تاريخ الإسلام للذهبى--10
الجزء السابع والأربعون
الجزء السابع والأربعون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 5 1 (ومن حوادث المجلد العشرين)
1 (سنة إحدى وأربعين وستمائة)
4 (مكاتبة الصالح نجم الدين الخوارزمية) فيها ترددت الرسل بين الصالح إسماعيل وبين ابن أخيه الصالح نجم الدين، فأطلق ابنه الملك المغيث من حبس قلعة دمشق، فركب المغيث وخطب للصالح نجم الدين بدمشق. ولم يبق إلا أن يتوجه المغيث إلى مصر، ورضي صاحب مصر ببقاء دمشق على عمه ومشي الحال، فأفسد أمين الدولة وزير إسماعيل القضية وقال لمخدومه: هذا خاتم سليمان لا تخرجه من يدك تعدم الملك. فتوقف ومنع الملك المغيث من الركوب. وشرع الفساد. وكاتب الصالح نجم الدين الخوارزمية فعبروا وانقسموا قسمين، فجاءت طائفة على البقاع، وجاءت طائفة على غوطة دمشق فنهبوا في القرى وسبوا وقتلوا. وحصن الصالح إسماعيل دمشق وأغلقت، فساروا إلى غزة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 6 4 (دخول ابن الجوزي الاسكندرية) قال شمس الدين ابن الجوزي: ودخلت تلك الأيام إلى الاسكندرية فوجدتها كما قال الله تعالى:) ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعينٍ مغمورة بالعلماء والأولياء كالشيخ محمد القباري، والشاطبي، وابن أبي شامة. ووعظت مرتين. 4 (محاصرة عجلون) وفيها حاصر صاحب حمص عجلون، وقتل من أصحابه يوم الزحف نحو ثلاثمائة. ويقال أنفق على الحصار أربعمائة ألف دينار، ولم يقدر عليها فترحل عنها. 4 (زيادة نهر دمشق) وجاءت بدمشق الزيادة العظمى فوصلت إلى جامع العقيبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 7 4 (استيلاء التتار على بلاد الروم) وفيها استولت التتار على بلاد الروم صلحاً مع صاحبها غياث الدين بأن يحمل إليهم كل يوم ألف دينار، وفرساً، ومملوكاً، وجاريةً، وكلب صيد. وكان ذلك بعد وقعة كبيرة بين التتار والمسلمين، فانكسر المسلمون في المحرم وقتل الحلبيون، وكانوا في المقدمة، فلم ينج منهم إلا القليل. وحاصرت التتار قيصرية، واستباحوا سيواس. ثم افتتحوا قيصرية واستباحوها. وكان صاحب الروم شاباً لعاباً ظالماً، قليل العقل، يلعب بالكلاب والسباع، فعضه سبع فمات. 4 (إقامة شحنة التتار) وأقامت التتار شحنة بالروم. 4 (هلاك القاضي الرفيع) وفيها أُهلك الرفيع قاضي دمشق وصودر أعوانه، وولي القضاء محيي الدين ابن الزكي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 8 4 (حج العراقيين ووالدة المستعصم) وفيها حج بالعراقيين الأمير مجاهد الدين أيبك الدويدار ومعه والدة المستعصم بالله، وجرد معها أربعمائة مملوك. وكان مع الدويدار أربعمائة فارس، ومع قيران مائتان وأربعون فارساً. وكان عدة السبلانات اثني عشر سبيلاً. وحدث المولى شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري في تاريخه أنه حج في هذا العام من بغداد، وعدت جمال الركب جميعها عند مدائن عائشة فكانوا زيادة على مائة وعشرين ألف جمل.) وكان مع الدويدار ستون ألف دينار، وستة آلاف خلعة، الخلعة ثوب وزميطية وشبختانية ليفرقها على العربان والمحاويج. وعطشنا في الطريق. 4 (تسليم السلطان إسماعيل أماكن للفرنج) قلت: وأعطى السلطان إسماعيل الفرنج أماكن، ودخلوا القدس وخربوا الصخرة، كسروا منها قطعتين، ورموا عليها الخمر، وذبحوا عندها خنزيراً، فأعطاهم مزارات عدة، وطبرية، وعسقلان فعمروها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 9 قال ابن واصل: فمررت بالقدس فرأيت القسوس وقد جعلوا على الصخرة قناني الخمر للقربان. قلت: وكان قد أعطاهم قبلها صفد، والشقيف، فواغوثاه، ولا قوة إلا بالله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 10 1 (سنة اثنتين وأربعين وستمائة)
4 (إنكسار الفرنج ومن معهم من الأيوبيين أمام الخوارزمية) لما نزلت الخوارزمية بأراضي غزة كما تقدم، طال مقامهم، وبعث إليهم الصالح نجم الدين النفقة والخلع والخيل، وأمدهم بجيش من عنده، وأمرهم أن ينازلوا بدمشق، فاتفق الصالح إسماعيل، والناصر داود، والمنصور إبراهيم صاحب حمص، وفرنج الساحل الذين أعطاهم إسماعيل الشقيف وصفد وغير ذلك. وعذب إسماعيل والي الشقيف لكونه تمنع من تسليم الشقيف، وسار بنفسه إلى الشقيف وسلمها إلى الفرنج. قال الراوي: فخرج الملك المنصور بعسكر دمشق مع الفرنج، وجهز الناصر داود عسكره من نابلس مع الظهيري سنقر والوزيري. قال أبو المظفر: وكنت يومئذ بالقدس، فاجتمعوا على يافا، وكان المصريون والخوارزمية على غزة، وسار الملك المنصور والعسكر تحت صلبان الفرنج وراياتهم والقسيسون في الأطلاب يصلبون ويقسسون، وبيدهم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 11 كاسات الخمر يسقون الفرنج، فأقبلت الخوارزمية والمصريون، فكانت الوقعة بين عسقلان وغزة، وكانت الفرنج في الميمنة، وعسكر الناصر في الميسرة، والملك المنصور في القلب، وكان يوماً مشهوداً. التقوا فانهزمت الميسرة وأُسر الظهيري سنقر، وانهزم الوزيري، ونهبت خزانة الظهيري. ثم انهزم الملك المنصور، وأحاطت الخوارزمية بالفرنج. وكان عسكر المصريين قد انهزموا أيضاً إلى قريب العريش. وكان عدد الفرنج يومئذ) ألفاً وخمسمائة فارس وعشرة آلاف راجل، وما كانت إلا ساعة حتى حصدهم الخوارزميون بالسيوف وأسروا منهم ثمانمائة. قال أبو المظفر: فذهبت ثاني يوم إلى موضع المصاف فوجدتهم يعدون القتلى فقالوا: هم زيادة على ثلاثين ألفاً. وبعث الخوارزميون بالأسارى وبالرؤوس إلى مصر. ووصل المنصور في نفر يسير ونهبت خزائنه وخيله، وقتل أصحابه، وجعل يبكي ويقول: قد علمت إن لما سرنا تحت صلبان الفرنج أننا لا نفلح. ثم حض الملك الصالح معين الدين ابن الشيخ في العساكر لحصار دمشق، ودخلت الأسارى القاهرة وملئت الحبوس بهم. وخذل الصالح إسماعيل وأخذ يتهيأ للحصار، وخرب رباعاً عظيمة حول البلد، والله المستعان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 12 4 (تحرك التتار) وفيها ورد كتاب بدر الدين صاحب الموصل يقول فيه: إنني قررت على أهل الشام قطيعةً في كل سنة عشرة دراهم على الغني، وعلى الوسط خمسة دراهم، وعلى الفقير درهماً. وقرأ القاضي محيي الدين ابن الزكي الكتاب على الناس وشرعوا في الجباية. قلت: أظن هذا مصالحة عنهم للتتار، فإن سعد الدين ذكر في تاريخه أن في آخر سنة إحدى وأربعين وصل رسول قاءآن إلى صاحب ميافارقين يطلب الدخول في طاعته، وأن في المحرم سنة اثنتين جهز صاحب ميافارقين رسل التتار بهدية عظيمة. وأن في أواخر المحرم أخذت التتار خلاط وعبروا إلى بدليس، كانت مع الملك المظفر، إلى حصن كيفا. ثم أنفذ إلى ميافارقين جهز أمه وزوجته وما خف معهما من جواهر ومصالح، فطلعوا إلى حصن كيفا عند المعظم ولد الملك الكامل. وطلب المظفر ولده الملك السعيد، وكان شاباً مليحاً، شجاعاً، كريماً فقال: تعود إلى ميافارقين وتجمع الناس والعسكر لقتال التتار، وأنا فأمضي إلى مصر أو إلى بغداد لجمع الجيوش واستنفار الناس. فأبى وقال: ما أفارق خدمة السلطان. فضربه ابن عمه بسكين قتله وقتلوه بعده في الحال. ثم سار المظفر وأنا معه إلى نصيبين ثم إلى ماكسين، وأخذنا على بلاد الخابور. ثم سرنا إلى عانة، ثم عدينا إلى الجانب الغربي فوصلتنا إقامة الخليفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 13 وجاء الخبر أن التتار وصلوا إلى سنجار. وجاءنا رسول من بغداد معه جوشخاناه وروايا وقرب برسم طريق مصر، فعدنا إلى) عانة. وجاءتنا الكتب برحيل التتار عن البلاد لأن الطبق وقع في حوافر خيلهم، فجئنا إلى مشهد علي، ثم سرنا إلى أن وصلنا حران، ثم إلى ميافارقين. 4 (خروج الأعيان للقاء أم الخليفة) وفيها، في ثالث صفر، خرج الأعيان إلى ملتقى أم الخليفة وقد رفعوا الغرز، والمدرسون والقضاة قد رفعوا الطرحات وجعلوا عددهم حمراً. وخرج ثاني يوم أستاذ دار الخلافة مؤيد الدين محمد بن العلقمي بالقميص والبقيار والغرزة، متقلداً سيفاً ووراءه ثلاثة أسياف، وتوجهوا إلى زريران، فكان أحدهم يحضر إلى زعيم الحاج مجاهد الدين الدويدار فيسلم، وقد نصب هناك سرادق عظيم، فيأتي أحدهم ويقبل الأرض على باب السرادق، فيخرج الأمين كافور ويقول: قد عرف حضورك. فلما قرب ابن العلقمي نزل ولبس بقياراً بلا غرزة، وغير عدة مركوبه فجعلها حمراء، وقصد السرادق ومعه زعيم الحاج، ثم قبل الأرض، فخرج إليه كافور فتشكر له. ثم أُحضرت شبارة بمشرعة زريران فنزلت فيها والدة الخليفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 14 قال: وخلع على الدويدار وأُنعم عليه بخمسة عشر ألف دينار. 4 (ولاية العلقمي الوزارة) وفي ربيع الأول ولي وزارة العراق مؤيد الدين محمد بن العلقمي بعد موت ابن الناقد الوزير. 4 (ولاية ابن الجوزي الاستاذ دارية) ثم ولي الأستاذ دارية الصاحب محيي الدين يوسف بن الجوزي. 4 (دخول التتار شهرزور) وفي ذي الحجة وقعت بطاقة ببغداد أن التتار، خذلهم الله تعالى دخلوا شهرزور وهرب صاحبها فلك الدين محمد بن سنقر إلى بعض القلاع، وأنهم قتلوا وفسقوا وبدعوا. فإنا لله وإنا إليه راجعون. 4 (محاصرة المصريين والخوارزمية دمشق) وفي أواخر السنة شرعوا، أعني المصريين والخوارزمية، في حصار دمشق وعلى العساكر معين الدين ابن الشيخ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 15 1 (سنة ثلاث وأربعين وستمائة) ) 4 (منازلة دمشق ومضايقتها) قيل: في أولها وصل الصاحب معين الدين ابن شيخ الشيوخ بالجيوش والخوارزمية فنازل دمشق وضايقها، وزحفوا على البلد من نواحيه، فلما كان يوم ثامن المحرم بعث الصالح إسماعيل إلى معين الدين سجادةً وإبريقاً وعكازاً وقال: اشتغالك بهذا أولى. فبعث إليه المعين بجنك وزمر وغلالة حريري وقال: ما بعثت به يصلح لي، وهذا يصلح لك. ثم أصبح فزحف على دمشق ورموا النيران في قصر الحجاج، ورموا بالمجانيق، وكان يوماً عظيماً. وبعث الصالح النفطية فأحرقوا جوسق العادل والعقيبة، ونهبت بيوت الناس ورموا على الطرق. ودام الحصار في ربيع الأول، فخرج الملك المنصور صاحب حمص من عند الصالح فاجتمع ببركة خان مقدم الخوارزمية ثم عاد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 16 فلما طال الأمر فتحت دمشق في جمادي الأولى. قال سعد الدين الجويني: كان أمين الدولة في أيام الحصار يشتغل بالطلاسم والسحر، عمل خيلاً من خشب ووجوهها مقلوبة إلى أذنابها، ودفنها بظاهر البلد، وعمل ثوراً من عقاقير، ووضعه على منارة الجامع، ووضع فيه النار، فلم يغن شيئاً. قال ابن الجوزي: وبعث أمين الدولة السامري إلى ابن الشيخ يطلب منه شيئاً من ملبوسه، فبعث إليه بفرجية وعمامة ومنديل فلبسها، وخرج إليه بعد العشاء، وتحدث معه ساعة، ثم عاد إلى البلد. ثم خرج مرة أخرى فوقف الحال، وخرج الصالح وصاحب حمص إلى بعلبك وسلموا البلد، ودخل من الغد معين الدين ابن الشيخ دمشق. وكان المغيث ابن الصالح نجم الدين قد مات بحبس القلعة ودفن عند جده بالكاملية. وكان معين الدين حسن السياسة، فلم يمكن الخوارزمية من دخول البلد خوفاً أن ينهبوها. ثم حضر الوزير السامري تحت الحوطة إلى مصر. 4 (محاصرة الخوارزمية دمشق) وأما الخوارزمية فلم يطلعوا على الصلح، فرحلوا إلى داريا ونهبوها،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 17 وغضبوا على ابن الشيخ ورحلوا عن دمشق، وراسلوا الصالح إسماعيل في أن يكون معهم، وانتقض الصلح، وعادت الخوارزمية تحاصر البلد وبه معين الدين ابن الشيخ. وجاءهم إسماعيل من بعلبك بعد موت ابن) الشيخ وضيقوا على دمشق. وقلت بها الأقوات وأكلوا الجيف، وبلغت الغرارة القمح ألفاً وستمائة درهم، وأبيعت الأملاك والأمتعة بالهوان، وبلغ الخبز كل وقيتين إلا ربع بدرهم، واللحم رطل بتسعة دراهم. وهلك الناس وماتوا جوعاً على الطرق، وأنتنت الدنيا بهم، ووقع المرض والوباء المفرط. وآل الأمر بأن عجزوا عن دفن أكثر الناس، فكانوا يحفرون لهم حفائر ويرمون الموتى بها بلا غسل ولا كفن. هذا، والخمور دائرة، والفسق ظاهر، والمكوس بحالها. فلما علم الصالح نجم الدين بانقلاب الدست راسل الملك المنصور يفسده ويستمليه فأجابه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 18 4 (وفاة معين الدين ابن شيخ الشيوخ) وتوفي في وسط الأمر معين الدين ابن شيخ الشيوخ في رمضان. وكان قد نزل بدار سامة. ودخل الشهاب رشيد فتسلم القلعة. وولى معين الدين القضاء صدر الدين ابن سني الدولة، والولاية جمال الدين هارون. 4 (وفاة سيف الدين ابن قليج) ووصل سيف الدين بن قليج من عجلون منفصلاً عن الناصر، وأوصى بعجلون وبأمواله للصالح نجم الدين، ونزل بدار فلوس فمات. 4 (رواية أبي شامة عن حصار دمشق) وقال شهاب الدين أبو شامة: في أولها اجتمع على دمشق عسكر عظيم من المصريين والخوارزمية وغيرهم. وأحرق قصر حجاج والشاغور وجامع جراح ونصبت المجانيق ورمي بها من باب الجابية وباب الصغير. ورمي المجانيق أيضاً من داخل البلد. وترامى الفريقان، وأمر بتخريب عمارة العقبة وأحرق حكر السماق وغير ذلك، واشتد الغلاء وعظم البلاء حتى أُبيع التبن كل أوقية بقرطاس. ثم أُحرقت العقيبة. 4 (رواية سبط ابن الجوزي) قال أبو المظفر بن الجوزي: فحكي أن رجلاً كان له عشر بنات أبكار،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 19 فقال لهن: اخرجن. يعني لما احترقت العقيبة، فقلن: والله لا نخرج، الحريق أهون من الفضيحة. فاحترقن في الدار. قلت: هذه حكاية منكرة، وابن الجوزي حاطب ليل وصاحب غرائب.) 4 (رواية ابن حمويه) وقال سعد الدين ابن حمويه في ذكر انتقاله من خدمة صاحب ميافارقين: ثم خرجنا من حماة في أول ربيع الأول مع رسل حماة، ومعهم مائتا فارس لخوف الطريق، فنزلنا سلمية وسرنا فيها، والخوارزمية على الطرقات يأخذون من كل أحد شيئاً. إلى أن قال: ونزلت عند ابن عمي معين الدين بالقرب من المصلى، فخلع علي. ورأيت دمشق وقد قطع العسكر أكثر أشجارها، ونضبت أنهارها، وخربت أكثر ديارها. وكان الصالح إسماعيل قد خرب أرباضها وأحرقها، وخرب عسكر مصر بقية العمارة التي تليهم بحيث ما بقي بظاهر البلد عمارة تسكن. وكان عليها المجانيق منصوبة من باب الجابية إلى باب النصر. وفي ربيع الأول قفر إلينا ابن صاحب صرخد، فأعطاه ابن عمي ألف دينار وخلعة وفرس، وكان في أكثر الأيام يفرق خمسمائة خلعة وخمسة آلاف دينار على المقفرين. 4 (رواية أبي شامة) قال أبو شامة: وفي ثامن جمادي الأولى زال الحصار وترحل عن البلد سلطانه الملك الصالح عماد الدين ورفيقه صاحب حمص إلى بعلبك وحمص، ودخل من الغد نائب صاحب مصر معين الدين حسن ابن شيخ الشيوخ
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 20 صدر الدين فنزل في دار سامة، وهي الدار المعظمية الناصرية. وعزل محيي الدين ابن الزكي عن القضاء وولى ابن سني الدولة. 4 (وصول الست خاتون إلى خلاط) وفيها وصلت إلى خلاط الست خاتون الكرجية ابنة ملك الكرج إيواني ومعها منشور من ملك التتار خاقان بخلاط وأعمالها إطلاقاً. فراسلت الملك شهاب الدين غازي ابن العادل تقول: أنا كنت زوجة أخيك الملك الأشرف، فإن تزوجت بي فالبلاد لك. فما أجابها. وكان جلال الدين خوارزم شاه قد أخذها لما تملك خلاط فغاب خبرها هذه المدة. وكانت قبل الأشرف عند الملك الأوحد أخيه. 4 (خوف الملك المعظم من أبيه) وفيها بعث الملك الصالح صاحب مصر الأمير حسام الدين بهرام ليحضر ولده الملك المعظم تورانشاه من حصن كيفا. فبعث إليه الملك المظفر شهاب الدين غازي الخيل والمماليك، وكذلك) فعل صاحب ماردين. فخاف المعظم ولم يجب أباه. قال أبو المظفر: فحكى لي الأمير حسام الدين بن أبي علي أن الصالح كان يكره مجيء ابنه إليه، وكنا إذا قلنا له: أرسل أحضره يغضب ويقبض يده ويقول: أجيبه أقتله وكان القضاء موكلاً بالمنطق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 21 4 (الإفراج عن ابن شيخ الشيوخ) وفيها أخرج الصالح نجم الدين فخر الدين ابن شيخ الشيوخ من السجن بعد أن حبسه ثلاث سنين ولاقى شدائد وضر، حتى كان لا ينام من القمل. 4 (توجيه الخليفة الخلع إلى مصر) وفيها وجه أمير المؤمنين مع جمال الدين عبد الرحمن ابن الصاحب محيي الدين ابن الجوزي خلعة السلطنة إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب. وهي عمامة سوداء، وفرجية مذهبة، وثوبان ذهب، وسيفان بحلية ذهب، وعلمان، وطوق ذهب، وحصان بعدة فاخرة، وترس ذهب، فلبس السلطان الخلعة بمصر. ووجهوا أيضاً خلعة الصاحب معين الدين، وهي ثوب واسع مذهب، وعمامة، وسيف، وفرس بعدته، فأعطاها السلطان للأمير فخر الدين لبسها لموت معين الدين، وخلعة وفرساً للملك المعظم ولد السلطان، وخلعاً لأصحابه. 4 (كسرة التتار عند بعقوبا) وفيها وصلت التتار إلى بعقوبا فعاثوا وأفسدوا، فخرج من بغداد الدوادار
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 22 الصغير في عسكر بغداد فالتقاهم في ربيع الآخر فكسرهم ورد ومعه الأسرى. 4 (رواية أبي شامة عن الأسعار بدمشق) وقال أبو شامة: في ثامن عشر شوال بلغت الغرارة ستمائة درهم وذلك في تاسع آذار بدمشق. وفي آخر شوال بلغت الغرارة القمح مائة دينار صورية. وفي عاشر ذي القعدة تفاقم الأمر وبيع الخبز الأسود أوقيتان بدرهم، وخبز الشعير أوقيتان ونصف بدرهم. وفي ثاني عشر ذي القعدة بلغت الغرارة ألفاً ومائتي درهم كاملية، والزبيب كل أوقيتين بدرهم، والباقلا الأخضر رطل بدرهم وربع. ويوم عيد النحر بيع رطل الخبز بسبعة دراهم. ثم نزلت الأسعار.) وفي آخر السنة نزل إلى رطل بدرهمين، وبعد شهر رخص واشتري رطل وثلث بدرهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 23 1 (سنة أربع وأربعين وستمائة)
4 (إنكسار الخوارزمية) في أولها كانت كسرة الخوارزمية بين حمص وبعلبك، وذلك أن الخوارزمية اجتمعوا على بحيرة حمص، وكتب صاحب مصر فاستمال الملك المنصور إبراهيم، وكاتب الحلبيين بأن هؤلاء الخوارزمية قد أخربوا الشام والمصلحة أن نتفق عليهم، فأجابوه. وسار شهاب الدين لؤلؤ بجيش حلب، وجمع صاحب حمص إبراهيم التركمان والعرب، وسار إليهم عسكر السلطان الذين بدمشق، فاجتمعوا كلهم على حمص. واتفق الخوارزمية والملك الصالح إسماعيل، والناصر داود، وعز الدين أيبك المعظمي، واجتمعوا على مرج الصفر. فأشار بركة خان بالمسير لقصدهم فساروا، فكان المصاف على بحيرة حمص في المحرم، فكانت الدائرة على حزب إسماعيل، وقتل رأس الخوارزمية بركة خان، وانهزم إسماعيل وصاحب صرخد والجند عرايا جياعاً ونهبت أموالهم، ووصلوا إلى حوران في أنحس تقويم. فساق صاحب حمص إلى بعلبك فأخذ البلد وسلمه إلى أمير،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 24 وسار الحلبيون ومعهم رأس بركة خان، فنصب على باب حلب. وقدم صاحب حمص دمشق ونزل ببستان سامة، وذهبت طائفة كبيرة من الخوارزمية إلى البلقاء، فنزل إليهم الناصر من الكرك وصاهرهم واستخدمهم، وأطلع حريمهم إلى الصلت، وكذا فعل عز الدين صاحب صرخد، وساروا فاستولوا على نابلس. ومرض صاحب حمص بالنيرب ومات وحمل إلى حمص. وحضر نائب صاحب مصر الصاحب الأمير فخر الدين ابن الشيخ إلى الشام بعسكر فقدم غزة، فعاد من كان بنابلس من الخوارزمية إلى الصلت، فقصدهم فخر الدين فكسرهم وفرقهم. وكان الناصر معهم ففر إلى الكرك وتبعته الخوارزمية فلم يمكنهم من دخول الكرك. وأحرق ابن شيخ الشيوخ الصلت، وهي للناصر. ثم ساق فنازل الكرك. وتحصن عز الدين بصرخد. وكان يوم الوقعة المذكورة في ربيع الآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 25 وقيل إن الناصر كتب إلى فخر الدين وهو منازله: (غدوت على قيسٍ لخفر جواره .......... لأمنع عرضي إنّ عرضي ممنَّع) ) 4 (تسلم حسام الدين بعلبك) وكان الأمير حسام الدين بن أبي علي بدمشق فسار إلى بعلبك وتسلم قلعتها باتفاق من الساماني مملوك الصالح إسماعيل، وكان واليها، وبعث عيال إسماعيل إلى مصر. 4 (تسلم بصرى) وتسلم نواب الصالح نجم الدين بصرى، وكان بها الشهاب غازي، فأعطوه حرستا القنطرة بالمرج. 4 (إلتجاء الصالح إسماعيل إلى حلب) وفي ربيع الآخر وصل الصالح إسماعيل بطائفة من الخوارزمية أميرهم كشلوخان إلى حلب، ولم يبق للصالح مكان يلجأ إليه، فتلقاه صاحب حلب الناصر يوسف فأنزله في دار جمال الدين الخادم، وقبض على كشلوخان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 26 والخوارزمية وملأ بهم الحبوس. وقال الأمير شمس الدين لؤلؤ أتابك حلب للصالح: أبصر عواقب الظلم كيف صارت. 4 (دخول الصالح نجم الدين دمشق) وفي ذي القعدة قدم السلطان الملك الصالح نجم الدين دمشق فدخل يوم تاسع عشرة وكان يوماً مشهوداً بكثرة الخلائق والزينة، وأحسن إلى الناس. وأقام نصف شهر، ورحل إلى بعلبك فكشفها، ثم رجع ومضى نحو صرخد فتسلمها من عز الدين أيبك بعد أن نزل إلى خدمته برأي ابن العميد، فدخلها الصالح. ثم مضى إلى بصرى. وقدم عز الدين أيبك دمشق وكتب له منشور بقرقيسيا، والمجدل، وضياع في الخابور، فلم يحصل له من ذلك شيء. 4 (الأمر بعمارة سور القدس) وتوجه السلطان إلى مصر، وتصدق في القدس بألفي دينار، وأمر بعمارة سورها وقال: اصرفوا دخل البلد في عمارة السور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 27 4 (تحريض البابا على قتل الإمبراطور) وفيها وصلت الأخبار أن البابا طاغوت النصرانية غضب على الأنبرور وعامل خواصه الملازمين له على قتله، وكانوا ثلاثة. وقال لهم: قد خرج الأنبرور عن دين النصرانية ومال إلى المسلمين فاقتلوه وخذوا بلاده لكم. وأعطى أحدهم صقلية، والآخر بغفاته، والآخر بوليه. وهذه الثلاثة مملكة الأنبرور، فكتب مناصحوا الأنبرور إليه بذلك، فعمد إلى مملوك له فجعله) على سرير الملك مكانه وأظهر أنه هو وأنه قد شرب شربة، فجاء الثلاثة يعودونه والأنبرور في مجلس ومعه مائة بالسلاح. فأما الثلاثة فإنهم رأوا قتل الأنبرور فرصة لكونه ضعيفاً من الدواء فحطوا عليه، وهو مغطى الوجه، بالسكاكين فقتلوا الغلام، فخرج عليهم المائة فقبضوا عليهم، وذبحهم الأنبرور بيده وسلخهم، فلما بلغ البابا بعث إلى قتاله جيشاً، والخلف بينهم واقع. 4 (تسلم نجم الدين قلعة الصبيبة وحصن الصلت) وفيها تسلم السلطان نجم الدين أيوب قلعة الصبيبة من ابن عمه الملك السعيد بن الملك العزيز، ثم أخذ حصن الصلت من الناصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 28 4 (التوقيع لابن حمويه بمشيخة خوانق دمشق) وفيها كتب توقيع لشرف الدين عبد الله ابن شيخ الشيوخ بن حمويه بمشيخة خوانق دمشق مع الولاية عليها والنظر في وقوفها كوالده. 4 (التوقيع لابن أبي عصرون بتدريس الشافعية) وكتب توقيع للشيخ تاج الدين بن أبي عصرون بتدريس الشافعية، فدرس بها دهراً طويلاً، فتوجه المذكوران إلى دمشق. 4 (استخدام الرجال بغزة) وبعث السلطان خمسة عشر ألف دينار إلى الأمير فخر الدين ابن الشيخ إلى غزة ليستخدم بها رجاله. 4 (كسرة الملك والمظفر صاحب ميافارقين) وفي ربيع الأول، قال سعد الدين الجويني: جاء الخبر أن المعظم صاحب حصن كيفا جاءته نجدة الموصل وماردين، فضرب مصافاً مع الملك المظفر صاحب ميافارقين فكسره، وشحن على أكثر بلاده. 4 (بناء السانح وتسميته بالصالحية) قال: وسافرت إلى مصر فسرت من الغرابي إلى القيصر، ثم سريت فجئت إلى السانح، نزلت به، وقد بنى به السلطان نجم الدين دوراً وبستاناً وقرية بها جامع وفنادق، وسميت الصالحية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 29 قلت: وقبل ذلك إنما كان هذا المكان يعرف بالسانح. 4 (القبض على ابن موسك) ) وقبض الناصر في الكرك على الأمير عماد الدين ابن موسك وأخذ أمواله. 4 (ختن ولدي المستعصم بالله وأخيه) وفيها ختن المستعصم بالله ولديه أحمد وعبد الرحمن، وأخاه علياً فذكر ابن الساعي أنه أخرج على الختان نحواً من مائة ألف دينار، فمن ذلك ألف وخمسمائة رأس شواء. 4 (اجتماع رسل التتار بالعلقمي) وفيها قدم رسولان من التتار، أحدهما من بركة، والآخر من باجو، فاجتمعا بالوزير مؤيد الدين بن العلقمي، وتغمت على الناس بواطن الأمور. 4 (وفاة المنصور صاحب حمص) وفيها توفي المنصور صاحب حمص، وتملك بعده ابنه الملك الأشرف موسى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 30 4 (عودة الحياة إلى الشام بهلاك الخوارزمية) وعاش أهل الشام بهلاك الخوارزمية، وكانوا كالتتر في الغدر والمكر والقتل والنهب. 4 (أخذ الفرنج شاطبة) وفيها أخذت الفرنج شاطبة صلحاً، ثم أجلوا أهلها بعد سنة عنها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 31 4 (سنة خمس وأربعين وستمائة)
4 (فتح طبرية وعسقلان) في أولها وجه السلطان إلى مصر جريدةً وأبقى جيوشه بالشام، فحاصروا بلاد الفرنج عسقلان وطبرية. ففتحت طبرية في صفر، وفتحت عسقلان في جمادى الآخرة. 4 (العزل والولاية بخطابة دمشق) وفي رجب عزل خطيب البلد عماد الدين داود الآباري، من الخطابة ومن الغزالية ووليهما القاضي عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني. 4 (ارتفاع شأن ابن الشيخ بفتح طبرية وعسقلان) قال أبو المظفر: نازل فخر الدين ابن الشيخ طبرية فافتتحها، ثم حاصر عسقلان وقاتل عليها قتالاً عظيماً وأخذها في جمادى الآخرة. قلت: وانفرد هذين البلدين وعظم شأنه عند السلطان، ولم يبق له نظيراً في الأمراء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 32 4 (أخذ قلعة الصبيبة من السعيد) ) قال سعد الدين بن حمويه: في المحرم أخذ السلطان من السعيد بن العزيز قلعة الصبيبة، وأعطي خبز مائة وخمسين بمصر ومائة ألف درهم، وقيسارية جركس، وخمسمائة تفصيلة. 4 (نفي السلطان مملوكه البندقدار) وفيه نفى السلطان مملوكه البندقدار وأضاف أجناده إلى الحلقة لكونه صعد قلعة عجلون بلا أمر. قلت: وفي هذه المرة أخذ السلطان من مماليك البندقدار بيبرس وصار من أعيان مماليكه، وآل أمره إلى سلطنة البلاد. 4 (زيارة السلطان نجم الدين للقدس) قال: وزار السلطان القدس وأمر أن يذرع سوره، فجاء ستة آلاف ذراع، فأمر أن يصرف دخل القدس في عمارة سوره، وتصدق بألفي دينار في الحرم، وزار الخليل عليه السلام. 4 (فتح طبرية) وكان الأمير فخر الدين نازلاً على طبرية فنصب عليها المجانيق، فخرجوا في بعض الليالي فقتلوا الأمير سابق الدين الجزري، وقتلوا سبعةً معه، وركبنا في المراكب في البحيرة لقطع الميرة عن طبرية، فجاءت مراكبهم وقاتلونا ساعة، ثم زحفنا على القلعة من كل مكان، وجرع جماعة. قال: ووقعت البدنة التي علقناها من الباشورة، فزحفنا كلنا، وهجم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 33 المسلمون الثغرة، وجاء الفرنج بأسرهم إليها ورموا بالحجارة، وقتلوا خلقاً كثيراً، وصبر الناس، وكلما تعب قوم خرجوا وجاء غيرهم إلى أن تعبت الفرنج فطلبوا الأمان، فأمنهم الأمير على أن يكونوا أسرى. فنزلوا على ذلك، فكانوا مائتين وستين أسيراً. وأخذ الأمراء خفيةً نحو خمسين أسيراً، وغنم الناس طبرية بما فيها. ووجدنا منهم في القلعة قتلى كثيرة وجرحى، وكان يوماً مشهوداً. وأُخربت القلعة وقسمت على العسكر. 4 (فتح عسقلان) ثم رحلنا بآلات الحصار جميعها إلى عسقلان، وقد نزل عليها قبلنا الأمير شهاب الدين بن الغرز، فأحاطت بها العساكر، ومراكب الفرنج وشوانيهم تحتها، ومراكبنا مرسية على الساحل، وهي قلعة مليحة ستة عشر برجاً، نصفها في البحر، فنزلنا ورمينا بالمجانيق. وجاءت مراكبهم) إلى مراكبنا فاقتتلوا، وكانت ساعة مشهودة. ثم هاج البحر واغتلم، واصطدم موجه فكسر شوانينا وطحنها على الساحل، وهي خمسة وعشرون. وسلمت شواني الفرنج لأنهم كانوا مرسيين في وسط البحر، فأخذنا خشب الشواني عملناه ستائر للزحف. وكمل لنا أربع عشرة منجنيقاً ترمي على القلعة، ومناجيقهم لا تبطل ساعةً، وأحرقوا ستائر منجنيقين رموها... محمية، وكسروا لنا منجنيقين، وخربوا وقتلوا جماعة. وبعد أيام شرعنا في طم الخندق من الثقب، وجاءهم اثنا عشر مركباً نجدة. وكان المدد يأتيهم ويأتينا أيضاً. وخرجوا غير مرة وقاتلوا، فزحفنا في عاشر جمادى الأولى عليها من كل جهة، وقاتل المسلمون قتالاً عظيماً وملكوا الباشورة، وقتل نحو ستين نفساً، وجرح خلق. وثبنا على خنادق القلعة وأخذنا ثقوباً في برج وبدنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 34 ثم بعد يومين زحفنا عليهم. ثم أخذوا الثقوب منا وهرب أصحابنا منها، ثم من الغد استعدناها منهم. وفي سادس عشر الشهر أحرقنا البرج فنقبوه من عندهم وأطفأوا النار. ثم تقور البرج من الغد، ووقع على اثني عشر فارساً منهم، فأخرجهم أصحابنا وغنموا سلبهم. ثم جاءتهم سبع مراكب كبار. قال: وحجر المنجنيق المغربي الذي لنا وزنه قنطار وربع بالشامي. وطال الحصار وقفز غير واحد، وقفز فارسان من الفرنج فخلع عليهما فخر الدين. وذكروا أن الخلف وقع بين الإسبتار والغرب. وانسلخت الباشورة فمات تحتها ثمانية أنفس. وليلة الخميس ثاني وعشرين جمادى الآخرة طلع أصحابنا من البرج المنقوب وملكوه وصاحوا، فضربنا الكوسات في الليل، وعلت الصيحات، وتكاثر الناس، فاندهش الفرنج وخذلوا، وهربوا إلى المراكب وإلى الأبراج واحتموا بها. ودخل المسلمون القلعة في الليل وبذلوا السيف، وربما قتل بعضهم بعضاً لكثرة العالم وظلمة الليل وللكسب. ولم يزالوا ينقلون ذخائرها وأسلحتها طوال الليل. ودخلها من الغد الأمير فخر الدين، وأعطى من في الأبراج أماناً على أنفسهم دون أموالهم. وكان فيهم ثلاثة أمراء معتبرين، وكانت الأسرى مائتين وستين أسيراً، ووجدنا غرقى) وأيدي مقطعة في البحر وسببه تعلقهم بالمراكب للهرب، فيخاف الآخرون لا تغرق المراكب، فيضربون بالسيوف على أيديهم يقطعونها. ثم شرعنا في خراب القلعة، ورحلنا وقد تركناها مأوى للبوم والغربان، ومساكن الأراوي والغزلان، فسبحان الباقي الديان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 35 4 (أخذ السلطان قلعة شميمس) وفيها أخذ السلطان قلعة شميمس من الأشرف صاحب حمص، فحصنها وبعث إليها الخزائن. 4 (أخذ حمص من قبل عسكر حلب) وفيها جاء عسكر حلب فنازلوا حمص وحاصروها مدة، وأخذوها في سنة ست. 4 (إقامة جماعة من العلماء بمصر) وفيها جاءت تذكرة بأن يحمل إلى مصر القاضي محيي الدين ابن الزكي، وابن العماد الكاتب، وابن الحصيري، وبنو صصرى الأربعة، والشرف بن المعتمد، وجماعة لأنهم كانوا من أصحاب الصالح إسماعيل، فلما وصلوا مصر أقاموا بحسب اختيارهم، فبقوا بها إلى بعد موت الصالح نجم الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 36 4 (وفاة عز الدين أيبك المعظمي) وفي ذي القعدة جلس عز الدين أيبك المعظمي في دار فرخشاه بتواطي من ابن مطروح وغيره. وصنعوا مترجماً قد جاءه من حلب من عند الصالح إسماعيل، وكتبوا إلى السلطان يخبرونه بذلك، فأمر أن يحمل إلى القاهرة تحت الحوطة، فحمل وأنزل في دار صواب، فاعتقل بها، ودافعه ولده وقال: أموال أبي قد بعثها إلى حلب. فمرض أيبك ومات بغبنه، ثم نقل في تابوت ودفن في قبته التي على الشرف الأعلى. 4 (الغلاء ببغداد) وفيها كان ببغداد غلاء عظيم، وأبيع الخبز ثلاثة أرطال بقيراط. 4 (هرب مماليك للسلطان وإمساكهم) وفيها هرب للسلطان نجم الدين مماليك، فمسك منهم أربعون نفساً بحلب، وأرسلوهم إلى دمشق، فشنق الأربعين على أبواب البلد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 37 1 (سنة ست وأربعين وستمائة) ) 4 (عمل أشلاق للسلطان وإبطاله) فيها أمر السلطان أن يعمل له أُشلاق تحت القلعة ليتفرج، فتشالقوا فقتل سبعة أنفس وجرح جماعة. وسببه دخول المماليك بينهم، فمنعهم السلطان من الشلاق، وكان يترتب عليه شر كبير ومفاسد بدمشق. 4 (ملك الفرنج إشبيلية) وفي شعبان ملكت الفرنج إشبيلية بعد حصارهم لها سبعة عشر شهراً، ودخولها صلحاً. 4 (تسليم حمص لنواب الملك الناصر يوسف) وفيها مل صاحب حمص الملك الأشرف من محاصرة الحلبيين له، وقايض بها تل باشر من أعمال حلب، وسلم حمص لنواب الملك الناصر يوسف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 38 4 (ولادة أربعة توائم) وفيها امرأة ولدت ببغداد أربعةً في بطن وشاع ذلك، فطلبهم الخليفة ورآهم وتعجب، ثم أمر لهم بستمائة دينار وثياب، وكان الأبوان من المساكين. 4 (الغرق ببغداد) وكان ببغداد الغرق الكثير الذي هو أكبر من غرق سنة بحيث أن الأمراء والوزير بنفسه نزل وحمل جرزة حطب للسد. ثم زاد الماء بعد شهرين زيادةً أعظم من الأولى وتهدم من السور عدة أبراج، ونبع الماء من أساس المستنصرية، ولا يحصى ما تهدم من الدور. وبقي الماء في النظامية ستة أذرع، وغرقت الرصافة، وجرى ما لا يعبر عنه وذهبت أموال لا تحصى. 4 (محاصرة السلطان نجم الدين حمص) وفيها خرج السلطان نجم الدين من مصر، وجهز الجيش مع فخر الدين ابن الشيخ إلى حمص، وبعثر الفلاحون بجر آلة الحصار والمجانيق إلى حمص، ثم نازلوا حمص يحاصرون نواب الناصر صاحب حلب، ونصبت المجانيق، فجاء
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 39 العسكر الحلبي في النجدة. وكان الشيخ نجم الدين عبد الله البادرائي قد جاء رسولاً فدخل في القضية ورد العسكريين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 40 1 (سنة سبع وأربعين وستمائة) ) 4 (نيابة ابن يغمور بدمشق) رجع السلطان إلى مصر مريضاً في محفة، واستعلم على نيابة دمشق الأمير جمال الدين ابن يغمور. 4 (ذكر خبر التوائم الأربعة ثانية) وفيها ولدت امرأة ببغداد ابنين وبنتين في جوف، وشاع ذاك فطلبوا إلى دار الخلافة فأُحضروا وقد مات واحد فأُحضر ميتاً، فتعجبوا وأُعطيت الأم من الثياب والحلي ما يبلغ ألف دينار، وكانت فقيرةً مستورة. 4 (توجه الناصر داود إلى حلب) وفيها توجه الناصر داود إلى حلب. 4 (تخريب دار سامة وبستان القصر بدمشق) وجاء كتاب السلطان نجم الدين إلى ابن يغمور بخراب دار سامة وقطع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 41 شجر بستان القصر الذي للناصر داود بالقابون، وخراب القصر، ففعل ذلك. 4 (تسليم الأمجد الكرك للسلطان) وفيها مضى الأمجد حسن ابن الناصر من الكرك إلى مصر، وسلم الكرك إلى السلطان، وخبث على أبيه وخانه، فأعطاه السلطان جملة، وأخرج من الكرك عيال المعظم وأولاده وبناته، وبعث إليهم بأموال وتحف يرضيهم بها. وأما سعد الدين فقال في تاريخه: وصل كتاب الظاهر ابن الناصر إلى السلطان بذلك وأنفذ أستاذ داره جمال الدين أقوش التجيبي ليتسلمها فلما قدم الملك الظاهر أمر السلطان بتلقيه واحترمه، ودفع له أسيوط، ومائتي فارس، وخمسين ألف دينار، وثلاثمائة قطعة قماش ثمن الذخائر التي بالكرك، وأعطى لأخيه الأمجد إخميم، ومائةً وخمسين فارساً، ثم بعث خزانةً إلى الكرك مع مجير الدين بن أبي زكري مبلغها مائتي ألف دينار. 4 (أخذ الفرنج دمياط) وفيها هجمت الفرنج دمياط وأحاطت بها في ربيع الأول، وكان عليها فخر الدين ابن الشيخ والعساكر فخرجوا عنها، وخرج أهلها منها من الجهة الأخرى، وملكتها الفرنج صفواً عفواً بلا قتال ولا كلفة، بل مجرد خذلان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 42 نزل، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وهذا من أغرب ما تم في) الوجود حتى إن الفرنج اعتقدوا أن المسلمين فعلوا هذا مكيدةً. ثم كان لهم الأمر، وابتلى الله تعالى العسكر بالعدو وذهاب أموالهم. فقيل سبب هروبهم أنهم بطقوا مرةً بعد أخرى إلى السلطان ليكشف لما جاء خبر، وكان قد سقاه الطبيب دواء مخدراً، وأوصى بأن لا يزعج ولا ينبه، فكتموه الخبر، فوقع إرجاف في دمياط بموته، ونزل بهم الخذلان. وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب على المنصورة نازلاً، فغضب كيف يسيبها أهلها، وشنق من أعيان أهلها ستين رجلاً. ولما أمر بشنقهم قالوا: ما ذنبنا إذا كانت عساكره وأمراؤه هربوا وأحرقوا الزردخاناه، فأيش نعمل نحن وقامت القيامة على العسكر، وخرج أهل دمياط حفاةً عراة جياعاً فقراء حيارى بالحريم والأطفال، قد سلم لهم بعض ما يعيشون به، فنهبهم المسلمون في الطريق. وأما العسكر فاستوحشوا من السلطان ودعوا بهلاكه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 43 4 (وفاة نجم الدين أيوب وإخفاء الخبر) قال أبو المظفر: وبلغني أن مماليكه أرادوا قتله فقال لهم فخر الدين ابن الشيخ اصبروا عليه فهو على شفا. فمات ليلة نصف شعبان وهو على المنصورة. وكانت أم خليل زوجته معه وهي المدبرة لأموره أيام مرضه، فلم تغير شيئاً، بل الدهليز بحاله، والسماط يمد كل يوم، والأمراء يجيئون للخدمة، وهي تقول: السلطان مريض ما يصل إليه أحد. فبعثوا إلى الملك المعظم تورانشاه ولده، وهو بحصن كيفا، الفارس أقطاي من مماليك أبيه، فسلك على البرية وكاد يهلك عطشاً، وأسرع به أقطاي، فقدم دمشق في آخر رمضان، وخلع على أمراء دمشق وأحسن إليهم. قال أبو المظفر: بلغني أنه وجد في دمشق ثلاثمائة ألف دينار فأنفقها، واستدعى من الكرك مالاً فأنفقه. وأمر فخر الدين ابن الشيخ الأمراء فحلفوا للمعظم. وأخفوا موت السلطان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 44 وكانت أم خليل تعلم على التواقيع على هيئة خط السلطان. وقيل بل كان يعلم على التواقيع خادم يشبه خطه خط السلطان يقال له السهيلي، وكان قد فسد مخرجه وامتد إلى فخذه، وعمل عليه جسده، وهو يتجلد ولا يطلع أحداً على حاله حتى هلك. 4 (إنكسار الفرنج عند المنصورة) ) وكان المسلمون مرابطين بالمنصورة مدة أشهر، وجرت لهم مع الفرنج فصول طويلة ينال هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء، فمنها وقعة عظمى يوم مستهل رمضان استشهد فيها جماعة من كبار المسلمين، ثم تناخوا وكروا على الفرنج فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وكان الفتح. 4 (دخول المعظم مصر) ووصل المعظم إلى مصر بعد أن أقام بدمشق سبعة وعشرين يوماً فدخل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 45 الديار المصرية في ذي الحجة بعد الوقعة. وكان في عزمه الفتك بابن الشيخ لأنه بلغه أنه يريد الملك والناس يريدونه فقتل. 4 (رواية ابن الساعي عن سقوط دمياط) وقال ابن الساعي: في أول السنة أخذت الفرنج دمياط، نزلوا عليها فأرسل الصالح نجم الدين عسكراً نجدة لمن بها، وكان مريضاً، فكسروا الفرنج، ثم ظهرت الفرنج عليهم، فانتخى أميران وهما: ابن شيخ الإسلام، والجولاني، فحملا عليهم، فاستشهد ابن شيخ الإسلام، وسلم الجولاني، وغلقت أبواب دمياط، وأرسلوا بطاقة، وكان السلطان قد سقي دواء مخدراً، وأمرهم الطبيب أن لا ينبهوه، فوقعت البطاقة فكتمها الخادم، ثم وقعت أخرى فلم يرد عليهم جواب، والسلطان لا يعلم بشيء، فقيل في دمياط إن السلطان مات، فضعفت النفوس، وعزم أهل دمياط على الهرب، فأحرقوا باباً وخرجوا، فأخذ العسكر في ردهم فلم يلتفتوا، فعاد العسكر ونهب البلد، فخرج أهل البلد عن آخرهم، وهلك خلق في زحمة الأبواب، وأخلوا البلد، فأخذت البلد بلا كلفة. فلما علم السلطان غضب وهم بقتل ذلك العسكر الذين نهبوا دمياط، ثم صلب منهم نيفاً وثمانين أمراء، وغيرهم ترك، وأمر أن لا تضرب النوبة إلا للجولاني وحده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 46 4 (مقتل شيحة أمير المدينة) قال: وفيها قتل شيحة أمير المدينة، وكان قد خرج عن المدينة في نفر يسير فوقع عليه قوم من العرب بينه وبينهم دم فحاربوه، فقتل وسلبوه، وكان موصوفاً بالخير والتواضع، وولي مكانه ولده الأكبر عيسى. 4 (سعي الإربلي من دقوقا إلى بغداد) قال: وفي نصف ذي الحجة سعى علي الإربلي الساعي من دقوقا إلى بغداد فوصل بعيد العصر، فأنعم عليه الأمير مبارك بما قيمته عشرة آلاف دينار.) 4 (السيل العظيم بالسلامية) وفيها جاء سيل عظيم على السلامية من عمل الموصل، فأهلك خلقاً، وأتلف الزرع، وهدم الأسواق، وغرق كثير من المواشي، وغرقت السلامية كلها، وكان بها أكثر من ثلاثة آلاف نفس. 4 (الزيادة بجزيرة ابن عمر) وجاءت الزيادة على جزيرة ابن عمر حتى كادت تدخل من شراريف سور البلد، وكان أمهراً مهولاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 47 4 (الفتيا بالإيمان يزيد وينقص) وفيها كتبت فتيا ببغداد: هل الإيمان يزيد وينقص فامتنع الفقهاء من الجواب خوفاً من الفتنة، وكتب فيها الكمال علي بن وضاح والمحدث عبد العزيز القحيطي وبالغاً في ذم من يقول لا يزيد ولا ينقص. فأخذ الفتيا بعض الحنفية وعرضها على الديوان العزيز وقال: قد تعرض لسب أبي حنيفة. فأُمر بإخراج ابن وضاح من المستنصرية وبنفي القحيطي. 4 (وصول قزم إلى بغداد) وفيها وصل إلى بغداد أبو منصور الإصبهاني، رجل كهل، صغير الخلقة، حذا طوله ثلاثة أشبار وثلاثة أصابع، ولحيته طولها أكثر من شبر، فحمل إلى دار الخلافة، فأُنعم عليه ودار على الأكابر. 4 (مقتل خلق من النزال بخانقين) وفيها قتلت التتر بخانقين خلقاً عظيماً من النزال ونهبوا أغنامهم وأبقارهم، ثم نهبوا ناحية البت والراذان وأخربوا تلك النواحي، فخرج من بغداد عسكر لذلك. وأُمر الناس في جمادى الآخرة بالمبيت في أسواق بغداد وفي دروبها وبالوقيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 48 4 (استيلاء الحلبيين على نصيبين ودارا وقرقيسيا) وفيها سار عسكر حلب فالتقوا المواصلة بنصيبين، فانهزمت المواصلة واستولى الحلبيون على خيامهم، وتسلموا نصيبين، ودارا، وقرقيسيا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 49 1 (سنة ثمان وأربعين وستمائة)
4 (موقعة المنصورة) ) استهلت والفرنج على المنصورة والجيش المصري بإزائهم، وقد ضعف حال الفرنج لانقطاع الميرة عنهم، ووقع في خيلهم مرض وموت، وعزم ملكهم الفرنسيس على أن يركب في أول الليل ويسير إلى دمياط، فعلم المسلمون بذلك. وكان الفرنج قد عملوا جسراً عظيماً من الصنوبر على النيل، فسهوا عن قطعه، فعبر منه المسلمون في الليل إلى برهم، وخيامهم على حالها وثقلهم، فبدأوا في المسير، وأحدث المسلمون بهم يتخطفونهم طول الليل قتلاً وأسراً، فالتجأوا إلى قرية تسمى منية أبي عبد الله وتحصنوا بها. ودار المسلمون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 50 حولها. وظفر أصطول المسلمين بأصطولهم فغنموا جميع المراكب بمن فيها. واجتمع إلى الفرنسيس خمسمائة فارس من أبطال الفرنج وقعد في حوش المنية، وطلب الطواشي رشيد، والأمير سيف الدين القيمري، فحضروا إليه، فطلب منهم الأمان على نفسه وعلى من معه، وأن لا يدخلوا بين السوقة والرعاع، فأجاباه وأمناه، وهرب باقي الفرنج على حمية، وأحدق المسلمون بهم وبقوا جملةً واحدةً حملةً وحملةً حتى أُبيدت الفرنج، ولم يبق منهم سوى فارسين رفسوا بخيولهم في البحر فغرقوا، وغنم المسلمون منهم ما لا يوصف، واستغنى خلق. وأُنزل الفرنسيس في حراقة، وأحدقت به مراكب المسلمين تضرب فيها الكوسات والطبول، وفي البر الشرقي أطلاب العساكر سائرة منصورة، والبر الغربي فيه العربان والعوام في لهو وسرور بهذا الفتح العظيم، والأسرى تقاد في الحبال. فذكر سعد الدين في تاريخه أن الفرنسيس لو أراد أن ينجو بنفسه خلص على خيل سبق أو في حرامة، لكنه أقام في الساقة يحمي أصحابه، وكان في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 51 الأسرى ملوك وكنود، وأُحصي عدة الأسرى فكانوا نيفاً وعشرين ألف آدمي، والذي غرق وقتل سبعة آلاف نفس، فرأيت القتلى وقد ستروا وجه الأرض من كثرتهم. وكان الفارس العظيم يأتيه وشاقي يسوقه وراءه كأذل ما يكون وكان يوماً لم يشاهد المسلمون ولا سمعوا بمثله، ولم يقتل في ذلك اليوم من المسلمين مائة نفس. ونفذ الملك المعظم للفرنسيس وللملوك والكنود خلعاً، وكانوا نيفاً وخمسين، فلبس الكل سواه وقال: أنا بلادي بقدر بلاد صاحب مصر كيف ألبس خلعته. وعمل من الغد دعوةً عظيمة، فامتنع الملعون أيضاً من حضورها وقال: أنا ما آكل طعامه، وما يحضرني إلا ليهزأ بي عسكره، ولا سبيل إلى هذا. وكان عنده عقل وثبات ودين فيهم، وكانوا يعتقدون فيه. وكان) حسن الخلقة. وانتقى المعظم الأسرى فأخذ أصحاب الصنائع، ثم أمر بضرب أعناق الجميع. وقال غيره: ثم حبسوا الإفرنسيس بالمنصورة بدار الطواشي صبيح مكرماً غاية الإكرام. وفي ذلك يقول الصاحب جمال الدين ابن مطروح: (قُل للفرنسيس إذا جئته .......... مقال صدقٍ من قؤولٍ فصيح)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 52 (أتيت مصر تبتغي ملكها .......... تحسب أنّ الزّمر والطّبل ريح)
(فساقك الحينُ إلى أدهم .......... ضاق به عن ناظريك الفسيح)
(وكلّ أصحابك أودعتهم .......... بحسن تدبيرك بطن الضّريح)
(تسعين ألفاً لا ترى منهم .......... إلا قتيلاً أو أسيراً أو جريح)
(فقل لهم إن أضمروا عودةً .......... لأخذ الثّأر أو لعقدٍ صحيح)
(دار ابن لُقمان على حالها .......... والقيد باقٍ والطُّواشي صبيح) وكان هذا النصر العزيز في أول يوم من السنة. وبقي الفرنسيس في الاعتقال إلى أن قتل السلطان المعظم ابن الصالح، فدخل حسام الدين ابن أبي علي في قضيته على أن يسلم إلى المسلمين دمياط ويحمل خمسمائة ألف دينار، فأركبوه بغلةً وساقت معه الجيوش إلى دمياط، فما وصلوا إلا والمسلمون على أعلاها بالتهليل والتكبير، والفرنج الذين بها قد هربوا إلى المراكب وأخلوها. فخاف الفرنسيس واصفر لونه، فقال الأمير حسام الدين: هذه دمياط قد حصلت لنا، وهذا الرجل في أسرنا وهو عظيم النصرانية وقد اطلع على عوراتنا، والمصلحة أن لا نطلقه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 53 وكان قد تسلطن الملك المعز أيبك الصالحي فقال: ما أرى الغدر. وأمر به فركب في البحر الرومي في شيني. وذكر حسام الدين أنه سأله عن عدة العسكر الذين قدم بهم فقال: كان معي تسعة آلاف وخمسمائة فارس، ومائة ألف وثلاثون ألف طقشي، سوى الغلمان والسوقية والبحارة. وقال سعد الدين في تاريخه: اتفقوا على أن يسلم الإفرنسيس دمياط، وأن يعطي هو والكنود ثمانمائة ألف دينار عوضاً عما كان بدمياط من الحواصل، ويطلقوا أسرى المسلمين. فحلفوا على هذا، وركب العسكر ثاني صفر، وسقنا وقفنا حول دمياط إلى قريب الظهر، ودخل الناس إليها ونهبوا وقتلوا من بقي من الفرنج، فضربهم الأمراء وأخرجوهم، وقوموا الحواصل التي) بقيت بها بأربعمائة ألف دينار، وأخذوا من الإفرنسيس أربعمائة ألف دينار، وأطلقوه العصر هو وجماعة، فانحدروا في شيني إلى البطس، وأنفذ رسولاً إلى الأمراء يقول: ما رأيت أقل عقل ولا دين منكم. أما قلة الدين فقتلتم سلطانكم، وأما قلة العقل فكون مثلي ملك البحر وقع في أيديكم بعتموه بأربعمائة ألف دينار، ولو طلبتم مملكتي دفعتها لكم حتى أخلص. 4 (كتاب المعظم بالفتح) وجاء إلى دمشق كتاب الملك المعظم فيه. ولما كان يوم أول السنة فتحنا الخزائن وبذلنا الأموال وفرقنا السلاح، وجمعنا العربان والمطوعة واجتمع خلائق، فلما رأى العدو ذلك طلب الصلح على ما كان أيام الكامل فأبينا،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 54 فلما كان الليل تركوا خيامهم وأثقالهم، وقصدوا دمياط هاربين، فطلبناهم وما زال السيف يعمل في أقفيتهم عامة الليل وإلى النهار، فقتلنا منهم ثلاثين ألفاً، غير من ألفى نفسه في اللجج. وأما الأسرى فحدث عن البحر ولا حرج. وطلب الفرنسيس الأمان فأمناه وأخذناه وأكرمناه، وتسلمنا دمياط. وأرسل المعظم إلى نائب دمشق ابن يغمور بغفارة الإفرنسيس فلبسها، وهي سقرلاط أحمر بفرو سنجاب، فكتب إلى السلطان بيتين لابن إسرائيل: (أسيِّد أملاك الزّمان بأسرهمُ .......... تنجّزت من نصر الإله وُعوده)
(فلا زال مولانا يفتح حمى العدى .......... ويُلبسُ أسلاب الملوك عبيده)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 55 4 (سلطنة شجر الدر) وسلطنوا عليهم عز الدين أيبك التركماني، ورجعوا إلى القاهرة، وكاتبوا أمراء الشام. قال سعد الدين: جاء الترك إلى دهليز السلطان وحلفوا لشجر الدر ولنائبها الأمير عز الدين التركماني. وفي صفر شرعت الست شجر الدر في الخلع للأمراء، وأعطتهم الذهب والخيل. وأطلقوا خمسمائة أسير من الفرنج، فيهم مائة فارس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 56 وفي أول ربيع الأول رفعوا خبر فخر الدين ابن الشيخ، وزيادة ثلاثة أضياع للفارس أقطاي الجمدار، وجردوا عشرة أمراء إلى غزة مقدمهم خاص ترك الكبير، ونفوا أولاد الناصر داود. 4 (خروج عسكر مصر لقتال الحلبيين) وفي ربيع الآخر خرج عسكر مصر جميعه لأجل حركة الحلبيين، فسار الملك الناصر صلاح) الدين يوسف صاحب حلب بمن معه من الملوك والعساكر لأخذ البلاد والانتقام ممن قتل السلطان. 4 (دخول الناصر دمشق) وقال غيره: فلما قرب الناصر من دمشق أرسل النائب جمال الدين بن يغمور والقيمرية إلى عزتا فأخرجوا ابن الملك العزيز إلى دمشق واحترموه، وأسكنوه دار فرخشاه. ونزل الملك الناصر بالقصير، ثم انتقل إلى داريا، وزحفوا على دمشق في ثامن ربيع الآخر عند باب الصغير، وكان مسلماً إلى ضياء الدين القيمري، ومن عند باب الجابية، وكان مسلماً إلى ناصر الدين القيمري، فلما وصلوا إلى البابين كسرت لهم الأقفال من داخل، وفتحت لهم الأبواب فدخلوا، ونهبت دار جمال الدين بن يغمور وسيف الدين المشد ودور عسكر دمشق، وأُخذت خيولهم وأمتعتهم. ودخل ابن يغمور إلى القلعة. ثم نودي بالأمان ودخل الملك الناصر يوسف القلعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 57 4 (تسلم ابن المعظم الصبيبة) وكان الملك الناصر داود بن المعظم نازلاً بالعقيبة، فجاءه ابن الملك العزيز الذي كان محبوساً بعزتا فبات عنده، ثم قام بليل فساق إلى الصبيبة، وكان بها خادم له قد كاتبه، ففتح له الخادم بابها فدخلها وتسلمها. 4 (تسلم الناصر بعلبك وصرخد) وأما الملك الناصر فتسلم بعلبك وصرخد. 4 (القبض على السلطان الناصر) ثم تمرض السلطان الناصر وخرج إلى المزة، فبعث ناصر الدين القيمري ونظام الدين ابن المولى الحلبي إلى الناصر داود، وكان نازلاً بالقابون، فحضر معهما إلى السلطان فقبض عليه، ثم بعث به إلى قلعة حمص فاعتقله بها، وأنزل حرمه وأولاده بالخانقاه الشبلية عند ثورا. 4 (فشل محاولة الفتك بعز الدين أيبك) قال سعد الدين: في ربيع الآخر أراد جماعة من البحرية الفتك بعز الدين أيبك التركماني، فمسك منهم قوماً، وحلف الأمراء مرة أخرى. 4 (زواج البحرية والمماليك) ) وفي هذين الشهرين كل يوم يتزوج اثنان ثلاثة من البحرية والمماليك تزوجهم الست بجواري القلعة، وأخرجت معهم نعماً عظيمة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 58 4 (إمساك جماعة من الأمراء) ثم مسكوا أمراء الأكراد سيف الدين القيمري، وجمال الدين هارون، والشرف الشيزري، والعز القيمري، وعلاء الدين بن الشهاب، والحسام ابن القيسي، وقطب الدين صاحب آمد، وقطب الدين صاحب السويدا، وناصر الدين التبنيني، وشرف الدين ابن المعتمد الذي كان والي قلعة دمشق، وشمس الدين ابن بكا الذي كان ولي دمشق، والشجاع الحاجب. 4 (سلطنة عز الدين أيبك واستقالته) ثم في الثامن والعشرين منه تسلطن عز الدين أيبك وركب بأُبهة الملك، ثم في ثاني جمادى الأولى استقال منها، وحلف العسكر للملك الأشرف ابن صلاح الدين ابن المسعود إقسيس ابن الكامل، وله ثمان سنين، وبقي عز الدين أتابكه، وقطعوا جنزي. 4 (إخراج جماعة أمراء من الحبس) وفيه أمروا البندقدار، وأخرجوا جماعة أمراء من حبس الصالح، وهم: بدر الدين يونس، وعلم الدين شمائل، ولؤلؤ الباسلي، وناصر الدين بن برطاس، وآخرين. وهرب خاص ترك الكبير، والشهاب رشيد الكبير، وشهاب الدين ابن العزيز، وجماعة أمراء، وراحوا إلى الكرك. 4 (استيلاء الملك المغيث على الكرك) وجاء الخبر أن الملك المغيث ابن العادل ابن الكامل استولى على الكرك، فبعد أيام قبض المغيث على رشيد الكبير، وعلى ابن الغرز لمكاتبتهم الحلبيين، ومسك المعز عدة أمراء فأسرف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 59 4 (مسير السلطان الناصر إلى مصر) قلت: ثم سار السلطان الملك الناصر يريد الديار المصرية بإشارة نائبه شمس الدين لؤلؤ وإلحاحه عليه، وكان يستهزىء بعسكر مصر ويقول: آخذها بمائتي فارس. وكانت تأتيه كتب من مصر فساروا، وتقدم جمال الدين ابن يغمور وسيف الدين المشد، وتقدم الجيش، وانفرد لؤلؤ وضياء الدين القيمري، وبرز الصالحيون، فكان الملتقى في ذي القعدة عند الصالحية في آخر الرمل، فانكسرت الصالحية ونهبت أثقالهم، وانهزم طائفة منهم إلى الصعيد، وخطب في) ذلك اليوم بالقاهرة وبقلعة مصر للملك الناصر وبات جمال الدين ابن يغمور تلك الليلة بالعباسة، وأحمى الحمام للسلطان، وهيأ الإقامات. هذا، والسلطان ما عنده خبر من نصرته، وهو واقف بسناجقه وخزائنه وخواصه. 4 (كسرة عسكر السلطان الناصر) وأما الصالحية فلما رأوا الكسرة ساق منهم عز الدين أيبك التركماني الذي تسلطن، والفارس أقطاي في ثلاثمائة فارس هاربين طالبين الشام، فمروا في طريقهم بالشمس لؤلؤ، والضياء القيمري، فالتقوا على غير تعبئة، فحمل عليهم لؤلؤ وحملوا عليه، فظفروا به وأسروه، وقتلوا ضياء الدين، ثم قتلوا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 60 لؤلؤ صبراً بين يدي التركماني لأنهم بلغهم استخفافه بهم، وقوله: أنا آخذ مصر بمائتي قناع. ثم ساقوا فاعترضوا طلب السلطان، فخامر جماعة من الأمراء العزيزية عليه، وانحازوا إلى التركماني وجسروه على السلطان، وعطفوا به على الطلب، وكسروا سناجق السلطان، ونهبوا الخزائن، ورموا بالنشاب، فأخذ نوفل البدوي السلطان والخاصكية، ومضى بهم سوقاً إلى دمشق، وكان معه الملك المعظم تورانشاه ولد السلطان صلاح الدين، فأسروا مجروحاً، وجرحوا ولده تاج الملوك ابن تورانشاه، وأسروا أخاه النصرة بن صلاح الدين، والملك الأشرف موسى ابن صاحب حمص، والشريف المرتضى، فمات تاج الملوك من جراحه، فحمل ودفن بالقدس، وجرح حسام الدين القيمري فحمل إلى القدس فمات به. وذكر سعد الدين أنه قتل في هذه الوقعة مع شمس الدين لؤلؤ حسام الدين المذكور، وناصر الدين ابن الأمير سيف الدين القيمري، والأمير ضياء الدين القيمري، والأمير سعد الدين الحميدي، رحمهم الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 61 4 (فكاك أسرى الفرنج) وقال ابن الساعي: لما قتل المعظم ثارت أسرى الفرنج وفكوا قيودهم وقتلوا خلقاً، فأحاط بهم العسكر وقتلوا منهم زيادة على ثلاثة عشر ألفاً. وجاءت الشريف المرتضى هذا ضربة سيف فقال: بقيت ملقى في الرمل يوماً وليلة والدماء تخرج، فمن الله علي بالملك الصالح ابن صاحب حمص، فخيط وجهي بمسلة وحملني وعاينت الموت. وتمزق طائفة كبيرة من الجيش الشامي ومشوا في الرمال وتعتروا. 4 (إعدام الملك الصالح) ) ودخلت الصالحية، الأسرى، والسناجق منكسة مكسرة، والخيول والطبول مشققة، فلما عبروا على تربة السلطان الملك الصالح نجم الدين أحاطوا بالصالح إسماعيل وصاحوا: يا خوند أين عينيك ترى عدوك. ثم رموا الأسارى في الجب، وجمعوا بين الصالح وبين أولاده أياماً، ثم أفردوه وأعدموه سراً، ولم يدر أين دفن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 62 4 (شنق جماعة من أمراء الناصر بالقلعة) وكان أمير الدولة السامري محبوساً في قلعة مصر هو وابن يغمور ناصر الدين، وسيف الدين القيمري ومقدم الخوارزمية صهر الملك الناصر يوسف، فخرجوا من الحبس لما خطب ذلك اليوم للناصر وصاحوا: الملك الناصر يا منصور. فجاء الترك ودخلوا القلعة وشنقوهم، سوى ابن يغمور، فإنه لم يوافقهم، بل جاء وقعد على باب دار حريم التركماني وحماها. وكان الملك الناصر يوسف بعث الصاحب كمال الدين ابن العديم رسولاً إلى بغداد إلى الخليفة ليجيئه بتقليد السلطنة، فدخلها في شعبان. 4 (إخلاء قلعة الجزيرة) وفي وسط السنة أخلى الملك المعز قلعة الجزيرة التي قبالة مصر، وقطعوا جسرها الذي على النيل، ونزل بها نحو مائة نفس يحفظون أبراجها. وكان الملك الصالح قد أنشأها في أيامه، وغرم عليها أموالاً عظيمة لا تحصى، وكان مكانها دور ومساجد ونخل وبستان، فخرب المساجد والدور، وكثر الدعاء عليه لذلك. ثم بعثوا حجارين لخراب سور دمياط باتفاق من أمراء الترك، ثم أحضروا بعد أيام أبوابها إلى مصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 63 4 (القبض على جماعة من الأمراء وغيرهم) وقبض المعز في هذه الأيام على خلق من الأمراء والمفاردة. 4 (كثرة الحرامية ببغداد) وفيها كثر الحرامية ببغداد وصار لهم مقدم يقال له غيث، وتجرأوا على دور الأمراء. 4 (قطع الخطبة ببغداد) وفيها ثارت طائفة من الجند ببغداد ومنعوا يوم الجمعة الخطيب من الخطبة، واستغاثوا لأجل قطع أرزاقهم. وكل ذلك من عمل الوزير ابن العلقمي الرافضي، وكان حريصاً على زوال دولة بني العباس ونقلها إلى العلويين، والرسل في السر بينه وبين التتر، والمستعصم بالله تائه) في لذاته لا يطلع على الأمور، ولا له غرض في المصلحة. 4 (امتناع الحج من الشام ومصر) وفيها حج طائفة من العراق، ولم يحج أحد من الشام ولا مصر لاضطراب الأمور، فأغلق صاحب مكة أبو سعد أبواب مكة، وأخذ على الناس ديناراً، ورتب إماماً للزيدية في الحرم عناداً وتقرباً إلى العلوي الخارج باليمن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 64 ومن زمان المستنصر بالله إلى الآن لم يخرج من بغداد ركب، إنما يتجمع ناس ويحجون مع عرب البصرة يخفرونهم، وذلك لضعف الخلافة وخبث الوزير قاتله الله. 4 (تخريب دمياط) وفيها فرغوا من خراب دمياط، وتفرق أهلها، ونقلوا أخشاب بيوتهم وأبوابها، وتركوها خاويةً على رؤوسها. ثم بنيت بليدة قريباً منها تسمى المنشية. وكان سور دمياط من عمل المتوكل على الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 65 1 (سنة تسع وأربعين وستمائة)
4 (دخول الملك الناصر دمشق) فيها دخل الملك الناصر دمشق، فإنه أقام على غزة حتى تراجع أكثر عسكره. 4 (لقاء العسكرين المصري والشامي) وفيها جاء عسكر مصر فنزلوا على غزة والساحل ونابلس وحكموا على بلاد فلسطين، فجهز الملك الناصر جيشاً، وجاءته النجدة، فسار عسكره إلى غزة، وتقهقر المصريون إلى بلادهم، وأقام عسكر الشام على غزة سنتين وأشهروا، وترددت الرسل بين الملك المعز أيبك، وبين الملك الناصر يوسف. 4 (تملك المغيث الكرك والشوبك) وفيها تملك الملك المغيث ابن الملك العادل ابن الكامل الكرك والشوبك، أعطاه إياها الطواشي صواب متوليها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 66 4 (قصد أقطاي غزة) وفيها قصد الفارس أقطاي غزة في ألف فارس. 4 (زواج المعز بشجر الدر) ) وفيها تزوج الملك المعز بشجر الدر حظية الملك الصالح أستاذه على صداق مبلغه ثلاثون ألف دينار. 4 (إغراق المسعود بن المعظم صاحب الجزيرة) وفيها حاصر لؤلؤ صاحب الموصل الملك المسعود بن المعظم الأتابكي صاحب الجزيرة، وأخذها منه، وأنزله من القلعة وقيده، ثم غرقه. وسلطن بالجزيرة ولده، وأزال عن أهلها كثيراً من المكوس. 4 (مصادرة المصريين) وكان المصريون في هذا العام في جور عظيم ومصادرة لكل أحد حتى آحاد الناس، وأخذوا مال الأوقاف والأيتام على نية القرض، ومن أرباب الصنائع، ومن الأجناد، ومن الشهود.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 67 1 (سنة خمسين وستمائة)
4 (وصول التتار إلى أطراف ديار بكر وغيرها) فيها وصلت التتار إلى أطراف ديار بكر، وميافارقين، وسروج، فعاثوا وقتلوا أكثر من عشرة آلاف، وأخذوا قفلاً كبيراً قد قدم من الشام يكون ستمائة جمل. وقتل مقدمهم كشلوخان في هذه السنة. 4 (حج الركب العراقي) وفيها حج الركب العراقي بعد انقطاعه عشر سنين. 4 (المصالحة بين الناصر والمعز) وفيها توجه نجم الدين البادرائي رسول الخليفة من دمشق إلى المعز أيبك فأصلح بين الناصر والمعز، وكان كل واحد من الطائفتين قد سئم وضر من الحرب. وقرر أن تكون غزة والقدس للمعز، ونابلس وما يليها للناصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 68 وكان معه نظام الدين ابن المولى فرجع بالصلح في أول سنة إحدى وخمسين، وسكنت الفتنة، ولله الحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 69 1 (بسم الله الرحمن الرحيم)
5 (الطبقة الخامسة والستون)
1 (المتوفون سنة إحدى وأربعين وستمائة)
4 (حرف الألف) ) 1 (أحمد بن سعيد بن يعقوب بن إبراهيم)
4 (ابن البناء) البغدادي، الأزجي، شيخ صالح. سمع: أبا الحسين عبد الحق، وأبا العلاء بن عقيل، ونصر الله القزاز. وطلب بنفسه وكتب الأجزاء، وكان يعبر الرؤيا. توفي في التاسع والعشرين من رمضان، وإجازته موجودة للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت جوهر، والقاضي تقي الدين، وابن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعة. روى عنه: ابن النجار، وقال: هو صالح صدوق حافظ لكتاب الله، له معرفة بالعلم والتعبير. 4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أبي القاسم شمس الدين.)
4 (أبو العباس التونسي الشافعي) سمع: الخشوعي، والبهاء ابن عساكر. روى عنه: ابن الحلوانية، والفخر بن عساكر، والخطيب شرف الدين الفزاري. وبالحضور العماد محمد بن البالسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 70 توفي في شعبان. 4 (أحمد بن محمد بن مفلح) المقدسي. توفي بسفح قاسيون كهلاً. وله رواية نازلاً. 4 (أحمد بن أبي الفتح محمد بن أحمد بن بختيار بن علي.)
4 (أبو العباس المندائي، الواسطي) ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع بواسط من: الحسن بن علي السوادي، وأبي طالب محمد بن علي الكتاني، وغيرهما. روى عنه: عز الدين أحمد الفاروثي، وغيره. وتوفي بطريق الحج بوادي الصفراء. روى عنه: مجد الدين ابن العديم. 4 (إبراهيم بن جابر) ) أبو إسحاق المخزومي، المراكشي الواعظ، المعروف بالقفال. قال الأبار: كان عالماً عاملاً. أقام بإشبيلية مدةً، ثم بمراكش، فوعظ بها إلى أن مات. وعاش ثمانين سنة. 4 (إبراهيم بن شكر بن إبراهيم بن علي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 71 4 (وجيه الدين أبو إسحاق السخاوي) أخو الشيخ علم الدين لأمه. حدث عن: أبي القاسم البوصيري بدمشق. روى عنه: التاج الشيخ تاج الدين، وأخوه الخطيب شرف الدين أحمد، وأبو علي بن الخلال، والفخر بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. توفي في سابع عشر ذي القعدة، وله سبعون سنة. وكان فقيهاً عالماً. 1 (إبراهيم بن محمد بن الأزهر بن أحمد بن محمد.) الحافظ تقي الدين 4 (أبو إسحاق الصريفيني، العراقي) الحنبلي. ولد بصريفين سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وكان أوحد عصره، أحد أوعية العلم. رحل في الحديث إلى الشام، والجزيرة، وخراسان، وأصبهان. وصحب الحافظ عبد القادر مدة، وتخرج به. وسمع من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وأبي روح الحصروي، وعلي بن منصور الثقفي الأصبهاني، وعمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله سمع منهما بإربل، وأبا اليمن الكندي، وأبا القاسم الأنصاري الحاكم، وأبا محمد بن الأخضر، وخلقاً من هذه الطبقة. روى عنه: الحافظ الضياء وهو أكبر منه، والمجد بن العديم، والمجد بن الحلوانية، والتاج عبد الرحمن، وأخوه الشرف الخطيب، والزين الفارقي، والبدر بن الخلال، والفخر بن عساكر، وآخرون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 72 قال أبو محمد المنذري: كان ثقة حافظاً صالحاً، له جموع حسنة لم يتمها. وقال العز عمر بن الحاجب: إمام صدوق، ثبت، واسع الرواية، سخي النفس، مع القلة. سافر) الكثير وكتب وأفاد. وكان يرجع إلى فقه وورع. ولي مشيخة دار الحديث بمنبج، ثم تركها وسكن حلب، وولي مشيخة دار الحديث التي لابن شداد. سألت الضياء عنه فقال: إمام حافظ ثقة حسن الصحبة، له معرفة بالفقه. قال العز: قرأ القرآن على والده وعلى الشيخ عوض الصريفيني. وتفقه على عبد الله بن أحمد البوازيجي. وقرأ الأدب على هبة الله بن عمر الدوري. قلت: وقدم دمشق أخيراً، وروى بها. ومات في سادس عشر جمادى الأولى ودفن بسفح قاسيون. وتخاريجه وتواليفه تدل على حفظه ومعرفته. 4 (أسعد بن القاضي أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي.) الأجل، 4 (أبو الفتح الدمشقي، الشافعي) هو أصغر من أخيه تاج الدين أحمد. سمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، ويوسف بن معالي، والخشوعي، وجماعة. روى عنه: الحافظ عبد العظيم، وأخوه أبو الفضل بن الشيرازي. وأجاز للطلبة. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. وتوفي في ذي القعدة، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 73 1 (إسماعيل بن محمود)
4 (الفقيه أبو البركات القزويني الصوفي) ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي الخير القزويني الطالقاني. وولي مشيخة رباط والدة الناصر لدين الله. وتوفي في جمادى الأولى ببغداد، رحمه الله. 4 (أعز بن كرم بن محمد بن علي) أبو محمد وأبو الشكر الحربي، البزاز، ويعرف) 4 (بابن الإسكاف) شيخ جليل مسند مسن. ولد سنة خمس وخمسين. وسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي الحسين عبد الحق، وعمر بن بنيمان. كتب عنه عمر بن الحاجب وقال: لا بأس به. وروى عنه بالإجازة: القاضيان ابن الخوبي وتقي الدين الحنبلي، وبهاء الدين ابن البرزالي، وأبو نصر ابن الشيرازي، ومحمد البحيري، وبنت مؤمن، وأبو المعالي ابن البالسي. وتوفي في التاسع والعشرين من صفر. 4 (حرف الجيم)
4 (جبريل بن محمود بن موسى.)
4 (أبو الأمانة المصري، الحريري) سمع من: العلامة عبد الله بن بري، وسعيد المأموني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 74 روى عنه الحافظان المنذري والدمياطي، وجماعة. وبالإجازة: أبو الفضل ابن البرزالي، وأبو المعالي ابن البالسي. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (حرف الحاء)
4 (حرمي بن موسى بن هلوات) الشيخ الصالح أبو موسى الجذامي الناتلي، الشافعي، الخراط. ولد بمصر في سنة تسع وخمسين. وسمع من: أبي المفاخر سعيد المأموني. روى عنه الحافظان المنذري والدمياطي. وناتل: بطن من جذام، وناتل أيضاً في قضاعة، وفي الصدف. أما أبو عبد الله الناتلي المنسوب إلى ناتل، بليدة بنواحي آمل طبرستان قد خرج منها جماعة من الفضلاء. توفي في أوائل السنة. 4 (الحسن بن الأجل العالم أبي القاسم عبد الرحمن بن علي بن هبة الله.) ) 4 (أبو علي الأنصاري المصري) المقرىء المصحفي. شيخ معمر جاوز التسعين، وحدث عن علي بن نصر الأرتاحي. روى عنه: الزكي المنذري وقال: كان مشهوراً بالخير والصلاح والعفة. وكان قارىء المصحف بجامع مصر كوالده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 75 توفي، رحمه الله، في خامس ربيع الآخر. 4 (حمزة بن عمر بن عتيق بن أوس.)
4 (أبو القاسم الإسكندراني) الأنصاري، المالكي، الغزال. حدث عن السلفي. وكان فقيهاً متيقظاً، له حانوت بقيسارية الغزل. وكان دلالاً. كتب عنه: عمر بن الحاجب، وابن الجوهري. وحدث عنه: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والضياء عيسى السبتي، والجمال بن الصابوني، وغيرهم. توفي في ثالث ذي الحجة. 4 (حرف الخاء)
1 (خديجة بنت الحسين بن علي بن محمد بن يحيى بن عبد العزيز.)
4 (أم البقاء القرشية الدمشقية) كانت صالحة زاهدة قارئة، تحفظ القرآن وتشتغل بالفقه. وهي بنت عم القاضي محيي الدين الزكوي. سمعت من: أبي الحسين أحمد بن الموازيني. وثنا عنها بالإجازة أبو المعالي ابن البالسي. وهي عمة والد المعين القرشي المحدث. توفيت في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 76 4 (خضر بن أحمد بن عبد الله.)
4 (أبو منصور الحربي) ) روى عن: يحيى بن غالب الحربي. وتوفي في المحرم. 4 (خليل بن علي بن حسين.)
4 (أبو النجم الحموي) الحنفي. مدرس الزنجيلية التي عند خان الطعم، وقاضي العسكر. ذهب في الرسلية إلى بغداد، وخدم الملك المعظم، وناب في القضاء عن الرفيع الجيلي. لقيه نجم الدين. توفي في ربيع الأول. 4 (حرف السين)
4 (سلطان بن محمود) البعلبكي الزاهد. من أصحاب الشيخ عبد الله اليونيني، رضي الله عنه. كان من كبار أولياء الله. توقت مدةً من مباح جبل لبنان، وله كرامات وأقوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 77 حكى العماد أحمد بن محمد بن سعد أن الشيخ معالي خادم الشيخ سلطان حدثه أنه سأل الشيخ سلطان، فقال له: يا سيدي، كم مرة رحت إلى مكة في ليلة قال: ثلاث عشرة مرة. قلت: فالشيخ عبد الله اليونيني قال: الشيخ عبد الله لو أراد أن لا يصلي فريضةً إلا في مكة لفعل. وقال الشيخ عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم: لما أُعطي الشيخ سلطان الحال جاء إليه سائس كردي فقال: قد عزلت أنا ووليت أنت، وبعد ثلاثة أيام ادفني. قال: فمات بعد ثلاث ودفنه. وحكى الشيخ الصالح محمود بن سلطان أن أباه كانت تفتح له أبواب بعلبك بالليل. وقال لي: إذا كانت لك حاجة تعال إلى قبري واسأل الله فإنها تقضى. فهذا ما وجدت من أخبار هذا الشيخ، وفي النفس شيء من ثبوت هذه الحكايات. والدعاء عند القبور جائز لكن في المسجد أفضل، وفي السحر أفضل، ودبر الصلاة أفضل، والصلاة لا تجوز عند القبور الفاضلة. وأما مضي الولي إلى مكة فممكن، لكن ذلك بلطيفته لا بهذا الجسد، فالذي أُسري به ليلاً إلى المسجد الأقصى هو سيد البشر، وذلك كان بجسده لا يشاركه في ذلك) بشر إلا أن يشاء الله. 4 (حرف العين)
4 (عائشة بنت أبي المظفر محمد بن علي بن البل الدوري، الواعظ.)
4 (أمة الحكم الواعظة)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 78 سمعت من والدها. وأجاز لها مثل أبي الحسن بن خيرة، والشيخ عبد القادر ابن البطي. روى عنها: المجد ابن الحلوانية، وغيره. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. توفيت في خامس وعشرين جمادى الأولى. 4 (عبد الله بن محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز.)
4 (أبو الفضل العباسي المكي) ثم البغدادي. من بيت علم وشرف. وهو أخو المحدث جعفر. عاش ستاً وخمسين سنة. وحدث عن عبد المنعم بن كليب. 4 (عبد الله بن يوسف)
4 (الفقيه أبو محمد الأنصاري) الأندلسي. أخذ عن: أبي جعفر أحمد بن محمد خطيب قرطبة. ورحل فتفقه بمصر، وأخذ عن: زاهر بن رستم بمكة، وعن: الحافظ ابن المفضل. ومات في جمادى الأولى بالأندلس. 4 (عبد الحق بن خلف بن عبد الحق) ضياء الدين أبو محمد الدمشقي الصالحي، الحنبلي، المغسل، إمام مسجد الأرزة الذي بطريق الجسر الأبيض.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 79 ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة تقريباً. وسمع من: أبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وأبي الغنائم هبة الله بن صابر، وأحمد بن) حمزة ابن الموازيني، والفضل بن البانياسي، وعبد الرزاق النجار، ومحمد بن حمزة بن أبي الصفر، وجماعة. وله مشيخة، وسماه من ابن أبي الوفاء. روى عنه: الحافظان البرزالي، والضياء محمد، وحفيده عز الدين عبد العزيز بن محمد المعدل، وسبط كمال الدين علي بن أحمد القاضي، وأبو علي بن الخلال، والمحدث إسماعيل بن الخباز، والعز أحمد بن العماد، وآخرون. وبالحضور: القاضي تقي الدين سليمان، والعماد ابن البالسي. قال الضياء: هو دين خير. وقال غيره: هو شيخ معمر صالح حسن المحاضرة، حلو النادرة. وقال الزكي عبد العظيم: هو مشهور بالصلاح والخير، وعجز في آخر عمره عن التصرف. وتوفي في العشرين من شعبان. 4 (عبد الرحمن بن عبد السلام بن سكينة) الضرير. فيها. 4 (عبد الرحمن بن يونس بن إبراهيم) أبو محمد الأنصاري، المغربي، التونسي. ولد بتونس سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وقدم الشام فسمع بها من: عمر بن طبرزذ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 80 وكتب بخطه. وكان خيراً، نزهاً، منقبضاً. أقام بدمشق، وكتب عنه: ابن الحاجب، والضياء ابن البالسي. وتوفي، رحمه الله، في شعبان. 4 (عبد العزيز بن الرفيع الجيلي) قيل إنه هلك في آخر السنة، وقيل في أول السنة الآتية. وقد ذكرناه هناك. 4 (عبد الغني بن أحمد بن فهد)
4 (العلثي) سمع: ابن كليب.) وتوفي في ذي القعدة. 4 (عبد اللطيف بن جوهر بن عبد الرحمن) البغدادي، المطرز، الزاهد. كان يطرز ثم تزهد وتعبد وتصوف، وتكلم في الحقيقة، ورزق القبول التام، وصار له أتباع. توفي في ربيع الأول وشيعه أمم. 4 (عبد اللطيف بن أبي الفرج محمد بن علي بن حمزة بن فارس.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 81 4 (أبو طالب ابن القبيطي، الحراني) ثم البغدادي، التاجر، الجوهري، مسند العراق في وقته. ولد في شعبان سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وسمع من: جده أبي الحسن، والشيخ عبد القادر الجيلي، وابن البطي، وأبي زرعة، وأحمد بن المقرب، وهبة الله بن الحسن الدقاق، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النقور، وسعد الله بن الدجاجي، وعبد الله بن منصور الموصلي، وأبي محمد بن الخشاب، وشهدة، وجماعة. وروى الكثير. وسمع منه الحفاظ. وكان ديناً خيراً، حافظاً للقرآن، محباً للرواية. تكاثر عليه الطلبة وحملوا عنه الكثير. وروى المقامات عن ابن النقور، عن الحريري، وروى سنن الترمذي بفوت سبعة أجزاء، أول الفوت باب الإحداد في الجزء التاسع عشر إلى باب عفو النساء عن الدم في الجزء الخامس والعشرين. ثم الجزء السابع والعشرين بكماله، عن أبي زرعة، وروى عنه سنن ابن ماجة بفوت أوله من ترجمة من لبد رأسه، وآخره للأضاحي واجبة أم لا، عن أبي زرعة أيضاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 82 وروى مسند الحميدي عن الباجسرائي، وديوان المتنبين عن ابن الوكيل، وغريب الحديث لأبي عبيد، عن عبد الحق، وفصيح ثعلب عن غلام التبريزي، ومغازي الأموي عن عبد الله بن منصور، ومصافحة البرقاني، عن شهدة، وسنن الدارقطني، عن عبد الحق، وفضائل القرآن لأبي عبيد، عن أبي زرعة. وروى جزء الحفار وتذكرة الحميدي، وأخلاق حملة القرآن للآجري، وجزء ابن مخلد، وجزء) البانياسي وأربعة مجالس ابن أبي الفوارس. وروى المستنير في القراءات، عن ابن المقرب، عن مؤلفه. وولي مشيخة المستنصرية بعد ابن القطيعي، وعفي من المجيء إليها، فكان يقيم الوظيفة في بيته. روى عنه: جمال الدين أبو بكر الشريشي، والعلاء بن بلبان، وتقي الدين ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن بن زيد، والرشيد محمد بن أبي القاسم، والعماد إسماعيل ابن الطبال، والشيخ شمس الدين محمد بن العماد، والمجد عبد العزيز ابن الخليلي، والشيخ عبد الساتر بن عبد الحميد، والقطب سنجر النحوي، وأحمد بن عبد الله بن عبد الهاد، ومحمد بن أحمد بن معضاد الصرصري، والإمام أبو محمد عبد الجبار بن عبد الخالق بن عكر الواعظ. وأنا عنه: أبو بكر بن البزوري، وأبو الحسن الغرافي، وسنقر القصابي. وتوفي في منتصف جمادى الآخرة. وقد تفرد بالسماع من الشيخ عبد القادر. وقبيط حران: حلاوة تعمل من العسل. قال السيف ابن المجد: شيخ متيقظ، حافظ لأمره، رأيته بآخرة ملازماً لبيته طول الزمان يخرج إلى الجمعة فقط.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 83 وكان يؤثر الخمول، وكان كثير الحكايات، ويتشدد في إعارة كتبه. وقد عمل التجارة إلى مصر والروم والشام سنين. ثم تجر ابن امرأته إلى المغرب وذهب ماله وبقي له دويرات فيها كراء. وإجازته متيسرة لجماعة منهم البحيري، وبنت الواسطي، وابن العماد الكاتب. 1 (عبد الملك بن عبد الحق بن عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي.)
4 (مجد الدين أبو الوفاء ابن الحنبلي) الأنصاري، العبادي، السعدي، الشيرازي الأصل، الدمشقي. ابن عم الناصح ابن الحنبلي. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ورحل إلى الإسكندرية، وسمع من السلفي الأربعين. وسمع بمكة من المبارك بن الطباخ، وبدمشق من أبي الحسين بن الموازيني. وأم بمسجد الرياحين مدة. روى عنه: الزكي البرزالي في حياته، والمجد ابن الحلوانية، والبدر بن الخلال، والشهاب بن) مشرف، وعبد الرحمن بن الإسفرائيني، وجماعة سواهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 84 وبالحضور العماد بن النابلسي. وتوفي في ثامن جمادي الآخرة، رحمه الله تعالى. 4 (عبد الواحد بن عبد الرحمن بن أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن الحسن بن) هلال بن الحسين. العدل، مخلص الدين 4 (أبو المكارم الأزدي الدمشقي) ولد سنة خمس وستين، وسمع سنة سبعين من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر. وسمع من: أبي سعد بن أبي عصرن، وأسامة بن منقذ، وابن صدقة الحراني، وغيرهم. وكتب عنه الحافظ، وحدث عنه: الزكي البرزالي، وابن الحلوانية، ومجد الدين العديمي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفداء بن عساكر، والنجم بن صصرى الكاتب، والشرف بن عساكر، وجماعة سواهم من شيوخنا. وتوفي في الخامس والعشرين من رجب، رحمه الله. 4 (عثمان بن أسعد بن المنج)
4 (بن أبي البركات.) الأجل عز الدين، أبو عمرو، وأبو الفتح التنوخي، الدمشقي، الحنبلي. والد شيخينا زين الدين المنجا، ووجيه الدين محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 85 وصدر الدين أسعد واقف المدرسة الصدرية. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة. وسمع بمصر من البوصيري، وببغداد من: ابن بوش، وعبد الوهاب ابن سكينة. ودرس بالمسمارية نيابةً عن أخيه القاضي شمس الدين عمر. وكان ذا مال وثروة ويتعانى التجارات والمعاملة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وأبو علي بن الخلال، وابناه الوجيه وزين الدين. وتوفي في مستهل ذي الحجة. وفيها توفي أخوه كما يأتي. 4 (علي بن إسماعيل بن خلف بن سكين.) ) 4 (أبو الحسن الإسكندراني المالكي) سمع من: محمد بن عبد الرحمن الحضرمي القاضي. وذكر أنه سمع من السلفي. وولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. روى عنه الدمياطي، وقال: توفي في ذي الحجة. 4 (علي بن زيد بن علي بن مفرج.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 86 4 (أبو الرضا الجذامي السعدي) التسارستي، وتسارس من قرى برقة، ثم الإسكندراني، المالكي، الخياط، ثم الضرير. ولد سنة ستين وخمسمائة، وسمع من السلفي. وقدم دمشق في شبيبته. سمع منه: عمر بن الحاجب وقال: كان شاعراً فاضلاً حسن السمت. قلت: روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والضياء السبتي، ونصر الله بن عياش، والتاج الغرافي، وجماعة. وقد تفرد بالرواية عنه أبو القاسم بن جماعة بالإسكندرية. وروى عنه بالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. وتوفي في الثامن والعشرين من رمضان. أخبرنا نصر الله، أنا علي بن زيد، أنا السلفي، أنا الفضل بن عبد العزيز: ثنا أحمد بن محمد الأنماطي، أنا أبو بكر الشافعي، ثنا محمد بن غالب، ثنا عبد الصمد بن النعمان، ثنا ورقاء بن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه. قال ابن عباس: أحسب كل شيء بمنزلة الطعام. 4 (علي بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن.)
4 (أبو الحسن ابن الفخار الشريشي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 87 شيخ فاضل عالم. حدث عن: أبي الحسن بن لبال، وأبي عبد الله بن الفخار، وأبي محمد بن عبيد الله.) روى عنه: أبو عبد الله الأبار. وذكر الشريف عز الدين وفاته في ربيع الأول، وقال: كان مدار الفتوى عليه ببلده. وزاد أنه سمع من: أبي عبد الله بن زرقون وأنه توفي سنة اثنتين وأربعين. 4 (علي بن محمد بن علي بن أبي الفرج مهران بن علي بن مهران.)
4 (الإمام محيي الدين أبو الحسن القرميسيني) الإسكندراني، الفقيه الشافعي. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة. وتفقه على جماعة، وأتقن المذهب ولازم أبا العز مظفر بن عبد البر الشافعي المعروف بالمقترح. وسمع من الإمام: أبي طاهر إسماعيل بن عوف، وعبد العزيز بن فارس الشيباني الطبيب، ومحمد بن محمد الكركنتي. وتأدب وقال الشعر، وولي جامع الشافعية بالثغر، ودرس وأفتى وتخرج به جماعة مع الدين والصيانة. وهو من بيت فضل وتقدم. روى عن كتاب الفارقي، وغيره. حدث عنه: الحافظ أبو الحسن بن المفضل. وكان أبو الفرج من نبلاء التجار المسافرين، كتب عنه السلفي. روى عن المحيي: الحافظان المنذري والدمياطي. وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 88 4 (علي بن أبي الفخار هبة الله بن أبي منصور محمد بن هبة الله بن محمد.)
4 (الشريف أبو التمام الهاشمي) العباسي، من ولد أخي السفاح بن محمد. ولي خطابة جامع فخر الدولة ابن المطلب. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي زرعة، وأحمد بن المقرب، وسعد الله ابن الدجاجي، وغيرهم، وممن جاوز التسعين، فإنه ولد في أول يوم من عام أحد وخمسين. وحدث عن ابن المادح بنسخة محمد بن السري فيما بلغني، فهو آخر من أدرك ابن المادح. روى عنه: ابن الحلوانية، وأبو القاسم بن بلبان، والتقي ابن الواسطي، وسنقر القضائي الحلبي،) وجماعة. وكتب عنه: عمر بن الحاجب، والقدماء. وقال ابن نقطة: الثناء عليه غير طيب. قلت: قد عاش بعد هذا القول زماناً ولعله انصلح. وقد روى عنه بالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وأحمد بن سليمان الأرزوني، وفاطمة بنت الناصح بن عياش، وهدية بنت عبد الله بن مؤمن، وجماعة سواهم. توفي في ثاني جمادى الآخرة. 4 (علي بن يحيى بن أحمد بن عبد العزيز)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 89 الرئيس زين الدين أبو الحسن بن السدار الأنصاري، المصري، الكاتب، المنشىء البليغ. ولد بالقاهرة في الدولة العبيدية المصرية في سنة خمس وخمسين. وخدم في شبيبته. قال الحافظ عبد العظيم: كتب في ديوان الإنشاء للدولة الناصرية والعادلية والكاملية. وهو أخو الوجيه محمد المتوفي قبله. توفي في رابع شعبان. وقد حدث عن: العلامة أبي الطاهر بن عبد. روى عنه: الحافظ عبد العظيم. وأجاز للعماد ابن البالسي، وأضرابه. 4 (علي بن يحيى بن حسن) الواسطي الأديب، أبو الحسن بن بطريق الشاعر. كان فقيهاً فاضلاً أصولياً، قدم الشام ومدح ملوكها، ثم عاد إلى بغداد. فمن شعره: (أجمال من أحببته وجماله .......... حُلوان لولا هجره ودلاله)
(وعتابه وملاله لمحبّه .......... مُرّان لولا عطفه ووصاله)
(كم ذا أغضّ على القذا جفن الرّضا .......... وأقول يا قلبي عسى إقباله)
(وأرى اللّيالي تنقضي وما انقضى .......... عمري ووجدي ما انقضت أشغاله)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 90 (قلبي الّذي حمل الهوى وشكى الضنا .......... ما باله لا خففت أثقاله) ) (قد كان يوعدني التّسلّي عنهم .......... لكن يوم البين بان مُحاله)
(لو أنّهم رحموه كنت عذرتُهُ .......... فيهم لكنّ دأبهم إهماله) توفي في عاشر صفر، وهو في عشر السبعين. خدم في ديوان الإنشاء مدة. 4 (علي بن يرنقش.)
4 (الأمير أبو الحسن شجاع الدين الدمشقي) توفي بالقاهرة في المحرم عن سن عالية. روى عن أبي الحسن علي بن الساعاتي شعراً. روى عنه: الزكي المنذري، وسأله عن مولده فقال: بدمشق في سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وهو أخو الأمير أبي شامة مسعود. 4 (عمر بن أسعد بن المنجا بن أبي البركات.)
4 (القاضي شمس الدين أبو الفتح التنوخي) المعري الأصل، الدمشقي، الفقيه الحنبلي، مدرس المسمارية. ولي قضاء حران مدة، وكذا ولي أبوه قضاء حران. وكان عارفاً بالقضايا، بصيراً بالشروط، صدراً نبيلاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 91 ولد بحران وأبوه على قضائها في الدولة النووية، ونشأ بها وتفقه على والده. ثم قدم دمشق معه وسمع من: أبي المعالي بن صابر، وأبي سعد بن أبي عصرون، وأبي الفضل بن الشهرزوري قاضي دمشق، وابن صدقة الحراني. ورحل هو وأخوه عز الدين فسمعا من: يحيى بن بوش، وعبد الوهاب ابن سكينة، وعبد الوهاب بن أبي حبة. روى عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، ومجد الدين ابن العديم، وسعد الخير بن النابلسي، وأبو علي بن الخلال، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي بن البالسي. وآخر من حدث عنه بنت المعمرة المسندة ست الوزراء. توفي في ثامن عشر ربيع الآخر وله أربع وثمانون سنة. 4 (حرف الفاء) ) 4 (فاطمة بنت أبي الفتح)
1 (محمد بن محمد بن المعز الحراني، ثم البغدادي.) عين النساء. روت عن: عبد الحق اليوسفي، وعبيد الله الشاتيلي. وتوفيت في تاسع ربيع الأول. روى لنا عنها بالإجازة الفخر بن عساكر، وبنت سليمان. 4 (حرف القاف)
4 (قريش بن فيروز) أبو محمد الرومي، ثم البغدادي القطيعي، المقرىء، البواب. راوي التاريخ الكبير للبخاري، عن عبد الحق اليوسفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 92 ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وكان شيخاً مسناً، مليح الشكل والبزة. من مسموعه أيضاً كتاب الغرباء للآجري. روى عنه: جمال الدين محمد الشريشي، وتاج الدين علي الغرافي، وغيرهما. وبالإجازة: القاضيان ابن الخوبي وتقي الدين سليمان، وأبو الفضل بن البرزالي، وأبو المعالي ابن البالسي، وجماعة. توفي رحمه الله في الحادي والعشرين من شعبان. 4 (حرف الكاف)
4 (كريمة بنت أبي صادق) عبد الحق بن هبة الله بن ظافر بن حمزة القضاعي، المصري، الشافعي. أم الفضل، شيخة صالحة، وهي أخت محمد. سمعت من: إسماعيل بن قاسم الزيات. روى عنها: الحافظان عبد العظيم وعبد المؤمن، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. وتوفيت في منتصف ذي الحجة. وقد حدث أبوها، وجدها.) 4 (كريمة فخر النساء)
4 (بنت المحدث أبي الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم بن الحسين.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 93 الدمشقية. سمعت من: الخشوعي، وست الكتبة بنت الطراح. روى عنها: المجد ابن الحلوانية. ولم يحدثنا أحد عنها. توفيت في ثالث عشر ذي الحجة عن نحو خمسين سنة. 4 (كريمة بنت المحدث عبد الوهاب) العدل الأمين أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي. الشيخة المعمرة، مسندة الشام، أم الفضل القرشية الزبيرية الدمشقية، بنت الحبقبق. ولدت سنة خمس أو ست وأربعين وخمسمائة. وسمعت أجزاء يسيرة من أبي يعلى حمزة بن الحبوبي، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وحسان بن تميم الزيات، وعلي بن مهدي الهلالي، وعلي بن أحمد الحرستاني على مقال فيه. وتفردت في الدنيا بالرواية عنهم. روت بالإجازة صحيح البخاري عن أبي الوقت، وهي آخر من روى عنه بالإجازة. وروت أيضاً الكثير كتابةً عن: مسعود الثقفي، وأبي عبد الله الرستمي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، والقاسم بن الفضل الصيدلاني، ورجا بن حامد المعداني، وعبد الحاكم بن ظفر، ومحمود فورجة، وأبي الفتح بن البطي، والشيخ عبد القادر الجيلي، وخلق سواهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 94 وخرج لها الحافظ أبو عبد الله البرزالي مشيخة في ثمانية أجزاء وقد تفرد بروايتها عنها الزين إبراهيم بن الشيرازي. وكانت امرأة صالحةً طيبةً جليلة، طويلة الروح إلى الغاية على الطلبة، لا تضجر من التسميع. أخذ عنها حفاظ وأئمة، وحدثت نيفاً وأربعين سنة. روى عنها: الحفاظ شمس الدين ابن خليل، وزكي الدين البرزالي، وضياء الدين المقدسي، وزكي الدين المنذري، وشرف ابن النابلسي، وجمال الدين ابن الصابوني، وجمال الدين ابن الظاهري، وعلاء الدين ابن بلبان، وشمس الدين ابن هامل، وخديجة بنت تميمة، والشرف عمر) بن خواجا إمام، والصدر محمد بن حسن الأرموي، وزين الدين عبد الله الفارقي، والتقي بن مؤمن، وداود بن حمزة، وأخوه القاضي تقي الدين، وست الفخر بنت عبد الرحمن بن الشيرازي، وبنت عمها ست القضاة، والزين إبراهيم بن القواس، والشرف عبد المنعم بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان الأنصاري، وعيسى بن عبد الرحمن المطعم، والتاج علي بن أحمد الغرافي، وأبو المحاسن بن الحرفي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، وخلق كثير. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي، ومحمد بن الكركرية، وأبو الفضل ابن البرزالي. وتوفيت ببستانها بالميطور في رابع عشر جمادى الآخرة، ودفنت بسفح جبل قاسيون. وروى الحديث أخواها علي وصفية، وأبوها وعمها الحافظ عمر بن علي القرشي، وابنه عبد الله بن عمر. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن خلف.) قاضي الجماعة 4 (أبو الوليد بن الحاج التجيبي)
1 (الأندلسي، القرطبي، المالكي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 95 ذكره الأبار فقال: سمع من مشايخ بلده، ودخل بلنسية وسمع من شيخنا أبي الربيع بن سالم. قال: وأجاز له: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو بكر بن الجد، وأبو عبد الله ابن زرقون، ونظراؤهم. وولي قضاء قرطبة فحمدت سيرته، وعرف بالفضل ولين الجانب. ثم خرج من قرطبة لدخول الروم، لعنهم الله، إليها فولي قضاء إشبيلية. وقد حدث، وأخذ عنه. وتوفي بإشبيلية في أوائل جمادى الأولى. قلت: هو جد شيخنا الإمام أبي الوليد محمد بن أحمد بن أبي الوليد بن الحاج إمام مقصورة المالكية، بارك الله في عمره. وقال الشريف عز الدين أبو القاسم الحسيني في الوفيات له أن القاضي أبا الوليد هذا روى عن) أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حبيش، ويحيى بن عبد الرحمن المجريطي. قال: وله مشيخة. وكان يفهم الحديث. توفي هو وابن عمه قاضي غرناطة في عام. 4 (محمد بن أحمد بن علي)
4 (الفقيه أبو عبد الله بن جارة الأزدي) الإسكندراني. روى عنه الدمياطي حديثاً عن فتوح بن خلف صاحب السلفي. 4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الصمد.)
4 (أبو عبد الله بن الطرسوسي الحلبي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 96 سمع: أباه، وأبا سعد بن أبي عصرون، وأبا الفتح عمر بن علي الجويني، ويحيى بن محمود الثقفي. وحدث بحلب ودمشق. وكان صالحاً متزهداً منقبضاً. وكان والده من الزهاد الفضلاء. روى عن: أبي عبد الله الصاحب أبو المجد بن العديم، وغيره. وتوفي في المحرم وله سبعون سنة. 4 (محمد بن أبي جعفر) وقيل ابن جعفر، بن يحيى بن محمد بن أبي فراس. الأمير حسام الدين أبو فراس الحلي. كان بطلاً شجاعاً محترماً ببغداد. ولي نيابة واسط، وحج بالناس خمس عشرة حجة نيابةً واستقلالاً. وكان قد عانده الوزير مؤيد الدين القمي، ففارق الركب العراقي، وقصد الملك الكامل صاحب مصر فأكرم مورده، فلما مات القمي عاد إلى العراق، فأعيد إلى رتبته وزعامته. وتوفي في شوال. وكانت له جنازة مشهودة، وحمل فدفن بمشهد الحسين، رضي الله عنه. 4 (محمد بن الحسين بن علي بن أبي البدر)
4 (أبو جعفر البغدادي الكاتب) أحد من عني بالحديث، وسمع الكثير. وانتقى على جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 97 وسمع من: عبد الله بن دهيل بن كارة، وعبد العزيز ابن الأخضر، وهذه الطبقة.) وله إجازة من أبي منصور بن عبد السلام، وابن كليب. وسمع جزء ابن عرفة من خلق نحو المائتين. وفي حاله مقال. 4 (محمد بن رومي بن محمد بن رومي بن أحمد بن زنك.)
4 (أبو عبد الله الغوطي الحرداني) ثم السقباني. حدث في هذا العام عن الحافظ ابن عساكر بجزء من حديثه. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والبدر بن الخلال، والعماد بن البالسي حضوراً. وكتب عنه ابن الحاجب، والقدماء. 4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن أحمد بن خلف.)
4 (أبو الحسن ابن الحاج التجيبي)
4 (القرطبي، المالكي ابن عم القاضي أبي الوليد المذكور أنفاً.) سمع من: أبي العباس المجريطي، وأبي جعفر بن يحيى، وأبي القاسم بن بقي، وجماعة. وأجاز له: أبو محمد بن عبيد الله، وأبو عبد الله بن زرقون، وأبو الوليد يزيد بن بقي، وجماعة. قال الأبار: ولي القضاء بغرناطة وبالجزيرة الخضراء، فحمدت سيرته وحدث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 98 وتوفي بمراكش وله سبع وستون سنة. 4 (محمد بن عبد الملك بن عثمان.)
4 (شرف الدين أبو عبد الله المقدسي) الحنبلي، الصالحي، أخو الزين أحمد. سمع: أبا طاهر الخشوعي، وجماعة. وبأصبهان من: عفيفة الفارقانية، وأسعد بن سعيد، والمؤيد ابن الأخوة، وجماعة. حدث هذه السنة بمصر فسمع منه عيسى الحميدي، وعبيد الإسعردي. وسمع منه بغزة كمال الدين ابن العديم، وغيره. حدث عنه: مجد الدين ابن الحلوانية، وبيبرس العديمي. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي. وروت عنه مريم أخت المحب حضوراً. 4 (محمد بن عقيل بن عبد الواحد بن أحمد بن حمزة بن كروس.) ) المحتسب جمال الدين، 4 (أبو المكارم السلمي الدمشقي) ولد سنة أربع وستين وخمسمائة. وسم بها من: بهاء الدين القاسم بن عساكر، وابن حيوس. وكان رئيساً محتشماً قيماً بالحسبة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وغيره. ونا عنه محمد ابن خطيب بيت الأبار. ومات في سابع عشر شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 99 4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن محارب.)
4 (المحدث أبو عبد الله القيسي) الغرناطي ثم الإسكندري. ولد بالإسكندرية سنة سبع وخمسين تقريباً أو قبل ذلك. وقال الأبار: ولد سنة أربع وخمسين. وسمع من: أبي الطاهر إسماعيل بن عوف، والقاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وعبد العزيز بن فارس، وحماد بن هبة الله الحراني، وابن موقا، ومنصور بن خميس، وجماعة. وسمع بمصر من: أبي القاسم البوصيري. وبدمشق من: أبي اليمن الكندي. وببغداد من: أبي محمد بن الأخضر. ودخل الأندلس قبل ذلك فسمع بمرسية من: أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي حمزة، وبغرناطة من قاضيها أبي محمد عبد المنعم بن الفرس، وأبي جعفر أحمد بن علي بن حكم سمع منه الشفا بسماعه لجميعه من القاضي عياض. وسمع من: أبي بكر عبد الله بن طلحة المحاربي. وأجاز له أبو محمد التادلي روايته عن أبي محمد بن عتاب خاصة. وكان يقول إنه سمع من السلفي الأربعين البلدانية. وكانت له عناية جيدة بالحديث ومعرفة وإتقان. وكتب بخطه، وحصل الأصول. وطال عمره. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وأبو القاسم بن بلبان، والضياء عيسى السبتي، ونصر الله بن) عياش السكاكيني، وجماعة. توفي هو وكريمة القرشية في ليلة واحدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 100 حدثني ابن رافع أن الحافظ عبد الكريم أراه أصل سماع ابن محارب بالأربعين من السلفي. ورأيت بخط ابن عرام الشاذلي أن ابن محارب حدث بالأربعين السلفية في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وستمائة، بسماعه من الحافظ، فسمعها منه الدمياطي. والتقى عبيد الإسعردي، وعيسى بن يحيى السبتي، وعيسى بن أبي بكر الحميدي. 4 (محمد بن محمد بن أحمد بن مروان بن فهر.)
4 (أبو الفضل اللخمي) عرف 4 (ابن أبي نباتة الإشبيلي) روى عن: أبيه القاضي أبي بكر وعن: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي جعفر بن مضاء، وجماعة. قال الأبار: كان صاحب ضبط وتقييد. ثم ورخه بالسنة. 4 (محمد بن النفيس بن أبي القاسم.)
4 (أبو عبد الله الحربي السنكي) بفتح السين والنون. وهو يشتبه بالسبكي. روى عن: علي بن الحسين بن بنات. ومات في المحرم. 4 (محمد بن نصر بن قميرة) أخو المؤتمن. وله ستون سنة إلا سنة. 4 (محمد بن الخطيب أبي طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد.)
4 (العالم أبو عبد الرحمن الأسدي)
1 (الحلبي) خطيب حلب وابن خطيبها.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 101 ولد في حدود الستين وخمسمائة، ونيف على الثمانين. وحدث عن أبيه. ولأبيه ديوان خطب. وكانا شافعيين. روى عن هذا: مجد الدين العديمي في معجمه حديثاً واهياً. وتوفي في ربيع الأول. وله ذرية بحلب. 4 (محمد بن أبي سعد بن حسين.)
4 (أبو عبد الله الأسدي الحلبي) شيخ زاهد جليل. ولد سنة ستين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي. روى عنه: مجد الدين أيضاً. ومات بحلب في رمضان. 4 (محاسن بن أبي القاسم بن محمد الجوبري.) الخباز المعروف 4 (ابن الرطيل) سمع من: أبي القاسم الحافظ جزءاً. روى عنه: البرزالي، وابن الحلوانية في معجميهما. روى عنه بالحضور: أبو المعالي بن البالسي. وتوفي بجوبر في الرابع والعشرين من شعبان. 4 (معيوف بن نصر بن جميل.) الزاهد أبو الفرج الواسطي، المعروف 4 (ابن المعلم) قرأ القرآن وجوده، وحصل الأدب. وتفقه للشافعي. وقدم بغداد فسمع من: ابن كليب، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 102 وصحب الصالحين. قال ابن النجار: علقت عنه أناشيد، وكان صالحاً، كثير العبادة، متورعاً، لازماً للانقطاع، متواضعاً.) توفي ببغداد في ربيع الأول. 4 (مهلهل بن بدران)
4 (بن يوسف بن عبد الله بن رافع بن يزيد.) الأمير الأجل، المحدث، أبو المنصور ابن الأمير مجد الملك الأنصاري الحساني، الجيتي، المصري، الحنبلي. من ولد حسان بن ثابت. وقد ساق الحافظ أبو محمد المنذري نسبه إلى حسان. سمع بنفسه في شبيبته من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي، والنقيب محمد بن الحصين الفاطمي، وابن نجا، وبنت سعد الخير، والحافظ عبد الغني، وجماعة كثيرة. وقرأ ونسخ وحدث. وجيت قرية من عمل نابلس. ولد بمصر في حدود سنة سبع وستين وخمسمائة، وبها توفي في سابع عشر شعبان. روى عنه: الزكي عبد العظيم. وسمع منه شيخنا أبو محمد الدمياطي ولم يرو عنه، كأنه ضاع سماعه منه. وروى عنه: المجد ابن الحلوانية. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 103 4 (حرف النون)
4 (نصر بن رضوان بن ثروان) الفردوسي الداري، المقرىء الصالح الملقن بالجامع بحلقة الحنابلة. روى عن: الخشوعي، ويوسف بن معالي، والجنزوي. روى عنه: البرزالي، وابن الحلوانية، وأبو إسحاق المخرمي، وغيرهم. توفي في الخامس والعشرين من شعبان عن سنة. 4 (النظام القزويني) صدر كبير قدم دمشق رسولاً من التتار على الملك الصالح إسماعيل، وركب الصالح لتلقيه، وكان في صحبته غلام، شراؤه عليه ألف دينار. فذبحه الغلام ودفن بقاسيون بعد أن أدى الرسالة. 4 (حرف الياء) ) 4 (يونس) السلطان الملك الجواد مظفر الدين ابن الأمير مظفر الدين ممدود ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب. كان في خدمة عمه الملك الكامل فوقع بينهما واقع، فغضب وسار إلى عمه الملك العظيم، فأقبل عليه وأحسن إليه. ثم عاد إلى مصر واصطلح مع الكامل. فلما مات الملك الأشرف جاء مع الكامل إلى دمشق، فلم يلبث
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 104 الكامل أن مات، وتملك الملك الجواد دمشق. وكان جواداً كلقبه، ولكن كان حوله ظلمة. وهو مبذر لما في الخزائن. قصد الناصر داود والتقاه فانهزم الناصر. وكان المصاف على مكان يقال له ظهر حمار، فاحتوى الجواد على خزائن الناصر وذخائره، ثم دخل نابلس ونزل بدار المعظم، واحتوى على ما فيها. وولى نوابه بالقدس وأعمالها. فلما بلغ العادل بن الكامل ذلك خاف منه وأمره برد بلاد الناصر إليه وبالرجوع إلى دمشق. فترحل ودخل دمشق في تجمل عظيم، وزينت دمشق زينة ما سمع بمثلها، وتمكن واستقل بالسلطنة، إلا أن الخطبة للعادل قبل الجواد، فانتدب له عماد الدين ابن شيخ الشيوخ. وفي وقعة ظهر الحمار يقول الحماد بن عبد، وأجاد: (يا فقيهاً قد ضلّ سبيل الرشاد .......... ليس يغني الجدال يوم الجلاد)
(كيف يُنجي ظهر الحمار هزيماً .......... من جواد يكرّ فوق جواد) وكان يحب الصالحين والفقراء. وتقلبت به الأحوال وعجز عن مملكة دمشق وتقلقل، فكاتب الملك الصالح نجم الدين ابن الكامل فقدم وسلم إليه دمشق وعوضه بسنجار وعانة. وسار إلى الشرق فلم يتم له الأمر وأخذت منه سنجار وبقي في عانة. وسار إلى بغداد وأنعم عليه، وباع عانة للخليفة بجملة من الذهب. ثم سار إلى الديار المصرية وافداً على الملك الصالح، فهم بالقبض عليه، فتسحب إلى الكرك إلى عند الملك الصالح، فقبض عليه، ثم انفلت منه وقدم على الملك الصالح إسماعيل صاحب دمشق، فلم يبش له. فقصد ملك الفرنج الذي بالساحل، صيدا وبيروت، فأكرموه وشهد معهم وقعة قلنسوة، وهي من أعمال نابلس، قتلوا فيها ألف مسلم. فنعوذ بالله من مكر الله. وما أمكنه أن يدفع عن المسلمين بكلمة.) ثم بعث إليه إسماعيل الأمير ناصر الدين ابن يغمور ليحتال في القبض عليه بخديعة، فيقال إنه اتفق معه على إسماعيل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 105 ثم إن إسماعيل ظفر بالجواد وسجنه بحصن عزتا، وسجن ابن يغمور بقلعة حلب. فطلب الفرنج الملك الجواد من إسماعيل وقالوا: لا بد لنا منه. فأظهر أنه قد مات، وأهله يقولون إنه خنقه، فالله أعلم. ودفن في شوال بقاسيون بتربة المعظم. ويقال كانت أمه إفرنجية. 4 (يونس بن منصور بن إبراهيم بن عبد الصمد بن معالي.)
4 (أبو بكر السقباني المؤذن) كان شيخاً صالحاً يؤذن احتساباً. سمع من: الحافظ القاسم بن عساكر. كتب عند ابن الحاجب، والضياء ابن البالسي، وجماعة. وحدث عنه: ابن الحلوانية. وأبو علي بن الخلال. وبالحضور أبو المعالي بن البالسي. حدث في هذه السنة، وتوفي فيها أو بعدها. 4 (يونس بن يوسف بن سليمان بن محمد بن محمود بن أيوب.)
4 (المحدث أبو سهل الجذامي الأندلسي) القصري، قصر عبد الكريم. كان يعرف بابن طربجة. له مشاركة جيدة في فنون من العلم. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: سمع من أبي الحسن نجية بن علي، وأبي ذر بن أبي ركب الخشني، وأبي محمد بن عبيد الله، وجماعة. وأجاز له أبو بكر بن الجد، وغيره. وطوف ونزل تونس ثم ولي قضاء طرابلس الغرب. ثم انتقل إلى القاهرة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 106 في سنة سبع وعشرين فحظي هناك، وخلف أبا الخطاب بن الجميل يعني ابن دحية بعد وفاته. قال: وكان يتمسح كثيراً فيما يحدث به. وتوفي في آخر سنة إحدى وأربعين.) قلت: روى عنه الدمياطي، وقال: كان قليل الرواية. كتبت عنه أناشيد للمغاربة. وتوفي في الثامن والعشرين من رمضان. وقال الشريف عز الدين: روى عن: الحافظ ابن عبد الواحد الغافقي، وغيره. وتولى مشيخة دار الحديث الكاملية دار الحديث الكاملية مدة. واختصر صحيح مسلم. 4 (الكنى)
4 (أبو شكر الشعيبي) الزاهد، أحد الأولياء بميافارقين. والشعيبية من قرى ميافارقين. قال سعد الدين الجويني: كان من صلحاء الأبدال. صاحب علم وعمل ورياضات ومجاهدات. سألني السلطان الملك المظفر أن أقول له أن يأذن له في زيارته فلم يجب، وقال: أنا أدعو له أن يصلحه الله لنفسه ولرعيته ليجتهد أن لا يظلم. قال: وكان أكثر أوقاته يتكلم على الخاطر. وكان كثيراً ما يقول عقيب كلامه: اللهم ارحمنا. وسألته عن التتار قبل أن يطرقوا البلاد فزفر زفرةً ثم أنشد:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 107 (وما كلّ أسرار النّفوس مُذاعةٌ .......... وما كلّ حلّ الفؤاد يُقالُ) خرج إلى قريته الشعيبية وقال لأولاده: احفروا لي قبراً فأنا أموت بعد يومين. فحفروا له، ثم مات في اليوم الذي عينه، رحمه الله ورضي عنه. وفيها ولد: وجيه الدين يحيى بن أحمد القونوي المقرىء، وصفي الدين أبو بكر بن أحمد السلامي، وأحمد بن محمد بن الرشيد أحمد بن محمد الأصبهاني المصري، سمع السبط وغيره، والمحدث شهاب الدين أحمد بن يونس بن أحمد بن بركة الإربلي، بالقاهرة والشرف أبو الفتح محمد بن عبد الرحيم بن البشر القرشين بالقرافة والتاج محمد بن أحمد بن محمد بن النصيبي، بحلب وطاهر بن عبد الله بن عمر بن العجمي الحلبي، والشمس محمد بن علي بن أبي الفتح بن السنجاري المؤدب،) وعبد الرحمن بن عبد الولي الفلاح سبط اليلداني، والجمال عبد الرحمن بن أحمد بن عمر بن شكر المقدسي. وعلي بن النصير بن الدفوفي المصري، ووالدي أحمد بن عثمان الذهبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 108 1 (سنة اثنتين وأربعين وستمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن علي بن بختيار) أبو القاسم الواسطي، ثم البغدادي. من أولاد الأمراء. له شعر حسن، فمنه: (مل بي إلى الدّير من نجران مُصطبحاً .......... يا صاح قبل التفاف السّاق على السّاق)
(أما ترى الوُرق تشدوا في الغصون وكم .......... من ساق حرٍّ يغنينا على ساق)
(والنّور يُضحكهُ باكي الغمام فقُم .......... مشمّراً لارتشاف الكأس عن ساق)
(وهاتها كشُعاع الشّمس صافيةً .......... تغشى العيون رعاك اللّه من ساق) ضعف وافتقر ولزم رباط أبيه إلى أن مات في جمادى الآخرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 109 وكان أبوه أستاذ دار الخلافة. 4 (أحمد بن القاضي أبي نصر)
4 (محمد بن هبة الله بن محمد.) القاضي الرئيس تاج الدين أبو المعالي بن الشيرازي، الدمشقي. سمع من: جده، وأبي المجد الفضل بن البانياسي، وعبد الرزاق النجار، وابن صدقة الحراني. وأجاز له أبو طاهر السلفي. وكان صدراً رئيساً مبجلاً معدلاً، وافر الحرمة. روى عنه: الجمال محمد بن الصابوني، وابنه الشهاب أحمد، والفخر إسماعيل بن عساكر، وابن عمه عبد المنعم بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، والزين إبراهيم بن عبد الرحمن حفيده، والمجد عبد الرحمن بن محمد الإسفرائيني، وأبو علي بن برة الخلال، وآخرون. ولد في صفر سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.) وتوفي في خامس رمضان. 4 (أحمد بن محمد ابن الوزير الكبير) نصير الدين أبو الأزهر بن الناقد البغدادي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 110 كان أبوه من كبار التجار. وولد في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. واشتغل وقرأ العربية وعانى الكتابة، وتقلب في المناصب. وتنقلت به الأحوال. وكان بينه وبين الخليفة الظاهر رضاع شرف به قبيل وفي زمانه. ثم ولي أستاذ دارية الخلافة في سنة سبع وعشرين بعد وفاة عضد الدين المبارك بن الضحاك، ثم ولي الوزارة في سنة تسع وعشرين. وكان في شبيبته متعبداً كثير التلاوة، ربما قرأ القرآن في ركعتين فنفعه ذلك. وعرض له في سنة أربع وثلاثين ألم المفاصل منعه عن القيام وعجز عن الحركة والخط. وهو محترم معظم إلى الغاية. واستناب من يكتب عنه. ولما كان يوم البيعة المستعصمية حضر في محفة وجلس بين يدي السدة، وإنما العادة أن يقف الوزير، فاغتفر ذلك لعجزه، وأُقر على رتبته. وبقي في الوزارة إلى أن مات، فوليها بعده المشؤوم الطلعة ابن العلقمي. توفي في سادس ربيع الأول، وغسله الإمام نجم الدين عبد الله البادرائي مدرس النظامية يومئذ، وشيعه عامة الدولة. وكان من رجالات العالم رأياً وحزماً وأدباً وكتابة وترسلاً وحسن سيرة، يرجع إلى دين وخير، فالله يرحمه ويسامحه. وولي في منصب ابن العلقمي الأستاذ دارية الصاحب محيي الدين ابن الجوزي. 4 (أحمد بن أبي الفتح)
4 (محمد بن أحمد بن المندائي.) الواسطي، أبو العباس المذكور في السنة الماضية، ثم أنبأني ابن البزوري أنه توفي راجعاً من الحج في ثامن عشر محرم سنة اثنتين. وأنه خدم في خدم آخرها نيابة صدرية واسط.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 111 4 (إبراهيم بن إسحاق بن محمد بن علي) أبو إسحاق العبدري الميورقي، المعروف 4 (ابن عائشة) ) قال الأبار: روى عن: أبي عبد الله ختن فقل وتفقه به، ومال إلى علم الرأي. وكان ديناً نزهاً. أسره العدو في الحادثة الكائنة على ميورقة، ثم خلص وقدم بلنسية. ثم ولي قضاء دانية. وسمعت منه بتونس، وبها توفي في ذي الحجة، وله بضع وستون سنة. 4 (إبراهيم بن صالح بن خلف بن أحمد) الجهني، القاضي، الشاب الصالح الإمام جمال الدين أبو إسحاق. توفي وله ست، وثلاثون سنة. وهو أخو شيخنا محمد. قرأ القرآن على الفقيه زيادة، وبرع في مذهب الشافعي. وسمع من جماعة. وكان أحد الأذكياء. ولي قضاء بلبيس، ثم قضاء البهنسا فأدركه أجله بها في ربيع الأول، رحمه الله. 4 (إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن قسوم.)
4 (أبو إسحاق اللخمي الإشبيلي) قال الأبار: روى عن: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي عمرو بن عظيمة صاحب شريح وأخذ عنه القراءآت.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 112 وروى أيضاً عن: أبي محمد بن عبيد الله، وأبي الحسن نجبة بن يحيى. وكان فقيهاً أصولياً ناسكاً، صادعاً بالحق. تغلب عليه العبادة. وهو أخو أبي بكر المتوفي قبل الأربعين. توفي هذا في شوال عن سن عالية. 4 (إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي.) القاضي شهاب الدين، 4 (أبو إسحاق الهمذاني الحموي) الشافعي، المعروف بابن أبي الدم، قاضي حماة. ولد بها في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ورحل فسمع ببغداد من: عبد الوهاب ابن سكينة. وحدث بحماة، وحلب، والقاهرة. وله نظم ونثر ومصنفات وترسل عن صاحب حماة. سمع منه: أبو بكر الدشتي شيخنا، وغير واحد. توفي في جمادى الآخرة بحماة. وله التاريخ الكبير المظفري.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 113 4 (أرسلان شاه) هو السلطان نور الدين صاحب شهروزور ابن الملك عماد الدين زنكي بن نور الدين رسلان شاه بن السلطان غياث الدين مسعود بن السلطان قطب الدين مودود بن أتابك بن زنكي بن قسيم الدولة أقسنقر بن عبد الله. التركي الأصل والنسب، الموصلي. كان محبوباً إلى والده فلما احتضر أخذ له العهد والميثاق على الأمراء والأعيان، وملك بعده شهرزور. وكان شجاعاً مهيباً لاقى التتار غير مرة. وقدم بغداد بعساكره في سنة أربع وثلاثين لنصرة الإسلام فبهر الأنام بجماله فإنه كان بديع الحسن. ولد في سنة أربع عشرة وستمائة، وتوفي يوم رابع عشر شعبان بقلعته. 4 (إسحاق بن الخضر بن كامل بن سالم.)
4 (الصفي أبو عبد الله السروجي) ثم الدمشقي السكري، ابن المعبر. سكن قاسيون، وله بها عقب. وسمع من: يوسف بن معالي الكناني، والخشوعي، وحنبل، وغيرهم. وسئل عنه الضياء محمد، فقال: ثقة، دين. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه شرف الدين أحمد، والبدر ابن الخلال، وجماعة. وحضر عليه أبو المعالي ابن البالسي. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (إسماعيل بن زيد بن إسماعيل بن عقيل.)
4 (أبو الفضل العلوي الحسيني) الخراساني، ثم الدمشقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 114 شيخ صالح، خرج له الزكي البرزالي مشيخة. أجاز له أبو الفضل خطيب الموصل، وأبو المعالي بن صالح. وسمع من: التاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، والقاسم بن عساكر، وحمزة بن أسعد) التميمي. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وغيره. توفي في جمادى الأولى. 4 (أيبه) الأمير الكبير زين الدين التركي، الناصري، الخليفتي. ويعرف بالأبسر. كان فارساً شجاعاً، ثم شاخ وانقطع بمنزله. وتوفي في رجب. 4 (حرف التاء)
4 (ترشك) الأمير بهاء الدين الناصري، الخليفتي. توفي في المحرم. وكان من أعيان الدولة ببغداد. 4 (حرف الثاء)
4 (ثروان بن محمد بن ثروان)
4 (بن عبد الصمد القيسي، التدمري. شيخ تدمر.) رجل صالح من بيت مشيخة وزهادة. مات في صفر عن بضع وخمسين سنة. صحب والده الذي ذكرناه في سنة سبع عشرة، وخلف بعده ولده الشيخ الزاهد عيسى ابن تسع سنين. وقد أدركنا الشيخ عيسى هذا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 115 4 (حرف الحاء)
4 (حامد بن محمد بن علي) الحربي، الخياط. سمع: أبا منصور بن عبد السلام. 4 (الحسن بن سالم بن علي بن سلام) الصدر الكبير نجم الدين أبو محمد الطرابلسي الأصل، الدمشقي الكاتب. والد المحدث أبي عبد) الله محمد. ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وطغدي الأميري، ومحمد بن أحمد الطالقاني، وعبد الرحمن بن الخرمي. وولي نظر الزكاة، ثم ولي نظر الدواوين. وكان سمحاً جواداً، حسن العشرة، يحب الصالحين. وفيه دين ومروءة. وله دار ضيافة في رمضان. ولكنه دخل في أشياء، وقام في أمر الصالح إسماعيل وفرق الذهب في بيته على الأمراء، حتى جاء وأخذ دمشق. فذكر الصاحب معين الدين ابن الشيخ: أوصاني الملك الصالح نجم الدين أنني إذا فتحت دمشق أن أعلق ابن سلام بيده على بابه. قلت: فستره الله تعالى بالموت قبل أن تفتح البلد بأشهر. ثم مات بعده ولده، وتمزقت أمواله ورئاسته مع أنه كان كبير البلد في وقته ورئيسهم. وقد نسب إلى تشيع، ولم يصح ذلك. وكان كثير الإحسان إلى الحنابلة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 116 روى عنه: الشيخ تاج الدين، وأخو ابن الحلوانية، وابن الخلال، والنجم إبراهيم بن محمود العقربائي، والشرف محمد بن خطيب بيت الآبار. ومات في سادس عشر ذي الحجة. 4 (الحسن بن أبي الفضل) شمس الدين ابن القصباني. البغدادي، التاجر الجوهري. كان المعتمد عليه في عصره في معرفة الجواهر وقيمها. وكان من كبار التجار وذوي الثروة. وكان من أعيان الرافضة. توفي في صفر، وكانت له جنازة حفلة. 4 (الحسين بن أحمد بن علي بن أحمد بن هبة الله.)
4 (الشريف أبو طاهر بهاء الدين) ابن المهتدي بالله الهاشمي العباسي، نقيب بني هاشم بالعراق، وخطيب جامع القصر الشريف. كان صدراً محتشماً، كبير القدر، ذا دين وعدالة.) وتوفي في رجب، وشيعه الأعيان سوى الوزير وأستاذ الدار ابن الجوزي، وسوى الأميرين مجاهد الدين وعلاء الدين الدويدارين. قال ابن النجار: كان عاقلاً ديناً لكنه قليل العلم. روى شيئاً عن يحيى بن الحسين الأواني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 117 4 (الحسين بن عمر بن عبد الجابر) بن الرواس الواسطي. كان من أكبر أعوان الرفيع الجيلي، وممن عمل على أذية المسلمين وأخذ أموالهم بالباطل والتزوير، فقبض عليه وعذب وصودر ثم أعدم، فقيل إنه أخرج ليلاً وخنق عند تل النصارى بظاهر دمشق. ورمي أو قبر في شهر جمادى الأولى. وكان ظالماً جباراً، جسر الرفيع على جهنم، فقيل إنه أخذ من أموال المسلمين لنفسه ستمائة ألف درهم، وعصر وكسرت ساقاته وقيل إنه مات تحت الضرب، فانظر كيف عاقبة الظلم واعتبروا أيها الظلمة، وهذا خفيف بالنسبة إلى ما ادخر له في الآخرة. 4 (حمد الأبله) الملقب بالأدغم. كان مولهاً ناقص العقل أو عادم العقل. وكان غير محترز من النجاسات على قاعدة المجانين. وكان يصيح به الصبيان: يا أدغم، فيثور ويصيح، وربما أذى نفسه بالضرب. وكان لأهل بغداد فيه اعتقاد، ويعدونه من أصحاب الكرامات. توفي في جمادى الآخرة، وازدحموا على نعشه، فوا عجباً لبني آدم ما أغفلهم وأغرهم. 4 (حرف الخاء)
4 (خاطب بن عبد الكريم بن أبي يعلى.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 118 4 (أبو طالب الحارثي المزي) ولد سنة سبع وأربعين. وسمع تاريخ المزة من الحافظ ابن عساكر. وأخذ عنه: الزكي البرزالي، وابن الجوهري، والكمال بن الدخميسي، والجمال بن شعيب، والقدماء. وحدث عنه: أبو علي بن الخلال، وأبو المحاسن بن الخرمي، ومحمد بن سالم النابلسي المؤذن، وأبو حامد ابن الصابوني، وعنبر وعبد الرحيم بن خلف المزيان.) وكان شيخاً معمراً من أهل البر. توفي في المحرم بالمزة. 4 (خليل بن بدر) من رؤوس الضلال. قد كان قوي بأسه فاستولى على قلاع من أعمال سليمان شاه، وتقوى بالتتار. وكان بزي القلندرية، يشرب الخمر ويأكل الحشيش ويدعي أنه من الرفاعية. وأظهر الإباحة والزندقة، واجتمع له عدد كثير، فحاربهم سلمان شاه، فقتل خليل في المصاف، وقتل من أصحابه ألف ومائتان، وجرح خلق، وعلق رأس خليل، لعنه الله، على رأس خانقين، وهرب أخوه ومن نجا من أصحابه إلى التتار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 119 4 (حرف الراء)
4 (رحمة بن الخضر بن مختار) القاضي أبو الغيث الأشجعي، الشافعي. قاضي ذات الكوم. توفي به، وله نحو من سبعين سنة. وقال إنه سمع من البوصيري. توفي في ربيع الأول. 4 (حرف السين)
4 (سعد اليمني) مولى الحافظ أبي المواهب بن صصرى، التغلبي. توفي بدمشق في جمادى الآخرة. وقد أجاز لأبي المعالي بن البالسي، وغيره. 4 (سليمان بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن سعد الله.)
4 (الفقيه أبو القاسم الأنصاري) الدمشقي، المقرىء، المجود. سمعه خاله المحدث عبد العزيز السيباني من: الخشوعي، وابن طبرزد، وحماد الحراني، وجماعة. ورحل إلى بغداد فسمع من: أبي أحمد بن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه، وسليمان الموصلي،) وجماعة. وكان مع فقهه عارفاً بالقراءآت مجوداً لها. قرأ عليه جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 120 روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي بن الخلال، وإسماعيل بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وهو والد شيختنا فاطمة بنت سليمان. وقد روى عنه بالحضور العماد بن النابلسي، وغيره. وكان يؤدب. ويعرف بابن السيوري. توفي في ثامن عشر شعبان، وله سبع وستون سنة. 4 (سليمان بن علي.) أبو الربيع الكتامي الأندلسي، الشلبي. صحب الحافظ أبا محمد بن حوط الله، ولازمه مدة. وحمل صحيح البخاري عن أبي الوليد بن خالد العبدري. وكان الغالب عليه الأدب مع الضبط والإتقان. توفي بميورقة. 4 (حرف الطاء)
4 (طيبرس بن أيبك.) الأمير الكبير بهاء الدين ابن الأمير حسام الدين. من أمراء البغداديين. أمر بعد وفاة والده، وخلع عليه. وكان من الملاح، فتوفي وهو شاب طري، فتحزن بعض الناس عليه لحسنه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 121 مات في شعبان. 4 (حرف الظاء)
4 (ظافر بن طاهر بن إسماعيل بن الحكم بن إبراهيم بن خلف.) أبو المنصور الأزدي، الإسكندراني، المالكي، المطرز المعروف بابن شحم. ولد سنة أربع وخمسين. وسمع من: السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، ومخلوف بن حارة الفقيه، والقاضي محمد بن عبد) الرحمن الحضرمي، وأخيه الفقيه أبي الفضل أحمد، وجماعة. وكان يؤم بمسجد. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والتاج الغرافي، وجماعة. وبالإجازة: القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين سليمان، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة. وتوفي في نصف ربيع الأول بالإسكندرية. 4 (ظبية.) معتقة المحدث عبد الوهاب بن رواح. سمعت من: عبد المجيد بن محمد المراكشي. روى عنها: الدمياطي، وغيره. وماتت بالإسكندرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 122 4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن عبد الواحد)
1 (بن علي بن الخضر.) أبو بكر الحلبي الشافعي، الشروطي. روى عن حنبل بالعلى. وعنه: مجد الدين ابن العديم. توفي في جمادى الأولى. 4 (عبدا لله بن صبح بن حسون) العسقلاني الأصل، التنيسي، ثم الدمياطي، المقرىء، الفرضي، الخطيب. روى بالإجازة عن نصر الله بن سلامة الهيتي، وأبي الفرج ابن الجوزي. حدث عنه الدمياطي وقال: هو أستاذي في القراءة والفرائض. مات في ذي القعدة، وله سبعون سنة. 4 (عبد الرحمن بن عبد المنعم)
4 (ابن الخطيب أبي البركات الخضر بن شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد.) عز الدين أبو محمد بن عبد الحارثي، الدمشقي، الشافعي.) ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وحدث عن: القاضي أبي سعد بن أبي عصرون، وعبد الرزاق النجار، وإسماعيل الجفري، وجماعة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وتوفي في سابع المحرم وله ثمانون سنة. وهو أخو الكمال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 123 4 (عبد السلام عبد الله)
1 (ابن شيخ الشيوخ عمر بن علي بن الزاهد العارف أبي عبد الله محمد بن حمويه.) الجويني، شيخ الشيوخ، تاج الدين، أبو محمد. ولد سنة ست وستين وخمسمائة بدمشق. وسمع من: الحافظ أبي القاسم بن عساكر، ويحيى الثقفي، وأبي الفتح والده. وسمع ببغداد من شهدة. ودخل الديار المصرية، ثم دخل المغرب في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وأقام بها إلى سنة ستمائة، وأخذ بها عن: محمد بن حوط الله، وجماعة. وسكن مراكش. وكان فاضلاً مؤرخاً. له أدب وشعر وتواليف وله تواريخ. وكان عفيفاً متواضعاً لا يلتفت إلى بني أخيه لأجل رئاستهم، وقد كانوا كالملوك في دولة الملك الصالح نجم الدين. روى عنه: الحافظ زكي الدين المنذري، والمفتي زين الدين الفارقي، وشمس الدين محمد بن غانم الموقع، والبدر أبو علي بن الخلال، والركن أحمد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 124 الطاوسي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وجماعة. وأبو المعالي بن البالسي بالحضور. وكان من كبار الصوفية وله بينهم حرمة وافرة. توفي في خامس صفر. ودخل مراكش وحظي عند ملكها أبي يوسف، فقال: قال لي يوماً: كيف ترى هذه البلاد يا أبا محمد وكيف هي من بلادك الشامية قلت: يا سدين بلاد حسنة أنيقة مكملة وفيها عيب واحد. قال: ما هو قلت: تنسي الأوطان. فتبسم وأمر لي بزيادة رتبة وإحسان. 4 (عبد العزيز بن عبد الصمد) ) 1 (بن محمد بن الجزري.) الطبيب المصري. حدث عن: البوصيري، وغيره. وكان يطبب الفقراء ويؤثرهم بالأشربة وغيرها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 125 4 (عبد العزيز بن عبد الواحد بن إسماعيل) قاضي القضاة بدمشق، رفيع الدين، أبو حامد الجيلي، الشافعي، الذي فعل بالناس الأفاعيل. كان فقيهاً فاضلاً، متكلماً، مناظراً، متفلسفاً، رديء العقيدة معتراً. قدم الشام، وولي قضاء بعلبك في أيام صاحبها الملك الصالح إسماعيل، ووزيره أمين الدولة السامري فنفق عليهما، فلما انتقلت نوبة السلطنة بدمشق إلى إسماعيل ولاه القضاء، فاتفق وأمين الدولة في الباطن على المسلمين، فكان عنده شهود زور قد استعملهم ومدعون زور. فيحضر الرجل إلى مجلسه من المتمولين فيدعي عليه المدعي بأن له في ذمته ألف دينار أو ألفي دينار، فيبهت الرجل ويتحير وينكر، فيقول المدعي: لي شهود ويحضر أولئك الشهود فيلزمه الحكم، ثم يقول: صالح غريمك فيصالح على النصف أو أكثر أو أقل، فاستبيحت للناس أموال لا تحصى بمثل هذه الصورة. وفي جريدة صدر الدين عبد الملك بن عساكر بخطه أن القاضي الرفيع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 126 دخل من توجهه إلى بغداد رسولاً، وخرج لتلقيه الوزير أمين الدولة والمنصور ابن السلطان إسماعيل. ودخل في زحم عظيم وعليه خلعة سوداء وعلى جميع أصحابه. فقيل إنه لم يدخل بغداد ولا أخذت منه رسالة ورد، واشترى الخلع من عنده لأصحابه. وشرع الملك الصالح في مصادرة الناس على يد الرفيع الجيلي. وكتب إلى نوابه في القضاء يطلب منهم إحضار ما تحت أيديهم من أموال اليتامى. فهذا القاضي ما ولي قاضي مثله. كان يسلك طريق الولاة ويحكم بالرشوة، ويأخذ من الخصمين، ولا يعدل أحداً إلا بمال، ويأخذ ذلك جهراً، وفسقه ظاهر. وقد استعار أربعين طبقاً ليهدي فيها هدية إلى صاحب حمص فلم يردها. فسبى الناس بأفعاله جور الولاة وأصحاب الشروط. وغارت المياه في أيامه وبطلت طواحين كثيرة، وصار نهر ثورة يوم الفتوح لا يبلغ طاحونة مقرى. ومات في ولايته عجمي خلف مائة ألف وابنة، فما أعطى البيت فلساً.) وأذن الرفيع للنساء في دخول جامع دمشق، وقال: ما هو بأعظم من الحرمين فدخلن وامتلأ بالنساء والرجال ليلة النصف، وتأذى الناس بذلك حتى شكوا إلى السلطان، فمنع الناس منه. قال أبو المظفر بن الجوزي: حدثني جماعة أعيان أنه كان فاسد العقيدة، دهرياً، مستهتراً بأمور الشريعة، يجيء إلى صلاة الجمعة سكراناً. وأن داره كانت مثل الحانة، شهد بهذه الأشياء عندي جماعة عدول. وحكى لي جماعة أن الوزير السامري بعث به في الليل من دمشق إلى قلعة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 127 بعلبك على بغل بأكاف، فاعتقله واستأصله، ثم بعث به إلى مغارة أفقة في جبل لبنان فأهلكه بها. وبعث إليه عدلين شهدوا عليه ببيع أملاكه. فحدثني أحدهما قال: رأيته وعليه قندورة صغيرة، وعلى رأسه تخفيفة، فبكى وقال: معكم شيء آكل فلي ثلاثة أيام ما أكلت شيئاً. فأطعمناه من دارنا، وشهدنا عليه ببيع أملاكه للسامري، ونزلنا من عنده، فبلغنا أنهم جاءوا إليه، فأيقن بالهلاك وقال: دعوني أوصلي ركعتين. فقام يصلي وطول، فرفسه داود من رأس شقيف مطل على نهر إبراهيم، فما وصل إلى القرار إلا وقد تقطع. وحكى لي آخر أن ذيله تعلق بسن الجبل فضربوه بالحجارة حتى مات. وذكر ناصر الدين محمد بن المنيطري، عن عبد الخالق رئيس النيرب قال: لما سلم القاضي الرفيع إلى المقدم داود سيف النقمة وإلي أيضاً وصلنا به إلى الشقيف وفيه عين ماء فقال: علي غسل وأشتهي تمكنوني أغتسل وأصلي. فنزل واغتسل وصلى ودعا، ثم قال: افعلوا ما شئتم. فدفعه داود، فما وصل إلا وقد تلف. قال أبو المظفر: وحكى لي أعيان الدماشقة أن الموفق الواسطي هو كان أساس البلاء، فتح أبواب الظلم، وجسر الرفيع على جهنم، وأخذ لنفسه من أموال الناس ستمائة ألف درهم. وآخر أمر الموفق أنه عذب عذاباً ما عذبه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 128 أحد، وكسرت ساقاه ومات تحت الضرب، وألقي في مقابر النصارى، فأكلته الكلاب وصار عبرة. قلت: وبلغني أن سبب هلاك الرفيع وهذا أن الناس استغاثوا إلى الصالح إسماعيل من الرفيع ورافعوه، وكثرت الشنائع، فخاف الوزير السامري، وعجل بهلاكهما ليمحو التهمة عن نفسه ويرضي الناس، ولئلا يقرا عليه. وقيل إن السلطان كان عارفاً بالأمور، فالله أعلم. ولم يعد الناس قضية الرفيع وقتله محنة بل) نعمة، نسأل الله الستر والعافية. وكان القبض عليه في آخر سنة إحدى وأربعين. وذكر واقعته في سنة اثنتين ابن الجوزي، وغيره، فإن فيها اشتهر إعدامه. وقال الإمام أبو شامة: وفي ذي الحجة سنة إحدى قبض على أعوان الرفيع الجيلي الظلمة الأرجاس وكبيرهم الموفق حسين الواسطي ابن الرواس، وسجنوا ثم عذبوا بالضرب والعصر والمصادرة. ولم يزل ابن الرواس في العذاب والحبس إلى أن فقد في جمادى الأولى سنة اثنتين. قال: وفي ثاني عشر ذي الحجة أخرج الرفيع من داره وحبس بالمقدمية. قال: ثم أخرج ليلاً وذهب به فسجن بمغارة أفقة من نواحي البقاع، ثم انقطع خبره. وذكروا أنه توفي، منهم من قال: ألقي من شاهق. وقيل خنق. وولي القضاء محيي الدين ابن الزكي. قال ابن واصل: حكى لي ابن صبح بالقاهرة أنه ذهب بالرفيع إلى رأس شقيف، فعرف أني أريد رميه، فقال: بالله عليك أمهل حتى أصلي ركعتين. فأمهلته حتى صلاهما ثم رميته فهلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 129 وقال غيره: كان الرفيع فقيهاً بالعذراوية وبالشامية والفلكية، وكان يشغل الناس. وكان ذكياً كثير التحصيل. وصارت بينه وبين أمين الدولة علي بن غزال الوزير صحبة أكيدة، فولاه قضاء بعلبك، فلما توفي القاضي شمس الدين الخوئي طلبه أمين الدولة وولي قضاء دمشق. فصار له جماعة يكتبون محاضر زور على الأغنياء ويحضرونهم فينكرون، فيخرجون المحاضر فيعتقلهم بالجاروخية، فيصالحون على البعض، ويسير في السر إلى أمين الدولة ببعض ذلك. فكثرت الشكاوى. وبلغ السلطان، فأمر بكشف ما حمل إلى خزانة الدولة في مدته. وكان الوزير لا يحمل إلى الخزانة إلا اليسير. فقال الرفيع: الأمور عندي مضبوطة مكتوبة. فخافه الوزير وشغب عليه قلب السلطان وحذره غائلته، فقال: أنت جئت به وأنت تتولى أمره أيضاً. فأهلكه. ومن تعاليق عبد الملك بن عساكر قال: وليلة استهلت سنة اثنتين نزل الوالي ابن بكا إلى دار الرفيع واحتاطوا على ما فيها، وشرعوا بعد يوم في البيع، فمن ذلك أربعة عشر بغلة ومماليك، وتسعمائة مجلد وجوار وأثاث. وساروا بالقاضي فألبسوه طرطوراً وتوجهوا به نحو بعلبك. وولي القضاء ابن الزكي.) وذكر صاحبنا شمس الدين محمد بن إبراهيم في تاريخه قال: وفيها، يعني سنة اثنتين، غزل الرفيع الجيلي عن مدارسه. فكان في آخر السنة الماضية قد عزل عن القضاء، وسبب عزله وإهلاكه الوزير السامري، فإن الرفيع كتب فيه ورقة إلى الملك الصالح يقول: قد حملت إلى خزائنك ألف ألف دينار من أموال الناس. فقال الصالح: ولا ألف ألف درهم. وأوقف السامري على الورقة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 130 فأنكر. فبلغ الرفيع فقال: أنا أحاققه. فقال السامري: هذا قد أكل البلاد وأقام علينا الشناعات، والرأي عزله ليتحقق الناس أنك لم تأمره. فعزله وأعطى العادلية لكمال الدين التفليسي صهر الخوئي، والشامية الكبرى لتقي الدين محمد بن رزين الحموي، والعذراوية لمحيي الدين ابن الزكي. وأسقط محيي الدين عدالة أصحاب الرفيع وهم: العز بن القطان، والزين بن الحموي، والجمال بن سيدة، والموفق الواسطي، وسالم المقدسي، وابنه محمد. وكان الطامة الكبرى الموفق فإنه أهلك الحرث والنسل. وقال الموفق أحمد بن بي أصيبعة: كان بالعذراوية يشتغل في أنواع العلوم والطب. وقرأت عليه شيئاً من العلوم الحكمية والطب. وكان فصيح اللسان، قوي الذكاء، كثير الاشتغال والمطالعة. وولي قضاء بعلبك. وكان صديقاً للصاحب أمين الدولة وبينهما عشرة. وله من الكتب كتاب شرح الإشارات، والتنبيهات، واختصر كتاب الكليات من القانون وغير ذلك. 4 (عبيد الله بن محمد بن فتوح) أبو الحسين النفزي الشافعي الفقيه. روى عن: أبيه، وأبي الخطاب بن واجب. وتفقه بإشبيلية على: أبي الحسين بن زرقون. ثم أقبل على العبادة والزهد. وكان حافظاً للفقه والحديث. ورخه الأبار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 131 4 (علي بن إبراهيم بن عبد الغني) أبو الحسن المصري، النحاس الزناجلي. والزناجل آنية من النحاس. حدث عن: عبد الله بن بري النحوي، وإسماعيل بن قاسم الزيات. روى عنه: الحافظ أبو محمد الدمياطي، وغيره.) ولم ألق أحداً روى لي عنه. وبالإجازة: العماد بن البالسي، وغيره. وتوفي في تاسع عشر المحرم. 4 (علي بن الأنجب)
1 (بن ما شاء الله بن حسن.) الفقيه، المقرىء، أبو الحسن ابن الجصاص البغدادي، الحنبلي. قرأ القرآن بواسط على أبي بكر بن الباقلاني. وسمع من: يحيى بن بوش، وابن شاتيل، وابن كليب. وعاش بضعاً وسبعين سنة. وكان ينسخ بالأجرة، وله أدب وفضائل. وأحضر ليلقن مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير في صغره، فحصل جملة من المال والعقار. واتجر في الكتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 132 توفي في جمادى الأولى ببغداد. وذكر أنه سمع من شهدة. 4 (علي بن عبد الباقي بن علي) الحاج أبو الحسن الدمشقي الصالحي. توفي في ربيع الآخر، ودفن بقاسيون. قال الضياء: روى شيئاً من الحديث أظنه عن ابن طبرزد. 4 (علي بن عبد الرحمن) أبو الحسن بن الفقاعي، السعدي، المصري. روى عن: أبي الفتح محمود بن الصابوني، والمشرف بن المؤيد. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (علي بن عبد الصمد بن علي) أبو الحسن بن الجنان الأندلسي، الفقيه. ذكر وفاته فيها عز الدين الحسيني، وقال: ولد في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن الجد، وأبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون، وجماعة.) 4 (علي بن أبي طالب بن أبي القاسم) الأنصاري، الدمشقي، عز الدين، أبو القاسم. وهو بكنيته أشهر. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 133 وسمع من: الخشوعي. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشيخ زين الدين الفارقي. وكان عدلاً بباب الجامع. توفي في ذي القعدة. 4 (علي بن أبي القاسم بن صالح) أبو الحسن الدربندي، الصوفي، المعروف بابن الشريف. من أهل خانكاه الطواويس بدمشق. سمع من: الخشوعي، ومحمد بن الخصيب. روى عنه: ابن الحلوانية في معجمه. ومات في صفر. 4 (عمر الملك المغيث جلال الدين)
4 (ابن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن السلطان الملك الكامل محمد بن العادل.) توفي شاباً بقلعة دمشق في حبس عم والده الملك الصالح إسماعيل. وكان والده لما خرج من دمشق إلى فلسطين استناب ولده هذا بقلعة دمشق. فلما أخذ إسماعيل دمشق اعتقله. فلم يزل إلى أن توفي في ربيع الأول. فتألم أبوه لموته، واتهم عمه بأنه سقاه، وحاربه وتجهز له.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 134 4 (عمر بن عبد الرحيم)
4 (بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن.) الفقيه الإمام كمال الدين، أبو هاشم بن العجمي الكلبي. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وتفقه على الفقيه طاهر بن جميل. وسمع من: يحيى الثقفي. وحدث ودرس. وقيل إنه ذكر كتاب المهذب خمساً وعشرين مرة.) وكان شديد الوسواس في الطهارة، فدخل الحمام وقصد الخزانة ليتطهر منها، فضاق بها نفسه وخارت قواه فمات، رحمه الله. سمع منه: أبو عبد الله البرزالي، وعباس بن بزوان، وجماعة. وتوفي في حادي عشر رجب. وهو من بيت حشمة وعلم. 4 (عمر الملك السعيد بن السلطان شهاب الدين)
4 (غازي بن الملك العادل.) ولد صاحب ميافارقين. كان شاباً مليحاً، شجاعاً، جواداً، فلما استولت التتار على ديار بكر وأخذوا خلاط، خرج شهاب الدين من بلاده خائفاً، واستنجد بالخليفة وبالملوك. وكان معه ابنه هذا وابن أخيه حسن بن تاج الملوك. فجاء حسن إلى عمر فضربه بسكين فقضى عليه وهرب، فأخذ في الحال وقتله عمه. فذكر سعد الدين ابن حمويه، وكان مع شهاب الدين قال: نزلنا بالهرماس من نواحي حصن كيفا، فقال السلطان لولده الملك السعيد: تعود إلى ميافارقين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 135 وتجمع الناس، وأروح أنا إلى مصر وبغداد لاستنفار الناس. فقال: ما أفارق السلطان. وجاء أمير حسن قعد إلى جانبه، ثم أخرج سكيناً ضرب بها عمر وهرب، ورمى بنفسه بثيابه في العين فغرق نفسه، فصاح السلطان: أمسكوه فعاد إلى السلطان ليضربه أيضاً، فوقف عمر بينه وبين أبيه وقال: يا عدو الله قتلتني وتقتل السلطان أيضاً فضربه بالسيف قطع خاصرته، فوقع وتكاثر الغلمان على حسن، فقال له السلطان: ويلك ما حملك على قتل ولدي من غير ذنب له إليك قال: اقتل إن كنت تقتل. فأمر به فقطعوه بين يديه. ثم سار إلى العراق ليستنفر على التتار. 4 (حرف القاف)
4 (القاسم بن محمد بن أحمد)
4 (بن محمد بن سليمان.) الحافظ أبو القاسم بن الطيلسان الأنصاري، الأوسي، القرطبي. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة أو نحوها. ذكره أبو عبد الله الأبار، فقال: روى عن جده لأمه أبي القاسم بن غالب الشراط، وأبي العباس) بن مقدام، وأبي محمد عبد الحق الخزرجي، وأبي الحكم بن حجاج، وجماعة من شيوخنا. وأجاز له: عبد المنعم بن الفرس، وأبو القاسم بن سمحون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 136 وشيوخه ينيفون على المائتين. وتصدر للإقراء والإسماع. وكان مع معرفته بالقراءآت والعربية متقدماً في صناعة الحديث متقناً له. له من المصنفات: كتاب ما ورد من الأمر في شربة الخمر، وكتاب بيان المنن على قارىء الكتاب والسنن، وكتاب الجواهر المفصلات في المسلسلات، وكتاب غرائب أخبار المسندين ومناقب آثار المهتدين، وكتاب أخبار صلحاء الأندلس. أخذ عنه جماعة من أكابر أصحابنا، وكان أهلاً لذلك. خرج من قرطبة، وقت أخذ الفرنج لها، فنزل بمالقة، ولقي حظاً بها إلى أن توفي في ربيع الآخر. 4 (قمر بن هلال بن بطاح) أبو هلال، وأبو الضوء القطيعي، الهراس، المكاري، ثم البقال. ويسمى عمر أيضاً. سمع من: شهدة الكاتبة، وتجني الوهبانية، وعبد الحق اليوسفي. وكان شيخاً أميناً. روى لنا عنه بالإجازة: القاضي تقي الدين سليمان، وأبو المعالي بن البالسي، وغيرهما. توفي في رجب. 4 (حرف الكاف)
4 (كامل بن أبي الفرج) التيمي، البكري، البغدادي، الأديب الذي فاق أهل زمانه في تجليد الكتب، وله شعر حسن. توفي في المحرم، وله ست وسبعون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 137 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن الحسين)
4 (بن عبد الله بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم.) نفيس الدين، أبو البركات الأنصاري، الحموي الضرير. أخو عز الدين عبد الله.) ولد بحماة في رجب سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع بمكة من: عبد المنعم بن عبد الله الفراوي. وبالإسكندرية من: أبي طالب أحمد بن المسلم اللخمي، وأبي الطاهر بن عوف. وبمصر من: أبي القاسم البوصيري، وبحماة من: والده. وأضر في أثناء عمره. روى عنه: القاضي مجد الدين العديمي، والمحدث تقي الدين إدريس بن مزيز، والشهاب أحد الدشتي، وجماعة. وبالإجازة: العماد بن البالسي، وغيره. وسمعت من بنته فاطمة بحماة، وطرابلس. توفي في آخر يوم من السنة بحماة. وسمع منه: سنقر القضاعي، والأمير أحمد بن الأشتري، والخابوري. 4 (محمد بن عبد الله بن أبي كامل) القاضي شمس الدين أبو عبد الله المصري الوراق، المعروف بالسنائي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 138 قال الحافظ عبد العظيم: توفي في ثالث صفر، وقد علت سنه. وحدث عن السلفي بالإجازة. وكانت له خبرة تامة بالوراقة وأحكامها. وكان جده قاضي مصر. 4 (محمد بن عبد الستار بن محمد) العمادي، الكردري، البراتقيني، وبراتقين قصبة من قصاب كردر من أعمال جرجانية خوارزم العلامة شمس الدين الأئمة أبو الوحدة. كان أستاذ الأئمة على الإطلاق، والموفود عليه من الآفاق. قرأ بخوارزم على برهان الدين ناصر بن عبد السيد المطرز، مصنف شرح المقامات. وتفقه بسمرقند على شيخ الإسلام برهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني، وسمع منه وتفقه ببخارى على العلامة بدر الدين عمر بن عبد الكريم الورسكي، وأبي المحاسن الحسن بن منصور قاضي خان، وجماعة.) وبرع في المذهب وأصوله. تفقه عليه خلق، ورحل إليه جماعة إلى بخارى منهم: ابن أخيه العلامة محمد بن محمود الفقيهي، وسيف الدين الباخرزي، وشيوخ الفرضي العلامة حافظ الدين محمد بن محمد بن نصر، وظهير الدين محمد بن عمر النوجاباذي، وجماعة ذكرهم الفرضي. ومن خطه نقلت هذا كله. ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 139 وتوفي ببخارى في محرم سنة اثنتين وأربعين وستمائة، ودفن عند الإمام عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي البخاري. 4 (محمد بن عبد الوهاب بن يوسف) شمس الدين ابن الإمام بدر الدين المصري، الحنفي، المعروف بابن المجن. حدث عن: أبي محمد القاسم بن عساكر. وكان والده من أعيان الحنفية ومردسيهم. توفي محمد في ربيع الأول. 4 (محمد بن علي بن علي)
4 (بن علي بن المفضل بن القامغار.) الأديب الكاتب مهذب الدين ابن الخيمي، الحلي، العراقي، الشاعر. شيخ معمر، فاضل. ولد بالحلة في سنة تسع وأربعين وخمسمائة. قدم دمشق وأخذ بها عن: التاج الكندي. وسمع بمصر من: أبي يعقوب بن الطفيل، وأبي الحسين بن نجا، وبنت سعد الخير. واستوطن مصر. وكان من أعيان الأدباء. وكان يذكر أنه لقي ببغداد العلامة أبا محمد بن الخشاب وأنه هو لقبه: مهذب الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 140 قال: ثم دخلتها سنة سبعين وقرأت بها الأدب على ابن القصار، والكمال الأنباري، وابن عبيدة، وابن عبيدة، وابن حميدة، وأبي الحسن بن الزاهدة. ثم سافرت إلى الشام بعد الثمانين. قال ابن النجار: كتبت عنه بالقاهرة، وهو شيخ فاضل كامل المعرفة بالأدب ويقول الشعر) الجيد، وله مصنفات كثيرة. وهو حسن الطريقة متدين متواضع. أنشدني لنفسه: (أأصنام هذا العصر طُرّاً أكلُّكم .......... يعوق أما فيكم يغوث ولا ودُّ)
(لقد طال تردادي إليكم فلم أجد .......... سوى ربّ شانٍ في الغنى شأنه الرّدُّ) وذكر له ابن النجار عدة مصنفات أدبية، وأنه توفي في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين. كذا قال سنة إحدى. وقال: ذكر لي قال: دخلت بغداد مع أبي وأنا صغير وأسمعني من ابن الزاغوني. وروى عنه: الحافظ عبد المؤمن في معجمه. قال الشريف عز الدين: توفي في العشرين من ذي القعدة سنة اثنتين هذه، وهو أصح. وكذا قرأته بخط ابن خلكان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 141 4 (محمد بن عياش بن حامد)
1 (بن محمود بن خليف.) أبو عبد الله الساحلي، ثم الدمشقي الصالحي، والد شيخنا نصر الله. كان شيخاً صالحاً خيراً. روى عن: ابن الحسين أحمد بن الموازيني. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابوني. وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة. ورخه الضياء فقال: كان خيراً ديناً. 4 (محمد بن محمد بن أبي السداد موفق) مولى زكي اللمتوني، القاضي أبو عيسى المرسي. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي عبد الله محمد بن حميد، وجماعة. وأجاز له أبو بكر بن الجد، وأبو عبد الله بن زرقون، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. ورخه الأبار وقال: ناب في القضاء دهراً طويلاً بمرسية، ثم وليه استقلالاً. وأخذ عنه بعض أصحابنا. ولم يكن يبصر الحديث. 4 (محمد بن يوسف بن سعيد) ) 4 (بن مسافر بن جميل.) أبو عبد الله الأزجي، القطان، الحنبلي. ولد سنة ثلاث وسبعين، وسمعه أبوه من أبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وعبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وعبد الرحمن بن جامع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 142 وكان فاضلاً ذكياً، حسن المشاركة في العلوم. وله مجاميع وفوائد. روى عنه: جمال الدين الشريشي، والشيخ علي بن عبد الدائم. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر ابن الشيرازي. وتوفي في ثالث رجب شهيداً من لقمة غص بها. 4 (محمد بن أبي بكر بن عبد الواحد) أبو عبد الله البغدادي المعمار. روى عن: أبي الحسين عبد الحق اليوسفي. ومات في جمادى الأولى. ورخه الشريف عز الدين. 4 (محمود بن محمد بن عمر)
1 (بن شاهنشاه بن أيوب.) صاحب حماة الملك المظفر تقي الدين ابن المنصور ناصر الدين ابن المظفر تقي الدين. كانت دولته خمساً وعشرين سنة وسبعة أشهر. ومرض بالفالج ثلاثين شهراً. ومات في ثامن جمادى الأولى. وتملك بعده الملك المنصور محمد ولده. قال ابن واصل: مات لثمان بقين من جمادى الأولى عن نحو من ثلاث وأربعين سنة. وخلف من الذكور المنصور والأفضل علياً. وكان المظفر شجاعاً
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 143 إلى الغاية، ولم يعرف أحد من أهل بيته أفرس منه. وكان أبداً يحمل لتاً من حديد على كتفه في ركوب لا يقدر أحد على حمله. حضر حروباً كثيرة بين فيها. وكان فطناً ذكياً، قوي الفراسة، عظيم الهيبة، طيب الفاكهة، له ميل إلى الفضيلة. حصل لي منه حظ. وذلك قبل موته بسنة. وكان ناقص الحظ لم يزل مع جيرانه في حروب. وكان يرجو ظهور الصالح نجم الدين لينتقم به من أعدائه. وكان محباً فيه،) حريصاً بكل ممكن على قيام ملكه. فلما تملك الديار المصرية خطب له بحماة، وحصل عنده من السرور شيء عظيم، وزينت قلعة حماة زينة عظيمة حتى عمت الزينة جميع أبراجها، ونثرت الدنانير والدراهم وقت الخطبة. قال: وحين ظهر الصالح وتمكن عرض للملك المظفر من المرض ما عرض، وبقي سنتين وتسعة أشهر. ولم يكن موته بالفالج بل عرضت له حمى حادة أياماً، وتوفي إلى رحمة الله تعالى. وتملك ولده المنصور وعمره عشر سنين وثلاثة وأربعون يوماً، فقام بالأمور الأستاذ دار طغريل، وشيخ الشيوخ شرف الدين، والشجاع مرشد، والوزير بهاء الدين، والكل يرجعون إلى أوامر الصاحبة غادية بنت الملك الكامل زوجة المظفر. ولما بلغ السلطان موت المظفر حزن لموته حزناً عظيماً، وجلس للعزاء ثلاثة أيام. قلت: ومن ثم دام ملك حماة إلى آخر صبي للمنصور وابنه، لن الدولة ما زالت في بيت الصالح ومواليه، وهم متصافون متناصحون. 4 (مسعود
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 144 أبو الخير الحبشي) مولى الشريف أبي القاسم حمزة بن علي المخزومي العثماني، المصري. سمع من البوصيري، والقاسم ابن عساكر. روى عنه: الحافظان المنذري، والدمياطي. وتوفي في المحرم. ووصفه المنذري بالصلاح. 4 (منصور بن الشيخ أبي علي)
1 (حسان بن أبي القاسم.) الجهني المهدوي، ثم الإسكندراني. روى بالإجازة عن السلفي. ومات في المحرم رحمه الله تعالى. 4 (المؤيد بن علي بن أحمد) الفقيه أبو شجاع بن الشصاص، الحنفي. شيخ بغدادي. ولد في رمضان سنة خمس وستين.) وسمع من عبد الحق اليوسفي. توفي في آخر رجب، ولم يحدث. ومات بحلب. قاله ابن النجار. 4 (مهنا بن الحسن بن حمزة) الأمير أبو البقاء المدني، العلوي، الحسيني. أقام ببغداد، وولي نظر الكوفة والحلة. ونفذ رسولاً إلى النواحي وفوض إليه وقف المدينة. ثم سار بحمل الكسوة الشريفة. توفي في المحرم ببغداد. 4 (حرف النون)
4 (ناصر بن منصور بن ناصر)
1 (بن حمدان.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 145 نجيب الدين أبو الوفاء الفرضي، التاجر، السفار. ولد بفرض، بليدة بقرب الفرات من الشام في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. دخل خوارزم وسمع من: محمد بن فضل الله السالاري، ونجم الدين الكبري أحمد بن عمر. روى عنه: جمال الدين الفاضلي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي. وبالحضور أبو المعالي بن البالسي. وكان ذا ثورة ومال. وسكن بزبدين من الغوطة. توفي في السادس والعشرين من ربيع الأول. وهو آخر من ذكر في كتاب التكملة في وفيات النقلة للحافظ الزكي. 4 (حرف الهاء)
4 (هاشم بن الشرف بن الأعز)
4 (بن هاشم بن القاسم.) الرئيس السيد شرف العلا، أبو المكارم العلوي، الكاتب. قال الشريف عز الدين: ولد بآمد سنة ثمان وستين. وسمع بدمشق من القاسم بن عساكر. وكتب الإنشاء بحلب مدةً في الدولة الظاهرية، ثم عاد إلى مدينة آمد وخدم صاحبها الملك المسعود بن العادل.) وكان عارفاً بالأخبار والتاريخ والنسب. ثم عاد إلى ديار مصر وبها توفي في ثامن رمضان. 4 (هبة الله بن صدقة)
4 (بن عبد الله بن منصور.) الطبيب العالم، نفيس الدين ابن الزبير الكولمي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 146 ولد في حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة بأسوان وسمع من الأمير أسامة بن منقذ بدمشق. ومن يوسف بن الطفيل بمصر. وبرع في علم الطبيعي. وولي رئاسة الأطباء بالديار المصرية. وكان فيه عدالة، وله نظر في مذهب الشافعي. روى عنه: الحافظان المنذري والدمياطي، وجماعة. وتوفي في خامس ربيع الآخر. وكولم، بفتح الكاف، بلد بالهند. قرأ الطب أولاً على ابن شوعة، ثم على الشيخ السديد. وبرع أيضاً في صناعة الكحل، واشتهر أيضاً بها. وخدم الكامل. 4 (هبة الله بن منصور بن منكير) الإمام أبو الفضل الواسطي، المقرىء، النحوي. سمع من أبي الفتح المندائي جزء الأنصاري. 4 (حرف الياء)
4 (يوسف بن عبد المعطي)
1 (بن منصور بن نجا بن منصور.) الصدر جمال الدين، أبو الفضل ابن المخيلي، الغساني، الإسكندراني، المالكي. من أكابر أهل الثغر. ومخيل من بلاد برقة. ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 147 وسمع من: السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وأبي الطيب بن مخلوف. ثنا عنه: الدمياطي، والضياء السبتي، ومحمد بن أبي القاسم الصقلي، وأبو الحسن علي بن) المنير، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو عبد الله محمد بن سليمان بن النقيب المفسر. وروى عنه: جماعة سوى هؤلاء. وتفقه على مذهب مالك. وقال ابن الحاجب قال لي إنه دخل دمشق. توفي في سابع جمادى الآخرة. 4 (الكنى)
4 (أبو البدر بن جعفر بن كرم)
4 (بن أبي بكر البغدادي.) ويعرف بابن الأعرج. سمع من شهدة كتاب محاسبة النفس لابن أبي الدنيا أجاز لأبي سعد، وابن الشيرازي، والمطعم، والبحيري. وعاش سبعاً وثمانين سنة. روى عنه بالإجازة والسماع غير واحد. ومات في الثالث والعشرين من رمضان. 4 (أبو سعد بن أبي المعالي بن تمام) المصري الطبيب، عن أعيان الأطباء. عمر وانهرم وعجز أخيراً. ومات وقد قارب المائة. وكان جماعة من الأعيان يختارون علاجه ويرغبون فيه. توفي في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 148 وفيها ولد: المؤرخ كمال الدين عبد الرزاق بن الفوطي والقاضي صدر الدين علي بن أبي القاسم بن محمد البصراوي، شيخ الحنفية بقلعة بصرى في رجب والعفيف إسحاق بن يحيى الآمدي، بآمد) والصلاح محمد بن أحمد بن تبع القصير والأسد عبد القادر بن عبد العزيز بن الملك المعظم والجمال أبو محمد إسماعيل بن محمد بن الفقاعي، بحماة والتاج أحمد بن محمد بن الكيال الضرير العباسي ومحمد بن محمد بن عبد الحكم السعدي ابن الماشطة ومحمد بن أبي الفتح بن صديق بن الخيمي التاجر، في ذي القعدة بدمشق وإسماعيل بن الحسين بن أبي التائب الأنصاري وشمس الدين محمد بن يوسف بن أفتكين وشيخ التعبير بمصر نجم الدين محمد بن أبي بكر بن محمود بن إبراهيم بن إبراهيم الحنبلي ابن الدقاق والشيخ محمد بن الصلاح موسى بن محمد بن راجح والنجم عبد الرحيم بن يحيى بن مسلمة المقبري والقاضي صدر الدين سليمان بن هلال الجعفري وأحمد بن علي الكلبي، عم الناس في ذي الحجة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 149 1 (سنة ثلاث وأربعين وستمائة) وهي سنة الخوارزمية توفي فيها بدمشق أمم لا يحصيهم إلا الله. 4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن إسماعيل بن الواعظ) الإمام أبي الحسن علي بن إبراهيم بن نجا الأنصاري. ولد سنة ثلاث وتسعين. وسمع من: جدته فاطمة بنت سعد الخير. وبدمشق من جماعة. توفي في أول جمادى الأولى. 4 (أحمد بن عبد الرحيم)
1 (بن أحمد بن خليفة.) الحراني ثم الدمشقي. توفي في جمادى الآخرة، وله اثنتان وسبعون سنة. حدث عن: أبي الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع. 4 (أحمد بن عبد الرحيم بن علي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 150 القاضي الأشرف أبو العباس ابن القاضي الفاضل. ولد سنة ثلاث وسبعين. وسمع من: القاسم بن عساكر، والأثير بن بنان، والعماد كاتب، وفاطمة بنت سعد الخير. وأقبل على الحديث في الكهولة واعتنى به، واجتهد في الطلب، وحصل الأصول الكثيرة. وسمع أولاده. وكان صدراً رئيساً، من نبلاء الرجال وممن يصلح للوزارة. توفي في سادس جمادى الآخرة بمصر. وقد قرأ القرآن على أبي القاسم الشاطبي. وتفقه على ابن سلامة، وقرأ النحو على مهذب الدين حسن بن يحيى اليمني. وسمع في الكهولة ببغداد من: أبي علي بن الجواليقي، وطبقته. وبدمشق من: ابن البن، وابن صصرى، وزين الأمناء، وخلق.) وأقام بدمشق مدة، ثم بمصر. ودرس بمدرسة أبيه. وكان مجموع الفضائل، كثير الأفضال على المحدثين والشيوخ. قال عمر بن الحاجب: استوزره الملك العادل سيف الدين فلما مات العادل عرضت عليه الوزارة فلم يقبلها، وأقبل على طلب الحديث حتى صار يضرب به المثل. وكان كثير الإنفاق على الشيوخ والطلبة. وقوراً، مهيباً، فصيحاً، سريع القراءة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 151 حكى القاضي الصاحب شرف الدين ابن فضل الله أن الكامل صاحب مصر نفذ القاضي الأشرف رسولاً إلى الخليفة، فأظهر من الحشمة والصدقات والصلات أمراً عظيماً. وأن الذي أعطاه الخليفة من الجوائز فرقه كله في حاشية الخليفة. وحسب ما أنفقه ببغداد تلك الأيام فكان ستة عشر ألف دينار. سمعها منه علاء الدين الكندي. 4 (أحمد بن عبد الخالق)
1 (بن محمد بن هبة الله بن أبي هشام.) صفي الدين أبو العباس القرشي، الدمشقي. نسخ الكثير وقرأ الحديث. وكانت عنده فضيلة ومعرفة. وعاش ثمانين سنة. وسمع: أبا الحسين أحمد بن الموازيني، والخطيب أبا القاسم الدولعي، وبرغش عتيق ابن شافع، وعلي بن محمد بن جمال الإسلام. كتب عنه: عمر بن الحاجب، والنجيب الصفار، وجماعة. أخبرنا محمد بن علي: أنا أحمد بن عبد الخالق حضوراً، أنا أحمد بن حمزة، أنا جدي كتابةً، أنا رشأ بن نظيف، نا الحسن بن إسماعيل، ثنا عبد الملك بن بحر، نا محمد بن إسماعيل الصائغ، نا يحيى بن معين، نا غندر، ثنا شعبة، عن حبيب التيمي، أن معاوية سأل رجلاً من عبد القيس علامة قال: ما تعدون المروءة فيكم قال: العفة والحرفة. توفي في خامس محرم. 4 (أحمد بن عمر بن أبي بكر)
4 (بن عبد الله بن سعد الجمال.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 152 أبو عبد العباس المقدسين الحنبلي.) ولد سنة تسعين. وسمع من: الخشوعي، وابن طبرزد وبأصبهان من: عفيفة، وزاهر بن أحمد، وأبي الفخر أحمد بن سعيد، وابن الأخوة. روى عنه: الشيخ تاج الدين، وأخوه، وأبو بكر الدشتي، والقاضي تقي الدين سليمان، وجماعة. توفي في رجب. 4 (أحمد بن عيسى)
1 (بن العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة.) الإمام الحافظ الزاهد القدوة، سيف الدين بن المجد الحنبلي. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله السلمي العطار، وموسى بن عبد القادر، وابن أبي لقمة، وجده. وتخرج بخاله الشيخ الضياء. ورحل إلى بغداد سنة ثلاث وعشرين، فسمع: الفتح بن عبد السلام، وعلي بن بورنداز، وهذه الطبقة. ثم رحل سنة ست وعشرين. وكتب بخطه المليح ما لا يوصف. وصنف
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 153 وخرج، وسود مسودات لم يتمكن من تبييضها، وكان ثقة حجة، بصيراً بالحديث ورجاله، عاملاً بالأثر، صاحب عبادة وتهجد وإنابة. وكان إماماً فاضلاً ذكياً، حاد القريحة، تام المروءة، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو طال عمره لساد أهل زمانه علماً وعملاً، فرحمه الله ورضي الله عنه. ثنا عنه الشهاب أبو بكر الدشتي. ومات قبل أوان الرواية فإنه عاش ثمانياً وثلاثين سنة. وتوفي بعد أن كفن خلقاً كثيراً وتدي لذلك وسعى بكل ممكن، في أول شعبان. ومحاسنه جمة. 4 (أحمد بن كشاسب)
1 (بن علي بن أحمد) الإمام كمال الدين أبو العباس الدزماري، الفقيه الشافعي، الصوفي.) روى عن: سراج الدين الحسين بن الزبيدي. وله تصانيف. أثنى عليه الإمام أبو شامة، وقال: كان فقيهاً صالحاً متضلعاً، من نقل وجوه المذهب وفهم معانيه. قال: وهو أخبر من قرأت عليه المذهب في صباي. وكان كثير الحج والخير. وقف كتبه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 154 وهو الذي ذكره شيخنا علم الدين في خطبه وتفسيره. توفي في ربيع الآخر. 4 (أحمد بن محمد بن الحافظ عبد الغني)
4 (بن عبد الواحد.) الإمام تقي الدين، أبو العباس ابن العز المقدسي، الحنبلي، الفقيه. ولد سنة إحدى وتسعين. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، وجماعة. ورحل إلى أصبهان وسمع من: أبي الفخر أسعد، وعفيفة الفارقانية، وزاهر الثقفي. ورجع فلازم الفقه والإشتغال على جده لأمه موفق الدين، حتى برع في المذهب، وحفظ الكافي لجده جميعه. وقد تفقه ببغداد على: الفخر إسماعيل غلام ابن المني. وتميز وحصل ما لم يحصله غيره. ودرس وأفتى. ولم يكن للمقادسة في وقته أعلم منه بالمذهب. روى عنه: العز أحمد بن العماد، والشمس محمد بن الواسطي، والقاضي تقي الدين سليمان، ومحمد بن شرف، والخشاب، وغيرهم. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر. وكان فصيحاً مهيباً وقوراً، مليح الشكل، حسن الأخلاق وافر الحرمة، معظماً عند الدولة، كثير الإيثار، كبير المقدار، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 155 أنا أبو الفداء ابن الخباز أن الخوارزمية نزلت حول دمشق، وخاف الناس، فأمر الشيخ التقي بتدريب الطرق في الجبل، وتحصيل العدد، وجمع الرجال والاحتراز. ثم ركب الخانات، يعني) مقدمين الخوارزمية، ووصلوا إلى الميطور، فخرج التقي والناس بالعدد، فإذا رسول قد جاء يبشر بالأمان، وأنهم لا يدخلون الجبل إلا بأمر الشيخ. فمضى الشيخ والجماعة حوله بالعدد إلى أن وصل إلى تلك الحواري شرقي الجبل والخانات على خيولهم، فلما رأوا الشيخ نزلوا عن الخيل والتقوا الشيخ ورحبوا به وقبلوا يده، ثم قالوا: طيبوا قلوبكم، فإن أذنتم لنا في العبور وإلا رجعنا. فأذن لهم، ولم يدخلوا في وسط السوق بل في سفح الجبل إلى العقيبة ثم إلى المزة ولم يتأذ أحد من أهل الجبل سوى حسن غلام الشرف بن المعتمد قاتلهم فقتلوه. ثم نصبت أعلامهم على أماكن مرتفعة أماناً منهم، ووفوا بالأمان. 4 (أحمد بن محمد) أبو جعفر القيسي القرطبي، المعروف بابن أبي حجة. ذكره الأبار فقال: توفي بميورقة، وقد سمع من: أبي القاسم بن بشكوال، وابن مضاء، وغيرهما. وتصدر للإقراء والتعليم والنحو، واختصر التبصرة لمكي وصنف في النحو. سكن إشبيلية بعد خروجه من قرطبة، وأسرته الروم، وعذب وقاسى. 4 (أحمد بن محمود بن إبراهيم بن نبهان)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 156 الحافظ المفيد شرف الدين، أبو العباس ابن أبي الثناء الدمشقي، المعروف بابن الجوهري. أحد من عني بهذا الشأن وتعب عليه، ورحل وسهر وكتب الكثير، وحصل ما لم يحصله غيره. ثم أدركه الأجل شاباً، فالله يرحمه. سمع: أبا المجد القزويني، ومسلم بن أحمد الباري، ومكرم بن أبي الصقر، وهذه الطبقة. ورحل بعد الثلاثين، وسمع من: أبي الحسن القطيعي، وابن اللتي، والأنجب الحمامي، وطائفة من أصحاب ابن البطي، وشهدة. فأكثر ورجع بحديث كثير، ونسخ واستنسخ. ثم رحل إلى مصر فأكثر عن الصفراوي، والهمذاني، وابن بختيار، ونظرائهم. وأقدم معه أبا الفضل الهمذاني فأفاد الدمشقيين. وكانت له دنيا ومبرات، فأنفق سائر ذلك في الطب. وكان صدوقاً متقناً متثبتاً، غزير الفائدة، نظيف الخط، قليل الضبط لقلة بضاعته من العربية، لكنه كان ذكياً فطناً.) وكانت الصدرية قاعةً فاشتراها منه ابن المنجا ووقفها مدرسةً. ولما احتضر وقف كتبه وأجزاءه بالنورية وارتفق بها الطلبة. وأظنه حدث بشيء. توفي في صفر، رحمه الله تعالى. وهو خال أم شيخنا ابن الخلال. 4 (أحمد بن يحيى بن محمد بن صباح) أبو العباس المصري المؤذن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 157 روى عن: البوصيري. حدث عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية. ومات في صفر. 4 (إبراهيم بن عبد الرحمن)
1 (بن علي بن عبد العزيز.) القاضي شرف الدين أبو إسحاق المخزومي، المصري، الكاتب. ويعرف بابن قريش. ولد سنة، اثنتين وسبعين بمصر. وسمع بها من: البهاء بن عساكر، وبنت سعد الخير. وكتب الخط الفائق وتأدب، وخدم في ديوان الإنشاء. كتب بخطه كثيراً. وكان فيه خير ومحبة للصالحين. وهو ابن أخت القاضي الفاضل. توفي بدمشق في جمادى الأولى. 4 (إبراهيم صدر الدين ابن اللهيب) توفي بدمشق في جمادى الآخرة. ورخه أبو شامة مختصراً. 4 (إسحاق بن أبي القاسم)
4 (الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري) أبو إسماعيل التغلبي، الدمشقي. ولد سنة ثلاث وسبعين. وسمع من: القطب مسعود النيسابوري، وأحمد بن الموازيني، ويحيى الثقفي، ويوسف بن) معالي، وعمه أبي المواهب الحافظ، وإسماعيل الخدوي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 158 روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدين، والشيخ زين الفارقي، والبدر بن الخلال، والفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وطائفة. ومات في تاسع عشر جمادى الأولى. 4 (آسية بنت شجاع)
4 (بن مفرح بن قصة.) قرأت وفاتها بخط الضياء في ربيع الأول. 4 (آمنة بنت إبراهيم بن عبد الله) قرأت وفاتها بخط الضياء في ربيع الآخر، وقال: كانت كثيرة الصلاة بالليل والصيام. وأظنها روت بالإجازة. 4 (آمنة بنت حمزة) أخت القاضي تقي الدين سليمان الحنبلي، وزوجة الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد. قال: توفيت في سلخ جمادى الأولى. وكانت دينة خيرة موافقة، حفظت علي القرآن العزيز، رحمها الله تعالى. 4 (حرف الباء)
4 (بردي خان) ولقبه اختيار الدين الخوارزمي. أحد الخانات الأربعة الذين نازلوا دمشق. كان شيخاً خبيثاً ذا رأي ودهاء. وكان أمير حاجب السلطان جلال الدين خوارزم شاه. قال سعد الدين: توفي في رابع ربيع الآخر. ذكره في تاريخه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 159 4 (بهرام شاه بن شاهنشاه)
4 (بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.) صاحب بعلبك. مات ببغداد، ولبس غلمانه المسوح، وقد وخطه الشيب وناهز الخمسين. 4 (حرف الجيم)
4 (جمال بن يوسف بن علي) ) الداراني. شيخ معمر. ولد سنة ثلاث وأربعين، وحدث عن ابن عساكر. حدث عنه: المجد ابن الحلوانية، والشيخ علي بن هارون. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي. ولا أعلم متى توفي، إلا أنه انقطع ذكره في هذا الوقت ومن قبله. 4 (الجلاب بن الحارس) وزير صاحب اليمن الملك المسعود أقسيس. توفي في أثناء السنة باليمن. 4 (جهمة بنت هبة الله)
1 (بن علي بن حيدرة.) السلمية الدمشقية، أم الخير. روت عن: أبي الحسين أحمد ابن الموازيني. وتوفيت في ذي الحجة. 4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن محمد بن عمر بن علي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 160 الصاحب، الأمير، مقدم الجيوش، معين الدين، أبو علي ابن شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن. ولد بدمشق قبل التسعين، وتقدم في الدول الكاملية، وعظم شأنه في الدولة الصلاحية، ووزر للملك الصالح، وقدم دمشق بالجيوش المصرية والخوارزمية فحاصرها ثم تسلمها من الصالح إسماعيل. ومرض بالإسهال والدم. ومات وما متع في الثاني والعشرين من رمضان، وله نيف وخمسون سنة، ودفن بسفح قاسيون إلى جانب أخيه العماد. وكان بين حصول أمنيته وحلول منيته أربعة أشهر ونصف. وكان فيه كرم وسخاء ودين في الجملة. وأخرج الملك الصالح أخاه فخر الدين ابن الشيخ في أثناء السنة من الحبس بعد أن لاقى شدائد،) وسجنه ثلاث سنين. فأنعم عليه وقربه. 4 (الحسن بن ناصر بن علي) أبو علي الحضرمي الهدوي المغربي، نزيل الإسكندرية. ولد سنة اثنتين وخمسين، وقيل سنة أربع وخمسين بالمغرب. وحدث عن: عبد المجيد بن دليل، وعبد الرحمن بن موقا. وكان صالحاً معمراً. روى عنه: شيخنا الدمياطي، وغيره. وقال: مات في سنة أربع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 161 وقال الشريف: توفي في خامس ربيع الآخر سنة ثلاث فيحرر ذلك. وأجاز للبهاء ابن البرزالي، والعماد ابن البالسي. 4 (الحسين بن علي بن أحمد)
1 (بن المهتدي بالله.) الهاشمي العباسي، أبو طالب، نقيب العراق. ورخه في أوائل السنة الشريفة عز الدين، وأنه روى عن يحيى بن الحسين الأواني. وقد ذكرناه في السنة الماضية وأنه الحسين بن أحمد، فالله أعلم. 4 (حرف الخاء)
4 (خديجة بنت الشيخ العماد)
4 (إبراهيم بن عبد الواحد.) المقدسية. توفيت بالجبل في ثالث جمادى الأولى. قال الضياء: قد سمعت الحديث، ولا أدري هل روت أم لا 4 (خديجة بنت علي)
4 (بن الوزير أبي الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء.) امرأة صالحة، روت عن: تجني الوهبانية، وشهدة. روى لنا عنها بالإجازة: القاضي، وسعد الدين، والمطعم، والنجدي، وطائفة.) ماتت في جمادى الأولى، ولها ثلاث وسبعون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 162 4 (حرف الراء)
4 (راجح بن أبي بكر بن إبراهيم) أبو محمد بن منجاب المنورقي، بالنون فيهما، الصوفي. روى بالإجازة عن الكندي. سمع منه: شيخنا الدمياطي، وقال: توفي بمكة في شوال. 4 (ربيعة خاتون)
1 (بنت نجم الدين أيوب بن شاذي.) أخت الناصر والعادل. تزوجت أولاً بالأمير مسعود بن الأمير معين الدين أنز، فلما مات تزوجت بالملك مظفر الدين صاحب إربل فبقيت بإربل دهراً معه. فلما مات قدمت إلى دمشق، وخدمتها العالمة أمة اللطيف بنت الناصح ابن الحنبلي، فأحبتها وحصل لها من جهتها أموال عظيمة، وأشارت عليها ببناء المدرسة بسفح قاسيون، فبنتها ووقفتها على الناصح والحنابلة. وتوفيت بدمشق في دار العقيقي التي صيرت المدرسة الظاهرية. ودفنت بمدرستها تحت القبو. ولقيت العالمة بعدها شدائد من الحبس ثلاث سنين. بالقلعة والمصادرة، ثم تزوج بها الأشرف صاحب حمص ابن المنصور، وسافر بها إلى الرحبة فتوفيت هناك سنة ثلاث وخمسين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 163 ولربيعة خاتون عدة محارم سلاطين، وهي أخت ست الشام. واستولى الصاحب معين الدين ابن الشيخ على موجودها فلم يمتع، وعاش بعدها أياماً قلائل. توفيت في ثامن عشر رجب عن سن عالية، رحمها الله تعالى. 4 (حرف الزاي)
4 (زينب بنت الجمال أبي حمزة)
1 (أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي عمر.) عمة القاضي تقي الدين سليمان. روت بالإجازة عن: مسعود الحمال. وتوفيت في جمادى الأولى.) 4 (زينب بنت أبي أحمد)
4 (عبد الواحد بن أحمد.) أم محمد، أخت الحافظ الضياء. ولدت سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وعاش إحدى وثمانين سنة. وروت بالإجازة عن: صالح بن الرحلة، وأبي العلاء الهمذاني، والسلفي. كتب عنها: أخوها، والسيف بن المجد. وروى عنها: شمس الدين محمد بن الكمال، وعائشة بنت المجد، والقاضي تقي الدين سليمان. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. قال أخوها الضياء: توفيت في الخامس والعشرين من ربيع الأول. قال: وكانت وفية خيرة، ذات مروءة وسعة خلق. 4 (حرف السين)
4 (سارة بنت عبيد الله)
1 (بن أحمد بن محمد بن قدامة.) أم حمزة. وجدة قاضي القضاة تقي الدين سليمان. ولدت قبل التسعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 164 وأجاز لها: السلفي، وخطيب الموصل، وجماعة. روت الحديث. وحدث عنها: شمس الدين محمد بن الكمال، والشرف أحمد بن أحمد القرضي، وعائشة بنت المجد، وحفيدها القاضي. وبالإجازة: العماد بن البالسي. وكانت صالحة كسائر عجائز الدير المبارك. وتوفيت في جمادى الأولى. 4 (سالم بن عبد الله)
1 (بن عبيد بن سعيد المالقي.) قيم دار الحديث النورية، رجل صالح. سمع من: القاسم بن عساكر، وعمر بن طبرزد.) حمل عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، والجمال بن الصابوني. وأجاز لجماعة. وتوفي في ربيع الأول. 1 (سالم بن عبد الرزاق بن يحيى بن عمر بن كامل.)
4 (سديد الدين العقربائي)
1 (خطيب عقربا.) كان فاضلاً، ينشىء الخطب. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة، وسمع من: أبي المعالي بن صابر، ويحيى بن محمود الثقفي، وابن صدقة. روى عنه: ابن الحلوانية، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وحضر علي ابن البالسي. توفي في نصف ربيع الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 165 4 (سيف الدين بن قليج) الأمير الكبير صاحب القليجية. توفي في شعبان بدمشق. ودفن بتربته التي في مدرسته بدمشق. وقد عمل نيابة دمشق. وكان أبوه من الأمراء الظاهرية الحلبية. واسم سيف الدين: علي. كتب عنه القوصي شعراً، وذكره في معجمه وقال: كانت مدرسته دار خالد بن الوليد. 4 (حرف الشين)
4 (شعبان بن إبراهيم بن أبي طالب) الداراني، الحمصي الأصل، أخو محمد وعلي. سمعوا من الحافظ ابن عساكر. وكتب عنهم ابن الحاجب. روى عنه: ابن الحلوانية، وابن الخلال، وجماعة.) وتوفي في هذه السنة. 4 (شكر الله بن عبد اللطيف)
1 (بن محمد بن ثابت.) الخوارزمي، ثم الأصبهاني أبو أحمد. من أولاد الشيوخ. ولد بأصبهان، وسمع فيما أظن من والده، وكتب في الإجازات. ومات، رحمه الله، في ربيع الآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 166 4 (حرف الصاد)
4 (صاروخان) أحد مقدمي الخوارزمية. كان شيخاً سميناً، قليل الفهم. وكان شحنة جمال السلطان، فمات هو وبردي خان على دمشق. مات هذا في جمادى الآخرة. 4 (الصفي) الكلبي، المقرىء على الجنائز بدمشق في ربيع الأول. 4 (صفية بنت إسحاق بن الخضر) سمعت الحديث، وماتت في ربيع الآخر. سمعت المسند كله من حنبل. وسمعت من: ابن طبرزد. وكانت من نساء الجبل. 4 (صفية بنت أحمد بن عمر)
1 (بن الشيخ أبي عمر المقدسي.) عمة القاضي تقي الدين سليمان. توفيت هي وأختها زينب بنت أحمد في جمادى الأولى. وقد روتا إجازةً عن: مسعود الجمال، وعفيفة الفارقانية. 4 (صفية أم أحمد)
1 (ابنة الشيخ موفق الدين بن قدامة.) ) ولدت بعد السبعين وخمسمائة. وروت بالإجازة عن: أبي طاهر السلفي، وخطيب الموصل، وعبد الحق اليوسفي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 167 سئل عنها الضياء فقال: كانت صاحبة أوراد، وهي كثيرة المعروف. قلت: روى عنها: ابن الكمال، وعائشة بنت المجد. وتوفيت في ربيع الآخر في أواخره. وروى عنها بالإجازة أيضاً أبو المعالي بن البالسي، وغيره. 4 (صفية بنت الناصح محمد)
1 (بن إبراهيم بن سعد.) أم محمد. توفيت في جمادى الأولى. روت بالإجازة شيئاً يسيراً. سمع منها: الزكي البرزالي، والسيف بن المجد. وأنا عنها: القاضي تقي الدين. 4 (ابن أبي الجود) الصوفي. خدم الملك المحسن بن صلاح الدين. وروى بالإجازة عن البوصيري. 4 (حرف الطاء)
4 (طلحة بن محمد بن طلحة) الأموي الإشبيلي، المقرىء. أخذ عن: أبيه، وعمه أبي العباس. وأتقن القراءآت والعربية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 168 وتصدر. مات في أول السنة. 4 (حرف العين) ) 4 (عبد الله بن عبد العزيز) اليونيني، الزاهد، والد شيخنا أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 169 من أصحاب الشيخ عبد الله اليونيني. توفي في ثامن رجب. وكان من الصالحين الأولياء. حكى شيخنا ولده أحمد قال: عنفني مرةً وانزعج فقال: والك، أنا قضيت إلى يومي هذا صلاة أربعين سنة. وحدثني فقير قال: أفتاك أبوك سنة بثلاثة دراهم، اشترى بدرهم دقيق وبدرهم سمن وبدرهم عسل، وله وجعله ثلاثمائة وستين كبة، كان يفطر كل ليلة على كبة. وقيل إنه عمل مرةً مجاهدةً تسعين يوماً، يفطر كل ليلة على حمصة حتى لا يواصل. وقال الشيخ إسرائيل بن إبراهيم: كان الشيخ عبد الله بن عزيز إذا دخل رجب تمارض ويأكل في كل عشرة أيام أكلة. وحكى العماد أحمد بن محمد بن سعد قال: أخبرني الشيخ إبراهيم البطائحي قال: كان في المزة شاب يشرب، فقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز: أحضروه لعله يتوب. وكان يحسن إلى جماعة المزة. قال: فدعا إنسان الشيخ عبد الله وأصحابه وحضر الشاب، فأنشد فقير أبياتاً فطاب الشيخ، وكان ثمة شمعة فجعل الشيخ لحيته عليها وبقي النار تخرج من خللها. وكان الشيخ كث اللحية، فوقع الشاب على رجلي الشيخ وتاب، وجاء منه رجل صالح. وحكى غير واحد من أهل المزة أنهم شاهدوا الشيخ والنار تخرج من خلل لحيته وأن الشاب تاب. وهذه حكاية صحيحة. وقال الشيخ يوسف الزاهد: قدمت من الحج وأنا عريان، قال: فخطر لي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 170 أن ما في دمشق مثل الشيخ عبد الله بن عبد العزيز، فذكرته للشيخ محمد السلاوي فقال: وأزيدك، ما في الشام. وعن الشيخ علي الشبلي قال: احتاجت زوجتي إلى مقنعة وطالبتني، فقلت: علي دين خمسة دراهم فمن أين أشتري لك فنمت فرأيت كأن من يقول لي: إن أردت أن تنظر إلى إبراهيم الخليل فانظر إلى الشيخ عبد الله بن عبد العزيز. فلما أصبحت أتيته بقاسيون، فقال لي والك يا علي إجلس. وقام إلى منزله وعاد ومعه مقنعة وفي طرفها خمسة دراهم. فرجعت. وكان عندنا) ورد فجمعته المرأة وأتت به إلى بيت الشيخ عبد الله، فوجدت زوجته وما على رأسها سوى مئزر معقود تحت حنكها، رضي الله عنها. وحكى ولده الفقيه أحمد قال: قال أبي: والله ما نظرت إلى فقير إلا قلت: هذا خير مني. قلت: وبلغنا أن الشيخ عبد الله كان كثيراً الذكر كثير الإيثار مع الفقر، كبير القدر، بعيد الصيت. صحب الشيخ عبد الله اليونيني الكبير مدة. وقبره بسفح قاسيون بقرب التربة المعظمة، رحمه الله. وروى لنا ولده عن ابن الزبيدي. ومن مناقب ابن عزيز فيما رواه ابن العز عمر خطيب زملكا عن الشيخ مري خادم ابن عزيز أن الشيخ كان إذا رأى الفقير قال: ما تجي تعمل عندي في جب. فإذا أجاب قال: على شرط أي شيء جاءنا فتوح تأخذه. فكان إذا عمل الفقير عمق شبرين فإن أتي الشيخ بشيءٍ دفعه إليه. فإذا راح عمد الشيخ فطم ما حفره الفقير. 4 (عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله ابن النخال.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 171 4 (أبو بكر البغدادي البواب)
4 (الرجل الصالح.) سمع من شهدة كتاب المصافحة، والرابع من المحامليات، وغير ذلك. روى عنه: مجد الدين العديمي، وفتاه بيبرس، والشيخ محمد القزاز. وما أدري توفي في هذه السن أو على أثرها. وقد أجاز للمطعم، والبحيري، وبنت الواسطي، وطائفة. 4 (عبد الله بن عمر)
4 (بن أبي بكر بن عبد الله بن سعد.) الشمس أبو محمد المقدسي، أخو الجمال أحمد. سمع من: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه شيوخنا: أبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والصدر الأرموي. ومات في جمادى الأولى. 4 (عبد الله بن الشيخ أبي عمر) ) 4 (محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.) الإمام الخطيب شرف الدين، أبو محمد المقدسي، خطيب جامع الجبل. كان فقيهاً عالماً، ديناً، ورعاً، صالحاً، قليل الكلام، وافر الحرمة، كبير القدر. ولد في رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وجماعة. وبمصر من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي. وببغداد: المبارك بن المعطوش، وأبا الفرج بن الجوزي، وعبد الله بن أبي المجد، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 172 واشتغل ببغداد وبدمشق على عمه الشيخ الموفق. روى عنه: الشيخ محمود الدبيثي، وابن أخيه أحمد بن محمد الدشتي، ومحمد بن محمد الكنجي، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي بن الخلال، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، والنجم إسماعيل بن الخباز، وجماعة درجوا إلى الله تعالى والقاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المطعم، وطائفة سواهم. وقد سمع منه: الشيخ الضياء، وذكره في شيوخه. وورخ وفاته في العشرين من جمادى الآخرة. ثم مات بعده بأسبوع. 4 (عبد الله بن أبي الفضل)
4 (محمد بن أبي محمد بن الوليد.) أبو منصور البغدادي، الحافظ. أحمد من عني بهذا الشأن ورحل فيه. سمع: عبد العزيز بن الأخضر الحافظ، وعبد العزيز بن منيب، ومسعود بن بركة، وطائفة ببغداد. والحافظ عبد القادر بحران وأبا هاشم عبد المطلب بحلب والتاج الكندي، وابن الحرستاني بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 173 وكان مشهوراً بجودة القراءة وسرعتها، وخطه ضعيف. طريقته تشبه طريقة عبد القادر الرهاوي شيخه، ومن كبار أئمة السنة. وله مصنفات وتاريخ مفيدة.) توفي كهلاً في ثالث جمادى الأولى. 4 (عبد الله بن نصر)
1 (بن علي بن المجاور الدمشقي.) أديب فاضل. روى عنه الحافظ عبد العظيم شعراً. وتوفي عن إحدى وستين سنة بالفيوم. 4 (عبد الجليل بن عبد الجبار بن عبد الواسع بن عبد الجليل.)
4 (المحدث تاج الدين الأبهري)
1 (العدل.) ولد بأبهر بزنجان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وقدم دمشق فاشتغل بها ونسخ الكثير. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي. روى عنه: المفتي أبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والصدر الأرموي، والعماد بن البالسي، وجماعة. وخطه طريقة مشهورة. توفي في ربيع الأول. وكان صوفياً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 174 4 (عبد الحق بن عبد الله بن عبد الواحد بن علان بن خلف.)
4 (أبو سليمان الخزرجي)
4 (المصرين ويعرف بابن الحجاج.) محدث معروف ولد سنة اثنتين وسبعين. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي نزار ربيعة. وبدمشق: الخضر بن كامل، وابن الحرستاني. توفي في العشرين من جمادى الأولى. روى عنه: الدمياطي. وهو ابن عم عبد الله بن عبد الواحد.) 4 (عبد الحق بن عبد السلام بن عبد الحق)
4 (أبو محمد التميمي الصقلي)
4 (ثم الدمشقي، المؤدب بمسجد الرحبة.) ولد سنة خمس وستين. وسمع من: يحيى الثقفي. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وجماعة سواهم. وبالإجازة أبو المعالي بن البالسي. توفي في سلخ ربيع الأول. 4 (عبد الرحمن بن عبد الله)
4 (بن الحافظ عبد الغني) المقدسي. توفي شاباً. 4 (عبد الرحمن بن الحافظ عبد الغني)
4 (بن عبد الواحد بن علي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 175 الفقيه أبو سليمان المقدسي، محيي الدين. ولد سنة ثلاث وثمانين. وسمع من: أبيه، والخشوعي، وجماعة. وبمصر من: البوصيري، وابن ياسين، والأرتاحي. وببغداد من: أبي الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد، وعمر بن علي الواعظ، والحسن بن علي بن أشنانة. وتفقه على الشيخ الموفق. وكان فقيهاً، متقناً، صالحاً، خيراً، عابداً، مدرساً، من أعيان الحنابلة. قيل إنه حفظ الكتاب الكافي جميعه، وكان دائم البشر، حسن الأخلاق، لطيف الشمائل. روى عنه: الشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والمجد ابن الحلوانية، وأبو الحسين ابن اليونيني، وأبو علي بن الخلال، والتاج عبد الخالق القاضي، وابنه عبد السلام، والشرف إبراهيم بن حاتم،) وأبو بكر بن الذكري، وأبو بكر بن الدشتي، وأبو الفضل سليمان بن حمزة الحاكم، وطائفة سواهم. وتوفي في التاسع والعشرين من صفر. 4 (عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعد.)
4 (الشيخ أبو البركات)
4 (ابن شيخ الشيوخ النيسابوري، ثم البغدادي، ولد سنة سبعين وخمسمائة.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 176 وسمع: أباه، وعمه صدر الدين عبد الرحيم، وأبا الفتح بن شاتيل، والقزاز. وكان صالحاً عابداً، ولي مشيخة الرباط البسطامي. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وأبو نصر بن الشيرازي، والبحيري، وبنت الواسطي، وخلق. قال الشريف: توفي في ثالث ذي القعدة. 4 (عبد الرحمن بن علي بن إبراهيم بن محمد بن إلياس.)
4 (نجم الأمناء أبو محمد الأزدي)
4 (الحمصي، ثم الدمشقي، التاجر.) ولد بدمشق سنة ست وخمسين. وسمع من الحافظ أبي القاسم القشيري يسيراً. روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وغيرهم. وتوفي في نصف شعبان يوم الجمعة. وروى لنا عنه شرف الدين عشرة أحاديث. 4 (عبد الرحمن بن عمر بن بركات)
1 (بن شحانة.) المحدث العالم، سراج الدين، أبو محمد الحراني. توفي بميافارقين في جمادى الآخرة. وسماعاته كثيرة سنة نيف عشرة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 177 وستمائة بدمشق، وحلب، ومصر، والموصل. وكتب شيئاً كثيراً.) سمع: القاضي أبا القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، والافتخار الهاشمي، ومسمار بن العويس، وخلقاً كثيراً. وكان ثقة، فهماً، حسن المذاكرة. روى عنه بالإجازة أبو نصر بن الشيرازي. 4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد العزيز.) وجيه الدين أبو القاسم اللخمي القوصي، الحنفي، الفقيه. ولد بقوص سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 178 وسمع بمصر من: عبد الله بن بري النحوي، وعلي بن هبة الله الكاملي، ومحمود بن أحمد بن الصابوني، والقاسم بن عساكر. وعنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وأبو الحسن الغرافي، وغيرهم. وكان أديباً شاعراً مع ما فيه من التبحر بمذهبه فإنه درس وأفتى وناظر وطال عمره. وتوفي في سابع ذي القعدة بالقاهرة. 4 (عبد الرحمن بن مقرب بن عبد الكريم) الحافظ المفيد، أسعد الدين، أبو القاسم الكندي، الإسكندراني، المعدل. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وقرأ بنفسه على: البوصيري، وعبد الرحمن بن موقا، وأبي الفضل الغزنوي، والأرتاحي، وبنت سعد الخير، وجماعة. ولزم الحافظ أبا الحسن بن المفضل وتخرج به، وخرج لنفسه عشرين جزءاً أبان فيها عن معرفة ونباهة. حدث عنه: أبو محمد الدمياطي، والزين محمد بن منصور الوراق، وجماعة. وتوفي في ثالث عشر صفر. وهو والد مقرب الراوي عن ابن عماد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 179 4 (عبد الرحيم بن الإمام أبي الحسن علي بن إبراهيم بن نجا)
4 (أبو سعد الخير الأنصاري.) ولد بدمشق سنة أربع وخمسين. وسمع من: والديه.) وأجاز له: أبو موسى المديني، وجماعة. وتهاون به أبوه ولم يسمعه في صغره ولا استجاز له. توفي بالقاهرة في ربيع الأول. وقد سمع منه الزكي المنذري. وروى عنه: الدمياطي، وغيره. 4 (عبد الرزاق بن أبي الغنائم)
1 (بن ياسين بن العلاء) أبو محمد مهذب الدين الدقوقي، العراقي، الضرير، المقرىء، الشاعر. قدم الشام شاباً فسمع بها من عبد اللطيف بن أبي سعد لما قدمها ومن: القاسم بن عساكر، والمفضل بن عقيل، والخطيب الدولعي، وأبي بكر محمد بن يوسف الآملي، وغيرهم. روى عنه: زين الدين الفارقي، والبدر بن الخلال، والعماد بن البالسي، وغيرهم. ومات في ثامن شعبان بدمشق. 4 (عبد السلام بن ممدود بن أبي الوحش) أبو محمد بن السيوري، الشيباني. سمع من: الخشوعي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 180 وتوفي في رجب وله ستون سنة. حدث وأجاز. 4 (عبد السلام بن برتقش) القضائي الزكوي. كان برتقش تسمى بإسحاق. روى عن: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي. وعنه: ابن الحلوانية، وغيره. مات في جمادى الأولى. 4 (عبد السيد بن أبي الرجاء)
1 (مظفر بن أبي عبد الله محمد بن محفوظ بن صصرى.) ) أبو محمد التغلبي الدمشقي. حدث عن: عبد الكريم بن الهادي. وسمع منه الطلبة. ومات في سادس عشر ربيع الآخر. روى عنه: البهاء بن عساكر بالإجازة. 4 (عبد الكريم بن أبي الفتح) الحبقي، الفقيه. دمشقي يروي عن: الخشوعي. ثنا عنه: الفخر بن عساكر. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (عبد اللطيف بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عساكر.)
4 (أبو الحسن ابن زين الأمناء) والد شيخنا عبد المنعم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 181 كان صالحاً متزهداً. توفي، رحمه الله، في شوال. 4 (عبد المحسن بن حمود بن المحسن بن علي) المولى أمين الدين، أبو الفضل التنوخي، الحلبي، الكاتب المنشىء البليغ. ولد سنة سبعين وخمسمائة. ورحل فسمع بدمشق من: حنبل، وابن طبرزد، وابن الزنف، وأبي اليمن الكندي، وطائفة. وعني بالأدب. وجمع كتاباً في عشرين مجلدة في الأخبار والنوادر، روى فيه بالأسانيد. وله ديوان شعر، وديوان ترسل. روى عنه: الشهاب القوصي، والزين الفارقي شيخنا، وأبو علي بن الخلال، والشيخ علي بن هارون، والعماد بن البالسي. ومن شعره:) (اشتغل بالحديث إن كنت ذا فه .......... مٍ ففيه المراد والإيثار)
(فهو للعلم معلمٌ وبه .......... بين ذوي الدّين تحسن الآثار)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 182 (إنّما الرّأي والقياس ظلامٌ .......... والأحاديث للورى أنوار)
(كن بما قد علمته عاملاً .......... فالعلم دوحٌ منهنّ تجنى الثّمار)
(وإذا كنت عالماً وعليماً .......... بالأحاديث لن تمسّك النار) وقد كتب أمين الدين ابن حمود لعز الدين أيبك صاحب صرخد ووزر له وكان ديناً كامل الأدوات. توفي في الرابع والعشرين من رجب. 4 (عبد الملك بن عبد الوهاب)
1 (بن زين الأمناء بن عساكر.) أبو الوفاء. من علماء المحدثين وفضلائهم. كتب وأجاد وخرج. وقرأ على الشيوخ. ولو عاش لتعين. مات في المحرم وله اثنتان وثلاثون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 183 سمع: جده، وابن اللتي. 4 (عبد الوهاب بن معد بن أحمد بن الواثق) أبو محمد العباسي البغدادي. روى عن: عبيد الله بن شاتيل. ومات في ثامن عشر صفر. 4 (عبيد الله بن جبارة) المرداوي الصالحي، الفقيه الحنبلي. توفي بالجبل في جمادى الآخرة. 4 (عتيق بن أبي الفضيل)
4 (بن سلامة بن عبد الكريم بن ثابت.) العدل أبو بكر السلماني، الشاهد تحت الساعات.) ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي القاسم الحافظ. وسمع أيضاً من: أبي المعالي علي بن خلدون، ومن: أبي طالب محمد بن الحسين بن عبدان. وكان كثير التلاوة مواظباً على الصلوات في جماعة. وعنده مزاح ودعابة. روى عنه: الحافظ زكي الدين البرزالي مع تقدمه، وأبو محمد الجزائري، وأبو الفضل الإربلي الذهبي، وأبو الفضل بن عساكر، وابن عمه الفخر، وأبو علي بن الخلال، والعلاء بن البقال، والخطيب شرف الدين الفزاري، وآخرون. وحضر عليه أبو المعالي بن البالسي جميع كتاب المجالسة بسماعه سوى الأول والثامن بفوت، والخامس على ابن عساكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 184 وحضر عليه الأربعين المساواة لابن عساكر، ومجلس فضل رجب وهو السادس بعد الأربعمائة. وحضر عليه عوالي حساناً، والأول والثاني من سباعيات الحافظ، وجزء أبي معاذ الشاه وما معه، وسداسيات الفراوي، وغير ذلك. توفي في الثاني والعشرين من ذي القعدة ودفن بمقبرة باب الفراديس. 4 (عثمان بن حامد) الفقيه. توفي بدمشق في جمادى الآخرة. 4 (عثمان بن عبد الرحمن)
1 (بن عثمان بن موسى بن أبي نصر.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 185 الإمام مفتي الإسلام تقي الدين أبو عمرو ابن الإمام البارع أبي القاسم صلاح الدين النصري، الكردي، الشهرزوري، الشافعي. ولد سنة سبع وسبعين، وتفقه على والده الصلاح بشهرزور، وكان والده شيخ تلك الناحية، ثم نقله إلى الموصل فاشتغل بها مدة، وبرع في المذهب. قال ابن خلكان في تاريخه: بلغني أنه كرر على جميع المهذب ولم يطر شاربه، ثم ولي الإعادة عنه العلامة العماد بن يونس.) قلت: وسمع من: عبيد الله بن أحمد بن السمين، ونصر الله بن سلامة الهيتي، ومحمود بن علي الموصلي، وعبد المحسن ابن خطيب الموصل، وعبد الله بن أبي السنان بالموصل. ورحل وله بضع وعشرون سنة إلى بغداد، فسمع بها من أبي أحمد عبد الوهاب ابن سكينة، وعمر بن طبرزد وبدبيس من: إسماعيل بن إبراهيم الخباز وبهمذان من: أبي الفضل بن المعزم، وجماعة. وبنيسابور من: منصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، والقاسم بن الصفار، ومحمد بن الحسن الصرام، وأبي المعالي بن ناصر الأنصاري، وأبي النجيب إسماعيل القارىء، وزينب الشعرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 186 وبمرو من: أبي المظفر عبد الرحيم بن السمعاني، ومحمد بن إسماعيل الموسوي، وأبي جعفر محمد بن محمد السنجي، ومحمد بن عمر المسعودين وجماعة. ودخل الشام في سنة سبع عشرة أو قبلها فسمع من: الموفق شيخ الحنابلة، وزين الأمناء، وأخيه المفتي فخر الدين. وسمع بحلب من: أبي محمد ابن الأستاذ. وقد ورد دمشق قبل ذلك، وسمع من: القاضي جمال الدين بن الحرستاني. وسمع بحران من: الحافظ عبد القادر. ثم في النوبة الثانية درس بالقدس بالمدرسة الصلاحية، فلما خرب المعظم أسوار القدس قدم دمشق وولي تدريس الرواحية. وولي سنة ثلاثين مشيخة الدار الأشرفية، ثم تدريس الشامية الصغرى. وكان إماماً بارعاً، حجة، متبحراً في العلوم الدينية، بصيراً بالمذهب ووجوهه، خبيراً بأصوله، عارفاً بالمذاهب، جيد المادة من اللغة والعربية، حافظاً للحديث متفنناً فيه، حسن الضبط، كبير القدر، وافر الحرمة مع ما هو فيه من الدين والعبادة والنسك والصيانة والورع والتقوى. فكان عديم النظر في زمانه. قال ابن خلكان: كان أحد فضلاء عصره في التفسير، والحديث، والفقه، وله مشاركة في فنون عدة، كانت فتاويه مسددة، وهو أحد أشياخي الذين انتفعت بهم. وكان من العلم والدين على قدم حسن. أقمت عنده للاشتغال ولازمته سنة اثنتين وثلاثين. وقد جمعت فتاويه في مجلدة. وله إشكالات على الوسيط.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 187 وقال ابن الحاجب في معجمه: إمام ورع، وافر العقل، حسن السمت، متبحر في الأصول والفروع، بالغ في الطلب حتى صار يضرب به فيه المثل، وأجهد نفسه في الطاعة والعبادة. قلت: وكان حسن الاعتقاد على مذهب السلف، يرى الكف عن التأويل، ويؤمن بما جاء عن الله ورسوله على مرادهما. ولا يخوض ولا يتعمق. وفي فتاويه: سئل عمن يشتغل بالمنطق والفلسفة فأجاب: الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومقال الزيغ والزندقة. ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين. ومن تلبس بها قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. إلى أن قال: واستعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من المنكرات المستبشعة، والرقاعات المستحدثة، وليس بالأحكام الشرعية، ولله الحمد، افتقار إلى المنطق أصلاً، وهو فقاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن. فالواجب على السلطان، أعزه الله، أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم. وللشيخ فتاو هكذا مسددة، فرحمه الله ورضي عنه. وكان معظماً في النفوس، حسن البزة، كثير الهيبة، يتأدب معه السلطان فمن دونه. تفقه عليه كثير منهم: الإمام شمس الدين عبد الرحمن بن نوح المقدسي، والإمام شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل أبو شامة، والإمام كمال الدين سلار، والإمام كمال الدين إسحاق، والإمام تقي الدين ابن رزين قاضي الديار المصرية، والعلامة شمس الدين ابن خلكان قاضي الشام. وروى عنه: الفخر عمر بن يحيى الكرجي، والمجد يوسف بن المهتار،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 188 وابنه محمد، والتاج عبد الرحمن شيخ الشافعية، والجمال أبو بكر محمد بن أحمد الشريشي، والزين عبد الله بن مروان مفتي الشافعية، والجمال عبد الكافي الربعي، والشرف أحمد الفزاري، والشرف أحمد بن عساكر، والكمال عبد الله بن قوام، والشهاب محمد بن مشرف، والشرف عمر بن خواجا إمام، والصدر محمد بن يوسف الأرموي، والشمس محمد بن يوسف الذهبي، والعماد محمد بن البالسي، والشرف ابن خطيب بيت الآبار، والقاضي أحمد بن علي الحنبلي، والشهاب محمد بن العفيف، وغيرهم.) وانتقل إلى رحمة الله في سحر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من ربيع الآخر، وحمل على الرؤوس، وازدحم عليه الخلق. وكانت على جنازته هيبة وخشوع، فصلي عليه بالجامع، وشيعوه إلى عند باب الفرج، فصلي عليه بداخله ثانيةً، ورجع الناس لأجل حصار البلد بالخوارزمية، وخرج به دون العشرة ودفنوه بمقابر الصوفية، وقبره في طرفها الغربي على الطريق ظاهر. وعاش ستاً وستين سنة. 4 (عقيل بن نصر الله)
4 (بن عقيل بن المسيب بن علي بن محمد.) شرف الدين أبو طالب بن أبي الفتيان بن أبي طالب بن أبي الفوارس ابن الرئيس أبي الحسن ابن الصوفي محمد الدمشقي. من بيت حشمة ورئاسة، وكان إمام مسجد الديماس، وله محفوظات، وفيه دين وتزهد. ولد سنة تسع وستين، وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 189 روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين، وأخوه الخطيب شرف الدين، والفخر بن عساكر، والركن أحمد الطاووسي، والشرف محمد ابن خطيب بيت الآبار. وحضوراً أبو المعالي بن البالسي. وتوفي في ربيع الأول. 4 (علي بن الحسن بن حمزة) الغساني، الصيداوي، ثم الدمشقي. وسمع: محمد بن الخصيب. وحدث وأجاز. وتوفي في عاشر ربيع الآخر. 4 (علي بن الحسين بن علي بن منصور) المسند الصالح المعمر، أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي الأزجي، الحنبلي، المقرىء النجار، مسند الديار المصرية، بل مسند الوقت. ولد ليلة عيد الفطر سنة خمس وأربعين. وأجاز له أبو بكر محمد بن الزاغوني، ونصر بن نصر العكبري، ومحمد بن ناصر الحافظ،) وسعيد بن البناء، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو جعفر أحمد بن محمد العباسي، وجماعة. وكان يمكنه السماع من هؤلاء، فإنهم كانوا أحياءً في سنة خمسين وخمسمائة ببلده. وسمع بنفسه من: شهدة، ومعمر بن الفاخر، وعبد الحق اليوسفي، وعيسى بن أحمد الدوشابي، وأحمد بن الناعم، وأبي علي بن شيرويه، وجماعة. وهو آخر من روى بالإجازة عن أولئك، وبالسماع عن ابن الفاخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 190 وحدث ببغداد، ودمشق، ومصر، ومكة. وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين فأقام بها سنتين. وحج وراح إلى مصر فأقام بها. وجاور بمكة أيضاً. وتوفي بمصر. قال التقي عبيد وغيره: كان شيخاً صالحاً كثير التهجد والعبادة والتلاوة، صابراً على أهل الحديث. وقال الشريف عز الدين: كان من عباد الله الصالحين كثير التلاوة، مشتغلاً بنفسه. توفي ليلة نصف ذي القعدة. قلت: حمل عنه أئمة وحفاظ. وأنا عنه: عبد المؤمن بن خلف الحافظ، والضياء عيسى السبتي، والجلال عبد المنعم القاضي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفضل الذهبي، وأبو العباس بن مؤمن، ومحمد بن يوسف الحنبلي، وعيسى المعاري، والقاضي تقي الدين سليمان، وأبو السعود محمد بن عبد الكريم المنذري، وزينب بنت القاضي محيي الدين، والجمال ابن مكرم الكاتب، ومحمد بن المظفر الفقيه، وصبيح الصوابي، وبيبرس القيمري، وشهاب بن علي، وشرف الدين أبو الحسن بن اليونيني، وغيرهم. وقد انفرد بدمشق عنه: بهاء الدين القاسم بن عساكر بجملة عالية. وآخر من روى عنه بالسماع وبالإجازة يونس الدبابيسي بالقاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 191 4 (علي بن شاهنشاه) الأديب، أبو الحسن. له شعر كيس. توفي في سابع ذي القعدة. أظنه مصرياً، رحمه الله تعالى. 4 (علي بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد.) ) 4 (أبو الحسن الزهري الإشبيلي) سمع صحيح البخاري من أبيه. وأخذ القراءآت عن أبي بكر بن صاف. والعربية عن أبي إسحاق بن ملكون. وولي الخطابة في آخر عمره بجامع العدبس. وولي قضاء القضاة في أيام أبي مروان أحمد بن محمد الباجي قتيل ابن الأحمر. وقد حدث بيسير، وعمر دهراً. وتوفي، رحمه الله، في ربيع الآخر. بالأندلس. ذكره الأبار. 4 (سيف الدين علي بن قليج) في حرف السين. 4 (علي بن محاسن بن عوانة بن شهاب) القاضي نور الدولة أبو الحسن النميري الكفربطناني، ويعرف بقاضي كفربطنا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 192 كان كبير القرية ومحتشمها، وعلى قبره جملون ومقرىء إلى جانب مسجد أبيه. حدث عن: الخشوعي. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن خطيب بيت الآبار. وحضر عليه أبو المعالي بن البالسي. توفي في خامس رمضان. ولأبيه رواية عن الحافظ ابن عساكر. ولابنه محمد رواية عن ابن اللتي. وسمعنا على بنت ابنه ست القضاة سنة بضع عشرة وسبعمائة بإجازة سبط السلفي. 4 (علي بن محمد بن عبد الصمد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 193 العلامة علم الدين، أبو الحسن الهمداني، السخاوي، المصري، شيخ القراء بدمشق. ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة، وسمع بالثغر من: السلفي، وأبي القاهر بن عوف. وبمصر من: أبي الجيوش عساكر بن علي، وأبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وجماعة. وبدمشق من: ابن طبرزد، والكندي، وحنبل. وسمع الكثير من الإمام أبي القاسم الشاطبي، وقرأ عليه القراءآت، وعلى أبي الجود غياث بن) فارس، وعلى أبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي. وبدمشق على أبي اليمن الكندي، قرأ عليهما بالمبهج لسبط الخياط، ولكن لم يسند عنهما القراءآت، فرأيتهم يقولون إن الشاطبي قال له: إذا مضيت إلى الشام فاقرأ على الكندي ولا ترو عنه. وقيل إنه رأى الشاطبي في النوم فنهاه أن يقرىء بغير ما أقرأه. وكان إماماً علامة، مقرئاً، محققاً، مجوداً، بصيراً بالقراءآت وعللها، ماهراً بها، إماماً في النحو واللغة، إماماً في التفسير كان يتحقق بهذه العلوم الثلاثة ويحكيها. وكان يفتي على مذهب الشافعي. تصدر للإقراء بجامع دمشق، وازدحم عليه الطلبة وقصدوه من البلاد، وتنافسوا في الأخذ عنه. وكان ديناً خيراً متواضعاً، مطرحاً للتكلف، حلو
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 194 المحاضرة، مطبوع النادرة، حاد القريحة من أذكياء بني آدم. وكان وافر الحرمة، كبير القدر، محبب إلى الناس. روى الكثير من العوالي والنوازل، وكان ليس له شغل إلا العلم والإفادة. قرأ عليه خلق كثير إلى الغاية، ولا أعلم أحداً من القراء في الدنيا أكثر أصحاباً منه. ومن مصنفاته: شرح الشاطبية في مجلدين، وشرح الرائية في مجلد في رسم المصحف، وكتاب جمال القراء وتاج الإقراء، وكتاب خير الدياجي في تفسير الأحاجي، وكتاب التفسير إلى الكهف في أربع مجلدات، وكتاب المفضل في شرح المفصل، وغير ذلك مما لم يحضر في ذكره. أقرأ عنه القراءآت: شمس الدين أبو الفتح محمد بن علي الأقصاري، وشهاب الدين أبو شامة، وزين الدين عبد السلام الزوادي، ورشيد الدين أبو بكر بن أبي الدر المكيني، وتقي الدين يعقوب الجرائدي، وجمال الدين إبراهيم الفاضلي، ورضي الدين جعفر بن دبوقا الحراني، وشمس الدين محمد بن الدمياطي، ونظام الدين محمد التبريزي، وشهاب الدين محمد بن مزهر. وروى عنه من شيوخنا الذين لقينهم الشيخ زين الدين الفارقي، والجمال عبد الواحد ابن كثير النقيب، وقد قرأ عليه القراءآت ونسي، ورشيد الدين إسماعيل بن المعلم وقد قرأ عليه القراءآت ونسي، والشمس محمد بن قايماز، وقد قرأ عليه القراءآت ونسي، رأيت إجازته بالقراءآت، وشرف الدين أحمد بن إبراهيم الخطيب وقد قرأ عليه لنافع وأبي عمرو، وأقرأ عنه، وشرف الدين إبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وقد قرأ عليه ختمةً، والشهاب أحمد بن مروان التاجر) وقد قرأ القرآن، وعرض علي الشاطبية، وأبو علي بن الخلال، والزين إبراهيم بن الشيرازي، وأبو المحاسن بن الخرقي وقد قرأ
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 195 عليه القرآن وجوده، وكمال الدين أحمد بن العطار، وإبراهيم بن أخي علاء الدين ابن النصير، وزين الدين أحمد بن محمود القلانسي، وقد قرأ عليه القراءآت وترك، والصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم وقال: قرأت عليه ختمةً لأبي عمرو. وذكره القاضي ابن خلكان في تاريخه وقال: رأيته مراراً راكب بهيمة إلى الجبل وحوله اثنان أو ثلاثة يقرأون عليه في أماكن مختلفة دفعةً واحدة، وهو يرد على الجميع. قلت: وفي نفسي شيء من صحة الرواية على هذا النعت لأنه لا يتصور أن يسمع مجموعات الكلمات، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. وأيضاً فإن مثل هذا الفعل خلاف السنة، ولا أعلم أحداً من شيوخ المقرئين كان يترخص في هذا إلا الشيخ علم الدين. وكان رحمه الله أقعد بالعربية والقراءآت من تاج الدين الكندي. ومحاسنه كثيرة، وفوائده غزيرة. ومن شعره: (قالوا: غداً نأتي ديار الحمى .......... وينزل الرّكب بمغناهم)
(وكلّ من كان مُطيعاً لهم .......... أصبح مسروراً بلقياهم)
(قلت: فلي ذنبٌ فما حيلتي .......... بأيّ وجهٍ أتلقّاهم)
(قيل: أليس العفو من شأنهم .......... لا سيّما عمّن ترجّاهم) وقد ذكره العماد الكاتب في السيل والذيل فقال: علي بن السخاوي، عرض له قاضي الإسكندرية على السلطان الملك الناصر صلاح الدين هذه القصيدة بظاهر عكا بالمعسكر المنصور في سنة ست وثمانين وخمسمائة وأثنى على
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 196 فضله وأدبه وعلمه، وهي: (بين الفوآدين من صبٍّ ومحبوب .......... يظلّ ذو الشّوق في شدّ وتقريب)
(صبر المتيّم في قرب الدّيار به .......... أولى من الصّبر في نأيٍ وتغريب) وهي طويلة أورد فيها العماد قطعةً في مدح السلطان. وقد مدح الأديب رشيد الدين بقصيدته التي أولها: (فاق الرّشيد فأمّت بحره الأُمم .......... وصدّ عن جعفر ورداً له أُمم) وبين وفاتي المذكورين أكثر من مائة سنة.) قال أبو شامة: وفي ثاني عشر جمادى الآخرة توفي شيخنا علم الدين علامة زمانه، وشيخ أوانه بمنزله بالتربة الصالحية، ودفن بقاسيون. وكانت على جنازته هيبة وجلالة وأجناب. ومنه استفدت علوماً جمة، كالقراءآت، والتفسير، وفنون العربية، وصحبته من شعبان سنة أربع عشرة وستمائة. ومات وهو عني راض. قلت: وكان شيخ الإقراء بالتربة المذكورة، وله تصدير وحلقة بجامع دمشق. وكانت حلقته عند المكان المسمى بقبر زكريا مكان الشيخ علم الدين البرزالي الحافظ. 4 (علي بن محمد بن كامل)
4 (بن أحمد بن أسد.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 197 أبو الحسن بن الشيخ أبي المحاسن التنوخي، الدمشقي. ولد سنة ثمان وسبعين. وسمع من: الخشوعي، ومن: أبيه. روى عنه: المجد ابن الحلوانية وغيره. وحدثنا عنه: محمد بن يوسف الذهبي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وإبراهيم بن صدقة المخرمي. وتوفي في رمضان. 4 (علي بن....) الدمشقي الحنفي. عرف 4 (ابن الحجة)
4 (علي بن مجاهد بن شبل) أبو موسى الأنصاري، السويدي، الشروطي. بدمشق. سمع الكثير بنفسه وكتب الطباق على الخشوعي، والقاسم بن عساكر، والضياء الدولعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وابن طبرزد. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، والزين إبراهيم بن الشيرازي، ومحمد ابن) خطيب بيت الآبار، وآخرون. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه بالإجازة البهاء ابن عساكر. 4 (عمر بن نصر الله بن محمد بن محفوظ بن صصرى)
4 (أبو حفص التغلبي)
4 (الدمشقي، الجندي.) سمع: القاضي أبا سعد بن عصرون، وأحمد بن الموازيني، وبركات الخشوعي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 198 روى عنه: الشيخ تاج الدين وأخوه شرف الدين الخطيب، وأبو علي بن الخلال، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وآخرون. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه بالإجازة: البهاء ابن عساكر. 4 (عمر بن أبي بكر بن جعفر) الفقيه الصالح، علاء الدين الكردي. توفي بدمشق. ذكره أبو شامة هكذا. 4 (عيسى بن حامد بن علي) الداراني. سمع من: الحافظ أبي القاسم. كتب عنه الطلبة وحضر عليه من شيوخنا العماد بن البالسي. وتوفي في هذه السنة. 4 (حرف الفاء)
4 (فاطمة بنت الشيخ موفق الدين)
4 (بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة.) توفيت عن نيف وخمسين سنة. وروى عنها القاضي بإجازتها من ابن القزاز ومن السلفي. وما كأنها أدركت ذلك. 4 (فاطمة بنت القاضي محيي الدين) ) 4 (أبي المعالي محمد بن علي بن محمد القرشي.) من بيت فضل وحشمة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 199 توفيت في ربيع الآخر. وقد روت عن أبيها. 4 (الفتح بن علي بن الفتح) الأديب قوام الدين أبو إبراهيم البنداري الأصبهاني، الكاتب الشاعر. نزيل دمشق. سمع الكثير، وكتبوا عنه من نظمه. وله مديح في الشيخ الموفق. توفي في سابع ربيع الأول. وقد كتب في الإجازات. 4 (الفضل بن سالم بن مرشد) أبو البركات التنوخي المعري، الكاتب صاحب الإنشاء والترسل لصاحب حماة. روى عن: أبيه، وعن: محمد بن عبد الواحد بن المهذب. وكان ذا حظوة وتقدم عند مخدومه. توفي بحماة في العشرين من جمادى الأولى. وله شعر جيد. 4 (الفضل بن نبا بن أبي المجد)
4 (الفضل بن الحسن بن إبراهيم.) أبو المجد ابن البانياسي الحميري، الدمشقي. ولد بحلب سنة ثلاث وثمانين. وسمع من: جده لأمه الحافظ البهاء قاسم بن عساكر، وأبي طاهر الخشوعي. وكان فصيحاً أديباً شاعراً، لكنه تكلم في دينه وعقيدته، فالله أعلم. توفي بدمشق في تاسع رجب. 4 (الفلك المسيري)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 200 أبو زبر، واسمه عبد الرحمن بن هبة الله. كان صدراً كبيراً محتشماً، وافر الحرمة، ظاهر النعمة، كثير التيه والصلف. قال سعد الدين ابن الشيخ في تاريخه إن الملك الأشرف رسم على الفلك واحتاط على موجوده في سنة أربع وثلاثين، لكونه نقل إليه أنه كاتب أخاه الكامل.) قال: وكان له حظ عند الأشرف مع أنه كان يستجهله. كنت عند الأشرف يوماً فخرج الفلك لشغل وعاد، فقال: أين كنت يا ملك قال: يا مولانا سيرت الدواب إلى الإصطبل. فقال: عجب ما رحت معها يعني أنه من الدواب. 4 (حرف القاف)
4 (قيس بن إبراهيم) الحلبي الشاعر. توفي في المحرم. 4 (حرف الكاف)
4 (كيخسرو بن قيقباذ بن كيخسرو)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 201 السلجوقي، صاحب الروم. تسلطن بعد أبيه وهو شاب فلعب. وقصد فرق من التتار أرزن الروم فحاصروها، وأخذوا منها أموالاً جمة، ثم نازلوا بعض بلاده، فجمع وحشد وسار إليهم، فهزموه وأسرت أمه. وبعد انهزامه ولي السلطنة ابن له عمره سبع سنين. مات كيخسرو في هذه السنة على ما ورخه ابن الساعي. 4 (حرف اللام)
4 (لؤلؤ) الحارمي الأصل، وحارم من أعمال حلب، المصري. سمع مع مولاه نصر بن محمد بن أبي الفتون النحوي من: أبي القاسم البوصيري، والأرتاحي. توفي بالقاهرة يوم الفطر. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن تاج الأمناء)
4 (أبي الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عساكر.) الرئيس العالم النسابة عز الدين أبو عبد الله الدمشقي. ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ أبي القاسم عم والده ومن: أبي المعالي بن صابر،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 202 وعبد الصمد بن سعد) النسوي، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وأبي طالب الخضر بن طاوس، وجماعة. روى عنه خلق منهم: العلامة تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، ورشيد الدين إسماعيل بن المعلم، والبدر بن الخلال، والفخر بن عساكر، وكماد الدين بن العطار، والنجم عبد العالي الشروطي، والبهاء بن عساكر، والزين إبراهيم بن الشيرازي. وكان رئيساً عالماً متجملاً، يركب البغلة ويلبس البزة الحسنة. وله تاريخ على الحوادث فيه الدره والبعرة وأشياء باردة، ولم يظهره الرجل، وإنما هو تعاليق في جريدة، ويسمى موائمة النسابة. توفي في ثالث جمادى الأولى، وله نظم حسن. 4 (محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي) الإمام المحدث تاج الدين أبو الحسن الفرضي، إمام الكلاسة وابن إمامها. ولد في أول سنة خمس وسبعين وخمسمائة بدمشق. وحج به أبوه سنة تسع فسمع في أواخر الخامسة من: عبد المنعم بن عبد الله الفراوي سباعياته الأربعين. ومن: عبد الوهاب ابن سكينة، وأبي يعلى محمد بن المطهر الفاطمي، وأبي غالب زهير شعرانة بمكة. وسمع بدمشق بعد ذلك من: أبي سعد بن أبي عصرون، وأحمد بن حمزة بن الموازيني، والفضل بن البانياسي، ويحيى الثقفي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، وابن صدقة الحراني، وطائفة سواهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 203 ثم أقبل في آخر عمره على الحديث إقبالاً كلياً، ونسخ الكثير، وقرأ على الشيوخ، ومشى مع الطلبة. وكان ثقة، خيراً، فاضلاً، صالحاً، محبباً إلى الناس. وروى الكثير. حدث عنه: الحافظ أبو عبد الله الإشبيلي مع تقدمه، وشرف الدين النابلسي، والشيخ تاج الدين، وأخوه، وأبو المحاسن بن الحرمي، وأبو عبد الله الدمياطي، والمفتي زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والشيخ محمد بن محمد الكنجي، وخلق سواهم. وبالحضور: العماد بن البالسي، وغيره.) وقد سافر في شبيته إلى اليمن والهند، وتغرب مدةً. توفي إلى رحمة الله في خامس جمادى الأولى بدمشق. وكانت له جنازة حفلة، وحمل نعشه على الرؤوس، ودفن بسفح قاسيون عند أبيه. 4 (محمد بن أحمد بن سالم)
4 (بن أبي عبد الله.) أبو عبد الله المقدسي، المعروف بالبدر، الناسخ. من أهل جبل الصالحية. وكان أبوه من الصالحين. ولد هذا سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يوسف بن معالي، والخشوعي، وابن طبرزد. روى عنه جماعة. وكان مليح الخط، كريم النفس. توفي في الخامس والعشرين من رجب. 4 (محمد بن أحمد بن زهير) الداراني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 204 سمع بداريا من الحافظ ابن عساكر تاريخ داريا. روى عنه: أبو علي بن الخلال، وأبو المحاسن بن أبي الحرم بن الحرمي، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. 4 (محمد بن أحمد بن داود) أبو عبد الله التونسي. قدم مصر، وسمع من البوصيري. وبدمشق من: ابن طبرزد، والكندي. وتوفي بمصر في ذي الحجة وله سبعون سنة. 4 (محمد بن إبراهيم بن عبد الملك) أبو عبد الله الأزدي القارحي، الأندلسي، من أهل قيجاطة. قال ابن الزبير: يعرف بابن القرشية.) قلت: أخذ القراءآت ببلده عن: أبي عبد الله بن يربوع، وقيد عليه كتب العربية وسمع منه. ثم حج. وسمع بالقاهرة من: أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي، وذكر أنه لقي علي بن محمد التجيبي فأخذ عنه القراءآت تلاوةً، وكتاب التيسير. وحدثه بذلك عن المعمر سليمان بن طاهر، عن أبي عمرو الداني. وحدثه أيضاً عن أبي إسحاق المجتقوني، عن أبي عمرو. قال الأبار: وفي هذا كله نظر. وأخذ بدمشق عن الخشوعي، والقاسم بن عساكر. ورجع فأخذ القراءآت عن أبي جعفر الحصار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 205 وأقرأ بمرسية وحدث بيسير. وتوفي في المحرم. 4 (محمد بن تميم بن أحمد)
4 (بن أحمد بن كرم.) أبو القاسم ابن البندنيجي البغدادي، المعدل. سمع من: يونس، وعبد المنعم بن كليب، ومحمد بن حيدرة العلوي، وأبا الفتح المندائي. سمع بإفادة أبيه، فإن مولده في حدود الخمس والثمانين وكان من أعيان البغاددة وكفلائهم. روى عنه: أبو المعالي الأبرقوهي، وغيره. وكتب عنه: ابن الحاجب، والطلبة. توفي في ذي القعدة. 4 (محمد بن الحسن بن إسماعيل)
4 (بن مظفر بن الفرات.) الإسكندراني، أبو عبد الله. روى عن: عبد الرحمن بن موقا. حدث عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وكان من عدول الإسكندرية. توفي في صفر، رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن سعيد بن أبي البقاء) ) 4 (الموفق بن علي.) أبو بكر بن الخازن النيسابوري، ثم البغدادي، الصوفي. مسند بغداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 206 ولد في صفر سنة ست وخمسين. وسمع: أبا زرعة المقدسي، وأبا بكر أحمد بن المقرب، وشهدة، وأبا العلاء بن عقيل، وجماعة. روى عنه: مجد الدين عبد الرحمن بن العديم، وفتاه بيبرس، وعز الدين أحمد الفاروثي، وعلاء الدين علي بن بلبان، ورشيد الدين محمد بن أبي القاسم، وتقي الدين إبراهيم بن الواسطي، وشمس الدين عبد الرحمن بن الزين، ومحيي الدين محمد بن النحاس الحنفي، وابن عمه بهاء الدين أيوب، وركن الدين أحمد الطاووسي، وجمال الدين محمد بن أحمد الشريشي، وتاج الدين علي الغرافي، وخلق سواهم. وكان صيناً متديناً، حسن السمت. من أعيان الصوفية. كتب عنه الكبار مثل الدبيثي، وابن النجار. وقد أجاز للبهاء ابن عساكر، وابن الشيرازي، وسعد الدين، والمطعم، والبجدي، وهدية بنت مؤمن، وبنت الواسطي، وبنت المحب، وخلق. وتوفي في السابع والعشرين من ذي الحجة ببغداد. 4 (محمد بن شيبان بن ثعلب الصالحي.) أخو المسند المعمر أحمد. توفي في جمادى الأولى. وما كأنه حدث. 4 (محمد بن عبد الله بن الحافظ عبد الغني) أخو الإمام الشرف حسن. توفي شاباً في جمادى الأولى. 4 (محمد بن عبد الله بن أبي الفتح)
4 (بن مطيع الدولة) الدمشقي الحنفي. توفي في شعبان وله ثمانون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 207 4 (محمد بن القاضي شرف الدين) ) 4 (عبد الله بن زين القضاة عبد الرحمن بن سلطان.) شرف الدين القرشي. توفي في رمضان بدمشق. 4 (محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم) الفقيه تقي الدين، أبو الرضا المقدسي. ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: إسماعيل الجنزوي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، والخشوعي، وجماعة. وسفره أبوه مع الشيخ الضياء وأقاربه إلى مصر فسمع من: البوصيري، والأرتاحي، وجماعة. وسمع ببغداد من: أبي الفرج بن الجوزي، وأصحاب ابن الحصين. وكان فقيهاً فاضلاً، سليم الباطن، كثير السكوت. روى عنه: أبو علي بن الخلال، وأبو بكر الدشتي، وجماعة. وتوفي في سلخ شعبان. 4 (محمد بن عبد الرحمن)
4 (بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الجباب.) العدل ظهير الدين، أبو إبراهيم التميمي، السعدي، الإسكندراني، المالكي. من بيت رواية وشهرة. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 208 وسمع من: السلفي، وأبي محمد العثماني، وغيرهما. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، والتقي عبيد الإسعردي، والضياء عيسى السبتي، ونصر الله بن عياش الصالحي، وغيرهم. وسمع من السلفي كتاب الطبقات لمسلم، والأول من انتخاب السلفي على السراج، ومقطعات من شعر المتنبي، وجزء الجمال، وغير ذلك. ومات في خامس المحرم. 4 (محمد بن عبد العظيم بن عبد القوي) الحافظ المتقن، رشيد الدين، أبو بكر بن الحافظ الكبير زكي الدين المنذري.) ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة في رمضان. وسمعه أبوه الكثير من عبد القوي بن الجباب، وأبي طالب بن حديد، والفخر الفارسي، وأصحاب السلفي. ثم أكب على الطلب بنفسه بعد الثلاثين، ورحل وسمع بدمشق وحلب. وكان ذكياً فطناً حافظاً. روى عنه: رفيقه الحافظ أبو محمد الدمياطي. وتوفي إلى رحمة الله شاباً في ذي القعدة. وصبر أبوه واحتسبه. 4 (محمد بن عبد الواحد)
4 (بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 209 الحافظ الحجة الإمام ضياء الدين، أبو عبد الله السعدي، المقدسي، ثم الدمشقي الصالحي، صاحب التصانيف النافعة. ولد بالدير المبارك في سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي المعالي بن صابر، ومحمد بن أبي الصقر، وأبي المجد الفضل بن الحسين البانياسي، وأبي الحسين أحمد بن الموازيني، والخضر بن طاوس، ويحيى الثقفي، وأبي الفتح عمر بن علي الجويني، وابن صدقة الحراني، وإسماعيل الجنزوي، وخلق. ولزم الحافظ عبد الغني وتخرج به، وحفظ القرآن، وتفقه. ورحل أولاً إلى مصر سنة خمس وسبعين، فسمع: أبا القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي، وبنت سعد الخير، وعلي بن حمزة، وجماعة. ورحل إلى بغداد بعد موت ابن كليب، فلهذا روى عن أصحابه، وفاته الأخذ عنه. وقد أجاز له ابن كليب ومن هو أكبر من ابن كليب كشهدة، والسلفي. فسمع من: المبارك بن المعطوش، وهو أكبر شيخ له ببغداد، وأبي الفرج بن الجوزي، وعبد الله بن أبي المجد، والبقاء بن حيد، وعبد الله بن أبي الفضل بن مزروع، وعبد الرحمن بن محمد ابن ملاح الشط، وطائفة من أصحاب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 210 قاضي المرستان، وابن الحصين. وعرض القرآن على عبد الواحد بن سلطان. ثم دخل أصبهان بعد موت أبي المكارم بن اللبان، وسمع من: أبي جعفر الصيدلاني، وأبي) القاسم عبد الواجد الصيدلاني، وخلف بن أحمد الفراء، والمفتي أسعد بن محمود العجلي، وأبي الفخر سعد بن سعيد بن روح، وأسعد بن أحمد الثقفي الضرير، وإدريس ابن محمد الساوالويه، وزاهر بن أحمد الثقفي، وهو أخو أسعد والمؤيد ابن الأخوة، وعفيفة الفارقانية، وأبي زرعة عبد الله بن محمد اللفتواني، وخلق سواهم. وبهمذان من: عبد الباقي بن عثمان بن صالح، وجماعة. ورجع إلى دمشق بعد الستمائة، ثم رحل إلى أصبهان ثانياً فأكثر بها وتزيد، وحصل شيئاً كثيراً من المسانيد والأجزاء. ورحل منها إلى نيسابور فدخلها ليلة وفاة منصور الفراوي، فسمع من المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، والقاسم الصفار. ورحل إلى هراة فأكثر بها عن أبي روح عبد المعز، وجماعة. ورحل إلى مرو فأقام بها نحواً من سنتين. وأكثر بها عن: أبي المظفر بن السمعاني، وجماعة. وسمع بحلب، وحران، والموصل. وقدم دمشق بعد خمسة أعوام بعلم كثير وكتب أصول نفيسة فتح الله عليه بها هبةً ونسخاً وشراءً. وسمع بمكة من أبي الفتوح بن الحصرين وغيره. ورجع ولزم الاشتغال والنسخ والتصنيف. وسمع في خلال ذلك على الشيخ الموفق وبابته. وأجاز له: السلفي، وشهدة، وأحمد بن علي بن الناعم، وأحمد بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 211 يلدرك، وتجني الوهبانية، وابن شاتيل، وعبد الحق اليوسفي، وأخوه عبد الرحيم اليوسفي، وعيسى الدوشابي، ومحمد بن نسيم العيشوني، ومسلم بن كاتب النحاس، وأبو شاكر السقلاطوني، وعبد الله بن بري النحوي، وأبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وخلق كثير. ذكره ابن الحاجب تلميذه فقال: شيخنا أبو عبد الله شيخ وقته، ونسيج وحده علماً وحفظاً وثقة ودنيا، من العلماء الربانيين، وهو أكبر من أن يدل عليه مثلي. كان شديد التحري في الرواية، ثقة فيما يرويه، مجتهداً في العبادة، كثير الذكر، منقطعاً عن الناس، متواضعاً في ذات الله، صحيح الأصول، سهل العارية. ولقد سألت عنه في رحلتي جماعةً من العارفين بأحوال الرجال، فأطنبوا في حقه ومدحوه بالحفظ والزهد، حتى إنه لو تكلم في الجرح والتعديل لقبل منه. سألت أبا عبد الله البرزالي عنه فقال: حافظ ثقة، جبل دين.) وذكره ابن النجار في تاريخه فقال: كتب وحصل الأصول، وسمعنا بقراءته الكثير. وأقام بهراة ومرو مدةً، وكتب الكتب الكبار بهمة عالية، وجد واجتهاد، وتحقيق وإتقان. كتبت عنه ببغداد، ودمشق، وبنيسابور. وهو حافظ متقن، ثبت حجة، عالم بالحديث والرجال. ورع تقي، زاهد، عابد، محتاط في أكل الحلال، مجاهد في سبيل الله. ولعمري ما رأت عيناي مثله في نزاهته وعفته وحسن طريقته في طلب العلم. سألته عن مولده فقال: في جمادى الأولى سنة تسع وستين. ورأيت بخطه مولده في سادس جمادى الآخرة، فالله أعلم. قلت: الثاني هو الصحيح فإنه كذلك أخبر لعمر بن الحاجب. قلت: سمعت الحافظ أبا الحجاج المزي، وما رأيت مثله، يقول: الشيخ الضياء أعلم بالحديث والرجال من الحافظ عبد الغني، ولم يكن في وقته مثله. وحكى النجم بن الخباز عن العز عبد الرحمن بن محمد بن الحافظ قال: ما جاء بعد الدارقطني مثل شيخنا الضياء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 212 وقال الشرف أبو المظفر بن النابلسي: ما رأيت مثل شيخنا الضياء. 4 (ذكر تصانيف الضياء) كتاب الأحكام يعوز قليلاً في نحو عشرين جزءاً.... في ثلاث مجلدات، فضائل الأعمال في مجلد، الأحاديث المختارة خرج منها تسعين جزءاً، وهي الأحاديث التي تصلح أن يحتج بها سوى ما في الصحيحين، خرجها من مسموعاته. كتاب فضائل الشام ثلاثة أجزاء، كتاب فضائل القرآن جزء، كتاب الحجة، كتاب النار، كتاب مناقب أصحاب الحديث، كتاب النهي عن سب الأصحاب، كتاب سير المقادسة كالحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، والشيخ أبي عمر، وغيرهم في عدة أجزاء. وله تصانيف كثيرة في أجزاء عديدة لا يحضرني ذكرها. وله مجاميع ومنتخبات كثيرة. وله كتاب الموافقات في نيف وخمسين جزءاً. وبنى مدرسةً على باب الجامع المظفري، وأعانه عليها بعض أهل الخير، وجعلها دار حديث، وأن يسمع فيها جماعة من الصبيان، ووقف بها كتبه وأجزاءه. وفيها وقف الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ عبد الغني، وابن الحاجب، وابن سلام، وابن هامل، والشيخ علي الموصلي. وقد نهبت في نكبة الصالحية، نوبة غازان، وراح منها شيء كثير. ثم تماثلت) وتراجع حالها. وفيها، بحمد الله، الآن جملة نافعة للطلبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 213 وكان رحمه الله ملازماً لجبل الصالحية، قل أن يدخل البلد أو يحدث. ولا أعلم أحداً سمع منه بالمدينة، وإن كان فنزر يسير. أخذ عنه جماعة من شيوخه، وروى عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، والحافظ أبو عبد الله بن النجار، وجماعة. ومن شيوخنا: أبو العباس بن الظاهري، وأبو الفدا إسماعيل بن الفراء، والتقي أحمد بن مؤمن، والشيخ محمد بن حازم، والشيخ علي بن بقا، والنجم موسى الشقراوي، والنجم إسماعيل بن الخباز، وداود بن حمزة، ومحمد بن علي ابن الموازيني، وعثمان الحمصي، والشهاب أحمد الدشتي، وأبو علي بن الخلال، وعيسى بن المطعم، وأبو بكر بن عبد الدائم، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وزينب بنت عبد الله ابن الرضي، والقاضي المجد سالم بن أبي الهيجا، ومحمد بن يوسف الذهبي، ومسند الشام القاضي تقي الدين سليمان فأكثر عنه، فإني سمعته يقول: سمعت من شيخنا الضياء ألف جزء. وقرأت بخط المحدث محمد بن الحسن بن سلام قال: محمد بن عبد الواحد شيخنا، ما رأيت مثله في ما اجتمع له. كان مقدماً في علم الحديث، فكأن هذا العلم قد انتهى إليه وسلم له. ونظر في الفقه وناظر فيه. وجمع بين فقه الحديث ومعانيه. وشد طرفاً من الأدب وكثيراً من اللغة والتفسير. وكان يحفظ القرآن واشتغل مدة به، وقرأ بالروايات على مشايخ عديدة، وكان يتلوه تلاوةً عذبة. وجمع كل هذا مع الورع التام والتقشف الزائد، والتعفف والقناعة والمروءة والعبادة الكثيرة، وطلق النفس وتجنبها أحوال الدنيا ورعوناتها، والرفق بالغرباء والطلاب، والانقطاع عن الناس، وطول الروح على الفقير والغريب. وكان محباً لمن يأخذ عنه، مكرماً لمن يسمع عليه. وكان يحرض على الاشتغال، ويعاون بإعارة الكتب. وكنت أسأله عن المشكلات فيجيبني أجوبةً شافية عجز عنها المتقدمون، ولم يدرك شأوها المتأخرون. قرأت عليه الكثير، وما أفادني أحد كإفادته. وكان ينبهني على المهمات من العوالي، ويأمرني بسماعها، ويكرمني كثيراً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 214 وقرأت عليه صحيح مسلم.) كانت له أريضة بباب الجامع ورثها من أبيه، وكان يبني فيها قليلاً قليلاً على قدر طاقته، فيسر بنا كثيراً عنها بهمته وحسن قصده وإجابة دعوته، ونزل فيها المشتغلون بالفقه والحديث وكان ما يصل إليه من وقف يوصله إليهم ويصرفه عليهم. ورام بعض الكبار مساعدته ببناء مصنع للماء فأبى ذلك وقال: لا حاجة لنا في ماله. وكان من صغره إلى كبره موصوفاً بالنسك، مشتغلاً بالعلم. قلت: توفي يوم الإثنين الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، وله أربع وسبعون سنة وأيام، رحمه الله ورضي عنه. 4 (محمد بن علي بن منصور) اليمني، شهاب الدين، المقرىء المحدث المعروف بابن الحجازي. أحد تلامذة الشيخ علم الدين السخاوي. سمع الكثير وكتب الأجزاء. وخطه مليح. وكان من فضلاء الشباب، رحمه الله. وهو وأبوه من أصحاب السخاوي. توفي في جمادى الآخرة. ورخه أبو شامة. 4 (محمد بن عمر بن عبد الكريم) الإمام فخر الدين الحميري، الدمشقي، الشافعي المعروف بالفخر ابن المالكي. ولد ظناً في سنة ثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 215 وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل بن عبد الله، وابن طبرزد. وأكثر عن المتأخرين كأبي محمد بن البن، وزين الأمناء. وعني بالرواية، وكتب الأجزاء والطباق. وخطه في غاية الحسن، دقيق معلق. صاحب أهل الخير والعلم. وكان ذا جلالة ووقار وزهد وخير. وكان له بيت بالمنارة الشرقية من جامع دمشق، وخزانة كتب تجاه محراب الصحابة، وهي التي بيد الشيخ علم الدين الآن. وكان كثير الملازمة لحلقة السخاوي، وروى معه الكثير. حدث عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، ومجد الدين ابن الحلوانية، والمحدث محمد بن محمد الكنجي، وأبو علي بن الخلال، وآخرون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 216 وبالحضور: أبو المعالي بن البالسي، وبالإجازة غير واحد.) وتوفي نصف شعبان. وقيل في رجب. وكان قد ولي إمامة الكلاسة بعد الشيخ تاج الدين في السنة. 4 (محمد بن عمر بن عبد الله)
4 (بن سعد بن مفلح بن عبد الله.) المقدسي، الحنبلي، فخر الدين. حدث عن: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، والجنزوي، والخشوعي، وجماعة. وكان صالحاً زاهداً عابداً، صاحب ليل وأوراد، رحمه الله. روى عنه: الشيخ تاج الدين، وأخوه الشرف الخطيب، والبدر حسن بن الخلال، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي بن البالسي. ووصفه الضياء فقال: رجل خير ثقة، كثير الذكر. قلت: ولد سنة أربع وسبعين ظناً، ومات في الرابع والعشرين من ربيع الآخر. وكان وكيلاً بطاحونة مقرى. 4 (محمد بن المجد عيسى)
1 (بن الشيخ موفق) أخو الحافظ سيف الدين أحمد. توفي شاباً في جمادى الأولى. وكان قد تفقه وسمع من جده. وما أظنه حدث. 4 (محمد بن قاسم بن منداس) أبو عبد الله المغربي البجائي الجزائري. والجزائر من عمل بجاية. ويعرف أيضاً بالأشيري النحوي. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وأخذ العربية بالجزائر عن: أبي موسى عيسى الجزولي النحوي، لقيه في سنة ثمانين وخمسمائة. وأخذ عن: أبي محمد بن عبيد الله، وأبي الحسن نجبة، وعلي بن عتيق. ولقي بقابس أبا القاسم بن مجكان، آخر الرواة عن أبي عبد الله المازري، فسمع منه. وأقرأ ببلده العربية وروى اليسير. وروى أيضاً بالإجازة العامة عن السلفي.) قال الأبار: أجازها وتوفي في أول المحرم. 4 (محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عمر.)
4 (أبو عبد الله المعري الكاتب)
4 (ابن نقاش السكة أخو أحمد.) سمع: البوصيري، والأرتاحي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 217 روى عنه: شيخنا الدمياطي. وتوفي في حادي عشر ذي القعدة، قاله الشريف. ثم قال: وقيل توفي في ذي القعدة من سنة أربع وأربعين. 4 (محمد بن محمود بن الحسن)
4 (بن هبة الله بن محاسن.) الحافظ الكبير محب الدين، أبو عبد الله بن النجار البغدادي، صاحب التاريخ الكبير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 218 ولد في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد المنعم بن كليب، ويحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، والمبارك بن المعطوش، وأبي الفرج بن الجوزي، وأصحاب ابن الحصين، والقاضي أبي بكر فأكثر. وأول سماعه وله عشر سنين. وأول عنايته بالطب وله خمس عشرة سنة. وقرأ بنفسه على مثل ابن الجوزي. وتلا بعده كتباً كالمبهج وغيره مرات على أبي أحمد بن سكينة. وما علمته أقرأ. وله الرحلة الواسعة إلى الشام، ومصر، والحجاز، وأصبهان، وخراسان، ومرو، وهراة، ونيسابور. ولقي أبا روح الهروي، وعين الشمس الثقفية، وزينب الشعرية، والمؤيد الطوسي، وداود بن معمر، والحافظ أبا الحسين علي بن المفضل، وأبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني، فمن بعدهم. وأكثر في كتب عن أصحاب ابن شاتيل وأصحاب أبي جعفر الصيدلاني. وسمع الكثير ونسخ، وحصل الأصول والمسانيد، وخرج لنفسه ولغير واحد. وجمع التاريخ الذي ذيل به على تاريخ بغداد للخطيب، واستدرك فيه على الخطيب فجاء في ثلاثين مجلداً، دل) على تبحره في هذا الشأن وسعة حفظه. وكان إماماً ثقةً، حجة، مقرئاً، مجوداً، حلو المحاجة، كيساً، متواضعاً، ظريفاً، صالحاً، خيراً، متنسكاً. أثنى عليه ابن نقطة والدبيثي، والضياء المقدسي، وهم من صغار شيوخه من حيث السند.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 219 وروى عنه: الجمال محمد بن الصابوني: والعز أحمد بن إبراهيم الفاروثي، والجمال أبو بكر الوائلي الشريشي، والتاج علي بن أحمد العراقي، والعلاء بن بلبان، والشمس محمد بن أحمد القزاز، وجماعة. وبالإجازة: القاضيان ابن الخوبي وتقي الدين سليمان، والحافظ أبو العباس أحمد بن الظاهري، وأبو المعالي بن البالسي. وقال ابن الساعي في تذييله على ابن الأثير إنه مات في منتصف شعبان، وإنه كان شيخ وقته. وكانت رحلته سبعاً وعشرين سنة. واشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ سوى النساء. وله كتاب القمر المنير في المسند الكبير ذكر كل صحابي وما له من الحديث. وصنف كتاب كنز الأنام في السنن والأحكام، وله كتاب المختلف والمؤتلف ذيل به على ابن ماكولا، وكتاب المتفق والمفترق على منهاج كتاب الخطيب، وكتاب نسب المحدثين إلى الآباء والبلدان، وكتاب عواليه، وكتاب معجمه، وكتاب جنة الناظرين في معرفة التابعين، وكتاب الكمال في معرفة الرجال، وكتاب العقد الفائق في عيون أخبار الدنيا ومحاسن تواريخ الخلائق، وكتاب ذيل تاريخ بغداد وهو بيضه في ستة عشر مجلداً، وقرأته عليه كله، وكتاب المستدرك على تاريخ الخطيب، وكتاب الدرة اليتيمة في أخبار المدينة، وكتاب روضة الأولياء في مسجد إيلياء، وكتاب نزهة الورى في أخبار أم القرى، وكتاب الأزهار في أنواع الأشعار،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 220 وكتاب سلوة الوحدي، وكتاب غرر الفوائد في ست مجلدات، وكتاب مناقب الشافعي رحمه الله. وقد أوصى إلي ووقف كتبه بالنظامية، فنفذ إلي الشرابي مائة دينار لتجهيز جنازته. وكان من محاسن الدنيا. ورثاه جماعة. أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أنا محمد بن محمود بن الحسن الحافظ سنة ثلاث وثلاثين وستمائة: نا عبد المعز بن محمد البزاز. ح، وأنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز، أنا يوسف بن أيوب الزاهد، أنا أحمد بن علي الحافظ،) أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أنا حبيب بن الحسن، أنا عبد الله بن أيوب، أنا أبو نصر التمار، أنا حماد بن علي بن الحكم، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كتم علماً علمه الله ألجمه الله بلجام من نار. أنشدنا أبو المعالي محمد بن علي عن محمد بن محمود ابن النجار أن أبا بكر عبد الله بن علي الحنفي الفرغاني أنشده لنفسه. (تحرّفديتكصدق الحديث .......... ولا تحسب الكذب أمراً يسيرا)
(فمن أثمر الصّدق في قوله .......... سيلقى سروراً ويرقى سريرا)
(ومن كان بالكذب مستهتراً .......... سيدعوا ثبوراً ويصلى سعيرا) توفي ابن النجار، رحمه الله، في خامس شعبان ببغداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 221 4 (محمد بن المسلم بن أحمد بن علي) أبو عبد الله المازني النصيبي، ثم الدمشقي. ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع الحديث وكتب الإجازات. وتوفي في جمادى الأولى. 4 (محمد بن علان) أبو الفضل الكاتب. توفي ببغداد في شعبان. وكان سريع الكتابة والإنشاء. ذكر أنه كتب في يوم واحد ستة عشر كراساً. وكان ينشيء الرسالة معكوسة، يبدأ بالحمدلة ويختم بالبسملة. مات في عشر السبعين. 4 (محمد بن أبي بكر بن سرايا) أبو عبد الله الحراني المعروف بالمعين المنكر. سمع ببغداد من: أبي الفرج ابن الجوزي، وغيره. وحدث. وله وقائع عجيبة في إنكار المنكر بحران. وعاش أربعاً وسبعين سنة. ومات في ربيع الآخر.) 4 (محمد بن الميسي عز الدين) شاب فاضل من أصحاب السخاوي. توفي في جمادى الأولى. 4 (محاسن بن المحارث) الحربي. روى عن: عبد الخالق بن البندار. توفي في أول جمادى الآخرة ببغداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 222 4 (محاسن بن عبد الملك بن علي بن نجا) الفقيه العلامة، ضياء الدين التنوخي، الحموي، الحنبلي، نزيل دمشق. تفقه على الشيخ الموفق وغيره. وسمع الكثير. وحدث عن: أبي طاهر الخشوعي. وأجاز لأبي المعالي بن البالسي، وطبقته. وكان إماماً صالحاً، قانعاً متعففاً، زاهداً، كبير القدر. ذكره الحافظ الضياء فقال: كان الضياء محاسن عالماً، نافعاً للخلق. وقال غيره: كان خبيراً بمذهب أحمد وبغيره من أقوال العلماء، قليل الشر، متواضعاً، خاملاً، ما نافس أحداً في منصب قط، ولا أكل من وقف. بل كان يتقوت من شكارة تزرع له بحوران. وما أذى مسلماً قط، ولا تنعم في مأكل ولا ملبس، ولا زاد على ثوب وعمامة صغيرة. وكان صاحب عبادة وصلاح. تفقه عليه جماعة، ومات في ثالث جمادى الآخرة، رحمه الله. 4 (محمود بن حميد بن حضير) أبو حميد الداراني. شيخ صالح خير. سمع من الحافظ ابن عساكر. أخذ عنه الشرف أحمد بن الجوهري، والجمال بن شعيب. وروى عنه: أبو المحاسن بن الخرقي، وأبو علي الخلال، وأبو المعالي بن البالسي، وغيرهم.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 223 وقال النجيب الصفار: توفي في شهور سنة اثنين وأربعين. 4 (محمود بن محمد بن يحيى بن بندار) الفقيه العالم معين الدين أبو الثناء الأرموي، الشافعي، التاجر، جد قاضي القضاة شهاب الدين محمد بن الخويي لأمه. ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، ورحل في التجارة. وسمع بخوارزم من: محمد بن فضل الله السقالاري، وبدمشق من: العماد محمد بن محمد الأصبهاني الكاتب. وكان صاحب مال فافتقر وجلس مع الشهود، وحضر المدارس. روى عنه: البدر بن الخلال، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. مات في ثامن ربيع الأول. 4 (مدرك بن أحمد بن مدرك بن حسن) أبو المشكور البهراني، الحموي، المعروف بابن يعيش. ولد بحماة في سنة ستين وخمسمائة. وروى عن: أبيه. وبالإجازة عن: السلفي. روى عنه: فارس بن برير، وأبو حامد بن الصابوني، وغيرهما. وروى لي بالإجازة الخطيب موفق الدين محمد بن محمد الحموي. توفي في سلخ ذي القعدة. وكان فاضلاً ديناً. روى عنه أيضاً مجد الدين العديمي. وورخه ابن الظاهري سنة اثنتين. 4 (مفضل بن علي بن عبد الواحد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 224 المحدث الرحال، أبو العز القرشي، الشافعي. ويعرف بابن خطيب القرافة. فقيه صالح متصون، كثير التحري، وهو من أهل السنة والدين والعدالة. كتب بخطه الكثير. وسمع بدمشق من: الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وجماعة. وبأصبهان: محمد بن محمد بن الجنيد وبنيسابور من: المؤيد، وزينب الشعرية وبهراة من:) أبي روح. وأجاز له السلفي ولأخيه. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، والفخر إسماعيل بن عساكر، والشرف محمد ابن خطيب بيت الأبار، وجماعة. وحضوراً: أبو المعالي بن البالسي. توفي في ثالث شوال، رحمه الله تعالى. 4 (المنتجب بن أبي العز بن رشيد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 225 الإمام منتجب الدين أبو يوسف الهمداني، المقرىء، نزيل دمشق، وشيخ الإقراء بالزنجيلية، ومصنف شروح الشاطبية، وغير ذلك. كان صواماً مقرئاً فاضلاً، رأساً بالعربية. شرح الشاطبية شرحاً مطولاً مفيداً، وشرح النفس للزمخشري فأجاد. وروى عن: أبي حفص بن طبرزد، والكندي. وأخذ القراءآت عن أبي الجود غياث بن فارس. سمع منه الحديث: شرف الدين أحمد بن الجوهري، وأحمد بن محمود الشيباني، وبدر الأتابكي الخادم. وقرأ عليه الصائن الواسطي الضرير نزيل قونية، وشيخنا النظام محمد بن عبد الكريم التبريزي، وغيرهما. وكان سوقه كاسداً مع وجود السخاوي. توفي في ثالث عشر ربيع الأول. وقال الإمام أبو شامة: في سادس ربيع الأول توفي المنتجب الهمداني، وكان مقرئاً مجوداً. قرأ على أبي الجود والكندي، وانتفع بشيخنا أبي الحسن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 226 السخاوي في معرفة قصيد الشاطبي، ثم تعاطى شرح القصيد فخاض، ثم عجز عن سباحته، وجحد حق تعليم شيخنا له وإفادته له، والله يعفو عنا وعنه. سمعت الإمام التبريزي يقول: قرأت القرآن بأربع روايات على المنتجب، فكنت أقرأ عليه خفيةً من شيخنا علم الدين، لأن من كان يقرأ على السخاوي لا يجسر أن يقرأ على المنتجب، فتكلم في بعض الطلبة عند السخاوي، فقال الشيخ: هذا ما هو مثل غيره. هذا يقرأ ويروح وما يكثر أصولاً. وسامحني الشيخ علم الدين دون غيري.) 4 (منصور بن أبي الفتح)
4 (أحمد بن أبي غالب محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن السكن.) أبو غالب البغدادي، المراتبي، الخلال، المعروف بابن المعوج. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ومحمد بن إسحاق الضياء، وأبي محمد بن الخشاب النحوي، وأبي طالب المبارك بن خضير، وعبيد الله بن شاتيل. وكان شيخاً جليلاً ديناً، أميناً، عالي الرواية، سمع الناس منه. وروى عنه: مجد الدين العديمي. وأجاز لجماعة منهم: الفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو معان محمد بن البالسي، ومحمد بن يوسف الذهبي، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المطعم، وسعد بن محمد، وأبو بكر بن عبد الدائم، وفاطمة بنت جوهر، وأحمد بن الشحنة، وأبو نصر بن الشيرازي، والنجدي، وبنت الواسطي. وتوفي في ثاني عشر جمادى الآخرة ببغداد، ويومئذ مات السخاوي أيضاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 227 4 (منصور بن محمد بن سعيد بن جحدر) المصري. توفي بمصر في ذي القعدة. روى عن أبي يعقوب بن الطفيل. 4 (موسى بن محمد بن خلف بن راجح) الشيخ صلاح الدين أبو الفتوح ابن الإمام شهاب الدين المقدسي الحنبلي. ولد في صفر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وكان صالحاً، زاهداً، فقيراً، ديناً، عاقلاً، أديباً، شاعراً، بديع الخط، كثير الفضائل. روى عن: يوسف بن معالي، وبركات الخشوعي، ومحمود بن عبد المنعم، وجماعة. وسمع بواسط من: أبي الفتح المندائي. وببغداد من أصحاب قاضي المرستان. وكان كثير الأسفار، كريم النفس، حلو المحاضرة. له أصحاب وأتباع يحبونه ويقتدون به. روى عنه: الحافظ زكي الدين البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين، وأخوه،) والشيخ محمد بن جوهر التلعفري، والفخر إسماعيل بن عساكر، والشيخ محمد بن محمد الكنجي. وقد كان صحب الشيخ علي القريثي، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز، وأظنه صحب الشيخ عبد الله اليونيني. وحكى العز عمر بن أحمد الشروطي عن أبيه أنه رأى في المنام الصلاح موسى وقائلاً يقول: يا جان أرض عن موسى حتى نرضى عنك فهو أقرب إلينا من حبل الوريد. فكان بعد يخضع له.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 228 ومن شعره: (لمن هذه الأنام في الرّوض ترتع .......... يشوقك مرأى منهنّ ومسمع)
(وألحان أطيارٍ عل الأيك أفصحت .......... فاشمت فؤاداً بالصّبابة مولع)
(أيا من حوى كلّ الملاحة وجهه .......... ومن جمعت فيه المحاسن أجمع)
(أما آن تحنو على ذب صبابةٍ .......... حليفٍ ضنى أحشاؤه تتقطّع) وقرأت بخط البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم في مشيخته: أنشدني الزاهر العارف أبو عيسى بن موسى بن المقدسي لنفسه: (يا غافلاً عن رشده متعامي .......... متورّطاً في ورطة الأيّام)
(أحسبت أنّ الفقر لبس عباءةٍ .......... أو كشف رأسٍ وحفا أقدام)
(الفقر في كلّ حظّ نفسك والهوى ...................... الإسلام) توفي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة. وكان ذا همة وعزم. مضى واشترى أسرى من الفرنج. وقد حبسه الملك الصالح نجم الدين مدةً بمصر. 4 (موسى بن يونس بن قسيم) العزيزي الواعظ. كتب عنه النجيب بن شبيب... وقال: مات في رمضان وقد جاوز التسعين. وعمر. 4 (مؤمنة بنت عبد الدائم بن نعمة) المقدسية أخت شهاب الدين أحمد.) لها إجازة. روت شيئاً، وماتت في جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 229 4 (حرف النون)
4 (الناصح الفارسي) الأمير الكبير مقدم الجيوش الحلبية. جاء بالعسكر نجدةً لصاحب مصر فمات بدمشق وحمل إلى حلب. وكان فاسقاً يشرب الخمر. 4 (الن.... أخت مؤمنة بنت عبد الدائم بن نعمة المقدسي.) روت بالإجازة أيضاً. وماتت في جمادى الآخرة. 4 (نبا بن أبي المكارم بن هجام) نجم الدين أبو الثبان الطرابلسي، ثم المصري، الحنفي، الفقيه. سمع من: عبد الله بن بركة، وإسماعيل بن قاسم الزيات، ومحمد بن عبد الرحمن المسعودي، وجماعة. وولد بعد الستين بقليل. روى عنه: الحافظان المنذري والدمياطي، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو حامد ابن الصابوني، وجماعة. وكان من فقهاء مدرسة السيرميين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 230 مات في نصف جمادى الآخرة. 4 (نجم الدين القيمري) أحد أمراء دمشق الموصوفين بالشجاعة والديانة. توفي في شوال. 4 (نصر الله بن أحمد)
4 (بن نجم بن عبد الوهاب ابن الحنبلي.) أبو الفتح.) ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي. وأجاز له يحيى الثقفي. روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين، وأبو علي بن الخلال، والفخر ابن عساكر، والشرف محمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وتوفي في أواخر رمضان. 4 (نصر بن أحمد أبو المظفر)
4 (بن الشيخ عبد الرحمن بن علي بن المسلم ابن الخرقي.) الدمشقي أبو المظفر. توفي في جمادى الأولى. كتب من الإجازات وحدث. 4 (نصر بن أبي السعود)
4 (بن المظفر بن الخضر بن بطة.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 231 الفقيه أبو القاسم الأبرقوهي، البغدادي، الضرير، الحنبلي. حدث عن: أبي الفتح بن شاتيل، وابن كليب. وتوفي في جمادى الآخرة ببغداد. وكان فقيهاً، إماماً، مفتياً، مناظراً، أديباً، نحوياً، بارعاً في الخلاف والفقه. روى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي. وعاش إحدى وثمانين سنة. وأجاز أيضاً لمطعم، ولسعد، والنجدي، وبنت مؤمن. 4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن عبد الرزاق)
4 (بن يحيى بن عمر بن كامل.) الخطيب العدل جمال الدين، أبو زكريا الزبيدي، المقدسي، خطيب عقربا وابن خطيبها. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع: المعالي بن صابر، ويحيى الثقفي، وأسامة بن منقذ.) روى عنه: حفيداه علي وعمر ابنا إبراهيم، ومحمد بن داود ابن خطيب بيت الآبار، وأبو علي بن الخلال، والمجد ابن الحلوانية. وتوفي في ثامن عشر محرم. قال عمر بن الحاجب: كان يتهم في شهادته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 232 4 (يحيى بن علي بن علي بن عنان) أبو بكر بن البقال البغدادي، الغنوي، الفرضي. سمع الكثير من ابن شاتيل، وغيره. وعاش نيفاً وسبعين سنة. يعقوب بن محمد بن علي بن محمد بن شهاب الدين. أبو يوسف ابن المجاور الشيباني، الوزير الصاحب. ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي المجد الفضل بن الحسين ابن البانياسي وأجاز له الحافظ أبو العلاء الهمذاني، ومحمد بن سلمان الهمذاني. روى عنه: ابن الحلوانية، والشهاب القوصي، والشرف أحمد بن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، وابن عمهما الشرف عبد المنعم، وابن عمهم البهاء أبو محمد الطيب، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، وأبو نصر محمد بن محمد بن الشيرازي. وبالحضور: أبو المعال بن البالسي، وغيره. وكان رأساً محتشماً، ذا عقل وديانة وسؤدد. وزر للملك الأشرف
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 233 موسى، ووزر خاله أبو الفتح يوسف بن الحسين ابن المحاور للملك العزيز عثمان بن صلاح الدين. وتوفي في ثامن ربيع الأول بدمشق. 4 (يعيش بن علي بن يعيش)
4 (بن أبي السرايا محمد بن علي بن المفضل بن عبد الكريم بن محمد بن يحيى بن حيان ابن) القاضي بشر بن حيان الأسدي. العلامة الموفق الدين أبو البقاء الأسدي الموصلي الأصل، الحلبي، النحوي. ولد بحلب في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة في رمضان.) وسمع بها من: القاضي أبي سعد بن أبي عصرون، ويحيى الثقفي، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي. ورحل فسمع بالموصل من الخطيب أبي الفضل الطوسي مشيخته وغير ذلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 234 وكان يعرف بابن الصائغ. وكان من كبار أئمة العربية. تخرج به أهل حلب، وطال عمره وشاع ذكره. وأخذ النحو عن أبي السخاء الحلبي وأبي العباس المغربي، وليسا بالمشهورين. وقدم دمشق فجالس الكندي. وسأل عن قول الحريري في المقامة العاشرة: (حتّى إذا لألأ الأُفق ذنب سرحان .......... وآن انبلاج الفجر وحان) فتوقف وقال: علمت قصدك، وأنك أردت إعلامي بمكانتك من النحو. والمسألة أن يرفع الأفق وينصب ذنب وبالعكس أحسن وأصح. ويجوز رفع ذنب على البدل. وقيل بنصبهما. وذكر ابن خلكان أنه قرأ عليه سنة ست وبعض سنة سبع وعشرين معظم اللمع لابن جني. وقال: حضرته وقد شرح هذا البيت، فطول وأوضح، والشخص الذي يشرح له ساكت، منصت إلى الآخر ثم قال: يا سيدي، وأيش في المليحة ما يشبه الظبية قال: فروتها وذنبها. فضحك الجماعة وخجل الرجل. والبيت: (يا ظبية الورى بين حلاحل .......... وبين النقاء آأنت أم أُمّ سالم)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 235 روى عنه: الصاحب كمال الدين ابن العديم، وابنه مجد الدين، وابن الحلوانية، وابن هابيل، وبهاء الدين أيوب بن النحاس، وأخوه أبو الفضل إسحاق، وبشير القضاعي، والحافظ أبو العباس بن الطاهري، وأبو بكر أحمد الدشتي وهو آخر من حدث عنه، وعبد الملك ابن العفيفة القصار. وكان ظريفاً مطبوعاً، خفيف الروح، طيب المزاج مع سكينة ورزانة. وله نوادر كثيرة. وكان طويل الروح حسن التصرف، وعامته فضيلاً. حدث تلامذته أنه أقرأ العربية والتصرف مدةً طويلة. وكان يعرف قديماً بابن الصائغ. شرح المفصل للزمخشري، والتصريف لأبي الفتح بن جني. وتوفي في الخامس والعشرين من جمادى الأولى بحلب، وله تسعون سنة.) 4 (يوسف بن إبراهيم بن يوسف) الفقيه الإمام زين الدين، أبو الحجاج الكردي، الحصكفي، الشافعي. ولد بحصن كيفا سنة سبع وسبعين. ودخل بغداد. وسمع من: عبد العزيز بن الخضر، وابن سينا، والعلامة يحيى بن الربيع. وكانت له بدمشق حلقة للاشتغال والتدريس. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والبدر أحمد بن الصواف، ومحمد بن أحمد بن الكركية، وجماعة سواهم. وتوفي في سادس عشر جمادى الآخرة. 4 (يوسف بن عبد السيد)
4 (بن يوسف بن إبراهيم.) الأنصاري، الدمشقي، الكتاني. روى عن: الخشوعي. روى عنه: ابن الحلوانية، ومحمد بن محمد الكنجي، والخطيب شرف الدين الفزاري، وغيرهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 236 ورخه ابن الشقيشقة. 4 (يوسف بن محمد بن يوسف)
4 (بن محمد بن أبي بداس.) المقرىء الفقيه أبو محمد ابن الحافظ زكي الدين البرزالي، الإشبيلي، ثم الدمشقي، الشاهد. سمعه والده الكثير من أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وخلق. ومات ولم يحدث، فإنه مات شاباً وله إحدى وعشرون سنة أو نحوها، وخلف ولده العدل بهاء الدين أبا الفضل وله خمس سنين فكفله جده لأمه الشيخ علم الدين أبو محمد القاسم الأندلسي. توفي في جمادى الآخرة. 4 (يوسف بن يونس بن جعفر بن بركة) أبو الحجاج البغدادي المقرىء، سبط ابن مدح البغدادي. ولد ببغداد سنة ثمان وستين وخمسمائة.) وسمع من: عبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني، ويحيى بن بوش. وبدمشق من: الخشوعي. وسكن دمشق وقرأ القراءآت على التاج الكندي، ولقن بالجامع مدة. روى عنه: الحافظ زكي الدين البرزالي مع تقدمه، والمجد ابن الحلوانية، ومحمد بن محمد الكنجي الصوفي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وبالحضور أبو المعالي البالسي، وغيره. وتوفي في تاسع جمادى الآخرة بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 237 4 (يوسف بن أبي الغنائم بن أبي بكر) أبو الفتح ابن المقرىء بالألحان. كان شيخاً معمراً. سمع ببغداد من يحيى بن بوش. ومات بحلب في رابع جمادى الأولى. 4 (الكنى)
4 (أبو بكر بن أحمد بن عمر) البغدادي، الزاهد، إمام مسجد حارة الحطب بدمشق. صاحب عبادة ومجاهدة. سمع بمصر من: أبي الفتح محمود بن أحمد الصابوني. وبدمشق من: إسماعيل الجنزوي، والكندي. قال عمر بن الحاجب: سألت شيخنا الضياء عنه فقال: بلغني أنه جاور بمكة سنة قرأ فيها ألف ختمة. قلت: روى عنه: أبو حامد بن الصابوني، وغيره. وكان يعرف بالمراوحي. وروى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي بن البالسي، وغيره. ومات في نصف جمادى الآخرة. 4 (أبو بكر بن أحمد بن محمد) ) الدمشقي، الحنبلي، الخباز. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. شيخ حسن السمت من أهل العقيبة، يعرف بالقاضي. روى عنه: يوسف بن معالي. أخذ عنه: المجد ابن الحلوانية، والشهاب أحمد بن الخرزي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 238 وروى لنا عنه بالإجازة ابن البالسي. ومات في رابع ربيع الآخر. 4 (أبو عبد الله بن أحمد بن أبي بكر) الدمشقي النجار. أحمد من أجاز ابن البالسي. ومات في شعبان. ورخه النجيب الصفار. 4 (أبو القاسم بن صديق بن سالم) الأنصاري الدمشقي. أجاز لابن البالسي. وتوفي في رجب. ضبطه النجيب أيضاً. 4 (صاحب الروم ابن علاء الدين كيقباذ) صاحب الروم. قال أبو المظفر بن الجوزي: كان شاباً لعاباً، صانع التتار والتزم لهم كل يوم بألف دينار. اعلم أنني لم أترك في هذه السنة أحداً بلغني موته من الناس فلهذا أثبت فيها خلقاً مجهولين دون غيرها من السنين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 239 وفيها ولد: القاضي شرف الدين منيف بن سليمان السلمي بزرع في صفر وتاج الدين أحمد بن إدريس بن مرير بحماة في رجب وأبو معالي أحمد بن تاج الدين علي بن القسطلاني خطيب مصر وناصر الدين بن أيبك الشبلي المحدث بالقاهرة) وركن الدين عبد الله بن علي الخالدي الشافعي في صفر باليمن، سمع من ابن السبط وأحمد بن عثمان بن الشيرازي ببعلبك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 240 1 (سنة أربع وأربعين وستمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن عبد الرحمن)
1 (بن حسين بن عبد العزيز.) أبو العباس الكروكي، التيمي، الإسكندراني، المؤدب، المحدث. روى عن: ابن موقا، وغيره. وعنه: الدمياطي. 4 (أحمد بن علي بن معقل) أبو العباس المهلبي الحمصي، العز، الأديب. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، ورحل إلى العراق. وأخذ الرفض بالحلة عن جماعة، والنحو ببغداد عن أبي البقاء العكبري والوجيه الواسطي. وبدمشق عن: أبي اليمن الكندي. حتى برع في العربية والعروض، وصنف فيهما. وقال الشعر الرائق العذب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 241 وقد نظم الإيضاح والتكملة فأجاد. وقدم الكتاب للملك المعظم فأجازه بثلاثين دينار وخلعة. وكان أحول قصيراً. وافر العقل، غالياً في التشيع، ديناً متزهداً. وقد حكم له التاج الكندي بأن الكتاب المذكور أعلق بالأفكار وأثبت في القلوب من لفظ أبي علي الفارسي. واتصل سنة بضع عشرة بالملك الأمجد صاحب بعلبك، ونفق عليه، وأقام عنده. وقدر له جامكية. وعاش به رافضة تلك الناحية وأخذوا عنه. وله ديوان شعر مختص بأهل البيت فيه التنقيص بالصحابة. ومن شعره: (أما والعيون النّجل خلقة صادقٍ .......... لقد بيّض التّفريق سود المفارق)
(وجرّعني كأساً من الموت أحمرا .......... غداة غدت بالبيض حمر الأيانق) ) (حملن بدوراً في ظلام ذوائبٍ .......... تضلّ ولا يهدى بها قلب عاشق)
(أشرن لتوديعي حذار مراقبٍ .......... بقضبان درٍّ قُمّعت بعقائق)
(فلم أر آراماً سواهنّ كنَّساً .......... على فرشٍ موشيّةٍ ونمارق)
(وبكى فؤادي جازعٌ خافقٌ وقد .......... أرقت لبرقٍ من حمى الجزع خافق)
(وظبي من الأتراك أرهق مهجتي .......... هواه ولم يستوف سنّ المراهق)
(غدا قدّه غصناً رطيباً لعاطفٍ .......... وطلعته بدراً منيراً لرامق) وله: (ما لي أزوّر شيبي بالسّواد وما .......... من تعانى الزّور في فعلٍ ولا كلم)
(إذا بدر سرّ شيبٍ في عذار فتى .......... فليس يكتم بالحنّاء والكتم)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 242 توفي ابن معقل بدمشق في الخامس والعشرين من ربيع الأول. 4 (أحمد بن علي) أبو العباس المالقي، المقرىء المجود. أخذ القراءآت عن: أبي جعفر أحمد بن علي الحصار ببلنسية. ومات فجأة في رجب. 4 (إبراهيم بن عبد العزيز)
4 (بن عبد الجبار.) الحكيم البارع سعد الدين السلمي، الدمشقي، الطبيب. خدم الملك الأشرف. وكان على خير ودين. ومات في سادس جمادى الأولى. وكان مع تقدمه في الطب عالماً بالفقه على مذهب الشافعي. وهو الذي تولى عمارة الجوزية بدمشق. وعاش إحدى وستين سنة. وكان أبوه الموفق طبيب الملك العادل. وكان سعد الدين مجلس عام للإشتغال في الطب. وللصدر البكري فيه: (حكيمٌ لطيفٌ من لطافة وصفه .......... يودّ المعافى السّقم حتّى يعوده)
4 (إبراهيم السلطان الملك المنصور ناصر الدين)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 243 صاحب حماة، ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص، ابن الأمير ناصر الدين) محمد ابن الملك المنصور أسد الدين شيركوه بن شاذي بن مروان. توفي عقيب كسرته للخوارزمية في صفر، وكانت وفاته بدمشق بالنيرب بالدهشة، وحمل إلى حمص. وكان سلطنته ست سنين ونصف. وتملك بعده ابنه الأشرف موسى وله يومئذ سبع عشرة سنة. وهو الذي كسر التتار على حمص في سنة تسع وخمسين. وكان الملك المنصور بطلاً شجاعاً ن عالي الهمة، وافر الهيبة، له أثر عظيم في هزيمة جلال الدين خوارزم شاه وعسكره مع الأشرف سنة سبع وعشرين وستمائة. فإن والده سيره نجدةً للأشرف. ثم كسر الخوارزمية بالشرق مرتين وأضعف ركنهم، لا سيما في سنة أربعين، فإنه سار بجيش حلب. إلى آمد، واجتمع بعسكر الروم، فصادف إغارة التتار على خرت برت، فخافهم فساق، وقصد الخوارزمية وهم مع الملك المظفر شهاب الدين غازي، ومعه خلق لا يحصون من التركمان، حتى قيل إن مقدمهم قال لغازي: أنا أكسر الحلبيين بالجوانبة الذين معي، وكان عدتهم فيما قبل سبعين ألف جوبان سوى الخيالة منهم. فالتقاهم صاحب حمص في صفر من سنة أربعين، فانكسر غازي والخوارزمية وانهزموا، ووقع الحلبيون في النهب في الخيم والخركاوات، فحازوا جميع ما في معسكر غازي، وأخذوا النساء الخوارزميات والتركمانيات. ونزل صاحب حمص في خيمة غازي، واستولى على خزائنه. وغنم الحلبيون ما لا يحصى ولا يحد ولا يوصف. وبيعت الأغنام بأبخس الأثمان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 244 ثم إن صاحب حمص صالح الصالح نجم الدين وصفا له. وستر الخوارزمية الكسرة العظمى بعيون القصب. وكان محسناً إلى رعيته، سمحاً حليماً بخلاف أبيه. ثم إنه قدم دمشق في آخر أيامه فبالغ في خدمته الأمير حسام الدين بن أبي علي نائب الصالح. وكان قد بدأ به مرض السل فقوي به حتى خارت قواه، ومات رحمه الله تعالى. 4 (إبراهيم بن علي بن عبد الله بن ياسين) العسقلاني، العدل جمال الدين الدمشقي، ويعرف بابن البلان. سمع العلم لأبي خيثمة ببغداد من علي بن محمد بن علي الموصلي. روى عنه: محمد بن محمد الكنجي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وكيدر أحمد بن الصواف،) ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. روى عنه حضوراً العماد بن البالسي. ومات في ربيع الآخر. 4 (إبراهيم بن يحيى)
4 (بن الفضل بن البانياسي) كمال الدين أبو إسحاق الحميري، الدمشقي. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، ومنصور الطبري، وحفظ كتاب التنبيه على الشيخ عيسى الضرير، وعلى القاضي محيي الدين محمد بن الزكي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 245 وولي نظر جامع دمشق ونظر المارستان، كلاهما معاً. وكان أميناً، كافياً، رئيساً، نبيلاً. قال عمر بن الحاجب: سألته عن نسبتهم إلى بانياس فقال: كان لنا جد يرمي بالبندق، فصرع الطير ودعي لصاحب دمشق. قال: فأعطاه بانياس إقطاعاً، فكان يخزن رزها حتى يطلب وكان الباعة يقولون: عليكم بالبانياسي، فعرف بذلك. قلت: روى عنه الشيخ تاج الدين، وأخوه، وعمر ابن خطيب عقربا الجندي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وبالإجازة أبو المعالي بن البالسي، والقاضي الحنبلي، وجماعة. ومات في صفر. 4 (إسماعيل بن جهبل) الفقيه الإمام تاج الدين، أبو الفضل الحلبي، الشافعي. كان فقيهاً بصيراً بالمذهب، ديناً خيراً صالحاً، كريم النفس، سليم الصدر. توفي بحلب. قاله أبو شامة. 4 (إسماعيل بن علي بن محمد) الكوراني، الزاهد، المقيم بمقصورة الحنفية من الجامع. كان زاهداً عابداً، أماراً بالمعروف، كبير القدر. وكان يغلظ للملوك وينصحهم وينكر عليهم، ولا) يقبل صلتهم. سمع بحلب من: أبي الحسن أحد بن محمد بن الطرسوسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 246 وحدث. وتوفي بدمشق في ثامن عشر شعبان، ودفن بمقابر الصوفية، وشيعه خلق. 4 (حرف الباء)
4 (بدر العلائي) من الخدام الأشرفية الأعيان. سمع كثيراً من الحديث، وما أظنه حدث. وتوفي في جمادى الآخرة، رحمه الله تعالى. 4 (بركة خان) الخوارزمي. من ملوك الخوارزمية الأربعة. وكان هو أجلهم وأميرهم. وكان مائلاً إلى الخير في الجملة، والرفق بالناس. وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب قد صاهره وأحسن إليه، ثم خرج على الصالح وأعان وصار من حزب الملك الصالح إسماعيل، فانتدب لحربهم الملك المنصور صاحب حمص، وشمس الدين لؤلؤ نائب السلطنة بحلب والتركمان، والتقى الجمعان على بحيرة حمص، فقتل في المعركة بركة خان في ثامن المحرم من السنة، وحمل رأسه إلى حلب. ولم يقم للخوارزمية بعده قائمة. فإن في العام الماضي مات من رؤوسهم بردى خان وصاروخان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 247 4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن عدي بن أبي البركات)
4 (بن صخر بن مسافر بن إسماعيل.) المقلب بتاج الدين، العارف شمس الدين، أبو محمد شيخ الأكراد. وجده أبو البركات هو أخو الشيخ عدي، رحمه الله عليه. وكان الحسن هذا من رجال العالم رأياً ودهاء، وله فضل وأدب وشعر جيد وتصانيف في التصوف. وله أتباع ومريدون يتغالون فيه. وبينه وبين الشيخ عدي من الفرق ما بين القدم والفرق.) وبلغ من تعظيم العدوية له فيما حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد الإربلي قال: قدم واعظ على الشيخ حسن هذا فوعظ حتى رق حسن وبكى وغشي عليه، فوثب بعض الأكراد على الواعظ فذبحوه. ثم أفاق الشيخ حسن فرآه يتخبط في دمه فقال: ما هذا فقالوا: والا أيش هذا من الكلاب حتى يبكي سيدي الشيخ فسكت حفظاً لدسته وحرمته. قلت: وقد خاف منه الملك بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، وعمل عليه حتى قبض عليه وحبسه، ثم خنقه بوتر بقلعة الموصل خوفاً من الأكراد، لأنهم كانوا يشنون الغارات على بلاده، فخشي لا يأمرهم بأذى وإشارة فيخربون بلاد الموصل لشدة طاعتهم له. وفي الأكراد طوائف إلى الآن يعتقدون أن الشيخ حسن لا بد أن يرجع،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 248 وقد تجمعت عندهم زكوات ونذور ينتظرون خروجه، وما يعتقدون أنه قتل. ورأيت له كتاباً فيه عشرة أبواب، أحد الأبواب إثبات رؤية الله تعالى عياناً، وأن غير واحد من الأولياء رأى الله تعالى عياناً واستدل على ذلك، فنعوذ بالله من الخذلان والضلال. ومن تصانيفه: كتاب محك الايمان، وكتاب الجلوة الأرباب الخلوة، وكتاب هداية الأصحاب. وله ديوان شعر فيه أشياء من الاتحاد، فمن ذلك: (وقد عصيت اللّواحي في محبّتها .......... وقلت كفّوا فهتك السرّ أليق بي)
(في عشق غانيةٍ في طرفها حورٌ .......... في ثغرها شنبٌ ويلي من الشّنب)
(فتنت عنّي بها يا صاح إذا برزت .......... وغبت إذا حضرت حقّاً ولم تغب)
(وصرت فرداً بلا ثانٍ أقوم به .......... وأصبح الكلّ والأكوان تفخر بي)
(وكلّ معناي معناها وصورتها .......... كصورتي وهي تدعى ابنتي وأبي) وله دوبيت: (الحكمة أن تشرب في الحانات .......... خمراً قرنت بسائر اللّذّات)
(من كفّ مهفهفٍ متى ما تُليت .......... آيات صفاته بدت في ذاتي) وللحافظ شمس الدين الذهبي مؤلف هذا التاريخ، فإنه كتب ولكاتبه كان وكان. (أمرد وقحبة وقهوة أوراد أرباب القوى .......... هذي طريق الجنّة أين طريق النّار) ولحسن بن عدي المترجم من أُرجوزة: (وشاهدت عيناي أمراً هائلاً .......... جلّ بأن ترى له مماثلاً) )
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 249 (فغبت عند ذاك عن وجودي .......... لمّا تجلّى الحقّ في شهودي)
(وعاينت عيناي ذات الباري .......... من غير شكٍّ ولا تماري)
(فكنت من ربيّ لا محاله .......... كقاب قوسين وأدنى حاله) كذب وفجر قاتله الله أنى يؤفك. وله: (سطا وله في مذهب الحبّ أن يسطو .......... مليحٌ له في كلّ جارحة قسط)
(ومن فوق صحن الخدّ للنّقط عارية .......... يُدلّ على ما يفعل الشّكل والنّقط) وأقول: لا يكمل للرجل إيمائه حتى يبرأ من الحلولية والاتحادية الذين يقولون إن الله سبحانه وتعالى حل في الصور واتحدت، وأنه بذوات البشر. وعاش الشيخ حسن هذا ثلاثاً وخمسين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 250 4 (حماد بن حامد بن أحمد) أبو البركات العرضي. رحل وسمع من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. وحدث بسنجار. وبها توفي في هذه السنة. 4 (الحسن بن ناصر بن علي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 251 الحضرمي، المهدوي، أبو علي. سمع من: عبد المجيد بن دليل. روى عنه: الدمياطي. وعاش تسعين سنة. توفي في ربيع الأول بالإسكندرية. 4 (حرف الدال)
4 (داود بن موسك بن جكوب موسك) الأمير الكبير عماد الدين. توفي في شعبان أو في رجب.) كان في حبس الناصر بالكرك فمرض فأخرجه، وقد خرج في عنقه خراج فبطوه بغير اختباره فمات. وكان، رحمه الله، ذا فتوة ومروءة، كم أغاث ملهوفاً وأعان مكروباً، فرحمه الله وسامحه. وكانت له رئاسة، وله نفس شريفة. اتهمه الناصر بالمسير إلى صاحب مصر فسجنه. وهو أخو الأمير أبي الثناء محمود الذي روى الأربعين عن السلفي، ثنا ابن الخلال، بها. ولم أظفر بوفاة محمود بعد. 4 (حرف الصاد)
4 (صالح) أبو البقاء الدولعي، أخو الخطيب جمال الدين محمد بن أبي الفضل. سمع من: حنبل المكبر وكتب في الإجازات. ومات في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 252 4 (حرف الضاد)
4 (ضوء بن مصبح بن فتوح) جمال الدين، الفقيه الحنبلي، الوكيل. سمع من حنبل وحدث في هذا العام. ولم يلقه الدمياطي. روى لنا عنه إسحاق النحاس. 4 (حرف الطاء)
4 (طارق بن عبد الغني) أبو منصور الشافعي، قاضي بلبيس. توفي بها وقد جاوز التسعين وانهرم. روى عن مؤدبه يريك بن عوض. 4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن المختار) توفي في شوال بمصر، وله إحدى وستون سنة.) 4 (عبد الله بن يوسف بن زيدان) أبو محمد المغربي الفاسي النحوي، الأصولي، المعدل. توفي بمصر كهلاً في جمادى الأولى. 4 (عبد الرحمن بن أحمد بن أبي بكر) أبو القاسم الربعي المقرىء الصوفي. توفي بمصر في المحرم وله ثمانون سنة. صحب: أبا الربيع المالقي، والشيخ أبا عبد الله القرشي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 253 4 (عبد الرحمن بن سلطان)
4 (بن جامع بن عويس.) الفقيه ركن الدين التميمي، الدمشقي، الحنفي، أبو بكر. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع: محمد بن صدقة، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، ويوسف بن معالي. وكان إمام مسجد البياطرة قبل ولده شيخنا أي عبد الله محمد، جد صاحبنا أمين الدين محمد بن إبراهيم إمام المسجد يومئذ. روى لنا عنه: محمد بن محمد الكنجي، والمجد ابن الحلوانية، والبدر بن الخلال، والفخر بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وبالحضور العماد ابن البالسي. توفي في ثامن عشر صفر. 4 (عبد الرحمن ضياء الدين المالكي) الغماري، الذي جلس مكان الشيخ أبي عمرو بن الحاجب لما انفصل عن دمشق، وجلس في حلقته بالجامع في زاوية المالكية ومدرستهم. وكان فقيهاً كريماً، شارعاً، فاضلاً. توفي في شعبان. قاله أبو شامة. 4 (عبد الرحيم بن محمد)
4 (بن بنين بن خلف) ) أبو الفضل المصري السمسار. روى عن: عشير بن علي، وابن ياسين، والبوصيري. ومات في ثالث ذي الحجة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 254 سمع منه: الدمياطي. 4 (عبد العزيز بن عثمان)
4 (بن أبي طاهر بن مفضل.) الشيخ عز الدين أبو محمد الإربلي، المحدث. إمام دار الحديث النورية. طلب الكثير وسمع بنفسه. وكان صاحب وقار وسمت حسن. سمع: الخشوعي والقاسم بن عساكر، وحنبل بن عبد الله. وبمصر من: الأرتاحي، وبنت سعد الخير. وسمع أيضاً من العماد الكاتب، ومن: عبد اللطيف بن أبي سعد. وكان أديباً فاضلاً حسن المشاركة في العلوم. كتب عنه القدماء كعمر ابن الحاجب وطبقته. وروى عنه: أبو محمد الجرائري، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، ومحمد بن يوسف الذهبي، وإبراهيم بن صدقة المخرمي، وآخرون. ولد بإربل في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ومات بالغوطة بجوبر في ثامن عشر ربيع الأول. 4 (عبد المحسن بن عبد الكريم)
4 (بن علوان.) أبو محمد المخزومي المصري، المالكي العدل. سمع من: البوصيري، وغيره. ومات في شوال عن بضع وستين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 255 4 (عبد المنعم بن محمد)
4 (بن محمد بن أبي المضاء.) ) أبو المظفر البعلبكي، ثم الدمشقي، نزيل حماة. روى عن: أبي القاسم بن عساكر، والخضر بن طاوس. روى عنه: الشهاب أحمد بن الخرزي، والتقي إدريس بن عزيز. وكان من شهود حماة. توفي بها في الرابع والعشرين من ذي الحجة. 4 (عبد الوهاب ابن الحنفي) القاضي شرف الدين نائب الحكم بدمشق. توفي في صفر. 4 (عثمان بن مسعود بن عبد الله) الفقيه عز الدين الدمشقي، الحنفي. كان من فضلاء الحنفية. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والفخر بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وغيرهم. وولي تدريس الصادرية. وتوفي في ربيع الآخر. 4 (علي بن الخضر بن بكران بن عمران) أبو الحسن الربعي، الجزري. سمع بدمشق من: ابن طبرزد، وغيره. وبمصر من: البوصيري، والأرتاحي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 256 وكان شيخاً صالحاً حافظاً لكتاب الله. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو المعالي ابن البالسي. مات في جمادى الآخرة. 4 (علي بن عبد الكافي)
4 (بن علي بن موسى) الإمام الفقيه، نجم الدين، أبو الحسن الربعي، الصقلي، ثم الدمشقي، الشافعي. سمع: الخشوعي، والقاسم، والعماد الأصبهاني، وأبا المفضل بن الخصيب، وغيرهم. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، والبدر أحمد) بن الصواف، والزين إبراهيم ابن الشيرازي، وجماعة. ومات في ثاني رمضان. 4 (عيسى بن محمد بن حسان) أبو القاسم الأنصاري، الشافعي، الحاكم. ولد بأسيوط سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: منوجهر بن تركانشاه. وأجاز له أيضاً. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. توفي بأسوان في ثامن شوال. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن حسان بن رافع بن سمير)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 257 الخطيب صائن الدين، أبو عبد الله العامري، الدمشقي، المعدل، المحدث. سمع: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وابن طبرزد، وخلق سواهم. وكتب الكثير، وعني بالحديث. وسمع أولاده وأقاربه، وكان فاضلاً مفيداً، مليح الكتابة، مشكور السيرة. كان يؤم بمسجد قصر حجاج ويخطب بجامع المصلى. روى عنه: الشيخ تاج الدين الفزاري، وأخوه أبو علي بن الخلال، وأبو عبد الله ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وتوفي في صفر، رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن حماد بن أبي الحسن)
1 (سعد الله) أبو بكر الحنبلي، الحلبي، مخلص الدين، الفقيه. سمع ببغداد، وحدث عن: أحمد بن يحيى الدبيقي، وأبي البقاء العكبري. سمع منه: الزكي البرزالي مع تقدمه، والنجيب الصفار. وثنا عنه محمد بن يوسف الذهبي، وغيره. توفي في رمضان. 4 (محمد بن عبد الظاهر) ) 4 (بن هبة الله بن النصيبي.) الحلبي، أبو عبد الله المحدث. سمع: حنبلاً، وابن طبرزد، والإفتخار الهاشمي، وجماعة. وسمع أولاده، وكتب وحصل وعني بالطلب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 258 وتوفي في سادس ربيع الأول بحلب. 4 (محمد بن علي بن خليفة) أبو بكر الدمشقي المجلد الأنصاري، المعروف بالزكي البستاني. ولد سنة ست وسبعين. وسمع: الخشوعي، ومحمد بن الخصيب. وتوفي في ذي القعدة. 4 (محمد بن محمود بن عبد المنعم) الإمام تقي الدين المراتبي، الحنبلي. كان فقيهاً إماماً بارعاً في مذهبه، ذا فنون. توفي بدمشق ودفن بالجبل في جمادى الآخرة. ذكره أبو شامة فقال: كان عالماً متفنناً، ولي به صحبة قديمة، وبعده لم يبق في مذهب أحمد بدمشق مثله. قلت: هو والد شيختنا خديجة ومحمود الأصم. تفقه على الشيخ الموفق، وغيره. وسمع من: أبي علي الأومي، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 259 4 (محمد بن محمد بن محمد)
4 (بن أبي صالح) أبو صالح التجيبي الأندلسي المالقي، الزاهد. أخذ عن أبي محمد القرطبي، وجماعة. ونزل سبتة وأقرأ بها القرآن والعربية. وكان قدوةً في الزهد والورع، مشهوراً. توفي رحمه الله في ربيع الأول. وكانت جنازته مشهورة. 4 (محمود بن نصر الله) ) 4 (بن محمود بن كامل) زكي الدين أبو الثناء الأنصاري الدمشقي التاجر ابن البعلبكي. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، وغيره. وببغداد من عبد المنعم بن كليب. روى عنه: أبو الحسين علي بن اليونيني، وأبو علي بن الخلال، والصدر محمد الأرموي، وجماعة. ومات في ربيع الأول. 4 (معين الدين ابن الشهرزوري) القاضي. رئيس فاضل. توفي بدمشق. قاله سعد الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 260 4 (حرف النون)
4 (مسعود الجويني)
4 (وهو: نصر الله بن أحمد بن رسلان بن فتيان بن كامل.) مجد الدين، أبو الفتح الأنصاري، الدمشقي، العدل. عرف بابن البعلبكي. سمع من: الخشوعي، وجماعة. وأجازه مسعود الجمال، وحضر جزء ابن عرفة على ابن كليب. روى عنه: أبو الحسين ابن اليونيني، والصدر محمد الأرموي. وحضوراً: محمد البالسي. 4 (نصر الله بن عين الدولة بن عيسى) موفق الدين أبو الفتح الدمشقي الحنفي. سمع: الكندي، وجماعة وبحلب: الافتخار الهاشمي. وحدث. توفي في جمادى الأولى.) 4 (حرف الهاء)
4 (هاشم بن الشريف البهاء عبد القادر)
4 (بن عثمان بن عقيل بن عبد القاهر.) تاج الدين أبو محمد الهاشمي، العباسي، الدمشقي، الشروطي، والد شيخنا محمد. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 261 وسمع: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وحنبل بن عبد الله. روى عنه: المفتي أبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة. توفي في سادس رمضان. 4 (هبة الله بن عبد الوهاب بن أحمد) أبو القاسم بن النحاس. روى عن الأمير أسامة بن منقذ شيئاً من شعره. ومات في جمادى الآخرة. 4 (حرف الياء)
4 (يعيش بن محمد بن الحسن بن حفاظ) أمين الدين أبو البقاء ابن الكويس العامري. ولد سنة ثمانين. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر. وكان مقرئاً فاضلاً. روى عنه: الشيخ تاج الدين،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 262 وأخوه محمد ابن خطيب بيت الآبار، وآخرون. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي. ومات في ثامن شوال. 4 (يوسف بن إسماعيل)
4 (بن إبراهيم بن عبد الله بن طلحة.) أبو العز المقدسي، ثم الدمشقي، الحنبلي، التاجر، والد شيخنا الموفق، الشاهد. حدث عن الخشوعي. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، ومحمد الكنجي، والشيخ تاج الدين، وأخوه، ومحمد ابن خطيب) بيت الآبار، وغيرهم. وتوفي بحلب في ربيع الآخر. 4 (الكنى)
4 (أبو الحجاج الأقصري) الزاهد، هو يوسف بن عبد الرحيم بن غزي القرشي الأقصري. له أتباع ومريدون. ألف مواقف كمواقف النقري. صحب الشيخ عبد الرزاق التينملي تلميذ أبي مرين. قال لي أبو عمرو المرابطي: وفاته على لوح عند قبره سنة أربع. 4 (أبو السعود بن أبي العشائر بن شعبان) الباذبيني، ثم المصرين الزاهد، شيخ الفقراء السعودية. توفي في تاسع شوال. وكان صاحب عبادة وزهد وأحوال. وكان بالقرافة. له أتباع ومريدون. لم يبلغنا شيء من أخباره. 4 (أبو الليث) الزاهد الحموي. صاحب عبادة ومجاهدة. كان يعمل الرياضة الأربعينية. وله زاوية مليحة بحماه، وأصحاب وأتباع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 263 وكان يأتي بعلبك ويقيم بها. وصحب الشيخ عبد الله اليونيني الذي يقال له أسد الشام. توفي أبو الليث بحماة في هذه السنة. وفيها ولد: إمام الكلاسة وابن إمامها شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الخلاطي خطيب دمشق، رمضان وشمس الدين محمد بن الفخر عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنفي، في آخر السنة) وصدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن سعد الدين محمد بن المؤيد بن عبد الله بن علي بن محمد بن حمويه الجويني بآمل، في شعبان وشمس الدين أبو العلاء محمود بن أبي بكر النجاري الفرضي المحدث وأمين الدين سالم بن محمد بن حصرى أخو قاضي القضاة وشهاب الدين محمود بن سليمان الكاتب بحلب، في شعبان والقاضي شمس الدين محمد بن إبراهيم بن إبراهيم الأذرعي الحنفي، فيها تقريباً وأبو الحسن بن عبد الله بن الشيخ غانم بنابلس والشرف محمد بن عبد الله بن رقية المقدسي الغفرياتي والشهاب أحمد بن سامة والفخر عثمان بن عبد الرحمن بن أبي علي التنوطي المعري المقرىء والشيخ نور الدين علي بن يوسف بن حريز بن معضاد الشطبوني المصري، بالقاهرة في شوال والبرهان ابن إبراهيم بن عبد الكريم بن العنبري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 264 1 (سنة خمس وأربعين وستمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن علي) أبو جعفر بن الفحام المالقي الناسخ. أجاز له أبو عبد الله بن زرقون. وسمع من: أبي القاسم بن سمحون، وابن نوح الغافقي، وابن عون الله الحصار. وكان أنيق الوراقة يعيش منها. وله مشاركة في النحو وغيره. وقد ذكره ابن فرقون في ذيل الصلة له، فسماه أبا العباس أحمد بن يوسف بن أحمد الأنصاري. وكان شهر بابن الفحام. اجتمعت به بمالقة وأجازني. ومن شيوخه عبد الرحمن بن أبي بكر بن صاف، وأبو بكر محمد بن طلحة، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 265 توفي بمالقة في جمادى الأولى عام خمسة وأربعين. وأظن ابن فرتون واهماً قد أدخل ترجمةً في ترجمة. 4 (أحمد بن يوسف.) أبو العباس الأنصاري، الإشبيلي، ابن النجار. أحد المتصدرين للأقراء بإشبيلية. أخذ القراءآت عن أبي القاسم عبد الرحمن بن صاف. ومات في آخر العام والفرنج تحاصر إشبيلية. 4 (إبراهيم بن خيرخان)
4 (بن مودود بن خيرخان بن سيف الدولة قراجا.) أبو إسحاق الحنفي، الدمشقي، المعدل. سمع: البوصيري، والخشوعي. وتوفي في المحرم. روى عنه: المجد ابن الحلوانية. 4 (إبراهيم بن عثمان)
4 (بن يوسف بن أورتق.) ) مسند العراق، أبو إسحاق الكاشغري، ثم البغدادي، الزركشي. ولد في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وسمعه أبوه من: أبي الفتح ابن البطي، وأحمد بن محمد الكاغدي، وأبي الحسن علي ابن تاج القراء، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، وأبي بكر بن النقور، ويحيى بن ثابت، ونفيسة البزازة، وهبة الله بن يحيى البوقي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 266 وطال عمره، واشتهر اسمه، ورحل إليه الطلبة. روى عنه: الحفاظ الكبار: البرزالي، وابن نقطة، والضياء، وابن النجار، والمحب عبد الله بن أحمد، وموسى بن أبي الفتح، وعبد الرحيم بن الحاج الزجاج، والمحيي يحيى بن محمد بن القلانسي، ومحمد بن عامر الغسولي، ومدرس الحلاوية الكمال إبراهيم بن عبد الله بن أمين الدولة، والتقي إبراهيم بن الواسطي، وأخوه محمد، والعز إسماعيل بن المقر، والتقي بن مؤمن، والمجد بن العديم قاضي القضاة وفتاه بيبرس وهو آخر من روى عنه، ومحيي الدين محمد بن النحاس، وابن عمه البهاء أيوب، والمجد محمد بن الظهير الحنفيون، وعبد اللطيف وعبد الكريم ابنا ابن المعدل، وأحمد بن محمد بن العماد، وعلي بن أحمد بن عبد الدائم، وشهدة بنت ابن العديم، ومحمد بن محمد بن النصيبي، وعلي بن عثمان الطيبي. وسمعنا من جماعة بإجازته، وهي متيسرة. قال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح. وقال عمر بن الحاجب: كان شيخاً شهلاً سمحاً، ضحوك السن، له أصول يحدث منها. وكان سليم الباطن، مشتغلاً بصنعته، إلا أنه كان يتشيع ولم يظهر منه إلا الجميل. وقال أبو طالب ابن الساعي: هو أول من رتب شيخاً بدار الحديث المستنصرية، وذلك في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين. قلت: إنما وليها بعد موت شيخها ابن القبيطي. وقد عمر وساء خلقه، وبقي يحدث بالأجرة، ويعاسر على الطلبة. وحكاية المحب معه مشهورة، فإنه لما دخل بغداد بادر وذهب إليه بجزء ابن البانياسي ليقرأه عليه وهو على حانوت، فقال: ما بي فراغ الساعة. فألح عليه فتركه وراح، فتبعه وشرع يقرأ في الجزء. وقرأ ورقة، ووصل إلى بيته، فضربه بعصاه ضربتين، وقعت الواحدة في الجزء، ودخل وأغلق الباب. فرأيت ذلك بخط المحب. ثم استولى عليه في سنة ثلاث وأربعين الأمراض والهرم، وانقطع في بيته.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 267 قال ابن النجار: هو صحيح السماع إلا أنه عسر جداً، يذهب إلى الاعتزال. قال: ويقال إنه يرى رأي الفلاسفة، ويتهاون بالأمور الدينية، مع حمق ظاهر فيه وقلة علم. ثم روى ابن النجار عنه حديثاً من جزء أحمد بن ملاعب. وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين مالك. وهم: ابن البطي وغيره، عن البانياسي، عن ابن الصلت، عن الهاشمي، عن أبي مصعب، عن مالك. توفي في حادي عشر جمادى الأولى، وفات الشريف وفاته. 4 (إبراهيم بن أبي عبد الله)
4 (بن أبي نصر.) أبو إسحاق بن النحاس الحلبي العدل، ويعرف قديماً بابن عمرون. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع من: ابن طبرزد، والافتخار الهاشمي. ورحل إلى بغداد فسمع من: عبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي، وجماعة. وكتب الكثير، وعني بالحديث. روى عنه ابنه شيخنا بهاء الدين محمد النحوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 268 وتوفي سابع عشر المحرم. 4 (حرف التاء)
4 (تمام بن أحمد بن عبد الرحمن)
4 (بن علي.) أبو المكارم شهاب الدين الأنصاري الدمشقي، المعروف بابن السيرجي. من بيت عدالة وكتابة وتقدم. سمع: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وحنبل بن عبد الله. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والصدر محمد الأموي، والمجد عبد الرحمن بن الإسفرائيني، وجماعة. ومات في شعبان وقد قارب الستين. وأجاز لأبي نصر بن الشيرازي. 4 (حرف الحاء) ) 4 (الحسين بن الحسن بن علي بن حمزة) نقيب الأشراف، قطب الدين، أبو عبد الله العلوي الحسيني، الأديب. اتفق أنه قال على سبيل التصحيف: نريد حلقة حديد، أي خليفة جديد. فنقلت إلى الإمام الناصر فقال: بل حلقتان. فقيده وسجنه بالكوفة إلى أن مات الناصر. ثم أخرج. تولى في أول الدولة المستنصرية النقابة، وحظي عند المستنصر. توفي في المحرم وقد جاوز السبعين، وخلف دنيا واسعةً، من ذلك ذهب عين عشرون ألف دينار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 269 4 (حرف الخاء)
4 (خديجة بنت القاضي أبي المجد)
4 (عبد الرحمن بن علي بن قريش المخزومي.) وتدعى ست النساء. روت بالإجازة عن: أبي الطاهر بن عوف. روى عنها: شيخنا الدمياطي. 4 (حرف الزاي)
4 (زينب بنت سالم) البغدادية. روت بالإجازة عن شهدة. 4 (حرف السين)
4 (السبتي) من صلحاء العراق ومشاهير المشايخ. 4 (سليمان بن داود)
4 (بن العاضد بالله عبد الله بن يوسف بن الحافظ.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 270 العبيدي المصري. هلك في شوال سنة خمس وأربعين وستمائة بقلعة الجبل. قال القاضي جمال الدين بن واصل: سافرت إلى مصر سنة إحدى وأربعين وسمعت أن دعوة الإسماعيلية المصريين له، ولهم فيه اعتقاد عظيم. ورأيت من اجتمع به وتحدث معه فأخبرني) أنه في غاية الجهل والغباوة. قال ابن واصل: وكان قد أدخلت أمه إلى داود بن العاضد في الحبس، يعني أيام صلاح الدين، في زي مملوك، وملك سرقوطها داود، فحملت بسليمان، ثم حملت الجارية إلى الصعيد فولدت سليمان وترعرع، وأخفي أمره عن الدولة عند بعض الرعاة، فأعلم به الملك الكامل، فظفر به وحبسه. ولما زالت الدولة بموت العاضد قالت دعاتهم: الإمامة صارت لابنه داود، ولقبوه بينهم: الحامد لله، ومات داود هذا في السجن في سلطنة العادل. وأما سليمان فلم يخلف ولداً ذكراً. قال ابن واصل: سمعت من ينتمي إلى مذهبهم يدعي أن له ولداً قد أخفي. قال ابن واصل: وبقي منم اليوم رجلان محبوسان بقلعة الجبل... جدهما العاضد. وكان أحدهما واسمه القاسم قد بلغه أني صنفت تاريخاً فيهم، وأن بعضهم قال أصلهم يهود. فطلعت يوماً إلى القلعة المحروسة، ودخلت على باب الحبس، والقاسم هذا قاعد على الباب، فسأل عني، فعرف بي، فاستدعاني فأتيته، فقال: أنت ذكرت أن نسبنا يرجع إلى اليهود فخجلت منه وما أمكنني إلا الاعتراف، وأحلت الأمر على قول المؤرخين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 271 قال: وبالجملة مذاهبهم ردية واعتقادهم في الإلهيات ينزح إلى رأي التفلسفة، وسموا الباطنية. لأنهم ينزلون القرآن على معان مخالفة لآرائهم ويصرفونه عن ظاهره. 4 (حرف الشين)
4 (شعيب بن يحيى)
4 (بن أحمد بن محمد بن عطية.) أبو مدين القيرواني الأصل، الإسكندراني، التاجر ابن الزاغوني، نزيل مكة. ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسمع من: السلفي. وجاور مدة. وكان معروفاً بالبر والإيثار. روى عنه: الزكي المنذري، والشرف الدمياطي، والجمال بن الطاهري، والرضى إبراهيم بن محمد الطبري، إمام المقام، وأخوه الصفي محمد بن محمد، والبهاء أيوب بن النحاس، وأخوه الأمين محمد، والمحب أحمد بن عبد الله الطبري الفقيه، وجماعة من المكيين. وتوفي في الثالث والعشرين من ذي القعدة وله ثمانون سنة.) 4 (... تاج النساء بنت قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد بن أحمد الثقفي.) البغدادية. روت عن: عبيد الله بن شاتيل. وتوفيت في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 272 روى عنها بالإجازة البهاء في معجمه. 4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن إبراهيم بن سعيد بن القائد) القاضي أبو محمد الهلالي، وريغ معاملة من ناحية الجنوب ببلاد المغرب، ولد بها سنة إحدى وخمسين وخمسمائة تقريباً. وكتب إليه السلفي بالإجازة، ثم قدم الإسكندرية، وسمع من: الإمام أبي الطاهر بن عوف، والفقيه مخلوف بن جارة. وكان بصيراً بمذهب مالك. أعاد بمدرسة المالكية بمصر. وسمع من: أبي القاسم الشاطبي جميع الموطأ عن ابن هذيل، وولي قضاء الإسكندرية. وكان ورعاً، صليباً في الأحكام، ديناً مهيباً. وولي الخطابة أيضاً أربعين سنة. واستعفى من القضاء قبل موته بسنة. روى عنه: شيخنا الدمياطي وأثنى عليه. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر عن أربع وتسعين سنة. 4 (عبد الله بن زين الأمناء)
4 (أبي البركات الحسن بن محمد.) نظام الدين الدمشقي، الشافعي، ابن عساكر. أخو عبد الوهاب وعبد اللطيف. توفي في هذه السنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 273 4 (عبد الله بن عبد الله) أبو محمد عتيق عبدون الرهاوي. شيخ مسند، سمع ببغداد من: ذاكر بن كامل، ويحيى بن بوش، وعبد المنعم بن كليب، وداود بن) نظام الملك، وأخته بلقيس. روى لنا عنه: أبو المفضل إسحاق النحاس. وسمع منه: شيخنا ابن الظاهري، وجماعة. وتوفي بحران في جمادى الآخرة. 4 (عبد الله بن هلال) الباجسرائي. سمع: ابن بوش، وابن كليب. 4 (عبد الله بن قاسم)
4 (بن عبد الله بن محمد بن خلف.) أبو محمد اللخمي الحافظ الأندلسي، الحريري. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وسمع من عبد الرحمن بن علي الزهري صحيح البخاري بسماعه من شريح. وسمع من: أبي الحسن بن عظيمة، وطائفة. وعني بالحديث أتم عناية، وصنف كتاب حديقة الأنوار في معرفة الأنساب، وكتاب المنهج الرضي في الجمع بين كتابي ابن بشكوال وابن الفرضي. وكان مع حفظه شاعراً مجوداً، مليح الحظ. توفي بإشبيلية في حصار الروم، لعنهم الله، بها في شوال سنة خمس، وفي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 274 خامس شعبان سنة ست دخلها الطاغية صاحب قشتالة صلحاً بعد أن حاصرها ستة عشر شهراً، فإنا لله وإنا إليه راجعون. 4 (عبد الجبار بن بشار) المقدسي، ثم الإسكندراني، المالكي. روى عن: ابن موق. وعنه: الدمياطي، وغيره. وأجاز: البهاء ابن البرزالي، والعماد ابن البالسي. وتوفي في المحرم.) 4 (عبد الخالق بن تروس بن قسطة) مولى القاضي الزكي. روى عن: عبد اللطيف بن أبي سعد. ومات في جمادى الآخرة. 4 (عبد الرحمن بن أبي حرمي)
4 (فتوح بن بنين.) أبو القاسم المكي، العطار، الكاتب، المعمر الفاضل، الوراق. ولد سنة بضع وأربعين وخمسمائة، و... ابن ناصر وأبا بكر بن الزاغوني، ولكن لم يكن له من يستجيز له. فلما شب سمع بنفسه صحيح البخاري من علي بن عمار المقرىء، بسماعه له من عيسى بن أبي ذر، عن أبيه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 275 ثم رحل إلى الشام والعراق، سنة ثمانين وخمسمائة، فسمع ببغداد من: أبي الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز. وبدمشق من: الفضل بن الحسين البانياسي، وأبي سعيد بن أبي عصرون، وغيرهما. وأجاز له أبو طاهر السلفي. روى عنه: الإمام محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، والقاضي مجد الدين بن العديم، والحافظ شرف الدين الدمياطي، ورضي الدين إبراهيم بن محمد الطبري، وأخوه الصفي أحمد، وآخرون. قال الدمياطي: توفي في نصف رجب، وقد جاوز المائة. 4 (عبد الرحمن بن مكي بن جعفر) أبو القاسم الأزجي الدباس. سمع: أبا الحسين عبد الخالق اليوسفي. ومات في ربيع الأول: كذا ذكره الشريف عز الدين، ولا أعرفه. 4 (عبد الرحمن بن يحيى بن عتيق) أبو القاسم بن علاس الغساني الإسكندراني، المالكي، ويعرف بابن القصديري. ولد سنة أربع وستين وخمسمائة.) وسمع من: القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وحماد الحراني. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وتوفي في شوال. 4 (عبد الرحيم بن الحافظ)
4 (القاضي أبي الحسن عمر بن علي.) القرشي، الزبيري، أبو البركات الدمشقي، ثم البغدادي، ولد في رمضان سنة ثلاث وسبعين، وحضره أبوه على تجني الوهبانية، واستجاز له شهوة. ومات أبوه وهو طفل، فتولاه الله ونشأ ولداً مباركاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 276 وكان ورعاً، صالحاً، ديناً، سلفياً. توفي في الثاني والعشرين من شعبان. أجاز لابن الشيرازي، وسعد، والبجري، وبنت مؤمن. 4 (عبد المأمون بن محمد بن الحسن) أبو محمد بن اللكاف البغدادي، المقرىء، الحنفي. كان شيخ الحنفية وعالمهم بالعراق. وقد سمع بدمشق من التاج الكندي، وأبي عبد الله بن البناء. وتوفي إلى رحمة الله تعالى في ربيع الأول. 4 (عبيد الله بن النيار) الأجل تاج الدين البغدادي. 4 (علوان بن علي بن جميع) الرجل الصالح، أبو علي الحراني. روى بالإجازة عن أبي زرعة المقدسي، وأحمد بن المقرب، وأبي بكر بن النقور، وجماعة. روى عنه: الشرف عبد الأحد ابن تيمية. وتوفي في جمادى الآخرة. 4 (علي بن إبراهيم بن علي)
4 (بن محمد بن بكروس.) ) الفقيه أبو الحسن التميمي، البغدادي، الحنبلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 277 ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: يحيى بن بوش، وابن كليب. روى لنا عنه الشيخ محمد بن أحمد القزاز. ومات في رجب. 4 (علي بن عبد الرحمن)
4 (بن أبي المكارم عبد الواحد بن هلال.) الصدر شمس الدين، أبو الحسن الأزدي، الدمشقي. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع من: العدل عبد الوهاب والد كريمة، وأبي محمد القاسم بن عساكر. روى عنه: الفخر إسماعيل بن عساكر، وغيره. وتوفي في الثامن والعشرين من شعبان. 4 (علي بن يعقوب) الفقيه كمال الدين الدولي الشافعي. ولي قضاء بعلبك، ثم قضاء صرخد، ثم زرع. توفي في رمضان. 4 (علي بن أبي الحسن بن منصور)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 278 الشيخ أبو الحسن، وأبو محمد الحريري، مقدم الطائفة الفقراء الحريرية أولي الطيبة والسماعات والشاهد. كان له شأن عجيب ونبأ غريب. وهو حوراني من عشيرة يقال لهم بنو الرمان. ولد بقرية بسر، وقدم دمشق صبياً فنشأ بها. وذكر الشيخ أن مرجع قومه إلى قبيلة من أعراب الشام يعرفون ببني قرقر. وفي قرية مردا من جبل نابلس قوم من بني قرقر. وكانت أم الشيخ دمشقية من ذرية الأمير قرواش بن المسيب العقيلي، وكان خاله صاحب دكان بسوق الصاغة. قال النجم بن إسرائيل الشاعر: أدركته ورأيته.) قال: وتوفي والد الشيخ وهو صغير فنشأ في حجر عمه، وتعلم صنعة العتابي، وبرع فيها حتى فاق الأقران. ثم اقتطعه الله إلى جنابه العزيز فصحب الشيخ أبا علي المغربل خادم الشيخ رسلان. قرأت بخط الحافظ سيف الدين ابن المجد ما صورته: علي الحريري: وطيء أرض الجبل ولم يكن ممن يمكنه المقام به، والحمد لله. كان من أفتن شيء وأضره على الإسلام مظهراً سنة الزندقة والاستهزاء بأوامر الشرع ونواهيه. وبلغني من الثقات بدء أشياء يستعظم ذكرها من الزندقة والجرأة على الله. وكان مستخفاً بأمر الصلوات وانتهاك الحرمات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 279 ثم قال: حدثني رجل أن شخصاً دخل الحمام فرأى الحريري فيه ومعه صبيان حسان بلا ميازر، فجاء إليه فقال ما هذا فقال: كأن ليس سوى هذا، وأشار إلى أحدهم تمدد على وجهك، فتمدد. فتركه الرجل وخرج هارباً مما رأى. وحدثني أبو إسحاق الصريفيني قال: قلت للحريري: ما الحجة في الرقص قال: قوله تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَها. وكان يطعم وينفق ويهون أمور الدين فيتبعه كل مريب. وشاع خبره. وشهد عليه خلق كثير بما رأوا منه ومن أصحابه بما يوجب القتل. ورفع أمره إلى السلطان، فلم يقدم على قتله، بل سجنه مرة بعد أخرى، ثم أطلق والله المستعان على هذه المصيبة التي لم يصب المسلمون بمثلها. قلت: رحم الله السيف ابن المجد ورضي عنه، فكيف لو رأى كلام الشيخ ابن العربي الذي هو محض الكفر والزندقة لقال إن هذا الرجل المنتظر. ولكن كان ابن العربي منقبضاً عن الناس، وإنما يجتمع به آحاد الاتحادية، ولا يصرح بأمره لكل أحد، ولم يشتهر كتبه إلا بعد موته بمدة. ولهذا تمادى أمره، فلما كان على رأس السبعمائة جدد الله لهذه الأمة دينها بهتكه وفضيحته، ودار بين العلماء كتابه الفصوص. وقد حط عليه الشيخ القدوة الصالح إبراهيم بن معضاد الجعبري، فيما حدثني به شيخنا ابن تيمية، عن التاج البرنباري، أنه سمع الشيخ إبراهيم يذكر ابن العربي فقال: كان يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً. وأنبأنا العلامة ابن دقيق العيد أنه سمع الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول في ابن العربي: شيخ كذاب. وممن حط عليه وحذر من كلامه الشيخ القدوة الولي إبراهيم الرقي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 280 وممن أفتى بأن كتابه الفصوص فيه الكفر الأكبر قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، وقاضي القضاة سعد الدين الحارثي، والعلامة ركن الدين عمر بن أبي الحرم الكتاني، وجماعة سواهم. وأما الحريري فكان متهتكاً، قد ألقى جلباب الحياء، وشطح حتى افتضح، واشتهر مروقه واتضح. وأبلغ ما يقوله في هؤلاء... العلماء أن لكلامهم معاني وراء ما نفهمه نحن، مع اعترافهم بأن هذا الكلام من حيث الخطاب العري كفر وإلحاد، لا يخالف في ذلك عاقل منهم إلا من عاند وكابر. فخذ ما قاله الحريري في جزء مجموع كلامه يتداوله أصحابه بينهم قال: إذا دخل مريدي بلد الروم، وتنصر، وأكل لحم الخنزير، وشرب الخمر كان في شغلي. وسأله رجل: أي الطرق أقرب إلى الله حتى أسير فيه فقال له: اترك السير قد وصلت قلت: هذا مثل قول العفيف التلمساني: (فلسوف تعلم أنّ سيرك لم يكن .......... إلاّ إليك إذا بلغت المنزلا) وقال لأصحابه: بايعوني على أن نموت يهود، ونحشر إلى النار حتى لا يصاحبني أحد لعلة. وقال: ما يحسن بالفقير أن ينهزم من شيء، ويحسن به إذا خاف شيئاً قصده. وقال: لو قدم علي من قتل والدي وهو بذلك طيب وجدني أطيب منه. وللحريري في الجزء المذكور: (أمرد يقدّم مداسي أخير من رضوانكم .......... وربع قحبةٍ عندي أحسن من الولدان)
(قالوا: أنت تدعى صالح ودع عنك هذا الخندق .......... قلت: السّماع يصلح لي بالشّمع والمردان)
(ما أعرف لآدم طاعةً إلاّ سجود الملائكة .......... وما أعرف آدم عصى اللّه تعظيم للرحمن)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 281 (إن كنت أُقجيّ تقدّم وإن كنت رمّاح انتبه .......... وإن كنت حشواً لمخدّةٍ أُخرج وردّ الباب)
(أوّد اشتهي قبل موتي أعشق ولو صورة حجر .......... أنا ممثّكلٌ محيرّ والعشق بي مشغول) وقال النجم بن إسرائيل: قال لي الشيخ مرةً: ما معنى قوله تعالى: كُلَّما أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأهَا اللَّهُ فقلت: سيدي يقول وأنا أسمع. قال: ويحك من الموقد ومن المطفيء لا تسمع لله كلاماً إلا منك فيك. قلت: ومن أين لي قال: تمحو آنيتك. وقال: لو ذبحت بيدي سبعين نبياً ما اعتقدت أني مخطيء. يعني لو ذبحتهم لفعلت ما أراده الله مني، إذ لا يقع شيء في الكون إلا بإذنه سبحانه وتعالى.) قلت: وطرد ذلك أن الله تعالى أراد منا أن نلعن قتلة الأنبياء عليهم السلام، ونبرأ منهم، ونعتقد أنهم أصحاب النار، وأن نلعن الزنادقة، ونضرب أعناقهم، وإلا فلأي شيءٍ خلقت جهنم، واشتد غضب الله على من قتل نبياً، فكيف بمن يقتل نبياً، والله تعالى يحب الأبرار، ويبغض الفجار، ويخلدهم في النار، مع كونه أراد إيجاد الكفر والإيمان فهو... الشيء، فإنه لا يكون إلا ما يريد. ولكن لا يرضى حيازة الكفر ولا يحبه، نعم يريده ولا يسأل عما يفعل، ولا يعترض عليه، فإنه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، لا يخلق شيئاً إلا لحكمة، لكن عقولنا قاصرة عن إدراك حكمته، فالخلق ملكه، والأمر أمره لا معقب لحكمه، يخلد الكفار في النار بعدله وحكمته، ويخلد الأبرار في الجنة بفضله ورحمته. فجميع ما يقع في الوجود فبأمره وحكمته، وعدم علمنا بمعرفة حكمته لا يدل على أنه يخلق شيئاً بلا حكمة تعالى الله عن ذلك أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ ترْجَعُونَ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 282 وقال أبو الحسن علي بن أنجب ابن الساعي في تاريخه: الفقير الحريري الدمشقي شيخ عجيب الحال، له زاوية بدمشق يقصده بها الفقراء وغيرهم من أبناء الدنيا، وكان يعاشر الأحداث ويصحبهم ويقيمون عنده، وكان الناس يكثرون القول فيه، وينسبونه إلى ما لا يجوز، حتى كان يقال عن إنه مباحي، ولم يكن عنده مراقبة ولا مبالاة، بل يدخل مع الصبيان الأحداث، ويعتمد معهم ما يسمونه تخريباً، والفقهاء ينكرون فعله، ويوجهون الإنكار نحوه، حتى إن سلطان دمشق أخذه مراراً وحبسه، وهو لا يرجع عن ذلك ويزعم أنه صحيح في نفسه. وكان له قبول عظيم ولا سيما عند الأحداث، فإنه كان إذا وقع نظره على أحد من الأحداث سواء كان من أولاد الأمراء أو أولاد الأجناد أو غيرهم يحسن ظنه فيه، ويميل إليه، ولا يعود ينتفع به أهله، بل يلازمه ويقيم عنده اعتقاداً فيه. وكان أمره مشكلاً، والله يتولى السرائر. ولم يزل على ذلك إلى حين وفاته. وكان فيه لطف. وله شعر، فمنه: (كم تنعمني بصحبة الأجساد .......... كم تسهرني بلذّة الميعاد)
(جُد لي بمدامة تقوّي رمقي .......... والجنّة جُد بها على الزّهّاد) وقال الإمام أبو شامة: الشيخ علي الحريري المقيم بقرية بسر، كان يتردد إلى دمشق، وتبعه طائفة من الفقراء المعروفين بالحريرية أصحاب الزي المنافي للشريعة وباطنهم شر من ظاهرهم، إلا من رجع منهم إلى الله تعالى.) وكان عند هذا الحريري من القيام بواجب الشريعة، ما لم يعرفه أحد من المتشرعين ظاهراً وباطناً، ومن إقامة شرائع الحقيقة ما لم يكن عنده أحد في عصره من المحافظة على محبة الله وذكره والدعاء إليه والمعرفة به. وأكثر الناس يغلطون في أمره الظاهر وفي أمره الباطن. ولقد أفتى فيه مشايخ العلماء، وما بلغوا منتهى فتياهم، وبلغ هو فيهم ما كانوا يريدون أن يبلغوه فيه. قلت: يعرض بابن عبد السلام لكونه أخرج من دمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 283 قال: ولقد كان قدس الله روحه مكاشفاً لما في صدور خلق الله مما يضمرونه، بحيث قد أطلعه الله على سرائر خلقه وأوليائه. قلت: المكاشفة لما في ضمائر الصدور قدر مشترك بين أولياء الله وبين الكهان والمجانين. ولكن الشيخ شهاب الدين يتكلم من وراء العافية، ويحسن الظن بالصالحين والمجهولين، والله يثيبه على حسن قصده وصدق أدبه مع أولي الأحوال، ونحن فالله يثيبنا على مقاصدنا، والله هو المطلع على نياتنا ومرادنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل. قال الله تعالى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحَونَ إِلى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ الآية ولله القائل: (دُفٌّ ومزمار ونغمة شادنٍ .......... فمتى رأيت عبادةً بملاهي)
(يا لحرقة ما خسر دين محمد .......... و... عليه وملّة إلاّ هي) ومن قول الحريري: الشعر باب السر. قل: بل باب الشر، فإنه ينسب النفاق في القلب. وقال عليه السلام: لأن يمتليء جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتليء شعراً. ونهى أصحابه عن غلق الباب وقت السماع حتى عن اليهود والنصارى وقال: دار الضرب التي للسلطان مفتوحة، وضارب الزغل يغلق بابه. وقال: لو اعتقدت أني تركت الخمر لعدت إليها. وله من هذا الهذيان شيء كثير. وذكر النسابة في تعاليقه قال: وفي سنة ثمان وعشرين وستمائة أمر الصالح بطلب الحريري فهرب إلى بسر، وسببه أن ابن الصلاح، وابن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 284 عبد السلام، وابن الحاجب أفتوا بقتله لما اشتهر عنه من الإباحة، وقذف الأنبياء عليهم السلام والفسق، وترك الصلاة. وقال الملك الصالح أخو السلطان: أنا أعرف منه أكثر من ذلك. وسجن الوالي جماعة من أصحابه، وتبرأ منه أصحابه) وشتموه، ثم طلب وحبس بعزتا، فجعل ناس يترددون إليه ف... الفقهاء، وأرسلوا إلى الوزير ابن مرزوق: إن لم تعمل الواجب فيه وإلا قتلناه نحن. وكان ابن الصلاح يدعو عليه في أثناء كل صلاة بالجامع جهراً، وكتب طائفة من أصحابه غير محضر بالبراءة منه. قلت: ومن كلامه المليح: ودرت طول عمري على من ينصفني فوجدت فرداً واحداً، فلما أنصفني ما أنصفته. وقال: أقمت شهراً لا أفتر عن الذكر، فكنت ليلةً في بيت مظلم فجف لساني، ولم يبق فيّ حركة سوى أني أسمع ذكر أعضائي بسمعي. وقال: ما يحسن أن تكون العبادة هي المعبود. وقال: أعلى ما للفقير الإندحاض. وكان الحريري يلبس الطويل والقصير والمدور والمفرج، والأبيض والأسود، والعمامة والمئزر والقلنسوة وحدها، وثوب المرأة والمطرز والملون. وسأله أصحابه لما حبس أن يسأل ويتشفع، فلم يفعل، فلما أقام أربع سنين زاد سؤالهم، فأمرهم أن يكتبوا قصةً فيها: من الخلق الضعيف إلى الري الشريف، ممن هو ذنب كله إلى من هو عفو كله، سبب هذه المكاتبة الضعف عن المعاتبة، أصغر خدم الفقراء علي الحريري. (فقيرٌ ولكن من عفافٍ ومن تقى .......... وشيخ ولكن للفسوق إمام) فسعوا بالقصة وأرادوا أن تصل إلى السلطان، فما قرأها أحد من الدولة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 285 إلا ورماها، فبلغه ذلك، فاحتد وقال: لأجل هذا ما أذنت لكم في السعي. وأقام في عزتا ست سنين وسبعة أشهر، يعني في الحبس. وأصاب الناس جدب، وكان هو في ذلك الوقت يركب الخيل العربية ويلبس الملبوس الجميل، ولم يكن في بيته حصير، وربما تغطى هو وأهله بجل الفرس. وقال: نسجت ثوب حرير كما جرت العوائد والثوب كالثياب المعتادة بالتخازين والأكمام والنيافق، والكل نسج لم يدخل فيه خيط ولا إبرة، فلما فرغ دوروه في البلد، وشهد الصناع بصحته تركته وبكيت، فقال لي إنسان: على أيش تبكي فقلت: على زمان ضيعته في فكري في عمل هذا كيف ما كان فيما هو أهم منه.) وقال لنا صاحبنا شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري في تاريخه: حكى لي زين الدين أبو الحرم بن محمد بن عسيرة الدمشقي الحريري قال: كان أبي مجاور الشيخ علي الحريري بدكان على رأس درب الصقيل، وكان قد وقف على الشيخ علي دراهم كثيرة، فحبسوه، ودخل الحبس وما معه درهم، فبات بلا عشاء، فلما كان بكرةً صلى بالمحبسين، وقعد يذكر بهم إلى ساعتين من النهار، وبقي كل من يجيئه شيء من المأكول من أهله يشيله، فلما قارب وقت الظهر أمرهم بمد ما جاءهم، فأكل جميع المحبسين وفضل منه، ثم صلى بهم الظهر، وأمرهم أن يناموا ويستريحوا، ثم صلى بهم العصر، وقعد يذكر بهم إلى المغرب، وكلما جاءهم شيء رفعه، ثم مدده بعد المغرب مع فضلة الغداء، فأكلوا وفضل شيء كثير. فلما كان في ثالث يوم أمرهم من عليه أقل من مائة درهم أن يجيبوا له من بينهم، فخرج منهم جماعة وشرعوا في خلاص الباقين، يعني الذين خرجوا. وأقام ستة أشهر، فخرج خلق كثير ثم إنهم جبوا له وأخرجوه، وعاد إلى دكانه. وصار أولئك المحبسون فيما بعد يأتونه العصر، ويطلعون به إلى عند قبر الشيخ رسلان فيذكر بهم. وربما يطلعون إلى الجسر العبدي، وكل يوم يتجدد له أصحاب إلى أن آل أمره إلى ما آل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 286 وقال الجزري أيضاً: حدثني عماد الدين يحيى بن أحمد الحسيني البصروي ومؤيد الدين علي بن خطيب عقربا أن جمال الدين خطيب عقربا جد المؤيد والفلك المسيري الوزير وابن سلام طلعوا إلى قرية للفلك فعزموا على زيارة الحريري ببسر، فقال أحدهم: إن كان رجلاً صالحاً فعند وصولنا يطعمنا بسيسة، وقال الآخر: ويطعمنا بطيخ أحمر، وقال الآخر: ويحضر لنا فقعاً بثلج. فأتوه فتلقاهم أحسن ملتقى، وأحضر البسيسة، وأشار إلى من اشتهاها أن كل، وأحضر البطيخ وأشار إلى الآخر أن كل. ثم نظر إلى الذي اشتهى الفقاع وقال: كان عندي باب البريد. ثم دخل فقير وعلى رأسه دست فقاع وثلج فقال: اشرب بسم الله. وذكر المولى بهاء الدين يوسف بن أحمد بن العجمي، فيما حدثني به رجل معتبر عنه، أن الصاحب مجد الدين ابن العديم حدثه عن أبيه الصاحب كمال الدين قال: كنت أكره الحريري وطريقه، فاتفق أني حججت، فحج في الركب ومعه جماعة ومردان، فأحرموا وبقي يبدوا منهم في الإحرام أمور منكرة. فحضرت يوماً عند أمير الحاج فجاء الحريري، فاتفق حضور إنسان بعلبكي وأحضر ملاعق بعلبكية، ففرق علينا لكل واحد ملعقتين، وأعطى للشيخ الحريري) واحدةً، فأعطاه الجماعة ملاعقهم تكرمةً له، وأما أنا فلم أعطه ملعقتي، فقال: يا كمال الدين ما لك لا توافق الجماعة فقلت: ما أعطيك شيئاً. فقال: الساعة، تكسرها، أو نحو هذا. قال: والملعقتان على ركبتي، فنظرت إليهما فإذا بهما قد انكسرتا، فقلت: ومع هذا فما أرجع عن أمري فيك وهذا من الشيطان. أو قال هذا حال شيطاني. وقال ابن إسرائيل فيما جمعه من أخبار الحريري: صحبته حضراً وسفراً، وبلغ سبعاً وستين سنة. كذا قال ابن إسرائيل. قال: وتوفي في الساعة من يوم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 287 الجمعة السادس والعشرين من رمضان سنة خمس وأربعين من غير مرض. وكان أخبر بذلك قبل وقوعه بمدة. ثم قال ابن إسرائيل: وشهر أخبار موته في اليوم الذي مات فيه في ليلته بحيث إنه أوصى كما يوصي من هو بآخر رمق، وهو حينئذ أصح ما كان، وقبض جالساً مستقبل القبلة ضاحكاً. وحضرت وفاته وغسلته وألحدته. ورثيته بهذه القصيدة: (خطبٌ كما شاء الإله جليل .......... ذهلت لديه بصائر وعقول) قلت: وهي نيف وسبعون بيتاً. وبين أصحابه المحيا كل عام في ليلة سبعة وعشرين، وهي من ليالي القدر، فيحيون تلك الليلة بالدفوف والشبابات والملاح والرقص إلى السحر، اللهم لا تمكر بنا وتوفنا على سنة نبيك. 4 (عمر بن رسول الملك نور الدين)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 288 صاحب اليمن. قال سعد الدين في الخريدة: في سنة خمس وأربعين وفي ذي القعدة وصلنا الخبر أنه مات. تملك البلاد اليمنية بضع عشرة سنة، وقتل مماليكه في هذا العام. وولي السلطنة بعده ولده الملك المظفر يوسف بن عمر، واستقر ملكه بعد محاربة بينه وبين ابن عمه. وبقي يوسف في السلطنة نيفاً وأربعين سنة. 4 (عمر بن محمد بن عمر)
4 (بن عبد الله) الأستاذ أبو علي الأزدي، الإشبيلي، النحوي، المعروف بالشلوبيني. والشلوبين بلغه أهل الأندلس هو الأبيض الأشقر. كان إمام العصر في معرفة العربية. ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة بإشبيلية.) قال الأبار: سمع من: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي محمد بن بونة، وأبي زيد السهيلي، وعبد المنعم بن الفرس. وأجاز له أبو القاسم بن حبيش، وأبو بكر بن خير، وأبو طاهر السلفي، كتب إليه من الثغر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 289 قلت: وكان مختصاً بابن الجد وربي في حجره لأنه والده كان يخدم ابن الجد. وسمع الكثير. وأقبل على النحو ولزم أبا بكر محمد بن خلف بن صاف النحوي حتى أحكم الفن. وأما الأبار فقال: أخذ العربية عن أبي إسحاق بن ملكون، وأبي الحسن نجبة. وجمع مشيخته ونص على اتساع مسموعاته. وسمعت من ينكر عليه ذلك ويدفعه عنه. وكان في وقته علماً في العربية وصناعتها، لا يجارى ولا يبارى قياماً عليها واستبحاراً فيها. وقعد لإقرائها بعد الثمانين وخمسمائة، وأقام على ذلك نحواً من ستين سنة، ثم ترك في حدود الأربعين وستمائة لكبر سنه، وزهد الناس في العلم، وإطباق الفتنة، وتغلب الروم حينئذ على قرطبة وبلنسية ومرسية، وتصديهم لسائر الأندلس. وله تواليف مفيدة وتشابيه بديعة مع حسن الخط. وقد أخذ عنه عالم لا يحصون. سمعت عليه وأجاز لي ديوان أبي الطيب المتنبي. وتوفي نصف صفر. وقال ابن خلكان: قد رأيت جماعةً من أصحاب أبي علي الشلوبين، وكل منهم يقول: ما يتقاصر الشيخ أبو علي عن الشيخ أبي علي الفارسي. وقالوا: كان يه مع هذه الفضيلة غفلة وصورة بله. حتى قالوا: كان يوماً إلى جانب نهر وبيده كراريس يطالع، فوقع كراس في الماء، فغرقه بكراس آخر فتلفا. شرح المقدمة الجزولية شرحين. وبالجملة فإنه كان على ما يقال خاتمة أئمة النحو.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 290 قلت: عاش ثلاثاً وثمانين سنة. 4 (عمر بن أبي بكر بن عبد الفتاح) أبو حفص الماليني الصوفي. حدث ببغداد عن: أبي روح عبد المعز الهروي. ومات في شوال ببغداد.) 4 (حرف الغين)
4 (غازي) السلطان الملك المظفر شهاب الدين ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب بن شاذي. صاحب ميافارقين، وخلاط، وحصن منصور. كان سمحاً جواداً، وبطلاً شجاعاً، شهماً، مهيباً. قال أبو المظفر الجوزي: حضر مجلس بالرها سنة إحدى عشرة وستمائة وأنا قاصد خلاط، فأحسن إلي وكان لطيفاً ينشد الأشعار ويحكي الحكايات. وحج على درب العراق. وتسلطن بعده ابنه الشهيد الكامل ناصر الدين محمد. أنشدنا سعد الدين مسعود بن عبد الله بن عمر الجويني لنفسه في كتابه يرثي هذا السلطان: (ألا روّى الإلهُ تراب قبرٍ .......... حللت به شهاب الدّين غازي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 291 (وأسكنك المليك جنان عدنٍ .......... وكان لك المكافي والمجازي)
(فضلت النّاس مكرمة وجوداً .......... فما لك في البريّة من موازي)
(وكنت الفارس البطل المفدّى .......... مبيد القرن في يوم البرازي) قال الشريف عز الدين الحسيني: توفي في رجب. وقال غيره: توفي سنة ست وأربعين فوهم. 4 (حرف الفاء)
4 (فضل بن الحسن) الهكاري، الكردي، الزاهد، من أهل سفح قاسيون. كان على قدم من العبادة والقناعة والطاعة. قال الشيخ إسرائيل بن إبراهيم: حدثني الشيخ الفقيه اليونيني قال: بينما الشيخ عبد الله قاعداً نظر إلى الشيخ توبة وقال: يا توبة، أمرني مولاي أن آخذ العهد على شخص. ثم قام وتبعه الشيخ توبة، فبات بالربوة، وأصبح إلى الغسولة، وأخذ العهد على الشيخ فضل. وقال الشمس محمد بن الكمال: كان الشيخ فضل يصلي في جامع الجبل إلى جانب المنبر، فانقطع، فسأله التقي بن العز عن انقطاعه، وكان قد انتقل إلى عند قبة الحجة التي عند الميطور، فقال فضل: سمعت في الحديث أن الجار يسأل عن جاره فخشيت أن يسألكم الله عني) فتحولت.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 292 وكان لا يقبل من أحد شيئاً، فإذا ألح عليه وأعلمه أنه حلال أخذه. فإذا أتاه مرةً ثانية لم يقبله ويقول له: أجعلك حينما أكون أنتظرك، أو ما هذا معناه. وقال الخطيب عبد الله بن العز عمر: حدثني الشيخ أبو الزهر بن سالم قال: ذكر الشيخ سالم عند الملك الأشرف وأنه ترك الجندية وتزهد، وكان حاضراً الصلاح موسى بن راجح، فأثنى عليه، فقال السلطان: حتى نطلع نزوره. فبلغه، فسمعته يدعو بالليل: اللهم أشغل عبدك موسى عني بما شئت. قال: فما رجع ذكره. وكان له بنات ربما جاعوا. توفي، رحمه الله، في حدود هذا العام. 4 (حرف الكاف)
4 (كنانة بنت مرتضى)
4 (بن أبي الجود حاتم بن السلم) أم إبراهيم الحارثية المصرية. سمعها أبوها من: إسماعيل بن قاسم الزيات، ومنجب بن عبد الله المرشدي، وعبد الرحمن بن محمد السيبي. وأجاز لها الشافعي. روى عنها: الحافظ المنذري، والدمياطي، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. توفيت في رجب. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن خليل) السكوني أبو عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 293 4 (محمد بن ثامر) أبو عبد الله البستي، البغدادي، الزاهد. كان صالحاً عابداً متبتلاً، صواماً، قواماً، سليم الصدر، خشن العيش، قانعاً.) وله من الدولة إقبال وقبول زائد لا سيما من أستاذ الدار الدولة الناصرية الإمامية رشيق الشيرازي وغيره. 4 (محمد بن جعفر بن نجا) كبير الإمامية، نجيب الدين الحلي الرافضي. 4 (محمد بن سعيد بن علي) أبو عبد الله الأنصاري الغرناطي، الطراز، المحدث المجود الحافظ أبي عبد الله النميري. سمع: أبا القاسم بن سمحون، وعلي بن جابر، وطائفة. وأجاز له أبو اليمن الكندي. كان له عناية تامة بالرواية، معروفاً بالإتقان، موصوفاً بالبلاغة والبيان. توفي في شوال عن سبع وخمسين سنة. وقد طوله ابن الزبير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 294 4 (محمد بن عبد الأول)
4 (بن علي بن هبة الله.) أبو الوقت الركبدار المستنصري، الواسطي المقرىء، الملقب شجاع الدين. شيخ صالح، خير، أديب، شاعر، ماهر في فنه. كان ركبدار المستنصر بالله، وله حرمة وافرة. ولد سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي السعادات القزاز، وعبيد الله بن شاتيل، وأبي الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني، ومسعود بن النادر. حدث عنه: القاضي أبو المجد بن العديم، والإمام أبو بكر أحمد بن الشريشي، والشهاب أحمد بن الجزري، والمجد محمد بن خالد بن حمدون الحموي، والشيخ محمد بن أحمد القزاز. وروى عنه بالإجازة آخرون. وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول. وكان يصحب الفقراء، أجاز للبجدي، وبنت الواسطي، وبنت مؤمن. وكان الخليفة ربما باسطه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 295 4 (محمد بن عوض بن سلامة) أبو بكر البغدادي، الصوفي، الغراد. سمع من: عبيد الله بن شاتيل.) وعاش ستاً وثمانين سنة، وتوفي في المحرم. روى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي بن البالسي. 4 (محمد بن مفضل بن الحسن) أبو بكر اللخمي الأندلسي، خطيب المرية. كان فاضلاً شاعراً، أديباً، متصوفاً. سمع من: أبي الحسن بن زرقون. 4 (المنازل بن الوزير أبي الفرج)
4 (محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر ابن رئيس الرؤساء.) أبو الفتح ابن وزير المستضيء بالله. كان بارعاً في الفلسفة والهندسة والأدب والشعر والطب. وأقرأ علم الأوائل في داره. وولي صدرية المخزن في سنة خمس وستمائة أشهراً، وعزل. وكان محتشماً وافر الحرمة. عمل رباطاً للفقراء إلى جانب داره ووقف عليه. وتوفي في ذي القعدة وله نيف وثمانون سنة. ولم أر له رواية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 296 بلى، سمع من: يحيى بن ثابت، وتجني. ومولده في رجب سنة ستين وخمسمائة. وأجاز لأبي نصر بن الشيرازي، ولمحمد النجدي. ورثاه تلميذه الموفق بن أبي الحديد. 4 (محمود بن علي بن الخضر) أبو الثناء بن الشماع الدمشقي العامري. ولد سنة إحدى وثمانين. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفضل بن البرزالي، وغيرهم. توفي في شعبان. 4 (مصطفى بن محمود) ) 4 (بن مرسي بن محمود.) أبو علي الأنصاري المصري، نزيل مكة. كان يلقب صائن الدين. سمع: عبد الله بن بري النحوي، وأبا المفاخر المأموني. روى عنه: شيخنا الدمياطي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 297 وكان فقيهاً فاضلاً. ولد بعد الستين وخمسمائة. وتوفي بمكة في رابع عشر جمادى الأولى، وقد جاور مدة سنتين، وسمع منه المكيون. 4 (مظفر بن عبد الله بن الشرف) أبو المنصور القيسي، المحلي، الأديب المعروف بابن قديم. كان من كبار الأدباء المصريين. توفي في ذي القعدة، وعاش ستاً وخمسين سنة. 4 (مكرم بن أبي الحسن)
4 (رضوان بن أحمد بن أبي القاسم.) الرئيس جلال الدين أبو المعز الأنصاري، الرويفعي من ولد رويفع بن ثابت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ساق نسبه الشريف عز الدين، وقال: ولد بالقاهرة في صفر سنة اثنتين وثمانين. وسمع من: أبي الجود اللخمي، وعلي بن نصر بن العطار، وعبد الله بن محمد بن مجلي، وأبي الحسن بن المفضل الحافظ، وطائفة. وأجاز له خلق كثير. وخرج له المحدث أبو بكر بن مسد مشيخةً بالسماع والإجازة. وكان أحد المشايخ المشهورين بالأدب والفضل والتقدم وكثرة المحفوظات. وتقدم عند الدولة. قلت: وكان ذا حظوة وحشمة. وهو والد الرئيس المسند جمال الدين محمد. وممن أجاز له: البوصيري، والخشوعي، وأبو جعفر الصيدلاني. روى عنه: ابنه، وشيخنا الدمياطي، وقال فيه: هو جمال الدين ابن المغربي الإفريقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 298 توفي في سابع عشر رمضان. 4 (موسى بن إسماعيل بن فتيان) ) التميمي، السعدي، الحمصي، التاجر، الأديب. ويعرف بابن العصوب وبابن الدقيق. قتل غيلة بقوص، وهو كهل. وكان له معرفة بالنحو والشعر. 4 (حرف النون)
4 (نصر بن تركي)
4 (بن خزعل بن تركي.) أبو غالب الحنظلي البصري، المسكي التاجر. سمع من: ابن كليب، وعبد الله بن أبي المجد. ومات في أول رجب. 4 (حرف الهاء)
4 (هاجر والدة الخليفة المستعصم بالله) حجت وأنفقت أموالاً عظيمة في الحج. وتوفيت في هذه السنة، وشيعها الوزير فمن دونه مشياً. 4 (هبة الله بن الحسن)
4 (بن هبة الله بن الحسن بن علي.) البغدادي، أبو المعالي ابن الدوامي، الملقب عز الكفاة، ابن الصاحب أبي علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 299 ولد في شوال سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع: تجني الوهبانية، وأبا الفتح بن شاتيل. وولي حاجب الحجاب مدةً. وكان أبوه وكيل الإمام الناصر، ثم ولي أبو المعالي حمل كسوة الكعبة، وولي صدر ديوان الزمام، وانحدر إلى أعمال واسط، فلم يؤذ أحداً، وحمدت سيرته، فعزل للين جانبه وخيره، كما عزل الذي قبله لخيانته. وكتب الإمام: يلحق الثقة العاجز بالخائن الجلد. فلزم الرجل منزله في حال تعفف، وانقطاع، وعبادة، وكثرة تلاوة، وصوم، وصدقة. روى لنا عنه: علاء لدين بيبرس العديمي. وروى عنه بالإجازة: القاضي شهاب الدين الخويي، والفخر إسماعيل المشرف، وغيرهما. وقد سمع منه ابن الحاجب، وابن النجار، والطلبة.) وتوفي في السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وستمائة، وشيعه خلق. ورثاه أبو العز عبد الله بن جميل بقصيدة منها: (أبدى مصلاّك البكاء وشأنه .......... من وردك التّكبير والتّهليل)
(وتعطّل المحراب من متهجّد .......... لخشوعه منه الدّموع تسيل)
(لم تبت في اللّيل الكتاب مرتّلاً .......... إلاّ وكان وسيله جبريل) أخبرنا علاء الدين بيبرس قال: أنا ابن الدوامي سنة اثنتين وأربعين، أنا تجني بسندها. وسمع من تجني الرابع من المحامليات بقراءة ابن الحصري في سنة خمس وسبعين في المحرم. وقد أجاز لأحمد ابن الشحنة، والمطعم، وابن سعد، والنجدي، وهدبة بنت مؤمن، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 300 4 (يعقوب بن محمد)
4 (بن الحسن بن عيسى بن درباس.) الأمير الكبير، شرف الدين أبو يوسف الهذباني، الكردي، الإربلي، ثم الموصلي، من أمراء الديار المصرية. ولد في حدود سنة ثلاث وستين وخمسمائة بالعمادية. وسمع بالموصل من: يحيى الثقفي، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وعبد الوهاب بن أبي حبة، وإسماعيل بن عبيد. وقيل إنه سمع من أبي الفضل خطيب الموصل. وذكره التقي عبد فقال: قرأ على أبي السعادات ابن الأثير أكثر مصنفاته، وحدث بها. قلت: وقدم دمشق وهو ابن عشرين سنة، فسمع من القاسم بن عساكر، وبمصر من الأثير بن بنان. وحدث بدمشق، والقاهرة. وولي شد الدواوين بدمشق. وكان بيته مأوى الفضلاء، وعنده أدب وفضيلة، وفقه، وفرائض. روى عن منصور الطبري مسند أبي يعلى. روى عنه: الحافظ أبو محمد الدمياطي، والعماد عبد الله بن حسان خطيب المصلى، وناصر الدين أحمد بن الماكساني. وروى عنه بمصر مسند أبي يعلى شيخ ما أظنه توفي بعد الآن. توفي في ثامن عشر ربيع الأول بمصر وقد سمع منه الصدر القونوي جامع الأصول ورواه.) قرأه عليه القطب الشيرازي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 301 4 (يوسف بن القاضي زين الدين)
4 (علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار.) أبو الحجاج الدمشقي الأصل، المصري المعدل شرف الدين. عاش أربعاً وستين سنة. وحدث عن البوصيري، وإسماعيل بن ياسين. وهو أخو المعين أحمد. توفي في جمادى الآخرة. وهو من شيوخ الدمياطي. 4 (الكنى)
4 (أبو بكر) الملك العادل سيف الدين ابن السلطان الملك الكامل محمد بن العادل. تملك الديار المصرية سنة خمس وثلاثين بعد موت والده، وهو شاب طري له عشرون سنة. قال الإمام أبو شامة: توفي الكامل وتولى بعده دمشق ومصر ابنه العادل أبو بكر. وكان نائبه على دمشق الملك الجواد يونس بن ممدود، فهم بمسك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 302 الجواد، فكاتب الجواد الملك الصالح وأقدمه إلى دمشق وسلمها إليه وعوضه عنها، وجرت أمور مذكورة في الحوادث وفي ترجمة الصالح. وعمل أمراء الدولة على العادل وعزلوه، وملكوا الصالح. وكانت سلطنة العادل بضعةً وعشرين شهراً. وحبسه أخوه فبقي في الحبس عشر سنين، ثم قتله أخوه، فما عاش بعده إلا سنةً وعشرة أشهر. فأنبأني سعد الدين مسعود ابن شيخ الشيوخ قال: في خامس شوال من سنة خمس وأربعين جهز الملك الصالح أخاه العادل مع نسائه إلى الشوبك، فبعث إليه الخادم محسن إلى الحبس وقال: يقول لك السلطان لا بد من رواحك إلى الشوبك. فقال: إن أردتم قتلي في الشوبك فهنا أولى، ولا أروح أبداً. فلامه وعذله، فرماه العادل بدواة، فخرج وعرف السلطان فقال: دبر أمره. فأخذ ثلاثة مماليك،) ودخلوا عليه ليلة ثاني عشر شوال فخنقوه بوتر، وقيل بشاش وعلق به، وأظهروا أنه شنق نفسه. وأخرجوا جنازته مثل الغرباء. قلت: عاش إحدى وثلاثين سنة. قال القاضي جمال الدين ابن واصل: كان العادل يعاني اللهو واللعب، ويقدم من لا يصلح ممن هو على طريقته، ويعرض عن أكابر الدولة ويهملهم، فنفروا منه لهذا، ومالوا إلى الصالح أخيه وكاتبوه وطلبوا لأهليته. واتفقت الأشرفية ورأسهم أيبك الاسم، وجوهر الكاملي كبير الخدام، وركبوا وأحاطوا بالدهليز، فرموه، وجعلوا العادل في خيمة صغيرة، ووكلوا به، فلم يتحرك معه أحد، ولزم كل أمير وطاقه، فسار الصالح مع ابن عمه الناصر داود يطويان المراحل. وبقي كل يوم يتلقاه طائفة من الأمراء، إلى أن وصل إلى بلبيس، فتسلم الملك ليلة الجمعة ثامن ذي القعدة سنة سبع وثلاثين، وزينت القاهرة، وفرح الناس لنجابته وشهامته. ونزل الناصر بدار الوزارة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 303 4 (أبو الحسن بن الأعز)
4 (بن أبي الحسن البغدادي.) الرفاء. سمع من: المبارك بن علي بن خضير. وحدث وطال عمره. وتوفي في مستهل رجب. وهو آخر من حدث عن هذا. سمعه مؤدبه. روى عنه إجازةً: البهاء بن عساكر. وسمي بركة، وسمي علياً. وفي رجب قال سعد الدين في جريدته: توفي الأمير ظهير الدين بن سنقر الحلبي، والأمير علاء الدين قراسنقر العادل، فاحتاط السلطان على موجوده، ولم يعقب. وفي شعبان مات الأمير صلاح الدين ابن الملك مسعود أقسيس، وكانت له جنازة حفلة. وفيها ولد: العلامة شمس الدين محمد بن أبي الفتح في أوائلها، ببعلبك) والمفتي مجد الدين إسماعيل بن محمد تقريباً، بحران والقاضي شرف الدين هبة الله بن القاضي نجم الدين بن البارزي، بحماة والإمام بدر الدين محمد بن عبد المجيد بن زيد النحوي، ببعلبك والصاحب محيي الدين بن فضل الله العدوي، بالكرك والفقيه أمين الدين محمد بن عبد الولي بن خولان، ببعلبك والتقي محمد بن بركات ابن القرشية وعلاء الدين علي بن محمد بن النضر الشروطي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 304 والشهاب أحمد ابن الحلبية الملقن بالجبل وفتح الدين أحمد بن عبد الواحد الزملكاني وعبد الله بن عبد الوهاب بن المحيي حمزة البهراني، بحماة وناصر الدين محمد بن إبراهيم بن البعلبكي الشاهد والبدر عبد اللطيف بن أبي القاسم بن تيمية، بحران، أحد التجار والأديب البارع شمس الدين محمد بن حسن بن سباع الدمشقي الصائغ الشاعر العروضي وبدار الدين محمد بن عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشي، في المحرم والشريف يونس بن أحمد بن أبي الجن، في ذي الحجة وأبو بكر محمد بن أحمد بن علي بن عنتر السلمي الدمشقي والعماد إبراهيم بن الكيال وأبو بكر بن عبد الباري الإسكندراني التاجر، في صفر ثنا عن السبط ومحمد بن إبراهيم بن مري الطحان ومحمد بن الشجاع عبد الخالق بن محمد بن سري المزي والشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم الأرموي والبدر سعد بن الجمال أبي عبد الله بن يوسف النابلسي ويوسف بن عمر بن الخشني، له حضور على السادي والشرف محمد بن العز بن صالح بن وهيب الحنفي) ومظفر الدين بن موسى بن الأمير عز الدين عثمان بن ميرك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 305 1 (سنة ست وأربعين وستمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن إسماعيل بن قلوس) المحدث نجم الدين الحنفي ابن المدرس العزية التي على الميدان. سمع الكثير ونسخ الأجزاء. قال التاج ابن عساكر: وجد في خندق باب النصر ميتاً، ودفن على أبيه. 4 (أحمد بن الحسن بن خضر بن ريش) عز الدين أبو العباس القرشي، الدمشقي، المعدل. ولد سنة إحدى وسبعين. وسمع من جده لأمه الخضر بن طاوس نسخة أبي مسهر. كتب عنه: عمر بن الحاجب والقدماء. وروى عنه: أبو محمد الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، والفخر بن عساكر، وأبو الفضل الذهبي، وجماعة. وتوفي بالمزة في رابع جمادى الآخرة. 4 (أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلمان)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 306 الشيخ أبو العباس ابن النجار الحراني، الحنبلي. شيخ صالح زاهد، عابد، صاحب صلاة وصوم، من الراسخين في السنة. له طلب وتحصيل. رحل وسمع من: ابن كليب، وأبي طاهر بن المعطوش، وحماد بن هبة الله الحراني، وعبد الرحمن بن علي الحرمي، وجماعة. وحدث بدمشق وحران. روى عنه: الحافظ الضياء، والكبار. وحدثنا عنه: محمد بن قيماز الدقيقي، والقاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المغازي، وغيرهم. وفي خطه سقم كثير. توفي في رجب أو في شعبان.) 4 (أحمد بن محمد بن أمية) الحافظ أبو العباس العبدري، الميورقي، المحدث، الرحال. روى عنه الدمياطي من شعره. ومات في ذي الحجة كهلاً بالقاهرة. ومولده بميورقة. 4 (إبراهيم بن سهل) اليهودي، شاعر أهل الأندلس. بل شاعر زمانه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 307 غرق في البحر في هذا العام على ما حكاه أبو القاسم بن عمران السبتي، وسيأتي في الطبقة الآتية. 4 (إبراهيم بن محمد بن أحمد) أبو إسحاق الأصبحي الإشبيلي. نزيل حصن القصر. أخذ القراءآت السبع عن أبي عبد الله بن مالك المرتلي في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وعاش إلى هذا الوقت. وكان أديباً فاضلاً، شاعراً، وكان شيخه أبو عبد الله محمد بن مالك من أصحاب أبي الحسن شريح والكبار. توفي أبو إسحاق في سنة ست هذه في آخرها. 4 (إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن أبي الوقار.)
