تاريخ آل سعود، ناصر السعيد
تاريخ آل سعود،
ناصر السعيد.
تاريخ آل سعود
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الاهداء
إلى اليوم الذي لا يبقى فيه في بلادنا العربية من الخليج حتّى المحيط إعلام لا يؤثّر في الناس ولا يستأثر باحترام الناس.. إلى اليوم الذي لا يبقى فيه في بلادنا جوازات سفر مختلفة الألوان، وهويّات متعددة الجنسيات، وتأشيرات دخول وخروج، وتأشيره للعمرة وتأشيرة للحج وتأشيرة للسياحة وتأشيرة للزيارة وتأشيرة للإقامة وتأشيرة للعودة… وبلا: عودة… والى ذلك اليوم الذي تداس فيه أعلام جامعة الدول العربية التي أسسها تشرشل وايدن ووايزمن لاخماد اللهيب… لهيب الوحدة العربية بهذا التزييف الموحد..
والى اليوم الذي تتوحد فيه الجيوش العربية بجيش واحد لا يستطيع بعده أي حاكم ـ خارج ـ شاذ ـ يسحب جيشه من ساحة الدفاع عن الوطن كما فعل السادات وفعلت السعودية التي سحبت شرطتها "المسعدنة" من لبنان في برج الغزل مع الكتائب الشمعونية محتقرة حتّى توسلات رئيس الحكومة اللبنانية…
إلى اليوم الذي لا يلاحق "السافاك" فيه المناضلين … والى اليوم الذي لا تبقى فيه ـ في الوطن العربي ـ دوائر سوء ـ جمركية ومراكز جمركية: في ـ مدن ـ وحدود ـ ومطارات ـ الوطن العربي إلا وهدّمت وسرّح أتباعها.. إلى اليوم الذي يصبح الإنسان فيه حرا يحاسب حكامه اقتداء بذلك الإنسان العربي الذي حاسب النبي محمد وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب بالرغم من كونهم أشرف بني البشر…
إلى ذلك اليوم الذي يصبح الإنسان فيه في الوطن العربي حرا ينشر فيه ما يشاء من نقد بنّاء وهدّام ـ بناء للصالحين هدّام للطالحين ـ ويذيع الإنسان فيه ما يشاء من ذلك أو يقول على الاقل ـ ما يشاء في الوطن العربي ـ ليقول مثلا: تسقط الدول العربية المتناسلة كل عام كتناسل آل سعود بطريقة لا ـ مشروعة ـ ولا ممنوعة، وليرتفع علم الأمة العربية الواحدة العلم الواحد المميّز بلون الوحدة الشعبية. والاشتراكية العلمية، والحرية المطلقة، والتحرر من مخلفات الجهالة، ومن مهادنة الثوار للثيران المالكة الامريكية… إلى ذلك اليوم العظيم الذي يتم فيه ما ذكرته أعلاه في ثورة شعبية عارمة أهدي هذا الكتاب.
ناصر
في صحة نجاح المؤامرات الصهيونية الأميركية السعودية الساداتية ملك القمار ـ فهد ـ وكارتر يسكران .. يشربان الخمر
(الخمر الذي يُقتل ويجلد من أجله أبناء الشعب ـ بل تجلد السعودية وتسجن حتّى الانكليز الذين رفضوا الانضمام للمخابرات الامريكية في الرياض وجدة ـ مهتمة ـ إياهم بشرب الخمر الذي يبيع الأمراء ورجال الدين السعودي زجاجته بـ 300 ريال) !… لقد تجاوز "فهد" كل "المحرمات سراً" واحتسى الخمر علناً جهاراً نهاراً مع كارتر، وتناقلت هذا التحدي كل الصحف الأمريكية والعالمية قائلة: (فهد ـ يشرب الخمر مع كارتر ـ بصحة نجاح كل الجهود السعودية الامريكية المشتركة في المنطقة)… ومنها بالطبع: الصمت المطبق على الجرائم السعودية… بدءا من نجاح فيصل في المساومة ـ عام 1964 ـ على اعترافه بجمهورية اليمن مقابل تعيين السادات نائباً للرئيس جمال عبد الناصر … ونجاح فيصل وفهد والسادات وحسن التهامي وكمال أدهم ـ وخبير السموم الأمريكي مستشار المخابرات السعودية في الرياض المستر رنتز: بوضع ـ عيّنة ـ من سم الاكوتين ـ في كأس من عصير القوافة لجمال عبد الناصر في الساعة الرابعة إلا ربعا يوم 28/9/ 1970 ـ أثناء وداعه لحاكم الكويت صباح السالم في مطار القاهرة، وبذلك أدركت السعودية ما عجزت عنه مراراً في اغتيال عبد الناصر، بل ما عجزت عنه في تحريضها للرئيس الأمريكي جونسن بالرسالة المعروفة التي كتبها فيصل وفهد إليه يطالبانه دفع إسرائيل لاحتلال مصر وسوريا لإيقاف المد الوحدوي وإيقاف عبد الناصر عند حده واشغال العرب بأنفسهم عن المواقف السعودية الامريكية… وبدءاً من ذلك الوقت وحتى الآن والى أن يسقط الاحتلال السعودي: لن يتوقف أمراء آل سعود عن قرع كؤوس الخمر مع الرؤساء الأمريكيين… بدءاً من تعيين السعودية للسادات في سلك المخابرات الامريكية إلى تعيينه نائبا للرئيس جمال ـ بضغوط نعرفها ـ إلى دعمه في الرئاسة بعد اغتيال جمال بالسم … إلى البدء في تغيير معالم الجمهورية العربية المتحدة إلى الضغط على السادات وبأسرع ما يمكن لإبعاد الخبراء السوفييت عن مصر إلى تعهد السعودية بتموين وتمويل الجيش المصري بالطعام والذخيرة والسلاح الأمريكي والغربي وشراء الطائرات بالأموال السعودية المسروقة لاعداد هذا الجيش ـ بأموال سعودية ـ أمريكية ـ لحرب العرب في الجماهيرية الليبية وفي الكنجو وفي اليمن وفي عُمان وفي لبنان والسودان والجزيرة العربية .. ويخلق مالا تعلمون… والمتتبع التقدمي القومي الوطني غير المنحاز ـ المؤمن ـ يدرك أن السعودية كانت السمسار الأول والمأذون "الشرعي والوحيد" لزواج السادات بأمريكا وإسرائيل ورحلته إلى القدس و" كمب ديفيد" ومن ثم التوقيع يوم 26/3/ 1979 على صك الخيانة "المكون من ثلاث نسخ" وقعها السادات وبيغن وكارتر … ومن ثقال ان السعودية غير راضية: فليخرس فالساكت شيطان أخرس… ولو لم تكن السعودية راضية مع سبق الإصرار فلماذا لا تقاطع وتحارب السادات وإسرائيل وأمريكا ومخابرات أمريكا المتسلطة على كافة المرافق العسكرية والأمنية والحيوية في الجزيرة العربية؟..
منطق اليهود
(لقد ائتمنني الله على خدمة الحرمين الشريفين وأوكلني بهما!، وعلى الأصدقاء اعانتنا لحمايتهما من المخربين والثوريين والاشتراكيين والشيوعيين!) الملك فيصل بن عبد العزيز .. من خطابه 13/6/1970، في برلمان أندونيسيا.. انّه منطق الصهاينة في القدس عن وعد الله المزعوم للصهاينة في أرض المعاد من الفرات إلى النيل..
تقديم
هل آل سعود من قبيلة (عنزة بن وائل؟) كما يقولون؟… هل يدينون بدين الإسلام حقيقة؟ … هل هم من العرب أصلا؟. الحقائق الآتية ـ هذه ـ ستدمغ مزاعم آل سعود. وتدحض أكاذيب من باعوا ضمائرهم لهم وزيفوا التاريخ من كتّاب ومؤرخين أقحموا نسب آل سعود ـ بنسب النبي العربي! زاعمين: (أنهم من ذرية محمد بن عبد الله).. وأنهم (وكلاء الله في خلقه وخلائقه على أرضه)!.. قاصدين بهذا الزعم ـ العتيق البالي ـ تبرير جرائمهم وفحشائهم وتثبيت عرشهم المكروه وتدعيم الملكية التي حاربها العرب قبل الإسلام وبعده وحاربها الناس أجمعين على مر التاريخ ولعنتها كل الكتب المقدسة وحذر منها القرآن بقوله: (ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها)… ومع ذلك، يتجاهل آل سعود قول القرآن هذا، ويزعمون كذبا أنهم يؤمنون بالقرآن في الوقت الذي يصدرون أوامرهم بتحريم نشر أو اذاعة أو إعلان أو قول مثل هذه الآيات القرآنية لمحاربة الملوك…
وبما أن آل سعود على معرفة تامة بمعرفة قدماء شعبنا لأصلهم اليهودي، وماضيهم الدموي الإجرامي وحاضرهم الموغل في الوحشية… فانهم يحاولون إخفاء أصلهم بامتطاء الدين وتزييف أنسابهم بانتسابهم المزعوم للنبي محمد!… رغم كوننا لا نهتم أبدا ـ بالانساب والاحساب بقدر ما نهتم بالصفات والأعمال قبل الأقوال، بل اننا لا نعتز بنسب الرسول بقدر ما نعتز بمحمد الذي أعز نسبه ولم يعزه نسبه، وكان هذا النبي العظيم أول من ثار على أهله وحارب عائلته وحسبه ونسبه، وتجرد من كل شئ من ملذات الحياة ـ إلا الفضيلة ـ التي تجرد منها آل سعود … أو لم يكن هو القائل: (ألا أن رائحة الجعلان أهون من رائحة قوم لا فخر لهم إلا بأنسابهم وأحسابهم؟) فما الاحساب والانساب إذا إلا أعمال الإنسان نفسه، ان كانت شرا فشرا وان كانت خيرا فخيرا… وما أعمال آل سعود الشريرة إلا أنسابهم وأحسابهم، وليست أعمالهم هي الدليل فحسب على أنهم يهود السلالة والمعتقد وانما تاريخهم أيضاً… تاريخ آل سعود الذي زيفه أجراء آل سعود من عبدة المال وأشباه الرجال وحيل بيننا وبين نشره في أماكن وأزمان شتى… فمن هم آل سعود؟… وكيف بدأ تاريخهم؟…
تابعوا في هذا التاريخ الموجز تاريخ من تركهم العرب يعيثون في أرض العرب فسادا كأشقائهم الصهاينة في فلسطين… ليعرف من لم يعرف آل سعود سلالة بني القينقاع يهود المدينة الذين حاربوا النبي العربي ـ محمد بن عبد الله ـ وعملوا على حصاره وناصروا كل أعدائه من ملوك وأمراء وعبدة أوثان وتجار أديان ورأسماليين واقطاعيين؟…
فما السر إذا بتشدق آل سعود بالصلة "النبوية" حينا والزعم "أنهم من قبيلة عنزة" العربية، حينا آخر، وانهم على العموم "وكلاء الله في أرضه"؟ وقد جندوا لذلك الفتاوى المأجورة، لا لشئ أكثر من تغطية أصلهم اليهودي المنحدر من بني القينقاع، أولئك الذين ساهموا بأموالهم الحرام ورجالهم الاجراء في هزيمة محمد واصابته بجراح في معركة (أحد) ولما عاد النبي مع بقية قومه مهزومين إلى ـ يثرب ـ (المدينة) لم يفسح تجار اليهود له المجال بالطبع لينظم صفوفه فيحطم طغيانهم الرأسمالي الاقطاعي، بل قام تجار اليهود من بني النظير وبني القينقاع وقريظة بمحاولة إفساد وتمييع ما تبقى من قوم النبي محمد لصدهم عن السبيل القويم واشاعة روح الهزيمة في نفوسهم بإغرائهم بالإسراف في الملذات من خمر ولعب ميسر ونساء يهوديات.. لكن النبي محمد تنبه لهم.
فجاءت تلك الآيات ناهية محذرة بعدم تعاطي الخمر والميسر والازلام والانصاب!.. ـ بمعنى أوضح ـ عدم تعاطي الملذات التي يسرها تجار اليهود لجنود محمد فكانت ضربة للرأسمالية اليهودية حينما نفذ قوم محمد أوامره وامتنعوا عن اتيان كل ما نهاهم عنه من ملهيات ـ أراد بها اليهود عزل قوم محمد عنه لتحطيمه.. فجن جنون تجار اليهود من بني النظير والقينقاع وقريظة وأتباعهم من العرب لعدم نجاح خطتهم الخبيثة تلك في صرف قوم محمد عن الجهاد في سبيل المساواة الاشتراكية الإنسانية… ولم ييأس اليهود بل أعادوا الكرة بطريقة خبيثة أخرى هي:
(حصار الماء) حيث كانت الرأسمالية اليهودية تسيطر على كل آبار المياه في المدينة… عندما منعوا النبي وقومه من شرب الماء… لكن النبي أفسد خطتهم تلك بطلبه من عثمان بن عفان الذي كان يمثل الرأسمالية الوطنية، أن يشتري (نصف بئر) من اليهود بـ 10000 درهم، بينما قيمة البئر كلها لا تساوي تلك القيمة… وشرب العرب وانتهى بذلك حصار الماء بعد أن فسدت خطة اليهود حينما قام العرب بتعميق قعر البئر في القسم الذي اشتروه… وبذلك نزل كل ما في البئر من ماء إلى القسم العربي… ولم يكتف اليهود بذلك ـ بل تفتقت أفكارهم عن خطة أخبث مما مضى، وهي "مهادنة" محمد، بتقديم المعونات ـ والقروض طويلة الأجل ـ ليستعين بها ضد قريش وبهذه "المعونة" يضطر النبي لمهادنة اليهود ويتم بعد ذلك عقد اتفاق مع اليهود على حسن الجوار وعدم الاعتداء!… وأقسم اليهود على ذلك… فقبل النبي العربي هذه الدعوة ـ النبي العربي هذه الدعوة غير غافل عن خطر اليهود، لكنه أدرك أن ركائز اليهود ودعاماتهم في الجزيرة والبلاد العربية أخطر من اليهود وما دام أنه ليس بمقدوره ـ في بداية دعوته ـ محاربة الرجعية الرأسمالية العربية، ومحاربة اليهود في آن واحد ـ فانه ليس أمامه إلا الاختيار بين مهادنة أحد الشرين، وأما أن يهادن اليهود، وأما أن يهادن الرجعية العربية والملكية..
فاختار مهادنة الإقطاعية اليهودية ـ مؤقتا ـ ليتفرغ لمحاربة الرجعية العربية والملوك، بعد أن تأكد له أن أول ما يجب عليه هو القضاء على الرجعية العربية والملوك قبل القضاء على الرأسمالية والعنصرية اليهودية، لذلك رأى مهادنة اليهود لمحاربة الرجعية المتمثلة بكافة الملوك وبالإقطاع والرأسمالية المحلية، وكانت ثورته أول ثورة في التاريخ ضد الاهل (أهله وأسرته) ولذلك رأى طغاة اليهود خداعه لاغتيال وضرب دعوته وثورته لكيلا تنتشر فتنتصر … وبذلك وجهوا لمحمد الدعوة لزيارتهم في حيهم (لتكون هذه الزيارة بداية الاتفاق مع استلام المعونة) فوافق محمد وذهب إلى حيهم يرافقه بعض أصحابه… وما أن وصل إلى باب البيت الذي وجهت فيه الدعوة إليه حتّى صعد سبعة من اليهود إلى السطح ورموه بحجارة كبيرة من أعلى، نجا منها بأعجوبة ومن كيدهم بسلام، وزعموا له أن تزاحم الاطفال لمشاهدته دفع بالصخرة فسقطت!… ومن تلك اللحظة تأكد له عليه السلام أنه لا فرق بين اليهود وركائز اليهود وأن المطامع الرأسمالية واحدة، فعاد إلى مسكنه ليعد أصحابه القلائل للبدء بضرب الرأسمالية والعنصرية اليهودية أولا وفي الوقت نفسه يتابع مسيرته لحرب الرجعية العربية ومن ذلك الوقت بدأ محمد وصحبه بالهجوم على اليهود فسحقهم وأمم أموالهم… وكان ذلك أو تأميم في التاريخ…
وبذلك الهجوم كانت البداية لنصرة العرب والاسلام بعد غزوة أحد التي جرح فيها الرسول وهزم هو ومن معه أشد هزيمة كان أول أسبابها خيانة الواجب من قبل أصحاب الأطماع من بعض الجنود الذين أولك لهم النبي العربي حراسة المؤخرة ليقفوا على رأس الجبل لكنهم ما أن رأوا انتصار المؤمنين حتّى انحدروا من الجبل تاركين المهمة الموكلة إليهم طامعين في نهب أسلاب الرجعيين أعداء التقدم العربي، فعاد الأعداء مرة أخرى وهزموا المؤمنين أشد هزيمة واستشهد في (معركة أحد) عم محمد بن عبد الله (حمزة بن عبد المطلب) وكان أول شهيد في الإسلام، ولم يبق أي بيت من بيوت العرب الذين جاهدوا إلا وقتل منه قتيل وأكثر… وما طرق اليهود الخبيثة الأولى والحالية إلا نفس الطرق الخبيثة الآنية التي يسلكها سلالة بني القينقاع آل سعود.. انها بعينها هي … وهذه بعض أركانها: الادعاء أنهم من العرب وأنهم مع العرب وأنهم ضد الصهاينة، في الوقت الذي يقومون فيه بإنشاء أحلاف عسكرية مع أعداء العرب من الأمريكان خدم الصهاينة والتحالف مع هيلاسلاسي وشاه إيران عسكريا ودعم أنور السادات ماليا وعسكريا ودعم النميري والحسن ملك المغرب، والضغط على حاكم باكستان الحالي ضياء الحق لإعدام علي بوتو وتمويل أعداء الجماهيرية في ليبيا والرجعيين في كل أنحاء آسيا وأفريقيا والغاء الحريات في الخليج، كل ذلك باسم الإسلام والاسلام منهم براء.
اضافة الى ما تقوم به السعودية من تقطيع لايدي وأرجل أبناء الشعب بحجة أنهم لصوص ـ بينما ـ آل سعود ـ هم اللصوص… وجلد ورجم أبناء الشعب في الطرقات العامة بحجة أنهم زناة وهم آل سعود أنفسهم الزناة… وفتح أسواق تجارية للرقيق الذي بلغ تعداده (600 ألف في الجزيرة العربية) معظمهم من العرب وشعوب آسيا وأفريقيا وشعوب البلاد الإسلامية التي يتاجر آل سعود باسمها دينيا. ونهب أموال الشعب. وارهاب الشعب. واطلاق اسم اسرتهم على الشعب وارض الشعب.. واعلان حالة الطوارئ الدائمة ليلا ونهارا منذ بداية الاحتلال السعودي لجزيرة العرب حتّى الآن.. وتحطيم معنويات الشعب.. واباحة مقدساته وحرماته وأرضه وأعراضه.. والتآمر ضد كل تقدم عربي وأينما كان، ومقاتلة كل حر أو اغتياله.. ومنع الحجاج العرب والمسلمين ما لم يدفعوا أموالا طائلة كضريبة لآل سعود.. واستغلال الحج في عقد مؤتمرات معادية للعرب ـ متآمرة على الحريات والتحرر والانظمة التقدمية.. ومنع المسيحيين من زيارة مكة والمدينة بحجة أنهم "مشركين" ما عدا الامريكان "شركاء آل سعود" الذين لا ينطبق عليهم هذا الشرك!..
اضافة إلى ما يرتكبه آل سعود الآن في حق شعب اليمن من دعم للرجعيين بغية ضرب اليمن الديموقراطية واعادة هذا الشعب التاريخي اليمني العظيم إلى عصور الانحطاط الذي لا زال يعيش الشعب في مخلفاتها… وما من ثورة قامت في اليمن قبل الثورتين اللتين اطاحتا بحكم الائمة المتعفن والسلاطين إلا وحطمها آل سعود بأموال شعبنا المسروقة..
وما برح أعداء التقدم آل سعود يعملون يداً واحدة مع أعدائنا الامريكان والانكليز و"إسرائيل" لدفن شعبنا ـ حيا ـ في اجداث الفقر والجهل والمرض والتأخر والموت البطئ… كل ذلك للمحافظة على مفاسد وجهالات ومصالح آل سعود واسرائيل والامريكان والانكليز المشتركة في ارضنا..
وما سيكشفه هذا التاريخ قد يضئ الطريق ليدل على أن آل سعود لا يتورعون في ارتكاب أي رذيلة، انّما باسم الفضيلة يرتكبون الرذائل سواء كانت سياسية أو أخلاقية… والشئ من معدنه لا يستغرب. ناصر السعيد التاريخ الملعون اقتلوا المؤمنين من غير اليهود.. التلمود في عام 851 هـ ذهب ركب من عشيرة المساليخ من قبيلة (عنزة) لجلب الحبوب من العراق إلى نجد، وكان يرأس هذا الركب شخص اسمه سحمى بن هذلول، فمر ركب المساليخ بالبصرة، وفي البصرة ذهب افراد الركب لشراء حاجاتهم من تاجر حبوب يهودي اسمه "مردخاي بن إبراهيم بن موشى"… وأثناء مفاوضات البيع والشراء سألهم اليهودي تاجر الحبوب (من أين أنتم؟) فأبلغوه أنهم من قبيلة (عنزة… فخذ المساليخ) وما كاد يسمع بهذا الاسم حتّى أخذ يعانق كل واحد منهم ويضمه إلى صدره ـ في عملية تمثيلية ـ قائلا: (انّه هو أيضاً من المساليخ لكنه جاء للعراق منذ مدة واستقر به المطاف في البصرة لأسباب خصام وقعت بين والده وأفراد قبيلة عنزة)،
وما أن خلص من سرد اكذوبته هذه حتّى أمر خدمه بتحميل جميع إبل أفراد العشيرة بالقمح والتمر والتمن "أي الرز العراقي" فطارت عقول المساليخ "لهذا الكرم" وسرّوا سرورا عظيما لوجود (ابن عم لهم) في العراق ـ بلاد الخير والقمح والتمر والتمن!.. وقد صدّق المساليخ قول اليهودي أنه (ابن عم لهم) خاصة وانه تاجر حبوب القمح والتمر والتمن!.. ومما أحوج البدو الجياع إلى ابن عم في العراق لديه ـ تمر وقمح وتمن ـ حتّى ولو كان من بني صهيون.. ثم ومالهم واصله!
(فالاصل ما قد حصل!) وما حصل هو التمر والقمح والتمن… وما أن عزم ركب المساليخ للرحيل حتّى طلب منهم اليهودي ـ مردخاي ـ ابن العم ـ المزعوم ـ أن يرافقهم إلى بلاده المزعومة (نجد) فرحب به الركب احسن ترحيب … وهكذا وصل اليهودي ـ مرد خاي ـ إلى نجد، ومعه ركب المساليخ…
حيث عمل لنفسه الكثير من الدعاية عن طريقهم على أساس انّه ابن عم لهم، أو أنهم قد تظاهروا بذلك من أجل الارتزاق، كما يتظاهر الآن بعض المرتزقة خلف الامراء، وفي نجد، جمع اليهودي بعض الانصار الجدد إلا أنه من ناحية أخرى وجد مضايقة من عدد كبير من أبناء نجد يقود حملة المضايقة تلك الشيخ صالح السليمان العبد الله التميمي من مشايخ الدين في القصيم ـ وكان يتنقل بين الاقطار النجدية والحجاز واليمن مما اضطر اليهودي ـ مرد خاي ـ إلى مغادرة القصيم والعارض إلى الاحساء، وهناك حرّف اسمه قليلا ـ مرد خاي ـ ليصح (مرخان) بن إبراهيم بن موسى..
ثم انتقل إلى مكان قرب القطيف اسمه الآن ( ام الساهك) فأطلق عليه اسم (الدرعية ) وكان قصد ـ مردخاي ـ بن إبراهيم بن موشى اليهودي ـ من تسمية هذه الأرض العربية باسم الدرعية، التفاخر بمناسبة هزيمة النبي محمد والاستيلاء على درع اشتراه اليهود ـ بني القينقاع ـ من أحد أعداء العرب الذين حاربوا الرسول العربي محمد بن عبد الله في معركة أحد ـ وانهزم فيها جيش محمد بسبب خيانة ذوي النفوس الرديئة الذين فضلوا الغنائم على انتصار الحق وخانوا واجبهم بينما هرعوا لاقتسام الاسلاب تاركين مركز الاستطلاع الذي وضعهم فيه محمد، فاستغل ذلك خالد بن الوليد وكان لا زال مع طغاة قريش ضد محمد فاعاد خالد بن الوليد الكرة ضد النبي محمد وجنده دون اعطائهم المجال للتمتع بنصرهم، فكانت تلك الهزيمة التاريخية الشنعاء…
بعد هذه المعركة ـ معركة أحد ـ أخذ أحد أعداء النبي العربي (درع) أحد شهداء المعركة.. وباعه ـ لبني القينقاع ـ يهود المدينة ـ زاعما أنه درع النبي العربي محمد بن عبد الله … وبمناسبة استيلاء بني القينقاع على الدرع القديم تمسك جد آل سعود اليهود ـ مرد خاي بن إبراهيم بن موشى، وفي ذلك ما يعتبره اليهود نصرا لهم ـ لكونهم اشتروا الدرع ـ المزعوم ـ لمحمد بن عبد الله بعد هزيمته في معركة (أحد) التي كان اليهود وراءها …
وهكذا جاء اليهودي (مردخاي إبراهيم موسى) إلى (أم الساهك) بالقرب من القطيف ليبني له عاصمة يطل من خلالها على الخليج العربي ـ وتكون بداية لإنشاء "مملكة بني إسرائيل" من الفرات إلى النيل … وفي (أم الساهك) أقام لنفسه مدينة باسم (الدرعية) نسبة إلى الدرع المزعوم، تيمنا بهزيمة النبي العربي.. وبعد ذلك، عمل مرد خاي على الاتصال بالبادية لتدعيم مركزه… إلى حد أنه نصب نفسه عليهم ملكاً… لكن قبيلة العجمان متعاونة مع بني هاجر وبني خالد أدركت بوادر الجريمة اليهودية فدكت هذه القرية من أساسها ونهبتها بعد أن اكتشفت شخصية هذا اليهودي مرد خاي بن إبراهيم بن موشى الذي أراد أن يحكم العرب لا ـ كحاكم ـ عادي بل كملك أيضاً … وحاول العجمان ـ قتل اليهودي مرد خاي، لكنه نجا من عقابهم هاربا مع عدد من أتباعه باتجاه نجد مرة ثانية حتّى وصل إلى أرض اسمها (المليبيد ـ وغصيّبه) قرب ـ العارض ـ المسماة بالرياض الآن ـ فطلب الجيرة من صاحب الأرض ـ فآواه وأجاره كما هي عادة كل إنسان شهم… لكن اليهودي مرد خاي إبراهيم بن موشى لم ينتظر أكثر من شهر حتّى قتل صاحب الأرض وعائلته غدرا ـ ثم أطلق على أرض المليبيد وغصيبة اسم (الدرعية) مرة أخرى!… وقد كتب بعض نقلة التاريخ ـ نقلا عن كتاب مأجورين أو مغفلين ـ زاعمين أن اسم الدرعية يشتق من اسم علي بن درع صاحب ارض ـ حجر والجزعه ـ قائلين: أنه من عشيرة مرد خاي وان ابن درع قد أعطاه الأرض فسميت بأرض الدرعية فيما بعد … لكنه لا صحة لكل ما كتبوا إطلاقا… فصاحب الأرض الذي أجار اليهودي: مرد خاي إبراهيم بن موشى، وغدر به اليهودي وقتله اسمه (عبد الله بن حجر)… وبعد ذلك عاد مردخاي جد هذه العائلة السعودية ففتح له مضافة ـ في هذه الأرض المغتصبة المسماة "بالدرعية". واعتنق الإسلام ـ تضليلا ـ و ـ اسما ـ لغاية في نفس اليهودي مردخاي، وكوّن طبقة من تجار الدين أخذوا ينشرون حوله الدعايات الكاذبة وكتبوا عنه زاعمين أنه (من العرب العربي) كما كتبوا زاعمين ( أنه قد هرب مع والده إلى العراق خوفا من قبيلة عنزة عندما قتل والده أحد أفرادها فهدوده بالانتقام منه ومن ابنه فغير اسمه واسم ابنه وهرب مع عائلته إلى العراق) والحقيقة، أنه لا صحة لهذا، بل ان هذه الأقوال نفسها ما يثبت كذبهم… وقد ساعد على تغطية تصرفات هذا اليهودي غياب الشيخ صالح السليمان العبد الله التميمي الذي كان من أشد الذين لاحقوا هذا اليهودي وقد اغتاله مرد خاي ـ أثناء ركوعه في صلاة العصر بالمسجد في بلدة الزلفي … ومن بعدها عاش مرد خاي مدة في "المليبيد وغصيبه" الذي اطلق عليها اسم ـ الدرعية ـ فيما بعد نسبة إلى اسم الدرع المزعوم للرسول كما قلنا، فعمّر الدرعية وأخذ يتزوج بكثرة من النساء والجواري وانجب عدداً من الأولاد فأخذ يسميهم بالأسماء العربية المحلية، ولم يقف مرد خاي وذريته عند هذا، بل ساروا للسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد العربية كلها بالغدر والاغتيالات والقتال حينا، وبالاغراءات وبذل الأموال وشراء المزارع والأراضي والارقاء والضمائر وتقديم النساء ـ الجواري ـ والأموال لاصحاب الجاه والنفوذ ولكل من يكتب عن تاريخهم ويزيف التاريخ بقدر الإمكان "ليجعلهم من ذرية النبي العربي" ويجعلهم من نسل عدنان حينا وحينا من نسل "قحطان"… هكذا كتب الكتاب عنهم وتنافسوا في تزوير تاريخهم ونسب عض المؤرخين الاجراء تاريخ جد هذه العائلة السعودية ـ مرد خاي إبراهيم موسى اليهودي ـ إلى "ربيعة" وقبيلة "عنزة" وعشيرة المساليخ ـ حتّى ان الافّاق … "مدير مكتبات المملكة السعودية" المدعو محمد أمين التميمي ـ قد وضع شجرة لآل سعود وآل عبد الوهاب ـ آل الشيخ ـ ادمجهم: معا في شجرة واحدة زاعما انهم من اصل النبي العربي (محمد) بعد أن قبض هذا المؤرخ اللئيم مبلغ 35 ألف جنيه مصري عام 1362 هـ 1943 م من السفير السعودي في القاهرة عبد الله إبراهيم الفضل، والمعروف أن هذا المؤرخ الزائف محمد التميمي هو الذي وضع شجرة الملك فاروق ـ البولوني ـ الذي طردته ثورة 23 يوليو 1952 من مصر العربية زاعما هو الآخر بأنه من ذرية النبي العربي وأن أصله النبوي جاء من ناحية أمه… وكما قلت مرارا أن الاصل لا يهم في شئ على الاطلاق بقدر ما يهم تزييف الاصل… خاصة اذا كان القصد من ذلك تبرير استعباد شعوب بكاملها لاسرة فاسدة دخيلة... وفي آخر صفحات الكتاب سيجد القارئ صورة لشجرة العائلة السعودية الوهابية المشتركة، وفيها يسلّط الضوء على الاصول اليهودية لآل سعود. … نعود الآن من حيث بدأنا الحديث عن اليهودي الأول مردخاي إبراهيم بن موشى إلى الايضاح التالي: لقد أخذ يتزوج من بنات العرب بكثرة وينجب بكثرة ويسمي بالأسماء العربية كلها كما هي حال ذريته الآن … ومن أولاده "الناجحين" ابنه الذي جاء معه من البصرة واسمه ـ ماك رن ـ الذي عرّب اسمه بعض الشئ فحوره إلى (المقرن) نسبة ـ الاقتران ـ نسب مرد خاي بنسب عشيرة المساليخ من عنزة …، وانجب هذا (المقرن) ولدا أسماه (محمد ثم (سعود) .. وهو الاسم الذي عرفت به عائلة ـ آل سعود ـ متناسية أسماء آبائها الاوائل الذين أهملت التسمّي بهم خشية تذكير الكثير من الناس بأصلها اليهودي، فاسم سعود هو اسم ـ محلي ـ شائع في نجد قبل وجود آل سعود … ثم بعد ذلك انجب سعود الذي عرفت به هذه العائلة ـ عدداً من الابناء ـ منهم: مشاري، وثنيان ثم (محمد).. ومن هنا يبدأ الفصل الثاني من تاريخ العائلة اليهودية ـ التي اصبح اسمها آل سعود… بقي محمد بن سعود في قرية (الدرعية) المغتصبة، وهي قرية لا تتجاوز الثلاث كيلو مترات مريعة، فاطلق على نفسه لقب (الامام محمد بن سعود) وهنا التقى "الامام بإمام" آخر اسمه محمد بن عبد الوهاب الذي عرف بالدعوة "الوهابية"… شركة الامامين! ولذلك لابد لنا من التعريف بمحمد بن عبد الوهاب الذي التصق وما زال اسمه واسم عائلته ودعوته الفاسدة باسم (العائلة المرد خائية) العائلة السعودية فيما بعد… يؤكد بعض الشيوخ النجديين وكذلك المصادر التي سيجدها القارئ في هذا الكتاب أن محمد بن عبد الوهاب هو الآخر ينحدر من اسرة يهودية كانت من يهود الدونمة في تركيا التي اندست في الإسلام بقصد الاساءة إليه والهروب من ملاحقة بطش بعض السلاطين العثمانيين، ومن المؤكد أن "شولمان" أو سليمان جد ما سمي ـ فيما بعد ـ باسم محمد بن عبد الوهاب مثلما سمي جون فيلبي باسم محمد بن عبد الله فيلبي، ومن ثم أصبح اسمه الحاج الشيخ عبد الله فيلبي ـ خرج ـ شولمان ـ أو سليمان ـ من بلدة اسمها (بورصة) في تركيا، وكان اسمه شولمان قرقوزي، وقرقوزي بالتركي معناها (البطيخ)..
فقد كان ـ هذا ـ تاجرا معروفا للبطيخ في بلدة ـ بورصة ـ التركية، الا أن مهنة البطيخ والمتاجرة به لم تناسبه فرأى أن يتاجر بالدين ففي الدين تجارة أربح لأمثاله من تجارة البطيخ لدى الحكام الطغاة ـ لأن تجارة الدين ليست بحاجة إلى رأسمال سوى: (عمامة جليلة، ولحية طويلة، وشوارب حليقة أو قليلة، وعصا ثقيلة، وفتاوى باطلة هزيلة) وهكذا خرج شولمان بطيخ ومعه زوجته من بلدته بورصة في تركيا إلى الشام ـ وأصبح اسمه سليمان ـ واستقر في ضاحية من ضواحي دمشق هي (دوما) استقر بها يتاجر بالدين لا بالبطيخ هذه المرة.. لكن أهالي سوريا كشفوا قصده الباطل ورفضوا تجارته فربطوا قدميه وضربوه ضربا أليما، وبعد عشرة أيام فلت من رباطه وهرب إلى مصر، وما هي الا مدة وجيزة حتّى طرده أهالي مصر… فسار إلى الحجاز واستقر في مكة، وأخذ يشعوذ فيها باسم الدين لكن أهالي مكة طردوه أيضا وراح للمدينة "المنورة" لكنهم أيضاً طردوه… كل ذلك في مدة لا تتجاوز الأربع سنوات، فغادر إلى نجد واستقر في بلدة اسمها (العيينة) وهناك وجد مجالا خصبا للشعوذة فاستقر به الامر وادعى (أنه من سلالة "ربيعة" وانه سافر به والده صغيرا إلى المغرب العربي وولد هناك)… وفي بلدة العيينة انجب ابنه الذي سماه "عبد الوهاب بن سليمان" وانجب ـ هذا العبد الوهاب ـ عدداً من الأولاد ـ احدهم كان ما عرف باسم "محمد" أي محمد بن عبد الوهاب!..
وهكذا سار محمد بن عبد الوهاب على نهج والده عبد الوهاب وجده سليمان قرقوزي في الدجل والشعوذة… فطورد من نجد وسافر إلى العراق، وطورد من العراق وسافر إلى مصر وطورد من مصر وسافر إلى الشام، وطورد من الشام وعاد إلى حيث بدأ… عاد إلى العيينة… إلا أنه اصطدم بحاكم العيينة عثمان بن معمر ـ آنذاك ـ فوضعه عثمان تحت الرقابة المشددة ـ لكنه افلت وسافر إلى الدرعية، وهناك التقى (بحاكم الثلاث كيلو مترات) اليهودي "محمد بن سعود" ـ الذي أصبح اميرا اماما ـ فوافق الحذاء القدم، وتعاقد الاثنان على المتاجرة بالدين… وكان الاتفاق كالآتي: 1 ـ الطرف الأول محمد بن سعود: أن يكون "لأمير المؤمنين محمد بن سعود" وذريته من بعده السلطة الزمنية ـ أي الحكم. 2 ـ الطرف الثاني محمد بن عبد الوهاب: أن يكون "للإمام" محمد بن عبد الوهاب وذريته من بعده السلطة الدينية ـ أي الإفتاء بتكفير وقتل كل من لا يسير للقتال معنا ولا يدفع ما لديه من مال، وقتل كافة الرافضين لدعوتنا والاستيلاء على أموالهم… وهكذا تمت الصفقة… وبدأت المشاركة… وسمي الطرف الأول محمد بن آل مرد خاي باسم (امام المسلمين) وسمي الطرف الثاني باسم (امام الدعوة)… وكانت تلك هي البداية الثانية واللعينة في تاريخنا … حينما اتفق الطرف الأول محمد بن سعود اليهودي مع الطرف الثاني محمد عبد الوهاب قرقوزي. وسارت شركتهما على هذا النحو الفاسد. وكانت بداية أعمالهما الإجرامية تلك إرسال شخص مرتزق إلى حاكم "الرياض" قرية العارض آنذاك (ادهام بن دّواس) لاغتياله. فاغتالوه، وبذلك استولوا على العارض، ثم ارسلوا بعض المرتزقة ومنهم حمد بن راشد وإبراهيم بن زيد إلى (عثمان بن معمر) حاكم بلدة العيينة فاغتالوه أثناء أدائه لصلاة الجمعة… وقد جاء في الصفحة 97 من كتاب أصدره آل سعود وآل الشيخ بعنوان (تاريخ نجد) نقله عن رسائل محمد بن عبد الوهاب الشيخ حسين بن غنام واشرف على طباعته عبد العزيز بن مفتي "الديار السعودية" بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ. وهو من سلالة الشيخ عبد الوهاب.
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ان عثمان بن معمر مشرك كافر، فلما تحقق هل الإسلام من ذلك تعاهدوا على قتله بعد انتهائه من صلاة الجمعة لمقتله جاء محمد بن عبد الوهاب إلى العيينة فعين عليهم مشاري بن معمر وهو من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب) هكذا قال آل سعود وآل الشيخ في كتابهم..
نقلا عن رسالة كتبها الشيخ محمد بن عبد الوهاب… ولست أعرف كيف يكون حاكم العيينة (مشرك كافر وهو مقتول في مصلاه بالمسجد ويوم الجمعة!!) … كذا … ألم تر ـ أن عثمان آل معمّر ـ اغتاله محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود ـ لانه كان يعبد ربا خلاف رب اليهود الرب الافاك السفاك محمد بن عبد الوهاب وشريكه محمد بن سعود اليهودي؟… وفي الصفحات 98 و99 و100 و101 من نفس الكتاب المذكور يوضح محمد بن عبد الوهاب أن جميع أهل نجد دون استثناء (كفرة تباح دماؤهم ونساؤهم وممتلكاتهم والمسلم هو من آمن بالسنة التي يسير عليها محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود) لكن أهالي العيينة لم يصبروا على ظلم محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، فثاروا عليهما ثورة رجل واحد، الا أن الظلم السعودي قد انتصر على الحق فدمر ـ بلدتهم ـ العيينة ـ تدميرا شاملا عن آخرها… هدموا الجدران وردموا الآبار وأحرقوا الاشجار واعتدوا على أعراض النساء، وبقروا بطون الحوامل منهن وقطعوا أيادي الاطفال واحرقوهم بالنار، وسرقوا المواشي، وكل ما في البيوت وقتلوا كل الرجال… كانت مساحة بلدة العيينة تبلغ ( 40 كيلو متراً) غاصة بالسكان متراصة المساكن، إلى حد أن النساء كن في أيام الافراح والاعياد والمناسبات الشعبية يتبادلن التهاني والاحاديث والأخبار من طيق البيوت والنوافذ وما تلبث هذه التهاني والمعلومات والاخبار إلا أن تعم كافة انحاء البلدة بسرعة لا تتجاوز الساعة نظرا لاحتشادها بالسكان ولكن المرتزقة من جند شركة (م.م) محمد بن سعود اليهودي ومحمد بن عبد الوهاب قرقوزي الذي أكد الكثير يهوديته، قد جعلوا من بلدة العيينة قاعا صفصفا خرابا ترابا، وكانوا يريدون بجرمهم الصهيوني هذا ايقاع الرعب في نفوس سكان بقية البلدان الاخرى.
ليسهل استيلاؤهم عليها، وهكذا بقيت العيينة ولا زالت خرابا منذ عام 1163 هـ حتّى يومنا هذا… وهكذا فعلوا بكل سكان الجزيرة العربية.. وليس هذا الجرم الصهيوني السعودي هو المضحك المبكي فقط، وانما المضحك المبكي أيضاً هو أن محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود قد كتبا كذبا لا تصدقه حتّى عقول الاطفال ولا زال في كتبهما الصفراء واسطورتهما الكاذبة لا زالت يعرفها ابناء شعبنا في نجد وتدرس أيضاً في المدارس تبريراً من آل سعود وآل الشيخ لافناء بلدة العيينة بكاملها، حينما قال محمد بن عبد الوهاب (ان الله سبحانه وتعالى قد صب غضبه على العيينة وأهلها وافناهم تطهيرا لذنبوهم وغضبا على ما قاله حاكم العيينة عثمان بن معمر، فقد قيل لحاكم العيينة بأن الجراد آت إلى بلادنا ونحن نخشى من أن يأكل الجراد زراعتنا، فأجاب حاكم العيينة قائلا ساخرا من الجراد:
سنخرج على الجراد دجاجنا فتأكله، وبهذا غضب الله سبحانه لسخرية الحاكم بالجراد آية من آيات الله لا يجوز السخرية منها، ولهذا أرسل الله الجراد على بلدة العيينة فأهلكها عن آخرها!) هكذا زعم آل سعود وتجار دينهم في كتبهم الصفراء القذرة ان الجراد هو الذي أكل العيينة مستهترين بعقول القراء والشهود والمستمعين.. كيف يأكل الجراد الجدران والرجال؟! ويأخذ ما تبقى رقيقا! ويهدم الآبار ويعتدي "الجراد" على النساء ويبقر بطون الحوامل منهن! ويأخذ البقية ليفسق بهن!!… أهذه الجرائم تفعلها حشرة الجراد؟!. الجراد التي تتمنى الغالبية العظمى من شعبنا أن تراه وتنتظر مواسمه بفارغ الصبر لتعيش منه وتختزن منه ما أمكن لتقتات طيلة العام بهذا المخزون لعدم وجود ما تقتات به.. الهم إلاّ الاعشاب.. ثم يصبح الجراد بعد ذلك "آية يرسلها الله" غضبا.
من ابن معمر!.. يا لهم من طغاة حكموا شعبنا بالخرافات، ودعوة للكفر بالله وآياته وبتلك المخلوقات البشرية الراضخة لحكم الحيوانات الناطقة..
ونرجو ممن يقرا هذا التاريخ الإجرامي أن يقارن بين جرائم السعودية الوهابية اليهودية وبين ما فعله الصهاينة في دير ياسين وبقية فلسطين، والمناطق العربية. أن ما فعله آل سعود في الجزيرة العربية لأقذر مما فعله ابناء عم الصهاينة في فلسطين. الا أن العصابات الصهيونية في فلسطين لم تتمكن من شراء سكوت الملوك والرؤساء والنواب والكتاب ولم تتمكن من شراء وسائل الأعلام لطمر تاريخ صهاينة فلسطين كما تمكن صهاينة الجزيرة العربية، من شراء الصمت المأجور أولا وأخيراً لصحافة واعلام وضمائر الجيران والاشقاء والاشقياء معا حتّى سارت واستشرت الفتنة السعودية الوهابية التي أطلقوا عليها اسم (دعوة التوحيد لدين الله) والله منها براء!..
سارت بقيادة محمد بن سعود اليهودي وتشريع محمد بن عبد الوهاب ـ ابن عمه ـ سارت تفتك بالناس وتسلب الاموال وتعتدي على أعراض النساء وتبقر بطول الحوامل، وتقتل الاطفال وتأخذ ما تبقى من الاحياء سبايا تسترقهم.. كل ذلك باسم الدين والدين الصحيح منها براء.
فثار أهالي نجد لمقاومتها، قاومها أهالي العارض الذين كانوا أول من حاربهم محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب وقتلوا الكثير منهم كما قتلوا حاكمهم ادهام بن دواس بحجة أنهم "كفرة". قاومها أهالي بريدة وعنيزة وشقرا ووشيقر والزُّلفي والرس ووادي الدواسر وسدير والمجمعة. وقاومتها كل مناطق القصم والسر الوشيم وحائل ووقف كل رجال الدين الصالحين بوجهها ووقف الشعراء الذين هم أجهزة الاعلام والدعاية في ذلك الوقت وثارت ضدها معظم القبائل. ولكن الدعوة السعودية نجحت.. نجحت لأن أموال اليهود وتخطيطاتهم كانت تدعمها، ونجحت لتفكك البلدان داخل الجزيرة السعودية الوهابية، وبدأ شعراء نجد في محاربتها، من هؤلاء الشعراء شاعر شهير في كل أنحاء نجد اسمه حميدان الشويعر. قال قصيدة شعبية كان لها أثرها في نفوس المواطنين في أنحاء نجد، ورغم مضي أكثر من (164 عاما) عليها إلا أنه لا زال يوجد الكثير من أبناء نجد يحفظون أبياتها أو بعض الابيات هذه وخاصة مطلعها، وقد دفع الشاعر حياته من أجل هذه القصيدة الثورية الشهيرة فاغتالاه محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب متفقين من أجلها… اغتالا حميدان الشويعر (بالسم) الذي دسه أحد عملاء هاتين الاسرتين له في رغيف، واسم هذا العميل سعد الجعيشن، الذي عزم الشاعر حميدان الشويعر ـ فاغتاله، وكان الشاعر الشعبي الكبير حميدان الشويعر قد وصف في تلك القصيدة أصل آل سعود اليهودي ومجئ جدهم من البصرة ووصف أصل محمد بن عبد الوهاب ومجيئه من بلدة بورصة في تركيا، ودجله باسم الدين، وكان هناك (جبل عوصاء) ويقع بالقرب من بلدته شقراء في أواسط نجد، وكان في هذا الجبل ذئاب مسعورة تأكل الحيوانات والبشر، وكان الشاعر حميدان الشويعر يذهب إلى هذا الجبل باستمرار ليستوحي هذا الشاعر الساخر الثائر من مرتفعات هذا الجبل شعره الشعبي المثير الذي ما أن يقوله حتّى تتردد أصداؤه بين الناس. وذات يوم نصحه أصدقاؤه بأن لا يذهب إلى (عوصاء) خوفا عليه من الذئاب المسعورة، ومن هذه النصيحة استوحى شاعرنا قصيدته الشهيرة معبرا فيها عما يجيش في صدره من حقائق منتقدا ما ينصحه به الاصدقاء خوفا عليه من الذئاب المسعورة!!
قائلا ما معناه (انّه لا يخشى هذه الذئاب الوحشية وانما يخشى الذئاب الآدمية اليهودية، أما الذئاب الوحشية فمسكينة ـ هذه الذئاب ـ انها مظلومة! ، ودائما ما يظلمها البشر من تاريخ السيد يوسف ابن يعقوب حتّى هذا التاريخ: فعندما قذف ـ أخوة ـ يوسف أخاهم يوسف في غياهب البئر أتوا إلى أباهم عشاء يبكون بدمع كاذب وقالوا: "ان ذهبنا نلعب وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب!"
وها أنتم الان تتهمون ذئابا متوحشة في جبل عوصاء زاعمين أنها أكثر وحشية من محمد بن عبد الوهاب وآل سعود. وأن هذه الذئاب تأكل البشر. أنا لا أخشى هذه الذئاب الوحشية وانما أخشى الذئاب البشرية السعودية الوهابية، أخشى "عود" أي ـ (شيخ) في قرية الدرعية يقول ـ الحق ـ ولكنه يفعل الباطل ـ يزعم أنه يحكم باسم القرآن ويرتكب أبشع المنكرات باسم القرآن نفسه: أخشى هذا المجرم الذي جعل "هذا يذبح هذا" جعل الاخ يذبح أخاه وهو جالس ""على زوليته" أي على سجادته يسبح!. والبلاد سابحة بالدم. ومن أجل من يذبح العرب المؤمنين بعضهم بعضا؟!. من أجل الشيطان الرجيم دون شك.. من أجل محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود. من أجل تمكين الحكم الملكي السعودي الوهابي اليهودي البغيض) هذه هي ترجمة القصيدة. وها هي القصيدة الشعبية التي فقد من أجلها الشاعر الشعبي الكبير حميدان الشويعر حياته ـ شهيدا ـ على أيدي محمد بن سعود الأول القينقاعي وشريكه محمد بن عبد الوهاب: الاصل السعودي في قصيدة الشاعر الشعبي الكبير حميدان الشويعر ما همنّ ذيب في عوصا همنّ عود في الدرعية ما أخشى ذيب في عوصا أخشى شيخ في الدرعية قوله حق وفعله باطل! واسلاحه كتب مطوية خلّى هذا يذبح هذا وهو جالس في الزولية يدعو باسم دين امحمد وأفعاله كفر وأذية يبرأ منها دين امحمد أعماله الشيطانية واظنه بمحمد يعني امحمد الوهابية يقول أصله من تميم تميم (برصه) التركية! امحمد عبد الوهاب ومحمد السعودية هم طيزين في سروال ذياك ايشرّع ـ لذيّه تشاركوا باسم الدين واثنينهم حرامية أما امحمد ابن اسعود فمن اصول يهودية ابوه اصله مردخاي راعي الملة العبرية ضحك على بعض اعنزه وقال ان أمه مصلوخية وجابوه لنا من البصرة حتّى أوصوله الدرعية بزعمهم درع النبي شروه القينقاعية حط درعيه بالقطيف! ومن بعد صارت نجديه! وزعم انّه ارض أجداده وهي من شرّه بريّة جابوا لنا ابن اليهود الله لا يعيد ذيك الجيه وشرع ظلم باسم الدين وقال ذي شرعة سماوية شرع بني إسرائيل في أراضينا النجدية زعم أنه شرع الله أو شريعة إسلامية وقال ان قوله قرآن وأحاديثه نبوية وانه من الله مرسول يخلف رسول البريّة وباسم الدين أصبح يقتلنا ويسرق أموال الرعية ودفع الدراهم (زيّن) له أصله وصول الذرية وجعل أصل أصل امحمد! وشجرتهم عدنانية! بعد هذا يا جماعة ما رضى نصايحكم ليه لا تنصحون احميدان من شر اذياب وحشيه مسكينة يذياب البر تتهم بأعمال ردية من عهد سيدنا يوسف والتهمة فوقه مرمية أذياب البر ما نخشاها ولا وحوش البرّية نخشى أذياب اليهود الذئاب الادمية بني إسرائيل أخشاهم أحقادهم خيبرية أخشى أن يحكم في نجد أسرة بغي يهودية تشرع شريعة زواج فيها الامير يركب خيه والاخت ينكحها أخوها باسم الاصول المرعية زواجهم بالآلاف زواج بلا شرعية وبموجب هذه القصيدة اغتيل حميدان الشويعر.. اغتاله محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود.. لكن هذه القصيدة بقيت كشاهد اثبات على جرائم اليهود الذين تلبسوا الإسلام لتدميره.. وفي الوقت نفيسه بقيت هذه القصيدة للتشهد بعض كفاح شعبنا كله للدعوة السعودية الوهابية منذ بدأ قيامها الباطل وكانت قبائلنا مع الحضر تقاتل بشدة آل سعود ودعوتهم الخبيثة وكان في طليعة القبائل التي قاومت آل سعود ودينهم الباطل قبائل العجمان وبني خالد وعتيبة وشمر وقحطان والدواسر وبني يام ومطير وحرب وبني مره وبني خالد وبني هاجر وغيرهم. آل سعود يقطعون الرؤوس البشرية ويقدمونها مع الطعام وقد روى حافظ وهبه المستشار السعودي في كتابه (جزيرة العرب) عن الطاغية الملك عبد العزيز الأخير المتوفى سنة 1953 فقال: (قال عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود "لقد قاومت دعوتنا كل القبائل أثناء قيامها وكان جدي سعود الأول قد سجن عدداً من شيوخ قبيلة مطير فجاءه عدد آخر من القبيلة يتوسطون بإطلاقهم ولكن سعود الأول قد أمر بقطع رؤوس السجناء ثم أحضر العداء ووضع الرؤوس فوق الاكل وطلب من أبناء عمهم الذين جاؤوا للشفاعة لهم أن يأكلون من هذه المائدة التي وضعت عليها رؤوس أبناء عمهم و.. لما رفضوا الاكل أمر سعود الأول بقتلهم!.) ويقول حافظ وهبه في كتابه جزيرة العرب في القرن العشرين (لقد قص هذه القصة الملك عبد العزيز على شيوخ قبيلة مطير الذين جاؤوا للاستشفاع في زعيمهم فيصل الدويش قبل ان يقتله عبد العزيز ليبين لهم أن عبد العزيز سيقتلهم أيضاً إذا لم يمتنعوا عن طلب الشفاعة لزعيمهم فيصل الدويش).. بعد هذه المقدمة الدالة على أصله اليهودي ووحشيته أمر الملك الطاغية عبد العزيز ـ بقتل فيصل الدويش ـ وتوضأ بدمه ثم قام لاداء الصلاة!. لماذا؟.. لأن فيصل الدويش قد استيقظ ضميره أخيرا وانقلب عليه بعد أن رأى الدويش أن الملك الطاغية عبد العزيز كان لا يركع الا لأوامر الانكليز، واستيقظ الدويش بعد أن وقع عبد العزيز للإنكليز بإعطاء فلسطين لليهود في مؤتمر العقير عام 1922 مما سيأتي اثباته تاليا.. بهذا الاسلوب سارت الدعوة السعودية الوهابية من أول قيامها لا أهداف لها الا النهب والسلب والسرقة والكذب والدجل والفجور والفسوق كل ذلك باسم الدين، ولكني كما قلت عن شعبنا، انّه لم يقف منها موقف المتفرج، فقد قاومها في كل مكان. ثورة أبناء يام … ثورة أهل نجران والعجمان وبني خالد ففي عام 1178 هـ ـ 1765 م اتفق (أبناء يام) من أهال نجران وقبيلتي العجمان وبني خالد وتحالفوا على مقاومة الاحتلال السعودي، تحالفوا على سحق محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب في جحورهما، تحالف بني يام بأن يسيروا من نجران بقيادة السيد (حسن بن هبة الله) ويسير بني خالد والعجمان من الاحساء بقيادة حاكم الاحساء آنذاك (عرعر الخالدي) وتواعد الجميع على الزحف على الدرعية من نجران والاحساء للقضاء على محمد بن سعود اليهودي وابن عمه محمد بن عبد الوهاب وحصد دعوتهما في مهدها الدرعية، وبالفعل سارت جموع بني يام من نجران والاحساء ولكن السيد حسن هبة الله قد وصل بأهالي نجران إلى ضواحي الدرعية قبل وصول العجمان وبني خالد وتمكن أهالي نجران وحدهم من سحق الجند السعودي الوهابي الباطل شرّ سحقة وأسروا الاحياء منهم واختفى محمد بن سعود وكاد ينتهي أظلم وأقذر حكم دخيل في جزيرة العرب على أيدي أهالي نجران الابطال.
لو لم يلجأ محمد بن عبد الوهاب للمكر والخداع..
محمد بن عبد الوهاب يشهد ببطلان دعوته في وثيقة وقعها امام أهالي نجران والعجمان لقد كاد يقضى على حكم الدخلاء لو لم يخرج محمد بن عبد الوهاب رافعا راية الصلح على (أن يقف أهالي نجران عند حدهم ويمتنعوا من دخول الدرعية وأن يسلموا ما تحت أيديهم من الاسرى السعوديين ويتعهد كل من محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود بدفع عشرة آلاف جنيه ذهب كتعويض لاهالي نجران عن رحلتهم هذه وأن لا يتعدى محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب حدود الدرعية وأن لا يرفعا راية هذه الدعوة السعودية الباطلة مرة أخرى وقد شهد محمد بن عبد الوهاب ببطلان دعوته أمام أهالي نجران) وهكذا جرى الاتفاق حرفيا بين أبناء يام ومحمد بن عبد الوهاب معترفا في آخر جملة من الاتفاقية ببطلان دعوته أمام أهالي نجران.. اتفق محمد بن عبد الوهاب نيابة عن محمد بن سعود مع أهل نجران الشجعان على ذلك. وما أن وصلت جموع قبائل العجمان وبني خالد من الاحساء بقيادة عرعر الخالدي حتّى فوجئوا بهذا الصلح غير المرضي للعجمان وبني خالد لكنهم اضطروا لقبوله تمشيا مع ما اتخذه ابناء عمهم من بني يام من نجران. وهكذا فشلت أول خطة ثورية رمزت إلى قوة الاتحاد بين جنوب الجزيرة وشرقها، ولم يكن سبب فشلها الا التصرفات الفردية للشيخ حسين بن هبة الله!. ولولا ذلك لقضي على الوجود السعودي الوهابي. حدثت هذه الخطة الثورية في سنة 1178 هـ الموافق 1765 م رغم ما أحدثه محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب من رعب في قلوب المواطنين حيث لم يتمكنا من الخروج لمبارزة أهالي نجران والعجمان وبني خالد الذين أوقعوا الرعب في قلب اليهودي محمد بن سعود وأصيب باسهال ومرض مرضا شديدا من جراء ما انتابه من رعب شديد حينما شاهد (أبناء يام) يحاصرون الدرعية بعد سحقهم للجند السعودي. وقد تسبب ذلك في وفاة محمد بن سعود من جراء المرض الذي أصابه من هذا الحادث ومات لسبعة أشهر من ذلك الحادث وذلك في عام 1179 هـ ـ 1766 م وهكذا توفي (الامام) محمد بن سعود المؤسس الثاني لدولة آل سعود الخبيثة، وكان المؤسس الأول مردخاي ـ أو مرخان كما قلنا، وبقي الطرف الثاني والشريك محمد بن عبد الوهاب، يدير شركتهما المحدودة وحيدا لتقتيل الآمنين باسم الدين، ولكن أكبر أولاد ـ محمد بن سعود ـ وهو عبد العزيز بن محمد بن سعود ـ قد تمكن من تولي منصب والده محمد بن سعود والسير في (خطة أبيه الأول) في عدم فسخ الشراكة وتأييد فتاوى محمد بن عبد الوهاب شيخ الدعوة الباطلة للشعوذة والحكم الوراثي رافعين راية الباطل لقتل المؤمنين "باسم الله" والله منهم ومن دعوتهم براء، وكان عبد العزيز بن محمد بن سعود قد تزوج ابنة محمد بن عبد الوهاب، وامتزج النسب الباطل ببعضه أكثر من ذي قبل..
وما ان ازداد محمد بن عبد الوهاب قوة حتّى قام بالاتصال بيهود نجران طالبا دعمه ماليا ثم أثارهم ضد الشعب في نجران.. ثم أمر محمد بن عبد الوهاب جده بمواصلة غزواتهم على البلدان المجاورة في نجد وأخذ شعبنا يقاوم ببسالة هذه الدعوة الباطلة، لكن الباطل السعودي كان أقوى على حق الشعب المغلوب ويرجع ذلك لسببين:
الياهو كوهين يدعم محمد بن عبد الوهاب السبب الأول: هو دعم اليهود في العراق عن طريق تاجر يهودي يدعى الياهو كوهين ساسون ـ لمحمد بن عبد الوهاب وشركاه آل سعود. والسبب الثاني: هو تفكك الشعب.. فاحتلوا القصيم ومعظم أقطار نجد، ثم احتلوا الاحساء في عام 1208 هـ بعد مقامة طويلة من شعبنا، فقتل آل سعود و محمد بن عبد الوهاب عدداً من شيوخ بني خالد والعجمان، وفي الاحساء المطلة على شواطئ الخليج العربي اجتمع عبد العزيز بن محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب باثنين من رسل المخابرات الانكليز عاقدين الاتفاق معهم ضد شعبنا، واستمر دعم الانكليز لمحمد بن عبد الوهاب ونسيبه عبد العزيز بن محمد بن سعود وكانت زوجة عبد العزيز بن محمد بن سعود قد ولدت طفلا من ابنة خاله محمد بن عبد الوهاب… وباسم هذا الطفل واصل محمد بن عبد الوهاب زحفه إلى العراق بقيادة "ابن ابنته" واسمه "سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود" فاحتلوا كربلاء في عام 1216 هـ وهدموا مساجدها ومآذنها وهدموا قبة الحسين. وصادروا أموال المواطنين واعتدوا على نسائهم وأخذوهن سبايا وبقروا بطون الحوامل منهن ـ وهي طريقة سعودية معتادة ـ ثم عادوا إلى الحجاز فاحتلوا مكة وجدة في 17 محرم 1218 هـ وكانوا قبلها قد احتلوا جدة والمدينة المنورة، ولكن أبناء الحجاز ما لبثوا استعادوا الحجاز وطهروه من رجس الوهابية اليهودية السعودية، وفي 10 رجب 1218 هـ قام أحد الابطال ويدعى محمد بن ناجي اليامي بقتل (الامام) عبد العزيز بن محمد بن سعود بعدة طعنات من خنجره أودت بحياة عبد العزيز، وقد أشاع آل سعود بعد ذلك (أن أحد الأجانب الكفرة المشركين من كربلاء هو الذي اغتال عبد العزيز وهو في الصلاة انتقاما).. هكذا قال محمد بن عبد الوهاب … ولا نعلم كيف يبيح محمد بن عبد الوهاب وشركاه الاعتداء على الشعب في كربلاء ما دامت كربلاء أجنبية ولا يبيح الطغاة لابناء كربلاء رد العدوان بالقصاص؟. ان آل سعود لم يقفوا عند هدم قبة قبر النبي محمد بن عبد الله في المدينة وإنما أوقفوا بالقوة. لقد قتل عبد العزيز الأول لانه لا يقل اجراما عن حفيده الاخير الملك الطاغية عبد العزيز جرما وبطشا بالآمنين ودجلا باسم الدين والدين منهم براء. وبعد مقتل (الامام) عبد العزيز بن محمد بن سعود تولى من بعده ابنه سعود الأول (ابن بنت محمد بن عبد الوهاب ) ولكن الشعب أبى أن (يبايع سعود) وقاومه الشعب في العراق حتّى تحررت منه الاجزاء التي استولى عليها من العراق. وبقي يدعمه جده محمد بن عبد الوهاب بالفتاوى الباطلة وأموال اليهود والإنكليز واستمر حكمه الطاغي احدى عشر سنة من عام 1218 إلى 1299 هـ سار خلالها لاحتلال الحجاز مرة أخرى ثم سار لاحتلال الشام والعراق ورأس الخيمة في عمان ولكنه دحر في الشام والعراق وعمان ثم سار لاحتلال اليمن ووصل إلى زبيد ولكن شعبنا المكافح في اليمن دحره وقتل الكثير من جنده الفاسد وهرب مذعورا رغم دعم الانكليز واليهود له، وكانت عقلية سعود الأول سخيفة لا تشابهها إلاّ عقلية بعض أخلافه، لقد كان مغرورا بخيوله.. كان يحب الحريم والرقيق والخيول كان يدعمه الانكليز واليهود، كان لكل ولد من أولاده حرس خياله قدرهم (200) يضاف إلى ذلك عدد من الابل والحريم التي يختطفهن ويسلبهن من ذويهن ظلما وزورا.. وبهذه الطريقة احتل الحجاز مرة أخرى عام 1220 بعد مقاومة قاسية من أبناء الحجاز وراح يهدم في الاماكن المقدسة بحجة (أنه يخشى أن يعبدها الناس)!… وفرض على أبناء الحجاز أن يدرسوا رسائل جده محمد بن عبد الوهاب والكتب السخيفة التي وضعها آل الشيخ أي آل عبد الوهاب والوهابيين وبقي هذا الحكم السعودي يسوم الحجاز من عام 1220 حتّى عام 1228 هـ والاماكن المقدسة تلاقي من سعود وآله وتجار دينهم في السابق ما تلاقيه الآن من آل سعود وتجار دينهم الباطل.. جيش العروبة في معركة تحرير الجزيرة العربية وفي سنة 1220 هـ قام (سعود الأول) بعد أن احتل الحجاز بتعاون مع العثمانيين وارتكب أنواع الجرائم في الحجاز غير عابئ بقدسيتها، قام هذا المخبول بأعمال منكرة جدا، الا أنها مضحكة جدا، فقد منع على المصريين والسوريين والعراقيين أن يحجوا، بحجة أنه يخشى منهم وانه لا يعجبه اسلامهم. ففي سنة 1220 هـ قال الامير سعود الأول بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ـ لاميري الحج المصري والشامي: (ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها؟) "ويقصد بذلك المحمل المصري والمحمل الشامي" فأبلغه بقولهما: "ان هذه العويدات هي المحمل المصري والشامي! وهي قديمة جارية اتخذت لتجميع الناس والحجاج حولها متكتلين متحدين ضد قطاع الطرق ولصد العدوان"..
فأبلغ سعود أهالي مصر والشام قائلا: "انكم يا أهالي مصر والشام إذا فعلتم ذلك عبد هذا العام فاني أكسر المحمل الشامي والمصري، وأقتل جميع الحجاج، وكذلك شروط أخرى عليكم يا أهالي مصر والشام،
أولا ـ أن لا تلحقوا لحاكم، ثانيا ـ أن لا تذكروا الله بأصوات عالية، أو تنادوا بقولكم "يا محمد"، ثالثا ـ أن يدفع كل حاج منكم جزيه قدرها عشرة جنيهات من الذهب لجيبي الخاص، رابعاً ـ أن يدفع أمير الحج المصري والسوري كل منهم عشر جواري وعشرة غلمان لون أبيض كل سنة". انها شروط قاسية ومضحكة قصد بها ابعاد الحجاج. ويقول السيد دحلان في تاريخه: (ان سعود قد أحرق المحمل المصري والمحمل الشامي وأمر مناديا ينادي بالناس في الحج بأن لا يأتي أي إنسان للحج في العام الاتي من أي جهة من العالم وهو حليق اللحية). فراح الحجاج المصريون في عام 1220 هـ غاضبين ولكنهم غير آبهين بطلبات سعود الأول المجنونة، وفي عام 1221 هـ كتب سعود الأول إلى أمير الحج الشامي وكان أمير الحج قد وصل بالحجاج إلى قرب المدينة المنورة، يقول له: (لا تدخل الحجاز الا على الشروط التي شرطناها في العالم الماضي) فرجع حجاج الشام تلك السنة من غير حج، أما حجاج مصر فقد امتنعوا من أنفسهم ولم يحجوا تلك السنة وهم على مضض، مما جعلهم يتضجرون غيظا على الحكم السعودي المتوحش. ويقول العلامة ابن بشر في تاريخه عن جرائم 1221 هـ السعودية : (ان سعودا حشد جيوشا عظيمة قرب المدينة المنورة وأمرهم أن يمنعوا الحجاج الآتين من مصر والشام فرجع المحمل الشامي إلى وطنه وكان أميره عبد الله باشا العظم، ثم بعد ذلك قام سعود بابعاد آلاف العرب من مكة وأعظمهم من أبناء الحجاز نفسها واليمن والعراق وكذلك سافر إلى المدينة وفعل فيها مثلما فعل في مكة، وقد هاجر عدد لا يحصى من أبناء الحجاز إلى مصر والشام واليمن والسودان وتركيا وأماكن شتى من العالم فأسرعوا في كشف فضائح الوحوش السعوديين، في القوت الذي كان فيه سعود الأول يتبادل هدايا الجواهر والجواري والغلمان مع شاه إيران بهلوي الأول ويأخذ الاموال من اليهود (كاعانة له على خدمة الحرمين) كما يزعم وقد أغضب هذا الفعل السعودي أهالي نجد وعلماء نجد الصالحين من غير آل الشيخ طبعا ـ أي من غير أسرة محمد بن عبد الوهاب ) ..
