرض في الحرّ مرضاً أشفى منه على الموت، فترحل إلى حران، فسير صاحب الموصل عز الدّين رسولاً، وهو القاضي بهاء الدّين يوسف بن شداد إلى صلاح الدّين في الصلح. فأجاب وحلف له وقد تماثل من مرضه. ووفى له إلى أن مات. فلم تطل مدة عزّ الدّين بعد صلاح الدّين، وعاش أشهراً. وتوفي في شعبان في التاسع والعشرين منه. قال ابن الأثير: وكان قد بقي مايزيد على عشرة أيام لا يتكلم إلا بالشهادتين وتلاوة القرآن، وإذا تكلم بغيرها استغفر اللَّه، ثم عاد إلى التلاوة، فرُزق خاتمةً سعيدة. وكان خير الطبع، كثير الخير والإحسان، يزور الصالحين ويقربهم ويشفعهم. وكان حليماً حيِّيّاً، لم يكلم جليسه إلا وهو مُطرق. وكان قد حج، ولبس بمكة خرقة التصوف. فكان يلبس تلك الخرقة كل ليلة، ويخرج إلى مسجد داره، فيصلي فيه إلى نحو ثلث الليل. وكان رقيق القلب، شفوقاً على الرعية. قلت: ودُفن في مدرسته بالموصل، وهي مدرسة كبيرة على الشافعية والحنفية وتسلطن بعد ولده نور الدّين إلى أن مات عن ولدين وهما: القاهر عز الدّين مسعود، والمنصور عماد الدّين زنكي.) وقسم البلاد بينهما، فأعطى القاهر الموصل، وأعطى المنصور قلاعاً. وقد توفي القاهر صاحب الموصل فجأةً في سنة خمس عشرة وستمائة، ودُفن بمدرسته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 349 وأما زنكي فانتقل إلى إربل، وتزوج بابنة صاحبها مظفر الدين. وكان من أحسن الناس صورة، ثم قبض عليه مظفر الدّين لأمور جرت، وسيَّره إلى الملك الأشرف موسى، ثم أطلقه وعاد. وأُعطي بلده شهرزور وأعمالها. وتوفي في حدود سنة ثلاثين وستمائة، وقام بعده ولده قليلاً ومات. 4 (المكرم بن هبة اللَّه بن المكرم.) أبو محمد الصوفي، أخو أبي جعفر محمد. شيخ معروف سمع أبا بكر محمد بن عبد الباقي، وعليّ بن عليّ بن سُكينة، وأبا سعد أحمد بن محمد الزوزني، وشيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد، وجماعة. روى عنه: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والضياء محمد، والزين بن عبد الدائم. وحدث بدمشق، وبغداد. وتوفي في رجب. 4 (منصور بن المبارك بن الفضل بن أبي نُعيم.) أبو المظفر الواسطي، الواعظ، الملقب بجرادة. سمع من: أبي الوقت السجزي، وذكر أنه سمع المقامات من أبي محمد الحريري وله فصول وعظية. وكان شيخاً مسناً، يقال إنه جاوز المائة، والصحيح أنه عاش سبعاً وثمانين سنة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 350 وله نظم ونثر ودُعابة. وكان يعظ في الأعزية ببغداد. ذكره ابن النجار. 4 (موسى بن حجاج.) أبو عمران الأشيري. دخل الأندلس في سنة بضع وثلاثين وخمسمائة. وسمع بقرطبة من: أبي عبد اللَّه بن أصبغ الفقيه، وأبي مروان ابن مسرة. وسمع بإشبيلية من: أبي الحسن شُريح.) وبالمرية من: عبد الحق بن عطية. وعُني بالرواية. قال الأبار: إلا أنه عديم الضبط، ونزل الجزائر وأمَّ بها. وحدَّث بها. وتوفي في صفر. 4 (حرف الهاء)

4 (هبة اللَّه بن عبد المحسن بن علي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 351 الفقيه أبو البركات الأنصاري، المالكي، المصري. مدرس المدرسة المجاورة لجامع مصر العتيق. تفقه عليه جماعة. وكان مشهوراً بالصلاح والعلم. توفي رحمه اللَّه في ذي القعدة. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عليّ بن عبد الرحمن.) أبو زكريا القيسي، المصري، المالكي. سمع من: عبد الله بن رفاعة. وتصدَّر بالجامع العتيق بمصر. 4 (يوسف السّلطان الملك الناصر صلاح الدّين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 352 أبو المظفر بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني الأصل، التكريتي المولد. ودوين بطرف أذربيجان من جهة أرّان والكرج، أهلها أكراد روادية. والروادية بطن من الهذبانية. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة إذ أبوه والي تكريت. وسمع من: أبي الطاهر السلفي، والإمام أبي الحسن عليّ بن إبراهيم بن المسلم ابن بنت أبي سعد، وأبي طاهر بن عوف، وعبد اللَّه بن بري النحوي، والقطب مسعود النيسابوري، وجماعة. وروى الحديث، وملك البلاد، ودانت له العباد، وافتتح الفتوحات، وكسر الفرنج مرات، وجاهد في سبيل اللَّه بنفسه وماله. وكان خليفاً للملك. وأقام في السلطة أربعاً وعشرين سنة. روى عنه: يونس بن محمد الفارقي، والعماد الكاتب، وغيرهما.) وتوفي بقلعة دمشق بعد الصبح من يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر. وحضر وفاته القاضي الفاضل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 353 وذكر أبو جعفر القرطبي إمام الكلاسة أنه لما انتهى في القراءة إلى قوله تعالى: هو اللَّه الذي لا إله إلاهو عالم الغيب والشهادة سمعه وهو يقول: صحيح. وكان ذهنه غائباً قبل ذلك. ثم توفي وهذه يقظة عند الحاجة. وغسله الدولعي، وأخرج في تابوت، وصلى عليه القاضي محيي الدّين بن الزكي، وأعيد إلى الدار التي في البستان التي كان متمرضاً فيها. ودفن بالضفة الغربية منها. وارتفعت الأصوات بالبكاء، وعظم الضجيج، حتى إن العاقل يتخيل أن الدنيا كلها تصبح صوتاً واحداً. وغشي الناس من البكاء والعويل ما شغلهم عن الصلاة، وصلى عليه الناس أرسالاً، وتأسف الناس عليه، حتى الفرنج، لما كان عليه من صدق وفائه إذا عاهد. ثم بنى ولده الأفضل صاحب دمشق قبة شمالية إلى الجامع، وهي التي شباكها القبلى إلى الكلاسة، ونقله إليها يوم عاشوراء من سنة اثنتين وتسعين، ومشى بين يدي تابوته. وأراد العلماء حمله على أعناقهم، فقال الأفضل: يكفيه أدعيتكم الصالحة. وحمله مماليكه، وأخرج إلى باب البريد، فصلى عليه قدام النسر. وتقدم في الأمانة القاضي محيي الدّين بإذن ولده. ودخل الأفضل لحده وأودعه وخرج، وسد الباب. وجلس هناك للعزاء ثلاثة أيام، وذلك خلاف العادة، وخلاف السنة. كان رحمه اللَّه كريماً، جواداً، بطلاً، شجاعاً، كامل العقل والقوى، شديد الهيبة، افتتح بسيفه وبأقاربه من اليمين إلى الموصل، إلى أوائل المغرب، إلى أسوان. وفي الروضتين لأبي شامة إن السّلطان رحمه اللَّه لم يخلف في خزائنه من الذهب والفضة إلا سبعةً وأربعين درهماً، وديناراً واحداً صورياً. ولم يخلف ملكاً ولا عقاراً، وخلف سبعة عشر ولداً ذكراً، وابنة صغيرة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 354 ومن إنشاء العماد الكاتب إلى الخليفة على لسان الأفضل: أصدر العبد هذه الخدمة وصدره مشروح بالولاء، وقلبه مغمور بالضياء، ويده مرفوعة إلى السماء، ولسانه ناطق بالشكر والدعاء، وجنانه ثابت من المهابة والمحبة على الخوف والرجاء، وطرفه مغمض من الحياء. وهو للأرض يقبل، وللفرض متقبل، يمتُّ بما قدمه من الخدمات، وذخره ذخر الأقوات لهذه الأوقات. وقد أحاطت العلوم الشريفة بأن الوالد السعيد الشهيد الشديد السديد المبيد للشرك) المبيد، لم يزل مستقيماً على جدد الجد، ومصر بل الأمصار باجتهاده في الجهاد شاهدة، والأنجاد والأغوار في نظر عزمه واحده، والبيت المقدس من فتوحاته والمُلك العقيم من نتائج عزماته، وهو الذي ملك ملوك الشرق، وغلَّ أعناقها، وأسر طواغيت الكفر، وشد خناقها، وقمع عبدة الصلبان، وقطع أصلابها، وجمع كلمة الإيمان وعصم جنابها، وقبض وعدله مبسوط، ووزره محطوط، وعمله بالصلاح منوط، وخرج من الدنيا وهو في الطاعة الأمامية داخل. قال العماد الكاتب: لما توفي وملكت أولاده كان العزيز عثمان بمصر يقرب أصحاب أبيه ويكرمهم، والأفضل بدمشق يفعل بضد ذلك. وأشار عليه جماعة كالوزير الجزري الذي استوزره، يعني الضيا ابن الأثير. وفيه يقول فتيان الشاغوري: (متى أرى وزيركم .......... وما له من وَزَرِ)

(يقلعه اللَّه فذا .......... أوانُ قلع الجَزَرِ) ومن كتاب فاضلي: أما هذا البيت، فإن الآباء منه اتفقوا فملكوا، وأن الأبناء منه اختلفوا فهلكوا. قلت: خلف من الأولاد صاحب مصر السّلطان الملك العزيز، والملك الأفضل عليّ صاحب دمشق، والملك الظافر مظفر الدّين خضر، والملك الزاهر مجير الدّين داود، والملك المفضل قطب الدّين موسى، والملك الأشرف عزيز الدّين محمد، والملك المحسن ظهير الدين أحمد، والملك المعظم فخر الدّين