4 (أبو الطاهر التنوخي الدمشقي)
4 (الصوفي.) سمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد. وبمصر من البوصيري. وسكن مصر، دولي مشارفة البيمارستان. وكان من ذوي البيوتات. توفي في عاشر رمضان. 4 (إسماعيل بن سودكين بن عبد الله) أبو الطاهر المكي النوري، الحنفي، الصوفي، المتكلم. ولد بالقاهرة في سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفضل الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي.) وسمع بحلب من: الافتخار، وعبد المطلب، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 308 وصحب الشيخ المحيي ابن العربي مدةً، وكتب عنه كثيراً من تصانيفه. وكان على مذهبه فيما أحسب. وله نظم جيد وفضيلة. روى لنا عنه: أبو حفص بن القواس. ومات بحلب في الرابع والعشرين من صفر. وكان أبوه من مماليك السلطان نور الدين محمود، فتزهد هو وتصوف. 4 (أيبك المعظمي) الأمير الكبير عز الدين صاحب المدرسة التي بالكشك والتربة التي على الشرف. وكان صاحب قلعة صرخد أعطاه إياها. استعاده الملك المعظم في سنة ثمان، وقيل سنة إحدى عشرة وستمائة، واستمر فيها إلى أن أخذها منه الصالح نجم الدين سنة، وقبض عليه وسجنه إلى أن مات سنة ست، ثم نقل إلى الشام فدفن بتربته. وكان المعظم قد أخذ صرخد من صاحبها ابن قراجا. 4 (حرف الباء)
4 (بشير بن حامد بن سليمان)
4 (بن يوسف بن سليمان بن عبد الله.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 309 الإمام نجم الدين أبو النعمان القرشي، الهاشمي، الطالبي، الجعفري، الزينبي، التبريزي، الصوفي الفقيه. ولد بأردبيل في سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد المنعم بن كليب، ويحيى الثقفي، وأبي الفتح المندائي، وابن سكينة، وابن طبرزد، وجماعة. روى لنا عنه: الحافظ عبد المؤمن، والمحدث عيسى السبتي. وتوفي بمكة مجاوراً في ثالث صفر. وكان إماماً مشهوراً بالعلم والفضل، وله تفسير مليح في عدة مجلدات. وروى عنه أيضاً: الشيخ جمال الدين ابن الظاهري، والشيخ محب الدين الطبري، وعدة. قال ابن النجار في تاريخه بعد أن ساق نسبته إلى أبي طالب: تفقه ببغداد على أبي القاسم بن) فضلان، ويحيى بن الربيع. وحفظ المذهب والأصول والخلاف، وناظر وأفتى، وأعاد بالنظامية. سمع منه جماعة، وولي نظر مصالح الحرم وعمارة ما تشعث منه. وهو حسن السيرة، متدين. وقال لنا الحافظ قطب الدين: أنشدنا الإمام قطب الدين ابن القسطلاني قال: حكى لي نجم الدين بشير التبريزي قال: دخلت على ابن الحراني ببغداد، فسرقت مشايتي، فكتبت إليه: (دخلت إليك يا أملي بشيراً .......... فلما أن خرجت خرجت بشرا)
(أعد يائي الّتي سقطت من اسمي .......... فيائي في الحساب تعدّ عشرا) قال: فسير إلي نصف مثقال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 310 4 (حرف السين)
4 (سليمان بن يحيى بن سليمان بن بدر)
4 (أبو عمرو القيسي)
4 (الإشبيلي.) سمع: الحافظ أبا محمد بن حوط الله، وغيره. وقرأ بالعربية والأصول، ودرس، وولي خطة الشورى. توفي في رمضان. 4 (حرف الصاد)
4 (صفية بنت العدل عبد الوهاب)
4 (بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي.) أم حمزة القرشية الأسدية، الزبيرية، الدمشقية، ثم الحموية، زوجة قاضي حماة محيي الدين حمزة البهراني. كانت أصغر من أختها كريمة، ولم يسمعها أبوها شيئاً، بل استجاز لها عمها، وأجاز لها مسعود الثقفي، والحسن بن العباس الرستمي، والقاسم بن الفضل الصيدلاني، ورجا بن حامد المعداني، ومعتمر بن الفاخر، وأبو الحسن علي ابن تاج القراء، وطائفة. وطال عمرها، وتفردت بإجازة جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 311 روى عنها: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والجمال بن الظاهري، والتقي إدريس بن) مزيز، وأبو بكر أحمد الدشتي، والأمين محمد بن النحاس، وجماعة. وبالحضور: حفيدها عبد الله بن عبد الوهاب، وأحمد بن مزيز. قال الدمياطي: حضرت جنازتها بحماة في خامس رجب. وقد سمع منها القدماء: أبو الطاهر إسماعيل بن الأنماطي، وأبو الفتح بن الحاجب، وجماعة. 4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن أحمد) الحكيم العلامة، ضياء الدين ابن البيطار الأندلسي، المالقي، النباتي، مصنف كتاب الأدوية المفردة ولم يصنف مثله. كان ثقة فيما ينقله، حجة. وإليه انتهت معرفة النبات وتحقيقه وصفته وأسمائه وأماكنه. كان لا يجارى في ذلك. سافر إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم. وأخذ فن النبات عن جماعة، وكان ذكياً فطناً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 312 قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: شاهدت معه كثيراً من النبات في أماكنه بظاهر دمشق. وقرأت عليه تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدوس فكنت أجد من غزارة علمه ودرايته وفهمه شيئاً كثيراً جداً. ثم ذكر الموفق فصلاً في براعته في النبات والحشائش، ثم قال: وأعجب من ذلك أنه كان ما يذكر دواءً إلا ويعين في أي مقالة هو في كتاب ديسقوريدوس وجالينوس وفي أي عدد هو من جملة الأدوية المذكورة في تلك المقالة. وكان في خدمة الملك الكامل، وكان يعتمد عليه في الأدوية المفردة والحشائش، وجعله بمصر رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات. ثم خدم بعد ذلك ابنه الملك الصالح. وكان متقدماً في أيامه، حظياً عنده. توفي ابن البيطار بدمشق في شعبان. 4 (عبد الله بن أحمد)
4 (بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن موسى بن حفص.) أبو محمد الأنصاري الداني، نزيل شاطبة. سمع من: أسامة بن سليمان صاحب ابن الدباغ، وأبي القاسم بن إدريس، وأبي القاسم أحمد بن) بقي. وقرأ العربية والآداب: ورحل فسمع بالإسكندرية من محمد بن عباد، وبدمشق من الحسن بن صباح، وجماعة. ومال إلى علم الطب، وعني به، وشارك في فنون. أثنى عليه الأبار، وقال: كان من أهل التواضع والطهارة. صاحبته بتونس وسمعت منه كثيراً، ورحل ثانيةً إلى المشرق، فتوفي بالقاهرة في سلخ شعبان وهو في آخر الكهولة، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 313 4 (عبد الله بن أحمد)
4 (بن محمد بن عطية.) القيسي، المالكي. حج، وسمع من: مرتضى بن أبي الجود، وجعفر الهمذاني. وكان زاهداً صالحاً. ورخه الأبار. 4 (عبد الله بن الحسن)
4 (بن أبي الفتح منصور بن أبي عبد الله.) القاضي الفقيه، أبو المكارم السعدي، الدمياطي، المقدسي الأصل. ولد سنة ثلاث وستين وخمسمائة. وقرأ القرآن على أبي الجيوش عساكر بن علي وتفقه على العلامة الشهاب الطوسي. ورحل إلى العراق، فسمع من: أبي منصور عبد الله بن عبد السلام، والحافظ أبي بكر محمد بن موسى الخازمي. وأجاز له الحافظان ابن عساكر، والسلفي. ودرس بالمدرسة الناصرية بدمياط، وولي القضاء والخطابة بها. روى عنه الحافظ شرف الدين المتوثي وقال: هو شيخي ومفقهي جلال الدين، صحبته سنين بدمياط، وتفقهت عليه وعلى أخيه القاضي أبي عبد الله الحسين. وروى عنه أيضاً: الحافظ عبد العظيم، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو الحمد أتوش الافتخاري، وجماعة.) توفي بالقرافة في سابع عشر شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 314 4 (عبد الله بن الحسين)
4 (بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة بن إبراهيم بن عبد الله بن رواحة بن عبيد بن) محمد بن عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن عمرو. المسند عز الدين أبو القاسم الأنصاري الخزرجي، الحموي، الشافعي. ولد بجزيرة من جزائر المغرب، وهي جزيرة صقلية، وأبوه بها مأسور في سنة ستين وخمسمائة. وكان قد أسر أبواه وهو حمل، ثم يسر الله خلاصهما. وهو من بيت علم وعدالة. رحل به أبوه إلى الإسكندرية بعد السبعين، وسمعه الكثير من السلفي، فمن ذلك السيرة تهذيب ابن هشام، وقد سمعها من ابن رواحة ببعلبك شيخنا القاضي تاج الدين عبد الخالق. وتفرد عن السلفي بأجزاء كثيرة. وسمع من: عبد الله بن بري النحوي، وأبي المفاخر المأموني، والطالب أحمد بن رجا اللخمي، وعلي بن هبة الله الكاملي، وأبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبي الجيوش عساكر بن علي، وأبي سعد بن أبي عصرون الشافعي، وجماعة. وسمع من والده قطعةً من شعره. وكذلك من تقية بنت غيث الأرمنازي الشاعرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 315 وقرأ الأدب على أبيه وعلى ابن بري. وتفقه. وكان يرتزق من الشهادة، وكان يأخذ على التحديث، الله يسامحه. حدني إسحاق الصفار وكان بعث شيخنا الحافظ ابن خليل إلى ابن رواحة يعتب عليه في أخذه على الرواية، فاعتذر بأنه فقير. وقرأت بخط أبي الفتح بن الحاجب: قال لي الحافظ ابن عبد الواحد: ذكر لي أخي الشمس أحمد أنه لما كان بحمص ورد عليه ابن رواحة فأراد أن يسمع منه، فذكر له جماعة من أهل حمص أن ابن رواحة يشهد بالزور فتركته. وقال أبو الفتح: قال لي تقي الدين أحمد بن العز: كل ما سمعته على ابن رواحة فقد تركته. وقال الزكي البرزالي: كان عنده تسامح قلب، وكان له شعر وسط يمتدح به ويأخذ الصلات، وحدث بأماكن عديدة.) وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم: سألته عن مولده فقال: في جزيرة مسينة بالمغرب سنة ستين. كان أبي سافر إلى المغرب فأسر، فولدت له هناك. روى عنه: زكي الدين، وأبو حامد بن الصابوني، وأبو محمد الدمياطي، وأبو العباس بن الظاهري، وأبو الفضل بن عساكر، وأبو الحسين بن اليونيني، وإدريس بن مزيز، وبنته ست الدار، وفاطمة بنت النفيس بن رواحة بنت أخيه، والبهاء بن النحاس، وأخوه، والكمال إسحاق، وأبو بكر الدشتي، والشرف عبد الأحد بن تيمية، والمفتي أبو محمد الفارقي، وفاطمة بنت جوهر، وفاطمة بنت سليمان، والشمس أحمد بن محمد بن العجمي، وخلق سواهم. وتوفي بين حماة وحلب. وحمل إلى حماة فدفن بها في ثامن جمادى الآخرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 316 4 (عبد الله بن علي بن محمد بن إبراهيم) أبو محمد الأستاري، الأنصاري، نزيل إشبيلية. أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن عظيمة. والنحو عن أبي علي الشلوبين. وحج فتفقه بتلك الديار، وسمع قطعة من جامع الترمذي على زاهر بن رستم، وعاد إلى إشبيلية. ودرس الأصول ومذهب مالك، ثم انتقل إلى سبتة واشتغل بها. توفي في آخر السنة. 4 (عبد الباري بن عبد الخالق)
4 (بن أبي البقاء صالح بن علي بن زيدان.) أبو الفتح الأموي، المكي الأصل، المصري، العطار، المؤذن. سمع مع ابنه من أبي عبد الله الأرتاحي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 317 وكان أبوه من أعيان الفضلاء. توفي عبد الباري في نصف شعبان. 4 (عبد الرحمن بن الخضر)
4 (بن الحسن بن عبدان.) نجم الدين أبو الحسين الأزدي، الدمشقي، والد شيخنا الشمس أبي القاسم. ولد سنة تسعين وخمسمائة.) وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وطائفة فأكثر. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفدا بن عساكر، ومحمد بن محمد البجي، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. توفي في جمادى الأولى. 4 (عبد الرحمن بن عبد العزيز)
4 (بن علي بن عبد العزيز.) أبو القاسم المخزومي، المصري، الشارعي شرف الدين ابن الصيرفي. توفي في ذي الحجة عن خمس وستين سنة. وحدث عن: البوصيري، وقاسم بن إبراهيم المقدسي، وجماعة. وهو من شيوخ الدمياطي. 4 (عبد الرحمن بن علي)
4 (بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم.) القاضي المكرم، أبو المعالي بن أبي الحسن القرشي، المخزومي، المقيري المصري، الشافعي. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن بري النحوي، ومحمد بن علي الرضى، والبوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والقاسم بن عساكر. وأجاز له السلفي، وعبد الحق اليوسفي، والحافظ ابن عساكر، وشهدة، وخطيب الموصل، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 318 وروى الكثير، وهو من بيت كتابة وجلالة. حدث عنه: الحافظ زكي الدين المنذري مع تقدمه. وثنا عنه الحافظ أبو محمد بن خلف، وبيبرس القيمري. وتوفي في سابع رمضان. 4 (عبد الرزاق ابن الإمام المفتي فخر الدين)
4 (أبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر.) ) أبو الفتوح الدمشقي، المعدل. ولد سنة أربع وسبعين. وسمع من: البوصيري. روى عنه: الدمياطي. وتوفي في رمضان. 4 (عبد القوي بن عبد الله بن إبراهيم) الأستاذ أبو محمد بن المغربل السعدي، المصري، الأنماطي، المقرىء. قرأ القراءآت على أبي الجود وسمع منه. ومن: العماد الكاتب، وابن نجا الواعظ. وتصدر لإقراء القرآن بجامع السراجين بالقاهرة، مدةً، وانتفع به جماعة. توفي في العشرين من شوال. 4 (عبد المنعم بن محمد بن يوسف) العدل، أبو محمد الأنصاري، المصري، الخيمي، الشافعي. والد الأديب محمد ابن الخيمي. سمع من: العماد الكاتب. وفي الحج من: جعفر بن آموسان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 319 وتوفي في رجب بالقاهرة. 4 (عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس) العلامة جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب الكردي، الدويني الأصل، الأنطاكي المولد، المقرىء المالكي، النحوي، الأصولي، الفقيه، صاحب التصانيف المنقحة. ولد سنة سبعين أو إحدى وسبعين، هو شك بأسنا من عمل الصعيد. وكان أبوه جندياً كردياً حاجباً للأمير عز الدين موسك الصلاحي. فاشتغل أبو عمرو في صغره بالقاهرة وحفظ القرآن. وأخذ بعض القراءآت عن الشاطبي، رحمه الله، وسمع منه التيسير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 320 وقرأ طرق المبهج على أبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي وقرأ بالسبع على أبي الجود. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والقاسم بن عساكر، وحماد الحراني، وبنت سعد الخير، وجماعة.) وتفقه على أبي منصور الأبياري، وغيره. وتأدب على الشاطبي، وأبي الثنا. ولزم الاشتغال حتى برع في الأصول والعربية. وكان من أذكياء العالم. ثم قدم دمشق ودرس بجامعها في زاوية المالكية، وأكب الفضلاء على الأخذ عنه. وكان الأغلب عليه النحو. وصنف في الفقه مختصراً، وفي الأصول مختصراً، وفي النحو والتصريف مقدمتين. وكل مصنفاته في غاية الحسن. وقد خالف النحاة في مواضع، وأورد عليهم الإشكالات وإلزامات مقحمة يعسر الإجابة عنها. ذكره الحافظ أبو الفتح عمر بن الحاجب الأميني فقال: هو فقيه مفتي مناظر، مبرز في عدة علوم، متبحر مع ثقة ودين وورع وتواضع واحتمال واطراح للتكلف. قلت: ثم نزح عن دمشق هو والشيخ عز الدين بن عبد السلام في الدولة الإسماعيلية عندما أنكرا على الصالح إسماعيل، فدخلا مصر، وتصدر هو بالمدرسة الفاضلية ولازمة الطلبة. قال القاضي شمس الدين بن خلكان: كان من أحسن خلق الله ذهناً. وجاءني مراراً بسبب أداء شهادات، وسألته عن مواضع في العربية مشكلة، فأجاب أبلغ إجابة بسكون كثير وتثبيت تام. ثم انتقل إلى الإسكندرية ليقيم بها، فلم تطل مدته هناك، وتوفي بها في السادس والعشرين من شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 321 قلت: قرأ عليه بالروايات شيخنا الموفق محمد بن أبي العلاء، وحدث عنه الحافظان المنذري والدمياطي والجمال الباهلي وأبو محمد الجزائري، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفضل الإربلي، وأبو الحسن بن البقال، وطائفة. وبالإجازة قاضي القضاة ابن الجوزي والعماد بن اليانشي. وأخذ عنه العربية شيخنا رضي الدين أبو بكر القسطنطيني. وقد رزقت تصانيفه قبولاً زائداً لحسنها وجزالتها. 4 (عثمان بن نصر الله بن عثمان) أبو عمرو الشقاني، الصوفي. ولد بحلب سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ورحل لمصر وسمع بها من: عشائر بن علي، وهبة الله البوصيري. روى عنه: الدمياطي، وغيره.) وبالإجازة: العدلان ابن البرزالي، وابن النابلسي. ومات، رحمه الله، في المحرم. 4 (علي بن المأمون أبي العلاء)
4 (إدريس بن المنصور بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي.) القيسي، الخليفة المغربي، الملقب بالمعتضد وبالسعيد، أبو الحسن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 322 ولي الأمر بعد أخيه عبد الواحد الملقب بالرشيد سنة أربعين، فبقي إلى أن خرج إلى ناحية تلمسان، وحاصر قلعةً هناك، فقتل على ظهر فرسه في صفر من هذا العام. وولي الأمر بعده المرتضى أبو حفص، فامتدت أيامه عشرين عاماً. وكان السعيد أسود اللون، فارساً، شجاعاً. مات في سلخ صفر سنة ست مقتولاً. 4 (علي بن جابر بن علي) الإمام أبو الحسن الإشبيلي الدباج. مقرىء الأندلس. أخذ القراءآت عن أبي بكر بن صاف، وأبي الحسن نجبة بن يحيى. وأخذ العربية عن أبي ذر بن أبي ركب الخشني، وأبي الحسن بن خروف. وتصدر للإقراء والعربية نحواً من خمسين سنة. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: كان من أهل الفضل والصلاح، وأم بجامع العدبس. وكان مولده في سنة ست وستين وخمسمائة. وتوفي بإشبيلية في شعبان بعد دخول الروم الملاعين صلاحاً البلد بجمعة. فإنه هاله نطق النواقيس وخرس الأذان، فما زال يتأسف ويضطرب ارتماضاً لذلك إلى أن قضى نخبه، رحمه الله ورضي عنه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 323 وقيل: مات يوم دخلوها. قلت: وكان أستاذاً في العربية، يقرىء كتاب سيبويه، وغيره. وكان حجةً في نقله، مسدداً في بحثه، رحمه الله. 4 (علي بن محمد بن علي) الكركي، ثم المكي.) سمع من: يحيى بن ياقوت، وناصر بن رستم، ويونس الهاشمي، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وأهل مكة. مات في ذي الحجة. 4 (علي بن يحيى بن المخرمي) أبو الحسن البغدادي، الفقيه. أحد الأذكياء الموصوفين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 324 كان متوقد القريحة ومات شاباً. ورثاه أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد. وقد ناب عن أخيه الرئيس أبي سعد المبارك في صدرية ديوان الزمام، فلما عزل أخوه أقبل على علم القرآن والحديث والعبادة. وكان سنياً سلفياً أثرياً، رحمه الله. 4 (علي بن يوسف بن إبراهيم)
4 (بن عبد الواحد.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 325 الوزير الأكرم جمال الدين أبو الحسين الشيباني، القفطي، المعروف أيضاً بالقاضي الأكرم، وزير حلب. كان إماماً إخبارياً مؤرخاً، جم الفضائل، وافر الفوائد، صدراً محتشماً، معظماً، كريماً جواداً، كامل السؤدد، حلو الشمائل، له عدة تصانيف منها: كتاب أخبار النحاة وما صنفوه، وكتاب أخبار المصنفين وما صنفوه، وكتاب الكلام على الموطأ، وكتاب أخبار الملوك السلجوقية، وكتاب تاريخ مصر إلى دولة صلاح الدين في ست مجلدات، وتاريخ الألموت، وتاريخ اليمن، وتاريخ محمود بن سبكتكين وأولاده، وتاريخ آل مرداس. وخرج مشيخة للكندي. وله: إصلاح ما وقع في الصحاح. وجمع من الكتب ما لا يوصف، وقصد بها من الآفاق. ولم يكن يحب من الدنيا سواها. ولم يكن له دار ولا زوجة. وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب، وكانت تساوي خمسين ألف دينار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 326 ومات في رمضان. وهو أخو المؤيد القفطي نزيل حلب أيضاً. وله حكايات عجيبة في غرامه بالكتب، وأظنه جاوز الستين من عمره، رحمه الله. 4 (عمر بن علي بن أبي المكارم) ) 4 (بن فتيان.) الشيخ بهاء الدين، أبو حفص الأنصاري، الدمشقي، ثم المصري، الفقيه. كان أبوه أبو القاسم من كبار الفقهاء الشافعية. ولد البهاء في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع من: جديه أبي الحسن بن نجا، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبي القاسم البوصيري، وجماعة. وخطب بجامع المقس بظاهر القاهرة. وحدث بدمشق، ومصر. روى عنه: أبو الفضل محمد بن يوسف الإربلي، وأبو محمد الدمياطي الحافظ، وأبو الحسن بن البقال، وجماعة. ومات في شعبان. 4 (عمر بن محمد بن علي بن حيدرة) الظهير الرحبي، ثم الدمشقي، أبو حفص. كان منقطعاً متزهداً، وله زاوية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 327 سمع: القاسم بن عساكر. كتب عنه ابن الحاجب. وروى عنه القاسم بن عساكر في معجمه. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة. 4 (حرف الغين)
4 (غازي) صاحب ميافارقين. قد مر عام أول. وقيل: مات في هذه السنة. وتملك بعده ولده الشهيد الملك الكامل محمد. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن محمد) أبو عبد الله العراقي، الحمدي، والحمد: قرية بالعراق. وكان يعرف بالقاص.) حدث عن: أبي الفرج بن الجوزي. ثنا عنه: أبو بكر الدشتي. وكان يقص في الأعزية بحلب، ويؤدب الصبيان. وسمع أيضاً من ابن بوش. 4 (محمد بن أحمد)
4 (بن عبد الله بن أسامة) الفقيه شمس الدين الدمشقي، الشافعي. مدرس سنجار. حدث عن: عبد المنعم بن كليب، وغيره. وأقام بسنجار دهراً. وكان إماماً فاضلاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 328 توفي في صفر بسنجار، رحمه الله. 4 (محمد بن إسماعيل)
4 (بن حمزة بن أبي البركات.) أبو عبد الله بن البطال البغدادي، الأزجي، الدقاق. سمع من: عبيد الله بن شاتيل، وعبد الله بن أحمد بن خميس، وغيرهما. أخذ عنه: المحب القدسي، وجماعة. وأنا عنه: أبو عبد الله محمد بن أحمد القزاز. وتوفي في رابع رجب. 4 (محمد بن أحمد بن خليل)
4 (بن إسماعيل.) أبو عمر السكوني القيسي. من بيت علم وجلالة. روى عن: أبيه، وأعمامه، وأبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وابن بشكوال. وكان من جلة العلماء، له تصانيف في الفقه، وولي القضاء بمواضع. 4 (محمد بن عتيق بن عبد الله) ) 4 (بن حميد.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 329 الإمام أبو عبد الله التجيبي، الغرناطي، المعروف باللاردي، صاحب التصانيف. روى عن: أبيه أبي بكر. وسمع ببلنسية من: أبي عبد الله بن محمد. وولد في صفر سنة ثلاث وستين وخمسمائة. وكان من الأدباء العلماء. وكان حياً إلى هذا العام، وتوفي فيه أو على أثره. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: ولي القضاء وصنف. ومن تواليفه: أنوار الصباح في الجمع بين الكتب الستة الصحاح، وكتاب مطالع الأنوار ونفحات الأزهار في شمائل المختار، وكتاب النكت الكافية في الاستدلال على مسائل الخلاف بالحديث، وكتاب منهاج العمل في صناعة الجدل، وكتاب المسائل النورية إلى المقامات الصوفية. 4 (محمد بن عثمان بن أميرك) النشاري، الخياط، نزيل الإسكندرية. أجاز له السلفي. سمع منه: شيخنا الدمياطي، وهو قيد وفاته. 4 (محمد بن علي بن محمد بن نباتة) الوزير جلال الدين أبو الفتح الفارقي الكاتب. ولد بماردين سنة إحدى وسبعين. وروى شيئاً من شعره. ومات بميافارقين في ثالث عشر رجب. وكان صدراً رئيساً، وافر الحرمة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 330 4 (محمد بن عمر بن محمد)
4 (بن الحوش.) أبو عبد الله الإسعردي، المقرىء الحنبلي، التاجر. سمع من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، والقاسم بن الصفار. روى عنه: المجد بن الحلوانية، والجمال بن الصابوني، وغيرهما.) وتوفي بالقاهرة يوم عاشوراء. وحدث بدمشق. 4 (محمد بن المسلم بن نبهان) نظام الدين التميمي، البغدادي، المقرىء. قال الشريف: توفي في الخامس والعشرين من رجب بالقاهرة، وتصدر لإقراء القرآن بالمدرسة الفاضلية مدةً، وانتفع به جماعة. لم يذكر على من قرأ. قرأ على أصحاب الشهرزوري. وتلا عليه الكمال المحلي، وغيره. 4 (محمد بن ناماور بن عبد الملك)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 331 القاضي أفضل الدين الخونجي، أبو عبد الله الشافعي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وولي قضاء مدينة مصر وأعمالها. ودرس بالمدينة الصالحية وأفتى، وصنف ودرس. قال الإمام أبو شامة: كان حكيماً منطقياً. وكان قاضي قضاة مصر. وقال ابن أبي أصيبعة: تميز في العلوم الحكمية، وأتقن الأمور الشرعية. قوي الاشتغال، كثير التحصيل. اجتمعت به، ووجدته الغاية القصوى في سائر العلوم. وقرأت عليه بعض الكليات من كتاب القانون للرئيس. وقد شرح الكتاب إلى النبض. وله مقالة في الحدود والرسوم، وكتاب الجمل في المنطق، وكتاب أدوار الحميات. ومات في خامس رمضان. ورثاه العز الضرير الإربلي فقال: (قضى أفضل الدّنيا فلم يبق فاضلٌ .......... وماتت بموت الخونجي الفضائل)
(فيا أيّها الخبر الّذي جاء آخراً .......... فحلّ لنا ما لم تحلّ الأوائل) وهي طويلة. 4 (محمد بن يحيى بن هشام) العلامة أبو عبد الله الأنصاري، الخزرجي، الأندلسي، المعروف بابن البرذعي، النحوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 332 من أهل الجزيرة الخضراء. روى عن أبيه وأخذ عنه القراءآت. وأخذ العربية عن أبي ذر الخشني.) وسمع من جماعة. وكان رأساً في علم اللسان، عاكفاً على التعليم والتعليل والتصنيف. كان أبو علي الشلوبيني يثني عليه ويعترف له. صنف كتاب فصل المقال في أبنية الأفعال، وكتاب مسائل النخب في عدة مجلدات، وكتاب الإفصاح، وغير ذلك. توفي، رحمه الله تعالى، بتونس في جمادى الآخرة وقد نيف على السبعين. 4 (محمد بن يحيى بن أبي الحسن)
4 (ياقوت بن عبد الله.) أبو الحسن الإسكندراني، المالكي، المقرىء. ولد بالإسكندرية في رجب سنة ثمان وستين، فأتى أبوه إلى السلفي ليسميه ويكنيه، فسماه محمداً، وكناه أبا الحسن. وسمع من: السلفي، ومن القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وعبد الرحمن بن بوقا. وكانت له حلقة يوم الجمعة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وشرف الدين الدمياطي، وتاج الدين الغرافي، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وطبقته. توفي في سابع عشر ربيع الآخر. 4 (محمد بن أبي الكرم بن المعلى)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 333 القاضي عزيز الدين السنجاري، الحنفي. حدث بدمشق عن: أبي طاهر أحمد بن عبد الله خطيب الموصل وناب في القضاء عن القاضي جمال الدين يونس المصري. توفي بدمشق في شعبان. 4 (منصور بن سند بن منصور)
4 (بن أبي القاسم بن الحسين.) أبو علي الإسكندراني السمسار النخاس، المعرف بابن الدباغ. ولد سنة ستين أو إحدى وستين.) وسمع من: السلفي. روى عنه: الجمال بن الصابوني، والضياء السبتي، والعلاء بن بلبان، والشرف الدمياطي، وآخرون. ومات في السادس والعشرين من ربيع الأول. والنخاس بخاء معجمة. 4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن مانع) أمير عرب الشام، أبو عيسى. توفي في هذه السنة، ورخه سعد الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 334 4 (الكنى)
4 (رشيد الدين) أبو سعيد بن الموفق يعقوب النصراني، المقدسي، الطبيب. من أعيان الأطباء وعلمائهم المشاهير. أخذ النحو عن التقي خزعل بن عساكر، وأخذ الطب عن الحكيم رشيد الدين علي بن خليفة بن أبي أصيبعة، عم مؤرخ الأطباء. وهو أنجب تلامذة المدهور. واشتغل أيضاً على المهذب عبد الرحيم بن علي. وخدم الملك الكامل بالقاهرة، ثم بعده خدم الملك الصالح نجم الدين، فيما عرض للصالح وهو بدمشق آكلة في فخذه. كان يعالجه الرشيد أبو خليفة، فلما طال الأمر بالسلطان استحضر أبا سعيد بن الموفق وشكى حاله إليه، وكان بين هذا وبين ابن خليفة منافسة، فتكلم في أن أبا خليفة أخطأ في المعالجة، فنظر السلطان إلى أبي خليفة نظر غضب فقام وخرج. قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: ثم في أثناء ذلك المجلس بعينه قدام السلطان عرض لأبي سعيد المذكور فالج، وبقي ملقى بين يديه. فأمر السلطان بحمله إلى داره، فبقي كذلك أربعة أيام ومات في أواخر رمضان بدمشق. وله من المصنفات لا رحمه الله: كتاب عيون الطب وهو أجل كتاب صنف في الطب، ويحتوي على علاجات ملخصة مختارة. وله تعاليق على كتاب الحاوي في الطب.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 335 وفيها ولد: القاضي شرف الدين عبد الغني بن يحيى بن محمد الحراني الحنبلي في رمضان بحران، وشرف الدين عبد الله بن الشرف حسن بن عبد الله بن الحافظ، وشرف الدين محمد بن محمد بن نصر الله بن المظفر بن القلانسي، ونجم الدين علي بن عبد الكافي بن عبد الملك المحدث، والزين أبو بكر بن يوسف المزي تقريباً، والزين عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي، ومحمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الملك بن الفصيح، وإمام مقرى ناصر الدين محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو، والشهاب أحمد بن عبد الرحمن الصرخدي، سمع الخمسة من خطيب مرو. والجمال يوسف بن إسرائيل المقرىء بالكرك، وأمين الدين سالم بن أبي الدر القلانسي، والشمس محمد بن أحمد بن الزراد الصالحي، والنجم عبد الملك بن عبد القاهر بن تيمية، والشيخ عبد الرحمن بن أبي محمد القرامزي، والفخر عثمان بن أبي الوفاء الفزاري، والجمال يوسف ابن قاضي حران، وعلي بن السكاكري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 336 1 (سنة سبع وأربعين وستمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن الفضل بن عبد القاهر بن محمد)
4 (أبو الفضل الأرموي الحلبي) سمع من: يحيى الثقفي. روى عنه: الحافظ أبو محمد الدمياطي، وإسحاق الأسدي، وغيرهما. وتوفي في سباع عشر ربيع الآخر وله خمس وثمانون سنة. عنده نسخة نبيط. 4 (أحمد بن محمد بن أمية بن علي)
4 (أبو العباس العبدري)
4 (الميورقي، المحدث.) توفي بالقاهرة في أول السنة، وقيل في آخر السنة الماضية. وله شعر جيد، روى عنه منه شيخنا الحافظ عبد المؤمن الدمياطي. ومات وقد قارب الخمسين. 4 (إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم)
4 (بن العكي.) الشقراوي، الحنبلي. فقيه صالح. ولي خطابةً في البر. وروى عن: الخشوعي، والحافظ عبد الغني، وجماعة. روى لنا عنه: النجم، وأبو بكر الدشتي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 337 حدث في شوال من هذه السنة. ولا أعلم متى مات. 4 (إبراهيم بن يعقوب)
4 (بن يوسف بن عامر.) أبو إسحاق العامري المصري، المؤدب، المقريء، المالكي. عاش خمساً وثمانين سنة، وسمع من: البوصيري، وغيره.) وصنف مصنفاً في القراءآت، وتصدر للإقراء. روى عنه: الدمياطي. ومات في ربيع الأول. 4 (إدريس بن محمد بن محمد)
4 (بن موسى.) أبو العلاء الأنصاري القرطبي. أخذ عن: أبي جعفر بن يحيى الخطيب، وأبي محمد بن حوط الله. ومال إلى العربية والآداب. وأقرأ ذلك بقرطبة. ثم نزل سبتة وأفاد بها. ومات في أواخر العام بها. 4 (إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن) الحبشي النجاشي، أبو طاهر، خادم الضريح النبوي. سمع من: ابن طبرزد، والكندي. وذكر أنه من ولد النجاشي أصحمة رضي الله عنه. توفي في رابع عشر ربيع الآخر. أجاز لأبي المعالي ابن البالسي، وغيره. 4 (أيوب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 338 السلطان الملك الصالح نجم الدين ابن السلطان الملك الكامل ناصر الدين أبي المعالي محمد بن السلطان الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب. ولد سنة ثلاث وستمائة بالقاهرة، فلما قدم أبوه دمشق في آخر سنة خمس وعشرين استنابه على ديار مصر، فلما رجع انتقد عليه أبوه أحوالاً، ومال عنه إلى الملك العادل ولده. ولما استولى الكامل على حران، وعلى حصن كيفا، وآمد، وسنجار سلطنه على هذه البلاد وأرسله إليها. فلما توفي الكامل تملك بعده ديار مصر ابنه العادل أبو بكر، فطمع الملك الصالح وقويت نفسه، وكاتب الأمراء، واستخدم الخوارزمية. فاتفق أن الملك الرحيم لؤلؤ صاحب الموصل قصد الصالح وهو بسنجار، فحاصره حتى أشرف على أخذ سنجار، فأخرج في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 339 السر القاضي السنجاري، وراح إلى الخوارزمية، فوعدهم ومناهم، فجاءوا وكشفوا عن سنجار، ودفعوا لؤلؤ) عن سنجار، وقيل كسروه. وكان الجواد بدمشق فضعف عن سلطنتها، وخاف من الملك العادل، فإنه أراد القبض عليه، فكاتب الملك الصالح واتفق معه على أن يعطيه سنجار، والرقة، وعانة بدمشق. فقدم الصالح دمشق وتملكها، وأقام بها أشهراً من سنة ست وثلاثين، ثم سار إلى نابلس، وراسل الأمراء المصريين واستمالهم. وكان عمه الصالح إسماعيل على إمرة بعلبك، فقويت نفسه على أخذ دمشق، وكاتب أهلها، وساعده الملك المجاهد صاحب حمص، وهجم على البلد فأخذها، فرد الملك الصالح أيوب ليستدرك الأمر، فخذله عسكره، وبقي في طائفة يسيرة، فجهز الملك الناصر داود من الكرك عسكراً قبضوا على الصالح بنابلس، وأتوا به إلى بين يدي الناصر، فاعتقله عنده مكرماً. وتغير المصريون على العادل، وكاتبهم الناصر، وتوثق منهم، ثم أخرج الصالح واشترط عليه إن تملك أن يعطيه دمشق، وأن يعطيه أموالاً وذخائر. وسار إلى غزة فبرز الملك العادل بجيشه إلى بلبيس وهو شاب غر، فقبض عليه مماليك أبيه، وكاتبوا الصالح يستعجلونه، فساق هو والناصر داود إلى بلبيس، ونزل بالمخيم السلطاني وأخوه معتقل في خركاه. فقام في الليل وأخذ أخاه في محفة، ودخل قلعة الجبل، وجلس على كرسي الملك. ثم ندم الأمراء، فاحترز منهم، ومسك طائفةً في سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وقال ابن واصل: سار الصالح نجم الدين بعد الاتفاق بينه وبين ابن عمه الجواد إلى دمشق، وطلب النجدة من صاحب الموصل لما صالحه، فبعث إلي نجدةً. وكان الملك المظفر صاحب حماة معه قد كاتبه، فقدما دمشق فزينت، وتلقاه الجواد. ثم تحول الجواد إلى دار السعادة، وهي لزوجته بنت الأشرف، فكانت مدة تملكه دمشق عشرة أشهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 340 ثم ندم الجواد واستقل من جامع الصالح، فطلب جماعةً واستمالهم، فأتاه المظفر وعاتبه واستحلفه، وضمن له ما شرط له الصالح، فخرج من البلد وسار فتسلم سنجار وغيرها. فعند ذلك أخرب صاحب حمص سلمية، ونقل جميع أهلها إلى حمص أذى لصاحب حماة. فلما مات المجاهد رد أهلها وعمروها. وجاءت الخوارزمية، فاتفق معهم المظفر، ونازل حمص وجد في القتال، فراسل المجاهد الخوارزمية واستمالهم وبذل لهم مالاً، فأخذوه، فعرف المظفر فخافهم ورد إلى حماة، وعادت الخوارزمية إلى الشرق فأقاموا في بلادهم التي أقطعهم الملك الصالح.) ثم تواترت كتب المظفر ورسله على الصالح يحضه على قصد حمص، وقدم على الصالح عمه الصالح إسماعيل من بعلبك، فأظهر له الود وحلف له، ورجع إلى بلده ليومه. وأما العادل فانزعج بمصر لقدوم أخيه وأخذه دمشق، وخاف. ثم ورد على الصالح رسول ابن عمه الناصر داود بمؤآزرته بأخذ مصر له شرط أن تكون دمشق للناصر، فأجابه. ثم برز الصالح إلى ثنية العقاب، وأقام أياماً ليقصد حمص. وجاء أستاذ داره حسام الدين ابن أبي علي الهذباني من الشرق، فدبر الدولة بعقله وفضله. وجاءته القضاة من أمراء مصر سراً يدعونه إلى مصر ليملكها، فتحير هل يقصد مصر أو حمص. ثم رجح مصر فترحل على الفور، وبلغه مجيء جماعة أمراء من مصر مغفرين، ونزلوا بغزة. وكان مع الصالح نحو ستة آلاف فارس جياد، وفيهم عماه مجير الدين يعقوب وتقي الدين عباس وجماعة من الأمراء المعظمية، وجاءه الأمراء المصريون لخربة اللصوص، ومعه ولده المغيث عمر. وترك بقلعة دمشق ولده الصغير مع وزيره صفي الدين ابن مهاجر، فمات الصبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 341 ثم سار إلى نحو نابلس، وكان الناصر داود بمصر، فنزل بجيشه مدينة نابلس ثلاثة أشهر، ولما لم يقع اتفاق بين الصالح وابن عمه الناصر، ذهب الناصر إلى مصر فتلقاه العادل واتفقا على محاربة الصالح، ووعده العادل بدمشق. وتواترت على الصالح كتب أمراء مصر يستدعونه لأنه كان أمير من أخيه وأعظم وأخلق بالملك. وممن كاتبه فخر الدين ابن شيخ الشيوخ، فعلم به العادل فحبسه. واستعمل الصالح نوابه على أعمال القدس، وغزة، وإلى العريش. وجهز عسكراً إلى غزة، وضربت خيمته على العوجا، وعملوا الأزواد لدخول الرمل، وقدم عليه رسول الخلافة ابن الجوزي. وأرسل إلى الصالح إسماعيل ليمضي معه إلى مصر، فتعلل واعتذر، وسير إليه ولده الملك المنصور محموداً نائباً عنه، ووعده بالمجيء، وهو في الباطن عمال على أخذ دمشق. ودخلت سنة سبع وثلاثين فبرز العادل إلى بلبيس، وأخذ ابن الجوزي في الإصلاح بين الأخوين على أن تكون دمشق وأعمالها للصالح مع ما بيده من بلاد الشرق، ومصر للعادل. وكان مع ابن الجوزي ولده شرف الدين شاب ذكر كامل، فتردد في هذا المعنى بين الأخوين حتى تقارب ما بين الأخوين لولا ما حدث من العم إسماعيل، فإنه بقي يكاتب العادل ويقوي عزمه ويقول: أنا آخذ دمشق نائباً لك. ثم حشد وجمع، وأعانه صاحب حمص. ثم طلب ولده من الصالح،) زعم ليستخلفه ببعلبك ويقدم هو، فنفذه إليه، ونفذ ولده الملك المغيث ليحفظ قلعة دمشق، ولم يكن معه عسكر. وأما صاحب حماة فأشفق على الصالح وتحيل في إرسال عسكر ليحفظ له
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 342 دمشق، فاظهر أنه متألم خائف، وأنه يريد أن يسلم حماة إلى الفرنج، وأن نائبه سيف الدين ابن أبي علي قد عرف بهذا منه، وأنه سيفارقه فأظهر الخلاف عليه، فخرج من حماة، وتبعه أكثر العسكر، وطائفة كثيرة من أعيان الحمويين خوفاً من الفرنج. ورام المظفر أن تتم هذه الحيلة فما تمت. فسار الأمير سيف الدين بالناس، وقوى المظفر الوهم بأن استخدم جماعةً من الفرنج وأنزلهم القلعة، فقوي خوف الرعية. وتبع سيف الدين خلف، فسار وراء المظفر يظهر أنه يسترضيه، فما رجع، فنزلوا على بحيرة حمص، فركب صاحب حمص وأتاهم واجتمع بسيف الدين مطمئناً. ولو حاربه سيف الدين بجمعه لما قدر عليه صاحب حمص، ولكان وصل إلى دمشق وضبطها ولعز على الصالح إسماعيل أن يأخذها. فسأل سيف الدين عن مقدمه فقال: هذا الرجل قد مال إلى الفرنج واعتضد بهم، فطلبنا النجاة بأنفسنا. فوانسه الملك المجاهد، وطلب منه دخول حمص ليضيفه، فأجابه سيف الدين وصعد معه إلى القلعة. وأظهر له الإكرام، ثم بعث إلى أصحابه فدخل أكثرهم حمص، ومن لم يجب هرب. ثم قبض المجاهد عليهم وضيق عليهم، واعتقل الأكابر وعاقبهم وصادرهم حتى هلك بعضهم في حبسه، وبعضهم خلص بعد مدة، وباعوا أملاكهم وأدوها في المصادرة. وهلك في الحبس سيف الدين علي ابن أبي علي، وهو أخو أستاذ دار الملك الصالح حسام الدين، ويا ما ذاق من الشدائد حتى مات. وضعف صاحب حماة ضعفاً كثيراً، واغتنم ضعفه صاحب حمص فسار وقصد دمشق مؤآزراً لإسماعيل، فصبحوا دمشقي في صفر سنة سبع، وأخذت بلا قتال. بل تسلق جماعة من خان ابن المقدم، ونزلوا فكسروا قفل باب الفراديس ودخلوا. ثم دخلوا القلعة، وقاتلوا المغيث ثلاثة أيام، فسلمت بالأمان، ودخل إسماعيل القلعة، وسجن المغيث في برج إلى أن مات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 343 فلما وردت أخبار أخذ دمشق فارق الملك الصالح سائر الأمراء والجند وطلبوا بلدهم وأهاليهم، وترحل هو إلى بيسان، وفسدت نيات من معه، وعلموا أن لا ملجأ له، وأنه قد تلاشى بالكلية،) وقال له حتى أعمامه وأقاربه: لا يمكننا المقام معك، أهالينا بدمشق. فأذن لهم فترحلوا بأطلابهم وهو ينظر إليهم، حتى فارقه طائفة من مماليكه، ولم يبق معه إلا أستاذ داره وزين الدين أمير جاندار ونحو سبعين مملوكاً له. فلما جنه الليل أمر أن لا تشعل الفوانيس، ثم رحل في الليل ورد إلى جهة نابلس. فحكى لي الأمير حسام الدين قال: لما رحل السلطان من منزلته اختلفت كلمة من بقي معهم، وأشار بعضهم بالرجوع إلى الشرق فخاف أن يؤخذ لبعد المسافة وقال: ما أرى إلا التوجه إلى نابلس فالتجىء إلى ابن عمي الملك الناصر. فتوجه إلى نابلس. فلما طلعت الشمس ورأى مماليكه ما هو فيه من القلة واقعهم البكاء والنحيب. واعترضهم جماعة من العربان فقاتلوهم وانتصروا على العرب، ونزلوا بظاهر نابلس. وقوي أمر الصالح إسماعيل، وجاءته الأمراء وتمكن. وكان وزيره أمين الدولة سامرياً أسلم في صباه. وكان عمه وزيراً للأمجد صاحب بعلبك، ومات على دينه. وأما العادل بمصر فإنه استوحش من الناصر داود وتغير عليه، فخلاه الناصر، ورد إلى الكرك ومعه سيف الدين علي بن قليج فوافق ما تم على الصالح. فبعث إلى الصالح يعده النصر، وأشار عليه بالنزول بدار الملك العظيم بنابلس. ثم نزل الناصر بعسكره. ثم أمر يوماً بضرب البوق، وأوهم أن الفرنج قد أغاروا على ناحيته، فركب معه جماعة الصالح الذين معه، فحينئذ أمر الناصر بتسيير الملك الصالح إلى الكرك في الليل. فلم يصحب الصالح من غلمانه سوى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 344 الأمير ركن الدين بيبرس الكبير، وبعث معه جاريته أم خليل شجر الدر، فأنزل بقلعة الكرك بدار السلطنة. وتقدم الناصر إلى أمه وزوجته أن يقوما بخدمة الصالح، وبعث إليه يقول: إنما فعلت هذا احتياطاً لئلا يصل إليك مكروه من أخيك أو عمك، ولو لم أنقلك إلى الكرك لقصداك. ثم أمر شهاب الدين ونجم الدين ابني شيخ الإسلام بملازمة خدمة الصالح ومؤآنسته، وهما من أخص أصحاب الناصر ومن أجناده. وقد ولي الشهاب هذا تدريس الجاروخية بدمشق. ولما تملك الملك الصالح ديار مصر قصداه فأكرمهما وقدمهما، واستناب شهاب الدين على دار العدل. واستشهد نجم الدين على دمياط. وكان أولاد الناصر داود لا يزالان في خدمة الصالح بالكرك، ولم يفقد شيئاً من الإكرام. ثم خير الناصر أصحاب الصالح بين إقامتهم عنده مكرمين وبين السفر إلى أين أحبوا، فاختار أكثرهم المقام عنده، فكان منهم البهاء زهير، وشهاب الدين ابن أبي سعد الدين بن مكشبا، وكان) والده سعد الدين ابن عمة الملك الكامل. وأما الأستاذ دار حسام الدين ابن أبي علي وزين الدين أمير جندار فطلبا دمشق، فأذن لهما، فقدما على الصالح إسماعيل، فقبض على حسام الدين وأخذ جميع ماله وقيده، وقيد جماعةً من أصحاب الصالح نجم الدين، وبقوا في حبسه مدة. ثم حول حسام الدين إلى قلعة بعلبك وضيق عليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 345 ولما بلغ العادل ما جرى على أخيه أظهر الفرح ودقت البشائر وزينت مصر، وبعث يطلبه من الناصر فأبى عليه. فلما كان في أواخر رمضان سنة سبع طلب الملك الناصر داود الصالح نجم الدين فنزل إليه إلى نابلس، فضرب له دهليزاً والتف عليه خواصه، ثم أمر الناصر بقطع خطبة العادل، وخطب للصالح. ثم سارا إلى القدس وتحالفا وتعاهدا عند الصخرة على أن تكون مصر للصالح، والشام والشرق للناصر، ثم سار إلى غزة. وبلغ ذلك العادل فعظم عليه، وبرز إلى بلبيس، وسار إلى نجدته الصالح إسماعيل من دمشق، فنزل بالغور من أرض السواد. ثم خاف الناصر والصالح من جيش أمامهما وجيش خلفهما، فرجعا إلى القدس. فما لبثا أن جاءت النجابون بكتب المصريين يحثون الصالح، فقويت نفسه، وسار مجداً مع الناصر، وتملك مصر بلا كلفة، واعتقل أخاه. ثم جهز من أوهم الناصر بأن الصالح في نية القبض عليه فخاف وغضب وأسرع إلى الكرك. ثم تحقق الصالح فساد نيات الأشرفية وأنهم يريدون الوثوب عليه، فأخذ في تفريقهم والقبض عليهم. فبعث مقدم الأشرفية وكبيرهم أيبك الأسمر نائباً على جهة، ثم جهز من قبض عليه، فذلت الأشرفية، فحينئذ مسكهم عن بكرة أبيهم وسجنهم. وأقبل على شراء المماليك الترك والخطائية، واستخدم الأجناد. ثم قبض على أكثر الخدام شمس الدين الخاص، وجوهر النوبي، وعلى جماعة من الأمراء الكاملية، وسجنهم بقلعة صدر بالقرب من أيلة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 346 وخرج فخر الدين ابن الشيخ من حبس العادل فركب ركبةً عظيمة، ودعت له الرعية لكرمه وحسن سيرته، فلم يعجب الصالح ذلك، وتخبل، فأمره بلزوم بيته واستوزر أخاه معين الدين. ثم شرع يؤمر غلمانه فأكثر من ذلك. وأخذ في بناء قلعة الروضة، واتخذها سكناً، وأنفق عليها أموالاً عظيمة. وكانت الجيزة قبل منتزهاً لوالده، فشيدها في ثلاثة أعوام، وتحول إليها.) وأما الناصر فإنه اتفق مع عمه الصالح إسماعيل والمنصور صاحب حمص فاتفقوا على الصالح. وأما الخوارزمية فإنهم تغلبوا على حران، وملكوا غيرها من القلاع، وعاثوا وأخربوا البلاد الجزرية، وكانوا شراً من التتار لا يعفون عن قتل ولا عن سبي، ولا في قلوبهم رحمة. وفي سنة إحدى وأربعين وقع الصلح بين الصالحين وصاحب حمص، على أن تكون دمشق للصالح إسماعيل، وأن يقيم هو والحلبيون والحمصيون الخطبة في بلادهم لصاحب مصر، وأن يخرج ولده الملك المغيث من اعتقال الصالح إسماعيل. فركب الملك المغيث وبقي يسير ويرجع إلى قلعة دمشق، ورد على حسام الدين ما أخذ له، ثم ساروا إلى مصر. واتفق الملوك على عداوة الناصر داود. وجهز الصالح إسماعيل عسكراً يحاصرون عجلون، وهي للناصر،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 347 وخطب لصاحب مصر في بلاده، وبقي عنده المغيث حتى تأتيه نسخ الأيمان، ثم بطل ذلك كله. قال ابن واصل: فحدثني جلال الدين الخلاطي قال: كنت رسولاً من جهة الصالح إسماعيل، فورد علي منه كتاب وفي طيه كتاب من الصالح نجم الدين إلى الخوارزمية يحثهم على الحركة ويعلمهم أنه إنما يصالح عمه ليتخلص المغيث من يده، وأنه باق على عداوته، ولا بد له من أخذ دمشق منه. فمضيت بهذا الكتاب إلى الصاحب معين الدين، فأوقفته عليه، فما أبدى عنه عذراً يسوغ. ورد الصالح إسماعيل المغيث إلى الاعتقال، وقطع الخطبة، ورد عسكره عن عجلون، وراسل الناصر واتفق معه على عداوة صاحب مصر. وكذلك رجع صاحب حلب وصاحب حمص عنه، وصاروا كلمةً واحدةً عليه. واعتقلت رسلهم بمصر. واعتضد صاحب دمشق بالفرنج، وسلم إليهم القدس، وطبرية، وعسقلان. وتجهز صاحب مصر للقتال وجهز البعوث، وجاءته الخوارزمية، فساقوا إلى غزة، واجتمعوا بالمصريين وعليهم ركن الدين بيبرس البندقدار الصالحي، وليس هو الذي ملك، بل هذا أكبر منه وأقدم، ثم قبض عليه الصالح نجم الدين وأعدمه. قال ابن واصل: فتسلم الفرنج حرم القدس وغيره، وعمورا قلعتي طبرية، وعسقلان وحصنوهما. ووعدهم الصالح بأنه إذا ملك مصر أعطاهم بعضها. فتجمعوا وحشدوا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 348 وسارت عساكر الشام إلى غزة، ومضى المنصور صاحب حمص بنفسه إلى عكا فأجابوه.) فسافرت أنا إلى مصر، ودخلت القدس فرأيت الرهبان على الصخرة وعليها قناني الخمر، ورأيت الجرس في المسجد الأقصى، وأبطل الأذان بالحرم وأعلن الكفر. وقدم وأنا بالقدس الناصر داود إلى القدس فنزل بغريبه. وفيها ولى الملك الصالح قضاء مصر للأفضل الخونجي بعد أن عزل ابن عبد السلام نفسه بمديدة. ولما عدت الخوارزمية الفرات، وكانوا أكثر من عشرة آلاف، ما مروا بشيء إلا نهبوه، وتقهقر الذين بغزة منهم. وطلع الناصر إلى الكرك، وهربت الفرنج من القدس، فهجمت الخوارزمية القدس، فقتلوا من به من النصارى، وهدموا مقبرة القمامة، وأحرقوا بها عظام الموتى، ونزلوا بغزة وراسلوا صاحب مصر، فبعث إليهم الخلع والأموال، وجاءتهم العساكر، وسار الأمير حسام الدين ابن أبي علي بعسكر ليكون مركزاً بنابلس. وتقدم المنصور إبراهيم على الشاميين، وكان شهماً شجاعاً قد انتصر على الخوارزمية غير مرة، وسار بهم، ووافته الفرنج من عكا وغيرها بالفارس والراجل، ونفذ الناصر داود عسكره فوقع المصاف بظاهر غزة وانكسر المنصور شر كسرة واستحر القتل بالفرنج. قال ابن واصل: أخذت سيوف المسلمين الفرنج فأفنوهم قتلاً وأسراً، ولم يفلت منهم إلا الشارد، وأسر أيضاً من عسكر دمشق والكرك جماعة مقدمين، فحكي لي عن المنصور أنه قال: والله لقد قصرت ذلك اليوم، ووقع في قلبي أننا لا ننصر لانتصارنا بالفرنج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 349 ووصلت عساكر دمشق معه في أسوأ حال. وأما بمصر فزينت زينةً لم تزين مثلها، وضربت البشائر، ودخلت أسارى الفرنج والأمراء، وكان يوماً مشهوداً بالقاهرة. ثم عطف حسام الدين ابن أبي علي وركن الدين بيبرس فنازلوا عسقلان وحاصروا الفرنج الذين تسلموها، فجرح حسام الدين، ثم ترحلوا إلى نابلس، وحكموا على فلسطين والأغوار، إلا عجلون فهي بيد سيف الدين بن قليج نيابةً للناصر داود. وبعث السلطان الصالح نجم الدين وزيره معين الدين ابن الشيخ علي على جيشه، وأقامه مقام نفسه، وأنفذ معه الخزائن، وحكمه في الأمور، وسار إلى الشام ومعه الخوارزمية، فنازلوا دمشق وبها الصالح والمنصور صاحب حمص، فدل الصالح إسماعيل فلم يظفر بطائل ورجع.) واشتد الحصار على دمشق وأخذت بالأمن لقلة من مع صاحبها، ولفناء ما بالقلعة من الذخائر، ولتخلي الحلبيين عنه، فترحل الصالح إسماعيل إلى بعلبك، والمنصور إلى حمص. وتسلم الصاحب معين الدين القلعة والبلد. ولما رأت الخوارزمية أن السلطان قد تملك الشام بهم وهزم أعداءه، صار لهم عليه إدلال كبير، مع ما تقدم من نصرهم له على صاحب الموصل وهو بسنجار، فطمعوا في الأحياز العظيمة، فلما لم يحصلوا على شيء فسدت نيتهم له، وخرجوا عليه، وكاتبوا الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري، وهو أكبر أمراء الصالح نجم الدين، وكان بغزة، فأصغى إليهم فيما قيل، وراسلوا صاحب الكرك، فنزل إليهم ووافقهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 350 قلت: وكانت أمه أيضاً خوارزمية، وتزوج منهم. ثم طلع إلى الكرك واستولى حينئذ على القدس ونابلس وتلك الناحية، وهربت منه نواب صاحب مصر. ثم راسلت الخوارزمية الملك الصالح إسماعيل، وحلفوا له، فسار إليهم، واتفقت كلمة الجميع على حرب صاحب مصر، فقلق لذلك، وطلب ركن الدين بيبرس فقدم مصر فاعتقله وكان آخر العهد به. ثم خرج بعساكره فخيم بالعباسية، وكان قد نفذ رسوله إلى المستعصم بالله يطلب تقليداً بمصر والشام والشرق، فجاءه التشريف والطوق الذهب والمركوب. فلبس التشريف الأسود والعمامة والجبة والفرس بالحلية الكاملة، وكان يوماً مشهوداً. ثم جاء الصالح إسماعيل والخوارزمية فنازلوا دمشق وليس بها كبير عسكر، وبالقلعة الطواشي رشيد، وبالبلد نائبها حسام الدين بن أبي علي الهذباني، فضبطها وقام بحفظها بنفسه ليلاً ونهاراً، واشتد بها الغلاء، وهلك أهلها جوعاً ووباءً. وبلغني أن رجلاً مات في الحبس فأكلوه، كذلك حدثني حسام الدين بن أبي علي، فعند ذلك اتفق عسكر حلب والمنصور صاحب حمص على حرب الخوارزمية وقصدوهم فتركوا حصار دمشق، وساقوا أيضاً يقصدونهم، فالتقى الجمعان، ووقع المصاف في أول سنة أربع وأربعين على القصب، وهي منزلة على بريد من حمص من قبليها، فاشتد القتال والصالح إسماعيل مع الخوارزمية فانكسروا عندما قتل مقدمهم الملك حسام الدين بركة خان، وانهزموا ولم تقم لهم بعدها قائمة. فقتل بركة خان مملوك من الحلبيين، وتشتتت الخوارزمية، وخدم طائفة منهم) بالشام، وطائفة بمصر، وطائفة مع كشلوخان ذهبوا إلى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 351 التتار وخدموا معهم، وكفى الله شرهم. وعلق رأس بركة خان على قلعة حلب. ووصل الخبر إلى القاهرة فزينت، وحصل الصلح التام والود بين السلطان وبين صاحب حمص والحلبيين. وأما المحارف الملك إسماعيل فإنه التجأ إلى حلب عند ابن ابن أخته الملك الناصر صلاح الدين، فأرسل صاحب مصر البهاء زهير إلى الناصر صاحب حلب يطلب منه إسماعيل، فشق ذلك على الناصر وقال: كيف يحسن بي أن يلتجىء إلي خال أبي وهو كبير البيت، وأبعثه إلى من يقتله وأخفر ذمته فرجع البهاء زهير. وأما نائب دمشق حسام الدين فإنه سار إلى بعلبك وحاصرها، وبها أولاد الصالح إسماعيل، فسلموها بالأمان، ثم أرسلوا إلى مصر تحت الحوطة هم والوزير أمين الدولة والأستاذ دار ناصر الدين ابن يغمور، فاعتقلوا بمصر، وصفت البلاد للملك الصالح. وبقي الناصر داود بالكرك في حكم المحصور. ثم رضي السلطان على فخر الدين ابن شيخ الشيوخ. وأخرجه من الحبس بعد موت أخيه الوزير معين الدين، وسيره فاستولى على جميع بلاد الناصر داود، وخرب ضياع الكرك، ثم نازلها أياماً، وقل ما عند الناصر من الملك والذخائر بها، وقل ناصره، فعمل قصيدةً يعاتب بها السلطان، ويذكر فيها ما له من اليد عنده من ذبه عنه وتمليكه ديار مصر، وهي: (قل للّذي قاسمته ملك اليد .......... ونهضت فيه نهضة المستأسد)
(عاصيت فيه ذوي الحجى من أسرتي .......... وأطعت فيه مكارمي وتودُّدي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 352 (يا قاطع الرّحم الّتي صلتي بها .......... كتبت على الفلك الأثير بعسجد)
(إن كنت تقدح في صريح مناسبي .......... فاصبر بعرضك للهيب المرصد)
(عمّي أبوك ووالدي عمٌّ، به .......... يعلو انتسابك كلّ ملكٍ أصيد)
(صالا وجالا كالأُسود ضوارياً .......... فارتدّ تيّار الفرات المربد)
(دع سيف مقولي البليغ يذب عن .......... أعراضكم بغريده المتوقّد)
(فهو الّذي قد صاغ تاج فخاركم .......... بمفصَّلٍ من لؤلؤٍ وزبرجد) ثم أخذ يصف نفسه وجوده ومحاسنه وسؤدده، إلى أن قال: (يا مُحرجي بالقول، والله الّذي .......... خضعت لعزّته جباه السُّجّد) ) (لولا مقال الهجر منك لما بدا .......... منّي افتخارٌ بالقريض المُنشد)
(إن كنت قلت خلاف ما هو شيمتي .......... فالحاكمون بمسمع وبمشهد)
(والله يا ابن العمّ لولا خيفتي .......... لرميت ثغرك بالعداة المُرّد)
(لكنّني مّما يخاف حرامه .......... ندماً يُجرّعني سمام الأُسود)
(فأراك ربُّك بالهدى ما ترتجي .......... ليراك تفعل كلّ فعلٍ مُرشد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 353 (لتعيد وجه المُلك طلقاً ضاحكاً .......... وتردّ شمل البيت غير مُبدّد)
(كيلا ترى الأيام فينا فرصة .......... للخارجين وضحكة للحُسّد) ثم إن السلطان طلب الأمير حسام الدين ابن أبي علي وولاه نيابة الديار المصرية، واستناب على دمشق الصاحب جمال الدين يحيى بن مطروح. ثم قدم الشام، وجاء إلى خدمته صاحب حماة الملك المنصور، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وصاحب حمص وهو صغير، فأكرمهما وقربهما، ووصل إلى بعلبك، ثم رد إلى دمشق. ثم قدم على نائب مصر حسام الدين والده بدر الدين محمد بن أبي علي، وقرابته علاء الدين، وكانا في حبس صاحب حمص، فلما مات أطلقهما ابنه، فتوفي بدر الدين بعد قدومه بيسير. ثم رجع السلطان ومرض في الطريق. حكى لي الأمير حسام الدين قال: لما ودعني السلطان قال: إني مسافر، وأخاف أن يعرض لي موت وأخي العادل بقلعة مصر فيأخذ البلاد، وما يجري عليكم منه خير، فإن مرضت ولو أنه حمى يوم فأعدمه، فإنه لا خير فيه، وولدي تورانشاه لا يصلح للملك، فإن بلغك موتي فلا تسلم البلاد لأحد من أهلي، بل سلمها للخليفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 354 وأما عسقلان وطبرية، فلما تسلمتها الفرنج من الصالح إسماعيل بنوها، وحصنوا القلعتين فنازلهما فخر الدين ابن شيخ الشيوخ بعدما ترحل عن حصار الكرك، ففتحهما وهدمهما. ودقت البشائر. وفتر السلطان عن أخذ حمص لانتماء صاحبها للأشرف، وأبوه إلى السلطان ومرايتهما له. ثم قدم الأشرف للسلطان قلعة شمسين فتسلمها. وأما حماة فكانت لابن أخته الملك المظفر وبها الصاحبة أخت السلطان، ثم تملكها الملك المنصور بن المظفر، وتزوج بنت أخت السلطان فاطمة خاتون ابنة الكامل، وكانت فاطمة) بحلب، وهي والدة صاحبها للآن الملك الناصر صلاح الدين ابن العزيز، فزوج أخته بصاحب حماة في هذه السنة، وجاءت إليه في تجمل عظيم. ثم دخلت سنة ست وأربعين فصرف السلطان نيابة مصر عن حسام الدين بجمال الدين ابن يغمور، وبعث الحسام بالمصريين إلى الشام، فأقاموا بالصالحية أربعة أشهر. قال ابن واصل: وأقمت مع حسام الدين هذه المدة، وكان السلطان في هذه المدة مقيماً بأشمون طناح، ثم رجعنا إلى القاهرة. وفيها خرجت الحلبيون وعليهم شمس الدين لؤلؤ الأميني، فنازلوا حمص ومعهم الملك الصالح إسماعيل يرجعون إلى رأيه، فنصبوا المجانيق وحاصروها شهرين، ولم ينجدها صاحب مصر، وكان السلطان مشغولاً بمرض عرض له في أنثييه، ثم فتح وحصل منه ناسور يعسر برؤه، وحصلت له في رئته قرحة ملتفة، لكنه عازم على إنجاد صاحب حمص، ولما اشتد الخناق بالأشرف صاحب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 355 حمص اضطر إلى أن أذعن بالصلح، وطلب العوض عن حمص تل باشر مضافاً إلى ما بيده، وهو الرحبة، فتسلمها الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني، وأقام بها نواباً لصاحب حلب. فلما بلغ السلطان وهو مريض أخذ حمص غضب وعظم عليه، وترحل إلى القاهرة، واستناب بها ابن يغمور، وبعث الجيوش إلى الشام لاستنقاذ حمص. وسار السلطان في محفة، وذلك في سنة ست وأربعين، فنزل بقلعة دمشق وبعث جيشه فنازلوا حمص، ونصبوا عليها المجانيق، فمما نصب عليها منجنيق مغربي، ذكر لي الأمير حسام الدين أنه كان يرمي حجراً زنته مائة وأربعين رطلاً بالشامي. ونصب عليها قرابغا اثني عشر منجنيقاً سلطانية، وذلك في الشتاء. وخرج صاحب حلب بعسكره فنزل بأرض كفرطاب، ودام الحصار إلى أن قدم الباذرائي للصلح بين صاحب حلب وبين السلطان، على أن يقر حمص بيد صاحب حلب، فوقع الاتفاق على ذلك، وترحل عسكر السلطان عن حمص لمرض السلطان، ولأن الفرنج تحركوا وقصدوا مصر، وترحل السلطان إلى الديار المصرية لذلك وهو في محفة. وكان الناصر صاحب الكرك قد بعث شمس الدين الخسروشاهي إلى السلطان وهو بدمشق يطلب منه خبز والشوبك لينزل له عن الكرك، فبعث السلطان تاج الدين ابن مهاجر في إبرام ذلك إلى الناصر، فرجع عن ذلك لما سمع بحركة الفرنج، وطلب السلطان نائب مصر جمال الدين ابن يغمور، فاستنابه بدمشق، وبعث إلى نيابة مصر حسام الدين ابن أبي علي، فدخلها في) ثالث محرم سنة سبع. وسار السلطان فنزل بأشمون طناح ليكون في مقابلة الفرنج إن قصدوا دمياط. وتواترت الأخبار بأن ريد افرنس مقدم الإفرنسيسية قد خرج من بلاده في جموع عظيمة، وشتا بجزيرة قبرص، وكان من أعظم ملوك الفرنج وأشدهم بأساً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 356 وريد بلسانهم الملك. وشحنت دمياط بالذخائر، وأحكمت الشواني. ونزل فخر الدين ابن الشيخ بالعساكر فنزل على جيزة دمياط، فأقبلت مراكب الفرنج فأرست بإزاء المسلمين في صفر. ثم شرعوا من الغد في النزول إلى البر الذي فيه المسلمون. وضربت خيمة حمراء لريد افرنس، وناوشهم المسلمون القتال، فقتل يومئذ الأمير نجم الدين ابن شيخ الإسلام، والأمير الوزيري، فترحل فخر الدين ابن الشيخ بالناس، وقطع بهم الجسر إلى البر الشرقي الذي فيه دمياط، وتقهقر إلى أشمون طناح، ووقع الخذلان على أهل دمياط، فخرجوا منها طول الليل على وجوههم حتى لم يبق بها أحد. وكان هذا من قبيح رأي فخر الدين فإن دمياط كانت في نوبة سنة خمس عشرة وستمائة أقل ذخائر وعدداً، وما قدر عليها الفرنج إلى بعد سنة، وإنما هرب أهلها لما رأوا هرب العساكر وعلموا مرض السلطان. فلما أصبحت الفرنج تملكوها صفواً بما حوت من العدد والأسلحة والذخائر والغلال والمجانيق، وهذه مصيبة لم يجر مثلها. فلما وصلت العساكر وأهل دمياط إلى السلطان، حنق على الكنانيين الشجعان الذين كانوا بها، وأمر بهم فشنقوا جميعاً، ثم رحل بالجيش وسار إلى المنصورة، فنزل بها في المنزلة التي كان أبوه نزلها، وبها قصر بناه الكامل. ووقع النفير العام في المسلمين، فاجتمع بالمنصورة أمم لا يحصون من المطوعة والحربان والحرافشة، وشرعوا في الإغارة على الفرنج ومناوشتهم وتخطفهم، واستمر ذلك أشهراً، والسلطان يتزايد مرضه، والأطباء قد أيأسته لاستحكام مرض السل به. وأما الكرك فإن صاحبها سافر إلى بغداد، فاختلف أولاده، وسار أحدهم إلى الملك الصالح، فسلم إليه الكرك، ففرح بها السلطان مع ما هو فيه من
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 357 الأمراض، وزينت بلاده، وبعث إليها الطواشي بدر الدين الصوابي نائباً، وقدم عليه آل الناصر داود فبالغ في إكرامهم وأقطعهم أجناداً جليلة.) إلى أن قال ابن واصل في سيرة الصالح: وكان مهيباً، عزيز النفس، أبيها، عاليها، حيياً، عفيفاً، طاهر اللسان والذيل، لا يرى الهزل والعبث، شديد الوقار، كثير الصمت. اشترى من المماليك الترك ما لم يشتره أحد من أهل بيته، حتى صاروا معظم عسكره، ورجحهم على الأكراد وأمرهم، واشترى وهو بمصر خلقاً منهم وجعلهم بطانته والمحيطين بدهليزه وسماهم البحرية. حكى لي حسام الدين ابن أبي علي أن هؤلاء المماليك مع فرط جبروتهم وسطوتهم كانوا أبلغ من يعظم هيبة السلطان، فكان إذا خرج وشاهدوا صورته يرعدون خوفاً منه، وأنه لم يقع منه في حال غضبه كلمة قبيحة قط، أكثر ما يقول إذا شئتم: يا متخلف. وكان كثير الباه لجواريه فقط، ولم يكن عنده في آخر وقت غير زوجتين، إحداهما شجر الدر، والأخرى بنت العالمة تزوجها بعد مملوكه الجوكندار. وكان إذا سمع الغناء لا يتزعزع ولا يتحرك، وكذلك الحاضرون يلتزمون حالته كأنما على رؤوسهم الطير. وكان لا يستقل أحد من أرباب دولته بأمر، بل يراجعون بالقصص مع الخدام، فيوقع عليها بما يعتمده كتاب الإنشاء. وكان يحب أهل الفضل والدين، وما كان له ميل إلى مطالعة الكتب. وكان كثير العزلة والانفراد. قال ابن واصل: كان لا يجتمع بالفضلاء لأنه لم يكن له مشاركة بخلاف أبيه، وكان اجتماعه بالناس قليلاً، بل كان يقتصر على ندمائه المعروفين بحضور مجلسه. وكان له نهمة في اللعب بالصوالجة، وفي إنشاء الأبنية العظيمة الفاخرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 358 وقال غير ابن واصل في سيرة الملك الصالح: كان ملكاً مهيباً، جباراً ذا سطوة وجلالة، وكان فصيحاً، حسن المحاورة، عفيفاً على الفواحش، فأمر مماليكه الترك، وجرى بينه وبين عمه إسماعيل أمور وحروب إلى أن أخذ نوابه دمشق عام ثلاثة وأربعين، وذهب إسماعيل إلى بعلبك، ثم أخذت من إسماعيل بعلبك، وتعثر والتجأ إلى الناصر صاحب حلب. ولما خرج الملك الصالح من مصر إلى الشام خاف من بقاء أخيه، فقتله سراً، فلم يمتع، ووقعت الأكلة في فخذه بدمشق. ونزل الإفرنسيس ملك الفرنج بجيوشه على دمياط فأخذها، فسار إليه الملك الصالح في محفة حتى نزل بالمنصورة عليلاً، ثم عرض له إسهال إلى أن توفي ليلة النصف من شعبان بالمنصورة وأخفي موته حتى أحضر ولده الملك المعظم من حصن كيفا، وملكوه بعده.) فذكر سعد الدن أن ابن عمه فخر الدين نائب السلطنة دخل من الغد خيمة السلطان، وقرر مع الطواشي بحسن أن يظهر أن السلطان أمر بتخليف الناس لولده الملك المعظم ولولي عهده فخر الدين، فتقرر ذلك وطلبوا الناس، فحلفوا الأولاد للناصر، فوقفوا وقالوا: نشتهي أن ننظر السلطان، فدخل خادم وخرج وقال: السلطان يسلم عليكم وقال ما يشتهي أن تروه في هذه الحالة، وقد رسم أن تحلفوا فحلفوا. وجاءتهم من كل ناحية، راحت الكرك منهم واسودت وجوههم عند أبيهم بغدرهم، ومات السلطان الذي أملوه، ثم عقيب ذلك نفوهم من مصر. ونفذ الأمير فخر الدين نسخ الأيمان إلى البلد ليحلفوا للمعظم. قلت: وكانت أم ولده شجر الدر ذات رأي وشهامة، وقد وليت الملك مدى شهرين وأكثر، وجرت لها أمور، وخطب لها على المنابر. وبقي الملك بعده في مواليه الأتراك وإلى اليوم. وتربته بمدرسته بالصالحية بالقاهرة. 4 (حرف الثاء)
4 (ثابت) الفقير. شيخ بستاني فلاح، له أصحاب ومحبون، وله زاوية بقصر حجاج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 359 قال التاج عبد الوهاب بن عساكر: كان له عادة في كل جمعة لا يفيق ولا يصلي ولا يأكل ولا يعي اليوم كله إلى أن مات. وكانت له جنازة حفلة. 4 (حرف الجيم)
4 (جعفر بن عبد الجليل) الفقيه أبو الفضل القلعي المالكي. سمع بدمشق من القاضي جمال الدين ابن الحرستاني. وحدث، ومات بالإسكندرية في شعبان. 4 (حرف الحاء)
4 (حرمي بن عبد الغني)
4 (بن عبد الله بن أبي بكر.) أبو المكرم الأنصاري، المصري، الوراق، تقي الدين.) ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وسمع من: عشير بن علي، وعبد الله بن بري النحوي، وأحمد بن طارق الكركي، وغيرهم. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وجماعة من المصريين. وروى عنه بالإجازة القاضي الحنبلي، والعماد ابن البالسي، وغيرهما. وتوفي في السابع والعشرين من ذي القعدة. 4 (الحسين بن موسى بن فياض) الإمام أبو علي الإسكندراني. من وجوه علماء الثغر. درس وأفتى، ومات في رجب. روى عنه: شيخنا الدمياطي عن عبد الرحمن مولى ابن باقا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 360 وقد سمع أيضاً من علي بن البنا المكي. 4 (الحسين بن الحسن بن منصور) أبو عبد الله السعدي، المقدسي الأصل، الدمياطي، الشافعي القاضي الملقب بزين الدين أخو الشيخ عبد الله. روى عن الحازمي بالإجازة. قال شيخنا الدمياطي: هو شيخي ومفقهي، درست عليه التنبيه وبعض المهذب، ومنخول الغزالي في أصول الفقه، وجمل الزجاجي. قال: وسمعت منه تصنيفه في البدع والحوادث. وكان صالحاً زاهداً، ما ركب دابةً في ولايته القضاء قط. مات بالصعيد في أحد الجمادين. 4 (حرف السين)
4 (سليمان شاه بن سعد الدين)
4 (شاهنشاه بن المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.) الأيوبي الحموي، تمفقر في شبيبته وصحب الفقراء، وحمل الركوة وحج. ثم إنه كاتب والدة الملك الناصر ابن سيف الإسلام صاحب اليمن، وكانت تغلبت على زبيد) وضبطت الأموال، وبقيت متلفتةً إلى مجيء رجل من بني أيوب ليقوم في الملك. وشاد له الأمر، وذلك في حدود نيف وستمائة، فبعثت إلى مكة من يكشف لها الأمور، فوقع مملوكها بسليمان شاه، فسأله عن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 361 اسمه ونسبه فأخبره، فكتب إليها فطلبته، فسار إلى اليمن وتزوجها وملكته، فعظم شأنه وملأ البلاد ظلماً وجوراً، واطرح زوجته وتزوج عليها. وكاتب السلطان العادل فجعل أول كتابه: إنه من سليمان، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم. فاستقل السلطان عقله وعلم أنه لا بد له من قصد اليمن، فلما تفرغ جهز سبطه الملك المسعود أقسيس بن الكامل بن العادل في جيش، فدخل اليمن واستولى على مدائنها وحصونها، وقبض على سليمان شاه، فبعث به وبزوجته بنت سيف الإسلام إلى مصر، فأجرى لهما الكامل ما يقوم بمصالحهما، فلم يزل مقيماً بمصر إلى سنة سبع وأربعين، فخرج إلى الغزاة فاستشهد بالمنصورة. 4 (سيدة بنت عبد الغني) أم العلاء العبدرية الغرناطية، العالمة. كانت حافظة للقرآن، مليحة الخط، كثيرة العبادة والبر والمعروف وفك الأسارى. ونسخت بخطها إحياء علوم الدين، وغير ذلك في دور الملوك. وتوفيت بتونس. أرخها الأبار. 4 (حرف الصاد)
4 (صديق بن رمضان)
4 (بن علي بن عبد الله.) أبو الفضل، وأبو بكر الدمشقي، الصوفي، نزيل حلب. ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 362 وسمع من: القاضي أبي سعد بن عصرون، ويحيى الثقفي. روى عنه: شيوخنا ابن الظاهري، والدمياطي، وإسحاق النحاس. وتوفي في السادس والعشرين من شوال رحمه الله تعالى. 4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن محمد) ) أبو محمد الصنهاجي النابلسي الطنجي، المغربي. سمع بسبتة من: أبي محمد ابن عبيد الله وبفاس من: أبي عبد الله الفندلاوي. وسمع كتاب شعب الإيمان من مؤلفه عبد الجليل بن موسى. وأجاز له أبو القاسم بن الملجوم، وأبو العباس بن مضاء. وولي قضاء شريش، ثم غرب عن وطنه إلى تونس سنة اثنتين وأربعين. وكان مشاركاً في علم الكلام. كتب عنه أبو عبد الله الأبار، وذكر أنه كان حياً في سنة سبع هذه. 4 (عبد الصمد الحجازي) الشريف الزاهد، نزيل دمشق. كان مقيماً في المسجد الذي بين القصاعين والفشقار. توفي في جمادى الأولى وازدحم الناس على نعشه، رحمه الله. 4 (عبد العزيز بن عبد الوهاب)
4 (بن إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف.) الفقيه أبو الفضل بن الفقيه أبي محمد بن العلامة أبي الطاهر بن عوف
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 363 القرشي، الزهري، العوفي، الإسكندراني، المالكي، رشيد الدين. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، وسمع الموطأ من جده. وسمع من: أبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف. وبمكة من: زاهر بن رستم. والعجب كيف لم يسمع من السلفي فإنه من بيت العلم والرواية والصلاح، وكان ورعاً، زاهداً، خيراً. ثنا عنه الحافظ أبو بكر الدمياطي، وكان عنده موطأ مالك. وروى عنه جماعة من المصريين. وعاش ثمانين سنة، ومات في عاشر صفر. 4 (عبد العزيز بن محمود) الدمشقي، الحنبلي. حدث عن حنبل، وابن طبرزد.) وكان يقرأ على الجنائز بحلب. ويعرف بابن الأغماتي. روى عنه: الدمياطي، وإسحاق الصفار. 4 (عبد الكريم بن عبد الرحمن)
4 (بن أبي القاسم بن محمد.) أبو محمد الموصلي المعبر، المعروف بابن الترابي. نزيل القاهرة. روى عن: أبي الفضل خطيب الموصل قطعةً من مشيخته. روى عنه: شيخنا الدمياطي، وجماعة. وقد أنبأ ابن البالسي أن هذا الشيخ أجاز له في سنة سبع هذه من ديار مصر، قال: أنا أبو الفضل عبد الله في جمادى الأولى سنة ست وسبعين وخمسمائة، فذكر حديثاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 364 قلت: ولم أقع بتاريخ وفاته، وهذه السنة آخر العهد به. 4 (عجيبة بنت الحافظ أبي بكر)
4 (محمد بن أبي غالب بن أحمد بن مرزوق الباقداري البغدادي.) وتدعى ضوء الصباح. شيخة مسندة مشهورة. تفردت في الدنيا بالإجازة عن جماعة. وسمعت من: عبد الله بن منصور الموصلي، وعبد الحق اليوسفي، وجماعة. وأجاز لها مسعود الثقفي، وأبو عبد الله الرستمي، وأبو خير الباغبان، وابن عمه رشيد الباغبان، وهبة الله بن أحمد الشبلي البغدادي، ورجاء بن حامد المعداني، وغيرهم. وخرجوا لها مشيخةً في عشرة أجزاء. ولدت في صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وكانت امرأة صالحة. روى عنها: المحب عبد الله، وأحمد بن عبد الله بن عبد الهادي، وموسى بن أبي الفتح المقدسيون، ومحمد بن عبد المحسن الواعظ، وجماعة. وتوفيت في صفر وقد تحملت ثلاثاً وتسعين سنة. أنا ابن البالسي، عن عجيبة، أنا عبد الله، أنا ابن الطيوري، أنا الحسين الطناجيري، أنا أحمد بن إبراهيم البزاز، نا نفطويه، نا محمد بن عبد الملك، ثنا يزيد بن هارون، نا محمد بن مطرف، عن حسان بن عطية، عن أبي أمامة، أن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 365 النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحياء والعي شعبتان) من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق. وقد أجازت أيضاً لمحمد الباجدي، وبنت الواسطي، وجماعة. وتفردت عنها الشيخة زينب بنت الكمال فروت عنها الكثير في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، بل وفي سنة سبع وثلاثين، وفي سنة تسع وثلاثين. 4 (عقيل بن أبي الفتح)
4 (محمد بن يحيى بن مواهب بن إسرائيل.) أبو الفتوح البرداني الخباز. سمع: أباه، وأبا الفتح بن شاتيل، وأبا السعادات القزاز، وعبد الله بن أحمد بن خميس السراج. وكان شيخاً صحيح السماع، لا بأس به. روى عنه: المحب ابن العماد، وغيره. وسمعنا بإجازته من أبي المعالي بن البالسي. 4 (علي بن أبي القاسم بن غزي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 366 أبو الحسن الدمياطي الزاهد. ولد سنة ست وسبعين وخمسمائة. وروى عنه: ابن جبير الكناني. روى عنه: الحافظ عبد المؤمن. وكان أحد المشايخ المشهورين بالعبادة والصلاح. أسرته الفرنج عند استيلائهم على دمياط، وكانوا يعظمونه ويحترمونه لشهر صلاحته. توفي برباطه بالقرافة الكبرى، وقبره بالرباط ظاهر. 4 (عمر بن عبد الوهاب)
1 (بن محمد بن طاهر بن عبد العزيز.) صفي الدين، أبو البركات القرشي، الدمشقي، المعدل، المعروف بابن البراذعي. ولد سنة ستين وخمسمائة تقريباً، وسمع من أبي القاسم بن عساكر، وأبي سعد بن أبي عصرون، وجماعة. وله مشيخة خرجها الزكي البرزالي.) وكان من عدول تحت الساعات. روى عنه: البرزالي مع تقدمه، وحفيد البرزالي، وابن الحلوانية،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 367 والدمياطي، وابن الظاهري، وقاضي القضاة ابن الجويني، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وإسماعيل بن عساكر، ومحمد بن عتيق الشروطي، وأبو المعالي محمد بن البالسي، وجماعة كثيرة. 4 (حرف القاف)
4 (قيصر بن آقسنقر)
4 (بن قفجق بن تكش) التركماني الصوفي. جاور بمكة نحواً من ستين سنة. وحدث عن يونس بن يحيى الهاشمي. أخذ عنه الأبيوردي، والدمياطي، وجماعة. ومات في سلخ المحرم. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن إسماعيل)
4 (بن عبد الجبار بن أبي الحجاج شبل بن علي.) القاضي الرئيس ضياء الدين، أبو الحسين بن القاضي أبو الطاهر الجذامي الصويتي، المقدسي، ثم المصري. الأديب الكاتب. ولد في تاسع صفر سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي محمد بن عساكر، وجماعة بمصر، وأبي الفتح المندائي بواسط، وأبي أحمد عبد الوهاب بن سكينة ببغداد، والخشوعي، وجمعة بدمشق. وعني بالحديث وخرج لجماعة وكتب. وهو من بيت رئاسة وفضيلة. سمع منه: الجمال بن شعيب، والنجيب الصفار، والضياء بن البالسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 368 وحدث عنه الشرف الدمياطي، والعماد بن البالسي، وجماعة.) طعنه الفرنج بالمنصورة طعنةً فحمل إلى القاهرة وأدركه أجله بسمنهود في خامس ذي القعدة، رحمه الله. وكان صاحب ديوان الجيش الصالحي. 4 (محمد بن عبد الله بن علي) أوحد الدين القرشي، الزبيري، الدمشقي. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بدمشق. وسمع: أبا طاهر الخشوعي، وغيره. روى عنه: ابن الحلوانية، ومحمد بن محمد الكنجي، وجماعة. ويعرف بابن الكعكي. توفي في ثامن رجب. وقد أجاز لي ابنه عبد الله بن الأوحد، رحمهما الله تعالى. 4 (محمد بن عبد الرحمن)
4 (بن محمد بن عشائر.) الموصلي القبيعي. حدث بحلب عن: حنبل المكبر. وعنه: الدمياطي، وغيره. وكان شاهداً بحلب. وروى لنا عنه إسحاق الأسدي. 4 (محمد بن عبد الكريم)
4 (بن محمد بن أحمد بن أبي علي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 369 أبو جعفر بن أبي علي السيدي، الأصبهاني، ثم البغدادي الحاجب. ولد في ذي القعدة سنة أربع أو ثمان وستين وخمسمائة على قولين له. وسمعه أبوه من: أبي الحسن عبد الحق اليوسفي، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وتجني الوهبانية، ونصر الله القزاز، ومسعود بن النادر، وخلق. وروى الكثير، وطال عمره.) روى عنه: ابن النجار، والمحب عبد الله المقدسي، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وأبو جعفر بن المقير، وطائفة. وتوفي في هذه السنة. كذا ذكره الشريف ولم يعين الشهر. أجاز لسعد الدين، والنجدي، وعلي بن السكاكري، وست الفقها بنت الواسطي، وبنت مؤمن، وخطبا ابنة البالسي، وابن العماد الكاتب. قال ابن النجار: سمع جده الكثير، ورأيت كتبه مكشوطاً أماكن لأبيه، وقد جعل عوضها اسمه. ولعمري لقد خلط على نفسه، وهو حريص على الرواية مكتسب بها وليس له فهم. قلت: تفردت بنت الكمال بإجازته. وقد ذمه المحب، وذكر أنه خوفه من الله في ادعاء إجازة فيها ابن الخشاب وغيره، وإنما هي لأخ له اسمه باسمه مات صغيراً، فادعاها أبو جعفر. وكان أخوه الذي مات يكنى أبا جعفر أيضاً. ويؤيد ذلك أنه سمع بعض جزء الطب للجلال، على عبد الحق في محرم سنة سبعين حضوراً وله سنتان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 370 ثم قال المحب المذكور: وهذا بلاء ذميم شديد. وسماع هذا يدل على أنه ولد سنة ثمان وستين، وليس له سماع إلا بعد السبعين. ولقد فاوضته وخوفته وأنكرت عليه، وحضر عندي بعد أيام، وأخرج الإجازة التي بخط ابن شافع، وقد ضرب على ذلك الاسم في غير موضع، فقلت: ما هذا قال: لا أدري من فعل هذا، ولعل أحداً قصد أذاي فعل هذا. وأخذ يصر على أن المضروب عليه اسمه مع ضعف في النطق وارتعاد وتغير لون. فقلت: المصلحة أن تخفي هذه الإجازة وأقنع بما لك من السماع الصحيح. وهذا أمر عظيم يسألك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فخجل وانكسر، ولا قوة إلا بالله. 4 (محمد بن غنائم بن بيان) الدمشقي الحنفي، الواعظ. سمع من: إسماعيل الجنزوي، والفقيه مسعود بن شجاع الحنفي. ومات في ذي القعدة. 4 (محمد بن محمد بن علي) المضري البصري، ثم البغدادي شهاب الدين التاجر.) روى عن: ابن الأخضر. وتوفي بمصر. روى عنه: الدمياطي. 4 (حرف النون)
4 (نجم الدين ابن شيخ الإسلام) من الأمراء الصالحية، قتل على دمياط، فقال الملك الصالح: ما قدرتم تقفون ساعةً بين يدي الفرنج لما دخلوا دمياط، ولا قتل من العسكر إلا هذا الضيف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 371 وكان هذا قد قفز من عند صاحب الكرك، ولما هجم الفرنج ودخلوا دمياط من باب خرج ابن شيخ الإسلام والعسكر من باب، وتوقف الفرنج ساعةً، وخافوا من مكيدة. وخرج أهل دمياط على وجوههم حيارى بنسائهم وصغارهم، ونهبوا في الطرقات، وتوصلوا إلى القاهرة. 4 (حرف الواو)
4 (وهيب بن عبد الخالق)
4 (بن عبد الله بن ملهم.) أبو العبوس الكناني، المصري، أبو الحسين الأديب. حدث عن: البوصيري، والأرتاحي. وله شعر حسن رائق. 4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن عبد الواحد)
4 (بن الشيخ أبي حفص عمر الهنتاني.) الأمير أبو زكريا صاحب إفريقية وتونس. كان أبوه نائباً لآل عبد المؤمن على إفريقية، فلما توفي والده جاء من قبل المؤمني الأمير عبو، فولي مدةً على إفريقية، فقام عليه يحيى هذا ونازعه وقهره، وغلب على إفريقية وتمكن وامتدت أيامه، وتملك بضعاً وعشرين سنة. واشتغل عنه بنو عبد المؤمن بأنفسهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 372 توفي بمدينة بونة في جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين، أو في سنة تسع يحرر. 4 (يوسف بن حسين) ) الرقام الموصلين البغدادي، المحدث. من مشاهير الطلبة. ورخه ابن أنجب. 4 (يوسف ابن شيخ الشيوخ صدر الدين)
4 (أبي الحسين محمد ابن شيخ الشيوخ أبي الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه بن محمد) بن حمويه. الأمير الصاحب، مقدم الجيوش الصالحية، فخر الدين، أبو الفضل الحموي الجويني الأصل، الدمشقي. ولد بدمشق سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع: منصور بن أبي الحسن الطبري، وغيره. وبمصر عن: محمد بن يوسف الغرنوي. وحدث. وكان رئيساً عاقلاً مدبراً، كامل السؤدد، وخليقاً للإمارة، محبباً إلى الناس، سمحاً جواداً، لم يبلغ أحد من إخوته الثلاثة إلى ما بلغ من الرتبة. وقد حبسه السلطان نجم الدين سنة أربعين، وبقي في الحبس ثلاثة أعوام، وقاسى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 373 ضراً شديداً، وكان لا ينام من القمل، ثم أخرجه وأنعم عليه، وجعل نائب السلطنة. وكان يتعانى شرب النبيذ، نسأل الله العفو. فلما توفي السلطان ندبوا فخر الدين إلى السلطنة فامتنع، ولو أجاب لتم له الأمر. بلغنا عنه أنه قدم دمشق مع السلطان فنزل دار سامة فدخل عليه العماد ابن النحاس فقال له: يا فخر الدين إلى كم ما بقي بعد اليوم شيء. فقال: يا عماد الدين، والله لأسبقنك إلى الجنة. فصدق الله إن شاء الله قوله، واستشهد يوم وقعة المنصورة. ولما مات الصالح قام فخر الدين بأمر الملك، وأحسن إلى الرعية، وأبطل بعض المكوس، وركب الشاويشية، ولو أمهله القضاء لكان ربما تسلطن. بعث الفارس أقطاي إلى حصن كيفا لإحضار الملك المعظم تورانشاه ولد السلطان، فأحضره وتملك. وقد هم المعظم هذا بقتله، فإن المماليك الذين ساقوا إلى دمشق يستعجلون المعظم أوهموه أن) فخر الدين قد حلف لنفسه على الملك. واتفق مجيء الفرنج إلى عسكر المسلمين، واندفاع العسكر بين أيديهم منهزمين، فركب فخر الدين وقت السحر ليكشف الخبر، وأرسل النقباء إلى الجيش، وساق في طلبه، فصادف طلب الديوية، فحملوا عليه، فانهزم أصحابه وطعن هو فسقط وقتل. وأما غلمانه فنهبوا أمواله وخيله. قال سعد الدين ابن عمه: كان يوماً شديد الضباب فطعنوه، رموه، وضربوا في وجهه بالسيف ضربتين، وقتل عليه جمداره لا غير، وأخذ الجولاني قدور حمامه الذي بناه بالمنصورة، وأخذ الدمياطي أبواب داره، فقتل يومئذ
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 374 نجم الدين البهنسي والشجاع ابن بوش. والتقية الكاتب ونهب خيم الميمنة جميعها. ثم تراجع المسلمون وأوقعوا بالفرنج، فقتل منهم ألف وستمائة فارس. ثم ضربت الفرنج خيمهم في هذا البر، وشرعوا في حفر خندق عليهم. قال: ثم شلنا فخر الدين وهو بقميص لا غير. وأما داره التي أنشأها بالمنصورة ذاتها في ذلك النهار خربت حتى يقال كان هنا دار هي بالأمس كانت تصطف على بابها سناجق سبعين أميراً ينتظرون خروجه، فسبحان من لا يحول ولا يزول. ثم حمل إلى القاهرة، وكان يوم دفنه مشهوداً، حمل على الأصابع، وعمل له عزاء عظيم. قتل رحمه الله يوم رابع ذي القعدة. ومن نظمه دوبيت: (صيرّتُ فمي لفيه باللّثم لثام .......... غصباً ورشقت من ثناياه مُدام)
(فاغتاض وقال: أنت في الفقه إمام .......... يقي خمرٌ وعندك الخمرُ حرام) وله: (في عشقك قد هجرتُ أُمّي وأبي .......... الرّاحةُ للغير وحظّي تعبي)
(يا ظالم في الهوى أما تُنصفي .......... وحّدتُك في العشق فلم تُشرك بي) وله أيضاً من الشعر: (وتعانقنا، فقُل ما .......... شئت من ماءٍ وخمر)
(وتعاقبنا فقُل ما .......... شئت من غنج وسحر)
(ثمّ لمّا أدبر اللّيلُ .......... وجاء الصُّبح يجري)
(قال: إيّاك تلاشى .......... بك بدري. قلت: بدري) ) وله:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 375 (إذا تحقّقتم بما عند عبدكم .......... من الغرام فذاك القدر يكفيه)
(أنتم سبيتم فؤادي وهو منزلكم .......... وصاحب البيت أدرى بالّذي فيه)
4 (يوسف بن محمود)
4 (بن الحسين بن الحسن بن أحمد.) شمس الدين أبو يعقوب الساوي. الدمشقي المولد، المصري الصوفي، ويعرف بابن المخلص. ولد في ربيع الأول سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: السلفي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، وعبد الله بن بري، والبوصيري، وغيرهم. روى عنه: الحافظ عبد العظيم. وطال عمره وشاع ذكره. نا عنه: أبو محمد الدمياطي، والشرف حسن بن الصيرفي، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو الفتح بن القيسراني، والشرف محمد بن عبد الرحيم القرشي، والأمين محمد بن أبي بكر الصفار، وطائفة. وتوفي في حادي عشر رجب، وكان من صوفية خانقاه سعيد السعداء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 376 4 (الكنى)
4 (أبو الحسين بن عبد الخالق) الكناني، الأديب، المعروف بالبراد. اسمه وهيب، قد ذكر. وهو من شيوخ الدمياطي. وفيها ولد: شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد الولي بن جبارة المقرىء، شهاب الدين محمد بن أحمد بن شبل الجزري، مفتي المالكية، وسعد الدين سعد الله بن نجيح الحراني الأديب، وعلي بن عمر بن عبد الله بن عمر بن خطيب بيت الآبار، في جمادى الأولى، ومحمد بن يونس بن أحمد الحنفي المؤذن،) والنجم أبو بكر بن بهاء الدين محمد بن محمد بن خلكان، والصائن محمد بن عبد الله بن محمد بن حسان، في شوال، والشهاب أحمد بن أبي العز بن صالح الأذرعي، والنجم عبد الرحيم بن محمود بن أبي النور، وصفي الدين محمود بن أبي بكر الأرموي، المحدث بالقرافة، وشرف الدين أحمد بن عيسى بن الشيرجي، في ربيع الآخر، والنجم أحمد بن تاج الدين ابن القسطلاني، حضر أيضاً السبط، والجمال يوسف بن إبراهيم قاضي إبل السبوق، والبهاء محمد بن نصر الله بن سني الدولة، والعلاء علي بن محمد بن أبي بكر بن قاسم الإربلي، ثم الدمشقي التاجر، والنجم إبراهيم بن المسيب بن أبي الفوارس،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 377 وأمين الدين محمد بن محمد بن هلال الأزدي، ونور الدين علي بن يوسف بن جرير الشطنوفي المقرىء في قول، وشرف الدين محمد بن شريف بن يوسف بن الوحيد، الكاتب الزرعي بدمشق، والشرف يعقوب بن أحمد، أخو قاضي الحصن، وإبراهيم بن محمد بن الظاهري الصالحي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 378 1 (سنة ثمان وأربعين وستمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن محمد بن عبد العزيز)
4 (بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن أحمد.) فخر القضاة أبو الفضل بن الجباب التميمي السعدي المصري المالكي العدل، ناظر الأوقاف. ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع: السلفي، وأبا المفاخر بن المأموني، وعبد الله بن بري النحوي. وحدث بصحيح مسلم مرات عديدة عن المأموني. روى عنه: الحافظان المنذري والدمياطي، وجمال الدين ابن الظاهري، وفتح الدين ابن القيسراني، والشيخ محمد القزاز الحراني، وطائفة سواهم. وكان صحيح السماع. قال الدمياطي: قرأت عليه صحيح مسلم مرتين، وكان محسناً إلي، باراً بي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 379 وقال غيره: كان أبوه وزيراً جليلاً. توفي ليلة الحادي والعشرين من رمضان. 4 (أحمد بن الرضى عبد الرحمن)
4 (بن محمد بن عبد الجبار.) المقدسي. سمع: ابن طبرزد، جماعة. وعنه: الدمياطي، وقال: مات بين العيدين. 4 (أحمد بن يوسف بن علي) الفقيه الشريف عماد الدين أبو نصر العلوي الحسني الموصلي، الحنفي. ولد سنة نيف وستين وخمسمائة، وتفقه على التاج حمد بن محمد الحنفي. وسمع من: الشريف أبي هاشم عبد المطلب، وغيره بحلب. روى عنه: الدمياطي وقال: توفي بحلب وإسحاق الصفار. 4 (إبراهيم بن ظافر) ) أبو إسحاق الدمياطي، المهندس المعروف بابن بقا المنجنيقي. سمع بدمشق من زين الأمناء، وبدمياط من إبراهيم بن سماقا قاضي دمياط. وأجاز له البوصيري وجماعة. روى عنه الدمياطي، وقال: قتلته الفرنج على رأس المنجنيق لما فتحوا دمياط في ذي القعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 380 4 (إبراهيم بن محمود)
4 (بن سالم بن مهدي) أبو محمد، وأبو إسحاق الأزجي، المقرىء، المصروف بابن الخير الحنبلي. ولد في آخر سنة ثلاث وستين. سمع الكثير من: أبي الحسين عبد الحق، وشهدة، وخديجة النهروانية، والحسن بن شيرويه، وعبد الله بن شاتيل وغيرهم. وأجاز له أبو الفتح بن البطي، وجماعة. وقرأ بالروايات على جماعة. وكان صالحاً، ديناً، فاضلاً، دائم البشر. روى الكثير وأقرأ مدةً طويلة، وطال عمره ورحل إليه. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، ومجد الدين العديمي، وجمال الدين الشريشي، والخطيب عز الدين الفاروثي، وتقي الدين ابن الواسطي، والشيخ محمد السمعي، والشيخ محمد القزاز، والشيخ عبد الرحمن بن المقير، وأبو القاسم بن بلبان، وأبو الحسن الغرافي، وخلق كثير. وكان شيخنا الدمياطي يتندم لكونه لم يدر أن جزء الحفار سماعه إلا بعد موته، وقال لنا: مات في سابع عشر ربيع الآخر وكانت جنازته مشهودة. قال ابن النجار: كتب بخطه كثيراً من الكتب المطولات، ولقن خلقاً. كتب عنه شيئاً يسيراً على ضعف فيه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 381 4 (إبراهيم بن محمود بن جوهر) الشيخ الزاهد أبو إسحاق البعلبكي، الحنبلي، المقرىء البقاعي، والد شيختنا المعمرة فاطمة. روى عن: أبي اليمن الكندي وصحب الشيخ العماد مدةً، وقرأ عليه القرآن، وجمع له سيرةً حسنة في جزء مفرد، وكتب بخطه العلم والحديث. وتفقه على الشيخ الموفق، وغيره.) وكان من سادة المشايخ في وقته علماً وزهداً وعبادة. كان يلقن الناس ويحرص عليهم. وأقام بالعقيبة مدةً. ذكره الشيخ شمس الدين بن أبي عمر فقال: عرفته ثلاثين سنة، ما سمعت منه كلمة يعتذر منها. قلت: رجع في آخر عمره إلى بعلبك وحدث بها. روى لنا عنه: الشيخ قطب الدين موسى بن الفقيه، والشهاب ابن بابا جوك، والقاضي تقي الدين سليمان. وتوفي في نصف رجب، ودفن إلى جانب شيخه عبد الله اليونيني، رحمة الله عليهما. وقد صحب أيضاً الشيخ عبد الله البطائحي مدةً، وكان به خصيصاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 382 وكان الشيخ تقي الدين ابن الواسطي يثني على الشيخ إبراهيم بن جوهر كثيراً وقال: كان رجلاً محقاً. 4 (إسحاق بن سلطان)
4 (بن جامع بن عويش بن شداد.) شرف الدين التميمي، الدمشقي، الحنفي، المؤذن بالعقيبة. سمع من: الخشوعي، وغيره. روى عنه: ابن الحلوانية، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو علي بن الخلال، وجماعة. وابن البالسي حضوراً. توفي في جمادى الأولى. 4 (إسماعيل) السلطان الملك الصالح عماد الدين أبو الجيش ابن الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي، صاحب بعلبك، وبصرى، ودمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 383 ملك دمشق بعد موت أخيه الملك الأشرف، وركب بأبهة السلطنة، وخلع على الأمراء، وبقي أياماً، فلم يلبث أن نازل دمشق الملك الكامل أخوه فأخذها منه، وذهب هو إلى بعلبك. ثم هجم هو وصاحب حمص على دمشق فتملكها في سنة سبع وثلاثين كما هو مذكور في الحوادث. وبدت منه هنات عديدة، واستعان بالفرنج على حرب ابن أخيه، وأطلق لهم حصن الشقيف. ثم) أخذت منه دمشق في سنة ثلاث وأربعين، وذهب إلى بعلبك فلم يقر له قرار، والتف عليه الخوارزمية. وتمت له خطوب طويلة فالتجأ إلى حلب. وراحت منه بصرى وبعلبك، وبقي في خدمة ابن ابن أخيه الملك الناصر. فلما سار الناصر لأخذ الديار المصرية ومعه الملك الصالح، أسر الصالح فيمن أسر وحبس بالقاهرة، ومروا به أسيراً على تربة ابن أخيه الصالح نجم الدين، فصاحت البحرية، وهم غلمان نجم الدين: يا خوند أين عينك تبصر عدوك. قال سعد الدين في تاريخه: وفي سلخ ذي القعدة أخرجوا الصالح إسماعيل من القلعة ليلاً، ومضوا به إلى الجبل، فقتلوه هناك، وعفي أثره. قلت: حصل له خير بالقتل والله يسامحه. وقد رأيت لديه الملك المنصور والملك السعيد والد الكامل. وقد روى عن أبيه جزءاً من المحامليات، قرأه عليه السيف ابن المجد. وكان له إحسان إلى المقادسة، ولكن جناياته على المسلمين ضخمة. قال ابن واصل: لما أتي بالملك الصالح إسماعيل إلى الملك المعز وإنما أتي صبيحة الوقعة، أوقف إلى جانبه. قال حسام الدين ابن أبي علي: فقال لي المعز: يا خوند حسام الدين، أما تسلم على المولى الملك الصالح
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 384 قال: فدنوت منه وسلمت عليه. ثم دخل الملك المعز، وقد انتصر، القاهرة. قال ابن واصل: كان يوماً مشهوداً، فلقد رأيت الملك الصالح إسماعيل وهو بين يدي المعز، وإلى جانبه الأمير حسام الدين ابن أبي علي، فحكى لي حسام الدين قال: قلت له: هل رأيتم القاهرة قبل اليوم قال: نعم، رأيته مع الملك العادل وأنا صبي. ثم إنه اعتقل الصالح بالقلعة أياماً، ثم أتاه ليلة السابع والعشرين من ذي القعدة عز الدين أيبك الرومي وجماعة من الصالحية إلى الدار التي هو فيها، وأمروه أن يركب معهم، فركب، ومعهم مشعل، فمضوا به إلى باب القلعة من جهة القرافة، فأطفؤا المشعل وخرجوا به. وكان آخر العهد به. فقيل إنه خنق كما أمر هو بخنق الملك الجواد. قال: وكان ملكاً شهماً، يقظاً، محسناً إلى جنده، كثير التجمال. وكان أبوه العادل كثير المحبة) لأمه، وكانت من أحظى حظاياه عنده. ولها مدرسة وتربة بدمشق. 4 (أمين الدولة) الصاحب أبو الحسن السامري ثم المسلماني، وزير الملك الصالح عماد الدين إسماعيل. قال أبو المظفر الجوزي: ما كان مسلماً ولا سامرياً، بل كان يتستر بالإسلام ويبالغ في هدم الدين. فقد بلغني أن الشيخ إسماعيل الكوراني قال له
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 385 يوماً: لو بقيت على دينك كان أصلح لأنك تتمسك بدين في الجملة. أما الآن فأنت مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. قال: وآخر أمره شنق بمضر، وظهر له من الأموال والجواهر ما لا يوصف. فبلغني أن قيمة ما ظهر له ثلاثة آلاف ألف دينار. ووجد له عشرة آلاف مجلد من الكتب النفيسة. قلت: وإليه تنسب المدرسة الأمينية ببعلبك. حبس بقلعة مصر مدة، فلما جاء الخبر الذي لم يتم بأخذ الملك الناصر صاحب الشام الديار المصرية كان السامري في الجب هو وناصر الدين بن يغمور أستاذ دار الصالح إسماعيل، وسيف الدين القيمري والخوارزمي، صهر الملك الناصر، فخرجوا من الجب وعصوا في القلعة، ولم يوافقهم القيمري، بل جاء وقعد على باب الدار التي فيها حرم عز الدين أيبك التركماني وحماها. وأما أولئك فصاحوا بشعار الملك الصالح، ثم كانت الكرة للترك الصالحية، فجاءوا وفتحوا القلعة وشنقوا أمين الدولة وابن يغمور والخوارزمي. وقد ذكرنا في ترجمة القاضي الجيلي بعض أخبار أمين الدولة، وهو أبو الحسن ابن غزال بن أبي سعيد، ولما أسلم لقب بكمال الدين. وكان المهذب السامري وزير الأمجد عمه، وكان أمين الدولة ذكياً، فطناً، واهياً، شيطاناً، ماهراً في الطب. عالج الأمجد واحتشم في أيامه، فلما تملك الصالح إسماعيل بعلبك وزر له ودبر مملكته، فما غلب على دمشق استقل بتدبير المملكة، وحصل لمخدومه أموالاً عظيمة، وعسف وظلم. ثم لما عجز الصالح عن دمشق وتسلمها نواب الصالح نجم الدين، احتاطوا على أمين الدولة واستصفوا أمواله، وبعثوه إلى قلعة مصر فحبس بها خمس سنين. وأكثر هو وجماعة من أصحاب الصالح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 386 4 (الأياز بن عبد الله) أبو الخير الشهرزوري القضائي، مولاهم.) شيخ مسن، سمع من: خطيب الموصل أبي الفضل عبد الله. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وأجاز للعماد ابن البالسي في هذا العام، وانقطع خبره. 4 (حرف التاء)
4 (تورانشاه بن أيوب)
4 (بن محمد بن العادل.) السلطان الملك المعظم غياث الدين، ولد السلطان الملك الصالح نجم الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 387 لما توفي الصالح جمع فخر الدين ابن الشيخ الأمراء وحلفوا لهذا، وكان بحصن كيفا، ونفذوا في طلبه الفارس أقطايا، فساق على البريد، وأخذ على البرية به أيضاً لئلا يعترضه أحد من ملوك الشام، فكاد أن يهلك من العطش، ودخل دمشق هو ومن معه، وكانوا خمسين فارساً، ساروا أولاً إلى جهة عانة وعدوا الفرات، وغربوا على بر السماوة. ودخل دمشق بأبهة السلطنة في أواخر رمضان، ونزل القلعة وأنفق الأموال، وأحبه الناس. ثم سار إلى الديار المصرية بعد عيد الأضحى، فاتفق كسرة الفرنج، خذلهم الله، عند قدومه، ففرح الناس وتيمنوا بطلعته. لكن بدت منه أمور نفرت منه القلوب، منها أنه كان في خفة وطيش. قال الشيخ قطب الدين: كان الأمير حسام الدين ابن أبي علي ينوب للصالح نجم الدين فسير القصاد عند موته سراً إلى المعظم بحصن كيفا يستحثه على الإسراع، فسار مجداً، ونزل بحصن كيفا ولده الملك الموحد عبد الله وهو ابن عشر سنين، وسار يعسف البادية خوفاً من الملوك الذين في طريقه، فدخل قلعة دمشق، ثم أخذ معه شرف الدين الوزير هبة الله الفائزي. وكان حسام الدين المذكور قد اجتهد في إحضاره مع أن والده كان يقول: ولدي ما يصلح للملك. وألح عليه الحسام أن يحضره فقال: أجيبه إليهم يقتلونه. فكان كما قال. وقال سعد الدين بن حمويه: قدم المعظم فطال لسان كل من كان خاملاً في أيام أبيه، ووجدوه مختل العقل، سيء التدبير. ودفع خبز فخر الدين ابن الشيخ بحواصله لجوهر الخادم للالاته. وانتظر الأمراء أن يعطيهم كما أعطى أمراء دمشق، فلم يروا لذلك أثراً. وكان لا يزال يحرك كتفه الأيمن مع نصف وجهه. وكثيراً ما يولع بلحيته، ومتى سكر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 388 ضرب الشمع بالسيف، فقال: هكذا أريد أن أفعل) بغلمان أبي. ويتهدد الأمراء بالقتل. فتشوش قلوب الجميع ومقتته الأنفس، وصادف ذلك بخلاً. قلت: لكنه كان قوي المشاركة في العلوم، حسن المباحث، ذكياً. قال أبو المظفر الجوزي: بلغني أنه كان يكون على السماط بدمشق، فإذا سمع فقيهاً يقول مسألةً قال: لا نسلم. يصيح بها. ومنها أنه احتجب عن أمور الناس، وانهمك على الفساد مع الغلمان على ما قيل، وما كان أبوه كذلك، وقيل إنه تعرض لحظايا أبيه. وكان يشرب، ويجمع الشموع، ويضرب رؤوسها بالسيف ويقول: كذا أفعل بالبحرية يعني مماليك أبيه. ومنها أنه قدم الأراذل وأخر خواص أبيه. وكان قد وعد الفارس أقطاي لما قدم إليه إلى حصن كيفا أن يؤمره فما وفى له، فغضب. وكانت أم خليل زوجة والده قد ذهبت من المنصورة إلى القاهرة، فجاء هو إلى المنصورة، وأرسل يتهددها ويطالبها بالأموال، فعاملت عليه. فلما كان اليوم السابع والعشرين من المحرم من هذا العام ضربه بعض البحرية وهو على السماط، فتلقى الضربة بيده، فذهبت بعض أصابعه، فقام ودخل البرج الخشب الذي كان قد عمل هناك، وصاح: من جرحني فقالوا: بعض الحشيشية. فقال: لا والله إلا البحرية. والله لأفنينهم. وخيط المزين يده وهو يتهددهم، فقالوا يما بينهم: تمموه وإلا أبادنا. فدخلوا عليه، فهرب إلى أعلى البرج، فرموا النار في البرج ورموا بالنشاب، فرمى بنفسه، وهرب إلى النيل وهو يصيح: ما أريد ملكاً، دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمين، أما فيكم من يصطنعني فما أجابه أحد. وتعلق بذيل الفارس أقطاي، فما أجاره،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 389 فقيل إنه هرب من النشاب، ونزل في الماء إلى حلقه، ثم قتلوه، وبقي ملقىً على جانب النيل ثلاثة أيام منتفخاً، حتى شفع فيه رسول الخليفة فواروه. وكان الذي باشر قتله أربعة، فلما قتل خطب على منابر الشام ومصر لأم خليل شجر الدر معشوقة الملك الصالح، وكانت ذات عقل وفطنة ودهاء. قال أبو شامة: قتلوه وأمرا عليهم شجر الدر، فأخبرني من شاهد قتله أنه ضرب أولاً، فتلقى السيف بيده فجرحت، واختبط الناس، ثم قالوا: بعد جرح الحية لا ينبغي إلا قتلها، فلبسوا) وأحاطوا بالبرج الذي صنع له في الصحراء لمغازلة الفرنج، فأمروا زراقاً بإحراق البرج، فامتنع، فضروا عنقه، وأمروا آخر فرماه بالنفط، فهرب من بابه، وناشدهم الله بالكف عنه، وأنه يقلع عما نقموا عليه، فما أجابوه، فدخل في البحر إلى حلقه، فضربه البندقداري بالسيف، وقيل: ضربه على عاتقه، فنزل السيف من تحت إبطه الأخرى. وحدثت أنه بقي يستغيث برسول الخليفة: يا أبي عز الدين أدركني. فجاء وكلمهم فيه، فردوه وخوفوه من القتل، فرجع، فلما قتلوه نودي: لا بأس، الناس على ما هم عليه، وإنما كانت حاجةً قضيناها. واستبدوا بالأمر، وسلطنوا عليهم عز الدين أيبك التركماني، ولقبوه بالملك المعز. وساروا إلى القاهرة. قال ابن واصل: ولما دخل المعظم قلعة دمشق قامت الشعراء، فابتدأ شاعر بقصيدة قال أولها: (قُل لنا كيف جئت من حصن كيفا .......... حين أرغمت للأعادي أُنُوفا) فقال المعظم في الوقت: (الطّريق الطّريق يألف نحسٍ .......... مرّةً أمناً وطوراً مخوفا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 390 فاستطرفه الناس واشتهر بذلك. ثم إنه سار فلما قطع الرمل ونزل قصر الصالحية وقع من حينئذ التصريح بموت أبيه. وكان مدة كتمان موته ثلاثة أشهر. وكان يخطب له ثم بولاية العهد للمعظم. ثم قدم إلى خدمته نائب سلطنة مصر حسام الدين بن أبي علي الذي كان أستاذ دار أبيه وأتابك جنده في حصن كيفا، فخلع عليه خلعةً تامة وسيفاً محلى وفرساً بسرج محلى، وثلاثة آلاف دينار. قال ابن واصل: وكنت يومئذ مع حسام الدين، فذكرني للسلطان، فأتيت وقبلت يده، ثم حضرت أنا وجماعة من علماء المصريين عنده، فأقبل علينا. وذكر ابن نباتة مشاكلة للخطيبين عماد الدين وأصيل الدين الإسعردي، فلم ينطقها لخلوهما من فضيلة، فقلت: إن بعض الناس رد عليه في قوله الحمد لله الذي إن وعدني وفا وإن أوعد عفا: كأنه نظر إلى قول الشاعر: (لمخلف إيعادي .......... ومُنجز معدي) وهذا مدح لآدمي، لكنه لا يكون مدحاً في حق الله إذ الحلف في كلامه محال عقلاً. فأقبل علي وقال: أليس الله يعفو بعد الوعيد) فقلت: يا خوند هذا حق، لكنه يكون وعيده مخلفاً، فإذا عفى عن شخص من المتواعدين علم أنه ما أراده بذلك العموم، أما إذا توعد شخصاً بعينه بعقوبة، فلو لم يعاقبه لزم الخلف في خبره، وهو محال. فأعجبه، وأخذ يحادثني في أشياء من علم الكلام وغيره من الأدب، فتكلم كلاماً حسناً. ثم رجح أبا تمام على المتنبي، وأشار إلى حسام الدين وقال: الأمير حسام الدين يوافقني على ترجيحه. ثم وصلنا إلى المنصورة لسبع بقين من ذي القعدة، فنزل بقصر أبيه، فلو أحسن إلى مماليك أبيه لوازروه، ولكنه اطرحهم وجفاهم ففسدت أحواله، وقدم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 391 جماعة من علماء القاهرة كابن عبد السلام، وابن الجميزي، وسراج الدين الأرموي، ووجدوا سوق الفضائل عنده نافقة. 4 (حرف الحاء)
4 (الحافظة) اسمها أرغوان، عتيقة الملك العادل. وهي التي ربت الملك الحافظ صاحب قلعة جعبر. كانت بدمشق، وكانت تبعث إلى القلعة بالأطعمة والثياب إلى الملك المغيث عمر بن الملك الصالح نجم الدين أيوب وهو محبوس، فحقد عليها الصالح إسماعيل، وصادرها وأخذ منها أموالاً كثيرة. بنت لها تربةً مليحة فوق عين الكرش، ووقفت دارها بدمشق على خدامها، وعاشت زماناً. 4 (الحسن بن أبي طاهر)
4 (إبراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الخشاب.) الحلبي. من كبراء الحلبيين، وهم بيت الحشمة وتشيع. مات في جمادى الآخرة. 4 (الحسن بن الحسن بن محمد)
4 (بن العمراني.) أبو محمد الموصلي، المعروف بابن الأثير شرف الدين. حدث عن: يحيى الثقفي، وعبد الله بن علي بن سويد التكريتي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 392 روى عنه: شيخنا الدمياطي، وقال: توفي في ربيع الأول.) 4 (الحسن بن الحسين بن إبراهيم)
4 (بن غسان بن موسى.) أبو علي الداري التميمي، الخليلي، العدل، التاجر. ولد ببلبيس سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: عبد الله بن دهبل بن كارة. وكان من أعيان التجار المتمولين. توفي بمصر في سادس عشر رمضان، ومدحه الوزير فخر الدين عمر بن الخليلي. 4 (حرف الخاء)
4 (خديجة بنت المحدث أبي الميمون)
4 (عبد الوهاب بن عتيق بن هبة الله بن وردان.) أم الخير المصرية. سمعها أبوها من: عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وعبد المجيب بن زهير، وجماعة. وسمعت حضوراً من البوصيري. روى عنها: الدمياطي، وغيره. توفيت في ذي الحجة. 4 (خلجان بن عبد الوهاب)
4 (بن محمود.) أبو محمد العمري، المصري، المالكي، الضرير، المقرىء. قرأ القراءآت، وتصدر لإقرائها بالجامع العتيق. وقرأ على الكبار فإنه ولد سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع من: البوصيري، وجماعة. وتوفي في سلخ ربيع الآخر. وكان فقيراً قانعاً، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 393 4 (حرف الدال)
4 (داود بن سليمان)
4 (بن عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر.) ) أبو سليمان الجيلي، ثم البغدادي. سمع من: جده عبد الوهاب. روى عنه: شيخنا الدمياطي، وقال: توفي في ربيع الأول. ودفن عند آبائه بمقبرة الحلبة. 4 (حرف السين)
4 (سالم بن مساهل بن سالم) الحجري، الإسكندراني. روى عن: حماد الحراني. وتوفي بالإسكندرية في نصف ربيع الآخر، رحمه الله تعالى. 4 (حرف الضاد)
4 (ضياء الدين القيمري) من كبار الأمراء الناصرية. قتل بين يدي الملك المعز صبراً مع الأمير شمس الدين لؤلؤ بآخر رمل مصر. 4 (حرف العين)
4 (عامر بن مكي بن غالب) البغدادي المقرىء، الخطيب، الضرير. سمع: عبد الوهاب بن سكينة، وجعفر بن أموسان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 394 روى عنه: الدمياطي. وتوفي في شعبان. 4 (عبد الله بن محمد بن أيوب) الخطيب، أبو محمد التجيبي الجياني. روى عن: أبي الحسين بن زرقون، وأبي الخطاب بن واجب. وألف جزءاً في السترة في الصلاة ومذاهب الناس فيها. سمع منه: ابن الزبير الثقفي، وقال: مات في ربيع الأول. 4 (عبد الله بن أحمد بن محمد) ) 4 (بن عطية.) أبو محمد القيسي المالكي، المالقي. قال الشريف عز الدين: مولده سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحجاج المالقي، وأبي محمد عبد الله بن القرطبي الحافظ. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وخلق كثير. ورحل وحج وسمع من: مرتضى بن أبي الجود، وجعفر الهمداني. وكتب حديثاً كثيراً. وكان شيخاً مسناً من صلحاء المسلمين. توفي في هذه السنة. قلت: ذكره الأبار في سنة ست وأربعين مختصراً. وقد ذكره أبو جعفر بن الزبير في برنامجه وعظمه وأثنى عليه، وقال فيه: الزاهد العارف اللغوي الحافظ. أجاز له عبد الحق صاحب الأحكام، وأبو الطاهر بن عوف ثم سمى جماعة. قال: وأخذ في رحلته سنة تسع عشرة وستمائة عن نيف وستين شيخاً، وكان يغيب كثيراً عن مدينة مالقة بأملاكه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 395 مولده سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثمان. 4 (عبد الرحمن بن يوسف بن محمد) أبو معتوق الحربي، المعروف بابن الكل. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد المغيث بن زهير، ويعقوب بن يوسف المقرىء، والمبارك بن المبارك بن المعطوش، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وقال: توفي في أول رجب. 4 (عبد السلام بن علي بن هبة الله) الفقيه أبو محمد المصري المعدل. روى عن محمد بن عبد الله بن البنا. ومات في المحرم بمصر.) 4 (عبد العزيز بن يوسف)
4 (بن أبي الفرج بن المهذب.) أبو محمد التنوخي الحموي، ثم الدمشقي. سمع من: عبد اللطيف بن سعد، والقاسم بن عساكر، وحنبل. وكان صالحاً زاهداً، كثير الحج والتلاوة. روى عنه: ابن الحلوانية، وغيره. ومات في رجب. 4 (عبد الغني بن فاخر) مهتار الفراشين بدار الخلافة. وكان حسن الزي، كثير التنعم جداً. نفقته في الشهر فوق مائة وخمسين ديناراً، وله عدة حظايا. وكان مهووساً بأمر الدن ويزعم أنه يستحضرهم. وله وقف وبر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 396 وعاش نيفاً وسبعين سنة. 4 (عبد القدوس بن عرفة بن علي) أبو أحمد بن البقلي، البغدادي، المقرىء. روى عن أبيه أبي المعالي جزءاً عن أبي الكرم الشهرزوري. أخذ عنه: الدمياطي، وغيره. مات في صفر. 4 (عبد المحسن بن زين بن سلطان) الكناني، المقرىء، المصري. قرأ القراءآت، وتصدر لإقرائها بالقاهرة. وسمع من: علي بن المفضل الحافظ. توفي في العشرين من شعبان وله ثمان وسبعون سنة. روى عنه والدمياطي من شعره. 4 (عبد الملك بن عبد السلام)
4 (بن إسماعيل بن عبد الرحمن.) ) الفقيه مجد الدين، أبو محمد اللمغاني، ثم البغدادي، الحسني. روى عن: أحمد بن أزهر السباك، وغيره. وكان مدرس مشهد أبي حنيفة ببغداد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في ذي الحجة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 397 4 (عبد الوهاب بن ظافر)
4 (بن علي بن فتوح بن الحسين بن إبراهيم.) المحدث المسند رشيد الدين، أبو محمد بن رواج، وهو لقب أبيه، الأزدي، أو القرشي، فيحرر، الإسكندراني، المالكي، الجوشني. ولد سنة أربع وخمسين، وسمع الكثير من: السلفي، ومخلوف بن مارة الفقيه، وأبي الطاهر بن عوف، وأبي طالب أحمد بن المسلم اللخمي، والمشرف بن علي الأنماطي، وأحمد ومحمد ابني عبد الرحمن الحضرمي، ومقاتل بن عبد العزيز البرقي، وظافر بن عطية اللخمي، ومحمد بن القاسم الفاسي، ويحيى بن عبد المهيمن بن قلينا، ومحمد بن محمد المراكشي، وعبد الواحد بن عسكر، وغيرهم. وكتب بخطه الكثير، وخرج لنفسه أربعين حديثاً. وكان فقيهاً لبيباً، فاضلاً، ديناً، صحيح السماع، متواضعاً، سهل الانقياد، وانقطع بموته شيء كثير. روى عنه: ابن نقطة، وابن النجار، والزكي المنذري، والرشيد العطار، وابن الحلوانية، والدمياطي، والضياء السبتي، والشرف حسين بن الصيرفي، والتاج علي الغرافي، والشهاب أحمد بن الدفوفي، والطواشي بلال المعيني، ومحمد بن النضير بن الأصفر، وشهاب بن علي، وأبو بكر بن ثابت البشطاري، ومحمد بن أبي القاسم الصقلي، والشمس عبد القادر بن الحظيري، والشرف محمد بن عبد الرحيم بن النشر، وخلق كثير. وحدث بالإسكندرية، والقاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 398 سمعت عبد المؤمن الحافظ يقول: قرأ ابن شحانة على ابن رواج فقال: الإبط، بكسر الباء، فقال: لا تحركه يفح صنانه.) توفي ابن رواج في ثامن عشر ذي القعدة، وختم أصحابه بيوسف بن عمر الجيني، يعني بالسماع. 4 (عثمان بن عبد الواحد)
4 (بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى بن علي.) مجد الدين، أبو عبد الله القرشي، الدمشقي. سمع من: جده زين القضاة أبي بكر، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وحنبل، وغيرهم. وأضر بأخرة، وانقطع عن الناس. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي الخلال، والصدر الأرموي، والعماد بن البالسي، وآخرون. توفي في رجب. 4 (علي بن سالم بن أبي بكر)
4 (بن سالم.) أبو القاسم البعقوبي، الخشاب. ولد قبل السبعين وخمسمائة، وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وغيرهما. كتب عنه: عمر بن الحاجب، والكبار. وروى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وأجاز لجماعة من شيوخنا. وتوفي في الخامس والعشرين من رمضان ببغداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 399 4 (علي بن عبد المجيد)
4 (بن محمد بن محمد.) أبو الحسن الكركنتي، الإسكندراني. وكركنت: من قرى القيروان. حدث عن: القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي. مات في رمضان. 4 (عمر بن إسحاق) فخر الدين، أبو حفص الدورقي.) صدر معظم كبير، واسع الجاه، كان ذا رتبة. راتبه كل يوم خمسمائة رطل خبز، إلى مثل ذلك من اللحم والأدم. وكان خيراً سليم الصدر. 4 (حرف اللام)
4 (لؤلؤ) الأمير الكبير شمس الدين، أبو سعيد الأميني الموصلي، كافل الممالك الشامية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 400 ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة تقريباً. وسمع من: محمد بن وهب بن الزنف، وعمر بن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، ومجد الدين ابن العديم، وغيرهما. وكان بطلاً شجاعاً، كريماً، ديناً، عابداً، صالحاً، أماراً بالمعروف إلا أن فيه عقل الترك. كان مدبر الدولة الناصرية، فحرص كل الحرص على العبور إلى الديار المصرية وليفتحها لمخدومه، فسار به وبالجيوش، وعمل مع عسكر مصر مصافاً بقرب العباسة فانكسر المصريون، ثم تناخت البحرية بعد فراغ المصاف، وحملوا على لؤلؤ وهو في طائفة قليلة فأسروه، ثم قتلوه بين العباسة وبلبيس في تاسع ذي القعدة، وقتل معه جماعة. قال ابن واصل: وقطع المصاف فحمل الشاميون وثبت المعز في جماعة من البحرية، وتحيز بهم ومعه القارس أقطاي، وعزموا على قصد ناحية الشوبك. وبقي السلطان الملك الناصر تحت السناجق في جمع قليل أيضاً، وبعد عنه جيشه إذ ساقوا خلف المصريين إلى العباسة، وتم لهم النصر، ونصبوا دهليز السلطان بالعباسة. وحكى لي الأمير حسام الدين ابن أبي علي أن فرسه تقنطر به، فجاء جندي فركبه وقال له: قد تمت الكسرة علينا. قال: فشاهدت طلباً قريباً مني فقصدتهم، فرأيت رنكهم رنك المصريين فأتيتهم، فوجدت المعز وأقطاي في جماعة لا يزيدون على سبعين فارساً فسلمت على الملك المعز ووقفت، فقال لي: ترى هذا الجمع قلت: نعم. فقال: هذا الملك الناصر وجماعته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 401 ثم إن المعز حمل على الناصر، فانهزم وكسرت سناجقه، ونهب ما معه، وأسر بعضهم، ونجا البعض. وانضاف بعض العزيزية إلى المعز وكثر جمعه، فلقد أساء شمس الدين لؤلؤ التدبير في تركه السلطان في قل من الناس خلفه، وكان ينبغي له وللعسكر أن يلازموه إلى أن ينزل) بالمنزلة. ولو فعلوا ذلك لملكوا البلاد. فأسر أصحاب المعز الملك الصالح إسماعيل والأشرف صاحب حمص، والمعظم ولدي السلطان صلاح الدين. وبلغ لؤلؤ هرب السلطان فقال: ما يضرنا بعد أن انتصرنا، هو يعود إذا تمكنا. ثم كر راجعاً في جمع، وحمل على الملك المعز، فحمل عليه أيضاً، فانكسر جماعة لؤلؤ، وأسر هو وضياء الدين القيمري، فحدثني حسام الدين ابن أبي علي قال: ما رأيت أحسن ثباتاً من لؤلؤ، ولا أشد صبراً. لم يتكلم بكلمة ولا ذل ولا خضع ولا اضطرب حتى أخذته السيوف. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن إبراهيم بن علي) القاضي أبو القاسم الجياني، الأندلسي. من كبار المسندين. روى عن: ابن المجد، والسهيلي، وأبي عبد الله بن زرقون بالإجازة. 4 (محمد بن الحسين)
4 (بن عبد السلام بن عتيق.) الإمام، قاضي الإسكندرية أبو عبد الله التميمي، السفاقسي المالكي، الخطيب. سمع من: ابن بوقا. وتوفي في ربيع الأول. 4 (محمد بن سليمان)
4 (بن علي بن سالم.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 402 أبو عبد الله الحموي، ثم الدمشقي، الحنفي الواعظ. أخو أبي بكر. ولد سنة تسع وسبعين. وسمع بالقاهرة من الزوجين ابن نجا وفاطمة بنت سعد الخير. وبدمشق من: ابن طبرزد. روى عنه: أبو علي بن الخلال، وغيره. وتوفي في ذي القعدة بدمشق. 4 (محمد بن سنجر شاه) ) 4 (بن غازي بن مودود.) الملك المعظم صاحب الجزيرة العمرية، وابن صاحبها. بقي في الملك ثلاثاً وأربعين سنة، ولقبه معز الدين. تزوج ابنه ببنت بدر الدين صاحب الموصل. وكان ديناً قبل السلطنة، فلما طالت أيامه تجبر وظلم وتفرعن. وكان صاحب مصر الكامل يهاديه ويراسله، وكذا الخليفة وصاحب الموصل ويحترمونه، لكونه بقية البيت الأتابكي. تملك الجزيرة بعد أبيه الملك المسعود زوج بنت صاحب الموصل، فبغى عليه صاحب الموصل وغرقه. 4 (محمد بن أبي بكر)
4 (عبد الله بن أبي السعادات.) أبو عبد الله البغدادي، الدباس، الحنبلي. من كبار علماء الحنابلة. كان صالحاً، ديناً، خيراً، صابراً على تعليم العلم. أعاد بالمستنصرية مدةً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 403 وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز. وقرأ بنفسه على أصحاب ابن الحصين. توفي في شعبان. قاله الجزري. وقد ذكره ابن النجار، وروى عنه حديثاً، وأطنب في مدحه وتضخيمه، رحمه الله. 4 (محمد بن عبد القادر)
4 (بن محمد بن أبي سهل.) أبو عبد الله الصوفي البندنيجي. شيخ صالح، سمع من: يحيى بن بوش. ومات في جمادى الآخرة. روى عنه: الدمياطي، ومجد الدين العديمي. 4 (محمد بن محمد بن عمر) ) 4 (بن أبي بكر بن منصور بن أبي سعد.) مجد الدين أبو عبد الله الإسفرائيني الصوفي المعروف بابن الصفار. ولد يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين وخمسمائة بإسفراين. وسمع بنيسابور من: المؤيد الطوسي، والقاسم بن عبد الله الصفار، وعثمان بن أبي بكر الخبوشاني، وزينب الشعرية، وغيرهم. وكان صوفياً محدثاً عالماً. ولي القراءة بدار الحديث من أول ما فتحت، وكان مليح القراءة، متزهداً، كثير السكون، صحيح الكتابة. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، والخطيب شرف الدين الفزاري، وبهاء الدين ابن المقدسي، وركن الدين الطاووسي، ومحمد بن محمد الكنجي، وجلال الدين النابلسي الحاكم، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 404 بالحضور: العماد ابن البالسي، وغيره. توفي بالسميساطية في تاسع عشر ذي القعدة. 4 (محمد بن الوزير نصير الدين)
4 (بن مهدي بن حمزة.) أبو عبد الله العلوي، البغدادي، الأديب. ولي نظر الخزانة في دولة أبيه، فلما نكب أبوه حبس هذا، ثم أخرج عنه وخمل أمره. بقي إلى هذه السنة. 4 (محمود بن الحسين)
4 (بن أبي الفوارس.) القاضي أبو الثناء الشهرزوري، الشافعي، قاضي كفرطاب. ولد بالطالقان، من نواحي شهرزور. وحدث عن: عمر بن طبرزد. توفي في رجب بكفرطاب. 4 (مسعود بن عبد الله) أبو الخير التكروري الزاهد، صاحب المحدث عز الدين بن هلال.) سمع من: منصور الفراوي، وأبي روح عبد المعز، وزينب الشعرية. وسكن منية بني خصيب إلى حين وفاته. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وتوفي في صفر. 4 (مظفر بن عبد الملك)
4 (بن عتيق بن مكي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 405 أبو منصور الفهري، ابن الفوي، الإسكندراني، المالكي، الشاهد. ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وسمع من: السلفي. روى عنه: الدمياطي، وأبو القاسم بن بلبان، وعبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عطية، وأبو محمد ابن الصيرفي، وأبو الهدى عيسى السبتي، وعدة. توفي سلخ ذي القعدة. 4 (حرف الهاء)
4 (هدية بنت محمد بن أحمد)
4 (بن خميس المغربي.) أم الفتح الحلبية الواعظة. تروي عن: يحيى الثقفي. روى عنها: ابن الحلوانية، وابن الظاهري، والدمياطي، وسنقر الزيني، وإسحاق الصفار، وجماعة. وماتت في ثامن رجب. 4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن عمر) أبو المفضل البغدادي، التاجر، المطرز. حدث عن: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وغيره.) ومات بالقاهرة. وكان يعرف بابن صهير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 406 4 (يوسف بن خليل)
4 (بن قراجا بن عبد الله.) الحافظ شمس الدين، أبو الحجاج الدمشقي الأدمي، نزيل حلب. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة بدمشق. وكان مشتغلاً بصنعته إلى أن صار ابن نيف وثلاثين سنة، فأخذ يسمع الحديث. فسمع من: يحيى الثقفي، وأحمد بن حمزة بن الموازيني، وابن صدقة الحراني. ثم طلب الحديث وكتب الطباق، ونسخ أجزاءً، وتخرج عنه الحافظ عبد الغني، وسمع منه الكثير. وكان شاباً فطناً، مليح الخط، فحسن له الحافظ الرحلة وإدراك الأسانيد العراقية، فرحل إلى بغداد سنة ثمان وثمانين، وسمع بها الكثير من ذاكر بن كامل، ويحيى بن بوش، وابن كليب، ورجب بن مدكور، وأبي منصور بن عبد السلام، وعبد الله بن المبارك الأزجي، وخلق من أصحاب ابن الحصين، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 407 ورجع إلى بلده بحديث كثير، وقد فهم وحفظ، وصار من خيار الطلبة، فبقي متطلعاً إلى ما بأصبهان من العوالي في هذا الوقت، فرحل إليها في سنة إحدى وتسعين، وأدرك بها إسناداً في غاية العلو. أكثر عن أصحاب أبي علي الحداد. وسمع الكثير من: مسعود الحمال، وخليل بن بدر الداراني، وأبي الفضائل عبد الرحيم الكاغدي، وأبي جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي، وأبي طاهر بن فاذشاه، وأبي المكارم اللبان، والكراني، وناصر الويرج، ومحمد بن أحمد المهاد، ومحمد بن الحسن الأصفهبذ، وخلق. وكتب الكتب الكبار والأجزاء، وحسن خطه، واتسع حفظه، وجلب إلى الشام خيراً كثيراً، ثم رحل إلى مصر وسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وأبي الجود المقرىء، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. قال عمر بن الحاجب: سألت أبا إسحاق الصريفيني عنه، فقال: حافظ ثقة، عالم بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم رجل.) وقال ابن الحاجب: وسألت الضياء عنه فقال: حافظ، سمع وحصل الكثير، وهو صاحب رحلة وتطواف. قال ابن الحاجب: هو أحد الرحالين بل واحدهم فضلاً وأوسعهم رحلة. نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر وهو طيب الأخلاق، مرضي الطريقة، متقن، حافظ، ثقة. قلت: روى عنه جماعة من كبار الحفاظ. وأنبا عنه: الحافظان الدمياطي، وابن الظاهري، ومحمد بن سليمان المغربي، ومحمد بن جوهر المقرىء، وعلي بن أحمد الهاشمي، والبهاء أيوب بن النحاس، وأخوه إسحاق، وعز الدين عبد العزيز بن العديم الحاكم، وأخوه عبد المحسن، وطاهر بن عبد الله بن العجمي، وعبد الملك بن حنيفة، وسنقر الزيني، وعبد الله بن محمد المخزومي، وأبو حامد المؤذن، وتاج الدين صالح الفرضي، وأبو بكر الدشتي، وآخرون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 408 وممن يروي عنه في هذا الوقت، وهو سنة أربع عشرة، ابن ساعد بمصر، ونحوه بنت النصيبي بحماة، وابن أخيها محمد بن أحمد، وأحمد بن محمد بن العجمي، وإبراهيم وإسماعيل وعبد الرحمن بنو صالح بن العجمي بحلب، والعفيف إسحاق الآمدي، والأمين محمد بن النحاس بدمشق. وقد خرج لنفسه معجماً سمعته من ابن الظاهري، وعوالي وفوائد كثيرة سمعنا عامتها. وتفرد بأشياء كثيرة من حديث أصبهان لخرابها واستيلاء الهلاك عليها، مع أنه ما رحل إليها حتى مضى من عمره عنفوان الشبيبة، وصار ابن ست وثلاثين سنة. توفي، رحمه الله تعالى، في ليلة عاشر جمادى الآخرة بحلب. 4 (يونس بن خليل بن قراجا) أبو محمد الدمشقي الأدمي. أخو الحافظ شمس الدين يوسف. ولد في أول سنة تسع وخمسين وخمسمائة. وسمع مع أخيه من الخشوعي، وغيره. ورحل معه إلى مصر متفرجاً، فسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين ولزم صنعته إلى أن توفي.) روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدين، والبدر ابن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، والحافظ أبو محمد بن خلف، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة. توفي في الخامس والعشرين من المحرم بدمشق، وله تسعون سنة إلا سنة. وإجازته موجودة لجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 409 4 (الكنى)
4 (أبو بكر بن إسماعيل)
4 (بن جوهر بن مصر.) الأنصاري، الدمشقي، الفراء، التاجر. حدث عن: يوسف بن معالي، والحسين بن عبد الله بن شواش. أخذ عنه ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابوني. والتقى عبيد الإسعردي. وتوفي في رجب. 4 (أبو الفتح بن أبي الغنائم)
4 (بن هبة الله بن المبارك بن حيدرة.) السلمي. سمع: حضوراً من أبي الحسين بن الموازيني. وتوفي في جمادى الآخرة. وفيها ولد: نور الدين علي بن أبي بكر بن بحتر الحنفي، في شوال، والمعين خطاب بن محمد بن نصار، وشمس الدين محمد بن إبراهيم بن علي الرقي القاضي، والشرف محمد بن فتح الدين عبد الله بن القيسراني، بحلب، والجمال عبد القاهر بن محمد بن عبد الواحد التبريزي الخطيب قاضي سلمية بحران، والملك الأوحد شادي ابن الملك الزاهر صاحب حمص، والشهاب أحمد بن محمد بن معالي الزعتر،) والشمس محمد بن الخضر نقيب المالكي، والمحيي يحيى بن يحيى الزوادي الشاهد، والفخر عثمان بن محمد بن قاضي القضاة ابن درباس،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 410 وعيسى بن عبد الغني بن حازم المقدسي، وشهدة بنت المكين أبي الحسن الحصني بمصر، والنور محمود بن أبي طالب بن مرضي الحموي، وإمام الدين محمد بن عمر بن محمد بن الفارسي، ويعقوب بن محمد التركماني، وأبو بكر بن عامر بن شريط، والشيخ أحمد بن محمد الحراني المقرىء، وعبد الرحمن بن العز الفراء، والشيخ أحمد بن الفخر، تقريباً، والتقي أحمد بن الشيخ العز الحنبلي، في شعبان، وأحمد بن قطب الدين محمد بن القسطلاني، والبدر عثمان بن عبد الصمد بن الحرستاني، ومحيي الدين يحيى ابن قاضي زرع الشيباني، تقريباً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 411 1 (سنة تسع وأربعين وستمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن محمد بن الحسين)
4 (بن عبد الصمد بن الحسين بن أحمد بن تميم.) أبو بكر التميمي، الدمشقي، الكاتب. من أكابر الدمشقيين، ومن بيت قديم. سمع: القاسم بن عساكر، وعمر بن طبرزد، والكندي، وغيرهم. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأحمد بن محمد الصواف، وجماعة. وتوفي في سلخ رجب عن ثلاث وستين سنة. 4 (أحمد بن مسلم بن أبي الفتح)
4 (بن أبي غانم.) أبو العباس، الجبلي، الحلبي. سمع من: يحيى الثقفي. وحدث بدمشق، وحلب. وتوفي في حلب ليلة رابع شعبان. قاله الشريف. ولم أر للدمياطي أخذاً عنه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 412 وروى عنه: أبو حامد بن الصابوني، وقال: هو من جبلة بالساحل. 4 (أحمد بن نصر بن أبي القاسم)
4 (بن أبي الحسن.) أبو العباس بن أبي السعود التميمي، الحنظلي، الأزجي. التاجر المعروف بابن قميرة، أخو يحيى. شيخ معمر، ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي محمد عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن النرسي نصف جزء وهو آخر من حدث عنه.) روى عنه: القاضي مجد الدين ابن العديم، والحافظ شرف الدين الدمياطي، والواعظ محمد بن الدواليبي. توفي في أوائل هذا العام. وقد روى عنه النجار وقال: شيخ متيقظ، حسن الطريقة، سافر كثيراً إلى خراسان، وخوارزم، والجزيرة، والشام، ومصر، وهو من أعيان التجار، ذوي الثروة الواسعة واليسار، رحمه الله تعالى. 4 (أحمد بن يوسف بن عبد الواحد)
4 (بن يوسف.) الفقيه العلامة، أبو الفتح الأنصاري، الدمشقي، ثم الحلبي، الحنفي، الصوفي. تفقه وبرع في علم الخلاف والنظر، وطلب إلى بغداد فولي بها تدريس
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 413 مذهبه بالمستنصرية مدةً. ثم استأذن في العود إلى وطنه، فعاد إلى حلب ودرس بها بالمقدمية وبمدرسة الحدادين. وولي مشيخة رباط سنقر شاه بعد موت أبيه. وروى عن: شيخه الافتخار الهاشمي، وغيره. توفي في شعبان. 4 (أحمد بن أبي البركات) واسم أبي البركات الخضر بن الحسن بن محمد بن القاسم. أبو العباس القرشي الدمشقي، الطبيب المعروف بابن المجري. حدث عن: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد. وحدث بمصر، ومات بعجلون في ذي الحجة. 4 (إبراهيم بن عبد الله بن جابر) التنوخي، الحموي، الشافعي، مدرس الصهيونية بحماه. أجاز له أبو الخير القزويني. وسمع من: أبيه. روى عنه: الدمياطي. مات في رمضان في عشر الثمانين.) 4 (إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد) أبو الوليد الأزدي الغرناطي، العطار. سمع من: عبد المنعم الخزرجي، وأبي بكر بن حسنون وأخذ عنه القراءآت. وأجاز لبعض الفضلاء في هذه السنة، وانقطع خبره. وقال لي ابن عمران السنبتي: قرأ عليه شيخنا ابن الزبير القراءآت السبع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 414 4 (الأعز بن فضائل)
4 (بن أبي نصر بن غباسوه بن العليق.) أبو نصر البغدادي البابصري، ويعرف أيضاً بابن بندقة. سمع من: شهدة، وعبد الحق اليوسفي، وأبي المظفر أحمد بن حمدي، والمبارك بن محمد الزبيدي، وعبد الرحمن بن يعيش القواريري. وأجاز له أبو طاهر السلفي. وكان شيخاً صالحاً متيقظاً، حسن الطريقة، كثير التلاوة، عالي الرواية. تفرد بموطأ القعنبي عن شهدة، وبالقناعة لابن أبي الدنيا، وبكرامات الأولياء للخلال. روى عنه: ابن الحلوانية، ومجد الدين العديمي، وشرف الدين الدمياطي، وجمال الدين الشريشي، وجمال الدين سليمان بن رطلين، وآخرون. وحدث عنه بالإجازة القاضي ابن الحوري، وأبو المعالي بن البالسي، ومحمد النجدي. وعنه: عبد الملك بن تيمية، وابن عمه، وعلي بن السكاكري، وبنت مؤمن، وزينب بنت الكمال، وجماعة. وتوفي في سادس عشر رجب. 4 (حرف الباء)
4 (بركة بن عبد الرحمن بن عمارة) الحريمي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 415 روى عن: فارس بن المشاهر، وأفضل بن أبي الحسن الخباز. روى عنه: الدمياطي، وغيره. 4 (حرف الجيم)
4 (جعفر بن عبد الرحمن) ) أبو الفضل الحلبي، الزاهد، المعروف بالسراج. سمع من: الافتخار الهاشمي، وجماعة. ومات في شعبان. 4 (حرف الحاء)
4 (حمدان بن شبيب بن حمدان) أبو الثناء الحزامي العطار، والد العلامة نجم الدين. روى عن: أبي ياسر بن أبي حبة. وعنه: الدمياطي، وابن الطاهري، وطائفة. مات في صفر بحران. 4 (حرف الخاء)
4 (الخضر بن الحسن بن عامر) شمس الدين، أبو القاسم الحلبي، ابن قاضي الباب. ويدعى بعبد المجيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 416 سمع: يحيى الثقفي. وعنه: ابن الظاهري، والدمياطي، وإسحاق النحاس، وجماعة. ومات في ذي القعدة. 4 (حرف السين)
4 (سالم بن ثمال بن عنان)
4 (بن واقد بن مستفاد.) أبو المرجا السنبستي، العرضي، ثم الدمشقي. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وطلب الحديث وأكثر من السماع إلى الغاية لا سيما عن المتأخرين. وكان شيخاً صالحاً، حدث عن: التاج الكندي، وابن الحرستاني. وسمع من: ابن سليمان الموصلي، وأخيه. روى عنه: الدمياطي، والفارقي، ومحمد بن محمد الكنجي، وابن الخلال، وغيرهم. توفي في سلخ شعبان بدمشق.) 4 (.... بن إسماعيل.) الأسدي، الدمشقي الرام. ولد في سنة أربع وستين وخمسمائة بالعقيبة. وحدث عن: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي. وتوفي بقلعة دمشق في ذي القعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 417 4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن أبي المكارم)
4 (عبد المنعم بن أبي الفضائل أحمد بن محمد بن فضائل بن عشائر.) أبو حامد السلمي، الحنفي، الحلبي. شيخ صالح معمر. ولد في شهر جمادى الأولى سنة إحدى وستين وخمسمائة بحلب. وسمع من: أبيه ومن: الحسن بن علي البطليوسي، وأبي الفتح عمر بن علي الجويني. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وجماعة. ومن القدماء: مجد الدين ابن العديم، وغيره. وتوفي في رابع شعبان. قرأ عليه الدمياطي رسالة القشيري عن الجويني، عن الشاذياخي. 4 (عبد الجليل بن محمد)
4 (بن عبد الله بن تغري بن القاسم.) أبو محمد القرشي، المصري، الطحاوي، المالكي، الرجل الصالح. ولد سنة سبع وستين بطحا، وسمع بمنية بني خصيب من: علي بن خلف الكومي. ونسخ كثيراً بخطه من الحديث. وكان صحيح النقل، ثقة، فاضلاً، محدثاً. ولي خطابة الجامع الطولوني، وسمع من المتأخرين. وله إجازة من البوصيري وطبقته ولم يزل يطلب الحديث إلى حين وفاته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 418 روى عنه الدمياطي، والأبرقوهي، وجماعة. وتوفي بالشارع في رابع رمضان.) 4 (عبد الخالق بن الأنجب)
4 (بن المعمر بن الحسن.) الفقيه الملقب بالحافظ أبو محمد ضياء الدين العراقي، النشتبري المارديني، نزيل دنيسر، وماردين. سمع ببغداد من: أبي الفتح بن شاتيل، وأبي بكر الحازمي، وابن كليب، وأبي الفرج بن الجوزي. وسمع بمصر من: إسماعيل بن ياسين. وبدمشق من: إسماعيل الجنزوي، وبركات الخشوعي. قال عمر بن الحاجب: سألت الحافظ الضياء عنه فقال: صحبنا في السماع ببغداد، وما رأينا منه إلا الخير. وبلغنا أنه فقيه حافظ. وقال غيره: كان فقيهاً مناظراً متفنناً، كثير المواد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 419 وقال الشريف عز الدين الحافظ: كان يذكر أنه ولد في سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وأنه أجاز له جماعة منهم أبو الفتح الكروخي. قلت: أحضر لنا الأمير أبو عبد الله محمد بن التيتي إجازةً عتيقة قد أجاز فيها لعبد الخالق بن الأنجب النشتبري ولغيره في سنة إحدى وأربعين جماعة من شيوخ نيسابور لعبد الله بن الفراوي، وعبد الخالق بن زاهر الشحامي، لكنها لعلها لأخ لصاحب الترجمة اسمه باسمه فيما أُرى. وقد رحل ابن الحاجب وغيره بعد العشرين ولم يعرف بهذه الإجازة، ولو عرف بها في ذلك الزمان لكانت من أعلى ما يروى، فكيف في هذا الوقت وكذا شيخنا الدمياطي لم يعبأ بهذه الإجازة ولا سمع عليه بها. وأما السراج ابن شحانة فقرأ عليه بها الأربعين لعبد الخالق الشحامي في سنة إحدى وأربعين وستمائة بجامع آمد. وقال الدمياطي: مات في الثاني والعشرين من ذي الحجة، وقد جاوز مائة. وكان فقيهاً عالماً. ثم قيد النشتبري بكسر أوله وثالثه. وقول الدمياطي إنه جاوز المائة فيه نزاع، فإن الحافظ ابن النجار قال: بلغني أنه ادعى الإجازة من موهوب بن الجواليقي، والكروخي وجماعة، وروى) عنهم. وما أظن سنة يحتمل ذلك. قلت: الإجازة صحيحة إن شاء الله مع إقراره بأنها له وبأنه ولد في حدود سنة أربعين وخمسمائة. روى عنه: الدمياطي، ومجد الدين بن العديم، وجمال الدين ابن الظاهري، وشمس الدين عبد الرحمن بن الزين، وابن التيتي المذكور. ومن القدماء: الحافظ أبو عبد الله البرزالي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 420 وغيره. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وشيخنا أبو عبد الله بن الدباهي، وجماعة بقيد الحياة. 4 (عبد الدائم بن عبد المحسن)
4 (بن إبراهيم.) الشيخ عماد الدين بن الدجاجي، الأنصاري، المصري. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: إسماعيل الزيات، ومحمد بن عبد الرحمن المسعودي، وأبي الجيوش عساكر بن علي. روى عنه: الدمياطي، وعبيد الإسعردي، وإبراهيم بن عيسى الزيات، ومحمد بن عبد القوي بن عزرون، وجماعة. ومات في شهر ربيع الأول، وختم أصحابه بيوسف بن عمر الختني. 4 (عبد الرحمن بن عبد السلام)
4 (بن إسماعيل.) القاضي العلامة أبو الفضل اللمغاني، ثم البغدادي، الحنفي، مدرس المستنصرية. كان شيخ المذهب في زمانه. أخذ عنه أئمة وفضلاء. وروى عن أبيه القاضي أبي محمد. روى عنه الدمياطي فقال: أخبرنا قاضي القضاة شرقاً وغرباً كمال الدين: أنا أبي، فذكر حديثاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 421 توفي في حادي عشر رجب عن خمس وثمانين سنة. 4 (عبد الرحمن بن محمد)
4 (بن عبد الرحمن.) ) الأستاذ أبو القاسم بن رحمون المصمودي، النحوي. أخذ العربية من ابن خروف. وكان ذا لسن وفصاحة. وكان يقرىء كتاب سيبويه. وله صيت وشهرة ومشاركة في فنون، ومعرفة جيدة بالنحو. مات بسبتة في صفر سنة تسع ورخه ابن الزبير. 4 (عبد الظاهر بن نشوان)
4 (بن عبد القاهر بن نجدة.) الأمير رشيد الدين أبو محمد الجذامي، المصري، المقرىء، النحوي الضرير. من ذرية روح بن زنباع، رحمه الله. قرأ القراءآت على أبي الجود، والنحو على.... وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي. وتصدر للإقراء مدة. وتخرج به جماعة. وكان مقرىء الديار المصرية في زمانه. قرأ عليه شيخنا النظام التبريزي ختمة. وأخذ عنه القراءآت عدة أئمة، وازدحموا عليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 422 وكان وجيهاً عند الخاصة والعامة. روى عنه: الدمياطي، والحداد. ومات في جمادى الأولى. وهو والد الكاتب البليغ القاضي محيي الدين. 4 (عبد العزيز بن يحيى)
4 (بن أبي بكر بن محمد بن يحيى.) أبو نصر بن الزبيدي، الربعي، الفرسي، من ربيعة الفرس. كان أسند من بقي ببغداد. ولد سنة ستين وخمسمائة، وسمع من: أبي علي أحمد بن محمد الرحبي، وأبي المكارم محمد بن أحمد الظاهري. وسمع من: شهدة، والحسين بن علي السماك، وأبي نصر يحيى بن السدنك. ومن مروياته عشرة أجزاء من أول مصارع العشاق على شهدة.) روى عنه: الحافظ شرف الدين الدمياطي، وقال: توفي في سلخ جمادى الأولى. وأجاز لابن الشيرازي، وأحمد بن محمد البجدي، وعلي بن السكاكري، وعبد الملك بن تيمية، وابن عمه، وست الخطباء بنت البالسي، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 423 4 (عبد اللطيف بن علي بن النفيس)
4 (بن بورنداز.) الحافظ المفيد نور الدين، أبو محمد بن أبي الحسن البغدادي. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وأجاز له ذاكر بن كامل، وغيره. وسمع من: أبيه، وجعفر بن موسان، وعبد العزيز بن منينا، فمن بعدهم. وحدث وكتب الكثير، وأفاد. أخذ عنه: الدمياطي، وغيره. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر عن ستين سنة. 4 (عبد الملك بن عبد الكافي)
4 (بن علي بن موسى بن حجاج.) رضي الدين أبو محمد الربعي الشاهد، الصقلي، ثم الدمشقي، الشافعي. ولد سنة ست وثمانين، وسمع من: الخشوعي، ومحمد بن الخصيب، والعماد الكاتب. روى عنه: مجد الدين ابن الحلوانية، وابنه الخطيب جمال الدين عبد الكافي، وغيرهما. توفي في خامس شوال. 4 (عبيد الله بن عاصم)
4 (بن عيسى بن أحمد.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 424 الخطيب أبو الحسن الأسدي، الرندي، خطيب رندة وعالمها، ومسند الأندلس في وقته. ولد في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسمائة. وسمع من: الحافظين أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، والخطيب أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد، وأبي الحسن نجبة بن يحيى، وأبي زيد السهيلي. وكان من أهل العناية بالرواية. قال الشريف عز الدين: توفي في ذي الحجة برندة.) 4 (علي بن أبي الفتح)
4 (بن الوزير الكبير أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء.) كان مفسداً مقداماً. تبع يهودياً معه مال فهجم داره فقتله وأخذ المال، فصاحت الزوجة فقتلها، وخرج، فتبعه الجيران، فأخذ ووسط على باب النوبي. 4 (علي بن محمد بن علي)
4 (بن محمد بن يحيى.) الصدر الحافظ، أبو الحسين الغافقي، السبتي الشاري، نزيل مالقة. والشارة بشرقي الأندلس. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي محمد بن عبيد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 425 وسمع من: محمد بن غازي السبتي، وأبي الحسين بن خير. وأخذ العربية عن: أبي ذر الخشني، وأبي الحسن بن خروف. وأجاز له الإمام أبو زيد السهيلي. وسمع بفاس من أبي عبد الله الفندلاوي. وأخذ القراءآت عن: أبي زكريا الهوزني. وشارك في عدة فنون مع الشرف والحشمة والمروءة الظاهرية، واقتنى من الكتب شيئاً كثيراً، وحصل الأصول العتيقة، وروى الكثير. وكان محدث تلك الناحية. توفي في رمضان بمالقة. وحكى لي ابن عمران السبتي عن سبب إخراج أبي الحسين الشاري من سبتة إلى ابن خلاص، وكبار أهل سبتة عزموا على تمليك سبتة ليحيى بن عبد الواحد صاحب إفريقية، فقال الشاري: يا قوم خير إفريقية بعيد عنا وشرها. ورأيي مداراة ملك مراكش. فلم يهن على ابن خلاص، وكان مطاعاً، فهيأ مركباً وأنزل فيه أبا الحسن وغربه عن سبتة إلى مالقة، وترك أهله وماله بسبتة، وله بها مدرسة مليحة كبيرة. روى عنه: أبو جعفر بن الزبير وأثنى عليه. وسمع منه شيئاً كثيراً، رحمه الله تعالى.) 4 (علي بن هبة الله)
4 (بن سلامة بن المسلم بن أحمد بن علي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 426 الإمام العلامة مسند الديار المصرية، بهاء الدين أبو الحسن اللخمي، المصري، الشافعي، الخطيب، المدرس، ابن بنت أبي الفوارس الجميزي. ولد يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمصر، وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين أو أقل، ورحل به أبوه فسمع بدمشق من أبي القاسم بن عساكر الحافظ في سنة ثمان وستين صحيح البخاري بفوت قليل. ورحل مع أبيه إلى بغداد فقرأ بها القراءآت العشر على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي بكتابه الذي صنفه في القراءآت. وسمع منه الكتاب أيضاً. وهو آخر من قرأ القراءآت في الدنيا على البطائحي، بل وآخر من روى عنه بالسماع. وقرأ أيضاً بالقراءآت العشر على الإمام قاضي القضاة أبي سعيد بن أبي عصرون مما تضمنه كتاب الإيجاز تأليف أبي ياسر محمد بن علي المقرىء الحمامي، وهو من جملة تلامذته. فأخبرنا أبو الحسين اليونيني أنه سمع أبا الحسن بن الجميزي يقول: قرأت عليه، يعني على ابن عصرون، كتاب المهذب لأبي إسحاق الشيرازي، وكان قد قرأه على القاضي أبي علي الفارقي، عند المصنف، وذلك في سنة خمس وسبعين وبعدها. وألبسني في هذا التاريخ شيخنا أبو سعد الطيلسان وشرفني به على الأقران. وكتب لي لما ثبت عندي علم: الولد الفقيه الإمام بهاء الدين أبي الحسن بن أبي الفضائل، وفقه الله، ودينه وعدالته، رأيت تمييزه من بين أبناء جنسه وتشريفه بالطيلسان، والله يرزقه القيام بحقه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 427 وكتب عبد الله بن محمد بن عصرون: سمعت عليه كتاب الوسيط للواحدي، وكتاب الوجيز له أيضاً، وكتاب الوقف والابتداء لابن الأنباري، وكتاب الإيجاز في القراءآت لأبي ياسر، أخبرني به عن أبي بكر المزرقي، وكتاب معالم السنن، للخطابي، وغير ذلك من الأجزاء. قلت: وهو آخر تلامذة أبي سعد في الدنيا. والعجب من القراء كيف لم يزحموا عليه ولا تنافسوا في الأخذ عنه، فإنه كان أعلى إسناداً من كل أحد في زمانه، فلعله كان تاركاً للفن. وسمع ببغداد من: شهدة الكاتبة، وعبد الحق اليوسفي، وأبي شاكر يحيى السقلاطوني، ومحمد بن نسيم العيشوني.) وسمع بالإسكندرية من: أبي طاهر السلفي، وتفرد عنه بأشياء، وعن غيره. وسمع من: أبي الطاهر بن عوف، وأبي طالب أحمد بن المسلم التنوخي. وسمع بمصر من: عبد الله بن بري النحوي، وأبي القاسم بن فيره الشاطبي، وقرأ عليه عدة ختمات ببعض الروايات، وسمع منه الموطأ وعدة كتب. وتفقه بمصر على: أبي إسحاق إبراهيم بن منصور العراقي، والشهاب محمد بن محمود الطوسي ودرس وأفتى دهراً. وخطب مدةً بجامع القاهرة. وكان رئيس العلماء في وقته، معظماً عند الخاصة والعامة، كبير القدر، وافر الحرمة، ولا تعلم أحداً سمع من السلفي وابن عساكر وشهدة سواه إلا الحافظ عبد القادر بن عبد الله. روى عنه خلق من أهل دمشق وأهل مكة وأهل مصر منهم: الزكيان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 428 المنذري والبرزالي، وابن النجار، والدمياطي، وابن دقيق العيد، وشرف الدين أبو الحسين اليونيني، وضياء الدين عيسى السبتي، وفخر الدين عثمان التوزري، وشهاب بن علي، ومحمد بن عبد الحميد المؤدب، ورضي الدين إبراهيم المطيري، وأخوه الصفي أحمد، والقاضي تقي الدين سليمان، وعبد الرحمن ويحيى ابنا محمد بن علي المكي، والأمين محمد بن النحاس، والشرف محمد بن عبد الرحيم القرشي. والمجبي محمد بن يوسف النحوي، وجماعة أحياء. توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة، وقد كمل التسعين. 4 (عمر بن محمد بن عمر) أبو الفتح الأبيوردي، ثم الحلبي الصوفي الخياط. ولد بحلب سنة ست أو سبع وخمسين وخمسمائة، وعمر اثنتين وتسعين سنة. وحدث عنه: يحيى الثقفي. وكان خيراً متصوناً، روى عنه الحلبيون. مات في الثاني والعشرين من ذي القعدة. 4 (عيسى بن أبي الحرم)
4 (مكي بن الحسين بن يقظان بن أبي الحسن بن فتيان بن راجح بن عامر بن عجلان.) الشيخ سديد الدين، أبو القاسم العامري، المصري، الشافعي، المقرىء، الحاكم، إمام جامع الحاكم.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 429 ولد قبل السبعين وخمسمائة، وقرأ القراءآت على أبي القاسم الشاطبي، وسمع منه الشاطبية عرضاً من صدره. وتصدر للإقراء فتلا عليه جماعة منهم شيخنا الموفق بن أبي العلاء النصيبي، ونور الدين علي بن ظهير الكفتي. وممن روى عنه: القاضي مجد الدين العديمي، وتقي الدين يعقوب بن بدران الجرائدي، وشيخنا محمد بن رضوان السمسار، والقاضي دانيال الكركي يروي عنه الشاطبية وعن السخاوي قرأها عليه علي بن جودي المهراني. روى عنه الحافظ عبد العظيم أربعة أبيات من أول الشاطبية قال: أنشدنا الشاطبي من حفظي. توفي في الحادي والعشرين من شوال، رحمه الله تعالى. 4 (حرف القاف)
4 (قيصر بن أبي القاسم)
4 (بن عبد الغني بن مسافر) الرئيس علم الدين تعاسيف السلمي، الدمشقي، الحنفي، الكاتب. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع بالقاهرة من: الأثير بن بيان، وأبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي. ونشأ بالقاهرة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان ماهراً في علم الرياضي، بارعاً في الهندسة والحساب. ولي نظر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 430 الدواوين المصرية فلم تشكر سيرته، وكثر عسفه وظلمه. وقد ولي ولايات ببلاد الشرق. ومات بدمشق في رجب. سافر واشتغل على الكمال بن يونس. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن عبد العزيز)
4 (بن أبي القاسم عبد الرحيم بن عمرو بن سليمان بن الحسن بن إدريس بن أمير الأندلس) المعتلي بالله يحيى بن علي بن حمود.) المحدث أبو جعفر الهاشمي العلوي، الحسني، الإدريسي، المصري. ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة بالصعيد الأعلى، واشتغل، وحصل الأدب والتاريخ، وعني بالحديث. وسمع الكثير من: أبي القاسم البوصيري، وأبي الطاهر إسماعيل بن ياسين، وبنت سعد الخير، وأبي الفضل الغرنوي، فمن بعدهم. وخرج لجماعة. روى عنه: الدمياطي. وتوفي في الحادي والعشرين من صفر. 4 (محمد بن عبد الكافي)
4 (بن علي بن موسى.) القاضي شمس الدين أبو عبد الله وأبو بكر الربعي، الصقلي، ثم الدمشقي. الفقيه الشافعي مدرس الأمينية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 431 قال الشريف: توفي في تاسع عشر ذي الحجة، وقد ناب في القضاء مدةً بدمشق. وولد سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: الأمير أسامة بن منقذ. وقد تقدم ذكر أخويه النجم علي، والرضى عبد الملك. قلت: روى عنه: ابن الحلوانية، ومجد الدين ابن العديم، والحافظ الدمياطي، وأبو الفضل إسحاق الأسدي، وجماعة. وقد ولي قضاء حمص أيضاً، ومن أعيان الشافعية كان. 4 (محمد بن محمد بن أبي علي)
4 (بن أبي سعد بن عمرون.) الشيخ أبو عبد الله الحلبي، النحوي، جمال الدين. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة، تقديراً. وسمع من: ابن طبرزد، وأخذ النحو عن: الموفق يعيش، وغيره. وبرع في العربية وتصدر لإقرائها، وتخرج به جماعة.) وقد جالسه الإمام جمال الدين ابن مالك. وأخذ عنه شيخنا بهاء الدين ابن النحاس. وحدث عنه: الحافظ عبد المؤمن. وتوفي في ثالث ربيع الأول. 4 (محمد بن أبي البدر)
4 (مقبل بن فتيان بن مطر.) العلامة المفتي، سيف الدين أبو المظفر بن المني النهرواني، ثم البغدادي، الحنبلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 432 ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، وتفقه على عمه ناصح الإسلام أبي الفتح بعض التفقه. وسمع من: أبي الفوارس سعد بن الصفي الشاعر المعروف بالحيص بيص، وأسعد بن بلدرك، وشهدة، وأبي الحسين عبد الحق، وغيرهم. وكان فقيهاً مفتياً حسن الكلام في مسائل الخلاف، وغيرهم، عدلاً، متميزاً، محمود السيرة. سمع من أئمة وفضلاء. وطال عمره وعلا سنده. وقد رحل إلى واسط وقرأ بالعشرة على أبي بكر بن الباقلاني. وقد أم بمسجد المأمونية مسجد عمه، وخدم في ديوان التشريفات، ثم شهد على القضاة وأعاد بالمستنصرية. وكان يخضب بالسواد، ثم تركه. قاله ابن النجار. وروى عنه: ابن الحلوانية، وجمال الدين الشريشي، وشرف الدين الدمياطي، ومحمد بن بركة الشمعي، والشيخ محمد القزاز، وجماعة. توفي في سابع جمادى الآخرة. وأجاز لمحمد النجدي، وعلي بن السكاكري، وبنت مؤمن، وطائفة. 4 (محمد بن المؤيد) الشيخ سعد الدين ابن حمويه الجويني. قيل: توفي بها، وقيل في سنة خمسين، وسيأتي. 4 (حرف النون)
4 (نفيس بن سعيد)
4 (بن نجم بن محمد.) ) أبو محمد الدارقزي، الصوفي، الحنبلي، من صوفية رباط البسطامي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 433 ولد سنة ثلاث وستين وخمسمائة. وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، وأحمد بن المبارك بن درك. روى عنه: الدمياطي، وقال: توفي في سابع ذي القعدة. وروى عنه: محمد بن الظهير الكازروني. 4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن عيسى)
4 (بن إبراهيم بن مطروح.) الأمير الصاحب جمال الدين، أبو الحسين، الأديب الشاعر. ولد بأسيوط سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع بقوص من: أبي الحسين علي بن البنا. وحدث، وقال الشعر الرائق. وقد أبدع في هذين البيتين: (إذا ما سقاني ريقه وهو باسمٌ .......... تذكّرتُ ما بين العُذيب وبارق)
(ويذكرني من قدّه ومدامعي .......... مجرى عوالينا ومجرى السوابق)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 434 وخدم الملك الصالح نجم الدين في مدة نيابته بالديار المصرية عن والده الملك الكامل سنة خمس وعشرين. ولما توجه الصالح إلى حصن كيفا وملك البلاد، كان ابن مطروح في خدمته وأقام معه مدة. وبعده، ثم قدم عليه في سنة تسع وثلاثين إلى مصر فرتبه ناظر الخزانة، فلما تملك دمشق في سنة ثلاث وأربعين رتبه والياً للبلد، ولبس زي الأمراء، وارتفعت منزلته، فلما قدم الصالح دمشق سنة ست وأربعين عزله، وتنكر له لأمور نقمها عليه. ثم بقي ملازماً لخدمته وهو معرض عنه. فلما توفي الصالح لزم بيته. ومن شعره: (علّقته من آل يعرب لحظةً .......... أمضى وأفتك من سيوف عُريبه)
(أسكنته في المنحنى من أضلعي .......... شوقاً لبارق ثغره وعذيبه)
(يا غائباً ذاك الفتور بطرفه .......... خلّوه لي أنا قد رضيت بعيبه)
(لدنٌ وما مر النّسيم بعطفه .......... أرجٌ وما نفخ العبير بجيبه) ) وله: (من لي بغصن بالجمال مُمنطقٌ .......... حلو المعاني واللّمى والمنطق)
(مُثرى الرّوادف مُملقٌ من خصره .......... أسمعت في الدّنيا بمترّ مُملق) منها. (وأقول: يا أخت الغزال ملاحةً .......... فتقول: لا عاش الغزال ولا بقي) وقد ادعى جعفر ابن شمس الخلافة أن هذا البيت الثالث له، وعمل كل منهما محضراً بأن البيت له، وشهد لكل واحد جماعة. قال ابن خلكان: حلف لي ابن مطروح أن البيت له، وكان محترزاً في أقواله لم يعرف منه الدعوى بما ليس له.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 435 وله: (تثنّى كالهرّ الرُّدينيّ حائله .......... وقد عبقت بالطّيب منه غلائله)
(فعانقت غصناً لا يراه أخوه تُقىً .......... فيمكن إلاّ أن تهيج بلابله)
(من التُّرك ملحي في الصّميم وخاله .......... من الزّنج من ذا في الملاحة يماثله)
(فطافت بنا السرّا من كلّ جانبٍ .......... ورقّت حواشي ليلنا وشمائله) وأوصى بأن يكتب على قبره دوبيت: (أصبحت بقعر حفرةٍ مرتهنا .......... لا أملك من دنياي إلا كفنا)
(يا من وسعت عباده رحمته .......... من بعض عبادك المساكين أنا) توفي بمصر في مستهل شعبان. روى عنه: الشهاب القوصي، وأبو المجد العديمي، وأبو العباس بن خلكان. 4 (يوسف بن علي) أبو الحجاج البغدادي، العدل. روى عن: عبد الله بن دهبل بن كاره. وعنه: شيخنا الدمياطي. ومات في المحرم. 4 (يوسف بن أبي محمد بن سلامة) ) الحكيم أبو العز السنجاري، ثم الدمشقي الطبيب، الملقب بالجنيد. من مشاهير الأطباء. سمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، والمسلم بن حماد بن ميسرة. روى عنه: الحافظان أبو عبد الله البرزالي، وأبو محمد الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة. وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة، وله 74 سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 436 4 (الكنى)
4 (أبو بكر بن سليمان)
4 (بن علي بن سالم.) حسام الدين الحموي، ثم الدمشقي، الواعظ في الأعزية، الحنفي. ولد سنة بضع وخمسين وخمسمائة. وسمع من: الأمير أسامة بن منقذ، والخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد. وأخذ الوعظ عن والده. ووعظ بمسجد أبي اليمن أكثر من خمسين سنة. روى عنه: الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، وأبو محمد الفارقي الفقيه، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة سواهم لا أستحضرهم. وكان صالحاً خيراً معدلاً. توفي في سابع عشر ذي القعدة. 4 (أبو القاسم بن خليفة)
4 (بن يونس بن أبي القاسم بن خليفة.) الحكيم سديد الدين الأنصاري، الخزرجي السعدي العبادي الكحال، المعروف بابن أبي أصيبعة، والد صاحب تاريخ الأطباء موفق الدين. ولد بالقاهرة سنة خمس وسبعين وخمسمائة، واشتغل بها هو وأخوه الطبيب رشيد الدين. وبرع السديد في الكحل ورزق حظوة. وكان في المارستان النور وقلعة دمشق، ومات بها في ربيع الآخر. وفيها ولد.) نجم الدين علي بن محمد بن عمر بن هلال الأزدي. والقاضي نجم الدين أحمد بن عبد المحسن الدمشقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 437 والقاضي بدر الدين عبد اللطيف ابن قاضي القضاة تقي الدين محمد بن رزين، والشرف محمد بن إسماعيل بن النشر القرشي، والشمس عبد الله بن محمد بن يوسف بن عبد المنعم النابلسي، وعزيز الدين يحيى بن الفخر الكرجي، وفتح الدين عمرو بن محمد بن أحمد بن البقال، وعبد المحسن بن عبد القدوس الشقراوي، الصالحي، والشمس أحمد بن يعقوب الطيبي، الكاتب الشاعر، وإبراهيم بن علي بن الخيمي المصري، وعز الدين عبد العزيز بن إدريس بن بزيز، وأمين الدين هبة الله بن مخلص الدين محمود بن هبة الله بن قرياص، وعبد الرحمن شيخنا العز بن الفراء بخلف، والصاحب عز الدين حمزة بن المؤيد التميمي ابن القلانسي، والشهاب أحمد بن عبد الكريم بن الكرشت الحنفي الشاعر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 438 1 (سنة خمسين وستمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن سعد بن عبد الله)
4 (بن سعد بن مفلح بن هبة الله بن نمير.) أبو العباس الأنصاري، المقدسي، الصالحي، الحنبلي، المؤدب. روى عن: الخشوعي، وابن طبرزد. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وسعد الدين يحيى ابن أخيه. وأقعد بأخرة. وكان إنساناً مباركاً. توفي في نصف ذي القعدة بعد أخيه بشهر. 4 (أحمد بن محمد بن عبد الملك) الجذامي القرطبي، نزيل سبتة. كان محدثاً، أديباً، بارعاً في الطب، بصيراً به. روى عن: أبي محمد بن عبيد الله وغيره. أقام بمراكش، وبها مات. وله إجازة من أبي عبد الله بن زرقون، ونجبة، وجماعة. روى عنه: ابن الزبير، وقال يعرف بالبطيط. عاش تسعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 439 4 (أحمد بن محمد بن هبة الله)
4 (بن عثمان بن أبي الفتح.) الفقيه أبو العباس ابن عروسة الواسطي، ثم الموصلي، الحنفي. روى عن: عبد الله بن أبي المجد، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في رمضان عن سبعين سنة. وكان مدرساً متميزاً، ترسل عن صاحب الموصل إلى العراق والشام غير مرة. ونزل الرقة ودرس بها. روى عنه بالإجازة: البهاء ابن عساكر، وغيره.) 4 (أحمد بن المفرج بن علي)
4 (بن عبد العزيز بن مسلمة.) المعمر المسند، رشيد الدين، أبو العباس الدمشقي، ناظر الأيتام. ولد في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وخمسمائة بدمشق. وسمع من: الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وعبد الرحمن بن الحسين بن عبدان، وأبي اليسر شاكر التنوخي الكاتب. وأجاز له: الشيخ عبد القادر الجيلي، وابن البطي، وأبو الحسين ابن تاج القراء، وهبة الله بن هلال الدقاق، وأحمد بن المقرب، ويحيى بن ثابت، وأبو
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 440 بكر بن النقور، وأبو محمد بن الخشاب، ومعمر بن الفاخر، وأحمد بن مبادر، وحيدرة بن عمر العلوي، والمبارك بن المبارك السمسار، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، ونفيسة البزارة، ومحمد بن عبد الله بن العباس الحراني، وعبد الرحمن ابن يحيى الزهري، سمعا من: هبة الله الأنصاري، وأبو الحسن محمد بن إسحاق الصابيء، وحزينة بنت سعد بن الهاطر، وعبد الواحد بن الحسين، وخلق سواهم. وعمر دهراً، وروى الكثير. وتفرد عن أكثر هؤلاء بالرواية. وكان عدلاً، ساكناً، وقوراً، مهيباً، محمود السيرة. روى عنه: الدمياطي، والفارقي، وابن الخلال، وكمال الدين ابن العطار، والعماد بن البالسي، ورشيد بن كامل الأديب، والشمس محمد بن التاج، والشمس محمد بن الصلاح، وابن ابن أخيه عبد الرحيم بن يحيى، ومحمد أخو المحب، والبهاء ابن نوح المقدسي، ومحمود بن المراتبي، وبيبرس العديمي، وخلق غيرهم. وإجازته رخيصة بعد. توفي في ثامن عشر ذي القعدة. 4 (أحمد بن نصر الله)
1 (ويسمى عباس بن نصر الله، بن أبي بكر بن نصر بن صغير.) أبو الفضل شمس الدين ابن القيسراني، المخزومي، الدمشقي، ناظر السبع الكبير. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسين أحمد بن الموازيني.) أخذ عنه: الجمال بن الصابوني، والمجد ابن الحلوانية، والضياء ابن البالسي، وابناه العماد وعبد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 441 توفي في شوال. وفي صفر توفي نسيبه أبو المكارم. 4 (إسحاق بن أحمد) الشيخ المفتي الفقيه، الإمام كمال الدين المغربي، الشافعي. أحد الفقهاء الكبار المشهورين بالعلم والعمل. قال أبو شامة: توفي بالرواحية. وكان عالماً زاهداً متواضعاً مؤثراً، دفن عند شيخه ابن الصلاح. قلت: كان معيداً عند ابن الصلاح نحواً من عشرين سنة. وكان متصدياً للإفادة والفتوى. تفقه به أئمة، وكان كبير القدر في الخير والصلاح، متين الورع، عرضت عليه مناصب فامتنع، ثم ترك الفتوى وقال: في البلد من يقوم مقامي. وكان يسرد الصوم، ويؤثر بثلث جامكيته، ويقنع باليسير، ويصل رحمه بما فضل عنه. وكان في كل رمضان ينسخ ختمة ويوقفها. وله أوراد كثيرة، ومحاسن جمة. مرض بالإسهال أربعين يوماً، وانتقل إلى الله عن نيف وستين سنة. وكان أسمر، تام القامة شيعه خلائق في ثامن وعشرين ذي القعدة سنة خمسين. وكان شيخنا أبو إسحاق الإسكندري يعظمه ويصف شمائله، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 442 ووقت وفاته مات الشريف ابن غزلان من أكابر الشرفاء بدمشق ومن رؤوس الشيعة، ودفن عند قومه، فرآه بعض الأخيار في النوم فقال: ما فعل الله بك قال: غفر لي ولمن مات في ذلك اليوم ببركة الكمال إسحاق المعري. رأيت هذا كله في كراس فيه وفيات جماعة. ما أعلم من جمعه. 4 (إسحاق بن إبراهيم بن عامر) أبو إبراهيم الطوسي، بفتح الطاء، الأندلسي. سمع: أبا عبد الله ابن زرقون وأجاز له مسند المغرب محمد بن عبد الله بن خليل القيسي. وانفرد في الدنيا عنه. وسمع من: أبي محمد بن عبيد الله.) وتلا بالسبع على أبي الحسن بن هشام. وعاش خمساً وثمانين سنة. روى عنه: أبو جعفر بن الزبير، وغيره. مات في جمادى الأولى بالأندلس. 4 (إسماعيل بن عبد الله الرومي) مولى أبي العباس أحمد بن إبراهيم الحمصي. حدث عن الخشوعي. وعنه: الدمياطي. توفي في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 443 4 (حرف الدال)
4 (الدويدار الكبير) هو الملك علاء الدين الطيبرسي الظاهري، مولى الخليفة الظاهر. وكان عظيماً لديه، وعالي المرتبة عند المستنصر. زوجه بابنة بدر الدين صاحب الموصل، ووهبه ليلة عرسه مائة ألف دينار. وكان دخله في العام من ملكه وإقطاعه خمسمائة ألف دينار. وكان كريماً حسن السيرة. دفن في مشهد موسى الكاظم، ورثته الشعراء. أرخه ابن الساعي. 4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن عبد الرحمن)
4 (بن الحسن بن عبد الله بن أحمد.) أبو محمد. ابن عم القاضي نجم الدين عبد الله بن الباذرائي وزوج ابنته. روى عنه: عبد الوهاب بن سكينة. وعنه: الدمياطي أيضاً.) توفي في رجب. 4 (الحسن بن محمد بن الحسن)
4 (بن حيدر بن علي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 444 العلامة رضي الدين، أبو الفضائل القرشي، العدوي، العمري، الصغاني الأصل، الهندي اللهوري المولد، البغدادي الوفاة، المكي الملحد، المحدث الفقيه الحنفي اللغوي، صاحب التصانيف. ولد بمدينة لوهور في عاشر صفر سنة سبع وسبعين وخمسمائة، ونشأ بغزنة، ودخل بغداد سنة خمس عشرة وستمائة. وذهب منها بالرسالة الشريفة إلى صاحب الهند سنة سبع عشرة فبقي مدةً. وقدم سنة أربع وعشرين. ثم أعيد إليها رسولاً عامئذ، فما رجع إلى بغداد إلى سنة سبع وثلاثين. وقد سمع بمكة من: أبي الفتوح نصر بن الحصري. وسمع باليمن من: القاضي إبراهيم بن أحمد بن أبي سالم القريضي. وسمع بالهند من: القاضي سعد الدين خلف بن محمد الحسناباذي، والنظام محمد بن الحسين المرغيناني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 445 وببغداد من: أبي منصور سعيد بن محمد بن الرزار. وكان إليه المنتهى في معرفة اللسان العربي. صنف الكتاب مجمع البحرين في اللغة، إثنا عشر مجلداً وكتاب العباب الزاخر في اللغة، عشرون مجلداً ولم يتمه وكتاب الشوارد في اللغات، وكتاب الفحول وكتاب الأضداد وكتاب العروض وكتاب أسماء العادة وكتاب أسماء الأسد وكتاب أسماء الذئب وكتاب تعزيز بيتي الحريري وكتاب في علم الحديث وسائر هذه التصانيف لطاف. قال شيخنا الدمياطي، وجميعها لي لها نسخ. وله من المصنفات أيضاً كتاب مشارق الأنوار في الجمع بين الصحيحين وكتاب مصباح الدجى وكتاب الشمس المنيرة وكتاب اشرح البخاري في مجلد وكتاب در السحابة في وفيات الصحابة وكتاب الضعفاء وكتاب الفرائض وكتاب تذييل العزيزي وكتاب شرح أبيات المفصل وغير ذلك.) قال الدمياطي: وكان شيخاً صالحاً صدوقاً صموتاً عن فضول الكلام، إماماً في اللغة والفقه والحديث. قرأت عليه يوم الأربعاء، وتوفي ليلة الجمعة تاسع عشر شعبان. وحضرت دفنه بداره بالحريم الظاهري. ثم نقل، بعد خروجي من بغداد، إلى مكة فدفن بها. وكان قد أوصى بذلك، وأعد خمسين ديناراً لمن يحمله إلى مكة. أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أنه قرأ على أبي الفضائل الحسن بن محمد القرشي وغيره ببغداد: أخبركم أبو الفتوح النهاوندي بمكة، أنا أبو طالب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 446 محمد بن محمد العلوي، أنا علي بن أحمد التستري، أنا أبو عمر القاسم بن جعفر، أنا أبو علي اللؤلؤي، ثنا أبو داود، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن محمد، عن عبيدة، عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: حبسونا عن صلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً. 4 (حرف السين)
4 (سعيد بن خالد بن أبي عبد الله)
4 (محمد بن نصر بن صغير.) أبو المكارم المخزومي، الخالدي، الحلبي، ابن القيسراني، نجم الدين. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من: عمر بن طبرزد. وحدث. وقد وزر أبوه الصاحب موفق الدين أبو البقاء لنور الدين محمد بن زنكي، وسيره رسولاً إلى مصر فسمع بها من: عبد الله بن رفاعة السعدي. وكان يكتب على طريقة ابن البواب. وأما أبو عبد الله فهو الشاعر المشهور، ذكره ابن عساكر في تاريخه وروى عنه. توفي النجم بدمشق في صفر. وهو عم شيخنا فتح الدين. 4 (سليمان بن محمد بن سليمان)
4 (بن علي بن شبيل.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 447 العلامة البارع جمال الدين، أبو الربيع المذحجي، اليمني النحوي.) ولد بخلة، وهي قرية من قبلي عدن، في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وتوفي في المحرم بمدينة الفيوم. وكان من كبار النحاة. تخرج به جماعة. قاله الشريف عز الدين. 4 (حرف العين)
4 (عبد القادر بن حسان)
4 (بن رافع بن سمير بن ثابت.) الخطيب شرف الدين أبو محمد العامري، الدمشقي، الشافعي، العدل، خطيب المصلى. ولد سنة ثلاث وثمانين. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، ومحمد بن الخصيب، وابن طبرزد، وجماعة. روى عنه: زين الدين الفارقي، وشرف الدين الدمياطي، والبدر بن الخلال، والعماد بن البالسي، وجماعة. وكان عدلاً ديناً فصيحاً. خطب بالمصلى مدةً. وقيل: مات مسقوط العدالة لأمر حدث منه، فالله أعلم. ومات في أول رجب. 4 (عبد الواحد ابن خطيب زملكا) العلامة البارع كمال الدين. قيل: مات في سادس عشر ذي الحجة من السنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 448 وورخه أبو شامة في الآتية في المحرم. وعاش نيفاً عن ستين سنة. وكان طويلاً كبير اللحية، ويلبس قصيراً. 4 (عبد الوهاب بن يوسف)
4 (بن محمد بن خلف.) الفقيه أبو محمد ابن الفقيه أبي الحجاج، الأنصاري، القصري، المغربي، المالكي. الفقيه القدوة، المعروف بابن رشيق، بالتصغير شيخ عالم، صالح، خير، ذو مروءة وفتوة وتعفف وفقر.) حمل عن أبيه الراوي عن عياض، وأبي بكر بن العربي. وعن: عبد الجليل القصري مصنف شعب الإيمان. وتصدر بالجامع العتيق بمصر. كتب عنه الرشيد العطار حكاية. ومات ليلة عيد الفطر عن ثلاث وستين سنة. وأما محمد بن أبي بكر بن رشيق، بالضم والخفة، وأخوه حسين، فسمع منهما الدمياطي أربعي القشيري بسماعهما من ابن أبي المجد الحربي. وحدثني أبو عبد الله سبط ابن رشيق أن جده الزاهد عبد الوهاب بقي أياماً عديدة على وضوء واحد واشتهر هذا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 449 وحدثنا أبو عبد الله عن أمه أن أباها قال لهم ليلة عيد الفطر: أنا مثل الليلة أموت. قالت: فصام رمضان كله في العام الآتي، وجلس اليوم الأخير منه يسبح ويذكر الله، ثم بقي إلى آخر النهار يقول: انظري هل غابت الشمس. فكنت أخرج وأعود فأقول: لا، ما غابت. فلما غابت توفي في الحال، رحمه الله ورضي عنه. 4 (علي بن محمد بن عبد الله بن الجهم) الفقيه أبو الحسين القرشي، الجعفري، البصروي، نزيل القاهرة. توفي في شعبان، وقد شاخ وكمل التسعين. سمع من: العلامة عبد الله بن بري، وأبي الفضل الغزنوي. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن جبريل)
4 (بن أبي الفوارس بن جبريل.) أبو عبد الله الدربندي، الصوفي، عماد الدين النصري. روى عن: عبد الخالق بن فيروز. وعنه: الدمياطي، وغيره. توفي في ذي القعدة. 4 (محمد بن الحسين بن محمد) ) 4 (بن الحسين بن ظفر.) القاضي شمس الدين، أبو عبد الله العلوي، الحسيني، الأرموي، ثم المصري، الشافعي، المعروف بقاضي العسكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 450 ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وتفقه على شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسين بن حمويه وصحبه مدةً. وسمع من: فاطمة بنت سعد الخير. ودرس بمدرسة زين التجار بمصر. وولي نقابة السادة وقضاء العساكر. وذهب في الرسلية إلى العراق. وكان من كبار الأئمة وصدور الديار المصرية، وله يد طولى في الأصول والنظر. توفي في ثالث عشر شوال. وكان مولده بأرمينية. روى عنه: الدمياطي، وغيره. 4 (محمد بن سعد بن عبد الله)
4 (بن سعد بن مفلح بن هبة الله بن نمير.) المولى العالم شمس الدين أبو عبد الله الأنصاري، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي، الحنبلي، الكاتب الأديب. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسين أحمد بن الموازيني، ويحيى الثقفي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وابن صدقة الحراني، وإسماعيل الجنزوي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 451 وأجاز له عبيد الله بن شاتيل، وأحمد بن ينال الترك، والحافظ أبو محمد المديني، وأبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وآخرون. وكان أديباً بليغاً، وشاعراً محسناً، وكاتباً منشئاً، يرجع إلى دين وصلاح وصيانة ورئاسة. كتب الإنشاء للملك الصالح عماد الدين، وطال عمره. وروى الكثير، وكتب عنه القدماء كالحافظ الضياء، وأبي الفتح بن الحاجب. وروى عنه: مجد الدين ابن العديم، وشرف الدين الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان،) والفخر بن عساكر، والشرف ابن خطيب بيت الآبار، والعفيف إسحاق الآمدي، والفقيه علي بن عبد الحميد العندقي، وسعد الدين يحيى بن محمد ولده، وطائفة سواهم. وتوفي بسفح قاسيون ثاني شوال. 4 (محمد بن علي)
4 (بن عبد الله أبي السهل) أبو الفضل الواسطي، ثم البغدادي، المقرىء، الخياط. شيخ صالح خير. ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة. وسمع: أبا الفتح محمد بن يحيى بن مواهب البرداني، وعبيد الله بن شاتيل، والفقيه أبا الخير أحمد بن إسماعيل القزويني، وغيرهم. روى عنه: قطب الدين محمد بن القسطلاني، وشرف الدين الدمياطي، والشيخ محمد بن محمد الكنجي، وداود بن أبي نصر البغدادي، وبيبرس العديمي، وآخرون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 452 وأجاز لجماعة في الأحياء. وتوفي في منتصف المحرم. قال الدمياطي: قرأت عليه كتاب أسباب النزول للواحدي، وكتاب غريب الحديث لأبي عبيد. 4 (محمد بن علي بن محمود)
4 (بن حسام الدين طريف بن رسلان.) جمال الدين أبو عبد الله بن العسقلاني، المصري ثم الدمشقي، الحنفي الضرير. ولد بمصر في سنة نيف وسبعين وخمسمائة. وسمع بنيسابور من: منصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. وحج غير مرة، ودخل إلى ما وراء النهر في طلب الفقه والرواية. وكان فقيهاً فاضلاً، ديناً، خيراً. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وزين الدين الفارقي، وشمس الدين الدمياطي، والفخر بن عساكر، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة كثيرة. توفي في ثالث شعبان.) 4 (محمد بن غلبون)
4 (بن محمد بن عبد العزيز بن غلبون.) أبو بكر الأنصاري، المرسي. سمع من: أبيه، وجماعة. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وأبو الفضل بن حبيش. ومن المشرق: المحدث عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر الجيلي، وعبد الواحد بن سلطان المقرىء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 453 ذكره الأبار فقال: كان ذا عناية بالرواية والفقه، مشاركاً في فنون. واختل قبل وفاته، وبيعت أكثر أصوله وهو لا يشعر. وتوفي في شعبان. وقد أخذت عنه سنة ست وثلاثين، يعني وهو في العافية، رحمه الله. 4 (محمد بن محمد بن سعد الله)
4 (بن رمضان بن إبراهيم.) الفقيه تاج الدين، أبو عبد الله بن الوزان الحلبي، ثم الدمشقي، الحنفي. ولد بحلب سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع بمصر من: أبي القاسم البوصيري، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبي الحسن بن نجا الواعظ، والأرتاحي، وجماعة. وبالإسكندرية من: عبد الرحمن بن موقا. وبدمشق من: حنبل، وغيره. ودرس بالمدرسة الأسدية بظاهر دمشق على الشرف القبلي، وولي نظر المارستان مرةً. وكان عدلاً متميزاً فاضلاً. روى عنه: الدمياطي، والكنجي، وبهاء الدين محمد بن سني الدولة الشاهد، وأخوه أحمد الجندي، وأبو المعالي ابن البالسي، وجماعة. توفي في ثامن عشر المحرم. 4 (محمد بن محمد بن يحيى)
4 (بن الحسن بن حكيم.) ) أبو الحسن الحراني، ثم الحلبي. ولد سنة ست وستين وخمسمائة ببغداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 454 وسمع من: لاحق بن قندرة، وأبي القاسم بن شدقيني، وعبد الله بن دهبل، وابن طبرزد، وغيرهم. وروى عنه: القاضي مجد الدين العديمي، والحافظ شرف الدين النوبي، وغيرهما. وكان شيخاً صالحاً زاهداً. سمع جميع المسند للإمام أحمد، على ابن قندرة. ويقال إنه من ولد ثابت بن قرة الصابىء. توفي في المحرم بحلب. 4 (محمد بن محمود)
4 (بن عبيد الله بن محمد بن يوسف.) أبو عبد الله بن الملثم المصري، العادلي. ولد سنة سبع وأربعين. وكان من أولاد طلبة العلم، فسمعه أبوه الكثير من: البوصيري، والأرتاحي، وعبد الخالق بن فيروز، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية. وتوفي ليلة عيد النحر. وهو أخو فاطمة. 4 (محمد بن المؤيد)
4 (بن عبد الله بن علي بن محمد بن حمويه.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 455 الشيخ سعد الدين أبو إبراهيم الجويني، الصوفي. كان صاحب رياضات، وأحوال. وله كلام في التصوف على طريقة أهل الوحدة. وكان قد حج وأقام بقاسيون يتأله ويتعبد مدةً في زاوية له ومعه جماعة من الصوفية، ولهم سمت وجلالة وتعفف. فلما ضاق به الحال رجع إلى خراسان، واجتمع به جماعة من أمراء التتار، وأسلم على يده غير واحد منهم. وبنى بآمل خانكاه، ورزق القبول التام. ثم زار قبر جدهم القدوة الكبير محمد بن حمويه الجويني بحيراباذ من أعمال جوين فأقام عنده أسبوعاً وعبر إلى الله تعالى. وهو والد شيخنا صدر الدين إبراهيم الذي أسلم على يده قازان.) وتوفي والده الشيخ معين الدين أبو المفاخر المؤيد سنة خمس وستمائة، رحمه الله تعالى. 4 (محمد بن أبي المعالي)
4 (بن جعفر بن علي.) أبو عبد الله الأنصاري، البعلبكي، ثم الدمشقي، الحنبلي، التاجر. ولد سنة أربع وثمانين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 456 وسمع من: الخشوعي، وحنبل. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، والقاضي جلال الدن عبد المنعم، والفخر عبد الله بن المراكشي، وغيرهم. توفي في نصف ربيع الأول. لقبه: عماد الدين، ويقال له أبو المعالي أيضاً. 4 (موسى بن زكريا بن إبراهيم) صدر الدين أبو عمران الحصكفي، الفقيه الحنفي، قاضي آمد. قدم حلب رسولاً. وحدث بالقاهرة وبها توفي في صفر وله سبعون سنة. روى شيئاً عن: الافتخار الهاشمي. وعنه: عبد المؤمن الدمياطي. 4 (موسى بن أبي الفتح)
4 (محمود بن أحمد بن علي بن أحمد.) سعد الدين ابن الصابوني، المحمودي، الصوفي. ولد لأبيه بديار مصر قبل الثمانين وخمسمائة. وروى شيئاً بالإجازة عن والده. توفي في رمضان، وجاوز السبعين. 4 (حرف النون)
4 (نصر الله بن أبي العز)
4 (هبة الله بن أبي محمد بن عبد الباقي.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 457 فخر القضاة أبو الفتح بن بصاقة الغفاري المصري، الحنفي، الكاتب، الناصري، الأديب. شاعر مفلق، بديع النظم.) ذكره ابن النجار فقال: كان خصيصاً بالملك المعظم ثم بابنه داود، وقدم معه بغداد. وكتبنا عنه من شعره. ولد بقوص سنة تسع وسبعين وخمسمائة. قلت: روى عنه: الشهاب القوصي في معجمه شيئاً كثيراً من شعره. ومات في ثامن جمادى الآخرة بدمشق. ومن شعره ملغزاً. (وحاملة محمولة غير أنّها .......... إذا حملت ألقت اليوم جنينها)
(منعّمة لم ترض خدمة نفسها .......... فغلمانها من حولها يخدمونها)
(لها حينئذٍ ما بين زوجين يعتدي .......... ولولاهما كان الترّهّب دينها)
(وقد شبّهت بالعرش في أنّ تحتها .......... ثمانية من فوقهم يحملونها)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 458 4 (نصر الله بن أبي الجود)
4 (حاتم بن عبد الجليل بن عبد الجبار بن حسن.) سديد الدين، أبو القاسم الأنصاري، المصري. الكاتب الأديب. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والقاسم بن عساكر، والعماد الكاتب، وجماعة. وتقلب في الخدم الديوانية. روى عنه: الدمياطي، وغيره. توفي في جمادى الآخرة. 4 (حرف الهاء)
4 (هبة الله بن محمد بن الحسين)
4 (بن مفرج بن حاتم بن حسن بن جعفر.)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 459 جمال الدين أبو البركات، المقدسي الأصل، الاسكندراني، الشافعي، المعروف بابن الواعظ. شيخ فاضل جليل من عدول الثغر. ولد سنة. وروى عن: السلفي، وعن: عبد الرحمن بن موقا.) روى عنه: الحافظان عبد العظيم المنذري، وعبد المؤمن الدمياطي، وقالا: مات في ثامن صفر. وقال المنذري: سماعه حضور. قلت: روى عنه بالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. وبالسماع أيضاً: مجد الدين ابن العديم، وقبله التقي اليلداني، وأحمد بن عبد الكريم بن الأغلاقي. 4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن أبي السعود)
4 (نصر بن أبي القاسم بن أبي الحسن بن قميرة.) مؤتمن الدين أبو القاسم التميمي، الحنظلي، اليربوعي، الأزجي، التاجر السفار. أسند من بقي في العراق. ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسمع من: شهدة، وتجني الوهبانية، وعبد الحق اليوسفي، ومحمد بن بدر الشيحي، والحسن بن شيرويه. وحدث ببغداد، ودمشق، ومصر، وحلب في تجارته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 460 وأكثر عنه الخلق. وهو آخر من سمع في الدنيا من هؤلاء الخمسة. روى عنه: الحافظ مجد الدين ابن النجار، ومجد الدين ابن الحلوانية، والحافظان ابن الظاهري والدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وأبو بكر الدبيثي، والبهاء أيوب بن النحاس، وأخوه إسحاق، وبيبرس العديمي، والعماد بن البالسي، وإبراهيم بن التقي بن أبي اليسر، وعلي بن جعفر المؤدب، والشيخ عبد الرحمن بن المقير، وعبد الله بن الشيخ شمس الدين، ومحمد بن الصلاح موسى، والتقي عبد الله بن تمام، وخلق سواهم. توفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى ببغداد، وله خمس وثمانون سنة. 4 (الكنى)
4 (أبو بكر بن سعد الله)
4 (بن جماعة بن حازم بن صخر.) ) الكناني، الحموي، الشافعي. شيخ صالح خير. روى عن: عمه أبي الفتح نصر الله بن جماعة. وهو من بيت الدين والصلاح. توفي في شعبان بحماة. وهو عم قاضي القضاة بدر الدين، رحمه الله. وفيها ولد: القدوة محمد بن عمر بن الزاهد أبي بكر بن قوام البالسي، ومعين الدين أبو بكر بن عبد اللطيف بن المغيزل، خطيب حماة، وعفيف الدين محمد بن المجد عبد الله بن الحسين الإربلي، يوم عاشوراء بحلب، وشاكر بن تقي الدين بن أبي اليسر. وعمر بن أحمد بن عبد الرحمن بن مؤمن،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 461 وقوام الدين حسن بن محمد بن الطباخ، وشهاب الدين أحمد بن محمد بن سليمان بن حمائل بن غانم الكاتب، والشيخ محمد بن نصر بن صالح المصري المقرىء، تقريباً، وشمس الدين محمد بن عمر بن أحمد بن عبد الدائم، المقرىء الضرير، والمعلم محمد بن المظفر الصالحي المهندس، والشيخ محمد بن المهيب عبد الله، في ثاني ربيع الأول، والشهاب أحمد بن كندي بن عمر، ولد في جمادى، وناصر الدين محمد بن الشيخ إبراهيم بن معضاد الجعبري، والزين علي بن مرزوق السلامي، بها، ومحمد بن يوسف بن عبد الله بن رجا البواب، وأقوش مولى شبل الدولة، بماردين، وعبد العزيز بن الشياح، ومحمد بن إبراهيم بواب الزكاة،) والشيخ إبراهيم بن المغريشة، وعلي بن يونس المؤدب، والشيخ محمد عيسى المجلد، والتقي حمزة بن المجدلي، وإسحاق بن إبراهيم بن الوزيري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 462 1 (ذكر شيوخ كانوا في حدود الأربعين وبعدها)
4 (حرف الألف)
4 (إلياس بن الأنجب)
4 (بن يحيى بن عباس.) أبو عبد الله البغدادي ابن الكيلاني، الغراد، ثم التاجر. قال ابن النجار: شيخ صالح. وجدنا سماعه في أجزاء من الحلية على ابن البطي. مولده في سنة. قلت: أجاز لابن الشيرازي، ولمحمد البجدي، وبنت مؤمن، وجماعة. أجاز لهم في سنة أربعين وستمائة. 4 (حرف الباء)
4 (بركة بن الأعز)
4 (بن أبي الحسن بن بركة.) أبو الحسن البغدادي، الرفاء، المؤذن. سمع بإفادة مؤدبه شيئاً من: المبارك بن حصير. وهو شيخ صالح. أجاز لابن الشيرازي، وسعد الدين البجدي، وفقها بنت الواسطي، وجماعة. 4 (برة بنت عبد الوهاب بن برغش) أمة الوهاب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 463 سمعها أبوها من: عبد الله بن أحمد السراج، وخمارتاش الروسآئي. ومن مروياتها كتاب: يوم وليلة لابن شبيب العمري، سمعته من السراج سنة سبع وسبعين،) وهو مجلد. أجازت لابن الشيرازي، وابن المطعم، والبجدي، وبنت مؤمن، وجماعة. 4 (بنت العم بنت عبد المحسن)
4 (بن بريك بن عبد المحسن.) الأزجية. سمعت سنة سبعين من أبيها جزءاً عن أُبي النرسي. أجازت للمطعم، وسعد الدين، والبجدي، وبنت الواسطي، وجماعة. 4 (حرف الصاد)
4 (صلف بنت قاضي القضاة جعفر)
4 (بن عبد الواحد بن الثقفي.) سمعت من: ابن شاتيل. أجازت: لسعد، والبجدي، وبنت الواسطي، وبنت مؤمن، وطائفة. 4 (حرف الطاء)
4 (طلعة بنت راشد)
4 (بن عبد الله بن سليمان البقال الأزجي.) سمعت حضوراً سنة سبعين من: عبد الحق اليوسفي. أجازت لابن الشيرازي، والمطعم، والبجدي، وهدية بنت مؤمن، وجماعة. 4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن عبد الملك)
4 (بن مظفر بن غالب.) أبو محمد الحريمي. سمعه أبوه في سنة تسع وسبعين من ابن شاتيل كتاب الشكر لابن أبي الدنيا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 464 أجاز لسعد، والبجدي، وبنت الواسطي، وجماعة. قال ابن النجار: هو صالح لا بأس به. 4 (عبد الرحمن بن عبد الله) ) 4 (بن بختيار بن علي.) أبو محمد اليمامي، الصوفي. واليمامية من أعمال واسط. سكن بغداد، وسمع من: أبي الحسين عبد الحق. قال ابن النجار: شيخ صالح حسن الطريقة، وهو الآن حي، وقد قارب الثمانين. قلت: أجاز لابن الشيرازي، ومحمد البجدي، وجماعة. 4 (عبد الملك بن المبارك)
4 (بن أبي القاسم بن قيبا.) أبو منصور السقلاطوني. شيخ لا بأس به، مقل. ولد سنة سبع وخمسين. وسمع من: يحيى بن ثابت، وغيره. أجاز لابن عساكر، وابن الشيرازي، والبجدي، وبنت الواسطي، وجماعة. 4 (عقيل بن محمد)
4 (بن يحيى بن مواهب بن إسرائيل.) أبو الفتوح البرداني الخباز. سمع: أباه، وابن شاتيل، والقزاز، وأبا محمد بن السراج. قال ابن النجار: صحيح السماع، لا بأس به. أجاز لابن الشيرازي، ومحمد البجدي، وجماعة. 4 (حرف الميم)
4 (محمد بن محمود)
4 (بن أبي الطاهر بن معالي.) أبو عبد الله بن النجاد البغدادي. سمع جزء الجرادي من أبي شاكر السقلاني. أجاز للمطعم، وسعد، والبجدي، وبنت مؤمن، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 465 فمن حديثه: أنا أبو شاكر، أنا محمد بن المختار، أنا علي بن عمر البرمكي، ثنا عبيد الله بن محمد بن علي ابن الجرادي الكاتب، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا محمد بن شجاع، فذكر) حديثاً. قال ابن النجار: هذا الشيخ هو ممن لا يفرح بمثله. 4 (محمد بن علي)
4 (بن عبد الصمد بن الهني بن أحمد.) الإمام أبو منصور البغدادي، المقرىء، الخياط، البواب. من كبار القراء ببغداد. سمع: ابن طبرزد، وابن منينا، وابن الأخضر. ورحل فأخذ عن الكندي، وابن الحرستاني، وعدة. وقرأ على أصحاب أبي الكرم الشهرزوري، فتلا بطرق المصباح على الشيخ عبد العزيز بن الناقد، وتلا على أبي الكرم. قرأ عليه بالسبع: الموفق عبد الله بن مظفر البعقوبي، وغيره. وروى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وعلي بن ممدود البندنيجي، وغيرهم. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وبقي إلى قريب الخمسين، بل إلى سنة خمس وخمسين وحدث فيها. 4 (المبارك بن محمد بن مزيد) الخواص أبو الحسين البغدادي، الحنفي. سمع بعض مشيخة النسوي من أبي السعادات القزاز. وسمع من: ابن كليب، وعبد الغني بن أبي العلاء الهمذاني. سمع من عبد الغني جميع مسند العدني، قال: أنبا سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وجماعة. وأجاز لطائفة من كهول شيوخنا، ولم أظفر بوفاته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 466 4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن عباس) أبو زكريا القيسي، القسنطيني المحدث. له رحلة إلى الأندلس، فأخذ عن: أبي عبد الله بن نوح، وأبي الخطاب بن واجب، والحسين بن) زلال، وطائفة. أجاز لأبي جعفر بن الزبير برنامجه في سنة تسع وأربعين. 4 (يحيى بن علي بن علي)
4 (بن عنان.) أبو الحسن الغنوي البغدادي، المعروف بابن البقال الحنبلي الفرضي. أحد الأئمة. سمع: أبا الفتح بن شاتيل، ومن بعده فأكثر. ثم ترك العلم وعالج الديوان. ولد سنة إحدى وسبعين. أجاز لابن الشيرازي، وابن سعد، والبجدي، وبنت مؤمن، وبنت الواسطي، وجماعة. 4 (الكنى)
4 (أبو محمد بن أبي القاسم بن الأشرف) العباسي المتوكلي. سمع من: أبي شاكر السقلاطوني. سمع منه ابن النجار. أجاز لابن سعد، وللبجدي، وجماعة. انتهت الطبقة الخامسة والستون من تاريخ الإسلام للذهبي أعانني الله على إكمالها آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، وهو المستعان لإتمام تحقيق بقية هذا السفر النافع، وعليه الاتكال.)
الجزء الثامن والأربعون
الجزء الثامن والأربعون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 5 بسم الله الرحمن الرحيم {ربنا أفرغ علينا صبرا} فصل فقد انقرض في هذه الطبقة السادسة والستين خلق من العلماء والأعيان ورواة الآثار، منهم طائفة بالأندلس والمغرب لم تبلغنا أخبارهم، وطائفة بالمشرق وخراسان، وخلق ببغداد ذهبوا تحت السيف في سنة ست وخمسين، كالخليفة وأمرائه وحشمه، وطائفة من شيوخ الدمياطي وابن القسطلاني منهم أربعة أو أكثر من أصحاب أبي الفتح ابن شاتيل وأبي السعادات القزاز، وعدة من أصحاب ابن كليب، وابن الجوزي. وكذا راح في أخذ حلب جماعة من شرطنا تحت السيف كتبنا أكثرهم، رحم الله الجميع بكرمه. وهذه نبذة مما جرى في هذه الطبقة من الحوادث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 6
حوادث سنة إحدى وخمسين وستمائة
[سلطان مصر] استهلت وسلطان مصر الملك الأشرف بن صلاح الدين ابن أقسيس وأتابكه الملك المعز أيبك. [سلطان الشام] وسلطان الشام إلا اليسير الناصر يوسف. [رجوع الأسرى من وقعة الصالحية] وفيها رجع الباذرائي ونظام الدين ابن المولى من القاهرة بخلاص الذين أسرتهم البحرية في وقعة الصالحية بآخر الرمل في سنة ثمان وأربعين. وهم الملك المعظم تورانشاه بن السلطان صلاح الدين، وأخوه النضرة، والملك الأشرف ابن صاحب حمص، وأولاد الملك الصالح إسماعيل، وشهاب الدين القيمري. [قدوم إبنة السلطان علاء الدين على زوجها السلطان الناصر] وفي آخرها، وقيل في الآتية، قدمت إبنة السلطان علاء الدين من الروم على زوجها السلطان الملك الناصر، وفي خدمتها سوباشي معه خمسمائة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 7 فارس، وجهازها وثقلها على ألف جمل، ومحفتها بأطلس مكللة بالجوهر والذهب، فبسطت البسط بين يدي دابتها، وكان يوما مشهودا، وعمل لها عرس لم يسمع بمثله من الأعمال بدمشق. وهي بنت إبنة السلطان العادل. [الصلح بين المصريين والسلطان] وفيها تقرر الصلح بين المصريين والسلطان الناصر على أن تكون للمصريين غزة، والقدس، وحلفوا على ذلك. [قطْع خُبز الأمير حسام الدين بمصر] وقطع بمصر خبز الأمير حسام الدين بن أبي علي، فاستأذن في المضي إلى الشام، فأذن له، فقدم على الناصر فاحترمه وأعطاه خبزا جليلا. [تعاظم الفارس أقطاي بمصر] وعظم الفارس أقطاي الجمدار بمصر، وكان يركب بشاويش وعظمة، والتفت عليه البحرية والجمدارية. وكانوا في نية سلطنته. ونزل ركن الدين بيبرس البندقداري ببعض دار الوزارة، وصار من كبار أمراء الدولة، وكذلك سيف الدين بلبان الرشيدي، وشمس الدين سنقر الرومي، وشمس الدين سنقر الأشقر، وعز الدين الأخرم، وهم من حزب الفارس. والملك خائف من ثورتهم، وكانت الناصرية والعزيزية من حزبه، فأخذوا في الحيلة على إهلاك الفارس. وكانت الوقعة الجمعة، وخرج من دمشق ركب عظيم وسبيل كثير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 8
[الغلاء بمكة] ولكن كان الغلاء بمكة شديدا، أبيع شربة الماء بدرهم، والشاة بأربعين درهما. ومضوا وردوا على تيماء. [مسير هولاكو إلى ما وراء النهر] وفيها جهز طاغية ' المغل إلى بلاد ما وراء النهر أخاه هولاكو، فسار من قراقرم في جيش كثيف، فبادر أرغوان إلى خدمته فأقره على خراسان. [منازلة عسكر الناصر عكا] وفيها سار طائفة من عسكر الملك الناصر فنزلوا على عكا، ثم ملكوا كردانة وأحرقوا الطواحين. [أخذ صيدا بالسيف] وساقوا إلى صيدا فأخذوها بالسيف فهرب أهلها إلى قلعتها. [تخريب قلعة الجيزة] وفيها خربوا قلعة الجيزة. [منع الوعاظ من الوعظ بالقاهرة] وفيها منعوا الوعاظ بالقاهرة من الوعظ لكون العماد الواعظ قال على المنبر: خلق الله آدم بيده. وأشار إلى يده، فعزروه وعزموا على عقد مجلس فلم يتفق. [نزوح خلق من بغداد إلى الشام] وفيها نزح خلق من الجند من بغداد إلى الشام لقطع أرزاقهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 9
سنة اثنتين وخمسين وستمائة
[إقطاع أيدغدي] فيها أقطع الملك المعز لأيدغدي العزيزي دمياط فوق خبزه. [ظهور نار في أرض عدن] وفيها جاءت الأخبار أن نارا ظهرت في أرض عدن بجبالها، وكان يطير شررها في الليل إلى البحر ويصعد منها دخان عظيم في النهار. وخاف أهل اليمن وتاب بعضهم. [ظهور الخارجي المستنصر بالله بالمغرب] وفيها ظهر بالمغرب خارجي وتسمى المستنصر بالله، وأظهر العدل، واستولى على إفريقية، وبنى برجا وكان يجلس فيه، ويجلس تحته القاضي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 10 والوزير، والمحتسب، والوالي، يقضون أمور الناس بحيث يراهم ويسمعهم. [عرس إبنة الملك علاء الدين] وفيها رجع الشريف المرتضى الحلبي من الروم، وأحضر معه إبنة ملك الروم علاء الدين كيقباذ، وأمها إبنة السلطان الملك العادل، وقد تزوجها الملك الناصر، فعمل عرسه عليها بدمشق، وعُمِلت القباب، ولعب الجيش، واحتفلوا للعرس احتفالا عظيما. [قَتْل أقْطاي وركوب المُعِزّ دَسْت السلطنة] وفيها توجه الفارس أقطاي إلى الصعيد ثانيا فقتل ونهب وعسف، ولما رجع قتل بقلعة الجبل، وهرب حزبه من البحرية، ومن قعد منهم قبض عليه المعز وأودعهم السجن. وركبت العزيزية ونهبوا دور البحرية. وأبطل المعز يومئذ إسم الملك الأشرف، وأنزله إلى عماته القطبيات. وركب الملك المعز في دست السلطنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 11
[قدوم البحرية على صاحب الشام] وقدم البحرية على صاحب الشام ورأسهم سيف الدين بلبان الرشيدي، وركن الدين بيبرس البندقداري، فبالغ في إكرامهم بالعطاء والخلع، فلزوه في التوجه إلى مصر لكونها مخبطة. فقدم على الجيش الملك المعظم عم أبيه، فدهمهم الشتاء وهم بالغور، وزادت الشريعة، ووقع في حوافر خيلهم مرض. وبقوا في الغور مدة، ثم نزلوا غزة، فبذل الملك المعز الأموال، ونزل العباسية، وخاف من العزيزية الذين قفزوا إلى مصر سنة ثمان وأربعين، لأنه بلغه أن الملك الناصر كاتبهم، فقبض على كبارهم، ونهب خيمهم. فبلغ ذلك الملك الناصر ففتر وضعفت همته. [طغيان أقطاي] وكان الفارس أقطاي قد طغى وتجبر بحيث إنه إذا ركب إلى القلعة يدوس موكبه الناس ويضربونهم، ولا يلتفت إلى المعز ولا إلى غيره، والخزائن بحكمه. ثم أراد أن يسكن القلعة وأن تخلى له دار السلطنة، وطاش وأسرف، فقتله المعز، وهربت ممالكيه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 12
[رواية أيبك الفارسي في ' تاريخ ابن الجزري '] قال شمس الدين الجزري في ' تاريخه ': فحدثني عز الدين أيبك الفارسي في سنة تسع وسبعين قال: طلع أستاذنا إلى القلعة في شعبان على عادته، فرتب له المعز عشرة منهم مملوكه قطز، الذي تسلطن، فقتلوه، فركبت البحرية وغلمان الفارس فبلغوا سبعمائة وأتوا القلعة، فرمى برأس الفارس إليهم، فهرب طائفة إلى الكرك إلى الملك المغيث، وطائفة إلى الشام، وطائفة طلبوا الأمان. وكنا أنا وخشداشتي في اثني عشر مملوكا قد أخذنا كل واحد فرساً وجنبيا وهجيناً، وطلعنا من القاهرة في الليل، وقصدنا البرية، فوقعنا في تيه بني إسرائيل، فبقينا خمسة أيام في البرية، ونحرنا بعض الهجن فأكلناه، ثم سرنا يوما وليلة، فلاح لنا في اليوم السابع عمارة فقصدناها، فلقينا صورة مدينة بأسوار وأبواب جميعها زجاج أخضر، فدخلناها فوجدنا الرمل ينبع في أماكن منها، وبعضه قد وصل إلى السقوف، وأكثر الأسواق ما فيها رجل بل الدكاكين على حالها، وفيها قماش، فكنا نمسه فيصير هباء، وكذلك أخشاب السقوف حتى النجاس قد تفتت. ووجدنا صينية نحاس فيها ميزان، فحين رفعناها تفتتت، ووجدنا فيها تسعة دنانير عليها صورة غزال وعليها حروف عبراني. فبقينا يومئذ ندور في تلك المدينة إلى أن وجدنا أثر رشح، فحفرنا نحو ذراعين، فظهرت بلاطة فقلعناها، فإذا صهريج ماء، فشربنا وسقينا الدواب، ونحرنا فرسا وهجينا، وشوينا اللحم على السيخ، ثم تزودنا من الماء ونحن لا ندري إلى أين نتوجه، فسرنا يوما وليلة، فوقعنا على قبيلة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 13 عرب من بني مهدي، فوصلونا إلى الكرك، فأكرمنا المغيث ثم قصدنا يهوديا لنصرف الدنانير وحكينا له، فصاح وغشي عليه، ثم قال: هذا ضرب في زمان موسى عليه السلام، وهذه المدينة بنيت لما كان موسى في التيه بالزجاج الأخضر عوض الحجارة وقد حصل لها طوفان رملي، فتارة ينقص الرمل فتظهر جدرانها، وتارة يغطيها الرمل. فبعناه الدنانير بمائة درهم، وأضافنا وأعلم يهود الكرك بنا، فكانوا يأتوننا ويسألوننا ويقولون: هذه المدينة الخضراء التي بناها موسى عليه السلام. [رواية ابن الجزري عن المدينة الخضراء] قال الجزري: ثم حججت أنا فاكتريت من معان مع شخص من بني مهدي إلى القدس فسألته، فقال: نحن بهذا التيه، وأنا ما رأيت شيئا، ولكن أخبرني أبي أنه تصيد في التيه فوقع بمدينة خضراء ورأى حيطانها زجاجا أخضر. قال: فلما رجعت أعلمت قومي، فأخذوا جمالا وأوسقوها زادا وماء، ثم قصدنا تلك الأرض فلم نرها وغيبت عنا. وبعد كل مدة يراها واحد مصادفة. ويقصدها عرب تلك الناحية باليهود ليزوروها، فقل من يراها. [محاربة صاحب الموصل العدوية] وفيها حارب صاحب الموصل العدوية، وقتل خلقا، وأسر عدة، وصلب منهم مائة نفس، وذبح مائة، وقتل كبيرهم وعلق. وبعث من نبش الشيخ عديا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 14 وأحرق عظامه. أنبأني بذلك الظهير ابن الكازروني في ' مجموع '. [وثوب غانم بن راجح على أبيه بمكة] ووثب غانم بن راجح بن قتادة الحسني في مكة بأبيه فقيده وزعم أنه جن، فسأله أن يخلي سبيله، فأعطاه جملا فركبه وهرب، وتمكن غانم بمكة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 15
سنة ثلاث وخمسين وستمائة
[نزول عسكر الناصر والمعزّ كلّ في ناحية] دخلت وعسكر الملك الناصر نازل على العوجا، والملك المعز نازل على العباسة، وطال مقام الفريقين. [إقطاع الناصر البحرية] وكان الناصر قد أقطع البحرية أخبازا جليلة. [حرب العزيزية والمُعِزّ والصلح بين الملكين] قال ابن واصل: وفي رمضان عزمت العزيزية على القبض على المعز، وكاتبوا الناصر، ولم يوافقهم جمال الدين أيدغدي. واستشعر الملك المعز منهم وعرف الخبر، وعلموا هم فهربوا على حمية، وكبيرهم شمس الدين أقوش البري. ولم يهرب أيدغدي وأقام بخيمه، فجاء المعز راكبا إلى قرب مخيمه فخرج إليه أيدغدي، فأمر المعز فحمل على دابة، وقبض أيضا على الأمير الأتابكي فحبسا، ونهبت خيام العزيزية كلهم يومئذ بالعباسة. ثم اصطلح الملكان على أن من الورادة ورايح للمعز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 16
ذكر أسماء أعيان البحرية سيف الدين الرشيدي، عز الدين أزدمر السيفي، ركن الدين البندقداري، شمس الدين سنقر الأشقر، سيف الدين قلاوون الألفي، بدر الدين بيسري، شمس الدين سنقر الرومي، سيف الدين بلبان المستعربي. [السيل بدمشق] وفيها جاء سيل بدمشق عرم أخرب عدة دور بظاهر البلد وبلغ ارتفاعه ستة أذرع وزيادة. [ولادة مولود للسلطان الناصر] وفيها ولد الملك علاء الدين للسلطان الملك الناصر من ابنة صاحب الروم، واحتفلوا لذلك إلى الغاية. [الفتنة بمِنَى] وفيها جرت فتنة بمِنَى ونهب الوفد، فقتل جماعة وجرح خلق. فأرسل أمير مكة إدريس وأبو نمي إلى أمير المؤمنين يعتذران.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 17
سنة أربع وخمسين وستمائة
[الحكام في البلاد] خليفة الوقت المستعصم بالله. وصاحب الشام الملك الناصر. وصاحب مصر المُعِزّ. وصاحب الكرك والشوبك المغيث بن عمر بن العادل أبي بكر بن الملك الكامل. وصاحب الموصل الملك الرحيم لؤلؤ. وصاحب ميافارقين الكامل محمد بن غازي بن الملك العادل. ونائب إربل تاج الدين ابن صلايا العلوي. ونائب حصون الإسماعيلية الثمانية رضي الدين أبو المعالي. وصاحب صهيون وبرزبه مظفر الدين عثمان بن منكورس. وصاحب حماه الملك المنصور. وصاحب تل باشر والرحبة وتدمر وزنوبيا الأشرف موسى بن الملك المجاهد إبراهيم ابن صاحب حمص. وصاحب مكة ابن قتادة الحسيني. وصاحب ماردين الملك السعيد إيل غازي الأرتقي. وصاحب اليمن الملك المظفر يوسف بن عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 18 وصاحب الروم ركن الدين وأخوه عز الدين. وصاحب خراسان وما وراء النهر والخطا القاءآن ملك التتار. ظهور النَّار بالمدينة قال أبو شامة: جاء إلى دمشق كتب من المدينة بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة، وكتبت الكتب في خامس رجب، والنار بحالها بعد. ووصلت إلينا الكتب في شعبان. فأخبرني من أثق به ممن شاهدها بالمدينة أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب. قال: وكنا في بيوتنا بالمدينة تلك الليالي، وكأن في دار كل واحد سراجا. ولم يكن لها حر ولا لفح على عظمها، إنما كانت آية. قال أبو شامة: وهذه صورة ما وقفت عليه من الكتب: لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة ظهر بالمدينة دوي عظيم ثم زلزلة عظيمة فكانت ساعة بعد ساعة إلى خامس الشهر، فظهرت نار عظيمة في الحرة قريبا من قريظة تنور لها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا. وسالت أودية منها إلى وادي شطا مسيل الماء، وقد سدت مسيل شطا وما عاد يسيل. والله لقد طلعنا جماعة نبصرها فإذا الجبال تسيل نيرانه، وقد سدت الحرة طريق الحاج العراقي، فسارت إلى أن وصلت إلى الحرة، فوقفت ورجعت تسير في الشرق يخرج من وسطها مهود وجبال نار تأكل الحجارة،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 19 فيها أنموذج لما أخبر الله تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ كأنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ}. وقد أكلت الأرض. ولها الآن شهر وهي في زيادة، وقد عادت إلى الحرار في قريظة طريق الحاج إلى بحيرة العراقي كلها نيران تشتعل نبصرها في الليل من المدينة كأنها مشاعل، وأما أم النيران الكبيرة فهي جبال نيران حمر، وما أقدر أصف هذه النار. ومن كتاب آخر: ظهر في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض، وسال منها واد من نار حتى حاذت جبل أحد، ثم وقفت. ولا ندري ماذا نفعل. ووقت ظهورها دخل أهل المدينة إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم مستغفرين تائبين إلى ربهم. ومن كتاب آخر: في أول جمادى الآخرة ظهر بالمدينة صوت كالرعد البعيد، فبقي يومين، وفي ثالث الشهر تعقبه زلزال فتقيم ثلاثة أيام، وقع في اليوم والليلة أربع عشرة زلزلة. فلما كان يوم خامسه انبجست الأرض من الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي برأي العين من المدينة تشاهد، وهي ترمي بشرر كالقصر. وهي بموضع يقال له أخلين أو أخلبين. وقد سال من هذه النار واد يكون مقداره أربعة فراسخ، وعرضه أربعة أميال، وعمقه قامة ونصف، وهو يجري على وجه الأرض وتخرج منه مهاد وجبال صغار، ويسير على وجه الأرض، وهو صخر يذوب حتى يبقى مثل الأتل، فإذا اخمد صار أسود، وقبل الخمود لونه أحمر. وقد حصل إقلاع عن المعاصي وتقرب بالطاعات. وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة. ومن كتاب قاضي المدينة سنان الحسيني يقول في التاريخ: ' لقد والله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 20 زلزلت مرة ونحن حول الحجرة النبوية، فاضطرب لها المنبر والقناديل. ثم طلع في رأس أخيلين نار عظيمة مثل المدينة المعظمة، وما بانت لنا إلا ليلة السبت وأشفقنا منها. وطلعت إلى الأمير وكلمته وقلت: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله. فأعتق كل مماليكه ورد على جماعة أموالهم. فلما فعل ذلك قلت: اهبط معنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فهبط وبتنا ليلة السبت، الناس جميعهم والنسوان وأولادهن، وما بقي أحد لا في النخل ولا في المدينة إلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأشفقنا منها، وظهر ضوءها إلى أن أبصرت من مكة، ومن الفلاة جميعها. ثم سال منها نهر من نار، وأخذ في وادي أخيلين وسد الطريق، ثم طلع إلى بحرة الحاج، وهو بحر نار يجري وفوقه حرة تسير إلى أن قطعت وادي الشظاه، وما عاد يجيء في الوادي سيل قط لأنها حرة، تجيء قامتين وثلاث علوها. والله يا أخي إن عيشتنا اليوم مكدرة، والمدينة قد تاب أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب. وتمت النار تسير إلى أن سدت بعض طريق الحاج، وكان في الوادي إلينا منها قتير، وخفنا أن تجيئنا، واجتمع الناس وباتوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طفئ قتيرها الذي يلينا بقدرة الله عز
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 21 وجل، وإلى الساعة ما نقصت بل ترمي مثل الجبال حجارة من نار، ولها دوي، ما تدعنا نرقد ولا نأكل ولا نشرب، وما أقدر أصف لك عظمها ولا ما فيها من الأهوال. وأبصرها أهل ينبع، وندبوا قاضيهم ابن سعد، وجاء وغدا إليها، وما أصبح يقدر يصفها من عظمها. وكتب يوم خامس رجب، والشمس والقمر من يوم ظهرت ما يطلعان إلا كاسفين. ومن كتاب آخر من بعض بني الفاشاني يقول: جرى عندنا أمر عظيم... إلى أن قال: من النار ظهر للناس ألسن تصعد في الهواء حمراء كأنها العلقة، وعظمت فقزع الناس إلى المسجد، وابتهلوا إلى الله عز وجل، وغطت حمرة النار السماء كلها حتى بقي الناس في مثل ضوء القمر، وأيقنا بالعذاب. وصعد القاضي والفقيه إلى الأمير يعظونه فطرح المكس، وأعتق رقيقة كلهم، ورد علينا كل ما لنا تحت يده، وعلى غيرنا. وبقيت كذلك أياما، ثم سالت في وادي أخيلين تنحدر مع الوادي إلى الشظاه، حتى لحق سيلانها ببحرة الحاج، والحجارة معها تتحرك وتسير حتى كادت تقارب حرة العراض. ثم سكنت ووقفت أياما، ثم عادت ترمي بحجارة من خلفها وأمامها حتى بنت جبلين خلفها وأمامها، وما بقي يخرج منها من بين الجبلين، لسان لها أياما. ثم إنها عظمت الآن وسناها إلى الآن، وهي تتقد كأعظم ما يكون. ولها كل يوم صوت عظيم من آخر الليل إلى ضحوه، والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن. وكتب هذا ولها شهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 22 قلت: أمر هذه النار متواتر، وهي مما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث يقول: لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل بِبُصْرى. وقد حكى غير واحد ممن كان بِبُصرى في الليل ورأى أعناق الإبل في ضوئها. وقال أبو شامة: وفي ليلة السادس عشر، كذا قال، من جمادى الآخرة خسف القمر أول الليل، وكسفت الشمس في عبدة، كذا قال، وما احمرت وقت طلوعها وغروبها. وبقيت كذلك أياما متغيرة ضعيفة النور، واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعبد. قلت: هذا الكلام فيه ما فيه، وقوله كُسفت الشمس في العبدة دعوى ما علمت أحدا وافقه عليها ولا ورخها غيره. ثم بين مستنده باحمرار الشمس وضعف نورها، وهذا لا يسمى كسوفا أبدا. ولقد كنت في رحلتي إلى الإسكندرية وأنا في المركب أنظر إلى الشمس قبل غروبها بساعة، وهي كأنها نحاسة حمراء ما لها من النور شيء أصلا إلى أن تتوارى. وذلك لكثافة الأبخرة الأرضية. ومثل هذا إذا وقع لا تُصلَّى له صلاة الكسوف. والنبي صلى الله عليه وسلم لم نسمعه سمى ذلك كسوفا في وصف ليلة القدر بالآية التي ميزها بها فقال: إن الشمس تطلع من صبيحتها ولا شعاع لها. وأما كسوف الشمس والقمر فشيء ظاهر يبدو قليلا قليلاً في القُرْص إلى أن يذهب نورهما ولونهما، وتظهر الكواكب بالنهار. وقد يكون كسوفا ناقصا فيبقى شطر من الشمس كاسفا، وشطر نيّراً. وأما حساب أهل الهيئة لذلك فشيء ما علمته يحرم أبدا، وهو عندهم حساب قطعي، ومن نظر في مستندهم جزم به، بخلاف قولهم في تأثير الكسوف في الأرض من موت عظيم، أو حادث كبير، فإن هذا من الإفك والزور والهذيان الذي لا يحل لمسلم أن يعتقده. وذلك التأثير عند المنجمين ظن وحدس، والظن الكذب. الحديث. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ' إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان يخوف الله بهما عباده '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 23
[غرق بغداد] زادت دجلة زيادة مهولة إلى الغاية لم يعهد مثلها إلا من زمان، فغرق خلق كثير من أهل بغداد. ومات خلق تحت الهدم. وركب الناس في المراكب واستعانوا بالله تعالى وعاينوا التلف. فنقل أبو شامة قال: جاء كتاب من المدينة النبوية من بعض بني الفاشاني يقول فيه: وصل إلينا من العراق نجابة في جمادى الآخرة، وأخبروا عن بغداد أنه أصابها غرق عظيم حتى دخل الماء من أسوار بغداد، وغرق كثير من البلد، وانهدمت دار الوزير، وثلاثمائة وثمانون دارا، وانهدم مخزن الخليفة، وهلك شيء كثير من خزانة السلاح. وأشرف الناس على الهلاك، وعادت السفن تدخل إلى وسط البلد وتخرق أزقة بغداد. وقد وقع مثل هذا الغرق ببغداد في سنة أربع وخمسين وخمسمائة أيضا. وبعد ذلك غير مرة، فقد غرقت بغداد عدة مرات. [فتنة الكرخ] وفيها كانت فتنة الكرخ في ذي الحجة. قتل أهل الكرخ رجلا من قطفتا فحمله أهله إلى باب النوبي، ودخل جماعة إلى الخليفة وعظموا ذلك، ونسبوا أهل الكرخ إلى كل فساد، فأمر بردعهم. فركب الجند إليهم وتبعهم الغوغاء فنهب الكرخ وأحرقت عدة مواضع، وسبوا العلويات وقتلوا عدة. واشتد الخطب ثم أخمدت الفتنة بعد بلاء كبير، وصُلِب قاتل الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 24
[خلاف وزير المستعصم والدويدار الصغير] ونسب إلى مجاهد الدين الدويدار الصغير أنه عامل على خلع المستعصم وتولية ولده، فأسرع مجاهد الدين وحلف وسأل أن يواقف القائل عنه. ولبس اللأمة جنده واستوحش من الوزير، فهاشت العامة وعظم الأمر. وقتل جماعة كثيرة وجرح خلق. ثم كتب المستعصم أمانا بخطه للدويدار فرضي. [حريق المسجد] وفي ليلة الجمعة مستهل رمضان احترق مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ابتداء حريقه من زاويته الغربية بشمال. دخل بعض القوم إلى خزانة ومعه مسرجة فعلقت في الآلات، ثم اتصلت بالسقف سريعا، ثم دبت في السقوف آخذة نحو القبلة، وعجز الناس عن إطفائها، فما كان إلا ساعة حتى احترقت سقوف المسجد كلها، ووقعت بعض أساطينه وذاب رصاصها، وكل ذلك قبل أن ينام الناس. واحترق سقف الحجرة النبوية، ووقع ما وقع منه في الحجرة، وترك على حاله لما شرعوا في عمارة سقفها وسقف المسجد. نقل هذا أبو شامة وغيره. ومما قيل في ذلك: (لم يحترق حَرَمُ الرسول لحادثٍ .......... يُخْشَى عليه ولا دهاه العار)
(لكنّها أيدي الرّوافض لامَسَتْ .......... ذاك الجدار فطهّرته النّار)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 25
[ملْك هولاكو حصون الإسماعيلية] وفيها كان خروج الطاغية هولاكو بن تولي بن جنكزخان، فسار في المغول من الأردو فملك الألموت وقلاع الإسماعيلية التي بنواحي الري. قال ابن الساعي: بعث هولاكو إلى مقدمة الباطنية ركن الدين فبعث أخاه في ثلاثمائة فقتلهم هولاكو وتهدد ركن الدين، فنزل إليه بأمان، ثم قتله وخرب قلعته، ثم خرب الألموت وسائر قلاع الباطنية، ثم ترحل قاصدا العراق وسير باجونوين إلى الروم فانهزم صاحبها إلى بلاد الأشكري، فملكت التتار سائر الروم، ونهبوا وقتلوا وفعلوا الأفاعيل. [تأمين هولاكو صاحب ميافارقين] وتوجه الملك الكامل محمد بن شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين إلى خدمة هولاكو، فأكرمه وأمنه وأعطاه فرمانا ورجع إلى بلاده. [التدريس في المدرسة الناصريّة] وفيها فتحت المدرسة الناصرية بدمشق عند الفراغ من بنائها. وحضر الدرس يومئذ السلطان. [الشروع في بناء الرباط الناصري] وفيها شرعوا في بناء الرباط الناصري، واحتفلوا له، وجابوا له الحجر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 26 الأصفر من بلد حلب. [اتفاق الناصر والمُعِزّ على محاربة هولاكو] وفيها تواترت الأخبار بوصول هولاكو بجيشه إلى أذربيجان يقصدون العراق، فوردت قصاد الديوان العزيز على نجم الدين الباذرائي إلى دمشق بأن يتقدم إلى الملك الناصر بمصالحة الملك المعز، وأن يتفقا على حرب التتار، فأجاب الناصر إلى ذلك، ورد عسكره من غزة فدخلوا دمشق. [القضاء بديار مصر] وفيها عزل بدر الدين السنجاري عن قضاء ديار مصر، وولي تاج الدين ابن بنت الأعز. [توقُّف الخليفة عن ردّ وديعة للملك الناصر] وكانت للملك الناصر داود بن المعظم وديعة عند الخليفة، فتوقف في ردها واحتج بحجج باردة وجرت أمور قبيحة لم يعهد مثلها من أمير فضلا عن أمير المؤمنين. وكان الناصر داود قد حج، وعاد على العراق بسببها فأنزل بالحلة وأجري عليه راتب ضعيف، فعمل قصيدة تلطف فيها وعدد خدمه وخدم آبائه فما نفع، بل سيروا إليه من حاسبه على جميع ما اتصل إليه من النفقات والمأكول وما حملوه إليه من الهدايا في تردده، ثم أوصلوا إليه شيئا يسيرا، وقالوا: قد وصل إليك قيمة وديعتك فهات خطك بوصوله، وأنك لم يبق لك شيء. فكتب كارهاً. ولم يصل إليه من قيمتها العشر. وسافر فاجتمع عليه جماعة من الأعراب وخدموه وأرادوا به التوصل إلى العبث والفساد فأبى عليهم، وأقام عندهم. فخاف من ذلك صاحب الشام الملك الناصر فأحضر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 27 الملك الظاهر شاذي بن داود، وحلف له أنه لا يؤذي والده. فسار شاذي إلى أبيه وعرفه، فقدم دمشق فوجد الملك الناصر قد أوغر صدره فنزل بتربة والده بقاسيون، وشرط عليه أن لا يركب فرساً. ثم أذن له بركوب الخيل بشرط أن لا يدخل البلد ولا يركب في الموكب. واستمر ذلك إلى آخر السنة. [انهدام خانقاه الطاحون بظاهر دمشق] وفيها انهدمت خانقاه الطاحون بظاهر دمشق، فمات تحت الهدم شيخنا بدر الدين المراغي وآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 28
سنة خمس وخمسين وستمائة
[موت المُعِزّ صاحب مصر] في ربيع الأول مات الملك المعز أيبك التركماني صاحب مصر، قتلته زوجته شجر الدر، وسلطنوا بعده ولده المنصور علي بن أيبك. [تردد رسل التتار إلى بغداد] وفيها ترددت رسل التتار إلى بغداد، وكانت الفرامين منهم واصلة إلى ناس من بعد ناس من غير تحاش منهم في ذلك ولا خيفة، والخليفة والناس في غفلة عما يراد بهم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً. [توجيه الهدايا إلى هولاكو] وفي رمضان توجه الملك العزيز بن السلطان الملك الناصر يوسف، وهو صبي مع الأمير الزين الحافظي وجماعة بهدايا وتحف إلى هولاكو.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 29
[اختلاف المصريّين] وأما المصريون فاختلفوا وقبض على جماعة منهم وقتل آخرون. [وزارة ابن بنت الأعزّ] وولي الوزارة القاضي تاج الدين ابن بنت الأعزّ. [الفتنة بين السُّنّة والشيعة] وفيها كانت فتنة هائلة ببغداد بين السنة والشيعة أدت إلى خراب ونهب، وقتل جماعة من الفريقين، واشتد الأمر، ثم بعث الخليفة من سكن الفتنة. [ظهور طائفة الحيدرية بالشام] وفي هذا الوقت ظهر بالشام طائفة الحيدرية، يقصون لحاهم ويلبسون فراجي من اللباد وعليهم طراطير، وفي رقابهم حلق كبار من حديد. زعموا أن الملاحدة أمسكوا شيخهم حيدر وقصوا ذقنه. وهم يصلون ويصومون، ولكنهم قوم منحرفون. وكان أمر الدين ضعيفا من أيام الناصر بدوران الخمر والزنا وكثرة الظلم وعدم العدل، وظهور البدع، وغير ذلك. [الوحشة بين الناصر والبحرية] وفيها وقعت وحشة في نفس الملك الناصر من البحرية، وبلغه أنهم عزموا على الفتك به، فأمرهم بالانتزاح عن دمشق، ففارقوه مغاضبين له ونزلوا غزة، ثم انتموا إلى الملك المغيث صاحب الكرك، وخطبوا له بالقدس،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 30 وأخذوا حواصل غزة والقدس. ثم حصل الانتصار عليهم فانهزموا إلى البلقاء، ثم طمعوا المغيث في أخذ مصر له، وأنفق فيهم الأموال، وساروا، فجرت لهم وقعة مع المصريين فانكسروا وزينت مصر. [طمع المغيث في الديار المصرية] قال ابن واصل: انقاد المغيث للبحرية وأنزل إليهم بعض عسكره مع أتابكه الطواشي بدر الدين الصوابي الذي ملكه الكرك عند قتلة الملك المعظم ابن الصالح، فكان الصالح لما تملكها في آخر أيامه استناب بها الصوابي، وسير إليها خزانة عظيمة من المال، فضيعه المغيث على البحرية طمعاً في الديار المصرية. ثم سار جيش المغيث إلى مصر فبرز لحربهم جندها فكسروهم، وجرح سيف الدين الرشيدي وأسر، فانهزم الصوابي وركن الدين البندقداري وطائفة، ودخل جماعة منهم القاهرة مستأمنين، وكان قد جاء قبلهم عز الدين الأخرم فأُكرِم. [خلعة الخليفة للملك الناصر] وفيها قدم الشيخ نجم الدين الباذرائي بالخلعة الخليفية للملك الناصر بالسلطنة فركب بها، وكان يوماً مشهوداً. فلما رجع توجه معه إلى العراق الناصر داود في جماعة من أولاده، وكان قد أباعه الناصر داره المعروفة بدار سامة فصيرها مدرسة ؛ فلما وصلوا إلى قرقيسيا أشار الباذرائي عليه بالإقامة حتى يستأذن له. فأقام ولم يجئه إذن، فرد إلى الشام، وتوجه في البرية إلى أن وصل إلى تيه بني إسرائيل واجتمع إليه العربان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 31
[إغارة التتار على الموصل] وفيها أغارت التتار على بلاد الموصل وفتكوا. [تصوُّف ابن حَمُّوَيْه] وفيها بطل سعد الدين خضر بن حمويه وترك الجندية وزالت سعادته والتجأ إلى التصوف. [وصف المفاسد بدمشق] قال في ' تاريخه ': ولما عاندني الدهر في أموري، وباعد سروري، وكدر مشاربي، وعسر مآربي، وانقطعت الأرزاق، وانحل كيس الإنفاق، خرجت من مصر، فلما حللت بدمشق، مسقط رأسي، وجدتها وقد صوح واديها، وخلا من الأنيس ناديها، وارتفعت عنها البركات، وأحيط بها الظلم والظلمات. والأسواق كاسدة، والرعايا فاسدة. عدم ركبا، وظهرت الخيانات وشغل المودف، وعلت المنكرات، وأحدث من الرسوم ما لم يعهد، وحملوا أثقالا مع أثقالهم. إن استغاثوا بالملك أجابهم بالضرب والرد، وإن استنجدوا بالوزير عاملهم بالإعراض والصد، وإن سألوا الحاجب طلب الرشا بلا حمد. إلى أن قال: لا يحضرهم أحد على مائدة، ولا يرجع من عندهم بفائدة. قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم واستوثقوا من رتاج الباب والدار، يكذبون ويحلفون، ويغدرون ويُخْلِفون، وعلى حريم أصحابهم بالفاحشة يحلفون. قد قنع كل منهم بلومه، ولف ذنبه على خيشومه. قيل لوزيرهم: إنا نطيل الجلوس، فلو جعلت علامة لقيامنا. قال: إذا قلت يا غلام هات الغداء فانصرفوا. وقال صاحب ديوانهم لغلامه: هات غدائي وأغلق الباب. فقال: بل أغلق الباب وأجيء بالطعام. قال: أنت أحذق مني، فأنت حر لوجه الله بعد موتك. وحضر شاعر مائدة أكبر أمرائهم فرمى لقمة للهر، فقال الأمير: لا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 32 تطعمها فإنها هرة جيراننا. ومن غرائب الظلم أن رجلا جاء بحمل عسل، فأخذ للخوشخاناه، فطولب بمكس العسل، فقال: خذوا من تحت أيديكم. قالوا: ما نعرف ما تقول. فذهب بالبغل يبيعه، فأخذه أمير الإصطبل. وطولب بحقه في السوق فقال: أدفعوا لي ثمنه وخذوا حقكم. قالوا: ما نعلم ما تقول. وحبسوه على مكسه. فكتب إلى أهله. نفذوا لي دراهم حتى أستفك روحي، فقد راح العسل والبغل، وأنا محبوس على المكس. ومما يناسب هذه الحكاية أن امرأة ذهب عنها حُلِيٌّ بخمسة آلاف فوجده منادي بسوق الرحبة فرده عليها، فوهبته خمسمائة درهم فتمنع وقال: إنما رددته لله. فألزمته فأخذ الدراهم. فسمع به الوالي فأحضره وأخذ منه الدراهم وضربه وقال: ليش ما جيت بالحُلِيّ إلى عندنا؟ ثم ذكر كلاما طويلا من هذا النحو. [مسير هولاكو إلى بغداد] وفي سنة خمس سار هولاكو من همدان قاصدا بغداد، فأشار ابن العلقمي الوزير على الخليفة ببذل الأموال والتحف النفيسة إليه، فثناه عن ذلك الدويدار وغيره، وقالوا: غرض الوزير إصلاح حاله مع هولاكو. فأصغى إليهم وبعث هدية قليلة مع عبد الله ابن الجوزي، فتنمر هولاكو وبعث يطلب الدويدار وابن الدويدار وسليمان شاه فما راحوا. وأقبلت المغل كالليل المظلم، وكان الخليفة قد أهمد حال الجند وتعثروا وافتقروا، وقطعت أخبازهم، ونظم الشعر في ذلك، فلا قوة إلا بالله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 33
سنة ست وخمسين وستمائة
[انهزام المتّفقين على قصد الديار المصرية] دخلت والملك الناصر والبحرية، والملك المغيث متفقون على قصد الديار المصرية وطمعوا فيها لأن سلطانها صبي، فنزل الملك المغيث على غزة فخرج الأمير سيف الدين فظفر بعسكر مصر، ونزل بالعباسة لقتال الشاميين. ثم سار المغيث بالعساكر الشامية، فضرب مع المصريين رأسا في الرمل، فانكسر وأسرت طائفة من أمرائه، وهم أيبك الرومي، وأيبك الحموي، وزكي الدين الصيرفي، وابن أطلس خان الخوارزمي، فضربت أعناقهم صبرا بين يدي قطز، ودخلوا بالرؤوس إلى القاهرة، وهرب المغيث وأتابكه الصوابي والبندقداري في أسوأ حال وأنحسه إلى الكرك. كائنة بغداد كان هولاكو قد قصد الألموت، وهو معقل الباطنية الأعظم وبها المقدم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 34 علاء الدين محمد بن جلال الدين حسن المنتسب إلى نزار ابن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم العبيدي الباطني، فتوفي علاء الدين وقام بعده ابنه شمس الشموس، فنزل إلى هولاكو بإشارة النصير الطوسي عليه، وكان النصير عنده وعند أبيه من قبل، فقتل هولاكو شمس الشموس وأخذ بلاده وأخذ الروم، وأبقى بها ركن الدين ابن غياث الدين كيخسرو صورة بلا معنى، والحكم والتصرف لغيره. وكان وزير العراق مؤيد الدين ابن العلقمي رافضيا جلدا خبيثا داهية، والفتن في استعار بين السنة والرافضة حتى تجالدوا بالسيوف، وقتل جماعة من الروافض ونهبوا، وشكا أهل باب البصرة إلى الأمير ركن الدين الدويدار والأمير أبي بكر ابن الخليفة فتقدما إلى الجند بنهب الكرخ، فهجموه ونهبوا وقتلوا، وارتكبوا من الشيعة العظائم، فحنق الوزير ونوى الشر، وأمر أهل الكرخ بالصبر والكف. وكان المستنصر بالله قد استكثر من الجند حتى بلغ عدد عساكره مائة ألف فيما بلغنا، وكان مع ذلك يصانع التتار ويهاديهم ويرضيهم، فلما استخلف المستعصم كان خليا من الرأي والتدبير، فأشير عليه بقطع أكثر الجند، وأن مصانعة التتار وإكرامهم يحصل بها المقصود، ففعل ذلك. وأما ابن العلقمي فكاتب التتار وأطمعهم في البلاد، وأرسل إليهم غلامه وأخاه، وسهّل عليهم فتح العراق، وطلب أن يكون نائبهم، فوعدوه بذلك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 35 وتأهبوا لقصد بغداد، وكاتبوا صاحب الموصل لؤلؤ في تهيئة الإقامات والسلاح. فأخذ يكاتب الخليفة سرا ويهيء لهم الآلات والإقامات. وكان الوزير هو الكل، وكان لا يوصل مكاتبات صاحب الموصل ولا غيره إلى الخليفة، وإن وصلت سرا إلى الخليفة أطلع عليها ابن العلقمي ورد الأمر إليه. وكان تاج الدين ابن صلايا نائب إربل يحذر الخليفة ويحرك عزمه، والخليفة لا يتحرك ولا يستيقظ. فلما تحقق حركة التتار نحوه سير إليهم شرف الدين ابن محيي الدين ابن الجوزي رسولا يعدهم بأموال عظيمة، ثم سير مائة رجل إلى الدربند يكونون فيه ويطالعون الأخبار، فمضوا فلم يطلع لهم خبر لأن الأكراد الذين هناك دلوا التتار عليهم فقتلوهم أجمعين فيما قيل. وركب هولاكو إلى العراق، وكان على مقدمته باجو نوين وفي جيشه خلق من الكرخ ومن عسكر بركة ابن عم هولاكو، ومدد من صاحب الموصل مع ولده الملك الصالح ركن الدين إسماعيل. وأقبلوا من جهة البر الغربي عن دجلة، فخرج عسكر بغداد وعليهم ركن الدين الدويدار، فالتقاهم يوم تاسوعاء على نحو مرحلتين من بغداد، فانكسر البغداديون بعد أن قتلوا عددا كثيرا من العدو، وأخذتهم السيوف وغرق بعضهم في الماء، وهرب الباقون. ثم ساق باجو نوين فنزل القرية مقابل دار الخلافة وبينه وبينها دجلة. وقصد هولاكو بغداد من جهة البر الشرقي، ثم إنه ضرب سورا على عسكره وأحاط ببغداد. فأشار الوزير على المستعصم بمصانعتهم وقال: أخرج إليهم أنا في تقرير الصلح. فخرج وتوثق لنفسه من التتار ورد إلى الخليفة وقال: إن الملك قد رغب في أن يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى صاحب الروم في سلطنته، ولا يؤثر إلا أن تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع السلاطين السلجوقية، وينصرف عنك بجيوشه فيجيبه مولانا إلى هذا فإن فيه حقن دماء المسلمين، ويمكن بعد ذلك أن يفعل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 36 ما يريد. والرأي أن تخرج إليه. فخرج في جماعة من الأعيان إلى هولاكو فأنزل في خيمة. ثم دخل الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل، ليحضروا العقد يعني. فخرجوا من بغداد فضُرِبت أعناقهم، وصار كذلك يخرج طائفة بعد طائفة فتُضرَب أعناقهم. ثم مد الجسر وبكر باجو نوين ومن معه فبذلوا السيف في بغداد، واستمر القتل والسبي في بغداد بضعا وثلاثين يوما، ولم ينج إلا من اختفى. فبلغنا أن هولاكو أمر بعد ذلك بعد القتلى فبلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف وكسر. والأصح أنهم بلغوا ثمانمائة ألف. ثم نودي بعد ذلك بالأمان، وظهر من كان قد تخبأ وهم قليل من كثير. فممن هلك في وقعة بغداد الخليفة، وابناه أحمد وأبو بكر، وابن الجوزي وأولاده الثلاثة، والركن محمد بن محمد بن سكينة كهلا، وكبير الشافعية شهاب الدين محمود بن أحمد الزنجاني، والقدوة الشيخ علي الخباز، والأديب نحوي النظامية جمال الدين عبدا لله بن خنقز، وشيخ الخليفة صدر الدين علي بن النيار، وقريبه عبد الله بن عبيد الله، والعدل عبد الله بن عساكر البعقوبي، والشرف محمد بن سكينة أخو الركن، والعدل عبد الوهاب بن الصدر عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن سكينة وأخوه عبد الرحمن، ويحيى بن سعد البردي العدل، ووالد الرشيد بن أبي القاسم، وعبد القاهر بن محمد بن الفوطي كاتب ديوان العرض. وفيها مات: علي بن الأخضر، والشاعر علي الرصافي، وحسين بن داود الواسطي المحدث، وعمر بن دهمان المحدث قتلا، وأحمد بن مسعود البعلي الجبيلي، وعبد الله بن ياسر البعلي، ووالد الشيخ علي البندنيجي العدل،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 37 ومحمد بن الهيثمي، والعدل علي بن أبي البدر. وأما الوزير ابن العلقمي فلم يتم [له] ما أراد، وما اعتقد أن التتر يبذلون السيف مطلقا، فإنه راح تحت السيف الرافضة والسنة وأمم لا يحصون، وذاق الهوان والذل من التتار، ولم تطل أيامه بعد ذلك. ثم ضرب هولاكو عنق باجو نوين لأنه بلغه عنه أنه كاتب الخليفة وهو في الجانب الغربي. وأما الخليفة فقتل خنقا، وقيل: غم في بساط، وقيل: رفسوه حتى مات. وقتل الأمير مجاهد الدين الدويدار، والشرابي، والأستاذ دار محيي الدين ابن الجوزي وولداه، وسائر الأمراء والحجاب والكبار. وقالت الشعراء قصائد في مراثي بغداد وأهلها وتمثل بقول سبط التعاويذي: (بادت وأهلوها معاً فبيوتُهُمْ .......... ببقاء مولانا الوزير خراب) وكانت كسرة عسكر الخليفة يوم عاشوراء، ونزل هولاكو بظاهر بغداد في الرابع عشر من المحرم، وبقي السيف يعمل فيها أربعة وثلاثين يوماً. وبلغنا أن آخر جمعة خطب فيها الخطيب ببغداد كانت الخطبة ' الحمد لله الذي هدم بالموت مشيد الأعمار، وحكم بالفناء على أهل هذه الدار '. وكان السيف يعمل في الجمعة الأخرى، فإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرنا في مصيبتنا التي لم يصب الإسلام وأهله بمثلها. ولتقي الدين إسماعيل بن أبي اليسر قصيدة مشهورة في بغداد، هي: (لسائل الدَّمع عن بغداد أخبارُ .......... فما وقوفُك والأحباب قد ساروا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 38
(يا زائرين إلى الزَّوراء لا تفدوا .......... فما بذاك الحمى والدّار ديّارُ)
(تاجُ الخلافة والرّبع الّذي شرُفَتْ .......... به المعالم قد عفّاه إقفارُ)
(أضحى لعصف البِلَى في ربْعه أثر .......... وللدُّموع على الآثار آثارُ)
(يا نار قلبي من نارٍ لحربِ وَغَى .......... شبَّتْ عليه ووافى الرَّبْعَ إعصارُ)
(علا الصّليبُ على أعلى منابرها .......... وقام بالأمر من يحويه زنّارُ)
(وكم حريم سَبَتْهُ التُّرْكُ غاصبةٌ .......... وكان من دون ذاك السّتْر أستارُ)
(وكم بُدُور على البدريّة انخسفت .......... ولم يعد لبُدور الحيّ إبدارُ)
(وكم ذخائر أضْحَت وهي شائعةٌ .......... من النُّهّاب وقد حازته كفَّارُ)
(وكم حدود أقيمت من سيوفهم .......... على الرّقاب وحُطّت فيه أوزارُ)
(ناديت والسَّبْيُ مهتوكٌ تجرّهم .......... إلى السِّفاح من الأعداء ذعّارُ)
(وهم يساقون للموت الّذي شهدوا .......... النّار يا ربّ من هذا ولا العارُ)
(والله يعلم أنّ القوم أغفلهم .......... ما كان من نِعم فيهنّ إكثارُ)
(فأهملوا جانب الجبّار إذ غفلوا .......... فجاءهم من جنود الكُفْر جبّارُ)
(يا للرجال بأحداثٍ يحدّثنا .......... بما غدا فيهم إعذار وإنذارُ)
(من بعد أسْرِ بني العبّاس كلّهم .......... فلا أنار لِوجه الصُّبع إسفارُ)
(ما راق لي قطُّ شيءٌ بعد بَيْنهِم .......... إلاّ أحاديث أرْويها وآثارُ)
(لم يبقَ للدّين والدّنيا وقد ذهبوا .......... شوقٌ لمجدٍ وقد بانوا وقد باروا)
(إنّ القيامة في بغدادَ قد وُجِدتْ .......... وحدّها حين للإقبال إدبارُ)
(آل النّبِيّ وأهل العِلْم قد سُبيوا .......... فَمَنْ ترى بعدهم يحويه أمصارُ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 39
(ما كنتُ آمُلُ أن أبقى وقد ذهبوا .......... لكنْ أتت دون ما اختار أقدارُ) في أبيات أخر، وجملتها ستة وستون بيتا. قال ابن الكازروني وغيره: ما زالوا في قتل وسبي وتعذيب عظيم لاستخراج الأموال مدة أربعين يوما، فقتلوا النساء والرجال والأطفال أهل البلد وأهل سائر القرى ما عدا النصارى، عين لهم شحاني حرسوهم، وانضم إليهم خلق فسلموا. وكان ببغداد عدة من التجار سلموا لفرمانات والتجأ إليهم خلق، وسلم من بدار ابن العلقمي، ودار ابن الدامغاني صاحب الديوان ودار ابن الدوامي الحاجب، وما عدا ذلك ما سلم إلا من اختفى في بئر أو قناة، وأحرق معظم البلد. وكانت القتلى في الطرق كالتلول. ومن سلم وظهر خرجوا كالموتى من القبور خوفاً وجوعاً وبرداً. وسلم أهل الحلة والكوفة. أمنهم القان، وبعث إليهم شحاني. وسلمت البصرة وبعض واسط. ووقع الباء فيمن تخلف، فلا حول ولا قوة إلا بالله. [وقعة المغيث مع المصريين] وفيها كانت وقعة الملك المغيث مع المصريين فانكسر كما ذكرنا، وهرب هو وبدر الدين الصوابي والبندقداري الذي تسلطن، فوصلوا إلى أسوأ حال. وأما مصر فزينت في ربيع الآخر للنصر، وعاشت البحرية بعد الكسرة وأفسدوا، فجهز لحربهم الملك الناصر محيي الدين ابن أبي زكري ونور الدين علي بن الأكتع فالتقوا على غزة، فانتصرت البحرية وأسروا الأميرين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 40 وحملوهما إلى الكرك، وقويت شوكتهم، فبرز دهليز الملك الناصر، وعزم على قتالهم بنفسه، فقربت البحرية من دمشق، فهجم ركن الدين البندقداري في بعض الأيام على الدهليز وهو عند الجسورة، وقطع أطناب الدهليز. [خيانة ابن العلقمي] وولى هولاكو على العراق نوابه. وعزم ابن العلقمي على أن يحسن لهولاكو أن يقيم ببغداد خليفة علويًّا فلم يتهيأ ذلك له، واطرحته التتار، وبقي معهم على صورة بعض الغلمان، ثم مات كمدا لا رحمه الله، ولا خفف عنه. [قتل ابن صَلايا] وسار هولاكو قاصدا إلى أذربيجان فنزل إليه بدر الدين صاحب الموصل، فأكرمه ورده إلى الموصل، ونزل إليه تاج الدين ابن صلايا فقتله، فقيل إن صاحب الموصل كان في نفسه من ابن صلايا فقال لهولاكو: هذا شريف علوي، فربما تطاول إلى الخلافة، وتقوم معه خلق. فلهذا قتله هولاكو. ولم تطل لصاحب الموصل بعد ذلك حياة. [محاصرة التتار ميّافارقين] وفيها جاءت فرقة من التّتار فنازلت ميافارقين فحصروها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 41
[كتاب هولاكو إلى صاحب الشام] وفيها جاءت رسل قاءان من بلاد ما وراء النهر ورسل هولاكو إلى صاحب الشام، فصورة كتاب هولاكو: ' يعلم سلطان ملك ناصر - طال بقاؤه - إنه لما توجهنا إلى العراق وخرج إلينا جنودهم، فقتلناهم بسيف الله تعالى، ثم خرج إلينا رؤساء البلد ومقدموها، فكان قصارى كلامهم سببا لهلاك نفوسهم يستحق الإذلال، فأعدمناهم أجمعين، وذلك بما قدمت أيديهم وبما كانوا يكسبون. وأما ما كان من صاحب البلدة، فإنه خرج إلى خدمتنا، ودخل تحت عبوديتنا، فسألناه عن أشياء كذبنا فيها، فاستحق الإعدام. وكان كذبه ظاهرا، ووجدوا ما عملوا حاضرا. أجب ملك البسيطة، ولا تقولن: قلاعي المانعات ورجالي المقاتلات. ولقد بلغنا أن شذرات من العسكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة. (أين المَفَرُّ ولا مَفَرَّ لهاربٍ .......... ولنا البسيطان الثَّرَى والماءُ) فساعة وقوفك على كتابنا تجعل قلاع الشام سماها أرضا، وطولها عرضا. والسلام. ومن كتاب ثان: ' خدمة ملك ناصر - طال عمره -، أما بعد، فإنا فتحنا بغدادا واستأصلنا ملْكها وملِكها، وكان ظن وقد ضن بالأموال، ولن ينافس في الرجال أن ملكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا ذكره، ونما قدره، فخسف في الكمال بدره. (إذا تمّ أمرٌ بدا نقْصُهُ .......... تَوَقَّعْ زوالاً إذا قيل تَمّ) ونحن في طلب الإزدياد، على ممر الآباد، فلا تكن كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وأبد ما في نفسك، إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 42 أجب ملك البسيطة تأمن شره، وتنال بِرَّه، واسع إليه برجالك وأموالك، ولا تعوق رسولنا، والسلام '. [قدوم الملك الكامل إلى دمشق وعَوده] وفي صفر قدِم دمشق الملك الكامل بن المظفر بن العادل يستنجد الإسلام على التتار، فتباشروا للناس شيئا، ودخل البلد وزار قبر جده، ثم رد إلى بلاده ولم ينفر أحد لتيقن الناس بأخذ بغداد. [وصول فرسان من العراق إلى دمشق] ووصل نحو خمسمائة فارس من عسكر العراق، ذكروا أن التتار حالوا بينهم وبين بغداد. ثم جاء بعدهم نحو الثلاثمائة إلى دمشق. [اشتداد الوباء بالشام] وفي أثناء السنة اشتد الوباء بالشام ومات خلق بحيث أنه قيل إنه خرج من حلب في يوم واحد ألف ومائتا جنازة. وأما دمشق فكان فيها من المرض ما لا يحد ولا يوصف، واستغنى العطارون. ونفدت الأدوية، وعز الأطباء إلى الغاية، وأبيع الفروج بدمشق بثلاثة دراهم، وبحلب بعشرة دراهم. ومبدأ الوباء في جمادى الأولى لفساد الهواء بملحمة بغداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 43
سنة سبع وخمسين وستمائة
[القبض على البحرية بحلب] في أولها سار الملك الناصر متبعا آثار البحرية، فاندفعوا بين يديه إلى الكرك، فنزل بركة زيزا، وعزم على حصار الكرك، وفي خدمته صاحب حماه الملك المنصور، فجاءت إليه رسل المغيث مع الدار القطبية، وهي إبنة الملك الأفضل قطب الدين ابن العادل يضرعون إليه في الرضا عن المغيث، فشرط عليهم أن يقبض على من عنده من البحرية، فأجاب ونفذهم إليه على الجمال، فبعثهم إلى قلعة حلب فحبسوا بها. [دخول البندقداري في خدمة الناصر] وأما ركن الدين البندقداري فهرب من الكرك في جماعة، وقدم على الملك الناصر، فأحسن إليهم وصفح عنهم، ورجع وفي خدمته البندقداري. [أخْذ هولاكو قلعة اليمانية] وفيها نزل هولاكو على آمد، وبعث رسله إلى صاحب ميافارقين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 44 الملك السعيد نجم الدين يطلبه، فسير إليه ولده الملك المظفر في خدمته سابق الدين بلبان، والقاضي مهذب الدين محمد بن مجلي، ومعهم تقادم، واعتذر بالمرض به فوافق وصولهم إليه أخذه لقلعة اليمانية وإنزاله منها حريم الملك الكامل صاحب ميافارقين، وولده الملك الناصر يوسف بن الكامل، والملك السعيد عمر، وابن أخيه الملك الأشرف أحمد، والملك الصالح أيوب بن الملك المشمر ابن تاج الملوك علي بن العادل. فلما رآهم ابن صاحب ماردين جزع وأدى الرسالة فقيل له: ليس مرضه بصحيح وإنما هو، متمارض محافظة للملك الناصر صاحب الشام، فإن انتصرت عليه اعتذر إلي بزيادة المرض، وإن انتصر علي بقيت له يد بيضاء عند الناصر، فلو كان للناصر قوة يدفعني لما مكنني من دخول هذه البلاد، وقد بلغني أنه بعث حريمه وحريم أمرائه وكبراء رعيته إلى مصر، ولو نزل صاحبكم إلي رعيت له ذلك. ثم أمر برد القاضي وحده، فعاد وأخبر مخدومه بصورة الحال، فتألم على إرساله ولده، وبعث رسولا إلى الملك الناصر يستحثه على الحركة، ويعرفه أنه متى وصل إلى حلب قدم إليه برجاله وأمواله. وسير في الظاهر إلى هولاكو بهدية، وفي الباطن إلى ولده يحرضه على الهروب. وسير إلى صاحبي الروم عز الدين وركن الدين ينكر عليهما كونهما في خدمة هولاكو، ويقول: إن بقَّى عليكما فإنما ذلك ليغر الملك الناصر، فأعملا الحيلة في الانفصال عنه، والحذر منه. [الخوف من التتار بالشام] وفي أواخر السنة وقعت الأراجيف بحركة التتار نحو الشام فانجفل الخلق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 45
[رأي العزّ بن عبد السلام في جهاد التتار] وفي آخرها قبض الأمير سيف الدين قطز المعزي على ابن أستاذه الملك المنصور علي بن المعز، وتسلطن ولقب بالملك المظفر. وسبب ذلك قدوم الصاحب كمال الدين ابن العديم رسولا يطلب النجدة على التتار، فجمع قطز الأمراء والأعيان، فحضر الشيخ عز الدين ابن عبد السلام والقاضي بدر الدين السنجاري، وجلس الملك المنصور في دست السلطنة، فاعتمدوا على ما يقوله الشيخ عز الدين، فكان خلاصته: إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهادهم، بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء، وأن تبيعوا ما لكم من الحوائص والآلات، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، ويتساووا في ذلك هم والعامة. وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا. [سلطنة قُطُز] ثم بعد أيام يسيرة قبض على المنصور وقال: هذا صبي والوقت صعب، ولا بد من أن يقوم رجل شجاع ينتصب للجهاد. وكان الأميران علم الدين الغتمي وسيف الدين بهادر المعزيين حين جرى هذا المجلس غائبين لرمي البندق، فاغتنم قطز غيبتهما وتسلطن، فلما حضرا قبض عليهما، وسير القاضي برهان الدين السنجاري مع ابن العديم إلى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 46 الشام يعد الناصر بالنجدة. [خوف الناصر من التتار وجُبْنه] وبرز الملك الناصر والعساكر فنزلوا على برزة شمالي دمشق، واجتمع له عسكر كبير وتركمان وأتراك وعجم ومطوعة. ثم رأى تخاذل عسكره، وأنه لا طاقة له بالتتار لكثرتهم فخاف وجبن. وكان قد صادر الناس وجبى الأموال وما نفع. [نكبة الحلبيّين أمام التتار] وفيها عبر هولاكو بجيش عظيم الفرات بعد أن استولى على حران، والرها، والجزيرة، وأول من عدى أشموط بن هولاكو في ذي الحجة. فجاء الخبر من البيرة إلى حلب والنائب بها الملك المعظم تورانشاه، فجفل الناس منها، وعظم الخطب، وعم البلاء. وكانت حلب في غاية الحصانة وحسن الأسوار المنيعة وقلعتها كذلك وأبلغ. فلما كان في العشر الأخير من ذي الحجة قصدت التتار حلب ونزلوا على حيلان وتلك النواحي، ثم بعثوا طائفة من عسكرهم فأشرفوا على
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 47 المدينة، فخرج إليهم عسكر المدينة ومعهم خلق من المطوعة، فساروا فرأوا التتار، فلما تحققوا كثرتهم كروا راجعين. وأمر نائب حلب أن لا يخرج بعد ذلك أحد، وكتب يستحث الملك الناصر في الكشف عنهم. فلما كان من الغد رحل التتار عن منزلتهم ونازلوا حلب، واجتمع عسكر البلد بالبواشير وإلى ميدان الحصا، وأخذوا في إجالة الرأي، فأشار عليهم نائب السلطنة أن لا يخرجوا، فلم يوافقه العسكر، وخرجوا ومعهم العوام والشطار، واجتمعوا بجبل بانقوسا، ووصل جمع التتار إلى ذيل الجبل، فحمل عليهم جماعة من العسكر فانهزم التتار مكيدة، فتبعوهم ساعة، ثم كثرت التتار عليهم، فهربوا إلى أصحابهم، ثم انهزم الجميع لما رأوا التتار مقبلين، فركبت التتار ظهورهم يقتلون فيهم. وقُتِل يومئذ الأمير علم الدين زريق العزيزي ونازلت التتار البلد في ذلك اليوم، ثم رحلوا عنها طالبين إعزاز، فتسلموها بالأمان. وخرجت السنة والناس في أمر عظيم من الخوف والجلاء والحيرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 48
سنة ثمان وخمسين وستمائة
[الحكّام في البلاد] استهلت والوقت خال من إمام أعظم. وعلى الشام الناصر يوسف، وزال ملكه بعد أيام يسيرة. وصاحب مصر المظفر قطز تملك في أوائلها. وصاحب اليمن المظفر يوسف بن عمر. وصاحب ظفار موسى بن إدريس. وصاحب دله وبعض الهند ناصر الدين محمد بن أيتمش. وصاحب كرمان خاتون زوجة الحاجب بُراق. وصاحب شيراز أبو بكر بن أتابك سعد. وصاحب الموصل ابن بدر الدين. وصاحب ماردين السعيد غازي وصاحب الروم قلج رسلان وكيكاوس إبنا الملك كيخسرو من تحت أوامر التتر. وصاحب الكرك المغيث عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 49 وصاحب مكة أبو نمي محمد بن أبي سعد وعمه إدريس. وصاحب المدينة جماز. وصاحب حماه الملك المنصور محمد. وصاحب حمص الأشرف موسى بن المنصور إبراهيم. وصاحب تونس محمد بن يحيى. وصاحب العراق و أذربيجان وخُراسان هولاكو بن تولي بن جنكزخان. [اجتياح التتار حلب] وفي المحرم قطع هولاكو الفرات فنزل النيرب والملاحة وتلك النواحي، وأرسل إلى أهل حلب: إنكم تضعفون عن لقائنا ونحن نقصد سلطانكم، فاجعلوا لنا عندكم شحنة بالقلعة وشحنة بالبلد، فإن انتصر علينا الملك الناصر فالأمر إليكم، فإن شئتم أبقيتم على الشحنتين، وإن شئتم قتلتموهما، وإن كانت النصرة لنا فحلب، وغيرها لنا وتكونون آمنين. فلم يجبه الملك المعظم تورانشاه إلى ذلك وقال: ما له عندنا إلا السيف. وكان الرسول بذلك صاحب أرزن، فما أعجبه جوابه وتألم للمسلمين [لما علم] الأمر. فنازل هولاكو حلب بجيوشه في ثاني صفر، وهجمت التتار البواشير وقتلوا أكثر من بها. وقتل يومئذ أسد الدين ابن الزاهر داود بن صلاح الدين، ولم يصبح عليهم ثالث صفر إلا وقد حفروا خندقا في طول
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 50 قامة، وفي عرض أربعة أذرع، وبنوا حائطا ارتفاع خمسة أذرع كالسور عليهم وعملوا فيه أبوابا، ونصبوا على باب العراق الذي للبلد أكثر من عشرين منجنيقا، وألحوا بالرمي بها ليلا ونهارا، وأخذوا في نقب السور، فلم يزالوا إلى أن ظهروا أولا من حمام حمدان في ذيل قلعة الشريف، وركبوا الأسوار من كل ناحية في اليوم التاسع من صفر، فهرب المسلمون إلى جهة القلعة، ورمى خلق نفوسهم في الخندق، وبذلت التتار السيف في العالم، ودخل خلق إلى القلعة، وذلك يوم الأحد. وأصبحوا يوم الإثنين وهم على ما أمسوا عليه من القتل والسبي، وامتلأت الطرقات بالقتلى. وأحمي في البلد أماكن لفرمانات كانت بأيديهم، فمن ذلك دار شهاب الدين بن عمرون، ودار نجم الدين ابن أخي مردكين، ودار البازيار، ودار علم الدين قيصر الموصلي، والخانقاه التي فيها زين الدين الصوفي، وكنيسة اليهود، فنجا من القتل في هذه الأماكن أكثر من خمسين ألفا، واستتر أيضا جمع كثير، فقتل أمم لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى. وبقي القتل والأسر والحريق والبلاء إلى يوم الجمعة الرابع عشر من صفر، ثم نودي برفع السيف، وأذن المؤذنون يومئذ بالجامع، وأقيمت الخطبة والصلاة. ثم أحاطوا بالقلعة وحاصروها، وبالقلعة الملك المعظم. [هرب الملك الناصر من دمشق] ووصل الخبر بأخذ حلب إلى دمشق يوم السبت فهرب الملك الناصر من
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 51 دمشق وزال ملكه. وكانت رسل التتار يومئذ بحرستا فدخلوا دمشق، وقرئ فرمان الملك بأمان أهل دمشق وما حولها، ووصل نائب هولاكو على دمشق في ربيع الأول فلقيه كبراء البلد بأحسن ملقى. وقرئ الفرمان، وجاءت التتار من جهة الغوطة مارّين من شرقيها إلى الكسوة. [تعيين التفليسي بقضاء الشام] وبعد أيام وصل منشور من هلاوون للقاضي كمال الدين عمر التفليسي بقضاء الشام، وماردين، والموصل، وينظر الأوقاف والجامع. وكان نائبا للقاضي صدر الدين ابن سني الدولة. [تأمين حماه] وأما حماه فكان صاحبها المنصور قد تقهقر إلى دمشق فنزل برزة. فجاء إلى حماه بطاقة برواح حلب، فوقع في البلد خبطة عظيمة، وخرج أهلها على وجوههم، وسافر بهم الطواشي مرشد. ثم بقي بها آحاد من الأعيان، فتوجهوا إلى حلب بمفاتيح البلد، وطلبوا عطف هولاكو عليهم وأن ينفد إليهم شحنة، فسير إليهم خسروشاه، رجل أعجمي فقدمها وأمن الرعية. وكان بقلعتها الأمير مجاهد الدين قيماز، فدخل في طاعته. [دخول صاحب حماه إلى مصر] وسار الملك الناصر ومعه صاحب حماه والأمراء نحو غزة، ثم سار إلى قطية، فتقدم صاحب حماه بجمهرة العساكر والجفال ودخل مصر. وبقي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 52 الناصر في عسكر قليل، منهم أخوه الملك الظاهر، والملك الصالح ابن صاحب حمص، والأمير شهاب الدين القيمري، فتوجهوا إلى تيه بني إسرائيل، وخاف من المصريين. [استيلاء التتار على الشام] ووصلت عساكر التتار إلى غزة واستولوا على الشام إلا المعاقل والحصون، فإن بعضها لم يستولوا عليه. وحاصروا قلعة حلب أياما، واستعانوا بمن بقي من أهل البلد يتترسون بهم، ثم تسلموها بالأمان. [استيلاء التتار على قلعة دمشق] وأما قلعة دمشق فشرعوا في حصارها وبها الأمير بدر الدين محمد بن قراجا، وأحاط بها خلق من التتار، وقطعوا الأخشاب، وأتوا بالمجانيق معهم، ونصبوا عليها أكثر من عشرين منجنيقا، وأصبحوا يلحون بها على برج الطارمة، فطلب أهلها الأمان في آخر النهار ما تشقق البرج، وخرجوا من الغد. ثم أخذت التتار جميع ما فيها، وسكنها النائب كتبغا، وخربوا شرفاتها إلى بانياس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 53
[وقوع السّبي الكبير بنواحي نابلس] وأما الفرقة التي طلبت حوران أولا فامتدوا إلى نابلس وتلك النواحي، فأهلكوا الحرث والنسل، وبذلوا السيف في نابلس، وقدموا إلى دمشق بالسبي، فكان الناس يشترونهم ويستفكونهم منهم بالدراهم المعدودة لكثرة من في أيديهم من السبي. [استسلام الملك الناصر] ثم ظفروا بالملك الناصر، وسلم نفسه إليهم بالأمان، فمروا به على دمشق، ثم ساروا به إلى هولاكو، فأحسن إليه وأكرمه، ورعى له مجيئه إليه، وبقي في خدمته هو وجماعة من أهله. [الطواف برأس صاحب مِيَّافارقين بدمشق] وفي جمادى الأولى طافوا بدمشق برأس الشهيد الملك الكامل صاحب ميافارقين الذي حاصره التتار سنة ونصفا، وما زال ظاهرا عليهم إلى أن فني أهل البلد لفناء الأقوات. [وفاة القاضي ابن سنيّ الدولة] وأما القاضيان محيي الدين ابن الزكي، وصدر الدين ابن سني الدولة فذهبا إلى هولاكو ثم رجعا، وانقطع الصدر ببعلبك مريضا ومات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 54
[قراءة فرمان ابن الزكيّ بقضاء دمشق] ودخل ابن الزكي فقرئ فرمانه بدمشق في جمادى الآخرة تحت النسر بقضاء القضاة، وأن يكون نائبه أخوه لأمه شهاب الدين إسماعيل بن حبش. وحضر قراءة الفرمان إيسبان نائب التتار وزوجته تحت النسر على طراحة وضعت لها، وهي بين زوجها وبين ابن الزكي. قال قطب الدين في ' تاريخه ': توجه محيي الدين وأولاده وأخوه لأمه شهاب الدين وابن سني الدولة إلى هولاكو فأدركوه قبل أن يقطع الفرات، ثم عادوا إلى بعلبك، ودخل محيي الدين في محفة وهو في تجمل عظيم، ومعه من الحشم والغلمان ما لا مزيد عليه، وصلى الجمعة في شباك الأمينية، وأحضر منبرا قبالة الشباك فقرئ تقليده، وهو تقليد عظيم جدا قد بالغوا في تفخيمه بحيث لا يخاطب فيه إلا بمولانا، وفيه أنه يشارك النواب في الأمور، وعليه الخلعة فرجية سوداء منسوجة بالذهب، قيل إنها خلعة الخليفة على صاحب حلب، أخذت من حلب. وعلى رأسه بقيار صوف بلا طيلسان. [انتزاع ابن الزكيّ المدارس لنفسه وأصحابه] قال أبو شامة: ثم شرع ابن الزكي في جر الأشياء إليه وإلى أولاده مع عدم الأهلية، فأضاف إلى نفسه وأقاربه العذراوية، والناصرية، والفلكية، والركنية، والقيمرية، والكلاسة. وانتزع الصالحية
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 55 وسلمها إلى العماد ابن محيي الدين بن العربي، وانتزع الأمينية من علم الدين القاسم وسلمها إلى ولده عيسى، وانتزع الشومانية من الفخر النقشواتي وسلمها إلى الكمال بن النجار، وانتزع الربوة من محمد اليمني وسلمها إلى الشهاب محمود بن محمد بن عبد الله ابن زين القضاة، وولى ابنه عيسى مشيخة الشيوخ. وكان مع الشهاب أخيه لأمه تدريس الرواحية، والشامية البرانية. وبقي على الأمور إلى أن زالت دولة الطاغية هولاكو عن الشام، وجاء الإسلام فبذل أموالا كثيرة على أن يقر القضاء والمدارس في يده فأقر على ذلك شهرا، ثم سافر مع السلطان إلى مصر معزولا، وولي القضاء في ذي القعدة نجم الدين أبو بكر بن صدر الدين ابن سني الدولة. [استيلاء التتار على عدة بلاد] وفي جمادى الآخرة أو نحوه استولت التتار على عجلون، والصلت، وصرخد، وبصرى، والصبيبة، وخرقت شرفات هذه القلاع، ونهب ما فيها من الذخار. وأرسلوا كمال الدين عمر التفليسي إلى الكرك يأمرون المغيث بتسليمها، فأرسل إليهم ولده مع التفليسي، والملك القاهر بن المعظم، والمنصور ابن الصالح إسماعيل. فسار الجميع صحبة المقدم كتبغا وقد ظفر بالملك الناصر وهو على عجلون، فهرب الملك القاهر ورد إلى الكرك. وقال للمغيث: ما القوم شيء، فقو نفسك واحفظ بلدك. ثم سار إلى مصر، فحرض الجيش على الخروج، وهون شأن التتار، فشرعوا في الخروج. وسار كتبغا بمن معه إلى صفد، وهي للفرنج، فأنزلوا الإقامات، ونصبت لكتبغا خيمة عظيمة، ووصل إليه الزين الحافظي والقاضي محيي الدين وعليه الخلعة السوداء. ثم دخلوا دمشق في رجب. ثم سار في طائفة بالناصر وابنه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 56 وأخيه الظاهر إلى هولاكو. [ضرب عنق ابن قراجا وغيره] وفي شعبان أحضروا إلى دمشق بدر الدين محمد بن قراجا، ونقيب القلعة الجمال الحلبي المعروف بابن الصيرفي، ووالي قلعة بعلبك، فضربت أعناقهم. [تسلُّم صاحب حمص نيابة الشام] ووصل الملك الأشرف بن منصور بن المجاهد صاحب حمص فنزل في داره، وقُرئ فرمانه بتسليم نظره في البلاد، وأن يكون نائبا للملك على الشام جميعه. وسُلِّمت إليه حمص، وتدمر، والرحبة. [استيلاء التتار على صيدا] وفي رمضان وصل الخبر باستيلاء التتار على صيدا من بلاد الفرنج ونهبها. [تعدية هولاكو الفرات] وأما هولاكو فإنه عدى الفرات بأكثر الجيش ومعهم من السبي والأموال والخيرات والدواب ما لا يوصف، {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 57
[مراسلة الملك السعيد هولاكو] ومرض الملك السعيد مرضا شديدا، ثم عوفي، وبعث إلى هولاكو يطلب منه سابق الدين بلبان، فبعثه إليه، وقد استماله هولاكو في مدة مقامه عنده. فلما اجتمع بمخدومه أخبره بما تم على أهل حلب. ثم أرسل السعيد إليه بهدية سنية، وأخبروه بما فيه السعيد. فسأل عن قلعة ماردين، فأخبروه أن فيها من الأموال والذخائر والأقوات كفاية أربعين سنة. فكتب إليه يعفيه من الحضور، وأرسل إليه ولده الملك المظفر ليطمئن قلبه. [استيلاء التتار على ماردين] وعاد سابق الدين إلى هولاكو برد الجواب، ثم قصد أستاذه الملك السعيد أن يرده من دنيسر ويمسكه، فلم يتفق، واتصل بهولاكو ولم يرجع. وعلم السعيد أن التتار لا بد لهم منه ومن حصاره، فنقل ما في البلد من الذخائر إلى القلعة. ثم بعد أربعة أيام وصلته رسل هولاكو بحربه، ووصل عقب ذلك طائفة من التتار فنازلت ماردين في ثالث جمادى الأولى، ولم يقاتلوا. وبقوا ستة عشر يوما. وقيل إن هولاكو كان معهم. ثم التمسوا فتح أبواب البلد ليدخلوا لشراء الأقوات وغيرها ويرحلون. ففتح لهم، فترددوا في الدخول والخروج ثلاثة أيام، ثم صعدوا على سور ماردين، ودقوا الطبل، وهجموا البلد بالسيف، فقاتلهم أهله ودربوا الشوارع وطردوهم، فدام القتال شهرين إلى أن فتح لهم بعض مقدمي البلد دربا فملكوه، ودخلوا منه إلى الجامع، وصعدوا المنابر، ورموا منها بالنشاب، فضعف الناس، واحتموا بالكنائس، وصعد بعضهم إلى القلعة، وملكت التتار البلد، ونصبوا المجانيق على القلعة، وهي ستة، فلم يصل إلى القلعة منها إلا ثلاثة أحجار. [موت الملك السعيد] واستمر الحصار إلى آخر السنة، ووقع الوباء بالقلعة، فمات الملك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 58 السعيد فيمن مات، وهلك الخلق. ورمى رجل نفسه من القلعة وأخبر التتار بموت السلطان، فبعثوا إلى إبنه الملك المظفر وطلبوا منه الدخول في الطاعة. [كتاب هولاكو إلى الناصر] وفي وسط العام قرئ بدمشق كتاب هولاكو بسبب الناصر، وذلك قبل أن يصل إليه. وهو: ' أما بعد، فنحن جنود الله، بنا ينتقم ممن عتا وتجبر، وطغى وتكبر، وبالله ما ائتمر. إن عوتب تنمر، وإن روجع استمر '. ونحن قد أهلكنا البلاد، وأبدنا العباد، وقتلنا النسوان والأولاد. فيا أيها الباقون، أنتم بمن مضى لاحقون، ويا أيها الغافلون أنتم إليهم تُساقون. ونحن جيوش الهلكة، لا جيوش الملكة، مقصودنا الانتقام، وملكنا لا يرام، ونزيلنا لا يُضام، وعدلنا في ملكنا قد اشتهر، ومن سيوفنا أين المفر؟ (أين المفرّ لا مفرّ لهاربٍ .......... ولنا البسيطان الثَّرَى والماءُ)
(ذلّت لهيبتنا الأسودُ وأصبحتْ .......... في قبضتي الأمراء والخلفاءُ) ونحن إليكم صائرون، ولكم الهرب، وعلينا الطلب. (ستعلم ليلى أيَّ دين تدايَنَتْ .......... وأي غريمٍ للتَّقاضي غريمُها) دمرنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب، وجعلنا عظيمهم صغيراً، وأميرهم أسيراً. تحسبون أنكم منا ناجون أو متخلصون، وعن قليل سوف تعلمون على ما تقدمون، وقد أعذر من أنذر '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 59
[مفارقة بيبرس للناصر ودخوله مصر] وأما ركن الدين بيبرس البندقداري فإنه فارق الملك الناصر من الرمل، واتفق هو والشهرزورية بغزة، وتزوج ببنت بركة خان أحد ملوكهم، ثم بعث علاء الدين طيبرس الوزيري إلى صاحب مصر ليحلف له على ما اقترحه عليه. فأجابه فساق ودخل مصر في الثاني والعشرين من ربيع الأول، فأكرمه الملك المظفر واحترمه، وقوى هو جنان المظفر على حرب التتار. ثم جاء بعد الملك القاهر من الكرك فهون أمر التتار. وكان شروع المصريين في الخروج إلى التتار في نصف شعبان. [حال المسلمين في دمشق] قلت: وكان الناس في دمشق آمنين من أذية التتار بالنسبة، وذلك لهيبة هولاكو، لأنه بلغنا أن مفاتيح دمشق لما أتته على حلب وهو فرحان بفتوح البلاد رمى بسرقوجه وقال للمغل: دوسوا عليه. فضربوا جوك وقالوا: العفو. فقال: هذا دمشق، من آذى دمشق وأهلها يموت. فلقد كان التتري يغمس مقرعته في القنبريس أو الدبس ويمصها، فيسبه القاضي ويصيح به وهو لا ينطق. ونحو هذا. لكن انتهكت الحرمات، وظهرت الفواحش والخمور، ورفعت النصارى رؤوسها. وكان التتار بين كافر ونصراني أو مجوسي، وما فيهم من يتلفظ بالشهادة إلا أن يكون نادرا. قال ابن الجزري: حدثني أبي قال: خرجت من الصلاة في الجمعة الثانية من رمضان، فوجدت دكاكين الخضراء فيها النصارى يبيعون الخمر، وبعض الفساق معهم وهم يشربون ويرشون على المصلين من الخمر، فبكيت بكاءً كثيراً إلى أن وصلت إلى دكاني بالرماحين. وقال أبو شامة: كانت النصارى بدمشق قد شمخوا بدولة التتار، وتردد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 60 إيسبان المقدم إلى كنيستهم، وذهب بعضهم إلى هولاكو فجاءوا بفرمان بأن يرفع دينهم، فخرجت النصارى يتلقونه، ودخلوا رافعي أصواتهم ومعهم الصليب مرفوع، وهم يرشون الخمر على الناس، وفي أبواب المساجد، ودخلوا من باب توما، وقفوا عند رباط البيانية، ونادوا بشعارهم، ورشوا الخمر في باب الرباط، وباب سيه ودرب الحجر، وألزموا الناس من الدكاكين بالقيام للصليب، ومن لم يفعل ذلك أحرقوا بابه وأقاموه غصبا، وشقوا القصبة إلى عند القنطرة في آخر سويقة كنيسة مريم، فقام بعضهم على الدكان الواسطي وخطب، وفضل دين النصارى وصغر من دين الإسلام، ثم عطفوا من خلف السوق إلى الكنيسة التي أخربها الله تعالى. وقيل: إنهم كانوا ينادون: ظهر الدين الصحيح دين المسيح. وذلك في الثاني والعشرين من رمضان. فصعد المسلمون والقضاة والعلماء إلى إيل سبان بالقلعة في ذلك، فأهانوهم، ورفعوا قسيس النصارى عليهم، وأخرجوهم من القلعة بالضرب والإهانة. ثم نزل إيل سبان من الغد إلى الكنيسة. [موقعة عين جالوت] وأقبل الملك المظفر بالجيوش حتى أتى الأردن. وسار كتبغا بالمغول،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 61 فنزل على عين جالوت من أرض بيسان. وكان شاليش المسلمين ركن الدين بيبرس البندقداري، فحين طلع من التل أشرف على التتار نازلين، ووقعت العين على العين، وكان بينه وبين السلطان مرحلة. فجهز البريدية في طلب السلطان وقلق وقال: إن ولينا كسرنا الإسلام. فجعلوا يقهقرون رؤوس خيلهم حتى ينزلوا عن التل إلى خلف. وضربت التتار حلقة على التل وتحيز البندقداري بعسكره فلم تمض ساعة حتى جاءته خمسمائة ملبسة من أبطال الإسلام، ثم بعد ساعة أخرى لحقتها خمسمائة أخرى. وأما التتار فاشتغلوا أيضا بأخذ أهبتهم للمصاف. وتلاحق الجيش ثم وقع المصاف. قال أبو شامة: لما كان ليلة سبع وعشرين من رمضان جاءنا الخبر بأن عسكر المسلمين وقع على عسكر التتار يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر عند عين جالوت، وهزموهم وقتلوا فيهم، وقتلوا ملكهم كتبغا، وأُسر ابنه، فانهزم من دمشق النائب إيل سبان ومن عنده من التتار، فتبعهم أهل الضياع يتخطفونهم. وقال الشيخ قطب الدين اليونيني: خرج الملك المظفر بجيش مصر والشام إلى لقاء التتر، وكان كتبغا بالبقاع، فبلغه الخبر، فطلب الملك الأشرف، يعني الذي استنابه هولاكو على الشام والقاضي محيي الدين، واستشارهم، فمنهم من أشار بعدم الملتقى، وبأن يندفع بين يدي المظفر إلى أن يجيئه المدد من هولاكو، ومنهم من أشار بغير ذلك وتفرقت الآراء، فاقتضى رأيه هو الملتقى، وسار من فوره فالتقوا يوم الجمعة، فانكسرت ميسرة المسلمين كسرة شنيعة، فحمل الملك المظفر في التتار، وحمل معه خلق فكان النصر. قتل كتبغا ومعظم أعيان التتار، وقتِل منهم مقتلة عظيمة، وهرب من هرب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 62 وقيل إن الذي قتل كتبغا الأمير آقش الشمسي، وولت التتر الأدبار، وطمع الناس فيهم يتخطفونهم وينهبونهم. وعند الفراغ من المصاف حضر الملك السعيد بن عثمان بن العادل صاحب الصبيبة إلى بين يدي السلطان فلم يقبله وضرب عنقه. [الانتقام من النصارى] وجاء كتاب المظفر بالنصر، فطار الناس فرحا، وثار بعضهم بالفخر الكنجي فقتلوه بالجامع، لكونه خالط الشمس القمي، ودخل معه في أخذ أموال الجفال، وقُتِل الشمس ابن الماكسيني، وابن البغيل، وغيرهم من الأعوان. وكان (....) الثكل على النصارى لعنهم الله من أول أمس، لرفعهم الصليب وغير ذلك، فأسرعوا إلى دورهم ينهبونها ويخربونها، وأخربوا في كنيسة اليعاقبة، وأحرقوا كنيستهم الكبرى، كنيسة مريم، حتى بقيت كوما، وبقيت النار تعمل في أخشابها أياما. وقُتِل منهم جماعة، واختفى سائرهم. ونُهِب قليل من اليهود، ثم كفوا عنهم لأنهم لم يصدر منهم ما صدر من النصارى. وعيَّد المسلمون على خير عظيم، والحمد لله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 63
[بدء الوحشة بين المظفّر وبيبرس] ودخل السلطان الملك المظفر القلعة مؤيدا منصورا، وأحبه الخلق غاية المحبة. وعبر قبله البندقداري على دمشق، وسار وراء التتر إلى بلاد حلب، وطردهم عن البلاد. ووعده السلطان بحلب، ثم رجع عن ذلك فتأثر ركن الدين البندقداري من ذلك، وكان مبدأ الوحشة. [تأمين ابن صاحب حمص] وسير الملك الأشرف ابن صاحب حمص يطلب من السلطان أمانا على نفسه وبلاده، وكان قد هرب مع التتار من دمشق، ثم انملس منهم وقصد تدمر، فأمنه وأعطاه بلاده، فحضر إلى الخدمة، ثم توجه إلى حمص وتوجه صاحب حماه إلى حماه. [تعيين وعزل أصحاب مناصب] واستعمل السلطان على مكب علاء الدين ابن صاحب الموصل. واستعمل على دمشق حسين الكردي طبردار الملك الناصر الذي خدعه وأوقعه في أسر التتار، وعزل عن خطابة دمشق ابن الحرستاني، ووليها أصيل الدين الإسعردي إمام السلطان قطز، وقرئ تقليده، ثم عُزِل بعد شهر وأعيد عماد الدين ابن الحرستاني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 64
[عَوْد المظفَّر إلى مصر] وأقام المظفر نحو الشهر، وسار إلى الديار المصرية. ونقل الصاحب عز الدين ابن شداد أن المظفر لما ملك دمشق عزم على التوجه إلى حلب لينظف آثار التتار من البلاد، فوشى إليه واش أن ركن الدين البندقداري قد تنكر له وتغير عليه: وأنه عامل عليك. فصرف وجهه عن قصده، وعزم على التوجه إلى مصر وقد أضمر الشر للبندقداري. وأسر ذلك إلى بعض خواصه، فاطلع على ذلك البندقداري. [قَتْل المظفَّر قُطُز] ثم ساروا والحقود ظاهرة في العيون والخدود، وكل منهما متحرس من الآخر. إلى أن أجمع ركن الدين البندقداري على قتل المظفر. واتفق مع سيف الدين بلبان الرشيدي، وبهادر المعزي، وبيدغان الركني، وبكتوت الجوكندار، وبلبان الهاروني، وأنس الأصبهاني الأمراء. فلما قارب القصر الذي بالرمل عرج للصيد، ثم رجع، فسايره
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 65 البندقداري وأصحابه، وحادثه، وطلب مه امرأة من سبي التتار، فأنعم له بها، فأخذ يده ليقبلها، وكانت تلك إشارة بينه وبين أولئك، فبادره بدر الدين بكتوت الجوكندار المعزي، فضربه بالسيف على عاتقه فأبانه، ثم رماه بهادر المعزي بسهم قضى عليه، وذلك يوم سادس عشر ذي القعدة. [سلطنة بيبرس] ثم ساروا إلى الدهليز وضربوا مشورة فيمن يملكوه عليهم، فاتفقوا على ركن الدين البندقداري. وتقدم الأمير فارس الدين أقطاي المعروف بالأتابك فبايعه، ثم تلاه الرشيدي. ولُقِّب بالملك القاهر. ثم ساق هو والأتابك، وقلاوون الذي تسلطن، والبيسري، وجماعة، وقصد قلعة مصر، ورتب أقوش النجيبي أستاذ داره، وعز الدين الأخرم أمير جندار. فخرج نائب الملك المظفر على القاهرة للقائه، وهو الأمير عز الدين الحلي، فصادف هؤلاء فأخبروه بما وقع، فحلف لركن الدين، ورد إلى القلعة ووقف على بابها ينتظره. وكانت القاهرة قد زينت لقدوم المظفر وهم في فرحة، فلما طلع الضوء لم يشعروا إلا والمنادي يقول: معشر الناس، ادعوا لسلطانكم الملك القاهر ركن الدنيا والدين. ووعدهم بالإحسان وإزالة... لأن المظفر كان قد أحدث على المصريين حوادث كثيرة، منها تصقيع الأملاك وتقويمها وزكاتها، وأخذ ثلث الزكاة، وثلث التركات، وعن كل إنسان دينار واحد، ومضاعف الزكاة، فبلغ ذلك في العام ستمائة ألف دينار، فأطلق لهم ذلك. وجلس على
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 66 تخت الملك يوم الأحد، وذلك اليوم الثاني من قتله للمظفر، فأشار عليه الوزير زين الدين ابن الزبير وكان منشئا بليغا، بأن يغير هذا اللقب وقال: ما لقب به أحد فأفلح. لقب به القاهر بن المعتضد فسمل بعد قليل وخلع، ولقب به الملك القاهر ابن صاحب الموصل فسم. فأبطل السلطان هذا اللقب وتلقب بالملك الظاهر. [تسلطُن نائب دمشق] وأما نائب دمشق الحلبي فبلغه قتل المظفر، فخاف الأمراء بدمشق لنفسه، ودخل القلعة، وتسلطن، وتلقب بالملك المجاهد، وخطب له بدمشق في سادس ذي الحجة مع الملك الظاهر. وأمر بضرب الدراهم بإسميهما. [غلاء الأسعار] وغلت الأسعار وبقي الخبز رطل بدرهمين، ووقية الجبن بدرهم ونصف. وأما اللحم فكاد يعدم، وبلغ الرطل بخمسة عشر درهما. [إبعاد الملك المنصور] ولما استقر الملك الظاهر في السلطنة أبعد عنه الملك المنصور علي بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 67 المعز أيبك وأمه وأخاه إلى بلاد الأشكري، وكانوا معتقلين بالقلعة. [عمارة قلعة دمشق] وفي ذي القعدة أمر الأمير علم الدين الحلبي بعمارة قلعة دمشق وإصلاحها، وركب بالغاشية والسيوف المجردة، وحمل له الغاشية ابن الملك العادل والزاهر ابن صاحب حمص والقضاة والمدرسون حوله. ففرح الناس وعملوا في بنائها. [استنابة الملك السعيد على حلب] وكان المظفر قد استناب على حلب الملك السعيد علاء الدين ابن صاحب الموصل، وقصد بذلك استعلام أخبار العدو، لأن أخاه الملك الصالح كان بالموصل، وأخاه المجاهد كان بالجزيرة، فتوجه السعيد إلى حلب بأمرائها وعسكرها، فأساء إليهم، وأراد مصادرة الرعية، فاجتمعت الأمراء على قبضه، وعوضوا عنه الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزي، ثم بلغهم أن التتار قد قاربوا البيرة، وكانت أسوار حلب وأبراجها قد هدمت وهي سايبة كما هي الآن، فانجفل الناس منها. [التدريس بالتربة الصالحية] وفي شوال درّس ناصر الدين محمد بن المقدسي بالتربة الصالحية بعد والده. ولاّه المنصور بن الواقف. [تقليد قاضي القضاة] وقرئ تقليد قاضي القضاة محيي الدين بولايته القضاء والمدارس من جهة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 68 المظفر. ثم عزل بعد أيام بنجم الدين ابن سني الدولة. [التدريس بالأمينية] ودرّس بالأمينية قطب الدين ابن عصرون. [عمارة القلعة] وشرعوا في عمارة ما وَهى من قلعة دمشق. [تراخي الأسعار] وعمل أهل البلد وأهل الأسواق، وعظم السرور، وعُمِلت المغاني والدبادب لذلك، وبلغ اللحم في ذي القعدة الرطل بتسعة دراهم، ورطل الخبز بدرهمين، ورطل الجبن بإثني عشر درهما. وأسعار الأقوات من نسبة ذلك بدمشق. وبلغ صرف الدينار إلى خمسة وسبعين درهما. وأبيع في عيد النحر رأس الأضحية بستمائة درهم. وتزايد الأمر. نقل ذلك التاج ابن عساكر. [قتل ابن الشحنة والقزويني] وفيها واقع بهادر الشحنة والعماد القزويني صاحب الديوان علاء الدين، فأمر هولاكو بقتله، فطلب العفو فعفا عنه، وأمر بحلق لحيته فحلقت، فكان يجلس في الديوان ملثَّماً. ثم عظُم بعد ذلك، وقدم أخوه الوزير شمس الدين وظهرت براءته، وقال لبهادر: الشَّعْر إذا حُلِق يَنبت، والرأس إذا قطع لا ينبت. ثم دبر الحيلة في قتله وقتل العماد القزويني
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 69
سنة تسع وخمسين وستمائة استهلت وما للناس خليفة. وصاحب مكة الشريف أبو علي الحسني وعمه، وصاحب المدينة عز الدين بن حماد بن شيحة الحسني، وصاحب مصر الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي، وصاحب دمشق الملك المجاهد عَلَم الدين سنجر الحلبي، وصاحب الموصل الملك الصالح إسماعيل بن لؤلؤ، وصاحب الجزيرة أخوه المجاهد إسحاق، وصاحب ماردين المظفر قُرا رسلان ابن السعيد، وصاحب الروم ركن الدين قلج رسلان بن غياث الدين كيخسرو بن علاء الدين وأخوه عز الدين كيكاوس، وصاحب الكرك والشوبك المغيث عمر بن العادل بن الكامل، وصاحب حماه المنصور محمد بن المظفر، وصاحب حمص والرحبة وتدمر الأشرف موسى بن إبراهيم بن شيركوه. والمستولي على حصون الإسماعيلية الشمالية رضي الدين أبو المعالي بن نجم الدين إسماعيل بن المشغراني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 70 وصاحب مراكش المرتضى عمر بن إبراهيم بن يوسف، وصاحب تونس أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي محمد بن الشيخ أبي حفص عمر بن يحيى، وصاحب اليمن الملك المظفر يوسف بن الملك المنصور، وصاحب ظفار موسى بن إدريس الحضرمي، وصاحب رومه ناصر الدين محمود بن شمس الدين أيتمش، وصاحب كرمان تُرْكان خاتون زوجة الحاجب براق وإبنا أخي بُراق، وصاحب شيراز وفارس أبو بكر بن أتابك سعد، وصاحب خُراسان، والعراق، وأذربيجان، وغير ذلك: هولاكو بن قان بن جنكزخان، وصاحب دست القفجاق وتلك الديار بركة ابن عمر هولاوو. [وقعة حمص] وكانت في خامس المحرم. اجتمع عدد من التتار الذين نجوا من عين جالوت، والذين كانوا بحران والجزيرة. وكانوا قد هلكوا من القحط فأغاروا على حلب، وقتلوا أهلها بقرنيبا، ثم ساقوا إلى حمص لما علموا بقتلة الملك المظفر، وأن العساكر مختلفة، فوجدوا على حمص الأمير حسام الدين الجوكندار ومعه العسكر الذين كانوا بحلب، والملك المنصور صاحب حماه،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 71 والملك الأشرف صاحب حمص، وعدتهم ألف وأربعمائة، فحملوا على التتار وهم في ستة آلاف فارس حملة صادقة فكسروهم وركبوا أقفيتهم قتلا حتى أتى القتل على معظمهم، وهرب مقدمهم بيدرا في نفر يسير بأسوأ حال. وكانت الوقعة عند تربة خالد بن الوليد رضي الله عنه. وتسمى وقعة حمص ' القيقان ' لأن غير واحد حدث أنه رأى قيقانا عظيمة قد نزلت وقت المصاف على التتار تضرب في وجوههم. وحكى بدر الدين محمد بن عز الدين حسن القيمري، وكان صدوقا، قال: كنت مع صاحب حماه فوالله لقد رأيت بعيني طيوراً بيضاء وهي تضرب في وجوه التتار يومئذ. نقله عنه الجزري في ' تاريخه ' ز وقال أبو شامة: جاء الخبر بأن التتار كسروا بأرض حمص كسرة عظيمة وضربت البشائر، وكانت الوقعة عند قبر خالد إلى قريب الرستن، وذلك يوم الجمعة خامس المحرم، وقُتل منهم فوق الألف، ولم يُقتَل من المسلمين سوى رجل واحد. ثم جاءت رؤوسهم إلى دمشق. قلت: حكى أبي أنهم جابوها في شراع، وكنا نتعجب من كبر تلك الرؤوس لأنها رؤوس المُغْل. قال أبو شامة: وجاء الخبر بنزول التتار على حماة في نصف الشهر، فقدم صاحب حماه وصاحب حمص في طلب النجدة والاجتماع على قتالهم، فنزل الملك المجاهد الحلبي علم الدين عن سلطنة دمشق. قلت: بل اتفقوا على خلعه، وحصروه في القلعة، وجرى بينهم شيء من قتال، وخرج إليهم وقاتلهم، ثم رجع إلى القلعة. فلما رأى الغلبة خرج في الليل بعد أيام من دمشق من باب سر قريب من باب توما، وقصد بعلبك، فعصى في قلعتها، وبقي قليلا، فقدم علاء الدين طيبرس الوزيري وأمسك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 72 الحلبي من قلعة حلب، وقيده وسيره إلى مصر. [الثلج بدمشق] وفيها، في أواخر المحرم، وقع على دمشق ثلج عظيم لم يعهد مثله، فبقي يومين وليلتين، وبقي على الأسطحة أعلى من ذراع، ثم رُمي وبقي كأنه جبال في الأزقة، وتضرر الخلق به. وذلك في أول كانون الأصم. [قتل الغرباء بحلب] وأما التتار فقال قطب الدين أبقاه الله: ولما عاد من نجا من التتار إلى حلب أخرجوا من فيها، ثم نادوا: كل من كان من أهل البلد فليعتزل. فاختلط على الناس أمرهم ولم يفهموا المراد، فاعتزل بعض الغرباء عن أهل حلب، فلما تميز الفريقان أخذوا الغرباء وذهبوا بهم إلى ناحية [با بلى] فضربوا رقابهم، وكان فيهم جماعة من أقارب الملك الناصر رحمهم الله. ثم عدوا من بقي، وسلموا كل طائفة إلى رجل كبير ضمنوه إياهم. [الغلاء بحلب] ثم أحاطوا بالبلد أربعة أشهر، فلم يدخلها أحد ولا خرج منها أحد، فغلت الأسعار وهلكوا، وتعثروا، وبلغ رطل اللحم سبعة عشر درهما، ورطل السمك ثلاثين درهما، ورطل اللبن خمسة عشر درهما، وأُكِلَت الميتات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 73
[سفر الجوكندار] وأما الجوكندار فدخل مصر ثم عاد إلى حلب. [ركوب السلطان] وفي سابع صفر ركب السلطان الملك الظاهر في دست السلطنة من قلعة الجبل وهو أول ركوبه. [إرسال سنجر الحلبي إلى القاهرة] قال قطب الدين: وكتب إلى الأمراء يحرضهم على الحلبي، فخرجوا عن دمشق ونابذوه وفيهم علاء الدين البندقدار، يعني أستاذ الملك الظاهر، وبهاء الدين بغدي فتبعهم الحلبي وحاربهم، فحملوا عليه فهزموه، ودخل القلعة فأغلقها في حادي عشر صفر. ثم خرج من القلعة تلك الليلة، وأتى بعلبك في عشرين مملوكا. واستولى البندقدار على دمشق، وناب بها عن الملك الظاهر، وجهز لمحاصرة بعلبك بدر الدين ابن رحال، فحال وصوله دخل بعلبك وراسل الحلبي، ثم تقرر نزوله ورواحه إلى خدمة الملك الظاهر، فخرج من القلعة على بغلة، وسار فأدخل على الملك الظاهر ليلا، فقام إليه واعتنقه وأكرمه، وعاتبه عتاباً لطيفاً، ثم خلع عليه ورسم له بخَيْل (....). قلت: ثم حبسه. وقال أبو شامة: ثم رجعت التتار، فنزل صاحب صهيون وتخطف منهم جماعة، وقتلت الفداية الحشيشية صاحب سيس، لعنه الله. ووقع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 74 السيف بين التتر وابن صاحب سيس. [تدريس ابن سنِيّ الدولة] وفيها درّس القاضي نجم الدين ابن سني الدولة بالعادلية وعزل الكمال التفليسي، واعتقل بسبب الحياصة الناصري التي تسلمها التتار. وكانت رهناً بمخزن الأيتام على المال الذي اقترضه الملك الناصر. [هزيمة الفرنج] قال: وفيه، يعني ربيع الأول، خرج الفرنج في تسعمائة قنطارية، وخمسمائة تركُبُلّي، ونحو ثلاثة آلاف راجل، فأخذ الجميع قتلا وأسرا، ولم يفلت منهم سوى واحد. قلت: انتدب لقتالهم الفاخرية التركمان، فأخلوا لهم بيوتهم وهربوا، وكمنوا لهم، ثم نزلوا عليهم وبيتوهم، وأراح الله منهم. وكان خروجهم من عكا وصيدا. [والعزاء بالملك الناصر] وفي جمادى الأولى عُقِد العزاء بجامع دمشق للملك الناصر. جاء الخبر أنه ضُرِبت رقبته مع جماعة لما بلغهم أن المصريين كسروهم على عين جالوت. [سفر أولاد صاحب الموصل إلى مصر] وفيه ورد دمشق أولاد صاحب الموصل، وهما صاحب الجزيرة يومئذ وصاحب الموصل بعيالهم وأموالهم، ومعه طائفة من أهل البلاد، فمضوا إلى مصر. ثم رجعوا في أواخر السنة مع السلطان، ومضوا إلى بلادهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 75
[خلافة المستنصر بالله] وفي رجب أقيم في الخلافة بمصر المستنصر بالله أحمد، ثم قدم دمشق هو والسلطان، فعملت لقدومهما القباب. واحتفل الناس لزينتها. وعدم في الشرق في آخر العام كما في ترجمته. [تولية ابن خَلّكان القضاء] وفي ذي الحجة عزل عن قضاء الشام نجم الدين ابن سني الدولة، وولي شمس الدين ابن خلكان الذي كان نائب الحكم بالقاهرة، ثم وكل بالمعزول وأُلزِم السفر إلى مصر. قال أبو شامة: كان جائرا وظالماً، وشاع عنه أنه أُودع كيسا فيه ألف دينار، فرد بدله كيسا فيه فلوس. وفُوِّضَ إلى ابن خلكان نظر الأوقاف وتدريس مدارس كانت بيد المعزول: العادلية، والعذراوية، والناصرية، والفلكية، والركنية، والإقبالية، والبهنسية. [عودة السلطان إلى مصر] وفي نصف ذي الحجة رجع السلطان إلى مصر. [إقامة خليفة جديد يُلقِّب بالحاكم بأمر الله] وفيها أقام الأمير شمس الدين أقوش البرلي المسمى برلو بحلب خليفة،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 76 ولقبه الحاكم بأمر الله، وخطب له، ونقش اسمه على الدراهم، فلما قدم السلطان الشام تزلزل أمره، وطلب العراق، ثم اجتمع بالإمام المستنصر بالله، ودخل في طاعة المستنصر. [المصافّ بين المستنصر وبين التّتار] وفي آخرها وقع المصاف بين المستنصر وبين التتار بالعراق، فعدم المستنصر، وقُتِل عدد من الصحابة وهرب الحاكم في جماعة وسلم. وممن عدم فيها كمال الدين ابن السنجاري، ويحيى بن العمري، وعبد الملك بن عساكر. وقد ذكرنا الوقعة في ترجمة المستنصر. [الحرب بين سنجر الحلبي والبرلي] واستعمل السلطان على حلب الأمير علم الدين سنجر الحلبي، وبعث معه عساكر لمحاربة برلو، وكان قد غلب على حلب. فلما قرُب الحلبي قصد البرلي الرقة، ودخل الحلبي حلب، وجهز عسكرا وراء البرلي، فأدركوه بالبرية فقال: أنا مملوك السلطان. وخدعهم. ثم وصل إلى حران، ثم أتى البيرة فتسلمها، وقوي أمره، وقصد حلب، فقفز إليه جماعة من عسكر حلب، فخاف الحلبي وهرب، فدخل البرلي حلب. فلما بلغ السلطان خرج من مصر بالجيش، ثم جهز علاء الدين أيدكين البندقدار نائبا على حلب ومحاربا للبرلي، فسار من دمشق في نصف ذي القعدة، فخرج البرلي عن حلب، وقصد قلعة القرادي، وحاصرها، وأخذها من التتار ونهبها. [العفو عن صاحب الكرك] وفيها كاتب الملك المغيث صاحب الكرك الملك الظاهر يستعطفه فرضي عنه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 77
[ولاية السنجاري قضاء مصر] وفي شوال وُلّي قضاء مصر برهان الدين السنجاري، وعزل تاج الدين ابن بنت الأعز. [زواج بنت صاحب الموصل] وفي شوال تزوج ببليك الخزندار الظاهري ببنت صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ، فأعطاه السلطان الصبيبة، وبانياس. [الخلعة على صاحب حمص] وقدم على السلطان وهو بدمشق الملك الأشرف صاحب حمص، فخلع عليه وأعطاه ثمانين ألف درهم، وزاده تل باشر. [غارة الرشيدي على أرض أنطاكية] وفي ذي الحجة سار الرشيدي في عسكر إلى أرض أنطاكية فأغار عليها. [غدر التتار بأصحاب صاحب ماردين] قال قطب الدين: في رمضان وقع الصلح بين التتار وبين الملك المظفر بن السعيد صاحب ماردين، فتوجه إليهم ومعه هدية سنية من جملتها باطية مجوهرة قيمتها أربعة وثمانون ألف دينار فأكرموه، ثم قتلوا أصحابه، وكانوا سبعين ألفا بلا ذنب ولا جرم، بل أرادوا قص جناحه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 78
[المصافّ بين صاحب الروم وأخيه] وفي رمضان وقع المصاف بين الأخوين ركن الدين صاحب الروم، وأخيه عز الدين بقرب قونية، فانتصر ركن الدين لأنه كان معه نجدة من التتر، وقتل من عسكر عز الدين خلق، وأسر جماعة فشنقوا. وأقام عز الدين بأنطاكية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 79
سنة ستين وستمائة
[إظهار البرلي الطاعة للسلطان] في أولها دخل البرلي إلى حلب مرة أخرى، فخرج البندقدار عنها، وأظهر البرلي طاعة السلطان. وكان شجاعا مذكورا لا يصطلى بناره. [خبر حمار الوحش] وقال ابن خلكان، رحمه الله: في أثنائها توجه عسكر الشام إلى أنطاكية، فأقاموا قليلا عليها، ثم رجعوا، فأخبرني بعضهم بغريبة، وهي أنهم نزلوا على جرود وهي بين دمشق وحمص فاصطادوا حُمْر وحش كثيرة، فذبح رجل حمارا وطبخ لحمه، فبقي يوما يوقد عليه فلا ينضج لحمه ولا يتغير ولا قارب النضج، فقام جندي فأخذ الرأس فوجد على أذنه وشما، فقرأه، فإذا هو بهرام جور. فلما أتوا أحضروا تلك الأذن إلي، فوجدت الوشم ظاهرا وقد رق شَعْر الأذن، وموضع الوشم أسود، وهو بالقلم الكوفي. وبهرام جور من ملوك الفرس كان إذا كثر عليه الوحش وشَمَهُ وأطلقه. وحمر الوحش من الحيوانات المعمرة، وهذا لعله عاش ثمانمائة سنة أو أكثر. انتهى قوله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 80
[قدوم الحاكم بأمر الله إلى القاهرة] وفي ربيع الآخر قدم القاهرة الحاكم بأمر الله ومعه ولده وجماعة، فأكرمه الملك الظاهر وأنزله بالبرج الكبير، وهو أحمد بن أبي علي القبي بن عليّ بن أبي بكر ابن أمير المؤمنين المسترشد بالله ابن المستظهر الهاشمي العباسي. محمد بن البنا الحاكم، وأخوه محمد، ونجم الدين ابن المنشا، وقصد حسين بن فلاح أمير بني خفاجة، فأقام عنده مدة، ثم توصل مع العرب إلى دمشق، وأقام عند الأمير عيسى بن مهنا والد مهنا مدة، فطالع به السلطان الملك الناصر، فأرسل يطلبه، فبغته مجيء التتار. فلما ملك الملك المظفر دمشق سير الأمير قليج البغدادي إلى ناحية العراق وأمره بتطلب الحاكم، فاجتمع به وبايعه على الخلافة، وتوجه في خدمته الأمير عيسى والأمير علي بن صقر ابن مخلول، وعمر بن مخلول، وسائر آل فضل، سوى أولاد حذيفة. فافتتح الحاكم بالعرب عانة، والحديثة، وهيت، والأنبار، وضرب مع القرادول رأسا بقرب بغداد في أواخر سنة ثمان وخمسين، فانتصر عليهم، وقُتِل من التتار خلْق، ولم يُقتَل من أصحابه غير ستة، فيقال، والله أعلم: قُتِل من التتار نحو ألف وخمسمائة فارس، منهم ثمانية أمراء. فجاء جيش للتتار عليهم قرابغا، فرد المسلمون على حمية، فتبعهم قرابغا إلى هيت ورد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 81 وأقام الحاكم عند ابن مهنا، فكاتبه علاء الدين طيبرس نائب دمشق يومئذ للملك الظاهر يستدعيه، فقدم دمشق في صفر، فبعثه إلى السلطان، في خدمته الثلاثة الذين خرجوا معه من بغداد. وكان المستنصر بالله قد تقدمه بثلاثة أيام إلى القاهرة، فما رأى أن يدخل على إثره خوفا من أن يُمسك، فهرب راجلا وصحبته الزين صالح البنا، وقصدا دمشق، ودلهما بدوي من عرب غزية، فاختفيا بالعقيبة، وحصلا ما يركبان، وقصدا سلمية، وصحبهما جماعة أتراك، فوجدوا أهل سلمية متحصنين خوفا من الأمير آقش البرلي، فوقع بينهم مناوشة من حرب، ونجا الحاكم وصاحبه، وقصد البرلي فقبل البرلي يده، وبايعه هو وكل من بحلب، وتوجهوا إلى حران، (فبايعه الشيخ شهاب الدين عبد الحليم ابن تيمية والد شيخنا وأهل حران). وجمع البرلي للحاكم جمعا كثيرا نحو ألف فارس من التركمان، وقصدوا عانة، فوافاهم الخليفة المستنصر، فأعمل الحيلة، وأفسد التركمان على الحاكم، ودخل الحاكم في طاعته وانقاد له، ووقع الاتفاق. فلما عُدِم المستنصر في الوقعة المذكورة في ترجمته قصد الحاكم الرحبة، وجاء إلى عيسى بن مهنا، فكاتب الملك الظاهر فيه، فطلبه، فقدم إلى القاهرة، فبايعوه وامتدت أيامه، وكانت خلافته نيِّفاً وأربعين سنة. [موقعة التتار وعسكر البرلي] قال أبو شامة: وفيها جاء الخبر بالتقاء التتر الذين بالموصل بعسكر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 82 البرلي، وجرت بينهم وقعة قتل فيها مقتلة عظيمة، وقُتِل عَلَمُ الدين سنجار المعروف بحكم الأشرفي، وابنه بكتوت الحراني. [ولاية الحرّاني دمشق] قال: وفيها وُلّي ولاية دمشق ونظر الجامع والمساجد الأمير الافتخار الحراني ؛ وكان شيخا كبيراً خيراً، ألزم أهل الأسواق بالصلاة وعاقب عليها، ومنع جماعة من الأئمة الاستنابة، وأرجع على بعضهم بما تناولهم منهم التاج الشحرور، والجمال الموقاني، والشمس ابن غانم، والشمس ابن عبد السلام. ونقص كثيرا من جامكياتهم المقررة. [عودة كبير أولاد صاحب الموصل إلى بلده] وأما أولاد صاحب الموصل فلما فارقوا المستنصر في العام الماضي أقاموا بسنجار، وكتب كبيرهم الملك الصالح إلى الموصل يستشير أهلها، فأشاروا عليه بالمجيء، فقدِم عليهم في العشرين من ذي الحجة ومعه ثلاثمائة فارس، وكان في الموصل أربعمائة فارس، فدخلها، وترك إخوته بسنجار. فلما بلغهم قتْل المستنصر ونزول التتار على الموصل لحصار أخيهم رجعوا، فأعطاهم الملك الظاهر أخبازاً، وأعطى الملك المجاهد إسحاق مبلغا من المال لخاصه، ولعلاء الدين مبلغا لخاصه. [انكسار البرلي أمام التّتار] وأما التتار فنازلوا الموصل ومعهم صاحب ماردين، ونصبوا عليها المجانيق وضايقوها، ولم يكن بها سلاح ولا قوت كثير، فغلا السعر، واستنجد الملك الصالح بالبرلي، فنجده من حلب، فسار إلى سنجار، فعزمت التتار على الهرب، فوصل إليهم الكلب الزين الحافظي وأخبرهم بأن البرلي في طائفة قليلة، وشجعهم، فسارت إليه التتار وهم في عشرة آلاف، والبرلي في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 83 ألف من التركمان والعرب، فتوقف عن لقائهم، ثم نزل إليهم في رابع عشر جمادى الآخرة، فكسروه وقُتِل جماعة من وجوه أصحابه، وانهزم جريحا، وأُسر طائفة من أصحابه بعد أن أبلوا بلاءً حسناً. ووصل البرلي إلى البيرة، ففارقه أكثر من معه، وقصدوا الديار المصرية. [تأمير البرلي بمصر] وجاءت رُسُل هولاكو إلى البرلي يطلبه إليه، فلم يجبه إلى ذلك، وكاتب الملك الظاهر فأمنه، فسار إلى مصر، فأعطاه السلطان إمرية سبعين فارساً، وخلع عليه. [أخذ التتار الموصل وقتل الصالح] وأما التتار فأخذوا الأسارى فأدخلوهم من النقوب إلى الموصل ليعرفوهم بكسرة البرلي. واستمر الحصار إلى شعبان من سنة ستين، ثم طلبوا ولد الملك الصالح، فأخرجه إليهم، ثم خلوه أياما، وكاتبوه بأن يسلم الموصل وهددوه، فجمع الأكابر وشاورهم، فأشاروا عليه بالخروج فقال: تقتلون لا محالة. فصمموا على الخروج، فخرج إليهم يوم نصف شعبان وقد ودع الناس، ولبس البياض، فلما وصل إليهم رسموا عليه. وكان الحصار قد طال جدًّا، وعلى سور البلد ثلاثون منجنيقاً ترمي العدو وعلى المغول سنداغو، وقد خندقوا على نفوسهم، وبالغوا في الحصار، حتى كل الفريقان. ثم سلمت الموصل، ونودي في الموصل بالأمان فاطمأنّ الناس، فشرع التتار في خراب السور. فلما طمّنوا الناس دخلوا البلد وبذلوا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 84 السيف تسعة أيام إلى أوائل رمضان. ووسطوا علاء الدين ولد الملك الصالح، وعلقوه على باب الجسر، ثم رحلوا في آخر شوال بالصالح فقتلوه في الطريق رحمه الله. [استقلال أمراء بمصر] وأما علاء الدين والملك المجاهد فاستقلوا أمراء بمصر. [محاصرة قلعة الروم] وأما ابن صاحب الروم عز الدين فإنه اختل أمره وضايقته التتر، فقصد الأشكري وسأله العون فقال: إن تنصرت أعنتك. فهم أن يفعل لينال غرضه من النصر على أخيه بالتنصر، فلامه أصحابه وقالوا: هذا ينفر عنك قلوب العسكر. فأمسك، وتغير خاطر الأشكري عليه وحبسه بقلعة، فأغارت طائفة من عسكر بركة على بعض بلاد الأشكري، وحاصروا تلك القلعة، فوقع الاتفاق على أنه إن سلَّم إليهم السلطان عز الدين رحلوا. فسلمه إليهم، فانطلقوا به إلى الملك بركة. [الخُلف بين هولاكو وبركة] ووقع الخلف بين هولاكو وبركة، وأظهر بركة عداوته، وبعث الرسل إلى الملك الظاهر بالمواددة واجتماع الكلمة، ويحرضه على حرب هولاكو ؛ ثم جرى بينهما مصاف، كما يأتي إن شاء الله تعالى. [القبض على نائب دمشق] وفي شوال قدم الدمياطي الأمير والركني علاء الدين الأعمى الذي صار
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 85 بالقدس، فقبضا على نائب دمشق طيبرس الوزيري، وحُمِل إلى مصر، وباشر الركني النيابة إلى أن قدم النجيبي. [دخول أول دفعة من التتار في الإسلام] وفي ذي الحجة وصل إلى دمشق من التتار نحو المائتين هاربين إلى المسلمين، فأعطوا أخبازاً. وهم أول من فر من التتار ودخل في الإسلام. [معاقبة جماعة] وقُتل العماد القزويني، أحد الحكام بالعراق، لخيانته. وأخذ متولي واسط مجد الدين صالح بن هذيل وعُذِّب وصودِر. [تسليم واسط] وسُلِّمت واسط إلى الملك منوجهر ابن صاحب همدان، فسار واستصحب معه فخر الدين مظفر بن الطراح فجعله نائبه في تدبيرها. [قتل شِحنة بغداد] وقُتِل في العام الآتي شِحْنة بغداد بهادر. وكان مسلما سائسا لا بأس به. وكان يُصلّي التراويح، ووُلّي بعده قُرَبُوقا شِحْنة [بغداد]. [خسف سبع جزائر للفرنج في البحر] وفي ' تاريخ المؤيَّد ' قال: وفيها في في ربيع الآخر، أعني سنة 659،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 86 وردت الأخبار أن سبع جزائر في البحر خُسِف بها وبأهلها، ولبس أهل عكا السواد وبكوا وتابوا. [تثبيت نسب الحاكم العباسي] وفي آخر يوم من سنة ستين أثبتوا نسب الحاكم العباسي، وبويع بالخلافة بعد جمعة. [استرجاع الروم القسطنطينية من الفرنج] وفي سنة ستين تحزبت نصارى الروم وحشدوا، وأخذوا مدينة القسطنطينية من الفرنج. وكان الفرنج قد استولوا عليها من سنة ستمائة. أرخ ذلك الملك المؤيد رحمه الله. انتهت وقائع هذه الطبقة والحمد لله وحده
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 87
بسم الله الرحمن الرحيم {ربِّ أَعِنْ} الطبقة السادسة والستون المُتَوَفّون في سنة إحدى وخمسين وستّمائة
- حرف الألف - 1 - أحمد بن الحسن بن عمر. أبو المجد المرادي، الخطيب. من كبار علماء الأندلس. كان عارفاً بالكلام. روى عن: أبي خالد بن يزيد بن رفاعة بالإجازة. ومات في شوال. 2 - أحمد بن سليمان بن أحمد بن علي. أبو العباس ابن المغربل السعدي، المصري، الشارعي. وُلد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 88 وسمع من: القاسم بن إبراهيم المقدسي. روى عنه: الدمياطي، والمصريون. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. تُوُفّي في خامس ربيع الأول. 3 - أحمد بن غازي بن يوسف بن أيوب. الملك الصالح، صلاح الدين ابن السلطان الملك الظاهر بن السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي، صاحب عين تاب، وعم السلطان الملك الناصر صاحب الشام. وُلِد في صفر سنة ستمائة، وكان أكبر من أخيه الملك العزيز، وإنما أخروه عن سلطنة حلب لأنه ابن جارية، ولأن العزيز ابن الصاحبة بنت السلطان الملك العادل. وقد تزوج هذا بعد أخيه بامرأته فاطمة بنت السلطان الملك الكامل محمد. وكان مهيباً، وقوراً، متجملاً، وافر الحرمة. حدَّث عن: الافتخار الهاشمي. روى عنه الدمياطي نوبة، وذكر أنه امتنع من الرواية وقال: ما أنا أهل لذلك، بل أنا أسمع عليك. ثم سمع منه ووصله. تُوُفّي في شعبان ببلد عين تاب، وعمل ابن أخيه السلطان له العزاء بدار السعادة، ورثته الشعراء. وخلف ولدا ذكرا. 4 - أحمد بن يوسف بن أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 89 أبو الفضل المغربي القفصي. وقَفْصَة من بلاد إفريقية، وُلِد بها سنة ثمانين وخمسمائة. وقرأ الأدب، وعلوم الأوائل، والفلسفة. وقدِم دمشق، وسمع من التاج الكندي واشتغل عليه. وأخذ قبل ذلك بمصر عن الموفق عبد اللطيف. وله نَظْمٌ ونَثْر ومصنفات. رجع إلى بلاده ووُلّي قضاء قفصة، ثم رجع بعد ذلك إلى مصر وبها مات في المحرم. وهذا يُنعت بالشَّرَف التيفاشي. 5 - إبراهيم بن سليمان بن حمزة بن خليفة. الكاتب، جمال الدين ابن النجار القرشي، الدمشقي المجود. وُلِد بدمشق سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: التاج الكندي، وغيره. وحدَّث وكتب في الإجازات. وكتب عليه أبناء البلد. وكان الشهاب غازي المجود من أصحابه. وله شِعر وأدب. وقد سافر إلى حلب وبغداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 90 وتُوُفّي بدمشق في ربيع الآخر. وذكره ابن العديم رحمه الله في ' تاريخه ' فقال: كتب للأمجد صاحب بَعْلَبَكّ، وأقام في خدمته مدة، ثم سافر إلى الديار المصرية وتولى الإشراف بالإسكندرية، ثم عاد إلى دمشق. اجتمعت به وأنشدني شيئاً من نظْمه. وقد قرأ الأدب على الكندي، وفتيان الشاغوري. 6 - إبراهيم بن الخطيب أبي الحسن عليّ بن محمد بن عليّ بن جميل. أبو إسحاق المعافري المالقي، ثم المقدسي. وُلِد بالأرض المقدسة في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع بدمشق من: عبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن عساكر، والعماد الكاتب، وحنبل، وست الكتبة. وسمع بالقدس أيضا من طائفة ؛ وحدث بها. وأخذ عنه غيرُ واحد. 7 - إبراهيم بن عليّ بن أحمد. أبو إسحاق الأندلسي الشريشي المعروف بالبونسي، من قرية بونس،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 91 بباء موحدة. وذلك مستفاد مع التونسي واليونسي. قال الأبار: روى عن أبي الحسن بن هشام، وأبي عمرو بن غياث. وأخذ عنه غير واحد. وتوفي في وسط السنة، وله ثمان وسبعون سنة. وله مصنف في غرائب التصحيح. قلت: روى عنه محمد بن إبراهيم بن يربوع السبتي في حدود سبعمائة. 8 - إبراهيم بن مرتفع بن رسلان. أبو إسحاق المصري، الذهبي، الناسخ، المعروف بابن الساعاتي. سمع من: هبة الله ابن ست الملك بعض ' ديوانه '. وكان مليح الأذهاب والنسخ. وله شِعر، كتبوا عنه منه. 9 - إبراهيم بن يوسف بن بركة. أبو إسحاق الموصلي الخطيب، الشافعي، الكتبي، المعروف بابن ختة. شيخ معمر، فاته السماع من الكبار، فإنه وُلِد سنة أربع وخمسين. وقد روى بالإجازة عن: خطيب الموصل الفضل عبد الله بن أحمد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في أول السنة. 10 - إسماعيل بن الفضل بن أبي الفضل بن خَلَف بن عبد الله بن يعقوب. الحكيم: أبو الفضل مهذب الدين التنوخي الحموي، الطبيب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 92 من كبار الأطباء بالقاهرة. وُلِد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ومات في صفر. - حرف الجيم - 11 - جُنْدُب بن عبد الله. ضياء الدين الحموي. توفي بحماة في هذه السنة أو في الماضية. وله شِعرٌ منه: (ومشرفٌ ناظرُه عليك .......... يعمل فينا عَمَلَ المشْرَفيّ)
(أسرفَ إذْ أسرفَ في حُكمِهِ .......... والكَفَن بالمشرَف المشْرَفيّ)
- حرف الحاء - 12 - الحسن بن علي بن الحسين بن صَدَقَة. الحكيم البارع، أبو محمد الواسطي، المعروف بابن ميجال، بياء آخر الحروف ثم جيم، الطبيب المجاور بمكة. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة بواسط. وسمع: أبا الفتح ابن المندائي، وابن الأخضر، وغيرهما. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وتوفي في ذي القعدة بمكة، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 93 13 - حمْد بن محمد. الجزري، الأديب الشاعر. صالح، دين، متعفف. كان يعمل المكاكي ويتصدق. وكان أهل الجزيرة أكرادا، ويقول خطيبهم: اللهم وارض عن معاوية الخال، ويزيد المفضال. وكان حمد شيعيا غاليا، فكان الأكراد يمقتونه ويكفرونه. وله قصيدة أولها: (نارُ غرامي فيكَ ما تنطفي .......... ووجْدُ قلبي بك ما يشتفي)
(والجسمُ في حُبِّك أضحى وقد .......... أذابه السُّقْمُ فلم يُعْرَفِ)
(يا رشاً تفعل ألحاظُهُ .......... في القلبِ فِعْلَ الصّارِمِ المُرْهَفِ) وهي طويلة فيها أنواع من الرفض. - حرف الدال - 14 - داود بن ظاهر. الشجاع العسقلاني، والد شيخنا الفاضلي. مات في ذي الحجة. - حرف الذال - 15 - ذاكر. واسمه محمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد، المحدث، قُطْبُ الدين، أبو الفضل الهمداني، الأبرقوهي، ثم المصري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 94 وُلِد بأبرقوه سنة سبع وستمائة. وسمع بها حضورا من: أبي سهل عبد السلام السرقولي. وبهمذان من: إسماعيل بن الحسن الحمامي، ومحمد بن أحمد بن هبة الله الروذراوي. وبأصبهان من: عبد اللطيف بن محمد بن ثابت الخوارزمي. وسمع ببغداد من: الفتح بن عبد السلام، والمبارك بن أبي الجود. وبحران من: فخر الدين ابن تيمية. وبدمشق من: ابن أبي لقمة، وجماعة. وعُنِي بالحديث بعد موت والده. وسمع الكثير. وكتب وخرج لنفسه ' ثمانيات '. روى عنه: أخوه شيخنا أبو المعالي أحمد، وابن بلبان، والدمياطي، وغيرهم. ومات رحمه الله كهلا في خامس ربيع الأول بمصر. - حرف الراء - 16 - الرِّضِيّ الهنديّ. من كبار الحنفية. وُلّي تدريس الصادرية بدمشق مدة بعد العز عرفة. ومات في جمادى الأولى. وكان موصوفا بالعلم والصلاح. ودرّس بعده الصادرية الفقيه أبو الهول. قاله التاج ابن عساكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 95
- حرف السين - 17 - سارة بنت محمد بن المحدّث أبي الفضل إسماعيل بن عليّ الجَنْزَويّ. أم عبد الرحيم الدمشقية. روت عن جدها. وروي عنها. توفيت في تاسع جمادى الآخرة بقاسيون. 18 - سعد الله بن أبي الفتح بن يعلى. أبو نصر المنبجي. سمع بهراة من: أبي روح عبد العز. ودخل خوارزم وأقام بها مدة. وكان أديبا شاعراً، فاضلاً، صوفيا. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، والحافظ عبد المؤمن الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، والعماد بن البالسي، وجماعة. وتُوُفّي في السادس والعشرين من ذي الحجة. - حرف الصاد - 19 - صالح بن شجاع بن محمد بن سيّدهم بن عمرو. أبو النقاء الكناني، المدلجي، المالكي، الخياط. وُلِد بمكة في شوال سنة أربع وستين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 96 وسمع بالقاهرة ' صحيح مسلم ' من أبي المفاخر المأموني. وأجاز له: أبو طاهر السلفي، وأبو محمد بن بري النحوي، وعثمان بن فرج العبدري، ومنجب بن عبد الله المرشدي، وجماعة. روى عنه: الحافظ ابن المنذري، والدمياطي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزاز، وطائفة من أهل بلده من شيوخنا. وحدَّث ' بصحيح مسلم ' مرات متعددة. وكان خياطا صالحا، خيرا، قانعا. وكان أبوه أبو الحسين من كبار القراء، أخذ عنه جماعة. تُوُفي صالح في سادس عشر المحرم. وآخر أصحابه البدر يوسف الختني. 20 - صَدَقَة بن الحسين بن محمد بن عليّ بن وزير. أبو الحسن الواسطي، ثم البغدادي. روى عن: ابن كليب. وعنه: الدمياطي، وقطب الدين ابن القسطلاني، ومحمد بن محمد الكنجي. مات في ذي الحجة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 97
- حرف العين - 21 - عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن بن أبي سعيد بن عتيق. جمال الدين، أبو القاسم، ابن الحاسب الطرابلسي، المغربي، ثم الإسكندراني، السبط. وُلد بالإسكندرية سنة سبعين وخمسمائة، وسمع من جده أبي طاهر السلطي قطعة صالحة من مروياته، وهو آخر من سمع منه. وسمع من ابن موقا جزءا، ومن: بدر الخداداذي، وعبد المجيد بن دليل، وأبي القاسم البوصيري، وجماعة. وأجاز له: جده، وشهده الكاتبة، وعبد الحق اليوسفي، والمبارك بن علي بن الطباخ، وأبو الحسن علي بن حميد بن عمار. روى ' صحيح البخاري ' عن عيسى بن أبي ذر الهروي، وخطيب الموصل أبي الفضل الطوسي، والقاضي العلامة أبي سعيد بن أبي عصرون، والحافظ أبي القاسم خلف بن بشكوال الأندلسي، ومنوجهر بن تركانشاه،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 98 وعبد الله بن بري، وعلي بن هبة الله الكاملي، وطائفة سواهم. وتفرد في زمانه، ورحل إليه الطلبة. وروى الكثير. ورحل هو في آخر عمره إلى القاهرة فبث بها حديثه، وبها مات. روى عنه أئمة وحفاظ منهم: زكي الدين المنذري، وشرف الدين الدمياطي، وقاضي القضاة تقي الدين القشيري، وتقي الدين عبيد الإسعردي، وضياء الدين عيسى السبتي، وشرف الدين حسن بن علي اللخمي، وضياء الدين جعفر بن عبد الرحيم الحسيني، وجلال الدين عبد الله بن هشام، ومنكبرس العزيزي نائب غزة، والكمال أبو محمد عبد الرحيم بن عبد المحسن الحنبلي، ومثقال الأشرفي، والركن عمر بن محمد العتبي، وأبو بكر بن عبد البادي الصعيدي، والأديب عبد المحسن بن هبة الله الفوي، وعبد المعطي ابن الباشق، وناصر الدين محمد بن عطاء الله بن الخطيب، وفخر الدين علي بن عبد الرحمن النابلسي، وأخوه شهاب الدين أحمد العابر، والعماد محمد بن يعقوب بن الجرائدي، والشهاب أحمد بن أبي بكر القرافي، و النور علي بن محمد بن شخيان، والتاج محمد بن محمد بن سليم الوزير، والفخر أحمد بن إسماعيل بن الحباب، والعماد محمد بن علي بن القسطلاني، وولده محمد، وناصر الدين محمد بن أحمد بن الدماغ، وناصر الدين محمد بن عمر بن ظافر البصري، ونور الدين علي بن عبد العظيم الرسي الشريف، ونور الدين علي بن عمر الواني. وخرِّج له المحدث أبو المظفر منصور بن سُلَيْم ' مشيخة ' في أربعة أجزاء. وكان شيخا ناقص الفضيلة، لا بأس فيه. توفي في ليلة رابع شوال بدار الشيخ أبي العباس بن القسطلاني بالفسطاط. وكان نازلا عندهم. وقد سمعنا أيضا بإجازته من جماعة منهم: خطيب حماة معين الدين أبو بكر بن المغيزل، والنجم محمود بن النميري، وست القضاة بنت محمد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 99 النميرية، والعماد محمد بن البالسي، وغيرهم. وانفردت عنه بنت الكمال بإجازته لما مات ابن الرضي، وابن عنتر سنة ثمان وثلاثين. 22 - عبد القادر بن الحسين بن محمد بن جميل. أبو محمد البغدادي، البندنيجي البواب. سمع من: أبي الحسين عبد الحق اليوسفي، وعبيد الله بن شاتيل، والقزاز. وأحسبه آخر من روى عن عبد الحق. روى عنه: الدمياطي، والكنجي، والبغداديون. ومات في سابع ذي القعدة. 23 - عبد القادر بن أبي نصر عبد الجبّار بن عبد القادر. أبو منصور ابن القزويني البغدادي، الحربي. وُلِد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهير، ويعقوب الحربي المقرئ. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي. وكان مؤدبا يعرف بابن المديني. تُوُفّي في خامس جمادى الأولى. 24 - عبد الكريم بن مظفر بن سعد بن عمر بن الصفار. شمس الدين أبو الحسين التاجر، الأصم. كان من ذوي الثروة. حدث بمصر والشام وبغداد عن ابن كليب، و ' بجزء ' ابن عرفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 100 روى عنه: الدمياطي، والبدر محمد بن السويدي المستوفي، وعبد الحافظ الشروطي، وغيرهم. وبالإجازة: قاضي القضاة ابن الخويي، والعماد بن البالسي. وكان حيا في هذه السنة، ولم تضبط وفاته فيما أعلم رحمه الله تعالى. 25 - عبد الكريم بن منصور بن أبي بكر. أبو محمد الموصلي المحدث، الرجل الصالح، المعروف بالأثري الشافعي. سمع الكثير، وحدث عن: مسمار بن العويس، وجماعة. ومات كهلا في أواخر السنة. حدَّث عنه: الدمياطي، والشيخ محمد الكنجي. وله شِعْرٌ جيد. سمع منه الدمياطي بزاويته بقرية الحديثة من ضواحي بغداد، ونسب إلى الأثر لاعتنائه به. وقد سمع بالموصل من عبد المحسن ابن الخطيب ؛ وبدمشق من الشيخ الموفق. وبحلب وبغداد فأكثر. تُوُفّي في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 101 26 - عبد الواحد بن عبد الكريم بن خَلَف. العلامة كمال الدين، أبو المكارم ابن خطيب زملكا الأنصاري، السماكي، الزملكاني، الفقيه الشافعي. كان من كبار الفضلاء، له معرفة تامة بالمعاني والبيان والأدب، ومشاركة جيدة في كثير من العلوم. ذكره الإمام أبو شامة فقال: كان عالماً خيراً متميزاً في علوم متعددة. ولي القضاء بصرخد، ودرّس ببَعْلَبَكّ، ثم توفي بدمشق في المحرم. قلت: وهو جد شيخنا العلامة كمال الدين محمد الشافعي. وله شِعر فائق. كتب عنه: رشيد الدين محمد بن الحافظ عبد العظيم، وناصر الدين محمد بن عربشاه، وناصر الدين محمد بن المهتار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 102 27 - عثمان بن محمَّد بن عبد الحميد. التنوخي، البعلبكي، العدوي، الزاهد الكبير، شيخ دير ناعس. كان رضي الله عنه كبير القدر صاحب أحوال وكرامات وعبادة ومجاهدات. ذكره خطيب زملكا عبد الله بن العز عمر فقال: أخبرني إسماعيل بن رضوان قال: كان الشيخ عثمان يخرج مع إخوته إلى الحصاد فيأخذ معه إبريقاً ليتوضأ منه، فقال إخوته مرة: كم تبطلنا بصلاتك. وقام أحدهم برد الإبريق. فلما جاء وقت الصلاة قام إلى الإبريق وأخذه وتوضأ. فلما رأوه يتوضأ قالوا له: لا تعد تحصد نحن نكفيك. وحدثني أبو العباس أحمد بن عبد الله بن عزيز اليونيني قال: شاهدت الشيخ عثمان وقد ورد عليه فقراء، فأخرج إليهم في ميزر خبزا فأكلوا، فرأيت الذي فضل أكثر من الذي جاء به. وقال عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم: وأخبرني العماد محمد بن عوصة قال: عرض للشيخ الفقيه مغص فقال لي: امض إلى الشيخ عثمان وقل له: قال لك الفقيه لئن لم يسكن وجع جوفه ليضربنك مائة عصاة. فقلت: يا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 103 سيدي وكيف تضربه؟ فقال: الشيخ عثمان أكرم على الله من أن أضربه. قال: وأخبرني ولده القدوة الشيخ محمد، عن أبيه قال: صلينا بعض الأيام الضحى، وإذا بالمسجد قد امتلأ جنا بحيث أني ما كنت أستطيع القيام. قال: فصحت صيحة ظهر النور من تحت المسجد واستوحيت بالمشايخ. قال: فجاؤوا واستحييت من الخليل عليه السلام كون أنه جاء في نصرتنا وما ودعته. وأخبرني الشيخ محمد قال: كنت في بعض الليالي جالس وإذا رجل قد أقبل وبيده حربة تلمع، ويخرج منها نار يظهر لهبها شرقا وغربا، فخرج إليه والدي وأخذ بيده فمشيا، فلما كان بعد الثلاثين ليلة رأيت ثلاثة رجال على خيل، فقام والدي إليهم فأخذ بمعرفة فرس أحدهم، ووقف مكبوب الرأس. فلما كان من الغد رأيت عند والدي رجل يحدثه ولا أرى شخصه، وهو يقول: جاء إلينا الشيخ عبد الله اليونيني ومعه حربة، والشيخ عبد القادر، والشيخ عدي وسمى الآخر، وهم ركاب خيل، وأخبرونا أن المسلمين منتصرين على العدو. فلما كان تلك الليلة رأيت والدي وهو يسير على السطح وهو يهدر كهدر الأسد. فلما كان آخر الليل صفق صفقتين. فورخ بعض الجماعة تلك الليلة وإذا هي ليلة كسروا الفرنج على المنصورة. أو ما هذا معناه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 104 قال: وأخبرني القدوة إبراهيم بن الشيخ عثمان قال: رأيت عند أبي رجالا من لبنان، فسمعتهم يتحدثون، فذكروا شخصا، وقال أحدهم ما أعطى الفرقان فسئل عن الفرقان قال: يفرق بين الحلال والحرام. قال: وأخبرني أبي قال: كنت بين الفرزل ونيحا وإذا بطيور وهم يقولون: هذا قبر......... قال: وأخبرني شيخنا أبو العباس أحمد بن العماد بن إبراهيم المقدسي قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم بوداع الشيخ عثمان، فلما جئت لأودعه قام إلي وقال: جئت تودعني كما ودّعت الشيخ إبراهيم. قلت: نعم. قال: وأخبرني إبراهيم أن أباه لبس من الشيخ عبد الله اليونيني، وأنه اجتمع بالشيخ أبي الحسن الشعراني الذي بجبل لبنان. قلت: وللشيخ عثمان ذكر في ترجمة الشيخ الفقيه. وكان عديم النظير في زمانه - رحمه الله - وفيه خير وعبادة، وله أوراد. وتُوُفي في سادس شعبان من العام. 28 - عليّ بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن يوسف بن أحمد. القاضي أبو الحسن بن قطرال الأنصاري، الأندلسي، القرطبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 105 ذكره الأبار فقال: سمع أبا عبد الله بن حفص، وأبا القاسم بن رشد، وغيرهم، وأخذ قراءة نافع وعِلْم العربيّة عن أبي جعفر بن يحيى الخطيب. وسمع بغرناطة: أبا خالد بن رفاعة، وأبا الحسن بن كوثر. وسمع بالمنكب: عبد الحق بن بونه ؛ وبمالقة: أبا عبد الله ابن الفخار ؛ وبسبتة: أبا محمد بن عبيد الله. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وأبو بكر بن الجد، وجماعة. وولي قضاء أُبَّذَة فأسره العدو بها إذ تغلبوا عليها سنة تسع وستمائة، ثم تخلص. ووُلّي قضاء شاطبة مدة، ثم وُلّي قضاء شريش، ثم قضاء قرطبة. ثم أعيد إلى قضاء شاطبة وخطابتها. ثم نزح عنها في آخر سنة ست وثلاثين وستمائة لتغلب العدو في صدر هذا العام على بلنسية. ووُلّي قضاء سبتة ثم قضاء فاس. وكان من رجال الكمال، علماً وعملاً، يشارك في عدة فنون، ويتميز بالبلاغة. أُخِذَت عنه بشاطبة جملة من روايته. وُلِد سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وتُوُفّي بمرّاكُش في ربيع الأول بعد ولايته قضاء أغمات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 106 29 - عليّ بن عبد الرحمن. الإمام موفق الدين، أبو الحسن البغدادي البصري، الحنبلي. سمع من: أحمد بن صرما، وزيد بن يحيى البيع. وأعاد بالمستنصرية. وتوفي شابا في شعبان. 30 - عليّ بن عبد الوهّاب بن محمد بن طاهر. القرشي، الدمشقي، أخو أبي حفص عمر بن البراذعي. سمع من: ابن طبرزد، والكندي. وحدَّث. ومات في شوال. 31 - عمر بن مكّي بن سرجا بن محمد. أبو حفص الحلبي المحدث، شهاب الدين. وُلِد بعد التسعين وخمسمائة. وسمع من: الإفتخار عبد المطلب الهاشمي، وأبي محمد بن علوان، وجماعة. وعني بالحديث، وسمع الكثير من المتأخرين وله شِعْر حسن. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، والعفيف إسحاق الآمدي، والكمال إسحاق الحلبي. وتُوُفّي في أواخر هذه السنة. - حرف الغين - 32 - غالب بن حسن بن أحمد بن سيد بونه بُنه. الإمام القاضي أبو تمام الخزاعي الداني
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 107 صحب قرابته القدوة أحمد بن سيد بونه. وروى عن: أبيه، وأبي عبد الله بن مزين. وكان فيما قال ابن الزبير مقرئا صالحا، قاضيا. قيل: كان له كل يوم ختْمة. رأيته بغرناطة، توفي سنة 651. - حرف الميم - 33 - محمَّد بن سُنْقُر الحلبيّ. أبو الفضل. دمشقي. روى عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. مات في صفر. 34 - محمد بن عبدان بن غريب أبو عبد الله الحراني، الصيدلاني، الملقب بعريب. حدث عن: عبد الوهاب بن أبي حبة. روى عنه: الدمياطي، وقال: توفي في حدود سنة 651. 35 - محمد بن عبد الله بن عثمان بن جعفر بن الشّيخ القُدوة أبي عبد الله اليُونينيّ الزّاهد. ذكره خطيب زملكا فقال: كان صاحب كرامات ورياضيات، زاهدا ورعا متواضعا، لا يمكن أحدا من تقبيل يده حتى يقبل أيضا يد ذلك الرجل. حدثني الحسن بن مظفر قال: طلعنا إلى زاوية الشيخ فتلقانا الشيخ محمد، فقال فيما حدثنا، يا فقراء، كان سيدي الشيخ قد جهزني إلى الحجاز،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 108 فلما كانت الليلة التي تُوُفّي فيها رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم يعزيني في الشيخ فورخنا تلك الليلة، فلما وصلنا وجدناه قد توفي فيها. قال خطيب زملكا: وقد اختلفوا على ما قيل فيمن يكون شيخا بعد الشيخ عبد الله، فقال بعضهم: الشيخ الفقيه، وقال آخرون: يكون الشيخ توبة، وقال بعضهم: الشيخ عبد الله بن عبد العزيز. فحدثني الشيخ إسرائيل قال: فرأى الشيخ الفقيه في النوم الشيخ عبد الله وهو يقول: أنت والشيخ توبة أصحابي، والشيخ عبد الله مريدي، وولدي محمد ما هو صغير. فلما أصبح أخبر الفقراء بما رأى، فلما قدم الشيخ محمد من الحج بسطوا له السجادة وقاموا حوله. توفي في رجب 36 - محمد بن عليّ. الشيخ الكبير الحريري المتقدم ذِكْرُه في الشطح والأحوال. كان ولده هذا رجلا صالحا، ديِّناً، خيّرا. ومن محاسنه أنه كان ينكر على أصحاب والده ويأمرهم باتباع الشريعة. ولما مات أبوه طلبوا منه الجلوس في المشيخة فشرط شروطاً لم يقدر أصحابه على التزامها، فتركهم وانعزل عنهم. وأقام بدمشق وبها توفي، ودُفِن عند الشيخ رسلان، رحمه الله. وعاش سبعا وأربعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 109 37 - محمد بن عيسى. أبو بكر الأنصاري، الخزرجي، المالقي، الزاهد، نزيل مصر. أحد الأولياء والعباد. كان يأكل من كسْبه ولا يقبل من أحد شيئا. ذكره الحافظ عز الدين الحسيني فقال: كان أحد الزهاد الورعين، وعباد الله المنقطعين، مشتغلا بنفسه، يأكل من كسب يده مع جِدٍّ وعملٍ وفضلٍ وأدب. ولم يكن في زمانه من اجتمع فيه ما جُمِع له. توفي، رحمه الله، في الثامن والعشرين من ربيع الآخر، ودُفِن بسفح المقطم. وكان له مشهد عظيم جدا، وقبره معروف يزار ويتبرك به، رحمه الله. 38 - محمد بن يوسف. الإمام المحدث أبو عبد الله الهاشمي، الطنجالي. قال ابن الزبير: محدث فاضل، نحوي، ورع، زاهد. لازم المحدث أبا محمد عبد الله بن عطية، وسمع عليه. وأكثر عن: أبي الحسن علي بن محمد الغافقي. وقرأ على أبي القاسم بن الطيلسان، وعلى أبي سليمان ابن حوط الله، وطائفة وأجاز له في صِغَره أبو الخطاب بن واجب، وعدة. وكان من أبرع أهل زمانه خطا وأتقنهم، لا يجاري في ذلك. وكان يتكلم بجامع مالقة على ' صحيح البخاري ' غدوة. وكان كثير الورع. عاش نحواً من خمسين سنة، صحبته وسمعت منه وقيل إنه مات في سنة ثلاث كما يأتي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 110 39 - محمد بن أبي المكارم مفضَّل بن محمد بن حسّان بن جواد بن عليّ بن خزرج. زين الدين، أبو العباس الأنصاري، الأسواني، المصري، الشافعي، العدل. وُلِد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عمه أبي الطاهر إسماعيل بن محمد، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير، والعماد الكاتب. وأجاز له: منوجهر بن تركانشاه، ومحمد بن نصر بن الشعار، وغيرهما. وتقلب في الخِدَم الديوانية. وكان رئيسا نبيلا من بيت حشمة. روى عنه الدمياطي، وقال: توفي في ذي الحجة. 40 - محمد بن أبي الفتح بن أبي الحسن بن أحمد بن أبي الدنيا. أبو عبد الله البغدادي. وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وحدث عن عبد الله بن شاتيل، وأبي شجاع محمد بن المقرون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 111 روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن الكنجي، وغيرهما. مات في المحرم. 41 - محمد. الواعظ الشاعر. من أعيان أدباء البغاددة. ورخه ابن أنجب. 42 - مظفَّر بن محمد بن مظفَّر بن شجاع بن مظفَّر بن البوّاب. أبو منصور. روى عن: ابن بوش، وابن كُلَيْب. روى عنه: خطيب الدين ابن القسطلاني، وشرف الدين التوني، ومحمد بن محمد الكنجي. ومات في جمادى الأولى. 43 - منصور بن سرّار بن عيسى بن سَلِيم. أبو علي الأنصاري، الإسكندراني، المالكي، المقرئ المؤدب المعروف بالمسدي. وُلِد سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، ومحمد بن محمد الكركنتي، ومنصور بن خميس وغيرهم. وكان من حُذّاق المقرئين. نظم ' أرجوزة في القراءات '. وسرّار: مُشَدَّد، وسَلِيمْ: بفتح أوله. وقيل إنه صنف تفسيراً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 112 روى عنه: الدمياطي، والوجيه منصور بن سليم. توفي في رجب عن ثمانين سنة. 44 - موسى بن محمد بن موسى بن أحمد. الفقيه، نجم الدين، أبو عمران الكناني القمراوي، وقُمر: قرية من نواحي صَرْخد. كان شاعراً محسِناً. توفي وله ستون سنة. وهذه الأبيات له: (قد مَلَّ مريضك عُوَّدُه .......... ورثى لأسيرك حُسّدُه)
(لم يُبْقِ هواك سوى نَفَسٍ .......... زَفَراتُ الشَّوقِ تُصَعِّدُه)
(هاروتُ يُعنعن فَنَّ السِّحرِ .......... إلى عينيك يسدّدُه)
(وإذا أغمضْتَ اللّحْظَ فتكْتَ، .......... فكيفَ وأنتَ تجرّدُه؟)
- حرف النون - 45 - نفيس بن محمود بن أبي القاسم بن محمد بن عُبَيْد الله. فخر الدين، أبو المظفر البعقوبي، ثم الدمشقي المقرئ، الشافعي العدل. وُلِد بالعراق سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وقدم دمشق فاستوطنها وسمع بها من: عمر بن طبرزد، وحنبل الرصافي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 113 وقرأ القراءآت على السخاوي، وغيره. وحدث وأقرأ. روى عنه: أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الدمياطي، وأبو محمد بن خلف الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي. توفي في ثامن عشر ربيع الآخر. - حرف الواو - 46 - وهْبُ بن أحمد بن أبي العِزّ. شهاب الدين أبو العز القرشي، الحنفي، ويعرف بابن أبي العيش. حدث عن: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. - حرف الياء - 47 - يحيى بن خالد بن الأديب أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير. الصدر الكبير، شهاب الدين، أبو جعفر القرشي المخزومي الحلبي الكاتب المعروف بابن القيسراني. وُلِد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من: عمر بن طبرزد. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وكان من كبراء حلب. ولي الوزارة. هو وأبوه من بيت حشمة وتقدم. توفي في ربيع الآخر. توفي أبوه سنة 588، وتوفي أخوه أبو المكارم سعيد قبله سنة خمسين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 114 وعمل الصاحب عز الدين ابن القيسراني عزاء عمه يحيى هذا بدمشق، وتكلم الوعاظ وكان له ثروة عظيمة ونعمة جسيمة، حتى قيل إن بذاره في العام ثلاثة آلاف مكوك بالحلبي. * * * وفيها وُلِد: الشيخ محمد بن أحمد بن تمام الصالحي، الخياط الزاهد. ونجم الدين أحمد ابن الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي قاضي الحنابلة، وكمال الدين موسى بن قاضي دمشق شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان الشافعي خطيب كفربطنا، في صفر ؛ وعلاء الدين علي بن محمد بن سلمان بن غانم الكاتب، ومحمد بن بكتمر العزي التُّرَيْكَيّ، ويوسف بن محمد بن سليمان بن أبي العز بن وهيب الحنفي في رجب، بالعذراوية ؛ وعبد الملك بن عمر الطوسي، بقلعة دمشق ؛ والمحيي ييحى بن السكاكري ؛ ويحيى بن يحيى بن عمران الجزري، الملق بالقاضي، وعلي بن أبي المعالي المعري بالمعرة ؛ وعبد الله بن إبراهيم بن محمد بن أبي القاسم بن القزويني بحلب، وقيل وُلِد سنة اثنتين ؛ ومحمد بن محمد بن عبد المنعم الخيمي المصري الشاعر أبوه ؛ ومحمد بن محمد بن عبد الباري بن حمزة المصري ؛ وفخر الدين عبد الرحمن بن عبد الله بن محبوب، في ثاني المحرم ؛ وإبراهيم بن أحمد بن سليمان بن مروان ابن البعلبكي، في شعبان ؛ وأبو بكر بن محمد بن الرضي القطان، بالصالحية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 115
سنة اثنتين وخمسين وستمائة
- حرف الألف - 48 - أحمد بن أسعد بن حلوان. الحكيم البارع نجم الدين، أبو العباس، ولد الحكيم موفق الدين المعروف بابن المنفاخ، وهو لقب الموفق. ويعرف بابن العالمة دهن اللوز التي كانت عالمة دمشق. وهو دمشقي أصله من المَعَرّة. ولد سنة ثلاث وتسعين بدمشق. وكان أسمر، نحيفا، فصيحاً، بليغاً مفرط الذكاء. أخذ الطب عن المهذب الدخوار وبرع فيه وفي المنطق والأدب. وخدم بالطب الملك المسعود صاحب آمد. ثم وزر له. ثم غضب عليه وصادره، فأتى دمشق وأقرأ بها الأدب. وكان رئيساً متميزاً. ثم خدم الملك الأشرف الحمصي بتل باشر، وأقام عنده قليلاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 116 ومات في ثالث عشر ذي القعدة. قاله ابن أبي أُصَيْبَعَة. وقال: حكى لي أخوه القاضي شهاب الدين ابن العالمة، أخوه لأمه، أنه توفي مسموما. وله كتاب ' التدقيق في الجمع بين الأمراض والتفريق '، وكتاب ' هتك الأستار عن تمويه الدخوار '، وكتاب ' المدخل في الطب '، وكتاب: ' العِلَل والأمراض '، وشرح أحاديث نبوية. 49 - أحمد بن عبد الواسع بن أميركا بن شافع. أبو العباس الجيلي، ثم البغدادي. سمع من: عبد المؤمن ابن كُلَيْب، وبرغش عتيق ابن حمدي، والشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ عبد القادر، ولامعة بنت المبارك بن كامل، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وأجاز لجماعة. تُوُفّي في ثاني رمضان. 50 - أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عمر. أبو المكارم المصري الشافعي المعروف بابن نقاش السكة. وُلِد سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، ومحمد بن حمد الأرتاحي. وكان لديه فضل، وله نظم حسن. روى عنه: الدمياطي، والمصريون، ومجد الدين ابن الحلوانية. وبالإجازة: أبو الفضل بن البرزالي، وأبو المعالي ابن البالسي، وآخرون ومات في جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 117 51 - أحمد. الواعظ البليغ، عماد الدين الواسطي. أنبأنا سعد الدين بن حمويه قال: في ذي الحجة سنة إحدى وخمسين منعوا العماد الواسطي من الوعظ وجميع الوعاظ، يعني بمصر، لأنه قال على المنبر: خلق الله آدم بيده. وأشار إلى يده، فعزروه وأرادوا عقد مجلس له فلم يتفق. قال: وكان حافظا، حسن الإيراد، فصيحا، موزون الحركات. تُوُفّي في رجب. 52 - إبراهيم بن أحمد. أبو إسحاق ابن السبتي، البغدادي، العابر. سمع: عليَّ بن محمد بن السقا. وعنه: الدمياطي. 53 - إبراهيم بن محمد بن عُبَيْد الله بن يوسف. الخطيب أبو إسحاق الأوسي الأندلسي، القرطبي، المعدل، نزيل مالقة. سمع من: أبي محمد بن حَوْط الله، وأخيه أبو داود، وأبي محمد بن القرطبي، وأبي القاسم الملاحي. وأجازوا له. وحدث. وكان فاضلا ثقة. مات في جمادى الآخرة. 54 - إسماعيل بن أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد. رشيد الدين، أبو الفضل بن الشيخ الفقيه أبي العباس العراقي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 118 الأواني، ثم الدمشقي الحنبلي الجابي بدار الطعم. وُلِد بُعَيْد السبعين وخمسمائة، وسمع من أبيه. وكانت له إجازات عالية فروى عن: السلفي، وشهدة، وعبد الحق، وخطيب الموصل، وأبي طالب محمد بن علي الكتاني الواسطي، وأبي العباس الترك، وأبي الفتح عبد الله بن أحمد الخراقي، وأبي المحاسن عبد الرزاق بن إسماعيل القومساني، وابن عمه المطهر بن عبد الكريم، والحافظ أبي موسى المديني. روى عنه: زكي الدين البرزالي مع تقدمه، وشرف الدين الدمياطي، وعبد الله بن عبد الرحمن المقدسي، وشمس الدين محمد بن التاج، وابن عمه محمد بن عبد الله، والجمال عبد الرحمن بن أحمد بن شُكْر، والعماد محمد بن البالسي، والعز إبراهيم بن الملك الحافظ، وطائفة سواهم. وكان حافظا للقرآن، فاضلاً، فصيح العبارة. وأوانا من قُرى بغداد. تُوُفّي في منتصف جمادى الأولى، ونيف على الثمانين. 55 - أقْطاي بن عبد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 119 الجمدار، الصالحي، النجمي، الأمير الكبير، فارس الدين التركي، من كبار مماليك الملك الصالح. وكان شجاعا، جوادا كريما، نهّاباً وهّاباً. ذكر المولى شمس الدين الجزري في ' تاريخه ' أنه كان مملوكا للزكي إبراهيم الجزري المعروف بالجبيلي، اشتراه بدمشق ورباه، ثم باعه بألف دينار، فلما صار أميرا وأقطعوه الإسكندرية طلب من الملك الناصر إطلاق أستاذه المذكور، وكان محبوسا بحمص، فأطلقه وأرسله إليه، فبالغ في إكرامه، وخلع عليه، وبعثه إلى الإسكندرية، وأعطاه ألفي دينار. قلت: وكان طائشا، عاملا على السلطنة، وانضاف إليه البحرية كالرشيدي وركن الدين بيبرس البندقداري الذي صار سلطانا. وجرت له أمور ذكرنا منها في الحوادث. وسار مرتين إلى الصعيد فظلم وعسف وقتل وتجبر، وكان يركب في دست أيضا هو دَسْتُ السلطنة ولا يلتفت إلى الملك المعز أيبك ولا يعده، بل يدخل إلى الخزائن ويأخذ ما أراد. ثم إنه تزوج بابنة صاحب حماة، وبُعثت العروس في تجمل زائد، فطلب الفارس أقطايا القلعة من الملك المعز ليسكن فيها وصمم على ذلك، فقالت أم خليل شجر الدر لزوجها المعز: هذا ما يجيء منه خير. فتعاملا على قتله. قال شمس الدين الجزري: فحدثني عز الدين أيبك أحد مماليك الفارس قال: طلع أستاذنا إلى القلعة على عادته ليأخذ أموالا للبحرية، فقال له المُعِزّ: ما بقي في الخزائن شيء فامض بنا إليها لنعرضها. وكان قد رتب له في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 120 طريق الخزانة مملوكه قطز الذي تسلطن ومعه عشرة مماليك في مضيق، فخرجوا على أقطايا فقتلوه وأُغلِقت القلعة. فركبت البحرية ومماليكه وكانوا نحوا من سبعمائة فارس وقصدوا القلعة، فرمى برأسه إليهم فهربوا، وذهب طائفة منهم إلى الشام. وكان قتْلُه في شعبان. - حرف الباء - 56 - بدرة بنت الإمام فخر الدين محمد بن أبي القاسم بن تيمية. أم البدر، زوجة العلامة المفتي مجد الدين أبي البركات بن تيمية. وجده شيخنا أبي العباس. تُوُفّيت قبل زوجها بليلة. وقد روت بالإجازة عن بعض أصحاب أبي علي الحداد. سمع منها: الدمياطي بإجازتها من أبي المكارم اللبان رحمها الله تعالى. 57 - البرهان الموصلي الزاهد. خال التاج ابن عساكر. كان مسنا عالما، كبير الإدراك، صاحب كشف وحال. قدم مصر ونزل في دار القاضي محيي الدين ابن الزكي. مات في ذي القعدة ودُفِن عند صهيب الرومي، رضي الله عنه. 58 - بكْبَرْس بن يَلَنقلح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 121 أبو شجاع التركي، مولى الإمام الناصر لدين الله، ويعرف بنجم الدين الزاهد، وبالحاجي. كان فقيها عارفا بمذهب أبي حنيفة. حدث عن: عبد العزيز بن مينا. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، والقطب بن القسطلاني، ومحمد بن محمد الكنجي. وكان أيضا عارفا بالأصول. قال الدمياطي: كان مقدما على مماليك المستعصم بالله. وتُوُفّي في منتصف صفر. وقال ابن النجار في تراجم إياس: فقيهٌ جليل القدر، مُفْتٍ، له مصنفات. وهو صالح دَيِّن، قرأ الكثير بنفسه على أصحاب أبي الوقت. - حرف الحاء - 59 - الحسن بن عبد القاهر بن الحسن بن عليّ بن القاسم بن المظفَّر بن عليّ. القاضي أبو علي الشهرزوري، شهاب الدين الموصلي. سمع من: يحيى الثقفي، ومن: ابن عمه أبي البركات عبد الرحمن بن محمد، وغيرهما. ووُلّي قضاء الموصل. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وغيرهما. وتُوُفّي في ثالث شعبان وله ثمان وثمانون سنة. وكان يمكنه السماع من أبي الفضل خطيب الموصل فما اتفق له، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 122 60 - الحسين بن بدر الدين بن الحسين. فخر الدين النابلسي، والد الحافظ شرف الدين يوسف وحمد الدين خالد. تُوُفّي بدمشق عن أربع وتسعين سنة. أرخه التاج ابن عساكر. 61 - الحسين بن عليّ بن أبي جعفر محمد بن عدنان بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أبي العلاء المسلّم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عليّ بن أبي جعفر الباقر. الشريف النقيب، أبو علي الهاشمي، العلوي، الحسيني، البغدادي، المعروف بابن المختار. روى عن: أبي منصور عبد الله بن محمد بن حَمُّوَيْه. وولي نقابة العراق. وهو من بيت جلالة وسُؤْدُد. والمختار لقب جدهم عمر. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في رمضان. 62 - حُمَيْد القُرْطُبيّ. هو المحدث البارع، الزاهد القدوة أبو بكر أحمد بن أبي محمد بن الحسين الأنصاري، الأندلسي. ذكره ابن الزبير في ' برنامجه ' فقال: قرأت عليه، وسمع بقراءتي. وروى عن: أبي محمد بن حوط الله، وابن واجب، وأبي زيد بن جميل. وأجاز له: عبد الصمد بن أبي القاسم بن رجاء، ويعيش بن القديم، وأبو
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 123 محمد الزهري، وأبو الفتوح نصر بن الحصري، وخلق. وقلّ من رأيت في الورع مثله. اقتضى نظره الرجلة عن هذه البلاد فرارا بدينه، فتُوُفّي في مصر سنة اثنتين. وكان بارع الخط، حسن الضبط، بديع النظم، رحمه الله تعالى. - حرف الدال - 63 - داود بن شجاع بن لؤلؤ. أبو الفضل البواب، البغدادي. وُلِد سنة خمس وثمانين. وسمع من: ذاكر بن كامل، وابن كُلَيْب، ويحيى بن بوش، وعبد الوهاب ابن سُكَيْنَة، وضياء بن الخريف. روى عنه: ابن الخير، والدمياطي. ومات في شعبان. - حرف الشين - 64 - شُمَيْل بن مُهَلهل بن أبي طالب بن عدنان. أبو الحسن اللخمي، الإسكندراني، المالكي، التاجر. سمع من: أبي القاسم بن مخلوف بن جارة، والحافظ ابن المفضل المقدسي. وبدمشق من: أبي اليُمْن الكندي، وغيره. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في صفر. - حرف العين - 65 - عائشة بنت المحدّث أبي الميمون عبد الوهّاب بن عتيق بن هبة الله بن أبي البركات بن دروان. أم الحسن المصرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 124 سمعها أبوها من: هبة الله البوصيري، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وعبد المجيد بن زهير، وغيرهم. وقد تقدمت أختها خديجة. روى عنها غير واحد من المصريين. وماتت في سادس رمضان. 66 - عبّاس بن بزوان بن طرخان بن بزوان بن أحمد. المحدث المفيد، أبو الفضل الشيباني، الموصلي كمال الدين، نزيل القاهرة. سمع من: الحكيم أبي الحسن بن هبل، ومسمار بن العويس، وأحمد بن سلمان بن الأصفر. ثم عُنِي بالحديث، وسمع الكثير بإربل، وحلب، ودمشق، ومصر. وكان حريصا على الطلب، مُكْثِراً. روى عنه: الدمياطي. ومات في شوال. 67 - عبد الله بن الحسن بن محمد بن عبد الله. المحدث الصالح، المعمر، الهكاري. ولد بنواحي العمادية، من أعمال المَوْصِل ؛ وحدث عن: حنبل ؛ سمع منه شيخنا الدمياطي ' صحيح البخاري ' بإجازته العامة من أبي الوقت، وقال: وُلِد في سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وتُوُفّي بحلب في أواخر العام وله مائة وخمس سنين رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 125 68 - عبد الحميد بن عيسى بن عَمُّوَيْه بن يونس بن خليل. العلامة شمس الدين، أبو محمد الخسروشاهي، التبريزي، لأن خسروشاه قرية بقرب تبريز، المتكلم. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة بخسروشاه، واشتغل بالعقليات على الشيخ فخر الدين الرازي ابن الخطيب. وسمع من: المؤيد الطوسي. وبرع في علم الكلام، وتفنن في العلوم، ودرس وقرأ وأفاد. اشتغل عليه: زين الدين ابن المرحل خطيب دمشق، وغيره. وأقام مدة بالكرك عند صاحبها الملك الناصر، وأخذ عنه أشياء من عِلم الكلام. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. ومات في الخامس والعشرين من شوال، ودُفِن بجبل قاسيون. ذكره ابن أبي أُصَيْبَعَة فقال: تميز في العلوم الحكمية وحرر الأصول
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 126 الطيبة، وأتقن العلوم الشرعية. رثاه العز الضرير بقصيدة لاميّة، وله من الكتب ' مختصر المهذب ' لأبي إسحاق، ' مختصر الشفاء ' لابن سينا، ' تتمة الآيات البينات في المنطق '، وغير ذلك. 69 - عبد الحق بن أحمد بن محمود بن بدل. أبو عبد الرحمن البيلقاني. وُلِد بالمدينة النبوية في سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق في صِغَره، وسمع من: أبي طاهر الخشوعي. وبدمشق تُوُفّي في الثاني والعشرين من شعبان. ذكره الشريف عز الدين. ولم أعرفه بعد. 70 - عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد السّلام بن عبد العزيز. أبو القاسم الأموي، الإسكندراني، الكاتب العدل، المعروف بابن النحوي. تُوُفّي بالقاهرة في شوال وله اثنتان وثمانون سنة. روى عن: عبد الرحمن بن موقا. وتقلب في الخدم، وولي نظر الأحباس بمصر مدة. روى عنه: الدمياطي، وغيره 71 - عبد الرحمن بن الحارث بن محاسن بن مبارك. أبو عبد الله البغدادي، الحربي. روى عن: عبد الله بن أبي المجد الحربي. ومات في رمضان. 72 - عبد الرحمن بن محمد بن رستم. أبو القاسم الموصلي الشيخ برهان الدين الزاهد. وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة بالعمادية، من أعمال الموصل ؛ وحدَّث بدمشق عن: عبد العزيز بن الأخضر. وكان فاضلا في فنون من العلم، منقبضا عن الناس، زاهداً عابداً قانعاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 127 روى عنه: الدمياطي وغيره. ومات في ذي القعدة، رحمه الله تعالى. 73 - عبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة بن عليّ بن رجا. أبو القاسم النامي الإسكندراني، العدل. ثقة، صالح، حدث عن: عبد الرحمن بن موقا. روى عنه: حفيده أبو القاسم عبد الرحمن ابن مخلوف، وأبو محمد الدمياطي. وتُوُفّي في ربيع الآخر. 74 - عبد السّلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد. الإمام، شيخ الإسلام، مجدُ الدين أبو البركات ابن تيمية الحراني، الحنبلي، جد شيخنا تقي الدين. وُلِد في حدود التسعين وخمسمائة، وتفقه في صغره على عمه الخطيب فخر الدين. ورحل إلى بغداد وهو ابن بضع عشرة سنة في صحابة ابن عمه والسيف فسمع من: أبي أحمد عبد الله ابن سُكَيْنَة، وعمر بن طَبَرْزَد، وضياء بن الخُرَيْف، ويوسف بن كامل، وعبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز بن منينا، وأحمد بن الحسين العاقولي، وعبد المولى ابن أبي تمام، ودرة بنت عثمان، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 128 وقرأ القراءآت على عبد الواحد بن سلطان صاحب سبط الخياط. وسمع بحران من: حنبل المكبر، والحافظ عبد القادر، وغير واحد. وروى عنه: أبو محمد الدمياطي، والإمام شهاب الدين عبد الحليم ولده، وأمين الدين عبد الله بن شقير، والزاهد محمد بن عمر بن زناطر، والجمال عبد الغني بن منصور المؤذن، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد بن أحمد بن القزاز، وآخرون. وكان إماما حجة بارعا في الفقه والحديث، وله يد طولى في التفسير، ومعرفة تامة بالأصول، واطّلاع على مذاهب الناس. وله ذكاء مفرط ؛ ولم يكن في زمانه أحد مثله في مذهبه. وله من المصنفات النافعة التي انتشرت في الآفاق ' كالأحكام '، و ' شرح الهداية '، وقد بيض منه رُبْعه الأول ؛ وصنف ' أرجوزة في القراءآت '، وكتابا في ' أصول الفقه '. وحدثني شيخنا تقي الدين قال: كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول: أُلِينَ للشيخ مجد الدين الفقه كما أُلِين لداود الحديد. وحدثني أيضا أن الصاحب محيي الدين يوسف ابن الجوزي اجتمع بالشيخ المجد فانبهر له وقال: هذا ما عندنا ببغداد مثله. ولما حج التمسوا منه أن يقيم ببغداد فامتنع واعتل بالأهل والوطن. قال شيخنا: وكانت في جدنا حدة. وقد قرأ عليه القراءآت غير واحد، منهم الذي كان بحلب فلان القيرواني. وحج سنة إحدى وخمسين. وفيها حج من دمشق الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، فلم يُقْضَ لهما اجتماع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 129 قال شيخنا: وحكى المراغي أنه اجتمع بالشيخ المجد فأورد عليه نُكْتة، فقال المجد: الجواب عنها من ستين وجها، الأول كذا، والثاني كذا، وسردها إلى آخرها. ثم قال للبرهان: قد رضينا منك بإعادة الأجوبة. فخضع وانبهر. قال: وكان الشيخ نجم الدين ابن حمدان مع براعته في المذهب وتوسعه فيه يقول: كنت أطالع على الدّرس وما أبقي ممكنا، فإذا أصبحتُ وحضرتُ عند الشيخ ينقل أشياء كثيرة لم أعرفها ولم أطَّلِع عليها. قال شيخنا: وكان جدنا عجبا في حفظ الأحاديث وسردها وحفظ مذاهب الناس وإيرادها بلا كلفة. وحدثني شيخنا أبو محمد بن تيمية أن جده ربّي بتيماء، وأنه سافر مع ابن عمه إلى العراق ليخدمه ويشتغل وله ثلاث عشرة سنة، فكان يبيت عنده فيسمعه يكرر على مسائل الخلاف فيحفظ المسألة. فقال الفخر إسماعيل: أيْش حفظ هذا التنين، يعني الصبي، فبدر وقال: حفظت يا سيدي الدرس. وعرضه في الحال. فبُهِتَ منه الفخر وقال لابن عمه: هذا يجيء منه شيء، وحرضه على الاشتغال. فشيخه في الخلاف الفخر إسماعيل. وعرض عليه مصنفه ' جنة الناظر '. وكتب له عليه في سنة ست وستمائة: عرض علي الفقيه الإمام العالم أوحد الفضلاء، أو مثل هذه العبارة، وأخرى نحوها، وهو ابن ستة عشر. وشيخه في الفرائض والعربية أبو البقاء العُكْبَرِي، وشيخه في القراءآت عبد الواحد المذكور ؛ وشيخه في الفقه أبو بكر بن غنيمة صاحب ابن المني. وأقام ببغداد ست سنين يشتغل، ثم قدم حران واشتغل بها أيضا على الشيخ الفخر. ثم رحل إلى بغداد سنة بضع عشرة، فازداد بها من العلوم، وصنف التصانيف. تُوُفّي إلى رحمة الله في يوم عيد الفطر بحران. 75 - عبد العزيز بن أبي بكر بن عليّ بن نجا بن أبي القاسم. عز الدين، أبو محمد بن الميلق الإسكندراني، الكاتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 130 سمع بمكة من: أبي الفتوح نصر بن الحصري، وعلي بن البنا. وله شِعْرٌ وأدب. سمع منه: الدمياطي، وغيره. ومات في رجب. 76 - عثمان بن برتقش المعظَّميّ. روى عن: حنبل، وابن طبرزد. ومات في ذي الحجة بدمشق. 77 - عليّ بن أبي نصر بن فاتح بن عبد الله. أبو الحسن البجائي. وأبوه رومي وأسلم. وحج علي، وسمع من يونس الهاشمي بمكة. وسمع: أبا القاسم بن الحرستاني بدمشق، وجماعة. وعاد إلى بجاية. وكان إماما متقنا، زاهدا، خيرا، عدلا. تُوُفّي في جمادى الآخرة. كتب عنه أبو عبد الله الأبار، وعاش ستا وثمانين سنة، وأبو العباس بن الغماز وقال: سمعت عليه بعض ' صحيح مسلم '. 78 - عيسى بن سلامة بن سالم بن ثابت. أبو العزائم، وأبو الفضل الحراني، الخياط، المعمر. وُلِد في آخر شوال سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح أحمد بن أبي الوفا، وحماد الحراني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 131 وأجاز له أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي، وأخوه أحمد، ومحمد بن محمد بن السكن، وأبو بكر عبد الله بن النقور، وأبو محمد بن الخشاب، وأبو علي أحمد بن الرحبي، ويحيى بن ثابت، وسعد الله بن الدجاجي، والمبارك بن محمد البادرائي، وأحمد بن علي بن المعمر العلوي وشهدة، وخديجة بنت النهرواني، وجماعة. وروى الكثير ؛ وقد حدث بدمشق قديماً. روى عنه: شيخنا الدمياطي والجمال عبد الغني المؤذن، ومحمد بن زناطر الزاهد، وأمين الدولة ابن شقير، ومحمد بن درباس الحاكي، والشرف عبد الأحد بن تيمية، وجمال الدين أحمد بن الظاهري، وأحمد بن محمد الدشتي، وطائفة سواهم. وهو من جملة من جاوز المائة. تُوُفّي في أواخر هذه السنة بحران، وكان آخر من روى عن المذكورين بالإجازة سوى شهدة. وخاتم أصحابه قاسم بن الحبشي نزيل حلب. - حرف الفاء - 79 - فَخَروار بن عثمان بن محمد. أبو الفخر الدوني، ثم المصري، الصوفي، تقي الدين الشافعي. وُلِد بالقاهرة قبل السبعين وخمسمائة، وقرأ القراءآت على أبي الجود اللخمي، وسمع من: أبي القاسم البوصيري، والأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير. وحدث. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، والمصريون. وكان موصوفا بالزهد والصلاح. تُوُفّي في صفر. 80 - فَرَجُ بنُ عبد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 132 ناصح الدين، أبو المغيث الحبشي، القرطبي، الخادم، مولى أبي جعفر القرطبي، وعتيق المجد البهنسي. وُلِد سنة بضع وسبعين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي طاهر الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وعبد الرحمن بن سلطان القرشي، وحنبل، وابن طبرزد، ومولاه أبي جعفر. وسمع بحلب من الافتخار الهاشمي، وغيره. وكان شيخا صالحا، عفيفاً، كيِّساً، متيقظاً. سمع وحصّل وروى الكثير. ووقف كتبه على المحدثين. روى عنه: ابن الحلوانية، والكنجي محمد بن محمد، وعبد الغفار المقدسي، والعماد البالسي، والبرهان أبو إسحاق الإسكندراني، وأبو الحسن علي بن الشاطبي، وطائفة سواهم. تُوُفّي في رابع شوال. - حرف القاف - 81 - القاسم بن إبراهيم بن هبة الله بن إسماعيل بن نبهان. القاضي، عماد الدين، أبو القاسم الحموي، الشافعي، المعروف بابن المقنشع، قاضي حماة. ترسل عن صاحب حماة، مرارا، ودخل الديار المصرية، وولي القضاء بها. ودرّس بحماة بالنورية، وبحلب بالأسدية. ورجع من مصر فأدركه أجله بدمشق بالمدرسة الزنجيلية. ودُفِن بسفح جبل قاسيون في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 133