وما فعله سعود الأول بالحجاج يذكرنا بما تفعله بقية الأسرة السعودية بالحجاج أيضاً فقد أعادت الحجاج السوريين على زمن الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959 وأعادوا كسوة الكعبة المصنوعة في مصر ورفض آل سعود أن يحج أهالي مصر ما لم يدفعوا عملة صعبة! أما جنيهات استرلينية أو دولارات أمريكية، وما فعله آل سعود مع أبناء مصر فعلوه مع أبناء اليمن فقد منعوهم من الحج حين قامت الثورة ضد حكم الامام المتأخر أحمد بن يحيى الدين، اما أهالي الحجاز فقد مقتوا الحكم السعودي الاجرامي منذ بدايته، وامتنع الكثير من الحجاج العرب في بداية الحكم السعودي عن أداء فريضة الحج ست سنوات مقسمين (أن لا يحجوا حتّى يطهروا قبلتهم من الرجس)،
أما أهالي مصر والشام واليمن فقد امتنعوا عن الحج كليا طيلة ست سنوات، وفي سنة 1226 هـ بدأت حملات التحرير العسكرية من مصر إلى الحجاز بعد أن ضغط أهل مصر على حكامهم الاتراك فاستولت الحملة على ينبع وحررتها في نفس السنة 1226 هـ وبما أن مصر نفسها كانت محتلة للعثمانيين آنذاك فقد أصدر السلطان سليم الامر إلى محمد علي باشا حيث بعث محمد علي بطوسون على رأس حملة التحرير العسكرية المصرية، لكن قادة الحملة العثمانية تآمروا مع سعود الأول بعد أن تبادل معهم الهدايا وأقنعهم أنه سوف ينفذ أوامر خلافتهم على الحرمين كما يريدون على شرط (أن لا يمكنوا أعداء آل سعود المصريين والاشوام من التدخل والانتصار عليه)
فتراجع القائد طوسون وادعى أنه انكسر أمام الجيوش السعودية ولكن هذه الفعلة النكراء أثارت العرب والمسلمين في اليمن وقلب الجزيرة العربية وفي الشام ومصر بوجه خاص فبدأ الضغط العربي على الاتراك من جهة واقتنع محمد علي حاكم مصر من جهة أخرى بأنه لا عزة لهذه المنطقة كلها ما لم تجتث العائلة السعودية والعائلة الوهابية من جذورهما، فجمع قادته في القاهرة ومن بينهم ابنه إبراهيم باشا وطلب منهم إعطاء الرأي بالطريقة التي يرونها للتخلص من الاسرتين الشريرتين.. فأخذ كل واحد يبدي رأيه.. فقام محمد علي وأحضر تفاحة وضعها في وسط سجادة كبيرة مفروشة في مجلسه ثم طلب من كل واحد من الحاضرين أن يأخذ التفاحة دون أن تطأ قدمه على السجادة، فاحتار الجميع الا أن ابنه إبراهيم باشا لم يعجزه الحل فطوى السجادة من طرفها بيديه دون أن تطأ رجليه السجادة حتّى وصل إلى التفاحة فأخذها وأكلها.. فوقف له والده احتراما ثم قال:
(أردت بذلك أن أختبر ذكائك بهذه الطريقة لأقول لك بعد هذا أنت الذي سيكون لك شرف تخليص العرب والجزيرة العربية والمسلمين والديار المقدسة من هذه النكبة بهاتين الاسرتين الوهابية والسعودية) فانطلق إبراهيم باشا يطوي طغاة الجزيرة العربية واحدا تلو الاخر مثلما طوى تلك السجادة التي طواها في القاهرة. وفي سنة 1228 هـ تمكن العرب بقيادة إبراهيم باشا من تحرير مكة والمدينة المنورة والطائف من رجس السعودية (اليهودية)، ويقول السيد دحلان في تاريخه (لقد حاول سعود هذه المرة أن يخادع العرب وأن يفعل مع العثمانيين ما فعله في المرة الاولى معهم تبادل الهدايا والخضوع لسلطانهم، فأرسل إلى السلطان محمد علي باشا طالبا الصلح وأن يفتدي بالمال عثمان المضايفي عامله السعودي على الطائف، ولكن مساعي الصلح السعودية لم تتم حيث اشترط العرب على رسول سعود الشروط التالية: أولا ـ أن يقوم سعود بدفع كل المصاريف التي اتفقت على الحملة العسكرية، ثانياً ـ أن يقوم سعود برد كل المجوهرات والأموال التي كانت بالحجرة النبوية، وثالثا ـ أن يكون سعود بدفع الدية لابناء الحجاز وأبناء مصر الذين قتلهم، رابعا ـ أن يحضر سعود بنفسه لتسليم نفسه للقيادة ليحاكم على ما ارتكبه من جرائم بحق العرب والمسلمين، وبالطبع لم يفعل هذا سعود وانما بقي في الدرعية لا يخرج منها ويحشد جنده للدفاع عن نفسه لانه أمن أنه لا محالة له من الموت وأن العرب قد عزموا على تحرير بلادهم من جرائم ظلمه وما أن تحررت الحجاز وبدأ الزحف العربي المقدس أصيب سعود باسهال شديد وحمى وهو نفس المرض الذي أصيب به جده محمد بن سعود حينما حاصره أهالي نجران في الدرعية عام 1178 هـ 1765 م فمات سعود قبل وصول حملة التحرير العسكرية العربية إلى الدرعية في 7 ربيع الثاني سنة 1229 هـ الموافق 1814 م). توفي سعود ـ من شدة الخوف والهلع ـ بالدرعية على اثر الاسهال وحمى الخوف التي أصيب بها من حملة التحرير العربية رغم ما قاله أصحاب التواريخ عن عظمة هذا "السعود" وقوة شخصيته وجبروته وصلابته، التي هي صلابة الطواغيت والجبناء في عهد الرخاء ضد المغلوبين على أمرهم والضعفاء.. وقبل وصول حملة التحرير العربية، استولى ابنه عبد الله بن سعود على الحكم في الدرعية ووقف إلى جانبه شركاؤهم في الباطل ـ أنفسهم ـ آل الشيخ. أي آل محمد بن عبد الوهاب غير أن الصالحين من علماء نجد لم يوافقوا على ذلك كعادتهم فوقفوا إلى جانب الشعب والعرب والدين الصحيح لا الدين السعودي اليهودي وحاول ملك اليمن الاسبق أن يتعاون مع آل سعود ويخرج أبناء اليمن لضرب مؤخرة جيش التحرير العربي الا أن أبناء اليمن أبوا ذلك ووقفوا بعيدا ثم عادوا بعد أن انضم عدد كبير من جيش اليمن إلى جيش تحرير الجزيرة العربية، ثم ثار أبناء عمان وقتلوا والي آل سعود وساروا مع جيش التحرير العربي، ووقف علماء الدين الصالحين في القصيم ونجد يعلنون براءتهم من جرائم آل سعود وآل الشيخ عبد الوهاب ويحملون هاتين الاسرتين تبعة كل الجرائم قائلين في المساجد (لن يظهر دين الحق ما لم نطهر هذا الدين من هاتين العائلتين الفاسدتين بالدين والدنيا ورقاب العرب والمسلمين) أما آل الشيخ فقد وقفوا يدافعون عن أنفسهم الضالة بدفع هذه التهمة عنهم ويشتمون علماء نجد والقصيم ويتهمونهم بموالاة المصريين وينسبون كل ما وقع من جرائم وفتن ومحن إلى "ذنوب المواطنين والتقصير في دين الله ولهذا ابتلاهم الله بشتى المحن!!.." وكذلك يزعمون.. أما حملة تحرير الجزيرة فقد سارت ولم توقفها فتاوى اليهود حتّى وصلت الدرعية والقي القبض على عبد الله بن سعود وابعد إلى مصر في عام 1234 هـ وقتل عدد من آل الشيخ الذين أجرموا بحق شعبنا.. وبذلك انتهت الفتنة السعودية انّما إلى حين، لأن هذه الشجرة السعودية الخبيثة لم تستأصل من جذورها بعد، فقد تركت بعض الجذور ونمت من جديد بعد أن عاد جيش مصر إلى بلاده تاركا الجزيرة العربية، فجاء مشاري بن سعود إلى الدرعية في جمادي الأول سنة 1235 هـ وانتزع الحكم، لكنه لم يدم طويلا فقد قتله شعبنا في نجد، الا أنه بعد شهر من قتله خرج من بعده تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في عام 1235 هـ فقتل عددا من أبناء نجد، وأنشأ الدولة الثالثة لسلالة آل سعود وذلك في سنة 1235 هـ فحاصره أهالي نجد ليقتلوه لكنه هرب من الرياض وذهب ليتفق مع العثمانيين على أن يساعدوه لانشاء حكم سعودي يكون فيه خادمهم المطيع فأعاده بنو عثمان، وبقي حتّى عام 1249 هـ حيث قتله أبناء نجد فجاء من بعده مشاري بن عبد الرحمن بن سعود فانخدع به بعض السذج حيث أعلن عن نفسه "بأنه أميرا مؤمنا حرا"، .. كما يعلن الآن بعض الامراء عن أنفسهم، فحاول فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي كان في مدينة القطيف حينما اغتيل والده تركي ـ حاول أن يستولي على الحكم في الرياض، لكنه فشل لانه لم يجد من يناصره من شعبنا الذي تململ من الحكم السعودي وأدرك أي مواطن انّه حينما يقاتل من أجل آل سعود فانما يقاتل من أجل الشيطان لا من أجل وطنه، الا أن فيصل بن تركي بن عبد الله عاد إلى الضحك على العقول الساذجة من جديد فراح يتظاهر بالتقى والصلاح "والايمان بحق الرعية وحق الله" كما يتظاهر أمثاله الآن من بعض الامراء السعوديين، ومع هذا فلم ينخدع به أحد، إلا عبد الله ابن الرشيد، ففي عام 1250 هـ1835 م جاء إليه عبد الله بن الرشيد لرفع مستواه وتحكيمه ف البلاد. وجاء عبد الله آل رشيد ليعين الظالم على ظلمه وعبد الله آل رشيد هو مؤسس عائلة آل الرشيد في حائل فعرض فيصل ابن تركي آل سعود على عبد الله بن الرشيد (ان يعينه على قتل ابن عمه السعودي مشاري بن عبد الرحمن ويستولي على الرياض. وسيمنحه ما يريد) فرد عبد الله بن الرشيد على (ابن سعود) بقوله: (انني سأقتل لك ابن عمك مشاري آل سعود وسأقوم بتنصيبك مكانه على الرياض بشرط أن اجعل من الرياض منطلقا لتخليص بلدي حائل من آل علي) فوافق فيصل بن تركي آل سعود على طلب عبد الله بن الرشيد وسار عبد الله بن الرشيد ومعه حارسه الخاص كما زوده فيصل بن تركي بثمانين مقاتلا الا أن الجميع قد تراجعوا في الطريق، ولم يصل مع ابن الرشيد من القطيف إلى الرياض الا حارسه الخاص، فدخلها ليلا واتصل بحارس القصر حيث كانت لعبد الله آل رشيد به معرفة (وهو من بلدة جلاجل) فوضع "راعي جلاجل" لصاحبه السلم الخشبي فصعد ابن الرشيد إلى قصر مشاري آل سعود فوصف له صديقه الحارس مكان نومه مع زوجته ولكنه حذره من "عبده" حارسه الخاص (حمزة) الذي يرابط أمام حجرة نوم سيده مشاري وهو من أشد المقاتلين، فصعد ابن الرشيد ومعه حارسه الخاص إلى حيث يرقد مشاري آل سعود وإذا به أمام العبد السعودي الحارس وجها لوجه وكان المكان مظلما حالك الظلمة فتماسك الاثنان عبد الله بن الرشيد والعبد السعودي وطال التماسك والعراك بينهما في حلكة الظلام الدامس وكان بيد العبد السعودي خنجرا أخذ يضرب به يدي عبد الله ابن الرشيد وكاد أن يسقط ابن الرشيد وكان ظلام المكان الدامس قد جعل حارس ابن الرشيد لا يميز بين عمه وبين العبد السعودي ليساعد عمه على قتل هذا العبد وينقذ حياته من سطوة هذا العبد القوي، فكان حراس ابن الرشيد دائما ما يمسك بقطعة من جسم عمه ابن الرشيد محاولا طعنه ثم يسأل: (هل أقطع هذه اللحمة؟. هل هي من جسمك يا عمي أم من جسم العبد؟) فيصيح به عبد الله الرشيد بقوله (لا تقطعها انها مني)!.. فيذهب الحارس ليمسك بلحمة أخرى وهو يسأل من جديد هل أقطعها؟. هل هي منك؟. فيجب ابن الرشيد لا تقطعها انها مني.. وهكذا مرت الساعات متثاقلة على تماسك العبد وابن الرشيد حتّى كاد يغمى على ابن الرشيد ويسقط، وفي النهاية.. بل في الرمق الاخير!.. سأل حارس ابن الرشيد صاحبه: هل هذه اللحمة منك يا عمي أم من العبد، وهنا أجابه ابن الرشيد قائلا: (إذا كان بيدك لحمة فاقطعها!).. فقطعها الحارس وسقط العبد السعودي ودخل عبد الله الرشيد إلى حجرة نوم مشاري بن عبد الرحمن آل سعود فقتله، وحينئذ صعد عبد الله الرشيد إلى سطح القصر السعودي وأعلن مناديا بالناس (أنا عبد الله آل رشيد تحملت قتل مشاري آل سعود وآتيتكم بفيصل بن تركي آل سعود لحكمكم) وهكذا كان عبد الله الرشيد وفياً بوعده رغم أنه كان بامكانه أن يعلن نفسه حاكما في الرياض ويطرد فيصل بن تركي آل سعود الذي كان يترقب خائفا من بعيد ليهرب في حال فشل عبد الله آل رشيد الذي غامر بحياته من أجل اعادة الحكم السعودي!..، ولكن عبد الله الرشيد لم يخلف الوعد كما يفعل آل سعود بل نادى بفيصل بن تركي آل سعود ليسلمه زمام حكم الرياض. (أسوق هذه الحادثة المعروفة لادحض ما زوره كتاب التاريخ عن تاريخ آل سعود بقولهم أن آل سعود عادوا إلى ملك آبائهم وأجدادهم وأنهم هم الذين عينوا آل الرشيد وغيرهم من الحكام!)… وجاء فيصل بن تركي آل سعود، وحكم الرياض ولم ينكر لابن الرشيد "صنيعه" من اجله، فقد سأله فيصل بعد ذلك مستغربا قائلا: (كيف يا عبد الله بن رشيد لم تغدر بي وتحكم الرياض بدلا مني وأنت الذي فعلت كل ذلك باحثا عن الحكم في حائل وكان بإمكانك أن تحكم الرياض وحائل معا؟) فأجابه ابن الرشيد قائلا: (الغدر ليس من شيم العرب) فسار ابن الرشيد إلى حائل وقتل (ابن علي) حاكمها وأعلن نفسه حاكما عليها. فأيدته حائل وقبائل شمر ولمع نجمه وقوي مركزه، أما فيصل بن تركي آل سعود فقد حكم الرياض بل أعلن نفسه "اماما" وحاكما على نجد فحكم أربع سنوات من عام 1250 إلى عام 1254 حيث استنجد عرب نجد بعرب مصر مرة أخرى لمعاونتهم على اجتثاث حكم المجرمين، فسار جيش مصر العربي ليدك معالم آل سعود وألقى القبض على الامام السعودي فيصل بن تركي آل سعود وشركاءه آل الشيخ (أي الاسرة الوهابية) فأخذوه إلى مصر هو وولديه عبد الله ومحمد وأخيه جلوي ـ والد عائلة آل جلوي الخبيثة ـ وعدد من آل الشيخ فبقي في مصر من سنة 1254 إلى سنة 1259 هـ حيث تمكن فيصل ابن تركي آل سعود من الافلات من رباطه والخروج من مصر مرة ثانية بمساعدة عباس باشا الأول العثماني بعد أن تعهد للاتراك بالولاء والطاعة وحسن التبعية والسير في ركبهم العثماني.. فعاد الشر السعودي إلى حكم نجد من جديد ـ دون أن تكون لهم سيطرة على حائل التي كان يحكمها ابن الرشيد والحجاز التي كان يحكمها الاشراف ـ وقد ساعدت على ذلك أمرين الأول: هو انسحاب الجيوش المصرية من البلاد العربية وذلك نتيجة لمعاهدة لندن سنة 1840 م التي اقتضت أن تعود جيوش مصر إلى مصر استعدادا لبدء الاستعمار الانكليزي بالحلول في بلاد العرب محل الاتراك، والثاني: هو تعهد فيصل بن تركي آل سعود للسير في ركاب آل عثمان واطلاق اسمهم وحكمهم على البلاد. وهكذا عاد الحكم السعودي إلى البلاد، وأصبح الحكم للعبيد والجواري والجواسيس الذين كان يقودهم ابنه عبد الله بن فيصل والعبد "محبوب" (عتيق تركي والد فيصل) وهكذا عاد عودة أخرى ـ حكم أسرة الكهنوت والشعوذة الوهابية بقيادة الشيخ عبد اللطيف ـ الأول ـ حفيد الشيخ محمد عبد الوهاب، وعادت الفوضى والجرائم بقيادة هاتين الاسرتين بعد أن تعمقت تبعيتهما للسلطات التركية مستعينتين بها في ضرب التحركات القبلية والشعبية. ولم يكتف هذا الامام فيصل بن تركي بسيادة السلطنة التركية بل رأى أن يلعب على الحبلين، فذهب سنة 1862 م إلى مفاوضة المستر بيلي المقيم السياسي في "بوشهر" باسم الحكومة البريطانية لعقد معاهدة حماية على البلاد عارضا عليه دعم النفوذ السعودي وتوسيعه في كافة أنحاء الجزيرة العربية على ان يرتبط هذا النفوذ السعودي بالاستعمار البريطاني فوافق المستر بيلي على هذا الاقتراح السعودي وبدأ دعم بريطانيا للاسرة السعودية التي أخذت تنشر الموت في ربوع البلاد بعد تعاملها مع الانكليز، وتحرك فيصل بن تركي للاستيلاء على حائل مرار لكنه لم يتمكن، ورغم فشله إلا أن ما فعله من خطط تدل على أنه ماكر غادر.. فقد أصيب حاكم حائل الامير طلال بن عبد الله الرشيد بانهيار عام نتيجة ارهاق جسمه في عمله المتواصل لتوطيد حكمه طيلة 20 سنة واستطاع خلالها كبح جماح أعدائه وجمع المزيد من أصدقائه بحسن سياسته التي ما سلكها من قبله أحد من حكام آل الرشيد وما سار بعده عليها حكم آل رشيد مثلما سار عليها طلال وشقيقه محمد بن عبد الله الرشيد الذي استولى على حائل بعد ذلك… ونظرا لمكر فيصل بن تركي آل سعود أو بالاصح مكر الانكليز الذي بدأ يتعامل معهم، فانه حينما علم الامام فيصل بن تركي بمرض طلال آل رشيد أخبر الانكليز بذلك عندما كان لديهم في "بوشهر" ، فقدموا له "فارسي" عميل للانكليز يدّعي مهنة الطب واسمه المعروف (محمود زيدان) ليكون في تصرف "الامام" فيصل ابن تركي آل سعود.. فقال له فيصل: (ان لي خدمة تتعلق بمهنتك ان أديتها دفعت لك مائة جنيه ذهب، وان فشلت فليس لك شيئا عندي) فسر الفارسي سرورا عظيماً مبديا كل خدماته!. فقال فيصل (أريدك أن تذهب إلى حائل وتتصل بالامير طلال آل رشيد لتعرض عليه خدماتك زاعما له أنك طبيب جئت من أجله عندما سمعت بمرضه وتعطيه هذا الدواء المسموم ليقتله فتهرب وتعود اليّ لأدفع لك المبلغ) فذهب الفارسي ووصل إلى حائل وقدم خدماته للامير طلال ونال ثفته!. إلا أن الامير طلال لم يستعمل كل وصفاته لكثرة ما استعمل من أدوية جعلته في حالة يأس من شفائه لا يثق بعدها بأي دواء.. وكان الفارسي على علم بأن الامير لا يستعمل أدويته مما دفعه ذات ليلة إلى تخويف الامير بالجنون قائلا: (أنك لو لم تستعمل هذه الادوية فسوف تصاب بالجنونّ.) دون أن يعلم الفارسي ما كان لهذه الكلمة من وقع سئ في نفس الامير الذي صرخ باعلى صوته قائلا: (أتقصد أنني أنا طلال بن عبد الله الرشيد سأصبح مجنونا بعد كل ما مضى لي من عز وما نلته من سمعة حسنة وما حققته لقومي من كرامة ومجد؟!.. لا .. الموت ولا الجنون!) فأمسك بندقيته وصوبها إلى رأسه وقتل نفسه!.. وهكذا تحققت أمنية فيصل بن تركي بما لم يأخذ له حسبان!.. فعاد الفارسي إلى فيصل ليبلغه بالامر فلم يدفع له أكثر من خمسة جنيهات قائلا له (ان الاتفاق كان على تسميم الامير طلال!.. أما وان الامير قد قتل نفسه بنفسه فان لك بعض المبلغ بصفتك قد تسببت في ذلك!).. وقال للفارسي (انني سأقتلك لو لم تقبل بهذا المبلغ كما أحذرك انك لو عدت إلى حائل مرة أخرى فسوف تقتل أيضاً).. ومع ذلك فقد اغتال ذلك الفارسي!.. أما ما حدث بعد انتحار طلال آل رشيد، فقد أسندت امارة حائل إلى أخيه متعب الذي استمر في مقاومة الحكم السعودي، وفي 2 ربيع الثاني عام 1285 هـ، 23 تموز 1868 م أقدم كل من بندر وبدر آل رشيد على قتل عمهما متعب.. فأديا بذلك خدمة للحكم السعودي الانكليزي.. فتولي الحكم أحدهما وهو بندر. وفي عام 1286 هـ 1871 قام عمه محمد العبد الله آل رشيد (شقيق طلال) بقتل بندر والاستيلاء على الحكم ودام المشهور بالحكمة حتّى 3 رجب 1315 هـ 15 كانون أول 1987 م حيث مات موتا طبيعيا لحكم دام 30 سنة وذلك ما يعتبر معجزة لعدم موته قتلا من أقاربه، كما فعل معظم آل الرشيد.. نعود بعد أن أقحمنا هذا الفصل من حياة الرشيد ـ في سياق الحدي عن الامام فيصل بن تركي آل سعود ـ لنواصل الحديث عن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي توفي سنة 1282 هـ الموافق 1866 م وسرت كل نجد بموته كثيرا، وقد جرت بعد ذلك محاولات كثيرة للقضاء على نفوذ هذه الأسرة السعودية الشريرة غير أنها لم تنجح، وبموته خلف وراءه ولدين هما عبد الله وسعود بن فيصل ولكن هذين الولدين اختلفا كما يختلف الآن امراء الاسرة السعودية الفاسدة على الغنيمة "والغنيمة هي الشعب وممتلكاته" وراح كل واحد من هذين الاميرين عبد الله وسعود يجمع حوله الدلاديل والذيول كما يفعل بعض الامراء الآن تماما، لكن كل شعب نجد ثار ـ في حينه ـ على جور هذه الاسرة اليهودية ولم يبق مع آل سعود الا المرتزقة، فثارت قبلية العجمان بقيادة زعيمها العظيم راكان بن حثلين تناصرهم قبائل آل مرة. فتقدموا إلى الهفوف عاصمة الاحساء وكان فيها أحمد السديري حاكما من قبل عبد الله بن فيصل فحاصروه فيها، واستولوا عليها وحرر العجمان والاحساء من الرجس السعودي، وحاول عبد الله بن فيصل آل سعود أن ينتقم فأرسل عددا من أذنابه لاحراق عدد من بساتين الاحساء ودور الفلاحين ففعلوا وأحرقوا الكثير منها وهرب العديد من الفلاحين إلى العراق، ولكن ما فعله آل سعود قد زاد النقمة وحقد المواطنون عليهم، ثم لم يكتف عبد الله بن فيصل بذلك، بل أرسل الماء المسمى (جودة) حيث كان يقيم عليها العجمان بني مرة بقيادة راكان ابن حثلين، وطلب عبد الله بن فيصل آل سعود من جنده أن يأخذوا العجمان على غرة قبيل طلوع الشمس فيقتلونهم، ولكن العجمان وبني مرة تنبهوا لهذه الخطة الغادرة فدحروا الجند السعودي وقتلوا منهم 2700 مقاتل سعودي مأجور، فسارع سعود وأتباعه (وهو شقيق عبد الله) باحتلال الرياض وطرد أخيه عبد الله منها وذلك سنة 1287 هـ الموافق 1870 م فأعلن سعود الثاني نفسه اماما على نجد، وهكذا يتخاصم أمراء آل سعود الذين زعموا أنهم "أحراراً" على الشعب لسلب قوته والتسلط عليه وقتله، فحاول عبد الله بن فيصل أن يغتال شقيقه ولكنه لم ينجح وبعد ذلك حمل ما سرقه من أرزاق الشعب من ذهب وفضة ونفائس على مائة بعير وراح يتنقل من مكان إلى آخر لعله يجد من ينصره من المرتزقة، ولكنه لم يجد أحداً سوى التافهين المرتزقة والمنتفعين الذين أغراهم بما سرقه من أموال الشعب فأرادوا الانتفاع بها، ولما رأى عبد الله بن فيصل عدم جدوى التافهين في اعادة السلطة السعودية إليه من أخيه، توجه عبد الله بن فيصل إلى زامل السليم حاكم مدينة عنيزة في لواء القصيم ولكن شعبنا المؤمن في عنيزة طلب من عبد الله آل سعود أن يغادرها حالا لأنه لا يمكن للشعب أن يناصر أميرا سعوديا على أخيه ليستولي هذا الامير على الحكم بينما جميع آل سعود ضد مصلحة الشعب وجميع الشعب يريد الخلاص من حكم آل سعود جميعا فاخرج أيها الامير فكل العرب يريدون النجاة من شرور الاسرة السعودية الخبيثة. فغادر الامير السعودي عبد الله بن فيصل عنيزة إلى حائل فاتصل بحاكمها محمد العبد الله الرشيد غير أنه لم يجد صدرا رحبا مه وكان موقف شعبنا في حائل بوجه عبد الله بن فيصل السعودي لا يختلف عن موقف شعبنا في عنيزة، وهو (عدم مناصرة أي أمير سعودي وجميع الناس يريدون التخلص من جرثومة العائلة السعودية كلها)، فرحل عبد الله بن فيصل آل سعود من حائل إلى سلطان الدويش (والد فيصل الدويش) زعيم قبيلة مطير الذي قتله الطاغية الاخير عبد العزيز كما سبق لسعود الأول أن قطع رؤوس شيوخ هذه القبيلة ووضع رؤوسهم على مائدة الاكل وطلب من أبناء مطير الذين جاءوا يطالبون باطلاق شيوخهم أن يأكلوا من مائدة وضعها فوق رؤوس أبنائهم واخوانهم أبناء قبيلة مطير، ولكن مع كل هذا فقد التجأ عبد الله بن فيصل آل سعود آل قبلية مطير واتصل بشيوخها سلطان الدويش والد فيصل الدويش كما اتصل مع عساف أبو اثنين رئيس قبيلة سبيع يستنصرهم على أخيه سعود لمعرفته بأن شيوخ هذه القبائل يكوهون أخاه سعود، ولكن سلطان الدويش وعساف أبو اثنين ابلغا عبد الله آل سعود بأنهما وشيوخ القبيلة يكرهون الحكم السعودي كله لانهم ذاقوا العذاب على أيدي كل آل سعود الدخلاء وانهم سيعملون على تحطيم العائلة السعودية كلها، ولم ينجح عبد الله آل سعود بما حمله معه من ذهب مسروق من الشعب أن يغري به شيوخ مطير وسبيه، حيث رأى أنه لا حياة لآل سعود ما لم يعتمدوا على المستعمرين والاجانب فأرسل صديقه عبد العزيز بن بطبين إلى مدحت باشا العثماني منصوب السلطات التركية في بغداد آنذاك ليستمد منه المعونة لقتل أخيه سعود وتسليم البلاد. وبهذا الاتصال السعودي القذر وجد مدحت باشا الفرصة سانحة للاستيلاء على الاحساء وسائر البلاد التي لم تخضع لتركيا قبل وجود آل سعود فسار الاتراك يساعدهم ناصر باشا السعدون رئيس قبيلة المنتفق وعبد الله بن صباح حاكم الكويت بجندهما واحتلت القوة التركية الاحساء وأطلقوا عليها اسم (ولاية نجد) وبعد ذلك طرد الاتراك عبد الله بن السعود. هذا ما أوردته كتب التاريخ، كما ورد هذا في كتاب المستشار السعودي حافظ وهبة في صفحة 229 من كتابه (جزيرة العرب في القرن العشرين) الذي صدر بموافقة الطاغية الملك عبد العزيز (الاخير) وأمر له بنفقات طبعه، وحافظ وهبة هو مستشار الملك عبد العزيز والعضو البارز سابقا في (مجلس الربع) الذي كان يرأسه جون فيلبي خالق هذا العرش الاخير. من هذا يتضح حتّى لسذج الناس أن العائلة السعودية الدخيلة لم يقم حكمها في بلادنا ـ قديما وحديثا ـ الا على أعمدة أجنبية يهودية أولا ثم عثمانية انكليزية وأمريكية، ومن ذلك يتضح: أن الامير السعودي كان يقتل أخاه في سبيل ملذاته وشهواته للحكم، وفي سبيل محافظته على هذه الشهوات التي يوفرها له الحكم يبيع آل سعود بلادنا للشيطان الرجيم، وفي هذا العصر يحاول بعض أمراء الاسرة السعودية الفاسدة اعادة نفس التاريخ السعودي القديم بقتل الالاف من شعبنا وقتل حتّى بعض أفراد الاسرة ممن حاولوا شهر نفس السلاح، سلاح (الدين المزيف) بوجه الاسرة فقتل أفراد الاسرة بعضهم، كما حصل للامير خالد بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود الذي قتله أعمامه آل فعهد (فهد وسلطان وسلمان بتهمة أن عدداً من أبناء الشعب حاولوا دفعه لمعارضة فساد أسرته)..وذلك عام 1964. عودة إلى ماضي الاسرة السعودية لنعود الان إلى ما حدث بسعود الثاني عام 1259 هـ الموافق 1871 م.. لقد تململ شعبنا في الرياض من جور هذه العائلة السعودية ومن تسابق أمرائها على الحكم والتحكم في رقاب الشعب مع الادعاء الزائف بحبهم للشعب وتبني مطالبه! فاجتمع شعبنا في قصر الرياض في يوم 17 رجب 1288، 1871 م وأجمعوا على خلع سعود وطرده من الرياض.. فوجد أخوه عبد الله المقيم في الاحساء كالدمية في يد العثمانيين بعد أن أدخلهم إلى الاحساء، وجد ن الفرصة مواتية له فترك الاحساء ودخل الرياض يدعمه الجند العثماني، وحيث أن شعبنا في الرياض لم يقتل سعود الثاني وانما اكتفى بطرده من الحكم فقد حمّل سعود ستين بعير! بما سرقه من ذهب وراح يستنصر الناس لقتل أخيه عبد الله رافعا راية "الامير الحر" فاستطاع بذلك أن يخدع البعض من قبيلة الدواسر والبعض من قبيلة عتيبة بما كذبه عليهم من أكاذيب قائلا (أنه يريد قتل أخيه عبد الله عميل بني عثمان وابعاد الاتراك من البلاد التي سلمها لهم شقيقه عبد الله) واستمر سعود الثاني يكذب على الدواسر وقبيلة عتيبة وعلى عدد آخر من أبناء نجد قائلا (انّه سيجعل الامر شورى بينهم ويحكم البلاد بالعدل وسيترك الامر للناس باختبار من يريدون لحكمهم الذي يرتضونه وان آل سعود سوف لن يكون لهم صفة أو حكم..) وبمثل هذه المواعيد أخذ سعود الثاني يعدهم ويمنيهم، وما يعدهم آل سعود الا غرورا.. فاقتنع بعض أبناء الدواسر بالكذب السعودي وساروا معه وحاصروا أخاه عبد الله في أرض الجزعة قرب الرياض فحطموه وهرب عبد الله واستولى سعود من بعده على الرياض وأعلن نفسه (اماما) وانتظر الدواسر وعتيبة أن يحقق ما وعدهم به فإذا ما وعد به سعود لم يكن سوى مواعيد سعودية.. لا يختلف ماضيهم فيها عن حاضرهم ولا أولهم عن آخرهم.. فطلبوا من سعود الثاني أن يسير بهم لتحرير الاحساء وبقية البلاد من الجند العثماني، ولكنه ضحك عليهم بالمواعيد الكاذبة، فبدأت معظم قبائلنا تطالب الجيوش العثمانية بالرحيل من البلاد، وعندما رأى سعود عزم القبائل على الثورة وتحرير البلاد من الحكم السعودي الخائن والتسلط العثماني، أرسل لهم أخاه عبد الرحمن الفيصل (والد الطاغية الاخير الملك عبد العزيز) أرسله إلى بغداد مخادعا بارساله العرب، قائلا (انني أرسلت أخوي عبد الرحمن إلى الوالي التركي في بغداد ليتفاوض معه على ابعاد حكم الاتراك واعطاءكم الحق في اختيار من تريدون!) فهدأ العرب بعد أن سافر أخوه عبد الرحمن الفيصل إلى بغداد وبقي في ضيافة الحكم العثماني وطالت غيبته فيها!.. فياله من ماكر؟. إذ مكث أربع سنوات في بغداد.. فعرف العرب الخديعة، فثارت القبائل على آل سعود، وعند ذلك أخرج الحكم العثماني عبد الرحمن آل فيصل من بغداد ليلعبوا به لعبتهم على العرب فوصل عبد الرحمن آل فيصل إلى الاحساء وادعى (انّه لم ينجح في مفاوضاته مع الاتراك، وانه كان يتفاوض معهم طيلة هذه المدة) كما يزعم. ولكي يحرف الحكم العثماني الثورة عن طريقها الصحيح طلبوا من عبد الرحمن آل فيصل آل سعود أن يتصل بالبادية ويقود ثورتهم فيحرفها عن طريقها القويم الذي أرادوا بها الخلاص من آل سعود والحكم العثماني.. فنزل عبد الرحمن الفيصل بادية الاحساء وحثها على قتال الترك!.. فاجتمع حوله العجمان، واستولوا على الاحساء ما عدا (القلعة) في الكويت ـ وفيها الحامية التركية ـ بعد أن خدعهم عبد الرحمن آل فيصل طالبا منهم (الانتظار حتّى يتفاوض مع الاتراك لينسحبوا) وكان في الوقت نفسه قد ذهب للاتصال بقبيلة بني خالد فأثارها ضد بني عمهم العجمان قائلا لهم: (ان هناك خطة سرية دبرها العجمان لقتلكم يا بني خالد وهي أن العجمان، يريدون طرد الاتراك للاستيلاء على الحكم لانفسهم وقتلكم بعد ذلك فلهذا يجب أن تقاتلوا قبيلة العجمان مع الاتراك وانا إذ أسر لكم بهذه الخطة فانما أنصحكم كأخ لكم وصديق!.) فصدق بنو خالد اليهودية، انقض بنو خالد على مؤخرة بني عمهم العجمان بينما هم يحاصرون القلعة ـ الحامية العثمانية ـ في الكوت بالاحساء.. والمضحك المبكي ان الذي كان يقود العجمان: لم يكن سوى الفاجر نفسه عبد الرحمن آل فيصل السعود.. وبناء على الخطة المتفق عليها مع للسلطات التركية انهزم عبد الرحمن بانهزام قائدهم!.. ومن يستدل بالبوم مصيره الخراب.. وفي هذه المعركة: قتل بنو خالد عدداً من أبناء عمهم العجمان بسب غدر آل سعود وكذبهم وطعن من يعينهم من الخلف وركوعهم للاعداء ضد العرب والانسانية والاخلاق والدين، أما العجمان فلم يعلموا إلاّ أخيرا بهذه الخديعة السعودية التي جعلت بعض أبناء عمهم بني خالد يقاتلونهم ارضاء لوجه الشيطان السعودي والاستعمار، وكذلك بنو خالد لم يعلموا إلاّ فيما بعد هذه الخديعة السعودية التي جعلتهم يقاتلون أبناء عمهم العجمان ارضاء لوجه الشيطان السعودي والاستعمار أيضاً… وبعد أن أوقع آل سعود بين العرب وأحس عبد الرحمن بقرب انكشاف هذه الوقيعة، سافر إلى الرياض ، بحجة ابلاغ شقيقه سعود الثاني، بما جرى، وكأنه لم يكن المتسبب لما، جرى، ولكن قبيلة عتيبة لم تسكت على ما لحقها هي الاخرى من جرائم سعودية نكراء، فثارت عتيبة بقيادة مسلط بن ربيعان فهجمت على الرياض من جهته الغربية فخرج "الامام" سعود لقتال عتيبة ولكن عتيبة أحاطوا به وقتلوا معظم أنصاره وأصابوا سعود نفسه بجرح بليغ مات على أثره وذلك في صيف سنة 1291 هـ الموافق 1874 م.. وبموته امتطى أخوه عبد الرحمن آل فيصل آل سعود صهوة الامامية وقفز إلى مكانه في الحكم مدعما من الاتراك وأعلن نفسه اماما.. واستمر عبد الرحمن بن فيصل "اماما حاكما" في الرياض نحو سنة، حيث جاء إلى الرياض أخوه الاكبر عبد الله بن فيصل ونصب نفسه "اماما" مكانه قائلا (انّه أحق بالمنصب من أخيه) وأفتى مشايخ الدين الوهابي "بصحة هذه الاحقية" ولكن عبد الله الفيصل لم يدم طويلا حيث تمكن أبناء أخيه سعود ـ الميت ـ من القبض عليه وحبسه يوم 12 شعبان عام 1887 م وأفتى مشايخ الدين السعودي "بأحقية أولاد سعود على عمهم" وبهذا النوع من تشريع تجار الدين لحكم اللصوص استنادا على مبدأ (نحن مع الغالب ضد المغلوب).. انتشرت المفاسد.. وتململ الناس من ظلم آل سعود… وأخذت الفتن تطحن في نجد وتشتت في شعوب الجزيرة العربية.. فرأى عدد من مشايخ الدين ـ غير الوهابيين ورؤساء القبائل في نجد ـ أن يتصلوا بحاكم حائل آنذاك محمد العبد الله آل رشيد لنجدتهم (وتخليصهم من شر هذه العائلة المتطاحنة من أجل شهواتها وفي سبيل هذه الشهوات لا يهمها الا أن يفتك الشعب بعضه ببعض) فتوجه ابن رشيد بجموع من نجد ـ كلها ـ إلى الرياض، وضرب (ابناء سعود) وفك ـ اسر ـ عمهم عبد الله بن فيصل وأخذه معه إلى حائل (العاصمة آنذاك) ووضع حاكما من عنده في الرياض ثم نصب إلى جانب هذا الحاكم عبد الرحمن بن فيصل آل سعود وهكذا تم هذا بمنتهى السذاجة.. من محمد العبد الله الرشيد، أو بمنتهى الحكمة العرجاء أو العدل الذي لم يتبعه آل سعود فيما بعد.. وبالطبع لم يقف عبد الرحمن هذا موقف المتفرج بل حاول أن يثير الفتنة من جديد وينفصل بالرياض ليجعل من نفسه اماما كما فعل في السابق، ولكن ابن الرشيد اكتشف فتنته، وأمره بالتوجه إلى حائل ليقيم إلى جانب اخيه الاسير عبد الله الفيصل ومعه عدد من مشايخ الوهابية وبذلك توقف عهد الفتاوى الباطلة واستقرت نجد كلها لقيادة ابن رشيد، كما ورد في التواريخ (لقد ساعد على ذلك الاستقرار شخصية محمد العبد الله الرشيد، وشهرته بالرحمة ورجاحة العقل ولين الجانب وكرمه وحبه للسلم). ولم يعد لآل سعود وآل الشيخ أي أهمية أو أثر في احداث أي فتنة بين المواطنين… لكن هذا لم يدم طويلا، فقد قام عبد الرحمن آل فيصل بدس نوع من السم البطئ ينبت في الصحراء بشكل شجيرات يطلق عليها (أم لبن) لشقيقه عبد الله بن فيصل، ولما ساءت حالته في حائل طلب من ابن رشيد أن يذهب للرياض فسمح له وذلك عام 1890 م كما أذن لاخيه عبد الرحمن ابن فيصل أن يرافقه ويسكن في الرياض أيضاً ، لكن عبد الله بن فيصل مات بعد وصوله إلى الرياض بيوم واحد، وحاول عبد الرحمن أن يثير الفتنة من جديد يسانده تجار الفتاوى ـ اياهم مشايخ الوهابية "آل الشيخ" وعدد من المرتزقة ـ وقبضوا على عامل ابن الرشيد (ابن سبهان) وأظهر الشعب تذمره مما فعله عبد الرحمن آل سعود، ولم يدم له الام أكثر من 20 يوما حتّى حاصره جيش ابن الرشيد ودخل الرياض دون الحاق أي ضرر بالشعب وساعد على ذلك كره أهل الرياض للفتن السعودية وحكمها، واستسلم عبد الرحمن آل سعود ولم يكن جوابه (الا طلب المغفرة من ابن الرشيد) وكانت حجته (أن عامل ابن الرشيد قد أساء إليه ولم يوفر له ما يحتاجه من مال وطعام) ومع ذلك تركه محمد ابن رشيد في الرياض وأمر عامله بأن يعطيه ما يحتاجه من مال وطعان، وفي هذه المرة وكل عبد الرحمن المهمة إلى مشايخ الدين السعودي، فذهبوا إلى القصيم كالشياطين واتصلوا ببعض تجار الدين والرؤساء واستطاعوا اغراء بعضهم بالوعود الكاذبة. وأخذوا منهم البيعة لعبد الرحمن آل سعود، واتفقوا على مباغتة ابن الرشيد وضربه ضربة تشله وتفصل نجد عن بعضها، واستعدوا لذلك فعلا، وكان مشايخ الدين السعودي قد اتفقوا مع زامل آل سليم ـ الذي تحكم عائلته مدينة عنيزة حتّى الآن ـ بأن يجعلوه حاكما على عنيزة بدلا من (آل يحيى) كما اتفقوا مع (ابن مهنا) بأن ينصبوه في مدينة بريدة بدلا من آل الخيل، ولكن ابن الرشيد علم بذلك وانقض عليهم وقتل في هذه المعركة المكروهة ـ المعروفة بواقعة المليدة ـ زامل آل سليم، وابن مهنا، أما مشايخ الفتاوى وعبد الرحمن بن فيصل آل سعود فقد هربوا ومعهم "حريمهم" من الرياض إلى الاحساء وأقام عبد الرحمن الفيصل سبعة اشهر فيما جمع خلالها بعض من سول لهم بمغريات السوء وهجم على الرياض واستخلصها هي وضواحيها ولكن ابن الرشيد كرّ عليه بجيشه، وقابله في قرية حريملا فقضى على من معه.. فتمكن عبد الرحمن بن فيصل من الهرب إلى الاحساء فالقطيف فالكويت، وكان يدفعه لكل ذلك حكم آل عثمان الذين لم يكن محمد العبد الله الرشيد على وفاق معهم والذين كانوا يحكمون الاحساء والقطيف في المنطقة الشرقية… وفي الكويت أقام عبد الرحمن بعد ذلك ضيفا على الحاكم العثماني قبل اعلان الحماية الانكليزية على الكويت وذلك عام 1309 هـ 1891 م وكان يتقاضى مرتبا من الاتراك قدره (70 روبية ـ ما يعادل سبعة جنيهات استرلينية) ومن ثم أخذ ولاة الحكم العثماني في بغداد والكويت والاحساء والقطيف يهددون به محمد ابن الرشيد الذي كان يحارب نفوذهم في الجزيرة العربية آنذاك.. ومنذ ذلك الوقت ساءت العلاقات بين محمد بن الرشيد وحاكم الكويت مبارك آل صباح… في هذا الوقت بدأ الانكليز يحاولون فرض سيطرتهم التامة على الكويت والعراق وأجزاء كثيرة من الجزيرة العربية فاتفقوا مع عبد الرحمن آل سعود على أن "يوسوس" للشيخ مبارك الصباح، ويزعم أن أخويه محمد وجراح آل صباح قد صرحا له (بأنهما ينويان اغتيال أخاهما مبارك ليستأثرا بحكم الكويت) ووعد الانكليز عبد الرحمن آل سعود أنه بعد نجاح ما يقوم به سيجعلان من الكويت منطلقا ـ له ـ لا عادته إلى الرياض … ومن ناحية أخرى اتصل الانكليز بالشيخ مبارك الصباح وأوعزوا له بنفس الموضوع وزعموا (أن أخويه محمد وجراح قد طلبا مناصرة الانكليز في اغتيالهما لاخيهما مبارك الصباح!) علماً أن شيئا هذا لم يحدث، فالاخوان محمد وجراح كانا على خلاف مع الانكليز… هنالك هاج مبارك الصباح فقتل أخويه محمد وجراح وذلك في أواخر 1314 هـ 1897 م واتهم بقتلهما أحد أقاربهما وهو الشيخ يوسف ابن إبراهيم وكان هذا الشخص يقيم في البصرة.. ولم يقف الانكليز عند ذلك بل أبلغوا مبارك الصباح بأن أولاد أخويه (محمد وجراح) ينوون اغتياله ثأرا لوالديهم، فحاول مبارك الصباح اغتيال أولاد أخويه الصغار ولكنهم هربوا ولجأوا إلى الشيخ يوسف بن إبراهيم في العراق، وبعد ذلك بدأ الخلاف بين عائلة آل إبراهيم يناصرهم قسم من أهال الكويت وبعض عائلة الصباح وبين الشيخ مبارك الصباح، وجهز الشيخ يوسف بن إبراهيم حملة من العراق للاستيلاء على الكويت ولم تنجح، وفي هذا الاثناء أرسل الانكليز سفينة حربية صغيرة إلى شواطئ الكويت وقالوا (انها سفينة تركية ارسلها الاتراك لنقل مبارك الصباح إلى استنبول لأنه عّين عضوا في المجلس الشورى التركي بعد عزله من الحكم) وكانت أكذوبة الانكليز هذه بداية الحماية. فأعلن الانكليز حمايتهم للكويت. وهددوا السفينة باطلاق النار إذا لم تنسحب فانسحبت السفينة بالطبع. لأنها انكليزية!.. عندئذ بدأ الانكليز يفكرون في ابراز مطية لهم في قلب الجزيرة العربية، وكان محمد العبد الله الرشيد قد مات بعد حكم دام 30 سنة وهي أطول فترة مرة بها حاكم نم آل رشيد حيث حكم من عام 1286 هـ حتّى ما بعد عام 1315 هـ ومات موتا طبيعيا. بينما مات كل حكام آل رشيد قتلاً.. بل لعل فترة حكمه كانت أطول فترة مر بها حاكم ـ فرد ـ في الجزيرة العربية… وفي اليوم نفسه: استولى مكانه عبد العزيز المتعب الرشيد، وهو رجل شجاع انّما ينقصه من الصفات الشخصية الحسنة التي يتحلى بها عمه العبد الله كثيرا، وحاول الانكليز اقناع عبد العزيز المتعب الرشيد بالاستفادة من شجاعته بالسير في ركابهم ليجعلوا منهم ملكا للجزيرة العربية بدلا من ابن السعود أو غيره… لكنه أبى أن يسير معهم ولو خطوة واحدة… وبدأت الاحوال تسوء بين الصباح والانكليز بينما تتحسن بين الاتراك ويوسف بن إبراهيم وعبد العزيز المتعب الرشيد، وبدأ الانكليز في البحث عن المطية، أو القناع الذي يستتر به الانكليز للقضاء على ابن الرشيد للسير في درب العمالة… ووضع ركيزة للانكليز في قلب الجزيرة، فلم يجدوا أسهل من آل سعود ففاتحوا عبد الرحمن الفيصل آل سعود بالخروج من الكويت لمحاربة ابن الرشيد. وقالوا (أنهم سيمدون له العون مالا وسلاحا ورجالا)، لكنه خاف ولم يعد يحتمل مقاتلة جيش عبد العزيز الرشيد، فصرح عبد الرحمن بقوله: (انني كبرت الآن ولا أستطيع مقابلة عبد العزيز المتعب الرشيد) فاغرى الانكليز مبارك الصباح حاكم الكويت ووعدوه (بجعله حاكما على حائل ونجد بالاضافة إلى الكويت وغيرها فسال لعابه ووافق وبدأ يستعد للصفقة وخرج من الكويت متوجها صوب نجد وحائل، لكن عبد العزيز المتعب الرشيد علم بذلك فاستنفر جيشه وقابل ابن صباح في ضواحي القسيم في مكان يدعى (الصريف) وذلك في سنة 1318 هـ أول فبراير سنة 1901 م وانقضت قوات ابن الرشيد على قوات ابن صباح فأبادتها عن آخرها، وهرب مبارك الصباح بجلده ولم يكن معه إلا نفر قليل كانوا في المؤخرة بعيدا عن المعركة. وتعرف هذه المجزرة (بمجزرة الصريف والطرقية) حيث لم يبق بيت من بيوت اخواننا وابناء شعبنا الاحباء في الكويت إلا وفقد فيها عزيز عليه أو أكثر من جراء الجريمة الشنيعة التي كان المتسبب الأول فيها الانكليز وأطماع الحكام الذين ساقوا وما زالوا يسوقون الشعوب مرغمة لتقابل بعضها لمصلحة الحكام ليكون للشعوب المغرم وللحكام المغنم، ان الحروب جرائم الحكام… وكان أبناء شعبنا في الكويت لا يعرفون بالطبع لماذا أخرجوا من الكويت لقتال اخوانهم في حائل ونجد وقبائل شمر إلاّ أن الحكام خدعوهم قائلين (هذا هو الدفاع عن الوطن!) .. فقتال الشعب بعضه بعضا لمصالح الحكام الرجعيين والانكليز يسميه هؤلاء باسم الدفاع عن الوطن!.. لقد ذهب الكثير من الضحايا من اخوتنا الاعزاء في الكويت في تلك المعركة، وعاد مبارك الصباح بفائدة واحدة وهي (أن لا فائدة لمثل هذه المعارك مع ابن الرشيد وشمّر).. فأول الانكليز فشل مبارك الصباح ومن معه (على أنهم ربما لكونهم غرباء عن أرض نجد ولذا لابد من اخراج شخص جديد من نجد نفسها). وهكذا قال الانكليز... ولكن من يا ترى هذا الشخص؟. (لقد فشل ابن صباح. وسيفشل عبد الرحمن آل سعود لخوفه ولكونه كبير السن! وانهارت أعصابه من مطاردات عدد من قبائل وشعوب الجزيرة العربية له). يقول جون فيلبي: (لقد رأى بعض رجال المخابرات العامة أن يبرزوا لهذه المهمة فيصل الدويش رئيس قبيلة مطير فهو رجل قوي الشكيمة قوي القبيلة يستطيع أن يكون سلطانا وملكا على الجزيرة العربية بقوة الانكليز، ولكن بعض رؤساء المخابرات الانكليزية ترددوا أخيرا لأن لصفات الدويش الشخصية هذه والقبيلة مضارها ولان ايمانه الإسلامي صادق واعتزازه بعروبته قوي وهذا ما سيجعل منه الشخص غير القابل للترويض ومن خلال دراسة لشخصيته ثبت أنه ليس مطواعا للانكليز ولا يعتمد عليه ولهذا غض عنه النظر) ويقول جون فيلبي: (وعاد رجالنا في المخابرات الانكليزية للتكرار على عبد الرحمن آل سعود قائليه له: "نحن لا نريد منك أن تخرج من الكويت بل تبقى هنا وكل ما نريده أن نستخدم اسمك في حركتنا هذه فقد منحناك الثقة الكاملة وسنكون لك جيشا بعدته وعتاده ليستولي هو وحده على الرياض فيسلمها لك ويجعل من الرياض قاعدة ينطلق جيشنا منها لتصفية نجد وحائل ولنصد خطر عبد العزيز المتعب الرشيد والاتراك.. وأنت أقرب الناس إلى قلوبنا". فكرر عبد الرحمن آل سعود تخوفه من الفشل الذي سيصيبه وقال: "أما بالنسبة لي فقد انتهيت لكنني أعرض عليكم ابني عبد العزيز لأنه رغم صغر سنه سينعكم" ويتابع: أولا ـ لان عبد العزيز شاب صغير في مستقبل العمر وبالامكان توجيهه كما ينبغي.. ثانيا ـ ان لدى المخابرات البريطانية ما يثبت أن هذه العائلة تنتمي إلى أصل يهودي يرجع إلى قبيلة بني القينقاع ـ وكان عبد الرحمن آل فيصل آل سعود يفخر بهذا الاصل عندما قالوا له ذلك ويقول ان هذا ما يقربني من بريطانيا زلفى.. الشخصية التي ستحقق تنفيذ الرغبات في حل مشكلة فلسطين لصالح اليهود لتكون لليهود ارضا يقطنونها بعد تشرد طويل.) هذا ما قاله جون فيلبي. وليس الاصل هو المهم، فهناك من العرب من تآمر على فلسطين وهو لا يمت إلى اليهود بصلة.. ويتابع فيلبي قوله: (وبدأ توجيه الفتى عبد العزيز ووجد الانكليز القابلية التامة فيه والاستعداد وقوة الذاكرة لتلقي ما يملى عليه.. فقامت المخابرات الانكليزية بتجنيد حملة قوامها خمسة آلاف جندي من البدو سارت من الكويت بقيادة الكابتن شكسبير متجهة إلى حائل عبر نجد فعلم بها عبد العزيز المتعب الرشيد وقابلها بجنده في نجد "بمكان يسمى جراب ـ قرب بلدة الزلفى" وأبادها وفي مقدمتها قائدها الكابتن شكسبير وكان مع ابن الرشيد قبائل شمر وأهل حائل).. والذي قتل شكسبير شخص يدعى (صالح الذعيت) هجم عليه بينما كان شكسبير يمسك بمدفعه ولكنه ما أن رأى الشخص يهجم عليه شاهرا سيفه حتّى أخذ القائد الانكليزي يرفع الخوذة وينزلها من على رأسه احتراما وسلاما واستسلاما، ولكن الذعيت لم يقبل بسلام واستسلام الانكليزي قائد الجيش السعودي المدعي بالدين الحنيف زورا بل ضربه بالسيف ضربة فصلت رأسه عن جسده وهو يردد (هذا جزاء المعتدين ـ فلتمت حتّى يعلم الناس اننا لم نقتل الانكليزي شكسبير قائد جيش من زيفوا الإسلام.. وأفتوا بأننا كافرين الا لاننا ندافع عن بلادنا).. ولنعطي المجال لجون فيلبي مرة أخرى.. فهو أحق من غيره بالكلام!.. لانه صانع العرش.. خالق هذا الكيان السعودي الجديد.. وبالاصح: انّه الرسول الامين للخالق فالمخابرات الانكليزية بقضّها وقضيضها هي الخالقة للعروش.. ولننظر ما سيقوله "الرسول" هذا الجون فيلبي.. يقول: (بعد أن قضى شمر وأهل حائل على بعثة الكابتن الجون فيلبي.. يقول: (بعد أن قضى شمر وأهل حائل على بعثة الكابتن شكسبير رأى المكتب الهندي "مكتب المخابرات" أن أتولى أنا شخصيا.. هذه المهمة الشاقة مانحا اياي ثقته.. فرأيت أن لا أخيّب هذه الثقة.. رأيت أن أقدم نوعا جديدا غير ما قدمه سلفي شكسبير… ورأيي كان الآتي: أن أخلف حسن ظن بعض رجال المخابرات الانكليزية في الشريف حسين بن علي.. ومن هؤلاء الرجال ـ ب.أ . لورنس ـ. أو ملك العرب غير المتوج كما يسميه البعض رغم أن كلانا ننتمي إلى شعبيتي "مخابرات" انكليزية واحدة هو يتبع للمكتب العربي في القاهرة.. وأنا أتبع للمكتب الهندي في الهند.. لكن له رأي ولي رأي آخر، فهو يرى أن تستمر بريطانيا في دعمها للشريف حسين وعائلته، أما أنا فأرى أن نحارب الشريف حسين ونخرجه وعائلته من الحجاز لنسلمها إلى عبد العزيز وعائلته.. ودعمت رأيي بما يلي: أولا ـ ان كانت مصلحة بريطانيا قد قضت بتقوية الشريف حسين رغم كونه ينادي بالثورة العربية الكبرى فقد كان دعم الانكليز للثورة العربية الكبرى يعتبر من صالح الانكليز وقد قصد به استقطاب العرب حول الشريف للقضاء به على ـ عدونا ـ النفوذ التركي واخراج الاتراك من البلاد العربية لكون الاتراك يحاربون النفوذ البريطاني باسم الإسلام ويصعب على بريطانيا محاربة دولة مسلمة تدعي أنها جاءت لخدمة الكعبة وحماية الاراضي المقدسة من جور "الكفار" وتعتبر أن الاراضي العربية كلها مقدسة بالنسبة لها ولم يكن لنا أي بد من محاربة دولة المدعين بالاسلام إلا بدولة إسلامية وعربية أيضاً ولها أيضاً من الاحقية والقداسة لدى المسلمين ما ليس لتركيا نظرا لدعوى الشريف أنه من سلالة محمد بن عبد الله نبي هذا الدين.. أما الآن وقد أصبح النفوذ التركي باطلا بعد ضربه باسم الوحدة العربية والثورة العربية وأخذ بالانقراض. فيجب أن لا تتركه ينقرض وحده بل وينقرض معه النفوذ الهاشمي من الاراضي المقدسة لكيلا يستخدم هذا النفوذ ضدنا نفس السلاح الذي استخدمناه ضد الاتراك وليكلا تستغل العائلة الهاشمية "قداستها" ! في المناورات السياسية ويندفع حسين بن علي في دعوة توحيد الوطن العربي تحت تاجه مدفوعا بقوة العرب المؤمنين بالوحدة حقاً، وتوحيد الوطن العربي لن يكون بالطبع من صالح بريطانيا حتّى ولو جاء التوحيد هذا تحت حكم ملكي مؤيد لبريطانيا "مائة بالمائة" فقد يتغير هذا الحكم باحدى الثورات التي تقضي على المصالح البريطانية بين عشية وضحاها ويصبح من العسير على بريطانيا تفريق الشعور العربي الذي سيتوحد ويتقد بالعداء لبريطانيا.. ثانيا ـ الشريف حسين صاحب أخلاق شرسة وسوف لن يقبل بالتوقيع أو بالتساهل بجعل وطن لليهود في فلسطين حتّى ولو كان في هذا العطاء مصلحة لصديقته بريطانيا، فهو الآن يتعامل مع بريطانيا بحسب ما تتطلبه مصلحته الشخصية، أما عبد العزيز بن سعود فسيتعامل مع بريطانيا حسب ما تتطلبه مصلحة بريطانيا لكونه لم يكن له كيان أو صفة قبل بريطانيا وبدونها. وعلى هذا الأساس سيكون على أتم استعداد لتنفيذ كل ما تريده بريطانيا. وخاصة اعطاء فلسطين وطنا لليهود. بل هو يفخر ووالده عبد الرحمن بكون اليهود أبناء عمهم، ثم ان الذي نخلقه بأيدينا من لا شئ سوف لن يتعالى علينا مهما كان شيئا في المستقبل وكبر منصبه. أما حسين بن علي فهو ثابت قبلنا في منصبه وكل ما يكبر منصبه سيحس أنه كان أكبر من منصبه وأكبر منا، بل لقد استخدمنا سمعته عند العرب لتحسين سمعة بريطانيا العظمى بادئ الامر.. فوافق البعض من رجال المخابرات أما البعض الاخر فقد وقف مع لورنس إلى جانب الاشراف لكن الجميع قد استسلموا لآرائي أخيرا بعدما لمسوا ذلك بأيديهم. ولهذا الموضوع قصة طويلة انتهت بنفي الشريف حسين إلى قبرص وابتدأت بأولى عملياتي مع عبد العزيز آل سعود، فرأيت أن لا أقود المعارك كما فعل سلفي الكابتن شكسبير فأقتل كما قتل وانما أبقى في المؤخرة وأخطط لها فبدأت بصنع مستلزماتها وكانت ما يلي: 1 ـ اطلاق لحيتي وشعر وجهي كله. 2 ـ اشهار إسلامي واستبدال اسمي "جون فيلبي" باسم الشيخ محمد فيلبي، وقد رأيت أن المصلحة بالابتعاد عن اسم "محمد" فاستبدلته باسم الحاج عبد الله فيلبي. 3 ـ وضع مرتب شهري مبدئي لعبد العزيز قدره (500) جنيه استرليني ومبلغ 100 جنيه استرليني لوالده عبد الرحمن 25.0 لكل واحد من اخوته.. 4 ـ صك مبالغ كثيرة من العملة المزيفة "جنيهات ذهب وريالات ماري تريزا" ـ واحضار / 30000/ بندقية مع ذخيرتها وكمية من المدافع الرشاشة وجعل عدد من البواخر والطائرات تحت طلب هذه العمليات. 5 ـ تجميع أكبر عدد ممكن من آل الشيخ والدارسين لاصول الفقه واطلاق لحاهم ـ كحالتي ـ وصرف مرتبات ثابتة لهم ليفتوا بتكفير من يعارض عبد العزيز آل سعود واباحة دم كل من يعارض ابن السعود واباحة ماله وعرضه وأرضه. 6 ـ تكوين جيش متدين يلتزم بفتاوى هؤلاء "الشيوخ" التزاما كليا ويسمى "جيش الاخوان" علامتهم الفارقة "عمامة" فوق الرأس، وشعارهم "هبّت هبوب الجنة وينك ياباغيها" أي فاحت روائح الجنة ومن يريد الجنة فليتقدم للموت في سبيلها.. وقفة عندما وقف عنده فيلبي إلى هنا نقف عندما وقف عنده جون فيلبي!.. فيلبي الذي قال وفعل!. ثم أخذ في تجميع هذا الجيش، وأخذ عدد أصحاب اللحى الطويلة المزيفة يزداد كل يوم والاموال الانكليزية المزيفة تدفع لهم بلا حساب.. وأخذ جيش المرتزقة والمخدوعين يتكاثر.. وعين الانكليز مستشارين من كل بلد عربي لعبد العزيز آل سعود وكونوا لهم مجلسا أطلقوا عليه اسم (مجلس الربع) أي مجلس الجماعة، وهذا المجلس يرأسه الشيخ جون فيلبي نفسه، ومن أعضائه حافظ وهبه من مصر ـ وخالد قرقرى من المغرب ـ وفؤاد حمزة ويوسف يس من سوريا ـ وبشير السعداوي من ليبيا ـ وعبد الله الدملوجي من العراق ـ وحسين العويني من لبنان، وغيرهم… ورأوا أن يتجمع جيش الاخوان في أماكن يطلق على كل منها اسم (الهجرة) تشبّها ـ مع الفارق الكبير ـ بالمهاجرين الذين هاجروا مع النبي العربي محمد بن عبد الله من مكة إلى المدينة!.. وطفق تجار الدين في تلقين هؤلاء الجنود المخدوعين بالفتاوى الصادرة عليهم من (مجلس الربع) الواردة من مكتب المخابرات الانكليزي (المكتب الهندي) عن طريق الحاج جون فيلبي، ومنها قولهم (كل من قتل عشرة من قبيلة شمّر أو أهالي حائل ـ أو ممن يعادون ابن سعود ـ يدخل الجنة بلا حساب ليجد فيها عشر حوريات من الحسان الكواعب الاتراب اللائي لا يكبرن عن 15 سنة ولا يصغرن عن هذه السنين عمرا، بالاضافة إلى لحوم الطيور المشوية التي سيجدها كل من يُقتل تحت بيارق آل سعود في الجنة، وما عليه الا أن يفتح فمه فتسقط في فمه مشوية دون عظام بالاضافة إلى أنهر العسل واللبن).. إلى غير ذلك مما يتمناه كل محروم في الدنيا!.. ولم يعلم أبناء البادية أن الذي لم يجد في دنياه شيئا لن يجد بعد موته أي شئ.. وكما يقول القرآن الكريم: (من كان في هذه الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا).. وكنوع من التضليل: أخذ "مجلس الربع" هذا يحجب مجموعات من الدجالين والمرتزقة عن نظر المخدوعين من جنود القبائل "ثم يبث" مجلس الربع اشاعات تقول: بأن (فلان، وفلان، وعلان) ـ قد تسللوا إلى حائل فشاهدوا بأعينهم "الحور العين" داخل أسوار حائل وغيرها ثم يكرر رجال الدين دجلهم قائلين لجنود البادية المخدوعين ( ان مشاريع العمران قائمة عند الله لمن يقاتل المشركين من أهل حائل وأهل الحجاز وعسير وتهامة واليمن والجوف والاحساء و"بعض الكفار من أهالي نجد" أما البعض الآخر ـ التابع لابن السعود ـ فأولئك من أهل الجنة الذين خصص الله لكم واحد منهم قصره فيها وفيه ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين من حور عين ولبن لم يتغير طعمه وعسل مصفى ورعية من الخيل والابل والاغنام). ويقول أحد شيوخ القبائل (الشيخ بن سحمي) في تصريح له نشره المستر (هـ. ر.