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 355 تورانشاه، والجواد ركن الدّين أيوب، والغالب نصير الدّين ملك شاه، وعماد الدّين شاذي. ونصرة الدّين مروان، والمنصور أبو بكر، ومؤنسة زوجة الكامل. هؤلاء كلهم عاشوا بعده، وكان أكثرهم بحلب عند الظاهر، وآخرهم موتاً تورانشاه، توفي بعد أخذ حلب، وكان بقلعتها. قال الموفق عبد اللطيف: أتيتُ الشام، والملك صلاح الدّين بالقدس، فأتيته فرأيته ملكاً عظيماً، يملأ العيون روعةً، والقلوب محبةً، قريباً، بعيداً، سهلاً، مجيباً، وأصحابه يتشبهون به، يتسابقون إلى المعروف كما قال اللَّه تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غل. وأول ليلةٍ حضرته وجدت مجلساً حفلاً بأهل العلم يتذاكرون في أصناف العلوم، وهو يُحسن الاستماع والمشاركة ويأخذ في كيفية بناء الأسوار، وحفر الخنادق، ويتفقه في ذلك، ويأتي بكل معنى بديع. وكان مهتماً في بناء سور القدس، وحفر خندقه، يتولى ذلك بنفسه، وينقل الحجارة على عاتقه،) ويتأسى به جميع النّاس، الأغنياء، والفقراء، والأقوياء، والضعفاء، حتى العماد الكاتب والقاضي الفاضل. ويركب لذلك قبل طلوع الشمس إلى وقت الظهر، ويأتي داره فيمّد السماط، ثم يستريح، ويركب العصر، ويرجع في ضوء المشاعل، ويصرف أكثر الليل في تدبير ما يعمل نهاراً. وقال له بعض الصناع: هذه الحجارة التي تقطع من أسفل الخندق، ويبنى بها السور رخوة. قال: نعم، هذه تكون الحجارة التي تلي القرار والنداوة، فإذا ضربتها الشمس صلبت. وكان رحمة اللَّه يحفظ الحماسة، ويظنّ أنّ كلّ فقيه يحفظها، فكان ينشد القطعة، فإذا توقف في موضعٍ استطعم فلم يطعم. وجرى له ذلك مع القاضي الفاضل، ولم يكن يحفظها، فخرج من عنده، فلم يزل حتى حفظها. وكتب لي صلاح الدّين بثلاثين ديناراً في الشهر على ديوان الجامع

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 356 بدمشق، وأطلق لي أولاده رواتب، حتى تقرر لي في كل شهر مائة دينار. ورجعت إلى دمشق، وأكبيت على الإشتغال وإقراء الناس بالجامع. قال: وكان عمه أسد الدّين شيركوه من أمراء دولة نور الدين، وكان أبوه أيوب معروفاً بالصلاح. وكان شيركوه معروفاً بالشجاعة، وكان لأيوب بنون وبنات، ولم يكن صلاح الدّين أكبرهم. وكان شحنة دمشق، ويشرب الخمر، فمذ باشر الملك طلق الخمر واللذات. وكان محبباً، خفيفاً إلى نور الدين، يلاعبه بالكرة. وملك مصر. وكانت وقعته السودان بضع وستين، وكانوا نحو مائتي ألف، ونصر عليهم، وقتل أكثرهم، وهرب الباقون، وابنتي سور القاهرة ومصر على يد الأمير قراقوش. وفي هذه الأيام ظهر ملك الخزر، وملك دوين وقتل من المسلمين ثلاثين ألفاً. ثم في سنة سبع قطع صلاح الدّين خطبة العاضد بمصر، وخطب للمستضيء. ومات العاضد واستولى صلاح الدّين على القصر وذخائره، وقبض على الفاطميين. وفي سنة ثمان وستين فتح أخوه شمس الدولة برقة ونفوساً. وفي سنة تسع مات أبوه، ونور الدين، وافتتح أخوه شمس الدولة اليمن، وقبض على المتغلب عليها عبد النبي بن مهدي المهدي، وكان شاباً أسود. وفي سنة إحدى وسبعين سار من مصر، وملك دمشق. وفي سنة إحدى وسبعين حاصر عزاز. قال ابن واصل: حاصر عزاز ثمانية وثلاثين يوماً بالمجانيق، وقتل عليها كثير من عسكره. وكانت لجاولي الأمير خيمة، كان السّلطان يحضر) فيها، ويحض الرجال على الحرب، فحضرها والباطنية، الذين هم الإسماعيلية، في زي الأجناد، وقوف، إذ قفز عليه واحد

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 357 منهم، فضرب رأسه بسكين، فلولا المغفر الزرد، وكان تحت القلنسوة، لقتله. فأمسك السّلطان يد الباطنيي بيديه، فبقي يضرب في عنقه ضرباً ضعيفاً، والزرد يمنع، فأدرك السّلطان مملوكه يازكوج الأمير، فأمسك السكين فجرحته، وما سيبها الباطني حتى بضعوه. ووثب آخر، فوثب عليه الأمير داود بن منكلان، فجرحه الباطني، ثم جاء باطني ثالث، فماسكه الأمير عليّ بن أبي الفوارس، فضمه تحت إبطه، وبقيت يد الباطني من ورائه لا يقدر على الضرب بالسكين، ونادى: اقتلوني معه، فقد قتلني وأذهب قوتي. فطنه ناصر الدّين محمد بن شريكه فقتله، وانهزم آخر فقطعوه، وركب السّلطان إلى مخيمه ودمه سائل على خده، واحتجب في بيت خشب، وعرض الجند، فمن أنكره أبعده. ثم تسلم القلعة بالأمان. وفي سنة ثلاث كسرته الفرنج على الرملة، وفر عندما بقي في نفرٍ يسير. وفي سنة خمس وسبعين كسرهم. وأسر ملوكهم وأبطالهم. وفي سنة ست أمر ببناء قلعة القاهرة على جبل المقطم. وفي سنة ثمانٍ عبر الفرات، وفتح حران، وسروج، والرها، والرقة، والبيرة، وسنجار، ونصيبين، وآمد، وحاصر الموصل، وملك حلب، وعوض عنها سنجار لصاحبها عماد الدّين زنكي الذي بنى العمادية بالموصل. ثم إن صلاح الدّين حاصر الموصل ثانياً وثالثاً، ثم هادنه صاحبها عز الدّين مسعود، ودخل في طاعته ثم تسلم صلاح الدّين البوازيج، وشهرزور، وأنزل أخاه الملك العادل عن قلعة حلب، وسلمها لولده الملك الظاهر، وعمره إحدى عشر سنة. وسير العادل إلى ديار مصر نائباً عنه، وكان بها أبن أخيه تقي الدّين عمر بن شاهنشاه، فغضب حيث عزله، وأراد أن يتوجه إلى المغرب، وكان شهماً شجاعاً، فخاف صلاح الدّين من مغبة أمره، فلاطفه بكل وجهٍ حتى رجع مغضباً وقال: أنا أفتح بسيفي ما أستغني به عما في إيديكم. وتوجه إلى خلاط،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 358 وفيها بكتمر، فالتقى هو وبكتمر، فانكسر بكتمر شر كسره، وسير تقيّ الدّين علمه وفرسه إلى دمشق وأنا بها، وكان يوماً مشهوداً. وفي سنة ثلاث وثمانين فتح صلاح الدّين طبرية، ونازل عسقلان، وكانت وقعة حطين، واجتمع الفرنج، وكانوا أربعين ألفاً، على تل حطين، وسبق المسلمون إلى الماء، وعطش الفرنج،) وأسلموا أنفسهم وأخذوا عن بكرة أبيهم، وأسرت ملوكهم. ثم سار فأخذ عكا، وبيروت، وقلعة كوكب، والسواحل. وسار فأخذ القدس بأمان بعد قتالٍ بشديد. ثم إن قراقوش التركي مملوك تقي الدّين عمر المذكور توجه إلى المغرب لما رجع عنها مولاه، فاستولى على أطراف المغرب، وكسر عسكر تونس، وخطب لبني العباس. وإن ابن عبد المؤمن قصد قراقوش، ففر منه ودخل البرية. ثم دخل إليه مملوك آخر يسمى بوزبه، واتفق، ثم اختلفا ولو، اتفقا مع المايرقي لأخذوا المغرب بأسره. ووصلت خيل الماريقي إلى قريب مراكش، وتهيأ الموحدون للهرب، لكن أرسلوا رجلاً يعرف بعبد الواحد له رأي ودهاء، فقاوم الماريقي بأن أفسد أكثر أصحابه والعرب الذين حوله بالأموال، وكسره مرات، وجرت أمورٌ ليس هذا موضعها. ثم إن الفرنج نازلوا عكا مدةً طويلة، وكانوا أمماً لا يُحصون، وتعب المسلمون، واشتد الأمر. قال: ومدة أيامه لم يختلف عليه أحدٌ من أصحابه، وفُجع الناس بموته. وكان الناس في زمانه يأمنون ظُلمه، ويرجون رفده. وأكثر ما كان عطاؤه يصل إلى الشجعان، وإلى أهل العلم، وأهل البيوتات. ولم يكن لمبطل، ولا لصاحب هزلٍ عنده نصيب. ووجد في خزائنه بعد موته دينار صوري، وثلاثون درهماً. وكان حسن الوفاء بالعهود، حسن المقدرة إذا قدر، كثير الصفح. وإذا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 359 نازل بلداً واشرف على أخذه، ثم طلبوا منه الأمان أمَّنهم، فيتألم جيشه لذلك لفوات حظهم. وقد عاقد الفرنج وهادنهم عندما ضرس عسكره الحرب وملوا. قال القاضي بهاء الدّين بن شداد: قال لي السّلطان في بعض محاوراته في الصلح: أخاف أن أصالح، وما أدري أي شيء يكون مني، فيقوى هذا العدو، وقد بقيت لهم بلادٌ فيخرجون لاستعادة ما في أيدي المسلمين، وترى كل واحدٍ من هؤلاء، يعني أخاه وأولاده وأولاد أخيه، قد قعد في رأس تلةٍ، يعني قلعته، وقال لا أنزل. ويهلك المسلمون. قال ابن شداد: فكان والله كما قال. توفي عن قريبٍ، واشتغل كل واحدٍ من أهل بيته بناحية، ووقع الخُلف بينهم. وبعد، فكان الصلح مصلحة، فلو قُدر موته والحرب قائمةٌ لكان الإسلام على خطر.) ومات رحمه اللَّه قبل الرابع عشر، ووجد الناس عليه شبيهاً بما يجدونه على الأنبياء. وما رأيت ملكاً حزن الناس لموته سواه، لأنه كان محبَّباً، يحبه البرّ والفاجر، والمسلم والكافر. ثم تفرق أولاده وأصحابه أيادي سبأ، ومزقوا في البلاد. قلت: ولقد أجاد في مدحه العماد رحمه الله حيث يقول: (وللناس بالمالك الناصر ال .......... صلاح صلاحٌ ونصرٌ كبيرٌ)