- حرف الميم - 82 - محمد بن أحمد بن خليل بن إسماعيل. القاضي أبو الخطاب السكوني، الأندلسي، الكاتب. من شيوخ ابن الزبير. ذكره فقال: كان روضة معارف، متقدما في الكتابة والعلوم الأدبية، لم ألق مثله، يخطب على البديه، ويكتب من غير تكلف. قُيِّد عنه من كلامه عند السلاطين بإشبيلية وغيرها. وكان مشاركا في العلوم، وقد كثر انتفاعي به. وكان عالي الرواية، ثبتا، وله معرفة بالرجال. لازمته سنين. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وأبو القاسم السهيلي، والحافظ السلفي، فكان آخر من حدث عنه بتلك الديار عنه. وسمع من: أبي الحكم بن حجاج، وأبي العباس بن مقدام. وكان من الأسخياء الأجواد، وهذا طُرفة في المغاربة. 83 - محمد بن الحسين بن الزَّمّال. أبو عبد الله الجياني. سمع بمكة من: يونس بن يحيى الهاشمي، وغيره. وحدث بالإسكندرية. ومات في جمادى الآخرة. 84 - محمد بن خطلج. الدمشقي البزاز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 134 روى عن: حنبل. ومات في ذي القعدة. من شيوخ الدمياطي. 85 - محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن. الشيخ كمال الدين، أبو سالم القرشي، العدوي، النصيبي، الشافعي، المفتي. وُلِد بالعمرية، من قرى نصيبين، سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وتفقه، وبرع في المذهب. وسمع بنيسابور من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. وحدث بحلب، ودمشق. وكان صدرا معظما، محتشما، عارفا بالمذهب والأصول والخلاف. ترسل عن الملوك، وولي الوزارة بدمشق يومين ثم تركها، وتزهد وخرج عن ملبوسه، وانكمش عن الناس. وكان ذهابه إلى خراسان في طلب العلم، وناظر بها. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، ومجد الدين ابن العديم، وجمال الدين ابن الجوخي، وشهاب الدين الكفري المقرئ، وجماعة. وفي سنة ثمان وأربعين قال التاج ابن عساكر: خرج ابن طلحة عن جميع ما له من موجود ومماليك ودواب وملبوس، ولبس ثوبا قطنيا وتخفيفة. وكان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 135 يسكن الأمينية فخرج منها واختفى، ولم يُعْلم بمكانه. وسبب ذلك أن الناصر عينه للوزارة وكتب تقليده، فكتب هو إلى الناصر يعتذر. قلت: وقد دخل في شيء من الهذيان والضلال، وعمل دائرة وادعى أنه يستخرج منها علم الغيب وعلم الساعة، نسأل الله السلامة في الدين. ولعله إن شاء الله رجع عن ذلك. تُوُفّي في السابع والعشرين من رجب بحلب، وقد جاوز السبعين. 86 - محمد بن عليّ بن بقاء. أبو البقاء ابن السباك البغدادي. سمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السعادات القزاز، وذاكر بن كامل، ويحيى بن بوش، وابن كليب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 136 وروى الكثير. روى عنه: ابن القسطلاني، والدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وغيرهم. وأجاز الجماعة. وتُوُفّي في السابع والعشرين من شعبان، رحمه الله. 87 - محمد بن محمد بن هبة الله بن عبد الصّمد بن الحسين بن أحمد بن تميم. الرئيس جمال الدين، أبو حامد التميمي، الدمشقي، الكاتب العدل. وُلِد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وحدث عن: ابن طاهر الخشوعي. روى عنه: مجد الدين ابن الحلوانية، والدمياطي، والكنجي، وجماعة. وتُوُفّي في الرابع والعشرين من رجب بدمشق، ودُفن بتربتهم بسفح قاسيون. 88 - محمد بن أبي المعالي هبة الله بن الحسين بن هبة الله بن الدّواميّ. أبو الحسن البغدادي. وُلِد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وكان ظريفا نديما، صاحب نوادر وسرعة فهم، لا تمل مجالسته، مع وقار وأدب. وله نظم رائق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 137 وحدث عن: أبي الفرج بن كليب. روى عنه: الدمياطي، وغيره. تُوُفّي في شهر رمضان. وأبوه راو عن تجني الوهبانية. 89 - مقلّد بن أحمد بن الخُرْداذيّ. تاجر كبير متمول، ورث عن أبيه أموالا جزيلة. فمات أبوه أحمد في هذه السنة. وكان له مداخلة للمغول، وتحدث مع القان في الصلح مع أمير المؤمنين. ثم قدم مع رسول القان. ومن أعجب شيء أن ولده مقلدا هذا كتب كتابه على بنت عمه على صداق مبلغه مائة ألف دينار. وهذا ما لم يُسمع بمثله قط إلا لخليفة أو نحوه. 90 - مكّيّ بن أبي الغنائم المُسَلَّم بن مكّيّ بن خَلَف بن المسلَّم بن أحمد بن محمد بن حصن بن صَقْر بن عبد الواحد بن عليّ بن عُلاّن. العدل المسند، سديد الدّين، أبو محمد القيسي، الدمشقي، الطيبي، أسند من بقي بالشام في زمانه. وُلِد في أول رجب سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وتفرد في الدنيا بالرواية عن: أبي القاسم بن عساكر، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وأبي المعالي ابن خلدون. وروي أيضا عن: أبي المجد بن البانياسي. وأجاز له: أبو طاهر السلفي، ومحمد بن علي الرحبي، المصري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 138 روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الظاهري، وزين الدين الفارقي، وسبطاه، وأمين الدين سالم بن صصرى، وأخته أسماء، وأمها، والعماد بن البالسي، وأخوه عبد الله، وطلحة القرشي، ومحيي الدين يحيى بن أحمد المقدسي، وتاج الدين أحمد بن مرير الحموي، وإسماعيل وعبد الله إبنا ابن أبي التائب، والشرف عبد الله بن الشرف الحنبلي، وخلق سواهم. وكان شيخا حسنا، متوددا، صحيح السماع، من بيت رواية وتقدم ورئاسة. وهو أخو سعيد ومحمد، وقد سمعا أيضا من الحافظ ابن عساكر. تُوُفّي في العشرين من صفر بدمشق. - حرف النون - 91 - ناصر بن ناهض بن أحمد بن محمد. الأديب أبو الفتوح اللخمي المصري، المعروف بالأديب الحصري. شاعر محسن مشهور. كتبوا عنه من نظمه. وكان يذكر أنه سمع من السلفي، وأنه وُلِد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة تقديراً. أنبأنا أبو حامد بن الصابوني أن الأديب أبا الفتوح الحصري أخبره وأنشده لنفسه. وقد أجازه رئيس قمحا رديئا فقال: (يُباع شِعْرِي بلا نقدٍ لمنتقد .......... إلاّ بقمح خفيف الرُّوح والجسدِ)
(قمح إذا رَمَقَتْه العين تؤلمه .......... وهما فيقتصّ منها السُّوس بالرَّمَدِ)
(ما ذاك إلاّ لأحقاب له سَلَفَتْ .......... وآدمٌ لم يكن في الخُلْد في خَلدِ)
(فأسودُ مثلُ حظّي في عيونِهِمُ .......... وفارغ مثل آمالي بهم ويدي)
(إذا أخبرناه أبدى فوق صفحَته .......... حزناً على موت أهل الشِّعر بالكمدِ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 139 تُوُفّي في سادس عشر ذي القعدة. 92 - نصر الله بن القاضي عليّ بن عبد الرّشيد بن عليّ بن نبهان. القاضي فخر الدين أبو منصور الهمداني. ولد بهمدان سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وقدم مع أبيه صغيرا إلى بغداد، فسمع حضورا من: عبد المنعم بن كُلَيْب، والمبارك بن المغطرس. سمع منه ومن: عبد الله بن أبي المجد الحربي، وجماعة. وتفقه وأحكم المذهب، وولي القضاء بالجانب الغربي وحدث. روى عنه: الدمياطي، ومحمد الكنجي، وغيرهما. تُوُفّي في نصف شعبان. أجاز لزينب خالة المحب، وللنجدي، والتقي ابن العز، وطائفة. 93 - نصر الله بن محمد بن إلياس بن عبد الرحمن بن عليّ بن أحمد بن فارس. الأجل، جمال الدين، أبو الفتح بن أبي بكر الأنصاري، الدمشقي، الكاتب المعروف بابن الشيرجي، أخو نجم الدين المظفر. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وحنبل، وجماعة. وتفقه واشتغل وحصل. روى عنه: زين الدين الفارقي، وشرف الدين عبد المؤمن، وأبو علي بن الخلال، والعماد ابن البالسي. تُوُفّي في صفر. 94 - نصر بن موسى بن عيّاش بن عبد الله. أبو الفتح المصري، الحوفي الحنبلي. قدم دمشق في صباه فسمع من: حنبل، وابن طبرزد، وجماعة. وجده عياش بشين معجمه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 140 روى عنه: الدمياطي ومحمد الكنجي في معجميهما. وتُوُفّي في سادس عشر رمضان وقد شاخ وجاوز التسعين. 95 - النُّصْرَة أبو الفتح، ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي. تُوُفّي بحلب وقد قارب السبعين أو جاوزها. - حرف الياء - 96 - يحيى بن محمد بن موسى. التجيبي، التلمساني. حج وجاور، وسمع بمكة من: أبي الحسن بن البناء. وسكن الإسكندرية، وجلس للوعظ في مسجده. وصنف في التفسير والرقائق. وتُوُفّي رحمه الله تعالى في تاسع شوال. 97 - يوسف بن عبد الكافي بن عبد الوهّاب بن رفاعة. عماد الدين، أبو الحجاج الإسكندراني، المحتسب المعروف بابن الكهف. روى عن: أبي رَوْح المطهر بن بكر البيهقي. ومات في شعبان. 98 - يوسف بن عليّ بن الحسن بن شروان. أبو المظفر البغدادي، المقرئ. سمع: ذاكر بن كامل، وابن كليب، وابن بوش، وغيرهم. وعنه: الدمياطي، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 141 وكان شيخا صالحا، خيرا. تُوُفّي في سابع جمادى الآخرة. * * * وفيها وُلِد: بدر الدين محمد بن منصور الحلبي ابن الجوهري، في صفر ؛ ونظام الدين حسن بن مؤيد الدين أسعد بن القلانسي ؛ وناصر الدين أبو بكر بن عمران بن السلار ؛ والشمس محمد بن الفخر عليّ بن البخاري المقدسي ؛ والشمس محمد بن بلبان الجوزي القطان ؛ والكمال محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عثمان بن القواس ؛ والمخلص عبد الواحد بن عبد الحميد بن هلال الأزدي ؛ وعلاء الدين علي بن يحيى بن تمام بن الجميزي ؛ وأبو العباس أحمد بن يوسف بن موسى التلي المصري، الشافعي ؛ وأبو الحسن علي بن إسماعيل بن قريش المخزومي، المصري ؛ ومحمد بن إبراهيم بن سلامة القرشي، سمعا من النجيب الحراني ؛ ومحمد بن المحدث أبي الحسن بن عبد العظيم الحصني، روى عن الرشيد ؛ والشمس يوسف بن محمد الكردي، سبط ابن أبي اليسر ؛ والحاج أحمد بن حمود الحراني بها يوم عاشوراء ؛ وأحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر، وُلِد بجماعيل ؛ وشهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن حرز الله ؛ والمجاهد سلمان بن لاحق الصرخدي المؤذين بدمشق ؛ والقاضي جلال الدين أحمد بن حسن، بالروم ؛ ومحمد بن كندي بن عمر بن كندي ؛ وعبد العزيز بن عبد الحق بن شعبان الصالحي ؛
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 142
سنة ثلاث وخمسين وستمائة
- حرف الألف - 99 - أحمد بن عطاء بن حسن بن عطاء بن جُبَيْر بن جابر. أبو العباس الأذرعي، الصحراوي. فلاح الفاتكية. روى عن: عمر بن طبرزد. وكتب عنه: الزين الأبيوردي، والدمياطي، وغيرهما. وتُوُفّي في ذي القعدة عن سبعين سنة، ودفن بجبل الصالحية. وهو والد الصاحب شهاب الدين الحنفي، ووالد شيخنا أبي محمد الحسن بن أحمد الشروطي الذي روى لنا عن ابن الزبيدي. وكان حاجا صدوقا، تزوج الدمياطي بعده بامرأته أم شهاب الدين. 100 - أحمد بن الكمال عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد. الفقيه كمال الدين المقدسي، أخو شمس الدين. كتب أكثر تصانيف عمه الضياء، وقرأ عليه الكثير. وسمع من جماعة كأخيه. وروى اليسير لأنه مات قبل أوان الرواية، رحمه الله. تُوُفّي في ثامن جمادى الآخرة بالبقاع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 143 وهو والد الضياء محمد، وزينب. 101 - إسماعيل بن حامد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن المُرْجّا بن المؤمّل بن محمد بن عليّ بن إبراهيم بن يعيش. الأجل الرئيس، الفقيه شهاب الدين، أبو المحامد، وأبو الطاهر، وأبو العرب الأنصاري، الخزرجي، القوصي، الشافعي، وكيل بيت المال بالشام. وُلِد في المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة بقوص. وقدم القاهرة في سنة تسعين فلم يطول بها. وقدم الشام سنة إحدى وتسعين فاستوطنها. وقد سمع بقوص كتاب ' التيسير ' على أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن إقبال المريني، وقرأ عليه القرآن. وذكر أنه وُلِد بالمرية سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وأنه تلميذ أبي عمرو الخضر بن عبد الرحمن القيسي المقرئ. قلت: ومولد الخضر في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، وكان يروي عن أبي داود وأبي الحسن بن شفيع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 144 وقال القوصي: قدمت مصر بعد موت الشاطبي بأشهر، فلم أسمع من القاضي الفاضل غير بيتين. وسمعت من إسماعيل بن صالح بن ياسين مقطعات، ومن أبي عبد الله الأرتاحي، وغيرهما. وسمع بالمرية من الفقيه عليّ بن خلف بن معزوز التلمساني. وسمع بقوص سنة تسع وثمانين من الحافظ ابن المفضل لما حج. وسمع بدمشق من الخشوعي فأكثر، ومن: القاسم بن عساكر، والعماد الكاتب، وأحمد بن جيوش الغنوي، وأحمد بن ترمش، وأحمد بن الزنف، وأبي جعفر القرطبي، وأسماء بنت الران، وأختها آمنة، وابنها القاضي محيي الدين محمد بن الزكي، وعبد اللطيف ابن أبي سعد، ومحمود بن أسد، ومنصور بن علي الطبري، وعبد الملك بن ياسين الدولعي، وحنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن سيدهم الهراس، ومحمد بن الخصيب، وخلق كثير. وعُني بالرواية، وأكثر من المسموعات. وخرج لنفسه ' معجما ' هائلا في أربع مجلدات ضخام ما قصر فيه، وفيه غلط كثير مع ذلك وأوهام وعجائب. وكان فقيها فاضلا، مدرّسا، أديبا، إخباريا، حفظة للأشعار، فصيحا مفوها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 145 اتصل بالصاحب صفي الدين ابن شكر، وقال في ترجمته: هو الذي كان السبب فيما وليته وأوليته في الدولة الأيوبية من الأنعام، وهو الذي أنشأني وأنساني الأوطان. قلت: سيره ابن شُكْر رسولا عن الملك العادل إلى البلاد، وولي وكالة بيت المال، وتقدم عند الملوك. ودرَّس بحلقته بجامع دمشق التي الآن مدرّسها الشيخ علاء الدين ابن العطار. وكان يلازم لبْس الطيلسان المحنك والبزة الجميلة والبغلة. وقد مدحه جماعة من الأدباء وأخذوا جوائزه. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، والكنجي، والزين الأبيوردي، والبدر بن الخلال، والرشيد الرقي، والعماد ابن البالسي، والشمس محمد بن لزراد، وخلْق. وتُوُفّي في سابع ربيع الأول. 102 - أمَة اللّطيف بنت النّاصح عبد الرحمن الحنبليّ. العالمة. خدمت أخت العادل ربيعة خاتون زوجة صاحب اربل مدة وأحبتها، وحصل لها من جهتها أموال عظيمة، ولاقت بعدها شدائد وحبسا ومصادرة، وحبست بقلعة دمشق نحو ثلاث سنين، ثم أطلقت وتزوجت الأشرف ابن صاحب حمص، وسافر بها إلى الرحبة وتل باشر، وماتت سنة ثلاث وخمسين وستمائة غريبة. وظهر لها بدمشق من الأموال والذخائر واليواقيت ما يساوي ستمائة ألف درهم غير الأوقاف والأملاك. وكانت فاضلة صالحة عفيفة، لها تصانيف ومجموعات. ترجمها ابن الجوزي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 146 103 - أياس بن عبد الله بن عتيق. القاضي أبو منصور المظفر بن عبد القاهر الشهرزوري أبو الخير، الموصلي الدار. سمع من خطيب الموصل سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة أحاديث نسطور الموضوعة. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. قال الشرقية عز الدين: تُوُفّي في هذه السنة. - حرف التاء - 104 - التاج الأُرْمَويّ محمد بن الحسن. الشافعي، مدرّس الشافعية ببغداد. تُوُفّي عن نيِّفٍ وثمانين سنة. وكان قد صحب فخر الدين الرازي، وبرع في العقليات. وله جاه وحشمة بوجود إقبال الشرابي. وله عدة مماليك تُرْك ملاح وسراري. وفيه تواضع ورئاسة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 147
- حرف الحاء - 105 - الحسين بن عمر بن طاهر. الفقيه، نور الدين أبو عبد الله الفارسي، إمام الحنفية بمحراب المدرسة الصالحية بالقاهرية. سمع من: حماد الحراني. وكان شيخا حسنا عفيفا فاضلا، له معرفة تامة بالطب. تُوُفّي في المحرم بالقاهرة. 106 - حليمة بنت عليّ بن أبي بكر بن محمد بن جمال الإسلام أبي الحسن عليّ بن المسلَّم السُّلَمي. أم الخير الدمشقية. روت عن: الخشوعي. روى عنها: أبو محمد الدمياطي، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد العلوي الغرافي. تُوُفّيت في ثالث شوال. - حرف الخاء - 107 - الخضِر بن محمد بن أبي بكر بن الخضِر بن إبراهيم بن أحمد. أبو العباس الهكاري، الأموي، العتبي. من ولد الوليد بن عتبة بن أبي سفيان. وُلِد بمصر في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 148 وسمع بدمشق من الخشوعي. وحدث. وتُوُفّي في نصف شعبان. - حرف الراء - 108 - رَيْحان الطُّوَاشيّ. شهاب الدين الحبشي، خادم بني سكينة. حدث عن: أبي محمد بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. - حرف السين - 109 - سعيد بن مُدرك بن عليّ بن محمد بن عبد الله بن سليمان. أبو المشكور التنوخي، المعري. وُلِد بالمعرة سنة ست وسبعين وخمسمائة، وقدم دمشق وحمل عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو العباس بن الظاهري، وأخوه إبراهيم. ومات في المحرم. وهو أخو القاضي أحمد. 110 - سيف الدّين القَيْمُريّ. صاحب المارستان الذي بجبل قاسيون. يقال إنه ابن صاحب قيمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 149 كان أميراً كبيراً، محتشما، بطلا، شجاعا من الأبطال المذكورين بالفروسية. وكان كريما جوادا. بنى له تربة كبيرة بقبة، وهي أقرب شيء إلى المارستان. تُوُفّي رحمه الله بنابلس، وحمل فدفن بتربته. - حرف الشين - 111 - شبليّ بن الجُنَيْد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خَلِّكان. القاضي العالم، أبو بكر الزرزاري الإربلي، الشافعي. وُلِد بإربل في سنة ست وسبعين وخمسمائة. وروى بالإجازة عن: يحيى بن بوش، وابن كليب. وولي القضاء ببلد إخميم، وبهامات. - حرف الصاد - 112 - صقر بن يحيى بن سالم بن يحيى بن عيسى بن صقر. الإمام، المفتي، المعمر، ضياء الدين، أبو المظفر، وأبو محمد الكلبي، الشافعي. وُلِد سنة تسع وخمسين ظنا. وتفقه في المذهب وجوده. وسمع من: يحيى بن محمود الثقفي، والخشوعي، وحنبل، وابن طبرزد. ودرّس مدة بحلب، وأفتى وأفاد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 150 روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وأخوه أبو إسحاق إبراهيم، وسنقر القضائي، وتاج الدين الجعبري، وبدر الدين محمد بن النوري، والكمال إسحاق، والعفيف إسحاق، وجماعة سواهم. وكان موصوفا بالديانة والعلم. أضر بأخرة. وتُوُفّي في سابع عشر صفر. وتأخر من أصحابه راو إلى سنة ثلاثين وسبعمائة. - حرف العين - 113 - عبد الرحمن بن أبي العزّ بن شواش بن عامر بن حميد. أبو القاسم القيسي، البعلبكي، ثم الميماسي، الإسكندراني، البرجي، الناسخ. سمع من: عبد الرحمن بن موقا. والبرج من ثغر الإسكندرية على البحر. روى عنه: الدمياطي. 114 - عبد العزيز بن عبد المجيد بن سلطان بن أحمد. الفقيه، برهان الدين، أبو محمد المصري، الشافعي. عرف بابن قراقيش. وُلِد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: عشير بن علي الجيلي، والعماد الكاتب. وولي قضاء الجيزة وعقود الأنكحة بمصر. وكان إماما متقنا، مفتيا. روى عنه: أبو محمد بن خلف الحافظ. ومات في ربيع الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 151 115 - عبد الكريم بن عبد القادر بن أبي الحسن بن عبد الباري. أبو محمد الأنصاري، المصري، الشافعي، القصار. حدث عن البوصيري، وطال عمره. وتُوُفّي في ثاني عشر ربيع الآخر عن إحدى وتسعين سنة. كتبوا عنه. 116 - عثمان بن رسلان بن فتيان بن كامل. أبو عمرو الأنصاري، البعلبكي، ثم الدمشقي التاجر، الحنبلي. سمع من: عبد الرحمن بن علي الخراقي، والخشوعي. وحدث بدمشق، ومصر. روى عنه: الدمياطي، وإبراهيم بن علي بن الحبوبي. وتُوُفّي في رمضان عن ثلاث وسبعين سنة 117 - عثمان بن نصر الله بن محمد بن محفوظ بن الحسن بن صَصْرى. فخر الدين، أبو عمرو التغلبي، تغلب بن وائل، الدمشقي. من بيت مشهور. روى عن: أبي اليمن الكندي، وغيره. وسمع من: عبد الكريم بن شجاع القيسي. كتب عنه القدماء. ومات في ثالث ذي الحجة، وهو أخو عمر. 118 - عليّ بن معالي بن أبي عبد الله بن غانم. أبو الحسن الرصافي، المقرئ على ترب الخلفاء بالرصافة. وُلِد سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: ذاكر بن كامل، وطاعن الزبيري، ويحيى بن بوش، وابن كليب، فمن بعدهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 152 وعُنِي بالحديث وأكثر عن أصحاب ابن الحصين والقاضي أبي بكر. وكان يرجع إلى دين وورع وخير. وله أصول حسان. روى عنه: المحب عبد الله، والقطب القسطلاني، والدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وآخرون. وأجاز لجماعة من الكهول الأحياء. وتُوُفّي، رحمه الله، في ذي الحجة، وقيل في شوال. - حرف الميم - 119 - محمد بن أحمد بن حِصْن. الصالحي، العطار. روى عن: ابن طبرزد. حدث عنه: الدمياطي، وغيره. وتُوُفّي في هذه السنة. 120 - محمَّد بن الأمير خاصّ بك بن بزغش. الأجلّ، أبو عبد الله الشوباشي، المصري. وُلِد سنة أربع وسبعين، وسمع من: أبي الطاهر محمد بن بنان، وأبي الفضل الغزنوي، وجماعة. روى عنه: الشريف عز الدين، وغيره. وكان أبوه والي القاهرة مدة، تولاها هذا بعد أبيه قليلا وعزل. روى عنه عليّ بن عمر الواني سنة ثمان شعرة وسبعمائة جزء ' مسند صهيب ' للزعفراني. مات في ذي الحجة. وحدث عنه الدمياطي بحديث رواه عن يوسف بن الطفيل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 153 121 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مزيل بن نصر. أبو عبد الله القرشي المخزومي، المصري. روى عن: قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي نزار ربيعة اليمني. ومات في جمادى الأولى. 122 - محمد بن المحدَّث أبي صادق عبد الحقّ بن هبة الله بن ظافر بن حمزة. أبو الفتح القضاعي، المصري، المؤذن الصوفي، المعروف بالزنبوري. وُلِد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع بإفادة أبيه من: البوصيري، والقاسم بن عساكر، وإسماعيل بن ياسين، وعبد الخالق بن فيروز، والعماد الكاتب، وأبي الحسن بن نجا الواعظ، وجماعة. وطلب بنفسه وأكثر وأفاد، خرج للشيوخ. روى عنه: الدمياطي، والتقي الإسعردي، والطلبة. وكان يقيم بمسجد زنبور فلهذا قيل له الزنبوري. تُوُفّي في منتصف ربيع الآخر، وآخر من حدث عنه يوسف الختني. 123 - محمد بن أبي المعالي عبد العزيز بن الواعظ أبي الحسن عليّ بن هبة الله بن خلدون. العدل، أبو عبد الله الدمشقي، الشافعي. روى عن: حنبل، وابن طبرزد. تُوُفّي في شوال. 124 - محمد بن محمد بن محمد بن عثمان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 154 النظام، أبو عبد الله البلخي، ثم البغدادي، الحنفي، نزيل حلب. وُلِد ببغداد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وسافر إلى خراسان فتفقه بها. وسمع من: المؤيد الطوسي، ومحمد بن عبد الرحيم الفامي، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وولده عبد الوهاب بن البلخي، وتاج الدين صالح الجعبري، وبدر الدين محمد بن التوزي، وغيرهم. وحدث ' بصحيح مسلم ' عن المؤيد. وكان فقيها بارعا، مفتيا، بصيرا بالمذهب. دخل بخارى، وسمرقند، وسمع من: أبي بكر عمر بن أبي الفتح البخاري، ومحمد بن أحمد ابن أبي الخطاب السمرقندي. وسمع بخوارزم من: عبد الجليل بن إسماعيل. وبالري من: مسعود بن موجود الحنفي، وبحلب من: أبي عبد الله بن الزبيدي. ذكره الشريف في ' الوفيات '، وقال: تُوُفّي رحمه الله ليلة التاسع العشرين من جمادى الآخرة. 125 - محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن عبد الله. الأجلّ، نجم الدين، أبو المكارم ابن الأستاذ الأسدي، الحلبي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وحدث عن ابن طبرزد ' بالغيلانيّات '. وكان أديبا فاضلاً شاعراً. روى عنه: الدمياطي، وغيره. تُوُفّي في الخامس والعشرين من شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 155 126 - محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خَلَف. نور الدين، أبو عبد الله بن النور البلخي، ثم الدمشقي، المقرئ بالألحان. وُلِد بدمشق في سنة سبع وخمسين. وسمع في القاهرة من: التاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، والقاسم بن عساكر. وسمع بالإسكندرية في حياة السلفي من المطهر بن خلف الشحامي جزءا في ذي القعدة سنة خمس وسبعين عن وجيه الشحامي، وغيره. وسمع بالقاهرة بخانقاه سعيد السعداء في سنة 77 من منصور بن طاهر الدمشقي ' أربعي ' ابن ودعان الموضوعة، حدثه بها عن ابن المؤمل، عنه. وسمع بدمشق من: حنبل الرصافي، وأبي القاسم بن الحرستاني. واجتمع بأبي طاهر السلفي وأجاز له مروياته، وذكر أنه سمع منه. وهو صدوق مقبول القول، لكن لم يوجد له عنه شيء. وروى عنه الكثير بالإجازة. وخرج له جمال الدين محمد بن الصابوني جزءا من مشايخه. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وأخوه إبراهيم، وجوزه مولاه البلخي، والشمس ابن الزراد، والمحيي ابن المقدسي إمام المشهد، والبدر محمد بن التوزي، والعماد محمد بن البالسي، والجمال علي بن الشاطبي، وآخرون. وروى عنه الحافظ عبد العظيم مع تقدمه. تُوُفّي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر، وله ست وتسعون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 156 قال أبو محمد الدمياطي: كان صالحا قديم السماع، وُلِد بدرب العجم. 127 - محمد بن يوسف بن أحمد. المحدث العالِم، أبو عبد الله الهاشمي، المالقي، المشهور بالطنجالي. حمل عنه أبو جعفر بن الزبير، وسمع بقراءته كثيرا على أبي الحسن الشاري. وله إجازة من أبي الخطاب بن واجب، وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الغرناطي ابن صاحب الأحكام. وكان رفيقا في الطلب لحُمَيّد القرطبي. قال ابن الزبير: كانا على سمت متقارب وصلاح تام وورع وزهد. مات الطنجالي في صفر سنة ثلاث. ومات حُمَيْد قبله بعام، رحمهما الله تعالى. 128 - المبارك بن مَزْيَد. البغدادي، الخواص. سمع ابن شاتيل. وتفرد بأجزاء. آخر من روى عنه بالإجازة أحمد الجزري. 129 - المبارك الحَبَشيّ. عتيق علي بن منصور الدمياطي الخراط. حدث بمصر عن: عبد المنعم بن كليب، وسماعه منه بقراءة ابن معتقه عبد السلام بن علي في سنة أربع وتسعين. روى عنه: الدمياطي، والمصريون. تُوُفّي في الخامس والعشرين من رجب، وقد جاوز التسعين. 130 - المُرْتَضَى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 157 الشريف، أبو الفتوح، عز الدين بن أبي طالب أحمد بن محمد بن جعفر بن زيد بن جعفر بن أبي إبراهيم محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر العلوي، الحسيني، الإسحاقي، الحلبي، نقيب الأشراف بحلب. وُلِد سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: النسابة أبي علي محمد بن أسعد الجواني، والافتخار الهاشمي، وأبي محمد بن علوان. وأجاز له يحيى الثقفي. وحدث بدمشق وحلب. وكان صدرا رئيسا وافر الحرمة. وهو الذي شَهَّر ابن العود على حمار بحلب لما سبّ الصحابة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وروى عنه بالثغر: البرهان الغرافي. تُوُفّي فجأة في شوال بحلب. 131 - مسلّم بن بركات بن المسلّم. أبو البركات الحراني، المعروف بابن الرزيز الشروطي الشاهد. سمع من: أبي ياسر عبد الوهاب بن أبي حبة، وغيره. وسمع منه جماعة. وروى عن أبي موسى المديني بالإجازة. روى عنه: الدمياطي، وست النعم بنت نجم الدين ابن حمدان. 132 - مظفَّر بن محمود بن أحمد بن عساكر. أبو غالب الدمشقي، والد الحكيم بهاء الدين القاسم. حدّث عن: أبي القاسم الحرستاني. ومات كهلا في يوم عَرَفَة بعَرَفَة. وتوفيت زوجته بعده وهي بنت أبي الخوف، ودُفِنَا بمقبرة مكة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 158
- حرف الياء - 133 - ياقوت. مولى سلام بن عبد الوهاب بن سلام ؛ أبو الدر الأرمني الدمشقي. سمع بالقاهرة مع مولاه من أبي يعقوب بن الطفيل. وحدَّث بدمشق. 134 - يوسف بن محمد بن إبراهيم. أبو الحجاج الأنصاري البياسي، الأديب. كان علامة إخباريا، لغويا بارعا في العربية وضروبها. وكان يحفظ ' الحماسة ' و ' ديوان أبي تمّام ' و ' ديوان المتنبّي ' و ' ديوان سقط الزّنْد ' للمعري، و ' السّبْع المعلّقات '. وله ' تاريخ على الحوادث ' في مجلدتين سماه ' كتاب الإعلام بالحروب الواقعة في صدر الإسلام ' إلى أيام الرشيد، وكتاب صنفه في مجلدتين قليل المثل سماه ' الحماسة ' صنفه بتونس وجوده، ونقل فيه أشعاراً فائقة، فمن ذلك قول الوأواء: (بالله بالله عوجاً لي على سَكَني .......... وعاتباه لعلّ العتْب يعطفُه)
(وعرّضا بي وقُولا في حديثكما .......... ما بال عبدك بالهجران تَبْلغُه)
(فإنْ تبسّم قولا في مُلاطفةٍ .......... ما ضرّ لو بوِصالٍ منكِ تُسعفُه)
(وإنْ بدا لكما من مالكي غضب .......... فغالِطاهُ وقُولا ليس نَعرفُه)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 159 تُوُفّي البياسي بتونس في ذي القعدة، وقد جاوز الثمانين بيسير. وبياسة من الأندلس. 135 - يوسف بن أبي الحسن بن بركات. أبو العز الموصلي المعروف بابن الأعرج. تُوُفّي بسنجار في رمضان. يروي عن: عبد الله بن أبي المجد الحربي. الكنى 136 - أبو بكر بن يوسف بن أبي الفَرَج بن يوسف بن هلال. المحدث المقرئ، ناصح الدين الحراني، الحنبلي المعروف بابن الزراد. وُلِد بحران سنة أربع عشرة وستمائة تقديرا، وقرأ القراءآت، وتفقه. وسمع بدمشق من: أبي عمرو بن الصلاح، وأبي الحسن السخاوي ؛ وبحلب من: ابن خليل، وابن رواحة، والطبقة. وأخذ القراءآت عن: الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وغيره. وكتب الكثير، وخطه معروف، وكان ديّناً فاضلا. روى عنه الدمياطي في ' معجمه '، وكان رفيقه في الطلب. تُوُفّي بحلب في التاسع والعشرين من جمادى الأولى. 137 - أبو بكر بن أبي الفوارس ابن الأمير عَضُد الدوّلة مُرْهف ابن الأمير مؤيّد الدولة أسامة بن منُقذ الكِنانيّ، الكلبيّ. حسام الدين. من بيت الإمرة والفضيلة. وُلِد بالقاهرة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ومات في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 160 روى عن: جده العضد من شِعره. 138 - أبو محمد بن عليّ بن عبد الرحمن. الخطيب مجدُ الدين الإخميمي، خطيب جامع مصر. صحب أبا الحسن مرتضى بن أبي الجود، وأبا العباس بن القسطلاني. وكان صالحا، عالما، مشهورا بالديانة، وله القبول التام من الناس. وكان حسن السمت، كريم الأخلاق، ساعيا في حوائج الناس، تام المروءة، كثير النفع للمسلمين، وقبره يُزار بالقرافة، رحمه الله. تُوُفّي في ذي القعدة. 139 - الأمين أبو سعد التفليسي. التاجر. أحد المتمولين. تُوُفّي غريباً بعكا. وكان قد استفك بها خمسين أسيرا فجاءوا حول تابوته إلى دمشق. ودُفِن بتربته بالجبل. * * * وفيها وُلد: العلامة كمال الدين أحمد بن الشيخ جمال الدين أبي بكر محمد بن أحمد البكري، الشريشي في رمضان بسنجار ؛ والقاضي شمس الدين محمد بن عثمان الحريري في صفر ؛ والقاضي إمام الدين عمر بن عبد الرحمن بن عمر القزويني بتبريز ؛ وشرف الدين أحمد بن فخر الدين سليمان بن عماد الدين ابن الشيرجي ؛ وتقي الدين أبو بكر بن شرف الصالحي الصوفي ؛ وأبو العباس أحمد بن المحب عبد الله بن أحمد في ربيع الأول ؛
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 161 وأبو المجد عبد السّلام بن عبد العزيز بن الشّيخ مجد الدّين ابن تيمية بحران ؛ وأبو الهدى أحمد بن الشيخ شهاب الدين أبي شامة ؛ وبهاء الدين علي بن عز الدين عيسى بن الشيرجي ؛ وإبراهيم بن الشمس إبراهيم بن أبي بكر الجزري ثم الدمشقي التاجر، ابن الفاشوشة ؛ والتاج فايد الكاتب ؛ والأمين أحمد بن محمد بن تاج الدين علي بن القسطلاني، بمصر ؛ ومحمد بن مقلد بن الغساني بغسانة من أعمال مصر ؛ وصدر الدين محمد بن أبي بكر بن محمد بن البوري القرشي، بمصر، سمع هو والذي قبله من النجيب. والملك الكامل محمد بن عبد الملك بن إسماعيل الأيوبي بطريق الحج ؛ والشيخ كمال الدين عبد الوهاب ابن قاضي شهبة في شوال ؛ وقاضي صرخد شهاب الدين أحمد بن القاضي فخر الدين عثمان بن أحمد الزرعي ؛ وأحمد بن منصور بن صارم الدمياطي ؛ والشيخ زين الدين عمر بن أبي الخير الكناني الشافعي ؛ والشمس محمد بن عمر بن الياس الرهاوي في صفر ؛ والشهاب أحمد بن عمر بن زهير الزرعي، سمع من جده ؛ ورُكن الدين محمد بن المجد عبد الله الإربلي بحلب في ربيع الآخر ؛ وإسحاق بن محمد بن أبي العجائز الزجاج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 162
سنة أربع وخمسين وستمائة
- حرف الألف - 140 - أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن عمر. أبو العباس القرشي، الإسكندراني، المؤدب. قرأ القراءآت على منصور بن خميس. وسمع من: محمد بن محمد الكركنتي. وحدَّث. تُوُفّي في المحرم. 141 - إبراهيم بن أدنبا. الأمير مجاهد الدين الصوابي، أمير جاندار الملك الصالح نجم الدين أيوب. كان من كبار الأمراء، وقد ولي ولاية دمشق. وله شِعْرُ وسط.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 163 142 - إبراهيم ابن الأمير عزّ الدّين أَيْبَك. مظفر الدين، ابن صاحب صرخد المعظمي. تُوُفّي فيها ودُفن بتربة أبيه التي على الشرف. 143 - إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن وثيق. أبو إسحاق الأموي، الإشبيلي، المقرئ المجود. ولد تُوُفّي قبل السبعين وخمسمائة. وذكر أنه قرأ بالروايات السبع على جماعة من سنة بضع وتسعين بالأندلس. ورأيت له مصنفا في التجويد والمخارج يدل على تبحره. وقال: قرأت كتاب ' الكافي ' لابن شريح سنة ست وتسعين على مشايخي بإشبيلية: أبي الحسين حبيب بن محمد بن حبيب الحميري، والخطيب أبي الحكم عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن أحمد بن محمد بن حجاج اللخمي، وأبي العباس أحمد بن مقدام الرعيني. وتلوت عليهم بالروايات، وعلى: أبي الحسن خالص بن التراب، وهو أول من قرأت عليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 164 قالوا: قرأنا على شريح بن محمد بن شريح الرعيني، عن أبيه، رحمه الله. وقال ابن وثيق: أنبا بكتاب ' التيسير ' أبو عبد الله بن زرقون إجازة عن أحمد بن محمد الخولاني إجازة، يعني من المصنف، كذلك. وكان ابن وثيق ينتقل في البلاد، قد أقرأ بالموصل، والشام، ومصر. أخذ عنه القراءآت: الأستاذ عماد الدين بن أبي زهران الموصلي، وأبو الحسن علي بن ظهير الكفني، وغيرهما. وروى عنه: الشيخ محمد بن جوهر التلعفري، والنفيس إسماعيل بن صدقة، وأبو عبد الله محمد بن علي بن زبير الجيلي، وغيرهم. وبقي إلى هذا الوقت. تُوُفّي في هذه السنة أو قبلها أو بعدها بيسير. وممن قرأ عليه شيخنا الفخر عثمان التوري، نزيل مكة، وكان عَلِيّ الإسناد في القراءآت. وُلِد بإشبيلية وتُوُفّي بديار مصر بالإسكندرية في رابع ربيع الآخر. وتلا ابن وثيق أيضا بالروايات على أبي العباس أحمد بن منذر بن جهور، وأخبره أنه قرأ على أبي عبد الله محمد بن خلف، وابن صاف أجل أصحاب شريح. 144 - إسماعيل بن عبد المجيد بن علاّش. الفقيه أبو الطاهر المالكي، المتكلم. قال الشريف: تُوُفّي في ثامن عشر شوال بالإسكندرية، وكان أحد المتصدرين بها. سمع كثيرا من: أبي عبد الله محمد بن محمد بن محارب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 165
- حرف الباء - 145 - بدر الدّين المراغيّ. شيخ خانقاه الطاحون بدمشق. وقع به السلم من أعلى الخانقاه إلى الوادي فهلك في ذي الحجة. وقال أبو شامة: كان فقيها صالحا، تولى العقود مدة، ثم قضاء وادي بَرَدَى، ثم لزم الخانقاه، رحمه الله. 146 - بشارة الشَّبْليّ. الحسامي، الكاتب. مولى شِبْل الدولة، صاحب المدرسة والخانكاه عند ثورا. سمع بشارة مع مولاه من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، والأبيوردي، وجماعة. وهو رومي الجنس، وهو جد صاحبنا شرف الدين. تُوُفّي في نصف رمضان. - حرف السين - 147 - سُنْقُر. أبو المكارم التركي، عتيق القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل. سمع الكثير ببغداد من: أبي علي بن الجواليقي، وعبد السلام الداهري
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 166 وبدمشق من: أبي القاسم بن صَصْرَى. وبمصر من جماعة. وحدث بمصر. - حرف العين - 148 - عامر بن حسّان بن عامر بن فتيان بن حمّود. المحدث أبو السرايا القيسي الأجدابي، الإسكندراين المالكي، الصواف المعروف بابن الوتار. ولِد في حدود التسعين وخمسمائة. وسمع من: عبد المجيب بن عبد الله بن زهير، والمطهر بن أبي بكر البيهقي، وعلي بن المفضل الحافظ، فمن بعدهم. وكتب الكثير وعُنِي بالحديث. وكان مفيد الإسكندري في وقته. وكان ثقة، صالحا فاضلا. روى عنه: الدمياطي، وجماعة. ومات في ذي القعدة كهلا. ودُفن بين المُنْياوَيْن. 149 - عبد الله بن أبي المجد الحسين بن أبي السعادات الحسن بن عليّ بن عبد الباقي بن محاسن. الشيخ عماد الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي الأصم، المعروف بابن النحاس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 167 وُلِد في المحرم سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بمصر، ونشأ بدمشق فسمع بها من القاضي أبي سعد بن أبي عَصْرُون، وهو آخر من حدث عنه. ومن: ابن صدقة الحراني، والفضل بن الحسين البانياسي، ويحيى بن محمود الثقفي، وإسماعيل الجنزوي، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني، وعبد الرحمن بن الحسين بن عبدان، وست الكتبة. وسمع بإصبهان من: أحمد بن أبي نصر بن الصباغ، وعليّ بن منصور الثقفي، ومحمد بن مكي الحنبلي. وبنيسابور من: المؤيد الطوسي، ومنصور الفراوي، وغيرهما. وبحلب من: الإفتخار الهاشمي. روى عنه: الزكي البزرالي مع تقدمه، وأبو محمد الدمياطي، والشمس بن الزراد، والكمال محمد بن النحاس الكاتب، والجمال عليّ بن الشاطبي، والبدر محمد بن التوزي. وكان ثقة، صالحاً، فاضلاً، جليل القدر. حدث له صمم فكان يحدث من لفظه. وخرج له أبو حامد الصابوني جزءاً. ومات في الثاني والعشرين من صفر. وكان فاضلا عالما صالحا، له ملك يكفيه. 150 - عبد الله بن محمد بن شاهاوَرْ بن أنوشروان بن أبي النّجيب. الأسدي، الرازي، نجم الدين، أبو بكر، شيخ الطريقة والحقيقة. كان كبير الشأن، من أصحاب الأحوال والمقامات. أكثر الترحال إلى الحجاز، ومصر، والشام، والعراق، والروم، وأذربيجان، وأرّان، وخُراسان، وخُوارزْم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 168 وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وأول رحلته سنة تسع وتسعين. وسمع: عبد المعز الهروي، ومنصور بن الفراوي، وأبا الجناب أحمد بن عمر الخبوقي، والمؤيد الطوسي، ومسمار بن العُوَيْس، وأبا رشيد محمد بن أبي بكر الغزال، وأبا بكر عبد الله بن إبراهيم بن عبد الملك الشحادي، وجماعة سواهم. روى عنه: داود بن شهملك الليري، ومحيي الدين محمد شاه الغزالي، وشمس الدين محمد بن حسن الساوجي، وكهف الدين إسماعيل بن عثمان القصري، وإمام الدين عبد الله بن داود بن معمر بن الفاخر، والحافظ شرف الدين الدمياطي، والشيخ محمد بن محمد الكنجي، وقطب الدين ابن القسطلاني. وتُوُفّي ببغداد في سادس شوال سنة أربع وخمسين وستمائة، ودُفِن بالشونيزية. أنبأني بأكثر هذا الفرضي، وأما الدمياطي فقال: تُوُفّي في أول عام ستة وخمسين، فيحرر هذا. 151 - عبد الباقي بن حسن بن عبد الباقي بن أبي القاسم. أبو ذر الصقلي، ثم المصري، المعروف بابن الباجي. سمع من: العماد الكاتب، وغيره. وحضر إسماعيل بن ياسين، وحدث. وكان أبوه من الطلبة المشهورين. 152 - عبد الرحمن بن إبراهيم بن هبة الله بن إسماعيل بن نبهان. الفقيه، أبو البركات، الحموي، الشافعي المعروف بابن المقنشع. وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. ورحل إلى بغداد، وتفقه بها. وسمع من: أبي أحمد عبد الوهاب بن سُكَيْنَة، ويحيى بن الربيع الفقيه. وسمع بالموصل من: أحمد بن عبد الله بن الطوسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 169 وأجاز له أبو طاهر السلفي. وحدث بدمشق ومصر، وهو أخو القاضي أبي القاسم قاضي حماة. تُوُفّي بحمص في جمادى الأولى. 153 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن حفاظ. الشيخ زكي الدين، أبو محمد السلمي، الدمشقي، المعروف بابن الفويرة. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة تقريبا. وحدث عن: أبي اليمن الكندي. وكان من المعدلين بدمشق. تُوُفّي فجأة ليلة منتصف ربيع الآخر. وكان إبنه بدر الدين من أعيان الحنفية. 154 - عبد الرحمن بن نوح بن محمد. الإمام شمس الدين التركماني، المقدسي الشافعي، المفتي، صاحب الشيخ تقي الدين ابن صلاح. كان فقيها مجودا، بصيرا بالمذهب، مدرسا. ولي تدريس الرواحية. وتفقه عليه جماعة. وسمع من: الحسين ابن الزبيدي، والمتأخرين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 170 وروى شيئا يسيرا. وهو والد ناصر الدين ابن المقدسي الذي شنقوه في الدولة المنصورية، ووالد شيخنا بهاء الدين. تُوُفّي في ربيع الآخر عن نحو سبعين سنة. ونزل في آخر وقت عن نظر الرواحية وتدريسها لابنه، ولم يكن بأهل. 155 - عبد الرحيم بن أحمد بن الحسين بن كتائب. أبو المعالي ابن القناري، القرشي البعلبكي، العدل. وُلِد بدمشق سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، وابن طبرزد. وحدث. روى عنه: الدمياطي، والفخر إسماعيل بن عساكر، والبدر محمد بن التوزي، والعماد بن البالسي، وجماعة. وكان من عُدُول بعلبك. وكان أبوه من عُدُول دمشق. والقناري بالفتح. تُوُفّي في سادس رمضان. 156 - عبد الصمد بن عبد القادر بن أبي الحسن. أبو محمد الأنصاري، المصري، الدقاق. وُلِد سنة أربع وسبعين بمصر. وسمع بدمشق من: الخشوعي. وحدث. تُوُفّي في جمادى الأولى. 157 - عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أحمد بن هبة الله بن أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 171 أبو بكر بن قرناص الحموي. تُوُفّي بحماة في ذي القعدة. وقد حدّث بشيء من شِعْره. وهو من بيت مشهور. 158 - عبد العزيز بن عبد الغفّار بن أبي التّمام. هبة الله أبو محمد بن الحبوبي الدمشقي. حدث عن: عبد العزيز بن الأخضر. وتُوُفّي في ذي الحجة، ولم يرو عنهم الدمياطي. 159 - عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن محمد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 172 الأديب أبو محمد بن أبي الإصبع العدواني المصري. الشاعر المشهور، الإمام في الأدب. له تصانيف حسنة في الأدب، وشِعر رائق. وعاش نيِّفاص وستين سنة. وتُوُفّي بمصر في الثالث والعشرين من شوال. ومن شعره ورواه عنه الدمياطي: (تصدَّقْ بوصلٍ إنَّ دمعيَ سائلُ .......... وزَوِّدْ فؤادي نظرةً فَهْوَ راحِلُ)
(أيا ثمراً من شمس وجنته لنا .......... وخط عِذَارَيْه الضُّحَى والأصائلُ)
(تنقلت من طرف إلى القلب في النوى .......... وهانتك للبدر التمام منازلُ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 173
(إذا ذكرت عيناك للصّبّ درسها .......... من السّحر قامت بالدلال دلائل)
(جعلتُك بالتّمييزُ نُصْباً لناظري .......... فلم لا رفعتَ الهجرَ والهجرُ فاعِلُ)
(غدا القَدُّ غصناً منك يَعْطفهُ الصِّبا .......... فلا غَرْوَ إنْ هاجتْ عليه البلابلُ) 160 - عليّ بن محمد بن عُلَوِيّة. الزاهد القدوة، نزيل المحمدية من أعمال الصلح بواسط. له كرامات. 161 - عليّ بن يوسف بن أبي الحسن بن أبي المعالي. أبو الحسن الصوري، الدمشقي. وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. ورحل للتجارة فسمع بنيسابور من: المؤيد بن محمد الطوسي، وزينب الشعرية، والقاسم بن الصفار. وحدث بمصر ودمشق. وكان شيخا حسنا، له صدقة ومعروف. روى عنه: القاضي تقي الدين سليمان، والفخر ابن عساكر، وحمزة بن عبد الله المقدسي، والشَّرّف عبد الله بن الشيخ، وعلي بن إبراهيم المعري، وآخرون. وتُوُفّي في الثامن والعشرين من المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 174 162 - عمر. سراج الدين النهر فضلي، قاضي القضاة بالعراق. ذكره ابن أنجب. 163 - عمر بن محمد بن أبي القاسم الحسين بن أبي يَعْلَى حمزة بن الحسين. أبو حفص القضاعي، البهراني، الحموي، الشافعي. سمع من جده لأمه العدل أبي محمد عبد الوهاب بن علي القرشي وهو ابن صفية. روى عنه: الدمياطي. وتُوُفّي بحماة في ثاني شوال، وقد قارب الثمانين. 164 - عيسى بن أحمد بن إلياس بن أحمد. اليونيني الزاهد، صاحب الشيخ عبد الله اليونيني. كان زاهدا، عابدا، صواما، قواما، قانتا لله، حنيفا متواضعا لطيفا، كبير القدر، منقطع القرين. صحب الشيخ مدة طويلة. وكان من أجل أصحابه. لم يشتغل بشيء سائر عمره إلا بالعبادة ومطالعة كتب الرقائق، ولم يتزوج قط، لكنه عقد عقداً على عجوز كانت تخدمه. وكان يعامل الأكابر إذا زاروه بما يعامل به آحاد الناس. وقد زاره البادرائيّ رسول الخليفة فوصل إلى يُونين وأتى الزاوية، فلما صلّى الشيخ المغرب قام ليدخل إلى خلوته فعارضه بعض أصحابه وقال: يا سيدي هذا الرجل مجتاز وقد قصد زيارتك. فجاء البادرائي وسلم عليه وسأله الدعاء، وأخذ في محادثته، فقال الشيخ: رحِم الله من زار وخفف. وتركه ودخل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 175 وكان يستحضر كثيرا من مطالعته لكتب الرقائق، وكان يكتب أوراقا بشفاعات فيسارع أولوا الأمر إلى امتثالها. وكان مع لُطْف أخلاقه ذا هيبة شديدة. وقد سرد الصوم أكثر من أربعين سنة. وكان لا يمشي إلى أحدٍ أبداً. وكان يقال له: سلاّب الأحوال، لأنه ما ورد عليه أحد من أرباب القلوب فسلك غير الأدب إلا سلبه حاله. قال الشيخ قطب الدين موسى بن الفقيه في ' تاريخه ': له كرامات ظاهرة، ولقد سلب جماعة من الفقراء أحوالهم. وكان والدي - رحمه الله - إذا خرج إلى يونين طلع إلى زاويته من بكرة، ويدخلان إلى الخلوة، فلا يزالان كذلك إلى الظهر. وكان بينهما وداد عظيم واتحاد ومحاببة في الله. وفي هذه السنة كان والدي يأمرني في كل وقت بقصد زيارته، فكنت بعد كلْ أيام أتردد إليه. قال: وأخبر الشيخ عيسى قبل موته بمدة أن مُلْكَ بني أيوب يزول ويملك بعدهم التُّرْك ويفتحون السّاحل بأسره. قال: وحكى بعضهم أنه توجه إلى طرابلس فوجد أسيراً فعرفه فقال له: لا تتخلى عني واشترني وأنا أعطيك ثمني حال وصولي إلى قريتي قرية رُعْبان. قال فاشتريته بستين ديناراً وجئت معه، فلم أجد له ولا لأولاده تلك الليلة عشاء، فندمت، فقال لي أهل القرية: نحن أيام البَيْدر نجمع لك ثمنه، فضاق صدري. فاتفق أني جئت إلى يونين فرأيت الشيخ عيسى ولم أكن رأيته قبل ذلك، فحين رآني قال: أنت الذي اشتريت الحاج سهل؟ قلت: نعم. فأعطاني شيئاً، فإذا ورقة ثقيلة. ففتحتها فإذا فيها الستين ديناراً التي وزنتها بعينها، فتحيرت وأخذتها وانصرفت. قال قطب الدين: وشكوا إليه التفاح وأمر الدودة، وسألوه كتابة حرز، فأعطاهم ورقة فشمعوها وعلقوها على شجرة، فزالت الدودة عن الوادي بأسره، وأخصبت أشجار التفاح بعد يبسها وحملت. وبقوا على ذلك سنين في حياة الشيخ وبعد موته. ثم خشوا من ضياع الحرز ففتحوه لينسخوه، فوجدوه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 176 قطعة من كتاب ورد على الشيخ من حماة، فندموا على فتحه، ثم شمعوه وعلقوه فما نفع، وركبت الدودة الأشجار. قال: وأراد بعض الناس بناء حمام بيونين وحصل الاهتمام بذلك، فقال الشيخ: هذا لا تفعلوه. فما وسِعَهم خلافه، فلما خرجوا قال بعضهم: كيف نعمل بالآلات؟ فقال رفيقه: نصبر حتى يموت الشيخ. فطلبهما إليه وقال: قلتم كذا وكذا، وهذا ما يصير وما تُعمّر في هذه القرية حمّام. وقد أراد نائبا الشام التُّجِيبيّ وعز الدين أيدُمُر بناء حمام بيونين فلم يقدر لهما. وقال خطيب زملكا في ترجمة الشيخ عيسى: سمعت شيخنا شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر يقول: كان الشيخ عيسى صاحب مطالعة في الكتب. قال: وحدثني عبد الرحمن بن إسماعيل قال: كان الشيخ عيسى يكون نظره على خبز يابس، وما عاب طعاما، وما لبس طول عمره سوى ثوب وعباءة وقلنسوة ما زاد عليها. وورد إلى زيارته البادرائي فخرج إليه وصافحه، ودخل وأغلق الباب، فنادى فلم يرد عليه، وقال: ما رأيت شيخا مثل هذا، أو قال: هذا هو الشيخ. وأخبرني الشيخ إسرائيل بن إبراهيم قال: كنت أخدم الشيخ عبد الله بن عبد العزيز في يُونين، وكان المشايخ والفقراء يزورونه من كل مكان، والشيخ عيسى ما يجيء إليه أحد، فخطر ببالي هذا، فبينا أنا عند الشيخ عبد الله وما عندنا أحد وقد خطر لي هذا إذ أخذ بأُذُني وقال: يا إسرائيل تأدَّب، الشيخ عيسى قد حصل له الحق أيش يعمل بي أنا. قال: فبادرت وطلعتُ إلى الشيخ عيسى، فلما رآني دق بإصبعه على أنفي، وكان إذا مزح مع أحد دق بإصبعه على أنفه، أو ما هذا معناه. وأخبرني محمد بن الشيخ عثمان بدَيْر ناعس قال: خرجت صحبة والدي إلى زيارة الفقيه إلى بعلبك، وكان يومئذ بيُونين، فأتيناها وسلمنا عليه، وجلس والدي، فقال له الشيخ الفقيه: ما تزور الشيخ عيسى وعليَّ الضمان. فقام والدي وأنا معه، فلما رآه الشيخ عيسى وقف ووقف والدي من بعد الظُّهر إلى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 177 قريب العصر، ثم خطا الشيخ عيسى وجاء إلى والدي فتعانقا وجلسا. فلما رجع والدي إلى عند الشيخ الفقيه قال له: ما أوفيتَ الضمان. قال: فسأل الفقراء والدي عن هذا فقال: كان لي ثلاثة وعشرون سنة حردان على الشيخ عيسى لكونه إذا جاء إليه صاحب حال يسلبه حاله، فلما رأيته وقف طويلا ورجع عما كان فيه. قال: وأخبرني الفقيه عبد الولي بن عبد الرحمن الخطيب قال: لما دخل الخوارزمية جاء وال لهم إلى يونين، وطلب من الفلاحين شيئا ما لهم به قوة، فشكا الفلاحون الشيخ عيسى. فاتفق أن الوالي طلع إلى عند الشيخ فقال له: ارفِقْ فهؤلاء فقراء. فقال: ما إلى هذا سبيل. قال: وبقي الشيخ يردد عليه ويقول ما إلى هذا سبيل، فنظر إليه وأطال النظر، وإذا به قد خبط الأرض وازْبَدَ ساعةً، فلما أفاق انكب على رِجِل الشيخ واعتذر ونزل، فقال للخوارزمية: من أراد أن يموت يطلع إلى القرية. أو ما هذا معناه. قال: وأخبرني الشيخ إسرائيل بن إبراهيم: ثنا الشيخ عيسى اليُونينيّ قال: طلعت صحبة عمي الشيخ عبد الخالق اليونيني - قلت: وقد تُوُفّي عبد الخالق سنة سبع عشرة وستمائة - إلى جبل لبنان، وكان ثم بركة كبيرة، فجلسنا عندها وبقربها حشيش له قرمية حلوة، فقال لي عمي: اجلس ههنا، وإذا جُعْتَ كُلْ من هذه الحشيش. قال: فإذا بأسد كبير قد استقبله، فخفت عليه وبقيت أقول: يا عمي يا عمي، وكان هناك قرمية شجرة فصعد عليها عمي وركب الأسد ثم سار به حتى غاب عني، فبقيت هناك يومين فلما كان اليوم الثالث إذا بعمي قد أقبل راكبا الأسد، فنزل على تلك القرمية ومضى الأسد. وقال الشيخ قطب الدين موسى: مرض الشيخ عيسى في أواخر شوال، وبقي أياما وأهل بعلبك يترددون إلى زيارته ويغتنمون بركته، ولما وصل خبر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 178 موته إلى بعلبك لم يبق في البلد إلا القليل خرجوا ليشهدوه، فكانوا منتشرين من البلد إلى يُونين، والمسافة فوق فرسخين. وحصل لوالدي من الحُزْن والوجوم لموته لا رأيته حصل له بموت غيره. ودُفِن إلى جانب عمه عبد الخالق. وتُوُفّي في رابع ذي القعدة ودُفِن بزاويته. 165 - عيسى بن طاهر بن نصر الله بن جهبل. أبو القاسم الحلبي، العدل، الحاسب. حدث عن: القاسم بن عساكر. وكان بارعا في الحساب والفرائض. روى عنه: الدمياطي، وغيره. تُوُفّي رحمه الله في غُرّة رمضان. 166 - عيسى بن موسى بن أبي بكر. أبو الروح الصقلي، ثم الدمشقي، المقرئ الحنفي. حدث عن: الكندي. ومات في تاسع ذي القعدة. - حرف القاف - 167 - قلاون. أبو سعيد التُّركيّ، المُعَظَّميّ. حدَّث عن حنبل. ومات في شوال. - حرف الكاف - 168 - كافور الحَبَشيّ. الطواشي، مولى الملك الأمجد بن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 179 روى عن: حنبل، وابن طبرزد. وهو من شيوخ الدمياطي. - حرف الميم - 169 - محمد بن أبي المكارم أحمد بن عبد الواحد بن عبد السّلام. الأموي، الإسكندراني، المؤدب، المعروف بابن النحوي. روى عن: عبد الواحد بن موقا. وعنه: الدمياطي، وغيره. 170 - محمد بن الحسن بن عبد السّلام بن عتيق بن محمد. العدل، شرف الدين، أبو بكر التميمي، السفاقسي، ثم الإسكندراني، المالكي، المعروف بابن المقدسية لأنه ابن أخت الحافظ أبي الحسن بن المفضل المقدسي. وُلِد في المحرم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وحضر عند أبي طاهر السلفي سماع ' المسلسل ' بالأولية، ولم يظهر له عنه سواه. وحضوره له وهو في أوائل السنة الثالثة. وأجاز له: هو، وبدر الخداداذي، وظافر بن عطية النحاس، وأبو الطاهر إسماعيل بن عوف الفقيه، وأبو طالب أحمد بن المسلم التنوخي. وسمع من: أبي الفضل أحمد بن عبد الرحمن الحضرمي في سنة أربع وثمانين. وسمع بمصر من: البوصيري ؛ وبمكة من: القاسم ابن عساكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 180 وخرّج له منصور بن سليم الحافظ ' مشيخة '. روى عنه: عبد الرحيم بن عثمان بن عوف، والشرف محمد، والوجيه عبد الوهاب إبنا عبد الرحمن الشقيري، والفخر محمد، والجلال يحيى إبنا محمد بن الحسين بن عبد السلام السفاقسي، والحافظ الدمياطي، وآخرون. وقد ناب في القضاء بالإسكندرية مدة. قاله الشريف عز الدين. وقال غيره: لا نعرف ذلك. تُوُفّي في ثالث جمادى الأولى ؛ وهو آخر من روى حضوراً عن السلفي. 171 - محمد بن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن الرّبيع بن سليمان بن حمزة. أبو طالب الهاشمي، العباسي الصالحي، من ولد الأمير صالح بن علي. حدّث عن: الخشوعي، وأبي جعفر القرطبي، وعبد الخالق بن فيروز، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، والشمس الكنجي، والعماد بن البالسي، وغيرهم. وكان من شهود تحت الساعة. حج غير مرة. ومات في سادس عشر جمادى الآخرة، رحمه الله تعالى. 172 - محمد بن يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد بن غالي. القاضي أبو حامد ابن قاضي القُضاة جمال الدين أبي الفضائل القرشي السيبي المصري، ثم الدمشقي الشافعي. وُلِد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع حضورا من الخشوعي. وسمع من: حنبل، والكندي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 181 وتفقه ودرس، وحكم بدمشق نيابةً عن أبيه الجمال المصري، ودرّس بالشامية. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وتُوُفّي في نصف رجب. 173 - المبارك بن أبي بكر بن حَمْدان بن أحمد بن علوان. واسم أبي بكر أحمد. المؤرخ الأديب كمال الدين أبو البركات بن الشعار الموصلي، مصنف كتاب ' عقود الجمان في شِعر أهل الزمان '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 182 سمع من: يعقوب بن صابر المنجنيقي ؛ ومن غيره. وهو من شيوخ الدمياطي. وتاريخه موجود بالسميساطية. وتُوُفّي في سابع جمادى الآخرة بحلب، وله إحدى وستون سنة. - حرف الياء - 174 - ياقوت الطُّوَاشيّ. افتخار الدين الحبشي، العزي المسعودي، أبو الدر الخادم. سمع الكثير بالشام، والحجاز، ومصر، واجتهد وحصّل الأموال والكتب ووقفها. وسمع من: القاضي بهاء الدين يوسف بن شداد، وأبي الحسن بن الرماح، وجماعة. تُوُفّي بالمدينة النبوية. 175 - يعقوب. الأمير مجير الدين ابن السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب الأيوبي. ويلقب بالملك المعز. وهو بمجير الدين أشهر. سمع من: عمر بن أبي السعادات بن صرما. وأجاز له: أبو روح عبد المعز الهروي، والمؤيد الطوسي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 183 روى عنه الدمياطي وقال: خرّجت له مشيخة لأنه طلب مني ذلك. وتُوُفّي في ذي القعدة بدمشق. قلت: صلّى عليه نجم الدين البادرائي، ودُفِن عند والده بالتربة، وعمل السلطان عزاءه. 176 - يوسف بن قُزْغْلي بن عبد الله. الإمام، الواعظ، المؤرخ شمس الدين، أبو المظفر التركي، ثم البغدادي العوني الحنفي. سِبْط الإمام جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي ؛ نزيل دمشق. وُلِد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 184 وسمع من: جدّه، وعبد المنعم بن كُلَيْب، وعبد الله بن أبي المجد الحربي. وبالموصل من: أبي طاهر أحمد، وعبد المحسن إبني الخطيب عبد الله بن أحمد الطوسي. وبدمشق من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي عمر بن قدامة، وغيرهم. روى عنه: المعز عبد الحافظ الشروطي، والزين عبد الرحمن بن عُبَيْد، والنجم موسى الشقراوي، والعز أبو بكر بن عباس بن الشائب، والشمس محمد بن الزراد، والعماد محمد بن البالسي، وجماعة. وكان إماما، فقيها، واعظا، وحيدا في الوعظ، علاّمةً في التاريخ والسير، وافر الحرمة، محبباً إلى الناس، حُلْوَ الوعظ، لطيف الشمائل، صاحب قبول تام. قدم دمشق وهو ابن نيّفٍ وعشرين سنة، فأقام بها ونفق على أهلها، وأقبل عليه أولاد الملك العادل. وصنف في الوعظ والتاريخ وغير ذلك. وكان والده من موالي الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة. وقد روى عنه الدمياطي، عن عبد الرحمن بن أبي حامد بن عصية وقال: تُوُفّي في الحادي والعشرين من ذي الحجة. قال أبو شامة: تُوُفّي بمنزله في الجبل، وحضر جنازته خلق، السلطان فمن دونه. وكنت مريضا. قال: ودرّس بالشبلية مدة، وبالمدرسة البدرية التي قبالة الشبلية. وكان فاضلا عالما، ظريفا، منقطعا، منكرا، على أرباب الدول ما هم عليه من المنكرات، متواضعا. كان يركب الحمار وينزل إلى مدرسته العزية. وكان مقتصرا في لباسه، مواظباً للتصنيف والاشتغال، منصفا لأهل القضاء، مبايناً لأولي الخبرية
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 185 والجهل، يأتي إليه الملوك زائرين وقاصدين. وفي طول زمانه في جاهٍ عريضٍ عند الملوك والعامة. وكان مجلسه مطربا، وصوته طيبا، رحمه الله. قلت: وحدثونا أن ابن الصلاح، رحمه الله، أراد أن يعظ، فقال له الملك الأشرف: لا تفعل، فإنك لا تقدر أن تكون مثل شمس الدين ابن الجوزي، ودونه فما يُرضى لك. فترك الوعظ بعد أن كان قد تهيّأ له. وقال عمر بن الحاجب: كان بارعا في الوعظ، كيِّس الإيراد، له صِيت في البلاد، وله يدٌ في الفقه واللغة العربية. وكان حُلْو الشمائل، كثير المحفوظ، فصيحا، حسن الصوت، يُنشيء الخطب ويحب الصالحين والعزلة، وفيه مروءة ودِين. وكان يجلس يوم السبت ويبسط الناس لهم من بُكرة الجمعة حتى يحصل للشخص موضع، ويحضره الأئمة والأمناء. ويقع كلامه في القلوب. قرأ الأدب على أبي البقاء، والفقه على الحصيري، ولبس الخرقة من عبد الوهاب ابن سُكَيْنَة. وحظي عند الملك المعظم إلى غاية. وكان حنبليا فانتقل حنفيا للدنيا وورع وبرع وأفتى. وصنف ' مناصب أبي حنيفة ' في مجلد، و ' معادن الإبريز في التفسير ' تسعة وعشرين مجلدا، و ' شرح الجامع الكبير ' في مجلدين. قلت: ويُقال في أبيه زُغْلي بحذف القاف. وقد اختصر شيخنا قطب الدين اليُونينيّ تاريخه المسمى و ' مرآة الزمان '، وذيّل عليه إلى وقتنا هذا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 186
الكنى 177 - أبو الحسن بن يوسف بن أبي الفوارس. القيمري، الأمير. تقدم في حرف السين من السنة الماضية، وعرفناه بلقبه وهو الأمير الكبير سيف الدين الذي وقف المارستان بالجبل والتربة التي هي شماليه. تُوُفّي في شعبان من هذه السنة، كذا ذكره بعض المؤرخين، فالله أعلم. * * * وفيها وُلِد: الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن الكلبي المري، بحلب في ربيع الأول ؛ والعلاّمة أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي النحوي، في شوال ؛ والفقيه الصالح أبو الحسن علي بن إبراهيم الدمشقي ابن العطار، في ذي القعدة ؛ والقاضي عِزّ الدين عبد العزيز بن القاضي محيي الدين ابن الزكي القرشي ؛ والقاضي زين الدين عبد الله بن محمد الأنصاري ابن قاضي الخليل الشافعي، قاضي حلب ؛ وأحمد بن يوسف الدمانيسيّ، ثم الدمشقي، بدرب العجم ؛ وعلي بن يحيى بن تمام الحميري في شعبان ؛ ومحمد بن شيخنا عز الدين ابن النرّاء بالجبل ؛ وعلاء الدين علي بن عثمان بن حسان الخراط ؛ والضياء عبد الله بن عمر الطوسي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 187 والشرف أبو القاسم بن عبد السلام المصلي ؛ والشيخ حسام بن سليمان بن حسن بن موسى بن الشيخ غانم بالقدس ؛ وبدر الدين محمد بن محمد بن القواس الشاهد ؛ وأبو بكر ابن شيخنا العز أحمد بن عبد الحميد ؛ وثابت بن أحمد بن الرشيد العطار، القرشي، يروي عن جده ؛ وعلاء الدين علي بن إبراهيم بن قرباص بحماة ؛ وفاطمة، وحبيبة، وست العرب: بنات الشيخ العِز بالجبل ؛ وفخر الدين أحمد بن عز الدين محمد بن محمد بن النطاع الأنصاري المصري، يروي عن النجيب ؛ والشيخ محمد بن أبي بكر بن أبي طالب بن عبدان الدمشقي الذي كان إمام الربوة ؛ ويعقوب بن إسحاق العاملي الكفني ؛ وعبد الرحيم بن عبد العزيز بن إبراهيم ابن الرقوقي الصالحي، في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 188
سنة خمس وخمسين وستمائة
- حرف الألف - 178 - أحمد بن عبد الله بن موسى بن نصر بن مِقْدام. أبو العباس القدسي ؛ ثم الصالحي، العطار، الحنبلي. روى عن: حنبل، وابن طبرزد. وعنه: الدمياطي، والنجم إسماعيل بن الخباز، ومحمد بن الزراد، وغيرهم. تُوُفّي في تاسع عشر المحرم. 179 - أحمد بن علي بن زيد بن معروف. أبو العباس الكناني، العسقلاني، أخو فراس. سمع من: الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. تُوُفّي في السابع والعشرين من شوال بدمشق. 180 - أحمد بن قَرَاطاي. الأمير رُكن الدين، أبو شجاع التُّركيّ، الإربلي، مولى السلطان مظفر الدين، صاحب إربل. وُلِد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 189 وحدّث عن: مسمار بن العُوَيْس. وله شِعْر جيّد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وقدم دمشق في الرسلية من الديوان العزيز. تُوُفّي في ثامن عشر جمادى الآخرة ببغداد. وكان أبوه من أمراء إربل ثم غضب عليه أستاذه مظفر الدين وسجنه حتى مات. فلما تُوُفّي مظفر الدين قدم رُكن الدين أحمد وإخوته إلى حلب، وخدم عند الملك العزيز، وتقدم هو وأخوه محمد عنده، فلما تُوُفّي العزيز سار ركن الدين إلى بغداد وخدم، بها وزادت حُرمته، ومات فجأة. 181 - أحمد بن محمد بن المؤيَّد بن عليّ بن إسماعيل بن أبي طالب. أبو العباس الهمداني، أخو القاضي المحدث رفيع الدين إسحاق، الأبرقوهي، ثم المصري. وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الخالق بن فيروز، وفاطمة بنت سعد الخير، وغيرهما. وهو من بيت الحديث والرواية. روى عنه: الدمياطي، وبنت أخيه زاهدة الأبرقوهية، والمصريون. وكتب عنه الزين الأبيوردي. ومات في السابع والعشرين من ذي القعدة. 182 - أحمد بن السّديد مكّيّ بن المسلَّم بن مكّيّ بن خَلَف. الأجلّ، أبو المظفر بن علان القيسي، الدمشقي. روى عن: حنبل، وغيره. ومات في المحرم، وقد جاوز الستين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 190 وهو من شيوخ الدمياطي، والكنجي. 183 - أحمد بن يوسف بن زِيرِي بن عبد الله. أبو العباس التلمساني المقرئ. قدم دمشق شابا، وسمع من: الخشوعي، وغيره. روى عنه: الدمياطي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والمفتي علاء الدين علي بن محمد الباجي، وكمال الدين أحمد بن العطار، والبدر أحمد بن الصواف، والعماد ابن البالسي. وتُوُفّي في سادس عشر جمادى الآخرة، وله بضع وثمانون سنة. قال أبو شامة: كان مقيما بالمنارة الشرقية بجامع دمشق. وكان شيخا معمرا، منقطعا عن الناس، محبا للعزلة. روى ' الأحكام الصُّغْرَى ' التي لعبد الحق، عن البرهان بن علوش المالكي نزيل دمشق، عن المصنف. 184 - إبراهيم بن أبي الطّاهر عبد المنعم بن إبراهيم بن عبد الله بن عليّ. الأنصاري، الخزرجي المصري التاجر المعروف بابن الدجاجيّ، الشارعي. وُلِد سنة نيّفٍ وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الخالق بن فيروز، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي، والعماد الكاتب. وهو من بيت الرواية. كتب عنه: الدمياطي، وجماعة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 191 وسمعنا بإجازته من أبي المعالي ابن البالسي. تُوُفّي في تاسع عشر ربيع الآخر. 185 - إسماعيل بن أبي البركات هبة الله بن أبي الرضا سعيد بن هبة الله بن محمد. الإمام عمادُ الدين، أبو المجد بن باطيش الموصلي، الفقيه الشافعي. وُلِد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: جمال الدين ابن الجوزي، وأبي أحمد ابن سُكَيْنَة، وأبي شجاع ابن المقرون، وأبي حامد عبد الله بن جوالق، وعبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الحسن الأواني، وجماعة. وبحلب من: حنبل، وبدمشق من: الكِنْديّ، وابن الحرستاني، ومحمد بن وهْب بن الزنف، والخضر بن كامل. وبحرّان من: عبد القادر الحافظ. ودرّس وأفتى وصنف. وكان من أعيان الأئمة، وله معرفة بالحديث، ومجاميع في أسماء الرجال، وغير ذلك. وله كتاب ' طبقات أصحاب الشافعي '، وكتاب ' مشتبه النِّسْبة '، وكتاب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 192 ' المغني في شرح غريب المهذب ولُغته وأسماء رجاله '. وكان عارفا بالأصول، حسن المشاركة في العلوم. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، والتاج صالح الحاكم، وابن الظاهري، وطائفة سواهم. وكان واصلا عند الأمير شمس الدين لؤلؤ نائب المملكة، وبينهما صُحبة من الموصل. ودرّس بالنورية بحلب وبغيرها، وتخرج به جماعة. وقد انتقى لنفسه جزءاً عن شيوخه. ودخل حلب أولا في سنة اثنتين وستمائة، ثم قدمها سنة عشرين وبها تُوُفّي رحمه الله في الرابع عشر من جمادى الآخرة، وقد جاوز الثمانين. 186 - إسحاق بن إبراهيم بن عامر. الشيخ أبو إبراهيم الغرناطي الطوسي، بفتح الطاء. قرا بمرّاكش وتأدب. أخذ بها القراءآت عن عليّ بن هشام الجذاميّ. وسمع من خال أمه أبي عبد الله بن زرقون بعض ' مسلم '، ومن: أبي محمد بن عُبَيْد الله. قال: وأجاز لي شيخ والدي أبو عبد الله بن خليل العبسي سنة سبعين، ولي ست سنين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 193 وكان قد تفرد عن أبي علي الغساني. وكان الطوسي أديبا شاعراً عالماً، زمنا. وكان يتلو كل يوم ختمة. وهو آخر من حدَّث عن ابن خليل. عاش تسعين سنة، أرخه ابن الزبير، وقال: روى عنه جماعة من جِلّة أصحابنا، واختلفت إليه كثيراً 187 - إقبال. الحبشي ثم المصري، عتيق أبي الجود ندي الحنفي. سمع من: العماد الكاتب والأرتاحي. روى عنه: الدمياطي، والمصريون. وتُوُفّي في ثالث المحرم. 188 - أَيْبَك بن عبد الله. التركماني، السلطان الملك المعز، عز الدين، صاحب مصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 194 كان أكبر مماليك الملك الصالح نجم الدين، خدمه ببلاد الشرق، وكان جهاشنكيره، فلما قتل الملك المعظم بن الصالح اتفقوا على أيبك التركماني هذا، ثم سلطنوه. ولم يكن من كبار الأمراء، لكنه كان معروفا بالعقل والسداد والدين، وترك المسكر، وفيه كرم وسكون. فسلطنوه في أواخر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، فقام الفارس أقطاي وسيف الدين الرشيدي وركن الدين البندقداري، وجماعة من الأمراء في سلطنة واحد من بيت المملكة، وأنفوا من سلطنة غلام، فأقاموا الأشرف يوسف بن الناصر يوسف بن المسعود أقسيس صاحب اليمن بن السلطان الملك الكامل، وكان صبيا له عشر سنين، وجعلوا أيبك التركماني أتابكه، وأخروه عن السلطنة، وذلك بعد خمسة أيام من سلطنته. ثم كان التوقيع يخرج وصورته: ' رسم بالأمر العالي السلطاني الأشرفي والملكي المعزي '. واستمر الحال والمعز هو الكل، والصبي صورة. وجرت أمور ذكرنا منها في الحوادث. وكان طائفة من الجيش المصري كاتبوا بعد هذا بمدة الملك المغيث الذي بالكرك وخطبوا له بالصالحية، فأمر الملك المعز بالنداء بالقاهرة أن الديار المصرية لأمير المؤمنين، وأن الملك المعز نائبه. ثم جددت الأيمان للملك الأشرف بالسلطنة، وللمعز بالأتابكية. وقد جرى للمعز مصاف من الناصر صاحب الشام، وانكسر المعز، ودخلت الناصرية مصر وخطبوا لأستاذهم، ثم انتصر المعز وانهزم الناصر إلى الشام. ووقع بعد ذلك الصلح بين الملكين. وكان على كتف المعز خشداشه الفارس أقطايا الجمدار، فعظم شأنه، والتف عليه البحرية. وكان يركب بالشاويش ويطلع إلى السلطنة، ولقبوه سرا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 195 بالملك الجواد، فقتله المعز، وتمكن من السلطنة. وتزوج في سنة ثلاث وخمسين بشجر الدر أم خليل صاحبة السلطان الملك الصالح. وكان كريما جوادا، كثير العطاء، حسن المداراة، لا يرى الجور ولا العسف، بنى بمصر مدرسة كبيرة. واتفق أنه خطب بنت السلطان بدر الدين صاحب الموصل وراسله، فغارت شجر الدر وعزمت على الفتك به وإقامة غيره. قال الشيخ قطب الدين: فطلبت صفي الدين ابن مرزوق، وكان بمصر، فاستشارته ووعدته بالوزارة، فأنكر عليها ونهاها عنه، فلم تُصِغْ إلى قوله، وطلبت مملوكا للطواشي محسن الصالحي وعرفته بأمرها ووعدته ومنَّته إنْ قَتَل المعز، ثم استدعت جماعة من الخدام واتفقت معهم. فلما كان يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ربيع الأول لعب المعز أيبك بالكرة، وصعد إلى القلعة آخر النهار، وأتى الحمّام ليقلب عليه ماء، فلما قلع ثيابه وثب عليه سنجر الجوهري والخدام فرموه وخنقوه. وطلبت شجر الدر ابن مرزوق على لسان الملك المعز فركب حماره وبادر ودخل القلعة من باب السر، فرآها جالسة والمعز بين يديها ميتا، فأخبرته بالأمر فعظم عليه جدا، واستشارته فقال: ما أعرف ما أقول، وقد وقعت في أمر عظيم ما لك منه مخلص. ثم طلبت الأمير جمال الدين أيدغدي، العزيزي، وعز الدين أيبك الحلبي الكبير، وعرضت عليهما السلطنة ؛ فلما ارتفع النهار شاع الخبر واضطرب الناس ثم اتفقوا على سلطنة الملك المنصور علي بن الملك المعز وعمره يومئذ خمس عشرة سنة، وجعلوا أتابكه الأمير علم الدين سنجر الحلبي المشد. وأُخرِجت هي من دار السلطنة بعد أن امتنعت بها أياما. وجُعِلت في البرج الأحمر، وقبضوا على الجواري والخدّام وسنجر الجوهري، ثم صُلِب هو وأستاذه وجماعة من الخدام. وفي ثاني ربيع الآخر ركب الملك المنصور بالله السلطنة. وقال غيره: غارت شجر الدر ورتبت للمعز سنجر الجوهري مملوك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 196 الفارس أقطايا، فدخل عليه الحمّام لكمه فرماه، ولزم الخدام بمعاريه، وبقيت هي تضرب بالقبقاب وهو يستغيث ويضرع إليها إلى أن مات، رحمه الله. ومات في عَشْر الستين، وخُنِقتْ هي بعد كما يأتي. 189 - أيبك. الأمير الكبير عز الدين الحلبي. كان من أعيان أمراء الدولة الصالحية، وفي مماليكه عدة أمراء. وقد عُيِّنَ للسلطنة بعد قتل المعز التركماني. واتفق أنه في عاشر ربيع الآخر تقنطر به فرسه بظاهر القاهرة، فمات من ذلك. ويومئذ قبضوا على نائب السلطنة الجديد، وهو علم الدين سنجر الحلبي الصغير وسجنوه، واضطربت القاهرة، وهربت جماعة من الأمراء والجُنْد إلى الشام. قال ابن واصل: في عاشر ربيع الآخر قبض مماليك المعز وهم قطز، وسنجر الغتمي، وبهادر على أتابك الجيش الذي نُصِّبَ بعد قتل المعز الأمير عَلَم الدين سنجر الحلبي الصغير، لأنهم تخيلوا منه طمعا في الملك، وأنزلوه إلى الجُبّ، فوقع في البلد اضطراب شديد، وهرب أكثر الصالحية إلى جهة الشام، وتقنطر بالأمير عز الدين الحلبي الكبير فرسه، وكذلك الأمير ركن الدين خاص تُرك الصغير. فهلكا خارج القاهرة. وتبع العسكر المنهزمين فقبضوا على أكثرهم، وقبض على الوزير الفائزي، وفوضت الوزارة إلى قاضي قُضاة القاهرة بدر الدين السنجاري. وأخذت جميع أموال الفائزي ثم خُنِق. - حرف الباء - 190 - بغدي. الأمير الكبير، بهاء الدين الأشرفي، ثم الصالحي، المعري، مقدم الحلقة المنصورة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 197 وقعت خبطة في القاهرة فاجتمع أكثر الأمراء في دار بغدي الأشرفي بين القصرين بسبب تغير خاطر السلطان الملك المنصور بن المعز على سيف الدين قطز، ثم رضي عليه المنصور وخلع عليه، وسكنت الفتنة. فلما كان في رابع رمضان ركب مقدَّم العسكر بغدي الأشرفي والأمير بدر الدين بلغان الأشرفي في جماعة من العسكر، وأتوا قلعة مصر لحرب من بها من المعزية فتقلل جمعهما، وأسلمهما جندهما، وقُبِض عليهما بعد أن جُرح بغدي. ووثبت المعزية على الأمراء الأشرفية كأيبك الأسمر وأرز الرومي، والسابق الصيرمي فمسكوهم ونُهِبت حواصلهم. 191 - بهيّة. ستُّ البهاء بنت أبي الفتح إبراهيم بن بدر العطار. سمعت من: الكِنْديّ. وحدَّثت. وماتت في ربيع الآخر. - حرف الخاء - 192 - خاصّ تُرْك. ركن الدين الصالحي. من كبار الأمراء، تقنطر به فرسه هو وعز الدين الحلبي المذكور، يوم القبض على عَلَم الدين الحلبي، فمات أيضاً. 193 - خُسْرُوا. شمس المُلْك، ركن الدين بن علاء الدين محمد بن الحسن بن الصباح الباطني، النزاري، صاحب قلعة الألموت، ورئيس الإسماعيلية ببلاد العجم، وصاحب الدعوة الملعونة. دامت الرئاسة فيه وفي أبيه وجدّه دهراً طويلاً، وكان سِنانُ كبير
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 198 الإسماعيلية بالشام في دولة السلطان صلاح الدين من دعاة الحسن بن الصباح. ودعوتهم ودينهم كُفْرٌ وزندقة، والسلام. قدم هولاكو ونازل قلعة الألموت مدة في سنة خمس وخمسين إلى أن أخذها مظفر بركن الدين هذا فقتله، وقتل معه طائفة من الملاحدة. 194 - خليل بن أحمد بن خليل بن بادار بن عمر. أبو الصفا التبريزي، الصوفي. قدِم دمشق شابا. وسمع بها من: عمر بن طبرزد، وغيره. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وتُوُفّي في شوال وقد أسن وجاوز التسعين. - حرف الشين - 195 - شَجَرُ الدُّرّ. جارية السلطان الملك الصالح، وأم ولده خليل. كانت بارعة الجمال، ذات رأي ودهاء وعقل. ونالت من السعادة ما لم ينلها أحد من نساء زمانها. وكان الملك الصالح يحبها ويعتمد عليها، ولما تُوُفّي على دمياط أخفت موته، وكانت تعلم بخطها مثل علامته وتقول: السلطان ما هو طيب. وتمنعهم من الدخول إليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 199 وكانت الأمراء والخاصكية يحترمونها ويطيعونها، وملّكوها عليهم أياما. وتسلطنت وخُطِب لها على المنابر إثر قتل السلطان الملك المعظم بن الصالح. ثم تزوج بها المعز، واستولت عليه وأشارت عليه بقتل الفارس أقطايا فقتله. ثم غارت منه لمّا خطب بنت لؤلؤ صاحب الموصل فقتلته في الحمّام، وقتلت وزيرها القاضي الأسعد. قال شيخنا قطب الدين، كان الصالح يحبها كثيرا، وكانت في صُحبته لما اعتُقل بالكرك، وولدت له هناك الأمير خليل، ومات صبيا. ولما قُتِل المعظم تملكت الديار المصرية وخُطِب لها على المنابر. وكانت تعلّم على المناشير وتكتب: ' والدة خليل '. وبقيت على ذلك ثلاثة أشهر، ثم استقرت السلطنة للأشرف. ثم تزوجها المعز، فكانت مستولية عليه ليس له معها كلام. وكانت تُركيّةً ذات شهامة وقوة نفس. وقيل إن المعز ملّ من احتجارها عليه واستطالتها، ورُبّما عزم على إهلاكها، فقتلته. فأخذها مماليكه بعد أن أمنوها فاعتقلوها في برج، والملك المنصور ابن المعز التركماني وأمه يحرضان على قتلها. فلما كانت بُكْرة يوم السبت حادي عشر ربيع الآخر أُلْقِيَت تحت قلعة مصر مقتولةً مسلوبةً، ثم حُمِلت إلى تُربتها التي بَنَتْها لها بقرب تُربة السيدة نفيسة. وكان الصاحب [بهاء] الدين ابن حِنَّا قد وَزَرَ لها. ولما قتلت المعز وتيقنت أنها مقتولة أودعت جملة من المال فذهبت، وأعدمت جواهر نفيسة كسرتها في الهاون. قال ابن واصل: كانت حسنة السيرة، لكن الغَيْرة حَمَلَتْها على ما فعلت. قال ابن أنجب: نُقِش اسمها على الدينار والدرهم. وكان الخطباء يقولون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 200 بعد الدعاء للخليفة: ' واحفَظِ اللَّهُمَّ الجِهَةَ الصّالحةَ، ملكةَ المسلمين، عِصْمَة الدّنيا والدّين، أمّ خليل المستعصميّة، صاحبةَ السّلطان الملك الصّالح '. - حرف العين - 196 - عبد الله بن أبي القاسم عمر بن عبد الرّحيم بن عبد الرحمن بن الحَسَن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد ابن محمد بن الحسين بن عليّ الكرابيسيّ. أبو حامد ابن العجميّ، الحلبيّ. تُوُفّي بين دمشق وحلب، وهو راجع من دمشق في سَلْخ ذي القعدة، وله إحدى وخمسون سنة. سمع من: أبيه، والافتخار الهاشمي، وجماعة. 197 - عبد الله بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي. أبو محمد المقدسي الحنبلي، المؤدب. سمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي. وتُوُفّي في النصف من رمضان وله ثمان وخمسون سنة. روى عنه الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة. 198 - عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن الحَسَن بن عبد الله بن عثمان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 201 الإمام نجم الدين أبو محمد البادرّائي البغدادي، الشافعي الفرضي. وُلِد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عبد العزيز بن مَنِينا، وأبي منصور سعيد بن محمد الرزاز، وسعيد بن هبة الله الصباغ، وجماعة. وتفقه وبرع في المذهب، ودرّس بالمدرسة النظامية وترسل عن الديوان العزيز غير مرة. وحدث بحلب، ودمشق، ومصر، وبغداد. وبنى بدمشق المدرسة الكبيرة المشهورة به. وكان صدرا محتشما، جليل القدر، وافر الحرمة. قال شيخنا الدمياطي، أحسن إلي ولقيت منه أَثَرَةً وبرًّا في السفر والحضر ببغداد، ودمشق، والموصل، ومصر، وحلب. وصحبته تسع سنين. وقد ولّي قضاء القضاة ببغداد خمسة عشر يوما. قتل أبو شامة: ويوم ثامن عشر ذي الحجة عُمِل بدمشق عزاء الشيخ نجم الدين الباذرائي بمدرسته بدمشق. قلت: وكان فقيها عالما ديّنا، متواضعا، دمِثَ الأخلاق، منبسطا، وقد اشتهر أن الزين خالد بن يوسف الحافظ قال للبادرائي: تذكر ونحن بالنظامية والفقهاء يلقبونني ' حولتا ' ويلقبونك ' الدعشوش '. فتبسم وحملها. وكان يركب بالطرحة، ويسلم على من يمر به. عافاه الله من فتنة التتار الكائنة على بغداد، وتوفاه في أول ذي القعدة. وروى عنه أيضا: ركن الدين أحمد القزويني، وتاج الدين صالح الجعبري، وبدر الدين محمد بن التوزي الحلبي، ومحمد بن محمد الكنجي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 202 وقد وُلّي القضاء على كُرْهٍ ما وعاجلته المنية. 199 - عبد الحقّ بن أبي منصور بن محمد بن الحسن. أبو التقي المنبجي التاجر. حدث عن: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وإسماعيل بن عثمان القارئ. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، والكمال إسحاق الأسدي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وتُوُفّي في ثامن ذي القعدة بمدينة مَنْبِج. 200 - عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد. عز الدين أبو حامد المدائني، المعتزلي، الفقيه الشاعر، الأديب، أخو الموفق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 203 وُلِد سنة ست وثمانين وخمسمائة. روى بالإجازة عن: عبد الله بن أبي المجد الحربي. وهو معدود في أعيان الشعراء كأخيه. وله ديوان مشهور. وهو من شيوخ الدمياطي، وغيره. بل الصواب موت الأخوين في سنة ست وخمسين. 201 - عبد الرحمن بن عثمان بن حبيب. أبو محمد الزرزاري، قاضي عزاز. تُوُفّي بعزاز في رجب. وحدَّث عن: الإفتخار الهاشمي، وغيره. 202 - عبد الرحمن بن محمود. أبو محمد العكبري، الحنبلي. حدث عن: أبي القاسم ابن الحرستاني. ومات في شعبان. ودُفِن بجبل قاسيون. 203 - عبد الرحمن بن أبي الفهم عبد المنعم بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن عبد الله بن أحمد بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 204 المحدث المعمر، تقي الدين، أبو محمد اليلداني، الدمشقي الشافعي. وُلِد بيلدان في أول سنة ثمان وستين وخمسمائة، وطلب الحديث على كِبَر ورحل فسمع من: ابن كليب، وابن بوش، والمبارك بن المعطوش، وهبة الله ابن الحسن السبط، وغياث بن الحسن بن البنا، وأعز بن علي الظهري، ودُلَف بن قوفا، والحسن بن أُشنانة، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وبقاء بن جُنَّد، وأبي علي بن الخُرَيْف، وعبد الله بن جوالق، وعبد الرحمن بن أحمد العمري، وخلْق كثير. وسمع بالموصل: أبا منصور مسلم بن علي السيحي. وبدمشق: أبا الحجاج يوسف بن معالي الكناني، والخشوعي، والبهاء بن عساكر، ونصر الله بن يوسف الحارثي: وعبد الخالق بن فيروز، وحنبل المكبر، وجماعة. وكتب الكثير بخطه. وكان ثقة، صالحا، مفيدا. روى عنه: سِبْطُه عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن الزراد، والبدر بن التوزي، والجمال علي بن الشاطبي، والشرف محمد ابن رقية، وأبو عبد الله محمد بن زباطر، ومحمد بن أحمد القصاص، وأبو المعالي بن البالسي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود العقرباني، ويحيى بن مكي العقرباني، والفقيه عبد الله بن محمد المراكشي، وزينب بنت عبد الله بن الرضي، وخلق سواهم. وتُوُفّي بيلدان، وكان خطيبا بها، في ثامن ربيع الأول، وانقطع بموته شيء كثير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 205 قال أبو شامة: دُفِن بقريته، وكان شيخا صالحا، مشتغلا بالحديث سماعاً وإسماعاً ونسخاً إلى أن تُوُفّي. أخبرني أنه كان مراهقا حين طهّر نور الدين محمود بن زنكي ولده. وأنه حضر الطهور، ولعب الأمراء بالميدان، وأنه أتى من القرية مع الصبيان للفرجة. قلت: هذا بخلاف ما تقدم، والذي تقدم هو الذي ذكره الشريف في ' الوفيات '، والدمياطي، وغيرهما. وكتب هو بخطه في إجازة كتب فيها سنة إحدى وأربعين: ومولدي في مُسْتَهَلّ المحرم سنة ثمان وستين. قلت: هذا أصح والوهم من اليلداني، فإن الإمام شهاب الدين ثقة متقن. ثم قال شهاب الدين: وأخبرني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: يا رسول الله، ما أنا رجلٌ جيّد؟ فقال: بلى، أنت رجلٌ جيد. 204 - عبد [الرحيم] بن أبي جعفر أحمد بن عليّ بن طلحة. المحدث الحافظ، أبو القاسم الأنصاري، الخزرجي، الشاطبي، ثم السبتي المعروف بابن عُلَيْم. لَقَبَهُ أمين الدين. وُلِد سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وسمع بقرطبة: أبا محمد بن حوط الله ؛ وبمراكش: أبا القاسم أحمد بن بقي. وحج سنة ثلاث عشرة وستمائة فسمع بمصر، ودمشق، وبغداد. فسمع: محمد بن عماد، والفخر الفارسي، وعبد القوي بن الجباب، وعلي بن أبي الكرم بن البناء المكي، والشهاب السُّهْرَوَرْديّ، وابن روزبة، والقطيعي، وأبا صادق بن صباح، وابن الزبيدي، وعز الدين أبا الحسن بن الأثير، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 206 ورجع إلى المغرب. قال الأبار: قدم تونس سنة اثنتين وأربعين فسمعت عليه جملة. وقال عز الدين الحسيني: رجع إلى المغرب وقد حصَّل جملة كثيرة من الحديث مصنفات وأجزاء، واستوطن تونس، وروى بها الكثير حتى كان يعرف فيها بالمحدث. وكان صدوقا، صحيح السماع، محبا في هذا الشأن. قال: وامتنع في آخر أيامه من التحديث. وقال: قد اختلط، وكان لذلك. تُوُفّي في الحادي والعشرين من ربيع الأول. سمع الوادياشي من جماعة من أصحابه بتونس. 205 - عبد الصّمد بن خليل بن مقلّد بن جابر. أبو محمد الأنصاري الدمشقي، الصّبّاغ، المعروف بسِبْط ابن جهيم. وُلِد بعد الستين وخمسمائة بدمشق. وحدث عن الأمير مؤيد الدولة أسامة بن منقذ بشيء من شِعره، وهو آخر من روى في الدنيا عنه. تُوُفّي في السادس والعشرين من ربيع الأول. ورضه الشريف. 206 - عبد العزيز بن مروان بن أحمد بن المفضَّل بن عقيل بن حَيْدَرة. البجلي، الدمشقي. روى عن: حنبل. وهو من شيوخ الدمياطي. مات في ذي الحجة. 207 - عبد الكريم بن نصر الله بن محمد بن المسلَّم بن المعلَّى بن عليّ بن أبي سُرَاقة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 207 أبو القاسم الهمداني، الدمشقي. وُلِد في صفر سنة سبع وستين وخمسمائة. وسمع من: المبارك بن فارس الماوردي، والأمير أبي المظفر أسامة بن منقذ، وغيرهما. وهو أخو أبي بكر الفضل الذي روى عن حنبل، ولم أعرفهما بعد. وأما أبوهما فمن شيوخ ابن خليل، يروي عن نصر الله المصيصي. تُوُفّي أبو القاسم في سابع شعبان. 208 - عبد المُعطي بن عليّ بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن محارب. أبو محمد القيسي، الأندلسي، ثم الإسكندراني. سمّعه عمه أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي القاسم البوصيري. ورحل معه إلى دمشق وبغداد فسمع وحدث. وتُوُفّي بالصعيد في هذه السنة. 209 - عبد الوهّاب بن عبد الخالق بن عبد الله بن عليّ بن صَدَقَة. الفقيه الإمام، زين الدين، أبو محمد الأزدي الإسكندراني، المالكي، المعروف بابن السباك. وُلِد سنة تسع وثمانين. وسمع من: عبد المجيب بن زهير، وابن المفضل الحافظ. وحدَّث. وكان مدرّساً بالثغر. مات في ربيع الأول. 210 - عليّ بن محمد بن عليّ بن شُرَيْح. أبو الحسن الإسكندراني. روى عن: عبد الرحمن بن موقا. وعنه: الدمياطي. ومات في ثالث صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 208 211 - عليّ بن محمد بن الرّضا بن حمزة بن أميركا. الشريف أبو الحسن الحسيني الموسوي، الطوسي، الأديب، الشاعر، المعروف بابن دفتر خوان. وُلِد بحماه، وبها تُوُفّي في ربيع الآخر وله ست وستون سنة. كان فاضلا شاعرا محسنا، له مصنفات أدبية. وقد امتدح المستنصر بالله وغيره. 212 - عمر بن سعيد بن عبد الواحد بن عبد الصّمد بن تحمس. أبو القاسم الحلبي. روى حضورا عن: يحى الثقفي. وسمع من: ابن طبرزد، وجماعته. روى عنه: الفخر بن علي بن البخاري، وأبو محمد الدمياطي، والتاج الجعبري، والبدر بن التوزي، وجماعة. وتُوُفّي في سادس ربيع الأول بحلب. - حرف الغين - 213 - غازية بنت السّلطان الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 209 زوجة المظفر صاحب حماة، وأم الملك المنصور صاحب حماة والملك الأفضل أمير علي. لما مات زوجها كانت هي مدبرة دولة حماه ؛ وكانت ديّنةً صالحة، محتشمة. ولدت المنصور سنة اثنتين وثلاثين، والأفضل سنة خمس وثلاثين. وتُوُفّيت في تاسع عشر ذي القعدة. ويقال لها: الصّاحبة. ولمكان أبيها وأخيها السلطان الملك الصالح أيوب بقي مُلك حماة في ولدها. وربَّتْ عندها أختها، ثم زوجها بالسعيد عبد الملك ابن الصالح إسماعيل، فقدمت من حماة، وبنى بها في آخر سنة اثنتين وخمسين فولدت له الملك الكامل. ثم ماتت وللولد سنتان، فتُوُفّيَت بعد أختها صاحبة حماة بليال من شهر ذي القعدة بدمشق، فدفنوها بتربة والدها الملك الكامل، وشهد دفنها السلطان الملك الناصر يوسف. والعجب أن في الشهر ماتت الأخت الثالثة، وهي بنت الملك الكامل بن العادل زوجة الملك العزيز صاحب حلب. تُوُفّيت بالرستن، وكانت قد توجهت من دمشق إلى حماة. مات الثلاث في أسبوع. - حرف الميم - 214 - محمد بن إبراهيم بن جَوبر. المحدث أبو عبد الله الأنصاري، المقرئ، البلنسي. سمع كتاب ' التيسير ' من أبي بكر بن أبي حمزة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 210 وسمع ' الموطّأ ' و ' الشّفاء ' لعياض، وأشياء. يروي عنه: أبو إسحاق الغافقي، وأبو جعفر بن الزبير، وطائفة. وجوبر: بجيم مشوبة بشين. وقد قرأ بالروايات على أبي جعفر الحصار، وغيره. ثم وقفت على ترجمته لتلميذه ابن الزبير فقال محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن جوبر العدل، أبو عبد الله الأنصاري، البزاز. روى عن: أبي حمزة، وأبي عمر بن عات، وأبي الخطاب بن واجب، ومحمد بن خَلَف بن...، وله سماع كثير على ابن واجب، وله اعتناء بالرواية، ورحلة في الأندلس وغرب العدوة. وألف ' برنامجاً '. وكان بزازا، كثير السكوت، دائم الوقار، عدلا، ضابطا. قرأ القرآن على أبي بكر الطرطوشي، عن ابن هذيل. وقد أخذ عنه: أبو عبد الله الطنجالي، وأبو إسحاق البلفيقي. ووفاته في ذي القعدة. 215 - محمد بن الحسين بن عبد الله. العلامة الكبير، تاج الدين أبو الفضائل الأرموي، المتكلم الأصولي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 211 صاحب [الحاصل من] ' المحصول '، وتلميذ الإمام فخر الدين الرازي. روى عنه شيخنا الدمياطي شِعْراً سمعه من الفخر، وقال: مات قبل وقعة بغداد. قلت: عاش قريبا من ثمانين سنة. وكان من فُرسان المناظرين. 216 - محمد بن سيف. اليونيني، الزاهد. كان صالحا ورعا، كريما، كبير القدر، من أصحاب الشيخ عبد الله. وله زاوية بيُونين. تُوُفّي في هذه السنة، وخلفه في الزاوية ابن أخيه الشيخ الصالح سليمان بن علي بن سيف، رضي الله عنه. 217 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 212 الإمام الأوحد، شرف الدين، أبو عبد الله السلمي، الأندلسي المرسي، المحدث، المفسر، النحوي. وُلِد بمرسية في ذي الحجة سنة تسع وستين، وقيل: سنة سبعين، وخمسمائة. وعُنِي بالعلم، وسمع ' الموطّأ ' بالمغرب بعلو من الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن عُبَيْد الله الحجري. وسمع من: عبد المنعم بن الفَرَس. وحج، ورحل إلى العراق، وخراسان، والشام، ومصر. وكان كثير الأسفار قديماً وحديثا. سمع من المنصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وأبي روح الهروي. وببغداد من أصحاب قاضي المرستان، وخلْق. روى عنه: الحافظ أبو عبد الله بن النجار، مع تقدمه، الدمياطي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 213 ومحب الدين الطبري، والقاضيان تقي الدين الحنبلي، وجمال الدين محمد بن سومر المالكي، والخطيب شرف الدين الفزاري، وعماد الدين ابن البالسي، ومحمد بن يوسف الذهبي، ومحمد بن يوسف بن المهتار، وبهاء الدين إبراهيم بن القدسي، والشرف عبد الله بن الشيخ، والشمس محمد بن التاج، وسعد الدين يحيى بن سعد، ومحمود بن المراتبي، ومحمد بن نعمة، وعلي القصيري، ومحمود الأعسر، وخلق كثير من أهل مكة، ودمشق، ومصر. ذكره ابن النجار فقال: حج وقدم طالبا سنة خمس وستمائة، فسمع الكثير، وقرأ الفقه والأصول. ثم سافر إلى خراسان. وسمع بنيسابور، ومرو، وهراة، وعاد مجتازا إلى الشام، ثم حج وقدم بغداد في سنة أربع وثلاثين، ونزل بالمدرسة النظامية، وحدَّث ' بالسنن الكبير ' للبيهقي، و ' بغريب الحديث ' للخطابي، عن منصور الفراوي. وعلقت عنه من شعره. وهو من الأئمة الفضلاء في جميع فنون العلم. له فهم ثاقب وتدقيق في المعاني. وله مصنفات عديدة، وله النظم والنثر المليح. وهو زاهد متورع، كثير العبادة، فقير، مجود، متعفف، نزه النفس، قليل المخالطة، حافظ لأوقاته، طيب الأخلاق، متودد. ما رأيت في فنه مثله. أنشد لنفسه: (مَن كان يرغب في النّجاة فما له .......... غير اتّباع المصطَفَى فيما أتى)
(ذاك السّبيلُ المستقيمُ وغيرُهُ .......... سُبُلَ الضّلالة والغواية والرّوى)
(فاتّبِعْ كتابَ الله والسُّنَنَ الّتي .......... صحَّت فذاك إذا اتّبعت هو الهُدى)
(وَدَعِ السّوالَ بِكَم وكيفَ فإنَّهُ .......... باب يجُرّ ذوي البصيرةِ للعَمَى)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 214
(الدّينُ ما قال الرسّول وصَحْبُهُ .......... والتّابعونَ ومن مناهجهم قفا) وقال عمر بن الحاجب: سألت الحافظ ابن عبد الواحد عن المرسي فقال: فقيه، مناظر نحوي، من أهل السنة، صحبنا في الرحلة، وما رأينا منه إلا خيرا. وقال أبو شامة: كان متقنا محقق البحث، كثير الحج، مقتصدا في أموره، كثيرا للكتب معتنيا بالتفتيش عنها محصلا لها. وكان قد أعطي قبولا في البلاد. وقال الشريف: تُوُفّي في منتصف ربيع الأول بعريش مصر فيما بينه وبين الزعقة وهو متوجه إلى دمشق، ودفن ليومه بتل الزعقة. وكان من أعيان العلماء وأئمة الفضلاء، ذا معارف متعددة، بارعا في علم العربية وتفسير القرآن، وله مصنفات مفيدة، ونظم حسن. وهو مع ذلك متزهد، تارك للرئاسة، حسن الطريقة، قليل المخالطة للناس. تأخر من أصحابه أيوب الكحال ويوسف الختني. وترك كتبا عظيمة. قرأت بخط العلاء الكندي إنّ كُتُب المرسي كانت مودعة بدمشق، فرسم السلطان ببيعها، فكانوا في كل ثلاثاء يحملون منها جملة إلى دار السعادة لأجل البادرائي، ويحضر العلماء، فاشترى البادرائي منها جملة كثيرة، وبيعت في نحو من سنة. وكان فيها نفائس، وأحرزت كتبه ثمناً عظيما، وصنف تفسيرا كبيرا لم يتمه، والله أعلم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 215 218 - محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم. أبو عبد الله التجيبي البلنسي، المحدث. ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع الكثير، وعني بهذا الشأن. وجمع لنفسه ' فهرسة ' ذكر فيها جماعة من شيوخه منهم: أبو بكر بن أبي حمزة، وابن نوح الغافقي، وابن زلال، والحصّار، وأبو بكر عتيق قاضي بلنسية. ولزم أبا الخطاب بن واجب فأكثر عنه. وهو ثقة مرضي. تُوُفّي في ذي القعدة بسبتة. 219 - محمد بن عبد السّلام بن أبي المعالي بن أبي الخير بن ذاكر بن أحمد بن الحسن بن شَهْرَيار. أبو عبد الله الكازروني، ثم المكي. سمع من: يحيى بن ياقوت البغدادي، وزاهر بن رستم. وحدث بحلب. روى عنه: الدمياطي، وأبو نصر محمد بن محمد الشيرازي. ومات بمكة في الثامن والعشرين من ذي الحجة عن بضعٍ وثمانين سنة، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 216 220 - محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن سلامة بن عليّ بن صَدَقَة. الحراني، ثم الدمشقي، التاجر. تُوُفّي في ربيع الأول. وقد روى بالإجازة عن: أبي الفرج ابن الجوزي. 221 - محمد بن عمر بن محمد بن عبد الله. عماد الدين السهروردي، ثم البغدادي، الصوفي. وُلِد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفرج بن الجوزي، وعبد الوهاب ابن سكينة. وسمع بدمشق من: بهاء الدين القاسم ابن الحافظ. روى عنه: الدمياطي، وحفيده أبو القاسم عبد المحمود بن عبد الرحمن بن محمد السهروردي، وغيرهما. وكان يلقب بأبي جعفر بن الشيخ شهاب الدين. تُوُفّي في عاشر جمادى الآخرة. وثنا عنه إسحاق بن النحاس. وكان كبير القدر. 222 - محمد بن عمر بن محمد بن جعفر. أبو عبد الله الهمداني، المقرئ، الحنبلي. حدَّث عن: أبي الفتوح البكري. وكان رجلا صالحا، زاهدا، عالما. كتب عنه: الدمياطي، وغيره. وحكى عنه الحافظ أبو عبد الله. ومات في خامس جمادى الآخرة. 223 - محمد بن عِياض بن محمد بن عِياض بن موسى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 217 القاضي أبو عبد الله اليحصبي، السبتي. روى عن: أيوب بن عبد الله الفهري، وجماعة. وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني، وخلف. وكان كبير القدر، من قضاة العدل. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة، وهو... صاحب التصانيف. 224 - محمد بن الإمام أبي القاسم بن فِيْرُّه بن خَلَف. أبو عبد الله الرعيني، الشاطبي، ثم المصري، المعدل. وُلِد بمصر في سنة ست أو سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع من أبيه ' حرز الأماني في القراءآت '، ومن: البوصيري، والأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير، وغيرهما. روى عنه: الفخر التوزري، ويوسف الختني، والعماد محمد بن الجرائدي بقوله. وبالإجازة أبو المعالي بن البالسي. وتُوُفّي في شوال. 225 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضِر. مهذب الدين، أبو نصر بن البرهان المنجم الحلبي، الحاسب، الشاعر، الآملي الأصل. وُلِد بحلب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 218 وتُوُفّي بصرخد. له ديوان شعر، و ' مقدمة في الحساب '. 226 - محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان. أبو بكر الزهري، البلنسي، ويعرف بابن محرز. سمع من: أبيه ؛ ومن: خاليه أبي بكر وأبي عامر ابني الإمام أبي الحسن بن هذيل، وأبي محمد بن عبيد الله الحجري، وأبي العطاء وهب بن نذير، وجماعة. وأجاز له: أبو بكر بن خيرة، وأبو القاسم عبد الرحمن بن جبيس، وأبو الحسن بن الفرات، وأبو القاسم هبة الله البوصيري، وأبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: كان أحد رجال الكمال علما وإدراكا وفصاحة، مع الحفظ للفقه والتفنن في العلوم وحفظ اللغات. وله شعر رائق بديع. سمعت منه كثيرا، وتُوُفّي ببجاية في ثامن عشر شوال. وولد في سنة تسع وستين وخمسمائة. قلت: روى عنه ابن الزبير أيضا، وابن الغماز. 227 - محمد بن محمود بن محمد بن حسن. الإمام أبو المؤيد الخوارزمي، الحنفي، الخطيب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 219 وُلِد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وتفقه على نجم الدين طاهر بن محمد الحفصي، وغيره. وسمع بخوارزم من الشيخ نجم الدين الكبري. وولي قضاء خوارزم وخطابتها بعد أخذ التتار لها. ثم تركها وقدم بغداد وسمع بها، ثم حج وجاور، ورجع على مصر ؛ وقدم دمشق، ثم عاد إلى بغداد ودرّس بها. وحدّث بدمشق. ومات ببغداد في ذي القعدة. 228 - محمد بن مسلم بن سليمان بن هلال. أبو عبد الله الرقي. وُلِد سنة سبعين وخمسمائة بالرقة. ورحل فسمع من: هبة الله بن الحسن بن السبط، وأبي حامد عبد الله بن مسلم بن جوالق، وجماعة. وبدمشق من: حنبل المكبر، وأبي محمد عبد الوهاب بن هبة الله الجلالي ؛ وبهمدان من: محمد بن محمد بن أبي بكر الكرابيسي. وحدَّث بالرقة. وتُوُفّي في هذا العام. وكان شيخا فاضلا. 229 - محمد بن يحيى. أبو الفضل الموصلي، الطبيب، المعروف بابن السيحي. سمع من: عمه أبي منصور مُسَلَّم بن علي. روى عنه: الدمياطي وقال: مات في ربيع الآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 220 230 - ماجد بن سليمان بن عمر. القاضي أبو العلاء القرشي، الفهري، المكي، قاضي مكة. حدُّث عن: يونس الهاشمي. وعاش إحدى وتسعين سنة. 231 - منصور بن عبّاس. الصاحب الإمام عميد الدين الحنبلي. ببغداد. رتب ' جامع المسانيد ' على الأبواب. وتُوُفّي يوم الأحد سلْخ ذي القعدة. - حرف الهاء - 232 - هبة الله بن صاعد. الوزير شرف الدين، القاضي الأسعد الفائزي. خدم الملك الفائز إبراهيم بن الملك العادل. وكان نصرانيا فأسلم. وكان رئيسا كريما، خبيرا، متصرفا. ثم خدم الملك الكامل، ثم ابنه الملك الصالح. ووزر للملك المعز التركماني، وتمكن منه إلى أن ولاّه أمور الجيش. وقد كاتبه الملك المعز مرة: المملوك أيبك. وهذا لم يفعله ملك بمملوكه. ثم بعده وزر لولده الملك المنصور أياما. ثم قبض عليه سيف الدين قطز وصادره. قال قطب الدين في ' تاريخه ': قال القاضي برهان الدين السنجاري: دخلت عليه الحبس فسألني أن أتحدث في إطلاقه، على أن يحمل في كل يوم ألف دينار. فقلت له: كيف تقدر على هذا؟ قال: أقدر عليه إلى تمام السنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 221 وإلى سنة يفرج الله. فلم يلتفت مماليك المعز إلى ذلك وبادروا بهلاكه وخنق. وقيل: بل أطعموه بطيخا كثيرا، وربطوا إحليله حتى هلك بالحصر. وقد زوج ابنته بالصاحب فخر الدين بن حِنّا فأولدها الصاحب تاج الدين محمد بن محمد وأخاه زين الدين أحمد. وله من الولد: بهاء الدين بن القاضي الأسعد، كان فيه زهد ودين، فاحتاج وطلب أن يخدم في بعض الفروع. وللبهاء زهير الكاتب فيه قبل أن يُسلِم: (لعن الله صاعداً .......... وأباه فصاعدا)
(وبنيه فنازلاً .......... واحداً ثمّ واحدا)
- حرف الياء - 233 - يحيى بن أسعد بن يحيى بن عساكر. أبو منصور الإسكندراني، نجم الدين الشروطي، الموقع. حدث عن: الحافظ: أبي الحسن بن المفضل، وجعفر بن رزيك. روى عنه: الدمياطي، وقال: كان موقّع الحكم. تُوُفّي في صفر بالإسكندرية. 234 - يحيى بن سليمان بن هادي. السبتي الرجل الصالح، نزيل القرافة. كان صاحب زاوية، وله أتباع ومريدون. وحصل له قبول تام من الخاصة والعامة. وشهر بالصلاح والدين. وقيل: إنه كان لا يأكل الخبز، وهذا يدل على قلة الإخلاص، نسأل الله السلامة في الدين. تُوُفّي في نصف شوال
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 222 235 - [...] بن الحسين بن محمد بن الجَبّاب. السعدي، موفق الدين، أبو الحجاج المصري. روى عن: البوصيري، والأرتاحي. وقد حدّث من بيته جماعة. تُوُفّي في ثاني عشر ذي القعدة. 236 - يوسف بن أبي بكر. جمال الدين الجزري السفار، عم صاحبنا شمس الدين محمد المؤرخ. ذكر في ' تاريخه ' أنه تُوُفّي ببغداد، وأنه أعتق في عمره نحوا من ثلاثين نسمة، وأنه أوصى بثلث ماله صدقة، وخلف أربعة آلاف دينار وكسر، وولدين وبنتا. * * * وفيها وُلِد: قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن محمد بن صصرى ؛ وشمس الدين محمد بن أبي بكر بن طرخان الصالحي ؛ والزاهد أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن قطرال الأندلسي بمراكش ؛ والشرف صالح بن محمد بن عربشاه المقرئ ؛ والشمس محمد بن أبي بكر بن أبي طالب، إمام الربوة، بخُلْف ؛ والشيخ محمد بن أبي الزهر بن سالم الغسولي ؛ وعبد الصمد بن العفيف عثمان بن عبد الصمد الذهبي ؛ وأحمد بن عبد الله بن الرضى المقدسي كحيل ؛ والفخر إسماعيل بن محمد بن عبد ربه المصري، الخياط ؛ وعلي بن منصور بن محمد اليمني الصوفي ثم المصري ؛ والكمال محمد بن محمد بن علي بن القسطلاني ؛ والشيخ محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن سراقة الأنصاري، رويا عن ابن البرهان ؛ وعزيز الدين حسين بن علي بن محمد بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 223 العماد الكاتب في أواخرها ؛ ونصير الدين عبد الله بن محمد بن سعيد، في نصف شوال ؛ ومحمد بن عمر بن عبد الله ابن خطيب بيت الأبار بها ؛ والبهاء يوسف بن أحمد العجمي ؛ والصدر علي بن محمد بن محمد بن الأبزاري، يروي عن النجيب. والفخر محمد بن محمد بن محمد بن النطاع، بمصر، سمع النجيب ؛ والمعظم عيسى بن داود بن شيركوه ؛ والشهاب أحمد بن عبد الرحمن العز الواني، سمع ابن عبد الدائم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 224
سنة ست وخمسين وخمسمائة
- حرف الألف - 237 - أحمد بن إبراهيم بن عيسى المجير. القرشي، الدمشقي، الكتبي، والد المحدث محمد بن المجير. تُوُفّي فيها. 238 - أحمد بن أسعد بن حلوان. الطبيب نجم الدين، المعروف بابن التفاخ. قرأ على صدقة السامري. ومهر في الطب، وصنف فيه مصنفات. وخدم صاحب آمد الملك المسعود، وصاحب صهيون. وأقام ببعلبك مدة. تُوُفّي بدمشق في عَشْر السبعين. وقد مر سنة اثنتين. 239 - أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 225 الإمام أبو العباس الأنصاري، القرطبي، المالكي، الفقيه، المحدث، المدرّس، الشاهد، نزيل الإسكندرية. وُلِد بقرطبة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع بها من علي بن محمد بن جعفر اليحصبي، ولا أعرفه ؛ وبتلمسان من: محمد بن عبد الرحمن التجيبي ؛ وبسبتة من: القاضي أبي محمد بن حوط الله. وقدم ديار مصر، وحدث بها. واختصر الصحيحين، ثم شرح ' مختصر مسلم ' بكتاب سماه ' المُفْهِم ' أتى فيه بأشياء مفيدة. وكان بارعا في الفقه والعربية، عارفاً بالحديث. تُوُفّي بالإسكندرية في رابع عشر ذي القعدة. ويعرف في بلاده بابن المزين. حمل عنه: القاضي جمال الدين المالكي، وجماعة. وقال الدمياطي، أخذت عنه، وأجاز لي مصنفاته. وله كتاب ' كشف القناع عن الوجه والسماع ' أجاد فيه وأحسن. وقد سمع أكثر ' الموطّأ ' في سنة ستمائة من عبد الحق بن محمد بن عبد الحق الخزرجي. أنبا أبي: أنبا ابن الطلاع بسنده: قرأت بخط أبي حيان أنه أحمد بن إبراهيم بن عمر بن أحمد نزيل الإسكندرية، يعرف بابن المزين، صنعة لأبيه ؛ وُلِد بقرطبة بعد الثمانين. سمع من: عبد الحق، وأبي جعفر بن يحيى، وأبي عبد الله التجيبي ؛ وأخذ نفسه بعلم الكلام، وأن الجوهر الفرد لا يقبل الانقسام، وتغلغل في تلك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 226 الشعاب. ثم نزع إلى علم الحديث وفقهه على تعصب. ولم يكن في الحديث بذاك البارع. وله اقتدار على توجيه المعاني بالاحتمال. وهي طريقة زل فيها كثير من العلماء. وذكر هذا القدر أيضا ابن مسدي في ' معجمه '. 240 - أحمد بن محمد بن أبي الوفاء بن أبي الخطّاب بن محمد بن الهزِبْر. الأديب الكبير، شرف الدين، أبو الطيب ابن الحلاوي الربعي، الشاعر، الموصلي، الجندي. وُلِد سنة ثلاث وستمائة، وقال الشعر الفائق. ومدح الخلفاء والملوك. وكان في خدمة بدر الدين صاحب الموصل. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان من ملاح الموصل، وفيه لطف وظرف وخسن عشرة وخفة روح. وله في الملك الناصر داود قصيدة بديعة، منها: (أحيا بموعده قتيلَ وعيده .......... رشاً يشوب وصاله بصدوده)
(قمرٌ يفوق على الغزالة وجهه .......... وعلى الغزال بمقلتيه وجيده) وله القصيدة الطنانة التي رواها الدمياطي في ' معجمه ' عنه، وهي:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 227
(حكاهُ من الغُصْن الرّطِيب ورِيقُه .......... وما الخمرُ إلاّ وجْنَتَاهُ ورِيقُهُ)
(هِلالٌ ولكنْ أُفْقَ قلبي محلُّهُ .......... غزالٌ ولكنْ سفْحُ عيني عقيقُهُ)
(أَقَرَّ لهُ من كلّ حُسْنٍ جليلُهُ .......... ووافَقَهُ من كلّ معنىً دقيقُهُ)
(بديُع اتتني راح قلبي أسيرَهُ .......... على أنّ دمعيَ في الغرام طليقُهُ)
(على سالِفَيْه للعِذار جديده .......... وفي شَفَتَيْه للسُّلافِ عَتيقُهُ)
(يهدّدُ منه الطَّرْفُ مَن ليس خصْمَهُ .......... ويُسكرُ منه الرّيقُ من لا يذوقُهُ)
(على مثله يَستحسنُ الصَّبُّ هَتْكه .......... وفي حبّه يجفو الصّديقَ صديقُهُ)
(من التُركِ لا يصيبه وجُدٌ إلى الحِمى .......... ولا ذِكْرُ باناتِ الغُوَيْر تشوقُهُ)
(له مَبْسمٌ يُنسي المُدام بريقِهِ .......... ويُخجلُ نوّارَ الأقاصي بَريقُهُ)
(تداويتُ من حَرّ الغرام ببَرْدِهِ .......... فأُضرم من ذاك الرحيق حريقُهُ)
(حكى وجهُهُ بدرَ السّماء فلو بدا .......... مع البدْر قال الناّس: هذا شقيقُهُ)
(وأشبه زهْر الرَّوْض حُسْناً وقد بدا .......... على عارِضَيْه آسُه وشقيقُهُ)
(وأشبهت من الخصْر سُقْماً فقد غدا .......... يحمّلني الخصرُ ما لا أطيقُهُ) في أبيات أخر تركتها. سار مع لؤلؤ فمات بتبريز في جمادى الأولى كهلا. وهو القائل: (جاء غلامي فشكا .......... أمر كميتي وبكى)
(وقال ليَ لا شكّ .......... بِرْذونك قد تشبَّكا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 228
(قد سُقْتُهُ اليوم فما .......... مشى ولا تحرّكا)
(قلت: تخادعني فدعْ .......... حديثَكَ المعلَّكا)
(لو انّه مُسَيَّرٌ .......... لما غدا مشبّكا)
(فَمُذْ رأى حلاوةَ ألفاظ .......... منّي ضَحِكا) 241 - أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن عليّ بن محمد. القاضي أبو المعالي التنوخي، المعري، قاضي المعرة. أخو سعيد وابن عم مظفر. وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالمعرة، وقدم دمشق فسمع من: الخشوعي، والخطيب أبي القاسم الدولعي، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، والعفيف إسحاق، وجماعة. وجده محمد هو أبو المجد أخو الشيخ أبي العلاء بن سليمان المعري. مات بالمعرة في ربيع الأول، وهو من بيت قضاء وتقدم. 242 - أحمد بن مودود بن أبي القاسم. أبو العباس الخلاطي، ثم المكي، الصوفي. يروي عن: يحيى بن ياقوت. وعنه: الدمياطي. تُوُفّي بالقاهرة في ذي القعدة. 243 - إبراهيم بن أبي بكر إسماعيل بن عليّ الزّعبيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 229 أبو إسحاق البغدادي، المراتبي، الحمامي. سمع من ابن شاتيل كتاب ' الشكر ' لابن أبي الدنيا، وغير ذلك. روى عنه: الدمياطي، وقطب الدين ابن القسطلاني، وعفيف الدين مزروع، ومحمد بن محمد الكنجي. وتفرد في وقته. مات في المحرم أيام الحصار. وقد أجاز عاما. 244 - إبراهيم الزّغبيّ الأسود. من أعيان الفقراء بدمشق. مات في جمادى الأولى، ودفن بالقبة إلى جانب الشيخ رسلان. 245 - إبراهيم بن هبة الله. أبو إسحاق بن بالجيش الموصلي. روى عن: ابن طبرزد، وغيره. وعنه: الدمياطي، وإسحاق الأسدي. قُتِل بحلب. 246 - إبراهيم بن يحيى بن أبي المجد. الإمام أبو إسحاق الأميوطي، الشافعي. وُلِد في حدود السبعين وخمسمائة. وتفقه على جماعة. وولي القضاء بالأعمال، ودرّس بالجامع الظاهري مدة، وأفتى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 230 وكان من كبار الأئمة مع ما فيه من الدين والتواضع، والإيثار مع الإقتار، والإفضال مع الإقلال. وكان لطيف الشمائل، مطبوعا ؛ له شعر رائق. كتب عنه الشريف عز الدين وقال: تُوُفّي - رحمه الله - في سابع ذي القعدة. 247 - إسحاق بن عبد المحسن بن صَدَقَة. أبو أيوب البصري، الحنبلي، التاجر، راوي ' جزء ابن بجيد ' عن المؤيد الطوسي، سمعه سنة خمس عشرة. روى عنه: الدمياطي، والعماد ابن البالسي، وابن الظاهري، ومحمد بن إبراهيم ابن القواس، ويحيى بن يحيى بن بكران الجزري حضورا. وحدث في سنة خمس. وكأنه مات في سنة ست. 248 - أسعد بن إبراهيم بن حسن. الأجل مجد الدين النشابي، الكاتب، الإربلي. وُلِد بإربل سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وكان في صباه نشابيا. وتنقل في الجزيرة والشام، ثم وُلّي كتابة الإنشاء لصاحب إربل قبل العشرين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 231 وستمائة، ونفده رسولا إلى الخليفة. ثم كان في صحبته لما وفد إلى الخليفة الإمام المستنصر بالله في سنة ثمان وعشرين، وحضر مع مخدومه بين يدي المستنصر فأنشد مجد الدين في الحال: (جلالةُ هيبةِ هذا المقامِ .......... تحيِّرُ عالِمَ عِلْم الكلامْ)
(كأنّ المناجي به قائماً .......... يناجي النّبيّ عليه السّلام) ثم في سنة تسع وعشرين غضب عليه صاحب إربل وحبسه. ثم خدم بعد موت صاحب إربل ببغداد. ومن شعره: (ولمّا رأى بالتّرك هتْكي ورام أنْ .......... يكتم منه بهجة لم تكتم)
(تشبّه بالأَعراب عند التثامه .......... بعارضه يا طِيب لثْم الملثّم)
(شكا خصره من ردفه فتراضيا .......... بفصلهما بند القباء المكرم)
(ورد جيوش العاشقين لأنّه .......... أتاهم بخطّ العارض المتحكم) اختفى مجد الدين النشابي أيام التتار ببغداد، وسلم. ثم مات في أثناء السنة. 249 - إسماعيل بن محمد بن يوسف. برهان الدين أبو إبراهيم الأنصاري، الأندلسي، الأبدي. سمع بدمشق من: عمر بن طبرزد ؛ وبمكة من جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 232 وأم بالصخرة مدة. وكان فاضلا صالحا، شاعرا. وأبّدة، بالباء المشددة، بُلَيْدة بالأندلس. تُوُفّي في الثالث والعشرين من المحرم بالقدس. 250 - إياس. أبو الجود، وأبو الفتح، مولى التاج الكندي، مشرف الجامع الأموي، والمتكلم في بسطه وحصره وزيته. وكان حنفيا. حدَّث عن: معتقه الكندي. وكان مولده بأنطاكية في حدود الثمانين وخمسمائة. روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال. تُوُفّي رحمه الله في جمادى الأولى. - حرف الباء - 251 - بكُتوت العزيزيّ. الأمير الكبير، سيف الدين، أستاذ دار السلطان الملك الناصر. كان ذا حرمة وافرة، ورتبة عالية، ومهابة شديدة ويد مبسوطة، وبيده الإقطاعات الضخمة. وله الأموال الجمة. وكان شجاعا جيد السياسة. تُوُفّي مجردا بالنواحي القبلية، ودخل غلمانه وأعلامه منكسة والسروج مقلبة. ويقال إن ابن وداعة سمه في بطيخة. ومنذ تُوُفّي وقع الخلل وتغيرت أحوال الملك الناصر يوسف. - حرف الحاء - 252 - حاصر بن محمد بن حاصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 233 أبو العلاء البلنسي، الحكيم، المحدث. سمع ببلنسية من: الحافظ أبي الربيع بن سالم الكلاعي ؛ وبتونس من جماعة، وبالإسكندرية وديار مصر من أصحاب السلفي. ومن: ابن المقر. وحدث. ومات في هذه السنة. 253 - الحسن بن أبي العباس أحمد بن أبي طاهر الحسن بن عبد الله بن الحسين. شرف الدين، أبو طاهر التميمي، المعري، ثم الدمشقي، الطبيب. سمع من: أبي سعد عبد الواحد بن علي بن محمد بن حمويه، وأبي طاهر الخشوعي. روى عنه: الدمياطي والعفيف إسحاق، والشمس ابن الزراد، ومحمد بن المحب، وغيرهم وحدث بدمشق ومصر. ومات في ثامن عشر ربيع الآخر وله ثمانون سنة. ودُفن بقاسيون. يروي ' مشيخة ' وجيه. 254 - الحسن بن كُرّ. الأمير الكبير فتح الدين البغدادي. من أكبر الزعماء. كان موصوفا بالشجاعة والكرم وأصالة الرأي. قيل إنه ما أكل شيئا إلا وتصدق بمثله. وكان يحب الفقراء. استشهد في ملتقى هولاكو. نقله الظهير الكازروني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 234 255 - الحسن بن محمد بن أبي الفتوح محمد بن أبي سعد محمد بن محمد بن عَمْرُوك بن محمد بن عبد الله بن حسن بن القاسم بن عْلقمة بن النَّصْر بن مُعاذ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن الصّديق أبي بكر رضي الله عنه. الشريف الحافظ، صدر الدين أبو علي القرشي، التيمي، البكري، النيسابوري، ثم الدمشقي، الصوفي. وُلِد بدمشق في سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع بمكة من: جده، ومن أبي حفص عمر بن عبد المجيد الميانشي ؛ وبدمشق من: ابن طبرزد، وحنبل، وجماعة ؛ وبنيسابور من: المؤيد الطوسي، وزينب، والقاسم بن الصفار ؛ وبهراة من: أبي روح، وجماعة ؛ وبمرو من: أبي المظفر بن السمعاني ؛ وبإصبهان من: أبي الفتوح محمد بن محمد بن الجنيد، ومحمد بن أبي طالب بن شهريار، وعين الشمس الثقفية، وحفصة بنت حمكا، ومحمد بن أبي طاهر بن غانم، وداود بن معمر، وجماعة. وبهمدان من: أبي عبد الله محمد بن أحمد الروذراوري. وببغداد من: عبد العزيز بن الأخضر، ومن: الحسين بن شنيف، وأحمد بن الحسن العاقولي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 235 وبإربل من: عبد اللطيف بن أبي النجيب السهروردي ؛ وبالموصل من: محمد بن عبد الرحمن الواسطي. وبحلب من: الإفتخار عبد المطلب، وبالقدس من: أبي الحسن علي بن محمد المعافري. وبالقاهرة من: أبي القاسم عبد الرحمن مولى ابن باقا، وطائفة من أصحاب ابن رفاعة، والسلفي. وعني بهذا الشأن أتم عناية، وكتب العالي والنازل، وخرج وصنف. وشرع في جمع تاريخ ذيلا ' لتاريخ دمشق '، وحصل منه أشياء حسنة، وعدم بعد موته. وروى الكتب الكبار ' كالأنواع ' لابن حبان، و ' الصحيح ' لأبي عوانة، ' والصحيح ' لمسلم، وخرّج ' الأربعين البلدية '. وسمع من: الشيخ تقي الدين ابن الصلاح بخراسان أحاديث عن أبي روح، وحمل عنهم خلق كثير منهم: الدمياطي، والقطب القسطلاني، والمحب عبد الله بن أحمد، وأخوه محمد بن أحمد، والشرف عبد الله بن الشيخ، والضياء محمد بن الكمال أحمد، والشمس محمد بن الزراد وهو راويته، والتاج أحمد بن مزيز، وأبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن الدقاق، والجمال علي بن الشاطبي، والعماد ابن البالسي، وأخوه عبد الله، والزين أبو بكر بن يوسف المقرئ، والبدر محمد بن التوزي، وعبد العزيز بن يعقوب الدمياطي، وأبو الفتح القرشي. وولي مشيخة الشيوخ بدمشق وحسبتها. ونفق سوقه في دولة المعظم. كان جدهم عمروك بن محمد من أهل مدينة طيبة فدخل نيسابور وسكنها. وأصاب الفالج أبا علي قبل موته بسنتين. وانتقل في أواخر عمره إلى مصر فتُوُفّي بها في حادي عشر ذي الحجة. وليس هو بالقوي. ضعفه عمر بن الحاجب فقال: كان إماما، عالما، لسنا، فصيحا، مليح الشكل، أحد الرحالين في الحديث، إلا أنه كان كثير البهت، كثير الدعاوَى، عنده مداعبة ومجون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 236 داخل الأمراء وولي الحسبة، ثم ولاه المعظم مشيخة الشيوخ، وقرئ منشوره بالسميساطية، ودام على ذلك مدة. ولم يكن محمودا بعدد مظالم. وكان عنده نداوة لسان، سألت الحافظ ابن عبد الواحد عنه فقال: بلغني أنه كان يقرأ على الشيوخ، فإذا أتى إلى كلمة مشكلة تركها ولم يبينها. وسألت البرزالي عنه فقال: كان كثير التخليط. 256 - الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن يوسف. الإمام شرف الدين، أبو عبد الله الهذباني، الإربلي، الشافعي، اللغوي. وُلِد سنة ثمان وستين وخمسمائة بإربل. وقدم الشام. فسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وحنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن الزنف، والكندي، وطائفة. ورحل وهو كهل، فسمع ببغداد من: أبي علي بن الجواليقي، والفتح بن عبد السلام، وعبد السلام الداهري. وقد عُنِي عناية وافرة بالأدب، وحفظ ' ديوان المتنبي ' و ' الخطب النباتية ' و ' مقامات الحريري '. وكان يعرف هذه الكتب ويحل مشكلها ويقرئها. وتخرج به جماعة من الفضلاء. وكان دَيِّناً، ثقة، جليلا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 237 روى عنه: الدمياطي، والخطيب شرف الدين، والمخرمي، ومحمد بن الزراد، وعبد الرحيم بن قاسم المؤدب، وأبو الحسين اليونيني، وأخوه قطب الدين، وأبو علي بن الخلال، وجماعة. وتُوُفّي في ثاني ذي القعدة بدمشق. 257 - الحسين بن محمد بن الحسين بن علوان. المولى الكبير، عز الدين، أخو شيخ الشيوخ صدر الدين ابن النيار. كان وكيل أولاد المستعصم بالله، وكان يدري الجبر والمقابلة. قال لنا الظهير الكازروني في ' تاريخه ': لما شاهد القتل فدى نفسه بعشرة آلاف دينار فأطلق، وأوى إلى مدرسة مجد الدين. ثم أدركته المنية في ربيع الأول، يعني بعد شهر، رحمه الله تعالى. 258 - حمزة بن عليّ بن حمزة بن عليّ بن حمزة بن أحمد بن أبي الحَجّاج. أبو يعلى العدوي، الدمشقي، المعدل. حدَّث عن: الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، والأبيوردي. تُوُفّي في صفر بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 238
- حرف الدال - 259 - داود بن عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل. الخطيب، عماد الدين، أبو المعالي، وأبو سليمان الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي، خطيب بيت الأبار، وابن خطيبها، وبها وُلِد في سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعبد الخالق بن فيروز الجوهري، وعمر بن طبرزد، وحنبل، والقاسم بن عساكر، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، والعماد ابن البالسي، والشمس نقيب المالكي، والخطيب شرف الدين، والفخر بن عساكر، وولده الشرف محمد بن داود، وطائفة من أهل القرية. وكان ديّناً، مهذبا، فصيحا، مليح الخطابة، لا يكاد أن يسمع موعظته أحد إلا وبكى. خطب بدمشق ودرس بالزاوية الغزالية في سنة ثمان وثلاثين بعد الشيخ عز الدين ابن عبد السلام لما انفصل عن دمشق. ثم عُزل العماد بعد ست سنين ورجع إلى الخطابة في القرية. تُوُفّي في حادي عشر شعبان، ودفن ببيت الأبار، وحضره خلق من أهل المدينة، رحمه الله تعالى. 260 - داود.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 239 السلطان الملك الناصر صلاح الدين، أبو المفاخر، وأبو المظفر بن السلطان الملك المعظم شرف الدين عيسى بن العادل محمد بن أيوب بن شادي بن مروان. وُلِد بدمشق في جمادى الآخرة في سنة ست وستمائة. وسمع ببغداد من: أبي الحسن القطيعي، وغيره. وبالكرك من: ابن اللتي. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو رَوْح عبد العز. وكان حنفي المذهب، عالما، فاضلا، مناظرا، ذكيا، له اليد البيضاء في الشعر والأدب، لأنه حصل طرفا جيدا من العلوم في دولة أبيه. وولي السلطنة في سنة أربع وعشرين بعد والده، وأحبه أهل دمشق. ثم سار عمه الملك الكامل من الديار المصرية لأخذ الملك منه، فاستنجد بعمه الأشرف فجاء لنصرته ونزل بالدهشة، ثم تغير عليه ومال إلى أخيه الكامل، وأوهم الناصر أنه يصلح قضيته، فسار إلى الكامل، واتفقا على الناصر وحاصراه، كما ذكرنا في الحوادث، أربعة أشهر، وأخذا منه دمشق، وسار إلى الكرك، وكانت لوالده، وأُعطيَ معها الصلت ونابلس وعجلون وأعمال القدس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 240 وعقد نكاحه على بنت عمه الكامل سنة تسع وعشرين. ثم تغير عليه الكامل تغيرا زائدا، ففارق ابنته قبل الدخول. ثم إن الناصر بعد الثلاثين قصد الإمام المستنصر بالله وقدم له تحفا ونفائس، وسار إليه على البرية، والتمس الحضور بين يديه كما فعل بصاحب إربل، فامتنعوا عليه، فنظم هذه القصيدة: (وبانٍ أَلَمَّتْ بالكثيب ذوائبُهُ .......... وجنْحُ الدُّجَى و [خفٌ] تجولُ غياهِبُهْ)
(تُقَهقهُ في تلك الرُّبُوع رُعُودُهُ .......... وتبكي على تلك الطُّلُول سحائبُهْ)
(أرِقْتُ له لمّا توالتْ بروقُهُ .......... وحُلّتْ عزاليه، وأُسبلَ سالبُهْ)
(إلى أن بدا من أشقر الصُّبْح قادمٌ .......... يُراعُ له من أَدْهم اللَّيل هاربُهْ)
(وأصبح ثغرُ الأُقْحُوانةِ ضاحكاً .......... تُدغدغُهُ رِيح الصَّبا وتُلاعبُهْ) وهي قصيدة طنانة طويلة يقول فيها: (ألا يا أمير المؤمنين، ومَن غَدَتْ .......... على كاهل الجَوْزاء تَعْلُو مراتبُهْ)
(أَيَحْسُنُ في شَرْع المعالي ودينِها .......... وأنت الّذي تُعْزَى إليه مذاهبُهْ)
(بأنّي أخوض الدّوّ والدّوُّ مُقْفِرٌ .......... سباريته مُغْبَرَّةٌ وسباسِبُهْ)
(وقد رصد الأعداء لي كلَّ مرصدٍ .......... وكُلُّهم نحوي تَدُبّ عقاربُهْ)
(وآتيك والعضْبُ المُهَنَّد مُصْلَتٌ .......... طريرٌ شبَاهُ، قانياتٌ ذوائبُهْ)
(وأُنزلُ آمالي ببابك راجِياً .......... [فواضلَ جاهٍ] يبهرُ النَّجم ثاقبه)
(فتقبلُ منّي عبدَ رِقٍّ فيغتدي .......... له الدّهر عبداً طائعاً لا يغالبُهْ)
(وتُنعم في حقّي بما أنت أهلُهُ .......... وتُعْلي محلّي فالسُّها لا يقارِبُهْ)
(وتُلبسني من نسْج ظِلّك حلّةً .......... يُشرِّفُ قدرَ النَّيِّرَينْ جلائبُهْ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 241
(وتُركبني نُعمَى أياديك مركباً .......... على الفَلَكِ الأعلى تسير مراكبُهْ)
(وتسمحُ لي بالمال، والجاهُ بُغْيتي .......... وما الجاهُ إلاّ بعضُ ما أنتَ واهبُهْ)
(ويأتيك غيري من بلادٍ قريبةٍ .......... له الأمنُ فيها صاحبٌ لا يجانبُهْ)
(فيلقى دُنّوّاً منك لم ألقَ مثلهُ .......... ويحظى ولا أحظى بما أنا طالبُهْ)
(وينظر من لألاءِ قُدْسك نظرةً .......... فيرجع والنّورُ الإماميَّ صاحبُهْ)
(ولو كان يعلوني بنفسٍ ورُتبةٍ .......... وصدقِ وَلاءٍ لستُ فيه أصاقبُهْ)
(لَكُنْتُ أُسَلِّي النَّفْسَ عمّا ترومُهُ .......... وكنتُ أَذودُ العَيْن عمّا تراقبُهْ)
(ولكنّه مثلي ولو قلت إنّني .......... أزيدُ عليه لم يعِبْ ذاك عائبُهْ)
(وما أنا ممّن يملأ المالُ عينَهُ .......... ولا بِسِوى التّقريب تُقضَى مآربُهْ)
(ولا بالّذي يرضى دون نظيرهِ .......... ولو انجلت بالنَّيِّران مراكبُهْ)
(وبي ظمأٌ وُرْؤياكَ منْهلُ رّيهِ .......... ولا غرو أن تصفوا لي مشاربُهْ)
(ومن عجب أنّي لدى البحر واقفٌ .......... وأشكو الظَّمأ، والجم جمٌّ عجائبُهْ)
(وغيرُ مَلُومٍ مَن يؤمَّكَ قاصداً .......... إذا عَظُمَتْ أغراضُه ومذاهبُهْ) فوقعت هذه القصيدة من المستنصر بموقع، وأدخله عليه ليلا، وتكلم معه في أشياء من العلوم والآداب، ثم خرج سرا. وقصد المستنصر بذلك رعاية الملك الكامل. ثم حضر الناصر بالمدرسة المستنصرية، وبحث واعترض واستدل، والخليفة في روشن بحيث يسمع، وقام يومئذ الوجيه القيرواني فمدح الخليفة بقصيدة جاء منها:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 242
(لو كنت في يوم السّقيفة حاضراً .......... كنتَ المقدَّم والإمامَ الأورعا) قال الناصر: أخطأت، قد كان حاضرا العباس جد أمير المؤمنين، ولم يكن المقدم إلا أبو بكر، رضي الله عنه. فخرج الأمر بنفي الوجيه، فذهب إلى مصر، وولي بها تدريس مدرسة ابن سكر. ثم إن الخليفة خلع على الناصر فألبسه الخلعة بالكرك، وركب بالأعلام الخليفتية وزيد في ألقابه: ' المولى المهاجر '. ثم وقع بين الكامل والأشرف، وطلب كل منهما من الناصر أن يكون معه، فرجح جانب الكامل، وجاءه من الكامل في الرسلية القاضي الأشرف ابن القاضي الفاضل. ثم سار الناصر إلى الكامل، فبالغ الكامل في تعظيمه وأعطاه الأموال والتحف. ثم اتفق موت الملك الأشرف وموت الكامل، وكان الناصر بدمشق بدار أسامة، فتشوف إلى السلطنة، ولم يكن حينئذ أميز منه، ولو بذل المال لحلفوا له. ثم سلطنوا الملك الجواد، فخرج الناصر عن البلد إلى القابون، ثم سار إلى عجلون وندم، فجمع وحشد ونزل على السواحل فاستولى عليها. فخرج الجواد بالعساكر، فوقع المصاف بين نابلس وجينين، فانكسر الناصر واحتوى الجواد على خزائنه وأمواله، وكان ثقل الناصر على سبعمائة جمل، فافتقر ولجأ إلى الكرك، ونزل الجواد على نابلس، وأخذ ما فيها للناصر. وقد طول شيخنا قطب الدين ترجمة الناصر وجودها، وهذا مختار منها. ولما ملك الصالح نجم الدين أيوب دمشق وسار لقصد الديار المصرية جاء عمه الصالح إسماعيل وهجم على دمشق فتملكها. فتسحب جيش نجم الدين عنه، وبقي بنابلس في عسكر قليل، فنفذ الناصر من الكرك عسكرا قبضوا على نجم الدين وأطلعوه إلى الكرك، فبقي معتقلا عنده في كرامة. وكان الكامل قد سلم القدس إلى الفرنج، فعمروا في غربية قلعة عند موت
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 243 الكامل واضطراب الأمور واختلاف الملوك، فنزل الناصر من الكرك وحاصرها، ونصب عليها المجانيق فأخذها بالأمان وهدمها، وتملك القدس، وطرد من به من الفرنج، فعمل جمال الدين ابن مطروح: (المسجد الأقصى له عادةٌ .......... سارت فصارت مَثَلاً سائرا)
(إذا غدا بالكُفْر مُسْتَوطناً .......... أنْ يبعث الله له ناصرا)
(فناصرٌ طهَّرَهُ أوّلاً .......... وناصرٌ طهَّره آخِرا) ثم إنه كلم الصالح نجم الدين وقال له: إن أخرجتك وملكتك الديار المصرية، ما تفعل معي؟ قال: أنا غلامك وفي أسرك، قل ما شئت. فاشترط عليه أن يعطيه دمشق ويعينه على أخذها وأن يمكنه من الأموال، وذكر شروطا يتعذر الوفاء بها. ثم أخرجه وسار معه وقد كاتبه أمراء أبيه الكامل من مصر، وكرهوا سلطنة أخيه العادل. فلما تملك الديار المصرية وقع التسويف من الصالح والمغالطة، فغضب الناصر ورجع، وقد وقعت الوحشة بينهما. وزعم الصالح أنه إنما حلف له مكرها وقال: كنت في قبضته. وحكى ابن واصل عن صاحب حماه المنصور أن الملك الصالح لما استقر بمصر قال لبعض أصحابه: امض إلى الناصر وخوفه مني بالقبض عليه لعله يرحل عنا. فجاء ذلك وأوهمه، فسارع الخروج إلى الكرك. ثم إن الصالح أساء العشرة في حق الناصر وبعث عسكرا فاستولوا على بلاد الناصر، ولم يزل كل وقت يضايقه ويأخذ أطراف بلاده حتى لم يبق له إلا الكرك. ثم في سنة أربع وأربعين نازله فخر الدين ابن الشيخ. وحاصره أياما ورحل. وأما الناصر فقل ما عنده من المال والذخائر، واشتد عليه الأمر، فعمل هذه الأبيات يعاتب فيها ابن عمه الملك الصالح: (عمّي أبوكَ، ووالدي عمّ، به .......... يعلو انتسابُك كلَّ ملكٍ أَصْيَدِ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 244
(دَعْ سيفَ مِقْوليَ البليغِ يذبّ عن .......... أعراضِكم بفِرِنْدِه المتوقِّدِ)
(فهو الذي قد صاغ تاجَ فَخارِكم .......... بمفصّلٍ من لؤلؤ وزبرجدِ)
(لولا مقالُ الهَجْر منك لمَا بدا .......... منّي افتخارٌ بالقريضِ المُنْشَدِ) ثم أخذ - رحمه الله - يفتخر ويذكر جوده وجلالته، ويعرض باعتقاله للصالح وإخراجه. وفي سنة ست وأربعين قدم العلامة شمس الدين الخسروشاهي على الملك الصالح نجم الدين أيوب وهو بدمشق رسولا من الناصر، ومعه ولد الناصر الأمجد حسن، ومضمون الرسالة: إن تتسلم الكرك وتعوضني عنها الشوبك وخبزا بمصر. فأجابه ثم رحل إلى مصر مريضاً. ثم انثنى عزم الناصر عن ذلك لما بلغه مرض الصالح وخروج الفرنج. ثم دخلت سنة سبع، وضاقت يد الناصر عليه كلف السلطنة، فاستناب ابنه المعظم عيسى بالكرك، وأخذ ما يعز عليه من الجواهر، ومضى إلى حلب مستجيرا بصاحبها كما فعل عمه الصالح إسماعيل، فأكرمه. وسار من حلب إلى بغداد، فأودع ما معه من الجواهر عند الخليفة، وكانت قيمتها أكثر من مائة ألف دينار، ولم يصل بعد ذلك إليها. وأما والده الظاهر والأمجد، فإنهما تألما لكونه استناب عليهما المعظم، وهو ابن جارية، وهما ابنا بنت الملك الأمجد بن الملك العادل، فأمهما بنت عمه وبنت عم الصالح، وكانت محسنة إلى الصالح لما كان معتقلا بالكرك غاية الإحسان، وكان ولداها يأنسان به ويلازمانه، فاتفقا مع أمهما على القبض على الملك المعظم فقبضا عليه، واستوليا على الكرك، ثم سار الأمجد إلى المنصورة فأكرمه الصالح وبالغ، فكلمه في الكرك، وتوثق منه لنفسه وإخوته، وأن يعطيه خبزا بمصر، فأجابه، وسير إلى الكرك الطواشي بدر الدين الصوابي نائبا له. فجاء إلى السلطان أولاد الناصر وبيته فأقطعهم إقطاعات جليلة، وفرح بالكرك غاية الفرح مع ما هو فيه من المرض المخوف، وزينت مصر لذلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 245 وبلغ الناصر داود ذلك وهو بحلب، فعظم ذلك عليه. ثم لم يلبث الصالح أن مات، وتملك بعده ابنه تورانشاه قليلا، وقُتِل، فعمد الطواشي فأخرج الملك المغيث عمر بن الملك العادل بن السلطان الملك الكامل من حبْس الكرك، وملّكه الكرك والشوبك. وجاء صاحب حلب فتملك دمشق، ثم مرض بها مرضا شديدا، ومعه الصالح إسماعيل والناصر داود. فقيل إن داود سعى في تلك الأيام في السلطنة. فلما عوفي السلطان بلغه ذلك، فقبض عليه وحبسه بحمص، ثم أخرج عنه بعد مدة بشفاعة الخليفة، فتوجه إلى العراق فلم يؤذن له في دخول بغداد، فطلب وديعته فلم يحصل له. ثم رد إلى دمشق. ثم سار إلى بغداد في سنة ثلاث وخمسين بسبب الوديعة ولجج، وكتب معه الناصر صاحب الشام كتابا إلى الخليفة يشفع فيه في رد وديعته، ويخبر برضاه عنه، فسافر ونزل بمشهد الحسين بكربلاء وسير إلى الخليفة قصيدة يمدحه ويتلطفه، فلم ينفع ذلك. وهذه القصيدة: (مقامُكَ أعلى في النُّفوس وأعظَمُ .......... وحلمُكَ أرجَى في النُّفُوس وأكرمُ)
(فلا عجبٌ إنْ غُصَّ بالشِّعر شاعرٌ .......... وفُوّهَ مصطكُّ الّلهاتِن مُعْجِمُ)
(إليكَ أميرَ المؤمنين تَوَجُّهي .......... بوجهِ رجاءٍ عنده منكَ أنعُمُ)
(إلى ماجدٍ يرجوه كلّ مُمَجّدٍ .......... عظيمٍ ولا يرجوه إلاّ معظَّمُ)
(ركبتُ إليه ظَهْرَ يهماء قفرةٍ .......... بها تُسرِجُ الأعداءُ خيلاً وتُلجِمُ)
(وأشجارها يَنعٌ، وأحجارُها لمى .......... وأعشابُها نبْلٌ، وأمواهُهِا دمُ)
(رميتُ فَيَافيها بكلّ نجيبةٍ .......... بنسبتها يعلُو الجذيلُ وشَدْقَمُ)
(تُجاذِبُنا فضلَ الأزِمّة بعدما .......... براهُنَّ موصولٌ من السَّيْر مبرمُ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 246
(تسَاقَيْنَ من خمر الدّلال مُدامةً .......... فلا هُنَّ أيْقاظٌ، ولا هُنَّ نُوَّمُ)
(بطش الحصى في جَمْرة الَقْيظ بعدما .......... غدا يتبعُ الجبّارَ كلبٌ ومِرْزَمُ)
(يلوح سناريب الفَلاةِ مُسَطّراً .......... بأخفافها منه فصيحٌ وأعجمُ)
(تخالُ ابيضاض القاع تحتَ احمرارِها .......... قراطيسَ أوراق علاهنَّ عَنْدَمُ)
(فلمّا توسّطْن السماوةَ واغْتَدَتْ .......... تلفّتُ نحوَ الدّارِ شَوْقاً وتُرزِمُ)
(وأصبحَ أصحابي نَشَاوىَ من السُّرَى .......... تدورُ عليهم كرمه وهو مفحمُ)
(تنكَّرَ للخرّيت بالبِيدِ عُرْفُهُ .......... فلا عَلَمٌ يَعْلُو ولا النَّجمُ ينْجُمُ)
(فظلَّ لإِفْراط الأَسَى متندّماً .......... وإنْ كان لا يُجْدي الأسى والتَّنَدُّمُ)
(بسيوف الرُّغامَ ظلّله لهدايةٍ .......... ومنْ بالرُّغامِ يهتدي فهو يُرْغَمُ)
(يُنَاجي فِجاجَ الدّوِّ، والدّوُّ صامتٌ .......... فلا يسمعُ النَّجْوَى، ولا يتكلَّمُ)
(على حين قال الظّبيُ، والظّلُّ قالصٌ .......... وإذ مدت الغبراء، فهي جهنَّمُ)
(ووسَّع ميدانُ المنايا لخيلِهِ .......... وضاقَ مَجَالُ الرّيقِ والتحمَ الفمُ)
(فوحشُ الرّزايا بالرّزِيَّة حُضَّرٌ .......... وطيرُ المنايا بالمَنِيَّةِ حُوَّمُ)
(فلمّا تبدَّت كربلاء وتبيَّنتْ .......... قِبابٌ بها السِّبْطُ الشَّهيدُ المكرَّمُ)
(ولذتُ به متشفِّعاً مُتَحرّماً .......... كما يفعل المستشفعُ المتحرِّمُ)
(وأصبَح لي دون البريّة شافعاً .......... إلى مَن به مُعوجُّ أمري مُقَوّمُ)
(أنخْتُ رِكابي حين أيقنتُ أنّني .......... بباب أميرِ المؤمنين مُخَيّمُ)
(بحيث الأماني للأمان قسيمةٌ .......... وحيثُ العطايا بالعواطفِ تَقسَّمُ)
(عليك أمير المؤمنين تَهَجُّمي .......... بنفسٍ على الجَوْزاء لا تتهجَّمُ)
(تلوم أنْ تغشى الملوكَ لحاجةٍ .......... ولكنّها بي عنكَ لا تتلوَّمُ)
(فصُنْ ماءَ وجهي عن سِواكَ فإنّه .......... مَصُونٌ فصوناه الحياءُ والتكَرُّمُ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 247
(ألستُ بعبدٍ حُزْتني عن وراثةٍ .......... له عندكم عهدٌ تقادَمَ مُحكمُ)
(ومثليَ يُحْبى للفُتُوق ورتِقها .......... إذا هزّ خطّيٌّ، وجُرَّدَ مِخْذَمُ)
(فلا زلتَ للآمال تبقى مُسلّماً .......... وتغتابك الأملاك وهي تُسلّمُ) وحج رحمه الله وأتى المدينة وقام بين يدي الحجرة الشريفة منشدا قصيدة بديعة يقول فيها: (إليكَ امتطينا اليعملاتِ رواسماً .......... يَجُبْنَ الفَلا ما بين رضْوَى ويذْبُلِ)
(إلى خير من أطْرَتْهُ بالمدح أَلْسُنٌ .......... فصدَقها نصُّ الكتاب المُنَزَّلِ)
(إليك - رَسَولَ الله - قمتُ مُجمجماً .......... وقد كلّ عن نقل البلاغةِ مِقولي)
(وأدهشني نورٌ تألَّقَ مشرقاً .......... يلوحُ على سامي ضريحكَ من علِ)
(ثَنَتني عن مدحي لمجدك هيبة .......... يراع لها قلبي ويرعد مفصلي)
(وعِلمي بأنَّ اللهَ أعطاكَ مِدحةً .......... مُفصَّلُها في مُجْمَلاتِ المُفَصَّلِ) ثم أحضر شيخ الحرم والخدام، ووقف بين الضريح مستمسكا بسجف الحجرة الشريفة، وقال: اشهدوا أن هذا مقامي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخلت عليه مستشفعا به إلى ابن عمه أمير المؤمنين في رد وديعتي. فأعظم الناس هذا وبكوا، وكُتِب بصورة ما جرى إلى الخليفة. ولما كان الركب في الطريق خرج عليهم أحمد بن حجي بن بريد من آل مري يريد نهب الركب، فوقع القتال وكادوا يظفرون بأمير الحاج، فجاء الناصر يشق الصفوف، وكلم أحمد بن حجي، وكان أبوه حجي صاحبا للناصر وله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 248 عليه أياد، فانقاد له. ثم جاء الناصر ونزل بالحلة، وقرر له راتب يسير، ولم يحصل له مقصود. فجاء إلى قرقيسيا ومنها إلى تيه بني إسرائيل، وانضم إليه عربان، وذلك في أوائل سنة ست هذه، أو قبيل ذلك، فخاف المغيث منه فراسله وأظهر له المودة، وخدعه المغيث إلى أن قبض عليه وعلى من معه من أولاده، وحبسه بطور هارون، فبقي به ثلاث ليال. واتفق أن المستعصم بالله دهمه أمر التتار فنفذ إلى صاحب الشام يستمده، ويطلب منه جيشا يكون عليهم الناصر داود، فبعث صاحب الشام الملك الناصر يطلب الناصر من المغيث، فأخرجه المغيث، فقدم دمشق ونزل بقرية البويضا بقرب البلد، وأخذ يتجهز للمسير، فلم ينشب أن جاءت الأخبار بما جرى على بغداد، فلا قوة إلا بالله. وعرض طاعون بالشام عقيب ما تم على العراق، فطعن الناصر في جنبه. قال ابن واصل: وكثر الطاعون بالشام مع بعد مسافة بغداد. وحكى جالينوس أنه وقعت ملحمة في بلاد اليونان فوقع الوباء بسببها في بلاد النوبة مع بعد المسافة. قال ابن واصل: حكى لي عبد الله بن فضل أحد ألزام الناصر داود قال: اشتد الوباء فتسخطنا، فقال لنا الناصر: لا تفعلوا، فإنه لما وقع بعمواس زمن عمر رضي الله عنه قال بعض الناس: هذا رجز. فذكر الخبر بطوله، وأن معاذا قال: اللَّهُمَّ أَدْخِل على آل مُعاذ منه أَوْفَى نصيب. فمات مُعاذ وابنُه. ثم ابتهل الناصر وقال: اللَّهُمّ اجعلنا منهم وارزُقنا ما رزقتهم. ثم أصبح من الغد أو بعده مطعوناً. قال عبد الله: وكنت غائبا فجئت إليه وهو يشكو ألما مثل طعن السيف في جنبه الأيسر. قال ابن واصل: وحكى لي ولده المظفر غازي أن أباه سكن جنبه الأيسر فنام، ثم انتبه فقال: رأيت جنبي الأيسر يقول للأيمن: أنا صبرت لنوبتي، والليلة نوبتك، فاصبر كما صبرت. فلما كان عشية شكا ألما تحت جنبه الأيمن، وأخذ يتزايد، فبينا أنا عنده بين الصلاتين وقد سقطت قواه، إذ أخذته سنة فانتبه وفرائصه ترعد، فقال لي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والخضر عليه السلام، فدخلا إلي، وجلسا عندي، ثم انصرفا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 249 فلما كان في آخر النهار قال: ما بقي في رجاء، فتهيأ في تجهيزي. فبكيت وبكى الحاضرون، فقال: لا تكن إلا رجلا. لا تعمل عمل النساء. وأوصاني بأهله وأولاده، ثم قمت في الليلة في حاجة، فحدثني بعض فمن تركته عنده من أهله أنه أفاق مرعوبا فقال: بالله تقدموا إلي فإني أجد وحشة. فسئل: مم ذلك؟ فقال: أرى صفا عن يميني فيهم أبو بكر وسعد وصورهم جميلة، وثيابهم، بيض، وصفا عن يساري صورهم قبيحة فيهم أبدان بلا رؤوس وهؤلاء يطلبوني، وهؤلاء يطلبوني، وأنا أريد أروح إلى أهل اليمين. وكلما قال لي أهل الشمال مقالتهم قلت: والله ما أجيء إليكم، خلوني. ثم أغفى إغفاءة، ثم استيقظ فقال: الحمد لله خلصت منهم. قلت: وذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء وجلس عنده. وقال لابنه شهاب الدين غازي: تهيأ في تجهيزي ولا تغير هيئتك. وتُوُفّي ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى. وركب السلطان إلى البويضا، وأظهر التأسف والحزن عليه، وقال: هذا كبيرنا وشيخنا. ثم حمل إلى تربة والده بسفح قاسيون. وكانت أمه خوارزمية عاشت بعده مدة. وكان جوادا ممدحا. ولم يزل في نكد وتعب لأنه كان ضعيف الرأي فيما يتعلق بالمملكة. وكان معتنيا بتحصيل الكتب النفيسة، وتفرقت بعد موته. وقد وفد عليه راجح الحلي الشاعر وامتدحه، فوصل إليه منه ما يزيد على أربعين ألف درهم، وأعطاه على قصيدة واحدة ألف دينار. وأقام عنده الخسروشاهي، فوصله بأموال جمة. قال أبو شامة: تملك الناصر دمشق بعد أبيه نحوا من سنة، ثم اقتصر له على الكرك وأعماله. ثم سُلِبَ ذلك كله كما سُلِبه الإسكندر بن فيلبس، وصار متنقلا في البلاد، موكلا عليه، وتارة في البراري إلى أن مات موكلا عليه بالبويضا قبلي دمشق، وكانت لعمه مجير الدين ابن العادل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 250 صُلِّيَ عليه عند باب النصر، ودفن عند أبيه بدير مران. قلت: وقد روى عنه الدمياطي حديثا وقصيدة، وقال: أنا العلامة الفاضل الملك الناصر. وقال ابن واصل: عُمُرُهُ نحو ثلاث وخمسين سنة، وكان قد استولى عليه الشيب استيلاء كثيرا، رحمه الله. - حرف الراء - 261 - رُكْن الدّين ابن الدُّوَيْدار الكبير. من كبار الدولة المستعصمية، واسمه عبد الله بن الطبرسي. كان شابا مليحا، شجاعا، كريما. استشهد في ملتقى جيش هولاكو في المحرم. - حرف الزاي - 262 - زُهير بن محمد بن عليّ بن يحيى بن الحسن بن جعفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 251 الأديب البارع، الصاحب، بهاء الدين، أبو الفضل، وأبو العلاء الأزدي، المهلبي، المكي، ثم القوصي، المصري، الشاعر، الكاتب. وُلِد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمكة. وسمع من: علي بن أبي الكرم البناء، وغيره. وله ديوان مشهور. تقدم عند الملك الصالح نجم الدين وكتب له الإنشاء. ذكره قطب الدين فقال: وُلد بوادي نخلة بالقرب من مكة، وربي بالصعيد، وأحكم الأدب. وكان كريما فاضلا، حسن الأخلاق، جميل الأوصاف. خدم الصالح، وسافر معه إلى الشرق، فلما ملك الصالح ديار مصر بلغه أرفع المراتب، ونفذه رسولا إلى الملك الناصر صاحب حلب يطلب منه أن يسلم إليه عمه الصالح إسماعيل، فقال: كيف أسيره إليه وقد استجار بي وهو خال أبي ليقتله؟. فرجع البهاء زهير بذلك، فعظم على الصالح نجم الدين، وسكت على حنق. ولما كان مريضا على المنصورة تغير على البهاء زهير وأبعده، لأنه كان كثير التخيل والغضب والمعاقبة على الوهم، ولا يقبل عثرة، والسيئة عنده لا تغفر. واتصل البهاء بعده بخدمة الناصر بالشام، وله فيه مدائح، ثم رجع إلى القاهرة ولزم بيته يبيع كُتُبه وموجوده. ثم انكشف حاله بالكلية، ومرض أيام الوباء ومات. وكان ذا مروءة وعصبية ومكارم. قلت: روى عنه: الشهاب القوصي عدة قصائد، والدمياطي، وغيرهما. وقد استعمل المعاني بشعره. وهذه الأبيات له: (أَغُصْنَ النّقا لولا القوامُ المُهَفْهَفُ .......... لما كان يهواك المُعَنَّى المعنف
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 252
(ويا ظبيُ لولا أنّه فيك محاسِناً .......... [حَكَيْنَ] الّذي أهوى لما كنتَ تُوصَفُ) وله: (يا من لعبت به شمول .......... ما أحسن هذه الشّمائل) وهي أبيات سائرة. ومن شعره: (كيفَ خَلاصي من هَوىً .......... مازَجَ روحي فاختَلَطْ)
(وتائه أقبض في .......... حُبّي له وما انبَسَطْ)
(يا بدرُ إنْ رُمْتَ به .......... تشبُّهاً رُمْت الشطط)
(ودَعْهُ يا غصنَ النَّقا .......... ما أنتَ من ذاك النَّمَطْ)
(لله أيُّ قَلَمٍ .......... ذاك الصُّدْغِ خَطّ)
(ويا لهُ من عَجِبٍ .......... في خدّه كيفَ نَقَطْ)
(يمرُّ بي مُلتفِتاً .......... فهل رأيتَ الظَّبيَ قطّ)
(ما فيه من عيب سوى .......... فُتُور عينيْه فقَطْ)
(يا قَمَرَ السَّعْدِ الَّذي .......... نجمي لديه قد هَبَطْ)
(يا مانعي حُلْو الرِّضا .......... ومانحي مُرَّ السَّخَطْ)
(حاشاك أنْ ترضى بأنْ .......... أموتَ في الحبّ غَلَطْ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 253 ومن شعره: (رُوَيْدك قد أفنيتَ يا بَيْنُ أَدْمُعي .......... وحَسْبُك قد أحرقتَ يا شوقُ أضْلُعي)
(إلى كم أقاسي فرقة بعد فرقةٍ .......... وحتّى متى يا بَيْنُ أنتِ مَعِي مَعِي)
(لقد ظلمتَني واستطالت يدُ النَّوَى .......... وقد طمعت في جانبي كلَّ مطمعِ)
(ويا راحلاً لم أدرِ كيف رحيلُهُ .......... لما راعني من خطْبه المتسرّعِ)
(يُلاطفُني بالقولِ عند وداعِهِ .......... ليُذْهِب عنّي لوعتي وتفجُّعني)
(ولمّا قضى التّوديعُ فينا قضاءهُ .......... رجعتُ ولكنْ لا تَسَلْ كيف مرجعي)
(جزى الله ذاك الوجه خير جزائه .......... وحيّته عنّي الشّمْس فيه كلّ مَطْلع)
(لحى الله قلبي هكذا هو لم يزلْ .......... يحنُّ ويَصْبُو ولا يفيق ولا يعي) وله: (قل التفات فلا تركَن إلى أحدٍ .......... فأسعد النّاس من لا يعرف النّاسا)
(لم ألقَ لي صاحباً في الله صِحبْتُهُ .......... وقد رأيتُ وقد جرّبتُ أجناسا) وله: (تعالَوا بنا نطْوي الحديثَ الّذي جرى .......... فلا سمِعَ الواشي بذاك ولا دَرَى)
(ولا تذكروا الذَّنْب الّذي كان في الهوى .......... على أنّه ما كان ذنباً فيُذكرا)
(لقد طال شرحُ القالِ والقيلِ بيننا .......... وما طال ذلك الشُّرْحُ إلاّ ليَقْصُرا)
(من اليوم تاريخ المودّة بيننا .......... عفا الله عن ذلك العتاب الذي جرى)
(فكم ليلة بتْنا وكم بات بيننا .......... من الأنس ما يُنسى بهِ طيبُ الكَرَى)
(أحاديث أحلى في النّفوس من المُنَى .......... وألطف من مَرّ النّسيم إذا سرى)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 254 وقال البهاء زهير: ذهبت في الرسلية عن الصالح إلى الموصل، فجاء إلي شرف الدين أحمد بن الحلاوي ومدحني بقصيدة، وأجاد فيها منها: (تُجيزُها وتجيز لمادحيك بها .......... فقُلْ لنا: أَزُهَير أنتَ أمْ هَرِمْ) عنى زهير بن أبي سلمى وممدوحه هرم بن سنان المزني. تُوُفّي البهاء زهير - رحمه الله - في خامس ذي القعدة بالقاهرة. وكان أسود صافيا. - حرف السين - 263 - سعد، ويقال محمد، بن عبد الوهّاب بن عبد الكافي بن شَرَف الإسلام عبد الوهّاب ابن الشّيخ أبي الفَرَج عبد الواحد ابن الحنبليّ. أبو المعالي الأنصاري، الشيرازي الأصل، الدمشقي، الحنبلي، الواعظ، الأطروش. وُلِد في صفر سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بدمشق. وسمع من: يحيى الثقفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 255 وأجاز له أبو العباس الترك، والحافظ أبو موسى المديني، وجماعة. وخرج له: جمال الدين ابن الصابوني جزءا عنهم. روى عنه القدماء، ولا أعلم أحدا روى لي عنه. وكان عالي الإسناد، لكنه يعرب. وتُوُفّي ببلبس في ثاني عشر ذي الحجة، ويكنى أيضا أبا اليمن. 264 - سليمان بن عبد المجيد بن أبي الحسن بن أبي غالب عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن. الأديب البارع، عون الدين ابن العجمي، الحلبي، الكاتب. وُلِد سنة ست وستمائة. وسمع من: الإفتخار الهاشمي، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وفتح الدين ابن القيسراني، ومجد الدين العقيلي الحاكم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 256 وكان كاتباً مترسلا، وشاعرا محسنا، ولي الأوقاف بحلب، ثم تقدم عند الملك الناصر، وحظي عنده، وصار من خواصه. وولي بدمشق نظر الجيش. وكان مستأهلا للوزارة، كامل الرئاسة، لطيف الشمائل. ومن شعره: (يا سائقاً يقطعُ البَيْداء معتسفاً .......... بضامرٍ لم يكن في السّير بالواني)
(إنْ جُزْتَ بالشّامِ شِمْ تلك البُرُوق ولا .......... تعدلْ، بلغتَ المُنَى، عن ديرِ مُرّانٍ)
(واقصد عوالي قصور فيه تلْق بها .......... ما تشتهي النَّفْسُ من حُورٍ ووِلْدانِ)
(من كلّ بيضاءَ هَيْفَاءَ القوامِ إذا .......... ماسَتْ فوا خَجلة الخطى البانِ)
(وكلّ أسمرٍ قد دان الجمالُ لَهُ .......... وكمّلَ الحُسْنُ فيه فَرْطَ إحسانِ)
(ورُبَّ صُدْغ بدا في الخدّ مُرسله .......... في فترة فَتَنَتْ من سِحر أجفانِ)
(يا ليت وجنته وردي وريقته .......... وَردي ومِن صُدغه آسي وريحاني) مات في نصف ربيع الأول بدمشق، وشيعه السلطان والأعيان. وكان فيه سوء سيرة. 265 - سيفُ الدّين ابن صَبْرة. والي دمشق. مات في جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 257
- حرف العين - 266 - عباس بن أبي سالم بن عبد الملك. الفقيه، أبو الفضل الدمشقي الحنفي. سمع من: حنبل، والإفتخار الهاشمي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في جمادى الأولى بدمشق. ويروي عنه: علاء الدين علي بن الشاطبي، ورفيقه علي العزي عاش ثمانين سنة. 267 - عبد الله بن الرضى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار. أبو محمد المقدسي، الحنبلي، والد شيخنا، وزينب. روى عن: داود بن ملاعب، وغيره. ومات كهلا في ربيع الأول. 268 - عبد الله ابن قاضي القُضاة زين الدّين عليّ بن يوسف بن عبد الله بن بُنْدار. كمال الدين، أبو بكر الدمشقي، ثم المصري، الشافعي. وُلِد سنة سبع وتسعين بالقاهرة. وروى شيئا يسيرا. وهو أخو المعين أحمد، والشرف يوسف. تُوُفّي في ثالث عشر شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 258 269 - عبد الله المستعصم بالله. أبو أحمد، أمير المؤمنين، الشهيد، ابن المستنصر بالله أبي جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله أبي نصر محمد بن الناصر لدين الله أحمد الهاشمي العباسي، البغدادي، رحمه الله تعالى. آخر الخلفاء العراقيين. وكان ملكهم من سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى هذا الوقت. وُلِد أبو أحمد سنة تسع وستمائة، وبويع بالخلافة في العشرين من جمادى الأولى سنة أربعين، والأصح أنه بويع بعد موت والده في عاش شهر جمادى الأخرة. وكان مليح الخط، قرأ القرآن على الشيخ علي ابن النيار الشافعي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 259 وعملت دعوة عظيمة وقت ختمه، وخُلِع على الشيخ، وأعطي من الذهب العين ستة آلاف دينار. ويوم خلافته بلغت الخِلَع ثلاثة عشر ألف خلعة وسبعمائة وخمسين خِلْعة. وأجاز له على يد ابن النجار: المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وجماعة. سمع منه شيخه الذي لقنه القرآن أبو الحسن علي بن النيار، وحدث عنه. وروى عنه الإجازة في خلافته: محيي الدين يوسف ابن الجوزي، ونجم الدين عبد الله البادرائي. وروى عنه بمراغة: ولده الأمير مبارك. وكان كريما حليما، سليم الباطن، حسن الديانة. قال الشيخ قطب الدين: كان متدينا متمسكا بالسنة كأبيه وجده، ولكنه لم يكن على ما كان عليه أبوه وجده الناصر من التيقظ والحزم وعلو الهمة. فإن المستنصر بالله كان ذا همة عالية، وشجاعة وافرة، ونفس أبية، وعنده إقدام عظيم. استخدم من الجيوش ما يزيد على مائة ألف. وكان له أخ يعرف بالخفاجي يزيد عليه في الشهامة والشجاعة، وكان يقول: إن ملكني الله لأعبرن بالجيوش نهر جيحون وانتزع البلاد من التتار واستأصلهم. فلما تُوُفّي المستنصر لم ير الدويدار والشرابي والكبار تقليد الخفاجي الأمر، وخافوا منه، وآثروا المستعصم لما يعلمون من لينه وانقياده وضعْف رأيه، ليكون الأمر إليهم. فأقاموا المستعصم، ثم ركن إلى وزيره ابن العلقمي، فأهلك الحرث والنسل، وحسن له جمع الأموال، والاقتصار على بعض العساكر، وقطع الأكثر. فوافقه على ذلك. وكان فيه شح، وقلة معرفة، وعدم تدبير، وحب للمال، وإهمال للأمور. وكان يتكل على غيره، ويقدم على ما لا يليق وعلى ما يستقبح. ولو لم يكن إلا ما فعله مع الناصر داود في أمر الوديعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 260 قلت: وكان يلعب بالحمام، ويهمل أمر الإسلام، وابن العلقمي يلعب به كيف أراد، ولا يطلعه على الأخبار. وإذا جاءته نصيحة في السر أطلع عليها ابن العلقمي ليقضي الله أمراً كان مفعولا. فحكى جمال الدين سليمان بن عبد الله بن رطلين قال: جاء هولاوو في نحو مائتي ألف نفس، ثم طلب الخليفة، فطلع ومعه القضاة والمدرسون والأعيان في نحو سبعمائة نفس، فلما وصلوا إلى الحربية جاء الأمر بحضور الخليفة ومعه سبعة عشر نفسا، فاتفق أن أبي كان أحدهم، فحدثني أنهم ساقوا مع الخليفة، وأنزلوا من بقي عن خيلهم، وضربوا رقابهم. ووقع السيف في بغداد، فعمل القتل أربعين يوما. وأنزلوا الخليفة في خيمة صغيرة، والسبعة عشر في خيمة. قال أبي: فكان الخليفة يجيء إلى عندنا كل ليلة ويقول: ادعوا لي. وقال: فاتفق أنه نزل على خيمته طائر، فطلبه هولاوو وقال: أيش عمل هذا الطائر؟ وأيش قال لك؟. ثم جرت له محاورات معه ومع ابن الخليفة أبي بكر. ثم أمر بهما فأخرجا، ورفسوهما حتى ماتا، وأطلقوا السبعة عشر، وأعطوهم نشابة، فقتل منهم رجلان وطلب الباقون بيوتهم فوجدوها بلاقع. فأتوا المدرسة المغيثية، وقد كنت ظهرت فبقيت أسأل عن أبي، فدللت عليه، فأتيته وهو ورفاقه، فسلمت عليهم، فلم يعرفني أحد منهم، وقالوا: ما تريد؟ قلت: أريد فخر الدين ابن رطلين. وقد عرفته، فالتفت إلي وقال: ما تريد منه؟ قلت: أنا ولده. فنظر إلي وتحققني، فلما عرفني بكى، وكان معي قليل سمسم فتركته بينهم. وأقمنا هناك إلى صفر، إلى أن رفع السيف، فأتينا دار فخر الدين أحمد ابن الدامغاني صاحب الديوان، وقد أراد ابن العلقمي أن يضره، فقال لهولاكو: هذا يعرف أموال الخليفة وذخائره وأمواله، وهذا كان يتولاها. فقال: إذا كان الخليفة اختاره لنفسه فأنا أولى أن أوليه. وكتب له الفرمان، وقال للوزير: لا تفعل شيئا إلا بموافقته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 261 ثم إن ابن العلقمي عمل على أن لا يخطب بالجوامع، ولا يصلي الجماعة، وأن يبني مدرسة على مذهب الشيعة ولم يحصل أمله، وفتحت الجوامع، وأقيمت الجماعات. وحدثني أبي فخر الدين قال: كان قد مشى حال الخليفة بأن يكون للتتار نصف دخل البلاد، وما بقي شيء أن يتم ذلك، وإنما الوزير ابن العلقمي قال: ما هذا مصلحة، والمصلحة قتله، وإلا ما يتم ملك العراق. قلت: تُوُفّي الخليفة في أواخر المحرم أو في صفر، وما أظنه دفن، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وكان الأمر أعظم من أن يوجد مؤرخ لموته، أو موار لجسده. وراح تحت السيف أمم لا يحصيهم إلا الله، فيقال إنهم أكثر من ألف ألف. واستغنت التتار إلى الأبد، وسبوا من النساء والولدان ما ضاق به الفضاء. وقد بينا ذلك في الحوادث. وقتلوا الخليفة خنقا، وقيل: غموه في بساط حتى مات. والأشهر أنه رفس حتى خرجت روحه. وحكى جمال الدين ابن رطلين، عن أبيه أنه قال: أخذوا الخليفة ليقتلوه، وكان معه خادم يقال له قرنفل، فألقى عليه نفسه يقيه من القتل، فقتلوا الخادم، وعادوا إلى رفس الخليفة حتى مات. وكانوا يسمونه: الأبله. وحدثني شيخنا ابن الدباهي قال: لما بقي بين التتار وبين بغداد يومان أعلم الخليفة حينئذ فقال: عدلان يروحان يبصران إن كان هذا الخبر صحيح. ثم طلب والدي، فحضر إلى بين يديه وطلب مه الرأي: وقال: كيف نعمل؟ فصاح والدي وقال: فات الأمر كنتم صبرتم زاده. وفي ' تاريخ ' الظهير الكازروني أن المستعصم دخل بغداد بعد أن خرج إلى هولاكو، فأخرج لهم الأموال، ثم خرج في رابع عشر صفر. قيل: جُعِل في غرارة ورُبس إلى أن مات. ثم دفن وعُفِي أثره. وقد بلغ ستا وأربعين سنة وأربعة أشهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 262 وقتل إبناه أحمد وعبد الرحمن، وبقي إبنه الصغير مبارك، وأخواته فاطمة، وخديجة، ومريم في أسر التتار. ورأيت في ' تاريخ ابن الكازروني ' أن الخليفة بقي أربعة أيام عند التتار، ثم دخل بغداد ومعه أمراء من المغل والنصير الطوسي، فأخرج إليهم من الأموال والجواهر والزركش والثياب والذخائر جملة عظيمة، ورجع ليومه، وقتل في غرارة، وقتل ابنه أحمد وعمره خمس وعشرون سنة، وعُمر أخيه عبد الرحمن ثلاث وعشرون ولكل منهما أولاد أسرو، وقُتل عدد من أعمام الخليفة واٌ قاربه. 270 - عبد الباري بن عبد الرحمن. أبو محمد الصعيدي المقرئ المجود. قرأ بالروايات على: أبي القاسم بن عيسى، وغيره. وصنف في القراءآت، وتصدر بالمدرسة الحافظية بالإسكندرية، وأخذ عنه الطلبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 263 وكان مقرئا، صالحا. تُوُفّي في خامس ذي الحجة. وقد روى لنا عنه ولده أبو بكر عن سبط السلفي. 271 - عبد الحقّ بن مكّيّ بن صالح بن عليّ بن سلطان. المحدث علم الدين، أبو محمد القرشي، المصري، الشافعي، المعروف بابن الرصاص، وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي عبد الله محمد بن البنا الصوفي، وعبد الرحمن بن عبد الله، وابن المفضل الحافظ، وعبد الله العثماني، ومن بعدهم. وكتب بخطه. وعني بالحديث وحصل الأصول، وحدث باليسير. 272 - عبد الرحمن بن رَزِين بن عبد الله بن نصر. الإمام سيف الدين، أبو الفرج الغساني، الحوراني الحنبلي، نزيل بغداد. أخذ المذهب عن: محيي ابن الجوزي. واختصر ' الهداية ' لأبي الخطاب وحرره. قُتِل في كائنة بغداد في صفر. 273 - عبد الرحمن بن عبد المنعم بم نِعْمة بن سُلطان بن سُرُور بن رافع. الفقيه، الإمام، جمال الدين، أبو الفرج النابلسي الحنبلي. والد شيخنا شهاب الدين العابر، وفخر الدين علي. وُلِد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع بالقدس من: أبي عبد الله محمد بن البنا، وبنابلس من البهاء. وبدمشق من: الكندي، والموفق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 264 وحضر ابن طبرزد. روى لنا عنه: أحمد بن ياقوت الكندي. وكان فقيها ديّناً، له شِعرٌ حسن. وتُوُفّي في ذي القعدة. 274 - عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن منصور. الشيخ زين الدين، أبو الفرج السعدي، المقدسي، النابلسي، الحنبلي. وُلِد سنة ثمان وتسعين ظنا. وحدث عنه: ابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي. روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وجماعة. ومات في ثالث جمادى الأولى. سمعنا من بناته. 275 - عبد الرحمن بن مُهَنّا بن سَلِيم بن مخلوف. أبو القاسم القرشي، الإسكندراني، المالكي، المؤدب. سمع: عبد الرحمن بن موقا، وأبا الفتوح البكري. وسليم بفتح أوله. توفي في ذي القعدة. 276 - عبد الرحمن الصّاحب محيي الدّين يوسف بن الإمام أبي الفَرَج عبد الرحمن بن عليّ. الصدر، جمال الدين، أبو الفرج ابن الجوزي، محتسب بغداد. وُلِد سنة ست وستمائة، وسمع من عبد العزيز بن منينا. وترسل عن الخليفة إلى مصر. ووعظ وحدث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 265 قُتِل مع والده في صفر. وكان من كبراء بغداد وأعيانها. 277 - عبد الرحيم بن الخَضِر بن المُسَلَّم. أبو محمد الدمشقي العطار. حدَّث عن: حنبل المكبر. وتُوُفّي في جمادى الأولى. كتب عنه: الجمال بن الصابوني، والقدماء. 278 - عبد الرّحيم بن نصر بن يوسف. الإمام، الزاهد، المحدث، صدر الدين أبو محمد البعلبكي الشافعي، قاضي بعلبك. قال الشيخ قطب الدين: كان فقيها عالما، زاهدا، جوادا، كثير البر، مقتصدا في ملبسه، ولم يقتن دابة. وكان رحمه الله يقوم اللّيل، ويكثر الصوم، ويحمل العجين إلى الفرن ويشتري حاجته، وله حرمة وافرة. وكان يخلع عليه بطيلسان دون من تقدمه من قضاة بعلبك. وكان ورعا متحريا، شديد التقوى، سريع الدمعة. له يد في النظم والنثر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 266 تفقه بدمشق على الشيخ تقي الدين ابن الصلاح. وسمع من: التاج الكندي، والشيخ الموفق، وجماعة. ومات في تاسع ذي القعدة. وقال الصاحب أبو القاسم بن العديم في ' تاريخه ': عبد الرحيم بن نصر بن يوسف بن مبارك أبو محمد الخالدي البعلبكي قاضي بعلبك رجل ورع، فقيه. صحب الشيخ عبد الله اليونيني، وتخرج به، وتفقه. وسمع من شيخنا ابن رواحة، وعن غيره. وحدثنا بحديث واحد بمنزله ببعلبك: أنا ابن رواحة، أنا السلفي، فذكر ابن العديم له حديثاً. وقال الفقيه عبد الملك المعري: ما رأيت قاضيا مكاشفا إلا القاضي صدر الدين وذكر حكاية. وقال خطيب زملكا: تُوُفّي صدر الدين وهو في السجدة الثانية من الركعة الثالثة من الظهر. سجدها وكان يصلي بالمدرسة إماما، فانتظره من خلفه أن يرفع رأسه، ثم رفعوا رؤوسهم وحركوه فوجدوه قد مات. هكذا ذكره ابن العديم. وقد رثاه القاضي شرف الدين ابن المقدسي بقوله: (لفقدك صدر الدّين أَضْحَتْ صُدُورُونا .......... تضيق، وجاز الوجْدُ غايةَ قدرِهِ)
(ومَن كان ذا قَلْبٍ على الدّين مُنْطَوٍ .......... تفتَّتَ أشجاناً على فقْد صدرِهِ) 279 - عبد الرحيم بن أبي القاسم بن يوسف بن موقا. الدمشقي، الحنفي. حدث عن أبي اليمن الكندي. وتُوُفّي في المحرم. 280 - عبد الرشيد بن محمد بن أبي بكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 267 الشيخ المعمر، رشيد الدين النهاوندي، الصوفي، ويسمى مسعودا. روى عن ثابت بن تاوان شعرا. وتُوُفّي في رمضان عن مائة وأربع عشرة سنة فيما ذكر. 281 - عبد العزيز بن عبد الوهّاب بن بيان بن سالم بن الخضِر. الأستاذ، أبو الفضل الكطفرطابي، ثم الدمشقي، القواس، الرامي. وُلِد ليلة عيد الفطر سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي عدة أجزاء. وطال عمره وكاد أن ينفرد. روى عنه: أبو علي بن الخلال، والنجم ابن الخباز، وأحمد بن عبادة الأنصاري، والشيخ علي الغزاوي، ومحمد بن الزراد، وأبو الحسين علي الكندي، وأبو الفداء ابن عساكر، والخطيب شرف الدين الفزاري، وجماعة سواهم. مات في الحادي والعشرين من شوال، ودفن، رحمه الله، بقاسيون. 282 - عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن محمد بن صُدَيْق. أبو العز الحراني، المؤدب، وهو بكنيته أشهر. ومن ثم سمي أيضا ثابتاً. سمع من: أبي ياسر عبد الوهاب بن أبي حبة. روى عنه: شمس الدين عبد الرحمن مع جلالته وتقدمه، والدمياطي، والتقي أحمد ابن العز إبراهيم، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن أخيه حمزة، والشرف محمد ابن رقية، والنجم إسماعيل ابن الخباز، والشمس محمد بن الزراد، والنجم محمود بن النميري الكفربطناني، ومحمد بن الزين إبراهيم بن القواس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 268 وتُوُفّي في حادي عشر جمادى الأولى. ودفن بقاسيون. ومولده وسماعه بحران. 283 - عبد العزيز بن محمد. الشيخ المحدث، تقي الدين القحيطي، المقرئ، البغدادي. سمع من: ابن [...]، والكاشغري، وابن الحر، وعجيبة، وعدد كثير. وكتب وعلَّق في السنة. وكان من فضلاء بغداد. قُتل ببغداد سنة ست. سمع منه: علي بن البندنيجي شيخنا في ' مسند ابن راهويه '. 284 - عبد العظيم بن عبد القويّ بن عبد الله بن سلامة بن سعيد بن سعيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 269 الحافظ الإمام، زكي الدين، أبو محمد المنذري، الشامي، ثم المصري، الشافعي. وُلِد في غرة شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمصر. وقرأ القرآن على حامد بن أحمد الأرتاحي. وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشي. وتأدب على: أبي الحسين يحيى النحوي. وسمع من: أبي عبد الله الأرتاحي، وعبد المجيب بن زهير، وإبراهيم بن التبيت، ومحمد بن سعيد المأموني، وأبي الجود غياث بن فارس، والحافظ بن المفضل وبه تخرج وهو شيخه. وبمكة من: يونس الهاشمي، وأبي عبد الله بن البنا. وبطيبة من: جعفر بن محمد بن آموسان، ويحيى بن عقيل بن رفاعة. وبدمشق من: عمر بن طبرزد، ومحمد بن وعوف بن الزنف، والخضر بن كامل، وأبي اليمن الكندي، وعبد الجليل بن مندويه، وخلق. وسمع بحرّان، والرها، والإسكندرية وأماكن. وخرج لنفسه ' معجماً ' كبيرا مفيدا، سمعناه. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وأبو الحسين بن اليونيني، والشيخ محمد القزاز، والفخر إسماعيل بن عساكر، وعلم الدين سنجر الدواداري، وقاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد، وإسحاق بن الوزيري،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 270 والأمين عبد القادر الصيفي، والعماد محمد بن الجرائدي، والشهاب أحمد بن الدفوفي، ويوسف الختني، وطائفة سواهم. ودرّس بالجامع الظافري بالقاهرة مدة، ثم ولي مشيخة الدار الكاملية، وانقطع بها نحوا من عشرين سنة، مكبا على التصنيف والتخريج والإفادة والرواية. ذكره الشريف عز الدين فقال: كان عديم النظير في معرفة علم الحديث على اختلاف فنونه، عالما بصحيحه وسقيمه، ومعلوله وطرقه، متبحراً في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله، قيما بمعرفة غريبه وإعرابه واختلاف ألفاظه، إماما، حجة، ثبتا ورعا متحريا فيما يقوله، متثبتا فيما يرويه. قرأت عليه قطعة حسنة من حديثه، وانتفعت به انتفاعا كثيرا. قلت: وقد قرأ القراءآت في شبيبته، وأتقن الفقه والعربية، ولم يكن في زمانه أحد أحفظ منه. وأول سماعه في سنة إحدى وتسعين، ولو استمر يسمع لأدرك إسنادا عاليا. ولكنه فتر نحوا من عشر سنين. سمع من الحافظ عبد الغني ولم يظفر بسماعه منه. وأجاز له. وسمع شيئا من أبي الحسين بن نجا الأنصاري. وله رحلة إلى الإسكندرية أكثر فيها عن أصحاب السلفي. وكان صالحا زاهدا، متنسكا. قال شيخنا الدمياطي: وهو شيخي ومخرجي. أتيته مبتدئا وفارقته معيدا له في الحديث. وقال: تُوُفّي في رابع ذي القعدة، وشيعه خلق كثير. ورثاه غير واحد بقصائد حسنة، رحمه الله تعالى. 285 - عبد المنعم بن محمود بن مفرج. أبو محمد الكناني، المصري، المجبر. حدّث عن: أبي نزار ربيعة اليمني. روى عنه: عز الدين، وغيره. ومات في ذي القعدة، والمجبر هو الجراعي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 271 286 - عبد المحسن بن زين. الكناني، المصري. مر في سنة ثمان وأربعين. 287 - عبد المحسن بن مرتفع بن حسن. أبو محمد الخثعمي، المصري، الشافعي، السراج. شيخ صالح، معمر، طاعن في السن. ولد بجزيرة مصر سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد السيبي، وأبي الفضل الغزنوي، وابن نجا الواعظ. روى عنه: عمر بن الحاجب، والقدماء، ومجد الدين ابن الحلوانية، والشريف عز الدين، وطائفة. ولم يتفق لي السماع على أصحابه. وسمعنا بإجازته من أبي المعالي بن البالسي. وهو آخر من حدث عن السيبي. تُوُفّي في تاسع عشر شعبان. وممن روى عنه: النجم محمد بن أبي بكر المؤدب، شيخ مصري لقيه الواني، وشيخنا عبد الرحيم المنشاوي. 288 - عبد المحسن بن مصطفى بن أبي الفُتُوح. أبو محمد الأنصاري، المصري، المؤدب. قرأ القراءآت، وسمع من: مكرم بن أبي الصقر، وغيره. وروى شيئا من شعره. وكان صالحا، ساكنا، عفيفا. تُوُفّي في جمادى الأولى، وهو في آخر الكهولة. 289 - عثمان بن عليّ بن عبد الواحد بن الحسين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 272 أبو عمرو القرشي، الأسدي، الدمشقي، الناسخ. أخو المحدث مفضل، ويعرف بابن خطيب القرافة. وُلِد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وأجاز له السلفي. وروى بها الكثير. حدث عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي مع تقدمه، والدمياطي، والعماد بن البالسي، وناصر الدين بن المهتار الشروطي، والمعين خطاب، والقاضي أحمد بن عبد الغني الذهبي، والضياء ابن الحموي، والجمال علي بن الشاطبي، والشمس محمد بن أيوب النقيب، وآخرون. وتُوُفّي في ثالث ربيع الآخر، ودفن بمقبرة باب الصغير. وكان ينسخ بالأجرة. 290 - عثمان بن عمر بن مسعود. تاج الدين الأسداباذي، ثم الدمشقي، المعروف بابن الفراش. حدّث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد، وابن طبرزد. وكتب عنه الدمياطي، وجماعة. ومات في ذي الحجة، وله سبع وسبعون سنة وأشهر. 291 - عربيّة بنت محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهَرَوِيّ. أم الخير الصالحية. روت عن: عمر بن طبرزد. روى عنها: ابن الخباز، وابن الزراد. وماتت في رمضان. 292 - عليّ بن الحسن بن زُهرة بن الحسن بن عليّ بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 273 الشريف، أبو الحسن العلوي، الحسني، الإسحاقي، الحلبي النقيب. وُلِد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بحلب. وسمع مع أبيه من: الإفتخار الهاشمي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في صفر. وهو من بيت تشيع. وكان أبوه كاتبا، منشئا، إخباريا، علامة، ولي أيضا نقابة الأشراف، وترسل عن صاحب حلب إلى بغداد وغيرها، ومات سنة عشرين. 293 - عليّ بن عبد الله بن عبد الجبّار بن تميم بن هُرْمُز بن حاتم بن قُصَيّ بن يوسف. أبو الحسن الشاذلي، المغربي، الزاهد، نزيل الإسكندرية، وشيخ الطائفة الشاذلية. وقد انتسب في بعض مؤلفاته في التصوف إلى علي بن أبي طالب، فقال بعد يوسف المذكور: ابن يوشع بن ورد بن بطال بن محمد بن أحمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي، رضي الله عنه. وهذا نسب مجهول لا يصح ولا يثبت، وكان الأولى به تركه وترك كثير مما قاله في تواليفه في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 274 الحقيقة، وهو رجل كبير القدر، كثير الكلام على المقام. له شعر ونثر فيه متشابهات، وعبارات، يتكلف له في الاعتذار عنها. ورأيت شيخنا عماد الدين قد فتر عنه في الآخر، وبقي واقفا في هذه العبارات، حائرا في الرجل، لأنه كان قد تصوف على طريقته، وصحب الشيخ نجم الدين الإصبهاني نزيل الحرم، ونجم الدين صحب الشيخ أبا العباس المرسي صاحب الشاذلي. وكان الشاذلي ضريراً، وللخلق فيه اعتقاد كبير. وشاذلة: قرية إفريقية قدم منها، فسكن الإسكندرية مدة، وسار إلى الحج فحج مرات، وكانت وفاته بصحراء عيذاب وهو قاصد الحج، فدفن هناك في أوائل ذي القعدة. وكان القباري يتكلم فيه، رحمهما الله. 294 - عليّ بن عبد الوهّاب بن عتيق بن هبة الله بن أبي البركات الميمون بن عتيق بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن عتيق بن عبد الرحمن بن عيسى بن وردله. القرشي، العامري، مولاهم المصري، الكتبي، السمسار. وُلِد سنة اثنتين وستين. وسمعه أبوه الكثير من أصحاب ابن رفاعة، وغيره. وأجاز له ابن طبرزد. وكتب عنه الشريف عز الدين، وغيره. وهو أخو عائشة وخديجة. تُوُفّي رحمه الله في ذي القعدة. 295 - عليّ بن عمر بن قَزِل بن جَلْدَكْ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 275 التركماني، الباروقي، الأمير سيف الدين المشد، الشاعر، صاحب الديوان المشهور. وُلِد بمصر في سنة اثنتين وستمائة، واشتغل في صباه، وقال الشعر الرائق، وولي شد الدواوين مدة. وكان ظريفا، طيب العشرة، تام المروءة، وهو ابن أخي الأمير فخر الدين عثمان أستاذ دار السلطان الملك الكامل، ونسيب الأمير جمال الدين بن يغمور. روى عنه: الدمياطي، والفخر إسماعيل بن عساكر. تُوُفّي في تاسع المحرم بدمشق. قال الدمياطي: أنشدنا سيف الدين المشد لنفسه: (أيا مَن حُسْنُه الأقصى .......... ولكنْ قلبُه الصّخْرَهْ)
(أما ترى المُشْتاقَ .......... يقضي بالمُنَى عُمْرَهْ)
(إذا ما زمزم الحادي .......... رمى في قلبه جمرَه)
(وظبيٌ من بني الأتراك .......... في أخلاقه نفرَه)
(بدا في الدّرع مثل الرُّمْح .......... في الأعطاف والسّمره)
(فيا لله من بدرٍ .......... يروق الطّرْف في البشره) أنشدني الفخر إسماعيل: أنشدنا الأمير سيف الدين المشد بالساحل لنفسه: (لعبتُ بالشّطرنجِ مع أَهْيَفِ .......... رَشَاقةُ الأغصان من قَدّهِ)
(أَحُلُّ عقدَ البَنْد من خصْره .......... وألثُمُ الشّامات في خدّهِ) وله: (ورُبَّ ساقٍ كالبدرِ طلْعتُهُ .......... يحمل شمساً أفدِيه من ساقِ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 276
(شمَّرَ عَن ساقه غلائلَه .......... فقلتُ: قصّر واكففْ عن السّاقي)
(لمّا رآني قد فُتِنتُ به .......... من فَرْط وجْدٍ وعِظَمِ أشواقِ)
(غنّى وكأسُ المُدام في يدهِ .......... قامت حروبُ الهَوى على ساقِ) وله: (وكأنّما الفانوسِ في غَسَق الدُّجَى .......... صبٌّ بَرَاهُ سُقْمه وسُهادُه)
(حنّت أضالِعُه، ورَقّ أديمُه، .......... وجَرَت مدامعُه، وذاب فؤَادهُ) وله: (وفت دموعي، وخانني جِلْدي .......... ما كان هذا الحساب في خَلَدي)
(لله أيدي النَّوى وما صَنَعَتْ .......... أجْرَتْ دموعي وأحرقَتْ كبِدي)
(يا مَن هو النّور غاب عن بَصَري .......... ومَنْ هو الرّوح فارقَتْ جَسَدي)
(حتّى متى ذا الجفاء بلا سببٍ .......... أما لهذا الدَلال من أمدِ؟) 296 - عليّ بن القاسم بن مسعود. أبو الحسن الحلبي الذهبي الشاعر. تُوُفّي في جمادى الآخرة وله ثلاثون سنة. كتبوا عنه من شعره. 297 - عليّ بن محمد بن الحسين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 277 شيخ الشيوخ، أبو الحسن بن النيار البغدادي، المقرئ، صدر الدين. وهو الذي لقن المستعصم بالله القرآن فنال في خلافته الحشمة والجاه والحرمة الزائدة. حدّث عن: ابن طبرزد، وعن المستعصم بالله. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ذبح بدار الخلافة في صفر في جملة الخلق. وكان بارع الخط، كثير المحاسن، كبير القدر. ندب للوزارة فأباها. ولما سحبه التتري للقتل ناوله شيئا وقال: هذا ثمن قيمصي فلا تهتكني. فوفى له. ثم عرفت جثته وحملت بعد إلى تربته، رحمه الله. 298 - عليّ بن المظفَّر بن القاسم بن محمد بن إسماعيل. المحدث، شمس الدين أبو الحسن الربعي النشبي الدمشقي، الشافعي، العدل. وُلِد سنة خمس وستين وخمسمائة. وطلب الحديث على كبر. فسمع الكثير من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد، وطائفة. وقرأ بنفسه الكثير. وكان فصيحا طيب الصوت، حسن الإعراب، وكان يؤدب، ثم صار شاهدا. وسمع أخاه نصر الله وأولاده. روى عنه: الدمياطي، وأبو العباس أحمد ابن الحلوانية، ومحمد بن داود
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 278 الأيادي، وأبو علي بن الخلال، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم الخطيب، وآخرون. تُوُفّي في سلخ ربيع الأول وقد جاوز التسعين. وقال الدمياطي في ' معجمه ': هو علي بن المظفر الذبياني النشبي، نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان الدمشقي، الشروطي. وكان نائب الحسبة. 299 - عَليّ بن هبة الله بن جعفر بن حسن. الشيخ الزاهد، نبيه الدين، أبو الحسن بن السمسار، المصري، الشافعي. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع منه: إسماعيل بن ياسين، وهبة الله البوصيري. وكان فقيها صالحا، له ميعاد يقرأ فيه بالجامع العتيق. 300 - عليّ بن أبي بكر بن محمد بن جعفر بن البلاهيّ. أبو الحسن الدمشقي. سمع: عمر بن طبرزد، والكندي، وجماعة. وحدّث. وتُوُفّي في ربيع الآخر. 301 - عليّ الخبّاز. الزاهد. شيخ صالح، كبير القدر، مشهور. له زاوية ومريدون وأحوال وكرامات. وكان شيخنا الدباهي يعظمه ويصفه. استشهد في كائنة بغداد في صفر. وهو علي بن سلمان بن أبي العز، أبو الحسن البغدادي. صحب الشيخ علي بن إدريس البعقوبي وسمع منه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 279 يروي عنه: شيخنا عبد المؤمن الحافظ في ' معجمه ' حديثا. 302 - عمر بن أبي نصر بن أبي الفتح بن أبي نصر بن محمد. أبو حفص الجزري، التاجر، السفار، المعروف بابن موة. كان ديّناً صالحا صدوقا. روى ' جزء ابن فيل ' عن: البوصيري بدمشق، وبها تُوُفّي في الخامس والعشرين من ذي الحجة. وله بضع وسبعون سنة. فإن مولده بجزيرة ابن عمر في سنة ثلاث وثمانين. وسمع وهو صبي، مع والده فيما أرى. روى عنه: الدمياطي، والعماد بن البالسي، والشيخ محمد بن تمام، والمجبي إمام المشهد، وآخرون. وكان نحاسا أيضا. - حرف الفاء - 303 - فتح الدّين. ابن العدل السلمي، محتسب بغداد. قال الدمياطي: تُوُفّي يوم موت شيخنا سعد الدين محمد بن العربي، يعني في جمادى الآخرة. وفي تعاليق الفخر إسماعيل شيخنا أنه دفن بتربة أبيه بالجبل. قال: وكان ديّناً، حسن السمت. - حرف القاف - 304 - القاسم بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 280 الأديب البليغ، موفق الدين، أبو المعالي المدائني، الكاتب الشاعر، الأصولي، الأشعري، المتكلم. ويسمى أيضا أحمد. كتب الإنشاء بالديوان المستعصمي مدة. وروى عنه: عبد الله بن أبي المجد بالإجازة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وله شعر جيد. تُوُفّي في هذه السنة بعد كائنة بغداد بقليل ببغداد في رجب. وعاش بعد الوزير ابن العلقمي يسيرا. وله: (يا ساكني دير ميخائيل لِي قمر .......... لكنه بشَرٌ في زِيّ تمثالِ)
(قريب دارٍ بعيدٍ في مطالبه .......... غريبُ حُسْنٍ وألحانٍ وأقوالِ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 281
(سكِرْتُ من صوته عند السّماع له .......... ما لست أسكر من صهباء جربالِ)
(ما رُمتُ إمساكَ نفسي عند رؤيته .......... إلاّ تغيَّرت من حالٍ إلى حالِ)
(لو اشتريتُ بعُمري ساعةً سَلَفَتْ .......... من عيشتي معه ما كان بالغالِ)
- حرف الميم - 305 - مجاهد الدّين الدُّوَيْدار. الملك، مقدم جيوش العراق. كان بطلا شجاعا موصوفا بالرأي والإقدام. كان يقول: لو مكنني أمير المؤمنين المستعصم لقهرت هولاكو. قتل وقت غلبة العدو على بغداد صبرا. وكان مغرى بالكيميا، له دار في داره فيها عدة رجال يعملون هذه الصناعة، ولا تصح. فقرأت بخط كاتبه ابن وداعة قال: حدثني الصاحب مجير الدين بن النحاس قال: ذهبت في الرسلية إلى المستعصم، فدخلت دار الملك مجاهد الدين، وشاهدت دار الكيميا. فقال لي: بينما أنا راكب لقيني صوفي فقال: يا ملك خذ هذا المثقال وألقه على مائة مثقال فضة، وألق المائة على عشرة آلاف تصير ذهبا خالصا. ففعلت ذلك، فكان كما قال. ثم إني لقيته بعد فقلت: علمني هذه الصناعة. فقال: ما أعرفها، لكنه أعطاني رجل صالح خمسة مثاقيل أعطيتك مثقالا، ولملك الهند مثقالا، ولشخصين مثقالين، وبقي معي مثقال أعيش به. ثم حدثني مجاهد الدين قال: عندي من يدعي هذا العلم، وكنت أخليت له دارا على الشط، وكان مغرى بصيد السمك، فأحضرت إليه من ذلك الذهب، وحكيت له الصورة، فقال: هذا الذي قد أعجبك؟ ! وكان في يده شبكة يصطاد بها، فأخذ منها بلاعة فولاذ، ووضع طرفها في نار، ثم أخرجها،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 282 وأخرج من فمه شيئا، وذره على النصف المحمي، فصار ذهبا خالصا، وبقي النصف الآخر فولاذا. ثم أراني مجاهد الدين تلك البلاعة، إلا أن النصف الفولاذ قد خالطه الذهب شيئا يسيرا. أنبأنا الظهير الكازروني قال: فقتل صبرا الخليفة. وسمى جماعة منهم مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير زوج بنت بدر الدين صاحب الموصل. وقتل إبنا الخليفة وأعمامه علي وحسن وسليمان ويوسف وحبيب أولاد الظاهر وابنا عمهم حسين ويحيى ابنا علي الناصر، وأمير الحاج فلك محمد بن الدويدار الكبير، والملك سليمان شاه ابن ترجم وله ثمانون سنة، وحمل رأسه ورأس أمير الحاج والدويدار فنصبوا بالموصل. 306 - محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن نصر بن صغير. المولى معين الدين أبو بكر ابن القيسراني، القرشي، المخزومي، الحلبي، الكاتب والد شيخنا الصاحب فتح الدين عبد الله. روى عن: أبي محمد بن علوان الأسدي، وغيره. أنا عنه: أبو محمد الدمياطي، وذكر أنه سمع منه بعنتاب، وورخ وفاته في هذه السنة. * * * وفيها تُوُفّي ابن عمه عز الدين بدمشق، رحمهما الله تعالى. 307 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 283 الإمام أبو عبيد الله الموصلي، المقرئ، الحنبلي، الملقب بشعلة: ناظم: ' الشمعة في القراءآت السبعة '. كان شابا فاضلا، ومقرئا محققا، يتوقد ذكاء. قرأ القراءآت على: أبي الحسن علي بن عبد العزيز الإربلي. وصنف في القراءآت والفقه والتاريخ ؛ ونظمه في غاية الجودة ونهاية الاختصار. وعاش ثلاثا وثلاثين سنة، ومات بالموصل. وكان مع ما آتاه الله من الحفظ والذكاء وكثرة العلم صالحا، متواضعا، خيرا، متعففا، جميل السيرة، بارعا في العربية، بصيرا بعلل القراءآت. سمع شيخنا أبو بكر المقصاني بحثه، وكان يصفه لي ويبالغ في الثناء عليه، وقال لي: تُوُفّي في صفر. وحدثني أنه دخل إليه مع شيخه الذي لقنه القرآن. وحدثني قال: سمعت شيخنا أبا الحسين بن عبد العزيز الإربلي، وهو شيخ شعلة، قال: كان نائما بجنبي فاستيقظ فقال لي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم الساعة، وطلبت منه العلم، فأطعمني ثمرات. قال الإربلي: فتح عليه من ذلك الوقت. 308 - محمد بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 284 الصدر الجليل، محيي الدين، أبو عبد الله ابن العديم العقيلي، الحلبي، الحنفي. وُلِد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وعمه أبي غانم، وعمر بن طبرزد، والافتخار الهاشمي، وثابت بن مشرف، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وجماعة. وكان رئيسا محتشما من وجوه الحلبيين، من بيت القضاء والجلالة. وهو أخو الصاحب كمال الدين، ووالد قاضي حماة عز الدين عبد العزيز وأخيه عبد المحسن. قال الدمياطي: قرأت عليه جميع ' الغيلانيات '، وتُوُفّي بحلب في ثاني عشر جمادى الآخرة. 309 - محمد بن إبراهيم بن أبي منصور. أبو عبد الله الزنجاني الأصل، الدمشقي، الصوفي. وُلِد بدمشق سنة أربع وتسعين. وحدَّث عن: حنبل: وابن طبرزد. وروى عنه: الدمياطي، وغيره. وتُوُفّي في ثامن ربيع الآخر. 310 - محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد. أبو عبد الله بن الشرش، ويقال الجرج، الأنصاري، التلمساني، المالكي، نزيل الإسكندرية. شيخ صالح، عالم، فقيه، قديم السماع، كبير السن. وُلِد سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع بسبتة من أبي محمد بن عبيد الله الحجري الحافظ كتاب ' الموطأ '
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 285 سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وحج بعد الستمائة. وسمع من: زاهر بن رستم، وأحمد بن الحافظ أبي العلاء، ويونس بن يحيى الهاشمي، ومحمد بن عبد الله الإشكندباني، وعلي بن الحسن الزنجاني، ومحمد بن علوان التكريتي، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، ومعين الدين علي بن أبي العباس، وغيرهما. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي. قال لنا الدمياطي: كان ثقة عدلا، متحريا، ذا أصول. مولده بتلمسان، ومات في ثالث عشر ذي القعدة. 311 - محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الفتح. الفقيه أبو عبد الله المقدسي، النابلسي، خطيب مردا. وُلِد بمردا سنة ست وستين وخمسمائة تقريباً. وكان أسن من الشيخ الضياء. قدم دمشق للاشتغال في صباه، فتفقه على مذهب أحمد، وحفظ القرآن. وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وأحمد بن حمزة بن الموازيني، وجماعة. ورحل إلى مصر فسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعلي بن حمزة الكاتب، وفاطمة بنت سعد الخير. وطال عمره واشتهر اسمه. كتب عنه القدماء. وقال ابن الحاجب: سألت الحافظ الضياء عنه فقال: ديِّن، خيِّر، ثقة،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 286 كثير المروءة، تفقه على شيخنا الموفق. وقال الدمياطي: كان صالحا، صحيح السماع. قلت: وخطب بمردا مدة طويلة. وقدم دمشق سنة ثلاث وخمسين فروى بالبلد والجبل. وحدث بكتب كبار ك ' صحيح مسلم ' ' والسيرة ' لابن إسحاق، ' والمسند ' لأبي يعلى، والأجزاء التي لم يحدث بها أحد بعده بدمشق. روى لنا عنه: ابن ابن أخته محمد بن أحمد بن منصور الوكيل، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سني الدولة، وأبو بكر بن يوسف المقرئ، وعبد الله ومحمد ابنا الشيخ شمس الدين، وتقي الدين سليمان بن حمزة، وأخوه محمد، وعمه الجمال عبيد الله بن أحمد، والشمس محمد بن التاج، وابن عمه محمد بن عبد الله، وأبو بكر بن أحمد بن أبي الطاهر، وأحمد بن علي عمي، وأبو العباس أحمد بن جبارة، ومحمد بن علي البابشرقي، ويعقوب بن أحمد الحنفي، وأحمد بن الفخر البعلبكي، وأحمد بن جوشن النمري، وأبو العباس أحمد ابن الحلبية، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم الفزاري، وإبراهيم بن حاتم الزاهد، ومحمد بن علي الشروطي، وخلق سواهم. ومن الأحياء في وقتنا نحوا من ستين نفسا من أصحابه. ثم رجع إلى مردا في العام المذكور وبقي بها حيا إلى هذا الوقت. وتُوُفّي في أوائل ذي الحجة وقد كمل التسعين. 312 - محمد بن حسن بن محمد بن يوسف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 287 أبو عبد الله الفاسي، المغربي، المقرئ، العلامة جمال الدين، نزيل حلب. وُلِد بفاس بعد الثمانين وخمسمائة، وقدم ديار مصر، فقرأ بها القراءآت على: أبي موسى عيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسي، وأبي القاسم عبد الواحد بن سعيد الشافعي. وعرض عليهما ' الشاطبية ' عن أحدهما، عن أبي القاسم الشاطبي. وعرض ' الرائية في رسم المصحف ' على الجمال علي بن أبي بكر الشاطبي بروايته عن المصنف. وقدم الشام فاستوطن حلب، وروى بها القراءآت، والعربية، والحديث. وروى أيضا عن: أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى، وعبد العزيز بن زيدان النحوي، ومحمد بن أحمد بن خلوص المرادي، وأبي ذر بن أبي ركب الخشني، والقاضي بهاء الدين يوسف بن شداد، وقرأ عليه أكثر ' صحيح مسلم ' من حفظه. وتفقه بحلب على مذهب أبي حنيفة. وكان بصيرا بالقراءآت ووجوهها وعللها، حاذقا بالعربية، عارفا باللغة، مليح الخط إلى الغاية على طريقة المغاربة، كثير الفضائل، موطأ الأكناف، وافر الديانة، ثقة فيما ينقله. تصدر للإقراء بحلب، وأخذ عنه خلق، منهم: بدر الدين محمد بن أيوب التادفي، وبهاء الدين محمد بن إبراهيم بن النحاس النحوي، وجمال الدين أحمد بن الظاهري، والشيخ يحيى المنبجي، والناصح أبو بكر بن يوسف الحراني، والشريف أبو محمد الحسين بن قتادة المدني، وعبد الله بن إبراهيم بن رفيعا الجزري. وكان يتكلم في الأصول على طريقة الأشعري. وقد شرح ' حرز الأماني ' شرحا في غاية الجودة، أبان فيه عن تضلع من العلوم وتبحر في القراءآت وإسناده في القراءآت نازل كما ترى، فلهذا لم أنشط للأخذ عن أصحابه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 288 سمعت أبا عبد الله محمد بن أيوب المقرئ يقول: سمعت شيخنا أبا عبد الله الفاسي يقول: مررت ببلد من أعمال الديار المصرية وبها طائفة يمتحنون الشخص، فكل من لم يقل إن الله تكلم بحرف وصوت آذوه وضربوه. فأتاني جماعة وقالوا: يا فقيه أيش تقول في الحرف والصوت؟ فألهمت أن قلت: كلم الله موسى بحرف وصوت على طور سيناء. قال: فأكرموني تلك الليلة وأحضروا قصب السكر، ونحوه. وبكرت بالغدو خوفا أن يشعروا بي في جعل موسى الفاعل. قلت: الذي أعتقده ما صح به النص، وهو أن الله كلم موسى تكليما، وسمع موسى كلام الله حقيقة بأذنه، وما عدا هذا لا أخوض فيه، ولا أكفر من خاض فيه من الطرفين. قال أبو شامة: في ربيع الآخر جاءنا الخبر من حلب بموت الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وكان عالما فاضلا، شرح قصيدة الشاطبي شرحا حسنا. 313 - محمد بن عبد الصَّمد بن عبد الله بن حَيْدَرة. فتح الدين السلمي، الزبداني، المعروف بابن العدل. ولي حسبة دمشق مدة، إلى أن تُوُفّي. وكان مهيبا، جليلا، مشكورا، فيه عفة. تُوُفّي في أول جمادي الآخرة. وقد روى لنا ولده يحيى عن ابن الزبيدي العدل، وهو لقب جده نجيب الدين عبد الله الذي عمل المدرسة بالزبداني. كان ذا مكانة عند السلطان صلاح الدين. 314 - محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحيم بن رستم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 289 الأديب العالم، نور الدين الإسعردي الشاعر. وُلِد سنة تسع عشرة وستمائة، وقال الشعر الرائق. وكان من كبار شعراء الملك الناصر يوسف، وله به اختصاص. وديوانه مشهور. وكان شابا خليعا، أجلسه نجم الدين ابن سني الدولة تحت الساعات. واتفق أنه حضر عند الملك الناصر فاصطفاه لمنادمته لما رأى من ظرفه ولطف عشرته. وخلع عليه قباء وعمامة بطرف ذهب، فأتى بها من الغد وجلس تحت الساعات، وعمل ما رواه لنا عنه شيخنا شمس الدين محمد بن عبد العزيز الدمياطي: (ولقد بُلِيتُ بشادنٍ إنْ إلُمْتُهُ .......... في قُبْح ما يأتيه ليس بسامع)
(مُتبذّلاً في خِسَّةٍ وجَهَالةٍ .......... ومجاعةٍ كشُهُود باب الجامعِ) وله: (سألت الوزير: أَتَهْوَى النّساء .......... أَمِ المُرْدَ جاءوا على مُهجتك)
(فقال وأبدى انخلاعاً: معي .......... كذا وكذا. قلت: من زوجتك) تُوُفّي - سامحه الله - في سادس عشر ربيع الأول بدمشق، وله سبع وثلاثون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 290 315 - محمد بن محمد بن عليّ بن أبي طالب. الوزير الكبير، الخنزير، المدبر، المبير، مؤيد الدين ابن العلقمي، البغدادي، الشيعي، الرافضي، وزير الخليفة الإمام المستعصم بالله. ولي وزارة العراق أربعة عشر سنة، فأظهر الرفض قليلا. ذكره بهاء الدين ابن الفخر عيسى الموقع يوما فقال: كان وزيرا كافيا، قادرا على النظم، خبيرا بتدبير الملك، ولم يزل ناصحا لمخدومه حتى وقع بينه وبين حاشية الخليفة وخواصه منازعة فيما يتعلق بالأموال والاستبداد بالأمر دونه وقويت المنافسة بينه وبين الدويدار الكبير، وضعف جانبه حتى قال عن نفسه: (وزير رضي من بأسه وانتقامه .......... بطيّ رقاع حشْوُها النَّظْمُ والنَّثْر)
(كما تسْجَعُ الوَرْقاءُ وهي جماعة .......... وليس لها نهي يُطاع ولا أمرُ) فلما فعل ما فعل كان كثيرا ما يقول: وجرى القضاء بضد ما أملته. وقلت: وكان في قلبه غل على الإسلام وأهله، فأخذ يكاتب التتار، ويتخذ عندهم يدا ليتمكن من أغراضه الملعونة. وهو الذي جرأ هولاكو وقوى عزمه على المجيء، وقرر معه لنفسه أمورا انعكست عليه، وندم حيث لا ينفع الندم، وبقي يركب كديشا، فرأته امرأته فصاحت به: يا ابن العلقمي أهكذا كنت تركب في أيام أمير المؤمنين؟ وولي الوزارة للتتار على بغداد مشاركا لغيره، ثم مرض ولم تطل مدته، ومات غما وغبنا، فواغبناه كونه مات موتا حتف أنفه، وما ذاك إلا ليدخر له النكال في الآخرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 291 وكان الذي حمله على مكاتبة العدو عداوة الدويدار الصغير وأبي بكر ابن الخليفة، وما اعتمداه من نهب الكرخ، وأذية الروافض، وفيهم أقارب الوزير وأصدقاؤه وجماعة علويين. فكتب إلى نائب إربل تاج الدين محمد بن صلايا العلوي الرسالة التي يقول فيها: كتب بها الخادم من النيل إلى سامي مجدك الأثيل. ويقول فيها: نهب الكرخ المكرم والعترة العلوية. وحسن التمثل بقول الشاعر: (أمورٌ يضحكُ السُّفهاءُ منها .......... ويبكي من عواقبها اللّبيب) فلهم أسوة بالحسين حيث نهب حرمه وأريق دمه ولم يعثر فمه: (أمرتهم أمري بمنعرج اللِّوَى .......... فلم يستبينوا النُّصْح إلاّ ضُحى الغد) وقد عزموا - لا أتم الله عزمهم، ولا أنفذ أمرهم - على نهب الحلة والنيل، بل سولت لهم أنفسهم أمرا، فصبر جميل. وإن الخادم قد أسلف الإنذار، وعجل لهم الأعذار. (أرى تحت الرّمادِ ومِيضَ نارٍ .......... ويوشك أنْ يكون لها ضِرامُ)
(وإنْ لم يُطْفِها عُقَلاءُ قومٍ .......... يكون وَقُودُها جُثَثٌ وهامُ)
(فقلتُ من التّعجُّبِ: ليتَ شِعْري .......... أَأَيْقاظ أُمَيَّةُ أمْ نِيامُ) فكان جوابي بعد خطابي: لا بد من الشنيعة ومن قتل جميع الشيعة، ومن إحراق كتابي ' الوسيلة ' و ' الذريعة '، فكن لما نقول سميعا، وإلا جرعناك الحمام تجريعا، فكلامك كلام، وجوابك سلام، ولتتركن في بغداد أحمل من المشط عند الأصلع، والخاتم عند الأقطع، ولتنبذن نبذ الفلاسفة بحظورات الشرائع، وتلقى لقاء أهل القرى أسرار الطبائع، فلا فعلن يلبي كما قال المتنبي: (قومٌ إذا أحدّوا الأقلام من غضبٍ .......... ثمّ استمدّوا بها ماءَ المَنِيّات)
(نالوا بها من أعاديهم وإنْ بَعُدُوا .......... ما لا يُنال بحدّ المَشْرَفِيّات)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 292 {وَلآتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لاَ قِبلَ لَهُمْ بِهَا وَلأُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ}. (ووديعة من سرّ آلِ محمّدٍ .......... أودعتُها إذْ كنتُ من أُمَنَائها)
(فإذا رأيت الكوكبين تقاربا .......... في الجدي عند صباحها ومسائها)
(فهناك يؤخذ ثأرُ آلِ محمدٍ .......... لطلابها بالتَّرْك من أعدائها) فكن لهذا الأمر بالمرصاد، وترقب أول النحل وآخر صاد، والخير يكون إن شاء الله. ومات بعد ابن العلقمي بقليل ولده أبو الفضل محمد بن محمد. وكان أبو الفضل كاتبا منشئا بليغا، معظما في دولة أبيه. تُوُفّي عز الدين في ذي الحجة عن ست وستين سنة. وقال الكازروني: بل مات في أول جمادى الآخرة، ومات قبله في ربيع الأول أخوه الصاحب علم الدين أحمد بن العلقمي، والصدر تاج الدين علي بن الدوامي الحاجب. 316 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضِر. الشيخ مهذب الدين، أبو نصر الطبري، الآملي، ثم الحلبي، الشاعر، الحاسب. روى عنه: الدمياطي من شعره، وقال: مات بصرخد في المحرم. تقدمت ترجمته في سنة 55. 317 - محمد بن محمد بن محمد بن عبد المجيد. الأجل نظام الدين، ابن المولى الحلبي، البغدادي الأصل. وُلِد سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 293 وتُوُفّي بدمشق في خامس جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون. وكان صاحب ديوان الإنشاء الذي للملك الناصر، والمقدم على جماعة الكتاب. وكان فاضلا رئيسا محتشما، مليح الخط والترسل، سافر إلى مصر رسولا من مخدومه. روى عنه الدمياطي من شعره. 318 - محمد ابن الشيخ محيي الدّين محمد بن عليّ بن العربيّ. الأديب البارع، سعد الدين. وُلِد بملطية سنة ثمان عشرة وستمائة في رمضان. وكان شاعرا محسنا، له ديوان. وتُوُفّي بدمشق في جمادى الآخرة، وقبروه عند أبيه، وله ثمان وثلاثون سنة. ومن شعره: (أَدِمشق طال إلى رُباكِ تَشَوُّقي .......... وحننت منكِ إلى المقرّ المُونقِ)
(وإذا ذكرتك أيّ قلبٍ لم يطر .......... طرباً، وأيّ جوانح لم تَخْفُقِ؟)
(أعلمت أنّ القلب ظلّ مقيّداً .......... شغفاً بذيّاك الجمال المُطْلَقِ)
(واهاً لمنظرك البهيجِ ورَوْضك .......... العبِق الأريج وعَرْفك المستنشقِ)
(حكت الشّحارير التّي بغصونها .......... خُطَباء في دَرَج المنابر ترتقي)
(حدِّث - فَدَيْتُكَ - عن مُشَيِّد قصورها .......... لا عن سديرٍ دارسٍ وخَوَرْنقِ)
(وإذا رأيت مشبِّهاً بلداً بها .......... فارفِقْ فخصمك في جنونٍ مُطْلَقِ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 294 ومن شعره: (عفا الله عن عينيك كم سفَكَتْ دماً .......... وكم فوَّقت نحو الجوانح أسهما)
(أكُلّ حبيبٍ حاز رِقّ مُحِبِّهِ .......... حرامٌ عليه أن يرقّ ويرحما)
(هنيئاً لطرْفٍ بات فيك مُسَهّداً .......... وطُوبَى لقلبٍ ظلّ فيك متيّما)
(حمى ثغْرُهُ عنّى بصارم لحْظِهِ .......... فلو رُمْتُ تقبيلاً لذاك اللّما لما) وقد درس سعد الدين وسمع الحديث، ومات قبل الكهولة رحمه الله. 319 - محمد بن محمد بن حسين. مخلص الدين، أبو البركات الحسيني، الدمشقي. سمع من: الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وقال: تُوُفّي في ربيع الأول. 320 - محمد بن محمد بن رستم. النور، الإسعردي، الشاعر المشهور. روى عنه: الدمياطي من نظمه، وقال: تُوُفّي شابا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 295 وسماه غيره محمد بن عبد العزيز كما مر. 321 - محمد بن محمد بن خالد بن محمد بن نصر بن القَيْسَرانيّ. الصدر الكبير الوزير، عز الدين الحلبي، الكاتب. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بحلب. وسمع من: ابن طبرزد. وكتب عنه: الدمياطي، وغيره. وكان رئيسا مبجلا له حرمة وافرة وتقدم عند الملك الناصر بن العزيز وتوزر له، وفي بيته جماعته فضلاء وأكابر. تُوُفّي في رمضان بدمشق. 322 - محمد بن محمد بن الشّيخ عبد الوهّاب بن سُكَيْنَة. الإمام شرف الدين شيخ رباط جده شيخ الشيوخ. قاتل حتى قتل في صفر، رحمه الله تعالى. 323 - محمد بن مظفَّر بن مختار. الجذامي، أبو عبد القس وجيه الدين الإسكندراني، المعدل، المعروف بابن المنير. سمع من: أبي القاسم بن الحَرَسْتَانيّ. روى عنه: الدمياطي وقال: تُوُفّي - رحمه الله تعالى - في شوال. 324 - محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار. القاضي الجليل، وجيه الدين أبو المعالي ابن المنير الجذامي، الجردي، الإسكندراني، المعدل. وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: أبي الفتح أحمد بن علي الغزنوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 296 وبدمشق من: أبي القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، وابن ملاعب. وأجاز له الخليفة الناصر. كتب عنه الطلبة، ومات في شوال بالثغر. وهو والد زين الدين وناصر الدين. 325 - محمد بن نصر بن عبد الرّزّاق بن الشّيخ عبد القادر. الإمام محيي الدين، مدرس مدرسة جدهم. وكان صالحا ورعا. ناب في القضاء عن والده يوما واحدا وعزل نفسه. وعاش أشهرا بعد أخذ بغداد. 326 - محمد بن نصر بن يحيى. الصاحب تاج الدين، أبو المكارم بن صلايا، نائب إربل الهاشمي، العلوي، الشيعي. كان نائب الخليفة بإربل، وكان من رجال العالم عقلا ورأيا وحزما وصرامة. وكان سمحا، جوادا، ماجدا. بلغنا أن صدقاته وهباته كانت تبلغ في السنة ثلاثين ألف دينار. وكان بينه وبين صاحب الموصل لؤلؤ منافسة، فلما استولى هولاوو على العراق أحضرهما عنده، فيقال إن لؤلؤ قال لهولاوو: وهذا شريف علوي، ونفسه تحدثه بالخلافة، ولو قام لتبعه الناس واستفحل أمره. فقتله هولاكو في شهر ربيع الأول، أو في ربيع الآخر، بقرب تبريز، وله أربع وستون سنة على الأصح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 297 وكان ذا فضيلة تامة، وأدب وشعر. وكان يشدد العقوبة على شارب الخمر بأن يقلع أضراسه. ولقد دارى التتار حتى انقادوا له، وكان من دخل منهم إلى حدود إربل بددوا ما معهم من الخمور رعاية له. 327 - محمد بن هارون بن محمد بن هارون بن عليّ بن حُمَيْد. الفقيه الصالح، موفق الدين، أبو عبد الله الثعلبي، الشيعي، الدمشقي، الشافعي. وُلِد بقرية أرزونا سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع الكثير بنفسه، وأسمع أولاده. وهو أخو المحدث عبد الرحمن، ووالد الشيخ علي القاري نزيل القاهرة. سمع: الخشوعي، والقاسم بن علي العلي، وحنبلا المكبر، وجماعة. روى عنه: ابنه أبو الحسن، وأبو العباس بن الظاهري، وأخوه إبراهيم، والتقي عبيد، ومحمد بن محمد الكنجي، وتاج الدين عبد الرحمن الشافعي، وأخوه شرف الدين الخطيب، وجماعة. وكان من أهل العلم والصلاح. تُوُفّي في ثالث عشر رمضان بدمشق. 328 - محمد بن أبي عبد الله بن جبريل بن عزاز. المحدث المفيد، رشيد الدين الأنصاري، المصري، الشافعي، المؤدب. وُلِد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع الكثير من: عبد العزيز بن باقا، ومكرم، ومحمد بن عماد، وطائفة. وكتب الكثير، وصحب الحافظ عبد العظيم مدة. ورافق ولده في السماع. وعني بالحديث. ومات في ذي القعدة. 329 - محمود بن أحمد بن محمود بن بختيار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 298 الفقيه الإمام، أبو الثناء الزنجاني، الشافعي. وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع عبيد الله بن محمد الساوي، ودرس وأفتى. واستشهد ببغداد بسيف التتار الكفار. وكان من بحور العلم، له تصانيف. وقد ولي قضاء القضاة بعد أبي صالح الجيلي مدة، وعزل. وهو والد قاضي العراق عز الدين أحمد بن محمود. روى عنه: الدمياطي، وقال: وُلِد بزنجان، ودرّس بالمستنصرية. 330 - المُرَجَّى بن الحسن بن عليّ بن هبة الله بن غزال بن شُقُيْر. الشيخ، المقرئ، المعمر، عفيف الدين، أبو الفضل الواسطي، البزاز، التاجر السفار. وُلِد يوم عرفة بواسط سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي طالب محمد بن علي الكتاني، وهو آخر من روى عنه. ومن: ابن نغوبا. وقرأ القرآن بالروايات على أبي بكر بن الباقلاني. وتفقه للشافعي على
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 299 يحيى بن الربيع الفقيه. وحدث وأقرأ، وسافر في التجارة. وكان صحيح الرواية مقبولا. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، وأبو المحاسن بن الخرقي، ومحمد بن يوسف الذهبي، والإمام عز الدين الفاروثي، وأبو المعالي بن البالسي، ومحمد ابن خطيب بيت الأبار، ومحمد بن المهتار، وآخرون. ولا أعلم متى مات، لكن عز الدين الفاروثي ذكر أنه عاش إلى هذه السنة أو نحوها. 331 - مظفَّر بن عليّ بن رافع. أبو المنصور الزهري، الإسكندراني، الكاتب. قدم دمشق، وسمع من: الكندي، وابن الحرستاني. وحدَّث. روى عنه جماعة كالدمياطي. ومات في المحرم. 332 - مكّيّ بن عبد العزيز بن عبد الوهّاب بن إسماعيل بن مكّيّ. الإمام، المفتي، المصنف، أبو الحرم، ابن الإمام أبي الفضل بن الفقيه أبي محمد بن العلامة أبي الطاهر بن عوف الزهري، الإسكندراني، المالكي، العدل. له حلقة إشغال وإفادة. تُوُفّي يوم النحر بالإسكندرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 300 333 - منصور بن عبد الله بن محمد بن عليّ. أبو علي الأنصاري، الإسكندراني، المعروف بابن النحاس. وُلِد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، ومنصور بن خميس اللخمي. ومات في رجب. روى عنه: الدمياطي. - حرف النون - 334 - نبهان بن محمود بن عثمان بن نبهان. صدر الدين الإربلي، التاجر السفار، ابن أخي التاجر الكبير أصيل الدين عباس. صدر، رئيس، عالم له شعر. وكان مولده سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وقُتِل ببغداد. وتُوُفّي عمه الأصيل بدمشق سنة تسع وثلاثين. 335 - نصر الله بن أبي العزّ مظفّر بن أبي طاب عقيل بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 301 نجيب الدين، أبو الفتح الشيباني، الدمشقي، الصفار، المعروف بابن الشقيشقة المحدث، الشاهد. وُلِد سنة نيف وثمانين وخمسمائة. وسمع بعد الستمائة الكثير، وعني بالحديث وحصل الأصول. وسمع من حنبل ' المسند '، ومن: ابن طبرزد، والخضر بن كامل، ومحمد بن الزنف، والتاج الكندي، وابن مندويه، وخلق بعدهم. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين الحنبلي، والنجم بن الخباز، والشمس بن الزراد، وابن البالسي، والنجم محمود النميري، وعلاء الدين الكندي، وآخرون. وحدث في آخر عمره بالمسند، وكان أديبا، فاضلا، ظريفا، مليح البزة، مقبولا عند القضاة. وكان يعرف شيوخ دمشق ومروياتهم، ويسمع العالي والنازل، وخطه وحش معروف. ولم يكن بالعدل في دينه. قال أبو شامة: لم يمكن بحال أن يؤخذ عنه. كان مشتهرا بالكذب ورقة الدين، مقدوحا في شهادته. وكان قاضي القضاة نجم الدين ابن سني الدولة مراعيا لذوي الجاهات، فاستشهده لذلك، وميزه بأن جعله عاقدا للأنكحة تحت الساعات، فعجب الناس، فانكروا ما فعل. قال: وأنشدني البهاء بن الحافظ لنفسه فيه:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 302
(جلس الشَّقَيْشِقَةُ الشّقيُّ ليشهدا .......... بأبيكما ماذا عدا ممَّا بدا)
(هل زلزل الزّلزالُ؟ أَمْ [قد] أخرج الدّجّال، .......... أمْ عُدِم الرّجال ذَوُو الهُدى)
(عَجَباً لمحلول العقيدةِ جاهلٍ .......... بالشّرع قد أذِنوا له أن يعقدا) ورأيت وراقا في مثال هذا بخط عبد الرحيم بن مسلمة فيها كذبه وتركه للصلواتج. تُوُفّي في عشية السادس من جمادى الآخرة، وقد جاوز السبعين. ووقف قاعته التي بدرب البانياسي دار حديث. والآن فيها شيخنا المزي. 336 - معين الدين هبة الله بن حشيش. كاتب الدرج. وزر بمصر للمعظم تورانشاه بن الصالح، وكان استصحبه معه من حصن كيفا، وهو على دين النصرانية، ثم أسلم لما استعاد المسلمون دمياط. ثم قدم دمشق، وخدم موقعا في الدولة الناصرية. كان رئيسا نبيلا، حسن السيرة. مات في رجب سنة ست وخمسين. وهو جد المولى القاضي معين الدين أبقاه الله. - حرف الياء - 337 - يحيى بن عبد العزيز بن عبد السّلام. الخطيب، بدر الدين، أبو الفضل ابن شيخ الإسلام عز الدين أبي محمد السلمي، الدمشقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 303 وُلِد بعد الستمائة. وسمع وهو كبير من: ابن اللتي. وطلب الحديث بنفسه، وكان له فهم ومعرفة جيدة، وتعاليق مفيدة. وكتب عنه بعض الطلبة. وكان خطيب العقيبة. تُوُفّي في ليلة ثاني عشر ربيع الأول في حياة والده. وهو والد الخطيب ناصر الدين. 338 - يحيى بن أبي غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي الفضل هبة الله بن أحمد. الصدر تاج الدين، أبو الفتح بن أبي جرادة العقيلي، الحلبي، الحنفي المعروف بابن العديم. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وعمه أبي الحسن أحمد، والافتخار عبد اللطيف، وأبي محمد بن الأستاذ. وبالحجاز من: يحيى بن عقيل بن شريف. وبدمشق: من أبي اليُمْن الكِنْديّ. وأجاز له يحيى الثقفي، وغيره. روى عنه: الدمياطي، والكمال إسحاق الأسدي. تُوُفّي في منتصف صفر ببلده، ودفن بالمقام. 339 - يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور بن المُعَمَّر بن عبد السلام
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 304 الشيخ العلامة، الزاهد، جمال الدين، أبو زكريا الصرصري، ثم البغدادي، الحنبلي، الضرير، اللغوي، الأديب، الشاعر، صاحب المدائح النبوية السائرة في الآفاق. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وصحب الشيخ علي بن إدريس صاحب الشيخ عبد القادر. وسمع من جماعة. وروى الحديث. حكى لنا عنه شيخنا ابن الدباهي، وكان خال أمه. بلغنا أنه دخلت عليه التتار، كان ضريرا، فطعن بعكازه بطن واحد منهم قتله ثم قُتِل شهيدا. ومن شعره هذه القصيدة العديمة النظير التي جمع كل بيت منها حروف المعجم: (أبت غير شج الدّمع مُقْلة ذي حَزَن .......... كَسَتْه الضّنى الأوطان في مشخص الظَّعنِ)
(بثَثْتُ خليلاً ذا حمّى صادقاً رضى .......... شجى لظنّي سطواً فزاغ بن عين)
(تثبت وخُذْ في المصطفَى نظْمَ قارِضٍ .......... غزير الحِجَى يُسْمعك مُدهشه الأُذُن)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 305
(ثوت جميع الحُسْنَى بغرّ خِلاله .......... صفاً من قَذَى سطْو ذكا مُدْحضي الظّنِّ)
(جَزَى المصطفى ذُو العرشِ خيراً فقد مَحَى .......... ضلالاً كثيفَ البَغْي مُسْتَبهظ الوهنِ)
(حوى المجد ثبت خصّ بالشَّرَف الّذي .......... علا زادَ قُدْساً طاهراً كاظم الضَّغَنِ)
(خبتْ نارُ طَغْوى حرب ذي الغَيْث إذْ مضى .......... سحابُ ظلامِ الشِّرْكِ بالصِّدْق كالعِهْنِ)
(دَجَتْ ظُلمُة الأوثانِ أعْشَتْ بزَيْغها .......... فأطلق من حصر الخِنا الضّنْك ذا سحنِ)
(ذوى غُصْنُ خطِّ الشِّرْكِ في بَعْثِ أحمد .......... الرّسول الرّضى الأحظى اجتباه فقُلْ زِدْنِي)
(رضىً غير قط ذو حجى زاد قُربه .......... فأخلص مُطيعاً لا تشكّ فتستثني)
(زكا رُشْدُهُ فاختصّر بالسَّعْد ثُمَرُهُ .......... حلا طاب ذَوقاً ظِلٌّ غضّاً لمن يجني)
(سطا بجنود الإثْم والزَّيْغ فاتِكاً .......... وظلّ مَهِيضَ الخَلْق بالشَّرع ذا حصنِ)
(شفى زَيغ سوُء مخبث الصُّدْر مُعْضلاً .......... بحجّة ذِكْرٍ قاطِعِ اللّفظِ مُفْتنِ)
(صفوحٌ غزيرُ العقل ثبتٌ خَلا أَذَى .......... لظى سوَء خطْب شائك داؤه مضني)
(صفا ظلّ ثاوٍ عُذْ بقَصدك تُربة .......... غدَا تجشّم الأخطار في السَّهل والحَزَنِ)
(طوى شِقَّه المعراج إذ جاز بسْطه .......... لفت لاقطاً يرضي غداً مخلصاً يثني)
(ظِباهُ سَطَتْ بالشَّرْك فاحتاج غصْبه .......... وأخزى ذوي الإثْم الوضيع فقل قُدْني)
(عَفَت سوقَ حزْبِ الشِّرْك بِعْثةُ مصطفى .......... رضى خاتم جلا وحي الظّلم ذي الغبنِ)
(غزا لخصم ذا التَّخبيث والإفْك بالظّبا .......... واقصدْ سُوسَ الجهْلِ بالضَّرْب والطَّعْنِ)
(فخشا وذُرى الإسلام بالحقّ مخلصاً .......... وجثت طُغاة العضة بالكظْم والزّبنِ)
(قضى بامتثال سُنَّة الشَّرْع موجراً .......... لاكوه ذو حفْظ غدا أخْمص البطنِ)
(كثير سجايا الفَضل لا وضْم عنده .......... لنُطْقٍِ مغيظٍ بتْ خزيان ذي سجنِ)
(لقد كان ثبتاً في اضطّرام لَظَى الوَغَى .......... شجاعاً بسهم الحْزم يخصم بالأذنِ)
(مقف، شكورٌ، ثابت الجدّ ضابط، .......... خلا عن غميز ذو صفاً ظاهر الحسنِ)
(نجيدٌ، قَتُوم، ذو اصطفاء باهرٍ غدا .......... عظيمٌ خلا عن شامتٍ ضاحك السِّنِّ)
(وكم حاز فضلاً ثابتاً شامخَ الذُّرَى .......... جسيماً، عظيم القدْر من طبعه المُغْني)
(هيا خاتم الأمجادِ صِلْ حِفْظ ذي ثنا .......... فقا فيك شِعراً سائغاً ضابط الوزْنِ)
(لأَنْت إذا خَطْبٌ وحادثُ ضِيقةٍ .......... وكاشفُ أسْر الظّلم مع صورة الحُزْنِ)
(يُثِبْك وقتاً حاجرَ الرَّضْخ شاخصاً .......... فذُدْ عنه طغْوى ظالم الإنْس والجنِّ)
(فيا سيّد السّادات يا مَن بفضلِهِ .......... لَيَشْهَدُ بيتُ اللهِ ذُو الحجر والرُّكنِ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 306
(يظلّ فؤُادي عند ذكْرك خافقاً .......... ويَهْمي إذا اشتقتك الدّمع من جَفْني)
(فسَل لي ربَّ العرش نحوك عودةً .......... أُجدّد عهداً لا يخيب به ظنّي)
(فيا سائلاً كُنْ قائلاً هذه الّتي .......... بمدحته أضحت معظَّمةَ الشّأن)
(ومن سرّه أنّي لعشر نَظَمْتُ ما .......... يقصر عنه في السّفِين ذَوُو الوَهن)
(تضمّ حروفَ الخطّ جمْعاً بيوتُها .......... وأسألُ عُذْراً إنْ بَدَتْ كلفةً منّي) 340 - يوسف بن عبد الرحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن عُبَيْد الله. الصاحب العلامة محيي الدين، أبو المحاسن بن الإمام جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، البكري، البغدادي، الحنبلي، أستاذ دار المستعصم بالله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 307 وُلِد في ذي القعدة سنة ثمانين وخمسمائة. وتفقه، وسمع الكثير من أبيه، ويحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، وأبي منصور عبد الله بن عبد السلام، وعبد المنعم بن كليب، والمبارك بن المعطوش، وعلي بن محمد بن يعيش. وقرأ القرآن مع أبيه بواسط على أبي بكر بن الباقلاني صاحب أبي العز القلانسي. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، والرشيد محمد بن أبي القاسم، وجماعة. وتفقه عليه جماعة من البغداديين وغيرهم. وكان إماما كبيرا وصدرا معظما، عارفا بالمذهب، كثير المحفوظ، حسن المشاركة في العلوم، مليح الوعظ، حلو العبارة، ذا سمت ووقار وجلالة وحرمة وافرة. درّس وأفتى وصنف، وروسل به إلى الأطراف، ورأى من العز والإحترام والإكرام شيئا كثيرا من الملوك والأكابر. وكان محمود السيرة، محببا إلى الرعية. ولي الأستاذ دارية بضع عشرة سنة. قال الدمياطي: قرأت عليه كتاب ' الوفا في فضائل المصطفى ' لأبيه وغيره من الأجزاء. وأنشدني لنفسه، وأجازني بجائزة جليلة من الذهب. قال شمس الدين ابن الفخر الحنبلي: أما رئاسته وعقله فينقل بالتواتر، حتى أن الملك الكامل مع عظمة سلطانه قال: كل واحد يعوز زيادة عقل سوى محيي الدين ابن الجوزي فإنه يعوز نقص عقل. وذلك لشدة مسكته وتصميمه وقوة نفسه. يحكى عنه في ذلك عجائب منها أنه مر في سويقة باب البريد والناس بين يديه، وهو راكب البغلة، فسقط حانوت، فضج الناس وصاحوا. وسقطت خشبة فأصابت كفل البغلة، فلم يلتفت ولا يغير من هيئته. حكى لي شيخنا مجد الدين الروذراوري أنه كان يناظر ولا يحرك له جارحة. وقد أنشأ بدمشق مدرسة كبيرة. وقدم رسولا مرات. قلت: ضُرِبت عنقه بمخيم ملك التتار هو وأولاده تاج الدين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 308 عبد الكريم، وجمال الدين المحتسب، وشرف الدين عبد الله في صفر 341 - يوسف الكُردْيّ. الزاهد. ذكره أبو شامة فقال: تُوُفّي في صفر، وكان شيخا صالحا جليلا، أكثر مقامه بمسجد الربوة. وكان دائم الذكر والصلاة. وقد ألبسه الله الهيبة والوقار. - الكنى - 342 - أبو العِزّ بن صُدَيْق. سميناه عبد العزيز، وقد مر. * * * وأنبأني الظهير الكازروني في ' تاريخه ' قال: ذكر من قُتِل صبرا، فسمى الخليفة وطائفة ذكرتهم. 343 - ثم قال: وفُلَك الدّين محمد بن قيران الظّاهريّ، أحد الأُمراء. 344 - وشِحْنةُ بغداد الأمير قُطْبُ الدّين سَنْجَر البكليّ الّذي حجّ بالناّس مرّات. 345 - وشِحْنة بغداد عزّ الدّين ألْب قُرا الظّاهريّ. 346 - والأمير بَلَبَان المستنصريّ. 347 - وأيْدغُمُش الشّرقيّ ناظر الحَلْة، وكان شاعراً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 309 348 - وعماد الدّين طُغْرُل النّاصريّ، شحْنة بغداد زمن المستنصر. 349 - والأمير محمد بن أبي فراس. 350 - وكمال الدّين عليّ بن عسكر عارض الجيش. 351 - والسّيّد شَرَف الدّين المراغيّ. 352 - وابنه صدر الدّين محمد. 353 - ونقيب الطّالبيّين عليّ ابن النَّسّابة. 354 - وشَرَف الدّين عبد الله بن النيار ابن أخي صدر الدّين المذكور. 355 - ومهذَّب الدّين عليّ بن عسكر البعقوبيّ. 356 - والشّيخ عبد الوهّاب بن سُكَيْنَة المعّدل. 357 - وشيخ رباط الخِلاطيّة العدل يحيى بن سَعْد التّبريزيّ. 358 - والقاضي برهان الدّين التّبريزيّ. 359 - والقاضي برهان الدّين فضلي. 360 - والمدرّس صدر الدّين أبو مَعْشَر الشّافعيّ. 361 - وخطيب جامع الخليفة عبد الله بن العبّاس الرّشيديّ. 362 - والمجوّد الكاتب شمس الدّين عليّ بن يوسف الكُتُبيّ، خازن كُتُب المستنصريّة. 363 - والنّقيب الطّاهر عليّ بن حسن. 364 - والحاجب محمد بن البُوقيّ. 365 - وعُمر بن الخلاّل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 310 366 - ونقيب مشهد الكاظم تقيّ الدّين المُوسَويّ. 367 - وشرف الدين محمد بن طاوس العلويّ. 368 - وجمال الدّين ابن [...] الفَرَضيّ النّاسخ. 369 - والجمال القزوينيّ مُشرف وقْف المستنصريّة. 370 - والموفَّق عبد القاهر ابن الفُوَطيّ شيخ الأدب. 371 - والقاضي تقيّ الدّين عليّ بن النَّعْمانيّ كاتب الجيش. 372 - ونجم الدين عليّ بن الزّبيديّ. 373 - وتقيّ الدّين عبد الرحمن بن الطّبّال وكيل الخدمة. كلّ هؤلاء راحوا تحت السيف. * * * وفيها وُلِد: زكي الدين زكري بن يوسف التملي المرجيء، الفقيه الشافعي، ببيت ناعم من البرج. وتاج الدين أحمد بن محمد بن القاضي شمس الدين أبي نصر بن الشيرازي، والقاضي شهاب الدين أحمد بن الشرف حسن بن عبد الله بن الحافظ، في صفر، وعز الدين عبد الرحمن بن الشيخ العز إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر، وعز الدين يوسف بن حسن الزرندي، بزرند، ولؤلؤ بن سنقر، مولى بني تيمية، وشمس الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم بن القماح القرشي المصري، يروي عن الرضى بن البرهان، وبدر الدين محمد بن زكريا بن يحيى السويداوي المصري، يروي عن الرضى أيضا، ومحمد بن أبي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 311 الحرم بن نبهان البيزباني الصالحي وأبو بكر بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهروي العجمي الكاتب، والبدر محمد بن أحمد بن محمد بن النجيب، سبط إمام الكلاسة المحدث، ومحمود بن العفيف محمد بن علي البابشرقي، وعلي بن عبد المؤمن بن عبد، والحاج عبد الحميد بن منصور الصائغ، وصفي الدين محمد بن محمد بن أحمد بن العتال الحنفي، والبدر محمد بن عبد المؤمن بن حسن النصيبي التاجر، وشيخ المستنصرية المحب علي بن الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 312
سنة سبع وخمسين وستمائة
- حرف الألف - 374 - أحمد بن عثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل. فتح الدين، أبو الفتح المعروف بابن أبي الحوافر القيسي، الدمشقي الأصل، المصري، الطبيب العدل. وُلِد سنة ستمائة، وسمع من أبيه. وبرع في الطب. وصار رئيس الأطباء بالديار المصرية. وقد أكثر السماع في الكهولة، وعني بالحديث. وكان صدرا رئيسا، متميزا، بصيرا بالعلاج. تُوُفّي في رابع عشر رمضان بالقاهرة. 375 - أحمد بن محمد بن حسن بن عليّ بن تامَتّيت. المحدث الصالح، المعمر، أبو العباس اللوائتي، الفاسي، المغربي نزيل القاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 313 كان شيخا مباركا، فاضلا، عالما. جاور بالقرافة مدة. وحدث عن الزاهد أبي الحسين يحيى بن محمد الأنصاري، المعروف بابن الصائغ. وحدّث عن: أبي الوقت بالإجازة العامة. قال الشريف عز الدين. مولده فيما بلغنا في المحرم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. قلت: إن صح هذا فكان يمكنه السماع من أبي الوقت أيضا، فإنه أدرك من حياة أبي الوقت ست سنين. قال: وكان أحد المشايخ المشهورين بالعلم والزهد والصلاح، المقصودين للزيارة والتبرك بدعائه. وله تصانيف عدة. قلت: روى عنه الأمير علم الدين الدواداري، عن أبي الوقت. وتُوُفّي في رابع المحرم. 376 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن. المعمر، أبو القاسم البلوي، القرطبي. آخر من روى بالإجازة عن أبي عبد الله بن زرقون، وخلف بن بشكوال، وأبي العباس بن مضاء. مولده سنة 575، وبمراكش مات في سنة سبع وخمسين هذه. 377 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن قاسم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 314 المحدث، المعمَّر، المُسْنِد، المُغْرِب، أبو الحسين بن السراج الأنصاري، الإشبيلي. قال الشريف عز الدين: وُلِد في الثامن والعشرين من رجب سنة ستين وخمسمائة. وسمع من: خاله أبي بكر محمد بن خير، والحافظ خلف بن بشكوال، وعبد الحق بن بونه، والحافظ أبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون، وحدث عنهم. وعن: أبي بكر بن الجد، وأبي محمد بن عبيد الله، وأبي القاسم الشراط، وأبي زيد السهيلي. وحدَّث بالكثير مدة، وتفرد عن جماعة من شيوخه بأشياء لم تكن عند غيره. وكانت الرحلة إليه بالمغرب. وأخذ عنه جماعة من الحفاظ والنبلاء، من آخرهم أبو الحسين يحيى بن الحاج المعافري روى عنه ' الروض الأنف ' سماعا بتونس سنة ثمان عشرة وسبعمائة. قال: أخبرنا المؤلف سماعا لجميعه بإشبيلية. نقلته من بنت الوادي اآشي. وكان ثقة صحيح السماع. تُوُفّي في سابع صفر ببجاية. ونقلت من أسماء شيوخ ابن السراج قال: لقيت ابن بشكوال بقرطبة ولزمته. فذكر أنه سمع منه عدة دواوين، منها ' تفسير القرآن ' للنسائي، بسماعه من ابن عَتّاب، بسماعه من حاتم بن محمد، عن القابسي، عن حمزة الكناني، عنه، و ' خصائص علي ' بهذا الإسناد، وكتاب ' الصّلة '، وأشياء. وسمع من السهيلي ' الروض الأنف '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 315 378 - أحمد بن أبي عليّ بن أبي غالب. الشيخ مجد الدين أبو العباس الإربلي، النحوي، الحنبلي، العدل، نزيل دمشق. حدث عن: محمد بن هبة الله بن المكرم. وبدمشق تُوُفّي في نصف صفر. وكان يشهد تحت الساعات، ويؤم بالمسجد الذي تجاه المسمارية وإليه نظر السبع المجاهدي. وكان إماما في الفقه والعربية، بصيرا بحل ' المفصَّل. وعنه أخذ النحو شيخنا شرف الدين الفزاري. 379 - إبراهيم العلاّمة ضياء الدّين محاسن بن عبد الملك بن عليّ بن نجا. أبو طاهر التنوخي، الحموي، ثم الدمشقي، الحنبلي، الكاتب نجم الدين. تُوُفّي بتل باشر، من أعمال حلب. وسمعه أبوه من: ابن طبرزد حضورا، ومن: الكندي. وله شعر وأدب. روى عنه لنا: ابن الزراد، وغيره. ومات في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 316 380 - أسعد بن عثمان ابن القاضي وجيه الدّين أسعد بن المُنَجّا بن بركات بن المؤمَّل. الرئيس صدر الدين، أبو الفتح التنوخي، الدمشقي، الحنبلي، المعدل. وُلِد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وآحاد الطلبة. وكان رئيسا محتشما، متمولا. وقف داره مدرسة على الحنابلة، ووقف عليها، واندفن بها في تاسع عشر رمضان. وهو أخو شيخينا زين الدين ووجيه الدين. - حرف السين - 381 - سليمان بن عبّاد بن خَفَاجة. أبو أحمد الجزري، الصحراوي، الحنبلي، البستاني، النساج، الصالحي. سمع من: حنبل، وغيره. روى عنه: النجم بن الخباز، والشمس بن الزراد، وغيرهما. مات في شعبان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 317
- حرف الصاد - 382 - صالح بن عبد الرحمن بن موسى. أبو التقي الزناتي، المغربي، المؤدب. سمع منه: علي بن البنا. وعاش سبعين سنة. وتُوُفّي في ثامن ربيع الأول بالقاهرة. - حرف العين - 383 - عبّاس بن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر. الشريف، أبو المفاخر الهاشمي، العباسي، الدمشقي. سمع من: القاسم بن عساكر. وهو أخو أبي طالب محمد، وابن عم هاشم بن عبد القادر. وقد ذُكِر. 384 - عبد الله بن لبّ بن محمَّد بن عبد الله بن خيرة. أبو محمد الشّاطبيّ، المالكي. حدث بمكة عن: أبي الخطاب أحمد بن واجب. وتُوُفّي بالقاهرة في صفر، وله ثلاث وسبعون سنة. وكان مقرئا مجودا، فقيها، عالما. روى عنه: الدمياطي، وأبو محمد الدلاصي. 385 - عبد الله بن يوسف بن محمد بن عبد الله. شمس الدين، أبو محمد بن اللمط الجذامي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 318 رافق ابن دحية في الرحلة. وسمع بإصبهان من: أبي جعفر الصيدلاني. وببغداد من: عبد الوهاب بن سكينة. وبالموصل من: أحمد ابن الخطيب الطوسي. وكان مولده في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. روى عنه: المجد بن الحلوانية، والدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وتُوُفّي في ربيع الآخر بالمنشية بظاهر القاهرة. 386 - عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال. الأجل، فخر الدين، أبو علي الأزدي، الدمشقي، المعدل. سمع: حنبل بن عبد الله، وعمر بن طبرزد. يروي عنه: بهاء الدين إبراهيم بن المقدسي، وناصر الدين محمد بن المهتار، وغيرهما. وتُوُفّي في ثالث عشر شوال، وقد جاوز الستين. 387 - عبد الرحمن بن عبد المؤمن بن أبي الفتح بن وثّاب. أبو محمد القدسي، الصوري، الحنبلي، النجار، شهاب الدين. حدّث عن: عمر بن طبرزد، وحنبل. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة. ووجد مقتولا بالهامة من وادي بردا في ثاني رجب. وعاش ثلاثاً وستين سنة. وهو أبو شيخنا التقي. 388 - عبد الرّحيم بن إسماعيل بن أبي محمد. أبو الحسين ابن أمين الدولة الأنصاري، المصري، السمار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 319 سمع بالمدينة النبوية من جعفر بن آموسان. وحدث بالقاهرة. وتُوُفّي في ربيع الأول. روى عنه: عبد القادر الصعبي. 389 - عبد السّلام بن الحسين بن عبد السّلام بن عتيق بن محمد بن محمد. أبو محمد السفاقسي، ثم الإسكندراني، العدل. سمع من: جده لأمه أبي الحسن مكي بن إسماعيل بن عوف وحدث عنه. وعن: عمر بن عبد المجيد الميانشي. وتفرد بالرواية عن الميانشي. وهو من بيت العلم والرواية. روى عنه: الدمياطي وقال: سمع منه كتاب ' العلم في شرح مسلم ' للمازري كله بمكة من الميانشي. ووُلِد سنة سبع وستين وخمسمائة، وتُوُفّي في العشرين من شعبان عن تسعين سنة. وللميانشي إجازة من المازري. 390 - عبد العزيز بن عبد الجبّار بن يوسف. الدمشقي، القلانسي. سمع من: حنبل، والحافظ عبد الغني، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة. مات في شهر رمضان. 391 - عبد العزيز بن عبد الجبّار بن هبة الله بن عساكر بن سلطان. الشيخ المعمر، أبو محمد القسطلاني، ثم المصري. وُلِد في صفر سنة ثمان وخمسين. وذكر أنه سمع من أبي طاهر السلفي. وقد حدّث عن: أبي يعقوب يوسف بن الطفيل. وتُوُفّي في ذي القعدة وعمره مائة سنة إلا ثلاثة أشهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 320 392 - عثمان بن يوسف. الدمشقي، الجمّال، الرسّام. تُوُفّي في شوال بدمشق. 393 - عليّ بن الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أبي العزّ. نجم الدين أبو الحسن العراقي، النيلي، القيلوي. وُلِد سنة تسع وسبعين ببغداد. وسمع من: ابن طبرزد، والكِنْدي. روى عنه: الدمياطي، وعلاء الدين عليّ بن الشاطبي، وطائفة سواهما. تُوُفّي في جمادى الآخرة. 394 - عليّ بن مجليّ. الصاحب سراج الدين. صدّر للأعمال الواسطيّة. وقد ولي زمن الخليفة صدر ديوان العَرْض. قاتلته المغول على أمر وضُرِبت عنقه في رجب. وكان أديباً، مترسلا، كريما. 395 - عليّ بن يوسف بن موهوب بن يحيى. الجزري، ثم الصالحي، الحنبلي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله. وأجاز له أبو الفرج ابن الجوزي، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، ومحمد بن الزراد، وآخرون. ومات في الثالث والعشرين من ربيع الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 321
- حرف الفاء - 396 - فاطمة بنت أبي منصور يونس بن محمد بن محمد الفارقيّ. أم جمال الدين محمد بن الصابوني. روت بالإجازة عن يحيى الثقفي. كتب عنها: ولدها، والدمياطي، وجماعة. وتوفيت بمصر في سادس ربيع الأول وقد قاربت الثمانين. 397 - الفخر بن الرّبيع. البندهي، الخراساني، الفقيه. قال الإمام أبو شامة: وتُوُفّي شخص زنديق ينظر في علوم الأوائل ويسكن المدارس. أفسد عقائد جماعة من الشباب، وكان يتجاهر باستنقاص الأنبياء عليهم السلام، لا رحمه الله، ويُعرف بالفخر ابن البديع. وكان أبوه يزعم أنه من تلاميذ الفخر الرازي. مات في حياة والده. - حرف الكاف - 398 - كَيْقُبَاذ بن كَيْخُسْرو. السلجوقي، السلطان علاء الدين صاحب الروم. قال الظهير الكازروني: فيها تُوُفّي، يعني سنة سبع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 322
- حرف اللام - 399 - لؤلؤ. السلطان الملك الرحيم، بدر الدين، صاحب الموصل، أبو الفضائل الأرمني الأتابكي، النوري، مولى الملك نور الدين أرسلان شاه ابن السلطان عز الدين مسعود. كان القائم بتدبير دولة أستاذه وأعطاه الإمرية، فلما تُوُفّي نور الدين قام بتدبير ولده السلطان الملك القاهر عز الدين مسعود بن نور الدين، فلما تُوُفّي في سنة خمس عشرة أقام بدر الدين أخوين صبيين ولدي القاهر، وهما ابنا بنت مظفر الدين صاحب إربل، واحدا بعد واحد. ثم استبد بملك الموصل أربعين سنة. والأصح أنه تسلطن في أواخر رمضان سنة ثلاثين وستمائة. وكان حازما شجاعا، مدبرا، ذا حزم ورأي، وفيه كرم وسؤدد وتجمل، وله هيبة وسطوة وسياسة. كان يغرم على القصاد أموالا وافرة، ويحترز ويداري الخليفة من وجه، والتتار من وجه، وملوك الأطراف من وجه، فلم ينخرم ملكه، ولم تطرقه آفة. وكان مع ظلمه وجوده محببا إلى رعيته لأنه كان يعاملهم بالرغبة والرهبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 323 ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان ملكا جليل القدر، عالي الهمة، عظيم السطوة والسياسة، قاهرا لأمرائه. قتل وشنق وقطع ما لا نهاية له حتى هذب البلاد. ومع هذا فكان محبوبا إلى رعيته، يحلفون بحياته، ويتغالون فيه، ويلقبونه قضيب الذهب. وكان كثير البحث عن أخبار رعيته. تُوُفّي في عَشْر التسعين وفي وجهه النضارة، وقامته حسنة، يخيل إلى من يراه أنه كهل. قلت: ولما رأى أن جاره مظفر الدين صاحب إربل يتغالى في أمر المولد النبوي ويغرم عليه في العام أموالا عظيمة، ويظهر الفرح والزينة، عمد هو إلى يوم في السنة، وهو عيد الشعانين الذي للنصارى، لعنهم الله، فعمل فيه من اللهو والخمور والمغاني ما يضاهي المولد المكرم، فكان يمد سماطا طويلا إلى الغاية بظاهر البلد، ويجمع مغاني البلاد، ويكون السماط خونجا وباطية خمر على هذا الترتيب، ويحضره خلائق، وينثر على الناس الذهب من القلعة، يسفي الذهب بالصينية الذهب، ويرميه عليهم، وهم يقتتلون ويتخاطفون الدنانير الخفيفة، ثم يعمد إلى الصينية في الآخر فيقص له بالكازن من أقطارها إلى المركز، وتخلى معلقة بحيث أنه إذا تجاذبوها طلع في يد كل واحد منها قطعة. فحدثونا أنه كان بالموصل رجل يقال له عثمان القصاب، كان طوالا ضخما، شديد الآيد والبطش، بحيث أنه جاء مرة إلى مخاضة ومعه خمس شياه ليدخل البلد ويقصبها، فأخذ تحت ذا الإبط رأسين، وتحت الإبط الآخر رأسين، وفي فمه رأسا، وخاض الماء بهم إلى الناحية الأخرى. فإذا رمى بدر الدين الصينية إلى الناس تضاربوا عليها ساعة، ثم لا تكاد تطلع إلا مع عثمان القصاب. ومقته أهل العلم والدين على تعظيمه أعياد الكفر، وعلى أمور أخرى، فقال فيه شاعرهم: (يعظِّم أعيادَ النّصارى تَلَهِيّاً .......... ويزعُمُ أنّ الله عيسى بن مريمْ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 324
(إذا نَبَّهَتْهُ نخوةُ أَرْيَحِيّةٍ .......... إلى المجد قالت أرمنيّةٌ: غَمْ) وذكروا لنا أنه سار إلى خدمة هولاوو، وقدم له تحفا سنية، منها دُرَّة يتيمة، والتمس أن يضعها هو في أذن الملك هولاوو، فانكفأ على ركبته فمعك أذنه، وأدخلها في الخرم. فلما خرج فاق على نفسه وقال: هذا معك أذني، أو قيل ذلك لهولاوو، فغضب وطلبه، فإذا هو قد ساق في الحال. والله أعلم بصحة هذا، فإني أستبعده. ولكنه ذهب إلى هولاوو، ودخل في طاعته، وأعانه على مراده، فأقره على بلده، وقرر عليه ذهبا كثيرا في السنة. فلما مات انخرم النظام، ونازلت التتار الموصل، وعصى أهلها، فحوصرت عشرة أشهر، ثم أُخِذت، ولا حول ولا قوة إلا بالله. تُوُفّي صاحب الموصل يوم الجمعة ثالث شعبان، وقد كمل الثمانين. - حرف الميم - 400 - محمد بن القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل أبي عليّ عبد الرّحيم بن عليّ. القاضي الرئيس، عز الدين، أبو عبد الله اللخمي، البيساني، الأصل، المصري. سمع بإفادة أبيه، وبنفسه الكثير. وخرّج على الشيوخ، وكتب الكثير، وصار له أنسة جيدة بالفن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 325 سمع من: أبي القاسم بن صصرى، والبهاء المقدسي، وأبي محمد بن البن، فمن بعدهم. وتُوُفّي بدمشق في عاشر شوال، رحمه الله تعالى. 401 - محمد بن عليّ بن موسى. الإمام المقرئ، شمس الدين، أبو الفتح الأنصاري، الدمشقي، شيخ الإقراء بتربة أم الصالح. قرأ القراءآت على الشيخ علم الدين السخاوي، وكان من جلة أصحابه، فولي التربة والإقراء بها بعد السخاوي، مع وجود الإمام شهاب الدين أبي شامة. فبلغنا أنه وقع نزاع في أي الرجلين أولى بالمكان، لأنه شرطه أن يكون أقرأ من في البلد، فتكلموا فيمن يحكم بينهم، فأرشدوا إلى علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، فسأل كل واحد من الرجلين مسألة من الفن وأجابه، فقالوا له: من رأيت يصلح؟ فقال عن أبي شامة: هذا إمام. وقال عن شمس الدين أبي الفتح: هذا رجل يعرف القراءآت كما ينبغي. فوقعت العناية بأبي الفتح وأعطيها. فقرأ عليه جماعة منهم: شيخنا برهان الدين الإسكندري، وشيخنا شرف الدين الفزاري. وكان من أهل دار الحديث الأشرفية. سمع بها من: ابن الزبيدي، وغيره. وقد ولي التربة قبله فخر الدين ابن المالكي أياما ومات. قال أبو شامة: وفي صفر تُوُفّي الشمس أبو الفتح الذي كان يقرئ بالتربة الصالحية بعد الفخر ابن المالكي. ثم قال: وكان إماما في القراءآت، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 326 402 - محمد بن المفضّل بن الحسن بن عبد الصّمد بن محمد بن مرهوب. الشيخ جمال الدين، أبو محمد الحموي، الحنفي، الشروطي المعروف بابن الإمام. وُلِد بحماة سنة تسع وستين وخمسمائة. وروي بالإجازة عن السلفي في سنة ثمان وأربعين بدمشق، فسمع منه: أبو المعالي بن البالسي، وجماعة. وله ديوان خطب وشعر وأدب. تُوُفّي في هذه السنة بحماة. 403 - محمد ابن وزير العراق المؤيَّد بن العَلْقميّ. الرئيس عز الدين. قال الظهير الكازروني: مات في ذي الحجة سنة سبع. وقد عمل الوزارة للتتار، وعاش أربعين سنة. ولاه هولاكو بعد أبيه الوزارة، فأقبل على قاعدة الوزراء في فاخر الملبوس، وعلى فرسه كنبوش حرير، وفي عنقه شدة، فأُخبر بهادر الشحنة، فقام من الديوان فعاينها، فبال وهو واقف على الدكة على الكنبوش، وغضب وطرد الفرس، فانظر إلى وزير العراق في هذه الدول الفانية. وقس على ذلك. 404 - محمد بن مكّيّ بن محمد بن الحسن بن عبد الله. أبو عبد الله القرشي، الدمشقي، العدل، الأديب المعروف بابن الدجاجية، ويُلقّب بالبهاء ابن الحافظ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 327 وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وهو الذي هجا النجيب الصفار لما جلس يشهد ؛ وكان يجيد النظم، فمن شعره: (إلى سَلَم الجرعاء أهدَى سلامَهُ .......... فماذا على مَنْ قد لحاه ولامَهُ)
(تجلّد حتّى لم يدعْ مُعْظَمُ الجَوَى .......... لرائيه إلاّ جِلْده وعظامهُ) وكان والده قد درّس ببُصْرَى ونظم ' المهذب '. تُوُفّي البهاء في ثاني المحرم، وكان شاهدا. روى عنه: الدمياطي شيئا من شعره، رحمه الله. * المجد الإربليّ، النَّحْويّ. قد تقدّم في أحمد. 405 - مظَّفر بن أبي بكر محمد بن إلياس بن عبد الرحمن بن عليّ بن أحمد. الرئيس نجم الدين، أبو غالب ابن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، العدل. وُلّي تدريس العصرونية ووكالة بيت المال. وكان يرجع إلى دين وأمانة وعلم. وُلِد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن الحافظ، وحنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، وابن الخباز، والزراد، ومحيي الدين يحيى إمام المشهد، وآخرون. تُوُفّي آخر يوم من السنة. وقد وُلّي أيضا حسبة دمشق، ونظر الجامع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 328 كابنه عز الدين عيسى، وابن ابنه شرف الدين أحمد. 406 - المعين العادليّ. المؤذن. أذن للسلطان صلاح الدين فمن بعده. وطال عمره. قال أبو شامة: جاوز المائة، وزمن قبل موته بسنين. 407 - منهال بن محمد بن منصور بن خليفة بن منهال. شرف الدين، أبو الغيث العسقلاني الأصل، المصري، المعدل. كتب الحكم لغير واحد من قضاة مصر. وسمع بإفادة أبيه من: عبد الله بن محمد بن مجلي، وعبد الله بن عبد الجبار العثماني، وطائفة. وأجاز له أبو اليُمْن الكِنْدي. وكان مولده في سنة أربع وستمائة. وكان بصيرا بالشروط. مات في ذي الحجة. - حرف الياء - 408 - يحيى بن عبد الوهّاب بن محمد بن عطيّة. الفقيه تاج الدين، أبو الحسين التنوخي، الإسكندراني، المعدل الأصولي. تُوُفّي في جمادى الآخرة بالثغر. وكان يعرف الأصول. وسمع الكثير من أبي القاسم الصفراوي، وأبي الفضل الهمذاني. ولم يحدّث. 409 - يوسف القُمِّينيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 329 شيخ مشهور بدمشق. للناس فيه حسن اعتقاد. وكان يأوي إلى القمامين والمزابل التي مأوى الشياطين، ويلبس ثيابا تكنس الأرض، وتتنجس ببوله، ويمشي حافيا، ويترنح في مشيته. وله أكمام، طوال، ورأسه مكشوف. وكان طويل السكوت، ذا مهابة ووله ما. ويُحكى عنه عجائب وكشوفات. وكان يأوي إلى قمين حمّام نور الدين. ولما تُوُفّي شيعه خلق لا يحصون من العامة. وقد بصرنا الله وله الحمد وعرفنا هذا النموذج، وأن لهم شياطين تطمع فيهم لنقص عقولهم، وتجري منهم مجرى الدم، وتتكلم على ألسنتهم بالمغيبات، فيضل الناس، ويتألهونهم، ويعتقدون أنهم أولياء الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فقد عم البلاء في الخلق بهذا الضرب، ولكن الله يثيب الناس على حسن قصدهم، وإن جهلوا وأخطأوا، ويغفر لهم بلا شك إذا كان قصدهم ابتغاء وجهه الكريم. وهذا زماننا فيه واحد اسمه إبراهيم بظاهر باب شرقي، له كشوفات كالشمس، وما أكثرها. أمام أربع سنين في دكان بر الباب، ثم تحول إلى قمين حمّام الفواخير، وهو زُطّيٌّ، سفيه، نجس، قد أحرقته السوداء، وله شيطان ينطق على لسانه، فما أجهل من يعتقد في هذا وشبهه أنه ولي الله، والله يقول في أوليائه إنهم {الذين آمنوا وكانوا يتقون} . وقد كان في الجاهلية خلق من الكهان يخبرون بالمغيبات، والرهبان لهم كشف وإخبار بالمغيبات، والساحر يخبر بالمغيبات. وفي زماننا نساء ورجال بهم مس من الجن يخبرون بالمغيبات على عدد الأنفاس. وقد صنف شيخنا ابن تيمية غير مسألة في أن أحوال هؤلاء وأشباههم شيطانية، ومن هذه الأحوال الشيطانية التي تُضِلّ العامة أكْلُ الحيات، ودخول النار، والمشي في الهواء، ممن يتعانى المعاصي، ويخل بالواجبات. فنسأل الله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 330 العون على اتباع صراط المستقيم، وأن يكتب الإيمان في قلوبنا، وأن يؤيدنا بروح منه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد يجيء الجاهل فيقول: اسكت لا تتكلم في أولياء الله. ولم يشعر أنه هو الذي تكلم في أولياء الله وأهانهم، إذ أدخل فيهم هؤلاء الأوباش المجانين أولياء الشياطين، قال الله تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} ثم قال: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} وما اتبع الناس الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب إلا لإخبارهما بالمغيبات، ولا عُبِدت الأوثان إلا لذلك، ولا ارتبط خلق بالمنجمين إلا لشيء من ذلك، مع أن تسعة أعشار ما يُحْكَى من كذب الناقلين. وبعض الفضلاء تراه يخضع للمولهين والفقراء النصابين لما يرى منهم. وما يأتي به هؤلاء يأتي بمثله الرهبان، فلهم كشوفات وعجائب، ومع هذا فهم ضلال من عبدة الصلبان، فأين يذهب بك؟ ! ثبتنا الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وإياك. - الكنى - 410 - أبو بكر بن الملك الأشرف أبي الفتح محمد بن السلطان الكبير صلاح الدين يوسف. وُلِد بمصر في سنة سبع وتسعين، ونشأ بحلب، وسمع بها من: عمر بن طبرزد، وحنبل. ودخل بغداد في أيام المستنصرية، وسمع بها من أصحاب أبي بكر بن الزاغوني، وأبي الوقت السجزي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 331 وكان أميرا جليلا، له حرمة وافرة. تُوُفّي بحلب في ذي الحجة، وله ستون سنة. * * * وفيها وُلِد: شيخنا العارف عماد الدين أحمد بن عبد الرحمن الواسطي ابن شيخ الحرامية، بواسط في ذي الحجة، وخطيب النيرب تقي الدين صالح بن مجد الدين بن سحنون، والشرف علي بن قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان، والعلاء علي بن المهذب التنوخي الشروطي، وشيخنا مجد الدين أبو بكر بن محمد القاسم التونسي المقرئ بتونس، أو سنة ست. ومحمد بن أحمد بن محمد بن محمود المرداوي بالنيرب، والبدر أحمد بن ناصر الدين ابن المقدسي ابن نوح، والتقي محمد بن إبراهيم بن داود بن ظافر الفاضلي، ورقية بنت موسى بن إبراهيم الشقراوي، وعلي بن أبي الحرم السنبوسكي، كلاهما تقريبا. والشرف يعقوب بن إسحاق الكفتي جابي الأمينية، ومحيي الدين يحيى بن محمد بن علي بن القباقبي، وأحمد بن علي الكلوتاني، مصري يروي عن النجيب، وزين الدين أحمد بن قاضي القضاة تقي الدين محمد بن رزين، سمع من ابن عِلان. وأبو العباس أحمد بن شيخنا عبد الرحيم بن عبد المحسن الحنبلي، سمع من النجيب وكذا اللذان بعده. وعبد المحسن بن أحمد بن الجمال محمد بن الصابوني، وعلي بن إسحاق بن السلطان بدر الدين صاحب الموصل. وتاج الدين محمد بن عبد الرزاق بن عبد الكريم العسقلاني، يروي عنه الرشيد العطار ؛ وأحمد بن محمد بن علي بن ملاعب القباني، وإبراهيم بن أبي بكر بن أحمد الكهفي، وسعد الدين محمد بن محمد بن محمد بن سنقر العادلي، سمع النجيب. وصاحب حماة الملك المظفر محمود بن المنصور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 332
سنة ثمان وخمسين وستمائة
- حرف الألف - 411 - أحمد بن محمد بن يوسف بن الخضر. أبو الطيب الحلبي، الحنفي، الفقيه. روى عن: عمر بن طبرزد. ودرَّس واشتغل. تُوُفّي بحلب بعد أخذها بالسيف وقتل أكثر أهلها بأيام. 412 - أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن بن يحيى بن محمد بن عليّ بن صَدَقَة بن الخيّاط.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 333 قاضي القضاة، صدر الدين، أبو العباس، ابن قاضي القضاة شمس الدين أبي البركات التغلبي، الدمشقي، الشافعي، ابن سني الدولة. وُلِد سنة تسع وثمانين أو تسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف ابن أبي سعد، وابن طبرزد، وحنبل، وست الكتبة، والكندي، وأبي المعالي محمد بن علي القرشي، والقاسم بن عساكر، والخطيب عبد الملك الدولعي، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والقاضي تقي الدين سليمان، وشرف الدين الفزاري الخطيب، ومحيي الدين يحيى إمام المشهد، ومحمد بن الزين القواس، وعلاء الدين الكندي، والشمس محمد بن الزراد، ومحمد بن المحب عبد الله، وآخرون. وتفقه وبرع في المذهب على أبيه، وعلى الإمام فخر الدين ابن عساكر، وقرأ الخلاف على الصدر البغدادي. ولم ير أحد نشأ في صيانته وديانته واشتغاله. ناب في القضاء عن أبيه في سنة ست وعشرين. وأول ما درّس في سنة خمس عشرة وستمائة، وأفتى بعد ذلك. وكان سني الدولة الحسن بن يحيى من كُتّاب الإنشاء لصاحب دمشق قبل نور الدين له ثروة وحشمة، وقف على ذريته أوقافا في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وهو ابن أخي أحمد بن محمد بن الخياط الشاعر المشهور. وكان صدر الدين مشكور السيرة في القضاء، لين الجانب، حسن المداراة والاحتمال، ولي وكالة بيت المال، ثم ناب في القضاء، ثم استقل به مدة. ودرّس مدة بالإقبالية والجاروخية. ولما أخذ هولاوو الشام هذه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 334 السنة سافر ابن سني الدولة ومحيي الدين ابن الزكي إلى حلب، فكان ابن الزكي أفره منه وأحذق بالدخول على التتار، فولوه قضاء القضاة، ورجع ابن سني الدولة بخفي حنين، فلما وصل إلى حماة مرض وركب في محفة إلى بعلبك، فبقي في بعلبك يومين، ومات بها في عاشر جمادى الآخرة، وله ثمان وستون سنة. وغسله الزكي ابن المعري بحضور الشيخ الفقيه. قال الدمياطي: خرجت له ' معجما ' فأجازني بملبوس نفيس ثم بمبلوس حسن لما عدلت. وكان يتعاهدني بالصلة ويحسن إلي. قال الشيخ قطب الدين: وكان الملك الناصر يوسف يحبه ويثني عليه. 413 - إبراهيم بن خليل بن عبد الله. نجيب الدين الدمشقي، الأدمي، أبو إسحاق، أخو الشيخ شمس الدين يوسف بن خليل. وُلِد يوم عيد الفطر سنة خمس وسبعين. وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، ويحيى الثقفي، ومنصور الطبري، ويوسف بن معالي الكتاني، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وعمر بن يوسف الحموي، وأبي طالب محمد بن الحسين بن عبدان، وأبي المحاسن محمد بن كامل التنوخي، والخشوعي، وجماعة. وحدَّث بدمشق وحلب. وطال عمره، واشتهر اسمه. وكان له أجزاء ومنها يحدث، حصلها له أخوه. وكان سماعه صحيحا. وكان يعمل المداسات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 335 حمل عنه خلق كثير وحفاظ. وحدَّث عنه الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه شرف الدين، وتاج الدين صالح الجعبري، وبدر الدين محمد بن الجوهري الحلبي، والشيخ نصر المنبجي، والعماد بن البالسي، وصفية بنت الحلوانية، ومحمد بن أحمد البجدي، وأبو الفداء ابن الخباز، وزينب خالة ابن المحب، والجمال عليّ بن الشاطبي، والشمس محمد بن الفخر علي بن البخاري، والتقي أحمد بن العز إبراهيم، وآخرون. قال لنا الدمياطي: بعثته إلى حلب لينوب عني في التسميع في وظيفتي، فعُدِم في وقعة التتار في صفر. * إبراهيم بن سهل. شاعر الأندلس. يأتي. 414 - إبراهيم بن هبة الله بن سعيد بن باطيس. أبو إسحاق الموصلي. سمع: ابن طبرزد. وروى عنه: الدمياطي، وإسحاق الأسدي، وغيرهما. يلقب شمس الدين. استشهد في أخذ حلب. 415 - إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد بن موسى بن أحمد. الوزير، مؤيد الدين، أبو إسحاق الشيباني، المقدسي، ثم المصري، المعروف بابن القفطي، أخو الصاحب جمال الدين علي بن يوسف المؤرخ. وُلِد ببيت المقدس سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع بحلب في سنة نيف وعشرة من: الافتخار عبد المطلب الهاشمي. ووزر بحلب بعد أخيه الأكرم مدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 336 روى عنه: الدمياطي. وهلك بحلب بعد أخذها بيسير في أحد الربيعين. 416 - إبراهيم بن أبي بكر بن أبي زَكْري. الأمير الكبير مجير الدين. قُتِل شهيدا بنابلس لما دخلها التتار بالسيف، فشهر سيفه وقتل جماعة وقُتِل في سبيل الله في ربيع الآخر. وكان محتشما، كبير القدر. خدم الملك الصالح نجم الدين أيوب بالشرق وقدم معه، ثم بعده اتصل بخدمة الملك الناصر يوسف. وحج بالناس من دمشق سنة ثلاث وخمسين. وكان متوليا نابلس ونواحيها. وكان عنده فضيلة وأدب ومكارم. وهو من بيت كبير من الأكراد، رحمه الله. 417 - إسحاق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن. أبو المكارم ابن العجمي، الحلبي. حدَّث عن: الافتخار الهاشمي. وسمع من جده أبي حامد عبد الله، ومن: القاضي ابن شداد. ومات بحلب في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 337 418 - إسماعيل بن هاشم. أبو نصر الحلبي، الخطيب. عُدِم في الواقعة الحلبية هو وأمم لا يحصيهم إلا الله. وقد سمع ببغداد من: عبد الوهاب ابن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه. أخذ عنه جماعة. 419 - إيل غازي. السلطان الملك السعيد، نجم الدين، أبو الفتح، صاحب ماردين وابن صاحبها أرتق بن إيل غازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق الأرتقي. مات في آخر السنة في الحصار والوباء بقلعة ماردين. وكان حازما بطلا، عالي الهمة، جوادا، ممدحا. ملك مدة ديار بكر. وقيل: مات في صفر من سنة تسع، فالله أعلم. - حرف التاء - 420 - تمّام بن أبي بكر بن أبي طالب بن أبي الزّمام بن أبي غالب. أبو طالب بن السروري، الدمشقي. وُلِد سنة سبع وسبعين. وسمع من: يحيى بن محمود الثقفي. وكان جنديا: ولي عدة ولايات بالشام. روى عنه: الدمياطي، والزاهد محمد بن تمام الخياط، ومحمد بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 338 المحب، والنجم بن الخباز. تُوُفّي في رجب. 421 - توارنشاه. الملك المعظم أبو المفاخر ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب. آخر من بقي من إخوته. وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع بدمشق من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني. وأجاز له عبد الله بن بري النحوي، وغيره. وانتقى له الدمياطي ' جزءا '. وحدث بحلب ودمشق. روى عنه: الدمياطي، وسنقر القضائي، وغيرهما. وفي قيد الحياة من الرواة عنه: أحمد وعبد العظيم ابنا محمد بن عبد الرحمن بن العجمي، والتاج محمد بن أحمد بن محمد بن النصيبي، بحلب ؛ والقاضي أحمد بن عبد الله القرشي شقير، وغيرهم. وكان كبير البيت الأيوبي. وكان السلطان الملك الناصر، وهو ابن أخيه، يحترمه ويجله، ويثق به، ويتأدب معه. فكان يتصرف في الخزائن والأموال والغلمان. وقد حضر غير مصاف، وكان ذا شجاعة وعقل وغور. وكان مقدم الجيش الحلبي من زمان طويل. وهو كان المقدم لما التقوا هم والخوارزمية سنة ثمان وثلاثين بقرب الفرات، فأسر يومئذ وهو مثخن بالجراح، وانهزم عسكره هزيمة قبيحة، وقتل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 339 منهم خلق. وقتل في هذه الكائنة الصالح ولد الملك الأفضل علي بن يوسف، وأغارت الخوارزمية على بلاد حلب، وفعلوا كل قبيح، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ولما استولى التتار، خذلهم الله، على حلب وبذلوا فيها السيف اعتصم بقلعتها وحماها، ثم سلمها بالأمان، وأدركه الأجل على إثر ذلك. ولم يكن عدلا، وربما تعاطى المحرم، فإن الدمياطي يقول: أخبرنا في حال الاستقامة. تُوُفّي - سامحه الله - في السابع والعشرين من ربيع الأول بحلب، ودفن بدهليز داره وله ثمانون سنة. - حرف الجيم - 422 - جعفر بن أبي عليّ حسن بن أبي الفُتُوح بن عليّ بن حسين بن دوّاس. أبو الفضل الكتامي، المصري، الكاتب المعروف بابن سنان الدولة. وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة بمصر. وسمع منه: البوصيري، وغيره. روى عنه: الدمياطي، وجماعة، وأبو حامد بن الصابوني وقال: في أجداده حاير بالياء. تُوُفّي في نصف شعبان. 423 - جعفر بن حمّود بن المحسّن بن عليّ. أبو الفضل التنوخي، الحلبي. استُشْهِد في أخذ حلب. وهو أخو الأمين عبد المحسن. يروي عنه: الكندي، وابن الحرستاني. وما علمته حدّث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 340
- حرف الحاء - 424 - حبيبة بنت أحمد بن نصر. الحرانية، نزيلة حلب. أجاز لها أبو العباس أحمد بن أبي منصور البرك، والحافظ أبو موسى المديني. وحدثت. لا أعلم أحدا روى لنا عنها. تُوُفّيت في رمضان بحلب. 425 - حسن. الملك السعيد ابن الملك العزيز عثمان بن السلطان الملك العادل، صاحب الصبيبة وبانياس. تُوُفّي أبوه سنة ثلاثين، فقام بعده ابنه الملك الظاهر، ثم مات سنة إحدى وثلاثين، فتملك بعده ابنه حسن هذا، فبقي إلى أن انتزع منه الملك المعظم. وهرب إلى غزة وأخذ ما فيها، وقصد قلعة الصبيبة فتسلمها. فلما تملك الملك الناصر الشام أخذ الملك السعيد واعتقله بقلعة البيرة. فلما دخل هولاوو الشام وأخذت التتار البيرة، أخرجوه من الحبس، وأُحضر عند الملك بقيوده، فأطلقه وخلع عليه بسراقوج، وصار من جملتهم، ومال إليهم بالكلية. وكان يقع في الملك الناصر عندهم، وعرض على هلاكه، فسلموا إليه الصبيبة وبانياس. وبقي في خدمة نائب دمشق كتبغانوين لا يفارقه. ثم حضر مصاف عين جالوت، وقاتل مع التتار قتالا. وكان بطلا شجاعا، فلما انكسروا، ولله الحمد، حضر إلى بين يدي السلطان قطز فقال: هذا ما يجيء منه خير. وأمر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 341 به فضربت عنقه، ولم يُقِلْ عثرته. 426 - الحسن بن أحمد بن هبة الله بن أمين الدّولة. الفقيه، أبو محمد الحلبي، الحنفي، المحدث. أحد الطلبة المشهورين بحلب. سمع من: ابن روزبة، ومكرم، وابن شداد، وابن خليل، وابن رواحة. ورحل فسمع ببغداد من: أبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن، وطائفة. وحدَّث بمصر والشام. وعُدِم في الوقعة بحلب، رحمه الله. وله شعر جيد. 427 - الحسن بن عليّ بن طاهر. الكرجي، الصوفي. حدَّث عن: حنبل، وابن طبرزد. ومات في ذي القعدة بالقرافة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. 428 - الحسين بن الحافظ أبي القاسم عليّ بن القاسم ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 342 عماد الدين، أبو حامد الدمشقي، الملقب بالحافظ. وُلِد سنة عشر وستمائة. وأجاز له المؤيد الطوسي، وأبو روح، وخلق على يد والده. وسمعه أبوه من جماعة حضورا، وتُوُفّي بنابلس وهو متوجه إلى مصر في شعبان عن ست وأربعين سنة. وقيل: مات في رمضان، وحمل فدفن بسفح قاسيون. - حرف الخاء - 429 - خليل بن إسماعيل بن إبراهيم. المارديني، المقرئ. سمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وحدَّث. ومات في جمادى الآخرة. - حرف الراء - 430 - رسلان شاه. الأمير أسد الدين ابن الملك الزاهر مجير الدين داود بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. كان شجاعا شهما، حسن الشكل، كريما. وكان أبوه أشبه الناس بأبيه، وشقيق الملك الظاهر غازي، وسلطان البيرة. فتُوُفّي بها في سنة اثنتين وثلاثين، وتملك البيرة بعده الملك العزيز صاحب حلب، وأقام نساؤه وأولاده بحلب عند ابن عمهم. وقُتِل أسد الدين هذا ببواشير حلب في أول دخول التتار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 343 431 - رشيد بن محمد بن عبد الملك. أبو محمد الهمذاني، الصوفي، السراج. شيخ معمر من صوفية دمشق. حدَّث عنه المحدث إبراهيم بن عثمان بن درباس الماراني، لقيه بإربل. - حرف الزاي - 432 - زينب بنت أبي الجورنديّ بن عبد الغنيّ بن عليّ. أم الكرام الأنصارية، المصرية. سمعت من: أبيها، ومن: البوصيري، والأرتاحي. وتُوُفّيت في جمادى الآخرة. أخذ عنها المصريون، ولم يحدثنا أحد عنها. ولعل في مصر من يروي عنها. - حرف الطاء - 433 - طُغريل بن عبد الله. أبو محمد التركي، المحسني، الطواشي. سمع من: حنبل، وابن طبرزد، وست الكتبة بنت الطراح مع مولاه الملك المحسن. روى عنه: الدمياطي، وإسحاق الأسدي. ومات بحارم بعد الوقعة بأيام في ربيع الأول. وعنه أيضا: البدر بن التوزي، والتاج الجعبري. - حرف العين - 434 - عبّاس بن محمد بن أحمد. الماكسيني، شمس الدين الدمشقي. روى عنه: حنبل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 344 وعنه روى عنه: الدمياطي، وناصر الدين محمد بن المهتار، وغيرهما. ظهر منه قيام مع التتار بدمشق. فلما انكسروا قتله المسلمون. ولأبيه رواية عن الحافظ أبي القاسم بن عساكر. 435 - عبّاس، ويقال أبو العباس، ويسمّى الخضر، بن أبي طالب نصر بن محمد بن نصر. أبو الفضل، شهاب الدين الحموي، ثم الدمشقي، الكاتب. سمع من: الخشوعي. وتُوُفّي في ربيع الآخر بدمشق وله إحدى وسبعون سنة. روى عنه: الدمياطي، ومحمد ابن خطيب بيت الأبار. 436 - عبد الله بن أحمد بن أبي بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن. المحدث المفيد، محب الدين، أبو محمد السعدي، المقدسي، الصالحي، الحنبلي. روى عنه: الشيخ موفق الدين بن قدامة، وأبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، وطائفة. ورحل سنة تسع وثلاثين فسمع الكثير من: ابن القبيطي، وأبي إسحاق الكاشغري، وعلي بن الفخار، وابن الخازن، وطائفة كبيرة. وعني بالحديث أتم عناية، وكتب العالي والنازل، وحصّل الأصول. وبقي في الرحلة مدة سنين، ثم قدم دمشق وتأهل، وجاءه ابنان، فقرأ لهما
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 345 الكثير حضورا وسماعا، والصغير منهما هو الزاهد العابد أبو العباس أحمد والد رفيقنا وشيخنا المحب، محدث الصالحية في وقته ومفيدها. روى عن المذكور: الدمياطي، والنجم إسماعيل بن الخباز، والنجم محمود بن النميري، وولده محمد بن المحب، وآخرون. تُوُفّي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة، وله من العمر أربعون سنة. 437 - عبد الله بن بركات بن إبراهيم بن طاهر بن بركات. أبو محمد ابن الخشوعي، الدمشقي، الرفاء. وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ويحيى الثقفي، والقاسم بن عساكر، وعبد الرزاق بن نصر النجار، وإسماعيل الخبزوي، وجماعة. وأجاز له: أبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأحمد بن ينال الترك، وآخرون. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو المعالي بن البالسي، وأبو الفداء بن عساكر، وأبو الحسن الكندي، وأبو عبد الله بن الزراد، وأبو عبد الله بن التوزي، وحفيده علي بن محمد بن الخشوعي، ومحمد بن المحب، ومحمد بن المهتار، وآخرون. وهو من بيت الحديث والرواية. تُوُفّي في الثامن والعشرين من صفر بدمشق. 438 - عبد الله بن عمر بن عوض.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 346 المقدسي، والد شيخينا القاضي عز الدين وعمر وشرف الدين ابن رقية. حدَّث عن: الشيخ الموفق. وعنه: ابن الخباز، وغيره. تُوُفّي في المحرم بقاسيون كهلا. 439 - عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قُدَامَة بن مِقْدام بن نصر. عماد الدين المقدسي، الجماعيلي، ثم الصالحي، المقرئ الحنبلي، المؤدب. وُلِد بجماعيل في سنة ثلاث وسبعين ظنا، وقدم دمشق صبيا. فسمع من: يحيى الثقفي، وأحمد بن الموازيني، وهبة الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، ويوسف بن معالي الكناني، وبركات الخشوعي، وجماعة. وروى الكثير، وطال عمره. وكان شيخنا حسنا، فاضلا، صحيح السماع، له مكتب بالقصاعين. وهو والد شيخنا العز. روى عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، ومات قبله باثنتين وعشرين سنة، والمجد ابن الحلوانية، والدمياطي، والشيخ الكنجي، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وتاج الدين صالح، وابن التوزي، وابن الخباز، وأبو عبد الله بن زباطر، وأبو محمد عبد الله بن الشرف حسن، وأبو عبد الله بن التاج، وأبو عبد الله بن المحب، وأبو عبد الله بن الصلاح، وأبو عبد الله بن المهتار، وآخرون. تُوُفّي في ربيع الأول
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 347 440 - عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد بن محمد بن الحسين بن عليّ. الكرابيسي، الفقيه العالم، أبو طالب ابن العجمي، الحلبي، الشافعي. كان رئيسا محتشما، ومفتيا محترما. سمع من: يحيى بن محمود الثقفي، وعمر بن طبرزد، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، والكمال إسحاق الأسدي، ومحمد بن محمد الكنجي، والبدر محمد بن التوزي، وحفيداه أحمد وعبد الرحيم ابنا محمد بن عبد الرحمن، وآخرون. عذبه التتار وضربوه على المال، وصبوا عليه ماءً بارداً، فتشنج ومات إلى رحمة الله في الرابع والعشرين من صفر بعد الوقعة بنحو من عشرة أيام، وله تسع وثمانون سنة. وقد كتب عنه ابن الحاجب، والقدماء. 441 - عبد العزيز ابن القاضي الأسعد [بن عبد] القويّ ابن القاضي الجليس عبد العزيز بن الحسين ابن الجَبّاب. القاضي محيي الدين، أبو المعالي التميمي، السعدي، المصري. وُلِد سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 348 وسمع من: أبيه، وجماعة. ونسخ بخطه، وحصل جملة من الكتب. وحدث ومات بمنية بني خصيب في ذي القعدة. 442 - عبد المحسن بن عبد العزيز بن عليّ بن عبد العزيز. أبو محمد بن الصيرفي، المخزومي، الوكيل. وُلِد سنة تسع وسبعين وخمسمائة بمصر. وسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وقاسم بن إبراهيم المقدسي، والأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير. وأجاز له: خليل الراراني، وأبو المكارم بن اللبان، وجماعة. وروى عنه: الدمياطي، والمصريون. ومات في الثاني والعشرين من جمادى الأول. وهو أخو عبد الرحمن ومحمد. 443 - عبد الواحد بن أبي بكر بن سليمان بن عليّ. أبو محمد الحموي، الدمشقي، الشاهد. أخو أحمد بن أبي بكر. وُلِد في سنة خمس وثمانين. وسمع من: محمد بن الخصيب، وحنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، وغيرهما. تُوُفّي في جمادى الآخرة. وقد حدث بدمشق ومصر. وأبوه من شيوخ الدمياطي أيضا. 444 - عُبَيْد الله بن شبل بن جميل بن محفوظ. الإمام نجم الدين، أبو فراس التغلبي، الهيتي، الزاهد. ويعرف بابن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 349 الجبي. من قرية جبة من سقي الفرات. سمع من: خليل الجوسقي. وصنف كتاب ' فضائل القرآن '، وكتاب ' الشفاء من الداء '، وكتاب ' شمائل النبي الكريم '. وقد ولي أعمالا جليلة، وانقطع بعد أخذ بغداد في رباط له. ثم مات في آخر السنة. قال ابن الفوطي: أجاز لي في سنة خمسين وستمائة. وابنه شيخ رباط العميد شهاب الدين عبد الرحمن، مات سنة 671. 445 - عثمان بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهّر بن أبي عصرون. الصدر الرئيس، شرف الدين، أبو عمرو ابن القاضي أبي حامد ابن قاضي القضاة أبي سعد التميمي، الدمشقي، الشافعي، أخو محيي الدين عمر. وُلِد بدمشق سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ولم نر له شيئا من الرواية عن جده. وقد دخل الإسكندرية في صغره، وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، وعبد العزيز بن عيسى اللخمي. وسمع بمصر من: أبي الفضل الغزنوي. روى عنه: النجم بن الخباز، وآحاد الطلبة. ولم يكن سماعه كثيرا. وقد حدث عنه الزين أحمد بن عبد الدائم وهو أكبر منه. وكان رئيسا، نبيلا، جوادا، مفضلا. أنفق أموالا عظيمة إلى أن بقي فقيرا. قال الشيخ قطب الدين: حدثني الجمال نصر الله، وكان في خدمته،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 350 أن أباه أبا حامد قد خلف له من الأموال والقماش والخيل والخدم والأملاك شيئا كثيرا، من ذلك سطل بلور بقد المد وأكبر، بطوق ذهب، وهو ملآن جواهر نفيسة، فأذهب الجميع. قال: كان المذكور قد اجتمع ولده الجنيد بمصر في هذه السنة بالملك المظفر، وأراه كتابا فيه أن بمصر دفائن، وأنها لا تحصل إلا بخراب أماكن كثيرة. فأصغى إليه السلطان. وكان بعض من خاف خراب ملكه اغتاله، فعُدِم، أو قُتِل في أواخر صفر. وذكر الشريف عز الدين أنه تُوُفّي بدمشق، فالله أعلم. 446 - عثمان بن يوسف بن حَيْدَرَة. الطيب، التاجر، جمال الدين، ابن الطيب العلامة رضيّ الدين، الرحبي، ثم الدمشقي. برع في عِلْم الطب على والده، وخدم في المارستان النوري زمانا. وكان يسافر في التجارة إلى مصر، فتوجه في الجفل إلى مصر ومات هناك في ربيع الآخر. 447 - عليّ بن إبراهيم بن خُشْنام بن أحمد. الفقيه، أبو الحسن الحميدي، الكردي، الحلبي، الحنفي. وكان من كبار الحنفية. روى عن: داود بن معمر. سمع منه بإصبهان. روى عنه: الدمياطي، والبدر محمد بن التوزي، وغيرهما. وعُدِم بحلب في دخول التتار في صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 351 448 - عليّ بن فايد بن ماجد. الخزرجي. الشيخ الصالح الزاهد. سمع من: مسمار بن العويس، وإبراهيم بن البرني. وحدَّث. وعُدِم شهيداً بحلب. 449 - عليّ بن يوسف بن شَيْبان. جلال الدين النميري، المارديني، المعروف بابن الصفار، الشاعر. تُوُفّي في ربيع الآخر عن ثلاث وستين سنة. 450 - عمر بن عبد المنعم ابن أمين الدّولة. الفقيه، أبو حفص الحلبي، الحنفي. حدَّث عن: الافتخار الهاشمي، وغيره. وراح إلى رحمة الله في كائنة حلب 451 - عيسى بن موسى بن أبي بكر بن خضر بن إبراهيم أخي شيخ
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 352 الإسلام عليّ ابن أحمد بن يوسف بن جعفر بن عَرَفَة بن مأمون بن المؤمّل بن قاسم بن الوليد بن عُتْبة ابن أبي سُفيان. الأمير الأجلّ، شهاب الدين القرشي، الأموي، الكردي، الهكاري، ويُعرف بابن شيخ الإسلام. كان فقيها، زاهدا، شجاعا، فارسا. درّس مدة بدمشق بالمدرسة الجاروخية. وتُوُفّي بمصر في ثامن وعشرين جمادى الأولى، رحمه الله. - حرف الفاء - 452 - فاطمة. الست النبوية ابنة الشهيد المستعصم بالله. ماتت غريبة أسيرة ببخارى في دار الشيخ شرف الدين الباخرزي، استنقذها من العدو. وشيعها الخلق. وبُنيت عليها قُبّة بكلاباذ. 453 - فاطمة بنت المحدّث أبي الفضل نعمة بن سالم بن نعمة ابن الحزّام. أم الخير. سمعت من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وبنت سعد الخير. روى عنها: الحافظان زكي الدين عبد العظيم مع تقدمه، وشيخنا الدمياطي، والمصريون. وتُوُفّيت في السابع والعشرين من ذي الحجة. - حرف القاف - 454 - قطز بن عبد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 353 السلطان الشهيد الملك المظفر، سيف الدين المعزي. كان أكبر مماليك المعز أيبك التركماني. وكان بطلا شجاعا، مقداما، حازما، حسن التدبير، يرجع إلى دين وإسلام وخير. وله اليد البيضاء في جهاد التتار، فعوض الله شبابه بالجنة. حكى شمس الدين ابن الجزري في ' تاريخه '، عن أبيه قال: كان قطز في رق ابن الزعيم بدمشق في القصاعين، فضربه أستاذه فبكى، ولم يأكل شيئا يومه. ثم ركب أستاذه للخدمة، وأمر الفراش أن يترضاه ويطعمه. قال: فحدثني الحاج علي الفراش قال: جئته فقلت: ما هذا البكاء من لطشة؟ فقال: إنما بكائي من لعنته أبي وجدي، وهم خير منه. فقلت: من أبوك واحد كافر. فقال: والله ما أنا إلا مسلم ابن مسلم، أنا محمود بن مودود ابن أخت خوارزم شاه من أولاد الملوك. فسكتّ وترضّيته وتنّقَلَتْ به الأحوال إلى أن تملك. ولما تملك الشام أحسن إلى الحاج علي الفراش، وأعطاه خمسمائة دينار، وعمل له راتبا. قلت: وكان مدبر دولة أستاذه الملك المنصور علي بن المعز، فلما دهم العدو الشام رأى أن الوقت يحتاج إلى سلطان مهيب كامل الرجولية، فعزل الصبي من الملك وتسلطن، وتم له ذلك في أواخر سبع وخمسين. ثم لم يبلع ريقه، ولا تهنّى بالسلطنة حتى امتلأت الشامات المباركة بالتتار، فتجهز للجهاد، وشرع في أُهْبة الغزو، والتف عليه عسكر الشام وبايعوه، فسار بالجيوش في أوائل رمضان لقصد الشام، ونصر الإسلام، فعمل المصاف مع التتار وعليهم كتبغا على عين جالوت، فنصره الله تعالى، وقتل مقدم التتار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 354 قال الشيخ قطب الدين: حكي عنه أنه قُتِل جواده يومئذ، ولم يصادف أحداً من الوشاقية، فبقي راجلا، فرآه بعض الأمراء الشجعان، فترجل وقدم له حصانه، فامتنع وقال: ما كنت لأمنع المسلمين الانتفاع بك في هذا الوقت ثم تلاحقت الوشاقية إليه. حدثني أبي أحمد أن الملك قطز لما رأى انكشافا في ميسرته رمى الخوذة عن رأسه وحمل وقال: وادين محمد. فكان النصر. قال: وكان شابا أشقر، كبير اللحية. قلت: ثم جهز الأمير ركن الدين بيبرس، أعني الملك الظاهر، في أقفية التتار، ووعده بنيابة حلب، فساق وراءهم إلى أن طردوهم عن الشام. ثم إنه انثنى عزمه على إعطائه حلب، وولاها لعلاء الدين ابن صاحب الموصل، فتأثر ركن الدين من ذلك. ودخل الملك المظفر دمشق، فأحسن إلى الرعية، وأحبوه حبا زائدا، ثم استناب على البلد علم الدين سنجر الحلبي، ورجع بعد شهر إلى مصر، فقتل بين الغرابي والصالحية في آخر الرمل، ودفن بالقصير. وقال ابن الجزري في ' تاريخه ': حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر بن الدريهم الإسعردي والزكي إبراهيم الحنبلي أستاذ الفارس أقطايا قال: كنا عند سيف الدين قطز لما تسلطن أستاذه المعز، وقد حضر عنده منجم مغربي، فصرف أكثر غلمانه، فأردنا القيام، فأمرنا بالقعود، ثم أمر المنجم فضرب الرمل. ثم قال: اضرب لمن يملك بعد أستاذي، ومن يكسر التتار. فضرب، وبقي زمانا يحسب وقال: يا خوند يطلع معي خمس حروف بلا نقط ابن خمس حروف بلا نقط. فقال: لِمَ لا تقول محمود بن ممدود. فقال: يا خوند لا يقع غير هذا الاسم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 355 فقال: أنا هو، وأنا أكسرهم وآخذ بثأر خالي خوارزم شاه. فتعجبنا من كلامه وقلنا: إن شاء الله يكون هذا يا خوند. فقال: اكتموا هذا. وأعطى المنجم ثلاثمائة درهم. قلت: تولى قتله ركن الدين البندقداري المذكور الذي قتل الملك المعظم بالمنصورة، وأعانه جماعة أمراء. وبقي ملقى، فدفنه بعض غلمانه، وصار قبره يقصد للزيارة، ويُترحَّم عليه، ويُسَبّ من قتله، فلما كثر ذلك بعث السلطان من ينبشه، ونقله إلى مكان لا يعرف، وعفى أثره. قُتِل في سادس عشر ذي القعدة. - حرف الكاف - 455 - كُتْبُغا. المغولي، النوين. نُقِل - إلى لعنة الله - يوم وقعة عين جالوت. قال قطب الدين: قتله الأمير جمال الدين آقوش الشمسي ولم يعرفه. وكان عظيما عند التتار يعتمدون عليه لرأيه وشجاعته وصرامته وعقله. وكان من الأبطال المذكورين، له خبرة بالحصارات والحروب وافتتاح الحصون. وكان هولاوو لا يخالفه ويتيمن برأيه. وله في الحروب والحصارات عجائب. وكان شيخا مسنا يميل إلى النصرانية. قاتل يومئذ إلى أن قُتِل، وأُسِر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 356 ولده، فأحضر بين يدي الملك المظفر، فسألوه عن أبيه فقال: أبي ما يهرب، فأبصروه في القتلى. فأحضروا عدة رؤوس، فلما رآه بكى، وقال للملك المظفر: يا خوند نم طيبا، ما بقي لك عدو تخاف منه، كان هذا سعد التتر، وبه يهزمون، وبه يفتحون الحصون. - حرف الميم - 456 - محمد بن أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أبي الرجال أحمد بن عليّ. الشيخ الفقيه، أبو عبد الله اليونيني، شيخ الإسلام الحنبلي، الحافظ. ذكره ولده الشيخ قطب الدين في ' تاريخه ' فرفع نسبه إلى عليّ رضي الله عنه، فقال: ابن أبي الرجال أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 357 أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وحدث شيخنا الإمام الثقة أبو الحسين أن والده الشيخ الفقيه ذكر له قبل أن يموت بقليل أننا من ذرية الحسين بن علي، وساق له هذا النسب. وُلِد في رجب سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بيونين، ولبس الخرقة من الشيخ عبد الله البطائحي صاحب الشيخ عبد القادر ؛ ولزم الشيخ عبد الله اليونيني، وكان يشفق عليه ويربيه، فإنه رُبّيَ يتيما، وتعلم الخط المنسوب، واشتغل بدمشق على الشيخ الموفق المذهب، وعلى الحافظ عبد الغني في الحديث، وسمع منهما. ومن: أبي طاهر الخشوعي، وحنبل الرصافي، وأبي اليُمْن الكندي، وأبي التمام القلانسي، وجماعة. وروى الكثير بدمشق وبعلبك. وكان والده مرخما ببعلبك وبدمشق، ثم سافر وترك محمدا عند أمه بدمشق بناحية الكشك، وكان في جوارهم أولاد أمير، فتردد معهم محمد إلى الجامع، فتلقن أحزابا، ثم طلع الصبيان إلى بستان، فأسلمته أمه نشابيا، فصار له في الشهر خمسة دراهم، فكان يرتفق بها. ثم ذهب يوماً إلى المقرئ يسلم عليه، فقال له: لِمَ لا تلازم القرآن يا ولدي، فإنك يجيء منك شيء؟ فاعتذر بأنه في دكان، فقال: كم يعطيك المعلم؟ قال: خمسة دراهم في الشهر. فأخرج له خمسة دنانير وقال: أنا أعطيك كل شهر هكذا. فاجتمع بأمه وكلمها. فلازمه فختم عليه القرآن في مدة يسيرة، ثم طلب له الشيخ عبد الله اليونيني مجودا، وقال له: إن كتب هو مثلك أعطيك ثلاثمائة. فتعلم الخطب وبرع فيه، وشارطه المجود على نسخ كتاب قصص بثلاثمائة، فكتب من أوله ورقة، وأعطاه لمحمد فنسخه بخطه، ثم قال: يا بُنَيّ قد برئت ذمة الشيخ من الثلاثمائة. ثم لازم الحفظ حتى حفظ ' الجمع بين الصحيحين '. وكان ربما يجوع. وقد سمع مرة من الكِنْدي.... فكتب الطبقة، فنظر فيها الكِنْدي فأعجبه خطه، فقال: هذا خطّك وهذا حظّك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 358 روى عنه: أولاده أبو الحسين وأبو الخير وآمنة وأمة الرحيم، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وموسى بن عبد العزيز، وإبراهيم بن أحمد بن حاتم، وأبو الحسن بن حسن، ومحمد وإبراهيم ابنا بركات ابن القريشة، ومحمد بن المحب، والمجبي إمام المشهد، وعلي بن الشاطبي، ومحمد بن الزراد، وعبد الرحيم بن الحبال، وعلي بن المظفر الكاتب، وطائفة سواهم في الأحياء. وكان يكرر على ' الجمع بين الصحيحين ' للحميدي. ذكره عمر بن الحاجب الحافظ في ' معجمه ' في سنة بضع وعشرين وستمائة، فأطنب في نعته وأسهب، وأرغب في وصفه وأغرب، فقال: اشتغل بالفقه والحديث إلى أن صار إماما حافظا، وصار مقدم الطائفة، لم نر في زمانه مثل نفسه في كماله وبراعته. جمع بين عِلْمَيْ الشريعة والحقيقة. وكان حميد المساعي والآثار، حسن الخَلْق والخُلُق، نفاعا للخَلْق، مطرحا للتكلف. من جملة محفوظاته ' الجمع بين الصحيحين ' للحميدي. وحدثني أنه حفظ ' صحيح مسلم ' جميعه، وكرر عليه في أربعة أشهر. وكان يكرر على أكثر ' مُسْنَد أحمد ' من حفظه، وأنه كان يحفظ في الجلسة الواحدة ما يزيد على سبعين حديثا. وقال قطب الدين: كان، رحمه الله، يصلي بالشيخ عبد الله، وحفظ ' الجمع بين الصحيحين ' وأكثر ' المُسْنَد '، وحفظ ' صحيح مسلم ' في أربعة أشهر، وحفظ سورة الأنعام في يوم، وحفظ من ' المقامات ' ثلاثة إلى نصف نهار الظهر. وتزوج ست زوجات، وخلف خمسة أولاد: عليا وخديجة وآمنة وأمهم تركمانية، وموسى - يعني نفسه - وأمة الرحيم، وأمهما زين العرب بنت نصر الله أخي قاضي القضاة شمس الدين يحيى بن سني الدولة. ثم قال: والنسب الذي ذكرناه رواه عنه ولده أبو الحسين علي. قال: أظهره لي قبل وفاته لأعلم أن الصدقة تَحْرُم علينا. وكان الملك الأشرف موسى يحترمه ويعظمه ويعتقد فيه، وكذلك أخوه الملك الصالح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 359 قال: ولما قدم الملك الكامل إلى دمشق طلب من أخيه الأشرف أن يُحِضر له الشيخ ليراه، فأحضره من بعلبك. فلما رآه عظُم في عينه، وأرسل إليه مالا فلم يقبله. ولما ملك الصالح نجم الدين البلاد قالوا له عنه إنه يميل إلى عمه الصالح إسماعيل، فبقي في نفسه منه، فلما اجتمع به بالغ في إكرامه، ولم يشتغل عنه بغيره، فلما فارقه بالغ في الثناء عليه، فقيل له: إلا أنه يحب عمك الصالح. فقال: حاشى ذاك الوجه المليح. وقدم في أواخر عمره دمشق سنة خمس وخمسين، فخرج الملك الناصر إلى زيارته بزاوية القرشي، وتأدب معه، وعظّمه، واستعرض حوائجه. وكان يكره الاجتماع بالملوك ولا يؤثره، ولا يقبل إلا هدية من مأكول ونحوه. قلت: وقد خدمه مدة شيخنا علي بن أحمد بن عبد الدائم، فقال: كان للشيخ الفقيه أوراد، لو جاء ملك من الملوك ما أخرها عن وقتها. وكنت أخدمه، فورد الشيخ عثمان شيخ دير ناعس، فجلس ينتظر الشيخ، فقال: أشتهي أن يكشف الشيخ الفقيه عن صدره فأعانقه، ويعطيني ثوبه. فلما جاء الشيخ وأكلوا، قال: قُم يا شيخ عثمان. فكشف عن صدره وعانقه، وأعطاه ثوبه، وقال: كلما تقطع ثوب أعطيتك غيره. وكان ما يرى إظهار الكرامات، وكان يقول: كما أوجب الله على الأنبياء عليهم السلام إظهار المعجزات، أوجب على الأولياء إخفاء الكرامات. قال: وذكروا مرة عنده الكرامات فقال: والكم أيش الكرمات. كنت عند الشيخ عبد الله وأنا صغير، وكان عنده بغاددة يعملون مجاهدات، فكنت أرى من يخرج من باب دمشق، وأرى الدنيا أمامي مثل الوردة فكنت أقول للشيخ: يا سيدي يجيء إلى عندك من دمشق أناسٌ ومعهم كذا وكذا، وأناس من حمص ومن مصر، فإذا جاء ما أقول يقولون: يا سيدي، نحن نعمل مجاهدات وما نرى، وهذا يرى. فيقول: هذا ما هو بالمجاهدات، هذا موهبة من الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 360 وقال خطيب زملكا ابن العز عمر: حدثني العارف إسرائيل بن إبراهيم قال: طلب الشيخ الفقيه من الشيخ عثمان شيخ دير ناعس قضية، قال: فقضيت الحاجة، فقال الشيخ الفقيه: أحسنت يا شيخ عثمان. فقال بعض الفقراء: يا سيدي أنت ما عندك أحد مثل الفقيه لِمَ لا قام هو في هذا بنفسه؟ فقال: الخليفة إذا أراد شغلا يأمر بعض من عنده يقوم فيه. وحدثني إسرائيل أن الوزير أمين الدولة دعا الشيخ الفقيه والشيخ عثمان والفقراء، وكنت فيهم، فلما قدم الشيخ الفقيه قام ابن البغيلة النقيب وتلقى الشيخ وتكلم، فلما شرعوا في الأكل شمر الشيخ الفقيه سواعده وأكل، ولم يأكل الشيخ عثمان، فقال أمين الدولة: يا سيدي، لِمَ لا تأكل؟ فقال الفقيه: خليه فقد حصلت له البركة. فلما خرجوا قيل للشيخ عثمان: أنت تحب الشيخ محمد وما تشتهي تفارقه، وأكل وأنت لم تأكل. فقال: نظرت إلى الطعام فوجدته نارا، ورأيته إذا مدّ يده إلى اللُّقْمة وأخذها تصير نورا، وأنا هذا الحال ما أقدر عليه. وأخبرني الإمام فخر الدين عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي قال: أخبرني الشيخ عثمان قال: كان في خاطري ثلاث مسائل أريد أن أسأل عنها الشيخ الفقيه. قال: فأجابني عنها قبل أن أسأله. وأخبرني شيخنا شمس الدين حسين بن داود قال: كان الشيخ الفقيه حسن المحاورة، ما كنت أشتهي أن أفارقه من فصاحته. وأخبرني إبراهيم بن الشيخ عثمان بدَيْر ناعس: أخبرني أبي فقال: قطب الشيخ الفقيه ثمان عشرة سنة. أخبرني الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الواسطي خال: رأيت للشيخ الفقيه روايا تدل على أنه أعطي، ولاية، أو كما قال. وسمعت قاضي القضاة أبا المفاخر - يعني ابن الصائغ - يقول: سأل الملك الأشرف الشيخ الفقيه فقال: يا سيدي أشتهي أُبصِر شيئا من كراماتك. فقال الشيخ: أيش يكون هذا. فلما أراد الشيخ الخروج بادر الأشرف إلى مداسه وقدمه، فقال له
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 361 الشيخ: هذا الذي كنت تطلبه قد رأيته. أنت الملك الأشرف ابن الملك العادل، وأنا ابن واحد من يونين تُقدِّم مداسي. فأطرق الأشرف. قلت: وحدثني الشيخ أبو الحسين شيخنا أن أباه توضأ بقلعة دمشق على البِرْكة، فلما فرغ نفض له السلطان الملك الأشرف بعض عمامته وقدمها له تنشف بها. وقال ابن الحاجب: وكان، رحمه الله، مليح الشيبة، حسن الشكل والصورة، زاهداً وقوراً، ظريف الشمائل، مليح الحرمات، حميد المساعي، بشوش الوجه، له الصيت المشهور والإفضال على المنتابين. وكان من المقبولين المعظَّمين عند الملوك. قلت: هذا كله قاله ابن الحاجب والشيخ الفقيه كهل. وعاش بعد ذلك ثلاثين سنة في ازدياد. وكان الشيخ بهيا، نورانيا، عليه جلالة وهيبة، لا يشبع الشخص من النظر إليه، فرحمة الله عليه. تُوُفّي في تاسع عشر رمضان ببعلبك، ودُفِن عند شيخه عبد الله اليونيني. 457 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عاصم بن عثمان بن عيسى. الفقيه، أبو عبد الله العدوي، الحلبي، الشافعي. ممن راح تحت السيف بحلب. روى عن: عمر بن طبرزد. ثنا عنه: إسحاق بن النحاس. 458 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن التابلان. المنبجي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 362 روى بالإجازة عن: أبي الفرج ابن الجوزي. ثنا عنه: التاج صالح القاضي. 459 - محمد بن حامد بن أبي العميد بن أميري. الفقيه، أبو الفضل القزويني، الشافعي. سمع بإصبهان من محمد بن محمد بن الجنيد الصوفي. وحدَّث بمدينة حلب، وبها عُدِم في الوقعة. ولَقَبُهُ: عماد الدين. روى عنه: الشيخ محمد بن أبي الفضل الجعبري الخطيب. 460 - محمد بن خليل بن عبد الوهّاب بن بدر. الحوراني ثم الدمشقي. هو الشيخ محمد الأكال. كان أصله من جبل بني هلال، ومولده بقصر حجاج سنة ستمائة. ذكره قطب الدين في ' تاريخه ' فقال: كان رجلا صالحا، كثير الإيثار، وحكاياته مشهورة في أخذه الأجرة على الأكل. ولم يسبقه إلى ذلك أحد، ولا اقتفى أثره من بعده أحد. ولا شك أنه كان له حال ينفعل له بها الناس. وكان جميع ما يُفتَح عليه على كثرته يصرفه في القربات والأرامل والمحبسين. وكان بعض الناس ينكر على من يعامله هذه المعاملة، وينسبه إلى التهور في فعله، فإذا اتفق اجتماعه به انفعل له انفعالا كلياً، ولا يستطيع الامتناع من إعطائه كل ما يروم. وكان حسن الشكل، مليح العبارة، حلو المحادثة. له قبول تام من سائر الناس. وكان كثير المحبة في الشيخ الفقيه، وله تردد إليه، ويأكل عنده بلا أُجرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 363 تُوُفّي إلى رحمة الله في خامس رمضان. قلت: كان يطلب الأجرة على مقدار قيمة الأكل ومقدار المعطي. وبلغنا أنه قال: ما غلبني إلا واحد دق علي الباب فوجده مفتوحا ومعه رأس غنم، فأدخل الرأس ورد الباب وسكَّرَه، وبقيت أصيح، وقد هرب ولم أعرفه، وراح علي أجرة أخذي الرأس الغنم. 461 - محمد بن زكريّا بن رحمة بن أبي الغيث. العفيف، أبو بكر الدمشقي، الخياط. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة. وأجاز له الخشوعي، والبهاء ابن عساكر، وجماعة. وخرجوا له ' مشيخة ' بالإجازة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والبرهان رئيس المؤذنين، ومحيي الدين إمام المشهد، وآخرون. وتُوُفّي في سابع عشر ذي الحجة. وقيل: بل تُوُفّي سنة تسع. 462 - محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أحمد بن أبي بكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 364 الحافظ العلامة، أبو عبد الله القضاعي، البلنسي، الكاتب، الأديب، المعروف بالأبّار وبابن الأبّار. وُلِد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه الشيخ أبي محمد الأبّار، وأبي عبد الله محمد بن أيوب بن نوح الغافقي، وأبي الخطاب أحمد بن واجب، وأبي سليمان داود بن سليمان بن حَوْط الله، وأبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن سعادة، وأبي علي الحسين بن يوسف بن زلال، وأبي الربيع سليمان بن موسى بن مسالم الكلاعي الحافظ وبه تخرَّج. وعني بالحديث، وتجول بالأندلس، وكتب العالي والنازل. وكان بصيرا بالرجال، عارفا بالتاريخ إماما في العربية، فقيها، مقرئا، إخباريا، فصيحا، مفوها، له يد في البلاغة والإنشاء، والنظم، والنثر. كامل الرئاسة، ذا جلالة وأُبَّهةٍ وتجملٍ وافر. وله مصنفات كثيرة في الحديث، والتاريخ، والآداب. كمّل ' الصلة ' البشكوالية بكتاب في ثلاثة أسفار، اختصرته في مجلد. ومن رأى كلام الرجل علم محله من الحديث والبلاغة. وكان له إجازة من أبي بكر محمد بن أحمد بن جمرة، روى عنه بها. وقُتِل مظلوما بتونس على يد صاحبها في العشرين من المحرم، فإنه تخيل منه الخروج، وشق العصا، ولم يكن ذلك من شيمته، رحمه لله. وبلغني أيضا أن بعض أعدائه ذكر عند صاحب تونُس أنه ألف تاريخا، وأنه تكلم فيه في جماعة. وقيل هذا فضولي يتكلم في الكبار. فطلب وأحس بالهلاك، فقال لغلامه: خذ البغلة وامض بها حيث شئت، فهي لك. فلما دخل قتلوه، فنعوذ بالله من شر التاريخ، ومن شر كل ذي شر. ورأيت له جزءا سماه ' درر السمط في خبر السِّبْط عليه السلام ' ينال فيه من بني أمية، ويصف عليا عليه السلام بالوحي، وهذا تشيع ظاهر، لكنه إنشاء بديع، ونثرُ بليغ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 365 463 - محمد بن عبد الكريم بن عمر. الزاهد، الكبير، أبو عبد الله الأندلسي، الجوشي، الشهير بالعطار. حج من الأندلس مرتين، فسمع في الثانية من يونس الهاشمي ' صحيح البخاري '، ومن أبي الفتوح الحُصْريّ ' السنن '، ومن أصحاب الكروخي ' جامع أبي عيسى ت '. وروى الكثير. أكثر عنه أبو جعفر بن الزبير، وقال: مات في المحرم، وعاش بضْعاً وتسعين سنة. قلت: مات سنة ثمان وخمسين. 464 - محمد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قُدامة. المسند شمس الدين، أبو عبد الله المقدسي، أخو العماد. سمع من: محمد بن حمزة بن أبي الصقر، ويحيى الثقفي، وعبد الرزاق بن نصر النجار، وابن صدقة الحراني، وغيرهم. وكان شيخا معمرا، دينا، حافظا لكتاب الله، قليل الخلطة بالناس، صالحا متعففا. أثنى عليه الحافظ الضياء، وغيره. وقال الشريف عز الدين: استشهد بساوية من عمل نابلس، وكان إمامها، على يد التتار في جمادى الأولى، وقد نيّف على المائة. قال الذهبي: ما أحسبه جاوز التسعين. وقد روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، والقاضي تقي الدين، وشرف الدين، عبد الله بن الحافظ، ومحمد بن أحمد البجدي الزاهد، ومحمد بن أحمد أخو المحب، ومحمد بن الصلاح، ومحمد بن الزراد، وآخرون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 366 وحدّث ' بصحيح مسلم ' بالجبل في سنة اثنتين وخمسين عن ابن صدقة. 465 - محمد بن عبد الواحد بن عبد الجليل بن عليّ. القاضي الفقيه، زكي الدين أبو بكر المخزومي، اللبني، الشافعي. أعاد بدمشق بالمدرسة الناصرية أول ما فُتِحَتْ، ودرّس بمدرسته الفتحية. ووُلّي قضاء بانياس وقضاء بُصْرَى. ثم وُلّي قضاء بعلبك بعد قاضيها صدر الدين عبد الرحيم. وكان محمودا في أحكامه، له فضائل ومُشاركات جيدة. ذكر أنه من ذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه. وقد عاش ولده معين الدين إلى سنة نيف عشرة وسبعمائة. تُوُفّي زكي الدين ببعلبك في ذي القعدة وهو في عَشْر السبعين، وله شعر حسن 466 - محمد بن غازي بن محمد بن أيّوب بن شادي. السلطان الملك الكامل، ناصر الدين، أبو المعالي بن الملك المظفر بن العادل صاحب ميّافارِقين. تملك البلد بعد وفاة أبيه سنة خمس وأربعين وستمائة. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان ملكا جليلا ديّنا، خيِّراً، عالماً، عادلاً، مَهِيباً، شجاعاً مُحسِناً إلى رعيَّته، كثير التعبد والخشوع. لم يكن في بيته من يضاهيه في الدين وحُسْن الطريقة. استشهد بأيدي التتار بعد أخذ ميافارقين منه، وقُطِع رأسه، وطِيف به في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 367 البلاد بالمغاني والطبول. ثم عُلّق بسور باب الفراديس. فلما انكسروا دفنه المسلمون بمسجد الرأس الذي داخل باب الفراديس. وكان رحمه الله أولا يداري التتار، فلما خَبِرَهم انقبض منهم، ولما رآهم على قصده قدم دمشق مستنجدا بالملك الناصر، فأكرمه غاية الإكرام، وقدم له تقادم جليلة، ووعده بالنجدة، فرجع إلى ميافارقين، ولم يمكن الناصر أن ينجده. ثم إن هولاوو سير ابنه أشموط لمحاصرته، فنازله نحوا من عشرين شهرا، وصابر الكامل القتال حتى فني أكثر أهل البلد، وعمهم القتل والوباء والغلاء المفرط والعدم. قلت: حدثني شيخنا تاج الدين محمود بن عبد الكريم الفارقي، قال: سار الملك الكامل بن غازي إلى قلاع بنواحي آمد فافتتحها، ثم سيَّر إليها أولاده وأهله، وكان أبي في خدمته، فرحل بنا إلى حصن من تلك الحصون، فعبر علينا التتار فاستنزلوا أولاد الكامل بالأمان، ومروا بهم علينا، وعُمري يومئذ سبع سنين ثم إنهم حاصروا ميافارقين، فبقوا نحو ثمانية أشهر. فنزل عليهم الثلج والبَرَد حتى هلك بعضهم. وكان الملك الكامل يخرج إليهم ويحاربهم وينكي فيهم، فهابوه. ثم إنهم بنوا عليهم مدينة بإزاء البلد بسور وأَبرِجة. وأما أهل ميافارقين فنفدت أقواتهم وجاعوا، حتى كان الرجل يموت في البيت فيأكلون لحمه. ثم وقع فيهم مَوَتان، وفتر التتر عن قتالهم وصابروهم. وفني أكثر أهل البلد. وفي آخر الأمر خرج بعض الغلمان إلى التتار، فأخبروهم بجلية الأمر، فما صدقوه وقالوا: هذه خديعة. ثم تقربوا إلى السور فبقوا عنده أسبوعا لا يجسرون على الهجوم، فدلى إليهم مملوك الكامل حبلا، فطلعوا إلى السور، فبقوا أسبوعا لا يجسرون على النزول إلى البلد. وكان قد بقي فيها نحو سبعين نفسا بعد ألوف من الناس. ثم دخلت التتار على الكامل دارَه وأمّنوه، وعذبوا أربعين رجلا على
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 368 المال كانوا قد اشتروا أمتعة كثيرة وذخائر ونفائس من الغلاء، فاستفوهم ثم قتلوهم، وقدموا بالكامل على هولاكو، وهو بالرها، وهو قاصد حلب، فإذا هو يشرب، فناول الكامل كأسا من الخمر، فامتنع وقال: هذا حرام. فقال هولاكو لامرأته: ناوليه أنت. والتتار أمر نسائهم فوق أمرهم، فناولته فأبى، وسبَّ هولاكو وبصق في وجهه. وكان قبل ذلك قد سار إلى التتار، ورأى القان الكبير، وعندهم في اصطلاحهم أن من رأى وجه القان لا يموت. فلما واجه هولاكو بهذا الفعل استشاط غضبا وقتله. وكان الكامل، رحمه الله، شديد البأس، قويّ النفس، آلت به الحال إلى ما آلت ولم ينقهر للتتار، بحيث أنهم أتوا بأولاده وحريمه إلى تحت السّور، وكلموه في أن ينزل بالأمان فقال: ما لكم عندي إلا السيف. 467 - محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الصّمد بن أحمد. أبو المعالي ابن الطرسوسي، الحلبي، الشافعي. وُلِد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وحدَّث عنه: عمر بن طبرزد. واستشهد بحلب. 468 - محمد بن يحيى بن محمد بن هبة الله بن محمد. الفقيه، أبو المفاخر بن أبي الفتح بن أبي غانم ابن أبي جرادة، العقيلي الحلبي، الحنفي ابن العديم. روى عن: ثابت بن مشرف. وأجاز له: التاج الكندي، وجماعة. كتب عنه الدمياطي بنصيبين. واستشهد بحلب كهلا. 469 - محمد بن يوسف بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 369 الفخر الكنجي، نزيل دمشق. عني بالحديث، وسمع الكثير، ورحل وحصَّل. ثم إنه بدا منه فضول في أيام التتار بدمشق. قال الإمام أبو شامة: قُتِل بجامع دمشق يوم التاسع والعشرين من رمضان. وكان فقيها محدثا، لكنه كان كثير الكلام، يميل إلى الرفض. جمع كُتُبا في التشيع وداخل التتار، فانتدب له من تأذى منه فبقر بطنه بالجامع. قُتِل كما قُتِل غيره من أعوان التتار مثل الشمس محمد بن عباس الماكسيني، وابن البغيل الذي كان يسخر الدواب. 470 - محمد بن أبي القاسم بن محمد بن أبي بكر بن عمر. الضياء، أبو عبد الله القزويني الأصل، الحلبي المولد، الصوفي. وُلِد سنة اثنتين وسبعين. وسمع من: يحيى الثقفي. روى عنه: الدمياطي، والقاضي عز الدين العديمي، وأخوه عبد المحسن، والعماد ابن البالسي، وأخوه عبد الله، والكامل إسحاق الأسدي، وحفيده عبد الله بن إبراهيم بن محمد الصوفي نزيل القاهرة، وغيرهم ؛ وتاج الدين الجعبري. وحدَّث بدمشق وحلب. تُوُفّي بحلب في أوائل ربيع الآخر بعد رحيل التتار، خذلهم الله. 471 - مبارك بن يحيى بن مبارك بن مقبل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 370 الأديب، مخلص الدين، أبو الخير الحمصي. انجفل من حمص ولجأ إلى جبل لبنان، فتُوُفّي بقريةٍ هناك. قال الشيخ قطب الدين: كان فاضلا، عارفا بالأدب والنسب، سُنّيّ المذهب. قد اختصر كتاب ' الجمهرة ' لابن الكلبي في الأنساب ؛ وله شعر حسن. تُوُفّي في المعترك. 472 - مختار بن محمود بن محمد. الزاهدي، الغزميني، وغزمينة من قصبات خوارزم. الشيخ العلامة نجم الدين، أبو الرجاء. له التصانيف المشهورة المقبولة، منها: ' شرح القدوري ' و ' الجامع في الحَيْض '، و ' الفرائض '، و ' زاد الأئمة ' و ' المجتني في الأصول والصفوة في الأصول '. قرأ بالروايات على العلامة رشيد الدين يوسف بن محمد القيدي. وتفقه على علاء الدين سديد بن محمد الخياطي المحتسب، وفخر الأئمة صاحب ' البحر المحيط '
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 371 وأخذ الأدب عن شرف الأفاضل الجعميني. وقرأ الكلام على سراج الدين يوسف بن أبي بكر السكاكي الخوارزمي. وسمع الحديث من شيخ الشيوخ أبي الجناب أحمد بن عمر الخبوقي، وبرهان الأئمة محمد بن عبد الكريم الركني، وأحمد بن مؤيد المكي الخوارزميين. تفقه عليه وسمع منه خلْق كثير. ونا عنه: محمد بن أبي القاسم المعري. تُوُفّي بجرجانية خوارزم سنة ثمان وخمسين وستمائة. زُرْتُ قبره. قال لي ذلك الفرضي في كتابه. - حرف الياء - 473 - يحيى بن أحمد بن عبد الرحمن. القاضي العادل، أبو زكريا الغرناطي ابن المرابط، من سروات أهل الأندلس. قال ابن الزبير: لقيته بمالقة، وكان خاتمة القضاة العدول بالأندلس، له عقل وفضل ودين، وحظ من الكتابة والنظم. أخذ عن: أبي بكر بن أبي جمرة، وأبي عبد الله بن نوح، وأبي جعفر بن حكم، وطائفة. وأجاز له ابن موقا من الإسكندرية، وأبو أحمد ابن سكينة من بغداد. وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. ومات في شهر المحرم سنة ثمان. 474 - يوسف بن أحمد بن يوسف بن عبد الواحد. أبو الفضل الأنصاري، الحلبي، الحنفي، الفقيه. كان إماما فاضلا متميزا. من المشهورين بحلب. سمع من: ابن اللتي، والقاضي بهاء الدين يوسف بن رافع بن شداد، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 372 وببغداد من: ابن بهروز، وأبي طالب بن القبيطي. وبدمشق من: مكرم، وجماعة. وحدَّث. وراح في الوقعة. الكنى 475 - أبو بكر بن قوام بن عليّ بن قوام بن منصور بن مُعَلَّى. البالسي الزاهد، أحد مشايخ الشام، رضي الله عنه، وجدُّ شيخنا أبي عبد الله بن قوام. كان شيخا زاهدا عابدا، قانتا لله، عارفا بالله، عديم النظير، كثير المحاسن. وافر النصيب من العلم والعمل. صاحب أحوال وكرامات. وقد جمع حفيده شيخنا أبو عبد الله محمد بن عمر مناقبه في جزء ضخم، وصحبه، وحفظ عنه. وذكر في مناقبه أنه وُلِد بمشهد صفين في سنة أربع وثمانين وخمسمائة، ونشأ ببالس. وقال: كان إماما عالما عاملا، له كرامات وأحوال. وكان حسن الأخلاق، لطيف الصفات، وافر الأدب والعقل، دائم البشر، كثير التواضع، شديد الحياء، متمسكا بالآداب الشرعية، كثير المتابعة للسنة مع دوام المجاهدة، ولزوم المراقبة. تخرّج بصُحبته غير واحد من العلماء والمشايخ، وقصد بالزيارة، وتلمذ له خلق كثير. قلت: هذه صفات الأولياء والأبدال. ثم قال: ذكر بدايته: قال رضي الله عنه: كانت الأحوال تطرقني، فكنت أُخبر بها شيخي، فينهاني عن الكلام فيها. وكان عنده سوط، يقول: متى تكلمت في شيء من هذا ضربتك بهذا السوط، ويأمرني بالعقل، ويقول: لا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 373 تلتفت إلى شيء من هذه الأحوال. إلى أن قال لي ليلة إنه سيحدث لك في هذه الليلة أمر عجيب، فلا تجزع. فذهبت إلى أمي، وكانت ضريرة، فسمعت صوتا من فوقي، فرفعت رأسي، فإذا نور كأنه سلسلة متداخل بعضه في بعض، فالتف على ظهري حتى أحسست ببرده في ظهري. فرجعت إلى الشيخ فأخبرته، فحمد الله وقبّلني بين عيني وقال: الآن تمت عليك النعمة يا بُنَيّ: أتعلم ما هذه السلسلة؟ قلت: لا. فقال: هذه سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأذن لي في الكلام حينئذ. قال: وسمعت غير واحد ممن صحبه يقول: لو لم يؤذن لي في الكلام ما تكلمت. قال: وسمعته يوماً يقول: وأنا ابن ست سنين وهو يقول لزوجته: ولدك قد أخذه قطاع الطريق في هذه الساعة، وهم يريدون قتله وقتل رفاقه. فراعها ذلك، فسمعته يقول لها: لا بأس عليك، فإني قد حجبتهم عن أذاه وأذى رفاقه، غير أن مالهم يذهب، وغداً إن شاء الله يصل هو ورفاقه. فلما كان من الغد وصلوا، وكنت فيمن تلقاهم، وذلك في سنة ست وخمسين وستمائة. قال: وحدثني الشيخ شمس الدين الخابوري قال: وقع في نفسي أن أسأل الشيخ - وكان الخابوري من مُريدي الشيخ أبي بكر - عن الروح، فلما دخلت عليه قال لي من غير أن أسأله: يا أحمد ما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى يا سيدي. قال: إقرأ يا بني {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} . يا بُنيّ شيء لم يتكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجوز لنا أن نتكلم فيه. وحدثني الشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي طالب البطائحي قال: كان الشيخ يقف على حلب ونحن معه ويقول: والله إني لأعرف أهل اليمين من أهل الشمال منها، ولو شئتم لسميتهم، ولكن لم نؤمر بذلك، ولا يكشف سر الحق في الخلق. وحدثني الشيخ الإمام شمس الدين الخابوري قال: سألت الشيخ عن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 374 قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} ، وقد عبد عزير وعيسى؟ فقال: تفسيرها {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} . فقلت: يا سيدي أنت لا تعرف تكتب ولا تقرأ، فمن أين لك هذا؟ قال: يا أحمد، وعزة المعبود لقد سمعت الجواب فيها كما سمعت سؤآلك. وحدثني شمس الدين الخابوري خطيب حلب، قال: كنا نمر مع الشيخ، فلا يمر على حجر ولا شيء إلا سلم عليه. فكان في نفسي أن أسأل الشيخ عن خطاب هذه الأشياء له، هل يخلق الله لها في الوقت لسانا تخاطبه به، أو يقيم الله إلى جانبها من يخاطبه عنها، ففاتني ولم أسأله عن ذلك. وحدثني الإمام الصاحب محيي الدين ابن النحاس قال: كان الشيخ يتردد إلى قرية تريذم، وكان لها مسجد صغير لا يسع أهلها، فخطر لي أن أبني مسجدا أكبر منه شمالي القرية. فقال لي الشيخ ونحن جلوس في المسجد: يا محمد يا محمد، لِمَ لا تبني مسجدا يكون أكبر من هذا؟ فقلت: قد خطر لي هذا. فقال: لا تبنه حتى توقفني على المكان. قلت: نعم. فلما أردت أن أبني جئت إليه، فقام معي، وجئنا إلى المكان الذي خطر لي فقلت: هنا. فرد كُمّهُ على أنفه وجعل يقول: أُفّ أُفّ، لا ينبغي أن يبنى هنا مسجد فإن هذا المكان مسخوط على أهله، مخسوف بهم. فتركته ولم أبنه. فلما كان بعد مدة احتجنا إلى استعمال لِبْن من ذلك المكان، فلما كشفناه وجدناه نواويس مقلبة على وجوهها. حدثني الشيخ الصالح محمد بن ناصر المشهدي قال: كنت عند الشيخ وقد صلّى صلاة العصر، وصلّى معه خلْقٌ، فقال له رجل: يا سيدي ما علامة الرجل المتمكن؟ فقال: علامة الرجل المتمكن أن يُشير إلى هذه السارية فتشتعل نورا. قال: فنظر الناس إلى السارية، فإذا هي تشتعل نورا، أو كما قال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 375 سمعت الأمير الكبير المعروف بالأخضري، وكان قد أسن، يحكي لوالدي قال: كنت مع الملك الكامل لما توجه إلى الشرق، فلما نزلنا بالِسَ قصدنا زيارة الشيخ مع الأمير فخر الدين عثمان، وكنا جماعة من الأمراء، فبينما نحن عنده إذ دخل جندي فقال: يا سيدي، كان لي بغل وعليه خمسة الآف درهم، فذهب مني، وقد دُلِلتُ عليك. فقال له الشيخ: اجلس، وعزة المعبود قد حصرت على آخذه الأرض، حتى ما بقي له مسلك إلا هذا المكان، وهو الآن يدخل، فإذا دخل وجلس أشَرْتُ إليك. فلما سمعنا كلام الشيخ قلنا لا نقوم حتى يدخل هذا الرجل. فبينما نحن جلوس إذ دخل رجل، فأشار الشيخ إليه، فقام الجندي، وقمنا معه، فوجدنا البغل والمال بالباب. فلما حضرنا عند السلطان أخبرناه بما رأينا، فقال: أحب أن أزوره. فقال فخر الدين: البلد لا يحمل دخول مولانا السلطان. فسير إليه فخر الدين فقال: إن السلطان يحب أن يزورك، وإن البلد لا يحمل دخوله، فهل يرى سيّدي أن يخرج إليه؟ فقال: يا فخر الدين، إذا رحت أنت إلى صاحب الروم يطيب للملك الكامل؟ فقال: لا. قال: فكذلك أنا إذا رحْتُ إلى عند الملك الكامل لا يطيب لأستاذي. ولم يخرج إليه. قال الشيخ أبو عبد الله: وبعث إليه الملك الكامل على يد فخر الدين عثمان خمسة عشر ألف درهم، فلم يقبلها، وقال: لا حاجة لنا بها، أنفقها في جُند المسلمين. وسمعت والدي يقول: لما كان في سنة ثمان وخمسين، وكان الشيخ في حلب، وقد حصل فيها ما حصل من فتنة التتار، وكان نازلا في المدرسة الأسدية، فقال لي: يا بني اذهب إلى بيتنا، فلعلك تجد ما نأكل. فذهبت إلى الدار، فوجدت الشيخ عيسى الرصافي - وكان من أصحابه - مقتولا في الدار، وعليه دلق الشيخ، وقد حُرِق، ولم يحترق الدلق ولم تمسه النار، فأخذته وخرجت، فوجدني بعض بني جهبل، فأخبرنه بخبر الدلق، فحلف علي بالطلاق، وأخذه مني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 376 قال: وحدثني الشيخ شمس الدين الباهلي قال: حدثني فلك الدين ابن الخريمي قال: كنت بالشام في سنة أخذ بغداد، فضاق صدري، فسافرت وزُرت ببالس الشيخ أبا بكر فقال لي: أهلك سلموا، إلا أخاك مات. وأهلك في مكان كذا وكذا، والناظر عليهم رجل صفته كذا، وقِبالة الدرب الذي هم فيه دار فيها شجرة. فلما قدمت بغداد وجدت الأمر كما أخبرني. قلت: ثم ساق له كرامات كثيرة من هذا النمط، إلى أن قال: ذِكْرُ ما كان عليه من العمل الدّائم: كان رضي الله عنه كثير العمل، دائم المجاهدة ويأمر أصحابه بذلك، ويُلْزِمُهم بقيام الليل، وتلاوة القرآن والذكر، دأبه ذلك لا يفتر عنه. وفي كل ليلة جمعة يجعل لكل إنسان منهم وظيفة من الجمعة إلى الجمعة. وكان يحثهم على الاكتساب وأكل الحلال، ويقول: أصل العبادة أكل الحلال والعمل لله في سُنّته. وكان شديد الإنكار على أهل البدع، لا تأخذه في الله لومة لائم. رجع به خلق كثير في بلدنا من الرافضة وصحبوه. وأخبرني الشيخ إبراهيم بن أبي طالب قال: أتيت الشيخ وهو يعمل في النهر الذي استخرجه لأهل بالس، ووجدت عنده خلقا كثيرا يعملون معه، فقال: يا إبراهيم، أنت لا تطيق العمل معنا، ولا أحب أن تقعد بلا عمل، فاذهب إلى الزاوية، وصل ما قدر لك، فهو خير من قعودك عندنا بلا عمل، فإني لا أحب أن أرى الفقير بطالا. وكان يحث أصحابه على التمسك بالسنة ويقول: ما أفلح من أفلح إلا بالمتابعة، فإن الله يقول: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} ، وقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} . وكان لا يمر على أحد إلا بادأة بالسلام حتى على الصبيان وهم يلعبون، ويداعبهم، ويتنازل إليهم ويحدثهم، وكنت أكون فيهم. وقد جاءته امرأة يوما
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 377 فقالت: عندي دابة قد ماتت، وما لي من يجرها عني. فقال: امض وحصلي لي حبلا حتى أبعث من يجرها. فمضت وفعلت، فجاء بنفسه وربط الحبل في الدابة، وجرها إلى باب البلد، فجروها عنه. وكان متواضعا لا يركب فرسا ولا بغلة، بل لما كبر كان يركب حمارا، ويمنع من أن يوطأ عقبه. وكان دأبه جبر قلوب الضعفاء من الناس. وكان في الزاوية شيخ كبير به قطار البول، فكان يبدد الصاغرة من تحته. وكان لا يمكن أحدا من تقبيل يده، ويقول: من مكن أحدا من تقبيل يده نقص من حاله شيء. وكان لا يقبل إلا ممن يعرف أنه طيب الكسب. وحدثني الإمام شمس الدين الدباهي قال: حدثني الشيخ عبد الله كشلة قال: قدمت على الشيخ أبي بكر بمنزله ببالس، فلما رأيته هبته، وعلمت أنه ولي الله، ورأيته يحضر السماع بالدف، وكنت أنكره، غير أني كنت أحضر السماع بغير الدف، وقلت في نفسي: إن حضرت مع هذا الولي وحصل مني إنكار عليه حصل لي أذىً. وخشيت من قلبه، فغبت ولم أحضر. تُوُفّي الشيخ في سلخ رجب سنة ثمان وخمسين بقرية علم ودفن بها. فأخبرني والدي أن أباه أوصى أن يدفن في تابوت وقال: يا بُني أنا لا بد أن أنقل إلى الأرض المقدسة. فنقل بعد اثنتي عشر سنة، وسرت معه إلى دمشق، وشهدت دفنه، وذلك في تاسع المحرم سنة سبعين. ورأيت في سفري معه عجائب، منها أنّا كنّا لا نستطيع غالب الليل أن نجلس عنده لكثرة تراكم الجن عليه وزيارتهم له. قلت: وقبره ظاهر يزار بزاوية ابن ابنه الشيخ القدوة العارف شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر، نفع الله ببركته. 476 - أبو عليّ بن محمد بن الأمير أبي عليّ بن باساك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 378 الأمير الكبير، حسام الدين الهذباني، المعروف بابن أبي علي. كان رئيسا مدبرا، خبيرا، قوي النفس. قال قطب الدين: طلبه الملك الناصر يوماً فقال: وددت الموت الساعة، فإن ناصر الدين القيمري عن يساره، وابن يغمور عن يمينه، والموت أهون من القعود تحت أحدهما. وأما نصر الدين القيمري فإنه سمح له بالقعود فوقه، وفهم ذلك فتلك وجهه ودخل، فأكرموه كرامة عظيمة، وجلس إلى جانب السلطان. وكان له اختصاص بالملك الصالح نجم الدين أيوب، فلما تملك الصالح إسماعيل حبسه وضيق عليه. ثم أخرجه عنه، وتوجه إلى مصر. وقد ناب في السلطنة بدمشق لنجم الدين أيوب عقيب الخوارزمية، وجاء فحاصر بعلبك سنة أربع وأربعين، وبها أولاد الصالح إسماعيل، فسلموها بالأمان. ثم ناب في السلطنة بمصر. وتُوُفّي أبوه عنده، فبنى على قبره قبة. وكان على نيابة السلطنة عند موت الصالح نجم الدين، فجهز القصاد إلى حصن كيفا إلى الملك المعظم ليسرع. ثم حج الأمير حسام الدين سنة تسع وأربعين، وأصابه في أواخر عمره صرع وتزايد به وكثر، فكان سبب موته. وكان مولده بحلب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وأصله من إربل. وله شعر جيد وأدب. 477 - أبو الكرم بن عبد المنعم بن قاسم بن أحمد بن حمد بن حامد بن مفرّج بن غياث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 379 الأنصاري، الأرتاحي الأصل، المصري، الحريري، اللبان، الحنبلي، واسمه: لاحق. وُلِد في حدود سنة ثلاث وسبعين. وسمع من عم جده أبي عبد الله الأرتاحي. وتفرد بالإجازة من المبارك بن علي بن الطباخ، فروى بها كتاب ' دلائل النبوة ' للبيهقي، وغير ذلك. وكان شيخا متعففا، صالحا. أجاز له أيضا: أبو الفضل الغزنوي، وابن نجا الواعظ، وغير واحد. روى عنه: الحفاظ أبو محمد المنذري، وأبو الحسين القرشي، وأبو محمد التوني وعلم الدين الدواداري، ويوسف بن عمر الخثني، والمصريون. وتُوُفّي ليلة السادس عشر من جمادى الآخرة. 478 - أبو المعالي بن عبد الله بن عليّ. المازري، الضرير. حدَّث عنه: المطهر بن أبي بكر البيهقي. ومات في ربيع الأول بالإسكندرية. * * * وفيها وُلِد: علاء الدين علي بن يحيى الشافعي بن نحلة بدمشق. والنجم عمر بن بلبان الجوزي. والصفي عبد المؤمن بن الخطيب عبد الحق البغدادي، والفتح محمد بن أحمد بن هاشم التفليسي، ثم المصري، وأمين الدولة محفوظ بن علي بن الموصلي. وعبد الرحمن ابن شيخنا التقي بن مؤمن، وأحمد ابن الشيخ محمد البجدي. وعليّ بن التقي يحيى الذهبي الفقير، ومحمد ابن شيخنا أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم. ومحمد بن الفقيه أحمد المرداوي، وأحمد بن إبراهيم بن يحيى الكناني، المصري، الحنبلي. يروي عن المعين بن زين الدّين، وعبد الله بن إبراهيم بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 380 درع المصري، الشافعي، يروي عن النجيب، والمؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الجزري، ثم الدمشقي العدل، وعيسى بن عبد الكريم بن مكتوم، في نصف شعبان، وشرف الدين حسين بن علي بن محمد بن محمد بن العماد الكاتب، وعبد الغالب بن محمد الماكسيني. وأحمد بن عبد الرحمن الواني الفراء، وأبو بكر بن عمر بن أبي بكر الشقراوي. وعلي بن عبد العزيز بن هواري الحنفي، ويوسف بن ندى الزرعي، ثم الدمشقي. والتقي سليمان بن عبد الرحيم بن أبي عباس العطار، والشرف أبو بكر بن أحمد بن محمد بن النجيب الخلاطي، وأحمد بن رضوان بن الزهار. وخالي الحاج علي بن سنجر الذهبي، وخطيب بعلبك محيي الدين محمد بن عبد الرحيم السلمي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 381
سنة تسع وخمسين وستمائة
- حرف الألف - 479 - أحمد بن حامد بن أحمد بن حمْد بن حامد بن مفرّج. أبو العباس الأنصاري، الأرتاحي، ثم المصري، المقرئ، الحنبلي. وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وقرأ القراءآت على والده. وسمع من: جده لأمه أبي عبد الله الأرتاحي، والبوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وابن نجا، والحافظ عبد الغني، وغيرهم. وأجاز التاج المسعودي، وجماعة. ولازم الحافظ عبد الغني وكتب من تصانيفه. وتصدر وأقرأ القرآن. وكان صالحا متعففا، من بيت الرواية والدين. حمل عنه المصريون. وحدث عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، وعلم الدين الدويداري، والشيخ شعبان، وآخرون. تُوُفّي في رابع عشر رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 382 وتأخر من أصحابه يوسف بن عمر، وأبو بكر محمد بن عبد الغني بن محمد الصعبي. 480 - أحمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان. قاضي الإسكندرية، شرف الدين، أبو العباس ابن المرجاني، المقرئ، المالكي. سمع من: علي بن البنا المكي، وعبد الرحمن بن عتيق بن باقا، وقرأ القراءآت على. وتفقه ودرس وأفتى وناب في القضاء ثم استقل به، وكان من أعيان فضلاء الثغر. روى عنه: الدمياطي، وقال: تُوُفّي في السادس والعشرين من ذي القعدة. وشعبان، وطائفة. 481 - أحمد بن كتائب بن مهديّ بن عليّ. أبو العباس المقدسي، البانياسي، الحنبلي. حدَّث عن: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والشمس ابن الزراد، ومحمد بن المحب، وآخرون. ومات في عاشر ذي القعدة. 482 - إبراهيم بن سهل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 383 اليهودي، الإشبيلي، الشاعر المشهور. دُوِّن شعره في مجلد فيما قيل، ويُقال إنه أسلم. وله قصيدة مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم وكان حامل لواء الشعر بالمغرب في عصره. فمن شعره: (مضى الوصْلُ إلاّ مُنْيةٌ تبعثُ الأَسَى .......... أُدارِي بها هَمّي إذا اللَّيلُ عَسْعَسا) أتاني حديثُ الوصْل زَوْراً على النَّوى .......... أعِدْ ذلك النَّوْرَ اللَّذيذَ المؤنسا)
(ويَا أُيُّها الشّوقُ الّذي جاء زائراً .......... أصَبْتَ الأماني خُذْ قلوباً وأنفُسا)
(كساني موسى من سِقامِ جُفُونِهِ .......... رداءً، وسَقاني من الحُبّ كُؤوسا) تُوُفّي غريقاً في هذا العام، أو في سنة 58.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 384 483 - إبراهيم بن طرخان بن حسين بن مغيث. أبو إسحاق الأموي، السخاوي، الإسكندراني، الحريري. سمع من: عبد الرحمن بن موقا، وحماد الحراني. روى عنه آحاد الطلبة. 484 - إبراهيم بن عبد الله بن هبة الله بن أحمد بن عليّ بن مرزوق. الصاحب صفي الدين العسقلاني، التاجر، الكاتب. وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن مجلي. وأجاز له جماعة: وحدث. وكان محتشما، كثير الأموال، وافر الحرمة. وُلّي الوزارة في بعض الدول، وكان فيه عقل ودين، ويركب الحمار ويتواضع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 385 تُوُفّي بمصر في ذي القعدة. 485 - إسحاق ابن العلاّمة موفَّق الدّين يعيش بن عليّ بن يعيش. أبو إبراهيم الحلبي، الكاتب. وُلِد سنة إحدى وستمائة. تُوُفّي بالقاهرة في ربيع الآخر. 486 - إسماعيل. الملك الصالح نور الدين بن المجاهد أسد الدين شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شادي بن مروان، ابن صاحب حمص. نشأ بحمص وانتقل عنها، وخدم مع الملك الناصر يوسف. وكان عاقلا حازما، فلما أخذ هولاكو بلاد الشام داخل التتار، وأخذ فرمانا، ولم يدخل الديار المصرية، وحسن للملك الناصر التوجه إلى هولاكو، وتوجه في صحبته، فلما قدموا على هولاكو أحسن إليهم وأكرمهم، فلما بلغه كسرة كتبغا على عين جالوت غضب وقتلهم في أوائل السنة كلهم. 487 - إسماعيل بن عمر بن قرناص. مخلص الدين الحموي، من بيت مشهور. وُلِد سنة اثنتين وستمائة، وكان فقيها نحويا، كثير الفضائل. درّس وأقرأ بجامع حماة، وله شعر جيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 386 تُوُفّي بحماة في جمادى الآخرة. قاله اليونيني في ' تاريخه '. - حرف الحاء - 488 - الحسن بن عبد الله بن الحافظ عبد الغنيّ. الإمام شرف الدين، أبو محمد بن الجمال أبي موسى، المقدسي، الحنبلي. وُلِد سنة خمس وستمائة. وسمع الكثير من: أبي اليمن الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب، وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، والشيخ الموفق. وتفقه على الشيخ الموفق، وعلى غيره من بعده. وأتقن المذهب، وأفتى ودرس، ورحل في الحديث، ودرس بالجوزية. كتب عنه: الأبيوردي، والدمياطي، والحفاظ. روى عنه: ابن الخباز، وابن الزراد، والقاضي تقي الدين سليمان، وجماعة. وقد ولي القضاء ولده شهاب الدين، وناب عنه أخوه شرف الدين عبد الله بن حسن. تُوُفّي في ثامن محرم. - حرف السين - 489 - سيدهم بن عبد الرحمن بن سيدهم. أبو الموالي ابن الخشاب الإسكندراني، التاجر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 387 حدَّث عن: أبي الفتوح محمد بن محمد البكري. وتُوُفّي في المحرم عن سبع وسبعين سنة. 490 - سعيد بن المطهر. الإمام القدوة، المحدث، سيف الدين، أبو المعالي الباخرزي. شيخ زاهد، عارف، كبير القدر. إمام في السنة والتصوف. عني بالحديث وسمعه، وكتب الأجزاء ورحل فيه. وصحب الشيخ نجم الدين الكبري وسمع منه. ومن: أبي رشيد محمد بن أبي بكر الغزال ببخارى ؛ ومن: علي بن محمد الموصلي، وجماعة ببغداد. وخرّج لنفسه ' أربعين حديثاً ' رواها لنا عنه مولاه نافع الهندي. وحدَّثني أبو الحسن الخشني أنه تُوُفّي في هذا العام. وكان شيخ ما وراء النهر. وله جلالة عجيبة، وعلى يده أسلم سلطان التتار بركة. وله ترجمة طُولَى في ' سير النبلاء '. - حرف الطاء - 491 - الطّاهر بن محمد بن عليّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 388 العلامة الرئيس، محيي الدين، أبو محمد الجزري. كان رئيسا كبير القدر، يكاتب الديوان العزيز، وله ديوان شعر. - حرف العين - 492 - عبد الله بن أبي بكر بن داود. المالكي، المعروف بابن الرماح. حدَّث عن: الفخر الفارسي، الصوفي. وكان إمام رباط الزاهد ابن حباسة. تُوُفّي بالقاهرة. روى عنه: الدمياطي. 493 - عبد الله بن عبد المؤمن بن أبي الفتح بن وثّاب. أبو محمد البانياسي، الصالحي. حضر على ابن طبرزد ؛ وسمع من الكندي. وهو أخو عبد الرحمن، ومحمد. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 389 وتُوُفّي في رابع عشر ذي الحجة. 494 - عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سُلطان. القرشي، الدمشقي، زين القضاة. ذبح بالجبل في هذه السنة. 495 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاهر بن مرهوب. الخطيب الصالح، الدين، أبو البركات الحموي، الشافعي. حدَّث عن عمه أبي اليسر، وكان من وجوه الحمويين وصلحائهم وأعيانهم. بنى مدرسة بحماة ووقف عليها الأوقاف، ودفن بها في الثاني والعشرين من ربيع الأول. وكان خطيب الجامع الأعلى بحماة. وعاش تسعا وسبعين سنة. 496 - عثمان بن أبي الحرم مكّيّ بن عثمان بن إسماعيل بن إبراهيم بن شبيب. الإمام الواعظ، جمال الدين أبو عمرو السعدي، الشارعي، الشافعي، المذكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 390 وُلِد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبيه، وقاسم بن إبراهيم المقدسي، وإسماعيل بن ياسين، والبوصيري، والأرتاحي، وفاطمة، وابن نجا الواعظ، والعماد الكاتب، وأبي يعقوب بن الطفيل، والحافظ عبد الغني، وعبد الله بن خلف المسكي، وعثمان بن أبي بكر بن جلدك، وخلف بن عبد الله الدانقي، وخلْق سواهم. وعني بالحديث والعلم والاشتغال. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وأخوه إبراهيم، والشيخ شعبان الإربلي، والأمين الصعبي، ويوسف الختني، ونافلته الموفق أحمد بن أحمد بن محمد، والمصريون. وقد رحل إلى الشام وسمع بها من: عمر بن طبرزد. وحدَّث بالكثير. قال الحافظ عز الدين الحسيني: سمعت منه، وكان شيخا فاضلا، مشهورا بالدين والصلاح. وكان يجلس للوعظ. وكان حسن الإيراد كثير المحفوظ، له اليد الطولى في معرفة المواقيت وعمل الساعات. حدَّث هو وأبوه وجده وإخوته. وتُوُفّي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، رحمه الله تعالى. 497 - عثمان بن منكورس بن خُمَرتِكين. الأمير مظفر الدين، صاحب صهيون. كان خمرتكين عتيق الأمير مجاهد الدين صاحب صرخد ؛ وتملك مظفر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 391 الدين صهيون بعد والده سنة ست وعشرين. وكان حازما يقظا سائسا مهيبا، طالت أيامه وعمر تسعين سنة وأكثر. مات في ربيع الأول، ودفن بقلعة صهيون. وولي بعده ابنه سيف الدين محمد. 498 - عليّ بن عبد الرّزّاق بن الحسين بن محمد بن عُبَيْد الله بن نصر الله بن حَجّاج. الشيخ علاء الدين، أبو الفضائل العامري، المقدسي، ثم المصري، المعروف بابن القطان. وُلِد سنة إحدى وثمانين تقريبا. وسمع من: البوصيري، والعماد الكاتب، ومحمد بن عبد الله بن الليثي. وولي نظر الأوقاف بمصر وعدة ولايات. وهو من بيت حشمة وتقدم. روى عنه: الدمياطي. وتُوُفّي، رحمه الله، في مستهل المحرم. 499 - عماد الدّين. أبو الفضل القزويني، الوزير الكبير، صاحب الديوان ببغداد. ولي لهولاكو العراق بعد ابن العلقمي، وكان ظالماً فقُتِل بسيف المغل وولي بعده علاء الدين صاحب الديوان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 392
- حرف الغين - 500 - غازي. الملك الظاهر بن السلطان الملك العزيز محمد بن السلطان الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين، الأيوبي، الصلاحي سيف الدين. شقيق الملك الناصر. وأُمُّهُما تركية. كان مليح الصورة، شجاعا، كريم، الأخلاق. وكان أخوه يحبه محبة زائدة. وقد أراد جماعة من العزيزية القبض على الناصر وتمليك هذا، فشعر بهم، ووقعت الوحشة. وفارق غازي هذا أخاه في أوائل سنة ثمان وخمسين عند زوال دولته، فتوجه بحريمه نحو الصلت، وكانت له، ثم قصد غزة، فاجتمع على طاعته البحرية وجماعة وسلطنوه. ودهمت التتار البلاد فتقهقر الملك الناصر إلى غزة، وجاء ما أشغلهم، فتوجها معا إلى قطية ثم رجعا. وقد خلف غازي ولدا اسمه زبالة، كان بديع الحسن، وأمه جارية وهبها الناصر لأخيه، اسمها وجه القمر، اتصلت بعده بالأمير جمال الدين أيدغدي العزيزي، ثم بعده بالبيسري. ومات زبالة بالقاهرة. وقُتِل غازي مع أخيه صبرا. - حرف الميم - 501 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيّد الناس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 393 الحافظ، الخطيب، أبو بكر اليعمري، الأندلسي، الإشبيلي. وُلِد في صفر سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وسمع الحديث، وعني بهذا الشأن وأكثر منه. وحصل الأصول والكُتُب النفيسة. وحدَّث وصنَّف وجمع. ذكره عز الدين الشريف في ' الوَفَيَات ' فقال: كان أحد الحفاظ المحدثين المشهورين، وفضلائهم المذكورين، وبه ختم هذا الشأن بالمغرب. ولي منه إجازة كتبها إليّ من تونس، وبها تُوُفّي في الرابع والعشرين من رجب. وتُوُفّي أبوه سنة ثمان عشرة. وهو جد صاحبنا الحافظ الأوحد فتح الدين محمد بن محمد، أحسن الله إليه. رأيت له كتاب ' جواز بيع أمهات الأولاد '، دلني على سعة علمه، وسيلان ذهنه، وبراعة حفظه، وأعلى ما عنده سماع البخاري، من أبي محمد الزهري صاحب شريح. وتلا لنافع على أبي نصر بن عظيمة، عن شريح. وسمع من: أبي الصبر أيوب الفهري. وأجاز له القاضي أبو حفص عمر الذي يروي عن القاضي عبد الله بن علي سبط ابن عبد البر. وأجاز له من المشرق: ثابت بن مُشَرّف، والقاضي أبو القاسم بن الحرستاني، وهذه الطبقة. ذكر ذلك ابن الزبير في ' برنامجه '. وكان خطيب تونس. 502 - محمد بن الأنجب بن أبي عبد الله بن عبد الرحمن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 394 الشيخ صائن الدين، أبو الحسن البغدادي، الصوفي، المعروف بالنعال. وُلِد ببغداد في سلخ شعبان سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع من: جده لأمه هبة الله بن رمضان بن سيبا، وظاعن بن محمد الزبيري. وأجاز له وفاء ابن البهي، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وعبد المنعم بن عبد الله الفراوي، ومحمود بن نصر الشعار، وأبو المحاسن محمد بن عبد الملك الهمداني، وعبيد الله بن شاتيل، وأبو السعادات القزاز، وطائفة. وخرج له رشيد الدين أبو بكر محمد بن الحافظ عبد العظيم ' مشيخة '. وكان مشهورا بالصلاح والخير، من أعيان الصوفية. روى عنه: العلامة تقي الدين محمد بن علي الحاكم، وأبو محمد الدمياطي، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحيم القرشي، والشيخ شعبان الإربلي، والمصريون. وكان أعلى من بقي إسنادا بالديار المصرية. تُوُفّي، رحمه الله، في رابع عشر رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 395 503 - محمد بن صالح بن محمد بن حمزة بن محارب. الصدر، تاج الدين، أبو عبد الله المجلي. سمع من: عبد الرحمن مولى ابن باقا. وأجاز له: أبو اليمن الكندي، وابن طبرزد، وجماعة. وحدَّث. وله شعر وفضائل. ولي نظر الإسكندرية مدة. ومات في خامس صفر. وكان شافعيا، عالما، مفتيا، فيه دين وخير. 504 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن مَغْنين. ضياء الدين، أبو عبد الله المتيجي، الإسكندراني، المالكي، العدل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 396 وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، وخلْقٍ بعده. وكتب بخطه كثيرا، وعني بالحديث ومعرفته. كتب عنه غير واحد. وحدّث عنه: الدمياطي، وغيره. وثنا عنه الشيخ شعبان. ومات في جمادى الآخرة، وكان صالحا دينا خيرا. ومر أبوه في سنة 27. 505 - محمد بن عبد الله بن موسى. الشيخ شرف الدين الحوراني، المتاني. قال قطب الدين: تُوُفّي في هذه السنة بحماه عن نحو من سبعين سنة. وكان فاضلا متفننا، له رياضات وخلوات. 506 - محمد بن عبد الدّائم بن محمد بن عليّ. أبو المكارم القضاعي، المصري، المعروف بابن حمدان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 397 وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بقوص. وقدم مصر فسمع من: البوصيري، والأرتاحي. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين. وتُوُفّي في نصف رمضان. 507 - محمد بن قاضي القُضاة صدر الدّين عبد الملك بن عيسى بن دِرْباس بن فيّر بن جهْم بن عَبْدوسُ. القاضي العالم، كمال الدين، أبو حامد بن درباس الماراني، المصري، الشافعي، العدل، الضرير. وُلِد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وخمسمائة. وسمع: أباه، والبوصيري، والقاسم بن عساكر، والأرتاحي، وأبا الجود المقرئ، وجماعة. وأجاز له أبو طاهر السلفي. روى عنه: الشريف عز الدين. ومجد الدين ابن الحلوانية، وعلم الدين الدواداري، والشيخ شعبان، وإبراهيم بن الظاهري، والمصريون. وقد درّس بالمدرسة السيفية مدة، وأفتى وأشغل، وقال الشعر، وجالس الملوك. وكان من سَرَوات الشيوخ. في خامس شوال تُوُفّي بالقاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 398 508 - محمد بن عليّ بن سعيد. أبو سعيد، ابن العديم العقيلي، الحلبي، الكاتب، شرف الدين. له شعر وفضل. روى عنه: الدمياطي وقال: استشهد بالعراق مع الخليفة المستنصر. 509 - محمد بن أبي المكارم محمد بن الحسين بن محمد بن عليّ بن عمر بن عبد الله بن حسين بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب. الشريف، مخلص الدين، أبو البركات الحسيني، الزيدي، الدمشقي، المعروف بابن المبلغ. سمع من: الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، وغيرهما. وسمعنا بإجازته من أبي المعالي ابن البالسي. تُوُفّي في الرابع والعشرين من ربيع الأول. ورخه الشريف. وفي ' معجم ' الدمياطي: سنة ست وخمسين تُوُفّي، فيكشف ويحرر. ثم وجدت الإمام أبا شامة قال: في ربيع الأول من سنة تسع تُوُفّي المخلص بن أبي الحسن الحسيني التاجر بقيسارية الفرش. وكان شيخا كبيرا عدلا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 399 فلعل ما في ' معجم الدمياطي ' وهم من الناسخ. 510 - محمد بن أبي الحُسَين يحيى بن عبد الله بن عليّ. أبو عبد الله الأنصاري، الوراق، الشروطي. سمع من: ابن المفضل الحافظ. وحدَّث. ومات في ربيع الأول. وكان أبوه من كبار النحويين بمصر. 511 - مَعَالي بن يعيش بن معالي بن كاسو. أبو الفضل الحراني. سمع بنيسابور من: زينب الشعرية. وحدث بحَرّان، ولم يحدثنا أحد عنه فيُسْأَل أصحابنا إن كان ابن الظاهري سمع منه. عُدِم بحَرّان في شعبان. قاله الشريف. 512 - مفضّل بن أبي الفتح نصر الله بن محمد بن المسلّم بن المعلَّى بن أبي سُرَاقة. عماد الدين، أبو بكر الهمداني، الدمشقي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل. وحدَّث بدمشق ومصر. وكان متجندا في زيه. سمع منه بهاء الدين إبراهيم بن المقدسي، وغيره. ومات بمصر في ربيع الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 400 ويسمى محمداً. 513 - مكّي بن عبد الرّزّاق بن يحيى بن عمر بن كامل. زكي الدين، أبو الحرم الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي. وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بعقربا. وسمع من: الخشوعي، وعبد الخالق بن فيروز. وأجاز له: عبد الرزاق النجار، وغيره. وكان متجندا أيضا، وهو أخو يحيى وسالم، وقد تقدما. روى عنه: الدمياطي، والجمال ابن الصابوني، وعبد الرحيم بن مسلمة، والعماد بن البالسي، وأخوه عبد الله. ومات في سلخ شوال وابنه يحيى حي. روى لنا عن اليلداني، وعن أبيه. - حرف الياء - 514 - يحيى بن عبد الله بن أبي الحُصْن. القاضي، المحدث البارع، أبو زكريا التجيبي، الأندلسي. حج وسمع ' صحيح خ ' من يونس الهاشمي بمكة. وسمع من: الحافظ علي بن المفضل، وطائفة. وكان ذكيا فطنا، له اعتناء تام بالرجال والطرق. روى الكثير بالأندلس. وأكثر عنه أبو جعفر بن الزبير، وأرخ موته في سنة ثمان وخمسين. ورحلته في سنة 658. 515 - يوسف. السلطان الملك الناصر صلاح الدين ابن السلطان الملك العزيز محمد بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 401 محمد بن الظاهر غازي بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب. الأيوبي، صاحب حلب ثم صاحب الشام. وُلِد بقلعة حلب في رمضان سنة سبع وعشرين، وسلطنوه عند موت أبيه سنة أربع وثلاثين، وقام بتدبير دولته الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني، وعز الدين ابن مجلي، والوزير الأكرم جمال الدين القفطي، والطواشي جمال الدولة إقبال الخاتوني. والأمر كله راجع إلى جدته ضيفة خاتون الصاحبة بنت الملك العادل. ثم توجه قاضي القضاة زين الدين عبد الله ابن الأستاذ إلى الديار المصرية ومعه عدة الملك العزيز، وكان قد مات شابا ابن أربع وعشرين سنة. فلما رآها السلطان الملك الكامل أظهر الحزن لموته، وحلف للملك الناصر لمكان الصاحبة أخته. فلما تُوُفّيت الصاحبة سنة أربعين اشتد الناصر وأمر ونهى. فلما كانت سنة ست وأربعين سار من جهته نائبه شمس الدين لؤلؤ وحاصر حمص، وطلب النجدة من الصالح نجم الدين، فلم ينجده، وغضب وجرت أمور، ثم استقرت حمص بيد الملك الناصر. وفي ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين قدم إلى دمشق وأخذها من غير كلفة لاشتغال غلمان الصالح بأنفسهم. ثم في أثناء السنة قصد الديار المصرية ليتملكها فما تم له. وفي سنة اثنتين وخمسين دخل على بنت السلطان علاء الدين صاحب الروم، فولدت له علاء الدين في سنة ثلاث. وأم هذه هي أم جدته الصاحبة. وكان سمحا، جوادا، حليما، حَسَنَ الأخلاق، محببا إلى الرعية، فيه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 402 عدل في الجملة، ومحبة للفضيلة والأدب. وكان سوق الشعر نافقا في أيامه، وكان يذبح في مطبخه كل يوم أربعمائة رأس، سوى الدجاج والطيور والأجدية. وكان الغلمان يبيعون من سماطه أشياء كثيرة مفتخرة عند باب القلعة بأرخص ثمن. حكى علاء الدين ابن نصر الله أن الملك الناصر جاء إلى داره بغتة قال: فمددت له في الوقت سماطا بالدجاج المحشي بالسكر والفستق وغيره، فتعجب وقال: كيف تهيأ لك هذا؟ فقلت: هو من نعمتك، اشتريته من عند باب القلعة. وكانت نفقة مطابخه وما يتعلق بها في كل يوم أكثر من عشرين ألف درهم. وكان يحاضر الفضلاء والأدباء، وعلى ذهنه كثير من الشعر والأدب، وله نوادر وأجوية ونظم. وله حسن ظن في الصالحين، بنى بدمشق مدرسة وبالجبل رباطا وتربة، وبنى الخان عند المدرسة الزنجيلية. وقال أبو شامة: وفي منتصف صفر ورد الخبر إلى دمشق باستيلاء التتار على حلب بالسيف، فهرب صاحبها من دمشق بأمرائه الموافقين له على سوء تدبيره. وزال مُلْكه عن البلاد، ودخلت رسُل التتار بعده بيوم إلى دمشق، وقرئ فرمان الملك بأمان دمشق وما حولها. ووصل الناصر إلى غزة، ثم إلى قطية، فتفرق عنه عسكره، فتوجه في خواصه إلى وادي موسى، ثم جاء إلى بركة زيزا، فكبسه كتبغا، فهرب، ثم أتى التتار بالأمان، فكان معهم في ذل وهوان. وكان قد هرب إلى البراري، فساقوا خلفه، فأخذوه وقد بلغت عنده الشربة الماء نحو مائة دينار. فأتوا به إلى مقدم التتار كتبغا وهو يحاصر عجلون، فوعده وكذبه، وسقاه خمرا صِرْفاً، فسكر، وطلبوا منه تسليم قلعة عجلون، فجاء إلى نائبها، وأمره بتسليمها، ففعل، ودخلها التتار، فنهبوا جميع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 403 ما فيها. ثم ساروا بالناصر وأخيه إلى هولاكو. قال قطب الدين: فأكرمه وأحسن إليه، فلما بلغه كسر عسكره بعين جالوت غضب، وأمر بقتله، فاعتذر إليه، فأمسك عن قتله، لكنَّ أعرض عنه. فلما بلغه كسرة بيدره على حمص استشاط غضباً، وقتله ومن معه، سوى ولده الملك العزيز. وقيل: إنّ قتل الناصر كان عقيب عين جالوت في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان. وعاش إحدى وثلاثين سنة وأشهرا. فيقال: قُتِل بالصيف، وقيل إنه خص بعذاب دون أصحابه. قلت: وكان مليح الشكل، أحول، وله شعر. يروي شيخنا الدمياطي عن علي بن أبي الفرج النحوي قال: أنشدنا السلطان الملك الناصر يوسف لنفسه: (البدرُ يَجْنَحُ للغُروب، ومُهجَتي .......... أسفاً لأجل غروبه تتقطَّع)
(والشَّرْب قد خاط النّعاسُ جُفُونَهم .......... والصُّبْح من جِلْبابه يتطلَّع) وقد اشتهر عنه أنه لما مر به التتار على حلب وهي خاوية على عروشها، قد هدت أسوارها، وهُدمت قلعتها، وأحُرِقت دُورها الفاخرة، وباد أهلها، وأصبحت عبرة للناظرين. انهلت مُقْلَتُه بالعَبْرة وقال: (يعزّ علينا أنْ نرى رَبْعَكُمُ يَبْلَى ..........