ب ديكسن) رجل المخابرات البريطاني المعروف في الكويت في كتابه ( الكويت وجاراتها): "لم نكن نعلم بادئ الامر أن بريطانيا قد جاءت تعلمنا أمور ديننا مرسلة لنا بجون فيلبي وعبد العزيز آل سعود.. ولم ندرك هذه الخديعة الا في وقت متأخر بعد فوات الاوان وبعد أن انقسمت المدينة الواحدة والعشيرة الواحدة والعائلة الواحدة إلى أقسام عديدة وقام الاخ منا يقتل أخاه وابنه وزوجته ويبيع كل ما يملكه أو يذبح ابله وأغنامه للتخلص منها والتخلص حتّى من أقرب الناس الينا ومن كل ما يعوقنا في الدنيا عن طريق الاخرة الذي لا يعلمه الا الله!. فندفع لمشايخ الدين ولعبد العزيز آل سعود ثم نبدأ بقتال الاهل والاقارب بعد أن أوهمونا مشايخ الانكليز بأنهم من "الكفار" لمجرد أنهم لا يشاركوننا بهذا الجهل الذي حسبناه علما ودينا، بل وأخذنا نترك نساءنا وديعة لدى عبد العزيز ليرعاهن بينما نذهب للقتال بحثا عن نساء في الجنة وملذات في الاخرة ومن لم يمت منا ثم يرجع حقا فانه يجد عبد العزيز قد تمتع بنسائه في الدنيا وهو ذاهب يقاتل اخوته بحثا عن نساء في الاخرة وحور موهومة بعد الموت، بعد أن يجد عبد العزيز آل سعود قد الصق العار في وجوهنا".. هذا ما قاله أحد الذين أوهمهم آل سعود بحياة ناعمة في الآخرة وبعد أن أوصلهم للاستيلاء على بلادنا حرموهم من كل شئ في الحياة.. وبهذا التضليل السعودي اليهودي الانكليزي سارت الحركة الوهابية السعودية أولا وأخيرا معتمدة على دراسة نفسية لهذه القبائل ومعتمدة على ايجاد (طوابير خامسة) داخل القبائل والمدن والقرى ومعتمدة على فتاوى عدد ضخم من تجار الدين الذين خادعوا القبائل بطول شعور ذقونهم الضالة وكان لهم أقوى التأثير في نفوس بعض القبائل حتّى جعلوا من الوهم عقيدة تشربت بها عقول ودماء العدد العديد من القبائل إلى الحد الذي أسلفناه: أن الاخ قتل أخاه والاب قتل ابنه لمجرد أن هذا المقتول عارض هذا الضلال الانكلويهودي سعودي الذي حسبوه ديناً برقعوه ببراقع الإسلام والاسلام منه براء، مما جعل أفراد القبائل يتبرأون من كل شئ في الدنيا بحثا عن ملذات الاخرة، وعندما يصاب أحدهم بجرح يمنعه عن المسير يبادره أقرب الواقفين منه بطعنة خنجر، مسرا بأذن الصويب وهو يلفظ آخر أنفاسه قائلا: (لا تنساني عند ربك يافلان أسرع للقاء ربك واحجز لي عنده بيتا في الجنة) فيرد المطعون وهو يلفظ آخر أنفاسه قائلا: (هل تريد البيت مخومس أو مسودس؟) وهو نوع من بيوت الشعر البدوية، فيرد الطاعن والدم لا يزال يقطر من يده يسدد له طعنة أخرى وأخيرة فيقول له: (لا تطول الحكي. اذهب وتفاهم مع الله على نوع البيت وما يريده الله مقبول ولا شروط عندي الا أن تكون فيه فرس مربوطة، وحور ممشوطة، وكلب للغنم، وسلقة للصيد، ودلو لا خراج الماء، ويكون البيت بالقرب من نهر اللبن وأشجار القهوة) كذا.. وليست هذه الوصايا من أحاديث التندر انّما هي "فتاوى سعودية" قد حدثت فعلا يرويها من عاصروها.. لقد روى أحد أفراد جيش "الاخوان" ممن لا زالوا أحياء لزميل له من "الاخوان" اسمه: فريح النّبص يقول: (حينما كنت من جند الاخوان التابعين للشيخ فيصل الدويش وجرحت في معركة تربه وتركني "الاخوان" طريح الأرض ينزف دمي.. لم ينقذ حياتي غير إمرأة بدوية مرت بي فأخذتني إلى بيتها وحفرت لي حفرة في التراب ألهبت النار فوقها حتّى حمي التراب ثم دفنتني فيها فالتأمت جراحي بهذه الطريقة وبعناية البدوية وبعد شهرين لحقت بقوم ابن السعود وإذا بي أجد أحد مشايخ الدين قد تزوج زوجتي بحجة "أن زوجها قد تزوج سواها في الجنة". لكنه ما أن رآني الشيخ قد رجعت أفتى "بكفري" زاعما: "أن الله قد أعادني إلى الدنيا وأخرجني من الجنة لانني من الكفار والمنافقين، فأمر الشيخ بقتلي من جديد واحراقي بالنار تطهيراً لجسدي وروحي.. الشريرة..) ويقول: (لقد تمكنت من الهرب بجلدي بعد أن فقدت زوجتي الغالية مما جعلني أكفر في الدنيا والاخرة وألعن كل حبة رمل داستها اقدام "الاخوان" وألعن الجنة والنار معهم).. هذا الشخص لا زال على قيد الحياة واسمه "علي السلامة" وقد قارب الـ 80 سنة .. وبمثل هذه الفتاوى الفاسدة، استطاع الانكليز بث الروح الوهابية اليهودية بمشايخ الدجل الديني فخدعوا بعض القبائل التي تبرأت من كل شئ في الحياة باعتباره "شقاء" منادين بأعلى أصواتهم في الشوارع تخلصا من هذا "الشقاء" قائلين (وينك يا شاري الشقاء؟).. لقد تخلى هؤلاء المخدوعين حتّى عن أموالهم باعتبارها "شقاء" يمنعهم ويشقيهم عن الجهاد!. وأصبح أهم ما يشغلهم قصور الجنة وحورها، وريالات الانكليز وذهبهم المزيف.. وكان من أول من خدع بهذه المغريات ويا للاسف (فيصل الدويش) رئيس قبيلة مطير (وسلطان بن بجاد) رئيس قبيلة عتيبة (ومحسن الفرم) رئيس قبيلة حرب (وأبو اثنين) رئيس قبيلة سبيع (وملبس بن جبرين) من شيوخ قبيلة شمر وغيرهم ممن قتلهم آل سعود أخيرا حينما اكتشفوا الخداع السعودي فساروا عليه.. وبالطبع فهذه القبائل كانت تابعة لشيوخها.. وبهذه الطريقة هيأ الانكليز الجو لمضغتهم عبد العزيز ونشروا أخباره وأسفاره في كل البلاد العربية وصحفها وصحف العالم، ولكي يعزز الانكليز من مركز الفتى عبد العزيز آل سعود أخرجوه خارج الكويت بقوة كبيرة ليضرب بعض القبائل الموالية لابن الرشيد لكنه فشل.. الا أن حكم آل الرشيد نفسه في الحقيقة قد أسدى بنوعية تركيبه خدمة كبيرة للانكليز وابن السعود، لكون هذا الحكم الفردي العائلي قد تقهقر إلى الوراء بعد أن فقد تلك الشخصية القوية، شخصية محمد العبد الله الرشيد، وأصبح كل واحد من آل الرشيد يغتصب الحكم بقتله لاخيه وابن عمه بعد مدة وجيزة ليحكم، بلا هدف، فيقتله الاخر من أجل أن يحكم الناس بلا هدف الا هدف الحكم وحده، الا أن حكام آل رشيد يشهد لهم أنهم لم يخادعوا الناس باسم الدين ولم يقتلوا أحداً بحجة أنهم "كفار ومشركين" كما يفعل يهود آل سعود وآل عبد الوهاب.. ولو لم يقتل آل رشيد بعضهم بعضا، ولو أن حكمهم قد قام على دعوة اصلاحية أو فكرة عقائدية اقتصادية واجتماعية حتّى ولو كانت مزيفة!.. لعاش مدة أكثر نتيجة لقوة أنصاره من شمر وغيرهم.. ولنرجع مرة أخرى الان إلى أقوال جون فيلبي رئيس مجلس الربع السعودي؟.. وبدأ الانكليز بتوجيه الضربة من الرياض يقول جون فيلبي (لقد رأت أن نقوم بالاتصال بمشايخ الدين في الرياض تمهيدا لارسال عبد العزيز إلى الرياض والاستيلاء عليها وجعلها مركزاً رئيسيا لحركتنا الوهابية الدينية ـ التي اعتنقتها ـ نظرا لبعد الرياض عن عاصمة ابن الرشيد وضعف مركز عجلان ت عامل ابن الرشيد ـ في الرياض وقلة حراسته، وبالفعل أرسلنا الرسل ووجدنا الطريق ممهدا أمامنا وبذلك أخرجنا عبد العزيز من الكويت بتاريخ 13/8/1901 ومعه 250 شخصا ـ وليسوا كما قيل 40 شخصا وفي رواية أخرى 20 شخصا ـ وحملناهم بسيارات مسلحة إلى مقربة من الرياض، وفي ليلة 19/8/1901 كانوا يقيمون جميعا في بيت واحد من آل الشيخ داخل بساتين "الشمسية" وكان يتصل بهم بعض آل الشيخ الذين رتبوا لعبد العزيز طريقة الدخول إلى الرياض واتفقوا مع زوجة عجلان ـ وهي من أقارب عبد العزيز ـ بأن تدخل عبد الله بن جلوي ـ ابن عم عبد العزيز ـ وعدد معه إلى بيتها وتخفيهم حتى اذا ما نام عجلان باغتوه واغتالوه في فراشه فوافقت الزوجة ولكنها اظهرت مخاوفها أن يطلع عجلان على أمرهم فيقتل الجميع واقترحت أن لا يدخلوا إلى بيتها رأسا وانما تدخلهم إلى حظيرة البقر في البيت المجاور وتختلق للبقّار عذرا فترسله تلك الليلة بعيدا عن البيت فكانت خطة ناجحة شاركت في إنجاحها زوجة عجلان. وفي عشية ليلة 20/8/ 1901 دخل عشرون منهم إلى الرياض بثياب نسائية إلى بيت زوجة عجلان رأس وكأنهن نساء زائرات وتظاهرت زوجة عجلان بالترحيب "بهن لزيارتهن" لها. ثم "أدخلتهن" إلى بيت البقر، وانتظروا طويلا ولكن عجلان لم يأت حيث أرسل لها رسولا يخبرها بأنه سينام تلك الليلة في قصر الحكم.. وخيل للزوجة أن خطتها قد كشفت .. وكاد المريب أن يقول خذوني، فكادت أن تطلع زوجها على الامر إتقاء لنقمته.. لكنها انتظرت.. وأبلغت المقيمين في بيت البقر بالامر وهو أن زوجها أخبرها بأنه سينام في القصر.. وخيل لهم أيضاً أن أمرهم قد كشف .. ففكروا بالهرب.. ولكنهم وجدوا أخيرا أن خروجهم سيكشفهم أكثر ولم يكن من المؤكد أن يكون أمرهم قد كشف.. وبعد ساعات تبين لهم بواسطة الزوجة الثانية ستبات معه تلك الليلة… وبذلك وضعت للمتآمرين الخطة.. وقالت لهم: باتوا هنا.. واخرجوا في الصباح لتغتالوه، فعجلان بعد أن يصلي الصبح يشرب القهوة ثم يخرج بعد شروق الشمس ليطلع على حالة الخيل بجوار القصر وفي هذا الاثناء لن يكون معه أحدا فحراسه وعددهم ثمانية عشر يرقدون في القصر بعد صلاة الصبح وهناك تتاح لكم الفرصة لقتله.. وكانت خطة منها ناجحة لقتل زوجها.. ففعلوا واتجه قسم منهم قوامه الـ 20 شخصا، وانقسم بقيتهم إلى قسمين لامداد الاولين في حال فشلهم أو قتلهم.. واتجهت المجموعة الاولى من قبيل الفجر نحو القصر وجعلوا من أنفسهم ضيوفا!.. فمثلوا دور الضيوف النائمين عند باب القصر!.. ولم يناموا وانما غطى كل واحد منهم جسده وسلاحه بعباءته وتمدد على الأرض.. ولم يكن هذا المنظر مستغربا.. فهون المنظر الدائم للضيوف!.. وما أكثر الضيوف.. وما أن خرج عجلان من القصر ـ كعادته التي أرشدتهم عنها زوجته ـ حتّى أمطروه "الضيوف" بوابل من الرصاص!.. واستطاع أن يتراجع عجلان إلى داخل باب القصر لكن رصاصة من عبد الله بن جلوي قد أدركته فسقط قتيلا وسحبوه إلى خارج القصر.. غير ان حراس القصر تمكنوا من اغلاق الباب والاستمرار في اطلاق النار والمقاومة ـ فقتلوا خمسة وجرحوا سبعة ـ من جنود السعوديين الذين لحقت بهم الهزيمة لو لم تكن الامدادات الكامنة في بيوت الشيخ قد تداركتهم وهاجمت القصر بما يزيد عن الثلاثمائة مسلح.. ورغم ذلك لم يستسلم حرس القصر الا بعد أن عاهدهم السعوديون مقسمين (بوجه الله ووجه عبد العزيز) بالمحافظة على أرواحهم واعطاءهم الخيار في الاقامة في أي مكان يريدون، وبذلك فتح الحراس باب القصر واستسلموا (1) لكن السعوديين لم يفوا بعهدهم… فقتلوهم شر قتلة ومزقوا أوصالهم ومثلوا بهم وبقروا بطونهم وأخذوا يقذفون بلحومهم إلى الحيطان.. ولا زالت دماءهم عالقة يشاهدها الناس في بعض جدران قصر عجلان(1) الذي أصبح الآن سجنا يسمى "مصمك الرياض".. وبعد ذلك خرج عبد العزيز حيث كان مختفيا في بيت أحد مشايخ الدين.. وكان القصد من اخفائه هو أن يخرج إذا نجحت الخطة. أما إذا فشلت فنكون قد حافظنا على حياته لنعيد التجربة مرة أخرى.. وليس صحيحا ما قيل غير ذلك أن عبد العزيز قد طرق بابا البقّار، ودخل ثم قفز إلى بيت زوجة عجلان وقفل الباب عليها ثم هجم على قصر عجلان الخ)… فكل هذا الكلام السائف كان بعض ما قاله أحد المشرفين على نشأة الخلق.. خلق هذه العائلة الشريرة من لا شئ.. ومنذ ذلك اليوم برز اسم عبد العزيز وراح الانكليز والدجالون من سلالة عائلة الدجل الوهابية وتجارالدين ينسجون حول عبد العزيز الخرافات ويلبسونه حلل البطولات بلا قياس. منذ ذلك اليوم.. وفي ضحى ذلك اليوم أخذوا رأس عجلان ومعه رؤوس الحراس يحملونها على الرماح ثم دخلوا بها المسجد ونادى المنادي في أهل الرياض أن اجتمعوا!.. فاجتمعوا.. وأذن مؤذن سعودي من تجار الدين يقول (الحكم اليوم لله ولعبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وهذه رؤوس الكفرة والمشركين ومن لم يسمع ويطيع فهو مشرك وكافر مثلهم وسنجازيه بالمثل ومن يريد أن يدخل في الإسلام فليسلم على أيدينا) فسكت الناس مرغمين بالقوة من ناحية ومن ناحية أخرى لم يكن في حكم عجلان ما يدعو للارتياح فكلا الحكمين من نوع واحد، واستسلم شعبنا في الرياض للحكم الواقع.. وأخذ الانكليز يساندون عبد العزيز بكل قواهم العسكرية والمالية والاستشارية والادارية.. فقويت شوكتهم… واحتلوا في جنوب نجد ( الخرج والافلاج) في عام 1320 هـ ثم في سنة 1321 هـ احتلوا سدير والوشم والمحمل والقصيم، ولم يكن اعتمادهم في طريق الاحتلال على القوة العسكرية فقط وانما كانت الدراهم.. كان المال المزيف المال الذي ينفقه الانكليز على دابتهم السعودية بلا حساب.. فكانوا يرسلون الاموال إلى عملاء لهم في كل المدن والصحاري الاخرى لتكييفهم لحساب ابن السعود.. في هذا الوقت: رأى عبد العزيز المتعب آل رشيد الاستعانة بعدد من ضباط الجيش التركي لكونهم "مسلمين" كما يقولون حينما رأى أن خصمه عبد العزيز آل سعود يعتمد في وضع الخطط العسكرية والاستشارية والادارية على ضباط من الجيش الانكليزي أكثر خبرة من جنده.. لكن ضباط "الرجل المريض" ضباط الجيش التركي ما كانوا بالمستوى الذي كان عليه ضباط الاستعمار البريطاني لا من حيث الخبرة ولا من حيث الاخلاص لسادتهم الاستعماريين في تنفيذ مهماتهم، بدليل أنه في الوقت الذي كان عبد العزيز المتعب يعتمد على خبرة هؤلاء الضباط "المسلمين" الاتراك كان جون فيلبي يتصل ببعض الضباط الاتراك ويشتري بعضهم لحساب الانكليز وخدمة عميلهم عبد العزيز آل سعود لتخريب مدافع ابن الرشيد مما جعل بعض الضباط الاتراك أنفسهم يستسلمون ويسلمون مدافعهم إلى عبد العزيز آل سعود بعد أن كانت هزيمته تكون محققة في معركة البكيرية ـ في نجد ـ ومع ذلك فقد غدر ابن السعود بالضباط الاتراك الذي سبق له أن رشاهم فأرسل رجاله اليهم واستولوا على ما معهم من ذهب وأمتعة وقتل بعضهم، بل وغدر برجاله أخيرا وسلبهم ما غنموه منهم ثم قتل بعض رجاله.. والغدر مهنة سعودية متأصلة فيه وفي أهله وذريته.. حتّى أن شخصاً اسمه فايز العلي الفايز ـ من بريدة ـ استولى على خزينة قائد الجيش التركي وفيها 800 جنيه ذهب ومسدس وناظور، وما أن علم عبد العزيز بذلك حتّى بعث إليه بخادمه شلهوب يطلب تسليمه المبلغ والمسدس والناظور ـ "كسلفة" ـ كما قال ـ ولم يردها له عبد العزيز بالطبع بل عاقبه عندما جاء يطالبه باعادة تلك "السلفة" فيما بعد، بعد أن هاجر إلى مصر، وعاد إلى وطنه مرة أخرى بأمس حاجة لأي شئ يقتات منه!!. وعندما انسحب الاتراك نهائيا من نجد عام 1334 هـ 1906 م أرسل عبد العزيز المتعب الرشيد يقول لعبد العزيز آل سعود: (أنت غير عربي، ولو أن فيك ذرة من العرب لما رضيت بأن يقاتل العرب بعضهم بعضا من أجل مصالح الانكليز؟ ومع هذا تدعي أننا مشركين بالله وانك أنت المرسل من عند الله تمنح الجنة والنار والحور العين.. إذا كان فيما تدعيه شيئا من الصحة بأنك رسول الله .. فلا بد أن للرسل من معجزات ولهذا يجب أن تتبارز أنا وأنت، ولعلك بمعجزاتك يا رسول الانكليز تغلبني فتقتلني أو أقتلك، وبذلك يسلم العرب في شمال نجد وجنوبها من قتال بعضهم بعضا لا لسبب الا لأن الانكليز يريدون بلادنا ووجدوا فيك ضالتهم بعد أن يئسوا من شرائنا).. فرد عليه عبد العزيز آل سعود قائلا: (أنا أحارب بقوات الانكليز ومع ذلك فأنا أخشاك ولا أنكر هذا بأنك أشجع مني ولن أتبارز معك وأنا أعرف أنك إذا هجمت على جميع أعدائك تنتخي وتعتزي بقولك: حسبت نفسي ميت العام) أي حسبت انني قدمت منذ عام مضى.. (أما أنا يا عبد العزيز بن سعود فأقول انني سأبقى وسأقضي عليك بلا مبارزة وسأستخدم لقتلك واحداً من أهل بيتك) فاستشاط عبد العزيز بن رشيد من هذا وتقدم بجيشه مطاردا ابن سعود وجيشه السعودي الذي توغل في أواسط نجد. ولكن ابن سعود تراجع إلى العارض عندما علم بذلك، ولكن ابن الرشيد رأى ألا يتراجع إلى حائل وأن يقيم خيامه في مكان صحراوي في نجد يسمى روضة مهنا ليجعل من هذا المكان منطلقا لمطاردة السعوديين، وقد أقام مدة طويلة في هذا المكان وحده دون أن يزيح خيامه منه، حتّى أن أوتاد الخيام نبتت وأصبحت (اثلا) مما جعل جيش عبد العزيز المتعب يصاب بالملل من موقفه، فلا هو مقاتل ولا هو راجع لمدينة حائل.. من هنا تحرك جون فيلبي يبحث عن واسطة يتفاهم معه من أسرة ابن الرشيد نفسه لقتل ابن الرشيد.. ولنترك الكلام الآن لجون فيلبي ليقول: (واتصلنا بالامير فيصل الحمود العبيد ـ وهو من ذرية عبيد بن رشيد بينما عبد العزيز بن متعب من ذرية عبد الله بن رشيد، وعبيد وعبد الله شقيقان، وهما مؤسسا أسرة آل الرشيد وقد حدثت من بعدهما خصومات بين العائلة فالكل يقول انّه أحق بالحكم من ذرية الآخر ـ وطلبنا من فيصل الحمود العبيد قتل ابن عمه وتعهد عبد العزيز بن السعود بتأييده حاكما مكان ابن عمه ابن متعب في حائل، ووعدناه بتأييد الانكليز له بالمال والسلاح والسياسة،وكنا صادقين فيما نقول لان كل همنا هو أن نتخلص من ابن متعب الذي أتعبنا بجبروته وشجاعته وصبره المنقطع النظير، وقررنا أن نباغته في مخيمه ليلا الا إنه بدون المباغتة يصعب علينا القضاء عليه، ولان من عادات العرب وجيش ابن الرشيد خاصة تحريم الهجوم ليلا مهما كانت الاحوال، ففي عرفهم أن القتال الشريف يجب أن يكون وجها لوجه وفي وضح النهار ليشهد الرأي العام ما يحدث ويسجل الناس انتصار أي خصم على الآخر ويكون بالامكان معرفة من يهرب من المقاتلين فيحمل وزر جبنه).. ويتابع فيلبي قوله (لكنه ماذا يهم الانكليز من هذه المثل العربية العليا؟.. ما دمنا نبحث عن النصر بأي طريقة ناجحة جاءت ليلا أو نهارا، كل ما يهمنا آنذاك هو مصلحة بريطانيا العظمى بأي طريقة شريفة أو حتّى غير شريفة لتثبيت صديقها الأول ابن السعود ففي تثبيت ابن سعود تثبيت المصالح البريطانية ومن ثم تثبيت الوجود الاسرائيلي في فلسطين والقضاء على العدو المشترك ابن الرشيد والاتراك ـ لتتفرغ بريطانيا لمصالحها في الجزيرة العربية).. رأيتم هذه الصراحة الانكليزية المتناهية.. انني أتمنى أن يكتب تجار الادب ممن زيفوا التاريخ السعودي بهذه الصراحة المتناهية التي يكتب بها جون فيلبي المشرف على خلق العرش السعودي.. وهكذا سارت وصارت بريطانيا في الجزيرة العربية… وبعد منتصف ليلة 18 صفر سنة 1324 هـ 13 نيسان 1906 م أطلقت عيارات نارية على مخيم ابن الرشيد أفزعته من نومه وجعلته يمتطي صهوة جواده دون أن يحدد الاتجاه، وهو يصرخ: الفريخ ـ الفريخ .. احمل العلم يالفريخ. والفريخ هذا هو حامل علم ابن الرشيد، وإذا بعلم عبد العزيز بن الرشيد ينطلق أمام ابن الرشيد يحمله شخص غير الفريخ ليخادع ابن متعب بعلمه المزيف فيقوده إلى الكمين الانكلو سعودي المنصوب لعبد العزيز المتعب الرشيد، فانخدع عبد العزيز المتعب وأخذ يسابق الريح فوق صهوة جواده خلف حامل العلم الذي ظنه ابن الرشيد علمه، بينما حامل العلم يغير بسرعة نحو مخيم ابن السعود. ولم يكن ذلك العلم الا خرقة زيفها جون فيلبي وجعلها نسخة طبق الاصل من علم ابن الرشيد، أما العلم الحقيقي لابن الرشيد وحامله الفريخ فلم يتحرك من مخيمه بعد. وتبع عبد العزيز ابن الرشيد هذا العلم المزيف وحده قبل أن يتحرك جيش ابن الرشيد الذي بوغت ليلا ولم يعرف إلى أي وجهة اتجه عبد العزيز ابن الرشيد بينما الفريخ الحقيقي وعلمه لم يزل مع جيش ابن الرشيد المباغت، وكان حامل العلم المزيف متلثما وهو يقود المتعب إلى حيث الكمين الانكلو سعودي الذي لم يبعد عن مخيم ابن الرشيد أكثر من كيلومترين، وإذا بابن الرشيد وحده أمام جيش سعودي عدده خمسة آلاف، عند هذا فقط أدرك عبد العزيز ابن الرشيد الخدعة لكنه لم يتنبه لحامل العلم المزيف بعد.. فلا زال يظنه علمه وان حامله هو الفريخ.. حيث أخذ يصرخ بحامل العلم بأعلى صوته: "ويش هالدبره يالفريخ؟" .. أي ما هذه الدبرة العمياء.. "ما هذا التصرف يالفريخ"؟. لكنه لم يكن الفريخ الا (فرخا سعوديا انكليزيا) قاد ابن متعب ببراعه إلى الموت المحقق حينما كشف عن لثامه وهو يقذف بالعلم المزيف ويصرخ مناديا بالسعوديين والانكليز (عبد العزيز يا طلابته.. ابن متعب يا طلابة ابن متعب!!) ويقول جون فيلبي: (لقد كان رأيي أن نأسر ابن متعب فقط ما دام قد وصل الينا بهذه السهولة وأن لا نقتله بهذه السرعة.. انّه صيد ثمين.. لكن هناك من تسرع من الحاقدين عليه وأطلق عليه النار وقطع رأسه بأمر عبد العزيز أل سعود. وما أن قتل عبد العزيز بن متعب حتّى أصدرت الامر بسرعة ليهجم الجيش السعودي على مخيم ابن الرشيد ليباغتوا جيش ابن الرشيد الحائر في مخيمه يتقدمهم شخص يحمل رأس عبد العزيز بن متعب على رأس رمح ليضعف معنوياتهم ويرهبهم ويعطيهم فكرة على أن شجاعة قائدهم المتناهية قد انتهت، وبالفعل نجحت هذه الخطة وانهزم جيش ابن الرشيد المخيم في روضة مهنا والبالغ ثلاثة آلاف تقريبا أما فيصل الحمود العبيد آل رشيد فلم تنجح في تنصيبه أميرا لحائل حيث ولي (متعب) بن عبد العزيز المتعب الرشيد حاكما مكان والده المقتول وعمره لا يتجاوز الـ 15 سنة وهو ابن أخت فيصل الحمود العبيد الرشيد آنف الذكر) وعاد جند الرشيد إلى حائل ولم يدم حكم متعب أكثر من عشرة أشهر حتّى أقدم ـ أخواله ـ على قتله ـ باتفاق مع جون فيلبي وعميله عبد العزيز آل سعود بزعم توليتهم لحكم حائل ابن أختهم.. أجل.. والى هذا الحد من قذارة التهافت على الحكم وصل الخوال للاتفاق مع الاستعمار على قتل ابن أختهم وقتل أشقاءه معه أيضاً. والاخوال الذين قتلوا أبناء أختهم هم: فيصل وسلطان وسعود الحمود العبيد.. أما الذين قتلوهم أخوالهم فهم بالاضافة إلى متعب العبد العزيز المتعب 15 سنة محمد 7 سنوات ومشعل 5 سنوات، وذلك في شهر ذي القعدة 1324 هـ ـ كانون أول 1906 ومثّل أولئك "الخوال" الوحوش بأبناء أختهم أبشع تمثيل، فقطعوا أصابعهم أولا ثم أيديهم ثانيا ثم قتلوهم!. وقد حاولت أحد النساء اخفاء الطفل محمد عن خاله بداخل صندوق ثيابها لكن خاله سلطان بحث عنه حتّى أخرجه ومزقه بسيفه، وكانت صرخات الطفل تختلط بتشفعاته البريئة قائلا: (اضربني بالعصا يا خالي اهون من السيف!. أنا ما فعلت ـ للعنزة ـ أي شئ !.. أنا ما كسّرت لعبتي!).. إذ كان الطفل يظن أي وعي بالحكم الذي جاء خاله ليقتله من أجله لكيلا يحكم في المستقبل!. وهيهات أن يكن لهذا المنطق الطفولي البرئ أي موقع من قلب هذا الخال الغليظ المتوحش. لم يرتدع خاله المجرم من تمزيق جسم ابن أخته بسيفه إربا.. بهذه الوحشية استولى سلطان بن حمود العبيد الرشيد بمساعدة أخويه سعود وفيصل على الحكم.. ولم يكتف سلطان العبيد وأخويه بقتل أبناء أختهم الاطفال بل راحوا لارتكاب جريمة أخرى. وهي قتل الطفل الرابع ـ سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد ـ البالغ من العمر 3 سنوات لو لم يهرب به خاله حمود السبهان إلى المدينة "المنورة" لكن حكم سلطان لم يدم أكثر من سبعة أشهر أخذ بعدها يستعد للهرب حينما أحس بتذمر شديد من شعب حائل وشمر فتنازل عن الحكم لشقيقه سعود الحمود العبيد واصطحب معه 150 شخصا متجهين إلى الشام ليلتجئ إلى جبل العرب ـ كما قال ـ خوفا من القتل، وسافر بالفعل. لكن الشعب في حائل لم يتركه بل أجبروا شقيقه سعود للسير معهم للحاق بأخيه الهارب واعادته لقتله فقد يتعاون مع العدو السعودي ضد البلاد ولحقوا به بعد يومين من فراره وأعادوه (مضبّب اليدين) وقتلوا عدداً ممن معه حينما دافعوا عنه.. ومن نوادره المضحكة قبل موته أن أحد المواطنين قد سلم عليه بقوله (صبحك الله بالخير يالامير؟!) فرد عليه قائلا: (ول ياشين أمير ومضبّب؟!) أي (كيف أكون أميراً والكلبشة بيديّ؟) وهنا قتله أخوه سعود بضغط من الشعب وخوفا من أن يستغل الفرصة فيعود إلى الحكم فيما لو تركه حيا.. وقرر أخوه أن لا يدفن جثته.. بل وضعها في بالوعة مياه داخل دهاليز القصر.. لكن أخاه سعود لم "يُسعد" في الحكم أيضاً، إذ حكم أربعة عشر شهراً، عاد بعدها من المدينة حمود السبهان ومعه ابن أخته سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد وعدد من قبائل شمر وطرقوا القصر في حائل وألقوا القبض على الحاكم سعود الحمود العبيد الرشيد ووضعوا بيديه نفس "الضبة" التي سبق له أن وضعها بيدي شقيقه سلطان، وفتحوا نفس البالوعة التي سبق له أن أسقط شقيقه سلطان بداخلها وقالوا له: (ادخلها بنفسك حيا قبل أن ندخلك فيها) فصاح سعود متسائلا بجزع: (كيف أدخل وهذه الرائحة العفنة فيها؟) فأجابوه بقولهم (انها رائحة شقيقك سلطان: هل نسيت؟!) ولم يجرؤ على دخولها بنفسه فحملوه ودفنوه فيها حيا.. وبذلك وفي تاريخ 17 شعبان 1326 هـ 14 ايلول 1908 م تولى الحكم سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد وعمره 7 سنوات يساعده خاله حمود السبهان!.. وما أن علم فيصل الحمود العبيد الرشيد شقيق سعود العبيد بذلك وكان وقتها حاكما للجوف لشقيقه حتّى ترك الجوف هاربا إلى عبد العزيز آل سعود والتجأ إليه متعاونا معه وخلال هذه المدة أبدى الانكليز عروضا كثيرة على بعض السبهان من أخوال سعود بن عبد العزيز الرشيد لاستمالتهم نحو بريطانيا.. لكن تركيا علمت بالامر فبعثت أحد ضباطها المدعو عزيز بك الكردي ليمثلها في حائل ـ كقنصل ـ ثم أرسلت الشيخ صالح التونسي بمأمورية خاصة يؤكد فيها استمرار دعم الاتراك لحكم سعود الرشيد، ثم بعثت عبد الحميد "بك بن إبراهيم باشا" سعيد المصري فبقي في حائل يجتهد في منع الانكليز من التأثير على الامير سعود الرشيد. ولكن الامير سعود بالرغم من مساعي بعض أخواله السبهان بالتعاون مع الانكليز بحجة (أنهم دولة أوقى من تركيا المهزومة وانه لابد بهذا التعاون أن نقطع الخط على آل سعود فيدعمنا الانكليز بدلا منهم أو على الاقل نحافظ على حكمنا في حائل) بالرغم من هذا الالحاح بقي متمسكا بصداقته للاتراك في داخل الجزيرة يمدهم بالابل ويأخذ منهم الاموال والسلاح دون أن تكن لهم أي سلطة في البلاد، ودام حكمه خمسة عشر سنة تقريبا حينما اغتاله ابن عمه بن طلال الرشيد غدرا من خلفه أثناء رمايتهما "للنيشان" في جبل طي قاصدا بذلك الاستيلاء على الحكم. لكن عبد الله الطلال قتل تلك اللحظة برصاص الذعيت حارس سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد دفاعا عن عمه ويومها عين عبد الله بن متعب الرشيد البالغ من العمر 12 عاما ولم يدم حكمه سوى سنتين حتّى أرجف به عملاء الانكليز وعبد العزيز آل سعود الذين دسهم في حائل وكان ابن سعود يقيم بجنده في جبل طي المطل على حائل بانتظار لجوء عبد الله المتعب إليه بخطة مسبقة مع بعض المرجفين ليدخل حائل لكن ابن السعود فشل تلك المرة في دخول حائل فأبعد عنها بعد أن لجأ إليه عبد الله المتعب الفتى الذي أرجف به زبانية ابن سعود بقولهم (ان أبناء عمك ينوون قتلك ويجب أن تهرب من حائل لتلجأ إلى عبد العزيز آل سعود) وهكذا هُرّب عبد الله المتعب تاركا حائل وحكمها ملتجأ إلى عدوه عبد العزيز آل سعود وكان ذلك الهرب أمنية عبد العزيز ابن السعود الذي اعتبره خطوة في تحطيم حكم خصومه آل رشيد فيما بعد.. إلا أن حائل في وقتها بقيت صامدة مقاومة عدوانه تساندها قبائل شمر مما اضطره للابتعاد عن جبل طي وحائل بعيدا.. وبعد فرار عبد الله المتعب عين شعب حائل الامير محمد بن طلال الرشيد حاكما للبلاد وكان يبلغ من العمر 20 عاما . الاحتيال السعودي والاحتلال صرح الشيخ نايف بن مزيد الدويش ـ من شيوخ قبيلة مطير الذين ساهموا في بناء الحكم السعودي بأرواحهم وكان جزاءهم القتل من آل سعود ـ قائلا (لقد كنا نحتل جبل طي المطل على حائل وكنا نثق بكل ما يقوله مشايخ الدين السعودي لاعتقادنا أنهم واسطتنا عند الله! وما علمنا أنهم واسطتنا عند الانكليز إلا أخيرا حينما أفتوا ونحن في الجبل بما لم نكن نشك فيه "أن الجنة مضمونة لكل من يقتل واحدا من أهل حائل الكفرة المشركين"!.. لكننا عدنا وكّذبنا الفتاوى تلك في تلك الليلة عندما سمعنا اصوات المؤذنين في حائل تردد ذكر الله عالية جهورة: الله أكبر الله أكبر.. وحاولنا ترك حائل عندما تأكد لنا ايمان أهلها بالله ورسوله!.. لكن عبد العزيز بن سعود والانكليز الذين أظهروا اسلامهم معه ومشايخ الدين السعودي طلبوا منا البقاء في موقعنا لمدة يومين فقط… ولم نكن ننوي القتال بعد ذلك لو لم يكونوا على صلة مع بعض اصدقائهم في حائل الذين ادخلوهم حائل خدعة من جهتها الجنوبية..) هذا هو بعض ما تحدث به الشيخ نايف بن مزيد الدويش… أما ما قيل عن أصدقاء ابن سعود في حائل فمنهم الشيخ إبراهيم السالم السبهان والشيخ حمود الحسين الشغذلي والشيخ صالح السالم الصالح والشيخ عبد الرحمن الملق وسعود العارض وابنه سالم السعود وحسن بن سالم النزهة المعرف باسم الحساوي "والحساوي هو الاسم الحركي السعودي له!" وعُبيد المسلماني، ومحمد السّراي الزويمل، وغيرهم.. وأنا هنا اجزم أن نية بعض هؤلاء لم تكن "خيانة بلادهم" أبدا بقدر ما كانت "نية خير وسلام لحقن الدماء!" خاصة وقد اصبح ابن السعود قويا بقوات الانكليز وقد خدعهم أيضاً كما خدع غيرهم بالكذب باسم "الإسلام والانسانية والحكم العادل القويم" ومما شجعهم على الاتصال بابن سعود ومما ساعد ابن سعود على الوصول إلى حائل قيام تلك الفتن بين آل الرشيد أنفسهم وكان لعملاء آل سعود والانكليز دوراً في اثارتها، فأمعن آل رشيد في قتل بعضهم بعضا وأصبحت البلاد في حالة يرثى لها من عدم الاستقرار لا لهدف إلا للصراع على الحكم حتّى تزعزعت ثقة الشبع والقبائل بما تبقى من آل رشيد.. وسئمت قبائل شمر هذا النوع المزري من الحياة، فنزحوا عن حائل، وساعد على ابتعادهم مالاقوه من بعض حكام آل رشيد، وبذلك خلا الجو للانكليز ليجدوا من يروج ويصدق خداعهم وكذبهم باسم الدين السعودي الانكليزي والاموال المزيفة والمغريات ووعود آل سعود الكاذبة (بالجنة وأنهار العسل واللبن والرباب الذي فيها) وكانت تلك وعود مغرية جداً يبذلها آل سعود للقبائل… فما دام أن هناك جنة ولبن ورباب وحور وعسل في الآخرة… وفي الدنيا ذهب وريالات وخيل ونساء وبنادق.. فليقاتلوا في سبيلها.. وليقتل الاخ أخاه والابن أمه أو أباه.. وليكن شعار المقاتلين: (هبّي حبوب الجنة وينك يا باغيها.. وخيّال الخيل وأنا أخو من أطاع الله.) فبدأ دين الدجل يسري في حائل من جهتها الجنوبية في قرية اسمها (الروضة) حيث برزت مخلوقات تسمى (عذال ومغيلث .. وناصر الهواوي، الذي نصب نفسه قاض شرعي ومفتي للديار) أخذ يفتي بتكفير قبائل شمر وشعب حائل، وأفتى (بأن يقتل كل ذي قربى قريبه الذي يريد البقاء في عهد الجاهلية ويرفض الدخول في الإسلام) ومن المضحك المحزن أن لا يتم (دخول الإسلام) المقصود إلا باتباع الانكليز وآل سعود.. أما عهد الجاهلية عندهم فهو (عهد ما قبل الاحتلال الانكلو سعودي) ولهذا أفتى قاضي الروضة ـ ناصر الهواوي ـ بان يتولى (شلاش الهديرس) تقطيع أوصال ابنه ناصر الهديرس وهو على قيد الحياة ويقطعه وصلة وصلة حتّى يلفظ الابن أنفاسه لأنه من "الكافرين" فحاول الأب اقناع ابنه بدخول الدين السعودي الانكليزي الجديد لكن الابن، بكل اباء وشرف، رفض طاعة والده والتنازل عن شرفه ووطنيته. وما كان من الوالد المدعو شلاش الهديرس.. إلا أن قام بتقييد يدي ابنه ناصر الهديرس امام جمع من سكان (الروضة) وطفق يضرب ابنه بالسيف بكل ما اوتي من قوة… حتّى أخذ اللحم يتساقط من جسم الابن والدم يتدفق بغزارة والعظام تتكسر والابن يصرخ ويركض هربا من وجه ابيه المتوحش ليحتمي بالحاضرين بينما الحاضرون يتبرأون منه. كل هذا والمفتي المزيف يقف ويصرخ بالوالد ويفتي: (مثل بهذا الكافر.. اقطع يده اليمنى.. اقطع يده اليسرى.. اقطع ساقه اليمنى.. اقطع اليسرى…. اضرب ظهره طولا وعرضا لتدخل الجنة بلا حساب.. ابقر بطنه لترزق بأبناء علّيين من الحور العين.. اقتل ابنك انّه ليس ابنك..) وهكذا الحال حتّى مزق الاب جسم ابنه الوحيد بسيفه قطعة قطعة.. وبعد ذلك صافحه "المفتي الدجال المأجور" والحاضرون مهنئين بعد أن قذفوا أوصال الابن الشهيد في العراء.. ولم تكن قيمة كل هذه الفتاوى التي اصدرها المفتي المزيف (الهواوي) تتجاوز المائة جنيه ذهبا ارسلها له المستر كوكس عضو المكتب الهندي للمخابرات الانكليزية فباع ضميره المتعفن لكوكس.. وقد وزع الانكليز في قرية الروضة وحدها عشرة آلاف جنيه ذهب… سلمت لكبار الدجالين البرئ منهم شعبنا في الروضة.. لكنه ما أن بلغ هذا للشعب في حائل حتّى حمل السلاح مسرعا نحو قرية الروضة فكانت مذبحة ويا للاسف.. قتل فيها عذال ومغليث والقاضي الداشر ناصر الهواوي، وسيق الاب الذي قتل ابنه إلى محمد بن طلال حاكم حائل فسأله ابن طلال: ( ألم تعلم أننا سنثأر لابنك الشهيد؟.. لماذا تقتله وانت تعلم أنه مؤمن ويعترف بوجود الله ويشهد برسالة محمد ويقيم الفروض ويسلك كل مسلك شريف؟..) فأجاب الاب القاتل: (أن كل ماتقوله حقيقة ولكنهم خدعوني بالذهب والمذهب عليهم اللعنة.) فأمر ابن طلال بقتله.. وانتهى بذلك دور قرية الروضة، لكن الطيبين من أبناء شعبنا في الروضة تكبدوا خسائر فادحة من جراء ما جره عليهم هؤلاء الافراد الدجالين السعوديين الذين خانوا الشعب كله… واندحرت خطة الانكليز تلك المرة.. لكنهم لم ييأسوا.. إذ ذهبوا للاتصال بقبائل شمر وشيوخها.. ولم يجدوا استجابة إلا ممن أغراهم الكذب ونعيم المغريات أو خدعوا كما خدع غيرهم بالدين السعودي الباطل والذهب واستبدلوا الخير بالشر والامانة بالخيانة… ، وهم من امثال "المرحوم" ملبس بن جبرين الذي خدعه آل سعود بكذبهم وكذلك ندى بن نهّير وعياد بن نهير الذي قال له أخوه ندى مرة متسائلا وهو يرد على نفسه بنفسه: (من هو الاصلح؟ ابن سعود وإلا ابن رشيد؟ ابن سعود يدفع لنا في السنة "خرجية" قدرها 400 جنيه ذهب أما ابن رشيد فيدفع 40 جنيه ذهب في السنة. لا شك أن ابن سعود أصلح من سواه…) وهكذا ينظر بعضهم للدين على أنه "جهاد" من أجل المال فقط.. وزيادة في دفع الذهب ومن يدفع أكثر فله الضمير.. وكذلك هبكان الصليطي وفريح النبص وجريذي السحيمي، وخمسة غيرهم غرروا ببعض أفراد عشيرتهم (وعمّموا) بسراويلهم ـ النجسة ـ رؤوسهم الخسيسة وقادوا مع من قاد جيش الانكليز السعودي إلى (امهم) حائل. وكان أول ما بدأوا به هو الهجوم على قريتي بيضاء نثيل والشييعة وذلك في ليلة 27 رمضان حيث هجموا على المواطنين القرويين الامنين في المسجد أثناء أداء صلاة الفجر وقتلوهم آمنين عزل ولم يكن بيدهم من سلاح سوى القرآن ارغم أنه لم يكن لهاتين القريتين من أهمية استراتيجية في المعركة أو أي فائدة مادية لهم أو ضرر عليهم ولم يكن لاهل القريتين أي دور معروف في القتال بالاضافة إلى أن الدين الحقيقي ينص على عدم الغدر أو التمثيل لا بالانسان ولا بالحيوان ولا حتّى بالشجر.. وأكثر من هذا فقد قتلوهم وهم يصلون الصبح في المسجد صائمي رمضان وبيدهم القرآن. واعتدوا على أعراض نساءهم.. فهل هؤلاء "كفرة" كما يقول عبيد الانكليز والصهيونية؟.. وكذلك قرية ـ الجليدة ـ قتلوا كل رجالها وذلك بقيادة ملبس بن جبريل "الشمري" الذي غرر به هو الآخر وشردوا نساء شمر إلى الكويت فارغموا بعضهن على ممارسة اخس انواع المعيشة ـ البغاء ـ بعد أن هتك السعوديون الخونة اعراضهن في تلك المذبحة وذبحوا رجالهن واطفالهن يقودهم بعض الخونة من أبناء عمومتهن ـ وياللاسف ـ باعوا ضمائرهم بالذهب للإنكليز والشيطان الرجيم وآل سعود اليهود.. واستمروا بهذه الطريقة يقودون امثالهم من الجنود المرتزقة والمخدوعين والضالين حتى أدخلوهم الى الجبل.. الجبل المحرم دخوله على كل كائن الذي لا يعرف مسالكه إلا ابناءه فقط ـ جبل شمر. جبل حاتم الطائي ـ جبل طي ـ جبل أجأ واخته سلمى ـ الجبل الشامخ الاشم المطل على مدينة حائل ـ الحاني عليها المحتضن لها بكل شفقة واباء من شمالها إلى غربها وشرقها فجنوبها، إذ وجدوا في هذا الجبل أربعة أشخاص من المرابين أعداء الفلاحين الذين أخذوا يتعاونون معهم. الدين وسيلته والدعارة غايته وأول فاتحة لهم كانت قتل الفلاحين الآمنين في قرية ـ عُقدة ـ وبقية قرى هذا الجبل الأشم الذي لم يتصور أبناءه أن يأتي نفر ممن شربوا من ماء هذا الجبل القراح السلسبيل، ومن أبناء عمهم بالذات، فيقود الأعداء لتلويث قمم وثقوب هذا الجبل بأقدامهم الآثمة، وبمناسبة ذكر هذا الجبل أو إقحام هذه القصة التي رواها بنفسه (عبيد المسلمان) تكراراً وهو رجل ظريف وممن تعاونوا مع السعوديين في حائل ـ رغم كونه يسخر مما حدث ويأسف لما حدث منه على ما فات قائلا: (لطمني الأمير محمد بن طلال بكف يده وصادر بعض أموالي التي أرابي بها مما جعلني أركب حمارتي بحجة الذهاب إلى قرية عقدة التي اسيطر على معظم بساتينها والفلاحين فيها، وقبل أن أصل إلى عقدة غرباً أخذت ارجع واسير بجانب الجبل شمالا حتّى وصلت إلى قرية النيصيّة التي بدأ منها عبد العزيز بن سعود محاصرته لحائل.. فاتصلت بعبد العزيز بن سعود شخصيا وأبلغته بمن يعتمد عليهم في حائل، ورغم هذا الموقف المحرج لي لم ينس عبد العزيز بن سعود "عضوه التناسلي" حينما طلب مني احضار "حورية" من نساء حائل يرضي بها نزواته فوعدته خيرا!.. إلا أنه طلب مني بالحاح أن أعود إلى حائل فاحضر له الحوريّة!!.. قاقنعته بكل كلفة انني مراقب الآن وأن مجيئي له يتعلق بالسياسة لا بالكساسة!.. فرد عبد العزيز قائلا: "ان ما أطلبه منك هو روح السياسة"!.. فوعدته أني سأتي بها إليه عندما يدخل إلى (عُقدة) ليكون قريبا من حائل ويسهل حمل المرأة إليه!.. عندها قدت عبد العزيز إلى عقدة وأقنعت بعض الفلاحين الذين اسيطر عليهم بالتعاون معه، وهكذا دخل إلى جبل طي وأخذ يمد "دربيله" المنظار: على بيوت أهالي حائل ليكشف على النساء ثم ينادي كبار "الاخوان" ويصرخ بهم: "تعالوا يالاخوان، تعالوا يالمسلمين.. انظروا الحور العين في حايل.. انظروا نساء الجنة". فيجتمع أخوان الشرّ حوله ليلقوا بنظراتهم على جهامة النساء من بعيد وما أن يروا امرأة حتّى ترتفع أصواتهم عالية مهللين: "الله أكبر.. ايو الله ايو الله: انها الحور العين.. اللهم ارزقنا من خيرها وخير من فيها واكفنا شرها وشر من فيها"! ثم يصرخ عبد العزيز بن السعود قائلا بصوت مرتفع مناديا: "أين عبيد؟.. يا عبيد؟. رح هات لي واحدة من الحور العين.. رح هات لي ما وعدتني بها.. ها نحن قد دخلنا عقدة .. فحلّ العقدة").. ويتابع عبيد كلامه قائلا: (وذهبت إلى حائل حائر في محنتي افكر في امرين.. الأول: حينما يكتشفني أهل حائل اتعامل مع ابن سعود.. والثاني: حينما اكتشف داعرة تقبل بالتعامل مع ابن سعود وتغامر معي لتبيع عرضها.. ففكرت.. ومحّصت.. ولم أجد "غير محترفة دعارة" ـ عبدة ـ معتقة. كان يتعلم بها الاطفال مبادئ علم النكاح، فاتفقت معها واردفتها على صهوة حمارتي.. وكانت طوع اشارتي … وخرجنا من حائل بعد المغرب ووصلنا عقدة بعد العشاء.. وتركتها على ظهر الحمارة وترجلت إلى خيمة عبد العزيز.. وما أن شاهدني "الامام" حتّى صرخ "إمام المسلمين" فزعا بأعلى صوته: "أين الغرض يا عبيد؟" فأجبته قائلا: "على الحمارة يا طويل العمر" حينها انبلجت اساريره، وناداني "ليوشوشني" وسألني في نجواه قائلا: "هل هي زينة!" فقلت له: "حوريّة يا إمام المسلمين" فاسرع في الظلام داخلا معها حتّى آخر الليل وفي الصباح سلمني اياها.. فخفت لو بقيت عندي أن يشيع الخبر فيقطع ابن طلال وأهل حائل رأسي ورأسها معاً، فأبلغت "الامام" مخاوفي وقلت له: "لا يا عبد العزيز.. لا يا امام المسلمين.. انني ماجئت بها إلا لك خاصة لتأخذها معك ولا يمكن ان أعيدها خوفا من انفضاح الامر وقد اتفقت معها مسبقا على أن تكون زوجة لك .. على الكتاب والسنة!".. فوافق عبد العزيز ضاحكا: "ما دام في الامر كتابا وسنة قبلناها".. لكنه طلب مني.. أن آخذها معي موقتا لخشيته أن يصبح الصبح عليها فينفضح أمره ويعرف الناس، ويقول الاخوان: أن عبد العزيز يزني.. وكذلك لا يريد أن يدخل حائل والى جانبه هذه القحبة الشهيرة فتبقى فضيحة.. فاخذتها تلك الليلة إلى بيتي محافظة علي وعليها وكلي وساوس أن لا يصدق عبد العزيز بوعده فتبقى المومس، وحينما قلت لها طارحاً سؤالاً عليها: كم هي المرات التي عبث بك امام المسلمين عبد العزيز تلك الليلة؟ أجابت بقولها "لقد أتعبني يا عبيد وأنا التي لا أتعب تصور يا عبيد أنها (12) مرة قبلا ودبرا.. فقلت لها لقد شوقتني كثيرا فدعيني اكمل البقية بالرقم 13 ليكون بذلك ذكرى لنا فربما اصبحت في المستقبل القريب ملكة للمسلمين!. وما لبث عبد العزيز حتّى بّر بوعده وارسل لها سيارة أقلتها إلى الرياض حيث أصبحت (ملكة) ووالدة لثلاثة من أولاده لا أشك أن أحدهم من صلبي ففيه كل ملامحي).. هذا هو موجز قصة (عبيد) مع عبد العزيز آل سعود.. أقحمتها في موضوع حائل.. لا أقصد من ذلك الاساءة إلى السيد (عبيد) فهو رجل "صالح!!" ندم على ما فعله من منكر بعد خراب "البصرة" كما يقول المثل.. انّما أردت من ذكر هذه القصة أن أبين مدى انحراف عبد العزيز وفجوره وسخافة عقله الحيواني وتفكيره الشهواني رغم كونه في أيام لا تسمح لقائد آخر في مثل مركزه بإتيان مثل هذه الفواحش بل ولا مجرد التفكير فيها أو التفكير بالجنس أيا كان مشروعاً أو غير مشروع.. وليعلم من لم يعلم عن فحشاء "الاخوان" الذين تحولوا عن حور "الاخرة!" إلى نساء شعبنا فقام حكمهم على الفجور… أما عبيد فقد انخدع من انخدعوا بالدعوة السعودية وجهل كما يجهل البعض من الشباب وارتكب ما ارتكب من آثام مع غيره بحق الوطن.. ولم تكن حادثة عبد العزيز آل سعود تلك الاولى والاخيرة من نوعها فهناك الكثير، وقد روى (هرب دكسون) المندوب البريطاني السابق في الكويت عن أحد القادة السعوديين ما سبق لي أن رويته في مكان آخر وأرويه بايجاز. يقول "هرب دكسون" عن هذا القائد السعودي: (لقد خدعنا بعبد العزيز بن سعود. فكان يعدنا بالزواج بالحور العين بالآخرة بينما يعتدي على نسائنا في الدنيا ويجيز له مشايخ الدين هذا بحجة أن ما يفعله عبد العزيز بنسائنا جائز لأنه يجوز للامام مالا يجوز لغيره) بهذا بدأ آل سعود حكمهم وأقاموا شريعتهم وبهذا يحكمون… وما أن استولى السعوديون على قرية عقدة وجبل (طي) حتّى باشروا بعدوانهم على النساء… بل وليست النساء فقط.. وانما جامع جيش الاخوان حتّى الاتانات والحيوانات الاخرى ويشمئز الإنسان من ذكر حوادث حصلت من هذا النوع حينما تقدم اصحاب حيوانات في قرية عقدة إلى الشرع السعودي والى عبد العزيز طالبين انصافهم ممن عاشروا اناث حميرهم وحيواناتهم من جيش الاخوان السعودي ذاكرين أسماءهم… وحكم بدأ بهذه "الاخلاق" المنحلة لابد وأن يقاتل من أجلها حتّى النهاية!.. ان الفواحش التي ارتكبها السعوديون في هذه القرى الواقعة في جوف هذا الجبل التاريخي العظيم كثيرة… ومنذ أن استولوا على هذه المواقع الجبلية الاستراتيجية الهامة بدأ يلوح لهم النجاح، ومن جبل طي انتقلت الخيانة والتآمر إلى قلب حائل، حيث قام عشرة اشخاص ممن يسمون انفسهم "أهل الرأي".. ونظرا لقربه من حائل فقد بدأت المساومة على دخولها بلا ثمن، فرتبوا معه خطة بأن يعملوا طريقة لنقل المقاتلين المخلصين من حائل إلى شمالها ويكون ذلك في قريتي (النيصية ـ والجثامية) ليخلوا لهم الجو فيدخل ابن السعود لاحتلال البلاد، وحدث هذا فعلا، إذ حدثت مناوشات في النيصية والوقيد والجثامية والصفيح فاتفق (كبار الجماعة) مع الحاكم ابن طلال على نقل كل الاهالي إلا القليل منهم إلى مسافة تبعد قرابة خمسين كم شمالا عن حائل ـ في النيصية ـ والجثامية والصفيح لمدة اسبوعين ثم قطعوا التموين والذخيرة عنهم، فأحس الشعب المقاتل بالخيانة تطعن ظهره، فطلب المقاتلون المبعدون في النيصية والجثامية والصفيح أن يعودوا إلى حائل ليتمكنوا من الدفاع عن العاصمة التي يحيط بجبالها الاعداء لأن ابتعادهم عنها سيعرضها ويعرضهم معها للهلاك في هذا المعزل.. ولكن ابن طلال الحاكم لم يستجب لأن كبار الجماعة القابعين في مرابعهم قد خدعوه بينما هم يراسلون الاعداء ويرون مالا يراه الشعب. الحاج "جون فيلبي" والشيخ "برسي كوكس" وآل سعود وراء العديد من حدادث اقتتال آل رشيد فيما بينهم مثلما اتضحت قصة اغتيال الامير عبد العزيز المتعب الرشيد في روضة مهنا بتخطيط من الكابتن جون فيلبي القائد الاعلى للحركة السعودية الوهابية، وكذلك قصة اغتيال خليفته ابنه متعب العبد العزيز وبقية اخوته الاطفال على أيدي أخوالهم بايحاء من فيلبي و"السلطان" عبد العزيز آل سعود، كذلك تمت قصة اغتيال ابنه الاخير سعود بن عبد العزيز المتعب آل رشيد برصاص ابن عمه عبد الله آل رشيد، الذي لم يكن دافع عبد الله الطلال لارتكابها أطماعه في الحكم وحدها بقدر ما كان دافعه "نزول الوحي الانكليزي السعودي الخفي" والموجه عن طريق مجموعة معروفة من العملاء السعوديين "الطابور الخامس في حائل.. خاصة بعد أن رفض الامير سعود العبد العزيز المتعب الرشيد طلبات "المس بيلي" في التبعية للإنكليز والتعاون مع ابن السعود.. "والمس بيلي" هذه عضوة "المكتب العربي" مكتب المخابرات الانكليزية في القاهرة التي سبق لها أن شكلت ما سمتها المخابرات باسم "رابطة أنصار الحرية في مصر" فخدعت بها بعض المصريين وضمت إليها عددا آخراً من غير المخدوعين ومن ثم انتقلت للعمل في فرع آخر للمخابرات البريطانية هو ما عرف باسم "المكتب الهندي".. هذه "المس بيلي" جاءت إلى حائل بعد اغتيال عبد العزيز المتعب آل رشيد الذي رفض التعاون مع الانكليز وابن السعود واتصلت ـ بخليفته وابنه ـ الامير سعود آل رشيد وقالت له : ( أن الانكليز سيمدونك بالمساعدات وسنلبي كل ما تريد في حال موافقتك على عقد معاهدة صداقة مع الانكليز واعترافك بأحقية حكم الامير عبد العزيز بن السعود على نجد).. فرفض الامير سعود آل رشيد هذا المطلب آل سعود، كما كان في رفضه بداية للتآمر عليه.. ولم يكن لعبد الله الطلال آل رشيد الذي اغتاله فيما بعد يد مشارة مع الانكليز أبدا ولكنه كان ضحية ايحاءات غير مباشرة من الانكليز بواسطة عبد العزيز آل سعود وتآمر وحرض للتخلص من سعود العبد العزيز الرشيد، نظرا لأن سعود الرشيد كان مجال الثقة والتقدير من أهل حائل وقبيلة شمر القوية وقد عرف عنه الحزم والشجاعة وطيبة القلب وحسن الادارة بالرغم من حداثة سنه.. بداية نهاية سعود آل رشيد بدأ المحرضون لعبد الله الطلال آل رشيد ضد ابن عمه سعود العبد العزيز آل رشيد لاغتياله والحلول محله دون أن يدرك عبد الله الطلال ان وراء هذا التحريض أيدي خفية انكليزية سعودية تريد الاطاحة بهذه العقبة (سعود الرشيد) ومن ثم تفريق قبيلة شمر، وذات يوم خرج سعود العبد العزيز آل رشيد بعد الظهر إلى جبال حائل في مكان اسمه "الغبران" وكان صائما، واصطحب معه عدد من مرافقيه وهم: سليمان العنبر ودرعان الدرعان وراشد الحسين والذعيت وسلامة الفريح ومهدي "أبو شرّين" بالاضافة إلى ابن عمه الفتى عبد الله المتعب آل رشيد البالغ من العمر 12 سنة (والذي اغتاله آل سعود فيما بعد عام 1946 .. فعرف عبد الله الطلال آل رشيد بخروج ابن عمه سعود فصمم على اغتياله، فلحق به في طريق الرحلة ورافقه حتّى المكان المقصود وهو "الغبران" في جبل طي، وكان يرافق ابن طلال خادمه إبراهيم المهوّس، وكانا مسلحين، أما الامير سعود آل رشيد فلم يكن معه وبعض رفاقه سوى سلاح الصيد، وكان الجميع ـ خيالة .. ووصل الجميع إلى الغبران، وجلس الامير سعود متكأ على صخرة بسفح الجبل وبالقرب منه الذعيت الذي قام يتمشى، وكذلك عبد الله المتعب الرشيد وعن يمنيه سليمان العنبر وعن يساره عبد الله الطلال الذي تأخر خلفه مسافة مترين وبجانب الطلال إبراهيم المهوس، وقد تفرق بقية المرافقين للتدرج بعيدا عن المكان غير مدركين لما سيحدث خلال دقائق!… وفي تلك اللحظات أخرج عبد الله الطلال برتقالة كانت معه ثم استأذن ابن عمه الامير ليضعها هدفا للرمي فوافق الامير سعود آل رشيد فصوب سعودا بندقيته نحو الهدف فأصابه بدقة، فوضعوا غيره فاستأذن ابن طلال لرمي الهدف!. فرمى الهدف وأصابه بدقة.. وما أن صوب الامير سعود آل رشيد بندقيته ثانية نحو الهدف حتّى صوب عبد الله الطلال بندقيته من خلفه نحو الهدف أيضاً بحجة الاستعداد لرمي الهدف حالما يرمي الهدف سعود الرشيد، وحالما رمى سعود الرشيد الهدف ثانية أطلق عبد الله الطلال من بندقيته نحو هدفه!.. وكان هدفه هو: رأس ابن عمه الامير سعود الرشيد، فسقط سعود في عبّ سليمان العنبر الذي ضمه وهو يردد: خير!.. خير!.. ظنا منه أن بندقيته رفسته!.. ولكنه ما أن رفعه حتّى رأى الدم يتفجر من رأسه ومن عنقه!.. وفي تلك اللحظة أمطر ابن طلال سليمان العنبر بست رصاصات أصابت ثلاث منها جنبه وثلاث منها قدمه، فتظاهر ـ العنبر ـ بالموت وارتمى فوق ـ الفتى ـ عبد الله المتعب الرشيد خوفا من أن يقتله ابن طلال، وحينها قفز القاتل إلى صهوة حصانه كما وثب خادمه ـ المهوّس ـ إلى ظهر فرسه وأخذا يغيران في سباق مع الريح نحو حائل ـ بغية الاستيلاء على الحكم.. لقد سمع بقية المرافقين أصوات الرصاص، لكنهم حاروا في أمرها فالهدف ما يزال قائما في مكانه لم يصب..، وصعد الذعيت الربوة للتأكد، وإذا به يرى عمه سعودا ملقى وبجانبه سليمان العنبر، فأسرع الذعيت ليستفسر، فرفع سليمان العنبر رأسه وصاح فيه.. قتلوا عمك سعود. الحق ابن طلال واقتله.. اقتله. فلحق به.. ووصل في نفس اللحظة مهدي أبو شرين، فأطلق الرصاص على ابن طلال وأصابه بقدمه فسقط من جواده فأسرع عليه الذعيت وأجهز عليه، ووجه ـ مهدي ـ فوهة بندقيته إلى المهوس ـ مرافق بن طلال ـ فارداه قتيلا.. واجتمع سليمان العنبر والذعيت ومهدي ودرعان وسلامة الفريح ومعهم ابن متعب وأتوا بسعود وبكوا عليه، فنهض سليمان وكان صاحب الكلمة فيهم وقال: ـ أترون البكاء مجديا الآن؟. لقد قتلتم المجرمين المعتدين، فانظروا في مستقبلنا ومستقبل حائل.. فقال الذعيت: ما رأيك أنت؟ قال سليمان: أخشى أن يكون عمل ابن طلال نتيجة مؤامرة خطيرة لقلب الحكم في حائل، فشقيقه محمد بن طلال بالبلد، ولعله احتل قصر الامارة وأخذ البيعة، وأرى أن يمضى أحدكم إلى المدينة سرا ويكشف الامر، فان كان ابن طلال قد انتزع الحكم هربنا من وجهه بابن متعب حتّى إذا قوي ساعدنا عدنا إلى حائل لنسترد الامارة، والا كفى الله المؤمنين شر القتال.. ووافق الجميع على رأي سليمان وانتدبوا الذعيت. ولبثوا مكانهم منتظرين يتدبرونه الامر حتّى رجع اليهم وأخبرهم ألا شئ في البلد، والناس لا يعلمون عن الحادث شيئا. فرجعوا إلى حائل يشيعون جنازة القتيل، ونصبوا عبد الله ابن متعب العبد العزيز الرشيد أميرا عليهم. وكان قتل سعود في سنة 1338 هـ (1920). عاش الفتى عبد الله المتعب وعمره (12 سنة) في مأساة الحكم الذي أخذ يسيّره العبيد، ورغم ذلك فان سيرة عبد الله ومظاهر حياته ونفسيته تشبه عمه سعود، وكان لين الجانب بالنسبة إلى أفراد آل رشيد وما فطروا عليه من الصرامة والعراك والقوة… أشار عليه بعض المتنفذين بارسال رسالة إلى ابن السعود يخبره بما حدث ويقترح عليه حقنا للدماء توقيع معاهدة بينه وبينه، ورغم أن مجرد ارسال رسالة من هذا النوع لخصمه تعتبر مظهر ضعف منه.. إلا أن المتنفذين رأوا بهذه الرسالة اتاحة الفرصة له لتجميع جهوده المبعثرة.. فارتأى ابن السعود قبول الصلح، ليتسنى له هو الآخر انجاز الطبخة، انّما بشروط مجحفة اشترطها على ابن الرشيد لما زعمه أنه من أجل سلامة البلاد النجدية واستقلالها عن الاجانب أو المنتسبين إلى الاجانب وبغيرها لا يمكن القضاء على نفوذ كل أجنبي! والشروط كتبها جون فيلبي وهي: 1 ـ بقاء آل رشيد في الحكم. 2 ـ استقلالهم التام في جميع الشؤون الداخلية المتعلقة بشمر وحائل فقط. 3 ـ عدم السماح لهم بمعاملة دولة أجنبية أو عقد معاهدة أو الاتصال بها بحال من الاحوال!.. 4 ـ أن يرجعوا إلى حكومة الرياض فيما يتعلق بالشؤون الخارجية جميعها. 5 ـ تتعهد حكومة الرياض ضمان سلامة حكومة حائل والقيام بالدفاع عنها إذا ما هوجمت من المعتدين!… ولكن قصر الامارة رأى في الشروط قيودا وسدودا تقيّد حائل وتقيد الحاضرين والقادمين من حكامها. وأقل ما يقال فيها انحطاط بكرامة من يقبل بها، لكونها الاقرار الواضح بالاستعمار السعودي الانكليزي.. وليست الشروط الثلاثة الاخيرة الا قيودا توضع في قدم حكومة حائل ـ فرفض القصر بكبرياء وصلف وأجاب في لهجة قاسية: أن حريته في ادارة شؤون الحكومة والبلاد لن يتنازل عنها مثقال ذرة لأحد مهما كان. وسيدبر نفسه بنفسه، ويسير على النهج الذي يرتضيه والسياسة التي ترضيه. فأشار جون فيلبي الذي كتب تلك الشروط الانفة الذكر ـ أشار بمهاجمة حائل، فجمع حوالي عشرة آلاف محارب وتقدم هذا الجمع اسما تحت قيادة عبد العزيز آل سعود أما الحقيقة فانه تحت قيادة جون فيلبي (فسار بهذا العدد الضخم يسيل في الصحراء حتّى وصل القصيم ونزل بها، وسيّر منها قوتين: إحداهما بقيادة محمد بن عبد الرحمن آل سعود ووجهتها إلى حائل وأمره بمهاجمتها وتطويقها وحصارها وقطع كل اتصال لها بالمدن والقرى ليسهل عليه احتلال المدينة، والثانية أمر عليها ابنه سعودا وأمره أن يمضي إلى شمر ويتخير وقتا ملائما للهجوم غرة حتّى لا يترك لها فرصة للتعبئة!)