(هو الشمس أفلاكه في البلا .......... دِ ومطلعه وسرجُه والسريرُ)

(إذا ما سطا أو حبا واجتبى .......... فما الليثُ من حاتم ما ثبير) وقد طوَّل القاضي شمس الدّين ترجمته فعملها في تسعٍ وثلاثين ورقة بالقطع الكبير، فمما فيها بالمعنى أن صلاح الدّين قدم به أبوه وهو رضيع، فناب أبوه ببعلبك لما أخذها الأتابك زنكي في سنة ثلاثٍ وثلاثين.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 360 وقيل إنهم خرجوا من تكريت في الليلة التي ولد فيه صلاح الدّين، فتطيروا به، ثم قال بعضهم. لعل فيه الخيرة وأنتم لا تعلمون. ثم خدم نجم الدّين أيوب وولده صلاح الدّين السّلطان نور الدين، وصيرهما أميرين، وكان أسد الدّين شيركوه أخو نجم الدّين أرفع منهما منزلةً عنده، فإنه مقدَّم جيوشه. ووليّ صلاح الدّين وزارة مصر، وهي كالسلطنة في ذلك الوقت، بعد موت عمه أسد الدّين سنة أربع وستين. فلما هلك العاضد في أول سنة سبع، اشتغل بالأمر، مع مُداراة نور الدّين ومراوغته، فإن نور الدّين عزم على قصد مصر ليقيم غيره في نيابته، ثم فتر. ولما مات نور الدّين سار صلاح الدّين إلى دمشق مظهراً أنه يقيم نفسه ارتباكاً لولد نور الدّين لكونه صبياً، فدخلها بلا كلفة، وأستولى على الأمور في سلخ ربيع الأول سنة سبعين. ونزل بالبلد بدار أبيه المعروفة بالشريف العقيقي التي هي اليوم الظاهرية. ثم تسلم القلعة، وصعد إليها، وشال الصبي من الوسط. ثم سار فأخذ حمص، ولم يشتغل بأخذ قلعتها، في جمادى الأولى. ثم نازل حلب في سلخ الشهر، وهي الوقعة الأولى، فجهز السّلطان غازي بن مودود أخاه عز الدّين مسعود في جيش كبير لحربه، فترحل عن حلب، ونزل على قلعة حمص فأخذها. وجاء عز الدّين مسعود، فاخذ معه عسكر حلب، وساق إلى قرون حماه، فراسلهم وراسلوه، وحرص) على الصلح، فأبوا، ورأوا أن المصاف معه ينالون به غرضهم لكثرتهم، فالتقوا، فكانت الهزيمة عليهم، وأسر جماعة. وذلك في تاسع عشر رمضان. ثم ساق وراءهم، ونزل على حلب ثانياً، فصالحوه وأعطوه المعرة، وكفرطاب، وبارين. وجاء صاحب الموصل غازي فحاصر أخاه عماد الدّين زنكي بسنجار، لكونه انتمى إلى صلاح الدّين، ثم صالحه لما بلغ غازي كسرة أخيه مسعود،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 361 ونزل بنصيبين، وجمع العساكر، وأنفق الأموال، وعبر الفرات. وقدم حلب، فخرج إلى تلقيه ابن عمه الصالح بن نور الدين. وأقام على حلب مدة، ثم كانت وقعة تل السلطان، وهي منزلة بين حلب وحماه، وجرت بين صلاح الدّين وبين غازي صاحب الموصل في سنة إحدى وسبعين، فنصر صلاح الدّين، ورجع غازي فعدى الفرات، وأعطى صلاح الدّين لابن أخيه عز الدّين فرخشاه بن شاهنشاه صاحب بعلبك خيمة السّلطان غازي. ثم سار فتسلم منبج وحاصر قلعة عزاز، ثم نازل حلب ثالثاً في آخر السنة، فأقام عليها مدةً، فأخرجوا ابنةً صغيرة لنور الدّين إلى صلاح الدّين، فسألته عزاز، فوهبها لها. ثم دخل الديار المصرية واستعمل على دمشق شمس الدولة تور انشاه، وكان قد جاء من اليمن. وخرج سنة ثلاثٍ من مصر، فالتقى الفرنج على الرملة، فانكسر المسلمون يومئذٍ، وثبت صلاح الدّين، وتحيز بمن معه، ثم دخل مصر ولم شعث العسكر. وتقدم أكثر هذا القول مفرقاً. ونازل حلب في أول سنة تسعٍ، فطلب منه عماد الدّين زنكي بن مودود أن يأخذ ما أراد من القلعة، ويعطيه سنجار، ونصيبيين، وسروج، وغير ذلك. فحلف له صلاح الدّين على ذلك. وكان صلاح الدّين قد أخذ سنجار من أربعة أشهر، وأعطاها لأبن أخيه تقي الدّين عمر، ثم عوضه عنها. ودخل حلب، ورتب بها ولده الملك الظاهر، وجعل أتابكه يازكوج الأسدي. ثم توجه لمحاصرة الكرك. وجاء أخوه العادل من مصر، فحشدت الفرنج، وجاؤوا إلى الكرك نجدةً، فسير صلاح الدّين تقي الدّين عمر يحفظ له مصر. ثم رحل عن الكرك في نصف شعبان. وأعطى أخاه العادل حلب، فدخلها في أواخر رمضان، وقدم الظاهر وأتابكه، فدخلا دمشق في شوال. وقيل أعطاه عوض حلب ثلاثمائة ألف دينار.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 362 ثم إن صلاح الدّين رأى أن عود العادل إلى مصر، وعود الظاهر إلى حلب أصلح. وعوض بعد العادل بحران، والرها، وميافارقين.) وفي شعبان سنة إحدى وثمانين نزل صلاح الدّين على الموصل، وترددت الرسل بينه وبين صاحبها عز الدين. ثم مرض صلاح الدّين، فرجع إلى حران، واشتد مرضه حتى أيسوا منه، وحلفوا لأولاده بأمره، وجعل وصيه عليهم أخاه العادل وكان عنده. ثم عوفي ومر بحمص وقد مات بها ابن عمه ناصر الدّين محمد بن شيركوه، فأقطعها لولده شيركوه. ثم استعرض التركة فأخذ أكثرها. قال عز الدّين ابن الأثير: وكان عمر شيركوه اثنتي عشرة سنة. ثم إنه حضر بعد سنة عند صلاح الدّين، فقال له: أين بلغت في القرآن قال: إلى قوله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً فعجب الحاضرون من ذكائه. وفي سنة اثنتين وثمانين عاد الظاهر فدخل حلب، وزوجه أبوه بغازية بنت أخيه الملك العادل، فدخل بها بحلب في السنة. وفي سنة ثلاثٍ افتتح صلاح الدّين بلاد الفرنج، وقهرهم وأباد خضراءهم، وأسر ملوكهم، وكسرهم على حطين. وافتتح القدس، وعكا، وطبرية، وغير ذلك. وكان قد نذر أن يقتل البرنس أرناط صاحب الكرك، فكان ممن وقع في أسره يومئذٍ، وكان قد جاز به قومٌ من مصر في حال الهدنة، فغدر بهم، فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين، فقال ما فيه أستخفاف بالنبي وقتلهم، فاستحضرهم صلاح الدّين، ثم ناول الملك جفري شربةً من جلاب وثلج، فشرب، وكان في غاية العطش، ثم ناولها البرنس أرناط فشرب. فقال السّلطان للترجمان: قل للملك جفري، أنت الذي سقيته، وإلا أنا فما سقيته.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 363 ثم استحضر البرنس في مجلس آخر وقال: أنا انتصر لمحمد منك. ثم عرض عليه الإسلام، فامتنع فسلَّ النيمجاه، وحلَّ بها كتفه، وتممه بعض الخاصة. وافتتح في هذا العام من الفتوحات ما لم يفتحه ملك قبله، وطار صيته في الدنيا، وهابته الملوك. ثم وقع المأتم والنَّوح في جزائر الفرنج، وإلى رومية العظمى، ونودي بالنفير إلى نصرة الصليب، فأُتي السّلطان من عساكر الفرنج ما لا قبله به، وأحاطوا بعكا يحاصرونها، فسار السّلطان إليها ليكشف عنها، فعيل صبره، وبذل فوق طاقته، وجرت له أمورٌ وحروبٌ قد ذكرتها في الحوادث. وبقي مرابطاً عليه نحواً من سنتين، فالله يُثيبه الجنة برحمته. وكتب القاضي الفاضل بطاقة إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب: لقد كان لكم في رسول اللَّه) أسوة حَسَنَةٌ، إنَّ زلزلة الساعة شيٌ عظيم. كتبتُ إلى مولانا السّلطان الملك الظاهر أحسن اللَّه عزاءه، وجبر مُصابه، وجعل فيه الخَلف في الساعة المذكورة، وقد زُلزل المسلمون زلزالاً شديداً وقد حفرت الدموعُ المحاجر، وبلغت القلوب الحناجر. وقد دعت أباك ومخدومي وداعاً لا تلاقي بعده، وقبلت وجهه عني وعنك، وأسلمته إلى اللَّه تعالى، مغلوب الحيلة، ضعيف القوة، راضياً عن اللَّه، ولا قوة إلا بالله، وبالباب من الجنود المجندة، والأسلحة المعتمدة، ما لم يدفع البلاء ولا ما يرد القضاء، تدمع العين، ويخشع القلب، ولا نقول إلا ما يُرضي الرب، وإنا بك يا يوسف لمحزونون. وأمّا الوصايا