(وكانت به آيات حُسْنكم تُتْلَى .......... وقد أورد له ابن واصل عدة قصائد، ووصفه بالذكاء والفضيلة والكرم، إلى أن قال: وفي سابع جمادى الأولى عُقِد عزاؤه بدمشق بالجامع لما ورد الخبر بمقتله. قال: وصورته على ما ثبت بالتواتر أن هولاكو لما بلغه مقتل كُتْبُغا، ثم كسْرةُ أصحابه بحمص، أخذ الناصر وأخاه وقال للترجمان: قل له أنت زعمت
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 404 أن البلاد ما فيها أحد، وأن من فيها في طاعتك حتى غررت بي وقتلت المنغل. فقال الناصر: أما إنهم في طاعتي لو كنت في الشام ما ضرب أحد في وجه غلمانك بسيف. ومن يكون ببلاد توريز كيف يحكم على من في الشام؟ فرماه هولاكو بالنشاب فأصابه فقال: الصنيعة يا خَوْنَد. فقال أخوه الملك الظاهر: اسكت، تقول لهذا الكلب هذا القول وقد حضرت. فرماه هولاكو بفردة ثانية قتله. ثم أخرج الملك الظاهر وبقية أصحابهم فضربت أعناقهم. - الكنى - 516 - أبو بكر بن عمر بن حسن بن خواجا إمام. شهاب الدين الفارسي، ثم الدمشقي. أخو ضياء الدين. سمع من: عمر بن طبرزد، وغيره. ومن الطَّلبة من سماه: شاكر الله. وقال أبو شامة: كان صالحا سليم الصدر، به نوع اختلال. وكان أحد فقهاء الشامية. قلت: روى عنه ابن الخباز وآحاد الطلبة. وتُوُفّي في خامس رمضان. * * * وفيها وُلِد: خطيب بعلبك، أو في سنة ثمان، محيي الدين محمد بن عبد الرحيم السلمي، وأبو نعيم أحمد بن التقي عبيد الإسعردي، ثم المصري، الحداد، يروي عن النجيب، ومحمد بن شعبان الخلاطي، سمع النجيب، ومحمد بن كشتغدي الصيرفي، سمع النجيب، والنور نصر الله بن أبي بكر الدمشقي ابن خال رُكْن الدين ابن أفتكين، وعلاء الدين علي بن مجد الدين ابن المهتار، ومحمد بن الشيخ عمر السلاوي اليونيني، والتقي عبد الله بن عبد الرحمن بن خطيب مردا، وزينب بنت الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وعبد الرحمن بن محمد بن العماد عبد الرحيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 405
سنة ستين وستمائة
- حرف الألف - 517 - أحمد بن الحسين بن الحسن بن إبراهيم بن نبهان. الأجلّ، أبو العباس الداري، التميمي، الخليلي، ابن الأجلّ أمين الدين أبي علي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وعاتكة بنت الحافظ أبي العلاء. كتب عنه الشريف عز الدين، والمصريون. ومات في تاسع ربيع الآخر. وهو جد الوزير فخر الدين عمر بن عبد العزيز ابن الخليلي. 518 - أحمد بن الحسين بن محمد بن الدّامْغانيّ. الصاحب الكبير فخر الدين. كان من عظماء الدولة ببغداد كأجداده القضاة. مات في المحرم بالأرد، والله يسامحه ويرحمه. عاش خمساً وستين سنة. 519 - أحمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خَلَف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 406 أبو العباس الأنصاري، الأوسي، الحموي. عم شيخ الشيوخ عبد العزيز. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وسمع ببغداد في صغره بإفادة أبيه من: عبد الله بن أبي المجد الحربي. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وابن مزيز، وآخرون. وأجاز لجماعة. ولا أكاد أعرفه. وتُوُفّي بالرمل بالقُصَيْر وهو قاصد إلى مصر، ودُفِن هناك في حادي عشر ذي القعدة. 520 - أحمد بن الظّاهر بأمر الله أبي نصر محمد بن النّاصر لدين الله أحمد بن المستضيء بالله. الهاشمي، العباسي، البغدادي، الأسود. وهو المستنصر بالله أمير الؤمنين، أبو القاسم. ولي الخلافة بعد قتل ابن أخيه المستعصم بالله بن المستنصر بالله منصور بثلاث سنين، خلا الوقت فيها من خليفة. قال الإمام أبو شامة: في رجب قرئ بالعادلية كتاب السلطان إلى قاضي القضاة نجم الدين ابن سني الدولة بأنه قدم عليهم مصر أبو القاسم أحمد بن الظاهر بن الناصر، وهو أخو المستنصر بالله. وأنه جمع له الناس من الأمراء والعلماء والتجار، وأثبت نسبه عند قاضي القضاة في ذلك المجلس،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 407 فلما ثبت بايعه الناس. وبدأ بالبيعة السلطان الملك الظاهر، ثم الكبار على مراتبه، ونُقِش باسمه على السكة، وخطب له ولُقِّب بلَقَب أخيه، وفرح الناس. وقال الشيخ قطب الدين: كان المستنصر أبو القاسم محبوسا ببغداد، فلما أخذت التتار بغداد أطلق، فصار إلى عرب العراق، واختلط بهم. فلما تسلطن الملك الظاهر وفد عليه في رجب ومعه عشرة من بني مهارش، فركب السلطان للقائه ومعه القضاة والدولة، فشق القاهرة. ثم أثبت نسبه على الحاكم، وبويع للخلافة. وركب يوم الجمعة من البُرج الذي كان بالقلعة، وعليه السواد إلى جامع القلعة، فصعد المنبر، وخطب خطبة ذكر فيها شرف بني العباس، ودعا فيها للسلطان وللمسلمين، ثم صلى بالناس. قال: وفي شعبان رُسِم بعمل خِلْعة خليفتيّة للسلطان، وبكتابة تقليد له. ثم نُصِبت خَيْمة بظاهر القاهرة، وركب المستنصر بالله والسلطان يوم الإثنين رابع شعبان إلى الخَيمة، وحضر القضاة والأمراء والوزير، فألبس الخليفة السلطان الخِلْعة بيده، وطوقه، ونُصِب منبر فصعد عليه فخر الدين لُقمان فقرأ التقليد، وهو من إنشاء ابن لقمان. ثم ركب السلطان بالخلعة، ودخل من باب النصر، وزُيِّنت القاهرة، وحمَل الصاحب التقليد على رأسه راكبا، والأمراء مُشاة. وهذا هو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس. وكانت بَيْعته بقلعة الجبل، في ثالث عشر رجب. قال: وأول من بايعه قاضي القضاة تاج الدين، ثم السلطان، ثم الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وكان شديد السمرة، جسيما، عالي الهمة، شجاعا. وما بويع أحد بالخلافة بعد ابن أخيه إلا هو، والمقتفي ابن المستظهر، بويع بعد الراشد بن المسترشد بن المستظهر. وقد ولي الأمر ثلاثة إخوة: الراضي، والمتقي، والمطيع بنو المقتدر، وولي قبلهم: المكتفي، والمقتدر، والقاهر بنو المعتضد، وولي من قبلهم: المنتصر، والمعتز، والمعتمد بنو المتوكل، ووليها: الأمين والمأمون والمعتصم بنو الرشيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 408 وولي من بني أمية الإخوة الأربعة: الوليد، وسليمان، ويزيد، وهشام بنو عبد الملك بن مروان. قال: ورتّب له السلطان أتابكا، وأستاذ دار، وشرابيًّا، وخَزْنَدار، وحاجبا، وكاتباً. وعين له خزانة وجملة مماليك، ومائة فرس، وثلاثين بغلا، وعشرة قطارات جمال، إلى أمثال ذلك. قرأت بخط العلاء الكندي: نا قاضي القضاة جمال الدين محمد بن سليمان المالكي قال: حدثني شيخنا عز الدين بن عبد السلام قال: لما أخذنا في بيعة المستنصر قلت للملك الظاهر: بايعه. قال: ما أُحسِن، ولكن بايِعْهُ أنت أولاَ وأنا بعدك. فلما فرغنا البيعة حضرنا عند السلطان من الغد، فمدح الخليفة وقال: من جملة بركته أنني دخلت أمس الدار فقصدت مسجدا فيها للصلاة، فرأيت فيه مصطبة فاخرة، فقلت للغلمان: اضربوا هذه. فلما هدموها انفتح تحتها سرب، فنزلوا، فإذا فيه صناديق كثيرة مملوءة ذهب وفضة من ذخائر الملك الكامل. ثم إن الخليفة عزم على التوجه إلى العراق. قلت: وحسّن له السلطان ذلك وأعانه. قال قطب الدين: فأقطع إقطاعات هناك لمن قصده أو وفد عليه. وسار من مصر هو والسلطان في تاسع عشر رمضان فدخلوا دمشق في سابع ذي القعدة. ثم جهز السلطان الخليفة وأولاد صاحب الموصل، وغرم عليه وعليهم من الذهب فوق الألف ألف دينار، فسار الخليفة ومعه ملوك الشرق، صاحب الموصل، وصاحب سَنْجَار والجزيرة من دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة. وذكر ابن عبد الظاهر في ' السيرة الظاهرية ': قال لي مولانا السلطان: إن الذي أنفقه على الخليفة والملوك المواصلة ألف ألف دينار وستين ألف دينار عيناً. قال أبو شامة: نزل الخليفة بالتربة الناصرية بقاسيون، ودخل يوم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 409 الجمعة إلى جامع دمشق إلى المقصورة، وجاء إليها بعده السلطان الملك الظاهر ثم خرجا ومشيا إلى جهة مركوب الخليفة بباب البريد. ثم رجع السلطان إلى باب الزيادة. قال قطب الدين: سافر الخليفة وصاحب المَوْصِل إلى الرحبة، ففارق صاحب المَوْصِل وأخوه الخليفة. ثم نزل الخليفة بمن معه مشهد عليّ رضي الله عنه، ولما وصلوا إلى عانة وجدوا بها الحاكم بأمر الله أحمد، ومعه نحو سبعمائة نفس فاستمالهم الخليفة المستنصر، وأنزل الحاكم معه في دِهْليزه، وتسلم الخليفة عانة. وحمل إليه وإليها وناظرها الإقامة فأقطعها، ثم وصل إلى الحديثة ففتحها أهلُها له. فلما اتصل ذلك بمقدم المغل بالعراق وبشحْنة بغداد خرج المقدم بخمسة آلاف وقصد الأنبار فدخلها، وقتل جميع من فيها، ثم لحقه الشحنة، ووصل الخليفة إلى هِيت، فأغلق أهلها الأبواب، فحصرها ثم دخلها في التاسع والعشرين من ذي الحجة، ونهب من بها من أهل الذمة، ثم نزل الدُّور، وبعث طليعة، فوصلت إلى الأنبار في الثالث من المحرم سنة ستين، فعبرت التتار ليلا في المخائض والمراكب، فلما أسفر الصبح التقى عسكر الخليفة والتتار فانكسر أولا الشحنة، ووقع معظم أصحابه في الفُرات. ثم خرج كمين للتتار، فهرب التركمان والعرب، وأحاط الكمين بعسكر الخليفة، فصدقوا الحملة، فأخرج لهم التتار، فنجا جماعة من المسلمين، منهم الحاكم ونحو خمسين نفْساً، وقُتِل جماعة. وأما الخليفة فالظاهر أنه قُتِل، وقيل سلِم وأضمرته البلاد. وعن بعضهم أن الخليفة قَتَلَ يومئذ ثلاثةً ثم قُتِل. 521 - أحمد بن يوسف بن أحمد بن فرتون. المحدّث، أبو العباس السلمي، الفاسي، محدِّث المغرب. روى عن: أبي ذر الخشني، وأبي القاسم بن الملجوم. وأجاز له أبو الحجاج بن الشيخ، وغيره. وكان من أشد الطلبة عناية بالرواية، ولم يكن له كبير عِلْم سواها. ألف
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 410 كتاباً ذيّل به صلة ابن بَشْكُوال، فلم يجوده. أكثر عنه أبو جعفر بن الزبير وقال: مات بسَبْتَة في شعبان، وكان فقيرا متعففا خيرا. قال: ابن الزبير: تأملت تذييله على ' الصلة ' فوجدته كثير الأوهام والخلل، فاستَخَرْتُ الله في استئناف ذلك العمل، ووصلت ' الصلة '، بكتابٍ. 522 - إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن عليّ بن جعفر بن عبيد الله بن حسن بن المحدّث المُسْنِد عُبَيْد الله بن عبد الرحمن. الزهري، البغدادي الأصل، النابلسي. حدَّث بدمشق ومصر عن: محمد بن عبد الله البنا. تُوُفّي بنابلس في رجب، ولَقَبُه: عفيف الدين أبو الطاهر. روى عنه: الدمياطي، وغيره. 523 - إسماعيل بن لؤلؤ. هو الملك الصالح، ركن الدين، ابن صاحب المَوْصِل. قدم الديار المصرية في السنة الماضية، ورد. ثم وقع في مخالب التتار، فقُتِل في هذه السنة في ذي القعدة. وكان عادلا، ليِّن الجانب ؛ يحرر أمره وكيف عاد إلى الموصل فوقع في حصارها وأسره التتار. نعم، قصد الظاهر ليُمِدّه بجيش فأمده، ورجع ودخل المَوْصِل، فأقبلت التتار، فالتقاهم عند نصيبين فهزمهم، وقتل النوين أيلكا، فتنمَّر هولاكو، وجهّز ستواغو فنازل المَوْصِل كما في الحوادث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 411 524 - الإصبهانيّ. أحد أمراء دمشق. تُوُفّي مخموراً في ذي القعدة بدمشق. - حرف الباء - 525 - البدر. المراغي، الخلافي، المعروف بالطويل. قال أبو شامة: كان قليل الدين، تاركاً للصلاة. تُوُفّي في جمادى الآخرة. 526 - بَلَبَان. الأمير الكبير، سيف الدين الزردكاش، منه أمراء دمشق الأعيان. وكان ديِّناً مشكورا. تُوُفّي في ذي الحجة. - حرف الحاء - 527 - الحسن بن محمد بن أحمد بن نجا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 412 الإربلي، الرافضي، المتكلم، الفيلسوف، العز، الضرير. كان بارعا في العربية والأدب، رأساً في علوم الأوائل. كان بدمشق منقطعا في منزله يقرئ المسلمين وأهل الكتاب والفلاسفة. وله حرُمة وافرة وهعْبة. وكان يهين الرؤساء وأولادهم بالقول، إلا أنه كان مجرما، تاركا للصلاة، فاسد العقيدة، يبدو منه ما يُشعِر بانحلاله. قال شيخنا قطب الدين فيه مثل هذا، وقال: كان قذرا، رَزِيّ الشَّكْل، قبيح المَنْظر، لا يتوقى النجاسات. ابتُلي مع العَمَى بقُرُوح وطُلُوعات. وكان ذكيا، جيد الذهن، حسن المحاضرة، جيّد النَّظْم. وكان يصرح بتفضيل علي على أبي بكر رضي الله عنهما. ولما قدم القاضي شمس الدين ابن خلكان ذهب إليه، فلم يحتفل به، فأهمله القاضي وتركه. قال: وله قصيدة في العز ابن معقل الحمصي يمدحه. وله هجو خبيث. وذكر عز الدين ابن أبي الهيجا قال: لازَمْتُ العِزّ الضرير يوم موته فقال: هذه البِنية قد تحللت، وما بقي يُرْجَى بقاؤها، وأشتهي رز بلبن. فعمل له وأكل منه، فلما أحس بشروع خروج الروح قال: خرجت الروح من رِجْلِي، ثم قال: وصَلَت إلى صدري. فلما أراد الله المفارقة بالكلية تلا هذه الآية:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 413 {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} . ثم قال: صدق الله وكَذَبَ ابن سينا. ثم مات في ربيع الآخر، ودُفِن بسفح قاسيون. ووُلِد بنَصِيبين سنة ست وثمانين وخمسمائة. قلت: روى عنه من شعره وأدبه: الدمياطي، وابن أبي الهيجا، وشمس الدين محمد بن عبد القوي الحنبلي، وغيرهم. وحكى ابن عبد القويّ أنه سمعه يقول: أنا على عقيدة علماء الحنابلة. 528 - الحسين بن أبي حامد عبد الله بن أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن بن العجميّ. أبو عبد الله الحلبي. وُلِد سنة أربع وستمائة، وسمع من الافتخار الهاشمي، وغيره. روى عنه: الدمياطي، والأَبِيوَرْديّ، وآحاد الطَّلبة. ومات كهلاً. تُوُفّي في ذي الحجة. - حرف الخاء - 529 - الخَضِر بن أبي بكر بن أحمد. القاضي كمال الدين الكردي، قاضي المقس. قال قطب الدين: كان محترما عند الملك المعز، فعلق به حُبُّ الرئاسة، فصنع خاتما وجعل تحت فَصّه وُرَيْقَة فيها أسماء جماعة عندهم، فيما
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 414 زعم، ودائع للوزير الفائزي، وأظهر أن الخاتم للفائزي، وأن تلك الوُرَيْقَة تذكرة. ثم أظهر بذلك التقرب إلى السلطان، ودخل في أذِيّة الناس. وجرت له خُطُوبٌ بمصر ثم وَضَح أمره، فصُفِع وحُبِس. وكان في الحبْس شخص يدّعي أنه من أولاد الخلفاء، وكانت الأمراء والأجناد الشَّهْرَزُوريّة أرادت مبايعته بغزة، فلم يتم ذلك، فلما جمعه الحبْس تلكم معه في تمام أمره، فمات العباس في الحبْس وله ولد، فخرج الكمال الكُرديّ، فأخذ في السعي لولده وتحدث مع جماعة من الأعيان، وكتب مناشير وتواقيع بأمور، واتخذ بنوداً، فبلغ ذلك السلطان، وألّب عليه الوزير وغيره، فشُنِق، وعُلِّقت البُنُود والتّواقيع في حلْقة. وشُنِق بمصر في جمادى الآخرة. - حرف العين - 530 - عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد المجيد، بن أحمد بن الحسن بن حديد. أبو الفضل ابن أبي طالب الكناني، الإسكندراني. وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، وعبد الرحمن عتيق ابن باقا. وقد حدّث من بيته جماعة. روى عنه: الدمياطي، وشعبان الإربلي. وهو أخو الحسين. تُوُفّي في رمضان بالإسكندرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 415 531 - عبد الله بن عبد الملك بن عثمان بن عبد الله بن سعد. الجمال، أبو أحمد المقدسي، الصالحي، الحنبلي. سمع من: محمود بن عبد المنعم القلانسي، وعمر بن طَبَرْزَد، وعبد المجيب بن زهير، وجماعة. روى عنه: ابن الحُلْوانيّة، والدمياطي، وابن الخبّاز، وابن الزرّاد، وآخرون. ومات في جمادى الأولى. قال أبو شامة: يُعرف بعَفْلَق. 532 - عبد الرحمن بن عبد الباقي بن الخَضِر. تاج الدين ابن النجار، الحنفي. فقيه بارع، مدرِّس. وكان يشهد تحت الساعات. مات في جمادى الأولى. 533 - عبد الرحمن بن عبد الواحد بن إسماعيل بن سلامة بن صَدَقَة. الرئيس شَرَفُ الدين الحراني، ثم الدمشقي، المعدل، التاجر. كان ذا دين وتجُّمل ومعروف. وُلِد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بدمشق. وسمع من: حنبل، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 416 روى عنه: النجم إسماعيل بن الخبّاز، وغيره. ومات في رجب. 534 - عبد العزيز بن عبد السّلام بن أبي القاسم بن الحسن. شيخ الإسلام، وبقيّةُ الأئمة الأعلام، أبو محمد السلمي، الدمشقي، الشافعي. وُلِد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة. وحضر: أبا الحسين أحمد بن حمزة بن الموازيني، والخشوعي. وسمع: عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي، والقاسم بن علي بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 417 عساكر، وعمر بن طبرزد، وحنبل المكبر. وأبا القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، وغيره. وخرّج له شيخنا الدمياطي أربعين حديثاً عوالي. روى عنه: شيوخنا العلامة أبو الفتح ابن دقيق العيد، وأبو محمد الدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وأبو العباس أحمد بن فرح، والقاضي جمال الدين محمد المالكي، وأبو موسى الدويداري، وأبو عبد الله بن بهرام الشافعي، والمصريون. وتفقه على الإمام فخر الدين بن عساكر، وقرأ الأصول والعربية. ودرّس وأفتى وصنَّف، وبرع في المذهب، وبلغ رُتْبْة الاجتهاد. وقصده الطلبة من البلاد. وانتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه، وتخرج به أئمة. وله التصانيف المفيدة، والفتاوى السديدة. وكان إماما، ناسكا، ورعاً، عابداً، أمّاراً بالمعروف، نهَّاءً عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم. ذكره الشريف عز الدين، فقال: حدّث، ودرس، وأفتى وصنف. وتولّى الحكم بمصر مدة والخطابة بجامعها العتيق. وكان عَلَمَ عصره في العِلْم، جامعاً لفُنُونٍ متعددة، عارفا بالأصول والفروع والعربية، مضافا إلى ما جُبل عليه من ترْك التكلف، مع الصلابة في الدّين. وشُهرتُه تُغني عن الإطناب في وصفه. قلت: وولي خطابة دمشق بعد الدولعي. فلما تسلطن الصالح إسماعيل وأعطى الفرنج الشقيف وصَفَدَ نال منه ابن عبد السلام على المِنْبَر، وترك الدعاء له، فعزله الصالح وحبسه، ثم أطلقه، فنزح إلى مصر، فلما قدِمها تلقّاه الصّالح نجم الدين أيوب، وبالغ في احترامه إلى الغاية. واتفق موت قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة، فولي قاضي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 418 القضاة بدر الدين السنجاري، وولي قضاء مصر نفسها والوجه القِبْليّ للشيخ عز الدين، مع خطابة جامع مصر. ثم إن بعض غلمان وزير الصالح المولى معين الدين ابن الشيخ بنى بنياناً على سطح مسجد مصر، وجعل فيه طَبْلَ خاناه معين الدين، فأنكر الشيخ عز الدين ذلك، ومضى بجماعته وهدم البناء. وعلم أن السلطان والوزير يغضب من ذلك، فأشهد عليه بإسقاط عدالة الوزير، وعزل نفسه عن القضاء، فعظُم ذلك على السّلطان. وقيل له: أعزله عن الخطابة وإلا شنع على المنبر كما فعل بدمشق. فعزله فأقام في بيته يشغل الناس. وكانت عند الأمير حسام الدين بن أبي علي شهادة تتعلق بالسلطان، فجاء لأدائها عنده، فنفذ يقول للسلطان: هذا ما أقبل شهادته. فتأخرت القضية، ثم أُثْبِتَت على بدر الدين السنجاري. وله من هذا الجنس أفعال محمودة. وقد رحل إلى بغداد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وأقام بها أشهراً. وذكر عبد الملك بن عساكر في جزء، ومن خطه نقلت، أن الشيخ عز الدين لما وُلّي خطابة دمشق فرح به المسلمون، إذ لم يصعد هذا المنبر من مدة مديدة مثله في علمه وفقهه. كان لا يخاف في الله لومة لائم لقوة نفسه وشدة تقواه، فأمات من البدع ما أمكنه، وغيَّر ما ابتدعه الخطباء وهو لبس الطيلسان للخطبة والضرب بالسيف ثلاث مرات. فإذا قعد لم يؤذن إلا إنسان واحد. وترك الثناء ولزم الدعاء. وكانوا يقيمون للمغرب عند فراغ الأذان، فأمرهم أن يلبثوا حتى يفرغ الأذان في سائر المساجد. وكانوا دُبُر الصلاة يقولون: ' إنّ الله وملائكته ' فأمرهم أن يقولوا: ' لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له '. للحديث. وقد أرسل، لما مرض، إليه السلطان الملك الظاهر يقول له: عيّن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 419 مناصِبَك لمن تريد من أولادك. فقال: ما فيهم من يَصْلُح. وهذه المدرسة الصالحية تصلُح للقاضي تاج الدين، ففُوِّضَت إليه بعده. قال الشيخ قطب الدين: كان رحمه الله، مع شدته، فيه حُسن محاضرة بالنوادر والأشعار، وكان يحضر السماع ويرقص ويتواجد. مات رحمه الله في عاشر جمادى الأولى سنة ستين، وشهد جنازته الملك الظاهر والخلائق. وقال أبو شامة: شيعه الخاص والعام، ونزل السلطان، وعُمِل عزاؤه في الخامس والعشرين من الشهر بجامع العقيبة، رحمه الله 535 - عبد العزيز بن عطاء الله بن عمّار بن محمد. الهاشمي، الإسكندراني. كان أمّاراً بالمعروف، نهّاءاً عن المُنْكَر. وله في ذلك مِحَنٌ، رحمه الله. 536 - عبد العزيز ابن الشّيخ الواعظ المؤرّخ، شمس الدّين يوسف بن زُغْليّ بن الجَوْزيّ. الفقيه عز الدين الحنفي. درّس بعد أبيه ووعظ. وكانت فيه أهلية في الجملة. مات في شوال. 537 - عبد الوهّاب بن زين الأُمَناء أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 420 تاج الدين، أبو الحسن بن عساكر الدمشقي، الشافعي، والد الشيخ أمين الدين عبد الصمد. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع الكثير من: الخشوعي، والقاسم بن الحافظ، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وجعفر بن محمد العباسي الحافظ، وأبي جعفر القرطبي، وابن ياسين، والدولعي، وحنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن سيدهم، والكِنْدي، وطائفة. وولي مشيخة دار الحديث النورية بعد والده، وحضره لما جلس الأكابر والحفاظ. روى عنه: العلامة تاج الدين، وأخوه الخطيب شرف الدين، والعلامة تقي الدين ابن دقيق العيد، والحافظ أبو محمد التوني، وابن الزراد، ومحمد بن المحب، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وحدَّث بمصر، ورحل منها للحج ولزيارة ولده، فحج وجاور قليلا. وكان دَيِّناً، صالحا، فاضلا، من بيت الحديث والعلم. تُوُفّي بمكة في حادي عشر جمادى الأولى. 538 - عُبَيْد بن هارون بن عُبَيْد الله. أبو محمد العوفي، ثم الصالحي، الحنبلي، المقرئ، الرّجل الصالح. سمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وهبة الله بن طاوس، وحمزة بن أبي لقمة، والشيخ الموفق، وجماعة. حدَّث عنه: ابن الخباز، والعماد بن البالسي، والشمس بن الزراد، وآخرون. ومات في السادس والعشرين من رمضان. 539 - عثمان بن إبراهيم بن خالد بن محمد بن سَلْم. أبو عمرو النابلسي الأصل، المصري، الكاتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 421 وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع بدمشق من: حنبل، وغيره. وتقلب في الخدم الديوانية. روى عنه: الدمياطي، ولَقَبُه بعلاء الدين. تُوُفّي في جمادى الأولى. 540 - علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العبّاس بن الحسن بن العبّاس بن الحسن بن الحُصَيْن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن إسماعيل بن جعفر الصّادق بن محمد الباقر. الشريف، السيد، بهاء الدين، أبو الحسن العلوي، الحسيني، الدمشقي، النقيب، المعروف بابن أبي الجن. وُلِد في شعبان سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع حضورا من: ابن صدقة الحراني، ويحيى الثقفي، وأبي الفوارس بن شافع. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الخباز، وأبو الحسن الكندي، وأبو الحسن بن الشاطبي، وعبد الرحيم بن مَسْلَمَة الجنائزي، وطائفة. وكان رئيسا نبيلاً، سَرِيًّا سُنّيًّا. تُوُفّي في الثاني والعشرين من رجب، ودُفِن بتربته التي بالديماس بدمشق. 541 - عُمَر بن أحمد بن أبي الفضل هبة الله بن أبي غانم محمَّد بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 422 هبة الله ابن قاضي حلب أبي الحَسَن أحمد بن يحيى بن زُهَير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله محمد بن أبي جرادة عامر بن ربيعة بن خُوَيْلد بن عَوْف بن عامر بن عقيل. الصاحب، العلامة، رئيس الشام، كمال الدين، أبو الحسن القيسي، الهوازني، العقيلي، الحلبي، المعروف بابن العديم، ولَدُ القاضي العالِم أبي الحسن ابن القاضي أبي الفضل خطيب حلب. وُلِد سنة ثمان، أو ثلاث، وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ومن: عمه أبي غانم محمد، وعمر بن طبرزد، والإفتخار الهاشمي، وأبي اليُمْن الكِنْدي، وأبي القاسم الحرستاني، وهبة الله بن طاوس، والشمس أحمد بن عبد الله العطار، وأبي عبد الله بن البناء، وثابت بن مشرف، وأبي منصور ابن عساكر الفقيه، وبهرام الأتابكي، والبهاء عبد الرحمن، وأحمد بن أبي اليُسْر، وأبي محمد بن البن، وابن صَصْرَى، وابن راجح، والشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد، والشيخ فخر الدين ابن تيمية، وعبد العزيز بن هلاكه، ومحمد بن عمر العثماني، وأبي علي الأوقيّ، وأبي محمد بن علوان، وخَلْق كثير بحلب، ودمشق، والقدس، والحجاز والعراق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 423 وأجاز له أبو رَوْح الهروي، والمؤيد الطوسي، وطائفة. وكان عديم النظير. فضلاً ونُبْلاً وذكاءً وزكاءً ورأياً ودهاءً ومنظراً ورِداءً وجلالةً وبهاءً. وكان محدثا حافظاً، ومؤرخاً صادقاً، وفقيهاً مُفْتياً، ومُنشِئاً بليغاً، وكاتباً مجوِّداً ؛ درّس وأفتى وصنَّف وترسَّلَ عن الملوك. وكان رأساً في كتابة الخط المنسوب، وبه عرض الصاحب فتح الدين عبد الله بن محمد بن القيسراني حيث يقول: وقد سمعته منه: (بوجه معذّبي آياتُ حُسْنٍ .......... فقُلْ ما شئتَ فيه ولا تُحاشي)
(ونسخة حُسْنِه قُرِئتْ فمنحت .......... وها خَطُّ الكمالِ على الحواشي.) ذكره شيخنا الدمياطي فأطنب في وصفه، وقال: ولي قضاء حلب خمسة من آبائه متتالية، وله الخط البديع والخط الرفيع والتصانيف الرائقة. منها ' تاريخ حلب، أدركَتْه المنية قبل إكمال تبييضه. وكان بارا بي، حفِيًّا محسناً إليّ،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 424 وفيًّا يؤثرني على الأقران. وصحبته بضع عشر عاما مقاما وسفرا وانتقالاً. ورافقته كرَّتين من بغداد إلى دمشق. وأخذت عنه في البلاد من عِلْمه ونظْمه، وأخذ عني بِسُرَّ من رأى. وكان غزير العلم، خطير القدر والأصل. وقد عدلني تعديلا ما عدله أحد من أمثالي. وذلك أن قاضي دمشق التمسني منه ليعدّلني، فامتنع لسبب جرى من القاضي، فطفِق الرسول يتضرع إليه ويسأله حتى أذن، فغدوت معه فأخرج لي القاضي ملبوسا فاخرا من ملابسه، فلبِسْتُه وأشهدني عليه وعدّلني، ورجعت راكباً على بغْلته إلى منزلي، قدس الله روحه. وقال الشريف عز الدين: كان كمال الدين ابن العديم جامعا لفنون من العلم، معظما عند الخاصة والعامة. وله الوجاهة التامة عند الملوك. وجمع تاريخا كبيرا لحلب أحسن فيه ما شاء. ومات وبعضه مُسَوَّدة لم يبيّضه، ولو كمّل تبييضه لكان أكثر من أربعين مجلدا. سمعتُ منه واستفدت به. قلت: من نظر في ' تاريخه ' علِم جلالة الرجل وسَعَة اطّلاعه. وكان قد ناب في السلطنة، وعلّم عن الملك النّاصر في غيبته عن دمشق. وذكر في ' تاريخه ' أنه دخل مع والده على الملك الظاهر غازي، وأنه هو الذي حسّن له جمْع ' تاريخ لحلب '. روى عنه: ابنه الصّاحب مجد الدين عبد الرحمن، والدمياطي، والبدر محمد بن أيوب التادفيّ، وعَلَم الدين الدويداري، وأبو الفضل إسحاق الأسدي، وجماعة. وتُوُفّي إلى رحمة الله في العشرين من جمادى الأولى بالقاهرة، بظاهرها، ودُفِن بسفح المقطَّم. 542 - عمر بن عليّ بن المظفَّر بن القاسم. أبو العباس النُّشبي، الرَّبعي، الدمشقي، الصائغ
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 425 تُوُفّي قبل عمه نصر الله بأشهر. وُلِد سنة إحدى وستمائة. وسمع من: الكندي، وابن الحرستاني ؛ وحضر: عمر بن طبرزد، وست الكَتَبَة. روى عنه: ابن الخبّاز. وتُوُفّي بمصر في العام. 543 - عيسى بن سليمان بن رمضان بن أبي الكرم بن إبراهيم بن عبد الخالق. الرئيس، ضياء الدين، أبو الروح الثعلبي، بثاء مثلثة، المصري، القرافي، الشافعي. عاش تسعين سنة، وهو آخر من حدّث عن أبي المعالي منجب المرشدي. روى عنه ' صحيح البخاري ' عن مولاه أبي صادق مرشد المديني، وسماعه منه في سنة ثمان وسبعين، ووُلِد في أول يوم من سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. كتب عنه: المصريون كالتقي الإسعردي ؛ والعز الشريف، وعبد القادر الصعبي، وأبي محمد الدمياطي. وروى لنا عنه الشيخ شعبان، وغيره. مات في رابع عشر رمضان. وهو والد شيخنا المعمر بهاء الدين علي بن القيم الكاتب. - حرف الميم - 544 - محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سُرَاقة. المحدّث، المفيد، العالِم، شرف الدين، أبو القاسم الأنصاري، الشاطبي، ابن أخي محيي الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 426 طلب وكتب وعُنِي بالحديث. وسمع بالمغرب، ومصر. وكان فاضلا متيقظا، ذكيا، حريصا، لازما للأثر. كتب عن سِبْط السلفي، ومن بعده. تُوُفّي في ربيع الأول. وقد روى شيئا يسيراً. 545 - محمد بن إبراهيم. الفقيه شمس الدين الكردي، الشافعي. والد البدْر يوسف سبط ابن أبي اليسر. كان من فضلاء الشافعية. درَّس بالكلاّسة. وكان يصحبُ الأمير حسام الدين ابن أبي عليّ. ورضه أبو شامة. وابنه فمن عُدُول القاهرة. 546 - محمد بن الحسن بن عمر. القاضي أبو عبد الله بن المجلي، الأديب. عاش ثمانين سنة ؛ وله شعر فائق. أنشدت له أبياتا جيدة. وتُوُفّي بالمغرب. أخذ عنه أبو إسحاق الغافقي، وغيره. 547 - محمد بن داود بن ياقوت الصّارميّ. ناصر الدين، أبو عبد الله. المحدّث أحد الطلبة. سمع الكثير، وعني بالحديث، ونسخ الأجزاء، وخطه مليح صحيح. مات كهلا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 427 وقد سمع من: كريمة، والسخاوي، وهذه الطبقة. وما أعلمه حدَّث. تُوُفّي في جمادى الآخرة. وكان رجلاً جيداً، رحمه الله. 548 - محمد بن سليمان بن أبي الفضل بن أبي الفُتُوح بن يوسف بن يونس. الشمس السديد، أبو عبد الله الأنصاري، الصقلي، ثم الدمشقي، الدلال في الأملاك. شيخ معمر عالي الإسناد، محمود الطريقة، صحيح الرواية. سمع من: ابن صدقة الحراني، وحنبل الرصافي، والخشوعي، وإسماعيل الجنزوي. وسمع بواسط من: أبي الفتح المندائي ؛ وببغداد من: ابن الأخضر. وقرأ القرآن بمصر على أبي الجود غياث بن فارس. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وأبو الحسن علي بن المظفر الأديب، والبهاء إبراهيم بن المقدسي، ومحمد بن المحب، وآخرون. وُلِد في ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وتُوُفّي في الخامس والعشرين من صفر. وقد كتب عنه ابن الحاجب وأساء الثناء عليه، لكنه عاش بعد ذلك دهراً وانصلح حاله. 549 - محمد بن عبد الله بن عليّ. الفقيه، أبو عبد الله الأزدي، القرطبي. شيخ أهل الحديث بسَبْتَه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 428 وُلِد في سنة ثمان أو تسع وستين وخمسمائة. ونشأ بسَبْتَة فسمع كثيرا من: المعمر أبي محمد بن الحجاري، وأبي زكريا الهوزني، والمحدث أبي عبد الله محمد بن حسن بن غازي الجابري، من ولد جابر بن عبد الله. وسمع من الجابري تواليف كثيرة لعياض. وأجاز له الخشوعي وجماعة من المشارقة. وكان صالحا خيرا، تُوُفّي في أواخر رمضان. وروى عنه: أبو جعفر بن الزبير، وأبو إسحاق الغافقي، وخلْق. 550 - محمد بن عبد الحق بن خَلَف بن عبد الحقّ. الجمال أبو عبد الله الدمشقي، الصالحي، الحنبلي، المحتسب بالصالحية. وُلِد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعمر بن طبرزد، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والقاضي تقي الدين سليمان، والعماد بن البالسي، والشمس بن الزراد، ومحمد بن المحب، ومحمد بن الصلاح. تُوُفّي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة. وكان يشهد بالصالحية وفيه ظُرْف. 551 - محمد بن عُبَيْد الله بن عليّ. زين الدين السميري، الإصبهاني، الصوفي. سمع بمكة من أبي الفتوح نصر بن الحصري. وحدَّث بمكة ومصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 429 ومات ببلد الفيّوم في أول رمضان. 552 - محمد بن عثمان بن محمد بن العلاّمة أبي سعيد بن أبي عصرون. الدمشقي، الملقب بالجنيد. عاش ثمانيا وخمسين سنة. وحدَّث عن أبي الحسن بن روزبه. وأجاز له طائفة. روى عنه: ابن الخباز. وقد تقدم له ذِكرٌ في ترجمة أبيه. 553 - محمد بن عسكر بن زيد بن محمد. الطبيب، نفيس الدين، أبو بكر الدمشقي، المعروف بابن الإسكاف. طبيب فاضل معروف. سمع من: أبي أحمد عبد الوهاب ابن سكينة. وحدّث بدمشق ومصر. روى عنه: الدمياطي، ومجد الدين ابن الحلوانية، وجماعة. تُوُفّي النفيس الطبيب بالقاهرة في الخامس والعشرين من صفر. ولم يذكره ابن أبي أُصَيْبَعَة. وقد سمع منه علاء الدين الكِندي جزءاً، والشيخ شعبان. 554 - محمد بن عليّ بن الحسين. أبو عبد الله الطبري، المكي، المعروف بابن النجار. حدّث عن: محمد بن علوان بن مهاجر. وهو والد شيخنا يحيى، وأخيه الفقيه عبد الرحمن. مات بمكة في ثاني رجب، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 430 555 - محمد بن أبي نصر فتوح بن خلّوف بن يَخْلَف بن مصال. الشيخ المعمر، المسند، أبو بكر الهمذاني، الإسكندراني. عُرِف بابن عَرَق الموت. سمع من: التاج محمد بن عبد الرحمن المسعوي، وعبد الرحمن بن موقا، وأجاز له: أبو الضياء بدر الخذاداذي، والعلامة أبو سعد بن أبي عصرون، وأبو المجد البانياسي، ومحمد بن أبي الصَّقْر، والقُطْب مسعود بن محمد النيسابوري، وأبو الحسين ابن الموازيني، وعبد المجيد بن دُليل، وابن كُلَيْب، وطائفة. وخرّج له المحدّث أبو المظفر منصور بن سَلِيم ' مشيخة '. ومات في جمادى الأولى. وكان من أبناء التسعين. وقد تفرد بالرواية عن غير واحد. سمع منه شيخنا أبو العباس ابن الظاهري. وثنا عنه الشيخ شعبان. 556 - محمد بن محمود بن أبي زيد. الحكيم الطّبيب أبو عبد الله الرازي، الرصاصي. شيخ فاضل، تُوُفّي في شوال بالقاهرة، وله أربع وثمانون سنة. لم يذكره ابن أبي أُصِيْبَعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 431 557 - مهديّ. الصاحب عماد الدين ابن الوزير نصر الله بن ناصر بن مهدي العَلَوي، الحَسَني. مات وله خمس وستون سنة. وكان شيعيّاً. ما بالحلة في رمضان ودُفن بمشهد علي، رضي الله عنه. - حرف النون - 558 - نصر الله بن مظفَّر بن القاسم بن محمد. أبو الفتح النشبي، الدمشقي، الصائغ. أخو المحدّث علي. سمّعه أخوه من الخشوعي، وغيره. وحدّث. وعاش خمسا وسبعين سنة. روى عنه: ابن الحلوانية، وابن الخباز، وإسحاق الأسدي، وابن الزراد، ومحمد بن المحب، وجماعة كثيرة. وحدَّث بدمشق وحلب ومصر. تُوُفّي بدمشق. 559 - نَصِير بن نَبَا بن سليمان. أبو محمد المصري، الزفتاوي، الدفوفي، والد شيخنا الشهاب أحمد وعلي. وُلِد في حدود سنة ثمانين وخمسمائة بمُنْية زفْتا. وسمع من: أبي الحسن عليّ ابن الساعاتي شيئاً من ' ديوانه '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 432 كتب عنه: الشريف عز الدين، وابنه الشهاب بن الدفوفي، وغيرهما وتُوُفّي في ربيع الأول بالقاهرة. - حرف الياء - 560 - يحيى بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قُدامَة. الشيخ شهاب الدين، أبو زكريا المقدسي، الحنبلي أخو عبد الرحيم، وهو الأصغر. وُلِد سنة إحدى وستمائة ظنا. وسمع من: التاج الكندي. وحضر على ابن طبرزد. كتب عنه: الدمياطي، وابن الخباز ؛ وهو من أسباط الشيخ أبي عمر. مات في تاسع صفر. 561 - يوسف بن الحكيم موفَّق الدّين عبد اللّطيف بن يوسف. شرف الدين، أبو الفضل، البغدادي الأصل، المصري الوفاة. سمع: أباه، وابن اللتي، وجماعة. وحدَّث بالقاهرة. وكان متوسط الفضيلة، من أولاد الشيوخ. مات في خامس ذي القعدة بالقاهرة كهلاً. 562 - يوسف بن المظفَّر بن عليّ بن رافع. أبو الحجاج الزهري، الإسكندراني، المقرئ العدل. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وعبد الرحمن المقرئ، وابن عماد. ولأبيه ذكرٌ ورواية. 563 - يوسف بن يوسف بن سلامة بن عبد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 433 الصدر، محيي الدين ابن زبلاق، الهاشمي، العباسي، الموصلي، الكاتب، الشاعر. عُرِف بابن زبلاق. عاش سبعا وخمسين سنة. وكان شاعراً مُحسناً مشهوراً، سائر القول. قَتَلَتْه التتار حين أخذوا الموصل في شعبان. روى عنه الدمياطي، وغيره. - الكنى - 564 - أبو بكر بن عليّ بن مكارم بن فتيان. الشيخ نجم الدين ابن الإمام الخطيب أبي الحسن الأنصاري، الدمشقي، ثم المصري. وُلِد سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: البوصيري، والأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير، وزوجها ابن نجا الواعظ. وسمع بدمشق من: داود بن ملاعب، وغيره. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وعَلَمَ الدين الدواداري،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 434 والشيخ شعبان، ويوسف الختني، والمصريون. ومات في ثامن المحرم. لَقَبُه: القُبّة. 565 - أبو العزّ بن مشرّف بن بيان. عز الدين، التاجر الدمشقي، الملقب بالجردان. والد شيخنا الشهاب. محمد. مات في ذي الحجة. * * * وفيها وُلِد: شيخنا برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ تاج الدين عبد الرحمن شيخ الشافعية. وخطيب حمص علاء الدين بن عبد الله بن مكتوم، والبدر حسن بن عبد الرحمن المراكشي، وناصر الدين محمد بن أيوب بن مكارم الشاهد، والشرف عبد الحميد بن محمد بن الشيرازي، والفخر محمود بن علي بن سيما، والكمال أحمد بن محمد بن حياة الرّقّيّ، وزينب بنت المحدّث إسماعيل بن الخباز، والشهاب أحمد بن منصور بن الجوهري، الحلبي، ثم المصري، وقُطُبُ الدين إبراهيم بن الملك المجاهد إسحاق ابن صاحب الموصلي، والحسن بن عبد الرزاق العسقلاني، ثم المصري. سمع الثلاثة من النجيب. ومحمد بن بكتوت العروي، سمع من ابن علاّق. ومحمد بن عثمان المُدلجي، سمع ابن عزون. وفي سنة ستين وُلِد علاء الدين علي بن إسماعيل بن أبي العلاء بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 435 راشد بن محسن الوتار، وفخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عثمان بن عمر القرشي ابن المعلم الشافعي في شوال. وعلي بن العز عمر في رجب منها. وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ في جمادى الآخرة، ومحمد بن نجيب بن محمد الخلاطي، وأحمد بن زكري بن أبي علي الرَّسْعَنيّ في ربيع الأول بالقاهرة. وسليمان بن عبد الرحيم الصالحي العطار، وحسن بن عبد الرحمن المراكشي. ووديعة الله بن علي بن سيما، ومحمد بن عمر بن أبي القاسم السلاوي بالزاوية، وعبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن محمود المرداوي بالنّيْرب. وفيها وُلِد نفيس الدين سلامة بن عبد الله بن عبد الأحد بن شُقَيْر الحراني التاجر، في رجب بحَرَّان، وسيأتي في سنة إحدى، في شعبان، وكلاهما بخط عَلَم الدين. هذا آخر الطبقة السادسة والستين من تاريخ الإسلام للحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 436 (بعون الله وتوفيقه، أنجز العبد الفقير إلى الله تعالى، طالب العلم وخادمه ' أبو غازي عمر عبد السلام تدمري ' الأستاذ، الدكتور في الجامعة اللبنانية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم التاريخ، الفرع الثالث، طرابلس، الطرابلسي مولداً وموطناً، الحنفي مذهباً، هذه الطبقة من ' تاريخ الإسلام ووَفيات المشاهير والأعلام ' لمؤرّخ الإسلام الحافظ الثقة شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي، المتوفى بدمشق سنة 748 ه. رحمه الله تعالى، وضبط نصها وحققها، وعلّق عليها، وأحال إلى مصادرها، ووثّق مادّتها، وصنع فهارسها، وكان الإنجاز بعد عشاء يوم الثلاثاء غُرّة شهر ذي الحجة سنة 1417 ه. / الموافق للتاسع من نيسان (أبريل) 1997 م. وذلك بمنزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون (النجمة سابقاً) بثغر طرابلس الشام المحروسة، حماها الله وجعها دار أمانٍ وسلام وسائر بلاد المسلمين. وجعل الله تعالى هذا العمل خالصاً لوجهه، وليُكتب في صحائف أعمال محقّقه المقرّ بعبوديّته للواحد الأحد، صلى الله عليه وسلم سيّدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين).
الجزء التاسع والأربعون
الجزء التاسع والأربعون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 5
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الحوادث الكائنة في هذه السنين العشر
سنة إحدى وستين وستمائة
[تدريس أبي شامة] في المحرم قال أبو شامة: درست بالركنية الملاصقة للفلكية. [سفر الحاكم بأمر الله إلى مصر] قال: وفي صفر دخل دمشق الخليفة الحاكم بأمر الله الذي بايعه برلو بحلب، ثم سافر إلى مصر. [تجريص ابن مؤمن الحنبلي] وفي رجب جرى على الشمس محمد بن مؤمن الحنبلي أمر بتعصب جماعة عليه، وحمل إلى والي دمشق وهم بتجريصه. [بيعة الحاكم بأمر الله بالخلافة] قال قطب الدين: في يوم الخميس ثامن المحرم جلس السلطان مجلسا عاما، وحضر الحاكم بأمر الله راكبا إلى الإيوان الكبير بقلعة الجبل، وجلس مع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 6 السلطان، بسطوا له إلى جانبه، وذلك بعد ثبوت نسبه، فأقبل عليه السلطان وبايعه بإمرة المؤمنين، ثم أقبل هو على السلطان الملك الظاهر وقلده الأمور. ثم أخذ الناس يبايعون الخليفة على طبقاتهم، فلما كان من الغد خطب يوم الجمعة خطبة ذكر فيها الجهاد والإمامة وتعرض إلى ما جرى من هتك حرم الخلافة، ثم قال: وهذا السلطان الملك الظاهر قد قام بنصر الإمامة عند قلة الأنصار، وشرد جيوش الكفر بعد أن جاسوا خلال الديار، فبادروا إلى شكر هذه النعمة ولا يروعنكم ما جرى، فالحرب سجال. وأول الخطبة: ' الحمد لله الذي أقام لآل العباس ركنا وظهيرا '. قال: ثم كتب بدعوته إلى الآفاق. ثم خطب الحاكم جمعة أخرى بعد مدة. وهو التاسع والثلاثون من خلفاء بني العباس. وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشهرا. [غارة صاحب سيس على بعض البلاد] قال: وفي صفر جمع صاحب سيس تكفور جمعا وأغار على الفوعة وسرمين، ومعرة مصرين، وأسر من الفوعة ثلاثمائة وثمانين نفسا، فساق وراءه جماعة كانوا مجردين بسرمين فهزموه، وتخلص بعض الأسرى. [شفاعة أم المغيث بابنها صاحب الكرك] وفي ربيع الآخر خرج الملك الظاهر من القاهرة، فلما قدم غزة نزلت إليه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 7 أم المغيث صاحب الكرك تشفع في ولدها فأكرمها، ثم رحل إلى الطور. وغلت الأسعار، ولحق الجيش مشقة عظيمة، والرسل تتردد إلى صاحب الكرك تطلبه، وهو يسوف خوفا من القبض عليه. ثم إنه نزل، فلما وصل تلقاه السلطان وأكرمه، ومنعه من الترجل له. ثم أرسل تحت الحوطة إلى قلعة مصر، وكان آخر العهد به. [تأمير العزيز عثمان على الكرك] ثم توجه السلطان إلى الكرك، وكاتب من فيه بتسليمه، فوقع الاتفاق على أن يؤمر الملك العزيز عثمان بن المغيث، فأعطاه خبز مائة فارس بمصر. ثم دخل السلطان إلى الكرك في جمادي الآخرة. ثم سار إلى مصر. [إمساك ثلاثة أمراء] وفي رجب أمسك ثلاثة أمراء لكونهم حطوا على السلطان في إعدامه الملك المغيث، وهم الأمير شمس الدين أقوش البرلي، والأمير سيف الدين بلبان الرشيدي، والأمير عز الدين أيبك الدمياطي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 8
[إظهار ملك التتار ميله للإسلام] وفي رجب جاءت رسل بركة ملك التتار يخبرون أنه محب للإسلام، ويشكون من ابن عمه هولاكو، فأرسل إليه الملك الظاهر هدية وصوب رأيه. [استئمان طائفة من التتار] وفيه وصلت طائفة من التتار مستأمنين مسلمين. ثم وصلت طائفة كبيرة مقدمهم الأمير كرمون، فتلقاهم السلطان وأنعم عليهم. [أستاذ دارية ابن يغمور] وفي شعبان ولي الأستاذ دارية جمال الدين ابن يغمور. [عزل قاضي الاسنكدرية وتعيين آخر] وفي شوال سافر السلطان إلى الإسكندرية فأقام بها نحوا من شهر، ثم عزل ناصر الدين ابن المنير من قضائها بالبرهان إبراهيم بن محمد البوشي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 9
[الوقعة بين هولاكو وبركة] وجرت وقعة هائلة بين هولاكو وبركة، وكانت الدائرة على هولاكو، وقتل خلق من أصحابه، وغرق آخرون، ونجا هو بنفسه. [القصاص من شاب وامرأته] وقال أبو شامة: في صفر سمر شاب، وخنقت امرأته فعلقت في جولق تحته. كانت تتحيل على النساء وتوديهم إلى الأفراح متلبسات، فتأتي بالمرأة إلى بيتها فيخنقها زوجها، ويأخذ ما عليها، ويرميها في بئر. فعل ذلك بجماعة من النساء، فبقي مسمرا يومين ثم خنق، وذلك بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 10
سنة اثنتين وستين وستمائة
[مشيخة الحديث لأبي شامة] في شهر جمادى الأولى ولي الإمام شهاب الدين أبو شامة مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد ابن الحرستاني. [تدريس الشافعية والحنفية بالظاهرية] وفي أولها فرغت المدرسة الظاهرية بين القصرين، فدرس بها للشافعية الإمام تقي الدين ابن رزين، وللحنفية الصاحب مجد الدين ابن العديم. وولي مشيخة الحديث الحافظ شرف الدين الدمياطي. وولي مشيخة الإقراء الشيخ كمال الدين المجلى. [نيابة حمص] وفيها بعث السلطان نائبا له على حمص عقيب موت صاحبها الملك الأشرف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 11
[الزلزلة بمصر] وفي ربيع الآخر زلزلت مصر زلزلة عظيمة. [عزل نائب حلب] وعزل الشهابي عن نيابة حلب بالأمير نور الدين علي بن مجلى. [الغلاء بمصر] وفيها كان الغلاء بمصر، وبلغ الإردب مائة وخمسة دراهم. [الطفل المزدوج] وفيها أحضر بمصر إلى السلطان طفل ميت وله رأسان، وأربعة أعين، وأربعة أيدي، وأربعة أرجل. [خبر الخناقة بمصر] وفيها كان خبر الخناقة بمصر. قال شمس الدين الجزري في ' تاريخه ': فيها ظهرت قتلى في خليج مصر، وفقد جماعة. ودام ذلك أشهرا حتى عرف أن صبية مليحة اسمها غازية كانت تتبرج بالزينة، وتطمع من يراها، ومعها
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 12 عجوز، فتشاكل الرجل وتقول: هذه ما يمكنها ما تريد منها إلا في منزلها. فإذا انطلق معها، واستقر في دارها، خرج إليه رجلان جلدان فيقتلانه، ويأخذان ما عليه. وكانوا يتنقلون من موضع إلى موضع، إلى أن سكنوا على الخليج. وجاءت العجوز مرة إلى ماشطة مشهورة لها حلي تخرج به العرائس، فقالت لها: عندي بنت، ونريد أن تصلحي من شأنها. فجاءت بالحلي تحمله الجارية. ورجعت الجارية من الباب فدمسوا الماشطة، ولما أبطأ خبرها على جاريتها مضت إلى الوالي فأخبرته، فركب إلى الدار وهجمها، فوجد غازية والعجوز، فأخذهما وتهددهما، فأقرتا، فحبسهما فجاء إلى الحبس أحد الرجلين، فشعر به الأعوان، فأخذ وقرر وضرب، فاعترف ودل على رفيقه، وكان لهما رفيق آخر له قمين للطوب، كان يلقي فيه من يقتلانه في الليل فيحترق. وأظهروا أيضا من الدار حفيرة مملوءة بالقتلى، فأنهي أمرهم إلى السلطان فسمروا خمستهم. وبعد يومين شفع أمير في الصبية فأنزلت وماتت بعد أيام. [العثور على فلوس قديمة بجهة قوص] قال: وفيها اتفق أن ليلة الإثنين كانت ليلة ثاني عشر ربيع الأول، وفيها أحضرت إلى قلعة مصر فلوس كثيرة من جهة قوص وجدت مطمورة، كان على الفلس صورة ملك، وفي يده ميزان، وفي يده الأخرى سيف. وعلى الوجه الآخر رأس بآذان كبار، وحوله أسطر. فحضر جماعة من الرهبان فيهم حكيم يوناني رومي لا يعرف العربية فقرأ الأسطر، فكان تاريخ الفلس من ألفين وثلاثمائة سنة، وفيه مكتوب، أنا غياث الملك، ميزان العدل والكرم في يميني لمن أطاع، والسيف في شمالي لمن عصى. وفي الوجه الآخر: أنا غياث الملك أذني مفتوحة للمظلوم، وعيني أنظر بها مصالح ملكي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 13
[دخول الطوسي بغداد] وفيها قدم بغداد النصير الطوسي للنظر في الوقوف وجمع الكتب، وانحدر إلى واسط، وجمع شيئا كثيرا لأجل الرصد. [قتل الباجسرائي ببغداد] وقتلوا ببغداد النجم أحمد بن عمران الباجسرائي، وأخذ مرارته جلال الدين ابن الملك مجاهد الدين الدويدار. وكان ناظرا على السواد، جيد التصرف، وعظم في دولة هولاكو، ولقبه بالملك، فعادى علاء الدين فعقره. ثم إن ابن الدويدار. [شرع في بيع] ما له من الغنم والجواميس وغير ذلك، وافترض أموالا واستعار خيولا، وأظهر أنه يتصيد ويزور المشهد وأخذ أمه، ثم تسحب إلى الشام، فانقطع عنه ضعفا الجند ورجعوا، فقتلهم الشحنة قرابوقا، وقتل كل من ظفر به من آحاد الأجناد. [عزل قرابوقا] وفيها عزل قرابوقا عن بغداد لكونه رافع الصلاح علاء الدين بالكذب، وولى توكال شحنة. [التجاء ابن صاحب الروم إلى القسطنطينية] وسار عز الدين كيكاوس ابن صاحب الروم إلى قسطنطينية، إلى صاحبها الأشكري، لكونه وقع بينه وبين أخيه ركن الدين قلج أرسلان في أمر سلطنة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 14 الروم، فاستظهر عليه الركن فو [صل] في حاشيته إلى قسطنطينية، فأحسن إليه الأشكري وإلى أمرائه، وداموا في عافية، فعزموا على قتل الأشكري وإن حاصروا قسطنطينية معهم، فأعماهم وسجن عز الدين. ثم طلبه بركة وذهب إليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 15
سنة ثلاث وستين وستمائة
[انتصار ابن الأحمر على ملك النصارى بالأندلس] قال أبو شامة رحمه الله: فيها جاء إلى القاهرة كتاب يتضمن نصر المسلمين على النصارى في بر الأندلس. وسلطان المسلمين أبو عبد الله بن الأحمر. وكان الفنش ملك النصارى قد طلب من ابن الأحمر الساحل من مالقة إلى المرية، فاجتمع المسلمون والتقوهم، فكسروهم مرارا، وأخذ الفنش أسيرا. ثم اجتمع العدو المخذول في جمع كبير، ونازلوا غرناطة. فانتصر عليهم المسلمون، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وجمع من رؤوسهم نحو خمسة وأربعين ألف رأس، فعملوها كوما، وأذن المسلمون فوقه، وأسروا منهم عشرة آلاف أسير. وكان ذلك في رمضان سنة اثنتين. وانهزم الفنش إلى إشبيلية، وهي له، وكان قد دفن أباه بها بالجامع، فأخرجه من قبره خوفا من استيلاء المسلمين، وحمله إلى طليطلة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 16 قال: ورجع إلى المسلمين اثنان وثلاثون بلدا، من جملتها إشبيلية ومرسية. كذا قال، والله ينصر المسلمين حيث كانوا. [معاقبة المتآمرين على الدولة] قال قطب الدين: وفي أولها بلغ السلطان أن جماعة أمراء وأجناد اجتمعوا في دار ططماج، فتكلموا في الدولة، وزاد في الكلام ثلاثة أنفس. فسمر أحدهم، وكحل الآخر، وقطعت رجلا الثالث، فانحسمت مادة الاجتماعات. [قطع أيدي نقباء بالقاهرة] قال: وفي ربيع الآخر قطعت أيدي ثلاثة وأربعين نفسا من نقباء والي القاهرة، ومن الخفر والمقدمين، فمات بعضهم. وسبب ذلك ظهور شلوح ومناشر بالقاهرة وضواحيها. [منازلة التتر البيرة] وفيها نازلت التتر البيرة، فساق المحمدي، وسم الموت للكشف. وأغار عيسى بن مهنا على أطراف بلادهم فرحلوا عن البيرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 17
[فتح قيسارية وأرسوف] قال: وفي ربيع الآخر توجه السلطان بالعساكر إلى قيسارية فحاصرها، وافتتحها عنوة في ثامن جمادى الأولى، وامتنعت القلعة عشرة أيام وأخذت، وهرب من فيها إلى عكا، فخربها السلطان، وأقطع قراها. ثم سار فنازل أرسوف، ونصب عليها المجانيق إلى أن تداعى برج تجاه الأمير بليك الخزندار، فهجم البلد بأصحابه على غفلة، ووقع القتل والأسر، وذلك في ثاني عشر رجب. ثم هدمت، وعاد السلطان، وزينة القاهرة. [اتهام النصارى بحريق الباطنية] وفيها أحرق بحارة الباطنية بالقاهرة حريق كبير، ذهب فيه ثلاثة وستون دارا. ثم كثر بعد ذلك الحريق بالقاهرة، واحترق ربع العادل وغير ذلك، فكانت توجد لفائف مشاق فيها النار والكبريت على الأسطحة. وعظم ذلك على الناس، واتهموا بذلك النصارى، وقدم السلطان فهم باستئصال النصارى واليهود، وأمر بجمع الأحطاب والحلفا في حفيرة ليحرقوا فيها. ثم كتفوا ليرموا في الحفيرة، فشفع فيهم الأمراء، وأمروهم أن يشتروا أنفسهم، فقرروا عليهم خمسمائة ألف دينار يقومون منها في العام بخمسين ألف دينار. وضمنهم الحبيس، وكان كاتبا ثم ترهب، وأقام بجبل حلوان. فيقال إنه وجد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 18 في مغارة من الجبل دفينا للحاكم العبيدي، فلما ظفر بالمال واسى به الفقراء والصعاليك من كل ملة، فاتصل خبره بالسلطان، فطلبه وطلب منه المال، فقال: لا يشمل إلى أن أعطيك من يدي إلى يدك. ولكن يصل إليك من جهة من تصادره ولا يقدر على تطلبه منه، فلا تعجل علي. فلما جرت هذه الواقعة للنصارى ضمنهم. وقد ذكرنا وفاته في سنة ست وستين، وكانت قد وصلت الفتاوى بقتله خوفا من الفتنة على ضعفاء الإيمان من المسلمين، من علماء الإسكندرية. فقيل إن مبلغ ما وصل إلى بيت المال من طريقه في مدة سنتين ستمائة ألف دينار. وقد ضبط ذلك بقلم الصيارفة الذين كان يجعل عندهم المال، ويكتب إليهم أوراقه. وذلك خارجا عما كان يعطيه بيده سرا. وكان لا يأكل من هذا المال ولا يلبس، بل إن النصارى يتصدقون عليه بما يأكل ويلبس. ولم يظهر له بعد موته ولا دينار واحد. وكان يقول: من لم يكن معه شيء أديت عنه في المصادرة: فكان يدخل الحبس ويطلق من عليه دين، ومن وجده ذا هيئة رثة واساه، ومن شكى إليه ضرورة أزاحها عنه. وقد سافر إلى الإسكندرية، وأدى جملة عن أهل الذمة، وكذا سافر إلى الصعيد، وأدى المقرر على أهل الذمة. وكان عجيب الحال، لعنه الله. ومن لطف الله أنه غير مسلم، وإلا لو كان مسلما لتألهه الناس، وأدعوا فيه النبوة أو القطبية. نسأل الله العافية. [الشروع في حفر بحر أشموم] وفي شوال شرع السلطان في حفر بحر أشموم، وفرقه على الأمراء،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 19 وعمل معهم بنفسه، فلما فرغ ركب في الحراقة، وأخذ معه زاد أيام يسيرة، وسار ليسد فم جسر على بحيرة تنيس انفتح منه مكان، وخرج الماء فغرق الطريق بين الورادة والعريش. فأقام هناك يومين، وحصل له وعك، فعاد إلى مصر. [الكوكب المذنب] وفيه طلع من الشرق كوكب الذنب، وهو كوكب له ذؤابة، فبقي نحو أربعين يوما. [شنق قاضي البيرة] وفيها شنق قاضي البيرة لأنه كاتب صاحب سيس ليبيعه قلعة البيرة، فهتكه الله وأهلكه. [موت هولاكو] وفي أولاها وصل رسول صاحب سيس يبشر السلطان بموت هولاكو ثم ورد الخبر بأن التتار ملكوا أبغا بن هولاكو، وأن بركة قصده فكسره، فعزم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 20 الملك الظاهر على التوجه إلى العراق ليغتنم الفرصة، فلم يتمكن لتفرق العساكر في الإقطاعات. [سلطنة الظاهر ولده الملك السعيد] وفي شوال سلطن السلطان ولده الملك السعيد وركبه بأبهة الملك في قلعة الجبل، وحمل الغاشية بنفسه بين يدي ولده من باب السر إلى السلسلة، ثم عاد. وكان صبيا ابن أربع أو خمس سنين. ثم ركب الملك السعيد، وسير، ودخل من باب النصر، وخرج من باب زويلة، وسائر الأمراء مشاة، والأمير عز الدين الحلي راكب إلى جانبه، والوزير بهاء الدين، وقاضي القضاة تاج الدين راكبان أمامه، والبيسري حامل الجتر على رأسه، وعليهم الخلع. [ختان الملك السعيد] ثم بعد عشرين يوما ختن الملك السعيد، وختن معه جماعة من أولاد الأمراء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 21
[استحداث القضاة الأربعة بالديار المصرية] وفيها جدد بالديار المصرية القضاة الأربعة، من كل مذهب قاض، وسبب ذلك توقف القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من الأحكام، وكثر توقفه، فكثرت الشكاوى منه، وتعطلت الأمور. فوقع الكلام في ذي الحجة بين يدي السلطان، وكان الأمير جمال الدين ايدغدي العزيزي يكره القاضي تاج الدين، فقال له: نترك لك مذهب الشافعي، ويولى معك من كل مذهب قاض. فمال السلطان إلى هذا. وكان لإيدغدي العزيزي محل عظيم عند السلطان، فولي قضاء الحنفية الصدر سليمان، وقضاء المالكية شرف الدين عمر السبكي، وقضاء الحنبلية شمس الدين محمد بن العماد. واستنابوا النواب. وأبقى على الشافعي النظر في أموال الأيتام، وأمور بيت المال. ثم فعل ذلك بدمشق. [خروف على صورة فيل] وفيها أحضر بين يدي السلطان خروف ولد على صورة الفيل، له خرطوم وأنياب. [الاهتمام بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم] وفيها وقع الاهتمام بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فوجه إليه الصناع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 22 والأخشاب والآلات والمال، فبقيت الصناع فيه أربع سنين. [إقامة الخليفة ببرج القلعة] وفي رمضان حجب الملك الظاهر الخليفة، وجعله في برج بقلعة مصر، لكون أصحابه كانوا يخرجون إلى البلد، ويتكلمون في أمر الدولة. [مصادرة أمير الموصل] وفيها ولي أمور الموصل رضي الدين الباني، فعذب الذي كان قبله زكي الدين الإربلي وصادره. [هرب الجاثليق إلى هولاكو] وفيها قبض ببغداد مرمكيخا الجاثليق على نصراني قد أسلم وسجنه بداره التي كانت للدويدار الكبير، وعزم على تغريقه. فهاجت العامة، وحاصروا البيت، وأحرقوا باب داره، وقتلوا أصحابه. ثم ركب الشحنة، وقتل طائفة، وسكنت الفتنة. وذهب الكلب إلى هولاكو، وبنى بيعة بقلعة أرسن. [وصول فيلين إلى بغداد] ووصل شخص إلى بغداد بفيلين، ثم سار ليقدما للملك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 23
سنة أربع وستين وستمائة فيها ظهر للناس موت الطاغية هولاكو. [تسمير مقدمين من عربان الشرقية] وفيها سمر على الجمال أحد وعشرون نفسا من مقدمي العربان بالشرقية من ديار مصر، وسيروا مسمرين إلى بلادهم فماتوا. [زيارة السلطان الخليل والقدس] وفي أول شعبان برز السلطان من مصر لقصد صفد، فنزل عين جالوت بعد أن زار الخليل عليه السلام، وجلس على سماطه وأكل العدس حتى شبع، وفرق مالا جليلا في أهل بلد الخليل وفي الفقراء. وتوجه إلى القدس الشريف، وبلغه أن العادة جارية بأن يؤخذ من اليهود والنصارى حقوق على زيارة مغارة الخليل عليه السلام، فأنكر ذلك، وكتب به توقيعا قاطعا، واستمر منعهم وإلى الآن، فالحمد لله. [غارات قلاوون وأيدغدي على الإفرنج] وجهز الأمير سيف الدين قلاوون الألفي، والأمير جمال الدين إيدغدي العزيزي للإغارة على بلاد الساحل، فأغاروا على بلاد عكا، وصور، وطرابلس، وحصن الأكراد، فغنموا وسبوا ما لا ينحصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 24
[فتح صفد] ثم نزل السلطان على صفد في ثامن رمضان ونصبت المجانيق وآلات الحصار ووقع الجد والحصار والقتال، ونصبت السلالم على القلعة وسلطت النصوب على الأساس واشتحد المراس، وصبر الفريقان على الباس. والسلطان مباشر ذلك بنفسه، فذل أهل الحصن، وطلبوا الأمان والإئمان، فأجلس السلطان في دست المملكة الأمير سيف الدين كرمون، وكان يشبه الملك الظاهر، فنزلت رسلهم فاستحلفوه، فحلف لهم وهم لا يشكون أنه السلطان. وكان في قلب الملك الظاهر منهم لما فعلوه بالمسلمين. فلما كان في يوم الجمعة ثامن عشر شوال طلعت أعلام السلطان على صفد، وأنزل من بها من الديوية وغيرهم. وكان قد وقع الشرط على أنهم لا يأخذون شيئا من أموالهم، فاطلع عليهم أنهم أخذوا شيئا كثيرا، فأمر السلطان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 25 بضرب أعناقهم على تل هناك، وكانوا نحو مائتين أقيالا أبطالا فيهم أولاد ملوك. ثم حصنها وعمرها وشحنها بالرجال والأسلحة والعساكر، واستناب عليها علاء الدين الكبكي. قال سعد الدين في ' تاريخه ': الذي قيل إنه قتل من العسكر نحو ألف نفس عليها، ومن الغزاة والرعية كثير، والجرحى قليلة، وقاسوا عليها شدة. وحكى العلم سنجر الحموي أنه قتل على صفد قريب ثمانمائة فارس ممن نعرف، منهم أمراء وخاصكية. [الغارة على سيس] ووصلت رسل صاحب سيس فلم يلتفت عليهم السلطان، وجهز لها عسكرا فأغاروا وسبوا، وأسروا خلقا، منهم ابن صاحب سيس وابن أخته. وكان مقدم العسكر صاحب حماة، وشمس الدين الفارقاني. [انتقام السلطان من أهل قاره] وخرج السلطان لتلقيهم، فمر بقاره، في ذى الحجة فأمر بنهبها واستباحتها، وأسر منها أكثر من ألف نفس، ووسط الرهبان وصيرت كنيستها
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 26 جامعا، وأنزلها التركمان وغيرهم ومن أسلم منهم، وذلك لأنهم كانوا يسرقون المسلمين ويبيعونهم ببلاد الفرنج بالساحل. ثم رجع السلطان والأسرى والغنائم التي من سيس وقاره بين يديه. وسار إلى الكرك في أول سنة خمس. [محاولة اغتيال الأمير الحلي نائب السلطان] وكان قد استناب على الديار المصرية الأمير عز الدين الحلي، فجلس في ذي الحجة بدار العدل، فجاء إنسان ومعه قصة، وتقدم بها إلى الحلي، ثم وثب بسكين معه فجرحه، فقام إليه والي القاهرة الصارم المسعودي ليدفعه عنه، فضربه بتلك السكين فقتله. وقام الحلي جرى والوزير وقاضي القضاة تاج الدين، وقتلت الجندارية ذلك الرجل، ولم يتحقق له خبر. [عمل جسر على نهر الشريعة] وفيها أمر السلطان بعمل جسر على الشريعة بقرب دامية، فلما تكامل بنيانه اضطرب بعض أركانه ثم أصلح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 27
[إخراج سبيل إلى مكة] وفيها أخرج السلطان من مصر سبيلا إلى مكة. [إقامة البرواناه عند الملك أبغا] وفيها توجه صاحب الروم ركن الدين كيقباذ والبرواناه بهدية وتحف، وهنوا أبغا بالملك، ثم عاد ركن الدين وتخلف معين الدين البرواناه، فتكلم مع أبغا وقال: هؤلاء بنو سلجوق أصحاب الروم ما يؤمنوا، وربما لركن الدين باطن مع صاحب مصر، فقال أبغا: قد وليتك نيابة الروم، فإن تحققت أحدا يخالف طاعتي فاقتله. ثم إن البرواناه افتتح قلعة لأبغا، فعظم بذلك عنده، وتخوف منه ركن الدين كيقباذ. [فتح يافا] وفيها افتتح السلطان يافا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 28
سنة خمس وستين وستمائة
[كسر فخذ السلطان] في أولها توجه السلطان جريدة إلى الكرك، وتصيد بنواحي زيزى، فتقنطر به الفرس فانكسرت فخذه، فأقام يداويها حتى تصلح بعض الشيء. وسار في محفة إلى غزة. وحصل له عرج منها. [سفر صاحب حماة إلى مصر] وفيها سافر صاحب حماة الملك المنصور إلى مصر، فاحتفل به السلطان وأكرمه. [سفر صاحب حماة إلى الإسكندرية] ثم سافر إلى الإسكندرية متفرجا، فرسم السلطان لمتوليها أن يحمل إليه كل يوم مائة دينار برسم النفقة، وأن ينسج له في دار الطراز ما يقترحه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 29
[عمارة الجامع بالحسينية] وفيها أمر السلطان بعمل الجامع بالحسينية، وتمت عمارته في شوال سنة سبع وستين، وجاء في غاية الحسن. وبني في ميدان قراقوش، وأحكر ما بقي من الميدان، وقرر لمصالح الجامع. ورتب به خطيب حنفي. [سفر السلطان إلى الشام] وفي جمادى الآخرة توجه السلطان إلى الشام وصحبته صاحب حماة، فنزل على صفد، واهتم بعمارتها وتحسينها وتحصينها، ثم قدم دمشق. ثم سار إلى الكرك. [ولاية قضاة وناظر أحباس بمصر] وفي شبعان ولي قضاء القضاة بالقاهرة والوجه الشرقي الإمام تقي الدين ابن رزين الحموي، وولي قضاء مصر والوجه القبلي محيي الدين عبد الله بن القاضي شرف الدين ابن عين الدولة. وولي نظر الأحباس الشيخ تاج الدين علي بن القسطلاني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 30
[ولايات تدريس ونظر بالمدارس] وولي تدريس الشافعية بالصالحية صدر الدين ابن القاضي تاج الدين، وفوض نظر الخانقاه السعيدية إلى قاضي الحنابلة، وولي نظر مدرسة الشافعي بهاء الدين علي بن عيسى بن رمضان نيابة عن الصاحب فخر الدين ابن خير. وهذه المناصب كلها كانت بيد القاضي تاج الدين. [سفر الأمير الحلي إلى الحج] وفيها توجه الأمير عز الدين الحلي إلى الحج، وناب في السلطنة بدر الدين بيليك الظاهر بن الخزندار. [تسمير ابن صاحب ميافارقين وغيره] ودخل السلطان مصر في ذي الحجة، فأمر بتسمير جماعة، منهم الملك الأشرف ابن صاحب ميافارقين شهاب الدين غازي، والأمير أقوش القفجاقي الصالحي الذي ادعى النبوة من نحو ثلاثة أشهر. ومنهم الناصح ضامن بلاد واحات، وكان بإرخميم، فأنهي إلى السلطان ما هو فيه من الأمر المطاع، وأنه يخاف من خروجه بأرضه، وأنهي إليه أنه اتفق مع رجل نصراني ومع الملك الأشرف وهم بخزانة البنود محبوسين، على أن ينقبوا خزانة البنود ويخرجوا إلى واحات، فيسلطن فيها الملك الأشرف ابن غازي، ويكون الناصح وزيره، والنصراني كاتبه، فسمروا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 31
[ظهور الماء ببيت المقدس] وفيها ورد كتاب قاضي القدس إلى السلطان يخبر بظهور الماء ببيت المقدس. وسبب ذلك أن الماء انتزح من بئر السقاية وبقي الوحل، وعظمت مشقة الناس لأجل الوضوء، وأن القاضي حضر بنفسه إلى البئر، ثم نزل فأخبر أنه شاهد قناة مسدودة بالردم من عهد بخت نصر الذي هدم بيت المقدس. قال: فدخلت الصخرة وأنا مهموم بسبب إعواز الماء، فاجتمعت بالأمير علاء الدين الركني الأعمى، فجرى الحديث، واتفق الرأي على إحضار بنائين من غزة، وكشف القناة السليمانية، فحضروا فكشفوا الردم أولا فأولا إلى أن وصلوا إلى الجبل الذي تحت الصخرة المباركة، فوجدوا بابا مقنطرا، ففتحوا ردمه وإذا هم بالماء، ففار على جماعة بقوة كاد أن يغرقهم، فهربوا وصعدوا في الجبال، وذلك في ذي الحجة من السنة. نقل هذا الكتاب محيي الدين ابن عبد الظاهر في ' سيرة الملك الظاهر '، ثم قال: وجدت في كتاب ' دير يامين ' من تواريخ النصارى أن ملك الموصل لما قصد أوراشلم يعني بيت المقدس في جيوشه اتفق حزقيال هو وجماعته على دفن المياه التي ببيت المقدس، فدفنوا جميع الينابيع التي بها، وعفوا أثرها لئلا يتقوى عليهم ملك الموصل سنحاريب بتلك المياه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 32 قال ابن عبد الظاهر: وقرأت في نبوة زكريا أنه يخرج ماء عذب فيه حياة من أوراشلم، نصفه إلى البحر الشرقي، ونصفه إلى البحر الغربي، ويكون ذلك عند اعتدال الصيف والشتاء. قال: فوقت ظهور الماء نزلت الشمس برج الميزان، وهو برج الاعتدال، في يوم نزولها بعينه. ثم وصل كتاب الأمير علاء الدين الركني يذكر أنه دخل الصناع فوجدوا سدا معمولا بالشيد والحجر، فنقب فيه الحجارون مدة واحدة وعشرين يوما، فوجدوا سقفا بالشيد والكتان مقلفطا، فنقب فيه طول مائة وعشرين ذراعا، فخرج الماء، فلما قوي خروجه بحيث أنه ملأ القناة تركوه. [انتصار أباقا على براق] وفيها عبر جيحون براق ابن جغتاي بن القان قبلاي، فسار لحربه أباقا، فكان المصاف بناحية هراة، فانتصر أباقا، وغنم جنده أشياء كثيرة، وغرق خلق من جند براق. [عمارة صاحب الديوان ببغداد] وفيها أنشأ صاحب الديوان ببغداد قصرا كبيرا، وبستانا عظيما زرع فيه حتى الفستق. وأنشأ رباطا. وجهز وفدا من بغداد غرم عليه أموالا، فحجوا وسلموا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 33
[قتل ابن الخشكري الشاعر] وأمر بقتل ابن الخشكري الشاعر لكونه فضل شعره على القرآن. وقد كان مدح الصاحب بقصيدة فأنشده، فأذن المؤذن، فأنصت الصلاح، فقال ابن الخشكري: يا مولانا اسمع الجديد ودع العتيق. فقتله في سنة ست وستين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 34
سنة ست وستين وستمائة
[ضرب ابن الفقاعي حتى الموت] في صفر عقد مجلس بين يدي السلطان للضياء بن الفقاعي، وجري فيه ما اقتضى ضربه والحوطة عليه، وأخذ خطه بجملة عظيمة. ثم لم يزل يضرب إلى أن مات. قال قطب الدين: أحصيت السياط التي ضربها فكانت سبعة عشر ألفا ونيف. [هدية صاحب اليمن إلى السلطان] وفيها وصل رسول صاحب اليمن الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر بتقادم، فيها: فيل، وحمار وحش، وخيول، ومسك، وعنبر، وصيني، وأشياء، وطلب معاضدة السلطان له وأنه يخطب له في بلاده، فبعث إليه الأمير فخر الدين إياز المقرئ ومعه خلعة وسنجق وتقليد بالسلطنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 35
[فتح يافا] وفي جمادى الآخرة خرج السلطان الى الشام واستناب بيليك الخزندار. فأتته رسل صاحب يافا فاعتقلهم، وأمر العسكر بلبس السلاح ليلا، وسار فصبح يافا، فهربوا إلى القلعة، وملكت المدينة بلا كلفة، وطلب أهل القلعة الأمان، فأمنهم وعوضهم عما نهب لهم أربعين ألف درهم، وركبوا في البحر إلى عكا. ثم هدمت يافا وقلعتها. [حصار الشقيف] ثم سار طالبا الشقيف فنازلها، وظفر بكتاب من عكا إلى الشقيف استفاد منه أشياء كتبها إليهم كانت سبب الخلف بينهم. واشتد الحصار والزحف والمجانيق، فطلبوا الأمان، فتسلم السلطان الحصن، وكان فيه نحو خمسمائة رجل. فساروا إلى صور. وكان الحصار عشرة أيام. [غارة السلطان على طرابلس] ثم سار السلطان جريدة فأغار على طرابلس، وخرب قراها، وقطع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 36 أشجارها، وغور أنهارها، ورحل، فنزل على حصن الأكراد بالمرج الذي تحت الحصن، فنزل إليه رسول بإقامة وضيافة، فردها وطلب منهم دية رجل من أجناده قتلوه مائة ألف دينار، ثم رحل إلى حمص وحماة، ثم إلى فامية. [فتح أنطاكية] ثم رحل ليلا، وأمر العسكر بلبس العدة فنزل على أنطاكية في أول رمضان، فخرجوا إليه يطلبون الأمان، وشرطوا أشياء لم يجبهم إليها، وزحف عليها فافتتحها في رابع رمضان، وصمد غنائمها، ثم قسمها على الجيش بحسب مراتبهم، وحصروا من قتل فيها من النصارى، فكانوا فوق الأربعين ألفا. وأما ابن عبد الظاهر فقال: ما رفع السيف عن رجل بمدينة أنطاكية قط حتى لو حلف الحالف ما سلم منها أحد لصدق. ثم قال: وكان بها على ما يقال مائة ألف وثمانية آلاف من الذكور،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 37 وذلك حسبما عده نائب التتار الذي ورد إليها شحنة، واستخرج على الرأس دينارا. هذا سوى من دخل إليها عند هجوم العساكر من الفلاحين. وأما قلعتها فلجأوا إليها وتحاشروا بها، فكانوا ثمانية آلاف رجل، غير الحريم والأولاد، فمات بها عالم كثير في زحمة الباب. وأما الوزير والوالي وغيرهما فلما شاهدوا الحال هربوا في الليل في الجبال رجالة، فأصبح الناس فطلبوا الأمان من القتل وأن يؤسروا. ثم خرجوا في أحسن زي وزينة كأنهم الزهر، وصاحوا بين يدي السلطان وسجدوا، وقالوا بصوت واحد: العفو، ارحمنا يرحمك الله. فرق قلبه ورحمهم، ورفع عنهم القتل. قلت: هذه مجازفة متناقضة. وكان بها طائفة من الأسرى فخلصهم الله. وكانت أنطاكية للبرنس صاحب طرابلس، وهي مدينة عظيمة، مسافة سورها اثنا عشر ميلا، وعدد أبراجها مائة وستة وثلاثون برجا، وشرفاتها أربع وعشرون ألفا، وفي داخلها جبل وأشجار ووحوش، وماء تجري، وفواكه مختلفة. وكان لها في يد النصارى أكثر من مائة وسبعين سنة أو نحوها. [تسلم بغراس] ثم إنه تسلم بغراس بالأمان، وكان قد هرب أكثر أهلها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 38
[تسلم دركوش] وتسلم دركوش، وصالح أهل القصير على مناصفته ومناصفة القلاع المجاورة له. [دخول السلطان دمشق] ودخل دمشق في السابع والعشرين من رمضان، وكان يوما مشهودا. [صعقة غوطة دمشق] وفيها كانت الصعقة الكبرى الكائنة على غوطة دمشق في ثالث نيسان أحرقت الشجر والثمر والزرع والكرم، وهلك للناس ما لا يوصف. وكان السلطان قد احتاط على الغوطة، وأراد أن يتملكها، وتعتر الناس بالظلم والمصادرة، وضجوا واستغاثوا بالله، فلما شددوا على المسلمين وألزموهم بوزن ضمان بساتينهم حتى تطرقوا إلى الأوقاف، أحرق الله الجميع وجاء الفلاحون والضمان بالتمر والورق والكرم، وهو أسود محروق، ورفعوا الأمر إلى نواب السلطنة فلم يلتفتوا عليهم وأهانوهم، وألزموا بضمان أملاكهم، والله المستعان. قال قطب الدين: احتاط السلطان على البساتين وعلى القرى، وهو نازل على الشقيف. وكان قد تحدث في ذلك مع العلماء، فقال له القاضي شمس الدين ابن عطاء الحنفي: هذا لا يجوز لأحد أن يتحدث فيه. وقام مغضبا. وتوقف الحال، وكما وقعت الحوطة على البساتين صعقت بحيث عدمت الثمار بالكلية، وظن الناس أنه يرق لهم، فلما أراد التوجه إلى مصر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 39 عقد بدار العدل مجلسا، وأحضر العلماء، وأخرج فتاوى الحنفية بأنه يستحقها بحكم أن عمر رضي الله عنه فتح دمشق عنوة، ثم قال: من كان معه كتاب عتق أمضيناه، وإلا فنحن فتحنا البلاد بسيوفنا، ثم قرر عليهم ألف ألف درهم عن الغوطة، فسألوه أن يقسطها عليهم، فأبى، وتمادى الحال إلى أن خرج متوجها إلى مصر في ذي القعدة. فلما وصل إلى اللجون عاوده الأتابك وفخر الدين ابن خير وزير الصحبة، فاستقر الحال أن يعجلوا منها أربعمائة ألف درهم، ويعاد إليهم ما قبضه الديوان من المغل، ويسقط ما بقي كل سنة مائتي ألف درهم، وكتب بذلك توقيع. قلت: جاء على كل مدي بضعة عشر درهما، وباع الناس أملاكهم بالهوان، وعجزوا، فإن بعض الأمداء لا يغل في السنة ستة دراهم. [أعجوبة دعاء الركابي] أعجوبة اللهم أعلم بصحتها قد خلدها ابن عبد الظاهر في ' السيرة الظاهرية ' فقال: بعثت رسولا إلى عكا في الصلح، فبالغوا في إكرامنا ونزلنا دارا على بابها أعلام وصلبان وجرص كبير كالكنائس، فحركوا الأجراس، ومعنا ركابي اسمه ريان، فنادى: يالله يالله كسر هذه الأعلام واقطع هذه الأجراس، وملك السلطان الملك الظاهر عكا، فما استتم حديثه إلا والجرص قد انقطع والأعلام قد وقعت، وتكسرت الرماح. [إطلاق سنقر الأشقر من الأسر] قال قطب الدين: وبعث صاحب سيس يستفك ولده من الأسر، فطلب منه من جملة الفداء أن يسعى في خلاص الأمير شمس الدين سنقر الأشقر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 40 من التتار، فبعث صاحب سيس إليهم متوسلا بطاعته، وبذل أموالا فلم يجيبوه. فلما استولى السلطان على أنطاكية بعث إليه صاحب سيس يبذل القلاع التي كان أخذها من التتار عند استيلائهم على حلب، وهي دربساك وبهسنا، ورعبان، فأبى عليه إلا أن يحضر سنقر الأشقر، فسار صاحب سيس إلى التتار، واستغاث بهم على الملك الظاهر، واستصحب معه أحد البحرية علم الدين سلطان، فكان يجتمع بسنقر الأشقر سرا وعليه زي الأرمن، والأشقر يخاف أن يكون دسيسة عليه فلا يصغي إلى قوله فيقول: ما أعرف صاحب مصر، ولا أخرج عن هؤلاء القوم. فلم يزل علم الدين يذكر له أمارات وعلامات عرف منها صحة قصده، فأذعن للهرب. فلم خرج صاحب سيس لبس سنقر الأشقر زيهم، واختفى معهم، فلما وصل به صاحب سيس إلى بلاده جاء علم الدين وعرف السلطان بوصوله، فطلب ابن صاحب سيس من مصر، فأحضر إليه وهو على أنطاكية، ثم سيره مع جماعة إلى سيس، فوقفوا على النهر به بالقرب من حد دربساك، ووصل سنقر الأشقر مع جماعة من سيس، فوقفوا على جانب النهر، ثم أطلق كل من الفريقين أسيرهم، وتسلم نواب السلطان دربساك ورعبان، وبقيت بهسنا، سأل صاحب سيس من سنقر الأشقر أن يشفع له عند السلطان في إبقائها له على سبيل الإقطاع، فوعده بذلك، ولما وصل الخبر خرج السلطان من دمشق لتلقيه، فلما رآه ترجل،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 41 واعتنقا طويلا، وسار حتى نزلا في المخيم. فلما أصبحا خرجا منه جميعا. وشفع في بهسنا، فامتنع السلطان فقال: ' إني قد رهنت لساني معه، وأحسن إلي بما لا أقدر على مكافأته '. فقبل شفاعته، وأجاب طلبته. وكان هولاكو قد أخذ سنقر الأشقر من حبس الملك الناصر يوسف لما افتتح حلب. وعمل (...) حاكم الموصل بالنصراني الفلاح مسعود، ومعه أشموط شحنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 42
سنة سبع وستين وستمائة
[تحليف الأمراء للملك السعيد] في صفر حلف السلطان الأمراء، للملك السعيد، وقرئ تقليده. [توجه السلطان إلى الشام] وفي جمادى الآخرة توجه السلطان والأمراء إلى الشام جرائد، وناب ابنه عنه، وعلم على التواقيع، وكاتبه نواب البلاد. [وصول رسل صاحب سيس] وفيها وصلت رسل أبغا ومعهم جماعة من جهة صاحب سيس، وأحضرهم السلطان فأدوا الرسالة، مضمونها طلب الصلح بقوة نفس، وإنا خرجنا فملكنا جميع العالم، وأنت لو صعدت إلى السماء ما تخلصت منا، وأنا مملوك أبعت في سيواس، فكيف تشاق ملك الأرض؟
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 43 فأجاب: إني في طلب جميع ما استوليتم عليه من العراق والجزيرة والروم ثم جهزهم. [الخلعة على صاحب صهيون] وفيها وصل إليه صاحب صهيون الأمير سيف الدين محمد بن مظفر الدين عثمان بن منكورس، وقدم مفاتح صهيون فخلع عليه، وأبقاها بيده. [كشف السلطان على حال ولده سرا] وفي أواخر رجب خرج السلطان فنزل على الخربة، ثم ركب منها على البريد سرا إلى القاهرة، بعد أن عرف الفارقاني أنه يغيب، وقرر مع الفارقاني أن يحضر الأطباء كل يوم، ويستوصف منهم للسلطان، يوهم أنه مريض، فيعمل ما يصفونه، ويدخل به إلى الدهليز. ودخل السلطان مصر في اليوم الرابع، وأقام بها أربعة أيام ثم رد على البريد إلى المخيم الشريف، فكانت الغيبة أحد عشر يوما. وكان غرضه كشف حال ولده، وكيف دسته. [تسلم السلطان قلعتي بلاطنس وبكسراييل] وفي رمضان تسلم نواب السلطان قلعة بلاطنس وقلعة بكسراييل من
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 44 عز الدين أحمد بن مظفر الدين عثمان بن منكورس الصهيوني، وعوض عنهما قرية من عمل شيزر. [الغارة على أعمال صور] وتوجه السلطان إلى صفد، فأقام بها يومين، وأغار على أعمال صور، وعيد بالجابية، ثم انتقل إلى الفوار، ثم سار إلى الكرك، ومنها إلى الحج فحج معه الأمير بدر الدين بيليك الخزندار، والقاضي صدر الدين سليمان، وفخر الدين بن لقمان، وتاج الدين ابن الأثير ونحو ثلاثمائة مملوك، وجماعة من أعيان الحلقة. فقدم المدينة في أواخر ذي القعدة. وكان جماز قد طرد ابن أخيه مالكا عن المدينة، واستقل بإمرتها، فهرب من السلطان، فقال السلطان: لو كان جماز يستحق القتل ما قتلته لأنه في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم تصدق بصدقات، وحج، فتلقاه أبو نمي وعمه إدريس فخلع عليهما، ووقف بعرفة يوم الجمعة، ثم أفاض. وغسل الكعبة بماء
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 45 الورد، وطيبها بيده، وأقام إلى ثالث عشر ذي الحجة، وزار المدينة، ووصل الكرك يوم التاسع والعشرين من الشهر، فصلى بها يوم الجمعة، ثم ساق منه على البريد، فوصل دمشق بكرة الأحد يوم ثاني المحرم، من سنة ثمان، فخرج النجيبي فصادفه في سوق الخيل، فنزل وقبل الأرض. [مسير السلطان إلى حلب وحماه ودمشق] ثم ساق إلى حلب فدخلها في سادس المحرم، فأقام بها أربعة أيام، ثم رد إلى حماة، ثم إلى دمشق. [دخول السلطان القاهرة] ثم إنه دخل القاهرة يوم ثالث صفر. وصادف وصول الركب المصري. [الحوطة على بلاد حلب] وفيها تقدم السلطان بالحوطة على بلاد حلب وأملاكها، وإن لا يفرج عن شيء منها إلا بكتاب عتق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 46
[هبوب ريح عظيمة بمصر] وفي ذي الحجة هبت ريح عظيمة بمصر غرقت في النيل نحو مائتي مركب، وهلك كثير من الناس. [المطر بقليوب] وأمطر قليوب مطرا غزيرا. [عصيان تاكودر على الملك أبغا] وفيها عصى تاكودر على الملك أبغا وحاربه، فانتصر أبغا، ثم إن برق ابن عم تاكودر انتصر له، وقصد يشير أخا أبغا فكسره. [حريق سوق الصالحية] وفي رجب احترق سوق جبل الصالحية، وراح أكثر ما فيه من قماش ومتاع، وكان حريقا كبيرا. قال بعض الفضلاء: ما رأيت في عمري حريقا أكبر منه. احترق السوق من أوله إلى آخره من الجهتين، واحترق فيه دكانان للعطر لم يكن في دمشق أحسن منهما ولا أكبر من الصيني والمطعم بالفضة وغير ذلك. وهلك لتاجر شيء بخمسة عشر ألف درهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 47
[رفع القباب للسلطان] وفي رجب أزيلت القباب التي عملت، وكانت قد اعتنوا بها لأجل مجيء السلطان. وكانت محكمة، ضخمة الأخشاب، كل واحدة طبقات. وكان عملها بالدبادب والمغاني واللهو، وبقيت دون شهر مجردة. فلما هموا بزينتها جاء الأمر بإبطالها، فأصبح الناس وقد أزيلت ليلا كأن لم تكن، فهرجوا ومرجوا، ثم عملت له القباب عند مجيئه من فتح أنطاكية. [إشتاء أباق ببغداد] وفيها شتا أباق ببغداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 48
سنة ثمان وستين وستمائة
[خروج السلطان للصيد] دخل السلطان القاهرة في صفر، ثم بعد أيام توجه إلى الإسكندرية، ومعه ولده الملك السعيد، فتصيد وعاد إلى مصر، وخلع على الأمراء، وفرق فيهم الخيل والمال. [أسر أحد قادة الفرنج عند عكا] وتوجه إلى الشام في الحادي والعشرين في ربيع الأول في طائفة يسيرة في الأمراء، وقاسوا مشقة من البرد. بلغه أن ابن أخت زيتون الملك خرج من عكا في عسكر، بقصد عسكر صفد، فسار السلطان واجتمع بعسكر صفد بمكان عينه، ثم سار إلى عكا فصادف ابن أخت زيتون قد خرج فكسره، وأسره في جماعة من أصحابه، وقتل من عسكره مقتلة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 49
[غارة السلطان على المرقب] ثم أغار على المرقب فصادف أمطارا وثلوجا، فرجع إلى حمص، وأقام بها نحوا من عشرين يوما. [دخول السلطان مصر] ثم سار إلى تحت حصن الأكراد، وأقام يسير كل يوم نحوها، ويعود من غير قتال، فبلغه أن مراكب الفرنج وصلت إلى ميناء الإسكندرية، وأخذت مركبين للمسلمين، فرحل لوقته وساق فدخل القاهرة في ثاني عشر شعبان. [نيابة حصون الإسماعيلية] وفيها قدم صارم الدين مبارك بن الرضى مقدم الإسماعيلية بهدية إلى السلطان، وشفع فيه صاحب حماة، فكتب له السلطان بالنيابة على حصون الإسماعيلية، على أن تكون مصياف وبلدها خاصا للملك الظاهر. وبعث السلطان معه نائبا من جهته على مصياف، وهو عز الدين العديمي. فلما وصلوا امتنع أهل مصياف، وقالوا لا نسلمها للصارم فإنه كاتب الفرنج، ونحن نسلمها للعديمي ؛ وقالوا له: تعال إلينا من الباب الشرقي. فلما فتحوا له هجم معه الصارم، وبذل السيف، وقتل منهم خلقا، وتسلم هو والعديمي القلعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 50 ثم غلب الصارم على البلد، وأزال عنه يد العديمي. [ولاية ابن الشعراني على قلاع الإسماعيلية] واتفق مجيء نجم الدين حسن بن الشعراني إلى السلطان، ومعه تقدمة سنية، فقدمها عند حصن الأكراد، فكتب له السلطان بالقلاع وهي: الكهف، والخوابي، والعليقة، والرصافة، والقدموس، والمينقة، ونصف جبل السماق، وقرر عليه أن يحمل في كل سنة مائة وعشرين ألف درهم. [عصيان الصارم وحبسه] ثم أخرج الصارن من مصياف نائب السلطان وعصى، فسار إليه صاحب حماة فنزل الصارم وذل، ثم عاد إليها العديمي، وحمل الصارم إلى مصر فحبس بها. [إبطال الخمور بدمشق] وفيها أبطلت الخمور وأريقت بدمشق، وشدد في ذلك الشيخ خضر الكردي شيخ السلطان، وسعى في إعدامها بالكلية، وكبس دور النصارى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 51 واليهود، وكتبوا على أنفسهم بعد القسامة أنه لم يبق عندهم منها شيء. [انتشار الجراد] وفيها جاء جراد عظيم إلى الغاية بالشام وإلى الديار المصرية وإلى الحجاز. [وزارة الصحبة] وفيها ولي الصاحب تاج الدين بن فخر الدين ابن خير وزارة الصحبة على ما كان عليه والده. [عمل جسرين على النيل] وفي ذي الحجة أمر السلطان بعمل جسرين بسلاسل ومراكب على النيل إلى الجيزة لما بلغه حركة الفرنج ليجوز الجيش عليهما إلى الإسكندرية إن دهمها عدو. [نزول الفرنج على تونس] ثم تواترت الأخبار بنزول الفرنج على تونس. [كسرة عسكر برق] وفيها سار أبغا لينصر أخاه على برق بعد أن جمع الجيوش، وسار بهم نحو شهرين، والتقوا على النهر الأسود، فكسر عسكر برق كسرة عظيمة، وساقوا خلفهم ولزوهم إلى الجسر فازدحموا، وتساقطوا في البحر، ورد أبغا إلى أرضه. ووقع في عسكره الوباء فمات منهم خلق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 52
سنة تسع وستين وستمائة
[هدم سور عسقلان] في صفر توجه السلطان من مصر في بعض العسكر إلى عسقلان، فهدم بقية سورها المهمل من الأيام الصلاحية. [كسر عسكر أبغا] وورد عليه الخبر بأن عسكر ابن أخي بركة عسكر أبغا. [غدر أهل عكا بأسرى المسلمين] ثم بلغه أن أهل عكا ضربوا رقاب جماعة من الأسارى، فأخذ أعيان من عنده من الأسرى فغرقهم في النيل، وكانوا مائة. [القبض على صاحب الكرك] وفيها قبض السلطان على الملك العزيز صاحب الكرك الملقب بالمغيث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 53 وكان من كبار الأمراء بالقاهرة، فقبض عليه وعلى جماعة عزموا على سلطنته. [الحرب بين أمير مكة وعمه] وفي جمادى الأولى ورد الخبر أن أبا نمي محمد بن سعد بن علي بن قتادة أمير مكة تواقع هو وعمه إدريس، فاستظهر إدريس عليه وتفرد بإمرة مكة. وذهب أبو نمي إلى ينبع، فاستنجد بصاحبها، وجمع قصد مكة، فالتقيا، فحمل أبو نمي على عمه فطعنه رماه، ونزل فذبحه، واستبد بإمرة مكة. [فتح حصن الأكراد] وفي جمادى الآخرة خرج السلطان بالجيش لقصد حصن الأكراد، فبدأ بالإغارة على اللاذقية، والمرقب، ومرقية، وتلك النواحي، وافتتح في ذلك صافيتا، والمجدل، ثم نزل على حصن الأكراد في تاسع عشر رجب، ونصبت المجانيق والستائر. وللحصن ثلاثة أسوار فأخذت الباشورة بعد يومين، وأخذت الباشورة الثانية في سابع شعبان. وفتحت الثالثة الملاصقة للقلعة في نصف شعبان، وكان المحاصر لها الملك السعيد، وبيليك الخزندار، وبيسري الصالحي، ودخلوا البلد بالسيف، فأسروا من فيه من الجبلية والفلاحين، ثم أطلقهم السلطان، وتسلم القلعة في الخامس والعشرين من شعبان بالأمان، وترحل أهلها إلى طرابلس. ثم رتب الأفرم لعمارة الحصن، وصيرت الكنيسة جامعا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 54
[مهادنة صاحب أنطرسوس] وطلب صاحب أنطرسوس المهادنة، وبعث بمفاتيحها إلى السلطان، فصالحه على نصف ما يتحصل منها، وجعل عندهم نائبا. [مصالحة صاحب المرقب] وجاءت رسل صاحب المرقب، فصالحهم على النصف أيضا. وقررت الهدنة عشر سنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيام. [فتح حصن عكار] ثم نزل السلطان على حصن ابن عكار، ونصبت المجانيق، ثم تسلمها بالأمان، وهي قلعة في واد بين جبال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 55
[مهادنة صاحب طرابلس] ثم خيم في رابع شوال على طرابلس، فسير إليه صاحبها يسأل عن سبب قصده فقال: لأرعى زرعكم وأخرب بلادكم، ثم أعود لحصاركم. فبعث إليه يستعطفه، ثم هادنه عشر سنين. [السيل بدمشق] وفي شوال جاء دمشق سيل عظيم مهول هدم البيوت. وأخذ النزال من الحجاج الروميين بين النهرين وجمالهم، وغرق جماعة. وذهب للناس شيء كثير. وكان ذلك بالنهار والشمس طالعة، والمشمس قد شرع، فغلقت أبواب المدينة، وطغى الماء وارتفع حتى بلغ أحد عشر ذراعا، وارتفع عند باب الفرج ثمانية أذرع، وكادت دمشق أن تغرق. وسدت الزيادة الأنهار بطين أصفر، ودخل الماء إلى البلد، وخرب خان ابن المقدم، وطلع الماء فوق أسطحة كثيرة عند جسر باب توما، حتى بلغني أنه وجد فوق سطح سمكة ميتة، واصطادوا السمك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 56 من وراء العادلية عند دار ابن يغمور. وتحدثت العوام أن الذين هلكوا بالزيادة والردم فوق الألفين ووجد في بساتين مرتفعة سمك في النقع إذا رأى الشخص ارتفاع تلك الأماكن زاد تعجبه. وحدثني رجل أن أهل الوادي الشرقي وجدوا جملا ميتا فوق أصل سفرجل، وضج الخلق بالبكاء والإستغاثة بالله. وكان يوما مشهودا وأشرف الناس على التلف. ثم لطف الله ورحم الناس، وتناقص الماء، ولو ثبت ساعة أخرى أو ارتفع ذراعا آخر لغرقت نصف دمشق. ولبعضهم: (لقد أظهر الجبار بعض اقتداره .......... فأرسل بحرا طاميا من بحاره)
(وأرعدها حتى توافت مياهها .......... مطنبة محفوفة بازدجاره)
(وأهلك فيه خلقه وعبيده .......... فأضحوا وهم غرقى بأقصى قراره)
(فكم من شباب مع نساء وصبية .......... وكم من دواب قد صلين بناره)
(فسبحان من أبدى عجائب صنعه .......... وأزعج كل الخلق عند ابتداره)
(وعاد بلطف منه عفوا ومنة .......... فنسأله الزلفى غدا في جواره)
[إخراج اليهود من كنيسة لهم بدمشق] وفي شوال قبل يوم الزيادة الموصوفة جاء الشيخ خضر شيخ السلطان إلى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 57 كنيسة اليهود، ومعه أمراء وأعيان والوالي، وأخرجوا اليهود منها يوم سبتهم وآذوهم، وقرأ القرآن بها غير واحد، ثم غنى المغنون، ورقص الناس بحضرة الشيخ خضر، وكان يوما عجيبا. ونهب كل ما فيها، وعمل الشيخ ثاني يوم بسيسة عظيمة بالسمن والعسل، وازدحم الخلق حتى ديست بالرجلين، وفضلت ورميت في نهر قلوط. واتخذ الشيخ خضر الكنيسة زاوية له. وكان صاحب كشف وأحوال شيطانية. وجرى ما لا ينبغي وسيأتي ذكر خضر في سنة ست وسبعين. [دخول السلطان دمشق] وجاء السلطان بالجيش في نصف شوال بعد الزيادة بيومين إلى دمشق، ولطف الله بهم إذ تأخروا عن الزيادة، وإلا كانت غرقت نصف الجيش وأكثر، فعزل السلطان ابن خلكان من القضاء بابن الصائغ. [فتح القرين وهدمها] ثم سار بعد عشرة أيام، فنزل على القرين، ونصب عليها المجانيق. وصدق أهلها في القتال، ودام الحصار جمعتين، ثم أخذت بالأمان وهدمت. وكانت من أمنع الحصون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 58
[القبض على جماعة أمراء بمصر] ثم سار السلطان بالجيش حتى أشرف على عكا، ورجع ودخل مصر في ثالث عشر ذي الحجة. ونابه في هذه السفرة فوق ثمانمائة ألف دينار. فلما دخل قبض على هؤلاء الأمراء الكبار: الحلبي، والمحمدي، وإيدغدي الحاجبي، والمساح، وبيدغان، وطوطج، لأنه بلغه عنهم أنهم هموا بالفتك به. [السيل بمكة المكرمة] ومن عجيب الاتفاق أن مكة جاء بها زيادة وسيل عرمرم، بحيث أن الماء بلغ إلى فوق الحجر الأسود. [نقصان المياه وإبطال الطواحين] ومن العجائب أن مياه دمشق والعاصي والفرات قلت ونقصت نقصا مجحفا، حتى هلك شيء كثير من الأشجار، وبطلت الطواحين، وعملت طواحين بمدارات. وكانت الفواكه في هذه السنة قليلة. [تعيينات في مدارس دمشق] ومما جرى في هذه السنة وقبلها وبعدها تولي القاضي نجم الدين ابن سني. الدولة تدريس الأمينية، والقاضي عز الدين ابن الصائغ تدريس العادلية، وأخوه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 59 عماد الدين تدريس العذراوية، ورشيد الدين الفارقي: الناصرية، والبرهان المراغي: الركنية، والعز بن عبد الحق: الأسدية، وتاج الدين عبد الرحمن: المجاهدية، وأخوه سيف الدين: الصارمية، والبهاء بن النحاس: القليجية، وابن عمه مجير الدين: الريحانية، والوجيه ابن منجا: المسمارية، والتقي التركماني: المعظمية، والشمس ابن الكمال: الضيائية، والعز عمر الإربلي: الجاروخية، وشرف الدين ابن المقدسي: العادلية الصغيرة. [غرق سفن المسلمين عند قبرس] وجهز السلطان وهو منازل حصن الأكراد سبعة عشر شينيا في البحر، عليها الريس ناصر الدين ريس مصر، والهواري ريس الإسكندرية، وعلوي ريس دمياط، والجمال بن حسون مقدم على الجميع، لكونه بلغه أن صاحب قبرس قدم عكا، فاغتنم السلطان الفرصة وبعث هؤلاء إلى قبرس، فوصلوها ليلا، فهاجت عليهم ريح طردتهم عن المرسى، وألقت بعض الشواني على بعض، فتحطمت وتكسر منها أحد عشر شينيا، وأسر من فيها من المقاتلة والبحارة، وكانوا نحوا من ألف وثمانمائة. وسلم ناصر الدين وابن حسون في الشواني السالمة. [أمر السلطان بإراقة الخمور] قال الشيخ قطب الدين: وفي ذي الحجة أمر السلطان بإراقة الخمور في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 60 بلاده، والوعيد على من يعصرها بالقتل. فأريق ما لا يحصر. وكان ضمان ذلك في ديار مصر خاصة ألف دينار في كل يوم. [منازلة الفرنج تونس] قال: وفيها نزلت الفرنج على تونس انتصارا لأهل جنوة بسبب ما أخذ من أموالهم، فنازلها الفرنسيس في أربعمائة ألف منها ستة وعشرون ألف فارس، وفيهم جماعة ملوك. ومجموع عدة مراكبهم أربعمائة مركب. وقاتلتهم البربر والعربان والعوام فقتل ولد الفرنسيس. وقيل إن الفرنسيس مات ولم يبق عندهم ملك يحكمهم. وطلبت الفرنج الصلح، فوقع الصلح على رد مال أهل جنوة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 61
سنة سبعين وستمائة
[وقوع الخزندار في البحر] في المحرم ركب السلطان من الصناعة في الشواني ومعه نائب السلطنة بيليك الخزندار، فلما صار في الشيني مال فوقع الخزندار في البحر، فنزل خلفه من أطلعه بشعره، وقد كاد. [نيابة أيدمر بدمشق] ثم خرج السلطان إلى الكرك، وأخذ معه النائب عز الدين أيدمر، وقدم به دمشق، فجعله نائبا عليها، وعزل النجيبي. ثم سار إلى حماة ورجع. ثم مضى إلى حلب. [الوقعة بين التركمان والمغل بين حارم وأنطاكية] وسببه أن صمغرا ومعين الدين البرواناه والتتر لما عادوا من عند أبغا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 62 في السنة الخالية جاءهم أمر بقصد الشام فحشدوا، وجاء صمغر في عشرة آلاف إلى البلستين، ثم إلى مرعش، وبلغهم أن السلطان بدمشق، فبعثوا من المغل ألفا وخمسمائة للإغارة وتجسس الأخبار، فوصلوا إلى عين تاب ثم إلى قسطون، ووقعوا على التركمان هناك بين حارم وأنطاكية فاستأصلوهم، فأمر السلطان بتجفيل البلاد حتى أهل دمشق ليطمع التتار فيتوغلون في البلاد ويتمكن منهم. وطلب جيش مصر فقدموا ومقدمهم الأمير بدر الدين بيسري، فوصلتهم الأخبار فأسرعوا الرجعة، وساق الفارقاني وراء التتر فلم يدركهم. [غارة الفرنج إلى قاقون] وأغارت الفرنج من عثليث إلى قاقون، وأخذت التركمان. [تسليم مفاتيح حران للسلطان] وساق الأمير علاء الدين بن طيبرس الوزيري، وعيسى بن مهنى، فخاضوا الفرات إلى حران، فخرج إليهم من بها من التتار، فطاردهم ابن مهنى، فخرج عليهم طيبرس، فلما رأوا الجيش نزلوا وقبلوا الأرض، وألقوا سلاحهم، فأخذوهم وكانوا ستين نفسا. وسار طيبرس فغلقوا أبواب حران سوى باب واحد، وخرج إليه الشيخ محاسن وهو من أصحاب الشيخ حيوة، وأتوه مفاتح حران وقالوا: البلد للسلطان أيده الله. ثم عاد طيبرس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 63
[طرح امرأة أحد عشر ولدا] قال شمس الدين محمد بن الفخر، رحمه الله: من أعجب ما يؤرخ أن امرأة امساحي في جوار دار بني هلال بباب الناطفيين في جمادى الأولى في مدة سبعة أيام وضعت طروحا أحد عشر، ولدا ذكورا وإناثا، بعضهم قد كملت خلقته، وبعضهم قد نبتن بعضها لأربعة أشهر ونصف. وهذا غريب نادر، واشتهر ذلك في دمشق، واستثبته قاضي القضاة عز الدين وأرخه. [اكتشاف نفق فيه حيوانات ملفوفة] وفي جمادى الآخرة عبر السلطان إلى بر الجيزة، فأخبر أن ببوصير مغارة فيها مطلب، فجمع لها خلقا وحفروا مدا طويلا، فوجدوا كلابا ميتة وقطاطا وطيورا، والكل ملفوف في عصائب وخرق، فإذا حلت اللفائف ولاقى ذلك الحيوان الهواء صار هباء. وأقاموا ينقلون من ذلك شيئا كثيرا ولا ينفذ فتركوه. [الحوطة على دار القاضي ابن العماد] وفي شعبان احتيط على دار القاضي شمس الدين محمد بن العماد، وحمل ما فيه من الودائع إلى قلعة الجبل. وذلك لأن ابن العماد عزل نجم الدين بن حمدان عن نيابة الحكم لأمر، فحمل أخاه التقي شبيبا الكحال التعصب على أن كتب ورقة إلى السلطان أن عند العماد ودائع كثيرة لتجار من حران، وبغداد , والشام، وقد مات أهلها. فاستدعاه السلطان وسأله عن الودائع ,
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 64 فأنكر , فحلفه , فحلف متأولا. فكبس بيته، فوجد فيه كثير مما قيل، لكن أصحابها أحياء، ومنهم من مات وله وارث، فأخذ من ذلك زكاته مدة سنتين , وحنق عليه السلطان وحبسه، فتسلط عليه شبيب، وادعى أنه حشوي , وأنه يقدح في الدولة، وكتب بذلك محضرا. وسافر السلطان إلى الشام. ثم عقد مجلس بحضرة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار , فاستدعي بالشهود والذين في المحضر، فرجع بعضهم في الشهادة وشهد الباقون، فأخرق بهم وجرحهم، وتبين للخزندار تحامل شبيب فحبسه، واحتاط على موجوده، وأعيد الشيخ شمس الدين إلى الحبس بالقلعة، فأقام بها سنتين إلى أن أفرج عنه في نصف شعبان من سنة اثنتين وسبعين. ولولا عناية الخزندار به ومحبته له لكان شيئا آخر. [شن الغارات على بلاد عكا] وأما السلطان فسار إلى الشام وشن الغارات على بلاد عكا فراسلوه، وطلبوا الصلح فصالحهم عشر سنين، ثم دخل دمشق. [تخريب التتار سور حران] وفي رمضان جاءت طائفة من التتار , فأخربوا شرفات سور حران وبعض أسواقها، ونقلوا كثيرا من أخشابها واستاقوا معهم أهلها وأخليت ودثرت بالكلية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 65
[مواجهة رسل السلطان لأبغا ملك المغل] وفيها وصلت رسل صمغر والبرواناه فقالوا للسلطان إن صمغرا يقول لك: منذ جاورك في البلاد لم يصله من جهتك رسول، وقد رأى من المصلحة أن تبعث إلى أبغا رسولا بما تحب حتى نساعدك ونتوسط. فأكرم السلطان الرسل، ثم بعث في الرسلية الأمير فخر الدين إياز المقري، والأمير مبارز الدين الطوري إلى أبغا، وبعث له جوشنا، وبعث لصمغر قوسا، فوصلا قونية، فسار بهما البرواناه إلى أبغا فقال: ما شأنكما؟ قالا: إن سلطاننا يقول لك إن أردت أن أكون مطاوعا لك فرد ما في يدك من بلاد المسلمين. فغضب وأغلظ لهما وقال: ما يرضى رأسا برأس ! وانفصلا من غير اتفاق. وعندي في وقوع ذلك نظر، لكن لعله سأله رد ما بيده من العراق والجزيرة، وإلا فجميع ما بيده بلاد المسلمين. [وصول رسل بركة إلى السلطان] وفيها وصلت رسل بيت بركة من عند منكوتمر بن طغان يطلبون من السلطان الإعانة على استئصال شأفة أبغا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 66
[كشف السلطان على حصن الأكراد وعكار] وفي ذي الحجة سار السلطان إلى حصن الأكراد وحصن عكار فأشرف عليهما، ورجع إلى دمشق. [زواج الصاحب شرف الدين هارون] وفيها تزوج الصاحب شرف الدين هارون بن الوزير شمس الدين الجويني ببغداد برابعة بنت أحمد بن أمير المؤمنين المستعصم، على صداق مبلغه مائة ألف دينار مصري، وعقده قاضي القضاة سراج الدين محمد بن أبي فراس في دار صاحب الديوان علاء الدين، بإنشاء بهاء الدين علي بن عيسى الإربلي، وشرطت عليه والدة العروس بأن لا يشرب الخمر، فأجاب. [الحريق ببغداد] واحترق ببغداد (...) من النظامية كله، واحترق فيه خلق كانوا في الغرف. آخر المجلد العشرين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 67
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة السابعة والستون
سنة إحدى وستين وستمائة ومن توفي فيها
- حرف الألف - 1 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن رزمان بن علي بن بشارة. الفقيه، فخر الدين، أبو العباس الدمشقي، الحنفي. فقيه، إمام، مدرس، عدل، متميز من أعيان الحنفية. روى عن: الخشوعي نسخة وكيع وغيرها. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الخباز، وطائفة، ومحمد بن المحب. توفي في أوائل شوال، ودفن بسفح قاسيون. 2 - أحمد بن عبد الله. الشيخ الصالح، أبو العباس المقدسي، الحنبلي، تربية البدوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 68 سمع من شيخه عبد الله بن عبد الجبار البدوي، وحنبل، وابن طبرزد. وحدث بدمشق والقدس. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والشيخ شعبان. وحدث بدمشق. وكان موته بقرية أبي ثور بظاهر القدس في نصف المحرم. 3 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف بن محمد بن سليمان بن سوار بن أحمد بن حزب الله بن عامر بن سعد الخير بن عياش. وهو أبو عيشون بن محمود الداخل إلى الأندلس بن عنبسة بن حارثة بن العباس بن مرداس. السلمي، الإمام، المحدث، أبو إسحاق ابن الشيخ عبد الله الأندلسي، البلفيقي، المعروف بابن الحاج، نزيل دمشق. ولد بالمرية سنة ست عشرة وستمائة، وكان محدثا، فاضلا، مفيدا، عارفا. وبلفيق: بباء موحدة ولام مشددة، حصن عند المرية. ذكره الشريف عز الدين فقال: سمعت منه وحصل الأصول الحسنة الكثيرة. وسمع بمصر من جماعة، وحج وعاد. ثم سافر إلى دمشق فتوفي بها في المحرم. قلت: هذا كتبته ولا أعرفه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 69 4 - إلياس بن عيسى. الإربلي. شيخ فقير مشهور بالدين والخير. كان يجلس أكثر نهاره برواق الحنابلة، ويجلس إليه أعيان ورؤساء لدينه، وعلى ذهنه عجائب ونوادر. وكان ظريفا، مليح الشكل. مات في شعبان. 5 - أيوب بن محمود بن أبي القاسم عبد اللطيف بن أبي المجد بن سما بن عامر. السلمي. محتسب دمشق، تاج الدين، أبو المجد. توفي في سلخ شعبان وله تسع وستون سنة. حدث عن: عمر بن طبرزد. - حرف الباء - 6 - بدر الخشني. الشهابي، الطواشي، أبو الضياء. توفي بالمدينة النبوية. وروى عن: عبد الوهاب بن رواح. كتب عنه الشريف عز الدين، وغيره. 7 - بهادر الخوارزمي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 70 الأمير. أول من ولي العراق لهولاكو. وكان على ظلمه له ميل إلى الإسلام، وعلم أولاده القرآن، وكان ربما صلى ويعرف بالعربي. وفيه دهاء ومكر. قتلته التتار لأمور نقموها. - حرف الحاء - 8 - الحسن بن علي بن منتصر بن زكريا. أبو علي الفاسي، ثم الإسكندراني، الكتبي. شيخ معمر فاضل. ولد سنة أربع وسبعين. وسمع سنة أربع وثمانين من: عبد المجيد بن دليل الكندي. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا. وتفرد بالرواية عن ابن دليل. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان الإربلي، وجماعة. مات في ثامن وعشرين ربيع الآخر بالإسكندرية. - حرف الزاي - 9 - زكريا بن عبد السيد بن ناهض. أبو يحيى الأنصاري، المصري، النويري، المالكي، المؤدب. روى عن: علي بن المفضل الحافظ. سمع منه: الشريف، وجماعة. ومات في رابع صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 71
- حرف السين - 10 - ست الدار بنت مكي بن علي بن كامل الحراني. أخت زينب. سمعت من: داود بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر. وماتت في ربيع الأول. 11 - سليمان بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس. الخطيب، الإمام، أبو الربيع الكتاني، العسقلاني الأصل، المكي. الفقيه الشافعي. سمع من: زاهر بن رستم، ويحيى الفراش. روى عنه: الدمياطي، والرضى الطبري، وجماعة. وخطب مدة بمكة، وكان مشهورا بالعلم والدين والعبادة. ولد قبل موت جده لأمه عمر الميانشي قبل الثمانين وخمسمائة. وكف بصره في آخر أيامه. ومات في رابع عشر المحرم بمكة. وحدث ' بالنسائي ' عن ابن الحصري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 72
- حرف الشين -
- - الشهاب أجير البهاء الشروطي. هو محمد بن عبد الرحيم. يأتي.
- حرف الصاد - 12 - صلاح بن جعفر بن ضرغام بن نزار. أبو عمر العجلاني، الفيومي، المؤدب. توفي في جمادى الأولى بالقاهرة. وقد سمع في الكهولة من: مكرم، وابن المقير. وحدث. أخذ عنه الطلبة. - حرف العين - 13 - عبد الله بن محمد بن رضوان بن عبدك. أبو محمد العجمي شيخ معمر حدث عن السلفي بالإجازة العامة. قاله الشريف عز الدين. 14 - عبد الخالق بن جعفر بن محمد. الإمام عز الدين، أو محمد البليناوي، المصري، الشافعي. الفقيه. سمع وحصل وعني بالحديث وأكثر. وحدث عن ابن باقا، ومات في ذي الحجة كهلا. 15 - عبد الرازق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 73 الإمام، الحافظ، المفسر، عز الدين أبو محمد الرسعني، المحدث الحنبلي. ولد برأس عين سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وسمع ' تاريخ بغداد ' كله من أبي اليمن الكندي. وسمع ببغداد من عبد العزيز بن حنينا، وطبقته ؛ وبحلب من الإفتخار الهاشمي. وقدم بغداد مرة رسولا، فقرأ عليه أبو حامد بن الصابوني جزءا. فسمعه جماعة وله شعر رائق. وولي مشيخة دار الحديث بالموصل. وسمع برأس عين من: أبي المجد القزويني، وغير واحد. وصنف تفسيرا حسنا روى فيه بأسانيده. وله كتاب ' فضل الحسين '، وغير ذلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 74 وكان إماما، محدثا، فقيها، أدبيا، شاعرا، دينا، صالحا، وافر الحرمة. وله مكانه عند صاحب الموصل لؤلؤ لجلالته وفضله. وروى عنه الأبرقوهي في ' معجمه '. وروى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في ثاني عشر ربيع الآخرة. وقرأت بخط سيف الدين ابن المجد في ذكر عبد الرازق الرسعني قال: حفظ ' المقنع '، وسمع بدمشق سنة خمس وسنة وست. وسمع من: الكندي، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وابن الجلاجلي، وابن قدامة. وببغداد من الداهري، وعمر بن كرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 75 16 - عبد الرحمن بن سالم بن يحيى بن خميس بن يحيى بن هبة الله. الإمام، المفتي، جمال الدين، أبو محمد الأنصاري، الأنباري الأصل، البغدادي، ثم الدمشقي. الفقيه الحنبلي. سمع من: التاج الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب. وبحران من الحافظ عبد القادر. وتفقه على الشيخ الموفق. ونسخ بخطه كثيرا من كتب العلم. وكان صحيح النقل، جيد الشعر، دينا، صالحا. كتب عنه عمر بن الحاجب، والقدماء. وروى عنه: ابن الخلال، والدمياطي، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن وأخوه الخطيب شرف الدين، وابن الخباز، والبرهان الذهبي، وآخرون. ومات في سلخ ربيع الآخر، ودفن بسفح قاسيون. وكان يسكن بالجامع، بالمنارة الغربية. قال أبو شامة: كان يصلي الصبح إماما بالمتأخرين، فيطيل إطالة مفرطة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 76 خارجة عن المعتاد بكثير، إلى أن تكاد الشمس تطلع، ولا يترك ذلك. قلت: سمع البرهان، والكمال بن النخاس منه جميع كتاب ' الأربعين ' للرهاوي، بقراءة شرف الدين. 17 - عبد الرحمن بن محمد بن الحافظ الكبير عبد الغني بن عبد الواحد. الأمام المحدث، عز الدين ابن العز. أخو التقي بن العز، المقدسي، الحنبلي. ولد سنة تسع وتسعين، أو سنة ستمائة. وسمع حضورا من: عمر بن طبرزد. وحفظ القرآن على الشيخ العماد. وتفقه على الشيخ الموفق. وسمع من التاج الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب، وطبقتهم. ورحل فسمع ببغداد من الفتح بن عبد السلام، وعلي بن بوزندار، وابن الجواليقي، وطبقتهم. وسمع بحلب من: أبي محمد بن الأستاذ ؛ وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السلفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 77 وكتب الكثير، وحصل، وكان حسن الفهم، له معرفة بالرجال، من أفضل من بقي بالجبل. بالغ في الثناء عليه تلميذه نجم الدين ابن الخباز، وقال: كان ضابطا، متقنا ورعا، حافظا لأسماء الرجال، مجتهدا على فعل الخير، مفيدا للطلبة، يمشي إلى الطالب ويفيده ويعارض معه، انتفعت به جدا، وأحسن إلي ونصحني في ديني ودنياي، وما رأت عيناي بعد شيخنا ضياء الدين مثله وسمعت بقراءته في سنة تسع وثلاثين على عبد الحق بن خلف، وغيره. وأسمع الحديث مدة بدار الحديث الأشرفية التي بالجبل، وكان ورعا دينا، عاملا، قليل الرغبة في الدنيا، كثير التعفف. قلت: روى عنه: هو، والدمياطي، والقاضي تقي الدين، وابن الزراد وآخرون ثم ظفرت بمولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وستمائة. ومات في النصف من ذي الحجة، ولم يستكمل الستين. وفي كنيته أقوال، وهي: أبو الفرج، وقيل: أبو محمد، وأبو قاسم. 18 - عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله بن يحيى بن عبد المجيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 78 الإمام البارع، تقي الدين، أبو القاسم المصري، الشافعي، الناشري، المقرئ. ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الجود المقرئ. وسمع الحديث من علي بن المفضل الحافظ، وجماعة. وانتصب للإقراء مدة بجامع مصر، واشتهر اسمه وبعد صيته. ذكره الشريف عز الدين فقال: سمعت منه، وسألت عن مولده فقال: بمصر سنة ثمانين. وانتفع به جماعة كثيرة. وكان شخصا صالحا، عارفا بالقراءآت فاضلا فيها، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بجامع مصر. توفي ليلة السابع والعشرين من شوال بمصر. 19 - عبد الغني بن سليمان بن بنين بن خلف. الشيخ المسند أثير الدين، أبو القاسم، وأبو محمد المصري، الشافعي، القباني، الناسخ. ولد بمصر سنة خمس وسبعين. وسمع الكثير بإفادة والده أبي الربيع. فسمع من: أبي القبائل عشير الجيلي، وقاسم بن إبراهيم المقدسي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 79 والقاسم بن عساكر، وهبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، ومحمد بن عبد المولى، وابن نجا الواعظ، والأرتاحي، وغيرهم. وأجاز له: عبد الله بن بري النحوي، وأبو القاسم عبد الرحمن السبيي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي. وحدث بالشيء مرات، وتفرد في وقته. وهو آخر من روى عن عشير والسيبي، وابن بري. ذكره الشريف فأثنى عليه وقال، كان شيخا صالحا ساكنا من أولاد المشايخ الفضلاء. كان أبوه مشهورا بالأدب، صحب أبا محمد بن بري وأخذ عنه. وسمع وحدث وصنف. توفي أبو القاسم في ثالث ربيع الأول. وقد سمع منه الحافظ عبد العظيم وذكره في ' معجمه '. قلت: وروى عنه شيخنا الدمياطي، والدواداري، والشيخ شعبان، وإبراهيم بن الظاهري، والأمين الصعبي، وجماعة، ويوسف الختني، والتقي محمد ويحيى ولدا ضياء الدين ابن عبد الرحيم. 20 - عبد المنعم بن عبد الوهاب بن محمد بن رحمة. أبو محمد القضاعي، الخولاني، المصري، المؤذن، ويعرف بابن سمعون. روى عن: علي بن نصر ابن البنا المكي. وتوفي في ربيع الأول عن أربع وسبعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 80 كتب عنه المصريون. 21 - عبد الوهاب بن ضرغام بن سعيد. أبو محمد المصري. روى عن: المحدث أبي الفتوح نصر بن الحصري. وعاش ستا وثمانين سنة. توفي في رجب. 22 - عزية بنت محمد بن أحمد بن مفلح. أم أحمد الصالحية. روت عن عمر بن طبرزد. روى عنها: ابن الخباز، وابن الزراد، وابنها الشيخ محمد البجدي، وغيرهم. وماتت في الثامن والعشرين من ذي الحجة. 23 - عتيق بن الحسين بن عبد الله بن محمد بن رشيق. أبو بكر التغلبي، البياسي. أخذ عن: أبيه، وأبي الخطار بن واجب، وأبي بكر بن حسنون، وأبي محمد بن حوط الله. وقرأ عليهم. أخذ عنه ابن الزبير بمرسية وقال: مات في ذي الحجة سنة إحدى وستين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 81 24 - علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن طلحة. أبو الحسن المقدسي الأصل، الدمشقي، الحنبلي. روى عنه: أبي طاهر الخشوعي، وحنبل المكبر. وكان إنسانا مباركا، خيرا. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، ومحمد بن المحب، وأبو بكر القطان، وآخرون. ومات في أوائل رجب ودفن بالصالحية. 25 - علي بن شجاع بن سالم بن علي موسى بن حسان بن طوق بن سند بن علي بن الفضل بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. الشيخ، الإمام، كمال الدين أبو الحسن بن أبي الفوارس الهاشمي، العباسي، المقرئ، الشافعي، الضرير، مسند الآفاق في القراءآت. فإنه قرأ القراءآت السبعة مفردا لكل رواة الأئمة، سوى رواية الليث، عن الكسائي، وجامعا لهم إلى سورة ' الأحقاف '، على حميه الإمام أبي محمد بن فيره الشاطبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 82 ومات الشاطبي رحمه الله وللكمال الضرير ثمانية عشر عاما. وتزوج من بعد موته بابنته. ثم قرأ القراءآت على أبي الجود بالطرق السبعة، ويعقوب، وغير ذلك. وقرأ قبل وفاة الشاطبي للسبعة على أبي الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي صاحب ابن الحطيئة. وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن الوراق، وغيره. وقرأ النحو على أبي الحسين يحيى بن عبد الله النحوي. وسمع الكثير ولا سيما في أثناء عمره من: الشاطبي، وشجاع المدلجي، وهبة الله بن علي البوصيري، وأبي الفضل الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي، والمطهر بن أبي بكر البيهقي، وأبي نزار ربيعة بن الحسن، وعبد الرحمن مولى ابن باقا، ومحمد بن عبد المولى بن اللبني، وأبي الحسين محمد بن أحمد بن جبير الكناني البلنسي. وقد سمع من ابن جبير ' التيسير ' عن علي بن أبي العيش، عن ابن الدش، عن المصنف. وسمعه أيضا من الشاطبي. وسمع ' الشاطبية ' وصححها دروساً عليه. وروى بالإجازة العامة عن السلفي كتاب ' المستنير '، بسماعه لمعظمه عن مصنفه ابن سوار، وإجازته لباقيه. وروى ' التجريد ' لابن الفحام تلاوة وسماعا عن سماع. وسمعه من القاضي أبي المحاسن يوسف بن شداد، بروايته سماعا عن يحيى بن سعدون القرطبي، عن المصنف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 83 وروى ' التذكار ' لابن شيطا، عن أبي بكر عبد الرحمن بن أحمد بن باقا، قدم عليهم قال: أنا علي بن أبي سعد الخباز، أنا أبو علي الحسن بن محمد الباقرحي، أنا المصنف. وله سماعات كتب كثيرة وفضائل. تصدر للإقراء بجامع مصر وبمسجد ابن موسى بالقاهرة، وقرأ عليه خلق كثير، وطار ذكره، فدخل إليه من النواحي. وتفرد في عصره، وإليه انتهت رئاسة الإقراء وعلو إسنادها. وكان أحد الأئمة المشاركين في فنون العلم، مع ما جبل عليه من حسن الأخلاق والتواضع، ولين الجانب، والتودد، والصبر على الطلبة، والسعي التام في مصالحهم بكل ممكن. قرأ عليه القراءآت: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع، والشيخ حسن بن عبد الله الراشدي، وشمس الدين محمد بن منصور الحاضري، والشيخ نصر المنبجي، والحافظ شرف الدين الدمياطي، وبرهان الدين إبراهيم الوزيري، وطائفة سواهم. وروى عنه: الشيخ داود الحريري، والعماد محمد بن الجرائدي، والشيخ شعبان، والزين عبد الرحيم البغدادي، وعلم الدين سنجر الداوداري، وإسحاق الوزيري، والشرف محمد بن عبد الرحيم بن مسكن، وخلق في الإحياء. توفي في سابع ذي الحجة. وكان مولده في سابع شعبان من سنة اثنتين وسبعين بالمعتمدية، قرية من أعمال الجيزة. 26 - عمر بن عبد الغني بن فتيان. الجدياني، المؤذن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 84 سمع: ابن الرشيد، وابن اللتي. ومات في ربيع الآخر. لم يكمل الأربعين. كتب عنه: ابن الخباز، وغيره. - حرف القاف 27 - القاسم بن أحمد بن الموفق بن جعفر. الإمام العلامة ذو الفنون، علم الدين، أبو محمد المرسي، اللورقي، المقرىء، النحوي. ومنهم من سماه: أبو القاسم محمد، والأول أصح. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت سنة ثمان وتسعين وبعدها على: أبي جعفر أحمد بن علي بن يحيي بن عون الله الحصار، وأبي عبد الله محمد بن سعيد المرادي المرسي، والقاضي أبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي البلنسي، عن قراءتهم على ابن هذيل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 85 وقرأ بمصر القراءآت على أبي الجود. وبدمشق على الكندي، وابن باسويه. وأحكم العربية وبرع فيها، واجتمع بالجزولي وسأله عن مسألة من مقدمته. وسمع ببغداد من أبي محمد بن الأخضر، وبحلب من الإفتخار الهاشمي. وبدمشق من الكندي وقرأ عليه ' كتاب سيبويه ' بكماله. واشتغل ببغداد أيضا على الشيخ. أبي البقاء. وقرأ علم الكلام والأصلين والفلسفة. وكان خبيرا بهذه العلوم قائما عليها مقصودا بإقرائها. ولي مشيخة التربة العادلية التي شرطها القراءآت والنحو ؛ درس بالعزيزية نيابة. وصنف شرحا مختصرا ' للشاطبية '، وشرح ' المفصل ' للزمخشري في عدة مجلدات وما قصر فيه. ' وشرحا ' للجزولية، وغير ذلك. وكان مليح الشكل، حسن البزة، إماما كبيرا، مهيبا، متقنا. وقد عزم على الرحلة إلى الفخر ابن الخطيب فبلغه موته. وكان له حلقة إشغال. وهو كان الحكم بين أبي شامة والشمس أبي الفتح في أيهما أولى بمشيخة التربة الصالحية، والقصة معروفة، فرجح أبا الفتح بعض الشيء. وقيل: لم يرجحه بل قال: هذا رجل يدري القراءآت ؛ وقال عن أبي شامة: هذا إمام. فوقعت العناية بأبي الفتح. وقد ذكره أبو شامة في ' تاريخه ' وما أنصفه فقال: في سابع رجب توفي العلم أبو محمد القاسم بن أحمد بن أبي السداد المغربي، النحوي، وكان معمرا، مشتغلا بأنواع من العلوم على خلل في ذهنه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 86 قلت: قرأ عليه القراءآت سبطه بهاء الدين محمد بن البرزالي، والشيخ أبو عبد الله القصاع، وبرهان الدين الإسكندراني، وشهاب الدين حسين الكفري، وعلاء الدين ابن علي الكندي لكنه نسي أعني الكندي -. وحدث عنه: العماد بن البالسي وغيره. 28 - قاسم بن بركات بن أبي القاسم. أبو محمد بن القيسراني، المصري، البزاز، العدل. ويعرف بعز القضاة. روى عن أبي عبد الله بن عبدون البناء. ومات بالقاهرة في تاسع صفر، وله تسع وسبعون سنة. - حرف الميم - 29 - محمد بن أحمد بن عنتر. الصدر، شرف الدين الدمشقي. ولي حسبة دمشق في أيام هولاوو، فطلب لذلك إلى مصر وهدد. توفي في صفر. 30 - محمد بن القدوة الإمام شيخ خراسان سيف الدين سعد بن المطهر الباخرزي. الإمام جلال الدين نزيل بخارى. مات في جمادى الأول، ودفن بجنب أبيه وله ست وثلاثون سنة. 31 - محمد بن عبد الرحيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 87 الدمشقي، الشروطي، العدل، شهاب الدين ابن الضياء، المعروف بأجير البهاء، الشريف. كان بارعا في كتابة الشروط، انتهت إليه معرفة ذلك، ولم يكن يشهد على القضاء لاستغنائه بصناعته، وكان صاحب حظوة. توفي عشر الستين في رجب بدمشق. 32 - محمد بن نصر الله بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن راشد. الصدر، جمال الدين، أبو الفضل التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي، ابن أخي مؤيد الدين. ولد سنة ست وستمائة، وحدث عن: الكندي، وابن الحرستاني، وغيرهما. 33 - مظفر بن علي بن الحسن بن سني الدولة. العدل، عماد الدين ابن بهاء الدين ابن عمر قاضي القضاة صدر الدين الدمشقي، الشروطي. توفي في رجب. - حرف الياء - 34 - يحيى بن فضل الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 88 الشيخ شرف الدين ابن السيسي، إمام المدرسة الصالحية النجمية بالقاهرة. كان من أصحاب الشيخ علم الدين السخاوي، وهو أول من أم بالدار الأشرفية، ثم سكن مصر. 35 - يحيى بن أبي حامد محمد ابن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك بن عيسى بن درباس. الماراني، المصري، الشافعي. سمع من: عبد العزيز بن باقا. ومات في المحرم. 36 - يعقوب بن عبد الله. المقدسي، تربية البدوي، أخو أحمد بن عبد الله. روى عن شيخه عبد الله بن عبد الجبار البدوي، وحنبل بن طبرزد. ومات في رجب بالقاهرة. وكتب عنه الطلبة. - الكنى - 37 - أبو بكر الدينوري. الرجل الصالح، صلاح الدين، صاحب الشيخ عزيز الدين عمر الدينوري، وهو الذي بنى له الزاوية بالصالحية، وصار هو وجماعته يذكرون فيها عقب الصبح بأصوات طيبة، فلما مات الشيخ رحمه الله بقي الصلاح يقوم بعده بهذه الوظيفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 89 وعاش إلى هذا الوقت، ومات في ذي القعدة. 38 - أبو الهيجاء بن عيسى بن خشترين. الأمير الكبير مجير الدين بن الأمير الكبير حسام الدين الكردي. وكان أحد الشجعان له اليد البيضاء يوم عين جالوت. ثم رتبه الملك المظفر قطز مشاركا للحلبي في نيابة دمشق في الرأي والتدبير. وكان أبوه أكبر أمير عند الملك الظاهر صاحب حلب. توفي مجير الدين في شعبان بدمشق. 39 - ملك الفرنج الفرنسيس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 90 الذي قصد دمياط نوبة المنصورة. كان متسع الممالك، كثير الجيوش والبلاد، علي الهمة، ذا رأي ودهاء وأموال وحشم، أسره المسلمون يوم المنصورة فقيد وحبس في دار كان ينزلها فخر الدين بن لقمان الكاتب، ورسم عليه الطواشي صبيح المعظمي، ثم استفك نفسه باموال عظيمة. وفي ذلك يقول ابن مطروح: (وقل لهم إن أضمروا عودة .......... لأخذ ثأر أو لقصد صحيح)
(دار ابن لقمان على حالها .......... والقيد باق والطواشي صبيح) وكان هذا الملعون في همته أن يستعيد القدس. وكان هلاكه بظاهر مدينة تونس، فإنه قصدها وبها المستنصر بالله محمد بن يحيى بن عبد الواحد، وكاد أن يملكها، فأوقع الله الوباء في جيشه فهلك هو وجماعة من ملوك الفرنج، ورجع الباقون خائبين. وقيل إن أهل الأندلس تحيلوا حتى سموه، وأراح الله الإسلام منه. ولقد كاد أن يستولي على إقليم مصر، فإنه نازل دمياط، فهرب منه العسكر الذي تجاهها لحفظها، فلما رأى المقاتلة الذين بها وأهلها هروب العسكر تبعوهم هاربين تحت الليل، بحيث أن دمياط أصبحت وما بها أحد، وتسلمتها الفرنج بلا ضربة ولا طعنة ولا امتناع لحظة بذخائرها وعدتها وخيرها، وكان ما قد ذكرناه من الحوادث، فبقيت في أيديهم نحوا من سنة ونصف. والفرنسيس، ويدعى ريذافرنس، ينازل بمجموعه يحامي عنها، والمسلمون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 91 ينازلوه مدة طويلة، يستظهر عليهم ويستظهرون عليه، إلى أن كان الظفر للإسلام آخر شيء، وقتل خلائق من الفرنج لا يحصون، ووقع هو في أسر المسلمين. ثم استفك نفسه بدمياط وبجملة من الذهب. قال ابن واصل: دخل إليه حسام الدين ابن أبي علي وهو مقيد بالمنصورة فحاوره طويلا حتى وقع الإتفاق على تسليم دمياط، ويطلق هو ومن معه من كبراء الفرنج. فحكى لي حسام الدين قال: كان فطنا عاقلا قلت له: كيف خطر للملك مع ما أرى من عقله وفضله وصحة ذهنه أن يقدم على خشب، ويركب في هذا البحر، ويأتي هذه البلاد المملوءة من عساكر الإسلام، ويعتقد أنه يحصل له تملكها، وفيها فعل غاية الغرر؟ ! فضحك ولم يحر جوابا. وقلت: ذهب بعض فقهائنا أن من ركب البحر مرة بعد أخرى مغررا بنفسه أنه لا تقبل شهادته، لأنه يستدل بذلك على ضعف عقله. قال: فضحك وقال: لقد صدق هذا القائل وما قصر. ولما أفرج عن ريذافرنس وأصحابه أقلعوا إلى عكا، وأقام بالساحل مدة، وعمر قيسارية، ثم رجع إلى بلاده، وأخذ يجمع ويحشد إلى هذا الزمان، وأراد قصد بلاد الإسلام ثانيا ؛ ثم فتر عن قصد مصر، وقصد بلد إفريقية (...) إلى أنه من ملك بلاد المغرب تمكن من قصد مصر في البر والبحر، ويسهل عليه تملكها، فنازل تونس إلى أن كاد يملكها، ولكن وقع الوباء في جيشه فهلك هو وجماعة من ملوكهم، كما ذكرنا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 92 وفيها ولد: شيخنا تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الفقيه بحران يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، ومجد الدين محمد بن محمد سبط ابن الحبوبي في رجب، والنجم محمد بن إبراهيم بن عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري، يروي عن النجيب، والزين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن ابن القيراط، والنفيس سلامة ابن أمين الدين ابن شقير، في شعبان، والتقي سليمان بن عبد الرحيم بن أبي عباس الصالحي العطار، وعبد الرحمن محمد بن عبد الحميد المقدسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 93
سنة اثنتين وستين وستمائة
- حرف الألف - 40 - أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع. قاضي حلب، كمال الدين، أبو العباس، وأبو بكر، ولد الإمام قاضي القضاة بحلب زين الدين ابن المحدث، الإمام الزاهد أبي محمد بن الأستاذ الأسدي الحلبي، الشافعي. ولد سنة إحدى عشرة وستمائة. وسمع حضورا من: الافتخار الهاشمي: وسمع من: ثابت بن مشرف، وجده أبي محمد بن علوان، وابن روزبة، وطائفة. وحدث وأفتى ودرس، وأقام بمصر بعد أخذ حلب، ودرس بالمدرسة المعزية بمصر، وبالهكارية بالقاهرة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 94 وكان صدرا معظما، وافر الحرمة، مجموع الفضائل، صاحب رئاسة ومكارم وأفضال وسؤدد وتواضع. ولي القضاء مدة فحمدت سيرته. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وكان يدعو له، لما أولاه من الإحسان. وسمع منه الطلبة المصريون. وولي قضاء حلب بعد موت والده. وكان ذا مكانة عظيمة عند الملك الناصر وكلمته نافذة، فلما خربت حلب أصيب بأهله وماله، والله يعظم أجره، وسلمت نفسه، فأتى مصر ودرس بها إلى أن ولي قضاء حلب، فأتاها في صدر هذا العام. توفي ليلة نصف شوال. 41 - أحمد بن عمران.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 95 الرئيس نجم الدين الباجسرائي، ناظر سواد العراق للمغل. قتلوه في جمادى الآخرة ؛ وكان نصيريا ظاهر الفسق. 42 - أحمد بن محمد بن صابر بن محمد بن صابر بن منذر. الحافظ المتقن، ضياء الدين، أبو جعفر، القيسي، الأندلسي، المالقي. ولد بمالقة سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع الكثير ببلاد المغرب، وحج، وسمع بمصر. وقدم دمشق فسمع من أصحاب يحيى الثقفي، وكتب بخطه الكثير. وكان سريع الكتابة والقراءة، شديد العناية بالطلب، كثير الفوائد، دينا فاضلا، جيد المشاركة في العلوم. كتب عنه: الشريف عز الدين، وآحاد الطلبة. ومات شابا في ثامن شعبان بالقاهرة. 43 - إبراهيم بن مكي بن عمر بن نوح. الرئيس الصدر، ضياء الدين، أبو إسحاق المخزومي، الدماميني، الكاتب. تقلب في الخدم الديوانية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 96 وحدث عن: أبي الحسن علي بن البناء. ولد بدمامين من الصعيد سنة أربع وثمانين. ومات ببلبيس سنة اثنتين في ذي الحجة. 44 - إبراهيم بن محمود بن موسى بن أبي القاسم. أبو إسحاق الكردي، الضرير، الهذباني. ولد سنة أربع وسبعين تقديرا. وسمع من: عبد الخالق بن فيروز الجوهري. وحدث بالقاهرة ودمشق، وهو من شيوخ الدمياطي. توفي ببعض قرى القاهرة في الحادي والعشرين من رجب. روى عنه: يوسف بن عمر الختني. 45 - إسماعيل بن صارم بن علي بن عز بن تميم. أبو الطاهر الكناني، العسقلاني، ثم المصري، الخياط. روى عنه جماعة المصريين، وكان عالي الإسناد. حدث عن: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير. روى عنه: الدمياطي، وشعبان الإربلي، وقطب الدين ابن اليونيني، وعلم الدين الدوادري، والأمين عبد القادر الصعبي، ومحمد بن محمد بن القواس، وطائفة سواهم. وبلغني أنه شنق نفسه. توفي في تاسع جمادى الأولى. 46 - أيوب بن محمود بن سما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 97 المحتسب، تاج الدين الدمشقي. قد ذكرناه في السنة الماضية على ما ورخه الدمياطي، والشريف. وقال الإمام أبو شامة وغيره: توفي سنة اثنتين وستين في شعبان، فالله أعلم. - حرف الباء - 47 - بهرام. أبو الفضل، عتيق مؤيد الدين ابن عساكر. روى عن: عمر بن طبرزد. ومات في العشرين من صفر، ودفن بسفح قاسيون. قاله الشريف في ' الوفيات '، ولا أعرفه. - حرف الحاء - 48 - حسين بن محمد بن أبي عمرو. أبو العلاء الإسكندراني، المالكي، الفقيه. درس وأفتى، وحدث عن: أبي الحسن بن المفضل. ومات في رمضان بالثغر. - حرف الخاء - 49 - خضر بن غزي بن عامر. أبو العباس الأنصاري، الشارعي، المؤدب. ولد ببلبيس سنة أربع وثمانين. وسمع في كهولته من مكرم القرشي. كتب عنه الشريف عز الدين، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 98 ومات في ربيع الآخر. - حرف السين - 50 - السديد. شيخ الرافضة بالحلة وفقيههم واسمه أبو علي بن خشرم الحلي. مات في هذه السنة وقد جاوز الثمانين، ودفنوه بمشهد علي، رضي الله عنه. 51 - سليمان بن أحمد بن يوسف. أبو الربيع المراكشي. سمع بمكة من: الشهرزوري. وحدث بالقاهرة. ومات بالإسكندرية في جمادى الآخرة. 52 - سليمان بن المؤيد بن عامر. المقدسي، العقربائي، الطبيب، الزين الحافظي. رئيس فاضل، حسن المشاركة في الأدب والعلم، زنديق. خدم الملك الحافظ صاحب جعبر بالطب، وإليه ينسب. ثم خدم الملك الناصر يوسف، وارتفعت منزلته، وأعطي إمرة وطبل خاناه من التتار. حدثني الرشيد الرقي الأديب قال: كنت أقابل معه في ' صحاح الجوهري ' فلما أمروه قلت، وأنشدته: (قيل لي: الحافظي قد أمروه .......... قلت: ما زال بالعلاء جديرا)
(وسليمان من خصائصه الملك .......... فلا غرو أن يكون أميرا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 99 وقال قطب الدين: فيها قتل الزين الحافظي بين يدي هولاكو في أواخرها بعد أن أحضره وقال: قد ثبت عندي خيانتك وتلاعبك بالدول خدمت صاحب بعلبك طبيبا، وصاحب قلعة جعبر الحافظ، والملك الناصر، فخنت الجميع، ثم إنتقلت إلي، فأحسنت إليك، فشرعت تكاتب صاحب مصر. وعدد ذنوبه ثم قتله وقتل أولاده وأقاربه، وكانوا نحوا من خمسين ضربت أعناقهم. وكان من أسباب قتله كتب سعى الملك الظاهر في إرسالها إليه من مصر بحيث وقعت في يد هولاكو. وأما خيانته في الأموال وأخذه البرطيل وجناياته في الإسلام فكثيرة، يعني أيام التتار بدمشق. قال: ولم تكن الإمارة لائقة به. وللموفق أحمد بن أبي أصيبعة فيه: (وما زال زين الدين في كل منصب .......... له في سماء المجد أعلى المراتب)
(أمير حوى في العلم كل فضيلة .......... وفاق الورى في رأيه والتجارب)
(إذا كان في الطب فصدر مجالس .......... وإن كان في حرب فقلب الكتائب)
(ففي السلم كم أحيى وليا بطبه .......... وفي الحرب كم أفنى العدى بالقواضب) قال الموفق: وما زال في خدمة الملك الناصر، فلما جاءت التتار بعثه رسولا إلى هولاوو فأحسن إليه، واستمالوه حتى صار جهتهم ومازجهم، وتردد في المراسلة، وطمع التتار في البلاد، وصار يهول على الناصر أمرهم ويضخم مملكتهم، فلما ملكوا دمشق جعلوه بها أميرا، وكانوا يدعونه الملك زين الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 100 ومات في عشر السبعين. وهو ممن قرأ على الدخوار. فمن تحيل الملك الظاهر عليه أنه استدعى أخاه العماد الأشتر من دمشق ثم أنعم عليه، وقرر له في الشهر خمسمائة درهم، وأمره أن يكتب إلى أخيه كتابا يعرفه فيه نية السلطان له، وأنه ما له عنده ذنب، وأنه كاره لإقامته عند التتار، ويلتمس أن يكون مناصحا له. فلما وصلت إليه الكتب حملها إلى هولاكو وقال: إنما قصد الظاهر أن يغيرك علي، فتأذن لي أن أكاتب أمراءه لأكيده. فلم ير هولاكو ذلك، ثم تخيل منه. - حرف الصاد - 53 - صالح بن أبي بكر بن أبي الشبل بن سلامة بن شبل. القاضي، الإمام، أبو التقى المقدسي، ثم المصري، السمنودي، الشافعي، قاضي حمص. شيخ، عالم، دين خير، مؤثر، مشكور، مسن، معمر، حسن السيرة. ولد سنة سبعين وخمسمائة بمصر، وسمع ببغداد من: الحسين بن سعيد بن شنيف. وبدمشق من: الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب. وكتب عنه ابن الحاجب سنة اثنتين وعشرين. وبقي مدة طويلة في قضاء حمص. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد اللخمي، والمجد بن الحلوانية، والتاج الجعبري الحاكم، وغيرهم. ومات في صفر، وقيل في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 101
- حرف العين - 54 - عبد العزيز بن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خلف. الإمام، العلامة، شيخ الشيوخ، شرف الدين، أبو محمد الأنصاري، الأوسي، الدمشقي، ثم الحموي، الشافعي، الأديب، الصاحب، ابن قاضي حماة، ويعرف بابن الرفاء. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة بدمشق، ورجل به والده وهو صبي، فسمعه ' جزء ابن عرفة، من ابن كليب، و ' المسند ' كله من عبد الله بن أبي المجد الحربي. وحدث بالجزء نحوا من ستين مرة بدمشق، وحماة، وبعلبك، ومصر، وروى المسند ' غير مرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 102 قرأه عليه الشيخ شرف الدين الفزاري غير مرة. وقرأ الكثير من كتب الأدب على أبي اليمن الكندي، وسمع منه أيضا. ومن: أبيه، وأبي الحسن علي بن محمد بن يعيش الأنباري، وأبي أحمد بن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه. وتفقه وبرع في العلم والأدب والشعر. وكان من أذكياء بني آدم المعدودين، وله محفوظات كثيرة. وسكن بعلبك مدة. وسمع بها من البهاء عبد الرحمن، وحدث معه. وسكن دمشق مدة، ثم سكن حماة. وكان صدرا محتشما، نبيلا، معظما، وافر الحرمة، كبير القدر. روى عنه: الدمياطي، وأبو الحسين بن اليونيني، وأبو العباس بن الظاهري، وقاضي القضاة أبو عبد الله بن جماعة، وأبو عبد الله بن الفخر البعلبكي، وأبو محمد عبد الخالق بن سعيد، وأبو محمد صالح بن تامر قاضيا بعلبك، وأبو العباس الفزاري خطيب دمشق، وأبو المظفر موسى بن النويبي، وأبو الفضل الأسدي الصفار، وأبو الخير محمد بن المجد عبد الله، وأخوه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 103 محمد، وأبو محمد إبراهيم بن داود المقرئ، وأبو العباس أحمد بن فرج اللخمي، وأبو الفتح نصر بن سليمان المنبجي، وأبو عبد الله ابن الزراد، وأبو المظفر يوسف ابن قاضي حران، وخلق سواهم. وقد قرأت له عدة قصائد على تاج الدين عبد الخالق. قرأها عليه. ومن شعره: (شرحت لوجدي من محبتكم صدرا .......... وصبرني صحبي فلم أستطع صبرا)
(وقلت لعذالي: ألم تعرفوا الهوى .......... لقد جئتم شيئا بعذلكم نكرا)
(لعمري لقد طاوعت رائد لوعتي .......... عليكم، وما طاوعت زيدا ولا عمرا)
(خليلي ها سقط اللوى قد بدا لنا .......... فلا تقطعاه بل قفا نبك من ذكرى)
(فيا يوسف الحسن الذي مذ علقته .......... بسيارة من فكرتي قلت: يا بشرى)
(بدا فاسترق العالمين جماله .......... فمن أجل هذا أجل بالبخس أن يشرى)
(لقد حل من سري بواد مقدس .......... ليقبس من قلبي الكليم به جمرا)
(وأذكر آيات الخليل عذاره .......... بجنته الخضراء في ناره الحمرا)
(وأجج كربي فترة من لحاظه .......... فأرسلت دمعا حرم النوم والصبرا)
(فلا تعجبوا للسيف والسيل، واعجبوا لأجفانه الوسنى ومقلتي العبرا ..........
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 104 وتوفي في ثامن رمضان. 55 - عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن علي. الإمام، القاضي، الخطيب، عماد الدين، أبو الفضائل الأنصاري الخزرجي، الدمشقي، الشافعي، ابن الحرستاني. ولد في سابع عشر رجب سنة سبع وسبعين وخمسمائة بدمشق. وسمع من أبيه قاضي القضاة جمال الدين. ومن: الخشوعي، والبهاء بن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد، وغيرهم. وتهاون أبوه وفوته السماع من يحيى الثقفي، وطبقته، والسماع رزق. وتفقه على والده وبرع في المذهب، ودرس وأفتى وناظر، وولي قضاء القضاة بعد والده من جهة السلطان الملك العادل. وقد ناب عن والده في القضاء ثم عزل ؛ ودرس بالغزالية مدة، وولي الخطابة مدة. وكان من كبار الأئمة وشيوخ العلم، مع التواضع والديانة وحسن السمت والتجمل. وولي مشيخة الأشرفية بعد ابن الصلاح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 105 روى عنه: الدمياطي، وبرهان الدين الإسكندراني، وابن الخباز، وابن الزراد، وناصر الدين ابن المهتار، ومحمد بن المحب، ومحيي الدين إمام المشهد، والكمال محمد بن نصر الله الكاتب ابن النحاس، وآخرون. ومات في التاسع والعشرين من جمادى الأولى. 56 - عبد الملك بن نصر بن عبد الملك بن عتيق بن مكي. الشيخ الإمام، شرف الدين، أبو المجد القرشي، والفهري، المقرئ، النحوي. ولد بالإسكندرية سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسن الحافظ. واشتغل بالأدب وبرع فيه. وأقرأ مدة. واشتهر باللغة والنحو، وانتفع الناس به. وحدث. كتب عنه الشريف وقال: توفي في رابع عشر ربيع الأول بمصر. 57 - عبد المنعم بن أبي بكر بن أحمد. القاضي، أبو الفضل الدمشقي، الدقاق. حدث عن: حنبل. ومات في صفر. قاله الشريف. 58 - عبد الوهاب بن عبد العزيز بن عبد الوهاب بن مهدي. العدل، أبو محمد الدمراوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 106 روى عن: حماد الحراني. ومات بالإسكندرية في ثاني عشر جمادى الأولى. لا أعرفه. ثم وجدت أن الشيخ شعبان روى لنا عنه. 59 - عثمان. الفخر المصري، المعروف بعين غين. قال أبو شامة: جاءنا الخبر من مصر بوفاته. * * * قلت: وكان لنا صاحب فقيه حج عام حججت، وكان كثير التحصيل، واسمه الفخر عثمان المصري، لقبه ابن الوكيل عين غين لصغر عينه الواحدة. مات في حدود السبعمائة. 60 - عفيف الدين ابن أبي الفوارس. شاب، فاضل، متميز في الكتابة، حاذق في الحساب، مطبوع، ماهر. ولي عمالة الجامع وعمالة الأيتام معا فعاجلته المنية، ودفنه أبوه المسكين بالتربة التي أنشأها لنفسه في حائط بستانه المجاور للشبلية الخانكاه. ثم صار البستان والتربة إلى عز الدين بن السويدي فدفن بالتربة أيضا. توفي العفيف في رجب، وهو أخو نجم الدين عامل الصدقات الآن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 107 61 - علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور بن مؤمل. المحدث، العالم، ضياء الدين، أبو الحسن بن البالسي، المعدل، الخطيب. ولد سنة خمس وستمائة بدمشق. وأسمع من: حمزة بن أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وغيرها. وأجاز له التاج الكندي، وغيره. وطلب الحديث، وسمع من: زين الأمناء، وأبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، ومكرم، وخلق بعدهم. وحج سنة ثمان وعشرين فسمع بمكة من: أبي الحسن القطيعي، وأبي علي الحسن بن الزبيدي. ونسخ بخطه المنسوب الكثير، وعني بالطلب وحرص وأسمع أولاده شيوخنا، وارتزق بالشهادة وتميز فيها. روى لنا عنه: ولده أبو المعالي. وروى عنه الدمياطي في ' معجمه '. وذهب هو وابنه إلى مصر في شهادة فأدركه أجله في رابع صفر بالقاهرة. 62 - عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 108 الملك المغيث فتح الدين ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر ابن السلطان الملك الكامل محمد بن العادل. تملك الكرك مدة. قتل أبوه وهذا صغير، فأنزل إلى عمة أبيه فنشأ عندها. ولما مات عمه الملك الصالح أيوب أراد شيخ الشيوخ ابن حمويه أن يسلطنه فلم يتم ذلك، ثم حبس بقلعة الجبل. ثم نقله ابن عمه الملك المعظم لما قدم إلى الشوبك فاعتقل بها. وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب لما أخذ الكرك من أولاد الناصر داود استناب عليها وعلى الشوبك الطواشي بدر الدين الصوابي، فلما بلغ الصوابي قتل المعظم بن الصالح أخرج الملك المغيث من قلعة الشوبك وسلطنه بالكرك والشوبك، وصار أتابكه. وكان المغيث ملكا كريما، جوادا، شجاعا، محسن السيرة في الرعية، غير أنه كان ما له حزم ولا حسن تدبير. ضيع الأموال والذخائر التي كانت بالكرك من ذخائر الملك الصالح. فلما قل ما عنده ألجأته الضرورة إلى الخروج من الكرك، وذلك لأن الملك الظاهر نزل على غزة في ربيع الآخر سنة إحدى وستين وهو على قصد الكرك، فنزلت إليه والدة المغيث فأكرمها، وبقيت الرسل تتردد إلى المغيث وهو يقدم رجلا ويؤخر أخرى خوفا من القبض عليه. ثم إنه خرج منها، فلما وصل إلى خدمة الملك الظاهر تلقاه، وأراد أن ينزل له فمنعه، وسايره إلى باب الدهليز. ثم أنزل المغيث في خركاه واحتيط عليه، وبعث به إلى قلعة مصر مع الفارقاني، فكان آخر العهد به. قال قطب الدين: أمر الملك الظاهر بخنقه، وأعطى لمن خنقه ألف دينار. فأفشى الذي خنقه السر، فأخذ منه الذهب وقتل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 109 وكان قتل المغيث في أوائل سنة اثنتين، وكان مولد أبيه في سنة خمس عشرة وستمائة، وخنق أيضا في سنة خمس وأربعين أو سنة ست. وعاش المغيث نحو ثلاثين سنة كأبيه. وكان للمغيث ولد صبي أعطاه السلطان إمره مائة فارس. - حرف الفاء - 63 - فاطمة بنت أبي الثناء محمود بن عبد الله بن محمد ابن الملثم العادلي. أم شهاب. سمعت من: البوصيري، والأرتاحي، وعاشت اثنتين وثمانين سنة. روى عنها: الدمياطي، وغير واحد. وماتت في رابع رجب. - حرف القاف - 64 - قريش بن حجاج. أبو هشام القرشي، المصري، المقرئ، الضرير. سمع: أبا المجد القزويني، وابن باقا. كتب عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، والدواداري، وغيرهم. ومات في تاسع عشر شوال عن ثلاث وسبعين سنة. - حرف الميم - 65 - محمد بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن معروف. أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي، البزاز بجيرون، المعروف بالبابشرقي، ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 110 وسمع من: الخشوعي، وأحمد بن حبوس الغنوي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والعماد الكاتب، وحنبل المكبر، وابن طبرزد، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، ومحمد بن المحب، وأبو عبد الله بن الزراد، وفاطمة بنت الرهاوي، وغيرهم. وقد كتب عنه ابن الحاجب وقال: لم يكن محمود السيرة. كان يلي جباية الخراج. توفى البابشرقي في الثامن والعشرين من ربيع الأول. 66 - محمد بن الحسين بن إسحاق. العلوي، الحسيني. حدث عن ابن جبير الكناني. وعنه: الدمياطي وقال: قتل سنة اثنتين وستين. 67 - محمد بن حمدان بن جراح. الفقيه العالم، شرف الدين، أبو أحمد النميري، الجزري الحراني، الشافعي، الأديب، إمام مسجد تربة القضاة بكفربطنا. شيخ فاضل من طلبة ابن الصلاح. سمع من: ابن اللتي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 111 وسكن كفربطنا وجاءته الأولاد، وكان يدخل ويحضر المدارس، ويقول الشعر، وينبسط ويقول: أنا زعيم بني نمير. روى عنه الدمياطي من نظمه، وقال: ولد بعد التسعين وخمسمائة، ومات في رمضان. وذكر أنه كان خطيبا بكفربطنا، فسألت ولده النجم محمود فقال: لم يخطب بها قط. 68 - محمد بن الإمام الفقيه عبد القادر بن أبي عبد الله. البغدادي الأصل، المصري أبو عبد الله. روى عن: أبيه، والحافظ ابن المفضل. وعاش تسعا وسبعين سنة. توفي في ربيع الآخر. 69 - محمد بن علي. البكري، المراكشي، والد الأجل أبي الحسن علي وأبي الفرج عبد الرحمن. مات بدمشق في ذي القعدة. 70 - محمد بن علي بن عبد الوهاب بن محمد بن أبي الفرج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 112 القاضي الإمام زين الدين ابن القاضي موفق الدين الاسكندراني، قاضي الإسكندرية وخطيبها. روى عن: علي بن البنا، والحافظ ابن المفضل. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان صدرا محتشما وافر الجلالة ولأهله الآثار الجميلة والأوقاف والخير بالإسكندرية. توفي في عاشر رجب. 71 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سراقة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 113 الإمام محيي الدين، أبو بكر الأنصاري، الشاطبي. ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقي القاضي. ثم حج ورحل إلى العراق، فسمع من: عبد السلام الدهري، وعمر بن كرم، وأبي علي بن الجواليقي، ومحمد بن محمد بن أبي حرب النرسي، وشرف النساء بنت الأبنوسي، وأبي المنجا ابن اللتي، وجماعة كثيرة. وولي مشيخة دار الحديث البهائية بحلب، ثم دخل ديار مصر وولي مشيخة دار الحديث الكاملية إلى حين وفاته. روى عنه: الدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وشرف الدين محمد بن النشو القرشي، وغيرهم. وكان فاضلا متفننا، كثير المعارف، ذا تصوف ولطف، وكرم أخلاق، ولين جانب، وله مصنفات في التصوف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 114 توفي في العشرين من شعبان بالقاهرة. وقد روى عنه الفخر التوزري بمكة ' الموطأ ' بسماعه من ابن بقي. 72 - محمد بن أبي بكر بن سيف. الفقيه شمس الدين التنوخي، الموصلي، ابن الوتار. خطيب المزة. توفي بالمزة في ذي الحجة، وله نيف، وثمانون سنة. له شعر حسن. وكان مولده بالموصل سنة تسع وسبعين وخمسمائة. 73 - محمد بن الأمير أبي العلاء بن أبي بكر بن مبارك. مجد الدين، أبو عبد الله النجمي، الموصلي الأصل، المصري، المعروف بابن أخي المهتر. ولد بالقاهرة سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وسمع وهو كهل من: مكرم، وعبد القادر بن أبي عبد الله البغدادي. وكان فاضلا رئيسا، من بيت تقدم. تولى عدة ولايات، وحدث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 115 والمهتر: بكسر الميم وتاء، مستفاد مع المهير بضم الميم وياء. توفي في ثاني جمادى الآخرة بالقاهرة. 74 - محمود بن محمد بن حسن. أبو الثناء البسطامي، الصوفي. ولد سنة ثمان وسبعين بالقاهرة. وسمع من: عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي. قال الدمياطي: قرأت عليه قبل الإختلاط، وتوفي في ثاني عشر جمادى الأولى. وكان مولده يوم موت الشيخ روزبهان. 75 - موسى السلطان الملك الأشرف. مظفر الدين ابن السلطان الملك المنصور إبراهيم ابن الملك المجاهد شيركوه ابن الأمير ناصر الدين محمد ابن الملك أسد الدين شيركوه بن شاذي الحمصي. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتملك حمص بعد موت أبيه سنة أربع وأربعين، ووزر له الصدر مخلص الدين إبراهيم بن إسماعيل بن قرناص. واعتضد بالملك الصالح صاحب مصر، فعظم ذلك على صاحب حلب وأخذ منه حمص.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 116 وجرت له أمور، ثم سار مع صاحب الشام الملك الناصر لقصد الديار المصرية، فأسر في وقعة العباسية سنة ثمان وأربعين، وبقي محبوسا في قلعة الجبل إلى أن وقع الصلح في سنة إحدى وخمسين، وأطلق فيمن أطلق، وعاد إلى معاداة الملك الناصر. وكان له مكاتبات إلى التتار، وله قصاد، لما بقي بالرحبة وتلك البلاد المتطرفة. فلما ملك هولاوو قصده فأقبل عليه وأكرمه، واستعان به في تسلم القلاع، ثم ولاه نيابة الشام، وأعاد إليه مدينة حمص. ولما مر به الملك الناصر تحت حوطة التتر نزل به، فلم يلتفت عليه ووبخه وعنفه. ثم إن الملك المظفر قطز بعث إليه يستميله ويلومه على ميله إلى العدو المخذول، ويعده بأمور، فأجاب. فلما طلبه النوين كتبغا لحضور المصاف تمرض واعتل بالمرض، وكان إذ ذاك بدمشق. فلما انكسرت التتار هرب هو والزين الحافظي والتتار. ثم انفصل عنهم الملك الأشرف من أرض قارا، وسار إلى تدمر، وراسل السلطان، فوفى له، فقدم عليه دمشق، فأكرمه وأقره على مملكة حمص، فتوجه إليها. ثم غسل فعائله بالوقعة الكائنة على حمص سنة تسع وخمسين، وثبت وكسر التتار، فنبل قدره، ورأى له الملك الظاهر وأعاد إليه تل باشر، فلما قبض الظاهر على المغيث عمر المذكور في هذه السنة تخيل الأشرف من الملك الظاهر، وشرع في إظهار أمور كامنة في نفسه. وعزم الملك الظاهر على الوثوب عليه، فقدر الله مرضه ووفاته. ويقال إنه سقي. ذكره قطب الدين فقال: كان ملكا حازما، كبير القدر، يقظا، خبيرا شجاعا، كبير النفس، له غور ودهاء، وكان وافر العقل، قليل البسط والحديث، يقيد ألفاظه، ويلازم الناموس حتى في خلواته، ويحذو حذو الصالح نجم الدين أيوب. وخلف أموالا عظيمة من الجواهر والذهب والذخائر، وتسلم الظاهر بلاده وحواصله. توفي في صفر بحمص وله خمس وثلاثون سنة، ودفن بتربة جده الملك المجاهد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 117 وقال أبو شامة: كان شابا عفيفا، (له صلات إلى من يقصده)، وكسر التتار بحمص. وقال ابن شداد: ملك الرحبة، وحمص، وتدمر، وزلوبية بعد أبيه، وخرج من دمشق مع الناصر في نصف صفر، ففارقه من الصفين، وسار إلى تدمر وسار إلى هولاكو، وهو على قلعة حلب، فتوسط بينه وبين أهلها حتى سلموها في ربيع الأول، وبقي عنده يسفر بينه وبين من في القلاع، فلما رد هولاكو ولاه على الشام بأسره نيابة عنه، ورد إليه بلاده. - حرف النون - 76 - نصر بن بروس بن قسطة. أبو محمد الإفرنجي، القصار الزكوي. سمع من: أبي اليمن الكندي. روى عنه: الدمياطي، وكناه أبا الفتح. وكان تاجرا بقيسارية الفرش بدمشق. ومات في جمادى الأولى. 77 - نصير بن نبأ بن صالح. بدر الدين، أبو الفتح التميمي، المصري، الكتبي، المحدث. عني بالحديث والسماع وتحصيل الأصول. وسمع الكثير، ومات شابا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 118
- حرف اللام ألف - 78 - لاجين. الأمير، حسام الدين، الجوكندار، العزيزي. من كبار الأمراء بدمشق. وكان فارسا شجاعا حازما، له في الحروب آثار جميلة خصوصا في وقعة حمص الكائنة في سنة تسع وخمسين. وكان محبا للفقراء وأخلاقهم، كثير البر بهم، يجمعهم على السماعات التي يضرب بها المثل. قال قطب الدين: كان يغرم على السماع الواحد ثمانية الآف درهم. توفي في المحرم، وخلف تركة عظيمة، ودفن بجوار الشيخ عبد الله البطائحي. وقد ناهز الخمسين وقيل إنه سقي، وإن مملوكا له واطأ عليه. طلبني ليلة فحضرت السماع بداره بالعقيبة، فرأيت من الشموع الكبار الكافوري والأتوار الفضة والمطعمة ما يقصر عنه الوصف. ثم مد بعد المغرب سماطا نحو مائة زبدية عادلية، في الزبدية خروف صحيح رضعي، وقريب ثلاثمائة زبدية، في كل زبدية ثلاثة طيور دجاج، وغير ذلك من الأطعمة. قال: وبعد العشاء شرعوا في الرقص، فرقص بين الفقراء سالكا من
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 119 الأدب معهم ما لا مزيد عليه. فلما فرغت النبوة مد صحون الحلواء والقطائف السكرية، فأكلوا بعضه، وأخذ عامة ذلك الفقراء في خرقهم. ثم رقص هو وغلمانه والمشايخ، فلما فرغوا مد فواكه في غاية الكثرة والحسن. وكان ذلك في آخر الشتاء. وكان يدخرها من كفربطنا وزبدين وغير ذلك، فإنها كانت إقطاعه. ثم غنوا ثالث نوبة، ومد مكسرات، فرفع الفقراء عامة ذلك. وكان الماء بالثلج والسكر والمسك والمباخر بالند والعنبر طول الليل. فلما كان وقت السحر أدخل الفقراء إلى حمام ابن السرهنك المجاور لداره، فدخل كثير من الجماعة، ولم أدخل أنا، فخدمهم بنفسه وغلمانه، وكسا جماعة لما خرجوا ثيابا، وسقاهم السكر، ومد لهم ططماجا، وخلع على المغاني عدة أقبية فاخرة. وكان هذا السماع في آخر سنة تسع وخمسين، واللحم بسبعة دراهم، والغرارة بثلاثمائة درهم. - حرف الياء - 79 - يحيى بن بكران. الجزري، زين الدين الجزري، التاجر. سكن دمشق، وصار من عدولها. وولي ديوان الحشر، وغيره. ومات في شعبان وروى لنا ولده عن البكري حضورا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 120 80 - يحيى بن علي بن عبد الله بن علي بن مفرج بن أبي الفتح. الإمام، الحافظ، المحدث، رشيد الدين، أبو الحسين القرشي، الأموي، النابلسي، ثم المصري، المالكي، العطار. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه أبي الحسن، وعمه أبي القاسم عبد الرحمن، وأبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعلي بن حمزة الكاتب، والأثير أبي الطاهر ابن بنان، وعبد اللطيف بن أبي سعد، ومحمد بن عبد المولى، ومحمد بن يوسف الغزنوي، والعماد الكاتب، وابن نجا الواعظ، وزوجته فاطمة، وحماد الحراني، وعلي بن خلف الكومي، ومحمد بن يوسف الآملي، وابن المفضل الحافظ وعنه أخذ علم الحديث. وسمع بدمشق من: الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب ؛ وبمكة والمدينة من جماعة: وخرج عنهم ' معجما '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 121 وروى الكثير وأفاد وانتخب. وكان ثقة، ثبتا، عارفا بفن الحديث، مليح الخط، حسن التخريج. قال الشريف عز الدين: كان حافظا ثبتا، وإليه انتهت رئاسة الحديث بالديار المصرية. ووقف جملة كتبه. وسمعت منه وصحبته مدة. قلت: وروى عنه الدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وقاضي القضاة أبو العباس بن صصرى، وأبو محمد شعبان الإربلي، وعبد الرحيم الساعاتي، وأبو المعالي بن البالسي، وعبد القادر الصعبي، وأبو بكر بن أبي الحسن بن الحصين، والتاج أبو بكر بن عبد الرزاق العسقلاني، وأحمد بن محمد بن الأخوة، والكمال عبد الرحمن بن يعيش السبتي، وداود بن يحيى الفقير، ويوسف الكفيري الفراء، وأبو الفتح إبراهيم بن علي بن الخيمي، وخلق كثير. ومات في ثاني جمادى الأولى بمصر، وقد ولي مشيخة الكاملية ست سنين. 81 - يوسف بن يعقوب بن عثمان أبي طاهر بن الفضل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 122 جمال الدين، أبو المظفر الإربلي، ثم الدمشقي، الذهبي. ولد ظنا سنة تسعين وخمسمائة. وسمع بإفادة عمه عز الدين عبد العزيز من: ابن أبي طاهر الخشوعي، وحنبل، وابن طبرزد، والكندي، وجماعة. ولكن لم يظهر سماعه من الخشوعي إلا بعد موته. وكان رجلا جيدا خيرا. وكان خيرا من ابنه أبي الفضل محمد بكثير. روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والبرهان الذهبي، وابن الخباز، وعلاء الدين الكندي، وأبو الفضل الإربلي ولده، ثنا عنه، عن عبد المجيب بن زهير. ومات في ثالث ذي الحجة، ودفن بسفح قاسيون. الكنى 82 - أبو بكر بن مهلب بن يوسف. أبو يحيى المرادي، الألشي. أخذ القراءآت عن أبي جعفر بن عون الله الحصار تلاوة في سنة ستمائة. وروى عن جماعة. وولي قضاء بلده. روى عنه الناس. ومات سنة اثنتين وستين. قاله ابن الزبير. 83 - أبو القاسم بن منصور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 123 القباري الزاهد، وسماه الإمام أبو شامة محمدا. كان شيخا صالحا، عابدا، قانتا، خائفا من الله، منقطع القرين في الورع والإخلاص وكان مقيما ببستان له بجبل الصيقل بظاهر الإسكندرية، وبه مات، وبه دفن بوصية منه. قال أبو شامة: كان مشهورا بالورع والزهد، وكان في غيط له في فلاحه يخدمه ويأكل من ثماره وزرعه، ويتورع في تحصيل بذره حتى بلغني أنه كان إذا رأى ثمرة ساقطة تحت أشجاره لم يأكلها خوفا من أن يكون حملها طائر من بستان آخر. وكنت اجتمعت به سنة ثمان وعشرين مع جماعة، فصادفناه يستقي على حماره ويسقي غيطه من الخليج، فقدم لنا ثمر غيطه. وحدثني القاضي شمس الدين ابن خلكان، عن المجد بن الخليلي أن الأثاث المخلف عنه، كان له أو كان لغيره، قيمته نحو خمسين درهما، فبيع بنحو عشرين ألف درهم للبركة. وقال الشريف: توفي في سادس شعبان. وكان أحد المشايخ المشهورين بكثرة الورع والتحري، والمعروفين بالانقطاع والتخلي، وترك الاجتماع بأبناء الدنيا، والإقبال على ما يعنيه. وطريقه قل أن يقدر أحد من أهل زمانه عليها، ولا نعلم أحدا في وقته
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 124 وصل إلى ما كان عليه من خشونة العيش والجد والعمل، وترك الاجتماع بالناس والتحرز من الرياء والسمعة. كان تزوره الملوك فمن دونهم، فلا يكاد يجتمع بأحد منهم. قال: وبالجملة فلم يترك بعد مثله، رحمه الله. قلت: وبعض العلماء أنكر غلوه في الورع وقال: هذا نوع من الوسواس في الطهارة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ' بعثت بالحنيفية السمحة '. قلت: والجواب عنه أنه مأمور بما كان عليه من الوسوسة في الورع بقوله عليه السلام: ' دع مايريبك إلى ما لا يريبك '. ولولا ارتيابه لما بالغ في شيء وغلبة الحال حاكمة على العلم من بعض الصالحين. وأيضا فمن الذين قال إنه كان يتورع عن الحرام فقط. بل قد يتورع الإنسان عن الحرام والمشتبهة والمباح، ولا يوجب ذلك على غيره، بل ولا على نفسه. وهذا الرجل فكان كبير القدر، له أجران على موافقة السنة، وأجر واحد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 125 على ما خالف ذلك، لأنه حريص على ابتغاء مرضاة الله، مجتهد في خلاص نفسه. {ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، والله لا يسأل العبد لم لا أكلت كل مباح، بل يسأله لم أكلت الحرام، ويسأله لماذا حرمت على نفسك ما أبحت لك مع علمك بإباحتي له، لا مع جهلك بالإباحة. هذا مع التسليم بأن الورع بالعلم أفضل وأرفع، وذلك حال الأنبياء صلوات الله عليهم، مع أنه لهم فيه شرائع وطرائف كطريقة سليمان عليه السلام في الملك والإكثار من مباحات الدنيا، وكطريقة عيسى عليه السلام في السياحة والإعراض عن الدنيا بكل وجه، وكطريقة داود في أمور، وطريقة إبراهيم الخليل في قرى الضيف، وأشرف طرقهم وأفضلها طريقة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإنها حنيفية إبراهيمية سمحة، سهلة، بريئة من الغلو والتعمق والتنطع. اللهم استعملنا بها، وأمتنا على محبتها، وأكفنا الوقيعة في عبادك الصالحين. فمن مناقب القباري، رحمة الله عليه: قال العلامة ناصر الدين أبو العباس أحمد بن المنير الإسكندراني في ' مناقب القباري ' رحمة الله عليه، وهي نحو من خمسة كراريس، قال: كان الشيخ في مبدأه قد حبب إليه سماع العلم، وبغض إليه تناول غير ميراثه من أبيه، فلا يذكر منذ عقل أمره أنه قبل من أحد لقمة ولا ثمرة. حتى كان له جار في الكرم وقف به يوما وهو يبيع الرطب، فعرض عليه رطبة استحسنها وسأله أن يأكلها، فقال: لا. فألح عليه، وحلف عليه جاره يمينا: لا آكل لك شيئا. فكان بعد يتأسف ويتندم على يمينه. قال: وكان يحضر مجالس العلم على ثقل سمعه، فإذا انقضى الدرس سأل من أترابه أن يعيدوا له بصوت عال كلام المدرس. قال: وكان قل أن يدعو لأحد، بل يطلب منه الدعاء، فيقول للطالب:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 126 ما تحتاج. ويقول لآخر: ما أشتهي لأحد من الأمة إلا خيرا. ويقول لآخر: أود لو كان الناس كلهم على الخير. ويقول لآخر: أحب لكل أحد ما أحبه لنفسي. قال ابن المنير: وقال لي مرة: يطلب أحدهم مني الدعاء بلسانه، ويظهر لي من قرائن أحواله أن قلبه غافل وأن نفسه قاسية على نفسه، فكيف أرق أنا عليه، وكيف أدعو له بلا رقة؟ ! قال: وحضر عندي بعض أصحاب الكامل، وهو في غاية البذخ، عليه الملبوس الفاخر، وعلى الباب المراكب الثمينة، وبين يديه المماليك، وهو يتحدث مع رفيقه ويتضاحكان، ثم سألني الدعاء، فأجريته على العادة، فناقشني وقال: ما الناس إلا يتحدثون بأنك لا تدعو لأحد معين، وينتقدون ذلك. فقلت: ألست تعلم أن الدعاء طلب العبد الضعيف من الرب الرحيم؟ قال بلى. فقلت: أيطلب منه برقة أم بقسوة؟ قال: برقة. فقلت: ما أجدها عليك، لأني ما وجدتها منك، فبأي لسان أدعو، وإن شئتم الدعاء باللسان فهو البيدق الفارغ بلا قلب. وقال: أقمت زمانا أصافح تمسكا بالحديث، ثم وجدت النفس عند المصافحة تتصرف في الإنسان فرب ودود تبسط الكف له بسرعة، ورب آخر تتكلف له، فقلت العدل خير من المصافحة، فتركتها. وقد قال مالك. ليست من عمل الناس، وربما قال: الأمر فيها واسع. وكان رحمه الله لا يأذن لأحد من أرباب الدنيا والولايات في الدخول عليه متى شاء. قال لي: فتحت الباب فرأيت جنديا فقلت: من أنت؟ قال: أنا الذي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 127 توليت الاسكندرية. وكان ثاني يوم قدم فقلت: ما حاجتك؟ قال: أن تأذن لي كلما أردت أن أجيء ليكون حضوري بدستور منك عام. فأجرى الله على لساني أن قلت له: لا آذن لك لأنكم عندي كالمرض لا آذن له إذا استأذن، ولكن إذا جاء دخل بقضاء الله صبرت عليه. وانفصل عن ولاية الثغر هذا الأمير من خمس وعشرين سنة، فوالله ما أتم الشيخ لي الحكاية حتى أقبل هذا الأمير بعينه فقلت: سبحان الله. فقال الشيخ: اسأله عن هذه الحكاية لعله يذكرها فسألته فقال: أذكرها وكنت أحكيها دائما في مصر والشام. وكان رحمه الله يقول: لو علمت أن الملوك والأمراء لا يأخذهم الغرور بإقبالي عليهم لأقبلت، ولكنهم يظنون أنهم لمجرد الزيارة ينتفعون، وأن الإقبال عليهم دليل الرضى عن أفعالهم. ولو علمت قابلا للنصيحة لدخلت إليه أنصحه. لما جاء الملك الكامل وخطر له أن يخرج إلى عندي جاءت له مقدمات من مماليك وحجاب، وصادفوني أسلق الفول لعشائي، وكنت حينئذ لا أحب داخلا، فقلت لرجل كان عندي: السلامة والكرامة في أن يحال بيني وبينه. فلما جاء إلى بابي قيض الله له بعض نصحائه فقال له: المملكة عظيمة، وقد صحبك العسكر بجملته، وأنت بين أمرين: إما أن يأذن لك، أو يحجبك. وإذا أذن لك صرفك كالآحاد، ونصحك بما لا تطيق فعله، فإن فعلت تغيرت عليك قواعد كثيرة، وإن تركت قامت الحجة. والمصلحة عندي الاقتصار على الوصول إلى الباب. فبلغني أنه قال: جار الله وقد حصلت النية. فانصرف راجعا. فقلت للشيخ: إن الناس يقولون إنك حجبته. فقال: ما حجبه إلا الله. قال المؤلف: عرضت على الشيخ كثيرا من حكايات مشايخ الرسالة إلى أن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 128 أتيت على أكثر ما في ' رسالة القشيري ' فقال لي يوما: ما أحب أسمع شيئا خارجا عن الكتاب والسنة وكلام الفقهاء. وكان يمكن الأطفال من دخول بستانه، فإذا ميز الطفل حجبه، ويقول: من أدعى أنه معصوم فقد أدعى ما ليس له في الغيب. وكان يقول: سبق إلى ذهني في مبدأ العمر اختيار بستان في الرمل من متروك أبي أنقطع فيه، لأجل أن ماءه نبع، وأستريح من شية ماء النيل وإجرائه في الخليج بعمل. فمنعني من ذلك أن الحريم يكثرن هناك، ولا يستتر بعضهن، ولا يسلم المقيم من النظرة. فلما كثر الفساد صار الناس يقصدونه في الربيع للنيرة والخضرة، فما زالوا حتى انتزح هذا الماء عنه بالكلية، وبقي صفصفا موحشا. وكان أنشأ فيه تينا ورمانا وزرجونا، كان الناظر يقضي منه العجب، إلا أنه ما باع منه ثمرة، فكان يقدد التين، ويتخذ من الرمان عسلا يستغني به عن العسل، ويتخذ من العنب خلا وزبيبا، فعزم بعد على قطع الكرم لئلا ينتقل إلى من يبيعه للذمة عصيرا، فقيل له: قطعه إضاعه مال متيقن لأجل مفسدة موهومة. فتوقف وفي نفسه حسكة. فاتفق أن النيل تأخر عنه فيبس فقلعه. وقال لي: وعوضني الله عن تلك الثمار بالشعير والفول. ومن نوادره أنه وجد في قمح اشتراه من الفرنج حبات تشبه الشعير، نحو حفنة، فازدرعها، وأقام يقتات منها مدة عشرين سنة. وكان يعجبه أنها متميزة في نباتها وفي سنبلها. وكان إذا حصدها نقاها سنبلة سنبلة، فإن وجد غريبة تركها، وكذا كان شأنه فيما سقط من الثمار لا يتناوله، لاحتمال أن الطير نقلته. وأما النخل الملاصق لجيرانه فكان يبيحه لهم. وكذا لما بنى بينهما حائطا احتاط، وأخرج من أرضه قطعة لهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 129 وقال: طبخت يوما فكان الهواء يسوق الدخان إلى جاري، فحولت القدر في الحال، وأبعدتها عنهم. وقطع نخلة فوقع سعفها على حائط الجار فقال علم الله أنها لم تضرهم إلا أنها نفضت الغبار على الجدار. فعد الشيخ ذلك تصرفا في ملك الغير. وكان لجماعة فيهم أطفال وغيب، وأوجب على نفسه لهم شيئا وأعطاهم. وكان يقول: إن كان هذا واجبا فقد خلصت منه، وإن كان غير واجب فهو صدقة مستورة باسم الحق. وكذلك كان يقول في ترجيحه في الوزن وأخذه ناقصا. قال المؤلف: حدثني ثقة قال: خرجت يوما إلى الشيخ ومعي ' الموطأ ' فقال لي: فيه حديث عائشة أن النبي عليه السلام كان يدني إليها رأسه وترجله وهو معتكف، فهل كان ترجله بمشط أو بغيره؟ فبدرت وقلت: ما يكون الترجيل إلا بالمشط. فقال: ويكون بالأصابع أو بعود، كما ورد في الحديث الاخر أن رجلا اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم وبيده مدرى يحك بها رأسه. والمدرى العود المحددة بخلال. فكان الشيخ لا يستعمل المشط، لأنه ما وجده في الخبر صريحا. فقيل له: أما هو مباح؟ قال: الإكثار من المباح ذريعة إلى الوقوع في المكروه. وكان إذا ذبح دجاجة نتفها ويقول: السمط يجمد الدم. وقد (...) أكل النبي صلى الله عليه وسلم سميطا. وكان لا يكربل الدقيق الشعير للحديث الوارد في ذلك، بل كان ينفخه ويقول: بلغني عن الأطباء أنه أحمد عاقبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 130 وكان يعجبه الطب إذا اقتضى خشونة أو تركا بالكلية. ويكره الملعقة. وكان ينبسط ويقول: أكلت لونا غريبا. فأقول: ما هو؟ فيقول: صببت في القصعة ماء قراحا، وصبغت به الكسرة. وكان لونا نظيفا. وكان يقال له: أليس المسك طاهرا؟ فيقول: هو طاهر للطيب، فهل تجدون أن النبي صلى الله عليه وسلم أكله ! وقال: لو فتشوا على الملح ما وجدوه يخلص، إما من تقدم الملك على الملاحات، وإما من رسم ضمان، وإما من تغالب بين الملاحين، ولو لم يكن إلا جمل الجمال. وكان يكره استعمال الجمال، وهو ما يقتنيها إلا العرب. وقد شاهدتم أحوالهم ونهبهم. وصف لي ملح بالمصليات فسافرت إليه، وأخذت منه حاجتي طول عمري. وقال في تركه الثمار تحت الشجر: هب أنها مباحة، أنا تركت هذا المباح. وتذكر قوله عليه السلام: ' دع ما يريبك إلى ما لا يريبك '. وقوله: ' الحلال بين '. وقوله: ' لولا أني أخشى أنها من ثمر الصدقة لأكلتها '. وكان قد لقيها على فراشه. أفليس من النادر المستبعد أن تكون من ثمر الصدقة، فإن ثمر الصدقة كان لا يدخل بيته. وكان إذا سمع الناس ينسبونه إلى الورع ينكر ذلك ويقول: إن الورع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 131 الذي يسيرون إليه أن يترك الإنسان الحلال المحض تقليلا. وأين الحلال؟ علم الله أنني ما وجدته قط. أيكون أكثر من أن أمد يدي فآخذ من البحر جونا بلا آلة. فما نفسي بذلك طيبة لأن القوة التي بسطت بها يدي، إنما نشأت من هذه الأقوات المشتبهات. وكان يقول: إذا كان لا بد من اللقاء فالتواني من علامات الشقاء. فاعمل لدار البقاء، وليوم ينادى عليك: عبد أطاع، أو عبد طغى. وكان يقول: لا آكل شيئا بشهوة وإنما آكله ضرورة. ولو جاز لي لتركته. قال المؤلف: والظاهر أن الشهوات كانت قد حملت عنه بالكلية. وكان يقول: هذا الشواء عندي كالجيفة، وما أنا به جاهل، كنت آكله في الصبى، فسبحان مقلب القلوب. وربما سأل خادمه: ماذا أكلت؟ فربما قال: مضيرة. فيقول: يا بطن الجيفة، أما تبصر ما يقاسي أرباب الكروم من رعاة الماعز. وكان يقول: سمعت عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: أدركت زمانا يقال لي فيه: عامل من شئت. ثم أدركت زمانا يقال فيه: عامل من شئت إلا فلانا وفلانا، ثم أدركت زمانا يقال لي فيه: لا تعامل أحدا إلا فلانا وفلانا، ثم أنا في زمان ما أدري من أعامل. ثم يقول الشيخ: إذا كان هذا حذيفة وزمانه، فكيف بزماننا؟ أمر السلطان بأن يكون نصيب بيت المال من موجود الشيخ صدقة عن الشيخ، ونزل الوارث والموصى له عن نصيبهما من الأثاث لله، فصار الكل لله، فاجتمعوا لشرائه، فتزايدوا حتى بيع منه شيء يساوي درهماً بنحو الألف. وما زال الناس يتنافسون في آثار الصالحين، وهذا تركة ابن الزبير ما ظنوا أنها تبلغ مائة ألف، فأبيعت وبورك فيها، فبلغ الدرهم أكثر من خمسمائة. وكان رحمه الله قد اختار زراعة الفول الرومي، لأن زريعته من بلاد الفرنج، ولا تستطيع العصافير نقله، فأقام يقتات الفول وحده أربعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 132 وقل أن يكون صندوق عند أحد من التجار والمعتبرين إلا وفيه من ذلك الفول. لأنه أخذ منه بعضهم عشر فولات. وكانت له إحدى عشرة شدة، فوضع في كل شدة فولة وبقيت شدة لم يضع فيها، فاتفقت له جائحة في الطريق أصابت الشدة وحدها وحمى الله البواقي. فلما أكثر الناس الحكاية عنه تركه وأقتات بالشعير. وقد تجذم في أكل الفول وتفتت جسمه، وكان صديده يغلب الماء. ويقي مدة. وقيل: ما عليه أضر من الفول فإنه يولد السوداء. فقال: إن الذي جعله داء قادر على جعله دواء. ولم يزل يستعمله حتى عوفي. فكان يحكي ذلك، ويقلب بدنه ويقول لي: هل ترى له أثرا أو شرا؟ فلا أرى شيئا. وكان لا يشرب من صهاريج السبيل، وقال لي: هذه الأمور صدقات، والصدقات أوساخ الناس، واجتنابها مأثور. وقال لي: أقمت أربعة أيام لا أجد ما أشتريه فطويتها، ولم أجد جوعا سوى تغير يسير في الصوت. وكان لا يخرج بحماره إلا مكمما. وقال لي: دخلت البلد زمن الصبا فوقفت عند حداد والمقود بيدي، فلم أشعر إلا ورجل أراني طرف ردائه قد مضغه الحمار فقرض منه، فأعطيته قيمة ما أفسد فقال: تصدق بها علي. فقلت: لا. ومذهبنا أن المديان إذا قال له رب الدين لا أجده وأنا أسقطه عنك، فقال لا أجد شيئا أجبر رب الدين على القبض، وللمديان حقا في خلاص ذمته بلا منة. وكان يقول مع ذلك: لا أحرم غير الحرام، لكن لي أن أترك ما شئت تركه من المباحات عندهم، والمشتبهات عندي، فنحن على وفاق. قال المؤلف: وكان في مبدأ أمره بمكة وقد نهب العراقي في بعض السنين، فامتنع حينئذ من معامل أهل مكة مطلقا، وبقي يقتات الأرز مسلوقا من الأرز المجلوب، حتى قرحت أشداقه، وإلى أن أقعد ومرض.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 133 وكان إذا تصرف له وكيله ناوشه الأسئلة وناقشه، وكان إذا سأل عن مسألة فذكر له فيها نص مالك سأل عن دليله، إلى أن يمعن في الكشف، فيقف على موضع حجته من الكتاب والسنة. فإذا قيل له: مستنده القياس ؛ فكر، فربما استنبطه من النص. لقد رأيته يدقق على الأذكياء، فإن لم يقدر رجع إلى الاحتياط بالترك أو بالتشديد على النفس. وإن كان لا يحتمل الاحتياط لتعارض المحظور من الجانبين كشف عنه المذاهب وحججها، وفي الآخر يرجع إلى التقليد بعد أن يستحضر الكتب التي فيها المسألة، ويشترط على من يحضرها أن لا تكون عارية ولا جنبا، وأن يكون الكتاب ملكاً نظيفا للمحضر، فإذا وقف على المسألة أعطى المحضر بحسب الحال، إما فضة وإما مأكولا وقال له: هذه مكافأة لا أجرة، لأن العلم لا يؤخذ عليه أجرة. وكان كثيرا ما يطلب مذهب أحمد ويقول: كان صاحب حديث. ويذكر أنه سمع ' مسنده ' بمكة، فيقال له: أفلا نسمعه منك؟ فيقول: هذا ما تقلدته ولا سمعته إلا لنفسي خاصة. وكان عجز عن الطواف والتعبد، فجعل عوض ذلك الجلوس للسماع. قال: فجعلت مجلسي إلى جنب القارئ لثقل سمعي، فسمعت منه جملة. قال المؤلف: كان عجبا فيما يسمعه، ما أظنه سمع شيئا فنسيه. وكان يحفظ ' الجمع بين الصحيحين ' من زمن الصبى، استكتبه ودرسه، وكان يحفظه باختلاف الطرق والألفاظ، وبالفاء والواو إلى منتهى العبادات، وكثيرا من أحاديث القدر. وكان يأخذ ارتفاع الشمس بالميزان. وكان قل أن يتكلم إلا متبسما منشرحا. فإذا أقبل على مقدمات الصلاة كان كأنه مصاب بولد أو محتضر ويتوضأ لكل فريضة. وقال: كنت يوما في هذه الغرفة، فإذا ثعبان عظيم مطوق، فأخذت آلة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 134 لقتله، وقلت له حتى أنذرك (...) هذه الأولى. فثبت على حاله، فقلت: انصرف وإلا قتلتك هذه الثانية. فامتد، فرأيت هولا مهولا، فقلت له: الثالثة ما بقي سواها. فتحرك واستدار وصفر، وأخرج يدين على صورة الحرذون، فقلت: ما أنت ثعبانا ولا حرذونا. وعرفت أنه جان. وقال: كنت أربط الحطب، فإذا بي قد أحسست ألما في عقبي، فظننتها شكة دخلت فيه، فلما أكملت ربط الحزمة نظرت فإذا حنش قد التف على ساقي، وقد نهشني، ونشبت أنيابه، فألهمت أن قبضت على حنكه وخنقته، ففتح فاه وتخلص نابه، وانبعث الدم. قال: فطرحت الحنش ومسحت الدم، وما زدت على أن توضأت وغسلت مكان النهشة، وأحسست بالسم إلى أن صعد إلى وسطي فوقف. فلما كان بعد سنة صار مكان اللسعة بثرة، فقرضتها بالمقراض، فخرج منها ماء أصفر، فقدرت أنه السم دار في بدني، ثم عاد إلى موضعه، وكفى الله. وكان في جبهته ثؤلول تزايد حتى صار سلعة، فكنت أراه وقت السجود يجتهد في تمكينه من التراب. ثم تفاقم أمره. وكان يهاب أن يكلم في مثل هذا. فدخلت يوما فوجدت تلك السلعة قد ذهبت بقدرة الله، ومكانها كأن لم يكن فيه شيء غير أثر يسير جدا. فقلت له حينئذ: الحمد لله على العافية. فقال: كانت تشوش علي في السجود، وما كان لها دواء إلا تمكينها من التراب، فلم أشعر بها إلا وقد انفقأت. وقد تزوج بصبية في شبيبته ولم يدخل بها. وطلقها لما تجذم. وقد ضعف بصره في الآخر، فأصبح يوما قلقا وقال: دعوت البارحة إن ابتليتني بشيء فلا تبتليني بالعمى، وإن كان ولا بد فلا تمهلني بعد بصري. ودمعت عيناه عند الحكاية، فأحسست أنه لا بد له من العمى. وعمي قبل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 135 وفاته بخمسة عشر يوما. انفقأت عيناه إلى داخل، فكان ماؤهما يسيل من أنفه. واحتاج في الآخر إلى زوجة فباع الدابة، واستعان بما يصرفه لعلفها في حق الزوجة. واتفق أن أباها وجد الجرة التي يشرب منها الشيخ قد وصلتها الشمس، فحولها إلى الظل، وكانت طريقة الشيخ تقتضي أن هذا القدر يمنعه من الانتفاع لأنه يرى بها منفعة لم يعاوض عليها. فلما استدعى الماء قالت له الزوجة: ما هاهنا ماء تشربه. فسألها عن القضية فأخبرته، فأعجبه نصحها، وبات وأصبح صائما، وطوى حتى جاء الذي كان يستقي له. سألته كم لك ما أوقدت عليك سراجا؟ فقال: نحو من ستين سنة، ما تركته عن علم بما ورد في الحديث، والبيوت ليس فيها مصابيح. ولكن بلغني بعد. وإنني لما انقطعت عن الناس اتفق ليلة أن السراج انطفأ لعارض، فوجدت نفسي قد استوحشت لفقده فقلت لها: تري هذا شغلا معتبرا وأنسا منقطعا، لا حاجة لي فيه. وكنت بمكة شابا وإلى جانبي جندي، فلما كان الليل سمعته يقدح وبيننا كوة، فأغمضت عيني ليلتي كلها. وكان يقول: الدنيا دار أسباب، من زعم أن التوكل إسقاط السبب بالكلية فهو غالط. وقال: قال لي صوفي: نحن ما نرى الأسباب، فقلت له: ما صدقت، لو صفع الأبعد إنسان أكنت لا تراه البتة ولا يؤثر فعله فيك؟ فسكت. فقال: أما أنا فأرى الأسباب لكن ما أقف عندها. خرج إلى الشيخ وزير والساقية تدور بالدولاب، فأراد أن يبسط المجلس فقال: يا سيدي أيش ترى في بغلتي ندورها في الساقية؟ فقال له: ولا أنت ما أرى أن أدورك فيها. فانبسط الرجل ؛ ثم قال الشيخ على عادته: ارحلوا. فقال الوزير: لماذا تطردنا؟ قال: لأن القعود معكم ضياع. وخرج إليه أكابر فقال واحد منهم: هذا طبيب السلطان، يعني الكامل. فقال الطبيب: ما نحن أطباء بل نحن أعلاء، إنما الأطباء الأولياء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 136 قال: الشيخ: وأشار إلي. فلم أقره فقلت: اعلم أن مثل المشار إليه بالولاية كمثل الطبيب، كم علل من عليل فما أفاد. أما داويت أحدا فمات ولم ينجع فيه الدواء؟ فقال: كثير. فقلت: وكذا الجانب الآخر. وكان يرى أن ترك التسبب والاعتماد على الفتوح غلط، ويقول: انتقل من سبب نظيف إلى سبب وسخ. وذلك لأن الاحتراف سبب شرعي، والكدية سبب مذموم، وليته يبسط يده خاصة، ولكنه يقول: أنا صالح فاعطوني. ترى ماذا يبيعهم إن باعهم عمله فبيع الدين بالدنيا، كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها، لعله عند الخاتمة يوجد مفلسا، فالحبس أولى به. وصدق الشيخ، قال بعض المشايخ: من قعد في خانقاه فقد سأل، ومن لبس مرقعة فقد سأل، ومن بسط سجادة فقد سأل. قال: هممت بمكة بالتجرد وبيع الأملاك وإنفاقها، ثم التحول إلى الشام، والاقتناع بمباحات الجبال، فسألت فصح عندي أنه ليس في الجبال ما يقيم البنية دائما، فقلت: ما بيدي أنظف من الحاجة إلى الناس. أردت أن أعيش فقيرا ذليلا، وأراد الله لي أن أعيش غنيا عزيزا، فله الحمد. وعزمت على الإقامة بالبر، ليس لأستريح من شبهة ماء النيل الجاري في الخليج. فإذا أكثر عيش أهلها السمك، وهو بضمان. فقلت: مشبهة ماء النيل أخف. وكان يستحسن طريقة سلمان الفارسي، ويحصل قوت كل سنة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم (...) من خيبر قوت عياله سنة. وله في ورعه حكايات، ذكرها المؤلف منها أن بعضهم رآه يحصد في بستانه، ويترك أماكن، فسأل الشيخ وألح عليه فقال: إن ظلال نخيل الجار الساعة ممتدة، وأنا أتحرى أن لا أستظل بظله. فإذا زال الظل حصدتها. وكان إذا انفلتت له دجاجة، إلى الطريق تركها بالكلية لأنه يجوز أن تكون التقطت شيئا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 137 وكان يشترط على الفرنج فيما يشتريه منهم من الحيوان أن لا يكون قد شرب من ماء الثغر، ويحلفهم، وأن لا يكون مشتركا ولا غصبا. ومهما لاحت له شبهة تركه. وكانوا يتنافسون في معاملته ويغتبطون. وقال: خرج رسولهم إلي مع الوالي، فأردت أن يعلم الحال فقلت للترجمان: أعلمه أنني ما أعاملهم إلا لأنهم عندنا غير مخاطبين بالحلال والحرام، فهم كالبهائم، وأما المسلمون فإنهم قاموا بالوظيفة العظمى، فخوطبوا بالحلال والحرام. فالمسلمون هم الناس. فأنا كمختار السياحة بين الوحوش ومزاحمتها في أرزاقها. وما ذاك لفضل الوحوش على الإنس، بل لطلب السلامة. وكان يقول: لا ينالني من مصر إلا الماء، وليته كان صافيا. يشير إلى ما ينفق في عمل الخليج. وكان يقول: من ادعى أن المحسن والمسيء يستويان فقد ادعى عظيما. وقال: لولا الطباع لكان المحسن هو المسيء والمسيء هو المحسن. وبعث إليه الملك العادل ألف دينار فشدد في النفور والنكير. وحج مرة إلى دمشق على حمار ومنها إلى مكة على جمل. وتزود إلى دمشق خرج خرنوب، ونزل بظاهرها على حافة النهر. قال: ونفد مني الخرنوب فسألت فإذا كل ما بدمشق مضمنا حتى الملح فدللت على حوارنة يجلبون تينا يابسا، فجلب لي رجل خرجا من تين فكان زادي إلى المدينة، فاحتجت إلى الزاد بها فاشتريت تمرا زودني إلى مكة. وكان يقول: أنا القباري ولي أكثر من ستين سنة ما قدرت أن آكل قبارة لأجل الشركة. وكان من الشجعان المعدودين. كان في أوائل شبابه قد لقي أربعة عشر نفسا من الشلوح بمطرق كان معه فأجلاهم بالليل حتى بلغوا باب القنطرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 138 وبلغني أنه قال: إذا اخذت مطرقا لقيت ثلاثين لا أبالي بهم. وبلغ من قوته في صباه أنه كان يروح المواهي مترعة بحيث لو اجتمع عليها أربعة لكاعوا في رفعها، فيرفعها بإحدى يديه إلى ظهر الدابة. حكى عن نفسه أنه كان يطلع النخلة ثم يلقي البطاسية ويسبقها إلى الأرض. وحدث أنه كان بالجانب الغربي من أهل العرامة والذعارة قطاع طريق يسفكون الدماء، فتفاقم أمرهم وعجزت الولاية عنهم سنين، فقدر الله أنهم امتدوا إلى بستانه، فأصبح فوجد آثارهم فقال: كأنهم وقعوا عندي، وقعوا ورب الكعبة. فأصبح، ففي ذلك اليوم بعينه أمسكوا وصلبوا. وقبل موته نشأت صفقة من جنس هؤلاء فعاثوا نحو السنة، فنزلوا قصرا قريبا من الباب، وقتلوا على باب الشيخ رجلا، فقال الشيخ: كأنهم دبوا إلينا، يقعون إن شاء الله. فأخذوا بعد قليل. وكانوا ثلاثة. وكان له في الجمع بين الطريقة والشريعة عجائب. كان يقول لي: قوله: {كل من عند الله} ، هذه حقيقة. ثم ينتهي إلى قوله: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} هذه شريعة ويقول: الحجة في الشريعة ولا حجة لنا بالحقيقة. ويقول: أكثر ما تؤتى المتصوفة من ملاحظة الحقيقة مع الإعراض عن الشريعة، وهذه ضلالة. اتفق أن بعض الملوك قدم الإسكندرية قبل أن يتسلطن، فخرج بعض الخربندية لأخذ حطب الناس، فأخذوا من غيط الشيخ جملين جريدا، فجاء جاره فخوفهم، فلم يفكروا وراحوا. فجاء الأميران المحمدي وشمس الدين سنقر، فذكر لهما الجار القصة، فساقا على آثار الجمال، فهرب الخربندية،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 139 وأستاقا الجملين إلى الغيط، فدخل إليه جاره وعرفه القصة فقال: أما أنا فما بقيت أنتفع بهذا، لأنه شيء، قد عصي اليه فيه، وقد صار لك فيه حق، ولهذين الأميرين ولأصحاب الأرض التي سلكها الغاصب. فأخذه المعرف، وكافأ الشيخ الأميرين بشيء. وقال مرة لرجل: أما أنا فما أعلق قلبي منه لا بطعام ولا بشراب، أأكون بهيمة هنا وبهيمة هناك همه بطنه، إنما أطلب منه الرضى وما عداه فضلة. قال المؤلف: لأن غاية نعيم المؤمنين أن يحل الله عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا، وهو أفخر العطايا. وقال لي بعض الأكابر بعد وفاة الشيخ رحمه الله: هل عاينت منه خارقا أو تكلم معك على خاطر؟ فقلت: لا، إلا شيئا خفيا من جنس الفراسة. هذا على أنني سمعت في حياته وبعد وفاته ممن صحبه أنه كان يحدثهم بما صنعوا في بيوتهم مما فيه نصيحة أو في ذكره فائدة. قال لي ابن القفاص الفقيه: تزوجت وأعرست، فأرقت ليلة ولم أدخل إلى فراشي، فانقبضت العروس لانقباضي، فلما خرجت إليه قال لي الشيخ: ويلك أخطأت في المعاشرة، شوشت الليلة على أهلك بانقباضك واستنادك إلى الخزانة. وكان فكري ضيق بي فناولني الشيخ عشرة دراهم وقال: خذ بهذه شيئا يصلح لغداء العرائس. وذكر ابن القفاص عدة كرامات أوردها المؤلف. وذكر حكاية في هذا المعنى عن الصاحب بهاء الدين، عن الشيخ خضر الكردي شيخ الملك الظاهر، عن الشيخ. ثم قال: ولما جاء الصاحب بهاء الدين إلى البلد عزم أن لا يدخلها حتى يزور الشيخ. وكنت معه، فلما وصلنا إلى قصر الشيخ، نزل الصاحب من بعيد، وقالوا للشيخ، فقال: الفقيه معه؟ قالوا، نعم. فقال: وما تريد؟ قال: البركة. فسكت ونحن وقوف. فقلت للصاحب: اجلس. فقال: لا. وغلبت عليه الهيبة وتجلد، وطال وقوفه، فقلت للصاحب. اطلب منه شيئا خاصا. فقال: الموعظة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 140 فقلت للشيخ: هو يطلب الموعظة. فقال: هو يحفظ القرآن؟ قلت: نعم، قال: اقرأ معه سورة {اقرأ باسم ربك} . فقرأنا إلى قوله: {ألم يعلم بأن الله يرى} فقال: إذا علمت فإنه يراك، إعرف كيف تكون والسلام. فانصرف على ذلك. وكان يقول لطالب الدعاء والزيارة: الذي علم نيتك يكافئك عليها. وحدثني من لا أتمارى فيه خيرا ونبلا قال: وصلت مع أخي في حياة الملك الصالح، فتحادثنا في الزيارات، وعزمت على زيارة الشيخ، وحملت أخي على ذلك، فعارضني من أصحابنا فلان وفلان بكلام فيه غضاضة في حق الشيخ، فأنكرت عليهما وبكرت إلى الشيخ، واستغرقت في النظر إليه وهو عند الساقية، ووقفت وإذا بحس البغال في خلفي، فقلت في نفسي: هذا فلان وفلان، وهما على نية رديئة. وهذا رجل مكاشف. فما أتممت الخاطر إلا وغاب الشيخ عن بصري، فهجمت الغيط مما غلب على الحال، وقلت: لعل تحت رجليه غار دخل فيه. فلم أجد شيئا إلا البطامية، فظننت أنه انطرح فيها، فتأملتها فلم أر شيئا. فخرجت إلى أولئك وخاصمتهما وحكيت لهما القصة. قال المؤلف: وسن الشيخ نيف وسبعون سنة. وكان بعضهم يظن أنه في عشر المائة، وذلك لأنه من صغره كان يسمى بالشيخ. * * * آخر ما اخترته من مناقب القباري، ويكون خمسة كراريس، ما ذكر فيها اسم الشيخ ولا وفاته ولا حليته، فرحمه الله ورضي عنه آمين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 141 وفيها ولد: الشيخ شهاب الدين محمد بن المجد عبد الله بدمشق، وأحمد بن شيخنا علي بن محمد بن هارون الثعلبي. وفتح الدين محمد بن عثمان بن أحمد بن عثمان. وأحمد بن علي بن أيوب بن علوي العلامي ؛ ولدوا بمصر وسمعوا من النجيب. وكمال بن محمد بن كمال الصالحي، سمع الكرماني، والزين عبد الرحمن بن علي بن حسين بن مناع التكريتي، والمحدث شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن سامة، والقاضي شمس الدين محمد بن أبي بكر بن النقيب، والشرف عبد الله ابن الشيخ العز الحنبلي، والقاضي شمس الدين محمد بن مسلم، وكمال الدين إبراهيم ابن الوجيه بن منجا، وأحمد بن القاضي تقي الدين سليمان، ورحمون المؤذن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 142
سنة ثلاث وستين وستمائة
- حرف الألف - 84 - إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز بن الحسن بن علي، وعلي هو القاضي الزكي ابن القاضي المنتجب أبي المعالي محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز. المحدث، العالم، معين الدين أبو إسحاق القرشي، الدمشقي. له سماع من: أبي صادق بن صباح، وأبي المنجا بن اللتي. وأكثر عن كريمة والمتأخرين. وعني بالحديث، وكتب الكثير بخطه المنسوب، ولم يزل يسمع إلى أن مات. وروى اليسير. سمع منه المعين بن الجنيد جزئين عن ابن اللتي. وكان حسن الفهم، قوي المعرفة. عاش ستين سنة إلا أشهرا. توفي في ثامن ربيع الأول فجأة، وهو سبط القاضي محيي الدين محمد بن الزكي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 143 85 - إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هارون. الحافظ، الحجة، الواعظ، أبو إسحاق بن الكماد السبتي. يروي عن: أبي عبد الله التجيبي نزيل تلمسان، وأبي الحجاج ابن الشيخ، وأبي ذر الخشني. ومولده في حدود الثمانين وخمسمائة. وقد ذكرت موته في عام ستين على ما حدثني به ابن عمران السبتي، ثم قرأت في ' برنامج ' أبي جعفر بن زبير قال: وأبو إسحاق أحفظ من لقيته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد ذكر لي شيخنا أبو الخطاب بن خليل على جلالته وسنه أنه لم يلق أحفظ من ابن الكماد. كان في حفظ الحديث آية من الآيات. قلت: يعني للمتون. قال: ولما قدم الأندلس أبو النعيم الواعظ المعروف بابن راضية قافلا من المشرق، مرتكبا في وعظه طرائق تلحينية يركبها على أبيات أرق من النسيم ويقرأ بين يديه قراء قد أحكم تدريبهم، فاستجابت لذلك العامة، فلما فعل ذلك بإشبيلية، وبها ابن الكماد إذ ذاك، أنكر ذلك كل الإنكار، وأبدأ في ذلك وأعاد، وحمله ذلك على أن جلس على المنبر للوعظ على سنن السلف. ففعله إلى أن مات، فحضرت مجالسه فسمعته يسرد أحاديث، ويتبعها بفقه وبيان ما يعرض فيها، ويورد من الخلاف ما يلائم الحال. وكانت معيشته من تفقدات الإخوان وهداياهم. وربما نبه في مجلسه إذا صمت ضرورة. توفي في سنة ثلاث وستين، رحمه الله. وقد تقدم في سنة ستين أنه كان من جملة محفوظاته ' سنن أبي داود '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 144 86 - إبراهيم بن يحيى بن محمد بن موسى. العلامة، أبو إسحاق التجيبي، التلمساني، الفقيه المالكي، المعدل. كان فاضلا صالحا، ورعا، بارعا في العلوم. صنف في شرح الخلاف كتابا نفيسا في عدة مجلدات، أحسن فيه ما شاء. ودرس وأعاد وأفتى. وحدث عن: أبي الحسن علي بن البناء. 87 - أيبك. أبو سعيد، وأبو محمد، عز الدين، عتيق القاضي جمال الدين المصري. حدث بالمدينة والجبل عن: الخشوعي. وصار وكيلا عند القضاة مدة وولد بقبرس سنة خمس وثمانين تقريبا. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن المحب، وابن الزراد، وابن الخباز، والبدر بن صبيح المؤذن. وآخرون. توفي في ثالث جمادى الآخرة. - حرف الثاء - 88 - التاج الإسكندراني. المعروف بالشحرور. توفي بدمشق. وهو أبو بكر عبد الله. يأتي. - حرف الحاء - 89 - حمزة بن محمد بن الحسين بن حمزة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 145 القاضي أبو يعلى البهراني، الحموي، الشافعي، محيي الدين قاضي حماة. بها تولى القضاء سنة اثنتين وأربعين وستمائة، فبقي عشر سنين ثم عزل. سمع من: أمه صفية بنت عبد الوهاب، وخالته كريمة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. - حرف الخاء - 90 - خالد بن يوسف بن سعد بن الحسن بن مفرج بن بكار. الحافظ المفيد، زين الدين، أبو البقاء خالد النابلسي، ثم الدمشقي. ولد بنابلس سنة خمس وثمانين وخمسمائة، وقدم دمشق فنشأ بها، وسمع من: بهاء الدين القاسم بن عساكر، ومحمد بن الخصيب، وحنبل، وابن طبرزد، وطائفة. ورحل فسمع ببغداد من الحسين بن شنيف، وأبي محمد بن الأخضر، وابن منينا، وطبقتهم. وكتب، وحصل الأصول النفسية، ونظر في اللغة والعربية. وكان إماما متقنا ذكيا فطنا، ظريفا، حلو النادرة، صاحب مزاح ونوادر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 146 وكان يعرف قطعة كبيرة من الغريب والأسماء والمختلف والمؤتلف وله صورة كبيرة، وله حكايات متداولة بين الفضلاء. وكان الملك الناصر يحبه ويكرمه. روى عنه: الشيخ محيي الدين النواوي، والشيخ تاج الدين الفزاري، وأخوه الخطيب شرف الدين، والشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد، والشيخ أبو العباس الملقن، والبرهان، والكمال محمد بن النحاس، والشرف صالح بن عربشاه، ومحيي الدين إمام مشهد علي، وطائفة سواهم. وتوفي في سلخ جمادى الأولى. ومن أخباره المشهورة أن بعض جيران التربة العزية اعترض الزين، رحمه الله، وكان شيخ الحديث بها، فقال: أأنت تقول إن الإمام علي ما هو معصوم؟ فقال: ما أخفيك شيء، وكان رحمه الله يلهج بها كثيرا، أبو بكر الصديق عندنا أفضل من علي، وما هو معصوما. وكان الزين خالد، رحمه الله، يجبه الناس بالحق وبالمزح ولا يهاب أحدا، وله في ذلك أخبار. وكان ضعيف الكتابة جدا مع اتقانها. وكان يعرج من رجله. وولي أيضا مشيخة النورية. وكان قصيرا، شديد السمرة، يلبس قصيرا. حدث الشرف الناسخ أنه كان يحضر الملك الناصر بن العزيز، فقام شاعر وأنشد مدحه في الناصر، فقام الزين خالد فقلع سراويله وخلعه على الشاعر،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 147 فضحك السلطان كثيرا وقال: يا زين الدين، ما حملك على هذا؟ قال: ما وجدت مغرما لا أحتاج إليه إلا اللباس. فتعجب السلطان ووصله. - حرف الضاد - 91 - ضياء بن جبريل بن زوين. أبو بكر المصري، الأزياري، المنادي. روى عن: الفخر الفارسي. كتب عنه: الشريف عز الدين، وغيره. ومات في ذي العقدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 148
- حرف الظاء - 92 - ظافر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد. أبو المنصور اللخمي، الإسكندراني. روى بالإجازة عن أبي اليمن الكندي، والمؤيد الطوسي. ومات في شوال. - حرف العين - 93 - عبد الله بن يحيى بن الشيخ أبي المجد الفضل بن الحسين. العدل، الفقيه، نظام الدين، أبو محمد ابن البانياسي. ولد سنة تسع وسبعين. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، ومنصور الطبري، وجماعة. ورحل فسمع ببغداد من: عبد الوهاب ابن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 149 وهو من بيت الحديث والعدالة والرئاسة. وعنده فضيلة تامة، وفيه دين وتعبد واطراح للتكلف. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الخباز، ومحمد بن المحب، ومحيي الدين يحيى بن أحمد المقدسي، وجمال الدين علي بن الشاطبي، وشمس الدين ابن الزراد، وآخرون. وتوفي في سابع صفر ببستانه عند بركة الحميريين. ومرض بالفالج مدة. 94 - عبد الله بن أبي طالب بن مهنى. الفقيه: المفتي، تاج الدين، أبو بكر الإسكندراني، ثم الدمشقي. صحب الإمام فخر الدين بن عساكر وتفقه عليه. وسمع من: أبي الفضل سعد بن طاهر المزدقاني، وحنبل المكبر. وبرع في مذهب الشافعي، ودرس وحدث. وتوفي في سابع ذي الحجة بدمشق. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدين، وغيرهما. وكنيته أشهر. 95 - عبد الرحمن بن أحمد بن ناصر بن طعان. سراج الدين، أبو عمر البصروي، ثم الدمشقي، الطريفي، الصفار، الفامي. أخو عبد الله. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة تقريبا. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 150 روى عنه: أبو المعالي بن البالسي، والبدر محمد بن التوزي، والنجم ابن الخباز، والشمس ابن الزراد، والبهاء المقدسي، وجماعة كثيرة. ومات فجأة في أول ذي القعدة بدمشق. 96 - عبد الرحمن بن عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن الفرس. الوزير، الحافظ، اللغوي، أبو يحيى ابن القاضي النحوي أبي محمد الخزرجي، الأندلسي. أحد الأعلام. ذكره ابن الزبير في ' برنامجه ' فقال: أخذ عن أبيه فأكثر. وعن: أبي الحسن بن كوثر، وعبد الحق بن بونه، وأبي عبد الله الحجري، وابن رفاعة. وانفرد بالرواية عنهم. وأجاز له من المشرق الأرتاحي، والبوصيري، وجماعة. وكان ذاكرا لما يقع في الإسناد من مشكل الأسماء، ويدري كثيرا من مشكل الحديث وغريبه. صنف كتابا في ' غريب القرآن '. وأسمع الحديث طول حياته. وكانت فيه غفلة قصرت به عن فضائله وخطبته حتى استحكمت به بأخرة. وله أملاك تقوم به. مولده في سنة أربع وسبعين. قلت: أظنه مات بغرناطة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 151 وذكره أيضا في ' صلة الصلة ' فأثنى عليه وقال: هو وأبوه وجد أبيه مذكورون في هذا الكتاب، وكلهم مشاور، جليل، وله أصول وأمهات يرجع إليها. أخذ عنه: الأستاذ أبو عبد الله بن الطراز، وجماعة. لقد وقفت على إجازته لأبي عمر بن حوط الله في سنة سبع وتسعين. وما زال يروي حتى هذا الوقت. روى عنه: المحدث أبو عبد الله بن سعد، وأبو عبد الله الطنجالي، وأبو عبد الله الأبار، وأبو العباس بن فرتون، وجمال الدين ابن مسدي نزيل مكة، وأبو إسحاق البلفيقي، والقاضي أبو علي بن أبي الأحوص. لازمته وأكثرت عنه. 97 - عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الله. أبو القاسم المنبجي، المصري، الصوفي. شيخ صالح. سمع من: أبي القاسم البوصيري. كتب عنه: الشريف عز الدين والطلبة ومات في سابع شعبان. وروى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، والدويداري، وعبد المحسن الصابوني، ويوسف بن عمر الختني. * * * * - أخوه أبو عبد الله محمد بن يوسف: روى عن البوصيري، ومات سنة ثمان وثلاثين وستمائة. 98 - عبد العزيز بن عبد الباقي بن منجا بن خلف بن منجا. أبو محمد الإسكندراني، المعروف بالوراق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 152 شيخ صالح. روى بالإجازة عن: الخشوعي، والقاسم بن عساكر. ومات في جمادى الأولى. 99 - عثمان بن عبد الوهاب بن يوسف بن معالي. العدل، الخليل، شرف الدين أبو عمرو بن السابق التغلبي، الدمشقي. كاتب الحكم بدمشق. كان مليح الخط، خبيرا بالشروط يجلس تحت الساعات، وله صدقات ومعروف. وحدث عن الكندي. وعاش ثمانين سنة. 100 - عثمان بن محمد بن عبد الله. أبو عمرو العبدري، الأندلسي، المحدث. مكثر عن يونس بن العديم. وكان إمام مسجد بسبتة. سمع في سنة أربع وتسعين كتاب ' التقصي ' من علي بن موسي بن النفزات. وبقي إلى هذا الوقت. 101 - علي بن أبي الربيع سليمان بن أحمد بن علي. أبو الحسن السعدي، الشارعي، الشافعي، المعروف بابن المغربل. حدث عن: قاسم بن إبراهيم المقدسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 153 روى عنه: الدمياطي، والدواداري، وشعبان، وجماعة. توفي في شوال. 102 - علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم. الرئيس، جمال الدين، ابن القمي، البغدادي. ابن أخي الوزير. كان ذا سؤدد وفضل وجلالة. شيعه الخلق ببغداد إلى تربة عمه، ويعرف بابن أميران. 103 - علي ابن الخطيب نابلس يحيى بن إبراهيم بن علي. الخطيب ضياء الدين، أبو الحسن الزهري، الشافعي. كان فقيها، إماما، دينا، مهيبا، بهيا. ولي قضاء الكرك مدة، وحدث عن: أبي عبد الله بن عبدون البنا، وغيره. توفي يوم الأضحى بالقدس. ورخه أبو شامة. وهو من شيوخ الدمياطي. - حرف الفاء - 104 - الفتح بن موسى بن حماد بن عبد الله بن علي. الفقيه نجم الدين، أبو نصر الجزيري الأصل، القصري المربى، الشافعي، الأصولي. وقصر عبد الكريم بالمغرب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 154 ولد بالجزيرة الخضراء في رجب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، ونشأ بقصر كتامة. واشتغل بالنحو. وسمع ' مقدمة ' الجزولي عليه. وقدم دمشق سنة عشر. وسمع من: الكندي. واشغل بحماة في الكلام على السيف الآمدي. ودرس برأس عين بمدرسة ابن المشطوب، ونظم ' المفصل ' للزمخشري، ونظم كتاب ' الإشارات ' لابن سينا، ونظم ' السيرة ' لابن هشام على قافية رائية في اثني عشر ألف بيت. وله عدة مصنفات. وكان من فضلاء زمانه. ثم دخل مصر ودرس بالفائزية بأسيوط. ثم ولي قضاء أسيوط وبها توفي في رابع جمادى الأولى. وله نظم جيد. روى عنه ابن خلكان وعظمه. 105 - فراس بن علي بن زيد بن معروف. العدل، نجيب الدين، أبو العشائر الكناني، العسقلاني الأصل، الدمشقي، التاجر. عاش ثمانين سنة، ومات ليلة الخامس والعشرين من شعبان. وروى عن: الخشوعي، وعبد اللطيف بن إسماعيل، والقاسم بن عساكر، والكندي. وحدث بدمشق ومصر. وكان من أعيان العدول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 155 روى عنه: الدمياطي، وأبو العباس بن فرج، والشيخ تاج الدين، وأخوه، والدواداري، وابن الخباز، وابن الزراد، ومحمد بن المحب، وآخرون. - حرف الميم - 106 - محمد بن أحمد بن كامل بن عمر. عفيف الدين المقدسي، المؤدب. توفي كهلا. وكان صالحا دينا. روى عن ابن ملاعب، والشيخ الموفق، وجماعة. 107 - محمد بن حسين بن علي ابن زوج الزاهد القدوة الشيخ علي القرشي. والد علي وموسى وأحمد. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة. وجلس في المشيخة، وخدم الفقراء بالزاوية القرشية بالجبل. وكان رجلا مباركا. مات في ربيع الأول، وسمع أولاده من ابن اللتي. 108 - محمد علي بن المسلم بن محمد بن الحسين بن إسماعيل. الشيخ أبو عبد الله بن مراجل الكندي، الحموي. ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بحماة. وتوفي بالقاهرة في صفر. قال الشريف: ثنا عند أحمد بن مسعود بن شداد الموصلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 156 109 - محمد بن أبي البركات عمر بن محمد بن عمر بن الحسن ابن القسطلاني. الفقيه، إمام الحطيم، أبو عبد الله التوزري المالكي، المكي. ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بتوزر. وسمع بمكة من: أبي الحسن علي بن البنا، وأبي حفص السهروردي. وكان شيخا فاضلا، فقيها، أديبا. له شعر. روى عنه: الدمياطي، وغير واحد. ويجتمع هو والشيخ تاج الدين ابن القسطلاني في جدهم الأعلى الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون القيسي. 110 - محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن مسدي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 157 الحافظ أبو بكر الأندلسي، الغرناطي، الأزدي، المهلبي. سمع الكثير بالمغرب وديار مصر. وصنف، وانتقى على المشايخ، وظهرت فضائله. وروى عن: أبي محمد عبد الرحمن بن الأستاذ الحلبي، ومحمد بن عماد الحراني. وبلغني أنه خرج ' معجما ' لنفسه. روى عنه: علم الدين الدواداري وغيره. وجاور بمكة، ومات في شوال بها. وقد ذكر أنه ليس الخرقة من جده موسى سنة اثنتين وستمائة، ومن الأمين عبد اللطيف بن النرسي، قدم عليهم غرناطة ولبسهم عن الشيخ عبد القادر. وسمع سنة ثمان عشرة وبعدها بالأندلس. ومن الفخر الفارسي بمصر. وقد تكلم فيه فكان يدلس الإجازة. وحكى أبو محمد الدلاصي أنه يغض من عائشة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 158 حكى لي العفيف بن العمري قال: سمعت التقي العمر بن المحدث قال: سألت عنه أبا عبد الله بن النعمان المزالي فقال: ما نقمت عليه، غير أنه يتكلم في عائشة، رضي الله عنها. حدثني العفيف أنه يصاحب الزيدية ويداخلهم، وقدموه لخطابة الحرم. وأكثر كتبه بأمر الزيدية. وكان خطيبا. ربما ينشىء الخطب للحال ببلاغة وفصاحة. وفضائله كثيرة. وقال لي إنه في ثلاث مجلدات. وله مصنفات كثيرة، منها منسك كبير في مجلد ضخم ذكر فيه المذاهب وحججها وأدلتها، يدل على تبحره في الحديث والعلم. ومن الرواة عنه: أمين الدين عبد الصمد، والعفيف ابن مزروع، والرضى محمد بن خليل الفقيه، و (...) رضي الدين إمام المقام. قلت: تورع الإمام في الرواية عنه. ورأيت له قصيدة طويلة تدل على تشيع، ورأيت له ' مناقب الصديق ' في مجلد. وطالعت ' معجمة ' بخطه، وفيه عجائب وتواريخ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 159 111 - محمد بن الحسن بن الزبير. العاصمي، الخطيب، أبو عبد الله الأندلسي. لازم الحسين بن هشام القلعي زمانا. وقرأ عليه بما في ' التيسير '، وسمعه منه. وهو من أصحابه. أخذ عنه قراءته أبو جعفر بن الزبير وورخه. 112 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن ظافر. الإمام، أبو العلاء ابن المرابط المرادي. حمل عن أبي جعفر بن عون الله، وأبي جعفر بن حكم، وأبي بكر بن أبي حمزة. ولي القضاء وعقد الوثائق وأسر في أخذ أوريولة ثم افتك. مات بمرسية سنة 63. قاله ابن الزبير. 113 - ممدود بن عيسى بن إسماعيل بن محمد بن سعيد. الأمير الكبير، الحاجب، عز الدين الكردي، الزرزاري، الإربلي. ولد بأعمال إربل، وروى بالإجازة عن: يحيى بن بوش، وابن كليب ومات بمصر في أول ربيع الأول عن ثمانين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 160 سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، والشيخ شعبان، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. (وكنيته أبو المكارم. .......... وكان من بقايا الدولة.) 114 - موسى بن يغمور بن جلدك. الأمير الكبير، جمال الدين الياروقي. ولد بالصعيد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وتوفي بقرب الغرابي، ونقل إلى مصر فدفن بسفح المقطم. ذكره قطب الدين فقال: كان من أعيان الأمراء، جليل المقدار، رئيسا، خبيرا، عالما، حازما، جوادا، ممدحا، حنكته التجارب. وناب في الديار المصرية للملك الصالح مدة، ثم استنابه على دمشق. فلما تسلطن الملك المعز راسله في موافقته فلم يجبه. فلما قدم الملك الناصر وتملك دمشق دخل في طاعته، فاعتمد الناصر عليه في سائر أموره. وكان هو أمير الدولة ومشيرها، ولم يكن له نظير إلا الأمير ناصر الدين القيمري. وكان محسنا إذ ذاك إلى ركن الدين بيبرس الملك الظاهر. فلما تسلطن ركن الدين أعرض عنه قليلا، ثم أقبل عليه ورعى له سالف خدمته، وجعله أستاذ داره بالديار المصرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 161 وكان من رجال الدهر عقلا وحزما، ورأيا صائبا، وفراسة وحشمة. وكان إنعامه واصلا إلى الفقراء والرؤساء. توفي في شعبان في أوله. وقد سمع الحديث من: الفخر الفارسي، والحسن بن دينار، وابن المقير، وجماعة. وحدث باليسير. * * * فائدة عجيبة: كان ابن يغمور أستاذ الملك الظاهر ركن الدين. قال ابن واصل: كان الأمير علاء الدين البندقداري الصالحي أيدكين من كبار أمراء أستاذه الملك الصالح، ثم قبض عليه وحبسه واستولى على غلمانه، وكان منهم ركن الدين بيبرس، فصار من أعيان حاشية الملك الصالح، وكان يقال له بيبرس البندقداري نسبة إلى علاء الدين المذكور. ثم عاش علاء الدين وكان من جملة أمراء الملك الظاهر إلى أن مات. قال: وكان علاء الدين مملوكا قبل الملك الصالح للأمير جمال الدين ابن يغمور. - حرف الهاء - 115 - هبة الله بن عبد الله بن أبي البركات هبة الله بن زقين بن أبي بكر بن حفاظ. الشيخ الصالح، الفاضل، أبو البركات الأنصاري، الإسكندراني
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 162 سمع: عبد الرحمن بن موقا، وزينب بنت أبي الطاهر بن عوف. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، والشيخ شعبان، وغيرهم. مات في مستهل جمادى الآخرة. 116 - هولاكو. طاغية التتار. هلك فيها، وقيل في سنة أربع كما سيأتي. - حرف الياء - 117 - يوسف بن الحسن بن علي. قاضي القضاة، بدر الدين، أبو المحاسن السنجاري، الشافعي، الزرزاري. كان صدرا محتشما، وجوادا ممدحا. تقدم بسنجار وتلك البلاد في شبوبيته عند الملك الأشرف. فلما تملك دمشق ولاه قضاء البقاع وبعلبك والزبداني. وكان له نواب في بعضها. وكتبوا له في إسجالاته: قاضي القضاة. قال قطب الدين: كان يسلك من الخيل والمماليك والتجمل ما لا يسلكه الوزراء الكبار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 163 ثم عاد إلى سنجار، فلما مات الملك الكامل وخرجت الخوارزمية عن طاعة ولده الصالح، راح الصالح إلى سنجار، فطمع فيه صاحب الموصل، ونازله بسنجار، ولم يبق إلا أن يسلمها. وبدر الدين قاضٍ بها، فأرسله الصالح تلك الليالي من السور، فنزل وذهب إلى الخوارزمية، وخاطر بنفسه وركب الأهوال، واجتمع بهم واستمالهم ومناهم، وساروا معه، ووافاهم الملك المغيث ولد الصالح من حران، وأقبلوا إلى سنجار، فترحل صاحب الموصل عنها هاربا، واحتوت الخوارزمية على أثقاله وعظمت منزلة القاضي بدر الدين عند الصالح، فلما تملك البلاد وفد إليه بدر الدين ففرح به وأكرمه. وكان شرف الدين ابن عين الدولة قاضي الإقليم بكماله، فأفرد عنه مصر والوجه القبلي، وفوضه إلى بدر الدين. فلما مات ابن عين الدولة ولاه الصالح قضاء القضاة بالقاهرة والوجه البحري، وكان عنده في أعلى المراتب. وكان الشيخ الأمير فخر الدين ابن الشيخ يكره القاضي بدر الدين، فكتب فيه مرة إلى الصالح يغض منه وينسبه إلى أخذ الرشا من العدول وقضاة البر. فلما وقف على كتابه كتب إليه بخطه على رأس كتابه: يأخي فخر الدين للقاضي بدر الدين علي حقوق عظيمة لا أقوم بشكرها، والذي تولاه قليل في حقه. فلما وقف على ذلك لم يعاوده. وتولى بدر الدين أيضا تدريس الصالحية، وباشر وزارة مصر مدة. ولم يزل يتنقل في المناصب إلى أوائل دولة الظاهر، فصرفه عن ذلك ولزم بيته، وبقي الرؤساء يترددون إليه. وحرمته وافرة، ومحله كبير. وكان كثير الصفح عن الزلات، راعيا للحقوق، مقصدا لمن يرد عليه، سخيا كريما. حج على البحر وصام بمكة. وقال أبو شامة: وفي رجب توفي قاضي سنجار بدر الدين الكردي الذي تولي قضاء مصر مرارا، وكانت له سيرة معروفة من أخذ الرشا من قضاة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 164 الأطراف والشهود والمتحاكمين. وحصل له ولأتباعه تشتت في البلاد ومصادرات. وقال غيره: ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بجبال إربل، وسمع وحدث، ومات في رابع عشر رجب. ومن نوابه في قضاء القاهرة القاضي شمس الدين ابن خلكان الإربلي. وقال أبو الحسين علي بن عبد الرحيم الحموي: ولما كنت مع جدي الصاحب شيخ الشيوخ حضر إليه القاضي بدر الدين السنجاري وسأل من جدي أن يشرف منزله، فأتيناه وهو عند باب البحر بمصر، فرأينا منزله وفيه من حسن الآثار، وعلو همة القاضي، وشرف نفسه، وكثرة مماليكه، وآلاته وخدامه ما يعجز كثير من الملوك عن مضاهاته. فأقمنا عنده سبعة أيام، وقدم تقادم وخلع على جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 165
الكنى 118 - أبو العز بن صالح بن وهيب. عز الدين الحنفي، الفقيه. مدرس الشبلية ابن أخي الإمام صدر الدين بن سليمان القاضي الحنفي. كان فقيها عارفا بمذهبه، دينا، مشكور السيرة. توفي في جمادى الآخرة. 119 - أبو القاسم العوفي. الحواري، الزاهد. شيخ تلك الناحية. له أصحاب ومريدون وزاوية بقرية حوارى، من عمل السواد. توفي في ذي الحجة. وكان فيه تعبد وصلاح وحسن عقيدة، وفيه سخاء وكرم وقرى للضيف، والله يرحمه ويرضى عنه. 120 - أبو القاسم بن أحمد بن القاضي علي بن عبد الله بن ميمون بن غانم بن عصفور. الهواري، البلنسي. قرأت بخط أبي حيان أن هذا آخر من روى عن أبي محمد بن عبيد الله الحجري بالسماع وبالإجازة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 166 وأنه توفي في التاسع والعشرين من صفر سنة ثلاث وستين. * * * وفيها ولد: الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي. وزين الدين عمر بن حبيب الدمشقي. وأبو بكر بن علي بن حسام الكلوتاتي يروي عن أحمد بن النحاس الإسكندراني. وزين الدين عبد الرحمن بن الحليم بن عبد السلام بن تيمية. والزين عبد الرحمن بن أحمد بن أبي راجح عبد الله بن راجح، في صفر. ومعين الدين حسين بن العماد محمد بن عمر بن هلال الأزدي. وعز الدين محمد بن العز إبراهيم بن عبد السلام بن أبي عمر، وعمر بن عبد الله بن الجمال أبي حمزة. والضياء أحمد ابن شيخنا برهان الدين الإسكندري، ويوسف ابن شيخنا الزين إبراهيم بن القواس، في شوال. والشرف محمد بن الوجيه محمد بن المنجا. ومحمد بن أيوب السلاوي. والفخر عبد الرحمن بن عبد العزيز بن هلال. ونفيسة أخت النجم بن الخباز. وعبد الرحمن بن ناصر الدين ابن المقدسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 167
سنة أربع وستين وستمائة
- حرف الألف - 121 - أحمد بن سالم. المصري، النحوي. فقيه زاهد، مجرد، ماهر بالعربية، محقق لها. سكن دمشق، وتصدر للاشتغال بالناصرية وبمقصورة الحنفية الشرقية التي فيها الفقراء. وتزوج ببنت إمامها زين الدين إبراهيم بن السديد الحنفي. وكان مع دينه متواضعا، حسن العشرة. تخرج به جماعة، ومات في شوال. وخلف ولدين في كفالة جدهما. وتأسف جدهما عليه، وكان محبا له، فقال البدر يوسف بن لؤلؤ الحنفي: (عزاءك زين الدين في الذاهب الذي .......... بكته بنو الآداب مثنى وموحدا)
(وهم فارقوا منه الخليل بن أحمد .......... وأنت ففارقت الخليل وأحمدا) وقد رثاه نجم الدين بن إسرائيل بقصيدة نيف وثمانين بيتا، رحمه الله. وعاشت بنته أسماء إلى سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وروت عن ابن عبد الدائم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 168 122 - أحمد بن سلامة بن ريحان. الموصلي، ثم الصالحي. روى عن: جعفر الهمداني. وهو والد الشيخ محمد القصاص، وزوج شيختنا زينب بنت شكر. 123 - أحمد بن عبد الله بن شعيب بن محمد بن عبد الله. الإمام، جمال الدين، أبو العباس التميمي، الصقلي، الأصل، الدمشقي، المقرئ، الذهبي، الكتبي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على السخاوي، ولزمه مدة طويلة. وكان قارئ مجلسه. وقد سمع من: أبي محمد القاسم بن عساكر، وأبي اليمن الكندي، وأبي الفتوح البكري، وأبي الفضل الهمداني. وكان إماما فاضلا فصيحا، أديبا، لغويا، شاعرا، حسن المشاركة. سمع الناس بقراءته كثيرا. وصحب أبا عمرو بن الصلاح مدة. روى عنه الدمياطي حديثا مما سمعه على القاسم سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وروى عنه: القاضي تقي الدين الحنبلي، ومحمد بن عبد العزيز الدمياطي، وأبو الفداء ابن الخباز. وكان يسكن بالعزيزية، وبها مات في جمادى الأولى ليلة خامسه. وكان قد تزوج ببنت شيخه السخاوي، وخلف كتبا جيدة وثروة. ووقف داره على فقهاء المالكية. وقد أنكروا على ابن سني الدولة لما عدله. وكان يميل إلى الصور، ويرابي، ويخل بالصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 169 خلف دراهم وكتبا ووثائق بنحو المائة ألف، وورثه بيت المال. 124 - أحمد بن المبارك بن نوفل. الإمام تقي الدين، أبو العباس النصيبي، الخرفي، وخرفه: بخاء معجمة ثم راء ساكنة، ثم فاء مفتوحة. اسم قرية قريبة من نصيبين. أنبأني بذلك وبترجمته هذه أبو العلاء الفرضي، قال: كان إماما عالما. قدم الموصل بعد الستمائة، وقرأ بها العربية على أبي حفص عمر بن أحمد السفني، بالكسر، وسمع ' الصحاح ' من محمد بن محمد بن سرايا، عن أبي الوقت. وبرع في العلم. قرأ عليه الملك المظفر إبراهيم، والملك الصالح ركن الدين إسماعيل ابنا صاحب الموصل. وصنف كتابا في ' الأحكام '، ' وشرح الدريدية '، وألف كتابا في ' العروض ' وكتابا في ' الخطب '. ' وشرح الملحة '. وله ' منظومة في الفرائض '، و ' منظومة في المسائل الملقبات '. وسكن سنجار ودرس بها مذهب الشافعي. ثم نقله سيف الدين إسحاق ابن صاحب الموصل إلى الجزيرة. وكان له القبول التام.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 170 ثم حج معه، وعاد إلى الجزيرة، وبقي بها إلى سنة اثنتين وستين، ثم خرج إلى سنجار. ثم عاد إلى الجزيرة، وتوفي في رجب سنة أربع. قلت: قرأ عليه القراءآت أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري وأجاز له. وسمعنا بإجازته على تقي الدين المقصاتي، وكان قد قرأ القراءآت على ابن حرستة البوازيجي تلميذ ابن سعدون القرطبي. 125 - أحمد بن محمد بن خليل. أبو العباس الطوسي، ثم المصري. أحد القراء المتصدرين بالجامع العتيق بمصر. قرأ بالسبع على أبي القاسم الصفراوي، وأبي الفضل الهمداني. سمع منه أبو عبد الله القصاع كتاب ' تلخيص العبارات ' لابن بليمة وقال: مات في شعبان سنة أربع وستين، رحمه الله تعالى. 126 - إبراهيم بن عمر بن مضر بن محمد بن فارس بن إبراهيم. العدل، الرئيس، المسند، رضي الدين ابن البرهان المضري، البرزي الواسطي، السفار. ولد بواسط سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وسمع ' صحيح مسلم ' من
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 171 منصور الفراوي، وحدث به مرارا بدمشق، ومصر، واليمن. وذكر أنه سمع أيضا من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. روى عنه خلق كثير منهم: الفقيه أحمد بن الشرف، وبدر الدين محمد بن محمد بن القواس، والفقيه يحيى بن يحيى الزواوي، ومحمد بن المحب، والكمال محمد بن النحاس، والعماد أحمد بن اللهيب الأزدي، المصري والأمين أحمد بن محمد بن تاج الدين القسطلاني، وأخوه الكمال محمد، وإبراهيم بن علي بن الخيمي، والبدر محمد بن زكريا السويداوي، والمفتي محيي الدين محمد بن علي التنوخي، المعري، ثم المصري، والضياء محمد بن محمد ابن الأخوة المصري. وكان شيخا متميزا، حسن الهيئة، من أكابر التجار ومتموليهم. وكانت له صدقات وبر كثير، وفيه سكون ودين. وبرزا قرية من عمل واسط. توفي بالإسكندرية في حادي عشر رجب. 127 - إبراهيم بن مصطفى بن شجاع بن فارس. المصري، القصار، نصير الدين. روى عن، مكرم، وغيره. وعاش أربعا وستين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 172 128 - إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي بن حسين. الشيخ، الفقيه، صفي الدين، أبو الفضل القرشي، المقدسي، ثم الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن الدرجي. ولد في شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وأسماء بنت الران، وجماعة. وسمع بالموصل من: أبي الحسن علي بن هبل الطبيب، وعبد المحسن ابن خطيب الموصل. وخرج له الحافظ زكي الدين البرزالي ' مشيخة ' وحدث بها مرات. روى عنه: تاج الدين صالح القاضي، والبدر بن التوزي، والنجم ابن الخباز، والشمس ابن الزراد، وصفية بنت الحلوانية، ومحمد بن المحب، وجماعة. توفي في السادس والعشرين مع ربيع الأول. وهو والد البرهان بن الدرجي. 129 - أيدغدي العزيزي. الأمير الكبير، جمال الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 173 كان كبير القدر، شجاعا، مقداما، كريما، محتشما، كثير البر والصدقات والمعروف. يخرج في السنة أكثر من مائة ألف في أنواع القربات، ويطلق، ويتطلب معالي الأخلاق. وكان مقتصدا في ملبسه، لا يتعدى القباء النصافي. وكان كثير الأدب مع الفقراء، محسنا إليهم إلى الغاية. حضر مرة سماعا، فحصل للمغاني منه ومن حاشيته نحو ستة آلاف درهم. وقد حبسه الملك المعز سنة ثلاث وخمسين فبقي مدة، وأشاع المعز موته لأن الرسول نجم الدين الباذرائي طلب منه إطلاق أيدغدي فقال: فات الأمر فيه، وما بقي مولانا يراه إلا في عرصات القيامة. ولم يكن كذلك. بل كان معتقلا مكرما منعما في قاعة من دور السلطنة. قال ابن واصل: بلغني أن المعز كان يدخل إليه ويلعب معه بالشطرنج. فبقي حتى أخرجه الملك المظفر نوبة عين جالوت. واجتمع به البنداقداري فأطلعه على ما عزم عليه من الفتك بالمظفر، فنهاه ولم يوافقه فلما تملك عظم عنده ووثق بدينه، وكان عنده في أعلى المراتب، يرجع إلى رأيه ومشورته لاسيما في الأمور الدينية. وجهزه في هذه السنة إلى بلد سيس فأغار وغنم وعاد في رمضان ثم توجه إلى صفد. وكان يبذل جهده، ويتعرض للشهادة، فجرح، فبقي مدة وألم الجراحة يتزايد، فحمل إلى دمشق وتمرض إلى أن توفي ليلة عرفة، ودفن بمقبرة الرباط الناصري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 174
- حرف التاء - 130 - التاج الشحرور. الشافعي المدرس. مات بدمشق في ربيع الأول عن نحو تسعين سنة وكان شريرا. - حرف الجيم - 131 - جلدك. الرومي، الفائزي الأمير. توفي في شوال بالقاهرة، وقد ولي عدة ولايات. وكان فاضلا، له شعر جيد وسيرة مشكورة. - حرف الحاء - 132 - الحسن بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى. الصدر الجليل، بهاء الدين، أبو المواهب ابن العدل أمين الدين أبي الغنائم ابن الإمام الحافظ أبي المواهب التغلبي، الدمشقي. من بيت رئاسة وحشمة وحديث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 175 كان شيخا نبيلا، مليح الشكل، مهيبا، دينا، عاقلا، لم يدخل في المناصب. ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة تخمينا. وسمع من: عمر بن طبرزد، ويحيى بن عبد الملك ابن الكيا، وأبي اليمن الكندي، ومحمود بن هبة الله البغدادي. روى عنه: الدمياطي، والشيخ زين الدين الفارقي، وقاضي القضاة نجم الدين أحمد بن صصرى، وأبو علي بن الخلال، أبو المعالي بن البالسي، وأبو الفداء ابن الخباز، وآخرون. ومات في رابع صفر قبل أخيه بأشهر. - حرف العين - 133 - عبد الرحمن بن أبي الغنائم سالم بن الحسن بن صصرى. الصدر، الرئيس، شرف الدين، أبو محمد التغلبي، الدمشقي. ولد سنة خمس وتسعين ظنا. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي، ويحيى بن عبد الملك، ومحمود بن هبة الله، وجماعة. وكان صدرا معظما، نبيلا، ولي الوزارة والمناصب السنية، وله بر وصدقة. روى عنه: البدر بن الخلال، والعماد بن البالسي، والنجم بن الخباز، وجماعة سواهم في الأحياء منهم: الإمام قاضي القضاة نجم الدين ابن أخيه عماد الدين، وهو والد الصاحب جمال الدين إبراهيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 176 توفي إلى رحمة الله وعفوه ومسامحته في حادي عشر شعبان. ودفن بترتبهم بسفح قاسيون. 134 - عبد الرحمن بن معالي بن حمد. بهاء الدين، أبو عيسى المقدسي، النابلسي، ثم الصالحي، المطعم. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع من: محمود بن عبد المنعم الكندي، وابن ملاعب. وعنه: الدمياطي. وابن الخباز، وولده عيسى المطعم، وآخرون. 135 - عبد العزيز بن ناصر بن إبراهيم ابن أبي الروس. أبو محمد القرشي الزهري، الإسكندراني، السمسار. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وعبد الرحمن بن موقا. وحدث بمصر والإسكندرية. روى عنه: الشيخ شعبان، غيره. ومات في ذي القعدة بالإسكندرية. 136 - عبد الكريم بن عطاء الله بن عبد الرحمن. الفقيه العدل، أبو محمد الإسكندراني، المالكي، المفتي. روى عن: جعفر الهمذاني، وغيره. توفي في رمضان. 137 - علي بن الحسين بن محمد بن الحسين بن زيد. الشريف النقيب، أبو الحسن العلوي، الحسيني، الأرموي، ثم المصري. صدر محتشم، سيد، حسيب. روى عن: شيخ الشيوخ أبي الحسين علي بن عمر بن حمويه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 177 وتوفي في الحادي والعشرين من صفر عن إحدى وستين سنة. 138 - علي بن موسى بن جعفر بن طاوس. العلوي، الحسني، النقيب، نقيب الطالبيين. مات في ذي القعدة وله ست وسبعون سنة. ونقل ودفن بمشهد علي رضي الله عنه. قال الكازروني: لم يوجد بعده مثله، ولا رأينا أحدا على قاعدته في دينه ونسكه وعبادته وخلقه. ورثاه بعض الشعراء. 139 - علي بن أبي الحسن. النشاوري، الصوفي، سديد الدين. توفي في ذي الحجة عن بضع وثمانين سنة بالقاهرة. وحدث عن إبراهيم بن خلف السنهوري. - حرف الميم - 140 - المبارك بن يحيى بن المبارك. الإمام، فخر الدين، أبو سعد ابن المخزمي، شيخ رباط الحريم. كتب بيده عدة ربعات. شيعه خلق كثير. 141 - محمد بن أبي الحسين عبد الله بن أبي الفخر محمد بن عبد الوارث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 178 الشيخ صدر الدين ابن الأزرق الأنصاري، الأوسي، المصري، الصوفي، المغسل. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من: مكرم بن أبي الصقر. وأكثر عن المتأخرين، وكتب وفهم وعرف بالحديث، وروى اليسير. توفي في نصف جمادى الآخرة. 142 - محمد بن عبد الجليل بن عبد الكريم بن عثمان. المحدث العالم، جمال الدين، أبو عبد الله الموقاني، ثم المقدسي. نزيل دمشق. يروي عن: أبي القاسم الحرستاني، والشيخ الموفق، وأبي علي الأوقي، والشهاب فتيان الشاغوري، وجعفر الهمداني، وطائفة. وعنى بالحديث وكتب بخطه الكثير من الحديث والآداب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 179 كتب عنه: الدمياطي، وجماعة. ومات فجأة في حادي عشر ذي القعدة وله أربع، وسبعون سنة. وله مجاميع مفيدة. 143 - محمد بن مرتضى بن محمود. المقدسي، ثم المصري. الرجل الصالح. توفي في عشر الثمانين. وقد روى عن مكرم شيئا يسيرا. 144 - محمد بن منصور بن أبي الفضل أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن محمد بن الفضل. أبو عبد الله بن الحضرمي، الصقلي الأصل، الإسكندراني، المالكي. حدث عن: علي بن البنا الخلال. وروى هو أبوه وجده وجد أبيه وجد جده. ومات بالإسكندرية في العشرين من جمادى الأولى. وكان من عدول الثغر. وساق الشريف نسبه إلى العلاء بن الحضرمي، رضي الله عنه. وهو من شيوخ الدمياطي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 180 145 - معين الدين. الأنصاري، المصري، المعروف بابن فار اللبن. واسمه أبو الفضل عبد الله بن محمد بن عبد الوارث. شيخ متميز مسن. حدثني شيخنا بدر الدين التادفي أنه قرأ عليه ' الشاطبية ' في القراءآت، وأخبره أنه قرأها على ناظمها. قلت: هو آخر من روى ' الشاطبية '، ولا أتيقن متى توفي، ولكن في ذهني أنه بقي إلى سنة أربع هذه. وممن روى عنه القصيد الشيخ حسن الراشدي، وقاضي القضاة ابن جماعة، وبدر الدين ابن الجوهري. روى القصيد في شعبان من السنة. - حرف النون - 146 - الناهض. معالي بن أبي الزهر ابن الخيسي. رجل جليل له ثروة. توفي بدمشق في جمادى الأولى. - حرف الهاء - 147 - هولاكو بن تولى قان بن الملك جنكرخان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 181 ملك التتار ومقدمهم. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان من أعظم ملوك التتر. وكان شجاعا حازما مدبرا، ذا همة عالية، وسطوة ومهابة ونهضة تامة، وخبرة بالحروب، ومحبة في العلوم العقلية من غير أن يتعقل منها شيئا. اجتمع له جماعة من فضلاء العالم، وجمع حكماء مملكته، وأمرهم أن يرصدوا الكواكب. وكان يطلق الكثير من الأموال والبلاد. وهو على قاعدة المغل من عدم التقيد بدين، لكن زوجته تنصرت. وكان سعيدا في حروبه وحصاراته. طوى البلاد واستولى على الممالك في أيسر مدة، ففتح بلاد خراسان، وفارس، وأذربيجان، وعراق العجم، وعراق العرب، والشام، والجزيرة، والروم، وديار بكر. كذا قال الشيخ قطب الدين، والذي افتتح خراسان وعراق العجم غيره، وهو جنكزخان وأولاده، وهذا الطاغية فافتتح العراق، والجزيرة، والشام، وهزم الجيوش وأباد الملوك، وقتل الخليفة وأمراء العراق وصاحب الشام، وصاحب ميافارقين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 182 قال لي الظهير الكازروني: حكى لي النجم أحمد بن البواب النقاش نزيل مراغة قال: عزم هولاكو على زواج بنت ملك الكرج، قالت: حتى تسلم. فقال: عرفوني ما أقول. فعرضوا عليه الشهادتين فأقر بهما وشهد عليه بذلك الخواجا نصير الطوسي وفخر الدين المنجم. فلما بلغها ذلك أجابت. فحضر القاضي فخر الدين الخلاطي، فتوكل لها النصير، وللسلطان الفخر المنجم، وعقدوا العقد باسم تامار خاتون بنت الملك داود بن إيواني على ثلاثين ألف دينار. قال ابن البواب: وأنا كتبت الكتاب في ثوب أطلس أبيض، وعجبت من إسلامه. قلت: إن صح هذا فلعله قالها بفمه لعدم تقيده بدين، ولم يدخل الإسلام إلى قلبه، والله أعلم. قال قطب الدين: كان هلاكه بعلة الصرع، فإنه حصل له الصرع منذ قتل الملك الكامل صاحب ميافارقين، فكان يعتريه في اليوم المرة والمرتين. ولما عاد من كسرة بركة له أقام يجمع العساكر، وعزم على العود لقتال بركة، فزاد به الصرع، ومرض نحوا من شهرين وهلك، فأخفوا موته وصبروه وجعلوه في تابوت، ثم أظهروا موته. وكان ابنه أبغا غائبا فطلبوه ثم ملكوه. وهلك هولاوو وله ستون سنة أو نحوها. وقد أباد أمما لا يحصيهم إلا الله. ومات في هذه السنة. قيل في سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين ببلد مراغه. ونقل إلى قلعة تلا، وبنوا عليه قبة. وخلف من الأولاد سبعة عشر ابنا سوى البنات، وهم: أبغا، وأشموط، وتمشين، وبكشي، وكان بكشي فاتكا جبارا، وأجاي، ويستز، ومنكوتمر الذي التقى هو والملك المنصور على حمص وانهزم جريحا، وباكودر، وأرغون، ونغابي دمر، والملك أحمد. قلت: وكان القاان الكبير قد جعل أخاه هولاوو نائبا على خراسان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 183 وأذربيجان فأخذ العراق والشام وغير ذلك، واستقل بالأمر مع الانقياد للقاان والطاعة له، والبرد واصلة إليه منه في الأوقات. وتفاصيل الأمور لم تبلغنا كما ينبغي. وقد جمع صاحب الديوان كتابا في أخبارهم في مجلدتين. ووالد هولاوو هو تولى خان الذي عمل معه السلطان جلال الدين مصافا في سنة ثماني عشرة، فنصر جلال الدين وقتل في الوقعة تولى إلى لعنة الله. وكان القاان الأعظم في أيام هولاوو أخاه مونكوقا بن تولى بن جنكزخان، فلما هلك جلس على التخت بعده أخوهما قبلاي، فامتدت دولته وطالت أيامه، ومات سنة خمس وتسعين بخان بالق أم بلاد الخطا وكرسي مملكة التتار. وكانت دولة قبلاي نحوا من أربعين سنة. في آخر أيامه أسلم قازان على يد شيخنا بدر الدين ابن حمويه الجويني. وقال الظهير الكازروني: عاش هولاكو نحو خمسين سنة. وكان عارفا بغوامض الأمور وتدبير الملك، فاق على من تقدمه. وكان يحب العلماء ويعظمهم، ويشفق على رعيته، ويأمر بالإحسان إليهم. قلت: وهل يسع مؤرخا في وسط بلاد سلطان عادل أو ظالم أو كافر إلا أن يثني عليه ويكذب، فالله المستعان ؛ فلو أثني على هولاكو بكل لسان لاعترف المثني بأنه مات على ملة آبائه، وبأنه سفك دم ألف ألف أو يزيدون، فإن كان الله تعالى مع هذا وفقه للإسلام فيا سعادته، لكن حتى يصح ذلك، والله أعلم. - حرف الياء - 148 - يحيى بن شجاع بن ضرغام. أبو زكريا القرشي، المصري. سمع الكثير من: الحافظ ابن المفضل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 184 وحدث، ومات في ذي القعدة. 149 - يوسف بن صالح بن صارم بن مخلوف. نور الدين الأنصاري، القوصي. شيخ صالح زاهد خير منقطع بالقرافة. حدث من: الحافظ ابن المفضل. ومات في وسط ربيع الأول. الكنى 150 - أبو بكر بن إبراهيم بن مسعود بن أحمد. الشيخ المعمر، الصالح، أبو بكر الشيباني، العراقي، الصوفي. قال الشريف عز الدين: ذكر أنه ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وكان شيخا صالحا، وصوفيا حسنا من أكابرهم المعروفين. توفي في ذي القعدة، رحمه الله. * * * وفيها ولد: قاضي القضاة علم الدين محمد بن أبي بكر بن الإخنائي الشافعي، والشيخ عبد الرحمن ابن أمين الدولة عبد القادر الصعبي. ومحمد الناسخ ولد الشرف محمد بن إبراهيم الميدومي، سمعا من النجيب وطبقته، وعز الدين عبد العزيز بن عبد اللطيف بن عبد العزيز ابن الشيخ مجد الدين ابن تيمية، وصلاح الدين محمد بن عبد الله ابن الشيخ شمس الدين،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 185 والشمس عمر بن شرف الدين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن هلال، ونور الدين عبد الله بن ضياء الدين بن عبد الرحمن بن عبد الكافي بن عبد الملك الربعي، وعلي بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن صفوان الكندي القواس، والقاضي تقي الدين عبد الكريم بن القاضي محيي الدين يحيى بن الزكي، وعبد الرحيم بن تقي الدين إسماعيل بن أبي اليسر، وشمس الدين أحمد بن أمين الدين محمد بن هلال، ومحمد بن يوسف بن أبي العز الحراني، والشيخ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور بحلب في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 186
سنة خمس وستين وستمائة
- حرف الألف - 151 - أحمد بن جميل بن حمد بن أحمد بن أبي عطاف زين الدين. أبو العباس المقدسي الصحراوي، المطعم، الحنبلي. روى عن: حنبل، وعمر بن طبرزد. سمع منه: المعين علي بن وردان بمصر، والسيف بن المجد وأثنى عليه ووثقه. وروى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والقاضي تقي الدين سليمان، وأبو عبد الله بن الزراد، وآخرون. ومات في ثاني عشر جمادى الأولى، رحمه الله. 152 - أحمد بن نعمة بن أحمد بن جعفر بن الحسين بن حماد. الإمام كمال الدين، أبو العباس المقدسي، النابلسي، الشافعي، خطيب بيت المقدس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 187 ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وقدم دمشق شابا فاشتغل بها. وسمع من: بهاء الدين القاسم بن عساكر، وحنبل، وعمر بن طبرزد، وغيرهم. وروى عنه: ولداه العلامة شرف الدين والفقيه محيي الدين إمام المشهد، وأبو محمد الدمياطي، وابن الخباز، والدواداري، وجماعة. وحدث بدمشق والقاهرة. وكان فقيها فاضلا، دينا، صالحا، كثير التعبد، حسن القناعة، منقبض النفس عن أبناء الدنيا وعن التردد إليهم. توفي بدمشق في الثالث والعشرين من ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب كيسان عن ست وثمانين سنة، رحمه الله. 153 - إبراهيم بن نجيب بن بشارة بن محرز. أبو إسحاق السعدي، المصري، الفاضلي. شيخ مسن معمر، من أولاد الشيخ. ولد في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالقاهرة. وسمع من أبي محمد القاسم بن عساكر لما قدم مصر. وكان أبوه يروي عن الشريف الخطيب ويؤدب أولاد القاضي الفاضل، رحمه الله. روى عن إبراهيم: شيخنا الدمياطي، وعلم الدين الدواداري في ' معجميهما '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 188 ومات في نصف جمادى الأولى. 154 - إسحاق بن خليل بن فارس بن سعادة. القاضي كمال الدين أبو محمد الشيباني، الدمشقي، الشافعي، قاضي زرع، ويعرف بالسقطي. ولد بدمشق سنة ثمان وثمانين. وسمع من أبي عبد الله بن البنا الصوفي. وحدث. وهو والد محيي الدين يحيى قاضي زرع، وأختيه عائشة وخديجة اللتين روتا لنا بالإجازة عن مكرم والناصح بن الحنبلي. توفي بدمشق في العشرين من رجب، ودفن بجبل قاسيون. ثنا عنه ولده. 155 - إسماعيل بن محمد بن أبي بكر بن خسرو. أبو محمد الكوراني الزاهد القدوة. كان أحد المشايخ المشهورين بالزهد والورع والإخلاص. وكان كثير التحري والتفتيش عن أمر دينه. صاحب معاملة وخشية، يقصد بالزيارة ويطلب من جهته الدعاء، وقل أن يوجد في زمانه مثله، رضي الله عنه. أدركه الأجل بغزة وهو قافل من مصر إلى بيت المقدس في الثاني والعشرين من رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 189 156 - أقوش القفجاقي. الصالحي النجمي. أخرج من خزانة البنود فسمروه هو وجماعة في ذي الحجة. وكان قد ادعى النبوة في رمضان من السنة. فلما رجع السلطان من الشام استحضره السلطان وسمع كلامه، ورسم بتسميره. ومن الذين سمروا الناصح ضياء من بلاد راحات. 157 - أيوب بن بدر بن منصور بن بدران. أبو الكرم الأنصاري، القاهري، ثم الدمشقي، المعروف بالجرائدي، أخو تقي الدين يعقوب المقرئ. قرأ أيوب القراءآت على السخاوي، وغيره. وسمع من: داود بن ملاعب، والشيخ أبي الفتوح البكري، وعبد الله بن عمر قاضي اليمن، وجماعة. وكتب الأجزاء. وأكثر عن: الضياء المقدسي، والسخاوي، وهؤلاء وأجزاؤه موقوفة بدار الحديث الأشرفية، وكتابته معروفة. وقد حدث وأقرأ، ومات بدمشق في شعبان، وأضر بأخرة. وكان صوفيا وإمام مسجد. غري بكتب ابن العربي، وكتب كثيرا منها، نسأل الله السلامة. - حرف الباء - 158 - بركة بن توشي بن جنكزخان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 190 المغلي، ملك القفجاق وصحراء سوداق، وهي مملكة متسعة مسيرة أربعة أشهر، وأكثرها براري ومروج، وبينها وبين أذربيجان باب الحديد في الدربند المعروف. هو باب عظيم مغلوق بين المملكتين مسلم إلى أمير كبير. وبركة هو ابن عم هولاكو. توفي في هذه السنة. وكان قد أسلم وكاتب الملك الظاهر وبعث رسوله في البحر فسار إلى أن وصل إلى الاسكندرية وطلع منها. تملك بعده منكوتمر بن طغان بن شرطق بن توش بن جنكزخان فجمع عساكر وبعثها مع مقدم لقصد أبغا، فجمع أبغا جيشه أيضا، وسار إلى أن نزل على نهر كور، وأحضر المراكب والسلاسل، وعمل جسرين على النهر ثم عدى إلى جهة منكوتمر، وسار حتى نزل على النهر الأبيض. فعدى منكوتمر وساق إلى النهر الأبيض، ونزل من جانبه الشرقي، ونزل أبغا في الجانب الغربي. ثم لبسوا السلاح وتراسلوا، ثم بعد ثلاث ساعات حرك أبغا كوساته وقطع النهر، وحمل على منكوتمر فكسره، وساق وراءه والسيف يعمل في عسكر منكوتمر. ثم تناخى عسكر منكوتمر ورجعوا عليهم فثبت أبغا في عسكره، ودام الحرب إلى العشاء الآخرة، ثم انهزم منكوتمر، واستظهر أبغا وغنم جيشه شيئا كثيرا، وعدى إلى الجسورة المنصوبة، ونزل على نهر كور. ثم جمع كبراء دولته وشاورهم في عمل سور من خشب على هذا النهر، فأشاروا بذلك، فقام وقاس النهر من حد تفليس، فكان جزء كل مقدم مائة وعشرين ذراعا. فشرعوا في عمله، ففرغ السور في سبعة أيام. ثم ارتحل فنزل المقدم دغان وشتى هناك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 191 قال قطب الدين: كان بركة يميل إلى المسلمين، وله عساكر عظيمة ومملكة تفوق مملكة هولاكو من بعض الوجوه. وكان يعظم العلماء، ويعتقد في الصالحين، ولهم حرمة عنده. من أعظم الأسباب لوقوع الحرب بينه وبين هولاكو كونه قتل الخليفة. وكان يميل إلى صاحب مصر ويعظم رسله ويحترمهم وتوجه إليه طائفة، من أهل الحجاز فوصلهم وبالغ في احترامهم، وأسلم هو وكثير من جيشه. وكانت المساجد التي من الخيم تحمل معه، ولها أئمة ومؤذنون، وتقام فيها الصلوات الخمس. قال: وكان شجاعا، جوادا، حازما، عادلا، حسن السيرة، يكره الإكثار من سفك الدماء والإفراط في خراب البلاد. وعنده حلم ورأفة وصفح. توفي بأرضه في عشر الستين من عمره. قلت: توفي في ربيع الآخر. وقد سافر من سقسين سنة نيف وأربعين إلى بخارى لزيارة الشيخ سيف الدين الباخرزي، فقام على باب الزاوية إلى الصباح، ثم دخل وقبل رجل الشيخ. وأسلم معه جماعة من أمرائه. وهذا في ترجمة الباخرزي، نقله ابن الفوطي. - حرف الجيم - 159 - الجنيد بن عيسى بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان. العدل، أبو القاسم الزرزاري، الإربلي، الشافعي. سمع بإربل من: عمر بن طبرزد، وحنبل المكبر. وحدث بالقاهرة: وكان مولده بإربل سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وتوفي بدمشق في الرابع والعشرين من شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 192 كتب عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة. - حرف الحاء - 160 - حسين بن عزيز بن أبي الفوارس. الأمير الكبير، ناصر الدين، أبو المعالي القيمري، صاحب المدرسة القيمرية الكبرى التي بسوق الخريميين. كان من أعظم الأمراء وأجلهم قدرا وأكبرهم محلا. له الوجاهة التامة، والكلمة النافذة، والإقطاعات الجليلة. وكان بطلا شجاعا، كريما، عادلا، حازما، رئيسا، كثير البر. وهو الذي ملك الملك الناصر دمشق. وكان أبوه شمس الدين من أجلاء الأمراء. توفي ناصر الدين في ربيع الأول بالساحل مرابطا قبالة الفرنج. - حرف الصاد - 161 - صالح بن إبراهيم بن أحمد بن نصر بن قريش.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 193 الإمام النحوي الكبير، ضياء الدين أبو العباس الإسعردي، ثم الفارقي، المقرئ. ولد سنة خمس عشرة وستمائة بميافارقين. وقرأ القراءآت، وأتقن العربية، وسمع من: ابن الصلاح، وجماعة. وتصدر للإقراء وتعليم النحو، وانتفع به جماعة. وكان ساكنا، خيرا، فاضلا. توفي بالقاهرة في العشرين من ربيع الآخر. وكتب عنه آحاد المحدثين. - حرف الطاء - 162 - طاهر بن أبي الفضل محمد بن أبي الفرج طاهر بن أبي عبد الله بن الخضر. الحكيم، العالم، أبو الفرج، الكحال، الأنصاري، الصوري الأصل، الدمشقي. ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، ومحمود بن عبد الله الجلالي، وأبي اليمن الكندي، وجماعة كثيرة. روى عنه: الدمياطي، وأبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والصدر الأرموي، والعماد بن البالسي، والشرف صالح بن عربشاه، والبهاء بن المقدسي، وآخرون. وكان حانوته باللبادين. توفي في الثاني والعشرين من ذي القعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 194
- حرف العين - 163 - عبد الله بن محمد بن يوسف. الحلبي، أبو محمد بن الأبيض. سمع من: ثابت بن مشرف. روى عنه: الدمياطي، وغيره. 164 - عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 195 الإمام، العلامة، ذو الفنون، شهاب الدين، أبو القاسم، المقدسي الأصل، الدمشقي، الشافعي، الفقيه، المقرئ، النحوي، أبو شامة. ولد في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة بدمشق، وقرأ القرآن وله دون العشر. وقرأ القراءآت، وأكملها سنة ست عشرة على الشيخ علم الدين. وسمع ' الصحيح ' من داود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله العطار. وسمع ' مسند الشافعي ' و ' الدعاء ' للمحاملي، من الإمام الموفق بن قدامة. وسمع بالإسكندرية: من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى، وغيره. وحصل له سنة بضع وثلاثين عناية بالحديث، وسمع أولاده، وقرأ بنفسه وكتب الكثير من العلوم، وأتقن الفقه، ودرس وأفتى، وبرع في فن العربية. وصنف في القراءآت شرحا نفيسا للشاطبية، واختصر ' تاريخ دمشق ' مرتين، الأولى في خمسة عشر مجلدا كبارا، والثانية في خمسة مجلدات، وشرح ' القصائد النبوية ' للسخاوي في مجلد. وله كتاب ' الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية '، وكتاب ' الذيل ' عليهما، وكتاب ' شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى '، وكتاب ' ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري '، وكتاب ' المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول '، وكتاب ' البسملة ' الأكبر في مجلد، وكتاب ' الباعث على إنكار البدع والحوادث '، وكتاب ' السواك '، وكتاب ' كشف مال بني عبيد '، وكتاب ' الأصول من الأصول '، و ' مفردات القراء '، و ' مقدمة نحو '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 196 ونظم ' المفصل ' للزمخشري، و ' شيوخ البيهقي '. وله تصانيف كثيرة سوى ما ذكرت، وأكثرها لم يفرغها. وذكر أنه حصل له الشيب وهو ابن خمس وعشرين سنة، وولي مشيخة القراءة بالتربة الأشرفية، ومشيخة الحديث بالدار الأشرفية. وكان مع كثرة فضائله متواضعا مطرحا للتكلف، ربما ركب الحمار بين الدوائر. أخذ عنه القراءات: الشيخ شهاب الدين حسين الكفري، والشيخ أحمد اللبان، وزين الدين أبو بكر بن يوسف المزي، وجماعة. وقرأ عليه ' شرح الشاطبية ': الشيخ برهان الدين الإسكندراني، والخطيب شرف الدين الفزاري. وفي جمادى الآخرة من هذه السنة جاءه اثنان جبلية إلى بيته الذي بآخر المعمور من حكر طواحين الأشنان، فدخلوا عليه في صورة صاحب فتيا فضرباه ضربا مبرحا كاد أن يتلف منه، وراحا ولم يدر بهما أحد، ولا أغاثه أحد. قال رحمه الله: في سابع جمادى الآخرة جرت لي محنة بداري بطواحين الأشنان، فألهم الله تعالى الصبر ولطف. وقيل لي: اجتمع بولاة الأمر. فقلت: أنا قد فوضت أمري إلى الله وهو يكفينا. وقلت في ذلك: (قلت لمن قال: تشتكي .......... ما قد جرى فهو عظيم جليل)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 197
(يقبض الله تعالى لنا من يأخذ .......... الحق ويشفي الغليل)
(إذا توكلنا على الله كفى .......... وحسبنا الله ونعم الوكيل) توفي أبو شامة، رحمه الله، تاسع عشر رمضان، ودفن بباب الفراديس. وكان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة. 165 - عبد العزيز بن إبراهيم بن علي بن علي بن أبي حرب بن مهاجر. الأجل، تاج الدين الموصلي، المعروف بابن الوالي. وأصلهم أجناد. ووزر والده شرف الدين لصاحب إربل مظفر الدين. تاب هذا عنه. وكان ذا مكارم وعفة، وحسن سيرة. وآخر ما ولي وزارة الشام بعد الصاحب عز الدين ابن وداعة. وقدم وباشر المنصب قليلا، ومات وقد نيف على الستين. 166 - عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار. العلامة الأوحد، نجم الدين القزويني، الشافعي، صاحب ' الحاوي الصغير '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 198 كان أحد الأئمة الأعلام. ألف ' الحاوي ' لولده جلال الدين محمد. وأجازت له عفيفة الفارقانية من إصبهان. روى لنا الإمام صدر الدين ابن حمويه بإجازته له. وحدثني الفقيه شهاب الدين الواسطي بوفاته في ثامن المحرم. 167 - عبد القادر بن عبد الوهاب. الخطيب أبو محمد البدري، الصوفي، الشافعي. ولد سنة سبع وستمائة. وروى عن: جعفر الهمداني. وولي الخطابة والإمامة بالجامع العتيق بمصر. ومات، رحمه الله، في رمضان. 168 - عبد المحسن بن علي بن أبي الفتوح نصر بن جبريل. الشيخ الصالح، المسند، أبو محمد الأنصاري، الخزرجي، المصري، الشافعي، المعروف بابن الزهر. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة تخمينا بمصر. وسمع من: أبي الفضل الغزنوي، أبي عبد الله الأرتاحي، وأبي الحسن ابن نجا الأنصاري، وفاطمة بنت سعد الخير. روى عنه: الدمياطي والمصريون. ومات في العشرين من رجب. 169 - عبد المحسن بن يونس. أبو محمد القضاعي، الخولاني، المصري، المؤدي، المعروف بابن سمعون. شيخ صالح، معمر، عاش تسعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 199 وحدث عن: أبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني. وتوفي في جمادى الآخرة. 170 - عبد الوهاب بن خلف بن بدر. العلامي، قاضي القضاة، تاج الدين أبو محمد ابن بنت الأعز، الشافعي. ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وقيل: سنة أربع وستمائة. وروى عن: جعفر الهمداني، وغيره. قال قطب الدين: كان إماما فاضلا، متبحرا، ولي المناصب الجليلة كنظر الدواوين والوزارة والقضاء. ودرس بالصالحية، ودرس بمدرسة الشافعي بالقرافة. وتقدم في الدولة. وكانت له الحرمة الوافرة عند الملك الظاهر. وكان ذا ذهن ثاقب وحدس صائب وجد وسعد وحزم وعزم، مع النزاهة المفرطة، وحسن الطوية والصلابة في الدين، والتثبت في الأحكام، وتولية الأكفاء، لا يراعي أحدا ولا يداهنه. ولا يقبل شهادة مريب. وكان قوي النفس بحيث يترفع على الصاحب بهاء الدين ولا يحفل بأمره. فكان ذلك يعظم على الصاحب ويقصد نكايته فلا يقدر، فكان يوهم السلطان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 200 أن للقاضي متاجر وأموالا، وأن بعض التجار ورد وقام بما عليه ثم وجد معه ألف دينار، فأنكر عليه فقال: هي وديعة للقاضي. فسأل السلطان القاضي فأنكر لئلا يحصل غرض الوزير منه، ولم يصرح بالإنكار بل قال: الناس يقصدون التجوه بالناس وإن كانت فقد خرجت عنها لبيت المال. فأخذت، وهان ذلك على القاضي مع كثرة شحه لئلا يبلغ الوزير مقصوده منه. وكان الوزير بهاء الدين يختار أن القاضي تاج الدين [يأتي] إلى داره فتغير مزاجه وعاده الناس فعاده القاضي، فلما دخل على الوزير وثب من الفراش ونزل له من الإيوان، فلما رآه كذلك قال: بلغني أنك في مرض شديد وأنت قائم. سلام عليكم. ثم رد ولم يزد على ذلك. توفي في السابع والعشرين من رجب، وكانت جنازته مشهودة. * * * وهو والد القاضي الكبير صدر الدين عمر قاضي الديار المصرية، ووالد قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن الذي وزر أيضا، ووالد القاضي العلامة، علاء الدين أحمد الذي دخل اليمن والشام. 171 - علي بن الزاهد أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون. الإمام المفتي، تاج الدين ابن القسطلاني، القيسي، المصري، المالكي، المعدل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 201 سمع بمكة من: يحيى بن ياقوت، وزاهر بن رستم، ويونس بن يحيى الهاشمي، وأبي الفتوح نصر بن الحصري، وأبي عبد الله بن البنا. وبمصر من: المطهر بن أبي بكر البيهقي، وعلي بن خلف الكيفي، وابن الفضل الحافظ، وجماعة. ودرس بالمدرسة المالكية المجاورة للجامع العتيق. وولي مشيخة دار الحديث الكاملية بعد الرشيد العطار. وكان من أعلام الأئمة المشهورين بالفضيلة والدين، وحسن الأخلاق، والصلاح، ولين الجانب، ومحبة الحديث وأهله. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، وعلم الدين الدواداري، وعبد المحسن الصابوني، وعبد الله بن علي الصنهاجي، وزهرة بنت الختني، والمصريون. وتوفي إلى رحمة الله في سابع عشر شوال، وله سبع وسبعون سنة وأشهر. وهو أخو الشيخ قطب الدين. 172 - علي. الصدر علاء الدين علي بن جمال الدين بن مقبل الدمشقي. توفي فيها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 202 173 - علي بن موسى بن يوسف. الإمام، المقرى، الزاهد، أبو الحسن السعدي، المصري، الدهان. ولد بالقاهرة سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على أبي الفضل جعفر الهمداني. وقرأ على أبي القاسم الصفراوي جمعا إلى آخر الأعراف. وسمع من جماعة. وتصدر للإقراء في المدرسة الفاضلية، وقصد القراء. وكان عارفا بالقراءآت ووجوهها، محققا لها، دينا، صالحا، متعففا، قانعا، حسن الصحبة، تام المروءة، ساعيا في حوائج أصحابه، صاحب قبول عند الناس. قرأ عليه القراءآت: شيخنا الشمس الحاضري، وأبو عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع، والبرهان أبو إسحاق الوزيري، وجماعة. وتوفي فجأة في الرابع والعشرين من رجب. وشيعه الخلق. وكان شيخنا الحاضري يصف دينه ومروءته وتواضعه وفضائله، رحمه الله تعالى. 147 - عمر. الأمير، خليفة المغرب المرتضي، أبو حفص ابن الأمير أبي إبراهيم بن يوسف القيسي، المؤمني. ولي الأمر بعد المعتضد بالله علي بن إدريس سنة ست وأربعين وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 203 وامتدت دولته. وكان ملكا مستضعفا وادعا، فلما كان في المحرم من هذه السنة دخل ابن عمه الواثق بالله إدريس بن أبي عبد الله يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، الملقب بأبي دبوس، مدينة مراكش فهرب المرتضى إلى بلد آزمور، فظفر به عامله فخانه وأمسكه، وكتب إلى أبي دبوس، فكتب إليه يأمره بقتله، فقتله في ربيع الآخر. وأقام أبو دبوس في الأمر بالمغرب ثلاث سنين، وبهلاكه زالت دولة بني عبد المؤمن وقامت دولة بني مرين، والله أعلم. - حرف الميم - 175 - محمد بن عبد الله بن عبد العزيز. أبو عبد الله الرعيني، المالقي، العبد الصالح. سمع من: أبي محمد القرطبي الكتب الخمسة. وأجاز له أبو جعفر بن عبد المجيد الخيار، وأبو إسحاق بن عبيديس. قال ابن الزبير: غلبت عليه العبادة. مات في آخر العام عن نحو الثمانين. 176 - محمد بن عبد الله بن عليات بن فضالة بن هاشم. أبو عبد الله القرشي، العثماني، الأموي، المكي. عاش تسعين سنة. وروى عن: أبي الفتوح بن الحصري. ومات في صفر بمكة. وهو خادم الشيخ عبد الرحمن المغربي، ووالد الشيخ محمد بن محمد الخادم. 177 - محمد بن عمر بن حسن بن عبد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 204 الشيخ ضياء الدين ابن خواجا إمام الفارسي، ثم الدمشقي. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع، محمد بن الخصيب، وحنبل، وان طبرزد. عنه: الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، وابن الخباز. وكتب عنه من القدماء: زكي الدين البرزالي، وغيره. وكان رجلا صالحا منقطعا، يؤم بمسجد مثقال الجمدار على نهر يزيد. وهو والد شيخنا الشرف الناسخ. توفي في سادس ربيع الأول. 178 - محمد بن أبي الفضل عمر بن أبي القاسم. الشريف أبو عبد الله ابن الداعي الرشيدي، الواسطي، الهاشمي، المقرئ. شيخ القراء ومسند الآفاق. كان أحد من عني بهذا الشأن. قرأ بالعشرة على: أبي بكر الباقلاني، وأبي جعفر المبارك بن المبارك بن أحمد بن زريق الحداد، ومحمد بن محمد بن الكال الحلبي. وعمر دهرا، وجلس للإقراء ببغداد. قرأ عليه القراءآت: الموفق عبد الله بن مظفر بن علان البعقوبي، والشيخ علي حريم الواسطي، والجمال المصري. وسمع منه القراءآت: الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وغيره. بقي إلى سنة خمس وستين وستمائة بواسط، وأجاز فيها لابن خروف بخط شديد الاضطراب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 205 وروى عنه إذنا البرهان الجعبري ببلد الخليل عليه السلام. 179 - محمد بن محمد بن أبي الفتوح محمد بن محمد بن محمد بن عمروك. الشريف شرف الدين، أبو الفضل القرشي، التيمي، البكري. ولد سنة تسعين وخمسمائة بالقاهرة. وسمع من جده، ومن: حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وست الكتبة بنت الطراح، وجماعة. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو عبد الله ابن الزراد، وأبو الحسن بن الشاطبي، وطائفة. وقد روى من بيته جماعة بالقاهرة. وفي رابع المحرم توفي. 180 - محمد بن محمد بن أبي بكر. أبو عبد الله الرازي الأصل، المكي، الصوفي. روى عن: علي بن البنا. وتوفي بقوص في رجب. 181 - محمد بن مفرج بن وليد. الأمير القائد المجاهد، أبو الشوائل السياري، الغرناطي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 206 كان كثير الأموال وأكثرها من الغنائم. وله بر ومعروف وصدقات وافرة جدا. وأما جهاده فقل من يصل إلى رتبته فيه. لم يكن فيه عضو إلا وفيه طعنة برمح فيما أقبل من جسده. ولم يولد له قط. وقد أوصى بثلث ماله للمساكين، وأعتق عبيده أجمعين. وأعطاهم لكل واحد خمسين دينارا. وقد بلغ تسعين سنة، رحمه الله. مات في محرم سنة خمس. قرأت هذا بخط أبي الوليد بن الحاج يقول فيه: توفي سيدنا ورابنا الشيخ القائد المجاهد في سبيل الله الذي أبلى بلاء حسنا مدى عمره في ذات الله أبو عبد الله، الشهير بأبي الشوائل. قلت: كان رئيس غرناطة وعميدها. 182 - محمود بن أبي القاسم إسفنديار بن بدران بن أيان. الزاهد، العالم، أبو محمد الدشتي، الإربلي. سمع الكثير من: جعفر الهمداني، وأبي الحسن بن المقير، وأبي القاسم ابن رواحة، والضياء المقدسي، وابن خليل، وابن يعيش، وطبقتهم. وعني بالحديث، ونسخ الأجزاء، وخطه رديء، معروف. وكان قانعا متعففا، صبورا على الفقر. يلبس قبع دلك وفروة حمراء وثوب خام. وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، داعية إلى السنة مجانبا للبدعة، يبالغ في الرد على نفاة الصفات الخبرية. وينال منهم سبا وتبديعا، وهم يرمونه بالتجسيم. وكان بريئا من ذلك رحمه الله، لكنه ناقص الفضيلة قاصر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 207 عن إفحام الخصوم. وقد دخل مرة على السلطان الملك الناصر فأنكر عليه بعض هناته فلكمه السلطان وأخرج. وله تعاليق وتواليف. روى عنه: ابن أخيه شهاب الدين أحمد، وغيره. وتوفي في الحادي والعشرين من رجب. وقد نيف على الستين، ودفن بسفح المقطم. وممن روى عنه: الدمياطي في ' معجمه '. ولما أهانه الملك الناصر ندم وبعث إليه يستعطفه فقال: وددت أنني أدخل إليه وأخاطبه بما خاطبته ويعود يضربني. وقد ضربه مرة نائب السلطنة لؤلؤ بحلب لأنه قرأ مناقب الصحابة، وقصد إسماعه ذلك يوم الجمعة. وكان لؤلؤ يتشيع ولهذا ضربه. وأنكر على البادرائي القيام عند الدعاء للخليفة بدار السعادة. وكان كثير الصوم، فإذا أفطر أفطر على أربعة عشر لقمة أو نحوها. ويأثر أن عمر رضي الله عنه كان يقتصر على ذلك. وكان ينكر على الأمراء الكبار ويغلظ لهم في المحافل. ولا يقبل من أحد شيئا، ويتقنع باليسير، رحمه الله تعالى. 183 - ملكشاه. القاضي شمس الدين الحنفي، قاضي بيسان. ولي نيابة الحكم مدة بدمشق، ودرس بالمعينية. وكان من كبار الحنفية. توفي في صفر. 184 - موهوب بن عمر بن موهوب بن إبراهيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 208 القاضي الإمام، صدر الدين، أبو منصور الجزري، الشافعي. ولد سنة تسعين بالجزيرة. وتفقه وبرع في المذهب والأصول والنحو. ودرس وأفتى وتخرج به جماعة. وكان من فضلاء زمانه. ولي القضاء بمصر وأعمالها دون القاهرة مدة. وتوفي فجأة بمصر في تاسع رجب. - حرف النون -
- - ناصر الدين القيمري. ملك الأمراء. اسمه الحسين. تقدم ذكره. 185 - نبا بن سعد الله بن راهب بن مروان بن عبد الله. الإمام، الفقيه، موفق الدين، أبو البيان البهراني، الحموي، الشافعي. ولد بحماه سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وسمع جزءا من الحافظ الشاب جعفر العباسي. وحدث بدمشق، ومصر. وأعاد بمصر بالشافعي مدة. ويسمى محمد أيضا. وكان فقيها صالحا، أضر في آخر عمره وزمن، ومات في تاسع جمادى الآخرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 209 روى عنه: الدواداري، وغيره. رحمه الله. - حرف الياء - 186 - يعقوب بن عبد الرحمن بن الإمام الكبير أبي سعد بن أبي عصرون. الشيخ سعد الدين، أبو يوسف التميمي، الشافعي. روى بالإجازة عن الإمام أبي الفرج بن الجوزي، ودرس بالمدرسة القطبية التي بالقاهرة مدة، وكان فقيها فاضلا، رئيسا، نبيلا، توفي بالمحلة في الثالث والعشرين من رمضان. وولي أبوه قضاء حماة. وتأخر أخوه محمود وحدث. 187 - يعقوب بن نصر الله بن هبة الله بن الحسن بن يحيى. الرئيس تاج الدين، المعروف بابن سني الدولة الدمشقي. حدث عن: حنبل بن عبد الله. وتوفي في ذي الحجة عن سبعين سنة. وكان خبيرا بالكتابة الديوانية. ولي نظر بعلبك وغير ذلك. 188 - يعقوب بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم. أبو أحمد الطبري، المكي. روى عن: يونس بن يحيى الهاشمي، وزاهر بن رستم الإصبهاني، وغيرهما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 210 روى عنه: الدمياطي، ورضي الدين الطبري ابن أخيه، وقاضي مكة نجم الدين. توفي في سلخ شعبان. فكانوا سبعة إخوة قدم أبوهم وجاور. 189 - يوسف بن عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل. العدل، ضياء الدين، أبو الطاهر الزبيدي، المقدسي، الأباري، الكاتب، ابن خطيب بيت الأبار. ولد سنة إحدى وثمانين. وسمع من: أبي الفضل إسماعيل الجنزوي، وأبي طاهر الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد، وغيرهم. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، والدمياطي، وأبو علي ابن الخلال، وجماعة في الأحياء. وناب أبوه في خطابة دمشق في أيام الملك العادل لما ذهب الدولعي في الرسلية. وهو أخو الخطيب أبي المعالي داود، وأبي حامد عبد الله. توفي يوم الجمعة يوم عيد النحر. 190 - يوسف بن أبي السر مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم. الشيخ شمس الدين، أبو الحجاج القيسي، السويدي، الحوراني، ثم الدمشقي، المقرئئ، الحبال، والد شيخنا المعمر صدر الدين إسماعيل. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 211 وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وجماعة. روى عنه الحافظ زكي الدين البرزالي ومات قبله بتسع وعشرين سنة. وبقي حتى سمع منه: شرف الدين منيف القاضي، وشرف الدين ابن عرب شاه، وأخوه داود، ومحمد بن المحب، وهذه الطبقة، وولده الصدر. وتوفي في حادي عشر ربيع الأول، رحمه الله. * * * وفيها ولد: الشيخ علم الدين القاسم ابن البرزالي. والشيخ صدر الدين محمد بن زين الدين عمر بن مكي الشافعي. وبهاء الدين أبو بكر بن شمس الدين محمد بن غانم، والقاضي عز الدين محمد بن القاضي تقي الدين سليمان، والتقي أحمد بن أبي بكر بن محمد بن طرخان، والشرف عبد الله بن أحمد بن القراط المقدسي، وجمال الدين داود بن إبراهيم بن العطار، وعلاء الدين علي بن عثمان بن قاضي بالس، ومحي الدين يحيى ابن القاضي الفخر عثمان الزرعي، وخطيب المزة شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن المنبجي، ومحمد بن أحمد بن الناصح عبد الرحمن بن محمد بن عياش الصالحي، وشمس الدين يوسف بن يحيى بن الناصح بن الحنبلي، وأبو نعيم أحمد بن التقي عبيد الإسعردي، وقاضي القضاة شرف الدين محمد بن أبي بكر بن ظافر الهمداني، المالكي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 212 والزين محمد بن محمود بن علي بن مخلص القزويني المؤذن، والتقي عبد الرحمن بن أحمد ابن شيخنا إبراهيم ابن القواس، ومحيي الدين يحيى بن الخضر العباسي، وعلاء الدين علي بن علي بن إبراهيم بن الصيرفي، ويوسف بن عبد القادر الخليلي، وشمس الدين محمد بن إبراهيم بن المهندس تقريبا بخطه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 213
سنة ست وستين وستمائة
- حرف الألف - 191 - أحمد بن عبد الله بن أبي الغنائم المسلم بن حماد بن محفوظ بن ميسرة. المحدث، الرئيس، مجد الدين، أبو العباس الأزدي، الدمشقي، الشافعي، التاجر، المعروف بابن الحلوانية. ولد في نصف ربيع الأول سنة أربع وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، والشمس أحمد بن عبد الله العطار، والشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد، والقاضي أبي الفضل إسماعيل بن إبراهيم الشيباني الحنفي ابن الموصلي، وسماعه منه في سنة عشر وستمائة لكنه نازل والمسلم بن أحمد المارني، وابن صباح، وابن الزبيدي، والشيخ الموفق بن قدامة، وابن اللتي، والناصح بن الحنبلي، وخلق بدمشق وأبي علي أحمد بن المعز الحراني، وأحمد بن يعقوب المارستاني، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وجماعة ببغداد، وعبد الرحيم بن الطفيل، وعلي بن مختار، والعلم بن الصابوني، وجماعة بمصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 214 وعبد الحليم بن دخان الهمداني، وظافر بن شحم، وعلي بن زيد التسارسي، والوجيه محمد بن علي ابن تاجر عينه، وجماعة بالإسكندرية. وعني بالحديث والسماع، وكتب بخطه الكثير، وحصل الأصول، وصار له أنسة بالفن جيدة. وخرج لنفسه معجما كبيرا ومعجما صغيرا. روى عنه: الدمياطي، والأبيوردي، وابن الخباز، وزينب بنت ابن الخباز، وابنته صفية بنت الحلوانية والدة شمس الدين محمد بن السراج، وآخرون. وكان عدلا رئيسا، حسن البزة، كيس المجالسة له دكان بالخواتيميين. توفي في حادي عشر ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب الصغير. 192 - أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحيم بن العجمي. الصدر، كمال الدين، والد المولى الإمام بهاء الدين. كان رئيسا محتشما، جيد الإنشاء، بارع الكتابة، حسن الديانة، ذا مروءة وحسن عشرة، وكثرة محاسن. كتب الإنشاء في الأيام الناصرية والأيام الظاهرية. وتوفي في ذي الحجة بظاهر مدينة صور، ونقل إلى دمشق فدفن بمقبرة الصوفية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 215 193 - أحمد بن عبد المحسن بن أحمد بن محمد بن علي بن حسن بن علي بن محمد بن جعفر بن إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق. الشريف نور الدين، أبو العباس العلوي، الحسيني، الموسوي، الواسطي، الغرافي، التاجر، السفار. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة. وسمع بمرو من: أبي المظفر عبد الرحيم بن السمعاني. وبالإسكندرية من: محمد بن عمار، وغيره. وببغداد من: أبي الحسن بن القطيعي مع ولده شيخنا تاج الدين. والعزاف من أعمال واسط. روى عنه: ولداه أبو الحسن علي، وأبو إسحاق إبراهيم، والدمياطي، وجماعة. توفي في خامس صفر بثغر الإسكندرية، رحمه الله تعالى. 194 - أحمد بن عبد الناصر بن عبد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 216 أبو العباس اليمني. روى عنه: أبي الفتوح بن الحصري. وسمع من أهل مصر. مات في ربيع الأول. 195 - أحمد بن القاضي شمس الدين عمر بن أسعد بن المنجا. الإمام، الفقيه، الصالح، عماد الدين التنوخي، الحنبلي، أخو شيختنا ست الوزراء. ذكر وفاته شمس الدين ابن الفخر في جمادى الآخرة، وكانت جنازته حفلة كبيرة وعمره أربعون سنة إلا شهران. قلت: سمع من أخته، وهي أكبر منه، ' صحيح البخاري '. ولم يرو. وهو واقف حلقة العماد برواق الحنابلة. 196 - إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر. الإمام، الزاهد، القدوة، الخطيب، عز الدين، أبو إسحاق ابن الخطيب شرف الدين أبي محمد ابن الزاهد الكبير الإمام القدوة أبي عمر المقدسي، الجماعيلي الأصل، الدمشقي الصالحي الحنبلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 217 ولد في رمضان سنة ست وستمائة. وسمع من: عم أبيه، الشيخ موفق الدين، والشيخ العماد، والشيخ الشهاب بن راجح، والقاضي أبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن عبدون البنا، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم أحمد بن عبد الله العطار، وموسى بن الشيخ عبد القادر، وأبي المحاسن بن أبي لقمة، وأبي الفتوح محمد بن الجلاجلي، وأبي محمد بن البن، وأبي الفتح محمد بن عبد الغني، وأبي المجد القزويني، وطائفة وسواهم. وسماعه من الكندي حضور. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة. وأجاز له عمر بن طبرزد، والمؤيد الطوسي، وجماعة. وكان فقيها، عارفا بالمذهب، صاحب عبادة وتهجد وإخلاص، وابتهال وأوراد ومراقبة وخشية. وله أحوال وكرامات ودعوات مجابات. قال ابن الخباز: كان إذا دعا كان القلب يشهد بإجابة دعائه من كثرة ابتهاله وإخلاصه وتذلله انكساره. وله أدعية تحفظ عنه. وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، يروح إلى الأماكن البعيدة ومعه جماعة فينكر ويبدد الخمر ويكسر الأواني. رأيت ذلك منه غير مرة. قال: وكان ليس بالأبيض ولا بالآدم، معتدل القامة، واسع الجبهة، أشقر اللحية، أشهل العينين بزرقة، مقرون الحاجبين، أقنى العرنين. قال: وسمعت الشرف أحمد بن أحمد بن عبيد الله يقول: أنا من عمري أعرف الشيخ العز ما له صبوة. وسمعت العز أحمد بن يونس يقول ما كان الشيخ العز إلا سيد وقته معدوم المثل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 218 وقال أبو بكر الدقاق: من يكون مثل الشيخ العز، كان إذا جاء إليه أقل الخلق ضحك في وجهه وبش به وتلطف به. وقال سالم بن علي الجزري: كان كثير التواضع للصغير والكبير، كثير الصدقة والمعروف. ما رأت عيني مثله، ولا رأيت أحدا على صفته. قال ابن الخباز: كان رحمه الله يتألف الناس ويلطف بالغرباء والمساكين ويحسن إليهم، ويواسيهم ويودهم، ويتفقدهم، ويسألهم عن حالهم، ويأخذهم إلى بيته كل ليلة وفي كل وقت، فيطعمهم ما أمكنة. وكان يذم نفسه ذما كثيرا ويحقرها ويقول: أيش يجي مني؟ أيش أنا؟ وكان كثير التواضع. وحدثني الشيخ الصالح أحمد بن محمد بن أبي الفضل قال: كنت أعالج الشيخ العز في مرضه الذي قبض فيه، فكنت إذا جئته بشيء أسقيه يقول: يا حيائي من الله، يا حيائي من الله. قال: وحدثني الزاهد أبو إسحاق إبراهيم ابن الأرمني قال: رأيت في المنام قبل وفاة الشيخ بأربع ليال كأنني في وادي الربوة، وشخصان جاءا إلي وقالا: إن الله قد أذن لإبراهيم أن يدخل عليه. فأصبحت وبقيت مفكرا، فجاءني رجل وقال: العز مريض. فقلت: هذه الرؤية له، وخفت عليه من يومئذ. ثم قال: وهذه عناية عظيمة في حقه، رضي الله عنه، تدل على أنه من أولياء الله تعالى. قال ابن الخباز: وجدت بخط البدر علي بن أحمد بن عمر المقدسي، وقرأته عليه: كان الشيخ عز الدين كثير الخير والمعروف والإحسان والصدقة، وطيب الكلمة، وحسن الملتقى، واللطف بالناس. ويؤثر كثيرا ويطعم القوم. لم يكن في جماعتنا أكثر منه صدقة. ويزور المنقطعين والأرامل ويلطف بهم. وكان مجتهدا في طلب العلم وتحصيله، حريصا على دينه مفتشا عنه، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وحج مرتين، الأولى سنة اثنتين وعشرين مع والده، والثانية سنة ثلاث وخمسين، أحسن إلى الناس في هذه المرة إحسانا كثيرا بماله وروحه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 219 وكان كثير الزيارة إلى القدس والخليل، وكان يلطف بالنساء والصغار والكبار ويفرح الصبيان في المواضع ويوجدهم راحة ويسلم عليهم، ويسلم على الصغير والكبير. ثم ذكر منامات عديدة حسنة رآها غير واحد للشيخ العز. وذكر عن جماعة ثناءهم عليه ووصفهم إياه بالسخاء والكرم والمروءة والإحسان الكثير إلى الفقراء، وإيثارهم وقضاء حوائجهم والتواضع لهم، وطلاقة الوجه والبشاشة والورع والخوف والعبادة والأخلاق الجميلة ونحو ذلك. وتوفي في تاسع عشر ربيع الأول عن ستين سنة، رحمة الله تعالى. وقد جمع ابن الخباز فضائله وسيرته في بضعة عشر كراسا. وله أولاد فقهاء صلحاء. 197 - إبراهيم بن يحيى بن أبي حفاظ مهدي. الإمام، أبو إسحاق المكناسي، النحوي، أحد الفضلاء والرحالين. ولد سنة ستمائة. وسمع من: أبي الحسين محمد بن محمد بن زرقون، وطائفة بإشبيلية، وارتحل إلى الشام والعراق. أخذ عنه الدمياطي ببغداد. وخطه معرب مليح. مات بالفيوم في سنة ست. وله شعر وفضائل. 198 - إسحاق بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن بدر الدين. أخو الشيخ تقي الدين. ولد سنة إحدى عشرة، ومات في سادس صفر بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 220 199 - إسحاق بن عبد الله بن عمر بن عبد الله. أبو إبراهيم الدمشقي، ابن قاضي اليمن. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة. وحدث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد، وست الكتبة بنت الطراح. كتب عنه الأبيوردي، والطلبة. ومات في شعبان. وهو أخو إسماعيل الآتي. 200 - إسماعيل بن عبد الله بن عمر بن عبد الله. أبو الطاهر، ويعرف أبوه بقاضي اليمن. حدث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي. وحدث بالقاهرة ودمشق. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في ذي القعدة بجوبر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 221 201 - أيوب بن عمر بن علي بن مقلد. أبو الصبر الحمامي، الدمشقي، المعروف بابن الفقاعي. روى ' تاريخ داريا ' عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وتقي الدين أبو بكر الموصلي، والفخر عثمان الأهوازي، والشرف صالح بن عربشاه، وجماعة. توفي يوم عاشوراء. - حرف الحاء - 202 - الحبيس بولص. ويقال ميخائيل. أحضره الملك الظاهر وعذبه حتى مات في العذاب، وصار إلى العذاب، ورميت جيفته تحت القلعة على باب القرافة. وذكرنا في سنة ثلاث وستين في الحوادث من أخباره وإنفاقه للأموال فيقال إنه ظفر بكنز مدفون فواسى به الصعاليك والمحاويج من أهل الملل، وأدى عن المصادرين جملة عظيمة. واشتهر أمره. فلما كان في هذه السنة أحضره السلطان وطلب منه المال والكنز، فأبى أن يعرفه، وجعل يراوغه ويغالطه، ولا يفصح له بشيء. فأدخله إلى عنده ولا طفه بكل ممكن، فلما أعياه حنق عليه وعذبه، فمات ولم يقر بشيء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 222 203 - الحسن بن الحسين بن أبي البركات. الشيخ، الرئيس، عز الدين، أبو محمد بن المهير البغدادي الحنبلي، التاجر. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع ' جزءا ' من يحيى بن بوش تفرد به. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وشمس الدين ابن أبي الفتح، والقاضي تقي الدين سليمان، والعماد بن الكناني، وأحمد بن المحب، وزينت بنت الخباز، وجماعة. وتوفي بدمشق في السابع والعشرين من رجب. وذكر الشيخ شمس الدين ابن الفخر أنه كان ناظر المدرسة الجوزية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 223
- حرف الخاء - 204 - الخضر بن أسد بن عبد الله بن سلامة. أبو العباس الصنهاجي ابن السقطي. شيخ مصري يروي عنه: الحافظ ابن المفضل. توفي في رجب. - حرف العين - 205 - عبد الله بن أحمد بن ناصر بن طغان. أبو بكر الدمشقي، الطريفي، النحاس. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وروى عن الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وجماعة. وهو أخو عبد الرحمن. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد بن المحب، وابن الخباز، والعماد بن البالسي، وآخرون. والطريفي نسبة إلى طريف، جد لهم. توفي في السادس والعشرين من شوال. ولقبه زين الدين. 206 - عبد الله بن علي بن محمد. الشريف أبو جعفر الحسيني، الحجازي. ولد بدمشق سنة خمس وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 224 وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وكان صالحا، متعففا، قانعا. توفي بدمشق في جمادى الآخرة. 207 - عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. أبو القاسم الأشعري نسبا، القرطبي. قاضي الجماعة بغرناطة. روى عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى وتفرد بالرواية عنه. وعن: أبي الحسن علي الشقوري، وأبي القاسم بن بقي القاضي، وأبي الحسن بن خروف النحوي، وعده. روى عنه: أبو جعفر بن الزبير وأثنى عليه. وولي القضاء أيضا بشريش ومالقة. وولي خطابة مالقة. وتصدر للإشغال. وانتفع فيه فقهاء غرناطة. قال أبو حيان: كان رطب المناظرة، مسدد النظر، منصفا أديبا، نحويا، فقيها، مشاركا في الأصول وغيرها. وأجاز عاما لأهل غرناطة وتوفي بها في شوال. وقال ابن الزبير: كان أشعري النسب والمذهب، مصمما على مذهب الأشعرية. 208 - عبد الخالق بن علي. تاج الدين، الكاتب المعروف بأحمر عينه لحمرة عينه. كان كاتبا بارعا في صناعة الحساب. ولي عدة جهات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 225 وولي أبوه مهذب الدين علي بن محمد الإسعردي قضاء بعلبك قبل الستمائة فحمدت سيرته. ومات التاج هذا ببعلبك في ذي العقدة، وهو في عشر الثمانين. 209 - عبد العزيز بن منصور بن محمد بن محمد بن وداعة. الصاحب، عز الدين الحلبي. ولي خطابة جبلة في أوائل أمره فيما يقال. وولي للملك الناصر شد الدواوين بدمشق. وكان يعتمد عليه. وكان يظهر النسك والدين، ويقتصد في ملبسه وأموره. فلما تسلطن الملك الظاهر ولاه وزارة الشام. فلما ولي التجيبي نيابة الشام حصل بينه وبين ابن وداعة وحشة، فإن التجيبي كان سنيا ولكن ابن وداعة شيعيا خبيثا فكان التجيبي يسمعه ما يهينه ويؤلمه، فكتب ابن وداعة إلى السلطان يطلب منه مشدا تركيا، وظن أنه يكون بحكمه ويستريح من التجيبي، فرتب السلطان الأمير عز الدين كشتغدي الشقيري، فوقع بينه وبينه، فكان الشقيري يهينه أيضا. ثم كاتب فيه الشقيري، فجاء الأمر بمصادرته، فرسم عليه وصودر، وأخذ خطه بجملة كبيرة. ثم عصره الشقيري وضربه، وعلقه في قاعة الشد، وجرى عليه ما لا يوصف، وباع موجوده التي كان قد وقفها، وحمل ثمنها. ثم طلب إلى الديار المصرية فمرض في الطريق، ودخل القاهرة مثقلا فمات في آخر يوم من السنة بالقاهرة وهو في عشر الثمانين. وله مسجد وتربة بسفح قاسيون، ولم يعقب. وله وقف على البر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 226 ذكر ذلك قطب الدين موسى. 210 - عبد العظيم بن عبد الله بن أبي الحجاج ابن الشيخ البلوي. الخطيب، العلامة، أبو محمد، شيخ مالقة. أدرك جده وسمع منه قليلا. وصنف تصانيف. وله اختيارات لا يقلد فيها أحدا. وكان عاكفا على إقراء ' المستصفى ' و ' الجواهر الثمنية '. لازمه أبو جعفر بن الزبير سنين يشتغل عليه، وأثنى عليه. قال: وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وستين وستمائة. وكان قد حفر قبره، وأعد كفنه، وهيأ دريهمات برسم مؤونة الدفن، رحمه الله. 211 - عثمان بن عبد الرحمن بن عتيق بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن عبد الله بن رشيق. نظام الدين، أبو عمرو الربعي، المصري، المالكي. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي. وروى ' صحيح البخاري ' عنهما. وهو من بيت العلم والدين والرواية. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة ابن جماعة، والمصريون. وكان رجلا صالحا، خيرا، وكان جده أبو الفضائل عتيق من كبار العلماء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 227 توفي النظام رحمه الله تعالى في الحادي والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة. 212 - علي بن عدلان بن حماد. الإمام، العلامة، عفيف الدين، أبو الحسن الربعي، الموصلي، النحوي، المترجم. ولد سنة ثلاث وثمانين أو قبلها بالموصل. وسمع ببغداد. وأخذ الغريب عن أبي البقاء العكبري، وغيره. وسمع من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز بن سينا، ويحيى بن ياقوت، وعلي بن محمد الموصلي، وبرغش عتيق ابن حمدي، وعبد الله بن عثمان بن قديرة، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم الكرخي، ولامعة بنت المبارك بن كامل، وجماعة. وسمع منه: ابن الطاهري، والأبيوردي، والدمياطي، والشريف عز الدين، والدواداري، وطائفة كبيرة. وأقرأ العربية زمانا: وسمع منه أيضا: شعبان الإربلي، ويوسف الختني، وعبد الله بن علي الصنهاجي، وأختاه عائشة وخديجة. وتصدر بجامع الملك الصالح مدة، وانتفع به جماعة من الفضلاء ؛ كان علامة في الأدب، من أذكياء بني آدم. وانفرد بالبراعة في حل المترجم والألغاز. وله في ذلك تواليف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 228 توفي في تاسع شوال بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 213 - علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن. الإمام أبو الحسن الرعيني، الإشبيلي. مشهور بنسبته. روى عن: أبي بكر محمد بن عبد الله القرطبي، أخذ عنه السبع. وتلا للحرمين على أبي بكر بن عبد النور ؛ وأكثر عنه، وعن: يحيى بن أحمد (...) وهو أكبر شيخ له، وعتيق بن خلف. وعدة. كتب وقيد وألف و (...) الليل، واعتنى بالرواية والقراءآت. ومات بمراكش في سنة ست هذه عن أربع و... ين سنة. وكان ممن ختم به الكتابة. وشيخه ابن عبد النور مات سنة 614 من أصحاب أبي عبد الله ابن زرقون. وأما القرطبي فلم أعرفه. 214 - عمر بن إسحاق بن هبة الله. الأمير عماد الدين، الخلاطي. ولد بخلاط سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وكان عالما فاضلا، حازما خبيرا، حسن التأني، لطيف الحركات، له حرمة وافرة عند الملوك. وكان الملك الصالح أبو الجيش لا يقدم عليه أحدا ويكرمه ويحبه. وله شعر جيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 229 توفي بحماة في أول السنة. وكان أبوه أصوليا، واعظا، أديبا، مصنفا، ولي فضاء خلاط. توفي بإربل سنة ست عشرة وستمائة. 215 - عمر بن الحسين بن إبراهيم. عز الدين، أبو حفص الإربلي. ولد سنة أربع وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب. روى عنه ابن الحبال، وأرخه في هذه السنة. - حرف الغين - 216 - غازي بن يوسف. أبو المظفر القرشي، مولاهم المصري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 230 روى ' التفسير ' عن أبي الحسن بن المقير. وسمع الكثير بنفسه. وعني بالحدث. وكان حسن الفهم، حافظا للمواليد والوفيات. وتوفي في ربيع الأول وقد قارب الخمسين. - حرف الكاف - 217 - كيقباذ. السلطان ركن الدين، ولد السلطان غياث الدين كيخسرو ابن السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قليح أرسلان بن مسعود بن قليج رسلان بن سليمان بن قطلمش بن أتش بن سلجوق بن دقاق. صاحب الروم وابن ملوكها. كان كريما، جوادا، شجاعا، لكنه مقهور، وتحت أوامر التتار، وقتلوه في هذه السنة. خنقته المغل بوتر وله ثمان وعشرون سنة. وذلك لأن البرواناه عمل عليه وأوقع [ادعاء] أنه يكاتب صاحب مصر. وكان كيقباذ قد فوض جميع الأمور إلى البرواناه، واشتغل بلهوه ولعبه، وترك الحزم. فاستفحل أمر البرواناه وعجز كيقباذ عنه [حتى قتلوه] وجعلوه في محفة وساروا به إلى أن قدموا قونية به، فأظهروا أنه [وقع من على الفرس فمات].
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 231 ثم أجلسوا ولده غياث الدين كيخسرو في الملك، وله عشر سنين. ثم توجه (...) السلطنة البرواناه إلى أبغا ومعه فرس كيقباذ وسلاحه وتقادم، فوجد عنده [صاحب] سيس، فتكلم كل منهما في الآخر بأنه يكاتب المسلمين. ثم عاد البرواناه ومعه أجاي أخو أبغا. - حرف الميم - 218 - محمد بن إبراهيم بن شبل بن أبي بكر بن خلكان. القاضي بدر الدين، أبو عبد الله الإربلي، الشافعي، قاضي تل باشر. وليها مدة، وحدث عن بدل التبريزي، وعن أخيه حسين بن إبراهيم. روى عنه: الدمياطي وورخ موته. 219 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن العاص. أبو بكر التجيبي، الإشبيلي، المقرئ، قرأ ' الكافي ' على أبي العباس بن مقدام. وتلا بالسبع على: أبي الحسين بن عظيمة. وعاش سبعا وثمانين سنة. تلا عليه بالسبع ختمة أبو جعفر بن الزبير. 220 - محمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي بن محمد بن محمد بن القاسم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 232 الشريف الحسيب، الإمام، أبو عبد الله الحسيني، الكوفي الأصل، المصري الدار، المعروف والده بالحلبي. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الإسكندراني. وبرع في الأصول والعربية، وسمع ' السيرة ' من أبي الطاهر محمد بن محمد بن بنان الأنباري، عن أبيه، عن الحبال. وسمع من: أبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وأبي الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن الأنصاري، وحامد بن روزبة، وعبد القوي بن أبي الحسن القيسراني، والأمير مرهف بن أسامة بن منقذ. وحدث وأقرأ النحو مدة. وكان جيد المشاركة في العلوم، مؤثرا الانقطاع والعزلة حسن الديانة. قال ابنه عز الدين: كان ذا جد وعمل مؤثرا للإنفراد والتخلي. كان أبوه من الفضلاء المشهورين. له تصانيف حسنة. أقرأ الأصول والعربية مدة. توفي أبو عبد الله في سادس صفر وله ثلاث وتسعون سنة. قلت: فاته السماع من عبد الله بن بري، وطبقته على أنه تفرد بالرواية عن الأثير بن بنان وغيره. وكان رئيسا محتشما يصلح للنقابة. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، وعلم الدين الدواداري، والمصريون، وعلي بن قريش، وعبيد الله بن علي الصنهاجي وشمس الدين محمد بن أحمد بن القماح. * * * وفيها ولد: الإمام شرف الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية بحران يوم عاشوراء، وقطب الدين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى الأنصاري الزينبي بمصر،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 233 وبهاء الدين علي بن عثمان بن أحمد بن عثمان بن أبي الحوافر، سمعا من النجيب. وجلال الدين محمد بن عبد الرحمن بن عمر القزويني، خطيب دمشق، وشمس الدين محمد بن القاضي بهاء الدين بن الزكي مدرس العزيزية، والمحدث محمد بن أحمد بن أمين الأقشهري نزيل مكة، والفقيه عبد المنعم بن أحمد بن سعد بن البوري، بغدادي. ومحمد ابن شيخنا علي بن يحيى بن الشاطبي، وعبد الرحمن بن إبراهيم بن الثقي بن أبي اليسر، والثقي محمد بن عبد الملك بن عساكر التغلبي المؤذن. والمحدث شمس الدين محمد بن محمد بن نباتة، والشيخ شمس الدين محمد بن عبد الأحد بن يوسف بن الوزير بآمد. والقاضي شمس الدين محمد بن المجد عيسى البعلبكي، والقاضي محيي الدين إسماعيل بن يحيى بن جهبل الدمشقي، وتقي الدين عمر بن عبد الله بن شقير الحراني، والشيخ أبو بكر بن قاسم الرحبي بدمشق في ربيع الأول، ويوسف بن هارون القاياتي، وأحمد بن المقرئ محمد بن إسماعيل السلمي القصاع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 234
سنة سبع وستين وستمائة
- حرف الألف - 221 - أحمد بن عبد الواحد بن مري بن عبد الواحد. الشيخ الزاهد، تقي الدين، أبو العباس المقدسي، الحوراني. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من الافتخار عبد المطلب الهاشمي. وحدث. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وعلم الدين الدواداري، ورضي الدين الطبري، وهذه الطبقة. وكان فقيها شافعيا، عارفا بالفرائض، جامعا بين العلم والعمل. صاحب عزم وجد وقوة نفس، وتجرد وانقطاع وعبادة وأوراد. وقد درس وأفاد و [تولى] الإعادة بالمستنصرية ببغداد. ثم تزهد وأقبل على شأنه. توفي في رجب بالمد [ينة النبو] ية. وقد جاور بمكة أيضا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 235 وكان يحط على ابن سبعين وينكر طريقه، وابن سبعين يسبه ويرميه بالتجسيم ويفتري عليه. 222 - أحمد بن [محمد] بن أحمد بن داود. أرشد الدين، أبو العباس الهواري. ولد بدمشق سنة أربع وستمائة. وسمعه أبوه حضورا من الكندي، وابن الحرستاني. وسمع من: الشيخ الموفق. وحدث. كتب عنه الشريف وقال: توفي بالقاهرة في خامس صفر. 223 - إبراهيم بن عيسى بن يوسف بن أبي بكر. المحدث الإمام، ضياء الدين، أبو إسحاق المرادي، الأندلسي. سمع الكثير من أصحاب السلفي وطبقتهم بعد الأربعين. وكتب الكثير بخطه المتقن المليح. وكان صالحا عالما، ورعا، دينا. وكان إماما بالبادرائية. وقف كتبه وفوض نظرها إلى الشيخ علاء الدين ابن الصائغ. وروى اليسير. مات في رابع ذي الحجة بالقاهرة، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 236 وذكره الشيخ محيي الدين النووي فأطنب فقال: كان بارعا في معرفة الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه، لا سيما ' الصحيحين '. لم تر عيني في وقته مثله. وكان ذا عناية باللغة والعربية والفقه ومعارف الصوفية، من كبار المسلكين. صحبته نحوا من عشر سنين لم أر منه شيئا يكره. وكان من السماحة بمحل عال على قدر وجده. وأما الشفقة على المسلمين ونصحهم فقل نظيره. توفي بمصر في أوائل سنة ثمان. قلت: بل ما تقدم هو الصحيح في وفاته. وخطه من أحسن كتابة المغاربة وأتقنها. 224 - إبراهيم بن الشيخ. أبو زهير المباحي. كان يجمع المباح من جبل لبنان ويتقوت به. وأقعد في آخر عمره وشاخ وانحط. وقيل إنه نيف على المائة. وكان صالحا عابدا سليم الصدر إلى الغاية. توفي بمغارته ببلد بعلبك في جمادى الأولى. وكان مقصودا بالزيارة. 225 - إسماعيل بن أبي محمد عبد القوي بن عزون بن داود بن عزون ابن الليث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 237 زين الدين، أبو الطاهر الأنصاري، الغزي، ثم المصري، الشافعي. ولد قبل التسعين وخمسمائة. وسمع الكثير بإفادة أبيه من: هبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعبد اللطيف ابن أبي سعد، والعماد الكاتب، وأبي يعقوب بن الطفيل، وحماد الحراني، والحافظ عبد الغني، وعبد المجيب بن زهير، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. وروى الكثير. وكان دينا صالحا ساكنا. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، والدواداري، وقاضي القضاة بدر الدين، والطواشي عنبر العزيزي، وفاطمة بنت محمد الدربندي، وصدر الدين محمد بن علاق، وآخرون. توفي في ثاني عشر المحرم. 226 - أيدمر. الأمير عز الدين الحلي، الصالحي، النجمي. توفي بقلعة دمشق ودفن بجنب مسجد ابن يغمور، وقد نيف على الستين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 238 قال قطب الدين: كان من أكبر أمراء الدولة الظاهرية وأعظمهم محلا. وكان ينوب في السلطنة بمصر إذا غاب السلطان لوثوقه به واعتماده عليه. وكان قليل الخبرة، لكنه قدمته السعادة. وكان كثير الأموال والمتاجر والخيول والأملاك. توفي في شعبان. - حرف الباء - 227 - بكتوت الصغير. الأمير بدر الدين. من أمراء دمشق. مات في ربيع الأول. - حرف الحاء - 228 - الحسن بن علي بن أبي نصر بن النحاس. الصدر الجليل، شهاب الدين ابن عمرون الحلبي. وابن عمرون جده لأمه. توفي بالإسكندرية في شعبان من السنة، وله ثلاث وثمانون سنة. وكان تاجرا مشهورا، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، ذا أموال ومتاجر ولما استولى العدو على حلب أحموا داره وما جاورها فآوى إلى داره خلق كثير وسلموا بأموالهم. وقام للتتار بما التزم لهم من ماله دون أولئك، فكانت له مكرمة بذلك. وتمزقت أمواله. ثم توجه إلى مصر في أوائل الدولة الظاهرية، وسكن بالثغر المحروس إلى أن مات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 239 وله ذرية عالجوا الكتابة والتصرف. - حرف الراء - 229 - ربيع بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. أبو الزهر الأشعري، القرطبي. من بيت كبير شهير بالأندلس. روى عن: أبيه أبي عامر المتوفي سنة تسع وثلاثين. وعن: أبي الحسن الشقوري بقرطبة. وأكثر بمالقة عن: أبي الحسن علي بن محمد الشاري. وعن: أبي القاسم بن الطيلسان، وعبد اللطيف بن عطية اللغوي. وولي قضاء بعض الأندلس. توفي بحصن بيش. وقد مر أخوه في العام الماضي. ومات أخوه أبو الحسين محمد سنة 673. - حرف السين - 230 - سليمان بن داود بن موسك. الأجل، أسد الدين ابن الأمير عماد الدين ابن الأمير الكبير عز الدين الهذباني. ولد في حدود الستمائة بالقدس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 240 وكان له يد في النظم، وعنده فضيلة. ترك الخدم وتزهد، ولبس الخشن، وجالس العلماء. وأذهب معظم نعمته واقتنع. وكان أبوه أخص الأمراء بالملك الأشرف ابن العادل. وموسك كان من أمراء صلاح الدين، رحمه الله. توفي هذا في جمادى الأولى، ودفن بقاسيون. - حرف الشين - 231 - شرف الدولة ابن العسقلاني. توفي بدمشق في ربيع الأول. وكانت له جنازة مشهودة. وخلف ثروة وأموالا، وطلع صداق زوجته ثمانين ألف درهم وخمسة آلاف دينار. قرأت ذلك بخط ابن الفخر وهو علي بن فراس بن علي بن زيد. - حرف العين - 232 - عبد الله بن عبد المنعم بن خلف بن عبد المنعم بن أبي يعلى. زين الدين، أبو محمد ابن الدميري، الكاتب المصري
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 241 يروي عن أصحاب النسفي. 233 - عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله. المحدث، أبو عمر الأنصاري الأندلسي، المالقي. روى الكثير، وسمع من: أبي العباس بن مقدام. وتتفرد عن جماعة. توفي في آخر سبع وستين عن سبع وسبعين سنة، رحمه الله تعالى. 234 - عبد الكريم بن عبد الله بن بدران. أبو محمد الأنصاري، البهنسي، الصالح، الخير. سمع من: مكرم، وعبد الصمد الغضاري. وحدث. توفي في ربيع الآخر. 235 - عبد المجيد بن أبي الفرج بن محمد. الشيخ العلامة، مجد الدين، أبو محمد الروذراوري. شيخ إمام، مشهور، بارع في اللغة، كثير المحفوظ من أشعار العرب، فصيح العبارة، مليح الخط، جيد المشاركة، مليح الشكل والبزة. نفذه الملك الظاهر رسولا إلى الملك بركة فمرض في الطريق فرجع. وكان له حلقة إشغال بالحائط الشمالي. وله شعر جيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 242 توفي رحمه الله في صفر وهو في عشر السبعين. 236 - عبد المنعم بن كامل. قاضي القضاة بالجانب الشرقي، نظام الدين البندنيجي. شيعه الخلق، ودفن بدكة الجنيد، وله ست وسبعون سنة. وكان مفتيا، علامة، ورعا، تقيا، شافعيا، كبير الشأن. ولي القضاء بعد نجم الدين البادرائي، ثم بعد أيام أخذت بغداد فأقره على القضاء هولاكو. وقد أعاد مدة بالمستنصرية. ثم ولي قضاء الجانب الغربي، واستمر مدة. وقيل له: من يصلح بعدك؟ فقال: تقلدت حيا فلا أتقلد ميتا. ثم أشار بسراج الدين محمد بن أبي فراس الهنايسي الشافعي مدرس البشيرية، فولي بعده قضاء العراق. 237 - عبد الوهاب بن محمد بن عطية بن المسلم بن رجا. الإمام، أبو محمد الإسكندراني، المعدل. حدث عن: عبد الرحمن مولى ابن باقا. وناب في القضاء ببلده. ومات في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 243 238 - علي بن أقسيس بن أبي الفتح بن إبراهيم. الصدر، محيي الدين البعلبكي، ناظر الزكاة بدمشق. كان رئيسا عاقلا، أنيق الملبس والمأكل، ظريف المسكن، مليح الحركات، كثير الصدقة والتلاوة. له حكايات، في المكارم. توفي في ربيع الآخر بدمشق، وقد جاوز الستين. وأظنه روى عن: البهاء عبد الرحمن المقدسي. 239 - علي بن داود بن علي بن أبي بكر. فخر الدين، أبو الحسن الخلاطي، الوكيل. سمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي. وحدث بدمشق والقاهرة. وقدم من خلاط بعد الستمائة. وتوفي إلى رحمة الله بالقاهرة في المحرم. 240 - علي بن عبد الواحد بن أبي الفضل بن حازم. أبو الحسن الأنصاري، الدمشقي، البزاز. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وروى عن: الخشوعي. روى عنه: ابن الخباز، وأبو العباس بن فرج، وأبو الحسن علي بن مسعود، وعلي بن مكتوم الخطيب، وصالح بن عربشاه، وطبقتهم. وتوفي في رابع شعبان بدمشق
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 244 241 - علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة. الإمام العلامة، مجد الدين، أبو الحسن، والد شيخ الإسلام قاضي القضاة أبي الفتح ابن دقيق العيد القشيري، البهزي، بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، المنفلوطي المالكي، نزيل قوص. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وتفقه على أبي الحسن بن المفضل الحافظ، وسمع منه ومن غيره. ودرس وأفتى، وصنف في المذهب، وانتفع به أهل الصعيد. وكان شيخ تلك الديار تفقه عليه ولده وغير واحد. ذكره الشريف عز الدين، فقال: كان أحد العلماء المشهورين والأئمة المذكورين، جامعا لفنون من العلم، معروفا بالصلاح والدين، معظما عند الخاصة والعامة، مطرحا للتكلف، كثير السعي في قضاء حوائج الناس على سمت السلف الصالح. توفي في ثالث عشر المحرم بقوص. 242 - علي ابن شيخ الخطباء رضي الدين يوسف بن حيدرة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 245 الرحبي، ثم الدمشقي، الحكيم شرف الدين. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وقرأ الطب على والده وبرع فيه وأتقنه، وصنف. وأخذ أيضا عن الموفق عبد اللطيف، وحرر عليه كثيرا من العلوم، وقرأ العربية على السخاوي. ولما حضر المهذب عبد الرحيم الدخوار جعله مدرس مدرسته. وكان منهمكا على علم النجوم، زائغا عن الطريق، معثرا، نسأل الله السلامة. ومن جهله أنه قال للمشتغلين: بعد قليل أموت، وذلك عند قران الكوكبين. ثم يقول: قولوا للناس هذا حتى يعرفوا مقدار علمي في حياتي وعلمي بوقت موتي. إلا أنه كان محققا للطب، صنف فيه كتاب خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها أحسن فيه ما شاء. ومات في المحرم عن أربع وثمانين سنة. - حرف الغين - 243 - غازي بن حسن. التركماني، الرجل الصالح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 246 قال الشيخ قطب الدين: كان متعبدا، صالحا، صواما، منعزلا عن الناس. يدخل بعلبك أيام الجمع. وكان سليم الصدر. توفي في الزاوية التي له بدورس. وقيل إنه جاوز مائة سنة، رحمه الله تعالى. - حرف الكاف - 244 - كمش التركية. جارية ابن الدولعي. روت عن: زينب بنت إبراهيم القيسية. وماتت في شوال. - حرف الميم - 245 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي. قوام الدين، أبو عبد الله الرازي، الصوفي، المقرئ. قرأ القرآن. وسمع من: أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز اللخمي. وتوفي في جمادى الآخرة عن اثنتين وسبعين سنة. 246 - محمد بن شكران بن أبي السعادات بن معمر. القدوة، بقية السلف، شيخ العراق، أبو الفقراء. مات في تاسع شعبان سنة سبع، فدفن برباطه بناحية الخالص، وبني عليه قبة عالية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 247 وكان زاهدا عابدا، قانعا باليسير، مدود السماط للواردين، رفيع المحل، كثير التواضع، فارغا عن نفسه. وله أتباع كثيرون ومحبون. وقيل: كان يجوع ولا يطلب شيئا من الفقراء، وهم ينسونه وهو يصبر. ولامهم مرة، فاعتذروا بكثرة الواردين. قيل إن النصير الطوسي زاره وقال: ما حد الفقر؟ فقال: الذي أعرفه أن زيق الفقر ضيق ما يدخله رأس كبير. رحمه الله. 247 - محمد بن صدقة. الشيخ شمس الدين الحراني، سبط الشيخ حياة. توفي في المحرم. 248 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن محمد بن باقا. شمس الدين البغدادي. ولد سنة ست وتسعين. وسمع من: أبي الفتوح محمد بن الجلاجلي. وحدث. ومات في الثاني والعشرين من شعبان، رحمه الله تعالى. 249 - محمد بن الحافظ أبي الخطاب عمر بن علي بن محمد ولقبه: الجميل بن فرح بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة. أبو الطاهر الكلبي. ساق نسبه الشريف عز الدين، وفي النفس من صحة ذلك. وقد تكلم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 248 غير واحد من العلماء في أبي الخطاب وفي انتسابه إلى دحية، والله المستعان. ولد محمد بالقاهرة سنة عشر، وسمع من أبيه. وتولي مشيخة دار الحديث الكاملية مديدة. وكان يحفظ جملة من كلام والده، ويورد إيرادا جيدا. توفي في رمضان. 250 - محمد بن محمد بن أبي بكر. المحدث المفيد زين الدين، أبو الفتح الأبيوردي، الكوفني، الصوفي، الشافعي. ولد سنة ستمائة أو سنة إحدى. وقدم دمشق. وسمع سنة أربعين من: كريمة، والضياء المقدسي، والتقي أحمد بن العز، والمؤتمن بن قميرة، والرشيد بن مسلمة، وأبي النعمان بشير بن حامد الفقيه، وجماعة بدمشق ومصر من أصحاب السلفي، وابن عساكر. وسمع خلقا كثيرا من أصحاب البوصيري، والخشوعي. ثم نزل إلى أصحاب ابن طبرزد والكندي، وابن ملاعب ثم نزل إلى أصحاب ابن عمار الحراني، وابن باقا، وزين الأمناء. وكتب الكثير، وحصل جملة صالحة، وحرص. وكلف بالحديث، وبالغ في الإكثار، وخرج ' المعجم '، وروى اليسير، ولم يعمر، ولا أفاق من الطلب إلا والمنية قد نزلت به، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 249 وأيضا فلم يطلب الفن إلا وهو ابن أربعين سنة. فالله يعوضه بالمغفرة. ذكره الشريف فقال: كان حريصا على التحصيل، صابرا على كلف الإستفادة. حدث، وسمعت منه. وكان من أهل الدين والصلاح والخير والعفاف. وله فهم ومعرفة، وفيه تيقظ ونباهة وخرج لنفسه ' معجما ' عن مشايخه الذين سمع منهم. ووقف كتبه وأجزاءه. وكان حسن الطريقة مشغولا. وكوفن: بلدة قريبة من أبيورد. وتوفي في حادي عشر جمادى الأولى بالقاهرة. قلت: وله شعر يسير. روى عنه: أبو محمد الدمياطي بيتين، وقال: توفي بخان سعيد السعداء. 251 - محمد بن محمد بن علي ابن العربي. عماد الدين، ولد الشيخ محيي الدين. توفي في ربيع الأول بدمشق. وقد حدث عن ابن الزبيدي. 252 - محمد بن أبي الفتوح نصر بن غازي بن هلال. أبو الفضائل الأنصاري، المصري، المقرئ، المحدث، الجريري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 250 ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: القاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي، وعبد العزيز ابن باقا. وسمع بالثغر من: أبي القاسم بن عيسى، وأبي الفضل جعفر الهمداني. وسمع كثيراً من أصحاب البوصيري. وكان يمكنه السماع منه فما يسر له. توفي في ثالث محرم بالقاهرة. وقد روى اليسير. 253 - محمد بن وثاب. القاضي تاج الدين البجيلي الحنفي. درس وأفتى وناب في القضاء بدمشق، وحمدت أحكامه. ومات في ربيع الآخر وهو في عشر السبعين. 254 - المبارك بن يحيى بن أبي الحسن. الإمام، العلامة، نصير الدين، أبو البركات ابن الطباخ، المصري، الشافعي. توفي في حادي عشر جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة. وكان من كبار أئمة المذهب. درس وأفتى واشتغل وصنف. وتخرج به جماعة. توفي بالقاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 251 255 - المظفر بن عبد الكريم بن نجم بن عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج. الفقيه، المدرس، الإمام، تاج الدين، أبو منصور بن الحنبلي، الأنصاري، الخزرجي، السعدي، الدمشقي، المدرسة الحنبلية التي لجدهم عبد الوهاب. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، وعمر بن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والشرف بن عربشاه، والقاضي تاج الدين الجعبري، وأبو العباس بن فرج. توفي فجأة بدمشق ثالث صفر. - حرف الياء - 256 - يحيى بن نجيب بن بشارة بن محرز. أبو زكريا السعدي، المصري. ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وروى عن: القاسم بن عساكر بالإجازة. توفي في ذي القعدة. 257 - يوسف بن الصارم عبد الله بن إبراهيم. الفقيه، وجيه الدين، أبو الحجاج الدمشقي، الشافعي، الصوفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 252 نزيل القاهرة. ويعرف بالوجيزي نسبة إلى حفظ كتاب ' الوجيز '. ولد بدمشق سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسن بن المفضل، وأبي المجد القزويني، وجماعة. وأجاز له منصور الفراوي. وحدث. وكان من فضلاء الشافعية. توفي في الثامن والعشرين من رجب. الكنى 258 - أبو الفضل الشاغوري. العابد. شيخ صالح عارف، معروف. كثير الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم. توفي إلى رحمة الله في جمادى الأولى. 259 - أبو محمد. ولد الشيخ القدوة سلطان بن محمود البعلبكي. كان صالحا عابدا قانعا، كثير الانقطاع. توفي في رمضان ببعلبك في المعترك. * * * وفيها ولد: الشيخ كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري ابن الزملكاني، شيخ الشافعية. وتقي الدين عثمان بن السكاكيني. وبدر الدين يوسف بن القاضي دانيال، بالشوبك ؛
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 253 وجمال الدين يحيى بن محمد بن الفويرة السلمي، والشيخ المقرئ رافع بن هجرس الصميدي، ومحمد بن عمر بن الرشيد البعلي، والشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن علي الرقي، في حدودها ؛ والشيخ علاء الدين علي بن أيوب المقدسي، تقريبا، ومحمد بن إسماعيل بن الخباز، في شعبان. والشرف عيسى بن علي المحدث، في المحرم ؛ وقاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن علي بن عبد الحق الحنفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 254
سنة ثمان وستين وستمائة
- حرف الألف - 260 - أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن بكير. المعمر، العالم، مسند الوقت، زين الدين، أبو العباس المقدسي. الفندقي، الحنبلي، الناسخ. ولد بفندق الشيوخ من جبل نابلس سنة خمس وسبعين، وأدرك الإجازة التي من السلفي لمن أدرك حياته. وأدرك الإجازة الخاصة من خطيب الموصل أبي الفضل الطوسي، وأبي الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وخلق سواهم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 255 وسمع من: يحيى الثقفي، وأبي الحسين احمد بن الموازيني، ومحمد بن علي بن صدقة، وإسماعيل الجنزوي، والمكرم بن هبة الله الصوفي، وعبد الخالق بن فيروز، ويوسف بن معالي الكناني، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وبركات الخشوعي، ومحمد بن الخطيب، وعمر بن طبرزد، والحافظ عبد الغني، وأسماء بنت الران، وطائفة سواهم. ورحل إلى بغداد فسمع من: عبد المنعم بن كليب بقراءته ؛ ومن: أبي طاهر المبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد، وعبد الخالق بن البندار، وعبد الوهاب ابن سكينة، وعلي بن يعيش الأنباري، وعبد الله بن دهبل، والمبارك بن إبراهيم السيبي، وعبد الله ابن الطويلة، وضياء بن الخريف، وعمر بن علي الواعظ، وأبي الفتح المندائي، ومحمد بن أبي محمد بن الغزون، وطائفة. وقرأ القرآن على الشيخ العماد، وتفقه على الشيخ الموفق. وكتب بخطه المليح السريع ما لا يوصف لنفسه وبالأجرة، حتى كان يكتب في اليوم إذا تفرغ تسعة كراريس أو أكثر، ويكتب الكراسين والثلاثة مع اشتغاله بمصالحه. وكتب ' الخرقي ' في يوم وليلة، ولازم النسخ خمسين سنة أو أكثر. وكان تام القامة، مليح الشكل، حسن الأخلاق، ساكنا، عاقلا، لطيفا، متواضعا، فاضلا، نبيها، يقظا. خرج لنفسه مشيخة، وخرج له ابن الظاهري، وابن الخباز وغير واحد. فذكر ابن الخباز أنه سمع ابن عبد الدائم يقول: كتبت بخطي ألفي جزء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 256 وذكر أنه كتب بخطه ' تاريخ دمشق ' مرتين. قلت: الواحدة في وقف أبي المواهب بن صصرى. وكتب من التصانيف الكبار شيئا كثيرا. وولي خطابة كفربطنا بضع عشرة سنة، ثم تحول عنها. وقد ولد له ابنه الشيخ أبو بكر بها. وأنشأ خطبا عديدة. وحدث سنين كثيرة، وقرأ بنفسه كثيرا. وكان على ذهنه أشياء مليحة من الحديث والأخبار والشعر. روى عنه: الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، والشيخ محيي الدين يحيى النووي، والشيخ تقي الدين محمد بن دقيق العيد، والدمياطي، وابن الظاهري، وابن جعوان، وابن تيمية شيخنا، وأخوه أبو القاسم، والقاضيان تقي الدين سليمان ونجم الدين ابن صصرى، وشهاب الدين ابن فرج، وشمس الدين ابن أبي الفتح، وشرف الدين أبو الحسين اليونيني، وشرف الدين الفزاري الخطيب، وأخوه الشيخ تاج الدين، وولده الشيخ برهان الدين،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 257 والخطيب شمس الدين إمام الكلاسة، وشرف الدين سيف قاضي القدس، والشيخ علي الموصلي، وعلاء الدين ابن العطار، والقاضي شهاب الدين أحمد بن الشرف حسن، والقاضي نجم الدين أحمد الدمشقي، وخلق كثير في الأحياء بمصر والشام. ورحل إليه غير واحد، وتفرد بالكثير. وذهب بصره في أواخر عمره. قال ابن الخباز: حدثني يوم موته الشيخ حسن بن أبي عبد الله الأزدي الصقلي أن الشيخ محمد بن عبد الله المغربي قال: رأيت البارحة كأن الناس في الجامع، فإذا ضجة فسألت عنها، فقيل لي: مات هذه الليلة مالك بن أنس رحمه الله. فلما أصبحت جئت إلى الجامع وأنا مفكر، فإذا إنسان، ينادي: رحم الله من صلى أو حضر جنازة زين الدين ابن عبد الدائم. قلت: المعروف بالمنام هو محمد بن صالح الهشكوري خطيب جامع جراح، والله أعلم. وحدثنا أبو بكر بن أحمد في سنة ثلاث وسبعمائة قال: رأيت أبي، رحمه الله، في الليلة التي دفناه فيها، فأقسمت عليه: أخبرني ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وأدخلني الجنة. توفي، رحمه الله، لتسع خلون من رجب. وقد أخبرنا أحمد بن العادل قال: أنا ابن عبد الدائم سنة سبع عشرة وستمائة، فذكر حديثا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 258 261 - أحمد بن عمر بن محمد بن كاكا. أبو العباس الزنجاني، ثم الدمشقي. حدث عن حنبل المكبر. وكتب عنه الطلبة. ومات في المحرم. 262 - إبراهيم بن أحمد بن علي بن حسين. تاج الدين أبو البركات، إمام جامع قليوب الأنصاري، المصري، الشافعي. ولد سنة ستمائة. وسمع من: أبي الحسين محمد بن أحمد بن جبير البلنسي، وغيره. وحدث. وتوفي في شوال بمصر. 263 - إبراهيم بن محمد بن صالح. القطيعي، الدقاق. سمع: أحمد بن صرما. وحدث. أجاز للبرهان الجعبري. وتوفي يوم عاشوراء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 259 264 - إدريس بن أبي عبد الله بن أبي حفص بن عبد المؤمن. الملك أبو العلاء الواثق بالله، أبو دبوس. صاحب المغرب القيسي المؤمني، آخر ملوك بني عبد المؤمن. تغلب على الأمر، وتوثب على ابن عمه عمر، وقتله في سنة خمس وستين. وكان شهما شجاعا مقداما. خرج عليه أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق سيد آل مرين وصاحب تلمسان، فجرت بينهم حروب إلى أن قتل أبو دبوس في المحرم بظاهر مراكش في المصاف. واستولى المريني على مملكة المغرب، وانقضت دولة آل عبد المؤمن. 265 - إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد. الإمام، أبو الوليد الأزدي، الغرناطي، العطار، المقرئ. تلا بالسبع على الخطيب أبي بكر بن حسنون الحميري صاحب شريح وانفرد بالإجازة من أبي بكر بن عطية المحاربي. وأسمع في صغره. وروى أيضا عن: الحافظ عبد الرحيم بن الفرس، وأبي جعفر بن حكم. وله فلاحة وعقار. قرأ عليه بالسبع: أبو جعفر بن الزبير. وأضر بأخرة وهرم. ورخه ابن الزبير، وعاش أربعا وثمانين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 260 266 - أيبك. الأمير عز الدين الظاهري، نائب حمص. توفي بها في صفر. وكان غشوما ظلوما. 267 - أيبك. الأمير عز الدين الصالحي، الزراد، متولي قلعة دمشق. توفي في ذي القعدة. وكان مهيبا محتشما، حسن السيرة. 268 - أيوب بن محمود بن نصر الله. صفي الدين ابن البعلبكي، الدمشقي. رحل وسمع من عبد السلام الداهري، وابن روزبة، وأبي الحسن القطيعي، والأنجب بن أبي السعادات، وجماعة. كتب عنه: ابن ابحباز، وابن نفيس، والطلبة. مات في صفر في ربيع الآخر. - حرف الحاء - 269 - الحسن بن أبي البركات علي بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن أبي الفتح بن أبي السنان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 261 الشيخ عماد الدين أبو محمد، ويسمى عبد الرحيم أيضا، ويعرف بابن الحدوس الموصلي. ولد سنة إحدى عشرة. وسمع ببغداد من عبد السلام بن سكينة، وغيره. وحدث. ومات بمصر. - حرف الدال - 270 - داود بن سليمان بن علي بن سالم. أبو سليمان بن الحموي، الدمشقي، الشافعي، العدل. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وحدث عن: حنبل. وهو من بيت العدالة والرواية. توفي فجأة في سادس ذي الحجة بدمشق. - حرف الراء - 271 - ريحان الحبشي. مولى التقي صالح بن الخضر، المقرئ. روى عن: مكرم، وغيره. ومات بالقاهرة في شعبان. - حرف السين - 272 - سعد الله بن أبي الفضل بن سعد الله بن أحمد بن سلطان. أبو محمد التنوخي، الدمشقي، الشافعي، البزار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 262 ولد في أول سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد اللطيف بن إسماعيل، وحنبل بن عبد الله. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو عبد الله بن الزراد، وجماعة. ومات في رابع شوال. - حرف الصاد - 273 - صالح بن الخضر بن حاتم. تقي الدين، أبو البقاء ابن قمر الدولة الأنصاري، المصري، المقرئ، الشافعي، الضرير. سمع الكثير، وحدث عن: مكرم بن أبي الصقر. ومات بقليوب في رمضان. 274 - صالح بن الحسين بن طلحة بن الحسين بن محمد. القاضي الجليل، الإمام، تقي الدين، أبو البقاء الهاشمي، الجعفري، الزينبي. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وسمع من: علي بن البنا، وغيره. وحدث. وكان رئيسا نبيلا، عارفا بالأدب. ولي قضاء قوص مدة. وله خطب ونظم ونثر وتصانيف. وأنحس نفسه بولاية نظر قوص، وفاعل ذلك منقوص. حدث عنه الدمياطي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 263
- حرف العين - 275 - عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة بن نصر بن مقدام بن نصر. أبو محمد الحنبلي، المقدسي، السراج. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وحدث عن: حنبل. وولي حسبة قاسيون. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة. مات في تاسع ذي الحجة. 276 - عبد الصمد بن يوسف بن منصور بن يوسف. سديد الدين أبو محمد السعدي، الشامي، ثم المصري. توفي عن إحدى وثمانين سنة بالقاهرة. روى شيئا عن علي بن محمد بن رحال. 277 - عبد الرحمن بن الحافظ أبي محمد عبد الله بن سليمان بن حوط الله. الفقيه أبو عمر الأنصاري، الأندي، الأندلسي. سمع ' صحيح البخاري ' من أبي العباس بن مقدام صاحب شريح. وأجاز له خلق بإفادة أبيه وعمه. وسمع من طائفة. مات في المحرم، وقارب السبعين. 278 - عبد المغيث بن عبد الكريم بن أبي الفضائل. محيي الدين، أبو الفرج الأنصاري، الدلاصي، الصعيدي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 264 ولد سنة إحدى وستمائة. من الحافظ ابن المفضل. وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول. 279 - عثمان عز الدين بن الشيخ الوجيه بن منجا. أكبر أولاد أبيه ؛ توفي شابا طريا إلى رحمة الله في جمادى الآخرة وشيعه الأعيان. ورخه شمس الدين ابن الفخر فقال: توفي صاحبي عز الدين وعمل عزاؤه بالمسمارية. 280 - علي بن الحسن بن الفرج بن النعمان بن محبوب. تقي الدين. المعري الأصل، البعلبكي. الفقيه الشافعي. كان فاضلا، حسن الأخلاق والعشرة. توفي بدمشق في ربيع الآخر، رحمه الله تعالى، وقد ناهز الستين. 281 - علي بن أبي طالب بن محمد. الشريف علاء الدين الحسيني، الموسوي، الدمشقي. ولد سنة ثمان وتسعين. وسمع من: أبي اليمن الكندي. وكان عدلا حسن الشكل. توفي في ذي القعدة. وهو والد المسند موسى بن علي الشاهد شيخنا. وكان شيخا بالمقدمية للإقراء. 282 - عمر بن محمد بن أبي سعد بن أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 265 الواعظ، العالم، بدر الدين، أبو حفص الكرماني الأصل، النيسابوري، التاجر. ولد بشاذياخ نيسابور في تاسع المحرم سنة سبعين وخمسمائة. وكان يمكنه أن يسمع من عبد المنعم بن الفراوي، وطبقته، وإنما سمع في الكهولة من القاسم بن عبد الله الصفار. سمع منه الشطر الأول من ' مسند أبي عوانة '، وسمع منه ثلاثة مجالس المخلدي، و ' الأربعين ' لعبد الخالق بن زاهر. وحدث بدمشق ومصر. وعمر دهرا طويلا. قرأت بخط العلاء الكندي: حدثني الواعظ بدر الدين النيسابوري قال: حفظت ' مقامات الحريري '، وكان أبي يغلق علي باب غرفة كل ليلة حتى أكرر على كل كتاب. ولا نعلم أحدا روى عن الصفار بالسماع بعده. روى عنه: الدمياطي، وابن فرج، وإمام الحنابلة، وابن الخباز، وابن الزراد، ونبيه الحلبي، وعز الدين محمد بن العز، وعلي بن محمد بن المهتار، وخلق من هذه الطبقة. وقد روى عنه الشيخ شمس الدين عبد الرحمن مع تقدمه. وتوفي بدمشق في ليلة الحادي والعشرين من شعبان، وقد قارب المائة. وسماعه صحيح مع الشيخ الضياء. - حرف الكاف - 283 - كريمة بن أبي المنى بن سعد بن الحسن. النجيب النابلسي. ولد سنة اثنتين وتسعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 266 وروى بالأرض المقدسة وغيرها عن أبي جعفر الصيدلاني بالإجازة. سمع منه: ابن الخباز. - حرف الميم - 284 - محمد بن إبراهيم بن عياش. أبو عبد الله السلاوي. سمع: ابن البن، وابن صصرى. وعاش سبعين سنة. روى عنه: شيخنا الدمياطي. 285 - محمد بن أحمد بن عمر. العلامة جلال الدين العيدي، البخاري، الحنفي. أحد شيوخ أبي العلاء الفرضي. تفقه على حسام الدين محمد بن محمد الأخشيكتي، وحميد الدين علي الرامشي، وعلى حافظ الدين. وحصل المذهب. وكان ذا معرفة تامة بالفقه والأصلين، ودرس وأفتى. وقال البخاري: أظنه في رمضان سنة ثمان بكلاباذ. 286 - محمد بن أبي الفتح الحسن الحافظ الكبير ثقة الدين أبي القاسم علي بن هبة الله بن عساكر. شمس الدين، أبو عبد الله الدمشقي. ولد سنة ثلاث وتسعين ؛ وسمع من عمه القاسم فيما أحسب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 267 وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن الزنف، والكندي، وست الكتبة بنت الطراح. وحدث بدمشق وبمصر مدة. أكثر عنه الشريف عز الدين والمصريون. ومات بدمشق في سابع صفر. روى عنه: الدمياطي، وابن ابحباز، وجماعة. 287 - محمد بن داود بن أبي العباس خمار بن محمود بن غازي. الشيخ شهاب الدين، أبو بكر الأنصاري، المصري، المقرئ. ولد سنة ستمائة. وقرأ القرآن بالروايات وأتقنها، وتصدر بجامع مصر لإقرائها. وكان دينا، خيرا، ساكنا، لا أعلم على من قرأ. وقد روى اليسير عن مكرم. ومات في رابع شوال، رحمه الله تعالى. 288 - محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي. الشيخ شمس الدين ابن العماد، أخو شيخنا العز. ولد سنة سبع وستمائة. وسمع من: ابن ملاعب، والموفق، وابن راجح، وموسى بن عبد القادر، وابن البن، والعز محمد بن الحافظ، وابن أبي لقمة، وجماعة. وهو والد صاحبنا الفقيه عبد الحميد. سمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس، وابنه عبد الحميد. وكان فقيها إماما، زاهدا، قدوة، قوالا بالحق، كثير الخير. توفي رحمه الله في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 268 289 - محمد الوزير. فخر الدين، أبو عبد الله ابن الصاحب الوزير بهاء الدين علي ابن القاضي السديد محمد بن سليم المصري، الشافعي، ابن حنا. سمع من: أبي الحسن بن المقير. وحدث، ودرس بمدرسة والده ؛ وعمر رباطا كبيرا بالقرافة، ووقف عليه ما يقوم بالفقراء. وكان دينا فاضلا، محبا لأهل الخير، مؤثرا لهم. توفي في شعبان. وهو أبو الصاحب تاج الدين محمد. شيعه خلق كثير. وقد روى عنه الدمياطي شيئا من نظمه. 290 - محمد بن عمر بن أبي القاسم أحمد بن أحمد بن محمد. الشريف، شيخ القراء، أبو البدر العباسي، الرشيدي، الواسطي، المعروف بابن الداعي. قرأ بالروايات علي: ابن البلاقاني، وابن الكمال، وأبي جعفر بن زريق، وأبي طالب، وأبي طالب بن عبد السميع. وحدث عن أبي الجوزي بكتاب ' جامع المسانيد ' وغير ذلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 269 وسمع ' الغيلانيات ' من المندائي. وحدث بجزء ابن عرفة عن ابن كليب. وأجاز له ذاكر بن كامل، وابن بوش، وابن كليب، وعدة. وتصدر للإقراء، وحمل عنه جماعة القراءآت كالشيخ علي خريم، وابن غزال، وابن المحروق. وبالإجازة شيخنا البرهاني الجعبري. ولد في المحرم سنة سبع وسبعين، وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وستمائة. 291 - محسن. الحبشي، الصالحي، الطواشي. سمع الكثير من أصحاب السلفي كابن رواج، وابن الحميري. وحصل الأصول، وتقدم عند الملك الصالح نجم الدين أيوب، وبعده ثم سافر إلى المدينة المنورة فجاور وتقدم على الخدام. ثم رجع إلى مصر. توفي في العشرين من شعبان. 292 - منصور بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور. أبو محمد القرشي، البالسي، ثم الدمشقي، الكاتب. قال الشريف عز الدين: ولد سنة ستمائة. وسمع من الكندي. وحضر حنبل بن عبد الله. ومات في مستهل ربيع الأول بالشقيف. روى عنه: الدمياطي وابن الخباز، وغيرهما. وكان أديبا شاعرا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 270
- حرف الياء - 293 - يحيى بن تمام بن يحيى بن عباس بن أبي الفتوح بن تميم. الشيخ عماد الدين، أبو زكريا الحميري، الدمشقي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وحدث بدمشق ومصر. ومات في شعبان. وكان رئيسا سمحا جوادا. 294 - يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد. قاضي القضاة، أوحد الحكام، محيي الدين، أبو المفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن ابن قاضي القضاة منتخب الدين أبي المعالي ابن القاضي أبي الفضل، القرشي، الدمشقي، الشافعي. ولد في الخامس والعشرين من شعبان سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وابن الحرستاني، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 271 وتفقه على: فخر الدين ابن عساكر، وغيره. وولي قضاء دمشق غير مرة، ولم تطل ولايته. وكان صدرا، رئيسا محتشما، نبيلا، جليلا، معرقا في القضاء. وحدث بدمشق ومصر، وكتب عنه غير واحد. روى عنه الدمياطي في ' معجمه ' وساق نسبه إلى عثمان رضي الله عنه، ولا أعلم لذلك صحة. فإني رأيت الحافظ ابن عساكر قد ذكر جده لأمه القاضي أبا المفضل يحيى بن علي المذكور، وذكر ابنه المحتسب وغيرهما، ولم يتجاوز القاسم بن الوليد. وقال في جده المعروف بابن الصائغ: القرشي قاضي دمشق. ولم يقل لا الأموي ولا العثماني. ثم إني رأيت كتاب وقف لبني الزكي، وهو وقف من جدهم عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشي. وقد وقفه في سنة نيف وسبعين ومائتين، ولم يزد في نسبه ولا نسبته على هذا، ولا سمى للوليد أبا، ولا ذكر أنه أموي، والذي زعم أنه عثماني قال فيه: الوليد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان. والله أعلم بحقيقة ذلك. فإن المعروف من ذلك أن المتقدمين يحفظون أنسابهم ويرفعونها. فإذا طالت السنون والأحقاب على الأعقاب نسيت وأهملت واجتزئ بالنسبة إلى القبيلة، فقيل القرشي والقيسي والهمداني وأما بالعكس فلا، فإنا لم نر هذا الواقف القديم الذي كان بعد السبعين ومائتين رفع في نسبه فوق ما ذكر في كتاب وقفه. ولا رأينا أحدا من أولاده وهلم جرا إلى زمان قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن يذكرون أنهم أمويون ولا عثمانيون. وإنما هو أمر لم ينقل عن أهل هذا البيت الطيب فينبغي أن يصان عن الزيادة والانتساب إلى غير جدهم إلا بيقين ولو ثبت ذلك لكان فيه مفخر وشرف. روى عنه: ابن الخباز، وشرف الدين ابن أبي الفتح، وشمس الدين بن الزراد، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 272 وقال الشيخ قطب الدين: كان له في الفقراء عقيدة. وصحب الشيخ محيي الدين ابن العربي وله فيه عقيدة تجاوز الوصف. قال: وحكي لي عنه أنه كان يفضل عليا على عثمان رضي الله عنهما، كأنه كان يقتدي في ذلك بابن العربي. وله قصيدة في مدح علي، رضي الله عنه: منها: (أدين بما دان الوصي ولا أرى .......... سواه وإن كانت أمية محتدي)
(ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت .......... وسآء بني حرب هنالك مشهدي) قلت: وقد سار إلى هولاكو فولاه قضاء الشام وغيرها، وخلع عليه خلعة سوداء مذهبة خليفتية، وبدت منه أمور. والله يسامحه. وكان لهجا بالنجوم وأشياء لا أقولها. بحيث أنه دخل ببنت سناء الملك لأجل الطالع وقت الظهر، ولم نسمع بعرس في هذه الساعة، ثم بعد ليال ماتت هذه العروس، فنقل التاج ابن عساكر أنها ماتت فجأة. سقوها دواء يزيل العقل ليفتضها الزوج فقلقت، فيا شؤمه افتضاضا عليها. وقد أمره السلطان بالسكنى بديار مصر. وتوفي بمصر في رابع عشر رجب سنة ثمان، ودفن بسفح المقطم عن أحد عشر ولدا، وهم: علاء الدين أبو العباس أحمد، وقاضي القضاة بهاء الدين يوسف، وزكي الدين حسين، وشرف الدين إبراهيم، وعز الدين عبد العزيز،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 273 وتقي الدين عبد الكريم، وكمال الدين عبد الرحمن إمام محراب الصحابة، وزينب شيختنا، وست الحسن، وعائشة وفاطمة. وأولهم وفاة زكي الدين بعد أبيه بقليل. 295 - يعقوب بن عبد الرفيع بن زيد بن مالك. الصاحب، زين الدين الأسدي، الزبيري، من ولد عبد الله بن الزبير، رضي الله عنهما. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة، ومات في ربيع الآخر. ذكره قطب الدين فقال: كان إماما فاضلا، ممدحا، كثير الرئاسة. وزر للملك المظفر قطز، ثم وزر للملك الظاهر في أوائل دولته، ثم عزل بابن حنا فلزم بيته. وله نظم جيد. * * *
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 274 وفيها ولد: بدر الدين محمد بن أحمد بن بصحان ابن السراج الدمشقي، المقرئ، وكمال الدين عبد الرحمن بن القاضي محيي الدين يحيى بن الزكي القرشي في رجب، وعلاء الدين علي بن إسماعيل بن المقداد، وشمس الدين عبد الأحد بن سعد الله بن نجيح الشافعي، ومحمد ابن شيخنا الزين أبي بكر، والفخر عثمان بن عمر الحرستاني المؤذن، وصلاح الدين يوسف بن محمد بن المغيزل، وفخر الدين عثمان بن محمد بن قاضي حماة ابن البارزي، ونجم الدين علي بن داود القحفازي، وقاضي القضاة علاء الدين القونوي، وقاضي الحنابلة تقي الدين عبد الله بن محمد بن أبي بكر الديراني، والناصح النقيب محمد بن عبد الرحيم، والفخر عثمان بن محمد قاضي حماة نجم الدين عبد الرحيم ابن البارزي، وعلي بن أحمد بن محمد بن النجيب الخلاطي، والشيخ أحمد بن جملة في رجب، وإبراهيم بن محمد أخو المقريزي، وقاضي العراق قطب الدين محمد بن عمر الفضلي الشافعي، المعروف باحوبن، والشيخ صدر الدين سليمان بن يحيى بن إسرائيل البصروي مدرس الخاتونية، والقاضي فخر الدين محمد بن محمد بن مسكين المصري، في شوال منها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 275
سنة تسع وستين وستمائة
- حرف الألف - 296 - أحمد بن عبد الله بن عزاز بن كامل. العلامة زين الدين، أبو العباس المصري، النحوي، المعروف بابن قطنة. كان من أئمة العربية المتنصبين لإقرائها بمصر. توفي في ربيع الآخر، وقد نيف على السبعين. انتفع به جماعة. 297 - أحمد بن القاضي الأعز أبي الفوارس مقدام بن أحمد بن شكر. القاضي الأجل، كمال الدين أبو السعادات المصري، أحد كبراء البلد. له عقل ودهاء ورأي، وفيه حشمة وسؤدد. وعين للوزارة. وله نظم حسن. وتوفي ليلة السادس والعشرين من رمضان. 298 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن عباس. أبو إسحاق المقدسي، المقرئ. ولد سنة إحدى وتسعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 276 وسمع من: أبي الفضل محمد بن الحصيب، وداود بن ملاعب، وغيرهما. وكتب عنه الطلبة، ومات بالصنمين في أول رجب راجعا من الحج. وهو أخو الشيخ شهاب الدين أبي شامة. 299 - إبراهيم بن المسلم بن هبة الله بن البارزي. الحموي، القاضي شمس الدين. أحد الأئمة الفضلاء ببلده. ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وكان فيه دين وورع. قرأ على أبي اليمن الكندي. وصحب الفخر ابن عساكر وتفقه به، وأعاد له. ودرس بالرواحية بدمشق، ثم درس بحماة، وولي قضاءها إلى أن مات. وقد درس أيضا بالمعرة. وكان محمود السيرة في القضاء، وله شعر، وفضائل. ولي قضاء حماة بضع عشرة سنة. توفي في شعبان [من هذه السنة]. روى عنه: حفيده قاضي القضاة شرف الدين هبة الله شيخنا، وقاضي القضاة ابن جماعة، وثنا أنه قرأ عليه ' التنبيه ' دروسا، وأنه حفظ ثلث ' النهاية ' لإمام الحرمين، وغير ذلك، وأنه كان يصوم الدهر ويقوم الليل، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 277 300 - إسحاق بن محمود بن بلكويه بن أبي الفيّاض. الشيخ شمس الدين، أبو إبراهيم البروجردي، الصوفي، المشرف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 278 من أكابر مشايخ الصوفية وقدمائهم ؛ ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة ببروجرد. وسمع ببغداد من: أبي طاهر لاحق بن قندرة، وعمر بن طبرزد، وعبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم الكرخي، وعبد الباقي بن عبد الجبار الهروي. وسمع بالقاهرة من: أبي الحسن بن المفضل الحافظ، ومحمد بن الحسن اللرستاني، وجماعة. وكان يكتب خطا جيدا، ونسخ الكثير، وصحب شيخ الشيوخ أبا الحسن محمد بن حمويه. خرج له أبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري ' مشيخة ' في جزء. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، والأمير علم الدين الدواداري، ومحمد بن عالي الدمياطي، وأحمد بن عبد المحسن بن رفعة، والمصريون. ومات في خامس المحرم بالقاهرة. وقال جمال الدين ابن الصابوني: سمعت منه، وهو ثقة نبيل، لديه فضل، ولي إشراف الخانكاه مدة، رحمه الله تعالى. 301 - إسرائيل بن أحمد بن أبي الحسين بن علي بن غالب. القرشي، العرضي، الدمشقي، التاجر، الطبيب. سمع من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر. وحدث بدمشق، ومصر. وتوفي في سابع رمضان بدمشق. روى عنه: الدمياطي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 279
- حرف الحاء - 302 - حسن بن أبي عبد الله بن صدقة بن أبي الفتوح. الإمام، المقرئ، الزاهد، أبو علي الأزدي، الصقلي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي واستوطن دمشق. وروى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي، وزينب الشعرية، وكان من السادة العباد، صاحب أوراد وإخلاص ومشاركة في العلوم. وكان صديقا للشيخ زين الدين الزواوي. وسمع من جماعة من أصحاب الحافظ ابن عساكر كأبي إسحاق ابن الخشوعي وأقرانه. وأقرأ وأفاد. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار، وغيرهما. وتوفي إلى رضوان الله في ليلة الثاني والعشرين من ربيع الآخر. وذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان من السادات في تعبده وزهده وتقلله من الدنيا، وافر الحرمة، ساعيا في قضاء الحوائج والحقوق، له مهابة وقبول تام
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 280 303 - حسين القاضي زكي الدين ابن قاضي القضاة محيي الدين، يحيى. الزكوي. كان فاضلا نبيلا، إماما، مفتيا. مات شابا عن سبع وعشرين سنة في صفر. وله شعر. - حرف السين - 304 - ساعد بن سعد الله بن ثلاج. أبو سعد المحجي، الصالحي. حدث عن: ابن الزبيدي، والفخر الإربلي. ومات في ذي القعدة. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار. 305 - سامة بن كوكب. السوادي، والد الشهاب أحمد، وجد المحدث شمس الدين. فقير متعفف قنوع. من سكان جبل الصالحية. يروي عن: ابن اللتي. كتب عنه: ابنه، وابن الخباز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 281 306 - سنجر الصيرفي. الأمير علم الدين. من كبار الأمراء بمصر. ثم نقل إلى الشام. توفي كهلا في صفر ببعلبك، رحمه الله تعالى. 307 - سنجر الأمير قطب الدين. المستنصري، البغدادي، المعروف بالياغز. أحد مماليك المستنصر فلما أخذ هولاكو بغداد هرب إلى الشام. وكان محترما في الدولة الظاهرية، وعنده نباهة، وفضل. مات في صفر. - حرف العين - 308 - عائشة بنت المحدث محمد بن جبريل بن عزاز. أم عبد الرحمن الأنصارية، الشارعية. روت عن: مكرم. وماتت في سلخ جمادى الأولى. 309 - عباس الملك الأمجد تقي الدين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 282 ولد السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. كان آخر إخوته وفاة. وكان جليل القدر محترما عند الملوك لاسيما عند الملك الظاهر، لا يترفع عليه أحد في المجلس ولا في الموكب. وكان دمث الأخلاق حسن العشرة حلو المجالسة، رئيسا سريا. توفي في جمادى الآخرة، ودفن بالتربة التي له بقاسيون. وقد حدث عن: التاج الكندي، والبكري. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة. رحمه الله تعالى. 310 - عبد الله بن أحمد بن عبد الواحد بن الحسين بن أبي المضاء. شمس الدين أبو بكر البعلبكي، محتسب بعلبك. عاش ثمانين سنة أو أكثر، وأصابه خلط وصرع، وكان يعتريه. ومات رحمه الله في جمادى الآخرة. 311 - عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر. المفتي العلامة، سراج الدين الشرمساحي، البصري، الفقيه المالكي. مدرس المستنصرية. من كبار أئمة المذهب، وكان زاهدا صالحا متصوفا. مات في جمادى الآخرة، وله سبعون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 283 وقد روى الحديث. سمع منه: ابن خروف الموصلي، وغيره. ودرس بعده بالمستنصرية أخوه علم الدين. 312 - عبد الله بن علي بن عبد الحفيظ. الشريف أبو محمد الحسيني، الكلثمي، المصري. ولد سنة لرر وتسعين. وحدث عن: علي بن البنا المكي. توفي في ربيع الأول. 313 - عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين. القرشي، المخزومي، الشيخ قطب الدين، أبو محمد المرسي، الرقوطي، الصوفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 284 كان صوفيا على قاعدة زهد الفلاسفة وتصوفهم. وله كلام كثير في العرفان على طريق الإتحاد والزندقة، نسأل الله السلامة في الدين. وقد ذكرنا محط هؤلاء الجنس في ترجمة ' ابن الفارض ' و ' ابن العربي '، وغيرهما. فيا حسرة على العباد كيف لا يغضبون لله تعالى، ولا يقومون في الذب عن معبودهم، تبارك اسمه، وتقدست ذاته، عن أن يتمزج بخلقه أو يحل فيهم، وتعالى الله عن أن يكون هو عين السماوات والأرض وما بينهما. فإن هذا الكلام شر من مقالة من قال بقدم العالم، ومن عرف هؤلاء الباطنية عذرني، أو هو زنديق مبطن للاتحاد ويذب عن الاتحادية والحلولية، ومن لم يعرفهم فالله يثيبه على حسن قصده. وينبغي للمرء أن يكون غضبه لربه إذا انتهكت حرماته أكثر من غضبه لفقير غير معصوم من الزلل. فكيف بفقير يحتمل أن يكون في الباطن كافرا، مع أنا لا نشهد على أعيان هؤلاء بإيمان ولا كفر لجواز توبتهم قبل الموت. وأمرهم مشكل، وحسابهم على الله. وأما مقالاتهم فلا ريب في أنها شر من الشرك، فيا أخي ويا حبيبي اعط القوس باريها، ودعني ومعرفتي بذلك، فإنني أخاف الله أن يعذبني على سكوتي، كما أخاف أن يعذبني على الكلام في أوليائه. وأنا لو قلت لرجل مسلم: يا كافر، لقد بؤت بالكفر، فكيف لو قلته لرجل صالح أو ولي لله تعالى؟ ذكر شيخنا قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد قال: جلست مع ابن سبعين من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاما تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته. قلت: واشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة واسعا بقوله: لا نبي بعدي. وجاء من وجه آخر عنه أنه قال: لقد زرب ابن آمنة حيث قال: لا نبي بعدي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 285 فإن كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام في الكفر دون قوله في رب العالمين أنه حقيقة الموجودات ؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وذكره الشريف عز الدين فقال: له تصانيف عدة ومكانة مكينة عند جماعة من الناس. وأقام بمكة سنين عديدة. قلت: وحدثني فقير صالح أنه صحب فقراء من السبعينية فكانوا يهونون له ترك الصلاة وغير ذلك. اللهم احفظ علينا إيماننا واجعلنا هداة مهتدين. وحصن رقوطة من أعمال مرسية. وسمعت أن ابن سبعين فصد يديه وترك الدم يخرج حتى تصفى، ومات والله أعلم بصحة ذلك. وكان موته بمكة في الثامن والعشرين من شوال، وله خمس، وخمسون سنة، فإنه ولد في سنة أربع عشرة. اللهم يا ربنا ورب كل شيء، إن كان هذا الشخص وأضرابه يعتقدون أنك عين مخلوقاتك، وأن ذاتك المقدسة البائنة من الخلق هي حقيقة ما أبدعت وأوجدت من العدم، فلا ترحمهم ولا ترض عنهم. وإن كانوا يؤمنون بأنك رب العالمين وخالق كل شيء، وأن مخلوقاتك غيرك بكل حال وعلى أي تقدير، فاغفر لهم وارحمهم. فإن من كلامهم: ما ثم غير وما في الكون سوى الله. وما أنت غير الكون بل أنت عينه تعاليت يا إلهنا عن ذلك، بل وما أنت عين الكون بل أنت غيره، ويفهم هذا كل من هو مسلم. ويقولون إن الله تعالى هو روح الأشياء، وإنه في الموجودات سار كالحياة في الجسم. ويقولون إن الموجودات مظاهر له، وإنه يظهر فيها. كما قال رمضان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 286 التوزي، معثر عرف بالجوبان القواس: (مظاهر الح (.... ..............) فيها فلا يحد)
(ف (...) لا يكاد يخفى .......... وظاهر لا يكاد يبدو)
(نشهده بين ذا وهذا .......... بأعين منه تستمد)
(إن بطن العبد فهو رب .......... أو ظهر الرب فهو عبد)
(فعين كن عين زل .......... وجودا قبض وبسط أخذ ورد)
(مراتب الكون ثابتات .......... وهو إلى حكمها المرد) وقال الشيخ صفي الدين الأرموي الهندي: حججت في حدود سنة ست وستين، وبحثت مع ابن سبعين في الفلسفة فقال لي: لا ينبغي لك الإقامة بمكة. فقلت: كيف تقيم بها أنت؟ فقال: انحصرت القسمة في قعودي بها، فإن الملك الظاهر يطلبني بسبب انتمائي إلى أشراف مكة، واليمن صاحبها له في عقيدة، ولكن وزيره حشوي يكرهني. قال صفي الدين: وكان داوى صاحب مكة فصارت له عنده مكانة بذلك ويقال إنه نفي من المغرب بسبب كلمة كفر صدرت منه، وهي أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة في قوله: لا نبي بعدي. قلت: وإن فتحنا باب الاعتذار عن المقالات وسلكنا طريقة التأويلات المستحيلات لم يبق في العالم كفر ولا ضلال، وبطلت كتب الملل والنحل واختلاف الفرق. وقد ذكر الغزالي رحمه الله في كتاب ' مشكاة الأنوار ' فصلا في حال الحلاج فأخذ يعتذر عما صدر منه مثل قوله: أنا الحق. وقول الآخر: ما في الجبة إلا الله. وهذه الإطلاقات التي ظاهرها كفر، وحملها على محامل سائغة، وأولها وقال: هذا من فرط المحبة وشدة الوجد، وإن ذلك كقول القائل: أنا من أهوى ومن أهوى أنا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 287 قلت: بتقدير صحة العقيدة فلا كلام، وإنما الكلام فيمن يقول: العالم هو الله، كقوله في الفصوص إنه عين ما ظهر وعين ما بطن، وهو المسمى بأبي سعيد الخرّاز، وغير ذلك من أسماء المحدثات. ومن طالع كتب هؤلاء علم علما ضروريا بأنهم اتحادية، مارقة من الدين، وأنهم يقولون: الوجود الواجب القديم الخالق هو الممكن المخلوق ما ثم غير ولا سوى. ولكن لما رأوا تعدد المخلوقات قالوا: مظاهر ومجالي. فإذا قيل لهم فإن كانت المظاهر أمرا وجوديا تعدد الوجود. وإلا لم يكن لها حينئذ حقيقة. وما كان هكذا تبين أن الموجود نوعان خالق ومخلوق. قالوا: نحن ثبت عندنا بالكشف ما يناقض صريح العقل. ومن أراد أن يكون عارفا محققا فلا بد أن يلتزم الجمع بين النقيضين، وإن الجسم لواحد يكون في وقت واحد في موضعين. 314 - عبد الحميد بن رضوان بن عبد الله. أبومحمد المصري، الشافعي، الجراحي. ولد في سنة ثمانين وخمسمائة في مستهل صفر بالقاهرة. وذكر أنه قرأ القرآن على أبي الجود، وأنه سمع على أبي القاسم البوصيري. وقد روى عن ابن اللتي يسيرا. وتوفي في المحرم ودفن بقاسيون. وكان أديبا فاضلا يلقب مجد الدين. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. وقرأ عليه ابن فرح كتاب ' شرح السنة ' بروايته عن القزويني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 288 315 - عبد الكريم بن ناصر. أبو الكرم الدعجاني، المصري، المؤذن، المعروف بكريم. ولد في حدود الثمانين وخمسمائة. وروى عن: أبي نزار ربيعة اليمني. وتوفي في رجب. حدثني الحافظ أبو العباس الحلبي قال: ذكر الطلبة لعبد الكريم فقالوا: قد سماك الحافظ عبد العظيم كريم، وذلك لأجل الكاف فإنها عزيزة فقال: أيطيب له أن يسميه أحد عظيم. 316 - عبد الوهاب بن القاضي أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين. زين القضاة، أبو المكارم بن الجباب السعدي، المصري، العدل. ولد في أول سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من محمد بن أحمد بن جبير الكناني، وابن باقا. وحدث. توفي في جمادى الأولى. 317 - علي بن مؤمن بن محمد بن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 289 المعروف بابن عصفور. العلامة، أبو الحسن الحضرمي، الإشبيلي، حامل لواء العربية بالأندلس. حمل وأخذ عن الأستاذ أبي الحسن الدباج، ثم عن الأستاذ أبي علي الشلوبين. وتصدر للإشغال مدة. ذكر أبو عبد الله محمد بن حيان الشاطبي في ' تاريخه ' قال: لازم ابن عصفور أبا عليّ نحوا من عشرة أعوام إلى أن ختم عليه ' كتاب ' سيبويه في نحو السبعين طالبا. قال الإمام أبو حيان: الذي نعرفه أنه ما أكمل عليه الكتاب أصلا. وكان أصبر الناس على المطالعة لا يمل من ذلك. وله تواليف منها: ' المقرب '، (.......) ن، وكتاب ' الممتع '، و ' المفتاح '، و ' الهلالي '، و ' الأزهار '، و ' إنارة الدياجي '، و ' مختصر الغرة '، و ' مختصر المحتسب '، و ' مفاخرة السالف والعذار '. ومما شرحه ولم يكمله: ' شرح المقرب '، (.....)، ' شرح الحماسة '،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 290 ' شرح المتنبي '، ' سرقات الشعراء '، ' شرح الجزولي '، ' البديع '، وغير ذلك. وكان (....) بالنحو لا يشق غباره ولا يجارى. أقرأ بإشبيلية وبهريش، ومالقة، ولورقة، ومرسية. وولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة بإشبيلية. ومات بتونس في الرابع والعشرين من ذي القعدة. ولم يكن بذاك الورع في دينه، تجاوز الله عنا وعنه، فمما قاله ارتجالا: (لما تدنست بالتفريط في كبري .......... وصرت مغرى بشرب الراح واللعس)
(رأيت أن خضاب الشيب أستر لي .......... إن البياض قليل الحمل للدنس) ولابن عصفور من قصيدة في فرس كميت: (هنيئا بطرف إذا ما جرى .......... تزى البرق يتعب في دائره)
(مصغر لفظ، ولكنه .......... يجل ويعظم في قدره) قلت: كان بحرا في العربية يقرئ الكتب الكبار ولا يطالع عليها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 291 وكان في خدمة أمير. أقرأ بعدة مدائن. قال ابن الزبير: لم يكن عنده ما يؤخذ عنه سوى ما ذكر يعني العربية ولا تأهل بغير ذلك، رحمه الله وعفى عنه. قلت: ولا تعلق له بعلم القراءآت ولا الفقه ولا رواية الحديث. وكان يخدم الأمير أبا عبد الله محمد بن أبي زكريا الهنتاني صاحب تونس. 318 - عمر بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجا بن المؤمل. أبو حفص الأنصاري، القوصي، ثم الدمشقي، الشافعي، العدل. سمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل، وجماعة بإفادة أخيه شهاب الدين إسماعيل. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وكان أحد الشهود. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ومات في ثالث عشر ربيع الآخر. 319 - عمر بن عبد الله بن صالح بن عيسى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 292 الإمام، أبو حفص السبكي، المالكي، قاضي القضاة سيف الدين. ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وتفقه على الإمام أبي الحسن المقدسي الحافظ. وصحبه مدة، وسمع منه، ومن القاضي عبد الله بن محمد بن مجلي. وولي الحسبة مدة بالقاهرة، ثم ولي القضاء حين جعلت أربعة قضاة. ودرس للمالكية بالصالحية. وأشغل وأفتى وانتهت إليه معرفة المذهب مع الدين والخير والأمانة. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة، وبدر الدين ابن جماعة، وعلم الدين الدواداري، وغيرهم. وسبك العبيد بلد من أعمال الديار المصرية. توفي بالقاهرة في الخامس والعشرين من ذي القعدة وله أربع وثمانون سنة. 320 - عمر بن علي بن أبي بكر بن محمد بن بركة. الإمام العلامة، رضي الدين، أبو الرضا المصري، الحنفي، المعروف بابن الموصلي. ولد بميافارقين سنة أربع عشرة وستمائة. ودرس وأفتى، وبرع في المذهب. وشارك في الشعر والأدب، وكتب الخط المليح. وكان ذا رئاسة وتجمل ونبل. توفي في ثامن عشر رمضان بالقاهرة. 321 - عيسى بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 293 الأمير شرف الدين، أبو محمد ابن الأمير أبي عبد الله الهكاري، الكردي. سمع بالمقدس كتاب ' الأحكام ' لعبد الحق، من أبي الحسن علي بن محمد بن جميل المعافري الخطيب، عن المصنف. وأجاز له عمر بن طبرزد، وغيره. روى عنه: شيخنا برهان الدين الإسكندراني، وغير واحد سمعوا منه الأحكام. وكان أحد الأبطال المشهورين بالشجاعة والإقدام. وله مواقف مشهودة ووقائع مع الفرنج، هذا مع الدين والكرم والمروءة والأوصاف الجميلة والرئاسة والحشمة. توفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر. وآخر من سمع منه الأحكام قاضي القضاة ابن جماعة. وكان مولده في سنة 593. - حرف الميم - 322 - محمد بن أسعد بن عبد الرحمن. الشيخ الزاهد الصالح أبو عبد الله الهمداني، المجاور بمشهد عروة. كان كبير القدر، صاحب أوراد وعبادة وزهد وإقبال على الآخرة. حدث بالبخاري عن ابن الزبيدي. قرأه عليه الخطيب شرف الدين الفزاري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 294 وسمع منه: قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وجماعة. وتوفي في صفر، وشيعه خلق، كبير. 323 - محمد بن إسماعيل بن عثمان بن المظفر بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين. الشيخ مجد الدين، أبو عبد الله بن عساكر، الدمشقي، الشافعي. ولد في حدود سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وأبي جعفر القرطبي، وحنبل، وابن طبرزد، والتاج الكندي، وغيرهم. وحدث بدمشق ومصر. روى عنه: ابن الخباز، (وبرهان الدين) الإسكندراني، والشيخ عبد الرحمن القرامزي، وعلاء الدين ابن العطار، وأحمد بن (....) المؤذن، وجماعة. وكان عدلا جليلا من بيت الرواية والرئاسة. وجده عثمان [بن المظفر بن عبد الله]. وهو آخر من روى كتاب ' التجريد ' لابن الفحام عاليا. توفي إلى رحمة الله في ثامن ذي القعدة بدمشق. 324 - محمد بن [تما] م بن يحيى بن عباس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 295 أبو بكر الحميري، الدمشقي فخر الدين. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وقد تقدم أخوه يحيى. توفي محمد في رابع رجب. وكان عدلا رئيسا. روى عنه: الدواداري، وقاضي القضاة نجم الدين، وابن العطار. 325 - محمد بن عبد المنعم بن نصر الله بن جعفر بن أحمد بن حواري. الشيخ تاج الدين، أبو المكارم التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي، الحنفي. ويعرف بابن شقير. الأديب الشاعر. ولد سنة ست وستمائة. وروى ' الأربعين ' التي لهبة الله القشيري، عن أبي الفتوح البكري. وروى عن: ابن الحرستاني، وغيره. وهو أخو المحدث الأديب نصر الله. سمع منهما الدمياطي. توفي تاج الدين في صفر. ذكره قطب الدين فقال: كان أديبا رئيسا، دمث الأخلاق. وهو من
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 296 شعراء الملك الناصر يوسف، وله فيه مدائح جمة. وكان يحبه ويقدمه على غيره من الشعراء الذين في خدمته. فمن شعره: (ما ضر قاضي الهوى العذري حين ولي .......... لو كان في حكمه يقضي علي ولي)
(وما عليه وقد صرنا رعيته .......... لو أنه مغمد عنا ظبا المقل)
(يا حاكم الحب لا تحكم بسفك دمي .......... إلا بفتوى فتور الأعين النجل)
(ويا غريم الأسى الخصم الألد هوى .......... رفقا عليّ فجسمي في هواك بلي)
(أخذت قلبي رهنا يوم كاظمة .......... على بقايا دعاو للهوى قبلي)
(ورمت مني كفيلا بالأسى عبثا .......... وأنت تعلم أني بالغرام ملي)
(وقد قضى حاكم التبريح مجتهدا .......... علي بالوجد حتى ينقضي أجلي)
(لذا قذفت شهود الدمع فيك عسى .......... أن الوصال بجرح الجفن يثبت لي)
(لا تسطون بعسال القوام على .......... ضعفي فما آفتي إلا من الأسل)
(هددتني بالقلى حسبي الجوى وكفى ' أنا الغريق فما خوفي من البلل ' ..........
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 297 326 - محمود بن حيدر. شيخ زاهد صالح، صاحب تهجد وأوراد وأذكار. وهو ربيب الشيخ الكبير عبد الله اليونيني. توفي ببعلبك في جمادى الأولى. وقد جاوز السبعين. 327 - مرشد. الطواشي الكبير شجاع الدين الحبشي، المظفري، الحموي، عتيق المظفر صاحب حماة. كان أحد الأبطال الشجعان، وكان الملك الظاهر يحبه لذلك. وله مواقف مشهورة. وكان يتصرف في مملكة حماة كتصرف ابن أستاذه. وله هيبة وحرمة. مات في عشر السبعين بحماة. - حرف الهاء - 328 - هيثوم بن قسطنطين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 298 الكلب، الملك المجير، صاحب سيس. توفي في هذه السنة، وتملك ولده. - حرف الياء - 329 - يحيى بن عبد الله. فخر الدين البغدادي. ولد سنة ثلاث وسبعين. روى المقامات الحريرية. سمعها منه الشيخ ظهير الدين الكارزوني وقال: كان أديبا منقطعا له سماعات عالية. مات في ربيع الأول. قلت: روى عنه ابن الشيخ عبد القادر الذي انتخب عليه البرزالي. 330 - يحيى بن عبد العزيز. الشيخ، نجم الدين الناسخ. فاضل ورع. ناصح المسلمين وكاتبهم فأخذ ببغداد وقرر، فاعترف فقتلوه، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 299 صورة ما كتب بخط في آخر سنة 669 في وريقة ملحقة: فائدة 331 - الملك الموحد عبد الله بن المعظم تورانشاه بن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل بن العادل. ولد بآمد إذ أبوه متوليها، فقصد غياث الدين صاحب الروم وعسكر حلب آمد وحاصروها، ثم أخذوها من المعظم، وأبقوا له حصن كيفا، فتحول إليه، فلما مات أبوه بالديار المصرية وطلب المعظم وقدم وتملك مصر والشام في سنة سبع وأربعين، خلف الملك الموحد هذا بحصن كيفا فتملكه قال ابن واصل في ' تاريخه '، وقد ألفه في حدود السبعين وستمائة: الملك الموحد باق إلى الآن مستولي على حصن كيفا تحت أوامر التتار وله عدة أولاد على ما بلغني. قال: وكان عمره لما قضى والده إلى مصر عشر سنين. سألت الشيخ تاج الدين الفارقي عند الموحد هذا، فقال: رأيته، وكان شجاعا قصيرا، عاش إلى بعد الثمانين وستمائة وابنه إلى الآن باق بيده الحصن من تحت أوامر التتار. قلت: لقب ابنه الملك الكامل. قتلته التتار في حدود سنة سبعمائة، وأقاموا بعده ولده الملك الصالح صورة بلا أمر، ورتبته كجندي كبير. انتهت الفائدة
- * *
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 300 وفيها ولد: القاضي جمال الدين أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله بن القلانسي التميمي، والشهاب أحمد بن صفي الدين بن أبي بكر السلامي بالبصرة، وتاج الدين علي بن مجد الدين إسماعيل بن كسيرات المخزومي الخالدي، وجمال الدين يوسف بن محمد بن حماد خطيب حماة، في جمادى الآخرة ؛ وقاضي القضاة عماد الدين علي بن أحمد بن الطرسوسي الحلبي في رجب بمنية بني خصيب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 301
سنة سبعين وستمائة
- حرف الألف - 332 - أحمد بن سعيد بن أحمد بن بكر بن الحسين. الشيخ القدوة الزاهد، صفي الدين، أبو العباس النيسابوري الأصل اللهاوري، الصوفي. ولد بلهاور سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. ولقي الكبار والزهاد. وكان أحد المشهورين بالزهد والعبادة والإنقطاع، وله كلام على طريق الصوفية مع ما كان عليه من لين الجانب ولطف الأخلاق وحسن الملقى. ذكره الشريف عز الدين وقال: توفي في حادى عشر رمضان. وقد روى عن أبي القاسم سبط السلفي. 333 - أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي. الإمام أبو الفضل ابن الصواف. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة في ثاني رجب بالإسكندرية. وقرأ القراءآت على أبي القاسم ابن الصفراوي. وسمع من: محمد بن عماد ؛ ومن والده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 302 وحدث، وأسمع ولده يحيى شيخنا. وكان معروفا بالعلم والدين والصلاح والورع، وكرم الخلائق، وحسن الطرائق. توفي في ثامن رجب بالإسكندرية. 334 - أحمد بن علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار. المسند، العالم، معين الدين، أبو العباس ابن قاضي القضاة زين الدين أبي الحسن ابن العلامة أبي المحاسن. الدمشقي الأصل، المصري، الشافعي. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه ؛ ومن: عمه أبي حفص عمر، والبوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وأبي الفضل الغزنوي، والعماد الكاتب، وغيرهم. وروى الكثير مدة. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والشيخ شعبان، وقاضي القضاة سعد الدين الحنبلي، والشهاب أحمد الزبيري، والأمين عبد القادر الصعبي، وأحمد بن إبراهيم الكناني الحنبلي، وأحمد بن يوسف التلي، وعلم الدين الدواداري، ومحمد بن عالي الدمياطي، والجمال محمد بن محمد العثماني المهدوي، وطائفة سواهم. وكان آخر من روى ' صحيح البخاري ' عن هبة الله البوصيري. توفي في ثامن عشر رجب بالقاهرة. 335 - أحمد بن عمر. الزاهد، العابد، القدوة. خطيب باجسرا، أبو العباس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 303 مات بناحيته. أرخه الكازروني. 336 - أحمد بن أبي السر مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم. تاج الدين أبو العباس القيسي، الدمشقي، العدل. عم شيخنا الصدر إسماعيل. سمع من: النفيس أبي محمد بن البن، وابن الزبيدي، وجماعة. وحدث. ومات بمصر في شوال. - حرف الجيم - 337 - جوشن بن دغفل بن عالي. أبو محمد، واسمه أيضا محمد، التميمي، المزي. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: ابن أبي لقمة. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار. - حرف الحاء - 338 - الحسن. الملك الأمجد أبو محمد ابن الملك الناصر داود بن الملك المعظم عيسى بن العادل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 304 ولد سنة نيف وعشرين وستمائة، واشتغل في الفقه والأدب، وشارك في العلوم، وأتقن الأدب، وتنقلت به الأحوال، وتزهد وصحب المشايخ. وكان كثير المعروف عالي الهمة، عنده شجاعة وإقدام وصبر وثبات. وكان إخوته يتأدبون معه ويقدمونه، وكذلك أمراء الدولة. وله شعر ويد طولى في الترسل وخط منسوب. أنفق أكثر أمواله في الطاعة. وكان مقتصدا في ملبسه ومركبه. وتزوج بابنة الملك العزيز عثمان بن الملك العادل، ثم تزوج بأخت السلطان الملك الناصر يوسف الحلبي فجاءه منها المولى صلاح الدين. وكان عنده من الكتب النفيسة شيء كثير فوهب معظمها. وكان ذا مروءة تامة، يقوم بنفسه وماله مع من يقصده. وأمه هي بنت الملك الأمجد حسن بن العادل. وقد رثاه شهاب الدين محمود الكاتب، أبقاه الله، بقصيدة أولها: (هو الربع ما أهوى وأضحت ملاعبه مشرعة إلا وقد بان صاحبه ..........