!.. أما عبد العزيز آل سعود فقد بقي ومعه مخططه ومستشاره جون فيلبي في القصيم بانتظار الغنيمة أو الهزيمة والهرب… فمضى ابنه سعود إلى شمر يقاتلها، وزحف محمد بجيشه الكثيف وطوق حائلاً وحاصرها حصاراً شديدا، وسلط عليها النيران كقطع الليل من أفواه المدافع والبنادق وشاغلهم بها ليل نهار.. فاحتار الفتى عبد الله المتعب، وجاء بعض المرجفين من الطابور الخامس في حائل إلى الأمير ابن متعب يطلبون إليه أن يعمل ما فيه خلاصهم! ليبعث إلى ابن سعود يجيبه إلى ما طلب سابقا ويعلمه قبول الصلح على الشروط التي اشترطها!.. وفشل عملاء آل سعود في حائل ـ الذين كانوا قد كاتبوا ابن السعود ليقوم بحصار المدينة… فشلوا في جعل عبد الله المتعب يرضخ لأوامر ابن السعود وأخيرا استطاع هؤلاء اقناع عبد الله المتعب بارسال كتاب لابن السعود يطلب الصلح، هنالك رأى ابن سعود أن ابن الرشيد لم يرضخ لمطالبه إلا تحت تأثير الضغط ومتى زال عاد يعلن العداء فلم يقبل منه وخيره بين الحرب أو التسليم بلا قيد ولا شرط… فجمع الشعب في حائل وعرض عليهم الامر فاختاروا الحرب ورفض التسليم بإباء، فبقيت الجيوش السعودية بقيادة محمد آل سعود محاصرة حائل، ثم توحدت القيادة العامة وأصبحت في يد سعود بن عبد العزيز بن سعود، وانتقل محمد إلى شقيقه عبد العزيز في القصيم ورغم شدة الحصار والمجاعة فقد صمم أهل حائل الابطال على الدفاع والقتال حتّى الموت، وعدم تسليم بلادهم للعدو ما دام فيهم نفس يتردد… وطفق الامير ابن متعب ينظم الأمور استعدادا للقتال وفيما هو ذلك إذ قدم من الجوف ابن عمه محمد بن طلال زاعما انّه قادم إلى حائل للدفاع عنها وعن أمته ويشارك ابن عمه الجهاد، وأظهر له الود كما تظاهر أمامه بالخضوع والاستكانة فارجف المرجفون بعبد الله المتعب وقالوا له: ان قدوم ابن طلال إلى حائل في هذه الظروف لا يقصد منه الا تولي الحكم وسوف لن يوفر دمك وسيفعل بك ما فعله أخوه عبد الله بن طلال قاتل سعود بن عبد العزيز بن رشيد، فاحتاط للامر ووضع الحراس من مماليكه الذين يثق بهم، لكن شبح ابن عمه محمد بن طلال عدو آخر أشد فتكا من الأول لمعرفته المقتل ولن يخطئه عندما ينتهز غفلته فيقتله، أما العدو المحاصر فبينه وبينه شعب يقاتل وأسوار وأبراج لا يستطيع تخطيها. وأما ابن عمه فكيف السبيل إلى اتقائه وهو داخل المدينة ومنزله قرب منزله، وربما غافل الحراس وفتك به أو سلط عليه أناسا غيره. هكذا رأى من الاصلح أن يسجن ابن طلال، فسجنه إلا أن العبيد أطلقوه!.. وأحضروا كبار رجال حائل وقربوا ما بينه وبينه، وتعاهدوا على الدفاع عن البلاد، فمضى ابن طلال يجمع قبيلة شمر استعدادا للمعارك القادمة!. فأزدادت شكوك عبد الله المتعب بابن عمه محمد الطلال وكان وراء هذه الشكوك من يذكيها… اللجوء إلى العدو الحقيقي غير أن عبد الله بن متعب رأى من الخير لنفسه أن يلتجئ إلى العدو الحقيقي (ابن سعود) ويسلم نفسه وحدها إليه ويدع مدينة حائل إلى أهلها يحمونها ولا يسلمها براً بقسمه إذ آلى على نفسه أنه لن يسلمها وفيه نفس يتردد وسيجد عند عدوه السلام والغنم إذا ذهب إليه طائعا!. أما إذا مكث في المدينة فلا بد أن يعتدي عليه ابن عمه ويقتله. هذا ما ظنه في أمره ولم يدر ما يصنع، فنادى سليمان العنبر، وخلا الاثنان فقال ابن متعب: ـ يا سليمان، الحال مثلما ترى وأنا بين عدوين فلا أستطيع قتل ابن عمي لمجرد الظن ولا أستطيع انتظاره حتّى يقتلني!.. وأردف ابن متعب يقول: لقد انتقض بعض الناس علينا، وكتب بعضهم إلى ابن سعود، وأخشى من ابن طلال، فما ترى؟… فرد عليه سليمان العنبر يقول والله يا عم لو طلبت أن أخوض معك البحر لما تأخرت، فافصح عن قصدك فأنا طوع بنانك!. ويقال أن عبد الله المتعب قال للعنبر أرى أن تمضي إلى ابن سعود ونسلمه أنفسنا ونترك البلد ينعي من بناه… فقال له العنبر: ـ كما ترى … قال عبد الله المتعب: ــ أعد أمرك، فسنغادر المدينة في الفجر والملتقى في خارجها… فقال له العنبر: ـ كما ترى، وليوفقنا الله.. فمضى سليمان إلى داره كاسفا مشغول الفكر ونادى ابنه "غاطي" وقال له: يابني سنمضي غدا إلى ابن سعود… فأجاب غاطي: أتستشيرني يا أبي قال: لا انّما أخبرك بالامر الذي نويناه على كل حال، فاستعد قال غاطي: والامير.!؟ فأجاب سليمان: معنا!.. فقال غاطي: صحيح.؟! قال سليمان: نعم… فتمتم غاطي… ثم قال: الله يكتب فيه خير!. والتقى الامير عبد الله المتعب وبعض رجاله وهم : درعان، والذعيت، وعبد الله آل بجاد، وصقيه (مملوك الامير) بسليمان العنبر وابنه في الموعد فجرا، ومشوا يريدون ابن سعود، وكلهم يمشي على قدميه، وعلم أهل حائل في الضحى بأمر الهاربين فقرروا اللحاق بهم وردهم إلى المدينة، ولكنهم تركوهم ـ أخيرا وكتبوا إلى محمد بن طلال الذي كان في البر يجمع قبيلة شمر لقتال ابن السعود، فتوجه ابن طلال إلى حائل ودخلها وتولى الامارة وقد سعت إليه من نفسها. لم يكن مع الهاربين زاد ولا ماء، فاشتد بهم العطش وأظلم الطريق والشائع أن هناك خطة سعودية لتهريب أمير حائل عبد الله المتعب، ويقود هذه الخطة سليمان العنبر، وانهم ركبوا الابل من حائل حتّى وصلوا مخيم آل سعود، لكن هناك حكاية يرويها آل سعود وقد نشرها أحمد عطار في كتابه، "صقر الجزيرة" الذي طبعه على نفقة الملك عبد العزيز آل سعود، تقول هذه الرواية السعودية (أنه حينما اشتد العطش بعبد الله المتعب وصحبه، قال أحدهم ـ وكان يعرف هذه الاماكن ـ ان هنا بئر خلف تلك التلول، فمشوا حتّى أتوا ووجدوا عليها بدوا كثيرا من جيوش ابن سعود يسقون، وسألوهم عن مقر "أميرهم" فدلهم أحدهم عليه وما كانوا يعلمون ان هؤلاء آل الرشيد وأشياعهم، ولو علموا لفتكوا بهم، فهؤلاء بدوا أجلاف غلاظ دأبهم الفتك والضراوة، وأهون ما عليهم سفك الدم… واستقبلهم الامير خير استقبال وأنزلهم في خير موضع، وبعث إلى الأمير سعود بن عبد العزيز السعود وكان القائد العام للجيوش السعودية يبشره بوصول ابن متعب ورجاله فبعث إليه أن أكرمهم وبلغهم التحية، فان رغبوا السعي إليه من توهم فليركبهم والا فليأخذ رأيهم، وألا يقصر في ارضائهم وتكريمهم… ورأى ابن متعب ومن معه أن يبيتوا ليلتهم بموضعهم فهم في حالة لغوب وتعب وقرروا أن يمضوا إلى سعود صباحا.. وزادت ضجة البدو واجتمعوا حول خيمة آل الرشيد يرددون صيحات الضراوة يريدون أن يفتكوا بهم فخرج اليهم أميرهم ووبخهم وطردهم وأفهمهم أنهم "مسلمون" يوحدون الله وأنهم أصبحوا صبيان التوحيد اخوان من أطاع الله ودخلوا في طاعة ابن سعود!.) هكذا تقول رواية آل سعود الاشرار في كتاب العطار!.. اخوان من أطاع الله!! ومضوا من الفجر إلى الامير سعود بن آل سعود وكان نازلا بقعاء فاستقبلهم استقبالا فخما، وبعد أن أقاموا أياما رجع بهم سعود كأسرى إلى الرياض واستقبلهم والده… والحقيقة أن آل سعود قد استفادوا من تهريب عبد الله المتعب فأخذوا معلومات كافية عن الاوضاع في حائل خدمتهم!… إلا أن محمد الطلال أخذ يقاوم ابن السعود، وينقل العطار عن ابن السعود قوله: ( والحق أن محمد بن طلال كان حازما قويا بعيد المرمى، شجاعا مقداما شديد الايد والصلابة، فيه صفات من عبد العزيز بن متعب بن الرشيد القتيل بروضة مهنا، وليس في أمراء آل الرشيد الذي جلسوا على دست الحكم من يشبه هذين الاميرين في الشجاعة والقوة النفسية والبطولة ـ وهما عبد العزيز المتعب الرشيد ومحمد الطلال آل رشيد ـ وكان محمد بن طلال أعقل وأحصف، ولكن: ما حيلة الرامي إذا التقت العدى وأراد رمي السهم فانقطع الوتر! هكذا كان الحال مع ابن طلال، فقد تولى محمد بن طلال والامر مدبر جد الادبار، والبناء واهي الأساس محطوم الجدار ولا يطيق الثقل الذي عليه، ولا يستطيع تداركه قبل الانهيار، ويحتاج إلى زمن طويل لاعادة البناء كما كان، وخصمه لا يعطيه الفرصة ولا يمكنه من البناء… وبالرغم من كل هذا فلم يفت في عضد محمد بن طلال بل وقف يدافع عن امارته بكل ما وهب من قوة وجلد حتّى أخذ. ولو تولى الامر والحال هادئ والبلاد منظمة لكنا لها شأن كبير في الانشاء والتجديد).. ومع ذلك فان شمر وأهل حائل استطاعوا بالقيادة الصلبة لمحمد جحفلا عظيما يسترد بعض ما اقتطع من بلاده ويؤدب الخونة ووضع عصا الترحال في الجثامية ـ وهي على بعد 40 كم من حائل ـ ونزلها بجيشه وعسكر بها يتجهز من جديد لحرب جديد مع آل سعود. ولقد ترامت أنباؤه إلى ابن سعود فبعث فيصل الدويش أحد شجعان العرب الاشداء على رأس سرية قوية ليحارب حتّى يأتيه بنفسه على رأس جنده!… ومضى فيصل والتقى بابن طلال في الجثامية وتقاتلا قتالا شديدا لم ينتصر فيه فريق على الآخر وتعادلت كفتا الخصمين، واستمرت المناوشات مدة. وعلى حين فجأة لم يشعر فيصل الدويش الا بابن طلال ينسحب إلى النيصية يتحصن بها، ولم يكن انسحابه عن هزيمة، انّما فكر في الامر دقيقا فوجد أن التحصن أجدر به، فقد أنبأته عيونه أن جيشا قادم من الرياض يتجه صوب الشمال وعليه عبد العزيز نفسه وبرسي كوكس وجون فيلبي، فخشي أن يقف سدا بينه وبين عاصمته ويقطع عليه خط الرجعة إليها. إلا أن ابن سعود فاجأ ابن طلال في أول المحرم سنة 1340 هـ بأسلحة انكليزية هائلة وجنود من البدو والحضر قوامهم /30000/ مقاتل واضطر ابن طلال من أجل ذلك إلى التقهقر والتحصن بجبل "أجا" ثم التراجع إلى حائل في حين أن ابن سعود تقدم بجيشه وحاصر حائلا وضواحيها وحصونها الخارجية ووحد القيادة تحت أمرة السير برسي كوكس الذي كان يقود (جيش الاخوان المسلمين) بنفسه يرافقه جون فيلبي وعدد من ضباط الانكليز وأصدر "تعليماته" إلى قواد الجيش بتطويق حائل من جميع جهاتها وقطع الطرق عنها لئلا تتلقى المدد من الميرة والذخيرة فيسهل الاستيلاء عليها نهائيا تحت تأثير هذا الضغط الشديد والتجويع… فركز جون فيلبي مدافعه على تل مرتفع تخويفا وأخذ يطلق قذائفها على السور أحيانا، ثم رتب قواته وجهزها ليهاجم البلدة هجوما عنيفا وأحاط جميع جوانبها بالمدافع لهدم السور وضرب المدينة، وبدأ الذين كانوا يراسلون ابن السعود ممن كانوا يسمون أنفسهم "كبار الجماعة" بدأوا يرجفون في المدينة، وذهبوا إلى ابن طلال يشرحون له الامر!. ملمحين إليه بالتنازل لابن السعود. فلم يرض أن يتنازل لخصمه، وأصر على الكفاح والذياد فاشتد غضب العملاء عليه حين رأوا اصراره ونفروا منه ولكن لا حول لهم ولا قوة وقد أمر البطل باعتقال بعضهم وقبض على الامر بيد من حديد وأخذ يقاتل مع الشعب، والحقيقة "ان حصار حائل قد كشف " للاخوان المسلمين "البدو" كذب الدعاية الانكليزية السعودية التي تقول ان (شمر وأهل حائل كفرة لا يؤمنون بالله!) وذلك حينما رأى البدو المآذن وسمعوا أصوات المؤذنين يردون نداء الصلاة (الله أكبر الله أكبر) فثاروا على ابن سعود والسير برسي كوكس وفيلبي، لكنهم وعدوهم بالانتظار يومين فقط!. لان أصحابهم في داخل حائل وعدوا بادخالهم دون معرفة ابن طلال وأهل البلاد… ويقول أحمد عبد الغفور عطار في كتابه السعودي (صقر الجزيرة) الذي أخذ عبد العزيز آل سعود يمليه عليه طيلة سنة يقعد ـ العطار ـ تحت قدمي الملك ليدون ما يقوله، يقول في الصفحة 327 (ولقد حاول السير برسي كوكس أثناء حصار حائل التوسط بين ابن طلال وابن السعود لكن ابن طلال رفض وساطة السير برسي كوكس في الصلح بينهما) وصمم ابن طلال على مقاومة آل سعود والانكليز، وقال لبرسي كوكس (أيها الانكليز انكم تكفروننا وأنتم كفرة… ولولا سلاحكم وقيادتكم فلن يصل عبيدكم آل سعود إلى حدود حائل.. اننا إذا سلمنا من الخونة في الداخل، فسننجح في هزيمتكم أو نموت بكرامة) والخونة الذين يقصدهم ابن طلال هم الذين كانوا يراسلون الانكليز وابن السعود، وهم الذين اقتادوا جيوش ابن السعود والانكليز من النيصية إلى الوسيطاء بين جبل طي وحائل غربا ليسهل دخوله من الجبهة الغربية الجنوبية… ومرة أخرى، تقدم عدد من "كبار الجماعة" وفد مقدمتهم إبراهيم السالم وحمد الشويعر ونصحوا ابن طلال (بأن ينقذ نفسه وعاصمته ورعيته من البلاء المحدق وان يستسلم ويسلم البلاد لآل سعود).. فرفض البطل محمد الطلال بكل شهامة ـ رغم كل الظروف ـ رفض أن يستسلم!… فخرج إبراهيم السالم وحمد الشويعر وعدد آخر سيأتي ذكرهم ممن كانوا على صلة قديمة مع ابن السعود (وكان يعدهم ويمنيهم ويغريهم بتسليمهم حكم البلاد وأكبر المناصب في سلطنته بعد سقوط حائل بيده) خرج إبراهيم السالم السبهان وحمد الشويعر ومن معهما من عند ابن طلال وكتبوا رسالة لعبد العزيز آل سعود يقولان فيها: (ان ابن طلال في حالة نفسية غريبة لا يجدي معها التفاهم وهو عازم على قتالك ومعه من يفضلون الموت على دخولك للبلاد، وفي حال نجاحه وفشلك سوف يكون مصيرنا الموت… سيقتلنا لانه اكتشفنا جميعا اننا معك وهو يعد الآن سيفه لرقابنا، وما عليكم الا أن ترسلوا لنا قوة من جهة الزيارة لتنطلق من هذا المكان لفتح حائل واستلامها) .. وما أن استلم عبد العزيز آل سعود رسالة إبراهيم السالم وحمد الشويعر المرسلة له مع عبيد الملسماني وهو يقيم في الوسيطا واطلع عليها برسي كوكس وجون فيلبي وبقية "الخبراء" العرب ـ حتّى أقروا ارسال قوة مكونة من ألفي رجل تحت قيادة عبد العزيز بن تركي وسعود الكبير ـ ابن عم ابن سعود ـ وسلطان بن بجاد، فاستقبلها مندوبون عن إبراهيم السالم وحمد الشويعر في الزيارة لتتسلل داخل مدينة حائل فتحدث بتسللها الضغط الاخير على ابن طلال… وفي هذا الاثناء تقدم عبد العزيز بن إبراهيم ـ وهو عميل سعودي اشتهر بالاجرام ـ وكان يظهر الصداقة لابن طلال بينما هو يعمل لحساب آل سعود ـ تقدم " ينصح" ابن طلال بالاستسلام، فدار بينهما نقاش حاد انتهى باقناع ابن طلال ـ كما يزعم ابن إبراهيم ـ بقوله (قال لي ابن طلال اكتب خطاباً إلى ابن سعود بما تريد وأنا أوقعه)… ويقول العميل ابن إبراهيم ـ (انني قلت لابن طلال: ـ ومع من تبعث بالخطاب؟.. فقال: معك) ـ فقال ابن إبراهيم ـ (قلت له ان كنت أنا الرسول فلا حاجة إلى الخطاب!. انما أعطني خاتمك المنقوش عليه اسمك ليكون شاهدا على التفويض فأعطاني الخاتم ونصحته بأن يثبت على كلامه وأن لا يستسلم "للمفسدين" الذين يريدون حرب ابن السعود!)… وفي الحال غادره ابن إبراهيم ليقابل الطابور الثاني إبراهيم السالم وحمد الشويعر فأخبرهما فاستبشرا!.. ومن ثم تحرك ابن إبراهيم لمقابلة عبد العزيز آل سعود والسير برسي كوكس وجون فيلبي في ضاحية حائل بالوسيطا، فعرض عليهم خاتم ابن طلال!. ووافق عبد العزيز آل سعود وكوكس وفيلبي على شروط ابن طلال وقد اتفقت هذه الشروط مع ما سبق أن اتفق عليه عبد العزيز آل سعود والذين راسلوه من "الوجهاء" وفي مقدمتهم إبراهيم السالم السبهان وحمد الشويعر وهي كما يلي: 1 ـ أن لا يولى على حائل أحد من غير أهل حائل يعرفونه ويرتضونه، ويكون لهم الخيار باستبداله بغيره حينما يرون منه ما يوجب تغييره.. 2 ـ أن لا يخرج الحاكم عن حدود الشريعة السمحاء. 3 ـ أن يقوم أهل البلد بتشكيل مجلس شورى من أعيان البلد. 4 ـ أن لا تصادر أراضي حائل وشمر والرعية للاسرة السعودية أو لأي فرد من أتباعها. 5 ـ أن لا يحدث أي سوء لمحمد الطلال وجميع أفراد أسرته وأصحابه وأهل حائل وشمر وكافة أفراد رعيته وأتباعه ـ والمماليك ـ وكل خصم أو صديق في معيتهم وكل محارب وغير محارب، وأن يترك ما مضى وألا يلتفت إلى الوراء، وأن يعيش ابن طلال وأسرته بعد استسلامهم معززين مكرمين وفي حالة يرضونها… فنقل عبد العزيز بن إبراهيم ومعه عبد العزيز بن مساعد الجلوي هذه الاتفاقية الموقعة من عبد العزيز آل سعود إلى محمد الطلال والى إبراهيم السالم وحمد الشويعر وجمعوا جمعاً كبيرا من الناس وقرأوها عليهم للتهدئة.. وبعد هذا سلم ابن طلال نفسه وأسرته إلى ابن مساعد واتجه بهم إلى حيث يقيم عبد العزيز آل سعود وبرسي كوكس وجون فيلبي وجموع حراسه وجنوده الذين قالوا: (انهم كانوا يتوقعون الفشل في دخول حائل لو لم يمكنهم من الدخول جماعة من أهل حائل وفي مقدمتهم إبراهيم السالم وحمد الشويعر)… وفي رأيي: أنه لا إبراهيم السالم ولا حمد الشويعر ولا غيرهما يستطيع منع انهيار حكم حائل، فالحكم بطبيعته قد انهار، وحينما ينهار أي جسم من الاجسام فلا محالة من أن يأكله الدود أو آل سعود واليهود… تحفز آل سعود و"صحابتهم" لدخول حائل وبدأ عبد العزيز آل سعود وبرسي كوكس وجون فيلبي وقادة "الاخوان" يتحفزون للدخول إلى حائل والخوف والترقب ظاهر على وجوههم لانهم حتّى ذلك الوقت كانوا يعتقدون أن كل ما جرى مجرد خدعة من ابن طلال للايقاع بهم. وقال ناصر الدوخي أحد المقاتلين مع ابن السعود: (لقد كنا نستعد للرحيل عن ضواحي حائل وان عبد العزيز بن سعود كان يتوقع تطويقه، ولو أن هناك مقاومة حدثت في اليومين السابقين لدخول ابن السعود إلى حائل لهربنا، لكن جميع "المناظر" مراكز الحراسة والدفاع عن حائل قطعت عنها المؤن والذخيرة من الداخل واستدعى كل من فيها من قبل الذين كانوا يتعاملون مع ابن سعود في حائل).. ويقول فهد المشاري أحد المسؤولين عن مراكز الحراسة في حائل: (لقد خلصت ذخيرتي وجماعتي فطلب مني إبراهيم السالم السبهان ـ بصفته المسؤول عنا ـ التوجه إلى مدينة حائل ومقابلته لاستلام ذخيرة، وحينما دخلت بيته وجدت ـ سعود العرافة آل سعود ـ في بيته ـ فقلت هذه خيانة كبرى: كيف تدخلون سعود العرافة، آل سعود في حائل ونحن ما زلنا نقاتل هؤلاء الاعداء؟. فقال: "إنها ليست خيانة انها حقن دماء"!. قلت: والله لو أن في بطن بندقيتي "أم خمس" رصاص لافرغته في رؤوسكم ولكن لا شئ فيها!..).. قد تكون غلطة من هؤلاء لا خيانة وان ما فعلوه في مراسلة ابن السعود ما هو الا مجرد "اجتهاد منهم" وانها ليست خيانة في نظرهم، لكن الخيانة وليدة الأخطاء وخطأ واحد يمهد الطريق إلى خيانة كبرى… خاصة فيما يتعلق بمصائر الاوطان… دخول ابن السعود وبرسي كوكس وفيلبي إلى حائل ودخل ابن السعود "وصحابته" برسي كوكس وجون فيلبي وقد لبسوا "العبي" العربية.. وأسدل الستار السعودي على ـ حائل ـ وكانت أوخم "دخلة" لنهاية كفاح دام مئات السنين وكانت بداية احتلال في يوم مشؤوم هو يوم 29 صفر 1340 هـ الموافق 2 نوفمبر 1922 م. وقد ولدت بعد العام بعام واحد ونظر لي أهلي كما ينظرون أهل حائل "لمواليد السقوط" سقوط حائل … نظرة عدم استحسان، وكأنهم يريدون أن لا تلد بطون النساء أحداً بعد سقوط حائل بيد الاعداء!… مواليد السقوط ولذلك نرى الشيوخ من أهالي حائل يؤرخون مواليد ما قبل هذا اليوم المشؤوم " يوم سقوط حائل" بيوم السقوط، وما قبل السقوط، وما بعد السقوط، فالذين ولدوا ما قبل سقوط حائل ينظر لهم نظرة استحسان وهم الذين كان لهم شرف الدفاع "اللهم إلا أولئك الذين تعاملوا مع ابن السعود"… أما الذين ولدوا بعد السقوط فهم في نظر الشيوخ أقل شأنا مما يجب .. وعندما يعيب الشيوخ أي عمل أو قول من أعمال أو أقوال الشباب فانه يزدرونه بقولهم (أو هـ… لا يلام هذا الفتى لأنه من مواليد السقوط)! أي أنه لم يقدم لموطنه شيئا من التضحيات ولا غرابة منه إذاً أن يقول أو يفعل مالا يرضى عنه!!.. كما نرى أن كبار السن من أهالي حائل يتشاءمون من شهر (صفر) من بدايته إلى نهايته!. لكونه شهر الاحتلال السعودي… وكانت جدتي حسنا السعيد تجمع معظم نساء حيّنا يوم كل خميس وخاصة النساء اللاتي قتل آل سعود أولادهن وذويهن ـ وتلقي فيهن محاضرات ، أذكر منها قولها: (أنحس الاشهر الملعونة هو شهر صفر، في هذا الشهر تقوم القيامة ويفنى العالم في هذا الشهر!…. في هذا الشهر سالت الدماء غزيرة من أهلنا وأحباب قلوبنا.. في هذا الشهر تولى بلادنا اليهود آل سعود!).. ثم تختتم جدتي كل محاضرة من محاضراتها مهما اختلفت بدعوة النساء إلى رفع أيديهن إلى السماء والدعاء على آل سعود بالدعاء التالي: (اللهم انصرنا على اليهود آل سعود… اللهم لا تجعلنا نموت قبل أن نرى يوم ذهابهم آمين يا رب العالمين!..) .. وهناك عماتي ـ رقية وسلمى ولطفية ـ وقد قتل آل سعود اخوتهن: عبد الله وسليمان وعيسى السعيد في معركة النيصية، فلا تقل احداهن شأنا "في الدعاء"! واثارة الناس ضد آل سعود!. وأول مرة دخلت السجن السعودي كانت مع جدتي وعمري سبع سنوات ووقتها كنت أتأثر بكل ما تقوله جدتي من حكايات عن جرائم آل سعود وكانت جدتي جريئة في مقارعة الرجعية أكثر بكثير من معظم الرجال… فلا زلت أذكر ما فعلته جدتي بخادم الملك عبد العزيز آل سعود رغم كونها تحت حكمه وفي أوج جبروته، وكان عمري لا يتجاوز سن السابعة ـ حسب ظني ـ حينما طرق بابنا بشدة دلت على أن الطارق من خدم "الشيوخ" ـ أي الحكومة ـ فلخدم الحكمة طرقات يعرفون بها تحدث من صوتها الرعب للناس وتدل على فظاظة الحكم وعنجهيته، ومن تلك الطرقات عرفت جدتي أن الطارق هو خادم "الحكومة" لكنها لم تشأ قطع صلاتها، فتلك الصلاة كانت زائدة عن الصلوات الخمس مخصصة للدعاء بزوال حكم آل سعود وصب جام اللعنات ضدهم أثناء الصلاة. ولم تستعجل جدتي بل أنهت صلاة "الدعاء" المعتادة تلك، وكان الباب لا زال يقرع بشدة، ففتحت الباب وإذا بها أمام وجه (ابن مصيبح) خادم الملك، بيده السيف وباليد الاخرى زنبيل "قفة" يحتوي على قرابة الخمس كيلات من القمح "تصدق" الملك عبد العزيز علينا كما تصدق بمثلها لغيرنا وبمناسبة زيارته "المقدسة" لحائل… وقدم الخادم تلك القفة لجدتي بسخرية قال فيها (لماذا لا تفتحي الباب؟..). قالت (انني أصلي).. قال الخادم (لماذا هذه الصلاة والوقت ليس وقت صلاة؟!) .. قالت جدتي: (ان هذه الصلاة هي صلاة الضحى وهي مخصصة للدعاء عليكم وعلى حكمكم بالزوال الذي قاتلنا بتهمة "أننا كفرة مشركين ولا نعرف الصلاة" والآن تمنعنا عن الصلاة!). فرد الخادم وقال: (لولا أن عمرك أكثر من ستين سنة كنت قطعت رأسك!).. قالت جدتي: (يا كلب اليهود.. ايش تبغي الآن؟!).. قال الخادم بغضب شديد: (خذي هذه الصدقة من طويل العمر، وادعي له بالعز وطول العمر بدل ما تدعي عليه وهو الذي ما نسي أحداً فيكم رغم أنكم أعداء الله ورسوله!).. قالت جدتي بسخرية غاضبة: (طويل عمر!. ادعي لطويل العمر؟!… وما زلنا أعداء الله ورسوله؟!) ثم تراجعت جدتي إلى الوراء قليلا وأمسكت بعروتي القفة وفتلتها وأومأت بها بشدة وسرعة وقذفت بها وجه (ابن مصيبح) خادم الاحتلال السعودي فضربته ضربة جعلت خادم "الشيوخ" يدور حول نفسه ويسقط سيفه على الأرض. وكانت تلك الضربة قوية رغم كبر سن جدتي، فتطاير القمح بحيث لم تلتق حبة واختها في نفس الطريق!.. بهت الخادم من تلك المفاجأة غير المتوقعة من تلك العجوز التي لم تكتف "بالدعاء" والضرب بل أمسكت بسيفه لتضربه به، لو لم يستخلصه منها وهي تصرخ ممسكة بثيابه تمزقها وتصب جام لعناتها المتواصلة عليه وعلى سيده الملك عبد العزيز ووكيله في حائل عبد العزيز بن مساعد الجلوي، متسائلة بعد ذلك بقولها: (هل تريد يا خادم الظلم مني أخذ هذا القمح كصدقة من سارق كبير؟. أم أخذه كدية لدماء عبد الله العيسى وعيسى السعيد وابني الذي قطعتم رجله في معركة النيصية مع بقية الاهل والجيران وأبناء بلادي الذين قتلتموهم بتهمة الكفر والالحاد لأنهم دافعوا عن الوطن؟ أم آخذها كفدية لاحتلاكم الوسخ للوطن؟.. اذهب فما زالت دماء الالاف في النيصية والجثامية والوقيد والصفيح وسلمى واجا باقية لم تنس تلعنكم، اذهب وقل لسيدك الطاغوت عبد العزيز ان حسناء ورقية وسلمى وبقية عجائز حائل ونساء حائل أكثر ذاكرة من بعض الرجال الذين باعوا وطنهم بينما استمات رجالنا دفاعا عنه وماتوا دونه).. قال لها الخادم: (ألا تخافي من عقبى كلامك هذا؟). فازدادت حنقا وهي تهتف باصقة بوجهه: (ماذا بقي لنا حتّى نخافكم يا مجرمين؟ رح راحت روحك وروح من أرسلك يا عبيد جون وكوكس) تقصد (جون فيلبي وبرسي كوكس).. ثم أطبقت الباب بوجهه.. وبعد ساعتين من ذهاب خادم الاحتلال السعودي، عاد ومعه خمسة خدم أجلاف مثله فاقتادوا جدتي وأنا معها إلى قصر ابن مساعد حيث أمطرها بأقصى المسبات ثم أمر بسجنها وأنا معها، فدخلنا السجن وهو عبارة عن غرفة نتنة قذرة فيها (حطبة) مصيدة توضع بها أقدام السجناء، الا أنه في المساء أفرج عنا بواسطة بعض الجماعة، ثم أعادونا مرة ثانية إلى ابن مساعد ليودعنا بلعناته القذرة وتهديداته لجدتي حيث اتهمنا هذه المرة بتهمة خطيرة وهي (تحريض الله سبحانه وتعالى على ولاة الأمور الصالحين!). فردت جدتي عليه بقولها: (ان لعناتك ترجع عليك.. ونحن ندرك أنكم تملكون الموت والحياة، لكنه لا فرق بين الموت والحياة عندنا فالموت أفضل لنا من وجوهكم بعد ما حل بنا ـ بعد ذهاب أعز أهالينا… وأنا العجوز لا أملك غير دعوات رب العالمين بزوالكم).. فدفعها الخدم وأنا معها من الدرج، وذهبنا حتّى وصلنا بيتنا فوجدناه مليئ بالرجال والنساء ينتظرون عودتنا بالاكبار والتقدير.. وكانت كلماتها تلك دروسي الاولى في مقاومة آل سعود فتطورت تلك الدروس إلى وعي أشمل لمشاكل الشعب كله والوطن والامة والانسانية التي لا ننفصل عنها.. ومن يتلقى أولى دروسه من امرأة لن ينساها ـ خاصة ان كانت تلك المرأة أما أو جدة ـ فللام والجدة من قوة التأثير ما ليس للمعلم.. والأم والجدة ان صلحتا صلح النسل وان فسدتا فسد النسل… ومواقف جدتي تلك التي كانت أشرف من مواقف جامعة الدول العربية في محاربة الرجعية والاستعمار تذكرني بما قرأته عن الشعب الاسبرطي الذي عاش قبل ميلاد السيد المسيح وكانت له بطولات عظيمة مدهشة ولم يكن خلف تلك العظمة والبطولات غير النساء.. كان وراء تلك البطولات تربية أمهات) أولئك الرجال وقوة تأثيرهن في تلك الامة.. مما دفع حكامهم حينما عرفوا ماللام من قوة تأثير إلى سن ذلك القانون الفريد من نوعه حيث نص هذا القانون (على ان كل مرتكب ذنب لا يعاقب. بل تعاقب والدته) إلى حد أن نص هذا القانون: (على جلب والدة المذنب إلى الساحة العامة للمدينة وجلدها أمام الناس جزاء لسوء تربيتها لابنها أو بنتها) مما زاد حرص كل أم مهملة لتحسين تربية أطفالها وجعل كل ـ ابن امرأة ـ يحسب ألف حسان لتمتدح أمه ولكيلا تجلد أمام ـ أم خطيبته ـ وحبيبته وأصحابه فيسجل التاريخ عار أمه التي تساهلت في تربية ابنها وطنيا فتساهل هو في حقوق شعبه وأمته … وبذلك أصبح الجميع أبطالا.. لا شك أن في ذلك القانون من الإجحاف ما يتنافي وعصرنا هذا فيما لو أراد أي حاكم تطبيقه الا أن ما أتمناه هو أن تكون هنالك قوة شعبية تتمكن من تطبيق هذا القانون بأمهات الحكام العرب لعلنا نجد مهم من لا يهادن الرجعية كما لم تهادنها جدتي التي كانت أكثر شجاعة من معظم الحكام، حيث لم تهادن جدتي الرجعية ولم مرة ولم تقبل من الرجعية أي عون، ورغم تأييدي لنظريات جدتي في آل سعود وفي معظم الحكام الا أنني لا أؤيد ظنها بأن ما وقع في حائل وقراها من مجازر سعودية رهيبة يقع لسواها.. فما من منطقة في بلادنا قد نجت من مظالم الطغيان، وهناك مظالم ومجازر سعودية أخرى ارتكبها حكم الطغيان في أماكن أخرى كثيرة من الجزيرة العربية… إلا أن ما وقع في حائل شئ رهيب يحتاج وحده إلى كتب كثيرة، وما نكتبه الان ما هو الا أمثلة تذكرنا بسقوط حائل، وتذكرنا بمظالم آل سعود في حائل، وتذكرنا بمشاريع آل سعود في حائل!، تلك المشاريع "العظيمة" التي قد أولاها آل سعود بالغ اهتمامهم تمشيا بوصية والدهم في السلب والنهب والقتل، ووالدهم في السلب والنهب والقتل، ووالدهم عبد العزيز هو صاحب مشروع (أخذناها بالسيف) بل صاحب أول مشروع طبقه في اول يوم لسقوط حائل حيث لم يخلو بيت من البيوت الا وفقد منه ستة أشخاص أو ثلاثة أو واحد على الاقل… حينما دخل عبد العزيز وكوكس وفيلبي حائل في اليوم الذي دخل فيه عبد العزيز آل سعود "وصحابته" حائل تقدم عبد العزيز آل سعود "وصحابته" حائل تقدم عبد العزيز آل سعود المنحل "بمشروع حيوي جداً!!".. فما هذا المشروع؟.. المشروع كان زواجه ـ اكراها ـ وشبيه بالاكراه ـ بمجموعة من النساء من ضمنها بعض نساء آل رشيد .. وبالطريقة السعودية المعروفة.. وهي الاغتصاب باسم الكتاب والسنة!.. تعبيرا عن فرحته في يوم كان كله حزن ومصيبة بسقوط القتلى.. وسقوط الوطن وسقوط الكرامة وكانت تلك أول صدمة لمن تآمروا مع ابن السعود وأحلوه في حائل خلسة وغدرا.. لكن واحدة من النساء التي أراد اغتصابهن لم تتحمل أن يوجه لها هذا الحيوان السعودي المتوحش تلك الاهانة ولم تقبل بمرور لحظات سروره الماجن دون الثأر لكرامتها وكرامة شعبها ولو بأي طريقة من الطريق وحسب المستطاع… فزفّت إليه العروس اغتصابا… وكانت قد اخفت مخرزا بيدها… وما أن حاول الحيوان السعودي الاقتراب منها حتّى أغمدت مخرزها في عينه تصرخ: "لن تقرب مني أيها الملعون".. وهكذا فقد عبد العزيز آل سعود عينه. فلسطين في عيني! وهي العين التي أشار باصبعه عليها عندما جاءه وفد فلسطين عام 1947 طالبا قطع البترول عن الغرب والصهاينة للضغط على أمريكا!!! ـ وقال عبد العزيز قولته المشهورة (انني أحافظ على فلسطين في عيني … ولن تضيع فلسطين الا إذا ضاعت عيني هذه!) وضاعت فلسطين كما ضاعت عين عبد العزيز.. وعندما قيل لعبد العزيز بعد ضياع فلسطين، لقد ضاعت فلسطين التي تعهدتها بعينك، قال: لن أكون أول من أضاع فلسطين ولا آخرهم… أما عن المرأة الشمرية التي أضاعت عين الطاغية عبد العزيز فلم يجرؤ هذا الطاغية على أن يمسسها بسوء لشعوره بالذنب والجريمة ولخشيته من تسرب الخبر... وقد اعتبرها اهانة له في هذا اليوم "من امرأة عربية شمرية" أرادت الاخذ بثأر رجالها عندما خانهم بعض الرجال بقصد ساذج أو خبيث بل أشاع هذا الطاغية ان ما حدث لعينه لم يكن الا (نظرة من عين حسود أصابته بعينه لهذا الانتصار!!) فسرح المرأة فورا… ولا أقول طلقها لأنه ليس بينه وبينها عقد زواج كما هو الحال في كل زيجات آل سعود (ألا يجوز أن يقال أنهم بهذا أولاد زنا؟).. أما عن أهمية سقوط حائل بيد الاحتلال الانكلو سعودي.. فقد قال السير برسي كوكس (لقد انتهى عهد الرعب وشغلنا الشاغل ـ انتهت حائل وقبائل اسمها شمر لم نحس قبل سقوطها بالاطمئنان… حقا لقد كان عبد العزيز المتعب الرشيد مستهترا حينما قال له بعض أصدقائه بعد أن استولى ابن السعود على القصيم: دعنا نقاتل ابن السعود ونهاجمه فنحن قوة وابن السعود لا زال ضعيفا قبل أن يمده الانكليز ويصبح في عيونهم شيئا، فكان رد عبد العزيز ابن الرشيد ساخرا من الناصحين بقوله ـ ابن سعود أرنب مجحِره ـ ابن سعود لا يمكن أن يفلت من يدي، أي أن ابن السعود أرنب في جحرها وما دامت الارنب في جحرها فهي مضمونة للصياد وسأصطادها متى شئت!. وكان قد اصطاده ابن السعود).. بعض الاسماء من آلاف الشهداء وها هي الآن أسماء بعض الآلاف الذين استشهدوا في مجازر النيصيّة والجُثامية والصفيح والوقيد وضواحي حائل وسهالها وراحوا ضحية الواجب الوطني ـ والغدر الانكليزي السعودي الآثم، ومنهم: الشهيد فهد سليمان العيسى، والشهيد فهد العْبِدَه، والشهيد صالح العيد، والشهيد عبد الله العيسى السعيد، وعيسى العيسى السعيد (رصاصة حطمت فخذه وتوفي منها فيما بعد بالعراق) والشهيد حمد العلي السعيد، وسليمان السيعد، وعنبر العنبر وسليمان النودلي ومجول العيد الزويميل وشائع الملق وعبده الفائز ودعسان الهمزاني وسعود المطيلق ومرجان بلال المرجان (أشعلوا فيه النار هو وسبعين شخصا معه) وصالح الضبعان (ورفاقه ثلاثون شخصا مثلوا بهم حتّى ثيابهم) ومهدي البلال، (والعودي وأولاده ـ وجماعته وعددهم 47 شهيدا جمعوهم وأحرقوهم بالنار) والشهداء دعيع وطاهر، ومهدي أبو شرين وسلامة وشقيقه ناصر العنبر وجابر الشعلان وحماد الشعلان وعثمان المشاري ومسفر المتعب ومنديل المهوس وفهيد المنيع وفالح الحيص وعامر وغانم الكوش ومرشد المسلط وعبد المحسن الشومر (وجماعته مائة وستون أحرقوهم بالنار أحياء) وابراهيم العريفي (ومائتان وثلاثة وأربعون معه قتلوهم وسرقوا ثيابهم وأحرقوهم) هؤلاء ممن استشهدوا في مجزرة النيصية، أما الذين استشهدوا في مجزرة الجثامية فمنهم الشهداء: رعاف الغلث وفرج السعود وساطي المسيعيد وثاري البجيدي وعلي العايد وفهد السعيد وسالم الطالب وفهد الهشال وجروان الاحمد وسليمان المهدوس وفرج الجيش وابراهيم السهيل وعلي الجميعة وابراهيم الصلحاني وخلف النعيم وعبد الله البريك، وغيرهم من الآلاف الذين سيكتب الشعب أسماءهم العربية في سجل الصديقين والخلود مع (400 ألف شهيد) من أبناءه في كافة أنحاء الجزيرة العربية قتلهم الآثمون السعوديون والانكليز في معارك تربة والطائف والجوف والحفر والحجاز ونجد ومن معظم القبائل.. كما شردوا من شعب الجزيرة العربية ما يزيد عن المليون ونصف مليون مواطن إلى أنحاء آسيا وافريقيا وكافة البلاد العربية.. وهناك بطولة استشهاد لا ينساها شعبنا.. تلك هي بطولة استشهاد القائد البطل ضاري بن طواله رئيس عشيرة (الأسلم) من قبيل شمر.. لقد نزح ضاري بن طواله مع من نزحوا من عشائر شمر عن حائل لخلاف بينه وبين سعود آل رشيد، ولكن ضاري بن طواله ما أن علم بحصار حائل من قبل السعوديين حتّى توجه من الكويت إلى حائل رغم ما بينه وبين آل رشيد من خلاف جعل ابن الرشيد يهدد ضاري بن طوالة بالقتل… توجه البطل ضاري بن طوالة ليدافع عن حائل، وأخذ واخوته يحارب كل من في طريقه من السعوديين وأتباعهم حتّى وصل إلى يا طب (30 كم تقريبا شرقي حائل) وهو يقاتل الخونة بشدة. وفي ياطب أطلق عليه أحد عملاء الانكليز السعوديين الذين رافقوه رصاصة غادرة أردته قتيلا.. ولم ينس حتّى وهو يلفظ أنفاسه الطاهرة أن يوصي قومه بمواصلة القتال في سبيل الوطن.. وكانت آخر كلمات هتف بها البطل واختلطت بحشرجات روحه الطاهرة قوله المأثور: (هذا هو عذري منك يا حائل. هل تقبلين بهذا العذر؟. أنني مت دفاعا عنك ولم أخونك ولم اتركك وحيدة ولو لم يقتلني هذا الشقي اليوم في حماك لكتب لي الموت غدا في جوفك فو الله لن أقف على قدم من بعد سقوطك ولن أحيا بعد ان يتسلمك الاعداء وان تركتك غضبا على حاكمك فلم أتركك غضبا عليك) فلتعش يا ضاري بن طوالة البطل مع الشهداء والصديقين خالدا شهيدا.. ولم تكن قصة هذا البطل هي الفريدة من نوعها على ابناء شعبنا.. فكم من جندي باسل شجاع استشهد.. أما من نجا من المجاهدين في حائل، فلم يستسلموا للطغيان السعودي، بل ذهبوا إلى الحجاز ليشاركوا شعبنا هناك شرف الجهاد. ونذكر منهم البطل الشهيد صالح السعد الله الذي لم يستسلم للسعوديين فهرب من حائل إلى الحجاز ليشن هجمات فدائية على مخيمات ومدافع الانكليز وابن السعود في الرغامة بجدة حتّى استشهد البطل هناك بعد أن شن هجمة من هجماته المتعددة على مخيم ابن السعود نهارا حينما ألقى بقنبلة من يده على شخص اسمه صالح الذعيت كان زميلا لصالح السعد الله في الجهاد وهرب مع الامير عبد الله المتعب الرشيد قبل سقوط حائل فبقي مع ابن السعود وقد اتهمه صالح العبد الله أن الذعيت قد أصبح يحارب مع ابن السعود ضد شعبنا في الحجاز رغم أن الذعيت هو الذي سبق له قطع رأس الكابتن شكسبير قائد جيش الاخوان السعوديين.. فهجم صالح السعد الله على صالح الذعيت مقتحما تحصينات الانكليز وابن السعود وتحدت مع الذعيت وجها لوجه بقوله: (انا صالح السعد الله يالذعيت هل تذكر جهادك الأول: هل تذكر أنك أنت الذي هجمت بسيفك على مدفع الانكليزي شكسبير قائد جيش ابن سعود وذبحته في معركة جراب التي هزمنا فيها جيش العدو الانكليزي عبد العزيز بن سعود؟.. اخس يالذعيت يا بياع بلاده.. ولكن خذها ثمنا لخيانتك يالذعيت).. فألقى عليه قنبلة مزقت أحشاءه.. ثم راح البطل صالح السعد الله يهرول ويحمي مؤخرته بعض رفاقه… ولكن رصاصة سعودية غادرة لحقت به من الخلف فأردته قتيلا.. واستشهد البطل ولم ترفع جثته من الأرض التي سقطت عليها مدة تزيد على شهر، حتّى أنها تيبست دون أن تدور أو تلحق بها عفونة.. أما قبائل شمر المجاهدة فقد هاجر منها قرابة الخمسين ألفا إلى العراق وسوريا والاردن.. أما ابن السعود فقد خان كل عهوده ومواثيقه "ولحس" تلك المعاهدة التي وقعها هو والمتآمرين معه بقصد أو غير قصد.. ولكنه وضع الشيخ إبراهيم السالم السبهان حاكما على حائل إلى حين. وخان عبد العزيز آل سعود عهده ومعاهداته بعد أن قال عبد العزيز آل سعود في كلمة ألقاها في حشد من أهل حائل: (أنا لا أريد أن أنصب عليكم من لا ترضونه ـ يا أهل حائل وشمر ـ وقد قال لي البعض نصّب علينا أحد أفراد أسرتك لكني أقسمت أن لا يحكمكم أحد من أفراد أسرتي لأنني غير آمن أن أولي عليكم احدا منا والسبب قد لا تستطيعون شكواه الينا فيما لو ظلمكم وأخل بهذه الشروط بيننا وبينكم أو ارتكب أي ذنب لأننا ندّعي أننا أخذناكم بالسيف، فالحقيقة أنه لو ما تفاهم عقلاءكم لطالت الحرب بيننا وبينكم وربما ننجح بدخول حائل وربما لا ننجح، ولكن هذه ارادة الله!.. وقد وافقنا على كل طلباتكم وهذا هو إبراهيم السالم منكم وفيكم اطلبوا منه ما تريدون وما ترونه نافع وهو سيوصل الامر الينا)!.. الخ.. فلا تعجب لهذه الحيل والخداع السعودي.. فالاحتلال السعودي ما قام الا على الحيل والخداع وما زال الخداع شريعته. وفجر عبد العزيز بقسمه ونقض اتفاقيته مع أهل حائل وتبعته ذريته من بعده وما هي الا مدة قصيرة جدا حتّى عزل ـ ابن السعود ـ "صاحبه الحائلي" إبراهيم السالم السبهان واستبدله بابن عمه جزار منطقة حائل الشهير عبد العزيز بن مساعد الجلوي الذي أخذ يسوم الشعب وقبائل شمر والمواطنين سوء العذاب والارهاب ويسرق خيرات الأرض وحقوق الفلاحين والبادية والمواطنين ويعتبر أن الأرض كلها ملكه قد أقطعه اياه ابن عمه عبد العزيز آل سعود ، وكذلك البراري كلها حماه لا ترعى به إلا أغنامه وابله وخيوله التي صادرها من القبائل والمواطنين، والويل لمن يمر من البشر في هذه الأرض التي سماها "حماه".. وخابت آمال الذين دخلوا ابن السعود إلى حائل ظانين انّه سيورثهم الأرض ومن عليها!.. وقد نلتمس العذر لهؤلاء "الرجال" الذين سلموا "أمهم" حائل لابن السعود وعلوجه بغفلة من اهل حائل، وقد زعم هؤلاء الذين "قادوا" ابن السعود (انّه سيبدل صحاريها بجنات تجري من تحتها الانهار..) ولكن حائل لا زالت كما كانت عليه من ظلم وتأخر وأمراض وابن مساعد وآل سعود.. ولن يغير ما فيها من وباء الا وجه الاشتراكية الاكرم بقيام ثورة عربية جمهورية، وقد اثبت التاريخ ان الشعب في حال لم يرضخ لطغيان عائلة آل سعود، فكم مرة ثار وثارت قبائله ثورات هزت قوائم عرش الظلم رغم أنه لم يكتب لها النجاح لأنها لم تتجاوب معها بقية الأقاليم والقبائل. ثورة غُريّب العفري من هذه الثورات، ثورة الشهيد البطل غريب العفري الشمري الذي أعجز الطغيان السعودي وجزاره عبد العزيز بن مساعد الجلوي مدة من الزمن رغم أنه لم يكن مع هذا البطل الا شقيقه دغيليب وخمسة من ثوار شمر الاحرار، وقد وقع في كمين نصبه له عدد كبير من خدم ابن مساعد فشدوا وثاقه وساروا به ليلا حتّى شارفوا على مدينة حائل وعندها اطمأنوا فناموا وتركوا البطل الذي لم ينم، وبينما هم يغطون في نومهم لحق بهم شقيقه دغيليب العفري الذي كان يرقبهم ويتتبع خطاهم، وقطع قيد أخيه وقاما معا بتجميع سلاح خدم ابن مساعد ولما انتهيا من تجميع السلاح كله صرخ فيهم "غريب" قائلا: (أنتم تنامون لأنكم لا تذكرون لكم بلدا يحتلها آل سعود.. وتنامون لانكم خدم للمعتدين آل سعود.. أما أنا فلا أنام، وان نمت أحلم ببلادي وأفيق على هذا الحلم الذي يفزعني ولهذا أصبحت شجاعا أستطيع أخذ أسلحتكم منكم بالايمان القوي، أما أنتم فلا تستطيعون استعادة أسلحتكم مني وأنتم جمع غفير لانكم خدم الاعداء كما قلت، خدم الطغاة الذين يركضون بلا هدف خلف ثائر مثلي لتسليمه لاسيادهم مقابل أجر تافه يدفعه لهم الطغاة. لهذا تنامون وان نمتم فلا حلم لكم الا "بالشرهة" والاجرة التي سيدفعها لكم ابن مساعد مقابل القاءكم القبض على ثائر شريف. لكني لن أترككم تقبضون أجركم كثمن لرأسي الثمين ولن أقتلكم رغم أنكم تريدون قتلي، فاذهبوا إلى سيدكم وأخبروه.. اذهبوا بلا سلاح وبلا ابل تركبونها..) بعد ذلك ساقهم بعيدا بعد أن طلب من كل واحد منهم أن يربط يدي زميله إلى ظهره وتركهم.. وراح هو وشقيقه في سبيلهما الثوري.. أما الخدم فراحوا إلى الجلاد ابن مساعد الذي حلق ذقونهم وسود وجوههم كعقاب لهم وجلدهم وأعادهم لمطاردة الثائر مرة أخرى مع عدد أكبر منهم بقيادة ناصر بن دوخي، ومع ذلك فلم يتمكنوا من اصطياد البطل، رغم أنهم طوقوه من كل جانب الا بعد أن انتهى ما معه وشقيقه من ذخيرة حيث أصيب شقيقه ذغيليب وتمكن من الهرب أما غريب فقد اقتادوه الزبانية إلى جزار حائل ابن مساعد. فأرسله مكبلا بالسلاسل إلى ساحة السوق، وكان البطل يسير بين المواطنين وهو يدرك أنه يتجه للقاء الموت، لكنه كان يبتسم بكل شجاعة وايمان فالتفت إلى الخدم الذين ضايقوه وقال: (لا تفرحوا يا خدم المجرمين فان لي جماعة سيأخذون بثأري)!… وكان يعني "بجماعته" جموع الشعب التي كانت تنظر له باعجاب بينما هو مقيد بالحديد!، وكنت آنذاك صغير السن، أقف بين ذلك الجمع الكبير الذي شاهد اطلاق الرصاص في رأس هذا البطل، لكننا ماذا نملك غير ترديد اللعنات على آل سعود بأصوات عالية مع كل رصاصة تنطلق صوب رأسه وصدره الشجاع وراح البطل غريّب العفري شهيد شعبه، هذا الشعب ـ الشهيد ـ الذي قدم الالاف من أمثال غريب العفري، ممن خلقوا في نفوسنا ثورة منذ سني الرضاع الاولى. لن تنطفي نارها حتّى تحرق الظالمين ويسود شرع الاشتراكية العظيم.. والشعب في حائل لا يكن لعهد الحريم أي احترام فعندما توفي الطاغية عبد العزيز واستورث ابنه سعود الشعب والارض والعرش من بعده وأخذ يدور على كل المناطق مخادعا الشعب بطلب "البيعة" منه لم يبايعه الشعب وانما بايعه نوع معين من المتزلفين.. ولم أنس تبرم الشعب في حائل عام 1373 ـ 1954 بمثل هذه "البيعة" التي جاء سعود يطلبها منهم!، وكنت وقتها منفيا من الظهران إلى حائل بعد أن قام العمال باضرابهم الشهير بتاريخ 167 اكتوبر عام 1953 مطالبين باخراجنا من سجن العبيد حيث لم يرجع العمال إلى العمل ولم يتوقفوا عن الاضراب الا بعد الافراج عنا.. وبعد أن أفرج عنا أخذت علينا تعهدات بأمر الملك سعود بواسطة ـ عبد الله بن عيسى وكيل الامن العام الذي أخذ هذا التعهد علي ـ ونصه: (أنا الموقع فلان.. أتعهد للدولة بأنني لن أخرج من خلف سور حائل وان خرجت من منفاي هذا فإنما أهدر دمي وأحل للحكومة قتلي)!.. فأمرني وكيل الامن العام في الظهران بتوقيع هذا التعهد والحديد ما زال بيديّ والقيد برجلي كما وقعه بقية الاخوة فوقعته وضحكت وقلت: ـ ان هذا التوقيع أو عدمه سوف لن يمنع العصابة السعودية من قتلي إذا أرادت وانما هو احتياط شكلي اتخذ للافراج عنا والتخلص منا بعد موقف العمال الابطال، والذي أضحكني هو ما ذكر بهذا التعهد السعودي: "سور" حائل فرجال هذه العصابة لم يعرفوا أن هذا السور قد هدم منذ أول يوم للاحتلال السعودي المشؤوم.. وقد أخبرت وكيل الامن العام عبد الله بن عيسى بذلك وقلت له: (ان هذه الدولة التي أخذت علينا تعهد الموت جاهلة في بلادنا وخبرتها عتيقة!).. ووصلت إلى حائل مقيد اليدين بتاريخ 10 نوفمبر عام 1953. وفي الطريق بلغنا نبأ وفاة الطاغية عبد العزيز من الاذاعة في ضحى 9 نوفمبر 1953. ولم أخف سروري بهذا النبأ ولم أترحم على الطاغية طبعا وانما جهرت باللعنات عليه أمام جمع من شعبنا احتشد في مدينة بريدة حول السيارة التي نقلتنا إلى حائل.. وبلغنا أن الملك سعود سيقدم إلى حائل لاخذ "البيعة" له بعد والده ورأى بعض الاخوة أن أعد كلمة البلاد ـ أي كلمة الشعب ـ لا لقائها أمام الملك، وأعددت الكلمة. وعلم حاكم حائل جزار الشعب عبد العزيز بن مساعد الجلوي بذلك فاستدعاني لمقابلته، وقابلته في قصره وطلب مني أن أعرض الكلمة عليه فعرضت كلمة موجزة لم يفهم منها شيئا لانه لا يفهم (أي شئ خلف القتل والارهاب وتجميع صفائح الذهب وممارسة النكاح وامتلاك الجواري والعبدات) فقال لي: (يجب أن تحذف منها كلمات الفقر والجهل والمرض)!.. وأردف يقول: ـ (ولا تلقيها باسم الشعب والعمال وأهالي حائل وانما باسم، الامير ابن مساعد والامارة، ويكون القاؤها في قصر الامارة عندما يزورنا الملك في القصر فهذه كلمة زينة!) قلت له: لا ـ طال عمرك: بعض أبناء الشعب طلبوا مني القاء الكلمة باسم الشعب وسوف ألقيها باسمه أما كلمة الامارة فهناك من يلقبها غيري.. ولما رأى الطاغية ابن مساعد اصراري ردَّ علي وهو يهز رأسه غير معجب بمعصيتي له بقوله (بهواك بكيفك) قلت: هذا هو كيفي، وانسحبت منه، وفي يوم 10/12/1953 وصل ركب الملك سعود إلى حائل وشيد له السرادق في جنوب حائل في مكان اسمه "نقرة قفار" فألقيت كلمة أمامه لم ينتبه لما جاء فيها نظرا لكثرة الضوضاء وازدحام الخدم حوله وعدم وجود مكبر للصوت ونظرا لقلقه وخوفه ولأنه "متعب" كما يقول.. وتحرك ركبه حيث ضربت الخيام لخدمه وأتباعه في مكان اسمه "الوسيطاء" غربي حائل وأصدر أوامره باحضار عدد من الحريم إلى قصره المتنقل معه أينما حل وارتحل والمسمى باسم (الصالون) وأحيانا باسم (الحمام).. وتزوج تلك الليلة بثلاث من النساء على الطريقة السعودية المعروفة. وفي يوم 11/ 12/1953 وجهت له دعوة من قبيل مدرسة حائل، وقمت باعداد تمثيلية بعنوان: الفقر والجهل والمرض ـ لتمثيلها أمامه غير أن الاوامر أتت قبيل وصوله بالغاء هذه التمثيلية… وفي الساعة الواحدة ظهرا وصل الملك إلى المدرسة المذكورة وحضر جمع غفير من أبناء حائل بالاضافة إلى من حضر معه من أخوته وجزاريه وخدمه ومنهم عبد العزيز بن مساعد. فألقى الزملاء بعض كلمات الترحيب أمامه. وما أن جاء دوري في الكلام حتّى أمر خدمه بايقاف ما تبقى لأن "جلالته" كما يقولون "متعب" ويريد انهاء هذا الحفل، وحاولت أن ألقيها ولكنني منعت من قبل العقيد المرحوم محمد الذيب ياوره الخاص، فدفعت الذيب بيدي وتقدمت للملك وقلت: ان لدي "كلمة يا طويل العمر" وقد منعني حرسك من القائها بحجة أنك متعب وشعبنا في حائل يعلم أنك لم تأت هنا للسياحة وشم الهواء وانما جئت لأخذ البيعة وفي هذه الكلمة التي منعت من القائها أشياء مهمة عن البيعة يجب سماعها لأنك كنت متعب يوم المجئ ولم تسمعها… وكان الملك قد أعطى الاوامر لقيامه… و تحرك بالفعل من مقعده لترك المكان ولكنه عاد للقعود ثانية وقال (تفضل تفضل ألقها) وهذا نصها: كلمة الشعب (باسم الله الحق، باسم العمال المعذبين، باسم الفلاحين الذين أصبحوا فريسة للمرابين… باسم الجنود الظافرين، باسم البدو المشردين، باسم الشعب العظيم، الشعب الذي حرم من نور العلم طويلا يا طويل العمر!!. يا سعود بن عبد العزيز.. دعني أناديك باسمك المجرد من الجلال والجلالة (فزخرف القول غرورا) والذي لا يجله شعبه لا تجله الالقاب الزائفة بل ولا يجله الله أبدا!!. ان رضى الشعب هو رضى الله!.. ولن يرضى الله سبحانه لمن لا يرضى عنه شعبه لذا، أقول لك… يا سعود؟.. هل تجشمت مصاعب الطرقات الخربة الوعرة ذاهبا إلى الحجاز وتهامة جنوبا عائدا إلى الجوف وحائل في أقصى الشمال متجها إلى القصيم ونجد، والاحساء والقطيف والجبيل في سواحل الخليج العربي شرقا. أقول: هل تجشمت هذه المصاعب والطرقات الوعرة الخربية "يا وريث الملك من أبيه" بقصد الدعاية لنفسك أم الترفيه عن نفسك؟، إذ ليس في مئات المدن والقرى والصحاري التي مررت بها الا الفقراء الذين رأيتهم ـ يمدون أيديهم المقطوعة والموشكة على القطع ـ يمدونها اليك ضارعين من الفقر والجوع والمرض والجهل اللعين… وكان بامكانك أن تقطع هذه المسافات بالطائرات، لكنك قطعتها بالسيارات… ولهذا نحاول اقناع أنفسنا: بأنك جئت حسب الظن بقصد الاطلاع على ما يلاقيه شعبنا في كل أنحاء بلادنا المنكوبة المرزوءة بالظلم والعراء والمرض والشقاء والفقر والبطالة وخراب الديار، وعرفت أنت بنفسك بعد أن تكسر العديد من سياراتك بهذه الرحلة أنه لا يوجد طريق واحد معبد في البلاد كما تعرف أنت أنه لا يوجد علاج ولا معالج ولا ماء نظيف صحي ولا دواء ولا عمل ولا مساكن تليق بالانسان وكرامة الإنسان. وهذا ما جعلك تسكن في الخيام في كل مدينة تحل بها بما فيها حائل، لعدم وجود ما يصلح لسكناك كملك من مساكن شعبنا الحقيرة… وكنت قد أعددت مع أخوة لي من الطلاب تمثيلية بعنوان: "فقر وظلم وجهل ومرض"، لا عرض أمامك بطرق تمثيلية هذه المهازل والجرائم التي يلاقيها كل شعبنا حضره وباديته الكريمة من جراء الادواء الاربعة اللعينة… الجهل .. والمرض.. والفقر والحكم الباطل الذي خلق الاربعة وغيرها، وفي النهاية أعرض كيف يكون القضاء على هذه الادواء وأسبابها وأبيّن أخيرا أنه لا طريقة للقضاء على هذه الامراض اللعينة ومسببيها إلا السيف… أي الثورة على هذه الادواء.. وأدعوك يا سعود ان شئت إلى أن (تقوم بهذه الثورة أنت) رغم علمي اليقين على من لا يعيش الالم تحقيق الامل… كنت أريد أن أعرض عليك يا سعود هذا في تمثيلية الفقر والجهل والمرض والظلم لعلك تضحك فتتذكر فتبكي ـ ولكن التمثيلية ألغيت في آخر لحظة لانك مرهق ـ كما قيل لي ـ بالاضافة إلى عرض هذه عليك علانية وبهذه الجدية، فصديقك من صدقك.. بالامس الأول كنت قد ألقيت كلمة البلاد وقلت فيها بعض ما أقوله الآن وكان مطلعها موجه: باسم حائل قراها وباديتها.. باسم العمال المشردين… باسم الشعب العظيم، غير أنك لم تسمعها جيدا لكثرة ضوضاء المكان.. ولقد عجبت عندما نودي علي يوم أمس في قصر الامارة ليدفع لي مبلع 500 ريال سعودي ويدفع للخطباء الآخرين 200 ريال ولما سألت عن السبب لدفع هذه المبالغ قيل لي انها ثمن الخطب!.. أما أنا فرفضتها بالطبع رفضا لا عودة فيه وقلت: ان كلام الشعب لا يباع ولا يشترى وانما ينفذ بالقول والعمل، ولو أردنا الدراهم لعشنا كما يعيش أصحاب الملايين بما عرض علينا من مقاولات في شركة أرامكو، لكننا كنا ننفق مرتباتنا كلها على الحركة ولمصلحة العمال وكنا نبقى بلا طعام الا ما يتفضل به اخوتنا العمال علينا باطعامنا مما يأكلون ولهذا فقد شردنا وعذبنا وسرحنا من العمل وقيدت أيدينا وأرجلنا وأعناقنا في مقبرة سجن العبيد وصدر أمركم باعدامنا ـ كما بلغنا ذلك من وكيل الامن العام في الظهران ـ .. لو لم تحدث معجزة الافراج عنا نتيجة اضراب العمال الذين لم يجعلوا لهم من مطلب سوى اخراجنا من السجن، حتّى أن العمال قد سجنوا سجنا جماعيا خلف الاسلاك الشائكة في وهج الشمس المحرقة وقطع عنهم الماء ومنع الطعام ثم سمح لهم أخيرا بالطعام ـ ولكنه طعام السم يا سعود ـ هل لاتصدق؟. لقد وضع لهم السم في طعام ذلك المطعم المسمى (مطعم أبو ربع ريال) ومات سبعة عشر من العمال، وقد أسعف الباقون بغسيل بطونهم، وادعت شركة أرامكو الاستعمارية أنه حدث لهم تسمم غير مقصود لأن قدور الاكل غير نظيفة!، ولكنه تأكد من أقوال أحد الاطباء العرب الفلسطينيين الذين يعملون لدى شركة أرامكو نفسها وكشفوا، ضمن الاطباء الذين كشفوا على حالة العمال المتسممين، أن التسمم حادث عن سم حقيقي عثروا على بقيته وثبت هذا وعلى أتم استعداد لأن أثبت لكم كل ما أقول… ولا غرابة، فهذا جزء مما يلاقيه عصب الحياة وأشرف خلق الله: العمال.. العمال الذين هم الشعب كله.. العمال الذين أخرجوا هذا البترول وما يتبع البترول من نعيم لينعم به غيرهم، أما هم فلهم السم الزعاف.. انني أحدثك يا سعود بما حدث وما سيحدث إذا استمرت الحال كما هي عليه الآن.. لقد انتهى عهد والدكم عبد العزيز المظلم وجاء عهدكم الزاهر كما يقال… كان كل من يرفع يده أو رجله باشارة عدل أو يحرك لسانه أو طرفه بشهادة حق فقد رأسه أو يده أو رجله باشارة عدل أو يحرك لسانه أو طرفه بشهادة حق يفقد رأسه أو يده أو رجله أو لسانه أو عينه اما بمغريات المال واما بالسيف المميت.. وإذا حدث لكم "المبايعة" مكان والدكم فلا يعني ان هذه "المبايعة" هي: استبدال عهد مظلم بعهد مظلم.. لهذا نرجوا أن يكون عهدكم الجديد زاهراً ـ كما يقولون ـ لأنه ما من أحد منا زار بلدان العالم أكثر منكم ولعلكم بهذه الزيارات قد عرفتم أو سمعتم أو رأيتم كيف تحكم بلدان هذا العالم وتساس.. بل ان هناك بلدانا أخذت استقلالها قريبا أو أنشئت من عدم، فأصبحت أكثر من بلادنا تقدما وازدهارا وتحررا وحرية واسلاما!.. ولهذا نريد من عهدكم أن يكون زاهرا!.. ولا يمكن لأي عهد أن يزدهر ما لم يقر بحقوق الشعب، كافة حقوق الشعب، ويتسلم لاشعب ادارة بلاده بنفسه وعقله وأيدي أبناءه المخلصين، ولمن يحقق هذه المطالب.. يمنح شعبنا الثقة ـ لا ـ البيعة ـ فالبيعة عادة لا تأتي الا عن طريق البيع والشراء.. والبيع والشراء لا يذكر ـ الا ويذكر إلى جانبه العبيد ـ والمال خراب الذمم… أما الثقة فتمنح بناء على ما يلي: 1 ـ شهادة حسن السيرة والسلوك القويم للشخص الذي يمنحه الشعب ثقته ليكون لها أهلا… 2 ـ ايمان من يُمنح الثقة بالمثل العالية والمبادئ الإنسانية العادلة التي جاء بها الرسول والانبياء. وبعد هذا نطرح فيما يلي: مطالب شعبنا التي بموجبها يمنح الثقة لمن هو أهلها ليكون الشعب وحده هو المسؤول عن حكم نفسه بنفسه.. 1 ـ اقامة مجلس للشعب أي "برلمان" حر ينتخب الشعب أعضاءه انتخابا حراً ممن رضي الشعب عنهم. 2 ـ يضع أعضاء هذا البرلمان الحر بعد انتخابهم دستورا للبلاد تحكم البلاد بموجبه ولن يشذ هذا الدستور عما جاء به القرآن الكريم والاحاديث النبوية الصحيحة وروح العدل الذي دعا بها رسل الحرية والانسانية.. 3 ـ يسن هذا البرلمان الشعبي كل القوانين والمراسيم والتشريعيات التي ستلغى بموجبها جريمة بيع وشراء الإنسان للانسان، جريمة تجارة الرقيق الذي لا يوجد في أي بلد من بلدان العالم كما يوجد في بلاد كان شعبها فيما مضى قد حرر الإنسان من عبودية في ثلاثة ارباع العالم.. انها بلادنا وشعبنا يا طويل العمر؟…
4 ـ يسن ممثلو الشعب في مجلس الشعب قانونا يحرم جريمة قطع الايدي والارجل فهذه الجريمة لا تطبق إلا بحق العمال والفلاحين والجنود والعاطلين عن العمل من أبناء البادية المعذبين ومن لا يجدون لقمة العيش، والمضحك أن من يطبقها هم الذين ينص القرآن الكريم على أن تُطبق بحقهم.. أنهم اللصوص الكبار الذين اصبحوا حكاما.