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 364 فما تحتاج إليها، والآراء فقد شغلني المُصاب عنها، وأما لائح الأمر فإنه إن وقع اتفاقٌ فما عدمتم إلا شخصه الكريم، وإن كان غيره فالمصائب المستقبلية أهونها موته، وهو الهولُ العظيم وقد كتب إلى صلاح الدّين ابن التعاويذيّ يمتدحه: (إن كان دينك في الصبابة ديني .......... فقف المطي برملتي يبرينِ)

(وألثم ثرى لو شارفت بي هضبة .......... أيدي المطي لثمته بجفوني)

(وأنشد فؤآدي في الظباء معرضاً .......... فبغير غزلان الصريم جنوني)

(ونشيدتي بين الخيام، وإنما .......... غالطتُ عنها بالظباءِ العينِ)

(لله ما اشتملتْ عليه قبابُهم .......... يوم النوى من لؤلؤٍ مكنونِ)

(من كل تائهةٍ على أترابها .......... في الحسن غانية عن التحسين)

(خودٍ ترى قمرَ السماء إذا بدت .......... ما بين سالفةٍ لها وجبين)

(يا سَلمَ إن ضاعت عهودي عندكم .......... فأنا الذي استودعتُ غيرَ أمين)

(هيهات ما للبيض في ودّ امريءٍ .......... أربٌ وقد أربى على الخمسين)

(ليت الضنين على المحبّ بوصلهِ .......... لقن السماحة من صلاح الدّين) ولعلم الدّين حَسن الشاتاني فيه قصيدةٌ مطلعها: (أرى النصرَ مقروناً برايتك الصَّفرا .......... فسر واملك الدنيا فأنت بها أحرى) وللمهذب عمر بن محمد ابن الشحنة الموصلي قصيدةٌ فيه مطلعها: (سلامُ مشوقٍ قد براه التشوُّقُ .......... على جيرة الحي الذين تفرقوا) ) منها: (وإني امرؤٌ أحببتكم لمكارم .......... سمعتُ بها والأذن كالعين تعشقُ)

(وقالت لي الآمال: إن كنت لاحقاً .......... بأبناء أيوب فأنت الموفقُ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 365 وللقاضي السعيد هبة اللَّه بن سنا الملك فيه: (لستُ أدري بأي فتحٍ تُهنّا .......... يا مُنيل الإسلام ما قد تمنى)

(أنهنيك إذ تملكت شاما .......... أم نهنيك إذ تبوأت عدنا)

(قد ملكت الجنان قصراً فقصراً .......... إذ فتحت الشامَ حصناً فحصنا)

(لم تقف قطُّ في المعارك إلاّ .......... كنت يا يوسف كيوسف حُسنا)

(قصدت نحوكَ الأعادي، فردّ .......... اللَّه ما أملوه عنك وعنّا)

(حملوا كالجبال عُظماً ولكن .......... جعلتها حملاتُ خيلك عِهنا)

(كل من يجعل الحديدَ له ثوباً .......... وتاجاً طيلساناً ورُدنا)

(خانهم ذلك السلاح فلا الرمحُ .......... تثنى، ولا المهند طنّا)

(وتولت تلك الخيولُ وكم يُثنى .......... عليها بأنها ليس تُثنى)

(وتصيدتهم لحلقة صيدٍ .......... تجمع الليثَ والغزال الأغنّا)

(وجرت منهم الدماء بِحاراً .......... فجرت فوقها الجزائرُ سفنا)

(صنعت فيهم وليمةُ وحشٍ .......... رقص المشرفي فيها وغنى)

(وحوى الأسرُ كلّ ملك يظنّ .......... الدهر يفنى وملكه ليس يفنى)

(والملكُ العظيمُ فيهم أسيرٌ .......... يتثنى في أدهمٍ يتثنى)

(كم تمنى اللقاء حتى رآهُ .......... فتمنى له أنه ما تمنى)

(رقّ من رحمةٍ له القيدُ والغلّ .......... عليه فكُلما أنَّ أنّا)

(واللعين البرنس أرناط مذبوحٌ .......... بيمنى من باب للدين يُمنى)

(أنت ذكَّيته فوفيت نذراً .......... كنت قدَّمتهُ فجوزيت حُسنا)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 366 (قد ملكت البلاد شرقاً وغرباً .......... وحويتَ الآفاق سهلاً وحَزنا)

(واغتدى الوصفُ في عُلاك حسيراً .......... أيُّ لفظٍ يقال أو أيُّ معنى) فمن فتوحاته: افتتح أولاً الإسكندرية سنة أربعٍ وستين، وقاتل معه أهلها لما حاصرهم الفرنج) أربعة أشهر، ثم كشف عنه عمه أسد الدّين شيركوه، وفارقاها وقدما الشام. ثم تملك وزارة العاضد بعد عمه شيركوه سنة أربع وستين، وقتل شاور، وحارب السودان واستتب له أمر ديار مصر، فأعاد بها الخطبة العباسية، وأباد بني عُبيد، وعبيدهم. ثم تملَّك دمشق بعد نور الدين، ثم حمص، وحماه، ثم حلب، وآمد، وميافارقين، وعدة بلاد بالجزيرة، وديار بكر. وأرسل أخاه فافتتح له اليمن. وسار بعض عسكره فافتتح له بعض بلاد إفريقية. ثم لم يزل أمره في ارتقاء، وملكه في ارتفاع، إلى أن كسر الفرنج نوبة حطين، وأسر ملوكهم. ثم افتتح طبرية، وعكا، وبيروت، وصيدا، ونابلس، والناصرة، وقيسارية، وصفورية، والشَّقيف، والطُّور، وحيفا، ومعليا، والفولة، وغيرها من البلاد المجاورة لعكا، وسبسطية التي يُقال لها قبر زكريا، وتبنين، وجُبيل، وعسقلان، وغزة، وبيت المقدس. ثم نازل صور مدة أشهر، فلم يقدر عليها وترحل عنها، وافتتح هونين، وكوكب، وأنطرسوس، وجبلة، وبكسرائيل، واللاذقية، وصهيون، وقلعة العيذو، وقلعة الجماهرية، وبلاطنُس، والشَّغر، وبكاس، وسرمانية، وبرزُية، ودربساك، وبغراس، وكانا كالجناحين لأنطاكية. ثم عقد هدنة مع إبرنس إنطاكية، ثم افتتح الكرك، والشوبك، وصفد، والشقيف المنسوب إلى أرنون.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 367 وحضر مصافاتٍ عدة ذُكرت سائرها في الحوادث، رحمه اللَّه تعالى وأسكنه جنته بفضله. 4 (مواليد السنة) وفي سنة تسعٍ ولد: تقي الدّين إسماعيل بن أبي اليُسر، والكمال عبد العزيز بن عبد، والتاج مظفر بن عبد الكريم الحنبلي، والشهاب محمد بن يعقوب بن أبي الدنية، والزين أحمد بن أبي الخير سلامة، والنجيب محاسن بن الحسن السُّلمي، والزكي إسرائيل بن شقير، والعلامة عز الدّين عبد الرزاق بن رزق اللَّه الرسعنيّ،) وسعد اللَّه بن أبي الفضل التنوخيّ البزاز، والشيخ زين الدّين الزواويّ، وعبد الرحمن بن أحمد بن ناصر بن طغان الطّريفيّ، والجمال محمد بن عبد الحق بن خلف، وإمام الدّين محمد بن عمر بن الحسن الفارسيّ، وقاضي القُضاة صدر الدّين أحمد بن سنيّ الدولة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 368 4 (وفيات سنة تسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إسماعيل بن يوسف.) أبو الخير الطالقاني القزويني، الفقيه الشافعي، الواعظ، رضي الدين، أحد الأعلام. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بقزوين. وتفقه على الفقيه أبي بكر بن أبي ملكداذ بن عليّ العمركي، ثم ارتحل إلى نيسابور.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 369 وتفقه على محمد بن يحيى الفقيه حتى برع في المذهب. وسمع الكثير من: أبيه، ومن: أبي الحسن بن عليّ الشافعي القزويني، وأبي عبد اللَّه محمد بن الفضل الُراوي، وزاهر الشحامي، وعبد المنعم بن القشيري، وعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي، وعبد الجبار الخواري، وهبة اللَّه بن سهل السيدي، وأبي نصر محمد بن عبد اللَّه الأرغياني، ووجيه بن طاهر. وسمع بالطَّابران من: محمد بن المنتصر المتُّوثي: وببغداد من: أبي الفتح بن البطي. ودرس ببلده مدةً، ثم درس ببغداد في سنة بضعٍ وخمسين ووعظ، وخلع عليه، وعاد إلى بلده، ثم قدمها قبل السبعين وخمسمائة. ودرّس بالنظامية. قال ابن النجار: كان رئيس أصحاب الشافعي، وكان إماماً في المذهب، والخلاف، والأصول، والتفسير، والوعظ. حدَّث بالكتب الكبار ك صحيح مسلم، مُسند إسحاق، وتاريخ نيسابور للحاكم، و السنن الكبير للبيهقي و دلائل النبوة و البعث والنشور له أيضاً. وأملى عدة مجالس، ووعظ، ونَفَق كلامه على الناس، وأقبلوا عليه لحسن سمته، وحلاوة منطقه، وكثرة محفوظاته.) ثم قدم ثانياً، وعقد مجلس الوعظ، وصارت وجوه الدولة ملتفتة إليه، وكثُر التعصب له من الأمراء والخواص، وأحبه العوام. وكان يجلس بالنظامية، وبجامع القصر، ويحضر مجلسه أممٌ. ثم ولي تدريس النظامية سنة تسعٍ وستين، وبقي مدرّسها إلى سنة ثمانين وخمسمائة، ثم عاد إلى بلده.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 370 وكان كثير العبادة والصلاة، دائم الذكر، قليل المأكل. وكان مجلسه كثير الخير، مشتملاً على التفسير، والحديث، والتفقه، وحكايات الصالحين من غير سجعٍ، ولا تزويق عبارةٍ ولا شعر. وهو ثقة في روايته. وقيل إنه كان له في كل يومٍ ختمةٌ مع دوام الصوم. وقيل إنه يُفطر على قرص واحد. وقال ابن الدبيثي: أملي عدة مجالس، وكان مقبلاً على الخير، كثير الصلاة، له يدٌ باسطةٌ في النظر، واطلاع على العلوم، ومعرفة بالحديث. وكان جماعةً للفنون، رحمه اللَّه. رجع إلى بلده سنة ثمانين، فأقام بها مشتغلاً بالعبادة إلى أن توفي في محرم سنة تسعين. وقال الحافظ عبد العظيم: حكى عنه غيرُ واحدٍ أنه كان لا يزال لسانه رطباً من ذِكر اللَّه. توفي في الثالث والعشرين من المحرم. وأنبأني ابن البزُوري أنه أوَّل من تكلم بالوعظ بباب بدر الشريف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 371 قلت: هو مكان كان يحضر فيه وعظه الإمام المستضيء من وراء حجاب، وتحضر الخلائق، فكان يعظ فيه القزويني مرةً، وابن الجوزي مرةً. وقد روى عنه مسند إسحاق بن راهويه أبو البقاء لإسماعيل بن محمد المؤدب البغدادي. وروى عنه: ابن الدُّبيثي، ومحمد بن عليّ بن أبي سهل الواسطي، والموفق عبد اللطيف بن يوسف، وبالغ في الثناء عليه، وقال: كان يعمل في اليوم والليلة، ما يعجز المجتهد عن عمله في شهر، ولما ظهر التشيُّع في زمان ابن الصاحب التمس العامة منه يوم عاشوراء على المنبر أن يلعن يزيد فامتنع، ووثبوا عليه بالقتل مرات، فلم يُرع، ولا زَلَّ له لسانٌ ولا قدم، وخلص سليماً. وسافر إلى قزوين. قال: وفي أيام مجد الدّين ابن الصاحب صارت بغداد بالكرخ، وجماعةٌ من الحنابلة تشيعوا، حتى إن ابن الجوزي صار يسجع ويُلغِز، إلا رضي الدّين القزويني، فإنه تصلّب في دينه وتشدد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 372 قلت ورخه في هذه السنة ابن الدبيثي، والزكي المنذري. وورَّخه ابن النجار سنة تسع وثمانين في المحرم، ورواه عن ولده أبي المناقب محمد بن أحمد رحمه اللَّه. 4 (أحمد بن عبد اللَّه.) أبو العباس الشافعي، الواعظ، فخر الدّين بن فويرة. قدِم دمشق ووعظ بها، وبمصر. وحصل له قبولٌ تامٌّ. وكان حُلو الإيراد. توفي في شوال. 4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن علي.) أبو بكر الإصبهاني، الجورتاني، الحنبلي الحمامي. سمع من: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وغيره. وتُوفي قبل والده بأيامٍ أو بأشهر.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 373 4 (أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي.) أبو العباس بن المأمون الهاشمي العباسي، المأموني. نقيب العباسيين. ببغداد، ويعرف بابن الزّوال. توفي ببغداد في صفر وله سماعٌ نازلٌ من أبي بكر محمد بن ذكر الإصبهاني. 4 (إبراهيم بن عبد اللَّه بن إبراهيم بن يعقوب بن أحمد.) أبو اسحاق الأنصاري، البلنسي، المحدث، نزيل الإسكندرية، يُعرف بابن الجمش. رحل وحجَّ واستوطن الإسكندرية، فأكثر الكتبة عن: السلفي، وبدر الحبشي، وأبي طاهر بن عوف. وخُّطهُ كيِّس مغربي، رفيع. نسخ شيئاً كثيراً، وزهد فيما بعد وتنسك، وأقبل على شأنه. وكان يُنفق في الشهر أقل من درهمين يتقنّع بها. وكان حافظاً، فهماً، متيقظاً. توفي في آخر السنة في ذي الحجة، وقيل في السابع والعشرين من ذي العقدة. 4 (إبراهيم بن مسعود بن حسان.) أبو اسحاق الضرير، الرصافي، النحوي المعروف بالوجيه الذكي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 374 أخذ العربية عن مُصدق بن شبيب النحوي.) وتوفي شاباً في جمادى الأولى. وكان قد برع في الأدب. 4 (حرف التاء)