(عهدت به من آل أيوب ماجدا .......... كريم المحيا زاكيات مناسبه)
(يزيد على وزن الجبال وقاره .......... وتكثر ذرات الرمال مناقبه) توفي رحمه الله بدمشق في جمادى الأولى، وهو في عشر الخمسين. وقد روى عن: ابن اللتي، وغيره. 339 - الحسن بن عثمان بن علي. الإمام، القاضي، محتسب الثغر، ركن الدين أبو علي التميمي، القابسي، المالكي، المعدل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 305 قدم الثغر شابا، فسمع من: ابن موقا، وابن المفضل، وجماعة. وتلا بالسبع على منصور بن خميس الأندلسي. تلا عليه عبد المجيد بن خلف الصواف. وروى عنه جماعة منهم ولده شيخنا يوسف. مات في المحرم. 340 - الحسين بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي. أبو المظفر بن أبي القاسم ابن الشيخ الإمام أبي الفرج. توفي في شعبان. - حرف الخاء - 341 - خليل بن علي بن خليل. كمال الدين، أبو الصفا العجمي الأصل، الدمشقي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع: أبا المنجا بن اللتي، وكريمة. وسمع من المتأخرين كثيرا بدمشق ومصر. توفي بالقاهرة في المحرم. - حرف السين - 342 - سلار بن الحسن بن عمر بن سعيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 306 الإمام، العلامة، المفتي، كمال الدين، أبو الفضائل الإربلي، الشافعي، صاحب الإمام تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح. قال الشريف عز الدين: توفي ليلة خامس جمادى الآخرة ودفن بمقبرة باب الصغير. قال: وكان عليه مدار الفتوى بالشام في وقته، ولم يترك بعده في بلاد الشام مثله. افتى مدة، وانتفع به جماعة. قلت: وكان الشيخ نجم الدين الباذرائي قد جعله معيدا بمدرسته، فلم يزل على ذلك إلى أن مات لم يتزيد منصبا آخر. ومات في عشر السبعين. وقد تفقه عليه جماعة. وقيل: إنه نيف على السبعين، فالله أعلم. 343 - سنقر. الأمير شمس الدين، أبو سعيد الأقرع. أحد مماليك الملك المظفر غازي صاحب ميافارقين ابن العادل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 307 وكان من كبار الأمراء بالديار المصرية فأمسكه الملك الظاهر وحبسه. وتوفي في ربيع الآخر. - حرف العين - 344 - عبد الرحمن بن سلمان بن سعيد بن سلمان. الإمام، الفقيه، جمال الدين البغيدادي، ثم الحراني، الحنبلي. ولد بحران سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وسمع من: حماد الحراني، وعمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله، وعبد القادر الحافظ، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، والشيخ الموفق، والفخر بن تيمية، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو بكر بن عبد الحليم العسقلاني المقرئ، والبرهان الذهبي، وجماعة سواهم. وكان إماما، صالحا، فقيها، عارفاً بالمذهب، خبيرا بالفتيا، حسن التعليم، متواضعا. توفي بالبيمارستان بدمشق في الرابع والعشرين من شعبان. 345 - عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 308 القاضي عماد الدين أبو الحسين الحلبي، ابن العجمي. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع من: الإفتخار الهاشمي، وثابت بن مشرف. وحدث ودرس وأفتى، وولي القضاء ببلد الفيوم مدة. وكان مشكورا في القضاء. توفي في رابع رمضان بحلب. روى عنه: الدمياطي، وابن جماعة. وناب في الحكم بدمشق. 346 - عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم بن سعد. الشيخ أبو محمد المقدسي، الصحراوي، القنبيطي، الحنبلي. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعمر بن طبرزد، ومحمد بن الخصيب، وحنبل، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن الموصلي، وأبو الحسن ابن العطار، وأبو الحسن الكندي، وأبو عبد الله بن أبي الفتح البعلبكي، وأبو عبد الله بن الزراد، ومحمد بن بدر النساج، وطائفة سواهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 309 وكان من بقايا المسندين. توفي في تاسع عشر رمضان عن ثمانين سنة، رحمه الله تعالى. 347 - علي بن عبد الله بن إبراهيم. أبو الحسن الباهلي، المالقي، الأديب، الشاعر. روى عن: محمد بن عبد الحق بن سليمان لقيه بتلمسان، وقرأ عليه برنامجه. فيه خفة لا تخل بمروءته. توفي بمالقة سنة سبعين. قاله ابن الزبير. 348 - علي بن عبد الخالق بن علي. عز الدين الأسعردي، ناظر ديوان بعلبك. توفي في ذي القعدة كهلا. 349 - علي البكاء. الشيخ علي، رحمة الله عليه. كان من كبار أولياء الله تعالى. أقام مدة ببلد الخليل، وكان مقصودا بالزيارة والتبرك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 310 ورد خبر موته إلى دمشق في يوم عاشر رجب سنة سبعين. ويقال إنه قارب مائة سنة. وقبره ظاهر يزار. 350 - علي بن عثمان بن علي بن سليمان. أمين الدين السليماني، الإربلي، الصوفي، الشاعر. من أعيان شعراء الملك الناصر. كان جنديا فتصوف وصار فقيرا. توفي في جمادى الأولى بالفيوم، وهو في معترك المنايا. 351 - علي بن عمر بن نبا. نور الدولة اليونيني. تربية الشيخ الفقيه أبي عبد الله اليونيني. رباه الشيخ الفقيه وزوجه ببناته الثلاث واحدة بعد واحدة وأسمعه الحديث من: البهاء عبد الرحمن، والعز بن رواحة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 311 وكان غزير المروءة شجاعا مقداما، له حكايات في الشجاعة وفي قتل الوحوش. توفي في جمادى الآخرة، وقد نيف على الستين. 352 - علي بن محمد بن محمد بن الفضل بن جعفر. الشريف، الصدر المعمر، زين الدين، أبو الحسن الهاشمي، العباسي، الصالحي، المصري، المالكي. ولد في التاسع عشر من ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وذكر أن السلفي أجاز له إجازة خاصة. وكان موصوفا بالخير والفضل والعفاف. فسمع عليه بالإجازة المطلقة من السلفي. قال الشريف عز الدين: توفي في الرابع والعشرين من رجب. 353 - علي. أبو الحسن المتيوي، المغربي، السبتي، المالكي، الزاهد. أحد الأئمة الأعلام. كان يحفظ ' المدونة ' و ' التفريع ' لابن الجلاب، و ' رسالة ' ابن أبي زيد. وألف شرحا على ' الرسالة ' ولم يتمه، بل وصل إلى باب الحدود. وكان مع براعته في الفقه عجبا في الزهد والورع ملازما لبيته، ويخرج إلى الجمعة مغطى الوجه لئلا تقع عينه على مكروه. وكان لا يأكل إلا ما سيق إليه من متيويه من مواضع يعرف أصولها. توفي في حدود عام سبعين. وقبره بظاهر سبتة يزار ويتبرك به.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 312 قال لي ابن عمران الحضرمي: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك. أخذ الناس عنه. 354 - عمر بن أيوب بن عمر بن أرسلان بن جاولى. المحدث، أبو حفص شهاب الدين التركماني، الدمرداشي، الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن طغريل السياف. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة تقريبا بدمشق، وطلب بنفسه بمصر، وأكثر عن أصحاب البوصيري، وعني بالحديث، وحصل وفهم وجمع، وخرج لنفسه معجما. كتب العالي والنازل. وكان ثقة صالحا، نبيها، مفيدا. توفي بمصر في السابع والعشرين من جمادى الأولى. ولا أعلمه حدث. - حرف الميم - 355 - محمد بن أبي الغنائم سالم بن الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن صصرى. القاضي، العدل الكبير، عماد الدين أبو عبد الله الربعي، التغلبي، البلدي الأصل، الدمشقي، الشافعي. ولد بعد الستمائة، وسمع من أبيه، وأبي اليمن الكندي، وهبة الله بن طاوس، وابن أبي لقمة، وأبي المجد القزويني، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 313 روى عنه: ابنه قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس، والشيخ علاء الدين ابن العطار، والحافظ الكبير شرف الدين الدمياطي، والإمام زين الدين الفارقي، وبدر الدين ابن الخلال، ونجم الدين ابن الخباز، وجماعة بقيد الحياة. وكان صدرا رئيسا، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، كبير الثروة والنعمة. ولي غير مرة في المناصب الدينية فحمدت سيرته، وكان ينطوي على دين وعبادة وحسن خلق ومروءة. وكان محبا للحديث ذا عناية به. رحل إلى مصر وسمع من أصحاب السلفي. وكتب بخطه وحصل. واعتنى بولده وأسمعه الكثير. وقد روى الحديث من بيته جماعة كثيرة ذكرناهم في هذا التاريخ. توفي في العشرين من ذي القعدة، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون. 356 - محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد. الرئيس، وجيه الدين التكريتي، التاجر. كان نافذ الكلمة، وافر الحرمة كثير الأموال والتجارات، واسع الجاه. وكان من خواص الملك الناصر، ويده مبسوطة في دولته. ذكره قطب الدين فقال: لما توجه إلى مصر في الجفل من التتار غرم ألف ألف درهم. فلما تسلطن الملك الظاهر قربه وأدناه وأوصى إليه وجعله ناظر أوقافه. وكان له من التمكين ما لا مزيد عليه، ولم يبلغ أحد من أمثاله من الحرمة ونفاذ الكلمة ما بلغ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 314 كانت متاجره لا يتعرض لها متعرض، وكتبه عند سائر الملوك، حتى ملوك الفرنج، نافذة. وكل من ينسب إليه مرعي الجانب. ولما مات ولده التاج محمد في صفر سنة ست وخمسين مشى الملك الناصر في جنازته ثم ركب إلى الجبل، وكانت جنازة مشهودة، وتأسف أبوه وامتنع من سكنى داره بالزلاقة، فأمر السلطان بأن تخلى له دار السعادة وفرشت ليسكنها ثم خرج إليه السلطان، وحلف عليه فنزل البلد. ومن إكرامه أن ولده نصير الدين عبد الله حج مع والدته عام حج الملك الظاهر، فحضر عنده يوم عرفة مسلما، فحيث وطئ البساط قام له السلطان وبالغ في إكرامه، وسأله عن حوائجه فقال: حاجة المملوك أن يكون معنا أمير يعينه السلطان. فقال: من اخترت من الأمراء أرسلته في خدمتك. فطلب منه جمال الدين ابن نهار. فقال له السلطان: هذا المولى نصير الدين قد اختارك على جميع من معي فتروح معهم إلى الشام وتخدمه مثل ما تخدمني. وهذا عظيم من مثل الملك الظاهر. وكان وجيه الدين كثير المكاتبة للأمراء والوزراء، وفيه مكارم، وعنده بر وصدقة ودماثة أخلاق ورقة حاشية. توفي بدمشق في ذي القعدة ودفن بتربته بقاسيون، وكان من أبناء السبعين. قلت: ولد سنة تسع وستمائة. وسمع من المؤتمن بن قميرة، ولم يرو، بل روى عنه الدمياطي من شعره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 315 357 - محمد بن علي بن محمد. الصالح الزاهد، أبو عبد الله ابن الطباخ الموصلي، ثم المصري. روى عن الشيخ مرهف شيئا من شعره، وله زاوية بالقرافة الصغرى، ويقصد بالزيارة والتبرك لصلاحه ودينه. عاش ثلاثا وسبعين سنة. وتوفي في جمادى الآخرة. 358 - محمد بن علي بن المظفر بن القاسم. أبو بكر النشبي المؤذن بجامع دمشق. ولد في سلخ المحرم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وبهاء الدين القاسم ابن عساكر، وست الكتبة بنت الطراح، وعمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي، وجماعة. وروى الكثير، وتفرد بأجزاء. وكان يقرأ على الجنائز. روى عنه: الدمياطي، وأبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفداء ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن الزراد، ومجد الدين ابن الصيرفي، وجماعة في الأحياء. وتبطأ بعض المحدثين عن الأخذ عنه لكونه جنائزيا. وقد سمع منه الشهاب المقدمي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 316 وكانت وفاته سادس ذي الحجة. 359 - محمد بن عمر بن محمد بن علي. زين الدين، أبو عبد الله بن الزقزوق الأنصاري، الفاسي الأصل، المصري، الصوفي الكتبي. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بمصر. وسمع بدمشق من: حنبل الرصافي، وأبي القاسم بن الحرستاني. وسمع منه المصريون. وروى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات بالقاهرة في نصف رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 317 360 - محمد بن محمد بن أحمد. أبو بكر بن مشليون الأنصاري، البلنسي، المقرئ، المحدث. كان عالي الإسناد في القراءآت. أخذها عن جعفر بن عون الله الحصار، فكان آخر أصحابه. واستوطن سبته وأقرأ بها إلى أن تحول في أواخر عمره إلى تونس فتوفي بها سنة سبعين أو بعدها بقليل. قرأ عليه القراءآت الشيخ أبو إسحاق الغافقي المتوفى سنة 716. 361 - محمد بن ملكداد. الموقاني نجم الدين. معيد البادرائية. 362 - محمد بن أبي فراس. قاضي القضاة سراج الدين الهنايسي. مات في رمضان، ودفن عند معروف الكرخي. سمع من: علي بن إدريس. ودرس بالبشيرية. وكان دينا، متبحرا، بصيرا بالمذهب الشافعي، رحمه الله تعالى. 363 - مدالة بنت محمد بن إلياس بن عبد الرحمن ابن الشيرجي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 318 أم محمد الدمشقية. خرج لها جمال الدين ابن الصابوني أربعين حديثا بالإجازات من شيوخها. أجاز لها: عبد اللطيف بن أبي سعد، والخشوعي، والقاسم بن عساكر، والحافظ عبد الغني. روى عنها: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وغيرهما. توفيت في ثاني شعبان عن ثمانين سنة. 364 - مظفر ابن القاضي مجد الدين عبد الرحمن بن رمضان بن إبراهيم. الحكيم بدر الدين الطبيب، شيخ الطب المعروف بابن قاضي بعلبك. قرأت بخط الإمام شمس الدين محمد بن الفخر أنه توفي يوم الثلاثاء ثاني وعشرين صفر سنة سبعين. قال: وكان رئيس الأطباء شرقا وغربا، فيلسوف زمانه، لم نعلم في وقته مثله. انهدم بعده ركن من الحكمة. وله مصنفات عظيمة النفع في الطب. ووقع له من حسن العلاج في زماننا ما لم يقع إلا للأكابر. فمنه أن الملك المنصور صاحب حماة نزل به خوانيق أشرف منها على الموت، فأنقذ إلى دمشق يطلب البدر المذكور والموفق السامري فذهبا إليه فكوياه في وسط رأسه بميل من ذهب، فبرأ، وأعطاهما شيئا عظيما. وكان ذلك بإشارة البدر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 319 قال ابن أبي أصيبعة: نشأ بدمشق، وقد جمع الله فيه من العلم الغزير والذكاء المفرط والمروءة ما تعجز الألسن عن وصفه. قرأ الطب على الدخوار، وأتقنه في أسرع وقت، وحفظ كثيرا من الكتب. وكان ملازما له. عرض عليه مقالته في الإستفراغ، وسافر معه إلى الشرق. وخدم بمارستان الرقة. وصنف مقالة في مزاج الرقة. واشتغل بها على الزين الأعمى الفيلسوف. ثم قدم دمشق، فلما تسلطن الجواد بدمشق استخدمه، وحظي عنده وتمكن. وولاه رئاسة الأطباء والكحالين والجرائحية، وكتب له منشورا في صفر سنة سبع وثلاثين. وقد اشترى دورا إلى جانب مارستان نور الدين، وغرم عليها مبلغا، وكبر بها قاعات المرضى، وبناها أحسن بناء، وشكروه على ذلك. وخدم الملك الصالح وغيره. ثم تجرد لحفظ مذهب أبي حنيفة. وسكن بيتا في الفليجية. وحفظ القرآن ثم القراءآت، وأخذها عن الإمام أبي شامة على كبر، وأتقنها. وفيه عبادة ودين. وقد مدحه ابن أبي أصيبعة بقصائد في ' تاريخه '. وله كتاب ' مفرج النفس ' استوفى فيه الأدوية القلبية، وكتاب ' الملح ' في الطب. 365 - مظفر بن لؤلؤ. أبو غالب الدمشقي، الضرير ابن الشربدار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 320 يروي عن: عمر بن طبرزد. توفي في جمادى الأولى. وقال ابن الخباز فيه: مظفر بن ياقوت زين الدين الشربدار العادي. روى عن ابن طبرزد. وولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. - حرف النون - 366 - النصير بن تمام بن معالي. أبو الذكر المقدسي، رئيس المؤذنين بجامع دمشق. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع في كهولته من: ابن اللتي. وحدث. وذكر أنه سمع من الكندي. وكان طيب الصوت، مليح الشكل. توفي في المحرم، ودفن بمقبرة باب الفراديس. - حرف الياء - 367 - يحيى بن عبد الرحيم بن المفرج بن علي بن المفرج بن مسلمة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 321 المحدث أبو زكريا. سمع بدمشق من: أبي القاسم الحسين بن صصرى، وجماعة. وبمصر من: عبد العزيز بن باقا، وعبد الصمد الغفاري، وجماعة. وكتب الأجزاء، وأسمع ولده عبد الرحيم. ثم خدم بالكتابة. وتوفي بالغور في تاسع جمادى الأولى. وكان مولده في سنة أربع وستمائة. روى عنه: ابن الخباز، وزاد أنه سمع من أبي المجد القزويني، وزين الأمناء، وقال: لقبه محيي الدين. ثنا عنه: علي بن الموفق. 368 - يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن عبده. الصدر نجم الدين ابن اللبودي، الدمشقي، الطبيب. ترقى بالطب عند صاحب حمص، ووزر له، ثم [انتقل إلى خدمة] الملك الناصر فجعله ناظر الدواوين. ثم ولي ذلك في الدولة الظاهرية. وكان محتشما، نبيلا، جليلا. اختصر ' الإشارات '، والمعالمين في الأصلين ؛ اختصر ' الكليات ' في الطب. وتوفي في ذي الحجة، ودفن بتربته التي بقرب بركة الحميريين، وجعل تربته دار طب وهندسة، وقرر لها شيخا وقراء. وكان والده شمس الدين محمد بن اللبودي من كبار الأطباء. توفي سنة إحدى وعشرين وستمائة، وعمر نجم الدين يومئذ أربع عشرة سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 322 369 - يعقوب ابن المعتمد والي دمشق مبارز الدين أبي إسحاق إبراهيم بن موسى. العادل، الدمشقي، الأمير شرف الدين أبو يوسف الحنفي. روى عن حنبل بدمشق، و (...). وسمع من: أبي القاسم أحمد بن عبد الله العطار. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والدويداري، وجماعة. توفي في ثالث عشر رجب عن ثلاث وثمانين سنة. 370 - يوسف بن عبد الله بن عثمان. الشيخ التقي المقدسي. عرف بالكيناني. روى عن: ابن اللتي. روى عنه: ابن الخباز، والشيخ علي ابن العطار. ونزل بكفربطنا ولقن بها وعلم وأم بمسجد بها، ومات بها رحمه الله تعالى. الكنى 371 - أبو حليقة. الطبيب المصري المشهور بالرشيد النصراني. واسمه أبو الوحش ابن الفارس أبي الخير ابن الطبيب داود بن أبي المنا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 323 كان أستاذ هذه الصناعة في عصره، وفيه لطف وتودد ورأفة بالمرضى. اشتغل على عمه المهذب أبي سعيد بدمشق، ثم اشتغل بمصر. وقرأ أيضا على المهذب الدخوار. ولد بجعبر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ونشأ بالرها، وبعثه أبوه قبل الستمائة إلى دمشق فتعلم عند عمه قليلا. ودخل القاهرة وسكنها، وخدم الملك الكامل. وكان له إقطاع وافر. ثم خدم الصالح نجم الدين ابن الكامل وغيره. وخدم الملك الظاهر ركن الدين. وطال عمره واشتهر ذكره. وله نوادر في أعمال الطب تميز بها. وكان في شبيبته يعرف بابن الفارس، فطلبه الكامل يوما وقال: اطلبوا لنا أبو حليقة. فغلب ذلك عليه. قال ابن أبي أصيبعة: وقد أحكم نبض الملك الكامل حتى إنه أخرج إليه من خلف الستارة مع الآدر المريضات، فرأى نبض الجميع، ووصف لهن، فلما وصل إلى نبض عرفه فقال: هذا نبض مولانا السلطان وهو صحيح بحمد الله، فتعجب منه غاية العجب، وزاد تمكنه عنده. وقد عمل الترياق الفاروق وتعب عليه، وسهر ليالي حتى عمله، فحصل للسلطان، نزلة في أسنانه ففصد بسببها، وداواه الأسعد لاشتغال الرشيد بعمل الترياق، فلم ينجع، وزاد الألم، فطلب الرشيد وتضرر، فقال: تسوك من الترياق الذي عمله المملوك في البرنية الفضة وترى العجب. قال: وخرج إلى الباب فلم يشعر إلا ورقة بخط السلطان: يا حكيم استعملت ما قلت فزال جميع ما بي لوقته. ثم بعث إليه خلعا وذهبا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 324 وقد سقى من ترياقه مفلوجا عند السور فقام بعد ساعتين. وسقى منه من به حصاة ففتتها، وأراق الماء لساعته. وله أخبار كثيرة ذكرها ابن أبي أصيبعة، وقال: سمي بأبي حليقة لحلقة فضة كانت في أذنه عملتها أمه من الصغر، وعاهدته أمه أن لا ينزعها، فبقيت لأنها كان لا يعيش لها ولد وقيل لها: اعملي لمولودك حليقة فضة، فإذا ولد اعمليها في أذنه، فعملتها وعاش اتفاقا. ويقال له شعر جيد ومقالة في حفظ الصحة، ومقالة في أن الملاذ الروحانية ألذ من الجسمانية، وكتاب ' الأدوية المفردة ' سماه ' المختار في ألف عقار '، ومقالة في ضرورة الموت. 372 - أبو القاسم بن سالم. الزملكاني. حدث عن ابن اللتي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. * * * وفيها ولد: فخر الدين عثمان ابن شيخنا جمال الدين أحمد بن الظاهري، وشمس الدين محمد بن الشهاب أحمد بن محمد بن صالح العرضي، إمام مسجد الرحبة، في صفر، وشهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن الجزري، وشمس الدين محمد بن عبد الواحد المراكشي النحوي، وبدر الدين محمد ابن شيخنا كمال الدين أحمد بن العطار في جمادى الأولى، والصارم إبراهيم بن محمد الجندي ابن الغزال،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 325 وشمس الدين محمد بن القاضي سالم بن أبي الهيجاء الأذرعي، والشيخ علي بن محمد الختني، تقريبا، والتقي عبد الملك بن أبي بكر بن مشرف نزيل طرابلس. والقاضي كمال الدين أحمد بن العماد ابن الشيرازي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن يحيى بن جهبل في المحرم، والشيخ محمد بن أحمد البالسي، وعزيز الدين إبراهيم ابن الخطيب جمال الدين الدينوري بكفربطنا، والله أعلم. آخر الطبقة السابعة والستين من تاريخ الإسلام للحافظ شمس الدين الذهبي، ومن خطه نقلت وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الجزء الخمسون
الجزء الخمسون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 5
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أسألك حسن الخاتمة بمنك وكرمك
ذكر الحوادث الكائنة في الطبقة الثامنة والستين من ((تاريخ الإسلام))
سنة إحدى وسبعين وستمائة
[مسير السلطان بيبرس إلى دمشق] ففي المحرم سار السلطان من دمشق على البريد، وفي صحبته البيسري، وجرمك الناصري، وأقوش الرومي، فوصلوا في ستة أيام، وأقام خمسة، ورجع فوصل دمشق في خمسة. [عدوان صاحب النوبة والرد عليه] وفي المحرم قدم الكافر صاحب النوبة فنهب عيذاب، وقتل خلقا، منهم واليها وقاضيها، فسار متولي قوص وقصد بلاد النوبة، فدخل بلد الجون، وقتل من فيه وأحرقه، وكذا فعل بحصن إبريم، وأرمنا، وغير ذلك. وهو علاء الدين أيدغدي الحرب دار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 6
[موقعة البيرة] وفي جمادى الأولى بلغ السلطان، وهو بدمشق أن فرقة من التتار نازلوا البيرة، فسار إلى حمص، ثم إلى بزاعة، فأخبر أن التتار على الفرات ثلاثة آلاف، فرحل إلى الفرات، وأمر الجيش بخوضها، فخاض الأمير سيف الدين قلاوون، وبدر الدين بيسري في أول الناس، ثم تبعهما هو، ووقعوا على التتار، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا نحو المائتين، وساق وراءهم البيسري إلى سروج. أما الذين نازلوا البيرة فإنهم سمعوا بذلك، فترحلوا عن البيرة منهزمين، وأتاها السلطان فخلع على الكبار، وفرق في أهلها مائة ألف درهم. وللشهاب محمود، أبقاه الله، في ذلك: (سر حيث شئت لك المهيمن جار .......... واحكم فطوع مرادك الأقدار)
(حملتك أمواج الفرات ومن رأى .......... بحرا سواك تقله الأنهار)
(وتقطعت فرقا ولم يك طودها .......... إذ ذاك إلا جيشك الجرار)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 7
[الإفراج عن الأمير الدمياطي] وفي جمادى الآخرة أفرج عن عز الدين الدمياطي الأمير عن تسع سنين حبسها. [خلعة الأمراء] وفي رجب خلع على الأمراء وفرق فيهم نحو ثلاثمائة ألف دينار. [إطلاق سنجر المعزي] وفي شعبان أطلق علم الدين سنجر الغتمي المعزي، واشتراه السلطان. [مهاداة السلطان لمنكوتمر] وبعث السلطان رسل منكوتمر ابن أخي بركة ومعهم رسولا بتحف وتقادم. [اعتقال الشيخ خضر] وفي شوال استدعى السلطان الشيخ خضر شيخه إلى القلعة في جماعة حاققوه على أشياء، ورموه بفواحش، فأمر باعتقاله. وكان السلطان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 8 ينزل إليه ويحبه ويمازحه، ويستصحبه في سائر أسفاره، ويمده بالعطاء، ولا يرد شفاعته، وامتدت يده، ودخل إلى كنيسة قمامة فذبح قسيسها بيده، ونهب أصحابه ما فيها، ثم هجم كنيسة اليهود ونهبها، وبدع فيها. ودخل كنيسة الإسكندرية ونهب ما فيها، وصيرها مسجدا. وبنى له السلطان مسجدا وزاوية بالحسينية، ومن أجله بنى الجامع بالحسينية، وماتا في شهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 9
سنة اثنتين وسبعين وستمائة
[مسير السلطان إلى الشام] في المحرم توجه السلطان إلى الشام في طائفة، منهم سنقر الأشقر، وبيسري، وأيتمش السعدي، فلما وصل إلى عسقلان بلغه أن أبغا قدم بغداد، فنفذ السلطان وراء الجيش، فقدموا في الشتاء ولم يكن بأس. قصة ملك الكرج وكان قد أتى من بلاده ليزور بيت المقدس والقمامة متنكرا في زي الرهبان هو وطائفة، فسلك أرض الروم إلى سيس، ثم ركب في البحر، وطلع من عكا، وأتى القدس، فاطلع الأمير بدر الدين بيليك الخزندار على أمره وهو على يافا، فأرسل من قبض عليه، ثم سيره مع الأمير منكورس إلى السلطان وهو بدمشق، فسأله السلطان، وقرره بلطف حتى اعترف، فحبسه وأمره أن يكتب إلى بلاده بأسره، ودخل السلطان إلى القاهرة في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 10
[ختان ولد السلطان] وفي يوم العيد ختن خضر ولد السلطان في عدة صبيان من أولاد الأمراء. [سفر الملك السعيد إلى دمشق] وفي رمضان توجه الملك السعيد في صحبته الفارقاني وأربعون نفسا إلى دمشق على البريد، ثم رد ثاني يوم. [حضور قليج خان إلى مصر] وفي ذي القعدة حضر والي القرافة إلى والي القاهرة، وأخبر أن شخصا دخل إلى تربة الملك المعز، وجلس عند القبر باكيا، فسئل عن بكائه، فذكر أنه قليج خان ابن الملك المعز. وقد كان السلطان نفى آل المعز هذا، والملك المنصور علي إلى بلاد الأشكري، فطلب وقيد، وطولع به السلطان، فأحضره، وسأله عن أمره، فذكر أن له في البلاد نحو ست سنين يتوكل الأجناد، فحبس بمصر، وحنا عليه بعض مماليك أبيه فأجرى عليه نفقة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 11
[رؤية المؤلف لقليج قان] قلت: رأيت قليج قان هذا في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، فحكى لنا أخباره، وأنه ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة، وأنه نجا من بلاد الأشكري، وأن أخاه الملك المنصور علي تنصر هناك، وبقي إلى سنة سبعمائة أو نحوها، وله أولاد هناك نصارى، وأنه هو الذي باع للملك الأشرف مملوكه لاجين الذي تملك: بخمسة آلاف درهم. [كتاب صاحب الحبشة وجواب السلطان عليه] وفيها ذكر محيي الدين ابن عبد الظاهر أنه وصل كتاب صاحب الحبشة إلى السلطان في طي كتاب صاحب اليمن، وفيه: ((أقل المماليك أمحرا ملاك يقبل الأرض، وينهي بين يدي السلطان الملك الظاهر، خلد الله ملكه، أن رسولا وصل إلى والي قوص بسبب الراهب الذي جاءنا، ونحن ما جاءنا مطران، وبلادنا بلاد السلطان، ونحن عبيده، فيأمر الأب البترك يعمل لنا مطرانا رجلا عالما لا يحب ذهبا ولا فضة، ويسيره إلى مدينة عوان، والمملوك يسير إلى أبواب الملك المظفر ما يلزمه ليسيره إلى ديار مصر. وقد مات الملك داود، وتملك ابنه، وعندي في عسكري مائة ألف فارس مسلمين، وأما النصارى فكثير، وكلهم غلمانك ويدعون لك)). فكتب جوابه: ((ورد كتاب الملك الجليل الهمام، العادل في رعيته حطي ملك أمحرة، أكبر ملوك الحبشان، نجاشي عصره، سيف الملة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 12 المسيحية، حرس الله نفسه، ففهمناه ؛ فأما المطران فلم يحضر من جهة الملك رسول حتى كنا نعرف الغرض)). في كلام نحو هذا. وأمحرا: إقليم كبير، صاحبه يحكم على أكثر الحبشة، ويلقب حطي، وهو الخليفة. ومدينة عوان: هي ساحل بلاد الحبشة وأول الحبشة. وكان قد نفذ هدية من جملتها سباع، فأخذ صاحب سحرت الهدية ونهبها. [وعظ ابن غانم] وفيها وعظ بدمشق المعز عبد السلام بن أحمد بن غانم، فأعجب الناس جدا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 13
سنة ثلاث وسبعين وستمائة
[سفر السلطان إلى الكرك] في صفر توجه السلطان إلى الكرك على الهجن، وكان قد وقع بها برج أحب أن يصلح بحضوره. غزوة سيس دخل السلطان - عز نصره - دمشق في آخر شعبان، ثم سار إلى سيس، وعبر إليها من الدربند، فافتتحها، وأخذ أياس، وأذنة، والمصيصة في العشر الأخير من رمضان، وبقي الجيش بها شهرا، وقتلوا وأسروا وسبوا خلائق وغنموا. وبقي السلطان بجسر الحديد إلى أواخر ذي القعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 14
ذكر استيلاء بيت لاون على سيس والثغور قال العماد الكاتب: كانت هذه البلاد يحميها متملك الروم ويحفظها، فاستولى عليها مليح بن لاون النصراني. قال: وذلك لأن السلطان نور الدين محمود بن زنكي كان يشد منه ويقوي جأشه، وكان كما يقال: قد سلط الكفرة على الفجرة. فلما تقوى مليح بن لاون وجه صاحب الروم جيشا، فكسرهم ابن لاون، وأسر من مقدميهم ثلاثين نفسا. وذلك في ربيع الآخر سنة ثمان وستين وخمسمائة. فبلغ ذلك نور الدين، فأرسل خلع عليه، وكتب إلى الخليفة يعظم أمره ويقول: إن مليح بن لاون الأرمني من جملة غلمانه، وأنه كسر الروم، ويمت على الديوان بهذا. ومن هذا الوقت تملك هذا التكفور هذه البلاد نيابة عن نور الدين لا غير، واستمر على ذلك. وبلاد سيس هذه تعرف بالدروب، وتعرف بالعواصم، وبها كان الرباط والمثاغرة، وكان أمرها مضافا إلى مملكة مصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 15 وقد افتتح أحمد بن طولون هذه البلاد وأخذها من سيما الطويل. وفي أيام كافور الإخشيدي حصل التهاون في أمر الثغور، فقصدها الملك تكفور، ويقال: نقفور الرومي، لعنه الله، فعصت عليه، فحرق قراها، وقطع أشجارها، فبعث كافور نجدة لها. والشرح في ذلك يطول، وليس هذا موضعه. وللمولي محيي الدين بن عبد الظاهر في هذه النوبة: (يا ملك الأرض الذي جيشه .......... يملأ من سيس إلى قوص) .......... مصيصة التكفور قالت لنا .......... بالله إفراري وتخصيصي) .......... كم بدن فصله سيفك للفرا .......... والأكثر مصيصي)
[الرمل بالموصل] وفي شعبان وقع رمل عظيم بالموصل، وظهر من القبلة، وانتشر يمينا وشمالا حتى ملأ الأفق، وعميت الطرق، فخرج الخلق إلى ظاهر البلد، وابتهلوا إلى الله تعالى، واستغاثوا إلى أن كشف ذلك عنهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 16
[قتل الزنديق بغرناطة] وفي ربيع الآخر قتل بغرناطة الزنديق الشيخ إبراهيم الصفار، قتلوه رجما بالحجارة بأمر السلطان محمد بن السلطان محمد بن يوسف بن نصر صاحب الأندلس، وكتب بذلك إلى أهل المرية يعلمهم بكفره، ويحذرهم من سلوك سبيله. وفي الكتاب: ((إنه كان يفضل إبراهيم وعيسى على نبينا صلى الله عليه وسلم، وإنه كان يفضل الولي على النبي، ويستحل المحرمات)). وفي الكتاب: ((وإن هؤلاء الكفرة، يعني أصحاب إبراهيم الصفار، تلاعبوا بالدين، واعتقدوا الولاية في كثير من الفساق المكبين على الكبائر، كالمشورب المشهور، وأبي زيدان، وأشبهاههما من سخفاء المجانين والمجان)). وهذا في مجلد بخط أبي الوليد المالكي. [القحط باليمن] وفيها كان القحط المفرط باليمن، حتى أكلوا الميتات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 17
سنة أربع وسبعين وستمائة
[منازلة التتار البيرة] في شهر جمادى الآخرة نزلت التتار على البيرة في ثلاثين ألفا، وأكثرهم من عسكر الروم وماردين، فبيتهم أهل البيرة، وأحرقوا المجانيق، ونهبوا وعادوا، فجد التتار في الحصار، والقلعة، بحمد الله، عاصية، ثم رحلوا عنها، وسلم الله، وله الحمد. وأقاموا عليها تسعة أيام. ولما بلغ السلطان ذلك أنفق في الجيش ستمائة ألف دينار وأكثر، وسار، فبلغه وهو بالقطيفة رحيل التتار، فوصل إلى حمص، ورجع إلى القاهرة. [اتفاق البرواناه مع السلطان الظاهر] ولما رحلت التتار اتفقوا مع البرواناه على منابذة ملكهم أبغا، فحلف البرواناه، والأمير حسام الدين بيجار، وولده بهاء الدين، وشرف الدين مسعود الخطير، وأخوه ضياء الدين، والأمير ميكال، على أن يكونوا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 18 مع الملك الظاهر، ثم كتب إلى الظاهر بذلك على أن يرسل إليهم جيشا، ويحمل إلى الظاهر ما يحمل إلى التتار، ويكون غياث الدين على ما هو عليهم من السلطنة. غزوة النوبة ودنقلة توجه من مصر جيش عليه عز الدين أيبك الأفرم، وشمس الدين الفارقاني إلى النوبة في ثلاثمائة فارس، فوصلوا دنقلة، فخرج إليهم ملكها داود على النجب، بأيديهم الحراب، وليس عليهم لامة، فرموهم بالنشاب، فانهزموا، وقتل منهم خلق، وأسر خلق، وبيع الرأس من السبي بثلاثة دراهم، ومر داود في هروبه بملك من ملوك النوبة، فقبض عليه وأرسله إلى الملك الظاهر، ووضعت الجزية على أهل دنقلة، ولله الحمد. وأول ما غزيت النوبة في سنة إحدى وثلاثين، غزاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح في خمسة آلاف فارس، وأصيبت في هذه الغزوة عين حديج بن معاوية، وعين أبرهة بن الصباح. ثم هادنهم عبد الله ورد. ثم غزيت في زمن هشام، ولم تفتح. ثم غزيت زمن المنصور، ثم غزاها تكين التركي، ثم غزاها كافور صاحب مصر، ثم غزاها ناصر الدولة ابن حمدان، فبيتوه ورد مهزوما. وغزاها
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 19 تورانشاه أخو السلطان صلاح الدين في سنة ثمان وستين وخمسمائة، ووصل إلى أبريم، ولم تفتح إلا الآن كما قال ابن عبد الظاهر: (هذا هو الفتح لا شيء سمعت به .......... في شاهد العين لا ما في الأسانيد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 20
سنة خمس وسبعين وستمائة
[نزول السلطان على حارم] في أولها دخل السلطان دمشق، من الكرك، فبعث بدر الدين الأتابكي في ألف إلى الروم، فوصلوا إلى البلستين، فصادفوا بها جماعة من عسكر الروم، فبعثوا إلى بدر الدين بإقامات وخدموه، وسألوه أن يقتل التتر الذين بالبلستين، ويصيروا معه إلى السلطان، فأخذهم معه، ووافوا السلطان على حارم، فأكرم موردهم، ثم بعث الأمير حسام الدين بيجار إلى مصر، فخرج الملك السعيد لتلقيه، ثم قدم على السلطان ضياء الدين ابن الخطير، ورجع السلطان إلى مصر بعد ذلك. [مقتل ابن الخطير] وحضر إلى الروم طائفة كبيرة من المغول، فقتلوا شرف الدين ابن الخطير، وبعثوا برأسه إلى قونية، وقتل معه جماعة من الأمراء والتركمان، وذلك لأن ابن الخطير شرع يفرق العساكر، وأذن لهم في نهب من يجدونه من التتار وقتلهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 21 وانحاز الأمير محمد بن قرمان وإخوته وأصحابه التركمان إلى سواحل الروم وأغاروا على التتار، وكاتب الملك الظاهر. وطلب الملك غياث الدين صاحب الروم وابن البرواناه الأمير شرف الدين ابن الخطير، فقدم عليهما، فجمعوا من حواليهم من المغول، فخرج تاج الدين كيوي إلى ابن الخطير، وعنفه ابن الخطير، وأمر به فقتل، وقتل معه سنان الدين والي قونية، ثم ندم وخاف من البرواناه، فأتى إلى باب الملك غياث الدين في يوم الجمعة ثالث عشر صفر في أهبة وطائفة. وتخبط البلد، ولم يصلوا جمعة. ثم نودي في البلد بشعار الملك الظاهر وراسلوا الملك الظاهر يستوثقون منه باليمين لأنفسهم ولغياث الدين، فاستأذنهم ابن البرواناه في أن يدخل قيصرية، ويحمل حواصله ويخرج إليهم، ودخل وحمل حرمه وأمواله، وخرج ليلا، وسار إلى دوقات. فلما تحقق شرف الدين ابن الخطير مسيره إلى دوقات بعث أخاه ضياء الدين وسيف الدين طرقطاي، وولده سنان الدين في جماعة نحو الخمسين إلى الملك الظاهر يحثه على المجيء، فوافوه على حمص، وحرضوه فقال: أنتم استعجلتم في المنابذة، وأنا وعدت معين الدين البرواناه قبل توجهه إلى الأردو أني أطأ البلاد في آخر هذه السنة. وأنا الآن فعساكري بمصر. وأما ذهاب مهذب الدين ابن البرواناه إلى دوقات فنعم ما فعل. ثم أكرمهم. فقال ضياء الدين: يا خوند متى لم تقصد البلاد الآن لم نأمن على أخي أن يقتل هو والأمراء الذي حلفوا لمولانا السلطان، وإن كان ولا بد فتبعث عسكرا يكونون ردءا له. فقال: المصلحة أن ترجعوا إلى بلادكم وتحصنوها وتحتموا بالقلاع إلى أن أمضي إلى مصر ونربع الخيل ونعود. ثم تجهز الأمير سيف الدين بلبان الزيني إلى الروم ليحضر من خلف بها من الأمراء والملك غياث الدين، فلما كان بالطريق جاء الخبر بعود البرواناه إلى الروم في خدمة منكوتمر وإخوته في ثلاثين ألفا. فرد. وأما شرف الدين ابن الخطير فعزم على حرب منكوتمر، فسفه الأمراء رأيه وقالوا: كيف نلتقيه ونحن في أربعة آلاف؟ فعلم أنه مقتول، فقصد قلعة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 22 لؤلؤة ليحتمي بها، فما مكنه واليها من دخولها إلا وحده ومعه مملوك، فلما دخل قبض عليه وبعث به إلى البرواناه، فلما دخل عليه شتمه وبصق في وجهه، ورسم عليه. ولما قدم البرواناه جلس هو والطوامين تتاون، وكريه، وتقو، مجلسا عاما، وأحضروا الملك غياث الدين وأمراءه. فقالوا: ما حملك على ما فعلت من خلع أبغا وميلك إلى صاحب مصر؟ فقال: أنا صبي وما علمت المصلحة. ورأيت الأمراء قد فعلوا شيئا، فخفت إن خالفتهم أن يمسكوني. فقام البرواناه إلى الطواشي شجاع الدين قابنا لالا السلطان فذبحه بيده. ثم إن الأمراء اعتذروا بأن ابن الخطير هو الذي فعل هذا كله، وخفنا أن يفعل بنا كما فعل بتاج الدين كيوي. فسألوا شرف الدين ابن الخطير فقال للبرواناه: أنت حرضتني على ذلك، وأنت كاتبت صاحب مصر، وفعلت وفعلت. فأنكر البرواناه ذلك. وأنت كاتبت صاحب مصر، وفعلت وفعلت. فأنكر البرواناه ذلك. وكتب المقدمون بصورة ما جرى إلى أبغا ثم أمروا بضرب ابن الخطير بالسياط ويقرروه بمن كان معه، فأقر على نور الدين ابن جيجا، وسيف الدين قلاوون، وعلم الدين سنجر الجمدار، وغيرهم. فلما تحقق البرواناه أنه يقتل بإقرار ابن الخطير عليه، أوحى إليه يقول: متى قتلوني لم يبقوك بعدي، فاعمل على خلاصي وخلاصك بحيث أنك تصر على الإنكار، واعتذر بأن اعترافك كان من ألم الضرب. ثم جاء الجواب بقتل ابن الخطير، فقتل في جمادى الأولى، وبعث برأسه إلى قونية، وبإحدى يديه إلى أنكورية، وبالأخرى إلى أرزنكان. وقتلوا معه سيف الدين قلاوون، والجمدار، وجماعة كبيرة. وأثبتوا ذنبا على طرقطاي، ففدى نفسه بأربعمائة ألف درهم وبمائتي فرس، على أن يقم بألف من المغل في الشتاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 23
[قتل القسيس مرخسيا] وفيها قتل مرخسيا النصراني القسيس، لا رحم الله فيه عضوا، وكان واصلا عند أبغا، متمكنا منه، وله عليه دالة زائدة. وكان يغريه بأذية المسلمين. قتله معين الدين محمود والي أرزنكان بأمر البرواناه، وقتل نيفا وثلاثين نفسا معه من أهله وأتباعه، فلله الحمد. [واقعة صاحبي مكة والمدينة] وفيها تواقع أبو نمي صاحب مكة، وجماز صاحب المدينة، فالتقوا على مر الظهران، وسببها أن إدريس بن حسن بن قتادة صاحب الينبع وهو ابن عم أبي نمي اتفق هو وجماز على أبي نمي، وسارا لقصده، فخرج وكسرهما، وأسر إدريس، وهرب جماز. [انتصار السلطان على التتار] وفي شوال قدم السلطان دمشق، ودخل حلب في أول ذي القعدة. وسار ابن مجلي بعسكر حلب فنزل على الفرات، وسار السلطان بالجيوش فقطع الدربند الرومي، ووقع سنقر الأشقر بثلاثة آلاف من التتار، فالتقاهم فكسرهم، وأسر منهم، وصعد العسكر الجبال، وأشرفوا على صحراء البلستين، فشاهدوا التتار، قد رتبوا عسكرهم أحد عشر طلبا، الطلب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 24 ألف، ومقدم الكل النوين تناون، وعزلوا عنهم عسكر الروم خوفا من مخامرتهم، فلما التقى الجمعان حملت ميسرة التتار فصدمت سناجق السلطان، ودخلت طائفة منهم، وحملوا على الميمنة، فلما رأى ذلك السلطان، ردفهم بنفسه وخاصكيته، ثم رأى ميسرته قد اضطربت، فردفها بطائفة، ثم حمل بالجيش حملة واحدة على التتار، فترجلوا وقاتلوا أشد قتال، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وانهزم الباقون في الجبال والوعر، فأحاطت بهم العساكر المنصورة، فقاتلوا حتى قتل أكثرهم، وقتل من المسلمين جماعة منهم الأمير ضياء الدين ابن الخطير، وشرف الدين قيران العلاني، وعز الدين أخو المحمدي، وسيف الدين قلنجق الششنكير، وعز الدين أيبك الشقيفي. وأسر خلق من التتار، فمنهم على ما ذكر الملك المؤيد: سيف الدين سلارا، وسيف الدين قبجق، وسنذكر من أخبارهما. ونجا البرواناه، وساق إلى قيصرية، وذلك في ذي القعدة. واجتمع بصاحب الروم غياث الدين وأعيان الدولة وأخبرهم بكسرة التتار، فاجتمع رأيهم على الانتقال إلى دوقات خوفا من مرور التتار بهم وأذيتهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 25
[فتح قيصرية] وأما السلطان فبعث سنقر الأشقر إلى قيصرية بأمان أهلها وإخراج السوقية، ثم رحل السلطان، عز نصره، إلى قيصرية، فمر بقلاع، ونزل ولاتها إلى خدمته، ودخلوا في طاعته. وقدم قيصرية، وطلع الأعيان والأمراء والكبار والفضلاء على طبقاتهم وتلقوه، وخرج به المسلمون، وكان يوما مشهودا. وركب يوم الجمعة للصلاة، فدخل إلى مدينة قيصرية، ونزل بدار السلطنة، وجلس على سرير المملكة، وجلس بين يديه القضاة والعلماء على قاعدة مملكة الروم، ومدوا سماطا عظيما، وخطبوا له، وضربت السكة باسمه. ثم بلغ السلطان أن البرواناه كتب إلى أبغا يحرضه على إدراك السلطان الملك الظاهر بالروم. وبلغه أيضا الغلاء الذي بالبلد، فرحل عنه إلى الشام. وممن أسر المسلمون في وقعة البلستين من الكبار: مهذب الدين ابن البرواناه، وابن أخته، والأمير نور الدين جبريل، والأمير قطب الدين محمود، والأمير سراج الدين إسماعيل بن جاجا، والأمير سيف الدين سنقر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 26 شاه الروباشي، ونصرة الدين بهمن، وكمال الدين إسماعيل عارض الجيش، وحسام الدين كباول، والأمير سيف الدين الجاويش، وشهاب الدين غازي التركماني. ومن أمراء التتار: زيرك صهر أبغا، وسرطق، وجركر، وتماديه، وسركوه. وأما صاحب الروم فتحول إلى دوقات، وهي حصينة، على أربعة أيام من قيصرية. ورجع الملك الظاهر على المعركة، فسأل عن عدة القتلى كم بلغت؟ فقيل: إن عدة قتلى المغل ستة آلاف وسبعمائة وسبعون نفسا. وتعب الجيش وقاسوا مشقة عظيمة. وكان على يزك الجيش عز الدين أيبك الشيخي، وكان قد ضربه السلطان بسبب تقدمه، فتسحب إلى التتار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 27 وجاء إلى السلطان رسول البرواناه يستوقفه عن الحركة، فكان جوابه: إنا قد عرفنا طرق الروم وبلاده، وما كان جلوسنا على تخت الملك رغبة فيه إلا لنعلمكم أنه لا عائق لنا عن شيء نريده بحول الله وقوته. ثم قطع السلطان الدربند وعبر النهر الأزرق، وقدم الشام في آخر العام. [أخذ قونية] ولما بلغ شمس الدين ابن قرمان وقعة البلستين جمع وحشد، وقصد أقصرا ونازلها، ثم قصد قونية ومعه ثلاثة آلاف فارس فنازلها، ورفع السناجق الظاهرية، وأحرق بابها، ودخلها يوم عرفة، فنهب دور الأمراء والنائب، ثم ظفر بنائبها، فعذبه وقتله، وعلق رأسه. وأقام بقونية سبعة وثلاثين يوما. [مذبحة أبغا بأهل قيصرية] وأما الملك أبغا فإنه أسرع إلى الروم فوافى البلستين على أثر رجوع الملك الظاهر، فشاهد القتلى، فبكى وأنكر على البرواناه كونه لم يعرفه بجلية الأمر، فقال: لم أعرف. فلم يقبل قوله، وحنق عليه، وبعث أكثر جيشه إلى جهة الشام، وكان معه أيبك الشيخي، فقال له: أرني مكان ميمنتكم وميسرتكم، فأراه، فقال: ما هذا عسكر يكفيه هذه الثلاثون ألفا التي معي. ثم بعث يجمع العساكر. وكان قد هلك لهم خيل كثيرة. ثم عطف، لعنه الله، على قيصرية فخرج إليه القضاة والعلماء، فقال: كم للملك الظاهر عنكم؟
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 28 قالوا: خمسة وعشرون يوما. وعزم على قتل أهل قيصرية فلاطفوه، وقالوا: هؤلاء رعية لا طاقة لهم بدفع جيش. فلم يقبل هذا العذر، وقتل جماعة من الأعيان صبرا. ثم أمر عسكره بالقتل والنهب في البلد. قال قطب الدين في ((تاريخه)): فيقال إنه قتل من الرعية ما يزيد على مائتي ألف، وقيل خمسمائة ألف من قيصرية إلى أرزن الروم. وممن قتل: القاضي جلال الدين حبيب. فما قوم دخول السلطان وحكمه على الروم أسبوعا بما جرى على أهلها. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 29
سنة ست وسبعين وستمائة
[دخول السلطان دمشق] دخل السلطان دمشق في سابع المحرم، فدخل القلعة، ثم نزل إلى قصره. [المشورة في أمر التتار] وتواترت الأخبار بوصول أبغا إلى البلستين، فضرب السلطان مشورة ووقع الاتفاق على الخروج من دمشق بالعساكر المنصورة، وملتقى أبغا حيث كان. وأمر بالدهليز فضرب على القصر. ثم بلغه رجوع أبغا، فأمر برد الدهليز. [وفاة الملك الظاهر] وجلس في رابع عشر المحرم بالقصر فرحا مسرورا يشرب القمز، فتوعك عقيب ذلك اليوم وتقيأ، فعسر عليه القيء، ثم ركب لكي ينشط فقوي به الألم ومرض، واشتكى في اليوم الثالث حرارة باطنه، ثم أجمعت الأطباء على استفراغه، فسقوه دواء، فلم ينجع، فحركوه بدواء آخر كان سببا لإفراط إسهاله، وضعف، والحمى تتضاعف، فتخيل خواصه أن كبده تتقطع، وأنه سم، فسقوه جواهر في اليوم السادس. وكانت المرضة ثلاثة عشر يوما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 30 ومات رحمه الله وعفا عنه، كما هو مؤرخ في ترجمته في المحرم. [سلطنة الملك السعيد] وفي سادس عشر ربيع الأول ركب السلطان الملك السعيد بأبهة الملك، وخلع على الأمراء، وله نحو ثمان عشرة سنة. [القبض على سنقر والبيسري] وفي الخامس والعشرين من ربيع الأول قبض الملك السعيد على سنقر الأشقر والبيسري، وسجنهما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 31
[نيابة الفارقاني] وكان قبل ذلك بأيام قد مات نائب السلطنة بيليك الخزندار، فولى مكانه شمس الدين أقسنقر الفارقاني. [قدوم رسل بركة] وفيه قدمت رسل بركة في البحر، وطلعوا من الإسكندرية. [القبض على الفارقاني] وفي ربيع الآخر قبض السلطان على نائبه الفارقاني في جماعة من الأمراء وحبسوا، وولى نيابة السلطنة الأمير شمس الدين سنقر الألفي. [الإفراج عن سنقر والبيسري] وفيه أفرج السلطان عن سنقر الأشقر وبيسري، وخلع عليهما، ورضي عنهما. [اختلاف الآراء على الملك السعيد] وفي جمادى الآخرة قبض السلطان على خاله بدر الدين بركة خان لأمر نقمه عليه، ثم أطلقه بعد عشرة أيام. وبقيت الآراء مختلفة، وكل واحد يشير
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 32 على السلطان بما يوافق هواه، والسلطان شاب غر بالأمور. [دفن الملك الظاهر] وعملت التربة الظاهرية بدمشق، وبالغوا في الإسراع في إنشائها، ونقل تابوت المرحوم الملك الظاهر من قلعة دمشق إلى تربته ليلا ومعه نائب السلطنة عز الدين أيدمر، ومن الخواص دون العشرة. [قضاء القضاة في مصر] وفي ذي القعدة عزل القاضي محيي الدين عبد الله ابن قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة عن قضاء مصر وأعمالها، ثم أضيف ذلك إلى قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين، فلم يفرد بعد ذلك قضاء مصر عن قضاء القاهرة. [قضاء الشام] وفي ذي الحجة ولي قضاء الشام ابن خلكان وصرف ابن الصائغ، رحمهما الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 33
سنة سبع وسبعين وستمائة
[الترحيب بالقاضي ابن خلكان بدمشق] فدخل قاضي القضاة ابن خلكان دمشق في أول العام، وتلقاه نائب السلطان والدولة والأعيان، وفرح الأكابر بمقدمه، ومدحه غير واحد من الشعراء، وتكلم نور الدين ابن مصعب، وأنشأ هذه الأبيات: (رأيت أهل الشام طرا .......... ما فيهم قط غير راض)
(نالهم الخير بعد شر .......... فالوقت بسط بلا انقباض)
(وعوضوا فرحة بحزن .......... قد أنصف الدهر في التقاضي)
(وسرهم بعد طول غم .......... قدوم قاض وعزل قاض)
(فكلهم شاكر وشاك .......... لحال مستقبل وماضي)
[التدريس في الظاهرية بدمشق] وفي صفر أديرت المدرسة الظاهرية بدمشق، ولم تكن كملت عمارتها، وكانت قبل ذلك دار إمرة، وتعرف بدار العقيقي، فاشتريت، فدرس للشافعية الشيخ رشيد الدين الفارقي، ودرس للحنفية الشيخ صدر الدين سليمان. [قضاء الحنفية بدمشق] وفي جمادى الأولى ولي قضاء الحنفية بدمشق الشيخ صدر الدين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 34 سليمان، بعد وفاة ابن العديم، فتوفي بعد ثلاثة أشهر، وولي بعده القاضي حسام الدين الرومي قاضي ملطية. [التدريس بالنجيبية] وفي ذي القعدة أديرت المدرسة النجيبية، وهي صغيرة، إلى جانب المدرسة النورية فدرس بها قاضي القضاة ابن خلكان مديدة، ثم نزل عنها لولده. [فتح الخانكاه النجيبية] وفتحت أيضا الخانكاه النجيبية، وكان سبب تأخر فتح المكانين عن تاريخ وفاة النجيبي شمول الحوطة على التركة والوقف. [عبور الملك السعيد إلى قلعة دمشق] وفي خامس ذي الحجة كان عبور السلطان الملك السعيد إلى قلعة دمشق، وكان يوما مشهودا، وعملت القباب، وفرح الناس ودعوا له دعاء كثيرا، وسروا به سرورا زائدا لجودته ولينه. [وزارة السنجاري بمصر] وفي يوم عرفة باشر الوزارة بمصر القاضي برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري بحكم وفاة الوزير بهاء الدين ابن حنا بمقتضى مرسوم سلطاني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 35
[وزارة ابن القيسراني بالشام] وفي هذا الشهر ولي الوزارة بالشام الصاحب فتح الدين ابن القيسراني، وبسط يده، وأمر القضاة بالركوب معه أول مباشرته. [الإغارة على بلاد سيس] وبعث السلطان شطر الجيش للإغارة على بلاد سيس، وعليهم الأمير الكبير سيف الدين قلاوون. [إسقاط المقرر على الأمراء] وبقي السلطان يتردد إلى المرج والرنيقة للفرجة. وجلس بدار العدل، وأسقط ما قرره أبوه على الأمراء، فسر الناس ودعوا له على هذه الحسنة العظيمة، ولعل الله قد رحمه بها. [ولاية شد الشام] وفيها عزل عن الشد بكتوت الأقرعي، وأرسل إلى حلب على خبز الأمير علم الدين الدواداري، ثم أحضر الدواداري وأعطي شد الشام، فباشره أواخر ذي الحجة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 36
سنة ثمان وسبعين وستمائة
[قضاء المالكية بدمشق] في المحرم ولي قضاء المالكية بدمشق الذي كان ينوب عن الشيخ زين الدين الزواوي، وهو جمال الدين أبو يعقوب الزواوي. [ولاية دمشق] وفيه ولي ولاية دمشق عز الدين ابن أبي شيحا، وعزل الأمير ناصر الدين الحراني. [وقوع الخلاف بين الخاصكية والسلطان] وفي ربيع الأول وقع الخلف بين الخاصكية بدمشق وعجز السلطان عن تلافي ذلك، وخرج عن طاعته نائبه الأمير سيف الدين كوندك، وتقدم بالذين التفوا عليه نحو القطيفة، ومعه نحو أربعمائة من الظاهرية، وفيهم فرسان وشجعان، فنزل بالقطيفة ينتظر الجيش الذين في سيس، فقدموا، واتصل بهم كوندك وأصحابه، ونزل الكل بعذرا، ثم راسلوا السلطان في معنى الخلف الذي حصل. وكان كوندك مائلا إلى البيسري، ولما اجتمع به وبالأمير سيف الدين قلاوون وغيرهما من الكبار أوحى إليهم ما وغر صدورهم وخوفهم من خواص الملك السعيد، وأن نيتهم نحسة، وأن السلطان موافق
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 37 لمايختارونه. وكثر القول، ونفر الخواطر. فاقترح الأمراء على السعيد إبعاد الخاصكية عنه وتفرقهم، فلم يجب إلى ذلك عجزا عنهم، وخوفا من العاقبة، وحار في أمره، وصار وحيدا، فرحل الجيش من عذرا، وساروا على المرج إلى الكسوة، وترددت الرسل بينهم. ثم ساروا إلى مرج الصفر، ففارقهم نائب دمشق عز الدين أيدمر، ومعه أكثر عسكر دمشق، ودخلوا البلد، فبعث السلطان أمه بنت بركة خان في محفة، وفي خدمتها سنقر الأشقر، فإنه كان مقيماً بدمشق عند السلطان، فتلقتها الأمراء، وقبلوا الأرض أمام المحفة، فكلمتهم في الصلح وحلفت لهم على بطلان ما نقل إليهم، وأن السلطان يعرف حقهم. فاشترطوا شروطا كثيرة التزمت لهم بها، وعادت إلى ولدها، وعرفته الصورة، فمنعه من حوله من الخاصكية من الدخول تحت تلك الشروط، وقالوا: قصدهم إبعادنا ليتمكنوا منك ويعزلوك. ولم يتفق أمر، وترحل العسكر طالبين الديار المصرية، فساق السلطان جريدة في طلبهم، فبلغ رأس الماء، فوجدهم قد أبعدوا، فعاد من آخر النهار، ودخل القلعة ليلا، وأصبح في غرة ربيع الآخر، فسافر بمن بقي معه من الجيش المصري والشامي في طلبهم، وسير والدته وخزائنه إلى الكرك. ووصل إلى بلبيس في خمسة عشر يوما. وقد دخل أولئك القاهرة، ورجع نائب دمشق وأكثر الأمراء إلى الشام. وساق هو إلى قلعة مصر، فوجد العساكر محدقة بالقلعة، وكان بها نائبه الأمير عز الدين الأفرم، فحصل بينهم مقاتلة يسيرة، وحمل به الأمير علم الدين سنجر الحلبي، وشق الأطلاب، وفتح له الأفرم وطلع إلى القلعة، وقتل جماعة يسيرة، وبقي جماعة ممن كان مع السلطان برا، فاحتاجوا أن ينضموا إلى سائر العسكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 38 وأما سنقر الأشقر فإنه انعزل بالمطرية بطلبه، وحاصروا القلعة، وقطعوا عنها الماء الذي يطلع في المدارات، وزحفوا عليها، وجدوا في ذلك. فرأى السلطان تخلي من يرجو نصره عنه، وتخاذل من بقي معه وأنه عاجز. [مشاركة قلاوون الملك السعيد في السلطنة] وكان مقدم الجيش الذي قام على الملك السعيد حموه الأمير سيف الدين قلاوون، فجرت المراسلات على أن يخلع نفسه ويسلطنوا أخاه سلامش، وأن يعطوا للسعيد الكرك، ويعطوا أخاه الشوبك، يعني نجم الدين خضر، فبعث علم الدين الحلبي وتاج الدين ابن الأثير الكاتب إليهم، وحلفوا له على ذلك، ونزل من القلعة. وكان الحصار يومين، فعقدوا له مجلسا لخلعه من الملك، وأحضروا الفقهاء والعلماء والأمراء، وعملوا محضرا بخلعه، وكتبوا به نسخا، ورتبوا في السلطنة أخاه بدر الدين سلامش، وهو ابن سبع سنين، وجعلوا أتابكه الأمير سيف الدين قلاوون، وحلفت الأمراء له ولأتابكه. [ضرب السكة] وضربت السكة باسمه على وجه، وباسم أتابكه على وجه، ودعي لهما معا في الخطبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 39
[نفي الملك السعيد إلى الكرك] وتوجه السعيد إلى الكرك، وقد زال ملكه وعليه صورة تسليم. ثم أعيد إلى القلعة من الغد لأمر أرادوه، ثم سيروه ليلا. [انحياز سنقر إلى قلاوون] وجاء سنقر الأشقر، واجتمع بالأتابك سيف الدين، وصار معه. [القبض على نائب دمشق] وجاءت الأخبار إلى دمشق قبل وصول نائبها أيدمر، فقدم دمشق في أول جمادى الأولى، فخرج يتلقاه الأمير جمال الدين أقوش الشمسي، فقبض هو وجماعة من الأمراء على نائب السلطنة عز الدين أيدمر عند المصلى، وفصلوه عن الموكب، ودخلوا به من باب الجابية، ورسموا عليه بدار عند مأذنة فيروز إلى العشي، وحبسوه بالقلعة. وكان بها الأمير علم الدين الدويداري، أعني بدمشق والقلعة، قد استنابه الملك السعيد عليها مدة غيبة نائبها عز الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 40
[عزل قضاة مصر] وفيه عزل قضاة مصر الثلاثة معاً، تقي الدين بن رزين الشافعي، ونفيس الدين ابن شكر المالكي، ومعز الدين النعمان الحنفي. [نيابة سنقر بدمشق] وفي ثالث جمادى الآخرة قدم سنقر الأشقر نائبا على دمشق، وقرر الدواداري مشدا كما كان. سلطنة السلطان الملك المنصور في الحادي والعشرين من رجب شالوا سلامش من السلطنة من غير نزاع، وبايعوا المولى السلطان سيف الدين قلاوون الصالحي التركي، المعروف بالألفي. ولقب بالملك المنصور، وحلف له الأمراء البيسري، والحلبي، ولم يختلف عليه اثنان. [القبض على ابن القيسراني] وفي رجب قبض على الصاحب فتح الدين ابن القيسراني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 41
[تحليف الأمراء] ثم وصل أمير يحلف أمراء الشام فحلفوا. وقيل إن سنقر الأشقر لما حلف الأمراء لم يحلف هو وكاسر، ولم يرضه ما جرى، ودقت البشائر بدمشق يوم السابع والعشرين من رجب وزين البلد. [عزل السنجاري عن وزارة مصر] وفي شعبان عزل برهان الدين السنجاري عن وزارة مصر بالصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان صاحب ديوان الإنشاء. [حبس أيدمر الظاهري] وفيه سير الأمير عز الدين أيدمر الظاهري من قلعة دمشق في محفة متمرضا إلى مصر، فحبس بقلعتها. [حج الركب الشامي] وفي شوال خرج الركب الشامي وأميرهم عماد الدين يوسف ابن الشقاري، وحج الشيخ شمس الدين شيخ الجبل، وطائفة من الحنابلة، وحج أبي وخالي. وحدثني أبي أنهم رأوا الملك السعيد يسير بظاهر الكرك في أواخر شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 42
[موت الملك السعيد] قلت: ثم مات في منتصف ذي القعدة أو في عاشره، وعمل عزاؤه بمصر ؛ وحضر السلطان وهو لابس البياض. [سلطنة سنقر الأشقر بدمشق] وفي الرابع والعشرين من ذي الحجة ركب نائب السلطنة شمس الدين سنقر الأشقر الصالحي بعد العصر من دار السعادة وبين يديه جماعة من الأمراء والجند، ودخل البلد، فأتى باب القلعة فهجمها راكبا، ودخل وجلس على تخت الملك، وحلفوا له، وتلقب بالملك الكامل. ودقت البشائر بعد ساعة، ونودي في البلد. بسلطنته، وكان محببا إلى الناس. وحلف له القضاة والأكابر. وقبض على الوزير تقي الدين البيع، وكان له في الوزارة شهرا ونصفا، واستوزر مجد الدين ابن كسيرات. ولم يحلف له الأمير ركن الدين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 43 الجالق، فقبض عليه وحبسه. وقبض على نائب القلعة لاجين المنصوري الذي تسلطن. وولى في المدينة علم الدين.... [سلطنة الملك خضر في الكرك] وأما الكرك فرتب في السلطنة بها الملك خضر بعد أخيه، وسار طائفة إلى الشوبك فتسلموها بالأمان بعد محاصرة أيام. وكان الذين بها قد عصوا على الملك المنصور لما نزح عنها الملك خضر بن الملك الظاهر إلى عند أخيه السعيد. ثم أحرقت أسوار الشوبك وأذهبت حصانة قلعتها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 44
سنة تسع وسبعين وستمائة
[استعراض سنقر بالسلطنة] في مستهلها ركب السلطان سنقر الأشقر من القلعة بأبهة الملك، ودخل الميدان وبين يديه الأمراء بالخلع، وسير لحظة، وعاد إلى القلعة. [انهزام الشاميين عند غزة] وجهز عسكرا، فنزلوا عند غزة. وكان عسكر المصريين بغزة، فأظهروا الهرب، ثم كروا على الشاميين، فكبسوهم ونالوا منهم، وهزموهم إلى الرملة. [قدوم ابن مهنا وأمير آل مري على سنقر] وفي خامس المحرم وصل أمير العرب عيسى بن مهنا، ودخل في طاعة الملك الكامل سنقر الأشقر، فبالغ في إكرامه، وأجلسه على السماط إلى جانبه، ثم قدم أمير آل مري أحمد بن حجي على الكامل فأكرمه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 45
[تدريس الأمينية] وفيه ولي قاضي القضاة ابن خلكان تدريس الأمينية، وعزل نجم الدين ابن سني الدولة. [إنهزام سنقر أمام المصريين] وفي أواخر المحرم جهز السلطان الملك المنصور من مصر جيشا، عليهم الأمير علم الدين سنجر الحلبي لحرب الملك الكامل سنقر الأشقر، فنزل على الجسورة، واستخدم وأنفق، وجمع خلقا من البلاد، وحضر معه ابن مهنا وابن حجي بعرب الشام، وجاءته نجدة حماة وحلب، وتصمد معه جيش كثيف، لكن لم يكونوا كلهم معه في الباطن، بل كان كثير منهم عليه، وبعضهم فارغين. وأقبل الحلبي بالمصريين، فالتقوا بكرة عند الجسورة، والتحم الحرب، واستمر المصاف إلى الرابعة، وقاتل سنقر الأشقر بنفسه، وحمل عليهم، وبين، لكن خامر عليه أكثر عسكره، فانهزم بعضهم، وتحيز بعضهم إلى المصريين، وانهزم صاحب حماة من أول ما وقعت العين في العين، وبقي في قل من الناس، فولى وسلك الدرب الكبير إلى القطيفة، ولم يتبعه أحد، وتجمع المنهزمون على القصب من أعمال حمص، ثم عاد أكثر الأمراء، ولم يعاقبوا. وأما المصريون فأحاطوا بدمشق، ونزلوا في خيم المنهزمين، وراسلوا نائب سنقر الأشقر الذي بالقلعة، ففتح لهم باب الفرج، وفتحت القلعة بالأمان. ثم جهز الأمير علم الدين الحلبي ثلاثة آلاف في طلب سنقر الأشقر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 46
[ولاية ابن سني الدولة قضاء دمشق] وركب قاضي القضاة ابن خلكان للسلام على الحلبي فحبسه بعلو الخانقاه النجيبية، وعزله، وولي القضاء القاضي نجم الدين ابن سني الدولة، وكان يحترمه لأنه لما تسلطن بدمشق في آخر سنة ثمان وخمسين كان نجم الدين هو قاضي دمشق حينئذ. وحكم الحلبي في البلد. وحضر إليه الأمير أحمد بن حجي، ودخل في الطاعة. [إلتحاق ابن مهنا بسنقر] وأما ابن مهنا فإنه توجه صحبة سنقر الأشقر، ولازم خدمته، ونزل به وبمن معه من العسكر في برية الرحبة وأقام بهم. [أحكام القاضي الحلبي بدمشق] وأخرج الحلبي من حبس القلعة ركن الدين الجالق، وحسام الدين لاجين، وتقي الدين الصاحب، وحبس ابن كسيرات، وابن صصرى. وبقي ابن خلكان في الاعتقال نيفا وعشرين يوما. وضرب زين الدين وكيل بيت المال، لأنهم تسرعوا إلى مبايعة سنقر الأشقر. وطلب ابن الصانع فأكرمه، فشفع في القاضي ابن خلكان وفي زين الدين الوكيل. وعرض عليه الحلبي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 47 القضاء فعين نجم الدين ابن سني الدولة، وعلم أنها ولاية مقلقلة لكونها من غير السلطان. [عفو السلطان المنصور عن الرعية] ثم ورد البريد في الثامن والعشرين من مصر بأنا قد عفونا عن جميع الناس من الخاص والعام، ولم نؤآخذ أحدا، وأن يقر كل أحد على منصبه. [نيابة السلطنة بدمشق] وباشر نيابة السلطنة الأمير بدر الدين بكتوت العلائي أياما إلى أوائل ربيع الأول. ثم جاء تقليد بالنيابة لملك الأمراء حسام الدين لاجين المنصوري الذي حبسه سنقر الأشقر، فباشر يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الأول، وقرىء تقليده بدار السعادة. وكان شابا عاقلا، شجاعا، دينا، من سلحدارية السلطان الملك المنصور أيام إمرته. ودخل معه دار السعادة الأمير علم الدين الحلبي، ورتبه في النيابة، ومشى في خدمته الأمراء. [إعادة ابن خلكان إلى القضاء بدمشق] وصرف الحلبي ابن خلكان إلى منزله بالمدرسة العادلية، وبقي ابن سني الدولة يتردد إلى المدرسة ويحكم بها. وأمره الحلبي بأن يتحول من العادلية
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 48 ويسلمها إلى ابن سني الدولة، فشق ذلك عليه، وتكرر إليه القول بسرعة التحول، فبينا هو كذلك وقد أحضر جمالا لنقل حوائجه إلى جبل الصالحية، وإذا بكتاب سلطاني بإكرامه، والإقرار له على منصبه، وإعادته إلى القضاء، فباشر الحكم يومئذ الظهر، ولبس الخلعة. [ولاية ابن الحراني] وأعيد إلى ولاية المدينة ابن الحراني. [مطاردة المصريين سنقر الأشقر] وفي أوائل ربيع الآخر توجه من دمشق الأمير عز الدين الأفرم نجدة للجيش المصري الذين توجهوا لمضايقة سنقر الأشقر، فاجتمعوا بحمص، ثم ساروا في طلب الأشقر، ففارق ابن مهنا وتوجه إلى الحصون التي بيد نوابه، وطلع إليها، وهي صهيون - وكان سير أهله إليها وخزائنه - وبلاطنس، وبرزية، وعكار، وجبلة، واللاذقية، وشيزر وبكاس. [نزول الحاج أزدمر بشيزر] وكان قد انهزم يوم الوقعة الأمير الحاج أزدمر إلى جبل الجرديين، وأقام عندهم، واحتمى بهم، ثم مضى إلى خدمة سنقر الأشقر في طائفة من الجبليين، فأنزله بشيزر يحفظها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 49
[ولاية ابن النحاس الدواوين] وفي جمادى الآخرة ولي نظر الدواوين الصاحب محيي الدين ابن النحاس. [وقوع الجفل في البلاد الحلبية] وفيه وصل الجفال من البلاد الحلبية من التتار، وتقهقر عسكرها. وسبب حركتهم ما بلغهم من اختلال الكلمة. [تواتر العساكر لمواجهة التتار] وتوجه في جمادى الأولى عسكر المصريين، ونازلوا شيزر، وضايقوها بلا محاصرة، وترددت الرسل بينهم وبين سنقر الأشقر في تسليمها. فبينا هم في ذلك وصلت الأخبار في جمادى الآخرة بأن التتار قد دهموا البلاد، فخرج من بدمشق من العساكر، وعليهم الركن أباجو، وانضم إلى العساكر التي على شيزر، ثم نزل الكل على حماة. وقدم من مصر بكتاش النجمي في ألف، ولحق بهم. [اتفاق الأمراء مع سنقر لقتال التتار] وأرسل هؤلاء إلى سنقر الأشقر يقولون: هذا العدو قد دهمنا، وما سببه إلا الخلف الذي بيننا، وما ينبغي أن تهلك الرعية في الوسط، والمصلحة أننا نجتمع على دفعه. فنزل عسكر سنقر الأشقر من صهيون، والحاج أزدمر من
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 50 شيزر، وخيمت كل طائفة تحت حصنها، واتفقوا على الملتقى وقتال التتار. وجاءت طائفة عظيمة من التتار، فقتلوا من تبقى بحلب، وسبوا ونهبوا، وأحرقوا منبر الجامع والمدارس ودور الأمراء، وعملوا كل قبيح كعاداتهم، وأقاموا بحلب يومين، واستاقوا المواشي والغنائم. [نداء حلبي يائس بنصر الإسلام] وقيل إن بعض من كان استتر بحلب يئس من الحياة، ووقف على رأس منارة حلب، وكبر بأعلى صوته على التتار وقال: الله أكبر جاء النصر من عند الله. ولوح بثوبه، وبقي يقول: أمسكوهم من البيوت مثل النساء يا عسكر الإسلام. فخرج التتار على وجوههم يظنون أن المسلمين جاءوا. وكانوا قد بلغهم اجتماع العسكر على حماة، وسلم ذلك الرجل. نقل ذلك الشيخ قطب الدين. [تسحب الأمراء عن سنقر] وفي هذه الأيام تسحب جماعة من الأمراء الذين عند سنقر الأشقر إلى السلطان. وكان السلطان قد سار ببقية الجيش فنزل غزة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 51
[الخطبة بولاية العهد للملك الصالح] وفي هذه المدة خطب على المنابر بولاية العهد للملك الصالح علي ابن السلطان الملك المنصور. [عودة السنجاري وابن لقمان إلى منصبيهما] وفيها أعيد السنجاري إلى الوزارة، ورد ابن لقمان إلى ديوان الإنشاء. [رجوع السلطان من غزة] ورجع السلطان من غزة لما بلغه رجوع التتار وأمن البلاد. [إعادة القضاة إلى مناصبهم بمصر] وفي رمضان أعيد تقي الدين ابن رزين إلى قضاء الديار المصرية، وعزل صدر الدين ابن بنت الأعز. وأعيد قبل ذلك إلى القضاء القاضيان نفيس الدين ابن شكر، ومعز الدين النعمان. ورتب قاض حنبلي وهو الشيخ عز الدين عمر بن عبد الله بن عوض المقدسي صهر الشيخ شمس الدين ابن العماد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 52
[هزيمة طائفة من الشاميين أمام الفرنج بالمرقب] وفي ذي القعدة كان طائفة من الشاميين نزال بمرج المرقب، فداخلهم طمع فركبوا من الليل، وصبحوا المرقب للغارة، فخرج الفرنج وقد جاءتهم نجدة في البحر، وحملوا على المسلمين، فهزموهم ومزقوهم في أودية وعرة، ونالوا منهم نيلا عظيما، وقتلوا وأسروا. فما شاء الله كان. [خروج السلطان إلى الشام] وفي أول ذي الحجة خرج السلطان إلى الشام، وخلفه ولده الملك الصالح. [البرد بمصر] ويوم عرفة وقع بديار مصر برد كبار، فأهلك بعض الزرع، وبدع في الوجه القبلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 53
[الصاعقة بالجبل الأحمر] ووقع تحت الجبل الأحمر صاعقة على حجر، فأخذت وسبكت، وجاء منها نحو الأوقية. [الصاعقة بالإسكندرية] ووقعت يومئذ صاعقة بالإسكندرية. [مراسلة أهل عكا بالهدنة] وفي سابع عشر ذي الحجة نزل السلطان على الروحاء قبالة عكا، فراسله أهلها في الهدنة. وأقام هناك أياما. [قدوم ابن مهنا على السلطان] وقدم عليه عيسى بن مهنا طائعا، فبالغ السلطان في إكرامه واحترامه، وصفح عنه من قيامه مع سنقر الأشقر. [وزارة ابن مزهر بدمشق] وفيها وزر بدمشق الشرف ابن مزهر، ومد يده، ثم أعيد التقي البيع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 54
سنة ثمانين وستمائة
[كشف مؤآمرة الفتك بالسلطان] في أوائل المحرم هادن السلطان أهل عكا، ونزل اللجون، وقبض على الأمير سيف الدين كوندك الظاهري وعدة أمراء بحمراء بيسان. فقيل إن كوندك، وأيتمش السعدي، وسيف الدين الهاروني اتفقوا على الفتك بالسلطان، وعرف ذلك البيسري، فأعلمه، فقبض على كوندك وغيره، وهرب الباقون، الهاروني، والسعدي، ونحو ثلاثمائة فارس على حمية إلى عند سنقر الأشقر. وأهلك كوندك، فقيل إنه غرق ببحيرة طبرية. [جرح الأمير طقصو] وساق طقصو في عسكر وراء أيتمش السعدي، فجرح ورد. [حبس أمراء بقلعة دمشق] ويوم سابع عشر المحرم وصل المحمدي مقدم البحرية إلى دمشق ومعه جماعة أمراء ممسوكين، فحبسهم بقلعة دمشق. [دخول السلطان دمشق] ودخل السلطان دمشق يوم تاسع عشر المحرم، وحمل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 55 الجتر اليسري يومئذ، فعزل ابن خلكان عن القضاء بابن الصائغ، وولي قضاء الحنابلة نجم الدين أحمد ابن الشيخ شمس الدين، وذلك بعد خلو الشام من قاض حنبلي مدة. [مصالحة السلطان وسنقر الأشقر] ثم جهزت المجانيق وطائفة لحصار شيزر، فنازلوها وتسلموها، وذلك أن الرسل ترددت في الصلح بين السلطان وبين سنقر الأشقر، ووصل من جهته الأمير علم الدين الدواداري، والأمير خزندار سنقر الأشقر. فحلف له السلطان ونودي في دمشق باجتماع الكلمة، ودقت البشائر لذلك، وسير إليه فخر الدين المقري الأمير ليحلفه، وحينئذ سلم سنقر الأشقر قلعة شيزر للسلطان، فعوضه عنها كفرطاب، وفامية، وأنطاكية، والسويدية، وشغر، وبكاس، ودركوش، بضياعها، على أن يقيم ستمائة فارس على جميع ما تحت يده من البلاد، وذلك ما ذكرناه، وصهيون، وبلاطنس، وجبلة، وبرزية، واللاذقية. وخوطب في ذلك بالمقر العالي، المولوي، السيدي، العالمي، العادلي، الشمسي، ولم يصرح له في ذلك لا بالملك ولا بالأمير. [إدارة الخمور بدمشق ومصر وإبطالها] وفي ربيع الأول أديرت الجهة الملعونة والخمور بدمشق، وكانت بطالة من خمس عشرة سنة، وأديرت بالديار المصرية أيضا قبل هذا التاريخ بمدة، فلا قوة إلا بالله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 56 وبقيت دائرة بدمشق أياما، ولطف الله تعالى، وأبطلت، وأريقت الخمور. وطهر البلد من ذلك. ولله الحمد. [مصالحة السلطان والملك خضر] ووقع الصلح بين صاحب الكرك الملك خضر وبين السلطان. [إقامة العزاء بالملك السعيد] ثم جاءت امرأة الملك الظاهر بنت بركة خان ومعها تابوت ولدها الملك السعيد، ثم استقوا التابوت بالليل من الصور، ودفن إلى جانب والده. وأدخله القبر قاضي القضاة عز الدين ابن الصانع، ونزلت أمه بدار صاحب حمص، وعقد العزاء من الغد بالمدرسة الظاهرية، وحضره السلطان والأمراء والأعيان والوعاظ. [عزل ابن البيع ووزارة ابن السنهوري] وعزل تقي الدين البيع من الوزارة، وباشر عوضه تاج الدين ابن السنهوري. [الأخبار بخروج التتار] وفي جمادى الأولى جاءت الأخبار بأن التتار على عزم المجيء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 57
وقعة حمص انجفل أهل البلاد الشمالية، وقويت الأخبار، واهتم السلطان بدمشق للعرض، وجاء أحمد بن حجي بخلق من العربان، وكثرت الأراجيف، وكثرت الجفال، وعدى التتار الفرات من ناحية حلب، ونازل الرحبة منهم ثلاثة آلاف، منهم القان أبغا، فخرج السلطان بسائر الجيوش، وقنت الأئمة في الصلوات، وحضر سنقر الأشقر، وأيتمش السعدي، والحاج أزدمر، وبالغ السلطان في احترام سنقر الأشقر، وأقبل منكوتمر يطوي البلاد، فالتقى الجمعان، ووقع المصاف ما بين مشهد خالد بن الوليد إلى قريب الرستن، وذلك شمالي حمص، في يوم الخميس رابع عشر رجب. ويوم الأربعاء فاق العالم بدمشق وأحسوا بقرب اللقاء، وفزعوا كافة إلى جامع دمشق بالشيوخ والأطفال، واستغاثوا إلى الله تعالى، ثم خرج الخطيب بالمصحف العثماني إلى المصلى، ومعه خلائق يتضرعون إلى الله تعالى، وكان يوما مشهودا، شهده مع السلطان مماليكه، مثل طرنطيه، وبيدرا، وكتبغا، ولاجين، وجنق، وسنجر الشجاعي، والطباخي، وسندمر، وعدة كلهم أمراء، ومنهم من تسلطن، وسنقر الأشقر، والحاج أزدمر الذي قيل إنه طعن طاغية العدو،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 58 وعلم الدين الدواداري، والمنصور صاحب حماة في أمرائه، فكان رأس الميمنة، ويليه البيسري، ثم طيبرس الوزيري، وعز الدين الأفرم، ونائب دمشق لاجين المذكور في عسكر دمشق. وكان رأس الميسرة سنقر الأشقر المذكور، ثم الأيدمري، ثم بكتاش أمير سلاح. وكان في طرف الميمنة العرب، وفي طرف الميسرة التركمان. وشاليش القلب طرنطاي. وكانت المغل خمسين ألفا، والمجمعة ثلاثين ألفا. قلت: وكان الملتقى يوم الخميس، كما ذكرنا، طلوع الشمس. وكان عدد التتار على ما قيل مائة ألف أو يزيدون. وكان المسلمون على النصف من ذلك أو أقل. وكانت ملحمة عظيمة، واستظهر التتار في أول الأمر، واضطربت ميمنة المسلمين، ثم حملت التتار على الميسرة فكسروها، وهزموها مع طرف القلب. وثبت السلطان بمن معه من أبطال الإسلام، وكان القتال يعمل من ضحوة إلى المغيب. وساق طلب من التتار وراء الميسرة إلى بحيرة حمص، وقتلوا خلقا من المطوعة والغلمان، وأشرف الإسلام على خطة صعبة. ثم إن الكبار مثل البيسري، وسنقر الأشقر، وعلاء الدين طيبرس، وأيتمش السعدي، وبكتاش أمير سلاح، وطرنطيه، ولاجين، وسنجر الدواداري لما رأوا ثبات السلطان حملوا على التتار عدة حملات، ثم كان الفتح، ونزل النصر وجرح مقدم التتار منكوتمر بن هولاكو، وجاءهم الأمير عيسى بن مهنا عرضا، فتمت هزيمتهم، واشتغلوا بما دهمهم من جرح مقدمهم. وركب المسلمون أقفيتهم، وقتلوا منهم مقتلة هائلة، وساقوا وراءهم حتى بقي السلطان في نفر قليل من الخاصكية، ونائبه طرنطاي قدامه بالسناجق. وردت
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 59 ميمنة التتار التي كسرت ميسرة المسلمين، فمروا بالسلطان وهو تحت العصائب والكوسات تضرب، وحوله من المقاتلة أقل من ألف، فلما جاوزوه ساق وراءهم، فانهزموا لا يلوون على شيء، وتم النصر بعد العصر، وانهزموا عن آخرهم قبل الغروب، وافترقوا، فأخذت فرقة على سلمية والبرية، وأخرى على ناحية حلب. وعاد السلطان إلى منزلته بليل، وجهز من غد وراءهم الأيدمري في طائفة كبيرة. وجاءت يوم الجمعة بطاقة بالنصر، فضربت البشائر، وزينت دمشق، فلما كان نصف الليل وصل إلى ظاهر دمشق المنهزمون من الميسرة أمراء وجناد، ولم يعلموا بما تجدد من النصر، فقلق الخلق، وماج البلد، وشرع خلق في الهروب. ثم وصل وقت الفجر بريدي بالبشارة بعد أن قاسى الخلق ليلة شديدة، وتودعوا من أولادهم واستسلموا للموت، فإن أولئك التتار كانوا يبذلون السيف من غير تردد. ورأسهم كافر، وأكثرهم على الكفر، فلله الحمد على السلامة. وكان للصبيان والنسوان في تلك الليلة في الأسطحة ضجيج عظيم وبكاء والتجاء إلى الله تعالى لا يعبر عنه. وكان ركن الدين الجالق من جملة المنهزمين، ولم يعنفه السلطان لأنه رأى ما لا قبل له به. فلما صليت الصبح قريء الكتاب السلطاني بكسرة التتار، وأنهم كانوا مائة ألف أو يزيدون. ثم جاء كتاب آخر قبل الظهر في المعنى، وزينت دمشق. واستشهد نحو مائتي فارس منهم الحاج أزدمر، وسيف الدين الرومي، وشهاب الدين توتل الشهرزوري، وناصر الدين ابن جمال الدين الكاملي، وعز الدين ابن النصرة المشهور بالقوة المفرطة والصرامة. ودخل السلطان دمشق يوم الجمعة المقبلة، وبين يدي موكبه أسرى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 60 التتار يحملون رماحا على شعث القتلى، وقدم في خدمته ممن كان انضم إلى سنقر الأشقر أيتمش السعدي، وسيف الدين بلبان الهاروني، وعلم الدين الدواداري، وودعه سنقر الأشقر من حمص وعاد إلى صهيون. وترحل أولئك الذين نازلوا الرحبة. ثم قدم بعد جمعة علاء الدين الأيدمري وقد أنكى في التتار، وتبعهم إلى قريب الفرات، وهلك منهم خلق عند تعديتهم الفرات، ونزل إليهم أهل البيرة، فقتلوا فيهم وأسروا، وتمزقوا وتعثروا، وتوصلوا إلى بلادهم في أسوأ حال، فلله الحمد على كل حال. [دخول السلطان القاهرة] ودخل السلطان القاهرة يوم الأحد ثاني شعبان، فوصل في عشرين يوما إلى القاهرة. [ولاية شد الدواوين] وترتب في شد الدواوين علم الدين الدواداري. [موت ملك التتار] ومات بين العيدين ملك التتار أبغا. [القبض على أميرين بمصر] وفي شعبان قبض بمصر على الأمير ركن الدين أباجو الحاجب، وبهاء الدين يعقوبا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 61
[فتح المدرسة الجوهرية] وفي رمضان فتحت المدرسة الجوهرية، ودرس بها القاضي حسام الدين الحنفي بحضرة واقفها الصدر نجم الدين. [الثلج والبرد والجليد ببعلبك] وجاء في رمضان ثلج مفرط، وطال بقاؤه، واشتد البرد، وجلد ببعلبك الفقاع، وذلك غير منكر بها. [عرض الإسلام على أهل الذمة وتغريمهم] وفي جمادى الآخرة من هذه السنة رسم الملك المنصور بعرض الدواوين من أهل الذمة على السيف، أو يسلمون، فأبوا، فأخرجوهم بدمشق إلى سوق الخيل، وجعلت الحبال في أعناقهم للشنق، فأسلموا حينئذ، وأحضروا إلى الحاكم فأسلموا على يده. فلما كان في شوال من السنة فكروا في أنفسهم واستفتوا الفقهاء. ثم عقد لهم مجلس ورسم للقاضي المالكي أن يسمع كلامهم، ويحكم بما يوافق مذهبهم، فأثبتوا ذلك، وعاد أكثرهم إلى دينهم، وغرموا مبلغا من المال على ذلك. [الاستسقاء بصحراء دمشق] وفي ثاني عشر آذار في شهر ذي القعدة خرج الناس ونائب السلطنة إلى الصحراء بدمشق يستسقون. [إرسال بنات الملك الظاهر إلى الكرك] وفيه بعث السلطان الملك المنصور بنات الملك الظاهر وسلامش وخدمهم إلى قلعة الكرك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 62
[جفاف تربة ببولاق وغلاء الماء] وفي هذه السنة تربت جزيرة هائلة تجاه بولاق، وبعد البحر عن القاهرة، وغلا سعر الماء. [الإفراج عن السنجاري] ويوم عرفة أفرج عن البرهان السنجاري الوزير، ولزم بيته بعد مشاق شديدة. [تدريس ابن الزملكاني بالأمينية] وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزملكاني، شد منه الشمسي، وتعجب الفضلاء، فإنه كان قليل الفقه، لكنه مليح الشكل، ثم أخذت منه، ثم وليها. آخر هذه العشر، ويتلوه المتوفون في الطبقة الثامنة والستين في سنة إحدى وسبعين وستمائة وأسأل الله حسن الخاتمة بكرمه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 63
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة الثامنة والستون
المتوفون سنة إحدى وسبعين وستمائة هجرية
- حرف الألف - 1 - أحمد بن جعفر بن أبي نصر بن سعيد بن طاجيك. أبو العباس المارديني. شيخ معمر، قارب المائة، وحدث بالقاهرة عن: زين الأمناء، وغيره. وتوفي في نصف شعبان. 2 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي. المسند الجليل، أبو البركات ابن النحاس الأنصاري، الإسكندراني المالكي، أخو منصور. وكانا توأمين، ولدا في حدود سنة خمس وثمانين، وسمعا من: عبد الرحمن ابن موقا، ومحمد بن محمد الكركنتي. وأجاز لهما: أبو جعفر الصيدلاني، وحماد بن هبة الله الحراني، وأبو الحسن بن نجا الواعظ، ومكي بن عوف الزهري، وجاعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 64 وحدث بمصر والإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، والشيخ شعبان، وعلاء الدين ابن عمرون الكاتب، وعلم الدين الدواداري، والشريف يعقوب بن الصابوني، وسعد الدين الحارثي قاضي الحنابلة، وطائفة. وتوفي في أواخر جمادى الأولى بالإسكندرية. 3 - أحمد بن عبد الواحد. البصري. عن: أبي الحسن القطيعي، ونصر الحنبلي. 4 - أحمد بن عثمان بن سياوش. المقرىء الزاهد، تقي الدين، أبو العباس الإخلاطي، إمام الكلاسة. قرأ القراءآت على أصحاب أبي الجود. وحدث عن شيخه السخاوي. وأقرأ ببعض الروايات. وكان مشهورا بالصلاح والخير. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار. وهو والد الخطيب شمس الدين محمد إمام الكلاسة. توفي في خامس رمضان، وقد نيف على السبعين. لقن مدة الصبيان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 65 5 - أحمد بن علي بن حمير. البعلبكي، ابن أخت العز ابن معقل، صفي الدين. رئيس متميز. رافضي متغال، معروف كخاله. توفي في شعبان كهلا. 6 - أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب. السلمي، أبو العباس الكهفي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة تقريبا بكهف جبل قاسيون. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي، وابن ملاعب. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. ومات في ثالث رجب بالجبل. ولأبيه أبي الغنائم رواية عن عبد الواحد بن هلال. 7 - أحمد بن أبي الفضائل بن أبي المجد بن أبي المعالي. المحدث، الرئيس، كمال الدين، أبو العباس الدخميسي، الحموي، ثم الدمشقي، التاجر. صدر محتشم، متمول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 66 سمع الكثير وعني بالحديث، وكتب بخطه الكثير، ورحل في الحديث، وحصل وفهم. ولد في حدود الستمائة. وحدث بالإجازة عن حنبل المكبر، وأقبل على الطلب سنة نيف وعشرين وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، والناصح بن الحنبلي، وابن صباح، وابن اللتي، والهمداني، وأبي علي الأوقي، وخلق كثير. وسمع ببغداد من: عمر بن كرم، وعبد السلام الداهري، وطائفة. وكان له مماليك ملاح أتراك قد سمعوا معه. ثم إنه دخل الهند واستوطنها دهرا. وخطه طريقة معروفة بين المحدثين. وعاش إلى هذا الوقت، ولا أتحقق متى مات. بل سمع منه الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي المقدشاوي في سنة سبعين. وروى لنا عنه. 8 - إبراهيم بن بركات بن فضائل. المصري، الحداد. شيخ زاهد، عابد، قانت، مقبل على شأنه، متبع للسنة. صحب الحافظ زكي الدين المنذري مدة، وسمع منه. توفي في أول صفر، وشيعه خلق كثير. 9 - إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن قر ناص. الأديب، مخلص الدين الحموي، الشاعر. توفي في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 67 10 - أسد بن أبي الطاهر. أبو الوحش الدمياطي، اللخمي. توفي في ربيع الآخر، وله بضع وسبعون سنة. روى عن: جلدك التقوي. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وغيرهما. أخبرني محمود العقيلي، عن الدمياطي، عن أسد اللخمي، عن نعمة بن سالم، عن قاسم بن إبراهيم، عن عبد الكريم بن الحسن التككي، عن علي بن الحسن، عن علي بن إبراهيم الحوفي، عن محمد بن علي الأدفوي، عن أبي جعفر بن النحاس، عن النسائي، عن قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أنس: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه المغفر)). رواه مسلم، عن قتيبة، فوافقناه بنزول أربع درجات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 68
- حرف الجيم - 11 - جعفر بن علي. الإربلي. خطيب منين. - حرف الراء - 12 - رسلان بن محمد. أبو محمد المصري، الفاكهي. حدث عن مكرم. ومات في جمادى الأولى بمصر. - حرف السين - 13 - ست العجم بنت محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهروي. شيخة مسندة، من أهل الصالحية. تروي عن: عمر بن طبرزد. وكتب عنها الطلبة. وحدث عنها: ابن الخباز، والدمياطي، وجماعة. وتوفيت في صفر. 14 - سليمان بن عبد الغني. أبو الربيع الغمري، الدمياطي. ولد بمنية غمر سنة خمس وستمائة. وحدث عن: ابن المقير. ومات في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 69
- حرف الشين - 15 - شرف الدين ابن السكري. عدل، رئيس، مشهور. وقف داره بالقصاعين لأهل العلم والحديث. وهي التي يسكنها شيخنا ابن تيمية. - حرف العين - 16 - عبد الله بن جعفر بن عبد الجليل بن علي. الإمام، أبو الفتح القمودي، اللخمي، الإسكندراني، المالكي، الفقيه. ولد في حدود الثمانين وخمسمائة. وسمع من أبي القاسم عبد الرحمن مولى ابن باقا. وحدث ودرس. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وقمودة: بليدة على يومين من القيروان. مات في ثالث المحرم. 17 - عبد الرحمن بن عمر بن خليل. أسد الدين، أبو القاسم الأرموي، ثم الموصلي. ولد سنة بضع وتسعين. وروى بالإجازة عن عبد العزيز بن الأخضر. وهو ابن أخت الإمام علي بن عدلان النحوي. مات بالقاهرة في أول رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 70 18 - عبد الرحيم بن الرضى محمد بن الإمام عماد الدين محمد بن يونس بن محمد بن منعة. العلامة، تاج الدين، أبو القاسم الموصلي، مصنف ((التعجيز)). ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وله أيضا: ((مختصر المحصول)) للرازي، و ((مختصر طريقة الطاوسي)) في الخلاف. قال قطب الدين: توفي في جمادى الأولى ببغداد. وكان قد قدمها من قريب، وولي بها قضاء الجانب الغربي، وتدريس البشيرية، وخلع عليه. وله: ((التطريز في شرح الوجيز))، و ((مختصر درة الغواص))، و ((جوامع الكلم الشريفة في مذهب أبي حنيفة)). وألف تصانيف عدة لم يكملها. وممن أخذ عنه الفقه شيخنا البرهان الجعبري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 71 19 - عبد القاهر ابن الخطيب سيف الدين عبد الغني بن الإمام فخر الدين محمد بن أبي القاسم ابن تيمية. الشيخ فخر الدين، أبو الفرج الحراني. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة بحران. وسمع من: جده ؛ ومن: ابن اللتي، وغيرهما. وخطب بجامع حران. وكان دينا، عالما، فاضلا، جليلا. توفي بدمشق في حادي عشر شوال بخانقاه القصر. 20 - عبد الهادي بن عبد الكريم بن علي بن عيسى بن تميم. الخطيب، المقرىء، المعمر، أبو الفتح القيسي، المصري، الشافعي. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وقرأ بالروايات على أبي الجود، وهو والمليجي آخر من قرأ عليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 72 وسمع من: قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأبي نزار ربيعة اليمني، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله المقرىء، وأبي عبد الله محمد بن الحسن اللرستاني، وابن المفضل الحافظ، وغيرهم. أجاز له أبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي، ومقاتل بن عبد العزيز البرقي، وأبو طاهر إسماعيل بن عوف الزهري، وأبو الفضل أحمد، وأبو عبد الله محمد ابنا عبد الرحمن بن محمد الحضرمي، وعبد المجيد بن دليل، ومخلوف بن جاره الفقيه، وخلق. وتفرد في عصره عن جماعة. وروى الكثير. قرأ عليه الشيخ أبو بكر الجعبري نزيل دمشق للسبعة، وعلى المليجي، فسألته: أي الرجلين أعرف بالفن؟ قال: لا ذا يعرف ولا ذا. قلت: وكان الخطيب عبد الهادي صالحا خيرا، كثير التلاوة. خطب بجامع المقياس مدة. حدث عنه: الدمياطي، والدواداري، وجماعة. ومات في الرابع والعشرين من شعبان رحمه الله تعالى. 21 - عبيد الله بن الفقيه الإمام كمال الدين أبي حفص عمر بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن. المحدث، الرئيس، شهاب الدين، أبو صالح بن العجمي، الحلبي. ولد سنة تسع وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 73 وروى عنه الإفتخار الهاشمي، وسمع الكثير بنفسه من: ابن رواحة، وابن خليل، وابن يعيش، وطائفة. وكتب بخطه الكثير عن المتأخرين. وحرص كل الحرص وحدث باليسير. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وغيرهما. ومات بحلب فجأة في تاسع عشرين جمادى الأولى. 22 - علي بن أحمد بن يوسف. أبو الحسن القرطبي، ثم الدمشقي، الضرير. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي عبد الله بن البنا، وابن ملاعب. ثنا عنه: أبو الحسن بن العطار، والنجم بن الخباز. وتوفي في ذي القعدة. 23 - علي. العلامة، أبو الحسن المتيوي، المغربي، أحد أئمة العلم والعمل ومن انتهى إليه معرفة مذهب مالك. كان يحفظ ((المدونة)) و ((تفريغ ابن الجلاب))، و ((رسالة ابن أبي زيد))، وغير ذلك. ومع قوة حفظه وذكائه لم يزل يلازم درس الفقه إلى أن مات. قال لي أبو القاسم ابن عمران: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك ولا أشد ورعا. كان معتكفا في بيته، وفيه يقرىء، لم يخرج إلا إلى الجمعة. ويخرج مغطى الوجه على حمار لئلا يرى مكروها. ولا يأكل إلا ما سير إليه من بلده من مواضع يعرف أصولها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 74 مات في حدود السبعين، وقبره يتبارك به ويزار. 24 - عمر الملك المغيث. فتح الدين، أبو الفتح، ولد الملك الفائز سابق الدين إبراهيم بن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. روى بالإجازة عن: عبد المعز بن محمد الهروي. كتب عنه طلبة المصريين. ومات في ذي الحجة مسجونا بخزانة البنود، ودفن بتربتهم بجوار ضريح الشافعي رحمه الله، وله ست وستون سنة. 25 - عمر بن محمد. العدل، شرف الدين السلمي السكري. دمشقي جليل. توفي في جمادى الأولى. - حرف الميم - 26 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 75 الإمام، العلامة، أبو عبد الله الأنصاري، الخزرجي، القرطبي. إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة اطلاعه ووفور فضله. توفي في أوائل هذه السنة بمنية بني خصيب من الصعيد الأدنى. وقد سارت بتفسيره العظيم الشأن الركبان ؛ وهو كامل في معناه. وله كتاب ((الأسنى في الأسماء الحسنى))، وكتاب ((التذكرة))، وأشياء تدل على إمامته وذكائه وكثرة اطلاعه. 27 - محمد بن رضوان. السيد شرف الدين العلوي، الحسيني، الدمشقي، الناسخ. توفي في ربيع الآخر عن تسع وستين سنة. كان يكتب خطا متوحد الحسن، منسوبا. وله يد في النظم والنثر والأخبار، وعنده مشاركة في العلوم. 28 - محمد بن عبد المحسن بن عوض. الصدر، عماد الدين، ابن النحاس الأنصاري، المصري، العدل. روى عن: ابن المقير. وتقلب في الدواوين، ونسخ الكثير بخطه لنفسه. وكان رئيسا متميزا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 76 29 - محمد بن شبل. تقي الدين، المقرىء، الضرير ببغداد. روى عن: عبد الرحمن ابن الخبازة. 30 - محمد بن عبد المنعم بن عمار بن كاهل. المحدث، العالم، شمس الدين، أبو عبد الله الحراني. سمع: أبا عبد الله بن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي، وأبا الفضل الهمداني، وابن رواحة، والسخاوي، وطائفة من الشاميين ؛ وأبا الحسن القطيعي، وعمر بن كرم، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وطائفة ببغداد ؛ ومرتضى بن حاتم، وعلي بن الصابوني، وابن رواح، وجماعة بديار مصر. وعني بالحديث عناية كلية، وكتب الكثير، وتعب، وحصل. وكان يسمع الحديث، ويتألف الناس على روايته. وفيه دين وحسن عشرة، ولديه فضيلة ومذاكرة جيدة وإتقان. أقام بدمشق. روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وابن أبي الفتح، وابن العطار، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 77 وتوفي في ثامن رمضان، وله ثمان وستون سنة. ووقف أجزاءه بالضيائية. وكان شيخ الحديث بالعالمية، ومعلومة فيها يسير، رحمه الله. 31 - محمد بن عثمان بن منكورس بن خمردكين. الأمير، سيف الدين ابن الأمير مظفر الدين، صاحب صهيون. ملك صهيون وبرزية بعد والده سنة تسع وخمسين. ومات بصهيون في عشر السبعين. ثم طلب السلطان ولده سابق الدين فأخذ منه الحصنين، وأعطاه إمرية أربعين فارسا بدمشق، وأقطع عميه مجاهد الدين وجلال الدين، وبعث السلطان نوابه إلى البلدين. 32 - محمد بن عمر بن يوسف بن يحيى. الخطيب، موفق الدين، أبو عبد الله ابن الخطيب أبي حفص الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي، خطيب بيت الأبار وابن خطيبها. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وغيرهم. وأجاز له الخشوعي، وغيره. وهو من بيت الحديث والعدالة والخطابة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وجماعة سواهم. وتوفي في سابع عشر صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 78 33 - محمد بن عيسى بن محمد بن مهدي. الإسكندراني، المقرىء. نزيل دمشق. عاش ثمانين سنة. روى عن ابن طبرزد، وأجازه. مات في ذي الحجة. 34 - محمد بن محمد بن محمد. العلامة برهان الدين المطرزي، المتكلم. مات في العام بتبريز. قاله الكازروني. 35 - محمود بن محمد بن داود. الإمام، الفقيه، أبو المحامد الأفشنجي، البخاري، الحنفي، الواعظ. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتفقه على أبي عبد الله محمد بن أحمد الفريني. وسمع من: محمد بن أبي جعفر الترمذي. وكان إماما مفتيا، مدرسا، واعظا، مفسرا. قال أبو العلاء الفرضي: فيها كانت الكائنة على أهل بخارى من التتار الكفرة، لعنهم الله، فقتل أبو حامد بظاهر بخارى. قلت: وقتل خلق عظيم من أهل البلد، ونهب وأحرق فيه أماكن. وهذه ثالث محنة للبلد من التتار، نسأل الله الستر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 79
- حرف الياء - 36 - يحيى بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي بن هبة الله. المحتسب، الرئيس، تاج الدين، أبو المفضل الثعلبي، الدمشقي، المعدل، ابن الحبوبي. ولد سنة عشر وستمائة. وسمع حضورا من: أبي الفتوح البكري، وأبي القاسم بن الحرستاني. ثم سمع من: محمد بن حسان، وابن المقير، والعلم بن الصابوني، ويونس بن محمد الفارقي. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وعبد المعز الهروي، وجماعة كثيرة. وخرج له ابن بلبان مشيخة كبيرة في ثلاث مجلدات، فحضرها جماعة بقراءة الشيخ شرف الدين الفزاري. روى عنه: سبطه مجد الدين ابن الصيرفي، وقال: كان صدرا جليلا، عدلا، كبيرا، وقورا، مهيبا، محبوبا إلى الناس، عفيفا عن أموالهم، عزيز النفس، كثير البر والصيام، ذا هيئة حسنة، وحرمة وافرة ؛ ولي نظر الأيتام مدة، ثم الحسبة، ثم وكالة بيت المال إلى أن توفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 80 37 - يوسف بن الحسن بن بدر بن الحسن بن المفرج بن بكار. الحافظ، المفيد، الإمام، المسند، شرف الدين، أبو المظفر النابلسي الأصل، الدمشقي الشافعي. ولد سنة ثلاث وستمائة. وأجاز له على يد نسيبة الزين خالد أبو الفتح المندائي، وأبو حفص الدارقزي، وجماعة. وسمع من: أبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي المجد القزويني، وزين الأمناء، وابن صباح وطبقتهم فأكثر. وكتب عامة مسموعاته، ورحل. وسمع من: عبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وعبد اللطيف بن أبي جعفر الطبري، ومحمد بن أحمد القطيعي، والحسن بن الزبيدي، وطبقتهم ببغداد. وسمع من: يحيى ابن الدامغاني، والموفق يعيش النحوي، وجماعة بحلب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 81 وقرأ الكثير، ونسخ لنفسه وبالأجرة، وعني بهذا الشأن، وخطه طريقة مشهورة حلوة. وخرج لنفسه ((الموافقات)) في خمسة أجزاء. وحدث بدمشق، والقاهرة، والإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وأبو الحسن الكندي، وأبو الحسن بن النصير، وخلق سواهم. وكان ثقة، حافظا، متيقظا، جيد المذاكرة، مشهورا بالحديث والطلب، جيد النظم، حسن الديانة، ذا عقل ووقار وأخلاق رضية. ولي مشيخة دار الحديث النورية. وروى الكثير. وتوفي إلى رحمة الله في حادي عشر المحرم. وله شعر رائق. الكنى 38 - أبو القاسم بن أحمد بن إبراهيم بن أبي العلاء ابن الحمصي. الأزدي. سمع من ابن الحرستاني كتاب ((مكارم الأخلاق)). وتوفي في رجب وله ثمان وستون سنة. وفيها ولد: زين الدين عبادة بن عبد الغني الحراني، المؤذن، الفقيه. وفتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري، المحدث، الأديب بالقاهرة في ذي الحجة،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 82 وشهاب الدين عبد الله بن نجم الدين علي بن محمد بن عمر بن هلال الأزدي، في المحرم، والنجم إسحاق بن أبي بكر بن أكمى التركي، ثم المصري، الحسيني، الحنبلي، الشاعر، ووالي دمشق الأمير شهاب الدين أحمد بن سيف الدين أبي بكر بن برق السنبسي، والبدر حسن بن عبد الواحد بن أحمد بن المجد بن عساكر، كاتب الحكم، والعماد محمد بن محمد بن المسلم بن علاق الشاهد، وعماد الدين إسماعيل بن محمد بن القيسراني، في ذي الحجة، والد القاضي شهاب الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 83
سنة اثنتين وسبعين وستمائة
- حرف الألف - 39 - أحمد بن علي بن إبراهيم. الإمام كمال الدين المحلي، المقرىء، الضرير، أبو العباس، شيخ الإقراء بالقاهرة. كان معه عدة جهات. وكان أستاذا في القراءآت ووجوهها. أخذ عن أصحاب أبي الجود، والشاطبي. ولم يدرك أخذا عن الصفراوي، وطبقته. قرأ عليه جماعة منهم الشيخ محمد الضرير المعروف بالمزراب، وشمس الدين محمد بن أبي ثعلب القلانسي. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وتوفي في ثامن عشر ربيع الآخر بالقاهرة. وكان مولده بالمحلة. 40 - أحمد بن علي بن محمد بن سليم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 84 الصاحب محيي الدين، أبو العباس ابن الوزير الكبير بهاء الدين أبي الحسن ابن القاضي السديد المصري، الشافعي. سمع من جماعة، وروى اليسير. وكان منقطعا عن المناصب، منعزلا منفردا كثير المعروف والديانة. بنى رباطا حسنا بمصر، ودرس بمدرسة والده إلى أن مات، وهي بزقاق القناديل. ووجد عليه أبوه وجدا كثيرا، وعملت له الأعزية والتلاوة والختم في البلاد المعتبرة. مات رحمه الله في ثامن شعبان. 41 - أحمد ابن الامام المقرىء أبي عبد الله محمد بن عمر بن يوسف. الشيخ العالم، ضياء الدين، أبو العباس الأنصاري، القرطبي والده. ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من: زاهر بن رستم، وأبي عبد الله ابن عبدون البنا، وجماعة. وكان أديبا فاضلا له النظم والنثر، وفيه كرم زائد ومروءة وإحسان إلى من يرد عليه. توفي بقنا من الصعيد في نصف شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 85 وأبوه تلميذ الشاطبي. ذكر ضياء الدين هذا أبو جعفر بن الزبير في ((تاريخه)) فقال: و يعرف بابن المزين. كذا قال فوهم، بل إن ابن المزين أبو العباس القرطبي نزيل الثغر ومختصر ((مسلم)). ثم قال: سمعه أبوه بمكة، والمدينة، ومصر، والقدس، فسمع من زاهر بن رستم وله سبعة أعوام. أجازني وأخذ الناس عنه، رحمه الله. 42 - إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن حمدان. الواعظ، تقي الدين القضاعي، المصري. مشهور بحسن الوعظ، وتنميق التذكير، وكثرة المحفوظ. وله قبول تام وسوق نافقة بمصر. توفي في ربيع الأول بالقرافة عن اثنتين وأربعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 86 43 - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مزيبل. أبو إسحاق القرشي، المخزومي، المصري. روى عن: ابن باقا، ومكرم. وحدث من بيته جماعة. توفي في ثامن شوال عن اثنتين وستين سنة. 44 - الأتابك المستعرب. هو الأمير الكبير فارس الدين أقطاي الصالحي، النجمي. ولاه الإمرة أستاذه الملك الصالح نجم الدين، ورفع الملك المظفر قطز رتبته، وجعله أتابك الجيش. فلما قتل قطز، رحمه الله، تطلع إلى السلطنة كبار الأمراء، فقدم هو الملك الظاهر وسلطنه، وحلف له في الحال، وتابعه أكابر الدولة، فكان الظاهر يتأدب معه ويرعى له ذلك. قال قطب الدين في ((تاريخه)). كان من رجال الدهر حزما ورأيا وتدبيرا ومهابة. ولما نشأ الأمير بدر الدين بيليك أمره السلطان بملازمة الأتابك والتخلق بأخلاقه، ثم جعله مشاركا له في أمر الجيش. ثم قطعت رواتب كانت للأتابك فوق خبزه، فجمع نفسه، وتبع مراد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 87 السلطان. ثم قبل موته بمدة عرض له شيء يسير من جذام، فأمره السلطان أن يقيم في داره ويتداوى، فلزم بيته ومات مغبونا. وعاده السلطان غير مرة، فعاتبه الأتابك بلطف ومت بخدمته وبكى، وأبكى السلطان. ثم إنه مات بالقاهرة في جمادى الأولى، وقد نيف على السبعين. 45 - إسحاق بن خليل بن غازي. الشيخ عفيف الدين الحموي. قال قطب الدين: كان فاضلا في الفقه والقراءآت والنحو. درس بحماة، وخطب بقلعتها. وكان له حلقه إشغال. ومات رحمه الله في ذي الحجة عن خمس وثمانين سنة. 46 - إسرائيل بن محمد بن ماضي بن إبراهيم. الأجل، بدر الدين، ابن العدل رضي الله الأنصاري، الدمشقي، خال المولى شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري. قال شمس الدين: توفي في شوال. وكان سمحا، كريما، منقطعا عن الناس، يعيش من ملكه، ويركب البغلة. دفن بتربتهم بقاسيون، وقد جاوز السبعين، رحمه الله تعالى. 47 - أسعد بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد بن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 88 الصاحب الرئيس، مؤيد الدين، أبو المعالي التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي. والد الصاحب عز الدين حمزة. ولد سنة ثمان وتسعين ظنا. وسمع حضورا من حنبل المكبر. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي. وحدث بدمشق ومصر. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة في الأحياء. وكان صدرا جليلا، معظما وافر الحرمة، كثير الأملاك، تام الخبرة، ذا عقل ورأي وحزم. وكان أهلا للوزارة، ولكنه لم يدخل في هذه الأشياء عقلا وحشمة. ولما توفي ابن سويد ألزم بمباشرة خاص الملك الظاهر، فباشره متكلفا بلا معلوم. وبيته مشهور بالتقدم والجلالة. توفي ببستانه في ثالث عشر المحرم. 48 - إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي المجد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 89 مسند الشام، تقي الدين، شرف الفضلاء، أبو محمد التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي. ولد في سابع عشر المحرم سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع، فأكثر عن: الخشوعي، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، والقاسم بن عساكر، وابن ياسين الدولعي الخطيب، وحنبل، ابن طبرزد، وأبي الفرج جابر بن اللحية الحموي، وأبي اليمن الكندي، وطائفة. وروى الكثير، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وتفرد بأشياء كثيرة. وكان رئيسا متميزا في كتابة الإنشاء، جيد النظم، حسن القول، دينا، متصونا، صحيح السماع، قوي المشاركة في الفضائل، من بيت كتابة وجلالة. وكان جده كاتب الإنشاء للسلطان نور الدين. روى عن تقي الدين: الشيخ علي الموصلي، وابن تيمية، وأخواه، وابن أبي الفتح، وابن العطار، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وبرهان الدين ابن الشيخ تاج الدين، ومجد الدين ابن الصيرفي، وعلاء الدين ابن النصير، وخلق من كهول وقتنا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 90 وتوفي في السادس والعشرين من صفر. وقد أجاز لوالدي، وكتب الإنشاء للملك الناصر داود، وولي بدمشق نظر البيمارستان النوري. وقد سمع ببغداد من عبد السلام الداهري، وأبي القاسم أحمد بن السمذى، وأبي علي ابن الزبيدي. وولي مشيخة تربة أم الصالح، ومشيخة الرواية بدار الحديث الأشرفية. 49 - أقوش. الأمير الكبير، مبارز الدين المنصوري، الحموي، التركي. أستاذ دار صاحب حماة. كان أجل أمراء حماة. وكان متحكما في دولة أستاذه إلى الغاية. وكان موصوفا بالشجاعة والكرم، ولين الجانب. ولما توفي في ذي الحجة أقر الملك المنصور خبزه على أولاده وكانوا صغارا. توفي وقد جاوز الأربعين بقليل، وحزن عليه أستاذه حزنا كبيرا. 50 - إياز الرومي. عتيق ابن جامع التميمي. روى عن: ابن اللتي، وزين الأمناء، وجماعة. ثنا عنه: ابن العطار. توفي في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 91
- حرف الباء - 51 - بيليك. الأمير الكبير بدر الدين الفائزي. من أعيان أمراء دمشق. توفي في شوال، ودفن بالصالحية. - حرف الجيم - 52 - جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد. الأديب، العلامة، المترسل، تاج الدين العلوي، الحسني. ويعرف بابن معية. كف بأخرة. توفي في ربيع الأول ببغداد. - حرف الحاء - 53 - الحسين بن بدران. المولى نجم الدين ابن شيخ السلامية، مشارف بعلبك. ولي مشارفة القلعة والبلدة مدة طويلة. وكان موصوفا بالمروءة والخير. وعاش نيفا وثمانين سنة. وتوفي في شعبان ببعلبك. - حرف السين - 54 - سليمان بن هود بن موسك بن جكو.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 92 الأمير أسد الدين الهذباني. مات في عشر السبعين في جمادى الآخرة. حدث عن: ابن اللتي. أخذ عنه: أحمد الإربلي. 55 - سنجر. الأمير علم الدين الإفتخاري، الحراني. توفي بدمشق في شوال بعد بدر الدين الفائزي بيوم. - حرف الصاد - 56 - الصدر القونوي. هو الشيخ الكبير، الشهيد، الزاهد، أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف الرومي، الصوفي على مذهب أهل الوحدة. شيخ الاتحادية بقونية. صحب الشيخ محيي الدين ابن العربي. وكان قد قرأ كتاب ((جامع الأصول)) على الأمير العالم شرف الدين يعقوب الهذباني. ورواه عنه قراءة عليه الشيخ قطب الدين الشيرازي. وله تصانيف في السلوك على مذهبه نسأل الله العافية، فمن ذلك كتاب ((النفحات الإلهية))، وكتاب ((تحفة الشكور))، وكتاب ((مفتاح غيب الجمع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 93 والوجود))، و ((تفسير الفاتحة)) عمله في مجلد، وكتاب ((النصوص))، ((وفكوك النصوص))، وغير ذلك. توفي في هذا العام بقونية، وأوصى أن يحمل تابوته إلى دمشق، وأن يدفن مع شيخه ابن العربي، فلم يتهيأ ذلك. ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة تقريبا، فيما بلغني. - حرف الضاد - 57 - ضياء بن محمد بن عبد الواحد بن حرب. شمس الدين، أبو بكر، وهو بكنيته أشهر. روى عن ثابت بن مشرف. ومات في شعبان. - حرف العين - 58 - عبد الله بن جبريل بن عبد الجليل. جمال الدين ابن الخطيب الصوفي، الأبهري، أبو بكر. ولد بأبهر سنة سبع وتسعين. وروى شيئا يسيرا عن: أبي عمرو بن الصلاح. وكان شيخا حسنا. توفي بالقاهرة في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 94 59 - عبد الله بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن علاق بن خلف بن طلائع. المسند المعمر، أبو عيسى الأنصاري، البخاري، المصري، الرزاز، المعروف بابن الحجاج. ولد سنة ست وثمانين تخمينا. وسمع من: هبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير، ويونس بن يحيى الهاشمي، والحافظ عبد الغني، وغيرهم. وهو آخر من روى بالسماع عن البوصيري، وابن ياسين. وكان شيخا حسنا، صحيح السماع، عالي الإسناد. روى عنه: الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، والشيخ شعبان، وبدر الدين محمد البادفي، وعلم الدين الدواداري، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والقاضي سعد الدين الحارثي، وأحمد بن حسن ابن شمس الخلافة، وزين الدين أحمد ابن القاضي تقي الدين ابن رزين، وبدر الدين محمد بن الجوهري، وأخوه شهاب الدين أحمد، والأمين عبد القادر الصعبي، وابنه عبد الرحمن، وتقي الدين عتيق العمري، والفخر محمد بن محمد بن أبي خازم الجليل، وخلق لا يمكنني إحصاؤهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 95 توفي في مستهل ربيع الأول بمصر. 60 - عبد الله بن عمر بن يوسف. الزاهد، العارف، أبو محمد الصنهاجي، الحميدي، القصري. ذكره الشريف عز الدين فقال: توفي ليلة رابع ربيع الآخر بظاهر القاهرة، وقد قارب المائة. صحب جماعة من المشايخ، وكان مشهورا بالعلم والدين، مذكورا بالصلاح، مقصودا للزيارة والتبرك به. حدث عن شيخه أبي زيد عبد الرحمن بن العلم الرهوني بفوائد. كتبت عنه، وانتفع به جماعة، رحمه الله تعالى. 61 - عبد الله بن غانم بن علي. القدوة الزاهد، أبو محمد ابن الشيخ الكبير العارف أبي عبد الله النابلسي، رحمة الله عليهما. توفي بنابلس في سابع عشر شعبان. وبها ولد في سنة ثمان وستمائة. ولعله سمع بها من البهاء عبد الرحمن، فإنه روى بها الكثير في سنة تسع عشرة. وقد سمع بدمشق من الحافظ ضياء الدين المقدسي. وكان شيخ الأرض المقدسة في وقته زهدا وصلاحا وشهرة وجلالة. ولما توفي صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق. حدث عنه: النجم بن الخباز في مشيخته، وابن جعوان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 96 62 - عبد الحليم بن سليمان بن أحمد. المقدسي، الحراني. حدث عن: حنبل، والفروي، والفخر ابن تيمية، وطائفة. يلقب زين الدين. مات في شوال بقاسيون وله ثمانون سنة. أخذ عنه: ابن الخباز، والطلبة. 63 - عبد الغني بن عبد الرحمن بن مكي. البغدادي، البزاز. روى عن: ابن سكينة. توفي في شوال، وله ثمان وسبعون سنة. 64 - عبد اللطيف بن سالم. الشيخ الصالح، القدوة، أبو محمد البغدادي، تلميذ الشيخ علي بن إدريس. كان متعبدا، مشتغلا. ذكره الظهير الكازروني فأثنى عليه وأرخه، وقال: كنت أزوره وأتبرك به. كاشفني مرة، رحمه الله. 65 - علي بن عثمان بن عبد القادر بن محمود بن يوسف. الإمام، شمس الدين، أبو الحسن ابن الوجوهي، البغدادي، الحنبلي، شيخ القراء، وشيخ رباط ابن الأثير. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقرأ بالسبع على الفخر الموصلي، وسمع منه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 97 ومن: الشيخ شهاب الدين السهروردي، وأبي الحسن بن روزبة. ولو بكر بالسماع للحق يحيى بن بوش وأكبر منه. تلا عليه بالروايات: برهان الدين الجعبري. قال الظهير الكازروني: كان من الأخيار الأبرار، أجاد قراءة القرآن، وروى الحديث. مات في ثالث جمادى الأولى. 66 - عبد الغني بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مكي بن يوسف. الصالح، العدل، عماد الدين البغدادي، شيخ رباط البسطامي. مات في شوال. وكان ورعا، كثير التلاوة. كف بصره فصبر وشكر. عدل سنة ثلاث وعشرين. وقارب الثمانين، رحمه الله. 67 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن الخطيب أبي البركات الخضر بن شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد. المسند الجليل، كمال الدين، أبو نصر الحارثي، الدمشقي، العدل، المعروف بابن عبد. ولد في جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف الصوفي، وأبي جعفر القرطبي. وكاد ينفرد بالرواية عنهم. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وقاضي القضاة بدر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 98 الدين ابن جماعة، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وخلق سواهم. توفي في ثاني شعبان. 68 - عبد العزيز بن جعفر بن ليث. النيسابوري، الملك عز الدين، متولي واسط وشحنتها للتتار. كان مشكورا محمودا جوادا معطاء. مات في ذي القعدة. 69 - عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن منصور بن هبة الله. الشيخ الجليل، مسند الديار المصرية، نجيب الدين، أبو الفرج، ابن الإمام الواعظ أبي محمد بن الصيقل النميري، الحراني، الحنبلي، التاجر السفار. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بحران.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 99 وأسمعه أبوه ببغداد من: عبد المنعم بن كليب، وأبي طاهر المبارك بن المعطوش، وأبي الفرج ابن الجوزي، وأبي القاسم هبة الله بن السبط، وأبي الحسن عبد الرحمن العمري، وعبد الله بن أبي المجد، وأبي الفرج ابن ملاح الشط، وعبد الوهاب بن سكينة، والحسن بن إبراهيم بن قحطبة ابن أشنانة، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، وعبد الملك بن مواهب الوراق، وعمر بن محمد القطان، والمبارك بن إبراهيم بن السيبي، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطويلة أصحاب ابن الحصين، وطائفة سواهم. وأجاز له من إصبهان: أبو جعفر الطرسوسي، ومسعود الجمال، وخليل الراراني، وأبو المكارم اللبان. وروى الكثير ببغداد، ودمشق، ومصر ؛ وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه من البلاد، وازدحم عليه الطلبة والنقاد، وألحق الأحفاد بالأجداد. وكان يجهز البز، ويتكسب بالمتاجر. وله وجاهة وحرمة وافرة عند الدولة. ثم انقطع إلى رواية الحديث، وولي مشيخة دار الحديث الكاملية إلى أن مات في مستهل صفر. وقد خرج له الشريف عز الدين ((مشيخة)) في خمسة أجزاء، وخرج له ((ثمانيات)) في أربعة أجزاء. وخرج له شيخنا ابن الظاهري ((الموافقات)) في ثلاثة عشر جزءا، ((والأبدال العوال)) في أربعة أجزاء، و ((المصافحات)) في جزئين، وغير ذلك. وكان شيخا متميزا، حسن البزة، دينا، صينا، صدوقا، صحيح السماعات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 100 وجرت عليه محنة من الدولة، ولطف الله به. روى عنه: ابن الظاهري، والدمياطي - وحضرا ولديهما عليه - وقاضي القضاة زين الدين، وقاضي القضاة نجم الدين، وقاضي القضاة سعد الدين، والشيخ كمال الدين ابن الشريشي، والشيخ نصر المنبجي، والعفيف أبو بكر الصوفي الهنداسة، ومحمد بن الشرف الميدومي، والصفي محمود الأرموي، والشيخ علي الموصلي، ومحمد بن عبد الله بن محمود الحراني، وبهاء الدين يوسف بن العجمي، وهارون الكنجي، وأحمد بن الشيخ علي القارىء، وأبو نعيم بن التقي الإسعردي، وعز الدين عبد العزيز بن غازي الحموي، والعفيف عبد الخالق ابن الفارغ، ومحمد وأحمد ابنا المحب، والتقي أحمد بن العز، ومحمد بن عمر اللاوي، وعلاء الدين الكندي، والجمال يوسف بن إبراهيم القاضي، والشرف يعقوب بن أحمد الحلبي، وأحمد بن علي العلامي، وأحمد بن علي الكلوتاتي، وأحمد بن عبد الرحيم المنشاوي، وفخر الدين أحمد بن محمد بن النطاع الأنصاري، وبدر الدين محمد بن منصور ابن الجوهري، وأخوه شهاب الدين أحمد، والقطب إبراهيم بن الملك المجاهد إسحاق ابن صاحب الموصل، وشمس الدين حسين بن أسد ابن الأثير، وأخوه بهاء الدين سليمان، وكمال الدين عبد الرحمن البسطامي، الحنفي، وبهاء الدين علي بن عثمان بن أبي الحوافر، والنجم محمد بن إبراهيم بن بنين، ومحمد بن سعد الصفار، ومحمد بن شعبان الخلاطي، وفتح الدين محمد بن عثمان الشارعي، وقطب الدين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى، وصدر الدين محمد بن أبي برك بن البوري، وعالم كثير بمصر والشام من كهول زماننا، عمرهم الله تعالى في طاعته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 101 70 - علي بن عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي. الفقيه، الحافظ، المفيد، نجم الدين أبو الحسن ابن الخطيب الإمام جمال الدين الربعي، الدمشقي، الشافعي. سمع: ابن عبد الدائم، والكرماني، وابن أبي النسر، وأصحاب الخشوعي، وابن طبرزد، ثم أصحاب ابن ملاعب، وابن أبي لقمة، ثم أصحاب ابن اللتي، ومكرم. وكتب العالي والنازل. وكان شابا ذكيا، فهما، كثير الإفادة، جيد التحصيل، من نجباء الطلبة وظرافهم ومتقيهم. وكان صحيح القراءة، مليح الكتابة، سريع القلم. حدث باليسير، ومات شابا طريا في سن طلبه. وكان يتلهف على مصر والرحلة إليها ليلحق حديث البوصيري، فيمنعه أبوه. توفي في ربيع الآخر وله ست وعشرون سنة، وحزن عليه أبوه والأصحاب، والله يعوضه بالجنة. وأجزاؤه موقوفة بالنورية. وكان من تلامذة الشيخ تاج الدين. 71 - علي بن رمضان. الصدر، النقيب، تاج الدين ابن الطقطقي، العلوي. قتلته العراقلة بظاهر بغداد غيلة. وكان متوليا أعمال الحلة والكوفة، مليح الشكل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 102 72 - علي بن محمد بن محمد بن محمد بن وضاح. الشيخ كمال الدين الشهرابابي، الفقيه، الحنبلي، المحدث. توفي في صفر من هذه السنة، وقيل في التي قبلها، والصواب هنا. وكذا قال الكازروني إنه مات في ثالث صفر يوم الجمعة. قال: واجتمع عالم لا يحصون للصلاة عليه. وكان منور الوجه، عالما بالمذهب، له تصانيف. إلى أن قال: وبلغني أنه ولد في رجب سنة تسعين وخمسمائة. لقي الشيخ علي بن إدريس. وكان حنبليا، نحويا، كاتبا، شيخا، صالحا، محدثا، مجموع الفضائل. روى عنه: الشيخ علي بن إدريس الزاهد، وعمر بن كرم الدينوري، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان مولده بشهرابان، وهي من سواد العراق سنة نيف وتسعين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 103 وخمسمائة. واشتغل ببغداد، وبرع في العربية، وشارك في فنون من العلم. وسمع الكثير. وكان صديقا للشيخ يحيى الصرصري. توفي ببغداد، رحمه الله تعالى. 73 - عمر بن بندار بن عمر. القاضي العلامة، كمال الدين، أبو حفص التفليسي، الشافعي. ولد بتفليس سنة اثنتين وستمائة تقريبا. وتفقه وبرع في المذهب والأصلين وغير ذلك. ودرس وأفتى. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي. وجالس أبا عمرو بن الصلاح. وولي القضاء بدمشق نيابة. وكان محمود السيرة، حسن الديانة، صحيح العقيدة. ولما تملكت التتار جاءه التقليد من هولاكو بقضاء الشام والجزيرة والموصل، فباشر مدة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 104 يسيرة، وأحسن إلى الناس بكل ممكن، وذب عن الرعية. وكان نافذ الكلمة، عزيز المنزلة عند التتار، لا يخالفونه في شيء. قال قطب الدين: فبالغ في الإحسان، وسعى في حقن الدماء، ولم يتدنس في تلك المدة بشيء من الدنيا مع فقره وكثرة عياله، ولا استصفى مدرسة ولا استأثر بشيء. وكان مدرس المدرسة العادلية، وقد تعصبوا عليه، ونسب إليه أشياء برأه الله منها. وسار محيي الدين ابن الزكي، فجاء بالقضاء على الشام من جهة هولاكو، وتوجه كمال الدين إلى قضاء حلب وأعمالها، وقد عصمه الله ممن أراد ضرره. وكان نهاية ما نالوا منه أنهم ألزموه بالسفر إلى الديار المصرية، فسافر وأفاد أهل مصر واشتغلوا عليه. قال الشريف عز الدين: كان مشكور الطريقة، أقام بالقاهرة مدة يشغل الطلبة بعلوم عدة في غالب أوقاته، فوجد به الناس في ذلك نفعا كثيرا، ولازمته مدة، وقرأت عليه شيئا من أحوال الفقه، وانتفعت به. وكان أحد العلماء المشهورين، والأئمة المذكورين. توفي ليلة رابع عشر ربيع الأول بالقاهرة. - حرف الكاف - 74 - كي. شاب ذكي ادعى النبوة بتستر، وزعم أنه عيسى ابن مريم، وأسقط عن أتباعه العصر والعشاء. أمر بقتله صاحب الديوان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 105 75 - كيكاوس. السلطان عز الدين بن السلطان كيخسرو بن قليج رسلان، أخو السلطان ركن الدين كيقباذ. توفي بسوداق، من بلاد الترك، وله ست وعشرون سنة. اقتسم هو وأخوه ملك الروم بعد أبيهما، ثم إن ركن الدين غلب على الأمر، فهرب عز الدين بأهله وخواصه إلى ملك القسطنطينية، فلم يركن إليه بل حبسه. ثم إن ملك التتار بركة جهز عشرين ألفا، فأغاروا على أعمال القسطنطينية، ثم هادنهم ملكها على أن يسلم إليهم عز الدين، وذلك في سنة ستين، فسلمه إليهم، فأكرمه بركة، وصيره من كبار أمرائه، ثم كان في خدمة منكوتمر بعده، وخلف ولده الملك المسعود وهو في خدمة منكوتمر. - حرف اللام - 76 - لؤلؤ بن أحمد بن عبد الله. نجيب الدين، الدمشقي، الحنفي، الضرير، المقرئ. ولد سنة ستمائة، وحدث عن: ابن الحرستاني، والشمس العطار. وتصدر للإقراء بجامع الحاكم، وحدث. ومات في رجب بالقاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 106
- حرف الميم - 77 - محمد بن إياس. أبو عبد الله الأشيري. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة بالقاهرة. وسمع من: ابن المقير، وأصحاب السلفي. وكتب وحصل وعني بالحديث. وكان عنده فهم ومعرفة. وحدث بشيء قليل. وكان أبوه مولى لابن الأثير. توفي بالنويرة من الصعيد في أول صفر، رحمه الله تعالى. 78 - محمد بن زياد. شمس الدين الحراني. أخو البهاء، خطيب بيت لهيا. توفي في ربيع الأول، ودفن بقاسيون. 79 - محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الملك بن علي. أبو عبد الله المعافري، الشاطبي، الزاهد. نزيل الإسكندرية. كان من كبار مشايخ الثغر المشهورين بالعبادة والصلاح والإنقطاع. وكان كبير القدر، رفيع الذكر، يقصد للتبرك والزيارة، ويعد في طبقة القباري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 107 توفي في العشرين من رمضان، وله سبع وثمانون سنة. ودفن بمرج سوار. ولا أعلمه روى شيئا إلا عن أبي القاسم بن صصرى. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وقد لبس الخرقة من جعفر الهمداني. ثم وجدت أربعين حديثا قد خرجها ابن عبد الباري له، وإذا به قد سمع من: ابن صصرى في دمشق، ومن: موسى بن عبد القادر، وأحمد بن الخضر بن طاوس، وزين الأمناء، وغيرهم. وأنه قرأ بالسبع بالأندلس. وله تفسير صغير. وله كتاب ((المنهج المفيد فيما يلزم الشيخ والمريد)). سمع منه: شيخنا التاج الغرافي هذه الأربعين، والوجيه عبد الرحمن السبتي. وكتب الطبقة الغرافي، فكتب له: ((قدوة الطوائف، شيخ الإسلام)). 80 - محمد بن سليمان بن هبة الله بن يوسف. الشيخ، جمال الدين، أبو عبد الله الهواري، الجلولي، التونسي، المالكي. ولد سنة ستمائة بالقاهرة. وسمع من: أبي الحسن علي بن المفضل الحافظ، وعبد العزيز بن باقا. وكان صالحا، فاضلا، خيرا، له شعر حسن. توفي في السادس والعشرين من رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 108 روى عنه الدمياطي من شعره. 81 - محمد بن صالح بن أبي علي. البهنسي. روى عن: علي بن البنا. وحدث بمصر في شوال. وهو أخو تاج الدين البهنسي إمام المقام بمكة. 82 - محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن جعفر. القاضي عز الدين البصري، الشافعي، نائب الحكم ببغداد، ومدرس النظامية. كان متبحرا في العلم، صاحب تصانيف. مات في ذي الحجة ودفن خلف الجنيد، ورثته الشعراء. وولد في أول سنة ست وستمائة. روى عن جده. 83 - محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 109 العلامة الأوحد، جمال الدين، أبو عبد الله الطائي، الجياني، الشافعي، النحوي، نزيل دمشق. ولد سنة ستمائة أو سنة إحدى وستمائة. وسمع بدمشق من: مكرم، وأبي صادق الحسن بن صباح، وأبي الحسن السخاوي، وغيرهم. وأخذ العربية عن غير واحد ؛ وجالس بحلب: ابن عمرون، وغيره. وتصدر بحلب لإقراء العربية، وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين. وكان إماما في القراءآت وعللها ؛ صنف فيها قصيدة دالية مرموزة في مقدار ((الشاطبية)).
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 110 وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها، والإطلاع على وحشيها. وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرا لا يجارى، وحبرا لا يبارى. وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون فيه، ويتعجبون من أين يأتي بها. وكان نظم الشعر سهلا عليه، رجزه وطويله وبسيطه، وغير ذلك. هذا مع ما هو عليه من الدين المتين، وصدق اللهجة، وكثرة النوافل، وحسن السمت، ورقة القلب، وكمال العقل والوقار والتؤدة. أقام بدمشق مدة يصنف ويشغل. وتصدر بالتربة العادلية، وبالجامع المعمور، وتخرج به جماعة كثيرة. وصنف كتاب ((تسهيل الفوائد في النحو))، وكتاب ((سبك المنظوم وفك المختوم))، وكتاب ((الشافية الكافية))، وكتاب ((الخلاصة)) وشرحها، وكتاب ((إكمال الإعلام بتثليث الكلام))، و ((المقصور والممدود))، و ((فعل وأفعل))، و ((النظم الأوجز فيما يهمز وما لا يهمز))، و ((الاعتقاد في الطاء والضاد))، وتصانيف أخر مشهورة لا يحضرني ذكرها. روى عنه: ولده الإمام بدر الدين، والإمام شمس الدين بن جعوان، والإمام شمس الدين بن أبي الفتح، وعلاء الدين ابن العطار، وزين الدين أبو بكر المزي، وشيخنا أبو الحسين اليونيني، وأبو عبد الله الصيرفي، وقاضي القضاة ابن جماعة، وطائفة سواهم. أنشدنا أبو عبد الله بن أبي الفتح: أنشدنا العلامة جمال الدين بن مالك لنفسه في تذكير الأعضاء وتأنيثها: (يمين شمال كف القلب خنصر .......... سه بنصر سن رحم ضلع كبد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 111
(كرش عين الأذن القتب فخذ قدم .......... ورك وكتف وعقب ساق الرجل ثم يد)
(لسان ذراع عاتق عنق قفا .......... كراع وضرس ثم إبهام العضد)
(ونفس وروح فرسن ذفرى إصبع .......... معا بطن إبط عجز الدبر لا تزد)
(ففي يد التأنيث حتما وما تلت .......... ووجهان فيما قد تلاها فلا تحد) وأنشدنا ابن أبي الفتح: أنشدنا ابن مالك لنفسه في أسماء الذهب: (نضر نضير نضار زبرج سيرآ .......... زخرف عسجد عقيان الذهب)
(والتبر ما لم يذب وأشركوا ذهبا .......... وفضة في نسيك هكذا الغرب) وأنشدنا ابن أبي الفتح: أنشدنا ابن مالك لنفسه في خيل السباق العشرة على الولاء: (خيل السباق المجلي يقتفيه مصل .......... والمسلي وتال قبل مرتاح)
(وعاطف وحظي والمؤمل واللطيم .......... والفسكل السكيت يا صاح) توفي ابن مالك رحمه الله في ثاني عشر شعبان، وقد نيف على السبعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 112 84 - محمد بن عبد القادر بن ناصر بن الخضر بن علي. القاضي شهاب الدين الأنصاري الشافعي. قاضي بلد الخليل. ويعرف بابن العالمة. ولد سنة ستماية بدمشق. قال قطب الدين: كان من الفضلاء الأدباء ؛ سافر في طلب العلم إلى البلاد وحصل. وكانت أمه عالمة فاضلة تحفظ القرآن وشيئا من الخطب والمواعظ. وتكلمت في عزاء السلطان الملك العادل. وتعرف بدهن اللوز. كانت عالمة وقتها، وقد ضبط أبو شامة وفاتها. روى عنه ولده قاضي القضاة زين الدين عبد الله قاضي حلب شيئا من نظمه، فمنه: (أترى أعيش أرى العريش وشامه .......... فبمصر قد سئم المحب مقامه)
(أم هل تبلغ عنه أنفاس الصبا .......... يوما إلى دار الحبيب سلامه)
(يا سادة خلفت قلبي عندهم .......... هل تحفظون عهوده وذمامه)
(أسعرتم نار الغرام بمهجتي .......... وسلبتم طرف الكئيب منامه)
(إن لم تجد قطر على مغناكم .......... أغناكم دمعي يقوم مقامه)
(باهل تعبد الله أيام الحمى .......... من قبل أن يلقى المحب حمامه) وهو أخو العلامة الحكيم نجم الدين ابن المنفاخ الطبيب لأمه. وقد مر سنة اثنتين وخمسين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 113 85 - محمد بن محمد ابن الشيخ الزاهد أبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان. القاضي الجليل، محيي الدين، أبو المكارم إبن القاضي الأوحد جمال الدين ابن الأستاذ الأسدي، الحلبي، الشافعي. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وروى عن: جده، وبهاء الدين ابن شداد. ودرس بالقاهرة بالمسرورية، ثم ولي قضاء حلب إلى حين وفاته بها في ثالث عشر جمادى الأولى. وسمع منه المصريون. 86 - محمد بن محمد بن حسن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 114 الشيخ نصير الدين، أبو عبد الله الطوسي، الفيلسوف. كان رأسا في علم الأوائل، لا سيما معرفة الرياضي وصنعة الأرصاد، فإنه فاق بذلك على الكبار. قرأ على المعين سالم بن بدران المصري المعتزلي، الرافضي، وغيره. وكان ذا حرمة وافرة، ومنزلة عالية عند هولاكو. وكان يطيعه فيما يشير به، والأموال في تصريفه. وابتنى بمدينة مراغة قبة ورصدا عظيما، واتخذ في ذلك خزانة عظيمة عالية، فسيحة الأرجاء، وملأها بالكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة، حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد. وقرر للرصد المنجمين والفلاسفة والفضلاء، وجعل لهم الجامكية. وكان سمحا جوادا، حليما، حسن العشرة، غزير الفضائل، جليل القدر، لكنه على مذهب الأوائل في كثير من الأصول، نسأل الله الهدى والسداد. توفي في ذي الحجة ببغداد، وقد نيف على الثمانين. ويعرف بخواجا نصير. قال الظهير الكازروني: مات المخدوم خواجا نصير الدين أبو جعفر الطوسي في سابع عشري ذي الحجة، وشيعه خلائق وصاحب الديوان والكبراء. ودفن بمشهد الكاظم. وكان مليح الصورة، جميل الأفعال، مهيبا، عالما، متقدما، سهل الأخلاق، متواضعا، كريم الطباع، محتملا، يشتغل إلى قري ب الظهر. ثم طول الكازروني ترجمته، وفيها تواضعه وحلمه وفتوته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 115 ثم رأيت في ((تاريخ تاج الدين الفزاري)): حدثني شمس الدين الأيكي أن النصير تمكن إلى الغاية، والناس كلهم من تحت تصرفه. وكان حسن الشكل، فصيحا، خبيرا بجميع العلوم. كان يقول: اتفق المحققون على أن علم الكلام قليل الفائدة، وأقل المصنفات فيه فائدة كتب فخر الدين، وأكثرها تخليطا كتاب ((المحصل)). قال: وأقمت مع شيخنا النصير سبع سنين. وصنف كتبا عدة. ومولده بطوس يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى سنة 597.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 116 87 - محمد بن يوسف بن نصر. السلطان، أبو عبد الله بن الأحمر الأرجوني، صاحب الأندلس. بويع سنة تسع وعشرين بأرجونة، وهي بليدة بالقرب من قرطبة. وكان سعيدا مؤيدا، مدبرا، حازما، بطلا، شجاعا، ذا دين وعفاف. هزم ابن هود ثلاث مرات، ولم تكسر له راية قط، وقد جاء أذ فونش فحاصر جيان عامين، وأخذها بالصلح، وعقدت بينهما الهدنة عام اثنتين وأربعين، فدامت عشرين سنة، فعمرت البلاد. وأخبار ابن الأحمر علقتها في ورقتين. مات في رجب، وتملك بعده ابنه محمد. 88 - محمد بن أبي بكر بن أبي الليث. الداوري، من زمنداور، وهي من أقصى خراسان. العلامة شهاب الدين، أبو منصور. سمع ببلده من: مخلص الدين الوخي. وفصيح الدين الداوري. ورحل إلى بخارى فتفقه على: شمس الأئمة أبي الوحدة محمد بن عبد الستار، وجمال الدين عبيد الله بن إبراهيم المحبوبي. وقرأ الأدب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 117 وسمع من: أبي رشيد محمد بن أبي بكر بن الغزال، وقوام الدين محمود بن أحمد ابن مازة. قرأ عليه الأدب جماعة من أصحابنا. ولد في حدود سنة ست وثمانين وخمسمائة، وتوفي بسرخس في سنة 672. قال فيه الفرضي: شيخنا شهاب الدين. 89 - محمد بن الرجاء بن أبي الزهر بن أبي القاسم. الحكيم شمس الدين، أبو عبد الله التنوخي، الدمشقي، الطبيب، المعروف بابن السلعوس. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وحدث بالقاهرة ومات بها في شعبان. 90 - مجاهد بن سليمان بن مرهف. المصري، الأديب، المعروف بالخياط، ويعرف بابن الربيع. توفي في جمادى الآخر وقد ناهز السبعين، وله أشياء حسنة، ومعان مبتكرة. وكان من كبار أدباء العوام. وقد قرأ النحو، وفهم. فمن رائق نظمه قوله: (أعد يا برق ذكر أهيل نجد .......... فإن لك اليد البيضاء عندي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 118
(أشيمك بارقا فيضل عقلي .......... فواعجبا تضل وأنت تهدي)
(ويبكيك السحاب وليس ممن .......... تحمل بعض أشوافي ووجدي)
(بعثت مع النسيم لهم سلاما .......... فما منوا علي له برد) وله يهجو أبا الحسين الجزار، وأجاد: (إن تاه جزاركم عليكم .......... بفطنة نالها وكيس)
(فليس يرجوه غير كلب .......... وليس يخشاه غير تيس) 91 - محمود بن أبي سعيد بن محمود بن محمد. الشيخ ناصح الدين، أبو الثناء الطاووسي القزويني. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة تقريبا. وسمع بحلب من: أبي محمد بن الأستاذ، وأبي المحاسن بن شداد، وغيرهما. وهو ابن أخت الإمام أبي القاسم الرافعي صاحب ((الشرح)). توفي بالقاهرة في ربيع الأول. روى عن خاله بالإجازة أربعين حديثا له، سمعها منه البرهان رئيس المؤذنين. 92 - مكرم بن مظفر بن أبي محمد. العين زربي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 119 ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ أبي نزار ربيعة اليمني. وحدث. وكان شيخا صالحا، منقطعاً بالقرافة بزاوية الشيخ رزبهان. وتوفي في شوال. - حرف اللام ألف - 93 - لاجين. الأمير الكبير، حسام الدين الأيدمري، الداوادار، الملقب بالدرفيل. سمع من سبط السلفي. وكان محبا للعلماء، مقربا لهم، مؤثرا للفقراء، خاضعا لهم. له معرفة وفضيلة ومشاركة، وذكاء مفرط، وهمة عالية، ونفس شريفة. وكان السلطان يحبه ويعتمد عليه في المهمات والمكاتبات وأمر القصاد. توفي في رمضان، ولم يكمل أربعين سنة. - حرف الياء - 94 - يحيى بن الناصح عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج الشيرازي. الفقيه، المسند الكبير، سيف الدين، أبو زكريا ابن الحنبلي، الأنصاري، الدمشقي، الحنبلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 120 ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع من الخشوعي في الخامسة ؛ وبه ختم حديثه بالسماع. وسع من: حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وجماعة. وسمع بالموصل من عبد المحسن بن عبد الله الخطيب. وليس هو بالمكثر عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن الزراد، ومحمد بن المحب، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وطائفة سواهم. وتوفي في سابع عشر شوال. 95 - يوسف بن عبد الله بن عبد الباقي بن نهار. الإمام العالم، فخر الدين، أبو المحاسن البكري، المصري، المالكي، خطيب جامع ابن طولون. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع ببغداد من: أبي الحسن بن روزبة، وغيره. وحدث. وتوفي بمصر في رابع وعشرين ربيع الآخر. الكنى 96 - أبو بكر بن أحمد بن عمر بن الحبال. البعلبكي. توفي ببعلبك في عشر السبعين، وخلف تركة، قيل إنها تقارب مائة ألف
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 121 دينار، فاحتاط السلطان عليها، واصطفى منها نحو أربعمائة ألف درهم، وأفرج عن الأملاك والوثائق، فتمحق أكثر ذلك. وله وقف جيد على البر. وكان يشح على نفسه باليسير. وكان أولا فقيرا لا مال له، فاكتسب ذلك بالمعاملة. 97 - أبو بكر بن فتيان. الشطي، الزاهد، العارف ابن الزاهد القدوة، رحمهما الله تعالى. سكن سفح قاسيون. وكان زاهدا صالحا، له أحوال وكرامات ومقامات، وله أتباع ومحبون ومريدون، وله شعر كثير رأيته في ديوان مفرد، وهو شعر طيب يقع على القلب، ويحرك الساكن ويثير العزم وإن كان ملحونا. فمنه في كان وكان: (يا سعد احذر تجهل وإياك تصحب مبتدع .......... ولا تداني باطل تلعب بك الآفات)
(أحذر تخلي التقوى حوك اتكالك على النسب .......... بوجهل وابن المغيرة خذلوا وهم سادات)
(احذر أفاعي الدعاوى السم في أنيابها .......... سمومهن قواتل ما تنفعوا الرقيات) توفي الشيخ أبو بكر في جمادى الأولى. وكان أبوه من كبار المشايخ، رحمهما الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 122 98 - أبو بكر بن محمود بن عمر بن محمود. الفرغاني، الحنفي. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع، مقبلا، وابن صباح. وحدث. مات في جمادى الأولى سنة اثنتين. نقلته من ابن الدمياطي. وفيها ولد: أبو عمرو أحمد بن أبي الوليد محمد بن أحمد بن احاج القرطبي، المالكي بغرناطة، وشرف الدين أحمد بن الرضى عبد الرحمن بن أبي بكر السنجاري، الحنفي، في ربيع الأول، وصاحب حماة المؤيد عماد الدين إسماعيل بن علي بن المظفر محمود بدمشق في جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 123
سنة ثلاث وسبعين وستمائة
- حرف الألف - 99 - أحمد بن عبد الرحمن بن عمر. العلامة علم الدين الشرمساحي، المالكي. أخو الشيخ سراج الدين عبد الله. درس بالمستنصرية بعد أخيه، وعاش بعده أربع سنين. ومات في المحرم. 100 - أحمد بن عبد القادر بن حسان. الدمشقي، العامري ؛ بالمزة. سمع من: ابن الحرستاني. وأجاز لي. 101 - أحمد بن موسى بن يغمور. الأمير شهاب الدين، أبو العباس ابن الأمير الكبير جمال الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 124 أديب فاضل، له شعر، ولي الأعمال الغربية فهذبها، وقطع وشنق ووسط، وأفرط في ذلك وأسرف، وراح البريء بجزيرة المفسد. وقد قطع أيدي خلق وأرجلهم، إلا أنه هذب تلك الناحية. مات بالمحلة في جمادى الأولى. 102 - إبراهيم بن شروة بن علي. الأمير سيف الدين الكردي، الجاكي، الزهيري. توفي في رجب ببعلبك وقد نيف على السبعين. حدثنا عنه قطب الدين اليونيني حكاية، وقال: كان أمينا، شريف النفس. وكان أمير جندار الملك العزيز بحلب. وأخذ خبزه بعده الأمير علاء الدين أحمد بن الجاكي. 103 - إبراهيم بن محمد بن عبد الغني. المحدث المفيد: أبو إسحاق ابن النشو القريشي، الدمشقي، المصري. ولد سنة ثمان وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 125 وسمع من مكرم بن أبي الصقر، وعبد الوهاب بن رواح، والساوي، وابن الجميزي، والسبط، وخلق كثير. وعني بالطلب، ونسخ الأجزاء، وأفاد وتعب. ثم سمع أولاده من إبراهيم بن خليل، وطبقته. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وغيرهما. وتوفي في ذي الحجة بدمشق. 104 - إبراهيم البراذعي. الشيخ الموله، بدمشق، مريد الشيخ يوسف القميني. له كشف، وحال على طريقة المولهين. توفي فيها. 105 - إسماعيل بن محمد بن بلدق. الحراني. حدث عن: الشيخ الموفق. ذكره ابن الدمياطي. 106 - إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن علي. الصاحب، العالم، شرف الدين، أبو الفداء الشيباني، الآمدي، الحنبلي، المعروف بابن التيتي. صدر، فاضل، صاحب أدب وفنون، ومعرفة بالحديث والتاريخ والأيام والشعر، مع الدين والعقل والرياسة والحشمة. جمع تاريخا لآمد، وترسل عن صاحب ماردين إلى الديوان العزيز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 126 وسمع بالقاهرة مع ولده شمس الدين من: أبي الحسن بن المقير، وابن الجميزي. وسمع بالشام، وماردين. توفي في رجب بماردين. وسمع من: كريمة، وجماعة بدمشق. روى عنه: الدمياطي، وابنه. وعاش أربعا وسبعين سنة. 107 - إلياس بن علوان بن ممدود. المقرىء، الزاهد، ركن الدين الإربلي، الملقن، نزيل دمشق. قرأ بالعراق وديار بكر، وقرأ بدمشق على أبي الحسن السخاوي. وسمع من: الشيخ شهاب الدين السهروردي، وغيره. وحدث. وعاش خمسا وسبعين سنة. وتصدر للإقراء بجامع دمشق. ولقن خلقا وكان موصوفا بتعليم الراء. ويقال: ختم عليه أربعة آلاف نفس وأكثر. كذا قال شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري. وذكر أنه قرأ عليه القرآن. وما كان يطلب من أحد شيئا ولا يرد شيئا. وتوفي بمسجده مسجد طوغان الذي بالفسقار، وهو على قدر سعة الكعبة. وأوصى به لتلميذه الشيخ علي الخباز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 127 وتوفي، رحمه الله، في ربيع الآخر. 108 - أيوب بن عبد الرحيم بن أبي حامد محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس. قطب الدين الماراني، المصري. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. وسمع من: عبد العزيز بن باقا. وحدث. ومات في جمادى الأولى. - حرف الباء - 109 - بردويل بن إسماعيل بن بردويل. ويسمى أيضا عبد العزيز، أبو العز الدمشقي، الحنفي. يروي عن: ابن ملاعب، وابن راجح، وجماعة. روى لنا عنه: ابن العطار، وغيره. 110 - بلك. المؤذن بمنارة الكجك. كان يؤذن في الثلث الأخير. وكان جهوري الصوت بالمرة، بحيث يسمع سائر أهل البلد. ويقولون: قد أذن بلك. وكان في شبيبته حمالا على الخشب. وكان من أطول الرجال، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 128 111 - بيليك الجلالي. الأمير بدر الدين، من أمراء دمشق. ودفن بالجبل. 112 - بيمند الإفرنجي. صاحب طرابلس. توفي فيها، وملك بعده ولده. - حرف الخاء - 113 - الخضر بن خليل. أبو العباس الهكاري، الصوفي، المؤذن. توفي بالقاهرة في رجب. قال الشريف: سمعت منه. روى عن: إبراهيم السنهوري. 114 - خلف بن علي بن أبي بكر بن علي. أبو القاسم العسقلاني، ثم التوني، الدمياطي. عاش نيفا وسبعين سنة. وكان راغبا في الحديث وطلبه. روى عن: ابن المقير. ومات في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 129
- حرف الراء - 115 - الرشيد بن أبي الدر. المكيني، المقرىء. واسمه: أبو بكر. قرأ القراءآت بدمشق على: السخاوي، والزين الكردي. وبالإسكندرية على: ابن عيسى، وجعفر الهمداني. وبمصر على: أبي منصور عبد الله بن جامع. وقرأ للكسائي ختمة على أبي القاسم الصفراوي. وقرأ بالقراءآت العشر على: التقي بن ناسويه، والمرجى بن شقيرة. وقرأ ليعقوب على العفيف ابن الرماح. وكان خبيرا بالقراءآت، بصيرا بالتجويد والأداء. قرأ عليه: رضي الدين بن دبوقا القراءآت، ثم عرضها على السخاوي. وكان يقرىء في أيام السخاوي. وقرأ عليه القراءآت الشيخ محمد المصري، وغير واحد. - حرف الزاي - 116 - زهير بن عمر بن زهير. الزرعي، الفقيه الحنبلي. ولد بزرع سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق ليشتغل، فسمع من: عمر بن طبرزد، ومحمد بن وهب بن الشريف، وشيخه الشيخ الموفق. وحدث بدمشق، وزرع. وكان إنسانا مباركا، فقيها، فاضلا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 130 سمع منه جماعة كبيرة منهم: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وحفيده الشهاب محمد بن عمر، والبرهان الذهبي. وتوفي في ذي القعدة. 117 - زينب بنت نصر بن عبد الرزاق الجيلي. روت عن زيد بن هبة الله ببغداد. - حرف السين - 118 - سعد الله بن سعد الله بن سالم بن واصل. زين الدين الحموي، الطبيب. كان بصيرا بالعلاج، ماهرا بالفن، دينا. توفي في شوال. 119 - سليمان بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم. أبو الربيع الهذباني، الإربلي، الشافعي. توفي في رمضان عن بضع وسبعين سنة. وكان فقيها فاضلا، منقطعا بمدرسة الشافعي بالقرافة. وحدث عن مكرم. 120 - سليمان الملك المغيث بن الملك السعيد عبد الملك بن الصالح إسماعيل. ولد سنة خمسين وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 131 ومات في صفر شابا، ودفن بتربة أم الصالح، وشيعه الأمراء وبكوا عليه. - حرف الشين - 121 - شجاع بن هبة الله بن شجاع. زين الدين ابن الهليس الأنصاري، المصري، الشافعي. ولد سنة ست وستمائة، وحدث عن: عبد العزيز بن باقا، ومكرم. ومات في أول المحرم. - حرف الصاد - 122 - الصفي. المؤذن مجامع دمشق. شيخ معمر، صالح، مشهور. شيعه خلق، وأذن في الجامع نحوا من ستين سنة. وقيل إنه جاوز المائة. - حرف العين - 123 - عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن بن عطاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 132 قاضي القضاة، شمس الدين، أبو محمد الأدرعي، الحنفي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وداود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وتفقه ودرس وأفتى، وصار المشار إليه في المذهب. وولي عدة مدارس. وناب في القضاة عن صدر الدين ابن سني الدولة، وغيره. ثم ولي قضاء الحنفية لما جددت القضاة الأربعة. وكان إماما فاضلا، دينا، متواضعا، محمود السيرة، حسن العشرة، قانعا باليسير، قليل الرغبة في الدنيا، تاركا للتكلف. تفقه عليه جماعة. ولقد صدع بالحق لما حصلت الحوطة على البساتين، فجرى الكلام في دار العدل بدمشق بحضور السلطان، فكل ألان القول، ودارى الحدة من الدولة، وخشي سطوة الملك، إلا هو، فإنه قال: ما يحل لمسلم أن يتعرض لهذه الأملاك، ولا إلى هذه البساتين، فإنها بيد أصحابها، ويدهم عليها ثابتة. فغضب السلطان الملك الظاهر، وقام وقال: إذا كنا ما نحن مسلمين أيش قعودنا؟ فأخذ الأمراء في التلطف، وقالوا: لم يقل عن مولانا السلطان. ولما سكن غضبه قال: أثبتوا كتبنا التي تخصنا عند الحنفي. وتحقق صلابته في الدين، ونبل في عينه. روى عنه: قاضي القضاة شمس الدين ابن الحريري، وأبو الحسن بن العطار، وجماعة. ومات في جمادى الأولى بمنزله بسفح قاسيون، وشيعه خلائق، ولم يخلف بعده مثله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 133 124 - عبد الرحمن بن أحمد بن القاضي شمس الدين أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن جميل. الصدر، نجم الدين، أبو بكر بن القاضي تاج الدين بن الشيرازي، الدمشقي. من بيت الرواية والعلم والرئاسة والنبل. روى عن: عمر بن طبرزد، وزيد بن الحسن الكندي، وداود بن ملاعب، وابن الحرستاني، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والمجد بن الصيرفي، وجماعة. كان من أعيان الشهود. وهو والد شيخنا الزين إبراهيم. توفي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة بدمشق. وقد سمع جميع ((المسند)) من حنبل. مولده تقريبا سنة ثمان وتسعين. 125 - عبد الرحمن بن أبي علي بن المخلص إبراهيم بن قرناص. جمال الدين الحموي. صدر كبير محتشم، كثير الأموال وافر الديانة. من أعيان بلده. توفي بحماة في ربيع الأول، وهو في عشر السبعين. 126 - عثمان بن محمد بن الحاجب منصور بن عبد الله بن سرور. فخر الدين، أبو عمرو الأميني، الدمشقي، نزيل القاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 134 أخو الحافظ أبي الفتح عمر بن الحاجب. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: هبة الله بن طاوس والشيخ الموفق، وابن أبي لقمة، وابن البن، وهذه الطبقة مع أخيه. كتب عنه الطلبة المصريون. ومات في رابع ربيع الآخر. والأميني نسبة إلى أمين الدولة صاحب صرخد. وممن روى عنه الأمير علم الدين الدواداري. 127 - عثمان بن أبي الرجاء. فخر الدين ابن السلعوس التنوخي، الدمشقي، التاجر. والد الصاحب شمس الدين. وكان عدلا، مسموع القول. 128 - عزيزة بنت عثمان بن طرخان بن بزوان. أم المعالي الشيبانية الموصلاية. ولدت بإربل في حدود سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمعت من: مسمار بن العويس النيار مع ابن عمها زوجها أبي الفضل عباس بن بزوان. وحدثت بالقاهرة. وبها توفيت في المحرم. 129 - علي بن الفضل بن عقيل بن عثمان النظام. أبو الحسن الهاشمي، العباسي، الدمشقي، المعدل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 135 توفي بدمشق في ثالث عشر رجب وله ثمانون سنة. أجاز لشيخنا ابن تيمية وإخوته. سمع منه: ابن الخباز. روى عن أبيه. وأجاز له الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وغيرهما. 130 - علي بن محمد بن هبة الله بن محمد. الرئيس، العدل، علاء الدين، ابن القاضي أبي نصر ابن الشيرازي، الدمشقي. أخو القاضي تاج الدين أحمد، وعماد الدين محمد. سمع من: الكندي، وابن الحرستاني، وداود بن ملاعب. وكتب عنه الطلبة. وتوفي في جمادى الآخرة. 131 - عمر بن محمد بن حسين. مجير الدين، الطحان، الدمشقي. شاب مليح، بارع الحسن. قرأ القراءآت على الشيخ زين الدين الزواوي، والعماد الموصلي. وحفظ ((التنبيه)) و ((الجرجانية)) و ((الشاطبية)). وقال الشعر. وتوفي شابا في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 136 132 - عمر بن يعقوب بن عثمان بن أبي طاهر. الشيخ تقي الدين، أبو الفتح الإربلي، الذهبي، الصوفي. ولد سنة ثمان وتسعين بإربل. وسمع بدمشق من: أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، والمسلم المارني، وابن الزبيدي، وابن صباح، وطبقتهم. وأجاز له: أبو جعفر الصيدلاني، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وجماعة. وحدث بمصر والشام. وكان صوفيا خيرا، ساكنا. وهو أخو يوسف والد شيخنا مجد الذهبي. توفي يوم عيد الأضحى بدمشق. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والدواداري، والمجد الصيرفي، وجماعة. وكان محبا للرواية، ومن صوفية الخانقاه السميساطية. وحدث بالقاهرة بقراءة الشيخ قطب الدين ابن القسطلاني، وبقراءة الشيخ شرف الدين حسن بن علي بن الصيرفي. - حرف الميم - 133 - محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحيم. الصدر، عز الدين ابن المولى كمال الدين ابن العجمي، الحلبي، الكاتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 137 أخو الرئيس بهاء الدين. رتب في كتابة الإنشاء بعد والده بدمشق. وتوفي شابا، رحمه الله. 134 - محمد بن إسحاق. الزاهد، شيخ، أهل الوحدة، صدر الدين القونوي، صاحب التصانيف. قال الكازروني: بلغني أنه توفي في سابع عشر المحرم سنة ثلاث. قلت: مر بلقبه سنة اثنتين. 135 - محمد بن عبد الغني بن عبد الكريم بن نعمة. الإمام، زكي الدين، أبو عبد الله المضري الحندفي، الثوري، المصري، المقرىء، المعروف بابن المهذب. ولد سنة خمس وستمائة. وقرأ القراءآت، وتصدر لإقرائها بجامع مصر. وكان صالحا، ساكنا، فاضلا. توفي في رمضان. 136 - محمد بن علي بن موسى بن عبد الرحمن. الشيخ، أمين الدين، أبو بكر الأنصاري، المحلي، النحوي. أحد أئمة العربية بالقاهرة. تصدر لإقرائها، وانتفع به الناس. وله شعر حسن. ومات في ذي القعدة عن ثلاث وسبعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 138 وله تصانيف حسنة، منها أرجوزة في العروض. 137 - محمد بن مرتضى بن أبي الجود حاتم بن المسلم. أبو الطاهر الحارثي. شيخ، صالح دين. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله مولى ابن باقا، وعلي بن المفضل الحافظ، وأبي عبد الله بن البنا. وحدث. روى عنه: الدواداري، وغيره. ومات في جمادى الأولى. 138 - محمد بن أبي الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم. أبو عبد الله بن علان القيسي، الدمشقي. سمع من: الزبيدي، وابن اللتي، وجماعة. وتوفي في ذي الحجة وله إحدى وستون سنة. مات فجأة. روى لنا عنه ابن العطاء. 139 - محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. العلامة، القاضي، أبو الحسين ابن العلامة المصنف المتكلم، قاضي غرناطة أبي عامر الأشعري، اليماني ؛ القرطبي المحتد، الغرناطي الدار والملحد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 139 أحد فرسان الكلام. روى عن: أبيه، وعمه أبي جعفر أحمد، وأبي القاسم أحمد بن بقي، وأبي الحسين علي بن محمد التجيبي، وأحمد بن إسحاق بن كوزانة المخزومي. وله إجازة من أبي الحسن الشقوري. قال الإمام أبو حيان: أجاز لي ونقلت أسماء شيوخه. وعمل برنامجا. إلى أن قال: وهو كان المشار إليه بالأندلس في العلوم العقلية من أصول الفقه وعلم الحساب والهندسة. وله معرفة بالطب ووجاهة عند السلطان أبي عبد الله محمد بن السلطان أبي عبد الله محمد بن يوسف بن نصر الخزرجي ابن الأحمر. وكان يعظمه ويقدمه. وكان أشعري النسب والمذهب، متجنيا على أهل البدع وعلى الفلاسفة. وكان يستطيل على أبي عبد الله محمد بن عصام الرقوطي بحضرة السلطان بسبب البحث، إذ كان يقال إن الرقوطي كان يميل لنصرة الفلاسفة. ولأبي الحسين تصانيف في المعقولات. قال: وسمعت قاضي القضاة أبا الفتح ابن دقيق العيد يقول: ما وقفنا على كلام أحد من متأخري المغاربة مشبها لكلام العجم مثل كلام هذا، يعني أبا الحسين. وقال لنا أبو جعفر بن الزبير: ما بقي بالمغرب مثل أبي الحسين في قلت فنونه. قتل: وهو أخو أبي القاسم عبد الله بن يحيى، الراوي عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى، وأبي الحسن علي بن محمد الشقوري، وأبي الحسن بن خروف، وقد مر سنة ست وستين وستمائة. وأخو أبي الزهر ربيع بن يحيى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 140 المتوفى سنة سبع وستين، وأخو أبي عبد الله محمد بن يحيى نزيل مالقة، وكان شروطيا، وهو آخر من حدث عن أبيه بالسماع، وعمر دهرا طويلا. بقي إلى سنة تسع عشرة وسبعمائة. فأما العلامة أبو الحسين فتوفي بغرناطة في ثالث جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، ولم يعقب إلا ولدا صغيرا وبنتا. فالولد كبر وقدم دمشق سنة خمس وتسعين، وسمع معنا من الشرف ابن عساكر وطائفة. وهو أبو العباس أحمد بن محمد الصوفي. ثم دخل بلاد العراق والعجم، ورجع ومات كهلا. 140 - محمد بن يحيى بن الفضل بن يحيى بن عبد الله بن القاسم. القاضي محيي الدين بن القاضي تاج الدين الشهرزوري، الموصلي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. له شعر وأدب. ترك زي بيته ولبس زي الأجناد. وكان أبوه قاضي الجزيرة. توفي محمد بمصر في ربيع الآخر. وروى عنه الدمياطي من نظمه. 141 - مسلم البدوي. البرقي، الزاهد، شيخ الفقراء. له زاوية بالقرافة الصغرى، وأصحاب ومريدون، وكان مقصودا بالزيارة والتبرك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 141 توفي في ربيع الأول. 142 - منصور بن سليم بن منصور بن فتوح. الإمام، المحدث، وجيه الدين، أبو المظفر الهمداني، الإسكندراني، الشافعي، محتسب الثغر. ولد في ثامن صفر سنة سبع وستمائة. وسمع من: محمد بن عماد الحراني، وجعفر الهمداني، وابن رواج، وجماعة من أصحاب السلفي. وسمع ببغداد من: ابن روزبة، والقطيعي، وأبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن، وجماعة من أصحاب شهدة. وبمصر من: مرتضى بن أبي الجود، وعلي بن مختار، وطبقتهما. وبدمشق من: الناصح بن الحنبلي، وابن اللتي، ومكرم، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 142 وبحران من: حمد بن صديق، وغيره. وبحماه من: القاسم بن رواحة. وبحلب من: الموفق يعيش، وابن خليل، وجماعة. وبمكة من: أبي النعمان بشير بن سليمان. وصنف وخرج، وعني بالحديث والرجال والتاريخ والفقه وغير ذلك. ودرس بالإسكندرية، وجمع ((المعجم)) لنفسه. وخرج ((أربعين حديثا في أربعين بلدا))، ولكن بعض بلدانه قرى ومحال. وصنف ((تاريخا للإسكندرية)) في مجلدتين. وكان دينا، خيرا، حميد الطريقة، كثير المروءة، محسنا إلى الرحالة، لين الجانب. كتب عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين. ولم يخلف بعده ببلده مثله. ويعرف بالوجيه ابن العمادية. سمعت من أخويه لأمه أبي القاسم الهواري وأخته وجيهية. توفي ليلة الحادي والعشرين من شوال. - حرف النون - 143 - نصر الله بن عبد المنعم بن نصر الله بن أحمد بن جعفر بن حواري بن الشيخ. شرف الدين، أبو الفتح التنوخي، الدمشقي، الحنفي، الأديب. ويعرف بابن شقير أيضا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 143 ولد سنة أربع وستمائة. وسمع ((الأربعين))، من أبي الفتح البكري، وسمع من داود بن ملاعب، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وآخرون من كهول شيوخنا. وخطه أسلوب غريب. وكتب بخطه نسخا كثيرة بالأربعين القشيرية الأسعدية. وكان من سمع منه وهبه نسخة. وكان أديبا فاضلا، حسن المحاضرة، حفظة للأشعار والأخبار والنوادر، حسن البزة، كريما، متجملا. عمر في آخر عمره مسجدا عند طواحين الأشنان على النهر، وتأنق في عمارته. وكان يدعو إليه الأصحاب، ويبالغ في الاحتفال. توفي رحمه الله في ربيع الآخر ودفن بمغارة الجوع. وهو أخو محمد. - حرف الياء - 144 - يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد. المحدث، الملقب بالحافظ اليغموري، جمال الدين، أبو المحاسن الأسدي، الدمشقي. ولد في حدود الستمائة. وسمع الكثير بدمشق، والموصل، ومصر، والإسكندرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 144 وعني بالحديث وتعب فيه، وحصل وكتب الكثير. وكان له فهم ومعرفة وإتقان، ومشاركة في الآداب والتواريخ. وله جموع حسنة لم أرها، بل أثنى على فضائله الشريف عز الدين، وقال: ((توفي في ليلة الحادي والعشرين من ربيع الآخر. وسمعت منه. وكان حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، مشغولا بنفسه. وقال الدمياطي: يوسف بن أحمد أبو العز أخو محمود بن الطحان التكريتي الجد، الموصلي الأب، الدمشقي المولد، المحلي الوفاة رفيقنا، أنبا قال: أنبا أحمد بن الأصفر سنة ست عشرة. قلت: وروى عنه: الدواداري أيضا، وجماعة. توفي عند شهاب الدين ابن يغمور. وتوفي ابن يغمور بعده بشهر. وكان يصحب والده جمال الدين نائب السلطنة، فعرف به. الكنى 145 - أبو غالب بن أبي طالب بن مفضل بن سني الدولة. زين الدين الدمشقي، أخو مفضل الآتي سنة سبع. سمعا من: حنبل. كتب عن هذا: ابن جعوان، وابن العطار. وتوفي في هذه السنة. وفيها ولد: شمس الدين محمد بن يوسف بن أبي الفرج العسقلاني المقرىء، الفقيه، صاحبي رحمه الله، في شعبان، وولدت أنا في ربيع الآخر، وفي شوال ولد قاضي القضاة تقي الدين أحمد بن عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض الحنبلي، بمصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 145 وفيها ولد: المفتي شرف الدين حسين بن علي بن إسحاق بن سلالم الشافعي، وأبو عبد الله محمد بن جابر الوادياشي التونسي، المقرىء، والمولى علاء الدين علي بن محمد القلانسي، وقاضي حلب كمال الدين عمر بن عبد العزيز بن العديم، وإبراهيم ابن قاضي حماة شرف الدين البارزي، وعلاء الدين علي ابن شيخنا البرهان الإسكندري، والفقيه الزاهد نور الدين علي بن يعقوب البكري، المصري، والشيخ صدر الدين سليمان المالكي، الغماري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 146
سنة أربع وسبعين وستمائة
- حرف الألف - 146 - أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الأحد بن عبد العزيز. تقي الدين، أبو العباس بن العنيقة الحراني، الحنبلي، العطار، أخو شيخنا عبد الملك. شيخ جليل فاضل. سمع من: الموفق بن يعيش، وابن رواحة، وابن خليل، وجماعة بحلب. ورحل إلى بغداد، وكتب عن الشيخ يحيى الصرصري ديوانه، ونقله إلى دمشق. روى عنه: ابن الخباز، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو الحسن بن العطار، وجماعة. توفي في صفر بدمشق، وله 63 سنة. 147 - أحمد بن الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله. علم الدين، أبو الحسين المنذري، المصري. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع من: عبد العزيز بن باقا، وأبي الحسن بن المقير، وأصحاب السلفي. وأضر قبل موته. وكان يحفظ أشياء مفيدة ويذاكر بها. كتب عنه جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 147 ومات في ربيع الأول. 148 - إبراهيم بن عبد الرحيم بن علي بن شيت. كمال الدين، أبو إسحاق القرشي، الكاتب، الأمير. خدم الناصر داود مدة، وترسل عنه، ثم خدم الناصر يوسف، فأعطاه خبزا، واعتمد عليه وقربه. ثم ولي الرحبة للملك الظاهر، ثم ولاه بعلبك. وله أدب وترسل ونظم، ومعرفة بالتاريخ والأخبار. وكان يحفظ متون ((الموطأ))، وله اعتناء بالحديث. وقد روى عن: القاضي أبي القاسم بن الحرستاني. وثنا عنه أبو الحسين اليونيني. وكان أبوه جمال الدين من كبراء دولة المعظم. توفي الكمال في صفر بالساحل، وقد نيف على الستين، وحمل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 148 فدفن بمقابر بعلبك. 149 - إبراهيم بن يحيى بن غنام. النميري، الحراني. أبو إسحاق العابر، ناظم كتاب ((درة الأحلام)) في علم التعبير. وله قصيدة لامية في التعبير. وقد سكن بمصر، وكان رأسا في التعبير. مات في جمادى الأولى بالقاهرة. 150 - إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الله بن حرب. الفارقي. عدل، له ملك جيد. حدث ((بصحيح البخاري)) عن ابن الزبيدي. ثنا عنه إسحاق الآمدي. توفي في جمادى الآخرة. 151 - إسماعيل بن سليمان بن بدر. أبو الطاهر الأنصاري، الجيتي، المصري. يروي عن: ابن عماد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 149 روى عنه: الدواداري، وغيره. ومات في شعبان. 152 - إسماعيل بن إبراهيم بن نصر. الفارقي، بدر الدين. سمع: ابن الزبيدي. 153 - أيبك. الأمير عز الدين الإسكندراني، الصالحي. من خواص الملك المعز، ثم ولي بعلبك مدة للظاهر، ثم ولاه الرحبة. وقد تزوج بابنة الشيخ الفقيه محمد اليونيني. وكان فيه كرم وديانة. توفي بالرحبة في رمضان، وهو من أبناء الستين. - حرف الحاء - 154 - حبيبة بنت الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة. أم أحمد، زوجة الإمام تقي الدين محمد بن محمود المراتبي وأم أولاده. روت عن: حنبل، وابن طبرزد. وأجاز لها: عبد الوهاب بن سكينة، وعائشة بنت معمر، وجماعة. وكانت صالحة، عابدة، قوامة تالية لكتاب الله. تلقن نساء الدير. وكانت تنكر على أخيها الشيخ شمس الدين دخوله في القضاء وفي التوسع من الدنيا وكثرة الأواني والقماش. رضي الله عنها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 150 روى عنها: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وابن العطار، وغير واحد. وتوفيت في ثاني عشر ذي القعدة، وهي في عشر الثمانين. 155 - الحسن بن علي بن الحسن. السيد فخر الدين ابن أبي الجن العلوي، الحسيني، الدمشقي، نقيب الأشراف. توفي في ربيع الأول عن نيف وستين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 151
- حرف الخاء - 156 - خاص ترك. الأمير ركن الدين الكبير. من أعيان الدولة. توفي بدمشق، ودفن بقاسيون. وكان عالي الرتبة عند الملك الظاهر. توفي في ربيع الأول. 157 - الخضر، ويسمى مسعود، ابن عبد السلام. ويسمى أبوه عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه. الشيخ الكبير سعد الدين أبو سعد ابن شيخ الشيوخ تاج الدين، أخو شيخ الشيوخ شرف الدين. ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 152 وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وجماعة. وأجاز له: عبد المنعم بن كليب، وأبو الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد الكربي، وجماعة. وخدم في شبيبته، وتعانى الجندية مع بني عمه الأمراء الأربعة. ثم تصوف ولبس البقيار. وأمه من ذرية أبي القاسم القشيري. وقد جمع تاريخا في مجلدتين. وكان لديه فضيلة، وشعر حسن. ومرض في أواخر عمره، وقل بصره. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وأجاز لي مروياته، وكتب عنه بذلك الشيخ أبو الحسن الموصلي. وتوفي في ذي الحجة، رحمه الله. وكان مشاركا لأخيه في المشيخة. نقلت من خط سعد الدين، وأجازه لي. قال: رأيت عند خطيب القاهرة فخر الدين القاضي السكري قشر حية أهدي لوالده من الهند، عرضه ثلاثة أشبار. قال: ورأيت بقرية من أعمال الزبداني سنة ثلاث وخمسين وستمائة شجرة جوز دورها اثني عشر ذراعا، وحملها مائة ألف وعشرون ألف جوزة. قال: ورأيت بقرب ميافارقين شجرة بلوط، قست دورها اثنين وعشرين شبرا. ونزلت عند الملك المظفر غازي ابن العادل، فأحضروا بين يدي جديين توأم، وجه أحدهما قريب من وجه الآدمي، وله خرطوم كالخنزير، وتحت الخرطوم عينان، وفي جبهته عينان أيضا، وله فم كفم الآدمي، ولسان عريض. ورأيت أيضا جديا بفرد عين في وسط جبهته، وله إليه مثل الضأن. - حرف الراء - 158 - الربيع بن سلمان بن محمد بن سالم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 153 شمس الدين، أبو الفضل القرشي. سمع ((الصحيح)) من ابن الزبيدي. وحدث. وكان رجلا فاضلا من أبناء السبعين. توفي بحمص. - حرف السين - 159 - سنجر. الأمير علم الدين الحصني. توفي بدمشق في جمادى الأولى. وكان من أمراء الألوف. وقد باشر نيابة السلطنة في دمشق وقتا. 160 - سيف الدين الحجامي. الأمير. توفي أيضا في جمادى الأولى بدمشق. - حرف الصاد - 161 - صبيح. عتيق الحافظ عبد العظيم. سمع الكثير، وحدث عن: مكرم. ومات في صفر بمصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 154
- حرف الطاء - 162 - طرخان بن إسحاق بن طرخان. الشاغوري. روى عن: أبيه. له خطب وأدب. 163 - طغريل. الأمير سيف الدين والي البر بدمشق. لعله الحجامي. - حرف العين - 164 - عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن إلياس. الصدر الصالح، بدر الدين، أبو محمد الأنصاري، ابن الشيرجي. أخو القاضي عماد الدين محمد. روى عن: الحسين بن الزبيدي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. وتوفي في المحرم. وكان يلبس بزي الفقراء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 155 وسمع من القزويني، ومن جده. وأجاز لي مروياته. 165 - عبد الله بن أبي القاسم بن علي بن مكي بن ورخز. أبو محمد البغدادي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من: ابن الأخضر، وعمر بن الحسين بن المعوج، وأحمد بن علي الغزنوي، وعدة. روى القلانسي، وابن عبد الصمد، والدقوقي، والصدر بن حمويه، وخلق عنه. 166 - عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب. الملك المسعود بن الملك الصالح. رئيس جليل. وهو أخو الملك المنصور محمد والملك السعيد أبي الكامل. توفي في جمادى الأولى بدمشق. 167 - عبد الله بن شكر بن علي. اليونيني. شيخ، صالح، عابد، قانع، متعفف. صحب المشايخ، وسمع الكثير في كهولته. روى عنه: ابن الخباز. قال قطب الدين: كان قانعا باليسير، متحريا في مطعمه وملبسه،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 156 ويتقوت من مغل أرض له، لعل مغلها خمسون درهما. وحصل له من الجوع يبس أورثه تخيلات فاسدة. وتوفي بدمشق في رمضان وقد جاوز السبعين. حدث عن: الحافظ الضياء. وروى عنه: ابن تمام، وابن الخباز. 168 - عبد الرحمن بن داود بن رسلان. الشيخ عماد الدين، أبو القاسم القرشي، المخزومي، المصري، السمربائي. وسمربية من أعمال الغربية. عاش ثمانين سنة. وكان دينا، خيرا، مشهورا، له فضل وأدب. توفي رحمه الله في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 157 169 - عبد الرحمن بن الشيخ المقرىء أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى. أبو المعالي اللخمي، الإسكندراني. قرأ القرآن على أبيه. وتصدر للإقراء. وحدث. لقبه: عز الدين. وقد أجاز له: الكندي، وداهر بن رستم، وخلق. وقرأ أيضا بالسبع على جعفر الهمداني. وسمع ((جامع الترمذي)) سنة إحدى عشرة من ابن البنا. ومولده تخمينا سنة أربع وستمائة. ومات في عاشر ربيع الأول بالإسكندرية، وله سبعون سنة. 170 - عبد الرحمن بن العلامة أبي العز مظفر بن عبد الله. شرف الدين، أبو القاسم الأنصاري، الخزرجي، المصري، المعروف أبوه بالمقترح. ولد بالإسكندرية سنة سبع وستمائة. وسمع من عبد الله بن محمد بن مجلي. وحدث. ومات في رجب. 171 - عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 158 العجمي، زين الدين، أبو المظفر العدل، العاقد بالقاهرة. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الافتخار، وثابت بن مشرف. روى عنه الدمياطي من نظمه. وتوفي في ذي القعدة بالقاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 159 172 - عثمان بن عبد الكريم. سديد الدين الصنهاجي، الشافعي. توفي في ذي القعدة عن تسع وستين سنة. وقد درس واشتغل وناب في قضاء القاهرة. 173 - عثمان بن موسى بن عبد الله. الفقيه الزاهد، أبو عمرو الإربلي، ثم الآمدي. إمام الحنابلة بمكة. يروي عن: يعقوب بن علي الحكاك، ومحمد بن أبي البركات. روى عنه: الدمياطي، وابن العطار. وكتب إلي بالإجازة. توفي في جمادى الأولى، وصلي عليه يوم جمعة بدمشق صلاة الغائب. وكان من الزهاد، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 160 174 - عثمان بن هبة الله بن عبد الرحمن بن مكي بن الإمام أبي الطاهر إسماعيل بن عوف. أبو الفتح القرشي، الزهري، العوفي، الإسكندراني، المالكي، الشماع. آخر أصحاب عبد الرحمن بن موقا بالسماع. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وتوفي في سلخ ربيع الأول بالإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان الإربلي، وعلم الدين الدواداري، والقاضي سعد الدين الحارثي، وجماعة كبيرة. وعاش خمسا وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة. 175 - علي بن أحمد بن العقيب. الشيخ نور الدولة العامري، البعلبكي، النحوي. أخذ العربية عن: ابن معقل الحمصي. وله شعر جيد. وفي دين وشرف نفس، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 161 توفي ببعلبك في ربيع الأول. 176 - علي بن أنجب بن عثمان بن عبيد الله. الشيخ تاج الدين، أبو الحسن، وأبو طالب ابن الساعي البغدادي، المؤرخ، خازن كتب المستنصرية. توفي في رمضان وقد قارب الثمانين أوجاوزها. وكان أديبا فاضلا، إخباريا، عمل تاريخا، وما زال يجمع فيه إلى أن مات. وعمل تاريخا لشعراء زمانه، وذيل على ((الكامل)) لابن الأثير. وله كتاب ((غزل الظراف)) في مجلدين أجازه عليه المستنصر بالله بمائة دينار. وله كتاب ((التاريخ المعلم الأتابكي))، إلتمس منه تأليفه صاحب شهرزور نور الدين أرسلان شاه بن زنكي بن أرسلان شاه بن السلطان عز الدين مسعود بن السلطان قطب الدين مودود بن زنكي بن آقسنقر التركي، وفي أخبار بيتهم، وأجازه عليه بمائة دينار. وله كتاب ((نزهة الأبصار)) في ختان ابني المستعصم الشهيد، وما أنفق
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 162 عليهما من الأموال، وتفاصيل ما عمل من المآكل والملبوس، وما عمل من المدائح، فأعطي عليه مائة دينار. وكان إقبال الشرابي ينفذ إليه بالذهب ويحترمه. وله في إقبال مدائح، وفي غيره. ولقد أورد الكازروني في ترجمة ابن الساعي أسماء التصانيف التي صنفها، وهي كثيرة جدا، لعلها وقر بعير، منها ((مشيخته)) بالسماع والإجازة في عشر مجلدات، فروى بالإجازة عن أبي سعد الصفار، فأحسبها العامة. وعن: عبد الوهاب بن سكينة، والكندي، وابن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي. وسمع من: أصحاب أبي الوقت. وقرأ على ابن النجار ((تاريخه الكبير لبغداد))، وقد تكلم فيه، فالله أعلم. وله أوهام. قال ابن أنجب: وفي رجب سنة أربع وثلاثين وستمائة، برز إلي من البر المستنصري مائة دينار في مقابلة كتاب وسمته بكتاب ((الإيناس في مناقب خلفاء بني العباس)). وله كتاب ((الحث على طلب الولد)) ألفه باسم مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير، فقدمه له يوم عرسه على ابنة صاحب الموصل لؤلؤ. وحكى ابن أنجب أنه اشترى مملوكا بخمسة عشر دينارا. قال: ثم بعته بمائة دينار على الأمير بكلك، فوهبه لفتاه سنقر شاه، فظهرت منه نهضة تامة، وكفاة، وكثرت أمواله، إلى أن نقم أستاذه، وأخذ من أمواله ما قيمته أزيد من مائة ألف دينار، فلما انتهى أمره إلى الديوان أحضر من خوزستان، وكان سنقر جاء زعيمها، فساعة وصوله، واسمه أدرج، خلع عليه وألحق بالزعماء. فلم تطل أيامه حتى توفي. وكان ينفذ إلي في كل سنة بمائة دينار من ابتداء سعادته إلى أن مات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 163 قلت: وله من التواليف: ((تاريخ الوزراء))، و ((تاريخ نساء الخلفاء من الحرائر والإماء)) ومنهن سمر أم أولاد المستعصم الأمراء أحمد، وعبد الرحمن، ومبارك. وله مصنف في ((سيرة المستنصر))، وآخر في ((سيرة الناصر)). ومصنف في ((أخبار أهل البيت)). وله عدة تواليف. وعاش اثنتين وثمانين سنة. وقد ذكر الظهير الكازروني له ترجمة طويلة وأثنى عليه بالديانة، رحمه الله تعالى. 177 - علي بن عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن شيث. أخو كمال الدين إبراهيم. القرشي، علاء الدين. ولد سنة إحدى وستمائة. وكان الأكبر. وحدث بالقاهرة، أظن عن ابن الحرستاني. مات في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 164 178 - علي بن عمر بن عبد العزيز. القرشي، كمال الدين، العدل، أخو المعين المحدث. توفي بدمشق في جمادى الأولى. سمع من: الكندي، وابن الحرستاني. وحدث. 179 - علي بن محمد بن علي. الآمدي، الرئيس، موفق الدين الكاتب. كان متعينا لنظر الدواوين الكبار. وطال عمره وتقلب في الخدم. ثم صار إلى نظر الكرك والشوبك، ومات هناك في ذي الحجة وله خمس وثمانون سنة. وقدم الشام هو وأخوه في أيام الملك الكامل. 180 - علي بن محمد بن نصر الله. الصاحب علاء الدين ابن منتجب الدين الحلبي، وزير صاحب حماة. وزر إلى أن مات في الكهولة في صفر بحماة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 165
- حرف الفاء - 181 - الفارقاني. الأمير بدر الدين. توفي في جمادى الآخرة. - حرف الميم - 182 - محمد بن الجمال أبي صالح عبد الله بن أبي أسامة. الشيخ الضال، مفيد الدين ابن الأحواضي، رأس الشيعة الغلاة وقدوتهم. مات في جمادى الأولى بقرية حراجل بالحاء المهملة من جبل الجرد، وقد قارب الأربعين. وكان كثير الفنون والفضائل، عريا من علم الكتاب والسنة. ولكنه محكم للمنطق والفلسفة ومذهب الأوائل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 166 183 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد. ويسمى أيضا: عبد العزيز، العدل، عماد الدين، أبو عبد الله بن الصائغ الأنصاري، الدمشقي أخو قاضي القضاة عز الدين. ولد سنة إحدى عشرة وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن صباح، ومكرم بن أبي الصقر. ولازم ابن العربي محيي الدين، وكتب جملة من تصانيفه. نسأل الله السلامة، ولكن ما أظن فهم مغزاه. وقد درس بالعذراوية. وكان بصيرا بالأدب، بارعا في معرفة المساحة والقسمة. وكان من شهود الخزانة. كتب عنه جماعة، وأجاز لي مروياته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 167 ومات، سامحه الله وغفر له، في رجب. 184 - محمد بن عبيد الله بن جبريل. الصدر زين الدين المصري. شاعر كاتب. وهو القائل: (أيا بديع الجمال رق لمن .......... ستر هواه عليك مهتوك)
(دموعه في هواك جارية .......... وقلبه في يديك مملوك) 185 - محمد بن مزيد بن مبشر. أبو عبد الله الخويي. صالح خير، له رواية. توفي في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 168 186 - محمد بن أبي بكر. أبو منصور بن النعال، عرف بابن الكرك. من شيوخ الحديث ببغداد. مات، رحمه الله، في شوال. 187 - مبارك بن حامد بن أبي الفرج. تقي الدين الحداد. رأس الرافضة. توفي في عشر السبعين، وله صيت في الحلة والكوفة. ومات ببعلبك، رثاه الجمال بن مقبل بقصيدة أولها: (لو أن البكاء يجدي على أثر هالك .......... بكينا على الزهر التقي مبارك)
(يرى ود آل المصطفى خير متجر .......... وإن صد عنه بالظبا والنيازك) 188 - محمود بن عابد بن حسين بن محمد. الشيخ تاج الدين، أبو الثناء التميمي، الصرخدي، النحوي، الشاعر المشهور، الحنفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 169 ولد بصرخد في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وكان فقيها فاضلا، نحويا، بارعا، شاعرا، محسنا، زاهدا، متعففا، خيرا، متواضعا، قانعا، فقيرا، كبير القدر، دمث الأخلاق، وافر الحرمة. توفي بالمدرسة النورية في ربيع الآخر. كتب عنه: الدمياطي، والأمير شمس الدين محمد بن التيتي، وجمال الدين ابن الصابوني. ومن شعره: (لمعت بين حاجر والمصلى .......... نارهم فانجلى الظلام وولى)
(لا تعيدوا لنا حديثا قديما .......... حدثتناه عنكم الريح نقلا)
(مذ تناءوا فالعين تحسد القلب .......... عليهم وتبعث الدمع رسلا)
(وهي معذورة على مثل ليلى .......... بقتل المستهام نفسا وأهلا) وله: (خليلي ما لي لا أرى بان حاجر .......... يلوح ولا نشر الخزام يفوح)
(يعز علينا أن تشط بنا النوى .......... ولي عندكم قلب يذوب وروح)
(إذا نفحت من جانب الرمل نفحة .......... وفيها عرار للغوير وشيح)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 170
(تذكرتكم والدمع يستر مقلتي .......... وقلبي بأسباب البعاد جريح) وله: (بدا كقضيب البان والظبي إذ يعطر .......... يرنح عطفيه من الظلم اسفط)
(له من عبير الند في الخد نقطة .......... ينم بها من نبت عارضه خط)
(على خصره جال الوشاح كما غدا .......... على جيده من عجبه يمرح القرط)
(ومن عجب أن الظباء إذا رنا .......... تغار، وأن الأسد من لحظه تسطو)
(إذا ما تجلى في غياهب شعره .......... فللبدر من أنوار طلعته مرط)
(خذا لي أمانا من لحاظ جفونه .......... فما أحد من لحظه سالما قط) 189 - محمود بن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله. الإمام، المفتي، ظهير الدين، أبو المحامد الزنجاني، الشافعي الصوفي، الزاهد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 171 ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة ظنا. وسمع: الإمام شهاب الدين السهروردي وصحبه مدة، وعبد السلام الداهري، وأبا المعالي صاعد بن علي الواعظ، والمحدث أبا المعمر بدلا التبريزي. وكان فقيها، إماما، صالحا، زاهدا، كبير الشأن. اشتغل عليه جماعة. وروى عنه: أبو الحسن ابن العطار، وأبو الفدا ابن الخباز، وأبو عبد الله إمام الكلاسة الخطيب، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وكان إماما بالتقوية، وأكثر نهاره ومبيته بالسميساطية. حدث بكتاب ((العوارف)) عن المصنف. ومات في رمضان رحمه الله تعالى. 190 - مسعود بن عبد الله بن عمر. الجويني. ويسمى الخضر، وقد مر. 191 - موسى بن عيسى بن نجاد بن عيسى. أبو عمران الموصلي، الفقيه، الصالح، خطيب بيت لهيا. روى عن: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. روى عنه: ابن العطار. ومات في عشر الثمانين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 172
- حرف النون - 192 - نصر الله بن أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن أسد. بهاء الدين ابن سيده العدل. روى عن: ابن الزبيدي، والإربلي، وابن اللتي، وجعفر الهمداني. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وهو والد صاحبنا شرف الدين أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 173
- حرف الياء - 193 - يحيى بن أبي بكر بن عمر. السلاوي. صالح، زاهد، خير، مقرىء، معروف. توفي بدمشق في رمضان، رحمه الله، عن سبع وثمانين سنة. وكان إمام الزلاقة. 194 - يوسف بن محمد بن عبد الله بن علي. أبو المفاخر القرشي، المغيري. توفي في ذي القعدة. 195 - يحيى بن إسماعيل بن جهبل. محيي الدين الحلبي، الشافعي. مات في ربيع الآخر. حدث عن ابن الصلاح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 174
الكنى 196 - أبو بكر بن إبراهيم. الخلاطي. إمام مغارة الدم. إنسان مبارك. 197 - أبو بكر بن علي بن أبي بكر. تقي الدين الصوفي. من قدماء الصوفية بالسميساطية. سمع من: تاج الدين بن حمويه شيخ الشيوخ. وحدث. توفي في جمادى الآخرة. 198 - أبو بكر بن علي بن عبد الرحمن بن هلال. قطب الدين. روى ((الأربعين البلدانية)) لابن عساكر. سمع منه: ابن عبد الكافي. ومات في رمضان، رحمه الله تعالى. 199 - أبو الحسن بن عبد العظيم بن أبي الحسن بن أحمد بن إسماعيل. المحدث، العالم، مكين الدين ابن الحصني، المصري. ولد بمصر في أحد الجمادين سنة ستمائة. وسمع الكثير من الجم الغفير. وكتب وتعب، وحصل وفهم، وأكثر عن أصحاب السلفي. ذكره الشريف عز الدين فقال: توفي في تاسع عشر رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 175 وقال: كتبت عنه، ولم يزل يسمع ويفيد وتقرأ عليه الطلبة ويقرأ لهم إلى حين وفاته، وكان حسن القراءة، فاضلا، متميزا، ثقة، جميل السيرة. وسمعت منه ورافقته مدة، وسمعت بقراءته جملة من الكتب الكبار والأجزاء المنثورة. وكان حسن الأخلاق، مأمون الصحبة، كثير الإفادة. وقد سماه بعض الطلبة: ثابتا، وبعضهم: عليا. قلت: وله ولدان حيان شهدة، ومحمد قد حدثا. مات محمد قديما، وشهدة سنة إحدى وعشرين في المحرم. 200 - أبو القاسم بن إسماعيل بن الحسن. الكلائي، ابن العصيفر. روى عن: ابن الحرستاني. وفيها ولد، فخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ ؛ وعلاء الدين علي بن أبي بكر بن يوسف بن خضر الحرائي ؛ وتقي الدين عبد الرحمن بن عبد المحسن بن عمر الواسطي، الشافعي، المحدث في ذي الحجة ؛ وجمال الدين داود بن أبي الفرج الدمشقي، الصوفي، الطبيب ؛ وعز الدين عبد المؤمن بن عبد الرحمن بن العجمي، الحلبي، الزاهد، صاحب الخط المنسوب ؛ وبرهان الدين إبراهيم بن إسماعيل الزرعي، الشافعي، رحمه الله. وجمال الدين إبراهيم بن نصر الله بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الحموي، رحمه الله ؛ وشهاب الدين أحمد بن محمد بن المهذب كاتب الحكم ؛ وهمام بن منبه الصميدي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 176
سنة خمس وسبعين وستمائة
- حرف الألف - 201 - أحمد بن تمام بن حسان. الحاج الصالح، أبو العباس التلي، الصحراوي. والد الشيخ الزاهد. كان يضمن البساتين ويستغلها. روى عن: الشيخ الموفق، وغيره. وتوفي في جمادى الأولى بالصالحية. سمع: القزويني. 202 - أحمد بن عبد السلام بن المطهر بن أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون. الرئيس، العالم، القاضي، قطب الدين، أبو المعالي بن أبي محمد التميمي، الحلبي، الشافعي. ولد في رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وختم القرآن في أواخر سنة تسع وتسعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 177 وأجاز له: عبد المنعم بن كليب، وأبو الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وجماعة من العراق، وأبو [طاهر الخشوعي] من دمشق. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وغيرهم. وتفقه مدة، ولم يبرع في الفقه، لكن له محفوظات وبيت وجلالة، فدرس بالأمينية والعصرونية بدمشق. وطال عمره، وعلت رواياته، وأكثر عنه الطلبة. روى عنه: الدمياطي، وابن تيمية، وابن العطار، وابن الخباز، والدواداري، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. وقد أجاز لي جميع مروياته، وهو من أكبر شيوخي، واسمه في إجازة ابن عبدان المؤرخة بالمحرم سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وأجاز ابن كليب له بخطه في المحرم سنة ست. 203 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر. المحدث، المتقن، شرف الدين، أبو العباس الموصلي، الناسخ، نزيل دمشق. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: أبي عبد الله بن الزبيدي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 178 وصحب أبا عمرو بن الصلاح مدة، وكتب الكثير بخطه. روى عنه: ابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وتوفي في رجب بالأشرفية. 204 - أحمد بن محمد بن ميكال. الأمير، الأديب، العلامة، شهاب الدين الربعي، الكركي. له تصانيف ونظم ونثر، ويد طولى في العربية. من أعيان الجند. 205 - إبراهيم بن أحمد بن أبي المفاخر. الأزجي. سمع: ابن روزبة، والقطيعي، وابن اللتي. روى عنه بالإجازة شرف الدين ابن الكازروني. مات في المحرم. 206 - إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة بن خازم بن صخر. الزاهد العابد، أبو إسحاق الكناني، الحموي شيخ البيانية بحماة. كان صالحا، خيرا، كثير الذكر، دائم المراقبة، سلفي المعتقد. ولد بحماة سنة ست وتسعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 179 وسمع من: المفتي أبي منصور بن عساكر، وغيره. روى عنه ولده قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله، وخرج في أيامه من حماة وودع أصحابه وقال: أذهب فأموت بالبيت المقدس، فسار وزار، وأدركه الأجل كما أنطق الله به لسانه في بكرة يوم عيد النحر بالقدس الشريف، فرحمه الله تعالى ورضي عنه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 180 207 - إبراهيم بن مهلهل. نبيه الدين الأجهوري، المصري. توفي في المحرم بالقرافة. 208 - أسد بن المبارك بن الأثير. أبو أسامة المصري، الدلال. توفي في ذي الحجة، وهو والد شمس الدين حسين، وبهاء الدين سليمان. وهما باقيان في وقتنا سنة أربع عشرة. ورويا ((جزء ابن عرفة)). ومنهم من كناه: أبا الفوارس. روى عن: ابن المقير، وغيره. 209 - إسماعيل بن عمر. الأمير شجاع الدين الطوري، المبارز. متولي قلعة دمشق. كان دينا، علامة، وافر الحرمة عند السلطان، له آثار حسنة في عمارة أبرجة القلعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 181 توفي في جمادى الأولى. 210 - إسماعيل بن محمد بن محمد. الفقيه أبو الطاهر المغربي، القيرواني، المالكي. توفي بمصر في شعبان. وكان من أعيان المالكية وأئمة المذهب. درس بمدرسة الصاحب بن شكر. وقيل: مات في رمضان. لقبه: وجيه الدين. 211 - أيدكين الصالحي، الأمير علاء الدين الخزندار، نائب قوص. بطل شجاع مشهور، من كبار الأمراء المصريين، ضابط لأعماله، له غزو ونكاية في النوبة. وخلف أموالاً عظيمة. ومات في ذي القعدة. وكان من مماليك الصالح نجم الدين أيوب. وأما أيدكين الصالحي الذي ناب في صفد فمنسوب إلى الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل، وسيأتي. - حرف الباء - 212 - بريد بن منصور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 182 الحوراني، الفقيه، خطيب قلعة جوبر. ولد سنة ستمائة. وحدث بالدارمى، عن ابن اللتي. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. ومات في شعبان. 213 - بكتمر. الأمير سيف الدين النجيبي. توفي بدمشق في ربيع الآخر، وهو: - بلبان، الأمير سيف الدين المعظمي. 214 - بهاء الدين الترمذي. الحنفي، قاضي حصن الأكراد. مات في ربيع الآخر. - حرف الثاء - 215 - ثامر بن سعد. المري، خادم الشيخ عثمان. توفي بالمزة. وقد روى وكتب في الإجازات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 183
- حرف الجيم - 216 - [جعفر] بن محمد بن علي. الصاحب بدر الدين، أبو الفضل الآمدي. أخو موفق الدين. ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة بحصن كيفا. وكان من بيت حشمة وكتابة. قدم هو و أخوه الشام في الدولة الكاملية فعرفا بالبراعة في الكتابة الديوانية والأمانة في التصرف. وولي نظر الشام بدر الدين، وكان حسن البشر، لين الكلمة، يضرب به المثل في الأمانة. توفي في شوال بدمشق. ومع هذا فنظر الدواوين وظيفة مكس، نسأل الله العفو.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 184 وقد ولي نظر الدواوين بدمشق بدر الدين الأميري، رئيس آخر توفي سنة سبع وثمانين كما سيأتي. ذكرت ذلك ليعرف أنهما اثنان. - حرف الحاء - 217 - حسن بن عتيق بن رملي. العدل، نبيه الدين الأنصاري، الإسكندري. سمع كتاب ((الشفا)) من ابن جبير. مات في شوال عن ثلاث وتسعين سنة بالثغر. - حرف الراء - 218 - رمضان بن حسين بن خطلج. الحنفي، العلامة، صائن الدين التركي. مدرس السيوفية بالقاهرة. حدث بمصر عن: يوسف بن خليل. روى عنه: الأمير علم الدين الدواداري. ومات بالقاهرة في شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 185 219 - ريحان الطواشي. عزيز الدولة الخاتوني، الأشرفي، الأقطعاني، النوبي الجنس. حدث عن: ابن اللتي. ومات في رمضان. روى جزء بيبي. - حرف السين - 220 - ست العرب بنت عبد المجيد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن. أخت الصدر عون الدين سليمان ابن العجمي، والدة الصاحب مجد الدين عبد الرحمن ابن الصاحب كمال الدين ابن العديم، وأخواته. روت عن الركن الحنفي هي وبناتها. وتوفيت في ربيع الآخر بدمشق. ولها إجازات من أبي الفتوح البكري، وابن ملاعب، وجماعة. خرج لها جزءا عنهم ابن الظاهري، فحدثت به هي وابنها، فسمع التقي عبيد، وبدر الدين ابن الجوهري، والشريف عز الدين. 221 - سليمان بن داود بن عمر ابن خطيب بيت الآبار. فخر الدين الكاتب، أخو شيخنا الشرف محمد. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 186 وروى عن: ابن اللتي، وغيره. مات في صفر. 222 - سليمان بن سلمان بن محمد. الدمشقي. كتب في الإجازات. وعاش ثلاثا وثمانين سنة. 223 - سم الموت. الأمير الكبير عز الدين إيغان الركني، ثم الظاهري. وقيل: اسمه ولادمر بن عبد الله، مولى الأمير ركن الدين بيبرس، الذي كسر الفرنج بغزة. كان أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام. وله الكلمة النافذة والرتبة العالية. ثم غضب عليه السلطان، ورماه في الجب إلى أن مات في جمادى الآخر بقلعة الجبل. - حرف الشين - 224 - شرف الدين الأردويلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 187 الصوفي، زاهد جليل، من كبار أهل السميساطية. قال قطب الدين: صاحب خلوات ومجاهدات، وتربية للمريدين. توفي في المحرم وقد جاوز السبعين. - حرف الطاء - 225 - طاهر. الملك عز الدين، نائب خراسان. مات في هذا العام ورثته الشعراء، وعمل له عزاء حفل ببغداد، رحمه الله تعالى. - حرف العين - 226 - عبد الله بن المحدث مجد الدين أحمد ابن الحلوانية. شمس الدين أبو سعد. سمع صاحبنا شمس الدين محمد بن السراج. توفي في رجب ولم يتكهل، بل مات شابا رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 188 227 - عبد الله ابن العلامة اللغوي أبي عمرو عثمان بن دحية. المغربي. ولد سنة أربع عشرة. وحدث عن أبيه وغيره بالموصل. 228 - عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن موسى. المقدسي. فقد هو وجماعة بدرب الحجاز الشامي. وكأنه حدث عن ابن اللتي، وغيره. وسماعه حضور. 229 - عثمان بن سليمان بن رمضان بن أبي الكرم. أبو عمرو، رشيد الدين الثعلبي، المصري، ويعرف بالرشيد بصيلة. ويوصف بالصلاح والزهد. حدث بمصر ودمشق، وعاش بضعا وثمانين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 189 توفي في ذي القعدة. سمع من الحكيم أبي الحسن بن هبل بالموصل. وهو عم شيخنا أبي الحسن علي بن القيم المعمر. سمع منه: الضياء الزرزاري، وابنه، والمكين الحصني، والتقي عبيد، وشرف الدين المقدسي، وأخوه محيي الدين. 230 - علي بن إبراهيم بن سوار. الصنهاجي، الشيخ زين الدين البوصيري، المحدث. سمع فأكثر عن أصحاب السلفي، وكتب الكثير. مات راجعا في طريق الحج في عشر السبعين. 231 - علي بن محمود بن علي. القاضي، الإمام، شمس الدين أبو الحسن الشهرزوري، الكردي، الشافي، مدرس القيمرية وأبو مدرسها الصلاح وجد مدرسها القاضي شمس الدين علي. شيخ، فقيه، إمام، عارف بالمذهب، موصوف بجودة النقل، حسن الديانة، قوي النفس، ذو هيبة ووقار. بنى الأمير ناصر الدين القيمري مدرسة بالحريمين، وفوض تدريسها إليه وإلى أولي الأهلية من ذريته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 190 وقد ناب في القضاء عن القاضي شمس الدين ابن خلكان، وتكلم بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة، وقال: الماء والكلأ والمرعى لله لا يملك، وكل من بيده ملك فهو له. فبهت السلطان لكلامه، وانفصل الموعد على هذا المعنى. وقد سمع القاضي شمس الدين ببغداد من جماعة مع ابن العديم، ولم يرو. وتوفي في شوال، رحمه الله، بالقيمرية. 232 - عمر بن أسعد بن عبد الرحمن بن كنفي. الهمداني، الزاهد، العابد، أخو الزاهد محمد. مقرىء صالح، يلقن بحلقة الحنابلة، ويخيط، ويتصدق بأجرته. وله ورد، وتهجد وصيام، وفيه مروءة، وقضاء للحاجة وإغاثة للملهوف. روى عن: أبي إسحاق الكاشغري، وأبي المجد القزويني. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار، وغيره. ومات بالمدرسة الجوزية في ذي القعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 191 233 - عمر بن أحمد بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله بن سعد. الإمام العدل الكبير، عز الدين، أبو حفص المقدسي، الحنبلي، كاتب الحكم. سمع من: الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر، وابن أبي لقمة، وابن الزبيدي، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، والطلبة. وقد روى ((الثلاثيات)) بجماعيل في سنة خمس وستين، فسمعها منه: الخطيب أيوب بن يوسف، وأولاده يوسف، وعلي، وعبد الله، وطائفة من الصغار بجامع القرية. وكان بارعا في كتابة الشروط. توفي في رمضان، رحمه الله. 234 - عمر بن محمد بن الحسن ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر. أبو حفص. يروي عن: ابن اللتي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. 235 - عيسى بن عبيد. الدمشقي. شيخ معمر. توفي في ربيع الأول. وكان يذكر أن مولده سنة أربع وستين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 192 وخمسمائة. فإن صدق فقد فاته السماع من أبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، والحافظ أبي القاسم بن عساكر. - حرف الفاء - 236 - فريدون. شهاب الدين الدمشقي. - حرف الميم - 237 - محمد بن أحمد بن عبد السخي بن أحمد بن عبد الله. العدل، شرف الدين، أبو عبد الله العمري، الموصلي، ثم الدمشقي. ولد سنة إحدى وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي اليمن الكندي، وداود ابن ملاعب. وحدث: وشهد مدة، وأم بمسجد الزينبي بداخل باب توما. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. 238 - محمد بن إبراهيم بن أبي المحاسن بن رسلان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 193 الشيخ شمس الدين الدمشقي، الطبيب، المعروف بالكلي، لاشتغاله ((بالكليات)) في الطب. كان حاذقا بالطب، بصيرا بالعلاج، له معرفة جيدة بالتاريخ. روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني وغيره. وتوفي بالقاهرة في المحرم وله ثمانون سنة. قال ابن أبي أصيبعة: كان والده أندلسيا فقدم دمشق وبها توفي. ونشأ ولده هذا فقرأ الطب على شيخنا مهذب الدين عبد الرحيم، يعني الدخوار، ولازمه حق الملازمة، حتى إنه حفظ الكتاب الأول من القانون، وهو ((الكليات)) جميعها حفظا متقنا، واستقصى فهم معانيه، وقرأ كثيرا من الكتب العملية، وباشر الصناعة. وهو جيد الفهم لا يخلي وقتا من الاشتغال. وقد خدم بالطب الملك الأشرف موسى، ثم خدم بمارستان نور الدين. وقد ذكر صاحب ((تاريخ مصر)) الكلي، وأنه سمع من ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم العطار. ثم روى عنه أول حديث في ((معجم ابن جميع)).
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 194 239 - محمد بن بدر بن محمد بن يعيش. أبو عبد الله الجزري النساج. رجل صالح من أهل جبل قاسيون. حدث عن: عمر بن طبرزد، والشيخ أبي عمر. وروى عنه: القاضي تقي الدين سليمان، والدمياطي، والنجم بن الخباز، والشمس بن الزراد، وغيرهم. وتوفي في ثامن عشر شعبان. 240 - محمد بن سعيد بن محمد بن هشام بن الجنان. الشيخ فخر الدين، أبو الوليد الكتاني، الشاطبي، الحنفي. ولد سنة خمس عشرة وستمائة بشاطبه. وقدم الشام، وصحب الصاحب كمال الدين ابن العديم وولده، فاجتذبوه بالإحسان، وصار حنفيا. وقد درس بالإقبالية، وكان أديبا فاضلا، وشاعرا محسنا. وكان مخالطا للأكابر، حسن العشرة والمزاح. وهو القائل: (لله قوم يعشقون ذوي اللحى .......... لا يسألون عن السواد المقبل)
(وبمهجتي نفر وإني منهم .......... جبلوا على حب الطراز الأول)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 195 وقع في النهر ببستان ابن الصائغ فغرق في ربيع الآخر، تجاوز الله عنه. 241 - محمد بن الحسين. الطحان، شمس الدين الدمشقي. رجل صالح، خير، متمول، كثير الصدقات. توفي في ذي القعدة. 242 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن حفاظ. الصدر بدر الدين السلمي، الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن الفويرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 196 تفقه على الصدر سليمان، وبرع في المذهب، وأفتى، ودرس، وناظر، وولي غير مدرسة. وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين ابن مالك. ونظر في الأصول. وقال الشعر الفائق. وكان ذا مروءة ودين وبر ومعروف ومكارم. وهو والد المولى جمال الدين. فمن شعره: (عاينت حبة خاله .......... في روضة من جلنار)
(فغدا فؤادي طائرا .......... فاصطاده شرك العذار) وله: (وشاعر يسحرني طرفه .......... ورقة الألفاظ من شعره)
(أنشدني نظما بديعا فما .......... أحسن ذاك النظم من ثغره) توفي الإمام بدر الدين في جمادى الأولى. وقد حدث عن العلم السخاوي، وغيره. وعنه الدمياطي في ((معجمه)). 243 - محمد بن عبد الوهاب بن منصور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 197 العلامة شمس الدين أبو عبد الله الحراني، الحنبلي. كان شيخا إماما، بارعا، أصوليا، من كبار الأئمة في الفقه والأصول والخلاف. تفقه على القاضي نجم الدين بن راجح الحنبلي، ثم الشافعي، والشيخ مجد الدين ابن تيمية وناظره مرات. وقدم دمشق فقرأ الأصول والعربية على الشيخ علم الدين القاسم. ودخل الديار المصرية،. ولازم دروس الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وناب في القضاء عن تاج الدين ابن بنت الأعز، فلما جعلت القضاة أربعة ناب في القضاء عن الشيخ شمس الدين محمد بن العماد. ثم قدم دمشق، وانتصب للإشغال والإفادة. تفقه عليه: شمس الدين محمد بن الفخر، وشمس الدين بن أبي الفتح، ومجد الدين إسماعيل. وكانت له حلقة للتدريس والفتوى. وكان حسن العبارة، طويل النفس في البحث. وأعاد بالجوزية مدة. وناب في إمامة محراب الحنابلة مدة. ثم ابتلي بالفالج، وبطل شقه الأيسر، وثقل لسانه، حتى كان لا يفصح، ولا يفهم منه إلا اليسير، فبقي على ذلك أربعة أشهر ومات. وكان من أذكياء الناس. روى عن: ابن اللتي، والموفق عبد اللطيف بن يوسف، و جماعة. ومات في عشر السبعين. روى عنه: ابن أبي الفتح، وابن العطار. ومن شعره:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 198
(طار قلبي يوم ساروا فرقا .......... وسواء فاض دمعي أو رقا)
(جار في سقمي من بعدهم .......... كل من في الحي داوى أو رقى)
(بعدهم لا ظل وادي المنحنا .......... وكذا بان الحمى لا أورقا) وكان يحضر حلقة شمس الدين ابن عبد الوهاب جماعة من المذاهب، وكان يقرىء قصيدة ابن الفارض التائية الملقبة بنظم السلوك، ويشرحها، فيبكي بكاء كثيرا. وكان رقيق القلب، صحب الفقراء مدة، وقد ترجمه صاحبه شمس الدين ابن أبي الفتح بهذا وأكثر. وحدثني ابن تيمية شيخنا، عن ناصر الدين إمام الناصرية، أنه كان يحضر في حلقة ابن عبد الوهاب، فرآه يشرح في ((التائية)) لابن الفارض، قال: فلما رحت أخذني ما قدم وما حدث، وانحرجت وقلت: لأنكرن غدا عليه، وأحط على هذا الكلام. قال: فلما حضرت وسمعت الشرح لذ لي وحلا، فلما رحت فكرت في الكلام الذي شرحه، وفي الأبيات، فثارت نفسي، وعزمت على الإنكار، فلما حضرت لذ لي أيضا واستغرقني. أصابني ذلك مرتين أو ثلاثا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 199 قلت: ما أملح ما مثل به شيخنا إبراهيم الرقي كلام ابن العربي وابن الفارض، قال: مثله مثل عسل أذيف فيه سم، فيستعمله الشخص، ويستلذ بالعسل حلاوته، ولا يشعر بالسم فيسري فيه وهو لا يشعر، ولا يزال حتى يهلكه. وتوفي الشيخ شمس الدين ليلة الجمعة سادس جمادى الأولى، وصلى عليه بجامع دمشق بعد الصلاة، وصلى عليه خارج البلد الشيخ زين الدين ابن المنجا، ودفن بمقابر باب الصغير، رحمه الله. وما كان الرجل يدري أيش هو الإتحاد، ولا يعرف محط هؤلاء، وهذا الظن به وبكثير من أتباعهم. 244 - محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم. العدل بدر الدين العدوي ابن السكاكري، الشروطي. كان عدلا كبيرا، صدوقا، متحريا، خبيرا بعقد الوثائق والسجلات، وفيه دين ومروءة، وحسن عشرة وبسط ونوادر. سمع من الشيخ الموفق ((مسند الشافعي)) وعاش ثمانين سنة أو دونها. روى عنه: ابن الخباز. وأجاز لي مروياته. ومات في ربيع الآخر بدمشق. 245 - محمد بن عبيد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 200 الواعظ، الأديب، خطيب جامع السلطان ببغداد، شمس الدين الكوفي، الهاشمي، الشاعر، مدرس البششة. مات في الكهولة. له نظم كثير جيد، منه مرثية بغداد. 246 - محمد بن علي بن أبي الطاهر بن مقلد. الشيخ معين الدين الجزري، التاجر، السفار، من أعيان التجار. عاش تسعين سنة. وذكر ولده أحمد أن أباه دخل إلى ثلاثمائة بلد للتجارة، ثم سكن دمشق. وتوفي يوم الأضحى. 247 - محمد بن علي بن حسين. الفقيه، أبو الفضل البدليسي، الأخلاطي. توفي في رمضان بدمشق. 248 - محمد بن عوضة بن علي بن عوضة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 201 الشيخ عماد الدين العرضي، ثم الدمشقي. جليل، متميز، نبيل، يرجع إلى فضل وديانة وقضاء حوائج الناس. توفي ببستانه بالمزة في منتصف المحرم، ودفن بجبل قاسيون، وشيعه طائفة من الأعيان. وكان للأمراء فيه حسن ظن. 249 - محمد بن مشكور. شرف الدين المصري، ناظر الجيوش بالديار المصرية، وصهر الوزير بهاء الدين ابن حنا. توفي في جمادى الأولى عن خمس وستين سنة، 250 - محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر بن يحيى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 202 الأمير أبو عبد الله ابن الأمير أبي زكريا الهنتاني، البربري، الموحدي، صاحب تونس، وأجل ملوك المغرب في زمانه. كان جده الشيخ عمر الهنتاني من العشرة خواص ابن تومرت، وولي أبو زكريا الملك مدة، ومات في سنة سبع وأربعين وستمائة. وكان قد عهد إلى ولده أبي عبد الله هذا. فذكر الشيخ قطب الدين أن ابن شداد نقل في ((سيرة الملك الظاهر)) أن الأمير أبا عبد الله كان ملكا مدبرا، عالي الهمة، شجاعا، سائسا، متحيلا على بلوغ مقاصده، مقتحما للأخطار، كريما، جوادا، ذا عزم بالعمارات واللذات، تزف إليه كل ليلة جارية. وكان ولي عهد أبيه، واتفق موت أبيه وهو غائب عن تونس، يعني أبا عبد الله، فساق إليها على بغل في خمسة أيام، ومات البغل، وأسرع خوفا من عميه، ثم لما تمكن قتل عميه، وأنفق في العرب الأموال واستخدمهم، وأباد جماعة من الخوارج عليه، وظفر بجماعة من أعيانهم وسجنهم، ثم أهلكهم ببناء قبة عمل أساسها من ملح، وحبسهم بها، ثم أرسل الماء على أساسها، فانزدمت عليهم. وكانت أسلحة الجيش كلها في خزائنه، فإذا وقع أمر أخرجها وفرقها عليهم، وإذا فرغ الحرب أعادها إلى الخزائن. ولم يكن لجنده إقطاع، بل يجمع ارتفاع البلاد، فيأخذ لنفسه الربع والثمن، وينفق ما بقي فيهم في كل عام أربع نفقات. توفي في أواخر هذه السنة، وهو في عشر الستين، وتملك بعده ابنه أبو زكريا يحيى. وكتب إلي أبو حيان، وحدثني عنه أبو الصفا الصفدي أن المستنصر بالله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 203 كان شجاعا هماما، سائسا، عالما بفنون، جميل الصورة، استدعى العلماء ووصلهم. وكان يقدم على قتل الأسد. وله حظ من الأدب. يميل في الفقه إلى طريقة أهل الحديث. قلت: روى عنه الخطيب أبو بكر بن سيد الناس. 251 - محمد بن يوسف بن مسعود بن بركة. الأديب البارع، شهاب الدين، أبو عبد الله الشيباني، التلعفري، الشاعر المشهور. ولد في الموصل سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، واشتغل بالأدب، وقال الشعر، ومدح الملوك والأعيان، واشتهر ذكره، وسار شعره، وله ديوان موجود. وكان خليعا معاشرا، سامحه الله وإيانا. قال سعد الدين في تاريخه: كان قد امتحن بالقمار، وكلما أعطاه الملك الأشرف يقامر به، فطرد إلى حلب، فمدح بها صاحبها العزيز، فأحسن إليه، وقرر له مرسوما، فسلك معه مسلك الملك الأشرف، فنودي في حلب: ((إن من قامر مع الشهاب قطعنا يده)). فامتنع الناس من اللعب معه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 204 قال: فضاقت عليه الأرض، وترك الخدمة، وجاء إلى دمشق، ولم يزل يستجدي بها ويقامر حتى بقي في أتون من الفقر. قلت: ثم نادم في الآخر صاحب حماة وبها توفي في شوال، سامحه الله وعفا عنه. ومن شعره الفائق: (يا برق حل بأبرق الجنان عن .......... كئيب عرى جيب الحيا المزرور)
(وأعد جمان الظل وهو منظم .......... عقدا لجيد البانة الممطور)
(وإذا الثنية أشرقت وشممت من .......... أرجائها أرجا كنشر عبير)
(سل هضبها المنصوب أين حديثه .......... المرفوع عن ذيل الصبا المجرور) وله: (تتيه على عشاقها كلما رأت .......... حديث صفات الحسن عن وجهها يروى)
(فتاة لها في مذهب الحب حاكم .......... بقتل الورى أعطى لواحظها الفتوى)
(يرنحها سكر الشباب فتنثني .......... بقد إذا ماست يكاد بأن يلوى)
(ولم لم تكن في ثغرها بنت كرمة .......... لما أصبحت أعطاف قامتها نشوى) وله: (يا أهل ودي يوم كاظمة أما .......... عن متكلم صبري الجميل قبيح)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 205
(سرتم وأسررتم بقلبي مهجة .......... أودى بها الهجرات والتبريح)
(قلبي لحفظكم وطرفي شاهد .......... لا أرتضيه لأنه مجروح)
(من لي بطيف منكم إن أغمضت .......... عيني يعين على الأسى ويريح)
(هذي الجفون وإنما أين الكرى .......... منها، وهذا الجسم أين الروح؟) 252 - مروان بن عبد الله بن منير. الشيخ بدر الدين، أبو عبد الله الفارقي، والد شيخنا زين الدين. توفي بالقاهرة في شوال. وقد نيف على السبعين. طلب العلم، وسمع الكثير سنة أربعين وقبلها. وأسمع ولديه عبد الله وسعد الله. وكتب عنه بعض الطلبة. 253 - مظفر بن الخضر بن إسماعيل. ابن العصيفير الكلابي، الدمشقي. توفي بدرب الأكفانيين في المحرم وله تسع وستون سنة. سمع ابن الحرستاني، وأبا الفتوح البكري. قاله ابن الخباز. 254 - مظفر بن عمر بن محمد بن أبي سعد. تاج الدين، أبو المنصور الدمشقي، الخرزي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل بن عبد الله، وأبي القاسم بن الحرستاني، وعبد الجليل بن مندويه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 206 روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والدواداري. وكناه بعضهم أبا غالب. توفي في المحرم. 255 - مظفر بن رضوان بن أبي الفضل. القاضي بدر الدين المنبجي، ثم الدمشقي، الحنفي. مدرس المعينية. ناب في القضاء عن: ابن عطا، وابن العديم. وكان ذا سكون وعقل ودين وتواضع. توفي في ذي القعدة، وهو في عشر السبعين، ورثاه المجد بن الظهير بقصيدة. 256 - مهلهل بن ظافر. السشفزاوي يروي عن الشيخ الموفق وغيره. توفي في صفر. 257 - مياس بن أحمد بن مياس. الحمصي، عفيف الدين. دين، صالح، معمر. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع سنة أربع عشرة من شمس الدين أحمد بن عبد الواحد البخاري، بحمص ((الأربعين الفراوية)).
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 207 سمع منه: ابن يونس، وابن جعوان. وتوفي بدمشق في شوال. وأجاز لعلم الدين البرزالي. - حرف النون - 258 - النجم الكاتبي. المتكلم، العلامة، أبو الحسن علي بن عمر بن علي الديبراني، القزويني، المنطقي، الفيلسوف. صاحب التصانيف في مذهب الأوائل، ومات وهو يقول بقدم العالم. وله تصانيف عدة. مات في رمضان، وقيل في شوال. وكان مولده في رجب سنة ستمائة. قال ذلك الظهير الكازروني، وبعضه من قيلي. 259 - نوفل الأمير. سيد عرب آل زبيد. يلقب بناصر الدين. كان ذا حرمة ووجاهة ومكانة. وهو الذي أخذ الملك الناصر يوسف ونجا به يوم المصاف مع البحرية في سنة ثمان وأربعين، فعرف له ذلك. توفي في شعبان وقد نيف على السبعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 208
- حرف الياء - 260 - يمن الطواشي. غرس الدين الحبشي، شيخ الخدام بالمدينة النبوية. حدث عن: عبد الوهاب بن رواح. ومات في ربيع الآخر. وقد سمع من: الصفراوي، والسخاوي، وعدة. 261 - يوسف بن صدقة بن المبارك. الشيخ تاج الدين البغدادي، التاجر. عدل جليل، صاحب أموال ومتاجر. أقعد في آخر عمره. ومات في ذي القعدة بالقاهرة. ذكر قطب الدين أن الملك الناصر يوسف قال له: بحياتي على كم تقدر؟ قال: على أربعمائة ألف دينار. 262 - يوسف بن محمد بن عبد الله بن علي بن عثمان. القاضي علم الدين المخزومي، المصري. سمع من: ابن باقا، وغيره. مات في ذي القعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 209
الكنى 263 - أبو الفتح بن محسن. العطار، الدمشقي، شرف الدين. وهو أبو الفتح محمد بن محمود بن أبي الوحش بن سلامة الشيباني، الشرابي، والد شيخنا كمال الدين الموقع. كان أديبا فاضلا متميزا. حدث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل، وعن: مكرم التاجر، وأبي صادق بن صباح. مات في شوال. سمع منه جماعة. وفيها ولد: فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلي، المحدث، وشرف الدين محمد بن المنجا بن عثمان التنوخي، مدرس المسمارية ؛ وأبو محمد عبد الله بن الشيخ أبي الوليد بن الحاج المالكي، بغرناطة ؛ وبدر الدين محمد بن سعيد بن أبي المنى الحلبي، الحنبلي، بصفد في رجب ؛ وشهاب الدين أحمد بن مظفر بن النابلسي، سبط الزين خالد المحدث ؛ وعماد الدين محمد بن علي بن حرمي الدمياطي، الفرضي، وشرف الدين لقمان بن عيسى الصميدي، تقريبا، وقد روى عن ابن البخاري، وهمام بن منبه الصميدي ؛
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 210 ومحمد ابن الشيخ محمد الكنجي ؛ وجمال الدين أحمد بن يعقوب الصابوني ؛ والسيد جلال الدين محمد بن محمد العناكبي، في المحرم ؛ والشيخ شهاب الدين أحمد بن علي الرماحي، الحصبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 211
سنة ست وسبعين وستمائة
- حرف الألف - 264 - أحمد بن محمد بن طرخان بن أبي الحسن. أبو العباس الدمشقي، الصالحي، أخو شيخنا أبي بكر. روى بالحضور عن: ابن طبرزد. وسمع من جماعة. وتوفي بقوص. 265 - أحمد بن مجد الدين محمد بن إسماعيل بن عثمان بن عساكر. مؤيد الدين، أبو العباس الدمشقي. من بيت الحديث والعدالة. روى عن: المجد القزويني، وزين الأمناء، وجماعة. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وجماعة. توفي في رمضان. ثنا عنه: أبو الحسن بن العطار. 266 - إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 212 شيخ القراء ومسندهم، كمال الدين، أبو إسحاق، ابن الوزير الصاحب نجيب الدين التميمي، الإسكندراني، ثم الدمشقي، المقرىء الكاتب. ولد بالإسكندرية سنة ست وتسعين وخمسمائة، وحفظ كتاب الله في صغره. وحرص عليه والده حتى قرأ القراءآت العشر بعدة تصانيف على العلامة تاج الدين الكندي ؛ وكان آخر من قرأ عليه موتا. وسمع منه: ومن: أبي القاسم بن الحرستاني. وانتهى إليه علو الإسناد في القراءآت. وكان ذاكرا لأكثر الفن، إلا أنه كان مباشرا نظر بيت المال من المكوس، وغيرها، فتورع جماعة من القراء، وحالته هذه، عن الأخذ عنه. وقرأ عليه القراءآت: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل القصاع، وأبو إسحاق إبراهيم بن غالب الحميري البدوي، وأبو عبد الله محمد المصري المزراب، والدلاصي شيخ مكة، وأبو إسحاق إبراهيم بن مظفر الوزيري، وابنه إسحاق، وآخرون. وحدث إنه: ابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار، وجماعة. وذكره قطب الدين فقال: كان أمينا حسن السيرة، كثير الديانة والخير، ولي نظر الديوان الذي لبيت المال، ونظر الجيش. وأقرأ بالروايات. وتوفي في صفر وله ثمانون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 213 قلت: وهو أخو عبد الله الذي لقيه أبو الحجاج المزي بالإسكندرية. 267 - إبراهيم بن حمد بن كامل. أبو إسحاق المقدسي، الحنبلي، من أهل جبل قاسيون. ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من: ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وابن راجح، والقزويني، وابن البن. وأجاز له: عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، وابن الأخضر. وكان دينا خيرا، حافظا لكتاب الله، محبا للرواية. أخذ عنه: الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي، وابن الخباز، والطلبة. وأجاز لي مروياته. ومات في جمادى الآخرة. لقبه الشرف. 268 - إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن مناقب. الشريف عماد الدين الحسيني. حدث بمصر عن: حنبل، وابن طبرزد. وأجاز له جماعة من الإصبهانيين. توفي بمصر في جمادى الأولى، ومولده سنة سبع وتسعين بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 214 روى عنه: الحارثي، وقطب الدين عبد الكريم. 269 - آسية بنت حسان بن رافع بن سمير. العامرية الدمشقية. سمعت مع أخيها محمد من: حنبل المكبر. وتوفيت في جمادى الأولى. وكان شهرا وبيا. 270 - آقوش. الأمير الكبير جمال الدين الصالحي، النجمي المعروف بالمحمدي الذي قدم دمشق بشيرا بكسرة التتار على عين جالوت. سجنه الملك الظاهر مدة، ثم أخرجه وأعطاه خبزا. توفي بالقاهرة في ربيع الأول، وقد قارب السبعين. 271 - إياس. فخر الدين المقرىء. روى عن: ابن اللتي، وغيره. ومات في شوال. وهو مولى شرف الدين الحموي ابن القطب. 272 - أيبك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 215 الأمير الكبير عز الدين الدمياطي. أمير كبير من أعيان الصالحية، فيه شجاعة وجود وكرم. حبسه السلطان مدة. توفي بمصر في شعبان وقد نيف على السبعين، قاله اليونيني. قال ابن الدمياطي: هو مولى جدي لأمي، وإليه نسبي. 273 - أيبك عز الدين الموصلي. الظاهري، نائب حصن الأكراد. قتل في داره بالحصن غيلة، وذلك في رجب. وكان كافيا ناهضا، فيه تشيع. 274 - أيدمر. الأمير عز الدين العلائي، أخو أيدكين الصالحي. كان دينا أمينا، محبا للعلماء والفقراء. وولي نيابة صفد. ثم جرت بينه وبين الأمراء مقاولة، فطلب دستورا وحضر إلى مصر، فأقام يسيرا. ومات في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 216
- حرف الباء - - البرواناه. اسمه سليمان. 275 - بهادر. الأمير شمس الدين صاحب سميساط، وابن صاحبها. كان قدم إلى دمشق مهاجرا من ثلاث سنين، فأكرمه السلطان، وأعطاه إمرة، فمات في شعبان كهلا. 276 - بيبرس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 217 السلطان الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتوح البندقداري الصالحي النجمي الأيوبي التركي، صاحب مصر والشام. ولد في حدود العشرين وستمائة، قبلها بقليل أو بعدها. وأصله من صحراء القفجاق فأبيع بدمشق ونشأ بها، فيقال: كان مملوكا للعماد الصائغ الذي كان يسكن عند المنكلانية. وسأكشف عن هذا. ثم اشتراه الأمير علاء الدين البندقداري الصالحي فطلع بطلا شجاعا نجيبا لا ينبغي أن يكون إلا عند ملك. فأخذه الملك الصالح إليه وصار من جملة البحرية. وشهد وقعة المنصورة بدمياط، وصار أميرا في الدولة المعزية. وتقلبت به الأمور وجرت له أحوال ذكرناها في الحوادث، واشتهر بالشجاعة والإقدام، وبعد صيته. ولما سارت الجيوش المنصورة من مصر لحرب التتار وهو كان هو طليعة الإسلام. وجلس على سرير الملك بعد قتل المظفر، وذلك في سابع عشر ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين بقلعة الجبل. وكان أستاذه البندقدار من بعض أمرائه. وكان غازيا، مجاهدا، مرابطا، خليقا للملك، لولا ما كان فيه من الظلم والله يرحمه ويغفر له ويسامحه، فإن له أياما بيضاء في الإسلام، ومواقف مشهودة، وفتوحات معدودة. وله سيرتان كبيرتان لابن عبد الظاهر ولابن شداد رحمهما الله، لم أقف عليهما بعد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 218 وقد دخل الروم، قبل موته بشهرين، وكسر التتار، ودخل مدينة قيصرية، وجلس بها في دست الملك، وصلى بها الجمعة، وخطبوا له، وضربت السكة باسمه، وذلك في ذي القعدة، ثم رجع وقطع الدربند، وعبر النهر الأزرق، ودخل دمشق في سابع المحرم مؤيدا منصورا، فنزل بالقلعة، ثم انتقل إلى قصره الأبلق، فمرض في نصف المحرم، وانتقل إلى عفو الله وسعة رحمته يوم الخميس بعد الظهر الثامن والعشرين من المحرم بالقصر، وحمل إلى القلعة ليلا مع أكابر أمرائه، وغسله وصبره المهتار شجاع الدين عنبر، والكمال علي بن المتيحي الإسكندراني المؤذن، والأمير عز الدين الأفرم. ووضع في تابوت، وعلق في بيت بالقلعة، وهو في أول عشر الستين. وخلف عشرة أولاد: الملك السعيد محمد، وسلامش، وخضر، وسبع بنات. قال ذلك الشيخ قطب الدين، وقال: كان له عشرة آلاف مملوك. وحكى الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري الحموي قال: كان الأمير علاء الدين البندقدار الصالحي لما قبض وأحضر إلى حماة واعتقل بجامع قلعتها، اتفق حضور ركن الدين بيبرس مع تاجر، وكان الملك المنصور إذ ذاك صبيا، فأراد شراء رقيق تبصره الصاحبة والدته. فأحضر بيبرس هذا وخشداشه، فرأتهما من وراء الستر، فأمرت بشراء خشداشة، وقالت: هذا الأسمر لا يكن بينك وبينه معاملة، فإن في عينيه شرا لائحا. فردهما جميعا، فطلب البندقدار الغلامين، فاشتراهما وهو معتقل، ثم أفرج عنه، وسار بهما إلى مصر، وآل أمر ركن الدين إلى ما آل. وقد سار غير مرة في البريد حال سلطته. وعمل في حصارات المدائن التي أخذها من الفرنج في بذل نفسه وفرط إقدامه على المخاوف ما يقضى منه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 219 العجب، فبه يضرب المثل، وإليه المنتهى في سياسة الملك وتفقد أحوال جنده. فهو كما قيل: لولا نقص عدله لكان أحوذيا نسيج وحده. وقد أعد للأمور أقرانها، أقامه الله وقت ظهور هولاكو وأبغا فهاباه، وانجمعا عن البلاد. 277 - بيليك. الأمير الكبير بدر الدين الخزندار الظاهري نائب الملك، وأتابك الجيوش المنصورة. كان أميرا نبيلا، عالي الهمة، لين الكلمة، كثير المعروف، مجلا للصلحاء والعلماء، حسن السيرة، جيد العقل، صحيح الذهن، وله فهم وذكاء، يسمع الحديث ويطالع التواريخ، ويكتب خطا مليحا، وكان سهل المراس، محببا إلى الناس. وكان أستاذه يحبه ويعتمد عليه في مهماته. كتم موت السلطان، وساس العساكر والخزائن، وساق الخاصكية حول محفة السلطان بصورة أنه متمرض فيها، فلما وصل إلى الملك السعيد بمصر أظهر نعي السلطان، ورمى بعمامته بين يدي الملك السعيد وصرخ، فتحدث الناس أن الأمير شمس الدين سنقر الفارقاني نائب السلطنة سقاه سما، واشتهر ذلك فإنه خاف منه. تأسف الناس عليه. ومات في سابع ربيع الأول عن بضع وأربعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 220 وكانت له جنازة مشهودة. قال شمس الدين الجزري: لما أظهر الخزندار موت السلطان وفرغ من تحليف الأمراء للملك السعيد قام فأتى يعزي أم الملك السعيد، فلما عزاها أخرجت له هنات سكر وليمون، فشرب جرعتين، والحوا عليه بالشرب فتوهم وتركه، وكانت القاضية، فثقل في المرض، وحصل له قولنج، وسيروا إلى طبيبه العماد بن النابلسي ثلاثة آلاف دينار ليسكت ولا يقول إنه مسموم، فتغافل عنه، ولم ينصح في معالجته، فمات بعد جمعة، وخلف بنتين. قال قطب الدين: وخلف تركة عظيمة. - حرف التاء - 278 - تركانشاه بن عمر. الأسدي المحدث، الأديب، أبو المنهال. سمع من: قايماز المعظمي، وابن رواج، وجماعة. وحدث، وله شعر حسن. توفي في رمضان بالصعيد. حدث عنه: الدواداري، وغيره. ويسمى أيضا: منكبا، فسأعيده. - حرف الحاء - 279 - الحسن بن إسماعيل بن القاضي صدر الدين عبد الملك بن درباس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 221 الشيخ ناصر الدين، مدرس مدرسة سيف الإسلام التي بالبندقانيين بالقاهرة. توفي في رجب. وكان أديبا شاعرا. 280 - الحسين بن رزق الله. الحنبلي، الصالحي، الحجازي. حدث عن الناصح ابن الحنبلي. ومات في جمادى الأولى. وكان ناظر رباط بلدق. - حرف الخاء - 281 - خضر بن أبي بكر بن موسى. المهراني، العدوي، الشيخ المشهور، شيخ الملك الظاهر. كان صاحب حال ونفس مؤثرة، وهمة إبليسية، وحال كاهني. ذكره شيخنا قطب الدين فقال: كان أخبر بسلطنة الملك الظاهر له قبل وقوعها، فلهذا كان يعظمه وينزل إلى زيارته في كل أسبوع مرة ومرتين وثلاث، ويطلعه على غوامض أسراره، ويستشيره ويستصحبه في أسفاره،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 222 ويخبره بأمور قبل وقوعها. وسأله وهو محاصر أرسوف متى تؤخذ؟ فعين له اليوم، فوافق ذلك، كذلك في صفد وقيسارية. ولما عاد إلى الكرك سنة خمس وستين استشاره في قصده، فأشار أن لا يقصده، وأن يمضي إلى مصر فخالفه، وقصد الكرك، فوقع عند بركة زيزى وانكسرت فخذه. ولما قصد حصن الأكراد مر الشيخ خضر ببعلبك، فسألوه عن أخذ الحصن، فقال: يأخذه السلطان في أربعين يوما. فوافق ذلك. ولما توجه السلطان إلى الروم، كان خضر في الحبس، فأخبر أن السلطان يظفر ويعود إلى دمشق، وأموت ويموت بعدي بعشرين يوما. فاتفق ذلك كذلك. قال: ولما نقم السلطان عليه، وأحضر من يحاققه، ونسب إلى أمور لا تصدر عن مسلم، فشاور السلطان في أمره، فأشاروا بقتله، فقال هو للسلطان: أنا أجلي قريب من أجلك، وبيني وبينك أيام يسيرة. فوجم السلطان وتوقف في قتله، وحبسه وضيق عليه، لكنه كان يرسل له الأطعمة الفاخرة والملابس. وكان حبس في شوال سنة إحدى وسبعين. ولما وصل السلطان من الروم إلى دمشق كتب إلى مصر بإخراجه، فوصل البريد بعد موته. وكان السلطان قد بنى له عدة زوايا في عدة بلاد، وصرفه في المملكة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 223 بحيث كان لا يخالف أمره. وكان كل أحد يتقي جانبه، حتى بيليك نائب السلطنة والصاحب بهاء الدين. وكان واسع الصدر، كثير العطاء، وكانت أحواله غير متناسبة. قلت: كان ينبسط ويخرب ويمزح، وإذا كتب ورقة كتب: ((من خضر نياك الحمارة)). أخرج من سجن القلعة ميتا في سادس المحرم، فحمل إلى الحسينية، فدفن بزاويته وقد نيف على الخمسين. وقال شيخنا ابن تيمية: كان خضر مسلما، صحيح العقيدة، لكنه قليل الدين، باطولي. له حال شيطاني. 282 - خديجة الست النبوية باب جوهر. ابنة أمير المؤمنين الشهيد المستعصم. ماتت ببغداد في المحرم، واحتفل الأعيان لجنازتها وعزائها، وتذكروا أيام والدها وما جرى عليه، وبكوا. وكثرت النوائح والنوادب، ورفعت الطرحات. وحزن صاحب الديوان، وجلس في الجنازة على الأرض، رحمها الله تعالى. 283 - خطلو الرومي. عتيق المفتي تقي الدين محمد بن حسين المجلي العطار. سمع ((مسند الشافعي)) من ابن باقا. توفي في جمادى الآخرة بمصر عن بضع وسبعين سنة. - حرف الراء - 284 - رقية بنت الحافظ تقي الدين إسماعيل بن عبد الله بن الأنماطي. روت بالإجازة عن جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 224 وتوفيت بدومة في جمادى الأولى. - حرف الزاي - 285 - زكي بن الحسن بن عمران. أبو أحمد بن البيلقاني، الشافعي، المتكلم. فقيه مناظر، عارف بالأصول والكلام والعقليات. قرأ على الفخر الرازي علم الكلام. وسمع الحديث من المؤيد الطوسي، وغيره. وكان يروي عنه ((صحيح مسلم))، و ((الموطأ)) المصعبي و ((جزء ابن نجية)). ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق تاجرا سنة ست وثلاثين وستمائة وحدث بها بأحاديث قرأها عليه الشيخ تاج الدين أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي. وسمع منه: النجيب الصفار، والجمال بن الصابوني. ثم سافر وأقام باليمن مدة واشتهر بها. وقرأوا عليه في العطيات وغيرها. وعمر دهرا. روى عنه: المحدث نور الدين علي بن جابر الهاشمي، وشهاب الدين أحمد بن محمد الإسعردي التاجر، نزيل الإسكندرية، وغيرهما. وذكر ابن جابر أنه توفي بثغر عدن أبين سنة ست هذه. وقد مدحه ابن جابر بأبيات، وسئل عنه فقال: كان فريد دهره علوما
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 225 وورعا وزهدا، من أصحاب فخر الدين. وكان رفقاؤه في الاشتغال الخسروشاهي، والأفضل الخونجي، وجل اشتغاله على القطب المصري. تخرج به جماعة باليمن. وكان معظما بها عند الخاصة والعامة. قلت: وروى عنه من القدماء الجمال ابن الصابوني. وقد سكن الإسكندرية، مدة. وكان كارميا، تجاوز الله عنا وعنه. - حرف السين - 286 - ست العرب بنت الجمال عبد الله بن عبد الملك بن عثمان المقدسي. روت عن ابن اللتي. وماتت في رمضان. 287 - سلطان شاه بن أبي بكر بن عثمان بن علي. أبو محمد الزنجيلي، حفيد صاحب المدرسة التي برأس السبعة. روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. وأجاز لأبي محمد البرزالي. ومات في صفر بمدرسة جده. 288 - سليمان بن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 226 الصاحب معين الدين البرواناه. كان أبوه مهذب الدين علي بن محمد أعجميا سكن الروم، وكان يقرىء القرآن، ويعلم أولاد مستوفي الروم. ثم إنه ناب عنه، ثم ولي موضعه في أيام السلطان علاء الدين صاحب الروم. ثم ظهرت كفايته فاستوزره مدة. ثم وزر لولده غياث الدين إلى أن مات سنة اثنتين وأربعين. ورتب علاء الدين بعده في وزارته ولده هذا، فعظم أمره إلى أن استولى على ممالك الروم، وصانع التتار وداراهم، وعمرت البلاد به. وكاتب الملك الظاهر. وكان من رجال العالم ودهاتهم وشجعانهم. له إقدام على الأهوال وخبرة بجمع الأموال. ثم نقم عليه أبغا ونسبه إلى أنه هو الذي جسر الملك الظاهر على دخول الروم، فحصل ما وقع من قتل أعيان المغل في المصاف. فبكت الخواتين، وشقوا الثياب بين يدي أبغا، وقالوا: ((البرواناه هو الذي قتل رجالنا، ولا بد من قتله)). فقتله أبغا في المحرم. ومات في عشر الستين. قيل في سابع عشر ربيع الأول. وقيل: قطعت أربعته وهو حي، ثم ألقي في مرجل وسلق، وأكل المغل من لحمه من حنقهم. وقتلوا معه في الروم خلائق. 289 - سنقر. الأمير عز الدين الرومي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 227 أحد الشجعان المذكورين والأمراء المتكلمين في دولة الظاهر إلى أن قبض عليه وحبس مدة. ثم مات وقد نيف على الخمسين. قاله قطب الدين. - حرف الشين - 290 - الشهاب التلعفري محمد بن يوسف. قد مر سنة خمس. وذكر بعضهم أنه توفي سنة ست. - حرف العين - 291 - عامر بن محمود بن سلامة. القلعي، الحراني. روى عن: عبد القادر الرهاوي. ومات بالقاهرة في ربيع الأول. كان آدميا فيه دين وخير. سمع منه جماعة كالحارثي، وابن جعوان. 292 - عبد الباقي بن علي بن عبد الباقي. الصالحي، الصحراوي. سمع ابن الزبيدي. وتوفي في جمادى الأولى. 293 - عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحيم بن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 228 المغيري، المخزومي، الشيخ عماد الدين، أبو القاسم. ولد سنة ثلاث وتسعين. وسمع من: ابن المفضل. توفي في رمضان بالثغر. 294 - عبد الرحمن بن محمد بن عمران. المفتي الإمام تاج الدين المالكي، إمام المالكية بدمشق. مات في ربيع الأول. 295 - عبد السلام بن عمر بن صالح. الأديب البارع، نجم الدين، أبو الميسر البصري الشاعر، صاحب الشعر البديع. مات في رجب ببغداد، ويعرف بابن الدوس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 229 296 - عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش. الإمام المقرىء، المجود، الزاهد، القدوة، مجد الدين، أبو أحمد الحنبلي، البغدادي. سمع من محمد بن... شيخ قديم، وعبد العزيز بن أحمد بن الناقد، وأحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وجماعة. وقرأ القرآن والفقه، ولم يمعن فيه. وأجاز له أبو الفرج بن الجوزي، وجماعة. وقرأ القراءآت السبع على الفخر الموصلي، وجماعة. وسمع ((الشاطبية)) من أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي المقرىء. وسمع الكتب الكبار في القراءآت، واعتنى بها عناية كلية، وانتهت إليه مشيخة بغداد في الإقراء. قرأ عليه القراءآت: تقي الدين أبو بكر الجزري المقصاتي، وابن خروف الحنبلي، وأبو العباس أحمد الموصلي الحنبلي، وجماعة. وروى عنه: الدمياطي، والشيخ إبراهيم الرقي الزاهد، وأبو سعد عبد الله بن محمد بن أبي صالح الجيلي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 230 وكانت له حلقة كبيرة ؛ تخرج به جماعة في القرآن والخير والفقر والتصوف والسنة. قرأت بخط السيف ابن المجد قال: كنت ببغداد وقد بنى الخليفة المستنصر مسجدا كبيرا وزخرفه واعتنى به، وجعل به من يتلقن ويسمع الحديث، فامتدت الأعناق إليه، فاستدعى الوزير ابن الناقد جماعة من القراء، وكان هناك بعض الحنابلة، فقال: تنقل عن مذهبك وتكون إماما، فأجاب. وأما صاحبنا عبد الصمد عبد الصمد بن أحمد فقال له ذلك، فقال: لا أنتقل عن مذهبي. فقيل: أليس مذهب الشافعي حسنا؟ فقال: بلى، ولكن مذهبي ما علمت به عيبا لأتركه لأجله. فبلغ الخليفة ذلك، فاستحسن قوله وقال: هو يكون إمامه دونهم. وعرضت عليه العدالة، والناس هناك يتنافسون فيها جدا، فأباها. قلت: وحدثني المقصاتي أن الشيخ عبد الصمد حدثه أنه باع مقيارا بسبعة دنانير، وأعطاها لشيخه الفخر الموصلي حتى طول روحه، وأسمعه كتابا في القراءآت لمكي ((التبصرة)) أو غيره. وحدثني أنه قال: عرضت ((الشاطبية)) على القرطبي، ثم قلعت فرجية علي، ووضعتها على أكتافه، فنظر فيها وقال: هذه لي أنا؟ فقلت: نعم. وحدثني أن الشيخ عبد الصمد قال: اعمل لي مقصا. فعملته وأتيت به، فما أخذه حتى أعطاني ثمنه وأكثر من ثمنه. قرأت على إبراهيم بن أحمد الزاهد: أنا عبد الصمد، أنا عبد العزيز بن الناقد، أنا محمد بن عمر، أنا جابر بن ياسين، أنا عمر بن إبراهيم، ثنا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 231 البغوي، ثنا هدبة، نا همام: سمعت عطا يحدث عن ابن عباس قال: ((يمسك المعتمر عن التلبية حين يفتتح الطواف)). توفي في سابع عشر ربيع الأول، ومولده في أول سنة ثلاث وتسعين. 297 - عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي الفتح. المقدسي. روى عن: الموفق، وابن الزبيدي. ومات في جمادى الآخرة. 298 - عبد العزيز بن أبي نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن عساكر. شمس الدين أبو محمد. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأحمد بن أبي الفضل ابن حديد، وأحمد بن سيدهم. روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وابن الخباز، وجماعة. وخرج عنه الدمياطي في ((معجمه)). ومات في جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 232 299 - عبد القاهر بن عبد السلام بن أبي القاسم. المهذب جمال الدين السلمي، الدمشقي، أخو الشيخ عز الدين بن عبد السلام. توفي في شوال بمنزله بعقبة الكتان. كتب في الإجازات لعلم الدين البرزالي، وغيره. وله إجازة من الخشوعي، والقاسم بن عساكر. سمع منه بعض الطلبة. 300 - عبد الكريم بن الحسين بن رزين. شمس الدين الحموي، الشافعي، أخو الشيخ تقي الدين ابن رزين. فقيه دين، منقبض عن الناس. درس مديدة بالسيفية بالقاهرة. ومات في ذي الحجة. 301 - عبد الملك بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب. الملك القاهر، بهاء الدين بن السلطان الملك المعظم. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع من: ابن اللتي، وغيره. وحدث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 233 وكان حسن الأخلاق، سليم الصدر،. كثير التواضع، يعاني زي الأعراب في لباسه ومركبه و... وكان بطلا شجاعا من الفرسان المعدودين. قال الشيخ قطب الدين: حدثني تاج الدين نوح ابن شيخ السلامية أن الأمير عز الدين أيدمر العلائي نائب صفد حدثه قال: كان الملك الظاهر مولعا بالنجوم، فأخبر أنه يموت في هذه السنة بالسم ملك. فوجم لذلك، وكان عنده حسد لمن يوصف بالشجاعة، أو يذكر بجميل. وأن الملك القاهر لما كان مع السلطان في وقعة البلستين فعل أفاعيل عجيبة، وبين يوم المصاف، وتعجب الناس منه، فحسده. وكان حصل للسلطان نوع ندم على تورطه في بلاد الروم، فحدثه الملك القاهرة بما فيه نوع من الإنكار عليه، فأثر أيضا عنده. فلما عاد بلغه أن الناس يثنون على ما فعل الملك القاهر، فتخيل في ذهنه أنه إذا سمه كان هو الذي ذكره المنجمون ؛ فأحضره عنده يوم الخميس ثالث عشر المحرم لشرب القمز، وجعل السقية في وريقة في جيبه. وكان للسلطان ثلاث هنابات مختصة به، كل هناب مع ساق، فمن أكرمه السلطان ناوله هنابا منها. فاتفق قيام القاهر ليبزل، فجعل السلطان ما في الوريقة في الهناب، وأمسكه بيده، وجاء القاهر فناوله الهناب، فقبل الأرض وشربه. وقام السلطان ليبزل فأخذ الساقي الهناب من يد القاهر وملأه على العادة ووقف. وأتى السلطان فتناول الهناب وشربه وهو لا يشعر أو نسي، فلما شرب أفاق على نفسه، وعلم أنه شرب من ذلك الهناب وفيه آثار من السم، فتخيل وحصل له وعك وتمرض ومات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 234 وأما القاهر فمات من الغد. ذكر العلاني أنه بلغه ذلك من مطلع على الأمور لا يشك في أخباره. وقال شمس الدين الجزري: في منتصف محرم يوم السبت مات القاهر فجأة. كان راكبا يسوق الخيل، فاشتكى فؤآده، فأسرع إلى بيت أخته زوجة الملك الزاهر لقربه، فأدركه الموت في باب الدار. وفي ((تاريخ)) المؤيد: اختلف في سبب موت الظاهر، فقيل: انكسف القمر كله، وتكلم الناس أنه لموت كبير، فأراد الظاهر صرف ذلك عنه، فاستدعى القاهر وسم له القمز وسقاه، ثم نسي وشرب من ذلك الهناب، فحصل له حمى محرقة. 302 - عزية بنت محمد بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف المقدسي. روت عن ابن اللتي. ماتت في صفر. 303 - عتيق بن عبد الجبار بن عتيق. العدل عماد الدين أبو بكر الأنصاري، الصوفي، الشاهد. ولد بالإسكندرية سنة ثلاث أو أربع وستمائة. وقدم دمشق فسمع بها من: أبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وابن الزبيدي. وكان صدوقا، صالحا، متدينا، متواضعا، من كتاب الحكم، سقط في بركة المقدمية وهو يتوضأ، فاختنق ومات شهيدا في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 235 كتب عنه الطلبة، وأجاز لي مروياته. فائدة، وهي: * عتيق بن عبد الجبار البلنسي الشاهد، كتب للقضاة أربعين سنة. ومات سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. ذكره الأبار. 304 - علي بن درباس بن يوسف. الأمير جمال الدين الحميدي. ذكره اليونيني فقال: ولد سنة أربع وستمائة. وكان علي الهمة، وافر البر والإفضال، جوادا، له مهابة شديدة وسطوة وسياسة. ولما توفي الملك الظاهر أحضره نائب دمشق وحبسه وصادره، وكان في نفسه منه. ثم خرج وبقي بطالا من الولاية في منزله بجبل قاسيون وخبزه عليه. ولما عزل تاب وأقلع عن المظالم، وبقي يصلي بالليل ويبكي. وكان حسن المحاضرة، فاضلا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 236 توفي آخر رجب. 305 - علي بن صالح بن علي بن صالح بن أبي عمامة. القاضي عماد الدين القرشي، المصري. توفي في جمادى الأولى، ودفن بالقرافة. سمع ابن باقا. وحدث. 306 - علي بن أبي عبد الله بن النظام. البغدادي، الطبيب البارع، نجم الدين. مات ببغداد في شعبان. 307 - علي بن علي بن إسفنديار بن الموفق بن أبي علي. الواعظ، العالم، نجم الدين، أبو عيسى البغدادي. ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من: ابن اللتي، والحسين ابن رئيس الرؤساء، وعبد اللطيف ابن القبيطي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 237 وقدم دمشق ووعظ فحصل له قبول زائد، وازدحم الناس على ميعاده لحسن إيراده ولطف شمائله. وكان يتكلم في المحافل. وولي مشيخة المجاهدية. روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وابن الخباز، وجماعة. وكان حلو النادرة، طيب الأخلاق، لا يمل منه، ومجالسه نزهة الوقت. وفيه حلم زائد واحتمال. حكى القاضي شهاب الدين محمود أن ابن سمنديار كان كثير المبيت عنده والمباسطة. قال: وكان يحيي غالب الليل في [عمل] الخير، ويصبح يعمل المجلس، فترى عليه هيبة وجلالة، ولا يمل أحد من المجلس. قال ابن خلكان: أنا أحكي الحكاية للشيخ نجم الدين، ثم يعيدها هو، فأتمنى أنه لا يفرغها من تنميقه وفصاحته وبيانه. وقد استأذن الملك الناصر في الوعظ في أيام ابن الجوزي، فلم يأذن له. مات في رجب، ودفن بمقابر الصوفية، رحمه الله. 308 - علي بن عمر بن علي بن حربون. القرشي، الإسكندراني، المقرىء، أبو الحسن. عرف بالمهتدي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 238 توفي بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 309 - العماد بن أبي العواقب. رجل متميز، معروف. قتل في داره بدرب العجم في ربيع الأول. 310 - عمر بن إلياس بن الخضر بن قزغلي. الرهاوي. توفي في جمادى الآخرة بدمشق. سمع ابن البرهان، وحدث. 311 - عمر بن عبد السلام. أبو حفص الدنيسري. حدث بمصر عن: ابن اللتي. ومات في صفر. 312 - عمر. الشيخ شرف الدين النهاوندي، الصوفي، المعروف بالرمال. قال اليونيني: توفي بمصر وقد جاوز التسعين، وكان صالحا، زاهدا، متعبدا، كثير الأسفار، مشهورا. مات في صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 239 313 - عنبر. عتيق الفخر محمد بن إبراهيم الفارسي، الصوفي. روى عن مولاه. ومات في ربيع الآخر. - حرف الفاء - 314 - فريدون بن همايون بن زرينكمر. أبو المناقب الديلمي، الشيرازي. روى مجلس رزق الله عن أبي بكر بن سابور. كتب عنه: الشريف، وسعد الدين مسعود، وشمس الدين بن جعوان، والطلبة. ومات في ذي القعدة بمصر عن بضع وستين سنة. وسمع أيضا من مكرم. 315 - فوارس بن محمد بن عبد العزيز. الغساني، الإسكندراني، المالكي، الصدر الكبير، وجيه الدين. سمع: محمد بن عماد، وجماعة. وله مشيخة. توفي في شهر شعبان، رحمه الله. - حرف الميم - 316 - محمد بن أحمد بن منظور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 240 الإمام الزاهد، أبو عبد الله الكناني، المصري، العسقلاني. شيخ صالح عارف له أتباع ومريدون، وزاوية بالمقس. حدث عن: أبي الفتوح الحلاجلي. روى عنه: الدمياطي، والدواداري. وتوفي في رجب. وكان فقيها فاضلا عاش ثمانين سنة. وله صلة وصدقة. 317 - محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور. الشيخ الإمام، قاضي القضاة، شمس الدين أبو بكر ابن الشيخ العماد المقدسي. الصالحي، الحنبلي. ولد في صفر سنة ثلاث وستمائة. وسمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب والشيخ الموفق وتفقه عليه، وأبا عبد الله بن البنا الصوفي، ومحمد بن كامل التنوخي، وأحمد بن محمد بن سيدهم. وحضر على عمر بن طبرزد، وسمع ببغداد من: الفتح بن عبد السلام، وعمر بن كرم الحمامي، وعبد السلام الداهري، وابن روزبة، وجماعة. وسكنها وتأهل بها، وجاءته الأولاد، فأسمعهم من الكاشغري، وغيره. ثم ارتحل وسكن الديار المصرية في سنة بضع وأربعين، ورأس بها في مذهب أحمد، وصار شيخ الإقليم وحاكمه، وشيخ الخانقاه السعيدية في الأيام
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 241 الظاهرية. وكان إماما محققا، كثير الفضائل، صالحا، خيرا، حسن البشر، مليح الشكل، كثير النفع والمحاسن. وقد نالته محنة ذكرناها في الحوادث. روى عنه: الدمياطي، والقاضي سعد الدين الحارثي، والشيخ علي النشار، والشيخ قطب الدين عبد الكريم وقال: هو أول شيخ سمعت منه، وذلك في سنة أربع وسبعين ؛ وطائفة. وكان حسن السمت، مهيبا، له مشاركة في عدة فنون، ويعرف كلام الصوفية، ويتكلم على طريقتهم فيما بلغني. وتحكى عنه كرامات ومكاشفات. وكان كثير البر والإيثار للفقهاء، حسن التواضع، كبير القدر. وقد عزل عن القضاء في سنة سبعين، وحبس سنتين بالقلعة. ثم أطلق ولزم بيته يدرس ويفتي ويشغل، ويروي الحديث إلى أن توفي في الثاني والعشرين من المحرم بالقاهرة. وقد سمعت من ولديه أحمد وزينب. وقد خرج شيخنا ابن الظاهري له معجما حدث به، سوى الجزء العاشر. قال الحافظ عبد الكريم: سمعت منه ((صحيح مسلم)) بسماعه من ابن الحرستاني. قال: وسمع بمكة من أبي العباس القسطلاني، وبحلب من أبي محمد ابن الأستاذ، وبحران من أحمد النجار، وبالموصل من عمر بن معالي. 318 - محمد بن حياة بن يحيى. القاضي، الإمام، الزاهد، تقي الدين الشافي، الرقي. كان من خيار القضاة وصلحائهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 242 ولاه الملك الظاهر قضاء حمص. وكان يعرفه قديما ويثق بدينه، فزاره بحمص في بيته، وقال: أطعمنا شيئا. فأحضر مأكولا، وأكل منه أولا، فابتسم السلطان، وأكل وفرق على خواصه. ثم ندبه لقضاء حلب. وكان محمود السيرة، متين الديانة. حج وتوفي إلى رحمة الله بتبوك راجعا في المحرم. وكان عديم التكلف. سار إلى قضاء حلب على حمار مع المكارية، ولم يتخذ بغلة. وقد ناب في القضاء لابن الصائغ، وأم بالعادلية. 319 - محمد بن عبد الرحمن بن مهنا بن مخلوف. الإسكندراني، أبو عبد الله. سمع الكثير. وحج ومات في الرجعة في المحرم. سمع من ابن عماد ((الخلعيات)) كاملة. 320 - محمد بن عبد الكريم بن عثمان. المفتي الإمام، عماد الدين ابن الشماع المارديني، الحنفي، مدرس مدرسة [قصاعين] وغيرها. وإمام مقصورة الحنفية، ومدرس الصادرية. كان دينا خيرا، من علماء الحنفية المذكورين بالسماحة والكرم. توفي كهلا في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 243 323 - محمد بن شجاع بن علي بن سالم. الشيخ محيي الدين ابن الكمال الضرير، الهاشمي، العباسي. سبط أبي القاسم الشاطبي. ولد سنة أربع عشرة. وسمع من: ابن باقا، وجماعة. وحدث. وكان أديبا فاضلا له النظم والنثر. توفي في جمادى الآخرة بمصر. 322 - محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن هلال. الصدر الجليل، عماد الدين، ابن المولى كمال الدين الأزدي، الدمشقي، ناظر الأيتام. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وجماعة. وحدث. وكان عدلا، مأمونا، دينا، خيرا، صاحب مكارم ولطف وحسن محاضرة. ولي نظر الأيتام مدة سنين، وحمدت سيرته. وتوفي في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة. وهو من بيت مشهور بالعدالة والرئاسة ورواية العلم. ثنا عنه الشيخ علي بن العطار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 244 323 - محمد بن أبي ذكري يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص عمر الهنتي. السلطان، أبو عبد الله البربري، صاحب تونس وإفريقية. مات في حادي عشر ذي الحجة بتونس، وكانت دولته سبعا وعشرين سنة أو أكثر. ولقبه المستنصر بالله، وولي بعده إبنه. 324 - محمد بن أبي بكر بن إبراهيم. عفيف الدين الشاغوري، مؤذن القلعة. حدث عن: ابن الزبيدي. وتوفي في صفر. ثنا عنه إسحاق الآمدي. وولد تقريبا سنة ستمائة. 325 - محمود بن علي بن أبي القاسم. الغسال. أحد من سمع الكثير من ابن عبد الدائم، وطبقته، وحصل، وأثبت له الطلبة. وحج فتوفي في أيام منى. وما أظنه حدث. 326 - منكبا بن عمر بن منكبا. الأسدي، المصري، مجاهد الدين. حدث عن: يوسف بن المخيلي، وقيماز المعظمي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 245 وكان فاضلا شاعرا. توفي في رمضان. ويدعى أيضا تركانشاه كما تقدم. وكان محدثا كثير الفضائل. - حرف النون - 327 - نصر بن عبيد. الشيخ أبو الفتح السوادي، المقدمي، الحنبلي، المقرىء الصالحي. ولد سنة ستمائة بقريته من السواد، واشتغل بجبل قاسيون وسمع من: ابن الزبيدي، والإربلي، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، والدواداري، وابن العطار، وغيرهم. وكان صالحا، زاهدا، فاضلا، خيرا. وهو والد العدل زين الدين عبد الرحمن الحنفي، والشيخ أحمد المقرىء. توفي في رجب. 328 - نعمة بن محمد بن نعمة بن أحمد. أبو الشكر النابلسي، الشافعي. ولد سنة ثمان وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، والعلم السخاوي، وابن الصلاح. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار. مات في جمادى الآخرة. - حرف الياء - 329 - يحيى بن زكريا بن مسعود.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 246 الشيخ، المقرىء، الزاهد، أبو زكريا المنبجي. كان شيخا صالحا، خيرا، عابدا، مجودا للقرآن. عرض على الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وتصدر بجامع دمشق للإقراء والتلقين. وكانت له حلقة كبيرة. وحدث عن أبي القاسم بن رواحة، وغيره. وتخرج به جماعة. وأقرأ زمانا. توفي في خامس المحرم. 330 - يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين. مفتي الأمة، شيخ الإسلام، محيي الدين، أبو زكريا النواوي، الحافظ، الفقيه، الشافعي، الزاهد، أحد الأعلام.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 247 ولد في العشر الأوسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين بنوى. وجدهم هو حسين بن محمد بن جمعة بن حزام الحزامي، بحاء مهملة وزاي. نزل حسين بالجولان بقرية نوى على عادة العرب، فأقام بها ورزقه الله ذرية إلى أن صار منهم عدد كثير. قال الشيخ محيي الدين: كان بعض أجدادي يزعم أنها نسبة إلى حزام والد حكيم بن حزام، رضي الله عنه، وهو غلط. والنووي بحذف الألف، ويجوز إثباتها. حكى والده لشيخنا أبي الحسن بن العطار أن الشيخ كان نائما إلى جنبه وهو ابن سبع سنين ليلة السابع والعشرين من رمضان، قال: فانتبه نحو نصف الليل وأيقظني وقال: يا أبه ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟ فاستيقظ [أهلي] كلهم، فلم نر شيئا، فعرفت أنها ليلة القدر. وقال ابن العطار: ذكر لي الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، رحمه الله قال: رأيت الشيخ محيي الدين وهو ابن عشر بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب ويبكي، ويقرأ القرآن في [ذلك] الحال، فوقع في قلبي محبته. وجعله أبوه في دكان بالقرية، فجعل لا يشتغل بالبيع [والشراء] عن القرآن، فوصيت الذي يقرئه وقلت: هذا يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه. ف (...) وقال لي: أمنجم أنت؟ قلت: لا، إنما أنطقني الله بذلك. فذكر ذلك لوالده فحرص عليه (...) وقد ناهز الاحتلام.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 248 قال ابن العطار: قال لي الشيخ: فلما كان لي تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض. وكان قوتي بها جراية المدرسة لا غير. وحفظت ((التنبيه)) في نحو أربعة أشهر ونصف. قال: وبقيت أكثر من شهرين أو أقل لما قرأت: يجب الغسل من إيلاج الحشفة في الفرج، أعتقد أن ذلك قرقرة البطن. وكنت أستحم بالماء البارد كلما قرقر بطني. قال: وقرأت حفظا ربع ((المهذب)) في باقي السنة، وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ولازمته فأعجب بي وأحبني، وجعلني أعيد لأكثر جماعته. فلما كانت سنة إحدى وخمسين حججت مع والدي، وكانت وقفة جمعة، وكان رحيلنا من أول رجب، فأقمنا بالمدينة نحوا من شهر ونصف. فذكر والده قال: لما توجهنا من نوى أخذته الحمى، فلم تفارقه إلى يوم عرفة، ولم يتأوه قط. ثم قدم ولازم شيخه كمال الدين إسحاق. قال لي أبو المفاخر محمد بن عبد القادر القاضي: لو أدرك القشيري شيخكم وشيخه لما قدم عليهما في ذكره لمشايخها، يعني الرسالة، أحدا لما جمع فيهما من العلم والعمل والزهد والورع والنطق بالحكم. قال: وذكر لي الشيخ أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على المشايخ شرحا وتصحيحا، درسين في ((الوسيط)) ودرسين في ((المهذب)) ودرسا في ((الجمع بين الصحيحين)) ودرسا في ((صحيح مسلم))، ودرسا في ((اللمع)) لابن جني، ودرسا في ((إصلاح المنطق)) لابن السكيت، ودرسا في ((التصريف))، ودرسا في أصول الفقه، تارة في ((اللمع)) لأبي إسحاق، وتارة في ((المنتخب)) لفخر الدين، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في أصول الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 249 وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله لي في وقتي. وخطر لي الاشتغال بعلم الطب، فاشتريت كتاب ((القانون)) فيه، وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم علي قلبي، وبقيت أياما لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري، ومن أين دخل علي الداخل، فألهمني الله أن سببه اشتغالي بالطب، فبعث ((القانون)) في الحال، واستنار قلبي. وقال: كنت مريضا بالرواحية، فبينا أنا في ليلة في الصفة الشرقية منها، وأبي وإخوتي نائمون إلى جنبي إذ نشطني الله وعافاني من ألمي، فاشتاقت نفسي إلى الذكر، فجعلت أسبح، فبينا أنا كذلك بين السر والجهر، إذ شيخ حسن الصورة، جميل المنظر، يتوضأ على البركة في جوف الليل، فلما فرغ أتاني وقال: يا ولدي لا تذكر الله تشوش على والدك وإخوتك وأهل المدرسة. فقلت: من أنت؟ قال: أنا ناصح لك، ودعني أكون من كنت. فوقع في نفسي أنه إبليس فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورفعت صوتي بالتسبيح، فأعرض ومشى إلى ناحية باب المدرسة، فانتبه والدي والجماعة على صوتي، فقمت إلى باب المدرسة فوجدته مقفلا، وفتشتها فلم أجد فيها أحدا غير أهلها. فقال لي أبي: يا يحيى ما خبرك؟ فأخبرته الخبر، فجعلوا يتعجبون، وقعدنا كلنا نسبح ونذكر. قلت: ثم سمع الحديث، فسمع ((صحيح مسلم)) من الرضى ابن البرهان. وسمع ((صحيح البخاري)) و ((ومسند أحمد))، و ((سنن أبي داود))، والنسائي، وابن ماجه، و ((جامع الترمذي)) و ((مسند الشافعي)) و ((سنن الدارقطني)) و ((شرح السنة)) وأشياء عديدة. وسمع من: ابن عبد الدائم، والزين خالد، وشيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز، والقاضي عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني، وأبي محمد عبد الرحمن بن سالم الأنباري، وأبي محمد إسماعيل بن أبي اليسر، وأبي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 250 زكريا يحيى بن الصيرفي، وأبي الفضل محمد بن محمد بن البكري، والشيخ شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، وطائفة سواهم. وأخذ علم الحديث عن جماعة من الحفاظ، فقرأ كتاب ((الكمال)) لعبد الغني الحافظ، على أبي النقا خالد النابلسي، وشرح مسلما ومعظم ((البخاري)) على أبي إسحاق بن عيسى المرادي. وأخذ أصول الفقه عن القاضي أبي الفتح التفليسي، قرأ عليه ((المنتخب)) وقطعة من ((المستصفى)) للغزالي. وتفقه على الإمام كمال الدين إسحاق المغربي ثم المقدسي، والإمام شمس الدين عبد الرحمن بن نوح المقدسي، ثم الدمشقي، وعز الدين عمر بن أسعد الإربلي. وكان النووي يتأدب مع هذا الإربلي، ربما قام وملأ الإبريق ومشى به قدامه إلى الطهارة. والإمام كمال الدين سلار بن الحسين الإربلي، ثم الحلبي صاحب الإمام أبي بكر الماهاني. وقد تفقه الثلاثة الأولون على ابن الصلاح، رحمه الله. وقرأ النحو على فخر الدين المالكي، والشيخ أحمد بن سالم المصري. وقرأ على ابن مالك كتابا من تصانيفه، وعلق عنه أشياء. أخذ عنه: القاضي صدر الدين سليمان الجعبري خطيب داريا، والشيخ شهاب الدين أحمد بن جعوان، والشيخ علاء الدين علي بن العطار، وأمين الدين سالم بن أبي الدر، والقاضي شهاب الدين الإربدي. وروى عنه: ابن العطار، والمزي، وابن أبي الفتح، وجماعة كثيرة. أخبرنا علي بن الموفق الفقيه: أنا يحيى بن شرف الفقيه، أنا خالد بن يوسف بن سعد الحافظ. ح وأنبأتنا ست العرب بنت يحيى قالا: أنا زيد بن الحسن، أنا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 251 المبارك بن الحسين، أنا علي بن أحمد، أنا محمد بن عبد الرحمن، ثنا عبد الله ثنا شيبان، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من طلب الشهادة صادقا من قلبه أعطها ولو لم تصبه)). رواه مسلم، عن شيبان. وقرأت بخط نجم الدين ابن الخباز: أنبا الإمام محيي الدين النووي، أنا عبد الرحمن ابن أبي عمر بن قدامة الفقيه، أنا أبو عبد الله بن الزبيدي، أنا أبو الوقت فذكر أول حديث في الصحيح. قال شيخنا ابن العطار: ذكر لي شيخنا رحمه الله أنه كان لا يضيع له وقتا في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم حتى في ذهابه في الطريق يكرر أو يطالع. وأنه بقي على هذا نحو ست سنين، ثم اشتغل بالتصنيف والإشتغال والنصح للمسلمين وولاتهم، على ما هو عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفقه، والحرص على الخروج من خلاف العلماء والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشوائب. يحاسب نفسه على الخطرة بعد الخطرة. وكان محققا في علمه وفنونه، مدققا في علمه وشؤونه، حافظا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارفا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب الفاظ واستنباط فقهه، حافظا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوال الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم. سالكا في ذلك طريقة السلف. قد صرف أوقاته كلها في أنواع العلم والعمل بالعلم. قال: فذكر لي صاحبنا أبو عبد الله محمد بن أبي الفتح الحنبلي قال: كنت ليلة في أواخر الليل بجامع دمشق والشيخ واقف يصلي إلى سارية في ظلمة، وهو يردد قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسؤولون} مرارا بحزن وخشوع، حتى حصل عندي من ذلك ما الله به عليم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 252 قال: وكان إذا ذكر الصالحين ذكرهم بتعظيم وتوقير، وذكر مناقبهم وكراماتهم، فذكر لي شيخنا ولي الدين علي المقيم ببيت لهيا قال: مرضت بالنقرس فعادني الشيخ محيي الدين، فلما جلس شرع يتكلم في الصبر، فبقي كلما تكلم جعل الألم يذهب قليلا قليلا. فلم يزل يتكلم حتى زال جميع الألم. وكنت لا أنام في الليل، فعرفت أن زوال الألم من بركته. وقال الشيخ رشيد الدين ابن المعلم. عذلت الشيخ في عدم دخول الحمام، وتضييق عيشه في أكله ولبسه وأحواله، وقلت: أخشى عليك مرضا يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده. فقال: أن فلانا صام وعبد الله حتى اخضر. فعرفت أنه ليس له غرض في المقام في دارنا هذه، ولا يلتفت إلى ما نحن فيه. قال: ورأيت رجلا قشر خيارة ليطعمه إياها، فامتنع وقال: أخشى أن ترطب جسمي وتجلب النوم. قال: وكان لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة بعد العشاء الآخرة. ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر. ولا يشرب الماء المبرد، ولا يأكل فاكهة، فسألته عن ذلك فقال: دمشق كثيرة الأوقاف وأملاك المحجوز عليهم، والتصرف لهم لا يجوز إلا على وجه الغبطة، والمعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها خلاف والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء لمالك فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟ وقال لي شيخنا مجد الدين أبو عبد الله بن الظهير: ما وصل الشيخ تقي الدين ابن الصلاح إلى ما وصل إليه الشيخ محيي الدين من العلم في الفقه والحديث واللغة وعذوبة اللفظ. فصل وقد نفع الله تعالى الأمة بتصانيفه، وانتشرت في الأقطار، وجلبت إلى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 253 الأمصار، فمنها: ((المنهاج في شرح مسلم))، و ((كتاب الأذكار))، و ((كتاب رياض الصالحين))، و ((كتاب الأربعين حديثا))، و ((كتاب الإرشاد)) في علوم الحديث، و ((كتاب التيسير)) في مختصر الإرشاد المذكور، و ((كتاب المبهمات))، و ((كتاب التحرير في ألفاظ التنبيه))، و ((العمدة في صحيح التنبيه))، و ((الإيضاح)) في المناسك، و ((الإيجاز)) في المناسك، وله أربع مناسك أخر. وكتاب ((التبيان في آداب حملة القرآن))، وفتاوى له. و ((الروضة)) في أربع مجلدات، و ((المنهاج)) في المذهب، و ((المجموع)) في شرح المهذب، بلغ فيه إلى باب المطرة في أربع مجلدات كبار. وشرح قطعة من البخاري، وقطعة جيدة من أول ((الوسيط))، وقطعة في ((الأحكام))، وقطعة كبيرة في ((تهذيب الأسماء واللغات))، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء، وقطعة في التحقيق في الفقة، إلى باب صلاة المسافر. قال ابن العطار: وله مسودات كثيرة، ولقد أمرني مرة ببيع كراريس نحو ألف كراس بخطه، وأمرني بأن أقف على غسلها في الوراقة، فلم أخالف أمره، وفي قلبي منها حسرات. وقد وقف الشيخ رشيد الدين الفارقي على ((المنهاج)) فقال: (اغتنى بالفضل يحيى فاغتنى .......... عن بسيط بوجيز نافع)
(وتحلى بتقاه وفضله .......... فتجلى بلطيف جامع)
(ناصبا أعلام علم جازما .......... بمقال رافعا للرافعي)
(فكأن ابن صلاح حاضر .......... وكأن ما غاب عنا الشافعي) وكان لا يقبل من أحد شيئا إلا في النادر ممن لا له به علقة من إقراء. أهدى له فقير مرة إبريقا فقبله. وعزم عليه الشيخ برهان الدين الإسكندراني أن يفطر عنده في رمضان فقال: أحضر الطعام إلى هنا ونفطر جملة. قال أبو الحسن: فأفطرنا ثلاثتنا على لونين من طعام أو أكثر. وكان الشيخ يجمع إدامين ببعض الأوقات. وكان أماراً بالمعروف نهاء
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 254 عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. يواجه الملوك والجبابرة بالإنكار، وإذا عجز عن المواجهة كتب الرسائل، فمما كتبه وأرسلني في السعي فيه وهو يتضمن العدل في الرعية وإزالة المكوس. وكتب معه في ذلك شيوخنا الشيخ شمس الدين، والزواوي، والشريشي، والشيخ إبراهيم بن الأرموي، والخطيب بن الحرستاني، ووضعها في ورقة إلى الخزندار، فيها: من عبد الله يحيى النواوي، سلام الله ورحمته وبركاته على المولى المحسن، ملك الأمراء بدر الدين أدام الله له الخيرات، وتولاه بالحسنات، وبلغه من خيرات الدنيا والآخرة كل آماله، وبارك له في جميع أحواله آمين، وينهى إلى العلوم الشريفة أن أهل الشام في ضيق وضعف حال بسبب قلة الأمطار وغلاء الأسعار.. وذكر فصلا طويلا فلما وقف على ذلك أوصل الورقة التي في طيها إلى السلطان، فرد جوابها ردا عنيفا مؤلما، فتنكدت خواطر الجماعة. وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف. قال ابن العطار: وقال لي المحدث أبو العباس بن فرح، وكان له ميعادان في الجمعة على الشيخ يشرح عليه في الصحيحين، قال: كان الشيخ محيى الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منها لو كانت لشخص شدت إليه الرحال. المرتبة الأولى: العلم. والثانية: الزهد. والثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سافر الشيخ إلى نوى وزار القدس والخليل وعاد إلى نوى، وتمرض عند أبيه. قال ابن العطار: فذهبت لعيادته ففرح ثم قال لي: ارجع إلى أهلك. وودعته وقد أشرف على العافية، وذلك يوم السبت. ثم توفي ليلة الأربعاء. قال: فبينا أنا نائم تلك الليلة إذ مناد ينادي على سدة جامع دمشق في يوم جمعة: الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع. فصاح الناس لذلك. فاستيقظت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فلما كان آخر يوم الخميس جاءنا وفاته، فنودي يوم الجمعة بعد الصلاة بموته، وصلي عليه صلاة الغائب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 255 قال الشيخ قطب الدين: وفي ليلة الأربعاء رابع وعشرين رجب توفي الشيخ محيي الدين النووي صاحب التصانيف بنوى ودفن بها. وكان أوحد زمانه في الورع والعبادة والتقلل وخشونة العيش والأمر بالمعروف. واقف الملك الظاهر بدار العدل غير مرة ؛ وحكي عن الملك الظاهر أنه قال: أنا أفزع منه. وكانت مقاصده جميلة. ولي مشيخة دار الحديث. قلت: وليها بعد موت أبي شامة سنة خمس وستين وإلى أن مات. وقال شمس الدين ابن الفخر: كان إماما، بارعا، حافظا. مفتيا، أتقن علوما شتى، وصنف التصانيف الجمة. وكان شديد الورع والزهد. ترك جميع ملاذ الدنيا من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من كعك يابس وتين حوراني، والملبس إلى الثياب الرثة المرقعة. ولم يدخل الحمام. وترك الفواكه جميعها. وكان أمارا بالمعروف ناهيا عن المنكر على الأمراء والملوك والناس عامة، فنسأل الله أن يرضى عنه وأن يرضى عنا به.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 256 وذكر مناقبه يطول. وترك جميع الجهات الدنياوية ولم يكن يتناول من جهة من الجهات درهما فردا. وحكى لنا الشيخ أبو الحسن بن العطارأن الشيخ قلع ثوبه ففلاه بعض الطلبة، وكان فيه قمل فنهاه وقال: دعه. قلت: وكان في ملبسه مثل آحاد الفقهاء من الحوارنة لا يؤبه به. عليه شبختانية صغيرة، ولحيته سوداء فيها شعرات بيض، وعليه هيبة وسكينة. وكان لا يتعاني لفظ الفقهاء وعياطهم في البحث، بل يتكلم بتؤدة وسمت ووقار. وقد رثاه غير واحد يبلغون عشرين نفسا بأكثر من ستمائة بيت، منهم: مجد الدين ابن الظهير، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، ومجد الدين ابن المهتار، وعلاء الدين الكندي الكاتب، والعفيف التلمساني الصوفي الشاعر. وأراد أقاربه أن يبنوا عليه قبة فرأته عمته، أو قرابة له، في النوم فقال لها: قولي لهم لا يفعلوا هذا الذي قد عزموا عليه، فإنهم كلما بنوا شيئا تهدم عليهم. فانتبهت منزعجة وحدثتهم، وحوطوا على قبره حجارة ترد الدواب. قال أبو الحسن: وقال لي جماعة بنوى أنهم سألوه يوما أن لا ينساهم في عرصات القيامة، فقال لهم: إن كان لي ثم جاه، والله لا دخلت الجنة وأحد ممن أعرفه ورائي. قلت: ولا يحتمل كتابنا أكثر مما ذكرنا من سيرة هذا السيد رحمة الله عليه. وكان مذهبه في الصفات السمعية السكوت وإمرارها كما جاءت. وربما تأول قليلا في شرح مسلم، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 257 331 - يحيى بن موسى. السلمي، الزرعي، الفقيه محيي الدين الحنبلي. روى عن: ابن اللتي. وتوفي بدمشق. وحدث. وللبرزالي منه إجازة سنة سبع. 332 - يحيى بن محمد بن هبة الله بن الحسن. ابن الدوامي، الرئيس الأنبل عز الدين بن فخر الدين. مات في شعبان ببغداد عن أربع وستين سنة. من بيت كبير. 333 - يحيى الزبشة. الحنبلي، الشروطي. من مشاهير وكلاء الحكم بدمشق. توفي بها في ربيع الأول. 334 - يوسف الكردي. العدوي، الزاهد. ويعرف بالشيخ يوسف أبونا. صالح، زاهد، خير، مجتهد في خدمة الفقراء، مشهور. توفي بالقرافة في المحرم. وكان شيخا مسنا، رحمه الله. الكنى 335 - أبو القاسم بن عبد الغني بن محمد بن الخضر ابن تيمية. الحراني، شمس الدين أخو شيخنا أبي الحسن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 258 حدث عن جده الإمام فخر الدين ((بمسند الحميدي)). كتب عنه: ابن الخباز، وابن أبي الفتح، والطلبة. وتوفي في جمادى الأولى بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية. وقد سمع أيضا من: ابن روزبة، والموفق عبد اللطيف. 336 - الرشيد أبو الوحش بن أبي حليقة. القش الطبيب النصراني، الكلب، والد شيخ الأطباء علم الدين الذي أسلم. هلك في شهر ربيع الأول، وله خمس وثمانون سنة. وفيها ولد: شهاب الدين أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسك الهكاري، والإمام بدر الدين أبو اليسر محمد ابن قاضي القضاة ابن الصائغ، وجمال الدين إبراهيم ابن القاضي شهاب الدين محمود الكاتب، وشمس الدين محمد بن حسن بن السلون البعلي، والشيخ جمال الدين محمد بن أحمد بن خلف الخزرجي المدني، المعروف بالمطري محدث الحرمين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 259
سنة سبع وسبعين وستمائة
- حرف الألف 0 337 - أحمد بن شجاع بن ضرغام. أبو العباس القرشي، المصري، الكاتب. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: علي بن المفضل الحافظ. كتب عنه: الأبيوردي، والحارثي، والمصريون. توفي في شعبان. 338 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد. الدشناوي، الإمام جلال الدين. توفي بقوص عن نيف وستين سنة. قرأ عليه جماعة، وأخذ النحو عن المرسي. 339 - أحمد بن محمد بن عيسى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 260 المحدث، العالم، شهاب الدين، أبو العباس الأنصاري، الدمشقي، الخرزي، الحنبلي. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي، وأبي الفضل الهمداني، وأبي الحسن بن المقير. ورحل فسمع بحلب من: ابن رواحة، وابن خليل. وأكثر، وحصل ونسخ بخطه الكثير. وكان حسن القراءة فيه حسن ونباهة. قال شيخنا ابن الظاهري: كنا نسميه الحويفظ لمعرفته. قلت: وكان يقرأ على كرسي ابن بطحان بالحائط الشمالي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وغيرهم. وأجاز لي مروياته. وقد قرأ كتبارا على أبي الحجاج بن خليل. توفي بدار الحديث الأشرفية في جمادى الآخرة رحمه الله. وكان فقيرا قانعا، وربما عرض بالطلب في مجلسه لحاجته. 340 - أحمد بن محمد بن علي. ابن البالسي: أخو المحدث ضياء الدين علي. توفي في ذي القعدة. حدث عن: أبي نصر بن الشيرازي. أخذ عنه السبط. 341 - أحمد بن نوال بن غثور. الرصافي، المقرىء، نزيل الصالحية، ووالد شيخنا محمد. عمر وأسن. وحدث عن: الشهاب بن راجح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 261 سمعه: ابن الخباز، والمزي. ولم يدركه البرزالي. لا أعرف وفاته. 342 - أحمد بن يوسف بن بندار. أبو العباس السلماسي. له رواية. سمع من: الشمس العطار جزء بيبى. قرأه عليه سعد الدين الحارثي. وتوفي في جمادى الأولى. 343 - إبراهيم بن أحمد بن أبي الفرج بن أبي عبد الله. زين الدين ابن السديد، الحنفي، الدمشقي إمام مقصورة الحلبيين من جامع دمشق. سمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني. وكان عدلا خيرا، دينا، ذا مروءة. وسمع من المحدث عمر بن بدر الموصلي ((مسند أبي حنيفة))، رواية ابن الثلجي. روى عنه: ابن العطار، والمزي، وجماعة. ومات في جمادى الأولى وله ثلاث وسبعون سنة. ومن مروياته كتاب ((الشمائل)) للترمذي. 344 - إبراهيم بن يوسف بن خليل. ابن الفحام الإربلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 262 حدث عن ابن الجميزي بأحاديث. ومات في ذي القعدة. وهو أخو البدر خليل. توفي بدمشق. 345 - إسحاق بن الخضر بن كيلوا. المراغي. صوفي بمصر. روى عن مكرم. مات في ذي القعدة. 346 - آقسنقر. الأمير الكبير شمس الدين الفارقاني. قبض عليه الملك السعيد في السنة الماضية، واختفى خبره، فقيل إنه خنق عقيب اعتقاله. وكان أستاذ دار الملك الظاهر وممن يعتمد عليه ويقدمه على الجيوش. ثم إن الملك السعيد جعله نائب السلطنة، فلم ترض حاشية السعيد بذلك، ووثبوا على الفارقاني، واعتقلوه، ولم يسع السعيد مخالفتهم. قال قطب الدين: كان وسيما جسيما، شجاعا، مقداما، كثير البر والصدقة، خبيرا بالتصرف، حسن التدبير، عليه هيبة شديدة مع لين كلمته. عمل عزاؤه في جمادى الأولى بدمشق. ومات في عشر الخمسين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 263 347 - آقطوان. الأمير علاء الدين المهمندار الظاهري. أحد أمراء الشام. توفي في شعبان. أمير عاقل، دين، شجاع، عارف. 348 - آقوش. الأمير جمال الدين النجيبي، الصالحي، النجمي، نائب السلطنة بدمشق. قال قطب الدين: أمره مولاه الملك الصالح وجعله أستاذ داره، وكان يعتمد عليه. وولد في حدود العشر وستمائة. وقد جعله الملك الظاهر في أول دولته أستاذ داره، ثم ناب له بدمشق تسع سنين، وصرف بعز الدين أيدمر فانتقل إلى القاهرة، وأقام بداره بطالا كبير الحرمة، عالي المكانة. ولما مرض عاده الملك السعيد، وكان قد لحقه فالج قبل موته بأربع سنين. وكان كثير الصدقة محبا للعلماء والفقراء، شافعي المذهب، حسن الاعتقاد. وقال غيره: كان مشكورا، قليل الأذى، كارها للمواقعة. لم يرزق ولدا. وكان ضخم الشكل، سمينا، جهوري الصوت، كثير الأكل. له أوقاف على الحرمين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 264 توفي في ربيع الآخر. 349 - أيدكين. الأمير علاء الدين الشهابي، أحد أمراء دمشق. وصاحب الخانقاه الشهابية. وهو منسوب إلى شهاب الدين رشيد الصالحي الخادم. وقد ولي نيابة حلب مدة. ومات بدمشق في ربيع الأول وهو كهل. - حرف الباء - 350 - بلبان الزيني. الأمير الكبير. سيف الدين الصالحي. كان مقدم البحرية في أول دولة الترك. ثم حبسه السلطان مدة ثم أطلقه وأعطاه إمرة دمشق. وكان ذا نهضة وشهامة وشجاعة مات في عشر الستين. - حرف الحاء - 351 - الحسن بن علي بن محمد بن إلياس. شرف الدين أبو علي بن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي، المعدل. الملقب بالقاضي. حدث عن: أبي محمد بن البن الأسدي، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 265 ومات في ذي القعدة. سمع منه: ابن نفيس، وابن الخباز، وابن هلال. 352 - الحسن بن علي بن نباتة. جمال الدين الفارقي الكاتب المشطوب، والد أولاد المشطوب. ولد سنة ستمائة، وكتب في الإجازات في هذه السنة. ولا أعلم متى مات. - حرف الخاء - 353 - خديجة بنت الشهاب محمد بن خلف بن راجح المقدسي. والدة شيخنا القاضي تقي الدين سليمان. روت عن: عمر بن طبرزد، وغيره. وكانت من عجائز الدير الصالحات العوابد. روى عنها: ولدها، والدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وعلاء الدين ابن العطار، وجمال الدين المزي. وسماعها حضور ولها أربع سنين. وقد أجاز لها المؤيد ابن الأخوة، وعفيفة الفارقانية. وتوفيت إلى رحمة الله في ربيع الأول. - حرف الزاي - 354 - زينب بنت الصاحب أبي القاسم عمر بن أحمد بن العديم العقيلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 266 روت عن: الركن الحنفي. وتوفيت في ربيع الأول أيضا. - حرف السين - 355 - ست العرب بنت محمد. أم علاء الدين علي بن بلبان الناصري. روت عن: ابن اللتي. وماتت في جمادى الآخرة. 356 - سليم الهوي. الشاعر المجود حسن بن بدر النيلي. مدح ببغداد صاحب الديوان علاء الدين، وغيره. أرخ موته ابن الفوطي. 357 - سليمان بن أبي العز بن وهيب. المفتي الكبير، الشيخ صدر الدين قاضي القضاة أبو الفضل الأذرعي، ثم الدمشقي، الحنفي، إمام عالم متبحر، عارف بدقائق المذهب وغوامضه. انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر والشام. وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 267 أقرأ الفقه بدمشق مدة، ثم سكن مصر وحكم بها ودرس بالصالحية ثم انتقل إلى دمشق قبل موته بيسير. واتفق موت القاضي مجد الدين ابن العديم فقلد بعده القضاء، فلم يبق فيه ثلاثة أشهر. وكان الملك الظاهر يحبه ويبالغ في احترامه، وقد أذن له أن يحكم حيث حل. وكان لا يكاد يفارقه في غزواته، وحج معه. ولم يخلف بعده مثله في مذهبه. وله شعر جيد. توفي إلى رحمة الله في سادس شعبان عن ثلاث وثمانين سنة. ودفن بسفح قاسيون ؛ وولي القضاء بعده حسام الدين الرومي. 358 - سنجر. الأمير علم الدين التركستاني. كان ذا حرمة وتجمل مع الشجاعة الموصوفة والإقدام. توفي في جمادى الأولى. ودفن بسفح قاسيون كهلا. - حرف الطاء - 359 - طه بن إبراهيم بن أبي بكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 268 الشيخ جمال الدين أبو محمد الإربلي، الفقيه، الشافعي، الأديب. ولد بإربل سنة بضع وتسعين وخمسمائة. وقدم الديار المصرية شابا. وسمع من: محمد بن عماد، وغيره. وحمل الناس عنه. وله شعر جيد. روى عنه: الدمياطي، والدواداري، والمصريون. وتوفي في جمادى الأولى، وقد نيف على الثمانين. ولا أعلم في كتابنا من اسمه طه غيره. - حرف الظاء - 360 - ظافر بن نصر. كمال الدين، أبو المنصور المصري، الفقيه. وكيل بيت المال بالديار المصرية. ولد سنة إحدى وستمائة، وحدث عن عبد العزيز بن باقا. وله نظم حسن ونثر، وفيه رئاسة. وله مكانة عند الملك الصالح نجم الدين، قال قطب الدين، بحيث كتب في وصيته أن يقر على منصبه، فلم يزل فيه إلى أن مات. توفي في ذي القعدة. وقد حدث عن: مكرم بن أبي الصقر. روى عنه: الدمياطي في ((معجمه))، والدواداري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 269
- حرف العين - 361 - عبد الله بن الحسن بن إسماعيل بن محبوب. الصدر الأجل بهاء الدين المعري الأصل، البعلبكي. ولي نظر الجوشخاناه ونظر بعلبك، ثم نظر جامع دمشق قليلا. وولي نظر المارستان النوري ونظر الأسرى. وكان مشهورا بالأمانة والدين ومعرفة الكتابة. وكان عاقلا، حسن المحاضرة، من أعيان البعلبكيين. استوطن دمشق، وحدث عن: أبي المجد القزويني. سمع منه: أولاده: القاضي شهاب الدين قاضي البقاع، والرئيس نجم الدين، والشيخ فخر الدين عبد الرحمن، وعلاء الدين الكتبة، والفقيه محيي الدين، والعدل صدر الدين. وسمع منه: الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي، والطلبة. توفي في ليلة الجمعة سلخ ذي القعدة بداره بدرب بري، وقد قارب الثمانين. 362 - عبد الله بن الحسين بن علي. الشيخ الإمام، مجد الدين، أبو محمد الكردي، الزرزاري، الإربلي، الشافعي، إمام المدرسة القيمرية. وقد أم بالتربة الظاهرية، ودرس بالكلاسة. وكان خبيرا بالمذهب، عارفا بالقراءآت، متين الديانة، حسن الأخلاق،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 270 صاحب زهد وتعبد وحسن سمت. روى عن: الحافظ يوسف بن خليل. وقرأ القراءآت على أبي عبد الله الفاسي. وتوفي إلى رحمة الله في ذي القعدة عن ست وستين سنة. وهو والد المفتي شهاب الدين والشيخ ركن الدين، والشيخ عفيف الدين المحمدين. 363 - عبد الله بن عمر بن نصر. الأديب، العالم، موفق الدين، أبو محمد الأنصاري، الورن. توفي بمصر في صفر. قال قطب الدين: كان قادرا على النظم، وله مشاركة في الطب والوعظ والفقه، حلو النادرة، لا تمل مجالسته. أقام ببعلبك مدة، وقد خمس مقصورة ابن دريد، ورثى بها الحسين رضي الله عنه. ومات كهلا. ومن شعره: (جميعي لسان وهو باسمك ناطق .......... وكلي قلب عند ذكرك خافق)
(وإني وإن لم أقض فيك صبابة .......... فما أنا في دعوى المحبة صادق)
(خليلي ما للبرق يخفق غيرة .......... أبرق حماها مثل قلبي عاشق)
(تميل قدود البان شوقا لقدها .......... فتنطق إشفاقا عليها المناطق)
(وينشق قلبي للشقائق غيرة .......... إذا حدقت يوما إليها الحدائق)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 271 364 - عبد الله بن مسعود. الصدر الكبير جمال الدين اليزدي. ولي نظر جامع دمشق، والخوانق أيام التجيبي، ثم عزل بعده. توفي بدمشق في صفر. 365 - عبد الباقي بن عبد الرحمن بن خليل. الإمام عز الدين الأنصاري، المصري، والد المحدث أبي بكر محمد. رئيس عالم نبيل، ولي خاطبة جامع الفسطاط مدة. وتوفي في جمادى الأولى. 366 - عبد الرحمن بن حسين بن يوسف. الشاطبي، ثم الإسكندراني، العدل، وجيه الدين، أبو القاسم. سمع كتاب ((الشفا)) من ابن جبير الكناني، و ((الخلعيات)) من ابن عماد. وأكثر عن العثماني الصغير. وعاش أربعا وسبعين سنة. مات في جمادى الآخرة. أجاز للبرزالي. 367 - عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الحسن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 272 الإمام، جمال الدين ابن الشيخ الإمام نجم الدين الباذرائي، الشافعي. درس بمدرسة والده إلى أن مات عن نيف وخمسين سنة. وكان صدرا رئيسا، حسن الأخلاق، كريما. توفي في رجب، ودرس بعده الشيخ تاج الدين. يروي عن: الكاشغري، وابن الخازن. سمع منه: ابن جعوان، والسيبي. 368 - عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة. الصاحب قاضي القضاة مجد الدين، أبو المجد بن الصاحب العلامة كمال الدين أبي القاسم ابن العديم العقيلي، الحلبي، الحنفي. ولد سنة ثلاث عشرة أو قريبا منها. وسمع من: ثابت بن مشرف حضورا، ومن: عم أبيه القاضي أبي غانم محمد بن هبة الله، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبي حفص السهروردي، وعبد الرحمن بن بصلا، وأبي المحاسن يوسف بن شداد الحكم، وعبد اللطيف بن يوسف، وابن روزبة، وابن اللتي، وأبي الحسن بن الأثير، وأبي حفص عمر بن علي بن قشام، وأبي المجد القزويني، وأبي الوفاء محمد بن حمزة الحراني، ومحمد بن عبد الجليل الميمني، وطائفة بحلب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 273 وأبي علي بن الزبيدي، وأبي الحسن محمد بن المبارك بن أيوب، وجماعة بمكة، وأبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وطبقتهم بدمشق. ومنصور بن المعوج، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وإلياس بن أنجب الغراد، وجماعة بدمشق. والحسن بن دينار، وابن الطفيل، وجماعة بمصر. ومحمد بن عمر القرطبي بالمدينة، وهبة الله ابن الواعظ بالإسكندرية. وقرأ بالسبع على الفاسي. وخرج له شيخنا ابن الظاهري ((معجما)) في مجلدة. وأجاز له المؤيد الطوسي، وجماعة. وكان صدرا معظما، مهيبا محتشما، ذا دين وتعبد وأوراد، وسيرة حميدة، لولا بأو فيه وتيه، رحمه الله. وكان إماما، مفتيا، مدرسا، بارعا في المذهب، عارفا بالأدب. وهو أول حنفي ولي خطابة جامع الحاكم، ودرس بالظاهرية التي بالقاهرة، وحضر السلطان، وهو لم يأت بعد، وطلبه السلطان فقيل: حتى يقضي ورده الضحى. ثم جاء وقد تكامل الناس، فقام كلهم له، ولم يقم هو لأحد. ثم قدم على قضاء الشام. وكان بزي الوزراء والرؤساء، لم يعبأ بالمنصب، ولا غير لبسه، ولا وسع كمه. وقد مر ليلة بوادي الربيعة، وهو مخوف إذ ذاك، فنزل وصلى ورده بين العشاءين والغلمان ينتظرونه بالخيل، فلما فرغ ركب وسار. ثم وجدت أنه ولد في جمادى الأولى سنة أربع عشرة. وكان رحمه الله يتواضع للصالحين، ويعتقد فيهم. وقد درس بدمشق بعدة مدارس. وسمع منه: ابن الظاهري، والدمياطي، والحارثي، وشرف الدين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 274 الحسن بن العطار، وشمس الدين ابن جعوان، ومجد الدين ابن الصيرفي، والقاضي شمس الدين محمد بن الصفي، وجماعة كثيرة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في سادس عشر ربيع الآخر. ودفن بتربته قبالة جوسق ابن العديم عند زاوية الحريري، وكان يوما مشهودا، ورثته الشعراء، فمن ذلك ما أنشدني المولى القاضي شهاب الدين محمود بن سلمان الكاتب لنفسه: (رقادي أبى إلا مفارقة الجفن .......... وقلبي نأى إلا عن الوجد والحزن)
(أبيت وراحي أدمعي وكآبتي .......... كؤوسي وحزني مؤنسي والأسى خدني)
(وأضحى وطرفي يحسد العمي إذ .......... يرى حمى المجد تغشاه الخطوب بلا إذن)
(ألا في سبيل المجد وجد وأدمع .......... وهبتهما للبرق إن كل والمزن)
(لأنهما سنا الحداد وأقبلا .......... يزوران في سود الملابس والدكن)
(ثوى المجد في حزن من الأرض .......... فاغتدت تتيه على سهل الربى روضة الحزن)
(وكان لوفد الجود مغناه كعبة .......... يطوفون منها من يمينه بالركن)
(فأضحت وهذا القلب مرمى جمارها .......... وأسست وهذا الجفن مجرى دم البدن)
(غدت بعده كأس العلوم مريرة .......... وكانت به من قبل أحلا من الأمن)
(كأن سماء الدست من بعد شخصه .......... تغشى محياها عبوس من الدجن)
(كأن غروس الفضل عزت قطوفها .......... وطالت وقد غاب المدلل والمدني)
(أمر على مغناه كي يذهب الأسى .......... كعادته الأولى فيغري ولا يغني)
(وتنثر عيني لؤلؤا كان كلما .......... يساقطه من فيه تلقطه أذني)
(وأحسد عجم الطير فيه لأنها .......... تزيد على إعراب نظمي باللحن)
(وأقسم أن الفضل مات لموته .......... ويخطر في ذهني أخوه فأستثني) ورثاه شهاب الدين أيضا بقصيدة أولها:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 275
(أقم يا ساري الخطب الذميم .......... فقد أدركت مجد بني العديم)
(هدمت، وكنت تقصر عنه، بيتا .......... له شرف يطول على النجوم)
(عثرت وقد ضللت بطود علم .......... أما تمشي على السنن القويم)
(صحيح الزهد غادره تقاه .......... وخوف الله كالنضر السقيم)
(وكم قد بات وهو من الخطايا .......... سليم النفس في ليل السليم) 369 - عبد الرحيم بن عبد الحميد بن محمد بن ماضي. المقدسي، أخو شيخنا هدية. رجل خير، مات بمصر في ذي القعدة، رحمه الله تعالى. 370 - عبد الملك بن يوسف بن عبد الوهاب بن عمر. المحدث، نجم الدين السهرزوري. إمام مسجد فيروز بمقابر باب الفراديس، وأحد الشهود بالعقيبة. سمع الحديث الكثير، وكتب الطباق والأجزاء. وحدث. ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، والمسلم المازني، وابن اللتي، والإربلي، وابن باسويه. روى لنا عنه ابن العطار. وكان من فقهاء العزيزية. توفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى. وكان يعرف بابن الباقلاني. 371 - العزفي. صاحب سبتة وأعمالها الشيخ أبو القاسم بن الفقيه أبي العباس أحمد. امتدت دولته، فإنه تملك من بعد والده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 276 وتوفي في ذي الحجة بسبتة، رحمه الله. 372 - علي بن إسماعيل بن إبراهيم. العدل نجم الدين ابن القصاع الدمشقي. أحد عدول (...). سمع من أبي المجد القزويني. وما كأنه حدث. توفي في ذي القعدة. 373 - علي بن محمد بن سليم. الصاحب، الوزير الكبير، بهاء الدين ابن حنا المصري. أحد رجال الدهر حزما وعزما ورأيا ودهاء وخبرة بالتصرف. استوزره الملك الظاهر، وفوض إليه الأمور، ولم يجعل على يده يدا، فساس الأحوال، وقام بأعباء المملكة، وأخمل خلقا ممن ناوأه. وكان واسع الصدر، عفيفا، نزها، لا يقبل لأحد شيئا إلا أن يكون من الصلحاء والفقراء. وكان قائلا بهم يحسن إليهم ويحترمهم ويدر عليهم الصلات. وقد قصده غير واحد بالأذى، فلم يجدوا ما يتعلقون به عليه. واستمر في وزارة الملك السعيد، وزادت رتبته. وله مدرسة وبر وأوقاف ومتاجر كثيرة. ابتلي بفقد ولديه فخر الدين ومحيي الدين فصبر وتجلد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 277 ولسعد الدين الفارقي الكاتب فيه: (يمم عليا فهو بحر الندا .......... وناده في المضلع المعضل)
(فرفده مجد على مجدب .......... ووفده مفض إلى مفضل)
(يسرع إن سيل نداه وهل .......... أسرع من سيل أتى من عل) توفي في سلخ ذي القعدة، وشيعه الخلق. وعاش أربعا وسبعين سنة. ذكره الشيخ قطب الدين، ووصفه بهذا وأكثر. - حرف الغين - 374 - غازي بن خليل. الرقي. توفي بمسجد كثر. أجاز للبرزالي. وعاش ثمانيا وثمانين سنة. - حرف الفاء - 375 - فاطمة بنت محمد. والدة المحدث علي بن بلبان. روت عن: ابن اللتي. توفيت بدمشق. - حرف الميم - 376 - مبارك بن عبد الله بن منصور. الأمير أبو المناقب ابن المستعصم بالله العباسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 278 روى عن: أبيه. روى عنه: ابن الفوطي. توفي بمراغة في جمادى الأولى، واحتفل لعزائه ببغداد، ورثته الشعراء. عاش سبعا وثلاثين سنة وخلف محمدا، وعبد الله، ويوسف. ودفن عند المسترشد بالله. 377 - محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر. الشيخ، الإمام، مجد الدين، أبو عبد الله ابن الظهير الإربلي، الحنفي، الأديب. ولد بإربل في ثاني صفر سنة اثنتين وستمائة. وسمع ببغداد في الكهولة من: أبي بكر بن الخازن، وأبي إسحاق الكاشغري ؛ وبدمشق من: السخاوي، وكريمة، وتاج الدين بن حمويه، وتاج الدين ابن أبي جعفر. وقيل إنه سمع من ابن اللتي. روى عنه الكبار: أبو شامة، والقوصي، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني. ومن المتأخرين: شهاب الدين محمود الكاتب تلميذه، وعلاء الدين ابن العطار، وابن الخباز، والمزي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 279 وكان من كبار الحنفية وفضلائهم. درس بالقيمازية مدة، وكان ذا دين وعبادة وانقطاع وطريقة حميدة ومكارم أخلاق وظرف وكيس. وكان من أعيان شيوخ الأدب وفحول الشعراء والكتاب. له ديوان: وقد رثاه شهاب الدين محمود بقصيدة. قال قطب الدين: كان فقيها مدرسا، وافر الديانة، واسع الصدر، محتملا للأذى، يتصدق دائما ويحسن إلى تلامذته، وشعره سائر. توفي ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر ودفن بمقابر الصوفية. أنشدنا أبو عبد الله بن الظهير لنفسه كتابة: (إذا رمت أن تتوخى الهدى .......... وأن تأتي الحق من بابه)
(فدع كل قول ومن قاله .......... لقول النبي وأصحابه)
(فلم تنج من محدثات الأمور .......... بغير الحديث وأربابه) وله دوبيت: (يختال بقد كالقضيب النضر .......... نشوان يميله نسيم السحر)
(ما جاد بوصلي في دجى من شعر .......... إلا فضحتنا طلعة كالقمر) وله: (عجل هديت المثاب يا رجل .......... أبطأت والموت سائق عجل)
(أسرفت في السيئآت لا ملل .......... يعروك من قبحها ولا خجل)
(تفرح إن أمكنتك موبقة .......... وأنت من خوف فوتها وجل)
(يا معسرا والغريم طالبه .......... وقد دنا من كتابه الأجل)
(كم تتروى إذا دعاك هدى .......... وعند داعي هواك ترتجل)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 280 وله: (أترجو من مدامعك انتصارا .......... وقد جد الخليط ضحى وسارا)
(وتأمل بعدهم صبرا جميلا .......... متى هلك المجنون اصطبارا)
(وتطمع في الرقاد على التنائي .......... لترقب من خيالهم مزارا)
(فأحلى الوجد ما جانبت فيه .......... رقادك والتبصر والقرارا)
(وأشهر الحب ما جر النوايا .......... وما ظلم الحبيب به وجارا)
(وإن لم يتلف الشوق المعنى .......... لعمري كان شوقا مستعارا) حدثني جمال الدين إبراهيم البدوي المقرىء قال: أتيت مجد الدين بإجازة فكتب فيها: (أجازهم ما سألوا بشرطه المعتمد .......... محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد) 378 - محمد بن سوار بن إسرائيل بن خضر بن إسرائيل بن الحسن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 281 الشاعر المشهور، الأديب، البارع، نجم الدين الشيباني، الدمشقي، صاحب الشيخ علي الحريري، وصاحب الديوان المعروف. ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستمائة. وصحب الشيخ علي الحريري من سنة ثمان عشرة. ولبس الخرقة من الشيخ شهاب الدين السهروردي وسمع عليه. وكان قادرا على النظم الرائق مكثرا منه. وقد مدح الأمراء والكبراء. وسلك في نظمه مسلك ابن الفارض وابن العربي. وتجرد، وسافر على قدم الفقراء وقضى أوقاتا طيبة. وكان ريحانة المشاهد وديباجة السماعات وأنيس المجالس. وكان يلثغ بالراء، ولا يحسن الرقص، ولا له فيه طبع. وقد حضر مرة وقتا وفيه نجم الدين ابن الحكيم الحمري، فغنى لهم القوال بقول ابن إسرائيل: (وما أنت غير الكون بل أنت عينه .......... ويفهم هذا السر من هو ذائق) فقال ابن الحكيم: كفرت كفرت. وتشوش الوقت. فقال ابن إسرائيل: لا ما كفرت، ولكن أنت ما تفهم هذه الأشياء. ولا ريب في كثرة التصريح بالإتحاد في شعر هذا المرء على مقتضى ظاهر الكلام، فإن عنى بقوله ما يظهر من نظمه فلا ريب في كفره، وإن عنى به
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 282 غير ما يفهم منه وتكلف له أنواع التأويلات البعيدة فقد أساء الأدب وأطلق في جانب الربوبية ما لا يجوز إطلاقه، وتجهرم على الله تعالى إذ جعل ذلك ديدنه. وهذا إنما هو على سبيل الفرض. أما من عرف مذهب القوم وحقيقة ما يعتقدونه فلا يرتاب في خروجهم عن الملة أو هو منهم. نسأل الله العظيم أن يثبت قلوبنا على دينه، آمين. والمعصوم من عصم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فمن شعره: (أسكان قلبي إن تنآءوا وإن حلوا .......... وملاك ودي واصلوني أو ملوا)
(تساوى لدى البعد والقرب فيكم .......... كما قد تساوى عندي الهجر والوصل)
(إن شئتم صدوا وإن شئتم صلوا .......... فإن سواكم في فؤآدي لا يحلو)
(سهادي بكم أحلا لدي من الكرى .......... وأصعب ما ألقاه في حبكم سهل)
(فبحق جنوني في الهوى بكم اسفكوا .......... دما هدرا ما أن يراد به عقل)
(إذا آثرت قتلي سيوف لحاظكم .......... فأعذب شيء عند عبدكم القتل)
(أأخشى إذا استشهدت فيكم صبابة .......... ببدر ومثلي ليس يخفى له فضل)
(دعوني مني واصنعوا ما بدا لكم .......... فإني لما أهلتموني له أهل)
(حلفت بتوريد الخدود وما جنت .......... علي القدود الهيف والأعين النجل)
(وليلتنا بالسفح إذ يسفح الندا .......... دموعا وإذ سمارنا البان والأثل)
(لقد ضاع ذكري في الوجود بحبكم .......... كما ضاع في وجدي بحسنكم العذل)
(ودق عن الواشي حديث تولهي .......... كما جل شوقي أن تبلغه الرسل)
(وصرت أمير العاشقين وكيف لا .......... ونقل أحاديثي لندمانهم نقل)
(فكل محب مات فيكم صبابة .......... صبابة كأسي أكسبته الضنى قبل)
(وما سمحت روحي بحب سواكم .......... على أنها ما من خلائقها البخل)
(نديمي هل في حبهم من ندامة .......... فأتركه أم هل لهم في الورى مثل)
(أردت بذلي في هواهم تقربا .......... ومن عز من يهواه الذل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 283 ومن شعره أيضا: (لا تشرب الراح إلا مع أخي ثقة .......... يرعى مودة أهل الحان في الحان)
(ولا يرى وجه ساقيها سوى رجل .......... لا ينظر الخمر والخمار اثنان)
(إن غيبت ذاتها عني فلي بصر .......... يرى محاسنها في كل إنسان)
(في القلب سر لليلى لو نطقت به .......... جهرا لأفتوا بكفري بعد إيماني) السر الذي في قلبه هو أن العباد حقيقة المعبود، وأن المعبود حقيقة العباد، أي ليس الله عنده شيئا آخر سوى المخلوقات، ولا لرب العالمين وجود متميز في نفس الأمر عن الموجودات. وهذا مذهب الدهرية بعينه، لا بل شر من مذهب الدهرية، سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. فينبغي للإنسان إذا حكى قول الكفر أن يسبح الله تعالى ويقدسه ويمجده لينجيه من الكفر. ولقد اجتمعت بغير واحد ممن كان يقول بوحدة الوجود ثم رجع وجدد إسلامه وبينوا لي مقالة هؤلاء أن الوجود هو الله تعالى، وأنه تعالى يظهر في الصورة المحلية والأشياء البديعة. ومن قصيدة ابن اسرائيل المسماة بعرف العرفان حيث يقول: (لقد حق لي عشق الوجود وأهله .......... وقد علقت كفاي جمعا بموجدي)
(نديمي من سعد أريما ركابي .......... فقد أمنت من أن تروح وتغتدي)
(ولا تلزماني النسك فالحب شاغلي .......... ولا تذكرا لي الورد فالراح موردي)
(أمن بعدما قد برد الوصل غلتي .......... وزار الكرى أجفان طرفي المسهد)
(وأمسيت والكاسات شمسي وأصبحت .......... عروس حميا الراح تجلى على يدي)
(ونادمت في دير الحبيس غزالة .......... وزخرف لي في هيكل الدير مقعدي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 284 ومنها: (ذراني وعزمي والدجى ومزاره .......... فقد أبت العلياء إلا تفردي)
(ولا تيأسا من روحه وتأسيا .......... فكم معرض في اليوم يقبل في غد)
(فتى الحب صب باع مهجة نفسه .......... لجيرة ذاك الحي نقدا بموعد)
(هو الحب إما منية أو منية .......... ودون العلى حد الحسام المهند)
(ألم تريا أني وجدت تلذذي .......... برؤياه عقبى حيرتي وتلددي)
(وقد عشت دهرا والجمال يهزني .......... وتطربني الألحان من كل منشد)
(وأعذو في ليل الغدائر دائبا .......... أضل ومن صبح المباسم أهتدي)
(ويسقم جسمي كل جفن وتارة .......... يورد دمعي كل خد مورد)
(وأصبو متى هبت صبا هاجريه .......... تخبرني عن منجد غير منجدي)
(فلما تجلى لي على كل شاهد .......... وسامرني بالرمز في كل مشهد)
(تجنبت تقييد الجمال ترفعا .......... وطالعت أسرار الجمال المبدد)
(وصار سماعي مطلقا منه بدؤه .......... وحاشى لمثلي من سماع مقيد)
(في كل مشهود لقلبي شاهد .......... وفي كل مسموع له لحن معبد)
(أراه بأوصاف الجمال جميعها .......... بغير اعتقاد للحلول المبعد)
(ففي كل هيفاء المعاطف غادة .......... وفي كل مصقول السوالف أغيد)
(وعند اعتناقي كل قد مهفهف .......... ورشفي رضابا كالرحيق المبرد)
(وفي الدر والياقوات والمسك والحلى .......... على كل ساجي الطرف لدن المقلد)
(وفي خلل الأثواب راقت لناظر .......... بزبرجها من مذهب ومعمد)
(وفي الراح والريحان والشمع والغنا .......... وفي سجع ترجيع الحمام المغرد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 285
(وفي الدوح والأنهار والروح والندى .......... وفي كل بستان وقصر مشيد)
(وفي الروضة الغناء غب سمائها .......... يضاحك نور الشمس نوارها الندي)
(وفي صفو رقراق الغدير إذا حكى .......... وقد جعدته الريح صفحة مبرد)
(وفي اللهو والأفراح والغفلة التي .......... تمكن أهل الفرق من كل مقصد)
(وعند انتشاء الشرب في كل مجلس .......... بهيج بأنواع الثمار منضد)
(وعند اجتماع الناس في كل جمعة .......... وعيد وإظهار الرياش المجدد)
(وفي لمعان المشرفيات في الوغى .......... وفي ميل أعطاف القنا المتأود)
(وفي الأعوجيات العتاق إذا انبرت .......... تسابق وفد الريح في كل مطرد)
(وفي الشمس تحكي في تبرج نورها .......... لدى الأفق الشرقي مرآة عسجد)
(وفي البدر بدر الأفق ليلة تمه .......... جلته سماء مثل صرح ممرد)
(وفي أنجم زانت دجاها كأنها .......... نثار لآل في بساط زبرجد)
(وفي البرق يبدو موهنا في كآبة .......... كباسم ثغر أو حسام مجرد)
(وفي حسن تنميق الخطاب وسرعة الجواب .......... وفي الخط الأنيق المجود)
(وفي رقة الأشعار راقت لسامع .......... بدائعها من مقصر ومقصد)
(وفي رحمة المعشوق شكوى محبتي .......... وفي رقة الألفاظ عند التودد)
(وفي أريحيات الكريم إلى الندى .......... وفي عاطفات العفو من كل سيد)
(وحالة بسط العارفين وأنسهم .......... وتحريكهم عند السماع المقيد)
(وفي لطف آيات الكتاب التي بها .......... تبسم روح الوعد بعد التوعد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 286
المظاهر الجلالية
(كذلك أوصاف الجلال مظاهر .......... أشاهده فيها بغير تردد)
(ففي صولة القاضي الجليل وسمته .......... وفي سطوة السلطان عند التمرد)
(وفي حدة الغضبان حالة طيشه .......... وفي نخوة القرم المهيب المسود)
(وفي سورة الصهباء جار مديرها .......... وفي يبس أخلاق النديم المعربد)
(وعند اصطدام الخيل في كل مأزق .......... يعثر فيه بالوشيج المنضد)
(وفي شدة الليث الهصور وبأسه .......... وشدة عيش بالسقام منكد)
(وفي روعة البين المثبت وموقف .......... الوداع لحران الجوانح مكمد)
(وفي فرقة الألاف بعد اجتماعهم .......... وفي كل تشتيت وشمل مبدد)
(وفي كل دار أقفرت بعد أنسها .......... وفي طلل بال ودارس معهد)
(وفي هول أمواج البحار ووحشة .......... القفار وسيل بالمذانب مزبد)
(وعند خشوعي للصلاة لعزة .......... المناجي وفي الإطراق عند التشهد)
(وحالة إهلال الحجيج لحجهم .......... وإعمالهم للعيس في كل فدفد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 287
المظاهر الكمالية
(ويبدو بأوصاف الكمال فلا أرى .......... برؤيته شيئا قبيحا ولا ردي)
(فكل مسيء بي إلي كمحسن .......... وكل مضل لي لدي كمرشد)
(ولا فرق عندي بين أنس ووحشة .......... ونور وإظلام ومدن ومبعد)
(وسيان إفطاري وصومي وفترتي .......... وجهدي ونومي وادعا وتهجدي)
(أرى تارة في حانة الخمر خالعا .......... عذاري وطورا في حنية معبد) وهي مائة بيت اخترت منها هذا. وله أيضا: (جهد المحبة لوعة وغرام .......... وصبابة وكآبة وسقام)
(ومدامع مسفوحة وأضالع .......... مقروحة وتوله وغرام)
(وتذكر إن لاح برق بالغضا .......... أو ناح في عذب الغصون حمام)
(وبكا على الأطلال غيرها البلى .......... ورمت نضارة رسمها الأعوام)
(ورضى بأحكام الحبيب وإن جنا .......... ونأى وعز من الخيال مرام)
(أوصاف باق لم يبن عن رسمه .......... وبقاء أبناء الغرام حرام)
(والعاشقون على اختلاف شؤونهم .......... عما يحققه الفناء نيام)
(كل يشير إلى سواه ولا سوى .......... إلا إذا ما ضلت الأفهام) وهي طويلة من أبدع قصائده، لولا ما عكر بقوله فيها: (قوم بهم قام الوجود لأنهم .......... قعدوا بعرفان الإله وقاموا)
(ظهروا وقد خفيت صفات نفوسهم .......... فهم لإعلام الورى أعلام)
(وردوا معين الجمع فاجتمعت لهم .......... صور العوالم فالشتات نظام)
(وحقائق الأشياء في ميزانهم .......... شيء فما بين الأنام خصام)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 288
(والعارفون بفضلهم وراثهم .......... والجاحدوا إنعامهم أنعام)
(ووراءهم قوم معارفهم إلى .......... حد الصفات يردها الإعظام)
(وهم على رتب تفاوت قدرها .......... وكذلك يقسم فضله القسام)
(فمن اجتلى صفة الجمال فدهره .......... عشق وقصف والغرام مدام)
(وتشوقه الأغصان والتركان .......... والكثبان والغزلان والآرام)
(ويحب أخبار الغرام وأهله .......... وتهزه الأوتار والأنغام)
(هش تراه للخلاعة باسما .......... كالبدر جلى عن سناه غمام)
(ويرى المليحة في القبيح فما له .......... بسوى الجمال على المدى إلمام)
(ومن انتحى صفة الجلال فدهره .......... قبض وكل زمانه إحجام) وقد روى عنه: أبو الحسين اليونيني، وأبو محمد الدمياطي، وأبو محمد البرزالي، وغيرهم من شعره. وتوفي في رابع عشر ربيع الآخر ودفن بقبة الشيخ رسلان. وشيعه قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان، والأعيان والفقراء والخلق. 379 - محمد بن صالح. الفقيه شمس الدين الهسكوري، المغربي. خطيب جامع جراح خارج باب الصغير. روى عن: مكرم ؛ وشهد على القضاة. ثم عمي. توفي في شعبان، وشيعه قاضي القضاة والناس. وعاش ستا وسبعين سنة. فإنه ولد سنة إحدى وستمائة. 380 - محمد بن عبد القادر بن عبد الكريم بن عطايا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 289 الصدر شرف الدين القرشي، المصري، ناظر الخزانة. دفن بالقرافة وقد جاوز الثمانين. وكان خيرا، دينا، جليلا، عالما، مفتيا. أجاز له جعفر بن أموسان. 381 - محمد بن عبد المهيمن. شيخ مصري. روى عن: ابن المقير. 382 - محمد بن عربشاه بن أبي بكر بن أبي نصر. المحدث، العالم، ناصر الدين، أبو عبد الله الهمداني. سمع: ابن الزبيدي، وابن صباح، وابن اللتي، والناصح بن الحنبلي، والمسلم المازني، وابن ماسويه، وأبي الفضل الهمداني، وكريمة، وابن الشيرازي، وطبقتهم. وسمع الكثير، وكتب الأجزاء، وأكثر وحصل. وأول سماعه من المشايخ في سنة سبع وعشرين وله عشرون سنة إذ ذاك. ورحل فسمع بالديار المصرية من ابن رواج، وغيره. وبحلب من ابن خليل. وأسمع أولاده. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 290 وأجاز لي مروياته. وكان ثقة، صحيح النقل، حسن الخط. توفي في جمادى الأولى. 383 - محمد بن علي بن إسماعيل. الصدر شرف الدين ابن الوراق. سمع: ابن باقا، وغيره. 384 - محمد بن علي بن يوسف بن ميسر. الأجل، تاج الدين، أبو عبد الله المصري، المؤرخ. صنف ((تاريخ القضاة))، وتوفي في محرم بالقاهرة. وله تاريخ كبير ذيل به على ((تاريخ المسبحي)). وهبني منه مجلدا الحافظ قطب الدين وعلى المجلد بخطه ((مختصر من تاريخ تاج الدين محمد بن علي بن أحمد بن ميسر))، ويعرف بابن جلب راعب من بيت وله أصالة. توفي في ثامن عشر المحرم. 385 - محمود بن عمر. القاضي نظام الدين الهروي، قاضي الجانب الغربي. من أئمة الشافعية، ويعرف بشيخ الإسلام. توفي عن ثلاث وسبعين سنة. ورثته الشعراء. وله تصانيف عدة وفنون، وباع طويل في الطب، مع التقوى والدين والزهد. وله ابن هو شمس الدين محمد شيخ المشايخ بالهند، وابنه الآخر من علماء هراة تاج الدين محمد، وابنه صدر الدين جعل بعد أبيه قاضي الجانب الغربي. وابنه الآخر شهاب الدين إسماعيل شيخ رباط البسطامي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 291 386 - محمود بن محمد بن بندار. الفقيه عز الدين التوريزي، الشافعي، البعلبكي. ولد في حدود العشر وستمائة. وسمع من: البهاء عبد الرحمن، وغيره. وتفقه وأتقن المذهب، وناب في قضاء بعلبك عن القاضي صدر الدين عبد الرحيم. وولي قضاء بعلبك أيضا مدة، وولي قضاء عجلون. ومات على قضاء حصون الإسماعيلية، فتوفي بحصن الكهف. وكان محمود السيرة، حسن الأخلاق، ذا كرم ومروءة واحتمال. روى عنه: شمس الدين بن أبي الفتح الحنبلي، وغيره. ومات في جمادى الأولى في عشر الثمانين. 387 - محمود بن محمد بن جبريل بن أبي الفوارس. الدربندي، المحدث، الشاعر، الصوفي، أبو عبد الله. سمع من: السبط، وعدة. وسمع بنته فاطمة من أصحاب البوصيري. ومات في ذي الحجة بمصر. 388 - مفضل بن أبي طالب بن سني الدولة. أبو عثمان الخياط. حدث عن حنبل المكبر. توفي في المحرم أو صفر عن نيف وثمانين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 292 389 - مؤمل بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور. عز الدين أبو المرجا بن البالسي الدمشقي، عم شيخنا العماد. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع: أبا اليمن الكندي، والخضر بن كامل الدلال، وأبا القاسم بن الحرستاني، وهبة الله بن طاوس، وأبا الغنائم هبة الله الكهفي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والفقيه زكري الشافعي، وابن التاجر، وجماعة. أجاز لي مروياته. وتوفي في سابع رجب. سألت المزي عنه فقال: كان شيخا حسنا، قديم المولد، كثير السماع. - حرف الهاء -
- - الورن. عبد الله. مر. 390 - هبة الله نفيس الدين بن الحافظ رشيد الدين أبي الحسين العطار. توفي بمصر في رجب. روى عن: ابن المقير، وغيره. ومات كهلا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 293
- حرف الياء - 391 - يحيى بن محمد بن سالم. أبو زكريا الحنفي، السمسار. كهل مصري. روى عن: ابن الجميزي. ومات في جمادى الآخرة. 392 - يحيى بن موسى. الفقيه محيي الدين الزرعي، الحنبلي. حدث عن: ابن اللتي. ومات في المحرم بقاسيون. 393 - يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف. شرف الدين أبو الحجاج الأنصاري، الشماع، الصوفي. أجاز لجماعة. وتوفي في ربيع الأول بدمشق. ويعرف بابن الخبازة. روى عن: ابن المقير. الكنى 394 - أبو بكر، إسماعيل بن بردويل. التاجر بقيسارية الفرس بدمشق. روى عن: موسى بن عبد القادر. وعاش سبعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 294 395 - أبو بكر بن مسعود. الرئيس جمال الدين اليزدي، ثم البغدادي، التاجر. ولي مشيخة الشيوخ ونظر الجوامع وغير ذلك. ولم تحمد سيرته. وعزل بعد عزل مخدومه جمال الدين النجيبي نائب دمشق وسفر إلى مصر وصودر، ثم لزم وبيته. ومات في صفر وقد نيف على السبعين. 396 - أبو بكر بن يونس بن علي. الزنجاني. رجل صالح، كثير الحج. حدث عن الشيخ الموفق. ومات في صفر. أخذ عنه: ابن نفيس، وغيره. وفيها ولد: القاضي شمس الدين علي بن الصلاح الشافعي مدرس القيمرية، وشهاب الدين أحمد بن محمد بن محمود بن إسماعيل بن مري البعلبكي في رمضان بدمشق، ثم قال لي سنة عشرين: لا بل سنة ست. وناصر الدين محمد بن الدكز الزرادي سبط ابن دبوقا، يوم الفطر، ومحيي الدين محمود بن محمد بن محمد بن القلانسي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 295 وشرف الدين موسى بن محمد بن خضر المالكي ابن النقيب، والشيخ علي بن محمد بن الشيخ إبراهيم الأرموي، والقاضي علاء الدين علي بن المنجا الحنبلي في شعبان، وسيف الدين أبو بكر بن الموفق عيسى بن قواليح الجندي، ومجير الدين خليل بن يحيى بن النعال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 296
سنة ثمان وسبعين وستمائة
- حرف الألف - 397 - أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم بن معروف بن خلف. المسند، المعمر، زين الدين، أبو العباس الدمشقي، الحداد، الحنبلي، المقرىء، الخياط، الدلال. ولد في رابع عشر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وتوفي والده الشيخ أبو الخير إمام حلقة الحنابلة وله خمس سنين، ولم يسمعه شيئا، بل استجاز له. ثم سمع سنة ستمائة من: أبي اليمن الكندي. وسمع بحمص من شمس الدين أحمد بن عبد الواحد البخاري والد الفخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 297 وأجاز له من إصبهان: خليل بن أبي الرجاء الراراني، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومسعود بن أبي منصور الحمال، وعبد الرحيم بن محمد الكاغدي - وتفرد في الدنيا عنهم - وأبو المكارم أحمد بن محمد اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبو جعفر الصيدلاني، وسبعتهم من أصحاب أبي علي الحداد. وأجاز له طائفة من إصبهان من أصحاب فاطمة الجوزدانية، وأبي عبد الله الخلال. وأجاز له من مصر: أبو القاسم البوصيري، وفاطمة بنت سعد الخير، وابن نجا الواعظ، وعلي بن حمزة، والحافظ عبد الغني، وأبو عبد الله الأرتاحي، وغيرهم. وأجاز له من بغداد: أبو الفرج بن كليب، وأبو القاسم بن بوش، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو طاهر بن المعطوش، وعبد الخالق بن البندار، وعبد الله بن محمد بن عليان، وطائفة من أصحاب ابن الحصني، وقاضي المرستان. وأجاز له بدمشق: أبو طاهر الخشوعي، وأبو جعفر القرطبي، وأبو محمد بن عساكر، وغيرهم. سمع منه: عمر بن الحاجب بعرفات سنة عشرين وستمائة. وروى عنه: الدمياطي، وأبو العباس ابن الحلوانية، وابن الخباز، وابن العطار، وابن جعوان، والمزي، وابن أبي الفتح، وابن الشريشي، وابن تيمية، وأخوه أبو محمد، والمجد بن الصيرفي، وأبو محمد البرزالي، وأبو بكر بن شرف، وطائفة سواهم. وقرأ عليه المزي شيخنا شيئا كثيرا، وسمع منه ((حلية الأولياء))، ورثاه بأبيات بعد موته. وسألته عنه فقال: شيخ جليل متيقظ، عمر وتفرد بالرواية عن كثير من مشايخه. وحدث سنين كثيرة، وسمعنا منه الكثير، وكان سهلا في الرواية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 298 وقال: توفي يوم عاشوراء وقد قارب التسعين. قلت: كان إنسانا خيرا متواضعا، من أهل الرباط الناصري، أضر بأخرة، وكان فقيرا متعففا. أجاز لي جميع مروياته. قال: أنبأنا خليل، أنا الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا أحمد بن يوسف، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا روح بن عبادة، ثنا أيمن بن نابل: سمعت قدامة بن عبد الله الكلابي قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر على ناقة صهباء لا طرد ولا ضرب ولا إليك إليك)). هذا حديث صحيح رواه البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي في ((مشيخته)) عن العز بن الحافظ عبد الغني المقدسي، عن خليل بن أبي الرجاء، فوقع لنا عاليا. 398 - أحمد بن عبد الله بن عبد المحسن ابن خطيب الموصل أبي الفضل عبد الله بن أحمد. الطوسي، ثم الموصلي، تاج الدين الشاهد تحت الساعات. توفي بزرع راجعا من الحج في صفر، رحمه الله تعالى. 399 - أحمد بن عبد المحسن بن أحمد. الواعظ الشهير بزين الدين كتاكت الدمياطي. مات في شوال بمصر. له نظم وبلاغة، فيه دين وخير. وهو القائل: (على الحب لا عاش من يعدل .......... وهبه يقول فمن يقبل)
(غريب الحمى أنا عبد لكم .......... فما شاء بي حبكم يفعل) 400 - إسحاق بن إبراهيم بن يحيى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 299 الشيخ الفقيه، صفي الدين، أبو محمد العكي، الشقراوي، الحنبلي. كان أبوه قد سكن دمشق، وسمع من الخشوعي، فولد له هذا ونجم الدين موسى وغيرهما. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع من: موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وأحمد بن الخضر بن طاوس. وكان من فضلاء الفقهاء، وأخيارهم. وكان يقيم كثيرا بزرع، وحكم بها نيابة عن الشيخ شمس الدين. وكان مطبوعا دمث الأخلاق. روى عنه: ابن الخباز، والمزي، والطلبة. وأجاز لي مروياته. توفي في تاسع عشر ذي الحجة ودفن بقاسيون. 401 - أقوش. الركني، الأمير الكبير، جمال الدين، المعروف بالبطاح. أحد أمراء دمشق. توفي كهلا في ربيع الأول. وهو مملوك ركن الدين بيبرس الأمير الذي كسر الفرنج بأرض غزة، وله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 300 عدة مماليك، منهم الأمير سم الموت إيغان الركني، وعلاء الدين الأعمى نزيل القدس. 402 - أقوش. الشهابي السلحدار، جمال الدين. أحد أمراء دمشق. أدركه الموت بحماة في ربيع الآخر. وكان هو والذي قبله في صحبة الجيش بسيس ورجعا فماتا. - حرف الباء - 403 - بلبان. النوفلي، العزيزي، ناصر الدين. أحد أمراء دمشق. أدركه الموت بحلب في ربيع الأول. وهو من أعيان العزيزية، فيه دين وخير، وله معروف. وعنده حشمة وتواضع ولين. وكان في جملة الجيش بسيس، ومات في معترك المنايا. وهو من مماليك العزيز صاحب حلب. 404 - بلبان. الساقي، الأمير علم الدين. ممن توفي في رجعة سيس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 301 405 - وكذا الأمير سيف الدين قلاجا في أحد الربيعين. فهذه خمسة أمراء تقاربت آجالهم، وما أدري هل سقوا أم لا. 406 - بيرم بن سنقر الشهابي. سمع من ابن رواحة. ومات في ذي الحجة. - حرف الجيم - 407 - جنق بن صون بن أيل. الأمير جمال الدين، أحد أمراء دمشق. يقال إنه من أولاد الملك صول صاحب جرجان الذي أسلم على يد يزيد بن المهلب. توفي بدمشق في جمادى الآخرة، وكان من أبناء الخمسين. - حرف الراء - 408 - رافع بن يحيى بن عبد الرحمن. جمال الدين الصنهاجي، المقرىء على الجنائز. روى عن: ابن المقير. سمع منه: ابن عبد الباقي، وابن نفيس الموصلي، والطلبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 302 وروى لنا عنه: ابن العطار. توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة. ومولده برابغ. 409 - رسلان بن داود بن يوسف بن أيوب. الملك المعظم ركن الدين ابن الزاهر ابن السلطان الكبير صلاح الدين. حدث بإجازة عامة من الصيدلاني. مولده بقلعة إلبيرة في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وبقي إلى هذه السنة. وإجاز للبرزالي وجماعة. وقد حدث بدمشق وبالقاهرة. وسمع منه: المزي، وغيره بقراءة ابن جعوان في ذي الحجة من هذه السنة. - حرف الشين - 410 - شهرمان الموله. التركماني، ثم الدمشقي. كان صاحب دكان بالفسقار، فوقع له يوم خروج الركب بكاء كثير، فتهيأ لوقته وتبع الركب وحج، وعاد مسلوب العقل، وصار له حال من جنس حال المولهين. وللعامة فيه عقيدة. توفي في شعبان، وشيعه خلق كثير. - حرف العين - 411 - عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الغني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 303 الإمام تقي الدين ابن الشيخ التقي بن العز بن الحافظ المقدسي. سمع من: ابن اللتي، وجعفر الهمداني، وكريمة. وحدث. ومات في صفر. وقد سمع الناس بقراءته. 412 - عبد الله بن عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه. شيخ الشيوخ شرف الدين أبو بكر بن شيخ الشيوخ تاج الدين، الجويني ثم الدمشقي، الصوفي. ولد سنة ثمان وستمائة من عالي النسب بنت عبد العزيز بن عبد الواحد بن عبد الماجد بن القشيري. وسمع من: أبيه، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي صادق بن صباح، وابن اللتي. وأجاز له مسمار بن العويس، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وغيرهم. وأجاز لي مروياته. وكان شيخا جليلا محترما بين الصوفية لأبوته وقعدده. وكان طريفا حسن الصحبة، لا بأس به. توفي في ثامن شوال ودفن بتربة الشيخ عبد الله الأرمني، وشيعه الخلق. 413 - عبد الله محمد بن عبد الله بن علي بن حرب. الفقيه المسند شمس الدين أبو محمد ابن الأوحد القرشي، الزبيري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 304 ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع بحلب من: الافتخار الهاشمي. وحدث بدمشق، وكتب بديوان المارستان النوري. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والشيخ رضوان النابلسي، والمزي، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وكان قد تفرد بسماع جزء الوخشي. توفي في شوال في أوائله. 414 - عبد الله بن أبي الحسن بن محمود بن حسين. الحاج بدر الدين الدمشقي، الحنبلي، ويعرف بملكشاه. أجاز بخطه مروياته في إجازة الوجيه النفري، وقال للوجيه ولدت سنة ثلاث وتسعين، وسمعت ((مسند)) أحمد على حنبل المكبر. وله خمس وأربعون وقفة. وأنه جاور بمكة عشرين سنة. قال: وذلك في سنة ثمان هذه ببعلبك. 415 - عبد الله بن قاضي القضاة محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن عين الدولة صدقة بن حفص. قاضي القضاة محيي الدين أبو الصلاح الصفراوي، الإسكندراني، الشافعي. مات في رجب بمصر وله إحدى وثمانون سنة. سمع من القاضي علي بن يوسف الدمشقي، ومكرم، والفارسي، وابن باقاه وله إجازة من ابن الحرستاني وعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 305 ولي قضاء مصر وأعمالها، ثم لحقه فالج وأقعد خمسة أعوام ثم عزل. وكان أبوه قاضي مصر أيضا، مات سنة 639. 416 - عبد الله بن محمد بن أبي الخير بن سطيح. الشيخ القدوة نجم الدين ابن الحكيم الحموي. ولد سنة ثلاث وستمائة بحلب، ويعرف بابن سطيح. ويقال إنهم من ذرية سطيح الكاهن. كان شيخا صالحا زاهدا عارفا، كبير القدر. رأيت شيخنا ابن الدباهي يثني عليه ويصف أخلاقه. وكان يحضر السماع. وقد تقدم أنه أنكر على نجم الدين ابن إسرائيل. توفي في جمادى الأولى. وهو والد الشيخ شرف الدين المحتسب. ولهم زاوية بحماة. مات نجم الدين بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية عند شيخه الشيخ إسماعيل الكوراني. 417 - عبد الله بن محمد بن عين الدولة. قاضي مصر محيي الدين أبو الصلاح بن قاضي القضاة شرف الدين الصفراوي، ثم الإسكندراني، ثم المصري، الشافعي. عاش إحدى وثمانين سنة، وولي القضاء بمصر والوجه القبلي بعد القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز مدة. ثم أصابه فالج فأقعد وعجز عن الكتابة خمسة أعوام. فكان كاتب الحكم يعلم عنه. ثم عزل في سنة ست وسبعين. وكان فيه رئاسة ولطف ودماثة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 306 418 - عبد الباري بن عيسى بن سالم. الأنصاري، المصري. توفي في رجب بمصر. هو الشيخ تاج الدين المقرىء، إمام جامع الحاكم. ولد بدمشق سنة إحدى عشرة وتلا بالسبع على السخاوي. وهو من شيوخ الشطنوفي. سمع من: ابن الزبيدي. 419 - عبد الرحمن بن الخطيب محيي الدين محمد بن الخطيب عماد الدين عبد الكريم بن القاضي جمال الدين ابن الحرستاني. الفقيه شمس الدين. عاش سبعا وعشرين سنة. وسمع من: إبراهيم بن خليل، وغيره. حفظ جملة من ((الوسيط))، وتفقه على الشيخ تاج الدين. وكان من الأذكياء. 420 - عبد السلام بن أحمد بن غانم بن علي. الواعظ الكبير، عز الدين النابلسي. قدم دمشق ووعظ بها وأعجب الناس. وله نظم رائق وكلام حسن. توفي في شوال بالقاهرة، وكان جده من سادة الشيوخ رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 307 421 - عبد القادر بن عثمان بن الزبير. تقي الدين الإسعردي. توفي بدمشق في رمضان. 422 - عثمان بن أبي الفضل بن إسماعيل بن المحبر. الشيخ رشيد الدين. عدل مبارك مسن، معروف. يروي عن ابن الزبيدي، وحدث ((بصحيح البخاري)) كله. وروى عنه: القزويني، وابن اللتي. كتب عنه: البرزالي، والطلبة. ومات في صفر. 423 - العلم بن العادلي. الصدر الصاحب ناظر الدواوين بدمشق. من كبراء المصريين. توفي في شوال بدمشق، وخلف كتبا كثيرة. 424 - علي بن عمر بن مجلي. الأمير نور الدين الهكاري. ولي ابن مجاهد هذا نيابة السلطنة بحلب مدة، وكان حسن السيرة،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 308 عالي الهمة، متواضعا، لين الكلمة، محسنا إلى العلماء والفقراء عزل عن النيابة قبل موته فأقام بحلب إلى أن مات. وكان أبوه عز الدين من كبار الأمراء أيضا. 425 - علي بن عبد الله بن عبد الرحمن. القرشي، الهاشمي. أظن له إجازة من أبي روح، والمؤيد. مات في صفر. وكان مولده في سنة إحدى وستمائة. 426 - علي بن يحيى بن علي بن سلطان. أبو الحسن الصعيدي، ثم الإسكندراني، المؤدب، والد المعمرة وجيهة. كان حيا في هذا العام، وسمع الكثير في حدود الأربعين، واستجاز لابنتيه في سنة إحدى وأربعين، وسمعت منه. 427 - عمر بن محمد بن عمر بن مزاحم. أبو حفص الدنيسري. شيخ معمر من أبناء التسعين. سمع في الكهولة من: ابن اللتي. وحدث. ومات بالقاهرة في ثامن ذي الحجة. روى عنه: الدواداري، وغيره. 428 - عمر بن محمد بن عبد الواحد. الموصلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 309 روى عن: ابن رواح. مات بالروم. - حرف الفاء - 429 - فاطمة بنت الملك المحسن أحمد بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب. ولدت سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وسمعت من: عمر بن طبرزد، وحنبل، وست الكتبة، وجماعة. وأجاز لها: زاهر بن أحمد الثقفي، وأبو الفتوح العجلي، وجماعة. روى عنها: الدمياطي وكناها أم عمر ؛ وابن العطار، وابن الخباز، والدواداري، وآخرون. وكانت جليلة عالية الإسناد. توفيت ببزاعة من حلب في إحدى الجمادين عن إحدى وثمانين سنة. وتكنى أم الحسن، رحمها الله تعالى. - حرف القاف - 430 - قلاجا الركني. الأمير سيف الدين. مات في رجوعه من سيس عن بضع وأربعين سنة. وهو خشداش الأمير علاء الدين الأعمى. توفي في ربيع الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 310
- حرف اللام - 431 - لؤلؤ. حسام الدين الكاتب، عتيق بدر الدين جعفر الآمدي، أو عتيق أخيه موفق الدين، ومنهم تعلم الكتابة والتصرف. وحصل له التشيع. خدم الملك الأشرف صاحب حمص وترقى عنده. ثم خدم بدمشق. وكان ديوانه عبارة عنه. وكان ذا مروءة غزيرة وإفضال على الأصحاب، إلا أنه كان غاليا في التشيع ركنا للمؤمنين، لا بارك الله في أعمارهم. ومع ذلك فكان عاقلا لم تحفظ عنه كلمة سب، بل كان يترضى عن الصحابة، وكان من أبناء الستين. رأيته ودخلت داره وهي قاعتان بجنينة في درب طلحة. وكان جدي العلم سنجر يلوذ به. وكان عنده في ديوان الجيش مديرا. مات في ربيع الأول. - حرف الميم - 432 - محمد بن بركة خان بن دولة خان. الأمير بدر الدين، خال الملك السعيد. من كبار أمراء مصر. وحصل له تقدم كثير في دولة ابن أخته. وتوفي لما قدم دمشق في ربيع الأول، ودفن قبالة الرباط الناصري، عن نحو خمسين سنة. وعملت له الأعزية والختم. حضر السلطان بعضها عند القبر، ثم نقل تابوته إلى القدس، ودفن عند والده. وكان أبوه من كبار أمراء الخوارزمية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 311 433 - محمد بن بيبرس. السلطان الملك السعيد، ناصر الدين، أبو المعالي بركة خان ابن السلطان الملك الظاهر. ولد سنة ثمان وخمسين في (...) بالعش من ضواهي القاهرة، وسلطنه أبوه وهو ابن خمس سنين أو نحوها. وبويع بالملك بعد والده وهو ابن ثمان عشرة سنة. وكان شابا مليحا، كريما، فيه عدل ولين وإحسان إلى الرعية ليس في طبعه ظلم ولا عسف، بل يحب الخير وفعله. قدم بالجيوش دمشق في ذي الحجة من سنة سبع، وعملت لمجيئه القباب وأحقها شبحا. وكان يوم دخوله يوما مشهودا. وكان محببا إلى الرعية، لكنه شاب غر لم يحمل أعباء الملك، وعجز عن ضبط الأمور فتعصبوا لذلك، وخلعوه من السلطنة، وعملوا محضرا بذلك، وأطلقوا له سلطنة الكرك، فسار إليها بأهله ومماليكه، فلما استقر بها قصده جماعة من الناس، فكان ينعم عليهم ويصلهم، وكثروا عليه بحيث نفذ كثير من حواصله، وبلغ ذلك السلطان الملك المنصور فتأثر منه، فيقال إنه سم، وقيل غير ذلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 312 وذكر المؤيد في ((تاريخه)) أن سبب موته أنه لعب بالكرة فتقنطر به فرسه، وحصل له بذلك حمى شديدة، وتوفي بعد أيام. قلت: مات عن مرض قليل في منتصف ذي القعدة وله عشرون سنة وأشهر. مات بقلعة الكرك ودفن عند جعفر الطيار، ثم نقل إلى تربته بدمشق بعد سنة وخمسة أشهر، ودفن عند والده. ووجدت عليه امرأته بنت الملك المنصور سيف الدين وجدا كثيرا، ولم تزل باكية حزينة إلى أن ماتت بعده بمدة. وترتب بعده في مملكة الكرك أخوه الملك المسعود خصز مديدة وحبس. 434 - محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان. كمال الدين أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي. رئيس جليل، كاتب، عدل، مهيب، صاحب بر وأخلاق. روى عن: مكرم، وابن المقبر. سمع منه: ولده الحافظ شمس الدين محمد بن محمد، ومجد الدين بن الصيرفي، وجماعة. وتوفي في ثاني عشر شوال عن بضع وخمسين سنة. ودفن بمقبرة باب الصغير. 435 - محمد بن علي بن ملاعب بن محرز بن حراز. البغدادي، شيخ من أهل الصالحية. روى عن: موسى بن عبد القادر. ومات في ذي القعدة. كتب عنه بعض الطلبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 313 436 - محمد بن مسعود بن الخضر. ناصر الدين ابن الشكري، الجندي. روى عن: يوسف بن خليل. وكان يسمع على الجمال ابن الصابوني. توفي في جمادى الأولى. 437 - محمد بن المفضل بن محمد بن سعد الله بن الوزان. الإمام نجم الدين الحنفي، الدمشقي. مات في صفر. سمع: الفخر بن عساكر، والشيخ الموفق. 438 - محمد بن (العادلي). الرئيس علم الدين ابن العادلي الكاتب، ناظر الدواوين بدمشق. توفي في شوال. وتوفي أخوه تاج الدين ناظر حلب قريبا منه. وكان علم الدين صاحب كتب كثيرة فأبيعت بعد موته. 439 - محمود بن فتح. البغدادي. رجل صالح معروف. وكان يلوذ بالأمير بدر الدين الأتابك. قرأ على السخاوي. وسمع من: جعفر الهمداني، وكريمة، وغيرهما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 314 كتب عنه بعض الطلبة. ومات في شوال. وله ابن قصاص حنفي. - حرف الياء - 440 - يحيى بن الحسين بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان. العدل جمال الدين ابن عم قاضي القضاة. ولد سنة سبع وستمائة. وحدث بالإجازة عن: أبي روح، وغيره. ومات بدمشق في رمضان. وهو والد الركن حسين. 441 - يحيى ابن صاحب تونس محمد بن الأمير أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن عمر. الهنتاني، البربري، صاحب تونس وأعمالها أبو زكري، المشتهر بالمخلوع. بويع بعد والده. ثم خلع بعد عامين، وبويع عمه إبراهيم في هذا العام. فكأن هذا قتل. 442 - يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح بن رافع بن علي بن إبراهيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 315 الإمام، المفتي، المعمر، المحدث، الصالح، جمال الدين ابن الصيرفي، الحراني، الحنبلي، ويعرف بابن الحبيشي. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة بحران. وسمع من: حماد بن هبة الله الحافظ. ولم يظهر سماعه منه. ثم سمع سنة خمس وستمائة من الحافظ عبدالقادر، وارتحل إلى بغداد سنة سبع فأدرك عمر بن طبرزد، وسمع منه أجزاء من أول ((الغيلانيات)). و ((صفة النفاق)) للفريابي. وسمع من: عبد العزيز بن الأخضر الحافظ، وأحمد بن الدبيقي، وابن منينا، وعلي بن محمد الموصلي، وثابت بن مشرف، وأبي حفص عمر بن محمد السهروردي، ومحمد بن علي بن القبيطي، وأبي البقاء العكبري، وجماعة. واشتغل على أبي البقاء، وعلى أبي بكر بن غنيمة، وتفقه. وقدم الشام فسمع بها من: أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي البركات ابن ملاعب، وابن البنا، والجلاجلي، وجماعة. وتفقه على الشيخ موفق الدين. ثم رد إلى حوران. ثم قدم دمشق، ثم دخل بغداد ثانيا، وولد له بها. وسمع على: عمر بن كرم، وجماعة. وسمع ولده فخر الدين، وأقام ببغداد مدة، وبرع في المذهب، ودرس، وناظر. وجالس بحران رفيقه أبا البركات ابن تيمية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 316 وكان لطيف القد، ضخم العلم والعمل، صاحب تعبد وأوراد وتهجد. قرأت بخط شمس الدين ابن الفخر: توفي شيخنا الأمام جمال الدين أبو زكريا ابن الصيرفي عشية الجمعة رابع صفر، وله خمس وتسعون سنة، أو نحو ذلك. وكان إماما كبيرا مفتيا، أفتى ببغداد، وحران، ودمشق. وله مناقب جمة، منها قيام الليل في معظم عمره. كان يقوم في وقت، والله، يعجز الشباب عن ملازمته وهو جوف الليل. وكان يجتهد في أسرار ذلك، وسائر عمل التقرب. ومنها سخاء النفس وحسن الصحبة والتعصب في حق صاحبه بدعائه واجتهاده وتضرعه ومساعدته بجاهه وحرمته. ومنها التعصب في السنة والمغالاة فيها، وقمع أهل البدع، ومجانبتهم ومنابذتهم. ومنها قول الحق وإنكار المنكر على من كان. ولم يكن عنده من المداهنة والمراءآة شيء أصلا. يقول الحق ويصدع به. لقي الكبار كالسامري مصنف ((المستوعب))، والشيخ أبا البقاء، والشيخ الموفق. وكان حسن المناظرة والمحاضرة، حلو العبارة، عالي الإسناد، له مختصرات ومجاميع حسنة. قلت: كانت له حلقة بجامع دمشق، وتخرج به جماعة. وروى الكثر. حدث ب ((جامع الترمذي))، وب ((معالم السنن)) للخطابي، وأشياء كثيرة. وقد سمع كتاب ((معرفة الصحابة)) لابن مندة، من ابن القبيطي، بسماعه من أبي سعد البغدادي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 317 وسمع من عبد القادر الأجزاء ((المحامليات))، وهي بضعة عشر جزءا، و ((معجم ابن طاهر)) بكماله، و ((الزهد)) بكماله لسعيد بن منصور، وسبعة عشر جزءا من ((أمالي)) الحافظ ابن مندة، وكتاب ((التوحيد)) له، ونحو شطر ((الأربعين البلدية)) التي جمعها عبد القادر غير متوال، وكتاب ((تضييع العمر والأيام في اصطناع المعروف إلى اللئام)) للحافظ أبي موسى المديني، بسماعه منه، ((وفوائد)) مسعود الثقفي. وقرأ على أبي البقاء جميع كتابه في ((إعراب القرآن)). روى عنه: الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، وابن أبي الفتح، والدواداري، وسعد الدين الحارثي، وابن تيمية، وأخواه أبو محمد وأبو القاسم، وابن العطار، وتقي الدين محمد ابن شيخنا أبي الحسين، والقاضي تقي الدين سليمان، وخلق سواهم. وأجاز لي مروياته، وكتب بخط يده، وذلك في سنة أربع وسبعين، في أوائل السنة. وبقي قبل موته بنحو سنتين منقطعا في البيت، وضعف وانهرم، ومنع ابنه فخر الدين الطلبة من الدخول إليه وبقي يتعلل عليهم، وما أعلم هل تغير حينئذ أم لا. ولم يسمع منه الحافظان المزي والبرزالي لهذا السبب. وحدثني حفيده أبو الفتح أنه في أواخر عمره كان يطلب من ولده أن يشتري له سرية. 443 - يوسف بن الظهير تمام بن إسماعيل بن تمام.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 318 الشيخ العدل، ضياء الدين الدمشقي، الحنفي. أحد عدول القيمة. سمع من: الكندي، وابن الحرستاني، وجماعة. وأجاز له المؤيد الطوسي، وغيره. ومولده سنة إحدى وستمائة. وكان عسرا في الرواية، نكدا. روى عنه: ابن الخباز، والمزي، وجماعة. وتوفي ليلة الجمعة عاشر ربيع الأول. وفيها ولد: تقي الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن المولى الإمام بدر الدين محمد بن الجوهري الحلبي في صفر، وعلاء الدين علي بن عبد الله بن سليمان بن عبد الكريم الأنصاري الشافعي، والفقيه جمال الدين يوسف بن أحمد بن جعفر الشاطبي خطيب جامع جراح، والفقيه شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن الظاهري المدرس، في شوال، والقاضي بدر الدين محمد بن محمد ابن قاضي حران، والشيخ علي بن محمد البغدادي خازن السميساطية، وبدر الدين محمد بن القاضي الزرعي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 319
سنة تسع وسبعين وستمائة
- حرف الألف - 444 - أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد. النحوي، العدل، شرف الدين الإسكندراني. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من أصحاب السلفي. مات في شوال. وسمع بحران من: حمد بن صديق. 445 - أحمد بن علي بن عبد الواحد. محيي الدين ابن السابق، بباء موحدة، الحلبي. أحد عدول دمشق. وقد كتب الحكم لقضاة حلب ودمشق. وكان من أبناء الثمانين. توفي في ذي الحجة فجأة بالقولنج. 446 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمود.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 320 العدل شرف الدين بن القصاع الدمشقي. شيخ جليل من عدول القيمة. سمع من: أبي المجد القزويني. وما كأنه حدث. توفي في صفر. 447 - إبراهيم بن عبد الله بن فتوح. المقرىء مكين الدين الأنصاري، المصري، الضرير. ويعرف بابن العطيط. ولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وسمع ((مسند الشافعي)) من القاضي زين الدين. وسمع من: الفخر الفارسي، وحدث. مات في منتصف ذي الحجة. 448 - أقوش الشمسي. الأمير جمال الدين. أحد أبطال المسلمين. وهو الذي قتل كتبغا مقدم التتار على عين جالوت. وهو الذي قبض على نائب دمشق عز الدين أيدمر الظاهري، وهو خشداش الأمير بدر الدين بيسري وغيره من الشمسية مماليك الأمير شمس الدين سنقر. ولي جمال الدين نيابة حلب في السنة الحالية فتوفي بها في المحرم كهلا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 321 449 - أمة الله ابنة الناصح عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي. امرأة جليلة، كاتبة، فاضلة، شيخة رباط يلدق. سمعت من أبيها. كتب عنها: ابن الخباز، والبرزالي. وسمعت بإربل سنة عشرين في ((صحيح البخاري)). أو لعل تيك أختها باسمها فإن هذه تصغر عن ذلك. هكذا قرأت بخط علم الدين. قال: وتوفيت في رابع شوال. - حرف الدال - 450 - داود بن عثمان بن رسلان. الرئيس فتح الدين ابن البعلبكي الأنصاري، الدمشقي. حدث عن الحسن بن صباح. ومات في رجب. - حرف الراء - 451 - رافع بن أبي العز بن رافع. الفقيه عفيف الدين الشريحي، الحنبلي، المقرىء، الضرير. حدث عن تقي الدين ابن الصلاح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 322 ومات في ذي الحجة. أخذ عنه ابن أبي الفتح. 452 - رضي الدين البابا. من كبار دولة المغول. ولي الموصل فأحسن السياسة. ثم قتل شهيدا. - حرف الصاد - 453 - صفية بنت مسعود بن أبي بكر بن شكر. أم عمر المقدسية. ولدت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وسمعت من: عمر بن طبرزد، وغيره. روى عنها: الدمياطي، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وابن الخباز، وجماعة. وكانت من الصالحات. توفيت في رابع عشر ذي القعدة. - حرف العين - 454 - عبد الله بن إبراهيم بن رفيعا. أبو محمد الجزري، المقرىء. توفي في جمادى الآخرة بالموصل. قرأ بالروايات على جماعة. وتصدر مدة. قرأ عليه الشيخ محمد بن خروف بالسمع، وكان يثني على فضائله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 323 455 - عبد الرحمن بن أبي الضوء بن السيد. الشيخ عماد الدين الصائغ، الأنصاري، العدل، الكاتب. وكان شيخا طوالا، حصل له ثقل في سمعه فترك الشهادة. وحدث عن الكندي بشيء من ((تاريخ بغداد)) وغيره غير مرة. سمع منه: ابن جعوان، وجماعة. توفي في رمضان عن ثمان وثمانين سنة. وسمع من: ابن مندويه، والشمس العطار. وله خرج ابن جعوان الميعاد. وكان من رؤساء العدول. مولده يوم الفطر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. ومات أبوه الصدر نجيب الدين أبو الضوء بن السيد بن إبراهيم بن جعفر بن غيهب بن أحمد السمالي السلماني في سنة اثنتين وستمائة. وروى عن العماد: شيخنا المزي، ومحمد بن الخباز، ومحمد بن البرهان. 456 - عبد الرحيم بن محمد بن عطا. العدل كمال الدين الأذرعي، الحنفي. أخو القاضي شمس الدين. سمع ببعلبك من البهاء عبد الرحمن، وحدث. ومات في شعبان. وكان رجلا جيدا، دينا، حسن العشرة. ودفن عند قبر أخيه. 457 - عبد الساتر بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي بن وحيش.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 324 الشيخ الفقيه، الصالح، تقي الدين ابن الفقيه أبي محمد المقدسي، الحنبلي، الصالحي. توفي بالجبل في ثامن شعبان وقد نيف على السبعين، فإنه ولد سنة ثمان وستمائة بالجبل أيضا. وقرأ القرآن على أبيه. وتفقه على التقي بن المعز ومهر في المذهب. وسمع من: الشيخ الموفق، وموسى ابن الشيخ عبد القادر، والقزويني، وابن راجح، وطائفة. وقل من سمع منه لأنه كان فيه زعارة، وكان في غلو في السنة ومنابذة للمتكلمين ومبالغة في اتباع النصوص، رأيت له مصنفا في الصفات. ولم يصح عنه ما كان يلطخ به من التجسيم، فإن الرجل كان أتقى لله وأخوف من أن يقول على الله ذلك، ولا ينبغي أن يسمع فيه قول الخصوم. وكان الواقع بينه وبين شيخنا العلامة شمس الدين ابن أبي عمر وأصحابه، وهو فكان حنبليا خشنا متحرقا على الأشعرية. وبلغني أن بعض المتكلمين قال له: أنت تقول إن الله استوى على العرش؟ فقال: لا والله ما قلته، لكن الله قاله، والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ، وأنا صدقت، وأنت كذبت. فأفحم الرجل. سمع منه: أبن الخباز، والشيخ علي الزولي، وتلميذه علاء الدين علي الكناني. وكان كثير الدعاوي، قليل العلم، قد رمي في الجملة ببلايا ومصائب نعوذ بالله من الخذلان، واستحكمت بينه وبين أهل الصالحية عداوة، وحبسوه مرة، وحطوا عليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 325 458 - عبد العزيز الزعبي. شيخ صالح، له فوق ثلاثين حجة. وكان سليم الباطن، ساذجا. 459 - عبد القوي بن عبد الله بن عبد القوي. أبو محمد الشارعي، المقرىء. توفي في شوال، وله رواية. 460 - عبد الهادي بن هبة الله. القاضي كمال الدين أبو الفضل التكريتي. من مشايخ العلم ببغداد. مات في ربيع الأول، وله ثلاث وستون سنة. 461 - عثمان بن أبي الحسن بن عبد الوهاب. صفي الدين الأنصاري، الحريري، التاجر. والد قاضي القضاة شمس الدين الحنفي. كان ثقة، حسن السيرة. ظهر له سماع من السخاوي، وغيره في مسلم ولم يحدث. توفي في صفر. 462 - علي بن عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 326 الأمير نور الدين الطوري. أحد الأبطال والشجعان المذكورين. كانت له نكاية عظيمة في الفرنج ومواقف. وكان ضخما شهما قويا، له لت هائل قل من يحمله، وكان يقاتل فيه. وكان فيه كرم ودين. لم يبرح هو وعشيرته مرابطا بالسواحل، ولم يزل محترما في الدول. وولي عدة جهات بالشام، وجاوز التسعين سنة. حضر المصاف مع سنقر الأشقر بظاهر دمشق، فجرح وضعف، وسقط بين حوافر الخيل، ومات بعد أيام في صفر، رحمه الله تعالى. 463 - علي بن همام بن راجي الله. أبو الحسن المصري، الشافعي، إمام جامع الصالح بظاهر القاهرة. توفي في المحرم. وقد حدث. يلقب بتاج الدين. وكان مولده في سنة 599. 464 - عمر بن موسى بن عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 327 الشيخ، الإمام، القاضي، محيي الدين أبو حفص الشافعي، قاضي غزة، وابن قاضيها. ولد سنة ثمان وستمائة. وروى اليسير عن الرضى بن البرهان. وقد سمع الكثير في الكهولة بدمشق والجبل. وكان فقيها إماما كبير القدر، مشكور السيرة، وافر الحرمة، موصوفا بالعلم والدين والشجاعة والكرم والسؤدد. وقد حضر عدة حروب وجاهد في سبيل الله. ولي قضاء غزة مع الرملة وغير ذلك. وتوفي بغزة في خامس ذي الحجة. ثم نقل فدفن بالقدس. وكان مع القضاء له خبز جندي. وكان أثريا دينا. وقد درس بالصلاحية بالقدس. - حرف الميم - 465 - محمد بن حمد بن أحمد بن محمد بن صديق. أبو عبد الله الحراني. سمع: أبان، والموفق عبد اللطيف. وحدث. ومات بدمشق في رجب. 466 - محمد بن داود بن إلياس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 328 الفقيه، العالم، شمس الدين أبو عبد الله الحنبلي، البعلبكي، خادم الشيخ الفقيه. ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وصحب الشيخ الكبير عبد الله، ثم خدم الشيخ الفقيه، وسمع معه من: الشيخ الموفق، وأبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن، والنفيس ابن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وابن صباح، وابن الزبيدي، وجماعة كثيرة. وكان مليح الخط، كتب الأجزاء والطباق، وتفقه. وكان فيه خير وعدالة ودين وورع، ومروءة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والدواداري، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في ثاني عشر رمضان ببعلبك. وسمع ((سنن ابن ماجه)) من الموفق. 467 - محمد بن سالم بن السلم. القاضي نجم الدين، قاضي نابلس، وأبو قاضيها جمال الدين محمد. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وكان صدرا نبيلا، ترسل عن الصالح نجم الدين أيوب، وأقعد في آخر عمره، وانقطع. وولي ابنه القضاء. وكان أبوه أيضا قاضيا. توفي في ربيع الآخر. وقد سمع من أبي علي الإوقي مع أولاده. وله إجازة من المؤيد الطوسي. كتب عنه: الأبيوردي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 329 وكان من نبلاء الرجال. 468 - محمد بن عبد الله. ناصر الدين الأتابكي، الجندي. عرف بجندي رخيص. قتل مع سنقر الأشقر في صفر، ودفن بقباب التركمان. 469 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن مسعود. الشيخ، شمس الدين ابن النن العنسي، البغدادي الشافعي، الفقيه. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة ببغداد. وسمع من: عبدالعزيز بن منينا، وسليمان الموصلي، ويحيى بن ياقوت الفراش، وثابت بن مشرف، وغيرهم. وكان ثقة متيقظا. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار، وغيره. وأجاز لي مروياته. وتوفي في الحادي والعشرين من رجب بالإسكندرية. وفيها ارتحل إليه الحافظ عبد الكريم الحلبي. 470 - محمد بن عبد الحكم بن العلامة أبي إسحاق إبراهيم بن منصور. العراقي، الشافعي، بدر الدين، خطيب جامع عمرو بن العاص. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 330 وله نظم حسن يروق. مات رحمه الله في ذي الحجة. 471 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي الغنائم. شهاب الدين الشافعي المعروف بالحزام. مؤذن مسجد ابن منكلان. ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة. وحدث عن: ابن اللتي. وتوفي في رمضان. 472 - محمد بن محمد بن محمد بن الحسين. عماد الدين الإربلي. عرف بابن الكريدي. توفي في المحرم بمصر. حدث عن: عبد الرحمن بن المسيري، وابن مكرم. سمع منه: العلاء الكندي. 473 - محمد بن أبي بكر بن علي. الشيخ الشريف، ضياء الدين، أبو عبد الله الهاشمي، الجعفري، المقدسي الأسود. سمع ((صحيح البخاري)) من ابن روزبة بحران. وسكن دمشق، وأم بمسجد الرماحين. سمع منه: ابن جعوان، وابن تيمية شيخنا، والمزي، والبرزالي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 331 وأجاز لي مروياته. ومات رحمه الله في خامس ربيع الآخر. - حرف الياء - 474 - يحيى بن أحمد بن محمد بن حسن بن تامتيت. المغربي. مات في شوال بمصر، ودفن عند والده الذي روى بالعامة عن أبي الوقت. 475 - يحيى بن أحمد بن محمد بن الحسين بن تميم. الأجل محيي الدين بن المولى جمال الدين التميمي، الدمشقي. كان صالحا، زاهدا، عابدا، فيه خير، عالما، جليل القدر. توفي في ثاني عشر صفر، وقد جاوز السبعين. كذا قال الشيخ قطب الدين. وإنما مولده في سنة ثلاث عشرة وستمائة. وحدث عن: ابن الزبيدي، وابن ماسويه، وابن اللتي، والسخاوي. ثنا عنه أبو الحسن بن العطار. وكان أبي يعظمه ويصفه. 476 - يحيى بن الحسين. الإربلي العدل، جمال الدين ابن خلكان. توفي بدمشق في رمضان. له إجازة من المؤيد الطوسي، وأبي روح. 477 - يحيى بن عبد العظيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 332 الأديب الشهير، أبو الحسين المصري جمال الدين الشاعر، المعروف بالجزار. ولد سنة ثلاث وستمائة تقريبا. وكان بديع المعاني، حلو النادرة، صاحب مجون وزوائد. مدح الملوك والكبراء. وروى عن: أحمد بن محمد بن الجباب. روى عنه الدمياطي، وابن الحلوانية من شعره. (أدركوني فبي من البرد هم .......... ليس ينسى وفي حشاي التهاب)
(كلما ازرق لون جسمي من البرد .......... تخيلت أنه سنجاب) وله، وقد أطلق له قمح فكان رديئا: (أتاني برك المقبول برا .......... وقصدا للثناء وللثواب)
(فكدر صفوة الكيال حتى .......... غدونا منه في أمر عجاب)
(رضيناه وقد وافى عتيقا .......... إلينا فاستحال أبا تراب) وله يمدح الصاحب الأمير فخر الدين ابن شيخ الشيوخ: (بذل وجهي إلا لوجهك بذله .......... واعتزازي إلا بجاهك ذله)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 333
(يا جوادا سحاب كفيه بالجود .......... على كل قاصد مستهله)
(والذي لو حكاه في دسته .......... الفضل بن يحيى لجاء يطلب فضله)
(لي نصفية تعد من العمر سنينا .......... غسلتها ألف غسله)
(لا تسلني عن مشتراها ففيها .......... منذ فصلتها نشاء بجملة)
(كل يوم يحوطها العصر والدق .......... مرارا وما تقر بعمله)
(نسف الريح صدرها والتحاريس .......... فباتت تشكو هواء ونزله) توفي الأديب الجزار، رحمه الله، في ثاني عشر شوال بمصر. وكان بزي الكتاب، ومحاسن نظمه لا تحصى. 478 - يحيى بن الفضل بن تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن. أبو زكريا ابن عساكر الدمشقي، الفقير. توفي في شعبان، وله ستون سنة. وقد حدث. 479 - يوسف بن محمد بن علي بن سرور. الشيخ شمس الدين أبو عبد الله. ويقال أبو المظفر البغدادي. قال الفرضي: مولده في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ومات في رجب. ولم يذكر ممن سمع. وذكره الظهير الكازروني في ((تاريخه))، وذكر أنه وكيلا عند القضاة. وأنه روى عن أبي الفرج بن الجوزي، يعني بالإجازة. وأجاز له ابن كليب. وسمع من: ابن الأخضر. روى عنه: صدر الدين بن حمويه، وعبد العزيز بن أبي الدر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 334 48 - يوسف بن نجاح بن موهوب. الشيخ القدوة الزاهد، الفقاعي. دفن بزاويته في شوال بسفح قاسيون، وقد نيف على الثمانين. وكان عبدا صالحا، قانتا لله، حنيفا، كبير الشأن، له أصحاب ومحبون. وكان حسن التربية، كريم الأخلاق، متواضعا، مطرح التكلف، رحمه الله ورضي عنه. خلف إحدى وعشرين ولدا. الكنى 481 - أبو بكر بن إسماعيل بن بردويل. الأجل سيف الدين الدمشقي، البزار. روى عن: داود بن ملاعب. وتوفي في السادس والعشرين من شعبان. حدث ((بالبعث)) عن موسى بن عبد القادر. وعنه جماعة. 482 - أبو بكر بن أسبهسلار. الأمير سيف الدين. ولي شرطة مصر مدة. وكان موصوفا بالكرم المفرط. وكان ممن زاد به
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 335 السمن حتى قاسى منه شدة. وأشار عليه الطبيب بعدم النوم على جنب. وبقي مدة لا يرمي جنبه إلى الأرض خوفا من أن يغرق في النوم فيموت. 483 - أبو بكر بن محمد بن إبراهيم. الأديب غرس الدين الإربلي. أديب شاعر، فاضل، دين، خير. توفي في ذي القعدة بدمشق. فمن شعره قوله: (وبي رشأ أحوى حوى الحسن كله .......... بمشرف صدغيه وعامل قده)
(تبدى فخلنا البدر تحت لثامه .......... وماس فقلنا: الغصن في طي برده)
(وقفت له أشكو إليه توجعي .......... وما نال قلبي من مرارة صده)
(وسعرت الأنفاس نار صبابتي .......... فمن حرها أثر الحريق بخده)
(ولولا ارتشافي من برود رضابه .......... لأحرقت نبت الآسي من حول ورده) روى عنه شمس الدين محمد بن الجزري في ((تاريخه))، وذكر أنه كان صديق والده. 484 - أبو بكر بن محمد بن طرخان. الإمام، المقرىء بالألحان زين الدين الصالحي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 336 حضر ابن الحرستاني. وسمع: ابن قدامة، وابن أبي لقمة، وجماعة. وروى الكثير. مولده سنة إحدى عشرة. ومات في جمادى الآخرة سنة تسع. وكان دينا، عالما. روى عنه: ابن العطار، وابن الخباز، والمزي، والبرزالي. ولي منه إجازة. وله أولاد. وكان والده من الرواة. 485 - أبو بكر بن هلال بن عياد. الفقيه، المعمر، عماد الدين البياضي، الحنفي. ولد في العشرين من رجب سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وعمر دهرا، وبان عليه الهرم. وقد سمع وهو كبير من أبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي. سمع منه: المفتي رشيد الدين سعيد البصروي، والمزي، والبرزالي، وابن الخباز. وقد روى بالإجازة العامة عن السلفي. ورأيت خطه مرجوفا مضطربا من الضعف والكبر. وكان معيد المدرسة الشبلية. توفي في تاسع رجب عن مائة وأربع سنين كاملة. وكان صدوقا لا يرتاب في مولده. ولو سمع في صباه من إسماعيل الجنزوي والخشوعي وهذه الطبقة لصار أسند أهل الأرض. وكان يعرف بالعماد الجبلي. 486 - أبو القاسم بن الحسين بن العود.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 337 الشيخ نجيب الدين الأسدي، الحلي، الفقيه، المتكلم، رأس الرافضة. وشيخ الشيعة. وكان قد أسن وعمر وانهزم. وعاش نيفا وتسعين سنة. كان عالما متفننا، مشاركا في أنواع من الفضائل. قدم حلب وتردد إلى الشريف عز الدين مرتضى نقيب الأشراف، فاسترسل معه يوما، ونال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فزبره النقيب وأمر بجره بين يديه، وأركب حمارا مقلوبا، وصفع في الأسواق. فحدثني أبو الفضل بن النحاس الأسدي أن فاميا نزل من حانوته وجاء إلى مزبلة، فاغترف غائطا ولطخ به ابن العود. وعظم النقيب عند الناس، وتسحب ابن العود من حلب. ثم إنه أقام بقرية جزين مأوى الرافضة، فأقبلوا عليه وملكوه بالإحسان. وبلغني أنه كان في الآخر متدينا متعبدا، يقوم الليل. وقد رثاه إبراهيم بن الحسام أبي الغيث بأبيات أولها: (عرس بجزين يا مستبعد النجف .......... ففضل من حلها يا صاح غير خفي) مات ليلة النصف من شعبان بجزين. قاله قطب الدين. وقيل إنه توفي سنة سبع وسبعين. وفيها ولد: جلال الدين محمد بن سعد الدين محمد بن محمود البخاري، الحنفي، خطيب الزنجيلية، ومات عن نيف وثلاثين سنة. ورئيس المؤذنين شمس الدين محمد بن سعيد بن فلاح النابلسي،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 338 والمحيي يحيى بن عثمان المرزباني، والشيخ غازي بن عثمان المقرىء صاحب الميعاد، والشهاب أحمد بن محمد بن يوسف الوراق، والشيخ موسى بن إبراهيم بن محمود بن بشر الحنبلي، والشيخ علي الخازن صاحب التعبير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 339
سنة ثمانين وستمائة
- حرف الألف - 487 - أحمد بن عبد الله بن عبد الملك بن عثمان. بدر الدين المقدسي، المؤدب، الحنبلي. سمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وجعفر. وحدث ومات في حادي عشر رجب. وأمه زينب بنت مكي. 488 - أحمد بن عبد الصمد بن عبد الله بن أحمد. القاضي محيي الدين المصري، الشافعي، ويعرف بقاضي عجلون. كان أبوه رشيد الدين قاضي قليوب. وكان هذا فقيها، عالما، رئيسا، كريما. حكم بعجلون مدة، وله شهرة في السخاء وعلو الهمة. وكان ذا مكانة من السلطان الناصر. وقد ولي أبوه قضاء بعلبك أيضا. وقد ولي محيي الدين وكالة بيت المال بدمشق وتدريس الشامية الكبرى في أول دولة الظاهر. ثم عزل سريعا. توفي بد مياط في ذى القعدة سمع من: ابن اللتي، والعلم بن الصابوني. وحدث. عاش ستا وستين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 340 489 - أحمد بن عطاف بن أحمد. الكندي، الرهاوي، أبو العباس. مات في ذي الحجة. وقد أجاز للبرزالي، وجماعة. وله سماع. 490 - أحمد بن علي بن مظفر. الرئيس نجم الدين ابن الحلي، ثم المصري. ولد بالقاهرة سنة ثلاث وستمائة. وكان ذا نعمة طائلة ومتاجر وتقدم في الدول. روى عن: ابن باقا. وإليه ينسب الأمير عز الدين الحلي. توفي في رمضان بالقاهرة. 491 - أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عيسى. العلامة الشهير، والخطيب البليغ، أبو جعفر بن الطباع الرعيني، الأندلسي، شيخ القراء بغرناطة. مولده بعد الستمائة. وقرأ بالروايات على الخطيب عبد الله بن محمد بن اللواب، وغيره. وقد ولي القضاء كرها فحكم حكومة واحدة وعزل نفسه. أخذ عنه القراءآت أبو حيان، وأبو القاسم بن سهل. قال لي ابن سهل إنه مات سنة ثمانين وستمائة. وهو في عشر الثمانين، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 341 492 - أحمد بن محمود بن عمر. التبريزي. مات بالموصل في رمضان عن مائة سنة سوى أشهر. يروي عن: الباذرائي، وجماعة. سمع في الكهولة. 493 - أحمد بن النعمان بن أحمد بن المنذر. الصدر فخر الدين الحلبي، ناظر الجيش الشامي. رئيس نبيل، صاحب مكارم، وهو معروف بالتشيع. توفي في رمضان وقد ناهز الستين. 494 - أحمد بن قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن محيي الدين ابن الزكي. القرشي، الدمشقي، القاضي علاء الدين. رئيس، فاضل، أديب. كتب الإنشاء مدة، ثم درس بالعزيزية، والتقوية. وحدث عن: أبي بكر بن الخازن. ولد سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. وتوفي في شعبان. وقد ناب في القضاء عن أبيه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 342 وسمع أيضا ببغداد من: أبي جعفر بن السندي. وابن المني، وغير واحد. 495 - أحمد بن يوسف بن محمود. أبو العباس ابن الساوي. سمعه أبوه من المطهر بن أبي بكر البيهقي. وروى عنه: أبو الفتح اليعمري. وأجاز للبرزالي. مات في جمادى الآخرة بالقاهرة. 496 - أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع بن حسين بن سودان. الشيباني، الإمام، العلامة، الزاهد الكبير، موفق الدين، أبو العباس الكواشي، المفسر، نزيل الموصل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 343 ولد بكواشة، وهي قلعة من أعمال الموصل، سنة تسعين أو إحدى وتسعين وخمسمائة. قرأ القرآن على والده، واشتغل وبرع في القراءآت والتفسير والعربية والفضائل. وسمع من: أبي الحسين بن روزبة ؛ وقدم دمشق، وأخذ عن: أبي الحسن السخاوي، وغيره. وحج من دمشق وزار بيت المقدس ورجع إلى بلده وتعبد. وكان منقطع القرين، عديم النظير زهدا وصلاحا وتبتلا وصدقا واجتهادا. كان يزوره السلطان فمن دونه، فلا يعبأ بهم، ولا يقوم لهم، ويتبرم بهم، ولا يقبل لهم شيئا. وله كشف وكرامات. وأضر قبل مواته بنحو من عشر سنين. صنف التفسير الكبير والتفسير الصغير. وأرسل نسخة إلى مكة، ونسخة إلى المدينة، ونسخة إلى بيت المقدس. قال شمس الدين الجزري في ((تاريخه)): حدثني الحاج أحمد بن الصهبي وأمين الدين عبد الله بن الفراقيعي الجزريان، عن الشيخ موفق الدين أن والده توفي وهو صغير، ورباه خاله وأشغله بالعلم عنده بالجزيرة إلى أن بلغ عشرين سنة، فسافر إلى الشام وحج، واشترى قمحا من قرية الجابية، لكونها من فتوح عمر رضي الله عنه، ثلاثة أمداد وحملها على عنقه في جراب إلى الموصل، ثم زرعها بأرض البقعة من أعمال الموصل، وبقي يعمل بالفاعل بتلك القرية إلى أن حصد ذلك الزرع، وأخذ منه ما يقوته، وترك منه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 344 بذارا ثم بذره، وبقي على هذا إلى أن بقي يدخل عليه من ذلك القمح جملة تقوم به وبجماعة من أصحابه وزواره. وكان لا يقبل من أحد شيئا. وكان كثير الانكار على بدر الدين صاحب الموصل، وإذا سير إليه يشفع عنه في أحد لا يرده. وكان خواص صاحب الموصل المتدينون يحبون الشيخ ويعظمونه. قال شمس الدين الجزري: وحكى جماعة كبيرة من التجار أنهم جرى لهم معه وقائع وكرامات وكشف. وأنه كان يعرف اسم الله الأعظم. ولأهل الموصل والجزيرة فيه اعتقاد عظيم. قلت: وكان شيخنا تقي الدين المقصائي ((يطنب في وصف الشيخ موفق الدين ويسهب. وقرأ عليه ((تفسيره)) قال: فلما وصلت إلى سورة الفجر منعني من ختم الكتاب، وقال: أنا أجيزه لك ولا تقول كملت الكتاب على المصنف. يعني أن للنفس في ذلك حظا. قلت: وحدث تقي الدين بالكتاب عنه سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وقال لي: غبت عن الشيخ نحو سنة ونصف، فلما قدمت دققت الباب قال: من ذا أبو بكر؟ قلت: نعم. واعتددتها له كرامة. وقد لازم جامع الموصل مدة طويلة تزيد على أربعين سنة. وقد سمع منه أبو العلاء الفرضي، وقال: هو أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع بن حسين بن سودان الشيباني، الشافعي، الكواشي، كان إماما، عالما، زاهدا، قدوة، ورعا، علامة. توفي في سابع عشر جمادى الآخرة، ودفن خارج الباب القبلي من جامع الموصل. وقد قرأ بالسبع على والده عن تلاوته على مكي بن زيان الماكساني، عن ابن سعدون القرطبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 345 وسمع ((التجريد)) من عبد المحسن بن الطوسي، بسماعه من ابن سعدون. وحدثني الشيخ محمد بن منتاب، عن عبد الشيخ صالح أنه خدم الشيخ سنين، وأن الشيخ كان ينفق من الغيب، وأنني أبدا ما طلبت من الشيخ درهما أو أقل أو أكثر إلا قال: خذ. ويشير إلى كوة، فأجد ما طلبت لا يزيد ولا ينقص. كان ينبغي للشيخ أن يتورع عن أخذ ما في الكوة لجواز أن يكون هذا من الجان، وما ذاك ببعيد، هذا إن صحت الحكاية. وأنا أعتقد صحتها وأعتقد صلاحه، وجواز أن يكون مخدوما، والله أعلم. ولا تنكر له الكرامات، رحمه الله تعالى. 497 - إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم. العدل أمين الدين البكري، المصري، ويعرف بالقرافي. كان إمام السلطنة ومحتسب الجيش المنصور، وإمام قبة الشافعي. سمع من: أصحاب السلفي. ومات كهلا في شعبان بمصر. 498 - إبراهيم بن سعيد. الشاغوري، الموله جيعانة. مات في جمادى الأولى، وكان من أبناء السبعين، وشيعه الخلق، وازدحموا على نعشه. ولطائفة من العامة فيه اعتقاد زائد لما يرونه من كشفه وكلامه على الخواطر، مع عدم صلاته وصيامه. وقد يشاركه في كشفه الراهب والكاهن، فانتفت الولاية بمجرد الكشف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 346 499 - إبراهيم بن الناصح محمد بن إبراهيم بن سعد. العدل، تقي الدين أبو إسحاق المقدسي، الصالحي، الحنبلي. سمع من: ابن الزبيدي، والناصح بن الحنبلي، وابن اللتي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون. وتوفي في سلخ رجب، وله ثمان وستون سنة. وكان جيد الكتابة، خبيرا بالشروط. 500 - أبغا بن هولاكو. ملك التتار وصاحب العراق والجزيرة وخراسان وغير ذلك. مات بنواحي همدان بين العيدين، وله نحو من خمسين سنة. قاله قطب الدين، قال: وكان مقداما شجاعا، عالي الهمة، لم يكن في إخوته مثله، وهو على دين التتار لم يدخل في الإسلام. وكان ذا رأي وحزم وخبرة في الحرب. ولما توجه أخوه منكوتمر بالعساكر إلى الشام لم يكن ذلك بتحريضه، بل أشير عليه فوافق. قلت: وكان كافر النفس، سفاكا للدماء. قتل في الروم خلقا كثيرا لكونهم دخلوا في طاعة الملك الظاهر، وفرحوا بمجيئه إليهم. وقد نفد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 347 الملك الظاهر إليه رسله وهديه، فحضروا بين يديه وامرأة أبيه ألجي خاتون على شماله على التخت في خركاه. قال ابن عبد الظاهر في السيرة: وصفته أنه شاب _ قال هذا في سنة سبعين. قال: وهو أسمر أكحل، ربع القامة، جهوري الصوت، فيه بحة يسيرة، عليه قباء نفطي رومي، وسراقوج بنفسجي. وزوجة أبيه قد تزوج بها وهي كهلة. قال لنا الظهير الكازروني: مات أباقا بهمدان في العشرين من ذي الحجة، فكانت أيامه سبع عشرة سنة وثمانية أشهر. 501 - أزدمر. الأمير، الحاج عز الدين الجمدار، الشهيد. كان من أعيان الأمراء، وعنده فضيلة ومعرفة ومكارم كثيرة. ولما قام في الملك سنقر الأشقر بدمشق قام معه واختص به، فجعله نائب سلطنته، ثم تحول معه إلى صهيون وغيرها. ونزل بقلعة شيزر في جهة سنقر الأشقر. وكانت نفسه تحدثه بأمور قصر عنها الأجل. وجاءته سعادة لم تكن في حسابه، فحضر المصاف في رجب، وأبلى بلاء حسنا، وصدق الله فاستشهد مقبلا غير مدبر، وقد قارب ستين سنة، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 348 وهو الذي طعن طاغية العدو. 502 - إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن يعيش. الشيخ شمس الدين المالكي. شيخ مسند، صالح، خير. سمع من: أبي البن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني. روى عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. وليس بالمكثر. توفي في ثالث عشر شعبان. 503 - أسماء بنت زين الأمناء الحسن بن محمد بن عساكر. زوجة عماد الدين حسين بن علي بن القاسم بن الحافظ. توفيت في ذي القعدة. سمعت من أبيها، وأجاز لها المؤيد، وزينب. 504 - أيبك. الشجاعي، الصالحي، العمادي، الأمير عز الدين، والي إقليم حوران والسواد. كان كافيا، ناهضا صارما. وكان الملك الظاهر يعتمد عليه ويكرمه. وقد ولي أستاذ دارية أستاذه ومعتقه الملك الصالح إسماعيل بن العادل. وعمر دهرا، وبلغ بضعا وثمانين سنة، وقطع خبزه في الآخر قبل موته بأشهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 349
- حرف الباء - 505 - بكتوت. الخزنداري، الأمير بدر الدين، نائب بعلبك الخزندار بالشام. كان مشكور السيرة، كثير الصدقات. استشهد على حمص وهو في عشر الخمسين. 506 - بلبان. الرومي، الدوادار، الأمير سيف الدين. من أعيان الأمراء ونجبائهم، كان الملك الظاهر يعتمد عليه ويحمله أسراره إلى القصاد. ولم يؤمره إلا الملك السعيد. واستشهد بمصاف حمص. 507 - بهادر. الأمير بهاء الدين بن حسام الدين بيجار. توفي في شعبان بغزة وهو في عشر السبعين. وكان موصوفا بالشجاعة والنجدة. وهو كان السبب في قدوم أبيه إلى بلاد المسلمين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 350 توفي صحبة الجيش المنصور وأبوه حي إذ ذاك بمصر وقد كف بصره. - حرف التاء - 508 - توتل. الأمير سيف الدين الشهرزوري. أحد أمراء دمشق الأبطال. بين يوم المصاف وقتل جماعة واستشهد، وقد نيف على الثمانين. - حرف الجيم - 509 - الجمال الإسكندراني. الحاسب، المؤدب بدمشق تحت مأذنة فيروز. كان يضرب به المثل في الحساب، وتخرج عليه خلق من الدواوين وأبناء الناس. توفي في ذي الحجة، وقد رأيته شيخا أبيض اللحية. - حرف الحاء - 510 - خضر بن محاسن. المقدم موفق الدين الرحبي، الأمير. كان من دهاة العالم وشجعانهم. كان جماسا لشخص من أهل الرحبة فمات، فتزوج بامرأته وحاز تركته. وتنقلت به الأحوال، وصار قرا غلام بالرحبة في أيام صاحبها الملك الأشرف. ثم خدم نواب الملك الظاهر، فوجدوه كافيا خبيرا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 351 وتعرف بعيسى بن مهنا، ثم أعطي خبزا بتسعين، وانبسطت يده، وتمكن إلى أن ولي إمرة الرحبة بعد موت أيبك الإسكندراني، فدبر الأمور، وجهز القصاد. فلما انكسر سنقر الأشقر ولحق بالرحبة ومعه ابن مهنا وأمراء، فطلب من الموفق تسليم القلعة، فخادعه وراوغه، وبعث له الإقامات، وطالع الملك المنصور بأحواله وأموره، وتألف الأمراء وأفسدهم على سنقر الأشقر. فلما قدم السلطان دمشق وفد إليه بهدايا فأقبل عليه، لكن أتى تجار أخذوا فوجدوا بعض قماشهم عنده فشكوه، وعضدهم الأمراء علم الدين الحلبي، وغيره، فاعتقل، فعز عليه ذلك، واغتم ومرض ومات كمدا بدمشق وقد قارب السبعين. - حرف السين - 511 - سعيد بن حكم بن سعيد بن حكم. الأمير، أبو عثمان القرشي، الطيبري. مولده بطيبرة من غرب الأندلس في حدود الستمائة. وقرأ بإشبيلية ((الموطأ)) على أبي الحسين بن رزقون. واشتغل على أبي علي الشلوبين. وكان أديبا، محدثا، كاتبا، رئيسا. نزل جزيرة ميرقة، وكان حسن السياسة، فقدمه أهلها وأمروه عليهم فدبر أمرها إلى أن مات. وأجاز لمن أدرك حياته، كذا قال ابن عمران الحصرمي، وولي بعده ولده الحكم. ثم قصده الفرنج، ودام الحصار مدة، ثم أخذ البلد في سنة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 352 خمس وثمانين وقدم هو سبتة. 512 - سلامة بن سليمان. الشيخ بهاء الدين الرقي، النحوي. كان من أئمة العربية، أقرأ جماعة بمصر. ومات في صفر وقد ناهز الثمانين. 513 - سنقر الألفي. الظاهري، الأمير شمس الدين. لما أفضت السلطنة إلى الملك السعيد، ومسك الفارقاني رتب هذا نائب السلطنة، فبقي مدة. وكان حسن السيرة، محبوبا إلى الناس، ثم استعفى، فصرف بسيف الدين كوندك. توفي مقتولا بالإسكندرية، وكان من أبناء الأربعين. وكان فيه دين وفضيلة وأدب. - حرف الصاد - 514 - صالح بن الهذيل. الملك مجد الدين، ناظر واسط. مات بها عن نيف وستين سنة. وقد ولي أماكن، وصودر مرة وعذب، وخرم أنفه، عفا الله عنه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 353
- حرف الضاد - 515 - ضياء بن عبد الكريم. الإمام، وجيه الدين أبو الحسن المناوي. مات في عشر الثمانين. له نظم وفضل. - حرف العين - 516 - عبد الله بن الشيخ محمد بن الشيخ القدوة عبد الله بن عثمان. اليونيني. ولد سنة أربع وستمائة، وأدرك جده. قال الشيخ قطب الدين: كان خيراً، كثير التعبد، سليم الصدر، متواضعا ذا مروءة غزيرة وشجاعة وإقدام. قاتل يوم حمص قتالا شديدا، ثم قتل شهيدا، رحمه الله. 517 - عبد الله بن أبي العز بن صدقة بن إبراهيم. أبو محمد الحراني. ولد سنة ثمان وستمائة. وروى عن: فخر الدين ابن تيمية، والمجد القزويني. ومات بدمشق في شعبان. وأجاز له ابن الأخضر ؛ وأحمد بن الدبيقي، وجماعة. سمع منه: البرزالي، والطلبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 354 518 - عبد الدائم بن محمود بن مودود بن بلدجي. أبو الخير الفقيه، الحنفي، المدرس. ولد سنة أربع وستمائة. وسمع من: مسمار بن العويس. كتب عنه: أبو العلاء بن الفرضي، وجماعة. ومات رحمه الله بالموصل في شعبان. 519 - عبد الرحيم بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة بن مقدام. الشيخ كمال الدين، أبو محمد المقدسي، الصالحي، الحنبلي. شيخ صالح، ورع، عاقل حافظ لكتاب الله، عالي السند. ولد في حدود سنة ثمان وتسعين. وسمع من: حنبل حضورا، ومن: عمر بن طبرزد، والكندي، ومحمد بن الزنف، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي الفتوح الجلاجلي. وغيرهم. وأجاز له: أبو عبد الله بن الخصيب الدمشقي، وأبو جعفر الصيدلاني، وعفيفة، ومنصور الفراوي، وعبد الرزاق الجيلي، وعبد الوهاب بن سكينة، وأبو حامد عبد الله بن جوالق، وأبو الفتح بن المندائي، وخلق. وحدث في أيام الحافظ ابن خليل بحلب. وروى الكثير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 355 روى عنه: الدمياطي، وتلك الطبقة، وأبو الحسن بن العطار، والمزي، البرزالي، والشيخ محمد بن قوام، وأبو عبد الله بن الصيرفي، وطائفة لم يظهروا بعد. توفي في عاشر جمادى الأولى، وهو سبط الشيخ أبي عمر. 520 - عبد الرحيم. الإمام عماد الدين العباسي السلماني. مدرس مدرسة زين التجار بمصر. توفي في المحرم عن بضع وسبعين سنة. 521 - عبد الرحيم بن محمد بن غارز. أبو محمد اللحام الصالحي. روى بالإجازة عن: زاهر الثقفي، وعبد الوهاب بن سكينة، وغيرهما. مات في رجب. 522 - عبد العزيز بن الحسين بن الحسن. الشيخ مجد الدين أبو محمد الداري، الخليلي، ثم المصري. والد الصاحب فخر الدين عمر. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بمصر. وسمع ((الشفا)) للقاضي عياض من أبي الحسين بن جبير الكناني. ودخل بغداد في شبيبته فسمع من: الفتح بن عبد السلام، وأبي علي بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 356 الجواليقي، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وزكريا العلبي، وأبي حفص السهروردي، وجماعة. أخذ عنه: المزي، والبرزالي، والطلبة المصريون والدمشقيون. قال الشيخ قطب الدين موسى: زعم أنه من ولد تميم الداري. وكان دينا متعبدا، يبر الفقراء، ويحسن إليهم. وله وجاهة في الدولة. وعلى ذهنه من التواريخ والأيام قطعة صالحة وثبت. توفي في ثالث عشر ربيع الآخر، ودفن بجبل قاسيون. 523 - عبد العزيز بن عبد الجبار بن عمر. العلامة فخر الدين الخلاطي، الحكيم. شيخ معمر شهير. استدعاه هولاوو لعمارة الرصد. اشتغل بالموصل على: المهذب بن هبل. وصحب أوحد الدين الكرماني. قال ابن الفوطي: رأيت سماعه بجميع جامع الأصول من مصنفه مجد الدين، ونيف على المائة. وأجاز لي مروياته. مات في شوال. وكذا أرخه الكازروني، وقال: كثر ماله وجهل وشرب الخمر، فلا قوة إلا بالله. 524 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن نصر الله بن حواري. التنوخي، أخو الشرف والتاج محمد. مات بالمنيحة. حدث عن ابن المقير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 357 توفي في صفر. 525 - عبد القاهر بن مظفر بن المبارك بن أحمد. الرئيس، سيف الدين أبو النجيب البغدادي. سمع من والده بهاء الدين أبي الكرم. وكان بيده إجازة من الخليفة الناصر لدين الله. وكان حسن السمت، كريم الأخلاق. مولده سنة سبع وتسعين. ومات في جمادى الآخرة سنة ثمانين. أنبأني بذلك ابن الفوطي. وقال غيره: سمع من المبارك بن أحمد ((المائة السريجية)) أنا أبو الوقت. 526 - علي بن أبي القاسم أحمد بن بدر. الشيخ القدوة، الزاهد، ولي الدين، أبو الحسن الجزري، الشافعي. أصله من جزيرة ابن عمر. وتفقه بالموصل ثم بحلب ودمشق ومصر، ثم أقبل على العبادة والتبتل إلى الله تعالى، وبنى له معبدا في جامع بيت لهيا، وأقام به دهرا على التجرد والتوكل والرياضة، وهو صادق في طريقه، مخلص رباني مكاشف، صاحب أحوال ومقامات، وللناس فيه عقيدة صالحة. وتشوش فأدخل إلى القيمرية ومرض بها. وتوفي إلى رحمة الله في ثالث شوال، ودفن بسفح قاسيون. ومات في عشر الستين. 527 - علي بن الملك الظاهر علي بن الملك العزيز بن الظاهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 358 الأمير نور الدين. كان شابا بديع الجمال، تام الخلقة، كريماً، شجاعا، رئيسا. توفي، وأمه يومئذ زوجة البيسري، في شوال بالقاهرة عن نيف وعشرين سنة رحمه الله. 528 - علي بن محمد بن علي بن يوسف. الأستاذ الشهير، أبو الحسن الكتامي، الإشبيلي، النحوي، المعروف بابن الضائع، بضاد معجمة وعين مهملة. أخذ العربية عن: أبي علي الشلوبين. وكان روضة معارف. حدثنا أبو القاسم بن سهل أنه قرأ عليه العربية، وقرأ عليه طائفة من ((التفريع)) لابن الحلاب. وعرضت عليه الفصيح وأشعار الستة ودولا من علم الكلام وأصول الفقه. قال: وتوفي، رحمه الله، سنة ثمانين وستمائة بالأندلس. 529 - علي بن محمود بن حسن بن نبهان بن سند. علاء الدين أبو الحسن اليشكري، ثم الربعي، البغدادي المحتد، المصري المولد، الدمشقي، الشاعر المنجم. ولد أبوه ببغداد في سنة ست عشرة وخمسمائة، وولد هو في سنة خمس وتسعين. وسمع بدمشق من: عمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 359 أخذ عنه أبو محمد الدمياطي، وغيره من شعره. وتورع كثير من الطلبة عن الأخذ عنه لكونه منجما ساقط العدالة. وسمع منه: أبو محمد البرزالي، وغيره. قال بعض المؤرخين: كانت له اليد الطولى في علم الفلك والتقاويم وعلم الأزياج، مع النظم الرائق، وحسن الخط. ومن شعره في مظفر الدين صاحب صهيون، وله فيه قصائد: (ما لليلي ما له سحر .......... أتراهم مقلتي سحروا)
(غدروا لا ذقت فقدهم .......... فدموعي بعدهم غدر)
(لا أبالي مذ كلفت بهم .......... عذل العذال أم عذروا)
(طاعتي فرض لحكمهم .......... إن نهوا في الحب أو أمروا)
(هكذا حكم الهوى أفما .......... لك في العشاق معتبر)
(من عذيري من هوى قمر .......... بات يحكي حسنه القمر)
(ماس في برد الشباب كما .......... ماس خوط البانة النضر)
(ريقه ماء الحياة لمن .......... ذاقه والشارب الخضر)
(وكحيل بات يفتك بي .......... حين يرنو وهو منكسر)
(حربي إذ راح مبتسما .......... من عقيق حشوه درر) وهي طويلة. ومات في ليلة شريفة، ليلة الجمعة السابع والعشرين من رمضان بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 360 530 - علي بن محمود. الحكيم نجم الدين الدامغاني، الإصطرلابي. كان رأسا في علم الرياضي، وتقرر في رصد مراغه. مات ببغداد في هذا العام. ذكره الظهير في شهر صفر. 531 - عمر بن عبد الوهاب بن خلف. قاضي القضاة صدر الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين العلامي المصري، الشافعي، المعروف بابن بنت الأعز. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع من: الزكي المنذري، والرشيد العطار. وما أحسبه حدث. وولي قضاء الديار المصرية في سنة ثمان وسبعين، وعزل في رمضان سنة تسع، وكان فقيها، عارفا بالمذهب، يسلك طريقة والده في التحري والصلابة. توفي يوم عاشوراء. وكان يدري العربية، وفيه دين وتعبد، ولديه فضائل. وكان عظيم الهيبة، وافر الجلالة، عديم المزاح، بارا بالفقهاء، مؤثرا، متصدقا. وكان أبوه يحترمه ويتبرك به. درس بأماكن. قال ابن الدمياطي: حدث عن المنذري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 361 532 - عمر بن مظفر. الأمير جمال الدين الهكاري. من مقدمي حلقة دمشق. كان ذا شجاعة ودين ومروة. وخيرا. استشهد يوم المصاف، وقد جاوز الخمسين، رحمه الله. - حرف القاف - 533 - القاسم بن أبي بكر بن القاسم بن غنيمة. العدل أمين الدين، أبو محمد الإربلي، المقرئ. ولد سنة خمس وتسعين، أو قبلها، بإربل. وروى ((صحيح مسلم)) عن المؤيد الطوسي بدمشق من غير أصل، فسمع منه: ابن تيمية، وابن أبي الفتح، وابن الوكيل، والمزي، والبرزالي، والفقيه عبادة، وطائفة سواهم. سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: شيخ جليل، قديم المولد، كان يذكر أن أباه سفره إلى نيسابور مع إخوته لذلك. وأنه سمع ((صحيح مسلم)) من المؤيد، وسمعناه منه اعتمادا على قوله بعد أن سألنا عنه القاضي شمس الدين ابن خلكان وغيره، فأثنوا عليه خيرا. قلت: وحدثني الثقة أنه قال لهم: كان لي فوت في الكتاب، وأعيد بالقصد على المؤيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 362 وحدثني أبو محمد البرزالي أن الفخر بن البخاري حدثهم أن والد هذا الشيخ كان تاجرا إلى والده شمس الدين، وقال له: ما تخلي ولدك عليا يرحل معنا ويسمع من المؤيد، فلم يفعل أبي. ثم إنه سافر بابنه. وذكر أمين الدين الإربلي للجماعة أنه كان له ثبت بسماع الكتاب فذهب منه. وكان من عدول تحت الساعة في أواخر عمره. وقبل ذلك كان تاجرا مشهورا هو وأخوه، ثم تضعضع. وكان يعرف بالمقرىء. أجاز لي مروياته، ومات بالعادلية الكبيرة في ثاني جمادى الأول. وبخط القاضي شمس الدين ابن خلكان: توفي الشيخ أمين الدين القاسم الإربلي التاجر المعروف بالمقرئ في يوم الثلاثاء ثاني جمادى الأولى، ودفن بمقابر الصوفية. وأخبرني غير مرة أن مولده في سنة أربع وتسعين وخمسمائة بإربل. تردد إلى مصر وإلى العجم مرارا. وسمع ((صحيح مسلم)) على المؤيد الطوسي. قال شيخنا ابن أبي الفتح: وبلغني عن قاضي القضاة ابن خلكان أنه قال: رأيت ثبته ((بصحيح مسلم)). وقال شيخنا شمس الدين ابن أبي عمر: اسمعوا على هذا الشيخ ((صحيح مسلم))، فإن سماعه صحيح. قثال ابن أبي الفتح: سمع الكتاب في أواخر سنة عشر وأوائل سنة إحدى عشرة وكان قد قرأ القرآن وعرف الفرائض، رحمه الله. - حرف الميم - 534 - محمد بن أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن بن سني الدولة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 363 قاضي القضاة نجم الدين أبو بكر ابن قاضي القضاة صدر الدين أبي العباس ابن قاضي القضاة شمس الدين أبي البركات، الدمشقي، الشافعي. ناب عن والده في القضاء بدمشق، ثم ولي قضاء القضاة عند كسره التتار على عين جالوت فبقي سنة، ثم عزل بابن خلكان. ثم أسكن مصر وصودر وتعب. ثم ولي قضاء دمشق أياما عقب زوال دولة سنقر الأشقر، ولم تتم ولايته. وولي قضاء حلب قبل ذلك. وقد درس بالأمينية وعدة مدارس. وكان موصوفا بجودة النقل وصحته وكثرته. وحدث عن: أبي القاسم بن صصرى، وابن باسويه، وغيرها. وولد سنة ست عشرة وستمائة وكان مشهورا بالصرامة والهيبة والهمة العالية والتحري في الأحكام. توفي في ثامن المحرم، ودفن بسفح قاسيون. 535 - محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى. المحدث، الناسخ، شرف الدين، أبو عبد الله بن المجير القرشي، الدمشقي، الكتبي. ولد في ربيع الأول سنة عشر وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 364 وببغداد من: أبي الحسن بن القطيعي، والأنجب الحمامي، وابن روزبة، وطائفة. وبمصر من: مرتضى بن العفيف، وأقرانه. وبحلب من: ابن خليل فأكثر، وعن غيره. وكتب الأجزاء والطباق، وقرأ الكثير. وكان ضعيفا بين المحدثين، يتهمونه. سمع منه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة من الطلبة، ولم يكن عليه أنس الحديث. وخطه كثير السقم مع حسنه. توفي في سادس عشر ذي القعدة سامحه الله. قال الحافظ سعد الدين الحارثي: كان مزورا كذابا. سمع لنفسه وزور. 536 - محمد بن أحمد بن مكتوم بن أبي الخش. البعلبكي. أديب محسن، وشاعر مجود، يحفظ ((المقامات)). أعاد بأمينية بعلبك، وأقرأ النحو. استشهد في أول الكهول بحمص.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 365 537 - محمد بن أشرف بن محمد بن ذي الفقار. السيد الحسيب، العالم، عماد الدين الحسني، الشافعي. مدرس المستنصرية، ولما كبر نزل عنها لابنه شرف الدين. ولد بمربد سنة 597. 538 - محمد بن الحسن بن سالم بن نبهان. الشيخ زين الدين الحمصي، الشاهد. والد شيخنا البدر بن الصواف. توفي فجأة بحصيرته تحت الساعات في ثالث عشر المحرم، وله ثمان وسبعون سنة. وقد روى عن ابن صباح جزءا. 539 - محمد بن الحسين بن رزين بن موسى بن عيسى بن موسى بن نصر الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 366 قاضي القضاة، مفتي الإسلام، تقي الدين، أبو عبد الله العامري، الحموي، الشافعي. ولد سنة ثلاث وستمائة بحماة. وحفظ من ((التنبيه)) في صغره. ثم انتقل عنه إلى ((الوسيط)) فحفظه كله، وحفظ ((المفصل)). كله ورحل إلى حلب فقرأه على موفق الدين ابن يعيش. ورجع إلى حماة، وتصدر للقراءة والفتوى وله ثمان عشرة سنة، وحفظ ((المستصفى)) للغزالي، وكتابي أبي عمرو بن الحاجب في الأصول والنحو. ونظر في التفسير وبرع فيه، وشارك في الخلاف والمنطق والبيان والحديث. وقدم دمشق سنة نيف وثلاثين، وهو من فضلاء وقته، فلازم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وشرح عليه، وعلق عنه. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي، وسمع منهما، ومن كريمة. وأفتى بدمشق هذه الأيام، وولي إمامة دار الحديث الأشرفية، ثم ولي وكالة بيت المال في الدولة الناصرية وتدريس الشامية الحسامية، ثم انتقل إلى القاهرة وقت أخذ حلب، وولي عدة جهات فأعاد بمدرسة الشافعي، وظهرت فضائله الباهرة. واشتغلوا عليه في أيام الشيخ عز الدين بن عبد السلام. ثم درس بالظاهرية. ثم ولي القضاء وتدريس الشافعي، وامتنع من أخذ الجامكية على القضاء دينا وورعا. وكان يقصد بالفتاوي من النواحي، وتخرج به أئمة، منهم قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، وغيره. وحدث عنه: الدمياطي، وابن جماعة، والمصريون. وكان حميد السيرة، حسن الديانة، كثير العبادة، كبير القدر، جميل الذكر، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 367 توفي في ثالث رجب. وولي القضاء بعده وجيه الدين البهنسي. 540 - محمد بن الحسين بن وداعة. الأمير مجد الدين. حدث بالبعث عن: ابن اللتي. ومات بمصر في ذي القعدة. 541 - محمد بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق. الإمام، المفتي، علم الدين، أبو عبد الله الربعي، المصري، المالكي. والد شيخا القاضي زين الدين محمد. سمع من: علي بن المفضل الحافظ، وابن جبير البلنسي، وعبد الله بن مجلي، وغيرهم. روى عنه: الدواداري، والمصريون. وكان موصوفا بالعلم والعمل والزهد. توفي ليلة الجمعة ثامن ذي الحجة. ودفن بسفح المقطم من خمس وثمانين سنة. 542 - محمد بن ذي الفقار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 368 الصدر، الإمام، عماد الدين الحسني، المرندي، ثم البغدادي، الشافعي، مدرس المستنصرية. سمع ((صحيح البخاري)) من أبي الحسن القطيعي، ودرس وأفاد. مات في شعبان من السنة، وله أربع وثمانون سنة وشهر. وقيل محمد بن أشرف. تقدم. 543 - محمد بن عبد الأحد بن شقير. الحراني الحاج. أحد التجار المعروفين. وجد مقتولا بالشريعة، وكان قد قدم في تجارة. 544 - محمد بن علي بن محمود بن أحمد. الحافظ، المحدث، جمال الدين، أبو حامد بن الشيخ علم الدين ابن الصابوني، المحمودي، شيخ دار الحديث النورية. ولد في رمضان سنة أربع وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي البركات بن ملاعب، وأبي عبد الله بن البنا، وأبي القاسم العطار، وأبي المحاسن بن أبي لقمة. ثم طلب بنفسه وعني بالحديث، وكتب وقرأ، وصار له فهم ومعرفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 369 وسمع من: ابن البن، وابن صصرى، وهذه الطبقة، بدمشق ؛ وعبد اللطيف بن يوسف، ويحيى بن الدامغاني، وطائفة بحلب ؛ وأبي علي الإوقي، وغيره بالقدس ؛ وعبد العزيز بن باقا، وعلي بن رحال، وعلي بن مختار، وعلي بن جبارة، وعبد الصمد بن داود الغضاري، وخلق بمصر. وخرج لغير واحد. وكان صحيح النقل، مليح الخط، حسن الأخلاق. صنف مجلدا مفيدا سماه ((تكملة إكمال الإكمال)) ذيل به على ((إكمال ابن نقطة)) فأفاد وأجاد. وهو من رفاق ابن الحاجب، والسيف بن المجد، وابن الدخميسي، وابن الجوهري في الطلب، فطال عمره، وعلت رواياته. وروى الكثير بمصر ودمشق. وكان من كبار العدول ومتميزيهم. سمع منه: عمر بن الحاجب، والقدماء. وروى عنه: الدمياطي، وشرف الدين يعقوب المقرىء، وجمال الدين المزي، وعلاء الدين ابن العطار، وعلم الدين الدواداري، وعلم الدين البرزالي، وبرهان الدين الذهبي، وجمال الدين رافع، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وطائفة سواهم من المصريين والشاميين. وكان له إجازة من: عمر بن طبرزد، والمؤيد الطوسي، وطبقتهما. وقد حصل له تغير قبل موته بسنة أو أكثر، واعتراه غفلة، وساء حفظه. وقد أجاز لي مروياته سنة ثلاث وسبعين وستمائة. وتوفي في منتصف ذي القعدة، ودفن بسفح قاسيون، رحمه الله، وله ست وسبعون سنة. قال شيخنا ابن أبي الفتح: اختلط قبل موته بسنة أو أكثر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 370 545 - محمد بن علي بن محمد بن إلياس ابن الشيرجي. الأنصاري، الصدر، بدر الدين، أبو عبد الله الدمشقي. روى عن: أبي القاسم بن صصرى. ومات في جمادى الأولى ودفن بمقبرة باب الصغير. 546 - محمد بن علي بن علوان. الشيخ، شمس الدين المزي، مفسر الرؤيا. توفي في ذي الحجة كهلا، وكان ضريرا كثير التلاوة، وقد حج، وكان إليه المنتهى في تعبير الرؤيا، بحيث يضرب به المثل في وقته، رحمه الله تعالى. 547 - محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن مناقب بن أحمد بن علي بن أحمد بن حسن بن علي بن أحمد بن حسين بن محمد بن إسماعيل المنقذي بن جعفر بن عبد الله بن حسين بن زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. الشريف فخر الدين، أبو عبد الله العلوي، الحسيني، المنقذي، الدمشقي، المعدل. ولد سنة ستمائة أو قبلها. وسمع اليسير حضورا عن عمر بن طبرزد. وروى عن حنبل شيئا ثم انكشف أن ذلك خطأ. وله إجازة من: عين الشمس الثقفية، وعفيفة الفارقانية، وأسعد بن روح، وزاهر بن أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 371 ولم يرو عن هؤلاء بالسماع شيئا لأن الإجازة ظهرت له بعد موته. وقد سمع من: درع بن فارس، ومكرم بن أبي الصقر. وكان من شهود تحت الساعات. روى عنه: الدمياطي، والمزي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في الثالث والعشرين من شعبان. وروى بالإجازة عن: المؤيد، وغيره. 548 - محمد بن محمود بن أحمد بن أبي الفوارس. شمس الدين الجزري، التاجر. شيخ معمر، ذكر أنه سمع الكثير من أبي الفرج بن الجوزي وطبقته. وأنه ولد بالجزيرة في سنة ثمان وستين وخمسمائة. أجاز لأبي عبد الله بن سامة، وأبي الفراء بن الخباز، والبرزالي. مات في جمادى الأولى. 549 - محمد بن منعة بن مطرف بن طريف. القنوي. 550 - محمد بن ميكائيل بن أحمد بن راشد. الإمام مجد الدين الموصلي، الفرضي، النحوي. استملى على ابن الخباز النحوي كتاب ((التوجيه)) في العربية. توفي في شوال عن ثمان وسبعين سنة. 551 - محمد بن يعقوب بن أبي الفرج بن عمر بن خطاب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 372 الشيخ المعمر، مسند العراق، شهاب الدين، أبو سعد بن أبي الدينة، ويقال ابن أبي الديني البغدادي. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح المندائي، وابن سكينة، وحنبل بن عبد الله الرصافي، وأبي علي ضياء بن الحريف، والحافظ ابن الأخضر. ويقال إنه سمع من أبي الفرج بن الجوزي وذلك ممكن لأنه سمع في حياة ابن كليب من ابن الأخضر، وذلك في ذي الحجة سنة أربع وتسعين. وقد سمع من المؤمنة ((مسند ابن عمر)) على حنبل وأبي الحسن علي بن المبارك بن محمد بن جابر بسماعهما من ابن الحصين، وسماعه منهما في رجب سنة أربع وتسعين أيضا. وأجاز له: أبو القاسم البوصيري، والأرتاحي، وابن موقا، والخشوعي. وقال الظهير الكازروني في ((تاريخه)): قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة تسع. ورأيت جماعة يتهمونه في هذا الإضبار، وكان كبيرا. قلت: وأجاز له يحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، وعبد المنعم بن كليب، وعبد الخالق بن عبد الوهاب بن الصابوني، وأبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، وإبراهيم وعبد الله ابنا محمد بن حمدونة، وآخرون. روى عنه: الدمياطي، وأبو العلاء بن الفرضي، وأبو سعد عبد الله بن محمد بن نصر الجيلي. وأجاز لمن أدرك حياته، وعبد الرزاق بن الفوطي المؤرخ، وجماعة. وولي مشيخة المستنصرية. وتوفي في ثامن عشر رجب. وقد سمع أخوه عبد الوهاب من ابن كليب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 373 552 - المسلم بن محمد بن المسلم بن مكي بن خلف بن المسلم بن أحمد بن محمد بن حصن بن صقر بن عبد الواحد بن علي بن علان. القاضي الجليل، المسند، شمس الدين، أبو الغنائم ابن علان القيسي، الدمشقي، الكاتب. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وأجاز له الشيخ أبو طاهر الخشوعي، وأبو محمد بن عساكر، وأبو سعد عبد الله بن الصفار، وعبد الرحيم بن الشعري، ومنصور ابن الفراوي، والعماد الكاتب، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، وعلي بن هبل الطبيب، وعبد القادر الرهاوي، وعين الشمس الثقفية، وضياء الدين عبد الملك الدولعي، وخلق سواهم. وسمع ((المسند)) من حنبل ورواه ببعلبك وبدمشق، وسمع ((تاريخ بغداد)) من أبي اليمن الكندي، وسمع ((الغيلانيات)) و ((القطعيات الأربعة))، ((وسنن أبي داود))، و ((جامع الترمذي))، و ((الزهد)) لابن المبارك، و ((الأشربة)) للإمام أحمد، وجماعة أجزاء من أبي حفص بن طبرزد. وسمع ((صحيح مسلم)) من أبي القاسم بن الحرستاني، وسمع ((صحيح البخاري)) من ابن مندويه، والعطار. وسمع من: والده ؛ ومن: تاج الأمناء، وزين الأمناء، وابن ملاعب، والشيخ العماد، وابن أبي لقمة، وابن البن، وابن صصرى، وجماعة. وسمع من الكندي أيضا كتاب ((الحجة)) لأبي علي الفارسي بفوت، وجماعة أجزاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 374 روى عنه: الشهاب القوصي في ((معجمه)) من شعره، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وابن تيمية، والمزي، وابن العطار، وابن أبي الفتح، وتقي الدين بن اليونيني، وسعد الدين الحارثي، وخلق كثير من كهولنا. وأجاز لي مروياته. قال أحمد بن يونس الإربلي: كان ابن علان قد ألزم نفسه بتلاوة ختمة كل يوم من سنة ثلاث وسبعين إلى أن مات، ووقف على آخر فاطر وقضى، رحمه الله تعالى. وقال قطب الدين، كان من الرؤساء الكرماء، ولي نظر الدواوين بدمشق مدة، وولي نظر الجهات القبلية مدة، وولي نظر بعلبك، ثم انفصل عنها، وترك الخدمة، وأقام بدمشق، ورتب مسمعا بدار الحديث. وله مكارم مشهورة. قلت: روى ((المسند)) ثلاث مرات، ((وصحيح مسلم))، ((وجامع الترمذي)). وسألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: شيخ جليل نبيل، من أكبر بيوتات الدمشقيين. سمعنا منه ((مسند أحمد))، وغير ذلك. وكان من سروات الناس وأهل المروءات، دائم البشر حسن الخلق، محبا لأهل الحديث، سهلا في الرواية. قلت: توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة ودفن بسفح قاسيون، وهو جد قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى لأمه. 553 - مظفر بن أبي السعادات المبارك بن أحمد. الشيخ سيف الدين، أبو النجيب البغدادي. عاش ثلاثا وثمانين سنة. روى بالإجازة عن: الناصر لدين الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 375 554 - مكثر بن غالب. الأنصاري، القاضي كمال الدين. توفي في ذي الحجة، وله نظم حسن. - حرف النون - 555 - نصر الله بن القمر عمر. الحريري، الدمشقي، ناصر الدين، والد بدر الدين، حموي. توفي في جمادى الأولى. 556 - وفيها توفي جدي علم الدين أبو بكر سنجر الموصلي كهلا، وخلف بضعة عشر ألف درهم لأولاده، وأوصى بثلاثمائة درهم حجة. - حرف الواو -
- - ولي الدين. الزاهد. نزيل بيت لهيا. إسمه علي، تقدم.