5 ـ تلغى عقوبة جلد المواطنين بالطرقات وغير الطرقات وتستبدل بالاعمال والتعليم والتهذيب مكان التعذيب، وتحال السجون إلى مدارس لا يدخلها إلا من تثبت تهمته بعد مذكرة توقيف عدلية وبعد التأكدات اللازمة والتحقيق النزيه بأنه يستحق حكم القضاء… 6 ـ يصدر قانون عمالي ينص بانتخاب نقابات عمالية نزيهة يجمعها اتحاد عمالي واحد نزيه يكون هو المسؤول أمام الحكومة ويتولى الدفاع عن حقوق العمال المهدورة التي ستبقى مهدورة بدونه إلى الابد. 7 ـ الغاء اتفاقية قاعدة الظهران الذرية والاستغناء عن الجيوش الامريكية الاجنبية بجيش عربي قوي مسلح باقوى واحدث انواع الاسلحة يحمي البلاد التي لا يمكن أن تحميها قوى الاجانب والاعداء الذين باعوا واضاعوا فلسطين العربية والتي لا يمكن لها أن تعود الا بقوة العرب ووحدة سلاحهم وأرواحهم. 8 ـ انشاء صناعة خفيفة وثقيلة في كل أنحاء البلاد والبحث عن المعادن وإدخال أبناء البادية في هذه المصانع. فأبناء البادية يكونون 60 بالمائة من مجموع الشعب كله ويلاقون من العذاب أقسى ألوانه. 9 ـ انشاء بنوك زراعية لاستصلاح الاراضي البور واقامة المزارع وتسليمها لجموع الفلاحين الذين هم واقعون تحت انياب الوحوش من تجار الربا، وتوطين قسم من أبناء البادية المعذبون في هذه الاراضي ليفلحوها.. أما القسم الآخر فيصبحون في المصانع عمالا. 10 ـ اصدار قانون يفرض التجنيد الاجباري فرضا على كل مواطن (ولا أقول كل مواطن ومواطنة لأن هذا القول سابق لأوانه في مثل وضعنا الحاضر) ليصبح الشعب كله مسلح أمام الاعداء وليس في هذا ما يخالف تعاليم النبي العربي محمد بن عبد الله كما يفتي البعض وهذا ما فرضه علينا الدين. 11 ـ اصدار قانون يفرض التعليم الاجباري على كل ذكر وانثى في كل مراحل التعليم فهذا ما فرضه النبي محمد علينا فرضا: (طلب العلم فرض على كل مسلم ومسلمة). 12 ـ اصدار قانون ينص على اطلاق الحريات الديموقراطية ومنها حرية الصحافة والاجتماع والتعبير ومنع العدوان على حريات الآخرين. 13 ـ اعادة العمال المسرحين إلى أعمالهم، ونحن منهم وعدم تسريح أحد من العمال لكيلا يكون علاة على هذا المجتمع.. وعدم نفي أحد أو أسقاط الجنسية عن أحد. وعلى مثل هذه الاسس المشروعة في الشرائع العادلة ووثيقة حقوق الإنسان يمنح الشعب ثقة الشعب ـ لا يبعيها ـ للحاكم الذي يحافظ على هذه الثقة ولا يبيعها هو أيضاً… هذا هو الرأي الآني للعمال المشردين يا سعود، رأي الفلاحين المعذبين ورأي الجنود ورأي سكان الصحراء من ابناء البادية الذي سبق لبعضهم أن قاتل إلى جانب هذا الحكم السعودي ولا زال يطحنهم ظلمه البغيض، وأخيرا، مرحبا بك في بلد الكرام المضياف ـ حائل الجميلة العظيمة ـ حائل بلد الشجعان، حائل الجزء الذي يلاقي ما يلاقيه غيره من بقية أجزاء الوطن من مظالم وفقر وجهل ومرض عّم انحاء الجزيرة العربية كلها ولا قضاء عليه إلا بحدوث معجزة… زلزلة تزلزل الماضي والحاضر.. فيحيا من يحيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة وتبنى البلاد من جديد لتعيش في جنة المستقبل … جنة المساواة… جنة الكفاية والعدل… جنة يتساوى فيها الناس في خيرات بلادهم، في كل ما في باطن الأرض وما عليها وما فوقها لكيلا يعيش من لا يعمل عالة على من يعمل، بينما العدل هو أن لا يعيش من يعيش عالة على كدّ الآخرين.. كما تقول الآية: (وان ليس للانسان إلا ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الاوفى)… والسلام على من اتبع الهدى. (11/12/1953 م) الساعة السادسة عصرا بالتوقيت المحلي غضب الملك وأفتى باعدامي كان هذا هو النص الحرفي لكلمة الشعب التي ألقيتها أمام الملك سعود في حفل مدرسة حائل ـ ولا داعي لاعادة نشر الخطاب الأول الذي ألقيته قبل هذا بيوم واحد هو يوم وصول الملك سعود لحائل نظراً لما بين هذا وذلك من تشابه، وهذا الخطاب كان سبب تعرفي بالضابط الحر محمد الذيب رئيس حرس الملك الخاص الذي اغتاله ـ آل فهد ـ عام 1959 في المانيا الغربية بحقنة لم تكن الاولى من نوعها وانما سبقتها محاولات أخرى كان قد اطلعني الشهيد الذيب عليها وقد التقينا في طهران مرارا وفي الرياض ومنها ثلاث مرات في بيت الشهيد الحر عبد الرحمن الشمراني، وكان الذيب هو الذي ابلغني بالامر الملكي الصادر بقتلي ليلة 11/6/ 1956، واختفيت من غرفتي بينما واصلت الاتصالات بالعمال حتّى اضطررت لمغادرة البلاد يوم 18/6/1956. فاعود الآن إلى يوم 11/12/ 1953 وموقف الملك سعود من تلك الكلمة سالفة الذكر… لم يتركني الملك أتممها.. بل أخذ يصرخ بقوله (كفى كفى أنتم مجرمين أنتم مجرمين أنتم مفسدين) وتلا الآية القرآنية كإيذان بقتلي: (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتّلوا أو يصلبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) ولكنني لم الق له بالا فقد استمريت في قراءة كلمتي رافعا صوتي إلى أعلى موجاته متجاهلا قول الملك رغم سماعي له جيدا لحرصي على اكمال كلمتي إلى النهاية لانني لو توقفت فسأعطي الملك فرصة لمغادرة المكان ومقاطعته للكلمة، وقد بلغت بي الاحاسيس وقتها أن الملك سيقتلي فاردت أن ابّين للناس: على أي شئ يُقتل مثلي وبذلك اكشف لبعض المخدوعين عن جنون ملوك آل سعود وغدرهم، وكيف أن أحدهم حين يستولي على المُلك اغتصابا ويعتبره ارثا لأخوته ثم يأتي الملك المغتصب الجديد ليضحك على السذج طالبا منهم البيعة!.. أي بيعة هذه؟.. وقد قلتها له قلت: (لا بيعة ولا شراء.. بل ثقة الشعب يمنحها لمن يخدم الشعب لا لمن يخدمه الشعب)!… وبلغ بي شعور اللامبالاة حينما اشرأبت اعناق الحاضرين تتوقع ما يحدث لي من الملك فأعطاني بعضهم اشارات بالسكوت! فتماديت ليعرف الناس ما فعلت وما قلت، ولكي لا أعطي فرصة للملك أن يزيّف ما قلته بالدجل السعودي المعروف حينما ألقيت الخطاب أمام الملك في حضور الجموع المجتمعة في مدرسة حائل، وكنت قد رفضت مشورة واحد من أقرب حراس الملك المقربين عندما عرف الحارس بكلمتي قبل أن القيها نصحني بعدم القاء الكلمة في مكان عام وقال: "انّه سيهئ لي فرصة الاجتماع بالملك في مخيمه ـ بالوسيطا ـ فألقي الكلمة أمام الملك بحيث لا يحضر الا الوسيط وعدد قليل من الحرس وطلب مني أن أخفف اللهجة واستبدل الشدة بتأييدنا للملك وطلب عفوه واعادتنا إلى العمل في الظهران والسماح لنا بمغادرة المنفى، وأن لا أعرض في كلمتي مثل هذه المطالب العامة" ولكني قلت للاخ الحارس المقرب (صالح علي السالم): لا يا عزيزي.. انّه سيأمر بقتلي لو تكلمت معه في خلوته ويلفق أي تهمة يراها ضدي، ولهذا سأقولها في أي ميدان أجده أوسع جمهرة من غيره.. وبالفعل وجدت الفرصة سانحة في مدرسة حائل.. وربما لم يستطع قتلي لان الناس قد عرفوا ما أريد.. أو لانه رغم ظلمه وطيشه كان أعقل وأعدل أخوته الذين تبعوه وما زالوا يتوارثون الحكم اغتصابا من بعده.. لكن الملك سعود لم يخف غيظه، بل قاطع خطابي بصراحة أمام الناس كما قلت، ولما لم أعره سمعا ولا طاعة أمر "ياوره" العقيد محمد الذيب بقوله: (خذها.. خذ الورقة منه) وكرر قوله لي أمام الناس: (أنتم مجرمين.. انّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون ويسعون ويسعون) وعلق لسناه على "ويسعون" فجاء إلى جانبه مبعوث من الجامع الازهر كان يدرس في مدرسة حائل ولقنه بقية الآية وهو يبتسم.. أما المرحوم الذيب "ياور" الملك فقد تمكن من سحب الورقة من يديّ وسلمتها له حفاظا على عدم تمزقها بين يدي ويديه.. وعندما وقفت أمام وجه الملك وقلت له متسائلا: (من هم الذين يحاربون الله ورسوله؟! ان الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ويجب أن يقتلوا ويصلبوا وينفوا من الأرض إلى غير رجعة، ليسوا العمال الشرفاء وانما هم أولئك الذين نزلت بحقهم الاية الكريمة وأمثالهم من هم افسد ممن حاربوا النبي محمد بن عبد الله سابقا ـ انهم الامريكان في الظهران أعوان إسرائيل وأعوانهم اليهود وأذنابهم في هذه البلاد. والهيئة الملكية التي أرسلتموها لنا بحجة إنصافنا من شركة أرامكو الاستعمارية ولكنهم ارتشوا من أرامكو وألقوا بنا في غياهب السجن مما دعا العمال للاضراب مطالبين بالافراج عنا ومنع اعدامنا، ثم أفرج عنا لكننا نفينا بعيدا عن مناطق نفوذ الامريكان. والذين يقتلون الفضيلة هم الواجب قتلهم. والذين يأكلون الحق ويزيفون الدين هم المفروض تقطيع أيديهم وأرجلهم. أنني أقول الحق وبعد هذا لا يهمني أن تقتلني يا سعود)!.. ولم يتركني حتّى أتوقف عن كلامي بل سحب عباءته التي سقطت حينما وقف غاضبا وأمسك بيد حاكم حائل الجزار ـ عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود ـ ووقفا معا وسعود يردد: (هذا الحفل زين لكن خرّبه ابن سعيد)!.. ومشيت خلفه، ولكن أخاه الامير محمد بن عبد العزيز أمسك بيدي، وعرفني بنفسه وعلى ابن عمه فيصل بن سعد وقال: (أنصحك أن لا تتبع الملك انني أخاف أن يقتلك لانها أول مرة يقف فيها مواطن أمام ملك بهذه المطالب ويتكلم بهذا الكلم أمام الناس. وأنا معكم وأشهد أنكم على حق وأن قضيتكم راحت وأضاعها الدولار، وثق أنني سأقف معكم ولكن أترك الملك يروح، وتعال لي الليلة بعد المغرب في القصر الذي أسكن فيه. تعرفه؟ أنا أسكن في قصر نوره).. قلت له سآتي اليك الليلة.. قلتها وأنا أعلم أن كل ما يقوله الامير محمد لا يخرج عن كونه دجلا من دجل الامراء ولم يقصد الا سكوتي واسكاتي، أما الذين حضروا ذلك الحفل فقليل منهم اتهمني بالجنون (لانه لا يتكلم مثل هذا الكلام الا فاقد العقل!) كما قالوا، فقلت لهم: كم نحن بحاجة إلى، ولو قلة من، المجانين يرفعون عن "عقلاء" الذلة عار المذلة.. وكم تمنيت لو أصيب كل شعبنا بالجنون الثوري الذي سبق وان اتهم به النبي محمد ويسار صحابته وكل الانبياء… أما قسم منهم فقال "انني جرئ" وقسم أيدني بلا تحفظ. أما أنا فلم أقدم على ذلك ـ حسب شعوري ـ ذلك الوقت الا بدافع من حبي للوطن وألمي الشديد ان أحيا في بلد يسوده أقذر حكم عرفه التاريخ الوسيط والحديث.. ولا يهمني بعد ذلك من يتهمني بالجنون أو الجرة أو يؤيدني فكلهم من "عقلاء" الملذات ما داموا لا يعملون لدحر الطغاة.. وقد كنت أبحث عن الموت باسمى طرقه… أما الامير محمد بن عبد العزيز فلم يخف "تأييده" لي لدى كل من قابله من أهالي حائل ـ ربما لادراكه أن الاكثرية تؤيد ما قلته وهي ضد آل سعود قاطبة، ورحت تلك الليلة إلى الامير محمد فوجدته يجلس في سطح القصر ولديه عدد من الامراء قدمني لهم "بشئ من الثناء" وطلب مني (أن أكتب تقريراً له في كل ما نريد!) وقدم لي الورق والقلم فكتبت بخط يدي كل ما يريده العمال والفلاحون والجيش والشعب كله واحتفظت بصورة منه.. وقبل أن أسلمه تلك المطالب الوطنية قرأتها عليه ليستوعبها فقال لي الامير محمد: (اني مسافر اليوم مع الملك وسأقدمها للملك سعود وسأقف إلى جانب هذه المطالب!) وأضاف: (ولكنني أطلب منك أن تتوجه إلى الرياض لتكون قريبا منا وتسكن في ضيافتي عندي في قصري وسأقوم بكل ما تريدون)!.. ولكن كل هذه الاقوال ذهبت مع غيرها من أقوال الامراء الكاذبة… وكانت هناك دعاية وهمية يرددها السذج آنذاك عن "طيبة وديمقراطية" هؤلاء الامراء، أمثال الامير محمد( ) ، وسلطان وفيصل وأولاده وطلال ومشتقاته لان هؤلاء الامراء التجار الكبار اعتبروا الكلام لا يصرّفها أمثالهم الا على الشعب المستهلك الوحيد لبضاعتهم الكاسدة باظهار عطفهم الزائف على "الوطن والوطنيين" حتّى أن الامير عبد الله الفيصل عندما ذهبت إليه شاكيا الوضع الفاسد بصفته كان وزيرا للداخلية استنكر معي ما يلاقيه العمال من ظلم واضطهاد من جراء الحكم الفاسد وشركاته وطلب منها أن نحني رؤوسنا كما قال "للعاصفة حتّى تمر ويأتي والده فيصل" وأظهر ميولا نحونا بل طلب منا اغتيال الملك سعود، كما سيأتي في كل مكان آخر.. بل وسلم لي تقريرا جاء له به (طلعت وفاء) المدير السابق للامن العام (الذي اغتاله "الفهد" فيما بعد وقيل انّه انتحر في لبنان وكان يعارضهم لاحالتهم اياه على المعاش) قدم هذا التقرير وأنا عنده، وكان قد كتبه "جون فيلبي" عن تاريخ هذه العائلة السعودية وأوضح جون فيلبي دوره الكامل في خلق هذه العائلة وتكوينها وحملها وفصالها وكيف أنشأها الانكليز وقال فيلبي: (ان الفضل في ذلك يرجع إلى فيلبي أولا والسير برسي كوكس ثانيا) ولقد سلم لي عبد الله الفيصل وزير الداخلية السابق هذا التقرير ربما دون أن يقرأه قائلا: (خذ هذا واقرأه فقد ينفعكم وقل لي رأيك فيما يكتب فينا وأعده اليّ).. وبالفعل فان هذا التقرير قد "نفعنا" ولكني لم أعيده إليه ولم "أقل له رأيي فيه" وانما نشرت معظم فصوله في هذا الكتاب.. ولما قرأته قلت لنفس: سوف لن أعيد هذا التقرير مرة أخرى إلى من لا يعرف قيمة هذا التقرير اللهم الا إذا طلبه مني، ولكنه لم يطلبه مني فقد نسيه الامير المحروم "من كثرة الحرمان" وكان جون فيلبي قد أعلن غضبته على سعود وعائلته "لما عاملوه به من جفاء كفرانا بفضل خالقهم" عندما وجدوا أن النفيعة الامريكية أحسن مذاقا وأجدى نفعا من نفيعة الانكليز. وكان جون فيلبي يشعر بمرارة لابعاد من قبل سعود تفنيذاً لرغبة الامريكان، وكان فيلبي قد وسط بينه وبين سعود حسين العويني العميل السعودي المعروف الذي ألحقه جون فيلبي "في عضوية مجلس الربع السعودي" التابع لعبد العزيز ـ ورشحه السعوديون لرئاسة وزارء لبنان مرارا … وقد صب جون فيلبي جام غضبه على سعود وأفراد عائلته الذين تنكروا كما يقول فيلبي (لأصدق صديق لوالدهم، تنكروا لمن حكم مكة من أول يوم دخلناها ولمدة 37 يوما حكما مباشراً حتّى روضها وحكم الجزيرة العربية 40 عاما حكما غير مباشر ـ عندما ـ كان كل الحكام يسيرون بأمري ويستعطفوا مني كلمة صالحة في حقهم أرسلها في تقرير إلى لندن لطلب العون والمال والسلاح والحماية وقد صليت بالناس إماما في الحرم المكي وصليت بوالدكم اماما عندما تتهمونني الآن فقط بأنني غير مسلم. ان والدكم كان يأتمر بأوامري ولا يرى بعد رأي أي رأي. أنني مواطن عربي الآن ولو كان والدكم حيا لما سمح لكم بهذا التطاول علي الذي هو تطاول على والدكم في الحقيقة، لو كان أخي عبد العزيز بن سعود في الوجود لما رضي بابعاد والدكم عبد الله فيلبي، لو كان والدكم عبد العزيز حيا لقال لكم من أنتم يا أبنائي الذين تتجرأون على منشئ دولتنا الحاج عبد الله فيلبي ومربيكم أنتم بالذات وقد قالها أخي عبد العزيز بالفعل عندما انتقده عدد من مشايخ القبائل والدين "لتقريبه لعبد الله فيلبي والاخذ برأيه لأنه انكليزي" قال عبد العزيز: "هل تذكرون أولا من نحن وأين نحن وكيف كنا لولا عبد الله فيلبي والانكليز؟". ورد عبد العزيز على نفسه قائلا: "كنا مطرودين نعيش على فضلات صحون آل صباح في الكويت لولا الانكليز ومواقف الاخ عبد الله فيلبي الصديق الصدوق الذي لا يمكن أن ننسى فضائله علينا فإذا تنكرون علي أخذ مشورة عبد الله فيليبي لانه انكليزي فأحب أن أذكركم أن كل ما تأكلونه الآن هو من عند الله وعند الانكليز والسلاح الذي معكم من الانكليز والريالات التي في جيوبكم سكها لنا الانكليز والذهب الانكليزي الذي معكم هو صنع الانكليز وثيابكم وعمائمكم من غزل الانكليز ولكنكم الآن تسبون المظهر وتنسون الجوهر.. هذا ما قاله والدكم عبد العزيز عني.. وكنت أصلي إلى جانب والدكم خلف إمامه الخاص، وكان أمامه إماما متعصبا ضد الانكليز "الكفار" مما أثار غضب والدكم عبد العزيز أثناء الصلاة حينما قرأ هذا الامام الآية القرانية القائلة: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار" فتوقع عبد العزيز أن إمامه كان يعني "بالذين ظلموا" عبد الله فيلبي والانكليز الموجودين معنا آنذاك فتقدم عبد العزيز بعصبية نحو إمامه واجتذبه أثناء صلاته ورماه أرضا، ثم تقدمنا في الصلاة بنفسه وتلا الآية التالية: "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي دين"… هذا هو والدكم عبد العزيز ولكن المغريات الامريكية أغرتكم بزخرفها عن أصدقاءكم الاولين الحقيقيين، لكن أملي بالامير فيصل قوي أن يعيد النظر ويتمسك بسياسة والده القديمة!.) هذا هو جزء من التقرير والرسالة اللذين كتبهما جون فيلبي بتاريخ 14/6/ 1954 من بيروت، أما الاجزاء الاخرى فقد استفدت منها في أماكن أخرى من هذا الكتاب.. وعندما قابلت عبد الله الفيصل مرة أخرى بعد أن سلمني ذلك التقرير، توقعت أن يسألني عنه، لكنه لم يسأل وانما طلب أن أركب معه بسيارته وذلك عشية 22/6/ 1954 وأخذ يؤشر لي على بعض عماراته في جدة ويقول: "ان هذه كلها من المرحوم جدي البطل عبد العزيز الذي يعزني كثيرا أما سعود فوجه فقر" وأردف قائلا: "أنا أعرف أنكم تعملون للثورة وان الثورة ستقوم لا محالة مهما أخذنا احتياطاتنا ضدها ولكن المؤسف أن الثوار سوف لن يميزوا بين سعود الفاسد المجنون وبين الوطني المخلص عبد الله الفيصل أو والده فيصل هذه هي مشكلة الثوار:، قلت للامير عبد الله: "صحيح أنه لا يمكن التمييز بينك ووالدك وبين سعود وأولاده وبقية العائلة لان ساعة الثورة ليست ساعة تمييز وانما هي ساعة اصدار حكم وابادة حكام ولكن لماذا لا تثورون على أنفسكم أنتم ليمزكم الثوار الحقيقيون؟!". قال: ألا يوجد من العمال من يخصلنا من سعود وظلمه؟" قلت: "ان المسألة هي التخلص من النظام الفاسد ونحن لا نؤمن بالاغتيالات الفردية ولم نقرها بعد ولو اقريناها لكان بامكاننا التخلص من سعود وأمثاله".. قال الامير: "تعالى لي مرة أخرى لنتحدث أكثر فأنا الآن معزوم على العشاء لدى "ابن زقر" وها هو بيته ولا أريد أن تدخل معي عنده فقد يكون عندهم من ينقل الكلام لسعود فاتهم بمناصرة العمال"… وتركت الامير لأسافر إلى الرياض، وفي الرياض اتصلت مرة بالوزير الامير سلطان وزير الدفاع حاليا فعرضت عليه بصفته وزيرا ما يلاقيه العمال من طغيان، فأركبني معه في سيارته حيث كان متجها من بيته إلى مجلس الوزراء ومر بي ما بين أكواخ بالية وقصور عالية تقع كلها متلاصقة ومتقابلة في جنوب الرياض وكأنما هي تبارز بعضها، فأخذ الامير سلطان يؤشر لي بيده على القصور والاكواخ وهو يقول: (انظر إلى أصحاب هذه الاكواخ كيف يموتون وانظر إلى أصحاب هذه القصور كيف يعيشون. أصحاب هذه الاكواخ هم الشعب وأصحاب هذه القصور هم قلة من مستغلي الشعب. فأين الإسلام عنهم؟)!… وتابع الامير قوله التجاري قائلا: (لو أن الإسلام قد طبق حقا لسكن أصحاب هذه الاكواخ فيه هذه القصور ولما استحق أصحاب هذه القصور أن يسكنوا حتّى في هذه الاكواخ لكن الإسلام أصبح غريبا وأصبح أمثالكم عندما يطالب بحقه المشروع وعندما يطالب بايجاد عمل له من أجل أن يعيش ويعيش أولاده ويستر عورات أهله من العار يتهم بأنه شيوعي خطير. كيف اتهموكم بالشيوعية؟).. قلت: (الذين اتهمونا بالشيوعية هم ركائز الخيانة والاستعمار، اذاعة إسرائيل حينما سجنا عام 1953 أذاعت "بأننا شيوعيين" واذاعة صوت أمريكا أذاعت "بأننا شيوعيين" ووزعت شركة أرامكو تزعم "أننا شيوعيين" وأشاعت أرامكو وأذنابها من الحكام "بأننا شيوعيين" كما كتبت الهيئة الملكية التي أرسلها سعود لنا بأنني شيوعي وذلك عندما لعنتها في مطار الظهران ونسفت "المنضدة" في وجوههم عندما قال لي أحد أعضائها "نسيب السباعي" ان الله أمركم باطاعة ولاة الأمور كما يقول: "أطيعوا الله والرسول وأولي الامر منكم" ـ ومن ولاة أمركم الامريكان!.. وهذا هو مصدر اتهامنا بالشيوعية، رغم أننا لم نعمل ساعة للشيوعية ولم نطالب لحظة بالشيوعية وانما كان مطالبنا وطنية وعمالية وقومية ودينية بل وجزء من هذه المطالب يتجه آنذاك مباشرة ـ بمضمونه ـ لايجاد "رأسمالية وطنية" في البلاد أي لتحويل هذه الاموال "التي سرقها أصحاب القصور من أصحاب الاكواخ" لانشاء صناعات ومصانع ومؤسسات وطنية أول ما يستفيد منها أصحاب رؤوس الاموال واللصوص أنفهسم وبالتالي تنقذ أصحاب الاكواخ من الموت البطئ والمرض القاتل والجهل المقيت، بدلا من تهريب هذه الاموال إلى الخارج "هذا ما قالته ألسنتنا أما نحن فالحقيقة اننا أخطر من الشيوعيين!).. قال الامير: كيف؟.. قلت اننا "عمريين" نؤمن بمبدأ عمر بن الخطاب الذي حاسب الشعب بموجبه عمر بن الخطاب نفسه ـ وهو عمر بن الخطاب ـ حاسبه على نصف بوصة زائدة في أسفل ثوب عمر بن الخطاب ـ حتّى أثبت عمر ـ بان ذلك الثوب لم يكن ثوبه وانما هو ثوب ابنه عبد الله استعاره منه لاداء صلاة الجمعة، وهذا المبدأ "العُمري" الذي طبق منذ مئات الاعوام في أرضنا المظلومة هذه لم يطبق حتّى الان في بلد الشيوعية وانما طبق في الجزيرة العربية قبل أن يعرف الناس الشيوعية، نعم.. لقد طبق قانون عمر القائل: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟) وكذلك قانون علي بن أبي طالب القائل (ما جاع فقير إلاّ بما متع به غني) وإذا كنت تؤمن يا صاحب السمو بما تقول "عن حق أصحاب الاكواخ في باطل سكان القصور" فاعمل بما تقول وستجد أن بامكانك تحقيق شئ من الإسلام!.. ولا أقول كل الإسلام!).. قال الامير سلطان: (انني مثلكم ليس بيدي تحقيق شئ مما قلت)!.. قلت: (أن لديكم حصانة ـ أميرية ملكية ـ أما أنا فأنا أقاوم كل القوى الشريرة: الامريكان، وشركة أرامكو والرأسماليين وكل أجهزة الحكم ضدي وليس معي حتّى أصحاب هذه الاكواخ النائمين، لكنني مع هؤلاء الذين لا يجدون حتّى الاكواخ ومن يعيشون على براميل الزبالة عند أبواب القصور!)… قال الامير : (هل تعلم أنني اتهمت بالشيوعية؟… وأنهم يقولون عني الامير الاحمر؟!.. وانني موضوع في القائمة السوداء؟!).. قلت بتهكم واضح على هذا الكذب: (يجوز؟.. جائز جداً انك أمير أحمر فعلاً!).. وتركت الامير ليدخل مجلس الوزراء السعودي فتعلن صحف البلاط واذاعته بعد ذلك: (ان مجلس الوزراء قد عقد جلسته الهامة ونظر في الأمور المدرجة في جدول اعماله) بل جدول اهماله… هذا هو نوع من أقوال امراء التهريج أولاد عبد العزيز الطاغية الذي أوصاهم قبل موته في تعريفه للسياسة (انها السياسة يا أولادي هي قل مالا تفعل وافعل ما لاتقول)!… وسار معظم أولاد الحرام على هذه السياسة.. اللهم إلا مشعل وزير الدفاع سابقا أو "برميل اللحم" الذي قال لي عندما قابلته في فندق البساتين بجدة وقلت له: (انني اريد دخول الكلية العسكرية) قال: لماذا؟.. قلت: لأخدم وطني!… قال: (أنا أعرف ما هي خدمة وطنك علينا… ان أحسن شئ للوطن هو تقطيع رؤوسكم. ولو كان الامر بيدي لوضعتكم في فم الطوب) أي لو كان الامر بيده لما قتلنا الا بوضعنا في داخل مدفع؟… قلت له: سلامتك… أي طوب تعني؟… وعيار كم؟.. قال: أنتم أهل الاضطرابات؟… ومضى في حال سبيله غير الرشيد… أما مفتي القصور السعودية محمد بن إبراهيم فقد قال: (أنه لا دخل لي في السياسة وقضية العمال هي قضية سياسية لا يجوز لعلماء الدين الخوض فيها أما عن قولك عن ابعاد العمال العرب بواسطة الامريكان واحلال العمال الاجانب مكانهم فهذا جائز شرعاً فديننا لا يبيح أن يعمل المسلم تحت امرة الامريكاني الكافر) قلت: (اننا لم نذهب إلى أمريكا وانما الامريكان جاءوا لبلادنا فما هي الفتوى التي تبيح سرقتهم لزيت بلادنا وخيراتها؟) قال: (الامريكان يصلحون في الأرض ولا يفسدون، وقد عمروا ارضنا بعد أن كانت خرابا) قلت: (ان الامريكان يفسدون الأرض والضمائر معا وقد استأجروا من قضاة الدين عندهم كقضاة شرعيين للفتاوى، واحد في الرياض براتب قدره 12 الف ريال في جدة وواحد في الظهران كل منهما براتب قدره 6000 ريال). فقاطعني قائلا: (إذا ثبت ما تقول فان هذا يدخل ضمن الوظيفة والاجر مقابل العمل المشروط أي وظفوا هؤلاء العلماء وهذا جائز شرعا وجزى الله الامريكان خيرا) قلت: (الامريكان جزاهم الله خيرا؟!) قال: (نعم..) قلت: (انك تقول: أنه لا يجوز للعمال العرب العمل لدى الامريكان فكيف يجوز أن يعمل رجال الدين لدى الامريكان ونحن نعلم أن هذه الدراهم لا تدفع لهم إلا للفتاوى ضد العمال ومع ذلك يجزي الله الامريكان خيرا؟!…) فغضب وقال: (البلد كلها عائشة على الامريكان.. قم … قم. قد قلت لك أنه لا دخل لي في السياسة..). قلت هذا للمفتي وأنا أعلم أن محمد بن إبراهيم هو صاحب المرتب البالغ 12 الف ريال شهريا الذي كان يدفع له من شركة أرامكو عن طريق مكتب العلاقات الحكومية "كوفر نمنت رليشن" كمرتب خصص للافتاء في الشؤون العمالية، وقلت للمفتي: (سبق أن أفتى قاضي الظهران بقوله "الامريكان قد أحييوا أرضنا والحديث الشريف يقول من أحيا أرضا ميتة فهي له: فما رأيك بهذا المفتي؟). فبدا الغضب على وجهه لكنه سكت وحاول عمل شئ ضدي.. وخرجت من عنده… ولا أريد أن أسترسل في سرد بقية قصتي مع آل سعود وتجار دينهم جميعا ـ فالقصة "غصة" شعب طويلة لا نهاية لها أبدا إلا بنهايتهم جميعا حينما يُطبّق الدين الصحيح في يوم تشرق فيه شمس الثورة الجمهورية ويتحرر الشعب بالحرية والاشتراكية العلمية والوحدة العربية… وانما اوردت بعض القصة التي جرت معي لافنّد كذب هؤلاء المرتزقة الذين التفّوا حول بعضا لامراء وبدأوا يبثون لهم دعاية كاذبة عن ديقراطيتهم المزعومة وبايعوهم، بينما الشعب المسحوق "المسعدن" الممسوخ اسما ورأيا ووطنا ودينا لم يبايع!… بل كيف "يبايع" من لا يملك الرأي الحر ومن يؤخذ بالظن والشبهات؟!.. والامراء الذين تحدثت عنهم هم الذين يحكمون الآن ويتحكمون… ولو أنهم استفتوا الشعب على ثقته فيهم لما منح الشعب ثقته أبدا إلا لمن يقتلهم جميعا للقضاء على من اندسوا على الإسلام لتخريب الإسلام… ففعلوا أسوأ مما فعله معاوية وزبانية الرأسمالية والاقطاع والخداع الاوائل.. في نكبة الجوف ضد: علي… احتلال الجوف والجوف قبل كل شئ هو (دومة الجندل) المكان التاريخي الذي عقد فيه المؤتمر الشهير بين أنصار علي بن أبي طالب يرأسهم الساذج أبو موسى الاشعري بينما أنصار معاوية اللعين يرأسهم الرأسمالي الماكر عمرو بن العاص. وقد سمي هذا المكان التاريخي (دومة الجندل) باسم ـ الجوف ـ فيما بعد لأنه يقع في منخفض (500) قدم تقريبا عما حوله من سطح الصحراء.. وتتكون الجوف من: الجوف العاصمة، وسكاكا، والطوير، وجاوه، وعدد من القرى، والمناطق التابعة لها، ومزارع الفواكه والنخيل كثيرة جدا في هذه المنطقة التاريخية وممتازة جداً ومنها نخل ـ الحلوة ـ الشهيرة في البلاد. وموقع الجوف الجغرافي مهم في استراتيجيته فهو يقع في شمال الجزيرة العربية على الطريق المباشر للاردن، فلسطين، سوريا، والجوف قريبة من العقبة والعراق أيضاً، وقد اشتهر شعبنا في الجوف بعناده وشجاعته وكفاحه بوجه آل سعود وغيرهم… وما سردنا النبذة التاريخية هذه عن الجوف وما حدث في الجوف ـ سابقا ـ من خداع "معاوية" لأبي موسى الاشعري ورهطه إلا لنقارن بينه وبين ما حدث في الجوف حينما قام جون فيلبي وعبد العزيز آل سعود بخداع بعض "الزعماء" في الجوف كغيرهم من زعماء شعب الجزيرة العربية الذين خدعوا بالدعوة السعودية الكاذبة باسم الإسلام وكانت دعوة من نسيج انكليزي سعودي اطلقت في بداية القرن العشرين زاعمة أن ابن السعود قد ارسل كمبعوث للعناية الالهية لا كمبعوث للمكتب الهندي الانكليزي، وقيل يومها انّه حامل لواء الإسلام لتوحيد البلاد.. وجعل الامر شورى فيما بين الناس والناس سواسية كأسنان المشط!… وانخدع شعبنا "بأسنان المشط" هذه، فظن البعض أنه المشط العربي الذي نص عليه الرسول العربي محمد، لا المشط "الانكلوا امريكاني" المتفاوت الاسنان… فاجتمع شعبنا في الجوف وقرر "زعماؤه" ارسال وفد منهم إلى عبد العزيز بن السعود باسم الشعب في الجوف حاملين رسالة جاء فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم… من أهالي عموم الجوف وقبائله إلى عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود… السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد فان بلادنا قد اصبحت لاتطيق الظلم على رحابتها. ولهذا فالاخوة الذين يحملون هذه الرسالة مندوبين عن أهالي الجوف يبلغونكم ترحيبا بكم لتكون الجوف تحت حكم الله وحكم الدعوة الإسلامية التي تدعون إليها لسن شريعة العدل بين كافة الناس وتوحيد البلاد وأخذ حق الظالم من المظلوم. وتطبيق حكم الشورى، وكما تقول بانك ستبقى خادماً لهذه الشريعة وأمة محمد وان حكام البلاد سيكونون منها حسب اختيار الامة لهم فنحن نختار هؤلاء المندوبين عنا للمفاوضة معكم والايام بيننا والسلام على من اتبع الهدى)!… هدى!.. كان هذا موجز لنص الرسالة التي بعث بها المجتمعون في الجوب إلى ابن السعود.. وقد حملها كل من: حمد بن مويشير (من زعماء المعاقلة بمقاطعة الجوف) ومنصور الباسط (من زعماء القرشة بمقاطعة الجوف) وعيد الضميري (من زعماء المطر بمقاطعة الجوف) وعلي الطريف (من زعماء القرشة بمقاطعة الجوف) واتصل هذا الوفد بابن السعود وبدأ التفاوض معه فوجدوه كما عبر أحدهم عنه بقوله عن الخداع السعودي متمثلا في بيت الشعر العربي: (ان الحيايا وان لانت ملامسها عند التقلب في انيابها العطب) وبالطبع وافق عبد العزيز ـ الذي كان جون فيلبي يقبع عن يمينه ـ على كل شروطهم وعقدوا معه معاهدة كانت كل موادها توحي في البداية أنها لصالح الشعب في الجوف، ولكن: خلفها مصيدة غادر (يتمسكن حتّى يتمكن) ومع كل ما أبداه عبد العزيز بن السعود من لين الجانب… إلا أن الوفد الشعبي قد عاد من لدنه ولديه بعض الشكوك من تصرفات ابن السعود ومن ملاحظاتهم (انّه يخضع للانكليز الذين يقعدون إلى جانبه)!… ورغم جسامة هذه الملاحظة إلا أنهم تغاضوا عن ملاحظاتهم تلك وصرفوا النظر عن شكوكهم معللين ذلك بأنه (عارض يزول، وما دام ابن السعود قد وقّع المعاهدة فتوقيع الرجال شرف يوضع على الرأس ولا يداس!. وما دام أنه قد قبل كل هذه الشروط ونحن الذين فاتحناه بها وعنينا إليه فلنتفق فيما بيننا على أنه مخلص في عهده)!… واتفقوا… وهكذا أرسل معهم مندوبا سعوديا من عنده يدعى (عساف الحسين) وبهذه المعاهدة "الحيلة" قدر للظلم السعودي أن يسود الجوف.. وكما قلنا: تمسكن الغادر ابن السعود لشعب الجوف حتّى تمكن من الجوف، وتنكر بعدها لعهوده ومعاهداته وايمانه ومواثيقه الغلاظ… وراح يردد "انشودته" المفضلة التي ما زال يرددها من بعده أولاده (أخذناكم بحد السيف)!… وما زالوا يصبغون سيوفهم في رقاب وأيدي وأرجل الشعب ويسومونهم سوء العذاب، ومنذ ذلك الحين، وحتى بعد تدفق مليارات البترول، وما زال آل سعود يرسلون أذنابهم من (الخراصين) لجمع ضرائبهم الفاحشة من البادية والفلاحين والمواطنين لانفاقها على شهواتهم السعودية… ومن هذه الضرائب التي فرضوها على شعبنا ليس في الجوف فقط وانما في كافة أنحاء الجزيرة العربية: ضريبة الزكاة!… ضريبة الجهاد في سبيل الله!… ضريبة حماية الاعراض!… ضريبة المكوس والجمارك… ثم.. ضريبة فلسطين والدفاع عنها!.. بعد أن باعها آل سعود… وأخيرا.. ضريبة مرضى السل!.. والذين يقومون بجباية هذه الضرائب مجموعة من الجهلة الاميين واللصوص الذين يستولون على ربع ما يجبونه من الشعب، أما الربع الثاني فلحكام المناطق، وأما النصف الآخر فللعائلة السعودية، تأخذه من الفقراء لتنفقه في "جهاد الحريم الاكبر" وتشتري به ملهياتها ومسكراتها وملذاتها وشهواتها الحيوانية السعودية.. وكثيرا ما يصادر (الخراصون) أراضي الفلاحين ونخيلهم ومزارعهم وابل واغنام أبناء البادية بحجة (أنهم أخفوا شيئا مما أوجب الله عليه دفع الزكاة لآل سعود)!.. مما جعل أكثرية من الشعب تعيش على هامش الحياة في الفقر المدقع والمرض المفزع والجهل المفجع والارهاب المروع، ولكن مع كل هذا لم يفقد شعبنا احساسه في كرامته وانسانيته وعروبته وشجاعته، فانتفض شعبنا في الجوف بوجه الظلمة الاثمين السعوديين سلالة بني القينقاع واجتمع في يوم 23/5/1940 وقرر الشعب ما يلي: 1 ـ أن ابن السعود خائنا. 2 ـ ان ابن السعود نكث مواثيقه. 3 ـ ان ابن السعود بغى وعلى الباغي اللعنة. 4 ـ أن ابن السعود طغى وجهنم للطاغين. ولكنه يجب أولا ارسال مندوبين عن الشعب لمعرفة رأي ابن السعود في هذه الجرائم التي تمارس باسمه في حقنا وعرضها عليه لنرى هل له إطلاع عليها أم أنها تدار من خلف ظهره وتسمى بإسمه، فان كان لا يعلم بها فعلينا أن نعلمه. وان كان فما هذا إلا انذار منا لنقضه الاتفاق والوعود ومن انذار فقد اعذر!… وعلى هذا الأساس رأى شعبنا في الجوف أن يرسل مندوبين عنه إلى عبد العزيز آل سعود بالرياض واستقر الرأي بأن يكلف بهذه المهمة كل من : الشيخ حجاج بن دايس (زعيم خذما) والشيخ معزي بن دهام (زعيم العقلية بالقريات) ووصلا الرياض واجتمعا بالطاغية عبد العزيز " وكعادته الثعلبية" رحب بهما وهو يكتم غيظ نيته السعودية اليهودية في صدره وتظاهر بأكرامهما بينما كان يخفي لهما اللؤم… ونادى على واحد من عبيده فوسوس له… ثم… ثم طلب القهوة العربية كعادته… وأردف قائلا: (زد لنا الزعفران)!. ولم يكن الزعفران إلى اشارة بين العبد وسيده عبد العزيز… وجاءت القهوة التي لم تكن عربية!. (وانما يهودية).. لقد وضع فيها (سما) نعم وضع السم في القهوة… وهذه ليست عادة غريبة عليه… فقد قتل بهذه الطريقة المئات من رؤساء العشائر والمجاهدين... فتخلص منهم باحقر اسلوب عرفه الصهاينة… فاشار إلى "العبد" بأن يسكب للشيخين فقط قائلا (والله وتالله ان لكم محبة خاصة في قلبي لانكم دائما تظهرون الحق… ووالله وتالله انني أكره من يسكت على الظلم… ووالله وتالله ما سكت على الظلم إلا شيطان أخرس!) وهكذا يقسم الغادر الاثيم!.. فارتشف الشيخ حجاج بن دايس القهوة.. أما الشيخ معزي بن دهام فقد تنبه للخطة واستغل فرصة التهاء الطاغية "بالايمان الغلاظ" وانصراف "العبد" ساكب القهوة لسكب عدد من قهوته السعودية إلى زميله الذي لم يكن يظن أن النذالة ستبلغ بابن السعود هذا الحد البشع… فألقى الشيخ معزي بن دهام بالقهوة إلى جانب مقعده في غفلة من الاذناب وأشار بيده للعبد "أنه قد اكتفى" أما الطاغية فقد اطمأن لهذا العمل.. وودعهما وهو يكرر عهوده وأيمانه بأنه على عهده ولم يخنه ولكنه لا يستطيع الالمام بكل الأمور هذه وانه "الخادم للرعية" وأنه سوف يحذر أمير الجوف الحاكم آنذاك ولن يتكرر ما حصل!.. ثم ودعهما.. وفي الطريق لقي الشيخ حجاج بن دايس حتفه "بالسم" السعودي بينما نجا الآخر الشيخ معزي بن دهام.. ومع أن الشعب في الجوف قد اكتشف هذه الخطة الملعونة إلا أنه صبر على أحر من الجمر ليرى ماذا يفعل ابن السعود بمواعيده وايمانه... ولكنه لم يفعل شيئاً إلا زيادة المظالم… ومرت الايام والطغيان السعودي يزداد مع الايام غدراً وطغياناً… ومرة أخرى حرر شعبنا في الجوف ايقاد مندوبين عنه لابن سعود" ممن عرفوا بالصلابة وقوة البأس ومنهم: رجاء ابن مويشير، ومسعر البلهيد، وكبريت الدرعان، وصنيتان الدرعان، ومخلف المانع، ومتروك الخلف، ومرعيد الدنوني، ونويديس بن خفلية السهيّان، ومناور بن هايس، وسهيّان الشكر، وثلج البطي، وغيرهم من المؤمنين… وقابل ذلك الوفد عبد العزيز بن سعود وعرضوا عليه مشاعر الشعب نحوه ونقمته عليه وعلى حكمه وحكامه، لكنهم رفضوا هذه المرة شرب "القهوة" أو أكل أي شئ معه أو لديه، وأفهموه أنهم أقسموا على عدم أكل أو شرب أي شئ لاعتباره ناكث عهد، ولم يحقق أي مطلب شعبي.. ومرة أخرى أخذ يكرر الطاغية أيمانه ويؤكد (أنه سيرسل تلك الساعة من ينوب عنه ليحقق كل ما يطلبون ولن يتم إلا كل ما يرضيكم وما لا يرضيكم سيزول!.) وعاد الوفد إلى الجوف بين مصدّق ومكّذب وما أن وصلوا حتّى وجدوا أن ابن السعود قد أرسل للجوف لوائين من "جيش الاخوان" المتوحش وكان قد أعاد تشكيله من جديدة لثاني مرة عام 1947، 1948 بعد أن ألغاه في السابق عندما كونته المخابرات الانكليزية بقيادة شكسبير وجون فيلبي في مطلع القرن العشرين لكن هذا الجيش ثار ضد آل سعود بقيادة فيصل الدويش فالغاه كما قلنا وأعاد تشكيله عام 1947، ومنذ ذلك العام "والجيش الحافي" يزداد ، وبدأ ذلك الجيش الحافي يشن هجمات النهب والسلب والسرقة.. وقام عبد العزيز بعزل شيوخ القبائل والزعماء المؤمنين واستبدلهم بغيرهم وأخذ يستعمل سلاح غدر جديد… سلاح (الفتنة) التي أخذ يثيرها أذنابه بين القبائل والشعب في كل المناطق… سائرا بالمثل اللئيم الذي علمه له أسياده الانكليز (فرق تسد) فساد هذا الفساد.. لكن إلى حين… فمات عبد العزيز وخلفه ابنه سعود، ولم ينخدع شعبنا في الجوف بابن الطاغية لأيمانه عن خبرة أنه لا يمكن للفأرة أن تلد إلا فارة أو فاراً، أي لا يمكن أن يخلف عبد العزيز إلا ذريته الطغاة الذين لحقوا به.. وكان الخصام بين المواطنين قد بلغ أشده من جراء فتنة التفرقة التي أوجدها الطاغية عبد العزيز.. ولكن المواطنين قد أحلوا الوئام مكان التفرقة وأجمعوا أمرهم (على أن لا يبايعوا سعوداً عند قدومه إلى الجوف لأخذ البيعة) ووصل سعود الذي أعلن نفسه ملكا بوفاة والده عام 1373 ـ 1953 م وجاء ليأخذ البيعة من المواطنين.. لكنه لم يجد من يقابله إلا حاكم السعودي على الجوف والاذناب، أما الشعب فقد داهمه في الصباح الباكر بمظاهرة عدائية كبرى قبل أن يقوم من مخدعه المتنقل معه (وهو عبارة عن صالون كبير تجره سيارة كبيرة، مكيف بالهواء مليء بالخمور والحريم) وما كان من سعود بعد تلك المظاهرة إلا أن أمر أتباعه بحزم أمتعتهم والحفاظ على حريمه وخموره!… ولاذ بالهرب من الجوف إلى غير رجعة… وترك على الجوف حاكما من خونة السعوديين ومنذ ذلك التاريخ وشعبنا في الجوف يعاني صنوف القهر والنهب والاستبداد… كيف (حل) الاحتلال السعودي في القصيم؟… ما من شك أن شعبنا في القصيم قد كره أولئك الحكام الذين حكموه قبل حكم ـ الاحتلال السعودي ـ بحكمهم الرجعي الذي لا يقوم إلا على جمع الزكاة من المواطنين والغنائم لانفاقها على الحروب الأهلية، إلا أن شعبنا في القصيم لم يرحب أيضا بحكم آل سعود المؤيد من الانكليز أبدا… لكنهم احتلوا القصيم عنوة واغتصابا. احتلوه بقوة ودعم وتخطيط الانكليز وباثارة الفتن وبالغدر وبالدجل باسم الدين وبدفع الرشوات لتجار الدين ولبعض العائلات الكبيرة في القصيم، فأفتوا بتكفير أي حاكم لا يعمل تحت امرة حكم عبد العزيز آل سعود.. إلا أن صالح بن حسن آل المهنى حاكم بريدة آنذاك قد طعن في صحة تلك الفتوى السعودية… ولما رأى (مجلس الربع) الانكلو ـ سعودي تصميم ابن مهنى على مقاومة النفوذ السعودي الانكليزي، أرسل "مجلس الربع" كتابا باسم عبد العزيز آل سعود يطمئن فيه ابن مهنى بأنهم لا ينشدون إلا صداقته فقط وهم لا يطلبون منه مقاومة ابن الرشيد وانما يرجون منه عدم مقاومة ابن السعود فرد ابن مهنى عليهم قائلا: (انّه لايريد تدخلا في شؤون بلاده وسيحارب كل من يتدخل أما من يريد الصداقة فباب الصداقة مفتوح لكل من يريد الصداقة صادقا)… وبعد أن وصلت هذه الرسالة اشار جون فيلبي (رئيس مجلس المستشارين) على عبد العزيز بن سعود بقوله: (ما دام ابن مهنى يدّعي أن باب الصداقة مفتوح لكل من يريد الصداقة صادقا فلنرسل له بصندوق من الذهب كعربون للصداقة ومن ثم اطلب منه أن يزوجك باخته لتبرهن له أنك تريد دخول الصداقة صادقا من بابها الواسع باب المصاهرة)! فكتب مجلس الربع الرسالة باسم ابن السعود إلى ابن مهنى وأرفق بها عربون الصداقة ـ صندوق الذهب ـ فاستجاب ابن مهنى لطلب ابن السعود الذي توجه ومجلس الربع ومجموعة من جيشه إلى بريدة… وباختصار… تزوج اخت ابن مهنى… وبذلك أصبح صهره العزيز عبد العزيز!. وأصبح عدو الامس "رحيم" اليوم.. ما دام أن العود قد أصبح من أهل البيت و"حمام الدار" فلابد اذن من أن يسود جو الامان ويطمئن كل واحد للآخر… فالمثل الشعبي يقول (كن نسيبا ولا تكن ابن عم) أي أن الصهر أقرب قرابة من ابن العم… وبعد شهر واحد فقط… انقلب (اليهودي) إلى أصله الغّدار.. إذ اتفق مجلس الربع مع كبار تجار الدين وبعض كبار الجماعة على الخطة… فوجه عبد العزيز بن السعود الدعوة لشركاءه من تجار الدين والجماعة.. وكانت الدعوة في بيت نسيبه طبعا ولابد لنسيبه من حضورها… وكانت بداية النهاية عندما أبلغ ابن السعود "نسيبه" ابن مهنى زاعما له: (أن لديه معلومات مؤكدة بأن ابن الرشيد قد توجه إلى غزوك يا نسيبي بعد أن علم أنك قد زوجتني أختك معتقدا أننا قد أصبحنا نتآمر عليه الآن، فأنا والانكليز سنبذل كل ما بوسعنا لصد العدوان عنك…. ولهذا لابد من توجيه الدعوة إلى مشايخ الدين وكبار الجماعة للتشاور معهم، وهم فلان وفلان وفلان، الخ) فانطلت تلك الحيلة (السعودية الانكليزية) على الرجل الطيب ابن مهنى حينما وجه الدعوة للمجموعة التي اقترحها "نسيبه" لذلك الاجتماع الهام!… اما عن "النسيب" عبد العزيز ابن السعود فقد أحضر مجموعة سعودية مسلحة من جنده يثق بها كل الثقة يرافقها "الحاج شيخ المشايخ والطرق عبد الله جون فيلبي"… وما أن تم الاجتماع وكمل العدد حتّى صوبت البنادق صوب رأس "النسيب" ابن مهنى … ولم يكن للرجل من حيلة غير الاستسلام وهو يردد (نسيبي؟!… كيف يا نسيبي تعمل هذا مع أخو زوجتك؟… لماذا هذا الغدر؟… ما هذه شيم الرجال.. أين العيش والملح والشرف والقرابة والصداقة والعهود؟!.. ليست هذه طرق العرب)!.. ولم يمكن رد سليل القينقاع إلا قوله الوقح: (حط الشرف وشيم الرجال والصداقة والنسب والحسب في دبرك… أنا ما تزوجت أختك إلا لهذا اليوم… اقتلوه!) إلا أن جون فيلبي قد أشار بعدم قتله في بيته… وأقترح أن يشدوا وثاقه ويحملوه بعيدا بحجة أنهم سيأخذونه إلى الرياض ونقله مع أولاده وأولاد أخيه السبعة لقتلهم في مكان بعيد، فغضب وهاج شعبنا في القصيم لهذا الغدر بحاكمهم… فحاول ابن السعود أن يتحاشى تلك النقمة الشعبية ضده إلى حين… فأعلن في البلد بواسطة تجار دينه الباطل وبعض كبار البلد: (أن ابن مهنى قد باع البلاد لابن الرشيد وابن الرشيد "كافر" كما تعلمون ولهذا خلعنا ابن مهنى وأرسلناه هو وأولاده إلى ابن الرشيد صديقه العزيز في حائل ومع ذلك سنحافظ على حياته حتّى يصل إلى حائل ومن أراد أن يراه فليشاهده وهو في طريقه إلى حائل)!… لكنه من ناحية أخرى أوعز ابن السعود للحاكم المخلوع ابن مهنى بأنه إذا أراد سلامة نفسه وأولاده فعليه أن يجيب إذا سئل (بأنه هو الذي أراد السفر من تلقاء نفسه إلى حائل ليلجأ إلى ابن الرشيد!…) ولهذا وجد ابن مهنى نفسه مضطرا للتصريح بما لقن به كذبا من قبل "العدو النسيب" لعدد من أبناء الشعب عندما اعترضوا طريقه وطرحوا عليه الاسئلة (لماذا السفر؟ نحن سننقذك؟).. وما أن علم شعبنا في مدينة عنيزة بذلك حتّى خرج جمع كبير بقيادة "ابن يحيى" حاكم عنيزة آنذاك ـ وهو صديق لابن مهنى ـ بغية مناصرته واستلامه ليقيم في عنيزة إذا أراد، وفي الطريق، اعترض ذلك الجمع طريق ابن مهنى وطلب من حراسه "السعوديين" تسليمه لأهالي عنيزة ليبقى عندهم… لكن الحراس السعوديين ردوا على أهالي عنيزة قائلين: (انها رغبة ابن مهنى نفسه بالتوجه إلى حائل ليقيم عند صاحبه ابن الرشيد)!… فسألوا ابن مهنى الذي أجاب بما هو مرغم على قوله (صحيح… صحيح سأبقى عند ابن الرشيد)! عند هذا تراجع جمع أهالي عنيزة وتركوه لحراسة الغلاظ… وما أن ابتعدوا قليلا عنهم حتّى أناخ الحراس الابل وقتلوا ابن مهنى وقتلوا أولاده وأولاد أخيه السبعة!. وكان من بين الاولاد طفل صغير لا يتجاوز سن الرابعة قتله الوحوش بعد أن قتلوا والده وأخوته الستة رغم كونه طفل صغير لا يفقه شيئا من أمور الحياة!! هذه عينه من وحشية آل سعود… وعاد ابن السعود.. ثم قتل خمسمائة ـ رأس ـ من رؤوس المعارضين له في (بريدة) كان بعضهم من مشايخ (الصالحين) امثال القاضي الجليل الشيخ إبراهيم بن عمر الذي طلب منه ابن السعود (أن يفتي له بتكفير المعارضين في الجزيرة العربية ومنهم أهل حائل وكل من يقف ضد الانكليز والسعوديين) فرد القاضي ابن عمر قائلا (لا يمكن أن أقول انهم كفرة والدين يقول من كفّر مؤمنا فقد كفر!… وحتى لو كانوا كفرة فالقرآن الكريم يقول لا اكراه في الدين.. وأنت لست نبيا يا ابن السعود… ومحمد عليه السلام أخبرنا بقوله: لا نبيا بعدي.. أما عن الاتراك فكل ما أفتي به حولهم فهو: اننا لا نقبل تدخلهم في بلادنا ونحن ضدهم ولا تنسى أننا حاربناهم يوم كنت أنت ووالدك عبد الرحمن تتلقى معونتهم إلى أن قطعوها أخيرا بعد تعاملكم مع الانكليز… وأنا لا أريد أن أكفّر ابناء ديني ووطني لصالح الانكليز… وأعرف أنه ليس لديك من السلاح والمال ما يعينك لتحارب به وانما السلاح والمال هما سلاح ومال الانكليز… يدفعونه لك لتحارب به المسلمين… وبعد: كيف تريد مني تكفير أهل نجد وأهل الحجاز وأهل الجوف وعسير واليمن وتكفير العرب المسلمين وأنا أرى الانكليز أمامي الآن يسوقونك لحرب المسلمين)!… ونزل هذا القول كالصاعقة على رأس عبد العزيز آل سعود وسادته الانكليز حيث امروا بحفر حفرة عميقة وربطوا يدي القاضي الجليل إلى ظهره وأخذوا يجرونه من لحيته حتّى أوقفوه على شفى الحفرة وقال له عبد العزيز: (هذا قبرك، إذا كفّرت اعداءنا نجوت من الموت وان رفضت فسندفنك فيه حيا) فأجاب ابن عمر بقوله (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الموت حق والظلم باطل، ولن أكفر إلا المعتدين الانكليز ومن يركن لهم من الظالمين السعوديين…) عند ذلك قذفوا به في الحفرة وأحرقوه بالنار ثم أهالوا عليه التراب وهو حيا… وبهذه الطريقة السعودية القذرة استشهد القاضي الجليل ابن عمر… وكذلك القاضي الشيخ إبراهيم بن جاسر، فقد طلب السعوديون منه نفس المطلب (تكفير العرب المؤمنين والمسلمين في نجد والحجاز والجوف والاحساء وعسير واليمن) ممن قاوموا الظلم الاستعماري والسعودي ولما رفض ابن جاسر تنفيذ باطل أقوالهم الانكلو سعودية نفوه إلى الكويت ومات في المنفى… كما قتلوا عدد من الشعراء… منهم ابن صغير وابن سكران… وكذلك الحال في عنيزة… نفس الاسلوب… نفس الفتن… فقد كان آخر من حكم مدينة عنيزة (آل يحيى) ينازعهم في الحكم آل سليم، وآل سليم من مؤيدي آل سعود، ولهذا ناصرهم آل سعود بالمال والسلاح واستولوا على عنيزة وقتلوا عدداً من آل يحيى الذين حاربوا الانكليز والسعوديين وذهب بقيتهم للاقامة في حائل وأخضعوا عنيزة للنفوذ السعودي ولا زال آل سليم يحكمون عنيزة كموظفين للحكم السعودي، لكن شعبنا العظيم في عنيزة لم يخضع ابدا منذ أول يوم احتل فيه الظلم السعودي عنيزة حتّى الآن، فقد حدثت في عنيزة انتفاضات عديدة ضد غشامة حكم السعوديين المنحل، وقد وقف علماء الدين ورجالها الاحرار وقوف المؤمنين الصامدين للدفاع عن أرضهم، ولم تخرج من أفواه علماء الدين في عنيزة أية فتوى باطلة لتكفير العرب المؤمنين اشقاءهم أو تكفير المسلمين!. ومثالا على هذا ذلك الموقف المشهود الذي وقفه الشيخ الجليل صالح العثماني القاضي، بوجوه هؤلاء الآثمين المشعوذين السعوديين ولهذا اصدروا الفتاوى الفاجرة بتكفيره وأمر عبد العزيز الطاغية جنده الفاسد بضرب الشيخ صالح القاضي بعصيهم على سرته وهم يرددون: (هذه الكرش المليئة بالكفر في حاجة إلى بقرها وتطهيرها من الكفر والندقة)!.. وكان الشيخ صالح القاضي هو امام الجامع الكبير في عنيزة، لكن عبد العزيز بن السعود كان يخرج من عنيزة يوم الجمعة تاركا الصلاة خلف هذا الرجل الذي كان يصلي خلفه كل أهل البلد (إلا عبد العزيز آل سعود) الذي يغادر عنيزة قبل صلاة الجمعة بقليل ليصلي خلف جون فيلبي (أو الحاج عبد الله فيلبي كما سمى نفسه لغاية في نفسه) وكان عبد العزيز بن سعود يظن أنه سيضايق الشيخ صالح القاضي "بهجره" له وتحريمه الصلاة خلفه! (وأدائها خلف جون فيلبي)، إلا أن ابن السعود قد اضطر أخيرا لمقابلة الشيخ القاضي والاعتذار منه لغاية في نفسه، لكن القاضي لم يقبل عذره قائلا (عذرك مردود يابن سعود، وسرّتي هذه التي تريدون تطهيرها من الكفر كما يقول جندك لم تعتاد على أكل المحرمات، وأنا لا أتشرف بأن يصلّي خلفي من يخضع للإنكليز ويطلب مني تكفير العرب المسلمين)!. ورغم هذا الجواب القاسي فان عبد العزيز الطاغية لم يمسه بسوء مباشر سوى المضايقات السعودية، نظرا لوقوف الشعب البطل في عنيزة إلى صف القاضي… ولم تكن هذه فقط مواقف شعبنا في عنيزة بوجه الطغيان السعودي، فقد كانت له مواقف مشرفة وانتفاضات شعبية وطلابية تعبر عن سخط الشعب على أوضاعه الفاسدة السعودية المقلوبة… وكذلك مواقف شعبنا وطلابه في بريدة وانتفاضاته الشعبية والطلابية، نذكر منها على سبيل المثال انتفاضة الطلبة عام 1957 حينما طوقوا قصر الامير السعودي الحاكم في بريدة محمد بن بتال ورجموه بالحجارة وهم يهتفون بسقوط الحكم الظالم وتجار دينه الذين يطلق عليهم زوراً اسم (هيئت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وما هم إلا عكس التسمية تماما… وقد قامت تلك الانتفاضة الطلابية احتجاجا على ما قامت به هيئة (الامر بالمنكر والنهي عن المعروف) في بريدة من جلد بعض الطلبة بحجة أنهم (يركبون احصّين ابليس، ويمشون خارج بيوتهم بين العشاوين)!. وترجمة هذا الكلام "البومي" يعني: أن الطلبة يركبون عجلة "البايسكل" ويخرجون من بيوتهم في فترة ما بين المغرب والعشاء!، وركوب المواطنين للدرجات حرام، لكن ركوب رجال الدين والامراء واللصوص للسيارات الفخمة المسروقة من حقوق العمال والفلاحين وأبناء البادية الجياع مباح، وهم لا يريدون أن يخرج الشعب ليلا، وكفاية على شعبنا نهاره السعودي المظلم، لأن من يخرج في الليل ربما قد يفعل شيئا ضد عهد آل سعود الدامس، والشعب كله يعيش في حالة طوارئ دائمة ومنع تجول باستمرار وما زالت حالة الطوارئ مطبقة في عدد من مناطق ما يسمى بالسعودية منذ عام 1901 حتّى يومنا هذا، إذ يحرم على المواطنين السير في الشوارع أو السهر في البيوت ما بعد الساعة التاسعة ليلا… وهذا يرجع إلى خوف الاحتلال السعودي من التجمعات… ولا زال آل سعود ـ يعدون شعبنا عداً ـ بواسطة تجار دينهم، وبعبارة أوضح، مطلوب من كل مواطن أن يثبت وجوده في المسجد الذي يقع في حيّه وذلك فجر كل يوم (الساعة 3.5 صباحا) وحرق الثياب والجلد في الشوارع والسجن لمن لا يثبت وجوده… ولعلك لم تسمع: ـ أيها الإنسان البعيد عنا ـ بكلمة (نائب) … وان سمعتها، فلا يبدر لذهنك أنه قد أصبح لدينا (مجلس أمة… أو مجلس شعب.. او مجلس نواب) وأن هناك (نواباً) يمثلون شعبنا في هذا المجلس!.. حاشا، وكلا، أن يمثل شعبنا تمثيلا حقيقا طالما وجدت عائلة آل سعود، في الوجود… انّما النواب ـ يا صاحبي هنا ـ هم: (اعضاء هيئة الامر بالمنكر والنهي عن المعروف). … ونعود الآن لايجاز الحديث عما حدث لطلاب بريدة بعد تطويقهم لقصر الامير ابن بتال وقذفه بالحجارة، لقد أرسل الملك السعودي طائرتين امريكيتين محملتين بالعصي والعبيد، فاختطفوا الطلاب من مساكنهم، والهبوا جلودهم ضربا حتّى أغمى عليهم. وبعد ذلك حملوهم بالطائرة بين الحياة والموت. وما كان موقف فيصل ولي العهد ورئيس الوزراء آنذاك إلا كموقف الملك سعود ولم يكن موقف آل فهد وبغايا آل سعود ـ إلا كموقف فيصل ـ من تهديد ذويهم وتأييد مخازي تجار الدين السعودي أعداء الشعب كله على ما اقترفوه من جرائم وما يقترفون من فجور بدافع من حكم آل سعود.. وما حدث في بريدة وعنيزة حدث ما يشبهه في وادي الدواسر، وفي المجمعة، في الزلفي، وفي الرس وفي سدير والافلاج والحريق والحوطة، وفي شقرا وكافة بلاد الوشم ونجد كلها. وحدث في المدينة وفي مناطق كثيرة من الحجاز وعسير والاحساء والقطيف والجبيل ـ ومناطق الظهران ـ لكن مثل هذه الانتفاضات وحدها لا تكتفي للاطاحة بأخس احتلال سعودي عميل… ان العمل التنظيمي والجبهوي هو الحل السليم للاطاحة بهذا العار.. الاحساء الاحساء عاصمة المنطقة الشرقية الاولى.. الاحساء (بلاد الخضرة والماء والزيت الحسن) لايوجد بها مستشفى بالمعنى السليم، ولا طريق سالكة واحدة بالمعنى الكريم، الاحساء المنكوبة بحكم الغاب السعودي، فكيف تم الاحتلال الاستعماري السعودي لها؟… لقد رأى جون فيلبي أن الاحساء هي أهم منطقة يجب الاستيلاء عليها واخراج الاتراك منها ليسهل اتصال الانكليز ـ بحراً وبراً وجواً ـ بعمليهم عبد العزيز في الرياض وامداده والاحتفاظ بهذه المنطقة الاستراتيجية الثمينة التي تربط الخليج العربي بالبحر الاحمر… وتربط ما كان يسمى (بالمحميات) في الجنوب بنجد والحجاز والجوف.. انها مهمة جدا.. لكنه لابد من تمهيد انكليزي للاستيلاء عليها… لذا رأى الانكليز أنه لابد من اجراء اتصالات ببعض العائلات الاحسائية.. وكان في ذلك الاتصال بداية الاحتلال… ووعد عبد العزيز وجون فيلبي تلك العائلات "بالخير" بعد أن عاهدهم جون فيلبي ـ نيابة عن الانكليز ـ بأنهم (سيكّونون منهم مجلسا استشاريا، وأن تبقى خيرات الاحساء لأهلها.. وأن يختاروا حاكم الاحساء من الاحساء بطريقة انتخابية، على أن يتعاونوا مع عبد العزيز آل سعود على طرد الاتراك الذين احدثوا الاضرار في البلاد والعباد "!"، بالاضافة إلى أن الاتراك كفرة ومشركين!. والخ) … وأسدوا لهم من هذه الوعود البراقة والمال ما يسيل اللعاب!.. فاطمأن من اتصلوا بهم من أهل الاحساء لتلك الوعود السعودية الانكليزية البراقة، وساعد على تنفيذ خطة الاحتلال الانكلو سعودي للاحساء ما أصاب الدولة التركية من تصدع وانهيار بعد أن فرقت قواتها في كل جهة ودخلت في حرب البلقان وخرجت منها منهوكة القوى… ففي جمادى الاولى سنة 1331 الموافق 12 ابريل (نيسان) 1913 م كان عبد العزيز بن سعود قد وصل الاحساء هو ومجموعة مسلحة معه تبلغ الالف شخص انتشروا في البساتين بصفة بدو رحل وكمنوا فيها، وفي تلك الليلة فتح لهم الذين اتفقوا معهم من أهالي الاحساء فتحة في جدار سور الهفوف الذي كان يحيطها من كل جانب ـ والهفوف هي عاصمة الاحساء ـ ودخل الجند السعودي المسلح من تلك الفتحة وهاجموا القلعة التركية التي لم يكن بها سوى 64 جندياً تركياً، فلم تستسلم الحامية واستمرت المقاومة التركية، حتّى أخذ واحد من الجنود السعوديين حبلاً طويلاً وعلقه بأعلى القلعة وتسلق من خلاله إلى داخلها وتبعه الجنود السعوديون فقتلوا الجنود الاتراك جميعا. وبعد ذلك بُشّر (الامير عبد العزيز بن سعود الذي كان مختفيا في أحد بيوت أحد العملاء من أهل الاحساء بالنبأ) وهكذا حل الاحتلال السعودي في الاحساء محل الاحتلال العثماني، وماذا فعل الاحتلال الجديد بعد ذلك؟!.. في نفس اليوم، اقام الامير عبد العزيز وليمة دعا إليها بعض أهالي الاحساء، وفي مقدمتهم أولئك العملاء الذين أخفوه عندهم والذين تعاونوا معه من أبناء الاحساء وشيوخ البادية (وقطع بعض رؤوسهم) ثم وضعها إلى جانب صحون الطعام وأمر بقية المدعوين أن يأكلوا الطعام.. وأخذ يرحب بهم (ياهلا وسهلا!. حياكم الله!.) فتردد القوم… وامتنعوا عن الاكل… لكن عبد العزيز الجبان الغادر سّل سيفه وأعلى صوته عند الطعام قائلاً: (اقسم بالله أن أي واحد منكم لا يأكل سوف يسقط رأسه عن كتفه)… فأكلوا.. لماذا فعل هذا الطاغية عبد العزيز فعلته الصهيونية الجنونية هذه؟ (لقد كان يقصد فقط أن يرهب الآخرين بما فعل، وبهذا ينقطع أمل الذين يرجون منه تنفيذ ما وعد به من "اصلاحات" ووعود لمن تعاونوا معه بوضعهم في المناصب). هكذا قال بنفسه. وأعقب ذلك باحتلال القطيف والعقير والجبيل واستولى على بقية المناطق، ثم بدلا من أن يفي بعهده الباطل بتنفيذ ولو "اصلاحات" طفيفة، وضع ابن عمه الشرير الشهير بجرمه وطغيانه (عبد الله جلوي) حاكما على الاحساء مطلق اليدين والقدمين. فأخذ يبطش بالشعب ويسوق المواطنين سخرة لبناء قصوره ويفرض الضرائب الفاحشة على الفلاحين وأبناء الشعب باسم "الزكاة" و"الجهاد" و"ضريبة الحفاظ على الاشخاص" و"ضريبة الحافظ على الاعراض" حتّى أن هذا الطاغوت أرغم عدداً كبيراً على بيع أولادهم وبناتهم في سوق الرقيق ليسدد (بقيمة الاولاد) هذه الضرائب السعودية الفاحشة المجرمة. وممن ارغموا على بيع بناتهم شخص اسمه ـ ابن داوود ـ… ومما هو مشهور عن ابن جلوي أنه يرسل عبيده إلى بعض المواطنين لجبي الضرائب منهم وإذا ما قابلهم الشخص المطلوب في الطريق العام ولم يكن في جيبه شيئا واعتذر… أوقفوه في مكانه وخطوا دائرة من حوله في الأرض، واقسموا له بقتله لو برح هذه الدائرة… ويقف الشخص مكانه (لا يبرحه) حتّى يرسل من يأتيه بمطلب العبد السعودي أو يعطي العبد مفاتيح بيته ليذهب العبد الآخر ويفتش البيت ويأخذ ما يعجبه منه ثم يعود إلى المواطن المحبوس في الشمس ضمن الدائرة المخطوطة ويسلمه مفاتيحه ويضربه بالسيف على صدره أو رأسه… أما إذا لم يجد العبد شيئا لا في جيب المواطن ولا في بيته ولم يكن له أولاد يستوفيهم ابن جلوي أو يبيعهم فيقتاد المحبوس من الطريق إلى السجن ولن يخرج المواطن إلا بعد أن يبيع ابنه أو بنته أو يقدم ابنه أو بنته أو يعمل مجاناً في القصور لمدة سنة أو يتبرع عنه مواطن آخر.. مقابل تسديد الضريبة السعودية إلى الحاكم بأمر الله!… ونورد على سبيل المثال لا الحصر اسم المواطن الفقير السقاء (بائع الماء) محمد الدحيم من محلة الرقيات بالاحساء الذي أرغمه ابن جلوي على بيع بنته ليسدد له ضريبة "الجهاد المربوع" ومعنى "الجهاد" أن العصابة السعودية "تجاهد" لبناء قصورها وحماية نفسها بهذه الاموال… أما معنى "المربوع" فهي أن العصابة السعودية تأخذ ضعف الضريبة اربع مرات كل سنة وأحيانا كل شهر وأحيانا كل اسبوع… المهم أن يدفع المواطن الفقير اربع مرات في السنة.. والهوى السعودي هو التشريع… وليس هنا من اجراءات تسليم واستلام أو سجلات تثبت أن آل سعود قد استلموا شيئا من المواطن الذي لا يقبل قسمه ولا عذره ولا شهادة فقره… وقصة أخرى للمواطن علي بن صالح الذي جاء ليثبت أنه لا عمل له ولا مورد ولا أطفال يبيعهم أو يرهنهم لتسديد ما فرضه ابن جلوي عليه من ضرائب بحجة حماية عرضه من الكفار!، فأمر بن جلوي بربطه من يديه ورقبته بحبل إلى مؤخرة حصان ركبه أحد العبيد وأخذ يجره في الطرقات حتّى مات بعد اربع ساعات من الجر… وهناك الوان أخرى من "جهاد" آل سعود في سبيل الله… فقد وهبوا مساحة أرض شاسعة تملكها البلدية لرجل دينهم الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ فباعها إلى البلدية نفسها بملغ مائة ألف ريال… وكذلك أرض الزقيقية التي استولى عليها أحد "زقّان" آل سعود ابناء الملك وراح يبيعها للمواطنين… وكذلك قصر الملك الذي أشاده في الرقيقة 40 مليون ريال واستغرق بناءه ثمان سنوات دون أن يعمل به أي عامل من عمال الجزيرة العربية. وصرح الملك بعد ذلك بقوله: (انني اشيد هذه القصور لأطمئن الشعب أنني أعيش إلى جواره ولا أستخدمها إلا لمصاهرتنا مع الشعب وأعراسنا في هذه المناطق)… انها أمثلة ـ مجرد أمثلة ـ عن جرائم آل سعود التي ليس لها مثيل … وقد صادر آل سعود الكثير من أراضي الفلاحين ونخيلهم، في أماكن كثيرة من الاحساء منها: الحقل والعمار والشراع والشهيبي وأبو اسحيل والشطيط والسحمية والقرين، وبستان الدليقية في الهفوف وبساتين المهرام والصقيهية والفاخرية الذي استولى عليها آل جلوي قهرا وأهدوا بعضها للشيخ علي بن ثاني وعدد من شيوخ قطر. وأخذ آل سعود يثيرون الفتن السعودية بين أبناء السنة وأبناء الشيعة ويهدمون مساجد أبناء الشيعة، ولا يقبلون شهادة الشيعي ولا صلاته ولا صيامه، ولا يصلون عليه إذا مات ولا يصلون خلفه ولا يشربون من الماء الذي يشرب منه ولا يأكلون منه طعامه، بينما يبيح تجار دينهم طعام المستعمرين الانكليز والامريكان واسرائيل التي تمتلئ قصورهم بأطعمتها… ومع ذلك يدعون أنه لا يوجد عدل في الدنيا إلا العدل السعودي، ولا يوجد أمن في الدنيا إلا أمن سلالة القينقاع السعودية… وهذه عينات وبينات من أمنهم السعودي المزعوم: 1 ـ هناك أكثر من مليون مواطن من الاحساء والقطيف نزحوا للعراق وأكثرهم من البصرة والزبير، هرباً من الظلم والفتك والنهب السعودي. 2 ـ جاء إلى جلاد مناطق الاحساء مواطن يدعى سعيد الفياض يشكون إليه أن جملا يملكه (علي العجمي) قد أكل شيئا من بلح نخله، فأرسل ابن جلوي يطب "المدعى عليه" ولما مثل بين يدي ابن جلوي أصدر التشريع الآتي: (يبقر بطن الجمل فإذا وجد فيه البلح وجب أن تقطع يد المدعي عليه وينحر وإذا لم يوجد البلح فان قطع اليد سيكون من نصيب المدعي (سعيد الفياض) بالاضافة إلى تغريم المدعي ثمن الجمل للحكومة (أي لأبن جلوي). فاعتذر المدعو سعيد الفياض وتنازل عن الدعوى لأنه من الطبيعي أن لا يكون للبلح أي أثر في بطن الجمل بسبب هضمه اياه لمضي مدة طويلة على أكله البلح… ولكن الجلوي لم يقبل هذا التنازل. فأمر ببقر بطن الجمل وبالطبع لم يجد أثراً للبلح، فأمر بقطع يد المشتكي مع تغريمه قيمة الجمل!، فحاول المشتكي أن يسترحم ابن جلوي ليعفيه من قطع اليد لأنه هو صاحب الشكوى على أن يكتفي الجلوي بتغريمه أضعاف قيمة الجمل. ولكن الجلوي أصر على قطع يد المدعي، وكرر المدعي ترحّمه وتوسلاته للجلاد "بأن يدفع للجلوي أرضه ونخيله قيمة ليده" ولكن ابن جلوي اصر على قطع يداه!. فقطعت يد الشاكي سعيد الفياض من أجل حفنة من بلحه أكلها جمل المشكو عليه علي العجمي ولم يعثر عليها في بطن بعيره. والمعلوم أن الاثنين الشاكي والمشكو عليه من قبيلة العجمان وهي من قبائلنا الشجاعة المعادية للسعوديين وهي التي قتلت "فهد بن جلوي" ابن الطاغية عبد الله الجلوي وشقيق الطاغية سعود الجلوي… ومن هذا يظهر القصد السعودي الاستعماري خلف هذا الارهاب… ان القصد هو الانتقام من هذه القبيلة والايقاع فيما بينها والبطش بها تحت أي عذر أو سبب أو وسيلة لتحطيم المواطنين… وقد قدر ما قتله الاحتلال السعودي وجزاريه في مقاطعة الاحساء والقطيف والجبيل بستين الف مواطن ومعظم القتلى من ابناء القبائل.. ثم مات هذا الجلاد السعودي عبد الله بن جلوي الذي أقطعت له منطقة البترول الكبيرة هذه بما فيها من مواطنين ومزارع وغابات وعيون جارية… كيف مات الطاغوت؟ لقد مات هذا الطاغية بأتفه الأسباب المضحكة… مات بقرصة من "جعل" عضه بين خصيتيه!. والجعل هو "ابن عم الخنفساء!".. مات بعد أن بذل جهده الجهيد في ممارسة جنسية ارتكبها في سطح قصره وكان الوقت صيفا فأدركه التعب ونام على ظهره بقاذوراته كاشفا عورته للهواء الطلق. فحامت حول شرجه جماعة من الجعلان، لدغه بعضها بين الخصيتين فهّب يصرخ ويستصرخ العبيد… وورمت خصيته في الحال وتقيحت في اليوم التالي واستدعي إليه عدد من المشايخ "ومحضري الجن"!… لتلاوة التعاويذ حول شرجه وخصيتيه والدعاء لها بالشفاء… وحينما لم ينفع الدعاء… إستدعي طبيب امريكي من البحرين اسمه (الدكتور ديم) وبعد فحصه له قال الطبيب: (ان سموه مصاب بارتفاع شديد ومزمن في مرض السكر وان عضّة الجعل لخصيان سمّوه هذه قد تحولت إلى "غرغرينا" وأنه لابد من بتر خصيتي وقضيب سموه على عجل وإلا تآكل لحم جسمه كله)!.. فرفض الملك عبد العزيز كما رفض المصاب نفسه عبد الله بن جلوي ان يقطع الطبيب "هيبة الحكم" فالحكم السعودي قائم على الاعضاء التناسلية… واستمر علاج مشايخ الدين السعودي لشرج الطاغية بالتفال والتعاويذ!… واستمرت "الغرغرينا" تفتك في شرجه واسفله لتثأر لعشرات الآلاف ممن قطع الطاغية أيديهم وأرجلهم ورؤوسهم وأوصالهم… ومات الطاغية… وكاد الجعل يقدس لهذا الفعل الجليل.. إذ بدأ دعاء الناس المظلومين يتعالى بالهتاف "للجعل" أطال الله عمر الجعل الحقير الذي فعل ما عجز عن فعله البشر السوي، البشر الذي لم يكن وقتها يصّدق ان مثل هذا الطاغية المسمّى بشيخ الظلمة عبد الله بن جلوي يموت بقرصة من شيخ الخنافس ـ الجعل ـ … حتّى الطاغية الاكبر عبد العزيز آل سعود لم يصدق ما حدث لأبن عمه حينما أبلغ بما حدث إلا بعد أن كشف بنفسه على شرج ابن عمه عبد الله بن جلوي فأمر بدفنه… لكن عبد العزيز لم يتعظ بمصير الطغاة فاقتطع مناطق الاحساء والقطيف والجبيل والمناطق البترولية لجلاد أقذر منه تعلّم فنون البطش والرذيلة في أحضان والده شهيد الجعلان… انّه الطاغية سعود بن عبد العزيز الجلوي… والجميع من عائلة آل سعود… فأخذ الابن عن والده سيرته القذرة، بل أقذر، إذ أصبح الخلف أشر من السلف.. بحيث لا يمكن للقلم بهذه السرعة أن يحصي مآسيه وآثامه، وانما أردت بذلك التنويه عن بعضها فقط فهي لا حصر لها ولا عدد و"مشروعاته في فن الاجرام كثيرة… أول تلك المشروعات اصداره الاوامر بقتل 82 "عبدا" من عبيد والده، عشرة منهم قتلهم بتهمة التآمر على حياته… أما القسم الاخر فلا تهمة لهم، إلا أن احدى جواري الجلاد الجديد سعود الجلوي الصقت بأحدهم تهمة معاشرتها… وبدأت القصة كما يلي: لقد حملت احدى الجواري من ابنه عبد العزيز (شهيد الخمّارة ـ الذي قتله الجزائري عام 1963 في الخمارة الفرنسية بباريس عندما ذهب لباريس برفقة الملك سعود) فسأل سعود الجلوي ـ الجارية ـ عن مصدر ذلك الجنين ولم تجرؤ أن تعترف بأن ابنه عبد العزيز قد اغتصبها وهددها بالقتل فيما لو أخبرت والده. فادعت الجارية (انها كانت نائمة فهجم عليها واحد من العبيد في ظلمة الليل وكتم أنفاسها وصوب مسدسه إلى رأسها وبهذه الطريقة اغتصبها ولم تجرؤ ساعتها أن تخبر سعود لخشيتها منه أن يفسر الامر على أنه حدث بموافقتها)!… فسألها سعود الجلوي هل تعرفين العبد؟… قالت: "لا أعرفه لقد تم كل شئ في الظلام"… قال اذن فلينفذ هذا التشريع: (تقتل المرأة وجنينها، ثم يسجن كل العبيد الذين يسكنون القصر في سجن الاحساء "الدباب" ويتركون بلا طعام ولا ماء حتّى يموتون جوعا وظمأ).. وبموجب هذا التشريع السعودي ألقي القبض على 82 انسانا ممن جعل منهم الظلم والطغيان والتشاريع الطاغوتية "عبيداً" فزج بهم في السجن وماتوا بهذه الطريقة الفاحشة الوحشية… وفي هذا الاثناء: اتفق عدد من العبيد الذين لم يعتقلوا بعد على القيام بثورة على هذا الطاغوت وقتله هو وعائلته وقالوا: ان نجحنا فقد نلنا شرف قتل هؤلاء الاشرار وان قُتلنا فقد نلنا شرف الاستشهاد وما هذه الحياة الا عبودية لنا وعار عليها… وكان يقودهم ـ يماني ـ مستعبد أطلقوا عليه اسم "مريزيق" ولكن الطاغية سعود الجلوي اكتشف الخطة قبل نجاحها وأحضر الارقاء وعددهم عشرون واحدا وطلب منهم أن يقتل كل واحد منهم الاخر حتّى يفني بعضهم بعضا.. وكان منظراً بطوليا مؤثرا حيث رفض العبيد أن يقتل بعضهم بعضا… وأدخل هؤلاء الابطال إلى سجن الاحساء مقيدين بأثقال الحديد ومنعوا عنهم الطعام والماء ثم أحرقوهم بالنارأحياء… واستشهد الابطال الذين يسمونهم عبيدا… بينما بقي العبيد آل سعود والسعوديين الاحياء… ومن ذلك الوقت سمي سجن الاحساء باسم "سجن العبيد" وهو عبارة عن مقبرة للاحياء تحت الأرض تضم عظام البشر وقد قتل فيه معظم الزعماء الثائرين بهذه الطريقة، ويضرب أبناء الشعب المثل المعروف في هذا السجن بقولهم (داخله مفقود وخارجه مولود)… ومن تشاريع هذا الطاغية (سعود بن الطاغية عبد الله الجلوي) التشاريع الاتية: ألقى سعود الجلوي القبض على عامل يدعى جربوع الجبيلي بتهمة عدم اطاعة اوامر (السيكيورتي) في الوقوف. و"السيكيورتي" هو بوليس الامن الامريكي بشركة أرأمكو، وزج بالعامل جربوع في السجن، ومن سوء حظ جربوع الجبيلي انّه وجد إلى جانبه في السجن شخصاً آخراً يشاركه في الاسم الأول أيضاً ويدعى جربوع السبيعي، وقد اتهم الاخير بطعن أحد الامريكان بخنجره.. فأمر سعود الجلوي بقطع يد جربوع السبيعي الذي طعن الامريكي غير أن "عبده" الجزار المدعو (خسارة) أساء الفهم فقطع يد جربوع الجبيلي الذي رفض اطاعة أمر الامريكي، وما أن عاد العبد إلى سيده حتّى أمره بأن يعود ثانية ليقوم بجلد جربوع الجبيلي المتهم بمعصية أوامر بوليس الامن الامريكي، ولما أخبره "عبده" خسارة: بأنه قد قطع يد المذكور… رد عليه سيده سعود الجلوي بكل برود: (هذا هو ما كتبه الله لهذا الجربوع ـ اذن اذهب يا خسارة واقطع يد الثاني جربوع السبيعي..) فنفذ العبد الجلوي خسارة أمر سيده وبذلك قطعت ـ يدا ـ الجربوعين ـ جربوع الجبيلي وجربوع السبيعي… ان هذه القصة من قصص الاحتلال السعودي وأمنه المزعوم الذي يتشدق به بعض المأجورين من كتاب وشعراء زيفوا تاريخ شعبنا العربي الثائر وليقرأ الذين زيفوا تاريخنا قصة أخرى من قصص احتلال السعوديين وتاريخهم الملعون: جاء إلى سعود بن جلوي أحد المواطنين يخبره (أنه عثر على كيس من البن في صحراء الدهناء وان الكيس لا يزال هناك موجودا في صحراءه فأحببت اطلاعكم عليه يا أمير حتّى تتمكنوا من انتشاله قبل أن تدفنه الرمال) فسأله سعود بن جلوي عن الوسيلة التي جعلته يعرف بها انّه كيسا من البن أو غيره؟. فأجابه المواطن البدوي الشريف أنه لمس الكيس بقدمه. فقال ابن جلوي: أي قدم هذه لمست بها كيس البن؟ قال البدوي: لمسته بقدمي اليمنى..، فأمر ابن جلوي بقطع قدمه اليمنى.. والغريب ليس هذا!.. بل الغريب في الامر أن هذا المواطن الشريف كان يضحك أثناء عملية قطع رجله اليمنى وهو يردد باستمرار "الحمد لله الحمد لله ما دفع الله كان أعظم!".. ولما سئل المواطن عن سبب هذا التحميد الزائد والضحك بينما العبيد يقطعون رجله قال المواطن: (انني أضحك على شر البلية .. وشر البلية ما يضحك، أضحك أولا ـ على هذا الحكم المضحك السعودي وأقول أن هذا العمل هو عمل اليهود بعينه وليس من فعل العرب والاسلام أبدا… واضحك ثانيا ـ على الناس الذين يظلمون "قراقوش" عندما يتندرون بحكمه ولا يتندرون بحكم آل سعود بدلا من حكم قراقوش، وأحمد الله أيضاً.. أحمده على قطع رجلي فقط… لاني لم أغلط وأقل لابن جلوي بأنني لمست كيس القهوة برأسي لكيلا يقطع رأسي… ولكنه عمل اليهود)… وقصة أخرى نسقوها لشعراء المديح ومزيفي التاريخ، وكذلك نسوقها لذوي الضمائر الحية والميتة: فقد أحد الامريكان قلمه فاتهم به عامل يدعى محمد العتيبي فاقتادته شركة أرامكو الاستعمارية إلى ابن جلوي وقطعوا يده في الحال مع نفيه عن المنطقة حيث مات في الطريق وفي اليوم التالي وجد الامريكي المجرم قلمه في جيب قميصه الثاني… وكانت تلك المهزلة واحدة من تسالي الامريكان المضحكة حول أكواب الويسكي المتجاوبة مع هزات رقصة الروك اندرول في "امريكان سيتي" (المستعمرة الامريكية) وواحدة من مهازل الامن السعودي الامريكي المزعوم… وهذه حكاية أخرى تفضح مزاعم الدجالين عن الامن السعودي المزعوم… اسمعوا الحكاية.. الغصة: وجد راع من أبناء ـ قبيلة المرة ـ عند مرعى غنمه لوحا مركوزا من قبل رسل شركة ارامكو في أرضنا العربية عن البترول العربي فأخذه الراعي العربي ليهش به على غنمه، فقابله أحد الامريكان وعرف أن اللوح الذي لا يزيد طوله عن أربعة أقدام فقط، هو من العلامات الكثيرة التي تركزها شركة أرامكو وتملأ بها أرضنا كعلامات مميزة لملكية شركة أرامكو الاستعمارية لارضنا الشاسعة الواسعة، فاقتاد الامريكي الراعي العربي إلى أقرب مركز للشرطة السعودية حيث كتبوا إلى ابن جلوي على قطعة من روق اللف أسموها معاملة كتبوا عليها كلمة تقول"بأن الراعي سرق اللوح من شركة أرامكو"، فجاء الرد الجلوي في الحال "لاجراء اللازم حسب النظام، اقطعوا يد السارق، مع تغريمه خمسمائة ريال كثمن للورق وخدمة للمعاملة وأتعاب لعبدنا الذي قطع يده ورد اعتبار لشكة أرامكو وضيوفنا الامريكان"… أيها الناس: هكذا نعيش في حكم الاحتلال السعودي، هكذا يعيش الفرد مجردا من أبسط الحقوق الانسانية، حيث لا توجد قوانين تشكل ضمانا لحماية حقوق الوطن والمواطنين وصون الكرامة والقيم الإنسانية المهدورة، طغيان بلا أنظمة إلا القرآن الكريم الذي جنوا عليه هو الآخر مثلما جنوا على شعبنا وحرفوا آياته الكريمة تحريفا واضحا عن حقيقتها الإنسانية التي نادى بها محمد كهدي للناس ونذيرا للطغاة الظالمين وحربا شعواء على الملوك وبني صهيون أينما كانوا حيث أخذوا يحرفون القرآن الكريم لصالح فسقهم وفسادهم رغم أن القرآن الكريم يصرخ في وجوه الطغاة قائلا: (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء من الله نكالا بما كسبا) وهذه الآية القرآنية الكريمة لا تعني أن تقطع أيدي أبناء الشعب الكريمة وانما يعني أن تقطع أيدي الملوك والامراء وأيدي الحكام الخونة الذين يسرقون الملايين من أفواه الملايين… يسرقون الشعب كله وحرياته كلها ويعتدون على كل حرماته، وهذا ما جعل النبي محمد عليه السلام يرفض وساطة من توسطوا لاحدى الاميرات والامراء الاغنياء عندما سرق الامير قائلا عليه السلام (والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها فاقطعوا يدا هذا النبيل) وقال ما معناه (لقد كان من سبقكم من الكفار يتركون أيدي النبلاء تسرق ويقطعوا أيدي الفقراء). كما شرع عمر بن الخطاب بقطع يد أحد النبلاء حينما جاءه يشكو إليه أن عاملا عنده قد سرق بعيره فقال عمر (أطعموا عمالكم مما تطعمون لو لم يكونوا جياعا لما سرقوا). ومع ذلك فهناك شئ ربما يخفى على الناس. وهو أن عصابة الاحتلال السعودي تعتبر عضو في الجامعة العربية وعضو في الامم المتحدة ولها مكتب دائم لدى هيئة الامم ينفق عليه 50 مليون دولار سنويا ولها مندوب في هيئة الامم يتقاضى 50 ألف دولار صافية مهمته الصراخ في أمريكا بالدعاية للاستعمار السعودي. وما سبق ذكره أمثلة فقط على ما حدث ويحدث في الاحساء العاصمة وفي القطيف والجبيل ودارين وبقية أجزاء المنطقة الشرقية وكل أنحاء البلاد التي انخدع بعض كبارها آنذاك بالدخول في جنة آل سعود الموعودة، التي كان يعدهم ويمنيهم بها وما يعدهم الشيطان إلا غرورا… ولكنهم قبلوا الدخول تحت حكم ابن السعود لانهم ظنوا أن حكمه سيكون كما وعد به وعاهدهم عليه "أصلح" حكما ممن كانوا يحكمونهم من أمراء ومشايخ وعثمانيين يسلبون أرزاقهم ويعتدون على حرياتهم، كما رأوا أن هذه المناطق القريبة من الساحل قد أصبحت عرضة لانواع من القراصنة والغزاة وظنوا أنهم بانضمامهم لابن السعود سيكون لهم دولة كبيرة قوية تقدمية موحدة يعيشون في رحابها في بحبوحة من العيش الكريم محافظين على حرياتهم ومعتقداتهم بعد أن أرسل لهم ابن السعود من يفاوضهم على هذا باسمه ويقسم لهم أغلظ الايمان… وكان الانكليز حتّى تلك الايام لم يروا جدوى الكشف عن وجوههم كثيرا خوفا من (جيش الاخوان) الذي لقنه تجار الدين السعودي الوعاظ بأمر من الانكليز أنفسهم (بأن جميع حكام وشعب الجزيرة العربية والبلاد العربية الاخرى كفارا) وكما هو معروف، كان اتصال الانكليز بعبد العزيز بن السعود يجري بواسطة جون فيلبي ورجال بعثته الذين أصبحوا من رجال الدين والقضاء السعودي بعد أن أطلقوا ذقونهم وأشهروا اسلامهم زيفا وأخذوا يصلون أكثر من الحد المعقول، وأحيانا يجري الاتصال الانكليزي بواسطة أعضاء (مجلس الربع) ذوي الالسنة والسحن العربية والضمائر الميتة الانكليزية، أمثال حافظ وهبة ويوسف يس، ولكنه ما أن بقيت سواحل الخليج العربي مفتوحة بعد التسلط السعودي على مناطق الاحساء والقطيف والجبيل ودارين حتّى رأى الانكليز أنه لا داع للاختفاء كثيرا بل يجب الوقوف علانية لحماية هذه العصابة السعودية واعطاءها (صفة الدولة) بعد أن خرج الاتراك حتّى لا يعودوا وخاصة بعد أن رأى الانكليز أن الاتراك قد شنوا حملة على عميلهم عبد العزيز من ميناء العقير فخشي الانكليز أن يعاود الاتراك حملتهم بقوة أقوى، لهذا لابد من ردع الاتراك، فأرسلوا عددا من البواخر الحربية الانكليزية إلى ميناء العقير والجبيل وسواحل القطيف والاحساء ودارين وانزل عدد من الانكليز في المراكز الحساسة وأكد الانكليز للاتراك أنهم سيحمون ابن السعود بأي شكل من الاشكال. وساعد على صد الاتراك اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 م وزج الاتراك بأنفسهم يخوضون غمارها مع الالمان حيث أنهكت قوى الاتراك. ولكن الانكليز رأوا أن مجرد المناصبة العادية مهما كان حجمها الكبير لا يجدي وانما لابد من اعلان الحماية لآل سعود بصفة رسمية أمام العالم ليبقى لهم حق الحماية "المشروعة" وانجاح هذا الذلول… فتوجه الكولونيل السير برسي كوكس المعتمد البريطاني في سواحل الخليج العربي سنة 1915 حيث قابل الامير عبد العزيز بن السعود في مخيم العقير لاول مرة . ويقول الكولونيل برسي كوكس (لقد كانت أول مرة لي أقابل فيها أميرنا عبد العزيز بن السعود، ولقد أعجبت به ولم يخب ظن أحدنا بالآخر وقلت له: انك شخصية قوية يا عبد العزيز. فرد عبد العزيز بقوله: أنتم الذين كونتم لي هذه الشخصية وهذا الجاه ولولا بريطانيا العظمى لم يكن يعرف أحد أن هناك شيئاً اسمه عبد العزيز آل سعود، لولاكم كنت أقيم لاجئا في الكويت، انني بكم وصلت إلى لقب الامير عبد العزيز بن سعود وسوف لن أنسى لكم هذا الفضل مدى حياتي وسأبقى لكم خادما مطيعا منفذا لما تريدون) ويقول جون فيلبي الذي حضر هذا الاجتماع: ورد السير برسي كوكس قائلا: (نحن لم نمنحك لقب ـ أمير ـ فقد كنت أميرا بطبيعتك أما اللقب الذي سأقلدك وسامه الآن باسم بريطانيا العظمى فهو لقب ـ السلطان عبد العزيز سلطان نجد والاحساء والقطيف والجبيل)… فقلده وسام السلطنة البريطانية ـ وقال: وفي المستقبل القريب سنقلدك وسام سلطنة حائل بعد القضاء على خصومنا ثم سلطنة الحجاز ونجد لتصبح سلطان نجد والحجاز وملحقاتهما ثم نجعل منك ملكا بعد تسليمك عسير وبعض الامارات الاخرى لنطلق عليها اسمكم فتصبح (المملكة السعودية) ـ وهنا استفسر عبد العزيز وهو يقبل جبين الكولونيل كوكس ويده اليمنى ترتعش من شدة الفرح ويردد: ـ (الله يقدرنا على خدمتكم الله يقدرنا على خدمة بريطانيا ـ ماذا تعني بالامارات يا سيدنا برسي)؟… فتكلم المستشار عبد الله الدملوجي مسابقا الكولونيل بقوله: ان الكولونيل ـ يعني بالامارات الاخرى مثل البحرين والكويت وقطر والشام وفلسطين والعراق واليمن ـ فقاطعه السير برسي كوكس بكلمة حاول فيها اخفاء ملامح الغضب من وجهه بابتسامة استخفاف قائلا: كلا…. كلا… انّما أقصد: نجد وحائل والحجاز والاحساء والجوف، لاننا لا نضمن وقوف آل رشيد أو استمرار الحسين بن علي معنا، ولذلك سننقل الحسين بن علي لتعيينه إذا أراد وأولاده ملوكا على العراق وسوريا، ولكننا نعتقد أن الحسين سيرفض الاستجابة لتعيينه في منصب أصغر مما يتخيله في عقله وحينها سنضطر إلى نفيه بعيدا، أما أولاده فنتوقع موافقتهم، أما امام اليمن فنحن نمده الآن لمحاربة الاتراك في اليمن وسنضع حدودا لكل من ممالككم ونحن نحارب توحيد البلاد العربية تحت حكم رجل واحد حتّى ولو كان ملكا لأن هذا ليس في صالح بريطانيا، فالتوحيد سينتج عنه ذوبان الاقاليم وتلاشي التبعيات وبذلك يصبح العرب قوة كبرى تقف في وجه مصالحنا المشتركة، كما أن وضع البلاد العربية تحت حكم شخص واحد سيضعف هذا الشخص في يوم من الايام فتحدث بعد ذلك ثورات قد تؤدي إلى قيام جمهورية عربية واحدة، ثم أن عندنا الان مشكلة اليهود وفلسطين، اننا نريد حسمها لنمكن اليهود من العيش بسلام في وطن لهم بعد هذا التشرد الطويل، ونريد أن يساعدنا ملوك العرب بصفتهم يمثلون الشعوب العربية التي ستعارض فكرة اعطاء اليهود أرضا في فلسطين، فما هو رأي السلطان عبد العزيز؟… فاستفسر عبد العزيز عن رأي السير كوكس بقوله: (ماذا تعني بهذا الكلام؟…) فخشي السير كوكس من أن يكون عبد العزيز بسؤاله هذا قد استاء من موضوع ايجاد اليهود في فلسطين، فرأى أن يمهد لما يريد من عبد العزيز اجابة عليه، فقال السير كوكس: (انني واثق منك يا عبد العزيز بأنك سوف لا ترد لنا طلبا وان الحياة كلها مصالح مشتركة، فلولا مصالح بريطانيا لا يمكن لنا أن نساعدك يا عبد العزيز. ولو لم تكن أيها السلطان موضع ثقة منا لما دعمناك وحاربنا من أجلك والذي أريد أن أقوله هو هل يمكن فيما لو طلبنا منك أن تعترف لنا بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود أن نطمع بالموافقة؟، أعتقد أن في هذا ضمانة لبقائك كما هو من صالح بريطانيا أن يكون لليهود كيان ووطن، وما هو صالح لبريطانيا لاشك في صالحك.. ويتابع جون فيلبي قوله: فضحك عبد العزيز ساخرا من هذا الطلب.. وألقيت نظرة فاحصة على وجه الكولونيل كوكس وإذا به قد امتعض… لا شك أنه خشي مثلما خشيت أنا أيضاً أن تكون ضحكة السلطان عبد العزيز الساخرة بداية للخروج عن الطاعة ورفض الطلب الذي لم يسبق للسير كوكس أن تفوه به لاحد قبل عبد العزيز بل لا يمكن أن يتفوه به السير كوكس لو لم يكن مكلف في بحثه في دائرة المخابرات العامة في لندن وبذلك توقعنا تلك اللحظة أن نخسر عبد العزيز ويخسر هو نفسه ويكون لورنس قد انتصر في اصراره على رأيه القائل بأن ـ الحسين بن علي ـ كان أصلح لبريطانيا من عبد العزيز ابن السعود… ولكن سرعان ما تبددت أوهامنا وتحقق صواب رأيي في صاحبي العزيز عبد العزيز الذي طالما دافعت عنه.. قال السير كوكس بسخرية: لماذا تضحك من قولنا يا عظمة السلطان عبد العزيز؟! فرد عظمته قائلا: شئ مضحك فعلا!. شئ مضحك ان تطلبون مني أن أوافق على اقامة وطن لليهود في فلسطين ـ بينما اليهود موجودين في فلسطين فعلا والانكليز يحكمون فلسطين فعلا وبامكان الانكليز اعطاء اليهود ما يشاؤون من هذه الأرض التي يحكمونها، هذا ما يضحكني ويضحكني أيضاً أن ينشئ الانكليز ممالك وملوك وسلاطين ومع ذلك يطلبون أخذ الموافقة ممن أقاموهم بأيديهم من هؤلاء السلاطين والملوك، ثم أضحك أيضاً مماذا يستفيد الانكليز من موافقة واحد مثلي يرجو عون الانكليز ويمد اليهم يده كل شهر ليتقاضى معاشه من الانكليز ويستطيع الانكليز رفع مرتبه أو تخفيضه أو قطعه واسقاطه شخصياً أو انجاحه؟!.. قال كوكس: ان ما تقوله يا عظمة السلطان كله صحيح، ونحن لم نمنحكم ألقاب السلاطين والملوك ونمدكم بالعون والنجاح الا لتكونوا ممثلين للشعوب العربية وبذلك يكون لاعترافكم قيمة وشرعية فأنتم محسوبون من الانكليز ووجود الانكليز أو إسرائيل في فلسطين أو أي بلد عربي يعتبر انتهاكا لحرمة هذا البلد، هذا ما يقال وما هو واقع اليس كذلك يا عظمة السلطان؟… فرد عبد العزيز قائلا: نعم… لا شك… وإذا كان لاعترافي هذه الاهمية عندكم فأنا أعترف ألف مرة باعطاء اليهود وطنا في فلسطين أو غير فلسطين، وهذا حق وواقع… وهنا دس عبد العزيز يده وأخرج ورقة صغيرة كانت في جيبه المتدلي من أعلى صدره إلى أسفل بطنه وكتب السلطان بخط يده يقول (أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود أقر وأعترف للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من اعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما ترى بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتّى تصيح الساعة)!… وصياح الساعة معناه: قيام الساعة... أي القيامة.. ولو كان عبد العزيز يؤمن بقيام القيامة ما قام بهذا العمل.. لكنه السلطان عبد العزيز… صديق بريطانيا الأول… وقال فيلبي: بعد انفضاض هذا الاجتماع أخذت أمازح عبد العزيز متسائلا وقلت: كيف تبصم يا عظمة السلطان بهذا الشكل؟. ألا تتوقع أن يغضب العرب على عظمتكم فيما لو عثروا على هذه الوريقة؟ فقال باستهزاء: العرب؟!… العرب، وين العرب؟… نحن سلاطين العرب يا حاج فيلبي… لورنس اسمه ملك العرب… وفيلبي اسمه شيخ العرب… ولو انتظرنا رأي العرب ما أصبحنا سلاطين كما ترى… وما دامت بريطانيا راضية فلا يهم ان غضب العرب أو رضوا…. وما دام هذه الورقة عند كوكس فهي في مأمن. قلت للسلطان: ربما يسبب هذا التوقيع تشريد شعب فلسطين بكامله من فلسطين… فرد عبد العزيز علي بقوله وهو يضحك بصوت مرتفع: "ألا ترى أننا قد شردنا من جزيرة العرب الكثير من أهلها وسنشرد الكثير أيضاً وتعلم أننا كفّرنا العرب المسلمين وهم ليسوا كفارا ارضاء لبريطانيا فهل تريد أن اغضب بريطانيا لأن عدداً من أهل فلسطين سيشرد؟… أهل فلسطين لا يستطيعون حمايتي إذا لم تحميني بريطانيا من الاعداء ولتحترق فلسطين بعد هذا… من يعرف أن في نجد شيئاً اسمه السلطان ابن سعود لو رفضت التوقيع أو عارضت أوامر سيدنا كوكس… أنت تمزح والا صادق يا فيلبي؟…" قلت وأنا أبتسم: لا يا عظمة السلطان انني أمزح لأرى ما تقول… وبعد ذلك قرر السير برسي كوكس رفع مرتب السلطان عبد العزيز بعد أن تظلم السلطان من ضآلة مرتبه عن مرتبته، ورفعه من /500/ جنيه استرليني في الشهر إلى/5000/ ومن ثم وضعنا معاهدة للحماية وقعها كل من كوكس وعبد العزيز وهذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم !
هذه معاهدة بين الحكومة البريطانية من جهة، وبين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود أمير نجد والاحساء والقطيف وجبيل وجميع المدن والمرافئ التابعة لهذه المقاطعات من جهة أخرى.
الحكومة البريطانية باسمها وعبد العزيز باسمه وباسم ورثته وأخلافه ورجال عشيرته، عينت الحكومة البريطانية الكولونيل السير برسي كوكس معتمدها في سواحل خليج العجم مفوضا لاجل أن يعقد معاهدة مع عبد العزيز ابن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ضمن المقصد الاتي. توطيد وتوكيد الصداقة الموجودة بين الطرفين منذ زمن طويل وتأييد منافعهما المتقابلة: ان الكولونيل السير برسي كوكس، وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ـ المعروف بابن السعود ـ اتفقا وتعاقدا على المواد الآتية: ـ أولا ـ ان الحكومة البريطانية تعترف وتقبل بأن نجدا والاحساء والقطيف وجبيل وملحقاتها، التي تعين هنا، والمرافئ التابعة على سواحل خليج العجم ـ كل هذه المقاطعات هي تابعة للامير سعود وآبائه من قبل، وهي تعترف بابن سعود حاكما مستقلا على هذه الاراضي، ورئيسا مطلقا على جميع القبائل الموجودة فيها، وتعترف لاولاده وأعقابه الوارثين من بعده، على أن يكون خليفته منتخبا من قبل الامير الحاكم. وأن لا يكون مخاصما لانكلترا بوجه من الوجوه، أي أنه يجب أن لا يكون ضد المبادئ التي قبلت في هذه المعاهدة. ثانيا ـ إذا تجاوزت احدى الدول على أراضي ابن سعود أو أعقابه من بعده دون اعلام الحكومة البريطانية ودون أن تمنح الوقت المناسب للمخابرة مع ابن سعود لاجل تسوية الخلاف فالحكومة البريطانية تعاون ابن سعود ضد هذه الحكومة، وفي مثل هذه الظروف يمكن للحكومة البريطانية بمساعدة ابن سعود أن تتخذ تدابير شديدة لاجل محافظة وحماية منافعه. ثالثا ـ يتعهد ابن سعود أن يمتنع عن كل مخابرة أو اتفاق أو معاهدة مع أية حكومة أو دولة أجنبية، وعلاوة على ذلك فانه يتعهد باعلام الحكومة البريطانية عن كل تعرض أو تجاوز يقع من قبل حكومة أخرى على الاراضي التي ذكرت آنفا. رابعا ـ يتعهد ابن سعود ـ بصورة قطعية ـ أن لا يتخلى ولا يبيع ولا يرهن ولا بصورة من الصور ولا يقبل بترك قطعة أو التخلي عن الاراضي التي ذكرت آنفا، ولا يمنح امتياز في تلك الاراضي لدولة أجنبية أو لتبعية دولة أجنبية دون رضا الحكومة البريطانية، وأنه يتبع نصائحها التي لا تضر بمصالحه. خامسا ـ يتعهد ابن سعود بأن يبقى الطرق المؤدية إلى الاماكن المقدسة مفتوحة، وأن يحافظ على الحجاج أثناء ذهابهم إلى الاماكن المقدسة ورجوعهم منها. سادسا ـ يتعهد ابن سعود كما تعهد والده من قبل بأن يمتنع عن كل تجاوز وتداخل في أرض الكويت والبحرين وأراضي مشايخ قطر وعمان وسواحلها وكل المشايخ الموجودين تحت حماية انكلترا والذين لهم معاهدات معها. سابعا ـ الحكومة البريطانية وابن سعود يتفقان فيما بعد بمعاهدة على التفصيلات التي تتعلق بهذه المعاهدة. 3 يناير سنة 1915 التوقيع الكولونيل السير برسي كوكس معتمد بريطانيا في ساحل خليج العجم التوقيع السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن
آل فيصل سعود خادم الدين والدولة
وبعد.. ليست هذه الادلة والوثائق الدامغة بالمستغربة على الاسرة السعودية وسلالتها عبد العزيز… الذي وصفه خونة المؤرخين بأنه بطل الابطال والموحد الاكبر، وصقر الجزيرة… وتجرأ الشعراء الاجراء إلى تشبيهه بعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد… ثورة العجمان وتأييد الانكليز المطلق لعبد العزيز أما شعبنا الذي "منحته" بريطانيا لآل سعود بهذه المعاهدة ـ والذي غلب على أمره فانه لم يسكت فقد أصبح الوجه السعودي العميل يتكشف له على مر الايام، واتضح لابناء البادية الاحرار ما يبيته الاستعمار الانكليزي السعودي لهم، فثارت قبيلة العجمان في الاحساء ـ كرد فعل لهذه المعاهدة ـ سنة 1915 ضد الانكليز ومطيتهم عبد العزيز وكالعادة أخذ الخونة السعوديون والانكليز يتهمون قبيلة العجمان الطيبة بالزندقة والكفر والسرقة ولكن الانكليز تغلبوا بقوتهم على العجمان، فالتجأ ثوار العجمان إلى الكويت وبما أن النفوذ التركي كان لا زال آنذاك أقوى من النفوذ الانكليزي فقد وجد الانكليز أن الفرصة مواتية لدفع عبد العزيز بن سعود لمحاربة الكويت دون الاستيلاء عليها… حتّى يتمكن الانكليز من دفع الكويت إلى أحضانهم، ولكن موت الشيخ مبارك الصباح أخر هذا الهجوم بانتظار ما يفعله جابر بن مبارك الذي تسلم مكان والده فأمر السير برسي كوكس عبد العزيز بن سعود بأن يستغل هذه الفرصة ويتوجه إلى الكويت معزيا الشيخ جابر في والده ومهنئا اياه في منصبه الجديد وموطدا عرى الصداقة وفي الوقت نفسه يفاتح الشيخ جابر بتجنب الاتراك وبالتقرب إلى الانكليز، فأعطى الانكليز باخرة خاصة لعبد العزيز تقله اسمها (جيمو) حيث وصل الكويت بتاريخ 19 نوفمبر 1916 وفي اليوم التالي دعا عبد العزيز إلى اجتماع كبير في الكويت بناء على طلب الانكليز حضره الشيخ جابر الصباح والشيخ خزعل والسير برسي كوكس وعدد من الانكليز والمشايخ ورؤساء العشائر الموالين لبريطانيا. ووقف عبد العزيز خطيبا في هذا الاجتماع يقول بلهجته (ان الاتراك كفرة مشركين ملاحدة وكل من يتعاون معهم على أنفسهم بالعزلة عن المسلمين لسوء معاملتهم للشعوب وعدم معاملتنا بالانصاف وعملوا دائما على اضعاف العرب وتفريقهم. أما الانكليز فهم يعملون دائما على جمع كلمة العرب والمسلمين ومساعدتهم على النهوض وواجب كل عربي وكل مسلم أن يتعاون مع أصدقاءنا الانكليز ويحارب أعداءنا الاتراك) الخ… وكان لهذا الخطاب أسوأ الاثر في نفوس أهل الكويت على هذه المقارنة غير الحكيمة وعرف أهل الكويت بلسان من يتكلم هذا الببغاء، وعاد سوء التفاهم من جديد، فأرسل الانكليز مجموعة من قوات عبد العزيز لمهاجمة الكويت فوقعت معركة (حمض) سنة 1337 ـ 1919 فنهبوا من الابل والاغنام والذخائر الانكليز. ولم يكتفوا بذلك بل عادوا سنة 1338 هـ 1920 م وهاجموا الكويت وقتلوا عدداً من الآمنين من أبناء الكويت وعرفت هذه المعركة بمعركة (الجهرة) حيث حاصر الجيش الانكلو سعودي الشيخ سالم الصباح وكادوا يأسرونه لو لم ينجده ابن طوالة بقوة من قبائل شمر وكذلك العجمان وبعض القبائل وينهزم جيش الانكليز السعودي، وتوفى الشيخ سالم الصباح عام 1921 وتقهفر الاتراك من الكويت وعاد الصفاء بين بريطانيا وحاكم الكويت الجديد وتوقفت هجمات السعوديين بأمر أسيادهم الانكليز الذين عززوا جون فيلبي بمساعدين له لتوجيه عبد العزيز، وهذان المساعدان هما الميجر كنليف اوين، والميجر هاملتون ـ (اللورد بلهافن) وكانوا جميعا وعلى رأسهم فيلبي وكوكس يؤيدون عبد العزيز دون غيره من الحكام… حتّى أن كوكس عندما عقد المؤتمر العام لرجال المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط، وحضره كوكس نيابة عن مكاتب الخليج التابعة لحكومة بريطانيا في الهند وقد انعقد المؤتمر في القاهرة بتاريخ 23 مارس 1918، بدائره مكتب المخابرات في القاهرة المسمى "المكتب العربي" تحت رئاسة السير ريجنلد ونجت المندوب السامي في مصر وحضور الجنرال كليتون والكومودور هو جارت والميجر كورنوالس، بحضور الكولونيل سيريل ولسون ممثل الحكومة البريطانية لدى الشريف في الحجاز.. وقف السير ولسون ممثل الحكومة البريطانية بشدة وحدة بقوله: (مستحيل أن تجد بريطانيا من تستطيع أن تقوده أو تسوقه أو توقفه متى شاءت أو تحركه طوع ارادتها فيتحرك خلاف عبد العزيز بن سعود مهما كثر عملاء بريطانيا… انّه أخلص المخلصين لنا… ولهذا يجب أن ننهي الشريف حسين من الحجاز. وأن لا مجال مقارنة بين الشريف حسين وعبد العزيز آل سعود. وإذا طلب منا الشريف حسين معرفة رأي بريطانيا عن تجاهلنا له فيجب أن نصارحه بالامر الواقع، أما إذا لم يطلب فسنتركه حتّى يتولى مكانه ابن سعود. والمهم ان نمكن عبد العزيز ماليا وعسكريا لاحتلال حائل فهي الخطر الصامد امامنا بقبائلها قبائل شمر المقاتلة القوية ونقضي على آل رشيد) فرد الكولونيل سيريل ولسون على السير كوكس مؤيدا الابقاء على الشريف مع الانتفاع بالاثنين ـ الشريف وابن السعود ـ ومما قاله: (أنك قد تعلم يا سيد كوكس أن مشيك على قدم واحدة في الجزيرة العربية يتعبك جدا) فرد السير كوكس عليه قائلا: (كلا … أننا سنمشي على قدمين مع أن الإنسان قد يستغني عن واحدة إذا أصيبت بداء فيقطعها.. انني أكدت لكم أن ابن السعود أصلح لنا من الشريف حسين الذي رفض التوقيع أو الموافقة لاقرار وضع اليهود في فلسطين ولهذا نريد أن نرسل ابن السعود لتأديب الشريف حسين واخضاعه لنا، وإذا لم يخضع فسيرى الجميع آنذاك أن استئصاله أصلح لنا مع الاستفادة من أبناءه في أماكن غير الحجاز وتسليم الحجاز لابن السعود)!.. كان هذا هو رأي السير كوكس في ابن السعود، إلا أن الاغلبية من رجال المخابرات البريطانية الذين حضروا هذا المؤتمر رأوا "تأجيل موضوع ارسال ابن السعود لتأديب الحسين إلى بضعة أشهر حتّى يعاودوا الاتصال مع الحسين لعله يوافق على موضوع حق اليهود في فلسطين"… ولكنهم عادوا من جديد ونفذوا رأي كوكس (وكوكس ـ يهودي صهيوني) فأخذوا يعدون العدة… وعرف الحسين بن علي بالامر فأخذ يعد هو الآخر عدته لصد العدوان السعودي، فأعد جيشا قوامه 40 ألفا بقيادة ابنه عبد الله، وهكذا رأت بريطانيا التي كانت تمشي على قدمين في الجزيرة العربية أن تركل الهاشميين من الحجاز بقدمها الثانية ـ ابن السعود ـ فأمرته بالزحف على الحجاز وكان جيش الحسين بن علي قد زحف هو الآخر وعسكر في "تربة والخرمة" وهي واحة تقع بين الحجاز ونجد… وفي ليلة 25 شعبان سنة 1337 هـ ـ 1919 م كانت (مجزرة تربة) الشهيرة… وكانت غدراً أكثر منها شجاعة، فقد وضع الانكليز خطة من أسهل الخطط للقضاء على الـ 40 ألف جندي من جنود الشريف ونجحت الخطة… والمعروف أن قبيلة عتيبة تنقسم إلى قسمين قسم يعيش في الحجاز ويؤيد بعضه الأشراف والقسم الاخر يعيش في نجد ويؤيد بعضه آل سعود وقائد هذا القسم كان فيصل الدويش، فخطط جون فيلبي لذلك الهجوم وأرسل جنديين من جنود عتيبة نجد ليندسا بين صفوف أبناء عمهم من جنود الشريف حسين من عتيبة الحجاز وأمر أحد الجنديين أن يقف في ميمنة الجيش الهاشمي وان يقف الآخر في الميسرة ويطلق كل واحد منهما النار صوب الآخر، في ظلام الليل تم يصرخ الايمن في الجند الهاشمي النائم ليلا قائلا بأعلى صوته (ارمو… ارمو… جند ابن السعود هجم من اليسار) ويصرح الايسر بالقول نفسه (ارمو… جند ابن السعود هجم من اليمن) فيباغت الجيش الهاشمي ويذبح بعضه بعضا… كما ارسل الانكليز والسعوديون عدداً من الجواسيس السعوديين للتسلل إلى داخل صفوف جيش عبد الله بن الحسين ليبثوا فيه الرعب والتخاذل بل واستطاعوا أن يرسلوا بعض الجواسيس للتسلل إلى المدافع والرشاشات وافسادها وجعلها غير صالحة للاطلاق… أضعف إلى ذلك أن عبد الله بن الحسين لم يكن هو نفسه صالحا لقيادة الجيوش، لقد كان مترفا مغرورا مستهترا عابثا ولم يعد للامر عدته من التدبير والحنكة… فأغضب كثيرا من القبائل الموالية لابيه وفي مقدمتها عتيبة في الحجاز.. كما أغضب بعض الاشراف من أبناء عمومته وفي مقدمتهم الشريف خالد بن لؤي… واستطاع الانكليز المؤيدين لابن سعود أن يستغلوا هذا الخلاف ويستميلوا الاشراف الغاضبين إلى صف آل سعود كما استمالوا القبائل الغاضبة من الشريف للصف السعودي.. أما عبد الله بن الحسين فقد جعل كل اعتماده على الجيش النظامي المزود بكل المدافع والاسلحة التي اكتسبها أبوه من تركيا بالاضافة إلى ما كان لديه من بقايا الاسلحة الانكليزية التي كان قد تزود بها عند ثورته على الاتراك "فكبسته" ثلة من البدو الذين "سعدنهم" الانكليز وخططوا لهم وعلى رأسهم الشريف خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد فهب الجيش من نومه مذعورا وأخذ يصوب أسلحته إلى نفسه بدون وعي في ظلمة الليل فكان رصاص البنادق وطعنات الخناجر تصيبه نفسه بنفسه وتحصده… وكان جيش ابن السعود ـ بقيادة جون فيلبي ـ يكمن له من خلف التلال والجبال المحيطة بالوادي الفسيح… وما أن أسفر الفجر حتّى رأى الجيش الهاشمي نفسه يضرب بعضه بعضا!. وقبل أن يفيق من هول الصدمة فاجأه الجيش السعودي بالضربة القاضية ولم ينج عبد الله بن الحسين من المعركة المهولة الا بالهرب هو وحرسه الخاص!… واستولى الجيش الانكلو سعودي على كل ما تركه الجيش الهاشمي من سلاح وخيام وأموال وغير ذلك. ولكن الغدر الانكليزي السعودي لم يقف عند حد الانتصار على عبد الله وجيشه بل ابى الا أن يهجم على القريتين الكبيرتين ـ الخرمة وتربة ـ ويقتل السكان المدنيين العزل نساء وشيوخا وأطفالا. ولم يكتف بذلك بل نهب الماشية وأحرق النخيل والمزارع واعتدى على الأعراض. لقد كانت "تربة" واحة خصبة وكان فيها أكثر من مليون نخلة. وأصبحت بعد هذه الواقعة مشوهة من كل جانب!…. فما ذنب الابرياء حتّى يقتلهم ابن السعود العميل!. وما ذنب النخيل والمزارع حتّى يحرقها ابن السعود الاستعماري ولكنها تلك عادة اليهود في جميع حروبهم.. لقد أحصوا أنفسهم من قتلوهم من الاطفال والنساء والرجال والشيوخ في "تربة" من السكان المدنيين فقط بما يزيد على ثلاثة آلاف نفس، أزهقوا أرواحهم، وذلك خلاف جيش الشريف عبد الله بن الحسين البالغ (40 ألفا) قتلوا جميعا ولم ينج منهم الا ما يقارب الخمسمائة الذين هربوا مع عبد الله!… والشئ المضحك أن يتدخل الانكليز بعد أن أخبرهم الحسين بما صنعه السعوديون في جيشه وفي السكان المدنيين من مجازر! فبعث معتمد بريطانيا في جدة "ولسن باشا" رسولا!.. هو المستر "جون فيلبي" إياه!… أرسله إلى صاحبه ابن السعود يطلب منه التوقف عند هذا الحد والقفول إلى نجد!. ولم يسع ابن السعود الا أن يأتمر بأمر سيده وعاد من حيث أتى.. ولكن بعد خراب تربة.. أي بعد أن حقق الهدف الانكليزي.. وكان قفوله إلى نجد في 15 رمضان سنة 1337 هـ … لكن ذلك لم يزد الشريف حسين الا تعنتا ضد الانكليز الذي قال عنهم أمام رسولهم لديه لورنس (لعنة الله على الانكليز الذين ليس لهم من صديق سوى شهواتهم)!. فحاول لورنس اقناع الشريف حسين بالتوقيع على مطلب الانكليز باعطاء فلسطين وطنا لليهود ليستطيع لورنس اخلاف ظن البعض من الانكليز واقناع المخابرات البريطانية له بذلك ليحطم فكرة من يقفون خلف ابن السعود ويؤيدون صلاحيته. وقال لورنس للحسين (ان المسألة هي توقيع فقط وبهذا التوقيع بالموافقة على تقسيم البلاد العربية واعطاء فلسطين لليهود ـ تستطيع أن تلعب على الانكليز. لقد فعل ابن السعود ذلك فافعل مثله)!… ولكن الحسين لم يقبل!، وما كان من الانكليز الا أن أمروا لورنس بالانسحاب من الحجاز لانهم صمموا على انهاء الحسين.. فانسحب لورنس.. بل اغتاله أعضاء المكتب الهندي البريطاني لتأييده الشريف وحينها أرسل الحسين رسالة لابن الرشيد يطلب عقد اتفاقية تعاون عسكرية بينهما. فرأى الانكليز أن في هذا التحالف خطراً عليهم وعلى عميلهم ابن السعود، فعندما يعقد الحسين في الحجاز وابن الرشيد في شمال نجد اتفاقية تحالف فمعنى ذلك انهما قد كونا قوة كبيرة في وجه الانكليز… واكتشف الانكليز ذلك، فرأوا تطمين الحسين إلى حين، فهو لم يعد يشكل أي قوة في وجوههم، وعلى الانكليز ان يبدأوا بالأهم، وهو: اسقاط حائل عاصمة قبيلة شمر وابن الرشيد… فعملوا ما بوسعهم لاسقاط حائل فأسقطوها كما ذكرنا… ولهذا موضوع منفصل بالتفصيل. ما أن بلغ الملك حسين بن علي خبر سقوط حائل في براثن الاحتلال الانكلو سعودي في اليوم الثاني لسقوطها حتّى صاح بأسى لمن حوله في مجلسه وعض على يده قائلا: (بسقوط حائل انتهى أكبر حائل بيننا وبين الملعونين السعوديين. انتهى الحائل بين الحجاز وأشرار الوهابية والآن يجب أن نستعد لملاقات العدو.. لعنة الله على الانكليز فليس لهم صديق إلا مصالحهم أينما وجدت ومع أي شخص كان) وبالفعل، فقد أعلن السير برسي كوكس وجماعته عن منح الحجاز لابن السعود بدلاً من الحسين…وقرر كوكس ارسال "الاخوان" بقيادة "خالد بن لؤي" هذه المرة فهو من "أشراف الخرمة" وابن عم الشريف حسين ابن علي فقد اتصلت المخابرات الانكليزية وفيلبي بالذات مع ابن لؤي واقنعته بالمجئ للانضمام لابن السعود وافتعال حادثة بينه وبين الشريف، وهكذا افتعل ابن لؤي حادثة مع ابن عمه عبد الله بن الحسين فغضب عليه ابن لؤي وأقسم "أنه سيقود ابن السعود إلى مكة"… وهكذا ذهب ابن لؤي لبيع مكة… واجتمع بعبد العزيز في مخيمه بين حائل والقصيم وقص له القصة وكان رد عبد العزيز عليه قوله: (بارك الله في الأسباب التي عرفتنا فيك) والتفت عبد العزيز هامسا باذن المستشار الانكليزي فيلبي آخذا رأيه فكان جوابه: (لا أقول أكثر من انها صفقة رابحة من يد متاجر غشيم) وهكذا اتفقوا مع ابن لؤي ليعاونهم ووعدوه بأن يجعلوا منه اميرا حاكما على مكة والحجاز!… فوافق ابن لؤي على كل ما يريدون… وقرروا أن تكون (الطائف) مسرح الجريمة… واتجهوا نحو الطائف ومعهم خالد بن لؤي "والاخوان" واصطدموا بأول سرية استطلاعية في ضواحي الطائف قتلوها عن آخرها… وكان الوقت عصرا من يوم الخميس واستمروا في زحفهم حتّى حاصروا البلد وتمت المحاصرة إلى عصر يوم الجمعة حيث دخلوا البلد، والحقيقة أنه لم يكن في الطائف من قوة تذكر، بل كانت الطائف غاصة بالمصطافين من أهل مكة الآمنين وكان ظن الشريف حسين أن يأتي السعوديون من مكان آخر خلاف الطائف… ولكنها ارادة جون فيلبي الذي أراد أن يبيد "المصطافين" ويبطش بسكان الطائف الآمنين "ليُسمع صوت الدم لجارات الطائف" فيوقع في قلوب الاخرين الرعب والمضحك أن الانكليز ومطاياهم من عبد العزيز وغيره كانوا يطلقون على هذا الجند السعودي الفاجر اسم "المسلمين" أما غيرهم فيطلقون عليهم اسم "الكافرين" والايام التي تسبق احتلالهم لأي بلد يسمونها "أيام الجاهلية" أما أيام ما بعد الاحتلال السعودي فيسمونها "عصر الإسلام". وقبل أن أصف ما حدث من وحشية نكراء أود أن أورد فقرات من رسالة سعودية سخيفة لعلها تلقي ضوءاً على فداحة المظالم الهمجية… بعث بهذه الرسالة الطاغية العميل الاستعماري عبد العزيز آل سعود إلى احد مستشاريه من أعضاء "مجلس الربع" واسمه حافظ وهبة بتاريخ 22 صفر سنة 1341 نشرها حافظ في كتابه (خمسون عاما في جزيرة العرب) يقول فيها عبد العزيز: (احتل جماعتنا الطائف وكل من وجدوا من المشركين قتلوه حتّى ضحى نهار يوم السبت ونادى منادي المسلمين: من أراد السلامة والاسلام فليقبل ويلق سلاحه فأقبل الاهالي وظهروا من أماكنهم، وكل منهم حامل ما عنده من قوت وسلاح واستولى المسلمون على البلد وعلى جميع ما فيها. وبعد أن أطمأن المسلمون وطهروا البلد من المشركين رتبوا أناسا منهم لجمع الغنائم واحصائها واقتضى نظر الاخوان والمشايخ تنصيب خالد بن منصور في البلد للنظر في أحوالها واستقبال القبائل من الاشراف وغيرهم الذين يطلبون الدخول في الإسلام وحوزة المسلمين والاستيلاء على ما عندهم من قوت وأسلحة وأموال) إلى أن قال عبد العزيز في رسالته لحافظ وهبة: (أما الحسين فقد توجه إلى جدة وغالب الكفار من أهالي مكة أخلوها من الرعب والباقون بها مرجف بهم ـ أما المسلمون فلم يستشهد منهم سوى سبعة عشر وكلهم من عامة الناس ما فيهم المسمى غير هويل بن جبرين وتواب الدحاوي ورحمهم الله رحمة واسعة..)!. هكذا ترون كيف يوضح هذا الفاجر الكاذب أن جنده القتلة المعتدون هم "المسلمين" وهم "الشهداء" أما أبناء الشعب المغدور بهم وأبناء مكة فهم "كفرة" وأنه هو "النبي" الذي جاء بالاسلام والايمان على يد كوكس وجون فيلبي، وأنه نهب كل ما عند الشعب وماله وما لديه من قوت… نفس الطريقة التي اتبعها ويتبعها الصهاينة… ونفس الطريقة التي اتبعها أجداده بالاشتراك مع الافاق محمد بن عبد الوهاب الذي زعم أنه جاء بالدين هاديا، وقاتل الشعب في نجد والحجاز ليعيده "بعد كفره" كما يزعم إلى "الإسلام والايمان بالله! حيث كان الشعب يعبد الجبال والاشجار قبل خروج رسول الله! محمد الوهابي" كما يزعم كذبا وزورا… فكانوا يتهمون أبناء الشعب في الحجاز بعبادة "منيف" وغير ذلك من آلهة التي أباحوا بموجبها دماء شعب لا عرب الجزيرة وحدهم بل كل العرب… ومن ذلك تهمتهم للنساء العوانس بأنهم يذهبن إلى "فحل النخل" ويدعونه بقولهم "يا فحل الفحول اريد زوجا قبل الحول" وهكذا يتخذ آل سعود من الكذب وسيلة لتقتيل المؤمنين المسلمين باسم الدين وهم افجر الفاجرين وأكفر الكافرين بروح الدين. ولهذا فعلوا ما فعلوه من جرائم في العرب وشعب الجزيرة العربية… وارتكبوا ما ارتكبوه من موبقات وخساسات وفجور في الطائف وغيرها… ان ما فعلوه في الطائف لا يختلف أبدا عما فعله أبناء عمهم اليهود في فلسطين بل أخرى… من المعروف أنه عندما تقوم أية فئة أو حكومة بانقلاب أو ثورة على أخرى فأول ما تقوم به هو الاستيلاء على مراكز الفئة أو الحكومة السابقة فقط، وقد تقوم الاخيرة بقتل حراس هذه المراكز من المُعادين، أما أن تقتل كل المواطنين الابرياء وتنهب حتّى أرزاقهم وتعتدي على أعراضهم فهذا لا يقدم عليه الا عدو لدود لا يحمل في جوفه مثقال ذرة من ايمان أو أخلاق أو شرف أو كرامة… ولكن من أين تأتي الاخلاق والكرامة والشرف لسلالة بني صهيون… لقد استولوا على مراكز الشريف حسين، وانتهى كل شئ لهم، ولكنهم لم يكتفوا بهذا بل بعد هذا هجموا على المنازل واعتدوا على أعراض النساء أمام أزواجهن وقتلوا الازواج أمام نساءهم وطلبوا من النساء أن يجردن رجالهن القتلى من ثيابهن ويغسلن هذه الثياب من الدم ويسلمنا لهم، ليرتديها جنود ابن السعود وقد باعها بعضهم على بعض النساء اللائي عروهن من ثيابهن… وكان منظرا وقحا ومضحكا عندما هجموا على البيوت ونهبوا مصاغات النساء ولبسوا هذه المصاغات والخواتم والخلاخيل بأيديهم وارجلهم ورقابهم، ولم يكتفوا بهذا. بل مع هذا استولوا على عدد كبير من المواطنين بحجة أنهم سبايا و"عبيد" فباعوهم في نجد، ثم سجنوا الآلاف من النساء والاطفال والرجال عراة في سجن جماعي تحت وهج الشمس بلا ماء ولا طعام ولم يفرجوا عنهم الا بعد مدة طويلة بكفالة شخص موثوق يثبت للسعوديين ان أهل مكة والطائف: أسلموا بعد كفرهم!.. وكانوا يذبحون الرجال ذبح النعاج ويضعون رقابهم في صهريج الماء "الحنفية" ليختلط الماء بالدم فيفتحون الحنفيات ليتوضؤوا بهذا الدم ويصلون!… بعض أسماء الشهداء في الحجاز وحتى يتضح أنه ليس لآل سعود وأتباعهم من هدف ديني صحيح أو اجتماعي أو اصلاحي، ولكي تتجلى صهيونية آل سعود نورد بعض أسماء الذين قتلوهم من رجال الدين المؤمنين وغيرهم من الشهداء: ـ الشيخ عبد الله مرداد قاضي مكة المكرمة وعالمها الكبير وسنه (70 سنة) الشيخ عبد الله الزواوي مفتي الشافعية بمكة الشيخ يوسف زواوي شقيق المفتي الشيخ عمر أحمد كمال من قضاة الحجاز وعلمائها الاعلام الشيخ عبد القادر الشيبي وشقيقه سادن الحرم المكي الشيخ علي صقر من علماء الحجاز الكبار الشيخ عبد الله فريد من وجهاء مكة الشيخ عبد الله عطار وشقيقه أحمد عطار الشيخ عبد القادر بن إبراهيم رمل عمدة محلة الشامية بمكة السيد شيخ… الخ.. ومثل السعوديون بستة شبان من اسرة قطب بمكة… كما مثلوا بطفلين وامرأة وثلاثة رجال من أسرة آل الطيب وشخصين من أسرة الشالي، والشيخ حسن مكاوي وقاضي الطائف الشيخ سليمان مراد، والشيخ عبد اللطيف السكوتي وسراج زمزمي، والشيخ عبد الرحمن قاضي جدة ـ وعثمان قاضي مدير البريد والبرق، وأبو حمامة وعبد الله محمد فريد… هذه عينة فقط من أسماء الشهداء… وفيما يلي عينة أخرى من أسماء الذين زج بهم صهاينة آل سعود في السجن واستشهدوا في سجنهم جميعا ـ ومنهم: الشيخ حسين الدباغ ومسعود الدباغ والشريف حسن بن زيد والشيخ عبد الله بن النفيس. وفيما يلي عينة أخرى من أسماء الآلاف الذين شردهم صهاينة آل سعود ومنهم العالم الكبير الشيخ حبيب الله الشنقيطي ـ مات بمصر، والعالم زيدان الشنقيطي مات في اليمن والعالم الشيخ خضر الشنقيطي وقاضي قضاة الحجاز ـ مات بالاردن ـ شيخ العلويين السيد أحمد سقاف ـ مات في جاوه ـ الطيار عبد الله المنديل ـ مات بمصر ـ الزعيم أحمد الداغستاني،
الشيخ محمد الشرقاوي.
الشيخ حسين صبيان من كبار ادباء الحجاز ـ مات بمصر ـ الطيار حسن شيبه والشيخ مرزوق قراره ـ مات بمصر ـ الشيخ عبد العزيز يماني… وغيرهم الكثير ممن شردوا إلى انحاء آسيا وافريقيا والذين لا تعرف أماكن لاقامتهم… ولكي نؤكد أن آل سعود إلا صهاينة تلبسوا بلباس العروبة والدين. نوضح هنا بعض اعمالهم الاجرامية ضد العروبة والدين وشعائر الدين، حينما دمروا أول إمكان نشأت فيها الدعوة الإنسانية ولم يتركوها حتّى ولو من باب وأنها آثارا عربية، ومنطلق كفاح خالد وملاجئ لمحمد حينما كان يطارده الاعداء ويكافح كفاح المؤمنين الصديقين الابطال لا نجاح رسالته مقسما ذلك القسم التاريخي العظيم عندما اشتدت عليه وطأة الظلم: (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي لن أرجع عن هذه الدعوة حتّى تنجح أو اموت في سبيلها) ولكن كيف يرجى من صهاينة آل سعود الذين أمروا جندهم المخدوع بهدم كل أثر من آثار تاريخ أجدادنا العظام ورسالتنا الخالدة… تصورا ماذا فعل هؤلاء السعوديون اليهود… هدم الاماكن الخالدة والاسلامية والتاريخية 1 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه النبي العربي محمد بن عبد الله بشعب الهواشم بمكة. 2 ـ هدم آل سعود بيت السيدة خديجة بنت خويلد، زوجة النبي أول امرأة آمنت برسالته الإنسانية. 3 ـ هدم آل سعود بيت ابي بكر الصديق ويقع بمحلة المسفلة بمكة. 4 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولدت فيه فاطمة بنت محمد، وهو في زقاق الحجر بمكة. 5 ـ هدم آل سعود بيت حمزة بن عبد المطلب عم النبي وأول شهيد في الإسلام قال عنه النبي محبذا باستشهاده استشهاد كل من يحارب الطغيان: (أول شهيد في الإسلام حمزة وثاني شهيد من حارب حاكم ظالم وأمره ونهاه فقتله) ويقع بيته في المسفلة بمكة. 6 ـ هدم آل سعود بيت الارقم أول بيت تكونت فيه الخلايا الثورية المحمدية وكان يجتمع فيه الرسول سرا مع أصحابه حيث قامت الدعوة من هذا البيت، وفي هذا البيت تمت أول مقابلة تاريخية بعد عداء شرس بين محمد وعمر حينما أعلن عمر بن الخطاب في هذا البيت ايمانه برسالة محمد وانتصرت بذلك الثورة المحمدية انتصارها الاول، وصعقت الرأسمالية القرشية حينما خرج "بلال" ليؤذن بالثورة بأمر من عمر الذي قال له: "أذن يا بلال ان الدين جهرا"… كما تمت في هذا البيت أول مقابلة لمحمد مع ـ الاشتراكي العظيم ـ خامس واحد في الإسلام ـ ابي ذر الغفاري ـ الذي شهد له النبي العربي محمد بقوله: "ما حملت الغبراء ولا أظّلت السماء ذو لهجة صادقة مثل ابي ذر الغفاري" ويقع هذا البيت بجوار الصفا بمكة… أما الآن فقد شيّد في مكانه قصر أعطى لتاجر الفتاوى السعودية الباطلة عبد الملك بن إبراهيم ليتاجر به وذريته ويفسدون… 7 ـ هدم آل سعود قبور الشهداء الواقعة في المعلى بأعلى صوته مكة وبعثروا رفاتهم . 8 ـ هدم آل سعود قبور الشهداء في بدر وكذلك هدموا مكان العريش "التاريخي" الذي نصب للنبي العربي القائد الاعظم وهو يشرف ويقود معركة الفقراء المسحوقين ضد اغنياء اليهود وقريش!… 9 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه علي بن أبي طالب والحسن والحسين… 10 ـ سرق آل سعود الذهب الموجود في القبة الخضراء ووضعوه سيوفا وخناجر وأحزمة تربط في اسفلها أغطية ذهبية لفروج حريمهم، وقباقيب ذهبية وأحذية وخواتم وخلاخيل وأساور… 11 ـ دمر آل سعود بقيع الغرقد في المدينة المنورة حيث يرقد المهاجرون والانصار من صحابة محمد وبعثروا رفاتهم… ولقد هّم بنو القينقاع آل سعود بتدمير القبة التي تظلل وتضم جثمان صاحب الرسالة محمد بن عبد الله ونبشوا ضريحه، لكنهم توقفوا حينما وقف الشعب وبعض العلماء الصالحين من شعبنا ومن كافة البلاد الإسلامية. وحدثت ضجة كبرى ضدهم… فارتدوا على أعقابهم خاسئين… كل ذلك بقصد أن لا يبقى أثر واحد من آثار اولئك المؤمنين الابطال أجدادنا الذين سحقوا أجدادهم بني القينقاع وبني النضير وقريضة وأمثالهم من اليهود ومن معهم ممن حاربوا رسالة محمد بالمال وشراء أشباه الرجال… ولقد أراد آل سعود بذلك أن لا يبقى ايّ ذكر لتاريخنا، وأن لا يبقى للعرب من تاريخهم إلا الاسم السعودي المزيف المهين… ولكن ما فعلوه من خراب قد عكس وكشف ما قصدوه من ازالة للتاريخ العربي وابطاله واثبت انهم من اليهود الحاقدين على شعبنا مهما وضعوا لانفسهم من "اشجار عائلية" تزعم انهم من أصل النبي محمد!… بل ان تزويرهم لمثل هذه "الاشجار" العائلية يتمثل به قول الشاعر: (كاد المريب أن يقول خذوني)… أي ان هذا التزييف نفسه يكشف انهم من أصل يهودي، وإلا ما معنى وضع هذه الشجرة العائلية السعودية؟… ان الشعور بالجريمة، ومعرفتهم لاصلهم الحاقد هو الذي جعلهم يدفعون 35 الف جنيه مصري للمؤرخ ـ مزيف الاشجار ـ محمد التميمي ليزور هذه الشجرة… انّه ما من أحد من الناس الشرفاء وغير الشرفاء يهمه أن يعرف عن أصله أكثر من أربعة إلى اربعة عشر من أجداده!. مهما كان أصله وفصله… بل ان النبي العربي لم يحسب له من الاجداد مثل هذا العدد الهائل الذي لفقه آل سعود، ولم يفاخر بحسبه ونسبه وانما كان يزجر كل من يفاخر بهذه الاحساب والانساب فيقول: (ان من يفاخرون بانسباهم ليسوا منا بل هم أحقر عندنا من رائحة الجعلان) ولم يتمكن الحسّابون ان يحسبوا لمحمد بن عبد الله اكثر من(21) جدا… فكيف استطاع المزور محمد أمين التميمي أن يحسب أكثر من (470 جدا) لهذه العائلة السعودية و(470 جدا) للعائلة الوهابية ويجعل العائلة الوهابية والعائلة السعودية متقاربة الاصول مع بعضها ومرتبطتين بنسب النبي محمد!… فينسب العائلة السعودية اليهودية إلى (نزار) الجد الثامن عشر للنبي محمد بن عبد الله، وينسب لعائلة محمد بن عبد الله، وينسب العائلة الوهابية الواردة من تركيا إلى (الياس) الجد السابع عشر إلا بجّدين اثنين فقط!.. لكيلا يبتعد بهاتين الاسرتين بعيدا عن اصول النبي محمد!… ولم يكن هذا المزور وحده، فقد زور قبله وبعده آخرون، لكنه هو واضع الشجرة التي وصل بها اسم "مرد خاي" الذي اطلق عليه اسم (مرخان بن إبراهيم ابن موسى اليهودي) فوصله بأسماء كثيرة لا علاقة لآل سعود بها، منها: ربيعة، ومانع، والمسيب، والمقلد، وبدران، ومالك، وسالم، وغسان، وربيعة، والحارث، وسعد، وهمام، ومرة، وذهل، وثعلبة، وعكاية، وصعب وبكر، ووائل… (ووائل هذا هو الذي يدّعي المزورون أنه يجمع آل سعود بقبيلة عنزة)… ثم بعد ذلك: قاسط، وهنب، ودعمي، وجديلة، واسد وربيعة، ثم (نزار) الجد الثامن عشر للنبي محمد ! وحفيد عدنان.. وهكذا سلكت العائلة الوهابية نفس المسلك في الشجرة السعودية المزورة إذ قال المزّور نفسه (انها تلتقي مع آل سعود في نسب النبي محمد من خلال جد النبي السادس عشر المزعوم: (الياس بن مضر بن نزار) بل ان العائلة الوهابية قد سبقت آل سعود بجدين اثنين نحو النبي محمد! حسبما جاء بالتاريخ المزيف… ولنترك الاثباتات والدلائل قليلا لنسأل القارئ الكريم عن اسم: "مردخاي" أو "مرخان" لا فرق، … أليس هو اسم يهودي؟ هل سمع بتاريخ الاسماء العربية كلها باسم كهذا؟… ثم يليه اسم: جدة إبراهيم وموشى… واسم (مرخان ـ مرد خاي) قد فات على من زورا شجرة آل سعود حذف ـ اسم مرد خاي ـ من الشجرة؟.. ثم دع الاسماء جانبا وانظر إلى وجوههم وانوفهم… اليست هي وجوه اليهود وانوفهم؟… وان كنت لست من ذوي الخبرة في وجوه وانوف اليهود فتتبع أفعالهم… تتبع أعمال آل سعود الاجرامية وتسببهم بقتل/ 16000 / مصري في اليمن وقتل أكثر من/150000/ من أبناء اليمن منذ قيام الثورة اليمانية…. واستعانتهم بجنود الصهاينة اليهود في المخابرات الامريكية إلى بلادنا وتعاونهم مع إسرائيل بالتعاون مع أمريكا لقتل شعب اليمن ومرور جنود اليهود الذين ارسلتهم لتدريب المتسللين في الجزيرة العربية إلى اليمن عام 1962، وقد القي القبض على اثنين منهم بعد قيام الثورة اليمانية واعترفا بذلك… اعترافاً كاملاً، وقال: (انهما يعملان في الجيش الاسرائيلي وأنهما أرسلا ضمن مجموعة من اليهود اليمانيين الذين هاجروا إلى "إسرائيل" في عهد الامام أحمد وتدربوا في الجيش الاسرائيلي.. وأرسلوا بمهمة ـ كخبراء ـ لدخول اليمن تحت اشراف المخابرات الامريكية في "السعودية". والمعروف أن العرش السعودي جمع نحو ستة الاف مرتزق من بعض القبائل السورية والاردنية والسعودية بإشراف المخابرات الامريكية يقودهم ضباط من اليهود المذكورين الذين كانوا من أصل يماني لمعرفتهم بالارض اليمانية بالاشتراك مع ضباط من جيش العرش السعودي والملكي الاردني…. لكمنهم ما أن وصولا إلى حرض ـ بغية احتلال اليمن ـ حتّى طوقتهم القوات العربية المصرية واليمنية وأمطرتهم الطائرات العربية المصرية برصاص الرحمة فابيدوا إلا قليلا منهم… هذه أمثلة قليلة تثبت "أصالة" آل سعود… ثم انظروا أيها الناس إلى ما ترتكبه العائلة السعودية نفسها بنفسها جنسيا بقربى ولا إلى أية رابطة عائلية كريمة… ان بعضهم يلوط بعضا … ان الاخ يزني باخته والابن يزني بزوجة والده أو امه أو بنت خالته أو خاله .. ويقدم مالا يعرفه تاريخ العرب، وهو ما يعرفه شعبنا عن آل سعود وعاداتهم اليهودية ودعارتهم وتصرفاتهم اللا أخلاقية والتي لا يمكن لعربي يفاخر بأنسابه أن يرتكبها… انهم لا يعملون ذلك إلا ليدمروا سمعة العرب خارج البلاد العربية وداخلها، انهم يفعلون ذلك لاذلال العرب… بحجة انهم قادة العرب… فيبيعوا الإسلام لأمريكا والصهاينة: بحجة أنهم وكلاء لله وحماة الحرمين… ليسخر العالم بالعروبة ما دامت هكذا، وتنفر البشرية من اسلام كهذا… وهذا ما يريده يهود آل سعود… مكتبات من أثمن المكتبات في العالم أحرقتها الهمجية السعودية بمكة والمدينة وحالما دخل جند الاحتلال السعودي مكة شاهرين السيوف والبنادق، اتجهوا لتدمير كل ما هو ورق… وكل ما هو كتب، وكل ما هو وثائق وصور، وكل ما هو تاريخي… من ذلك على سبيل المثل ما ارتكبوه "بالمكتبة العربية" التاريخية ـ العلمية التي احرقوها، وهي التي تعد من أثمن المكتبات في العالم قيمة تاريخية، إذ لا تقدّر بالمال أبدا، ولا بمليارات العملات أيضاً.. لقد كان بهذه المكتبة (60.000) من الكتب ـ النادرة الوجود ـ الجامعة لمختلف المناهل العلمية والتاريخية… وفيها (40.000) مخطوطة نادرة الوجود من مخطوطات "جاهلية" خطت كمعاهدات بين طغاة قريش واليهود. تكشف الغدر اليهودي وعدم ارتباط اليهود بالدين والوطن من قديم الزمان وتكشف مؤمرات اليهود على ـ محمد ـ وفيها وثائق خطت قبل الثورة المحمدية بمئات السنين وفيها ما أعطى فكرة ممتازة عن تلك الحضارات العربية القديمة… وفي هذه المكتبة وغيرها من مكتبات المدينة بعض المخطوطات المحمدية التي كتبت بخط النبي محمد في أيام كفاحه السري، وهناك ما هو بخط علي بن أبي طالب وأبي بكر وعمر وخالد بن الوليد وطارق بن زياد وعدد من الصحابة، ومن هذه المخطوطات ما يسجل العديد من الخطط الحربية التي أرسلها خالد بن الوليد لعمر بن الخطاب والتي أرسلها ـ عمر ـ لخالد والتي يظهر بعضها بعض الخلاف الاجتهادي في وجهات النظر… ومن تلك المخطوطات ما هو مخطوط على جلود الغزلان، وعلى فرش من الحجارة وألوح من عظام فخوذ الابل وغيرها من الوسائل القابلة للكتابة كالالواح الخشبية والفخارية والطين المصهور بالافران… والمكتبة العربية التاريخية في مكة بالاضافة إلى كونها مكتبة نادرة فهي متحف ـ أيضاً ـ يحتوي على مجموعة من آثار ما قبل الإسلام وبعده، وأنواع من أسلحة النبي محمد وفيها آخر الاصنام المعبودة التي حطمتها الثورة المحمدية، مثل: اللات، والعزى، ومناة، وهبل… وغيرها… ويحدثنا أحد المشايخ المؤرخين المعاصرين "ونمتنع عن ذكر اسمه خشية عليه من جهنم آل سعود" فيقول (كنت أزور هذه المكتبة مع والدي قبل الاحتلال السعودي وكان يرودها العديد من الدارسين، فتقدم بعضهم بشكوى إلى الحسين بن علي يطلبون منه "احراق بعض المخطوطات النادرة لأن فيها كفريات". فقال لهم الحسين: "انني معكم قد لا اؤيد هذه "الكفريات" وبعض هذه المخطوطات إنّما ليس من حقي أو حقكم أو حق أي كائن من البشر احراق التاريخ"!… وقال: ان في هذه المكتبة وثائق تكشف أصل آل سعود بأنهم من اليهود الذين أسلموا، وان فيها مخطوطات بأقلام مجموعة من الصحابة ومنهم عبد الله بن مسعود سجلوا فيها عداً من الايات القرآنية الكريمة التي دار الصراع عليها، وقال التجار انها "منسوخة" وقال الفقراء في اللجنة أنها غير "منسوخة" من القرآن الكريم، وفي تلك المخطوطات اتهام واضح لعثمان بن عفان في محاولاته حذف آيات من القرآن الكريم ويرى عدم تسجيلها في المصحف الذي شكلت لجنة لتحقيقه الذي أمر بجمعه ـ في عهده ـ من افواه وصدور الرواة من حفظة القرآن ومن السجلات الجلدية وغيرها وقال المؤرخ: ان من هذه الايات التي رأى عثمان عدم اثباتها في القرآن واعتبارها آيات منسوخه تلك الايات التي تقطع في اعطاء الفقراء حقوقهم ودعوتهم للقتال من أجلها، وكذلك مساواة النساء بالرجال ومساواة الناس اجمعين ودعوة المغلوبين على أمرهم لأخذ حقوقهم والشر والسراء والضراء، وان ملكية الاشياء والارض مشاعة وان الملوك بغاة…. إلى غير ذلك… وقال: ان بعض من هذه المخطوطات كانت بخط الصحابي الجليل عبد الله بن سعود، وهو من أوائل الذين رافقوا النبي محمد ومن المسؤولين عن "لجنة" أو جماعة الاشراف التي تشكلت في عهد عثمان لجمع القرآن في كتاب موحد، وكان ابن مسعود ممن يعربون عن رأي محمد وعلي والكادحين لكونه من رعاة الاغنام فشهر ابن مسعود سيفه بوجه "يمين" اللجنة وبحضور عثمان وقال ما معناه: والله لا أعيدن سيفي إلى غمده حتّى تعيدون للقرآن أية ـ الكنز التي تأمر بحرق أصحاب الاموال بالنار…. (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرّهم بعذاب اليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)… مقارنة بين تحالف الشريف حسين وعمالة آل سعود للإنكليز
كل من يتتبع مواقف الانكليز المفضوحة ودعمهم المطلق لمطيتهم "عبد العزيز" واهمالهم "لحليفهم" الأول الشريف حسين، يدرك أنه لو وجدت المخابرات الانكليزية سبيلاً لتمرير مشاريعها عن طريق الملك حسين في تقسيم الوطن العربي واعطاء فلسطين للهيود، لما اهملت الحسين واستعملت ابن السعود….