4 (تميم بن سلمان بن معالي.) أبو كامل العبادي، الربعي، ربيعة الفرس، الأزجي. حدث عن: أبي الكرم الشهرزوري. روى عنه: تميم البندنيجيّ، وابن خليل. 4 (حرف الجيم) جاكير الزاهد. أحد شيوخ العراق. كان كبير القدر، صاحب أحوال، وكرامات، واتباع، وسُنّة، وعبادة، وله أصحاب مشهورون فيهم دين وتعبُّد. بلغني أنه صحب الشيخ عليّ الهيتي. وتوفي في هذا العام أو بعده بسنة رحمه اللَّه. وذكر لي الشيخ شُعيب التركماني أحد من اختُصي وخدم بيت الشيخ في صباه، أن اسم الشيخ جاكير محمد بن دشم الكردي الحنبلي، وأنه لم يتزوج، ثم ذكر لي عنه كرامات، وأن زاويته وضريحه بقرية راذان، وهي على بريدٍ من سامرا. وأن أخاه الشيخ قعد في السجد بعده، ثم بعده ابنه الغَرس.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 375 ثم وُلي المشيخة بعد الغرس ولده محمد، ثم ولده الآخر أحمد. ثم جلس في المسجد بعد أحمد ابنه عليّ بن أحمد، وهو حيٌّ، وفيه مخالطة للتتار، مخلِّطٌ على نفسه، كثير الخباط، وقد ابيض رأسه ولحيته وهو في آخر الكهولة. 4 (حرف الحاء)

4 (حازم بن عليّ بن هبة اللَّه.) أبو القاسم ابن الكناني، الواسطي، المعروف بابن أبي الدّبس. سمع: أبا عليّ الفارقي، وابن شيراز. وببغداد من: إسماعيل بن السمرقندي.) وقرأ على سبط الخياط. سمع منه: ابن الدُّبيثي، وقال: مات بواسط في ربيع الأول سنة تسعين. 4 (حرف الزاي)

4 (زكريا بن عمر بن أحمد.) أبو الوليد الأنصاري، الخزرجي، القرطبي. روى عن: أبي الحسن بن موهب، وأبي القاسم بن ورد، وأبي بكر بن العربي، وغيرهم بالإجازة. 4 (حرف السين)

4 (سلامة بن عبد الباقي بن سلامة.) العلاّمة أبو الخير الأنباري النحوي المقرىء الضرير، نزيل مصر، والمتصدر بجامع عمرو.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 376 له تصانيف شرح المقامات. وروى عن: أبي الكرم السروري، وسعد الخير. وعنه: عبد الوهاب بن وردان. ولد سنة ثلاثٍ وخمسمائة. ومات رحمه اللَّه في ذي الحجة عن ثمانٍ وثمانين سنة. 4 (سلمان بن يوسف بن عليّ بن الحسن.) أبو نصر وأبو محمد البغدادي، الطحان، النُّعيمي، البزاز، المعروف جدهم بابن صاحب الذُهيبة. ولد سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي السعود أحمد بن المجلي، وأبي بكر الأنصاري. أخذ عنه: عمر بن عليّ القُرشي، ومحمد بن مشق، ويوسف بن خليل، وآخرون. وقد حدَّث هو وأبوه، وجده، وجدُّ أبيه. وكان يسكن بسكة النُّعيمية، محلة ببغداد. وتوفي في الثاني والعشرين من ربيع الآخر. 4 (حرف الطاء)

4 (طُغريل شاه بن أرسلان شاه ين طُغريل بن محمد بن ملكشاه.) )

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 377 السّلطان، آخر الملوك السلجوقية سوى صاحب الروم. وطغريل هذا هو الذي خرج على الخليفة الناصر لدين اللَّه، وخافه أهل بغداد، فسار وزير الخليفة ابن يونس في جيش بغداد فالتقاه بأرض همذان، فانهزم جيش الخليفة، وأُسر الوزير، كما ذكرنا في الحوادث. ثم إن خُوارزم شاه كاتب الخليفة وطلب منه أن يُسلطنه ويقلده، ففعل. وسار خُارزم شاه بعساكره، وقصد طغريل، فكان المصاف بينهما على الري، فقتل طغريل، وقطع رأسه، وبُعث به إلى بغداد، فدخلوا به على رمحٍ، وكوساته مشقَّقة، وسنجقه منكَّس. وكان من أحسن الناس صورة، فيه إقدام وشجاعة زائدة. وكان عدد الملوك السلجوقية نيفاً مضرين ملكاً، أولهم طغرلبك الذي أعاد القائم إلى بغداد، وقطع دعوة بني عُبيد بعد أن خُطب لهم مدة أشهر، وآخرهم هذا. ومدة دولتهم مائة وستون سنة. ويُقال طغرل بحذف الياء، والله أعلم. ومن أخباره أنه أُقيم في السلطنة بعد موت والده، وكان أتابكه البهلوان هو الكل، فمات، وكبر طغريل، فالتفت عليه الأمراء، وكلب السلطنة من الخليفة، وأن يأتي إلى بغداد كآبائه، ويأمر وينهي. ثم آل أمره إلى أن ظفر به قُزل أخو البلهوان وسجنه ثم خلص، وعاث في البلاد، وتملك همذان، وغيرها. وكان خوارزم شاه قد سار إلى الري، واستولى عليها ورجع إلى بلاده، فقصدها طُغريل في أول هذه السنة وأغار عليها، فجمع خوارزم شاه جيوشه، وسار إليه وانضم إليه قُتُلغ إينانج ولد البلهوان ابن الدكز، فلما سمع طُغريل بقدومهما كانت له عساكر متفرقة، فلم يقف لجمعها، فقيل له: هذا ما هو مصلحة، والأولى أن يجمع العساكر. فما التفت لفرط شجاعته، والتقاهم