- حرف الهاء - 557 - هبة الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن جرير. القاضي نفيس الدين أبو القاسم الحارثي، الزبداني، قاضي بلده. سمع جزءا حضورا بالزبداني من ابن ملاعب ؛ وكان جليلا، نبيلا، فاضلا، ذا كرم وسؤدد. عرض عليه قضاء بعلبك، فأبى أن يفارق وطنه وأملاكه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 376 وكان دينا خيرا. وسمع ((مسند عبد))، من ابن اللتي. سمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة. ومات فجأة بدمشق ودفن بقاسيون في تاسع صفر وله ثلاث وسبعون سنة. لنا منه إجازة. وكان يدري الرمل، ويعالج بعض الأعيان. - حرف الياء - 558 - يحيى بن عبد الكريم. الأجل محيي الدين ابن الكويس الكاتب. ناظر الصبيبة. ظريف خليع، معاشر للرؤساء، موصوفا بعمل الأطعمة الفاخرة والضيافات. توفي في جمادى الآخر بالصبيبة ونقل إلى دمشق. 559 - يحيى بن عبد المنعم. القاضي جمال الدين المصري، المعروف بقاضي الغربية. ناب في القضاء مدة، ودرس مدة بمشهد الحسين، وكان إماما محققا، نقالا للمذهب. توفي في رجب، وقد قارب الثمانين، رحمه الله تعالى. 560 - يحيى بن محمد بن إسماعيل. القاضي تاج الدين الإربلي، الكردي، نائب الحاكم بدمشق لابن الصائغ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 377 وقد ولي قضاء حمص وقضاء بعلبك، ثم ولي في أوائل السنة قضاء حلب. وباشر مدة شهرين، ثم انجفل من التتار فقدم حمص. واستشهد يوم المصاف، وقد نيف على الستين، وكان يكرر على ((الوجيز)) للغزالي. 561 - يوسف بن إبراهيم بن قريش. المولى شمس الدين المصري. استشهد على حمص، وقد نيف على السبعين. وكان من كتاب الدرج بمصر. كتب للملك الصالح نجم الدين ولمن بعده، وكان وافر الحرمة، كثير النعمة. 562 - يوسف بن الحسن بن يوسف بن الحسن بن حبيش. اللخمي، شاعر المغرب، أبو الحسين. مات في جمادى الأولى عن ثمان وخمسين سنة. يروي عن: سهل بن مالك، وأبي الحسن بن قطرال. 563 - يوسف بن لؤلؤ. الأديب بدر الدين الدمشقي، الشاعر ؛ له نظم يروق وشعر يفوق. وقد مدح الملك الناصر والكبار، وسار شعره. وكان له بيت بالجاروخية عاش ثلاثا وسبعين سنة. ومات في شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 378 وكان أبوه عتيق بدر الدين دلدرم الياروقي. فمن شعره: (أمن قلم الريحان في خده نقط .......... وفي قده من لين ما تنبت الخط)
(بدا منه سطر العيون محقق .......... فمثل خطا لا يماثله خط)
(وخرج في الخد العذار حواشيا .......... على صفحات منه بالمسك تختط)
(فأشكل لما بان في الخد شكله .......... فيا عجبا منه وخيلانه نقط)
(فيا ليت حظي منه (...) أو الرضى .......... فقد طال فيما بيننا الشحط والسخط)
(ت (...) قلبي في الخفوق وقرطه .......... معلق منه مثل ما علق القرط)
(وشغلوا به عني فعز مزاره .......... وأغلوا علي السوم في الوصل واشتطوا)
(وما كنت أدري أن غزلان حاجر .......... على كل ليث من ليوث الورى تسطو) وله: (يا عاذلي فيه قل لي .......... عن حبه كيف أسلو)
(يمر بي كل وقت .......... وكلما مر يحلو) وله: (وروضة دولابها .......... إلى الغصون قد شكا)
(من حين ضاع زهرها .......... دار عليه وبكى) وله: (هلم يا صاح إلى روضة .......... يجلو بها العاني صدى همه)
(نسيمها يعثر في ذيله .......... وزهرها يضحك في كمه)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 379 564 - يوسف بن يعقوب بن يعيش. الفقيه، العابد، جمال الدين ابن القدوة أبي يوسف، شيخ مغارة العزيز. وكان شيخنا أبو علي الخلال يصحبه ويخدمه. مات في جمادى الأولى. الكنى 565 - أبو بكر بن عمر بن يونس. الفقيه، الصالح، شمس الدين المزي، الحنفي. سمع ((البخاري)) من ابن مندويه، والشمس العطار. وسمع مسلما من أبي القاسم الحرستاني. قال أبو محمد البرزالي: سمعت منه الكتابين. وسمع من: الدواداري، والمزي، وابن الخباز، والشيخ أحمد الحنبلي، وأخوه مجد الدين، وطائفة. وتوفي في ثاني شعبان بالقيمازية، وله سبع وثمانون سنة، فإنه ولد سنة ثلاث وتسعين بالمزة. 566 - أبو القاسم بن محمد بن عثمان بن محمد. الصدر، الإمام، صفي الدين التميمي، الدارمي، البصروي، الحنفي، والد قاضي القضاة صدر الدين علي الحنفي. وولد ببصرى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ودرس بالأمينية ببصرى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 380 دهرا. وكان رئيسا فقيها، عارفا بالمذهب. توفي ببصرى في شعبان عن سبع وتسعين سنة. وفيها ولد: بهاء الدين محمد بن شهاب الدين أحمد بن المرجاني، وتقي الدين أحمد بن العلم الحراني ظنا ؛ وأبو بكر ابن شيخنا الحسام أقش الشبلي، ومحتسب الصالحية الشمس محمد بن عبد الهادي، وعبد الرحمن بن شيخنا برهان الدين الإسكندراني، وابن أخيه أبو المعالي محمد بن أحمد، وعز الدين محمد بن ضياء الدين إسماعيل بن الحموي، وأحمد بن شيخنا شمس الدين محمد بن أبي الفتح الحنبلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 381
ذكر جماعة انقطع خبرهم في هذا العالم
- حرف الجيم - 567 - جوبان بن مسعود بن سعد الله. الأديب البارع، أمين الدين الدنيسري، القواس، التوزي الشاعر. من أذكياء بني آدم. وله نظم في الذروة. وكان حيا في هذا الحين. كتب عنه الوجيه عبد الرحمن السيبي، وغيره. فمن شعره، وقال الجزري اسمه رمضان الجوبان: (إذا افتر جنح الليل عن مبسم الفجر .......... ولاح به ثغر من الأنجم الزهر)
(وفاحت له من عابق الروض نفحة .......... رشفنا به برد الرضاب من الخمر)
(وعهدي بوجه الأرض مبتسما فلم .......... تغرغر منها الدمع في مقل العذر)
(إذا أرجف الماء النسيم لوقته .......... كساه شعاع الشمس درعا من التبر)
(وبحر الرياض الخضر بالزهر مزبد .......... كأنابه في فلك مجلسنا نسري)
(ومن شهب الكاسات بالنجم نهتدي .......... إذا تاه ساري العقل في لجة السكر)
(نصون الحميا بالقناني وإنما .......... نصون القناني بالحميا ولا ندري)
(ولما حكى الراووق في العين شكله .......... وقد علق العنقود في سالف الدهر)
(تذكر عهدا بالكروم فكله .......... عيون على أيام عصر الصبا تجري)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 382
(عجبت له والراح تبكي به فلم .......... غدت بحباب الكأس باسمة الثغر)
(إذا ما أتاني كأسها غير مترع .......... تحققت عين الشمس في هالة البدر)
(يناولينها فاتر اللحظ أغيد .......... فلله ذاك الأغيد المخطف الخصر)
(ينادمنا نظما ونثرا ولفظه .......... ومبسمه يغني عن النظم والنثر)
(ولم يسقني كأس المدامة دون أن .......... سقاني بعينيه كؤوسا من السحر)
(وقال وفرط السكر يثني لسانه .......... إلى غير ما يرضي التقى وهو لا يدري)
(ومن كان لا تحوي ذراعاه مئزري .......... فدون الذي تحوي أنامله خصري) وله من قصيدة: (أبيت على جمر الغضا متململا .......... سليم هوى ملقى وأنت سليم)
(دعاني إليك الحب والقلب فارغ .......... ووردك عذب واللواحظ هيم)
(أيجمل يا حلو الشمائل أنني .......... أموت من البلوى وأنت عليم)
(لك العمر سلواني ونومي توفيا .......... وأكبر إثم أن يهان يتيم)
(يمين بلذات العتاب وأنني .......... لذو قسم لو تسمعون عظيم)
(نحولي ووجدي والتهتك في الهوى .......... وإتلاف روحي في هواك نعيم)
(ومن أعجب الأشياء صدك والذي .......... يزيل الجوى سهل وأنت كريم) وله: (وظبي أنس رآه الظبي فاختلست .......... لحاظه لمحات من تلفته)
(وافيته وبكفي مثل قامته لينا .......... يفوح بنشر مثل نكهته)
(فحين حييته بالبان مندهشا .......... والشمس تخجل من إشراق جبهته)
(أهوى إلى لثم كفي حين صافحني .......... فملت أطلب شكرا لثم يمنته)
(ولاح لي دون أن أدنو شعاع سنا .......... يزري على الشمس من تضريج وجنته) وله: (وذات رقص ورهج في تمايلها .......... منيعة الوصل من ضم وملتزم)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 383
(بيضاء حمراء مثل الشمس طلعتها .......... سود ذوائبها من أنفع الخدم)
(لها أب ولها أم إذا ازدوجا .......... جاءت على الفور تبغي الأكل بالنهم)
(لو أطعمت كل ما في الأرض ما شبعت .......... حتى إذا سقيت عادت إلى العدم) وله: (نفش غصن البان أذنابه .......... واهتز عند الصبح عجبا وفاح)
(وقال من في الروض مثلي وقد .......... تعزى إلى قدي قدود الملاح)
(فحدق النرجس يهزأ به .......... وقال حقا قلته أو مزاح)
(بل أنت بالطول تحامقت يا .......... مقصوف عدوا بالدعاوى القباح)
(قال له البان: أما تستحي .......... ما هذه إلا عيون وقاح) وله: (وثاكلة فارقت .......... ما آلف من رسمها)
(تدور على قلبها .......... وتبكي على جسمها) ماأدري توفي الجوبان بعد الثمانين أو قبلها. ونقل الجزري أنه لم يكن يعرف الخط ولا النحو، قال: وكانت كتابته من جهة التويز في غاية القوة بحيث أنه استعار من القاضي عماد الدين محمد بن الشيرازي درجا بخط ابن البواب، ونقل ما فيه إلى درج بورق التوز، وألزق التوز على خشب، وأوقف عليه ابن الشيرازي، فأعجبه وشهد له أن في بعض حروفه شيئا أقوى من خط ابن البواب. واشتهر ذلك بدمشق، وبقي الناس يقصدونه ويتفرجون عليه. وكان له ذهن خارق. قلت: وقد ذكر في ترجمة ابن سبعين أبياتا من شعره في الإتحاد، نسأل الله السلامة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 384
- حرف الحاء - 568 - حسين بن علي بن ظافر. الشيخ صفي الدين الأنصاري، الخزرجي، أبو عبد الله. سمع ((الجامع)) من ابن البنا. ومولده بمصر في سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وأجاز للبرزالي، ولخلق في سنة ثمانين وستمائة من مكة. وله زاوية بالقرافة بقرب بركة الحبش. وكان معظما تزوره الأمراء والوزراء، ويحكون عنه أحوالا ومكاشفات. وجده يكنى أبا المنصور. - حرف العين - 569 - عبد الله بن علي بن إسماعيل بن علي بن حسن بن عطية. الإمام ناصر الدين ابن الأبياري، الإسكندري، المالكي. ولد سنة ثلاث عشرة. وسمع من: الصفراوي، وجعفر. ودرس وأفتى وتفنن، وولي القضاء مدة ثم عزل. وكان ذا دين متين وورع وزهد وشهرة. أجاز للبرزالي. 570 - عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن زهرة بن الحسن بن زهرة. البدر الحسيني، الحلبي، الشيعي، أبو المحاسن، أخو نقيب الأشراف بحلب علي بن الحسن. سمع ((جزء الوحشي)) من الإفتخار الهاشمي. ولد في حدود سنة خمس وستمائة. وأجاز للبرزالي في سنة ثمان وسبعين من حلب. 571 - عبد الملك بن محمد بن إسماعيل. الشيخ زين الدين الشافعي ابن قاضي الكرك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 385 مولده في سنة 595، وسمع من: الفخر بن عساكر، وغيره. كتب في إجازة ابن عبد الحميد في سنة ثمانين. - حرف الميم - 572 - محمد بن علي بن هبة الله بن أحمد بن هبة الله. الشيخ موفق الدين ابن المحيي بن قرناص الخزاعي، الحموي، الشافعي. ولد في شعبان سنة أربع وستمائة بحماة. وأجاز للنفري في سنة ثمان وسبعين فذكر تحت خطه أنه سمع من الإفتخار الهاشمي، وابن الأستاذ، وجماعة. 573 - محمد بن مبارك بن مقبل بن الحسن. الأديب، الرئيس، جمال الدين الغساني، الحمصي، الشاعر، صاحب النظم والنثر. وكان أبوه وزيرا من أجلاد الشيعة وغلاتهم. ولد محمد في يوم عيد الفطر سنة سبع وستمائه. وأجاز في سنة ثمان وسبعين. 574 - ملكشاه بن أبي الحسن بن محمود بن الحسين. بدر الدين الدمشقي، الحنبلي، نزيل بعلبك. ولد سنة 593، وحج خمسا وأربعين حجة، وجاور عشرين سنة بمكة. قال الوجيه النفري: ذكر أنه سمع جميع ((المسند)) من حنبل أجاز في سنة 678.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 386
الكنى والألقاب 575 - العزفي صاحب سبتة. وهو لقب له. أبو القاسم محمد ابن صاحب سبتة الفقيه أبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد، اللخمي، السبتي العزفي. حكم على بلد سبتة بعد أبيه في سنة 633، فحدثني أبو الصفا خليل بن أيبك الكاتب أن الإمام أبا حيان حدثه أن أبا القاسم هذا لم يؤد طاعة لأحد من ملوك المغرب، وساس بلده أحسن سياسة بحيث لم يختلف عليه اثنان، ولم يتسم بألقاب الملوك إنما يقال الفقيه. وكان أبيض، ربعة، شيبة، شهما عاقلا، داهية، سائسا لا يدخل سبتة غريب إلا بضامن، ولا يخرج إلا بإذن، ولا قتل ولا قطع إلا في حد. ولا يدخل أحد بلده راكبا. وكان متواضعا، قريبا، يمر في الأزقة ويسلم ويسأل العامة عن أحوالهم ويؤآنس صبيانهم ويسألهم عما يشتغلون به من علم أو صنعة. بقي الغرباء يرغبون في بلده ويشترون به العقار. وكان عسكره أهل بلده قد جعلهم يتعلمون الرمي، وأجرى عليهم رزقا، ولهم صنائع. وكان له مراكب يقاتل فيها. وصاهر بني (...) اجي رؤساء البحر، وكانوا شجعانا أجلادا، فقوي أمره. حدث عن أبيه. وكان أبوه عالما بالحديث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 387 وحدث أيضا عن: أبي القاسم بن بقي، وأبي الربيع بن سالم. كتب إلي بالإجازة. وألف كتابا سماه ((الدر المنظم في المولد المعظم)). وكان يعمل بسبتة المولد بخلاف سائر الأندلس، فإنه لا يعمل فيها سوى ميلاد عيسى تبعا للنصارى. إلى أن قال: وله نظم. قلت: امتدت أيام دولته وشاخ، وبقي إلى سنة بضع وسبعين وستمائة. 576 - أبو القاسم بن أحمد بن طولون. المرابغي. شيخ معمر. ولد قبل سنة تسعين وخمسمائة، وصحب الشيخ أبا الحسن بن الصباغ، وسمع منه الحديث. وكتب في إجازة ابن عبد الحميد. وكان من الصلحاء المشهورين. * - بنومرين. قبيلة كبيرة من عرب المغرب فيهم شجاعة مفرطة وإقدام. كان مقامهم بالريف الجنوبي من أرض تازة. ولما رأوا ضعف دولة بني عبد المؤمن نزعوا الطاعة، وتابعوا الغارة واستفحل أمرهم واقتلعوا فاس من الموحدين واستولوا عليها في سنة تسع وثلاثين وستمائة. فأول من قام بالزعامة منهم أبو بكر بن عبد الحق بن محيو بن حمامة المريني. ثم سار بعساكره وضايق بني عبد المؤمن إلى أن مات في سنة ثلاث وخمسين، فتملك بعده أخوه يعقوب بن عبد الحق، فقوي أمره، وكثرت جيوشه، فحاصر أبا دبوس إلى أن أخذ منه مراكش، وزالت أيام بني عبد المؤمن، ثم إنه فتح سبتة في سنة اثنتين وسبعين ثم (...) وتملك بعده ابنه السلطان يوسف بن يعقوب ودانت له الأمم إلى أن قتل سنة ست وسبعمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 388 (بعون الله وتوفيقه تم تحقيق هذه الطبقة من ((تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام)) لمؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقي، المتوفى سنة 748 ه. رحمه الله تعالى -، وقد أنجز التحقيق خادم العلم وطالبه أبو غازي عمر عبد السلام تدمري، الحاج الأستاذ الدكتور، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرخين العرب، وعضو الهيئة الاستشارية في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، وضبط النص، وعلق عليه، ووثق مادته، وصنع فهارسه، وذلك في منزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون (النجمة سابقا) بمدينة طرابلس الشام المحروسة، مساء الاثنين، السابع من شهر صفر الخير 1419 ه. الموافق للأول من حزيران (يونيو) 1998 م. والله المستعان على إنجاز بقية هذا الكتاب). ويليه الطبقة التاسعة والستون (681 - 690 ه.)
الجزء الحادى والخمسون
الجزء الحادي والخمسون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 5
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الحوادث الكائنة في هذه السنين العشر على الترتيب مختصرا
سنة إحدى وثمانين وستمائة
[سلطان دولة المماليك] سلطان مصر والشام: الملك المنصور. [صاحب العراق وخراسان] وصاحب العراق، وخراسان، و غير ذلك: أحمد بن هولاوو. [القبض على بيسري وكشتغدي] وفي صفر قبض المنصور بمصر على بدر الدين بيسري، وكشتغدي الشمسي، فبقيا في السجن تسعة أعوام. [تدريس الأمينية] وفيه ولي تدريس الأمينية القاضي شمس الدين ابن خلكان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 6
[نيابة القضاء] وفي رجب ناب في القضاء شمس الدين الأبهري. [تدريس الأمينية والفرخشاهية] وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزملكاني بعد موت ابن خلكان. ودرس شمس الدين بن الحريري بالفرخشاهية بعد موت الجمال يحيى مدرسها. [سلطنة الملك أحمد] قال قطب الدين: وفي أوائلها تسلطن الملك أحمد وله نحو ثلاثين سنة، فأمر بإقامة شعائر الإسلام، وضرب الجزية على الذمة. ويقال إنه أسلم صغيرا وأبوه حي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 7
[وزارة مصر] وفيها ولي الوزارة بمصر نجم الدين ابن الأصفوني، وأصفون من قرى قوص. [قضاء القاهرة] وولي قضاء القاهرة شهاب الدين ابن الخويي. [زيارة القدس والخليل] وفيها قدم رسول الملك أحمد، وهو بهاء الدين أتابك الروم، وشمس الدين ابن البتي الآمدي، وقطب الدين الشيرازي العلامة ؛ وزاروا القدس والخليل في طريقهم. وكان سيرهم في الليل. [حريق الأسواق بدمشق] وفي ليلة الاثنين حادي عشر رمضان احترقت اللبادين، والكتبيين، والخواتميين، والزجاجين، وبعض سوق الأساكفة، والمرجانيين، وما فوق ذلك، وما تحته من الأسواق والقياسير والفوارة، وكان حريقا عظيما مهولاً ذهب فيه من الأموال ما لا يحصى، ولم يحترق فيه أحد. وأصله أن دكان أولاد الجابي كانت إلى جنب دكان أبي، وعملوا مجمرة نار على العادة، ووضعت في البويب، وخرج الخارج يزعجه، ودفع الكساء الذي يكون على الباب، فرمى المجمرة، وأغلق الدكان، وذهب للإفطار، فعملت النار والناس في إفطارهم، واشتد الدخان، وخرجت من الدار قبل عشاء الآخرة، فعلقت
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 8 بالسقوف العتق والبواري، واشتد عملها، وعجزوا عنها. وجاء الوالي، ونزل ملك الأمراء حسام الدين لاجين، فأعجزتهم، وقضي الأمر. واستمرت إلى نصف الليل، ولولا لطف الله لاحترق الجامع واجتهدوا في إطفائها بكل ممكن. [عمارة الأماكن المحترقة] ثم اهتم بذلك محيي الدين ابن النحاس ناظر الجامع اهتماما لا مزيد عليه، وشرع في عمارته، فبني ذلك وتكامل في سنتين. وبعض ذلك وقف المارستان الصغير. قال شمس الدين ابن الفخراني: فخر الدين ابن الكتبي احترق له كتب بعشرة آلاف درهم، وأن الشمس الليثي، يعني الفاشوشة، ذهب له كتب ومال في الحريق بما يقارب مائة ألف. قال: وكان مغل الأملاك المحترقة، يعني الأوقاف، في السنة مائة ألف وأربعين ألف درهم. قلت: وفرقت هذه الأسواق، فعملوا سوق تجار جيرون على باب دار الخشب، وسكن الزجاجون عند حمام الصحن، وسكن الذهبيون في أماكن إلى أن تكامل البنيان وعادوا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 9
سنة اثنتين وثمانين وستمائة
[قدوم السلطان دمشق] في رجب قدم السلطان الملك المنصور دمشق. [مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح] وفي صفر ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح شيخنا جمال الدين الفاضلي، لموت العماد الموصلي، وحضر عنده قاضي القضاة ابن الصائغ، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وخطب وذكر فضل القرأن و [تلاوته] في الجمع، وهل هو بدعة. [حسبة دمشق] وفيها ولي حسبة دمشق جمال الدين ابن صصرى، وولي ابن عمه الإمام نجم الدين ابن صصرى درس العادلية الصغرى، نزل له عنها القاضي شرف الدين ابن المقدسي لما ولي الشامية الكبرى بعد أخيه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 10
[تدريس الرواحية] وولي نجم الدين البيساني نائب القاضي تدريس الرواحية عوضا عن ابن المقدسي، لكونه صحت له الشامية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 11
[سنة ثلاث وثمانين وستمائة]
[سلطنة حماة] فيها ولي سلطنة حماة الملك المظفر بعد موت المنصور والده. [السيل الهائل بدمشق] وفي شعبان ليلة الرابع والعشرين منه نصف الليل كانت الزيادة العظمى، توالت الرعود والبروق، وأرسلت السماء عزاليها، وجاء سيل هائل، وطلع الماء فوق جسر باب الفرج قامة وأكثر، واشتد الأمر، وغرق شيء كثير من الخيل والجمال وبني آدم. وذهب للمصريين شيء كثير، وافتقروا، وراحت خيمهم وأثقالهم، فذكر أستاذ دار بكتاش النجمي أنه هلك لأستاذه ما قيمته أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم، وخربت بيوت كثيرة، وكانت في تشرين، فأخذت مصاطب السفرجل من الغياط.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 12
[زيادة المطر بالصالحية] وجاءت بعدها بأيام يسيرة زيادة أخرى بدعت في جبل الصالحية. وحدث في الأرض أودية، وجرت الحجارة الجمالية، وانطمت الأنهار، وسخروا العامة للعمل في الأنهار عند الربوة، وطلعت الى الربوة يومئذ مع أبي، فطلع بنا إلى فوق الجنك ولم يعمل شيئا. [ولاية دمشق] وفي شعبان ولي ولاية دمشق سيف الدين طوغان المنصوري عوض الأمير ناصر الدين الحراني، وأعيد الصارم المطروحي إلى ولاية البر بدل طوغان. [درس ابن تيمية] وفيها عمل الدرس ابن تيمية شيخنا بالقصاعين في الحرم، وخضع العلماء لحسن درسه، وحضره قاضي القضاة بهاء الدين، والشيخ تاج الدين، ووكيل بيت المال زين الدين، وزين الدين المنجا، وجماعة. وجلس بجامع دمشق على كرسي أبيه يوم الجمعة عاشر صفر، وشرع في تفسير القرآن من الفاتحة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 13 قال الجز [ري] في ' تاريخه ': وعمل ابن تيمية بالسكرية درسا حسنا، وكان يوما مشهودا. [الرخص في الحج] قال: وقدم الركب وكان السعر رخيصا. قال: حدثني نجم الدين ابن أبي الطيب أنه اشترى غرارة شعير بعرفات بخمسة وثلاثين درهما. [تدريس المقصورة الحنفية] وفيها درس بمقصورة الحنفية جلال الدين والد القاضي حسام الدين بمعلوم على المصالح. [عزل الدويدار وقتله] وفيها عزل الدويدار من الشد بالأعسر وقتل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 14
سنة أربع وثمانين وستمائة
[فتح حصن المرقب] في أولها خرج الملك المنصور إلى الشام، ثم قصد حصار المرقب في صفر، وتقدمت المجانيق، ونازل الحصن في عاشر صفر، فلما انتهت ستارة المنجنيق المقابل لباب الحصن سقطت إلى بركة كبيرة كان عليها جماعة من أصحاب علم الدين الدواداري، منهم أستاذ داره، فاستشهدوا، ثم طلب الإسبتار الصلح، فلم يجبهم السلطان، ورماهم بالمنجنيق، وهدم بعض الأبرجة، واستمر الحصار إلى سادس عشر ربيع الأول، فزحف الجيش على المرقب، فأذعنوا بتسليمه، وراسلوا بذلك، فأجيبوا، ثم رفعت عليه أعلام السلطان يوم الجمعة ثامن عشر الشهر. وجهز السلطان معهم من وصلهم إلى أنطرطوس. وكانت مرقية بالقرب من المرقب على البحر، وكان صاحبها قد بنى على البحر برجا عظيما لا يناله النشاب، فاتفق حضور رسل صاحب طرابلس يطلب رضى السلطان، فاقترح عليه خراب البرج المذكور وإحضار من أسره من الجبليين الذين كانوا مع صاحب جبيل، فأحضر من كان حيا منهم، واعتذر عن البرج فإنه ليس له. فلم يقبل عذره، فقيل إنه اشتراه من صاحبه بمال وعدة قرى وهدمه، وحصل للإستيلاء على المرقب ومرقية وبانياس، وعمروا ما تشعث من المرقب، وكان لبيت الإسبتار، ولم يتهيأ للسلطان صلاح الدين فتحه. وممن شهد فتحه القاضي نجم الدين ابن الشيخ، وأخوه العز، وشيخنا العز ابن العماد، وشمس الدين ابن الكمال، وابنه، وشمس الدين ابن حمزة. وبلغني أن صلاح الدين وقف عليهم جماعيل على أن يشهدوا الغزاة مع المسلمين، فلذلك يخرجون في مثل هذه الغزوات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 15
[تزيين دمشق] وفي ثالث جمادى الأولى قدم السلطان دمشق، وزين البلد. [عزل وتعيين] وعزل التقي البيع، وولي الوزارة محيي الدين ابن النحاس. وعزل طوغان من الولاية بعز الدين بن أبي الهيجاء. [دخول الملك المظفر حماة] وقدم دمشق قبل المرقب الملك المظفر تقي الدين الحموي، فتلقاه السلطان، وبعث إليه بالخلعة والغاشية، فركب وحمل بين يديه الغاشية نائب السلطنة طرنطاي. قضاء حلب] وفيها توجه على قضاء حلب الإمام شمس الدين محمد بن محمد بن بهرام.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 16
[القحط والظلم في العراق] واشتد القحط بالعراق، وكثر الظلم، ونهبت الأكراد البوازيج، وقتلوا النصارى. [الغارة على بلاد الجزيرة] وأغار عسكر الشام على بلاد الجزيرة وماردين. [تدريس ابن الوكيل] وفيها ذكر صدر الدين ابن الوكيل درسا بالعذراوية، ولي إعادتها. فقال الحج تاج الدين: ذكر خطبة بديعة ودروسا، ثم جاء هو وأبوه الى الحلقة فأعاد ما أورده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 17
سنة خمس وثمانين وستمائة
[الوزارة بدمشق] فيها صرف ابن النحاس من الوزارة، وأعيد التقي توبة. [وظيفة الشد] وفيها أعيد الدواداري إلى الشد. [فتح الكرك] وفيها أخذت الكرك من الملك المسعود خضر بن الملك الظاهر ركن الدين وذلك في صفر، ودقت البشائر. [التدريس بالغزالية] وفيها درس بالغزالية القاضي بدر الدين ابن جماعة، انتزعها من شمس
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 18 الدين إمام الكلاسة نائب شمس الدين الأيكي في تدريسها. ثم وليها الأيكي، وناب عنه في تدريسها جمال الدين الباجريقي. [زوبعة الغسولة] وفي صفر جاءت زوبعة عظيمة بالغسولة إلى عيون القصب، فأتلفت أشياء كثيرة للجند المجردين مع بكتوت العلائي، بحيث إنها حملت خرجا ملآن نعال خيل. [استيلاء الفرنج على جزيرة ميورقة] وفيها نازلت الفرنج جزيرة ميورقة، وحاصروها مدة، ورأس أهلها الحكم بن سعيد بن الحكم الذي ذكرنا ترجمة أبيه في سنة ثمانين. ثم سلموها صلحاً، على أن يعطوا عن كل آدمي بها سبعة دنانير، فعجزوا وبقي أكثرهم في الأسر. وأما الذين خلصوا فأعطتهم الفرنج مركبين، فجاءوا مع الحكم إلى المرية ثم إلى سبتة، فبالغ صاحبها في لم شعثهم، وأكثر من الإحسان إليهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 19
[غرق الحكم بن سعيد] ثم إن الحكم قصد السلطان أبا يعقوب المريني ليسأله في أسرى بلده، فأعطاه جملة، ثم جاز إلى غرناطة فأعطى ابن الأحمر مالا، ثم ركب البحر قاصدا تونس وبجاية يطلب في الأسرى، فغرق به المركب، رحمه الله تعالى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 20
سنة ست وثمانين وستمائة
[فتح صهيون وبرزية] في المحرم دخل دمشق نائب المملكة حسام الدين طرنطاي في تجمل زائد لا يدخله إلا ملك، ثم سار لحصار صهيون وبرزية وانتزاعهما من يد سنقر الأشقر، وتوجه معه الشاميون بالمجانيق، وقاسوا مشقة وشدة من الأوحال. وتهيأ سنقر الأشقر للحصار، ونازله الجيش. ثم توجه بعد أيام نائب دمشق حسام الدين لاجين لحصار برزية، فافتتحه بلا كلفة، ووجد فيه خيلا لسنقر الأشقر، فلما أخذ ضعفت همة صاحبه، وأجاب إلى تسليم صهيون على شروط يشترطها، فأجابه طرنطاي، وحلف له بما وثق به. ونزل بعد حصار شهر، وأعين على نقل ثقله بجمال وظهر، وحضر بعياله ورخته في صحبة طرنطاي إلى خدمة الملك المنصور، ووفى له طرنطاي، وذب عنه أشد ذب، وأعطي بمصر مائة فارس، وبقي وافر الحرمة إلى آخر الدولة المنصورية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 21
[قضاء الشام] وفي ربيع الأول قدم ابن الخويي على الشام قاضيا، وناب له الشيخ شرف الدين ابن المقدسي. [التدريس بالرواحية] وفي شعبان درس صفي الدين الهندي بالرواحية. [شراء السلطان قرية جزرما] وفيها طلب السيف أحمد السامري إلى مصر، فطلبوا منه أن يبيع للسلطان قرية جزرما، فقال: وقفتها. وكان ناصر الدين ابن المقدسي قد سافر إلى مصر، فتحدث مع الشجاعي في أمر ابنة الملك الأشرف بن العادل، وأن أباها خلف لها أملاكا فباعتها حال كونها سفيهة تحت الحجر، فتكلموا في ذلك ليتم لهم سفهها وتستعيد الأملاك، ثم يرشدونها، ويشترون منها بعد ذلك. فعملوا محضرا، فشهد فيه الزين والد عبد الحق، وكان يخدمها، وخادم يصبو عن القضية، وطشتدار. ثم ذكر القاضي زين الدين بن مخلوف أن السلطان شهد عنده بذلك. ثم أحضروا السامري، وأثبتوا المحضر في وجهه، وأبطلوا ما اشتراه منها، وذلك ربع جزرما. ثم ادعوا عليه بالمغل، فاخذوا منه حصته بالزنبقية، وهي سبعة عشر سهما، وأخذوا منه مائة ألف درهم، وتركوه معثرا. ثم طلبوا شريكه في جزرما نصر الدين ابن الوجيه بن سويد، وشرعوا في طلب رؤساء
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 22 دمشق في مثل ذلك. فسار على البريد عز الدين ابن القلانسي، وشمس الدين بن يمن. [التدريس بالقوصية] ودرس بدار الحديث القوصية محيمر النواوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 23
سنة سبع وثمانين وستمائة
[مصادرة أموال جماعة] في أولها طلب القاضي حسام الدين الحنفي، والتقي البيع الوزير، وشمس الدين بن غانم، وجمال الدين بن صصرى، والنصير بن سويد، فراحوا إلى مصر على البريد، فأخذ الشجاعي يتهددهم، ويضرب بحضرتهم ليرعبهم، ثم يقول: ارحموا نفوسكم واحملوا. فيقولون: ما لنا من يقرضنا هنا. فقرر علينا ما ترسم به. فلم يقبل، وأحضر لهم تجارا كالمجد معالي الجزري، والشهاب ابن كوتك والنجم بن الدماميني، وأمرهم بأن يحملوا عن المصادرين، ويكتبوا عليهم وثائق، فأخذ من عز الدين ابن القلانسي مائة وخمسين ألفا، ومن ابن صصرى أملاكا ودراهم تكملة ثلاثمائة ألف درهم، ومن التقي توبة نحو ذلك، ومن ابن سويد ثلاثين ألفا، ومن ابن غانم خمسة آلاف درهم، ومن حسام الدين محتسب البركة ثلاثة آلاف درهم، ومن ابن يمن أملاكاً بمائة وسبعين ألف درهم. [الانتقام من الشجاعي] فتعامل هؤلاء والمصريون على نكاية الشجاعي، وكان يؤذي الجمال ابن الحوجري الكاتب، فحضر إلى عند طرنطية فقال له سرا: تقدر ترافع الشجاعي؟، قال: نعم. فدخل به إلى السطلان، فعرفه السلطان، وسأله عن حاله فقال: لم أزل في دولة مولانا السلطان بطالا ومصادرا. فرق له وذم الشجاعي لكونه لم يستخدمه، فتكلم ورافع الشجاعي، فأصغى إليه، وطلب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 24 الشجاعي فعصره بين يديه، فحمل إلى الخزانة في يوم واحد سبعة وعشرين ألف دينار، ثم باع من بركه وخيله وكمل خمسين ألف دينار، وعزله وولى الوزارة بدر الدين بيدرة. وقدم الدمشقيون، وأرضوهم بأن ولوا نظر الديوان جمال الدين بن صصرى، وأعطوا الحسبة لشرف الدين أحمد بن الشيرجي، وقدم بعدهم ابن المقدسي بالوكالة ونظر الأوقاف. [قتل نصراني] وفي رمضان أمسك النصراني كاتب جكن مع مسلمة يشربان بالنهار، فبذل في نفسه جملة، ودافع عنه مخدومه، فلم ينفع، وأحرق بسوق الخيل، وقطع من أنف المرأة، وحصل فيها شفاعات لملاحتها. [صلاة الجمعة بإمامين] وفيها في ربيع الآخر صلى بالناس الجمعة بجامع دمشق خطيبه جمال الدين ابن عبد الكافي، فأحدث في الركعة الأولى، فاستخلفه نجم الدين مؤذن النجيبي، فتمم الصلاة، وصلى الناس الجمعة خلف إمامين. [التدريس بالقيمرية] وفي رمضان درس بالقيمرية القاضي علاء الدين ابن بنت الأعز، بحكم انتقال مدرسها ابن جماعة إلى خطابة القدس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 25
[الحسبة بدمشق] وفيها ولي شرف الدين ابن الشيرجي حسبة دمشق بعد جمال الدين بن صصرى، ثم عزل بعد أشهر بابن السلعوس الذي توزر. [تحويل الجسور إلى أسواق] وفيها أخذت على جسر باب الفراديس دكاكين وأكريت سوقا، ثم بعد مديدة عمل على جسر باب السلامة كذلك، ثم بعد خمسين [يوما] عمل سوق على جسر باب الفرج. [قضاء المالكية بدمشق] وفيها قدم جمال الدين الزواوي قاضيا للمالكية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 26
سنة ثمان وثمانين وستمائة [فتح طرابلس] مات البرنس صاحب طرابلس إلى لعنة الله، فبادر السلطان الملك المنصور مسرا حصارها، وقدم دمشق، وسار فنازلها في أول ربيع الأول، ونصب عليها المجانيق، وحفرت النقوب، ودام الحصر إلى أن أخذها بالسيف في رابع ربيع الآخر. وغرق خلق في الميناء، وأخذ ذمنها ما لا يوصف، سوى ما نجا في البحر. ثم أحرقت وأخرب سورها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 27 وكان [فخر الملك ابن عمار قد أناب] ابن عمه، فأضاع الحزم، وتشاغل عن القتال، فسأل أهل الحصن الأمان فأجيبوا، ولم يزل بيد الفرنج إلى الآن. وقال قطب الدين: حكي لي أن سبب أخذ الفرنج لها أن ابن صنجيل جرى له أمر أوجب خروجه عن بلاده، فركب البحر ولجج فيه، وتوقفت عليه الريح، ثم رماه الموج إلى الساحل، فنزل بساحل طرابلس، فسير إليه ابن عمار يسأله عن أمره، فأخبره بأنه نزل يستريح ويتزود، وسأله أن يخرح إليه سوقا، فخرج إليه جماعة فبايعوه وكسبوا عليه. ثم نزل إليه أهل جبة بشري، وهم نصارى فبايعوه وعرفوه أمر طرابلس، وأن الرعية نصارى، وأن صاحبه متغلب عليه، وحسنوا له المقام، ووعدوه بالمساعدة على أخذه، فأقام. وحضر إليه خلق من نصارى البلاد، وعجز ابن عمار عن ترحيله. ثم بنى ابن صنجيل الحصن المشهور به التي بنيت طرابلس المنصورية تحته، وأقام به، واستولى على بر طرابلس، ولم يزل مصابرا لها وكلما له يقوى ويكثر جمعه، ويضعف أهل البلد، ولا ينجد ابن عمار أحد. ثم حصل الإتفاق على أنه يخرج منها بجميع ماله إلى عرقة، فخرج
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 28 إليها، وأقام بها مدة ثم فارقها. وقوي شأن الفرنج بالساحل. ثم صلح أمر ابن صنجيل في بلاده التي بالبحر، وتوجه إليها، واستناب على طرابلس بيمند جد صاحبها. ثم مات ابن صنجيل وترك بنتا، فكان بيمند يحمل إليها كل وقت شيئا إلى أن مات، وقام بعده ولده بيمند الأعور، فاستقل بمملكتها. وكان شهما شجاعا، وطالت أيامه، ثم تملك بعده ولده بيمند، ولم يزل إلى حين توفي، وكان جميل الصورة، جاء إلى التتار أيام هولاوو فقدم بعلبك، وطمع أن يعطها، فطلع إلى قلعتها ودارها، ونازل الملك الظاهر بلده مرتين، وكان ابن بنت صاحب سيس، وبيده أيضا أنطاكية، فهلك وتملك بعده ابنه، فلم تطل مدته وهلك، فتملك بعده ' سير تلمية '. وعندما أخذت طرابلس قصد الميناء فقيل إنه غرق، وقيل نجا. وذكر القاضي شمس الدين ابن خلكان أن الفرنج أخذت طرابلس في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 29 ثاني عشر ذي الحجة، وكان صاحبها فخر الملك عمار بن محمد بن عمار قد صبر على محاصرته سبع سنين، واشتد الغلاء، فخرج منها وقصد بغداد طلبا للإنجاد. وللشهاب محمود أبقاه الله: (علينا لمن أولاك نعمته الشكر .......... لأنك للإسلام يا سيفه الذخر)
(ومنا لك الإخلاص في صالح الدعا .......... إلى من له في أمر نصرتك الأمر)
(ألا هكذا يا وارث الملك فليكن .......... جهاد العدى لا ما توالى به الدهر)
(فإن يك قد فاتتك بدر، فهذه .......... بما أنزل الرحمن من نصره بدر)
(نهضت إلى عليا طرابلس التي .......... أقل عناها أن خندقها بحر)
(وقد ضمها كالطوق إلا بقية .......... كنحر وأنت السيف لاح له نحر)
(ممنعة بكر، وهل في جميع ما .......... تملكته إلا ممنعة بكر؟)
(ومن دون سوريها عقاب منيعة .......... يزل إذا ما رام أوطارها الذر)
(وما برحت ثغرت ولكن عدا العدى عليها بحكم الدهر فانثغر الثغر)
(وكانت بدار العلم تعرف قبل ذا .......... فمن أجل ذا للسيف في نظمها نثر)
(وكم مر من دهر وما مسها أذى .......... وكم راح من عصر وما راعها حصر)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 30
(ففاجأتها بالجيش كالموج فانثنت .......... تميد وقد أربى على بحرها البر)
(فظلت لدى بحرين أنكاهما لها .......... وأقتله العذب الذي جره مصر) ومنها: (كأن المجانيق التي أوترت ضحى .......... عليها لها في شم أبراجها وتر)
(أصابعها تومي إليهم ليسجدوا .......... فتقبل منها دون سكانها الجدر)
(ويمطرها من كل قطر حجارة .......... لقد خاب قوم جادهم ذلك القطر)
(تخلق وجه السور منه كأنما .......... غدت وعليها في الذي فعلت نذر) ومنها: (وأطلقت فيها طائر السيف. فاغتدى .......... وليس له إلا رؤوسهم وكر)
(ولاذوا بباب البحر منك فما نجا .......... إليه سوى من جره من دم نهر)
(ولم ينج إلا من يخبر قومه .......... ليدروا وإلا من تغمده الأسر)
(فلله كم بيض وسمر كواعب .......... على رغمهم قد حازت البيض والسمر)
(وفي هلكهم يوم الثلاثاء إشارة .......... إلى أن في الدارين بثلثهم خسر) ومنها: (وماذا به يثني عليك مفوه .......... ولا قدره يأتي بذاك ولا قدر)
(ولكن دعاء وابتهال بأنه .......... يعز على زعم الأعادي لك النصر)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 31 وهي بضعة وستون بيتا انتقيتها. وعمل قصيدة في ملك الأمراء لاجين، وقصيدة في ملك الأمراء بلبان الطباخي. وذكر سيف الدين ابن المحفدار أن عدة المجانيق التي نصبت عليها تسعة عشر منجنيقا، ستة إفرنجية والباقي قرابغا. والذي تسلمناه من الأسرى ألف ومائتا أسير. وقتل عليها من الأمراء عز الدين معن، وركن الدين منكورس الفارقاني، ومن الحلقة خمسة وخمسون نفسا. وقال: عرض سورها مسير ثلاثة خيالة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 32
[تاريخ طرابلس قبل الفتح] ونقل العدل شمس الدين الجزري في ' تاريخه ' قال: قدم بطريق وجماعته في أيام عبد الملك بن مروان فطلب أن يقيم بطرابلس ويؤدي الجزية، فأجيب. فلبث بها مدة سنتين، وتوثب بها، فقتل طائفة من اليهود، وأسر طائفة من الجند، وهرب لما لم يتم له الأمر ؛ فظفر به عبد الملك فصلبه. ثم لم تزل في أيدي المسلمين إلى أن ملكها ابن عمار، إلى أن مات سنة اثنتين وتسعين، وأربعمائة، وملكها بعده أخوه فخر الملك. فلما أخذت الفرنج أنطاكية في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، نزل الملك صنجيل بجموعه عليها، واسمه ميمون، نازلها في سنة خمس وتسعين، وعمر قبالتها حصنا، وضايقها مدة، ثم خرج صاحبها يستنجد في سنة إحدى وخمسمائة، فاستناب ابن عمه أبا المناقب، ورتب معه سعد الدولة فتيان بن الأعز، فجلس يوما فشرع يهذي ويتجنن، فنهاه سعد الدولة فرماه بالسيف فقتله، فأمسكه الأمراء، ونادوا بشعار الأفضل أمير الجيوش سلطان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 33 مصر، وحموا البلد إلى أن مات صنجيل. ثم ما زال جنده يحاصرونها إلى أن أخذوها في ذي الحجة سنة اثنتين، وتولاها السرداني، مقدم منهم، فوصل بعد مدة تيران بن صنجيل ومعه طائفة من جند أبيه، وقالوا للسرداني: هذا ولد صنجيل، وهو يريد مدينة والده يعني الحصن. فقام السرداني ورفسه، فأخذه أعوانه وداروا به على أعيان الفرنج، فرحموه، وتذكروا الأيمان التي حلفوها لأبيه، وقالوا: إذا كان غدا فاحضر، ونحن نتكلم مع السرداني. فلما حضر عنده كلمه، فصاح عليه السرداني، فقاموا كلهم عليه وخلعوه، وملكوا الصبي، فأقام ملكاً إلى أن قتله بزواج في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. واستخلف على البلد ولده القومص بدران إلى أن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 34 أسره الأتابك زنكي بن آقسنقر بقرب بعرين، ثم فدى نفسه بمال وعاد إلى طرابلس. ثم وثبت عليه الإسماعيلية قتلوه، وولي بعده ريمند وهو صبي. ثم إنه حضر الوقعة مع السلطان نور الدين في سنة تسع وخمسين على حارم، فأبقى عليه صلاح الدين لأنه كان مهادنا للمسلمين. [هرب ابن الجزري من مصادرة الشجاعي] قال الجزري: وفيها احتاط الشجاعي بدمشق على حواصل التقي البيع وصادره، ثم طرح أملاكه وأخشابه على الرؤساء بثلاثة أثمان، وهرب جماعة من المصادرة منهم أبي وإخوتي، وغبنا عن البلد شهرا، وتغيب عز الدين ابن القلانسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 35
[مصادرة نجم الدين الجوهري] ثم طالبوا نجم الدين عباس الجوهري بمغل ضيعة كان اشتراها من بنت الأشرف بالبقاع، فأعطاهم جوهرا قيمته ثمانون ألف درهم، فقالوا: نحن نريد دراهم وألحوا عليه، فنزل إلى مدرسته وحفر في دهليزها فأخرج له خونجاه ذهب مرصعة بجواهر، فقومت بأربعمائة ألف. [القبض على التقي توبة وإطلاقه] ثم سافر السلطان من دمشق في شعبان والقلوب في غاية الألم منه، وأخذ معه التقي توبة مقيدا إلى حمراء بيسان، فمر طرنطاي وكتبغا على الزردخاناه وبها التقي توبة، فلم يكلموه، فصاح وشتم وقال: والكم يا أولاد الزنا، أنا ضيعت دنياي وآخرتي لأجلكم، وأنا شيخ كبير في القيد، وقد أخذوا جميع ما أملك، هذا جزاء خدمتي؟ فضحكوا، ثم إنهم كلموا السلطان فيه وضمنوه أنه لا يهرب، فأطلقه وأخذوه. ولم يكن الشجاعي حاضرا. [الحسبة بدمشق] قال شمس الدين: وفي أول السنة سافر ابن السلعوس إلى مخدومه الملك الأشرف، فاستناب عنه في الحسبة تاج الدين ابن الشيرازي. وفي ربيع الآخر ولي الحسبة الجمال يوسف أخو الصاحب تقي الدين،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 36 فلما احتاطوا على تقي الدين أعادوا ابن الشيرازي إلى الحسبة مستقلا. [ركب الشام] وفيها حج بركب الشام زين الدين غلبك. [وعظ ابن البزوري] وفيها قدم دمشق الواعظ نجم الدين ابن البزوري ووالده، ووعظ على باب مشهد علي مرات، وحضره الخلق. وكان رأسا في الوعظ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 37
سنة تسع وثمانين وستمائة
[ثورة عرب الصعيد] فيها ثارت عرب الصعيد، فسار لتسكين الأهواء نائب السلطنة طرنطاي، فسكنهم، وأخذ خلقاً من أعيانهم رهائن، وأخذ سائر أسلحتهم وأكثر خيولهم، وأحضر الجميع إلى القاهرة. فكانت أسلحتهم عدة أحمال. [عودة الأفرم من السودان] وفيها عاد عز الدين أيبك الأفرم من بلاد السودان برقيق كثير وفيل صغير. [التدريس بالدولعية والظاهرية] وفيها درس الشيخ صفي الدين الهندي بالدولعية، وعلاء الدين ابن القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز بالظاهرية بعد خنق رشيد الدين الفارقي. [التدريس بالتقوية والعمادية] ودرس تقي الدين ابن الزكي بالتقوية بالخلعة والطيلسان من جهة صاحب حماة، ودرس بدر الدين أبو اليسر ابن الصائغ بالعمادية. [خطابة ابن المرحل بالجامع الأموي] وفي جمادى الآخرة رتب خطيبا بالجامع الأموي العلامة زين الدين ابن المرحل الوكيل، فتكلموا فيه، حتى قالوا إنه يلحن في الفاتحة، ولا يحفظ
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 38 الختمة، وأشنعوا عليه، ثم استمر وأوذي من تكلم فيه، واستمر في الخطابة، وكان من بلغاء الخطباء، وكبار الأئمة، فاستقر على رغم من ناوءه. [قضاء الحنابلة بدمشق] وفيه ولي القضاء شرف الدين الحسن بن الشرف الحنبلي بعد ابن عمه القاضي نجم الدين. [تدريس الجوزية] وولي تدريس الجوزية القاضي تقي الدين سليمان، والخطابة بالجبل ولد المتوفى القاضي نجم الدين. [الأجناد بطرابلس] وفيها قررت الأجناد بأطرابلس، واستخدم بها ستمائة فارس. [إمساك جرمك الأنصاري] وفيها مسك الأمير سيف الدين جرمك الناصري. ومسك شمس الدين ابن السلعوس، وحبس مديدة، ثم أفرج عنه بمصر، ولزم بيته، وسار مع الركب المصري وحج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 39
[نظر الجامع الأموي] وفيها ولي نظر الجامع وجيه الدين ابن المنجا. [شنق ابن المقدسي] وفيها قبض على ناصر الدين ابن المقدسي، واعتقل بالعذراوية، ثم شنق نفسه، والظاهر أنه شنق لنه طلب إلى مصر، فخافوا من مرافعته وبتوه. وكان ظالما مرافعا، فقيها في فتح أبواب الشر والحيل، سامحه الله. [نيابة غزة] وفيها ولي نيابة غزة أحد أمراء دمشق عز الدين الموصلي. [حريق درب اللبان] وفي رجب وقع حريق كبير بدرب اللبان، واتصل بدرب الوزير بدمشق، واحترقت دار صاحب حماة بحماة، وعملت النار فيها يومين. وكان هو في الصيد، وراح فيها من الأموال والمتاع ما لا يوصف. [التدريس بأم الصالح فيها درس بأم الصالح بعد ناصر الدين ابن المقدسي إمام الدين القزويني الذي ولي القضاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 40
[قتل تجار المسلمين بعكا] وفيها قدم عكا طائفة من الفرنج غتم، فثاروا بها، وقتلوا من بها من التجار المسلمين. [تدريس الرواحية] ودرس بالرواحية البدر أحمد بن ناصر الدين المقدسي المشنوق بعد والده، ولم يكن أهلا لذلك، بل فعلوا ذلك تطيييبا لقلبه. [قطع الأخشاب بالبقاع] وفي شوال توجه الأمير المشد شمس الدين الأعسر إلى وادي مربين من البقاع لقطع الأخشاب للمجانيق، فقطع منها ما يحار فيه الناظر من عظمه وطوله، وجرها إلى دمشق، وسخرت الأبقار والرجال، وقاسى الخلق مشاقا لا توصف. وهي خشب صنوبر، غرم على كل عود منها جملة، حتى قال من له خبرة من ولاة النواحي: ناب العود منها خمسون ألفا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 41
[وفاة السلطان قلاوون] وفيها خرج من دمشق المحمل والسبيل مع الزورباشي، وعزم السلطان على الحج، فلما بلغه نكث أهل عكا غضب واهتم لغزوهم، وضرب الدهليز بظاهر القاهرة. وأخذ في التأهب، وخرج إلى الدهليز وهو متوعك في شوال، ثم مرض ومات في ذي القعدة. [استخدام أخشاب البقاع بدار السلطنة والجامع الأموي] وجاب الأخشاب المذكورة إلى المزة، ثم شحطت إلى الميادين، وكانت منظرا مهولا، وقد ربع سفل العود وسفط، وهو نحو ذراع وثلث
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 42 بالنجار وأكثر. ثم رأوا أنها لا تنفع للمنجنيق، فلما ولي الشجاعي نيابة دمشق أدخل بعضها في عمارة دار السلطنة بالقلعة ثم نشر بعضها، وعمل منه أبواب الجامع التي في الرواق الثالث. [إمساك نائب الخزندار ومخدومه بدمشق] وفي ذي القعدة أمسك الأمير بدر الدين المسعودي بدمشق نائب الخزندار، وأمسك مخدومه طرنطاي في ذي القعدة في أواخره بمصر، وبسط عليه العذاب إلى أن تلف. [الخطبة للسلطان الأشرف] وخطب للملك الأشرف صلاح الدين يوم تاسع عشر ذي القعدة بدمشق. [وكالة بيت المال بدمشق] ثم جاء مرسوم لتاج الدين ابن الشيرازي بوكالة بيت المال مضافا إلى الحسبة. [إكرام الأمير بكتوت] وطلب الأمير بكتوت العلائي إلى مصر وأكرم. [تهنئة صاحب حماة للسلطان] وتوجه صاحب حماة إلى مصر مهنئا في ذي الحجة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 43
[تدريس التقوية] وخلع على معين الدين ابن المغيزل وولاه تدريس التقوية. [البلاء بالعراق] واشتد البلاء بالعراق بدولة اليهود التي من سعد الدولة الطبيب، وآذوا الرعية. [خراب الحجاج بمكة] وخرب للحجاج قيمة كبيرة بمكة، وقتل نحو أربعين نفسا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 44
سنة تسعين وستمائة
[سلطان مصر ووزيره ونائبه] دخلت وسلطان الإسلام الملك الأشرف، وقد فوض الوزارة إلى الصاحب شمس الدين ابن السلعوس وهو في الحج، ثم وصلته الأخبار فأسرع المجيء على الهجن، ونائب المملكة بدر الدين بيدرا. فتح عكا ولما استقر السلطان في الملك اهتم بإتمام ما شرع فيه والده من قصد عكا. فسار بالجيوش من مصر في ثالث ربيع الأول، ونزل عليها في رابع ربيع الآخر، وهو خامس نيسان، وجاءت إليه جيوش الشام بأسرها، وأمم لا يحصيهم إلا الله تعالى، من المطوعة والمتفرجة والسوقية، فكانوا في قدر الجند مرات. ونصب عليها خمسة عشر منجنيقا إفرنجيا، منها ما يرمي بقنطار بالدمشقي، ومن المجانيق القرابغا وغيرها. وشرعوا في النقوب، واجتهدوا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 45 في الحصار، ووقع الجد من الفريقين، وأنجد أهلها صاحب قبرس بوكه بن سيروك بنفسه. وليلة قدومه عليهم أشعلوا نيراناً وشمعا عظيما فرحا به، فأقام عندهم ثلاثة أيام ثم ركب البحر ووأقلع لما شاهد من هول ما أحيط بهم، ولما رأى من ضعفهم وانحلال أمرهم. وشرع أهلها في الهرب في البحر، ولم يزل الأمر في جد حتى هدمت المجانيق شرفات الأبراج، وكملت النقوب عليها، وعلقت الأسوار، وأضرمت في أسافلها النار، واستشهد عليها خلق من المسلمين، وثبت الفرنج ثباتا كليا. وعند منازلتها نودي في دمشق: من أراد أن يسمع ' البخاري ' فليحضر إلى الجامع. فاجتمع خلق وقرأ فيه الشيخ شرف الدين الفزاري، وحضر قاضي القضاة ونائبه، ونجم الدين بن مكي، وعز الدين الفاروثي، وكان السماع على جماعة. [إمساك نائب دمشق] وفي ثامن جمادى الأولى حصل تشويش على عكا، وهو أن الأمير علم الدين الحموي أبو خرص أتى إلى نائب دمشق لاجين فقال: السلطان يريد أن يمسكك. فخاف، وجمع ثقله وطلبه في الليل، وشرع في الهروب، فشعر به علم الدين الدواداري، فجاء ورده وقال: بالله لا تكن سبب هلاك المسلمين، فإن الفرنج إن علموا بهروبك قووا على المسلمين. فرجع. ثم طلبه السلطان من الغد، وخلع عليه وطمنه، ثم أمسكه بعد يومين وقيده وبعث به إلى مصر، وأمسك معه ركن الدين تقصوه وهو حموه، وأمسك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 46 قبلهما بيومين ثلاثة أبا خرص وقيده، واستناب على دمشق علم الدين الشجاعي. [دخول عكا] ثم هيأ السلطان أسباب الزحف، ورتب كوسات عظيمة، فكانت ثلاثمائة حمل، وزحف عليها سحر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى بسائر الجيش. وكان للكوسات أصوات مهولة، وانقلبت لها الدنيا فحين لاصق الجيش الأسوار هرب الفرنج، ونصبت الأعلام المشرفية على الاسوار مع طلوع الشمس، وبذل السيف، ولم يمض ثلاث ساعات من النهار إلا وقد استولى المسلمون عليها، ودخلوها من أقطارها، وطلب الفرنج جهة البحر، فقتل من أدرك منهم، وأسهل القتل والأسر والسبي على سائر أهلها. وعصت الديوية والإسبتار والأرمن في أربعة أبرجة شواهق في وسط البلد، فحصروا فيها، ثم طلبوا الأمان من الغد، فأمنهم السلطان وسير لهم سنجقا، فنصبوه على برجهم، وفتحوا الباب، فطلع إليهم الأجناد وبعض الأمراء، وتعرضوا لهم بالنهب وأخذ النساء، فغلق الفرنج الأبواب، ورموا السنجق، وقتلوا طائفة من الجند، وقتلوا الأمير أقبغا المنصوري. وعاودهم الحصار، ونزل إسبتار الأرمن بالأمان على يد زين الدين كتبغا الذي تسلطن. وفي اليوم الثالث من الفتح طلب الديوية الأمان، وكذا الإسبتار، فأمنهم السلطان، وخرجوا، ثم نكث، وقتل منهم فوق الألفين، وأسر مثلهم، وساق إلى باب الدهليز فوق الألف من نسائهم وصبيانهم. فلما رأى من تبقى في أحد الأبرجة ما جرى تحالفوا على الموت، وامتنعوا من قبول الأمان، وقاتلوا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 47 أشد قتال، وتخطفوا خمسة من المسلمين ورموهم من أعلى البرج، فسلم واحد ومات أربعة. وأخذ هذا البرج يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من جمادى الأولى بالأمان. وكان قد نقب وغلق من نواحيه، فلما نزل منه وحول أكثر ما فيه سقط على جماعة من المتفرجين والذين ينهبون فهلكوا. ثم عزل السلطان الحريم والولدان، وضرب رقاب الرجال ولم يف لهم، وهذا مكافأة لفعلهم حين أخذوا عكا من السلطان صلاح الدين فإنهم - أعني الفرنج أمنوا من بها من المسلمين، ثم غدروا بهم، وقتلوا أكثرهم، وأسروا الأمراء وباعوهم فسلط الله على ذرياتهم من انتقم منهم وغدر بهم جزاء وفاقا، فيا لله العجب. وأعجب من ذلك أن الفرنج أخذوا عكا في يوم الجمعة سابع عشر شهر في الثالثة من النهار من شهر جمادى الآخرة، كما ذكرناه في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ثم افتتحها المسلمون بعد مائة سنة وثلاث سنين إلا شهر واحد. [تاريخ عكا قبل الفتح] وفي سنة سبع وستين وأربعمائة افتتح أمير التركمان عكا، ثم عادت إلى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 48 الفرنج فملكتها، ثم في سنة اثنتين وثمانين جهز أمير الجيوش بدر الدين الجمالي نصير الدولة الجيوشي في جيش من مصر فافتتح صور وعكا، ونزل على بعلبك، ثم في سنة ست وتسعين وأربعمائة نزل على عكا بغدوين ملك القدس، لعنه الله، فحاصرها وأخذها بالسيف، فدامت في يد الفرنج إلى أن أخذها السلطان صلاح الدين في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ثم أخذت منه سنة سبع وثمانين. [استيلاء الفرنج على صور] وأخذت الفرنج صور بعد حصار طويل بالأمان في سنة ثمان عشرة وخمسمائة. فتح صور لما نازل الملك الأشرف عكا جهز الأمير علم الدين الصوابي والي بر صفد إلى جهة صور، لحفظ الطرق وتعرف الأخبار. فلما أخذت عكا وأحرقت وأضرمت النيران في جنباتها، وعلا الدخان، وهرب أهلها في البحر، علم أهل صور ذلك، فهربوا وأخلوا البلد، وكانت حصينة منيعة لا ترام، فدخلها الصوابي، وكتب بالبشارة إلى السلطان فجهز له رجالا وآلة ليخربوها، ويخربوا حيفا. وبقي بصور من تأخر من أهلها، فاستغاثوا، وسلموها بالأمان للصوابي، وآمنهم، ولم يكن السلطان يطمع بها، فيسر الله بما لم يكن في الحساب. وكان لها في يد الفرنج نحو من مائتي سنة، بل من مائة واثنتين وسبعين سنة. وقد أخذ منها رخام كثير، وجعلت دكا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 49
[نيابة صفد] وأمسك السلطان على عكا نائب صفد علاء الدين أيدغدي الألدكزي، وولى مكانه علاء الدين أيدكين الصالحي. [نيابة الكرك] وطلب نائب الكرك ركن الدين بيبرس الخطابي الدويدار، وولى مكانه جمال الدين آقوش الأشرفي. ثم بعد عشرين سنة ولي هذا نيابة دمشق، وذاك نيابة مصر، فلم تطل أيامهما. [تزيين دمشق] وفي خامس شهر جمادى الآخرة رحل السلطان عن عكا وقد تركها دكا، وشرع الصاحب تقي الدين وشمس الدين الأعسر المشد بدمشق في عمل القباب والزينة، وحصل لذلك من الاحتفال ما لا مزيد عليه. ودخل دمشق دخولا ما شهد مثله من الأعمار، وأمامه الأسرى على الخيل يحملون أعلامهم منكسة، ورماحا فيها شعف رؤوس القتلى، وذلك في ثالث عشر جمادى الآخرة، فأقام بدمشق خمسة وثلاثين يوما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 50
فتح صيدا سار عسكر دمشق فنازلوا صيدا، وأما ملك الأمراء الشجاعي فأتى في خدمة السلطان، ثم رجع إلى صيدا، ثم افتتحها، فاستولى من بها من المقاتلة على برج، وتحصنوا به، وكان لا يصل إليه حجر منجنيق، فضايقه الشجاعي في ثامن رجب، وفتحه يوم السبت خامس عشر رجب، بحكم الذين فيه نزلوا منه وانتقلوا إلى الجزيرة المجاورة لصيدا، ثم إنهم أحرقوا الجزيرة بما فيها في ثامن عشر رجب، وساروا في البحر إلى قبرس. ثم علق المسلمون أبراج القلعة وأحرقوها ودكوها. [الاستيلاء على مراكب الفرنج عند البترون] وكانت الشواني الإسلامية قد حضرت من اللاذقية، فلما وصلت إلى ميناء البترون مر بها الذين هربوا من صيدا في المراكب، وظنوها للفرنج، فعرجوا إليهم، ثم تبين لهم أنهم مسلمون، فهربوا، فتبعهم الأمير بلبان التقوي بالشواني، فاستولى عليهم قتلا وأسرا ونهبا، واستنقذ الذين معهم من الأسرى، وكان ذلك من غرائب ما اتفق. فتح بيروت كان أهل بيروت متمسكين بالهدنة، لكن بدا منهم شيء يسير، وهو
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 51 أنهم آووا المنهزمين من الفرنج، وأمرهم علم الدين الشجاعي بضم مراكبهم إلى مراكب المسلمين، فخافوا وامتنعوا، فأمر الشجاعي الأمير التقوي بحفظ الميناء وضبط مائة من المراكب، وجاء الشجاعي بالجيش من جانب البر، فدخل المدينة وأخرجهم منها، واستولى على القلعة وما فيها. وذلك في الثالث والعشرين من رجب. وكانت القلعة امتنعت عليه قليلا، فوقع الحديث مع كليام النائب بها، فأجاب وسلم، وأسر كل من كان بالبلد والقلعة من الخيالة والمقاتلة. وكانت من القلاع المنيعة، فهدمها الشجاعي. فتح جبيل وكان صاحبها عند الملك المنصور نوبة طرابلس، وبقي بجبيل، فلما أخذت عكا رسم له بأن يخرب قلعة جبيل، ثم ندب الأمير علم الدين الدواداري فسار إليها وأخرب أسوارها، وأذهب حصانتها، وهدمها. فتح عثليث وهو حصن مشهور يضرب لحصانته المثل، والبحر يكتنفه من جميع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 52 جهاته، ولم يحدث الملوك أنفسهم بقصده. وكان السلطان قد جرد من عكا بدر الدين رمتاش التركماني بجماعة من التركمان للنزول حوله على بعد ليحصل الأمن من جهته من أحد يخرج منه. ونودي [على] الجلابة والمسافرين. فأخذت عكا وغيرها والتركمان مكانهم، فلما بلغ أهل عثليث أخذ عكا وصور وصيدا وبيروت، أحرقوا أموالهم ومتاعهم وما لم يقدروا على حمله، وعرقبوا دوابهم، وهربوا في البحر، وأخلوا الحصن ليلة أول شعبان. [فتح انطرسوس] وأما أهل أنطرسوس لما بلغهم ذلك عزموا على الهرب فجرد الأمير سيف الدين الطباخي إليها، فلما أحاط بها ليلة خامس شعبان ركبوا في البحر وهربوا إلى جزيرة أرواد، وهي بالقرب منها. [تكليف مقدمي الجرد وكسروان خفر بلادهم] وفي غضون ذلك استحضر الشجاعي مقدمي جبل الجرد والكسروان، فلما حضروا بين يديه أخذ سلاحهم ودركهم خفر بلادهم، وتوثق منهم، ثم خلع عليهم، وأخذ منهم رهائن. [تكسير تمثالين ببعلبك] ثم قدم الشجاعي بعلبك في أواخر شعبان، وطلع إلى قلعتها، وأمر بكسر صنمين من الرخام كانا قد وجدا في بعض الحفائر في نهاية التحرير
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 53 والإتقان وبراعة الصنعة، فكان إذا حضر أحد من الأكابر أحضروا الصنمين للفرجة على تلك الصنعة. فلما زار الشجاعي مقام إبراهيم أحضر الوالي تلك الصنمين فرآهما وأمر بتكسيرهما، فكسرا في الحال. وهذه تدل على حسن دين الشجاعي، وإن كان ظالما. ثم دخل دمشق في السابع والعشرين من شعبان. [القبض على علم الدين الدواداري] وفي نصف رمضان قبض على علم الدين الدواداري، وبعث به إلى مصر. وجاءت الأخبار بالإفراج والرضى عن الأمراء الكبار: تقصو، وحسام الدين لاجين النائب، وشمس الدين سنقر، وبدر الدين بيسري، وشمس الدين سنقر الطويل المنصوري، وبدر الدين خضر بن جواد بن القيمري. [العمارة بقلعة دمشق] وفي شوال شرع الشجاعي بعمارة الطارمة والقبة الزرقاء ودور الحريم بقلعة دمشق، فحشد الصناع، وحشر الرجال، وعمل عمارة الجبابرة، وقلع لذلك عدة أعمدة من سوق الفراء الذي بطرف الفسقار، وحفر الأرض وراء الأعمدة، وإذا العمود منها نازل في الأرض بقدر ظهوره مرة أخرى ونصف، وهو على قاعدة متينة، وتعجب الناس من ذلك، ولم يعلموا ما السبب في نزولها في الأرض. ثم إنها جرت بدواليب وآلات، وعبروا بها من باب السر،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 54 ونقبوا لها في السور في البدنة، وهي أكبر من أعمدة الجامع، فأقيمت وعمل عليها القبو الذي بين يدي القبة. وعسف الصناع، واستحثهم بنفسه، وبنى بنيانا خشنا جاهليا، وزخرفة، ودخل فيه أقل من ثلاثة ألاف دينار، وقد سهرت في عمله ليالي مع أبي رحمه الله. وتكامل جميعه في سبعة أشهر. وكان الدهانون يعملون في المقرفص والأساس لم يرتفع بعد، وجلب لذلك الرخام المفتخر من عكا وصور وبيروت وتلك الديار. وخرب حمام الملك السعيد الذي تجاه باب السر، ولم يكن له نظير في الحسن، وخرب الأبينة التي من جسر الزلابية إلى قرب باب الميدان، وذهبت أملاك الناس وتعثروا. وكان هذا المكان مليح ويعرف بالمسابح، وعلى النهر العابر إلى خندق القلعة دور حسنة، وفي النهر مركب يركب فيه الشباب للفرجة، وقد ركبت فيه مع جدي العلم وأنا ابن خمس سنين، وأعطى الذي في المركب أجره. [غضب السلطان على بعض خواصه] وكان السلطان لما قدم دمشق انبسط هو أو بعض خواصه الملاح على نائب القلعة أرجواش فقال: وقعنا في الصبيانية. فغضب السلطان وأمر بشنقه، وألبس عباءة ليشنق فيها. ثم شفعوا فيه، فحبس مدة، ثم أطلع من الحبس ولزم بيته بلا خبز. ثم خلع عليه في رمضان، وأعطي خبزه، وأعيد إلى نيابة القلعة، ورتب معه بالقلعة الأمير أسندمر المنصوري، وأنزل الباسطي إلى البلد. [تولية ابن جماعة قضاء مصر] وفي رمضان طلب القاضي بدر الدين ابن جماعة قاضي القدس وخطيبه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 55 على البريد مكرما، وولاه الصاحب ابن السلعوس قضاء الديار المصرية وعدة مدارس، ولم يترك لقاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز سوى المدرسة الشريفية فقط. [إبطال عمائم النساء وشرب الحشيش والخمر بدمشق] وفيها أمر الشجاعي فنودي في دمشق بإبطال العمائم للنساء، وأن لا تزيد المرأة على المقنعة، وبإبطال صباغات النساء، وأن لا يخرجن إلى المقابر، وغير ذلك، وأن لا يأكل أحد حشيشة، ولا يشرب خمرا، وتوعد على ذلك. وكان ذا هيئة وسطوة مرهبة، فتأدب البلد، وكانت هذه من حسناته. [موت ملك التتار] وفيها هلك أرغون ملك التتار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 56
[ولاية بر دمشق] وفيها أعيد طوغان إلى ولاية البر بدمشق. [خطبة ابن المرحل أمام السلطان] ومن غريب الإتفاقات أن السلطان قدم دمشق وأراد النزول يوم الجمعة إلى الجامع، فطلب له من يخطب غير الخطيب ابن المرحل لكراهيتهم له، وشكوه إلى الصاحب، فطلب الزين الفارقي، فامتنع لعدم التهيؤ، وطلب إمام الكلاسة، فتغيب، فخطب ابن المرحل. [زيارة ابن الأرموي] وزار السلطان الشيخ إبراهيم بن الأرموي بالجبل بعد العشاء. [إطلاق رسل عكا الفرنج] ولما دخل السلطان مصر أطلق رسل عكا الذين كانوا معوقين بالقاهرة. [إطلاق أسرى بيروت] وجاءه رسول الأشكري، فأطلق السلطان للرسول أسرى بيروت، وكانوا ستمائة وثلاثين نفسا. [إظهار أمر الخليفة] وأخرج من كان في الجب من الأمراء، وأخرج الخليفة الحاكم بأمر الله، وكان في أيام أبيه خاملا لم يطلب أبوه منه تقليدا بالملك ولا انفعل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 57 لذلك، فظهر الخليفة وصلى للمسلمين. وبايعه الملك الأشرف بإشارة الوزير. [خطبة الخليفة] وفي نصف شوال خطب بالناس يوم الجمعة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله، وذكر في خطبته توليته للملك الأشرف أمر الإسلام، فخطب يومئذ بالخطبة التي خطب بها في أول سنة إحدى وستين، وهي مليحة، من إنشاء مؤدبه ومفقهه الإمام شرف الدين ابن المقدسي، فلما فرغ من الخطبة صلى بالناس قاضي القضاة ابن جماعة. [قراءة الختمة والحض على أخذ بغداد] وفي رابع ذي القعدة عملت الختم لتمام السنة من موت السلطان الملك المنصور بتربته، وحضر الفقهاء والدولة، ونزل السلطان وقت الختم والخليفة الحاكم بأمر الله، وخطب الخليفة، وذكر بغداد، وحرض على أخذها، وكان قد وخطه الشيب وعليه السواد. وانفق في هذا المهم مبلغ عظيم، واحتفل له. [قراءة الختمة بدمشق] وأما دمشق فإن الشجاعي جمع الناس بالميدان، ونصب مخيم عظيم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 58 سلطاني، ومد سماط هائل، وختمت الختمة، وتكلم الوعاظ، فتكلم أولاً فريد الوقت عز الدين الفاروثي، وتكلم بعده الواعظ نجم الدين ابن البزوري، وحضر أمم وخلائق، وكانت ليلة مشهودة، وعملت خلوات كثيرة. [إمساك أميرين بدمشق] وفي شوال مسك الأميران بهاء الدين قرارسلان، وجمال الدين أقوش الأفرم الصغير الذي صار نائبا، وحبسا بقلعة دمشق. [توسعة الميدان بدمشق] وفي ذي الحجة وسع الشجاعي الميدان من شماليه، وعمل في حائطه للأمراء والعامة، وعمل فيه الشجاعي بنفسه، وتقاسموه، ففرغ في يومين مع ضخامة حائطه. ووصل الأمراء الثلاثة على أخباز الذين مسكوا من دمشق، والثلاثة هم ركن الدين الجالق، والمساح، وعز الدين أزدمر العلائي. وعملت سلالم عظيمة وأظهروا قصد بغداد. [حج الشاميين] وحج بالشاميين الأمير بدر الدين الصوابي الخادم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 59
[ما قيل في فتح عكا] وعملت الشعراء القصائد في فتح عكا، فمن ذلك كلمة المولى شهاب الدين محمود: (الحمد لله زالت دولة الصلب .......... وعز بالترك دين المصطفى العربي)
(هذا الذي كانت الآمال لو طلبت رؤياه في النوم لاستحيت من الطلب)
(ما بعد عكا وقد هدت قواعدها .......... في البحر للشرك عند البر من أرب)
(عقيلة ذهبت أيدي الخطوب بها .......... دهرا وشدت عليها كف مغتصب)
(لم يبق من بعدها للكفر إذ خربت .......... في البر والبحر ما ينجي سوى الهرب)
(أم الحروب فكم قد أنشأت فتنا .......... شاب الوليد بها هولا ولم تشب)
(سوران بر وبحر حول ساحتها .......... دارا وأدناهما أنأى من السحب)
(ففاجأتها جنود الله يقدمها .......... غضبان لله لا للملك والنشب)
(كم رامها ورماها قبله ملك .......... جم الجيوش فلم يظفر ولم يصب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 60
(لم يلهه ملكه بل في أوائله .......... نال الذي لم ينله الناس في الحقب)
(فأصبحت وهي في بحرين مائلة .......... ما بين مضطرم نارا ومضطرب)
(جيش من الترك ترك الحرب عندهم .......... عار وراحتهم ضرب من النصب)
(يا يوم عكا لقد أنسيت ما سبقت .......... به الفتوح وما قد خط في الكتب)
(لم يبلغ النطق حد الشكر فيك فما .......... عسى يقوم به ذو الشعر والخطب)
(كانت تمني بك الأيام عن أمم .......... فالحمد لله شاهدناك عن كثب)
(وأطلع الله جيش النصر فابتدرت .......... طلائع الفتح بين السمر والقضب)
(وأشرف المصطفى الهادي البشير على .......... ما أسلف الأشرف السلطان من قرب)
(فقر عينا بهذا الفتح وابتهجت .......... ببشره الكعبة الغراء في الحجب)
(وسار في الأرض مسرى الريح سمعته .......... فالبر في طرب والبحر في حرب)
(وخاضت البيض في بحر الدماء فما .......... أبدت من البيض إلا ساق مختضب)
(وغاص زرق القنا في زرق أعينهم .......... كأنها شطن تهوي إلى قلب)
(أجرت إلى البحر بحرا من دمائهم .......... فراح كالراح إذ غرقاه كالحبب)
(بشراك يا ملك الدنيا لقد شرفت .......... بك الممالك واستعلت على الرتب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 61
(ما بعد عكا وقد لانت عريكتها .......... لديك شيء تلاقيه على تعب)
(أدركت ثأر صلاح الدين إذ عصيت .......... منه لسر طواه الله في اللقب)
(باتت وقد جاورتنا ناشزا وغدت .......... طوع الهوى في يدي جيرانها الجنب)
(وجالت النار في أرجائها وعلت .......... فأطفأت ما بصدر الدين من كرب)
(أضحت ' أبا لهب ' تلك البروج وقد .......... كانت بتعليقها حمالة الحطب)
(وأفلت البحر منهم من يخبر من .......... يلقاه من قومه بالويل والحرب)
(وتمت النعمة العظمى وقد كملت .......... بفتح صور بلا حصر ولا نصب)
(لما رأت أختها بالأمس قد خربت .......... كان الخراب لها أعدى من الجرب)
(إن لم يكن ثم لون اليم منصبغا .......... بها إليها وإلا ألسن اللهب)
(فالله أعطاك ملك البحر وابتدأت .......... لك السعادة ملك البر فارتقب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 62
(فمن كان مبدؤه عكا وصور معا .......... فالصين أدنى إلى كفيه من حلب) وله من قصيدة أخرى في عكا مدح بها الشجاعي: (الشرك انجلى وانجلت ظلماته .......... والدين قر وأشرقت قسماته)
(والنصر ألوت بالفرنج رياحه .......... من بعد ما فتكت بهم نسماته)
(هذا الذي كانت تحيله المنى .......... وتحيله قدم العدى وثباته)
(هذا الذي كان الرجاء ببعضه .......... بعد النفوس ولا تصح عداته)
(هب الزمان من الكرى من بعدما .......... طالت سني رقاده وسناته)
(ما كان يحسن أن يجاورنا العدى .......... لو زال عن جفن الجهاد سباته)
(والآن قد ذهبت بحمد الله .......... عن أرض الشام عداتنا وعداته)
(وتفرقت أيدي سبأ وسباهم .......... جمعت برغمهم لنا أشتاته) منها: (بانوا فما بكت السماء عليهم .......... في ربعهم بل أحرقت عرصاته)
(ونمى إلى صور الحديث ببحرهم .......... إذ خلقت بدمائهم صفحاته) وهي مائة وخمسون بيتا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 63
بسم الله الرحمن الرحيم
ربنا أفرغ علينا صبرا قال الإمام الحافظ، إمام القراء والمحدثين، شمس الدين الذهبي: الطبقة التاسعة والستون سنة إحدى وثمانين وستمائة
- حرف الألف - 1 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الجبار بن طلحة بن عمر. الفقيه، المدرس، أبوالعباس بن الأشتري، الحلبي، الشافعي. ولد بحلب سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من: أبي محمد بن علوان، والموفق عبد اللطيف، وقاضي القضاة أبي المحاسن ابن شداد، وأبي المجد القزويني، وأبي الحسن بن روزبة، وأبي المنجا بن اللتي، والإربلي، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 64 روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو الحجاج المزي، وجماعة. وأجاز لي، وكان ممن جمع بين العلم والعمل. كان إماما عارفاً بالمذهب، ورعا، كثير التلاوة، بارز العدالة، كبير القدر، مقبلا على شأنه. سألت أبا الحجاج القضاعي عنه فقال: كان ممن يظن به أنه لا يحسن أن يعصي الله. فقلت: وكان يقرئ الفقه، وله اعتناء بالحديث. توفي في ربيع الأول بدمشق فجأة. وكان يصوم الدهر، ويتصدق بفاضل قوته. وكان النواوي رحمه الله إذا جاءه صبي يقرأ عليه بعث به إلى أمين الدين لعلمه بدينه وعفته. 2 - أحمد بن حذيفة. شرف الدين، أبو العباس الدمشقي، الدلال في العقار. ولد سنة اثنتي عشرة. وحدث ' بجزء ابن أبي ثابت ' عن أم الكرم كريمة. روى عنه: ابن أبي الفتح، وأبو محمد البرزالي، والطلبة. ومات في ربيع الآخر بدمشق. 3 - أحمد بن أبي الحرم. جلال الدين بن الزين، الدلال في الأملاك أيضا. توفي في ربيع الآخر. وكان شابا مشتغلا، حسن الكتابة. 4 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حنظلة. الشيخ، موفق الدين ابن المعالج الأنصاري، البغدادي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 65 توفي في ذي الحجة. سمع ' مسند الشافعي ' من: ابن الخازن. وحدث. عاش ثمان وستين سنة. وكان شافعيا. 5 - أحمد بن محمد بن أبي دويقة. الخزرجي، الأستاذ، أبو العباس. سمع: أبا الربيع بن سالم، وأبا علي الشلوبين. مات في رجب بالمغرب. 6 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 66 قاضي القضاة، شمس الدين، أبو العباس البرمكي، الإربلي، الشافعي. ولد بإربل سنة ثمان وستمائة، وسمع بها ' صحيح البخاري ' من أبي جعفر محمد بن هبة الله بن مكرم الصوفي. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وعبد المعز الهروي، وزينب الشعرية. روى عنه: المزي، والبرزالي، والطبقة. وكان إماما، فاضلا، بارعا، متفنناً، عارفا بالمذهب، حسن الفتاوى، جيد القريحة، بصيرا بالعربية، علامة في الأدب والشعر وأيام الناس، كثير الاطلاع، حلو المذاكرة، وافر الحرمة، من سروات الناس. قدم دمشق في شبيبته. وقد تفقه بالموصل على كمال الدين بن يونس، وأخذ بحلب عن القاضي بهاء الدين ابن شداد، وغيرهما. ودخل الديار المصرية وسكنها مدة، وتأهل بها. وناب في القضاء عن القاضي بدر الدين السنجاري. ثم قدم الشام على القضاء في ذي الحجة سنة تسع وخمسين منفردا بالأمر، ثم أقيم معه القضاة الثلاثة في سنة أربع وستين، ثم عزل عن القضاء في سنة تسع وستين بالقاضي عز الدين ابن الصائغ، ثم عزل ابن الصائغ بعد سبع سنين به. وقدم من الديار المصرية، فدخل دخولا لم يبلغنا أن قاضيا دخل مثله من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغال والشهود، وكان يوما مشهودا. وجلس في منصب حكمه، وتكلمت الشعراء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 67 وكان كريما، جوادا، ممدحا. ثم عزل بابن الصائغ، ودرس بالأمينية إلى أن مات. وقد جمع كتابا نفيسا في ' وفيات الأعيان '. وتوفي عشية نهار السبت السادس والعشرين من رجب. وشيعه خلائق. ومن شعره: (أي ليل على المحب أطاله .......... سائق الظعن يوم زم جماله)
(يزجر العيس طاويا يقطع المهمة .......... عسفا سهوله ورماله)
(يسأل الربع عن ظباء المصلى .......... ما على الربع لو أجاب سؤاله)
(هذه سنة المحبين يبكون .......... على كل منزل لا محاله)
(يا خليلي إذا أتيت ربى الجزع .......... وعانيت روضة وتلاله)
(قف به ناشدا فؤادي فلي .......... ثم فؤاد أخشى عليه ضلاله)
(وبأعلا الكثيب بيت أغض الطرف .......... عنه مهابة وجلاله)
(حوله فتية تهز من الخوف .......... عليه ذوابلا عساله)
(كل من جئته لأسأل عنه .......... أظهر الغي غيرة وتباله)
(منزل حقه علي قديم .......... في زمن الصبى وعصر البطالة)
(يا عريب الحمى أعذروني فإني .......... ما تجنبت أرضكم من ملاله)
(لي مذ غبتم عن العين نار .......... ليس تخبو وأدمع هطاله)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 68
(فصلونا إن شئتم أو فصدوا .......... لا عدمناكم على كل حاله) 7 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي. المسند برهان الدين، أبو إسحاق بن الدرجي، القرشي، الدمشقي، الحنفي، إمام المدرسة العزية بالكجك. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة في شعبان. وأجاز له: أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وإدريس بن محمد العطار، وأبو المفاخر خلف بن أحمد الفراء، وعبيد الله بن محمد بن أبي نصر اللفتوائي، ومحمد بن معمر بن الفاخر، والمؤيد بن الإخوة، وأم هانىء عفيفة الفارقانية، وطائفة من الإصبهانيين في عام اثنتين وستمائة. وسمع أجزاء معدودة: من أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري. وحدث ' بالمعجم الكبير ' للطبراني، وكان ثقة، فاضلا، خيرا، سهل القياد. ولم يظهر سماعه من الكندي وابن الحرستاني إلا بعد موته. روى عنه: الدمياطي، وابن تيمية، وابن القحفازي، والمزي، والبرزالي، وابن العطار، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 69 وحج في آخر عمره، فتوفي يوم عبور الركب في سابع صفر، رحمه الله. ولي منه إجازة. 8 - إبراهيم بن عمر بن إسماعيل. الكركي، الشافعي. توفي بدمشق في رجب. وقد حدث ' بصحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي. حدثنا عنه: إسحاق الآمدي. 9 - إبراهيم بن أبي بكر. أمين الدين التفليسي، إمام السلطان الملك الظاهر. ولد سنة خمس وعشرين، وحدث بدمشق ومصر عن: ابن الجميزي، والسبط. سمع منه: البرزالي، وغيره. مات بالقاهرة، وقيل مات سنة ثمان. 10 - إدريس بن صالح بن وهيب. الفقيه، زين الدين القليوبي، خطيب الجامع الأزهر. ولد سنة ثمان عشرة، وكان شديد السمرة. له شعر جيد، وفيه تصون وخير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 70 11 - إسحاق الدمياطي. ناصر الدين. روى ' جامع الترمذي ' عن ابن البناء توفي بدمياط في ربيع الاول. 12 - إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين الشيخ عماد الدين البعلبكي. ولد سنة أربع وستمائة. وسمع من: موفق الدين بن قدامة، وأبي المجد اليونيني، والبهاء عبد الرحمن، وغيرهم. وكان من خيار من حدث في زمانه لعلمه ودينه وثقته وورعه. وكان خبيرا بكتابة الحكم والوثائق، دمث الأخلاق، كثير التلاوة، حسن الزهادة، حنبلي المذهب. روى عنه: أبو الحسين اليونيني، وابن أبي الفتح، وأبو الحجاج المزي، وأبو الحسن بن العطار، وغير واحد. وأجاز لي مروياته. توفي في صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 71 وقرأت بخط شيخنا ابن تيمية أنه ولي قضاء بعلبك. سمعت منه ' سنن ابن ماجة ' 13 - إسماعيل بن عبد الجبار بن بدر. الضياء، أبو الفداء النابلسي، ثم الدمشقي. روى عن: الموفق، وزين الأمناء. وعنه: المزي والبرزالي، وجماعة. توفي في شعبان. 14 - إسماعيل بن هبة الله بن علي بن هبة الله. فخر الدين، أبو الطاهر بن أبي القاسم بن المليجي، المصري، المقرئ، المعدل. مسند القراء في زمانه. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها بيسير. وقرأ بالسبع على أبي الجود، وهو آخر من قرأ عليه وفاة وسمع من: أبي الحسن بن جبير البلنسي، وأبي عبد الله محمد بن البناء. وازدحم في آخر عمره، الطلبة لعلوه لا لإتقانه، فقرأ عليه العلامة أبو حيان، وقطب الدين عبد الكريم، والتقي أبو بكر الجعبري، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 72 وأجاز لأبي محمد البرزالي، وغيره. ومات في الثاني والعشرين من رمضان، رحمه الله، وتساوى القراء بعده في إسناد أبي الجود. وكان بارز العدالة، دينا. 15 - آقسنقر. الشبلي، الصفوي. حدث عن: ابن قميرة. - حرف الباء - 16 - بيجار بن بختيار. الأمير، حسام الدين اللاوي، الرومي. كان له ببلاد الروم قلاع وأموال وحشمة فخرج إلى المسلمين مهاجراً، مفارقا للتتار، خذلهم الله، في أواخر الدولة الظاهرية. وحج من الديار المصرية، وأنفق مبلغا في القربة والخير. وعاد ولزم بيته، وترك الإمرة، وشاخ. قال الشيخ قطب الدين: جاوز المائة بسنين، كذا قال، وكف بصره قبل موته بثلاث سنين. توفي في شعبان. - حرف الحاء - 17 - الحسين بن إياز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 73 العلامة، النحوي جمال الدين، شيخ العربية بالمستنصرية ببغداد. له مصنفات في النحو. وتوفي في ذي الحجة. كتب عنه: أبو البدر الفرضي، وابن الفوطي، وجماعة. وكان إماما في النحو والتصريف. قرأ على الشيخ تاج الدين الأرموي. 18 - الحسين بن عباس بن عبدان. العدل، شمس الدين المناديلي، الدمشقي والد شيخنا أحمد توفي في جمادى الأولى، وخلف ثروة وورثة. 19 - الحسين بن قتادة بن مزروع. النسابة، رضي الدين، أبو محمد العلوي، الحسني، المقرئ، العراقي. كان عارفا بالأنساب والقراءآت. أم بالمشهد، وكتب الناس عنه. قال ابن الفوطي: مات في حادي عشر شوال. - حرف الخاء - 20 - خضر بن عبد الرحمن بن الخضر. الشيخ، سديد الدين الحموي، المقرئ، صاحب السخاوي. أقرأ القرآن، وعمر دهرا، وجاوز التسعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 74 توفي في شوال. وكان شيخ الخانقاه بحماة. وله مشاركة وتفنن. وله إجازة من الكندي. وكان يلبس الخرقة للسهروردي. مولده سنة أربع وثمانين وخمسمائة في ذي القعدة. - حرف الذال - 21 - ذو النون بن مفضل بن محمد بن عبد الخالق. القرشي، السخاوي، أبو الفضل الشافعي، شرف الدين الأميوطي. وأميوط من أعمال سخا. ولي قضاء البهنسا وغيرها. وله شعر جيد. كتب عنه الدمياطي. مات في المحرم. - حرف الزاي - 22 - الزين رمضان. الخشاب، الدمشقي. مات في جمادى الأولى. 23 - زينب بنت تمام بن يحيى. الحموية، الدمشقية امرأة صالحة عابدة، من بيت الرواية. روت بالإجازة عن: داود بن ملاعب، وغيره. وماتت في صفر. - حرف السين - 24 - سالم الدليل. دليل الركب الشامي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 75 توفي في ربيع الآخر. 25 - سليمان بن عبد الله بن أمور. ويقال: ابن عمران. الشيخ قطب الدين، أبو الربيع الزيلعي، الحنفي، خادم المصحف العثماني. سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبا الخير بن المقير، وغيرهم. كتب عنه: البرزالي، وجماعة كثيرة. وأجاز لي. وكان شيخا صالحا، حسن السمت. توفي في رابع ذي القعدة. - حرف الشين - 26 - شاذي بن داود بن عيسى بن محمد بن أيوب بن شاذي. الملك الظاهر، غياث الدين ابن صاحب ' الكرك، الملك الناصر. ولد وأبوه صاحب دمشق حينئذ سنة خمس وعشرين. ونشأ بالكرك. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي. وحدث بدمشق. وكان دينا، خيرا، متواضعا، عاقلا، يتعانى زي العرب كعمه الملك القاهر. وأمه هي ابنة الأمجد بن العادل. توفي، رحمه الله، بالغور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 76
- حرف العين - 27 - عبد الله بن المحدث محمد بن عمر بن عبد الغالب. نجم الدين الأموي، العثماني، الدمشقي، القباقيبي، والد صاحبنا مؤذن البادرائية عبد الرحمن الأسمر. توفي في سادس ربيع الآخر، وبعضهم يلقبه بالجمال. سمع: أباه، وأبا نصر بن الشيرازي. وأجاز له التاج الكندي. وعاش ثلاثا وسبعين سنة، رحمه الله. 28 - عبد الله بن أبي بكر بن أبي البدر البغدادي، الحربي، الزاهد. ويعرف بالشيخ عبد الله كتيلة. وكان فقيرا، صالحاً، عارفا، ربانيا، مكاشفا له أحوال وكرامات. وله زاوية وأصحاب. سافر في شبيبته، وصحب الكبار. وسمع بدمشق من: الشيخ الضياء، والفقيه سليمان الأسعردي. واشتغل في مذهب أحمد. وصحب الشيخ أحمد المهندس. صحبه شيخنا ابن الدباهي. وحكى لي عنه شعيب الكتبي، وغيره. حدثنا ابن الدباهي أنه مع جلالته كان يقضي الأوقات يترنم ويغني
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 77 لنفسه، وأنه كان فيه كيس وظرف وبشاشة، وقال: سمعته يقول: كنت على سطح يوم عرفة ببغداد وأنا مستلقي على ظهري، فما شعرت إلا. وأنا واقف بعرفة مع الركب سويعة، ثم لم أشعر إلا وأنا على حالتي الأولى مستلقي. فلما قدم الركب جاءني إنسان صارخا فقال: يا سيدي أنا قد حلفت بالطلاق أني رأيتك بعرفة العام، وقال لي واحد أو جماعة: أنت واهم الشيخ لم يحج العام. فقلت: امض لم يقع عليك حنث. توفي الشيخ عبد الله كتيلة ببغداد وهو في عشر الثمانين، رحمة الله عليه. وقال ابن الفوطي: روى لنا عن الشيخ الإمام موفق الدين المقدسي. وله تصانيف في الزهد. سألته عن مولده فقال: في سنة خمس وستمائة. يكنى أبا أحمد. مات في منتصف رمضان. قال: وله من الكتب ' المسهمة في الفقه ' ثمان مجلدات، وكتاب ' التحذير من المعاصي '، ثلاث مجلدات، وكتاب ' العدة في أصول الدين ' مجلد، وكتاب ' الإسعاف فيما وقع في السماع من الخلاف ' مجلد، وكتاب ' العرب ' مجلد. 29 - عبد الحكم بن بركات. جلال الدين، أبو محمد، رئيس المؤذنين بجامع مصر. توفي في ربيع الأول، وله ثمانون سنة. سمع من: عبد القوي بن الجباب. وحدث. 30 - عبد الجبار بن عبد الخالق بن أبي نصر بن عبد الباقي بن عكبر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 78 الإمام، الواعظ، العلامة، جلال الدين، أبو محمد البغدادي، أحد المشاهير. ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع من: ابن اللتي، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي. وصنف التصانيف، وحدث. أخذ عنه: ابن الفوطي، وأبو العلاء بن الفرضي، وطائفة. ومات في السابع والعشرين من شعبان سنة إحدى. ودفن في داره. قرأت بخط الفوطي: توفي رئيس الأصحاب شيخنا جلال الدين الحنبلي مدرس المستنصرية في شعبان. وكان وحيد دهره في علم الوعظ ومعرفة التفسير، وله مصنفات منها ' مشكاة البيان في تفسير القرآن '، ومنها ' مراتع المرتعين في مرابع الأربعين من أخبار سيد المرسلين '، وكتاب ' إيقاظ الوعاظ '. ولم يخلف في فنه مثله. قلت: كان ينظم الشعر، ويتكلم في أعزية الكبار، فيكرم بخلعة أو بذهب. 31 - عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 79 الشيخ، العلامة، زين الدين، أبو محمد الزواوي، المقرئ المالكي، شيخ القراء بالشام، وشيخ المالكية. ولد بظاهر بجاية من المغرب سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها بسنة، وقدم ديار مصر في حدود سنة أربع عشرة وستمائة، وأكمل القراءآت سنة ست عشرة على أبي القاسم بن عيسى بالإسكندرية. وعرضها أيضا بدمشق على أبي الحسن السخاوي سنة سبع عشرة. وسمع منه ومن غيره. وجود القراءآت وأتقنها. وصنف كتاباً نفيسا في ' غريب الوقف والابتداء '، وكتابا في ' عدد الآي '. وبرع في المذهب، ودرس، وأفتى، وامتدت أيامه. وهو ممن جمع بين العلم والعمل. ولي الإقراء بتربة أم الصالح بعد شمس الدين أبي الفتح سنة بضع وخمسين وستمائة، فقرأ عليه شيخنا برهان الدين الإسكندراني في سنة ست وخمسين، وشيخنا شهاب الدين الكندي. وقرأ عليه خلق كثير، وتصدى لذلك. وممن قرأ عليه: تقي الدين أبو بكر الموصلي، وعلي بن شعبان، والشيخ محمد المصري، والشيخ أحمد الحراني، وشهاب الدين أحمد بن النحاس الحنفي، وخلق لا يحضرني ذكرهم. وولي قضاء المالكية في سنة أربع وستين على كراهية منه. وكان يخدم نفسه، ويحمل الحطب على يده مع جلالته. وقد أخذ أيضاً عن: أبي عمرو بن الحاجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 80 سمع منه: أبو الحجاج القضاعي، وأبو محمد البرزالي، وأبو الحسن بن العطار، وآخرون. وعزل نفسه من القضاء يوم مات رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء، واستمر على التدريس والفتوى والإقراء. توفي في شهر رجب، وحضر جنازته نائب السلطنة لاجين والعالم. ومات، رحمه الله، في عشر المائة. 32 - عبد السميع بن أحمد بن عبد السميع بن يعقوب بن مطروح. العدل، الإمام، وجيه الدين. ولد سنة تسع وستمائة. ومات بالإسكندرية في نصف ذي الحجة. أكثر عن الصفراوي، وجعفر الهذلي. 33 - عبد المعطي بن عبد الكريم. الخطيب، جمال الدين الخزرجي، المصري. توفي في المحرم بمصر. روى هو وولده محمد عن: ابن اللتي. وروى هو عن: ابن المفضل، وجماعة. وقارب مائة عام. 34 - عطا ملك بن محمد بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 81 الأجل، علاء الدين، صاحب الديوان، ابن الصاحب بهاء الدين الجويني، الخراساني. أخو الصاحب الكبير الوزير شمس الدين كان إليهما الحل والعقد في دولة أبغا، ونالا من الجاه والحشمة ما يتجاوز الوصف. وفي سنة ثمانين قدم بغداد مجد الدين العجمي، فأخذ صاحب الديوان علاء الدين وغله وعاقبه، فلما عاد منكوتمر من الشام مكسورا حمل علاء الدين معهم إلى همذان، وهناك مات أبغا ومنكوتمر وكان قد انصلح أمر علاء الدين في أيام الملك أحمد. فلما ملك أرغون بن أبغا طلب الأخوين فاختفيا، فتوفي علاء الدين في الاختفاء بعد شهر، ثم أخذ ملك اللور يوسف أمانا من أرغون للصاحب شمس الدين، وأحضره إليه، فغدر به أرغون وقتله بعد موت أخيه بقليل. ثم فوض أرغون أمر العراق إلى سعد الدين العجمي والمجد ابن الأثير، والأمير علي جكينان، ثم قتل أرق وزير أرغون الثلاثة بعد عام. وكان علاء الدين وأخوه فيهما كرم سؤدد وخبرة بالأمور، وفيهما عدل ورفق بالرعية وعمارة للبلاد. ولي علاء الدين نظر العراق سنة نيف وستين بعد العماد القزويني، فأخذ في عمارة القرى، وأسقط عن الفلاحين مغارم كثيرة إلى أن تضاعف دخل العراق، وعظم سوادها، وجر نهرا من الفرات مبدأه من الأنبار ومنتهاه إلى مشهد علي، رضي الله عنه، وأنشأ عليه مائة وخمسين قرية. ولقد بالغ بعض الناس وقال: عمر صاحب الديوان بغداد حتى كانت أجود من أيام الخلافة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 82 ووجد أهل بغداد به راحة. وحكى غير واحد أن أبغا قدم العراق، فاجتمع في العيد الصاحب شمس الدين وعلاء الدين ببغداد، فأحصيت الجوائز والصلات التي فرقا، فكانت أكثر من ألف جائزة. وكان الرجل الفاضل إذا صنف كتابا ونسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار. وقد صنف شمس الدين محمد بن الصيقل الجزري خمسين مقامة، وقدمها، فأعطي ألف دينار. وكان لهما إحسان إلى العلماء والصلحاء، وفيهما إسلام، ولهما نظر في العلوم الأدبية والعقلية. وفي وقتنا هذا الإمام المؤرخ العلامة أبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد ابن الفوطي مؤرخ عصره، وقد أورد في ' تاريخه ' الذي على الألقاب ترجمة علاء الدين مستوفاة. هو الصدر المعظم، الصاحب، علاء الدين أبو المظفر، عطا ملك ابن الصاحب بهاء الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن أيوب بن الفضل بن الربيع الجويني، أخو الوزير شمس الدين. قرأت بخط الفوطي: كان جليل الشأن تأدب بخراسان، وكتب بين يدي والده، وتنقل في المناصب إلى أن ولي العراق بعد قتل عماد الدين الدويني، فاستوطنها وعمر النواحي، وسد البثوق، ورفد الأموال، وساق الماء من الفرات إلى النجف، وعمل رباطا بالمشهد. ولم يزل مطاع الأمور، رفيع القدر، إلى أن بلي بمجد الملك في آخر أيام أباقا بن هولاكو. وكان موعودا من السلطان أحمد أن يعيده إلى العراق، فحالت المنية دون الأمنية، وسقط عن فرسه فمات ونقل إلى تبريز فدفن بها. وله رسائل ونظم، كتب منشورا بولاية كتابة التاريخ بعد شيخنا تاج
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 83 الدين علي بن أنجب. وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ومدة ولايته على بغداد إحدى وعشرون سنة وعشرة أشهر. وقرأت بخطة وفاة علاء الدين في رابع ذي الحجة سنة 681 ه 35 - علي بن أحمد بن عبد الرحمن. القاضي شهاب الدين الشهرزوري، العدل توفي في شوال بدمشق. صحب ابن الصلاح وسمع منه. وولي قضاء زرع. وكان شاهدا عاقدا بسوق القمح. 36 - علي بن بشارة. أبو الحسن الشبلي. والد الشيخ شرف الدين الحسين الحنفي. توفي في ربيع الأول. 37 - علي بن سلام الفقيه، كمال الدين الدمشقي، الشافعي، مدرس الدولعية. والد المفتي شرف الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 84 كان فقيها، عالما، متفننا، ذكيا، دينا، صالحا، زاهدا. توفي كهلا في رمضان بكرة الليلة التي احترقت فيها اللبادين وأسواقها. عاش ستا وأربعين سنة. وأخذ عن ابن عبد السلام. وأعاد بالشامية، وكان من أئمة الدنيا. 38 علي بن صالح بن أبي علي بن يحيى بن إسماعيل. أبو الحسن العلوي، الحسيني، المكي سمع من: أبي الحسن علي ابن البناء الخلال. ثنا عنه أبو الحسن ابن العطار، واستجازه لي. وقال شيخنا التوزري: توفي في نصف رجب سنة إحدى. وأما ابن الخباز فقال: توفي في عاشر شوال سنة ثلاث وثمانين، والأول أثبت. قال البرزالي: سمع ' الترمذي ' من ابن البناء، و ' مسند الشافعي ' من ابن باق. وقال: وهو تاج الدين البهنسي، عاش نحوا من خمس وثمانين سنة. وكان إمام المقام وخطيب المسجد الحرام، معروفاً بالصلاح. حضر عند الشيخ أبي عبد الله القرشي، وعادت بركته عليه، وأجاز لنا مروياته. 39 - علي بن الأمير ناصر الدين عيسى ابن الأمير سيف الدين أبي الحسن علي ابن الأمير أسد الدين يوسف بن أبي الفوارس. الأمير، عماد الدين القيمري، الكردي، ابن صاحب قلعة قيمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 85 بطل الخدمة وأقام بالجبل مدة، وتوفي في رجب بالنيرب، ودفن بتربة جده سيف الدين التي تجاه مارستانه بالجبل. وقيمر بقرب أسعرد، وقد استولى عليها التتار. ومات هذا في الكهولة. 40 علي بن محمد بن نصر الله بن أبي سراقة. علاء الدين، أبو الحسن الهمداني، الدمشقي، الكاتب أحد المتصرفين. باشر في عدة جهات. وحدث عن: ابن الزبيدي، وجعفر الهمداني. روى عنه: الشيخ برهان الدين الفزاري. توفي في جمادى الأولى عن بضع وستين سنة. 41 - عمر بن إسحاق الأمير ناصر الدين، رئيس دمياط. مات في ربيع الأول. 42 - عمر بن حسين. المحدث، الفقيه، كمال الدين الختني، الحنفي. سمع: ابن رواج، وابن الجميزي، وخلقا. وطلب، وأسمع ولده يوسف. روى عنه: ابنه. مات في ذي الحجة. 43 - عمر بن منصور بن إسحاق. الأمير ناصر الدين الأرسوفي. روى عن: أبي عبد الله بن البناء البغدادي. ومات بدمياط في ربيع الأول وحمل فدفن بالقرافة. وأظنه هو رئيس دمياط.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 86 44 - عيسى بن إسماعيل بن عيسى. أبو البقاء المخزومي. ولد بمنبج سنة ستمائة. ومات في ربيع الآخر. حدث عن ابن روزبة. 45 - عيسى بن علي. الأندلسي، الكتبي. سمع السخاوي. - حرف الغين - 46 - غمراسن وقيل يغمراس بن عبد الواد. سلطان تلمسان. غلب على مدينة تلمسان عند ضعف بني عبد المؤمن، وطالت أيامه. وكان أحد من يضرب به المثل في الشجاعة. وهو الذي قتل السعيد علي بن إدريس المؤمني غدرا بنواحي تلمسان. مات غمراسن في العشرين من ذي القعدة سنة إحدى، وبقي في الملك سبعين عاما أو أقل. وتملك بعده ابنه عثمان. - حرف الفاء - 47 - فخر الدين العراقي. شيخ الصوفية بدمشق. توفي في جمادى الآخرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 87
- حرف الميم - 48 - محمد بن عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله. الرشيد بن الشيخ المقرئ تقي الدين الناشري، المصري. سمع من: الفارسي فخر الدين، وابن باقا. مات في رجب. 49 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران بن كليب. العابد، الإمام، أبو عبد الله بن الدهان. توفي في شوال بالإسكندرية. روى بالإجازة عن: أبي جعفر الصيدلاني، وغيره. وسمع من: علي بن المفضل. وعاش تسعين سنة. وقيل: مات سنة اثنتين. سمع منه: أبو حيان، والصفي العراقي والقطب الحلبي. 50 - محمد ابن الشيخ عز الدين بن عبد السلام. السلمي، الدمشقي، شرف الدين، إمام المدرسة الظاهرية التي بالقاهرة. كان أكبر إخوته. توفي في شعبان. حدث عن: أحمد بن محمد بن سيدهم، وعلي بن عبد الوهاب بن الحبقبق، وغيرهما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 88 وله مجاميع وفوائد. 51 - محمد ابن الإمام المدرس صلاح الدين ابن العلامة شمس الدين علي. الشهرزوري، الشافعي، مدرس القيمرية، وابن مدرسها، وأبو مدرسها علي الشهرزوري، القاضي، الإمام، شمس الدين، أبقاه الله وغفر له. توفي شابا في رجب. وكذا توفي بعده أخوه شرف الدين أحمد شاباً، وبينهما شهر ويومان، رحمهما الله. فلما أديرت الدروس في شوال درس بالمدرسة المذكورة القاضي الإمام بدر الدين محمد بن جماعة، وحضر دروسه القضاة والأئمة. قرأت بخط الإمام أبي عبد الله بن الفخر: توفي صاحبي المنغص على شبابه، صلاح الدين محمد بن القاضي شمس الدين علي بن محمود يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من رجب، وله أربع وثلاثون سنة أو أزيد بيسير. وكان حسن الأخلاق، كريم الشيم والعشق، بشوش الوجه، حسن الخلق والخلق، رحمه الله، وعوض شبابه الجنة، ودفن بمقبرة الصوفية خارج باب النصر. 52 - محمد بن محمد. وزير ممالك التتار، الصاحب، شمس الدين الجويني. قتله أرغون بن أبغا مظلوما في آخر العام، أو في سنة اثنتين. 53 - محمد بن محمد بن محمود بن نجيب. أبو البدر الواسطي، المعدل، الفقيه، نزيل بغداد. تفقه في النظامية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 89 وسمع: ابن بهروز، وابن الخباز. توفي في ذي الحجة. لقبه: كمال الدين. مات كهلا. 54 - محمود بن سلطان بن محمود البلعلبكي، الزاهد، القدوة. صحب أباه وخدمه، وصحب الشيخ إبراهيم البطائحي، وغيره. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان من الأولياء الأفراد وأرباب الأحوال والمعاملات. صحب والده وأخذ عنه، وصحب والدي ولازمه إلى حين وفاته. ولبس الخرقة تبركا من الشيخ إبراهيم، ولبسها من الشيخ عبد الله البطائحي صاحب الشيخ عبد القادر. توفي في خامس رمضان، ودفن بتربة سيدنا الشيخ عبد الله إلى جانب والده، وقد ناهز المائة. ذكر أن والده أخبره أنه لما عاد من وقعة حطين ' كان لك من العمر شهرا '. ووقعة حطين كانت في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. قلت: روى الشيخ عن البهاء عبد الرحمن. روى عنه: شمس الدين ابن أبي الفتح. 55 - محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 90 العلامة، برهان الدين المراغي، الشافعي. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع بحلب من: أبي القاسم بن رواحة، والقاضي زين الدين ابن الأستاذ. روى عنه: المزي، وابن العطار، وابن البرزالي، وجماعة. وكان إماما، مفتيا، مناظرا، أصوليا، كثير الفضائل، صالحا، زاهد، متعففا، عابدا. قال قطب الدين: عرض عليه قضاء القضاة فلم يقبل وامتنع، وعرض عليه مشيخة الشيوخ فامتنع أيضاً. وكان لطيف الأخلاق، كريم الشمائل، عارفا بالمذهب. والأصول، مكمل الأدوات. توفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر، ودفن بمقابر الصوفية. قلت: وكان عالما بالأصلين والخلاف، له حلقة بالجامع. وكان شيخا طوالا حسن الوجه، مهيبا، متصوفا. وقال لنا ابن أبي الفتح: عرضت عليه الوكالة فأباها، وعرض عليه القضاء لما عزل ابن خلكان. ودرس مدة بالفلكية. 56 - مذكور بن ناصر. اللخمي، المنذري. مات ببلبيس في صفر. سمع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 91 57 - المقداد بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن المقداد. الشيخ نجيب الدين، أبو المرهف القيسي، الشافعي. ولد سنة ستمائة. سألت أبا الحجاج الحافظ عنه، فقال لي: هو أبو المرهف الصقلي الأصل، البغدادي المولد، الدمشقي الدار، شيخ جليل، كثير السماع. سمع ببغداد من: عبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي، وأبي البقاء العكبري في آخرين. وبمكة من الحافظ أبي الفرج بن الحصري شيئا كثيرا. وأجاز له، المؤيد الطوسي، والقاسم بن الصفار، وآخرون. قلت: وسمع من: عبد العزيز بن بنينا، وأبي منصور بن الرزاز، وأبي القاسم موسى بن سعيد الهاشمي، وثابت بن مشرف. وبمكة من: علي بن البنا. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو العباس ابن تيمية، والمزي، والقاضي صدرالدين سليمان الهاشمي، والبرزالي، وأبو أحمد الذهبي، والخطيب شمس الدين إمام الكلاسة، وطائفة. وسمع الكثير وحدث به، وانتفع به الطلبة، واشتهر ذكره. وكان عدلا صدوقا، خيرا، تاجرا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 92 توفي في ثامن شعبان، ودفن بسفح قاسيون. أجاز لي مروياته. 58 - منكودمر بن هولاكو بن قان بن جنكزخان. المغلي، أخو الملك أبغا، ومقدم التتار الذين عملوا المصاف في عام أول مع المسلمين بظاهر حمص. كان ذا شجاعة وإقدام وسفك للدماء وجرأة على الله تعالى وعلى عباده. ذكره ابن اليونيني فقال: هو نصراني، جرح يوم المصاف، وحصل له ألم شديد، وغم على ما جرى عليه، وحدثته نفسه بجمع العسكر من سائر ممالك أبيه، وقصد الشام للأخذ بثأره، فبغته موت أبغا، ففت ذلك في عضده. وتملك بعد أبغا أخوه الملك أحمد، وهو مسلم، فانكسرت همة منكودمر، واعتراه صرع مرارا، فتوفي في العشر الأول من المحرم، ببلد جزيرة ابن عمر، بقرية تل خنزير. وقيل: توفي في أواخر سنة ثمانين، وله نحو من ثلاثين سنة أو أكثر. - حرف الهاء - 59 - هبة الله. المعروف بالسديد، الماعز، القبطي، النصراني، مستوفي المملكة. كان ماهرا في الحساب، مقدما على أبناء جنسه، معروفا بالأمانة، وله مكانة وافرة عند الملك المنصور، والوزير يستضيء، برأيه. وما على يده يد. وكان فيه خدمة وتودد ومداراة وإقالة لعثرات الكتاب، متمسكا بملته، كثير الإحسان والصدقات على النصارى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 93 هلك في عاشر المحرم، وهو في عشر السبعين بالقاهرة وعجل الله بروحه إلى النار. ورتب السلطان ولده الشيخ الأسعد جرجس مكانه، فتضاعفت منزلته، وشكرت سيرته. 60 - لاجين الرومي. حسام الدين العينتابي. شارك في نيابة السلطنة بحلب، وكان بطلا شجاعاً، سائسا، جميل الصورة. الكنى 61 - أبو بكر بن عبد الله بن كربان بن يوسف. الدمشقي، الفراء. روى عن: السخاوي، وغيره. وكان شيخا صالحا. توفي في شوال. 62 - أبو طالب بن إسماعيل بن أبي طالب بن بدر. الدمشقي، العطار، سعد الدين بن بدر الطويل. روى عن: ابن اللتي. ومات في صفر. وقد رأيته ولم يكن أحد في البلد أطول منه. وكان لا يجد مداسا إلا أن يستعمله على قالب أعد له. * * * وفيها ولد: شمس الدين محمد بن أحمد بن تمام السراج والده في نصف جمادى الأولى بدمشق. وبشر بن إبراهيم البعلبكي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 94
سنة اثنتين وثمانين وستمائة
- حرف الألف - 63 - أحمد ابن الشيخ شهاب الدين أبي حامد إسماعيل بن حامد. نجم الدين، أبو العباس، ابن الفرضي. شيخ عدل، حسن. سمع: أبا محمد بن البن، وأبا المجد القزويني، وأبا القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وغيرهما. مات في ربيع الآخر. 64 - أحمد بن السابق بشارة. الشبلي، عماد الدين. سمع: من ابن اللتي. 65 - أحمد بن حجي بن بريد. الأعرابي، الأمير، شيخ آل مري. كان أحد الأبطال المذكورين، والشجعان المعروفين. كانت غاراته تصل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 95 إلى نجد والحجاز، ويؤدون له الخفر، حتى أن صاحب المدينة النبوية صلوات الله على الحال بها وسلامه الشريف جمازا، يؤدي إليه القطيعة ويداريه. وكان له المنزلة الرفيعة عند السلطان الملك الظاهر، والسلطان الملك المنصور. وكان يزعم أنه من نسل جعفر البرمكي وزير الرشيد، وأنه من أولاد أخت هارون الرشيد. وكان إذا حضر عند قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان يقول: أنت ابن عمي. ويضيفه القاضي وبينهما مهاداة، ولهذا قام معه في نصره لما أداه الأمير علم الدين الحلبي نوبة سنقر الأشقر، وكاتب فيه إلى مصر. وكان آفة على الناس في الطرقات، وخلف عدة أولاد. 66 - أحمد بن عبد الله بن هبة الله بن المنصور بالله. أبو الفضل الهاشمي، المنصوري. روى عن ابن روزبة. وتوفي في رجب ببغداد. 67 - أحمد بن علي بن عامر. العماد المقدسي، الأشتر. من مشاهير الشهود. له ترجمة ضعيفة، ويرمى بالتزوير. حدثونا عنه أنه كان يكتب في كل إثبات يقع في يده، ويصيح ويقول بجهل: أنا لولا معي إسجال على القضاة ما شهدت فيه. توفي في ذي القعدة. وقد روى لنا ولده السديد عبد الله بن النجيب بن الصيقل. 68 - أحمد بن محمد بن مهنا. الصدر جمال الدين الحسيني، العبدلي. قال الفوطي: عارف بالأنساب وفنون الآداب، أوحد في علمه، صنف كتاب ' وراء الزوراء '. كتبت عنه وكتب عني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 96 مات ببغداد في صفر. 69 - أحمد بن محمد بن علي. القدوة الزاهد، نجم الدين بن القش البغدادي، من بقايا المشيخة ببغداد. كان شيخنا شمس الدين يثني عليه ويذكره. قرأت بخط الفوطي أنه كان ممن صحب الشيخ عثمان القصير، وتاب على يده، وتفقه لأحمد. وسمع من أصحاب أبي الوقت. وصحب جدي لأمي العفيف ابن الظهير. ولما رجعت من بزاعة أهدى لي فواكه، وأعطاني دراهم غير مرة. وتوفي ببعقوبا في رجب، ودفن إلى جانب شيخه الشيخ علي بن إدريس. 70 أحمد بن يحيى بن قمير. أبو العباس المالكي. من أعيان الفقهاء توفي بالدميرتين، وهو في عشر السبعين في رمضان. وكان من الزهاد. وأخذ عن أبي الحجاج الأقصري. 71 - أحمد بن أبي الهيجاء. الزراد، الحريري، الصالحي، والد شيخنا أبي عبد الله. كان رجلا جيداً، سمع الكثير من خطيب مردا، ومحمد بن عبد الهادي مع ولده. وسمع منه: النجم ابن الخباز. توفي في رمضان وله ثمانون سنة أو نحوها. 72 - إبراهيم بن تروس بن عبد الله. برهان الدين الحنبلي، التاجر بقيسارية الفرس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 97 سمع من: السخاوي، والتاج القرطبي، والرشيد بن مسلمة. ثم سمع بنفسه وحصل. كتب عنه: ابن أبي الفتح. وابن البرزالي، وجماعة. ومات في ذي القعدة. 73 - إبراهيم بن المبارك بن أبي البقاء. الطيبي، البغدادي. سمع من: أحمد بن يعقوب المارستاني، وابن القبيطي، وجماعة. ومات في ذي الحجة ببغداد. وحدث. 74 - إبراهيم بن محمد بن أبي العز. أبو إسحاق الحريمي، العتابي. سمع: عبد الملك بن بنينا، وابن الخازن، وإسحاق بن العليق. كتب عنه الفرضي. وتوفي في ذي الحجة. 75 - إبراهيم بن أبي إسحاق بن إبراهيم. الإمام أبو إسحاق الطرزي، الدامغاني، الحنفي. قال الفرضي: كان مفتيا، عارفا بالمذهب، زاهدا. قدم بخارى وتفقه بها. وسمع من أبي المعالي الباخرزي، ورجع إلى بلده. قال: توفي في هذه السنة في غالب ظني. 76 - إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر. صاحب إفريقية، المجاهد في سبيل الله، أمير المسلمين أبو إسحاق ابن الأمير أبي زكريا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 98 هو الذي توثب على ابن أخيه المخلوع، وأقام في المملكة أربعة أعوام، خرج عليه الدعي فقتله صبرا في هذا الوقت. وسنذكر الداعي في العام الآتي. ومات إبراهيم في هذه السنة ظنا. 77 - إسماعيل بن إبراهيم بن أبي القاسم بن أبي طالب بن كسيرات. الصدر، مجد الدين، أبو الفداء الموصلي. ولي المناصب الكبار بالموصل، ثم قدم الشام، وولي نظر حمص مدة. ثم قدم دمشق، فولي نظر الدواوين. فلما تسلطن شمس الدين سنقر بدمشق استوزره، فباشر تلك الأيام مكرها، وحصل له من صاحب مصر مصادرة ونكد، ثم لزم بيته وحج، وأقام بطالا بجبل قاسيون إلى أن مات في رمضان، وقد جاوز السبعين. 78 - إسماعيل بن هبة الله بن علي بن المقداد. أبو الفداء القيسي، ناصر الدين، أخو الشيخ نجيب الدين، ووالد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 99 صاحبنا علاء الدين وهو قاضي القضاة شمس الدين محمد بن الحريري. توفي في شوال. 79 - إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد. العسقلاني، ثم الصالحي، أبو الفداء. ولد سنة بضع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وابن الحرستاني، وغيرهم. وكان من الشيوخ المسندين. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون. وسألت عنه أبا الحجاج المزي فقال: سمع ' المسند ' من حنبل. [وسمع من ابن طبرزد عامة ما قرئ عليه بالجبل. وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني، وسمعنا منه أشياء كثيرة. وكان أميا. وقال ابن العطار: وحضر جزءا في الرابعة من عمره سنة تسع وتسعين في رجب على أبي المجد الحسن بن الحسن الأنصاري. توفي في ذي القعدة. - حرف الباء - 80 - بدر بن عبد الله. الآمدي، الخادم. يروي عن: كريمة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 100 وقد سمع الكثير مع الشرف النابلسي. كتب عنه: علم الدين، وغيره. ومات في رجب. - حرف الحاء - 81 - الحسن بن علي بن عبد الله. أبو عبد الله الشهرزوري، الفقيه، الشافعي، إمام، علامة، زاهد، عابد، قائم على المذهب. نزل بغداد، وسمع: ابن قميرة، وغيره. توفي في ذي القعدة. وهو من شيوخ الفرضي. قال الفوطي: أفتى عدة سنين، وكان يحفظ كتاب ' المذهب ' لأبي إسحاق. وكان أميا. وكان مدرسا بمدرسة فخر الدين ابن القاضي. سألته عن مولده فقال: سنة عشر وستمائة تقريبا. 82 - الحسن بن علي بن عكسر. أخو الشيخة هدية. روى عن: ابن اللتي، وغيره. توفي في ربيع الأول. وكان قيم حمام. وصحب ابن الكمال وخدمه. 83 - الحسين بن علي بن أبي المنصور. الأنصاري الشيخ القدوة صفي الدين أبو عبد الله. توفي بمصر في ربيع الآخر، وله سبع وثمانون سنة. وكان صاحب رواية بالقرافة. وتؤثر عنه كرامات وكشف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 101 وكان الوزير وغيره من الأكابر يمشون إليه ويتبركون به. وقد كتب في الإجازات، وحدث عن أبي الحسن علي بن البناء. أخذ عنه عتيق العمري وصحبه. وقفت على كراس لهذا الشيخ في لقيه الأولياء وفيه عظائم لا تحتمل، والله الموعد. - حرف الخاء - 84 - خليل بن عبد الغني بن خليل بن مقلد. الشيخ، صفي الدين بن الصائغ، الأنصاري، الدمشقي، الرجل الصالح، ابن عم قاضي القضاة. توفي في رجب، ودفن بقاسيون. وكان دينا، كثير العبادة. لا أعلم له رواية. - حرف الزاي - 85 - زكريا بن محمود. الإمام أبو يحيى الأنصاري، القزويني، القاضي عماد الدين، قاضي واسط. وكان قاضي الحلة في أيام الخليفة. وله تصانيف منها كتب ' عجائب المخلوقات '. مات في سابع المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 102 86 - زهرون بن خلف بن زهرون. الدمياطي. توفي في شوال بمصر. وقد حدث. 87 - زين الحرمين. بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم، وأم المولى الإمام بهاء الدين يوسف بن العجمي. توفيت في جمادى الأولى. ولها سماع. ولعلها حدثت. وكانت كاتبة خيرة. - حرف السين - 88 - سعيد بن أحمد بن سعيد. أبو العز الطيبي ابن خطيب الطيب. شيخ بغدادي، إمام في الفرائض. سمع من: أبي الحسن القطيعي، وأبي المنجا بن اللتي، وجماعة. ومات عن خمس وخمسين سنة في ذي القعدة ببغداد، رحمه الله تعالى. - حرف الصاد - 89 - صفية ابنة محمد بن عيسى بن الشيخ موفق الدين ابن قدامة. المقدسية، زوجة الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الواسطي. سمعت من: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. روى عنها: علم الدين، والطلبة. وتوفيت إلى رحمة الله في ربيع الآخر بالجبل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 103
- حرف العين - 90 - عباس بن عمر بن عبدان. الفقيه، عفيف الدين، أبو الفضل البعلبكي، الحنبلي، المقرئ، الرجل الصالح. كان إمام مسجد بالعقيبة. وقد سمع من: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والمجد القزويني، وزين الأمناء بن عساكر. وقرأ شيئا من الفقه على الشيخ الموفق أيضا. روى عنه: أبو الحسن بن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة. توفي في ذي الحجة. وبلغني أنه قرأ ' العمدة ' على الشيخ الموفق. 91 - عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن حيون. الغساني، الشيخ جمال الدين بن محمد الجرايري، نزيل دمشق. شيخ محقق، عالم متقن، كثير الرواية، مليح الكتابة. نسخ الكثير، وعني بالحديث، مع فهم ومعرفة وديانة وعبادة وتواضع. فسمع بمصر من جماعة من أصحاب السلفي. وحدث عن: أبي الخطاب بن دحية الحافظ، وأخيه أبي عمرو عثمان، ويوسف بن المخيلي، وأبي الحسن السخاوي، وكريمة القرشية، وأبي عمرو بن الصلاح، وإبراهيم بن الخشوعي. ثم لم يزل يسمع ويكتب على أواخر عمره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 104 روى عنه: المنجم بن الخباز، وابن العطار، والمزي، وابن تيمية، وطائفة سواهم. وأجاز لي مروياته، وولي مشيخة النجيبية التي هي سكن أبي الحجاج المزي، وبها توفي في شوال]. 92 عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم. الإمام، المفتي، المفنن شهاب الدين ابن العلامة شيخ الإسلام أبي البركات ابن تيمية الحراني، الحنبلي، نزيل دمشق، والد شيخنا. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة بحران. وسمع من: أبي المنجا ابن اللتي، وأبي القاسم بن رواحة، وحامد بن أميري، وعلي بن أبي الفتح الكناري، وأبي الحجاج بن خليل، وعيسى الخياط. وقرأ المذهب حتى أتقنه على والده. ودرس، وأفتى، وصنف، وصار شيخ البلد بعد أبيه وخطيبه وحاكمه. وكان إماما متقنا، ومحققا لما ينقله، كثير الفنون، جيد المشاركة في العلوم، له يد طولى في الفرائض والحساب والهيئة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 105 وكان دينا، خيرا، متواضعاً، حسن الأخلاق، موطأ الأكناف، كريما جوادا، نبيلا، من حسنات العصر. تفقه عليه ولداه أبو العباس، وأبو محمد. وحدثنا عنه على المنبر ولده، أيده الله بروح منه. وكان قدومه إلى دمشق بأهله وأقاربه مهاجراً في سنة سبع وستين وستمائة. وتوفي لي ليلة الأحد سلخ ذي الحجة، ودفن في مقابر الصوفية. وكان الشيخ شهاب الدين من أنجم الهدى، وإنما اختفى بين نور القمر وضوء الشمس. 93 - عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن مفلح المقسدي، الصالحي، قيم المدرسة الشامية. روى عن: ابن اللتي، وابن الزبيدي. أخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وغيرهما. ومات في ربيع الأول. 94 - عبد الرحمن بن عباس بن أحمد بن كثير. كمال الدين، أبو الفرج اللخمي، المصري، ثم الدمشقي، المعروف بابن الفاقوسي. إمام المدرسة المجاهدية. روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وابن البن. روى عنه: ابن البرزالي، وابن تيمية، والطلبة. وكان له شعر، وفيه نباهة وخط مليح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 106 توفي في شعبان وله خمس وسبعون سنة. 95 - عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة. شيخ الإسلام، وبقية العلماء، شمس الدين، أبو محمد، وأبو الفرج، ابن القدوة الشيخ أبي عمر، المقدسي، الجماعيلي، ثم الصالحي، الحنبلي، الخطيب، الحاكم. ولد في المحرم سنة سبع وتسعين وخمسمائة بالدير المبارك بسفح قاسيون. وسمع حضرواً من ست الكتبة بنت الطراح سنة تسع وتسعين. وسمع من أبيه، وعمه الشيخ الموفق، وعليه تفقه ؛ وعرض عليه ' المقنع ' وشرحه عليه. وشرحه عشر مجلدات. وسمع أيضا من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي المحاسن محمد بن كامل، والقاضي أبي المعالي أسعد بن المنجا، وابن البناء، وابن ملاعب، وأبي الفتوح البكري، وأبي الفتوح الجلاجلي، والشيخ العماد، والشهاب بن راجح، والشمس بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 107 البخاري، والبهاء عبد الرحمن، والعز ابن الحافظ، والشمس أبي القاسم العطار، وأبي الحسين غالب بن عبد الحق الحسيني، وأحمد بن محمد بن سيدهم، ومحمد بن وهب بن الرنف، ونصر الله بن نوح المصري، والموفق عبد اللطيف اللغوي، وهبة الله الكهفي، ويوسف بن أبي الخير الزاهد. وطلب الحديث بنفسه، وكتب، وقرأ على الشيوخ، فقرأ على: ابن الزبيدي، وجعفر الهمذاني، والضياء المقدسي، وطائفة. وسمع بمكة من: أبي المجد القزويني، والتقي علي بن ماسويه الواسطي. وبالمدينة من: أبي طالب عبد المحسن بن أبي العميد الخفيفي. وبمصر من: مرتضى بن أبي الجود، وبركات بن ظافر بن عساكر، وإبراهيم بن الجباب، وجماعة. وأجاز له: الإمام أبو الفرج بن الجوزي، وأبو جعفر الصيدلاني، وأبو سعيد عبد الله بن الصفار، وعفيفة الفارقانية، وأبو الفتح المندائي، وخلق كثير. روى عنه: الأئمة أبو زكريا النواوي، وأبو الفضل بن قدامة الحاكم، وأبو العباس ابن تيمية، وأبو محمد الحارثي، وأبو الحسن بن العطار، وأبو الحجاج الكلبي، وأبو إسحاق الفزاري، وأبو الفداء إسماعيل الحراني، وأبو عبد الله بن مسلم، والبدر أبو عبد الله التادفي، والزين عبد الرحمن اليلداني، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو محمد البرزالي، وخلق كثير. وتفقه عليه غير واحد، ودرس، وأفتى، وصنف، وانتفع به الناس، وانتهت إليه رئاسة المذهب في عصره. وكان عديم النظير علما، وعملاً، وزهداً، وصلاحا. ولقد بالغ نجم الدين بن الخباز المحدث وتعب، وجمع سيرة الشيخ في مائة وخمسين جزءا، تجيء في ست مجلدات كبار. ولعل ثلثها يختص
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 108 بترجمة الشيخ، والباقي في ترجمة النبي صلى الله عليه وسلم لكون الشيخ من أمته، وفي ترجمة الإمام أحمد بن حنبل وأصحابه، وهلم جرا إلى زمان الشيخ. وذكر أنه حج ثلاث مرات، الأولى سنة تسع عشرة، والثانية سنة إحدى وخمسين، وحج معه شيخنا تقي الدين سليمان، وكانت وقفة الجمعة، والثالثة سنة ثمان وسبعين لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبه في المنام، فقام بذلك. وحضر من الفتوحات: الشقيف في سنة ست وأربعين، وصفد في سنة أربع وستين، والشقيف ويافا سنة ست وستين، وحصن الأكراد سنة تسع وستين. وكان كثير الذكر والتلاوة، سريع الحفظ، مليح الخط بمرة، يصوم الأيام البيض، وعشر ذي الحجة، والمحرم. وكان رقيق القلب، غزير الدمعة، سليم القلب، كريم النفس، كثير القيام بالليل، والاشتغال بالله، محافظا على صلاة الضحى، ويصلي بين العشاءين ما تيسر. وكان يبلغه الأذى من جماعة فما أعرف أنه انتصر لنفسه. وكان تأتيه صلات من الملوك والأمراء فيفرقها على أصحابه وعلى المحتاجين. وكان متواضعا عند العامة، مترفعا عند الملوك. حسن الاعتقاد، مليح الانقياد، كل العالم يشهد بفضله، ويعترف بنبله. وكان حسن المحاورة، طريف المجالسة، محبوب الصورة، بشوش الوجه، صاحب أناة، وحلم، ووقار، ولطف، وفتوة، وكرم. وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والمحدثين وأهل الدين. وكان علامة وقته، ونسيج وحده، وريحانة زمانه، قد أوقع الله محبته في قلوب الخلق. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ولم أر أحدا يصلي صلاة أحسن منه، ولا أتم خشوعا. وكان يدعو بدعاء حسن بعد قراءتهم لآيات الحرس بالجامع بعد العشاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 109 وكان ربع القامة، وليس بالقصير، أزهر اللون، واسع الوجه، مشربا بحمرة، واسع الجبين، أزج الحاجبين، أبلج، أقنى الأنف، كث اللحية، سهل الخدين، أشهل العينين، رقيق البشرة، متقارب الخطى. تسرى أولا بجارية ولم تقم عنده، ثم بأخرى اسمها ' خطلو '، فولدت له أحمد في سنة خمس وعشرين، فصلى بالناس، وحفظ ' المقنع '، وعاش ست عشرة سنة. ثم ولدت محمداً، فمات سنة ثلاث وأربعين، وله أربع عشرة سنة. وولدت له ثلاث بنات، منهن فاطمة التي ماتت سنة خمس وثمانين. ثم تزوج ' خاتون ' بنت السديد عبد الرحمن بن بركات الإربلي في سنة ثمان وثلاثين، فولدت له الشرف عبد الله سنة تسع وثلاثين، والعز محمدا سنة ست وأربعين، والقاضي نجم الدين أحمد سنة إحدى وخمسين، ثم ست العرب التي توفيت سنة اثنتين وسبعين عن نحو ثلاثين سنة وخلفت الفخر عبد الله ابن شمس الدين محمد بن الخطيب شرف الدين عبد الله بن أبي عمرو. توفي الشمس أبو هذا سنة ثمان وستين قبل أخيه العز بيسير. ثم تزوج الشيخ بحبيبة بنت التقي أحمد بن العز، فولدت له عليا، فعاش ست سنين ومات. ثم ولدت عليا، وعمر، وزينب، وخديجة، فتوفي عمر سنة خمس وثمانين، وقتل الفقيه علي سنة سبعمائة بأرض ماردين شهيدا. وقال أبو الفتح بن رجب الحافظ: سألت الحافظ ابن عبد الواحد عن شمس الدين عبد الرحمن بن عمر فقال: فقيه، إمام، عالم، خير، دين، حافظ، تفقه على عمه، وسمع على جماعة كبيرة. قال ابن الخباز: وكان كثير الاهتمام بأمور الناس كلهم، ويسأل عن الأهل والجيران والأصحاب، لا يكاد يسمع بمريض إلا افتقده، ولا مات أحد من أهل الجبل إلا شيعه، ولا سمع بمكان شريف إلا زاره ودعا فيه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 110 وكان كثير التردد على مغارة الدم، ومغارة الجوع، وكهف جبريل وكان يقصد زيارة قبر والده وجده بعد العصر في كل جمعة، ويقرأ ' يس ' و ' الواقعة ' وما تيسر، ويهديه ويدعو للمسلمين. وحدثني التاج عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم أن شيخنا رحل إلى يونين وأقام بها أربعين يوما يعبد الله ويسأله ويتضرع إليه. وكان معه العز أحمد بن العماد. قال: وأملى علينا الإمام مفتي الشام محيي الدين يحيى النواوي بدار الحديث، قال: شيخنا الإمام العلامة، ذو الفنون من أنواع العلوم والمعارف، وصاحب الأخلاق الرضية، والمحاسن واللطائف، أبو الفرج، وأبو محمد، عبد الرحمن ابن أبي عمر المقدسي سمع الكثير، وسمعه، وأسمع قديما في حياة شيوخه. وهو الإمام المتفق على إمامته وبراعته وورعه وزهادته وسيادته، ذو العلوم الباهرة والمحاسن المتظاهرة. قال: وثنا الإمام أبو إسحاق اللوري المالكي قال: كان شيخنا شيخ الإسلام، قدوة الأنام، حسنة الأيام، الرباني، شمس الدين عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام أبي عمر ممن تفتخر به دمشق على سائر البلدان، بل يزهو به عصره على متقدم العصور والأزمان، لما جمع الله له من المناقب والفضائل والمكارم التي أوجبت للأواخر الافتخار على الأوائل، منها التواضع، مع عظمته في الصدور، وترك التنازع فيما يفضي على التشاجر والنفور، والاقتصاد في كل ما يتعاطاه من جميع الأمور، لا عجرفة في كلامه ولا تبعة، ولا تعظم في نفسه ولا تجبر، ولا شطط في تلبسه ولا تكبر، ومع هذا فكانت له صدور المجالس والمحافل، وإلى قوله المنتهى في الفصل بين العشائر والقبائل مع ما أمده الله تعالى به من سعة العلم [وما] فطره عليه من الرأفة والحلم، ألحق الأصاغر بالأكابر في رواية الحديث إلى أن كان لا يوفر جانبه عمن اعتمده
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 111 مسلما كان أو ذميا، ينتاب بابه الأمراء والملوك، فيساوي في إقباله عليهم بين المالك والمملوك. وسمعت فخر الدين عمر بن يحيى الكرخي يقول: يا أخي، الشيخ أشهر من أن يوصف، بل أقول تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغني من سيرة العلماء. ولي الشيخ قضاء القضاة في جمادى الأولى سنة أربع وستين على كره منه، سمعت العماد يحيى بن أحمد الحسني الشريف يقول: الشيخ عندي في الرتبة على قدم أبي بكر، والشيخ زين الدين الزواوي على قدم عمر، فما رأت عيني مثلهما. وقال أيضاً: كان الشيخ، والله، رحمة على المسلمين، ولولاه راحت أملاك الناس لما تعرض إليها السلطان ركن الدين، فقام فيها مقام المؤمنين الصديقين، وأثبتها لهم، وبذل مجهوده معهم، وعاداه جماعة الحكام، وعملوا في حقه المجهود، وتحدثوا فيه بما لا يليق، ونصره الله عليهم بحسن نيته. يكفيه هذا عند الله تعالى. سمعت الإمام عماد الدين محمد بن عباس بن أحمد الربعي بالبيمارستان النوري يقول: رحمة الله على الشيخ شمس الدين، كان كبير القدر، جعله الله تعالى رحمة على المسلمين، ولولاه كانت أملاك الناس أخذت منهم. ثم ساق ابن الخباز ثناء جماعة كبيرة من الفضلاء على الشيخ، وساق فصلا طويلا في نحو مائتي ورقة، فيه منامات مرئية من عدد كثير للشيخ، كلها يدل على حسن حاله، وأنه من أهل الجنة. وقد أثنى عليه الشيخ قطب الدين وقال: ولي القضاء مكرها، وباشرها مدة، ثم عزل نفسه، وتوفر على العبادة والتدريس والتصنيف وكان أوحد زمانه في تعدد الفضائل، والتفرد بالمحامد. وحج غير مرة. ولم يكن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 112 له نظير في خلقه وما هو عليه. وكان على قدم السلف الصالح في معظم أحواله، ورثاه غير واحد. قلت: رثاه قريب ثلاثين شاعرا، وكانت جنازته مشهودة، لم نسمع بمثلها من دهر طويل، حضرها أمم لا يحصون. وكان مقتصدا في ملبسه، وله عمامة صغيرة بعذبة بين يديه، وثوب مقصور، وعلى وجهه نور وجلالة. وكان ينزل البلد على بهيمة، ويحكم بالجامع. ولا يسع هذا الكتاب منتخب ما أورده ابن الخباز وربما اختصر ذلك {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} وقد أجاز لي مروياته ولله الحمد. وتمرض أياماً، ثم انتقل إلى الله تعالى ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الآخر، بمنزله بالدير، ودفن عند والده، رحمهما الله تعالى. وقد رثاه القاضي شهاب الدين محمود، الكاتب بقصيدة طويلة أولها: (ما للوجود وقد علاه ظلام .......... أعراه خطب أم عداه مرام) وهي نيف وستون بيتا. ورثاه الأديب البارع شمس الدين محمد بن الصائغ بقصيدة أولها: (الحال من شكوى المصيبة أعظم .......... حيث الروى خصم بعيد يخصم) وهي ستة وخمسون بيتا. ورثاه المولى علاء الدين بن غانم بقصيدة حسنة، ورثاه الشيخ محمد الأرموي بقصيدة قرأتها عليه، ورثاه البرهان بن عبد الحافظ بقصيدة قرأتها عليه أيضا، ورثاه مجد الدين بن المهتار بقصيدة، ورثاه نجم الدين علي بن عبد الرحمن بن فليتة التميمي الحنفي بقصيدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 113 وقال شمس الدين محمد بن أبي الفتح رحمه الله: مرض شيخنا سبعة عشر يوما بالبطن، فهو شهيد. أخبرني شيخنا فخر الدين البعلبكي أنه منذ عرفه ما رآه غضب، وعرفه نحو خمسين سنة. قال ابن أبي الفتح: وكان مع ذلك زاهدا في الدنيا والمناصب، ولي القضاء أكثر من اثني عشرة سنة لم يتناول على ذلك رزقا، ثم تركه بعد. حدث ' بالمسند ' عن حنبل الكناني، و ' بأبي داود ' و ' الترمذي ' عن ابن طبرزد، و ' بسنن ابن ماجة ' عن الشيخ الموفق، و ' بالبخاري ' عن الزبيدي، و ' بالدارمي ' عن ابن اللتي. 96 - عبد الرحمن بن محمد. الحسنوي، الجزري. شيخ، صالح، عارف، عابد، حسن المحاضرة. توفي بدمشق وله نحو من ثمانين سنة. ورخه الجزري. 97 - عبد الرحمن بن أبي بكر بن عمر. الموصلي، شيخ صالح. ولد ببلد الموصل سنة ستمائة، وكتب في الإجازات. وتوفي في شوال بدمشق. وكأنه الذي قبله، فإن ذاك توفي أيضا في شوال. 98 - عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلطان. العدل كمال الدين، القرشي، الدمشقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 114 روى عن: ابن اللتي. سمع منه: البرزالي، وغيره. ومات في ربيع الآخر. 99 - عبد الرحيم بن محمد بن عبد الملك بن عيسى بن درباس. شمس الدين، أبو علي الماراني، المصري، الشافعي. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن البتيت، وعبد الله بن محمد بن مجلي. وتفرد بالسماع منهما وأجاز له مشايخ نيسابور، وإصبهان، وبغداد، وكتب عنه المصريون وله شعر جيد. وهو والد شيخنا إسحاق. توفي بالقرافة في خامس شوال. 100 - عبد الرزاق بن أسعد بن مكي بن ورخز. أبو بكر البغدادي، التاجر، المعروف بالكواز. ثقة، صالح، حنبلي. عاش ثلاثا وثمانين سنة. روى عن: محاسن الخزائني، وعبد الرحمن بن كندرتا السميري. وتوفي في رمضان. 101 - عبد الصمد. المغربي، الزاهد. كان صوفيا، عارفا، كبير القدر. توفي بدمشق بمنزله بقرب المنكلائية. وحضره ملك الأمراء والخلق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 115 مات في ذي الحجة. 102 - عبد القاهر بن مظفر بن المبارك. البغدادي، الحنفي، سيف الدين، أبو النجيب. من بيت الفقه والعدالة. وكان أعرف الناس بأحوال أهل العراق. عاشر النبلاء، وسمع من، أبيه ' المائة الشريحية '، ومن خال أبيه عمر بن الحسن بن عمر بن السهروردي، بسماعهما من أبي الوقت. عنه: ابن الفوطي. تقدم ذكره سنة ثمانية. وقال ابن الفوطي: سنة اثنتين وثمانين. 103 - عبد القوي بن عبد العزيز بن عبد القوي بن عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن الجباب. أبو البركات التميمي، السعدي، المصري. توفي بمصر في ربيع الآخر. 104 عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة. توفي بالجبل في شعبان. يروي عن أصحاب يحيى الثقفي. ومات شابا. وهو والد العماد أحمد، والشمس المحتسب. 105 علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عطاء. الصالح، نور الدين الأذرعي، الحنفي، إمام مسجد خاتون بالجبل. روى عن: الزبيدي، وابن اللتي. ومات في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 116 106 - علي بن عمر بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر المقدسي. بدر الدين كان رجلا جيداً، دينا، معروفا بالأمانة روى عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي. كتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي. وتوفي في رمضان. 107 - علي بن محمد بن نصر الله بن أبي سراقة. علاء الدين الهمداني، الكاتب الأعرج. سمع من: ابن الزبيدي، وجعفر الهمداني. وعاش ستين سنة. توفي في العشرين من جمادى الآخرة. 108 - علي بن يعقوب بن شجاع بن علي بن إبراهيم بن محمد بن زهران. الشيخ، عماد الدين، أبو الحسن الموصلي، المقرئ، المجود، الشافعي. إمام بارع في القراءآت وعللها ومشكلها، بصير بالتجويد والتحرير، حاذق بمخارج الحروف. انتهت إليه رئاسة الإقراء بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 117 أخذ القراءآت عن أبي إسحاق بن وثيق الأندلسي، وغير واحد. وكان فقيها مبرزا، يكرر على ' الوجيز ' للغزالي، وحفظ ' الحاوي ' في آخر عمره. وكان جيد المنطق والأصول، فصيحا، مفوها، مناظرا، وفيه عزة ومردكة على الوجود وبأو وتيه، الله يعفو عنه ويغفر له. صنف ' للشاطبية ' شرحا يبلغ أربع مجلدات، ولكنه لم يكمله ولا بيضه. ولي الإقراء بتربة أم الصالح بعد وفاة الشيخ زين الدين الزواوي. وكان الشيخ زين الدين يعظمه ويقدمه على نفسه. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة بالموصل، وأقرأ بدمشق، فممن قرأ عليه علاء الدين الجند. وكان والده فقيها، فاضلا، شاعرا، وكذا جده شجاع له شعر. توفي العماد الموصلي في سابع عشر صفر، ودفن بمقبرة باب الصغير ومات في عشر السبعين، رحمه الله تعالى. 109 - علي بن أبي بكر بن حسن. أبو الجود الكردي، الشهرزوري، البغدادي، الحريمي. كان زاهداً، عابدا كبير القدر، كثير الصمت. صحب الشيخ عثمان القصير وسمع من: ابن بهروز، وابن اللتي، ومحمد بن واثلة. ومات في ذي القعدة عن سبعين سنة. كتب عنه: الفرضي، وغيره. 110 - عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهر بن أبي عصرون. الشيخ محيي الدين، أبو الخطاب ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 118 حامد ابن العلامة قاضي القضاة شرف الدين أبي سعد التميمي، الدمشقي، الشافعي. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وسمع في الخامسة من: عمر بن طبرزد. وسمع من: التاج الكندي، ومحمد بن الزنف، وعبد الجليل بن مندويه، والشمس أحمد بن عبد الصمد السلمي، وغيرهم. وتعانى الجندية في شبابه، ثم لبس زي الفقهاء وبعد وفاة أخيه شرف الدين عثمان. وتوفي فجأة في ثالث ذي الحجة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وأبو محمد الحارثي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وكان قليل الفقه، ومع ذلك فدرس بمدرسة جده بدمشق إلى أن مات. وكان وقورا، مهيبا، حسن الشكل والبزة. 111 - عمر بن محمد بن أبي بكر. الشيخ نجم الدين الكريدي، قاضي الصلت. سمع بإربل من: عبد الرحمن بن المسيري، وابن المكرم الصوفي. وتوفي في الثالث والعشرين من ذي الحجة. وهو أخو محمد، وكان رفيقه في السماع. وحدث بمصر، وناب في أول سنة تسع وسبعين وستمائة. 112 - عيسى بن الخضر بن الحسن بن علي. الصدر، شمس الدين ابن الوزير برهان الدين السنجاري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 119 كان مليح الشكل والصورة. ناب عن أبيه في الوزارة في أول الدولة المنصورية، ثم عزل، وولي نظر الأحباس، وخانقاه سعيد السعداء. ثم درس بمدرسة زين النحاة مدة، وقبض عليه، وامتحن محنة شديدة، وأخرج عنه، وأقام بطالا في منزله بالمدرسة المعزية إلى أن توفي في المحرم، وله نيف وأربعون سنة. 113 - عيسى بن المظفر بن محمد بن إلياس. الصدر، عز الدين الأنصاري، الدمشقي، ابن الشيرجي. أحد الأعيان. ولي حسبة دمشق ونظر الجامع، وكان عدلا، نبيلا، محتشما، عالي الهمة. سمع منه: علم الدين البرزالي، وغيره. توفي في رجب وله خمس وخمسون سنة، ودفن بباب الصغير. - حرف الكاف - 114 - كامل بن مكارم. السليماني. توفي في رمضان بالقاهرة. روى عن: ابن رواحة. 115 - كشتغدي علاء الدين الظاهري، أمير مجلس، من كبار الأمراء المصريين. قال قطب الدين: ظهر قبل وفاته بقليل أنه باق على الرق، فاشتراه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 120 الملك المنصور وأعتقه. وكان أحد الأبطال المذكورين له مواقف مشهورة. توفي بقلعة الجبل كهلا، وحضر السلطان جنازته. 116 - * وأما: كشتغدي الشمسي الأمير الرافضي فولي الشد بدمشق وغير ذلك. فذكر الشيخ تاج الدين في ' تاريخه ' أن ضياء الدين عبد الكافي حدثه أن كشتغدي كان يقعد في الخزانة، ويلعن معاوية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عوتب قال: لعنه الله ولعن من لا يلعنه. - حرف الميم - 117 - محمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد. المفتي، شمس الدين المقدسي، أخو المفتي شرف الدين. تفقه وبرع في المذهب، وناب في تدريس الشامية البرانية عن الشيخ تقي الدين ابن رزين، ثم اشترك هو والقاضي عز الدين محمد بن الصائغ في تدريسها، ثم استقل بها إلى أن مات. وناب في الحكم مدة عن القاضي عز الدين. وكان فقيها صالحاً، ورعا، مشكور السيرة، متين الديانة، ممن جمع العلم والعمل. حدث عن: أبي الحسن السخاوي، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 121 روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وأبو محمد البرزالي، وغيرهما. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتوفي إلى رضوان الله في ثاني عشر ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب كيسان. ولي منه إجازة. 118 - محمد بن أحمد بن أبي طالب. ناظر بلاد صفد، مجد الدين الأنصاري. روى ' ثلاثيات البخاري ' عن ابن الزبيدي. سمع منه ابن البرزالي، وغيره. وتوفي في رمضان. 119 - محمد بن الحسن بن سالم. العدل، زين الدين بن الصواف الحمصي، والد شيخنا البدر أحمد. حدث عن: الحسن بن صباح. توفي في رجب بدمشق. * محمد بن عبد الرحمن بن الدهان. تقدم في سنة إحدى وثمانين. 120 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد. العدل، الرئيس، علاء الدين، أبو المعالي ابن الصائغ، أخو قاضي القضاة عز الدين. ولي نظر الأسرى، وكان أمينا، كافيا، وافر الديانة. حصل له مرض طال به، ثم انتقل إلى رحمة الله في ذي القعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 122 وقد روى عن: ابن اللتي، ومكرم، والسخاوي. و ثنا عنه: ابن العطار، وغيره. ناب في آخر الكهولة. وكان مدرس الفتحية، مدرسة صغيرة عند رجيبة خالد. 121 - محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل. الخطيب، محيي الدين ابن أبي حامد ابن القاضي الخطيب عماد الدين ابن الحرستاني، الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، خطيب دمشق وابن خطيبها. ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وأجاز له: جده، والمؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وزينب الشعرية. وسمع من: زين الأمناء، وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن باسويه، والعلم بن الصابوني، وابن اللتي، والفخر الإربلي، وأبي القاسم بن صصرى، والفخر بن الشيرجي. وسمع بالقاهرة من: عبد الرحيم بن الطفيل. وحدث ' بالصحيح ' وغيره. أقام بصهيون مدة في حياة أبيه، وولي الخطابة به بعد موت أبيه، ودرس بالغزالية والمجاهدية، وأفتى وأفاد. وكان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 123 متصوناً، حسن الديانة، كثير الفضائل. وله شعر جيد، فمنه في الصقعة الكائنة في دولة الظاهر: (لما وقفت على الرياض مسائلا .......... ما حل بالأغصان والأوراق)
(قالت أتى زمن الربيع ولم أر .......... من كان يألفني من العشاق) 5 (وتناشدت أطيارها في دوحها .......... لما أضاء الجو بالأشراف)
(وتذكرت أيامها فتنفست .......... فأصابها لهب من الاحراق)
(أبلغهم عني السلام وقل لهم .......... ها قد وفت بالعهد والميثاق)
(فغدوت أندب ما جرى متأسفا .......... والدمع يسبقني من الآماق) وكان محيي الدين طيب الصوت، على خطبته روح، وفيه نسك وعبادة وانقطاع وملازمة لبيته. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وابن البرزالي، وطائفة. وأجاز لي مروياته. ومات في ثامن عشر جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون. 122 - محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير. العدل، شرف الدين، أبو عبد الله ابن القواس، الطائي، الدمشقي، أخو شيخنا ناصر الدين عمر. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: الكندي، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وأبي يعلى بن أبي لقمة، وابن البن، وأبي الفتوح البكري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 124 وسمع ببغداد من: عمر بن كرم. وأجاز له عمر بن طبرزد. روى الكثير، وكان شيخا حسناً، له أخلاق حسنة، صحيح السماع، له ثروة وعقار. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وابن العطار، وجماعة. وتوفي في ثاني عشر ربيع الآخر. 123 - محمد بن عثمان بن عبد الوهاب بن السابق. الصدر، نجم الدين، ولد العدل الكبير، شرف الدين الدمشقي. توفي في هذا العام. 124 - محمد بن علي بن عثمان. الصعبي، المصري، والد المحدث أمين الدين عبد القادر. توفي في جمادى الأولى. 125 - محمد بن علي بن حجي. الأنصاري، ابن القباقبي، الصدر شمس الدين. توفي في شوال، ودفن بالجبل. وكان من شيوخ الكتاب. وهو والد مجد الدين يوسف. 126 - محمد بن عيسى بن سليمان بن رمضان. أبو عبد الله بن القيم، أخو شيخنا ضياء الدين علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 125 توفي بمصر عن ست وثمانين سنة. وقد حدث عن: الفخر الفارسي، ومكرم، والقاضي زين الدين. توفي في ربيع الآخر. وولد سنة ست وستمائة. 127 - محمد بن فتوح بن أبي الذكر. المحدث، المفيد، أبو عبد الله المصفوي، الإسكندري. من كهول الطلبة توفي بالإسكندرية في رمضان. 128 - محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل. الصدر الكبير، عماد الدين، أبو الفضل ابن القاضي شمس الدين ابن الشيرازي، الدمشقي، صاحب الخط المنسوب. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع: أباه، وداود بن ملاعب، وأبا القاسم بن الحرستاني، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وطائفة. وكان رئيسا محتشما، متمولا، مليح الشكل، متواضعا، وقورا، مهيبا، وافر الحرمة. وكتب على المولى، وانتهى إليه التقدم في براعة الخط، لا سيما في القلم المحقق، وقلم النسخ. ارتحل غير مرة للتجارة فسمع ولده شيخنا المعمر أبا نصر من أصحاب السلفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 126 واتفق أنه قبل موته بأربعة أيام شهر عند ابن الصائغ بالعادلية وهو طيب، ثم ركب البغلة وخرج إلى بستانه بالمزة، فتغير عند باب الجابية، وأصابه فالج، فركب الغلام خلفه وأمسكه إلى البستان، واستمر به المرض وتوفي رحمه الله في ثامن عشر صفر، وحمل إلى سفح قاسيون. 129 - محمد بن محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان بن عبد الله. الحافظ، شمس الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، النحوي، أحد الأئمة. أخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن مالك، وصار من كبار أصحابه، ثم أقبل على الحديث وعني به أتم عناية. وسمع من: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وابن الشيرازي، وابن أبي الخير، وخلق سواهم. وارتحل إلى مصر في شهادة، فسمع من: عامر القلعي، والعز الحراني، وطائفة. وكتب كثيرا بخطه، وخرج للمشايخ. وقرأ ' المسند ' على ابن علان قراءة لم يسمع الناس مثلها في الفصاحة والصحة. وحضر جماعة من الأئمة، فما أمكنهم يحفظون عليه لحنة واحدة. وكان مليح الشكل. ومات في عنفوان الشبيبة في سادس عشر جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 127 وهو أخو الفقيه الزاهد شهاب الدين أحمد ونقل الشهاب الإربلي، عن الشرف يعقوب بن الصابوني قال: رأيت ابن جعوان في النوم، فاعتنقته وسلمت عليه، وقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: كل خير، نحن نفترش السندس رزقكم الله ما رزقنا. 130 محمد بن محمد بن حسين بن عبدك. الشيخ الصالح، شمس الدين، أبو عبد الله الكنجي، المحدث، الصوفي، نزيل بيت المقدس. سمع: أبا الحسن بن المقير، وأبا الحسن السخاوي، وأبا عمرو بن الصلاح، وأبا إسحاق الخشوعي، وعبد العزيز بن أمية، وجماعة بدمشق. وعبد الوهاب بن رواج، وفخر القضاة ابن الجباب، وسبط السلفي، ونبا بن هجام، وجماعة بمصر. وأبا القاسم بن رواحة، وأبا الحجاج بن خليل بحلب. والمؤتمن بن قميرة، وإبراهيم بن أبي بكر الرعبي، وأخاه محمداً، وعبد الله بن عمر البندنيجي، وعبد القادر بن الحسين البندنيجي، وفضل الله بن عبد الرزاق، ومحمد بن علي بن بقاء السباك، ومحمد بن الخضري ببغداد. والحسن بن عبد القاهر الشهرزوري الحاكم، وغيره بالموصل. وسرايا بن معالي، وإبراهيم بن أبي الحسن الزيات بحران. وخرج لنفسه معجما. وحدث بدمشق والقدس. وكان عريا من العربية، قليل البضاعة في الحديث. وكان كثير الأسفار والتطواف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 128 روى عنه: ابن أبي الفتح، وابن العطار، وابن الخباز، والبرزالي، وغيرهم. وتوفي في رجب ببيت المقدس. كتب إلي بمروياته. 131 - محمد بن مظفر بن محمد. الثقفي، تاج الدين بن زين الدين الحموي، الشافعي. من أعيان المدرسين بحماة. رأيت وفاته بعد الثمانين وستمائة، وهو في عشر السبعين، وأظنه والد المقتول بمصر بعد السبعمائة على الزندقة. 132 - محمد بن مسعود بن أبي الفضل. بدر الدين الفارقي. شيخ معمر، كتب في الإجازات. وذكر أن مولده بميافارقين سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. مات في جمادى الآخرة. فإن كان قد ضبط مولده فقد عاش مائة وأربع سنين. 133 - محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان. الشيخ رشيد الدين، أبو عبد الله بن محمد العامري، الدمشقي. سمع ' صحيح مسلم ' وكتاب ' دلائل النبوة ' من أبي القاسم ابن الحرستاني، وحدث بهما. وروى ' جزء الأنصاري ' عن الكندي، و ' الأربعين السباعيات ' عن أبي الفتوح البكري، وأجاز له جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 129 سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: كان شيخا مستورا، عمر وانتفع به، وحدث بكثير من مسموعاته. قلت: روى عنه: هو، وابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، والناس. ومات في ذي الحجة. وكان فراشا بالمجاهدية. 134 - محمد بن عبد الله الجواديكي، الحلبي، الزاهد. كان فقيرا، صالحا، كبير القدر، مشهورا بين الفقراء بالفتوة والخدمة ودماثة الأخلاق. وكان محبا للعزلة، كثير الصمت والرياضة، حسن النزاهة. وهو من بيت إمرة وحشمة، أقام بدمشق في أواخر عمره، وحصل له طرف فالج. وكان مقيما بمقصورة الحلبيين من الجامع، وبها توفي في ثاني ربيع الأول، وشيعه الخلق. وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله تعالى. 135 - محمود بن أحمد بن منقذ الأجل الرئيس جلال الدين توفي في ذي الحجة. وقد روى عن أبي القاسم بن صصرى. 136 - - مسافر بن عبد الرحمن. البطائحي، الأحمدي. كان في شبوبيته يأكل الحيات، ويدخل الأفرنة. وطال عمره حتى أنه جاوز المائة فيما قيل. وأظنه تاب من أكل الحيات ودخول النار، وأقبل على شأنه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 130 توفي في شعبان. - حرف النون - 137 - ندى بن سعد الله. الشرف العرضي، التاجر. توفي في جمادى الأولى بدمشق. 138 - نصر الله بن طلائع بن حمدان. العسقلاني البزار. روى عن: علي بن إسماعيل بن جبارة، وابن منقذ ومات بمصر في ذي الحجة. 139 - نصر الله بن علي بن سني الدولة. العدل، ناصر الدين الدمشقي. روى شيئا يسيرا. وهو والد شيخنا محمد. توفي في رجب. سمع من عمه قاضي القضاة أبي البركات. - حرف الياء - 140 - يحيى بن أحمد بن سالم. العدل، زين الدين ابن السلالمي، الخشاب. توفي بدمشق في رجب. سمع من: ابن مسلمة. وكان من عدول القيامة إلى أن مات.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 131 141 - يحيى. الصدر الكبير، الجليل، أبو المحامد، محيي الدين ابن الشيخ شمس الدين إبراهيم بن أبي الفضائل، الخالدي، المخزومي، السيبي. قال ابن الفوطي: اتفق له ما لم يتفق لأحد من الاتصال بالسيدة باب جوهر بنت المستعصم، وكان هولاوو لما غلب بعث بها إلى أخيه منكوتمرقان، فدخل بها بتركستان، وأولدها عبد العزيز وعبد الحق، وانقرضا، ونقلها إلى وطنها سنة إحدى وسبعين. وكان قد ورد محيي الدين بزاعة، فاجتمع بالأمير مبارك بن المستعصم مع والده شمس الدين، فكتب عنهما بإملائه مشيخة هي عند أخيه مولانا كمال الدين مسافر ابن شيخنا شمس الدين. سمع من جده رشيد الدين، ومات في رجب. 142 - يحيى بن علي بن سعيد. الصدر الكبير، محيي الدين، أبو الفضل التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي. رئيس محتشم، فاضل، تارك للولايات والمناصب، محب للحديث وأهله. له نظم وأدب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 132 ولد سنة أربع عشرة وستمائة. وسمع من: أبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي محمد ابن قدامة، وأبي المجد القزويني، وزين الأمناء بن عساكر، وأبي إسحاق الكاشغري. روى عنه: ابن الخباز، والشيخ علي الموصلي، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وخلق كثير. وقد رأيته، وأجاز لي مروياته. وتوفي في الثامن والعشرين من شوال. 143 - يحيى بن علي بن أبي طالب بن أبي عبد الله بن هبة الله بن الحسن بن علي بن طاهر بن الحسين بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم. العدل، محيي الدين، أبو المفضل العلوي، الحسيني، الموسوي، النسيب، الدمشقي، أخوالشريف المعمر موسى بن علي. ولد في رمضان سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع من: السراج ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، ومكرم بن أبي الصقر، وعلي بن سليمان بن إيداس. وحدث. وتوفي في تاسع جمادى الآخرة ودفن بمقابر الصوفية. روى عنه: أبو محمد البرزالي. 144 - يحيى بن علي بن مكي. الحربي، الزيلعي. سمع: ابن عماد، والهمذاني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 133 ومات في جمادى الأولى. 145 - يعقوب بن فضل بن طرخان. الشريف الجعفري، الفقيه. يروي عن الحافظ الضياء. توفي في جمادى الأولى. وكان رجلا صالحا حنبليا، متبعا للآثار. 146 - يوسف بن جامع بن أبي البركات. العلامة، المقرئ، أبو إسحاق القفصي، الحنبلي، الضرير. مقرئ بغداد. كان عارفا باللغة والنحو، بصيرا بعلل القراءآت، متصدرا لإقرائها. وقد سمع الحديث من: عمر بن عبد العزيز بن الناقد، وتاج النساء عجيبة. وقد دخل دمشق ومصر، وأخذ من شيوخهما. أخذ عنه: الفرضي، والقلانسي. وقرأ عليه أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري، وغيره. ومات في صفر. وله تصانيف في القراءآت. ولد سنة ست وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 134
الكنى 147 - أبو بكر. الملك العادل، ابن صاحب الكرك، الملك الناصر داود بن عيسى بن محمد بن أيوب. رئيس فاضل، عاقل، محتشم، محبوب الصورة. روى عن: ابن اللتي. ومات في رمضان. 148 - أبو بكر بن ممدود بن مثقال. الشيخ الصالح. قال ابن الخباز: توفي في خامس ذي الحجة بدمشق، وكان من عباد الله الصالحين. أخرجت جنازته بالتهليل، وكان يوما مشهودا. وعاش أكثر من مائة وأربع وعشرين سنة، كذا قال ؛ وهو مجازف، أعني النجم. * * وفيها ولد: رفيقنا محب الدين عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي، المحدث، والشيخ جمال الدين بن جملة الشافعي، وناصر الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحكيم، الصالحيون. ومحيي الدين عبد القادر ابن شيخنا أبي الحسين اليونيني في المحرم، وعمر ابن الشيخ حسن بن أميلة بالمزة، وأحمد ابن شيخنا إبراهيم بن أبي اليسر، وتقي الدين سليمان بن مراجل الكاتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 135
سنة ثلاث وثمانين وستمائة
- حرف الألف - 149 - أحمد بن إبراهيم. الرئيس شمس الدين السعودي، التاجر بقيسارية الشرب. توفي في رجب. واحق يوم وفاته. 150 أحمد بن براق بن طاهر. السوادي، المؤذن بجبل قاسيون. روى عن: ابن اللتي، والهمذاني. ومات في ثامن عشر رمضان. 151 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن. التكريتي، المعروف بواعظ تكريت. أحد الفقهاء بالبادرائية بدمشق. كان طريفا، مطبوعاً، طيب المزاج، كثير الهزل والسخف. له وعظ على طريق الهزل، ونال بذلك وجاهة وحظوة عند الرؤساء، لا سيما الحلبيين في الأيام الناصرية. وكان يلوذ بالوجيه ابن سويد ويصحبه. وقد ضحك الملك الناصر مرة من خطبته ووعظه بحيث استلقى، ووصله بجملة. ثم حسنت حاله في الآخر، وسرد الصوم. وكان كثير الصلاة، وخلف ثلاثة آلاف درهم، وذهب له ودائع عند التجار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 136 152 - أحمد بن محمد بن عبد القادر. القاضي محيي الدين ابن قاضي القضاة عز الدين ابن الصائغ. وكانت شابا فاضلا، مدرسا. بقيت مدرستاه العمادية والدماغية على إخوته، فناب عنهم الشيخ زين الدين الفارقي رعاية لأبيهم. 153 - أحمد بن محمد بن النجيب. شهاب الدين الخلاطي، صهر الشيخ أحمد إمام الكلاسة. سمع مع أولاده من ابن عبد الدائم، وجماعة. 154 - أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم بن مختار. القاضي، العلامة، ناصر الدين، ابن المنير الجذامي، الجرواني، الإسكندري، المالكي، قاضي الإسكندرية وعالمها، وأخو شيخنا زين الدين علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 137 ولد سنة عشرين وستمائة. كان مع علومه له يد طولى في الأدب وفنونه، وله مصنفات مفيدة. كنيته أبو العباس ابن الإمام العادل وجيه الدين أبي المعالي بن أبي علي. وقد ذكر أبوه في سنة ست وخمسين، رحمه الله. ولناصر الدين ' ديوان خطب '، وله ' تفسير حديث الإسراء ' في مجلد، على طريقة المتكلمين لا على طريقة السلف، وله تفسير نفيس. وهو سبط الصاحب نجيب الدين أحمد بن فارس، فالشيخ كمال الدين ابن فارس شيخ القراء خاله. وقد سمع الحديث من أبيه، ومن: يوسف بن المخيلي، وابن رواج، وغيرهم. وكان لا يناظر تعظيما لفضيلته، بل تورد الأسئلة بين يديه، ثم يسمع ما يجيب فيها. وله تأليف على تراجم ' البخاري '. وقد ولي قضاء الإسكندرية وخطابتها مرتين وقد درس بعدة مدارس. وقيل إن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان يقول: ديار مصر تفخر برجلين في طرفيها، ابن المنير بالإسكندرية، وابن دقيق العيد بقوص. وله خطبة خطب بها لما دخل هولاكو الشام: ' الحمد لله الذي يرحم العيون إذا دمعت، والقلوب إذا خشعت، والنفوس إذا خضعت، والعزائم إذا اجتمعت. الموجود إذا الأسباب انقطعت، المقصود إذا الأبواب امتنعت، اللطيف إذا صدمت الخطوب وصدعت. رب أقضية نزلت فما تقدمت حتى جاءت ألطاف دفعت، فسبحان من وسعت
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 138 رحمته كل شيء، وحق لها إذا وسعت. وسعت إلى طاعته السموات والأرض. حين قال {ائتيا طوعا أو كرها} فأطاعت وسمعت. أحمده لصفات بهرت، وأشكره على نعم ظهرت، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عن اليقين صدرت، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه والفتنة قد احتدت، والحاجة قد اشتدت، ويد الضلال قد امتدت، وظلمات الظلم قد اسودت، والجاهلية قد أخذت نهايتها، وبلغت غايتها، فجاء بمحمد صلى الله عليه وسلم، فملك عنانها، وكبت أعيانها، وظهرت آياته في الجبابرة، فهلكت فرسانها، وفي القياصرة فنكست صلبانها، وفي الأكاسرة فصدعت إيوانها، وأوضح على يده المحجة وأبانها، صلى الله عليه وعلى آله فروع الأصل الطيب، فما أثبتها شجرة وأكرم أغصانها. أيها الناس خافوا الله تأمنوا في ضمان وعده الوفي، ولا تخافوا الخلق وإن كثروا، فإن الخوف منهم شرك خفي، ألا وإن من خاف الله. خاف منه كل شيء، ومن لم يخف الله خاف من كل شيء. وإنما يخاف عز الربوبية من عرف من نفسه ذل العبودية، والاثنان لا يجتمعان في القلب، ولا تنعقد عليهما النية. فاختاروا لأنفسكم، إما الله تعالى، وإما هذه الدنيا الدنية، فمن كانت الدنيا أكبر همه لم يزل مهموما، ومن كان زهرتها نصب عينه لم يزل مهزوماً، ومن كانت جدتها غاية وجده لم يزل معدما حتى يصير معدوما. فالله الله عباد الله، الاعتبار الاعتبار، فأنتم السعداء إذا وعظتم بالأغيار، أصلحوا ما فسد، فإن الفساد مقدمة الدمار، واسلكوا الجد تنجوا في الدنيا من العار، وفي الآخرة من النار، واتقوا الله، وأصلحوا تفلحوا، وسلموا تسلموا، وعلى التوبة صمموا واعزموا، فما أشقى من عقد التوبة بعد هذه العبر ثم حلها، ألا وإن ذنبا بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها '. توفي ابن المنير في مستهل ربيع الأول بالثغر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 139 155 - أحمد بن مرزوق بن أبي عمار. البجائي، المغربي، السلطان الدعي، الذي قال: أنا ابن الواثق بالله أبي زكريا يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاتي، ويسمى الفضل. ومن خبره أنه سار في جيش، وقصد تونس، وتوثب على صاحبها المجاهد أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى الهنتاتي، وظفر به، فقبض عليه، ثم ذبحه صبرا، وغلب على إفريقية، وتسمى بأمير المؤمنين، وقام بالوقاحة، وثم أمره، وعرف الناس أنه زغل. وكان سيء السيرة، فانتدب له أبو حفص عمر بن يحيى أخو المجاهد المذكور، وقام معه خلق كثير، فخارت قوى الدعي، واختفى، فبويع أبو حفص، ولقب بالمستنصر بالله المؤيد، ظفر بالدعي وعذبه، فأقر بأنه أحمد بن مرزوق، وأنه كذب، فمات تحت السياط. وكانت دولته دون العامين، ولا أعلم متى هلك يقينا. 156 - أحمد بن هولاكو بن تولى بن جنكزخان. المغلي، ويسمى بكوتا، وقيل بكدوا، صاحب العراق، وخراسان، وأذربيجان، والجزيرة، والروم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 140 قيل إن سبب تسميته بأحمد أن بعض مشايخ الأحمدية دخل النار قدام هولاكو، وأحمد حينئذ طفل، فأخذه الشيخ ودخل به النار، فسماه أبوه أحمد، ووهبه للأحمدية. ثم كانوا يغشونه ويحببون إليه الإسلام، فأسلم وهو صبي، ثم إنه جلس على تخت الملك بعد هلاك أبغا ومنكوتمر أخويه، ومال إلى الإسلام، ويسر له قرين صالح، وهو الشيخ عبد الرحمن الذي قدم في الرسلية إلى الشام، وسعى في إصلاح ذات البين. ولم تطل أيام أحمد، ومات شابا وله بضع وعشرون سنة، وقام في الملك بعده أرغون بن أبغا، وهو الذي قتله، وكان أرغون بطرف خراسان يحفظها، فلما مات أبوه وتملك أحمد أقبل أرغون في جيشه فعمل مصافا مع أحمد، فانكسر جمع أحمد، وجرت لهما أمور لا أجيء بها كما ينبغي، فلعن الله ساعة التتر. قرأت بخط ابن الفوطي: قتل السلطان أحمد في جمادى الأولى. قلت: قتلوه بأن قصفوا صلبه، فمات رحمه الله تعالى. 157 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم. العلامة شرف الدين البكري، الزنجاني، ثم الشيرازي مات بشيراز. قاله الفوطي. وقال: قدم بغداد حاجا. صنف كتابا على طريقة ' جامع الأصول '، وحدث بمراغة وتبريز بكتاب ' الأنوار اللمعة في الجمع بين الصحاح السبعة ' تأليف تاج الدين الساوي. سمع منه: الصاحب شمس الدين الجويني، وأولاده. 158 - إسرائيل بن إسماعيل بن شقير. زكي الدين الدمشقي، التاجر. شيخ حسن معمر، قليل الرواية. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 141 وسمع من: أبي القاسم بن صصرى. حمل عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. ومات في رمضان. 159 - إسماعيل بن قايماز. الأمير ناصر الدين ابن الرومي، الدمشقي. حدث عن الشرف الصابوني. ومات في جمادى الآخرة. وله خمس وستون سنة. - حرف الباء - 160 - بكتوت. الأمير بدر الدين الششنكير. توفي بدمشق، ودفن بتربة الشيخ سليمان الرقي. مات في شعبان. 161 - بلال. عفيف الدين النفطي، المقرئ، الأسود. له سماع من السخاوي. وكان مقرئا بالظاهرية. وتوفي بمصر في ذي الحجة. - حرف الحاء - 162 - الحسن ابن الصاحب الكبير الوزير فلك الدين عبد الرحمن بن هبة الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 142 المسيري، قطب الدين. كان دمث الأخلاق، حسن العشرة، له معرفة بالتاريخ والأدب. وأمه بنت شيخ الشيوخ تاج الدين ابن حمويه. وخدم جنديا مدة، ثم سكن بعلبك في سنة ثمان وخمسين وستمائة، ولبس البقيار، وخدم ببعلبك في الديوان. وولي مشيخة الخانقاه النجمية. توفي ببعلبك في رجب كهلا. روى عن: جده، وكريمة، وغيرهما. كتب عنه البرزالي بدمشق وبعلبك. 163 - حليمة بنت أحمد بن منعة الغنوي. روت عن جعفر الهمذاني. وتوفيت في رمضان. - حرف الدال - 164 - داود بن عبد القوي بن قاسم. العسقلاني، الشافعي. شيخ مصري. حدث عن: عبد العزيز بن باقا، وعلي بن مختار، وجعفر الهمذاني، والعلم ابن الصابوني. ومات في رجب. - حرف الراء - 165 - رشيد الحبشي. مولى الصاحب جمال الدين عبد الرحمن بن محيي الدين يوسف ابن الجوزي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 143 سمع: ابن بهروز، وأبا بكر بن الخازن وحدث. ومات في المحرم. - حرف الزاي - 166 - - الزكي سنقر البياني. من أعيان البيانية. عاش نيفا وتسعين سنة. - حرف السين - 167 - - سنجر. الضيائي، الصوفي، البغدادي، الحنبلي. عارف، كبير القدر، روى عن: عجيبة الباقدارية. روى عنه الفرضي، وقال: يعرف بالشيخ عبد الله. عتقه ضياء الدين أحمد بن عبد العزيز بن دلف. توفي في جمادى الأولى. - حرف الشين - 168 - شاهنشاه بن عبد الرزاق بن أحمد. العامري، الذهبي، ناصر الدين. توفي في المحرم بقرية، ونقل إلى قاسيون. روى عن: زين الأمناء. سمع منه: المزي، والبرزالي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 144
- حرف الطاء - 169 - طالب. أحد مشايخ الأحمدية بقصر حجاج. رجل صالح وقور، يعمل السماع، وله زبون وأصحاب، رحمه الله تعالى. مات في صفر، وشيعه الخلق. - حرف العين - 170 - عبد الله بن علي بن حبيب. الكاتب، الأستاذ، المجود، زكي الدين. وحيد عصره في الخط ببغداد. مات في ربيع الآخر. أرخه ابن الفوطي. كان شيخا برباط. عاش سبعا وسبعين سنة. 171 - عبد الله بن محمد بن عبد الله. القاضي، الإمام، معين الدين، أبو محمد النكراوي، المقرئ، النحوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 145 ولد بالإسكندرية سنة أربع عشرة. قرأ بها القراءآت على مثل ابن عيسى، والصفراوي. وصنف في القراءآت. وكان مشهورا بها. توفي فجأة في هذا العام. قاله ابن الخباز. 172 - عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن سعادة. المحدث الشهير، جمال الدين، أبو محمد العراقي، المريمي. من ذرية أم مريم. كان مقرئا، محدثا، بديع الخط. سمع من: عبد العزيز ابن البقال، ومحيي الدين ابن الجوزي. ثم طلب بنفسه فأكثر. وقرأ وتعب. مات في ثامن ربيع الآخر ببغداد سنة ثلاث كهلا. أجاز للشيخ صفي الدين عبد المؤمن. 173 - عبد الله بن محمود بن مودود بن بلدجي. مجد الدين، أبو الفضل الموصلي، الحنفي، الفقيه، إمام، عالم، مصنف. له أصحاب وحلقة أشغال. سمع: أبا حفص بن طبرزد، ومسمار بن العويس. كتب عنه: أبو العلاء الفرضي وأثنى عليه، وقال: توفي في سابع المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 146 وسمعت بقراءة القلانسي ' عمل يوم وليلة ' لابن السني، بسماعه سنة ست وستمائة من مجد الدين محمد بن محمد الكرابيسي، عن عبد الرزاق القوساني. وكان مولده في شوال سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن بمشهد أبي حنيفة ببغداد. وكان يوما مشهودا. قال ابن الفوطي: مات في العشرين من المحرم. وكان عالما بالفقه والخلاف والأصول، سمع الكثير في صباه، وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان صبورا على السماع. ولي قضاء الكوفة. ثم فوض إليه تدريس مشهد الإمام أبي حنيفة، فكان على ذلك إلى أن توفي. سمع ' البخاري ' من أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي، وابن روزبة. وله إجازة من المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. وسمعنا منه ' جامع الأصول '، بإجازته من مصنفه مجد الدين. وكان كثير المحفوظ قد سافر إلى الشام. وقرأ على أبي عمرو بن الحاجب، ومحيي الدين ابن العربي. 174 - عبد الرحمن. رسول الملك أحمد بن هولاكو. قرأت بخط قطب الدين ابن الفقيه: حدثني عبد الله الموصلي، الصوفي، وكان ممن قدم معه، أن عبد الرحمن كان من مماليك الخليفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 147 المستعصم بالله، وكان اسمه قراجا، فلما أخذت بغداد تزهد وتسمى بعبد الرحمن، واتصل بالملك أحمد وعظم عنده إلى الغاية، بحيث كان ينزل إلى زيارته، وإذا شاهده ترجل ثم قبل يده، وامتثل جميع ما يشير به. وكان جميع ما يصدر عن الملك من الخير بطريقه، فأشار عليه أن يتفق مع الملك المنصور وتجتمع كلمتهم، فندبه لذلك، وسير معه جماعة كثيرة من المغول والأعيان فحضر إلى دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين، وأقام بمن معه في دار رضوان، ورتب لهم من الإقامات ما لا مزيد عليه، وبولغ في خدمتهم. وقدم السلطان إلى الشام، فعند وصوله بلغه قتل أحمد، وتملك أرغون بعده، فاستحضر الشيخ عبد الرحمن بقلعة دمشق ليلا، وسمع رسالته، ثم أخبره بقتل مرسله. ثم عاد السلطان إلى مصر، وبقي عبد الرحمن ومن معه معتقلين بالقلعة، لكن اختصر أكثر رواتبهم، وقرر لهم قدر الكفاية. فلما كان في آخر رمضان توفي عبد الرحمن، ودفن بسفح قاسيون وقد نيف على الستين، وبقي من كان معه على حالهم، وتطاول بهم الإعتقال، وأهمل جانبهم بالكلية، وضاق بهم الحال في المطعم والملبس، فعمل النجم يحيى شعرا بعث به إلى ملك الأمراء حسام الدين، فمنه: (أولى بسجنك أن يحيط ويحتوي .......... صيد الملوك وأفخر العظماء)
(منا قدر فراش وحداد .......... ونفاط وخربندا إلى سقاء)
(خدموا رسولا ما لهم علم بما .......... يخفي وما يبدي من الأشياء)
(لم يتبعوا الشيخ الرسول ديانة .......... وطلاب علم واغتنام وعاء)
(بل رغبة في نيل ما يتصدق السلطان .......... من كرم وفيض عطاء)
(ويؤملون فواضلا تأتيه من .......... لحم وفاكهة ومن حلواء)
(نفروا من الكفار والتجأوا إلى .......... الإسلام واتبعوا سبيل نجاء)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 148
(أيقابلون بطول سجن دائما .......... وتحسر ومجاعة وعناء)
(أخبارهم مقطوعة فكأنهم .......... موتى وهم في صورة الأحياء)
(إن كان خيرا قد مضى أو كان شرا .......... قد أمنت عواقب، الأسواء)
(وإذ قطعت الرأس من بشر فلا .......... تحفل بما تبقى من الأعضاء) في أبيات. فلما سمعها أطلق معظمهم، وبقي في الاعتقال نفرين ثلاثة، قيل إن صاحب ماردين أشار بإبقائهم. وكان عبد الرحمن مقاصده جميلة، وظاهره وباطنه منصرف إلى نصرة الإسلام واجتماع الكلمة. وله عدة سفرات إلى مصر والشام والحجاز، ولما قدم في الرسلية كانوا يسيرون في الليل. وكان يعرف السحر والسيمياء، وبهذا انفعل له الملك أحمد. ورأيت في تاريخ أنه كان روميا من فراشي السدة، وأخذ من الدور وقت الكائنة جوهرا نفيسا، وأسر فسلم له الجوهر، ثم صار من فراشي القان، ثم تزهد وتنمس وتخشع، وطمر الجوهر، وصار إلى الموصل، فاتصل بعز الدين أيبك أحد نواب القان، وكان مهووسا بالكيمياء، فربطه عبد الرحمن وسار معه إلى أبغا، ودخل، فقال عبد الرحمن لأبغا: إني رأيت في النوم في مكان كذا وكذا جوهرا مدفونا. فبعث معه جماعة، فقال لهم: احفروا هنا. فحفروا فوجدوا ذلك. فخضع له أبغا واحترمه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 149 ثم ربطه بأمر الجن والشعبذة، ثم إنه عمل خاتمين نفيسين على هيئة واحدة، فأظهر الواحد وأعطاه لأبغا، ففرح به، وقال له: إن رميته في هذا البحر أنا أخرجه لك. فرماه. فقال: اصبر إلى غد. ثم عمل هيئة سمكة خشب مجوفة، وملأها ملحا مع الخاتم الآخر، وأتاه بالسمكة وقال: هذه تأتي بالخاتم. ورماها في البحر فغرقت ساعتين، فتحلل الملح فشافت السمكة فاصطادها، ففتح أبغا فمها فإذا الخاتم، فانبهر لذلك، واعتقد في عبد الرحمن، فأخذ رصاصة أخفاها في بطن السمكة فغاصت. وخضع له الملك أحمد أيضا، وحسن إسلامه بسببه 175 - عبد الرحيم بن ريان. السندي. روى عن: أبي جعفر السندي، وغيره. مات ببغداد. 176 - - عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 150 القاضي، نجم الدين الجهني، الحموي، الشافعي، المعروف بابن البارزي، قاضي حماة، وأبو قاضيها شرف الدين هبة الله. ولد بحماة سنة ثمان وستمائة. وحدث عن: موسى بن الشيخ عبد القادر. وسمع منه: ابنه، والحافظ أبوالعباس بن الظاهري، وولده أبو عمرو عز الدين، والبدر أبو عبد الله النحوي، وجماعة. وكان إماما، فاضلا، فقيها، أصوليا، أديبا، شاعرا، له خبرة بالعقليات، ونظر في الفنون. وقد سمع من: أبي القاسم بن رواحة، وغيره. وسماعه من موسى بدمشق. وقد حكم بحماة قديما بحكم النيابة عن والده، ثم ولي بعده، ولم يأخذ على القضاء رزقا. وعزل عن القضاء قبل موته بأعوام، وكان مشكورا في أحكامه، وافر الديانة، محبا للفقراء والصالحين كولده. درس وأفتى وصنف، وأشغل مدة. وأخرج له الأصحاب في المذهب. وله شعر رائق، فمنه: (إذا شمت من تلقاء أرضكم برقا .......... فلا أضلعي تهدأ ولا أدمعي ترقا)
(وإن ناح فوق البان ورق حمائم .......... سحيرا فنوحي في الدجى علم الورقا)
(فرقوا لقلب في ضرام غرامه .......... حريق وأجفان بأدمعها غرقا)
(سميري من سعد خذا نحو أرضهم .......... يمينا ولا تستبعدا نحوها الطرقا)
(وعوجا على أفق توشح شيحه .......... بطيب الشذا المكي أكرم به أفقا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 151
(فإن به المغنى الذي تبرأ به .......... وذكراه يستشفى لقلبي ويسترقا)
(ومن دونه عرب يرون نفوس من .......... يلوذ بمغناهم حلالا لهم طلقا)
(بأيديهم بيض بها الموت أحمر .......... وسمر لدى هيجائهم تحمل الرزقا)
(وقولا محبا بالشآم غدا لقى .......... لفرقة قلب بالحجاز غدا ملقى)
(تعلقكم في عنفوان شبابه .......... ولم يسل عن ذاك الغرام وقد أبقى)
(وكان يمني النفس بالقرب فاغتدا .......... بلا أمل إذ لا يؤمل أن يبقا)
(عليكم سلام الله أما ودادكم فباق .......... وأما البعد عنكم فما أبقى) ثم خرج إلى مدح النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة، يقول فيها: (رقيقكم مملوككم عبد ودكم .......... قصارى مناه ان تديموا له الرقا)
(يلوذ بذا القبر الذي قد حواكم .......... إذا ما نجا أهل السعادة أن يشقا)
(أجرني فإني قد أحاطت بساحتي .......... ذنوب لأثقال الرواسي غدت طبقا) وله، وكتب بها إلى الملك المنصور محمد: (خدمتك في الشباب وها مشيبي .......... أكاد أحل منه اليوم رمسا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 152
(فراع لحرمتي عهدا قديما .......... وما بالعهد من قدم فينسى) أنشدني أبو عبد الله محمد بن يعقوب النحوي أن أبا محمد بن البارزي أنشده لنفسه في القلم: (ومثقف للخط يحكي فعله .......... سمر القنا لكن هذا أصفر)
(في رأسه المسود إن أجرده .......... في المبيض للأعداء موت أحمر) توجه القاضي نجم الدين ليحج في سنة ثلاث، فأدركته المنية في ذي القعدة بتبوك، فحمل إلى المدينة ودفن بالبقيع، رحمه الله. وكتب الدمياطي عن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، عنه. 177 - عبد العزيز بن مظفر. الصدر، عز الدين الدمشقي. اتصل بخدمة الملك الناصر فأحبه وحظي عنده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 153 وكان مليح الشكل، حسن البزة، مليح العشرة، ظاهرالحشمة. توفي في أول السنة بدمشق. 178 - عبد القادر بن خلف بن سلامش البغدادي. سمع من: نصر بن عبد الرزاق الجيلي. حدث عنه الفرضي، وقال: مات رحمه الله في ذي القعدة. 179 عبد الملك. الملك السعيد، فتح الدين، أبو محمد بن السلطان الملك الصالح أبي الحسن إسماعيل ابن العدل. رأيته، وكان شكلا مليحا، مزرعا بالشيب. وكان وافر التجمل، دمث الأخلاق، له حرمة في الدولة. وكان من أمراء الحلقة، وهووالد الملك الكامل. سمع منه: البرزالي، والطلبة. وتوفي في ثالث رمضان، ودفن بتربة جدته أم الصالح، وشيعه الأمراء والأعيان. أتيت منزله وهو يأكل فأطعمني. 180 - عبد الوهاب بن الحسين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 154 القاضي أبو محمد بن الفرات اللخمي، الإسكندراني. شيخ فقيه، معمر. ولد بالإسكندرية سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وكان يمكنه السماع من عبد الرحمن بن موقا ولا أعلم هل سمع منه أولا. توفي في جمادى الآخرة. وقد تفرد بالإجازة من إسماعيل بن ياسين، وأبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي. 181 - [عطا ملك بن محمد بن محمد، علاء الدين، صاحب الديوان..]. 182 - علي بن الحسن بن معالي. الأديب، فخر الدين ابن الباقلاني، الشواوي، الشاعر. عاش ثلاثا وثمانين سنة، وله شعر كثير. 183 - علي بن صالح. الحسني، إمام المقام ذكر في سنة إحدى 184 - علي بن يوسف بن جلون. الشيخ الصالح، نور الدين الحراني، التاجر. حدث بدمشق عن أبي الحسن بن روزبة. سمع منه: البرزالي، والطلبة. توفي في جمادى الآخرة. 185 - عمر بن محمد. نجم الدين الكريدي، الشافعي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 155 قاضي الصلت. توفي في المحرم. 186 - عمر بن نصر. القاضي نجم الدين، أبو حفص الأنصاري، البيساني، الشافعي. سمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والتقي بن باسويه، وجماعة. وتفقه وبرع في المذهب، وأفتى ودرس، وناب في القضاء بدمشق ودرس بالرواحية، ثم ولي قضاء حلب مديدة. ومات في شوال رحمه الله تعالى. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ولي بعده تدريس الرواحية ناصر الدين بن المقدسي الذي شنق 187 - عيسى بن مهنا. أمير عرب الشام، وشيخ آل فضل، الأمير شرف الدين. كان ذا منزلة عظيمة عند السلطان الملك المنصور، وقد ملكه السلطان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 156 مدينة تدمر بحكم البيع، وأورد عنه ثمنها. وكان كريم الأخلاق، حسن الجوار، مكفوف الشر يرجع إلى خير وعقل ورئاسة. ولم يكن أحد يضاهيه من ملوك العرب، وله أثر صالح في يوم المصاف بحمص مع منكوتمر. وتوفي بعد الأمير أحمد بن حجي بأربعة أشهر، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب في يوم الجمعة تاسع ربيع الأول. وقام بالأمر بعده ولده الأمير حسام الدين مهنى، فزادت حرمته، وامتدت أيامه. - حرف الفاء - 188 - فاطمة بنت الحافظ أبي القاسم علي بن الحافظ بهاء الدين أبي محمد القاسم ابن الحافظ الكبير محدث الشام أبي القاسم ابن عساكر. أم العرب الدمشقية. ولدت سنة ثمان وتسعين. وسمعت من: عمر بن طبرزد، وحنبل المكبر، وأبي الفتوح الجلاجلي، وست الكتبة بنت الطراح، وأبي اليمن الكندي. وأجاز لها: أبو جعفر الصيدلاني، ومحمد بن الفاخر، وأبو الفتوح أسعد العجلي، وعدة من شيوخ خراسان والعراق وإصبهان. وكانت أصيلة، جليلة، عالية الإسناد، معرقة في الحديث، وسماعها من عمر وحنبل في الخامسة، ولها في السادسة أيضا على عمر. روى عنها: الدمياطي، وقطب الدين بن القسطلاني، ومحمد بن محمد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 157 الكنجي، وابن الخباز، وعلاء الدين ابن العطار، وجمال الدين المزي، وعلم الدين البرزالي، وطائفة سواهم. وأجازت لي مروياتها. وتوفيت في تاسع عشر شعبان. 189 - - فاطمة بنت محمد بن جامع بن باقي. نور الهدى التميمية، وأمها بنت السيف الآمدي المتكلم. توفيت في المحرم. وقد روت عن ابن الزبيدي ' جزء أبي الجهم '، وعن ابن غسان الحمصي ' جزء الفلكي '. وأظنها ماتت بمصر. - حرف القاف - 190 - قراسنقر المعزي الأمير الكبير، شمس الدين. توفي ببيت لهيا في جمادى الآخرة. - حرف الميم - 191 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب. القاضي، عماد الدين السروجي، الأنصاري، الدمشقي، ابن الرئيس شرف الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 158 ولد سنة ثلاث عشرة. وسمع: أبا المجد القزويني، وجده الصدر فخر الدين، وأبا عبد الله بن الزبيدي. وولي نظر الجامع مرة، ونظر الخزانة. وكان رئيسا محتشما، متواضعا، دينا. روى لنا عنه ابن العطار، وغيره. ولي منه إجازة. وتوفي في ربيع الأول ببستانهم بالعقيبة. وهو والد الصاحب فخر الدين. 192 - محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم بن عنان. الإمام، المحدث، المتقن، شرف الدين، أبو عبد الله الميدوي، المصري، النحوي. ولد بالقاهرة سنة إحدى عشر وستمائة. وسمع الكثير، وكتب واشتغل. وكان من العلماء الأتقياء. توفي في صفر، وشيعه الخلق إلى القرافة. سمع: عبد العزيز بن باقا، وابن رواح، وابن الجميزي، وطبقتهم وقد درس وأعاد. وكان خصيصا بالحافظ أبي محمد المنذري، أكثر عنه. وولي خزن الكتب بالكاملية وطلب لمشيختها مدة، فامتنع، ثم وليها إلى أن مات. أخذ عنه: الحارثي، وأبو عمرو بن الظاهري، وقطب الدين، وقال في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 159 ' تاريخه ' لمصر: أبو عبد الله المقرئ، المحدث، النحوي، كان من العلماء الأتقياء، عارفا بالقراءات والحديث والنحو. وكتب الكثير، وكان سليم القلب، ذا سمت وصلاح وهدى وخير، على سمت السلف، متصدرا للحديث طول نهاره بالمدرسة الكاملية. سمعت منه وانتفعت ببركته، وقرأت عليه ' الشاطبية ' من حفظي، بسماعه من أبي عبد الله القرطبي. وكان ثقة حجة. وكان له تلميذ يقرأ عليه الحديث، فلما مات بكى وجعل يمرغ وجهه على رجليه ويقول: يا سيد اطلبني من الله،، فإني لا أقدر أرى غيرك قاعدا مكانك. فاتفق أن مات التلميذ من الغد. قلت: كتب عنه شيخه الحافظ أبو علي البكري. قرأت ذلك في مجلد بخط البكري. 193 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن الأزهر. أبو عبد الله ابن الحافظ أبي إسحاق الصريفيني. من أولاد المحدثين. سمعه أبوه الكثير من الموفق عبد اللطيف بن يوسف، وجماعة. ولم يكن من أهل العلم. وقد أخذ عنه بعض الطلبة. توفي في شعبان. وسمع ' الصحيح ' من ابن روزبة. مولده بمنبج في سنة عشرين وستمائة. 194 - محمد بن باخل. الأمير، شمس الدين الهكاري، متولي الثغر الإسكندري. توفي في رجب بالإسكندرية، وقد ذكره الحافظ قطب الدين في ' تاريخه ' فقال: محمد بن باخل بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن مرزبان الهكاري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 160 إلى أن قال: كان صارما عادلا، وله ميل إلى الأدب. سمع جميع ' سنن ابن ماجة ' من الموفق عبد اللطيف بن يوسف، و ' مقامات الحريري ' بحران. وخرج له الحافظ منصور بن سليم. أجاز لي مرارا. ومولده سنة عشرين وستمائة. قلت: مرت ترجمته. 195 - محمد بن جبارة. الفقيه، الإمام، تقي الدين، المقدسي، الحنبلي. توفي في ذي الحجة بقاسيون. وهو محمد بن عبد المولي الزاهد العابد. سمع ببغداد من المؤتمن. وهو والد شهاب الدين المقرئ. 196 - محمد بن الحسين بن الحسن. نظام الدين، أبو عبد الله الداري، الخليلي، عم الصاحب فخر الدين. توفي بمصر في ربيع الأول، وله إجازة من ابن المعطوش، وابن الجوزي، وجماعة. وسمع ' السيرة النبوية ' من ابن مجلي، وعاش تسعين عاما. وكان تاجرا متمولا، كثيرالبر. خرج له التقي عبيد مشيخة. سمع من ابن جبير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 161 197 - محمد بن زنطار. أبو خطاب الأشرفي، خادم الأثر بدار الحديث. روى ' مسند الشافعي '، عن ابن الزبيدي. ومات في صفر، رحمه الله. 198 - محمد بن الصلاح. العدل، جمال الدين الحنفي، الخشاب. كان من عدول القيمة بدمشق. توفي في شعبان. 199 - محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم. الفقيه، شمس الدين، أبو عبد الله بن العلامة تاج الدين الفزاري، الدمشقي، الشافعي. توفي شابا في جمادى الآخرة. 200 - محمد بن عبد العزيز بن يحيى. اللوري، أخو الشيخ أبي إسحاق. سمع معه من الرشيد بن مسلمة. مات بسجلماسة. حج مرتين. 201 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 162 قاضي القضاة، عزا الدين، أبو المفاخر الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، المعروف بابن الصائغ. ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي، وأبي الحسن بن الجميزي، وأبي الحجاج يوسف بن خليل، وجماعة. وتفقه في صباه على جماعة، ولازم القاضي كمال الدين التفليسي، وصار من أعيان أصحابه. ثم ولي تدريس الشامية مشاركا للقاضي شمس الدين ابن المقدسي، بعد فصول جرت، فلما حضر الصاحب بهاء الدين إلى دمشق استقل شمس الدين بالشامية وحده، وولي عز الدين وكالة بيت المال، ورفع الصاحب من قدره ونوه بذكره. ثم عمد إلى القاضي شمس الدين ابن خلكان فعزله بالقاضي عز الدين في سنة تسع وستين، فباشر القضاء، وظهرت منه نهضة وشهامة، وقيام في الحق ودرء للباطل، وحفظ الأوقات وأموال الأيتام والأشراف، وتصدى لذلك، فحمدت سيرته، وأحبه الناس، وأبغضه كل مريب، وأعلا الله منار الشرع به. وكان ينطوي على ديانة وورع وخوف من الله تعالى ومعرفة تامة بالأحكام، ولكنه كانت له بادرة من التوبيخ والمحاققة وكشف الأمور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 163 واطراح للرؤساء الذين يدخلون في العدالة بالرئاسة والجاه. فتعصبوا عليه، وتكلموا فيه، وتتبعوا غلطاته، وتغير عليه الصاحب، وما بقي يمكنه عزله لأنه بالغ في وصفه عند السلطان. ودام في القضاء إلى أول سنة سبع وسبعين، فعزل وأعيد ابن خلكان، ففرح بعزله خلق. وبقي على تدريس العذراوية، فلما قدم السلطان الملك المنصور لغزوة حمص سنة ثمانين أعاده إلى القضاء، وباشر في أوائل سنة ثمانين فعاد إلى عادته من إقامة الشرع وإسقاط الشهود المطعون فيهم، والغض من الأعيان، فربى له أعداء وخصوما، فتضافروا عليه وسعوا فيه، وأتقنوا قضيته، فلما قدم السلطان دمشق في رجب سنة اثنتين وثمانين سعوا فيه، فامتحن، فجاءه رسول إلى الجامع وقد جاء إلى صلاة الجمعة، فأخذه إلى القلعة، فقال له المشد بدر الدين الأقرعي، قد أمر السلطان أن تجلس في مسجد الخيالة. ففعل ولم يمكن من صلاة الجمعة، وذلك بسبب محضر أثبته تاج الدين عبد القادر بن السنجاري عليه بحلب، بمبلغ مائة ألف دينار، وأنها عنده من جهة الشرف ابن الإسكاف كانت للخادم ريحان الخليفتي. ثم إن المشد أحضر النظام ابن الحصيري نائب القاضي حسام الدين الحنفي، فنفذ المحضر، وأمضى حكم قاضي سرمين ابن الأستاذ به، وذهب الناس إلى القاضي يتوجعون له، وبقي نائبه شمس الدين عبد الواسع الأبهري يحكم. فلما كان في اليوم الثالث منع نائبه من الحكم، ومنع الناس من الدخول إليه إلا أقاربه، وولي القضاء بهاء الدين ابن الزكي. ثم نبغ آخر، وزعم أن حياصة مجوهرة وعصابة بقيمة خمسة وعشرين ألف دينار كانت عند العماد بن محيي الدين ابن العربي للملك الصالح إسماعيل ابن صاحب حمص، وانتقلت إلى القاضي عز الدين، ووكلوا علاء الدين علي ابن السكاكري للملك الزاهر، وبقية ورثة الصالح وذكروا أن الشهود كمال الدين ابن النجار والجمال أحمد بن أبي بكر الحموي. ثم توقف ابن النجار واقتحم الشهادة الجمال وغيره، ثم قالوا للقاضي: هذه القضية قد ثبتت عليك، والأخرى في مظنة الإثبات ولم يبق إلا أن تحمل المال. فلما كان في اليوم الخامس من اعتقاله أظهروا قضية ثالثة، وهو أن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 164 ناصر الدين محمد ابن ملك الأمراء عز الدين أيدمر أودع عنده مبلغا كثيرا، فجاء المشد وسأله فقال: أحضر المبلغ إلي لأستودعه، فلم أفعل، واسألوا الأمير بدر الدين أمير مجلس فإنه الذي أحضر المبلغ. فخرج المشد وسأل أمير مجلس، فصدق ما قاله القاضي، فلما كان اليوم السابع طلب المشد لناصر الدين ابن أخي القاضي وقال: تكتب لي أسماء جميع أملاككم. وهدده فكتب ذلك. فلما كان يوم الجمعة أدى الشهود عند حسام الدين الحنفي، وهم الجمال الحموي، بعد أن شهد عليه الشيخ تاج الدين، وأخوه الشيخ شرف الدين، وغيرهما، أنه لا علم له بهذه القضية، وشهد الشهاب غازي الأميني، والغرس البياني، فاستفسرهم القاضي حسام الدين فتواقح بعضهم. وكان الجمال من شيوخ المحدثين، فأهانه المحدثون، وتواصوا أن لا يسمعوا عليه بعدها. ثم عمل المشد بداره مجلسا للحياصة، فحضر طائفة ممن يبغض ابن الصائغ، منهم: ناظر الصحبة ابن الوساطي، والوكيل ابن السكاكري، وحضر القاضي حسام الدين، ومحيي الدين ابن النحاس، ورشيد الدين سعيد، وأحضر ناصر الدين ابن أخي القاضي فقيل: قد أدى الشهود فهل لكم دافع. فأحضر النجم السبتي، والمجد محمود، فشهدا عند حسام الدين على القاضي عز الدين بإسقاط ابن الحموي، وحضر الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي فشهدا على إقرار ابن الحموي أنه لا يعلم هذه القضية، فبدر ابن السكاكري وقال على لسان القاضي إنه لا يرى ذلك دافعا. فكتب بذلك صورة مجلس، وأمهلوا ليحضروا دافعا. ثم طلب القاضي عز الدين من السلطان أن يحضر بنفسه، ويتكلم مع خصمه من غير توكيل منهما في مجلس يعقد. فأجيب إلى ذلك، وعقد المجلس بمحضر القضاة الأربعة، والشيخ تاج الدين، والشيخ محيي الدين ابن النحاس، وزين الدين الفارقي، وشمس الدين ابن الصدر سليمان، والقاضي عز الدين المذكور، فقال ابن السكاكري، وأشار إلى حسام الدين: أسالكم الحكم بما ثبت لموكلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 165 فقال القاضي عز الدين: أنا سألت السلطان أن يحضر معي خصمي. فطلبوا الملك الزاهر فتغيب، فأحضروا ولده الملك الأوحد، ثم قرئ المحضر، فقال القاضي عز الدين للأوحد: انا أحلفك بأنك ما تعلم أن شهودك شهود زور. فقال: أنا أصبو عن هذه القضية. ونكل. وقال عزالدين أيضا: أنا أطلب من الشهود تعيين الحياصة والعصابة وكم فيهما من جوهر وبلخش. فأفتى بعضهم بلزوم التعيين وتوقف بعضهم فقال القاضي حسام الدين: أنا أكشف هذا، وأسال أصحابنا، فإن التعين يختلف باختلاف الأجناس. وأحضروا في المجلس فحضر ابن السنجاري، فقرئ وادعى بمضمونه وكيل بيت المال زين الدين على القاضي، فقال: لي دوافع، منها أن ابن السنجاري عدوي، ومنها أن ابن الحصيري حكم علي من غير حضوري ولا حضور وكيلي. فطلب ابن الحصيري فلم يتفق حضوره، وانفصل المجلس. ثم اجتمعوا بدار الحديث، وأحضر ابن الحصيري، فقام عليه الحنفية وقالوا: حكمك لا يصح. فقال: ليس حكمي بباطل، ولكنه لا يلزم الخصم. وبحثوا في ذلك، فأحضر كتبا ونقولا. وقال عز الدين: لي بينة تشهد بعداوة ابن السنجاري. فقال: أثبت ذلك يا مولانا، وعليك المهلة ثلاثة أيام. وطلب ابن السكاكري الحكم من الحنفي على عادته وجرأته، فأخرج القاضي عز الدين فتاوى الفقهاء أن الدعوى من أصلها باطلة، إذ كانت مجهولة. فأفتى بذلك من حضر المجلس. فقال المشد للقاضي. ما تحكم. فقال: لا والله لا أحكم في هذه القضية. وقام منزعجا، وانحلت القضية فكتب بذلك صورة بمجلس. ثم بعد أيام قال المشد للقاضي عز الدين: أيش المعمول ! قال: تصلي ركعتين في الليل، وتدعو الله أن يكشف لك أمري، ومهما خطر لك بعد ذلك فافعل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 166 ثم سعى نائب السلطنة حسام الدين طرنطاي، ولاجين، وعلم الدين الدواداري، وبينوا للسلطان أن القاضي ما ثبت عليه شيء. وظهر أيضا أن ريحان الخليفتي توفي سنة أربع وخمسين، وأن المحضر يتضمن أن ريحان سير الوديعة إلى الإسكاف في أواخر سنة ست وخمسين. ثم قدم تجار واجتمعوا بطرنطاي، وعرفوه: أن ريحان مات وعليه دين نحو اثني عشر ألف دينار وفاها عنه الخليفة، ونحن ما رأينا هذا القاضي، ولا لنا معه غرض. فأمر السلطان بإطلاقه مكرما، فنزل من القلعة، وزار شيخ دار الحديث، وعطف إلى ملك الأمراء لاجين فسلم عليه بدار السعادة، ثم مضى إلى دار القاضي بهاء الدين الذي ولي بعده، فسلم عليه. ثم أقام بمنزلة بدرب النقاش. وطلع بعد أيام إلى بستانه بحمص، وبه مات إلى رحمة الله وعند موته توضأ وصلى، وجمع أهله وقال: هللوا معي. فبقي لحظة يهلل، وعبر إلى الله تعالى، وكان آخر قوله: لا إله إلا الله. توفي، رحمه الله، في تاسع ربيع الآخر، وله خمس وخمسون سنة. وكان رحمه الله لا يفصح بالراء. 202 - محمد بن عبد الولي بن جبارة بن عبد الولي. الإمام، الزاهد، الصالح، الفقيه، المتقن، تقي الدين المقدسي، والد شيخنا الشهاب المقرئ. سمع ببغداد من هذه الطبقة أبي الحسن القطيعي، وجماعة. وكان يتعاسر بالتحديث. وسمع بدمشق من أبي القاسم بن صصرى. توفي في ذي الحجة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 167 203 محمد بن علي بن أحمد. أبو محمد الواعظ، ويلقب بالمهدي، خطيب جامع المنصور. سمع محيي الدين ابن الجوزي، وغيره. 204 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان. القاضي بهاء الدين، أبو عبد الله الإربلي، الشافعي، قاضي بعلبك، أخو قاضي القضاة شمس الدين. ولد بإربل سنة ثلاث وستمائة. وسمع ' صحيح البخاري ' من أبي جعفر ابن مكرم كأخيه، وحدث. سمع منه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وجماعة. وهو والد النجم ابن خلكان صاحب الفيض والخيال الشيطاني. قدم الشام وهو شاب، فاشتغل وحصل. ذكره قطب الدين في ' تاريخه ' فقال: كان رجلا معدوم النظير في كثير من أوصافه عند التواضع المفرط، ولين الكلمة، ورقة القلب، وسلامة الصدر، وحسن العقيدة في الصالحين، وعدم الإلتفات إلى الدنيا. ولي قضاء بعلبك إلى حين وفاته. قال: ولم ينله من جميع ما كان باسمه من الجامكية والجراية إلا قوته لا غير. ولا يسأل عما عدا ذلك. وأما بشره وتلقيه بالترحيب فخارج عن الوصف. ومات ولم يخلف درهما ولا ديناراً، وعليه جملة من الدين، فأبيعت كتبه في دينه. ومن وقت وفاة أخيه حزن عليه، ولم يكن يرقأ في غالب أواقته من حزنه عليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 168 توفي في الثاني والعشرين من رجب. ودفن في تربة الزاهد عبد الله اليونيني. 205 - محمد بن محمد بن بشارة. المحدث، شمس الدين الكلابي، الدمشقي. أحد طلبة الحديث. توفي شابا إلى رحمة الله في شعبان. وخطه معروف في الطباق. 206 - محمد بن محمد بن رمضان. شرف الدين الأنصاري، الدمشقي. توفي في شعبان. 207 - محمد بن محمد بن محمد. الوزير الكبير، شمس الدين، أبو المكارم الجويني. وزير الدولة التتارية والحاكم في المغول. نفذت أقلامه في الأقاليم، وله رسائل وأشعار. وقد ذكره ابن الفوطي مستقصى في ' معجم الألقاب ' وقال: قتل بنواحي أبهر بعد أن كتب وصيته بيده. سمعنا من لفظه قصائد بتبريز. وقتل في رابع شعبان. 208 - محمد بن محمد بن يحيى. نجم الدين الكلبي، السبتي، العدل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 169 ولد سنة عشر وستمائة. وقدم مصر بعد الثلاثين فسمع من: أبي الخطاب الكلبي الحافظ. وبدمشق من: ابن اللتي، والسخاوي، وكريمة، وجماعة. وعني بالرواية. وله جموع وتخاريج يسيرة. وكان صدوقا، خيرا. كتب عنه: المزي، والبرزالي، والجماعة. وتوفي في جمادى الأولى. لنا منه إجازة. 209 - محمد بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي. صاحب حماة، وابن ملوكها، الملك المنصور أبو المعالي ناصر الدين ابن الملك المظفر تقي الدين بن المنصور ؛ ملك حماة والمعرة بعد والده سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وعمره عشر سنين وأيام رعاية لأمه الصاحبة غازية بنت السلطان الملك الكامل. وقام بتدبير دولته أمه وسيف الدين طغرلبك أستاذ الدار، وشيخ الشيوخ
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 170 عبدالعزيز. وكان فيه كرم، وحسن عشرة، لكنه لعاب، منهمك على اللهو وغير ذلك، سامحه الله. وتملك بعده ابنه. 210 - محمد بن موسى بن النعمان. الشيخ القدوة، أبو عبد الله، المزالي التلمساني، وقيل الفاسي، المغربي. ولد سنة ست أو سبع وستمائة بتلمسان. وقدم الإسكندرية، فسمع بها من: محمد بن عماد الحراني، وأبا القاسم عبد الرحمن الصفراوي، وأبا الفضل الهمداني. وبمصر من: عبد الرحيم بن الطفيل، وأبي الحسن بن المقير، وأبي الحسن بن الصابوني. وكان فقيها مالكيا، زاهدا عابدا، عارفا، إلا أنه كان متغاليا في أشعريته. توفي بمصر في تاسع رمضان، وشيعه الخلائق. وكان يوما مشهودا. ومن شعره: (أتطمع أن ترى ليلى بعين .......... وقد نظرت إلى حسن سواها)
(سواها لا يروق الطرف حسنا .......... وأوصاف لها زانت حماها)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 171
(أتنظرها بعين بعد عين .......... فتلك العين تمنعا قذاها)
(قذاها إن أردت يزول عنها .......... فغير العين دهرك لا تراها) وقيل: إنه كان يحفظ ' سيبويه ' روى عنه: ابن نباتة، والقطب عبد الكريم، وعدة. 211 - محمد الشمس السراب. السقطي. توفي في رجب، ودفن ببستانه بالربوة، وخلف ولدين يونسية. 212 - المبارك بن المبارك بن عبد الحكيم. البارع، شمس الدين، أبو منصور بن الصباغ. طبيب المستنصرية. كان ماهرا في الصناعة، له تصانيف. وقد ناهز المائة ونيف عليها، قاله ابن الفوطي، متمتعا بسمعه وبصره. مات في المحرم. 213 - محاسن بن الحسن بن عبد الله. نجيب الدين، أبو الفضل السلمي. شيخ معمر، كان يمكنه السماع من الخشوعي، ونحوه فإنه ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 172 وروى عن: أبي القاسم بن الحرستاني بالإجازة ؛ سمع منه: علم الدين، وغيره. وتوفي بنواحي أذرعات في رجب إن شاء الله. وقد أجاز لي. 214 - مظفر بن أبي بكر بن مظفر. العلامة، تقي الدين الجوسقي، مدرس الحنابلة بالبشيرية. كان إماما، مناظرا، خلافيا، كبير القدر. حدث عن ابن السباك. مات في ربيع الأول، وله سبعون سنة. وكان رئيسا في المذهب وأصوله. 215 - مظفر بن عبد الوهاب بن مشرف. الدمشقي. توفي في ذي الحجة. وولد سنة ستمائة. ولا أعلم له رواية. 216 - مكي بن عبد الرحمن بن غنام. أبو الحرم الحراني. شيخ صالح، قدم دمشق، وذكر أنه سمع من عبد القادر الرهاوي. وقد روى بالإجازة عن أحمد بن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا، وسليمان الموصلي. سمع منه: علم الدين، وابن الخباز، وغيرهما. ومات في شعبان. وهو زوج ست الدار بنت الشيخ مجد الدين ابن تيمية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 173 217 - موهوبة. أخت الشيخ أمين الدين عبد الصمد بن عبد الوهاب ابن زين الأمناء ابن عساكر. سمعت من جدها، ومن ابن صباح. وحدثت. توفيت في جمادى الأولى. وهي والدة الأخوين شرف الدين وعز الدين ابني ابن العماد الكاتب. - حرف النون - 218 - نصر الله بن محمد بن نصر الله. المولى صفي الدين، وزير صاحب حماة. ولي بعد وفاة أخيه علاء الدين سنة أربع وسبعين. وكان حسن المعاملة. للناس. توفي في سلخ رجب بحماة. - حرف الياء - 219 - يوسف بن عبد الله بن عمر. قاضي القضاة بدمشق، جمال الدين، أبو يعقوب الزواوي، المالكي، وهو بنسبته أشهر. ولي القضاء بعد ابن عمه الشيخ زين الدين الرهاوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 174 وتوفي إلى رحمة الله في طريق الحج هو ونجم الدين ابن البارزي. وبقي القضاء بعده شاغرا ثلاث سنين. 220 - يحيى بن فرج بن هياب. صفي الدين الأسود، الشاهد. توفي في ذي الحجة بدمشق. الكنى 221 - أبو بكر بن عمر بن علي. البقال الصالح. عرف بأبي السوالم. شيخ مبارك، روى عن: الموفق، والقزويني. توفي في ذي الحجة. 222 - أبو بكر بن يوسف بن صدقة. يعرف بالعفيف الأريسي. ولد سنة سبع وستمائة، وكتب في الإجازات. مات في رجب. 223 - أبو الفتح بن إسحاق بن نصر الله بن هبة الله بن سني الدولة. العدل الجليل فخر الدين. توفي بدمشق في صفر. وله تعليق في التاريخ. 224 - أبو القاسم بن أحمد. المراغي، الصعيدي، الزاهد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 175 من المشايخ المشهورين بمصر. توفي في ذي الحجة. كانت جنازته مشهودة. روى شيئا من كلام شيخه ابن الصباغ، عنه. 225 - والدة السلطان الملك السعيد بنت مقدم الخوارزمية بركة خان. توفيت بالقاهرة في وسط السنة، واسمها التطمش. * * * وفيها ولد: رفيقنا الشيخ تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، في أول صفر، والشيخ سراج الدين عمر بن علي القزويني، محدث بغداد، والقاضي جمال الدين أحمد بن إبراهيم العثماني، المنفلوطي، وجمال الدين سليمان بن محمد ابن خطيب دمشق عبد الكافي الربعي، وعلي بن عبد الحميد المنبجي، المؤذن، ابن أخت العطار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 176
سنة أربع وثمانين
- حرف الألف - 226 - أحمد بن إدريس. المالكي، العالم الشهير، الأصولي، الشيخ الإمام، شهاب الدين القرافي، الصنهاجي الأصل. أصله من قرية بكورة بوش من صعيد مصر الأسفل تعرف بفهفشيم. ونسب إلى القرافة ولم يسكنها، وإنما سئل عنه عند تفرقة الجامكية بمدرسة الصاحب ابن شكر فقيل: هو بالقرافة. فقال بعضهم: اكتبوه القرافي. فلزمته هذه النسبة. وكان إماما في أصول الدين وأصول الفقه، عالما بمذهب مالك وبالتفسير، وعلوم أخر. ودرس بالصاحبية بعد وفاة شرف الدين السبكي، ثم أخذت منه، فوليها قاضي القضاة نفيس الدين، ثم أعيدت إليه، ومات وهو مدرسها. ودرس بمدرسة طيبرس وبجامع مصر. وصنف في أصول الفقه الكتب المفيدة الكثيرة، واستفاد منه الفقهاء. وعلق عنه قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز تعليقة على ' المنتخب '، و ' شرح المحصول ' الشرح المشهور. وله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 177 ' التنقيح ' و ' شرحه ' في الأصول، وله ' القواعد والذحيرة ' في مذهب مالك. كان حسن الشكل والسمت. توفي بدير الطين ظاهر مصر، ودفن بالقرافة. وكانت وفاته بعد وفاة صدر الدين ابن بنت الأعز، ونفيس الدين المالكي، وقبل وفاة ناصر الدين ابن المنير، وذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين. ترجمه القاضي علم الدين الإخنائي، من خطه نقلت. 227 - أحمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن [سالم بن] باقا. القيسي، التاجر، نجم الدين، أبو العباس. روى عن أبيه. ومات في المحرم. 228 - - أحمد بن عثمان بن محمد بن الهادي. شهاب الدين القيسي. دمشقي جليل. روى عن: ابن اللتي، والسخاوي. كتب عنه الطلبة. ومات في ذي الحجة. * - أحمد بن محمد الواعظ. هو زين الدين كتاكت، يأتي في الكاف. 229 - أحمد بن هاشم. جمال الدين التفليسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 178 توفي في شعبان. 230 - إبراهيم بن إسحاق بن المظفر. الشيخ برهان الدين، أبو إسحاق، المصري، الوزيري، المقرئ. من حارة الوزيرية بالقاهرة. ولد سنة تسع عشرة وستمائة وحفظ ' العنوان '، وقرأ بها، أعني القراءآت، على التقي عبد القوي بن المغربل صاحب أبي الجود سنة أربعين وقرأ بعدة كتب على الكمال الضرير. وراح إلى الصعيد فقرأ على: محمد بن محمد بن الفصال، وقرأ بدمشق على علم الدين القاسم، وعلى الكمال بن فارس. وعني بالقراءآت وأقرأ بها. وسمع الحديث، وأسمع ابنه إسحاق. 231 - - [إبراهيم بن علي بن شاور. زين الدين القرشي، الطوخي، المصري، المقرئ، المجود. ولد سنة اثنتين وستمائة، وقرأ القراءآت، توفي في شوال]. 232 - إسماعيل بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي عمر. المقدسي، نجم الدين. سمع من: الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر. توفي في شوال بجماعيل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 179
- [أيدكين: هو علاء الدين البندقدار ؛ يأتي في العين]. 233 - أيوب بن أبي الزهر بن معالي. مجد الدين الأنصاري، ابن الخيسي. رئيس جليل، سمع الكثير، وسمع أولاده. وهو خال تقي الدين محمد بن الفاضلي. سمع من: علم الدين السخاوي، واليلداني، وجماعة. روى عنه: البرزالي فيما أظن، وابن الخباز. وتوفي في ربيع الآخر، وله ستون سنة.
- حرف الباء - 234 - البرهان النسفي. هو أبو الفضائل، محمد بن محمد بن محمد الحنفي، العلامة، صاحب التصانيف الكلامية والخلافية، وله مقدمة مشهورة في الخلاف. شاخ وعمر: وأقرأ الطلبة، وسار ذكره. مولده سنة ستمائة. وأجاز العلم الدين البرزالي في هذه السنة في شعبان من بغداد. ولم تطل أيامه بعد ذلك بل بقي إلى سنة سبع وثمانين وستمائة، وسيعاد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 180
- حرف الحاء - 235 - حازم بن القاضي محمد بن حسن بن محمد بن خلف [بن حازم]. شيخ البلاغة والأدب، هني الدين، أبو الحسن الأنصاري، المغربي. توفي سنة أربع، وله ست وسبعون سنة. أرخه المطري. من أهل قرطاجنة بالأندلس. 236 - حسن بن سونج. المحدث، أخو الشيخ إسماعيل بن سونج، وأخو صاحبنا الشيخ حسين. وأبوهم هو الحكيم مجد الدين إبراهيم بن أحمد بن سونج الطبيب. قرأ وكتب، وحصل الأجزاء، وأكثر عن أصحاب ابن طبرزد، وطبقتهم. ومات شابا. وكان يلقب بالعماد. توفي في شعبان. وكان فقيها بالشبلية، من فضلائهم. 237 - الحسن بن محمد بن علي. نجم الدين الأنصاري، الدمشقي، الكاتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 181 خدم الأمير عز الدين أيبك المعظمي، ثم الطواشي رشيد. ثم ولي نظر بعلبك بعد الكمال إبراهيم بن شيث مدة. ثم عزل ولزم منزله بدمشق بدرب الفراش. وخرج مع الجيش لحصار المرقب فتوفي بنواحي حمص. وكان من قدماء رماة البندق. وقد جاوز السبعين. 238 - الحسن بن مسعود بن محمد. خطيب جامع بلهيقا. قرأت بخط الفرضي: مولده في سنة خمس عشرة وستمائة. ومات في سابع عشر ربيع الأول. 239 - الحسن الرومي. شيخ الشيوخ بالقاهرة. توفي في أواخر العام. وصلي عليه صلاة الغائب بدمشق. وولي المشيخة بعده الأيكي. 240 - الحسين بن علي بن أبي بكر بن يونس. أبو عبد الله ابن الخلال أخو شيخنا بدر الدين حسن. روى عن: ابن اللتي، وابن المقير، وكريمة، وجعفر. وتوفي بقوص كهلا. 241 - الحسين بن همام. العدل الأجل، أبو عبد الله بن البياع القرشي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 182 توفي بمصر في صفر، وولد بدلاص سنة إحدى وستمائة. حدث عن ابن باقا. وتوفي أخوه سنة خمس وتسعين. - حرف الخاء - 242 خليل بن يوسف بن خليل. العدوي. روى عن: أبي الحسن بن الجميزي، والحافظ النشتيري. ولد بإربل سنة سبع وستمائة. وكان يعرف بابن الفحام. وكان له أصحاب وفقراء بدمشق. توفي في صفر. سمع منه: البرزالي، والطلبة رحمه الله تعالى. - حرف الدال - 243 - داود بن يحيى بن كامل. القاضي عماد الدين القرشي، الحنفي، البصروي. والد العلامة نجم الدين القحفازي. ولي تدريس العزية بالكشك، وناب في القضاء. وروى الحديث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل. وعن: أبي إسحاق الصريفيني، وعبد الرحمن بن النصولي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 183 وناب عن القاضي مجد الدين ابن العديم. وكان إماما، محققا، صالحاً، ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. ومات في نصف شعبان. وكان عماد الدين من بقايا أصحاب ابن الحصيري شيخ الحنفية. - حرف الراء - 244 - رمضان بن وفاء. الخطيب، أبو الوفاء الهمداني. كتب عنه ابن الفوطي في الإجازات، وأرخ موته في ربيع الآخر. - حرف السين - 245 - ست العرب بنت يحيى بن قايماز. أم الخير الدمشقية. سمعت من مولاهم التاج الكندي. وحضرت على ابن طبرزد. وسمع منها الكبار، وأجازت لنا مروياتها. ولها إجازة من المؤيد الطوسي، وجماعة. روى عنها: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة. سألت المزي عنها فقال: شيخة جليلة، كثيرة السماع، سمعت من ابن طبرزد ' الغيلانيات '، وغيرها. وحدثت سنين كثيرة. قلت: ولدت في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين، وتوفيت في التاسع والعشرين من المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 184 246 - - سعيد بن علي بن سعيد. العلامة، رشيد الدين، أبو محمد البصراوي، الحنفي، مدرس الشبلية. كان إماما، مفتيا، مدرسا، بصيرا بالمذهب، جيد العربية، متين الديانة، شديد الورع. عرض عليه القضاء أو ذكر له فامتنع. قال شمس الدين ابن أبي الفتح: سمعت غير واحد يقول: لم يخلف الرشيد سعيد بعده في المذهب مثله. وكان خبيرا بالنحو، وكانت له يد طولى في النظم والنثر، ومن شعره: (استجر دمعك ما استطعت معينا .......... فعساه يمحو ما جنيت سنينا)
(أنسيت أيام البطالة والهوى .......... أيام كنت لذي الضلال قرينا) توفي الرشيد سعيد في شعبان في آخر الكهولة. كتب عنه ابن الخباز، وابن البرزالي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 185
- حرف الصاد - 247 - الصائن. أبو عبد الله البصري، المقرئ، الضرير، نزيل الروم ومقرئها. قرأ القراءآت وجودها، وبرع في معرفتها. وقدم دمشق فقرأ السبعة على المنتخب الهمداني. وكان عارفا بمذهب الشافعي. أضر في أثناء عمره، ودخل الروم وقد شاخ، فقرأ عليه طائفة منهم الشيخ وحيد الدين المقرئ إمام الكلاسة، ورأيته يصفه ويثني على علمه ودينه، وقال: إنه توفي في هذه السنة، وفيها قدمت الشام. وقال: اسمه محمد. - حرف الطاء - 248 - طي بن مصبح. البعلبكي، الفقير، الصالح. حدث عن البهاء عبد الرحمن. أخذ عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وغيرهما. ومات في ذي الحجة. - حرف العين - 249 - عبد الله. الملك المسعود، جلال الدين، ولد السلطان الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 186 كان من أجمل الناس صورة، وكان محتشما، نبيلا، حسن الأخلاق. توفي كهلا بقرية بالمرج، ودفن بتربة الأمجد عباس في نصف جمادى الآخرة. 250 - عبد الله بن الإمام ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم. الحنبلي زين الدين، أبو بكر الدمشقي. سمع أباه، وسمع بالموصل من: عبد المحسن بن عبد الله الطوسي. وبدمشق من: أبي محمد بن البن، والقزويني. وببغداد من: عبد السلام الداهري. وطال عمره وعلا سنه، وعاش ثمانين سنة. وأجازت له من إصفهان عفيفة الفارقانية، وجماعة. وأجاز له من العراق أبو الفتح المندائي. روى عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. ومات في شوال. 251 - عبد الله بن محمد بن محمد بن المجاهد. القواس. روى عن: الشيخ الموفق، والبهاء، وأبي القاسم بن صصرى، وجماعة. وأخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة. ومات في ذي القعدة. وهو أخو شيخنا أحمد بن المجاهد، وهو لقب لأبيهما. روى عن: يحيى الثقفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 187 252 - عبدالحميد بن أحمد. المنجبي، القاضي، مجد الدين الملوحي قاضي بيسان، وزوج أخت الشيخ علي ابن العطار. توفي بعجلون. 253 - عبد الحميد بن فخار بن معد. الشيخ جلال الدين، أبو القاسم الموسوي، الحسيني، الأديب، الشاعر. سمع من: عبد العزيز بن الأخضر وغيره. مات في تاسع شوال ببغداد. وقال ابن الفوطي: مات في سابع عشرة. وسمعت منه. 254 - عبد الرحمن بن عباس بن محمد بن عنان. الشيخ الصالح، أبو الفرج الخباز، زوج جدتي. كان رجلا صالحاً، خيرا، تاليا لكتاب الله. له بيت وفرن بحكر العنابة، وكنت أفرح بالمبيت عنده للفرجة على العسكر وغير ذلك. روى عن: ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، والضياء المقدسي. قال ابن أبي الفتح: هو ابن عم والدتي. وذكر أنه سمع منه ' الثلاثيات '. قلت: سمع منه البرزالي، وغيره. وتوفي بقرية السموقة من الغوطة في نصف رجب. وكان من أبناء السبعين وبقي في صحبة أم أبي ثلاثين سنة، ثم توفيت بعد وفاة جدي لأمي، فتزوج بجدتي لأمي عبد الحميد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 188 255 - عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم. نور الدين البصري، العبدلياني. منسوب إلى قرية عبدليان. درس للحنابلة بالبشيرية، ثم درس بالمستنصرية بعد ابن عكبر. وله تصانيف منها: كتاب ' جامع العلوم في التفسير '، وكتاب ' الحاوي ' في الفقه، و ' الكافي في شرح الخرقي '، و ' الشافي في المذهب '. وله طريقة في الخلاف. عاش ستين سنة. وكان يلقب بملك العرب. مات ليلة عيد الفطر. 256 - - عبد الرحمن بن الشيخ أبي القاسم. الحواري. توفي في شوال، وكان رجلا صالحا خلف أباه في المشيخة. 257 - - عبد المنعم بن محمد بن أبي جعفر بن غرندة. أبو الفرج البغدادي، الحلبي، والحلبة من قرى بغداد. كان ثقة، جليلا، حنبلي المذهب. ولد في سنة تسع وستمائة وسمع: أحمد بن صرما، وعلي بن إدريس الزاهد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 189 روى عنه أبو العلاء الفرضي، وقال: توفي في ربيع الأول. سمع ' الجزء القادري ' من ابن إدريس. وأجاز لحفيد الكازروني، وللبرزالي. 258 - عبيد الله بن محمد بن الشريف أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. الشمس المقدسي، الحنبلي. ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة. سمع من: كريمة، والضياء. وأحضر على جعفر. وتفقه ودرس وأعاد، وقرأ بنفسه الكثير، وسمع أولاده. وكان كيسا، فاضلا، محببا إلى الناس، ذا ثروة ودين وتودد. وكان الشيخ شمس الدين يحبه ويفضله على سائر أهله. توفي بجماعيل في الثاني والعشرين من شعبان. وقد سمع منه البرزالي، وغيره. وصنف في الأحكام، وغير ذلك. 259 - عثمان بن أبي محمد بن خولان. أبو عمرو البعلبكي، التاجر. كان ثقة، صالحا. روى عن: البهاء عبد الرحمن. وتوفي في صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 190 سمع منه: ابن أبي الفتح، وابن البرزالي، وجماعة. 260 - علي بن بلبان. المحدث، علاء الدين، أبو القاسم المقدسي، الناصري الكركي، المشرف. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع ببغداد من: أبي الحسن القطيعي، وابن السباك، وعبد اللطيف بن القبيطي، وطبقتهم. وبدمشق من: جعفر الهمداني، وكريمة، وهذه الطبقة. وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السلفي. وعني بالحديث، وسمع الكثير، وحصل الأجزاء، وانتخب وخرج لنفسه وللناس، وروى الكثير من مسموعاته. وكان منقطعا إلى هذا الفن مغرى به، ولم يكن مبرزا فيه ولا متقنا له. وله غلطات وأوهام. خرج للشيخ شمس الدين شيخه وللتاج بن الحبوبي مشيخة كبيرة، وللفخر ابن البخاري مشيخة، ولنفسه ' الموافقات '. وكان جنديا ثم تركها، ورتب مشرفا للجامع الأموي. وكان يحضر مدارس الحنفية ويؤم بمسجد الماسكي. سمع منه: شيخنا ابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وأبو القاسم بن حبيب، وشهاب الدين ابن المجد الشافعي، وأبو عبد الله بن الصوفي، وخلق كثير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 191 وله شعر حسن ومدائح، وكان خيرا، متواضعاً، متودداً، يستعين بالطلبة على ما يخرجه. توفي ليلة أول رمضان، ودفن بمقبرة باب الصغير. وقد أجاز لي مروياته. 261 - علي بن عبد العزيز بن علي بن جابر. الفقيه، الأديب، البارع، تقي الدين، المقرئ البغدادي، المعروف بابن المغربي صاحب تلك القصيدة السائرة التي أولها: (يا دبدبة تدبدبي .......... أنا علي بن المغربي) مات ببغداد فيما أرخه ابن الفوطي في ربيع الآخر، قال: وقد اعتنى الفقيه قوام الدين الحنفي بجميع ديوانه. 262 - علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن. علاء الدين، أبو الحسن البكري، المراكشي، الكاتب. ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع: أبا صادق بن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن أخي أبي البيان، والحسين بن إبراهيم بن مسلمة. وروى ' صحيح البخاري '. وكان ذا رواء ووقار وخبرة بأمور الديوان والحساب بحيث يرجع إلى قوله في ذلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 192 ولي نظر المارستان النوري مدة بلا جامكية، كان غنيا. ثم ولي نظر الدواوين. وكان ترك ذلك أولى به لأنه كان متواضعا صالحاً، له ورد، بين العشاءين، وكان يركب الحمار ويأتي الديوان. سمع منه غير واحد. وأجاز لي أحاديثه، ومات في جمادى الأولى. 263 - علي بن محمد بن ميكائيل. نفيس الدين، وكيل الصاحب شمس الدين الجويني. صحب السهروردي، سمع منه كتاب ' العوارف ' كتب عنه ابن الفوطي بمراغة وقال: مات بالموصل في المحرم. 264 - علاء الدين البندقدار. الأمير الذي ينسب إليه السلطان ركن الدين بيبرس البندقداري. كان من كبار الأمراء الصالحية. وكان عاقلا، ساكنا. توفي في جمادى الأولى بالقاهرة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب. كان ممولكا لجمال الدين بن يغمور، ثم صار للسلطان نجم الدين أيوب فجعله بندقداره. وعنه انتقل [إلى الملك الصالح لما] حبسه واحتاط على موجوده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 193 ولما آل الملك إلى الظاهر كان يحترمه ويرى له حق التربية. وكان هو يبالغ في النصح والخدمة للظاهر ويفرح به وهو الذي انتزع الشام للظاهر من الحلبي. قال ابن اليونيني: ورافقته من مصر إلى دمشق، فرأيت من مكارمه وحسن تربيته ما لا مزيد عليه. توفي بالقاهرة وقد ناهز السبعين. _ حرف الكاف - 265 - كافور الطواشي. الأمير شبل الدولة، أبو المسك الصوابي، الصالحي، النجمي، الصفوي، خزندار خزانة الشام. ولد سنة بضع وستمائة ظنا. وسمع من: السخاوي، وابن قميرة ؛ وبمصر من: عبد الوهاب بن رواج، وغير واحد. وكان دينا، عاقلا، خيرا، يحب العلم وأهله، ويعجبه السماع والرواية. كتب عنه جماعة من الطلبة. وثنا عنه أبو الحسن بن العطار. توفي ليلة أول رمضان كابن بلبان بقلعة الجبل، وقد نيف على الثمانين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 194 266 - كتاكت. الواعظ، زين الدين أحمد بن محمد الأندلسي، الإشبيلي الأصل، المصري. ولد بتنيس سنة خمس وستمائة. وكان رأساً في الوعظ، حفظة للأخبار، وله نظم جيد. وعلى وعظه روح. توفي، رحمه الله، بالقاهرة، في ثالث عشر ربيع الأول. - حرف الميم - 267 - محمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن شداد. الرئيس، المنشيء، عز الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الحلبي، الكاتب. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بحلب. وكان أديبا فاضلا، حسن المحاضرة. صنف ' تاريخا ' لحلب، و ' سيرة الملك الظاهر '. وكان من خواص السلطان الملك الناصر يوسف. ذهب في الرسلية عنه إلى هولاكو وإلى غيره، ثم سكن الديار المصرية بعد أخذ حلب. وكان ذا مكانة وحرمة عند الملك الظاهر وولده والملك المنصور. وله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 195 توصل ومداخلة، وفيه تودد ومروءة ومسارعة لقضاء حوائج الناس. وقد روى شيئا. وسمع منه المصريون. توفي في سابع عشر صفر. ودفن بسفح المقطم. وكان معلومه في الشهر ألف درهم. وله حرمة تامة ورأي. وقد عرضت عليه الوزارة زمن السعيد فامتنع. 268 - محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن. أبو بكر بن الحافظ أبي الطاهر بن الأنماطي، المصري، ثم الدمشقي. نزيل القاهرة. سألت المزي عنه فقال: شيخ حسن من أولاد المحدثين. سمعه أبوه الكثير من: أبي اليمن الكندي، وأبي عبد الله بن البنا، وأبي البركات بن ملاعب، وأبي القاسم بن الحرستاني في آخرين. وأجاز له عبد العزيز بن الأخضر، والمؤيد الطوسي، وخلق يطول ذكرهم. وحدث بكثير من مروياته. وكان سهلا في الرواية، سمعنا منه كثيرا في القاهرة سنة ثلاث وثمانين. وكان قد لفق له أبوه سماع جميع ' تاريخ ' ابن عساكر، وهممت بقراءته عليه وكلمته في ذلك ففرح وأجاب، ثم تركته لطوله. قلت: وقد سمع منه عامة الطلبة بمصر، وانفردوا بأشياء كثيرة لم يحدث بها لكون الأصول بدمشق. وتوفي في أول ذي الحجة بالقاهرة. وولد سنة تسع وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 196 وقد حدث بدمشق سنة ثمان وستين، وسمع منه بقراءة ابن نفيس شيخنا ابن تيمية، وأخواه عبد الرحمن وعبد الله خضر، وشهاب الدين بن المجد عبد الله، ومحمد وإبراهيم ابنا الوجيه بن منجا، وآخرون. 269 - محمد بن إياز. الأمير الكبير، ناصر الدين ابن الأمير افتخار الدين الحراني، الحنبلي. ولي ولاية دمشق بعد موت الافتخار والده، وأضيف إليه شد الأوقاف والنظر فيها استقلالا. وكان نائب السلطنة لا يخالفه ولا يخرج عن رأيه. وله المكانة العالية عند الملك الظاهر، وكلمته مسموعة في سائر الدولة. وكان ذا عقل ورأي وذكاء، وخبرة بالأمور. وكان مليح الخط، جيد الفضيلة، كثير المكارم والفتوة. وقال الشيخ قطب الدين: كان يكتب خطا منسوبا، رأيته يكتب وهو ينظر إلى جهة أخرى. قال: وكان كثير المكارم والستر وقضاء حوائج الناس، يصلح لكل شيء. سمعت بعض الأمراء يقول: والله يصلح لوزارة بغداد في زمن الخلفاء، ولا يقوم غيره مقامه. ثم استعفى من ولاية البلد فأجيب. ثم ولاه السلطان الملك المنصور نيابة حمص فتوجه على كره فلم تطل مدته به. وتوفي ليلة نصف شعبان بها، فنقل إلى دمشق ودفن بتربة الشيخ أبي عمر ولم يبلغ الستين. وقد سمع الحديث الكثير، وما أظنه حدث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 197 270 - محمد بن حاتم بن هبة الله بن خلف. شرف الدين الدلاصي، الأنصاري. حدث عن عبد العزيز بن باقا. ومات في شوال بمصر. 271 - محمد بن الحسن بن إسماعيل بن محمد. الشيخ شرف الدين الإخميمي، الزاهد. روى ' جزء ابن نجيد '، عن ابن طلحة النصيبي. سمعه معه الشيخ تقي الدين ابن تيمية، والبرزالي. وكان كثير التعبد والاجتهاد، وللناس فيه حسن اعتقاد. وبعض الناس كان ينسبه إلى التصنع. وكان يفتح عليه بأشياء من الأمراء والكبار، فإذا قوبل بقدر يسير لا يقبله. وفي الجملة كان جليل القدر، مهيبا، حسن السمت، حلو الكلام. وهو الذي ذكره كمال الدين محمد بن طلحة في تصنيفه في علم الحروف. فذكر أن الشيخ محمداً رأى عليا رضي الله عنه، فأراه دائرة الحروف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 198 وبمثل هذا تكلم به بعض الأئمة، فإن الدخول في علم الحروف ينافي طريق السلف، وهو في شق، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في شق. وهو مما حرمه الله تعالى بقوله: {أن تقولوا على الله ما لا تعلمون} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث '. قلت: وعلم الحروف يشبه الكهانة والنجوم، لا بل هو شر منه. فنسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا. * * * توفي الشيخ محمد الإخميمي بزاويته بقاسيون، وغسله الشيخ فخر الدين ابن عز القضاة، والشيخ برهان الدين الإسكندراني، والشيخ شرف الدين الفزاري، وازدحم الناس على نعشه. وكان على جنازته سكون وهيبة، وذلك في جمادى الأولى. تعلل مدة، وقد زاره الصاحب تاج الدين بن حنا، فدفع إليه أربعة آلاف دينار. وكان أسمر، طويلا، نحيفا، مهيبا، اشتكى من وجع ظهره زمانا وما تداوى وكان صديقا للشيخ يوسف البقاعي مدة، ثم وقع بينهما فتهاجرا. 272 محمد بن ربيعة بن حاتم بن سنان. أبو عبد الله الحبلي، المصري ابن الخرقي. والده الكتبي، المقرئ. راوي ' السيرة ' عن عبد القوي بن الجباب. كان موجودا في هذه السنة. قرأ عليه شيخنا المزي ' السيرة '، وذكره البرزالي في ' شيوخه ' بالإجازة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 199 والحيلي مستفاد مع الحبلي، والختلي، والجبلي، والجيلي. وحبلة: مكان باليمن منه صاحبنا علي بن منصور. وسمع منه أيضا: ابن سامة، وأبو عبد الله بن نباتة. وسماعه للسيرة في سنة ثمان وستمائة. ومولده في رمضان سنة سبع وتسعين. 273 - محمد بن طرس. أبو عبد الله الشنقري، البغدادي، الصوفي. روى عن: ابن روزبة، وابن اللتي. ومات في جمادى الآخرة، رحمه الله. 274 - محمد بن عامر بن أبي بكر. أبو عبد الله الغسولي، الصالحي، المقرئ. شيخ صالح، متواضع، متعفف، خير. روى عن: ابن ملاعب، والشيخ الموفق، وابن راجح، وغيرهم. روى عنه: ابن الخباز، وسائر الطلبة. وتوفي في جمادى الآخرة وقد قارب الثمانين. وهو صاحب الميعاد المشهور عشية السبوت. وكان يعظ عقيب الختم ثم يدعو. قال الشيخ تاج الدين في ' تاريخه ': كان يجمع الناس للختم كل سبت.. وكان طويلا، حسن الشكل. قال: ثم إنه ابتدع بدعة سيئة كرهته عليها. جعل يقرأ ختمة ويهديها للنبي صلى الله عليه وسلم، وختمة يهديها لإبراهيم الخليل، والله يسامحه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 200 قلت: أصل المسألة فيه نزاع، وهو إهداء ثواب التلاوة. 275 - محمد بن عبد الله بن بركات بن إبراهيم. الكمال بن الخشوعي، والد شيخنا علي. حدث وكتب في الإجازات. ومات في شوال كهلا. وحدث عن عمه إبراهيم. 276 - محمد بن عبد العزيز بن محمد بن الحسن. ابن الدجاجية، العدل، نجم الدين الصالحي. توفي ببستانه. وقد سمع من: أبيه، وابن صباح، وأبي نصر بن الشيرازي. أخذ عنه علم الدين البرزالي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. شيعه قاضي القضاة، وخلف أملاكا. 277 - محمد بن عبد الغني بن ظافر. جمال الدين بن الشيرجي، الإسكندراني، الشافعي، المؤدب. عمر دهرا طويلا، فإنه ولد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من ابن البنا ' جامع الترمذي '، ومن ابن المفضل. أجاز للبرزالي، وقال: مات سنة أربع وثمانين تقريبا. 278 - محمد بن عثمان بن علي. الرومي، الشيخ شرف الدين، ابن الشيخ القدوة الزاهد عثمان، صاحب الزاوية التي بسفح قاسيون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 201 كان صالحاً، زاهداً، فقيرا، واسع الصدر، كريما، جوادا، لطيفا، متواضعا، كيسا، لا يدخر شيئا أصلا، بل ينفق ما يفتح عليه به. وكان لا يكاد يتردد إلى أحد، ويعمل السماعات، ويصعد إليه الخلق الكثيرين الفقراء والعوام فيرقص سائر السماع، ويخلع جميع ما عليه على المغاني، ويبقى في اللباس فقط. وقد حضر حصار المرقب، ثم عاد إلى دمشق، فتوفي عقيب قدومه بأيام في العشرين من جمادى الأولى، وهو في عشر الثمانين. 279 - محمد بن علي بن إبراهيم بن شداد. العلامة، المنشيء، عز الدين الحلبي، له فضل وجلالة. صاحب ' سيرة الملك الظاهر '. توفي بمصر في صفر، وهو من أبناء السبعين. 280 - محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 202 العلامة، رضي الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الشاطبي، اللغوي. ولد ببلنسية سنة إحدى وستمائة. وروى عن: أبي الحسن بن المقير، وبهاء الدين بن الجميزي. وتوفي في يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة. وكان رحمه الله عالي الإسناد في القرآن. فإنه قرأ لورش على الشيخ المعمر محمد بن أحمد بن سعود الأزدي الشاطبي صاحب ابن هذيل سنة بضع وعشرين وستمائة. وسمع منه كتاب ' التلخيص ' لأبي عمرو الداني في قراءة ورش. كان رضي الدين إمام عصره في اللغة، تصدر بالقاهرة وأخذ الناس عنه: أبو حيان، وسعد الدين الحارثي، وأبو الحسين اليونيني، والمزي، وابن منير الحلبي، وابن عمرو بن الظاهري، وآخرون. ذكر لي ابن حرمي الفرضي، عن أبي حيان النحوي، عن الرضي الشاطبي قال: أعرف اللغة على قسمين، قسم أعرف معناها وشاهدها، وقسم أعرف كيف أنطق بها فقط. وسمعت شيخنا أبا الحسين اليونيني ببعلبك يقول: سألت شيخنا العلامة رضي الدين الشاطبي عما ذكره أبو عمر الزاهد في كتابه ' ياقوتة الصراط ' عند قوله عز وجل: {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال: يعني الإخصاء. قلت له: هل تعرف الإخصاء بمعنى الخصاء؟ قال: لا أعرف أحداً ذكره إلا أنني أحفظ بيتين لأهل الأندلس، قال: وهم يسمون القط قطرسا. وأنشدني البيتين، وهما:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 203
(عجائب الدهر شتى لا يحاط بها .......... منها سماع ومنها في القراطيس)
(وإن أعجب ما جاء الزمان به .......... فار بحمص لإخصاء القطاطيس) قلت: هذه حمص الأندلس. وهي بلد معروفة. 281 - محمد بن يحيى بن تمام. الرئيس، شمس الدين، ابن عماد الدين بن الجميزي، الدمشقي، العدل. توفي بالمزة في جمادى الآخرة. 282 - محمد بن يعقوب بن علي. المولى، مجير الدين بن تميم. سكن حماة، وخدم الملك المنصور. وكان جنديا محتشما، شجاعاً مطبوعاً كريم الأخلاق، بديع النظم. توفي بحماة في هذا العام.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 204 ومن شعره: (كم فارس صاحبته يوم الوغى .......... وتركته إذ خانه إقدامه)
(حتى بلغت بحد سيفي موضعا .......... في الحرب لم تبلغ إليه سهامه) وله: (دعني أخاطر في الحروب بمهجتي .......... إما أموت بها وإما أرزق)
(فسواد عيشي لا أراه أبيضا .......... إلا إذا احمر السنان الأزرق) وله: (رعى الله وادي النيربين فإنني .......... قضيت به يوما لذيذا من العمر)
(درى أنني جئته متنزها .......... فمد لأثوابي بساطا من الزهر) 5 (وأقد مني الماء القراح فحيثما .......... سنحت رأيت الماء في خدمتي يجري) وله: (لم لا أهيم إلى الرياض وزهره .......... وأقيم منه تحت ظل ضافي)
(والغصن يلقاني بثغر باسم .......... والماء يلقاني بقلب صافي) وله: (العفو مستحسن من غير مقتدر .......... فكيف من لم يزل يعفو إذا قدرا)
(والعبد فهو فقير ما له أحد .......... سواك فاصفح ولا تشمت بي الفقرا) وله:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 205
(ولم أنس قول الورد والنار قد سطت .......... عليه فأمسى دمعه يتحدر)
(ترفق فما هذي دموعي الذي ترى .......... ولكنها روحي تذوب فتفطر) وله: (حاذر أصابع من ظلمت فإنها .......... تدعو بقلب في الدجى مكسور)
(فالورد ما ألقاه في نار الغضا .......... إلا دعاء أصابع المنثور) وله: (ما احمر وجه الورد إلا إذ غدا .......... المنثور يلطم وجهه بكفوفه) وله: (ومذ قلت للمنثور إني مفضل .......... على حسنك الورد الذي جل عن شبه)
(تلون من قولي وزاد اصفراره .......... وفتح كفيه وأومى إلى وجهي) وله رحمه الله مرثية، بديعة أولها: (فؤاد على فقد الحبيب له وقد .......... وأجفان عين ما لها بالكرى عهد)
(وجسم براه لاعج الحزن والجوى .......... فما فيه إلا الروح والعظم والجلد) منها: (فيا قبره ألا رفقت بجسمه .......... فقد كان يدميه إذا مسه البرد)
(وألا كشفت الترب عن حسن وجهه .......... فقد كان وجها يخجل البدر إذ يبدو) وله: (يا من تلون في الوداد ولم أزل .......... أبداً بحسن وداده أتمسك)
(الماء منه حياتنا وسرورنا .......... وإذا تلون أو تغير يترك) وله: (مبارز الدين يامن جود راحته .......... وفضله في الورى يربي على السحب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 206
(عندي طريفية شهباء تحسبها .......... للحسن قد لبست ثوبا من الشهب)
(لم ترض نعلا هلال الأفق من صلف .......... ولا نجوم الثريا موضع اللبب)
(كم مرة تركت ريح الشمال وقد .......... جاءت تسابقها في غاية التعب)
(كريمة تسند الأعراب نسبتها .......... إلى جياد تميم سادة العرب)
(رأت جوادك في الميدان معترضا .......... يزهو على الخيل في التقريب والخبب)
(جاءت خاطبة لما انثنى وله .......... أصل يماثلها في عزة النسب)
(وقد رأته لها كفوا ولو خطبت .......... طرفا سواه رآها أشرف الرتب)
(فاحذر تضن عليها فهي شاغرة .......... وشغرها مؤلم في حالة الغضب) . - 283 - محمد بن يوسف بن محمد بن عصمون. تاج الدين المالقي. ولد بمالقة سنة إحدى عشرة. وحدث عن سبط السلفي. توفي في ذي القعدة بمصر. 284 - مصطفى بن أبي زرعة بن عبد الرزاق. صفي الدين الجروي، الدلاصي، ثم المصري. ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من: علي بن المفضل الحافظ، وابن باقا، وغيرهما. مات في شعبان. 285 - مظفر بن علي بن القاسم بن النشبي. مات في سلخ رمضان. روى عنه: البرزالي. سمع من: فخر الدين عبد الرحمن بن عساكر، وزين الأمناء، وابن صصرى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 207 وأجاز له خلق. وولد سنة عشر. 286 - معتوق بن علي بن عمر. تقي الدين النصيبي، الفقيه. ولد سنة ستمائة. وسمع من: السخاوي، وغيره. لكنه لم يحدث. ومات في ذي الحجة و كان أحد الشهود. - حرف النون - 287 - نويصر بن عمر بن راهبة. البعلبكي. حدث عن البهاء عبد الرحمن. كتب عنه: ابن أبي الفتح، وابن البرزالي، وجماعة. - حرف الهاء - 288 - هدية بنت المحدث المفيد معين الدين إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز القرشي، الدمشقي. توفيت في رمضان. روت عن ابن صصرى حضورا، وعن ابن الزبيدي. سمع منها: ابن حبيب، والبرزالي، والمزي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 208
- حرف الياء - 289 - يوسف بن إبراهيم بن يوسف. أبو المظفر بن الزراد الدمشقي، سبط ابن الحنبلي. روى ' أربعين ' السلفي. كتب عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وجماعة. ومات في ذي الحجة. حدث عن عم أمه الناصح ابن الحنبلي، وأبي عبد الله بن الزبيدي. * * وفيها ولد: أمين الدين، محمد بن إبراهيم الواني، المحدث. والمولى السلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك المنصور. ولد في صفر فيما أظن، أو في ربيع الأول، مكن الله له في الأرض وأحيا بطول بقائه السنن والفرض. وصارم الدين إبراهيم بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي، والأمين عبد الله بن عبد الله الرهاوي، والشهاب أحمد بن البدر المراغي، والقاسم بن أحمد بن شغير، والمتقي أحمد بن تبع، وعمر بن الحسام الأديب، وعماد الدين محمد بن الشرف أحمد بن الصاحب فخر الدين ابن الشيرجي، وتقي الدين عمر بن الوزير شمس الدين محمد بن علي بن أسعد المنجا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 209
سنة خمس وثمانين وستمائة
- حرف الألف - 290 - أحمد بن الحسن. الخطيب البارع، البليغ، شرف الدين، أبو الحسين، خطيب الرصافة، الملقب بالأسد. ولد سنة اثنتين وعشرين. وسمع من: عمر بن كرم. وله خطب أنشأها، و ' المقامات ' الخمسين، وغير ذلك. مات في ربيع الآخر. وكتب عنه ابن الفوطي، وغيره. 291 - أحمد بن شيبان بن تغلب بن حيدرة. المعمر، المسند، بدر الدين، أبو العباس الشيباني، الصالحي، العطار، ثم الخياط. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من حنبل جميع ' المسند '، ومن عمر بن طبرزد فأكثر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 210 ومن أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم الحرستاني، وجماعة كثيرة. وأجاز له أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، والمفتي خلف بن أحمد الفراء، وداود بن محمد بن ماشاذة، وزاهر بن أبي طاهر، وعبد الرحيم بن محمد بن حمويه الراوي ' معجم الطبراني الكبير ' حضورا، عن أبي نهشل العنبري، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني، وأبو زرعة عبيد الله بن اللفتواني، وعفيفة الفارقانية، وطائفة سواهم. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين الجيلي، وجماعة من القدماء، وابن الخباز، وابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وابن المهندس، وخلق كثير. وحدث أكثر من أربعين سنة. وكان شيخا حسنا، متواضعا، منقاداً، صحيح السماع، مطبوعا. له شعر. ختموا عليه ' مسند الإمام أحمد ' بدمشق قبل موته بتسعة أيام، وسمعه منه عدد كثير. توفي في السادس والعشرين من صفر، وصلي عليه من الغد بعد صلاة الجمعة بجبل قاسيون. وعاش تسعا وثمانين سنة. 292 - أحمد بن عامر بن أبي بكر. نفيس الدين الغسولي، الصالحي. حدث عن: أبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وجماعة. وعنه: ابن الخباز، والبرزالي، والطلبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 211 توفي في شوال بالجبل. 293 - أحمد بن عبد الله بن عبد الهادي. أبو العباس المقدسي، نزيل القاهرة. وهو ابن عم شيخنا العز بن العماد. حدث عن: موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وآخرين. روى عنه: المزي، وابن سامة، والمصريون. ويعرف عندهم بالجمال المراوحي. مات في ثاني عشر صفر. ودفن بالقرافة. 294 - أحمد بن نصر بن تروس. أبو العباس الدمشقي. سمع من: الفخر الإربلي، ومكرم بن أبي الصقر، وغيرهما. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن حبيب، والبرزالي، وآخرون. مات في هذه السنة. 295 - أحمد بن محمد بن علي. أبو العباس الكرمذاني، الطيبي، التاجر. الرجل الصالح. سمع من: خليل الجوسقي، وابن يعيش. مات في صفر، وقد قارب الستين. 296 - إبراهيم بن سالم بن ركاب. الأنصاري، الخباز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 212 من أهل جبل الصالحية. توفي في هذه السنة. وهو والد نجم الدين إسماعيل المحدث. روى عنه ابنه شيئا. 297 - إسماعيل بن إسحاق بن أبي القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ. أبو محمد، وابو الفدا، ابن صصرى، التغلبي، الدمشقي. روى عن: جده أبي القاسم، وأبي علي الأوقي الزاهد. سألت المزي عنه فقال: سمعنا منه ' مشيخة الفسوي '، عن الأوقي، وهو شيخ جليل كان يسكن بداخل باب توما. توفي في رمضان. 298 - إسماعيل بن جمعة بن عبد الرزاق. القاضي العالم، أبو إسحاق السامري، النحوي. حدث عن أبي بكر بن الخازن. وله نظم جيد. توفي في أحد الربيعين ببغداد. كتب عنه: الفرضي، والقلانسي. 299 - إياس بن عبد الله. الطيبي، الظاهري، البزاز، من موالي الخليفة، الظاهر بن الناصر. روى عن: أبي الحسن القطيعي، وغيره. كتب عنه الفرضي. وكان صاحب ليل وتهجد. وهو من قطيعة مراغة. وكان اسمه عمر فأسر وله عشر سنين في سنة ست عشرة في أيام خوارزمشاه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 213 300 - أيدكين. الصالحي، النجمي، الأمير علاء الدين البندقدار. تقدم سنة أربع. - حرف الباء - 301 - بغدي بن علي بن مرزبان العراق قشتمر. الناصري، الأمير فخر الدين البغدادي، من بقايا الأمراء الخليفتية. قال ابن الفوطي: مات في رمضان ودفن عند جده بمشهد الحسين. لم يقتل في واقعة بغداد وخلص بسبب رجل خوارزمي كان جد هذا قد أحسن إليه، فجاء في جيش هولاكو هذا الخوارزمي، وسأل من بقي من أولاد قشتمر وأجارهم. ولفخر الدين هذا مصنف في ' البزدرة '. - حرف الحاء - 302 - حسن بن عبد الله بن ويحان. الراشدي، نسبة إلى بني راشد، قبيلة من البربر، لا إلى الراشدية التي هي من قرى ديار مصر. التلمساني، المغربي، أبو علي. شيخ صالح، زاهد، ورع، كبير القدر، صاحب صدق ومعاملة. وكان إماما حاذقا بالقراءآت، بصيرا بالعربية. قدم القاهرة وقرأ بالروايات على الكمال بن شجاع الضرير. وجلس للإقراء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 214 وعليه قرأ شيخنا مجد الدين التونسي، وشهاب الدين أحمد بن محمد بن جبارة المقدسي. ورأيت كلا منهما يثني عليه ويبالغ في وصفه بالعلم والعمل. وكتب إلى أبو حيان يقول: كان الشيخ حسن رجلا ظاهره الصلاح والديانة يحكي عنه من عاشره أنه كان لا يغتاب أحدا. وكان حافظا للقرآن ذاكرا للقصيد، يشرحه لمن يقرأ عليه. ولم يكن عارفا بالأسانيد، ولا متقنا لتجويد حروف القرآن، لأنه لم يقرأ على متقن. وكان مع ذلك بربريا، فبقي في لسانه شيء من رطانة البربر. وكان، رحمه الله، عنده نزر يسير جدا من علم العربية ' كمقدمة ابن باب شاذ '، و ' ألفية ابن معط '، يحل ظاهر ذلك لمن يقرأ عليه، ولم كانت شهرته بالقراءآت. قلت: لم يتلمذ الشيخ حسن الراشدي لغير الجمال الضرير، ولا تلمذ شيخنا مجد الدين لغير الشيخ حسن. وكل منهما قد اشتهر ذكره وبعد صيته، ولا سيما شيخنا وما ذاك إلا بصدق النية وحسن القصد. وقد أخذ شيخنا عن الشيخ حسن سنة بضع وسبعين وستمائة. وأخذ عنه ابن جبارة بعد ذلك بنحو من سبع سنين، قال: وأنا آخر من قرأ عليه، وأنا غسلته وألحدته. وأما الشيخ مجد الدين فقدم دمشق وأدرك بها الزواوي، وحضر مجلس إقرائه. توفي الشيخ حسن في ثامن وعشرين صفر بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 303 - الحسن بن علي بن أحمد بن القسطلاني. الشيخ مجد الدين ابن الشيخ تاج الدين. حدث عن: أبي الحسن بن المقير، وغيره. ومات في خامس ربيع الأول بمصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 215 304 - الحسين بن عبد الرحمن بن شاس. قاضي القضاة على مذهب مالك بالديار المصرية، تقي الدين. حدث عن: أبي الحسن بن الجميزي، وغيره. وتوفي في مستهل ذي الحجة. وكان فقيها، إماما، عارفا بالمذهب، جيد النقل، علامة، لكنه مذموم الأحكام. وكان متسرعاً، سمحا في التعديل. - حرف الخاء - 305 - خديجة بنت الزين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة. أم أحمد. شيخة صالحة، عابدة، خيرة، سمعت من غير واحد. وروت بالإجازة عن: أبي المجد زاهر الثقفي، وأسعد العجلي، وأبي الفتح ابن المندائي، وعفيفة الفارقانية، وجماعة. ولدت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ولم يظهر لها شيء عن ابن طبرزد، ولا غيره من الكبار. روى عنها: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون. ذكر علم الدين أنها روت بالإجازة عن أبي جعفر الصيدلاني، وذلك يمكن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 216 وكانت تلقن القرآن. وقد روت الحديث قديما، وهي أم شيختنا فاطمة بنت حسين التي روت لنا عن ابن الزبيدي. أجازت لنا خديجة مروياتها. ومات في ربيع الآخر قبل أخيها عبد الدائم. 306 - الخضر بن المسند رشيد الدين أحمد بن المفرج بن مسلمة. شرف الدين. ولد سنة اثنتين وثلاثين. وسمع من: أبيه، والعلم السخاوي، وعبد العزيز بن أبيه. توفي يوم عيد الفطر. 307 - خليل بن أبي بكر بن محمد بن صديق. الإمام، صفي الدين، أبو الصفا المراغي، المقرئ، الفقيه، الحنبلي. قرأ القراءآت بدمشق على تقي الدين بن باسويه بالعشر. وسمع من: القاضي جمال الدين بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، والشمس أحمد بن العطار، وأبي البركات بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 217 وتفقه على الشيخ الموفق، ودرس، وأقرأ القراءآت والفقه. وكان عارفا بالمذهب، والخلاف، والطب، وغير ذلك. وكان كثير الفضائل، وافر الديانة، كثير الورع. قرأ عليه القراءآت: القاضي بدر الدين محمد بن الجوهري، والشيخ أبو بكر الجعبري، وجماعة. وطال عمره، وروى الكثير. أخذ عنه: ابن الظاهري، وولده أبو عمرو، والدمياطي، والقاضي أبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج القضاعي، وأبو محمد عبد الكريم الحلبي، وأبو حيان النحوي، وخلق كثير. وقد ناب في الحكم، وشكرت سيرته. وكان مشهورا بالزهد والدين. توفي في سابع عشر ذي القعدة بالقاهرة. وولد قبل الستمائة بمراغة، وعاش قريبا من تسعين سنة. - حرف الذال - 308 - ذو الفقار بن محمد بن أشرف بن محمد. أبو جعفر العلوي، الحلي الشافعي، مدرس المستنصرية. ولد سنة ثلاث وعشرين وستمئة بخوي، وسمع ببغداد من: السكاكري، وابن الخازن. مات في شعبان، وأبوه مات سنة ثمانين ببغداد في شعبان، وله ثمانون وثلاث سنين، فإن مولده في أول سنة سبع وتسعين وخمسمائة. ولقبه السيد عماد الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 218
- حرف الراء - 309 - رابعة بنت ولي العهد أبي العباس أحمد بن المستعصم بالله. وتعرف بالسيدة النبوية، صاحبة الصاحب الجليل هارون بن الصاحب شمس الدين محمد بن محمد الجويني، وأم أولاده المأمون عبد الله، والأمين أحمد، وزبيدة. ماتت ببغداد ودفنت عند أمها في جمادى الآخرة. وفي هذه الأيام قتل زوجها هارون، فلم يعلم أحدهما بموت الآخر. وكان صداقها عليه مائة ألف دينار، وهذا ما سمع إلا لملك. - حرف الزاي - 310 - الزين الوراق. قرابة مجير الدين بن تميم، صديق والدي. من أبناء الستين. كان عنده حمار هوالقيم يساوي سبعمائة درهم. وكنت أشتري منه الكاغد. أرخه تاج الدين. - حرف السين - 311 - سعيد بن العلامة رشيد الدين عمر بن إسماعيل. الفارقي، الأديب، سعد الدين، الدمشقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 219 شاب، فاضل، ذكي، شاعر، فصيح، اشتغل مدة على والده، وقال الشعر المليح. توفي في المحرم. - حرف الشين - 312 - شامية. أمة الحق، بنت المحدث أبي علي الحسن بن محمد بن أبي الفرج البكري. شيخة، مسندة، معمرة، منفردة. روت عن: جدها، وجد أبيها، وحنبل بن عبد الله، وعمر بن طبرزد، وعبد الجليل بن مندويه، وجماعة. وتفردت بأجزاء عالية. روى عنها: الدمياطي، وسعد الدين الحارثي، وأبو عبد الله بن الزراد، وأبو الحجاج الكلبي، وأبو محمد البرزالي، وخلق. وحدثت بدمشق، ومصر، وشيزر. وكان مولدها بمصر سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وتوفيت بشيزر في أواخر رمضان عند أقاربها. ولها إجازة من أسعد بن روح، وعفيفة الفارقانية. 313 - الحاج شرف بن مري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 220 والد النواوي. توفي بنوى في رجب، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب. - حرف الطاء - 314 - طاهر بن عمر بن طاهر بن مفرج. لمدلجي، المصري، الزاهد، نزيل دمشق. قرأ قطعة من الفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وصحب بدمشق الشيخ يوسف الفقاعي، وكان من أخص الأصحاب به. وانقطع في رباط ابن يغمور بالصالحية. وكان صالحا زاهداً، قانعا باليسير. سمع منه البرزالي، وغيره عن ابن خليل. وكان به سعال مزمن، فبقي سنين يأخذ في كوز ماء شعير مدبر من بكرة، ويودعه إلى العشاء، ثم يثرد فيه كسرة ويفطر عليه. وقال النجم أبو بكر بن شرف: دخلت مع الشيخ يوسف إلى بيت طاهر بالرباط فرأينا بيتا لم يكنس قط، وتحته حصير رثة سوداء، فقال الشيخ يوسف: ما أغشك يا طاهر. ثم خرج طاهر للوضوء، فقال لي الشيخ يوسف: طاهر يموت طيب. وقال: طاهر طاهر. وقال الشيخ قطب الدين: تزوج طاهر امرأة جميلة جدا وطلقها على كره لعجزه عنها ولم يقربها. وذكر النجم بن شرف قال: مررت على باب الخواصين يوم الأحد وقت
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 221 وقعة حمص سنة ثمانين، فمر بي الشيخ طاهر، وحدثني ما لم أفهمه لاشتغال قلبي: فقال: كأنك ما فهمت؟ قلت: لا والله. قال: اسمع ما أقول واعتمد عليه، يوم الأحد اليوم؟ قلت: نعم. قال: يوم الجمعة يكون في هذا البلد بشارة بكسر التتر، وشموع توقد بالنهار وسماعات، وما نقدر تلك الليلة على المغاني. فكان كما قال. ثم بات عندي بعد ذلك وانشرح، فسألته عما أخبرني به هل رآه يقظة أو مناما، فقال: لا في اليقظة. ولا في المنام بل في حالة بينهما تسمى الواقعة تكون للفقراء. فسألته عن حقيقتها فنفر وغضب. توفي خامس شوال. قلت: كان في الشامية ودار الحديث، ومهما صح له وأسى به أولاد شيخه ويقنع باليسير. - حرف العين - 315 - عائشة بنت سالم بن نبهان. أم أحمد الحسنية، الخوارزمية، زوجة المحدث تقي الدين ابن مزهر وأم أولاده. سمعها من ابن رواحة. أخذ عنها: ابن سامة، وغيره. توفيت سنة خمس ظنا [عن سبعين سنة] أو نحوها. 316 - عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن فارس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 222 أبو بكر التميمي، الإسكندراني، سراج الدين أبو الوزير الصاحب نجيب الدين، وأخو المقرئ كمال الدين ابن فارس سمع بدمشق من: التاج الكندي، وابن الحرستاني، وأبي البركات بن ملاعب، وجماعة. أخذ عنه: أبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج الهندي، وجماعة. وكان شيخا جليلا، عالي الإسناد، مشهورا. توفي بالإسكندرية في أول ربيع الأول وله بضع وثمانون سنة فيما أحسب. ومولده سنة إحدى وستمائة. 317 - عبد الله بن حجي. عز الدين الشافعي. كان معيدا بالأمينية ويعرف بالعز.. أعاد بالصالحية بمصر عند ابن عبد السلام. وكان من كبار فقهاء الأكراد. له شكل وصوت جهوري. 318 - عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة. الزاهد تاج الدين، أبو محمد المقدسي، عبد صالح، زاهد، متعبد، مقبل على شأنه، حافظ لوقته. سمع من موسى بن عبد القادر حضورا، ومن: الشيخ الموفق، والقزويني، والبهاء، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة. عبر إلى رضوان الله ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وقد نيف على السبعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 223 319 - عبد الدائم بن إسحاق بن مسعود. العدل، جمال الدين الشيباني، الدمشقي. روى عن كريمة. توفي في رمضان كهلا. 320 - عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الفرج. القطيعي، الحنبلي، الدقاق، أبو الفرج، المعروف بابن القصار. حدث عن: ابن روزبة، ونصر بن عبد الرزاق. مات في شعبان. 321 - عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أبي المجد. نجم الدين القطيعي التاجر، ويعرف بابن ثقات الحب. أضر ولزم بيته. وسمع من: محمد بن محمد بن السباك. ومات في رمضان عن بضع وسبعين سنة. 322 - عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن فارس. الشيخ الصالح، أبو محمد ابن الزجاج، عفيف الدين العلثي، ثم البغدادي الحنبلي، السني، الأثري. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من أبي العباس أحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وعلي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 224 بورنداز، وعبد السلام بن يوسف العبرتي، وابن روزبة، وجماعة. وأجاز له جمال الدين أبو القاسم بن الحرستاني من دمشق، والافتخار الهاشمي من حلب، وأبو البقاء العكبري، وجماعة من بغداد. وحدث بدمشق لما قدمها للحج. وكان محدثا، عالما، ورعا، عابداً، أثريا، صليبا في السنة، شديدا على أهل البدعة، له أتباع، وأصحاب يقومون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. حدث بدمشق من أجزاء أبي الفدا الفرضي. وتوفي إلى رحمة الله بذات حج راجعا في سابع عشر المحرم، وله ثلاث وسبعون سنة. 323 - عبد المجيد بن أحمد بن أبي البركات بن أحمد. أبو البركات الحربي. روى بالإجازة عن: عبد الوهاب بن سكينة، وابن الأخضر. توفي في جمادى الآخرة. كتب عنه: أبو الفدا الفرضي، وابن الفوطي. وهو آخر من روى عن مدرس النظامية محب الدين يحيى بن الربيع بن صرار. روى عنه: أحمد بن يوسف البكري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 225 324 - عبد المغيث بن محمد بن عبد المعيد بن المحدث عبد المغيث بن زهر. أبو العز البغدادي، العدل. سمع: ابن المنجا بن اللتي، وغيره. ومات في رجب. وقال علم الدين: أجاز لي، وذكر أنه سمع أيضا من الحسن بن الزبيدي. وقال ابن الفوطي: سمع ' صحيح البخاري ' من ابن القطيعي. 325 - عبد المولى بن الشيخ تاج الدين علي بن القسطلاني. شرف الدين. باشر مشيخة الكاملية بعد أبيه حتى جاء عمه قطب الدين من مكة. سمع ابن المقير. وحدث. مات في رجب. 326 - عبد الواحد بن علي بن أحمد. أبو محمد القرشي، الهكاري، الفارقي، الحنبلي. شيخ صالح، زاهد، متعفف، معمر. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع بالموصل من سمار بن العريس النيار، والحسين بن باز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 226 وقدم دمشق وهو شاب، فسمع من: موسى بن القادر، والموفق بن قدامة، وزين الأمناء، وغيرهم. أخذ عنه: أبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج المزي، والمصريون. وتوفي بالقاهرة في رمضان، رحمه الله تعالى. 327 - عبد الواحد بن محمد بن قديد. البغدادي، المقرئ. عبد صالح خير. سمع: ابن بهروز، وابن الخازن. كتب عنه: الفرضي 328 - عثمان بن سعيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن تولو. الأديب، معين الدين، أبو عمرو الفهري، المصري. ولد بتنيس سنة خمس وستمائة. سمع بدمشق من القاضي أبي نصر بن الشيرازي، وغيره. وكان أحد الشعراء المحسنين. أنشدنا عنه شيخنا أبو الحسين اليونيني، وغيره. ومات في سلخ ربيع الأول بالقاهرة. وله من قصيدة:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 227
(في ذمة الله أيام العقيق وإن .......... تملك الليث فيها شادن خرق)
(يرنو بألحاظ رهيم قط ما رمقت .......... فغادرت في البرايا منه به رمق)
(تألفت فيه أضداد بها أبدا .......... على هواه قلوب الناس تتفق)
(والخد والثغر ذا خمر وذا برد .......... والوجه والفرع ذا صبح وذا غسق)
(ما حلت عن عهد سكان العقيق وهل .......... يحول عنهم محب حبه خلق) 329 - عثمان بن أبي محمد بن خولان. البعلبكي. رجل خير، وهو أخو عبد الولي. حدث عن: البهاء عبد الرحمن. ومات في صفر. 330 - علي بن الحسين بن الصياد. موفق الدين، المعري، الحنبلي. سمع ' الأربعين الطابية ' من ابن اللتي ببغداد. ومات بالسرداب في ربيع الآخر. أجاز للبرزالي، ولخلق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 228 331 - علي بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن معين. كمال الدين، أبو الحسن المنيحي، الإسكندراني. ولد سنة تسع وستمائة، وسمع من: محمد بن عماد الحراني، وجماعة. ومات في ذي الحجة. وكان مؤذن السلطان فقدم وحدث بدمشق. أخذ عنه: المزي، والبرزالي. له إجازة من ابن منينا، وغيره. 332 - علي بن عبد الله بن هبة الله بن المنصور. العدل، أبو إسحاق العباسي، المنصوري، شرف الدين الخطيب. سمع ' صحيح البخاري ' من ابن روزبة، وخطب مدة. ولد سنة أربع عشرة وستمائة، ومات في رمضان أو في شوال. 333 - علي بن محمد بن حسين. كمال الدين ابن الشيخ العارف محمد الفرنثي، الفقير، شيخ الزاوية الفرنثية بعد والده. سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وجعفر الهمداني. كتب عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة. وكان فيه عشرة وانطباع. وقد عمل سماعاً ودعوة للشيخ حسن بن الحريري غرم عليها ألف درهم مع فقره، لا أثابه الله. توفي في شعبان وله تسع وخمسون سنة. 334 - علي بن أبي الفتح. المحب السنجاري، المؤدب، والد شيخنا محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 229 ولد سنة ست وستمائة بسنجار، وقدم دمشق. وسمع من: مكرم، وغيره. وأدب بدرب العسقلاني مدة طويلة. أخذ عنه: البرزالي، وغيره. ومات في شوال. * عمر بن حاتم. تقدم. - حرف الغين - 335 - [غريب بن حاتم بن عياد. الضياء، أبو حاتم البعلبكي، المعمر. سمع في الكهولة من: البهاء عبد الرحمن، وابن رواحة. وكان صالحاً، متعبداً، مهيبا، حنفي المذهب. ولد بدمشق في سنة 586 ونشأ ببعلبك وسكنها. سمع منه: أبو محمد البرزالي، وغيره. وسمع منه المزي في شعبان سنة خمس وثمانين وستمائة، ومات بعد ذلك بقليل]. - حرف الفاء - 336 - فاطمة بنت أحمد بن محمد بن يوسف بن الخضر ابن قاضي العسكر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 230 الحلبية. كان أبوها وعمها عبد الله من شيوخ الدمياطي. وهي سمعت حضورا من ثابت بن مشرف. أخذ عنها الطلبة. وكانت تسكن بالمزة. وهي شيخة رباط هناك. توفيت في ذي القعدة. 337 - فاطمة بنت الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي. زوجة العماد إبراهيم بن أحمد الماسح. كانت دينة عابدة صالحة. روت عن جعفر بن علي الهمداني. وتوفيت في شعبان. - حرف الميم 338 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سجمان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 231 العلامة جمال الدين، أبو بكر البكري، الوائلي، الأندلسي، الشريشي، المالكي. ولد بشريش سنة إحدى وستمائة. وسمع بالإسكندرية من محمد بن عماد. وببغداد من: أبي الحسن القطيعي، وأبي الحسن بن روزبة، وأبي بكر بن بهروز، وابن اللتي، وياسمين بنت البيطار، وأبي صالح الجيلي، والأنجب بن أبي السعادات، ومحمد بن السباك، وعبد اللطيف بن القبيطي، وطائفة. وبدمشق من: مكرم، وابن الشيرازي، وجماعة. وبإربل من: الفخر محمد بن إبراهيم الإربلي. وتفقه حتى برع في المذهب، وأتقن العربية والأصول، والتفسير، وتفنن في العلوم، ودرس وأفتى، وقرأ الحديث وعني به، وقال الشعر. ودرس بالرباط الناصري بحضور السلطان واقفه، ثم دخل الديار المصرية ودرس بالفضالية، وتخرج به جماعة كثيرة، منهم ولده العلامة شيخنا كمال الدين، فسح الله في مدته. ثم إنه قدم القدس وأقام به مدة، ثم قدم دمشق وأخذ الناس عنه. وكان من أدعية العلم. صنف ' لألفية ابن معط ' شرحا وافيا. وقد مدحه شيخه علم الدين السخاوي بقصيدة مشهورة، وطلب لقضاء دمشق فامتنع زهدا وورعاً، وبقي المنصب شاغرا من أجله إلى أن مات. ودرس بالمدرسة النورية وبالحلقة التي بالجامع مع مشيخة الرباط ومشيخة أم الصالح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 232 روى عنه: ابنه، وابن تيمية، والمزي، وابن العطار، والبرزالي، والصيرفي، وابن الخباز، وخلق سواهم. وأجاز لي مروياته في سنة أربع وسبعين. وقد سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: هو أحد الأئمة الأعلام المتبحرين في علوم متعددة. قلت: وأنبأني أبو بكر بمحمد بن أحمد الوائلي الحافظ قال: لما أتى شهر رمضان الكائن في سنة أربعين وأنا بدمشق أردت أن أريح نفسي من كد المطالعة والتكرار وأصرف همتي، إذ كنت كثير البطالة، إلى المواظبة على نوافل الصلوات والأذكار، فحين شرعت في ذلك وجدت من قلبي قسوة، ورأيت في صارم عزيمتي من المضاء فيها نبوة، وقدت نفسي بزمام الحرص فحزنت وما انقادت، فضربتها بسوط الاجتهاد، فتمادت على حرانها بل زادت، فلما رأيت ذلك علمت أن داءها صار عضالا، وأن ما رمته من الهدى صار ضلالا، فسألت عن عالم بهذه الأمور خبير، وطبيب بدواء هذه العلة بصير، فدللت على أوحد دهره، وأفضل علماء عصره، أحسنهم هديا وسمتا، وأوردهم نطقا وصمتاً، وأوسعهم في جميع العلوم علما، وأتقنهم في جميع المعاني فهماً، وهو شيخنا العلامة، سيد القراء، وحجة الأدباء، وعمدة الفقهاء، علم الدين، أبو الحسن السخاوي، فكتبت إليه بهذه الأبيات أشكو إليه فيها بثي وحزني، وما استولت عليه هذه النفس العدوة مني، وأساله كيف خلاص أسيرها من وثاقه، وكيف السبيل إلى هربه من جورها وإباقه ؛ وهي: (أيا عالما في الناس ليس له مثل .......... وحبرا على الأحبار أضحى له الفضل)
(أيا علم الدين الذي ظل علمه .......... بحورا عذابا منه يغترف الكل)
(لقد حزت من بين الأنام فضائلا .......... فمنها التقى والعلم والخلق السهل)
(فأنشأ ربي في حياتك إنها .......... حياة لها نفع من الخير ما تخلو)
(وبعد فإني سيدي لك ذاكر .......... أمورا قد أعيتني وعندي لها ثقل)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 233
(ولا بد من شكوى إلى ذي بصيرة .......... يريك سبيل الرشد إن حادت السبل)
(واصغ إلى قولي أبث صبابتي .......... إليك وأحزاني فقد مضني الثكل)
(أخي ما لقلبي قد قسا فكأنما .......... عليه لذي وعظ وتذكرة قفل)
(فلا هو للقرآن يخشع إن تلا .......... ولا لأحاديث أتتنا بها الرسل)
(ولا يرعوي يوما إلى وعظ واعظ .......... ولا عذل ينهى وإن كثر العذل)
(يسوف بالطاعات مهما أردتها .......... ويسرع في العصيان والغي ما يسل)
(جبان عن الخيرات وقت حضورها .......... وإن حضر العصيان فالبطل الفحل)
(وكل عباداتي رياء وسمعة .......... مشوب جميع القول فيهن والفعل)
(وإن رمت صوما كان لغوا جميعه .......... وعند صلاتي يعتري السهو والخبل)
(وكل الذي آتي من العرف منكر .......... فماذا دهى عقلي أليس له عقل)
(إذا قلت يا نفسي إلى الله فارجعي .......... تراجعني في القول من عنده الكل)
(فإن شاء يهديني اهتديت وإن يشا .......... يضل فمن ربي الهداية والعدل)
(وإن قلت للجنات والحور فاعملي .......... تقل لي: وهل معطي الجنان هو الفعل)
(بل الله يعطيني الجنان تفضلا .......... فمن ربي الإحسان والجود والبذل)
(وقد قهرتني ثم أصبحت عندها .......... أسيراً أخا قيد وفي عنقي غل)
(فكل الذي تبغيه مني حاصل .......... وما أبتغي منها فمن دونه المطل)
(فكيف خلاصي يا أخي من وثاقها .......... وهل لأسير النفس من قيدها حل)
(لقد خبت إن لم يدركني بلطفه .......... ورحمته رب له اللطف والفضل)
(وها أنا مستهد فكن لي راشدا .......... أبا حسن فالرشد أنت له أهل) وجملتها أربعون بيتا خففت منها. قال: فكتب إلي رحمه الله على كبره وضعفه:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 234
(إلى الله أشكو ما شكوت من التي .......... لها عن هدى عدل وليس لها عدل)
(تجور عن التحقيق جور أخي عمر .......... وقد وضحت منه لسالكها السبل)
(وكيف أرجى أن تتوب وللهوى .......... عليها يد سلطانه ما لها عزل)
(وقد سترت عنها العيوب فما لها .......... بما هي فيه خبرة [لا] ولا عقل)
(تحيل على المكروه في ترك طاعة .......... فما بالها في الرزق ليس لها مهل)
(وتكذب إن قالت: أتغضب تارة .......... وتحرص أحياناً ومن شأنها البخل)
(بذلت لها نصحي وحاولت رشدها .......... وبالغت في عذلي فما نفع العذل)
(وناولتها حبل التقى فتقاعست .......... إلى أن تفانى العمر وانقطع الحبل)
(وأوشك رب الدار يطلب نقلها .......... وليس لها زاد فقد أعجل النقل)
(فيا ويحها إن لم تسامح بعفوه .......... ويا ويلها إن لم تجد من له البذل)
(أبتغي أبا بكر هدى عند مثلها .......... وأنت الذي أضحى وليس له مثل)
(ومثلك يرجى أن يعمر برهة .......... فدونك فاغنمها فأنت لها أهل)
(ولست كمثلي ذا ثمانين حجة .......... بها فاتت الأيام وانقطع الوصل)
(ولم يبق للتأخير وجه وهكذا .......... متى انتهت الآجال لم يسع المطل) في أبيات أخر، وجملتها ثلاثون بيتاً، قال لنا الشيخ جمال الدين أبو بكر: أنشدنيها ناظمها في الخامس والعشرين من رمضان سنة أربعين توفي في رابع وعشرين رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 235 339 - محمد بن أحمد بن يمن. الصدر، جمال الدين العرضي، ثم الدمشقي. كان رئيسا محتشما، وافر الحرمة، كثير الأموال والعقار، ذا ثروة وتواضع وبر. وقد تمزقت نعمته وذهب منها دفائن تحت الأرض. وصودر ولده شمس الدين. توفي في سلخ جمادى الآخرة. 340 - محمد بن أحمد بن محمد بن إسفنديار. أبو الفضل الكازروني، البزاز، المعروف بابن العجمي. بغدادي ثقة. روى عن: ابن اللتي. ومات في رجب. 341 - محمد بن شبل. جمال الدين النشائي. شيخ من أبناء التسعين. روى عن ابن المقير. مات في شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 236 342 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة بن نصر. أبو عبد الله المقدسي، ابن السراج. روى عن: جعفر الهمداني. كتب عنه علم الدين وقال: مات في جمادى الآخرة. 243 - محمد بن عبد الله بن المبارك بن مسلم بن أبي الحسن بن أبي الجود. شمس الدين، أبو عبد الله الفارسي، البغدادي، المشهور بابن مسلم. سمع: أبا علي بن الجواليقي، وابن بهروز، وجماعة. ومن سماعه ' مغازي موسى بن عقبة '، على ابن الجواليقي، أنبأ ابن المقرب. وكان من كبار العدول. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. ومات رحمه الله في شهر رمضان. 344 - محمد بن عبد المنعم بن محمد. الشهاب، ابن الخيمي، الأنصاري، اليمني الأصل، المصري، الصوفي، الشاعر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 237 حدث ب ' جامع ' أبي عيسى الترمذي، عن علي بن البناء المكي. سألت عنه أبا الحجاج المزي فقال: هو أبو عبد الله الشاعر، شيخ جليل، فاضل، حسن النظم. سمع من ابن البنا وغير واحد. وأجاز له عبد الوهاب بن سكينة، وغيره. وعلت سنه، وحدث بكثير من مروياته. لقيته وسمعت منه بالقاهرة. قلت: وروى عنه الدمياطي في ' معجمه ' وسمع منه: قطب الدين ابن منير، وفخر الدين بن الظاهري، وخلق من المصريين. وكان هو المقدم على شعراء عصره، مع المشاركة في كثير من العلوم. وكان يعاني بالخدم الديوانية، وباشر وقف مدرسة الشافعي، ومشهد الحسين. وفيه أمانة ومعرفة. وكان معروفا بالأجوبة المسكتة، ولم يعرف منه غضب. وطال عمره، وعاش اثنتين وثمانين سنة أو أكثر. وتوفي بالقاهرة في التاسع والعشرين من رجب. وروى أيضا عن: عبد الرحمن بن عتيق بن باقا، وأبي عبد الله بن عبدون البناء ومن شعره: (قسما بكم يا جيرة البطحاء .......... ما حال عما تعهدون وفائي)
(حبي لكم حبي وشوقي نحوكم .......... شوقي وأدوائي بكم أدوائي)
(ما خانكم كلفي ولا نسيتكم .......... روحي ولم تتعدكم أهوائي)
(وجدي بكم مجدي وذلي عزتي .......... والافتقار إليكم استغنائي)
(يا أهل ودي يا مكان شكايتي .......... يا عز ذلي يا ملاذ رجائي)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 238
(كيف الطريق إلى الوصال فإنني .......... من ظلمة التفريق في عمياء)
(روحي تذود على الورود ظما .......... وقد جاءتكم تمشي على استحياء) في أبيات. وله القصيدة البديعة التي سارت، وهي: (يا مطلبا ليس لي في غيره أرب .......... إليك آل التقصي وانتهى الطلب)
(وما طمحت لمرأى أو لمستمع .......... إلا لمعنى إلى علياك ينتسب)
(وما أراني أهلا أن تواصلني .......... حسبي علوا بأني فيك مكتئب)
(لكن ينازع شوقي تارة أدبي .......... فأطلب الوصل لما يضعف الأدب)
(ولست أبرح في الحالين ذا قلق .......... باد وشوق له في أضلعي لهب)
(وناظر كلما كفكفت أدمعه .......... صونا لحبك يعصيني وينسكب)
(ويدعي في الهوى دمعي مقاسمتي .......... وجدي وحزني فيجري وهو مختضب)
(كالطرف يزعم توحيد الحبيب ولا .......... يزال في ليله للنجم يرتقب)
(يا صاحبي قد عدمت السمعدين فساعدني .......... على وصبي لا مسك الوصب)
(بالله إن جزت كثبانا بذي سلم .......... قف بي عليها وقل لي هذه الكثب)
(ليقضي الخد من أجراعها وطرا .......... من تربها وأؤدي بعض ما يجب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 239
(ومل إلى البان من شرقي كاظمة .......... فلي إلى البان من شرقيها طرب)
(وخذ يمينا لمغنى تهتدي بشذا .......... نسيمه الرطب إن ضلت بك النجب)
(حيث الهضاب وبطحاها يروضها .......... دمع المحبين لا الأنواء والسحب)
(أكرم به منزلا تحميه هيبته .......... عني وأنواره لا السمر والقضب)
(دعني أعلل نفسا عز مطلبها .......... فيه وقلبا لغدر ليس ينقلب)
(ففيه عاهدت قدما حب من حسنت .......... به الملاحة واعتزت به الرتب)
(دان وأدنى وعز الحسن يحجبه .......... عني وذلي والاجلال والرهب)
(أحيا إذا مت من شوقي لرؤيته .......... لأنني بهواه فيه منتسب)
(ولست أعجب من جسمي وصحته .......... من صحتي إنما سقمي هو العجب)
(يا لهف نفسي لو يجدي تلهفها .......... غوثا وواحربي لو ينفع الحرب)
(يمضي الزمان وأشواقي مضاعفة .......... يا للرجال ولا وصل ولا سبب)
(هبت لنا نسمات من ديارهم .......... لم تبق في الركب من لا هزه الطرب)
(كدنا نطير سرورا من تذكرهم .......... حتى لقد رقصت من تحتنا النجب)
(يا بارقا بأعالي الرقمتين بدا .......... لقد حكيت ولكن فاتك الشنب)
(أما خفوق فؤادي فهو عن سبب .......... فعن خفوقك قل لي ما هو السبب)
(ويا نسيما سرى من جو كاظمة .......... بالله قل لي كيف البان والعذب)
(وكيف جيرة ذاك الحي هل حفظوا .......... عهدا أراعيه إن شطوا وإن قربوا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 240
(أم ضيعوا ومرادي منك ذكرهم .......... هم الأحبة إن أعطوا وإن سلبوا) فاتفق أن نجم الدين بن إسرائيل الحريري الشاعر حج، فلقي ورقة ملقاة، ففتحها فإذا فيها هذه القصيدة فادعاها. قال الشيخ قطب الدين: فحكى لي صاحبنا الموفق عبد الله بن عمر أن ابن إسرائيل وابن الخيمي اجتمعا بعد ذلك بحضرة جماعة من الأدباء، وجرى الحديث في الأبيات المذكورة، فأصر ابن إسرائيل على أنه ناظمها، فتحاكما إلى الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض فقال: ينبغي لكل واحد منكما أن ينظم أبياتا على هذا الروي والوزن استدل بها، فنظم ابن الخيمي: (لله قوم بجرعاء الحمى غيب .......... جنوا علي ولما أن جنوا عتبوا)
(يا قوم هم أخذوا قلبي فلم سخطوا .......... وأنهم غصبوا عيشي فلم غضبوا)
(هم العريب بنجد مذ عرفتهم .......... لم يبق لي معهم مال ولا نشب)
(شاكون للحرب لكن من قدودهم .......... وفاترات اللحاظ السمر والقضب)
(فما ألموا بحي أو ألم بهم .......... إلا أغاروا على الأبيات وانتهبوا)
(عهدت في دمن البطحاء عهد هوى .......... إليهم وتمادت بيننا الحقب)
(فما أضاعوا قديم العهد بل حفظوا .......... لكن لغيري ذاك العهد قد نسبوا)
(من منصفي من لطيف فيهم غنج .......... لدن القوام لإسرائيل ينتسب)
(مبدل القول ظلما لا يفي بمواعيد .......... الوصال ومنه الذنب والغصب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 241
(في لثغة الراء منه صدق نسبته .......... والمن منه يزور الوعد والكذب)
(موحد فيرى كل الوجود له .......... ملكا ويبطل ما تقضي به النسب)
(فعن عجائبه حدث ولا حرج .......... ما ينقضي في المليح المطلق العجب)
(بدر ولكن هلالا لاح إذ هو بالوردي .......... من شفق الخدين منتقب)
(في كأس مبسمه من خمر ريقته .......... خمر ودر ثناياه بها حبب)
(بلفظه أبدا سكران يسمعنا .......... من معرب اللحن ما ينسى له الأدب)
(تجني لواحظه فينا ومنطقه .......... جناية يجتني من مرها الضرب)
(قد أظهر السحر في أجفانه سقما .......... البرء منه إذا ما شاء والعطب)
(حلو الأحاديث والألفاظ ساحرها .......... تلقى إذا نطق الألواح والكتب)
(فداؤه ما جرى في الدمع من مهج .......... وما جرى في سبيل الحب محتسب)
(ويح المتيم شام البرق من أضم .......... فاهتزه كاهتزاز البارق الحر)
(وأسكن البرق من وجد ومن كلف .......... في قلبه فهو في أحشائه لهب)
(فكلما لاح منه بارق بعثت .......... قطر المدامع من أجفانه سحب)
(وما أعاد نسيمات الغوير له .......... أخبار ذي الأثل إلا هزه الطرب)
(واها له أعرض الأحباب عنه وما .......... أجدن رسائله الحسنى ولا القرب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 242 ونظم نجم الدين ابن إسرائيل هذه الأبيات: (لم يقض من حبكم بعض الذي يجب .......... قلب متى ما جرى تذكاركم يجب)
(ولي وفي لرسم الدار بعدكم دمع .......... متى جاد ضنت بالحيا السحب)
(أحبابنا والمنى تدني مزاركم .......... وبها حال من دون المنى الأرب)
(ما رابكم من حياتي بعد بعدكم .......... وليس لي في حياة بعدكم أرب)
(أطعتموني فأحزاني مواصلة .......... وحلم فحلا لي فيكم التعب)
(يا بارقا ببراق الحزن لاح لنا .......... أأنت أم أسلمت أقمارها النقب)
(ويا نسيما سرى والعطر يصحبه .......... أجزت حيث يشين الخرد العرب)
(أقسمت بالقسمات الزهر يحجبها .......... سمر العوالي والهندية القضب)
(لكدت تشبه برقا من ثغورهم .......... يا در دمعي لولا الظلم والشنب)
(وجيرة جار فينا حكم معتدل .......... منهم ولم يعتبوا لكنهم عتبوا)
(ما حيلتي قربوني من محبتهم .......... وحال دونهم التقريب والخبب) ثم عرضت القصيدتان على ابن الفارض فأنشد مخاطبا لابن إسرائل عجز بيت ابن الخيمي: (لقد حكيت ولكن فاتك الشنب ..........