اليس بامكان الحسين ان يكون ـ كبعض ذريته ـ عميلا طول حياته للانكليز؟… اليس للشريف حسين من الدعاية آنذاك في البلاد العربية والاسلامية ما يفوق سواه وما يجعله يسير بالطريق الانكليزي المبسّط المبلط بالذهب والمذهب والدين والعتاد والذي لا يكلف الانكليز ـ ربع ما أنفقوه ـ على "عبد العزيز" من مبالغ هائلة طائلة بلطوا بها طريقه الوعرة الجديدة؟… حتّى أعادوه فيها البلاد عام /1901/ وهو المنبوذ منها؟ لقد قام الانكليز باشهار "عبد العزيز بن السعود" يوم أن كان لا شهرة له ولا تاريخ ولا أمارة ولا سلطة ولا مشيخة ودربوه يوم أن كان عمره 25 سنة وكان يلجأ للكويت مع والده… وخلقه الانكليز من لا شئ إلى ملك اسمه "عبد العزيز" وسموا بلادنا بإسم عائلته "السعودية" لاول مرة في التاريخ وما قبل التاريخ، حيث لم يسبق لجزيرة العرب طيلة وجودها في الكوكب الارضي أن سميت بمثل هذا الاسم السعودي النجس… ولكثرة المعلومات عن جرائم هذا العميل وذريته تدفعنا المعلومات في كل مناسبة لإعطاء لمحة عنه وعما فعله الانكليز "بسلطان الانكليز" عبد العزيز ـ خاصة ـ بعد مجزرة الطائف: خالد بن لؤي وعمالته لآل سعود رأى آل سعود ـ أن يبروا بوعدهم ـ إلى حين ـ لمن قادهم إلى ـ مسقط رأسه الحجاز، وكان اسمه "الشريف" خالد بن لؤي، فنصبوه حاكما لمكة "المكرمة" بعد تلك المجزرة ـ مجزرة الطائف… ثم وضعوا إلى جانبه ثلاثة من أعضاء (مجلس الربع) هم جون فيلبي وحافظ وهبة وعبد الله الدملوجي، وزعموا له أن هؤلاء من "مستشاريه"… فسّر الجاهل بما جرى… لكنه سرعان ما أكلته خيانته، ولم يدم سروره… حينما سرّح سراحا ذليلا.. لأنه أصبح (كويفر) بعد استعماله… أي أنه دخل في حساب "الكفّار" بعد ان صحا ضميره الميت على هول ما جرى ويجري من مذابح وانتهاكات يستيقظ لفظاعتها وجورها ضمير الحيوان الصامت البليد… ولم يكن للشرف علاقة بصحوة ضمير "الشريف" خالد بن لؤي، بل للصحوة علاقة بازاحته عن منصبه الذي ظن أنه سيبقى به خليفة للحسين كأمير على "الحجاز" على الاقل…. شهادة من رئيس المخابرات السعودية تدين العمالة السعودية انها شهادة من سعيد الكردي الرئيس الاسبق للمخابرات السعودية في عهد سعود أدلى بها في لحظة ألم داخلي لهول ما عرفه عن جرائم آل سعود في الحجاز وغير الحجاز حينما استشاره الوزير الاسبق للدفاع السعودي الامير مشعل بن عبد العزيز في مجلسه في جده ـ اثناء الحديث عن الحجاز ـ وقال مشعل: (ليس لأحد من هذا الشعب علينا منة ولا معروف. لقد أخذناكم ـ يا لحجازيين ـ بالسيف مثلما أخذنا نجد وغيرها)… حينما استشاط سعيد كردي بسخرية وهو يبتسم: (لا يا طويل العمر!… لقد كنت انا من قادة جنود الشريف حسين بن علي الذين حاربوكم في الطائف، وكنت من قادة جيش الشريف علي بن الحسين الذين حاربوكم في الرغامة في جدة. وانا الآن رئيس استخباراتكم ولدي من المعلومات سابقا وحاليا الشئ الكثير… والله لو اعتمدتم على جمالكم وسيوفكم العتيقة لما دخلتم الحجاز وحكمتموه لحظة واحدة، ولكنها مدافع الأنكليز وبواخرهم واسلحتهم الهائلة وارادتهم المصرة على تسليمكم عرش الحجاز بعد ان رفض الحسين مطلب الانكليز بتقسيم الوطن العربي إلى دويلات ورفض اعطاء فلسطين لليهود ووافق والدكم على ما رفضه الحسين، هذا هو السبب الأول، والسبب الثاني هو أن الانكليز استطاعوا اغراء "الشريف" خالد بن لؤي ضد ابناء عمه الحسين وأولاده فقادكم ابن لؤي إلى بلاده، وأما أنا، فانظر ـ يا سمو الامير ـ إلى اسناني: انها كاسنان بقية الجنود التي تساقطت من حصار الجوع والعطش الذي فرضته البوارج الحربية الانكليزية على الحجاز لصالح والدكم، فمنعت قوات الانكليز عنا وعن المواطنين الطعام الوارد من البحر ومنعوا الماء في الوقت الذي نرى جنود والدكم في مخيم الرغامة وغيره يكّدسون فضلات الطعام ويسكبون المياه في الصحراء ونحن بحاجة إلى ما يسد الرمق، أما الاسلحة التي تفرغها البوارج الانكليزية للجند السعودي فاننا نراها مكدسة كالتلال، ونحن لا سلاح يذكر لدينا… ولا ذخيرة من الانكليز… هذه هي السيوف الحقيقية التي أخذتم بها الحجاز وغيره ـ يا طويل العمر ـ ولا تحرجني أن أقول أكثر من هذا!!. لا تحرجني أن أقول أنكم لم تجرأوا على مزايدة الحسين بالدين، في الوقت الذي أطلقتم على ابن الرشيد أنه كافر بالدين واتهمتم أهل نجد وعسير واليمن والاحساء والجوف بالكفر؟)… فعض الامير مشعل على شفته… وحيث لم يجد الجواب، قال: (ظنيناك كردي و"آثاريك" عربي وظنيناك صديق لنا وآثاريك ـ عدو ـ قديم ـ يا رئيس استخباراتنا)!.. فقال الكردي: (الإسلام جمع الناس على حق)!… وكان فيصل وآل فهد قد نسقوا خططهم للتخلص من الخصوم… الذين يقفون إلى جانب الملك سعود وغيره، ولان سعيد الكردي كان رئيس المخابرات في عهد سعود وكانوا يعملون للتخلص من سعود نفسه فقد تخلصوا من اعوان سعود ومنهم سعيد الكردي بان دسوا له السم الذي اشتهر ال سعود باتقان وضعه للخصوم… ومما يُشهد به لسعيد الكردي أنه كان يتستر على العناصر الوطنية بل كان يذهب لمن ترد بحقه معلومات تقول: انّه يتكلم أو يعمل ضد الاحتلال السعودي. فيحذّره من مغبة أعماله وينصحه!… وحينما يجد سعيد الكردي من يلتقي بهم كان يتكلم ضد الوضع السعودي… وكان يقول: (لقد قاومنا الحصار السعودي لجدة لاحبا في الشريف حسين وأولاده ولكن لأن أمالنا بالشريف حسين وطموحاته كانت كبيرة ولقد شارك معنا مجموعات من اهل حائل واهل الرس في نجد وكذلك مجموعات من الفلسطينيين والسوريين امثال زيد الاضرس وغيره، على أساس أن الحسين هو قائد الثورة العربية الوحدوية الموعودة وأثناء الحصار أخذ الانكليز يتصلون بجدة من الداخل لتقوية "العملاء السعوديين في جدة" ممن أصبح يطلق عليهم أبناء الحجاز "عملاء الوهابية"…. وأخذ عبد العزيز يقيم في بيوتهم كلما جاء إلى الحجاز إلى ما قبل موته… ومن ضمنهم "محمد نصيف" وبهذه الطريقة وغيرها تم الاستيلاء على "جدة" في يوم السبت 3 جمادي الثانية 1344 هـ 20 ديسمبر 1925 ويقول: (وبعد مجزرة الطائف، خلع الانكليز على "عبد العزيز" لقب "امام المسلمين" نكاية بالملك حسين الذي لقب نفسه "ملك المسلمين": وكان عبد العزيز إلى ما قبل احتلاله للحجاز يحارب الملك حسين "لأنه كافر": وان من أسباب كفره "أنه أطلق على نفسه لقب… الملك… وملك المسلمين أيضا.. وليس للمسلمين ملوكا)… وهكذا يحرم ـ ابن السعود ـ على غيره ما يبيحه لنفسه… وقد نكث عبد العزيز كافة عهوده التي قطعها على نفسه لحجاج المسلمين الذين وفدوا للحج أثناء محاصرته وأسياده الانكليز لمدينة جدة وزعم "أنه ما جاء إلا ليحارب الملكية الباطلة في القرآن وأنه سيدعو كافة المسلمين لعقد مؤتمر في مكة ينتخب فيه المسلمون حكومة للحجاز ينتخبون من يريدون حاكما لهم"…. ولكنه كذب… واعلن نفسه ملكا بمجرد أن ولاه الانكليز على جدة والمدينة… مما أثار الرأي العام العالمي وأغضب المسلمين عامة). الخ. وهذا ما توضحه رسالة بعث بها المستشار السعودي الخاص حافظ وهبه (عضو مجلس الربع) واكبر مستشاري عبد العزيز بن جون فيلبي، بعد أن ذهب حافظ وهبة إلى مصر محاولا خداع الشعب العربي في مصر بعد أن عجز عن خداعه فيلبي وأمين الريحاني وزعموا "ان عبد العزيز ـ يرفض الملكية وانه ـ امام الصالحين فقط"، وكان الرأي العام في مصر قد أغضبته تصرفات عبد العزيز وجرائمه واعلانه نفسه ملكا على الحجاز… وهذا هو نص رسالة حافظ وهبة التي لم يخف فيها شدة غضب الرأي العام على الملك الدجال عبد العزيز الذي استاء حتّى حافظ وهبة من اعلان عبد العزيز نفسه ملكا وأوضح ذلك في الرسالة التي بعثها له من القاهرة وفسرها حافظ وهبة: ـ ولم يلقبه ـ بالملك ـ فيها: المستشار السعودي الخاص يؤنب عبد العزيز آل سعود لاعلانه لنفسه ملكا على الحجاز (من حافظ وهبة إلى صاحب الشوكة والعظمة الامام عبد العزيز بن عبد الرحمن: أفيدكم بأن روتر قد نشر اليوم تلغرافا بأنكم ناديتم بأنفسكم ملكا على الحجاز فان كان هذا الامر صحيحا فقد غشكم من أشار عليكم بذلك لان هذه المسألة أثارت الرأي العام في الخارج ضدكم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنه لا ينطبق مع العهود التي قطعتموها على أنفسكم امام العالم الإسلامي في تشكيل حكومة الحجاز ولو تريثتم لحين انعقاد المؤتمر الإسلامي وتقرير مصير البلاد لكان خيرا وأبقى، والنتيجة كانت لكم في النهاية، ويظهر أن هنالك يدا أثيمة حسنت في نظركم هذا الامر حتّى تقضي على فكرة المؤتمر الإسلامي وتقضي في الوقت نفسه على سمعتكم… 21 يناير 1926) . مذابح الاحتلال السعودي في الحجاز يرويها عبد العزيز آل سعود ورد في الجزء الثاني من كتاب (صقر الجزيرة "عبد العزيز آل سعود") الذي أنفق عبد العزيز المال لطبعه بعد إملاء "الصقر نفسه" ـ عبد العزيز ـ المستوي على عرشه ـ ذلك على العميل السعودي الذي أخذ كل ما يمليه عليه ـ لمدة سنة كاملة حتّى سجل العطار فيها من فم الطاغية الجزار كل هذه الجرائم التي كان الطاغية يفاخر بها فيصوغها العطار بأسلوبه بالحروف التالية: قال "العطار" عن "عبد العزيز": ـ (اهل هلال المحرم من سنة 1343 وأخذ حجاج بيت الله الحرام يغادرون الحجاز إلى اوطانهم وفي العاشر منه خلا الحجاز من الوافدين جميعا فحان الوقت الموعود للغزو السعودي واجتمعت الجيوش بالرياض واستعدت له أكمل استعداد، كما أن جيشا آخر سعوديا تجمع "بتربة" تحفزا للوثوب وقبيل أن ينتصف محرم تلقى خالد بن لؤي ـ وكان بتربة ـ امر الغزو وخطته من الرياض، فبارحها ومعه ستة عشر لواء على كل لواء أمير. وهذه هي الالوية الستة عشر مع أسماء أمرائها: 1 ـ لواء الغطغط وعدده (5000) مع أميرهم سلطان بن بجاد "وجعله ابن سعود القائد العام للقوات الزاحفة لاحتلال الحجاز". 2 ـ لواء أهل تربة والخرمة وعدده (4000) وأميرهم خالد بن منصور ابن لؤي، وعينه ابن سعود اميرا على الحملة كلها ووكل إليه النظر في المصالح العامة في البلاد التي يحتلها الجيش السعودي" فانخدع ابن لؤي بهذا المنصب الوهمي الذي ما لبث أن سحبه منه ابن السعود أيضاً"… 3 ـ لواء أهل ساجر وعدده (1000) بيد اميرهم عقاب بن يحيى. 4 ـ لواء أهل عرو وعدده (3500) ومع رئيسهم جهجاه بن حميد. 5 ـ لواء أهل عسيلة وعدده (1000) وأميرهم نافل بن طويق. 6 ـ لواء أهل هجرة الارطاوية وعدده (3000) مع زعيمها قعدان بن درويش. 7 ـ لواء أهل العمار وعدده (1500) مع عبد المحسن بن حسين. 8 ـ لواء سكان رنية وعدده (1000) مع قائدهم وشيخهم فيحان بن صامل. 9 ـ لواء أهل المدينة وعدده (1000) وأميرهم عبد الله بن معمر. 10 ـ لواء أهل عرجا وعدده (1000) وأميرهم ذعار بن الزميع. 11 ـ لواء الرين العليا وعدده (1500) بيد حزام بن عمر. 12 ـ لواء الرين السفلى وعدده (1500) بيد هذال بن سعيدان. 13 ـ لواء أهل النصيف وعدده (1000) وأميرهم معيض بن عبود. 14 ـ لواء أهل صبحا وعدده (1000) وأميرهم حزام الحميداني. 15 ـ لواء أهل حلبان وعدده (1000) وأميرهم ماجد بن حميد. 16 ـ لواء أهل الروضة وعدده (2000) وأميرهم هذال بن فهد . ويتابع أحمد العطار روايته عن "عبد العزيز آل سعود"، فيقول: (واجتاز هذا الجيش حدود الحجاز واحتل أول ما احتل قلعة كلاخ ثم احتل الاخيضر، فانضم إليه بعض "الشرفاء" من بني الحارث ورجال من ثقيف، وأخذوا يحتلون القرى ويقاتلون القبائل التي تمتشق الحسام للدفاع حتّى أشرفت على الحوية صباح السبت الموافق غرة صفر سنة 1343 هـ ـ 1 سبتمبر سنة 1924م). ويتابع "العطار السعودي" فيقول: (وما كان أحد بمكة أو بالطائف يعلم بأمر هذا الغزو المباغت بل لم تعلم به الحكومة الهاشمية الا حينما دخل الجيش السعودي الحوية فأصدر صبري باشا وزير حربية الشريف حسين أمره بالدفاع، فخرج من حامية الطائف أربعمائة جندي نظامي كامل العدة ومعهم المدافع الجبلية الضخمة والمدافع الرشاشة واتجهوا إلى الحوية لرد الـ "40.000" الغزاة الذين اشتهروا باسم "الاخوان" وكان بين الفريقين معركة حامية الوطيس أمطر فيها الجيش الهاشمي خصمه قنابلاً ورصاصا كالمطر سبع ساعات ـ ولكن ماذا يفعل الرصاص بآلاف الاخوان ـ الذين شدوا عزائمهم ووحدوا صفوفهم وانقضوا انقضاض الوحوش على الجيش الهاشمي البالغ 400 جندي فقط فقابلهم بهجوم مضاد عنيف وضغطت المدفعية السريعة على جناحيهم ضغطا شديدا وزحزحتهم عن الاماكن التي تقدموا إليها وأعطت افرصة الكافية للجنود للتقهقر إلى الوراء تدريجيا والانسحاب من ميدان الحوية بانتظام في موضع أحسن ملاءمة من الموضع الحالي "وكان الخبراء الانكليز بقيادة جون فيلبي وراء هذه الخطط العسكرية النظامية التي لا يعرفها البدو"… ومرة ثانية، زحف ابن بجاد وخالد بن لؤي بجيشهما فأصلتهم المدافع نارا حامية، وارهقهم البدو المنتسب للحسين الهاشمي فلم يستطيعوا التقدم ودامت المعركة ثلاثة أيام بلياليها ابتداء من يوم الاثنين 3 صفر حتّى عصر الاربعاء 5 صفر وكان النصر يحالف الجيش الهاشمي لولا أن البدو الذين كانوا معه في الصفوف الامامية خانوا وانضموا إلى "الاخوان" حتّى اضطر الجيش النظامي للحسين المدافع إلى التقهقر بالتدريج. في حين أن الاخوان أخذوا يتقدمون قليلا قليلا ويحتلون الهضاب والتلول التي يخليها العدو الهاشمي المتقهقر الذي وقف عند أسوار الطائف يدافع باستبسال وحماسة واستماتة. وسمع الملك الحسين بخيانة البدو ـ التابعين له ـ وتراجع جيشه ـ المكون من 400 ـ أمام 40000 ـ فأرسل ابنه عليا بجيش من الخيالة والهجانة قوامه ـ 200 ـ وأمره أن يسلك طريق كرا، وبعث جيشا آخراً ولكن قوامه ـ 200 ـ من طريق السيل ليلتقي طرفا الكماشة ويستطيع الهاشميون تطويق أعدائهم، والملتقى بعد الطائف. ودوى أزيز الرصاص والقنابل في ضواحي المصيف الوديع الهادي. وأثار الفضاء فانتشر الذعر والهلع بين السكان المدنيين ففر من استطاع تاركا كل ما معه ناجيا بروحه، وبقي من بقي يفتك فيه الخوف والقلق فتكا، وخبأ الاغنياء الذهب والاحجار الكريمة وأغلقوا الابواب وحصنوها من الداخل بأحجار كبيرة ليستعصى فتحها إذا ما احتل الغزاة المدينة. غير أن دخول الامير علي الطائف ليلة الجمعة 7 صفر هدأ القلوب بعض التهدئة الا أن مغادرته اياها فجرا ليعسكر في الهدى أيأسها وملأها رعبا. أما الجيش الذي غادر مكة وسلك طريق السيل فلم يصل بعد. فتقهقر الجيش النظامي من أمكنته حتّى دخل البلدة صباح الجمعة بعد أن كبد الاخوان خسائر، وحوصرت الطائف من ثلاث جهات ولم يستطع الاخوان احكام نطاق الحصار من الجهة الرابعة لوجود مدفعية قوية تذود من يأتي منها، بل ركزوا كل المدافع من ناحية الغرب ليكون الجيش على اتصال بالهدى فمكة وليكون له منفذ واحد على الاقل ان أراد النجاة. وتوافدت الاعراب إلى جيش "الشريف" خالد بن لؤي (السعودي) والتحقوا حتّى امتلأت البطاح، بطاح الطائف وسهوله وضواحيه ـ وبذلك وصل الجيش السعودي إلى أكثر من /50000/ وروع البلد الجميل بالقذائف المتفجرة فتداعت البيوت القديمة وتطاير فوق جوه الحالم البديع الرصاص كشرر جهنم. وعلا صراخ الاطفال وعويل النساء وبكاء الرجال خوفا على أفلاذ الاكباد وعلى الارواح، فهم لم يشهدوا الحرب من قبل وهم الآن سيشهدونها بل بدأوا يشهدون فصولها المتوحشة البدائية وأيد ما يرون ما سمعوا من قبل من أن الحرب عمياء جارمة جائرة تساوي برئ الذيل بالمجرم فيا ويل المدنيين منها ومن لظاها!… انهم ينظرون من الثقوب فيرون الاخوان الوحوش والاعراب يملؤون البطاح ويطوفون بالسور والسيوف تتدلى كأنها تهتز من طرب بما تحتسي من دماء هي رحيقها الذي فنيت في طلابه. وفي أيديهم البنادق يجثم الموت على أفواهها وكأنه من سبغه جاث على ركبه فاغر فاه ينتظر الطعام… وما طعامه الا أجساد أبناء آدم الاشقياء!. التعساء!. الابرياء!. لهم الله!. لهم الله!. قد تخلى عنهم النصير ولكن لم يتخل الله عنهم! فهو ناصرهم ومجيرهم!. فهذا أمير الطائف الشريف شرف بن راجح، وهذا وزير الحربية صبري باشا، وهؤلاء الجنود وهؤلاء "الشرفاء" والموظفون وأسرهم يغادرون الطائف قبيل مغرب يوم الجمعة تحت حماية المدفعية التي أخلت لهم السبيل وأبعدت عنهم الاعداء ويسلكون الطريق إلى الهدى زاعمين أنهم يريدون الانضمام إلى الامير علي هناك وتعزيز مراكزهم الدفاعية. ولكن لماذا اصطحبوا أسرهم ان كان القصد الدفاع وحده والانضمام إلى جيش الهدى!. لقد أخلوا البلدة وتركوا الاهلين بها بحجة "أنهم لا يريدون تعريضها للدمار فبعدوا عنها حتّى يكروا عليها وينقذوها من يد الغزاة" ولكنهم جهلوا أو تجاهلوا أنهم عرضوا الناس للنوى والقتل. خلت المدينة فلا تسمع الا همسا وتدفق الغزاة إلى الداخل كما تدفق الاعراب الطفيليون معهم وهم يهتفون هتافات عالية قوية يشقها أزيز الرصاص المنطلق من البنادق والرشاشات في الفضاء. وزرعوا الشوارع والاسواق وقتلوا كل من وجدوه بها واحتلوا المراكز الحكومية والابراج والقلعة ونهبوا ما بها. وكان في البلدة كثير من قبائل الطويرق وعتيبة والبقوم والنمور المتخلفون عن الجيش الهاشمي قد انضموا إلى المهاجمين المحتلين واختلط القاتل بالفاجر، وانتهز الذؤبان الادميون الضراة فرصة فقدان السلطة من البلدة وانتشار الاضطراب فيها فراحوا يقضون الليل في السلب والنهب والقتل وهتك الاعراض بلا رادع من دين أو ضمير أو سلطان وهاجموا البيوت وحطموا الابواب ودخلوا على الابرياء ومزقوهم بالسيوف وأطلقوا عليهم الرصاص، واستلبوا كل ما وجدوا من غال ورخيص)… ويتابع ـ العطار السعودي ـ صياغته لاعترافات عبد العزيز آل سعود، فيقول: (وقد وجد البدو ممن لهم ثارات عند الاهلين فرصة نادرة للانتقام فزحفوا إلى بيوتهم واقتحموها عليهم وقتلوهم شر قتلة تشفيا منهم، وهتكوا أعراضهم، وبعد أن ذبحوهم وضعوا رقابهم في حنفيات الماء والصهاريج فشربوا من دمهم وتوضأوا بالماء الملوث بالدماء البريئة وصلوا!… ولم يكلفوا أنفسهم عناء استلام الاساور الذهبية من أيدي النساء الممدة بل قطعوا أيديهن وأرجلهن ولبس "الاخوان" الحلي وهذه الاساور بأيديهم ووضعوا القلائد ـ الخرزية والذهبية ـ في رقابهم كي لا تعيقهم عن بقية النهب والقتل… وهكذا "دخل سلطان الدين السعودي " ـ أي سلطان بن بجاد ـ البلدة وأخلاها من السكان المدنيين وحشدهم كلهم في حدائق شبرا وقصرها العتيد، وكان النساء سافرات لاول مرة في هذه البلاد وكن مع الرجال ومكثوا أياما بلا طعام ولا ماء!). ويقوللي عبد العزيز آل سعود: (لقد وصلني وأنا في الرياض خبر المذبحة في الطائف فبكيت حتّى تبللت لحيتي!… واعترتني الكآبة وغامت على وجهي سحابة من الحزن البالغ العميق وتمنيت لو لم ينتصر سلطان بن بجاد بهذا الثمن، وتمنيت أنني حاضر، ولكنني بعثت رسولي إلى سلطان بن بجاد وخالد مهددا وطلبت اليهم الكف عن القتال، ولما قدمت مكة عزمت أولياء القتلى وأهليهم على وليمة ورتبت لهم وألفت لجنة للتعويضات على منكوبي الطائف وأعطيت كل واحد عشرة ريالات فرنسية وصاع من القمح)!!. يا سلام!.. صاع من القمح؟! والصاع عبارة عن 3 كيلو قمح، والعشرة ريالات عن جنيه استرليني!.. يا بلاش!.. ويتابع العطار قوله: "وأنا كمؤرخ أبرئ ابن سعود من مسؤولية مذبحة الطائف فهو من تعاليمه ونصائحه لجنده ألا يتبعوا مدبرا وألا يجهزوا على جريح وألا يهاجموا بيتا وألا يقتلوا شيخا ولا طفلا!. وألا يعترضوا امرأة ولو قاتلت!، وألا يؤذوا المدنيين من السكان) ويتابع العميل السعودي العطار صياغته لكلام سيده عبد العزيز فيقول: (ودخل "بريدة" التي خانته وخرجت عليه مع أميرها أبي الخيل وكبدته الخسائر وأتعبته وأرهقته وأخلفت في الوعود ونكثت بالعهود، ثم امتشقت الحسام في وجهه لكنه دخلها دخول الصديق بلد صديقه لا دخول المنتصر الغلاب الموتور بلد عدو خائن مقهور. وعفا عن أهلها جميعا ووزع عليهم الكسوة والزاد، وبدل خوفهم أمنا وشقاءهم سعادة، وجوعهم شبعا، كما عفا عن أبي الخيل ومنحه حريته فسلك طريقه إلى العراق)… ولنترك هذا العطار السعودي يتابع دفاعه عن أسياده لنستفيد من كذبه!. حينما يقول: (بل ليس عفو عبد العزيز آل سعود: عن أهل بريدة الأول من نوعه والاخير بل هنالك حوادث جمة تثبت نبل ابن سعود ومروءته وزهده وتقواه وديانته، فطالما ظفر بأعداء ألداء لو ظفروا به لقطعوه اربا اربا فصفح عنهم وأكرم مثواهم كآل رشيد وآل عائض وآل الادريسي والاشراف وغيرهم). كذا… يزعم العطار.. فيتابع أكاذيبه التي يكشف بها الجريمة فيقول: (وتاريخ ابن سعود شاهد عدله على صدق ما نذهب إليه! ـ والتاريخ السعودي لا يحمل ابن سعود "مسؤولية" المذبحة التي لا يرضى بها رجل أقل مزايا من ابن سعود فكيف بهذا الذي ضرب خير الامثلة الفاضلة في أكرم الصفات ولكن يحملها سلطان بن بجاد فهو الذي صنع ما صنع وهو رأس البلاء في محنة الطائف وفاجعته حتّى أن ابن سعود لم تطمئن عينه بالنظر إلى هذا "السفاك" الاثيم الذي كان فائدا عاما فلم يراقب الحالة مراقبة دقيقة ومنح البدو بسوء ادارته فرصة الاعمال الاجرامية والضراوة والوحشة)… هكذا يزعم العطار على لسان عبد العزيز، فيتابع العطار مدافعا عن الجزار بقوله: (بل طبعت نفس قائد الجيش السعودي ابن بجاد الجارمة على الشر، فقد خرج هذا القائد بعد سنوات على ولي نعمته ابن سعود فانتقم منه الله وقضى عليه وعلى جماعته من أهل الغطغط في وقعة السبلة سنة 1347 هـ وأراح الله المسلمين من شره)!!. ولنا ملاحظة بسيطة نرد بها على مزاعم المؤلف العطار.. التي أراد بها ابعاد ابن السعود وأسياده وقادته الانكليز عن مسؤولية هذه المذابح التي راح ضحيتها في "تربة والحيوة والطائف وجدة فقط" أكثر من /150000 / إنسان من الذكور والاناث والاطفال… ان هؤلاء القتلة ما تحركوا الا بأمر عبد العزيز وقيادة الانكليز من أمثال جون فيلبي الذي رافق كافة حملات المذابح وخطط لها.. وحينما أراد عبد العزيز الصاق هذه الجرائم بقائد جيشه ابن بجاد رد عليه ابن بجاد في مجلسه في مكة أمام الحاضرين من أهل الحجاز بقوله: (أنت الذي أوصيتني يا عبد العزيز أن أقتل البرئ ليرضخ العاصي وان أفتك بلا رحمة حتّى تكل السيوف من رقاب أهل الحجاز الكفار)!.. فخرس عبد العزيز لهذا الرد. المجازر السعودية في الهدى ويتابع العطار صياغة أقوال عبد العزيز آل سعود بأسلوبه "العطاري" عن المذابح السعودية، فيصف طبيعة "الهدى" أولا ـ ثم يتابع: (عندما يغادر المرء الطائف تعترض طريقه عقبات جبلية كأداء قبل أن يصل ـ الهدى ـ التي ترتفع عن سطح البحر 1800 قدم، والهدي جنة بخضرتها وبثمارها وبمياهها العذبة وبجوها الحالم البديع، ولكنه ما أن مر بها الجند السعودي مرور الجراد حتّى أفناها)!.. ويتابع العطار فيقول: (وأشرنا في الفصل السابق إلى أن الامير علي بن الحسين قد نزل بجيشه الذي قدم من مكة في الهدي وانضم إليه وزير الحربية صبري باشا بجيشه البالغ عدده ستمائة جندي نظامي ومعهم الشريف شرف بن راجح والموظفون ولكنهم لم يعسكروا في الهدي بل بارحوه إلى عرفات. الا أن الحسين كان متتبعا ما يجري من المجازر: من مجزرة الحوية حتّى مجزة الطائف واستسلامها للاخوان، وكان يدأب على جمع قوة تستطيع استرداده من أيدي الغزاة المعتدين وبذل الاموال وأخرج السلاح الباقي لديه، لكنه لم يوافق الا إلى جمع مائتين من أهل مكة المتحضرين وستمائة رجل من قبائل هذيل وبني سفيان وضمهم إلى خمسمائة من جنود النظام وزودوهم بالمدافع والاسلحة والذخائر وأمرهم أن يذهبوا إلى "علي" بعرفات، وبعث ابنه الامير علي أن يذهب بهذا "الجيش" وبمن معه" ليقاتل الـ 50000 جندي سعودي" ويسترد الطائف وألا ينثني أو يرجع بل ليحارب حتّى الموت!. فالمسألة اما فناء أو بقاء فالطائف مفتاح مكة، ومكة مفتاح الحجاز كله، فإذا استطاع "الاخوان" السعوديون" التقدم عن الطائف فان الدماء ستسفك في الجيش المتردد، ولا يغني حينئذ الدفاع شيئا. وأطاع علي الامر فمشى "بجيشه" ونزل في الهدي، واحتل المراكز الحصينة بجبل كرا وبالهدي وبالنقب الاحمر وركزوا المدافع بقمم جبلي الهندي والكمل واليفوع ونزل ـ هو ـ قصرا بالهدي فيه جهاز تليفوني يصله بالكر، وبأبيه، في مكة… ولكن: وفي لحظات هجم ألفان من جيش الاخوان على مراكز الجيش الهاشمي ثم ارتدوا على أعقابهم حتّى إذا انتصف الليل أعادوا الكرة وأطلقوا وابلا من الرصاص عليه وتقدموا وصعدوا النقب الاحمر كما تسلق كثير منهم الطرق الجبلية حتّى كانوا على قمة النقب وكانت معركة دامية ثم فتر "الاخوان" عن القتال أو ـ على الاصح ـ أخذوا يستجمعون الراحة لمواصلة الحرب. وبعد فترة هدوء لم تستغرق من ثلاثين دقيقة هجم القائد السعودي سلطان ابن بجاد بجيش الغطغط على فرسان قلب الجيش الهاشمي هجمة قوية لم يستطيعوا معه الثبات فتقهقروا. الا أن بدو هذيل وبني سفيان ظنوا أن الدبرة حلت بالهاشميين "أي الهزيمة" فولوا الادبار منهزمين لا يلوون على شئ فتبعهم من بقي من الجيش ما عدا جنود النظام فقد ثبتوا يصاولون ابن بجاد ورجاله ولولا عماية الليل لكان للمعركة شأن آخر، ولكن الليل كان خير معوان فتدسس كثير منهم إلى جيش الهاشمي وراح يطعنه ويلقي عليه الرصاص حتّى تبلج نور الفجر فكان القتلى من الاخوان قليل أما أعداؤهم فقتلاهم كثير فتضعضعت روح الهاشميين المعنوية كما قويت روح أعدائهم السعوديين. ولم "سلطان" جيشه وأخذ يهاجم جيوش الهاشميين مهاجمة قاسية وينقض على المنهزمين منه حتّى اضطر الامير علي إلى الرجوع والانسحاب تحت ستار من القذائف حتّى انتهى إلى شعفة "رأس" كرا صباح اليوم السادس والعشرين من صفر وثبت في الدفاع حتّى الساعة السادسة ـ أي من الصباح إلى الظهر ـ ولكن الاخوان تكاثروا عليه فاجتاز كرا ووصل الكر في الساعة الثامنة نهارا واتصل بأبيه تليفونيا وأخبره بالهزيمة وأن "الجيش المكون من 400 لا طاقة له الان بالحرب والقتال أمام 50000 " وان الاخوان في رعان كرا وهم متفوقون. فغضب الحسين على ابنه وأمره أن يرجع ويدافع وقال له مت في سبيل الوطن وحذره من الرجوع فأطاع الامر وانثنى بمن معه من "الجيش" ومشى في مقدمته يتسلق كرا حتّى قطع نصفه وإذا رصاص الاخوان كالمطر ينهمر عليه فركز مدافعه الرشاشة في الحيود واخذ يدافع ويمهد للهجوم والارتقاء. وتحمس الاخوان لاستقبال الجيش الهاشمي وكره فاندفعوا في كرا يريدون ان يصلوا إلى الحيود التي يركز فيها مدافعه السرية الرشاشة، ولكن قادة الجيش السعودي من الانكليز لم يسمحوا لهم وأمروا القائد التنفيذي سلطان ابن بجاد بعدم السماح لجنده الا بالدفاع عن شعفة كرا. ومضى ابن بجاد إلى الهدى يتفقد منازل المنهزمين فوجد في القصر الذي كان فيه الامير علي قبل يوم التليفون فحطمه وهو لا يدري عن حقيقته وعمله واستولى على كل ما به وقتلوا كل من وجدوهم من الابرياء). ولنا ملاحظة على زعم العطار ـ عن مزاعم عبد العزيز آل سعود ـ الذي يحاول اظهار قائد جيشه سلطان بن بجاد بمظهر الجاهل حتّى بجهاز التليفون!. ليتبرأ ابن السعود مما ارتكبه جنده وقائده من مجازر، وليثبت أن ابن بجاد الذي انقلب ضد ابن السعود أخيرا حالما أعلن نفسه ملكا "انّما هو جاهل" أيضاً!.. والآن: فليتابع العطار اعترافات سيده فيقول: (ثم قاد ابن بجاد المعركة بنفسه وأخذ يلقي الرصاص على الجيش الهاشمي ولكنه لم يستطع أن يرده ويدحره كما أن الهاشميين لم يستطيعوا التقدم، وهنا وصل إلى "علي" رسول من ضابط الاتصال بالكر يخبره أن أسلاك التليفون بينه وبين الهدى قد قطعت فرجع الامير إلى "الكر" وبات ليلته به وفي 27 صفر توجه بالجيش إلى مكة). هنا.. ينفضح التضليل السعودي عن جهل ابن بجاد المزعوم حينما قطع وحطم التلفون… ويتضح ان ما فعله القائد التنفيذي للجيش السعودي ابن بجاد ناتج عن خطة عسكرية قصد بها قطع الاتصال بين قادة الجيش الهاشمي والملك حسين… الحزب الذي قال للحسين: اعتزل لقد أرجف بالناس في مكة لفظاظة الجند السعودي وسفكهم للدماء وبدأ الطابور الخامس السعودي الانكليزي ينشط في الحجاز ويرجف بالناس ويفتك كالمكروبات.. ويقول العطار: (سافر الامير علي بعد معركة الهدى إلى جدة وانتقل إليها أقطاب الحكومة الهاشمية وبقي الحسين بمكة ثابت الجنان قوي الرجاء في قهر القوات السعودية ودحرها وردها على أعقابها مكلومة مدحورة وكان هذا الامل الباسم يوسوس في قلبه فيقوي عزمه ويزيد في ضرام حماسته وحميته وشجاعته رغم ادراك الحسين لضخامة الدعم الاكليزي الذي يلقاه خصمه ابن السعود… الذي يعرف المقاتل ويجيد الحيلة ويستدرج الخصم ويحبب الناس فيه ثم يضرب العدو ويرثي لحاله ويبكي عليه ويبرر عمله بالمنطق الخلاب، فيظنه الناس شفيقا رحيما مسالما في حين أن خصمه وحده هو الذي أدرك اللعبة)… الخ.. ولقد ظن العطار أنه بهذه الصفات الملبسة بالقذارة انّما كان يمتدح ابن السعود، ولكنه كان يذمه بابرازه لبعض صفاته الخبيثة الآنفة. ويتابع العطار قوله: (وبينما الحسين مستغرق في أمانيه وأحلامه يفكر في الوسيلة التي يدفع بها طغيان القوات السعودية اجتمع في جدة بأقطاب حكومته وهم: الشيخ محمد الطويل والسيد محمد الدباغ والسيد الطيب الساسي والشيخ عبد الرؤوف الصبان والشيخ سليمان قابل والشيخ محمد نصيف وغيرهم وأخذوا يفكرون فيما بينهم في الوسيلة التي يخلصون بها البلاد من الحرب!… وبعد أن تداولوا الفكرة وتكلم كل منهم بما عن له قرروا "أن يتنازل الملك الحسين عن عرشه ويتخلى عنه لابنه علي لان ابن سعود يبرر غزوه الحجاز بمعاملة الحسين العدائية له وللنجديين ومنعه اياهم عن الحج فهو لا يقبل الصلح معه وللعله إذا خلا الميدان منه رضي ابن سعود بالصلح"!… ولأول مرة يجرؤ رعايا الحين على عقد اجتماع كهذا يتداول فيه المجتمعون بكل حرية وصراحة ما يجب عمله من أجل البلاد والامة حتّى أنني كنت أشك في أن الهيئة استطاعت أن تصارح الحسين بأمر التنازل فسألت السيد الدباغ عما إذا كان هذا التنازل بطلب من الحسين وبتواطؤ من ابنه الامير علي مناورة منه لكسب الموقف ضد ابن سعود حتّى إذا جلت قواته رجع إلى الحكم مرة أخرى فأجابني بأن الحسين لم يدر باجتماعنا ولا بما قررنا من ناحية تنازله بل فوجئ به)… أن هذه الطريقة التي يخلع بها الناس حكامهم لا يستطيع على فعلها الان أي مواطن ضد أي عبد من عبيد آل سعود… حينما فاتحوا الملك حسين بخلفه. (واتفق أولئك المجتمعون مع الامير علي على ما قرروا وبعثوا إلى الحسين بعد صلاة ظهر اليوم من ربيع الأول سنة 1343 هـ (3 أكتوبر سنة 1924 م) البرقية التالية: صاحب الجلالة الملك المعظم بمكة: "بما أن الشعب الحجازي بأجمعه الواقع الان في الفوضى العامة بعد فناء الجيش المدافع وعجز الحكومة عن صون الارواح والاموال، وبما أن الحرمين الشريفين خاصة وعموم البلاد مستهدفة لكارثة قريبة ساحقة وبما أن الحجاز بلد مقدس يعني أمره جميع المسلمين. لذلك قررت الامة نهائيا طلب تنازل الشريف حسين وتنصيب ابنه الشريف علي ملكا على الحجاز فقط مقيدا بدستور ومجلسين وطنيين".. الخ.. والله الموفق لما فيه الصلاح!… آح!. ووقع البرقية مائة وأربعون من كبار الحجازيين وفيهم أكثر أولئك المجتمعين كالدباغ وغيره وتسلموا الجواب بعد العصر وها هو نصه: ادارة برقيات الحكومة الهاشمية في 4 ربيع الأول سنة 1343 هـ بواسطة قائمقام جدة إلى الهيئة الموقرة مع الممنونية والشكر، وهذا أساس رغبتنا التي أصرح بها منذ النهضة والى تاريخه، وقد صرحت قبله ببضع دقائق أني مستعد لذلك بكل ارتياح إذا عينتم غير علي واني منتظرهذا بكل دعة وارتياح. الامضاء (الحسين) وتسمت هذه الهيئة "الحزب الوطني الحجازي" وكان رئيسه الشيخ محمد الطويل وكاتم سره "سكرتيره" السيد محمد طاهر الدباغ وأعضاؤه كثر، وقد اجتمع الحزب أو كان مجتمعا لم يغب منه عضو من صباح هذا اليوم حتّى اللحظة التي تسلموا فيها جواب الملك حسين وبحثوه ولم يرضهم ورأوا من خلاله أنه لا يريد أن ينزل عن عرشه بهذه السهولة لانه لم يصعد إليه إلا بتضحيات وتعب، فهل من المنطق أن ينزل عنه لرقية تطير إليه من شبان متحمسين؟. فليداورهم، فلعل حماستهم تبرد بعد لحظات، ولهذا تظاهر بابداء الارتياح ولكن طلب اليهم تعيين غير علي، وبهذا يستطيع أن يضمن لنفسه البقاء على العرش إلى… أيام أو شهور… أو سنوات. إلا أن أعضاء الحزب الوطني لم يرقهم جواب الحسين وكانوا يودون من صميم قلوبهم أن يتنازل بسرعة "ليتفرغوا لعمل جديد" ينقذون به الموقف الحاضر" كما يزعمون" فقرروا أن يتصلوا به ـ أولا ـ بالتليفون ثم يطلبون إليه أن يوقع وثيقة التنازل التي سيكتبونها متى وافق ورضي به. وتناول الشيخ سليمان قابل (وكان رئيس بلدية جدة) التليفون وطلب الملك الحسين فأعطى الطريق إليه. ـ ألو ـ مولاي! مولا.. مولاي! … يرد الحسين: ماذا؟! ـ ماذا تريد؟ ـ الأمّة!.. ـ مالها.؟ ـ تريد منكم التنازلّ… ـ لا تكلمني انت لأنك من رجال حكومتي وليكلمني غيرك في هذا الامر؟. فوضع السماعة يائسا غير أن "الشيخ محمد أفندي" نصيف دق الجرس ورفع السماعة وقال: ـ مولاي … مولاي… مولاي ـ من أنت؟ ـ محمد نصيف (وكان عبد العزيز آل سعود وجون فيلبي في بيت محمد نصيف أثناء هذا الكلام) فقال الحسين: ـ لا تكلمني في موضوع التنازل لأنك أنت أيضاً من رجال حكومتي ومشبوه… فجشأت يده ثم وضع السماعة ورجع إلى مكانه، وهدأ من بالمجلس لحظات يفكرون دون أن يحدث احدهم الآخر. ثم بدأوا في الحديث متحمسين: "يجب أن يتنازل الحسين" وطلبوا إلى محمد الطويل أن يتكلم مع الحسين لأنه رئيس الحزب، فاعتذر إذ لا يطيق أن يكلم "سيدنا" في هذا الامر ويفجعه في أعز أمانيه وهو صديقه ومليكه عن التنازل وطلب إلى سكرتير الحزب (الدباغ) أن يكلمه وكان هذا من رجال حكومة الحسين فتناول السماعة وقال: ـ مولاي ان لك عندنا لمقاما كريما، غير أن المركز الحرج الذي وصلت إليه البلاد يدعوني إلى أن ابلغكم أن "الامة!" قد قررت طلب تنازلكم لسمو الامير علي، و"الامة" اياهم ـ طبعا … فقاطعه الحسين: ـ أنا وابني واحد، وإذا كنت قد صرت عندكم بطّال (بمعنى ردئ) فلا بأس، ولكن لا أفهم ما القصد من هذا، لا يهمني أمر المُلك في أي شخص كان ولكني لا أتنازل لولدي علي أبدا لأني ان كنت أنا "بطّال " فولدي علي "بطال". ـ لا يا مولاي نحن ـ البطّالين ولا أنت ـ ونحن لا ننسب إلى جلالتكم شيئا من ذلك وانما نريد أن نسلك سياسة غير التي سرتم عليها لعلنا نتمكن من تخليص البلاد من مأزقها الحرج و"الامة" أجمعت على طلب ذلك من جلالتكم وانا لنرجوا إجابة رغبتها: اجابة رغبة "الامة" التي حرصتم على مصالحها دائما. فرد عليه الملك الحسين قائلا في لهجة غير لهجته الاولى: ـ يا بني، لكم أن تفعلوا ما تشاؤون، أما أنا فلا أتنازل لولدي على أبدا، عندكم الشريف علي أمير مكة السابق، وأخي ناصر، وعندكم خديوي مصر عباس، وعندكم "الاشراف" وهم كثيرون، اختاروا، أي واحد تشاؤون من الناس وأنا مستعد بالتنازل له. أما ولدي فلا يمكن لأني أنا وهو شئ واحد، خيره وشره عائدان لي . فقال الدباغ متوسلا: ـ مولاي ، ان الامة "!" التي سهرتم على مصالحها وحرصتهم على رضاها هي التي اختارت الامير عليا، فترجو من جلالتكم الموافقة… (ان هذه الاقوال مبالغة كبرى، لأنه لا "الامة" ولا الشعب اختار "عليا" وابن السعود" بل الحزب الذي لا يزيد عن 140 فرداً من كبار الموظفين والتجار ولذلك اتت عقلياتهم أقل مستوى من عقلية الملك الحسين…) ـ يا طاهر، لا يمكن هذا، انظروا غير ابني وأنا مستعد. فقال الدباغ: مولاي. فقاطعه الحسين محتدا: أقول لا يمكن قطعيا أن أتنازل لأبني لأنني وهو شئ واحد… فاجاب الدباغ: ساعلم الهيئة ثم نعلم جلالتكم. اخفق هؤلاء في حديثهم مع الحسين، وأخذوا يبحثون من جديد في الطريقة التي يستطيعون بها اقناعه حتّى يتنازل عن العرش تخليصا للبلاد من هذه الكارثة كما يرون وأصروا على قرارهم غير أنهم رأوه مصرا على عدم التنازل ما دام من سيخلفه هو ابنه الامير علي، فكتبوا إليه برقية اغفلوا فيها اسم من يخلفه بل طلبوا إليه التنازل لتتمكن "الامة" من تشكيل حكومة مؤقتة وهذا نص البرقية: "صاحب الجلالة الملك المعظم بمكة" الحالة حرجة جدا، وليس الوقت وقت مفاوضات، فإذا كنتم لا تتنازلون للامير علي فنسترحم بلسان الإنسانية ان تتنازلوا جلالتكم لتتمكن الامة من تشكيل حكومة مؤقتة وإذا تأخرتم عن اجابة هذا الطلب فدماء المسلمين ملقاة على عاتقكم"! فلم يجد الملك حسين بداً من التنازل، وكتب اليهم البرقية الاتية: "مكة في 4 ربيع الأول الساعة الثالثة ليلا" لا بأس قد قبلنا التنازل بكل ارتياح، إذ ليس لنا رغبة إلا في سكينة البلاد وراحتها وسعادتها فالان عينوا لنا مأمورين من هنا يستلمون البلاد بكل سرعة ونحن نتوجه في الحال، إذا تأخرتم ووقع حادث فأنتم المسؤولون والاشراف عندكم كثيرون، ارسلوا واحدا منهم أو من سواهم، وعلاوة على هذا إذا قبل منكم الابن على الامر عينوه رأسا". الامضاء (حسين) وكسبت السياسة الانكليزية السعودية الجولة الاولى فالامير علي كان يختلف عن والده. وكتب كبار الموظفين إلى علي وثيقة "البيعة بالمُلك" وهي ما يلي: "بناء على طلب الامة "!" قد تنازل جلالة والدكم بموجب برقيته رقم 19 المؤرخة في 4 ربيع الأول وقررت نهائياً البيعة لجلالتكم ملكا دستوريا على الحجاز فقط وأن يكون للبلاد مجلس نيابي وطني، وقانون أساسي تضعه جمعية تأسيسية كما هو جار في الامم المتمدنة وبما أن الوقت ضيق يضيق الان دون تأسيس المجلس النيابي الوطني فقد قررت الامة أن تشكل هيئة مؤقتة لمراقبة أعمال الحكومة وانا نبايعكم على ذلك وعلى كتاب الله وسنة رسوله"… وبايعه عن "الامة" كبارها واغنياؤها… (وقد أدى تنازل الحسين وتولية "علي" الملك إلى اضطراب عام في مكة وغيرها، فالحسين كان مهيبا عند رجاله وامته، وكان منطقيا عنيدا قويا طموحا صلب القناة مستبداً لا يستطيع أحد أن يشاركه الامر. أما علي فكان هينا لينا مسالماً فاتر العزم وكانت صفات علي صفات زاهد ورع لا صفات حاكم يريد مجداً ويسوس جندا ويبغي السيادة والخلود، فالبون بينه وبين ابيه شاسع فالحسين أكفأ من علي وأزكى كثيراً، فلما تنازل الحسين وصعد "علي" اضطرب الناس واضطربت مكة على الاخص وذهل الناس فما كانوا يصدقون أن الحسين يبارح مكة فردا من أفراد الامة أو يعتزل الملك الذي سعى إليه سعيا، وبذل من أجله كل شئ وساد التشاؤم كل بلدان الحجاز، فمكة متشائمه إلى حد بعيد).. "وحمل الناس قادة هذا الحزب مساهمتهم في الجريمة واتهم بعضهم بعمالتهم مع السعودية والانكليز مقابل الوعود الكاذبة"… ويقول العطار: وأرى أن الحزب الوطني كان مخطئا في طلب تنازل الحسين فها هو الاضطراب والقلق والمخاوف تستبد بالبلدان وبالعاصمة وبالناس وبالسبل. ولقد غضب الحسين غضبة شديدة حينما انتهى أمر البلاد إلى هذه "الفوضى" وكتب إلى من طلبوا إليه التنازل برقية يقول لهم فيها: "ان الفوضى التي ذكرتموها وقعت على أيديكم بداعي اشهاركم رغبة تنازلي، وانا لا أقبل أية مسؤولية تقع إذا لم تسرعوا اليوم في تعيين من يتولى الامر لأتوجه في الحال إلى الجهة التي يختارها الباري عن طريق جدة وهذا ليس هربا من أي شئ تتصورونه بل دفعا للظنون والشبهات". وكان الحسين يدرك أن الانكليز وراء كل هذا… فاجاب الحزب الوطني الحجازي بهذه البرقية: في 5 ربيع الأول صاحب الشرف الاسمى الشريف حسين المعظم. جواب برقيتكم رقم 17 بحمد الله ومساعي مولاي قد تمت البيعة لجلالة نجلكم المعظم وقد فاوض جلالته من يلزم في استلام البلاد وادارة شؤونها فالمنتظر من مولاي مبارحتها بكل احترام تهدئة للاحوال!… التوقيع عن رئيس الحزب الوطني الحجازي
محمد طاهر الدباغ
ومن وحي ما أملاه "عبد العزيز آل سعود" يتساءل أحمد العطار فيجيب نفسه فيقول: (ويجب أن نقول كلمة للتاريخ: هل أخطأ الحزب الوطني أو أصاب في طلب تنازل الحسين؟… أما أنا فأرى أنه أخطأ في ذلك فقد أثّر تنازله في نفسية الجيش الهاشمي فانتحر آخر أمل يهجس في قلبه. كما قضى على روحه المعنوية وعجل بسقوط "الشرفاء" فهم كانوا أعون بعملهم هذا لخصومهم السعوديين لا لأنصارهم، وقد خدم "أعضاء الحزب الوطني" ابن سعود بعملهم خدمة مرموقة، فقد تنازل الحسين قبل أن يقوم ابن سعود من مقامه بالرياض باجبار الحزب اياه، وهذا نصر مؤزر يحرزه ابن السعود ولكن على يد خصومه فهم ينزلون خصمه العنيد القوي "حسين" ليرفعوا بدله خصما صغيرا وديعا مسالما ضعيفا هو "علي" حتّى يتسنى لابن سعود أن يقضي عليه سريعا بارهاقه بالمفاجآت ويضنيه بالحصار ويجبره على التنازل!. بل كان للحسين نفوذ وكلمة مسموعة عند الدول "أكثر من ابن السعود بكثير"، وكان له من "عظماء" الانكليز أصدقاء فلو بقي في الملك واتصل بغير القناصل الموجودين كالمندوب السامي في مصر مثلا لاستطاع مساجلة الخصوم والانتصار ، ولكن عليا لا دالة له على دولة إلا بأبيه كما أنه لا خصومة بينه وبين أحد إلا بأبيه، وهو في كلا الامرين غير موفق لا دالة له كما لا خصم له والمهم أن الدول كانت معترفة باستقلال الحسين وملكيته وحكومته في حين لم تعترف حكومة ما بالملك علي، بل أن كثيرا من الملكيين لم يعترفوا بأن عليا ملكهم!)… وهكذا نجح أعضاء المكتب الهندي جناح المخابرات الانكليزية الذي يسيطر عليه اليهود، نجحوا في ابراز صديقهم عبد العزيز آل سعود… وقد برر الحزب الوطني جريمته بما زعمه جون فيلبي وابن السعود أن ابن سعود برر غزوة الحجاز بأن الحسين ضد النجديين وان الحسين منع النجديين عن الحج، كما أوحى لهم فيلبي: "ان ابن السعود الذي شق الطريق إلى الحجاز بالسيف لن يقبل صلحا مع الحسين" فهو قد يقبل إذا كان حاكم الحجاز غيره! فليطلبوا إليه التنازل ـ أولا ـ وليجبروه عليه، حتّى يتساهل ابن سعود في الصلح ويغادر مكة والحجاز إلى نجد فتخلص بلادهم لحاكمهم الجديد ولكن الحزب بالاضافة إلى كونه قصير النظر كانت له مطامع نفعية وعده بها ابن السعود وجون فيلبي وما وعدهم الشيطان الا غرورا… ويقول العطار : (وكأن الحزب تناسى أو تجاهل النزاع القديم بين "الشرفاء" وآل سعود من بدء الدعوة الوهابية حتّى يوم ذلك، فالاسرتان في تنافس وخصومه وحرب، ما تنطفئ نارها إلا ويشعلها آل سعود ولا يمكن تسوية الخلاف، ثم ما النفع الذي حصلت عليه الحجاز بالتنازل؟ لا شئ… لاشئ ولكن قادة الحزب هداهم تفكيرهم في تلك الظروف القاهرة إلى أن اسلم الطرق هو ابعاد الحسين عن الحجاز ليتم الوفاق مع الغزاة)… ما بعد تنازل الحسين تنازل الحسين يوم 4 ربيع الأول وطلب في الخامس منه أن يأتي من يقبض زمام الامر في مكة ليتوجه إلى حيث "يختار الله له المقام" ـ على حد قوله ـ وسافر علي إلى مكة في 6 ربيع الأول وبقي الحسين إلى يوم 9 ثم سافر إلى جدة واعتزل الناس، وفي يوم 16 ربيع الأول أبحر وودعه رئيس ديوانه السيد أحمد السقاف وصديقه الشيخ محمد الطويل ولم يشأ أن يودعه ابنه علي، فأقله يخته "الرقمتين" إلى العقبة… وقد سعى رشدي "باشا" لدى الملك فؤاد ولدى رئيس الوزارة المصرية سعد "باشا" بأن يسمحا لملك الحجاز بأن يسكن مصر فأبيا خشية من حدوث مالا تحمد عقباه من الانكليز، وهذا ما يكشف زيف زعماء الاغنياء والمرتبطين بالاستعمار حتّى وان تظاهروا بالوطنية… لقد شاوروا الانكليز فرفضوا فرضخوا للاوامر الانكليزية، بل رفض الانكليز أن ينزل الشريف حسين لدى ابنه عبد الله في الاردن حينما مر بالعقبة إلى منفاه ورفضوا أن يذهب إلى سوريا أو العراق، وهكذا حدد الانكليز اقامته في العقبة قبل نفيه إلى قبرص، كل ذلك ارضاء لعبيدهم الاذلاء آل سعود. ولم يكتفوا بذلك، بل ضايقوه في قبرص بعد نفيه مضايقة شديدة، من ذلك أن الانكليز حرضوا طباخ الحسين أن يقيم الدعوة في المحكمة ضد الحسين وزوجته، وما دري الحسين وزوجته إلا حينما أبلغه الشرطي دعوة لحضور المحكمة قبل ساعتين من المحاكمة، فساقوه وزوجته بتهمة مزعومة تقول: ان زوجة الحسين اقتطعت من راتب الطباخ ربع جنيه استرليني!… ورغم كذب هذا الادعاء إلى أن الحسين قال للطباخ: (لو أخبرتني بهذا الامر "الخطير" لدفعت لك الربع جنيه قبل أن تطع كلام الانكليزي الذي حرضّك ضدي اكراما لأبن السعود ولكوني رفضت التوقيع باعطاء فلسطين لليهود، وهاهو لك مني جنيه مقابل الربع جنيه)… وخرج من المحكمة وزوجته يلعن الانكليز وعميلهم ابن السعود… وبعد ذلك اغتالوه بالسم عن طريق هذا الطباخ اليوناني الذي اجبره الانكليز على احتوائه بالرغم من رفض الحسين له بعد تلك الشكوى، وبالرغم من قول الحسين: "انني لا أحتاج إلى خدم فساخدم نفسي بنفسي"، لكنهم رفضوا… واجتاح "التتار" السعودي مكّة المكرّمة!! وأي "تكريم" حصل لمكة المكرمة؟… يقول العطار السعودي في أقل وصف وصفه كاتب لاجتياح جيش اليهود السعودي: (هرع الناس من الطائف إلى مكة، وانتشرت قبلهم أخبار راعبة مقلقة أن "الاخوان السعوديين" أو المديّنة قسات غلاظ، بل نشرتها الحكومة الهاشمية في الجرائد باحرف بارزة مذبح الطائف حتّى خافت مكة كلها وزادها هلعا القادمون من الطائف فقد كانوا يروون اخبارا وحشية غريبة مخيفة مريعة، وبدت العاصمة المقدسة كمأتم تشترك فيه الامة كلها ففي كل حي بكاء وقراءة على أرواح الشهداء، وفي كل دار استعداد للسفر، بل جلا عن مكة الاغنياء واسرهم وأخذوا معهم أموالهم وكان أول الجالين ـ بقايا ـ المصطافين في الطائف لأنهم جزموا أن الاخوان والبدو السعوديين سيفعلون بمكة ما فعلوه بالطائف من مجازر رهيبة فهربوا إلى جدة. وكنا نحن أيضا من الجالين الى جدة، إلا أبي رحمه الله، فقد أقام بمكة لأنها أقدس بقعة وآمنها على ظهر الأرض على الاطلاق… وقد ودعنا ونحن راحلون إلى جدة بالرغم عنه فراراً بالروح والمال، قائلا: انّه سيعتكف في المسجد الحرام فان قتل فما يكره الموت في رحاب طاهرة يستقبل وجه ربه الكريم بالشهادة: وكان خالي الذي تلظى بفاجعة الطائف هو الذي حملنا على الرحيل فاكترينا الحمير ومشى الشبان، أما نحن الاطفال فقد ركبنا من حسن حظنا ورحلنا في الصباح، وكان طريق جدة كالمحشر، أطفال ونساء ورجال وصبيان يحملون الطعام والنقود وما غلا ثمناً وخف وزناً، وكلهم يحث السير إلى جدة "هربا من وحوش آل سعود". وصلنا الشميس فسمعنا أن الاخوان دخلوا مكة ـ وكان ذلك في 9 ربيع الأول سنة 1343 ـ ونهبوها وهاهم يتعقبون الفارين فشددنا الرحيل إلى بحره فسمعنا الاشاعات بأن الوحوش المديّنة نهبوا الشميس وهاهم الينا فنهضنا إلى أم السّلم ووجدنا جوها "مكهربا" بالاشاعات المرعبة أيضاً فلم ننزل بها وواصلنا السير حتّى بلغنا جدة في منتصف الليل، غير أن الاشاعات كالبرق في السرعة سبقتنا إليها فسمعنا بفظائع الاخوان، وقضينا أياما في قلق واضطراب حتّى جاءنا كتاب من أبي يبشرنا بأن الاخوان لم يدخلوا مكة!، فرجعت أنا واحد اخوتي إلى أبي لأنه رغب أن نكون معه في وحشته، ووجدنا مكة كالمقبرة في الصمت الرهيب والسكون الشامل والدكاكين المغلقة، والمناحات والمآتم. ونقصد من هذا أن نقول: أن مكة لم تطمئن بعد مجازر الحوية والطائف والهدي بل كانت قلقة تطحنها الآلام فهي تنتظر البلاء والفاجعة بين الفينة والفينة مستسلمة لقضاء والقدر: ومضت أيام ومكة حزينة مرجفة خائفة وازداد خوفها عندما تنازل الملك الحسين وبارحها إلى جدة ومنها إلى العقبة إلا أن قدوم الملك علي إليها في يوم الاربعاء 9 ربيع الأول هدأ مخاوفها الفاتكة قليلاً واستعد للدفاع عن مكة ولبث اسبوعاً واحداً فيها ثم أتته الاخبار في يوم الثلاثاء 15 ربيع الأول (14 اكتوبر 1924 م) بأن الاخوان قد وصلوا اليوم إلى الزيما وتبعد عن مكة 44 كيلو مترا فرأى أن ما معه من الجيش وهو لا يبلغ الخمسمائة لا يستطيع حرب الاخوان "الـ 50000" وليس من الحزامة أن يقاتلهم وهو معتقد أن الهزيمة تصيبه إذا ما اشتبك بهم فرحل باربعمائة من جيشه إلى جده وقال أنه سيحاربهم منها حتّى يخرجهم من الحجاز وترك بعض الجنود لحفظ الامن الداخلي، غير أن من بقي بمكة من الاهلين صمموا على الدفاع ان صنع بهم الجند السعودي المتوحش ما صنع بأهل الطائف. ولقد تسللت مجموعات كبيرة من الاخوان بطرق خفية… وساد القلق والاضطراب والاشاعات المركزة التي يلهبها الاتباع السعوديين… ومضى على مكة بعد مغادرة الملك علي يومان كانت في خلالها فريسة لقلب عاصف شديد ووجد الفرصة كل طامع ومجرم واثيم من الاخوان واتباعهم ونهبوا بعض مراكز الحكومة وقام بدور من"اخوان مكة" بالنهب والسلب. ولكن لم يقربوا الاهلين بسوء كما في الطائف. بل كانوا ينهبون دور الحكومة فقط، وشاركهم بعض فقراء مكة العتاة وأخذوا نصيبهم حتّى إذا بدأ القمر في ليلة السابع عشر من ربيع الأول 16 اكتوبر سنة 1924 م بدت معه طلائع الاخوان "الرسميين" ووصلت المعابدة ـ أول مكة للقادم من الطائف ـ وفي الصباح دخل ابن لؤي وابن بجاد ببقية الجيش مشاة وركبانا عراة ومحرمين "!" وطافوا وسعوا "!" ثم ارتدوا ملابسهم وجاسوا خلال مكة وفي شوارعها الرئيسية وتدفقوا الى مراكز الحكومة يحتلونها "!" ونزل القائدان قصر الشريف واستقبلا كبار أهل مكة وأخذ منهم الطاعة لابن سعود "طاعة بالاكراه")… ويتابع العطار قوله: (وكان بعض الاعراب من الغطغط "الاخوان السعوديين" في الاسواق يسألون أهل مكة: أين بيت خيشة؟ ولكن المكيين لا يعرفون أحدا يكنى هذه الكنية!، فكانوا يجيبون: لا نعرف، وأخيرا عرفوا صاحب هذه الكنية، عرفوا أن هؤلاء سموا الحسين "أبا خيشة" ولكنهم أجلاف وكفى!. ونهبوا ما وجدوا في بيت الشريف الحسين من "علب المربيات" والساعات والمفروشات وكل غال ورخيص وباعوها بثمن بخس وقد رأى المكّيون البدو يعرضون ما نهبوا للبيع فاضربوا عن شراء شئ منه، ولكن رخص الثمن أغرى بعضهم ـ أخيرا ـ فالبدو يبيعون "العلبة" من عصير المانجة "الامبة" بما يوافق مليمين، ويبيعون بهذا علبة الكريز والخوخ والاناناس كما يبيعون الساعة الجديدة بعشرة قروش ويبيعون البساط العجمي الكبير بعشرين ريالا وهكذا… "وقد فتكوا بكل من رفض شراء أي شئ من هذه السلع… كل ذلك حدث بعد الاحرام والطواف والسعي!… ليتأكد من ذلك أنه لا ايمان لهؤلاء الجنود بدين أو مثل"… بل رأوا المرايا الكبيرة فظنوها لاول مرة ما يشبه البيت أو الغرفة بها اناس حينما راوا صورهم بها فحطموها ثم ظنوها سحرا كما خيل اليهم أن في الساعة شيطانا يهمس وذلك حينما يسمعون دقاتها. لقد أطلقوا الرصاص على صورهم المنعكسة في المرايا حينما رأوا البنادق التي يحملونها اليهم)!… وهذا ما يثبت همجية موجههم ابن السعود وهمجيتهم من بعده"!… ومن جدة، تحرك اعضاء الحزب الوطني، وقام وفد منهم قوامه عشرة افراد منهم عبد الرؤوف الصبان لمقابلة القائدين السعوديين "للاخوان" وذلك في 3 ربيع الثاني للمفاوضة معهما في الصلح!. ولم يكونوا مندوبين من قبل علي، بل كان فيهم من اشتهر بمناوأته لآل الحسين ومصادقته لآل سعود ومنهم محمد نصيف، وزعموا أنهم جاءوا تطوعاً بحجة انقاذ البلاد من كارثة تجر إليها جرا، واجيبوا من القائدين "ان الصلح لا يمكن أن يكون إلا بخلع الملك علي!"، فغادر الوفد مكة مخفقا، وما فعله هؤلاء يعتبر في عرف الشرائع الدينية والقوانين الوطنية خيانة عظمى لاتصالهم بالعدو واظهار ضعف المقاومة والبلاد، ولقد لعب هؤلاء الاغنياء وكبار الموظفين دور السماسرة لدخول الاحتلال السعودي، بعضهم عن قصد وبعضهم عن جبن وبعضهم عن ضعف تصور… ويقول العطار: (وقد أفاد القائدان من بعض رجال الوفد فوائد جمة فقد وقفا بدهائهما ـ أو على الدقة بدهاء خالد لأن سلطانا لم يكن فيه شئ من الدهاء ـ على حالة علي وحكومته الجديدة وعلى الحياة في جدة وعرفا الموالين للحسين وأبنائه كما عرفا المناوئين: واسرع القائدان وبعثا إلى قناصل الدول الاجنبية بجدة خطابا يسألانهم عن موقفهم حيال الحرب الحجازية النجدية فأجابوهما بكتاب في 6 ربيع الثاني هذا نصه: "جدة في 4 نوفمبر 1924 م" إلى خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد " بعد الاحترام، وصلنا كتابكما ولا يخفاكما أن حكوماتنا ملتزمة الحياد التام في الحرب القائمة بين نجد والحجاز وعلى ذلك فنحن محايدون ولا يمكنا التدخل بأي وجه كان فيه الخصام، ولقد أخذنا علما بتصريحكما بأن ليس لكما نظر في رعايانا ونؤيد مضمون كتابنا الأول المختص بهم والسلام". ووقعه معتمد قنصل "جلالة ملك بريطانيا العظمى" والقنصل العام "لجلالة" ملك ايطاليا ووكيل قنصل الجمهورية الفرنسية ونائب قنصل "جلالة" ملكة هولندا، ووكيل قنصل "جلالة" شاه ايران . وشكل "علي" حكومة النهاية انتهت حكومة الشريف الحسين بتنازله وابحاره إلى العقبة وتولى ابنه "علي" عرش الحجاز برأي الحزب الوطني وسعيه. وارشادات جون فيلبي، الذي زعم "أنه اختصم مع ابن السعود وانه جاء لمساعدة الشريف علي" بينما كان يعمل لصالح ابن السعود بكل نفوذه في المكتب الهندي الانكليزي، وقد فوضت بريطانيا مندوبها السامي فيلبي لاعطاء ابن السعود كل ما يريد…. وتشكلت حكومة جديدة من: الشيخ عبد الله سراج رئيسا لمجلس الوزراء…. (حزب وطني) وتحسين باشا الفقير وزيرا للحربية والسيد محمد طاهر الدباغ وزيرا للمالية… (سكرتير الحزب الوطني) والدكتور خالد الخطيب وزيرا للصحة.. (حزب وطني) والشيخ محمد الطويل وزيرا للرسوم…(حزب وطني) وعبد القادر غزاوي وزيرا للمواصلات.. (حزب وطني) وعارف باشا الادلبي وزيرا للبحرية والشريف محسن بن منصور وزيرا للداخلية والشريف فؤاد الخطيب وزيرا للخارجية.. (حزب وطني) ومع ذلك فقد بقي الملك حسين في جهة، والحزب الوطني من جهة أخرى. وواصل الحزب الوطني اتصالاته التآمرية مع ابن السعود مبرراً ذلك للناس "أنه لا يريد اراقة الدماء، وان السبب الذي دعا الحزب الوطني إلى طلب تنازل الحسين هو اخلاء الحسين وبمبارحته البلاد يمكن التفاهم مع ابن سعود"…. لكن هذه مبررات استسلامية من البعض وعميلة من البعض الآخر… وكتب البعض إلى المجلس الإسلامي الاعلى بفلسطين للوساطة بين ابن السعود علي، فكتب رئيسه الحاج أمين الحسيني إلى ابن سعود برقيا فأجابه عبد العزيز بالاكاذيب التالية: امين الحسيني رئيس المجلس الإسلامي الاعلى بالقدس (يحزننا أن تكون وساطتكم في وقت متأخر!، فانا منذ سبع سنوات نتوسل بجميع الوسائل لاحلال الصلح والوفاق محل الجفاء والشقاق فلم تثمر مساعينا، وكنا كلما لنّا للحسين تجافى، فتصريحاته المتكررة في شرقي الاردن التي تبرهن عن نواياه الاكيدة في بلادنا، ومنعه رعايانا ست سنين من أداء فريضة الحج من عسير وغيرها ومعاملته كافة حجاج بيت الله الحرام وعجزه عن تقرير الامن في الحجاز مما أجبرنا أن نتخذ التدابير الفعالة لتستقر الحالة في بلاد الحرمين وليأمن مستقبل بلادنا، وانا نرغب في وجود ادارة في الحجاز تكفل حقوق جميع المسلمين بوجه المساواة، وتضمن راحة الحجاج، وتزيل عنهم المظالم كلها وتجعل الحكم خلافة يختارها أهل الحجاز لاملك) الخ… ويقول العطار: "كما أن الملك عليا بعد توليته أبرق إلى ابن سعود عن طريق البحرين يقول له: "ان رغبتنا في السلم يسود الجزيرة كلها، وان امنيتنا تسوية الخلاف بين نجد والحجاز بمؤتمر ينتهي فيه مبادئ في مؤتمر الكويت، ونطلب اليكم أن تلبّي هذا النداء حقنا لدماء المسلمين وصونا لارواحهم، وإذا أردت ذلك فلتأمر قواتك المحتلة بالانسحاب إلى الحدود النجدية، فأجاب ابن سعود: "بأن الصلح مستحيل ما دام أبناء الحسين يتوارثون ملك الحجاز، وبأن الحجاز للعالم الإسلامي فهو يقرر مصيره"!… وبالرغم من الحصار الانكليزي، فقد رفض علي ورجال حكومته هذا الجواب الذي يفيد أن الصلح لا يتم الا إذا بارح علي الحجاز!