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 378 وحمل بنفسه، وشق العساكر، فأحاطوا به، ورموه عن جواده، وقُتل في الرابع والعشرين من ربيع الأول. وملك الخُوارزمي تلك البلاد، واستناب عليها قُتُلغ، وأقطع كثيراً منها للممالكيه. 4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن سُفيان.) ) التجيبي، الشاطبي، التونكي. سمع: أبا الوليد بن الدباغ، وابن هذيل، وابن النعمة، وخلقاً سواهم. وأتقن الفقه والعربية. وكان فصيحاً، بليغاً، مفوهاً، له النظم والنثر. ولي قضاء لورقة. وحدَّث عنه: أبو عيسى بن أبي السداد، وأبو الربيع بن سالم الكلاعي. قال الأبار: توفي في حدود التسعين وخمسمائة. 4 (عبد اللَّه بن أبي المعالي المبارك بن هبة اللَّه بن سلمان.) أبو جعفر بن الصباغ، البغدادي، الشمعي، المعروف أبوه بابن سُكرة. سمعه أبوه من القاضي: أبي بكر، ويحيى بن الطرّاح، وأبي منصور محمد بن خيرون، وأبي عبد اللَّه السلاّل، وجماعة كثيرة. ولأبيه رواية عن أبي طالب بن يوسف. روى عن عبد اللَّه: تميم البندنيجي، ويوسف بن خليل. 4 (عبد الحميد بن أبي المكارم عبد المجيد بن محمد بن أبي الرجاء الكوسج.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 379 أبو بكر التميمي، الإصبهاني. ولد سنة أربع وخمسمائة. وسمع إسماعيل السراج. وأجاز له أبو عليّ الحداد، وأبو طالب بن يوسف. وتوفي في شوال. قاله المهذَب بن زينة. 4 (عبد الخالق بن فيروز بن عبد اللَّه بن عبد الملك بن داود.) أبو المظفر الجوهري، الواعظ، الهمذاني الأصل، البغدادي. قال ابن النجار: كذا رأيت نسبه بخطه. سمع بخُراسان، وإصبهان، وبغداد. ودخل الشام. وسكن مصر، وحدَّث بها ووعظ. وذكر أنه سمع من: أبي عبد اللَّه الفراويّ، وأبي القاسم الشحامي، وإسماعيل القاريء، وأبي بكر الأنصاري، ويحيى بن البنا، والأرموي، وابن ناصر. وبإصبهان من: أبي الخير الباغبان، وجماعة.) وخرج لنفسه عنهم جزءاً سمعه منه الحافظ بن المفضل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 380 قال: ولم يكن موثوقاً به. ولإخوته سماع من بعض هؤلاء، فلعله وثب على سماعهم. ولد سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة. قلت: روى عنه أبو الحسن السخاوي، ومحمد بن جبريل الصوفي، وأحمد بن محمد الأبرقوهي الهمذاني، والضياء محمد، وابن عبد الدائم، وإبراهيم بن محمود الضرير، وآخرون. وتوفي بعد المحرم، فإنه أجاز فيه لبعضهم. وقرأ عليه في هذه السنة جزء الأنصاري الحافظ عبد الغني. وقال الضياء: تكلموا في سماع لجزء الأنصاري. 4 (عبد الرحمن بن عبد الواحد بن أبي طاهر محمد بن المسلم بن الحسن بن الهلال.) أبو عليّ الأزدي، الدمشقي، العادل. شيخ جليل من رؤساء دمشق. سمع من: أبيه أبي المكارم. وتوفي في ذي القعدة عن ثمانٍ وستين سنة. وروى أيضاً عن أبي الدار ياقوت. روى عنه: يوسف بن الخليل، وغيره. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن أبي طالب عبد القادر بن محمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 381 أبو الفرج اليوسفي، البغدادي. أجاز له جده، وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وابن الطبر، وقاضي المرستان. وهو من بيت الحديث والإسناد. ولد سنة ست عشرة. وتوفي في مستهل جمادى الأولى. روى عنه: أبن الخليل. 4 (عبد الزاق بن النفيس بن الحسين.) الفقيه أبو شجاع الواسطي، الخرزي. المعروف بابن الخيمي. توفي في شوال بواسط. سمع من: أبي الوقت، وغيره.) 4 (عبد السلام بن أحمد بن علي.) أبو أحمد البصري، الكواز. حدث بواسط عن: أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد أبي أخي طلحة الشاهد البصري. توفي في ربيع الآخر. عبد الملك بن نصر اللَّه بن جهبل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 382 الفقيه أبو الحسين الحلبي الشافعي، الزاهد العابد. مدرس الزجاجية بحلب. حدث بغداد لما حج ابن ياسر الجياني. توفي في جمادى الآخرة. 4 (عبد الوهاب بن عليّ بن الخضر بن عبد اللَّه بن علي.) العدل أبو محمد القرشي، الأسدي، الزبيري، الدمشقي، الشروطي، ويعرف بالحبقبق. أخو القاضي أبي المحاسن عمر بن عليّ الحافظ. نزيل بغداد ووالد كريمة، وصفية. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع أبا الحسن بن المسلم السلمي، وأبا الفتح نصر اللَّه المصيصي، وأبا الدر ياقوت التاجر، وأبا يعلى بن الحبوبي، وخلقاً سواهم. روى عنه: أخوه أبو المحاسن، وولداه عليّ وكريمة، وأبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن خليل، وآخرون. وتوفي في ثالث صفر، رحمه اللَّه. 4 (عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن.) أبو أحمد المقدسي، الجماعيلي، والد الشمس أحمد، المعروف بالبخاري، والضياء محمد الحافظ. ولد سنة ثلاثين، أو إحدى وثلاثين وخمسمائة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 383 وسمع ببغداد من: سعد اللَّه بن نجا بن الفراوي، وأبي الحسين عبد الحق. وحدَّث. ولم يرو عنه أبنه. روى عنه: عبد الرحمن بن سلامة المقدسي، ومحمد بن طرخان. وروى ابنه عنهما عنه. وقال ابنه الضياء: قتل مظلوماً في تاسع شعبان، رحمه اللَّه تعالى. 4 (علي بن بختيار.) ) أبو الحسن البغدادي، الكاتب. تنقل في الخدم إلى أن ولي أستاذ دارية الخلافة مديدة، ثم عزل فلزم بيته. وتوفي في خامس وعشرين شوال. ودفن إلى جانب رباطه. 4 (علي بن يحيى بن إسماعيل.) أبو المكارم البغدادي الكاتب. له إجازات عالية. روى بالإجازة عن: أبي سعد محمد بن محمد المطرز، وهو آخر من حدث عنه، وغانم بن أبي نصر البرجي، وأبي عليّ الحداد، وجماعة. روى عنه: يوسف بن خليل، وغيره. ومولده بعد الخمسمائة. وتوفي في ذي الحجة. 4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 384 أبو محمد وأبو القاسم الرعيني، الأندلسي الشاطبي، الضرير، المقرىء. احد الأعلام، من جعل كنيته أبا القاسم لم يجعل له إسماً سواها. وكذلك فعل أبو الحسن السخاوي. والأصح أن اسمه القاسم وكنيته أبو محمد، كذا سماه جماعة كثيرة. وذكره ابن الصلاح في طبقات الشافعية. ولد في آخر سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة، وقرأ القراءآت بشاطبة على أبي عبد اللَّه بن محمد بن عليّ بن أبي العاص المقرىء النفري المعروف بابن اللايه، وارتحل إلى بلنسية فقرأ القرآن، وعرض التفسير حفظاً على أبي الحسن بن هذيل. وسمع منه، ومن: أبي الحسن بن النعمة، وأبي عبد اللَّه بن سعادة، وأبي محمد بن عاشر، وأبي عبد اللَّه بن عبد الرحيم، وأبي محمد عليم بن عبد العزيز، وأبي عبد اللَّه بن حميد. وارتحل ليحج، فسمع من: أبي طاهر السلفي، وغيره. وكان إماماً علاّمة، نبيلاً، محققاً، ذكياً، واسع المحفوظ، كثير الفنون، بارعاً في القراءآت وعللها، حافظاً للحديث، كثير العناية به، أستاذاً في

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 385 العربية. وقصيدتاه في القراءآت والرسم مما يدل على تبحره. وقد سار بهما الركبان، وخضع لهما فحول الشعراء، وحُذّاق القراء، وأعيان) البلغاء. ولقد سهل بهما الصعب من تحصيل الفن، وحفظهما خلقٌ كثير. وقد قرأتهما على أصحاب أصحابه. وكان إماماً قُدوة، زاهداً، عابداً، قانتاً، منقبضاً، مهيباً، كبير الشأن. استوطن القاهرة، وتصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية، وانتفع به الخلق. وكان يتوقّد ذكاءً. روى عنه: أبو الحسن بن خيرة ووصفه من قوة الحفظ بأمر معجب. وروى عنه أيضاً: أبو عبد اللَّه محمد بن يحيى الجنجالي، وأبو بكر بن وضاح، وأبو الحسن عليّ بن هبة اللَّه بن الجُميزي، وأبو محمد عبد اللَّه بن عبد الوارث المعروف بابن فار اللبن، وهو آخر من روى عنه. وقرأ عليه القراءآت: أبو موسى عيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن سعد الشافعي، وأبو الحسن عليّ بن محمد السخاوي، وأبو عبد اللَّه محمد بن عمر القُرطبي، والزين أبو عبد اللَّه محمد المقرىء الكردي، والسديد أبو القاسم عيسى بن مكي العامري، والكمال عليّ بن شجاع العباسي، الضرير، وآخرون. فحكى الإمام أبو شامة أن أبا الحسن السخاوي أخبره أن سبب انتقال الشاطبي من شاطبة إلى مصر، أنه أريد على أن يُولى الخطابة بشاطبة، فاحتج بأنه قد وجب عليه الحج، وأنه عازمٌ عليه، وتركها ولم يعد إليها تورعاً، لما كانوا يُلزمون به الخطباء من ذكرهم على المنابر بأوصافٍ لم يرها سائغةً شرعاً، وصبرَ على فقرٍ شديد. وسمع بالثغر من السلفي، ثم قدم القاهرة، فطلبه القاضي الفاضل