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 243 وحكم بالقصيدة لابن الخيمي. واستجود بعض الحاصرين أبيات ابن إسرائيل وقال: من ينظم مثل هذا من الحامل له على ادعاء ما ليس له؟ فبدر ابن الخيمي وقال: هذه سرقة عادة لا حاجة. وانفصل المجلس، وسافر ابن إسرائيل لوقته من الديار المصرية. وقد طلب القاضي شمس الدين بن خلكان، وهو نائب الحكم بالقاهرة، الأبيات من ابن الخيمي، فكتبها له، وذيل في آخرها أبياتاً، وسأله الحكم أيضا بينه وبين من ادعاها. ووصل بها الذيل، وهو: (والهجر إن كان يرضيهم بلا سبب .......... فإنه من لذيذ الوصل محتسب)
(وإن هم احتجبوا عني فإن لهم .......... في القلب مشهود حسن ليس يحتجب)
(قد نزه اللطف والإشراق بهجته .......... عن أن تمنعها الأستار والحجب)
(لا ينتهي نظري منهم إلى رتب .......... في الحسن إلا ولاحت فوقها رتب)
(وكلما لاح معنى من جمالهم .......... لباه شوق إلى معناه ينتسب)
(أظل دهري ولي من حبهم طرب .......... ومن أليم اشتياقي نحوهم حرب)
(فالقلب يا صاح مني بين ذاك وذا .......... قلب لمعروف شمس الدين ينتهب)
(إن الحديث شجون فاستمع عجبا .......... حديث ذا الخبر حسنا كله عجب)
(بحر محيط بعلم الدين ذو لجج .......... أمواجه بذكاء الحسن تنتهب)
(حقيقة الحكم والحكام سائرهم .......... دون الخلفية هذا الفخر والحسب)
(ينأى علوا ويدنيه تواضعه .......... والشمس للنفع تنأى ثم تقترب)
(زكي الأصول له بيت علا وغنى .......... وطاب لا صخب فيه ولا نصب)
(إليه ترتفع الأبصار خاشعة .......... مهيبة وهو للأحكام منتصب)
(مولاي أوصافك الحسنى قد اشتهرت .......... فينا تسير بها الأشعار والخطب)
(وما ذكرت غريبا في الثناء على .......... علياك لكنها العادات والدرب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 244
(وليس لي عادة بالمدح سالفة .......... ما كنت قط بهذا الفن اكتسب)
(حسبي قبول وإقبال منحتهما .......... منك ابتداهما من خير ما تهب)
(وإن شعري لا يسوى السماع بلى .......... بالقصد أعمالنا تلغى وتحتسب)
(فإن أقصر فجهدي قد بذلت لكم .......... وباذل الجهد قد أدى الذي يجب)
(وما نجاسر نقصي بالمديح سدى .......... ما من عبيدك إلا من له أدب)
(ولكن تفاصيل أبياتي التي سرقت .......... مني الإذن من مولاي والسبب)
(وكنت أحجمت إجلالا فأقدم بي .......... أمر مطاع وعفو منك مرتقب)
(وقد أتيتك بالأبيات ملحقة .......... بأختها ليبين الصدق والكذب)
(إذ 1 تناسبت الأوصاف بينهما .......... فاحكم هديت بما قد تشهد النسب)
(ولي شهود من المولى فراسته .......... ونور إيمانه والفضل والأدب)
(والله إني محب فيك معتقد .......... محبتي قربة من دونها القرب)
(وكيف لا وهي تنشىء بيننا نسبا .......... إن المودة في أهل النهى نسب)
(لا زلت في نعمة غراء سابغة .......... تستوجب الفوز في الأخرى وتعتتب) [ومن شعره رحمه الله] وكتب به إلى والده تقي الدين إلى الصعيد: (دوام الصبر صيرني بعيدا .......... وبعد الدار حسن لي الصدودا)
(وغيبة من يناسب صيرتني .......... بحضرة من ينافيني وحيدا)
(أظن الطرف لما غبت عنه .......... وقد ذكروا تيممك الصعيدا)
(توهم أن ذا لفقد ماء .......... فأجرى دمعه بحرا مديدا)
(وحقك يا بخيلا بالتلاقي .......... لقد علمت طرفي أن يجودا)
(وإني ميت بالبيت حي .......... لأني قد قتلت به شهيدا) وله رحمه الله من قصيدة: (خذ من حديث أنيني المتواتر .......... ندب الفؤاد بما تجن ضمائري)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 245
(وافهم فمنهم مضمري قد أعربت .......... عنه إشارات السقام الظاهر)
(وأعد حديثك يا عذول فإن في .......... أثناء عذلك ما يسر سرائري)
(وأمرتني بسلوه وبتركه .......... حاشاك ما أنا طائع يا آمري)
(رشأ نفور صائد ألبابنا .......... وعقولنا فاعجب لصيد النافر)
(يدع الدجى صبحا ضياء جبينه .......... والصبح ليلا بالسناء الباهر)
(وأحر أحشائي لشهر بارد .......... في فيه يحميه بلحظ فاتر)
(حجز الكرى عني ونام مهنأ .......... فلهذا أحن إلى ليالي حاجر)
(وأحب سفك دمي فما عارضته .......... في ملكه وأعنته بمحاجري) [ومن شعره أيضا: (يرى حسنها قلبي فإن رام وصفه .......... لساني ولو أني لبيد تبلدا)
(جلت لي غداة الجزع قداً مهفهفا .......... وجيدا غزاليا وخدا موردا)
(وطرفا بث الوجد في الناس لحظه .......... فنونا وكل منه في السكر عربدا)
(فكم حزت فيها للخلافة بيعة .......... وكم زرت فيها للملاحة مشهدا)
(أبى الحب أن أنسى عهودا قديمة .......... على حفظها أعطيت أهل الهوى وعدا]) وكتب إلى ابنه وقد سافر وما ودعه: (أفدي الذي قد سار كاتم سره .......... ضنا علي بوقفة التوديع)
(يا مانعي ضم الوداع أسلم ودع .......... نار الصبابة كلها بضلوعي) 245 - محمد بن عمار. الفقيه، شمس الدين، قاضي التل. وجيه عسال. توفي بالتل في رمضان. وهو والد أصحابنا الشهود، رحمه الله. 346 - محمد بن عمر بن عبد الملك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 246 الخطيب، جمال الدين، أبو البركات الدينوري، الصوفي، الشافعي، خطيب كفربطنا. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بالدينور، وقدم مع والده الزاهد القدوة من البلاد، وسكن بسفح قاسيون، واشتغل جمال الدين في صباه بالخطب ونسخ الأجزاء. وسمع من: الناصح بن الحنبلي، وأبي عبد الله بن الزبيدي، والفخر الإربلي، والضياء المقدسي، وطائفة. وكان شجاعا، عالما، فاضلا، مهيبا، مليح الشكل، حسن الأخلاق، حلو المجالسة، محببا إلى أهل كفربطنا، وله أصحاب ومحبون يعتقدون فيه. وكان خيرا، حسن الديانة. أقام في خطابة القرية بضعا وعشرين سنة، وتأهل، وجاءته الأولاد، ونسخ الكثير بخطه. وكان حسن العقيدة، مقبلا على الأثر والسنة. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، وابن مسلم، وطائفة. توفي في رجب. وولي الخطابة بعده ولده عز الدين إبراهيم، فبقي المؤذن ينوب عنه إلى أن بلغ، ثم عزل بكمال الدين بن خلكان. 347 - محمد بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ. عماد الدين، ابن عماد الدين الأنصاري، الدمشقي، المعروف بالسبتي. كان شابا رئيسا. توفي في شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 247 348 - محمد بن أبي الفرج محمد بن علي بن أبي الفرج بن أبي المعالي. ابن الدباب، الإمام العدل، الواعظ، جمال الدين، أبو الفضل البغدادي، البابصري، الحنبلي. ويعرف أيضاً بابن الرزاز، ولكنه بابن الدباب أشهر. سمي جده بذلك لكونه كان يمشي على تؤدة وسكون. ولد جمال الدين سنة ثلاث وستمائة في صفر. وسمع الكثير. وأجاز له خلق. وأول سماعه سنة ست عشرة، فسمع ' المهروانيات الخمسة ' من أحمد بن صرما، وسمع ' جزء ابن الطلاية ' من الشيخين ابن أبي الجود وعبد السلام بن المبارك الردغولي. وسمع السادس والسابع من ' أمالي ابن ناصر ' على عمر بن أبي السعادات. وسمع ' مداراة الناس ' لابن أبي الدنيا، على ثابت بن مشرف. وسمع ' الغنية ' على ابن مطيع الباجسرائي، وسمع كتاب ' التفكر والاعتبار ' من علي بن محمد بن علي بن السقا، قال: أنا المبارك بن أحمد الكندي. وسمع من الفتح بن عبد السلام الثاني من ' أمالي الوزير '. وسمع من أبي جعفر محمد بن هبة الله بن المكرم ' صفة المنافق '، و ' أمالي طراد '. وسمع من النفيس الزعيمي ' الزهد ' لابن فضيل، بسماعه من ابن غبرة. وسمع من ابن صرما أيضا ' جزء أبي بكر الصيدلاني '، والتاسع من ' فضائل الصحابة ' للدارقطني، والثالث من ' الحربيات '، والأول من ' صحيح الدارقطني '، و ' جزء ابن شاهين '، والثالث من ' البر والصلة '، وثلاثة ' مجالس الخالدي ' بسماعه للجميع من الأرموي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 248 وسمع من أبي الفتح عبد الملك بن أبي الفتح الدلال ' جزء ابن هزار مرد الصريفيني ' سنة ثمان عشرة، أنا المبارك بن علي السمندي، ثنا الصريفيني. قال أبو العلاء الفرضي في حق شيخه ابن الدباب: ثقة، فاضل، صحيح السماع. وسمع منه هو وجمال الدين أحمد بن القلانسي المحدث، وجمال الدين عبد الرزاق بن الفوطي، وجماعة. وقد وعظ في شيبته، وأجاز لطائفه من أهل دمشق منهم: علم الدين البرزالي. وتوفي لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة خمس، ودفن بمقبرة الشونيزي رحمه الله. 349 - محمد بن يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح الرئيس، فخر الدين بن الإمام جمال الدين ابن الصوفي، الحراني، الحنبلي. سمع حضورا من عمر بن كرم. وسمع من: ابن روزبة، وأبي الحسن القطيعي، وأبي إسحاق الكاشغري، وجماعة. وكان حفظة للحكايات والشعر والأخبار، حلو المجالسة. توكل للأمير علم الدين سنجر أمير جندار. وكان ملازما للافتخار الحراني، ثم لولده ناصر الدين الوالي. وكان حسن البزة، ظريف الشكل. سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته، ولم يكن بالمكثر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 249 350 - محمد بن أبي بكر بن علي. المهدوي، المحدث، موفق الدين العثماني، ثم الرياحي. خطيب المنشية. سمع من: ابن المقير، وجماعة. ومات في شوال. 351 - مظفر بن محمد بن أبي الفضل. أبونصر بن قصيبات السلمي، الدمشقي. توفي في ذي القعدة. وكان ممن روى الحديث عن: عمر بن كرم، وابن صباح، والناصح بن الحنبلي. وكان عدلا كبيرا، دينا. سمع منه الجماعة، وعاش ستا وسبعين سنة. لقبه شرف الدين. 352 - مظفر بن أبي بكر. الحموي الحنفي، مدرس البشيرية، أبو المياس. توفي في ربيع الآخر وله ثلاث وسبعون سنة. 353 - منصور بن عقبة بن منصور. أبو المظفر الشيباني، قاضي هيت. [شاعر فصيح]. حدث عن: أبي طالب بن القبيطي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 250
- حرف الهاء - 354 - هدية بنت عثمان بن عبد الله الأبهري. أم التقي. توفيت في جمادى الآخرة عن أربع وسبعين سنة. - حرف الواو - 355 - وجيه الدين البهنسي. الذي ولي قضاء الديار المصرية، ثم عزل بابن الخوتي. كان من كبار الأئمة في الفقه. موته في جمادى الآخرة. - حرف الياء - 356 - [يعقوب بن عبد الحق. أبو يوسف المريني، سلطان المغرب، وسيد آل مرين. كان ملكا شجاعا، مقداما، مهيبا. خرج على الواثق الملقب بأبي دبوس فالتقاه بظاهر مراكش، فقتل أبو دبوس، وتملك هذا في أول سنة ثمان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 251 وستين، وزالت دولة الموحدين. وقد دخل الأندلس وتملك الجزيرة الخضراء واتسعت ممالكه، وخافته الملوك. مات في المحرم سنة خمس هذه]. 357 - يوسف بن محمد بن عبد الله. الإمام، الفاضل، الصالح، مجد الدين أبو الفضائل بن المهتار المصري، ثم الدمشقي، الكاتب، المجود، المحدث، القارئ بدار الحديث الأشرفية. ولد في حدود سنة عشر وستمائة. وسمع من: ابن صباح، وابن الزبيدي، والفخر الإربلي، وابن اللتي، وجعفر الهمداني، وابن المقير، وابن باسويه، ومكرم بن أبي الصقر، وطائفة. وقرأ وكتب الأجزاء والطباق. وشارك في العلم، وتوحد في كتابة الخط الفائق، وعلم به دهرا. وولي في الآخر مشيخة الدار النورية. وكان إمام مسجد داخل باب الفراديس. وكان ذا دين، وورع تام وصلاح. وكف بصره قبل موته بقليل. سمع منه: ابن العطار، وابن الخباز، وابن أبي الفتح، والمزي، وطائفة سواهم. وأجاز لي مروياته. توفي في تاسع ذي القعدة وله بضع وسبعون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 252 358 - يوسف بن يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم. الإمام، الفقيه، قاضي القضاة، بهاء الدين، أبو الفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي الفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين ابن قاضي القضاة منتجب الدين القرشي، الدمشقي، الشافعي، الزكوي. ولد في ذي الحجة سنة أربعين وستمئة. وكان جليلا، نبيلا، جسيما، وسيما، ذكيا سريا، كامل الرياسة، وافر العلم، بارعا في أصول الفقه، بصيرا بالفقه، فصيحاً، مفوها، حلالاً للمشكلات، غواصا على المعاني. سريع الحفظ، قوي المناظرة. قيل إنه كان يحفظ الورقتين والثلاثة من نظرة واحدة، ويورد الدرس في غاية الجزالة. وكان يذكر في اليوم عدة دروس. وقد سمع بمصر من: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي. وبدمشق من: إبراهيم بن خليل، وجماعة. وكان أديبا إخباريا كثير المحفوظ، علامة. وكان كريم النفس، كثير المحاسن، مليح الفتاوى. أخذ العلوم العقلية عن القاضي كمال الدين عمر بن التقليسي. وأخذ عن أبيه. وكان أفضل من أبيه بكير. وهو ذكي من بيت الزكي. وقد مدحه غير واحد من الشعراء وأخذوا جوائزه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 253 وسمع منه: علم الدين، وجماعة. وقد رأيته، وكان من أحسن الناس شكلا. مرض مدة، وتوفي رحمه الله في حادي عشر ذي الحجة، وله خمس وأربعون سنة. وقد ولي القضاء بعد ابن الصائغ سنة اثنتين وثمانين وإلى أن مات، وولي بعده ابن الخويي. الكنى 359 - أبو بكر بن حياة بن أبي بكر بن الشيخ الكبير حياة بن حسن. الحراني، نزيل رأس عين. شيخ، صالح، عارف، زاهد، مشهور. حج سنة إحدى وثمانين. وروى بدمشق عن: عيسى بن خياط، والمرجا بن شقير. توفي برأس عين في ذي القعدة كهلا. 360 - أبو البركات بن أحمد بن أبي البركات. الحراني، الحنبلي، عرف بابن الإسكاف. قيم ضريح الإمام أحمد. أجاز له عبد الوهاب بن سكينة، وجماعة. وحدث. توفي في جمادى الاخرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 254 وفيها ولد: فخر الدين عبد الرحمن بن محمد بن الفخر الحنبلي، وأيدمر بن عبد الرحمن سبط الأبهري، وناصر الدين محمد بن محمد بن يوسف ابن أفتكين، وشمس الدين محمد بن إبراهيم الكردي، وفيها مات شيخ الطب ابن القف النصراني بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 255
سنة ست وثمانين وستمائة
- حرف الألف - 261 - أحمد بن إبراهيم بن حسين بن إبراهيم. القرشي، من بني البهنسي. ثامن شعبان. 362 - أحمد بن إبراهيم. المفتي، الفقيه، علم الدين القمني، الضرير. توفي بالقاهرة في جمادى الأولى. ولد سنة عشرين، وروى عن: ابن الجميزي، وغيره. وأعاد بالظاهرية بالقاهرة، وكانوا يكتبون عنه في الفتاوى، رحمه الله. 363 - [أحمد بن عمر بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 256 الشيخ الزاهد، الكبير، العارف، أبو العباس الأنصاري، المرسي. كتبت هذا من خط المحدث محمد بن أحمد بن همام سبط الشاذلي، فبالغ في تعظيمه فقال فيه: العلامة، المحقق، القدوة، شيخ الوقت، ووارث شيخه الشاذلي، قطب [زمانه]، الذي يكل ذكر أوصافه أقلام الكتبة، وتعجز عن إحصاء ذلك أنامل الحسبة، الشاذلي تصوفا، الأشعري معتقدا. توفي في سابع عشر شعبان سنة ست وثمانين بالإسكندرية. قال: فلولا قوة اشتهاره وكراماته لذكرت له ترجمة جليلة. قلت: كان شيخنا عماد الدين الخزامي يعظم أبا العباس، ويذكر أن شيخه نجم الدين الإصبهاني صحب وأخذ عنه طريق السير، وكذلك صحبه الشيخ تاج الدين بن عطاء الله والله أعلم بحقيقة سره. وكان من الشهود بالثغر]. 364 - أحمد بن محمد بن عبد الواحد. الشيخ، شرف الدين الجزري، التاجر السفار، المعروف بابن الصهيبي. دخل الهند والبلاد النائية. ذكره صاحبنا شمس الدين الجزري في ' تاريخه ' فقال: أنا شرف الدين ابن الصهيبي سنة أربع وثمانين قال: حدثني النجيب الشهراباني سنة ثمان وستين وستمائة بجزيرة كيش، ثنا الزاهد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 257 علي الكفتي سنة أربعين، ثنا المعمر عبد الأحد السمرقندي قال: اجتمعت برتن بن معمر بسرنديب فقال لي: كنت صغيرا مع أبي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق، فمسح على رأسي ودعا لي بطول العمر، وذكر حديثا. * * قلت: إنما ذكرت هذا للفرجة، وإلا فهذا النمط أقل من أن يعده الحفاظ في الموضوعات، بل إذا سمعوا من يذاكر به تعجبوا وقالوا: {ويخلق مالا تعلمون}. وهذه عجيبة من عجائب بحر الهند. 365 - أحمد بن محمد بن الحسن بن عبد السلام. السفاقسي، ثم الإسكندراني، نجيب الدين، أبو علي بن الشيخ شرف الدين ابن المقدسية. سمع الكثير من: خال والده الحافظ أبي الحسن المقدسي، وابن عماد، وجماعة من أصحاب السلفي. قال علم الدين البرزالي: لم أر بالثغر أكثر حديثا منه إلا أنه ثقل سمعه فعسر السماع منه. قلت: روى عنه: البرزالي، والمزي، وسائر الرحالة. ولم يدركه الفرضي، ولا أعلم متى توفي ولكنه كان حيا في هذا الوقت. مولده سنة خمس وستمائة بالإسكندرية، وأبوه آخر من روى عن السلفي حضورا. 366 - أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن أبي سعد بن أبي عصرون. القاضي الأجل محيي الدين. روى عن: الرشيد بن مسلمة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 258 ومات في رمضان بدمشق. 367 - إبرهيم بن الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام. شمس الدين، أبو إسحاق السلمي، الدمشقي خطيب جامع العقيبة. كان يتكلم بكلام مسجوع كسجع الكهان، ويزعم أنه يلقى إليه من الجن وتعانى الوعظ فكان فيه منحط الرتبة، فتألم أبوه لذلك، فترك الوعظ. توفي في ربيع الأول. وفي الجملة كان متزهداً، يلبس ثيابا قصارا، ويبكي في الخطبة، وفيه سلامة باطن. ولد سنة إحدى عشر وستمائة أو بعدها، وحدث عن: أبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وابن صباح، وابن اللتي. أخذ عنه: البرزالي، والمزي، وجماعة. وقد رأيته يخطب. 368 - إسحاق بن إبراهيم. الإمام، المفتي، شهاب الدين المصري الشافعي، قاضي الجكر بظاهر القاهرة. توفي في جمادى الأولى، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 259 369 - إسرائيل بن إبراهيم بن طالب. المزي. عاش نيفا وثمانين سنة. وحدث عن أبي البركات عمر بن البراذعي. ثنا عنه أبو الحسن بن العطار. وسمع منه: البرزالي، وغير واحد. 370 - إسرائيل بن عبد العزبز بن أحمد ابن خطيب بيت الأبار. حدث عن: الفخر الإربلي. أخذ عنه: البرزالي، وابن الخباز. مات في أثناء السنة، وهو أخو خطيب أرزونا. 371 - أيوب بن أبي بكر بن خطلبا. نجم الدين التبنيني، ثم الدمشقي. حدث عن: ابن اللتي. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. - حرف الباء - 372 - باجو.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 260 الأمير الكبير، ركن الدين. من مشاهير الأمراء. توفي بغزة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب بالنية. مات في رمضان. 373 - بكتي. الأمير سيف الدين الخوارزمي. من قدماء الأمراء. وداره هي التي يسكنها بلبان التتري. رأيته وكان شيخاً مهيباً، تركيا. 374 - باشقرد. الأمير علم الدين الصالحي. توفي بالقاهرة في رمضان. 375 - البديع الساعاتي. الذي عمل ساعات القيمرية بباب المارستان. 376 - [بيليك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 261 الأمير الكبير، بدر الدين الأيدمري. من كبراء الأمراء المصريين، وأظنه من الأمراء الصالحية. رأيته حامل الجتر على رأس السلطان الملك المنصور يوم عبوره. قيد موته الملك المؤيد، رحمه الله. - حرف الخاء - 377 - الخضر بن الحسن بن علي. قاضي القضاة، برهان الدين السنجاري، الزرزاري، الشافعي. ولد سنة ست عشر وستمائة. ولي قضاء مصر في الدولة الصلاحية فيما قيل، إذ أخوه بدر الدين قاضي على القاهرة، وبقي على ذلك إلى أيام الملك الظاهر فعمل الوزير بهاء الدين عليه حتى عزل وحبس وضرب، فبقي معزولا فقيرا ليس بيده شيء سوى المدرسة المعزية، فلما مات الوزير بهاء الدين سنة سبع وسبعين سير له الملك السعيد تقليدا بالوزارة، فأحسن إلى آل الصاحب بهاء الدين ولم يؤذهم. وبقي في الوزارة إلى أن تولى الأمير علم الدين الشجاعي شد الدواوين، فسعى في عزله وضربه، وبقي معزولا إلى أن مات نجم الدين ابن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 262 الأصفهوني الوزير، فأعيد إلى الوزارة وبقي مدة، ثم سعى فيه الشجاعي أيضا وآذاه. ولما توفي القاضي بهاء الدين ابن الزكي بدمشق ذكروه لقضاء الشام، ثم زووه عنه إلى ابن الخويي. ثم ولوه قضاء القضاة بالقاهرة، فبقي عشرين يوما ومات. فيقال إنه سم، وكان لا بأس بسيرته، وفيه مروءة وقضاء لحوائج الناس. وقد روى جزءا عن عبد الله بن اللحط. سمع منه: البرزالي، والمصريون. قال البرزالي: ولي القضاء نحوا من عشرين يوما، انقطع منها عشرة أيام، ومات في تاسع صفر. وولي بعده ليومه قاضي القضاة عبد الرحمن ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز. وذكره بعض الأئمة فقال: كان عنده مشاركة في شيء من الفقه فقط. - حرف الزاي - 378 - زينب بنت الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف الطبيب اللغوي. روت عن أبيها. حدثت بالقاهرة وبها ماتت في الثاني والعشرين من شعبان. أخذ عنها: البرزالي، والفخر بن الظاهري، وابن سيد الناس، وجماعة سواهم. 379 - زينب بنت عبد الله بن عزاز. روت عن: جعفر الهمداني بمصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 263 ماتت في جمادى الآخرة. - حرف السين - 380 - ست الدار بنت العلامة مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية. توفيت بدمشق. وحدثت عن: ابن روزبة، وعبد اللطيف بن يوسف. وماتت في عشر السبعين. روى عنها: ابن أخيها شيخنا أبو العباس، وأخوه أبو محمد، والبرزالي، وابن مسلم، وجماعة. توفيت في أول ربيع الآخر، رحمها الله تعالى. 381 - سليمان بن بليمان بن أبي الحسن بن عبد الجبار بن بليمان. الأديب، شرف الدين، أبو الربيع الهمداني، ثم الإربلي، الشاعر المشهور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 264 شاعر محسن، سائر القول، له نوادر وزوائد ومزاح حلو. وكان أبوه صائغا، وهو صائغ. وله أجوبة مسكتة. ذكره ابن المستوفي أبو البركات في ' تاريخه '، فقال: أنشدني لنفسه: (إشرب فشربك هذا اليوم تحليل .......... وآنف الهموم فقد وافاك أيلول)
(أما ترى الشمس وسط الكاس طالعة .......... منيرة ونطاق البدر محلول)
(والأرض قد كسيت بالغيث حلتها .......... وناظر الروض بالأزهار مكحول) ولابن بليمان يهجو الشهاب التلعفري إذ قامر بثيابه حتى بخفافه، وأنشدها للملك الناصر: (يا مليكا فاق الأنام جميعا .......... منه جود كالعارض الوكاف)
(والذي راش بالعطايا جناحي .......... وتلافى بعد الإله تلافي)
(ما رأينا ولا سمعنا بشيخ .......... قبل هذا مقامر بالخفاف)
(وبها كم يدق في كل يوم .......... في قفاه والرأس والأكتاف)
(أسود الرأس أبيض الشعر في لون .......... سحيم وقبحه وخفاف)
(يدعي نسبة إلى آل شيبان .......... وتلك القبائل الأشراف)
(وهم ينكرون ما يدعيه .......... فهو والقوم دائما في خلاف)
(مثل نجد لو استطاعت لقالت .......... ليس هذا الدعي من أكنافي)
(فابسط العذر في هجاء رقيع .......... عادل عن طرائق الإنصاف)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 265 توفي الشرف بن بليمان في عاشر شهر صفر بدمشق، وله تسعون سنة أو أزيد. 382 - سنجر. الأمير الكبير علم الدين الصالحي، الدويدار. من أعيان المصريين. وهو أستاذ الأمير الكبير كجك المنصوري. توفي بالقاهرة في ربيع الأول. - حرف الشين - 383 - شاهلتي بنت محمد بن عثمان. أم شيخنا عماد الدين محمد بن البالسي. روت عن: كريمة القرشية. وماتت في جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 266 كتب عنها: البرزالي، وغيره. - حرف الصاد - 384 - صواب الطواشي. المعروف بعطاء الله. حدث بالقاهرة عن: سبط السلفي. - حرف العين - 385 - عبد الله بن محمد بن الفقاعي. الشيخ صفي الدين، المقرئ، الحنفي، إمام محراب الحنفية بالجامع. كان من أطيب الناس صوتا بالقرآن. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وحدث عن: ابن اللتي، وغيره. ومات في المحرم. 386 - عبد المحسن بن أحمد بن عبد الحميد بن أبي طاهر. الأسدي، الأبهري، الصدر نجم الدين الحاسب، كاتب الجيوش. حوسب وفوتش فخرج ليتوضأ فنحر نفسه بالقرب من مخيم أروت. 387 - عبد الرحمن بن حسن بن يحيى. الوجيه القيسي، السبتي، المحدث، الرحال. أبو القاسم، نزيل دمشق. كان أحد من عني بالحديث وكتبه وسماعه،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 267 والإكثار منه. ولم يشتغل بغيره إلا ما كان من العشرة واللعب في غضون ذلك. قدم الإسكندرية في سنة خمس وستين. فسمع بها من أصحاب ابن بوقا وغيره. وسمع بالقاهرة من: النجيب الحراني، وابن عزون، والطبقة. وسمع بدمشق من: ابن عبد الدائم، وأصحاب الخشوعي، ثم أصحاب ابن طبرزد والكندي فمن بعدهم. وكتب العالي والنازل، وحصل الأصول، ونسخ الكثير، ولم يزل يقرأ إلى أن مات. وما حدث. ووقف أجزاءه بدار الحديث النورية. وسمع خلق كثير بقراءته. وكان له دربة بالقراءة. ولم يكن فصيحا. كان فيه مزاح وانبساط. وله صولة على الصبيان وحرص على تسميعهم. توفي في سابع جمادى الأولى كهلا، ودفن بمقبرة باب الصغير. 388 - عبد الرحمن بن أبي علي بن سيما. تقي الدين الحموي، إمام الجامع الأسفل بحماة. شيخ معمر، روى عن أبي القاسم بن رواحة. وعاش تسعين سنة. 389 - عبد الرحيم بن داود بن فارس. أبو محمد المتيجي، خطيب المزة. سمع ' الصحيح ' من ابن روزبة. ومات في صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 268 وكان شيخاً مباركا، حس الخطابة. 390 - عبد الصمد بن عبد الوهاب بن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد بن عساكر. الإمام الزاهد، أمين الدين، أبو اليمن الدمشقي، الشافعي، نزيل الحرم سمع من جده، ومن: الشيخ الموفق، وأبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وابن غسان، والقاضي أبي نصر بن الرازي، وجماعة. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وطائفة. وحدث بالحرمين أيضا. وكان ثقة، عالما، فاضلا، جيد المشاركة في العلوم، بديع النظم، صاحب دين وعبادة وإخلاص، وكل من يعرفه يثني عليه ويصفه بالدين والزهد. ومن شعره: (عسى الأيام أن تدني الديارا .......... بمن أهوى فقد شطوا مزارا)
(ويصبح شمل أحبابي جميعا .......... وآخذ منهم بالقرب ثارا)
(وتمسي جيرة العلمين أهلي .......... ودارهم لنا يا سعد دارا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 269
(وبي الرشا الذي ما صد إلا .......... ليبلو في الهوى مني اصطبارا)
(كلفت به من الأعراب ما إن .......... أدار لثامه إلا عذارا)
(يروع الأسد في فتكات لحظ .......... ويحكي ظبية الوادي نفارا) روى عنه: أبو الحسن بن العطار، والشيخ علي الواسطي الزاهد، وعلاء الدين بن قرناص، وجماعة. وكتب إلي بمروياته سنة ثلاث وسبعين. أنشدنا له ابن قرناص: (يا نزولا بين سلع وقباء .......... جئتكم أسعى على شقة بين)
(ونعم والله إني زائر .......... لمغانيكم على رأسي وعيني)
(إن من أم حماكم آملا .......... راح بالمأمول مملوء اليدين)
(فاشفعوا إني قد تشفعت بكم .......... بوصال واتصال دائمين) ومن شعره: (يا جيرتي بين الحجون إلى الصفا .......... شوقي إليكم مجمل ومفصل)
(أهوى دياركم ولي بربوعها .......... وجد يثبطني وعهد أول)
(ويزيدني فيها العذول صبابة .......... فيظل يغريني إذا ما يعذل)
(ويقول لي لو قد تبدلت الهوى .......... فأقول قد عز العداة تبدل)
(بالله قل لي كيف تحسن سلوتي .......... عنهم وحسن تصبري هل يجمل)
(يا أهل ودي بالمحصب دعوة .......... من نازح بلقاكم يتعلل) ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول سنة أربع عشرة وستمائة. وتوفي في جمادى الأولى في وسطه، وقيل في مستهله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 270 وكان شيخ الحجاز في وقته، وله تواليف في الحديث تدل على حفظه ومعرفة بالأسانيد وعناية بعلم الآثار. 391 - عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن المؤيد بن علي. أبو محمد الهمداني، ثم المصري، ابن عم شيخنا الأبرقوهي. حدث عن: عبد العزيز بن باقا، والقاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي، وغيرهما. كتب عنه: البرزالي، وقطب الدين، وجماعة. وتوفي في شوال. 392 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن الصيقل. عز الدين، أبو العز الحراني، مسند الديار المصرية بعد أخيه. روى عن: يوسف بن كامل، وضياء بن الخريف، وأبي الفرج محمد بن هبة الله الوكيل، وأبي حامد بن جوالق، وسعد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاف، وأبي علي يحيى بن الربيع الفقيه، وعمر بن طبرزد، وأحمد بن الحسن العاقولي، وسليمان الموصلي، وعبد العزيز بن الأخضر، وعزيزة بنت الطراح، وعبد القادر الرهاوي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 271 وبالإجازة عن ابن كليب. وتفرد في وقته، ورحل إليه. وكان من التجار المعروفين كأخيه، ثم افتقر. روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وأبو عبد الله الزراد، وأبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد عبد الكريم، وأبو حيان النحوي، وأبو عمرو بن الظاهري، وأبو الفتح بن سيد الناس، وأبو محمد البرزالي، وخلق من الشباب والفضلاء. وخرج له شيخنا ابن الظاهري ' مشيخة '. وأجاز له أيضا: أبو طاهر المبارك ابن المعطوش، والإمام جمال الدين ابن الجوزي، وعفيفة الفارقانية. وكان هو وأخوه النجيب تاجرين للخليفة. وكان أبوهما فقيها، عارفا بمذهب الإمام أحمد، واعظا مشهورا، توفي سنة إحدى وستمائة. وكان العز الحراني شيخا مطبوعاً، حسن المحاضرة، إلا أنه كان كثير الحسد. توفي في رابع عشر رجب بمصر. ودفن بالقرافة الصغرى، وهو أكبر شيخ لقيه المزي، والبرزالي، وابن نباتة في رحلتهم. وكثير من أسمعته من المذكورين في السنة الخامسة. قال الدمياطي: ولد بحران سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وقد حدث في سنة تسع وثلاثين مع أخيه بالمطر لابن دريد. وسمع منهم: النجيب بن شقشقة، وابن الجوهري، والضياء البالسي، والكبار. 393 - عبد الغني بن محمد بن أبي الحسن. أبو محمد الصعبي، المصري. حدث عن: ابن باقا، والعلم بن الصابوني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 272 روى عنه: البرزالي، وابن سيد الناس، وجماعة. توفي في جمادى الآخرة. 394 - عبد القدوس بن إبراهيم بن يحيى. الشقراوي، الحنبلي. توفي بقاسيون في جمادى الأولى، وهو أخو شيخنا نجم الدين. سمع من: كريمة، والضياء، وحدث. 395 - عبد المحسن بن سليمان بن عبد الكريم. وجيه الدين المخزومي، المعروف بابن المسلم المصري. حدث عن: أحمد بن محمد بن الحباب. ومات في ذي القعدة. 396 - عثمان بن علي بن عثمان. فخر الدين الكاشي. توفي بالقاهرة. سمع: ابن اللتي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. وكان أبوه قاضيا بالكرك. 397 - علي بن زكريا. المقرئ، العالم، جمال الدين أبو الحسن المنبجي، الحنفي، الفقيه. روى عن: يوسف بن خليل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 273 كتب عنه: البرزالي، وغيره. وهو أخو الشيخ يحيى المنبجي الملقن. توفي بالقدس في رمضان. 398 - علي بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي. ابن الحبوبي، شهاب الدين، أبو الحسن التغلبي، الدمشقي، الشاهد من بيت عدالة ورواية. حدث عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي المنجا بن اللتي. وأجازه: ابن المؤيد الطوسي، وأبو روح، وأبو اليمن الكندي، وأبو محمد بن الأخضر، وعبد القادر الرهاوي. كتب عنه: ابن الخباز، والوجيه السبتي، وجماعة. وسألت عنه أبا محمد البرزالي فضعفه في الشهادة دون الرواية، وقال: جريء إلى الغاية، ويختلف وينشىء المكاتيب. وبلغني أنه غسل له مرة أربعة كتب جملة بالعادلية، وأهين بحضرة القاضي التفليسي. قلت: ثم انصلح أمره بعد ذلك قليلا. ومات في رجب وله اثنتان وثمانون سنة. وهو أخو المحتسب تاج الدين يحيى، ووالد شيخنا إبراهيم بن علي. 399 - علي بن محمد بن يوسف بن عفيف. أبو الحسن، ضياء الدين، الخزرجي، الغرناطي، الشاعر، الصوفي. انتسب إلى سعد بن عبادة، وقال الشعر الفائق. أقام بالإسكندرية وكان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 274 مشهورا بالزهد إلا أن له شعرا يشبه شعر ابن العربي ولم أتحقق أمره، وله مدائح موفقة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أضر وزمن وعمر دهرا. روى عنه من شعره: الدمياطي، والبرزالي. وتوفي في ربيع الآخر عن اثنتين وتسعين سنة. وهو مشهور بالخزرجي. سمع من: ابن حوط الله، وجعفر الهمداني. 400 - علي بن محمد بن علي بن بركات. الشيخ بديع الدين الأنصاري، المصري، شيخ الإقراء بالخليل. كان عارفا بالقراءآت والعربية. قرأ على الكمال الضرير العباسي، رحمه الله. وروى بالإجازة عن: ابن رواج، وابن الجميزي. وعاش ثمانيا وأربعين سنة. وتوفي في رمضان، وولي مشيخة الخليل بعده البرهان الجعبري. 401 - عمر المغربل. أخو زينب بنت شكر. روى عن: ابن اللتي. وكان فقيرا، وهو أخو الجمال المغربل. 402 - عيسى بن سالم. العدل، شرف الدين بن السقلاطوني، الدمشقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 275 روى عن: السخاوي. كتب عنه: علم الدين، وغيره. ومات في ذي القعدة. 403 - عيسى بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي. الشيخ مجد الدين المقدسي، الحنبلي، نزيل بغداد. روى عن: موسى بن الشيخ عبد القادر، والشيخ الموفق. وسمع ببغداد من: ابن روزبة، وابن اللتي، وابن القبيطي. توفي في ربيع الأول، وقد قارب الثمانين. أخذ عنه: الفرضي، وابن سامة، وطائفة. وكان ثقة، مكثر، فيه دين وتقوى. وله عدة إخوة. - حرف الفاء - 404 - فضائل بن إبراهيم بن أبي الفضل. الشيخ رضي الدين بن الحكيم الدمشقي. شيخ متميز، روى عن: الزبيدي، وابن صباح. ولد سنة عشر وستمائة. وتوفي في صفر. 405 - الفضل بن علي بن نصر بن عبد الله بن رواحة. الرئيس جمال الدين، ناظر بلبيس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 276 سمع بحلب من: عبد اللطيف بن يوسف، ويحيى بن الدامغاني. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة. وكان أديبا، فاضلا، كاتبا. روى عنه: الدمياطي من شعره، والبرزالي، وجماعة. ومات ببلبيس في جمادى الأولى. عمل له التقي عبيد ' مشيخة ' في مجلد. - حرف الكاف - 406 - كنينة بنت أيبك الجزري. روت عن ابن اللتي سماعا. وسماعها بالكرك. وحدثت بمصر. روى عنها: البرزالي، والطلبة. وهي بنونين. ماتت في شوال. - حرف الميم -
407 - محمد بن أحمد بن إبراهيم. العلامة ناصح الدين الخويي، ثم الطبري. سمع من: الزينبي، والبادرائي. روى الحافظ عبد الكريم في ' تاريخه ' فقال كان إماما، أصوليا، زاهداً، عابدا. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 277 ومات في ربيع الأول بالقاهرة. * * * 408 - محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون. الإمام، الزاهد، قطب الدين، أبو بكر بن الإمام تاج الدين علي بن القسطلاني، التوزري الأصل، المصري، ثم المكي ابن الشيخ الزاهد أبي العباس. ولد بمصر سنة أربع عشرة وستمائة، ونشأ بمكة، وسمع بها ' جامع الترمذي ' من أبي الحسن بن البناء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 278 وسمع من أبي القاسم السهروردي كتاب ' عوارف المعارف '. وسمع من: أبي الحسن بن الزبيدي، وجماعة. وقرأ العلم، ودرس، وأفتى، ورحل في الحديث سنة تسع وأربعين فسمع من محمد بن نصر بن الحصري، ويحيى بن العميرة، وإبراهيم بن أبي بكر الرعبي، وطائفة كبيرة ببغداد، والشام، ومصر، والموصل، واستجاز حينئذ لأولاده السبعة: محمد، والحسن، وأحمد، ومريم، ورقية، وفاطمة، وعائشة. وأسمع بعضهم. وكان شيخا، عالما، عابداً، زاهدا، نبيلا، عليلا، مهيبا، حائزا للفضائل، كريم النفس، كثير الإيثار، حسن الأخلاق، قليل المثل. طلب من مكة إلى القاهرة فولي مشيخة الكاملية إلى أن مات. وروى الناس عنه الكثير، وله شعر مليح. روى عنه: الدمياطي، والمزي، والبرزالي، وخلق لا أعرفهم. ومات إلى رحمة الله في الثامن والعشرين من المحرم بالكاملية، واجتمعت العامة على الباب يضجون بالبكاء عليه. وأخرج عقيب الظهر من المدرسة والخلائق بين يديه ممتدين إلى تحت القلعة، فتقدم عليه في الصلاة شيخنا جمال ابن النقيب المفسر، ولم يدخل إلى قبره بالقرافة إلى بعد العصر لكثرة الزحام. وكان يوما مشهودا. قال علم الدين البرزالي: حضرت دفنه. ومن شعره رحمه الله تعالى قوله: (ألا هل لهجر العاملية إقصار .......... فيقضى من الوجد المبرح أوطار)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 279
(ويشفى عليل من عليل موله .......... له النجم والجوزاء في الليل سمار)
(أغار عليه السقم من جنباته .......... وأغراه بالأحباب نأي وتذكار)
(ورق له مما يلاقي عذوله .......... وأرقه دمع ترقرق مدرار)
(يحن إلى برق الأبيرق قلبه .......... ويخفف إن ناحت حمام وأطيار)
(عسى ما مضى من خفض عيشي على الحمى .......... يعود، فلي فيه نجوم وأقمار) وله: (إذا كان أنسي في التزامي لخلوتي .......... وقلبي عن كل البرية خالي)
(فما ضرني من كان لي الدهر قاليا .......... ولا سرني من كان لي متوالي) 409 - محمد بن أحمد بن معضاد. أبو عبد الله البغدادي. روى عن: ابن اللتي، ومحمد بن محمد السباك، وغيرهم. وكان حنبليا، مقرئا، فاضلا، ضريرا. مات في ربيع الآخر. 410 - محمد بن أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 280 الشيخ أبو عبد الله الواني الخلاطي، الصوفي، مؤذن مسجد أبي الدرداء بالقلعة من دمشق. شيخ صالح معروف، وهو والد رئيس المؤذنين برهان الدين إبراهيم. توفي في سابع جمادى الأولى، وقد شاخ. وقد سمع شيئا ولم يرو. 411 - محمد بن عباس بن أحمد بن عبيد بن صالح. الحكيم البارع، عماد الدين، أبو عبد الله الربعي، الدنيسري. ولد بدنيسر سنة خمس أو ست وستمائة، وقرأ علم الطب حتى برع فيه وساد. وسمع الحديث بالديار المصرية من: علي بن مختار العامري، والحسن بن دينار، وعلي بن المقير، وجماعة. وصحب البهاء زهير مدة، وتخرج به في الأدب والشعر. وتفقه على مذهب الشافعي. وصنف في الطب ' المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة '،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 281 و ' أرجوزة في الترياق الفاروق ' و ' أرجوزة في تقدمة المعرفة ' لأبقراط، وغير ذلك. قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: اشتغل في صناعة [الطب] اشتغالاً برع به فيها. وحصل جمل مغانيها. وحفظ الصحة كاملة، واستردها زائلة. اجتمعت به فوجدت له نفسا حاتمية، وشنشنة أخزمية، وخلقا ألطف من النسيم، ولفظا أحلى من مراح التسنيم. وأسمعني من شعره البديع. فهو في علم الطب قد تميز على الأوائل والأواخر، وفي الأدب قد عجز كل ناظم وناثر، هذا معما أنه في الفقه سيد زمانه، وأوحد أوانه. قلت: هذه مجازفة قبيحة من الموفق لا يزال يرتكبها، نسأل الله العفو. ثم سار من دنيسر ودخل الديار المصرية، ثم رجع إلى الشام وخدم بالقلعة في الدولة الناصرية. ثم خدم بالمارستان الكبير. وله من أبيات: (فقلت: شهودي في هواك كثيرة .......... وأصدقها قلبي ودمعي مسفوح)
(قال: شهود ليس يقبل قولها .......... فدمعك مقذوف وقلبك مجروح) وأحسن من هذا قول ابن البن: (ودمعي الذي يملي الغرام مسلسلا .......... رمى جسدي بالضعف والجفن بالجرح) وله: (نعم فليقل من شاء عني فإنني .......... كلفت بذاك الخال والمقلة الكحلا)
(وعذبني بالصد عنه وكلما .......... تجنى فما أشهاه عندي وما أحلا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 282
(فحرمت نومي بعدما صد معرضا .......... كما حلل الهجران مذ حرم الوصلا)
(غزال غزا قلبي بعامل قده .......... ومكن من أجفانه في الحشا نبلا)
(فلا تعذلوني في هواه فإنني .......... حلفت بذاك الحسن لا أقبل العذلا) سمع منه: قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى، والموفق ابن أبي أصيبعة، وأبو محمد البرزالي، وطائفة. وكان أبوه خطيبا بدنيسر. توفي العماد في ثامن صفر. 412 - محمد بن عبد الحكم بن حسن بن عقيل بن شريف بن رفاعة بن غدير. الشيخ شرف الدين، أبو عبد الله السعدي، المصري. شيخ حسن من بيت الرواية. سمع من جده الحسن بعض ' الخلعيات '، قال: أنا جدي لأمي عبد الله بن رفاعة. روى عنه: المزي، وقطب الدين عبد الكريم، والبرزالي، وجماعة. ومات بمصر في رمضان. وكان يعرف بابن الماشطة. ولي مشيخة الحديث بالمدرسة الصاحبية بمصر، وكان يقرأ الحديث على كرسي بجامع مصر، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 283 ولد سنة ثمان وستمائة. 413 - محمد بن عبيد الله بن هارون بن خطاب. العلامة أبو بكر المرسي. صاحب أدب وبلاغة. كتب الانشاء لابن هود، ثم لصاحب غرناطة، ثم لصاحب تلمسان، وبها توفي. وله نظم رائق. وهو القائل في مليح: (مجمع البحرين أضحى خده .......... إذ تلاقى فيه موسى والخضر) 414 - محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك. الإمام البليغ، النحوي، بدر الدين ابن الإمام شيخ النحاة جمال الدين الطائي، الجياني، ثم الدمشقي. كان إماما ذكيا، فهما، حاد الذهن، إماماً في النحو، إماما في المعاني والبيان والمنطق، جيد المشاركة في الفقه والأصول، وغير ذلك. أخذ عن والده، وسكن بعلبك مدة، فقرأ عليه جماعة منهم الإمام بدر الدين بن زيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 284 ثم سكن دمشق وتصدر للإشغال بعد وفاة والده. وكان عجيبا في الذكاء والمناظرة وصحة الفهم. وكان مطبوع العشرة، وفيه لعب وفراغ. وله تصانيف معروفة في العربية والبديع والمعاني. ومات قبل الكهولة أو في أوائلها من قولنج كان يعتريه كثيرا. وتوفي إلى رحمة الله بدمشق في ثامن المحرم، ودفن بمقبرة باب الصغير وكثر التأسف عليه. وولي بعده الإعادة بالأمينية الإمام كمال الدين ابن الزملكاني وله ثماني عشرة سنة وشهر. 415 - محمد بن مكي بن أبي القاسم حامد بن عبد الله. عماد الدين، أبو عبد الله الإصبهاني الأصل، الدمشقي، الزركشي. الرقام. روى عن: داود بن ملاعب، والأنجب بن أبي السعادات، وابن روزبة، وخليل الجوسقي. وسكن القاهرة. وكان ارتحاله إلى بغداد بعد الثلاثين وهو شاب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 285 روى عنه: المصريون، والمزي، والبرزالي. ومات في الثاني والعشرين من شوال. 416 - محمد بن يحيى بن علي. المحدث، المسند، أبو صادق، جمال الدين ابن الحافظ الإمام رشيد الدين أبي الحسين القرشي، المصري، العطار. ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع من: محمد بن عماد، وعبد العزيز بن باقا، ويوسف بن شداد القاضي، وعبد الصمد القصاري، وعلي بن مختار، وطائفة. وعني بالحديث، وكتب، وخرج لنفسه موافقات ومصافحات. روى عنه: المصريون، والمزي، والبرزالي، وابن سامة. وتوفي في ربيع الآخر. 417 - محمد بن أبي بكر بن يوسف ابن خطيب بيت الآبار. عفيف الدين الكاتب. روى عن: ابن اللتي، والإربلي. سمع منه: البرزالي، وجماعة. وخدم بالمرقب وقت افتتاحه، وبه مات في صفر. 418 - مفضل بن إبراهيم بن أبي الفضل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 286 الشيخ رضي الدين، أبو الفضل الدمشقي، الطبيب المشهور. كان بصيرا بالعلاج، ماهرا في الصنعة، ذكيا. ماهرا، مادحا. ولد سنة عشر وستمائة. وكان صالحا، دينا، خيرا صحيح العقيدة سافر إلى بلاد الترك إلى بلاد الملك بركة، وحصل أموالا كثيرة ولكنها نهبت منه في الرجعة. وعرضوا عليه رئاسة الأطباء فأباها. وقد كتب في الإجازات، وله سماع. توفي بدمشق في الثالث والعشرين من صفر. 419 - موسى بن محمد بن حسين. القرشي، الصالحي، الفقير، أخو الكمال علي. توفي بزاويته بالجبل. وقد روى عن: ابن اللتي، والهمداني. ومات في رمضان. روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي. وكان شيخ الزاوية بعد أخيه كمال الدين. - حرف الياء - 420 - يحيى بن إسماعيل بن صغير. الشيخ الصالح، أبو زكريا الحراني. سمع ببلده من: أبي المجد القزويني، والموفق عبد اللطيف بن يوسف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 287 وحدث بدمشق. وأخذ عنه طلبة الوقت. مات في المحرم. 421 - يحيى بن الخضر بن حاتم بن سلطان. زكي الدين القليوبي، المصري. ويعرف بابن قمر الدولة. روى بالإجازة عن: ابن باقا، ومكرم. وعاش تسعين سنة. كتب عنه: المصريون، والبرزالي. ومات في جمادى الآخرة. 422 - يحيى بن خلف. المقاماتي، المصري، ابن أخت الحكمة. روى عن مكرم. وعاش بضعا وثمانين سنة. وتوفي في تاسع عشر جمادى الآخرة. الكنى 423 - أبو البدر. عبد الله بن أبي الزين المصري، الكاتب. روى عن ابن اللتي. ومات بمصر في صفر. كتب عنه البرزالي، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 288 424 - أبو بكر بن عباس بن جعوان. المولى محيي الدين الأنصاري، الدمشقي. حدث عن: الحافظ الضياء. وتوفي بجبل قاسيون في رجب. * * * وفيها ولد: جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن نباتة المصري، الأديب، شاعر وقته، والملك صلاح الدين يوسف بن الملك الأوحد. وأبو طاهر أحمد بن عبد الله الزبيدي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 289
سنة سبع وثمانين وستمائة
- حرف الألف - 425 - أحمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. الإمام، الزاهد، شرف الدين بن الشرف، أبو العباس المقدسي، الحنبلي، الفرضي، من بقايا السلف. تفقه على تقي الدين أحمد بن العز بن الحافظ. وسمع من: عم أبيه الشيخ موفق الدين، وابن أبي لقمة، والقزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وابن صباح، وطائفة سواهم. وروى الكثير. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن الخباز، والمزي، وابن سلمة، والبرزالي، وطائفة سواهم. وكان ممن جمع بين العلم والعمل. توفي في خامس المحرم عن ثلاث وسبعين سنة مبطونا شهيدا. وكان يشغل بجامع الجبل، وله نظم حسن. وكان منقطعاً، قانعاً باليسير، ما له وظيفة، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 290 426 - أحمد بن ظافر. أبو العباس المصري، الشرابي. روى عن: عبد الرحيم بن الطفيل. ومات في ربيع الأول. وهو أحمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ظافر. 427 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن الشيخ الكبير عبد الله اليونيني. قام مقام أبيه عندما استشهد على حمص. وكان فيه فقر وديانة ومكارم. مات في شوال، وهو في عشر الستين. وقد صحب جده الشيخ محمد. وله إجازة من ابن روزبة، وابن بهروز، والأنجب الحمامي. وما أراه حدث، رحمه الله. 428 - أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله. تاج الدين، أبو العباس الحموي، الشافعي، المعروف بابن المغيزل. ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع الحديث من ابن رواحة، ورواه. ومات بحماة في سابع عشر رجب. وكان فقيها، فاضلا، مفننا، مدرسا، مفتيا. ولي مشيخة الشيوخ بحماة، ودرس بالعصرونية، ودخل بغداد وناظر بها وأكرم مورده. وكان صاحب ديانة وعبادة وخير ومهابة وورع. ترك
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 291 المناصب لأولاده واشتغل بنفسه. وأولاده: زين الدين، وناصر الدين، وفخر الدين. 429 - أحمد بن محمد بن أبي سعد. العدل، جمال الدين الواسطي، خطيب كفرسوسة. روى عن: التقي بن باسويه. وعاش اثنتين وثمانين سنة. كتب عنه: البرزالي، وقال: توفي في ذي الحجة. وكان يشهد تحت الساعات. وله إجازة من ابن أبي لقمة، وجماعة. 430 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عياش. الصالحي، النجار، المعروف بالباشق. أحد الحريرية. قتل بالجبل وأخذ قماشه في جمادى الأولى. 431 - أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن يحيى. البدري، خطيب بيت الآبار، المقدسي، الشاهد. روى عن الفخر الإربلي، والتاج القرطبي. ومات في رجب. أخذ عنه: ابن الخباز، والبرزالي. وهو أخو العفيف، والموفق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 292 432 - أحمد بن أبي بكر بن عبد الباقي بن علي بن حفاظ. الصالح، أبو العباس الصالحي، الصحراوي، الفلاح. رجل مبارك، ساكن زرع. روى عن: أبي القاسم بن صصرى، وابن أبي لقمة. روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة. ومات في ذي القعدة. 433 - أحمد بن أبي بكر بن سليمان بن علي. جمال الدين، أبو العباس ابن الحموي، الدمشقي. ولد في رجب سنة ستمائة، وحضر عمر بن طبرزد. وسمع من: الكندي، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم بن الحرستاني، وغيرهم. وأجاز له منصور الفراوي، وجماعة. وحدث مدة طويلة. وسمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس الموصلي، والوجيه السبتي، وسبطا إمام الكلاسة، والمزي، وابن تيمية، والبرزالي، وطائفة. ولم يزل مستورا وظاهر العبادة والنسك حتى اتُّهم بشهادة زور ذكرناها في ترجمة ابن الصائغ وأصر عليها، فأهدره الحكام وأخرق به. ولم يسمع منه أحد بعدها. ومات على ذلك، تجاوز الله عنا وعنه. وكان قد تفرد بأجزاء من مروياته، ومات بدويرة حمد في ذي الحجة، وله سبع وثمانون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 293 قال لي البرزالي: كان يصلي نوافل ويتواضع كثيرا، ويشهد لكل من قصده، ويزكي من جاءه. وقد روى ' البخاري ' غير مرة. 434 - إبراهيم بن عبد العزيز بن يحيى. الإمام الزاهد، القدوة، أبو إسحاق اللوري، الرعيني، الأندلسي، المالكي، المحدث ولورة من أعمال الأندلس. ولد سنة أربع عشرة وستمائة بحصن لورة وهي بقرب إشبيلية. حج في شبيبته. وسمع من: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي، وسبط السلفي. وقدم الشام فسكنها، وسمع من: ابن سلمة، ومكي بن علان، وطائفة. وتفقه وعرف المذهب، ولزم السنة، وكتب الكثير بخطه المتقن. وكان إماما عالما، محدثا، متقنا، زاهداً، عابداً، قانتا لله، كثير المحاسن، مؤثرا على نفسه ولو كان به خصاصة. ولم يزل لونا واحدا في السماحة والكرم والسعي في حوائج الفقراء ومصالحهم وخدمتهم، وإيجاد الراحة والتلذذ بذلك، مع الإعراض عن الدنيا وعن الرئاسة. قيل إن قضاء المالكية بدمشق عرض عليه فامتنع. وكان قبل ذلك فقيرا، مقصودا بالزيارة لزهده، ولم يكن يذكر بكثير علم. ثم استنابه القاضي جمال الدين أبو يعقوب بنصف المعلوم. ثم سعى له علم الدين الدواداري فولي مشيخة الحديث بالظاهرية، فكان يذكر فوائد حسنة على الميعاد نقلتها في لوح أسماء ونكتا. وكان ذكيا يتصرف ويحرر ما يقوله. وكان متوددا محببا إلى الناس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 294 وولي مشيخة المالكية بعد الشيخ جمال الدين ابن الشريشي، وألقى لهم الدرس، وشكرت دروسه وفتاويه. وقد كتب إلى الدواداري يمدحه: (بلغ هديت أمير الوفد والحرم .......... تحية نشرها مسك لمنتسم)
(واشهد عرف نداه إن فيه هدى .......... لآمليه إذا أدخلت في الظلم)
(ولذ بحضرته إن كنت ملتجئاً .......... إن اللياذ به أمن من العدم) عفى الله أبا إسحاق، مالك ولمدح الأمراء، هذا الذي قلته من هناتك وزلاتك. (وقل له يا أخي ود قواعده .......... قد أسستها يد التقوى على القدم)
(إن ضاع عهد امرئ عن نأي أو ملل .......... فليس ودي في حال بمنصرم)
(وهل تضاع عهود كان مبدأها .......... على حديث رسول الله في الحرم)
(ما ضاع ود وعاه صدر مثلكم .......... حفظ العهود وإن طالت من الكرم) توفي أبو إسحاق اللوري بالمنيبع بظاهر دمشق في الرابع والعشرين من صفر. وقد سمع منه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته، ودفن بمقابر الصوفية. 435 - إبراهيم بن عثمان بن يحيى بن أحمد. أبو إسحاق اللمتوني، المراكشي، ثم الدمشقي، ابن مؤذن الكلاسة. شيخ صالح، معمر، مبارك، خير، له دكان في سوق الزيارة. ولد سنة تسع وتسعين بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 295 وسمع بنفسه من: ابن البن، والقزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وابن الزبيدي، وطائفة. وسمع أخاه عليا معه من جماعة. وروى الكثير. أخذ عنه: المزي، والبرزالي، والجماعة. وتوفي في مستهل جمادى الآخرة. 436 - إبراهيم بن فراس بن علي بن زيد. الرئيس، فخر الدولة ابن نجيب الدولة. أبو إسحاق ابن العسقلاني. حدث عن زين الأمناء. أخذ عنه: البرزالي، وابن الخباز، وقطب الدين عبد الكريم، وجماعة. ومات في شوال. 437 - إبراهيم بن معضاد بن شداد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 296 الشيخ الزاهد، الكبير، القدوة، أبو إسحاق الجعبري. روى عن: السخاوي. كتب عنه: البرزالي، والمصريون. وسكن القاهرة دهرا. وكان له مسجد هو شيخه وإمامه. فكان يجلس فيه ويقص على الناس ويخوف ويحذر. ولكلامه وقع في النفوس. وكان زاهداً، عابداً، أمارا بالمعروف، قوالا بالحق، حلو العبارة، ولأصحابه فيه عقيدة ومغالاة. وله شعر في التصوف والزهد. وتوفي في الرابع والعشرين من المحرم وقد جاوز الثمانين بسنوات. فإنه ولد في سابع عشر ذي الحجة سنة تسع وتسعين بقلعة جعبر. ورأيت كل من عرفه يعظمه ويثني عليه وعلى طريقته، رحمة الله عليه، وعليه مآخذ في عباراته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 297 438 - آسية بنت زين الدين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة. أم عبد الله المقرئة. كانت تلقن النساء بالدير. وبيتها معمور بالتلاوة والدرس. أجاز لها سنة ست وستمائة: أبو الفخر أسعد بن سعيد، وزاهر الثقفي، وابن سكينة، وعمر بن طبرزد. وسمع منها الجماعة. توفيت خامس رجب. 439 - إلياس بن عبد الله. أبو الحسن الرومي، عتيق القاضي ابن اللمغاني. سمع ' صحيح البخاري ' من عبد السلام الداهري بكماله. ومات في ربيع الأول [ببغداد]. وقد سمع كثيرا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 298 440 - أياز الرومي. الأمير الكبير، فخر الدين النجمي، المعروف بالمقري، أحد حجاب الملك الظاهر، ومن كان يعتمد عليه في المهمات وثيق به. ترسل عنه إلى أبغا بن هولاكو وإلى غيره. ولما تملك الملك المنصور جعله أمير حاجب، وأعطاه خبزا كثيرا، وزادت منزلته عنده، وكان أيضا يندبه للمهمات لعلمه بدرايته ونهضته حج من الشام سنة ست وثمانين، ورد إلى مصر فتوفي بها في ربيع الأول وقد نيف على الستين. وقد رأيته بدمشق، وكان شيخا مهيبا. روى عن ابن المقير، وحدث بالقاهرة ودمشق. - حرف الباء - 441 - الباخلي. الأمير الكبير جمال الدين، من أمراء دمشق. توفي في ذي القعدة. 442 - بدر الدين الآمدي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 299 الكاتب الرئيس،، ناظر ديوان دمشق. توفي في المحرم. وهو كان يعرف بابن العطار، وبالعلم الطويل. واسمه أحمد. وكان أمينا في فنه، ماهرا. 443 - بدر. الأتابك الطواشي، بدر الدين، عتيق الست اقصرا. روى عن: الزبيدي، وابن صابح، وكريمة. كتب عنه الجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. كتب عنه: ابن العطار، والبرزالي. 444 - بيليك. الأمير الكبير بدر الدين الصالحي، المعروف بالأيدمري. من أمراء الألوف وكبراء المصريين. رأيته يحمل الجتر على رأس السلطان الملك المنصور سنة ثلاث وثمانين. توفي في المحرم بالقاهرة. وخلف ثلاثة بنين ومائة مملوك، ووصى بهم للسلطان. - حرف الحاء - 445 - الحسن بن شاور بن طرخان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 300 الأديب، ناصر الدين الكناني، الشاعر المعروف بابن النقيب، وبابن الفقيسي، الجندي، من أعيان الشعراء بالديار المصرية. مدحه الشهاب محمود الموقع، ومدح هو الشهاب. ونظمه في غاية الجزالة والسهولة، فمن شعره: (إن القطيفة التي .......... لا تشتهى نقلا وعقلا)
(حشيت ببرد يابس .......... فلأجل ذاك الحشو تقلا) وله: (أراد الظبي أن يحكي التفاتك .......... وجيدك، قلت: لا يا ظبي فاتك)
(وقد الغصن قدك إذ تثنى .......... وقال: الله يبقي لي حياتك)
(ويا آس العذار فدتك نفسي .......... وإن لم أقتطف بفمي نباتك)
(ويا ورد الخدود حمتك مني .......... عقارب صدغه فأمن جناتك)
(ويا قلبي ثبت على التجني .......... ولم يثبت له أحد ثباتك) وله: (وبي رشأ نحا قصدا جميلا .......... فأقبل معربا عن حسن قصده)
(بنطق ملحه الإعراب فيه .......... وأشهد أنها مزجت بشهده)
(وثغر درة الغواص فيه .......... وجوهر ثغره وجمان عقده)
(ووجه فيه تكملة المعاني .......... وإيضاح له لمع بوقده)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 301
(أخو جمل مفصلة يرينا .......... مقدمه المطرز فوق خده) وله: (ليس لي في الشراب شرط ولكن .......... أنا شرطي أن لا أعطل كأسي)
(كم أخذت الكؤوس مثل فؤادي .......... ولكم قد رددتها مثل راسي) وله من قصيدة نبوية: (يا مادحين رسول الله حسبكم .......... تكرير مدح وتعظيم وتطويل)
(فهو الذي ليس يفني وصف سؤدده .......... وينفد المدح في أدناه والقيل)
(يغنيه عن كل مدح مدح خالقه .......... فإن ذلك تنزيل وترتيل)
(ليست قصائد إلا أنها سور .......... من الجليل بها وافاه وجبريل)
(والمدح شعر وإنشاد لمن مدحوا .......... ومدح أحمد قرآن وإنجيل)
(وفي المدائح تأويل لمعترض .......... والمصطفى مدحه ما فيه تأويل) وله:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 302
(وخود دعتني إلى وصلها .......... وشرخ شبابي مني ذهب)
(فقلت: مشيبي ما ينطلي .......... فقالت: بلى ينطلي بالذهب) توفي، رحمه الله، في منتصف ربيع الأول. وقد روى عنه شيخنا الدمياطي. 446 - الحسين بن علي بن سلامة. قاضي بغداد، شرف الدين، أبو عبد الله الهاشمي. مات في ربيع الأول، وله ثمانون سنة. كتب في الإجازات. - حرف الخاء - 447 - خطلبا. غرس الدين الأرمني، مولى القاضي زين الدين ابن الأستاذ الحلبي. مات بحلب في ربيع الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 303 وحدث عن: ابن روزبة، وابن الزبيدي، والركن إبراهيم الحنفي، وجماعة. كتب عنه: شيخنا ابن الظاهري، وابنه، وابن نباتة، والبرزالي، وآخرون. وذكر أنه ولد بالكرج سنة خمس عشرة وستمائة. - حرف الزاي - 448 - زينب بنت أحمد بن كامل بن العلم. المقدسية، القابلة. امرأة صالحة مسنة، ولدت سنة إحدى وستمائة، وحضرت ابن طبرزد. وهي بنت عم إبراهيم بن حمد بن كامل. ولها أيضا سماع من أبي عبد الله بن الزبيدي. وكان لها عبادة، وفيها ديانة ولطف وخدمة. توفيت في خامس شوال. وقد سمع منها الجماعة. ولها إجازة من أسعد بن سعيد، وزاهر الثقفي، وعبد الوهاب بن سكينة. - حرف السين - 449 - سعد الخير بن أبي القاسم عبد الرحمن بن نصر بن علي. العدل، سعد الدين، أبو محمد النابلسي، الشافعي، الشاهد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 304 ولد سنة سبع عشرة وستمائة. وسمع الكثير من: أبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وابن صصرى، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن صباح، وخلق سواهم. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وطائفة. وأجاز لي مروياته. سألت المزي عنه فقال: شيخ جليل كثير السماع، سمعنا منه كثيرا. قلت: توفي في جمادى الآخرة. 450 - سليمان بن العلامة علم الدين. أبو الربيع الفارقي، الحنفي، النحوي. توفي بالقاهرة في ربيع الأول. - حرف الشين - 451 - شعبان بن يونس. الإربلي، العدوي، الفقير. رجل صالح. توفي بدمشق في جمادى الآخرة. - حرف العين - 452 - عبد الله بن المحدث محمد بن عمر. العثماني، الدمشقي، أبو محمد. سمع: أباه، وأبا القاسم بن صصرى. وأجاز له أبو اليمن الكندي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 305 وتوفي في جمادى الآخرة. وهو في عشر الثمانين. سمع منه: البرزالي، والمزي. 453 - عبد الرحمن بن عبد العظيم. عز الدين ابن العلامة الحافظ زكي الدين المنذري. توفي بمصر في ذي الحجة. وولد سنة إحدى وثلاثين فسمع من: علي بن مختار، والحسن بن دينار، وابن المقير، وجماعة. أخذ عنه: المصريون، والبرزالي، وابن سامة. 454 - عبد الرحمن بن عبد الوهاب. رشيد الدين الفاخوري. كان يسكن بالمدرسة التقوية. وخلف ثروة. وكان دينا خيرا. روى عن: أبي عمرو بن الصلاح. مات في رمضان. 455 - عبد الرحمن بن عبد المنعم بن خلف. كمال الدين ابن الدميري، اللخمي، والمؤذن بجامع الفسطاط. سمع من: القاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي. وحدث. وكان يؤذن بالمأذنة، فلما فرغ من أذانه أخذته الصفراء، فمال فضرب رأسه في الركن فمات بها شهيدا. وقد أجاز له التاج الكندي، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 306 وهو أخو محيي الدين عبد الرحيم. كتب عنه الجماعة. ومات في شعبان. 456 - عبد الرحمن بن هبة الله بن عبد الوهاب. عز الدين، أبو القاسم بن القدار الأميوطي. روى عن: ابن عماد، وجعفر الهمداني. ومات بالإسكندرية في شعبان. روى عنه: البرزالي، والمزي. 457 - عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى بن يوسف بن أحمد بن سليم. المسند شهاب الدين، أبو الفضل، ابن خطيب المزة أبي الحجاج، الموصلي، ثم الدمشقي، المعروف بابن العلم. ولد بسفح قاسيون في ذي القعدة سنة ثمان وتسعين. وسمع في الخامسة من: حنبل، وابن طبرزد. وسألت أبا الحجاج الكلبي عنه فقال: هو أبو الفضل الدمشقي، نزيل القاهرة. شيخ جليل، فاضل، كثير السماع. سمع ' المسند ' جميعه من حنبل حضورا. وسمع من: ابن طبرزد، والشيخ أبي عمر في آخرين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 307 وحدث بعامة مسموعاته رحمه الله. وقال أبو محمد البرزالي: كان شيخا حسناً، ذا فضيلة ونباهة وتدين. روى عنه الحافظ زكي الدين عبد العظيم بيتين أنشدهما إياه بمنبج. وسمع منه خلق من أهل مصر والرحالة. وعلت روايته وتفرد هناك. وسماعاته من ابن طبرزد في الخامسة. وكان جده خطيبا بالمزة. وكان أبوه وعمه يرويان عن الحافظ ابن عساكر. توفي بالقاهرة في تاسع رمضان. وكان يتعانى الكتابة، رحمه الله تعالى. 458 - عبد العزيز بن عبد القادر بن إسماعيل. القباني، الأصم. روى عن: داود بن ملاعب، وابن راجح. نزل القاهرة. روى عنه: المصريون، والمزي. مات في المحرم بالقاهرة. وكانوا يسمعون من لفظه الحديث والحديثين. 459 - عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 308 القاضي الأجل، العلامة، فخر الدين ابن السكري، المصري. توفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة وشهرين. ولي بعد حموه الشيخ بهاء الدين الجميزي خطابة جامع الحاكم. وروى بالإجازة عن: عفيفة الفارقانية، والمؤيد بن الأخوة، وجعفر بن أموسان، وأسعد بن سعيد، وعدة. وكان قوالا بالحق، كبير القدر ولي المناصب، ثم عزل نفسه. وكان من أعيان الشافعية. أخذ عنه: البرزالي، والجماعة. 460 - عبد الغفار بن محمد بن محمد بن نصر الله بن المغيزل. قيل توفي فيها. والأصح سنة ثمان كما سيأتي. 461 - عبد الغني بن يوسف بن غنوم. الإمام الفقيه، تاج الدين الإسكندراني. روى عن: ابن عماد. ومات في ذي القعدة. 462 - عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 309 الخطيب الواعظ، قطب الدين، أبو الذكاء القرشي، الزهري، النابلسي. الشافعي، الخطيب بالأقصى. وأفتى نحوا من خمسين سنة. وولد في حدود سنة ثلاث وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن البناء الصوفي. وأجاز له أبو الفتح الميداني، وأبو أحمد بن شكر، والمؤيد الطوسي، وجماعة. وقد قرأ ' الأحكام ' لعبد الحق قراءة بحث على أبي بكر محمد بن عبد الله المقدسي. وقرأ ' اللمع ' في النحو على رجل يمني، وتفقه ونظر في العلوم. روى عنه: الدمياطي، وابن العطار، وابن الخباز، والمزي، وقاضي حلب زين الدين الخليلي، وابن مسلم، والبرزالي، وآخرون. وسمع منه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأبو الفتح الأبيوردي، وأبو العباس ابن الظاهري. قال لي المزي: شيخ جليل، عالم، فاضل، عالي الإسناد، لكنه غير مكثر. وقال البرزالي: كان جليل القدر، رفيع الذكر، له الأبهة والموقع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 310 الأسنى في النفوس مع الدين والفضل. وله ميعاد بعد الصبح يلقي فيه من ' تفسير الثعلبي ' من حفظه. وذكر أنه على ذهنه من كثرة ترداده. توفي في سابع رمضان. وكانت جنازته مشهودة. أجاز لي مروياته. قال علم الدين البرزالي: سافرت ليلة موته إلى القدس، ولم يقدر لي شهود جنازته. 463 - عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن قديد. موفق الدين البغدادي، المقرئ، المعيد في مسجد قمرية. سمع ' مسند الشافعي ' على ابن الخازن، و ' الدارمي ' على ابن بهروز. ومات في شعبان، ووهم من قال سنة خمس. 464 - عثمان بن عمر بن ناصر. كمال الدين، أبو عمرو الأنصاري، العدل، نائب الحسبة بدمشق. روى عن: ابن اللتي، ومكرم. ومات في صفر. وله شعر مليح. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، وآخرون. أجاز لي. ومات في عشر الثمانين. 465 - علي الملك الصالح بن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 311 عهد إليه والده بالملك من بعده، وخطب له بذلك، فأدركته المنية وهو شاب. وكان عاقلا، مليح الكتابة. توفي في شعبان بعد أخته غازية خاتون زوجة الملك السعيد بشهر، ودفنا عند أمهما بتربة بين مصر والقاهرة. وخلف ابنا اسمه موسى، كبر وتميز. وولي ولاية العهد بعده أخوه السلطان الملك الأشرف في رمضان. 466 - علي بن أبي الحزم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 312 العلامة، علاء الدين ابن النفيس القرشي، الدمشقي، الطبيب، شيخ الأطباء في عصره. اشتغل على الشيخ مهذب الدين الدخوار، وبرع في الصناعة والعلاج. وصنف ونبه واستدرك وأفاد وشغل. وألف في الطب كتاب ' الشامل '. وهو كتاب عظيم تدل فهرسته على أن يكون ثلاثمائة مجلدة، بيض منها ثمانين مجلدة. ما ترك خلفه خلف. وفي الكحل كتاب ' المهذب '، وشرح ' القانون ' لابن سينا. وكانت تصانيفه عليها من ذهنه لا يحتاج فيها إلى مراجعة لتبحره في الفن. وانتهت إليه رياسة الطب بالديار المصرية. وخلف ثروة واسعة، ووقف داره وأملاكه وكتبه على البيمارستان المنصوري. وتوفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة. وكان من أبناء الثمانين، ولم يخلف بعده مثله. وقد كتب إلينا الإمام أبو حيان الأندلسي أن العلاء ابن النفيس كان إماما في علم الطب، أوحد لا يضاهى في ذلك ولا يدانى استحضارا واستنباطا. واشتغل به على كبر. شرح ' القانون ' في عدة مجلدات، وصنف كتاب ' الشامل '. وصنف أيضا مختصرا في الطب يسمى ' الموجز '، وكتاب ' المهذب في الكحل ' في سفرين، أجاد فيه كل الإجادة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 313 قال: وأخبرني من رآه يصنف في الطب أنه كان يكتب من صدره من غير مراجعة كتاب حالة التصنيف. ولشيخنا علاء الدين معرفة بالمنطق، وقد صنف فيه مختصرا. قرأت عليه كتاب ' الهداية ' لابن سينا في المنطق. وقد صنف في الفقه، وفي أصول الفقه، وعلم الحديث، والنحو، وعلم المعاني والبيان. 467 - عمر بن العدل عماد الدين محمد بن عمر بن هلال. الشيخ كمال الدين، أبو جعفر الأزدي، الدمشقي. روى عن: السخاوي، والتاج القرطبي. وعاش اثنتين وخمسين سنة. توفي في ذي القعدة. وكان متزهدا في لباسه وزيه، تاركا للرياسة. روى عنه: البرزالي، وغيره. 468 - عمر بن أبي الحسن بن مفرج. البعلبكي، المؤذن. روى عن: أبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن. أخذ عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وأهل بعلبك. ومات في شعبان في عشر الثمانين. وكان دينا، بصيرا بالمواقيت.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 314
- حرف الميم - 469 - محمد بن أحمد بن محمد بن المؤيد بن علي. المحدث، نجيب الدين، أبو عبد الله الهمذاني الأصل، المصري. شيخ عالم، فاضل. قرأ الحديث على عبد العزيز بن باقا، وغيره. وسمع من: أبي البركات عبد القوي بن الحباب، ومكرم، وعلي بن إسماعيل بن جبارة، وغيرهم. وله إجازة من عفيفة الفارقانية، وعمر بن طبرزد، وجماعة. وصار كاتبا في أواخر عمره. أخذ عنه أبو حيان، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي، وأبو عمرو بن الظاهري، وأبو محمد الحلبي، وآخرون. ولد سنة اثنتين وستمائة. ومات في ذي القعدة. وهو قرابة الأبرقوهي. حصل والده له إجازة عفيفة. قال الحافظ عبد الكريم: كان عدلا معتبرا. 470 - محمد بن خالد بن حمدون. الزاهد، العابد، القدوة، المحدث، مجد الدين الهدباني، ثم الحموي، الكتبي، الصوفي، العارف. سمع ببغداد من: ابن بهروز الطبيب، وإبرهيم بن الخير، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 315 وبمصر من: ابن الجميزي. وبحلب من: ابن رواحة، وابن خليل. وبدمشق من: الرشيد بن مسلمة، وجماعة وحدث بالبلاد وجاور بمكة مدة، وأقام بدمشق بالمدرسة البلخية مدة. وكان شيخا، جليلا، مهيبا، كبير القدر. كان محيي الدين بن النحاس يعظمه ويزوره. وكان جمال الدين ابن الظاهري يعظمه ويذكر أنه كان شيخا بحلب، وله زاوية في أيام الملك الناصر. سمع منه المزي، والبرزالي، وجماعة. وحدث بأماكن. ومات بحلب في رابع عشر المحرم. ودفن عند الحافظ ابن خليل. 471 - محمد بن عبد الخالق بن طرخان. المسند، شرف الدين أبو عبد الله الأموي، الإسكندراني. سألت المزي عنه فقال: شيخ حسن، كثير السماع. سمع الكثير من الحافظ أبي الحسن المقدسي، وعبد الله بن عبد الجبار العثماني، ومحمد بن عماد، وغيرهم. أجاز له أسعد بن سعيد بن روح، وجماعة كثيرون. وكان عسرا في الرواية. قرأت عليه ' الأربعين في الطبقات ' لعلي بن المفضل. وكان مولده في حدود سنة خمس وستمائة. وذكره البرزالي فزاد في نسبه بعد طرخان: حسين بن مغيث بن عمار، ويعرف بابن السخاوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 316 سمع ' الترمذي ' من أبي الحسن علي بن البنا، و ' الشفا ' لعياض، من ابن جبير، وتفرد بعلوه. وأجاز له أسعد، وعفيفة الفارقانية، وعين الشمس الثقفية، وجماعة. وكان أبوه يبيع الحرير. سمع بالثغر من: ابن موقا ؛ وبمكة من: المبارك بن الطباخ. قلت: مات محمد في ربيع الآخر. قال البرزالي: ولد سنة أربع وستمائة. 472 - محمد بن عبد الرحيم بن مسلم. كمال الدين الطبيب. شيخ قديم، عارف بالطب، بصيرا بأصوله ومفرداته. درس بالدخوارية، وطال عمره. وكان فيه صلاح وخير، وإيثار للفقراء المرضى. مات في ربيع الأول بدمشق. 473 - محمد بن عبد الملك بن محمد. أبو عبد الله الإصبهاني، ثم الشيرازي. سمع ' صحيح البخاري ' كله من ثابت بن محمد الجندي في شعبان سنة أربع وثلاثين وستمائة بسماعه من أبي الوقت. أجاز لابن البرزالي هذا العام. 474 - محمد بن علي بن محمد بن أبي بكر. شمس الدين الواسطي. شيخ صالح، بكاء، خاشع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 317 روى عن: أبي الفتوح محمد بن الجلاجلي. سمع منه: ابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وابن المهندس، وآخرون. وتوفي بحوران. وقد أجاز لمن أدرك حياته. 475 - محمد بن محمد بن محمد. الشيخ برهان الدين النسفي، الحنفي، الفيلسوف، المتكلم، المنطقي، صاحب التصانيف. قال ابن الفوطي: هو شيخنا الحكيم، المحقق، العلامة، المدقق، له التصانيف الشهيرة. وكان أوحدا في الخلاف والعلل. متع بحواسه. وكان زاهدا. وقد لخص ' تفسير الفخر الرازي '. وولده تقريبا سنة ستمائة. ومات في الثاني والعشرين من ذي الحجة. ببغداد، وكان قدمها حاجا في سنة خمس وسبعين فسكنها، واشتغل عليه هارون بن الصاحب. 476 - ميكائيل. الإمام بدر الدين الجيلي، الشافعي، معيد البادرائية مرة. توفي في المحرم. وكان فقيها، صالحاً، مقيما بالمدرسة الناصرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 318
- حرف النون - 477 - نصر بن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي. النابلسي، شهاب الدين، أخو سعد الخير. سمع وأخوه الكبير من: ابن البن، وابن صصرى، وزين الأمناء، وابن صباح، وطائفة. وكان مكثرا كأخيه، وهذا الأكبر. سمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، والجماعة. وعاش ستا وسبعين سنة. وكان في الآخر يرتزق بالشهادة. وله شعر ضعيف. ولي منه إجازة. توفي رحمه الله في جمادى الأولى. - حرف الياء - 478 - ياسين بن عبد الله. المغربي، الحجام، الأسود، الصالح. كان له دكان بظاهر باب الجابية. وكان صاحب كشف وكرامات. وقد حج أكثر من عشرين مرة، وبلغ الثمانين. اتفق أنه سنة نيف وأربعين مر بقرية نوى فرأى الشيخ محيي الدين النواوي وهو صبي فتفرس فيه النجابة، واجتمع بأبيه الحاج شرف ووصاه به، وحرضه على حفظ القرآن والعلم. فكان الشيخ فيما بعد يخرج إليه ويتأدب معه، ويزوره ويرجو بركته، ويستشيره في أمور.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 319 توفي في ثالث ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب شرقي. وقد أخبر بموت النواوي والده وقال: أين تختار أن يموت، عندكم أو في دمشق؟ ويقال إنه قتله بالحال لأمر ثم ندم. 479 - يحيى بن علي بن أبي بكر. العدل، الفقيه، نجم الدين ابن الإمام جمال الدين الشاطبي، ثم الدمشقي، المقرئ. روى عن: السخاوي، ومات في رجب. وكان نقيب الشامية الكبرى. وكان الفقهاء يحبونه ويشكرونه. وقد سمع وأسمع أولاده كثيرا في حدود الخمسين من: ابن سلمة، ومكي بن علان، وطائفة. وكان يشهد تحت الساعات. وعاش خمسا وسبعين سنة. وكان أبوه من كبار القراء بدمشق. قد قرأ على الشاطبي مفرداً وجامعاً، وإجازة في سنة ثمان وثمانين بخط السخاوي، ولها خطبة حسنة. وقد شهد فيها على الشاطبي جماعة ؛ وأما يحيى فأضر قبل موته، وخلف أولادا. وكان قد تلا بالسبع على السخاوي جمعاً، وعرض عليه القصيد في سنة تسع وعشرين وستمائة. 480 - يوسف بن إسحاق بن أبي بكر بن محمد. عز الدين، أبو يعقوب الطبري المكي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 320 سمع ' الترمذي ' على ابن البنا. وأجاز لنا سنة ثلاث وسبعين. روى لنا عنه أبو الحسن بن العطار. وأدرك ابن الخباز سنة ست، وقال: بتنا عنده بالمدرسة، وتواعدنا لنسمع منه بكرة، فرحل الركب بغتة، ولم ألحقه يومئذ. قلت: مات سنة سبع أو ثمان، فلم يلحقه البرزالي. - الكنى - 481 - أبو بكر بن حياة بن يحيى. الإمام بهاء الدين الرقي، الشافعي، معيد العادلية الصغرى. سمع ببغداد من: المبارك بن محمد الخواص، ويحيى بن يوسف بن الجوزي. ومات في ذي الحجة. سمع منه أبو محمد البرزالي. * * * وفيها ولد: تقي الدين عبد الله بن محمد بن الفخر البعلبكي في جمادى الآخرة، وشمس الدين محمود بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي، التاجر، وعبد الرحمن بن الحافظ جمال الدين يوسف المزي، يوم الفطر ؛ والصدر سليمان بن داود ابن العطار في شعبان والقاضي بدر الدين محمد بن القاضي شهاب الدين أحمد الجعبري في شوال، والمقرئ شمس الدين محمد بن البصال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 321
سنة ثمان وثمانين وستمائة
- حرف الألف - 482 - أحمد بن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور. الشيخ عماد الدين المقدسي، الصالحي. ولد سنة ثمان وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب، وأبيه، والشيخ الموفق، وطائفة. ورحل إلى بغداد متفرجاً، وسمع من: عبد السلام الداهري، وعمر بن كرم. واشتغل، ثم انخلع من ذلك وتمفقر وتجرد. وكان سليم الصدر، عديم التكلف والتصنع، فيه تعبد وزهد، وله أتباع ومريدون. وللناس فيه عقيدة. يزوره الصاحب بهاء الدين فمن دونه وهو فارغ عنهم، وله حظ من صلاة وصيام وذكر إلا أنه كان يأكل الحشيشة فيما بلغني، ويقول: هي لقيمة الذكر والفكر. وأحسبه صحب الحريري. سمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة. وأقام مدة بزاوية له بسفح قاسيون عند كهف جبريل. وكف بصره. توفي ودفن يوم عرفة عند قبر والده، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 322 483 - أحمد بن يوسف بن عبد الله بن شكر. الشيخ العلم بن الصاحب المصري، الفقير، المجرد. اشتغل في صباه وحصل ودرس. وكان ذكيا فاضلا، إلا أنه تجرد وتمفقر، وأطلق طباعه. وله حكايات في الزوائد والمزاح معروفة. وكان يحادد الرؤساء وغيرهم، ويركب في قفص على رأس حمال. مات بمصر في ربيع الآخر. وكان يتعمم بشرطوط طويل جداً، دقيق العرض، ويعاشر الحرافشة. وله أولاد رؤساء. وكان قليل الخبرة بمرة. 484 - أحمد بن يوسف بن نصر بن شاذي. كمال الدين الفاضلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 323 سمع من: أبي المحاسن بن أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وجماعة بدمشق، وأبا هريرة بن الوسطاني، وأبا علي بن الجواليقي، وعبد السلام الداهري، ومحاسن الخزائني، وجماعة ببغداد. وولد سنة عشر وستمائة بمصر. وتوفي في جمادى الأولى بدمشق بدرب القاضي الفاضل. كتب عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. وكان يسمع بإفادة القاضي ابن رزق. 485 - أحمد بن أبي بكر بن خليل. العثماني، المكي، الفقيه، علم الدين الشافعي. عالم، عامل، حدث عن ابن الجميزي. وعاش سبعا وخمسين سنة. 486 - أحمد بن أبي العز بن مشرف بن بيان. شمس الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي، المؤدب، أخو النجم والشهاب. حدث عن: أبي الحسن بن المقير، ومكرم، وغيرهما. مات في شعبان. 487 - أحمد بن محمد بن عبد الرزاق بن هبة الله. الصالح، المسند، جمال الدين، أبو العباس الصالحي، العطار المغاري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 324 سمع: أبا نصر موسى بن الشيخ عبد القادر، والموفق بن قدامة، والنفيس بن البن، والمجد القزويني، وأحمد بن طاوس، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وجماعة كثيرة. وهو أخو شيخنا عيسى. ولد سنة إحدى عشرة وستمائة. وتوفي في ثاني ذي الحجة. وكان إمام مغارة الدم. له هيئة وأخلاق رضية وديانة. 488 - إبراهيم بن سلامة. الرقي، الشيخ أبو إسحاق. توفي بالقاهرة في المحرم. رجل مبارك، كثير السماع بمصر ودمشق بعد الثمانين وقبلها. ولم يحدث. 489 - إبراهيم بن مسعود بن عبد الله. أبو إسحاق الدمشقي، الحويري، النجار. كان يسكن بالحويرة التي قبلي سوق السلاح. مولده بدمشق في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمسمائة. سافر إلى بغداد وسمع بها من: أبي الفضل عبد السلام الداهري، وأبي الحسن بن القطيعي، وجماعة. وطال عمره. كتب عنه: ابن الخبار، والمزي، والبرزالي، والطلبة. مات في ثالث ذي الحجة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 325 490 - إسماعيل بن إلياس. الصاحب، المعظم، مجد الدين ابن الكتبي. قال ابن الفوطي: قتل في جمادى الآخرة بدار السلطنة. ذكر أنه كان يومئذ صائما. وكان من أفاضل الأعيان، مليح الخط. وقد قرأ في الطب، والهندسة، والأدب. ولي الأعمال الجليلة. كتبت عنه، وكان جميل الجملة والتفصيل، رحمه الله تعالى. 491 - إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن طلحة. أبو الفداء المقدسي، ثم الدمشقي. ويعرف بابن الحنبلي. شيخ صالح من بيت حديث. روى عن: محمد بن حسان، وغيره. كتب عنه: البرزالي. ومات في صفر عن ست وستين سنة. 492 - إسماعيل بن يحيى بن منصور. الإمام أبو الطاهر الحسني، اليمني. ولد سنة عشرين وستمائة. وكتب عنه: أبو الفدا الفرضي، وغيره بالقاهرة. وبها مات في ربيع الآخر. سمع من: العلم بن الصابوني، وابن الحبحاب. وكان معيدا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 326 493 - أيدغدي. الأمير الكبير، علاء الدين الكبكي، الظاهري، مملوك الأمير الحاجب جمال الدين ابن الداية الناصري. حضر الوقعة التي بين الملك الناصر والمعز أيبك في سنة ثمان وأربعين، وهو صبي ؛ فاستولى عليه كبك فعرف به، وكان يراعي أولاد أستاذه جمال الدين ويحسن إليهم. وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي نيابة صفد في الدولة الظاهرية والسعيدية. وولي نيابة حلب وغير ذلك من المناصب. وكان من الفرسان المذكورين بالشجاعة. توفي ببيت المقدس في رمضان، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب، وهو في عشر الستين. - حرف الباء - 494 - بركوت. الحائري، الأسود، الضرير، الرجل الصالح. روى بمصر عن: كريمة، وأبي القاسم بن رواحة. مات في شعبان. كتب عنه: الفرضي، والبرزالي، وجماعة. 495 - بهجة بنت رضوان بن صبح. الدمشقية، والدة الشيخين وجيه الدين وزين الدين ابني أبي المنجا. سمعت المائة الفراوية من زوجها عز الدين عثمان بن المنجا. توفيت في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 327
- حرف الخاء - 496 - خطاب بن محمد بن أبي الكرم بن كنانة. فخر الدين الموصلي، ثم الدمشقي. حدث عن: سالم بن صصرى، وعبد الوهاب بن رواج، وغيرهما. روى عنه البرزالي. ومات في المحرم. 497 - خطلغ شاه بن سنجر. الملك ناصر الدين الصاحبي، الجويني. شاب عاقل، أديب. كان ينوب عن مخدومه ببغداد إذ غاب عنها. وتقلبت به الأحوال إلى أن ولي بغداد، ثم بلي بمعاداة سعد الدولة الرقي، فعمل على قتله. ثم قتل ودفن برباط له ببغداد. - حرف الزاي - 498 - زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني. أم أحمد الزاهدة، العابدة، المسندة. سمعت من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي المجد الكرابيسي، والشمس العطار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 328 وسمعت من ست الكتبة في الخامسة سنة ثمان وتسعين. وأجاز لها: عبد الوهاب بن سكينة، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وعفيفة الفارقانية، وأبو المجد زاهر الثقفي. وروت الكثير، وطال عمرها. وكانت من أسند من بقي من النساء في الدنيا. سمع منها الحافظان: أبو عبد الله البرزالي، و [نافلته] أبو محمد. [وسمع منها أيضا: عمر بن الحاجب، وابن الشقيشقة. وروت الحديث نيفا وستين سنة]. وروى عنها: الدمياطي، وسعد الدين الحارثي، وزين الدين الفارقي، وابن الزراد، والمزي، وقطب الدين عبد الكريم، وخلق كثير. وعاشت أربعا وتسعين سنة. وكانت من النساء العوابد الفقيرات المتعففات، صاحبة أوراد ونوافل وأذكار وتلاوة، وخشية واستغفار، رضي الله عنها. توفيت في شوال. وقد روت ' المسند ' كله، وروت شيئا كثيراً عن ابن طبرزد، وازدحم عليها الطلبة. وهي أخت الفخر علي في الرضاع والسماع. - حرف السين -
499 - ست الفقهاء بنت الزين أحمد بن عبد الملك بن عثمان. المقدسية. روت عن: أبي المجد القزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وغيرهما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 329 سمع منها: الجماعة. وماتت في رمضان. - حرف الصاد - 500 - الصارم البطروحي. والي البر بدمشق، واسمه مرعش. مات في عيد النحر. وقد روى ابنه أحمد شهاب الدين الحديث عن القاضي ابن عطاء. وهو أخو علاء الدين ابن منجا لأمه، وعم صدرالدين. ودارهم عند باب السلام. - حرف العين - 501 - عبد الله البعلبكي. المعروف بأخي مهدي. وهو والد صاحبنا الفقيه نجم الدين هاشم. ولد سنة أربع وستمائة. ومات في ثامن وعشرين جمادى الأولى ببعلبك. وكان لونا عجيبا، ووحشا عجيبا. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان في أول أمره مستقيم الحال، ثم خلط في أقواله وأفعاله، وقطع إصبع يده. زعم أنه أمرها فعصته، فقطعها. وكان لجماعة من أهل الضياع فيه عقيدة عظيمة. وقضى أكثر عمره محبوسا في برج قلعة بعلبك، وحبس معه شخص يعرف بقاسم كان يخدمه ويحترمه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 330 وكان كثير ممن يقدم إلى بعلبك يدخل عليه البرج لرؤيته ومشاهدته وسماع كلامه. فيتكلم تارة بالعجمي، وتارة بالزنجي، وبغير ذلك وتظهر منه أنواع من الاختلال. والذي ظهر لي من أمره أنه كان يميل إلى مذهب الإسماعيلية، فإنه سافر في شبابه إلى حصونهم، واجتمع بجماعة من أكابرهم. قلت: كان ضالا بلا شك. يتكلم بكفريات، وإذا سأل من يخدمه عن أمر، قال: أنت أعلى وأعلم. وكان إذا ذكروا ابنه يقول: السر بهاشم. 502 - عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن نصر بن أبي القاسم بن عبد الرحمن. المفتي، القدوة، فخر الدين، أبو محمد البعلبكي، الحنبلي. ولد سنة إحدى عشرة ببعلبك. وسمع من: أبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن، وابن الزبيدي، وابن اللتي، والفخر الإربلي، والناصح ابن الحنبلي، ومكرم بن أبي الصقر، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 331 وقرأ القرآن على خاله القاضي صدر الدين عبد الرحيم بن أبي نصر. وقدم دمشق للاشتغال في سنة ثلاثين، فتفقه على الإمام تقي الدين ابن العز، وشمس الدين عمر بن المنجا، وأبي سليمان بن الحافظ. وحفظ كتاب ' علوم الحديث ' لابن الصلاح، وعرضه حفظا على المصنف. وقرأ الأصول وشيئا من الخلاف على السيف الآمدي، وعلى القاضي نجم الدين أحمد بن راجح. وقرأ في النحو على أبي عمرو بن الحاجب، ثم على المجد الإربلي الحنبلي. ثم رجع إلى بلده وكان الشيخ الفقيه يحبه ويكرمه، وجعله إماما بمسجد الحنابلة، فلم يزل يؤم به إلى أن انتقل إلى دمشق. وقد درس بالجوزية نيابة عن القاضي نجم الدين بن الشيخ شمس الدين. ودرس بالصدرية وبالمسمارية نيابة عن بني المنجا. وولي تدريس الحلقة بالجامع، ومشيخة مسجد عروة، ومشيخة النورية، ومشيخة الصدرية. وروى الكثير وأفتى واشتغل وتخرج به جماعة من الفضلاء. وكان عديم المثل، كبير القدر. سألت أبا الحجاج الكلبي، عنه فقال: هو أحد عباد الله الصالحين، وأحد من كان يظن به أنه لا يحسن يعصي الله تعالى. سمعنا منه طرفا صالحا من مسموعاته. وقال قطب الدين: كان صالحاً، زاهداً، عابداً، فاضلا، وهو من أصحاب والدي، رحمه الله اشتغل عليه وقدمه يصلي به في المسجد. رافقته. في طريق مكة، فرأيته قليل المثل في ديانته وتعبده وحسن أوصافه. وقال ولده المفتي شمس الدين: كان دائم البشر يحب الخمول ويؤثره، ويلازم قيام الليل من الثلث الأخير، ويتلو القرآن، بين العشاءين، ويصوم الأيام البيض، وستة من شوال، وعشر ذي الحجة والمحرم، لا يخل بذلك. ولقد أخبرنا بأشياء فوقعت كما قال لخلائق. وذلك مشهور عند من يعرفه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 332 وقال لي في صحته وعافيته: أنا أعيش عمر الإمام أحمد بن حنبل، لكن شتان ما بيني وبينه. فكان كما قال. وقال لي: يا بني تنزهت عن الأوقاف إذ كان يمكنني وكان لي شيء، فلما احتجت إليها تناولت منها. قلت: حكى لي حفيده فخر الدين أنه قدم دمشق ومعه مبلغ جيد من الدراهم، فأكل منه مدة سنين، وأنفق على أولاده حتى كبروا. ثم تردد إلى الجهات. وكان إمام مسجد ابن عمير الذي بإزاء درب طلحة داخل باب توما. ويسكن المسجد. توفي في سابع رجب، ودفن بتربة الشيخ الموفق بسفح قاسيون. وقد أجاز لي مروياته. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وشيخنا ابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وخلق سواهم. 503 - عبد العزيز بن الدميري. ويعرف بالديريني. شيخ زاهد، مشهور، مقصود بالزيارة، جالسه ابن سيد الناس وأرخه. لقيه بجامع دمنهور ووصفه بالعلم والفهم والصلاح. 504 - عبد العزيز بن نصر بن أبي الفرج. الشيخ عز الدين، أبو الفضل بن الحافظ أبي الفتوح بن الحصري. سمع من: والده. وروى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 333 سمع منه المصريون والرحالة. ومات في ثامن رمضان، ودفن بالقرافة، وكان من أبناء الثمانين، وقيل بل جاوز التسعين. 505 - عبد الغفار بن محمد بن محمد بن نصر الله. الشيخ نجم الدين، أبو المكارم العيدي، الحموي، الكاتب المعروف بابن المغيزل، وبابن المحتسب. حدث عن أبي القاسم بن رواحة. وصحب شيخ الشيوخ. وكان كاتب الدرج بحماة للملك المنصور ولولده الملك المظفر. وكان المنصور يحبه ويحترمه، ونال من جهته دنيا واسعة. ووقف أوقافا بحماة. وكان أديبا فاضلا شاعرا، حسن الصحبة، كثير المكارم. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. وهو أخو شيخنا عبد اللطيف ومن نظمه: (هويت بحريا إذا سمته .......... تقبيل ما في فيه من در)
(ينهرني من فرط إعجابه .......... يا ما أحيلى النهر من بحر) وله: (يا رب قد أمسيت جارك راجيا .......... حسن المآب وأنت أكرم جار)
(فامنن بعفوك عن ذنوبي إنها .......... لكثيرة وقني عذاب النار) 506 - عبد القادر بن أبي الرضا بن معافى. القاضي، أبو محمد، نائب الحكم بالإسكندرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 334 كان يروي ' جامع الترمذي '، عن علي بن البنا. وكان عسرا في الرواية جدا، فلم يسمع منه علم الدين لعسارته. وذكر لي جمال الدين المزي أنه أتاه ليسمع منه وهو جالس للحكم قال: نحن جلوس لقضاء أشغال المسلمين. فقلت: فأيش نحن. توفي في هذه السنة، وسماعه للكتاب سنة إحدى عشرة وستمائة. ونقلت من خط ابن الفرضي في شيوخه الذين سمع منهم: عبد القادر بن عبد العزيز بن صالح بن سليمان بن معافى القاضي أبو محمد الكندي، الحجري، المالكي، الفقيه، المفتي، من بيت العلم والرواية. كان لا يروي إلا بالجهد والشفاعات. ناب في الحكم مدة، ثم عزل نفسه، ولزم بيته. وسمع أيضا من،: ابن عماد، والصفراوي. وأقعد بأخرة. لقبه كمال الدين بن التقي. وقد تلا بالسبع على الصفراوي. 507 - عبد القادر بن عبد القادر بن خلف. السماكي، الأنصاري، الزملكاني. روى عن: عمه الخطيب عبد الكريم الزملكاني. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ومات في رمضان. 508 - عبد الوهاب بن حمزة بن محمد. العدل، محيي الدين، قاضي حماة بن محيي الدين حمزة البهراني، القضاعي. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة.. وسمع بحماة من عز الدين محمد بن يوسف بن عمر بن بهرور، بمهملتين، عوالي طراد، قال: أخبرتنا شهدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 335 وسماعه من ابن بهروز حضورا. وسمع من: ابن رواحة، ويوسف بن خليل. وكان عنده فضيلة ونباهة. توفي في رمضان بحماة، وقد سمع من جدته صفية القرشية. وكان جد أبيه قاضيا بحماة. 509 - عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الربيع. الإمام أبو الحسين القرشي، الأموي، الأندلسي، الإشبيلي، إمام أهل النحو في زمانه. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. واشتغل على أبي الحسن بن الدباج، وقرأ عليه ' كتاب سيبويه '. وقرأ القرآن على أبي عمر محمد بن أبي هارون التميمي، عن والده أحمد بن محمد المستوفي سنة خمس وستمائة. وقرأ أيضا ' كتاب سيبويه ' وغيره على أبي علي الشلوبين، وأذن له في أن يتصدر للإشغال، وصار يرسل إليه الطلبة، ويحصل له منهم على ما يكفيه، فإنه كان لا شيء له. وسمع بعض ' الموطأ ' وبعض ' الكافي ' على أبي القاسم بن بقي، وأجاز له. ولما استولى الفرنج على إشبيلية جاء الإمام أبو الحسين إلى سبتة فسكنها، وصنف بها كتاب ' الإفصاح ' في شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، بيع بمصر بخمسة وثلاثين دينارا، وهو أربع مجلدات كبار. وله كتاب ' القوانين ' مجلد كبير، وله تعليق على سيبويه، وكتاب كبير في عشر مجلدات ' شرح الجمل ' وهو كتاب لم يشذ عنه مسألة من العربية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 336 قرأت هذه الترجمة على قائلها أبي القاسم بن عمران، وقال: حضرت مجلس الأستاذ أبي الحسين، وسمعت عليه، وأجاز لي. وأجاز عند موته لكل من أدرك حياته بعد أن رغب في ذلك طلبته. وخلفه في موضعه كبير طلبته أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي. 510 - عثمان بن نصر الله بن حسان. أبو عمرو الدمشقي، الغلفي، السقطي. روى عن: أبي القاسم ابن صصرى، والناصح بن الحنبلي. كتب عنه البرزالي، وجماعة. ومات في شعبان. وكان من خيار المسلمين. وكان أبوه شاهداً، سمع من الخشوعي. 511 - عطية بن إبراهيم بن عبد الرحمن. الشيخ سديد الدين، أبو الماضي اللخمي، الإسكندراني، المالكي. روى عن: محمد بن عمار، والصفراوي. وولد سنة تسع وستمائة. أخذ عنه: البرزالي، وأبو العلاء الفرضي، وجماعة. وحدث في هذا العام، ولا أعلم متى مات. 512 - علي بن أسعد بن عثمان بن أسعد بن المنجا. الرئيس علاء الدين ابن الأجل صدر الدين. وهو ابن أخت واقف الصدرية. توفي، ولم يبلغ أربعين سنة. وكان فيه حشمة وعقل وتواضع ودين. وكان صديقا لأبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 337 توفي في شوال. 513 - علي بن أبي الحسن بن أبي المحاسن بن أبي طالب. أبو الحسن المقدسي، جد صاحبنا شهاب الدين أحمد الظاهري لأمه. ويعرف بالعفيف الداعي، لأنه كان يدعو بالسبع الكبير عند الفراغ. وكان إنسانا مباركاً، كثير التلاوة. كتب عنه ابن الخباز، وأخذ على الإجازات خطه. ومات في رمضان. وقد ولد بالمقدس في سنة ست وستمائة. وسمع سنة ثلاث عشرة من زكريا الحميري، عن النسابة الجواني، عن ابن رفاعة، عن الخلعي حكاية المرأة التي رآها الشافعي باليمن لها بدنان. 514 - علي بن سالم بن سليمان. علاء الدين العرباني، الحصني، والي زرع. صودر وطلب منه مائة ألف درهم، وعصر فشنق نفسه بالعذراوية في ربيع الأول. ولعلهم شنقوه سرا. وقد سمع الكثير من ابن عبد الدائم، وخلق. وكتب الأجزاء، ووقف أجزاءه. 515 - علي بن عبد العزيز. شيخ القراء بالعراق، تقي الدين الإربلي، المقرئ، المقيم بدار القرآن التي أنشأها بهاء الدين الدبيلي بدار الخلافة. وكان فاضلا، خيرا، كثير الرواية. خرج له جمال الدين ابن القلانسي عوالي مسموعاته ومروياته. وكان كثيرالمحفوظ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 338 ولد سنة عشر وستمائة في ربيع الأول. ومات في خامس شهر رجب سنة ثمان، ودفن بقرب بشر الحافي. نقلت ذلك من خط ابن الفوطي. قرئ عليه بإجازته من عبد العزيز بن الأخضر، وأبي منصور بن عفيجة، ومحمد بن عبيد الحلاوي، ومشرف الخالصي، ومحمد بن عبد الله بن المكرم، وأحمد بن سليمان بن الأصفر، وأحمد بن يحيى الدبيقي، وإسماعيل بن حمدي البزاز، وسليمان بن محمد الموصلي. وخلق. 516 - علي بن محمد بن منصور بن عفيجة. عز الدين البغدادي. سمع ' مسند عبد بن حميد '، من ابن بهروز. وحدث. مات في ربيع الآخر عن ست وستين. أجاز للبرزالي. 517 - عنبر. القيم المزي. روى عن أخي معتقه حاطب بن عبد الكريم. وكان أسود اللون. مات في رمضان بالمزة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 339
- حرف الفاء - 518 - فاطمة بنت الزعبي. المرأة الشاطرة، الحريرية، زوجة الشيخ نجم الدين بن إسرائيل الشاعر. كانت مليحة تتعانى الرجولية، وتحلق رؤوس الفقراء وتشلق، ولها أخبار. توفيت في ربيع الأول. 519 - فخراور بن محمد بن فخراور بن هندويه. أبو محمد الكنجي، الصوفي، السهروردي الزاهد. روى عن الملك المعظم تورانشاه بن صلاح الدين، وإسماعيل بن عزون. توفي يوم عرفة بالقاهرة. كتب عنه الفرضي، وغيره. - حرف القاف - 520 - قيصر. أبو محمد المستنصري، البادرائي، فراش البادرائية. حدث عن: أبي بكر بن الخازن، وغيره. وكتب عنه: ابن جعوان، وعلم الدين البرزالي. ومات في صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 340
- حرف الميم - 521 - محمد بن أحمد بن علي. الشيخ كمال الدين ابن النجار الدمشقي، وكيل بيت المال. حدث عن: القزويني، وابن أبي لقمة، وأبي القاسم بن صصرى، وابن البن حضورا، وغيرهم. كتب عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي وجماعة. وكان فيه دهاء وشهامة وشرالله يرحمه. مات فجأة بقرية وحمل على بعير متغير. وسر بموته أضداده. ودفن بقاسيون وله إحدى وسبعون سنة. وقد كان عزل وصودر وجهل أمره قبل الثمانين. ثم ولي تدريس الدولعية فدرس بها إلى أن مات في شعبان. وكان يدخل في مكس وحيل ويخاف منه. وله ثروة وتجمل. ودرس بعده بالدولعية تجاه ابن العطار كمال الدين ابن الزكي. 522 - محمد بن أحمد بن عطاء الله. الفقيه شمس الدين المرداوي، الحنبلي، الرجل الصالح. حدث عن: ابن اللتي، وغيره. وسمع منه الطلبة. ومات في ذي القعدة بالجبل. 523 - محمد بن العفيف سليمان بن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 341 التلمساني، الأديب، شمس الدين، الشاعر. بن الشاعر تعانى الكتابة، وولي عمالة الخزانة. ومات شابا. وكان فيه عشرة ولعب وخلاعة. وله شعر في غاية الحسن. ومات في رجب. ومن شعره: (ما أنت عندي والقضيب .......... اللدن في حد سوى)
(هذاك حركه الهواء .......... وأنت حركت الهوى) وله: (مولاي إنا في جوارك خمسة .......... بتنا ببيت ما به مصباح)
(ما فيه لا لحم ولا خبز ولا .......... ماء ولاشيء له نرتاح) ذ (ما فاتنا إلا التخلل بالعبا .......... فجسومنا لعبت بها الأرواح)
(كل تراه في الكآبة والطوى .......... شبحا فنحن الخمسة أشباح) وله: (دمي للهوى إن كان يرضي الهوى حل .......... فعدلك لا ربط لديه ولا حل)
(إليك وما موهت عني فإنما التتجاهل .......... عند العارفين به جهل)
(تحدث في النادي بذكري وذكرها .......... وصار لأهل الحي من أمرنا شغل)
(طريد ولي مأوى مباح ولي حمى، .......... وحيد ولي صحب، غريب ولي أهل)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 342 وله: (لي من جمالك شاهد وكفيل .......... أني عن الأشواق لست أحول)
(ما بال خدك جار في تقسيمه .......... لي ناره ولغيري التقبيل)
(يا من تقاصر ليله لسروره .......... ليلي بحزن الوجد فيك طويل)
(غادرتني بحشى تذوب ومقلة .......... عبرى وجسم خطه التعليل)
(في كل جفن للتسهد موطن .......... وبكل خد للدموع مسيل)
(يا قده والرمح فيه نضارة .......... فعلام في حد السنان ذبول)
(أين المعين على الصبابة أهلها .......... ليخف عني الوجد فهو ثقيل) وله: (ما للحشيشة فضل عند آكلها .......... لكنه غير مهدي إلى رشده)
(صفراء في وجهه، خضراء في يده .......... حمراء في عينه، سوداء في جسده) وله: (لي من هواك بعيده وقريبه .......... ولك الجمال بديعه وغريبه)
(يا من أعيذ جماله بجلاله .......... حذرا عليه من العيون تصيبه)
(إن لم تكن عيني فإنك نورها .......... أو لم تكن قلبي فأنت حبيبه)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 343
(هل حرمة أو رحمة لمتيم .......... قد قل منك نصيره ونصيبه) وله من قصيدة: (لحاظك أسياف ذكور، فمالها .......... كما زعموا مثل الأرامل تغزل)
(وما بال برهان العذار مسلما .......... ويلزمه دور، وفيه تسلسل) ومن قصيدة: (فكم يتجافى خصره وهو ناحل .......... وكم يتحالى ريقه وهو بارد) وله: (بمن أباحك قتلي .......... علام حرمت وصلي)
(انا لك المتمني .......... وغيري المتملي)
(وليس مثلك يهوى .......... في الحب هجران مثلي)
(ما دمت تهوى فواصل .......... فذا ربيع مولي) ى .......... (حسبي وحسبك دقن .......... تأتي بفرقة شمل)
(وبعد ذاك إذا ما .......... رأيت وجهي فولي) وله: (أسير لحاظ كيف ينجو من الأسر؟ .......... وعاشق ثغر كيف يصحو من السكر؟)
(وأي محب يلتقي الحب قلبه .......... ويثبت وقتا ثم يطمع في صبر)
(ولا سيما صب يذوب من الهوى .......... بما جل عن صحر بما دق عن خصر)
(يهدده الواشي فيبكي صبابة .......... فيغرق من نهر ويغرق في نهر)
(ففي كل جو منه نقع من الجوى .......... وفي كل قطر منه وقع من القطر)
(تعلق في أفق الملاحة كوكبا .......... تألق دريا وضاحك عن در)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 344
(مضى زمن كانت لديه أحبة .......... يقومون بالدعوى ويوفون بالنذر)
(ليالي ساهرنا الخلاعة عندما .......... وهبنا الكرى فيها لحادثة الدهر) 524 - محمد بن صديق بن بهرام. تاج الدين الدمشقي، الصفار، أبو الذهبي البشكار، أخو محمد بن يوسف ابن يعقوب الإربلي الذهبي لأمه. سمعا من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، والهمداني. وهو أكبر من أخيه بسنتين. أعرفه جيدا. وكان دينا، خيرا، حسن السمت، يعمل التحاتج الفضية. وعاش ستا وستين سنة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وابن البرزالي، وجماعة. ومات في رمضان، رحمه الله تعالى. 525 - محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 345 الإمام، المحدث، القدوة، الصالح، شمس الدين ابن الكمال المقدسي، الحنبلي، ابن أخي الحافظ الضياء. ولد في ذي الحجة سنة سبع وستمائة. سمع من: أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم الحرستاني حضورا. ومن: داود بن ملاعب، والبلدي، وأبي الفتوح، وموسى بن عبد القادر، والشمس أحمد العطار، والشيخ العماد إبراهيم، والشيخ الموفق، وابن أبي لقمة، وابن البن، وابن صصرى، وزين الأمناء، وابن راجح، وأحمد بن طاوس، وابن الزبيدي، وخلق كثير. وحدث بالكثير نحوا من أربعين سنة. وعني بالحديث، وجمع وخرج وكتب الكثير بخطه. وقرأ على الشيوخ. وتمم تصنيف الأحكام الذي جمعه عمه الضياء. وكان محدثا، فاضلا، نبيها، حسن التحصيل، وافر الديانة، كثير العبادة، نزهاً، عفيفأً، مخلصا، كبير القدر. روى عنه: القاضي تقي الدين سليمان، والشيخ تقي الدين ابن تيمية، وابن العطار، والمزي، وابن مسلم، وابن الخباز، والبرزالي، وخلق يبقون إن شاء الله تعالى إلى بعد الخمسين وسبعمائة. وقد حج مرتين، ودرس بالضيائية، وولي مشيخة الأشرفية التي بالجبل. وغزا غير مرة. وكان كثير التواضع، كثير الذكر، حسن الشكل، عليه مهابة وسكون، وفيه ثروة وإيثار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 346 وسألت عنه المزي فقال: أحد المشايخ الجلة المشهورين بالعبادة والورع والعلم والفضل. سمع الكثير من الأمام أبي محمد بن قدامة، وغيره. وسمع من أبي القاسم بن الحرستاني كتاب ' مكارم الأخلاق '. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة. وقال قطب الدين: وفي ليلة تاسع جمادى الأولى، ودفن بمقبرة الشيخ الموفق. وحكي لي عنه إنه حفر مكانا بالصالحية لبعض شأنه، فوجد جرة مملوءة دنانير، وكانت معه زوجته تعينه على الحفر، فاسترجع وطم المكان، وقال لزوجته: هذه فتنة، ولعل لهذا مستحقين لا نعرفهم. وعاهدها على أنها لا تشعر بتلك الجرة أحداً ولا تتعرض إليها. وكانت قرينة صالحة مثله، فتركا ذلك تورعا مع فقرهما وحاجتهما. وهذا غاية الورع والزهد. 526 - محمد بن عبد الكريم بن درارة. الشيخ الصالح، المؤذن، أبو الفضل، جمال الدين المصري، المحدث. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع وقد كبر من: ابن المقير، وابن رواج، وجماعة من أصحاب السلفي. ونسخ الكثير، ووقف كتبه وأجزاءه. كتب عنه: البرزالي، والمصريون. ومات رحمه الله تعالى في شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 347 527 - محمد بن عبد الواحد بن الواعظ أبي بكر بن سليمان بن علي بن الحموي. العدل، كمال الدين. أحد الشهود تحت الساعات. روى عن: عن ابن الزبيدي. سمع منه الجماعة. ومات في جمادى الآخرة. 428 - محمد بن عثمان بن سليمان. المحدث المفيد، الزاهد، ضياء الدين، أبو عبد الله الزرزاري. سمع: محمد بن عماد الحراني، وجماعة. كتب عنه المصريون. وذكره الفرضي فقال: محدث مكثر، زاهد، عابد، متوجه إلى الله، مراقب للسنة في حركاته، منقطع. توفي بالقاهرة في تاسع شوال. وقال غيره: كان يمتنع من التحديث. وألف في مذهب الشافعي أشياء وغسلها. وتلا بالسبع على: الصفراوي، وجعفر، وابن الرماح، وابن ماسويه، والعلم السخاوي. 529 - محمد بن عمر بن علي بن رشيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 348 كمال الدين، أبو حامد بن الشيخ شرف الدين ابن الفارض. سمع من: أبيه، وابن رواج. وأجاز له المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة. كتب عنه: البرزالي، وابن سامة، والمصريون. ومات بالقاهرة في ربيع الأول. 530 - محمد بن المبارك بن يحيى بن المبارك بن المحرمي. كمال الدين ابن الصاحب فخر الدين. من بيت الرئاسة والفضل. سمع من: السهروردي، وحسن بن السيد. وكان شيخ رباط المسجد. ولد سنة تسع وستمائة. ومات في رمضان. 531 - محمد بن محمود بن محمد بن عباد. الكافي، العلامة، شمس الدين، أبو عبد الله الإصفهاني، ألأصولي. قدم الشام بعد الخمسين وستمائة فناظر الفقهاء واشتهرت فضائله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 349 وسمع بحلب من طغريل المحسني، وغيره. وانتهت إليه الرئاسة في معرفة أصول الفقه: صنف وأقرأ وشرح ' المحصول ' لابن خطيب الري شرحا كبيرا حافلاً، وصنف كتاب ' القواعد ' مشتملا على أربعة فنون: أصول الفقه، وأصول الدين، والمنطق، والخلاف، وهو أحسن تصنيفه. وله كتاب ' غاية المطلب في المنطق '. وله معرفة جيدة بالنحو، والأدب، والشعر، لكنه قليل البضاعة من الفقه، والسنة، والآثار. ولي قضاء منبج في الأيام الناصرية، ثم دخل ديار مصر، وولي قضاء قوص، ثم ولي قضاء الكرك، ثم رجع إلى مصر وولي تدريس المدرسة الصاحبية البهائية بمصر، وأعاد وأفاد. ثم ولي تدريس مشهد الحسين، وتدريس الشافعي، رحمه الله. وتخرج به خلق، ورحل إليه الطلبة ؛ وكتب عنه الحديث: علم الدين البرزالي، وغيره. توفي في العشرين من رجب بالقاهرة. وكان مولده بإصبهان سنة ست عشرة وستمائة. 532 - محمد بن مظفر بن سعيد. الشيخ شمس الدين الأنصاري، المصري. سمع: عبد الرحيم بن الطفيل، ويوسف بن المخيلي، وجماعة. ورحل إلى الشام، فقرأ بنفسه على ابن رواحة، وغيره. وكان عدلا حنفيا، فاضلا، عالما، يقظا. توفي بالفيوم في ذي الحجة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 350 533 - محمد بن يحيى بن عطاء الله بن خير بن خليفة. الشيخ شرف الدين، أبو عبد الله الهمداني الإسكندراني، المالكي، الضرير. ويعرف بابن الحضرمي. حدث عن: جعفر الهمداني، وغيره. وعاش أربعا وسبعين سنة. أخذ عنه: البرزالي، والمزي، وجماعة. وكان من كبار المالكية، ومن أبناء الدنيا أولي الثروة. مات في رجب. 534 - محمد بن يحيى بن محمد بن خلف. أبو عبد الله الهمداني، المصري، الشافعي، كمال الدين المحدث. سمع من: مرتضى بن حاتم، ويوسف بن المخيلي، وعبد الرحيم بن الطفيل. وكان يتعاسر على الطلبة. توفي في سادس عشر ربيع الآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 351 535 - محمود الملك المنصور شهاب الدين بن السلطان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل. رأيته شيخا مهيبا، أبيض الرأس واللحية، ضخما، ربعة من الرجال، مليح الشكل، يلبس قباء وعمامة مدورة. وقد سلطنه [أبوه بدمشق. وركب في الدست بأبهة الملك في حدود سنة أربعين وستمائة. وكان يوما مشهودا. وقد روى عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي. كتب عنه جماعة من المحدثين ؛ وتنقلت به الأحوال إلى أن احتاج وصار يطلب بالأوراق من الأمراء وغيرهم. قال لي ابن أم مكتوم على سبيل المبالغة: رأيته سلطانا ورأيته يستعطي. توفي في شعبان، ودفن بتربة أم الصالح. وولد ببصرى بقلعتها سنة تسع عشرة. 536 - مظفر بن عبد الصمد بن خليل بن مقلد. الشيخ المعمر، شمس الدين بن الصائغ الأنصاري، الدمشقي. حدث عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي القاسم بن صصرى. ولبس الخرقة ببغداد من الشيخ شهاب الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 352 وعاش اثنتين وثمانين سنة. توفي في مستهل جمادى الأولى بقرية بلياثا. أخذ عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، والطلبة. وثنا عنه القاضي شهاب الدين بن المجد الإربلي. 537 - معن. الأمير الكبير عز الدين أيبك أمير شكار. ويعرف بمعن. قال قطب الدين: كان رجلا خيرا دينا، واسطة خير. له حرمة وافرة عند الملك المنصور. استشهد في ربيع الأول على حصار طرابلس، جاءه سهم في حدقته فكانت منيته فيه، ودفن بقبور الشهداء هناك، وهو في عشر السبعين. 538 - منصور ابن صاحب الديوان علاء الدين عطا ملك. الجويني، ثم البغدادي، لقبه نظام الدين. قتلوه في رجب وهو شاب. وأمه هي شمس والدة الست رابعة بنت ولي العهد أحمد بن المستعصم. ودفن بتربة والدته. وكان قد سمع ' المقامات ' من الشيخ فخر الدين عبد الله بن....، عن منوجهر، عن المصنف. وكتب على ياقوت. 539 - منكورس ابن الأمير ركن الدين الفارقاني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 353 كان رجلا خيرا، مشكور السيرة، مجتهدا في الغزاة وأمر حصار طرابلس. وكان متسلما منجنيقا، فطلع على الستارة بحذر، فجاءه حجر منجنيق اتلفه في ربيع الأول، ودفن هناك بقبور الشهداء. وأظنه منسوبا إلى الأمير شمس الدين الفارقاني سنقر الظاهري. 540 - المهذب بن أبي الغنائم بن أبي القاسم. العدل الكبير، زين الدين التنوخي، الشافعي، كانت الحكم. انتهت إليه رئاسة الشروط بدمشق. وكان بارعا بصيرا بعللها، مليح الخط، عدلاً مبرزا، خبيرا بالأحكام. وحصل من الكتابة جملة صالحة، وألزم بشهادة ديوان الخزانة مدة، ثم استعفى فأعفي. وقد طلب لينوب في القضاء بدمشق في أيام القاضي بهاء الدين ابن الزكي فامتنع من ذلك لأن الكتابة كانت أكثر تحصيلا له وأهون عليه. وكان قد قرأ القراءآت على السخاوي فيما أرى، وتفقه. وحدث عن: مكرم، وابن اللتي، وجماعة. ولد سنة ثمان عشرة وستمائة. وتوفي في حادي عشر رجب، وكانت له جنازة حفلة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 354
- حرف الياء - 541 - يحيى بن سالم بن طلائع. الشيخ زين الدين الياسوفي. حدث عن: ابن الزبيدي. ومات بخانقاه الطواويس في ربيع الآخر. 542 - يحيى بن عبد الكافي بن يحيى بن مسلم. الشيخ محيي الدين ابن الشماع المصري. وقيل بل لقبه العماد. ولد سنة تسع وستمائة، وكان له حانوت بالبزازين. وروى عن: فخر القضاة أحمد بن الجباب. وكان يقال: ما فاتته صلاة في جامع مصر منذ أربعين سنة، فإنه كان ينوب في الإمامة بجامع عمرو بن العاص. سمع منه: علم الدين البرزالي وطلبة المصريين]. 543 - يحيى بن المقرئ عيسى ابن المحدث عبد العزيز بن عيسى. الشيخ ناصر الدين اللخمي الإسكندراني. روى عن: أبيه، ومحمد بن عماد. سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة. 544 - يعقوب بن بدران بن منصور بن بدلان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 355 الإمام، المقرئ، المجود، تقي الدين، أبو يوسف القاهري، ثم الدمشقي المقرئ المعروف بالجرائدي. شيخ الإقراء بالمدرسة الظاهرية، وغيرها بالقاهرة. كان إماما مبرزا في علم القراءآت. أخذ القراءآت بدمشق عن السخاوي، وابن باسويه. ورحل إلى أبي القاسم بن عيسى فقرأ عليه، وعلى غيره. وحدث عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وغيرهما. وانتفع به الطلبة. قرأ عليه: ابنه العماد محمد، والشيخ نور الدين السطنوفي، وغير واحد. وسمع منه المحدثون. توفي في شعبان، وعمل قصيدة في القراءآت حل فيها رموز ' الشاطبية ' وصرح بهم. وأثبت الأبيات، عرض كل بيت فيه رمز وأقر سائر القصيدة على حالته. * * * وفيها ولد: بدر الدين محمد بن المولى علاء الدين علي بن محمد بن سليمان بن غانم الشافعي الكاتب، في صفر. وبرهان الدين إبراهيم بن أحمد الزرعي، الحنبلي، وجمال الدين محمد بن محيي الدين قاضي الزبداني، وعز الدين محمد بن أحمد بن المنجا التنوخي، وعلي بن قطب الدين عبد الكريم المنبجي الحلبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 356
سنة تسع وثمانين وستمائة
- حرف الألف - 545 - أحمد بن الطبيب الحاذق أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن سونج. الصالحي، أخو شيخ البكرية إسماعيل، والمحدث عماد الدين حسن، والفقير حسين، والفقيه محمد العطار، وخمستهم فيهم دين وجودة. سمع: أحمد بن عبد الدائم. ولم يزد. 546 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن عياش. الصالحي. روى عن: ابن اللتي. ومات في شوال. [حدث عنه: البرزالي، وغيره] 547 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 357 قاضي القضاة، نجم الدين، أبو العباس ابن شيخ الإسلام شمس الدين ابن أبي عمر المقدسي، الحنبلي. كان مولده في سنة إحدى وخمسين وستمائة. وسمع حضورا من خطيب مردا. وسمع من: إبرهيم بن خليل، وابن عبد الدائم. ولم يحدث. رأيته، وكان شابا، مليحا، مهيبا، تام الشكل، بديناً، ليس له من اللحية إلا شعرات يسيرة، وكانت إليه مع القضاء خطابة الجبل والإمامة بحلقة الحنابلة، ونظر أوقاف الحنابلة. وكان حسن السيرة في أحكامه، مليح البزة، ذكيا، مليح الدرس له قدرة على الحفظ، وله مشاركة جيدة في العلوم. وله شعر جيد، وفضائل. فمن نظمه: (آيات كتب الغرام أدرسها .......... وعبرتي لا أطيق أحبسها)
(لبست ثوب الضنى على جسدي .......... وحلة الصبر لست ألبسها)
(وشادن ما رنا بمقلته .......... إلا سبى العالمين نرجسها)
(فوجهه جنة مزخرفة .......... لكن بنبل الحتوف يحرسها)
(وريقه خمرة معتقة .......... دارت علينا من فيه أكوسها)
(يا قمرا أصبحت ملاحته .......... لا يعتريها عيب يدنسها)
(صل هائما إن جرت مدامعه .......... تلحقها زفرة تيبسها) ولي نجم الدين القضاء في حياة والده لما عزل نفسه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 358 وتوفي في ثالث عشر جمادى الأولى في أول الليل، وقيل في آخر نهار الثاني عشر، ودفن بمقبرة جده من الغد، وشيعه الخلق. وعاش ثمانيا وثلاثين سنة، وخلف ابنين: سعد الدين الخطيب، وفخر الدين الخطيب. وقد حج مرتين، وحضر غير غزوة. وكان يركب الخيل، ويلبس السلاح. 548 - أحمد بن عيسى بن رضوان. الشيخ كمال الدين، أبو الضياء الكناني، العسقلاني، الشافعي، قاضي المحلة. لا أعلم متى توفي. وقد لقيه الفرضي وسمع منه في حدود سنة سبع وعشرين. وحدث عن: ابن الجميزي. وكان يعرف بالقليوبي. قد شرح ' التنبيه ' في اثني عشر مجلدا. وصنف في علوم القرآن. وكان دينا، صالحاً، مفتيا. 549 - أحمد بن عيسى بن حسن. علم الدين [الزرزاري] السنجاري، ابن أخي قاضي القضاة أبي العباس الخضر. ولد بالخابور سنة تسع وعشرين وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 359 وسمع من: الساوي، وسبط السلفي. وحدث. ومات بالقاهرة في جمادى الأولى. 550 - أحمد بن منعة بن مطرف. الصالح، عماد الدين، الحوراني، الصالحي. والد شيخنا محمد. روى عن: القزويني، والمجد. كتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة. ومات في ربيع الآخر. 551 - أحمد بن ناصر بن طاهر. العلامة، برهان الدين الحسيني، الشريف، الحنفي، إمام محراب الحنفية الذي بمقصورة الحلبيين بدمشق. كان مفتيا، عالما، زاهداً، عابدا. توفي في بيته بالمنارة الشرقية في شوال. وقد صنف تفسيرا في سبع مجلدات، وصنف في أصول الدين كتابا فيه سبعون مسألة. وذكر أنه سمع من ابن اللتي، وغيره. وقد ساح مدة في برية الخطا، وترك دنيا واسعة وتجارات وفر بدينه وتزهد وتصوف. 552 - أحمد بن يوسف بن إسماعيل. الشهاب المقدسي، الحنبلي، الذهبي مؤذن المدرسة النورية. أخو الموفق الشاهد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 360 روى عن: ابن المقير. ومات في رجب. وكان شيخا ظريفا بزي الفقهاء. 553 - إبراهيم بن أسعد بن المظفر بن حمزة بن أسد. الرئيس، مجد الدين ابن المولى مؤيد الدين التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي. أخو الصاحب عز الدين حمزة. كان مليح الكتابة، حسن الشكل والبزة، له إلمام بالأدب. وله شعر. وخدم في الجهات. ومات شابا في ذي القعدة ولم يعقب. وله وقف على الصدقة. 554 - إسحاق بن جبريل. الحكيم، المنجم، كرز الدين الديلمي، السوري. قال ابن الفوطي: عارف بالمواليد وعملها، وبالتقاويم، دائم الاشتغال بهذا الفن. أكثر مواليد أهل بغداد بخطه. له كتاب في التواريخ السماويات والأرضيات. سألته عن مولده فقال: في سنة تسع وستمائة. وتوفي في ذي الحجة. 555 - إسحاق الفجال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 361 صالح، زاهد، يتكلم بأشياء حسنة وحكم نافعة. توفي بدمشق في شوال. 556 - إسماعيل بن عبد الرحمن بن مكي. الفقيه، مجد الدين المارديني. كان في الأول حنبليا، ثم تحول شافعيا، وأتقن المذهب. ودرس بالأتابكية بجبل قاسيون ثم ولي قضاء حلب. وذكر أنه قرأ ' التحصيل ' بالروم على مصنفه السراج الأرموي. وكان إماما، كثير الفضائل. توفي بالصالحية، وصلي عليه بجامع العقيبة. وحمل إلى مسجد فلوس فدفن بتربة البرهان الموصلي إلى جانب صاحبه الشيخ مجد الدين محمود الكردي، وبينهما خمسة أيام. ماتا في شوال. 557 - إسماعيل بن عز القضاة علي بن محمد بن عبد الواحد بن أبي اليمن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 362 الشيخ الزاهد، العابد، العالم، فخر الدين، أبو الفداء الدمشقي. كان كاتباً، أديبا، شاعرا، خدم في الجهات، وتزهد بعد ذلك. ولد سنة ثلاثين وستمائة، ودخل في جملة الشعراء على الملك الناصر بدمشق، فلما انجفل الناس ندبه هولاكو إلى مصر. دخلها وترك الخدمة وتزهد، وأقبل على شأنه، ولزم العبادة، فاجتمع بالشيخ محيي الدين ابن سراقة فقال له: إن أردت هذا المعنى فعليك بتصانيف محيي الدين ابن العربي. فلما رجع إلى دمشق انقطع ولزم العبادة، وأقبل على كتب ابن العربي فنسخها وتلذذ بها. وكان يلازم زيارة قبره ويبالغ في تعظيمه. والظن به أنه لم يقف على حقيقة مذهبه، بل كان ينتفع بظاهر كلامه، ويقف عن متشابهه، لأنه لم يحفظ عنه ما يشينه في دينه من قول ولا فعل، بل كان عبدا قانتا لله، صاحب أوراد وتهجد، وخوف، واتباع الأثر، وصدق في الطلب، وتعظيم لحرمات الله تعالى. لم يدخل في تخبيطات ابن العربي، ولا دعا إليها. وكان عليه نور الإسلام وضوء السنة. رضي الله عنه. وكان ساكنا بالعزيزية، حافظا لوقته، كثير الحياء والتواضع والسكينة، كتب الكثير بخطه، ولم يخلف شيئا من الدنيا، ولا كان يملك طاسة. وفرغت نفقته يوم موته. وكان شيخنا ابن تيمية يعظمه ويبالغ، حتى وقف على أبيات له أولها: (وحياتكم ما إن أرى لكم سوى .......... إذ أنتم عين الجوارح والقوى) فتألم له وقال: هذا الشعر عين الاتحاد. قلت: إنما أراد أن ينظم قوله عليه السلام: ' فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به '. الحديث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 363 فقال: سياق الحديث يدل على بطلان هذا. وهو قوله: فبي يسمع وبي يرى، وما في الحديث أن الباري تعالى يكون عين الجوارح، تعالى الله عن ذلك. قلت: لم أجد هذه اللفظة ' فبي يسمع وبي يبصر ' إلخ. ومن شعره: (أوفد الله أعطاكم قبولا .......... وكان لكم حفيظا أجمعينا)
(إن الرحمن أذكركم بأمري .......... هناك فقبلوا عني اليمينا)
(فإني أرتجي منه جنانا .......... لأن إليه في قلبي حنينا)
(وأرجو لثم أيد بايعته .......... إذا عدتم بخير آمنينا) وله (أتريد لثم يمينه في بيته .......... من غير ما نصب وجهد يرتضى)
(هيهات إلا أن تخوض بعزمة .......... موج الجبال إليه في بحرالفضا)
(أتنال فرض زيارة لرسوله .......... خير الأنام ولم تذق مر القضا)
(لم أنس هزا للركاب بحيث لا .......... ظل فيمنع هيكلي أن يرمضا) (وتكاد نفسي أن تفيض مشقة .......... لو لم أثبت عندها فأفوضا)
(وكأنما كسر القفار مقعر .......... إذا لم يكن أحد به أن ينهضا)
(وكذا الأخيضر ذاق أصحابي به .......... عند الورى وهناك موتا أبيضا)
(فسقاهم ربي حلاوة رحمة .......... مزجت ببرد العفو في كوب الرضا) وله: (وزهر شموع إن مددن بنانها .......... تمحو سطور الليل نابت عن البدر)
(ففيهن كافورية خلت أنها .......... عمود صباح فوقه كوكب الفجر)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 364
(وصفراء تحكي شاحبا شاب رأسه .......... فأدمعه تجري على ضيعة العمر)
(وخضراء يبدو وقدها فوق خدها .......... كنرجسة تزهى على الغصن النضر)
(ولا غرو إن تحكي الأزاهير حسنها .......... أليس جناها النحل قدما من الزهر؟) وله، وقد لامه بعض الفضلاء على إقباله الزائد على كتب ابن العربي، فقال: (يقولون دع ليلى لبثنة كيف لي .......... وقد ملكت قلبي بحسن اعتدالها)
(ولكن إن اسطعتم تردون ناظري .......... إلى غيرها فالعين نصب جمالها)
(فأقسم ما عاينت في الكون صورة .......... لها الحسن إلا قلت: طيف خيالها)
(ومن لي بليلى العامرية إنها .......... عظيم الغنى من نال وهم وصالها)
(وما الشمس أدنى من يدي لامس لها .......... وليس السها في بعد نقطة خالها)
(وأبدت لنا مرآتها غيب حضرة .......... غدت هي مجلاها وسر كمالها)
(فوا حبها حبي وممكن وجودها .......... وصالي وعدوا سلوتي من محالها)
(وحسبي فخرا إن نسبت لحبها .......... وحسبي قربا أن خطرت ببالها) وله: (يا سيدي قمت صعلوكا على الباب .......... وطال قرعي بإلحاف وإطناب)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 365
(ولو جمعت سؤال السائلين لكم .......... لما انتهت فيك آلامي وآرابي)
(وفي غناك يقل الكون أجمعه .......... لسائل واحد يا خير وهاب)
(ودار دنيا بي ضاقت عن نوالكم .......... لكنها دار أعمال وآداب)
(فزودوني من فقر ومسكنة .......... ومن سجود ومن تقبيل أعتاب) ومن شعره: (والنهر قد جن بالغصون هوى .......... فراح في قلبه مثلها)
(فغار منه النسيم عاشقها .......... فجاء عن وصله يميلها) توفي الشيخ فخر الدين بمنزل أخيه بالقرب من المدرسة الجوهرية ليلة الأربعاء الحادي والعشرين من رمضان، وشيعه الخلق، ودفن بتربة أولاد ابن الزكي إلى جانب قاضي القضاة بهاء الدين بقاسيون، وتليت على قبره ختمات، ورؤيت له منامات حسنة. سمع منه: البرزالي، وغيره. وله أوراد وأعمال زكية وخوف وورع يمنعه من جهرمة الاتحاد، ويشعر تقواه بأنه ما دقق في مذهب الطائفة ولا خاض في بحر معانيهم. ولعل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 366 الله تعالى حماه للزومه العبادة والإخلاص. وقد نسخ ' جامع الأصول '، وانتفع بالحديث فالله يرحمه. والظاهر أنه كان ينزل كلام محيي الدين على محامل حسنة وتمحل العارفين. فما كل من عظم كبيرا عرف جميع إشاراته. بل تراه يتغالى فيه مجملا، ويخالفه مفصلا، من غير أن يشعر بالمخالفة. وهذا شأن فرق الأمة نبيها صلى الله عليه وسلم، تراهم منقادين له أتم انقياد، وكل فرقة تخالفه في أشياء جمة ولا شعور لها بمخالفته. وكذا حال خلائق من المقلدين لأئمتهم يحضون على اتباعهم في كل مسألة ويخالفونهم في مسائل كثيرة من الأصول والفروع، ولا يشعرون بارتكاب مخالفتهم ولا يصغون، نعوذ بالله من الهوى وأن نقول على الله ما لا نعلم. فما أحسن الكف والسكوت، وما أنفع الورع والخشية. وكذلك الشيعة تبالغ في حب الإمام علي، ويخالفونه كثيرا، ويتأولون كلامه، أو يكذبون بما صح عنه. ولعل الله تعالى أن يعفو عن كثير من الطوائف بحسن قصدهم وتعظيمهم للكتاب والسنة. - حرف الباء - 558 - بلاشو بن عيسى بن محمد. سيف الدين الجندي. روى عن: السخاوي. كتب عنه: الفرضي، والبرزالي، والجماعة. ومات في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 367
- حرف الحاء - 559 - حسان بن سلطان بن رافع بن منهال بن حسان بن عيسى. الفقيه، عماد الدين اليونيني، خطيب قرية زحلة. ولد سنة ثلاث وعشرين. وسمع من: أبي القاسم بن رواحة، وإسماعيل بن ظفر. وصحب الشيخ إبراهيم البطائحي. س وكان صالحأن خيرا، تاليا، ذاكرا، فقيرا. بيته مأوى الأضياف. توفي رحمه الله في ربيع الآخر. 560 - حسن بن زيادة بن رسلان. نفيس الدين المصري. قال الفرضي: كان إماما ثقة، مقرئا، زاهدأن متصدرا بجامع مصر من أهل العبادة. روى عن: عبد الرحيم بن الطفيل، والعلم بن الصابوني. ومات في شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 368
- حرف الخاء - 561 - الخضر بن سعد الله بن عيسى بن حبيش. عماد الدين الربعي، المعروف بابن دبوقا. أديب كاتب، حسن العشرة، كتب الانشاء للمشد علاء الدين الشغري، ثم ولي مشارفة بعلبك. ونكب وصودر غير مرة. وله شعر حسن. توفي كهلا في سادس ربيع الأول بدمشق. روى عن: اليلداني ببعلبك. سمع منه: البرزالي. - حرف السين - 562 - ست الأهل بنت المحدث أبي الفتوح نصر بن الحصري. توفيت بالقاهرة في صفر. قاله الفرضي. 563 - ست الأمناء بنت أبي نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن عساكر. روت عن: أبيها، وغيره. كتب عنها: البرزالي، وجماعة. وماتت في ذي القعدة. وأجاز لها: المؤيد، وأبو روح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 369
- حرف الطاء - 564 - طرنطاي. نائب المملكة، الأمير الكبير حسام الدين، أبو سعيد المنصوري، السيفي. كان من رجال العالم رأيا وحزما ودهاء وذكاء وشجاعة وسياسة وهيبة وسطوة. اشتراه المنصور في حال إمرته من أولاد الموصلي، فرآه مجيبا لبيبا، فترقى عنده إلى أن جعله أستاذ داره، وفوض إليه جميع أموره، واعتمد عليه. فلما ولي السلطنة جعله نائبه، ورد إليه أمر الممالك، فكان ليس فوق يده يد. وكان له أثر ظاهر يوم وقعة حمص. وكان السلطان لا يكاد يفارقه إلا عن ضرورة. وقد سيره إلى الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ولمحاصرته فدخل دمشق دخولا مشهودا لا يكاد يدخله إلا سلطان من التجمل والزينة ولعب النفط. ثم سار إلى صهيون، وانتزع من سنقر الأشقر بلاده. وحلف له وأنزله، ورجع وهو معه. وقد حصل طرنطاي من الأموال والخيل والمماليك والأملاك وغير ذلك ما يفوق الإحصاء. وبنى مدرسة بالقاهرة، ووقف على الأسرى. وكان مليح الشكل، مهيبا لم يتكهل. ولما تسلطن الأشرف استبقاه أياما حتى رتب أموره، واستقل بالملك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 370 ثم قبض عليه، وكان في نفسه منه، فبسط عليه العذاب إلى أن أتلفه، وصبر المسكين صبرا جميلا، فقيل إنه عصر إلى أن هلك، ولم تسمع منه كلمة. وكان بينه وبين علم الدين الشجاعي منافسة وإحن، فقيل إن الملك الأشرف سلمه إليه ليعذبه. ولما مات حمل إلى زاوية الشيخ عمر السعودي، فغسلوه وكفنوه، ودفن بظاهر الزاوية، فذكر فقير من الزاوية قال: لما أتوا به كان له رائحة منكرة جداً، ولما غسلوه تهرأ وتزايلت أعضاؤه. وذكر أن جوفه كان مشقوقا. قال ذلك الشيخ قطب الدين. ثم قال: رحمه الله وعفا عنه فلقد كان معدوم النظير، ولولا شحه وبذاذة لسانة لكان أوحد زمانه. قيل إنه خلف من العين المصري ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار، ومن الكلوتات والحوائص والأواني والأسلحة والمتاجر والخيول والغلمان والأملاك ما لا يحصى كثرة، فاستولى الأشرف على المجموع، وأفضى الحال بأولاده وحرمه إلى أن بقوا بلا قوت إلا ما يسيره إليهم بعض الأعيان على سبيل الصلة. إن في ذلك لعبرة. وتوفي ولم يبلغ الخمسين. قلت: لم يذكر وفاته في أي شهر. 565 - طيبرس. الأمير الكبير، الحاج علاء الدين الوزيري، صهر السلطان الملك الظاهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 371 توفي بمصر في ذي الحجة. وكان دينا، كثير الصدقات، قليل الأذية رحمه الله. أوصى بثلاثمائة ألف درهم أن تنفق في ضعفاء الجند. ووقف خانا كبيرا بالعقيبة على الصدقة. وله ولد من أمراء الدولة في هذا الوقت، وهو عام أربعة عشر وسبعمائة. - حرف العين - 566 - عبد الله بن خير بن حميد. أبو محمد القرشي، البخاري. روى عن: محمد بن عمار. ومات بالإسكندرية في تاسع صفر. كتب عنه أهل الثغر والرحالة. 567 - عبد الله بن محمد بن حسان بن رافع. العدل، عماد الدين، أبو بكر العارمي، خطيب الموصل. سمعه أبوه حضورا وسماعا. وروى عن: ابن أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وزين الأمناء، والقزويني، والكاشغري، وابن الزبيدي، وجماعة. وسمع بمكة من: أبي علي الحسن بن الزبيدي، وإبراهيم بن الخير. أخذ عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، والطلبة. وكان فقيها فاضلا عالي الإسناد مكثرا. أجاز لي مروياته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 372 وتوفي في سابع صفر وله ثلاث وسبعون سنة. حج سنة ثمان وعشرين، وهو مراهق، وحج سنة ثمان وثمانين، وبين الحجتين ستون سنة. 568 - عبد الله بن محمد بن الشرف عبد الله بن الشيخ أبي عمر المقدسي. فخر الدين، سبط الشيخ شمس الدين. سمع الكثير، وتفقه، ومات شابا في جمادى الأولى. 569 - عبد الرحمن بن الزين أحمد بن عبد الملك بن عثمان. الشيخ شمس الدين، أبو الفرج المقدسي، الحنبلي. ولد في ذي القعدة سنة ست وستمائة. وسمع حضورا من: عبد الملك بن مندويه، وغيره. ثم سمع من: الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن البناء، وأبي الفتوح بن الجلاجلي، وموسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وابن راجح، وابن البن، وابن أبي لقمة، وطائفة. ورحل هو والسيف بن المجد، والتقي بن الواسطي فسمعوا ببغداد من: الفتح بن عبد السلام، وأبي الحسن بن بوزيدان، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وخلق سواهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 373 وأجاز له: أبو الفخر أسعد بن سعيد، وعين الشمس الثقفية، وزاهر بن أحمد، وأبو أحمد بن سكينة، وعمر بن طبرزد. وكان فقيها، عالما، صالحا، ثقة، نبيلاً، عابداً، مهيبا، متيقظا، واسع الرواية، عالي الإسناد. تفرد ببعض مروياته. وسمع منه خلق كثير، منهم: ابن الخباز، وأبو الحسن الموصلي، وابن العطار، وابن مسلم، وابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وابن المهندس، وابن أبي الفتح. وأجاز لي مروياته. توفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة، وقد كمل ثلاثا وثمانين سنة. 570 - عبد الرحمن بن مجد الدين بن محمد بن إسماعيل بن عثمان بن عساكر. القاضي الجليل، عماد الدين. روى عن: المخلص بن هلال، وغيره. سمع منه: البرزالي. وتوفي في ذي القعدة أيضا، وهو في الكهولة. وكان يشهد تحت الساعات. 571 - عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي بن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 374 القاضي، الخطيب، المفتي، جمال الدين، أبو محمد الربعي، الدمشقي، الشافعي. ولد ثاني عشر شعبان سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من: ابن الصباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبي الفضل الهمداني، وطائفة. وخرج له أبو محمد البرزالي ' مشيخة ' سمعها منه هو وابن تيمية شيخنا، والزين عمر بن حبيب، وأبو الحسن الحنفي، وابن مسلمة الخليلي، وخلق سواهم. وكان إماما، مفتيا، خبيرا بالمذهب، ناب في القضاء مدة، ثم تركه واقتصر على الخطابة بالجامع. وكان للناس فيه حسن عقيدة لدينه وسكونه، وازدحموا على نعشه. ومات في سلخ جمادى الأولى. ولي منه إجازة بمروياته. 572 - عبد الكريم بن عبد الله بن بدران. الدمشقي، السراج، الحاج أبو محمد. سمع أولاده الكثير، وحصل الأجزاء. وله سماع قديم من التاج بن أبي جعفر، وجماعة. وما أظنه حدث. توفي في ذي الحجة. 573 - علي بن ظهير بن شهاب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 375 الإمام، الزاهد، نور الدين، المصري، المقرئ، الموشي، المعروف بابن الكفتي. شيخ الإقراء بالجامع الأزهر. أخذ القراءآت عن أصحاب الشاطبي، وأبي الجود. ومن شيوخه، الإمام المجود أبو إسحاق بن وثيق. قرأ عليه ختمة للسبعة ويعقوب جمعا. وكان نور الدين أحد من عني بالقراءآت وعللها وشهر بها، مع الورع والديانة والصيانة. وقرأ عليه جماعة. وسمع منه المحدثون. روى عن أصحاب السلفي. ومات في ربيع الآخر. 574 - علي بن عبد الكريم بن عبد الله بن أبي الفضل. أبو الحسن الدمشقي، خادم الحافظ زكي الدين عبد العظيم. شيخ صالح، دين، معمر، فاضل. سمع بدمشق من: كريمة، والضياء محمد، وابن المقير. وسمع بمصر من: سبط السلفي، وغير واحد. وكتب بخطه قليلا، وشاخ، وتجاوز التسعين. وأخذ عنه الطلبة. ومات في شعبان ببلبيس. 575 - علي بن يحيى بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 376 العدل، كمال الدين المهدوي، الكاتب. روى عن: التاج بن أبي جعفر، وغيره. وكان عفيفا، نزها، حسن البزة، له شعر وفضيلة. ومات في جمادى الأولى. 576 - علي بن أبي المجد بن منصور. القصاب، الصالحي. شيخ مسن، صحيح السماع. روى عن: الشيخ الموفق، وابن راجح، وغيرها. كتب عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وجماعة. مات في ذي الحجة. 577 - عمر ابن شيخنا الإمام شرف الدين أحمد بن إبراهيم بن سباع. الفزاري، الفقيه، المحدث، المفيد، أبو حفص. سمع الكثير، وحصل الفوائد والأجزاء، وعني بالرواية. ومات شابا لم تطلع لحيته بعد. وعاش نحوا من عشرين سنة. ومات في رمضان. وكان دينا. متواضعا، ضحوك السن، مطبوعا. 358 - عمر بن إسماعيل بن مسعود بن سعد بن سعيد بن أبي الكتائب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 377 الأديب، العلامة، رشيد الدين، أبو حفص الربعي، الفارقي، الشافعي، الشاعر. قال: مولدي سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وسمع ' جزء البانياسي ' من الفخر ابن تيمية، ظهر له بعد موته. وسمع من: أبي عبد الله بن الزبيدي، وعبد العزيز بن باقا، وجماعة. وبرع في البراعة والبلاغة والنظم، وحاز قصب السبق. وخدم في ديوان الإنشاء، ومدح السخاوي بقصيدة مونقة فمدحه السخاوي، والقصيدتان مشهورتان. وكانت له يد طولى في التفسير، والبيان، والبديع، واللغة. انتهت إليه رئاسة الأدب. واشتغل عليه جماعة كبيرة من الفضلاء. وقد وزر، وتقدم في دول، وأفتى وناظر ودرس بالظاهرية وانقطع بها. وله مقدمتان في النحو، صغرى وكبرى. وكان حلو المحاضرة، مليح النادرة، كيسا، فطنا، يشارك في الأصول والطب وغير ذلك. وقد درس بالناصرية مدة قبل انتقاله إلى الظاهرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 378 وروى عنه من شعره: الدمياطي، ورضي الدين بن دبوقا، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي، وآخرون. وكان يكتب خطا منسوبا. ومن شعره قوله: (مر النسيم على الروض البسيم فما .......... شككت أن سليمى حلت السلما)
(ولاح برق على أعلا الثنية لي .......... فخلت برق الثنايا لاح وابتسما)
(مغنى الحبيبة رواك السحاب فكم .......... ظمئت فيك وكم رويت فيك ظما)
(به عهدت الهوى حلوا ومنزلنا .......... للهو خلوا وذاك الشمل ملتئما)
(والدار دانية والدهر في شغل .......... عما نريد وفي طرف الرقيب عما)
(والشمس تطلع من ثغر وتغرب في .......... شعر وبجلوسنا إشراقها الظلما)
(وظبية من ظباء الأنس ما رمقت .......... إلا استباح لها صوب الديار حما)
(وطفاء حاجبها قوس وناظرها .......... سهم إذا مارنا طرف إليه رما)
(وجفنها فيه خمر وهو منكسر .......... والخمر في القدح المكسور ما علما)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 379
(وقدها ذابل لكنه نضر .......... حلوالجنا يثمر التفاح والعنما)
(ولفظها فيه ترخيم فلو نطقت .......... يوما لا عصم وافاها وما اعتصما)
(فوثغرها يجعل المنظوم منتثرا .......... من اللآلئ والمنثور منتظما)
(تبسمت فبكت عيني وساعدها .......... قلبي، ولولا لمى الثغر البسيم لما)
(ولاح لاح عليها قلت: لومك لي .......... لؤم، وصمم حتى حبب الصمما)
(تعذيبها لي عذب والشفاه شفا .......... تجني وأجني ولا يبقي اللما ألما)
(ريا السوار وظمأى الخصر تحسبه .......... للضعف منفصلا عنها ومنفصما)
(خود تجمع فيها كل مفترق .......... من المعاني التي تستغرق الكلما)
(عطت غزالا، سطت ليثا، بدت غصنا .......... لاحت هلالا، هدت نجما، بدت صنما)
(لما سرت أسرت قلبي ومذ نزحت .......... نزحت ماء جفون يخجل الديما)
(وصار مربعها قلبي، ومرتعها .......... لبي، وموردها دمعي الذي انسجما)
(ولم أكن راضيا منها بطيف كرى .......... فاليوم من لي به والنوم قد عدما) وله: (إن في عينيك معنى .......... حدث النرجس عنه)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 380
(ليت لي من غصنه سهما .......... وفي قلبي منه) وله في أهل البيت عليهم السلام: (ذرية في الورى ذرية زهر .......... يرجى بها الغيث أو يجلى بها الغسق)
(هم معاذي وذخري في المعاد وهم .......... كنزي وحرزي إذا ما ألجم الغرق)
(خفض الجناح لهم رفع لمنزلتي .......... فاجزم بهذا ولا تنصب فتحترق)
(هم الألى أعربوا سني مجدهم .......... بنحوهم كل شأو ليس يلتحق)
(من شاء باهلني باهلته بهم .......... وبعد عن ورد الحوض يستبق)
(وهل أتى شاعراً إلا وقلت له .......... في هل أتى مدح أهل البيت متسق) وقال: (لشيخنا في التقاء الشيب والكرم .......... حظ كما لسواه الشيب والهرم)
(ولاسمه نسبة والنعت نسبها .......... واشتق منها وفي أبياتها حكم)
(ففي العلا علي وفي السخا سخاوي .......... وفي علمه بين الورى علم)
(شيخ المشايخ في زهد وفي لسن .......... يجول في كل إقليم له قلم)
(مفصل للقضايا وهو منذ نشا .......... قاض وليس بمنقوص ولا يهم)
(طود الحمى راسيا تخشى سكينته .......... بدر الدجى ساريا تجلى به الظلم)
(لولا علي لعلم النحو أجمعه .......... ما كان زيد ولا عمرو ولا الكلم)
(فإن تكن بعلي النصر مبتدئا .......... فإنه بعلي العصر مختتم)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 381 خنق الرشيد الفارقي في رابع المحرم ببيته بالظاهرية، وأخذ ذهبه، ودرس بعده بالظاهرية علاء الدين بن بنت الأعز. قال الشيخ تاج الدين عبد الرحمن: نا قاضي القضاة أنه رأى في رقبته أثر الخنق، ورأى الدم وقد اجتمع في فمه. ورأى سنه مقلوعة عنده. وكان يقول: لا بد لي أن ألي وزارة بغداد. وكان مليا بالنظم والنثر. لم يزل سعيدا. رأيته في أيام الأشرف، وهو كاتب عند الوزير ابن حديد، فولي عمارة دار الحديث وهو إذ ذاك مدرس الفلكية. قيل: كان أبوه لحاما بميافارقين. وكانت له، رحمه الله، جنازة مشهودة. [وكان الغالب عليه علم النجامة]. 579 - عمر بن محمد بن الشيخ القدوة عثمان. الرومي، الشيخ الصالح. مات في ربيع الأول، رحمه الله تعالى. وخلفه في الزاوية أخوه عثمان. 580 - عمر بن أبي الرجاء بن السلعوس. التنوخي، الدمشقي، نجم الدين، عم الصاحب شمس الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 382 روى بالإجازة عن: أبي القاسم الكندي، وغيره. ومات في جمادى الأولى. كتب عنه: البرزالي، وابن الصيرفي. وعاش ثمانين سنة عفى الله عنه. - حرف الفاء - 581 - فرج الله بن شمس الدين محمد بن محمد. الجويني. أمر بقتله وقتل إخوته وبني عمه أرغون. وكان هذا صبيا في المكتب، فلما جرد للقتل بكى وما درى ما يفعل به وصاح: والله ما بقيت أدع الكتاب. فبكا الناس رحمة له. وقتل أخوه نوروز بأرض الروم. وقتل أخوهما مسعود بتبريز. نسأل الله العافية. - حرف القاف - 582 - قلاوون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 383 السلطان، الملك، المنصور، سيف الدنيا والدين، أبو المعالي، وأبو الفتوح، التركي، الصالحي، النجمي. اشتري بألف دينار، ولهذا كان في حال إمريته يسمى بالألفي. وكان من أحسن الناس صورة في صباه، وأبهاهم وأهيبهم في رجوليته. كان تام الشكل، مستدير اللحية، قد وخطه الشيب، على وجهه هيبة الملك، وعلى أكتافه حشمة السلطنة، وعليه سكينة ووقار. رأيته مرات آخرها منصرفة من فتح طرابلس، وكان من أبناء الستين. وحدثني أبي أنه كان في أيام إمرته ينزل إذا قدم من مصر بدار الزاهر. قال: فأخذوا له مني ذهبا، فذهبت لأطالبه فإذا به خارج من الباب، فقال: إيش أنت؟ قلت: يا خوند لي ثمن ذهب. فقال: أعطوه أعطوه. ووصف لي نعمته، وأنه متعجم اللسان، لا يكاد يفصح بالعربية، وذلك لأنه أتي به من الترك وهو كبير. وكان من أمراء الألوف في الدولة الظاهرية، ثم عمل نيابة السلطنة للملك العادل سلامش بن الظاهر عندما خلعوا الملك السعيد، وحلفوا لسلامش وهو ابن سبع سنين، وحلفوا للألفي بعده وذكرا معا في الخطبة. قال قطب الدين: وضربت السكة على واحد من الوجهين باسم سلامش، وعلى وجه باسم أتابكه سيف الدين قلاوون. وبقي الأمر على هذا شهرا وأياما. وفي رجب من سنة ثمان وسبعين وستمائة خلعوا سلامش، وبايعوا الملك المنصور، واستقل بالأمر، وأمسك جماعة كثيرة من الأمراء الظاهرية وغيرهم. واستعمل مماليكه على نيابة البلاد، وكسر التتار سنة ثمانين، ونازل حصن المرقب في سنة أربع وثمانين وافتتحه، وافتتح
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 384 طرابلس، وعمل بالقاهرة بين القصرين تربة عظيمة، ومدرسة كبيرة، ومارستان للضعفاء. وتوفي في ذي القعدة في سادسه يوم السبت بالمخيم ظاهر القاهرة، وحمل إلى القلعة ليلة الأحد. وتسلطن ولده الملك الأشرف. ويوم الخميس مستهل العام الآتي فرق بتربته صدقات كثيرة من ذهب وفضة وورق جملت الناس. فلما كان من العشي أنزل من القلعة في تابوته وقت العشاء الآخرة إلى تربته بين القصرين. وفرق من الغد الذهب على القراء الذين قرأوا تلك الليلة. قال المؤيد في ' تاريخه ': مات في سنة خمس وأربعين علاء الدين قراسنقر العادلي من مماليك السلطان الملك العادل، وصار مماليكه للملك الصالح نجم الدين، منهم سيف الدين قلاوون الذي تملك. [وقد تقدم في الوقائع طرف من سيرته]. - حرف الميم - 583 - محمد بن أحمد بن محمد بن النجيب. المحدث، المفيد، بدر الدين، سبط إمام الكلاسة. كان شابا، فاضلا، ذكيا، مليح الكتابة، كثير الفوائد، شديد الطلب، حريصا على الأجزاء والسماعات، ذا همة عالية. سمع الكثير بدمشق، وبعلبك، وخرج وأفاد. ونسخ الكثير. ومات في وسط الطلب، فالله يرحمه ويعوضه الجنة. توفي في سادس صفر. وكان من أبناء الثلاثين. وقد سمع من: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر. وحدث.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 385 584 - محمد بن الحسن بن عبد الملك بن محمد. جمال الدين التميمي، السعدي، البوني، المالكي، الطبيب. روى عن محمد بن عماد. وكان طبيبا بالثغور. عاش ثمانيا وستين سنة. ومات فجأة في ربيع الأول. كتب عنه: البرزالي، وجماعة. 585 - محمد بن عبد الحق بن مكي بن صالح. الرئيس رشيد الدين، أبو بكر بن الرصاص النرسي، المصري. روى عن: ابن عماد، والصفراوي، وابن باقا، وجماعة. ومات ليلة عاشوراء. كتب عنه المصريون والرحالة. وله أخ اسمه جمال الدين علي. حدث عن: ابن باقا. وأجاز في سنة أربع وسبعين وستمائة. 586 - محمد بن عبد الرحمن بن نوح بن محمد. الفقيه، الرئيس، ناصر الدين بن المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي. تفقه على والده العلامة شمس الدين. وسمع من: ابن اللتي حضورا، وتاج الدين بن حمويه. وتميز في الفقه، ودرس بالرواحية، وبتربة أم الصالح. ثم داخل الدولة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 386 وتوصل إلى أن ولي في سنة سبع وثمانين وكالة السلطان الملك المنصور، ووكالة بيت المال المعمور، ونظر جميع الأوقاف بدمشق. وشرع في فتح أبواب الظلم. وخلع عليه بالطرحة غير مرة، وخافه الناس، وصارت له صورة كبيرة، وعدا طوره وظلم وعسف وتحامق، حتى برم به نائب السلطنة فمن دونه، وكاتبوا فيه، فجاء في جمادى الآخرة من هذه السنة مطالعة بالكشف عنه بما أكل من الأوقاف ومن أموال السلطنة والبرطيل، فرسموا عليه بالعذراوية وظهر عليه أشياء، وضرب بالمقارع، فباع ما يقدر عليه، وحمل مبلغا من المال، وذاق الهوان، واشتفى منه الأعادي. وكان قد عثر السيف السامري وأخذ منه الزئبقية ؛ فمضى السيف إليه إلى العذراوية، وتغمم له تغمم تشف، فقال له ناصر الدين: سألتك بالله لا تعود تجيء إلي، فقال: هو ينصبر لي. ثم عمل السيف السامري هذه القصيدة: (ورد البشير بما أقر الأعينا .......... فشفى الصدور وبلغ الناس المنى)
(واستبشروا وتزايدت أفراحهم .......... فالكل مشتركون في هذا الهنا)
(وتقدم الأمر الشريف بأخذ ما .......... نهب الخؤون من البلاد وما اقتنى)
(يا سيد الأمراء يا شمس الهدى .......... يا ماضي العزمات يا رحب الفنا)
(عجل بذبح المقدسي وذبحه .......... واحقن دماء الإسلام من ولد الزنا)
(واغلظ عليه ولا ترق فكل ما .......... يلقى بما كسبت يداه وما جنى)
(فلكم يتيم مدقع ويتيمة .......... من جوره باتوا على فرش الضنا)
(ولكم غني ظل في أيامه .......... مسترفدا للناس من بعد الغنى)
(إن أنكر اللص الخبيث فعاله .......... بالمسلمين فأول القتلى أنا) ثم جاء مرسوم بحمله إلى مصر، فخافوا من غائلته، فلما كان ثالث شعبان أصبح المقدسي مشنوقا بعمامته بالعذراوية، فحضر جماعة عدول وشاهدوا الحال، ودفن بمقابر الصوفية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 387 سمع منه: البرزالي، وغيره. رأيته شيخا مربوعا وهو يختال في مشيته بالخلعة والطيلسان، [عفا الله عنا وعنه]. 587 - محمد بن عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر. العدل، العالم، شمس الدين، ابن المحدث الرسعني، الحنبلي، نزيل دمشق. كان شيخا أبيض اللحية، مليح الشكل. ولد سنة بضع عشرة وستمائة. وسمع من: أبي الحسن بن روزبة، وابن بهروز نصر بن عبد الرزاق الجيلي، وابن القبيطي، وجماعة ببغداد. ومن: كريمة، وغيرها بدمشق. وسكن دمشق، وأم بالمسجد الكبير بالرماحين. وجلس تحت الساعات، فكان من أعيان الشهود. وكان له شعر جيد. وقد سافر إلى مصر في شهادة. قال الشيخ قطب الدين فاجتمعت به هناك غير مرة. وكان يتردد إلى شمس الدين ابن السلعوس ويمدحه قبل إفضاء الوزارة إليه. ولما طال مقامه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 388 بالقاهرة وشنع بموته، واشتهر ذلك بدمشق أراد السفر فسرق حماره وما عليه في الطريق، فرجع إلى القاهرة شاكيا، فلم يحصل له مقصود، فخرج متوجها إلى دمشق، فأتى يسقي فرسه من الشريعة، فغرق ولم يظهر له خبر، ووصل فرسه وقماشه إلى دمشق. وقال علم الدين: غرق في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة. ومن شعره: (ولو أن إنسانا يبلغ لوعتي .......... ووجدي وأشجاني إلى ذلك الرشا)
(لأسكنته عيني ولم أرضها له .......... ولولا لهيب القلب أسكنته الحشا) وله: (ما ابيض في لمتي سوداء في عمري .......... إلا وقد سودت بيضا من الصحف)
(ولا خلوت مدى الأيام من لعب .......... إلا ورحت به صبا أخا كلف)
(وليس لي عمل أرجو النجاة به .......... إلا الرسول وحبي ساكن النجف) ومن شعره: (أأيأس من بر وجودك واصل .......... إلى كل مخلوق وأنت كريم)
(وأجزع من ذنب وعفوك شامل .......... لكل الورى طرا وأنت رحيم)
(وأجهد في تدبير حالي جهالة .......... وأنت بتدبير الأنام حكيم)
(وأشكو إلى رحماك ذلي وحاجتي .......... وأنت بحالي يا كريم عليم) 588 - محمد بن عبد السلام بن علي. شرف الدين القرشي، المصري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 389 حدث عن يوسف المخيلي. وعاش ستا وستين سنة، ومات في صفر. وهو ابن بنت عبد الظاهر بن بشران. 589 - محمد بن عبد القوي. شرف الدين الكتاني، المصري، رئيس المؤذنين بجامع الحاكم. حدث عن: عبد العزيز بن باقا. ومات في صفر أيضا. أخذ عنه جماعة الوقت. 590 - محمد بن علي بن أبي عبد الله بن شمام. الشيخ شمس الدين، أبو عبد الله الصالحي، الذهبي. رجل مطبوع، خير، مسن، من كبار الذهبيين. كان يدق الذهب في بيته بالجبل، وله بنات وابن. وكان يعمل مع والدي، فبعثني إليه مرة بذهب ليدقه، وأطعمني شيئا. كتب عنه: البرزالي، والمزي، والجماعة وأثنوا عليه. وحدث عن: أبي المجد القزويني، وابن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي. وتوفي في المحرم وقد قارب الثمانين. وكان مع كبره رأسا في صنعته رحمه الله تعالى. 591 - محمد بن عمر بن محمد. شمس الدين، أبو عبد الله البغدادي، الرياني، المشهور بابن المريخ. شيخ كبير مكثر من الريان من باب الأزج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 390 أجاز له: أبو اليمن الكندي، وابن منينا، وعبد العزيز بن الناقد ؛ وسمع ' صحيح البخاري ' من إبراهيم القطيعي. وسمع من: علي بن بورندان ؛ ومن: زيد بن هبة الله، وجماعة. مولده سنة إحدى عشرة. ومات في ذي القعدة. 592 - محمد بن العون يحيى بن الشمس علي بن محمد. ابن الوزير، الإمام عون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة، الأجل شمس الدين الشيباني، العراقي الأصل، الحنبلي. ولد بدمشق سنة سبع وستمائة. وسمع ببغداد من: عبد السلام الداهري، وعلي بن الجوزي، ونصر بن الحلي، وغيرهم. وكان على ديوان بلبيس ناظرا فحدث بها. سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة. وتوفي بها في جمادى الأولى. 593 - محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن العلامة أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون. الإمام، الفاضل، شرف الدين الحلبي. حدث بالحجاز عن ابن روزبة. كتب عنه: البرزالي، وقال: توفي في المحرم راجعا من الحج عند بركة زيزا وحضرت دفنه هناك. وكان قد ولي قضاء حمص نوبة. وما كان في أقاربه أفقه منه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 391 594 - محمد بن السيد الجليل. نقيب الأشراف بدمشق، أبو البشائر العلوي، الحسني، الملقب بشرف الملك. توفي في ربيع الآخر. ودفن عند قبر الشيخ رسلان. 595 - محمود بن عبد الرحمن بن عطاف. الفقيه مجد الدين الكردي، الشافعي. درس مدة: بالأمينية التي ببعلبك، ثم سكن دمشق ودرس بالأكزية. وأعاد وأفاد، وكان نقالا للمذهب، وله اختصاص بقاضي القضاة بهاء الدين القرشي. توفي في حادي عشر شوال وهو في عشر الستين. 596 - محمد بن يونس. أبو الثناء الحميري، التفليسي. شاب فاضل، سمع الكثير، وعني بالحديث، وكتب الطباق. ومات في شوال. وعاش أبوه بعده مدة طويلة، وكان يعجن العنبر بالصاغة. 597 - محمود الرومي. شيخ صالح، عاقل، مجاور بالجامع عند صندوقه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 392 توفي في ربيع الأول. وهو الذي ربى الشيخ الإمام علي الختني، فجلس بعده وتسلم الصندوق. 598 - مختص، الطواشي الكبير. الأمير شرف الدين الظاهري، الخادم. كان صاحب هيبة وسطوة وحرمة وافرة. وكان كبير المماليك الظاهرية. توفي في ربيع الآخر ودفن بالقرافة. 599 - مرضي. العلامة رضي الدين الحموي، الشافعي. من كبار الشافعية. عاش بضعا وثمانين سنة فإنه ولد سنة ستمائة. 600 - موسى بن هلال بن موسى. فخر الدين الحنفي، الفقيه، مدرس مسجد خاتون، المدرسة الكبيرة التي على الشرف القبلي، ومفتي دار العدل. ولم يكن بذاك في الفقه، ولكن كان ذا مداخلة للدولة، صاحب رئاسة ومكارم فاختص بعز الدين عبد العزيز بن وداعة، والصاحب، وبجماعة أمراء. وهو ابن أخت قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي. توفي أول يوم في السنة، وشيعه القضاة والأعيان. ومات في عشر السبعين. 601 - موسى. العفيف النصراني، الشوبكي، تاجر السلطان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 393 هلك إلى لعنة الله في آخر رمضان. وكان كثير التجري على المسلمين والسعي في مصالح الفرنج والنصارى، وجلب الممنوعات ولم يكن يشد زنارا، وكان متمكنا من الدولة. قال قطب الدين: حدثني الأمير علم الدين الدواداري قال: حضرت إلى خدمة الأمير حسام الدين طرنطاي فقيل لي: ما إليه طريق. فقعدت أنتظر الإذن، واتفق حضور الأمير حسام الدين لاجين فقيل له كذلك فقعد ؛ وإذا باعفيف خارج من عنده فقلت للبرددار في هذا فقال لي: هذا ما أجسر على رده. 602 - مؤمن. شجاع الدين، نائب ولاية دمشق. كان مشكور السيرة، حسن التأتي في السياسة، وطالت أيامه. وكان قد أودع جملة من الذهب عند صاحب له ليدفنه عنده، فأصابته السكتة ومات، فجاء الشجاع موسى إلى أهله وقال: هل ذكرني بشيء؟ قالوا: لا. فرأى أن الكلام لا يفيد، فحمل على قلبه وتعلل ومات غبنا في ثامن عشر رمضان. - حرف الهاء - 603 - هلال بن محفوظ بن هلال. الشيخ بدر الدين الرسعني. أخو الشيخ سيف الدين. شيخ مبارك مقيم بمؤتة في مشهد جعفر الطيار ؛ وروى هناك عن: ابن اللتي. وله إجازة من: عبد العزيز بن منينا، وأبي البقاء العكبري. سمع منه ابن المهندس في هذه السنة ؛ ولا أعلم وفاته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 394
- حرف الياء - 604 - يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد. الفاضل، نجيب الدين الهذلي، الحلي، المستعلم. بقية قدامى الشيعة. لغوي، أديب، حافظ للأحاديث في رأسه. ولد بالكوفة سنة إحدى وستمائة، وسمع من ابن الأخضر. كذا قال ابن الفوطي، وقال: مات ليلة عرفة. وكان بصيرا باللغة والأدب. كتب عنه ابن الفوطي في إجازة. 605 - يوسف بن سعد الله بن عيسى بن دبوقا. الصدر، ناظر البر مع الشريفي. توفي في شوال. الكنى 606 - أبو الزهر بن سالم بن زهير. الغسولي، ثم الصالحي. شيخ صالح، مشهور. حدث عن: ابن اللتي. سمع منه: الطلبة. ومات في شوال أيضا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 395 وفيها ولد: ابن خالي إسماعيل بن علي الذهبي، ومحيي الدين عبد القادر بن محمد بن الفخر الحنبلي في رمضان، ومنصور بن خليفة بن محمد المنبجي، التاجر، وزين الدين عبد الرحمن بن علي بن حمدان الصالحي ابن شمامة، وقاضي الحنفية بحلب ناصر الدين محمد بن عمر بن العديم، وشمس الدين محمد بن علي الحناوي. وعلاء الدين علي بن أحمد بن السلعوس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 396
سنة تسعين وستمائة
- حرف الألف - 607 - أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الجباب. السعدي، التميمي، أبو الفضل الإسكندراني. عاش سبعين سنة. وحدث عن: مظفر بن الفوي. 608 - أحمد بن عبد الله بن الزبير. الخابوري، الإمام، المقرئ، المجود، شمس الدين، خطيب حلب ومقرئها. وكان إماما ماهرا، محررا للقراءآت ووجوهها وعللها، مليح الشكل، قوي الكتابة، صاحب نوادر وخلاعة وظرف، له في ذلك حكايات. قرأ القرآن على السخاوي، وغيره. وسمع بحران من الخطيب فخر الدين بن تيمية، وبحلب من أبي محمد بن الأستاذ، ويحيى بن الدامغاني، وابن روزبة، وجماعة. وببغداد من: عبد السلام بن بكران الداهري. وبدمشق من: أبي صادق بن صباح. وأقرأ بالروايات مدة طويلة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 397 سمع منه: المزي، وابن الظاهري، وولده أبو عمرو، والبرزالي، وابن سامة، وغيرهم. توفي بحلب في المحرم، وقد قارب التسعين، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب، رحمه الله تعالى. 609 - إبراهيم بن محمد بن طرخان. الحكيم، عز الدين، أبو إسحاق الأنصاري، السويدي، ثم الدمشقي. شيخ الأطباء بالشام. ذكر أنه من وله سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه. ولد سنة ستمائة بدمشق في ذي القعدة. وسمع من: داوود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله السلمي، وعلي بن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 398 عبد الوهاب أخي كريمة وتفرد عنه، والحسين بن إبراهيم بن مسلمة، وزين الأمناء ابن عساكر. وقرأ لولده البدر محمد على مكي بن علان، والرشيد العراقي، واستنسخ له الأجزاء. وقرأ ' المقامات ' في سنة تسع عشرة على خزعل النحوي، وأخبره بها عن منوجهر، عن المصنف. وقرأ كتبا في الأدب والنحو على الزين بن معطي، وعلى النجيب يعقوب الكندي. وبرع في الطب وصنف فيه، ونظر في علم الأوائل. وله شعر جيد وفضائل ؛ وكتب بخطه الكثير. وكان مليح الكتابة. كتب ' القانون ' لابن سينا ثلاث مرات. وكان أبوه تاجرا من السويداء التي بحوران: ذكره الموفق في ' تاريخ الأطباء ' فقال: كان صديقا لوالدي. وعز الدين ولده أوحد زمانه وعلامة أوانه، مجموع الفضائل، كثير الفواضل، كريم الأبوة، غزير القنوة، وافر السخاء، حافظ الإخاء، اشتغل بصناعة الطب حتى أتقنها إتقانا لا مزيد عليه، حصل كلياتها، واشتمل على جزئياتها. واجتمع مع أفاضل الأطباء، ولازم أكابر الحكماء. وقرأ في علم الأدب حتى بلغ أعلى الرتب. إلى أن قال: وهو أسرع الناس بديهة في قول الشعر، وأحسنهم إنشادا. وكنت أنا وهو في المكتب. وهو أجل الأطباء قدرا، وأفضلهم ذكرا، وأعرف مداواة، وألطف مداة، وأنجح علاجاً، وأوضح منهاجا. ولم يزل في البيمارستان النوري. وأنشدني لنفسه فيما كان يعانيه من الخضاب بالكتم:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 399
(لو أن تغير لون شيبي .......... يعيد ما فات من شبابي)
(لما وفى لي بما تلاقي .......... روحي من كلفة الخضاب) وله كتاب ' الباهر في الجواهر '، وكتاب ' التذكرة الهادية ' في الطب. روى عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وطائفة. واشتغل عليه جماعة كثيرة. ومات في شعبان، ودفن بتربته إلى جانب الخانقاه الشبلية، وله تسعون سنة. 610 - أرغون بن أبغا بن هولاكو بن قان بن جنكزخان. ملك التتار، وصاحب العراق، وخراسان، وأذربيجان، وغيرها. جلس عل تخت الملك بعد قتل عمه الملك أحمد، وكان شجاعا مقداما، كافرالنفس، سفاكا للدماء، ذا هيبة وجبروت. وكن مليح الصورة. وهو أبو قازان وخربندا اللذين تملكا. حكى عز الدين حسن المتطبب أنه سمع العماد بن العرام الحاسب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 400 يقول ببغداد: شاهدت أرغون بن أبغا وقد صفوا له ثلاث أفراس، فوقف راجلا عند أولها، وطفر في الهواء فركب الثالث منها، ولم يمس شيئا من الفرسين. [قلت:] وكان وزيره سعيد الدولة قد استولى على عقله يصرفه كيفما أراد، ويحكم في دولته تحكما زائدا. وهلك أرغون في هذا العام في شهر ربيع الأول فيقال إنه سقي، ولم يصح. فاتهم المغول اليهود بقتله، ومضوا على سعيد الدولة، ومالوا على اليهود قتلا ونهبا، وأخذوا لهم أموالاً عظيمة. وورد الخبر بموت أرغون والسلطان على عكا. 611 - إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن قريش. القاضي الجليل، ظهير الدين، أبو المجد القرشي، المخزومي، أخو تاج الدين إسماعيل. سمع ' جامع أبي عيسى الترمذي ' من أبي علي ابن البنا. وعاش خمسا وثمانين سنة. وتوفي بالمحلة في رمضان. روى عنه: الدمياطي، والمصريون. ولم يسمع منه البرزالي، ولا غيره لغيبته عن مصر. ذكره الفرضي في ' معجمه '. 612 - إسماعيل بن نور بن قمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 401 الهيتي، الصالحي. روى عن: موسى بن الشيخ عبد القادر، والموفق بن قدامة، والنفيس بن البن. قال المزي: كان شيخا حسنا، أميا، سمعنا منه. قلت: روى عنه: ابن الخباز، والمزي، وابن البرزالي، وجماعة. ومات في رجب. 613 - أقبغا. الأمير الكبير سيف الدين المنصوري. شاب مليح، رشيق القد. لم يبلغ الثلاثين، كان من أمراء دمشق. قتل بالبرج الذي تأخر أياما عن أخذ عكا، رحمه الله. 614 - آقوش. الأمير جمال الدين الغتمي. من الأمراء المصريين، كان موصوفا بالشجاعة ؛ استشهد على عكا. 615 - آمنة بنت النجم محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خلف البلخي. روت عن: أبيها. وهي زوجة الزين أحمد بن حسين بن المناديلي. 616 - آمنة بنت محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 402 المقدسية، امرأة صالحة، مبتلاة بألم دائما في رأسها يمنعها الصوم. لها حضور على جدها. وروت سنة ست وخمسين عن ابن الزبيدي. وماتت في جمادى الآخرة. كتب عنها الطلبة. 617 - أيبك. عز الدين المعزي. أحد من استشهد من الأمراء على عكا. 618 - أيدكين. الأمير علاء الدين الصالحي، العمادي. أحد الأمراء الكبار. كان دينا، عاقلا، شجاعاً، رئيسا. أخذه السلطان الملك المنصور في وقعة البحرية مع الملك الناصر يوسف عندما أسروا أستاذه الملك الصالح إسماعيل. ولما تسلطن بدمشق سنقر الأشقر جعله أمير جنداره. قال قطب الدين: حكى لي قال: طلبني السلطان على البريد إلى مصر واستحضرني وشرع يوبخني ويقول: أمير جندار !؟ قلت: نعم، أمير جندار. وقاتلنا عسكرك وها أنا بين يديك فافعل في ما تختار. فقال: ما أفعل معك إلا كل خير. وأنعم علي غاية الإنعام. وقد استنابه الملك الأشرف عند سلطنته على صفد. وكان عنده كفاية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 403 وحسن تدبير، ولين جانب، وحسن ظن بالفقراء، وود وإخاء. وله في المواقف آثار جميلة. وكان الملك الظاهر يحبه ويحترمه ويقدمه على نظرائه. توفي بصفد في أوائل رمضان. 619 - أيوب بن أبي الحسن. الفقير القادري. شيخ الفقراء السلاوية. توفي في شعبان. - حرف الباء - 620 - بيليك. الأمير بدر الدين المسعودي. من أمراء مصر. كان شجاعاً، مشهورا بالخير والمكارم. استشهد على عكا. - حرف الجيم - 621 - [جمال الدين الغتمي. من الأمراء الذين استشهدوا على عكا].
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 404
- حرف الدال - 622 - داود بن أحمد بن سنقر. المقدمي، الصوفي، المحدث. أحد الصوفية بالسميساطية. حدث عن: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي. وكتب الأجزاء والطباق. وخطه معروف. كتب عنه: المزي، والبرزالي، والطلبة. ومات في صفر. - حرف الراء - 623 - رشيد الطواشي. أبو الخير الأشرفي، الفاضلي. شيخ فاضل، حافظ للقرآن. حدث عن: جعفر. - حرف السين - 624 - سلامش بن بيبرس بن عبد الله. السلطان، للقرآن. حدث عن: جعفر. - حرف السين - 624 - سلامش بن بيبرس بن عبد الله. السلطان، الملك، العادل ابن الظاهر، ركن الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 405 أجلسوه في السلطنة عندما خلعوا أخاه الملك السعيد، وخطبوا له، وضربوا السكة باسمه ثلاثة أشهر، ثم شالوه من الوسط وبقي خاملا. ولما تملك الملك الأشرف جهزه وأخاه الملك خضر وأهله إلى مدينة اصطنبول بلاد الأشكري، فمات هناك. وكان شابا مليحاً، تام الشكل، رشيق القد، طويل الشعر، ذا عقل وحياء. ومات بهذا العام في اصطنبول. لقبه بدر الدين، وله قريب من عشرين سنة. 625 - سليمان بن أحمد بن فتح الله بن علوان. العمري، الحنفي، الواسطي. سمع من: الأمير السيد أبي محمد الحسن بن السيد، ومحمد بن محمد بن السباك، وغيرهما. ومات ببغداد في ذي الحجة. روى عنه: الكازروني بالإجازة. ويقال له: البوقريشي. 626 - سليمان بن عثمان. المفتي، الزاهد، الورع، بقية السادات. تقي الدين التركماني، الحنفي، مدرس الشبلية. ناب في القضاء بدمشق لمجير الدين بن العديم، ثم استعفى منه ولزم الاشتغال والعبادة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 406 وتوفي في جمادى الأولى ودفن بسفح قاسيون. وكان من أعيان الفقهاء رحمه الله. 627 - سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين. الشيخ، الأديب، البارع، العفيف التلمساني. وكان كومي الأصل [من قبيلة يقال لها كومية بالمغرب]. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان يدعي العرفان، ويتكلم في ذلك على اصطلاحهم. قال: ورأيت جماعة ينسبونه إلى رقة الدين والميل إلى مذهب النصيرية. وكان حسن العشرة، كريم الأخلاق، له حرمة ووجاهة. وخدم في عدة جهات بدمشق. قلت: خدم في جهات المكلس، وغيرها. وحدث بشيء من ' صحيح مسلم ' عن ابن الصلاح، والسخاوي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 407 كتب عنه بعض الطلبة. وكان يتهم بالخمر والفسق والقيادة. وحاصل الأمر إنه كان من غلاة الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، وأن عين الموجودات هي الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وله في ذلك أشعار ورموز وتغزلات ومصنفات. وذكره شمس الدين الجزري في ' تاريخه '، وما كان عرف حقيقة أمره، ونقل شيئا مستحيلا عنه، فقال: عمل في الروم أربعين خلوة، كل خلوة أربعين يوماً، يخرج من واحدة ويدخل في أخرى. قلت: وهذا الكلام فيه مجازفة ظاهرة، فإن مجموع ذلك ألف وستمائة يوم، ولا أدري عمن نقل شمس الدين هذا. ثم قال: وله في كل علم تصنيف، وقد شرح الأسماء الحسنى، وشرح ' مقامات النفري '. قال: وحكى بعضهم قال: طلعت إليه يوم قبض فقلت: كيف حالك؟ قال: بخير، من عرف الله كيف يخاف؟ والله مذ عرفته ما خفته بل رجوته وأنا فرحان بلقائه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 408 [قلت: كذبت، بل أخوف الخلق لله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم]. وحكى تلميذه البرهان إبراهيم بن، الفاشوشة قال: رأيت ابنه في مكان بين ركبدارية وذا يكبس رجليه، وذا يبوسه، فتألمت لذلك وانقبضت ودخلت إلى الشيخ وأنا كذلك، فقال: ما لك؟ فأخبرته بالحال الذي وجدت عليه ابنه محمداً، فقال: أفرأيته في تلك الحال منقبضا أو حزينا؟ قلت: سبحان الله كيف يكون هذا؟ بل كان أسر ما يكون. فهون الشيخ علي وقال: فلا تحزن أنت إن كان هو مسرورا. فقلت: يا سيدي فرجت عني. وعرفت [قدر] الشيخ وسعته، وفتح لي باب كنت محجوبا عنه. قلت: هذا هو الشيخ الذي لا يستحي الله من عذابه. وله شعر في الطبقة العليا والذروة القصوى، لكنه مشوب بالاتحاد في كثير من الأوقات، فمنه: (أفدي التي ابتسمت وهنا بكاظمة .......... فكان منها هدى الساري بنعمان)
(وواجهتها ظباء الرمل فاكتسبت .......... منها محاسن أجياد وأجفان)
(يسري النسيم بعطفيها فيصحبه .......... لطف يميل غصن الرند والبان)
(مرت على جانب الوادي وليس به .......... ماء ففاض بدمعي الجانب الثاني)
(موهت عنها بسلمى واستعرت لها .......... من وضعها فاهتدى الشاني إلى شاني)
(تجنى علي وما أحلى أليم هوى .......... في حبها حين ألجاني إلى الجاني) وله: (أقول لخفاق النسيم إذا سرى .......... وقد كاد أن ينجاب كل ظلام)
(تحمل إلى أهل العقيق رسالتي .......... وخصهم عني بكل سلام)
(وقل لهم إني على العهد لم أحل .......... وإن غرامي فوق كل غرام)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 409
(ولو رمت عنكم سلوة قادني الهوى .......... إلى نحوكم طوعا بغير زمام)
(فيا عاذلي دع عنك عذلي فإنني .......... أخو صبوة لا يرعوي بملام) وله: (وإذا سبى العذال حسنك في الهوى .......... يا منيتي فالصب كيف يكون)
(هب أن عبد هواك أخفى حبه .......... أتراه يخفى والعيون عيون)
(في طرفه السفاح لكن وجهه الهادي .......... فليت حدوده المأمون) وله من أبيات: (وأعد لي حديثه فلسمعي .......... فرط وجد باللؤلؤ المنثور)
(ثم صف لي ذؤابة منه طالت .......... ودجت فهي ليله المهجور) وله: (إلى الراح هبوا حين تدعو المثالث .......... ما الراح للأرواح إلا بواعث)
(هي الجوهر الفرد القديم وإن بدا .......... بها حبب زينت به فهو حادث)
(تمزرتها صرفا فلما تصرفت .......... تحكم سكرا بالتراتيب عابث)
(وفاح شذى أنفاسها فتضررت .......... نفوس عليها الجهل عاث وعايث)
(حلفت لهم ما كافها غير ذاتها .......... فقالوا اتئد فيها فإنك حانث)
(أقم ريثما تغنيك عنك بوصفها .......... وتذهب عما منك فيها بباحث)
(فإن شاهدت منك العيون عيونها .......... ظهرت وإلا فالعيون خوابث)
(وإن لم تبدل آية منك آية .......... بها فيك قيل اذهب فإنك ماكث)
(تفكر في سام وحام حديثها .......... وعز فلم يظهر بمعناه يافث)
(وما لبثت في الدهر قط وإنما .......... هو الدهر فيها إن تأملت لابث)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 410 وهذا الشعر من ألطف ما دقق به الاتحاد، وقد ورى بالراح عن معبوده وله قصيدة هي أصرح في مذهبه من الثانية، وهي: (وقفنا على المغنى قديما فما أغنى .......... ولا دلت الألفاظ فيه على المعنى)
(وكم فيه أمسينا وبتنا بربعه .......... زمانا وأصبحنا حيارى كما بتنا)
(ثملنا وملنا والدموع مدامنا .......... ولولا التصابي ما ثملنا ولا ملنا)
(ولم نر للغيد الحسان به سنا .......... وهم من بدور التم في حسنها أسنى)
(نسائل بانات الحمى عن قدودهم .......... ولا سيما في لينها البان الغنا)
(ونلثم منه الترب أن قد مشت به .......... سليمى ولبنى لا سليما ولا لبنا)
(فوا أسفي فيه على يوسف الحمى .......... ويعقوبه تبيض أعينه حزنا) .......... (ننادي بناديهم ونصغي إلى الصدى .......... فيسألنا عنا بمثل الذي قلنا)
(أقمنا نجود الأرض بالأدمع التي .......... لو أن السحاب الجود يملكها طفنا)
(فلما رأينا أننا لا نراهم .......... رأيناهم في القرب أدنى لنا منا)
(ولكنهم لا يتركونا نراهم .......... إلى أن محونا ثم كانوا وما كنا)
(فراحوا كما كانوا ولا عين عندهم .......... تراهم وأنى يشهد الفرد من مثنى)
(وأشرقت الدنيا بهم وتزينت .......... بزينة ما أبدوا عليها من المعنى)
(وآنس منهم كل ما كان موحشا .......... وعاش هنيا من بها كان لا يهنا)
(ومن ناولته الكأس معشوقة الحمى .......... يرى شرها أن يشرب الخمر والدنا)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 411
(وما صرخ العشاق جملا وإنما .......... إذا سكر المشتاق من طرب غنا) وله: (ما صادمات الحمام في القضب .......... ولا ارتقاص المدام بالحبب)
(إلا لمعنى إذا ظفرت به .......... ألزمك الجد صورة اللعب)
(لأجل ذا في الجمال ما نقلت .......... قوما عن القبض بسطة الطرب)
(قد شاهدوا مطلق الجمال بلا .......... رقيب غيرية ولا حجب)
(وأولعوا بالقدود مائسة .......... أعطافها والمباسم الشنب)
(وافتتنوا بالجفون إن رمقت .......... ترمي قسيا بأسهم الهدب)
(وأسلموا في الهوى أزمتهم .......... طوعا لحكم الكواعب العرب)
(قد خلقت للجمال أعينهم .......... وطهرت بالمدامع السرب)
(ما لا حظوا رتبة تقيدهم .......... وهم جميعا عمادة الرتب)
(فطف بحاناتهم عسى قبس .......... من بعض كاساتهم بلا لهب)
(تصرف من صرفه همومك .......... أو تصبح بالقوم ملحق النسب)
(وكن طفيليهم على أدب .......... فما أرى شافعا سوى الأدب) وله يمدح شهاب الدين محمود بن سليمان الكاتب: (جعل الحمى أفقا لمطمح طرفه .......... فكفاه بالعبرات صيب وكفه)
(واستقبل الوادي بلحظ هدبه .......... شرك لصيد مهاته أوخشفه (حتى إذا عز المرام من اللقا .......... حبس الحشى كي لا يطير بكفه)
(قل للذين عن المحب علمتم .......... إن الفراق لكم علامة حتفه)
(يا ظبي رامة لو تعرض يذبل .......... لظبي جفونك لم يقف عن نسفه)
(بالغت في سقمي فأفنى بعضه .......... وصفي من البلوى وقام بوصفه)
(كم عاشق سبق الملام إلى الهوى .......... وتعثرت عذاله من خلفه)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 412
(يا بانة الوادي التي ورقاؤها .......... تبكي بكاء إلف نأى عن إلفه)
(لك حظوة كقوامه وحمامه .......... كمحبة أبدى جوى لم يخفه)
(ومنادي في رقة الأدب الذي .......... هو كالسلاف فتى كرائق صرفه)
(سمح السجية مبدع في كلما .......... يندبه من نظم القريض ورصفه)
(يا كاتب الفلك اعتبر بشفوفه .......... وإذا شككت فيا عطارد وفه)
(هذا الشهاب الثاقب الدر الذي .......... حاكى سناه عقد جوهر وصفه)
(والنافث السحر الذي لو جسدت .......... كلماته ثغرا لهممت برشفه)
(والمستحق على بني الأدب الأولى .......... هو روضة تنسم عرفه)
(صرفت أنامله اليراع لرسم ما .......... أدناه يثني دهرنا عن صرفه)
(قلم أراد به الهلال تشبها .......... فأقام قامته فلم يستوفه) وله من أبيات: (ولي في ظلال السرحتين منيزل .......... لبسنا به برد التواصل مذهبا)
(يروقك أن تروي أحاديث ورقه .......... وتصغي إلى الألحان شوقا فتطربا)
(وتستنشق الأرواح من نسماته .......... فيفهم معنى الزهر من منطق الصبا) توفي العفيف التلمساني في خامس رجب، وكتب بخطه: مولدي سنة ست عشرة وستمائة. 628 - السيف الإربلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 413 الشاهد. كان شيخا مهيبا، ضخما، حسن البزة. يجلس في الحصيرة التي فيها ابن النصير، ويعرف الشروط، ويكتب خطا مليحا، ويشهد على القضاة. ولم يتزوج ولا حج، وكان يقدر على ذلك، فامتنع القاضي المالكي من قبوله، وقال: أنت لك مال ولم تحج. فقام وحج وأمضى الفريضة، وعاد فأدركه أجله في المحرم في الطريق. وكنت أراه ملازما للشهادة. - حرف العين - 629 - عبد الله بن الحسين بن القاضي الأشرف أحمد بن القاضي الفاضل جمال الدين أبي بكر. توفي بدمشق في داره كهلا في صفر. 630 - عبد الله بن مجد الدين أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن البعلبكي. الشيخ بدر الدين، أبو بكر الأنصاري [الدمشقي. شيخ رئيس مسند مسن. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، والشمس العطار. وهو والد شيخنا أمين الدين أحمد. أخذ عنه غير واحد. ومات رحمه الله تعالى في رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 414 631 - عبد الله بن أبي المرصفي بن عيسى. عز الدين الصرفندي. سمع بدمشق من: ابن الزبيدي، ومحمد بن نحسان، وابن صباح، وغيرهم. كتب عنه المصريون والرحالة. مات في شعبان بالقاهرة. 632 - عبد الخالق بن مكي بن عثمان. الدنيسري. حدث بدمشق عن المحدث أبي منصور بن الوليد. ومات في رجب رحمه الله تعالى. 633 - عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 415 العلامة، الإمام، مفتي الإسلام، فقيه الشام، تاج الدين، أبو محمد الفزاري، البدري، المصري الأصل، الدمشقي، الشافعي، الفركاح. ولد في ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة. وسمع ' البخاري ' من ابن الزبيدي. وسمع من: التقي علي بن باسويه، وأبي المنجا بن اللتي، ومكرم بن أبي الصقر، وابن الصلاح السخاوي، وتاج الدين ابن حمويه، والزين أحمد بن عبد الملك، وخلق سواهم. وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس. فسمع منه: ولده برهان الدين، وابن تيمية، والمزي، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وكمال الدين ابن الزملكاني، والشيخ علي بن العطار، وكمال الدين عبد الوهاب الشهبي، والمجد الصيرفي، وأبو الحسن الختني، والشمس محمد بن رافع الرحبي، وعلاء الدين المقدسي، والشرف ابن سيده، وزكي الدين زكري، وخلق سواهم. وخرج من تحت يده جماعة من القضاة والمدرسين والمفتين. ودرس، وناظر، وصنف. وانتهت إليه رئاسة المذهب كما انتهت إلى ولده. وكان من أذكياء العالم وممن بلغ رتبة الاجتهاد. ومحاسنه كثيرة. وهو أجل من أن ينبه عليه مثلي. وكنت أقف وأسمع درسه لأصحابه في حلقة ابنه. وكان يلثغ بالراء غينا مع جلالته، فسبحان من له الكمال. وكان لطيف الجبة، قصيرا أسمر، حلو الصورة، ظاهر الفم، مفركح الساقين بهما حنف
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 416 ما وريح. وكان يركب البغلة وتحف به أصحابنا، ويخرج بهم إلى الأماكن النزهة، ويباسطهم ويحضر المغاني، وله في النفوس صورة عظيمة لهيبته وعلمه ونفعه العام، وتواضعه وخيره ولطفه وجوده. قرأت بخط الشيخ قطب الدين قال: انتفع به جم غفير، ومعظم فقهاء دمشق وما حولها وقضاة الأطراف تلامذته. وكان رحمه الله، عنده من الكرم المفرط وحسن العشرة وكثرة الصبر والاحتمال. وعدم الرغبة في التكثر من الدنيا، والقناعة والإيثار، والمبالغة في اللطف ولين الكلمة والأدب ما لا مزيد عليه، مع الدين المتين، وملازمة قيام الليل، والورع، وشرف النفس، وحسن الخلق والتواضع، والعقيدة الحسنة في الفقراء والصلحاء وزيارتهم. وله تصانيف مفيدة تدل على محله من العلم وتبحره فيه. وكانت له يد في النظم والنثر. قلت: تفقه في صغره على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، والشيخ تقي الدين ابن الصلاح. وبرع في المذهب وهو شاب وجلس للاشتغال وله بضع وعشرون سنة. ودرس في سنة ثمان وأربعين. وكتب في الفتاوى وقد كمل ثلاثين سنة. ولما قدم النووي من بلده أحضروه ليشتغل عليه، فحمل همه وبعث به إلى مدرسة الرواحية، ليصبح له بها بيت، ويرتفق بمعلومها. ولم يزل يشغل من ذلك الوقت إلى أن مات. وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار. وكان إذا سافر إلى بيت المقدس يتنافس أهل البر في الترامي عليه، وإقامة الضيافات له. وكان أكبر من النواوي، ورحمهما الله، بسبع سنين. وكان أفقه نفسا، وأذكى قريحة، وأقوى مناظرة من الشيخ محيي الدين بكثير، لكن كان محيي الدين أنقل للمذهب، وأكثر محفوظا منه. وهؤلاء الأئمة اليوم هم خواص تلامذته ابنه، وقاضي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 417 القضاة، والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني، وكمال الدين الشهبي، وزكي الدين زكريا. وكان قليل العلوم، كثير البركة، مع الكرم والإيثار والمروءة والتجمل. كان مدرس البادرائية، ولي تدريسها في سنة سبع وسبعين، ولم يكن بيده سواها إلا ما له على المصالح. وكذلك ولده، أمتعنا الله ببقائه. وتجد غيره له عدة مناصب، وعليه ألوف كثيرة من الدين. هذا وأين ما بين الرجلين من الدين والعلم. قال، رحمه الله، ورضي عنه، حين انجفل الناس في سنة ثمان وخمسين: (لله أيام جمع الشمل ما برحت .......... بها الحوادث حتى أصبحت سمرا)
(ومبدأ الحزن من تاريخ مسألتي .......... عنكم فلم ألق لا عينا ولا خبرا)
(يا راحلين قدرتم فالنجاء لكم .......... ونحن للعجز لا تستعجز القدرا) وله: (يا كريم الآباء والأجداد .......... وسعيد الإصدار والإيراد)
(كنت سعدا لنا بوعد كريم .......... لا تكن في وفائه كسعاد)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 418 توفي الشيخ تاج الدين إلى رضوان الله ومغفرته بالبادرائية، في ضحى يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة. ودفن بمقابر باب الصغير، وشيعه الخلق، وتأسفوا على فقده. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وهو الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر أجل من روى ' صحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي. وعاش ستا وستين سنة وثلاثة أشهر. 634 - عبد الرحمن بن محمد بن أبي البدر. شرف الدين العباسي، البغدادي. سمع من: إبراهيم بن الحر، وعجيبة، وجماعة. وعاش خمسا وسبعين سنة. ومات في رجب. 635 - عبد العزيز بن علي. العدل، موفق الدين الشروطي. روى عن أصحاب السلفي. مات في ربيع الأول. 636 - عبد اللطيف بن محمد بن محمد بن نصر الله. الإمام بدر الدين، أبو محمد العبدي، الحموي، الشافعي، الفقيه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 419 إمام، عالم، مدرس، جيد الفتوى، وافر الحرمة ببلده. صاحب مكارم ولطف وتواضع. وله نظم ونثر. كتب عنه شيخنا أبو الحسين اليونيني. ومن شعره: (وبي رشأ قد علا شأنه .......... وكل الأنام به مرتبك)
(تملكني وتملكته .......... بنصف الذي لي به قد ملك)
(أنا عبده وهو عبدي اعجبوا .......... فهل يملك الشخص من قد ملك؟) قلت: يعني تملكني بالعينين وملكته بالعين. وقد سمع ببغداد: إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن. وبمصر من: الحسين بن دينار، وأبي.... قايماز المعظمي وهو عبد الرحيم بن الطفيل. وبحلب من: ابن خليل. وبحماة من: صفية، وجماعة. أخذ عنه: البرزالي. وكان رحمه الله خطيب حماة بالجامع الأعلى. 637 - عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع بن عبد الجبار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 420 القاضي شمس الدين، أبو محمد الأبهري، الشافعي، نزيل دمشق. شيخ فقيه، جليل، عالم فاضل، وافر الديانة، عالي الرواية، كثير الورع. سمع بالموصل من: أبي الحسن بن روزبة. وسمع بدمشق من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن ماسويه، وإبراهيم ابن الخشوعي، وجماعة. وأجاز له: أبو الفتح المندائي، وأبو أحمد بن سكينة، وعين الشمس الثقفية، والمؤيد ابن الأخوة، وزاهر بن أحمد الثقفي. وروى الكثير. أخذ عنه: المزي، والبرزالي، وخلق. وأدركه أبو الفتح ابن سيد الناس والكثير عنه. وولي نيابة القضاء لابن الصائغ مدة. ولد بأبهر في ربيع الأول سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ومات في شوال بالخانقاه الأسدية. وقد سمع منه حضورا عبد الرحمن بن المزي، وسبطه الأمين السيواسي. ولنا منه أجازة، رحمه الله. 638 - عبد الولي [بن] بحتر بن حمادي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 421 أبو أحمد البعلبكي، الفقير، الصالح، المقيم بمسجد الحلبيين بالقاهرة. روى عن: الفخر الإربلي، ويوسف بن خليل. ومات في ذي الحجة. 639 - عبد الولي بن عبد الرحمن بن محمد. ناصر الدين الدمشقي، الحنفي، المؤدب بمكتب بباب الناطفيين، وإمام المدرسة النورية. شيخ معمر فاضل له هيبة على الصبيان. ولد سنة إحدى وستمائة، وقرأ القرآن على السخاوي. وسمع من: ابن اللتي، ومكرم، وغيرهما. وأخذ عنه الحفاظ. ومات في جمادى الأولى. 640 - عبد الولي بن أبي محمد بن خولان. الأجل، بهاء الدين البعلبكي. عدل متميز، صالح، خير، كثير المكارم. قال والده شيخنا أمين الدين محمد: كان له تسعة إخوة وثلاث أخوات، وكان يقوم بجميع مصالحهم، وكان كتانيا، ثم صار تاجرا في البز. ثم تزوج وجاءته الأولاد، ثم ترك التجارة وحج وأقبل على العبادة. وكان محببا إلى الناس كثير الصلاة والصيام والتلاوة. حدث عن: البهاء عبد الرحمن، وغيره. وتوفي في شوال وله نحو ثمانين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 422 قلت: سمع منه ابن أبي الفتح، وابنه، والبرزالي، وجماعة. رحمه الله تعالى 641 - عبد الوهاب بن محمد بن فارس. كمال الدين، أبو محمد المري، بالراء، المصري، الشافعي، المعدل. حدث عن عبد العزيز بن باقا. ومات في ذي القعدة، وله سبع وثمانون سنة. كتب عنه: البرزالي، وابن سيد الناس، وطائفة. 642 - عزيزة بنت عبد العظيم بن عبد القوي. المقدسية، زوجة الزين عبد الرحمن بن هارون الثعلبي. روت عن: كريمة، وإبراهيم بن الخشوعي. وماتت في شعبان. 643 - علي بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد. الشيخ الإمام، الصالح، الورع، المعمر، العالم، مسند العالم، فخر الدين، أبو الحسن ابن العلامة شمس الدين أبي العباس المقدسي، الصالحي، الحنبلي، المعروف والده بالبخاري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 423 ولد في آخر سنة خمس وتسعين وستمائة. واستجاز له عمه الحافظ الضياء: أبا طاهر الخشوعي، وأبا المكارم اللبان، وأبا عبد الله الكراني، وأبا جعفر الصيدلاني، وأبا الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وهبة الله بن الحسن السبط، وأبا سعد الصفار، ومحمد بن الخصيب القرشي، ومحمد بن معمر القرشي، وإدريس بن محمد آل والويه، وأبا الفخر أسعد بن روح، وزاهر بن أحمد الثقفي، وأخاه أبا محمود أسعد راوي ' مسند أبي يعلى ' عن الخلال، وبقاء بن جند، والمفتي خلف بن أحمد الفراء، وداود بن ماشاذه، وعبد الله بن عبد الرحمن البقلي، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، وعبد الوهاب بن سكينة، و أبا زرعة عبد الله بن اللفتواني، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني، وعفيفة الفارقانية. أجاز له هؤلاء في سنة ست وتسعين وسنة سبع وسمع حضورا في الخامسة من جماعة. وسمع ' المسند ' من حنبل، و ' السنن ' لأبي داود، و ' الجامع ' للترمذي، و ' الغيلانيات ' و ' الجعديات ' و ' القطيعيات '، وشيئا كثيرا من عمر بن طبرزد. وسمع من: أبيه، ومحمد بن كامل بن أسد العدل، وأسعد بن أبي المنجا القاضي، وأبي عمر بن قدامة الزاهد، وأبي المعالي محمد بن وهب بن الزنف، وعبد الوهاب بن المنجا، وتفرد بالرواية عنهم. والخضر بن كامل المقير، وعبد الله بن عمر بن علي القرشي، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، وأبي القاسم أحمد بن عبد الله السلمي، وأبي الحسين غالب بن عبد الخالق الحنفي، وأبي الفتوح بن الجلاجلي، وأبي عبد الله ابن البنا، وأبي الفضل أحمد بن محمد بن سيدهم، وأبي محمد بن قدامة، وهبة الله بن الخضر بن طاوس، وطائفة بدمشق والجبل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 424 وأبي عبد الله بن أبي الرداد، وأبي البركات عبد القوي، ومرتضى بن حاتم بمصر. وأبي علي الأوقي ببيت المقدس، وظافر بن شحم، وغيره بالثغر. ويوسف بن خليل بحلب، وعمر بن كرم، وعبد السلام الظاهري ببغداد. وروى الحديث سبعين سنة، فإن عمر بن الحاجب سمع منه سنة عشرين وستمائة. وسمع منه: الحافظان زكي الدين المنذري، ورشيد الدين القرشي سنة نيف وثلاثين بالقاهرة. وقرأ عليه شمس الدين ابن الكمال ابن عمه كثيرا من الأجزاء بعد الخمسين وستمائة. وشرع الحفاظ والمحدثون في الإكثار عنه من بعد الستين، ولم يكن إذ ذاك سهلا في التسميع، فلما كبر وتفرد أحب الرواية، وسهل للطلبة، وازدحموا عليه، ورحلوا إليه، وبعد صيته في الآفاق، وقصد من مصر والعراق، وكثرت عليه الإجازات من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد. وبعث إليه شيخنا ابن الظاهري بمشيخة خرجها له مع البريد، فاشتهر أمرها، ونودي لها، ونوه بذكرها في المحدثين والفقهاء والصبيان، وتسارعوا إلى سماعها، وانتدب لقراءتها شيخنا شرف الدين الفزاري، وكان الجمع نحوا من تسعمائة نفس، فسمعها عليه من لم يسمع شيئا قبلها ولا بعدها، ونزل الناس بموته درجة. وكان فقيها، إماماً، أديبا، ذكيا، ثقة، صالحاً، خيرا، ورعاً، فيه كرم ومروءة وعقل، وعليه هيبة وسكون. وكان قد قرأ ' المقنع ' كله على الشيخ الموفق، وأذن له في إقرائه، ثم اشتغل بالعائلة وتسبب، فكان يسافر في التجارة في بعض الأوقات. ومن بعد الثمانين ضعف ولزم منزله، وعاش أربعا وتسعين سنة وثلاثة أشهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 425 سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: أحد المشايخ الأكبار الأعيان الأماثل، من بيت العلم والحديث. تفرد في الرواية عن عامة مشايخه سماعا وإجازة. سمعنا منه أشياء كثيرة جدا. ولا نعلم أن أحدا حصل له من الحظوة في الرواية في هذه الأزمان ما حصل له. وقال شيخنا ابن تيمية: ينشرح صدري إذا أدخلت ابن البخاري بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث. وقد روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة ابن دقيق العيد، وقاضي القضاة ابن جماعة، وقاضي القضاة ابن صصرى، وقاضي القضاة تقي الدين سليمان، وقاضي القضاة سعد الدين مسعود، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي، وشيخنا أبو حفص ابن القواس، وأبو الوليد بن الحجاج، وأبو بكر بن القاسم التونسي المقرئ، وأبو الحسن علي بن أيوب المقدسي، وأبو الحسن الختني، وأبو محمد بن المحب، وأبو محمد الحلبي، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله العسقلاني رفيقنا، وأبو العباس البكري الشريشي، وأبو العباس بن تيمية. وإن كان.. بقاء فليؤخرن أصحابه إن شاء الله إلى بعد السبعين وسبعمائة. وقد رحل إليه أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمري فدخل دمشق مسلما على قاضي القضاة شهاب الدين، وقال: قدمت للسماع من ابن البخاري فقال: أول أمس دفناه. فتألم لموته. وكان في ثاني ربيع الآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 426 ومن شعره: (تكررت السنون علي حتى .......... بليت وصرت من سقط المتاع)
(وقل النفع عندي غير أني .......... أعلل للرواية بالسماع) ولا يدرى ما قرأ عليه الشيخ علي الموصلي والمزي من الكتب والأجزاء وأما البرزالي فقال: سمعت منه بقراءتي وقراءة غيري ثلاثة وعشرين مجلداً، وأكثر من خمسمائة جزء. وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال ثقات. وقد أجاز لي مروياته في سنة ثلاث وسبعين. ولم أرزق السماع منه، رحمه الله تعالى. 644 - علي بن أبي صادق الحسن بن يحيى بن صباح. علاء الدين أبو الحسن القرشي، المخزومي، المصري، ثم الدمشقي، الشافعي. شيخ ثقة: فاضل، صالح، خير. سمع: أباه، وأبا القاسم أحمد بن عبد الله السلمي، وأبا المجد القزويني، وأبا المحاسن ابن أبي لقمة، وأبا عبد الله بن الزبيدي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 427 وولد سنة ست أو سبع وستمائة بدمشق. وكان يسكن عند باب توما. كتب عنه الجماعة، وأثنوا عليه. ولي منه إجازة. مات في شعبان. وكان فقيها بالمدارس. 645 - علي بن عبد الله بن أبي الفتح. الحراني، المقرئ، الضرير، نزيل القاهرة، ووالد شيخنا محمد البحري. حدث عن: ابن روزبة، وغيره. وسمع منه: البرزالي، والقطب. مات في ربيع الآخر. 646 - علي بن عبد اللطيف بن محمد بن محمد بن المغيزل. الفقيه سيف الدين الحموي. توفي شابا بحماة في المحرم. 647 - علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف بن نبهان. الإمام، علاء الدين، أبو الحسن، ابن العلامة كمال الدين أبي المكارم، ابن خطيب زملكا الأنصاري، السماكي والد الإمام العلامة مفتي الشام كمال الدين محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 428 كان إماما جليلا، وافر الحرمة، حسن البزة، مليح الصورة، تام الشكل، مهيبا. درس بالأمينية مدة، وتوفاه الله تعالى إلى رحمته في ربيع الآخر وقد نيف على الخمسين. وقد سمع من الرشيد العطار بمصر، ومن خطيب مردا بدمشق. ولم يحدث. [وكان] شهما مقداما، يتقي شره ويخاف ولوعه. شهر عن ابن جماعة أنه شرب خمرا ثم أتاه وقال: اجعلني في حل. قال: نعم إذا اعترفت عند قاض. نقلها الشيخ تاج الدين وهذا يدل على دين فيه. 648 - عمر بن عبد الرحمن بن جبريل. الشيخ نور الدين الطالقاني، الحنفي. كان إماماً في المذهب، عارفا بأصوله، خبيرا بالعربية، فيه زهد وانقطاع وخير. توفي بدمشق في صفر بالمارستان. 649 - عمر بن علندي. الحارس. سمع من: ابن اللتي. وحدث. توفي في ربيع الأول. 650 - عمر بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن باقا. بهاء الدين، أبو حفص البغدادي الأصل، المصري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 429 روى عن: جده، ومحمد بن محمود الدوي. ومات في رمضان وله سبعون سنة. سمع منه: البرزالي، واليعمري، وجماعة. 651 - عمر بن يحيى بن عمر بن حمد. الشيخ فخر الدين الكرجي الشافعي، نزيل دمشق. ولد بالكرج سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وقدم دمشق فلزم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وخدمه وتفقه عليه. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والبهاء عبد الرحمن المقدسي. وحدث ' بالبخاري ' وبكثير من مسموعاته. وتزوج بنت شيخه تقي الدين. وكان ضعيفا، حدث بما لم يسمع. وذكر أبو عمرو المقاتلي أنه رآه قد ألحق اسم زين الدين الفارقي في ' الغيلانيات ' على ابن الصلاح. قال: وكان يلحق اسمه في الإسجالات على القضاة، سامحه الله وغفر له. قلت: روى عنه جماعة. وحدث عنه أبو الحسن العطار ' بصحيح البخاري '. وأجاز له مروياته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 430 مات الفخر الكرجي والفخر بن البخاري في يوم واحد ثاني ربيع الآخر، وقد شاخ وعجز وانقطع في بيته مدة. وكان شيخ الحديث بالظاهرية من بعد أبي إسحاق اللورقي، وشيخ الحديث بالقليجية، فولي بالظاهرية الشيخ عز الدين الفاروثي، وبالقليجية مدرسها بهاء الدين. 652 - عيسى بن إياز. شرف الدين بن فخر الدين، والي حماة. س أديب شاعر، محسن. توفي في العشرين من جمادى الآخرة بحماة. وهذه الأبيات التي غني بها في أيام فتح المرقب، له: (تحن إلى لقائكم القلوب .......... فهل لي من زيارتكم نصيب)
(ويصبو نحوكم طرفي وقلبي .......... فذا منكم يصاب وذا يصوب)
(أجيران الحمى عودوا مريضا .......... سلامته هي العجب العجيب)
(لقد سئم العواذل طول سقمي .......... لفرقتكم وأيأسني الطبيب)
- حرف الغين - 653 - غازي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 431 أبو محمد الدمشقي، الحلاوي. وكناه الدمياطي: أبا مجاهد. سمع ' الغيلانيات ' من عمر بن طبرزد، وقطعة كبيرة من ' المسند ' عن حنبل. وأقام بقطيا مدة منقطعا إلى واليها، وكان يحسن إليه. ودخل مصر غير مرة، وحدث، وتفرد، وازدحموا عليه، وسمع منه خلق كثير. قال لي أبو الحجاج المزي: دخلت إلى مسجد قطيا فرأيت شيخا كأنه بابا فسألته: هل تعرف غازي الحلاوي فقال: أنا هو. فقرأت عليه عوالي الغيلانيات. روى عنه: هو، والدمياطي، والبرزالي، وأبو حيان النحوي، وأبو محمد بن منير، وأبو الفتح اليعمري. وكان شيخا معمرا، صحيح التركيب، ممتعا بحواسه. عاش خمسا وتسعين سنة. وكان فقيرا، متعففاً مستورا، حافظا للقرآن، ينوب في إمامة جامع قطيا. قيل إنه ولد في حدود سنة تسعين وخمسمائة، فإن القاضي سعد الدين الحارثي كتب تحت خطه في إجازة: سئل عن مولده سنة ثلاث وثمانين فقال: يكون لي اثنان أو ثلاث وتسعون سنة. قلت: كان يعرف بابن الرداف، ويلقب بالشهاب. توفي في رابع صفر بمصر. وقيل: ولد سنة 91 ؛ وقيل سنة 94.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 432
- حرف القاف - 654 - قطز. الأمير سيف الدين المنصوري. من أكبر مماليك المنصور وأقدمهم، وأحسنهم شكلا. وكان يشرب، فلما حج ظن الناس أنه يتوب فلم ينته عن الخمر. وكان يندب في المهمات لشجاعته وغنائه. 655 - قيران. الأمير بدر الدين السكزي. أحد من قتل على عكا. - حرف الكاف - 656 - كشتغدي. الأمير جمال الدين الغري. مصري حدث عن أبي القاسم سبط السلفي. ومات في صفر. والغزي: بمعجمة ثم مهملة مستفاد من الغزي بمعجمتين وبالفتح. والغزي بمعجمتين وبالضم. والعزي بمهملة ثم معجمة. والعربي بزيادة باء. 657 - كشتغدي. الامير علاء الدين الشمسي، خشداش البسري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 433 كان أحد المقدمين الذين ساروا من مصر لانتزاع الشام من سنقر الأشقر. ذكره قطب الدين فقال: كان عنده تشيع، وتظهر منه كلمات ينبو عنها السمع. وحبس هو والبيسري مدة، فلا تسلطن الأشرف أخرجهما ورفع منزلتهما. وقتل كشتغدي على عكا. قلت: وله آثار في إصلاح السجن الذي بداخل مشهد علي من جامع دمشق. جاءه سهم فقتله. - حرف اللام - 658 - لؤلؤ. مولى الصاحب ابن جرير. قال البرزالي: روى لنا عن ابن اللتي. قلت: توفي في ربيع الأول. سمع منه الفرضي أيضا، والمزي. - حرف الميم - 659 - محمد بن إبراهيم بن عبد المجيد. الشيخ أبو عبد الله اللخمي، القوصي، المقرئ، الشافعي. منقول من ' تاريخ مصر ' لشيخنا القطب. وأنه ربي في حجر العارف أبي الحسن بن الصباغ، وهو أخر أصحابه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 434 وقرأ بالثغر على الصفراوي. وسمع من: إبراهيم بن علي المحلي بخط ابن مسدي. مولده في صفر سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ومات بالقاهرة في سابع ذي القعدة سنة 90. 660 - محمد بن أحمد بن أبي الفهم. العدل، عز الدين ابن البقال، أبو عمرو. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بدمشق. وحدث عن السخاوي، وإبراهيم بن الخشوعي، وجماعة. ومات في جمادى الأولى. وهو أخو المعمر علاء الدين علي. 661 - محمد بن أسعد بن نصر الله بن عبد الكريم أخي القاضي كمال الدين عبد الصمد بن محمد ابن الحرستاني. نجم الدين. توفي بالمارستان عن ثمانين سنة في ذي القعدة. حدث عن: أبي المجد القزويني، وعبد الرحيم بن علي بن مكارم الحداد. أخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة. 662 - محمد بن داود بن أبي القاسم. الأمير بدر الدين ابن الأمير الأجل عماد الدين الهكاري. جندي محتشم. ولد سنة سبع وثلاثين. وسمع من: ابن رواحة، ويحيى بن قميرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 435 وحدث. ومات بالقدس في شعبان، وفجع به أبوه. وكان فارسا شجاعاً، مهيبا. 663 - محمد بن سعد بن المظفر بن المطهر. شمس الدين، أبو الخير بن اليزدي، البغدادي، الزاهد، شيخ رباط الخلاطية. سمع من: ابن الخباز، وابن قميرة. مات في شوال. 664 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم. الشيخ صفي الدين ابن المالحاني، المقرئ، البغدادي، التاجر. سمع ' الصحيح ' علي ابن القطيعي، وابن روزبة. وأجاز له داود بن معمر، وجماعة. ولد سنة عشر وستمائة، ومات في صفر. وأجاز له أبو الفتح الغزنوي، وابن صرما. أخذ عنه: الفرضي، وابن الفوطي. 665 - محمد بن عبد الخالق بن مزهر. الإمام شهاب الدين الأنصاري، الدمشقي، المقرئ. قرأ القراءآت على السخاوي وأقرأها. وروى الحديث: وكان شيخا فاضلا يدري القراءآت دراسة متوسطة. قرأ عليه شمس الدين الحنفي الأعرج، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 436 ومات في رجب، وقف كتبه بدار الحديث الأشرفية. 666 - محمد بن عبد المؤمن بن أبي الفتح. شمس الدين، أبو عبد الله الصوري، المقدسي، الصالحي ابن عمه شيخنا التقي أحمد. ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من: أبي اليمن الكندي. وهو آخر من سمع منه. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب، وأبي عبد الله بن البنا، وجماعة. وتفقه وكتب الخط المنسوب، ونسخ بخطه الكتب، ورحل إلى بغداد فسمع بها من أبي علي بن الجواليقي، وعبد السلام الزاهري، وأبي حفص السهروردي، وغيرهم. وأجاز له: عبد العزيز بن الأخضر، وابن طبرزد. وكان من بقايا الشيوخ المسندين في زمانه. أكثر عنه: المزي، والبرزالي، وابن العطار، وابن سيد الناس، وجماعة. وكان يطلع في الأمانة إلى المرج ويؤدب يسعى في الرزق. وتوفي في منتصف ذي الحجة. 667 - محمد بن عثمان بن سلامة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 437 العماد الدمشقي، التاجر. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من: أبي محمد بن البن، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. وكتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي، والطلبة غير مرة. ومات في شوال. وكان رفيق أبي جعفر ابن الموازيني. 668 - محمد بن عثمان بن عبد الوهاب. أبو عبد الله الأبهري، الصوفي، المقرئ. كان صوفيا بالخانقاه الأسدية وشاهدا بالبياطرة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وابن الزبيدي. كتب عنه الجماعة. وكان صالحا خيرا. توفي في ربيع الأول. 669 - محمد بن علي بن أبي علي. العدل، جمال الدين، ولد السيف الآمدي. ولد بحماة سنة اثنتين وستمائة، وروى عن القزويني. 670 - محمد بن قايماز. شرف الدين الكتبي. روى عن، مكرم. 671 - محمد بن أبي الفضل محمد بن محمد بن أبي الفتوح محمد بن محمد بن عمروك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 438 أبو بكر البكري، التميمي. ولد بدمشق سنة سبع وعشرين. وسمعه عمه الصدر البكري من: ابن اللتي، وكريمة، ومحاسن الحريري، وغيرهم. وسكن مصر، وحدث بها ؛ وكان من عدولها. توفي في شوال. وكتب عنه: البرزالي وقال: هو النجم بن الشرف. 672 - محمد بن الشمس. المحمدي، المؤذن، من كبار المؤذنين بدمشق. توفي في صفر. 673 - مؤنسة بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم العقيلي. توفيت بدمشق في ربيع الآخر. روت عن: الركن الحنفي، كأخواتها. 4 - حرف اللام ألف - 674 - لاجين. الأمير سابق الدين العمادي. نائب قوص وأعمالها في ولة المعز. ثم ولي بلبيس، وبها توفي في خامس رمضان عن اثنتين وثمانين سنة. وكان مملوكا للصاحب عماد الدين وزير الجزيرة العمرية. وكان دينا، صالحا، متصدقا، قدم مع أستاذه في دولة الكامل، وقدم في أيام الصالح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 439
- حرف الياء - 675 - يحيى بن أحمد بن سليمان. الفقيه، عماد الدين الشافعي، العدل. سبط الإمام أبي عمرو بن الحاجب. توفي بدمشق في ربيع الآخر. وقد سمع من جده، ومن السخاوي. ولم يرو. 676 - يمك. الأمير الكبير، بهاء الدين الناصري، الصلاحي. عتقه الملك الناصر يوسف، وتزوج بابنة الملك القاهر عبد اللمك ابن الملك المعظم. وحج بالركب الشامي سنة ست وثمانين. وزخرف داره بالديماس فوقع من السقالة دهانان فماتا لوقتهما. وكان تركيا مهيبا، تام الشكل، معروفا بالشجاعة. توفي بدمشق في رجب. 677 - يوسف بن إبراهيم بن يوسف. الشيخ أبو الفضل الرومي، الملطي، الواعظ. توفي بدمشق في ذي الحجة عن خمس وسبعين سنة. حضرت مجلسه، وكان بارد الوعظ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 440 678 - يوسف بن يعقوب بن محمد بن علي. الرئيس المعمر، نجم الدين، أبو الفتح ابن الوزير الصاحب أبي يوسف ابن المجاور الشيباني، الدمشقي، الكاتب. ولد في سنة إحدى وستمائة. وسمع من: أبيه، والتاج الكندي، والخضر كامل السروجي، وعبد الجليل بن مندويه، وزينب بنت إبراهيم القيسي، وداود بن ملاعب، وعبد الله بن طاوس، وعمر بن سقير، والحسن بن البن، وأبي الوحش عبد الرحمن بن نسيم، والشيخ الموفق. وكان شيخا جليلا، فاضلا، أبيض اللحية، حسن البزة، رأيته يحدث غير مرة عند البرادة، وقفت عليه مرة في سنة ست وثمانين فسمعت القارئ يقول له: أخبرك في تاريخ كذا فلان، فحسب فإذا السماعة ثمانون سنة. فلبثت سويعة، فقرأ عليه حديث العابد والرمانة، وحديث المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة، فحفظتهما من ذلك الوقت. ورأيته أيضا في ديوان المظالم بدار الطعم، ثم عزل قبل موته بسنتين أو ثلاث إلى أن مات. ومع هذا فكان صاحب عبادة ودين. أجاز له: محمد بن علي القبيطي، وأحمد بن الحسن العاقولي، وابن الأخضر، وعبد العزيز، ابن منينا، وغيره. وكناه بعضهم أبا العز.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 441 وتوفي في الثامن والعشرين من ذي القعدة. وكان له مكان كيس على نهر يزيد وقفه زاوية. وكان قد سمع كتاب ' تاريخ بغداد، للخطيب، من الكندي في سنة سبع وستمائة. سمعه منه: المزي. تفرد به وبشيء كثير، وانقطع بموته إسناد عال. الكنى 679 - أبو بكر بن عباس بن عريب. زين الدين الدمشقي. حدث بالقاهرة عن: ابن صباح، وابن الزبيدي. ومات في رمضان. 680 - أبو بكر. الشيخ اليعفوري. شيخ له حال وأصحاب ومولهون. رأيته مرة. وتوفي بقرية يعفور. صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق في شوال وعلى البرهان الهروي شيخ الصوفية الذين بالقدس. * * * وفيها ولد: الخطيب زين الدين عبد الرحيم بن محمد بن جماعة الكتاني، وسراج الدين عبد اللطيف بن أحمد الكويك الشافعي، ومحمد بن التقي حمزة بن المجدلي. وتقي الدين محمد بن محمد بن أبي الحسن البعلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 442 (بعون الله وتوفيقه، انتهى تحقيق هذه الطبقة التاسعة والستين من هذا السفر الجليل ' تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ' للمؤرخ الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي، المتوفى بدمشق 748 ه. رحمه الله، وضبط النص، وتخريج الأحاديث والأشعار، وتوثيق مادته، والتعليق عليه، والإحالة إلى المصادر، وشرح المصطلحات، وصناعة الفهارس، على يد خادم العلم وطالبه، راجي عفو ربه، والفقير إليه، الحاج الأستاذ الدكتور أبي غازي عمر عبد السلام تدمري، الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفي مذهبا، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، المشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه بالفرعين الأول والثالث، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرخين العرب، وتم إنجاز التحقيق مساء الأربعاء في الثاني عشر من شهر رمضان المبارك سنة 1419 ه، الموافق للثلاثين من شهر كانون الأول (ديسمبر) 1998 م. وذلك في منزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون (النجمة سابقا) بمدينة طرابلس الشام المحروسة، جعلها الله ثغرا ورباطا مطمئنا بحفظه ورعايته وسائر بلاد المسلمين. ويسر الله لي إنجاز تحقيق الطبقة السبعين الأخيرة من هذا الكتاب، وختم لي بخير، منه استمد العون، وعليه الاتكال، وهو الموفق والمعين، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد أشرف المرسلين). تم تحقيق هذا الجزء على نسختين هما: نسخة المتحف البريطاني رقم (4810) ونسخة المتحف البريطاني رقم (1540 / 51) المصورة بدار الكتب المصرية رقم (42) تاريخ
الجزء الثانى والخمسون
الجزء الثاني والخمسون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 9 بسم الله الرحمن الرحيم من الحوادث الكائنة في هذه الطبقة سنة إحدى وتسعين وستمائة [ذِكر الكأس السُّمّاقي] في صفر أمر نائب دمشق، وهو الشجاعي، بإنزال الكأس السماقي البراق من القلعة إلى الجامع، فأنزل والمؤذنون بين يديه يقرأون، والصبيان يصيحون، إلى أن وضع موضع البرادة. وقلعت البرادة. ولم يكن هذا الكأس مثقوباً، فثقبه المرخمون في أيام. وهو كأس كأنه هناب مرحرح، يسع نحو عشرة أرطال ماء أو أقل. وحجره من جنس اللوحين اللذين عن جنبتي محراب جامع دمشق، حجر أملس بصاص مانع قليل الوقوع. ثم أجري فيه الماء، وسمرت المغرفتين مع الركن وشربنا منه. ثم أخذوه إلى القلعة، وعُمل في دار السلطنة بعد أيام. [تخريب حمّام الملك السعيد] وفيه أخرب حمام الملك السعيد، ولم يكن في الشام بأسرها حمام أحسن منه، ومغله عظيم. وكان بينه وبين باب السر الذي بالقلعة نحو سبعين ذراعاً. وأخذوا من حجاره باباً، وحملوها على باب السر. وخربوا ما حوله من الدور وغيرها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 10
[بناء باب الميدان بقلعة القاهرة] وفيه كان البناء في القلعة والطارمة بجد وسهر واجتهاد عظيم. وبني باب الميدان بأعمدة كانت في القلعة، وعمل له حيطان هائلة العرض. واقتسمت الأمراء عمله، وأقيم في زمن يسير بهمة عالية وسرعة زائدة. [خطبة الخليفة بجامع القلعة] وفي ربيع الأول خطب أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله يوم الجمعة بجامع قلعة الجبل خطبة جهادية، فقيل هي التي لقنه إياها شيخنا شرف الدين ابن المقدسي. [خطابة دمشق] وفيه ولي خطابة دمشق الشيح عز الدين أحمد ابن الفاروثي، وخرج بعد يوم بالناس إلى الصحراء للاستسقاء. وحضر الشجاعي النائب ماشياً إلى ميدان الحصى. وذلك في وسط آذار. وبعد يوم أو يومين حصل للغوطة صقعة شديدة أعطبت الصحراء والثمار ولم يعهد مثلها من نيف وعشرين سنة. [صلاة الاستسقاء] وفي يوم الإثنين بعد جمعة خرج الناس أيضاً للاستسقاء إلى قريب مسجد القدم وخطب الفاروثي، ومشى إلى ثم نائب السلطنة الشجاعي والجيش والخلائق وابتهلوا إلى الله، ثم رزق الله الغيث وجاءت الرحمة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 11
[التدريس بالقيْمُريّة] وفيه درس الشيخ صدر الدين عبد البر بن رزين بالقيمرية لسفر مدرسها القاضي علاء الدين أحمد بن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز. [عمارة دار السلطنة بقلعة دمشق] وفيه، أعني ربيع الآخر، انتهت عمارة دار السلطنة بقلعة دمشق، ودخل فيها نحو أربعة آلاف دينار في الزخرفة. وعمل النائب للسلطان دهليزاً عظيماً إلى الغاية طول عموده بضعة وثلاثين ذراعاً ست وصلات، لا يمكن للشخص أن يحضنه، والفلكة التي في أعلاه كأنها فردة طاحون. وهو من هذه النسبة. وتنوع في عمل خامه وغرم عليها أموالاً. ونصب بالميدان ليراه السلطان، فقاسوا المشاق حتى انتصب، فجاء هواء عاصف فرماه، فشرعوا في عمل دهليز أصغر منه. [دخول الملك الأشرف دمشق] وفي جمادى الأولى دخل دمشق الملك الأشرف، ثم صلى بجامع دمشق يوم الجمعة بالمقصورة، وأسرجت له شموع كثيرة، وخلع على الخطيب عز الدين الفاروثي. [دخول السلطان حلب] وأقام السلطان بدمشق عشرة أيام، وسار إلى حلب فدخلها في أواخر الشهر بالجيوش.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 12
[التدريس بالظاهرية] وفيه درس الشيخ صفي الدين الهندي بالظاهرية بعد رواح مدرسها ابن بنت الأعز إلى مصر. [نكاح الأمير الأعسر] وفيه نكح الأمير شمس الدين الأعسر ابنة الصاحب شمس الدين ابن السلعوس على ألف وخمسمائة دينار. [حبْس الشيخة البغدادية] وفيه حبست الشيخة البغدادية، وتعصب عليها جماعة من الأحمدية وأوذيت فصبرت وقالت: أنا لا أترك النهي عن المنكر. ثم سلمها الله بحسن نيتها. [حصار قلعة الروم] وفي ثامن جمادى الآخرة نازل السلطان وجيوشه قلعة الروم وحاصرها شهراً وثلاثة أيام. [تدريس النجيبية] وفيه نزل الفاروثي عن تدريس النجيبية للشيخ ضياء الدين عبد العزيز الطوسي. [تسمير مؤذّن وعبد] وفيه وقع من أخي رئيس المؤذنين البرهان أمر صعب، وهو أنه وعبد أسود تحيلا في النزول على حرم السلطان الذين تركهم بالقلعة وأحضرا سلماً
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 13 وأرادا التسلق منه، ففطن لهما، وأخذا، وكوتب فيهما، فجاء الأمر بتسميرهما، فسمرا وماتا. [فتح قلعة الروم] وفي حادي عشر رجب فتحت قلعة الروم بالسيف عنوة، ودقت البشائر وزينت البلاد، وترحل السلطان، وبقي عليها عسكر الشام والشجاعي لعمارتها، وترميم ما تشعث بالمجانيق. فقدم السلطان حلب وعزل عنها قراسنقر المنصوري، وأمر عليها سيف الدين بلبان الطباخي المنصوري متولي الساحل. وأمر على السواحل طغريل الإيغاني. وأمر على قلعة الروم الأمير عز الدين الموصلي. [فتح معاقل الأرمن] وفيه فتح الشجاعي الراكات، وهي معاقل للأرمن على الفرات، وأخذ منها نحواً من ألف نفس. [إسلام المحقق معيد القيمرية] وفيه بدت من الجمال المحقق معيد القيمرية هفوة في الدرس، فقام
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 14 مدرس القيمرية صدر الدين ابن رزين وشكاه، وجرت أمور أوجبت أن المحقق أسلم عند القاضي شرف الدين الحنبلي، وحكم بإسلامه وحقن دمه، وترك إعادة القيمرية، وقايض نجم الدين الدمشقي إلى إعادة الرواحية. [أسرى الأرمن] وفي تاسع شعبان دخل السلطان دمشق منصوراً والأسرى بين يديه، منهم خليفة الأرمن. [تراجع الجيش عن جبل الجرديّين] وأما نائب السلطنة بيدرا، وسنقر الأشقر، وقراسنقر، وبكتوت العلائي، وكثير من الجيش فسار إلى بعلبك، ثم إلى جبل الجرديين، ووافاهم من جهة الساحل ركن الدين طقصو، وعز الدين أيبك الحموي، فنزلوا على الجبل، فحضر إلى بيدرا من فتر همته عنهم، وتمكنوا من أطراف الجيش في تلك الجبال الوعرة، ونالوا منهم، فرجع الجيش شبه المقهورين، وحصل للجبليين الطمع والقوة، ثم هادنتهم الدولة، وخلع على جماعة منهم. وحصل بذلك للعسكر وهن. ثم قدم بيدرا دمشق، فعاتبه السلطان، فتألم ومرض، وزاره السلطان، ثم عوفي. وعمل السلطان ختمة بجامع دمشق لعافيته
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 15
[وفاة صدرين موقعين] وليلة نصف رمضان توفي صدران كبيران موقعان عديما النظير: فتح الدين محمد بن محيي الدين ابن عبد الظاهر، ومن الغد توفي سعد الدين بن سعد الله الفارقي. [الإفراج عن علم الدين الدواداري] وفي رمضان أحضر الأمير علم الدين الدواداري من حبس الديار المصرية إلى دمشق، وأنعم عليه السلطان وأعاده إلى الإمرة، وأفرج عن أمواله وحواصله. ثم سار صحبة الركاب الشريف. [خطابة دمشق] فيه ولي خطابة دمشق موفق الدين محمد بن محمد بن حبيش الحموي عوضاً عن الشيخ عز الدين الفاروثي، فباشر يوم الجمعة الثامن والعشرين من رمضان. وحضر السلطان يومئذ بالمقصورة. [هرب الأمير حسام الدين لاجين] وهرب الأمير حسام الدين لاجين بسبب مسك الأمير ركن الدين طقصو، وخرج السلطان إلى المرج في طلبه، ونادت المنادية بدمشق على الأمير لاجين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 16
[دخول الشجاعي دمشق] وفي سابع شوال دخل الشجاعي بعسكر دمشق، أتوا من ناحية قلعة الروم. وقد فرغوا من أشغالهم. [تقييد الأمير الأعسر] ويومئذ قيد شمس الدين الأعسر وبعث إلى مصر. [عزل الشجاعي] وعزل الشجاعي من نيابة دمشق بعز الدين الحموي. [عودة السلطان إلى مصر] وتوجه السلطان إلى مصر في عاشر شوال بسحر، وبات أهل الأسواق بظاهر البلد مرتين بالشمع إلى ميدان الحصى. [القبض على حسام الدين لاجين] وأما لاجين، فلما هرب قصد بعض أمراء العرب بأرض صرخد وطلب منه أن يوصله إلى الحجاز، فقبض عليه، وأتى به إلى السلطان يوم الرابع من شوال. فقيده وبعث به إلى مصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 17
[تقييد سُنقُر الأشقر] ثم قيد سنقر الأشقر وبعث به أيضاً. [نظارة الدواوين] وولي جمال الدين بن صصرى نظر الدواوين، وأعفي من ذلك محيي الدين ابن النحاس، وعوض بنظر الخزانة. وعزل أمين الدين ابن هلال. [ركب الحجاج] ويوم تاسع عشر شوال توجه الركب وأميرهم سيف الدين باسطي المنصوري. [حبْس خطيب جامع جرّاح] ويومئذ أمسك علاء الدين ابن الجابي خطيب جامع جراح وأخذ ماله، واتهم بضرب الزغل. وكان مغرى بالكيميا فضرب وحبس مدة ثم أطلق بعد شهر ونصف. [الإفراج عن الأمير لاجين] وفي ذي القعدة دخل السلطان مصر، وأفرج عن حسام الدين لاجين، وأعطاه مائة فارس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 18
[توجّه جماعة من التتار إلى مصر] وفي ذي الحجة قدم الشام نحو ثلاثمائة فارس من التتار مقفزين، وتوجهوا إلى القاهرة. [خنق الأميرين سنقر وطقصو] وفي أواخرها، وقيل في أول سنة اثنتين أحضر السلطان بين يديه سنقر الأشقر وطقصو فعاقبهما، فأقرا أنهما عزما على قتله، وأن حسام الدين لاجين لم يكن معهم، فأمر بهما فخنقا بوتر، وأفرج عن لاجين بعد أن كان الوتر في حلقه. وقيل خنق وترك بآخر رمق، فشفع فيه بيدرا والشجاعي فأطلقه، وأنزل الآخران إلى البلد فسلما إلى أهاليهما. وأهلك معها أمراء منهم جرمك، وسنقران، والهاروني. ذِكر القصيدة التي أنشأها المولى شهاب الدّين محمود بن السلطان وقيل إنها لغيره، فقد سألته عنها فلم يعرفها، وإنما هي لشاعر من تجار بغداد مات سنة بضع وسبعمائة، سمعها منه ابن منتاب. وبعد ذلك ظهرت أنها للمولى شهاب الدين، وأخرجها بالخط العتيق، وحدث بها. سمعها منه العلائي، وغيره. وهي: (لك الرّاية الصَّفراءُ يقدمُها النَّصرُ .......... فمن كيقُباذُ إنْ رآها وكيْخُسْرُو)
(إذا خففت في الأفْق هُدْبُ بُنُودِها .......... هوى الشِّرْكُ واستعلى الهُدى وانْجلى الثغرُ)
(وإن نُشرت مثل الأصائِل في وغىً .......... جلا النَّقْع من لألاء طَلْعتها البدرُ)
(وإن يمّمت زُرْقَ العدى سار تحتها .......... كتائبُ خضرٌ دَوحها البِيض والسُّمرُ)
(كأنّ مثار النَّقْع ليلٌ وخَفْقها .......... بُرُوقٌ وأنت البدرُ والفَلَك الجِتْرُ)
(فكم وَطئت طَوْعاً وكرْهاً معاقلاً .......... مضى الدّهر عنها وهي عانسة بِكرُ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 19
(وإنْ رُمتَ حصناً سابَقَتْكَ كتائبُ .......... من الرُّعب أو جيش تقدّمه النَّصرُ)
(فلا حصنٌ إلاّ وهو سجنٌ لأهله .......... ولا جسدٌ إلاّ لأرواحهم قبرُ)
(قصدت حِمى من قلعة الروم لم يُتَح .......... لغيرك إذ غرّتهم المغل فاغتروا)
(وما الغل أكفاء فكيف بأرمن .......... ولكنه غزو وكلهم كفر)
(صرفت إليهم همة لو صرفتها .......... إلى البحر لاستولى على مده الجزر)
(وما قلعة الروم الّتي حُزْتَ فَتْحها .......... وإنْ عظُمت إلاّ إلى غيرها جسرُ)
(طليعة ما يأتي من الفتح بعدها .......... كما لاح قبل الشمس في الأُفق الفجرُ)
(محجبة بين الجبال كأنها .......... إذا ما تبدّت في ضمائرها سترُ)
(تفاوت نصفاها فللحوت فيهما .......... مجالٌ وللنَّسْرَيْن بينهما وَكْرُ)
(فبعضٌ رسا حتّى علا الماءُ فوقَهُ .......... وبعضٌ سما حتّى هَمَا دونَه القَطْرُ)
(أحاط بها نَهران تبرز منهما .......... كما لاح يوماً في قلائده النَّحْرُ)
(فبعضهما العذْبُ الفُراتُ وإنّه .......... لتحصّنها كالبحر بل دونه البحرُ) 5 (سريع يفوت الطّرْف جرياً وحدْه .......... كريح سليمان التي يومُها شهرُ) منها: (فصبَّحْتَها بالجيش كالرّوض بهجةً .......... صوارمُه أنّهاره والقنا الزُّهرُ)
(وأبعدت بل كالبحر والبيض موجُه .......... وجردُ المذاكي السّفن والخوذ الدّرُّ)
(وأغربت بل كاللّيل عُوجٌ سيوفه .......... أهِلَّتُهُ والنّبلُ أنجُمُهُ الزّهرُ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 20
(وأخطأت لا بل كالنّهار فشمسُهُ .......... مُحيّاك والآصال راياتك الصُّفُر)
(ليوثٌ من الأتراك آجامُها القنا .......... لها كلّ يوم في ذرى ظَفَرٍ ظُفرُ)
(فلا الريح تسري بينهم لاشتباكها .......... عليهمُ ولا ينهلّ من فوقهم قَطْرُ)
(غيوثٌ إذا الحربُ العوان تعرّضت .......... لخُطّابها بالنّفس لم يغلها مهرُ)
(ترى الموت معقوداً بهدْب نبالهم .......... إذا ما رماها القوس والنّظر الشزرُ)
(ففي كلّ سَرْحٍ غصْنُ بانٍ مُهَفْهفٌ .......... وفي كلّ قوس مدّه ساعد بدرُ)
(فلو وردتْ ماءَ الفُراتِ خيولُهُمُ .......... لقيل: هنا قد كان فيما مضى نهرُ)
(أداروا بها سوراً فأضحتِ كخنْصَرٍ .......... لدى خاتمٍ أو تحت منطقةٍ خصرُ)
(كأنّ المجانيق التي قُمنَ حولها .......... رواعد سخطٍ وبلها النّار والصّخرُ)
(أقامت صلاةَ الحرب ليلاً صخورُها .......... فأكثرها شَفْعٌ وأقتلها وترُ)
(لها أسهُمٌ مثل الأفاعي طِوالُها .......... فواتك إلاّ أنّ أفتكها البترُ)
(سهامٌ حَكَتْ سهْمَ اللّحاظ بقتلها .......... وما فارقت جفْناً وهذا هو السِّحرُ) منها: (فبُشراك أرضَيْتَ المسيحَ وأحمداً .......... وإنْ غضب التكفُور من ذاك والكفرُ)
(فسِرْ حيث ما تختار فالأرض كلّها .......... بحكْمك والأمصار أجمعها مصرُ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 21
سنة اثنتين وتسعين وستمائة
[نسَب العناكيّين] في المحرم حكم بدمشق القاضي حسام الدين الحنفي للعناكيين بصحة نسبهم إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بعد أن سعوا وتعبوا. [مشقّة ركْب الحجّاج] وفي المحرم جاءت ريح عظيمة على الركب بمعان وبرد ومشقة. [تدريس الشامية الجوانية] وفيه نزل لصدر الدين ابن الوكيل حموه شيخنا التاج ابن أبي عصرون عن تدريس الشامية الجوانية. [تسلُّم قلاع من صاحب سيس] وفيه طلب السلطان من صاحب سيس قلعة بهسنا، ومرعش، وتل حمدون. أما بهسنا فكانت للناصر صاحب حلب وبها نوابه، فلما أخذ هولاكو البلاد كان في بهسنا الأمير سيف الدين العقرب فباعها لصاحب سيس
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 22 بمائة ألف درهم وسلّمها إليه فبقي على المسلمين منها ضرر، فأذعن صاحب سيس بتسليمها، وأضعف الحمل مع ذلك. وتسلمها نواب السلطان في رجب ودقت البشائر. [نيابة طرابلس] وفي المحرم قدم الدواداري وجماعة أمراء من الديار المصرية، وعز الدين أيبك الخزندار متولياً نيابة طرابلس عوضاً عن سيف الدين طغريل الإيغاني. [تدريس الرواحية] وسرح إلى حلب ابن ملي، فولي بعده تدريس الرواحية الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني. [طهور أخي السلطان وابن أخيه] وفيها طهر السلطان أخاه الملك الناصر طال بقاؤه، وابن أخيه موسى ابن الملك الصالح، واختفلوا لذلك بالقاهرة احتفالاً زائداً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 23
[عمل دهليز للسلطان] وفيها عمل للسلطان دهليز جليل أطلس مزركش بطراز، وغرم عليه أموال عظيمة. [ولاية البريد بدمشق] وفيها ولي ولاية البريد بدمشق سيف الدين أسندمر في رجب. [الحجّ الشامي] وحج بالناس الأمير بكتاش الطيار. [الزلزلة بفلسطين] وفي صفر جاءت زلزلة هدمت وأنكت في غزة والرملة والكرك. وسار من دمشق أميران وعدد من الحجازين والصناع لإصلاح ما تهدم من أبرجة الكرك. [إمساك أزدمر العلائي] وفيها مسك الأمير عز الدين ازدمر العلائي وقيد بدمشق وبعث إلى مصر. [سفر سنقر المسّاح إلى مصر] وتوجه من دمشق شمس الدين سنقر المساح بطلب إلى مصر، وجاء على خبزه بدمشق بلبان الحلبي، الخزندار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 24
[سفر صاحب حماة إلى مصر] وفي ربيع الآخر توجه على البريد إلى مصر صاحب حماة وعمه الملك الأفضل علي. [الحوطة على ابن جرادة] وجاء مملوك لسيف الدين طغجي بمرسوم بالحوطة على ابن جرادة، فمسك ونفذ إلى مصر، وأخذ ماله ونكب. [قراصنة الفرنج بساحل الشام] وفيه تردد عيارة الفرنج في البحر إلى الساحل، وشعثوا بأنطرسوس، وطلعوا إلى صيدا. [خروج السلطان للحرب] وفي جمادى الأولى عزم السلطان على البيكار، وتقدمه الأعسر، فهيأ إقامات ومونة من الناحية القبلية وقدم الصاحب ابن السلعوس في جمادى الآخرة، ثم قدم بعده بيدرا نائب السلطنة، ثم السلطان فنزل بالقصر. [تسلّم حصون للأرمن] وفيه تسلم نواب السلطان حصنين للأرمن وهما: كديربرت وأبرما. ثم تسلموا حصن بكازر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 25
[الأمر بخراب الشوبك] وقد كان السلطان في مجيئه مر بقلعة الشوبك وبالكرك، ثم بعث جماعة لخراب قلعة الشوبك. ثم خرج إلى المرج. [القبض على حسام الدين لاجين وصحبه] وفي رجب دخل دمشق الأمير الكبير حسام الدين لاجين وصحبته الأمير مهنا بن عيسى وإخوته محتاطاً عليهم، وذكر أن السلطان أمر بالقبض عليهم عند سلمية لأمر نقمه عليهم. [رجوع السلطان إلى مصر] وفي أثناء رجب رجع السلطان إلى الديار المصرية. [تدريس ابن التاج وعزله] ودرس بعد الشيخ تقي الدين ابن الواسطي بمدرسة الشيخ أبي عمر الفقيه شمس الدين ابن التاج، ثم عزل بعد ثمانية أشهر. [نيابة قلعة الروم] وفي رجب سافر طوغان نائباً على قلعة الروم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 26
[كسوف الشمس] وفي آخر رجب انكسفت الشمس، وصلى بجامع دمشق خطيبه موفق الدين الحموي، وخطب. [إلزام الدواوين بالإسلام] وفي رمضان جاء إلى دمشق مرسوم بإلزام الدواوين بالإسلام، ومن امتنع يؤخذ منه ألف دينار. فأسلم أربعة في ثامن رمضان. [مصادرة الأمير الأفرم أيبك] وفي شوال بلغنا أن السلطان صادر الأمير عز الدين الأفرم أيبك وضيق عليه، وأخذ منه أموالاً كثيرة، وأعطى خبزه للأمير حسام الدين لاجين المنصوري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 27
سنة ثلاث وتسعين وستمائة
[مقتل السلطان الأشرف] في ثاني عشر المحرم قتل السلطان الملك الأشرف، أقدم عليه نائبه بيدرا، وعطف عليه بالسيف لاجين. [قتْل الأمير بيدرا] ثم قتل بيدرا من الغد. [الحَلْف للملك الناصر محمد] وحلفوا للسلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن المنصور، وهو يومئذ ابن تسع سنين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 28
[هلاك ابن السلعوس] وهلك الصاحب ابن السلعوس تحت العقوبة المفرطة. [مقتل أمير من أصحاب الشجاعي] فلما كان العشرين من صفر بلغ المتولي نيابة السلطان كتبغا أن الشجاعي يريد قتله فتحرز، وأعلم جماعة من صاغيته الذين يبغضون الشجاعي. ثم ركب في الموكب فقال له أمير: أين حسام الدين لاجين؟ قال: ما هو عندي. قال: بل هو عندك. ثم مد يده إلى سيفه، فبدره الأزرق مملوك كتبغا وضربه حل كتفه، فسقط، وذبحوه بسوق الخيل. [انقسام الجيش بين كتبُغا والشجاعي] ثم قام أكثر الجيش مع كتبُغا، ومالت البرجية وبعض الخاصكية إلى الشجاعي لكونه أنفق فيهم في الباطن فيما قيل ثمانين ألف دينار، والتزم لهم أن من جاءه برأس أمير فله إقطاعه. وأن يمسك كتبغا على السماط. [قتل بهادُر وآقوش] وفي نصف المحرم حضر إلى الخدمة الأمير سيف الدين بهادر رأس
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 29 النوبة، وجمال الدين أقوش الموصلي الحاجب، فوثب عليهما الخاصكية فقتلوهما، وأحرقوا جثتيهما. [أتابكية العساكر] ورتبوا الحسام أستاذ دار أتابكاً للعسكر. [اختفاء لاجين وقراسُنقر] وطلبوا الأمراء المتفقين مع بيدرا على قتل الأشرف، فاختفى لاجين وقراسنقر، ولم يقعوا لهم على أثر. [الانتقام من الأمراء] وقبضوا على الأمراء سيف الدين نغيه، وسيف الدين ألناق، وعلاء الدين ألطنبغا الجمدار، وشمس الدين آقسنقر مملوك لاجين، وحسام الدين طرنطاي الساقي، ومحمد خواجا، وسيف الدين أروس في خامس صفر. فأمر السلطان بقطع أيديهم، ثم سمروا على الجمال، وطيف بهم، ومعهم رأس بيدار، ثم ماتوا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 30
[مقتل الشجاعي] ثم قتل الشجاعي بعد أيام كما في ترجمته. [خسوف القمر] وفي المحرم خسف القمر. [قضاء مصر] وصرف من قضاء الديار المصرية ابن جماعة بابن بنت الأعز. [الإفراج عن الأفرم] وأفرج عن عز الدين الأفرم. [الوزارة في مصر] ورتب في الوزارة تاج الدين محمد بن فخر الدين ابن حنا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 31
[ولاية دمشق] وفي صفر ولي ولاية دمشق عماد الدين بن حسن بن النشابي عوضاً عن عز الدين ابن أبي الهيجاء. [إمام محراب الصحابة بالجامع الأموي] وفي صفر جدد في الجامع إمام زاوية محراب الصحابة، وهو كمال الدين عبد الرحمن ابن قاضي القضاة محيي الدين ابن الزكي، واستمر إلى الآن. [عودة أهل سوق الحريريين] وفي ربيع الأول عاد أهل سوق الحريرين إلى سوقهم. وكان ابن جرادة وكيل طغجي قد ألزمهم بسكناهم في قيسارية القطن من السنة الماضية. [حسبة دمشق] فيه قدم على حسبة دمشق ونظر ديوان نائب السلطنة كتبغا الرئيس شهاب الدين أحمد الحنفي، ومعه عدة خلع لبسها في أيام متوالية، ولبس خلعة الحسبة بطرحة، وارتفع شأنه. [وكالة بيت المال بدمشق] وفي رجب قدم دمشق القاضي صدر الدين عبد البر ابن قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين على وكالة بيت المال، فباشر نصف شهر، وأعيد تاج الدين ابن الشيرازي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 32
[موكب السلطان بالقاهرة] وفي رجب ركب السلطان الملك الناصر بأبهة الملك وشق القاهرة، وضربت البشائر بدمشق، وزينوا. [تقاليد الأمراء] وجاء تقليد عز الدين الحموي باستمرار النيابة، وتقليد الأعسر باستمرار الشد، وتقليد صاحب حماة ببلده. [تدريس المسرورية] وفي شعبان درس بالمسرورية جلال الدين أخو القاضي إمام الدين بعد الركن ابن أفتكين. [تجريدة التقدمة إلى حلب] وفي رمضان جرد الأمير علم الدين الدواداري بتقدمته إلى ناحية حلب. [العفو عن حسام الدين لاجين] وفي آخر رمضان ظهر الأمير حسام الدين لاجين من الاختفاء بالقاهرة بوساطة نائب السلطنة كتبغا، فدخل به إلى السلطان فأنعم عليه، وأعطاه خبز بكتوت العلائي الذي توفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 33
[الحجّ الشامي] وحج بالشاميين عز الدين أيبك الطويل. [نظر الدواوين بدمشق] وفي ذي القعدة ولي نظر الدواوين الصاحب أمين الدين بن سالم بن محمد بن صصرى عوضاً عن ابن عمه المتوفى جمال الدين. [القضاء بالشام] وفي ذي الحجة قدم قاضي القضاء بدر الدين ابن جماعة على قضاء الشام عوضاً عن المتوفى القاضي شهاب ابن الخويي [إخراج الكلاب من دمشق] وفي ذي الحجة أخرجت الكلاب من دمشق بأمر ابن النشابي، وشدد على البوابين في منعهم من الدخول، ودام منعهم شهراً أو نحوه، ثم دخلوا. [فتنة عساف بدمشق] وفيها كانت فتنة عساف بدمشق ورجم العوام له، لكونه حمى نصرانيا سب النبي صلى الله عليه وسلم، فقبض النائب الحموي على جماعة من العلماء، وضرب الشيخ زين الدين الفارقي، رحمه الله تعالى، واعتقله مع ابن تيمية وطائفة بالعذراوية مدة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 34
سنة أربع وتسعين وستمائة
[سلطنة كتبُغا] في حادي عشر المحرم تسلطن الأمير ركن الدين كتبغا التركي، المغلي المنصوري، وتسمى بالملك العادل، وحلف له الأمراء بمصر والشام، وزين له البلاد ودقت البشائر ؛ وله نحو خمسين سنة. وهو من سبي وقعة حمص الأولى التي في سنة تسع وخمسين، ثم صار إلى الملك المنصور، فكان من خواصه في الأيام الظاهرية. فلما تسلطن جعله أمير مائة فارس، فشهد وقعة حمص سنة ثمانين أميراً. [الحَلْف للسلطان بدمشق] قدم في التحليف له الأمير سيف الدين طغجي الأشرفي، فحلفهم بدمشق. [رَنْك السلطان كتبُغا] وكان رنكه في أيام إمرته هكذا وفي أيام ملكة الرايات الصفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 35
[أتابكية السلطنة] وجعل أتابكة الأمير حسام الدين لاجين، فجاء من مصر المسعودي على ديوان لاجين بالشام. وجاء الصاحب توبة على وزارة الشام. [الاستسقاء بدمشق] واستسقى الناس في جمادى الأولى مرتين بدمشق بالصحراء. [الوزارة بمصر] وفي جمادى الأولى ولي الوزارة بمصر الصحاب فخر الدين بن عمر بن الخليلي. وصرف تاج الدين ابن حنا. [قضاء العسكر الشامي] وفي رمضان رجع قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى من الديار المصرية بقضاء العسكر الشامي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 36
[الصلاة بمحراب الحنابلة] وفي رمضان استقرت صلاة محراب الحنابلة قبل الخطيب. وكانوا يصلون بعده، فلما زاحمهم إمام محراب الصحابة في الوقت، أذن لهم في التقدم. [نظارة الجامع الأموي] وفيه عزل تاج الدين ابن الشيرازي من نظر الجامع بالرئيس محيي الدين بن يحيى بن الموصلي. [اكتمال عمارة الحمّام والمسجد والسوق لنائب دمشق] وفي شوال كملت عمارة الحمام الكبير، والمسجد، والسوق، وأكثر الحكر الذي أنشأه نائب دمشق عز الدين الحموي بين باب الفراديس ومسجد القصب. وكان يعرف ببستان الوزير. ورأيته مبقلة كبيرة. [خطابة دمشق] وفي شوال ولي خطابة دمشق قاضي القضاة ابن جماعة بعد موت الشيخ شرف الدين ابن المقدسي. [الحجّ الشامي] وفيها حج بالشاميين بهاء الدين قرارسلان المنصوري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 37
[مشيخة النورية] وولي مشيخة النورية الشيخ علاء الدين ابن العطار بعد ابن المقدسي. [تولية المدرسة الغزالية والأمينية] وولي الغزالية قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى بعد ابن المقدسي، ونزل عن الأمينية للقاضي إمام الدين القزويني. [كسر النيل وابتداء الغلاء والوباء بمصر] وفي شوال كسر النيل بديار مصر عن نقص بين، وغلت الأسعار، ووجل الناس، ثم وقع فيهم أوائل الوباء، ثم عظم في ذي الحجة، واستمر إلى السنة الآتية. [إسلام ملك التتار] وفيها دخل الإسلام قازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو ملك التتار بوساطة نوروز التركي وزيره ومدبر مملكته وزوج عمته، واسمه بالعربي محمود. أسلم في شعبان بخراسان على يد الشيخ الكبير المحدث صدر الدين إبراهيم بن الشيخ سعد الدين ابن حمويه الجويني. وذلك بقرب الري بعد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 38 خروجه من الحمام، وجلس مجلساً عاماً فتلفظ بشهادة الحق وهو يبتسم ووجهه يستنير ويتهلل. وكان شاباً، أشقر، مليحاً، له إذ ذاك بضع وعشرون سنة. وضج المسلمون حوله عندما أسلم ضجة عظيمة من المغل والعجم وغيرهم، ونثر على الخلق الذهب واللؤلؤ. وكان يوماً مشهوداً. وفشي الإسلام في جيشه بحرص نوروز فإنه كان مسلماً خيراً صحيح الإسلام، يحفظ كثيراً من القرآن والرقائق والأذكار. ثم شرع نوروز يلقن الملك غازان شيئاً من القرآن ويجتهد عليه. ودخل رمضان فصامه، ولولا هذا القدر الذي حصل له من الإسلام وإلا كان قد استباح الشام لما غلب عليه، فلله الحمد والمنة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 39
سنة خمس وتسعين وستمائة
[الغلاء في مصر] أرسل إلى الديار المصرية غلال كثيرة بسبب القحط. وفي ثامن عشر المحرم كتب كتاب من مصر فقدم دمشق في أواخر الشهر، فيه أن الأردب بلغ مائة وعشرين درهماً، وأن رطل اللحم بالدمشقي بسبعة دراهم، وأن اللبن رطل بدرهمين، والبيض ست بيضات بدرهم، ورطل الزيت بثمانية دراهم وقلت المعاش بحيث أن البزاز يبقى عشرين يوماً لا يبيع بدرهم. وقد أفنى الموت خلقاً كبيراً. [توقّف المطر بالشام] وأما الشام فلم يكن مرخصاً، وتوقف المطر به، وفزع الناس، واجتمعنا لسماع ' البخاري '، ففتح الله بنزول الغيث. [أخبار الغلاء والوباء] وفي سلخ صفر جاءت أخبار مصر بالغلاء، وأن الخبز كل خمس أواق بالدمشقي بدرهم. وأن جماعة عزروا بسبب بيع لحم الحمير والكلاب مطبوخاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 40 وأما القمح بدمشق فأبيعت الغرارة بمائة وأربعين إلى خمسين درهماً. وبيع اللحم بأربعة دراهم. وأما الوباء بمصر فيقال أحصي من مات في صفر فبلغوا مائة ألف وسبعة وعشرين ألفاً، والله أعلم بصحة ذلك. وفي نصف ربيع الأول جاء الخبر من مصر بأن الأردب بمائة وستين درهما، وأن الخبز بالمصري كل رطل ونصف بدرهم، وأنه أحصي من مات من أول يوم من ربيع الأول إلى اليوم السادس فبلغوا خمسة وعشرين ألفاً. [قدوم فرسان من التتار] وفيه قدم من الشرق نحو مائة فارس من التتار بأهلهم مقفزين، فسافر بهم الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري إلى القاهرة. [غلاء القمح بدمشق] وفي ربيع الآخر وصلت غرارة القمح بدمشق إلى مائة وثمانين درهماً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 41
[موت مفسر المنامات بالقاهرة] وفيه بلغنا أن الشهاب مفسر المنامات بالقاهرة تغير عليه أميره القائم به ألطبرس، ونهب داره، وطلب ولده الكبير عبد الرحمن، فهرب وألقى بنفسه من مكان عال لينهزم، فبقي أياماً ومات. ورسم لشهاب الدين بالانتقال إلى الشام، فتحول بأهله وأولاده. [قتْل حرفوش قتل حراس الدروب] وفيها ظهر بدمشق قتل جماعة من حراس الدروب في كل ليلة واحد أو اثنان، حتى قتل أكثر من عشرة، فاحترز الوالي وغلقت الدروب وجددت شرائح في أماكن. وخفي الأمر أياماً، ثم ظفروا بحرفوش ناقص العقل، فقرر فاعترف بأنه كان يأتي الحارس وهو نائم فيدق على يافوخه بزلطة فيقتله لوقته فسمروه، ثم خنق. [الوباء بالإسكندرية والقاهرة] وجاءت الأخبار بأن الوباء والمرض بالإسكندرية قد تجاوز الوصف، وأن الفروج أبيع بها بستة وثلاثين درهماً، وأنه بالقاهرة بقريب العشرين. وأن البيض بالقاهرة ثلاثة بدرهم. وهلكت الحمير والقطاط والكلاب، ولم يبق حمار للكر إلا في النادر. [انخفاض السعر بدمشق] وفي جمادى الأولى انحط السعر بدمشق، فبيع القمح غرارة بمائة درهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 42
[وفاة قاضي القضاة بالقاهرة] وفيه توفي بالقاهرة قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز، وولي القضاء بعده الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد. [اشتداد الغلاء بدمشق] وفي جمادى الآخرة اشتد الغلاء بدمشق حتى بلغت الغرارة مائة وثمانين درهماً. وبيع الخبز عشر أواق بدرهم. ثم تناقص شيئاً. [الرخص وانحسار الوباء بمصر] وأما مصر فوصلت الأخبار بالرخص وذهاب الوباء ولله الحمد، وأن الإردب نزل إلى خمسة وثلاثين درهماً. ثم جاءت الأخبار بنزوله إلى خمسة وعشرين درهماً. [القحط بالحجاز] وأما الحجاز فكان شديد القحط، فيقال إن غرارة القمح بلغت بالمدينة إلى ألف درهم. [تدريس ابن تيمية] وفي شعبان درس بالحنبلية بعد موت ابن المنجا ابن تيمية شيخنا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 43
[سفر والدة سلامش] وفي رمضان قدمت والدة سلامش بن الملك الظاهر من بلاد الأشكري إلى دمشق، فنزلت بالظاهرية، ثم توجهت إلى مصر. [وفاة المسعودي أمير الديوان] ومات المسعودي الأمير ببستانه، وجاء بعده على ديوان نائب المملكة حسام الدين لاجين مملوكه الأمير سيف الدين جاغان. [الحجّ الشامي] وحج بالشاميين بهادر العجمي. [قدوم السلطان كتبغا إلى دمشق] وفي ذي القعدة قدم السلطان الملك العادل بالجيش، وزينت دمشق لمجيئه، وصلى بمقصورة الخطابة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 44
[وصف المؤلِّف الذهبي لكتبُغا] وكان أسمر، مدور الوجه، صغير العين، قصيراً، في ذقنه شعرات يسيرة، وله رقبة قصيرة، وكان يوصف بالشجاعة والإقدام والدين التام، وحسن الخلق، وسلامة الباطن، والتواضع، وترك الفواحش، وعدم السفك للدماء وقلة الظلم. لكنه كان يضعف عن حمل أعباء الملك ويعوزه رأي وحزم، ودهاء، مع ما فيه من التقوى وحسن الطوية. [تولية وعزل أعيان بدمشق] وقدم معه الوزير ابن الخليلي فولي قضاء الحنابلة القاضي تقي الدين سليمان وخلع عليه، وعلى بقية القضاة، وعلى الوزير تقي الدين توبة، وعلى قاضي العساكر المنصورة نجم الدين، وعلى أخيه الصاحب أمين الدين، وعلى المحتسب شهاب الدين الحنفي، وعلى الأمراء. وعزل من الوكالة تاج الدين ابن الشيرازي وصودر، وولي مكانه نجم الدين ابن أبي الطيب. [الترسيم على أسندمر والأعسر] ورسم على أسندمر والي البر، وعلى المشد شمس الدين الأعسر، وعلى جماعة من الدواوين وصودروا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 45
[ولاية البر] وولي البر علاء الدين الجاكي. [مصادرة ابن السلعوس والأعسر] وطلب من كل الدواوين جامكية سنة، وأخذ مبلغ من شهاب الدين ابن السلعوس، وصودر الوالي ابن النشابي. واحتيط على دار الأعسر، وباع في المصادرة جملة من أملاكه، حتى صودر المجير الضراب وضرب. [عسف ابن الخليلي] وكثر العسف من الصاحب ابن الخليلي، وداخله ابن مزهر ولازمه، وكشف له الأمور، ثم إنه سلطه الله عليه، فأخرق به ورسم عليه. [صلاة صاحب حماة وغيره مع السلطان بالمقصورة] وقدم صاحب حماة للخدمة، وصلى الجمعة بالمقصورة إلى جانب السلطان، وبعده أمير سلاح بدر الدين، وعن يسار السلطان الشيخ الكبير حسن بن الحريري، وأخواه، ثم نائب المملكة حسام الدين لاجين، ثم نائب دمشق عز الدين ابن الحموي، ثم بدر الدين بيسري، ثم قراسنقر المنصوري، ثم الحاج بهادر. وخلع على ابن جماعة خلعة خطب بها، وسلم على السلطان. ثم زار المصحف، ولعب من الغد بالكرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 46
[نيابة الشام] ثم استناب على الشام سيف الدين غرلو مملوكه، وهو شاب أشقر من أبناء الثلاثين، وأعطى الحموي خبز غرلو بمصر. [وزارة دمشق] وأعطى شهاب الدين الحنفي وزارة دمشق. وعزل تقي الدين بن البيع. [سفر السلطان إلى حمص] وتوجه السلطان إلى جوسية بالجيش، وأقام بالبرية أياماً. ودخل حمص ونزل مرجها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 47
سنة ست وتسعين وستمائة
[كتابة السلطان على القصص بدمشق] في ثاني المحرم دخل السلطان زين الدين كتبغا دمشق راجعاً من حمص، ثم صلى الجمعة بالجامع، وأخذ من الناس قصصهم حتى قيل إنه رأى شخصاً بيده قصة فتقدم بنفسه إليه خطوات وأخذها منه. ثم جلس من الغد بدار العدل، وكتب على القصص. [الحسبة بدمشق] وولي حسبة دمشق الزين عمر أخو الصاحب شهاب الدين الحنفي. [زيارات السلطان بدمشق] وصلى السلطان الجمعة الثانية من المحرم بجامع دمشق، ثم مشى إلى عند المكان الملقب بقبر هود فصلى عنده، وصعد في هذا اليوم إلى مغارة الدم وزار، ثم صلى الجمعة الثالثة أيضاً بالجامع. [تأمير الملك الكامل] وأعطى الملك الكامل طبل خاناه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 48
[حبْس أسندمر] وفيه قيد أسندمر وحبس، وولي الشد فتح الدين ابن صبرة. [تسفير الأعسر] ورسم للأعسر بأن يسافر مع الجيش إلى مصر. [ولاية ابن الموصلي] وولي مجير الدين ابن الموصلي وكالة البيسري، وخلع عليه لذلك. [سفر السلطان من دمشق] وسافر السلطان من دمشق في ثاني وعشرين المحرم. [توديع الصاحب] وخرج القضاة لتوديع الصاحب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 49
[اختباط عسكر السلطان] ولما كان سلخ المحرم اشتهر بالبلد أن الجيش مختبط، وأغلق باب القلعة، وتهيأ نائب السلطنة غرلو وجمع الأمراء، وركب بعض العسكر على باب النصر، فلما كان قريب العصر وصل السلطان الملك العادل إلى القلعة في خمسة مماليك فقط. وكان قد وصل في أول النهار أمير شكار مجروحاً، وهو الذي أعلم بالأمر، فدخل الأمراء إلى الخدمة وخلع على جماعة، واحتيط على نواب نائب السلطنة الحسام لاجين وحواصله بدمشق. وكان الأمر الذي جرى بقرب وادي فحمة بكرة الإثنين ثامن وعشرين المحرم وهو أن حسام الدين لاجين قتل الأميرين بتخاص، وبكتوت الأزرق العادليين، وكانا شهمين شجاعين عزيزين عند العادل، فلما رأى العادل الهوشة خاف على نفسه، وركب فرس النوبة، وساق ومعه هؤلاء المماليك، فوصل في أنحس تقويم، كأنه مقدم من الحلقة وعليه غبرة، ودوابهم قد شعثت وكلت، والسعادة قد ولت عنه. [سلطنة حسام الدين لاجين] وأما لاجين فساق بالخزائن، وركب في دست الملك، وساق الجيوش بين يديه وبايعوه، ولم يختلف عليه اثنان، وسلطنوه في الطريق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 50
[تدبير مصالح السلطنة بدمشق] وبعد يومين وصل إلى دمشق زين الدين غلبك العادلي ومعه جماعة يسيرة من مماليك العادل. ولزم شهاب الدين الحنفي القلعة لمصالح السلطنة وتدبير الأمور. [سعر القمح] وكان القمح في هذه المدة بنحو مائة وثمانين درهماً. [الخطبة للاجين بالقدس وغزّة] وفي ثالث عشر صفر اشتهر بدمشق سلطنة الملك المنصور حسام الدينا والدين لاجين. وأنه خطب له بالقدس وغزة. [دخول لاجين القاهرة] وكان العادل قد عزم على مراسلته، ثم بطل ذلك. وأقام هذه المدة بالقلعة وأمر جماعة وأطلق بعض المكوس. ثم جاء الخبر بزينة صفد ودق البشائر بها وكذلك الكرك ونابلس. فبعث العادل طائفة مع طقصبا الناصري
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 51 لكشف الأمر، فتوجهوا في ثاني وعشرين صفر، فبلغهم في اليوم دخول السلطان الجديد القاهرة. فردوا. [اعتراف كتبغا بسلطنة لاجين] واتفق في يوم الرابع والعشرين وصول كجكن والأمراء من الرحبة، فلم يدخلوا دمشق، بل نزلوا بقرب مسجد القدم، وأظهر كجكن سلطنة المنصور وأعلن بها. فخرج إليه أمراء دمشق طائفة بعد طائفة. وتوجه أميران إلى القاهرة. فتحقق العادل زوال ملكه، فأذعن بالطاعة وقال لهم: يا أمراء، هذا الرجل هو خشداشي، وأنا في خدمته وطاعته. وحضر الأمير جاغان الحسامي إلى القلعة، فقال له العادل: أنا أجلس في مكان بالقلعة حتى تكاتب السلطان وتفعل ما يرسم به. فلما رأى الأمراء منه ذلك تركوه وخرجوا وتجمعوا بباب الميدان، وحلفوا لصاحب مصر. وركبت البرد بذلك. واحتفظ بالقلعة وبزين الدين كتبغا، وغلقت أكثر أبواب المدينة. ثم دقت البشائر وزين البلد. واختفى الشهاب الحنفي. ثم من الغد اجتمع القضاة بدار السعادة وحلفت الأمراء بحضورهم وحضور سيف الدين غرلوا العادلي النائب، وأظهر السرور وحلف وقال: أنا الذي عينني للنيابة هو السلطان حسام الدين، وإلا فأستاذي كان استصغرني. ثم إنه سافر هو وسيف الدين جاغان. [جلوس لاجين على كرسي السلطنة] ثم وصل كتاب السلطان بأنه جلس على كرسي الملك بمصر في يوم الجمعة عاشر صفر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 52
[الخطبة بدمشق للسلطان لاجين] ويوم مستهل ربيع الأول خطب بدمشق له، وحضر بالمقصورة القضاة والأمير شمس الدين الأعسر، وكان قد قدم، وسيف الدين كجكن، وسيف الدين أسندمر، وغيرهم. [خلعة الخلافة للسلطان] وفي تاسع عشر صفر كان ركوب السلطان بمصر بالخلعة الخليفتية والتقليد الحاكمي. [سفر قضاة دمشق] وفي ثامن ربيع الأول توجه من دمشق القاضي إمام الدين القزويني، ثم القاضي حسام الدين الحنفي، والقاضي جمال الدين المالكي. [خَلْف كتبُغا بالطاعة للسلطان لاجين] وفي حادي عشر ربيع الأول وصل الأمير سيف الدين جاغان ودخل إلى القلعة هو والحسام أستاذ دار، وكان قد جاء إلى دمشق في التحليف، وسيف الدين كجكن، وقاضي القضاة بدر الدين فتكلم السلطان كتبغا مع الأمراء بالتركي كلاماً طويلاً، وفيه عتب عليهم، ثم إنه حلف يميناً طويلة يقول في أولها: أقول وأنا كتبغا المنصوري إني راض بالمكان الذي يعينه السلطان له ولا يكاتب ولا يسارر. وخرجوا من عنده. واشتهر أن المكان المعين له صرخد. ولم تذكر في اليمين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 53
[تعيين الوزير وناظر الخزائن بدمشق] وجاء مع جاغان تولية الوزارة للصاحب تقي الدين توبة بدل الحنفي. وتولية أمينه الدين بن هلال نظر الخزانة، وكان قد باشرها شهراً التقي توبة بعد محيي الدين ابن النحاس. وتولية الحسبة لأمين الدين يوسف الرومي الإمام الحسامي صاحب الأيكي. [نيابة قبجق دمشق] وفي سادس عشر ربيع الأول دخل دمشق الأمير سيف الدين قبجق المنصوري على النيابة. [قضاء الشام] وفي جمادى الأولى ولي قضاء الشام إمام الدين القزويني عوض ابن جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 54
[تدريس القيمرية] وولي ابن جماعة تدريس القيمرية عوض إمام الدين. [ولاية الشد] وولي الشد جاغان. [سفر توبة والكامل إلى مصر] وممن سافر إلى مصر للهنا، تقي الدين توبة، والملك الكامل. [نظر الدواوين] وولي نظر الدواوين فخر الدين ابن الشيرجي عوضاً عن أمين الدين ابن صصرى. [وزارة الأعسر] وسار الأعسر إلى مصر فوليّ بها الوزارة مع الشد، وسلم إليه ابن الخليلي فصادره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 55
[نظر الدواوين بدمشق] وفي شعبان قدم الشريف زين الدين ابن عدنان بنظر الدواوين، وصرف ابن الشيرجي. ثم جاء توقيع بذلك لأمين الدين بن هلال. وولي مكانه الخزانة أمين الدين ابن صصرى. [الحجّ الشامي] وحج بالشاميين الأمير كرجي، وحج الأميران المطروحي، وبهادر آص. [نظر الخزانة] ثم باشر فخر الدين ابن الشيرجي نظر الخزانة بدل ابن صصرى. [إمساك قراسنقر والأعسر] وكان السلطان حسام الدين قد استناب بالديار المصرية قراسنقر ثم قبض عليه في نصف ذي القعدة، واستناب مملوكه منكوتمر الحسامي ؛ ثم مسك الأعسر في ذي الحجة، واحتيط على حواصلهما.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 56
سنة سبع وتسعين وستمائة
[قضاء بعلبك] سافر زين الدين ابن قاضي الخليل في المحرم إلى بعلبك على قضائها. [عودة الركب الشامي] ويوم السابع والعشرين من المحرم دخل الركب الشامي بعد صلاة الجمعة. [قضاء الحنفية بدمشق] وفي صفر ولي قضاء الحنفية بدمشق جلال الدين ابن القاضي حسام الدين. وأقام والده بمصر في صحابة ' السلطان، فولاه القضاء، وعزل القاضي شمس الدين السروجي. [شفاء السلطان] وفي صفر عوفي السلطان وركب، مذقت البشائر، وزينت دمشق. وكان قد وقع وانصدعت رجله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 57
[تجديد الجمعة بالمعظّمية] وفي ربيع الآخر جددت إقامة الجمعة بالمدرسة المعظمية بجبل قاسيون، وخطب بها مدرسها الشيخ شمس الدين ابن العز. [الوزارة بمصر] وفيه قبض بمصر على الأمير بدر الدين بيسري، وأعيد إلى الوزارة ابن الخليلي. [توجّه عسكر مصريّ إلى حلب] وفي جمادى الأولى قدم عسكر مصري عليهم الأمير علم الدين الدواداري متوجهين إلى حلب، وحضر معه المحدث يوسف بن عيسى الدمياطي طالب حديث. [فتح حصون من بلاد سيس] ثم سار الدواداري وبعض عساكر الشام فنازل ثغر سيس. ووقع
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 58 الحصار إلى أن أخذت تل حمدون في سابع رمضان، ودقت البشائر لذلك. ثم أخذوا قلعة مرعش، وقلعة حموص في أواخر رمضان. ودقت البشائر أيضاً. وجاءت علم الدين الدواداري رمية حجر في رجله. [الحج الشامي] وحج بالناس الأمير عز الدين أيبك الطويل الحاج. [عودة الملك خضر من بلاد الأشكري] وفي شوال قدم إلى مصر من بلاد الأشكري الملك خضر بن الملك الظاهر، وقد كان بعثه إلى هناك الملك الأشرف. [بناء المدرسة المنكودمرية] وفيه فرغوا من بناء المدرسة المنكودمرية بالقاهرة، وأديرت، وجلس بها المدرسون، وهي داخل باب القنطرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 59
[فتح قلعتين للأرمن] وفيه أخذ المسلمون قلعة حميص وقلعة نجيمة من بلاد الأرمن. [التقليد بقضاء حماة] وفي ذي الحجة جاء تقليد من صاحب حماة بقضائها للخطيب موفق الدين الحموي فسافر من دمشق. [خروج عسكر من مصر إلى حلب] ووصل في ذي القعدة من مصر بكتمر السلحدار الظاهري، ثم المنصوري على ثلاثة آلاف قاصدين حلب. [إصابة العسكر في الحصار] وأصيب جماعة من العسكر في حصار قلاع الأرمن. [خسوف القمر] وفي ذي الحجة انخسف القمر. [إمساك الأمير أيبك] ومسك بمصر الأمير عز الدين أيبك الحموي. [ولاية بغداد] وفيها ولي بغداد الأمير أيدينا المسلم، فمهد العراق، وقمع المفسد، وعدل، وامتدت ولايته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 60
سنة ثمان وتسعين وستمائة
[التشديد على منع المنسحبين من الغزو] وطال أمر الغزاة بالثغور، فتسحب بعض الأجناد وضعفوا، فجاء الأمر بالتشديد في ذلك. ونصب المشانق تحت القلعة، والأمر برجوعهم ولا يتخلف أحد أبداً. فخرجوا بأجمعهم مع نائب السلطنة قبجق في نصف المحرم. [ولاية البر] وفيه عزل ابن الجاكي من البر، وجاء على ولايته حسام الدين لاجين المنصوري الصغير. [عودة الأمير الدواداري من الغزو] وفي سلخ صفر قدم من الغزاة الأمير علم الدين الدواداري. [ظهور وديعة نائب غزّة] وفي سنة ثمان ظهرت الوديعة التي عند فخر الدين الفزاري لعز الدين الجناحي الذي كان نائب غزة، وهي ستون ألف دينار عين وجواهر وغير
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 61 ذلك. مات صاحبها في التجريد بحلب ولم يعلم بها أحد، ولم يخلف وارثا، فحملها المذكور من تلقاء نفسه إلى بيت المال. [الإنكار على ابن تيميّة كلامه في الصفات] وفي ربيع الأول قام جماعة من الشافعية المتكلمين فأنكروا على ابن تيمية كلامه في الصفات. وأخذوا فتياه الحموية فردوا عليه وانتصبوا لأذيته، وسعوا إلى القضاة والعلماء، فطاوعهم جلال الدين قاضي الحنفية في الدخول في القضية، فطلب الشيخ، فلم يحضر. فأمر فنودي في بعض دمشق بإبطال العقيدة الحموية، أو نحو هذا. فانتصر له الأمير جاغان المشد، واجتمع به الشيخ، فطلب من سعى في ذلك، فاختفى البعض، وتشفع البعض، وضرب المنادي ومن معه بالكوافيين. وجلس الشيخ على عادته يوم الجمعة وتكلم على قوله: {وإنك لعلى خلق عظيم} . ثم حضر من الغد عند قاضي القضاة إمام الدين، رحمه الله، وحضر جماعة يسيرة، وبحثوا مع الشيخ في الحموية، وحاققوه على ألفاظ فيها. وطال البحث، وقرئ جميعها، وبقوا من أوائل النهار إلى نحو ثلث الليل، ورضوا بما فيها في الظاهر، ولم يقع إنكار، بحيث انفصل المجلس، والقاضي، رحمه الله، يقول: كل من تكلم في الشيخ فأنا خصمه. وقال أخوه القاضي جلال الدين: كل من تكلم في ابن تيمية بعد هذا نعزره. حدثني بذلك الثقة. لكن جلال الدين أنكر هذا فيما بعد، ونسي فيما أظن. والذين سعوا في الشيخ ما أبقوا ممكناً من القذف والسب ورميه بالتجسيم. وكان قد لحقهم حسد للشيخ وتألموا منه بسبب ما هو المعهود من تغليظه وفظاظته وفجاجة عبارته، وتوبيخه الأليم المبكي المنكي المثير
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 62 النفوس، ولو سلم من ذلك لكان أنفع للمخالفين، لا سيما عبارته في هذه الفتيا الحموية. وكان غضبه فيها لله ولرسوله باجتهاده. فانتفع بها أناس وانفصم بها آخرون ولم يحملوها. واتفق أن قبل هذا بأيام أنكر أمر المنجمين، ومشى إلى نائب السلطنة سيف الدين جاغان، فامتثل أمره، وأصغى إلى قوله واحترمه، وطلب منه كثرة الاجتماع به، فشرقوا لذلك، وفعلوا الذي فعلوا، واعتضدوا بشيخ دار الحديث. وبعث جاغان في الحال جاندراية فضربوا المنادي وجماعة كانوا معه من أذناب الفقهاء. واحتمى صدر الدين ابن الوكيل ببدر الدين الأتابكي واستجار به، واختفى الأمير سالم وغيره، وفرغت الفتنة، ورأى قاضي القضاة إخمادها وتسكينها. [الإيقاع بأعراب البطائح] وفيها سار غازان إلى بغداد وجهز عسكراً إلى البطائح، فأوقعوا بحرامية الأعراب بالبطائح، وقتلوا منهم خلقاً. وأحسن إلى الرعية. وأمر بتصفية النقدية وتهدد في ذلك. [القحط بشيراز] واشتد القحط بشيراز. قصّة قبجق وألبكي والسلحدار وذهابهم إلى التتار كان هؤلاء وغيرهم قد توحشت خواطرهم وخافوا على أنفسهم مما وقع من منكودمر الحسامي نائب المملكة، من قيامه في إعدامه جماعة من الأمراء المجردين بحلب بالسم، وغير ذلك. وعلموا أن أستاذه لا يزيل خوفه لمحبته له، واعتماده عليه في سائر الأمور، فاتفقوا على أن مصلحتهم الدخول إلى عند قازان لأنهم بلغهم إسلامه. فساروا من حمص في ليلة ثامن ربيع الآخر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 63 ثلاثتهم والأمير بزلار في خواصهم، وساقوا على جهة سلمية من حمص. ورجع طائفة كبيرة من العسكر. [مقتل السلطان لاجين] فلما كان بعد عشر ليال من مسيرهم وصل البريد إلى دمشق وجماعة، فأخبروا بقتل السلطان ونائبه، ومعهم كتب من الحسام أستاذ دار، وطغجي، وكرجي بالواقعة. [السلطنة الثانية للناصر] فحلفت الأمراء للسلطان الملك الناصر، وأحضر من الكرك وملكوه وهذه سلطنته الثانية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 64
[دخول قبجق أرض سنجار] وساقوا خلف قبجق ليرجع مكرماً آمنا، ففات الأمر، وعلموا بذلك بأرض سنجار. [اعتقال جاغان ووالي البر] ثم قيد جاغان والحسام لاجين والي البر، وأدخلا القلعة. ثم بعد خمس أتى الخبر بقتل طغجي وكرجي، وطيف برأس كرجي الذي قتل السلطان ونائبه منكوتمر، وألقي طغجي على مزبلة. ودفن السلطان عند تربة ابن عبود، ودفن نائبه عند رجليه. [الإفراج عن جاغان] ثم بعد أيام من الحبس جاغان ووالي البر. [أتابكية الجيش] ثم جاء البريد باستقرار أتابكية الجيش للأمير حسام الدين لاجين أستاذ دار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 65
[نيابة السلطان بمصر] وبنيابة المملكة للأمير سيف الدين سلار المنصوري مملوك الملك الصالح علي بن الملك المنصور سيف الدين. [ركوب السلطان بالقاهرة] وفي جمادى الأولى ركب السلطان بالقاهرة في الدست والتقليد الحاكمي، وقد دخل في خمس عشرة سنة. [نيابة الأفرم بدمشق] وفيه قدم دمشق على نيابتها الأمير جمال الدين الأفرم المنصوري فنزل بدار السعادة. ثم قدم طلبه بعد أيام. وولي الشد أقجبا المنصوري. وولاية البلد جمال الدين إبراهيم ابن النحاس. وولاية بر البلد عماد الدين حسن ابن النشابي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 66
[وقف رواق الدواداري] وفيه وقف الدواداري الرواق الذي بداره، وجعل شيخه أبا الحسن بن العطار، ونزل فيه عشرة فقهاء، وعشرة محدثين، فألقي الدرس بحضرة الواقف في جمع كبير من القضاة والأعيان والأمراء، ومد لهم سماطاً. [نظر الدواوين] وفي جمادى الآخرة ولي نظر الدواوين فخر الدين ابن الشيرجي. [قدوم عسكر من مصر إلى دمشق] وفي رجب قدم عسكر من مصر عليهم الأمير سيف الدين بلبان الحبيشي، وهو شيخ قديم الإمرة. [حبس الأمير كجكن] وفيه مسك سيف الدين كجكن وحبس بقلعة دمشق. [وزارة الأعسر] وفي رمضان أخرج الأعسر من الحبس بمصر وولي الوزارة. [الإفراج عن قراسنقر] وقبل ذلك في شعبان أخرج الأمير قراسنقر المنصوري من الحبس، وأعطي الصبيبة وبلادها، فتوجه إليها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 67
[حجّ المؤلّف] وحج بنا الأمير شمس الدين العينتابي. [تجديد مشهد عثمان بالجامع الأموي] وفي شوال جدد مشهد عثمان بجامع دمشق، وكان أكثره معطلاً بآلاتٍ وخشب، وبعضه بيت للخدم، فحرر جميعه وبيض، وعمل له طراز مذهب، وقرر له إمام راتب. وذلك في مباشرة ناصر الدين أحمد بن عبد السلام للنظر، وصار يجلس به قاضي القضاة للأحكام يوم الجمعة بعد ذهاب ملك الأمراء. واستمر إلى الآن. [وفاة البيسري] وفي ذي القعدة توفي البيسري بالجب. [وفاة صاحب حماة] وتوفي المظفر صاحب حماة. [الأخبار بحركة التتار] وفي ذي الحجة كثرت الأخبار بحركة التتار وعزمهم على قصد البلاد، وأن المحرك لهمتهم قبجق وبكتمر السلحدار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 68
[قضاء الحنفية بدمشق] وفيه أعيد القاضي حسام الدين الحنفي إلى قضاء دمشق، وأعيد السروجي إلى قضاء القاهرة. [نيابة قراسُنقر حماة] وفيه أعطي قراسنقر حماة، توفي صاحبها، فسار قراسنقر من الصبيبة إليها. [الإعتداء على الركْب الشامي] وفيه كانت على الركب الشامي هوشة بمكة، وقتل جماعة، وجرح نحو ستين نفساً، ونهب من كان منهم داخل مكة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 69
سنة تسع وتسعين وستمائة
[خروج السلطان للقاء العدوّ] في أول السنة خرج السلطان بالجيوش من مصر للقاء العدو. [التدريس بالظاهرية] وفي صفر درس بالظاهرية القاضي شمس الدين سلمان الملطي نائب الحكم، وليها بعد موت شهاب الدين ابن النحاس. [تولية الريحانية] وولي الريحانية جلال الدين ابن القاضي. [دخول السلطان دمشق] وفي ثامن ربيع الأول دخل السلطان الملك الناصر دمشق، وزين البلد. وكان قد طول الإقامة على غزة. وقدم دمشق جفال حلب وحماة وتلك النواحي، وقاسوا البرد والوحل. واشتد الأمر، وقوي الزر، وأقام السلطان في القلعة تسعة أيام، وخرج للملتقى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 70
[وقعة قازان بالخزندار] وعدت التتار الفرات مع الملك قازان في ستين ألفاً، وأكثر ما قيل إنهم مائة ألف ولم يصح. وكثر الدعاء، وقنت الناس في الصلوات، وعملت الختم بالجامع. واجتمعت جيوش الإسلام على حمص، وحضر الناس لقراءة ' البخاري ' بدمشق. وأخذ شيخ دار الحديث الأثر وحمله على رأسه إلى الجامع ومعه القضاة ووضعوه تحت النسر، وحفوا به يدعون ويبتهلون يوم الرابع والعشرين من ربيع الأول. وأخذ فقهاء المكاتب الصغار وداروا بهم في المساجد يدعون ويستغيثون ربهم تبارك وتعالى. وفعلت اليهود والنصارى ذلك وحملوا توراتهم وإنجيلهم. وأما الجيش فإنهم تعبوا للمصاف، وبقوا ملبسين على الخيل يوم الثلاثاء، فلم يجيئهم أحد، وبلغهم أن التتار بقرب سلمية وأنهم يريدون الرجوع، وذلك شناعة ومكيدة، فركب السلطان بكرة الأربعاء وساقوا من حمص إلى وادي الخزندار، وقد حميت الشمس، فكانت الوقعة في يوم الأربعاء، الخامسة من النهار، السابع والعشرين من الشهر بوادي الخزندار، شمال حمص بشرق، على نحو فرسين من حمص أو ثلاثة. والتحم الحرب، ودام الطعن والضرب، واستمر بالتتار القتل، ولاحت أمارات النصر، وثبت المسلمون إلى بعد العصر، وثبت السلطان والخاصكية ثباتاً كلياً. وانكسرت ميمنة المسلمين، وجاءهم ما لا قبل لهم به لأن الجيش لم يتكامل يومئذ، وكانوا بضعة وعشرين ألفاً، وكان العدو ثلاثة أمثالهم،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 71 وشرعوا في الهزيمة، وقضي الأمر. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وأخذت الأمراء السلطان وولوا، وتحيزوا وحموا ظهورهم، ومروا على حمص وساروا على درب بعلبك إلى طريق البقاع، ومر خلق من الجيش منكسرين عليهم كسفة وكآبة بدمشق. وأما نحن فوقعت يوم الخميس الظهر بطاقة مضمونها أن أقجبا المشد وجماعة مجرحين وصلوا إلى قارة، وأن أمر المصاف متماسك بعد، ولم يدروا ما تم بعدهم، فأخفى أرجواش نائب المملكة ذلك، فما أمسينا حتى أشهر أن الميمنة انكسرت. ثم قيل إن الجيش جميعه انكسر، فبتنا بليلة الله بها عليم، وفترت الهمم عن الدعاء. ودقت البشائر من الغد تطميناً وتبين كذبها. ثم أرسل أرجواش الأنهار على خندق البلد. ثم دقت البشائر عصر يوم الجمعة فلم يعبأ بها الناس، بل بقوا حائرين في هرج ومرج. وجاء يومئذ خلق من الجند والأمراء، قد وقفت خيولهم، وراحت أثقالهم وأموالهم، وتمزقوا، وقد رموا الجوشن. واستشهد في المصاف جماعة إلى رحمة الله. وشرع الناس في الهرب إلى مصر. وبات الناس ليلة السبت في أمر عظيم، وقد أشرفوا على خطة صعبة. وبلغنا أن التتار قتل منهم خمسة آلاف، وقيل عشرة آلاف. ولم يقتل من الجيش إلا دون المائتين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 72 حدثني ضوء بن صباح الزبيدي قال: ما رأيت أنفع من الخاصكية لقد رأيتهم على باب حمص يحملون على التتار عند اصفرار الشمس وينكون في التتار، ثم يرجعون إلى السلطان. وقال غيره: ألقى الله الهزيمة فولوا مدبرين بعد العصر، وبقيت العدد والأمتعة ملقاة قد ملأت تلك الأرض والرماح والجواشن والخوذ. أما نحن، فشرع الناس يتحدثون في أمر التتار ويذكرون عنهم خيراً، وأن ملكهم مسلم، وأن جيشه لم يتبعوا المنهزمين. وبعد تمام الوقعة لم يقتلوا أحداً. وأن من وجدوه أخذوا فرسه وسلاحه وأطلقوه. وكثرت الحكايات من هذا النمط، حتى قال إنسان كبير: اسكت، هؤلاء خير من عسكرنا ولا تخدع الناس. وفي يوم السبت الظهر وقع بالبلد صرخات وصياح مزعج، وخرج الناس، وتهتكت النساء، وقيل: دخل التتار. وازدحم الناس في باب الفرج، حتى مات نحو العشرة، منهم النجم البغدادي الذي يقرأ الغزوات تحت قبة عائشة. ثم سكنت بعد لحظة من غير أصل. فاجتمع أعيان البلد وتحدثوا في المصلحة، وهم فخر الدين ابن الشيرجي ناظر البلد، وعز الدين ابن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 73 القلانسي، ووجيه الدين بن المنجا، وعز الدين ابن الزكي، والشريف زين الدين ابن عدنان. وسافر مع الجمال ليلتئذ قاضي البلد إمام الدين والقاضي المالكي، والمحتسب، وابن النحاس الوالي. وامتلت الطرقات بأهل الغوطة والحواضر. [إحراق حبْس باب الصغير] وأحرق أهل حبس باب الصغير الحبس، وخرجوا كلهم، وكانوا أكثر من مائتين، وكسروا أقفال باب الجابية وخرجوا منه. [المشاورة في طلب الأمان من قازان] وأصبح الناس يوم الأحد ثاني ربيع الآخر في خمدة وحيرة، منهم الهارب بأولاده إلى مصر، ومنهم الطامع في عدل التتار، وأنهم مشى بهم الحال نوبة هولاكو، وهم وملكهم كفار، فكيف وقد أسلموا؟ ثم اجتمع الكبار بمشهد علي، واشتوروا في الخروج إلى الملك وطلب الأمان. فحضر ابن جماعة، والفارقي، وابن تيمية، والوجيه ابن منجا، والقاضي نجم الدين ابن صصرى، وعز الدين ابن القلانسي، والصاحب ابن الشيرجي، وشرف الدين ابن القلانسي، وأمين الدين ابن شقير، وعز الدين ابن الزكي، ونجم الديم ابن أبي الطيب، وشهاب الدين الحنفي، وغيرهم. وطلعوا ظهر يوم الإثنين بهدايا للأكل في نحو مائتي نفس، ونودي في البلد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 74 من جهة أرجواش: لا يباع من عدد الجند شيء، فسلطانكم باق. وأبيعت الخيل والعدد بأقل ثمن، وبقي البلد بلا وال ولا قاضٍ. أما قاضيه الشافعي فهرب هو والمالكي. وأما الحنفي فشهد المصاف وعدم، وأما الحنبلي فإنه أقام بأهل الصالحية ورجوا الخير. وأما محتسب البلد ومشده فهربا، وغلا الخبز. وكثر الشر والهرج. وبقينا كذلك إلى آخر يوم الخميس. وغلا سعر الطحن وسعر الخبز لعدم الطواحين وعدم الحطب وقلته في الأفرنة. وقد كان الشريف القمي بادر إلى المسير إلى التتار فرجع يوم الخميس ومعه أربعة من التتار، على واحد منهم ثياب المسلمين وكلوته شاش دخاني، ومروا بالمطررين يجهرون بالشهادتين، والناس يتسلون بإسلامهم ويطمئنون شيئاً، فلما أصبح نهار الجمعة لم يفتح للبلد باب. ثم كسر قفل باب توما، كسره نائب الوالي الشجاع همام وابن ظاعن. ولم يذكر في الخطبة سلطان. ثم بعد الصلاة وصل إلى ظاهر المدينة جماعة من التتار معهم الملك إسماعيل قرابة قازان، فنزلوا ببستان الظاهر الذي عند الطرن، وحضر معه الفرمان من الملك بالأمان، ونادوا في البلد: افتحوا حوانيتكم، وطمنوا قلوبكم، وادعوا للملك محمود غازان. وقدم كبراء البلد فذكروا أنهم التقوا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 75 قازان بالنبك فوقف لهم وأكل مما قدموا له. وكان المتكلم الصاحب ابن الشيرجي، والذي دعا للملك الخطيب ابن جماعة. وقالوا لهم: قد بعثنا لكم الأمان قبل أن تجيئوا. وذكروا أن الملك ينزل بالمرج وأنه لا يفتح إلا باب واحد. وحضر يوم السبت إسماعيل ومعه الأمير محمد في خدمتهما طائفة من التتار إلى مقصورة الخطابة بعد الظهر فجلسا بها. وحضر الخطيب، وابن القلانسي، وابن الشيرجي، وابن منجا، وابن صصرى، وطائفة، واجتمع الخلق لسماع الفرمان، قرأه رجل من أعوان التتار، وبلغ عنه المجاهد المؤذن. [كتاب قازان] وهو: ' بقوة الله تعالى. ليعلم أمراء التومان والألف والمائة وعموم عساكرنا من المغول والتازيكا والأرمن والكرج وغيرهم ممن هو داخل تحت طاعتنا. إن الله لما نور قلوبنا بنور الإسلام وهدانا إلى ملة النبي صلى الله عليه وسلم {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} . ولما سمعنا أن حكام مصر والشام خارجون عن طرائق الدين، غير متمسكين بأحكام الإسلام، ناقضون لعهودهم، حالفون بالأيمان الفاجرة، ليس لديهم وفاء ولا ذمام، ولا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 76 لأمورهم التئام ولا انتظام. وكان أحدهم إذا تولى {سعى في الأرض} الآية. وشاع أن شعارهم الحيف على الرعية، ومد الأيدي الباغية إلى حريمهم وأموالهم، والتخطي عن جادة العدل والإنصاف، وارتكابهم الجور والاعتساف، حملتنا الحمية الدينية والحفيظة الإسلامية على أن توجهنا إلى تلك البلاد لإزالة هذا العدوان، مستصحبين للجم الغفير من العساكر، ونذرنا على أنفسنا إن وفقنا الله تعالى بحوله وقوته لفتح تلك البلاد أن نزيل العدوان والفساد، وبسط العدل في العباد، ممتثلين الأمر المطاع الإلهي {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الآية. وإجابة إلى ما ندب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: ' المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم، وما ولوا '. وحيث كانت طويتنا مشتملة على هذه المقاصد الحميدة، والنذور الأكيدة، من الله علينا بتبلج تباشير النصر المبين، وأتم علينا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 77 فقهرنا العدو الطاغية، والجيوش الباغية. فرقناهم أيدي سبأ، ومزقناهم كل ممزق، حتى جاء الحق وزهق الباطل، فازدادت صدورنا انشراحاً للإسلام، وقويت نفوسنا بحقيقة الأحكام، منخرطين في زمرة من حبب إليهم الإيمان، فوجب علينا رعاية تلك العهود الموثقة، والنذور المؤكدة، فصدرت مراسمنا العالية أن لا يتعرض أحد من العساكر المذكورة على اختلاف طبقاتها بدمشق وأعمالها وسائر البلاد الشامية، وأن يكفوا أظفار التعدي عن أنفسهم وأموالهم وحريمهم وأطفالهم، ولا يحوموا حول حماهم بوجه من الوجوه، حتى يشتغلوا بصدور مشروحة، وآمال معسوحة، بعمارة البلاد، وبما هو كل واحد بصدده من تجارة وزراعة. وكان في هذا الهرج العظيم وكثرة العساكر تعرض بعض نفر يسير إلى بعض الرعايا وأسرهم، فقتلنا منهم ليعتبر الباقون، ويقطعوا أطماعهم عن النهب والأسر، وليعلموا أنا لا نسامح بعد هذا الأمر البليغ البتة، وأن لا يتعرضوا لأحد من أهل الأديان من اليهود والنصارى والصابئة، فإنهم إنما يبذلون الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا، لأنهم من جملة الرعايا. قال صلى الله عليه وسلم: ' الإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم '. فسبيل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 78 القضاة والخطباء والمشايخ والعلماء والشرفاء والأكابر وعامة الرعايا الاستبشار بهذا النصر الهني، والفتح السني. وأخذ الحظ الوافر من الفرح والسرور، مقبلين على الدعاء لهذه الدولة القاهرة، والمملكة الظاهرة. وكتب في خامس ربيع الآخر '. فلما فرغ من قراءته نثر عليه ذهب وفضة بالمقصورة، ونثر الشريف زين الدين نحو عشرة دنانير، وكان واقفاً مع المغول على السدة، وضجت العامة، ودعوا للملك، وسكن جأشهم بعض الشيء. [نيابة دمشق لقازان] وجعل نائب البلد الملك إسماعيل وجلس بالقيمرية. وكان فيه عقل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 79 وإسلام وقلة شر في الجملة. ثم طلبوا يوم الأحد المال والخيل من العامة. [امتناع قلعة دمشق] وفي عاشر ربيع الآخر قرب الجيش من الغوطة، ووقع العبث والفساد، وقتلوا جماعة من أهل البر، ونهبوا بقايا من في الضياع. وقدم قبجق وبكتمر في طائفة فنزلوا بالميدان، وتكلموا مع متولي القلعة علم الدين أرجواش المنصوري، وراسلوه في تسليم القلعة، وأشاروا عليه بذلك. فلم يقبل وصمم. وكانت خيرة. ثم أمروا أعيان البلد بالمشي إليه من الغد، فاجتمعوا به وسألوه، وقالوا: هذا فيه حقن لدماء المسلمين. فلم يلتفت عليهم، وقد حصن القلعة وهيأ جميع أمورها وسترها، وطلع إليها جماعة كبيرة من البلد. [دخول السلطان القاهرة] ويوم الثاني عشر منه دخل السلطان وجمهرة جيشه إلى القاهرة. [تقريع أعيان دمشق] وفي هذا اليوم دخل قبجق إلى البلد وجلس بالعزيزية. وأمر الأعيان بمراجعة أرجواش. فكلموه فلم يجبهم وأهانهم، ووقفوا كلهم عند باب القلعة، وطلبوا منه رسولاً فأبى. فبعثوا من كلمه، فأغلظ لهم وقال: أنتم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 80 منافقون، تلقيتم التتار، وسلمتم إليهم البلد، وجسرتموهم. ومع هذا فهذه بطاقة صاحب مصر، وأنهم اجتمعوا على غزة، وأنهم كسروا الطائفة التي اتبعتهم. [تخريب المقدّم بولاي بلاد غزّة] وكان المقدم بولاي قد ساق وراء العساكر في نحو عشرة آلاف فوصل إلى غزة، وخرب البلاد، وسبى ونهب. [الخطبة لقازان بدمشق] ويوم الخميس ثالث عشر الشهر تحدث الناس بصلاة قازان الجمعة في البلد، فقلق الناس، ودربوا الدروب، وردموا خلف أبوابها الطين والحجارة. وكثر دخول التتار إلى بيوت الناس يفتشون على الخيل ويأخذونها، ويخطفون ويؤذون. وبات ليلتئذ قبجق عند عز الدين ابن القلانسي. وخطب الخطيب يوم الجمعة بالبلد، وأقام الدعوة للسلطان مظفر الدين محمود غازان، ورفع في لقبه، وذلك بحضرة جماعة من المغول. ثم صعد بعد الصلاة قبجق وإسماعيل إلى السدة، ودعا عبد الغني المؤذن وذكر ألقاب قازان، ثم قرئ على الناس تولية قبجق لنيابة الشام، وأن إليه تولية قضاتها
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 81 ونوابها. وبلغ الناس عبد الغني، ونثروا على الناس الذهب والدراهم. وحصل فرح ما بتولية قبجق. وتعب قبجق بالتتار كل التعب، ولكنه كان شاطراً ذا دهاء ورأي وخبرة، وقد عرف سياستهم. ونزل شيخ الشيوخ الذي لقازان ولقبه نظام الدين محمود بن علي الشيباني بالمدرسة العادلية، وأظهر العتب على الرؤساء إذ لم يترددوا إليه. وزعم أنه يصلح أمرهم ويتفق معهم على ما يفعل في أمر القلعة. وأظهر أن قبجق وأمثاله من تحت أوامره. وأما أهل الصالحية فابتلشوا ونشبوا بالقعود. وجاءهم مقدم وقعد شحنة لهم، فأكلهم واستحلبهم. وزوجه القاضي بصبية ولم يكن عنده دفع عنهم. [نهب الصالحية] وشرعت التتار في نهب الصالحية والعبث والفساد، وبقوا كل يوم يقوى شرهم ويكثر عبثهم، وأخذوا منها شيئاً كثيراً من القموح والغلال والقماش والذخائر، وقلعوا شبابيك، وكسروا وأخربوا، وأخذوا بسط الجامع. والتجأ الناس إلى دير المقادسة، فانحشروا فيه، فاحتاط به التتار في ثامن عشر الشهر ودخلوه، ونهبوا فيه، وسبوا الحريم والأطفال. فخرج إليهم شيخ المشايخ النظام في جماعة من التتار فأدركوهم وردوا عن الدير بعض الشيء. وهرب التتار بما حووا، وتوجهت فرقة إلى داريا، فاحتمى أهلها بالجامع، فحاصروه، وأخذوه ودخلوه، ونهبوا وقتلوا، وعثروا أهل داريا. ولم يزالوا يتدرجون في نهب الخيل وسبي أهله قليلاً قليلاً، فرقة تذهب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 82 وفرقة تأتي. ونبشوا أطمار القماش والأثاث، وعاقبوا وعذبوا. وكان خاتمة أمرهم الدير فاستباحوه ولم يتركوا به إلا العجائز في البرد والجوع والعري. ودخل الرجال عراة حفاة، عليهم خلقان كأنهم الصعاليك، بل أضعف من الصعاليك لما هم فيه من آلام العقوبات والجوع وشدة البرد والسهر وذهاب الأولاد والحريم، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وسارت فرقة إلى المزة، وكان بها أكثر أهلها قد اغتروا وقعدوا فأوطأوهم خوفاً ونهباً وتباراً. [دخول ابن تيمية على قازان] وكان الشيخ تقي الدين ابن تيمية تلك الأيام يتردد إلى من يرجو نفعه إلى شيخ المشايخ، وإلى العلم سليمان، وإلى قبجق. ثم إنه خرج مع جماعة يوم العشرين من الشهر إلى قازان وهو بتل راهط إلى قازان، فأدخل عليه ولم يمكن من إعلام قازان بما يقع من التتار، وخافوا أن يغضب ويقتل أناساً من المغل. وأذن له في الدعاء والإسراع. وأشار عليه الوزير سعد الدين ورشيد الدين اليهودي مشير الدولة بأن لا يشكو التتار، ونحن نتولى إصلاح الأمر، ولكن لا بد من إرضاء المغل، فإن منهم جماعة كبيرة لم يحصل لهم شيء إلى الآن. [خيانة شيخ المشايخ] وعاد الشيخ إلى المدينة، ثم من الغد في اليوم الثاني والعشرين اشتهر أنه لا بد من دخول المغل إلى البلد والنهب، وظهر ذلك. وجهز شيخ
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 83 المشايخ ثقله من العادلية وخرج إلى الأردو، وأشار على من يعرف بالخروج من البلد، فأسرع إليه الأعيان وبذلوا في فداء البلد الأموال، والتمسوا منه أن يتوسط لهم. وكان شيخاً خبيثاً طماعاً، وربما فعل ذلك خديعة، وقيل: بل لين قازان للمغول. ثم خرج منه مرسوم في جوف الليل بأن: من عاودني في أمر دمشق يموت. وأما الناس فباتوا في ليلة مزعجة، وأصبحوا في بلاء شديد وبرد مفرط. وانضم جماعة إلى شيخ المشايخ يرومون الاحتماء به، وهو في ذلك مصمم لا يفرج عنهم كربة ولا يرق لمسلم. [إثقال كاهل الدمشقيين بالرسوم] ثم لطف الله وبطل ذلك. ولكن أضعف المقرر على الناس، وجبيت الأموال، وناب الناس في الرسم أموال كثيرة، فكان إذا وضع على الإنسان عشرة آلاف يكون ترسيم نحو الألفين. وأخذ هذه الأيام من البلد أكثر من عشرة آلاف فرس وسائر الحمير، ووقع الضرب والتعليق والعصر. وقرر على سوق الخواصين مائة ألف درهم، وعلى الرماحين مائة ألف، وعلى أهل سوق علي ستون ألفاً، وعلى الكبار مثل ابن منجا وابن القلانسي سبعون ألفاً سبعون ألفاً، ويلحقها تتمة المائة ألف. والطبقة الثانية ثلاثون ألفاً ونحو ذلك. والتزموا المبيت بالجامع بالمشهد الجديد، وأخرق بالكبار وضرب جماعة من الأماثل، وكثر النهب وتشليح من يتطرف. واشتد ذلك يوم الجمعة ثامن وعشرين الشهر. وكثرت الضجة بأعالي الدور، وهرب الناس من
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 84 أسطحتهم. وحمل الشيخ شمس الدين ابن غانم إلى الجامع مريضاً، وطلب منه مائة ألف درهم. وصودر الفامية والقصابون. وكان مشد المصادرة علاء الدين أستاذ دار قبجق، والذي يقرر على الناس الصفي السنجاري، قدم مع التتار، والحن والبن أولاد الجريري. وكثرت العوانية، وظهرت النفوس الخبيثة بالأذية والمرافعة، ونهب أهراء الأمراء ودورهم. وذكر الشيخ وجيه الدين ابن المنجا أن الذي حمل إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف درهم سوى ما محق من الرسوم والبراطيل، وسوى ما استخرج لغيره من الكبار، بحيث أنه اتصل إلى شيخ الشيوخ ما يقارب ستمائة ألف درهم. قلت: واشتد البلاء وهلك ناس كثير في هذه المصادرة، وافتقروا، وإلى اليوم. وبعضهم ركبه الدين. وجبي من بعض الناس على الرؤوس والدور. ثم يوم التاسع والعشرين نودي في البلد بإطلاق الطلب، وانصرفت الأعيان إلى بيوتهم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 85
[حصار قلعة دمشق] وفي سلخ الشهر كان قبجق قد سكن بدار السعادة، ويذهب إليها من خان الغرباء، فرموا عليه بالمنجنيق وبالنار من القلعة، فوقع فيها الحريق، وابتدئ يومئذ بحصار قلعة دمشق من داخل البلد وخارجه. ودخل المغل للحصار، وملأوا باب البريد إلى الظاهرية إلى ناحية الخاتونية وحارة البلاطة. وباتوا هناك. وعملت هذه الأيام المجانيق للتتار بجامع دمشق، وقطعت لها الأخشاب النفيسة من الغيظة، وأحضرت الأعواد الكبار إلى الجامع، وبات الترك لحفظها. وكسرت دكاكين باب البريد ونهبت، وتحول في الليل جميع أهل تلك النواحي من الأسطحة، وذهبت أموالهم وأقواتهم، وتعثروا وقاسوا الشدائد، ولم يبق بذاك الخط ديار من أهله. ونهبت دار للسكر يومئذ وأبادتها الحرافشة. [إنفاق السلطان في شراء الخيل] وأما الجيوش فدخلت القاهرة وأنفق فيهم السلطان، وشرعوا في شراء الخيل والعدد. وغلت هذه الأشياء حتى أبيع الجوشن الذي بعشرة بمائة درهم ونحو ذلك. وكانت نفقة عظيمة لم يعهد مثلها، ولا سيما في الشاميين. ولعلها تجاوزت ألف ألف دينار، وأزيحت علل الجيش بكل ممكن. واحتفل سلار لذلك، واجتهد بكل ممكن هو وكبار الأمراء، وبعثوا قصادا يكشفون لهم خبر الشام وبذلوا لهم ذهباً كثيراً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 86 ولزم الناس بيوتهم، وخافوا من إلزام التتار لهم بطم خندق القلعة وغير ذلك. [انتهاب دير المقادسة] وفي ثاني جمادى الأولى كان قد تبقى بدير المقادسة بعض الشيء وبعض التحريم والرجال والقاضي الحنبلي، فجاءته فرقة من التتر وحرروه نهباً وسبياً، وأسروا القاضي وأخذوه عرياً مكشوف الرأس، وعملوا في رقبته حبلاً. ثم هرب أهل الدير ودخلوا البلد مضروبين مسلوبين، من يراهم يبكي أكثر من بكائهم. ثم أدخل القاضي تقي الدين البلد وقد أسرت بناته وخلق من أقاربه، ورأى الأهوال. ولعل الله قد رحمه بذلك [إطلاق التتار النار في المدارس] ولما رأى القلعيون حصار التتار لهم أطلقوا النار في دار الحديث الأشرفية وما جاورها، والعادلية، ودار الملك الكامل ودار بكتوت العلائي، وغالب ما حول القلعة. وسلمت الدماغية، والعمادية، والقيمازية. وبقي الجامع ملآن بالغرباء والمساكين والفلاحين كأنه تحت القلعة. [إفساد التتار في القرى والضياع] وقيل إنه أسر من الصالحية نحو أربعة آلاف، ومن باقي الضياع والقدس إلى نابلس إلى البقاع شيء كثير لا يعلمه إلا الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 87 وقيل إنه قتل بالصالحية نحو الأربعمائة، وقلع شيء لا يوصف ولا يحد من الأبواب والرخام والشبابيك وغير ذلك، من سائر الأمكنة البرانية ومن الأمكنة الجوانية التي حول القلعة، وأبيع بالهوان. وبقي سائر أهل البلد في ثياب ضعيفة، وعلى رؤوسهم تخافيف عتيقة خوفاً من التشليح. وتراجع أمر المصادرة والعقوبة إلى حاله. وطلب من المدارس مبلغ كبير، نحو المائة ألف، وانعسفت النظار والعمال، وغلت الأسعار. [الفرمان بصيانة الجامِع الأموي] وفي هذه الجمعة قرئ بالجامع فرمان فيه صيانة الجامع وحفظ أوقافه. وأن يصرف في السبل والحج ما كان يؤخذ لخزانة السلاح. وأن تضرب الدراهم فضة خالصة. [رحيل قازان عن الغوطة] وفي ثاني عشر جمادى الأولى رحل قازان عن الغوطة طالباً بلاده، وتخلف بالقصر نائبة خطلوشاه في فرقة من الجيش. [حصار القلعة وإحراق أماكن بدمشق] وفي ثالث عشر جمادى الأولى أمر أهل العادلية بالخروج منها لأجل حصار القلعة، فخرجوا بمشقة وشدة، وتركوا معظم حوائجهم وأقواتهم فنهبت
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 88 وفي ثامن عشر جمادى الأولى دخل البلد خلق من المغل وحاصروا القلعة، ونقبوا عليها من غربيها. وبقي أهل الظاهرية، وهي ملآى بالناس، في ضر وخوف من يزك التتار، وهلكوا من انقطاع الماء، وخافوا لا تفعل بهم التتار كما فعلت بالعادلية وأخرجت أهلها. فهربوا من الأسطحة بمشقة زائدة. وأحرقت التتار والكرج والأرمن جامع العقيبية ومارستان الجبل والدهشة، والمدرسة الصاحبية والرباط الناصري وأماكن في غاية الكثرة والحسن. وأحرقت العادلية في ليلة الحادي والعشرين من جمادى الأولى، فهرب من تبقى بالظاهرية عند ذلك. [تقليد النائب والشادّ بدمشق] ويوم الجمعة تاسع عشر الشهر قرئ تقليد قبجق النيابة، وتقليد الأمير ناصر الدين يحيى بن جلال الدين ابن صاحب ختن الشد، وفيه: ' إننا نرجع إلى بلادنا وقد تركنا بالشام ستين ألفاً من جيشنا، وإنا سنعود في الخريف لأخذ الديار المصرية '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 89
[رفع الحصار عن القلعة] وفي الثاني والعشرين منه، بطل التتار حصار القلعة ومشى الناس في تلك النواحي وقد بقيت بلاقع من الحريق والخراب وذهاب الأبواب والشبابيك. وفي الثالث والعشرين بطل عمل المنجنيق، فنزل من الغد القلعية ونشروا الأخشاب وأفسدوها، وظفروا بالشريف القمي فأسروه وأخذوه إلى القلعة. [خروج التتار من دمشق] ورحل عن البلد النوين خطلوشاه وصاحب سيس، وخف التتار من البلد جداً. وقلعت ستائرهم من أماكنها، وتنسم الناس الخير. [وصف المؤلّف لباب البريد] وعبرنا في باب البريد فإذا هو أنحس من خان في منزلة، دكاكينه بوائك، وأرضه مرصوصة بالزبل سمك ذراع وأقل. ووصلنا إلى باب النصر. ودقت البشائر يومئذ بالقلعة وجليت لسلامتها، ولله الحمد. وخرج يومئذ من البلد الصفي السنجاري، والأمير يحيى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 90 ونودي في البلد: أخرجوا غداً للقاء سلطانكم قبجق فقد دفع الله عنكم العدو. ورجع الأمير سيف الدين قبجق، وبكتمر السلحدار، وألبكي، وجماعة من الجند تلفقوا له من البلد وظهروا. وأخذت له عصائب من تربة الملك الظاهر رتك الملك السعيد قد زالت عنها السعادة، فعملت في رمح على رأسه، وسللت بين يديه سيوف، ونزل في القصر. وخرج الناس إلى الغوطة والجبل ينوحون على مساكنهم من وجه، ويفرحون بسلامتهم من وجه. [اجتماع ابن تيمية بخطلوشاه] وحكى لنا ابن تيمية طلوعه إلى خطلوشاه إلى القصر هو والقاضي تقي الدين الحنبلي وغيره. وباتوا بالمنيبع وخاطروا بنفوسهم. وحضر عند خطلوشاه فرآه كهلاً، أمرد، أصفر، كبير الوجه، عليه غضب وزعارة، وأنه من ذرية جنكزخان. ورأى صاحب سيس واقفاً في خدمته. [اجتماع ابن تيمية بقازان] وذكر لنا اجتماعه بقازان ودعاءه له بالصلاح، واجتماعه بالوزيرين سعد الدين، ورشيد الدولة الطبيب، والنجيب اليهودي الكحال، وشيخ الشيوخ، والسيد القطب ناظر الخزانة والأصيل ولد النصير الطوسي ناظر الأوقاف، وهؤلاء متعممو التتار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 91
[مصائب أهل دمشق] وبيعت الكتب وأجزاء الحديث بالهوان، ولم يتورع أحد من شرائها إلا القليل، وكشطت وقفيتها وغسل بعضها للوراقة، وعدم شيء كثير من أصول المحدثين وسماعاتهم. وغلت الأسعار، ووصل القمح إلى ثلاثمائة درهم، وبيع الزبيب أوقيتين ونصف بدرهم، ورطل اللحم بتسعة دراهم، وأوقية الجبن بقريب درهم إلى نحو ذلك. [ركوب قبجق بزيّ السلطنة] وبقي قبجق يعمل السلطنة ويركب بالشاويشية والعصابة، ويجتمع له نحو مائة فارس. وأمر جماعة. ورأيناهم لابسي الشرابيش. وولى ولاية البلد أستاذ داره علاء الدين وجعله أميراً. وجهز نحو ألف من التتار إلى جهة خربة اللصوص، وولي شمس الدين ابن الصفي السنجاري حسبة البلد، وركب بخلعة يطرحه. وفتحت أبواب المدينة سوى الأبواب التي حول القلعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 92 ويوم الجمعة رابع جمادى الآخرة صلى الأمير يحيى بالجامع. ويومئذ ضربت البشائر بالقلعة وعلى باب قبجق. وسكن في دار بهادر آص. وفي وسط الشهر نودي في دمشق بإدارة الخمر والفاحشة، وجعل ذلك بدار ابن جرادة بالسبعة. وضمن ذلك اليوم بنحو الألف. [تجرّوء القلعية على التتار] وخرج جماعة من القلعة وساقوا إلى عند باب الجابية وهرب منهم التتار، فضربت العوام التتار. وحصل بذلك شوشة. وغلق باب الصغير وقتل من التتار جماعة فيما قيل. وفي العشرين من الشهر، رجع بولاي من الغور بتقدمته، وجاء إلى ظاهر دمشق، وخاف الناس. وجبي من البلد لهم جملة. ثم خرج جماعة من القلعية وخلصوا غنائم التتار، وقتلوا جماعة، وقتلوا منهم أيضاً جماعة واختبط البلد. [فشل الصُلح بين أرجواش والتتار] وفي الثامن والعشرين من الشهر دخل الخطيب بدر الدين وطائفة إلى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 93 القلعة ومعهم نائب الأمير يحيى، وتكلموا مع أرجواش في صلح يكون بينه وبين نواب التتار وقبجق، فلم يقع اتفاق. [تحليف الأعيان لدولة قازان] وفي ثاني رجب جمع قبجق الأعيان والقضاة إلى داره، وحلفهم للدولة القازانية بالنصح وعدم المداجاة. [تدخّل ابن تيميّة لفكاك الأسرى] وتوجه يومئذ ابن تيمية إلى مخيم بولاي بسبب الأسرى واستفكاكهم من أصحابه، فغاب ثلاث ليالٍ. [انتهاب جماعة من الرؤساء] ويوم ثالث رجب توجه جماعة من الرؤساء بطلب إلى مخيم بولاي ورجعوا من الغد، فنهبوا عند باب شرقي وأخذت عمائمهم وثيابهم، ودخلوا. فطلبوا في اليوم بعينه فاختفى بعضهم وتوجه البعض. [رحيل بولاي بالأسرى] فسافر بولاي والتتار وأخذوا معهم بدر الدين ابن فضل الله، وأمين الدين ابن شنقير، وعلاء الدين ابن القلانسي، وولد شمس الدين ابن الأثير، فأطلقوا من عند الفرات ابن شنقير فتوصل إلى حلب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 94
[رحيل التتار] وفي رابع رجب طلع الناس إلى المنابر وأخبروا أنهم رأوا خلقا من التتار رائحين في عقبة دمر. ورحل بولاي إلى بعلبك والبقاع، ونظفت ضواحي دمشق منهم والبلد وسافر الناس في عاشر رجب إلى القبلة والشمال. [صلاة قبجق بمَقصورة الخطابة] ويومئذ صلى قبجق الجمعة في جمع كبير معه بالعدد والسلاح في مقصورة الخطابة. [رجوع طائفة من التتار إلى الشام] ويوم ثالث عشر رجب تشوش البلد بسبب رجوع طائفة من التتار إلى ظاهر باب شرقي، وكان الناس يتفرجون في غياض السفرجل، فرجعوا مسرعين، وشلح بعضهم وأخذ بعض الصبيان. ثم كان هذا آخر العهد بالتتار، وكفى الله أمرهم. [سفر قبجق إلى مصر] وأما قبجق فإنه يوم نصف رجب انفصل عن البلد هو وأتباعه ومعه عز الدين ابن القلانسي، وتوجهوا إلى نحو مصر، فقام أرجواش بأمر البلد، وأمر بحفظ الأسوار والمبيت عليها بالعدد، وأن من بات في داره شنق وأغلق
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 95 أبواب البلد. ثم فتح للناس باب النصر بعد ارتفاع النهار، وجفل الناس من الحواضر. [عودة الخطبة لسلطان مصر] فلما كان يوم الجمعة سابع عشر رجب أعيدت الخطبة بدمشق لصاحب مصر بعد ذكر الحاكم بأمر الله، فضج الناس عند ذلك وفرحوا. وكان مدة إسقاط ذلك مائة يوم. [تخريب ابن تيمية الخمّارات] ويومئذ دار ابن تيمية وأصحابه على ما جدد من الخمارات فبدد الخمر، وشق الظروف، وعزر الخمارين. ثم زين البلد من الغد يوم السبت. [دخول النائب والأمراء دمشق] ويوم عاشر شعبان قدم الأفرم نائب دمشق بعسكر دمشق، ثم قدم أمير سلاح والميسرة المصرية بعد يومين. ثم دخلت الميمنة وعليها الحسام أستاذ دار، ثم دخل يوم رابع عشر شعبان القلب وعليه نائب المملكة سلار. ونزل الكل بالمرج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 96
[القضاء بالشام] وفيه ولي القضاء بالشام ابن جماعة، وقضاء الحنفية الجريري. [تدريس الأمينية] ودرس بالأمينية جلال الدين بدلاً عن أخيه المتوفي إلى رحمة الله. [نظارة الديوان] وولي نظر الديوان ابن الشيرازي عوضاً عن المتوفى ابن الشيرجي. [ولاية بر البلد] وولي بر البلد الأمير عز الدين أيبك الدويدار النجمي. [سفر سلاّر إلى القاهرة] وفي ثامن رمضان رجع سلاّر بالجيش إلى القاهرة. [حبْس الشريف زين الدين] وفي شوال بعث الشريف زين الدين بن عدنان من القاهرة مقيداً وحبس بحبس باب الصغير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 97
[حملة الأفرم على جبال الجُرْد] وفي شوال توجه ملك الأمراء الأفرم إلى جبال الجرد لحربهم، فإنهم كانوا قد بدعوا في الجيش عقيب الكسرة وأسروا وقتلوا وسلبوا وما اتقوا ممكناً. ومع هذا فعامتهم أن يكونوا رافضة، وإلا فبعض الناس يقول هم زنادقة منحلين من الدين، فذلوا ودخلوا في الطاعة وقهروا، وقرر عليهم مبلغ كبير من المال، والتزموا برد جميع ما أخذوه للجند، وأقطعت أرضهم. [الأمر بتعلُّم الرمي] وفي ذي القعدة ألزم الناس بتعليق العدد، وأمروا بتعلم الرمي، وجددت الإماجات في المدارس والمساجد، ونودي في الناس بذلك. وأرسل قاضي القضاة إلى جميع المدارس والفقهاء بذلك. وكتب إلى جميع البلاد الشامية في هذا المعنى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 98
سنة سبعمائة
[جلوس الديوان لاستخراج المال] في أولها جلس الديوان المستخدم لاستخراج أربعة أشهر من جميع الأملاك والأوقاف التي بدمشق وظاهرها. فعظم ذلك على الناس، وهرب غير واحد، واختفى آخرون. [الإرجاف بمجيء التتار] ثم كثرت الأراجيف بمجيء التتار، وشرع الناس في الجفل إلى مصر وإلى الحصون. واشتد الأمر في صفر وغلا الكراء، وبلغ كراء المحارة خمسمائة إلى مصر. وأبيعت الأمتعة والنحاس بالهوان. ثم نودي في البلد أن لا يسافر أحدٌ إلا بمرسوم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 99 وجاءت قصاد المسلمين بركوب التتار، فاختبط البلد. ودقت البشائر لركوب السلطان من مصر. ثم جفل من البلد بيت ابن فضل الله في جمع كبير ثم بيت قاضي القضاة، وبني صصرى، وبني القلانسي، وبني المنجا، وخلق كثير. [وصول السلطان إلى غزّة] وفي ربيع الأول فترت الأخبار يسيراً، ووصل السلطان إلى غزة. [وصول التتار إلى البيرة] فلما استهل ربيع الآخر كثرت الأراجيف والإزعاج بالتتار، ووصل بعضهم إلى البيرة، فخرج جيش دمشق كله، وعرضت العامة والعلماء وغيرهم، فبلغوا خمسة آلاف. [ولاية الشدّ بدمشق] وولي الشد بدمشق عوض أقجبا الأمير سيف الدين بلبان الجوكندار المنصوري الحاجب. [دخول التتار حلب] وفيه عدي العدو المخذول الفرات، وقنت الخطيب في الصلوات واشتد الأمر، ودخلت التتار إلى حلب، وتأخر نائبها إلى حماة، واكتريت المحارة بثلاثمائة. وخرج الناس هاربين على وجوههم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 100
[إبطال جباية المال] ثم نودي في أواخر الشهر بإبطال الجباية، وكان قد جبي الأكثر وبقي كل معثر وضعيف وهارب، وما نفع الله بما استخرجوه من الأموال، وأكلت وتمسخت. [الاستصحاء في الخطبة] واشتد المطر والوحل إلى الغابة، وقاسى المنهزمون الشدائد في الطرق، حتى أن الإمام استصحى في الخطبة. [تراجع جيش السلطان إلى مصر] وساق بتخاص المنصوري إلى السلطان وهو نازل على بدعرش بقرب قاقون ليخبره بأن العدو في البلاد وقد قربوا، فضعف الجيش عن اللقاء وجبنوا، ورحل السلطان إلى الديار المصرية، ولم يظهر لمجيئه ثمرة، فوجلت القلوب، واختبط البلد، وأيقن الناس بالهرب أو العطب، واكتريت المحارة بخمسمائة في الوحل العظيم والبرد الشديد والأمطار، وهلك الدواب والناس في الطرق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 101
[سفر ابن تيميّة إلى القاهرة] واستهل جمادى الأولى والناس في حالةٍ الله بها عليم، فخرج يومئذ شيخنا ابن تيمية إلى المرج، واجتمع بنائب السلطنة وسكنه وثبته، وأقام عنده يومين، ثم ساق على البريد إلى السلطان فلم يدركه، وفات الأمر، فساق إلى القاهرة ودخلها يوم دخول الجيش. [سفر أهل دمشق وجفلهم] ويوم سابع جمادى الأولى قدم بكتمر السلحدار في ألف فارس، وتيقن الناس رجعة المصريين إلى بلادهم. واستمروا في الكري والسفر والجفل من البلد أمم عظيمة. ويوم التاسع من الشهر أصبح الناس في خوف مفرط، وذلك أن والي البلد ابن النحاس جفل الناس بنفسه، وصار يمر على التجار في الأسواق ويقول: أيش قعودكم؟ ومن قدر على السفر فليبادر. ثم نودي في البلد بذلك الظهر فصاح النساء والأولاد، وغلقت الأسواق، وبقي الناس في كآبة وخمدة، وقالوا: عسكر المسلمين قد فرط فيه الأمر، المصريون قد رجعوا، وعسكر الشام لا يقوم بملتقى قازان لو بيتوا، كيف وهم عازمون على الهرب؟ والنائب الأفرم من عزمه الملتقى لو ثبت معه الجيش، أما إذا خذلوه واندفعوا بين يدي العدو فما حيلته. وتحدث الناس أن قازان يركب من حلب إلينا في عاشر جمادى الأولى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 102
[إزدحام قلعة دمشق بالخلق] ودخل القلعة في هذا اليوم خلق كثير بأقواتهم وأموالهم حتى ضاقت بالخلق، وانزحمت حتى رضي كثير من الناس بأن يصح لهم مكان لجلوسهم لا يمكنهم فيه النوم. وحاروا في أمرهم وبولهم. ثم نودي في عاشر الشهر: من قصده الجهاد فليقعد ويتهيأ له، ومن هو عاجز فلينج بنفسه. [هرب الأعيان إلى مصر] ثم خرج من القلعة خلق مما حل بهم من الضنك والويل، وهجوا إلى مصر والقلاع. وسافر من تبقى في البلد من الكبار الذين جلسوا جرائد. فسافر قاضي القضاة ابن جماعة، والقاضي نجم الدين ابن صصرى، والقاضي شمس الدين ابن الجريري، وشرف الدين ابن القلانسي، ووجيه الدين ابن المنجا. واستناب ابن جماعة في القضاء والخطابة التاج الجعبري، والبرهان الإسكندراني. [تحريض الأمراء على الثبات] وطلع إلى المرج الشيخ زين الدين الفارقي، والشيخ إبراهيم الرقي، والشيخ محمد بن قوام، والشيخ شرف الدين ابن تيمية وابن حبارة، وطائفة، وحرضوا الأفرم على الثبات، وشكوا إليه ما نزل بالناس وما هم فيه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 103 من الجلاء. فتألم لذلك ووعد بخير. ثم قصدوا الأمير مهنا، وساقوا وراءه في البرية مسيرة يومين عن البلد، فاجتمعوا به، وقووا عزمه على الرجوع وملتقى العدو مع الأفرم، فأجابهم. ونالهم في البرية خوف وخرج عليهم حرامية العرب وشهروا عليهم السلاح وسلمهم الله. ثم قدم الأمير عز الدين الحموي بجماعته من صرخد. [الإيقاع بِيَزَك التتار] وفي سابع عشرة وقع يزك الحموي على عيارة التتار فنصرهم الله، وقتل من التتار نحو المائة، وقيل أكثر من مائتين، وأسروا من التتار بضعة عشر نفساً. ووقعت بطاقة بذلك، وبأن الطاغية قازان رد من حلب، وأنه عدى الفرات إلى أرضه في حادي عشر الشهر. وطلب متولي حماة نجدة ومدداً ففرح الناس وبلعوا ريقهم، والتجأوا إلى الله في كشف ضرهم. [تراجع التتار وتخلُّفهم] ثم وصل البريد في تاسع عشر وأخبر بتحقيق ذلك، وأن التتار المتخلفين في بلاد حلب خلق كثير لكنهم في نهاية الضعف والبرد والثلوج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 104
[الغلاء بدمشق] وغلا اللحم في هذه الجمعة بدمشق حتى بلغ الرطل تسعة دراهم، وحتى أبيع رأسان بخمسمائة درهم، ونزلت الغلة بسبب الجفل إلى مائة درهم. واستهل شباط والأمطار في غاية الكثرة. [نجاح مهمّة ابن تيميّة في مصر للجهاد] وفي الخامس والعشرين من جمادى الأولى وصل كتاب ابن تيمية بأنه دخل القاهرة في سبعة أيام، واجتمع بأركان الدولة، وحصل بتحريضه وترغيبه وترهيبه خير، وتحركت همم الأمراء واعتذروا، ونودي في القاهرة بالغزاة، وقوي العزم. وأنه نزل بالقلعة. ثم وصل إلينا يوم السابع والعشرين من جمادى الأولى. ثم خرج الناس من القلعة ووقعت الطمأنينة، والحمد لله. وبطل الناس القنوت في ثالث جمادى الآخرة. ومشت الأحوال. [عودة الأفرم والأمراء إلى دمشق] ثم في ثالث عشرة دخل الأفرم من المرج بعد أن أقام به أربعة أشهر، ودخل معه بكتمر السلحدار، وعز الدين الحموي، وبهاء الدين يعقوبا. وشرع الجفال يجيئون من الصبيبة والحصون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 105
[عَيْث التتار بالمراعي بنواحي دربساك] هذا والتتار نازلون بناحية دربساك وبغراس يتنقلون في المراعي يعيثون، ولا لهم من يمنعهم ولا من يطردهم. وما جاوزوا الفرات إلى ثاني رجب. [عودة المجرّدين بحمص] وفي حادي عشر رجب دخل الأمراء المجردون بحمص، واستيقن الناس خروج التتار من الشام، وسلم الله. [الشروط على أهل الذمّة] وفي شعبان قرئت الشروط على أهل الذمة بحضور الأفرم والقضاة، وحصل اتفاق على عزلهم من الولايات، ومنعهم من ركوب الخيل، ومن العذبات، ثم ألزموا بلبس الأصفر والأزرق من العمائم ؛ فبادروا إلى ذلك. واستمر هذا من حينئذ. [دخول أقجبا قلعة دمشق] وفي رمضان دخل سيف الدين أقجبا المنصوري القلعة وجعل شريكاً لأرجواش.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 106
[ولاية قضاء الحنفية] وفي ذي القعدة ولي قضاء الحنفية جلال الدين الرومي موضع ابن الجريري، ولاه النائب والوزير الأمير شمس الدين الأعسر، وكان قد قدم ثم توجه إلى البلاد الشمالية يكشفها ورجع بعد شهر. [قدوم رسول قازان] وقدم رسول الملك قازان فجهز إلى الديار المصرية، والله يجمع كلمة الإسلام في خير وعافية. وهذا آخر ما قضى الله لي تأليفه من كتاب تاريخ الإسلام، والحمد لله على الإتمام. والصلاة على نبينا وآله والسلام. فرغت منه في جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وسبعمائة قاله محمد بن أحمد بن عثمان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 107
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة السبعون سنة إحدى وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 1 - أحمد بن الحسن بن أبي البركات محمد بن الحسن بن عبد الله بن الجباب. السعدي. روى عن مظفر الفوي. ومات بالإسكندرية. 2 - أحمد بن سعْد بن سليمان. العدل، تقي الدين ابن البوري، البغدادي، التاجر. ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة. وقدم دمشق تاجراً، فحدث عن: أبي منصور عبد الرحمن بن عثمان بن أبي السعادات القزاز، وعلي بن أحمد النيلي المؤدب. سمع منه: أبو محمد البرزالي، وجماعة. ومات في شوال. 3 - أحمد الصّاحب تاج الدّين ابن المولى شرف الدّين سعيد بن شمس الدّين محمد ابن الأثير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 108 الحلبي، الموقع، كاتب السر. توفي بغزة ذاهباً إلى القاهرة في شوال. وكان كبير القدر، رفيع الذكر، وزير السر، عديم الشر. وبيت ابن الأثير هؤلاء غير بيت ابن الأثير الذين بالموصل. توفي إلى رحمة الله في تاسع عشر الشهر. ولي كتابة السر بعد فتح الدين ابن عبد الظاهر شهراً، ولحقه. ثم ولي بعده ولده عماد الدين إسماعيل، وطلب القاضي شرف الدين عبد الوهاب ابن فضل الله وأشرك بينهما، ثم استقل ابن فضل الله بمفرده. وصرف عماد الدين إلى التوقيع. 4 - أحمد بن سليمان بن أحمد. الرحبي، البطائحي، أبو العباس، شيخ الأحمدية بالقاهرة. توفي في ذي الحجة. وقد روى عن سبط السلفي. وقدم دمشق في دست الإكرام والمشيخة، وكان قد ربط الملك الأشرف وراج عليه. 5 - أحمد ابن الجمال محمد بن أحمد بن يمن. الفرضي، العدل، شمس الدين سبط القاضي صدر الدين ابن سني الدولة. له سماع من: الرشيد بن مسلمة ؛ ولي خطابة المزة مدة، وشهد تحت الساعات. توفي بوادي فحمة في شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 109 6 - أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس. يحول إلى هنا من سنة لرر وتسعين. 7 - أحمد بن أبي بكر بن مكيّ بن عبد الله. العدل شهاب الدين ابن المرحل الشافعي، الدمشقي. توفي يوم عيد الفطر بدمشق. وكان يشهد تحت الساعات. وهو والد الفقيه بهاء الدين. 8 - أحمد بن يحيى بن علي. العدل، شهاب الدين الحضرمي، الدمشقي. توفي في سلخ المحرم. وقد روى عن الرشيد بن مسلمة. وتوفي أخوه الزين يحيى في ربيع الأول، وكان يروي أيضاً عن ابن مسلمة. 9 - أحمد بن يوسف بن يعقوب بن علي الأستاذ، أبو جعفر الفهري، اللبلي. أحد المشاهير بالمغرب. ولد بلبلة من الأندلس عام ثلاثة عشر وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 110 وأخذ بإشبيلية عن: أبي علي الشلوبين، وأبي الحسن بن الدباج. وبلبلة عن: يحيى بن عبد الكريم الفندلاوي. وببجاية عن: أبي الحسين بن السراج. وبتونس عن: أحمد بن علي البلاطي. وبالإسكندرية عن: السبط، والمرسي. وبمصر عن: محمد بن لب بن خيرة، والزكي المنذري، وابن عبد السلام. وبدمشق عن: الشرف الإربلي ؛ وعن: الخسروشاهي المتكلم. ومن تواليفه: كتاب ' شرح الفصيح '، وكتاب ' مستقبلات الأفعال ' ؛ وجمع مشيخه. وله عقيدة صغيرة. قال أبو عبد الله الوادياشيّ: أخذت عنه سماعاً وإجازةً، وانتفعت به. مات في غرة المحرم بتونس، ودفن بداره، رحمه الله تعالى. 10 - إبراهيم بن إياز. النظامي، الحلبي. روى عن: يوسف بن خليل. ومات بمصر في جمادى الآخرة. 11 - إبراهيم بن برّاق بن طاهر. الشرف الصالحي. حدث عن: ابن اللتي، وجعفر. ومات في المحرم. وحدث بالحجاز وبظاهر عكا. وكان يشهد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 111 12 - إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن أمين الدولة. العدل، كمال الدين، أبو إسحاق الحلبي. رحل مع الحلبيين إلى بغداد. وسمع من: أبي إسحاق الكاشغري، وابن الخازن، وموهوب بن الجواليقي. وحدث بمصر وبها توفي في السادس والعشرين من المحرم بالمارستان المنصوري. وكان له فضيلة. درس بالحلاوية بحلب. حمل عنه: سعد الدين الحارثي، وابن سامة، وطائقة. 13 - إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد. الشيخ العابد، زكي الدين ابن المعري، البعلبكي. ولد سنة تسع وستمائة. وسمع حضوراً من الشيخ الموفق. قرأت ترجمته بخط شيخنا أمين الدين محمد بن خولان: زكي الدين أبو إسحاق من أعيان العدول والعلماء العاملين. صحب الفقيه اليونيني وقرأ عليه ' المقنع '. وصحب الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله اليونيني، والشيخ عثمان. وسمع الكثير على الشيخ البهاء، وابن رواحة. ولم يتزوج قط، ولا،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 112 اشتغل بشيء من المكاسب. وكان قنوعاً، يقوم الليل، ويصوم كثيراً. وغالب أيامه يقرأ نصف ختمة. صحبته قريباً من عشر سنين، كلانا في بيت واحد، ولم أعلم أنه قرأ في يوم أقل من سبعي ختمة سوى التسبيح والأذكار. وما رأيته نام على جنبه الأيسر قط. وقال في مرضه الذي مات فيه: قد عملت كما قال الله سبحانه {فاتقوا الله ما استطعتم} . وقد اتقيت الله ما استطعت، وما أعلم أني فعلت كبيرةً قط. ومات بالإسهال في سابع شوال، رحمه الله تعالى. 14 - إبراهيم ابن مجد الدّين أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن رسلان. ابن البعلبكي برهان الدين. مات بصفر. روى عن ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن المقير. 15 - إدريس بن محمد بن عبد العزيز. الشريف، أبو الفضل الحسيني، الإدريسي. مات في أول المحرم بالقاهرة، وهو أخو شيخنا جعفر. سمع وروى عن ابن باقا. وكان يمد في الذهب بالقاهرة. 16 - أسماء بنت أبي بكر بن يونس. الدمشقية، عمة شيخنا أبي علي بن الخلال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 113 روت عن: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. سمع منها: المزي، وابن تيمية، والبرزاليّ، وجماعة. وتوفيت في سابع المحرم. 17 - إسماعيل بن إلياس بن أحمد. مجد الدين التنوخي، الذهبي. رجل صالح، انقطع في بستانه بقصر اللباد مدة. وما رأيته قط. ذهبت مع أبي غير مرة يعوده وأقف بالدابة. حدث عن: ابن المقير، وابن باسويه، وسالم بن صصرى. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، والبرزاليّ، والجماعة. ومات في شوال ببستانه. 18 - إسماعيل ابن شيخنا بهاء الدّين محمد بن يوسف بن البرزالي. أبو طاهر الشافعي. شاب، فاضل، دين. ولد سنة إحدى وسبعين وحفظ القرآن. وسمع من: أحمد بن أبي الخير، والقاسم الإربلي، والشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وطائفة مع أخيه الحافظ علم الدين. وأسمعه الكتب الستة و ' المسند ' كله، و ' دلائل النبوة ' للبيهقي. وحفط أكثر ' التنبيه '. ومرض بالسل ستة أشهر، وحصل له في المرض إقبال على الطاعة وملازمة للفرائض، حتى كان يصلي إيماءً. وقال له والده قبل موته بيوم: أيش تريد؟ قال: أشتهي أن يغفر الله لي. وأن تقرأ وتهدي إليّ. فكان أبوه يقرأ كل يوم سبعاً ويهديه إليه إلى أن مات أبوه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 114 ولما احتضر كان يقرأ معهم بمشقة سورة يس. ثم قال لوالده: الساعة أموت فأحضروا المغسل. فقال له أبوه: إنه لا يحضر معنا إلا بعد الموت فقال: أنا والله ميت في هذه الساعة فأسرعوا. ثم أذنت العصر فأجاب المؤذن وقال: إني والله أحب لقاء الله، وأنا أروح إلى دار السعادة. وكررها، ثم قال: هذه دار الشقاء تتعب وتقتل، ثم غمض عينيه ومات في ذي الحجة. - حرف الباء - 19 - الفقيه بكران. خطيب زملكا. توفي بالقرية المذكورة في العشرين من المحرم. - حرف الجيم - 20 - جرمط؟ الناصري. من كبار الأمراء. مات في هذه السنة. 21 - جعفر بن القاسم بن جعفر بن علي بن جيش. الشيخ رضي الدين، أبو الفضل الربعي، الحراني، ثم الدمشقي المقرئ المجود، الكاتب المعروف بابن دبوقا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 115 ولد في حدود العشرين وستمائة، وقرأ القراءات على السخاوي. وتعانى الكتابة والخدم. ثم أضرّ في آخر عمره، وانقطع إلى الإقراء والإمامة بمسجده الذي برأس الخواصين. وكانت حلقة إقرائه عند المكان المعروف بقبر هود من الجامع. وكان شيخاً حسناً، طويلاً، مليح الأخلاق، موطأ الأكناف، فصيح التلاوة، له عبادة ومعرفة متوسطة بالقراءات. وله مشاركة في العلم والأدب. قرأ عليه البرهان ابن الكحال، وغيره. وقرأ عليه ببعض الروايات صاحبنا بدر الدين ابن بصحان النحوي. وروى الحديث عن: السخاوي، وغيره. سمع منه: البرزاليّ ؛ وقرأ عليه القرآن أيضاً. وكنت في أيامه أقرأ للسوسي، على الشيخ محمد الضرير. توفي في السادس والعشرين من رجب. 22 - جلال الدّين الخبّازيّ. واسمه عمر بن محمد بن محمد بن عمر أبو محمد الخجندي، الماوراء نهري، الحنفي. أنبأني الفرضي أنه كان فقيهاً، زاهداً، عابداً، متنسكاً، عارفاً بالمذهب صنف في الفقه والأصلين. ودرس بالعزية التي على الشرف بدمشق. ثم حج وجاور سنة. ثم رد إلى دمشق، ودرس بالخاتونية التي على
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 116 الشرف القبلي إلى أن توفي لخمس بقين من ذي الحجة. ودفن بمقابر الصوفية عن اثنتين وستين سنة. قلت: درس بخوارزم، وأعاد بالنظامية ببغداد. مولده بحلب يوم الجمعة الثاني من رجب سنة أربع عشرة وستمائة. - حرف الحاء - 23 - حاتم بن الحسين بن مرتضى بن أبي الجود حاتم. المصري. توفي بمصر في ربيع الآخر. وحدث عن جده. سمع منه الفرضي وكناه أبا الجود. 24 - حَرمة بنت تمام بن إسماعيل بن تمام. أم محمد السلمية، الدمشقية. امرأة صالحة عابدة، ذات أوراد وخير. ولدت في حدود الستمائة، وعمرت دهراً. وروت بالإجازة عن: عين الشمس الثقفية، وابن الأخضر، وجماعة. سمع منها: البرزالي، وابن سيد الناس، والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني، وجماعة. توفيت في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 117
- حرف الدال - 25 - داود بن مسعود بن أبي الفضل. الأجل، سيف الدين ابن التبني. توفي في صفر. وكان يجلس عند شباك الكاملية. روى عنه ابن اللتي. وكان رجلاً عاقلاً من أولاد الناس. توفي في عشر الثمانين. - حرف السين - 26 - سابق الدّين الميْدانيّ. من كبار أمراء دمشق. وكان شيخاً تركياً قد شاخ وابيضت لحيته. وهو معروف بالشجاعة والفروسية. توفي في شوال. وكان علمه أبيض، وداره بقرب حمام كرجي. 27 - سعد الله بن مروان بن عبد الله بن خير. الصدر، الأديب، العلامة، سعد الدين الفارقي، الكاتب. كان منشئاً، بليغاً، وشاعراً محسناً. وكان عدلاً من كبار الموقعين بالديار المصرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 118 سمع مع أخيه الشيخ زين الدين من: كريمة، وابن رواحة، وابن خليل، وجماعة. وحدث بمصر ودمشق وبها توفي في منتصف رمضان ودفن بسفح قاسيون رحمه الله. مات في الكهولة. 28 - سليمان بن ثابت بن منيع. الفقير. حدث عن ابن رواج. ومات بمصر. 29 - سليمان بن عبد الله بن محمد بن الحُسَيْن بن حمزة. الشيخ بهاء الدين، أبو المجد البهراني، الحموي، سبط علي بن الحبقبق الدمشقي. سمع من: زين الأمناء، وابن غسان، والناصح بن الحنبلي، والفخر ابن الشيرجي، وكريمة بنت الحبقبق، وأختها صفية. أخذ عنه: المزي، والبرزالي، والجماعة. ومات في أوائل شعبان. 30 - سليمان بن محمد. الفقير، الحريريّ، المغربل، المعروف بالغث. من مشاهير الفقراء المداخلين للأمراء. وكان يصحب الشجاعي، وله صورة، وفيه مزدكة وقلة خير. توفي في رمضان، وصلي عليه بدمشق عقيب الجمعة. ولعله رحم بذلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 119 مات في الكهولة، رأيته وكان مليح الشكل. 31 - سُنْقُر الأشقر. الأمير الكبير، الملك الكامل، شمس الدين الصالحي: من أعيان البحرية. حبسه الملك الناصر بحلب أو غيرها. فلما استولى هولاكو على الشام وجده محبوساً فأخرجه وأنعم عليه وأخذه معه، فبقي عند التتار مكرماً، وتأهل وجاءته الأولاد. ثم حرص الملك الظاهر خشداشه على خلاصه، فوقع ابن صاحب سيس في أسره، فاشترط على والده أن يسعى في خلاص سنقر الأشقر. وجرت فصول قد ذكرناها، ويسر الله وخلص، وقدم، فأكرمه الملك الظاهر، وسر بقدومه، وأعطاه مائة فارس. ثم ولي نيابة دمشق سنة ثمان وسبعين. ثم تسلطن بدمشق في آخر السنة. وجرت له أمور ذكرنا أكثرها في الحوادث. وآخر أمره أن الملك الأشرف صلاح الدين في آخر العام خنقه. رأيته شيخاً أشقر، كبير اللحية، ضخماً، سميناً، على عينيه شعرية من الرمد. وكان بطلاً شجاعاً كريماً محبباً إلى الرعية، قليل الأذية. خلف عدة أولاد وبعضهم أمراء. وله ابن في التتار من مقدميهم. وأما رنكه فجاخ أسود بين أبيضين، ثم فوقه، وتحته أحمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 120 ومات يوم مات وقد قارب السبعين أو جاوزها. وكان مصافياً للظاهر وهما أجناد، وبينهما ود. ثم كان نظيراً للظاهر في أيام العز. ولما تملك الظاهر تذكر صحبته له، واشتاق إليه، وبلغه بقاؤه مع التتار فحرص على خلاصه كما ذكرنا. ذكر ذلك ابن عبد الظاهر، فمن جملته أن السلطان من جملة ما خاطب الأمراء: يا أمراء لو وقعت في الأسر ما كنتم تفعلون؟ فقبلوا الأرض، وكان ولد صاحب سيس الذي في الأسر عزيزاً عند أبيه، فلما أراد السلطان أن يبعثه بالغ في إكرامه، وأعطاه من الآلات والنفائس جملة، وحلفه له. فلما وصل إلى أبيه طار عقل أبيه فرحاُ به، ونزل له عن سلطنة الأرمن وانعزل، وبعث يقول للظاهر: قد نزلت عن الملك لعتيقك ولدي. ولما قرب وصل سنقر الأشقر خرج الظاهر يتلقاه سراً، وما شعر الأمراء به إلا وقد خرجا معاً من المخيم. ثم أعطاه من الأموال والعدد والخيل والغلمان ما أصبح به من أكبر الدولة، حتى كأنه أصيل في الإمرة. ثم بادر الأمراء بالتقادم إليه. وبقي السلطان عدة أيام يسير إليه كل يوم خلعة بكلوتة زركش وكلابند ذهب وحياصة وفرس، وبألف دينار، حتى تعجب الناس. وأقطعه مائة فارس. وعمل نيابة دمشق ثم تسلطن بها، ولم يطل ذلك. ثم استولى على صهيون وشيزر وبلاطنس وبرزية. ثم أخذت منه شيزر، وعوض بأنطاكية. والتزم بإقامة ستمائة فارس. - حرف الشين -
32 - شَرَفُ الدّين ابن خطير. الرومي، الأمير. من أمراء دمشق في الدولة المنصورية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 121 وكان شاباً مليح الشكل، فيه لعب، وانبساط. فلما تملك الأشرف وحاصر عكا رآه، وخف على قلبه، وصار من ندمائه، فأخذه معه إلى مصر. ومات شهيداً في قلعة الروم قبل أن يتكهل. وخلف ابنين أحدهما من حجاب دمشق. - حرف الطاء -
33 - طقصو. من كبار الامراء المصريين. وكان يذكر فيمن يصلح للسلطنة. وهو حمو السلطان حسام الدين لاجين. قتله السلطان الملك الأشرف بمصر، فقيل خنقه لأمر اتهمه به. وكان من أبناء ستين سنة أو نحوها، فيه شجاعة وخبرة بالأمور وسؤدد. - حرف العين - 34 - عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر. الشيخ الإمام، مجد الدين، أبو محمد الطبري، المكي، الشافعي، المحدث، المفتي. ولد بمكة سنة تسع وعشرين وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 122 وسمع من: ابن المقير، وابن الجميزي، وشعيب الزعفراني، وجماعة. وقدم دمشق فلحق بها الرشيد بن مسلمة، ومكي بن علان فسمع منهما. وبرع في الفقه، ودرس وأفتى، وولي الإمامة بمكة، ثم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قدم في أواخر أيامه ببيت المقدس وأم بالصخرة، فجمع الله الإمامة له في المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها. وأفتى بالأماكن المذكورة. وكان حسن السمت، كثير التلاوة والتعبد. كتب عنه: أبو الحسن بن العطار، والبرزالي، والجماعة. وكتب إلي بمروياته في سنة ثلاث وسبعين. وتوفي بالقدس في ثامن عشر شوال. 35 - عبد الحكيم بن مظفَّر بن رشيق. الربعي، المالكي، جلال الدين. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بمصر. وله إجازة من بغداد في سنة ثلاث وعشرين وستمائة. مات في جمادى الأولى. وقد أجاز للبرزالي. 36 - عبد الرحمن بن سُلَيم بن منصور بن فَتُّوح بن يَخْلِف. ابن شذرات. الشيخ علم الدين أبو القاسم ابن العمادية، أخو الوجيه الحافظ. ولد سنة أربع عشرة وستمائة. وسمع من: ابن عماد ' الخلعيات '. وكان فقيهاً عدلاً. توفي بالإسكندرية في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 123 37 - عبد الرحمن بن عبد النّصير بن عبد الوهّاب بن سالم. شرف الدين، الحذامي، الإسكندراني، المؤدب، المعروف بالقاري. رجل صالح، فاضل. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وسمع: محمد بن عماد، وابن عيسى. وتوفي في: جمادى الأولى. سمع منه: البرزالي، وابن سيد الناس. 38 - عبد الرحمن بن علي بن منصور. شهاب الدين القصاع. عدل، دمشقي. سمع من: ابن الزبيدي، وابن صباح. ومات في صفر. وكان يبيع القصع. 39 - عبد الرحمن بن محمد بن... بن هرثمة. الرصافي. أجاز له ابن الزبيدي، وجماعة. مات في جمادى الأولى. 40 - عبد الرحمن بن محفوظ بن هلال
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 124 العدل، الصالح، الخير، سيف الدين الرسعني. روى عن: الفخر ابن تيمية، والموفق الطالباني، والمجد القزويني، وعبد العزيز بن هلالة، وجماعة. وأجاز له علي بن محمد الموصلي، وعبد العزيز بن منينا. سمع منه: المزي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وعلاء الدين المقدسي، وطائفة. وكان جارنا بدرب الأكفانيين، رحمه الله. توفي في المحرم. 41 - عبد الغفّار بن عبد اللّطيف بن زين الأُمناء الحسن. فخر الدين، أبو محمد بن عساكر. سمع من: المرسي، وجماعة. وأجاز له ابن المقير. وحدث. ومات في ثامن ربيع الآخر. 42 - عبد المنعم بن عبد اللّطيف بن عبد المنعم بن علي. نجم الدين، أبو محمد ابن النجيب بن الصيقل الحراني، العدل، نزيل الإسكندرية. ولد بحران سنة ثمان وستمائة. وسمع من: الفخر بن تيمية، والموفق بن قدامة، والمجد القزويني، وابن عماد الحراني، والفخر الفارسي، وطبقتهم. وكان رئيساً تاجراً، ديناً، خيراً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 125 سمع منه الطلبة. وتفرد بأجزاء. وتوفي بالإسكندرية في الثالث والعشرين من شعبان. 43 - عبد الوّهاب بن البدر بن محمد بن الحُسَيْن بن علي بن القاسم ابن الحافظ ابن عساكر. تاج الدين، رفيقنا في المكتب. شاب مليح الصورة، كثير الحياء. سمع من: الفخر بن البخاري، وغيره. ومات في ذي القعدة. 44 - عبد القادر بن محمد بن مسعود. كمال الدين النجمي، البواب. سمع: ابن القطيعي. مات في جمادى الأولى. وسمع أيضاً من الداهري. 45 - عثمان بن خضِر بن غزّي بن عامر. أبو عمرو الأنصاري، المصري، المؤدب. روى عن: مكرم، وابن باقا. ومات في جمادى الآخرة في عشر الثمانين. 46 - عثمان بن عبد الله بن علاّق بن طعّان. ضبطه الفرضي مشدداً، أبو عمرو المدلجي، النحوي، الشافعي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 126 ولد بعد العشرين وستمائة. وسمع من أبوي الحسن بن المقير، وابن الحميري. ومات في سادس شوال. 47 - عثمان بن يوسف بن أبي الفَرَج. أبو عمرو، شرف الدين التنوخي، خطيب حرستا. روى عن: ابن اللتي. ومات في رجب عن بضع وسبعين سنة. 48 - علي بن أحمد بن يحيى بن الشيخ أبي الحسين. الزاهد. سمع: ابن اللتي، والهمداني. توفي في ذي القعدة. 49 - علي بن الحسن بن علي. الحراني، القلانسي. شيخ صالح معمر. قال ابن الخباز: كان من أولياء الله الصالحين. توفي يوم سلخ السنة. قال: ومولده بحران سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. 50 - علي بن عبد الرحمن بن عمر بن علي. الشيخ معين الدين القرشي، الزهري، الصقلي، الإسكندراني، الكاتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 127 روى عن أصحاب السلفي. ومات في شعبان بالثغر. سمع منه: البرزالي، والرحالة. وولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. ومن شيوخه جعفر الهمداني. 51 - علي بن علي بن سعيد. شمس الدين العجلي، المخرمي، شيخ رباط الإبري. ولي النظر في الوقوف ببغداد. ومات في ذي القعدة وله ستون سنة. 52 - علي بن محمد بن أحمد. أبو الحسن الحلبي، الميناوي، الزجاج. شيخ فاضل عدل من عدول مصر، ولد سنة ثمان وستمائة بحلب. وسمع من: أبي الحسن بن روزبة، وغيره. ومات في رجب. حدث عنه: البرزالي. 53 - علي بن أبي بكر بن أبي الفتح بن محفوظ بن الحسن بن صَصْرى. الشيخ علاء الدين، أبو الحسين التغلبي، الدمشقي، العدل، الضرير، من بيت تقدم وعدالة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 128 روى ' الصحيح ' عن: عبد الجليل بن مندويه، وأحمد بن عبد الله السلمي. وسمع أيضاً من: المجد القزويني. سمع منه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وابن سيد الناس، وطائفة. توفي في خامس شعبان. ودفن بسفح قاسيون. وكان من أبناء التسعين. وداره عند باب توما. وبه ختم السماع من ابن مندويه. * علي بن أبي القاسم بن عبد الرحمن. معين الدين. تقدم ذكره. 54 - عمر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن علي. أبو حفص بن الصيرفي، القرشي، المخزومي، المصري. روى عن: مكرم وغيره. ومات في ثامن عشر شعبان. 55 - عمر بن عبد الله بن عمر بن يوسف خطيب بيت الآبار. الشيخ خطيب بيت الآبار، نجيب الدين. روى عن عمومته، وعن: الفخر الإربلي، وابن اللتي. طلع إليه الطلبة غير مرة، وسمعوا منه. مات في جمادى الآخرة، وقد كمل إحدى وسبعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 129 56 - عمر بن علي. أبو الحسن بن ملدوف، رشيد الدين الأزدي، الإسكندراني. شيخ مبارك، روى عن أبي القاسم بن الصفراوي. كتب عنه الفرضي. وذكروه لي فلم ألحقه. 57 - عمر بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن باقا. بهاء الدين. روى عن: جده ومات في سادس عشر رمضان. * عمر بن محمد. هو الجلال، مر. 58 - عمر بن مكي بن عبد الصمد. الشيخ الإمام، ذو الفنون، زين الدين ابن المرحل الشافعي، وكيل بيت المال بدمشق وخطيبها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 130 تفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وغيره. وسمع من: الزكي عبد العظيم، وغيره. وقرأ الكلام والأصوات على شمس الدين الخسروشاهي، وغيره. ودرس وأفتى. وكان من فضلاء الوقت. وما أظنه جاوز السبعين وانتقل إلى الله في ليلة السبت الثالث والعشرين من ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب الصغير. تقدم في الصلاة عليه الشيخ عز الدين الفاروثي الذي ولي الخطابة بعده وكانت جنازته مشهودة ورأيته قد أجاب في ' مسألة الاستواء ' بالكف عن التأويل، والتمسك بما جاء عن السلف، رحمه الله. - حرف الفاء - 59 - فاطمة بنت أحمد بن يحيى ابن الزّاهد ابن الحُسَين المقدِسيّ. سمعت من: ابن الزبيدي، وابن اللتي. وتوفيت في سلخ رجب. وكانت ساذجة بلهاء. سمع منها غير واحد. 60 - فاطمة بنت محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسيّ. أم محمد. امرأة صالحة، عابدة، سخية، جليلة، من خيار نساء دير الصالحين. وهي زوجة الكمال أحمد بن الكمال وأم أولاده. سمعت من: جدها، وابن الزبيدي. وسمعت حضوراً من الشمس العطار. وتوفيت في صفر وقد نيفت على الثمانين. سمع منها: الطلبة والرحالة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 131
- حرف القاف - 61 - قرارسلان. السلطان الملك المظفر، فخر الدين ابن الملك السعيد نجم الدين أبي الفتح إيل غازي بن أرتق بن البن بن تمرتاش، صاحب ماردين وابن ملوكها. ذكرنا والده في سنة ثمان وخمسين، وبقي هذا في الملك ثلاثاً وثلاثين سنة، وولي بعده ابنه الملك السعيد داود، ثم ابنه الآخر الملك المنصور نجم الدين غازي، فبقي إلى سنة اثنتي عشرة وسبعمائة. فذكر الأمير شمس الدين ابن التيتي، وكان قد وزر للمظفر، وبعثه رسولاً إلى صاحب مصر السلطان الملك المنصور فاعتقله، قال: تملك المظفر بعد أبيه وحاصره التتار، يعني السعيد، تسعة أشهر، ولم يلن جانبه لهم. وقال: لو أقمت حتى لا يبقى معي أحدٌ ما نزلت إليهم، ولو دخلوا عليّ لعجلت بإهلاك نفسي. ثم مات في الحصار، فنزل ابنه المظفر إليهم، وذكر خدمته المتقدمة وأن أباه هو الذي كان يمنعه من الدخول في طاعتهم. فقبلوا ذلك منه، وأقره هولاكو على مملكة بلده. قال الشيخ قطب الدين: توفي في هذه السنة. - حرف الميم - 62 - محمد شَرَفُ القُضاة. أبو الفتح ابن فخر القضاة أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين، ابن الحباب، التميمي، السعدي، الأغلبي، المصري، الكاتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 132 خدم في الدواوين والجهات. وروى بالإجازة عن: الكندي، وابن الحرستاني. وسمع من: عم أبيه ابن البركات عبد القوي بن الحباب، وعلي بن مختار. وكان عسراً على الطلبة. توفي سامحه الله في السادس والعشرين من ذي الحجة، وله ثلاث وثمانون سنة. سمع منه: البرزالي، وابن سيد الناس، والطلبة. وحدث ' بالسيرة ' عن أبي البركات. 63 - محمد بن عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر. المولى الصاحب، فتح الدين ابن الحذامي الروحي، المصري. رئيس ديوان الإنشاء ومؤتمن المملكة. ولد بالقاهرة سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وسمع من: أبي الحسن ابن الجميزي. وحدث، وبرع في الأدب والرسائل، وساد في الدولة المنصورية بفضائله وعقله ورأيه وهمته العالية، وتفننه في العلوم، والفضائل. وأقام مدة كاتب السر وصاحب الديوان. وكان السلطان يعتمد عليه الأمور الجليلة، وثيق به لدينه وتصونه وعقله وسداده. وإلى ترسله ونظمه المنتهى في الحسن. ومن شعره:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 133
(أبا عُود الأَرَاكِ ثملت سُكْراً .......... فهل خلَّفْتَ بعدكَ من بقايا)
(وهل فضلت من رِيقٍ يسيرٍ .......... لرشْفي فالخبايا في الزّوايا)
(فقال: صِرْتَ مثلي ذا ارتشافٍ .......... أنا ابنُ جلا وطلاّعُ الثّنايا) وله: (إنْ شئتَ تنظُرني وتُبصر حالتي .......... قابلْ إذا هبّ النّسيمُ قَبُولا)
(لتراه مثلي رِقَّةً ولطافةً .......... ولأجل قلبك لا أقول عليلا)
(فهو الرسول إليك منّي ليتني .......... كنت اتّخذت مع الرسولِ سبيلا) وله: (ذو قوام يجور منه اعتدال .......... كم طعين به من العُشّاق)
(سَلَبَ القُضْبُ لينَها فهي غَيْظي .......... واقعات تشكلوه بالأوراق) توفي في منتصف رمضان بقلعة دمشق. ودفن بسفح قاسيون، وفجع به أبوه. 64 - محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر. العلامة، جمال الدين التلمساني، الزناتي، المالكي، النحوي، أبو عبد الله، المعروف بابن حافي راسه. كان من أئمة العربية بالثغر. وكان يحفظ ' الإيضاح ' لأبي علي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 134 الفارسي، وكان يقرئ بداره. وقد حدث عن ابن رواج. وقرأ عليه ابن المنير شيئاً من النحو. ولد بتلمسان سنة ست وستمائة. ولم أظفر بوفاته فكتبته هنا على الظن، فالله أعلم. 65 - محمد بن عبد الله بن يحيى بن غضبان. القاضي جلال الدين، أبو عبد الله الكناني، المصري، المعروف بابن نعير. روى عن: مرتضى بن العفيف. ومات ببلبيس في صفر، وله اثنان وثمانون عاماً. وأخذ عنه الحافظ قطب الدين. 66 - محمد بن عبد الحَكَم بن عبد المحسن. الفقيه، المفتي، أبو عبد الله المصري. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وحدث عن: ابن الجميزي. ومات في ذي الحجة. 67 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن مُلهم. الصدر، عماد الدين الدمشقي القرشي، الصائغ، المعدل. حضر أجزاء تفرد بسماعها من ابن البن. وسمع من: ابن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 135 سمع منه: المزي، والبرزالي، وأبو الفتح اليعمري، وطائفة وكان عديم الفضيلة. توفي في تاسع عشر شعبان. 68 - محمد بن عبد الرحيم بن عبد المنعم بن الدّميريّ. صدر الدين، إمام السلطان ابن محيي الدين. توفي بدمشق في رمضان. وروى عن ابن الجميزي. 69 - محمد بن عثمان بن مكي بن عثمان بن إسماعيل. شرف الدين السعدي، المصري، الشارعي ابن الإمام جمال الدين بن أبي عمرو. كان مؤذناً بقبة الشافعي. وعمر دهراً. ولد سنة خمس وستمائة، وأجاز له الحافظان أبو نزار ربيعة اليمني، وأبو الحسن المقدسي. وسمع من: عبد العزيز بن باقا، وغيره. سمع منه المصريون، والرحالة. ومات في شوال. 70 - محمد ابن الشرف أبي الفضل محمد بن محمد بن أبي الفتوح. البكري، نجم الدين أبو بكر. سمع الكثير، وحدث عن ابن اللتي بمصر. ولم يرو بدمشق شيئاً، وبها مات في شوال. 71 - محمد بن محمد بن ورْد بن عبد الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 136 الفقيه أبو عبد الله الدمشقي، الشافعي، الصوفي. سكن مصر برباط الأفرم الكبير. وحدث عن: ابن الزبيدي، وغيره. ومات في شعبان. وسماعه ' للصحيح ' في الخامسة. 72 - محمد بن كمال الدين المسلم بن عبد الوهّاب بن مناقب. العدل، نظام الدين الحسيني، الحنفي، الشاهد، أمين الخزانة التي للمصحف بمشهد علي بن الحسين، رضي الله عنه. روى عن: أبيه، ودرع بن فارس، وعبد العزيز بن أبيه. توفي في رمضان. 73 - محمد بن أبي بكر بن داود بن أبي بكر. أبو عبد الله العماد بن الهكاري، الشافعي، نزيل الرملة. روى عن: يوسف بن خليل. ومات بالرملة في جمادى الأولى. وهو منسوب إلى العمادية من أعمال الموصل. 74 - محمود ابن قاضي القضاة نجم الدّين عبد الرحمن ابن العلاّمة شَرَف الدّين بن أبي سعْد بن أبي عصرون. نور الدين. روى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي. كتب عنه علم الدين، وغيره. ومات في خامس رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 137 75 - المسلّم بن عبد الوهّاب بن مناقب. كمال الدين الحسيني، المنقذي. عن: إبراهيم بن الخشوعي، وعمر بن المنجا. مات في رمضان. 76 - موسى بن أحمد بن موسى. العدل ضياء الدين الإسنوي، الشروطي. حدث عن: يوسف بن المخيل، وعلي بن الصابوني. ومات بمصر في صفر. - حرف النون - 77 - نجم الدّين. أبو بكر بن أبي العز بن مشرف بن بيان الدمشقي، التاجر، الكاتب، الأديب. شاعر لغوي، فصيح، متقعر في حديثه. توفي في صفر، ولم يرو شيئاً. وقد قرأ كتب الأدب على الشرف الإربلي، الأديب. وأجاز له ابن اللتي، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 138
- حرف الهاء - 78 - هبة الله بن أحمد بن هبة الله بن معد. القاضي زين الدين، أبو القاسم القرشي، الإسكندراني، ابن البوري. مدرس العادلية ببلده. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع من: علي بن مختار، وغيره. سمع منه الطلبة الذين رحلوا. وقد ولي حسبة الثغر فلم تحمد سيرته. قدم القدس زائراً فأدركه بها أجله في ذي الحجة. - حرف الواو - 79 - وجيه الدين ابن كُوَيك. التكريتي، الكاتب. ساق بفرسه وهو داخل من كفر بطنا، فرمته، فمات لوقته شهيداً، وأظنها وقعت فوقه، وذلك في جمادى الآخرة. - حرف الياء - 80 - يحيى بن أحمد بن علي بن ياسين. مجير الدين ابن المعلم الحميري، الدمشقي. أحد رواة ' الصحيح ' عن ابن الزبيدي. شيخ جليل، خير. سمع منه غير واحد. وتوفي في خامس رجب. وله شعر حسن. وفيه فقر وتواضع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 139 81 - يوسف بن عبد العظيم بن يوسف بن علي. أبو الحجاج بن الصناج المنذري، المصري، الضرير. سمع من: مكرم، وغيره. ومات في رجب. 82 - يوسف بن عبد المحسن بن يوسف. عز الدين، أبو العز الحمزي، الشارعي، الواعظ، المعروف بابن الزيات. وهو منسوب إلى درب حمزة بالشارع. سمع: ابن عماد، وابن باقا. وكتب عنه المصريون. مات في حادي عشر شعبان. وقد وعظ مدة، وأقرأ الوعظ. 83 - يوسف بن يعقوب بن مهذب. الفقيه جمال الدين الغماري، المالكي، الشاهد تحت الساعات. كان يحفظ ' الملخص ' للقابسي، ونزل بدار الحديث الظاهرية. ومات في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 140 84 - يونس بن علي بن رضوان بن قرشق. الصدر الأجل، عماد الدين الدمشقي. حدث عن أبي المجد القزويني، وكان أبوه والي دمشق، ومشدها. وكان هذا شيخاً، مهيباً، طويلاً، يلبس جبة كتابية وعمامة بغرزه. توفي في العشرين من شوال. ودفن بتربة أبيه التي عند مسجده بالخريميين. - الكنى - 85 - أبو بكر بن إبراهيم بن النّقيب الشيخ بدر الدين الدمشقي، الشافعي، الفقيه. ولد الإمام المفتي شمس الدين محمد. كان صالحاً، ناسكاً، فاضلاً، عاملاً بعلمه. روى عن الرشيد العراقي، وفرح الحبشي. حدث عنه: أبو الحسن بن العطار، وابن الخباز. ومات في جمادى الآخرة. أظنه في عشر السبعين. وقد أعاد بالإقبالية. 86 - أبو بكر بن محمد بن ياقوت.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 141 القاضي شرف الدين ابن البوري، القرشي، المصري. حدث عن عبد الوهاب بن رواج. ومات في صفر. 87 - أبو الحَرَم بن سالم. القرشي، الصالحي، الطحان. روى عن جعفر الهمداني. ومات في ربيع الأول. 88 - أبو الحَرَم بن أبي الورد بن عبد الله. الدمشقي، المغسل. كان شيخاً بهياً، وقوراً، مليح الشيبة، من كبار المغسلين، وله ثروة. توفي بسقبا، ودفن بمقابر باب توما في شعبان. 89 - أبو الفضل بن أبي بكر بن زيتون. التونسي، واسمه أبو القاسم. قاضي تونس وعالمها. ولد سنة عشرين، ورحل فلقي المرسي، وابن عبد السلام. وأخذ بتونس عن عبد الرحيم بن طلحة. وكان بارعاً في علم الأصلين. توفي في سابع عشر من رمضان بتونس. نقلته من خط محمد بن جابر. 90 - أبو القاسم ابن الأيسر. خطيب قلعة رندة بالأندلس. شيخ محدث معمر من أهل قرشتينانه من قرى رنده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 142 يروي عن أبي القاسم بن بقي، وجماعة. قال لي أبو عبد الله بن... قال: أجاز لي هذا وأعطاني نصف دينار. وتوفي بعد التسعين وستمائة. وفيها ولد: شرف الدين أحمد ابن شيخنا شهاب الدين الكفري، وعماد الدين إسماعيل بن محمد بن أبي العز الحنفي. والقاضي فخر الدين محمد بن علي بن كاتب خطلبك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 143
سنة اثنتين وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 91 - أحمد بن علي بن يوسف. العدل، شهاب الدين الدمشقي، الحنفي، سبط عبد الحق بن خلف الدمشقي. وجد المفتي برهان الدين ابن قاضي حصن الأكراد. حدث عن: موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق. ونيف على الثمانين. كتب عنه: ابن الخباز، والمزي، وابن مسلم، وابن المهندز، وطائفة. وتوفي بقرية بمارع من البقاع في الثامن والعشرين من صفر. وكان من بقايا الشيوخ رحمه الله. سكن بمارع. 92 - أحمد بن عمر بن علي بن حمزة. الجزري، ثم الحلبي، الظاهري، زوج خالة شيخنا أبي العباس ابن الظاهري، وكان فقيراً، ملازماً للزاوية الجمالية. روى عن: الفخر الإربلي، والعز بن رواحة. سمع منه: قطب الدين عبد الكريم، وابن سلمة، والبرزالي، وفخر الدين عثمان بن الظاهري، وآخرون. ومات في ثاني صفر. 93 - أحمد بن محمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن النَّصِيبيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 144 الشيخ الأجل، كمال الدين، أبو العباس الحلبي. ولد في رجب سنة تسع وستمائة. وسمع من: الافتخار الهاشمي، وهو آخر من روى عنه ؛ وأبي محمد بن علوان، وثابت بن مشرّف، ومحمد بن عمر العثماني، وإبراهيم بن عفان الكاشغري، وجماعة. وكان أسند من بقي بحلب. روى عنه: الدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وعلاء الدين بن العطار، وجمال الدين المزي، وعلم الدين البرزالي، والموفق العطار، وأبو عمرو بن الظاهري، وطائفة كبيرة. وأجاز لي مروياته. أجاز له جماعة منهم المؤيد الطوسي: وسماعه من الافتخار في الخامسة. وهو والد تاج الدين محمد، الذي روى لنا عن ابن خليل. مات في المحرم. 94 - أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن يوسف. المقدسي، الصالحي، الحداد، ابن أخت المجاهد. حضر على ابن الزبيدي. وسمع من: جعفر، وابن اللتي. وتوفي في سلخ السنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 145 95 - أحمد ابن الشيخ وجيه الدّين محمد بن عثمان بن أسعد بن المُنَجّا. الإمام، الفقيه، الرئيس، شمس الدين، مدرس المسمارية. والد صاحبنا الفقيه الإمام عز الدين محمد. سمع سنة ست وخمسين من نجم الدين المظفر بن الشيرجي. ولم يرو. توفي في شوال. وكان مليح الشكل، فاضلاً، ديناً، عاقلاً، منقطعاً عن الناس. 96 - أحمد ابن الحافظ جمال الدين أبي حامد محمد بن علي بن محمود بن الصّابونيّ. العدل، شهاب الدين. سمعه أبوه الكثير واعتنى به. وروى اليسير. ولد في صفر سنة ثلاثين وستمائة. وسمع حضوراً من ابن اللتي. وسمع من: جعفر، وأبي نصر بن الشيرازي، ومكرم. ورحل به إلى مصر فسمع من: الحسن بن دينار، وابن الطفيل، وجده، وجماعة. وقدم دمشق وحدث بها، ولم أدر به، فإنني كنت أسمع الحديث تلك الأيام. ثم رجع إلى مصر، وأدركه أجله في خامس ذي الحجة وكان فاضلاً، ديناً، شاعراً، عالماً. سمع منه: المزي، وابنه، والبرزالي، والشهاب أحمد بن النابلسي، وجماعة. 97 - أحمد بن أبي الطّاهر بن أبي الفضل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 146 تقي الدين المقدسي الحنبلي. رجل فاضل، عالي الإسناد، صالح، دين. روى عن: الشيخ الموفق، وغيره كالقزويني، والزبيدي. وتوفي في رجب. روى عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. عاش سبعاً وسبعين سنة. 98 - إبراهيم بن داود بن ظافر بن ربيعة. الشيخ جمال الدين، أبو إسحاق العسقلاني، الفاضلي، الدمشقي، المقرئ، الشافعي. ولد في صفر سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، والسخاوي، وأبي الحسن بن الجميزي، والفخر الإربلي، وظائفة كبيرة. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي، وانقطع إليه، ولازمه ثمانية أعوام. وأفرد عليه، ثم جمع عليه للسبعة سبع ختم، وأخذ عنه علماً كثيراً من التفسير، والأدب، والحديث. ثم طلب بنفسه، وكتب، وقرأ الكثير على التقي اليلداني وطبقته. وكان قارئ الحديث بالفاضلية، ثم صار شيخها، وولي مشيخة، تربة أم الصالح بعد العماد الموصلي، وراجع الفن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 147 وقرأ عليه جماعة كثيرة منهم الجمال البدوي، والشيخ محمد المصري، والشمس العسقلاني. وسمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة. وكنا جماعة نجمع للسبعة عليه، وهو في بيته قد أصابه شيء من الفالج، فتوفي قبل أن نكمل عليه أنا وابن نصحان، وابن غدير، وشمس الدين الحنفي النقيب. ووصلت عليه في الجمع إلى أواخر القصص. وكان قد استولى عليه البلغم وتغير حفظه. وكان شيخاً حسناً، بساماً، ظريفاً، حلو المجالسة، حسن المشاركة في الفضائل، مليح الشكل والبزة، يشهد على الحكام، والله يغفر له ويرحمه. توفي ليلة الجمعة مستهل جمادى الأولى. ودفن بقاسيون بتربة شيخه علم الدين السخاوي. وقد سمعت منه ' نونية ' السخاوي في التجويد، وأناشيد وفوائد. وأجاز لي جميع ما يجوز له روايته. 99 - إبراهيم بن الشيخ القدوة عبد الله بن يوسف بن يونس بن إبراهيم بن سليمان بن يَنْكو. الشيخ الزاهد، العابد، أبو إسحاق ابن الأرمني، ويقال الأرموي، نسبة إلى أرمينية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 148 ولد سنة خمس عشرة وستمائة بجبل قاسيون. وسمع من: الشيخ الموفق بن قدامة، وابن الزبيدي، وغيرهما. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وطائفة. وكان صالحاً، خيراً، ديناً، كبير القدر، مقصوداً للتبرك والزيارة. له أصحاب ومحبون، ولهم فيه عقيدة حسنة ؛ ولما قدم الملك الأشرف دمشق من فتح عكا طلع إليه وزاره، وطلب منه الدعاء، ووصله. وذلك ليلة الجمعة رابع عشر رجب بعد العشاء. وقد حدث بكتاب ' الأمر بالمعروف ' لابن أبي الدنيا مرات، لأنه تفرد به، عن الشيخ الموفق. توفي في ثاني عشر المحرم، وطلع إلى جنازته ملك الأمراء والأمراء والقضاة والعلماء، وحمل على الرؤوس. وكان من بقايا الشيوخ، رحمه الله. وله شعر جيد، فمنه هذه الأبيات السائرة. (سهري عليكَ ألذُّ من سِنَةِ الكَرَى .......... ويلذُّ فيك تهتُّكي بين الورى)
(وسوى جمالَك لا يَرُوق لناظِري .......... وعلى لساني غيرُ ذِكْرك ما جرى)
(وجنات وجهك لو بذلت حشاشتي .......... لمُبَشّري برِضاك كنتُ مُقَصّراً)
(أنا عبدُ حُبّك لا أحولُ عن الهوى .......... يوماً وإنْ لام العذولُ وأكثرا) 100 - إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضْل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 149 الإمام، القدورة، الزاهد، تقي الدين، مسند الشام، أبو إسحاق بن الواسطي، الصالحي، الحنبلي. أحد الأعلام. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وأبي عبد الله بن البنا، وأبي البركات ابن ملاعب، وأبي الفتوح بن الجلاجلي، وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، والشيخ الموفق، وابن أبي لقمة، وابن البن، وطائفة سواهم بدمشق. وأبي محمد بن الأستاذ بحلب. والفتح بن عبد السلام، وعلي بن بوزيدار، وأبي منصور محمد بن عفيجة، وأبي هريرة ابن الوسطاني، وأبي المحاسن بن البيع، وأبي علي بن الجواليقي، والمهذب ابن قنيذة، ومحاسن الخزائني، وأبي منصور أحمد بن السراج، وأبي حفص السهروردي، وعمر بن كرم، ومحمد بن أبي الفتح بن عصية، وياسمين بنت البيطار، وشرف النساء بنت الآبنوسي، وعلي بن بورنداز , وطائفة. وأجاز له: زاهر الثقفي، وأبو الفخر أسعد بن روح، وجماعة من إصبهان ؛ وأبو أحمد بن سكينة، وابن طبرزد، وابن الأخضر، وطائفة من بغداد، وعبد الرحمن بن المعزم من همذان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 150 وانتهت الرحلة في علو الإسناد إليه. وحدث بالكثير. وكان فقيهاً عارفاً بالمذهب. درس بمدرسة الصاحب بالجبل، وولي مشيخة الحديث بالظاهرية. استنابه بها عز الدين الفاروثي، فباشرها إلى أن مات. وكان صالحاً، عابداً، قانتاً، خاشعاً، أماراً بالمعروف، قوالاً بالحق، مهيباً في ذات الله، خائفاً من الله، كثير التلاوة والأوراد، خشن العيش. سألت أبا الحجاج الحافظ عنه قال: أحد المشايخ المشهورين بالعلم والعمل والاجتهاد، ومن انتهى إليه في آخر عمره علو الإسناد. ورحل إليه من أقطار البلاد. وسمع الكثير بالشام، والعراق. قلت: سمع منه: البرزالي، وابن سيد الناس، وقطب الدين الحلبي، والمزي، وابنه، والشهاب ابن النابلسي، وابن المهندس، وشيخنا ابن تيمية، وإخوته، والفخر عبد الرحمن بن محمد البعلبكي، وأخوه عبد الله، وبدر الدين بن غانم، وخلق كثير. ولي منه إجازة. وانتقل إلى رحمة الله في أواخر يوم الجمعة الرابع عشر من جمادى الآخرة. ودفن من الغد بتربة الشيخ الموفق. وكان الشيخ عز الدين الفاروثي مع جلالته وسنه يمضي إليه، ويجلس بين يديه، ويقرأ عليه الحديث، رحمهما الله. وكان على كبر السن يقرأ بالختمة في ركعة. 101 - إسماعيل بن أحمد بن جميل بن حَمْد بن أحمد بن أبي عطّاف بن أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 151 المقدسي، الصالحي، البقال. حدث عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي. ومات يوم عيد الفطر. 102 - أفضليّة بنت عبد الحقّ بن مكيّ ابن الرّصّاص. أم الخير القرشية المصرية. روت بالإجازة عن أبي الفتوح بن الحصري. وتوفيت في رجب بالقاهرة. 103 - إمام الدّين. التبريزي، المذهبي، الصوفي. من كبار الصوفية بدمشق، وعلمائهم. اسمه عبد الرحيم بن يحيى. توفي في المحرم، رحمه الله. - حرف الجيم - 104 - جلال الدّين الخبّازي. الفقيه، شيخ الحنفية، واسمه: عمر بن محمد بن عمر. إمام كبير، فاضل، دين، درس بخوارزم، وأعاد بالنظامية. وقدم دمشق فدرس بالعزية البرانية، ثم درس بمسجد خاتون. وكان له تصانيف. توفي في ذي الحجة بدمشق سنة إحدى وتسعين. - حرف الحاء - 105 - الحسن بن إبراهيم. القاضي نجم الدين الكردي، المهراني، الشافعي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 152 الفقيه مدرس الأكزية والصلاحية بدمشق، وأحد المعيدين بالأمينية. توفي في صفر. 106 - الحسين بن عبد الله بن أبي الحَجّاج. العدل، نجم الدين العدوي، الدمشقي. يروي عن: جعفر الهمداني، وغيره. وتوفي في رمضان. وكان شيخاً كيساً، ظريفاً. - حرف الخاء - 107 - خليفة بن بدر الدّين محمد بن خَلَف بن عقيل. صارم الدين المنبجي، ثم الدمشقي، التاجر، والد المولى صارم الدين إبراهيم، وشمس الدين محمود. توفي في المحرم. وكان شاباً فاضلاً، ديناً، عاقلاً. توفي عن اثنتين وثلاثين سنة، وفجع به أبواه، رحمه الله. - حرف الدال - 108 - داود الملك الزّاهر ابن الملك المجاهد أسد الدّين شِيرَكوه ابن الأمير ناصر الدّين بن محمد ابن الملك أسد الدّين شيركوه بن شاذي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 153 الحمصي، ابن صاحب حمص. من بيت الملك والحشمة. وله قعدد في النسب. وكان شيخاً مهيباً، كثير التلاوة والتنفل. روى بالإجازة عن المؤيد الطوسي يسيراً. وهو والد الملك الأوحد. توفي في جمادى الآخرة. وكان من أبناء الثمانين. وكان يلقب مجير الدين. وإجازته على سبيل التعميم. - حرف الراء - 109 - رمضان بن سلامة. الحداد. شيخ معمر. ولد بدنيسر سنة ستمائة، وسمعوه في الكهولة من طغريل المحسني. كتب عنه الأبيوردي في ' معجمه '، وغيره. ومات بمصر في نصف ذي القعدة. - حرف السين - 110 - سابقان. واسمه محمود، الشيرازي، الفقير، المقيم بالكلاسة. كان شهماً مقداماً يعطيه الأعيان ويهابونه. مات بالكلاسة، ودفن بزاوية القلندرية. وهم تولوا أمره بوصية منه وحملوه على رقابهم وعظموه. وكان منهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 154 توفي في المحرم. 111 - سَنْجَر. الأمير الكبير، علم الدين الحلبي، الكبير. أحد الموصوفين بالشجاعة والفروسية، وشهد عدة حروب. رأيته شيخاً أبيض الرأس واللحية، من أبناء الثمانين. ولي نيابة دمشق في آخر سنة ثمان وخمسين، وتسلطن بها أياماً، وتسمى بالملك المجاهد، ولم يتم ذلك. وبقي في الحبس مدة، ثم أخرجه الملك الأشرف، وأكرمه ورفع منزلته. وكان من بقايا الأمراء الصالحية. وهو الذي حارب سنقر الأشقر وطرده عن مملكة الشام. قال تاج الدين في ' تاريخه ': حدثني جندي قال: أتيت بأميرنا الحلبي لزيارة الحج إبراهيم الحجار، فأنكر عليه كلوته المزركش وقال: انزعها، فما أعجب الأمير، فلما قمنا قال لي: كم يكون سن هذا الشيخ؟ قلت: ثلاثين سنة. قال: ما حل ذا يكون شيخاً. الله ما بعث نبياً إلا لأربعين سنة. - حرف الصاد - 112 - صفيّة بنت علي بن أحمد بن فضل. أخت الشيخ تقي الدين ابن الواسطي. روت عن: الشيخ موفق الدين، والشهاب بن راجح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 155 ولها حضور في سنة أربع عشرة وستمائة. وكانت شخية رباط. وهي والدة الشيختين عائشة وهدية بنتي عبد الله ابن مؤمن النجار. سمع منها: البرزالي، وابن النابلسي، وجماعة. ولم أسمع منها. وتوفيت في الثامن والعشرين من ذي الحجة رحمها الله. وهي آخر من سمع من الناصح محمد بن إبراهيم. - حرف العين - 113 - عبد الله ابن الشيخ عبد الظاهر بن نشوان. المولى، العالم، محيي الدين الجذامي، المصري، الكاتب، المنشئ، والد المرحوم الصاحب فتح الدين. سمع من: جعفر الهمداني، وعبد السلام بن إسماعيل بن رمضان، ويوسف المخيلي، وجماعة. كتب عنه: البرزالي، وابن سيد الناس، والجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 156 وكان بارع الكتابة والإنشاء، له النظم والنثر. وكان ذا مروءة وعصبية. ومن شعره: (ما غبتُ عنكَ لجفوةٍ وملالِ .......... يوماً ولا خطر السُّلُوُّ ببالي)
(يا مانعاً جفني المنامَ ومانِحِي .......... ثوبَ السُقام وتاركي كالآلِ)
(عمّن أخذت جواز منعي ريقَكَ المعسولَ .......... ياذا المعطف العسّال)
(عن ثغرك النظام، أم عن شعرِك الفحّام .......... أَمْ عن جفْنك الغَزّالِ)
(فأجابني: أنا مالك شَرْع الهَوَى .......... والحُسن أضْحى شافعي وجمالي)
(وشقائق النُّعمان أَيْنَعَ نَبْتُها .......... في وجنتي وحماه رشقُ نبالي)
(فالصبر أحمد بالمحبّ إذا ابتلاه .......... الحبّ في شرح الهَوَى بسؤآل) توفي الصاحب محيي الدين بالقاهرة في ثالث رجب. وولد في المحرم سنة عشرين. 114 - عبد الله بن أبي القاسم سليمان بن عبد الله. الأنصاري، الدمشقي، نجم الدين. مات في ذي القعدة بحصن الأكراد. حضر ابن اللتي، وابن المقير، وسمع كريمة. وحدّث. وهو أخو شيختنا فاطمة، ووالد المقرئ علاء الدين بن طليس. 115 - عبد الله بن علام الله بن إسماعيل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 157 أبو محمد ابن الشمعة. شيخ مصري معروف وهو بكنيته أعرف، وسماه بعضهم: ' شاكر الله '. روى عن: ابن عماد، وعبد القوي بن الحباب، وأبي القاسم بن الصفراء، وعبد المحسن ابن الدجاجي، وعبد الغفار النجفي، وغيره. وكتب عنه الطلبة، ومات في تاسع عشر شوال. 116 - عبد الله بن منصور بن علي. الإمام، مكين الدين، أبو محمد اللخمي، الإسكندراني، المقرئ، المعروف بالمكين الأسمر، مقرئ الإسكندرية. قرأ القراءآت على أبي القاسم الصفراوي، وغيره. وطال عمره، وأقرأ جماعة وحدث عن أصحاب السلفي. ولما مات شيخنا الفاضلي وتوجعت لموته وصف لي هذا الشيخ، وأنه قرأ على الصفراوي، فبقيت أتلهف على لقيه، ولم يكن أبي يمكنني من السفر. وكان شيخاً صالحاً، عابداً، عارفاً بالقراءآت. توفي في غرة ذي القعدة عن سن عالية، رحمه الله. 117 - عبد الحميد بن أحمد بن عبد الرحمن. البحدي، أبو محمد الصالحي، الحنبلي، الصحراوي. روى عن: أبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، وكتائب بن مهدي. ومات في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 158 118 - عبد الحميد ابن فخر الدين عبد الرحمن بن مخلص الدين عبد الواحد بن عبد الرحمن بن هلال. العدل، الرئيس، عز الدين. روى عن: جده المخلص ؛ وعن: ابن اللتي، وكريمة. كتب عنه: علم الدين، وغيره. ومات في ذي القعدة، وهو في عشر السبعين رحمه الله. ولد سنة ثلاثين. 119 - عبد الرحمن بن سالم بن نصر الله بن واصل. القاضي عماد الدين الحموي، الشافعي. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. وسمع من: صفية القرشية، وأبي القاسم بن رواحة. وناب في قضاء بلده عن أخيه العلامة جمال الدين. سمع منه: المزي، والبرزالي. ومات في سادس شعبان. وكان شيخ حديث بحماه. 120 - عبد الرحمن بن أبي الحَرَم بن الخِرَقيّ. ضياء الدين. حدث عن: جعفر، وكريمة. وكان كثير السماع مع أخيه أبي المحاسن. سمعا بإفادة خالهما ابن شعيب. ومات في ربيع الآخر عن اثنتين وستين سنة. وكان في الآخر يقرأ على الجنائز كأخيه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 159 121 - عبد الرحيم ابن الشيخ عزّ الدين عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله بن رواحة. زين الدين الحموي. حدث عن: أبيه، وعمه. وسمع من: أبي بكر محمد بن عمر بن يوسف بن بهروز. وأجاز له الافتخار الهاشمي. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ومات في ذي القعدة بحماة. وكان مولده بها في سنة ثلاث عشرة وستمائة. 122 - عبد الله ابن الشيخ جمال الدين سليمان بن عبد الكريم بن عبد الرحمن. نجم الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي، والد صاحبنا علاء الدين علي، وأخو شيختنا فاطمة. روي حضوراً عن: ابن اللتي، وكريمة. وتوفي في سابع ذي القعدة بحصن الأكراد. وسمع من: كريمة، والسخاوي، وإبراهيم بن الخشوعي. 123 - عبد العزيز بن إبراهيم بن نصر بن سعيد. الصالحي، الرقوقي، أخو شيخنا أحمد إبنا أخت شيخنا العز بن الفراء. حدث عن ابن الزبيدي. ومات في ثاني عشر شوال. 124 - عُبَيْد بن محمد بن عبّاس بن محمد بن موهوب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 160 الحافظ المفيد، تقي الدين، أبو القاسم الإسعردي. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بإسعرد. ودخل مصر في صباه مع أبيه. وسمع من: علي بن مختار، والحسن بن دينار، ويوسف بن المخيلي، وعبد الوهاب ابن رواج، وعلي بن المقير، وطائفة بمصر. وحمزة بن أوس الغزالي، وسبط السلفي، وجماعة بالثغر منهم هبة الله بن محمد المقدسي. وسمع من جماعة بدمشق، وكتب الكثير، وبرع في الحديث والرجال والتجريح والعالي والنازل. وخرج لجماعة كثيرة، وقرأ الكثير. وكان من العارفين بهذا الشأن، مع الثقة والصدق. كان شيخنا ابن الظاهري يثني عليه ويرجحه على سائر المصريين في الحديث. وسمع منه: ابن الظاهري، وولداه، والحارث، وولده، والمزي، وابن منير الحلبي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وابن سامة، وخلق سواهم. وتوفي في سادس شعبان، وله سبعون سنة. ورأيت تقي الدين محمد بن عزام الإسكندراني بخطه قد نقل سماع التقي عبيد، والدمياطي، وعيسى السبتي ' للأربعين البلدانية ' من المحدث محمد بن محمد بن محارب القيسي في سنة تسع وثلاثين في ذي الحجة بسماعه من السلفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 161 125 - عيسى بن حسن بن أبي محمد بن القاهريّ. الجلال، أبو محمد. شيخ صالح، دين، عالي الرواية. حدث عن: أحمد بن عبد الله بن حديد وحمزة بن عثمان، والفخر محمد الفارسي، وعبد العزيز ابن باقا، ومكرم بن أبي الصقر، وجماعة. سمع منه: المزي، والبرزالي، والمصريون. سقط يوم الجمعة الرابع والعشرين من رمضان من جامع ابن عبد الظاهر بالقرافة فمات. 126 - عثمان. الأخي، الكتبي، المقرئ على الجنائز. كان شيخاً ضخماً، سميناً، جهوري الصوت من سبعته الجنائز بدمشق، منقطع في دكانه بالكتبيين. وكان - عفا الله عنه - تاركاً للصلاة، إلا أنه كثير التلاوة، فأول من يقرأ في السبع الكبير هو، وله سبع بين العشاءين تحت قبة النسر، ذكر لي أنه قرأ فيه أكثر من ثلاثمائة ختمة. وكان ليلة الختم يتحيل في شيء من المأكول، ويحمله إلى الفقراء الذين يقرأون معه. مات في المحرم وقد جاوز السبعين. وكان أمة بذاته. 127 - علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبّار. سيف الدين ابن الرضى المقدسي. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع حضوراً من موسى بن عبد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 162 القادر، والموفق. وسماعاً من: ابن البن، والقزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وجماعة. وقد فاتني السماع منه. سمع منه: أبو العباس النابلسي، والطلبة. ولازم خدمة الشيخ شمس الدين. وكان يورق ويشهد ويثبت المكاتيب ويعمل النقابة. واشترى من ذلك بستاناً بكفربطنا. وقيل ولد في رمضان سنة سبع عشرة. ومات في سادس عشر شوال، وورثه أخته وبناته. 128 - علي الصّاحب. المنشئ البارع، بهاء الدين ابن عيسى الإربلي. وهو علي ابن الأمير فخر الدين عيسى بن أبي الفتح، الشيباني الكاتب. مترسل مجيد، وشاعر محسن، ورئيس نبيل. كتب لمتولي إربل ابن صلايا، ثم خدم ببغداد في الإنشاء في أيام صاحب الديوان، ثم فتر سوقه في دولة اليهود، ثم تراجع بعدهم وسلم، ولم ينكب إلى أن مات. وكان صاحب تجمل وحشمة ومكارم، وفيه تشيع. ومات في عشر السبعين ببغداد. وكان أبوه والياً بإربل. توفي الصدر بهاء الدين في ثالث جمادى الآخرة. وقد أفرد له عز الدين حسن بن أحمد الإربلي ترجمة في جزء كبير، وقال له: ولدت في رجب سنة خمس وعشرين وستمائة. وكان أبوه كردياً والياً بإربل، فحرص على ابنه هذا حتى برع في الكتابة وتأدب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 163 قال: اشترى لي أول ما اشتغلت نسخة ' بصحاح الجوهري ' بأربعمائة درهم، ثم ندم وقال: لو اشترينا بها فدان بقر كان أنفع. ثم خدمت في ديوان الإنشاء بإربل أول ما بقل وجهي. قلت: وله تواليف أدبية مثل ' رسالة الطيف '، ' والمقامات الأربع '، وغيرها. وخلف تركة عظيمة بنحو من ألف ألف درهم، فتسلمها ابنه أبو الفتح، ومحقها في نحو من أربعة أعوام، ومات صعلوكا بإربل. وقال ابن الفوطي: سكن بهاء الدين بغداد في سنة سبع وخمسين، وعمر بها داراً جميلة. وكان يتشيع سمعت عليه كتابه في ' فضائل الأئمة '، روى فيه عن الكمال ابن وضاح، والشيخ عبد الصمد. مات وعمل ثالثه فتكلم شيخنا عز الدين الفاروثي، والجلال الكوفي. وتوفي في رابع عشر جمادى الآخرة. نقلت من خط ابن الفوطي. 129 - علي بن محمد بن المبارك. الأديب، كمال الدين ابن الأعمى، الشاعر، صاحب ' المقامة ' التي في الفقراء المجردين. روى عن ابن اللتي، وغيره. وتوفي في ثالث عشر المحرم. وكان شيخاً كبيراً، من بقايا شعراء الدولة الناصرية. انقطع في أواخر عمره بالقليجية. وكان مقرئاً بالتربة الأشرفية وغيرها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 164 والأعمى هو نعت لوالده الشيخ ظهير الدين النحوي الضرير الذي كان خطيب بيت المقدس مرة. 130 - علي بن محمود بن علي بن محمود بن قرقين. الأمير ناصر الدين. شيخ جليل، معمر، من أبناء التسعين. أجاز له أبو اليمن الكندي. وسمع من: أبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن. وكان ديناً خيراً، حسن السيرة، جميل الذكر ؛ معتمداً بقلعة بعلبك. سمع منه: المزي، وابن تيمية، والبرزالي، والطلبة. وحدث بدمشق، وبعلبك. وتوفي في ثاني شعبان، وله اثنتان وتسعون سنة وخمسة أشهر. قاله ابن خولان. 131 - علي بن محمود بن عبد الله بن محمد ابن الملثّم. العادلي، العدل زين الدين الحنفي ؛ عدل، خير، مشهور، متميز. روى عن: ابن المقير، وابن رواج. ومات بالقاهرة في الحادي والعشرين من ربيع الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 165 132 - علي ابن السلطان الملك المظفر تقيّ الدّين محمود بن المنصور محمد بن تقيّ الدّين عمر ابن صاحب حماة. ويعرف بالأمير علي، وتلقب بالملك الأفضل. وهو أخو السلطان الملك المنصور محمد. توفي بدمشق ووضع في تابوت، وصلوا عليه، ثم سافروا به إلى حماة، فدفن عند آبائه. رأيته كهلاً، خفيف اللحية، بعمامة مدورة. وكان من كبار أمراء حماة. وهو والد الأمير الملك عماد الدين متولي حماة يومئذ. مات في ذي الحجة، وحضر الصلاة عليه نائب السلطنة الحموي، والأكابر. 133 - عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان القاضي الفقيه عزّ الدّين أبو الفتح ابن قاضي القُضاة جمال الدّين ابن الأستاذ. الأسدي، الحلبي، الشافعي. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. وسمع الكثير من الموفق عبد اللطيف، ومن: ابن اللتي، ويحيى بن جعفر الدامغاني، والعلم بن الصابوني، والفخر الإربلي، وجماعة. وكان فقيهاً، صالحاً، ديناً، متزهداً، متميزاً. درس بالمدرسة الظاهرية التي بظاهر دمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 166 وحدث ' بسنن ابن ماجة ' و ' مسند الحميدي '، و ' معجم ابن قانع '، وغير ذلك. وسمع منه خلق، وهو آخر من روى بدمشق ' سنن ابن ماجة ' كاملاً. توفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول، ودفن بالمزة. - حرف الغين - 134 - غُلْبُك. الأمير الكبير زين الدين الفخري، من أمراء دمشق. وقد حج بالناس مرة، وشكرت سيرته. وذلك في سنة ثمان وثمانين. - حرف الميم - 135 - محمد بن إبراهيم بن تَرْجَم بن حازم. أبو عبد الله المازني، المصري. شيخ مبارك، مسن، معمر، عالي الرواية. تفرد برواية الترمذي، عن أبي الحسن علي بن البنا المكي، وحدث به بالقاهرة وسمعه منه جماعة كبيرة. توفي في التاسع والعشرين من رجب، وكان من أبناء التسعين. وسمع من: عبد القوي بن الحباب، وابن باقا. مولده سنة اثنتين وستمائة. 136 - محمد بن علي بن داود. البعلبكي، الدقاق في القماش. دين، خير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 167 حدث عن: البهاء عبد الرحمن. سمع منه: البرزالي، والمزي، وابنه، والشيخ أبو بكر الرحبي، وطائفة. وتوفي في الرابع والعشرين من ذي القعدة، وهو في عشر الثمانين. 137 - محمد بن محمد بن مهيب بن عبد الرحمن بن مجاهر. الشيخ الجليل محيي الدين الربعي، الصقلي، ثم المصري. ولد بمصر سنة ثمان وستمائة. وسمع من مكرم سنة ست عشرة. كتب عنه الفرضي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة بمصر. وكان فاضلاً، ديناً. 138 - محمد بن محمد بن المحدّث نصير الدّين ابن العدل شمس الدّين. الرسعني، الحنبلي. كان جارنا، وكان شاباً مليحاً. سمع من جماعة من أصحاب طبرزد، وقتل شهيداً بحوران في ذي الحجة وله عشرون سنة. 139 - محمد بن علي بن محمد. الإمام أبو عبد الله ابن الزاهد، البصري، الشافعي. توفي بالبصرة في جمادى الأولى. قرأته بخط الذهلي. 140 - محمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف. الأجل محيي الدين ابن الأنصاري، الحلبي، الكاتب. كان مع معاناته للكتابة وللخدم شيخ خانقاه سنقرشاه بحلب. وسمع من: أي القاسم بن رواحة، والمؤتمن بن قميرة، وابن خليل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 168 ومات في شعبان وله ثلاث وخمسون سنة. وكان أبوه فخر الدين فقيهاً إماماً، وكان جده العلامة شهاب الدين شيخ الحنفية بحلب، وأحد من درس بالمستنصرية ببغداد. 141 - محمد بن أبي بكر بن غُنَيم بن حمّاد. شمس الدين الحراني، نزيل مصر. كان بزازاً في الخليع. ولد سنة إحدى وعشرين. وروى عن: الموفق عبد اللطيف بن يوسف. سمع منه المصريون. ومات في العشرين من صفر بمصر. - حرف النون - 142 - نبا بن علي بن هاشم بن الحَسَن. الأمير الكبير، شمس الدين، ابن الأمير نور الدين، ابن المحفدار المصري. جعله الملك المنصور أمير جندار. وكان دينا، كثير المروءة. صلى العشاء وقرأ سورة {هل أتى} ، وسجد فمات. وذلك في صفر بداره بمصر. ومات في عشر السبعين. قاله شمس الدين الجزري. 143 - النُّعمان بن حسن بن يوسف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 169 قاضي القضاة، معز الدين الخطيبي، الحنفيما، قاضي القاهرة. ناب أولاً عن الصدر سليمان، ثم ولي بعده، وقدم دمشق لقضاء الجيوش المنصورة. ورجع وتوفي بالقاهرة. - حرف الياء - 144 - يوسف بن إبراهيم بن عُقاب. أبو يعقوب الحذامي، الشاطبي، المقرئ، الزاهد. قرأ بالسبع على أصحاب نوح الغافقي. سمع منه أبو عبد الله الوادياشي، وقال: مات في صفر سنة اثنتين. ومولده سنة ثلاث عشرة. توفي بتونس وكانت جنازته مشهودة. أكثر عن أبي الحسن علي بن قطرال. سمع منه: البرزالي، والمصريون. ومات في العشرين من صفر بمصر. 145 - يوسف بن أبي بكر بن عثمان. الحراني، الصوفي. شيخ معمر. روى عن: الساوي. ومات في ربيع الآخر، وله تسعون سنة. وهو والد العفيف الصوفي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 170