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 386 للإقراء بمدرسته، فأجاب بعد شروطٍ اشترطها. وقد زار البيت المقدس قبل موته بثلاثة أعوام، وصام به شهر رمضان. قال السخاوي: أقطعُ بأنه كان مكاشفاً، وأنه سأل اللَّه تعالى كفاف حاله ماكان أحدٌ يعلم أيَّ شيءٍ هو. قال الأبار في تاريخه: تصدَّر للإقراء بمصر، فعظم شأنه، وبعُد صيته، وانتهت إليه الرئاسة في الإقراء. ثم قال: وقفتُ على نسخةٍ من إجازته، وحدَّث فيها القراءآت عن ابن اللايُه، عن أبي عبد اللَّه بن سعيد. ولم يحدث عن ابن هذيل.) قال: وتوفي بمصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة. قرأت على أبي الحسين اليونيني ببعلبك: أخبرك أبو الحسن بن الجميزي، أنا أبو القاسم الرعيني، أنا أبن هذيل، أنا أبو داود سليمان بن نجاح، أنا أبو عمر ابن عبد البر، أنا سعيد بن نصر: ثنا قاسم بن أصبغ، نا محمد بن وضاح، نا يحيى بن يحيى، ثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جده قال: بايعنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر، والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحق حيث ما كنا، لا نخاف في اللَّه لومة لائم. أخرجه البخاري. ومن شعره: (قلْ للأميرِ نصيحةً .......... لا تركننَّ إلى فقيهِ)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 387 (إن الفقيه إذ أتى .......... أبوا بكُم لاخيَر فيه)

4 (قيترمش المستنجدي) أبو سعيد. أحد الأمراء الكبار. ولي شحنكية بغداد فهذ بها وقمع المفسدين. ثم أعطى دقوقا، فمرض بها، فجيء به إلى بغداد، فمات بظاهرها. فكتم أصحابه موته وأدخلوه، ثم أشاعوا موته، وحضره الأمراء وأرباب الدولة. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد.) أبو عبد اللَّه بن عروس الغرناطي، السلمي، سمع من: أبي الحسن بن الباذش، وأبي عبد اللَّه الموالشي، وأبي بكر بن الخلوف وقرأ عليه القراءات. وسمع من أبي بكر بن العربي أيضاً. وتصدر للإقراء ببلده، وإسماع الحديث. وولي الخطابة. وكان من أهل التجويد، والثقة، والضبط، والصلاح. أخذ الناس عنه كثيراً. وتوفي في منتصف رجب. وكان مولده في سنة تسعٍ وخمسمائة أو في حدودها. 4 (محمد بن احمد بن حامد.) أبو البركات ابن الصائغ الحربي العامل.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 388 سمع بإفادة مؤدبه أبي البقاء محمد بن طبرزد من: عليّ بن طراد، وأبي منصور بن خيرون،) وجماعة. روى عنه: أحمد بن محمد بن طلحة، وغيرها. ومات في شوال. 4 (محمد بن أحمد بن عليّ بن محمد.) أبو عبد اللَّه الأصبهاني، الجورتاني، الحمامي، الأديب، المعروف بالمصلح. ولد في سنة خمسمائة. وسمع من أبي عليّ الحداد، وأبي نهشل عبد الصمد بن أحمد العنبري، وسعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وغيرهم. وحج سنة تسع وستين، فحدَّث ببغداد، وأخذ عنه عمر بن عليّ القرشي، والكبار، وعاد إلى إصبهان، وبقي إلى هذا الوقت. توفي في حادي عشر ربيع الآخر. وكان فقيهاً حنبلياً، أديباً، ذا زهد وعبادة، يختم كل يومٍ ختمة. 4 (محمد بت إبراهيم بن خلف.) أبو عبد اللَّه بن الفخار المعافري، ولزمه واختص به، وأبا جعفر البطروجي،

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 389 وأبا عبد اللَّه بن الأحمر، وأبا الحسن شريحاً، وأبا مروان بن مسرة، ومحمد بن محمد بن عبد الرحمن القرشي، وجماعة. قال أبو عبد اللَّه الأبار: كان صدراً في الحفظ، مقدماً، معروفاً، يسرد المتون والأسانيد، مع معرفةٍ بالرجال، ذكر للغريب. سمع منه. وحدث عنه أئمّة. وسمعت أبو سليمان بن حوط اللَّه يقول عنه: إنه حفظ في شبيبته سنن أبي داود السجستاني. وأما في مدة لقائي إياه، فكان يذكر صحيح مسلم، أو أكثره. قال الأبار: وذكر أبو جعفر بن عميرة أنه كان يحفظ صحيح مسلم، وكان موصوفاً بالورع والفضل، مسلماً له في جلالة القدر، ومتانة العدالة، استدعي إلى حضرة السّلطان بمراكش، ليسمع عليه بها، فتوفي هناك في شعبان. قلت: وولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. 4 (محمد بن الحسن بن محمد بن زرقان.) ) الفقيه أبو عبد اللَّه الشافعي. تلميذ أبي الحسن بن الخل. وقد أعاد لأبي طالب المبارك بن المبارك الكرخي. وشهد عند قاضي القضاء أبي طالب عليّ بن البخاري، وناب عنه في القضاء. وسمع من: أبي الوقت، وغيره. وتوفي رحمة اللَّه بنواحي خلاط في هذه السنة تقريباً. 4 (محمد بن عبد اللَّه بن عبد الرحيم.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 390 صدر الدّين أبو بكر المراغي قاضي مراغة. كان من أعيان أهل بلده فضلاً وتقدماً. قدم بغداد، وسمع بها من: أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري، وغيره. ثم قدم بغداد سنة سبعٍ وسبعين حاجاً. وكان كثير المال والجاه والحشمة. وله اّثار حسنة من البر، لكنه كان يلبس الحرير والذهب، اللَّه يسامحه المسكين. توفي بمراغة، ونقل إلى مدينة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم، فدفن برباط أنشأه بها. 4 (محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن أبي زاهر.) أبو عبد اللَّه البلنسي، الخطيب. قرأ القراءآت على ابن هذيل، وسمع منه، ومن ابن نعمة. وكان من أهل الصلاح الكامل، والورع التام. أقرأ القرآن طول عمره. وسمع منه: ابنة أبو حامد محمد، وغيره. وتوفي في ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة. 4 (محمد بن عبد اللَّه بن الحسين بن عليّ بن نصر بن أحمد بن محمد بن جعفر.) أبو الفتح، وأبو عبد اللَّه البرمكي، الهروي، الحنبلي. ولد سنة ثمانٍ وعشرين وخمسمائة. وسمع بهمذان من: أبي الوقت عبد الأول، وأبي الفضل أحمد بن سعد، وأبي المحاسن هبة اللَّه بن أحمد بن السماك.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 391 وببغداد من: أبي المعالي محمد بن محمد بن اللحاس، وابن البطي، وخلق. وبالثغر من السفلي. وأم بالحنابلة بالمحرم مدة. روى عنه: أبو الثناء حامد بن أحمد الأرتاحي، وغيره. وتوفي بمكة في حدود سنة تسعين.) 4 (محمد بن عبد الملك بن بونه بن سعيد.) أبو عبد اللَّه العبدري، المالقي، نزيل غرناطة. ويعرف بابن البيطار. ولد سنة ستٍّ وخمسمائة. وسمع: أباه، وأبا محمد بن عتاب، وغالب بن عطيه، وأبا بحر بن العاص، وأبا الوليد بن طريف. وهو آخر من روى بالإجازة عن أبي عليّ بن سكرة الصدفي. روى عنه: أبو القاسم الملاحي، وآخرون. وتوفي في جمادى الأولى، ذكره الأبار. وكان أسند من بقي. 4 (محمد بن عليّ بن شعيب.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 392 فخرج الدّين أبو شجاع بن الدهان البغدادي، الفرضي، الأديب، الحاسب. خرج من بغداد، وجال في الجزيرة، والشام، ومصر، وسكن دمشق مدة. وهو أول من وضع الفرائض على شكل المنبر، وجمع تاريخاً جيداً، وصنف غريب الحديث في عدة مجلدات. وكانت له يد طولى في النجوم، وحل الزيج، نسأل اللَّه العافية. وله أبيات في التاج الكندي. توفي فجأة بالحلة السيفية في صفر. روى عنه أبو الفتوح محمد بن عليّ الجلاجلي شيئاً من شعره. وقد مدح ملوكاً وأمراء. وكان من أذكياء بين آدم. 4 (محمد بن محمد بن سعد اللَّه بن القلاس.) البغدادي، الكرخي، الشاعر المعروف بابن ملاوي، ويلقب قوس الندف. مدح الخلفاء والوزراء، وعاش دهراً وله مدائح في المستنجد باللَّه، وفي ابن هبيرة. وكان مستثقل الجملة. ذكره صاحب خريدة القصر وابن النجار، وأوردا من شعره. 4 (محمد بن الفقيه أبي جعفر هبة اللَّه بن يحيى بن البوقي.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 393 الفقيه أبو العلا الواسطي، المعدل، كاتب الإنشاءآت في ديوان المجلس، عن الوزير أبي جعفر بن البلدي. ثم عاد إلى واسط بعد هلال أبي جعفر. توفي في ثاني عشر رمضان. 4 (المبارك بن أبي سعد عليّ بن هبة اللَّه بن احمد بن محمد بن علي.) ) أبو القاسم الكتاني، الواسطي. ولد سنة سبع وخمسمائة. وقرأ القرآن على عليّ بن عليّ بن شيران وسمع منه، ومن: أبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبي الحسن عليّ بن هبة اللَّه عبد السلام، والجلابي. وسمع ببغداد من: أبي القاسم بن السمرقندي، وغيره. وحدث بواسط. روى عنه: أبو عبد اللَّه الدبيثي، وغيره. وتوفي رحمه اللَّه في ربيع الأول. 4 (محمود بن أبي نصر محمد بن أحمد بن الحسين.) الأديب، أبو الفتح الفروخي، الأواني، الكاتب. ولد سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. له النظم والنثر. حدث بشيء من شعره. وأوانا على يوم من بغداد، وهي قرية كبليدة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 394 4 (مفوز بن طاهر بن حيدرة بن مفوز.) القاضي أبو بكر الشاطبي، قاضي شاطبة. سمع: أباه، وأبا الوليد بن الدباغ، وأبا عامر بن حبيب. وأخذ القراءآت عن: أبي الحسن بن أبي العيش، وابن أبي العاص النفري. وتفقه بأبي محمد بن عاشر، وغيره. وأجاز له السلفي. وكان فصيحاً، فاضلاً، حسن السمت. مات في شعبان عن ثلاثٍ وسبعين سنة. 4 (مكي بن الإمام أبي الطاهر إسماعيل بن عوف.) الزهري، الفقيه، الزاهد، أبو الحرم، ابن شيخ المالكية بالإسكندرية. ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة. وروى بالإجازة عن أبي عبد اللَّه الفراوي، وأبي الحسن عبد الغافر الفارسي، وذكر أن أبا بكر) الطرطوشي أجاز له. توفي في شعبان. 4 (حرف النون)

4 (نصر بن يحيى بن محمد بن عبد اللَّه بن حميلة.) أبو السعود البغدادي، الحربي، المعروف بابن الشناء. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي الحسن محمد بن القاضي أبي يعلى، وأبي بكر القاضي، وجماعة.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 395 وحدَّث. روى عنه: يوسف بن خليل، وأحمد بن أبي شريك. وتوفي في رجب. وسمع منه: مبارك بن مسعود الرصافي مسند أحمد بن حنبل. 4 (حرف الواو)

4 (الوليد بن محمد بن أحمد بن جهور.) أبو محمد القرطبي. كبير الشهود المعدلين بقرطبة. كان فاضلاً متواضعاً على منهاج السلف. سمع من: أبي مروان بن مسرة، وأبي بكر بن سمجون. وعاش قريباً من ثمانين سنة، رحمه اللَّه. 4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الجبار بن يحيى بن يوسف.) أبو بكر الأنصاري، المالقي، المعروف بالأبار. قاضي مالقة. ذكرها أبو عبد اللَّه الأبار في تاريخه فقال: كان جزلاً في أحكامه، مهيباً، ورعاً، فقيهاً، بصيراً بالشروط. سمع: أبا عبد اللَّه بن الأصبغ، وأبا جعفر بن عبد العزيز وأبا عبد اللَّه بن نجاح الذهبي) بقرطبة. ورحل إلى إشبيلية فسمع صحيح البخاري من أبي الحسن شريح. وسمع من: أبي بكر بن العربي. حدَّث عنه: أبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو يحيى بن هانئ، وغيرهما.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 396 وتوفي سنة تسعين في ذي الحجة، وله خمسٌ وثمانون سنة. 4 (يحيى بن منصور بن أبي القاسم.) أبو زكريا البجائي، المالكي، الزاهد. حكى عنه الزاهد أبو النور عبد النور بن عليّ التميمي. 4 (مواليد السنة) وفيها ولد: السيف يحيى بن الناصح ابن الحنبلي، والشرف سليمان بن بيمان الإربلي الشاعر. والشرف محمد بن محمد البكري، ومحمد بن مرتضى بن أبي الجود، والصفيّ خليل المراغيّ، والجمال ابن شعيب التميمي، وقاضي نابلس نجم الدّين محمد بن سالم القرشي، وعبد العزيز بن إسماعيل بن مسلمة الدمشقي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 397 4 (وممن كان في هذا الوقت ولم تتصل بي وفاته)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عليّ بن أحمد.) الأنصاري، أبو العباس ابن الفقيه السرقُطيّ. نزيل الإسكندرية. سمع: الكروخي، وابن ناصر، وجماعة. وحدَّث باليسير عن: أبي عبد اللَّه بن سعيد الداني ابن الفرس. وله شعر جيد. حدَّث عنه: أبو الحجاج ابن الشيخ، وعلي بن الفضل الحافظ، وأبو بكر بن عليّ الإشبيلي.) وكأنه توفي بعد الثمانين. 4 (إسحاق بن محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن.) أبو نصر بن الصابيء، الكاتب البغدادي. من بيت كتابة، وبلاغة، وترسُّل. كان شيخاً حسناً. قال ابن الدُّبيثي: توفي بعد الثمانين. 4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن منصور بن محمود.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 398 البخاري، الحنفي، العلامة، شيخ الحنفية، قاضي خان الأوزجندي، صاحب التصانيف. رأيت مجلداً من أماليه في سنة سبعٍ، وسنة ثمانٍ، وسنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة. وسمع كثيراً من إمام ظهير الدّين حسن بن عليّ بن عبد العزيز، وإبراهيم بن اسماعيل الصفاري. روى عنه: العلامة جمال الدّين محمود بن أحمد بن عبد السيد الحصيري تلميذه. 4 (حرف الشين)

4 (شعيب بن الحسين.)

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 399 أبو مدين الأندلسي، الزاهد، شيخ أهل المغرب رحمة اللَّه عليه. أصله من أعمال إشبيلية من حصن منتوجب. جال وساح وسكن بجاية مدةً، ثم سكن تلمسان. وكان كبير الصوفية والعارفين في عصره. ذكره أبو عبد اللَّه الأبار، ولم يؤرخ له موتاً وقال: كان من أهل العمل والاجتهاد، منقطع القرين في العبادة والنُّسك. قال: وتوفي بتلمسان في نحو التسعين وخمسمائة. وكان آخر كلامه: اللَّه الحي. ثم فاضت نفسه. 4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن عليّ بن خلف.) المحاربي، الغرناطي، أبو محمد.) روى عن: أبيه، وشريح، وابن العربي. وعنه: سليمان بن حوط. وتوفي سنة بضعٍ وثمانين. 4 (عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن سفيان.) التجيبي، الشاطبي، الفقيه، النحوي، قاضي لورقة. سمع: أبا الوليد بن الدباغ، وابن هذيل، وطبقتهما. وكان بليغاً مفوِّهاً، له النَّظم والنثر. روى عنه: أبو عيسى بن أبي السداد، وأبو الربيع بن سالم.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 400 بقي إلى حدود التسعين وخمسمائة. 4 (عبد اللَّه بن محمد بن عليّ بن وهب.) القضاعي، المؤدب، أبو محمد الإشبيلي، نزيل سبتة. أخذ عن: أبي الحسن شريح، وعمرو بن بطال. وكان عارفاً بالقراءآت والنحو، جيد التفهم. أخذ عنه: أبو العباس العزفي والد صاحب سبتة. 4 (عبد الرحمن بن يحيى بن الحسين.) أبو القاسم الأموي، الإشبيلي، الزاهد. روى عن: أبي محمد بن عتاب، وأبي القاسم الهوزني، وشريح، وجماعة. ونزل بجاية من المغرب، وألف الجمع بين الصحيحين وأتى فيه بالأسانيد. روى عنه: أبو ذر الخُشني، وغيره. وبالإجازة أبو عليّ الشلوبيني. قال الأبار: كان مقرئاً، محدثاً، زاهداً، ورعاً. قال الأبار: كان مقرئاً، محدثاً، زاهداً، ورعاً. توفي بعد الثمانين وخمسمائة. 4 (علي بن مسافر.) الحليّ، الشيعي. عالم الشيعة وفقيههم بالحلة.) رحلت إليه الروافض من النواحي للأخذ عنه. وروى عن: العماد أبي جعفر الطبري، وغيره.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 401 وهلك بعد الثمانين. 4 (علي بن عبد اللَّه بن عبد الرحيم.) الفهري، أبو الحسن البلنسي، المقرىْ. أخذ القراءآت عن ابن هذيل. وروى عن: أبي الوليد بن الدباغ، وطبقته. وكان صالحاً متقطعاً عن الناس. روى عنه: أبو الربيع بن سالم، وقال: توفي في حدود التسعين وخمسمائة. 4 (علي بن عبد الكريم بن أبي العلاء.) أبو الكرم العطار، العباسي، الهمذاني، مسند همذان في وقته. كان بها في سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة في قيد الحياة، فحدث عن: فند بن عبد الرحمن الشعراني، وأبي غالب أحمد بن محمد العدل صاحب ابن شبابة، وجماعة. روى عنه عليّ بن إسفهسلاّر الرازي، والشمس أحمد بن عبد الواحد البخاري، والحافظ عبد القادر الرهاوي، وغيرهم. وسماعاته بعد الخمسمائة. أخبرنا إسماعيل بن المنادي، أنا أحمد بن عبد الواحد، أنا عليّ بن عبد الكريم بقراءتي، أنا أحمد بن محمد العدل سنة ستٍّ وخمسمائة، أنا عبد الرحمن بن محمد بن شبابة: ثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن عُبيد، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا أبو اليمان، ثنا عُفير، عن سلمان بن عامر، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه: لا يقطع الصلاة شيء. عُفير هو ابن معدان، كُنيته: أبو عائذ، ضعيف.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 402 4 (علي بن المظفر بن عباس.) أبو الحسن الواسطي، المقرىء، خطيب ضافيا. قرأ بالروايات العشر على أبي العز القلانسي. وتصدّر للإقراء.) قرأ عليه القراءآت: أبو الحسن عليّ بن باسُويه، والموفّق عليّ بن خطاب بن مقلد الضرير. 4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن حزب اللَّه.) الإمام أبو عبد اللَّه بن النقّار الفاسيّ. أخذ عن: أبي عبد اللَّه بن خليل، وجماعة. وكان فقيهاً، محدثاً، زاهداً. روى عنه: أبو الحسن بن القطان الحافظ، وتفقه به، وأجاز به، وأجاز له في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. 4 (حرف الياء)

4 (يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد.) أبو الوليد المخلدي، البقوي، القرطبي، والد أبي القاسم أحمد بن بقي. روى عن: جده أحمد بن محمد، وأبيه، وأبي بكر بن العربي، وشُريح بن محمد، وأبي القاسم بن رضا، وجماعة سواهم. حدَّث عنه: ابنه أبو القاسم، وأبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو زيد القازارني.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 403 وولي القضاء ببسكرة، بُليدة من بلاد الزّاب. قال الأبار: توفي بعد الثمانين وخمسمائة. 4 (يوسف بن عبد الرحمن بن جزء.) أبو الحكم الكلبي، الغرناطي. روى عن: أبيه أبي بكر، وعمّ أبيه أبي الوليد بن جزء، وأبي الحسن بن الباذش، والقاضي أبي بكر بن العربي، والقاضي عياض، وجماعة. حدَّث عنه: ابنه أبو العباس. وتوفي في حدود التسعين.