- الكنى - 146 - أبو محمد بن عبد الوهاب بن محاسن. الجمال ابن النحايلي. شيخ معمر من أبناء التسعين. رأيته، روى عن: شمس الدين عمر بن المنجا، وابن أبي جعفر. سمع منه البرزالي، وجماعة. وتوفي في ربيع الأول بدمشق. وفيها ولد: الفقيه البارع فخر الدين محمد بن علي المصري، أو في سنة إحدى. وعماد الدين محمد بن محمد بن الزملكاني، القاضي. والإمام زين الدين محمد بن عبد الله بن الخطيب ابن المرحل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 171
سنة ثلاث وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 147 - أحمد بن أقوش. شهاب الدين إمام السلطان، وأحد الموصوفين بالتطريب في التلاوة ومعرفة الأنغام والموسيقى. مات في ذي الحجة. 148 - أحمد بن عبد الرحمن بن هبة الله بن أحمد بن الأشقر. الشيخ عماد الدين الخريمي، الحنبلي، خطيب جامع الحريم. ولد سنة عشرين، وقدم دمشق، وحدث عن: ابن بهروز، والأغر بن العليق. وكان صالحاً، خيراً. توفي ببغداد في رجب. 149 - أحمد بن عبد الواحد محيي الدّين ابن الطَّرَسُوسيّ. الحلبي، من أعيان بلده. سمع معنا، وكان شيخاً ساكناً، مهيباً. توفي في ذي القعدة بالمزة، وخلف ولدين من فضلاء الحنفية. وقد باشر ديوان الجامع نيابة عن ابن النحاس. 150 - أحمد ابن الشيخ شمس الدين محمد بن الكمال عبد الرحيم. المحدث، موفق الدين، خازن كتب الضيائية، وقارئ الحديث بها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 172 سمع وكتب وعنى بالحديث، وحصل الأجزاء. وصار له فهم ومعرفة لقوة ذكائه وجودة فهمه واعتنائه. وكان شاباً حسناً، ديناً، مطبوع العشرة، كريم الشمائل، محبباً إلى الناس. رأيته مرة واحدة. وقد درس بالضيائية أيضاً. مات في ذي الحجة ولم يكمل الثلاثين. وقد سمع من ابن عبد الدائم فمن بعده. وقرأ على أبيه بكفربطنا. وما كأنه حدث. 151 - أحمد بن مرتفع. أمين الدين، رئيس المؤذنين بالجامع الجديد بمصر. روى عن نبا بن هجام. ومات في رمضان. 152 - أحمد بن محمد بن علي بن أبي بكر بن عَرَفَة. الشيخ نجم الدين الهاشمي، البغدادي، ابن المحفدار، ويعرف بابن الكندران. سمع: القطيعي، وعلي بن كبة، والمبارك بن علي المطرز. وعنه: أبو العباس الكازروني. 153 - أحمد بن محمد بن الحسن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 173 ابن الغماز. قاضي الجماعة بتونس. كان إماماً، محدثاً فقيهاً، مقرئاً، كبير القدر. يكنى أبا العباس. وكان والده من زهاد بلنسية وفقهائها. ولد أبو العباس سنة تسع وستمائة، وسمع الكثير من أبي الربيع بن سالم. وطال عمره. وأكثر عنه أهل تونس، منهم الإمام أبو عبد الله بن جابر الوادياشي، وذكر لي أنه أكثر عنه، وأنه مات سنة ثلاث هذه. وأنه مكثر عنه يوم عاشوراء. وقال: سمعت منه ' التيسير ' بسماعه من ابن سالم، وأبي الحسن بن سلمون. وقرأها مع علي ابن صاحب الصلاة تلميذ ابن هذيل. وكان أعلى أهل المغرب إسناداً في القرآن رحمه الله. وله معرفة بالفقه والحديث. قرأ عليه بالسبع. وله شعر جيد. 154 - إبراهيم بن عبد الرحمن بن سالم بن أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ ابن صَصْرى. الصاحب، جمال الدين التغلبي، الدمشقي، ناظر الدواوين. ولي حسبة دمشق مدة، ثم ولي الديوان. وكان عاقلاً، رئيساً، متمولاً، مهيباً، عارفاً، خبيراً، ذا رأي وصراحة وكفاءة، إلا أنه كان ظالماً، سامحه الله {ووجدوا ما عملوا حاضرا} . توفي ليلة الجمعة في شوال في عشر الخمسين، أو جاوزها بقليل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 174 155 - إدريس بن محمد بن أبي الفَرَج المفرّج بن الحسين بن إدريس بن مُزَيْز. الشيخ الإمام، المحدث تقي الدين، أبو محمد الحموي. سمع من: أبي القاسم بن رواحة، وأخيه النفيس، وصفية القرشية، والموفق بن يعيش النحوي، ومدرك بن حنيش، والقاضي أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم، وهذه الطبقة. وكتب الأجزاء، وعني بالحديث وتميز فيه. روى عنه: شيخنا الدمياطي، والمزي، والبرزالي، وجماعة. وذكره المحدث جمال الدين ابن الصابوني في كتاب ' تكملة إكمال الإكمال ' في مزيز، ومرير ؛ وقال: مرير، بمهملتين، الفقيه أبو طالب مدرك بن أبي بكر بن مرير الحموي، الشافعي. تفقه ببغداد، وكان فيه ذكاء مفرط، وولي تدريس الأكزية بدمشق وعقود الأنكحة. وسمع من أبي المحاسن يوسف بن رافع قاضي حلب. ثم ذكر إدريس بن مزيز. قلت: توفي في العشرين من ربيع الآخر بحماة. وقد سمعت من أولاده ست الدار، وتاج الدين أحمد، وزين الدين عبد الرحيم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 175 وقد حدث بدمشق في سنة ثمانين. وقد صنف كتاب ' الأحكام '، رأيته بخطه. 156 - أحمد بن يونس بن أحمد بن بركة. المحدث الصالح، العالم، شهاب الدين، أبو الطاهر الإربلي، الصوفي. ولد بالقاهرة في سنة إحدى وأربعين وستمائة. وسمع من: أبي الحسن بن الحميري، وصالح المدلجي، والحافظ زكي الدين عبد العظيم، ومحمد بن عبد العزيز الإدريسي، والصدر البكري، وجماعة. ثم إنه طلب الحديث بنفسه في سنة ستين، وأكثر عن أصحاب البوصيري. ورحل إلى دمشق فأكثر عن ابن عبد الدائم، وأصحاب الخشوعي فمن بعدهم. وجمع لنفسه ' معجماً '، ونسخ الكثير وحصل ورجع. ثم قدم دمشق وحدث. وروى عنه: النجم بن الخباز، والمزي، وطائفة. وقرأ عليه علم الدين البرزالي ' صحيح مسلم ' بروايته عن صالح المدلجي. ونزل في السميساطية. ثم رجع إلى القاهرة فأقام يسيراً وتوفي في ثالث عشر المحرم، رحمه الله. 157 - إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد العزيز بن عُمر. العدل، المرتضى، الأمين، مجدُ الدين، أبو إسحاق القرشي، الجزري، التاجر، والد صاحبنا العدل الرئيس شمس الدين صاحب ' التاريخ '.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 176 ولد سنة تسع وستمائة بالجزيرة العمرية، وأكثر الترحال في التجارة إلى العراق، والهند، واليمن، والنواحي. ودخل أكثر من سبعين مدينة. وصحب الشيخ علي الحبار مدة، ثم استوطن دمشق من سنة أربع وخمسين. وولد له جماعة أولاد، أكبرهم سناً وقدراً المولى شمس الدين، أبقى الله حياته. وعمل بزازاً بالرماحين. وكان خيراً صالحاً، صدوقاً، ديناً، مقبول القول، حسن البزة، وافر الحرمة. توفي في ثاني عشر صفر، ودفن بمقبرة باب الصغير، رحمه الله تعالى. 158 - إبراهيم بن محمد بن منصور. الرئيس، الفقيه، أبو إسحاق الأصبحي، ويعرف بابن الرشيد التونسي. ناب في القضاء. وأخذ عن: أحمد بن معاوية، وعبد الرحيم بن طلحة. روى عنه: محمد بن جابر الوادياشي وقال: توفي في المحرم سنة ثلاث وتسعين. 159 - إسحاق بن إبراهيم بن سُلْطان. أبو إبراهيم البعلبكي، الكتاني. سكن دمشق، وحدث بها عن البهاء عبد الرحمن. وكان رجلاً خيراً، صالحاً، تالياً لكتاب الله. سمعت منه أنا وابن الخباز، والمزي، وابن النابلسي، وجماعة. وتوفي في ذي القعدة. وكان إمام مسجد. وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 177 160 - آمنة بنت التّقيّ محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسيّ. حضرت جدها، وسمعت ' الصحيح ' من ابن الزبيدي. وحدثت وتوفيت في رجب. ولم أسمع منها، وهي زوجة السيف بن المجد. وكانت من العوابد. - حرف الباء - 161 - بكْتَاش. الأمير بدر الدين، أستاذ دار ملك الأمراء حسام الدين لاجين المنصوري. مات في هذه السنة. 162 - بكتوت. العلائي، الأمير الكبير بدر الدين. أمير محتشم، من أكبر أمراء دمشق. ثم انتقل إلى الديار المصرية، وعلت رتبته في الدولة الأشرفية. ومات كهلاً بمصر في جمادى الآخرة. 163 - بيدرا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 178 المقر العالي، نائب المملكة الأشرفية، بدر الدين. كان من أعز الناس عند أستاذه السلطان الملك المنصور. وكان من كبار المقدمين في دولته. فلما تملك الملك الأشرف جعله أتابكه. وكان يرجع إلى دين وعدل. ثم خرج على مخدومه وساق إليه وقتله، ورجع تحت عصائب السلطنة، وحلفوا له، ووعدوه بالملك، فلم يتم له الأمر، وقتلوه من الغد في ثالث عشر المحرم. ولم يتكهل. - حرف التاء - 164 - تاج الدين ابن الحَيْوان. هو الإمام البارع، أبو يوسف موسى بن محمد المراغي، الشافعي. كان فقيهاً، مناظراً، عارفاً بالأصول والفقه. توفي فجأة بدمشق. رأيته يشتغل بالناصرية، وكان معيدها. وخلف ولدين فاضلين ماتا شابين. ومات هو في صفر. ورأيته شيخاً مربوعاً، كبير اللحية. - حرف الحاء - 165 - حافظ الدّين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 179 شيخ بخاري. هو العلامة: أبو الفضل، محمد بن محمد بن نصر ابن القلانسي، البخاري، الحنفي. ولد في حدود سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من المحدث أبي رشيد الغزال وتفقه على شمس الأئمة الكردري. روى لنا عنه أبو العلاء الفرضي، وقال: كان إماماً، زاهداً، قانتاً، مدرساً، عارفاً بالفقه، والأصلين، والتفسير، سخياً، جواداً، مشفقاً على الطلبة حج ودخل الشام وعاد إلى بلاده. توفي في شعبان. قال: وكان على قاعدة السلف علماً وعملاً، قد جزأ الليل، فالثلث الأول للراحة، والثاني للعبادة، والثالث لمطالعة العلم. وكان يتلألأ وجهه نوراً، فلم تر عيناي مثله في سمته وحسن طريقته، قرأ سائر العلوم على شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردري. وسمع منه، ومن: عبد الله بن إبراهيم المحبوبي، وأبي رشيد الغزال، وغيرهم. وكان شيخ الإسلام ببلاد المشرق، رحمة الله عليه. 166 - الحسن بن عيسى بن حسن. الشيخ نجم الدين ابن أخي قاضي القضاة برهان الدين الخضر الزرزاري، السنجاري، ثم المصري. روى عن: الساوي، وسبط السلفي. ومات في رجب. 167 - حُسَيْن بن داود. المجود، شمس الدين الشهرزوري، الكاتب. شيخ معمر جاوز التسعين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 180 وحدث عن التاج بن أبي جعفر، ومحمد بن أبي العجائز. وكتب عليه جماعة منهم العلامة شرف الدين أحمد بن المقدسي. وتوفي بجبل قاسيون في رجب. - حرف الخاء - 168 - خليل بن قلاوون. السلطان، الملك، الأشرف، صلاح الدين، ولد السلطان الملك المنصور سيف الدين، الصالحي النجمي. جلس على تخت الملك في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة. واستفتح الملك بالجهاد، وسار فنازل عكا وافتتحها، ونظف الشام كله من الفرنج. ثم سار في السنة الثانية فنازل قلعة الروم، وحاصرها خمسة وعشرين يوماً، وافتتحها. وفي السنة الثالثة جاءته مفاتيح بهنسا من غير قتال إلى دمشق، ولو
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 181 طالت حياته لأخذ العراق وغيرها. فإنه كان بطلاً شجاعاً، مقداماً، مهيباً، عالي الهمة يملأ العين، ويرجف القلب. رأيته مرات، وكان ضخماً، سميناً، كبير الوجه، بديع الجمال، مستدير اللحية، على صورته رونق الحسن وهيبة السلطنة. وكان إلى جوده وبذله للأموال في أغراضه المنتهى. وكان مخوف السطوة، شديد الوطأة، قوي البطش، تخافه الملوك في أمصارها والوحوش العادية في آجامها. أباد جماعة من كبار الدولة. وكان منهمكاً على اللذات لا يعبأ بالتحرز على نفسه لفرط شجاعته، وما أحسبه بلغ ثلاثين سنة. ولعل الله عز وجل قد عفا عنه وأوجب له الجنة على كثرة ما فرط في جنب الله، نسأل الله العفو والعافية. ولما كان في ثالث المحرم توجه من القاهرة هو ووزيره الصاحب الكبير شمس الدين وأمراء دولته. فلما وصل إلى الطرانة فارقه الوزير إلى الإسكندرية فقدمها وعسف وصادر، ونزل السلطان بأرض الحمامات للصيد، وأقام إلى يوم السبت ثاني عشر المحرم، فلما كان وقت العصر وهو بتروجة حضر نائب السلطنة بيدرا، وجماعة أمراء، وقد كان السلطان أمره بكرة أن يمضي بالدهليز ويتقدم، وبقي هو يتصيد، وليعود إلى الدهليز عشية، فأحاطوا به وليس معه إلا شهاب الدين ابن الأشل أمير شكار، فابتدره بيدرا فضربه بالسيف قطع يده، وضربه حسام الدين لاجين على كتفه حلها، وصاح: ' من يريد الملك هذه تكون ضربته '، يشير إلى بيدرا، فسقط السلطان ولم يكن معه سيف فيما قيل، بل كان في وسطه بند مشدود. ثم جاء سيف الدين بهادر رأس النوبة فأدخل السيف من أسفله فشقه إلى حلقه. وتركوه طريحاً في البرية، والتفوا على بيدرا وحلفوا له. وساق تحت العصائب يطلب القاهرة، وتسمى فيما قيل بالملك الأوحد. وبات تلك الليلة وأصبح يسير، فلما ارتفع النهار إذا بطلب كبير قد أقبل، يقدمه الأميران: زين الدين كتبغا وحسام الدين أستاذ يطلبون بيدرا بدم أستاذهم، وذلك بالطرانة، فحملوا عليه، فتفرق عنه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 182 أكثر من معه، ققتل في الحال، وحمل رأسه على رمح، وجاءوا إلى القاهرة فلم يمكنهم الشجاعي من التعدية، وكان نائباً للسلطان في تلك السفرة، فأمر بالشواني والمراكب كلها فربطت إلى الجانب الآخر، ونزل الجيش على الجانب الغربي، ثم مشت بينهم الرسل على أن يقيموا في السلطنة أخا السلطان، وهو المولى السلطان الملك الناصر، أيده الله. فتقرر ذلك، وأجلسوه على التخت السلطاني في يوم الإثنين رابع عشر المحرم بأن يكون أتابكه كتبغا ووزيره الشجاعي. واختفى حسام الدين لاجين وغيره ممن شارك في قتل السلطان. قال شمس الدين الجزري في ' تاريخه ': حدثني الأمير سيف الدين أبو بكر بن المحفدار قال: كان السلطان، رحمه الله، قد نفذني بكرة إلى بيدرا بأن يتقدم بالعسكر، فلما قلت ذلك نفر فيّ وقال: السمع والطاعة، كم يستعجلني. ثم إني حملت الزردخاناه والثقل الذي لي، وركبت قبلهما أنا ورفيقي الأمير صارم الدين الفخري وركن الدين أمير جندار عند الغروب سائرين، وإذا بنجاب، فقلنا: أين تركت السلطان؟ فقال: يطول الله أعماركم فيه. فبهتنا، وإذا بالعصائب قد لاحت، ثم أقبل الأمراء وفي الدست بيدرا، فجئنا وسلمنا، ثم سايره أمير جندار فقال: يا خوند، هذا الذي تم كان بمشورة الأمراء؟ قال: نعم. أنا قتلته بمشورتهم وحضورهم، وها هم حضور. وكان من جملتهم حسام الدين لاجين، وبهادر رأس النوبة، وشمس الدين قراسنقر، وبدر الدين بيسري. ثم شرع بيدرا يعدد ذنوبه وهناته وإهماله لأمور المسلمين، واستهتاره بالأمراء، وتوزيره لابن السلعوس. ثم قال: رأيتم الأمير زين الدين كتبغا؟ قلنا: لا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 183 فقال له الأمير: يا خوند كان عنده علم من هذه القضية؟ قال: نعم، هو أول من أشار بها. فلما كان من الغد جاء كتبغا في طلب نحو ألفين من الخاصكية وغيرهم والحسام أستاذ الدار، ثم قوس كتبغا وقصد بيدرا وقال: يا بيدرا أين السلطان؟ ثم رماه بالنشاب، ورموا كلهم بالنشاب فقتلوه، وتفرق جمعه، وسيروا رأسه إلى القاهرة. قال: فلما رأينا ذلك التجأنا إلى جبل واختلطنا بالطلب الذي جاء، فعرفنا بعض أصحابنا فقال لنا: شدوا بالعجلة مناديلكم في رقابكم إلى تحت الإبط، يعني شعارهم. قال ابن المحفدار: وسألت شهاب الدين الأشل: كيف كان قتل السلطان؟ قال: جاء إليه بعد رحيل الدهليز الخبر أن بتروجة طير كثير فقال لي: امش بنا حتى نسبق الخاصكية، فركبنا وسرنا، فرأينا طيراً كثيراً، فرمى بالبندق، وصرع كثيراً، ثم قال: أنا جيعان، فهل معك شيء تطعمني؟ فقلت: ما معي سوى فروجة ورغيف في سولقي. قال: هاته فناولته فأكله ثم قال: امسك فرسي حتى أبول. قال: فقلت: ما فيها حيلة أنت راكب حصان، وأنا راكب حجرة وما يتفقان. فقال: انزل أنت واركب خلفي، وأركب أنا الحجرة، وهي تقف مع الحصان إذا كنت فوقه. فنزلت وناولته لجامها، وركبت خلفه، ثم نزل هو وجلس يريق الماء، وجعل يولع بذكره ويمازحني، ثم قام وركب حصانه، ومسك لي الحجرة حتى ركبت، وإذا بغبار عظيم فقال لي: سق واكشف الخبر. فسقت فإذا بيدرا والأمراء، فسألتهم عن سبب مجيئهم، فلم يردوا علي وساقوا إلى السلطان، فبدأه بيدرا بالضربة فقطع يده، وتممه الباقون. ثم بعد يومين طلع والي تروجة وغسلوه وكفنوه، ووضعوه في تابوت، ثم سيروا من القاهرة الأمير سعد الدين كوجبا الناصري فأحضر التابوت، ودفن في تربة والدته. وكان من أبناء الثلاثين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 184
- حرف السين - 169 - سَنْجَر. الأمير الكبير، علم الدين الشجاعي، المنصوري. كان رجلاً طويلاً، تام الخلقة، أبيض اللون، أسود اللحية، عليه وقار وهيبة وسكون، وفي أنفه كبر، وفي أخلاقه شراسة، وفي طبيعته جبروت وانتقام وظلم. وله خبرة تامة في السياسة والعمارات والرأي. ولي شد الديار المصرية، ثم الوزارة، ثم ولي نيابة دمشق، فلطف الله بأهلها، وقلل من شره بعض فوليها سنتين، ثم صرف بعز الدين الحموي، وانتقل إلى مصر عالي الرتبة، وافر الحرمة. ولقد كان يعرض في تجمل وهيبة لا تنبغي إلا لسلطان. ولما قدم من قلعة الروم كان دخوله عجباً. طلب جارنا يونس الحريري وأمره أن يعمل له سناجق أطلس أبيض، وفيه عقاب أسود، فعملها على هيئة سناجق السلطنة. قال لي يونس: عملناها عرض أربعة أذرع بالجديد، في طول تسعة أذرع. قلت: كان منها فوق كوساته خمسة صفاً واحداً. وهي في غاية الحسن واللمعان، ولها طرر مقصوصة محررة، أظن فيها: {إِنَّا فَتْحْنَا لَكَ فَتْحاً
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 185 مُبِيناً}. وكان رنكه قبل ذلك أحمر في بياض. وتعجب الناس وقالوا: هذه لا تكون إلا لسلطان. وكان له من الخيل المسومة والمماليك الترك والزينة والذهب والرخت وغير ذلك شيء كثير. وكان شجاعاً، مهيباً، جباراً، من رجال العالم، ولولا جوره لكان يصلح للملك. وكان له في الجملة ميل إلى أهل الدين وتعظيم للإسلام، وعمل الوزارة في أول الدولة الناصرية أكثر من شهر. ثم قتل شر قتلة. عصى في القلعة، وجرت أمور، فلما كان يوم الرابع والعشرين من صفر عجز وطلب الأمان. فلم يعطوه أماناً، وطلع إليه بعض الأمراء وقال: انزل إلى عند السلطان الملك الناصر. فمشى معهم، فضربه واحد منهم طير يده، ثم طير آخر رأسه، وعلق رأسه في الحال على سور القلعة. ودقت البشائر، ثم طافت المشاعلية برأسه في الأسواق وجبوا عليه والناس يشتمونه لظلمه وعسفه، فلا قوة إلا بالله، ومات وقد قارب الخمسين. - حرف العين - 170 - عائشة بنت الجمال عبد الله بن عبد الملك بن عثمان. أم عبد الله المقدسية. زوجة شيخنا نصر الله بن عياش. وأمها هي زينب بنت مكي. سمعت من أبي المجد القزويني. سمع منها: البرزالي، والطلبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 186 وتوفيت في ثالث ربيع الآخر. 171 - عبد الله بن الحسن بن أبي محمد. الشيخ رشيد الدين، أبو محمد القاهري، الضرير. شيخ صالح خير. سمع من: أبي طالب بن حديد. والفخر الفارسي، وابن باقا. وهو أخو عيسى المذكور عام أول. توفي في جمادى الآخرة. كتب عنه الجماعة، وهو آخر من روى عن ابن حديد بالسماع. 172 - عبد الله بن علي بن منجد. الأديب البارع، تقي الدين السروجي. له نظم جيد سائر. 173 - عبد الحقّ بن عبد الله بن علي بن مسعود بن شمايل. الإمام، أبو محمد البغدادي، الصيدلاني، خطيب جامع فخر الدولة ابن المطلب ووالد الشيخ العلامة الكبير صفي الدين عبد المؤمن، أحسن الله إليه. ولد في سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وروى عنه: عبد الحميد بن بنيمان سبط أبي العلاء. كتب عنه أبو العلاء الفرضي، وعبد الرزاق الفوطي مؤرخ العراق، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 187 وتوفي في أول ذي الحجة. 174 - عبد الحميد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن فارس. العدل، مكين الدين ابن الزجاج العلثي، البغدادي، الحنبلي. ولد سنة عشرين وستمائة، وقدم دمشق للحج سنة أربع وثمانين. وحدث عن: ابن روزبة، والقطيعي، والحسن بن الأمير السيد، والأنجب الحمامي، وابن بهروز، وجماعة. مات في أولها إن شاء الله. 175 - عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن. العدل، نجم الدين المراغي، ثم المصري. توفي في شعبان، وقد سمع منه البرزالي، وغيره بالقاهرة عن ابن خليل. 176 - عبد الكافي بن عبد القادر بن خَلَف بن نبهان. الأنصاري، السماكي، الزملكاني، شمس الدين. مات بزملكا في ذي القعدة. وكان معمراً، عابداً، ثقة. 177 - عبد الملك بن معالي بن مفضّل. كمال الدين الجزري، ثم الواسطي. نزيل مصر. روى عن: ابن المقير، وابن رواج.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 188 وتوفي في جمادى الآخرة. 178 - عبد الواحد بن عثمان بن عبد الواحد. ابن قاضي نابلس، الرئيس نجم الدين، سبط ابن جرير الوزير. روى عن ابن اللتي، وغيره. ومات يوم عاشوراء. 179 - علاء الدين الأعمى. الركني، الأمير الزاهد. قيل، اسمه إيدغدي. ناظر أوقاف القدس، ومنشئ العمارات والربط، وغير ذلك بالقدس، والخليل، والمدينة النبوية. كان من أحسن الناس سيرة، وأحمدهم طريقة. انغمرت الأوقاف في أيامه وتضاعف المغل، واشتهر ذكره. وتوفي إلى رحمة الله بالقدس في شوال، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب. 180 - عمر بن عبد العزيز الشّمّاع. موفق الدين. مات بالثغر عن ثمانين سنة في صفر. سمع من: أبي البركات محمد بن يحيي المصري، وطائفة؟ - حرف الفاء - 181 - فخر الدين ابن لُقمان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 189 الوزير الكاتب، شيخ الإنشاء، واسمه إبراهيم الإسعردي. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، وبرع في الرسائل والأدب، ورزق السعادة والتقدم في الدول، وطال عمره. رأيته شيخاً بعمامة صغيرة. وقد حدث عن: ابن رواج. كتب عنه البرزالي، والطلبة. وتوفي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة بمصر. وصلي عليه صلاة الغائب بالنية. وقد ولي وزارة الصحبة للملك السعيد، ثم وزر مرتين للملك المنصور، وأصله من المعدن من بلاد إسعرد. وكان قليل الظلم، فيه إحسان إلى الرعية. وكان إذا عزل من الوزارة يأخذ غلامه الحرمدان خلفه، ويبكر إلى ديوان الإنشاء ما كأن جرى شيء. ولما افتتح الملك الكامل آمد كان ابن لقمان شاباً يكتب على عرصة الفتح بها، وينوب عن الناظر. وكان البهاء زهير كبير الإنشاء للكامل، فاستدعى من ناظر آمد حوائج بكاتب الرسالة نزل إليه بخط ابن الملقن، فأعجب البهاء زهير خطه وعبارته، فاستحضره وأخذه. - حرف الكاف - 182 - كافور الصوّاف. عتيق ابن الفوي. شيخ مبارك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 190 روى عن: ابن عماد، وغيره. كتب عنه: عامة الطلبة. وتوفي بمصر في الرابع والعشرين من ربيع الآخر وله ثلاث وثمانون سنة. وكان بسوق الأنماطيين. 183 - كِنْدي بن عمر بن كِنْدي بن سعيد بن علي. العدل، الصالح، تاج الدين، أبو محمد الكندي، الدمشقي، عامل الأيتام. أخو زينب شيختنا. حدث عن: كريمة، والضياء. سمع منه: البرزالي، وغيره. وتوفي في أوائل السنة بحصن بلاطنس. 184 - كيختو بن هولاكو. ملك التتار: تسلطن بعد هلاك أرغون ابن أخيه أبغا في سنة تسعين، وأقام بالروم مدة، ومالت طائفة إلى أخيه بيدو فملكوه، وجرى بينهم خلف. ثم قوي بيدو وتملك العراق وخراسان، وقاد الجيوش، وجبى الأموال. وسار كل منهما لقصد الآخر فالتقوا. وقتل كيختو في هذه السنة، واحتوى بيدو
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 191 على الأمر، لكن خرج عليه قازان بن أرغون، وكان متسلماً ثغر خراسان عاصياً على الرجلين، فلما بلغه قتل كيختو جمع الجيوش وطلب الملك. وكان كيختو له ميل نحو المسلمين وإحسان إلى الفقراء، بخلاف بيدو، فإنه كان يميل إلى النصارى، وقيل إنه تنصر. وكلاهما ماتا على الشرك والكفر بالله. - حرف الميم - 185 - محمد بن أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر. قاضي القضاة، ذو الفنون، شهاب الدين، أبو عبد الله ابن قاضي القضاة شمس الدين الخويي الشافعي، قاضي دمشق وابن قاضيها. ولد في شوال سنة ست وعشرين بدمشق، واشتغل في صغرة. ومات
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 192 والده وله إحدى عشرة سنة فبقي منقطعاً بالعادلية. ثم أدمن الدرس والسهر والتكرار مدة بالمدرسة، وحفظ عدة كتب وعرضها، وتنبه وتميز على أقرانه. وسمع في صغره من: ابن اللتي، وابن المقير، والسخاوي، وابن الصلاح. وأجاز له خلق من إصبهان، وبغداد، ومصر، والشام. وخرج له تقي الدين عبيد الحافظ معجماً حافلاً. وخرج له أبو الحجاج الحافظ أربعين متباينة الإسناد. وحدث بمصر ودمشق. وأجاز له عمر بن كرم، وأبو حفص السهروردي، ومحمود بن مندة، وهذه الطبقة. ولم أسمع منه، بل مشيت إليه، وشهد في إجازتي من الحاضرين بالقراءآت، وامتحنني في أشياء من القراءآت، وأعجبه جوابي وتبسم. وكان يحب أرباب الفضيلة ويكرمهم، ويلازم الاشتغال في كبره. ويصنف التصانيف. وكان على كثرة علومه من الأذكياء الموصوفين، ومن النظار المنصفين. يبحث بتؤدة وسكينة، ويفرح بالفقيه الذكي ويتألفه، وينوه باسمه. وكان حسن الأخلاق، حلو المجالسة، ديناً، متصوناً، صحيح الاعتقاد، مع كثرة نظره في الحكمة والعقليات. وقد صنف كتاباً في مجلد كبير يشتمل على عشرين فناً من العلم، وشرح ' الفصول ' لابن معط، ونظم ' علوم الحديث ' لابن الصلاح، و ' الفصيح ' لثعلب، و ' كفاية المتحفظ '. وقد شرح من أول ' ملخص ' القابسي خمسة عشر حدثنا في مجلد، فلو تم هذا الكتاب لكان يكون أكبر من ' التمهيد ' وأحسن. وله مدائح في النبي صلى الله عليه وسلم. وشعره جيد فصيح. وكان يحب الحديث وأهله ويقول: أنا من الطلبة. دوس وهو شاب بالدماغية، ثم ولي قضاء القدس قبل هولاكو وأيامه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 193 ثم انجفل إلى القاهرة فولي قضاء المحلة والبهنسا، ثم قدم الشام على قضاء حلب. ثم رجع وعاد إلى قضاء المحلة. ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية بعد الثمانين. ولي قضاء القاهرة والوجه البحري، اقتطع له من ولاية الوجيه البهنسي. وأقام البهنسي على قضاء مصر والوجه القبلي إلى أن توفي، فتولى موضعه تقي الدين عبد الرحمن ابن الأعز إلى أن نقل ابن الخوبي إلى الشام، ومات الخضر السنجاري، فجمع قضاء الديار المصرية لابن عبد الرحمن الأعز بكماله. ثم نقل إلى قضاء الشام عند موت القاضي بهاء الدين ابن الزكي. سمع منه: الفرضي، والمزي، والبرزالي، والختني، وعلاء الدين المقدسي، والشهاب بن النابلسي. روى ' صحيح البخاري ' بالإجازة نوبة عكا. وسمع منه خلق. وكان ربعة من الرجال، أسمر، مهيباً، كبير الوجه، فصيح العبارة، مستدير اللحية، قليل الشيب. توفي في بستان صيف فيه بالسهم يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان. وصلي عليه بالجامع المظفري بين الصلاتين، ودفن عند والده بتربته بالجبل. وقد سألت شيخنا المزي عنه، فقال: كان أحد الأئمة الفضلاء من عدة علوم. وكان حسن الخلق، كثير التواضع، شديد المحبة لأهل العلم والدين. وقد استوفى أخباره مجد الدين ابن الصيرفي في ' معجمه ' وقال: كان علامة وقته وفريد عصره. وأحد الأئمة الأعلام. وكان جامعاً لفنون من العلم كالتفسير، والأصلين، والفقه، والنحو، والخلاف، والمعاني، والبيان، والحساب، والفرائض، والهندسة، ذا فضل كامل، وعقل وافر، وذهن ثاقب، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 194 ومن شعره لما تخلف عن الركب بمكة ثم أصبح ولحق بهم: (إنّ كان قصدُك يُفضي إلى عَدَمي .......... فنظرةٌ منك لا تغلو بسفك دمي)
(يلذّ لي فيك ما يُرضيك من تَلَفي .......... وحُسن حالي من برئي ومن سقمي)
(كُنْ كيف شئتَ فما لي قطُّ عنك غِنى .......... أنت المحكّم في الحالات فاحتكمِ)
(كم شدّة فرّجت باللُّطف منك وقد .......... سألتك اللُّطْفَ في داجٍ من الظُّلَمِ) وذكر القصيدة. 186 - محمد بن أحمد بن عمر. الإمام، أبو عبد الله بن الدراج التلمساني، الأنصاري. نشأ بسبتة يتيماً، فكفله الغرفي صاحب سبتة. وكان أحسن أقرانه في زمانه. قرأ القراءآت على أبي الحسن ابن الحصار، والنحو على أبي الحسين بن أبي الربيع. وسمع ' البخاري ' من أبي يعقوب المجساني، عن ابن الزبيدي. قال لي أبو القاسم بن عمران: كان شيخنا ابن الدراج روضة معارف، متفنناً في العلوم. ولاه أمير المغرب أبو يعقوب المريني قضاء سلا. مات في رمضان في سنة ثلاث وتسعين كهلاً. 187 - محمد بن أحمد بن منوّر. ابن شيخنا، الصوفي. سمع يوسف الساوي. مات بمصر في ذي القعدة. 188 - محمد بن إسرائيل بن يوسف. شمس الدين الدمشقي، المعمار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 195 قال البرزالي: ثنا عن ابن اللتي. ومات في ذي القعدة. 189 - محمد بن شاهنشاه. الملك الأمجد بهرام شاه بن فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي، الملك الحافظ، غياث الدين. ولد بدمشق أو ببعلبك في سنة ست عشرة وستمائة، وسمع ' صحيح البخاري ' من ابن الزبيدي، وحدث به. وأجاز لي مروياته. وكان أميراً جليلاً، متميزاً، فاضلاً، نسخ الكثير بخطه المنسوب. وكان يتردد إلى أملاكه بجسرين، وخلف عدة أولاد، وتوفي في شعبان. 190 - محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر. إمام النحو، محيي الدين، أبو عبد الله الزناتي، الكملاني، المالكي، ويعرف بحافي رأسه. مولده سنة ست وستمائة بتاهرت بظاهر تلمسان. سمع من: أبي القاسم الصفراوي، وابن رواج، وجماعة. وتصدر للعربية زماناً. أخذ عنه تاج الدين الفاكهاني، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 196 توفي في رمضان بالإسكندرية، وتخرج به خلق كثير. أخذ هو النحو عن أبي محمد عبد المنعم بن صالح التيمي تلميذ ابن بري، وعن أبي زيد عبد الرحمن بن الزيات، تلميذ محمد بن قاسم بن قنداس، وابن قنداس من أصحاب الجزولي، وأبي ذر الخشني. وأخذ حافي رأسه أيضاً عن نحوي الثغر عبد العزيز بن مخلوف الإسكندراني الجراد. ولقب بحافي رأسه لحفرة في دماغه. وقيل: كان في رأسه شيء شبه ح. وقيل: لأنه كان أول أمره مكشوف الرأس. وقيل: لأنه رئس بالثغر فأعطاه ثياباً جدداً لبدنه، فقال هو: هذا لبدني ورأسي حافي. فأمر له بعمامة. فلزمه ذلك. ومن شعره: (ومعتقد أنّ الرئاسة في الكِبر .......... فأصبح مملوكاً بها وهو لا يدري)
(يجرّ ذيول العُجْب طالب رفعةِ .......... ألا فاعجبوا من طالب الرفْع بالجرِّ) 191 - محمد ابن الشيخ الزاهد العارف أبي عبد الله بن الشيخ القُدوة عبد الله بن الشيخ الكبير غانم بن علي. النابلسي، المقدسي، أبو عبد الله الشافعي. قدم دمشق، وتفقه مدة على الشيخ تاج الدين الفزاري. وأفتى ببلده مدة إلى حين وفاته. وكان إماماً صالحاً، زاهداً، قدوة، كبير القدر. له فقراء ومريدون، وأمره مطاع، وحرمته عظيمة، مع التواضع والمروءة والصفات الجميلة. وانتقل إلى رضوان الله في يوم الأحد الرابع عشر من ربيع الآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 197 192 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن سعيد. العنسي، أبو عبد الله السبتي. ولد سنة أربع وستمائة. قال ابن رشيد الحافظ: لا يوثق بقوله إلا أن يوجد شيء من روايته بخط غيره. مات في ربيع الآخر من العام عن تسع وثمانين سنة. أجاز لابن جابر التونسي. 193 - محمد بن عبد الحميد بن عبد الله بن خَلَف. المحدث، الإمام، الصالح، المفيد، نجم الدين، أبو بكر القرشي، المصري. أحد الطلبة المشهورين. سمع: النجيب عبد اللطيف وابن علاق، وابن عزون، وأصحاب البوصيري، فمن بعدهم. وبدمشق ابن عبد الدائم، وطبقته. ودخل اليمن، وجاور مدة. وكتب الكثير وحدث. عاش خمسين سنة. روى عنه قطب الدين في ' معجمه '. ومات في رجب بمكة. وهو أخو شيخنا محمد المؤدب. 194 - محمد بن عبد العزيز بن أبي عبد الله بن صدقة. شيخنا، شمس الدين، أبو عبد الله الدمياطي، ثم الدمشقي، المقرئ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 198 ولد في حدود العشرين وستمائة. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي، ولازم خدمته، وسمع منه. ومن: التاج بن أبي جعفر، وأبي الوفا عبد الملك بن الحنبلي، وغيرهم. وحفظ ' الرائية ' و ' الشاطبية '. وكان ذاكراً للقراءآت ذكراً حسناً، طويل الروح، حسن الأخلاق. وكنت أعرف صورته من الصغر، فلما انقطعت آمالنا من الفاضلي عرفت أنه قرأ على السخاوي، فأتيته إلى حلقته، وحدثته في أن يجلس للجماعة، فأجاب - وجلس لنا طرفي النهار بالكلاسة، فكملت عليه القراءآت أنا وابن نصحان الدمشقي، وابن غدير الواسطي. وأفرد عليه جماعة، وتوفي والشيخ شمس الدين الحنفي الزنجيلي يجمع عليه ولم يكمل. وسمع منه: ابن الخباز، والبرزالي، وابن سامة، وسليمان بن حمزة الجامي المقرئ، وجماعة. وكان شيخاً لطيف القد، قصيراً، أسمر، صغير اللحية، حسن البزة، له ملك ودراهم. أقرأ الجماعة احتساباً بلا معلوم ولا عوض، والله يسامحه ويثيبه. وحصل له عسر البول، ومات شهيداً. ولما أيس من نفسه نزل لي عن حلقة إقرائه، وهي من جملة الحلق السبعين. ونزل لسليمان عن السبع المجاهدي. وخلف ولداً من أبرع الناس خطاً، وأقلهم في الديانة حظاً. توفي في الحادي والعشرين من صفر، ودفناه بمقابر الصوفية. وقد رويت عنه في المجلد الأول من كتابنا. 195 - محمد بن عبد الملك بن عبد الحقّ بن عبد الوهّاب بن الشيخ أبي الفَرَج. أبو عبد الله بن أبي الوفا ابن الحنبلي، الدمشقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 199 روى عن أبيه ' الأربعين ' السلفية. وكان له دكان بالحريريين. توفي يوم عيد النحر. 196 - محمد بن عثمان بن أبي الرجاء. الوزير الكبير، الصاحب، الأثير، شمس الدين التنوخي، الدمشقي، التاجر، ابن السلعوس، وزير الملك الأشرف. كان في شبيبته يسافر في التجارة. وكان أشقر، سميناً، أبيض، معتدل القامة فصيح العبارة، حلو المنطق، وافر الهيبة والتؤدة، سديد الرأي، خليقاً للوزارة كامل الأدوات، تام الخبرة، زائد الحمق جداً، عظيم التيه والبأو. وكان جاراً للصاحب تقي الدين ابن البيع، فصاحبه ورأى منه الكفاءة، فأخذ له حسبة دمشق. ذهبت إليه مع الذهبيين ليحكم فيهم، فأذاقنا ذلاً وقهراً. ثم ذهب إلى مصر وتوكل للملك الأشرف في دولة أبيه فجرت عليه نكبة من السلطان، ثم شفع مخدومه فيه، فأطلق من الاعتقال. وحج إلى بيت الله، فتملك في غيبته مخدومه الملك الأشرف، وعين له الوزارة. وكان محباً فيه، معتمداً عليه، فعمل الوزارة في مستحقها. وكان إذا ركب تمشي الأمراء والكبار في خدمته. ودخل دمشق يوم قدومهم من عكا في دست عظيم وكبكبة من القضاة والمفتين والرؤساء والكتاب، فلم يتخلف أحد. وكان الشجاعي فمن دونه يقفون بين يديه، وجميع أمور المملكة منوطة به. وإذا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 200 ركب ركب في عدة مماليك ورؤساء وأمراء، ولا يكاد يرفع رأسه إلى أحد ولا يتكلم إلا الكلمة بعد الكلمة، قد قتله العجب، وأهلكه الكبر، فنعوذ بالله من مقت الله. وكان صحيح الإسلام، جيد العقيدة. فيه ديانة وسنة في الجملة. فارق السلطان كما ذكرنا، وسار إلى الإسكندرية في تحصيل الأموال، وفي خدمته مثل الأمير علم الدين الدواداري، فصادر متولي الثغر وعاقبه، فلم ينشب أن جاءه الخبر بقتل مخدومه، فركب لليلته منها هو وكاتبه الرئيس شرف الدين ابن القيسراني - وقال للوالي: افتح لي الباب حتى أخرج لزيارة القباري. ففتح له وسافر. وبلغني فيما بعد أن الوالي عرف الحال وشتم الوزير، ثم أخرجه في ذلة، صح - وجاء إلى المقس ليلاً، فنزل بزاوية شيخنا ابن الظاهري، ولم ينم معظم الليل. واستشار الشيخ في الاختفاء، فقال له: أنا قليل الخبرة بهذه الأمور. وأشير عليه بالاختفاء، فقوى نفسه وقال: هذا لا نفعله، ولو فعله عامل من عمالنا لكان قبيحاً. وقال: هم محتاجون إلي، وما أنا محتاج إليهم. ثم ركب بكرة ودخل في أبهة الوزارة إلى داره، فاستمر بها خمسة أيام، ثم طلب في اليوم السادس إلى القلعة، وأنزل إلى البلد ماشياً، فسلم من الغد إلى عدوه مشد الصحبة الأمير بهاء الدين قراقوش، سلمه إليه الشجاعي، فقيل إنه ضربه ألفاً ومائة مقرعة، ثم سلم إلى الأمير بدر الدين المسعودي مشد مصر يومئذ بسبعة آلاف دينار مودعة عند جماعة، فأخذت منهم؟ ثم مات من العقوبة في تاسع صفر، وقد أنتن جسمه، وقطع منه اللحم الميت قبل موته. نسأل الله العفو والعافية. ومات في عشر الخمسين أو أكثر. 197 - محمد بن محمد بن عقيل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 201 الأجل، فخر الدين ابن الصدر بهاء الدين ابن التنبي، الكاتب. روى عن: الشيخ الموفق بن قدامة، والعلم السخاوي. وكتب الخط المليح على طريقة ابن البواب. ولم يتفق لي السماع منه. وتوفي بالجاروخية في جمادى الأولى. وقد أقام بالمدرسة الضيائية لمدة أيام، ثم انتقل منها إلى الجاروخية. وكان قد كتب على الولي. وكان منعزلاً منقبضاً. 198 - محمد بن أبي طاهر بن عبد الوهاب. ويعرف بالدار القطبية، الشيخ بدر الدين أبو عبد الله الشيخي، الحلبي، الصوفي، المروزي الأصل. ويعرف بابن شحتان. توفي بخانكاه سعيد السعداء. وحدث عن يوسف بن خليل. ومات في ذي القعدة. 199 - موسى بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 202 تاج الدين. 200 - مؤنسة. الخانون، المعمرة، ابنة السلطان الملك العادل بن أبي بكر بن أيوب بن شاذي. آخر أولاد أبيها موتاً. روت بالإجازة عن: عفيفة الفارقانية، وعين الشمس الثقفية. سمع منها: ابن سيد الناس، وابن جندب، وأولاد ابن الظاهري، والطلبة. وتوفيت في الرابع والعشرين من ربيع الآخر بالقاهرة. وقد قاربت التسعين. وفي إجازتها عن عين الشمس تعميم لأن في الاستدعاء: وللموجودين من نسل أيوب بن شاذي. وكان مولدها سنة ثلاث وستمائة. - حرف النون - 201 - نَسَبُ بنت يوسف بن الأطالسيّ. روت بالإجازة عن أبي الحسن القطيعي، وغيره. وماتت بالقاهرة يوم موت بنت العادل أيضاً. قال علم الدين: قرأت عليها جزءاً خرجه لها سعد الدين بن الحارثي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 203
- حرف الياء - 202 - يعقوب بن إسماعيل بن عبد الله بن عمر. عز الدين ابن قاضي اليمن الدمشقي. ولد في سنة ست عشرة وستمائة. وحدث عن: ابن اللتي. ومات بحصن الأكراد في هذه السنة. 203 - يونس بن علي بن مرتفع بن أفتكين. الشيخ ركن الدين، أبو الفضائل الحميري، الدمشقي، المصري الأصل، الشافعي، مدرس المسرورية. صدر جليل متميز. روى عن: الناصح بن الحنبلي، وابن اللتي، ومكرم. وتوفي في شهر رجب. رأيته وحدثته مرة. وأجاز لي مروياته. وكان ينوب عن القضاة في مصالحة الحوائج، ونفذني أبي إليه في طلب جائحة بستان فقضى لنا. - الكنى - 204 - أبو القاسم بن حمّاد بن أبي بكر. الخطيب، المعمر، المقرئ، أبو الفضل الحضرمي، المهروي اللبيدي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 204 لازم القاضي يحيى بن محمد البرقي وانتفع به، وأخذ عنه القراءآت وغيرها. وأخذ عن: أبي القاسم بن علي بن البراء، وعبد الرحيم بن طلحة. قرأ عليه: أبو عبد الله الوادياشي، وسمع منه. كف بصره بآخرة، ومات في آخر العام. وكان مولده في أواخر سنة ستمائة وكان من علماء تونس، رحمه الله. وفيها وُلد: بدر الدين محمد بن يحيى بن الفويرة، والتوم: عماد الدين، وبهاء الدين بن محمد بن شيخنا شمس الدين محمد بن أبي الفتح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 205
سنة أربع وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 205 - أحمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد. الإمام، العلامة، أقضى القضاة، خطيب الشام، شرف الدين، أبو العباس. النابلسي، المقدسي، الشافعي، بقية الأعلام. كان إماماً، فقيهاً، محققاً، متقناً للمذهب والأصول والعربية والنظر، حاد الذهن، سريع الفهم، بديع الكتابة، إماماً في تحرير الخط المنسوب. درس بالشامية الكبرى، وناب في الحكم عن ابن الخويي، وكان من طبقته في الفضائل. وولي دار الحديث النورية. ثم ولي الخطابة. ثم مات حميداً، فقيداً، سعيداً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 206 ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، ظناً، بالقدس إذاتوكا خطيبها. وأجاز له الفتح بن عبد السلام. وأبو علي بن الجواليقي، وأبو حفص السهروردي، وأبو الفضل الداهري. وسمع من: السخاوي، وابن الصلاح، وعتيق السلماني، والتاج القرطبي، وطبقتهم. وكان له حلقة إشغال وفتوى عند باب الغزالية. تخرج به جماعة من الأئمة، وانتهت إليه رئاسة المذهب بعد الشيخ تاج الدين. وأذن لجماعة في الفتوى. وصنف كتاباً في أصول الفقه، جمع فيه بين طريقتي الفخر الرازي والسيف الآمدي. وكان متواضعاً، متنسكاً، كيس، حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، طويل الروح على التعليم. وكان ينشئ الخطب ويخطب بها. وتفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام بالقاهرة. وكان متين الديانة، حسن الاعتقاد، سلفي النحلة. ذكر لنا الشيخ تقي الدين بن تيمية أنه قال قبل موته بثلاثة أيام: اشهدوا أني على عقيدة أحمد بن حنبل. قرأت عليه أربعين حديثاً من مروياته. وتوفي في رمضان عن نيف وسبعين سنة. 206 - أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج بن أحمد بن سابور بن علي بن غنيمة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 207 الإمام، المقرئ، الواعظ، المفسر، الخطيب، شيخ المشائخ عز الدين، أبو العباس ابن الإمام الزاهد أبي محمد المصطفوي، الفاروثي، الواسطي، الشافعي، الصوفي. ولد بواسط في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة أربع عشرة وستمائة. وقرأ القراءات على والده وعلى: الحسين بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، عن أبي بكر ابن الباقلاني. وقدم بغداد سنة تسع وعشرين. وسمع من: عمر بن كرم الدينوري، والشيخ شهاب الدين عمر السهروردي، ولبس منه خرقة التصوف، وأبي الحسن القطيعي، وأبي علي الحسن بن الزبيدي، وأبي المنجى بن اللتي، وأبي صالح الجيلي، وأبي الفضائل عبد الرزاق بن سكينة، والأنجب بن أبي السعادات، وأبي الحسن ابن روزبة، والحسين بن علي ابن رئيس الرؤساء، وعلي ابن كبة، وأبي بكر بن بهروز، وسعيد بن ياسين، وأبي بكر بن الخازن، وأبي طالب بن القبيطي، وطائفة سواهم. وسمع بدمشق من: التقي إسماعيل بن أبي اليسر، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 208 وروى الكثير بالحرمين، والعراق، ودمشق. وسمع منه خلق كثير، منهم: أبو محمد البرزالي، فسمع منه بقراءته وقراءة غيره ' صحيح البخاري ' وكتابي عبد والدارمي، و ' جامع الترمذي '، و ' مسند الشافعي '، و ' معجم الطبراني '، و ' سنن ابن ماجة '، و ' المستنير ' لابن سوار، و ' المغازي ' لابن عقبة، و ' فضائل القرآن ' لأبي عبيد، ونحواً من ثمانين جزءاً به. ولبس منه الخرقة خلق. وقرأ عليه القراءآت جماعة، منهم: الشيخ جمال الدين إبراهيم البدوي، والشيخ أحمد الحراني، والشيخ شمس الدين الأعرج، وشمس الدين بن غدير. وكان فقيهاً، سلفياً، مفتياً، مدرساً، عارفاً بالقراءآت ووجوهها، وبعض عللها، خطيباً، واعظاً، زاهداً، عابداً، صوفياً، صاحب أوراد، وأخلاق وكرم وإيثار ومروءة وفتوة وتواضع، وعدم تكلف. له أصحاب ومريدون يقتدون بآدابه وينتفعون بصحبته في الدنيا والآخرة، ويسعهم بخلقه وسخائه وبسطه وحلمه وماله وجاهه. وكان كبير القدر، وافر الحرمة، له القبول التام من الخاص والعام. وله محبة في القلوب، ووقع في النفوس. قدم من الحجاز، بعد مجاورة مدة، سنة تسعين، فسمع من ابن البخاري، وابن الواسطي. وكان حسن القراءة للحديث، فولي مشيخة الحديث بالظاهرية والإعادة بالناصرية، وتدريس النجيبية. ثم ولي خطابة البلد بعد زين الدين ابن المرحل، فكان يخطب من غير تكلف ولا تلعثم. ويخرج من الجمعة وعليه السواد، فيمشي بها، ويشيع جنازة، أو يعود أحداً، ويعود إلى دار الخطابة. وله نوادر وسجع وحكايات حلوة في لبسه وخطابه وخطابته، وكان ظريفاً، حلو المجالسة، طيب الأخلاق. وكان الشجاعي نائب السلطنة قائلاً به، معظماً له. وكان هو يمشي إليه إلى دار السعادة. وكان بعض الزهاد ينكر ذلك عليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 209 ثم إنه عزل عن الخطابة بموفق الدين ابن حبيش الحموي، فتألم لذلك وترك الجهات، وأودع بعض كتبه، وكانت كثيرة جداً، وسار مع الركب الشامي سنة إحدى وتسعين فحج، وسار مع حجاج العراق إلى واسط. وكان لطيف الشكل، صغير العمامة، يتعانى الرداء على ظهره وكان قد انحنى وانتحل واندك من كثرة الجماع في الشيخوخة. وخلف من الكتب ألفين ومائتي مجلدة. توفي بواسط في بكرة يوم الأربعاء سنة أربع في مستهل ذي الحجة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب بعد سبعة أشهر. وسألت الشيخ علي الواسطي الزاهد عن نسبته المصطفوي، فقال: كان والده الشيخ محيي الدين الفاروثي يذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، ووافاه فلهذا كان يكتب المصطفوي. وحدثنا ابن مؤمن المقرئ أنه سمع الشيخ عز الدين لما قدم عليهم واسط وقيل له: كيف تركت الأرض المقدسة وجئت؟ فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لي: تحول إلى واسط لتموت بها وتدفن عند والدك. قال لي ابن مؤمن: وآخر درس علمه عمله بداره، فطلب إليه الفقهاء، وأنا حاضر، فبقي يلقي الكلمات من درسه ثم يغيب من قوة الضعف. وبقي يطلب إليه الفقهاء ويودعهم ويقول: قد عرض لنا سفر فاجعلونا في حل. وبقينا نعجب من سفره وقد كبر وضعف، فلما كان بعد ثلاثة أيام أو نحوها توفي إلى رحمة الله، وعد ذلك من كراماته. ثم حدثني ابن مؤمن قال: نا القدوة على الواسطي قال: قال لنا الشيخ قبل موته بنحو أسبوع: قد عزمت على السفر إلى شيراز في يوم كذا وأظنني في ذلك اليوم أموت. فاتفق موته في ذلك اليوم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 210 207 - أحمد ابن الزين إبراهيم بن أحمد بن عثمان ابن القواسّ. الدمشقي، العدل، شمس الدين. كان ثقة، خيراً حسن السمت. روى عن: الرشيد بن مسلمة. ومات في شعبان. 208 - أحمد بن عبد الله بن عبد المطلب. الدمشقي، الفقير، المعروف بالجازرو. روى عن: الشرف المرسي، والصدر البكري. حدث عنه: ابن الخباز، والبرزالي. وكان شيخاً صالحاً قانعاً باليسير، لازماً لمجالس الحديث. توفي في أواخر العام. 209 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 211 شيخ الحرم، محب الدين، أبو العباس الطبري، المكي، الشافعي، الفقيه، الزاهد، المحدث. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من: ابن المقير، وشعيب الزعفراني، وابن الجميزي، والمرسي، وعبد الرحمن بن أبي حرمي العطار، وجماعة. وتفقه ودرس وأفتى، وكان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز. صنف كتاباً كبيراً إلى الغاية في الأحكام رأيته في ست مجلدات، وتعب عليه مدة. ورحل إلى اليمن، وأسمعه للسلطان صاحب اليمن. روى عنه الدمياطي قصيدة من نظمه، وابن العطار، وابن الخباز، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في جمادى الآخرة. وهو والد قاضي مكة جمال الدين محمد، وجد قاضيها نجم الدين. 210 - أحمد بن عبد الله بن الحُسَيْن. الشيخ جمال الدين المحقق. فقيه، مدرس، مناظر، جيد المشاركة في الأصول والعربية. بارع في معرفة الطب. وكان معيداً في المدارس الكبار. وحدث عن الكمال ابن طلحة، وغيره. وله نوادر وحكايات، وفيه دهاء وذكاء. والله يسامحه وإيانا. توفي في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 212 وكان معيداً القيمرية، ومدرساً بالفرخشاهية، ومدرس الطب بالدخوارية، وطبيباً بالمارستان. ومات في معترك المنايا. 211 - أحمد بن عبد الرحمن ابن العز محمد ابن الحافظ عبد الغني. الفقيه الصالح عز الدين المقدسي الحنبلي. حدث عن: كريمة، والضياء محمد حضوراً. وتوفي في رمضان؟ وكانت أمه عائشة بنت المجد تبكي عليه وتدعو له. 212 - أحمد بن محمد بن عمر بن كِنْديّ. نجم الدين الشاهد. توفي بدمشق كهلاً. 213 - أحمد بن محمد بن صالح. شهاب الدين العرضي، الشاهد، إمام مسجد الرحبة. توفي في ربيع الأول، وقد شاخ، وأم بالمسجد بعده ابنه شمس الدين. 214 - إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن علي بن قريش. الإمام، المحدث، تاج الدين، أبو الطاهر القرشي، المخزومي، المصري، الشافعي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 213 من جلة الشيوخ وفضلائهم. طلب الحديث وسمع من: جعفر الهمداني، وابن المقير، وابن رواج، وطائفة. وحدث عنه: الدمياطي في ' معجمه '. وسمع منه المصريون والرحالة. وتوفي في الثامن والعشرين من رجب، وقد نيف على الثمانين. وكان صاحب عبادة وزهادة، رحمه الله. كتب ما لا يوصف حتى ' الصحيحين ' و ' المسند ' و ' المعجم ' للطبراني. 215 - إسماعيل بن هبة الله بن أبي غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة. الشيخ فخر الدين، أبو صالح العقيلي، الحلبي، ابن العديم بشيخ خانكاه القدم بحلب. ولد سنة سبع عشرة وستمائة. وروى عن: زين الأمناء، وسيف الدولة ابن غسان، وعبد الرحيم بن الطفيل، وغيرهم. وحدث بدمشق وغيرها. مات في ثالث عشر المحرم بحلب. وقد حج في صغره فسمع في الطريق. 216 - آمنة بنت المنتخب محمد ابن قاضي القضاة زكيّ الدّين بن الطاهر ابن قاضي القضاة محيي الدّين محمد بن الزكيّ القُرَشيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 214 حضرت جزءاً في الثالثة على عمة أبيها فاطمة بنت محيي الدين المذكور في سنة، أربع وثلاثين، قالت: أخبرتنا جدتي لأبي آمنة بنت محمد بن الران قالت: أنا جدي لأمي القاضي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي. وأجاز لها أيضاً القاضي شمس الدين ابن الشيرازي، وغيره. وتوفيت في رمضان. 217 - إبراهيم بن أبي بكر البغدادي، نزيل دمشق. سمع ابن قميرة ببغداد، واليلداني بدمشق. وتوفي في ربيع الآخر. - حرف الباء - 218 - بكتوت الأذرعي. الأمير الكبير بدر الدين. ولي شد دمشق في أيام الظاهر، وعزل في أيام السعيد. وولي شد الصحبة للملك المنصور. وهو الذي ضيق على قاضي القضاة وابن الصائغ كما مر. وكان ظالماً جباراً، لا يتبرطل ولا يتطبب. مات في ربيع الآخرة. 219 - بيليك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 215 فتى الأمير جمال الدين أيدغدي، العزيزي. يروي عن سبط السلفي. توفي في رجب. - حرف التاء - 220 - تمّام بن محمد بن إسماعيل. العدل، كمال الدين السلمي، الدمشقي، الحنفي، نقيب القاضي الحنفي. شيخ دين، خير، مسن. سمع: محمد بن غسان، وإبراهيم بن خليل. روى عنه: ابن الخباز، والطلبة. وسمعت منه. وتوفي في ذي القعدة. - حرف الجيم - 221 - جابر بن محمد بن قاسم بن حسّان. الإمام، أبو محمد الأندلسي، الوادي آشي، المقرئ، نزيل تونس. والد صاحبنا أبي عبد الله. مولده سنة عشر وستمائة ورحل سنة بضع وثلاثين فحج ودخل الشام والعراق، وقرأ لأبي عمرو على السخاوي، وسمع منه ' الشاطبية '. وسمع من: ابن القبيطي، وعز الدين عبد الرزاق المحدث. ورجع إلى الأندلس. ثم استوطن تونس قبل السبعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 216 سمع منه ولده جملة صالحة. وتوفي في ربيع الأول سنة أربع وتسعين، رحمه الله. - حرف الخاء - 222 - خاتون بنت الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب. التي أثبتوا عدم رشدها، وصادروا السامري بسببها. وكانت زوجة الملك المنصور محمود بن الصالح أبي الحبيش، وأم ولديه. توفيت في هذه السنة. - حرف الدال - 223 - داود بن علي بن محمد. العدل، عماد الدين اللخمي، ابن سبط الوراق. أحد الشهود. سمع من: ابن الجميزي. وحدث. ومات في ذي الحجة. - حرف السين - 224 - ستّ الأهل. بنت المولى الرئيس أمين الدّين عبد المحسن ابن حمود الحلبي، الكاتب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 217 روت بالإجازة شيئاً يسيراً عن أصحاب أبي الوقت. وتوفيت في صفر بدمشق. وهي والدة العدل شرف الدين ابن الصابوني. 225 - سليمان بن محمد بن عبد الحق بن خلف. صدر الدين الحنبلي، الشاهد، أخو الشيخ عز الدين بن عبد العزيز بن عبد الحق. روى عن جعفر الهمداني. سمع منه غير واحد، وكان من شهود العقيبة. توفي في صفر. 226 - سونج بن محمَّد بن سونج بن عمر بن إبراهيم. أبو علي التركماني، الدمشقي، الفقير. سمع ' الصحيح ' من ابن الزبيدي، وسمع الصحاح الأخر من المشايخ الاثني عشر ابن الصلاح، والسخاوي، وغيرهما. وكان فقيراً نظيفاً، له شعر محلول، وفيه دين. سمعت منه بالنيرب وجامع دمشق. وتوفي في شوال عن أربع وسبعين سنة. - حرف الشين - 227 - شمس الدين الكردي. الشافعي، الأقطع. قاضي غزة. توفي في رجب، وولي الحكم بعده تقي الدين حرمي الخليلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 218 228 - شريف بن يوسف بن مكتوم. شرف الدين الزرعي، التاجر، أخو أحمد وعثمان. رووا عن ابن اللتي. وتوفي هذا في صفر. يوصف بصلاح. - حرف الظاء - 229 - ظافر بن أبي غانم بن سيف. شهاب الدين الأرفادي، الشاعر. روى عن: الرشيد بن مسلمة. كتب عنه من القدماء الأبيوردي، ومن المتأخرين البرزالي وطبقته. ومات في المحرم بمصر. مولده سنة سبع وعشرين، ولقبه فتح الدين. وسمع من: عثمان بن مكي الشارعي، وإسماعيل بن صارم. وله أبيات ورحلة إلى دمشق. - حرف العين - 230 - عبد الرحمن بن يوسف بن محمد. شمس الدين، ابن الشيخ مجد الدين ابن المهتار الدمشقي، نقيب القاضي عز الدين ابن الصائغ، وأمين سكة الحكم. سمع من: مكي بن علان، والرشيد العراقي، وطائفة. ومات في المحرم وله أربع وخمسون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 219 231 - عبد الرحمن بن موسى بن عبد الرحمن بن موسى. جلال الدين أبو القاسم. سمع من: ابن عماد، وابن شداد، وابن باقا، وطائفة. سمع منه: حبيب. ولم أعرف وفاته. 232 - عبد الصّمد ابن القاضي الخطيب عماد الدّين عبد الكريم ابن القاضي جمال الدّين بن أبي القاسم ابن الحرَسَتانيّ. الأنصاري، الزاهد، العالم، أبو القاسم، جمال الدين. ولد سنة تسع عشرة وستمائة. وسمع من: زين الأمناء، وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن باسويه الواسطي، وجماعة. وكان فقيراً، صالحاً، خيراً، فارغاً عن الدنيا، قانعاً باليسير، فيه وله، وبله، وله حال وكشف، يمشي ويحدث نفسه. وللناس فيه عقيدة. وكان على ذهنه أشياء مفيدة. وكان الشيخ زين الدين الفارقي يتغالى فيه. وذكر عنه غير مرة كرامة منها أنه أخبره بكسرة التتار سنة ثمانين قبل وقوعها. سمعت منه أنا، والمزي، والبرزالي، وأحمد بن النابلسي، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. وقد سمع بمصر من عبد الرحيم بن الطفيل أيضاً. وناب في الإمامة بالجامع عن والده، وحضر المدارس. ثم فرغ عن هذه الأشياء. 233 - عبد الجبّار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 220 جمال الدين، قاضي القضاة ببغداد بعد قضاء البصرة. ولي سنة وتعلل. رجع إلى البصرة فمات بها. وكان قد عزل قاضي بغداد عز الدين أحمد بن الزنجاني عنها بهذا لأجل ضرره. 234 - عبد الكافي ابن شيخنا شمس الدّين عبد الواسع بن عبد الكافي. الأبهري، ثم الدمشقي، الصوفي، محيي الدين. روى عن: التاج بن أبي جعفر، وتقي الدين ابن الصلاح. ومات بحلب في ذي القعدة. سمع منه البرزالي. وكان شاهداً. 235 - عبد الوليّ بن عبد الرحمن بن رافع. الشيخ الزاهد، أبو نصر اليونيني. خطيب يونين. شيخ صالح، زاهد، فقيه حنبلي، من أصحاب الشيخ إبراهيم البطائحي. سمع من: ابن اللتي، وابن صباح، وأبي القاسم بن رواحة. وكان حسن الصوت، حسن العيش. فيه فقر وتعفف، وترك للخلف. تفقه بالمسمارية مدة، وولي خطابة يونين نيفاً وأربعين سنة، وبها توفي في رمضان. سمعت منه. 236 - عبد المحمود بن إلياس. البزاز، عتيق الأسعد الباذنيني. شيخ صالح سمع من نصر بن عبد الرزاق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 221 مات ببغداد في جمادى الأولى. 237 - عبد الوهّاب بن أحمد بن سحنون. الخطيب، الطبيب، البارع، مجد الدين خطيب النيرب. روى عن: خطيب مردا. وله شعر وأدب وفضائل. توفي في شوال. وكان من فضلاء الحنفية. درس بالمدرسة الدماغية. وعاش خمساً وسبعين سنة. وكان طبيب مارستان الجبل. 238 - عزّ الدّين ابن عزّ الدّين. القيمري، الأمير. أحد أمراء دمشق. حج بالناس في سنة ثلاث وثمانين. وكان فيه عقل وجودة. توفي في صفر. 239 - عثمان بن أحمد بن منصور بن شخيّان. الخراساني. من صوفية القاهرة. روى عن الساوي، والسبط. [مات] يوم عرفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 222 240 - عسّاف ابن الأمير أحمد بن حجيّ. زعيم آل مري. أعرابي شريف، مطاع. وهو الذي حمى النصراني الذي سب، فدافع عنه بكل ممكن. وكان هذا النصراني لعنه الله بالسويداء وقع منه تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم، فطلع الشيخان زين الدين الفارقي، وتقي الدين ابن تيمية في جمع كبير من الصلحاء والعامة إلى النائب عز الدين أيبك الحموي، وكلماه في أمر الملعون، فأجاب إلى إحضاره وخرجوا، فرأى الناس عساف، فكلموه في أمره، وكان معه بدوي، فقال: إنه خير منكم. فرجمته الخلق بالحجارة. وهرب عساف، فبلغ ذلك نائب السلطنة، فغضب لافتتان العوام. وإلا فهو مسلم يحب الله ورسوله، ولكن ثارت نفسه السبعية التركية، وطلب الشيخين، فأخرق بهما، وضربا بين يديه، وحبسا بالعذراوية، وضرب جماعة من العامة، وحبس منهم ستة، وضرب أيضاً والي البلد جماعة، وعلق جماعة. ثم سعى نائب السلطنة كما لقن في إثبات العداوة بين النصراني وبين الذين شهدوا عليه من السويدا ليخلصه بذلك. وبلغ النصراني الواقعة فأسلم، وعقد النائب مجلساً، فأحضر القاضي ابن الخويي وجماعة من الشافعية، واستفتاهم في حقن دمه بعد الإسلام، فقالوا: مذهبنا أن الإسلام يحقن دمه. وأحضر الشيخ زين الدين الفارقي، فوافقهم، فأطلق. ثم أحضر الشيخ تقي الدين، فطيب خاطره، وأطلقه والجماعة بعد أن اعتقلوه عدة أيام ثم أحضر النصراني إلى دمشق فحبس، وقام الأعسر المشد في تخليصه، فأطلق وشق ذلك على المسلمين. وأما عساف فقتله بقرب المدينة النبوية في ربيع الأول من هذه السنة ابن أخيه جماز بن سليمان، وفرح الناس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 223 وكانت القصة في رجب سنة ثلاث وتسعين، وحينئذ صنف شيخنا ابن تيمية كتاب ' الصارم المسلول على شاتم الرسول '، وهو مجلد. 241 - علي ابن قاضي القضاة زكيّ الدين الطّاهر ابن قاضي القُضاة محيي الدين محمد بن الزّكيّ. القرشي، الدمشقي، الشافعي، الشيخ، قطب الدين. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. قال علم الدين: روى لنا عن علي بن حجاج البتلهي، ومحمد بن طرخان الصالحي. وتوفي في الخامس والعشرين من شعبان، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون. 242 - علي بن عثمان بن يحيى بن أحمد. الشيخ الصالح، أبو الحسن اللمتوني الصنهاجي، المغربي، ثم الدمشقي، الشوا، ثم أمين القضاة على السجن. ولد في سنة ثلاثين وعشرين وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي. والفخر الإربلي، ومكرم بن باسويه، وابن غسان، وأبي نصر بن عساكر، والمسلم المازني، وطائفة. وروى الكثير. وكان إنساناً مباركاً، قرأت عليه عدة أجزاء. توفي في سادس عشر ذي القعدة. وهو أخو إبراهيم بن عثمان. 243 - علي بن محمد بن عُبيد الله بن بهرام. الحاجب الأوحد، شمس الدين الخالدي، البغدادي، ابن مشرف العرض. كان أبوه مشرف عرض الجيوش في دولة المستعصم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 224 ولد علي في رمضان سنة عشر وستمائة. وسمع ' البخاري ' على ابن القطيعي، وسمع ' مشارق الأنوار ' على الصنعاني. أجاز للبرزالي. مات في ثالث جمادى الآخرة ببغداد. 244 - علاء الدين التُّركيّ. الضرير. شيخ، صالح، زاهد، له زاوية بالمزة. توفي في ربيع الأول. وخلفه في الزاوية عتيقة الشيخ بدر الدين لولو. 245 - عمر ابن الأمير أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن عمر. الهنتاتي، المستنصر بالله المؤيد به، أبو حفص، سلطان إفريقية، وابن سلطانها، وأخو سلطانها إبراهيم. تملكها بتونس، وقتل الدعي الذي عليها، الذي ذكرناه في سنة ثلاث وثمانين. مات في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة أربع. وكان حسن السيرة، فيه خير ونهضة وكفاءة ودين. عهد بالملك إلى ولده عبد الله، فلما احتضر أشار عليه الشيخ أبو محمد المرجاني بأن يخلعه لصغر سنه، فقبل منه وخلعه، وقال فلمن أولي؟ فأشار عليه بولد الواثق، وهو محمد بن يحيى بن محمد الملقب بأبي عصيدة الذي توفي سنة تسع وسبعمائة، فولاه الأمر بعده. 246 - عيسى.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 225 الأمير شرف الدين ابن الجناحي. ناب في الشد عن الأمير علم الدين الدواداري، وزار القدس فتوفي به في ذي الحجة، ولم يتكهل. - حرف الفاء - 247 - فخر الدين. الخلخالي، الصوفي، الزاهد. إمام عارف، كبير القدر. توفي بالسميساطية في ربيع الأول. - حرف الكاف - 248 - كيختو بن هلاكو بن تولي. المغلي، سلطان الشرق. ملكوه بعد موت أرغون في ربيع الأول سنة تسعين وأقام بالروم مدة. كاتبته الأمراء، فسار وجلس على التخت، وأمر بقتل جماعة، واستناب على البلاد. واختلف الجيش عليه، ومالت فرقة إلى ابن أخيه بايدو، وملكوه واستولى على العراق وغيرها، فسار لحربه كيختو، وعمل مصافاً، فقتل كيختو. ويقال: بل قبض الأمراء على كيختو، وطلبوا بايدو، فأقبل وتملك. وقتل كيختو وله نحو من ثلاثين سنة. وذلك في سنة أربع وتسعين. وكان بايدو من كبار دولة كيختو فبعثه إلى العراق وليوقع بالأعراب الحرامية، فما قدر عليهم، بل نهب السواد، وسبى الذرية، وأسر جنده الفلاحين، وعمل كل قبيح ورجع. فغضب عليه كيختو وحبسه ثلاثة أيام وأطلقه، فخرج مضمراً للشر. وكان كيختو له ميل إلى المسلمين، ويحب الفقراء
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 226
- حرف الميم - 249 - محمد بن أحمد بن عبد الله. المفتي، جمال الدين، ابن الشيخ الإمام محب الدين الطبري، قاضي مكة. روى عن: ابن الجميزي. وكان متقناً للفقه والعربية. أصابه فالج مدة ؛ ومات في ذي القعدة أو قبلها بعد أبيه بيسير أو قبله. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار. وأجاز لنا مروياته. وعاش ثمانياً وخمسين سنة. توفي في ذي القعدة، وله شعر. وهو والد القاضي نجم الدين. 250 - محمد بن إبراهيم بن أبي الفَرَج. أبو عبد الله الحميري، الدمشقي، المقدسي الأصل، القواس. سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي، والهمداني. ومات في صفر. فاتني السماع منه. 251 - محمد بن أحمد بن منوّر بن شخيان. الصوفي، أخو علي من مشيخة ابن حبيب. توفي يوم عرفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 227 روى عن السبط، وغيره. 252 - محمد بن إسماعيل بن مرّي بن ربيعة. الشيخ شرف الدين ابن حليمة المقدسي، الصالحي، الحنبلي. له سماع من: المؤتمن بن قميرة، وغيره، وجماعة. ولم يحدث فيما أعلم. ومات في رجب. 253 - محمد بن علي بن منصور بن محمود. العماد المقدسي الصالحي، القصاع. سمع من: جعفر الهمداني. وحضر على الإربلي. ومات في ثامن صفر. 254 - محمد بن عمار. الرهاوي، الواعظ في الأعزية. شيخ فاضل، شيعي، على ذهنه أشياء مفيدة، وعلى كلامه رونق. توفي في ربيع الأول بدمشق. 255 - محمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 228 المولى الصاحب، العالم البارع، جمال الدين، أبو غانم ابن الصاحب العلامة كمال الدين ابن العديم العقيلي، الحلبي، الحنفي، الكاتب. حضر على الحافظ أبي عبد الله البرزالي. وسمع من: ابن رواحة، وابن قميرة، وابن خليل، وجماعة بحلب. ورحل به والده قبل الخمسين مع الدمياطي إلى بغداد، وأسمعه من شيوخ بغداد. وطلع من أذكياء العالم، وتفقه وتأدب. وشارك في الفضائل. وبرع في كتابة الخط المنسوب. وسكن حماة. وحدث بها. وكان من سروات بني العديم. توفي بحماة في حادي عشر ذي الحجة. وكانت له جنازة مشهودة، مشى فيها السلطان الملك المظفر فمن دونه، ودفن بتربته بعقبة نقيرين. وهو والد قاضي القضاة نجم الدين عمر، أيده الله. وكان بارعاً في الفرائض وفي علم الهندسة. 256 - محمد بن العماد محمد بن العزيز محمد ابن الإمام العلاّمة البليغ عماد الدين الإصبهانيّ، الكاتب. هو الإمام الفاضل، شمس الدين الشافعي، الدمشقي. ولد الشيخ شرف الدين، والمولى عز الدين. كان فقيهاً، إماماً، عارفاً بالمذهب. درس وأعاد وأفاد. وحدث عن ابن المقير، وابن رواحة. وتوفي بجبل قاسيون بمنزله في صفر، رحمه الله. وقيل: توفي سنة خمس، فيحرر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 229 257 - محمد بن محمد بن سالم بن يوسف بن صاعد بن السَّلْم القاضي الجليل، جمال الدين، ابن القاضي نجم الدين، سفير الدولة ابن قاضي القضاة شمس الدين القرشي، النابلسي، الشافعي، قاضي نابلس وابن قاضيها. إمام جليل، متميز، فاضل، رئيس. ولد سنة عشرين وستمائة. وسمع بالقدس من أبي علي الأوقي ' مشيخة الفسوي '، وغيرها. وكان قاضي نابلس مدة، وأضيف إليه في آخر عمره قضاء القدس. سمعت منه بقراءة الشيخ علي الموصلي، وأبي الحجاج المزي لما قدم علينا في سنة ثلاث وتسعين بدار الحديث النورية. توفي في عاشر ربيع الآخر. 258 - محمد بن محمد بن محمد بن عبد العظيم بن عبد اللّطيف. الإمام، زين الدين التنوخي، المعروف بالزين المعري. نشأ بحلب وتفقه بها، وانتقل إلى القاهرة. وكان فقيهاً بارعاً، متفنناً مجموع الفضائل. أضرّ في آخر عمره. وحدث عن: إبراهيم بن خليل. ومات في سلخ المحرم بمصر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 230 259 - محمد بن نجيب الدين محاسن بن الحسن. السلمي، الدمشقي. أجاز له عمر بن كرم، وعبد السلام الداهري، وجماعة. وتوفي في صفر. 260 - محمد بن نصر بن تروس بن قسطة. الشيخ الأجل، شمس الدين الدمشقي. سمع من: الإربلي، وابن المقير. وأجاز له أبو الحسن القطيعي، وجماعة. وحدث. وتوفي في غرة شعبان. 261 - محمد الشّاب. أمين الدين، ولد الرئيس مجد الدين يوسف بن محمد القباقبيّ، الأنصاري، الدمشقي الكاتب بديوان الجيش. وكان مليح الصورة، لطيف الشمائل، عاقلاً. عاش ستاً وعشرين سنة، وفجع به أبوه، ورثاه صاحبنا الإمام نجم الدين علي بن داود القرشي بقصيدة أولها. (إسعدي يا حمام قلباً عميدا .......... لدروس الفراق أضحى مُعيدا) توفي في ثامن عشر ذي الحجة. 262 - محفوظ بن عمر بن أبي بكر بن خليفة. الشيخ تقي الدين، أبو الخطاب البغدادي، القطفتي، الحنبلي، التاجر، المعروف بابن الحامض.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 231 ولد ببغداد سنة أربع عشرة تقريباً. حدث عن: أبي الفضل عبد السلام الداهري، وأبي علي الحسن بن الزبيدي، وابن اللتي، وخليل الجوسقي. وتوفي يوم الجعة يوم النحر بمصر. كتب عنه المصريون. وتفرد بعدة أجزاء. 263 - محفوظ بن معتوق بن أبي بكر بن عمر. الصدر، الرئيس، المؤرخ، الأديب، عز الدين، أبو بكر ابن البزوري، البغدادي، التاجر، الشافعي. مولده بعد سنة ثلاثين بيسير. سمع من: أبي طالب العبيطي، وعبد الرحمن بن عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وغيرهما. وحدث بدمشق، وسمعنا منه. وكان شيخاً محتشماً، جليلاً، وسيماً، مهيباً، حسن الصورة رفيع البزة. من كبار التجار وأولي الثروة وأرباب العدالة والمروءة. له مشاركة حسنة في العلم، وصنف ' تاريخاً ' كبيراً ذيل به على ' المنتظم ' لابن الجوزي، رأيت منه ثلاث مجلدات سلمت في خزانته التي بتربته بسفح قاسيون، وكان فيها جملة مفيدة. وكان يحضر مجالس وعظ ابنه الشيخ الواعظ العلامة نجم الدين معتوق بجامع دمشق. وكان قد غاب سنين متطاولة في التجارة ودخل إلى الهند وإلى الصين. فاتفق أنه حج سنة بضع وثمانين، وحج ابنه، فالتقيا بالموقف، فلم يكد يعرف أحدهما الآخر من طول الغيبة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 232 توفي شيخنا في ثامن صفر ودفن بتربته. أخبرنا أبو بكر محفوظ، أنا أبو طالب عبد اللطيف، أنا أبو المعالي الباجسرائي، أنا أبو منصور الزاهد، أنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد، أنا أبو علي الصواف، أنا بشر بن موسى، أنا أبو بكر الحميدي، ثنا سفيان، ثنا الزهري، أخبرني الربيع بن سبرة، عن أبيه قال: ' نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة عام خيبر '. 264 - محمود بن محمد بن صدّيق. أبو الثناء التبريزي، الحداد، بدار الحجارة. شيخ صالح مبارك. كان سكن ببرزة. وولد بتبريز سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من: ابن المقير، والتاج القرطبي، ويوسف بن خليل. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ومات بالجبل بالمارستان القيمري. 265 - مجاهد الدين ابن شهوان. أحد أمراء الحلقة الدمشقية. توفي في صفر كهلاً. وهو والد الأمير العالم ناصر الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 233 266 - مظفَّر بن الطّرّاح. الصاحب فخر الدين، متولي واسط ؛ صدر معظم، مهيب، وافر السطوة والناموس. مهد البلاد وعمرها. وخافته الذعار. وولي عدة ولايات، وله نظم وأدب. عاش نحواً من ستين سنة. وقدم أخوه قوام الدين إلى دمشق. عذب فخر الدين وقتل، رحمه الله. 267 - مقرَّب بن عبد الرحمن بن مقرَّب بن عبد الكريم الكِنْديّ. الإسكندراني، البزاز، ويسمى أيضاً محمداً. سمع: محمد بن عماد، وابن الصفراوي، وعدداً من أصحاب السلفي باعتناء أبيه الحافظ أسعد الدين. وسكن في آخر عمره مصر وحدث بها. كتب إليّ بالإجازة، وثنا عنه عمر بن حبيب. وتوفي في آخر العام، وأظنه جاوز السبعين. 268 - موسى بن أبي الفتح، بن أبي بكر بن جراح. الشيخ نجم الدين الكناني، العسقلاني، ثم النابلسي. ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع بدمشق من: جعفر الهمذاني، وأحمد بن سلامة الحراني. وببغداد من: أبي بكر بن الخازن، وعلي بن معالي، وغيرهما. سمع منه: ابن الخباز، والفرضي، والمزي، والبرزالي. وتوفي بنابلس فيما أحسب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 234 269 - موفَّق الدين مساعد. الشافعي، الفقيه، أحد الأئمة. أعاد بالبادرائية مدة. ثم ولي تدريسها فلم يتم ذلك وعزل، فانتقل إلى حماة وأشغل. وكان ذا زهد وانقطاع وتقشف. توفي في ذي القعدة، رحمه الله. - حرف الياء - 270 - ياقوت المسعوديّ. الخادم الطواشي، افتخار الدين، مشد دار الطراز بالقاهرة. حدث عن فخر القضاة أحمد بن الحباب. ومات في ذي الحجة. 271 - يوسف بن علي بن مهاجر. الصدر الكبير، جمال الدين التكريتي، التاجر، البيع. أخو الصاحب تقي الدين توبة. شيخ جليل ذو حرمة وهيبة. ولي حسبة دمشق مديدة. وتوفي في ليلة الجمعة ثامن رمضان. وهو والد صاحبنا الأمير الآجل علاء الدين وأخيه. 272 - يوسف بن عمر بن علي بن رسول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 235 السلطان، الملك، المظفر، شمس الدين، والد السلطان الملك المنصور نور الدين، صاحب اليمن وابن صاحبها. قتل أبوه سنة ست وأربعين، فقام بالأمر هو، وتملك بعده ولده الملك الأشرف ممهد الدين، فما أسنى، وتملك بعده الملك المؤيد هزبر الدين صاحب اليمن الآن ابن الملك المظفر صاحب الترجمة. وكان نور الدين عمر مقدم جيوش الملك المسعود أقسيس صاحب اليمن ولد السلطان الملك الكامل صاحب مصر. فلما مات أقسيس بمكة غلب نور الدين على الملك وأطاعته الأمراء، وتملك اليمن نيفاً وعشرين سنة. ثم تملك بعده المظفر، فامتدت أيامه، وبقي في الملك سبعاً وأربعين سنة وأشهراً. وتوفي في رجب بقلعة تعز وقد نيف على الثمانين. وكان ملكاً هماماً، سمحاً، جواداً، عفيفاً عن أموال الرعية، كافاً لجنده عن الأذية. وكان مقصداً للوافدين، مؤئلاً للقاصدين. حكي لنا أنه جمع لنفسه جزءاً فيه أربعون حديثاً بأسانيد في الترغيب والترهيب، وله مسموعات من مشايخ اليمن بنزول. وقد حج سنة تسع وخمسين. وضبط القاضي تاج الدين عبد الباقي اليمني عمره أربعاً وسبعين سنة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 236 وثمانية أشهر وعشرة أيام. قال: ومدة ملكه ست وأربعون سنة وعشرة أشهر وأحد عشر يوماً. وخلف من الأولاد: الأشرف عمر، والمنصور أيوب، والمؤيد داود، والواثق إبراهيم، والمسعودي. 273 - يوسف بن أبي محمد بن أبي الفتوح. الشيخ، المقرئ تقي الدين، أبو الحجاج المقدسي، ثم المصري. شيخ مسن فاضل. ولد سنة أربع وستمائة. ولو سمع في صغره لكان من كبار المسندين، قرأ القراءآت على الرشيد عبد الظاهر بن نشوان. وحدث عن: أبي الحسن بن الجميزي. سمع منه: شيخنا ابن تيمية، والبرزالي، وجماعة. وسكن بالعزيزية مدة، ثم سكن جبل الصالحية. وأم بالرباط الناصري. ثم عزل في الآخر لضرره وصممه وضعفه. وكان كثير التلاوة، عالي الإسناد في القراءآت. وما علمت أحداً قرأ عليه. وهو والد شيخنا محيي الدين محمد. توفي في سادس ذي الحجة. وبقي ابنه الآخر إلى سنة بضع وثلاثين وسبعمائة بمصر. وتفرد بإجازة ابن رواج، وغيره. - الكنى - 274 - أبو بكر بن إلياس بن محمد بن سعيد بن محمد بن هارون. الفقيه، المعمر، الصالح، عز الدين الحميدي، الكردي، الرسعني، الحنبلي. روى عن: الفخر ابن تيمية، والمجد القزويني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 237 سمع منه: البرزالي، وابن سيد الناس، وابن حبيب، وجماعة. وكان فقيهاً بالقاهرة بالمدرسة الصالحية، وساكناً بمسجد في الشارع. فيه دين وورع، وتوفي في السنة قبل رجب. 275 - أبو بكر محمد بن عبّاس بن أبي المكارم. الصدر الكبير، نجم الدين التميمي، الجوهري. شيخ كبير، مسن، محتشم، كثير الأموال، بارز العدالة. توفي في سابع عشر شوال، ودفن بالتربة التي أنشأها بمدرسته إلى جانب داره، وخلف أولاداً. 276 - أبو بكر بن محمد بن ميمون. القاضي بدر الدين السوسي، المالكي. تقنطر به فرسه بناحية صيدا، فمات في شوال. من أعيان الفقهاء. ناب بدمشق ودرس، وله سماع من ابن عبد الدائم. 277 - أبو الرجال بن مرّي بن بُحْتُر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 238 المنيني، الزاهد. شيخ صالح، زاهد، عابد، قانت، فقيه، صادق، صاحب حال وكشف. وكان قد اشتهر ذكره وبعد صيته، وطلع الناس إلى زيارته والتبرك وصار من أعيان شيوخ الوقت. وكان خيراً، متواضعاً، فارغاً من التكليف، عديم التصنع. لم تتفق لنا زيارته، رحمه الله، وقد زرت قبره، وهو مدفون إلى جانب شيخه الشيخ جندل. توفي يوم الثلاثاء عاشر المحرم بمنين، وطلع خلق كثير من البلد لشهود جنازته، وعاش ثمانين سنة أو أكثر. وكان سماعاتياً. 278 - أبو الفهم بن أحمد بن أبي الفهم بن يحيى بن إبراهيم. السلمي، الدمشقي. سماه بعض الطلبة تماماً. وكان شيخاً عاقلاً، ساكناً، فقير الحال، قانعاً، رث الهيئة. ولد في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وستمائة. وسمع من: جده لأمه إسماعيل بن إبراهيم بن علي الدمشقي، والشيخ الموفق، وابن صباح، وكريمة القرشية، وغيرهم. وسمع بمصر من: عبد الوهاب بن رواج. وحدث بالقاهرة ودمشق. سمعت منه أنا وابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وابن المظفر النابلسي، وعبد الرحمن بن المزي، وفنا بن كيكلدي، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 239 وكان يعرف بابن النميس، ويسكن بنواحي باب توما. توفي في أحد الربيعين. وفيها وُلد: الفقيه المحدث صلاح الدين خليل بن كيكلدي بن العلائي، والفقيه جمال الدين محمد بن شيخنا كمال الدين الشريشي، والإمام بهاء الدين عبد الله بن محمد بن خليل القرشي، والإمام عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والتاج أحمد بن يحيى بن محمد بن السكاكري، الشروطي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 240
سنة خمس وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 279 - أحمد بن إبراهيم بن حيدرة بن عالي. القاضي الأجل، علم الدين ابن القماح القرشي، المصري. توفي في ربيع الآخر عن خمس وستين سنة. سمع: المرسي، وطائفة. 280 - أحمد بن جبريل بن مَرزْا بن عيسى. أبو العباس الهذباني، الإربلي، المقرئ. روى عن: إبراهيم بن الخير. وسمع بدمشق ومصر. وكان صالحاً، كثير التلاوة تلقن بالمقس. وتوفي في ربيع الأول. 281 - أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن محمود.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 241 العلامة البارع، بقية المشايخ، مسند الوقت، نجم الدين أبو عبد الله الحراني، الحنبلي: شيخ الحنابلة، ومصنف ' الرعاية ' في الفقه. ولد في عاشر رمضان سنة ثلاث وستمائة بحران. وسمع من الحافظ عبد القادر خمسة عشر جزءاً، ومن الشيخ فخر الدين ابن تيمية، وابن روزبه، وأبي علي الأوقي، وابن صباح، وابن غسان، وجماعة. وتفقه وبرع في المذهب ودرس وأفتى وناظر. وكان من كبار أصحاب الشيخ المجد. وصنف ' الرعاية الكبرى ' و ' الرعاية الصغرى ' وحشاهما بالروايات الغريبة التي لا تكاد توجد في الكتب، لكثرة اطلاعه وتبحره في المذهب. وكانت له يد طولى في الأصول، والخلاف، والجبر، والمقابلة. وله قصيدة طويلة في السنة. وسكن بالقاهرة ودرس بها وأشغل. وكنت أتحسر على لقيه. وأجاز لي مروياته. وكان أبوه من فقهاء حران. روى عنهما الدمياطي في ' معجمه '. وروى عن شيخنا خلق منهم: القاضي سعد الدين الحارثي، وولده، وجمال الدين المزي، وعلم الدين البرزالي، وزين الدين ابن حبيب، وفتح الدين ابن سيد الناس، وقطب الدين عبد الكريم، وشمس الدين ابن شامة. وكان متواضعاً، مطرحاً للتكلف، ديناً، ثقة. انتفع به المصريون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 242 وتوفي في سادس صفر. 282 - أحمد بن عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الكريم. شهاب الدين، الصعيدي، المؤدب، أبو العباس. أحد شيوخ الإسكندرية. ولد في صفر سنة اثنتي عشرة وستمائة بالإسكندرية. وقرأ القراءآت على أبي القاسم بن عيسى. وسمع على أبي القاسم بن الصفراوي، وأبي الفضل الهمداني. وسمع الكثير، وعني بالحديث. وكان شيخاً صالحاً، خيراً، ورعاً، له مسجد يؤم به ويؤدب فيه. وكان من بقايا الشيوخ. سمع منه الرحالة. وتوفي في أوائل السنة. وقرأ أيضاً على الصفراوي، وكان شديد الوسواس. مات في جمادى الأولى. 283 - أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن حمزة. صدر الدين الحارثي، المالكي. ولد سنة ثمان عشرة وستمائة. وسمع من: محمد بن عماد، والصفراوي. ومات في أوائل السنة. قاله محمد بن صالح الأطرابلسي صاحبنا. وكان كاتباً مجوداً بالإسكندرية. 584 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهّاب بن مناقب بن أحمد. الشريف محيي الدين، أبو الفضائل الحسيني، المنقذي، الدمشقي، خازن المصحف بمشهد علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 243 حضر على درع بن فارس العسقلاني. وسمع من: ابن اللتي، وابن غسان، وابن صباح، ومكرم، وابن الشيرازي، وتفرد ببعض مروياته. وهو آخر من روى عن درع. سمعت منه جزءين. وتوفي في السابع والعشرين من ذي الحجة، ودفن بمقابر باب الصغير. 285 - أحمد بن عبد الرحيم بن أبي عبد الله. المحدث، شهاب الدين ابن المقشراني. سمع الكثير بعد الثمانين، وحصل ونعت. وخطه رديء. وكان فيه تواضع وتودد وإفادة. توفي في صفر. وله رحلة إلى دمشق. 286 - أحمد بن عبد الكريم بن عبد القويّ. أبو طاهر المنذري، المصري، ويعرف بابن السميدع. وأخو أبي السعود، ومحمد وعبد القوي. ولد سنة ثلاث وعشرين. وسمع من: ابن باقا، ومرتضى بن حاتم، وجماعة. بقي إلى هذه السنة. 287 - أحمد بن عبد الملك بن أحمد. التنوخي، القرطبي. روى عن ابن رواج بالثغر. مات في جمادى الأولى. 288 - أحمد بن نصير بن نبا بن سليمان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 244 الشيخ، المحدث، شهاب الدين، أبو البركات ابن الدفوفي، المصري، المقرئ. ولد سنة عشرين وستمائة. وسمع من: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي، وابن الحباب، وسبط السلفي، ومن بعدهم من أصحاب البوصيري، وغيره. وعني بالحديث. وكتب ونسخ الكثير. وكان من المشهورين بالطلب وضبط الأسماء. وكان نقيباً بالطاهرية والمنصورية للطلبة، ونسخ كتباً كباراً، منها ' حلية الأولياء '، لأبي نعيم. وروى عوالي مسموعاته. وسمعت منه أنا وسائر الطلبة، وخطة طريقة حسنة معروفة، صحيحة. توفي ليلة الجمعة حادي عشر رمضان. 289 - أحمد بن علي بن عبد الله بن الطاهريّ. الفقيه الحلبي، ابن خالة شيخنا جمال الدين. وكان عنده بالزاوية. وحدث عن يوسف بن خليل. سمع منه: البرزالي، وجماعة. 290 - أحمد ابن علي بن عبد الكريم بن علي بن أبي القاسم. الشيخ، الزاهد، المعمر، أبو العباس الأثري، الموصلي. شيخ كان بدرب القلى، فيه خير وصلاح. ذكر أنه ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ولبس الخرقة من القاضي أبي صالح نصر بن عبد الرزاق الجيلي في سنة أربع عشرة وستمائة. ولو سمع حينئذ من شيوخ بغداد لكان مسند وقته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 245 توفي يوم الجمعة السادس والعشرين من شعبان، وشيعه الخلق. ودفن بمقبرة باب الصغير. لبس منه علم الدين البرزالي الخرقة. 291 - أحمد بن عمر بن إسماعيل. شهاب الدين، أبو العبّاس النصيبي، الصوفي، الموقت بالقدس. ولد سنة تسع وثلاثين وستمائة بملطية. وقدم مصر في صغره. وسمع من: ابن الجميزي، والسبط. وكان ديناً، خيراً، عاقلاً خبيراً بالمواقيت. توفي في شعبان. سمع منه أبو الحسن بن العطار، وابن البرزالي، وجماعة. 292 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن محمد. الإمام، الحافظ، الشريف، السيد عز الدين، أبو القاسم ابن الإمام الشريف أبي عبد الله العلوي، الحسيني، المصري، ويعرف بابن الحلبي. نقيب الأشراف بالديار المصرية. ولد سنة نيف وثلاثين وستمائة. وسمع من فخر القضاة ابن الحباب. ثم سمع من الزكي المنذري فأكثر، ومن: الرشيد العطار، وعبد الغني بن بنين، والكمال الضرير، وطبقتهم ومن بعدهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 246 وأجاز له ابن رواج، وابن الجميزي، والسبط، وصالح المدلجي، وخلق كثير. وطلب الحديث على الوجه. وكان ذا فهم وإتقان. خرج التخاريخ المفيدة. وله ' وفيات ' ذيل بها على شيخه المنذري إلى سنة أربع وسبعين وستمائة. هذا الذي اتصل بنا، ولعله ذيل إلى حين وفاته ولم نره. سمع منه سائر الطلبة، وتوفي إلى رحمة الله في سادس المحرم بالقاهرة. 293 - أحمد بن محمد ابن الشيخ الفقيه أبي محمد بن عبد القادر بن أبي عبد الله ابن البغداديّ. زين الدين، أبو العباس المصري. حضر على جده مجلساً لابن عساكر. وكان عدلاً شروطياً. توفي في ربيع الأول. 294 - أحمد بن هبة الله بن أحمد بن نصر الله بن علي بن المفرج بن مَسْلمة. العدل، عماد الدين، أبو العباس الدمشقي. ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة. وروى عن جعفر الهمذاني. وكان يشهد بسوق القمح. توفي يوم سلخ السنة. 295 - أحمد بن أبي بكر بن النّجم محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خلف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 247 البلخي، ثم الدمشقي. سمع حضوراً من ابن اللتي، وابن المقير ؛ وسماعاً من السخاوي. وحدث. ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة. ومات في ذي الحجة بدمشق. وطلبناه فلم نقع به. 296 - إبراهيم بن الضياء محمد بن أبي القاسم بن محمد. القزويني، ثم الحلبي، شهاب الدين الصوفي. نزل القاهرة. حدث عن أبيه. وتوفي في ذي الحجة، وقد شاخ. 297 - إبراهيم بن عبد الرزّاق بن أبي بكر بن رزق الله بن خَلَف. الفقيه العدل، برهان الدين، أبو إسحاق الرسعني، الحنفي، المعروف بابن المحدث، أخو الشمس، ابن المحدث العلامة عز الدين. ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة. وسمع من: والده، وغيره. وكتب عنه البرزالي شيئاً من نظمه. وكان يشهد تحت الساعات. توفي في سادس عشر رمضان. 298 - أرغون العادليّ. الجمدار، سيف الدين. من أمراء دمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 248 بقي في الآمدية يسيراً. ومات بدار ابن أتابك في شوال شاباً. 299 - إسحاق بن عبد الجبّار بن أبي الفتح بن عبد الرحمن. العدل، معين الدين، أبو الطاهر السنجاري، الحنفي، قاضي المقس. ولد سنة أربعة عشر بسنجار. وروى ' جزء أبي الجهم ' عن السراج بن الزبيدي. توفي في المحرم. 300 - الأسعد بن السّديد. الماعز القبطي. أسلم في الدولة الأشرفية. وكان مستوفي الديار المصرية، وله خبرة تامة ومكانة كأبيه. مات في المحرم. 301 - إسماعيل بن عبد المنعم بن محمد بن أحمد بن يوسف. شمس الدين، أبو الطاهر الخيمي، الأنصاري، المصري. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وروى عن: ابن باقا، ومرتضى بن العفيف. وكان خطيباً بالقرافة الصغرى، وصوفياً بالخانكاه. وفيه خير ودين. وهو أخو الشهاب بن الخيمي الشاعر. سمع منه الطلبة. ومات في ربيع الآخر في تاسع عشر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 249 302 - أَمَة الآخِر بنت النّاصح عبد الرحمن بن نجم بن الحنبليّ. توفيت في شوال. وهي آخر من مات من أخوتها. ولم ترو شيئاً. واسمها فرد. 303 - أمينة بنت محمد بن عبد الحقّ بن خَلَف. ولدت سنة سبع وعشرين، وخدمت جدها وسمعت منه. وماتت في شعبان. 304 - أيبك الأفرم. الأمير الكبير، عز الدين الصالحي، الساقي. سمع من عبد الوهاب بن رواج. وحدث. وكان من كبار الدولة المصرية، له أموال وأملاك وخبز جيد. وفيه خبرة وشجاعة. صلينا عليه في ثالث عشر ربيع الآخر بدمشق صلاة الغائب يوم الجمعة. ومات بالقاهرة. 305 - إيل غازي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 250 الملك السعيد، صاحب ماردين، ابن الملك المظفر بن السعيد. قال شمس الدين الجزري: توفي في هذه السنة، وتملك بعده أخوه الملك المنصور نجم الدين غازي. قال: ولقبه شمس الدين. - حرف الباء - 306 - باسطي. ويقال بالألف واللام. الأمير الكبير سيف الدين المنصوري. من أمراء دمشق. وقد حج سنة إحدى وتسعين بالركب. وكان يخضب. 307 - بيليك أبو شامة. الأمير الكبير، بدر الدين، أبو أحمد المحسني، الصالحي، الحاجب. عمل الحجابة للمنصور مدة، وأعطي بدمشق خبزاً بعد التسعين. ثم أعيد إلى القاهرة. وكان عاقلاً خبيراً، له ميل إلى الخير، وفيه دين. روى عن: ابن المقير، وابن رواج، وابن الجميزي. ومات وهو في عشر السبعين في تاسع المحرم. ولم يتفق لي السماع منه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 251
- حرف الجيم - 308 - جمال الدين الإصبهاني. شيخ الشيوخ بالقاهرة، ومدرس الشريفية. توفي في المحرم. 309 - جبريل بن أبي الحسن بن جبريل بن إسماعيل. المحدث، المسند، أمين الدين، أبو الأمانة، العسقلاني، ثم المصري. ولد سنة عشر وستمائة. وطلب بنفسه. وسمع من: ابن المقير، والعلم بن الصابوني، وابن الجميزي، وطبقتهم ورحل إلى دمشق، وأدرك أصحاب الحافظ ابن عساكر. وكان محدثاً، نبيهاً، عارفاً، جيد المشاركة في العلم. وقد أعاد بالظاهرية عند الدمياطي. وكتب عنه الجماعة. وأجاز لي باستدعائي. وتوفي في رابع عشر ربيع الأول، رحمه الله. 310 - جعفر بن علي بن جعفر بن حسن شرف الدين العامري، الموصلي. سمع بقوله من السهروردي، وابن الزبيدي، وابن رواج، وجماعة. وكتب عنه الدمياطي شعراً. أجاز لعلم الدين في ذي القعدة من سنة أربع، وانقطع خبره في سنة خمس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 252
- حرف الحاء - 311 - الحسن بن عبد الله ابن الشيخ القُدوة الزّاهد أبي عُمَر محمد بن أحمد بن محمد بن قُدامة. قاضي القضاة، شرف الدين، أبو الفضل، ابن الخطيب شرف الدين أبي بكر المقدسي، الصالحي، الحنبلي. ولد سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وسمع من: ابن قميرة، وابن مسلمة، والمرسي، واليلداني، وجماعة. وقرأ الحديث بنفسه على الكفرطابي، وغيره. وتفقه على الشيخ شمس الدين عمه، وصحبه مدة، وبرع في المذهب. وكان مليح الشكل، مديد القامة، حسن الهيئة، له شيب يسير، وفيه لطف ومكارم وسيادة ومروءة، مع الدين والعلم والصيانة والأخلاق الزكية، وحسن السيرة في الأحكام. سمع منه: علم الدين البرزالي، وغيره. وتوفي إلى رحمة الله في ليلة الثاني والعشرين من شوال بالجبل، وشيعه ملك الأمراء والقضاة والكبراء. وكانت جنازته مشهودة. ودفن بمقبرة جده. وقد درس بمدرسة جده وبدار الحديث الأشرفية ؛ وولي القضاء بعد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 253 نجم الدين ابن الشيخ. وهو والد صاحبنا الفقيه شرف الدين أحمد حفظه الله. - حرف الخاء - 312 - خديجة بنت الشيخ شمس الدّين محمد بن العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسيّ. والدة الإمام موفق الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الآتي ذكره، ومات قبلها في ربيع الآخر من السنة. تروي جزءاً عن الكاشغري حضوراً. وهي أخت شيختنا زينب. سمع منها: البرزالي، وغيره. وماتت في سادس رجب بالقاهرة. - حرف الراء - 313 - رمضان بن عبد الله بن يوسف. الشيخ الصالح، المقرئ، أبو محمد الآمدي. ولد بآمد سنة نيف وعشرين. وسمع بدمشق من: النجم بن البلخي، والصدر البكري. وحدث. وكتب الطلبة عنه قديما لأجل اسمه. توفي في ثاني عشر ربيع الأول. وكان من جماعة الرباط الناصري. وفيه عقل وديانة. - حرف الزاي - 314 - زينت بنت علي بن أحمد بن فضل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 254 الشيخة الزاهدة، العابدة أم محمد بنت الواسطي. ولدت، أظن، في سنة خمس وستمائة، وسمعت سنة إحدى عشرة من الشيخ الموفق جزءاً سمعناه منها. وهي والدة شيخنا الشمس ابن الزراد. وكان أخوها الشيخ تقي الدين مع جلالته يقصد زيارتها والتبرك بها. وكانت قليلة المثل، رضي الله عنها. توفيت في خامس المحرم. - حرف السين - 315 - ستّ الأمناء آمنة بنت أبي طالب عقيل بن حمزة بن علي. أم صديق، بنت ابن الشقيشقة الشيباني، الصفار. عمة المحدث الكبير نجيب الدين. سمعت من أخيها مظفر ؛ ومن كريمة وصفية ابنتي عبد الوهاب، وجهمة بنت مسلمة. وكان أخوها يروي عن الحافظ ابن عساكر. سمع منها: علم الدين، والطلبة. وفاتني السماع منها. وتوفيت في ذي الحجة. وكانت كبيرة. 316 - ستّ الفقهاء بنت الإمام عبد الرّزاق الرسعَنيّ. أخت الشمس. روت عن ابن روزبة. 317 - السّراج الورّاق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 255 المصري. الأديب المشهور، رفيق أبي الحسين الجزار. مات بمصر في جمادى الأولى. اسمه عمر بن محمد بن حسن. وشعره سائر. عاش ثمانين سنة. مدح أكابر. 318 - سليمان بن أحمد بن سليمان بن أحمد. عماد الدين المرجاني. أحد شيوخ الإسكندرية. ولد بعد العشرين. وروى عن: محمد بن عماد، وجعفر. روى عنه: البرزالي. وكان أبوه من أئمة الثغر وقضاته. 319 - سليمان بن إبراهيم بن بدران ابن القائد. شهاب الدين الصالحي، الحنفي، المعروف بالشركسي. سمع من: ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، وابن صباح، والناصح، وجماعة. وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين. وتوفي في حادي عشر صفر. 320 - سليمان بن هُمام بن مرتضى. القاضي وجيه الدين ابن البياع المصري، العدل. روي عن: جعفر الهمداني. وتوفي في الخامس والعشرين من صفر بالقاهرة. وأبوه لقبه نصير الدين أبو العزائم القرشي الجشي. 321 - سليمان بن يوسف بن أُبيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 256 العدل فخر الدين الهكاري. ولد سنة ثمان وستمائة. وكان من عدول مصر. سمع هو وابنه العدل موفق الدين من سبط السلفي. سمع منه علم الدين. توفي الفخر في صفر. 322 - سليمان بن أبي الدُّرّ. الشيخ الحريري، الرقي. صحب الحريري مدة وتجرد. وكان فيه ديانة وعدالة. ويلبس الفرجية وعلى رأسه قبع دلك. وهو سبط الرقي صاحب القبة التي بآخر سوق الجبل وينزل منها إلى طريق عين الكرش. توفي في شوال وقد نيف على السبعين. وكان له سماع من ابن البرهان، والرشيد العطار. وكتب في الإجازات. 323 - سيّدة بنت موسى بن عثمان بن درباس المارانيّ. أم محمد ؛ شيخة صالحة، معمرة، كنت أتلهف على لقيها، ورحلت إلى مصر وعلمي أنها باقية، فدخلت فوجدتها قد ماتت من عشرة أيام. وقد أجاز لها في سنة تسع وستمائة أبو الحسن علي بن هبل الطبيب، وأبو محمد ابن الأخضر، وسليمان الموصلي، وأحمد بن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا، وجماعة. وسمعت جزءاً من مسمار بن العويس. وتفردت بالرواية عن هؤلاء. روت بالإجازة عن عين الشمس الثقفية، وغيرها. وعرفت علو روايتها من ثبت أبي القاسم بن حبيب لما قدم علينا، فإنه سمع منها في سنة ثلاث وتسعين هو وأبو الفتح والمصريون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 257 توفيت يوم الجمعة سادس رجب وأنا بوادي فحمة. - حرف الشين - 324 - شبيب بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن شبيب بن محمود. الأديب، العالم، الطبيب، الكحال، البارع، تقي الدين، أبو عبد الرحمن الحراني، الشاعر، نزيل القاهرة. أخو الشيخ نجم الدين. ولد بعد العشرين وستمائة بيسير، أو فيها. وسمع من: ابن روزبة، والفخر الإربلي. كتب عنه: الدمياطي، والقدماء. وكان فيه شهامة وقوة نفس، وله أدب وفضائل. وقد عارض ' بانت سعاد ' بقصيدة طنانة يقول فيها: (أبادَ بي وخدُها البيد فقرّبها .......... طَرْفي وقرّبها وجْناء شِمْليلُ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 258
(إلى النبيّ رسول الله إنّ له .......... مجداً تَسَامى فلا عرضٌ ولا طولُ)
(مجد كبا الوهم عن إدراك غايته .......... ورد عقل البرايا وهو معقول)
(مطهّر شرَّف اللهُ العبادَ به .......... وساد فخراً به الأملاكَ جبريلُ)
(طُوبَى لِطيبةَ بل طُوبى لكلّ فتىً .......... له بطِيب ثراها الجَعْدِ تقبيلُ) توفي التقي شبيب الكحال بالقاهرة في الثامن والعشرين من ربيع الآخر. - حرف الظاء - 325 - ظهير الدّين الغوريّ. الصوفي، حسين بن عبد الله بن أبي بكر بن علي الحنفي. من كبار الصوفية بالسميساطية، وله معرفة بالفقه والعربية، وله مشاركة في الحديث والتاريخ. ولم يزل حريصاً على العلم والتحصيل في الشيخوخة. توفي في سلخ رمضان في عشر السبعين. وهو والد الفقيه شمس الدين الغوري. - حرف العين - 326 - عائشة بنت إبراهيم بن محمد بن... سمعت عثمان ابن خطيب العراق. توفيت في جمادى الآخرة. 327 - عائشة بنت محمد. أخت شيخنا جمال الدين ابن الظاهري. أم موسى. صالحة، عابدة، صائمة الدهر، متواضعة، تخدم الفقراء. ولها إجازة من ابن الزبيدي. وسمعت من أحمد بن سلامة الحراني، النجار، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 259 وحدثت مرات. ومات في صفر. روى عنها: البرزالي، وابن حبيب. 328 - عبد الله بن محمد. الباعشقي. الشيخ الزاهد، الصالح. توفي بمصر. وقد روى الحديث، وعاش اثنتين وثمانين سنة. 329 - عبد الله بن ابن الشيخ نجم الدّين عبد الرحمن ابن العلاّمة نجم الدّين أحمد بن محمد بن راجح. الإمام، الفقيه، المحقق، موفق الدين المقدسي، الحنبلي، سبط الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن العماد. ولد بالقاهرة، وتفقه وبرع وتميز. ولو عاش لساد الطائفة. سمع الكثير مع الحافظ سعد الدين، وغيره. وكان فيه صلاح ومروءة. وتوفي شاباً في ربيع الآخر، رحمه الله. 330 - عبد الله بن محمد بن نصر بن قوام بن وهْب. العدل، الصالح، الزاهد، كمال الدين، أبو محمد الرصافي، ثم الدمشقي
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 260 حدث في العام الماضي بشرح السنة ' ومعالم التنزيل ' للبغوي، عن القزويني. وسمعنا منه في هذه السنة ' صحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي؟ وروى أيضاً عن: عمه أبي الفتح ناصر، ووالده، وأبي موسى عبد الله ابن الحافظ. وكان من خيار الشيوخ ديناً وأمانةً وصيانة ورزانة. وقد شهد على القضاة من قديم. وسمع منه سائر الطلبة. ولد في رجب سنة خمس عشرة وستمائة. وتوفي بكرة الجمعة سابع ذي القعدة، فقيل إنه صلى وسجد لله ومات. 331 - عبد البرّ ابن قاضي القضاة تقي الدّين محمد بن الحُسين بن رزين. القاضي العالم، صدر الدين، الشافعي، مدرس القيمرية بدمشق. كان شاباً متواضعاً، متودداً، يحب العشرة، وفيه ذكاء ومعرفة. توفي في سابع رجب، رحمه الله وسامحه. 332 - عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عمران. الشيخ الإمام، المحدث، المقرئ، الفقيه صدر الدين، أبو القاسم الأوسي، الدكالي، المالكي، الملقب بسحنون. كان إماماً، فقيهاً، مفتياً، متفنناً، كثير الفضائل، قوي العربية، زعر الأخلاق. ولد سنة ست عشرة، وقيل: سنة عشر، وهو أشبه. وقدم الإسكندرية في عنفوان شبابه، وقرأ بها على أبي القاسم الصفراوي، وسمع منه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 261 ومن: علي بن مختار العامري، وعبد الوهاب بن رواج، وجماعة. وقرأ الحديث على الشيوخ. سألت أبا الحجاج الكلبي عنه، فقال: شيخ جليل، فاضل، صاحب سنة. لقيته بالإسكندرية سنة أربع وثمانين. قلت: وقرأت عليه ختمة لورش وحفص. وسمعت منه أنا، وابن الظاهري، والمزي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وطائفة. وتوفي وأنا بالإسكندرية في رابع شوال. وقد سمع علي الختمة في أحد عشر يوماً. 333 - عبد الرحمن بن عبد الوهّاب بن خَلَف بن بَدْر. قاضي القضاة، تقي الدين، أبو القاسم ابن قاضي القضاة تاج الدين العلامي، المصري، الشافعي، المعروف بابن بنت الأعز. وكان جده لأمه يعرف بالقاضي الأعز. والعلامي، بالتخفيف، وهي نسبة إلى قبيلة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 262 سمع من الرشيد العطار، وغيره. وتفقه على ابن عبد السلام، وعلى والده. وكان فقيهاً، إماماً، مناظراً، بصيراً بالأحكام، جيد العربية، ذكياً نبيلاً، رئيساً، شاعراً، محسناً، فصيحاً، مفوهاً، وافر العقل، كامل السؤدد، عالي الهمة، عزيز النفس. روى عنه الدمياطي في ' معجمه ' شيئاً من نظمه. توفي في سادس عشر جمادى الأولى كهلاً، وولي القضاء بعده شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد. وقد كان عمل الوزارة ثم استعفى منها. وقد درس بأماكن كبار، وولي مشيخة السعيدية. مولده في ثاني عشر رمضان سنة تسع وثلاثين وستمائة. نقلته من خط الحافظ سعد الدين الحارثي، رحمه الله. وهو عزيز الوجود، أعني ذكر مولده فأنه كان لا يخبر به أحداً. 334 - عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد الرحيم بن القاضي الأشرف بهاء الدين ابن القاضي الفاضل. البيساني الأصل، المصري. روى عن: جعفر الهمداني، وعبد الصمد الغضاري، ويوسف بن المخيلي، ويوسف بن جبريل بن محبوب، وجماعة. وحضر على ابن باقا. وتفرد بعدة أجزاء. وكان من المكثرين. وكان خازن الكتب التي بمدرسة جده. سمع منه الجماعة. وتوفي يوم الأحد مستهل رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 263 من غرائب الاتفاق أن في هذا الوقت توفي بدمشق رجل باسمه واسم أبيه وجده، وهو: 335 - عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد الرحمن الفقيه، العدل، جمال الدين الشهرزوري، الشاهد، رحمه الله. 336 - عبد الرحيم بن عبد المنعم بن خَلَف بن عبد المنعم. الشيخ، الإمام، المسند، محيي الدين، أبو الفضل ابن الدميري، اللخمي، المصري. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع سنة عشر من: الحافظ أبي الحسن علي بن المفضل. وسمع من: أبي طالب أحمد بن حديد، وابن أبي الفخر البصري، والزين ابن فتح الدمياطي، وإسماعيل بن ظافر العقيلي ؛ وتفرد بالرواية عن هؤلاء. والفخر الفارسي، وابن باقا، والقاضي زين الدين، وعبد الصمد بن الغضاري، ومكرم القرشي، ومرتضى بن حاتم. ولبس الخرقة من الشيخ شهاب الدين السهروردي. وكان من كبار المسندين. فاتني لقيه. وقد سمع منه خلق. وتوفي في سلخ المحرم في عشر المائة. 337 - عبد الصّمد. الفقيه، خطيب سقبا. توفي في شوال بالقرية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 264 338 - عبد اللّطيف ابن الشيخ عزّ الدّين بن عبد العزيز بن عبد السّلام. السلمي، الدمشقي، الشافعي، الفقيه محيي الدين. ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وروى عن ابن اللتي. ثم طلب الحديث بنفسه بالقاهرة، وقرأ على الشيوخ. وكان أفضل إخوته. قرأ الفقه والأصول وتميز. وكان يعرف تصانيف والده معرفة حسنة. توفي في ربيع الآخر بالقاهرة. 339 - عبد المنعم بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمود. القاضي جلال الدين، أبو محمد الأنصاري، المصري، ثم الشامي، الشافعي. ولد سنة تسع عشرة وستمائة بالقاهرة. وروى لنا مجلس معمر عن ابن المقير. وحدث بالقدس ودمشق، والصلت. وكان شيخاً وقوراً، مهيباً، فاضلاً، عارفاً بالمذهب، حسن الديانة، محمود السيرة. ولي خطابة صفد، وولي القضاء. بالصلت وبعجلون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 265 وبالقدس. وناب في القضاء بدمشق عن قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة. ثم عاد إلى القدس وتوفي بها في الحادي والعشرين من ربيع الآخر، رحمه الله. رأيت له كتاباً في الفقه علقه على ' التنبيه '. 340 - عثمان بن أبي الفتح بن إسماعيل. فخر الدين الخويي، الصوفي، الشاهد. نزيل القاهرة. روى عن: يوسف الساوي. ومات في المحرم. أخذ عنه ابن حبيب. 341 - عَرَبْشاه الرّومي. الذي كان بداريا، وله هناك أراضي مطلقة من أيام الملك الناصر، الحلبي. توفي في المحرم. وكان من أبناء الثمانين. 342 - علي بن حسن بن بدر بن حفّاظ بن بركات. أبو الحسن الصالحي، الصحراوي. شيخ مسن، كان يسكن بالعقيبة. روى عن: الفخر الإربلي، وابن اللتي، وابن المقير. سمع منه: البرزالي، وفخر الدين المقاتلي. ولم أقع به. توفي في ليلة السابع والعشرين من رمضان وقد نيف على السبعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 266 وقد أجاز لي. 343 - علي بن حمزة بن عبد الرّزّاق. أبو الحسن المحجبي، الصالحي، الملقب بالفلو. روى عن ابن اللتي. وتوفي بجبل قاسيون في العشرين من جمادى الأولى. 344 - علي ابن الشرف عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة. المقدسي، الصالحي، شرف الدين، نقيب القاضي الحنبلي. سمع من إبراهيم بن خليل، وغيره. وسمع الكثير بنفسه، ولازم الطلب. ضرب بالدبابيس ليلة ظهور الحرامية بسوق الخيل، ثم مات بعد ليلة رحمه الله ليلة عيد الأضحى وهو كهل. 345 - علي بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار بن أبي بكر. القاضي الأوحد، زين الدين، أبو الحسن ابن القاضي أبي المعالي الجذامي، الإسكندراني، المالكي. أخو القاضي العلامة ناصر الدين ابن المنير. صدر جليل محتشم، وافر الحرمة، مليح الصورة، حسن البزة، كامل الفضيلة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 267 ولي قضاء الثغر مدة، ودرس وأفتى وصنف. ولد في ربيع الأول سنة تسع وعشرين وستمائة. وروى لنا ' الأربعين السلفية ' عن يوسف بن المخيلي. وحدث بمكة والثغر، وبه توفي يوم عيد الأضحى. وقيل: مات سنة ست في ذي الحجة. 346 - علي بن محمد بن عبد السلام. المكي، مؤذن الحرم. روى عن المرسي. وقعت صاعقة على قبة زمزم فاستشهد، رحمه الله، في رجب. 347 - علي بن محمود بن إسماعيل بن فيض. أبو الحسن الباعشيقي. شيخ صالح ثقة. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وكان أبوه قاضياً باعشيقا، وهي من أعمال الموصل. قدم بغداد في شبيبته، وسمع: أبا الحسن محمد بن عبد الواحد بن شفتين، وأبا طالب بن القبيطي. ودخلت مصر، فقيل لي هو باق فلم أظفر به. أظنه مات في هذه السنة. 348 - عمر بن مسلّم بن عمر بن ناصر. أبو حفص الصالحي، الحجار، البناء. كان يحضر الحصارات مع الملك الظاهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 268 وحدث عن: ابن الزبيدي، وابن صباح، والإربلي، وابن اللتي. وكان إنساناً مباركاً. توفي بقرية جديا في ثاني شوال. سمع منه الطلبة. ولم أسمع منه. - حرف الكاف - 349 - كثير بن عمر. الفقيه الإمام، زين الدين السلمي. من كبار فقهاء الشامية. وكان يقرئ المبتدئين. توفي في رجب. 350 - كيكلدي بن... الحلبي. يروي عن إبراهيم بن خليل ونحوه. ومات في رجب. - حرف اللام - 351 - لؤلؤ المسعوديّ. الأمير الكبير، بدر الدين. توفي بستانة الذي بالمزة إلى جانب حمامه. وكان أميراً محتشماً، خبيراً بالسياسة والظلم. ولي نيابة نائب السلطنة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 269 طرنطاي بدمشق مدة. ثم ولي الشد بمصر في الدولة الأشرفية. ثم قدم دمشق على نيابة نائب السلطنة إذ ذاك حسام الدين لاجين المنصوري، فمات في شعبان كهلاً. - حرف الميم - 352 - محمَّد ابن فخر الدّين أحمد تعاسيف. سبط المولى فخر الدّين ابن الشيرجي. شاب مليح، حلو الشمائل، عاقل، رئيس، مشتغل، من أبناء عشرين سنة. وتوفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة. وتوفي يومئذ شاب مليح من ملاح وقته بدمشق محمد بن بدر الدين ابن طليس صهر والي المدينة ابن النشابي، ففجع بهما الآباء، رحمهما الله. وكانا قد جمعا بين الملاحة والحياء والحرية. 353 - محمَّد بن أحمد بن عبد اللّطيف. العلامة، المصنف، ذو الفنون، شمس الدين القرشي، الكيشي. مدرس النظامية ببغداد. اتفق مولده بكيش سنة خمس عشرة وستمائة. وكان موته بشيراز، وله ثمانون سنة. 254 - محمَّد بن مجد الدّين بن الحسن ابن الشيخ تاج الدّين علي بن أحمد ابن القسطلاّنيّ. الإمام تقي الدين، خطيب جامع عمرو بن العاص. ولي بعد قطب الدين عبد الباقي الأنصاري. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وروى عن السبط.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 270 وتوفي في ثالث جمادى الأولى. 355 - محمَّد بن سَنْجَر. المحدث، المفيد، الصالح أبو عمر العجمي، الجندي. شاب من أولاد الأجناد. دين متواضع، من طلبة الحديث. قدم دمشق غير مرة، وسمعت بقراءته. وكان حريصاً على الطلب. نسخ الكثير بخطه. وسمع سنة بضع وثمانين ولم يحدث. ومات في أول السنة، رحمه الله. سمع من: غازي الحلاويّ، وخلق. 356 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سَعْد. المقدسي، أبو عبد الله، المعروف أبوه بالتقي ابن الناصح. سمع من: جعفر، وكريمة. وحدث. وتوفي بحصن الأكراد. ذكره البرزالي في شيوخ الإجازة. 357 - محمد بن عبد الرحمن بن سلطان بن جامع. الفقيه، عماد الدين، ابن الفقيه ركن الدين التميمي، الدمشقي، الحنفي، إمام مسجد البياطرة وأحد العدول، وجد صاحبنا المحدث أمين الدين الواني لأمه. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من والده، ومن: أبي صادق بن صباح، والقاضي شمس الدين ابن سني الدولة، وغيرهم. وشاخ وانقطع بالمنزل مدة. سمعت منه جزءاً من ' الخلعيّات '. وتوفي في الثامن والعشرين من صفر، رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 271 358 - محمد بن عبد السلام بن المطهر بن العلاّمة شرف الدّين بن أبي سعد بن أبي عُصْرُون. الشيخ، الإمام، المسند، تاج الدين، أبو عبد الله ابن القاضي شهاب الدين، التميمي الشافعي. ولد في المحرم سنة عشر وستمائة بحلب، وبها نشأ واشتغل، وقرأ الفقه. وسمع من: أبي الحسن بن روزبة، ومكرم بن أبي الصقر، والعلم بن الصابوني، ووالده شهاب الدين، والعز بن رواحة، وعبد الرحمن بن أبي القاسم الصوري ؛ وأجاز له المؤيد الطوسي، وعبد المعز الهروي، وزينب الشعرية، والقاسم بن الصفار، وأبو المظفر عبد الرحيم بن السمعاني، وأخوه محمد، وشهاب الحاتمي، وأحمد بن شيرويه الديلمي، وإسماعيل بن عثمان القارئ، والافتخار الهاشمي الحلبي، والمحب أبو البقاء العكبري، وسعيد بن الرزاز، وأحمد بن سلمان بن الأصفر، وطائفة. ودرس بالشامية الجوانية بدمشق مدة، وكان يورد الدرس إيراداً مليحاً، وكان فيه جودة وتواضع. وهو من كبار شيوخنا المسندين. سمعت منه عدة أجزاء. وقد حدث: ' بصحيح مسلم ' و ' الموطأ ' وغير ذلك. توفي في سلخ ربيع الأول، ودفن من الغد بتربتهم عند حمام النحاس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 272 359 - محمد بن عبد الكريم بن عبد الغفّار. النهاوندي، ثم المكي. سمع من ابن الجميزي بمكة. مات في المحرم، ودفن بالمعلى وله سبع وسبعون سنة [أو] اثنتان وثمانون سنة. 360 - محمَّد بن عبد الملك بن عمر. الشيخ الإمام، الزاهد، العابد، القدوة، شرف الدين الأرزوني. شيخ مشهور بالصلاح، تام الشكل، أسمر، مهيب، جليل، قليل الشيب، مليح العمامة والبزة، صاحب سمت وهدي ووقار. صحب الكبار وتعبد وانقطع. وكان صحيح البنية، محكم التركيب. إذا رآه الشخص اعتقده كهلاً، فإذا تميزه رآه كبير السن كامل العقل، إلا أنه كان يقول إنه جاوز المائة وذاك بعيد، لكنه كان من أبناء الثمانين. وكان له زوايا في أماكن. توفي في ثالث جمادى الآخرة، ودفن إلى جانب قبر الشيخ تقي الدين ابن الواسطي بتربة الشيخ الموفق. وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله. وذكر لي أنه سمع الحديث في صباه فأخذت خطه في الإجازة. وكانت وفاته ببيت لهيا. 361 - محمد ابن الفخر عثمان بن علي. الإمام، الأديب شرف الدين ابن بنت أبي سعد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 273 من فقهاء الشباب. له فضائل. لقبه شرف الدين. مات في المحرم. 362 - محمد بن محمد. الإسكندراني، المغازلي. روى عن جعفر، ويوسف بن المخيلي. وتوفي في أول السنة. وكان ثقة صالحاً. عاش ثمانياً وستين سنة، ولقيه الفرضي. 363 - محمد بن علي بن أحمد. الشيخ عماد الدين ابن القسطلاني. روى عن: ابن المقير، وغيره. أخذ عنه: البرزالي، وابن حبيب. توفي في هذا العام في أوائله. وهو ولد تاج الدين. 364 - محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود بن هبة الله. الإمام شمس الدين ابن العدل عماد الدين بن القاضي عزيز الدين ابن العماد الكاتب، الإصبهاني، ثم الدمشقي، الشافعي. سمع من: ابن المقير، وكريمة، وابن رواحة، والسخاوي، وعبد العزيز بن الدجاجية، وشيخ الشيوخ بن حمويه. وكان فقيهاً، عارفاً بالمذهب، مدرساً، فاضلاً، حسن الديانة، له حلقة بجامع دمشق، للإشغال. وأعاد بمدارس بني الزكي. سمع منه: علم الدين، وغيره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 274 ومات ليلة الجمعة رابع عشر صفر بمنزلة بسفح قاسيون، رحمه الله. 365 - محمد بن محمد بن أبي الحرم. المحدث، شمس الدين الحنبلي، المعروف بالقلانسي. رجل صالح، خير، متواضع، حج غير مرة، واختص بالحافظ سعد الدين الحارثي القاضي. وسمع الكثير. وتوفي أبوه في هذه السنة قبله. رأيته مع الشهود بالقاهرة وسلمت عليه، وسافر إلى دمشق فتوفي بها في رمضان. روى عن: إسماعيل بن غزون، وأحمد بن القاضي زيد الدين علي بن علاق، وأبي البركات، وأحمد بن النحاس. سمع زين الدين بن حبيب، وغيره. 366 - محمد بن أبي العلاء محمَّد بن علي بن المبارك. شيخنا، الإمام العالم، شيخ القراء، موفق الدين أبو عبد الله الأنصاري، الرباني، النصيبي، الشافعي، الصوفي، نزيل بعلبك. ولد سنة سبع عشرة وستمائة بنصيبين. قرأ على والده، ودخل الديار المصرية، فقرأ بمصر على السديد عيسى ابن أبي الحرم مكي صاحب الشاطبي، وبالإسكندرية على الشيخ جمال الدين أبي عمرو ابن الحاجب، وسمع منه ' مقدمته ' وغير ذلك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 275 وسمع ببعلبك من الشيخ الفقيه وصحبه، واستوطن بعلبك وصار شيخها في التصوف والقراءآت. وأم بمسجد كبير له بابان بسوق التجار ببعلبك. وقل من رأيت بفصاحته على كثرة من رأيت من القراء، ومنه تعلمت التجويد، وقرأ عليه ختمة للسبعة في أحد وخمسين يوماً ببعلبك في سنة ثلاث وتسعين. وكان إماماً فاضلاً، عارفاً بالقراءآت معرفة جيدة، وله مشاركة في الفقه والنحو والأدب. وكان شيخ الإقراء بالجامع، وشيخ الصوفية بالخانكاه. وله حرمة وصورة. قرأ عليه القراءآت جماعة من أهل بعلبك، ورحل إليه العلم طلحة رفيقنا وقرأ عليه، وهو اليوم شيخ القراءآت والعربية بحلب. أنشدني شيخنا موفق الدين لنفسه: (قرأتُ القُرآنَ وأقرأتُه .......... وما زلت مُغْرّى به مُغْرَما)
(وطفْتُ البلادَ على جَمْعِه .......... فصِرتُ به في الورى مُكْرَما)
(وألفيتُ إلفي بطُلابه .......... فيا نِعْم ما زادَني أَنْعُمَا)
(ويا فَوز مَن لم يزلْ دأبُه .......... وما أجزَل الأجرَ ما أعظَما)
(ولله أحمدُ مهما أعِشْ .......... وفي الموت أسألُ أن يَرحَما)
(وأُصْفي الصّلاة نبيّ الهُدَى .......... ومَن فَوقَ كلّ سماء سما)
(وأُفشي السّلامَ على آلِه .......... وأصحابه والرّضى عنهما) توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجة ببعلبك. 367 - محمد بن يعقوب بن أبي طالب. الكتاني، الصالحي. فقير مبارك. رأيته وكلمناه في السماع منه فقال: روحوا إلى الشيخ ناصر الملقن اقرأوا. فضحكنا منه. وكان فيه وله وسلامة باطن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 276 روى جزءا من ' الخلعيات ' عن ابن صباح. وهو أخو العفيف أبي بكر النحات الآتي في الكنى. توفي في رجب. 368 - محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن هبة الله بن طارق بن سالم. الإمام العلامة، الصاحب محيي الدين، أبو عبد الله ابن القاضي الإمام بدر الدين ابن النحاس الأسدي، الحلبي، الحنفي. ولد بحلب سنة أربع عشرة في شوال. وسمع من القاضي بهاء الدين ابن شداد، وجده لأمه موفق الدين يعيش شيئاً يسيراً. ولم أجده سمع من ابن روزبة، ولا من الموفق عبد اللطيف، ولا هذه الطبقة. وكأنه كان مكباً على الفقه والاشتغال. وسمع في سنة اثنتين وأربعين ببغداد، وجالس بها العلماء، وناظر وبان فضله. وسمع من: أبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن. وسمع بماردين من: الحافظ النشتبري. وحج سنة خمس وأربعين مع بني عمه. وسمع من: شعيب الزعفراني، وغيره. وكان صدراً معظماً، جليلاً، وجيهاً، إماماً، فقيهاً، مفتياً، محققاً،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 277 متبحراً في المذهب وغوامضه، موصوفاً بالذكاء، وحسن المناظرة. انتهت إليه رئاسة المذهب بدمشق. ودرس بالريحانية والظاهرية. وولي قضاء الحنفية بحلب في الدولة الظاهرية، وسلم من التتار، واستوطن دمشق، فعومل بالإكرام والاحترام لعلمه ورئاسته وخبرته وأمانته، وولي الوزارة مرة، وولي نظر الخزانة. وولي نظر الدواوين، وولي نظر الأوقاف والجامع. وكان معماراً مهندساً، أميناً، كافياً، مهيباً، مخوفاً. وكان موصوفاً بحسن الإنصاف في البحث. وكان يقول: أنا على مذهب أبي حنيفة في الفروع، وعلى مذهب الإمان أحمد في الأصول. وكان يحب الحديث والسنة والسلف، ويطنب في وصف الشيخ عبد القادر. وقد ولي إمرة الحاج من دمشق في سنة خمس وسبعين، فساس الركب وحمدت إمرته. قرأت عليه ' جزء البانياسي '. وسمع منه: ابن الخباز، وابن العطار، والفرضي، والمزي، والبرزالي، وابن تيمية، وابن حبيب، والمقاتلي، وأبو بكر الرحبي، وابن النابلسي، وآخرون. وتوفي عشية نهار الإثنين سلخ ذي الحجة، ودفن بتربته بالمزة من الغد، وحضره نائب السلطنة والقضاة والأعيان. 369 - محمَّد بن أبي بكر بن عبد المالك بن مالك. شمس الدين الحراني، القطان. شيخ صالح، محب للحديث. سمع من: ابن اللتي، وابن رواحة، وابن خليل بحلب. ومات في هذا العام بصفد. سمع منه: المزي، والبرزالي، وغيرهما. 370 - محمود بن محمد بن أحمد بن مُبادر بن ضحّاك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 278 الإمام، المقرئ، الزاهد، العابد، شرف الدين، أبو البنا التادفي. ولد بتادف في سنة أربع وعشرين وستمائة، وهي من أعمال حلب. وسمع من: ابن رواحة، وابن خليل، وجماعة. وكان يسمع في الشيخوخة للفائدة. وقد سمع حضوراً في سنة ست وعشرين على أبي إسحاق الصريفيني الحافظ بتادف. وكان صالحاً، زاهداً، قانتاً لله، معيباً، كبير القدر، منقطع القرين، صاحب جد وعمل وصدق. وكان يزور القدس كل سنة ماشياً. وكان قانعاً متعففاً، شريف النفس، فقيهاً، عالماً. قرأت عليه جزءاً واحداً. وتوفي في سلخ رجب. وكان يجلس في البلد بالقيمرية ويلازم التلاوة سراً بين الصلاتين بجامع الجبل. 371 - المُنجَّا بن عثمان بن أسعد بن المُنَجّا بن بركات بن المؤمَّل. الإمام، العلامة، مفتي المسلمين، زين الدين، أبو البركات ابن الصدر المرتضى، عز الدين، ابن الإمام الكبير العلامة، الوجيه، التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي، الحنبلي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 279 ولد في عاشر ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة. وحضر على جعفر الهمداني، وابن المقير، وسالم بن صصرى. وسمع من: السخاوي، والتاج القرطبي، والرشيد بن مسلمة. وتفقه على أصحاب جدة، وعلى أصحاب الشيخ الموفق. وقرأ الأصول على كمال الدين التفليسي وغيره. وبرع في المذهب، ودرس وأفتى وصنف. وانتهت إليه رئاسة المذهب. تفقه عليه: ابن الفخر وابن أبي الفتح، وابن تيمية، وجماعة من الأئمة. قرأت بخط شيخنا ابن أبي الفتح: كان رحمه الله إماماً في الفقه، خبيراً بعلم الأصول والعربية، مشاركاً في غير ذلك. شرح كتاب ' المقنع في الفقه ' شرحاً حسناً في أربع مجلدات، وفسر الكتاب العزيز ولكنه لم يبيضه، وألقاه جميعاً دروساً. وشرع في شرح ' المحصول ' ولم يكمله، واختصر نصفه. وكان له في الجامع حلقة للإشغال والفتوى نحو ثلاثين سنة متبرعاً لا يتناول على ذلك معلوماً. وكانت له أوراد، منها صوم الإثنين والخميس والذكر من حين يصلي الصبح إلى أن يصلي الضحى. وله مع الصلوات تطوع كبير. ويصلي الضحى ويطيلها جداً. وكان له في آخر الليل تهجد كثير وتيقظ وذكر. وكان له إيثار كبير يفطر الفقراء عنده في بعض الليالي، وفي شهر رمضان كله. وكان مع ذلك حسن الأخلاق، لطيفاً مع المشتغلين، مليح المجالسة. سمع ' صحيح مسلم ' على العلم السخاوي ومن حضر معه على ما بين في نسخة ابن عساكر. قلت: أجاز لي مروياته سنة سبع وسبعين، وقصدته لأسمع منه فقال لي: تعال وقتاً آخر. فاشتغلت ولم يقدر لي السماع منه. وكان مليح الشكل، حسن البزة، كثير التطهر والنظافة. وكان غالب أوقاته في الجامع وفي بيت المأذنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 280 وكان يجلس للاشغال إلى العمود الثاني الغربي الذي تحت النسر. توفي إلى رحمة الله في يوم الخميس رابع شعبان بين الصلاتين. وتوفيت زوجته بالليل ليلة الجمعة، وهي أم أولاده، حفظهم الله، نسب إليها بنت صدر الدين الخجندي وصلي عليهما معا عقيب الجمعة بجامع دمشق، وشيعهما الخلق، وكانت جنازة مشهودة ودفنا بتربته بسفح قاسيون التي شمالي الجامع المظفري. وكان معروفاً بالذكاء وصحة الذهن، وجودة المناظرة، وطول النفس في البحث، وله ملك وثروة وحرمة وافرة. وقد سئل الشيخ جمال الدين ابن مالك أن يشرح ألفيته في النحو فقال: زين الدين ابن المنجى شرحها لكم. وكان قد قرأ النحو على ابن مالك، وبرع فيه ومحاسنه كثيرة. 372 - موسى بن محمَّد بن موسى. الشيخ المحدث وجيه الدين، أبو القاسم الأنصاري، النفزي، المصري، أحد من عني بهذا الشأن وتجرد له، وتعب في الطلب. وسمع الكثير بمصر والشام وكتب الكثير، وقرأ بنفسه. وصار له نباهة ومعرفة متوسطة لكثرة ما سمع. وتوفي في جمادى الآخرة بالقاهرة. وكان قد صار من جملة الشهود. وسمع بعد الستين وستمائة من: الرشيد، وطبقته، والنجيب، وابن عزون، وابن علاء، والشيخ، وخلق. 373 - موسى ابن القاضي نجم الدين محمد بن سالم بن صاعد بن السَّلَم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 281 القاضي شرف الدين، قاضي نابلس، وابن قاضيها، وأخو شيخنا قاضيها. ولي القضاء بعد أخيه. ومات في ذي الحجة. وكان مكرماً للناس، مفضلاً كأخيه. - حرف النون - 374 - نجاح بن خليل. أبو محمد، عتيق عيسى بن شهاب المحلي، بواب المسرورية بالقاهرة. روى عن ابن رواج. ومات في ثالث عشر ربيع الأول. 375 - نصر الله بن عبد الله بن عبد القويّ بن نصر. العدل، فتح الدين ابن الأطروش المصري، الشاهد. روى أيضاً عن ابن رواج. ومات في ثاني عشر ربيع الأول. 376 - نصر الله بن محمد بن عَيّاش بن حامد بن خُليف بن عيّاش. الشيخ ناصر الدين، أبو الفتوح الصالحي، الحنبلي، السكاكيني بدار الحجارة. ولد في مستهل سنة سبع عشرة وستمائة. وأجاز له الشيخ الموفق، وأبو محمد بن أبي لقمة، وابن البن. وسمع: أبا المجد القزويني، وأبا القاسم بن صصرى، وابن غسان،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 282 وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي، وأبا موسى بن عبد الغني، والبهاء عبد الرحمن، والجمال أبا حمزة، وجماعة. ورحل سنة تسع وثلاثين، وسمع: ابن المقير، وابن الجميزي بمصر، وأبا الرضا التسارسي، ويوسف بن المخيلي، وعبد الوهاب بن رواج، والظهير محمد بن الحباب، وابن محارب القيسي، وابن ياقوت، والسبط بالإسكندرية. وحدثنا بالكثير، فروى عنه ابن الخباز: حدثنا في مشيخته التي حدث بها في سنة اثنتين وستين وستمائة، وكان شيخاً صالحاً، خيراً متنسكاً، متزهداً، مليح الشيبة، بشوش الوجه، حلو المحاضرة، متودداً. وقد قرأ بعض سماعاته على الشيوخ، وكان محباً للحديث ويحفظ متوناً كثيرة. سمعت منه جماعة أجزاء. وتوفي إلى رحمة الله في ليلة الجمعة سلخ شوال. - حرف اللام ألف - 377 - لاجين النُّوبيّ. سابق الدين المسعودي، الفراش. خدم فراشاً بالشام. وحدث بمصر عن ابن رواج. سمع منه: البرزالي، وابن حبيب. - حرف الياء - 378 - يوسف بن محمد بن عبدان بن يوسف. البكري، الدمشقي، جمال الدين، المعروف بابن نقيب الفتيان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 283 ولد في رجب سنة ثلاثين. وأجاز له الإربلي، ومكرم، وجماعة. وسمع حضوراً من ابن اللتي. وحدث. روى عنه ابن الخباز، وغيره. وأجاز لي ولأولاد قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، ولأحمد ابن قاضي القضاة شرف الدين الحنبلي، ولمحمد ابن جمال الدين ابن الفويرة، ولعبد الله ابن شمس الدين المهندس، وجماعة. وتوفي في ثاني عشر شوال. وكان يعرف بالكرباج المؤدب. - الكنى - 379 - أبو بكر بن عبد الرحمن بن منصور بن جامع. المحدث الفقيه، مجد الدين الكناني، الموصلي، نزيل دمشق. شيخ صالح، زاهد، ناسك، فاضل محدث، كثير السماع في كبره، كثير المطالعة، جيد التحصيل. سمع ' جزء ابن عرفة ' من محمد بن إبراهيم بن البرني. وسمع بدمشق من: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وأصحاب ابن طبرزد فمن بعدهم. أم بالمدرسة العادلية مدة، ثم ولي مشيخة الفاضلية بعد الفاضلي. وكنت أسلم عليه ويعجبني سمته وهديه وتواضعه. وأجاز لي، وما أراني سمعت منه. وتوفي في جمادى الأولى وقد نيف على السبعين. رحمه الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 284 380 - أبو بكر بن عبّاس بن عجرمة بن أبي منصور بن الحجّان. الصالحي. ولد سنة سبع عشرة وستمائة. وكان من رواة ' صحيح البخاري '، عن ابن الزبيدي. وسمع منه الجماعة. وسمعت منه حديثين. وكان رجلاً مباركاً. توفي في مستهل جمادى الأولى. 381 - أبو بكر بن عمر بن علي بن سالم. الإمام، العلامة، رضي الدين القسنطيني، الشافعي، النحوي. ولد سنة سبع وستمائة. وسمع ببيت المقدس، وبه نشأ، من: أبي العلاء الأوقي. وبمصر من: يوسف بن المخيلي. وابن المقير، وابن عوف الزهري. وأخذ العربية عن زين الدين يحيى بن معطي، وجمال الدين أبي عمرو بن الحاجب. وسمع من ابن معط الفقيه، وصاهره وتزوج بابنته. وكان من كبار أئمة العربية بالقاهرة. حدثني شيخنا البدر التادفي أنه بحث على رضي الدين القسنطيني مدة في ' كتاب سيبويه '. وقد سمع منه جماعة كثيرة. وكان صالحاً، خيراً، متنسكاً، ساكناً، متواضعاً، له معرفة تامة بالفقه، ومشاركة في الحديث، وحرمة وجلالة. أضر بأخرة، وتوفي إلى رحمة الله في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 285 وقيل: توفي في رابع عشر ذي الحجة والأول أصح. سمعت منه جماعة أجزاء، وقد حدثني عنه أبو العلاء الفرضي في سنة ثلاث وتسعين. ثم لقيته بعد. 382 - أبو بكر بن محمد بن غانم بن علي. النابلسي، شيخ الزاوية. من بيت المشيخة والصلاح. ولي المشيخة بعد موت أولاد عمه. وقد سمع الحديث بدمشق من ابن عبد الدائم، وغيره. وتوفي في حادي عشر جمادى الآخرة. 383 - أبو بكر بن يعقوب بن أبي طالب. الكتاني والده، الحجار النحات. ويلقب بالعفيف. وهو أخو محمد المذكور آنفا. ولد سنة اثنتين وعشرين. وروى عن: ابن الزبيدي، وغيره. وأجاز لي مروياته. وقد حدث عنه ابن الخباز. ومات في السادس والعشرين من رمضان. 284 - أبو محمَّد بن أبي جَمْرة. المغربي، المالكي، الزاهد. شيخ فاضل، صالح، قوال بالحق، مشهور بالقاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 286 توفي في ذي القعدة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب، رحمه الله. 385 - أبو الغنائم بن محاسن بن أحمد بن مكارم. الحراني، الكفرابي، المعمار، بدر الدين. ولد سنة أربع عشرة وستمائة بحران. وسمع من: جده لأمه القاضي جمال الدين أبي بكر بن نصر الحراني، وأبي المجد القزويني، وأبي الحسن بن روزبة، وحمد بن صديق، وابن المقير، والمرجى بن شقيرة، وغيرهم. سمعنا منه بقراءة المزي. وتوفي في العشرين من ذي الحجة بمنزله بالقصاعين، ودفن بمقابر الصوفية. 386 - ابن جرادة. كان جمالاً، وبدت منه زلة فشق منخراه، ثم ضمن خاناً، ثم ضمن دار الطعم، وضمن الركوة بدمشق، واحتشم، وحصل الأموال، وتوكل لطغجي. وكان مشرقيا، ضخماً، سميناً، يتعمم بالعسراء، ويركب الخيل المسومة يظلم والناس يدعون عليه. وقد بنى داراً فاخرة بناحية السبعة، سكنها بعده الأمراء. ومات بالقاهرة، وكان قد طلب إليها. وقد توفي في هذه السنة جماعة ليسوا بالمشهورين وضبطهم الشيخ علم الدين في وفياته.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 287 وفيها وُلد: المرحوم بهاء الدين محمد بن الحافظ علم الدين البرزالي، وشمس الدين محمد بن المحيي يحيى بن القباقبي، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد ابن شيخنا البرهان الإسكندري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 288
سنة ست وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 387 - أحمد بن إبراهيم بن عبد الضّيف بن مُصْعَب. الصدر، نور الدين، أبو العباس الخزرجي، الدمشقي. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. قرأ القرآن على السخاوي. وروى الحديث عن التقي اليلداني. وله أدب قوي وفضيلة، وشعر جيد وفصاحة. وكان رئيساً محتشماً، فيه زعارة وقوة نفس. أفادني مسألة في النحو. وتوفي في العشرين من شوال ببستانه بسطرا، والله يسامحه. 388 - أحمد بن عبد الله بن الحسن. القاضي، العالم، شهاب الدين، ابن الأجل بهاء الدين ابن محبوب البعلبكي، الشافعي. أحد الأخوة الستة، وقاضي كرك نوح وأبو قاضيه. ولد في سنة ثمان وعشرين وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 289 وكان ديناً، صالحاً، كثير التلاوة، جيد الفضيلة، حسن الأخلاق والتواضع. توفي بدمشق في شوال. 389 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن الأوحد. شهاب الدين، القرشي، الحنفي، المعروف بابن الأوحد، وبابن الكعكي. روى عن: كريمة. وتوفي في ثاني المحرم بمارستان نور الدين. 390 - أحمد بن عبد الرحمن بن أبي الحُسَيْن. ناصح الدين الزبيدي، الصوفي، خازن الكتب السميساطية. سمع من أصحاب ابن طبرزد. وطلب بنفسه. وكان يعيرنا الأجزاء بسهولة. توفي في ربيع الأول وهو فيما أحسب في عشر السبعين. 391 - أحمد بن عبد الكريم بن غازي بن أحمد بن عَبْد الله. الشيخ زين الدين، أبو العباس الاغلاقي، الواسطي، ثم المصري. ولد سنة عشر وستمائة بالقاهرة. وسمع من: عبد القوي بن الجباب، وعبد الغفار بن شجاع المحلي، ونصر بن جرو، والقاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي، وعبد العزيز بن باقا، وجعفر الهمداني، وهبة الله بن الواعظ، ومكرم بن أبي الصقر، وعبد القادر بن أبي عبد الله البغدادي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 290 وكان إمام مسجد، وينوب في الحسبة بالقاهرة، وكلمته مسموعة. سمعت منه عدة أجزاء. وقال علم الدين. قرأت عليه أحاديث. وفي صفر توفي. 392 - أحمد بن عمر بن إلياس بن خضر. شهاب الدين الرهاوي، التاجر بقيسارية الشرب. اشتغل وسمع الكثير، وأسمع أولاده، وتميز. وشهد على القضاة، وله تحصيل جيد، وحسن سيرة. توفي في ربيع الآخر. 393 - أحمد بن غازي بن علي شير. التقي، التركماني، الحنفي، الشاهد بالعقيبة. رجل خير، فاضل. روى عن الحافظ الضياء جزءاً. وتوفي في ربيع الآخر عن بضع وستين سنة. 394 - أحمد بن محمد بن عبد الله
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 291 شيخنا الحافظ، القدوة، الزاهد، جمال الدين، أبو العباس ابن الشيخ القدوة محمد الظاهري، الحلبي، مولى الملك الظاهر صاحب حلب. ولد في شوال سنة ست وعشرين وستمائة. وسمع سنة إحدى وثلاثين وبعدها من: الفخر الإربلي، وابن اللتي، والموفق يعيش، وابن رواحة، وابن خليل، وابن قميرة، وخلق بحلب. وكريمة، والضياء، وابن مسلمة، وخلق بدمشق. وصفية القرشية، وجماعة بحماة. وعبد الخالق بن أنجب النشتبري بماردين. وعبد الرزاق بن أحمد بن أبي الوفاء، وإبراهيم بن الحسن الزيات، وأحمد بن سلامة النجار بحران. وشعيب الزعفراني، وابن الجميزي، والمرسي، وجماعة بمكة. ويوسف الساوي، وأحمد بن الحباب، وخلق كثير بمصر. وهبة الله بن روين الإسكندراني، وطائفة بالإسكندرية. وسمع بحمص، وبعلبك، والقدس، وغير ذلك. وعني بهذا الشأن أتم عناية، وتعب وحصل، وكتب ما لا يوصف كثرة. وكانت له إجازات عالية من أبي الحسن القطيعي، وزكريا العلبي، وابن روزبة، وأبي حفص السهروردي، والحسين بن الزبيدي، وإسماعيل بن فاتكين، والأنجب الحمامي، وطبقتهم. وخرج لنفسه أربعين حديثاً في أربعين بلداً. وانتفى على شيوخ مصر والشام، وخرج لأصحاب ابن كليب، ثم لأصحاب ابن طبرزد والكندي، ثم لأصحاب ابن البن، وابن الزبيدي، حتى أنه خرج لتلميذه ومريده الشيخ شعبان. وكان عجباً في حسن التخريج وجودة الانتخاب، لا يلحقه أحد في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 292 ذلك. وقد قرأ القراءآت بحلب على الشيخ أبي عبد الله الفاسي. وتفقه على مذهب أبي حنيفة. وسمع من نحو سبعمائة شيخ. وكان ديناً، خيراً رضي الأخلاق، عديم التكلف برياً من التصنع، محبباً إلى الناس، ذا سكينة ووقار وشكل تام، ووجه نوراني، وشيبة بيضاء منيرة كبيرة مستديرة، ونفس شريفة كريمة، وقبول تام وحرمة وافرة. والله يرحمه ويجزيه عنا الخير، فلقد أفاد الطلبة وأعانهم بكتبه وأجزائه. وقل من رأيت مثله. بل عدم ولم يزل متشاغلاً بالحديث، مغرى به لنفسه، ثم لأولاده، إلى أن توفي ليلة الثلاثاء السادس والعشرين من ربيع الأول بزاويته الجمالية التي بالمقس. وبه افتتحت السماع في الديار المصرية، وبه اختتمت، وعنده نزلت، وعلى أجزائه اتكلت. وقد سمع منه علم الدين أكثر من مائتي جزء، 395 - أحمد بن محمد بن علي بن جعفر. الصدر، الأديب، الرئيس، سيف الدين السامري، التاجر، نزيل دمشق. شيخ متميز، متمول، ظريف، حلو المجالسة، مطبوع النادرة، جيد الشعر، طويل الباع في المديح والهجاء. وكان من سروات الناس ببغداد، فقدم الشام بأمواله، وحظي عند الملك الناصر يوسف وامتدحه، وعمل أرجوزة مستفيضة في الحط على الدواوين. وله من مطلع قصيدة:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 293
(أترى وميضَ البارق الخّفّاقِ .......... يُهدي إلى أهل الحِمَى أشواقي)
(ولعلّ أنفاس النّسيج إذا سرى .......... يحكي تحية مُغرم مشتاق) وله: (مَنْ سُرَّ مَنْ رأى ومَن أهْلُها .......... عند اللّطيف الراحم الباري)
(وأيُّ شيء أنا حتّى إذا .......... أذنَبْتُ لا يغفر أوزاري)
(يا ربُّ ما لي غير سبّ الورى .......... أرجو به الفوز من النّارِ) وكان مزاحاً كثير الهزل لا يكاد يحمل هماً مع أن الصاحب بهاء الدين ابن جني صادره وأخذ منه نحو ثلاثين ألف دينار عندما قدم أخوه نور الدولة السامري من اليمن. ونكب في دولة الملك المنصور وطلبه الشجاعي إلى مصر وأخذت منه حزرما وغيرها وتمام مائتي ألف درهم. وكان يسكن هذه الدار المليحة التي وقفها رباطاً ومسجداً، ووقف عليها باقي أملاكه. وروى عنه الدمياطي في ' معجمه '، وذكر أنه يعرف بالمقري. ومات في عشر الثمانين في شعبان، ودفن في إيوان داره. 396 - أحمد بن مظفَّر. كمال الدين ابن الحظيري، التاجر. رجل معمر، متميز، فيه فضيلة ومكارم وعزلة عن الناس. ولد سنة ثمان وستمائة. وقال إنه سمع ' المقامات ' على ابن القبيطي. توفي في المحرم بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 294 397 - إبراهيم بن عبد العزيز بن أحمد بن يوسف بن يحيى بن كامل. الإمام، أبو إسحاق، برهان الدين المقدسي، الأباري. خطيب أرزونا. روى عن: الفخر الإربلي. وتوفي في شعبان عن ست وسبعين سنة، فاتني الأخذ عنه. 398 - إبراهيم بن محمد بن عثمان بن الخضِر. الشيخ بهاء الدين ابن الأرزني، الكاتب. شيخ متميز، مليح الكتابة، حسن الفضيلة. طلب مدة، وكتب الكثير. وسمع من أصحاب الخشوعي، وحدث ببعض الحصون. وتوفي في رجب بحلب. 399 - أزْدَمُر العلائيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 295 الأمير الكبير، عز الدين، أخو الحاج علاء الدين طيبرس. شيخ تركي، مهيب، شجاع، شرس الأخلاق، قليل الفهم. توفي في ذي القعدة بداره التي عند مأذنة فيروز. ودفن بتربة له إلى جانب داره، وحضره ملك الأمراء والدولة. 400 - إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن سلامة بن علي بن صدقة. العدل، الرئيس، نفيس الدين الحراني، ثم الدمشقي، ناظر الأيتام. ولد سنة ثمان وعشرين. وسمع ' الموطأ ' من مكرم، وحدث. وسمع بنفسه من ابن مسلمة، وغيره. وله دار مليحة بالرصيف وقفها دار حديث، فولي مشيختها القاضي تاج الدين الجعبري. وقرأ بها الشيخ علم الدين، ونزل بها الشيخ أبو الحسن الختني، وجماعة. توفي في رابع ذي الحجة. - حرف الباء - 401 - بهادُر العجميّ. الأمير الكبير، سيف الدين المنصوري. شاب حسن الشكل، مليح الجملة، موصوف بالديانة والأخلاق الرضية. حج بالناس في السنة الماضية، وشكروه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 296 توفي بالديماس في ربيع الآخر. - حرف الجيم - 402 - جعفر ابن محمد بن عبد الرحيم بن أحمد بن حجّون بن محمد بن حمزة. الإمام، المفتي، ضياء الدين، أبو الفضل الصعيدي، الحسيني، الشافعي. أفتى بضعاً وأربعين سنة، ودرس بمشهد الحسين وبمدرسة زين التجار. وبرع في المذهب وناظر. ولد في أواخر سنة ثمان عشرة وستمائة. وسمع وهو شاب من: أبي الحسين بن الجميزي، وأبي القاسم السبط. سمعت منه. ومات في عشر ربيع الأول بمصر. - حرف الحاء - 403 - حسن. الشيخ نجم الدين الكاتب. دمشقي فاضل، كتب لصاحب صهيون، ثم كتب لأودلاه من بعده. ثم تزهد في سنة أربع وثمانين وستمائة. ومات في هذه السنة. لا أعرفه، ولكني رأيت المولى شمس الدين الجزري ذكر ترجمته في ' تاريخه ' في كراس كامل، وبالغ في وصفه بالزهد
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 297 والأحوال والعرفان، وأن له كرامات. ثم سرد شيئاً من حقائقه على نموذج النجم ابن خلكان. وهو بعبارة ركيكة، ومعان ردية. ويفسر معاني الحروف، ومعنى منكر ونكير، نسأل الله السلامة. - حرف الخاء - 404 - خليفة بن الشيخ أمين الدّين عبد الله بن عبد الأحد بن شُقَير. الصدر: شهاب الدين الحراني، التاجر. كان أرأس إخوته وأحسنهم شكلاً، مع فضيلة ومكارم وأخلاق حسنة. سمع من ابن عبد الدائم، وما حدث. توفي في صفر بدمشق. وكانت له جنازة حفلة، رحمه الله. - حرف الدال - 405 - دانيال بن منكل بن صرفا. القاضي ضياء الدين، أبو الفضائل التركماني، الكركي، قاضي الشوبك. شيخ متميز، مليح الهيئة، تام الشكل، مجموع الفضائل. ولد سنة سبع عشرة وستمائة. وسمع من ابن اللتي بالكرك. وقدم دمشق فقرأ القراءآت على السخاوي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 298 وسمع من: كريمة وجماعة. ورحل فسمع ببغداد من: ابن الخازن، وعبد الله بن عمر بن النخال، وهبة الله ابن الدوامي، وإبراهيم بن الخير، وجماعة. وبحلب من: ابن خليل، وبمصر من: يوسف الساوي، وابن الجميزي. وولي قضاء الشوبك مدة، ثم سكن دمشق. وولي القضاء بأماكن. وخرج له شمس الدين ابن جعوان أربعين حديثاً وقرأها عليه. وسمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة. وكتب عنه الحافظ جمال الدين ابن الصابوني في سنة سبع وأربعين قطعة من شعر السخاوي. وحدث بالكثير، ثم عاد إلى قضاء بلده. ولم ألقه. توفي في رمضان بالشوبك، وقيل في شعبان. - حرف السين - 406 - سالم بن أحمد بن سالم بن سيف بن عون. العدل، فخر الدين ابن السلالمي القرشي، الدمشقي، الخشاب. سمع من: أبي القاسم بن صصرى ؛ ومن: الرشيد بن مسلمة. وكان من شهود القيامة ومن عدول القضاة. فاتني الأخذ عنه. وسمع منه: البرزالي، وغيره. وعاش ثمانين سنة، ومات في صفر. 407 - سُنْقُر. الحاج علاء الدين التركي، الخزندار، عتيق الأمير جمال الدين
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 299 أيدغدي، العزيزي. كان من أمراء الحلقة المصرية، وفيه دين وعقل. وكان يتردد إلى شيخنا ابن الظاهري، وأوصى له بمبلغ. وحدث عن: سبط السلفي بحر الهذلي. توفي بالقاهرة في حدود صفر. - حرف الشين - 408 - الشمس الحلبيّ. النقيب، واسمه أحمد. شيخ ضخم، أبيض الشيبة، له رواء ومنظر. عمل النقابة لابن الصائغ ولابن الخويي. وجلس في الآخر يشهد بمسجد البياطرة. وتوفي في ذي القعدة، وقد أسن. - حرف الصاد - 409 - صالح بن سَلْمان. الشيخ تقي الدين المغربي، المالكي. رجل مبارك ابتلي بالفالج مدة. وكان قد سمع من: الزين خالد، وابن عبد الدائم، وطائفة. وحدث. توفي في ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب الصغير، رحمه الله. - حرف الطاء - 410 - طلحة بن محمد بن علي بن وهْب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 300 القاضي العالم، ولي الدين، ابن العلامة قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد، الشافعي. ناب في الحكم عن: والده. وتوفي شاباً في ربيع الأول. - حرف العين - 411 - عبد الخالق بن عبد السّلام بن سعيد بن عَلْوان. القاضي، الإمام، تاج الدين، أبو محمد، المعري الأصل، البعلبكي، الشافعي، الأديب. ولد سنة ثلاث وستمائة. وحدث عن: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والمجد القزويني، والكاشغري، والعز ابن رواحة، والتقي أبي أحمد علي بن أحمد بن واصل البصري، وأحمد بن هشام اللبلي، والزكي أبي عبد الله البرزالي، وجماعة. وأجاز له أبو اليمن الكندي. وروى الكثير، وتفرد في زمانه، ورحل إليه. وحدث ب ' سنن ابن ماجة ' بدمشق. وسمعاه منه ببعلبك، وأكثرت عنه. وهو من جلة شيوخي علماً وديناً وصلاحاً وعلو إسناد وتواضعاً، وأدباً ومروءة. وله ترسل وشعر جيد. ولي قضاء بعلبك وحمدت مسيرته. وكان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 301 صاحب أوراد وتهجد وبكاء من خشية الله. وحضرت درسه بالأمينية وهو ابن نيف وتسعين سنة. توفي ليلة الأربعاء تاسع المحرم، وشيعه خلق كثير، ودفن بمقبرة باب سطحا. وممن حدث عنه: أبو الحسين اليونيني، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو الحجاج المزي. وقد رويت أنا عنه في حياته. 412 - عبد السّلام بن محمد بن مزروع بن أحمد. الإمام، المحدث، القدوة، عفيف الدين، أبو محمد البصري، الحنبلي. ولد بالبصرة سنة خمس وعشرين وستمائة. وحدث عن: المؤتمن بن قميرة، وفضل الله الجيلي. وجاور بالمدينة أكثر عمره. وحج أربعين حجة متوالية. وكان من محاسن الشيوخ علماً وعملاً. وله شعر حسن. سمع منه البرزالي خمسة أجزاء، ووصفه بالسؤدد والحفظ والفضل والعقل. وتوفي في الثالث والعشرين من صفر
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 302 413 - عبد القادر بن محمد بن أبي الكرم عبد الرحمن بن عَلَويّ بن علويّ بن جعفر. القاضي الأجل، تاج الدين ابن القاضي عزيز الدين العقيلي، السنجاري، الحنفي. ولد بدمشق في سنة ثلاث وعشرين وستمائة. وسمع ' الصحيح ' من ابن الزبيدي. وسمع من الإمامين جمال الدين الحصري، وتقي الدين ابن الصلاح. وولي قضاء الحنفية بحلب، ونظر الأوقاف العصرونية. وقدم دمشق في آخر عمره، وحدث بها بالمائة البخارية، ولم يتفق لي أن أسمع منه، ورجع إلى حلب فتوفي في الثامن والعشرين من شعبان. 414 - عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الواحد. نجم الدين ابن صدقة الكاتب، ابن عم النفيس. واقف النفيسية. خدم في جهات الظلمة. ومات بصافيتا في ربيع الآخر. وقد سمع من الرشيد بن مسلمة. وطلب الحديث فسمع من: إبراهيم بن خليل، وابن عبد الدائم، والطبقة. وحفظ ' التنبيه ' ثم دخل في التصرف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 303 415 - عبد الواحد بن كثير بن ضرغام. الشيخ المقرئ، جمال الدين المصري، ثم الدمشقي، نقيب السبع الكبير، والغزالية. قرأ على السخاوي، وحدث عنه. ونسي القراءآت، فلهذا لم يقرأ عليه أحد. وكان شيخاً قصيراً، مسنداً، له مسجد بداخل باب شرقي. توفي في آخر رجب. وقد روي عنه ابن الخباز في ' مشيخته '. وسمعت منه. 416 - عثمان بن محمَّد بن منيع بن عثمان بن شاذي. شمس الدين المؤذن، ابن البشطاري. ولد بعد الأربعين بالقاهرة. وسمع من: ابن رواج، والمرسي. وقدم علينا مع السلطان، وسمعنا منه. وكان موصوفاً بطيب الصوت ومعرفة الموسيقى. توفي بقوص في رجب أو شعبان. وعمل المؤذنون بدمشق عزاءه في سادس رمضان. 417 - عثمان بن موسى بن رافع بن منهال. أبو عمرو اليونيني، الزاهد، فقيه قرية نبحا من أعمال بعلبك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 304 سمع: أبا القاسم بن رواحة، وإسماعيل بن ظفر. سمع منه: ابن أبي الفتح، والبزالي، وابن النابلسي، وأنا، وطائفة. وكان شيخاً، مقرئاً، صالحاً، وقوراً، حسن السمت. توفي في أول ربيع الآخر ببعلبك، وعاش أربعاً وسبعين سنة. 418 - عثمان بن يوسف بن مكتوم بن موهوب. أبو عمرو السلمي، الزرعي. ولد سنة أربع وعشرين. وحدث عن: ابن اللتي. وكان بحوران وبها مات في أواخر هذه السنة. 419 - العلاء بن الليث. الشيخ الفقير بيشروش الحريرية وكبيرهم. صحب الشيخ، وكان من أبناء الثمانين، وحج مرات كثيرة. توفي في صفر رحمه الله. 420 - علي بن سعيد. الزولي، الرجل الصالح. سمع الكثير في الكهولة. وكان ديناً، خيراً، متعففاً، شيخاً طوالاً. أحسبه كردياً. وكان يبيع في الكتب والكراريس يوم الجمعة ويرتفق بذلك. توفي في ربيع الأول. وقد نيف على السبعين. 421 - علي بن محمد ابن المنيّر. فيه اختلاف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 305 مذكور في سنة خمس. 422 - عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض. قاضي القضاة، عز الدين، أبو حفص المقدسي، الحنبلي. ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة. وسمع من: جعفر الهمداني، والضياء أحمد. وحضر ابن اللتي. وانتقل إلى القاهرة، فسمع بها من: عبد الوهاب بن رواج، وسبرة السلفي. وتفقه بها على الشيخ شمس الدين ابن العماد، وبرع في المذهب ودرس وأفتى، وتزوج بابنة الشيخ زينب والدة قاضي الحنابلة اليوم. سمعت منهما معاً. وكان مشكور السيرة، محمود الأحكام، متثبتاً في القضايا، ممن يركن إلى إثباته لدينه وثباته. وكان أبيض الرأس واللحية سميناً، تام الشكل، كامل العقل. توفي في صفر. 423 - عيسى بن يحيى بن أحمد بن محمد بن مَسْعود.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 306 الشيخ، المحدث، الإمام، ضياء الدين، أبو الهدى الأنصاري، السبتي، الصوفي. ولد بسبتة سنة ثلاث عشرة وستمائة، وقدم في الصبي واستوطن القاهرة. وسكن دمشق مدة في الدولة الناصرية. وحدث عن: أبي القاسم الصفراوي، ويوسف بن المخيلي، وعلي بن المقير، وعبد الرحمن بن الطفيل، والحسن بن إبراهيم بن دينار، وحمزة بن عمر الغزال، وابن الصابوني وطائفة. وخرج له التقي عبيد ' أربعين تساعيات ' أبدالاً، سمعتها منه. وكان مليح القراءة للحديث، حسن المعرفة، كبير الحرمة. ألبسني الخرقة، وذكر لي أنه لبسها بمكة من الشيخ شهاب الدين السهروردي، وأنشدني في ذلك أبياتاً حسنة، يذكر فيها أنه ما رأى مثل الشيخ في العرفان. وكان متواضعاً، بساماً، متنسكاً بزي الصوفية والفقهاء. توفي في تاسع عشر رجب بالقاهرة فجأة. وكان لشيخنا الدمياطي رفيقاً وصديقاً. - حرف الفاء - 424 - فضل الله ابن إمام الدين عمر بن أحمد بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 307 القاضي بدر الدين عمر بن أحمد بن محمد. قدم دمشق ليحج فنزل بتربة أم الصالح عند ابني أخيه القاضي إمام الدين والخطيب جلال الدين، فحصل له ضعف وانزعاج من السفر، ولم يمكنه الحج، فلما عاد رفقته من الحج هم بالعود إلى الروم فلم يمكن، وكان في شيخوخته يكرر على ' الوجيز '. وكان له حلقة. اقرأ بتبريز، ثم ولي قضاء ينكسار، بلدة بالروم. وكانت له خبرة بالحساب وغير ذلك. وتوفي في ربيع الآخر، وشيعه الخلق لأجل ابني أخيه. وكان ينطوي على دين وخير وعبادة. - حرف الميم - 425 - محمَّد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي. العدل، الخطيب، معين الدين، أبو المعالي ابن الصواف الإسكندراني، المالكي، الشروطي. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع ' أربعي السلفي ' من جده، قرأتها عليه. وهو أخو شيخنا شرف الدين يحيى. وكان شيخاً جليلاً، حسن البزة، أبيض اللحية، تام الشكل، ينوب في خطابه الثغر، ويعقد الوثائق. توفي في العشر الأوسط من ربيع الآخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 308 426 - محمد بن أحمد بن عبد الله. ابن التليل، شرف الدين، أبو عبد الله الأندلسي، ثم الدمشقي. محدث صالح. ولد سنة تسع عشرة وستمائة ظناً. وسمع من: السخاوي، وشيخ الشيوخ بن حمويه، وابن الصلاح. ولم يدلوني عليه بالقاهرة، وبها مات في ثامن عشر ربيع الأول. ويعرف أيضاً بابن صمادح. كان يذكر أنه من أولاد صاحب المرية المعتصم بن صادح. روى عنه الحافظ عبد الكريم في ' تاريخه '. 427 - محمد بن بركة بن أبي الحسن بن أبي البركات. الشيخ أبو عبد الله ابن الشمعي، البغدادي، الخريمي. شيخ متعفف، قانع باليسير، دين. سمع ببغداد من: إبراهيم بن الخير، وابن المني، وابن قميرة، ومحمد بن أبي السهل الواسطي. أفادنا السماع منه أبو العلاء الفرضي، وذهب بنا إلى بيته بالعقيبة. وتوفي في هذه السنة وهو في عشر السبعين. 428 - محمد بن بلغزا بن بلغزا بن دارة بن رستم. الشيخ قمر الدين البعلبكي، الحنبلي. رجل عامي، دين، مكثر عن البهاء عبد الرحمن. ولد في نصف جمادى الآخرة، سنة ثلاث عشرة. وسمع منه جماعة من الكبار ببعلبك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 309 وكتب إلي بوفاته شيخنا أبو الحسين في رابع المحرم. 429 - محمَّد بن جوهر بن محمَّد. أبو عبد الله التلعفري، المقرئ، المجود، الصوفي. ولد بتلعفر سنة خمس عشرة وستمائة. وقرأ على أبي إسحاق بن وثيق لأبي عمرو، وأخذ عنه التجويد ومخارج الحروف. وسمع بحلب من: ابن رواحة، وابن خليل، والصلاح موسى بن راجح، وغيرهم. وقدم علينا دمشق فنزل بالخانكاه، وجلس للإقراء والتلقين في سنة تسعين. وقرأت عليه مقدمته في التجويد، وجزءاً من الحديث. وكان شيخاً ظريفاً، فيه دعابة وحسن محاضرة. توفي بالسميساطية في صفر. 430 - محمّد بن حازم بن حامد بن حسن. الإمام الصالح، شمس الدين، أبو عبد الله، ابن الشيخ القدوة حازم. أول سماعه حضور في الخامسة من أبي القاسم بن صصرى. وسمع من: ابن الزبيدي، والناصح بن الحنبلي، وسيف الدولة بن غسان، والفخر الإربلي، وابن اللتي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 310 وأكثر عن الحافظ الضياء. وكان شيخاً زاهداً، وقوراً، عالماً، فقيهاً، حنبلياً، نوراني الوجه، ظاهر الجلالة، كثير القدر. روى ' صحيح البخاري ' في هذه السنة. وقد حدث عنه ابن الخباز في ' معجمه ' سنة اثنتين وستين. وسمع منه جماعة من رفاقنا. وسافر لزيارة المسجد الأقصى، فأدركه الأجل بعد عوده بنابلس في ثامن عشر ذي الحجة، رحمه الله. 431 - محمد بن عاصم بن عُبَيْد الله. أبو عبد الله الرندي، الأندلسي. طالب نبيه، له فهم وعناية بالرواية. رأيته وسلمت عليه بالقاهرة، وكان كهلاً، قد سمع سنة نيف وثمانين وبعدها. وكتب الأجزاء. توفي في هذه السنة. 432 - محمَّد بن عبد الباقي بن عبد الرحمن. المحدث الرئيس قطب الدين الأنصاري، المصري. محدث، عارف، فهم، جيد التحصيل، سريع الكتابة. لم أجتمع به. وبلغني أنه يصنف ويجمع، وله طيلسان وبزة جميلة. وكان أبوه عز الدين خطيب مصر. ورأيت خطه مليحا معلقاً في آخر الفرضي، وأحسبه سمع قبل الثمانين. ومات ولم يرو. 433 - محمَّد بن محمَّد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد القاهر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 311 الرئيس، ضياء الدين، أبو المعالي الحلبي، الكاتب، المعروف بابن النصيبي. ولد في خامس صفر سنة ثمان عشرة. وسمع من الكاشغري حضوراً. وسمع من: ابن روزبة، وعبد اللطيف بن يوسف، والقاضي يوسف بن شداد، وابن اللتي، وابن رواحة، وطائفة. وطلب الحديث بنفسه، وتفقه ودرس بعصرونية حلب. وروى الكثير. وولي المناصب الكبار، ووزر لصاحب حماة. وأجاز لي هو وأخوه مروياتهما. وتوفي بحلب في رجب. 434 - محمد بن أبي بكر بن بركات بن يوسف بن بطّيخ. شيخ متعفف، رث الحال، دلال في سوق الرحبة. ولد بين سنجار ورأس عين في حدود العشرين. وكان أبوه معماراً للملك الأشرف، فقدم دمشق في خدمته. وسمع محمد من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والناصح بن الحنبلي. وكتب عنه الطلبة. وسمعت منه. ومات في صفر في أواخره. وكان ديناً مصلياً. 435 - محمد بن أبي بكر بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 312 الإمام رضي الدين، أبو عبد الله، المعروف بابن خليل المكي، الشافعي. شيخ الحرم، والد صاحبنا المحدث عبد الله أسعده الله. ولد سنة ثلاث وثلاثين وستمائة في أيام التشريق بمنى. وروى عن: ابن الجميزي، وغيره. وكان فقيهاً، عالماً، مفتياً، ذا فضائل ومعارف وعبادة وصلاح، وحسن أخلاق. توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجة. وقد سمع منه: ابن العطار، والبرزالي، وجماعة. وأجاز له مروياته. 436 - مُسَيَّب ابن الشيخ علي. الحريري: شيخ مبارك من أولاد المشايخ. توفي بقرية بسر في ربيع الآخر، واحتفل الفقراء لموته، وعملوا السماع والطعام على عادتهم. - حرف النون - 437 - نوروز. نائب السلطان لغازان. كان ديناً مسلماً، عالي الهمة. حرص بغازان حتى أسلم وملكه البلاد، ثم فسد ما بينهما، فقتل غازان أخو نوروز وأعوانه وجهز لقتاله خطلوشاه النوين، فتقلل جمع نوروز، واحتمى بهراة، فقاتل عنه أهلها لدينه، ثم عجزوا عن نصرته، وأسر نوروز، ثم قتل وبعث برأسه إلى الملك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 313
- حرف الياء - 438 - يحيى بن محمد بن عبد الصّمد بن عبد الله بن عبد الله بن حَيْدَرة. الفقيه محيي الدين، أبو المفضل السلمي، الزيداني، الشافعي، المعروف بابن العدل. ولد بدمشق في سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وروى لنا عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي. وحدث بالزبداني، ودمشق. ودرس بمدرسة جده العدل، وكان متواضعاً، متزهداً، سليم الباطن. حدث عنه ابن الخباز من سنة اثنتين وستين وستمائة. وتوفي في المحرم. 439 - يوسف بن عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن. العدل، الجليل، بدر الدين، أبو المحاسن ابن قاضي القضاة شمس الدين الأذرعي، الحنفي، ثم الصالحي. فقيه، فاضل، عاقل، مهيب. ولد سنة تسع عشرة وستمائة بالصالحية. وسمع من: ابن الزبيدي، وجمال الدين ابن الحصيري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 314 وحدث عنه: ابن الخباز، وغيره. وسمعت منه مع الفرضي. توفي في سنة ثالث عشر ربيع الأول، ودفن عند والده. 440 - يوسف بن هلال بن أبي البركات. أبو الفضل الحلبي، الفقيه. أديب عالم. بلغني أن له أرجوزة في الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي. ومات في عشر السبعين في المحرم بالقاهرة. 441 - يوسف بن هبة الله. الإسرائيلي، المسلم، الشيخ جمال الدين الحلبي، الطيب، الفاضل، المعروف في القاهرة بالصفدي، لأنه سكن صفد مدة. له كلام جيد على
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 315 [آيات] من كتاب لديه يدل على ذكائه واطلاعه. قد كتبه الشيخ أبو بكر بن شرف، وهو الذي أرخ وفاته. - الكنى - 442 - أبو تغلب بن أحمد بن أبي تغلب بن أبي الغيث. الشيخ نجم الدين الفاروثي. ولد في شوال سنة خمس وستمائة ببغداد. وله سمع بها في صغره لروى لنا عن الحافظ ابن الأخضر وطبقته. وقد سمع بنفسه، وروى ' صحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي. وسمع أيضاً من: ابن باسويه، ويوسف الساوي. وكان شجاعاً، صالحاً، خيراً. أظنه كان يتبحر. قرأت عليه أحاديث من البخاري ومات في سادس المحرم بدمشق. وابنه من قراء السبع قلانسي. وفيها وُلد: الشيخ بهاء الدين محمد ابن إمام المشهد، والأخوان التوم: عماد الدين عمر، وشمس الدين محمد، ابنا خطيب بيت الآبار موفق الدين محمد بن عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 316
سنة سبع وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 443 - أحمد بن إسماعيل بن مكارم. الدمشقي، القلانسي. فقير صعلوك. سمع مع ابن الخلال من: ابن اللتي، وجعفر الهمداني، وكريمة. سمع منه البرزالي. وتوفي في رجب أو قبله. 444 - أحمد بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة بن سلطان بن مسرور. الشيخ، الإمام الكبير، شهاب الدين المقدسي، النابلسي، الحنبلي، مفسر المنامات. ولد بنابلس في ثالث عشر شعبان سنة ثمان وعشرين وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 317 وسمع من عمه التقي يوسف في سنة ست وثلاثين. ومن الصاحب محيي الدين يوسف ابن الجوزي. وسمع بمصر من: ابن رواج، والساوي، وابن الجميزي. وبالإسكندرية من سبط السلفي. وروى الكثير بدمشق والقاهرة. وكان إليه المنتهى في تعبير الأحلام. قد اشتهر عنه في ذلك عجائب وغرائب، ويخبر صاحب المنام بغيبيات لا يقتضيها المنام أصلاً. وبعض الناس يعتقدون فيه الكشف والكرامات، وبعضهم يقول: ذلك مستنبط من المنامات، وبعضهم يقول: ذلك كهانات أو إلهامات. ولكل منهم في دعواه شبه وعلامات. حدثني الشيخ تقي الدين ابن تيمية أن الشهاب العابر كان له رئي من الجن يخبره بالمغيبات. والرجل فكان صاحب أوراد وصلوات، وما برح على ذلك حتى مات. وله الباع الطويل في التعبير. صنف في ذلك مقدمة سماها ' البدر المنير ' قرأها عليه علم الدين البرزالي. وسمعنا منه أجزاء. وكان عارفاً بالمذهب. وقد ذكر لتدريس الجوزية لما قدم علينا، ونزل بها. وكان شيخاً حسن البشر، وافر الحرمة، معظماً في النفوس. أقام بمصر مدة، وقام له بها سوق، وارتبط عليه جماعة. ثم رسم بتحويله من القاهرة. توفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة ودفن بمقابر باب الصغير. وحضر للصلاة عليه ملك الأمراء والقضاة والخلق، والله أعلم بسريرته. 445 - أحمد بن عبد الرّزّاق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 318 الخالدي، الوزير، صاحب ديوان الممالك الغازانية. قتل هو وأخوه القطب، وأخوهما زين الدين. وكان ظالماً عسوفاً، نسأل الله العفو. 446 - أحمد بن عثمان بن قايماز بن أبي محمَّد. عبد الله التركماني، الفارقي الأصل، الدمشقي، الذهبي المعروف بالشهاب، والدي، أحسن الله جزاءه. ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة بدمشق، وبلغ الحلم في سنة هولاكو، وبرع في صنعة الذهب المدقوق وتميز فيها. وسمع ' صحيح البخاري ' في سنة ست وستين وستمائة على المقداد القيسي، عن سعيد بن الرزاز، عن أبي الوقت. وأجاز له تقي الدين ابن أبي اليسر، وجمال الدين بن ملك، وجماعة. وسمع معي ببعلبك من التاج عبد الخالق، وزينب بنت كندي، وجماعة. وقد استفك من عكا مرتين، وأعتق غلامين وجارية، وأرجو أن الله قد أعتقه من النار بذلك وببره وصدقته ومروءته، وخوفه من اله، ولزومه للصلوات، ورحمته للضعيف، وصحة إيمانه، وثناء سائر من يعرفه عليه يوم جنازته ظاهراً وباطناً فيما علمت. وقد حج سنة ثمان وسبعين حجة الإسلام. وتوفي صبيح يوم الجمعة سلخ ربيع الآخر، وصلى عليه قاضي القضاة بدر الدين الخطيب، وشيعه إلى المصلى الشمالي جمع مبارك، منهم شيخنا ابن تيمية، وشيخنا برهان الدين الإسكندري ودفناه بالجبل بتربة اشتراها لنفسه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 319 قرأت على والدي - رحمه الله - بالربوة سنة خمس وتسعين، عن إسماعيل بن إبراهيم، أن أبا طاهر الخشوعي أخبرهم: أنا هبة الله الأمين، أنا أبو بكر الحافظ، أنا علي بن محمد الواعظ، نا سليمان الطبراني: سمعت زكريا الساجي قال: كنا نمشي في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فأسرعنا، وكان معنا رجل ماجن متهم في دينه فقال: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة ولا يكسروا. كالمستهزئ. فما زال موضعه حتى جفت رجلاه وسقط. 447 - أحمد بن عثمان بن أبي الرجاء. الرئيس شهاب الدين ابن السلعوس، التنوخي، الدمشقي، أخو الصاحب شمس الدين. رجل عاقل دين، ثقيل السمع، محب لسماع الحديث، كثير البر والصدقة. ولي نظر الجامع، ورزق الجاه العريض في دولة أخيه. ثم ذهب ذلك وعاد إلى حاله. وسمع من ابن عبد الدائم. وبالإسكندرية في تجارته من عثمان بن عوف. وسمع من البرزالي. وتوفي في جمادى الأولى، رحمه الله. ومات كهلاً. 448 - إبراهيم بن أحمد بن عُقْبة بن هبة الله بن عطاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 320 القاضي، الإمام، صدر الدين ابن الشيخ محيي الدين البصراوي، الحنفي. ولد سنة تسع وستمائة ببصرى، ودرس وأفتى، وأعاد بمواضع وولي قضاء حلب مديدة، ثم عزل. وكان له كفاية بدمشق. ثم إنه قبل موته سافر إلى مصر وتوصل إلى أن حصل تقليداً بقضاء حلب على مذهب أبي حنيفة. وقدم دمشق فأدركه الموت. وتعجب الناس من حرصه في هذا السن، مع أنه مكفي. توفي بالجبل في شهر رمضان. 449 - إسماعيل بن أبي بكر بن صدّيق. الفقيه، المقرئ، شهاب الدين الدمشقي، الشافعي، المعروف بالخيوطي. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وسمع بمصر من ابن الجميزي، وغيره. وبدمشق من: ابن قميرة، وابن الصلاح. وتفقه، ونزل في المدارس. وكان صالحاً، خيراً، متنسكاً. سمعت منه، ومات في رجب. - حرف الباء - 450 - البُرهان الخُتْنيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 321 الحنفي، الصوفي، واسمه عبد العزيز بن محمد. شيخ إمام، فاضل، زاهد، كبير القدر، صاحب عبادة وقناعة وتقلل وزهادة. وكان من كبار أهل السميساطية. توفي في ربيع الأول، رحمه الله. - حرف التاء - 451 - التّكريتيّ. أحد أمراء دمشق المنصورية. رأيته تركياً، مليح الشكل، لم يتكهل، واسمه شمس الدين سنقر. وقد ولي أستاذية دار الملك السعيد. توفي في الغزاة بحلب. - حرف الجيم - 452 - جِبْريل بن إسماعيل بن جبْريل بن سيّد الأهل بن رافع. أبو الأمانة المقدسي، ثم الشارعي، العطار، الحطاب. ولد سنة اثنتين وعشرين أو أربع وعشرين وستمائة. وسمع من: عبد العزيز بن باقا، ومكرم، ومرتضى ابن العفيف. وحدث سنة بضع وخمسين، فسمع منه الأبيوردي، وخرج عنه في ' معجمه '. وسمع منه: شيخنا ابن الظاهري، والطلبة. ثم سمع منه: قطب الدين، وابن سامة، والبرزالي. ثم أدركته وسمعت منه جملة من النسائي. وكان شيخاً، ديناً، خيراً، متواضعاً، له دكان للعطر والسدر، وله مسجد يؤم به. وبلغنا موته في هذه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 322 السنة، وقيل: توفي في السنة الماضية، وكأنه أشبه، فإني وجدت أنه توفي بعد ابن الأغلاقي بمدة ليست بالطويلة. 453 - جوزة. أم يحيى، عتيقة النجم محمد بن أبي بكر البلخي. عجوز صالحة، مؤثرة للفقهاء، كريمة النفس. حجت سبع مرات، وقل أن تهيأ هذا لامرأة. وسمع منها علم الدين باللجون. وسمع منها بقراءة الشيخ علي بن نفيس جزءاً روته عن مولاها. توفيت في أحد الجمادين. - حرف الحاء - 454 - الحسن بن علي بن أبي الحسن بن منصور. الشيخ الصالح، الزاهد، بقية المشائخ، ابن الشيخ الحريري. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. وكان شيخ الطائفة الحريرية. وكان مهيباً، مليح الشيبة، حسن الأخلاق، له مكانة عند الناس وحرمة زائدة. قدم مرات من قرية بسر إلى دمشق. وبها توفي في عاشر ربيع الآخر. 455 - الحسن بن مظفّر بن عبد المطَّلب بن عبد الوهّاب بن مناقب بن أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 323 الشريف، العدل، شمس الدين، أبو محمد الحسني، المنقذي، الدمشقي. ولد سنة ثمان عشرة وستمائة. وروى عن: الفخر الإربلي، وأبي نصر ابن الشيرازي، وعبد العزيز ابن الدجاجية، وإبراهيم بن الخشوعي. وسمعت منه. ناب في الحسبة مديدة، وشهد تحت الساعات. وابتلي بالبلغم، فكان إذا مشى يعدو بغير اختياره، ثم يسقط، ثم يستريح ويقوم. - حرف الزاي - 456 - زكيُّ الدين ابن اللبَّان. شيخ متميز، يلبس القباء، ويتعانى الشد. وكان فيه جودة وخير. وهو من أصحاب القاضي ابن الصائغ. 457 - زين الدين ابن شرف الدين بن الشيخ حسن بن عديّ بن أبي البركات. العدوي. من مشايخ العدوية. توفي بمصر، وصلوا عليه صلاة الغائب بدمشق في ربيع الآخر. 458 - زينب بنت جابر بن حبيب الخبّاز. أم محمد الصالحية. عجوز صالحة، تخدم الناس، وتلوذ بالمرداويين. روت عن: ابن اللتي. روى عنها ابن الخبّاز فضبط وفاتها في شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 324
- حرف السين - 459 - سعد الكازرونيّ. الصوفي، الزندبوشي، المقيم بمقصورة الخطابة. فقير، مليح، فيه دين وصلاح ومروءة وخدمة. توفي في ربيع الأول في عشر الستين. 460 - سليمان بن داود بن سلمان بن حُميد بن ماجد بن طرفان بن يوسف بن خالد بن كِسا. الضياء، أبو الربيع البلبيسي. ولد سنة ثمان عشرة ببلبيس. وسمع بدمشق من: سيف الدولة بن غسان، والناصح ابن الحنبلي، ومكرم، والإربلي، وابن صباح، وجماعة. وكانت حرفته الكتابة على باب الولاة ببلبيس. وسمع منه: البرزالي، والفرضي. وأنا، وجماعة. وكان أبوه من أهل العلم. بلغنا موته في هذه السنة. 461 - سَنْجر المصريّ. الأمير الكبير، علم الدين. من أمراء دمشق. - حرف الشين - 462 - شاورشيّ المنصوري.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 325 الأمير سيف الدين. من أمراء دمشق. كان يسكن بدرب كسك. مات بحلب في الغزاة في ذي القعدة. 463 - شاه ست ابنة الشيخ شمس الدين أبي الغنائم المسلّم بن محمد بن علاّن. القيسي. ولدت في حدود سنة ثمان عشرة وستمائة. وروت لنا عن عم أبيها مكي بن علان، وسمعت من حموها سالم بن صصرى. وهي والدة الإمام قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن صصرى. توفيت في العشرين من المحرم. وكنيتها أم أحمد. وكانت صالحة خيرة، كثيرة البر. وكف بصرها مدة. 464 - شُهْدة بنت محمد بن حسّان بن رافع بن سُمَيْر. العامرية، أمة الرحمن. ولدت في حدود سنة ثمان وعشرين. وسمعت من: جعفر الهمداني. وحضرت الإربلي. وأجاز لها ابن باقا، ومحمد بن عماد. وسمعت أيضاً من والدها خطيب المصلى أبي عبد الله القصر حجاجي. سمعت منها جزئين. وقد حدثت سنة نيف وستين. توفيت في أوائل السنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 326
- حرف الصاد - 465 - صُبيح الحبشيّ. المقرئ، فتى صواب المالقي، ثم المصري. ولد في حدود سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع من: ابن المقير، وابن رواج. وكان مؤذناً بمسجد بالحسينية. سمعت منه، ومات في ثاني عشر صفر، رحمه الله. 466 - صُنْبُغا. شهد غزوة سيس فجرح، وجاء إلى دمشق فمات بها في سابع ذي الحجة. وكان أحد الأمراء. - حرف الطاء - 467 - الطّقْصُبا النّاصريّ. الأمير الكبير، علاء الدين سنجر، التركي. شيخ عاقل مهيب، موصوف بالشجاعة. روى عن سبط السلفي. وكان من قدماء أمراء دمشق. أصابه زيار في حصار قلاع الأرمن في ركبته فحمل إلى حلب فمات قبل أن يقدمها، وحصلت له الشهادة إن شاء الله. توفي في آخر رمضان، ودفن بحلب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 327
- حرف الظاء - 468 - الظهير ابن الفقّاعيّ. هو محمود بن عثمان بن محمود الدمشقي، الذهبي، التاجر، السفار. شيخ ضخم، طوال، حسن البزة، من أهل سوقنا. له دكان وصناع. وكان يدير دكان الفقاع التي تحت الساعات، وله ثروة مرض مدة وتوفي في ذي الحجة وهو في عشر الثمانين. - حرف العين - 469 - عائشة بنت المجد عيسى بن الإمام موفَّق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. الصالحة، العابدة، المسندة، المعمرة، أم أحمد المقدسية، الصالحية. ولدت في سنة إحدى عشرة وستمائة، وأجاز لها القاضي أبو القاسم ابن الحرستاني، وجماعة. وسمعت من: أبيها، والشهاب ابن راجح، والعز محمد بن الحافظ، وغيرهم حضوراً. وسمعت من جدها، وغيره. وتفردت بأجزاء يسيرة. وسمعت أيضاً من: البهاء عبد الرحمن، والسراج أبي عبد الله بن الزبيدي، والضياء المقدسي. حدث عنها ابن الخباز في حياتها. وسمع منها عامة الطلبة: المقاتلي، وابن النابلسي، والمحب، وأنا، ويوسف الدمياطي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 328 توفيت في تاسع عشر شعبان. وكانت قد ثقل سمعها وما نأخذ عنها إلا بكلفة. وهي أخت الحافظ السيف. 470 - عبد الله التُّركيّ. الشيخ جمال الدين الزرادي، المقرئ، المجود، الضرير. قرأ القراءآت على الزواوي، وغيره. وكان مقرئاً بالظاهرية، وغيرها. توفي في جمادى الأولى. 471 - عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد الله بن وَرِّيْدَة. الشيخ المعمر، كمال الدين، أبو الفرج البغدادي، الحنبلي، المقرئ، البزاز، المكبر والده بجامع القصر. شيخ دار الحديث المستنصرية ويلقب بالكمال الفويرة، من الفروهية. انتهى إليه علو الإسناد في عصره. ولد قبل سنة ستمائة أو فيها. وسمع من: أحمد بن صرما، وأبي بكر بن زيد بن يحيى البيع، وأبي الوفاء محمود ابن مندة، قدم عليهم ؛ والمهذب بن قنيدة، وعمر بن كرم، ومحمد بن الحسن بن أشنانة، وأبي الكرم علي بن يوسف بن صبوخا، ويعيش بن مالك، ومحمد بن أحمد بن صالح الجيلي، وأبي صالح نصر بن عبد الرزاق الجيلي، وسعيد بن ياسين، ومحمد بن محمد بن أبي حرب النرسي، ومحمد بن أبي جعفر ابن المهتدي بالله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 329 وأجاز له: عمر بن طبرزد، وعبد الوهاب بن سكينة، والحسين بن شنيف، ومحمد بن هبة الله الوكيل، وعبد العزيز الأخضر، وخلق. وقرأ للسبعة على فخر الدين محمد بن أبي الفرج الموصلي الفقيه صاحب ابن سعدون القرطبي، وسمع منه كتابي ' التيسير ' و ' التجريد ' في القراءآت. وروى الكثير، وعمر دهراً طويلاً، وكنت في سنة أربع وتسعين وسنة خمس أتلهف على لقيه وأتحسر، وما يمكنني الرحلة إليه لمكان الوالد ثم الوالدة. ذكره الفرضي فقال: شيخ جليل، ثقة، مسند، مكثر. ولد سنة ثمان أو تسع وتسعين. قال: وسمع على أبي الوفا محمود ' كتاب الموت ' و ' كتاب الرقة والبكاء ' لابن أبي الدنيا وسمع ' صفة المنافق ' للفريابي، على ابن صرما، و ' جزء أبي الجهم ' على ابن قنيدة، وجزء ' عقلاء المجانين ' على ابن أبي حرب، وكتاب ' الإقناع ' في القراءآت الشواذ على عمر بن كرم، عن جده عبد الوهاب الصابوني، عن أبي العز القلانسي، عن أبي علي، عن الأهوازي، وكتاب ' الهداية ' لأبي الخطاب، على النجم يعيش الأنباري، أنا سعد الله بن الدجاجي، عن المصنف. ثم ذكر الفرضي عدة أجزاء تركتها. شاخ الكمال الفويرة وانهرم، وتغير قبل موته بأشهر. وقد أذن لي في الرواية عنه بجميع مروياته. وكتب بيده في ربيع الأول، في حال استقامته، من هذا العام وأجاز معي لمحمد بن البرزالي رحمه الله، ولأولاده قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، ولمحمد ابن الإمام كمال الدين الشريشي، ولأولاد شمس الدين ابن الفخر الخمسة، ولمحمد بن جمال الدين ابن الفويرة، ولفخر الدين المقاتلي، ولابن عمتي محمد بن الطحان، وخلق سواهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 330 مات في ذي الحجة. 472 - عبد الرحيم بن خَلَف بن أبي يَعْلى بن خَلَف. البور، أبو خلف الحارثي، المزي. شيخ أمي. روى ' تاريخ من نزل المزة ' عن عمه خطاب. وسمع منه الجماعة. وما تهيأ لي السماع منه. 473 - عبد العزيز بن أبي القاسم بن عثمان. الشيخ عز الدين، أبو محمد البابصري، البغدادي، الحنبلي، الصوفي، الأديب. من أعيان أهل السميساطية. ولد سنة أربع وثلاثين وستمائة. وسمع ' مشيخة الباقرحي ' على ابن الأجل في سنة إحدى وستين وستمائة بسماعه من ذاكر بن كامل. وسمع بدمشق من أصحاب ابن طبرزد. وكان عارفاً بالفقه، بصيراً بالأدب والشعر وأيام الناس. ضعف بصره، وطلب من الجماعة أن يسمعوا عليه. فسمع منه. البرزالي، وابن الصيرفي، وصديقه الإمام شمس الدين ابن الفخر وأولاده، وأنا. فروى لنا جزءاً نازل الإسناد عن إبراهيم بن أبي الفاخر، عن محمد بن مقبل ابن المني، وأنشد الجماعة لنفسه، ونحن نسمع، في ضوء بصره:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 331
(قعدتُ في منزلي حزيناً .......... أبكي على فقْد نور عيني)
(عاندني الدهرُ فيه حتّى .......... فرّق ما بينه وبيني)
(وبان عصرُ الشّباب عنّي .......... فصرتُ أبكي لفقد دين) وأنشدنا لنفسه: (سماع الحديث عن المصطفى .......... به قد رجوتُ حصول الشفا)
(فعنه أخذت الهُدَى والتُّقى .......... ومنه عرفتُ الرّضا والوفا)
(ونقْل الحديث بلفظِ الرُّواة .......... كؤوس تُدار لشُرب الصفا)
(وقارئنا قارئ مُطربٌ .......... وبالدّار أسماعَنا شنّفا)
(وأهلُ الحديثِ همُ الأولياء .......... وهم، شَهِدَ اللهُ، أهل الوفا)
(فلا ترغبن إلى غيرهم .......... وإن موّه القول أو زخرفا) وهي نحو من عشرين بيتاً. توفي العز البابصري في سابع عشر شوال. 474 - عبد الكريم بن عساكر بن سعْد أخي مكتوم ابني أحمد بن محمد بن سليم. زين الدين القيسي، الشافعي، إمام البازرائيه. والد الشرف عيسى الشاهد. وسمع من قاضي القضاة شمس الدين يحيى بن سني الدولة، وإسماعيل بن ظفر، وجماعة. ولم يحدث. توفي في شعبان. رأيته، وكان ثقيل السمع. 475 - عبد الكريم بن محمد بن محمد بن نصر الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 332 الصدر، العالم، شرف الدين، أبو السماح العبدي، الحموي، الشافعي، ابن المغيزل، وكيل بيت المال بحماة. شيخ مميز، كريم النفس، له همة وسعي، وفيه خدمة وتودد. ولد بحماة سنة ست عشرة وستمائة. وسمع ببغداد من أبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن، وأبي القاسم بن قميرة. وسمع ببلده من أبي القاسم بن رواحة. وحدث بدمشق وحماة. سمعت منه ' جزء البانياسي '. وتوفي بحماة في رابع عشر المحرم. 476 - عبد اللّطيف بن نصر بن سعيد بن محمد بن ناصر ابن الشيخ أبي سعيد. الميهني، الشيخي، شيخ الشيوخ بالبلاد الحلبية، ابن الشيخ بهاء الدين. يكنى أبا محمد، ويلقب بالنجم. سمع من جده لأمه حامد ابن أميري، وعبد الحميد بن بنيمان، ويحيى بن الدامغاني، وأبي الحسن بن روزبة، وغيرهم. ولد بحمص في سنة تسع وستمائة، واستوطن حلب، وحدث بها وكتب إلينا بمروياته. توفي في أوائل السنة فجأة، غص بلقمة. وكان مولده اتفاقاً يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأول.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 333 47 - علي بن محمد بن عَمرو بن سعد بن عبد الله. أبو الحسن المقدسي. ولد سنة ثلاث وعشرين. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وجعفر، والجمال أبي حمزة. وتوفي في المحرم قاله ابن الخباز. 478 - علي بن إسماعيل. تاج الدين، ابن الصاحب مجد الدين بن كسيرات المخزومي، الكاتب. شاب مليح، تام الشكل، ظاهر الرئاسة، له اشتغال ونظم، وفيه مروءة. وسمع كثيراً مع البرزالي، وكان بينهما مودة وصحبة في الحج. وخدم مدة بطرابلس، وبها توفي في ذي الحجة وله ثمان وعشرون سنة. 479 - علي بن عبد الواحد بن أحمد بن الخضِر. الرئيس علاء الدين ابن السابق الحلبي. نزيل دمشق، شيخ جليل متميز، من رؤساء الدولة الناصرية. وخدم في الجهات. وولي نظر مارستان نور الدين. ومات على نظر العشر والوكالة في صفر. وكانت له جنازة حلفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 334 480 - عمر بن أبي بكر بن يوسف بن يحيى. العدل، موفق الدين، ابن خطيب بيت الأبار، إنسان خير، منقطع عن الناس، ملازم للجماعات والذكر. وقد كان قبل ذلك يخدم في الدواوين. وشهد على القضاة. روى عن: الإربلي، وابن اللتي، وجماعة. سمعنا منه، ومات في عاشر ربيع الأول. 481 - عمر بن أبي طالب محمد بن أبي بكر محمد بن أبي طالب. ناصر الدين، أبو حفص الأنصاري، الدمشقي، المعروف بابن القطان. شيخ مبارك أعرج، كنت أراه بالجامع. وما سمعت منه. سمع من: كريمة، وخاطب المزي، وجماعة. ولد سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. وتوفي في ثامن شعبان. حدث عنه البرزالي، وأبو بكر الرحبي. - حرف الفاء - 482 - فاخرة بنت أبي صالح عُبَيد الله بن عمر بن عبد الرحيم بن العجميّ. روت عن: أبي القاسم بن رواحة. ولنا منها إجازة. توفيت بشيزر في السادس والعشرين من ربيع الآخر. 483 - الفاخريّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 335 الأمير سيف الدين. توفي بالقاهرة في ربيع الأول. - حرف الكاف - 484 - كُوجَبَا النّاصريّ. الأمير سعد الدين، متولي الإسكندرية. روى لنا أحاديث عن النجيب عبد اللطيف، وكان ختن شيخنا ابن الظاهري على ابنته. توفي بمصر في حادي عشر جمادى الأولى. وكان من أبناء السبعين. - حرف الميم - 485 - محمد بن إبراهيم بن أحمد. الفقيه العدل، أبو عبد الله التجيبي، المراكشي، المعروف بالدكربه. ولد سنة سبع وستمائة بمراكش. فأجاز له سنة عشر أبو محمد بن حوط الله وأخذ عن والده، ومحمد بن عبد الجبار البسوسي، وعبد الرحمن بن إسماعيل الحداد، وطائفة. وقال أبو عبد الله الوادياشي: لقيته فأجاز لي بخطه. ومات بتونس في أول جمادى الأولى سنة سبع. 486 - محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن يونس. مجير الدين ابن الخلال، ابن عم شيخنا البدر بن الخلال، الدمشقي. كان يعاني التجارة والسفر ومخالطة الدولة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 336 لقيه البرزالي بالقاهرة، وسمع منه ' مشيخة العماد عبد الله بن النحاس '، بسماعه منه. توفي في المحرم بقرية يبرودة، ونقل فدفن بتربة جد والدته العماد بن النحاس، وقد نيف على الخمسين. 487 - محمد بن الحسن بن عبد الله. الفقيه، زين الدين الغساني، النديم، الشافعي، قاضي تدمر. ولد بتدمر سنة اثنتي عشرة، وقدم دمشق فتفقه بها، وأخذ عن ابن الصلاح، وتفقه عليه. وذكر أنه سمع منه. وكان متقناً للفرائض، جيد الفقه. توفي بتدمر. قاله البرزالي في شيوخه بالإجازة. 488 - محمد بن حسين بن مبادر. الشيخ القدوة العراقي، المعروف بالزياتيني: صاحب زاوية وفقراء. أجاز في هذا العام. كان صائماً يوم عرفة فحضر مجلس ابن السهروردي وحوله الفقراء وهو يتلو فلما وعظ ابن السهروردي مال الشيخ قليلاً فحمل إلى زاويته ميتاً، ودفن يوم النحر، وكان يوماً مشهوداً. قال ولده الشيخ أحمد: مولد أبي في شعبان سنة أربع وعشرين وستمائة ويقال له أيضاً محمد الزياتين. 489 - محمد بن حمزة بن أحمد بن عمر بن القُدوة الشيخ أبي عمر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 337 الإمام الصالح، شمس الدين، أبو عبد الله المقدسي، الحنبلي. ولد في نصف شعبان سنة إحدى وثلاثين. وسمع حضوراً من: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. وسمع من: كريمة، والضياء، وجماعة. وتفقه ودرس وأتقن المذهب، وقرأ الحديث بدار الحديث الأشرفية التي بالسفح مدة. وكتب الخط المنسوب. وكان صالحاً خيراً، أماراً بالمعروف، داعية إلى السنة والأثر، محطاً على المبتدعة والمخالفين. ناب في القضاء عن أخيه مديدة قبل موته. سمعت منه. وتوفي في الخامس والعشرين من صفر، رحمه الله. 490 - محمد بن خَلَف بن محمد بن عقيل. الشيخ بدر الدين المنبجي، التاجر، السفار. رجل جيد، رئيس، متمول، معروف بالدين والعقل والثقة. وكان يحضر معنا مجالس الحديث، ويسمع أولاد ابنه خليفة. توفي في ذي الحجة، ودفن بمقبرة باب الصغير، وهو في معترك المنايا. 491 - محمد بن سالم بن نصر الله بن سالم بن واصل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 338 قاضي حماة، جمال الدين الحموي، الشافعي، أحد الأعلام. ولد بحماة في ثاني شوال سنة أربع وستمائة وعمر دهراً طويلاً، وبرع في العلوم والحكمة والفلسفة والرياضيات والأخبار وأيام الناس. وصنف ودرس وأفتى وأشغل، وبعد صيته، واشتهر اسمه. وكان من أذكياء العالم. ولي القضاء مدة طويلة. وحدث عن الحافظ زين الدين البرزالي بدمشق وببلده، وتخرج به جماعة. وما زال حريصاً على الاشتغال، وغلب عليه الفكر حتى صار يذهل عن أحوال نفسه وعمن يجالسه. توفي يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال. ودفن بتربة بعقبة نقيرين عن أربع وتسعين سنة. 492 - محمد بن سليمان بن معالي بن أبي سعيد. المقرئ الصالح، بدر الدين ابن المعري، الحلبي. ولد في صفر سنة تسع عشرة وستمائة. وسمع بحلب ومصر ودمشق من: ابن المقير، والسخاوي، وكريمة، وشيخ الشيوخ بن حمويه وابن الجميزي، وابن خليل، وجماعة. وكان شيخاً نظيفاً، منوراً، لطيفاً، متنسكاً، عفيفاً، كثير التلاوة، مليح الكتابة، من خيار الناس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 339 سمع منه الطلبة. وتوفي في منتصف ربيع الأول، رحمه الله. 493 - محمد بن صالح بن خَلَف بن أحمد بن علي. شرف الدين، أبو عبد الله ابن ابي النقاء الجهني، المصري. سمع من: ابن باقا، وجعفر الهمداني. وكان من قراء سبع الظاهرية، وله مسجد بدرب ملوخيا، وفيه دين وتواضع. سمعت منه: ولما قدم المحدث يوسف الدمياطي أخبرني بموته، ولم يعرف متى توفي. وكان مقدم يوسف في جمادى الآخرة. 494 - محمد بن علي. الأمير شهاب الدين العقيلي، نائب الدواداري في شد الناس. قتل في أواخر السنة، وكان قد شاخ وأسن. ثم سمر قاتله. 495 - محمد بن علي بن محمد. ابن الملاق الرقي، الفقيه، القاضي، بدر الدين الحنفي. سمع من بكبرس الخليفتي ' الأربعين الودعانية ' سمعها منه الدواداري بالرحبتين، وأجاز للدماشقة سنة سبع وتسعين، وبها مات في رمضان. ومولده في أول سنة تسع عشرة وستمائة. 496 - محمد بن أبي بكر بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 340 العلامة شمس الدين الفارسي، العجمي، المعروف بالإيجي. مولده سنة 629. شيخ فاضل، متفنن، عارف بالأصول والكلام والعقليات، موصوف بالذكاء وحل المشكلات. حضرت حلقة إقرائه يوماً مع شيخنا مجد الدين، وقرأ عليه هو والخطيب جلال الدين وغير واحد. فرأيته رجلاً عالماً، متواضعاً، مطرحاً التكلف، صوفي الطريقة، سمعته أكبر من حقيقته. وبلغني أنهم بالغوا في احترامه لما قدم الشام ؛ وولي تدريس الغزالية. ثم ناب بها الشيخ شمس الدين إمام الكلاسة، وسار إلى مصر فولي بها مشيخة الشيوخ وأشغل بها. ثم قدم دمشق ونزل بتربة أم الصالح. وهو ضعيف الرجلين من ألم به. توفي في ثالث رمضان ودفن بمقابر الصوفية من جنوبها إلى جانب الشيخ شملة، وشهدت جنازته وكانت حفلة. وأظنه مات في عشر السبعين. وقد قال مرة بحضرة محيي الدين ابن النحاس: لم يكن أحمد من المجتهدين. فغضبت الحنابلة، وعمل الشهاب محمود تلك الأبيات السائرة. 497 - محمد بن أبي القاسم بن أبي الزّهر. المشد شمس الدين الملقب بالغزال. مشد ديوان الجامع. توفي في شعبان، وله ابن جندي. 498 - مسعود الحبشيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 341 المقرئ، الصوفي. من فقراء مقصورة الحلبيين بالجامع. وكان صالحاً صادقاً. تلقن القرآن على باب المقصورة، ثم حج وجاور بمكة وتوفي بها. وسمعنا بموته في هذا العام. - حرف النون - 499 - نَسَب خاتون بنت الملك الجواد مظفًّر الدين يونس بن ممدود الملك العادل. شيخة مسنة جليلة. ولي أبوها سلطنة دمشق. وكتبت مشيخة رباط بلدق. وكانت تزور الحنابلة فسمعت من: إبراهيم بن خليل، وخطيب مردا. قرأ عليها علم الدين نسخة أبي مسهر. وماتت في ربيع الأول. - حرف الياء - 500 - يحيى بن أسعد. محيي الدين الواسطي، الدمشقي، المعروف بابن البيع. كتب في الإجازات، وله إجازة من عمر بن كرم، والموفق عبد اللطيف. توفي ببيروت في أوائل السنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 342 501 - يحيى بن عبد الرحمن بن محيي الدين. الشماع، خادم سجادة الخطيب بدمشق. توفي في جمادى الآخرة. وكان من أبناء السبعين. وهو والد الأمين محمد بن الشماع. - الكنى - 502 - أبو الحسن. الشيخ القدوة، العالم، ولد الشيخ القدوة عبد الله بن الشيخ غانم الزاهد بن علي بن إبراهيم المقدسي، النابلسي. كان فقيهاً، فاضلاً، ديناً، ساكناً، متقشفاً، متواضعاً، خيراً له مشاركة حسنة في الفضائل، وشعر رائق، وتفكر واعتبار. وله سمت حسن وجلالة. سمع من: ابن عبد الدائم، وعمر الكرماني الواعظ. سمع منه: البرزالي، وغيره شيئاً من نظمه. وكان مولده بنابلس في شوال سنة أربع وأربعين وستمائة. وتوفي في رابع ذي القعدة بدمشق، ودفن بسفح جبل قاسيون رحمه الله. وهذه الكلمة المشهورة له: هي النظرة الأولى سرت في مفاصلي شغلت بها في الحب عن كل شاغل (وأصبحت من ليلى حليف صَبابَةٍ .......... شؤوني لا تخفى على كل عاقلِ)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 343
(أنّزه طرْفي أنْ يرى في خيامها .......... سواها وسمعي عن حديث العواذلِ)
(وأكتم ما بي من هواها صيانةً .......... فيظهر تأثيرُ الهوى في شمائلي)
(لها بالحِمَى عن إثم الحمى منزل .......... أعظمه من دون تلك المنازل)
(أجيرتنا بالخيف إن دام هجركم .......... ولم تسمحوا لي منكم بالتّواصلِ)
(الا فابعثوا لي من حِماكم رسالةً .......... تكون إلى قلبي أحب الرسائلِ)
(ولا تبعثوها في النَّسيم فإنّني .......... أغار عليه من نسيم الأصايلِ) ومن شعره: (بين [العقيق وبين وادي] الأجرع .......... أفنيت ما أبقيت أدمعي)
(وحلفت لأحبابٍ يوم ترحّلوا .......... إنّي رجعت فلم أجد قلبي معي) وفيها وُلد: المولى صلاح خليل الصفدي، وتقي الدين عبد الرحمن بن الشيخ كمال الدين محمد بن الزملكاني، وظهير الدين إبراهيم بن محمد الجزري قارئ الحديث، ومحمد ابن شيخنا يوسف المزي، والسيد شهاب الدين الحسين الأموي، الحسيني، الأديب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 344
سنة ثمان وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 503 - أحمد بن إبراهيم بن فِراس بن علي بن معروف. العدل، زين الدولة، ابن فخر الدولة ابن نجيب الدولة ابن العسقلاني، الكاتب، متولي نظر بانياس. توفي بها في شوال، ونقل إلى مقبرة باب الصغير. وكان زوج ابنة المولى جمال الدين بن صصرى، وقد ناب عنه في حسبة دمشق لما غاب. 504 - أحمد بن إسماعيل بن منصور. المحدث نجم الدين الحلبي، المعروف بابن البتلي، وبابن الخلال. ولد بحلب سنة إحدى وثلاثين. وسمع من: ابن رواحة، وابن خليل، وجماعة. ولازم السماع مع الدمياطي فأكثر وكتب الطباق، وقرأ بنفسه. وكان من عدول حلب. قرأ عليه البرزالي ' جزء علي بن حرب '، برواية العباداني، وأجاز لنا مروياته. توفي بحلب في شوال. 505 - أحمد شاه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 345 أمير من أمراء حلب. توفي بها. 506 - أحمد بن صالح بن ثامر. الفقيه العدل، كمال الدين ابن القاضي تاج الدين الجعبري. سمع من النجيب عبد اللطيف. ولم يحدث. وكان شاباً عاقلاً، وقوراً، ذا أمانةٍ وعدالة، لم يبلغ الأربعين. توفي يوم عرفة. 507 - إبراهيم بن علي بن حسين. الشيخ الحجار، الصرخدي، الخالدي. أحد مشايخ دمشق الذين اشتهر شأنهم. كانت له زاوية بالعقيبة، فالتزم أن لا يخرج منها إلا لصلاة الجمعة بالعقيبة. وكان لا يدخل البلد، ولا يمضي إلى أحد، ولا يأكل الخبز، خاصة، ولا يشرب الماء، بل ما يقوم مقامهما. وحصلت له دكان جيدة، فجدد له الدولة زاوية هائلة بالمزة، وعملوا أكثرها. فتوفي بها ولم يفرح بفراغها في سابع ذي القعدة. 508 - إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن خَلَف بن إبراهيم. أبو إسحاق ابن الحاج التجيبي، القرطبي، الفقيه، المحدث. أخذ عن: والده، وأبي بكر محمد بن عبد الله بن قسوم، وأحمد بن مفرح النباتي، وابن الدباح، والشلوبين، وخلق. وأجاز له أبو الربيع بن سالم. ولد سنة خمس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 346 ومات في ربيع الآخر. سمع منه: أبو عبد الله الوادياشي. كأنه عم أبي الوليد شيخنا. 509 - أَيْبَك. الأمير عز الدين الموصلي، المنصوري، نائب طرابلس. كان ديناً، عاقلاً، مهيباً، وقوراً، مجاهداً، مرابطاً، جميل السيرة. من خيار الأمراء، رحمه الله. توفي بطرابلس في أوائل صفر. - حرف الباء - 510 - بَيْسَريّ. الأمير الكبير، بدر الدين الشمسي، الصالحي، من أعيان الدولة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 347 الموصوفة بالشجاعة، وأحد من كان يذكر للسلطنة. وكان من كبار أمراء الدولة الظاهرية. جرت له فصول وتنقلات، وقبض عليه الملك المنصور. وبقي في السجن تسع سنين. ثم أخرجه الملك الأشرف وأعطاه خبزاً، وأعاد رتبته واستمر على ذلك. ثم قبض عليه الملك المنصور لاجين. ثم قام في الملك ثانية السلطان الملك ناصر فلم يخرجه. ثم توفي بقلعة الجبل بالجب في آخر شوال، أو بعد أيام. وعمل له عزاء بالجامع بدمشق تحت النسر. وحضر ملك الأمراء والقضاة والدولة، وله دار كبيرة بين القصرين. وكان محتشماً، كثير المماليك والتجمل. رأيته شيخاً تركياً، أبيض اللحية، من أبناء السبعين. رأيته في سنة تسعين وبعد ذلك. 511 - بدر الحبشيّ. الصوابي، الخادم، الطواشي، الأمير، بدر الدين، أبو المحاسن. وهو منسوب إلى الطواشي صواب العادلي. كان موصوفاً بالشجاعة والرأي في الحرب، والعقل والرزانة، والفضل والديانة، والبر والصدقة والإحسان إلى أصحابه وغلمانه. وكان أميراً مقدماً من أكثر من أربعين سنة، وخبزه مائة فارس. قرأت عليه جزءاً سمعه من ابن عبد الدائم. وقد حج بالناس غير مرة. وكان كبيراً مسناً، بصاص السواد، مهيباً، نيف على الثمانين، ومات
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 348 فجأة بقرية الخيارة ليلة تاسع جمادى الأولى، ودفن بتربته التي بناها بلحف الجبل شمالي الناصرية. - حرف التاء - 512 - توبة بن علي بن مهاجر بن شجاع بن توبة. الصاحب الكبير، تقي الدين، أبو البقاء الربعي، التكريتي، المعروف بالبيع. ولد يوم عرفة بعرفة سنة عشرين وستمائة، وتعانى التجارة والسفر. وكان يعرف السلطان في حال إمرته ويعامله ويخدمه. وولي البياعة وتنقلت به الأحوال. ثم لما تسلطن مخدومه الملك المنصور ولاه وزارة الشام مدة، ثم عزله، ثم ولي وصودر غير مرة، ثم يسلمه الله. وكان مع ظلمه فيه مروءة، وحسن إسلام، وتقرب إلى أهل الخير، وعدم خبث. وله همة عالية، ونفس أبية، وفيه سماحة وكرم وبسط، وحسن أخلاق، ومزاح، وعدم جبروت. وكان يقتني الخيل المسومة، ويبتني الدور الحسنة، ويشتري المماليك الملاح. وقد عمر لنفسه تربة كبيرة تصلح الملك، وبها دفن، وصلوا عليه بسوق الخيل، وحضره ملك الأمراء والقضاة والكبراء في ثامن ذي الحجة. - حرف الجيم - 513 - جعفر بن علي بن جعفر بن الرشيد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 349 الشيخ المعمر، شرف الدين الموصلي، المقرئ ولد بالموصل في سادس عشر ذي القعدة سنة أربع وستمائة. وكان سخياً، فاضلاً، حفظة للأخبار والشعر والأدب. قال علم الدين البرزالي: ذكر لي أنه سمع من السهروردي كتابه ' العوارف '، بالموصل. وأنه سمع بدمشق من: ابن الزبيدي ؛ وبمصر من: ابن الجميزي، وبالثغر من: ابن رواج. وقد روى عنه الدمياطي في ' معجمه ' شعراً، وقال فيه: المعروف بابن الحسن البصري. توفي في العشرين من جمادى الأولى بدمشق. 514 - جلال الدين النّهاونديّ. قاضي صفد، واسمه عثمان بن أبي بكر. توفي بصفد في المحرم. ولي قضاءها من أول ما فتحت، وبقي في القضاء أربعاً وثلاثين سنة. - حرف الزاي - 515 - زكيُّ الدّين زكري بن محمود. البصروي، الحنفي، الفقيه، مدرس الشبلية، ومدرس الفرخشاهية. لم يلبث في تدريس الشبلية إلا أربعين يوماً، ومات في رجب ودفن بسفح قاسيون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 350
- حرف السين - 516 - سالم بن محمد بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صَصْرَى. القاضي، الرئيس، الزاهد، أمين الدين، أبو الغنائم التغلبي، الدمشقي الشافعي. صدر كبير، وكاتب خبير، ومحتشم نبيل، له عقل وافر، وفضل ظاهر، وجلالة وسؤدد، وأصالة محتد. وكان مهيباً، تام الشكل، حسن الهيئة، على جانب وجهه شامة كبيرة حمراء جميلة. ولد سنة أربع وأربعين وستمائة. وثنا عن مكي بن علان. وسمع أيضاً من: خطيب مردا، والرشيد العطار، والرضى بن البرهان، وإبراهيم بن خليل، وجماعة. ولي نظر الخزانة، ونظر الديوان الكبير، وغير ذلك. ثم تنظف من ذلك كله، وحج إلى بيت الله، وجاور عنده، ثم قدم دمشق في أوائل هذه السنة، ولزم منزله، وأقبل على شأنه حتى توفي إلى رحمة الله في بكرة الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة بداره. وكانت جنازته مشهودة. ودفن بتربتهم بسفح قاسيون، وكثر التأسف عليه. وكان رأساً في صناعة الديوان، مشكوراً، موصوفاً بالأمانة التامة. طاهر اللسان، ظاهر الصيانة والعدالة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 351 517 - سليمان بن قايماز. الكافوري، الحلبي، الفقير، أبو الربيع. رجل خير مقيم بالمدرسة الأتابكية ظاهر حلب. سمع من: أبي القاسم بن رواحة، وولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. قدم علينا للحج، ونزل بين الفقراء بمقصورة الحلبيين، فسمعنا منه. وكان والده عتيق كافور مولى السلطان نور الدين. توفي بحلب في رابع عشر ربيع الأول. 518 - سمنديار بن خضر بن سمنديار. الجعبري. شيخ صالح، قانع باليسير، مقيم بالجبل. سمع الكثير مع الشيخ علي الموصلي من: ابن عبد الدائم، وعمر الكرماني. وحدث. توفي في ذي القعدة. 519 - سُنْقُر بن عبد الله. الموغاني، المحدث، أبو سعيد. رجل نبيه، مفيد، عاقل، متواضع، من طلبة القاهرة. سمع وتعب وكتب. ومات في شعبان بالشارع. - حرف الطاء - 520 - طُغجي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 352 الأمير سيف الدين الأشرفي. كان من أحسن الترك، وأطرفهم شكلاً. وكان خليل مولاه خليل. فأمره وقدمه، وأعطاه الأموال والنفائس، وخوله. ثم كان أميراً في دولة العادل المنصور فخاف من القتل أو الحبس، فشارك في زوال دولة المنصور لاجين، وقام وقعد لحينه. ثم عمل نيابة السلطنة أربعة أيام بعد قتله لاجين. ثم قدم القاهرة الأمير بدر الدين أمير سلاح من البيكار فتلقاه فتباله عليه أمير سلاح وقال: كان للسلطان عادة أنه يطلع ويتلقانا. فقال: وأين السلطان، قد قتلناه. فعرج بفرسه عنه وقال: إليك عني، أكلما قام سلطان وثبتم عليه ! فاعتوره أعوان السلطان الذي قتل بالسيوف فقتلوه بظاهر القاهرة، ورمي على مزبلة، وحجه الخلق للفرجة والعبرة. ثم دفن بتربته يوم منتصف ربيع الآخر، وقد نيف على الثلاثين. - حرف العين - 521 - عبد الحافظ بن بدران بن شبْل بن طرخان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 353 الزاهد الحنبلي، القدوة، المسند، الرحالة، أبو محمد عماد الدين النابلسي، المقدسي، شيخ نابلس. قدم دمشق في صباه، وسمع الكثير من الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، وأحمد بن طاوس، وزين الأمناء، والبهاء عبد الرحمن، وابن الزبيدي، وجماعة. وأجاز له أبو القاسم بن الحرستاني، وأبو البركات بن ملاعب. وتفرد بأشياء، وقصد للسماع والزيادة والتبرك. وبنى بنابلس مدرسة وجدد طهاره. وكان كثير التلاوة والأوراد، لازماً لبيته الذي بجنب مسجده. وقيل إنه تعاطى الكيمياء مدة ولم تصح له. قرأت عليه عشرة أجزاء. ورحل إليه قبلي ابن العطار، والبرزالي، وسمعا منه. وزار القدس وسمع منه: ابن مسلم، وابن نعمة، وجماعة. وتوفي بنابلس في الرابع والعشرين من ذي الحجة، ودفن بتربته التي بزاويته بطور عسكر، وقد شارف التسعين. وأول سماعه في سنة خمس عشرة وستمائة. 522 - عبد الحميد بن عبد الرحمن بن رافع بن منهال بن عيسى. الفقيه، الزاهد، العابد، حسام الدين اليونيني، الحنبلي مريد الشيخ إبراهيم البطائحي، وفقيه قرية عمشكا وخطيبها. شيخ عالم، صالح، عابد، دائم الذكر والتلاوة والمراقبة، كثير الصيام، قليل الكلام، حسن السمت، صاحب أوراد وتهجد وخوف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 354 صحب الشيخ إبراهيم، ثم صحب الشيخ الفقيه. وروى لنا عن إسماعيل بن ظفر. وسمع منه: البرزالي، وابن النابلسي، وجماعة. وتوفي في أواخر اليوم المنصف لشعبان بقريته. وكان قد عمل في الكرم بيده، ثم جاء وصلى بالناس العشاء، ثم صلى بهم مائة ركعة صلاة النصف التي روي فيها حديث واه، وأصبح ضعيفاً، وتوفي إلى رحمة الله بسهولة عن نيف وسبعين سنة. 523 - عبد الرحمن بن سليمان بن طرخان. نفيس الدين، قيم مشهد السيدة نفيسة. روى عن: العلم ابن الصابوني، وابن الجميزي. قرأت عليه ' الأربعين ' السلفية. ومات يوم عاشوراء بالمشهد. 524 - عبد الملك بن علي بن عبد الملك. الكفر بطناني القواس. شيخ مطبوع، متفقر. كان في شبابه يزمزم للفقراء. روى عن: عبد العزيز الكفر بطناني. سمع منه البرزالي، وقال: توفي في ذي الحجة. 525 - علي بن شعبان. الفامي بجيرون تحت الدرج، المقرئ. رجل خير صالح صادق ملازم للصلوات في جماعة. وفيه ورع وعقل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 355 قرأ القراءآت على الزواوي وتفقه. ثم لزم المعيشة والفامية مدة. ثم بطل وحج، وجاور سنة أو أكثر. ثم قدم دمشق. ثم حج. وتوفي في هذه السنة كهلاً رحمه الله، بمكة. 526 - علي بن رافع بن علي. السلمي، المفعلي، ثم الصالحي. سمع: ابن الزبيدي، وجماعة. وحدث. قال ابن الخباز: مات في رجب سنة ثمان ببيروت. 527 - علي بن عثمان بن يوسف بن عبد الوهاب. الرئيس، علاء الدين ابن العدل شرف الدين الدمشقي، التغلبي الكاتب، ابن السائق. شيخ جليل، بديع الخط، له فضل وأدب وشعر. نسخ كتباً كثيرة. روى عن: الرشيد بن مسلمة. وكان متخلياً منقطعاً عن الناس، متديناً. حصل له صمم، فكان إذا حدث يكتب له في الأرض أو في الهواء فيعرف. توفي في رمضان، وكان من أبناء السبعين. وتقدم في عام اثنتين وثمانين أخوه نجم الدين محمد. 528 - علي بن محمد بن علي بن بقاء. الشيخ الزاهد، العابد، المقرئ، البركة، أبو الحسن البغدادي، ثم الصالحي، الملقن بجامع الصالحية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 356 ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة، ورأى الشيخ الموفق. وسمع من: ابن صباح، والناصح، وابن الزبيدي، ومحمد بن غسان، والجمال أبي حمزة، وابن اللتي، وكريمة، وجماعة. وخرج له البرزالي مشيخة. وكان صالحاً، خيراً، كثير القدر، مجمعاً على صلاحه وحسن طريقه وتعففه. روى عن ابن الخباز حديثاً في سنة اثنتين وستين وستمائة. وسمعنا منه وتوفي إلى رضوان الله في رابع شوال. 529 - علي بن محمد بن أبي عابد مُرّي بن ماضي. المقدسي، ثم الصالحي، الفلاح بحواكير الصالحية. رجل جيد أمي. حج وحدث عن جعفر الهمداني. توفي في ثامن عشر صفر. وكان من أبناء السبعين. 530 - العماد الرام. شيخ قاعة النشاب. شيخ مطبوع، يكبر بالعربة التي بالكشك ويعلم الرمي. واسمه عبد السلام بن أبي عبد الله بن عبد السلام الدمشقي ابن المصلي، كان يذكر أنه سمع من أبي الحسين الصابوني. توفي في ذي الققعدة. 531 - عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 357 الشيخ المعمر، مسند الشام، ناصر الدين، أبو حفص الطائي، الدمشقي ابن القواس. ولد سنة خمس وستمائة، وسمع حضوراً في سنة تسع وستمائة من أبي القاسم ابن الحرستاني ؛ وسنة عشر من أبي يعلى حمزة بن أبي لقمة ؛ وسنة بضع وعشرين من أبي نصر بن الشيرازي، وكريمة. وأجاز له سنة ثمان وستمائة: أبو اليمن الكندي، وابن الحرستاني، وعبد الجليل بن مندويه، وداود بن ملاعب، ومحمد بن عبد الله بن البنا، ومحمد بن علي الجلاجلي، وأحمد بن محمد سيدهم، وهبة الله بن طاوس، وتاج الأمناء أحمد بن عساكر، وأبو الفتوح بن البكري، وخلق كثير. وحج في سنة ثمان وعشرين وستمائة. وكان ديناً خيراً، أبيض الرأس واللحية، أبيض اللون بحمرة، منور الوجه، رقيق المحاسن، جميل الصورة، حسن الأخلاق، دائم البشر، محباً للحديث وأهله، مليح الإصغاء، صحيح الحواس، كثير التودد. له بستان بغربيل يقوم بكفايته. وقد روى الكثير في أواخر عمره. قرأت عليه كتاب ' المبهج ' في القراءآت، وكتاب ' السبعة ' لابن مجاهد، وكتاب ' الكفاية ' في القراءآت الست عن الكندي. وخرجت له ' مشيخة ' صغيرة. وخرج له أبو عمرو المقاتلي ' مشيخة ' بالسماع والإجازة. وأكثرنا عنه. وسمع منه خلق منهم: المزي، وولده، والبرزالي، وابن سامة، والشيخ علي الموصلي، والنابلسي سبط الزين خالد، وأبو بكر الرحبي، وأبو الفرج عبد الرحمن بن الحارثي، والشمس السراج سبط ابن الحلوانية، ومحمد بن البدر بن القواس، (وشهاب الدين ابن عديسة، ومحمد بن الشيخ محمد الكنجي، وابن تيمية وأخوه، وصدر الدين ابن الوكيل، وولده محمد وشمس الدين محمد بن اللبان، والزين عمر الغزاوي، وبدر الدين ابن غانم، ومحب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 358 الدين عبد الله بن المحب، وأخوه محمد، وبهاء الدين يوسف بن جملة، وابن المهندس، وولده عبد الله، والأمين عبد الله الرهاوي الكريدي، وبرهان الدين إبراهيم الزرعي الحنبلي، وأبو بكر ابن الشيخ محمد بن قوام، وعماد الدين ابن الزملكاني، وعمه علاء الدين. وعمر ابن شيخ السلامية، وابن عمته أحمد بن علي الحصني، ومحمد بن الشيخ إبراهيم البياني، وبنو شمس الدين ابن الفخر الأربعة، ومحيي الدين المقريزي، ومحمد بن عبد الغالب الماكسيني، والصفي عبد الكريم بن المخلص، وابن خالي إسماعيل، وخالته فاطمة، وبنتها ست المنى). توفي في ثاني ذي القعدة بدمشق بمنزله بدرب محرز، ودفن بسفح قاسيون رحمه الله. 532 - عيسى بن محمد بن أبي الفتوح. عماد الدين، أبو هاشم بن البندار العباسي، الجوهري، البغدادي. سمع من: ابن سقيرة، وأبي منصور ابن الهني. أخذ عنه: ابن سامة، وأبو العباس بن الكازروني. وقال البرزالي: أجاز لنا سنة سبع وتسعين. ولد سنة عشرين وستمائة. - حرف الفاء - 533 - فصيح الدّين الماردينيّ. الحنفي، مدرس الشبلية. اشتغل بحلب وبالروم مدة طويلة. ودرس وأفتى، وولي القضاء ببعض الروم. ثم قدم دمشق وقد شاخ، فبقي مديدة، ودرس بالسلمية. وتوفي سلخ جمادى الأولى ودفن بالجبل اسمه أحمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 359 534 - فاطمة بنت حسين بن عبد الله بن عبد الرحمن الآمِديّ، المؤذّن. أم محمد. وأمها خديجة بنت الزين أحمد بن عبد الدائم. وهي زوجة الزاهد الشيخ علي الملقن. امرأة صالحة عابدة، مبتلاة بالزمانة. روت ' صحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي. وروت عن الفخر الإربلي، وغيره. توفيت في المحرم. سمعت منها. - حرف القاف - 535 - قرارسلان. الأمير الكبير، بهاء الدين المنصوري، السيفي. من المقدمين الكبار بدمشق. وكان مليح الصورة، تام الخلقة، سميناً، شجاعاً. لما هرب قبجق إلى التتار تكلم هو في الأمور وأمر ونهى. وقد حج بالناس من قريب. توفي في مستهل جمادى الأولى، ودفن بتربة له بمقابر باب توما. - حرف الكاف - 536 - كُرْجي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 360 الأمير سيف الدين الذي قتل الملك المنصور حسام الدين. شجاع جريء، قوي البطش، ظالم النفس. قتلوه يوم قتلوا طغجي، وطيف برأسه في القاهرة في منتصف ربيع الآخر. - حرف الميم - 537 - محمد بن أحمد بن محمود بن محمد بن محمد. الرئيس الفاضل، زين الدين، أبو عبد الله العقيلي، القلانسي، الدمشقي، الكاتب. قرأ القرآن على السخاوي، وعرض عليه القصيد. وسمع منه ومن: عتيق السلماني، ومكي بن علان. وكان شيخاً متميزاً، متواضعاً، كاتباً، متصرفاً. فيه دين وخير. وكان صديقاً لشيخنا الفاضلي من الصغر. ولد في ذي الحجة سنة أربع وعشرين وستمائة. وكان إمام مسجد. سمعت منه ' الشاطبية ' بقراءة ابن غدير. وقرأ لنا عليه البرزالي أربعة أجزاء. وهو والد الشيخ جلال الدين نزيل القاهرة، وابنه الآخر ناظر خزانة دمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 361 قال عز الدين ابن القلانسي الصغير: توفي في تاسع جمادى الأولى. 538 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر المقدسيّ. خطيب الجبل، سعد الدين، ولد القاضي نجم الدين ابن الشيخ. شاب ذكي، سريع الحفظ، من أبناء العشرين. خطب مدة، وتوفي في ذي الحجة، فولي الخطابة بعده أخوه. 539 - محمد بن إبراهيم بن أبي عبد الله محمد بن أبي نَصْر. الإمام، العلامة، حجة العرب، بهاء الدين، أبو عبد الله بن النحاس الحلبي، النحوي. شيخ العربية بالديار المصرية. ولد في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وستمائة بحلب. وسمع من: ابن اللتي، والموفق يعيش النحوي، وأبي القاسم بن رواحة، وأبي الحجاج بن خليل، ووالده.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 362 وقرأ القرآن على أبي عبد الله الفاسي. وأخذ العربية عن جمال الدين محمد بن محمد بن عمرون. ودخل الديار المصرية لما خربت حلب. وقرأ القراءآت على الكمال الضريرة وأخذ عن بقايا شيوخها. ثم جلس للإفادة، وتخرج به أئمة وفضلاء في الأدب. وكان من أذكياء بني آدم، وله خبرة بالمنطق وإقليدس. وهو مشهور بالدين والصدق والعدالة، مع اطراح التكلف، وترك التجمل، وصغر العمامة. وقد رأيته يمشي بالليل في قصبة القاهرة بقميص وعلى رأسه طاقية فقط. وكان حسن الأخلاق، محبباً إلى تلامذته. فيه ظرف النحاة وانبساطهم. وكان له صورة كبيرة. وكان بعض القضاة إذا انفرد بشهادة حكموه فيها وثوقاً بدينه. وكان يتحدث في تعليمه وخطابه بلغة عامة الحلبيين، لا يتقعر في عبارته. وكان معروفاً بحل المشكلات والمعضلات، واقتنى كتباً نفيسة كثيرة. وأظنه لم يتزوج قط. قال علم الدين البرزالي: كان له أوراد من العبادة، وله تصدير بمصر والقاهرة. قلت: قرأت عليه ' جزء بيبى '. وتوفي في سابع جمادى الأولى، وشيعه الخلق إلى القرافة الصغرى، ودفن عند والدته، وصلوا عليه بدمشق صلاة الغائب. وقال الحافظ عبد الكريم في ' تاريخه ': كان شيخ النحاة في وقته، وله مشاركة في العلوم. وكان كثير التلاوة للقرآن، كثير الذكر والصلاة. ثقة، حجة، ديناً، صالحاً، سريع الدمعة، متودداً، يسعى في مصالح الناس. صحبته مدة، وعرضت عليه ' ألفية ابن مالك '. وسمعت عليه ' ديوان المتنبي '، بسماعه من الشرف الإربلي، عن الكندي. 540 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الغني
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 363 أبو الفتح ابن المحدث برهان الدين ابن الشوا القرشي. سمعه أبوه من عثمان ابن خطيب القرافة حضوراً وسمع من: إبراهيم بن خليل، وجماعة. وكان من جملة الشهود. روى لنا حديثين. ومات في شوال. 541 - محمد بن سالم. القاضي مجاهد الدين الشافعي، الفقيه. ولي قضاء بصرى وقضاء أذرعات. ومات بدمشق في ثاني عشر جمادى الأولى. 542 - محمد بن سليمان بن الحسن بن الحُسَيْن. العلامة، الزاهد، الورع، جمال الدين، أبو عبد الله البلخي الأصل، المقدسي، الحنفي، المفسر المعروف بابن النقيب. أحد الأئمة. ولد سنة إحدى عشرة. ودخل القاهرة ودرس بالعاشورية، ثم تركها وأقام بالجامع الأزهر مدة. وكان صالحاً، زاهداً، عابداً، متواضعاً. عديم التكلف. أنكر على الشجاعي مرة إنكاراً تاماً بحيث هابه وطلب رضاه. وكان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 364 الكبار يترددون إلى زيارته ويطلبون دعاءه. وقد صرف همته أكثر دهره إلى التفسير، وصنف فيه كتاباً حافلاً، جمع فيه خمسين مصنفاً. وذكر أسباب النزول، والقراءآت، والإعراب، واللغات، والحقائق، وعلم الباطن على ما بلغني، ولم أره بعد، وقيل لي إنه في خمسين مجلدة. وما أحسبه بيضه. وكان الرجل موصوفاً بكثرة النقل وسعة الدائرة. سمعت منه من حديث علي بن حرب قال: أنبا يوسف بن المخيلي. وسمع منه: البرزالي، وابن سامة. ثم خرج بعدي من القاهرة، وقدم إلى القدس فتوفي به في المحرم عن سبع وثمانين سنة. 543 - محمد بن الشجاع بن حسّان. شمس الدين الجريري، التاجر بالخواصين. توفي في جمادى الأولى عن نحو ثمانين سنة أو أكثر. وخلف ثروة وأملاكاً. 544 - محمد بن عبد الله بن مسعود بن محمد. الرئيس شمس الدين، الأجل، جمال الدين اليزدي، الكاتب. توفي ببيروت، وحمل في تابوت فدفن بقاسيون في ذي الحجة. لم يتكهل، وكان يشهد على القضاة، ويخدم في الجهات. 545 - محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله. القاضي كمال الدين، ولد قاضي حماة نجم الدين ابن البارزي، الحموي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 365 فقيه، إمام، مدرس، متزهد. ولد سنة إحدى وأربعين وستمائة. وسمع حضوراً من جده، ومن صفية القرشية. وحدث. توفي في جمادى الآخرة. 546 - محمد بن عمر بن أبي بكر. البانياسي، شاب، ذكي، متيقظ، قرأ القراءآت وبرع فيها. وقرأ الفقه والعربية. وله شعر جيد وإفادات في القراءآت. ومات صغيراً لم يبلغ العشرين أو بلغها، لكنه لم تطلع لحيته. وسمع معي، وكان عاقلا هادئ الطبقة. نزل فقيهاً بالظاهرية وغيره. ومات في ربيع الأول. 547 - محمد بن علي بن عمر. التاجر تقي الدين ابن ال (...) البغدادي. سمع من: ابن روزبة وابن القبيطي. أخذ عنه: الفرضي، وابن سامة. وكان ثقة مهيباً. توفي في المحرم. 548 - محمد بن عيسى بن أحمد بن حواري. الإمام شمس الدين ابن الخشاب، صهر القاضي حسام الدين الحنفي. مدرس مدرسة القصاعين. وقد درس قبلها بالشبلية. توفي في سلخ ربيع الأول. 549 - محمد بن محمود بن عبد اللّطيف بن محمد بن سِما. شمس الدين ابن فخر الدين السلمي، الدمشقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 366 روى عن والده. وأجاز له الفتح بن عبد السلام، وجماعة ومحمود بن مندة. وتوفي في جمادى الآخرة. وكان ضعيفاً في الشهادة. عاش ستاً وسبعين سنة. وكان من شهود القيامة. 550 - المبارز. واسمه عبد الله بن الظهير بن سنقر الحلبي، الفقيه الحريري. كان من أولاد الأمراء، وأنفق أموالاً كثيرة، وتفقه. توفي في صفر بدمشق. 551 - مجد الدين الجَزَريّ. الفقيه، النحوي، الصوفي، واسمه عبد الرحيم بن أبي بكر. كان من كبار النحاة، وله حلقة إشغال، وفيه عشرة وانطباع، فابتلي بحب شاب، وقويت عليه السوداء، وفسدت مخيلته، فأغلق عليه الخانقاه الشهابية، وطلع إلى السطح فألقى نفسه إلى الطريق فمات. نسأل الله العافية. وذلك في يوم الجمعة وقت الصلاة. 555 - محمود بن محمد بن القاضي شرف الدين أبي طالب عبد الله ابن زين القضاة عبد الرحمن بن سلطان ابن القاضي زكيّ الدين يحيى بن علي بن عبد العزيز. العدل، شهاب الدين، القرشي، الزكوي، الدمشقي، الشاهد، الصوفي بخانقاه خاتون.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 367 ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وروى لنا عن ابن اللتي. وكان ساكناً منقبضاً عن الناس، من شهود تحت الساعات. توفي في السادس والعشرين من رجب. 553 - محيي الدين ابن المَوْصِليّ. واسمه يحيى بن عمر. صدر كبير، متميز، من أصحاب البغلات. ولي نظر صفد، ونظر البر، ونظر الجامع. وسمع مع أولاده من ابن عبد الدايم. وهو عم المولى أمين الدين محفوظ. توفي في منتصف شوال. 554 - محيي الدين محمَّد بن عماد الدين محمد ابن الشيخ محيي الدين ابن العربي. مدرس مقصورة الخضر، التي تعرف بحلقة ابن صاحب حمص. وزوج بنت القاضي بهاء الدين ابن الزكي. توفي بطرابلس. وكان ذهب إليها متفرجاً فجاء خبره في ذي القعدة. 555 - الملك المظفّر تقيّ الدين محمود ابن الملك المنصور محمد بن المظفَّر محمود بن المنصور محمد بن تقيّ الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 368 صاحب حماة، وابن ملوكها. ولي سلطنة حماة بعد والده بعهد من السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون، فبقي بها خمس عشرة سنة. وكان شاباً مقارب السيرة، محبباً إلى الرعية، قليل الأذية، حسن الطوية. توفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة، ودفن عند آبائه بحماة، فأعطيت حماة لقراسنقر المنصوري. ثم بعد السبعمائة تحول إلى نيابة حلب، وأعطيت حماة للعادل زين الدين كتبغا، فلم تطل مدته، وتوفي، فناب لها قبجق المنصوري. 556 - المعينيّ. هو الأمير جمال الدين أقوش نائب البيرة. ولي البيرة من نحو أربعين سنة. وكان خيراً، عاقلاً، حازماً، قد ضبط الثغر وعرف أحواله. توفي في أواخر السنة. 557 - منكوتمر. الأمير سيف الدين الحسامي، التركي، نائب السلطنة. قتل صبراً قي بكرة الجمعة حادي عشر ربيع الآخر. وكان قد أسرف في استئصال كبار الأمراء، وجهل وغرته السلامة، فدهي من حيث لا يحتسب. وكان شاباً لم يتكهل. وله مدرسة بالقاهرة. قتلوه بعد سلطانه. 558 - موسى بن سَنْجَر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 369 الأمير جمال الدين، أبو محمد بن الأمير الكبير، علم الدين الدوداري، الصالحي. روى عن: ابن علاق، والنجيب عبد اللطيف. وولد بالقاهرة، ونشأ بها قرأ لنا عليه البرزالي جزءاً. توفي في رابع عشر ذي الحجة، وفجع به أبوه. - حرف النون - 559 - النّظام ابن الحصيريّ. هو القاضي أبو العباس، ابن العلامة جمال الدين محمود بن أحمد البخاري، الحصيري، الحنفي. ولي تدريس النورية مدة، وأفتى، وولي نيابة الحكم مدة. وكان ذكياً فاضلاً، طلق العبارة، من فضلاء الحنفية. توفي في ثامن المحرم. ودفن يوم الجمعة بمقابر الصوفية عند والده. - حرف اللام ألف - 560 - لاجين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 370 السلطان، الملك المنصور، حسام الدين المنصوري، السيفي. أمره أستاذه عندما تملك، ثم بعثه نائباً على قلعة دمشق، فلما تسلطن بدمشق سنقر الأشقر ودخل القلعة قبض عليه، فلما انكسر سنقر أخرجه لأمير علم الدين الحلبي، ثم رتبه في نيابة السلطنة بمقتضى مرسوم سلطاني. ودخل في خدمته إلى دار السعادة. وتقرر في نيابة دمشق، فعملها إحدى عشرة سنة، ثم عزله الملك الأشرف بالشجاعي. وكان جيد السيرة، محبباً إلى الدمشقيين، فيه عقل زائد وسكون، وشجاعة مشهورة، وديانة وإسلام. وكان شاباً لما ولي دمشق، أشقر، في لحيته طول يسير وخفة، ووجهه رقيق معرق، وعليه هيبة. وهو تام القامة أو دون ذلك، وفي قده رشاقة. وقد جرت له فصول وأمور، وخنق بين يدي الملك الأشرف، ثم خلي فإذا فيه روح. ثم ثابت إليه نفسه بعد الإياس فرق له السلطان وأطلقه، وأحسن إليه ورده إلى رتبته. وقد ذكرنا من أخباره في دولة الأشرف. وقيل إنه إنما قام على الأشرف وشارك في قتله لكونه تحرش بأهله بنت طقصو، فعز ذلك على لاجين. ولما قتل السلطان هو وبيدرا ساق عندما قتل بيدرا، واختفى، وتنقل في بيوت، وقاسى جوعاً وخوفاً. ثم أجاره كتبغا وأحسن إليه، ودخل به إلى السلطان الملك الناصر وقرر معه أن يحسن إليه ويخلع عليه، ففعل ذلك السلطان وحلم عنه، وأعطاه خبزاً، فلما تملك كتبغا جعله نائب سلطنته، وقدمه على جيوشه، فجازاه بأن وثب عليه، وقتل غلاميه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 371 وعضديه وفارسيه بتخاص والأزرق، ثم تغافل عنه لما له من الأيادي البليغة، وهرب كتبغا على فرس النوبة في خمسة مماليك، والتجأ إلى دمشق، وزال ملكه. واستاق لاجين الخزائن والعساكر بين يديه، وساق تحت العصائب، وما دخل غزة إلا وهو سلطان، وأطاعته الأمراء. ولم يختلف فيه إثنان، ولا انتطح فيها عنزان، وزينت له الإقليمان. وتملك في أول صفر، وجلس على سرير الملك بمصر في يوم الجمعة عاشر صفر سنة ست وتسعين، وبعث على نيابة دمشق قبجق خشداشه، وجعل نائبه للديار المصرية قراسنقر إلى أن تمكن وقبض عليه في ذي القعدة، وأقام في نيابة الملك مملوكه منكودمر، فشرع يحسن له القبض على الأمراء ليصفى الوقت له، وهو لا يكاد يخالفه، فأمسك البيسري، وقراسنقر المنصوري، وعز الدين أيبك الحموي، وسقى جماعة. وبسبب ذلك هرب قبجق، وبكتمر، وألبكي، وبزلار إلى التتار. ولم يخرج إلى الشام مدة ملكه، وبقي في الآخر يقلل من الركوب ويتخوف من الأمراء. ولما كان يوم الخميس عاشر ربيع الآخر ركب في موكبه وهو صائم، فلما كان بعد عشاء الآخرة قتل. عمل عليه جماعة من الأشرفية خوفاً منه وأخذا بثأر أستاذهم، فقرأت بخط ابن أبي الفتح قال: نقلت من خط القاضي حسام الدين الحنفي ؛ قتل السلطان الشهيد حسام الدين أبو الفتح لاجين الملك المنصور في آخر الساعة الثالثة من ليلة الجمعة الثاني عشر من جمادى الأخرة في قلعة القاهرة، قتله سبعة أنفس على غرة منه، لأنه كان منكباً على اللعب بالشطرنج، وما عنده إلا أنا، وعبد الله الأمير، وبريد البدوي، وإمامه مجير الدين ابن العسال، ولما نظرت رأيت ستة سبعة سيوف تنزل عليه. قلت: بلغني أن الذي ضربه أولا على كتفه بالسيف الأمير سيف الدين كرجي مقدم البرجية ثم أسرع كرجي وطغجي في الحال إلى دار منكوتمر، فدقوا عليه الباب وقالوا: السلطان يطلبك. فنكرهم وخاف وقال: قتلتموه ؛ قال كرجي: نعم يا مأبون، وجئنا نقتلك، فاستجار بطغجي، فأجاره وحلف
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 372 له، فذهبوا به إلى الجب فأنزلوه. فقيل إن عز الدين الحموي والأعسر وغيرها شتموه في الجب لأنه كان سبب حبسهم. ثم مضى طغجي إلى داره، فاغتنم كرجي غيبته، وجاء في جماعة، فأخرجوا منكوتمر بصورة أنهم يقيدونه، فذبحوه ونهبوا داره، واتفقوا في الحال على أن يعيدوا إلى السلطنة المولى الملك الناصر، وأن يكون سيف الدين طغجي نائبه. وحلفوا له على ذلك. ثم أصبحوا يحلفون الأمراء، وأرسلوا سلار، وهو يومئذ أمير صغير، لإحضار الملك الناصر من الكرك. ثم عمل طغجي نيابة السلطنة من الغد، وركب في الموكب، ومد السماط كأنهم ما عملوا شيئاً. ووصل الأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح من غزوته من الشام، فبلغه الأمر ببلبيس، فانزعج لذلك، وساق إليه جماعة أمراء وعرفوه أن الذي جرى لم يكن بأمرهم. فاتفقوا على قتل طغجي وكرجي، فقتلا يوم الثلاثاء الآتي. وذلك أن أمير سلاح لما دخل خرج لتلقيه طغجي وسلم عليه، وبكى شيئاً. ثم قال أمير سلاح: كان لنا عادة من السلطان إذا قدمنا يتلقانا، وما أعلم ذنبي. فقال: ما عرفت ما جرى؟ قتل السلطان. قال: من الذي قتله؟ فقال أمير: قتله كرجي وطغجي. فأظهر الإنكار وقال: كل ما قام للإسلام ملك تقتلونه، تأخر عني. ثم ساق عنه فأحس طغجي بالأمر وخاف، وهمز فرسه وساق، فانقض عليه أمير فمسكه بدبوقته وقتله هو وأمير آخر، وقتل مع طغجي ثلاثة. ثم ساق الموكب إلى تحت القلعة، وكان كرجي بها يحفظها، فأعلم بما جرى، فألبس البرجية السلاح، وركب في أكثر من ألف فارس، فركبت الأمراء والحلقة، وأكثر الجيش في خدمة أمير سلاح، وبقوا إلى الرابعة، ثم حملوا على البرجية فهزموهم. وقيل: إن كرجي حمل وساق معتقداً أن أصحابه يحملونه معه، فتخلوا
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 373 عنه، وجاء فارس فضربه حل كتفه، وقتلوا معه نغية الكرموني السلحدار، وقتل يومئذ جماعة، وطلبوا السلطان من الكرك، وبقي يعلم على الكتب ثمانية أمراء: سلار، والشاشنكير، وبكتمر أمير جندار، وجمال الدين أقوش الأفرم، والحسام أستاذ دار، وكرت، وأيبك الخزندار، والأمير عبد الله، فعلموا ثمان علائم على كتب بطيبة قلب قبجق وبكتمر السلحدار، بناء منهم على أنهم بحمص، ولم يعرفوا برواحهم إلى التتار. وقتل السلطان حسام الدين وهو فيما أرى في عشر الخمسين أو جاوزها بيسير. - حرف الياء - 561 - ياقوت المستعصمي. المجود، صاحب الخط المنسوب. رومي الجنس، نشأ بدار الخلافة، وأحب الكتابة والأدب. فلما أخذت بغداد سلم، وحصل خطوطاً منسوبة لابن البواب وغيره. وكان يعرفها بخزانة كتب الخلفاء. فجود عليها، وعني بذلك عناية لا مزيد عليها، وقويت يده، وركبت أسلوباً غريباً في غاية القوة. وصار إماماً يقتدى به. وكان رئيساً وافر الحرمة ببغداد، كثير التجمل والحشمة. كتب عليه أولاد الأكابر. وكتب بخطه الكثير. وله شعر جيد. وقد كتب على الزكي عبد الله بن حبيب، وصفي الدين عبد المؤمن صاحب الموسيقى. روى عنه: أبو عبد الله بن سامة الحافظ، وعلم الدين سنجر الكاتب الياقوتي، فمنه:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 374
(صدقتم في الوُشاة وقد مضى .......... في حبّكم عُمري وفي تكذيبها)
(وزعتمم أنّي مللتُ حديثكم .......... منَ ذا يملّ من الحياة وطيبها) وله: (تُجدد الشمسُ شوقي كلّما طلعتْ .......... إلى مُحيّاكِ يا سمعي ويا بَصَري)
(وأسهر اللّيل ذا أنس بوحشته .......... إذْ طِيب ذِكرك في ظلماته سَمَري)
(وكلّ يوم مضى لا أراك به .......... فلستُ محتسِباً ماضيه من عُمُري)
(ليلى نهارٌ إذا ما دُرتَ في خَلَدي .......... لأنّ ذِكركَ نور القلب والبصرِ) توفي الشيخ جمال الدين أبو الدر ياقوت ببغداد في هذه السنة. 562 - يوسف بن داود بن عيسى بن أبي بكر محمد بن أيوب. الشيخ، الملك الأوحد نجم الدين، أبو المحاسن ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين، صاحب الكرك. ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة بقلعة الكرك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 375 وسمع من: أبي المنجا بن اللتي، وغيره. وكان شيخاً مهيباً، جليلاً، رئيساً، عاقلاً، من أولي الفضل والديانة. وكان يحلق رأسه، ويلبس بزي الرؤساء. روى عنه الدمياطي في ' معجمه '، وسمع منه: البرزالي، والمقاتلي، والطلبة. وقرأت عليه ' جزء أبي الجهم '. وكان فيه إيثار وإحسان. أقام بدمشق وأقام بالقدس. توفي في رابع ذي الحجة، وشيعه الخلق، ودفن برباطه شمالي مسجد بيت المقدس. 563 - يوسف بن علي بن رسلان. الشيخ أبو الفضل الواسطي، المقرئ. ولد في حدود العشرين وستمائة ببغداد. ونشأ بواسط فقرأ بها القرآن على الكرجي بن شقيرة، وسمع منه. وعلى: الشريف ابن الداعي، وابن خالويه، وهم من أصحاب أبي بكر بن الباقلاني. وأقام عند الباذرائي يقرئ ابنه وحاشيته. ثم قدم دمشق في صحابته وأقام بها. وكان إمام مسجد على باب الجابية. سمعت منه بقراءة الشيخ علي الموصلي. وتوفي في الحادي والعشرين من رمضان. 564 - يوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم. القاضي، الإمام، الصدر، شهاب الدين ابن النحاس الأسدي، الحلبي، الحنفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 376 ولد بحلب ونشأ بها وتفقه، وخلف أباه في تدريس الظاهرية والريحانية. وولي في أيام والده نظر الخزانة. وولي بعد موت أبيه نظر الجامع. وكان فيه خبرة وأمانة وعقل. توفي ببستانه بالمزة في ثالث عشر ذي الحجة، وهو في آخر الكهولة. 565 - يونس بن إبراهيم بن سليمان. الإمام، بدر الدين الصرخدي، خطيب صرخد. شيخ معمر، فقيه، أديب، شاعر، أقام مدة بمدرسة الكشك منقطعاً متقنعاً باليسير. ثم طلب في أواخر عمره إلى خطابة صرخد، فسار إليها. وذكر أنه سمع من أبي إسحاق الصريفيني. روى عنه ابن الخباز قطعةً من شعره يقول فيها: (ظَمِئتْ إلى سَلْسالِ حُسنكَ مُقْلةٌ .......... رويت مَحَاجرها من العَبَراتِ)
(تشتاق روضاً من جمالك طالما .......... سرحت به وجَنَتْ من الوَجنات)
(حجبوك عن عيني وما حجبوك عن .......... قلبي ولا منعوني من خطراتي) توفي في هذه السنة وله أربع وثمانون سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 377
- الكنى - 566 - أبو بكر. الشيخ الكردي، الزاهد، المقيم بدار الحديث الأشرفية. رجل مهيب، مليح الصورة، مزرع بالشيب، كبير القدر، له حال وكشف. وكان شيخ دار الحديث يتأدب معه ويحترمه. رأيته يسأل شيخنا برهان الدين عن مسألة بدار الحديث. وكان به آلام في جسده، ثم قوي به ذلك وانقطع وهو صابر محتسب. توفي في المحرم، وشيعناه مع شيخنا ابن تيمية إلى الجبل. 567 - أبو المحاسن بن أبي الحَرَم بن أبي المحاسن بن عبد الرحمن بن علي بن المسلّم. اسمه محمد. الشيخ المقرئ بدر الدين بن اللخمي ابن الخرقي، الدمشقي. افتقر وصار يقرأ على الجنائز. وكان قد قرأ على السخاوي، وسمع منه، ومن: جعفر الهمداني، وكريمة، وإبراهيم بن الخشوعي، وتاج الدين بن حمويه، وجماعة كثيرة بإفادة خاله جمال الدين بن شعيب الذهبي. سمع منه: البرزالي، والمقاتلي، والنابلسي، وابن نصحان، وجماعة. سمعت منه ' شرح الرائية ' للسخاوي وغير ذلك. توفي في ثاني عشر ذي القعدة وله ثلاث وسبعون سنة. 568 - أبو يعقوب المغربيّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 378 الصوفي، العارف، نزيل القدس. له كلام في الحقيقة والعرفان، وله أصحاب. وكان يوصف بالصلاح ويقصد بالزيارة. توفي في المحرم. قال أبو محمد البرزالي: زرته مع شيخنا تاج الدين، رحمه الله، ودعا لنا، وتكلم مع الشيخ في أن الحقيقة ليست منافية للشريعة. وذكر قصة موسى والخضر، وأن موسى نظر إلى الظاهر، وخفي عليه الباطن، فلما علم حصل الوفاق. قلت: سألت شيخنا ابن تيمية عنه فقال: كان من الاتحادية. حدثني من سمعه يقول هذا القول ويكرره: الوجود واحد وهو الله، ولا أرى الواحد ولا أرى الله. وفيها وُلد: المحدث عفيف الدين عبد الله بن محمد بن المطرز بن المديني، وبدر الدين محمد بن محمد بن نعمة النابلسي، وفخر الدين عثمان بن أبي بكر الحراني ابن المغربل، والصلاح محمد بن محمد بن سيف الحراني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 379
سبع تسع وتسعين وستمائة
- حرف الألف - 569 - أحمد بن زيد بن أبي الفَضْل. الصالحي، الفقير المعروف بالجمال، بتشديد الميم. سمع ' صحيح البخاري '، بفوت. أخذ عنه الجماعة. وتوفي يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى بالجبل. سمعت منه ميعاداً من ' الصحيح '. 570 - أحمد بن زيد بن طريف. الفقيه، المحقق، جمال الدين العرماني، الشافعي. أحد أصحاب الشيخ شرف الدين المقدسي. كان متعيناً للتدريس والفتوى. عاش نيفاً وأربعين سنة. وتوفي ببستان على ثورا في آخر السنة. 571 - أحمد ابن الفقيه أبي الربيع سليمان بن أحمد بن إسماعيل بن عطّاف. المقرئ، الصالح، أبو العباس المقدسي، ثم الحراني، ثم الصالحي. سكن أبوه، وكان من كبار الحنابلة بحران، فولد له هو بها في سنة خمس عشرة وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 380 وسمع من والده، وهو: أبي المجد القزويني، وأبي الحسن بن روزبة. سمعنا منه ' جزء ابن عرفة ' وشيئاً من البخاري. وكان شيخاً صالحاً، حسن السمت، مقيماً نحو أربعين سنة بتربة تقي الدين عباس ابن العادل. وقد حدث ' بصحيح البخاري '. ومات في أيام التتار بداخل دمشق، بعد أن أخذت بناته وأهله وسلب فيمن سلب. وهذه خاتمة خير. 572 - أحمد ابن الوالي. الأمير علم الدين بن سنجر الحراني. توفي في رمضان. 573 - أحمد بن شمخ بن ثابت بن عنان. خطيب داريا، زين الدين، ابن خطيبها الفقيه أبي علي السنبسي، العرضي، ثم الداراني. ولد بداريا في صفر سنة اثنتين وثلاثين. وسمع من: أبيه، وعبد العزيز الكفرطابي. وحضر شعبان بن الحمصي، ومحمود بن حضير، وابن زهر الدارانيين. وكان له شهرة ووجاهة. وحصل له تمحيص وشهادة. وقتله التتار يوم أخذهم داريا في ربيع الآخر، وقتلوا أكثر رجالها أو كثيراً منهم، لكونهم امتنعوا بالجامع. 574 - أحمد بن عبد الله بن عمر بن عوض بن خَلَف بن راجح. التقي، المقدسي، الصالحي. أخو القاضي عز الدين عمر، والشرف محمد بن رقية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 381 توفي في شعبان. 575 - أحمد ابن القُدوة الزّاهد عبد الله بن عبد العزيز بن مَهَاد. الفقيه، الزاهد، المقرئ، شهاب الدين، أبو العباس اليونيني، البعلبكي، الحنفي. ولد سنة عشرين وستمائة. وسمع حضوراً من البهاء عبد الرحمن. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن ظفر. وكان من فقهاء الظاهرية، ويسكن بالجبل بخط المعظمية. وفيه دين وتواضع وفقر. سمعنا منه، وتوفي في الحادي والعشرين من ربيع الآخر شهيداً. عذبه التتار ورفسوه فمات، رحمه الله بالجبل. أحمد بن عبد الواحد. يأتي. 576 - أحمد بن عبد الوهاب بن خَلَف بن محمود بن بدر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 382 القاضي الأوحد، علاء الدين، ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن القاضي الأعز أبي القاسم العلامي، المصري، الشافعي، ابن بنت الأعز. ول في العشر الأوسط من شعبان سنة ثمان وأربعين وستمائة، بالقاهرة. وكان إماماً، عالماً، فاضلاً، رئيساً، نبيلاً، أديباً، شاعراً، ماهراً، فهماً، عالماً بالفقه والأصول. مناظراً، بحاثاً، ذا ذهن ثاقب، ودرس صائب. جمع بين الرئاسة والوجاهة، والفضيلة التامة في أنواع العلوم، رحمه الله. قدم دمشق وولي تدريس الظاهرية والقيمرية. وكان مليح الشكل، لطيف الشمائل، يتحنك بطيلسانه، ويركب البغلة. وكان أسود اللحية. ثم عاد إلى الديار المصرية وأقام بها مديدة. وتوفي في ربيع الآخر. وكان ظريفاً، ثبتاً، فصيحاً، محتشماً، ذا مكارم. وله نظم جيد. ولم يرو شيئاً. وقد ولي حسبة القاهرة، ودرس بالقطبية والهكارية، وهو أخو الأخوين: قاضي القضاة صدر الدين، وقاضي القضاة نور الدين عبد الرحمن. 577 - أحمد بن عثمان بن مفرجّ. الحمامي، القيم. كان خيراً، متواضعاً، خدوماً، وكسرت رجله فلزم العبادة ومسجد الحنابلة. وكان يحضر معنا السماع. ولم نسمع منه. وظهر له سماع من أبي القاسم بن رواحة في سنة إحدى وعشرين وستمائة. وسمع من ابن المقير. وحدث. أخذ عنه: البرزالي، وابن النابلسي. ومات في ثالث ربيع الآخر عن بضع وثمانين سنة. وقد سافر إلى بغداد وغيرها ورأى الناس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 383 578 - أحمد بن علي بن محمد بن قيصر. البغدادي، الحمصاني، سبط ابن البليبل شيخ من أهل الصالحية. روى عن: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. لم ألقه. مات في رجب. 579 - أحمد بن عَبْد. الفقيه الصرخدي. مات في رجب. 580 - أحمد بن فرح بن أحمد بن محمد. الإمام، الحافظ، الزاهد، بقية السلف، شهاب الدين، أبو العباس اللخمي، الإشبيلي الشافعي. ولد في ثالث ربيع الأول سنة خمس وعشرين وستمائة بإشبيلية، وأسر في أخذ الفرنج إشبيلية سنة ست وأربعين، وخلصه الله، وقدم الديار،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 384 المصرية سنة بضع وخمسين، فتفقه بها على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام قليلاً وسمع منه، ومن شيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري، الحموي، والمعين أحمد بن زين الدين، وإسماعيل بن عزون، والنجيب بن الصيقل، وابن علاق، وطائفة. وبدمشق من: شيخ الوقت ابن عبد الدائم، وعمر الكرماني، وفراس العسقلاني، وخلق. وعني بالحديث وأتقن ألفاظه ومعانيه، وفقهه، حتى صار من كبار الأئمة، وذلك مضاف إلى ما فيه من الورع والصدق والنسك والديانة والسمت الحسن والتعفف، وملازمة الاشتغال، والإفادة. وكان فقيهاً بالشامية، وبها يسكن، وله حلقة للإشغال بكرة بجامع دمشق. عرضت عليه مشيخة دار الحديث النورية فامتنع. وكان رجلاً مهيباً، مديد القامة، يعتم بكر وهو بزي الصوفية. سمعت عليه واستفدت منه. وله قصيدة مليحة غزلية في صفات الحديث، سمعتها منه، أولها: (غرامي صحيح والرجاء فيك مُعْضِل .......... وحُزني ودمعي مرسَل مسَلسَلُ) وهي عشرون بيتاً سمعها منه شيخانا: الدمياطي، واليونيني سنة بضع وستين. وسمع منه: البرزاني، والمقاتلي، والنابلسي، وأبو محمد بن أبي الوليد وكان من ألزم الطلبة له. وكان مقيماً بالشامية، ولم يسلم بظاهر البلد مكان سواها، فلما اشتد به الإسهال دخل البلد للتداوي، فأقام يومين وعبر إلى الله تعالى بتربة أم الصالح في ليلة الأربعاء تاسع جمادى الآخرة. وشيعه الخلق إلى مقابر الصوفية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 385 581 - أحمد بن القاسم بن جعفر بن دبوقا. شهاب الدين، أخو الشيخ المقرئ رضي الدين. توفي في شعبان، ودفن بالصالحية. 582 - أحمد بن محمد بن عبّاس بن جَعْوان. الإمام، المحقق، الزاهد، شهاب الدين الأنصاري، الدمشقي، الشافعي. أخو الحافظ شمس الدين. روى ' جزء ابن عرفة ' عن ابن عبد الدائم. وسمع مع أخيه كثيراً، وأقبل على الفقه فبرع فيه وأفتى، وانقطع وانقبض عن الناس. رأيته رجلاً أسمر، تام الشكل، مهيباً، متنسكاً، متقشفاً. توفي ببيته في الناصرية بدمشق في الثاني والعشرين من شعبان. وكان من تلامذة النواوي رحمهما الله. مات في الكهولة. 583 - أحمد بن محمد بن أبي الفتح محمد بن أحمد. الشيخ أبو العباس ابن المجاهد المقدسي، الصالحي، الحداد. ولد في حدود العشرين وستمائة أو قبلها. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، والإربلي، والناصح بن الحنبلي، وابن اللتي، وكتائب بن مهدي، وابن جزي الرقي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 386 وأجاز له الشيخ الموفق، وابن أبي لقمة. سمعنا منه، ووجد مقتولاً، رحمه الله، بالجبل في أواخر جمادى الأولى. 584 - أحمد بن أبي بكر محمد بن حمزة بن منصور. الطبيب، الفاضل، نجم الدين، أبو العباس الهمذاني، ثم الدمشقي، المعروف بالحنبلي. طبيب مارستان الجبل. ولد سنة خمس أو ست وعشرين. ومات بدويرة حمد. وولي مشارفة الجامع في هذه السنة ببغداد بعد أخيه لأمه الشمس الحنبلي. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والحصيري. قرأت عليه بلا كتاب. 585 - أحمد بن محمد. ناصر الدين الحلبي، الخياط. من فقهاء الشامية. توفي في شوال. 586 - أحمد بن مفضّل بن عيسى. الفاضل، الأديب، شمس الدين ابن أخي الصاحب جمال الدين ابن مطروح، الأنصاري، الشاعر، الضرير. توفي في السابع والعشرين من رمضان كهلاً. وله شعر كثير، فمنه:
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 387
(رُوَيَد الهوى كم ذا يريق دمي عمدا .......... ويفني وجودي في أُهَيْل الحِمى وجدا)
(ولي بالكثير الفرد أنّه وامقٌ .......... تذيب الحديد والحجر الصّلد)
(وكم وقفة لي بالغَور ورامه .......... أبثّ غراما جاوز الوصف والحدّا)
(وهي جلدي عن حمل ما أنا واجد .......... و (جاز) الهوى ظلماً ولم يألُني جهداً)
(أيدمي في الحبّ تمنع خد .......... أقود منها فقد قتلت عمدا)
(فتاة وعد الوصل بطل حبيبها .......... وكم (أنجزت) بالصدّ عشّاقها وعدا) 587 - أحمد بن محسّن - بالتشديد - بن مَلِيّ بن حسن بن عتيق بن مَلِيّ. العالم، البارع، الكبير، الدين، المعروف بابن ملي الأنصاري البعلبكي، الشافعي، المتكلم. ولد سنة سبع عشرة ببعلبك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 388 وسمع من: البهاء عبد الرحمن، وأبي المجد القزويني، وابن الزبيدي، وابن رواحة. واشتغل بدمشق، وأخذ العربية عن أبي عمرو بن الحاجب، والفقه عن ابن عبد السلام، والحديث عن الزكي المنذري، والأصول عن جماعة، والفلسفة والرفض عن جماعة. ودرس، وأفتى، وناظر، وأشغل، وتخرج به الأصحاب. وكان متبحراً في العلوم، كثير الفضائل، أسداً في المناظرة، فصيح العبارة، ذكياً، متيقظاً، فارهاً، حاضر الحجة، حاد القريحة، مقداماً، شجاعاً. أشغل مدة بدمشق ومدة بحلب. ودخل مصر غير مرة. وكان شهماً جريئاً، مشتلقاً يخل بالصلوات ويتكلم في الصحابة، نسأل الله السلامة. وكان يقول في الدرس: عينوا آية حتى نتكلم عليها. ثم يعينون ويتكلم على تفسيرها بعبارة جزلة كأنما يقرأ من كتاب. قرأ عليه البزرالي ' موطأ القعنبي '، وغير ذلك. وسمع منه الطلبة. ولم أسمع منه. وكان عارفاً بالحكمة والطب ومذهب الأوائل. وكانت وفاته في جمادى الأولى بقرية بخعون من جبل الضنيين، وبلغني عنه عظائم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 389 588 - أحمد بن مكي بن عثمان. الموصلي، ثم الصالحي، النساج. أحد من كتب في الإجازات، وحدث. قال ابن الخباز: سمع من ابن اللتي. واستشهد في ربيع الآخر، وبقي أياماً على سطح لم يُعلم به. 589 - أحمد بن موسى بن محمد. فخر الدين ابن المفتي تاج الدين ابن الحيوان المراغي، ثم الدمشقي، الشافعي. مدرس الإقبالية. توفي في المحرم شاباً. 590 - أحمد بن هبة الله ابن تاج الأُمناء أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحُسين بن عساكر. شيخنا، المسند الجليل، شرف الدين، أبو الفضل. ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وأجاز له المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وزينب بنت الشعري، وأبو المظفر بن السمعاني، والقاسم بن الصفار، وطائفة من الخراسانيين. وسمع من: عم أبيه زين الأمناء، والقزويني، وأبي القاسم بن صصري، وعز الدين ابن الأثير، وابن صباح، وابن غسان، وابن الزبيدي، والمسلم المازني، ومحمد بن المحاور، ومكرم، وأبي بكر محمد بن الشيرجي، وابن إيداش السلار، وابن أبي يداس البرزالي، وعبد الرزاق بن سكينة، وطائفة سواهم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 390 وسمع الكثير وأسمعه. وحدث ' بالصحيحين ' مرات، ' وبمسند أبي يعلى '، و ' مسند أبي عوانة '، و ' مسند أبي العباس السراج ' و ' تفسير البغوي ' بفوت، و ' موطأ أبي مصعب '، و ' الزهد ' للبيهقي، و ' مشيخة أبي المظفر السمعاني '، وأجزاء كثيرة لا يمكن ضبطها، و ' رسالة القشيري '. وأكثرت عنه أنا، والمزي، والبرزالي، والمقاتلي والختني، والنابلسي. وسمع منه خلق كثير. وانتهى إليه علو الإسناد بدمشق. وكان شيخاً مهيباً، تركي الأم، فيه خير وإيثار وعدالة، وعنده عامية خرج له ابن المهندس ' مشيخة ' في أربعة أجزاء وسمعها منه أهل البلد وأهل الجبل. وكانت له قاعة كيسة عند المعينية، فاحترقت فيها احترق حول القلعة، فانتقل إلى درب الأكفانيين، وقاسى مشقة ومصادرة. وتوفي وهو قاعد، ولم يلين مفاصله، فبقي مقرفصا على النعش، وصلينا عليه بالجامع وشيعه عدد كثير، وخرجنا به من نقب في السور بقرب باب النصر، وهي أول جنازة أخرجت على العادة. وقبل ذلك كان الناس يخرجون أمواتهم كيف جاء بحسب الحال. ودفناه بتربة بني عساكر التي في أول مقابر الصوفية يوم الخامس والعشرين من جمادى الأولى. 591 - إبراهيم بن أحمد بن أبي عَمرو. البرهان، المصري، الإسكندراني. تلميذ العفيف التلمساني، وكان يبالغ في تعظيمه. وكان يشهد بسوق القمح، ويبخل عن نفسه، ويقتر عليها، فمات على حصير وهو في حال ضنك. وقد سمع الكثير من أصحاب الخشوعي مع ابن جعوان، وغيره. وخلف جملة من المال. توفي بالرواحية في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 391 592 - إبراهيم بن أحمد بن محمد بن خَلَف بن راجح بن بلال. الشيخ عماد الدين ابن القاضي نجم الدين المقدسي، الصالحي، الحنبلي، الماسح. عدل، خير، خبير بقسمة الأرضين. أقامه القضاة لذلك. ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة. وسمع من: والده، وإسماعيل بن ظفر، والضياء الحافظ. وحضر على ابن الزبيدي بعض ' البخاري '. وأجاز له عمر بن كرم، وأبو الوفاء محمود بن مندة، وجماعة. سمعنا منه. وهو ابن بنت الشيخ العماد. سلب وذهب أهله وقماشه، ودخل البلد فقيراً، وقاسى الجوع، وشحذ متخفياً. ثم طلع الجبل، وقرب الأجل، فتوفي في الرابع والعشرين من رجب، ووقع أجره على الله. 593 - إبراهيم بن شُعَيفات. الجمال الفاكهاني. صاحب مخازن وثروة ودائرة. مات في أيام من ذي القعدة. 594 - إبراهيم بن عنبر. المارداني، قيم الماردانية ثم قيم التربة الأسدية ومؤذنها. ولد في رجب سنة ست وعشرين. وثنا عن ابن اللتي. توفي في أوائل ربيع الآخر بالجبل. وكان أبوه عبداً حبشياً. 595 - إبراهيم بن نصر الله بن الشيخ الزّاهد إبراهيم بن سعد الله بن جماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 392 صاحبنا جمال الدين الحموي ابن أخي قاضي القضاة. كان شاباً مليحاً، تام الشكل، له فضيلة وعقل، وفيه حسن عشرة. وكان يشهد تحت الساعات. توفي في ربيع الأول، وله خمس وعشرون سنة، سامحه الله وإيانا. 596 - إبراهيم بن يحيى بن يوسف بن طرخان. الفقيه برهان الدين، الكناني، العسقلاني، الحنبلي، المعروف في مصر بالغزاوي. ولد بغزة سنة ثلاث وعشرين وستمائة واشتغل بالقاهرة، وسمع بها من: عبد الوهاب بن رواج، ويوسف الساوي، وابن الجميزي، وجماعة وكان عدلاً صالحاً، عالماً، مقرئاً، يشهد بين القصرين. وعمي في أواخر عمره. لم ألقه. ومات في المحرم. 597 - إبراهيم بن أبي الحسن بن عمَرْو بن موسى بن عُمَيْرة. أبو إسحاق المرداوي، الصالحي، الفراء ابن عم عز الدين إسماعيل ابن الفراء، وكان من أقرانه. أصابه ارتعاش وفالج مدة. سمع من: الشيخ الموفق، والمجد القزويني، والجمال أبي حمزة، وكريمة، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. روى عنه ابن الخباز في سنة اثنتين وستين في ' معجمه '. وسمع منه جماعة كثيرة. ومات شهيداً في وقعة الصالحية. 598 - إبراهيم العجميّ. مؤذن بيت لهيا. قام مع التتار فشنق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 393 599 - أقوش. الأجل، حسام الدين، أبو الحمد الافتخاري، الشبلي. رجل جيد، متميز، مشكور، حسن الخط، له اعتناء بالفضيلة وبالخطوط المنسوبة وتحصليها. وحدث قديماً مع أستاذه الطواشي شبل الدولة كافور الصفوي خزندار قلعة دمشق. وكان ينظر في وقف التربة الكاملية. سمع بالقاهرة من: ابن رواج، والساوي، وجماعة. وسمع بدمياط كتاب ' الناسخ والمنسوخ ' للحازمي من الجلال الدمياطي. وسمع بدمشق من. ابن المؤتمن بن قميرة، وابن مسلمة. وسمع منه الطلبة. وقرأت عليه ' الناسخ والمنسوخ '. مولده بالكرج في سنة ثلاثين وستمائة تقريباً. وتوفي بدمشق في ثالث عشر ذي القعدة. 600 - إمام الدّين. هو قاضي الشام، أبو المعالي عمر بن القاضي سعد الدين بن عبد الرحمن بن إمام الدين عمر بن أحمد ابن محمد القزويني، الشافعي. ولد بتبريز سنة ثلاث وخمسين وستمائة، واشتغل في العجم والروم. وقدم دمشق في الدولة الأشرفية هو وأخوه الخطيب جلال الدين فأكرم
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 394 مورده وعومل بالاحترام والإجلال لرياسته وفضله وعلمه. وكان تام الشكل، مسمناً، وسيماً، جميلاً، حسن الأخلاق، متواضعاً، فاضلاً، عاقلاً. درس بدمشق بعدة مدارس، ثم ولي القضاء في سنة ست وتسعين، وصرف القاضي بدر الدين، فأحسن السيرة، ودارى الناس، وساس الأمور. ولما بلغه خبر الهزيمة ركب وانجفل إلى القاهرة، فدخلها وأقام بها جمعة، وتوفي، وشيعه خلق. وقد صلوا عليه بعد ذلك بمدة صلاة الغائب في تاسع شعبان. وكانت وفاته في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، وله ست وأربعون سنة. 601 - الأمين المنجّم. واسمه سالم الموصلي: شيخ متميز في النجوم وحل الأزياج وحسابها، وعمل التقاويم والفسار. مات بدمشق في ذي القعدة. 602 - أيّوب بن يوسف بن محمد بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر. نجم الدين، أبو عبد الله الجماعيلي، المقدسي، الحنبلي، خطيب جماعيل، والد صاحبنا تقي الدين عبد الله الجماعيلي، المقرئ. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وسمع من: خطيب مردا، وعلي بن صالح شيخ. أجاز له الصيدلاني. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. وكان فقيهاً مباركاً، له مدة يخطب بالقرية. رأيته وقد جاء يسلم على شيخنا ابن تيمية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 395 توفي في أواخر السنة بجماعيل. 603 - أيّوب بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله بن طارق بن سالم. الإمام، العلم، بهاء الدين، أبو صابر بن النحاس الأسدي، الحلبي، الحنفي، مدرس القليجية، وشيخ الحديث بها. ولد سنة سبع عشرة وستمائة. وسمع من: مكرم، والموفق يعيش، وابن رواحة، وابن خليل، وجماعة بحلب. وقال لنا إنه سمع من ابن روزبة ' صحيح البخاري '. وسمع ببغداد من: أبي إسحاق الكاشغري وأبي بكر بن الخازن، وأبي بكر بن النحال، وابن العليق، وفضل الله الجيلي، وابن السكن، وغيرهم. وسمع بالقاهرة من يوسف الساوي، وغيره، وبمكة من: شعيب الزعفراني، وبهاء الدين ابن الجميزي. وقدم دمشق من حلب فقيراً، فنزل بالخانكاه مدة. ثم أعطي تدريس القليجية. وكان شيخاً فاضلاً ن مطبوعاً، حسن الأخلاق، صحيح الاعتقاد، كثير المسموع، محباً للحديث. روى ' سنن الدارقطني '، وأشياء كثيرة. توفي في ثاني عشر شوال، ودفن بمقابر الصوفية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 396
- حرف الباء - 604 - بلال المغيثيّ. الطواشي، الأمير الكبير، حسام الدين، أبو المناقب الحبشي، الجمدار، الصالحي. كان لالا الملك الصالح على دار السلطان الملك المنصور. ثم جعله الملك العادل يتكلم في أمر السلطان الملك الناصر وينظر في مصالحه. وهو كبير الخدام المقيمين بالحرم النبوي، وله أموال طائلة وغلمان وحرمة في الدولة. حدث بدمشق ومصر. وقرأت عليه جماعة أجزاء يرويها عن ابن رواج، وكان فيه دين وبر وصدقات. حضر المصاف ورد، فأدركه أجله بالسوادة، وحمل إلى قطية فدفن بها في تاسع ربيع الآخر. وكان من أبناء التسعين. وكان ضخماً، مهيباً، تام الشكل، حالك السواد. - حرف الجيم - 605 - جاغان. الأمير الكبير، سيف الدين المنصوري، الحسامي. كان فيه دين وعقل. وكان أشقر، مليح الشكل. مات قبل الكهولة بأرض البلقاء في شوال، وصلوا عليه صلاة الغائب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 397 606 - جمال الدين ابن الهندي. الفقيه العدل، أحمد بن محمود الشافعي. توفي بمسجده شمالي العقيبة. وكان ثقة أميناً، من أبناء السبعين. توفي في شعبان. وهو والد بدر الدين وأخويه. - حرف الحاء - 607 - حازم بن عبد الغني بن حازم. الجماعيلي، التاجر، حافظ القرآن، كثير التلاوة، وهو ختن القاضي تقي الدين ابن سليمان على بنته الكبرى. مات يوم عاشوراء بالجبل. 608 - حبيبة بنت الكمال أحمد ابن الكمال عبد الرحيم. أخت الضياء وزينب. أجاز لها السبط، وسمعت من خطيب مردا، وإبراهيم بن خليل. وهي زوجة الشهاب أحمد بن الناصح. توفيت قبله بيسير، وحدثت. 609 - الحسن بن أحمد بن الحسن بن أنو شروان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 398 قاضي القضاة، حسام الدين، أبو الفضائل ابن قاضي القضاة تاج الدين أبي المفاخر، الرازي، ثم الرومي، الحنفي. ولد في ثالث عشر المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة بأقصرا، إحدى مدن الروم، وولي قضاء ملطية أكثر من عشرين سنة. ثم نزح إلى الشام سنة خمس وسبعين وستمائة خوفاً من التتار، فأقام بدمشق، ثم ولي قضاءها في سنة سبع وسبعين بعد الصدر سليمان، وامتدت أيامه إلى أن تسلطن حسام الدين لاجين، فسار إليه سنة ست وتسعين، فأقبل عليه، وأحب مقامه عنده لمودة بينهما من أيام نيابته على دمشق، وولاه القضاء بالديار المصرية، وولى ابنه جلال الدين مكانه بدمشق، وبقي معظماً، وافر الحرمة، فلما زالت دولة حسام الدين لاجين قدم القاضي حسام الدين إلى دمشق في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين على مناصبه وقضائه بدمشق وعزل ولده. وكان مجموع الفضائل، كثير المكارم، متودداً إلى الناس، له أدب وشعر، وفيه خير ومروءة وحشمة. حضرت مجلسه فجرى شيء من الكلام، فرأيته يرجح طريقة السلف ويصوبها. ثم إنه خرج في الغزاة وشهد المصاف، وكان آخر العهد به. والأصح أنه لم يقتل في المصاف، وكثرت الأخبار بمروره مع المنهزمين بناحية جبل الجرديين، وأنه أسر وبيع للفرنج، وأدخل إلى قبرس هو وجمال الدين المطروحي الحاجب. وقيل إنه تعاطى الطب والعلاج، وأنه جلس يطبب بقبرس وهو في الأسر، ولكن لم يثبت ذلك، فالله أعلم بما صار إليه.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 399 610 - الحسن بن حمزة. العدل، المرتضى، بدر الدين الحسيني، الشريف. من أعيان شهود تحت الساعات. توفي في المحرم بالجبل. وخرج قاضي القضاة إمام الدين وشهد دفنه. 611 - الحسن بن علي بن عيسى بن الحسن. الإمام، المحدث، شرف الدين ابن الصيرفي، اللخمي، المصري. شيخ الحديث بمدرسة الفارقاني. فقيه، محدث، مفيد، صدوق، خير، دين، متواضع، حسن الأخلاق، مليح الشيبة. سمع من: عبد الوهاب بن رواج، وأبي الحسن ابن الجميزي، ويوسف الساوي، وفخر القضاة ابن الحباب، والمؤتمن بن قميرة، والزكي عبد العظيم، والرشيد العطار. وبالإسكندرية من: سبط السلفي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 400 سمعت منه، وتوفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة، وهو في عشر الثمانين أو نيف عليها. 612 - الحسن بن علي بن يوسف بن هود. الشيخ، الزاهد الكبير، بدر الدين، أبو علي، ابن هود المرسي. أحد الكبار في التصوف على طريقة أهل الوحدة، أعاذنا الله من ذلك. قال علم الدين البرزالي: سألته عن مولده فقال: في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمرسية. وذكر أن أباه كان نائب السلطنة بمرسية عن أخيه الخليفة الملقب بالمتوكل أبي عبد الله محمد بن يوسف بن هود صاحب الأندلس. قلت: وحصل لهذا المرء زهد مفرط، وفراغ عن الدنيا، وسكرة عن إياه، وغفلة متتابعة، فسافر وترك الحشمة وتغرب، وصحب ابن سبعين واشتغل بالفلسفة والطب وترهات الإتحادية، وزهديات الصوفية، وخلط هذا بهذا. وحج، ودخل اليمن، وقدم الشام، رأيته مرات، وكان أشقر، أزرق، ذا شيبة وهيبة وسكون وفنون، وتلامذة، وزبون، وعلى رأسه قبع ذلك. وكان غارقاً في الفكر، قليل الصلاة، متواصل الأحزان، عديم اللذة كأنه فاقد، وفيه انقباض عن الناس وسكوت متواصل، وقد حمل مرة إلى والي البلد وهو سكران، أخذوه من حارة اليهود فأحسن الوالي به الظن وسرحه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 401 وقال بعض الناس: إنما سقاه اليهود ليغضوا منه بذلك خبثاً منهم. قال الشيخ تاج الدين في ' تاريخه ': وفي سنة خمسة وثمانين تحدث الناس أن ابن هود وجد سكراناً، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وقيل إنه أخذ إلى الوالي فاعترف، ثم سرحه وأخرج من الأندلسية. وقال شيخنا عماد الدين الواسطي، وكان من أكبر المحطين عليه لما رأى منه: أتيته وقلت له: أريد أن تسلكني. فقال لي: من أي الطرق تريد أن تسلك؟ من الموسوية أو المحمدية؟ أي أن كل الملل توصل إلى الله. وقال: كان إذا طلعت الشمس استقبلها وصلب على وجهه، لا أدري ما يقصد بذلك. وله أبيات مشهورة في الاتحاد، وهي: (عِلْمُ قومي بي جَهْلُ .......... يقول فيها (أنا ربّ، أنا عبد .......... أنا بعضٌ، أنا كلُّ)
(أنا دنيا، أنا أخرى .......... أنا هجْرٌ، أنا وَصْلُ)
(أما معشوقٌ لذاتي .......... لست عن الدّهر أسلو) وقد صحبه العفيف عمران الطبيب، والشيخ سعيد المغربي، وغير واحد من هؤلاء، اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 402 وكان له مشاركات جيدة في العلوم. توفي في السادس والعشرين من شعبان، وصلى عليه قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، ودفن بسفح قاسيون. وكان يعجبني سمته وصمته، ولعله رجع وأناب. 613 - حسن بن هارون بن حسن. الفقيه الصالح، نجم الدين الهذباني، الشافعي، أحد أصحاب الشيخ محيي الدين النواوي. دين، خير، ورع، قانع، متتبع، عنده فوائد كثيرة، وطلب للعلم. سمع من: ابن عبد الدائم، وجماعة. ولم يحدث. توفي في تاسع شعبان، وهو كهل. 614 - الحكميّ. الأجل، عز الدين، مملوك الأمير علم الدين أرجواش. شاب حسن، عاقل، عزيز عند مخدومه، نزل المدينة من جهة أرجواش، وعمل ولاية أياماً. توفي في رمضان. - حرف الخاء - 615 - خضر بن دانيال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 403 زين الدين الزرادي، المقرئ، الضرير. توفي في شعبان. وكان يخيط الثياب، ويدخل الخيط في الإبرة وهو أعمى. 616 - خضر بن علي بن أقجا. الأمير الأجل، شمس الدين الأوشري. روى عن الشرف الإربلي، والنظام عبد الله بن البانياسي. توفي في وسط العام. 617 - خطّاب بن محمد بن زنطار بن حريز بن رافع. معين الدين اللخمي، الأشرفي، خازن النعل الذي بدار الحديث. روى لنا عن: فرح الحبشي، وعثمان بن خطيب القرافة. ولد سنة ثمان وأربعين، وتوفي في خامس شعبان. وكان عاقلاً له خبرة بالأمور. 618 - خديجة بنت أحمد بن عمر بن أبي بكر بن شُكر. زوجة الشمس محمد بن العماد عبد الحميد المقدسي. روت عن جعفر الهمذاني. وتوفيت بالبلد عند البغدادية في الثامن والعشرين من جمادى الأولى. 619 - خديجة بنت التّقّي محمد بن محمود بن عبد المنعم المراتبيّ، الحنبليّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 404 أم محمد، عجوز صالحة، عابدة، خيرة، كثيرة التلاوة، خير نساء الدير. روت عن: ابن الزبيدي، والإربلي. وهي بنت الزاهدة حبيبة بنت الشيخ أبي عمر. سمعنا منها وتوفيت في التاسع والعشرين من جمادى الأولى في عشر الثمانين. 620 - خديجة بنت يوسف بن غُنَيْمة بن حسين. العالمة، الفاضلة، أمة العزيز البغدادية ثم الدمشقية. وتعرف ببنت القيم. كان أبوها قيم حمام، فحرص عليها لما رأى نجابتها، وأسمعها الكثير، وعلمها الخط والقرآن والوعظ وغير ذلك. وكانت تعظ النساء، ثم تركت ذلك ولزمت بيتها. وهي زوجة الحاج محمود الذهبي. ولدت سنة ثمان وعشرين وستمائة، وسمعت من: مكرم، وابن الشيرازي، وابن اللتي، وابن المقير، وكريمة. وبمصر، من: علي بن مختار العمري، وأبي الحسن بن الجميزي. وحدثت بدمشق والعلا وتبوك، وجودت على الولي، وابن الشوا، والرضى التونسي، والنجار، لكن لم تقو يدها. وقرأت مقدمتين في العربية أو أكثر، وأعربت على النجاة. وقرأ لنا عليها البرزالي أبقاه الله، ' مقامات الحريري '. وكانت قد تفردت بها بدمشق. توفيت في مستهل شعبان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 405
- حرف الراء - 621 - الرشيد أوْحَشْتَني. المسلماني، كاتب البيوتات. دفن في ذي الحجة بتربته بمقبرة باب شرقي. 622 - رضوان بن أحمد بن عُبيد. السوادي المقرئ، الرجل الصالح. كان يلقن بدار الحديث وبالجامع احتساباً. روى لنا ' جزء الوخشي '، عن ابن الأوحد. توفي في رمضان، وقد نيف على الستين. - حرف الزاي - 623 - الزُّوَيراني. الأمير عز الدين أيبك الحاجب. توفي بنواحي عسقلان في شعبان، وقد جاوز السبعين. 624 - زينب بنت إسماعيل بن المحبّ محمد بن عمر الحرّانيّ. أم أحمد. سمعت من: خطيب مردا، ومحمد بن عبد الهادي، وإبراهيم بن خليل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 406 وحدثت. توفيت في جمادى الآخرة. 625 - زينب بنت عمر بن كِنْدي بن سعيد بن علي. أم محمد بنت الحاج زكي الدين الدمشقي، زوجة ناصر الدين ابن قرقر، معتمد قلعة بعلبك. امرأة صالحة، خيرة، لها بر وصدقة. بنت رباطا ووقفت أوقافاً، وعاشت في خير ونعمة، وحجت، وروت الكثير، وتفردت في الوقت. أجاز لها المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وزينب الشعرية، والقاسم بن الصفار، وأبو البقاء العكبري، وعبد العظيم بن عبد اللطيف الشرابي، وأحمد بن ظفر بن هبيرة. حدثت بدمشق وبعلبك. وتوفيت في التاسع والعشرين من جمادى الآخرة بقلعة بعلبك عن نحو تسعين سنة. سمع منها: أبو الحسين اليونيني وأولاده وأقاربه، وابن أبي الفتح وابناه، والمزي وابنه الكبير، والبرزالي، وابن النابلسي، وأبو بكر الرحبي، وابن المهندس، وأحمد ابن الدربي، وأبي، وخالي، وخلق من أهل بعلبك.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 407 قرأ عليها ابن سامة ' صحيح مسلم '، وقرأت علينا من أول ' الصحيح ' ألى أول النكاح، وسمعت ما بقي على ابن عساكر، وسمعت منها عدة أجزاء رحمها الله. 626 - زين الدّين ابن القصّاع. الدمشقي. واسمه محمد بن الشرف إبراهيم بن إسماعيل. شهد على القضاة. وكان من عدول القيمة. توفي في شوال. 627 - زين الدّين ابن المغيزل. هو الخطيب أبو عبد الله بن الشيخ تاج الدين أحمد بن محمد بن محمد بن مغيزل الحموي، خطيب الجامع الأسفل. سمع من شيخ الشيوخ عبد العزيز. وتوفي بحماة في المحرم. - حرف السين - 628 - سالم بن ناصر. الفقيه شرف الدين، قاضي قارا وخطيبها. فصيح، مفوه، شاعر، فيه مكارم ومروءة. أقام بقارا مدة، وبها توفي في الرابع والعشرين من رمضان. 629 - سعد الله بن عُقْبة. الحنفي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 408 هلك في الجبل بالبرد والعذاب. له إجازة من ابن الزبيدي. 630 - سعيد الدين الكاسانيّ. الفرغاني، الصوفي، شيخ خانكاه الطاحون. رأيته شيخاً مزرع الشيب. مات بالخانكاه في سابع عشر ذي الحجة. وكان من رؤوس الاتحادية، فاضل في فنه، بصير بأقوال القوم. قرأ هو والأيكي على الشيخ صدر الدين القونوي هذا العلم. وهو قرأ على ابن العربي. وقد شرح قصيدة ابن الفارض في السلوك في مجلدتين، واسمه محمد بن أحمد، واشتهر بالشيخ سعيد. 631 - سليمان بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عساكر. صاحبنا شمس الدين. سمع معنا الكثير على والده. وسمع قبلي من جماعة، وورث أباه وعاش بعده أياماً، فورثه ابن عم أبيه الشيخ الفخر بن عساكر. توفي في ثالث رجب. وكان من أبناء الثلاثين. 632 - سليمان بن عبد الله بن علي بن منصور بن رطلين. الفقيه العالم، جمال الدين، أبو منصور البغدادي، الحنبلي. ولد في حدود الثلاثين وستمائة. وكان من فقهاء المدارس. وفيه ديانة ومروءة، وله بيت بالجوزية
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 409 قرأ عليه أبو محمد البرزالي ' كرامات الأولياء ' للخلال، بسماعه عن عز بن العليق. توفي في رجب. 633 - سنجر. الأمير الكبير، العالم، المحدث، علم الدين، أبو موسى التركي، البرلي، الدويداري، الصالحي. ولد سنة نيف وعشرين وستمائة، وقدم من الترك في حدود الأربعين وستمائة. وكان مليح الشكل، مهيباً، كبير الوجه، خفيف اللحية، صغير العين، ربعة من الرجال، حسن الخلق، والخلق. فارساً، شجاعاً، ديناً، خيراً، عالماً، فاضلاً، مليح الخط، حافظاً لكتاب الله. قرأ القرآن بمكة على الشيخ جبريل الدلاصي، وغيره. وحفظ: ' الإشارة ' في الفقه لسليم الرازي، وهي في أربعة كراريس. وحصل له عناية بالحديث وبسماعه سنة بضع وخمسين. فسمع الكثيره وكتب بخطه، وحصل الأصول. خرج المزي جزءين ' عوالي '، وخرج له البرزالي ' معجماً ' في أربعة عشر جزءاً، وخرج له ابن الظاهري قبل ذلك شيئاً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 410 وحج ست مرات. وكان يعرف عند المكيين بالستوري لأنه أول من سار بكسوة البيت بعد أخذ بغداد من الديار المصرية. وقبل ذلك كانت تأتيها الأستار من الخليفة. وحج مرة هو واثنان من مصر على الهجن. وكان من أمراء الحلقة في الأيام الظاهرية، ثم أعطي إمرته بحلب، ثم قدم دمشق وولي الشد مدة. ثم كان من أصحاب سنقر الأشقر، ثم مسك، ثم أعيد إلى رتبته وأكثر، وأعطي خبزاً وتقدمة على ألف، وتنقلت به الأحوال، وعلت رتبته في دولة الملك المنصور لاجين، وقدمه على الجيش في غزاة سيس. وكان لطيفاً مع أهل الصلاح والحديث، يتواضع لهم ويحادثهم ويؤانسهم ويصلهم، وله معروف كثير، وأوقاف بالقدس ودمشق. وكان مجلسه عامراً بالعلماء والأعيان والشعراء. وقد مدحه جماعة كبيرة، ودونت مدائحه في مجلدتين وفيها قطع مونقة. وسمع الكثير بمصر والشام والحجاز. وروى عن: الزكي عبد العظيم، والرشيد العطار، والكمال الضرير، وابن عبد السلام، والشرف المرسي، وعبد الغني بن بنين، وإبراهيم بن بشارة، وأحمد بن حامد الأرتاحي، وإسماعيل بن عزون، وسعد الله بن أبي الفضيل التنوخي، وعبد الله بن يوسف ابن اللمط، وعبد الرحمن بن يوسف المنبجي، ولاحق الأرتاحي، وأبي بكر بن مكارم، وفاطمة بنت الملثم بالقاهرة، وفاطمة بنت الحزام الحميرية بمكة ؛ وابن عبد الدائم، وطائفة بدمشق ؛ وهبة الله بن زوين، وأحمد بن النحاس بالإسكندرية، وعبد الله بن علي بن معزوز بمنية بني خصيب، وبأنطاكية، وحلب، وبعلبك، والقدس، وقوص، والكرك، وصفد، وحماة، وحمص، وينبع، وطيبة، والفيوم، وجدة، وقل من أنجب من الترك مثله. وقد سمع منه خلق بدمشق والقاهرة. وشهد الوقعة وهو ضعيف، ثم التجأ بأصحابه إلى حصن الأكراد فتوفي به ليلة الجمعة ثالث رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 411 634 - سَنْجَر. الجمال، علم الدين، مولى الأمير جمال الدين أيدغدي، العزيزي. يروي ' جزء الذهلي '، عن السبط. قتل يوم المصاف هو ورفيقه أيدكين الجمالي العزيزي أحمد من سمع المرسي، والأمير منكبرس الجمالي العزيزي. - حرف الشين - 635 - شجاع الدين محمد بن شَهْري. الكردي، الأمير، نائب بعلبك. شيخ كبير من أبناء الثمانين. توفي ببعلبك في رجب. وكان عاقلاً محمود السيرة، قليل الشر، ضبط بعلبك من التتار، وامتنع عليهم بإعانة أهلها، فلم يقدروا عليها. 636 - شمس الدّين الحُنَيْبلي. مشرف الجامع المعمور. كهل، حسن الشكل، له هيبة وصورة. سمع من: ابن عبد الدائم، وعمر الكرماني. لم يرو. واسمه محمد بن الظهير يحيى بن محمود الإصبهاني الأصل، الدمشقي. وعرف بالحنيبلي لأنه أخو الأخوين: النجم، والشهاب ابني الحنبلي لأمهما. توفي رابع ربيع الأول. 637 - الشمس الأحول. كانت مصطبة الوالي. أكثر الفضول. وتعاون أيام التتار، فلما انقلعوا مسك وشنق في ثالث شوال، هو وكاتب يهودي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 412 ثم شنق بعد يومين إبراهيم مؤذن بيت لهيا لقيامه وشره. وسمر الشريف القمي، وابن العوني البرد دار، وابن خطليشي المزي، وقطع لسان ابن ظاعن من نقباء الوالي، وقطعت يد الدلدرمي ورجله، وكحل الشجاع همام فمات بعد يوم، ومات الدلدرمي بعد ثلاث، وكحل مندوة الجندي الكردي وليس له ذنب إلا قيامه في خدمة قبجق. 638 - شمس الدين ابن الصائغ. الأنصاري، الدمشقي، الكاتب، عبد الله بن الشيخ عماد الدين عبد العزيز. كان أشقر، سميناً ن رئيساً، يخدم في ديوان الخاص. وله عقل ومروءة، وفيه محافظة على الصلوات وديانة. وسمع من: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر. وما حدث. قال أبو محمد البرزالي: حدثني ثقة رآه في النوم فسأله: ماذا لقيت؟ فقال: كل خير.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 413 مات كهلاً. 639 - شهاب الدين. إمام مغارة العزيز بجبل قاسيون، وشيخ زاوية ابن المحاور. شيخ حسن، عاقل، فاضل، من فقهاء الظاهرية والغزالية. غص فمات فجأة في نصف شعبان، رحمه الله. - حرف الصاد - 640 - صَدَقة بن علي بن حسين بن عبد العزيز بن هلالة. المقرئ محب الدين اللخمي، الإشبيلي، الطبيري. شيخ عالم قرأ القراءآت، وروى عن: إبراهيم بن خليل، وابن البرهان. وله حلقة بجامع دمشق. وأظنه ابن حبشية. توفي في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة. وكان مولده بإشبيلية. 641 - صدّيق بن محمد بن صدّيق. الفلاح ببيت الأبار. شيخ أمي جاهل، بلغني أنه يتهاون بالصلاة، فلم أسمع منه. روى عنه: الإربلي، وغيره. توفي بالمدينة بعد رواح التتار. 642 - صفيَّة بنت عبد الرحمن بن عمرو العزّاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 414 أخت شيخنا عز الدين. سمعنا منهما جزءاً. رويا عن الشيخ الموفق. وكان فيها خير وصلاح، وهي داية بالجبل. توفيت بالجبل بعد دخول أهل الجبل إلى البلد شهيدة بالبرد والجوع عن سبع وثمانين سنة. وسماعها في الخامسة. أخبرنا إسماعيل وصفية قالا: أنا ابن قدامة، أنا أبو الفتح محمد، أنا رزق الله، أنا ابن بشران، أنا ابن البختري، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنا عبد الوهاب، أنا طلحة بن عمرو، عن ابن طاووس، أن أباه كان يصوم بعد الفطر ستة أيام ويقول: تعدل صيام السنة، ثلاثين بعشرة أشهر، وستة أيام بشهرين. 643 - صواب الطُّواشيّ. شمس الدين الحبشي، خادم القاضي شرف الدين عبد الرحمن، ثم قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى. سمع من: خطيب مردا، وإبراهيم بن خليل، وابن البرهان. وحدث. وكان من أبناء السبعين فيما أحسب. توفي في ثالث عشر جمادى الآخرة. - حرف الطاء - 644 - الطيّار. الأمير الكبير، بدر الدين بكتاش. من كبار الأمراء المنصورية بدمشق. أدركته طلائع التتار بفلسطين، ومعه حريمه وأصحابه، فثبت وأبلى بلاءً حسناً، وقاتل حتى قتل، وحصل له خاتمة خير، فإنه كان مسرفاً على نفسه. وكان من أبناء الستين. وقد حج بالناس مرة سنة اثنتين وتسعين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 415 645 - طلحة بن الخضر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن الحسن بن عليّ. وعلي هو القاضي الزكي بن المنتجب القرشي، قاضي قضاة دمشق. ولد شمس الدين طلحة بعد الأربعين. وسمع من: مكي بن علان، والصدر البكري. سمعنا منه: وتوفي في الرابع والعشرين من رجب. - حرف العين - 646 - عبد الله ابن العزّ أحمد ابن العماد عبد الحميد بن عبد الهادي. تقي الدين المقدسي، الحنبلي، النقيب. ولي نقابة القاضي الحنبلي بعد التتار، وقبل موته بشهر. وحدث عن: إبراهيم بن خليل، وغيره وعاش ثمانياً وأربعين سنة. وسمع من: جده، وأخي جده محمد. وكان مليح الخط، نسخ الكثير وتفقه. ومات في ثاني عشر شعبان. 647 - عبد الله ابن الفقيه عبد الوالي بن جُبَارة بن عبد الوليّ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 416 الإمام تقي الدين، عبد الله المقدسي، الحنبلي، الصالحي. إمام، مفت، مدرس، صالح، عارف بالمذهب، متبحر في الفرائض والجبر والمقابلة، كبير السن. توفي في العشر الأوسط من ربيع الآخر بالجبل، رحمه الله. 648 - عبد الله بن علي بن سوندك بن كيار. الفقيه، الأديب، كمال الدين الكركي. شيخ فاضل، أديب، لغوي، من نقباء السبع. سمع الكثير مع الشيخ علي الموصلي. وله أسمعة قديمة. وروى نسخة أبي مسهر، عن ابن خليل. وأول سماعه سنة تسع وأربعين. توفي في رجب بالمارستان. 649 - عبد الله بن محمد. الشيخ أبو محمد المرجاني. مشهور بكنيته. سيأتي إن شاء الله. 650 - عبد الحميد بن رضوان بن إسماعيل. جمال الدين العامري. المعروف بالبسطي. سمع من عتيق السلماني حديث ابن راهويه. ولم يحدث. ومات في جمادى الأولى ودفن بالبلد بداره.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 417 651 - عبد الدّائم بن أحمد بن علي بن ربح. الشيخ الصالح، أبو أحمد المحجي، الصالحي، القباني. رجل جيد، متواضع. سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن المقير، والإربلي، والعلم ابن الصابوني، وجعفراً الهمداني، وجماعة. حدث عنه ابن الخباز في ' معجمه ' سنة اثنتين وستين. وعاش إلى هذا الوقت، وسمعنا منه. وكان وزاناً بسوق الجبل. توفي في تاسع جمادى الأولى بالجبل. 652 - عبد الرحمن بن عبد الله بن الشيخ أبي الحسن علي بن الحُسين ابن القيّر. المقرئ، الزاهد، المجاهد، أبو جعفر البغدادي، الملقن على باب الغزالية، الخياط. ولد سنة تسع وعشرين وستمائة. وسمع من: أبي جعفر بن السيدي، وإبراهيم بن الخير، وابن قميرة، وابن المني، وغيرهم ببغداد. وأجاز له جده، وأبو المنجا ابن اللتي، والناصح ابن الحنبلي، ومكرم، وجماعة
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 418 وروى الكثير. وكان ملازماً للسماع مع الشيخ علي. وكان شيخاً صالحاً خشن العيش، حريصاً على تسميع صبيان حلقته، فكان يحصل لهم القرآن والحديث. خرج في الجيش وحضر المصاف، واستشهد في ربيع الأول عن سبعين سنة. 653 - عبد الرحمن بن عمر بن صَوْمع. أبو محمد الدير قانوني، ثم الصالحي، سبط الزين ابن عبد الدّائم. رجل صالح، خير، شهيد. روى عن: ابن اللتي، وجعفر الهمداني، والضياء المقدسي. وسمع منه الجماعة. ووجدنا له بعد موته حضوراً في ' البخاري '. ضربت عنقه بالصالحية ولم يتفق دفنه لشدة البلاء. وكان صائماً من أيام. وكان قد جاوز السبعين. 654 - عبد الرحمن بن محمد بن علي. المؤرخ، المحدث، أبو زيد الأنصاري، الأسعدي، القيرواني، المعمر. صاحب ' تاريخ القيروان '. ولد بها سنة خمس وستمائة في ذي الحجة. وأخذ عن عبد الرحيم بن طلحة، وعبد السلام بن عبد الغالب الصوفي، وطائفة. وأجاز له ابن رواج، وابن الجميزي، وسبط السلفي، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 419 وخرج أربعين تساعيات بالإجازة. سمع منه محمد بن جابر الوادياشي. ومن خطه نقلت ترجمته. مات ببلده في نصف ربيع الآخر سنة تسع وتسعين. 655 - عبد الرحيم بن الوزير صفيّ الدين إبراهيم بن هبة الله بن عبد الله بن مرزوق. العسقلاني، التاجر، السفار. سمع من: كريمة، والسخاوي، وجماعة. وأجاز للبرزالي. توفي بمقدشوه. 656 - عبد الرحيم بن عمر بن عثمان. الإمام، المفتي، الزاهد، جمال الدين، أبو محمد الباجربقي، الموصلي، الشافعي. شيخ فقيه، محقق نقال، طويل، مهيب ساكن، كثير الصلاة، وملازم للجماعة والإشغال، له حلقة تحت النسر إلى جانب البرادة. وكان لازماً لشأنه حافظاً للسانه منقبضاً عن الناس على طريقة واحدة. وقد أشغل بالموصل وأفاد. ثم قدم دمشق في سنة سبع وسبعين بأولاده، فخطب بجامع دمشق نيابة، ودرس بالغزالية نيابة، وولي تدريس الفتحية،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 420 وحدث ' بجامع الأصول ' لابن الأثير، عن واحد، عن المصنف. وله نظم، ونثر وسجع ووعظ. قد نظم كتاب ' التعجيز ' وعمله برموز. وهو والد الشيخ الشهور محمد بن الباجربقي الذي حكم المالكي بقتله لزندقته وضلاله. توفي الشيخ جمال الدين في خامس شوال، وصلينا عليه عقيب الجمعة رحمه الله. وقد ولي قضاء غزة سنة تسع وسبعين. 657 - عبد العزيز ابن فخر الدين عبد الرحيم بن الشيخ مخلص الدين عبد الواحد بن عبد الرحمن بن الشيخ أبي المكارم بن هلال. الأزدي، العدل، الجليل، شرف الدين. ولد سنة ست وثلاثين. وروى عن: جده، وعن السخاوي، وابن أبي جعفر، وجماعة، وشهد على القضاة، وتكلم في القيم. توفي في شعبان. 658 - عبد العزيز بن محمد بن عبد الحقّ بن خَلَف بن عبد الحقّ. العدل، الإمام، الفقيه، أبو محمد الدمشقي، الشافعي، الشروطي. ولد سنة خمس وعشرين في شعبان. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبي صادق بن صباح، والإربلي، وجعفر الهمداني، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 421 وأجاز له جماعة من بغداد، وتفقه، وشارك في العلوم والفضائل، وتميز، ودرس بالمدرسة الأسدية. وكان من كبار عدول القضاة وأخبرهم، وأحسنهم كتابة. سمع منه الجماعة، وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة بالمدرسة الناصرية. 659 - عبد العزيز بن يحيى بن علي بن أبي بكر. عز الدين الشاطبي، ثم الدمشقي، المقرئ، نقيب الغزالية والسبع. ولد سنة خمس وأربعين، وحضر على ابن مسلمة، والرشيد العراقي، وجماعة. وسمع من: خطيب مردا، واليلداني، وفرح الحبشي. وكتب في الإجازات، ولم يحدث. توفي صفر. 660 - عبد العزيز ابن قاضي القضاة محيي الدّين يحيى ابن قاضي القضاة محيي الدين محمد بن الزّكيّ. القاضي، الرئيس، عز الدين، أبو محمد القرشي، الدمشقي، الشافعي، مدرس العزيزية والتقوية. وأحد من ولي نظر الجامع غير مرة. كان صدراً، رئيساً، محتشماً، مليح الشكل. درس وأفتى، وتصدر في المجالس، وعين للقضاء. قرأ عليه البرزالي نسخة أبي مسهر، بروايته حضوراً عن إبراهيم بن خليل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 422 مولده في العشرين من رمضان سنة أربع وخمسين. وتوفي في حادي عشر ذي الحجة، ودفن بتربتهم بالجبل. 661 - عبد اللّطيف بن عبد العزيز ابن الشيخ مجد الدين عبد السّلام بن عبد الله. ابن تيمية الخطيب، العدل، نجم الدين الحراني، الحنبلي. روى عن جده، وعن: عيسى بن سلامة، وابن عبد الدايم. وخطب بحران سنوات. وكان خيراً، عدلاً، مشكوراً، متحرزاً. توفي في رمضان عن إحدى وستين سنة. وكان أشقر، طويلاً، لم يشنه شيب. ودفن بمقابر الصوفية إلى جانب عمه الإمام شهاب الدين ابن تيمية. 662 - عبد المؤمن بن حسن. الأجل، أمين الدين، النصيبي، التاجر بسوق علي. عدل، خير، ملازم لمجالس الذكر. سمع أولاده كثيراً في حدود السبعين، وسمع منهم. كتب عنه الدمياطي مع جلالته في كتاب ' العقد المثمن '. توفي في صفر. 663 - عبد الوهّاب الأسود.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 423 ابن الشيخ زين الدين عمر الوكيل، أخو الشيخ صدر الدين. وأمه حبشية. تفقه وحفظ وحضر المدارس، ثم تمفقر وتجرد وحج وجرد العالم. توفي شاباً في صفر، ودفن عند أبيه. 664 - عبد الولي بن علي بن أحمد بن أبي الغنائم. عماد الدين ابن السماقي، الطحان، الصالحي. خير، دين، له بر وصدقة. روى لنا عن ابن اللتي. ومات في وسط الشدة فدفن ببستان القط داخل دمشق. 665 - عبد الولي بن أحمد بن مشهور. الشيخ الصالح، إمام مسجد حميص. روى عن ابن عبد الدائم. سمع منه علم الدين. وتوفي يوم الأضحى. 666 - عبيد الله ابن الجمّال أبي حمزة أحمد بن عمر بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قُدامة. المقدسي، جمال الدين أبو محمد العلاف، عم قاضي القضاة تقي الدين سليمان. ولد في حدود الثلاثين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 424 وسمع من: جعفر، وكريمة، والضياء. أخذ عنه الجماعة. وكان ديناً، مواضعاً، يتسبب لعياله. وكان قد دخل البلد، ثم بادر بالخروج عند رحيل العدو، فأدركه أجله في ثاني جمادى الآخرة. سمعت منه خمسة أحاديث. 667 - العِزّ بن صَدَقَة. الكاتب. وهو أحمد بن محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل الحراني، ثم الدمشقي. رئيس متميز، متمول، يخدم في الجهات. روى عن: مكي بن علان، وابن مسلمة. ومات في جمادى الآخرة عن خمس وستين سنة. 668 - علي بن إبراهيم ابن الخطيب يحيى بن عبد الرزاق بن يحيى. العدل، المسند، مؤيد الدين، أبو الحسن الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي ؛ ابن خطيب عقربا. ولد في رجب سنة إحدى وعشرين وستمائة. وسمع من: جدة، والناصح بن الحنبلي، وابن غسان، والإربلي، وابن اللتي، والقاضي ابن الشيرازي، وسالم بن صصرى، ومحمد بن نصر القرشي. وحج فسمع بالمدينة النبوية من النجم بن سلام. وكان رجلاً ديناً، متودداً، متواضعاً. ولي مخزن الأيتام، وناب في نظر الجامع وغير ذلك، وشهد على القضاة. توفي في منتصف رجب.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 425 669 - علي بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد. الشيخ أبو الحسن المقدسي، الصالحي. قيم جامع الجبل. شيخ صالح، عابد، كثير التلاوة. انقطع وأصابه زمانة، وكان لا يبرح المصحف بين يديه. فقيل إنه يتلو كل يوم ختمة. وابتلي قبل الموت بالتتار، وعذبوه وحموا له سيخاً، ووضعوه على فرجه، ومات شهيداً في العذاب، رضي الله عنه، عن نحو ثمانين سنة أو أزيد. سمع من: البهاء عبد الرحمن، وابن صباح، والزبيدي، وابن غسان، ومكرم، والإربلي، وأبي موسى بن الحافظ، وجماعة بدمشق. ولزم جعفراً الهمداني ونسخ عنه أجزاء بخط وحش. ورحل إلى بغداد وسمع من الكاشغري، وجماعة. وجود القرآن بواسط. ثم رجع وسكن بعلبك في خيمة الشيخ الفقيه. وأجاز له ابن راجح، ومسمار ابن العويس، وجماعة. وتفرد برواية أجزاء، فمن ذلك الرابع من حديث ابن البختري، تفرد به عن الكاشغري، و ' جزء الدقيقي '. 670 - علي ابن الصّدر بهاء الدين بن عبد الله بن محبوب. البعلبكي، ثم الدمشقي، المولى علاء الدين الكاتب. إنسان عاقل، دين، خبير بالكتابة، حسن المشاركة في العلم. خدم في ديوان ابن أتابك وغيره. وكانت أمه حبشية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 426 توفي في الثالث والعشرين من رمضان، وقد قارب الخمسين. 671 - علي بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن عبدوس. الشيخ أبو الحسن ابن الحلاوي الحراني، الزاهد، الصوفي، خال شيخنا ابن تيمية. روى عن عيسى الخياط. وصحب المشايخ وتجرد وسافر، ولقي الكبار، وحفظ عنهم كثيراً من أخبار الصوفية وآدابهم. وأنفق ماله في وجوه الخير، واختل عقله مرة من الذكر والعبادة، وعولج ثم تماثل وكان مقيماً بالخانكاه الأسدية. توفي إلى رحمة الله في سادس عشر رمضان. روى عنه البرزالي. 672 - علي ابن الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة. المقدسي. شاب، محسن، وفقيه، متقن، حسن الديانة والتواضع، مطرح للتكلف، مقتصد في لباسه وأموره. درس بحلقة الحنابلة بجامع دمشق وبمدرسة جده أبي عمر. وأم مدة بالجامع المظفري، وأصيب مع الناس بحريمه وماله، وتوجه إلى الشرق في تخليص أهله هو وجماعة من المقادسة وغيرهم، فخرجت عليهم فرقة من التتار فقتلتهم في سادس عشر ذي القعدة بديار بكر. 673 - علي بن مطر بن ربْح بن حُميد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 427 أبو الحسن المحجي، الصالحي، الفامي، البقال. فقير، دين، متواضع، متعفف، مبارك، خاشع. روى عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي. سمعنا منه. وقد حدث بعد الستين. وهو عم عبد الدائم القباني وأصغر منه. قتل شهيداً بعد الشدائد بالصالحية عن أربع وسبعين سنة. 674 - عماد الدين ابن النّشّابيّ. الأمير، والي دمشق، واسمه حسن بن علي بن محمد. تعلم الصياغة، وخدم جندياً، وتقلبت به الأحوال، وولي ولايات بالبر. ثم ولي ولاية دمشق مدة، ثم ولي ولاية البر. ثم أعطي الطبل خاناه. وكان شاطراً، كافياً. ناهضاً في ولايته، له خبرة بالأمور ومعرفة بسياسة البلد. وكان من أبناء الخمسين أو أقل. توفي بالبقاع، وحمل فدفن بسفح قاسيون بتربة مليحة في شوال. 675 - عماد الدين ابن الأثير. هو إسماعيل ابن الصدر تاج الدين أحمد بن سعيد ابن الأثير الحلبي، الكاتب. ولي كتابة الدرج بعد والده بالديار المصرية مدة، ثم تركها ديناً وتورعاً، وله خطب مدونة. وهو الذي علق ' شرح العمدة ' عن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد. عدم في الوقعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 428 676 - عمر بن إبراهيم بن حسين بن سلامة بن الحُسَيْن. الإمام، الأديب، المسند، المعمر، جمال الدين، أبو حفص الأنصاري، العقيمي، الرسعني. ولد براس عين سنة ست وستمائة. وذكر لنا أن الكندي أجاز له، وأن الاستدعاء كان بخط الشيخ الموفق، رحمه الله. وأن الإجازة ذهبت معه أيام هولاكو، فسمعنا عليه بها. وسمع من: المجد القزويني، وأبي الحسن بن روزبة، وأبي الحسن بن رواحة. وقدم دمشق في شبيبته، وأشغل. وسمع من: أبي عبد الله بن الزبيدي، وعبد السلام بن أبي عصرون، ومحمود بن قرقين، والضياء الحافظ. وتنزل بالمدرسة الشامية، إذ مدرسها القاضي شمس الدين أبو نصر بن الشيرازي، وقرأ العربية وبرع في الشعر والترسل. وكان يذكر في الأيام الناصرية، ويعد من الشعراء. وقد كتب عنه الصاحب كمال الدين ابن العديم برأس عين. وبقي إلى هذا الوقت، وتنقل في الخدم. وكان موصوفاً بالدين والأمانة والصيانة والعدالة، وله حرمة ومخالطة للعلماء. قال الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني عنه: انتهت إليه مشيخة الشعر وفنونه. وتنقل في الخدم السلطانية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 429 قلت: وروى عنه الدمياطي في ' معجمه '. (يا راكباً نحو الغُوير مغوراً .......... فذكر أبياتاً. وروى عنه: ابن الخباز، وابن الصيرفي، والمقاتلي، وطائفة. ومن شعره: (أغُصن النّقا أين القدود الموايس .......... وأين الظّباء النّافرات الأوانس)
(لقد درست أظلالهنّ وهل تُرَى .......... يهيج الشّجا إلاّ الطّلول الدوارس)
(وعندي دواعي جمّة لفراقهم .......... على أنّني من ذلك الوصل آيس)
(مهاة كناس فارقته فما لها .......... شبيه سوى ما مثّلته الكنائس)
(بجفني على آثارهم مطلقٌ دمي .......... ودمعي وقلبي للصّبابة حابس)
(أبى بيننا إلاّ جماحاً وقسوة .......... تذوب لمرماها نفوس نفائس) توفي الأديب جمال الدين ابن العقيمي، وعقيمة قرية كبيرة مقابلة سنجار، في السابع والعشرين من شوال، وقد جاوز ثلاثاً وتسعين سنة. 677 - عمر بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة. الحاج الصالح، أبو حفص الفامي، المعروف باللاوي، ابن الشيخ زين الدين المقدسي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 430 ولد في حدود سنة خمس وعشرين، وحضر على أبي موسى بن الحافظ عبد الغني في سنة ثمان. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن صباح، والناصح الحنبلي، وجعفر الهمداني، والفخر الإربلي، وجماعة. عذبه التتار أشد عذاب، ثم حمل إلى البلد وهو في حال نحسة قد وقع أجره على الله، ورزئ في الأهل والمال فتعلل، وتوفي بدرب الفلى في جمادى الأولى ودفن بالكشك من أجل التتار. 678 - عمر بن حسن بن جبريل. العدل زين الدين الحموي، الشاهد، نقيب قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة. توفي في سلخ شعبان كهلاً. 679 - عمر بن محمد. الشيخ نور الدين الهمداني، المرجاني، التاجر، والد المولى الرئيس شهاب الدين ابن المرجاني الدمشقي. توفي في مستهل المحرم، وشيعه قاضي القضاة والأكابر لمكان ولده، وكان قد جاوز السبعين. 680 - عمر بن ناصر بن نصّار. الجمال العرضي، الشاعر، الكاتب. توفي في رمضان.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 431 681 - عمر بن يحيى بن أبي بكر بن طرخان. أبو حفص البعلبكي، الدلال، ويعرف بابن المعري. شيخ خضيب، عامي، ليس بعدل، وسماعه صحيح من الإربلي، وابن رواحة. سمع منه: البرزالي، والنابلسي، وأنا على سبيل التكاثر والشره. ومات في أيام التتار، ودفن بداخل بعلبك وفي عشر الثمانين. 682 - عيسى بن أحمد بن طالب. علم الدين الخشاب، الدمشقي. قال البرزالي: توفي في العشرين من شوال، ودفن بباب الصغير. روى لنا عن المرسي، والبكري. 683 - عيسى بن أحمد بن عليّ. الشرف ابن النحاس الحلبي، ثم الصالحي. روى عن ابن اللتي. وكان ضعيف العقل، لم أسمع منه. وكان رجلاً جيداً. قتلته التتار بالصالحية. وكان يركب فرساً ويتعانى الجندية فيضحك منه الصبيان. 684 - عيسى بن بركة بن والي. الرجل الصالح، أبو محمد السلمي، المفعلي، ثم الصالحي، الحنبلي، المقرئ، المؤدب، ويقال له تبع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 432 رجل خير، صالح، كثير التلاوة، خشن العيش، يعلم الصغار، ويكابد العيال، ويكثر حمد الله على كل حال. ولد بجبل بني هلال في حدود العشرين وستمائة. وقدم الصالحية وتلقن، وسمع من: ابن اللتي، والضياء، وعبد الحق، والرضى عبد الرحمن. سمع منه الجماعة، وحدث قديماً. وجد ميتاً في بيت من بيوت المدرسة بالجبل، فقيل إنه عذب بالرمي في الماء، وكانت أياماً شديدة البرد فمات من ذلك ومن العري والجوع، رحمة الله عليه. - حرف الغين - 685 - الغرزي هو الأمير الكبير سيف الدين بكتوت الغرزي، العزيزي، الناصري. شيخ مليح الشكل، نضر الوجه، أبيض الشيبة من أهل الدين والجهاد وحضور الجماعات، وله همة على كبر السن. سمع هو وأولاده من النجيب عبد اللطيف. وكان صاحب الشام. توفي في خامس ربيع الأجل، ودفن بسفح قاسيون. - حرف الفاء - 696 - فاطمة بنت الإمام أبي العبّاس أحمد بن أحمد بن عُبَيْد الله. روت عن إبراهيم بن خليل. وأجاز لها السبط. سمع منه: البرزالي، وجماعة. وتوفيت في رجب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 433 687 - فاطمة بنت عبد الله ابن الرضى عبد الرحمن بن محمد بن عَبْد الجبّار. أم محمد أخت زينب. سمعت من: كريمة، والضياء، واليلداني. ووجد لها حضور في سنة ثمان وثلاثين. وهي زوجة الشهاب بن أبي راجح. توفيت في شعبان. 688 - فاطمة بنت الصدر المرتضى مجد الدين بن أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن رسلان بن فتيان ابن البعلبكيّ. والدة القاضي شهاب الدين أحمد ابن الشرف حسن ابن الحافظ. وكانت من نساء الدير، ذات عبادة وصلاح، وختم لها بخير. وابتليت بالتتار، وأسروا أحباءها وأقاربها، فصبرت، واحتسبت، وأقبلت على الذكر والتسبيح تلك الأيام. قال علم الدين: روت لنا بالإجازة عن محمود بن مندة، ومحمد بن عبد الواحد المديني. وتوفيت في سادس ذي القعدة. 689 - فتح الدين ابن الزملكاني. هو العدل، الفقيه، المؤرخ، أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف الأنصاري، السماكي، الشافعي، والد الشيخ شرف الدين ونظام الدين. وعم شيخنا الإمام كمال الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 434 ولد سنة خمس وأربعين وستمائة. وروى عن: خطيب مردا، والصدر البكري، واليلداني، وجماعة. وشرع في ' تاريخ كبير ' على نمط ' تاريخ القاضي شمس الدين ابن خلكان '، ولو كمل لجاء في ثلاثين مجلداً. وعمل فيه إلى حرف الجيم، في نحو ثلاثة مجلدات. توفي في ثالث عشر صفر. 690 - فخر الدين ابن الشّيْرجيّ. هو الرئيس الصاحب، أبو الفضل، سليمان بن الشيخ عماد الدين بن محمد ابن شرف الدين أحمد بن الشيخ فخر الدين محمد بن عبد الوهاب ابن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي. سمع من: الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، والشرف المرسي. ولم يحدث. وتعانى الكتابة، وولي نظر الديوان الكبير. وكان من أكابر البلد ورؤسائها الموصوفين بالكرم والحشمة والسؤدد والإحسان. وكان فيه عقل وتواضع وسكينة. ولما استولى التتار على البلد ألزموه بوزارتهم والسعي في تحصيل الأموال، فدخل في ذلك مكرهاً ومختاراً، فكان قليل الأذية، حسن الطوية. فلما قلعهم الله تعالى تمرض ومات في التاسع والعشرين من رجب، وهو في عشر السبعين، ومشى الأعيان في جنازته إلى باب البريد فجاء مرسوم من أرجواش بردهم، ونهاهم عن الجنازة، وضربوا الناس. فلما وصلت الجنازة إلى جهة القلعة أذن لولده شرف الدين في اتباعها. 691 - الفلك ابن الفاخر.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 435 هو الشيخ المعمر علي بن محمد بن أبي المفاخر العلوي، الحسيني، الواسطي، الصوفي. ولد في جمادى الآخرة سنة ستمائة، وخدم جندياً مع الأمير باتكين بالبصرة وبإربل. وقدم دمشق سنة ثلاث وأربعين وصار تاجراً، ثم عاد إلى العراق، وحج وجاور. ثم في الآخرة قدم دمشق ونزل بالخانكاه الأندلسية، وكان الكبر ظاهراً عليه والهرم. وكان يمكنه السماع ببلده من أبي الفتح المندائي. ولو تهيأ ذلك لصار مسند الوقت. توفي في أوائل ربيع الآخر، ودفن بخان ابن المقدم. - حرف القاف - 692 - القشْتَمُريّ. الأمير الكبير، سيف الدين بلبان. من أمراء دمشق. توفي بداره بدرب الريحان في المحرم. 693 - القُمّيّ الشريف. إنسان أعجمي، مليح الشكل، حسن البزة، يحضر المدارس ويناظر. وله فضيلة وتحصيل، ومادة كلامية، وفيه رفض وقلة دين، فقام مع التتار وداخلهم، وآذى المسلمين، ورافع الأعيان، وشفى غيظه من أهل السنة. ثم اغتر وقعد، فقبض عليه أرجواش، ثم سمر هو وابن العوني البرددار، وابن خطلش. واسم القمي شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد بن المرتضى العلوي. كان يلبس بقياراً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 436
- حرف الكاف - 694 - كُرْت، ويقال كُرْد. الأمير سيف الدين المنصوري، نائب طرابلس. أمير فارس شجاع من الأبطال المذكورين، وفيه دين وخير. وله معروف وصدقة واعتناء بأهل الحرمين. وله رباط بالقدس ومحاسن. وكان مشاركاً الأمير ضياء الدين ابن الخطير، ثم جعله السلطان حسام الدين لاجين حاجباً، وقد أبلى بلاء حسناً يوم الوقعة، وقتل جماعة من التتار، ثم حمل وخاض فيهم، فاستشهد رحمه الله. 695 - الكمال. من أعياي مقرئي الجنائز. وكان مؤذناً بالجامع، اسمه أحمد بن خلف. وتوفي في ذي الحجة كهلاً، وكان فيه عقل ودين. - حرف اللام - 696 - ليشة بنت مفاخر بن تمام بن عبد الرحمن بن حمزة بن البُنّ الأَسَديّ. أم أحمد، من أهل حمورية. ربيت يتيمة عند الرشيد ابن مسلمة وسمعت منه. أخذ عنها الفرضي، والبرزالي، وجماعة ولم أسمع منها. توفيت أيام التتار بالبلد، ودفنت إلى جانب السوار.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 437
- حرف الميم - 697 - مالك بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن. أبو الحكم بن المرحل، الأديب شاعر المغرب. ولد بمالقة سنة أربع وستمائة، وله اليد البيضاء في النظم والنثر أخذ عن: الشلوبين، وابن الدباج، وعدة. روى لنا عنه: أبو القاسم بن عمران، ومحمد بن أحمد القيسي، وغيرهما. واستوطن سبتة، وبها مات في سنة تسع وتسعين. ومن شعره: (يا أيّها الشيخُ الذي عُمُرُه .......... قد زاد عَشْراً بعد سبعينا)
(سَكِرتَ من أَكؤسِ خمر الصّبا .......... فحدَّكَ الدهرُ ثمانينا)
(وليته زادَكَ من بعد ذا .......... لأجل تخليطكَ عشرينا) ورأيت له قصيدة أزيد من ألفي بيت، قد نظم فيها ' التيسير ' في وزن الشاطبية ورويها بلا رمز. وله: (مذْهبي تقبيلُ خدّ مُذْهَبِ سيّدي .......... ماذا ترى في مَذْهبي)
(لا يخالف مالكاً في رأيه .......... فعليه جلّ أهلِ المغربِ (.......... وعندي مقطعات من شعره سوى هذا.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 438 698 - محمد بن أحمد بن نوح بن أحمد بن زيد بن محمد بن عُصْفُور. الأديب، الفاضل، أبو عبد الله الإشبيلي. شيخ مطبوع، حلو المجالسة، دمث الأخلاق، متفنن في الأدب والشعر واللغة، وله نصيب من علم القرآن والأثر والبلاغة والحساب. وله يد بيضاء في القريض، وفيه ديانة وتعفف، وخير، وعقل، جالسته مرات، وكان قد أخذ عن علماء المغرب. وهو ابن أخت أبي الحسن بن عصفور صاحب ' المقرب '. طلع أميناً إلى مسرابا بالمرج فتوفي بها في ذي القعدة. وولد بإشبيلية في أول سنة إحدى وثلاثين، وخرج منه في سنة ست وأربعين عند استيلاء الفرنج عليها، فأقام بمالقة مدة ثم بتونس. وقدم دمشق سنة تسعين. كتب عنه من شعره: علم الدين، والختني. 699 - محمد بن أحمد بن عبد المحسن. الحسيني، الغرافي، أخو شيخنا تاج الدين. رأيته بمصر، وكان يروي عن ابن بهروز حضوراً. وسمع من أصحاب السلفي. أخذ عنه: ابن حبيب، وابن سيد الناس. توفي في صفر سنة تسع. قاله البرزالي، وقال: كان صوفيا بالسعيدية، وكان رأساً في الرمي، وله تلامذة. سمع مجلسي السلمي، وابن بالويه، عن ابن الصابوني.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 439 700 - محمَّد بن أبي حمزة أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة. المقدسي، السيف أبو عبد الله. عم القاضي تقي الدين، وأخو الجمال عبيد الله. روى أيضاً عن: جعفر وكريمة، والضياء ؛ كأخيه. وماتا في سنة. وكان رجلاً صالحاً، فقيراًَ، يخرج أميناً إلى الضياع ويتصيد بالحجل. توفي في الرابع والعشرين من شوال بالجبل، وقد قارب السبعين. 701 - محمد بن أحمد بن نوال بن عَثْوَر بن علي. أبو عبد الله الرصافي، ثم الصالحي. ولد ليلة عرفة سنة أربع وعشرين بالصالحية. وسمع ' الصحيح ' من ابن الزبيدي. وسمع من الضياء. وكان فقيراً يقرأ على الموتى ويوهب الشيء. سمعنا منه. توفي بالبلدة ودفن بخان ابن المقدم في قوة الشدة. 702 - محمد بن أحمد بن صلاح. الشمس، الشرواني، الصوفي، شيخ الخانقاه الشهابية. كان عارفاً في الفلسفة بالرياضي والنجوم والأرصاد والأحكام، ويخبر ذلك ويقر به، ويشارك في غيره من العقليات. توفي في ثاني عشر المحرم عن ستين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 440 703 - محمد أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله. الخطيب، زين الدين ابن المحتسب تاج الدين الحموي ابن المغيزل. سمع من شيخ الشيوخ شرف الدين. ومات في المحرم، ودفن عند أبيه. 704 - محمد بن العزّ أحمد بن العماد عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قُدامة. شرف الدين الحنبلي. ولي حسبة الصالحية. وسمع من: المؤتمن بن قميرة، والمرسي، واليلداني، وعم والده محمد بن عبد الهادي، وجماعة. وأجاز له: ابن القبيطي، والكاشغري، وابن رواج، وجماعة. ولد في ربيع الأول سنة أربعين وستمائة، وحدث. وقدم من مصر إلى صفد، وقد حصل شيئاً. وفي عزمه العود إلى لقاء العسكر، فعدم ولم يظهر أثره، رحمه الله. 705 - محمد بن آدم. شمس الدين الدربندي، الصوفي، الشاهد. توفي في جمادى الآخرة. وكان فقيهاً بالمدارس. 706 - محمد بن الحُسام. الناصري. كان ملازماً لأولاد الناصر صاحب الكرك. وكان جندياً، فاضلاً، أديباً. ذكر أنه سمع من ابن اللتي. مات في آخر شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 441 707 - محمد بن درباس بن باساك بن درباس. ناصر الدين الجاكي، الكردي، الجندي، الحنبلي. ولد بالرها سنة سبع وعشرين وستمائة. وسمع من عيسى الخياط، ومجد الدين بن تيمية بحران ؛ ومن الرشيد العطار بمصر، ومن الضياء صقر بحلب، ومن جماعة. وكان صالحاً فاضلاً. وكان من أعيان الجند، فقطع خبزه من القاهرة، فحج وقدم دمشق، وافتقر وصبر. توفي في شوال. 708 - محمد ابن سعيد ابن عبد الله. الفقيه، تقي الدين المدني، الحجازي، الأسود. قارئ الحديث بالمدينة النبوية. أقام بدمشق أيام التتار، وتعب، وآلى على نفسه أن لا يخرج بعدها من المدينة من المشاق الذي قاسى، وانتظر سفر الحجاج، فلم يحج أحد من دمشق، فسافر إلى القاهرة، فأدركه أجله بها في شوال. وكان فاضلاً في الأدب، جيد الشعر، من أبناء الأربعين. 709 - محمد بن سلمان بن حمائل بن علي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 442 الشيخ، الإمام، البارع، الأديب، البليغ، ذو الفضائل، شمس الدين ابن غانم المقدسي، الشافعي، سبط الشيخ القدوة الكبير غانم النابلسي، رحمه الله. ولد سنة سبع عشر وستمائة واشتغل وحصل وتفقه وشارك في الفنون. وسمع بنابلس في سنة ثلاث وثلاثين من الشيخ تقي الدين يوسف بن عبد المنعم. وقدم دمشق في حدود الأربعين وأدرك بها الأئمة الكبار. وسمع من: الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وتاج الدين ابن حمويه، وابن أبي جعفر القرطبي، والرشيد بن مسلمة، وجماعة. وكان من أعيان فضلاء الوقت ومتميزيهم، موصوفاً بالخبرة والرأي والمعرفة والتقدم، وحسن المذاكرة وتحصيل الكتب النفيسة وجودة الكتابة والإنشاء وغير ذلك من المعارف. ولي تدريس العصرونية وغيرها، وكتب في ديوان الرسائل مدة. سمع منه: البرزالي، وابن سامة، والمقاتلي، وجماعة. وسمعت منه كتاب ' مجابي الدعوة ' لابن أبي الدنيا. وهو والد المولى الأوحد علاء الدين، أبقاه الله. توفي يوم الجمعة سادس عشر شعبان، ودفن من الغد بسفح قاسيون
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 443 710 - محمد بن سليمان بن داود. الجزري. شيخ صالح، خير، حافظ كتاب الله، مديم لطلب الحديث وسماعه، وتحصيل بعض مروياته. سمع من ابن البخاري وطبقته. وكان من صوفية الرباط الناصري، فقتل شهيداً بظاهر الرباط، ثم وجد ودفن بعد أيام في الخامس والعشرين من جمادى الأولى. واحترق بيته، وذهبت أجزاؤه. 711 - محمد بن سُليمان بن أبي العزّ بن وُهَيْب. الإمام، المفتي، شمس الدين، ابن العلامة الأوحد، شيخ الطائفة، قاضي القضاة صدر الدين الحنفي، مدرس النورية والعذراوية. وكان من كبار الحنفية، مقصوداً بالفتوى، أفتى نيفاً وثلاثين سنة، وناب في القضاء عن أبيه بدمشق. وكان منقبضاً عن الناس، كثير الانقطاع، عديم المخالطة، تاركاً للرئاسة والرعونة. توفي إلى رحمة الله في سادس عشر ذي الحجة بالمدرسة النورية، ودفن بالجبل. 712 - محمد بن سليمان. الإمام، المفتي، وجيه الدين الرومي، القونوي، الحنفي، إمام الربوة. شيخ فاضل، متواضع، أبيض اللحية، أم بالربوة مدة، وخطب بالنيرب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 444 نيابة. وولي في الآخر تدريس العزية التي بالميدان. وأعاد وأفتى، وكان يشهد. توفي يوم الجمعة يوم عرفة. بت عنده ليلة بالربوة، وكان حسن المحاضرة، متواضعاً. 713 - محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن محمد. الإمام، المفتي، البارع، شمس الدين، أبو عبد الله ابن الشيخ المفتي الزاهد فخر الدين البعلبكي الحنبلي. ولد سنة أربع وأربعين وستمائة. وسمع من: خطيب مردا، وشيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري، والفقيه محمد اليونيني، والزين بن عبد الدائم، والرضى ابن البرهان، والنجم البادرائي، وجماعة. وتفقه على والده، وعلى الشيخ شمس الدين بن قدامة، وجمال الدين ابن البغيدادي، ونجم الدين بن حمدان. وقرأ الأصول على مجد الدين الروذراوري، وبرهان الدين المراغي. وقرأ الأدب على الشيخ جمال الدين ابن مالك، والشيخ أحمد المصري. وقرأ المعاني والبديع على بدر الدين بن مالك، وحفظ القرآن وصلى
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 445 بالناس ابن تسع، وحفظ ' المقنع ' و ' منتهى السول ' للآمدي، ومقدمتي أبي البقاء. ثم قرأ معظم ' الشافية ' لابن مالك. وكان أحد الأذكياء المناظرين والأئمة المدرسين. وكان عارفاً بالمذهب وأصوله وبالنحو وشواهده، وله معرفة حسنة بالحديث والأسماء وغير ذلك، وعناية بالرواية. أسمع أولاده الحديث، وتوفي إلى رحمة الله وهم صغار، فلطف الله بهم، وحفظوا القرآن والعلم، ونشأوا في صيانة وخير. توفي في تاسع رمضان، وقد روى اليسير. وفاتني السماع منه. 714 - محمد ابن الشيخ شمس الدين عبد الرحمن ابن الشيخ أبي عمر. الفقيه، العدل، عز الدين المقدسي، الحنبلي. والد الإمام نجم الدين. سمع من: اليلداني، وخطيب مردا، وإبراهيم بن خليل، وجماعة. وأجاز له سبط السلفي. وسافر مع جماعة من العدول في أمر الدولة فأكر لمكانة أبيه وخلع عليه بطيلسان في سنة أربع وسبعين. سمعت منه. وتوفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة. 715 - محمد بن عبد الغني بن عبد الكافي بن عبد الوهّاب بن محمد بن أبي الفضل. الشيخ زين الدين الأنصاري، ابن الحرستاني، وعبد الوهاب هو أخو قاضي القضاة أبي القاسم ابن الحرستاني. ولد في رجب سنة خمس وعشرين وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 446 وسمع من: ابن صباح، وابن اللتي، وغيرهما. وحدث بالدارمي، قرأه عليه ابن حبيب. وكان ذهيباً بقيسارية المد، له حرمة ووجاهة في سوقه لدينه ومكارمه وتواضعه وفضيلته. فإنه كان حافظاً للقرآن، حفظة للحكايات والأشعار، يوردها إيراداً جيداً. وكان يلقب بالنحوي. وقد اجتمعنا به مرات، وكنا نفرح به ونحن صغار. وكان يطلع إلى بستاننا بأهله. وهو أخو القاضي أحمد الذهبي، زوج خالتي سمعت منهما. وتوفي الزين النحوي في سابع عشر ذي القعدة بدمشق، وصلي عليه يوم الجمعة. 716 - محمد بن عبد القويّ بن بدران. الإمام، المفتي، النحوي، شمس الدين، أبو عبد الله المقدسي، المرداوي، الجماعيلي، الحنبلي. ولد بمردا سنة ثلاثين، وقدم إلى الصالحية، فقرأ وتفقه على الشيخ شمس الدين وغيره. وبرع في العربية واللغة، وأشغل، ودرس، وأفتى، وصنف. وكان حسن الديانة، دمث الأخلاق، كثير الإفادة، مطرحاً للتكلف. ولي تدريس الصاحبية مدة. وكان يحضر دار الحديث ويشغل بها وبالجبل. وقد سمع من: خطيب مردا، ومحمد بن عبد الهادي، وعثمان بن خطيب القرافة، ومظفر بن الشيرجي، وإبراهيم بن خليل، وتاج الدين ابن عبد الوهاب بن عساكر، وطائفة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 447 وقرأ بنفسه على الشيوخ. وله قصيدة دالية في الفقه، وحكايات ونوادر، وكان من محاسن الشيوخ. توفي في ثاني عشر ربيع الأول. ودفن بمقبرة المرداويين بالجبل. وقد أخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن مالك، وغيره. وأخذها عنه القاضيات شمس الدين بن مسلم، وجمال الدين بن حملة، وجماعة، ونظم قصيدة دالية في ثمانية عشر ألف بيت في المذهب تبين إمامته، رحمه الله. 717 - محمد بن عبد الكريم بن عبد القويّ بن عبد الله بن سلامة. ناصر الدين، أبو السعود المنذري، المصري، القرافي. ولد سنة ست وثلاثين. وسمع من: ابن المقير، وابن الجميزي، وسبط السلفي. وكان ثقة، صدوقاً. سمعت منه مجلس معمر. توفي في أحد الربيعين، ودفن عند عمه الحافظ زكي الدين. وهو أخو شيخنا عبد القوي. وأحسب عبد القوي مات قبله. 718 - محمد بن عبد الوهّاب بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحُسَيْن. القاضي، الرئيس، زين الدين ابن الحباب، السعدي، المصري، ناظر الخزانة. سمع من جده، ومن: علي بن مختار، وابن الجميزي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 448 وكان رئيساً نزهاً، متواضعاً، مائلاً إلى التزهد والدين، موصوفاً بالأمانة. قرأت عليه جزءاً. وتوفي في حادي عشر ربيع الأول، وقد كمل خمساً وسبعين سنة. 719 - محمد بن عسكر بن شداد. الفقيه الزاهد، شمس الدين الزرعي. رأيته يبحث بالظاهرية، وكان على رأسه خرقة. وبلغني أنه لم يكن في بيته حصير. ومكث سنوات يصوم الدهر، ويقرأ كل يوم ختمة. مات في ثالث شوال بدمشق، رحمه الله. 720 - محمد بن علي بن أحمد بن فضل. المسند، المبارك، شمس الدين، أبو عبد الله، أخو الإمام القدوة تقي الدين، ابن الواسطي. ولد سنة خمس عشرة وستمائة تقريباً. وحضر على الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر، والشهاب بن راجح، وغيرهم. وسمع من: ابن أبي لقمة، والقزويني، وابن البن، وابن صصرى، والبهاء، وابن صباح، والكاشغري، وابن غسان، وابن الزبيدي، وعمر بن شافع، وطائفة. وكان من بقايا الشيوخ المسندين. خرجت له ' عوالي ' في جزء ضخم. وخرج له ابن النابلسي ' مشيخة: في جزئين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 449 وروى عنه في حياته: ابن الخباز، وابن العطار. وسمع منه بشر كثير منهم: المزي، والبرزالي، وابن سيد الناس، والمقاتلي، والمجد الصيرفي، والمحب المقدسي، وابن المهندس، ونجم الدين القحفازي النحوي، وشمس الدين ابن المهيني. وقاسى التتار، ثم دخل البلد فقيراً، وتوفي في منتصف رجب. 721 - محمد بن محمد بن أبي عابد مريّ بن ماضي. الصالحي، الصحراوي. روى عن: جعفر الهمداني. أخذ عنه: البزالي، والمقاتلي. ولم أسمع منه. جرح وأوذي، ومات في جمادى الأولى. 722 - محمد ابن القاضي بهاء الدين محمد ابن بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان. القاضي، عماد الدين الشافعي، قاضي عجلون. رئيس جليل، صاحب مكارم. قرأ عليه علم الدين جزءاً بإجازته من ابن الجميزي، والسبط. توفي في ربيع الأول بقلعة عجلون. - محمد بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 450 هو الخطيب موفق الدين. يأتي بلقبه. 723 - محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك. تقي الدين، المعروف بالأسد، ولد العلامة حجة العرب جمال الدين. بلغني أن والده صنف ' الألفية ' لأجله ليحفظها، فلم يحذق في نحو. وكان طيب الصوت، يقرأ بالظاهرية وغيرها. وله مسجد ومجلس مع الشهود. توفي في شوال. 724 - محمد بن محمد بن يوسف بن نصير. صاحب الأندلس، أمير المسلمين، أبو عبد الله بن الأحمر. تملك بعد والده سنة إحدى وسبعين، وامتدت أيامه. ومات في هذه السنة في عشر الثمانين، وتملك بعده ابنه محمد لتسعة أعوام وخلع. ومملكة الأندلس اليوم في قدر نصف مملكة الشام بل أقل. 725 - محمد بن مظفّر بن قايماز. شمس الدين الدمشقي، السقطي بالزيادة. ولد في حدود العشرين وستمائة، وقرأ القرآن على الفقيه سليمان بن عبد الكريم، فسمعه من: ابن المقير، وكريمة، والسخاوي. ونسخ بخطه شيئاً من سماعه. وله ثبت وإجازات. سمعنا منه نسخة فليح. وكان جده عتيق سلامة الرقي صاحب القبة التي بالصالحية.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 451 توفي في عاشر جمادى الآخرة. 726 - محمد ابن القاضي السّديد أبي الفضل معالي بن فضل الله بن معالي بن بركات. ابن الملاق، زين الدين الرقي، الكاتب بدمشق في ديوان السكر. ولد سنة اثنتين وعشرين بالرقة، وسكن دمشق من أول الدولة الظاهرية. ولي أبوه القضاء والوزارة بالرقة ؛ وهم بيت قديم بالرقة. روى بالإجازة عن عبد السلام الداهري، والسهروردي. سمع منه: البرزالي، وغيره. ومات عقيب التتار بدمشق وورثه الأمين إسماعيل الشاهد قواليح. 727 - محمد بن مكي بن أبي الذكر بن عبد الغني. الشيخ، شمس الدين، أبو عبد الله بن أبي الحرم القرشي، الصقلي، ثم الدمشقي، نزيل القاهرة، وأحد الرقامين بدار الطراز. ولد في رجب سنة أربع وعشرين. وسمع من: ابن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، والإربلي، وابن الشيرازي، وابن المقير، وكريمة، وجماعة. وحدث ' بالصحيح ' عن ابن الزبيدي. وكان مكثراً، صحيح السماع. سمع منه المصريون والرحالة. وقرأت عليه عشرة أجزاء. توفي في الحادي والعشرين من ربيع الآخر بالقاهرة. ومن مسموعه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 452 كتاب ' التيسير ' من محيي الدين ابن العربي قال: أنبا أبو الحسن بن هذيل إجازة. 728 - محمد بن نصر الله بن محمود. الشهاب العطار، الشيباني، الدمشقي. سمع من: ابن مسلمة، وفرح الحبشي. ولم يحدث. ومات في ربيع الأول. 729 - محمد بن هاشم ابن الشريف البهاء عبد القادر الشُّرُوطيّ ابن عَقِيل بن عثمان بن عبد القاهر بن الربيع بن سليمان بن حمزة. الشريف المعمر، شمس الدين، أبو عبد الله الهاشمي، العباسي، الصالحي. من ولد الأمير صالح بن علي. شيخ عدل، دمشقي، أصيل، مشهور. ولد في ثامن عشر جمادى الأولى سنة ست وستمائة. وروى عن عم أبيه الفضل بن عقيل. وحدث ' بالصحيح ' غير مرة عن ابن الزبيدي. وحدث بالإجازة من أبي روح، وليس اسمه مصرحاً في الإجازة. وكان يمكنه السماع من الكندي وطبقته، فلم يظهر ذلك، وانقطع في الآخر ببستانه ببيت لهيا بناحية المصيصة، وبه كان موته في تاسع رمضان، يوم مات شمس الدين ابن الفخر، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 453 سمع منه: المزي، وابنه، والبرزالي، والمقاتلي، والنابلسي، وشهاب الدين ابن الظاهري. وكان شيخاً كبيراً، فانياً. أخبرنا أبو المحاسن محمد، أنا أبو المحاسن الفضل سنة خمس وعشرين وستمائة أنا حسان الزيات، فذكر مجلساً سمعه من الفقيه نصر. - محمد بن يوسف بن إسماعيل. هو الموفق. 730 - محمد بن يوسف ابن الحافظ زكيّ الدين محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يدّاس. الشيخ، الإمام، العدل، المرتضى، بهاء الدين، أبو الفضل بن أبي الحجاج ابن البرزالي، الإشبيلي الأصل، الدمشقي، الشافعي. ولد في رجب سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وأحضره والده على جماعة منهم: السخاوي، وابن الصلاح، وكريمة، وعتيق السلماني، والمخلص بن هلال، والتاج بن أبي جعفر، ومحاسن الجوبري، والمرجا بن شقيرة، وطائفة. ثم توفي والده شاباً، وخلفه طفلاً له خمسة أعوام، فربي في حجر جده
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 454 لأمه الشيخ الإمام علم الدين القاسم بن أحمد اللورقي، وقرأ عليه القراءآت وشيئاً من الفقه والنحو، وكتب الخط المنسوب وبرع فيه، ونسخ جملة من الكتب. وأجاز له طائفة من شيوخ بغداد ومصر والشام. وقرأ عليه ولده الحافظ أبو محمد القاسم - أبقاه الله - شيئاً كثيراً، حتى أنه قرأ عليه الكتب الستة بالإجازات. وحدث بدمشق ومصر والحجاز، وبرع في كتابة الشروط، وكتب الحكم للقضاة. ومهر في ذلك، ورزق حظوة مع التصون والديانة والتقوى والتحري والنزاهة والوقار والتعبد. وكان قليل المثل في فنه، تفضل وزكاني مرة عند القاضي جمال الدين الزرعي. توفي يوم الجمعة العشرين من شوال، ودفن بعد العصر بمقبرة باب شرقي، عند والده. 731 - محمد بن يوسف بن خطاب بن حسن. شمس الدين التلي، الصالحي، الحنبلي. رجل مبارك، كثير الحج، قرأ لنا عليه البرزالي جزءاً عن جعفر الهمداني. ومات في السابع والعشرين من جمادى الأولى، وقد قارب السبعين. 732 - مريم بنت أحمد بن حاتم بن علي. دينة، صالحة، مبتلاة بالآلام، صابرة، محتسبة. روت عن الإربلي، وحضرت على البهاء عبد الرحمن. سمعت منه جزءاً. مولدها ببعلبك سنة اثنتين وعشرين وستمائة وتوفيت
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 455 بها في التاسع والعشرين من رمضان. وهي أخت الشيخ الزاهد إبراهيم بن حاتم. 733 - مريم بنت أحمد ابن الإمام أبي بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد المقدسي. أم عبد الله. حضرت على الفقيه محمد بن عبد الملك بن عثمان. وأجاز لها أبو طالب بن القبيطي، وأبو إسحاق الكاشغري. وهي أخت المحدث محب الدين عبد الله، وزوجة أحمد بن أبي محمد المغازي. سمع منها محب الدين عبد الله، والبرزالي، وجماعة. وماتت في جمادى الأولى داخل المدينة، ودفنت إلى جانب السور. 734 - المطروحيّ. الأمير جمال الدين أقوش الحاجب. شيخ مليح الشكل، مديد القامة، ظاهر الهيبة. كان حاجباً، جليلاً، خبيراً، عاقلاً، ناهضاً، مجملاً لمنصبه. أعطي الطبلخاناه في أواخر عمره. جهل أمره من بعد الوقعة فقيل إن الكسروانيين باعوه للفرنج. 735 - منصور بن عبد الكريم. أبو أحمد بن الفحمي، السراوي، ويعرف بابن الحمصي أيضاً. ولد بحمص سنة خمس وأربعين. وأقام مدة في بستان في جوار خان الطعم، ثم انتقل إلى حمص. وكان فيه زهد ولنقطاع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 456 توفي في ربيع الآخر بعد أن شهد الوقعة. 736 - مَنْكُبَرْس. الجمالي، الأمير الكبير، ركن الدين، أبو سعيد التركي، الساقي، أحد غلمان الأمير جمال الدين أيدغدي، العزيزي. بطل شجاع، مهيب، من أمراء الدولة المنصورية والأشرفية. وولي نيابة غزة في الدولة الحسامية، وبعد ذلك سمعت منه بحضرة شيخنا ابن الظاهري، وكان يتردد إلى الشيخ. شهد المصاف وثبت، فجاءته ضربة في وجهه، فصرخ في أصحابه وحمل بهم التتار، فجاءه سهم. واشتغل عنه أصحابه بالعدو، ثم، رجعوا فوجدوه قد استند إلى رمحه ومال، فلم يدركوه إلا وقد سقط، فترجلوا إليه، ثم عجزوا عن دفنه. روى عن سبط السلفي. وكان ممن جاوز السبعين. 737 - موفّق الدّين. الخطيب، الحموي. هو أبو المعالي محمد بن محمد بن المفضل بن محمد بن عبد المنعم بن حسين بن حمزة بن حسين بن أحمد بن علي بن طاهر بن حبيش. القاضي، الإمام، الخطيب، المفتي، ولد القاضي عز الدين أبي المبشر ابن القاضي نجم الدين أبي المكارم ابن القاضي مهذب الدين أبي عدي ابن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 457 القاضي تاج الدين أبي سالم ابن القاضي أمين الدين أبي القاسم حسين بن حمزة البهراني، القضاعي، الحموي، الشافعي، المعروف بابن حبيش. ولد في العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وستمائة بحماة، وتفقه بها، وحصل وشارك في الفضائل. وسمع من: أبي القاسم بن رواحة، والكمال بن طلحة، وجماعة. وروى لنا بالإجازة عن جده لأمه أبي المشكور مدرك بن أحمد بن مدرك بن حسين بن حمزة القضاعي. وكان إماماً، جليلاً، كبير القدر، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، كبير البيت. ولي خطابة حماة مدة، ثم برح منها لتهديد السلطان له لما أنكر وأراق الخمور، فأقام بدمشق مدة، ثم ولي خطابتها سنة ثلاث وتسعين. ثم عزل ثم طلب إلى حماة وولي قضاءها مدة. ثم قدم إلينا منجفلاً، فتعب وحضر أجله، فتوفي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة بدرب القاضي الفاضل عند ابنته، ودفن بمقبرة باب الفراديس. وكان شيخاً ضخماً، تام الشكل، أبيض اللحية، حسن البزة، جهوري الصوت، من أهل الدين والخير والسنة. 738 - موفّق الدين. هو محمد بن يوسف بن إسماعيل بن إبراهيم بن طلحة المقدسي، الحنبلي، الشاهد. رجل جيد، خير، متنسك، متودد إلى الناس. روى لنا عن ابن المقير. توفي في رابع شعبان عن خمس وسبعين سنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 458 739 - موفّق الدين الكحّال. هو الحكيم، أبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن محمد بن نبيل العبادي. رجل جيد، متميز في الكحالة. روى عن: الرضى بن البرهان. كتب عنه: البرزالي، وغيره. توفي كهلاً في ذي الحجة، وله أولاد. 740 - موفّق الدين البَيْسَريّ. البغدادي، الفقيه الحنبلي، من أعيان شيوخ الحنابلة بدمشق. توفي في رجب، وصلي عليه عقيب الجمعة هو وعشرة أنفس، أحدهم الشيخ يونس اليونسي عم الشيخ سيف الدين الرجيحي. 741 - الموفّق القَيسيّ. الشيخ الجنائزي، نقيب الوعاظ والموتى. مات في رجب. - حرف النون - 742 - ناصر الصّالحيّ. المقرئ، الملقن، أخو أمين الدين الخياط، الفقير، الصوفي. توفي في رمضان. كان له حلقة كبيرة بالتلقين بجامع الجبل.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 459 743 - النّجيب محمد ابن شيخنا الكمال محمد بن أبي الفتح نصر الله بن إسماعيل. ابن النحاس الأنصاري، الدمشقي، الكاتب. رئيس متميز، كاف في التصرف. سمع ' جزء ابن عرفة ' من ابن عبد الدائم. توفي زمن التتار بحصن صافيتا. وهو والد المولى أمين الدين. 744 - النّجيب نجيب بن محمد بن يوسف. الخلاطي، الصوفي، المقيم بالقيمرية التي بالقباقبيين. شيخ ضخم، تام الخلقة، أبيض اللحية، كبير السن. كان يصلي بالأمراء القيمرية وله صوت طيب وكلام في التصوف. توفي في أول يوم من جمادى الآخرة، وقد نيف على التسعين. وقد كتب في إجازة لابن الخباز في آخر سنة ثمانين وستمائة: مولدي في سنة أربع وستمائة بخلاط. 745 - نجم الدّين الدّيلميّ. الشافعي. فقيه بالمدارس بدمشق. له خبرة ' بالحاوي '، وفيه خير وسكون. مات يوم الفطر. 746 - نوح بن عبد الملك ابن الأمير الكبير شمس الدين محمد بن عبد الملك ابن المقدَّم. الأمير، نجم الدين، أبو البقاء. ولد سنة أربع وعشرين. وأصيب يوم المصاف، وحمل إلى حماة فدفن بها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 460 روى عن ابن رواحة. سمع منه: البرزالي، وغيره. وهو من أمراء حماة. 747 - النّور بن عبد الكافي. هو عبد الله بن شيخنا العدل ضياء الدين ابن الخطيب الكبير جمال الدين عبد الباقي بن عبد الملك بن عبد الكافي الربعي، الدمشقي الشروطي، الأديب. ولد سنة أربع وستين وستمائة. وسمع من جماعة مع عمه الحافظ علي عبد الكافي. وكان حسن الكتابة، جيد النظم، فيه لعب وعشرة وانطباع، واشتلاق. توفي في ربيع الأول. رحمه الله. 748 - النّورس المؤذّن. النحاس إبراهيم. من مؤذني الجامع. توفي في صفر. 749 - النّورس الخيّاط. المجاور بالحائط الشمالي، محمد بن حامد التنوخي، أخو الشيخ أحمد الأعقف الحريري. توفي في شوال.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 461
- حرف الهاء - 750 - هديّة بنت الشيخ عبد الحميد بن محمد بن سَعْد بن إبراهيم المقدسيّ، المَرْداويّ. أم محمد، امرأة صالحة، دينة، زوجة الفقيه أحمد المرداوي، وأم أولاده: عبد الحميد، وعبد الرحمن، ومحمد، وعائشة. روت ' صحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي. سمعنا منها. توفيت في ربيع الآخر. 751 - همّام. شجاع الدين، النقيب بدار الولاية بدمشق. كحلت عيناه، ومات بعد يوم. وكان قد أعان التتار. وما كان بذاك الظالم، سامحه الله. - حرف الواو - 752 - وَهْبان بن علي بن محفوظ بن أبي الحياء. زين الدين، أبو الكرم الشيبي، الجزري، المؤذن. روى لنا عن: عبد العزيز بن باقا. وحدث بدمشق ومصر. وكان مؤذناً بدار السلطنة معمراً.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 462 ولد بجزيرة عمر سنة أربع وستمائة. ومات بالقاهرة في ربيع الأول. - حرف الياء - 753 - يحيى بن أحمد بن يحيى. الشيخ جمال الدين الحنفي. انقطع عن الخدم والكتابة، ولازم الخير والعبادة. وهو والد المحتسب الرئيس بهاء الدين ابن عليمة. توفي في رجب. 754 - يوسف ابن القاضي محيي الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن الأُستاذ. القاضي بهاء الدين الأسدي، الحلبي، الشافعي، قاضي سرمين. ولد سنة تسع وثلاثين بحلب. وسمع من: ابن رواحة، والمؤتمن بن قميرة، وابن خليل. وحدث بدمشق، ومصر، وحلب، وسرمين، وولي قضاءها مدة. توفي بدمشق في أول رجب. 755 - يوسف ابن الشيخ تاج الدّين موسى بن محمد بن الحيوان. بهاء الدين الأديب. شاب ذكي، فاضل
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 463 تفقه وحصل، وسمع الحديث، ونظم الشعر الجيد. ثم تفقر ولازم ابن التاجر، فأفسد عقيدته ودمر عليه. وكان كيساً متواضعاً حسن العشرة. وهذا من شعره: (أناشدكم بالله إلاّ وقفتُم .......... ليَقضيَ أوطاراً من الوصْل مُغرمُ)
(أخو صَبْوةٍ ما زال به حُبّكم .......... فأظهر قاني الدّمع ما كان يكتم)
(يقولون لي: ما العشق والوجْد والأسى .......... وما البُعد حتّى يشتكيه المتيَّمُ)
(فَوَاحسرتي من طول حزني ولوعتي .......... يهوّن أمرَ الحبّ من ليس يعلم) توفي البهاء يوسف بن الحيوان في ثاني ذي القعدة، وقد قارب الثلاثين. 756 - يوسف بن أبي نصر بن أبي الفَرَج بن أبي نصر ابن الشّقّاريّ. الشيخ، الأمير، المسند، عماد الدين، أبو الحجاج الدمشقي. ولد في حدود سنة عشر وستمائة. وسمع ' الصحيح ' من ابن الزبيدي، وابن الصلاح. وسمع من الناصح بن الحنبلي، والفخر الإربلي، والرشيد بن الهادي، والسخاوي، وولي إمرة الحاج مرات متعددة، وأنفق في ذلك وفي وجوه البر أموالاً كثيرة. وكان رجلاً جيداً، متواضعاً، سليم الباطن، سهل العريكة، فيه
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 464 دين وعدالة وسماحة. وكان جيد السيرة والمداراة في الطريق. وقف بالنيرب تربة مليحة نقية وخانكاه ومسجداً. ووقف على ذلك أماكن. وحدث بالصحيح غير مرة وحدث بالحرمين. وكان محباً للرواية، رحمه الله. قرأت عليه ' الصحيح ' في عشرة أيام. توفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر، ودفن بداره، ثم نقل إلى تربته بعد خمسين يوماً. - الكنى - 757 - أبو بكر بن عبد الله بن عمر بن يوسف بن يحيى. الشيخ محيي الدين ابن الخطيب نجيب الدين المقدسي، ابن خطيب بيت الآباء. مؤذن القرية. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. وسمع: أباه، وعمه، وجدته أم البنين زينب بنت عبد الرزاق، وابن اللتي، والإربلي، والتاج القرطبي. وتوفي في عاشر شعبان. سمعت منه ' المائة الشريحية '، وهي جزء عدته نيف وستون حديثاً. 758 - أبو حامد بن محمد بن مسعود بن الحسن بن سعد الله بن سرايا. الحراني، المقرئ، مؤذن جامع جراح.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 465 ولد بحران سنة عشرين. وسمع: ابن اللتي، وابن رواحة، وابن خليل بحلب. وكان يلازم السبع الكبير، وبه سمعت منه. توفي في وسط ربيع الآخر، ودفن من غير غسل إلى جانب السور، رحمه الله. 759 - أبو طالب. العلوي، الحسيني، المعمار. شيخ سمين، فيه سنة ودين وبغض للمبتدعين. وله دكان بالرحبة لبيع الأبواب والرخام وآلات العمارة. توفي في ذي القعدة. 760 - أبو عبد الله المرجاني. الواعظ، المذكر، الزاهد، القرشي، التونسي. كان متفنناً، عالماً، مفسراً، مذكراًُ، حلو العبارة، كبير القدر، له شهرة في الآفاق. قدم الإسكندرية مرة، وذكر بها وبالديار المصرية. سألت الفقيه أبا مروان المالكي، وكان قد صحبه، فأثنى عليه وأسهب في وصفه وقال: كان مقتصداً في لباسه، يتطلس فوق العمامة على زي علماء بلده. وكان بارعاً في مذهب مالك، رأساً في التفسير، عارفاً بالحديث، له قدم في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 466 التصوف والعبادة والزهد. وكان أشقر، أبيض الرأس واللحية، خفيف اللحم لم يصنف شيئاً، ولا كان أحد يقدر أن يعيد ما يقوله لكثرة ما يقول على الآية ؛ وربما فسر في الآية الواحدة على لسان القوم ثلاثة أشهر. خلف كتباً كثيرة وعدة أولاد. قلت: توفي في هذا العام، وصلوا عليه بالقاهرة صلاة الغائب في رابع عشر رمضان. وكانت وفاته بتونس، ودفن بظاهرها بجبل الزلاج، وشيعه سائر أهل تونس. وكان جمعاً مشهوداً، وحضره صاحب تونس المستنصر بالله أبو عبد الله محمد بن الواثق يحيى بن المستنصر أبي عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاتي، وعاش اثنتين وستين سنة. وكانت وفاته ليلة السبت الثاني والعشرين من ربيع الآخر من السنة. وفيه وُلد: القاضي عماد الدين ابن قاضي القضاة علم الدين ابن الأحنائي، وبدر الدين محمد بن علي بن محمد ابن السكاكري، وجمال الدين إبراهيم بن يونس الغانمي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 467
سنة سبعمائة
- حرف الألف - 761 - أحمد بن إبراهيم بن أبي بكر. الفقيه، شهاب الدين ابن الجزري، أخو العدل شمس الدين. شاب فاضل، كثير المحفوظ، من أبناء الثلاثين. قرأ الفقه والأصلين والعربية. وسمع الكثير مع الشيخ علم الدين. وكان متواضعاً، متودداً، جيد الفهم. توفي في تاسع عشر المحرم، رحمه الله. 762 - أحمد ابن العماد عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قُدامة. الشيخ، المسند، المبارك، عز الدين، أبو العباس المقدسي، الصالحي، الحنبلي. ولد تقريباً سنة اثنتي عشرة. وسمع من: الشيخ موفق الدين ان قدامة، وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، وابن أبي لقمة، والبهاء، وأبي القاسم بن صصرى، وشمس الدين أحمد البخاري، وابن غسان، وابن الزبيدي، وجماعة. خرجت له ' مشيخة ' في ثلاثة أجزاء، وسمعها خلق. وعدم منها جزءان
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 468 زمان التتار. وظهر له أيام التتار سماع ' مسند أبي داود الطيالسي '، من الشيخ الموفق، وأظن له فوت. وحدث بالكثير، وصار من أعيان المسندين في زمانه، وقصد بالزيارة، وبقيت له صورة كبيرة. وكان قد انقطع في جنينته بالجبل، وأقبل على الخير والذكر والتطوع. وكان متواضعاً، ظريفاً، متودداً، صحيح السماع. تفرد بشيوخ وأجزاء عالية، وظهر له حضور بعد موته من الشمس أحمد بن عبد الله العطار، وتفرد بذلك. وتوفي في ثالث المحرم وله، ثمان وثمانون سنة. 763 - أحمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الرحيم. العدل، الأمير، أبو بكر العجمي، الحلبي. مات في حدود سنة سبعين. نا عن ابن اللتي حضوراً. وسمع من: ابن رواحة، وابن خليل، وابن مسلمة. وكان عاقداً بمصر قارب سبعين سنة. 764 - أحمد بن محمد بن سَعْد بن عبد الله بن سَعْد بن مفلح. الشيخ، الصالح، الفاضل، المسند، عماد الدين ابن المولى الأديب العالم شمس الدين المقدسي، الصالحي، الحنبلي. ولد سنة سبع عشرة وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 469 يروي عن: المجد القزويني، وابن الزبيدي، والإربلي، وابن اللتي، وابن المقير، وجماعة. وأجاز له الشيخ الموفق، والفتح بن عبد السلام، ومسمار بن العويس، وطائفة. وحدث قبل الستين وستمائة وإلى أن مات. وكان شيخاً صالحاً، خيراً، وقوراً، صحب الصالحين، وحج مرات، وحدث بالحجاز، وحماة، ودمشق، وأماكن. وسمع منه خلق. توفي في رابع عشر المحرم. 765 - أحمد بن ياقوت. النابلسي. الشيخ الصالح المقرئ، شهاب الدين ابن الأرمنية. ولد سنة سبع عشرة. وسمع من: خطيب مردا، ومن: الجمال عبد الرحمن بن منعم بن نعمة وتفقه عليه. وكان إمام مسجد شيخنا العماد بن بدران. سمعت منه أنا والبرزالي. ومات في صفر. 766 - إبراهيم بن علي. الصهيوني، المقرئ. ولد باللاذقية سنة أربعين وستمائة. وسمع من عبد الدايم. أخذ عنه البرزالي. وكانت له حلقة تلقين بجامع دمشق، وله أولاد حفظوا القرآن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 470 توفي في المحرم. 767 - إبراهيم ابن الشيخ علي بن محمد بن محمد بن علي بن بقاء. الصالحي، الملقن ابن الملقن. رجل صالح. روى عن ابن عبد الدائم. وكان من أبناء الأربعين. توفي في صفر. 768 - إسماعيل بن إبراهيم بن سونج. الصالحي، المعروف بابن الحكيم. وكان يعرف بالشيخ إسماعيل البكري. شيخ صالح مشهور، له أصحاب وطريقة، وعرف بالبكري لأنه كان يتوب ويأخذ العهد لأبي بكر الصديق. وكانت سوقه نافقة، وحلقته عامرة. وفيه في الجملة خير ودين وسنة وتواضع وحسن سمت، وله أبهة المشيخة، ويعمل السماعات والأوقات الطيبة. وله زاوية بالجبل، وحلقة بجامع دمشق بعد الصلاة، ويحفظ كثيراً من الحديث والرقائق ملحوناً. سمع من ابن عبد الدائم ؛ ولم يحدث. وهو أخو حسن وحسين. اتفق أنه طلع إلى جبل لبنان بأصحابه فمرض بالإستسقاء. وقدم قرية فقال: ها هنا أموت. وعين موضعاً لدفنه. فلما مات عظمه أهل تلك الجهة وبنوا على قبره، رحمه الله. توفي كهلاً في السابع والعشرين من جمادى الآخرة. 769 - إسماعيل بن عبد الرحمن بن عَمْرو بن موسى بن عُمَيْرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 471 الشيخ العدل، الجليل، المسند الصالح، عز الدين، أبو الفداء بن المنادي، وابن الفراء المرداوي، ثم الصالحي، الحنبلي. ولد سنة عشر وستمائة. وسمع من الشيخ الموفق فأكثر. ومن: ابن البن، وابن راجح، وابن أبي لقمة، والقزويني، والبهاء عبد الرحمن، وأبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، وابن صباح، وجماعة. وخرجت له ' مشيخة ' في جزء واحد، وحدث بالكثير. وروى ' الصحيح ' و ' شرح السنة ' و ' معالم التنزيل ' مرات. وكان محباً للحديث، كثير التلاوة والذكر والطاعة، حسن الأخلاق، دائم التواضع، حسن الهيئة والبزة، مبادراً إلى التسميع، حيث ما قيد انقاد. فاتني عليه كتاب محيي السنة البغوي بالكسل والتسويف، وسمعت عليه بحمد الله جملة صالحة، وانقطع بموته شيء كثير. وكان من محاسن الشيوخ. وكان له كفاية جيدة من ملكه، وأكثر ذلك بالعقيبة، فاحترق، وأصيب في الجبل في نفسه، وأهله، ودخل البلد ضعيف الحال، وبقي مسكيناً بعد النعمة، عليه فروة عتيقة، وعلى رأسه خرقة وسخة. وقاسى برداً وجوعاً، ولطف الله به، وعوضه الصبر والاحتساب، وحمل عنه، وانتقل إلى رحمة الله بكرة الجمعة سابع جمادى الآخرة بسفح قاسيون بجنينته، وصلي عليه بالجامع المظفري، عقيب الجمعة. 770 - الإشنائيّ. هو الإمام الفاضل عز الدين إسماعيل بن علي المصري، الشافعي. كان رئيساً له شكل مهيب واشتغال ومعرفة. وكان يكتب في الفتاوى. ولي نظر الأوقاف بحلب مدة، ومات بالقاهرة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 472 771 - إلياس بن عثمان. الفقيه سعد الدين الخوئي، الحنفي، معيد الظاهرية والشبلية. توفي بدمشق في ربيع الأول من كبار الحنفية. 772 - أيدُمر الظّاهريّ. الأمير الكبير، عز الدين، نائب دمشق في أواخر دولة الملك الظاهر. رأيته في هذه السنة عابراً إلى الجامع، شيخاً، عليه قباء أبيض وتخفيفة، لا يؤبه له، فأعجبني سمته وشيبته. وقد حبس مدة في الدولة المنصورية، وأطلقه الملك الأشرف، فقدم دمشق، وأقام برباطه الذي على ثورا عند الجسر الأبيض. وتوفي في ثاني ربيع الأول، ودفن بتربته التي مع الرباط، وقد شاخ. - حرف الجيم - 773 - جوهر. الطواشي، صفي الدين الحبشي، الظهيري، التفليسي. سمع الكثير، وعني بالرواية، واستنسخ الأجزاء، وأكثر عن أصحاب ابن
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 473 طبرزد، وغيرهم. روى لنا جزءاً عن أحمد بن أبي الخير سلامة، ووقف أجزاءه، ووقف وقفاً على قراءة قرآن وكرسي حديث. وكان صالحاً، مباركاً، حسن الخلق، أوذي أيام التتار وسلبوه , توفي في رابع عشر رمضان، وهو في أوائل الشيخوخة. - حرف الحاء - 774 - حسن الكرديّ. شيخ صالح، زاهد، صاحب حال وكشف. وكان كبيراً معمراً، من أبناء التسعين. وهو مقيم بالشاغور بحاكورة له يزرع بها القنبيط والبقل، ويرتفق بذلك، ويطعم كل من يدخل لزيارته. وكان يصلي الجمعة، ويجلس مع الشيخ علي القباني. ويقال إنه عند الموت اغتسل وأخذ من شعره، واستقبل القبلة، وركع ركعات، وعبر إلى الله في رابع جمادى الأولى. 775 - حُسين بن علي بن حسين بن منّاع. العدل الأجل، شرف الدين التكريتي، التاجر. رجل متميز، عاقل، مهيب، له ثروة وفيه ديانة وأمانة. سمع من ابن عبد الدائم، ولم يحدث. توفي كهلاً في صفر. 776 - حِينيذ. هو الفقيه المناظر محيي الدين عبد القادر بن أحمد البغدادي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 474 فقيه كهل، تام الشكل، لديه معرفة وفضل، وكان في بحوثه يكثر من قول ' حينئذ ' فلقب بذلك. وكان يحضر المدارس، وجلس يشهد في الآخر. وحصل له خاتمة خير، فإنه سقط عن سلم فمات يوم الجمعة ثاني رمضان. - حرف الخاء - 777 - خديجة بنت القاضي كمال الدين إسحاق بن خليل بن فارس الشيبانيّ، الشافعيّ. روت لنا بالإجازة عن: ابن صباح، وابن اللتي، وابن باسويه، والإربلي، وجماعة. وتوفيت بأذرعات عند أخيها القاضي محيي الدين في العام. 778 - الخضِر بن عبد الرحمن بن الخضِر بن الحُسين بن الخضِر بن الحُسَيْن بن عبد الله بن عبدان. الشيخ الأصيل، شمس الدين، بقية المسندين، أبو القاسم بن أبي الحسين الأزدي، الدمشقي، الكاتب. كان شيخاً بشوشاً، متودداً، عامياً، ناقص الفضيلة، ارتزق بالخدم في جهات المكس وغيرها، ثم في آخر أمره عزل وبطل. ولد في ربيع الأول سنة سبع عشرة وستمائة، وتفرد بأشياء من المرويات والشيوخ.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 475 روى عن النفيس ابن البن ' مغازي ' ابن عائذ، وعن أبي القاسم بن صصرى، وأبي المجد القزويني، وزين الأمناء، والمعافى بن أبي السنان، والمسلم المازني، وابن غسان. وحضر على ابن أبي لقمة. وأجاز له الشيخ الموفق، والفتح بن عبد السلام. خرج له الشيخ علم الدين ' مشيخة '، وسمع منه خلق على ضعفه، منهم: المزي، وابن حبيب، والمحب، وابن النابلسي، والوافي، والشهاب المنبجي، وابنه عبد الرحمن. وحضر عليه محمد بن المزي. توفي في أول ذي الحجة ودفن بتربة آبائه عند الكهف. 779 - خليل بن إسماعيل بن نابت - بالنون - المحدث، الفقيه، فخر الدين الأنصاري، القدسي، فقيه ذكي، متيقظ، كثير العلم، حسن البحث، فاضل في الحديث. رحل إلى مصر وإلى دمشق، ولقي المشايخ وكتب. وكان محدث القدس ومفيده. توفي في ربيع الأول. - حرف الدال - 780 - داود بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن محمد. الأمير، الرئيس، الجليل، عماد الدين ابن الأمير بدر الدين الهكاري، المقدسي الدار، وبالقدس ولد في سنة تسع وستمائة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 476 سمع من: ابن اللتي، وحامد بن أبي العميد القزويني، والمحدث زكي الدين البرزالي، وأبي القاسم بن رواحة، وأبي الحجاج بن خليل، وأبي القاسم بن قميرة بحلب. والتاج بن أبي جعفر بدمشق، وعمار بن منيع بحران ؛ وعبد الغني بن بنين بمصر. وكان فاضلاً، نبيلاً، جليلاً، بطلاً، شجاعاً، سمحاً، كريماً، لم يزل يركب ويتصيد إلى أن مات. وولي نيابة قلعة جعبر في دولة الناصر. وكان محباً للحديث والسنة. حدث بدمشق والقدس، وفاتني لقيه فإنني قصدته بالقدس مقدمي من مصر، فإذا هو بدمشق، فأتيت دمشق فإذا هو رجع على أريحيا، وجئت على نابلس. توفي في رجب وله إحدى وتسعون سنة. - حرف الزاي - 781 - الزّكيّ. الزعيم، مفسر المنامات بجامع دمشق. كان ضريراً، مليح الشكل، جيد التعبير، وهو عبد اللطيف الحراني، أخو الشيخ أحمد المنجنيقي الفقير. توفي في ربيع الآخر كهلاً. 782 - زينب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 477 أم الخير، بنت قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن محمد بن الزكي، القرشي، الدمشقي، الشافعي. زوجة النظام عبد الله ابن البانياسي. روت لنا عن: أبي الحسن بن المقير، وعلي بن حجاج البتلهي، وأبي القاسم بن رواحة، وفتوح بن نوح الخوئي. وسمعت أيضاً من محيي الدين ابن العربي صاحب التصانيف. سمعنا منها ببستان أولادها عند بركة الحميريين أنا، والبرزالي، والمقاتلي، وابن النابلسي، وجماعة. وتوفيت بالبستان في تاسع شعبان، ودفنت بالجبل. 783 - زينب بنت يوسف بن عمر بن خطيب بيت الآبار. روت عن الفخر الإربلي. لم أسمع منها. وتوفيت في ربيع الآخر. - حرف السين - 784 - ستّ الأُمَنَاء بنت الشيخ صدر الدين أسعد بن عثمان بن أسعد بن المُنَجّا. والدة الخطيب معين الدين ابن المغيزل وإخوته، وتدعى أم عز الدين. ولدت سنة ثمان وعشرين أو نحوها. وروت عن جدها. جفلت مع الناس إلى مصر، فأدركها الموت بالسعيدية قبل بلبيس في ربيع الأول، رحمها الله.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 478
- حرف الشين - 785 - الشريف الدّقّاق. كهل، مهيب، حسن البزة، تام الشكل، كثير الأموال، من أعيان تجار الخواصين ورؤسائهم، وله أولاد ملاح يركبون الخيل ويتجملون. مات في ربيع الأول، وقد صودر أيام التتار، وأخذوا منه ثلاثين ألفاً أو أزيد. وحدثني أبي أن والد هذا كان منجماً بعقبة الكتان. قال: وكنت أراه عنده وهو فقير شاب. ثم صار دقاقاً مدة فصمد وحصل، ثم صار تاجراً، وأقبلت عليه الدنيا. 786 - الشريفيّ. الأمير الكبير، جمال الدين أقوش، وإلى البلاد القبلية بالشام. كان ذا صرامة ومهابة وسطوة وعسف، حتى هذب الناحية. ومات في شوال. - حرف الصاد - 787 - الصّدر المغسّل. الحراني، محمد بن منصور بن منصور. كهل، فقيه، عالم، متميز في التغسيل، وفيه دين ومروءة، وهو عم صاحبنا الفقيه عبادة، أحسن الله إليه. توفي في ذي القعدة ببستانه عند عين الكرش.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 479
- حرف الطاء - 788 - الطّبّاخيّ. ملك الأمراء، سيف الدين بلبان المنصوري، أمير جليل، موصوف بالشجاعة والحشمة، وكثرة الغلمان، والعدد والخيول، وجودة السياسة. عمل نيابة حلب مدة ونيابة طرابلس وغير ذلك. توفي بالساحل في ربيع الأول كهلاً. - حرف العين - 789 - عائشة بنت القاضي كمال الدين إسحاق بن خليل الشيبانيّ. أم عيسى، أخت خديجة المذكورة. روت لنا بالإجازة مع أختها عن: ابن اللتي، وابن صباح، وجماعة. وتوفيت بدمشق، ودفنت عند أبيها بقاسيون. 790 - عبد الله بن عَمْرو. القاضي بدر الدين الحسبانيّ، قاضي بلاطنس. توفي بها في المحرم.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 480 791 - عبد الله الفاتولة. الحلبي، ثم الدمشقي. شيخ مسن، حرفوش، مكشوف الرأس، عليه دلق وقبق وسخ من رقاع، وله مجمرة يتوضأ بها، ويجلس عند قناة عقبة الكتان، ويكابد البرد والمشقة، ولا يسأل أحداً فيما علمت، ولا يقرب الصلاة وعقله ثابت ورأيتهم يذكرون له كرامات وكشف من بابة كشف الرهبان والكهان. وكان الصبيان يعبثون به فيزط عليهم. توفي في شوال، وصلي عليه بجامع دمشق عقيب الجمعة، وازدحم الناس على نعشه، وكانت جنازته مشهودة، وكان لهم فيه اعتقاد، ويعدونه من عقلاء المجانين، ودفن بالجبل بتربة المولهين. 792 - عبد الرحمن ابن الشيخ الزّاهد إبراهيم بن سعد الله بن جماعة. الشيخ العالم، الصالح، زين الدين، أبو الفرج الكناني، الحموي، شيخ البيانية بحماة، وأخو قاضي القضاة. ولد في سنة سبع وعشرين وستمائة، وتوفي بحماة في سابع شعبان. ورأيته بدمشق شيخاً، وقوراً، عاقلاً، حسن السمت، خيراً. 793 - عبد الرحمن بن حصن بن غيلان. أبو محمد النحلي، البعلبكي، المقرئ، الزاهد، أخو الشيخ الزاهد أبي الحسن.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 481 روي عن الشيخ الفقيه محمد، وأجاز لنا. وكان صالحاً، صواماً، قواماً، كثير التلاوة والملازمة لمسجد الحنابلة ببعلبك، من خيار عباد الله. وكان من أصحاب الفقيه محمد. صحبه الشيخ إبراهيم الصياح، وحكى عنه. توفي في سابع عشر رجب، وله نيف، وسبعون سنة. 794 - عبد الرحيم بن أبي القاسم بن علي بن مكي بن ورخز. الشيخ عز الدين، أبو أحمد البغدادي، الحنبلي. سمع: ابن اللتي، وابن القبيطي، وعبد الله بن علي بن ثابت ابن النعال، وغيرهم. مولده تقريباً سنة عشر وستمائة. وأجاز لنا. مات في سادس ربيع الأول. 795 - عبد الرحيم بن يعقوب بن محمد بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن قرناص. الشيخ شهاب الدين الحموي. ولد بحماة سنة سبع وعشرين كابن جماعة المذكور. وسمع من: صفية القرشية، وغيرها بحماة. ومن: يوسف بن خليل بدمشق، ومن: ابن مسلمة بدمشق. وطلب بنفسه وكتب أجزاء. سمع منه: علم الدين بالمدينة النبوية. وتوفي في هذه السنة ببلده. 796 - عبد الغني بن قائد. المكبر للأئمة المطوعة بالجامع.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 482 مات في شعبان. وقد سمع معنا الحديث. 797 - عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن عبد الأحد بن عبد العزيز. نجم الدين ابن العنيقة، العطار. سمع بحران من محمد بن عبدان وعبد القادر بن عبد الله بن تيمية شيئاً من مسند الإمام أحمد. سمع منه البرزالي. ومات في رجب. 798 - عبد الملك بن عبد الرحمن بن عبد الأحد بن عبد العزيز بن أبي نصر بن حمّاد بن صَدَقة. الشيخ جمال الدين ابن العنيقة الحراني، العطار، التاجر. ولد بحران سنة ثمان عشرة وستمائة تقريباً، وتفرد بالرواية عن معالي بن سلامة العطار. وسمع بحلب من: ابن رواحة، وابن خليل، ويعيش النحوي. وسمعت منه خمسة أجزاء أو أزيد، وكان رجلاً ديناً، عاقلاً، مسنداً، موصوفاً بالشجاعة والإقدام في أيام أسفاره في التجارة توفي في أواخر ربيع الأول بين الصالحية والعباسة مع الجفال، ودفن بالعباسة. 799 - عبد المنعم بن عبد اللّطيف ابن زين الأُمناء أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن. شرف الدين، أبو محمد بن عساكر الدمشقي. شيخ فقير، متعفف، كثير القراءة في المصحف في الجامع، متواضع، مطرح التكلف.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 483 ولد سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع حضوراً من ابن غسان، والمسلم بن أحمد. وروى عن: أبي نصر الشيرازي، وابن اللتي، ومكرم، والإربلي، وكريمة وغيرهم. وله إجازات من جماعة. سمعت منه أجزاء عديدة. وكان في الآخر من جملة فقراء الخانكاه الحسامية، وبها توفي في ثامن عشر رجب، رحمه الله. 800 - عثمان بن الشيخ شرف الدين محمد ابن الشيخ القُدوة عثمان. الرومي، شيخ زاوية جده وأبيه التي بالجبل. وكان فيه مروءة وخدمة للفقراء. وسمع من ابن عبد الدائم. توفي ليلة عيد النحر. 801 - عثمان بن عبد الرحمن. الشيخ فخر الدين المعري، المقرئ. ولد سنة أربع وأربعين وستمائة، وقدم دمشق فاشتغل بها وتفقه. وقرأ القراءآت على الزواوي، وغيره. وولي إمامة المدرسة الظاهرية. وسمع الحديث من ابن عبد الدائم، وغيره. وكانت له حلقة يجلس بين باب الريادة وباب المقصورة. وتلقن عليه جماعة. توفي في صفر. 802 - عزّ الدين محمد ابن أبي الهيجاء بن محمد.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 484 الأمير، الفاضل، الهذباني، الإربلي. والي دمشق. ولد سنة عشرين بإربل، وقدم الشام في شبيبته. واشتغل وجالس العز الضرير. وكان جيد المشاركة في التاريخ والأدب والكلام. وهو معروف بالتشيع والرفض. وكان شيخاً كردياً، مهيباً، يلبس عمامة مدورة، ويرسل شعره على أكتافه. ولي ولاية دمشق مدة، وكان جيد السياسة، خبيراً. وكان موته بالسوادة برمل مصر في جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة. 803 - علي بن موسى بن سليمان. علاء الدين ابن الكاتب فخر الدين ابن ستيت. قتله العشير بأرض صرخد. وكان شاباً حسناً، شجاعاً. سمع معنا وقبلنا سنة بضع وثمانين. وقرأ بنفسه وكتب الطباق. 804 - العماد الفصّاص. الفقير الأحمدي، الرفاعي، المزمزم. كان الشيخ مليح الهيئة، أبيض الشيبة، له حرمة بين الفقراء وصورة، وفيه دين وخير. حضرت سماعه وكان مطرباً فيه روح وحسّ. توفي في ربيع الأول. وكان من أبناء الثمانين. 805 - عمر بن عبّاس بن أبي بكر بن جَعْوان. العدل، الجليل، شمس الدين، عم الحافظ الأديب شمس الدين محمد بن محمد الأنصاري، الدمشقي، ولد سنة ست وثلاثين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 485 وسمع من الشيخ الضياء. سمعت منه بالمدينة النبوية. وكان رجلاً جيداً متواضعاً. أصيب بحرق أملاكه وذهاب ماله من التتار. وتوفي في ثاني عشر صفر، رحمه الله. 608 - عمر بن غلام الله بن رضوان بن الحسن. شمس الدين المصري، الأشرفي، أحد الحريرية. كان ينتمي إلى الحريرية، ويلي شيئاً من المكوس. سمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي. وحدث ولم أسمع منه قصداً. توفي في رابع صفر، وله اثنتان وثمانون سنة، ومولده وموته بدمشق. 807 - عيسى بن عمر بن أبي بكر. الشيخ الشرف بن الأغر المقدسي، إمام مسجد الخواصين المعلق. رجل دين، منقبض عن الناس، يحضر بدار الحديث الظاهرية. وسمع الحديث وسمع قبل التسعين ولم يحدث. توفي في جمادى الأولى. 808 - عيسى بن عبد الغني بن حازم. أبو محمد الجماعيلي، ثم الصالحي، التاجر. ولد سنة ثمان وأربعين. وروى عن: خطيب مردا، والتقي اليلداني. وغيرهما. وتوجه في تخليص أولاده من التتار، فأدركه أجله بخلاط في هذه السنة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 486
- حرف الفاء - 809 - الفاشوشة. الشيخ الكبير، شمس الدين إبراهيم بن أبي بكر بن عبد العزيز الجزري، الكتبي. ولد سنة اثنتين وستمائة. وكان يذكر أنه سمع من فخر الدين بن تيمية بحران. وكان تاجراً في الكتب، له دكان كبيرة وكتب كبيرة وخبرة تامة بالكتب، وله فضيلة ومذاكرة. عاش ثمانياً وتسعين سنة، وكان إلى آخر وقت يقرأ الخط الرفيع بلا كلفة. توفي في رجب. وكان يترفض. - حرف الكاف - 810 - كُرجي. الأمير الكبير، عز الدين أيبك. من كبار أمراء دمشق ومقدميهم. وكان فارساً مجاهداً، يحفظ أحاديث الجهاد. وحج بالناس. توفي في ذي القعدة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 487
- حرف الميم - 811 - محمد بن إبراهيم بن علي. الصالح، الزاهد، موفق الدين ابن القدوة الإمام تقي الدين ابن الواسطي. سمع الكثير على أصحاب ابن طبرزد. وكان صالحاً، منقبضاً عن الناس، مشتغلاً بنفسه، منفرداً، كثير التلاوة، يصوم يوماً ويفطر يوماً. توفي في المحرم. 812 - محمد بن جعفر بن محمد. الآملي، شمس الدين، ابن خال صفي الدين محمود الأرموي المحدث. سمع كثيراً مع ابن عمته، وكتب بخطه، ولم يبلغ الثلاثين، وكان يلقب بغندر. توفي في المحرم. 813 - محمد بن حسن بن يوسف بن موسى. الفقيه، الزاهد، المعمر، صدر الدين، أبو عبد الله الأرموي. ولد سنة عشر وستمائة، وقدم دمشق فسمع من الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وحضر حلقته. وسمع من: كريمة، وعتيق السلماني، وابن قميرة، وشيخ الشيوخ تاج الدين ابن حمويه، وابن أبي جعفر، وجماعة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 488 ونزل في دار الحديث من أيام ابن الصلاح، وفي المدارس. وكان فقيهاً زاهداً، عابداً، متهجداً، ورعاً، متنسكاً، ما أظنه تزوج. سمعنا منه معشر الطلبة ونعم الشيخ كان. توفي بالمارستان الصغير في الرابع والعشرين من شعبان، وقد كمل التسعين. 814 - محمد بن أبي بكر عبد الرحمن بن عبد الله. الشيخ الصالح، أبو عبد الله الكنجي، المجاور بجامع دمشق من نحو ستين سنة. سمع من: الزين خالد، والخطيب عماد الدين ابن الحرستاني، وابن عبد الدائم، وجماعة. سمعت منه أحاديث، وكان ديناً، خيراً، عاقلاً، وهو والد محمد صاحب الخزانة بالجامع. توفي في رابع عشر ربيع الآخر. وكان من أبناء التسعين. 815 - محمد بن عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي. العدل، شمس الدين، ولد الخطيب جمال الدين الربعي، الدمشقي، الشافعي. شاهد جليل، مشكور مشهور، من كتاب الحكم كأخيه ضياء الدين. ولد سنة سبع وثلاثين وستمائة. وروى لنا ' جزء ابن عرفة ' عن النجيب
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 489 توفي في تاسع رمضان ببستانه. 816 - محمد بن محمد بن مُنجّا. العدل، زكي الدين الحموي. سمع من عبد المنعم بن أبي المضاء مجلس بلوغ السبعين، لابن عساكر قرأه عليه علم الدين بحماه. توفي في جمادى الآخرة. 817 - محمد بن منصور بن موسى. الشيخ، شمس الدين، أبو عبد الله الحلبي، الحاضري. المقرئ، النحوي. قرأ القراءآت على الكمال الضرير، والشيخ علي الدهان. وقرأ العربية على الشيخ جمال الدين بن مالك. وكان أحد شيخي الإقراء بالتربة العادلية، وله تصدير في جامع دمشق بمعلوم شيخنا التادفي. قرأت عليه القراءآت أنا وابن غدير في سنة اثنتين وتسعين، ولم يكن بذاك الحاذق فيها، ولا في النحو، بل له معرفة متوسطة. توفي في خامس صفر عن بضع وستين سنة. 818 - محمد بن أبي زَيْد. الشيخ شمس الدين الصوفي. شيخ خانكاه خاتون. كان شيخاً ملسناً، فصيحاً، سميناً، فيه شهامة وتبحر وشطارة.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 490 توفي في ربيع الأول. 819 - محمد بن أبي غانم. الشمس المعري، إمام مسجد التوتة الذي بداخل باب شرقي. كان فقيهاً بالمدارس، وتلقن عليه خلف. توفي في ذي الحجة. 820 - محمود بن علي بن محمود. الحاج الصالح، شرف الدين السراج، شريك الشرف بن بصحان بالسراجين كان حريصاً في كبره على العلم، وله دار مليحة عند الديماس. سمع فيها ' البخاري '، و ' شرح السنة '، و ' التفسير '، وغير ذلك بقراءة ابن نفيس. وبسببه سمع صاحبنا المقرئ بدر الدين ابن بصحان فإنه كان في حجره. ثم كان ملازماً للجامع يجلس عند الباجربقي. وقد أجاز لنا مروياته. توفي في رجب، وكان من أبناء السبعين. 821 - محمود بن أبي بكر بن أبي العلاء بن علي بن أبي العلاء. الإمام، المحدث، الفرضي، شمس الدين، أبو العلاء البخاري، الكلاباذي، الحنفي، الصوفي. ولد بمحلة كلاباذ في سنة أربع وأربعين، وتفقه ببخارى وسمع بها في
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 491 سنة سبعين وحولها. ثم قدم العراق سنة بضع وسبعين فسمع بها من محمد بن أبي الدنية، ومحمد بن عمر بن المربح، وابن بلدجي، وابن الدباب، وطائفة. وبالموصل من: الشيخ موفق الدين الكواشي المفسر، وجماعة. وبماردين ودنيسر، وقدم دمشق سنة أربع وثمانين فسمع بها، ورحل إلى مصر سنة سبع وثمانين فأكثر بها وبدمشق. وكتب الكثير بخطه المليح الحلو، وصنف في الفرائض تصانيف. وكان بارعاً فيها. له أصحاب يشتغلون عليه. وكان ديناً، نزهاً ورعاً، متحرياً، متقناً، كثير المعارف، حسن العشرة، كثير الإفادة، محباً للطلبة. سمع من سبعمائة وخمسين شيخاً، وسود معجماً لنفسه استفدنا منه. وكان لا يمس الأجزاء إلا على وضوء. روى عنه شيخنا الدمياطي في ' معجمه ' وفاة ابن أبي الدنية. وسمع منه: المزي، وأبو حيان، وابن سيد الناس، والبرزالي، وقطب الدين، والمقاتلي، والمجد الصيرفي، وطائفة. وقد سمع أشياء نازلة بمرو وسرخس ودامغان. وحج سنة سبع وتسعين. ثنا أبو العلاء الفرضي، أنا أحمد بن معشر ببخارى، ثنا أبو رشيد الغزال فذكر حديثاً. ولما انقضت أيام التتار سافر من دمشق خوفاً من الغلاء إلى ماردين، فأقام بها أشهراً، وتوفي في أوائل ربيع الأول عن ست وخمسين سنة. وكان أشقر، ربع القامة، وافر اللحية، كبير الهامة، منعجم اللسان، كثير التودد، حسن الديانة والمعتقد. وكان من أعيان صوفية الخانقاه، وقف أجزاءه بالخانقاه وتركها ولم يسافر بها.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 492 - حرف النون - 822 - النّجم ابن عُبَيد الله. هو الفقيه، أبو العباس أحمد ابن الإمام شمس الدين عبيد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله، المقدسي. شاب فاضل، خير، متواضع، حسن البشر. سمعه أبوه من جماعة، وحضر ابن عبد الدائم. ولم يحدث. 823 - النّجم بن عساكر. هو محمد بن إبراهيم بن محمود بن تاج الأمناء ابن عم بهاء الدين القاسم بن مظفر الطبيب، وهو عم الإمام شرف الدين حسين بن سلام لأمه. كان فيه زهد وانجماع وانقباض، فيه دين ومعرفة. توفي كهلاً في ذي الحجة، وله سماعات، ولم يحدث. - حرف الياء - 824 - يحيى بن إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد. العسقلاني ثم الصالحي اللبان. روى عن: الحافظ الضياء، وسعيدة بنت عبد الملك. سمع منه الطلبة. وما سمعت منه. توفي في حدود ربيع الآخر. 825 - يحيى الملك إمام الدين البكري، القزويني، صاحب الديوان بالعراق. مات بالحلة، ونقل إلى بغداد فدفن بمدرسته بدرب فراثا، وولي منصبه ابنة افتخار الدين.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 493 826 - يحيى بن عبد الله بن منصور. الشيخ محيي الدين الزرعي، الحنبلي، خطيب زرع. قدم دمشق فتمرض بها خمسة أيام. ومات في نصف ربيع الأول. 827 - يوسف بن أحمد بن أبي بكر بن علي بن إسماعيل بن عمر بن عبد المجيد. المسند، المعمر، بقية الرواة، أبو علي الغسولي، المرجي ثم الصالحي، المعروف بابن عالية. ولد سنة اثنتي عشرة بقاسيون. وسمع من موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق. وتفرد في وقته. وسمع منه خلق. سمعت منه بجامع الجبل، وبدار الدواداري، وبالنورية وبمنزلنا. قرأت عليه للأولاد. وكان شيخاً ساكناً، فقيراً، متعففاً، وقد بدت منه هنات في وسط عمره، ثم كبر وصلح أمره. وكان حجاراً، ثم عجز وشاخ، ولزم بيته. وقد غاب مدة في الحصون يخدم حجاراً بها. وحدث قديماً في سنة خمس وستين، ثم غاب ونسي، ثم ظهر في آخر سنة أربع وتسعين ففرحنا به لأنه كان قد انقطع من دمشق حديث المخلص،
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 494 فظهر له سماع ' المنتقى ' من سبعة أجزاء، والثاني من حديث زغبة، عن الليث. ودللنا عليه فأتيناه. وسمع منه: المزي، والبرزالي، والمقاتلي، وابن النابلسي، والمحب، والصدر أبو بكر ابن خطيب حماة، والشهاب بن عديسة ونجم الدين القحفازي، وخلق. توفي في ثالث عشر جمادى الآخرة، وجبوا له كفناً، رحمه الله. - الكنى - 828 - أبو جَلَنْك. هو الفقيه، الأديب، الشاعر، شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الحلبي. مشهور بالعشرة والنوادر والفضيلة، وفيه همة وشجاعة. نزل من قلعة حلب في طائفة للإغارة والكسب، فلاطخوا التتار، فوقعت في فرسه، نشابه، فوقف وبقي هو راجلاً. وكان ضخماً، سميناً، فأسروه وأحضر بين يدي المقدم، فسأله عن عسكر المسلمين، فكثرهم ورفع شأنهم، فأمر به فضربت عنقه، وحصلت له خاتمة صالحة. فالله يختم لنا بخير في عافية، ويرزقنا الإخلاص، ويمدنا بالتوفيق، إنه كريم وهاب. ومات في سنة سبعمائة خلق بدمشق.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 495 وفيها وُلد: الخطيب بدر الدين محمد ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني، والمولى شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله، كاتب السر، والأمير عماد الدين محمد بن قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وزين الدين عمر بن عبد العزيز الفارقي، المؤذن. وهذا آخر الطبقة السبعين، وهنا نقف ونحمد الله عوداً على بدء ونسأله أن صلى الله عليه وسلم على محمد وآله.