، وهذا طلب غير مقبول بالطبع عند قوم لم يحكموه إلا لبقاء الحجاز، بعيدا عن سلطان ابن سعود، واخذوا جميعهم يفكرون في الوسيلة التي تخلص البلاد من هذا الجيش السعودي المتوحش الزاحف المحتل القابض على زمام مكة والطائف وما بينهما من قرى وبوادي والذي يدعمه الانكليز بكل الامكانيات… وبينما كان هؤلاء غارقين في التفكير كان ـ ناجي الاصيل ـ في لندن يبذل كل جهوده لحمل الحكومة البريطانية على حماية الحجاز من ابن السعود بما لها من نفوذ قوي على ابن سعود!!. ولكن بريطانيا اعتذرت وواصلت دعمها لابن السعود وقالت "بأن المعاهدة التي سبق أن قدمتها بريطانيا للحسين سبق أن عدلها الحسين "تعديلات" لم توافقها، والان وقد تخلى الحسين عن الملك فلا يمكن أن يفاوضنا فيها أحد"!! بكل صراحة!!. ولكن بريطانيا اعتذرت وواصلت دعمها لابن السعود وقالت" بأن وصل من بريطانيا توقيع المعاهدة الاولى التي كانت في صالح الحجاز، وما دام الحسين قد اعتزل الملك وبارح البلاد فان الحجاز ما يزال في مكانه!! وملكه الحاضر (علي) لم يشترك في التعديلات التي قام بها أبوه، وهو موافق على تلك المعاهدة ـ قبل تعديل الحسين الذي لم يوافقها ـ وفي وسع بريطانيا الموافقة عليها لتعتبر نافذة…!!. ومع كل هذه التنازلات اجابت بريطانيا، بأنها لا تستطيع عمل أي شئ مع حكومة علي قبل أن ينجلي الموقف الحاضر.. وانجلاء الموقف هو دعم ابن السعود ليحتل الحجاز. بل طلبت حكومة علي من بريطانيا أن تتدخل في الصلح بين الملك علي وعبد العزيز آل سعود فأبت… وتغيرت الوزارة البريطانية التي لم توافق على توقيع المعاهدة التي حاول معها ناجي الاصيل على توقيعها وقامت مكانها وزارة المحافظين برئاسة المستر بلدوين، فسئل عن موقف حكومته من النزاع القائم بين ابن سعود و"علي" فأجاب في صراحة تامة" "ان الحكومة البريطانية لا تنوي التدخل في النزاع القائم من أجل الاراضي المقدسة الإسلامية وانها ستبقى على الحياد. وليس في نيتها الوساطة بين المتنازعين بحال من الاحوال"!… وهل تجد بريطانيا عمالة تساعدها في خلق الكيان الصهيوني في فلسطين كالعمالة السعودية؟!… ولهذا. أخفقت "حكومة علي" الهاشمية من يومها الأول اخفاقا مرا، فلم يصادفها الحظ السعيد في خطوة من خطواتها ولا في عمل من أعمالها ولا في مناورة من مناورتها الكثيرة، ولم يجدها اجبار الحسين على التنازل، بل أضرها تنازله ضرراً بليغاً فقد عجل بمصيرها المحتوم لها، فها هي عاجزة عن تكوين جيش قوي، ولكن من حسن حظها ـ أو من سوء حظها لا أدري ـ أتت إليها نجدات من الامير عبد الله ـ أمير الاردن ـ قوت عزيمتها وأحيت الامل فيها، فرأت أن تكتب إلى ابن سعود خطابا غير الخطاب الأول تختمه بالتهديد والوعيد، وتلوح له بالنار والحديد، فلعله يستخذي ويقبل الصلح ان لم يقبل بالاغراء واللين والكلام الطيب، ووجه الكتاب باسم الملك علي وقد جاء فيه: "من علي بن الحسين إلى صاحب العظمة السلطان عبد العزيز عبد الرحمن الفيصل آل سعود أما بعد، فاني لعلى يقين من أن التسافك في الجزيرة يقطع الارحام ويذهب بالاحلام ويغري عدو العرب على الاستفادة من الخصام، وانت تعلم أنه عدو شديد عنيد لا يستنيم إلى رعاية العهود ولا يطمئن إلى السكينة، فماذا أنت فاعل وقد بسطت لك الحالة كما هي من غير تشويه في حقيقتها أو لبس في مظاهرها؟ ان أقصى رغبتي هي أن يسود السلام في الجزيرة ، وان تعود السكينة ما بين نجد والحجاز واني لباسط لك رأيي في السلم ومقترح عليك عقد مؤتمر لازالة بواعث الخلاف، وينبغي أن تعلم عظمتك أن تدخّل الاجانب الاعداء بين الامم المسلمة ـ وخاصة الانكليز ـ ضار بنا وبمصلحة بلادنا العربية وهذا التدخل لا يبعد أن يجر إلى تشاحن عظيم، وهذا أمر لا أرغب فيه ولا أوافقك عليه".!!. ثم قال: "فما شأن الاعاجم في بلادنا؟ وانت تعلم أن لهم من مشاغلهم في بلادهم ما يضطرهم إلى التنحي عن الاهتمام بمصير الحجاز فإذا هزم جدوا في استقلال بلادهم كان ذلك اجدى من كل أمر" وقال: "لقد عرفنا الانكليز قبلك، ولو وجدنا فيهم مثقال ذرة حب للعرب لاطعناهم فيما عرضوه علينا ولو أطعناهم في خيانة العرب لاعطونا ما نريد ولكننا رفضنا". ثم قال:"واقترح عليك عقد مؤتمر يحضره مندوب الطرفين للصلح والرجوع إلى اتمام المفاوضات التي دارت في مؤتمر الكويت". ثم طلب إلى ابن سعود "جلاء الجنود السعوديين من الاراضي الحجازية المحتلة وإلا فسنستردها بالسيف" ثم ختم الكتاب بهذا التهديد: "فإذا لم يبلغك صوتي ويصلك نذيري فاني مضطر إلى الاصطلاء بنار الحرب بلا شفقة ولا رحمة، وللتاريخ بعد ذلك حكمه الذي لا يرد في الباغي منا فإذا كنت باغيا فلا يذكرني التاريخ بخير، وان كنت أنت الباغي حقت عليك كلمة الله وليس الله بغافل عما يعمل الظالمون"!. تلقى ابن سعود هذا الخطاب فاستبد به الغضب وعرضه على جون فيلبي فابتسم وقال لعبد العزيز: "اننا سنستفيد من هذا الخطاب ونستشير به بريطانيا ضد الشريف علي ومن هذا الكتاب يتضح ان ما به من اغراء أو تخويف ليس إلا محاولة ياءس استبد به القلق وانتحر في نفسه وفر من قلبه الثبات، واعرف أن ذلك "بداية النهاية" فلا ترد عليه ردا قاسيا"… وكتب في 18 ربيع الثاني إلى "علي" برقية صاغها جون فيلبي باسم عبد العزيز آل سعود "صافية القول سهلة العبارة" وهذه برقية "ابن سعود": البحرين في 16 نوفمبر سنة 1924 م . "الشريف علي ابن الشريف حسين اني احترم شخصكم احتراما عظيما، ولكن معاملة والدكم لأهل نجد وسائر المسلمين هي التي جعلتنا نقف هذا الموقف، فإذا كنتم تحبون السلام، وحقن الدماء أخلوا الحجاز، وانتظروا حكم العالم الإسلامي فان اختاركم أو اختار غيركم فنحن نقبل حكمه بكل ارتياح، أما إذا بقيتم في أرض الحجاز فان مسؤولية ما يقع من الحوادث يقع على عاتق غيرنا"!!! كان ابن سعود جازما ـ بحول الانكليز وقوتهم ـ بأن أجل حكومة "علي" قصير، ولكن الملك علي كان يأمل البقاء بالحجاز ان سلماً وان حرباً، وقد مهد له خيط الرجاء خط الدفاع الذي أنشأه حول جدة على شكل هلال ينتهي طرفاه إلى البحر وطوله ستة أميال، ووجود فريق من المسلمين والمسيحيين أتوا جدة للوساطة بين العاهلين، وكلهم ينتظر مجئ ابن سعود إلى الحجاز لأن فيه مقطع القول.. وقد كان!!! مكر اليهود بعد أن تعالت الاحتجاجات في العالم الإسلامي والعربي ضد المجازر السعودية وجرائم النهب وهتك الاعراض في الحجاز، حاول الاحتلال السعودي والخبراء الانكليز تضليل الناس والقاء جرائم الدماء على "الاخوان" الذين تتكون أكثريتهم من قبائل عتيبه ومطير، وزعموا أن هؤلاء هم الذين ارتكبوا هذه المذابح دون معرفة ابن سعود بدليل أن رجال الدين الوهابيين المؤتمرين بأمره قد أصدروا الفتوى بعدم دخول مكة بالسلاح وقالوا: "ان دخول الحرم الشريف بقصد القتال حرام وان ابن سعود أعجب بصراحة علمائه وتقواهم فأمر جيش ـ خالد بن لؤي ـ ألا يدخل مكة بقصد القتال فيها،أما إذا وجدها خالية فلا بأس من دخولها، فإذا ظهر له أن دخولها سيحدث قتالا فيها فليرجع"!! "فليرجع"… كذا؟!. وبعد هذه الفتوى المقصود بها الاستهلاك الخارجي… طلب ابن السعود من "عملائه" أو علمائه أن يجتمعوا باستمرار لاصدار الفتاوى ضد الاخوان!!. أي .. ضد الجيش السعودي المتوحش المؤتمر بأمرهم!.. "وبينما هم كذلك ورد ابن سعود خبر دخول خالد بجيشه مكة بدون قتال فرأى أن الوقت قد حان لتحقيق أمانيه الإسلامية وأماني المسلمين المخلصين في الاراضي المقدسة، فصمم العزم على أن يبعث أحد أبنائه إلى مكة للاجتماع بوفود المسلمين والتشاور معهم في العمل النافع الذي يضمن لها سعادتها ويرد إليها مجدها المسلوب وعزتها الضائعة، ثم رأى أن حرمة بيت الله تقضي عليه أن يذهب بنفسه إلى مكة ليتولى شؤونها ويجتمع بأهلها وبالمسلمين لتقرير مصيرها وعزم على السفر"* يا سلام!!. وكتب عبد العزيز إلى الامام يحي امام اليمن: "أما بعد، فقد استقبلت الطريق إلى مكة غير باغ ولا آثم "!" فليتفضل الاخ العظيم بارسال من يمثله في مؤتمر مكة حبا بنشر السلام بين أمم الإسلام"!. كما بعث هذه الكلمة نفسها إلى ملوك المسلمين وامرائهم المستقلين!. مستقلين جدا!… ثم جمع من كان لديه من "العلماء" والامراء والقادة والقى عليهم كلمة ابان لهم فيها غرضه من السفر إلى مكة فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه. وشكرا الانكليز!… "اني مسافر إلى مكة لا للتسلط عليها "!" بل لرفع المظالم والمغارم التي ارهقت كاهل عباد الله"!… الله… الله! يا بدوي جاب اليسرى!… أية مظالم ومغارم وتسلّط غير ما فعلته السعودية من مظالم ومغارم وتسلط؟؟!. وقال: "اني مسافر إلى حرم الله لبسط أحكام الشريعة وتأييدها "!" فلن يكون بعد اليوم سلطان إلا للشرع "!" ويجب أن تطأطئ جميع الرؤوس له"!! ياله من هراء سعود!!. ويتابع قوله: "ان مكة للمسلمين كافة فيجب أن يكون أمر ادارتها وتنظيمها طبق رغائب العالم الإسلامي"!!. فهل أصبحت للمسلمين حقا؟!!. ويتابع أكاذيبه: "اننا سنجتمع بوفود العالم الإسلامي هناك، وانا سنتبادل معهم الرأي في كل الوسائل التي تجعل بيت الله بعيدا عن الشهوات السياسية "!" وتحفظ راحة قاصدي حرم الله".!!! كذا… وزعم عبد العزيز حرفيا: "أن الحجاز مفتوحا لكل من يريد فعل الخير من الافراد والجماعات"!. فهل أصبح الحجاز كذلك يا فجّار القول والعمل؟؟. انّه مغلق، في وجوه العرب والاصدقاء ومفتوح للامريكان.. ولكنه كما قال للعطار: "لقد أردت بهذا الخطاب أن اقطع الطريق على خصومي حتّى لا يستغلون قدومي إلى الحجاز ويؤولوه تأويلا سيئا، واقطع به كل مظنة المغرضون!". هنالك صدق الطاغية… وسافر المستشار السعودي حافظ وهبة إلى مصر ليكتب بعض الهراء ويرد به على أقوال الصحف المصرية حينما كتب في جريدة "البلاغ" التي تصدر في الاسكندرية تعليقه على كلمة ابن سعود تلك فقال: "بهذا المنهج يذهب سلطان نجد إلى أم القرى مشهداً الله والناس على أنه لا يتردد في تنفيذ ما صحت نيته على تنفيذه وما انتوى عمله، فما أسمى الغاية التي ينشدها؟؟ وما أحراه بتأييد العالم الإسلامي قاطبة له في تلك المهمة الشاقة التي عهدت الظروف إليه اداءها، وان لهجة السلطان لتذكرنا بلهجة السلف الصالح! كما أن سيرته واستقامته وقوة إيمانه تبعث الاطمئنان والارتياح في نفوس المسلمين فالرجل لا يسعى وراء الجاه والحطام الفاني "!" وانما يريد جعل أم القرى كما كانت في العهد السالف منبع الحكمة وموطن الشريعة، انّه يريد تطهيرها من الارجاس والخبائث التي انتشرت فيها منذ أن انصرف اشرافها عن شؤون الدين وأوغلوا في التعلق بالدنيا والتفاني في زخرفتها وزينتها فلم يرعوا حرمة المكان ولم يبالوا سعدت البلاد أم شقيت!! ارتفعت كلمة الدين أم انحطت؟؟ ما دام نصيبهم من الحطام الفاني مضمونا يستولون عليه لسد شهواتهم، وقد علمتنا الحوادث ان السلطان ابن سعود ما وعد إلا وفى، ولا صمم على شئ إلا نفذه بقدر ما استطاع فإذا قال: انّه ذاهب إلى أم القرى بالمنهج الذي ذكرناه فاننا نثق بأقواله ونؤمن باخلاصه وصدق طويته"!!!… وما اكذب كاتب المقال العميل… موكب الوحوش المرعبة يدخل مكة واستنفر عبد العزيز كافة أهل نجد ـ بالاكراه ـ ليواكبوا ركبه إلى مكة، فيرعبهم بهذا الموكب الذي بلغ افراده قرابة الـ /15000/ مرافق مسلح.. ودخل مكة… واعتلى الدكة… وحشروا أهلها في "السكة" ليلقي فيهم خطابه الارتجافي السمج، فتقدم مستشاره حافظ وهبة ليقدمه بخطاب قال فيه: (أولا ـ ان عبد العزيز لا يريدها الارتقاء الذي تدعون إليه ولا نريد إلا الارتقاء الذي نمشي عليه بموجب الدين، والامر الثالث هو أن عبد العزيز ـ كما ستسمعون منه ـ لا يريد أن يكون هذا البيت ملكا لأحد بل مشاعا (!) بين المسلمين ، ولكل شعب من الشعوب الإسلامية ولكل فرد من أفراد العالم الإسلامي حقه فيه.. والامر الرابع هو أن التجارب السابقة دلت على أن الحسين وآله غير صالحين لادارة هذه البلاد وأن عبد العزيز بن سعود أصلح)… ابن سعود أصلح!. ووقف عبد العزيز آل سعود يرغي، وقد ورد في الصفحة 464 من كتاب "صقر الجزيرة" للعطار هذا النص الحرفي من خطابه: "أنا عبد العزيز بن سعود .. والله وبالله وتالله ورب هذا البيت ومالحرم ـ والمقدر كائن ـ وهذا هو المقسوم، وكان من أحب الأمور الّي أن يقيم الحسين شرع الله (!) في هذا البيت فأفد عليه مع الوافدين أقّبل يده (!) ولكن هكذا شاءت ارادة الله (!) أن أقضي عليه (!) ولو لم يلحق الامر الاديان والنفوس لما أقدمنا على ما أقدمنا عليه فقد قرر الحسين اذابة وتقسيم بلادنا (!) وتوزيعها وأصر الحسين وأخذ يعمل وهذه جريدة القبلة تشهد على دعوته لاضاعة بلادنا باسم الوحدة العربية واعطاء بلادنا لرعاع العرب، وان كان الحسين قد أمّروه الاتراك فنحن لم تؤمّرنا غير سيوفنا، والانكليز وأهملوه لانهم عرفوا أن ما فيه خير، وان كان هذا يعجبكم فينا فتعالوا بايعونا!!"… الخ.. فأجاب الحاضرون: "كلنا نبايع!… كلنا نبايع!..". فقال عبد العزيز: "قولوا لنا بصريح القول ما عندكم؟!. فقال الحاضرون: "ما عندنا غير هذا"!!… ص 465 "صقر الجزيرة". وفي الصفحة 477 من كتاب "صقر الجزيرة" للعطار ورد النص التالي: واجتمع عبد العزيز بن سعود برجال مجلس "الشورى" الاهلي المنتخب برئاسة عبد القادر الشيبي واتفقوا على ان تقوم البلدية (!) بتنبيه الناس عند وقت كلّ صلاة فينادي منادي البلدية!: "يا معشر المسلمين! على كل واحد منكم إذا سمع المؤذن ان يبادر للصلاة في الحرم مع أحد الائمة الاربعة!، ومن كان بعيدا عنه فليصلّ في أقرب مسجدا!، وقد جعلنا من رجال البلدية وغيرها من يناظر المتأخر عن الصلاة لتقرير الجزاء الشرعي عليه بالجلد والحبس!" ص 465 من "صقر الجزيرة". وهكذا شغل الاحتلال السعودي "رجال التنظيمات" وأعضاء مجلس الشورى بملاحقة الناس!. لاشغالهم عن ملاحقة جرائم الاحتلال السعودي. وبدأت باسم الدين المزيف ملاحقة الوطنيين وسجنهم وجلدهم في الشوارع وقتلهم وتقطيع أيديهم وأرجلهم… وبعدها: قامت البواخر الحربية الانكليزية بمحاصرة جدة ومنعت دخول أي نوع من الطعام والسلاح والوقود والكساء، بل منعوا دخول الحطب والفحم من مكة إلى جدة!.. وأعلن الاحتلال السعودي في مكة أن الشريف علي وحكومته هم الذين منعوا الطعام عن مكة ليثير الشعب ضده فكتب المستشار السعودي حافظ وهبة بتوجيهات من جون فيلبي رسالة نيابة عن أهل مكة ليوقعها عدد من المواطنين لكن زمرة عميلة وقعتها فقط، وهذا نصها: "إلى صاحب السمو حضرة الامير علي وفقه الله لا يخفاكم أننا جيران بيت الله الحرام الذي قال الله في حقه "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"! و"أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدّنا" فأين عملكم من توصية الله بنا؟؟!! وما السبب في اقدامكم على منع القوت عنا وايصال الاضرار الينا؟ ألأن قوات نجد وجيوشها دخلت مكة؟؟ لسنا المسؤولين عن ذلك بل أنتم المسؤولين عنه عند الله وعند خلقه!: أولا ـ لأنكم لم تعملوا على اصلاح ذات بينكم لإزالة أسباب الخلاف بينكم وبين نجد وإمامها وغيرهم حتّى يكون حرم الله آمنا!. ثانيا ـ عند دخول جيوش حكومة نجد الطائف طلبنا منكم تخليص "عائلاتنا" ومحارمنا وأموالنا من الطائف فأبيتم ذلك وأعطيتمونا العهد بالمحافظة ثم شردتم وتركتمونا، فلا أنتم حافظتم علينا ولا سمحتم لنا بالخروج حتّى كان ما كان، ثم لما قدمتم مكة راجعناكم أنت ووالدك مرارا فوعدتمونا بالدفاع عنا برقابكم ثم شردتم وتركتمونا فوضى، واننا نخشى عليكم عقوبة ما جرى على بيت الله الحرام من الخوف والهلع، وبعد ذلك أعلنتم أنكم ما خرجتم من مكة إلا حقنا للدماء، فسموكم تورعتم عن قتل أهل نجد وأبحتم المصيبة لجيران بيت الله بمنعكم الارزاق وحجزكم معايشهم. والان نسأل سموكم ان كان جيران بيت الله مجرمين فأنبئونا نستغفر الله، وان كنا فقراء ضعفاء لاجئين إلى بيته فما السبب في التضييق علينا في ارزاقنا وانفسنا، فان كنا مجرمين من جهة الحكومة النجدية فليس لنا يد في دخولهم ولا طاقة لنا على اخراجهم، ولكننا نرجو الله ثم سموكم أن تفعلوا أحد أمرين: اما أن تقدموا بجيوشكم وتخرجوا الحكومة النجدية حتّى تتفتح لنا طرق أرزاقنا واما أن تتركونا وتتركوا جدة محل معايشنا!"… وهنا بيت القصيد السعودي!… والكتاب مؤرخ في 18 جمادى الاولى وموقع من الشيخ عبد القادر الشيبي وبعض "العلماء" وبعض "وجهاء" مكة، وقد أرسلوه إليه ولبثوا ينتظرون الجواب "علماً أن هذه الزمرة المترفة وأمثالها لم يقاتلوا العدو السعودي!… يتضح هذا في عدد الجند الهاشمي البالغ 500 جندي فقط!…"… غير أن الملك علي أجابهم جوابا حماسيا في المنشور الذي ألقاه على مكة باحدى طائراته في 19 جمادى الاولى ونقتطف منه ما يلي: " لم نمنع الارزاق عنكم إلا مكرهين فالبواخر الحربية الانكليزية تجوب البحر وتمنع أي باخرة متجهة إلى الحجاز، كل ذلك خدمة للمجرم السعودي الذي يدعي الإسلام وهو يعبد الانكليز، ونحن على يقين أن كتابكم الذي وصلنا لم تحرروه إلا مرغمين، بل لم تحرروا منه كلمة واحدة وانما حرره العدو السعودي نفسه عميل الانكليز، وعلمنا من مآله أن العدو لم يضطركم إلى هذا إلا لضعفه وعجزه، انني لم أترك مكة إلا لأمرين: أولهما عدم القتال فيها حرمة لها "!" والثاني حفظكم من مثل ما حصل في الطائف، واني عاهدت الله على الموت في سبيلكم وانقاذكم بعون الله، فاصبروا صبر الكرام، وقريبا ان شاء الله يكون الاجتماع بكم في حرم الله على أسر حال!"… ثم يقول هذا المنشور الملكي: "ان كان هو "أي ابن سعود" وأذنابه يحترمون حرم الله وجيرانه ويعملون مثل عملي ويخرجون خارج الحرم ـ ويتركونه حرماً آمنا للناس أجمعين ـ فهناك تظهر حقائقهم ان شاء الله ويرون كيف الذود عن الحياض والدفاع عن الحوزة، وان لم يخرجوا ولبثوا في مكانهم جامدين فاننا سنوافيهم من بين أيديهم ومن خلفهم ومن فوقهم حتّى تكون كلمة الله هي العليا"!… هنالك بلغت خدمة المخابرات البريطانية أقصاها لآل سعود حينما تحول جون فيلبي وأمين الريحاني وطالب النقيب إلى جدة بحجة خدمة الاشراف! أجل .. في هذا الوقت بالذات، انتقل إلى جدة جون فيلبي وزعم أنه تحول من خدمة آل سعود لخدمة الشريف علي بن الحسين!! وان ابن السعود لم يسمح له بالبقاء في مكة لانه مسيحي كافر!! (كذا) وتبعه أمين الريحاني الكاتب اللبناني المعروف، وطالب النقيب الزعيم العراقي الذي عمل وزير داخلية للعراق في عهد حكم السير برسي كوكس وجون فيلبي في العراق… وجاء الريحاني والنقيب بحجة جاسوسية أخرى هي: حجة "حقن الدماء" ربما حقنها في بطن عبد العزيز، وارفقوا لحقن الدماء حجة أخرى هي التوسط والصلح بين الشريف علي وعبد العزيز آل سعود، واستخدموا حسين العويني اللبناني الذي فتحوا له تجارة في جدة وكان يحمل صفة "التاجر اللبناني"، وفيما بعد الجنسية السعودية وأولاده، وأصبح رئيس وزراء للبنان رغم كونه سعودي الجنسية وما زال أولاده سعوديين ـ لبنانيين ـ ومحلاتهم في جدة … هؤلاء الجواسيس الانكليز الريحاني والنقيب والعويني وغيرهم من مفارز جون فيلبي لعبوا أقذر الادوار الانكليزية لصالح آل سعود، وكانوا يكتبون رسائل المعلومات ويبعثون بالتقارير من جدة إلى مكة حيث يقيم ابن السعود ينتظر معلوماتهم التي يحملها حسين العويني وغيره. ويقول العطار في الصفحة /484/ من كتاب "صقر الجزيرة": انّه بدأ تعريف حسين العويني لعبد العزيز آل سعود من قبل أمين الريحاني في التقرير الذي بعثه مع العويني بقوله: "ان للصديق حسين العويني التاجر السوري علاقات تجارية في مكة وجدة وهو يحمل لكم بعض خبرتي ومعلوماتي وانني أثق بحسين أفندي كل الثقة وفي المعلومات اليسيرة التي سينوب عني بها ما يغني عن البيان فابعثوا بمن يلاقيه دائما في منتصف الطريق ـ بين مكة وجدة ـ محافظة عليه"!!.. وقد أرسل فيلبي والريحاني والنقيب رسائل ـ بمعرفة الملك علي ـ إلى عبد العزيز بحجة "الصلح بين علي وابن سعود" والمضحك أنهم حملوها لرسول من قبلك الملك علي!.. فعاد الرسول بالرد السعودي عن طريق الملك علي!… وفيه اشارات من ابن السعود لكل من فيلبي والريحاني والنقيب يبلغهم فيها "ان المعلومات ممتازة وان على: فيلبي والنقيب السفر إلى القاهرة لاننا قررنا الهجوم على ضوء المعلومات وعلى أمين الريحاني البقاء في جدة ليوافينا ببقية المعلومات لان دوره لم ينته بعد" وقد لعب هؤلاء الثلاثة فيلبي والنقيب والريحاني أدواراً مزدوجة، تتلخص في التجسس لحساب الانكليز وابن السعود عميل الانكليز الاكبر، وايهام "علي" أنهم معه!… مع بث التفرقة بين "علي" وأعضاء حكومته!.. واثارة "الوجهاء" ضد علي.. واغراء "الوجهاء" بالمنافع التي سيقدمها آل سعود وتخويفهم من المضار التي سيجنيها هؤلاء من سكوتهم على "علي" الذي يعمل مع والده لتوحيد البلاد العربية كلها وإضاعة اسم الحجاز والاسلام، كما قال فيلبي.. كما قام فيلبي بتخريب الطائرات وافساد مفعول قنابل الطائرات والمدافع التابعة للشريف علي… وقام الريحاني والنقيب بتثبيط عزم "علي" وبذر الشكوك لديه في أقرب المخلصين اليه، وتثبيط عزمه عن مقاومة ابن السعود… ومن ذلك هذه المعلومات التالية التي بعثها أمين الريحاني ـ لعبد العزيز مع حسين العويني ننقلها كما هي وكما وردت في الصفحات 587 و588 من كتاب "صقر الجزيرة" عن الطائرة الهاشمية التي ضربت القوات السعودية في ضواحي مكة: (الطيارة الهاشمية: التي أشرفت على مكة للاستكشاف يوم السبت الماضي تجاوزت الاوامر وعوقب طيارها بالحبس.. وكنا السبب في حبسه. الحكومة والجند اصبحا في قلق وارتياب مما شاع هذا المساء بخصوص تقدمكم إلى جدة ولقد جعلتهم يأبون التربص، والامتناع عن الحركات العسكرية الحربية وتمكنت من توقيفهم يومين آخرين إلى مساء الاحد، فأرجوكم أن تخابروني حالما يصلكم كتابي هذا ليصلني جوابكم مساء الاحد… لكسب ثقتهم لصالحكم! وإذا كان النّجاب لا يرجع في اليوم الثاني ارسلوا الجواب مع نجّاب آخر من عندكم في كل حال انتظر جوابكم مساء الاحد في 9 الجاري فلا تخيبوا أملي)… وجاء الرد السعودي لأمين الريحاني.. وأبلغه "النجاب" السعودي بموعد الهجوم وان دوره انتهى وانه "كي لا يكتشف أمرك: عليك أن تسافر إلى القاهرة"… وقد سبقه صاحباه فيلبي والنقيب إلى القاهرة.. فلحق بهما وسافر من جدة في 9 رجب 1343 هـ ـ 3 فبراير 1925 ، بعد أن تمكن من الايقاع بين الشريف علي ووزير حربيته تحسين الفقير، إلى حد أن عليا وبخه باثارة من الريحاني.. وباثارة من الجاسوس الريحاني أمر علي بحبس ضابط المراقبة عبد الفتاح اللاذقي عشرة أيام جزاء له بحجة أنه عصا أمر الريحاني "الكاتب الكبير" وأرسل طائرة الاستكشاف إلى مكة لكشف تحركات الجيش السعودي!… وحصلت مشادة عنيفة بين الريحاني ووزير الحربية تحسين الفقير ووزير البحرية عارف الادلبي… ثم أثار الجواسيس الثلاثة ـ فيلبي والريحاني والنقيب ـ الذين يزعمون أنهم جاؤوا ـ لخدمة علي ـ أثاروا جميع وزراء "علي" ضده!، ولما تم كل شئ لصالح الرجعية السعودية، أرسل جون فيلبي رسالة إلى عبد العزيز يحدد له أن يتقدم لغزو جدة في نهار السبت 8/6/ 1343 هـ ويحدد له المواقع التي يجب الاستيلاء عليها أولا ومنها: "النزلة" و"الرويس" في جدة "وقصر ابن منصور" الذي يشرف على جدة "وموارد المياه" خارج سور جدة. الدور الوطني لتحسين الفقير، وموقف الاتحاد السوفييتي وقد عمل فيلبي على تخريب اثنا عشر مدفعا صغيرا وكبيرا وعشرة مدافع رشاشة وكانت كلها صالحة للعمل، كما عطل خمس طائرات حربية ايطالية لم يصلح منها غير واحدة… ولما وصلت مكانها خمس طائرات ألمانية جديدة تستطيع الطيران ست ساعات إذا أخذت كفايتها من الوقود ثقب فيلبي وجواسيسه براميل الوقود، وتعطلت، وقد اتصل تحسين الفقير ـ وزير حربية علي بن الحسين ـ بالقنصل السوفييتي في جدة عبد الكريم حكيموف وشرح له موقف الانكليز مع ابن السعود وطلب منه ارسال بعض الاسلحة والطعام والبواخر الحربية التي يمكن لها أن تفك حصار البواخر الانكليزية وكذلك ارسال بعض الطيارين الروس الخ.. فوافق عبد الكريم حكيموف وكتب لحكومته، وبالرغم من ضعف روسيا آنذاك وعدم اقرارها تقديم المساعدات لبلد غير شيوعي فقد أرسلت ثلاث طائرات وخمسة مهندسين لها وثلاثة طيارين، أحدهم كان من الصنف الملكي الروسي الردئ فاغري بالهرب إلى إيران واعطاء تصريحات ضد الملك علي لصالح السلطان عبد العزيز آل سعود… أما الطيار الثاني فقد وضع له مهندس الطائرات ـ الانكليزي ـ الذي يعمل لدى وزارة الحربية الهاشمية، قنبلة في طائرته فانفجرت في منطقة الرغامة بينما كان يضرب الحشود السعودية واحترقت الطائرة في يوم السب 23/6/1343 هـ 17/1/1925 م وكان اسم الطيار تشيراكوف، وكان معه في الطائرة كل من العربيين عمر شاكر وعبد الفتاح اللاذقي… وكانا من المناضلين ضد الاحتلال السعودي… وتابع المهندس الانكليزي وضع القنابل في الطائرات، فاحترقت الطائرتين الروسيتين وسقطت احداها في الطائف ولم يمت طيارها الروسي ومن معه لكن "الاخوان السعوديين" أجهزوا عليهم بالسيوف… وقد بذلت القوى العربية والوطنية في الحجاز جميع المساعي للحصول على قنابل جوية أو أسلحة من انكلترا وفرنسا ومصر وايطاليا فذهبت المساعي كلها أدراج الرياح لان الانكليز يطوقون كل هذه المساعي بافشالها لصالح عميلهم الاكبر ابن السعود… ومقابل افشال مساعي شراء السلاح لصالح الحجازيين والثورة العربية، نجد الانكليز يدعمون ابن السعود بالعديد من الضباط الانكليز الذين نظموا قواته حتّى وصلت إلى /40.000 / مقاتل يمارسون أحدث الخطط الحربية على أيدي الانكليز كما ورد في الصفحة 498 من كتاب العطار "صقر الجزيرة".. وقال" ان لدى ابن السعود العديد من الضباط الانكليز والعديد من المدفعية وبعد أن كانت الذخائر والمعدات الحربية قليلة زادت وأصبح لدى السعوديين من المدافع الرشاشة في ميدان جدة وحدها أكثر من خمسين، غير المدافع الجبلية والصحراوية والسيارات المصفحة والدبابات الانكليزية الجديدة ومع كل هذه الاسلحة كميات وافرة متزايدة من القنابل والرصاص".. وكان فيلبي ـ يسك ت الفتاوى لرجال الدين السعوديين فيفتون للبدو ـ الذين ارتابوا بوجود هذه الاسلحة الضخمة وقادتها من "الكفار الانقريز" أي الانكليز ـ فيزعم رجال الدين: "ان هذه الاسلحة أخذها المسلمون غنائم مع قادتها الانكليز الكفار الذين كانوا يقاتلون لدى الشريف حسين وأولاده، وهذا دليل على كفر الشريف حسين وذريته، وان هؤلاء الكفار الضباط الانكليز يعملون الان معنا كخدم سخرهم الله للمسلمين وأنهم من ضمن الغنائم وانه لا يجوز قتلهم من قبل المسلمين لانهم أصبحوا يخدمون الإسلام"… الخ… السعوديون "يطهّرون" الانكليز ولقد ثار "الاخوان المسلمين" السعوديين ثانية لاكتشافهم أن هذا العدد الضخم من الضباط الانكليز جميعهم غير "مطهرين"!. فحاولوا قتلهم مما اضطر عبد العزيز لحشد الضباط الانكليز أمام "الاخوان" في حفل حاشد وأمر بقطع ـ أغلفة ذكورهم ـ أي تطهيرهم!!!، وفرض على كل انكليزي "يطهّر" أن ينطق: بالشهادتين: "أشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله"… وقد تم ذلك بحضور مشايخ الدين الوهابي: عبد الله بن حسن، عبد الرحمن بن عبد اللطيف من سلالة محمد بن عبد الوهاب، عبد الرحمن بن داود، محمد بن عثمان الشاوي، عبد الله بن زاحم، مبارك بن بار… الذين أفتوا بدخول الانكليز الإسلام بعد أن أصبحوا غنائم للمسلمين ضمن أسلحة الشريف حسين وضمن الحجاز كله… لكن كل هذه المناورات لم تنطلق على قادة الاخوان بل كشفت "اسلام" آل سعود الزائف، ومزاعم عبد العزيز لقادة الاخوان التي زعم فيها: "أن أهل الحجاز كفار مشركين" و"أنه جاء ليحارب الشريف حسين لانه أعلن نفسه ملكا، والاسلام ضد الملوك والملكية" لكن ما أن دخل الاخوان الحجاز واستسلمت جدة حتّى أعلن ابن السعود نفسه ملكا!… فثار الاخوان بقيادة أكبر القادة السعوديين المتوحشين فيصل الدويش وسلطان بن بجاد.. أما عن العميلين أمين الريحاني وطالب النقيب فقد لعبا مع ـ رب الجواسيس السعوديين ـ جون فيلبي ـ في القاهرة أدوارهم لصالح ابن السعود بقطع الطريق على الحسين بن علي بعد أن انتقل من جدة إلى العقبة فاتصلوا "بالمكتب العربي" مكتب المخابرات الانكليزية الذي كان يتبع له الحجاز ولورنس قبل ابعاده عن الحجاز، وهذا المكتب لا يتعاطف بعض أفراده مع ابن السعود، لانه لا سيطرة مباشرة لليهود فيه، فاستطاع فيليب والريحاني والنقيب التأثير على المكتب فرفض الانكليز نزول الحسين لدى ابنه عبد الله في الاردن كما رفضوا أن يذهب لسوريا أو القاهرة أو العراق، فبقي الحسين بالعقبة يمد ابنه بالآراء ويبعث بالرسل إلى المانيا وروسيا وايطاليا يطلب السلاح ويمد ابنه علي بالرجال من أنصار الثورة العربية الاوائل من فلسطين وسوريا… وراح الريحاني والنقيب يتصلان بوجوه مصر ـ الذين رفضوا استيلاء آل سعود على الحجاز ومنهم إمام الازهر آنذاك. لاقناعهم بصلاحية عبد العزيز آل سعود على الحرمين وينشرون في بعض الصحف المصرية المديح لابن السعود وذم الحسين وأولاده. ومع ذلك فقد تولت بعض الاقلام النزيهة في مصر كشف العمالة السعودية للانكليز وأدوارهم القذرة في مذابح الآمنين في الجزيرة العربية، فحاول الانكليز تغطية أدوارهم فأعلن الانكليز في بعض الصحف في مصر في 10 سبتمبر 1925 م "انهم عرضوا وساطتهم على ابن السعود لكنه أجاب، بأنني أعطي للعالم الإسلامي عهدا بأن يكون الحجاز ومكة ملكا مشاعا للمسلمين وانه لن يعلن نفسه مليكا عليها" وانتهى!!!.. وقد قصد الانكليز بهذا التصريح اعطاء ابن السعود المجال لرفض الوساطات العربية والاسلامية ما دام قد رفض وساطة الانكليز!… وفي 3 ربيع الأول 1344 هـ ـ 21 سبتمبر 1925 وصل إلى الحجاز وفد مصر يتكون من الشيخ الاكبر محمد مصطفى المراغي ـ رئيس المحكمة العليا ـ وعبد الوهاب طلعت سكرتير الملك فؤاد وعرضوا الوساطة، وسلموه رسالة من الملك فؤاد يعرض عليه التوسط. فأرسل ابن السعود حافظ وهبة ليقول للوفد المصري بكل صراحة "انّه ليس من اللياقة واللباقة أن يرفض عبد العزيز وساطة الانكليز أولياء نعمته وأصحابه وقادة جيوشه ويقبل وساطتكم"!!! كذا… وبكل صراحة وقلة حياء قالها للوفد. وخرج الوفد غاضبا رغم نوعية ذلك الوفد الملكي.. وانزعج عبد العزيز لتحركات الحسين بن علي في العقبة.. فطلب من بريطانيا "ابعاده إلى مستعمرة انكليزية بعيدة غير عربية وغير إسلامية "ولما قال له الانكليز سنبعده إلى قبرص!!.. تساءل عبد العزيز "وهل في قبرص أحد من العرب والمسلمين". قالوا له: "لقد سبق أن مروا فيها قبل ألف سنة!!".. قال لهم: "إذا إلى هناك أبعدوه"..!! بريطانيا ترغم الحسين على السفر إلى منفاه الاخير في قبرص خدمة لعبد العزيز وينقل العطار في كتابه "صقر الجزيرة" آراء عبد العزيز بخصمه "علي ابن الحسين" فيقول: (تولى الملك علي الامر وهو مدبر مشرف على الهاوية، ولو كان في مكانه أشجع الشجعان وأمهر السياسيين وأعظم الحكام عبقرية ودهاء وكفاءة لما كانت له الا هذا السبيل التي سلكها علي بن الحسين، فقد تضافرت بريطانيا التي رمت بكل ثقلها وأفكارها إلى جانب ابن السعود ولم يستطع الحسين وقيادته العسكرية أن يعملوا أكثر مما عملوا لتبييض الوجه حتّى النفي الاخير ولو كان خصمه غير بريطانيا المتفانية في دعم ابن السعود لتغلب عليها وعليه). ويقول العطار نقلا عن عبد العزبز آل سعود: (ومن الأمور العجيبة عندي أن يستطيع "علي" أن يقف أكثر من سنة والناس في الحجاز لا يقاتلون معه وخزينته لا تجود عليه بما يريد ورجاله ـ وليسوا كلهم ـ لم يكونوا أمناء مخلصين، والبواخر الحربية الانكليزية تحاصر الحجاز وتمنع الارزاق، وجنوده ـ الا بعضهم ـ كانوا مرتزقة يحاربون لحطام دنيا يصيبهم، ومعداته الحربية ضئيلة، والحوادث تترى ولا تمهله وهو محاصر من كل مكان وكل ما مر يوم زادت الكوارث عليه وضعفت موارده، وأهم مورد كان له أبوه، وها هو قد أجبر على الرحيل من العقبة ـ من الاراضي الحجازية ـ إلى قبرص الجزيرة النائية الموحشة الهادئة فمن أين يستمر في الحرب)؟!. بل لم يستطع على أن يقاوم الا بضعة شهور بعد أن فارق أبوه العقبة، ولكي نوفي التاريخ حقه يجب أن نذكر قصة رحيله فهي مأساة من المآسي التاريخية وعظة من العظات البالغة لا تنسى. كان الحسين في العقبة يجند الجيوش لابنه الملك علي ويمنحهم المال والزاد، ورأى ابن سعود أن وجوده قريبا نمه خطر عليه، أو بقاءه على الاقل في العقبة يضر به حربيا، ويؤخر احتلاله للحجاز. فرأت انكلترا أن تخرجه منها. وفي يوم الخميس 5 ذي القعدة 1443 هـ (28 مايو 1925 م) تلقى الملك الحسين بلاغا مصدره البارجة الانكليزية "كورن فلاور" الراسية بالعقبة ـ لتوجيه وتعزيز وسائل دفاعها عن ابن السعود ـ وهذا موجزه: "إلى جلالة الملك الحسين. من وكيل خارجية بريطانيا العظمى: ـ "تبلغت حكومة جلالة ملك بريطانيا أن سلطان نجد هيأ قوة لمهاجمة العقبة وذلك لان حكومة جلالتكم بها، ولان حكومة الحجاز جعلت معان والعقبة بحالة عسكرية ضد ابن سعود فهي تدعوكم إلى مغادرة العقبة لكي لا تكونوا سببا لحصول مشاكل جديدة بين بريطانيا وسلطان نجد، وتصر بالحاج على وجوب مغادرتكم العقبة إذ لا يمكنها أن تسمح لكم بالبقاء أكثر من ثلاثة أسابيع"!.. كان هذا هو قرار النفي البريطاني للملك حسين وقد أوضحت به بريطانيا صراحة انحيازها وحمايتها لابن السعود… وكان هذا الانذار شديد الوقع على نفس الحسين، فثار ثورة المهزوم الذي لا مفر منها، فما معنى هذه الملاحقة أينما ذهب؟.. وما معنى هذه الخدمات غير المحدودة التي تقدمها بريطانيا لابن سعود؟… قالها الحسين وتساءل:" هل بريطانيا مهتمة باليهود إلى هذا الحد الذي جعلها تلاحقني وتبعدني من مكان إلى مكان خدمة لابن السعود لانني رفضت طلب بريطانيا في منحهم فلسطين بينما وافق عبد العزيز آل سعود على اعطاء فلسطين لليهود؟… ومن أجل ذلك أخذت بريطانيا الحليفة تحسب لابن سعود حسابا، ومن أجله تطلب الي أن أغادر أرضا حجازية". ويقول العطار في كتاب "صقر الجزيرة" وأجاب الحسين جوابا شديد اللهجة ـ على برقية النفي البريطانية ـ كما يقول وهذا ملخصه الحرفي الذي أورده العطار: (انني منذ ابتداء النهضة العربية حتّى هذه الساعة وأنا مخلص في ولائي لحكومة جلالة ملك بريطانيا ثابت على مبدئي اعتمادا على "شرفها" وعهودها ومواثيقها الرسمية التي قطعتها على نفسها بشأن محافظتها على حقوق العرب وتأمين الوحدة العربية والتصديق على استقلال العب ومنحها الحرية للشعب العربي الذي اشترك مع حليفته جنبا إلى جنب، وسفك دماء زهرة الشبيبة من أبنائه، وفادى بالنفس في سبيل الحصول على تلك الحرية الشريفة. اني وأقوامي العرب حريصون أشد الحرص على تنفيذ أحكام تلك العهود والمواثيق التي كانت أساس النهضة العربية، واني فاديت بكل شئ وتخليت عن الملك وغادرت وطني حبا في السلم، وحقن الدماء وأتيت العقبة لا برهن للعالم أجمع بألا مطمح لي سوى سعادة أقوامي وبلادي، فلن أقف عن مساعدة الحكومة الحجازية بمالي الخاص الذي ادخرته لمستقبلي المجهول، لان من لا خير فيه لوطنه لا يرجى منه خير لحلفائه وأصدقائه. ثبت على مبدئي، وأخلصت في عملي وقمت بواجبي، فما عليّ من غيري إذا لم يف بوعده ولم يقم بانجاز عهده، ونفذ مطامعه بقوة مدرعاته ورؤوس حرابه!!!. … ولا أغادر العقبة الا إذا بلغت رفع الانتداب البريطاني والا فلن أبرحها ولو أدى الامر إلى هلاكي، وإذا شاءت بريطانيا فلتبعث بي إلى عالم المريخ"… الخ.. وقد حاول أصدقاؤه وابنه الامير عبد الله على أن يقبل الانذار البريطاني، ولكنه ظل حتّى الدقيقة الاخيرة متمسكا برأيه يرفض التسليم ولا يرغب عن المقاومة، فهمس في أذنه ابنه عبد الله انّه يجدر به ألا يكون سببا في ابعادنا من شرق الاردن ونفينا معه كما كان سببا في ابعادنا منا لحجاز لان مقاومته ستؤدي إلى ذلك حتما، فأذعن وهو يقول: "حتّى أنت يا عبد الله تقف مع الانكليز وابن سعود لتحافظ على مصلحتك الخاصة". وفي يوم الثلاثاء 24 ذي القعدة 1343 هـ (16 يونيو 1925 م) أبلغه قائد المدرعة البريطانية أن يستعد للسفر إلى الجهة التي اختيرت له في يوم غد. وقال له مشافهة: انّه إذا أبى وقاوم فيستخذ تدابير أخرى، فطلب الحسين أن يقيم في حيفا أو يافا، فأبرق القائد إلى لندن فجاءه الجواب بالرفض وأبلغ أن عليه أن يسافر إلى قبرص!. فقال الحسين: "انني مستعد للسفر إلى "المريخ" إذا أرادت بريطانيا ورأت أن في ذلك منفعة لعبدها عبد العزيز ابن السعود!. وما دامت تريد ارسالي إلى قبرص فلا أعارض لان المسألة مسألة قوة!! وانما أطلب امهالي يومين أعد فيهما عدة السفر"!! فلم يمكنه القائد البريطاني حتّى قضاء اليومين. وأجبره على السفر يوم الخميس فطلب الحسين أن يركب باخرته "الرقمتين" لنقله إلى الحجاز فأبى القائد البريطاني وقال "انّه لا عدول عن السفر بالبارجة ـ دلهي ـ المخصصة لركوبك"!!… وفي الوقت الذي حدده الانكليز استقبل الحسين استقبالا رسميا حافلا، وخصص لحاشيته جناح خاص أفرد لهم. أما من معه في هذه الرحلة فهم: زوجته، "والاميرات" بناته، واللواء جميل "باشا" الراوي وسكرتيره الخاص، وطاهيه، وخدمه، وحاشيته، ومؤذنه!!. ولم يرض أن يتناول ما تقدمه البارجة الانكليزية من الطعام بل كان لا يأكل الا مما يقدمه طاهيه لادراكه أن بريطانيا سوف تغتاله فالمهم خدمة لعبد العزيز. (وبالرغم من هذه النكبات المترادفة عليه فلم يفقد الحسين رجولته وقوته وثباته، بل كان مثال الصبر والجلد بعد الازمة النفسية التي مرت به قبل أيام. ولفظة "المريخ" تكفي للدلالة على الهياج والسخط والتبرم بالانكليز لانه فجع في أحلامه كلها يحطمها الانكليز ويفقده الانكليز حقوقه كرجل لا لسبب الا لكونه أراد الوحدة العربية ورفض ما وافق عليه آل سعود ـ وعبد العزيز ـ خاصة ـ باعطاء فلسطين لليهود). واستسلم مرغما لقضاء الانكليز وقدرهم وبدأ يعلل نفسه ومن معه بترديده لقول الامام الشافعي: مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها!!! ورست الباخرة على ميناء السويس يوم الجمعة وأبلغ قائدها الحسين انّه تلقى تلغرافا من دار المندوب السامي بأن ـ مندوب الحسين ـ السيد عبد الملك الخطيب قادم لمقابلته فسر كثيرا، وأخذ ينتظره من قبيل المغرب حتّى الساعة السادسة ـ أي إلى منتصف الليل ـ ثم مضى إلى غرفة نومه وأوصى حاشيته باكرام الضيوف. وفي الساعة السادسة والنصف ليلا وصل عبد الملك الخطيب، والامير حبيب لطف الله، واسكندر بك طراد، وعبد الحميد الخطيب، فاستقبلهم رجال البارجة وحاشية الملك استقبالا طيبا وباتوا ليلتهم فيها. (وقبيل الفجر أقلعت البارجة إلى القتال، ونهض الملك للصلاة فقيل له أن زائريه في بهو البارجة، فلما دخل عليهم اغرورقت أعين بعضهم بالدموع، فقال الملك وبدا في لحظته هذه كالبحر اتساعا وكالطود رسوخا: "هذا مقدر لا تيأسوا: مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها!) وبينما كانت البارجة تجتاز قنال السويس جلس الملك وزواره يتحدثون فقال الحسين اني معترف بأني كنت مخطئا أجهل حقيقة الاوربيين وخاصة الانكليز انهم لا صاحب لهم الا من يخضع لهم على الدوام وينفذ طلباتهم الخسيسة في كل زمان ومكان وقد سبقني لهذه المعرفة الدنيئة هذا الجلف عبد العزيز آل سعود… وبالرغم من نفي الحسين إلى قبرص تنفيذا لمطالب عبد العزيز، فان عبد العزيز آل سعود لم يترك الحسين حتّى في منفاه في قبرص بل عمل ما بوسعه لدى بريطانيا وعن طريق جون فيلبي للتخلص من الشريف حسين بحجة "أنه قد يعود للتخريب ضده في الحجاز أو في أي بلد عربي آخر لانه ما زال يدعو للوحدة العربية وان مجموعات من الحركات القومية العربية الوحدوية بدأت تتصل به في منفاه لتجعل منه رمزا لها ضد اليهود والانكليز في فلسطين والمستعمرين الفرنسيين في بلاد الشام"… فاقتنعت المخابرات الانكليزية بمبررات التحريض السعودي… فعملت على تحطيم الحسين أدبيا ومعنويا… ومن ذلك أنها حرضت "السفرجي" على مضايقة الملك حسين وهو يوناني باقامة دعوى ضد زوجة الحسين في محكمة انكليزية في قبرص زاعما أن زوجة الملك حسين قد خصمت ربع جنيه من راتبه، وكانت الدعوى مستعجلة، وما علم الحسين إلا بالشرطي يبلغ زوجته الحضور، واضطر للحضور إلى المحكمة الانكليزية مع زوجته، وقالت زوجته ان هذا الادعاء غير صحيح، وقال الحسين للسفرجي ومع ذلك لو أخبرتني فسأدفع لك أكثر مما تزعمه من دين تافه علينا!.. وبعد صدور حكم المحكمة الانكليزية ضد الملك حسين ـ بربع جنيه ـ للمضايفي… حاول الحسين فصل هذا "السفرجي" الذي ثبت أنه يعمل في المخابرات البريطانية لمراقبة الحسين، لكن بريطانيا "العظمى!" رفضت فصله وفرضته عليه!!! وبعد فترة وجيزة وضعت المخابرات الانكليزية السم في طعام الحسين بواسطة هذا "السفرجي"… وتخلصت بريطانيا والسعودية واليهود من الحسين ودعوة الوحدة العربية!!!. الدعوة التي كانت تغيظ الاستعمار والصهاينة وعبيدهم آل سعود، حتّى وان كانت "وحدة ملكية" لا تحمل أي مضمون تحرري اقتصادي، كالاشتراكية مثلا… ونقل جثمان الحسين إلى الاردن ليدفن بالقرب من ابنه عبد الله الذي سار في ركب الانكليز… رأينا في الحسين الحسين: ملكا… والملوك بطبيعتهم يختلفون عن سائر البشر… في التملك، والاستبداد… حتّى وان اختلفت مواصفات الملوك حسب قوة الشعوب وضعفها.. ومع ذلك فنحن ضد كافة الملوك، وضد الملكية بكل مواصفاتها وصفاتها الدستورية "والجمهورية" والهمجية السعودية… لكننا مع صفتين من صفات الحسين حتّى وان أضيفت عليهما الصفات الملكية ـ إلى حين… الاولى: هي دعوته للوحدة العربية، اننا معها وان توجت بالتاج الملكي ـ آنذاك ـ لا ـ الان… لانها لو طبقت ـ آنذاك ـ لكان بامكانها ـ في حال اعتمادها على الشعب والديمقراطية أن تتحول إلى وحدة جمهورية، وكان بامكانها أن تلغي هذه الحدود القائمة ـ على العبودية ـ والتي ما كانت قائمة حتى أيام حكم الاحتلال العثماني للبلاد العربية... ثانيا: نحن مع رفض الحسين للتوقيع باعطاء فلسطين لليهود مهما كانت دوافع الحسين… في الوقت الذي قبل عبد العزيز آل سعود ذلك فأخرجه الاستعمار الانكليزي كمنبوذ من منفاه ـ بل من منبذه ـ في الكويت لضرب الوحدة العربية واقتطاع هذا الجزء الذي أطلق الانكليز عليه اسم عائلته السعودية عام 1932 ـ فأصبح لا يعرف الا باسم المملكة السعودية، وشعبه لا يُعرف الا باسم الشعب السعودي، فمسخ بذلك اسم هذا الجزء الهام من أرض العرب.. وكانت للسعودية أدوارها الاولى في تسليم فلسطين لليهود… وفي مؤتمر العقير المعقود بين السير برسي كوكس وجون فيلبي وعبد العزيز كرر عبد العزيز قبوله باعطاء فلسطين لليهود ووقع على ذلك. كما هو مذكور في وثيقة في مكان آخر من هذا الكتاب… حينما هتفوا في جدة "يعيش الاحتلال السعودي"… يا.. يا.. يا حشدت زمرة محمد نصيف شباب المدرسة للهتاف بحياة عبد العزيز.. فلقبوه بألقاب "مولانا الملك" و"صاحب الجلالة" قبل أن يلقب نفسه بها!.. وسمع (عبد العزيز لاول مرة في حياته مثل هذا الهتاف من شباب المدارس الحجازية في جدة بتوجيه من المستوطنين في الحجاز وبعض التجار والمتاجرين بالدين إلى حد أن عبد العزيز قد استغرب الهتاف نفسه حينما هتف المعلم أمام عبد العزيز بقوله: "يعيش الاحتلال السعودي"!.. وردد التلاميذ من خلف معلمهم "يا. يا. يا." فقال المعلم: "تسقط الملكية الهاشمية"… فردد التلاميذ: "تا. تا. تا." فتعال الهتاف في مجلس نصيف "يعيش جلالة الملك سيدنا ومولانا عبد العزيز آل سعود".. "يا. يا. يا." مما جعل الامر يشتبه على عبد العزيز، خاصة، "تا. تا" و"يا.يا." فتساءل بازدراء وغضب "هل هؤلاء البزازين يضحكون عليّ؟.. الاوّلة فهمناها… لكن: ـ ويش: ـ معنى. تاتا. و.يا. يا؟." فأبلغوه: "ان هذا يا مولانا هو: اختصار ـ حضاري ـ لتكرار .. كلمات التسقيط للملك علي، والتعييش لجلالة سيدنا ومولانا الملك عبد العزيز المعظم". فقال عبد العزيز: "أنا ما صرت ملكا حتّى الان!… وإذا كنتم عودتم الاشراف اسماعهم مثل هذا الكلام الفارغ فأنا لم أتعود مثل هذا في نجد وهذا مما يثير أهل نجد ضدي"… لكن المنافقين في الحجاز ـ ولا أقول الشعب في الحجاز ـ بل هؤلاء المنافقين ـ الذين يبرأ منهم شعب الحجاز والذين سنورد بعض أسماءهم ـ أصروا على تلقيبه "بجلالة الملك"… و"جلالة مولانا" وتلقيب كل واحد من الامراء بألقاب "صاحب السمو" و"سيدنا" و"سمو سيدنا الامير" و"سمو الامير" … وهي ألقاب كانت مرفوضة بتاتا في نجد بل مثيرة للغاية وداعية للاشمئزاز والاستفزاز والقرف.. وفعلا: وما أن بدأ جيش الاخوان النجدي "الفاتح" يسمع مثل هذه الالقاب "الالهية" التي يلقب بها عبد العزيز آل سعود في الحجاز ـ في بداية احتلاله للحجاز ـ حتّى بدأت ثورة الاخوان… وشهر فيصل الدويش وسلطان بن بجاد وأتباعهم سيوفهم بوجه عبد العزيز في مجلسه في مكة وامام الناس ومن بعض ما قالوه له: "نحن يا عبد العزيز لم نقبل بتلقيبك من قبل الانكليز بلقب سلطان نجد فكيف نقبل بتلقيبك من هؤلاء المنافقين بلقب "الملك" وتقبل أنت؟… وتطرب لهذا ولما ينادونك به من أمثال "مولانا!.. إلى جلالة مولانا".. وتسكت وأنت تسمعهم ينادون كل واحد من أولادك بلقب "سيدنا!. وسمو سيدنا"!.. بينما كنت قبل شهرين تحرضنا ضد الشريف حسين وأولاده… لانه سمى نفسه "ملك المسلمين"!. وقلت لنا: ان الشريف قد رضي أن يلقب بلقب صاحب الجلالة ويلقب كل واحد من أولاده بلقب "مولانا!. وسيدنا!.." ومن أجل هذا أفتى لك قبل شهرين يا عبد العزيز رجال دينك هؤلاء الذين هم أمامك في مجلسك بأن من يقول: يا محمد، ويا علي، ويا سيدنا يا محمد، فهو مشرك، فكيف بهم يقولون لك "يا صاحب الجلالة يا مولانا ويا سيدنا يا عبد العزيز وترضى"؟!… لقد أفتى رجال دينك بأن الاشراف من الكفار وان أهل الحجاز كفار، لانهم رضوا بهذه الالقاب الكافرة التي أشركوا بها فردا من البشر بوحدانية الله سبحانه وتعالى!. والان يا عبد العزيز نراك تسلك أكثر مما سلكه الاشراف في الكفر… وتشارك الله في أسماءه وتترك هؤلاء المنافقين المشركين في جدة ومكة يبتدعون لك من أسماء الله الحسنى ما ليس لك وما لا تستحقه أو يستحقه أي بشر"… الخ.. وكان الاخوان قبل ذلك قد أنذروا عبد العزيز مرتين في مجلسه… فكتم عبد العزيز غيظه وحاول أن يسفه آراءهم بطريقة خبيثة ليخرجهم أمام الناس "متأخرين" وجهلة".. حينما قال: "هذه الآراء فهمناها ـ يالاخوان … لكن ما موقفكم من تحريم التلفون… والسلكي… ـ البرقية ـ نريد منكم اطلاع رجال الدين عنه"؟! وتابع العزيز قوله "أما أهل الحجاز ـ فكما تعرفونهم: ـ "ما عندهم غير الكلام.. انهم دجاج مناقيرها من حديد".. "انهم يطاطون ولا يلاقون".. فقال القائد ابن بجاد: "أما عن التلفون والتيّل، لقد حرمتها أنت ورجال الدين الذين هم بجانبك الان واتهمت الشريف بالكفر لانه يستعمل هذه الالات!.. والان وحينما أنهينا لك الشريف وأولاده بسيوفنا وسلمناك الحجاز باردة.. أردت تحليل هذه الآلات لنفسك لان هذه الآلات أصبحت تفيدك في سرعة اتصالك مع الانكليز الذين هم أكثر الناس كفرا… ولهذا نرفضها… فأنت الذي حرمت الحلال وحللت الحرام، أما لماذا نعتبر التلفون… والتيل "السلكي" حرام فلانك تستخدمها في سبيل التخابر مع الانكليز… و"الدجاج التي منافيرها من حديد" في الحجاز، لم توصلك إلى هذه الاماكن المقدسة التي تمنحك الدجاج فيها الان ألقاب رب العالمين!.. بل نحن الذين وصلناك، ولكن، كما وصلتك هذه السيوف ـ سيوفنا ـ إلى هذه الاماكن التي بلغت بها رتبة الآلهة فسوف تشرب سيوفنا من دمك، إذا لم تتراجع عن غيك".. وانصرف الاخوان خارجين من "بلاد الكفر!." الحجاز!. إلى نجد وبدأت ثورتهم المضادة ضد ابن السعود… وقد ازداد كفر أهل الحجاز في رأيهم لانهم لقبوا ابن السعود بلقب "الملك وصاحب الجلالة" وهي من صفات الله وحده. أما عبد العزيز آل سعود فقد شجعته زمر المنافقين في الحجاز على تماديه.. لكنه ـ بعد ثورة الاخوان ـ تراجع عن لقب "ملك نجد والحجاز وملحاقاتها" إلى لقب "ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها"… واستمر في هذا اللقب، حتّى عام 1934 م حينما تمادى المنافقون في تشجيعه مرة أخرى وأغواه الدعم الانكليزي فأطلق اسمه واسم عائلته على جزيرة العرب فسماها "المملكة السعودية" وسمى شعبنا باسم: "الرعية السعودية"!.. نعود الآن لتسجيل مقتطفات مما حدث في الحجاز عام 1925 م وما بعد هذا التاريخ في الفترة المباشرة للاحتلال السعودي للطائف، ومكة، وجدة، والمدينة، وبقية الحجاز.. شباب الحجاز يقاوم الاحتلال السعودي خرج عدد من شباب الحجاز إلى القاهرة والاردن وسوريا، وبدأ وبالاتصال بالهيئات الدينية العالمية، وبدأت هذه الهيئات بممارسة ضغوطها على ابن السعود معتبرين "الحجاز لكل المسلمين ولا يحق لدولة مستبدة ملكية حكم الحجاز منفردة… ومن هذه الآراء، بدأ الاحتلال السعودي والخبراء الانكليز باظهار مخاوفهم من "خطورة هذه الفكرة" وقالوا ـ كما ورد في الصفحة من 559 من كتاب "صقر الجزيرة": ـ "اننا نخشى إلى حد بعيد أن يقرر المسلمون أجمع على أن تحكمهم جماعة تنتخب منهم وفي هذا ضياع للسلطة السعودية في الحجاز التي تخشى أن تحكم البلاد حكما جمهوريا ديمقراطيا"!… وزعم المؤلف الباكستاني السعودي أحمد عبد الغفور عطار: (ان أهل الحجاز كرروا مخاوفهم لابن السعود… لكن ابن السعود كان يستمهلهم… لكنهم سئموا وأخيرا طالبوه بأن يمنحهم "الحرية" بانتخابه ملكا للحجاز)!.. الخ.. ويحاول هذا الباكستاني الاستخفاف بعقول الناس حينما يتحدث عن "الحرية التي منحهم اياها عبد العزيز لانتخابه ملكا"!. وكأن الملوك ينتخبون!… علما أن عبد العزيز قد احتل كل الجزيرة العربية احتلالا بقوة الاستعمار الانكليزي السعودي الدموي المتوحش… المهم: أن المحتل السعودي عبد العزيز قد منحهم "الحرية لاختياره ملكا"!. فاتصل جون فيلبي وأتباعه بذيول المستوطنين في مكة ليتصلوا بذيول المستوطنين في جدة فيطلبون "أن يسرع اليهم وفد من جدة يمثلهم لاختيار الملك قبل أن تبدأ ضغوط الوفود الإسلامية في المؤتمر الإسلامي الذي تقرر عقده في مكة".. وهكذا، انتدب الاعوان السعوديون في جدة كل من: محمد نصيف، ومحمد علي زينل، وقاسم زينل، وعبد الله رضا… ويزعم المؤلف العطار نقلا عن عبد العزيز آل سعود في الصفحة 560 قائلا: (وبعد أن تحدثوا طويلا فيمن يحكمهم اتفقوا ـ بدون أن يخالف أحد ـ على اختيار ابن سعود نفسه ملكا عليهم وهو خير من "يرشح" لحكم البلاد المقدسة فليس فيه أي عيب "!" وهو كامل الاوصاف، فقدموا إليه في مساء يوم الخميس 22 جمادي الثانية 1344 هـ "مبايعتهم" )!.. والمبايعة هذه التي يتحدث عنها العطار هي التي اعتبرها العطار انتخابا!.. والمعروف أن هذه "المبايعة" قد صاغها جون فيلبي وأقرها عبد العزيز المحتل لمجرد المناورة تجاه المؤتمر الإسلامي العالمي، وجاء فيها: "ان الحجاز للحجازيين وان أهله هم الذين يقومون بادارة شؤونه ومكة عاصمة الحجاز، والحجاز جميعه تحت رعاية الله ثم رعايتكم يا عبد العزيز آل سعود"!.. كل ذلك تهربا من أن يصبح الحجاز "جمهورية ديمقراطية" تحت حكم نخبة من العالم الإسلامي.. حسبما ورد في مقررات المؤتمر الإسلامي العالمي.. وفيما يلي نص "بيعة أهل الحجاز" المزعومة المسجوعة: بسم الله الرحمن الرحيم (الحمد لله وحده، الذي نصر عبده وهزم الكفار وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبايعك يا عظمة السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود على أن تكون ملكا على الحجاز على كتاب الله وسنة رسوله وما عليه الصحابة والسلف والائمة الأربعة وأن يكون الحجاز للحجازيين، وأن أهله هم الذين يقومون بادارة شؤونه، وأن تكون مكة المكرمة عاصمة الحجاز والحجاز تحت رعاية الله ورعايتكم").. كذا.. جميع الحجاز تحت، رعاية، الله، ورعايتكم، يا آل سعود!.. أليس في هذا منتهى "الشرك" يا آل سعود أن تدعوا الله ليشارك، آل سعود، في حكم الحجاز!… ولم يكتف هؤلاء "المناشف" المماسح، السعودية، بالتوقيع على مثل هذه "البيعة" التي وضعها فيلبي، باسمهم، بل زعموا أن الشعب الحجازي أو على حد تعبيرهم: (ان الاهلين قد زاد بشرهم وساروا إلى عقد تقرير البيعة على المنوال المسطور أعلاه راجين منكم الرحمة بهم يا عبد العزيز حينما ينزل ذلك من عظمتكم منزلة قبول البيعة وأن تتفضلوا يا عبد العزيز بتتويجه بالاشارة السلطانية بالقبول ليكمل لهم مقصدهم الوحيد بحصول رضاكم العظيم مسترحمين الانعام على "الاهلين" بتعيين وقت عقد البيعة عند البيت المعظم الحرام والله يديم بالتوفيق دولتكم)!.. في 19 جمادي الثانية 1344 هـ وكان هذا الكتاب موقّع من زمرة المتزلفين ومنهم: صالح شطا، وعبد القادر شيبي الذي يطلق عليه "أمين مفتاح بيت الله" أي سكرتير بيت الله. وعباس عبد العزيز مالكي، ومحمد علي خوقير، ومحمد شرف رضا… وجميعهم "مجاورين" عدا "الشيبي"!… ولقد أراد الانكليز بهذه الشكليات "تبهير" وتلطيف جو المذابح السعودية المريعة الفظيعة والهاء الناس "بمبايعة" المحتل لينسى الحجاز والعالم الإسلامي ما فعله الاحتلال السعودي من مجاز لم يمر على إرتكابها شهر واحد!.. ولتكتمل فصول المسرحية الانكليزية… علن عبد العزيز ما يلي قال: "بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود إلى رعيتنا واخواننا الموقعين أسماءهم سلام عليكم، فقد أجبناكم إلى ما طلبتم من جعلنا ملكا على الحجاز"!.. في 22 جمادى الثانية 1344 هـ
الملك
عبد العزيز وبهذا الكتاب بدأ الفصل الثاني من فصول مسرحية تتويج "ملك الحجاز" ومثّل فصولها بعض الذيول المتلبسين بزعامة الحجاز ليجعلوا من سلطان الموت عبد العزيز "ملكا" للحجاز"فقط" دون نجد.. بالرغم من أن أداة القتال السعودية كانت أهل نجد بل جهلة من نجد، تحولوا إلى وحوش كاسرة خدمة لآل سعود اليهود، ومع ذلك… ورغم كل ما أبداه بعض أهل نجد من وحشية قتالية لصالح آل سعود فقد رفضوا ـ إياهم ـ هؤلاء الوحوش الذين قاتلوا مع آل سعود أنفسهم ورفضوا الملكية ورفضوا الرضوخ للملكية وحاربوها وثاروا ضدها وقاتلوا عبد العزيز بنفس السلاح الذي قاتلوا به أهلهم في الحجاز ونجد وغيرها بمجرد أن أعلن الانكليز اسم عبد العزيز ملكا على الحجاز… فكانوا بذلك أشرف من أولئك الذين تكلموا باسم الحجاز، والحجاز منهم براء… وفي الحرم المكّي اشيد المسرح الملكي وبدأ تمثيل الفصل الثالث لمهرجان التتويج! وفوجئ الناس بعد أن أدوا في الحرم صلاة الجمعة يوم 23 جمادى الثانية 1344 هـ ـ 8 يناير 1926 ـ يمنعون من الخروج من أي باب من أبواب مسجد الحرم الا من باب الصفا حيث تقام "حفلة تخريج وتهريج البيعة"… وأعد بلصق الحرم: مجلس "السلطان" المنوي ترفيعه ـ انكليزيا ـ إلى رتبة ملك!… ووضع إلى جانبه منبر للشيخ الخطيب المنافق… وفي الساعة السابعة والنصف أقبل موكب الطاغية عبد العزيز فضج "المحشورون" بالهتاف، والويل لمن لا يردد مع الهتّاف من سيف السيّاف… فاختلط هتاف الحابل بالنابل، بعضهم يقول: "يعيش السلطان"، وبعضهم يقول "يعيش الملك"… إلى حد أن البعض أخذ من شدة الرعب: يعيّش ويهتف بحياة "سلطان بن بجاد" قائد الجيش السعودي الذي أوقع الرعب في صدور الحجازيين…. وما أن أخذ "السلطان … الملك" عبد العزيز ـ مكانه بين الجموع المحشورة في يوم الحشر لاستماع الفشر، حتّى أذن المؤذن التافه ـ في هذا المهرجان الكريه ـ بصوت جهوري في مسرح الخيانة وقال: "ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"!… فرد بعض المحشوريون المرعوبين بقولهم: "سلمنا… سلمنا".. فردد المؤذن قوله: ـ "صلوا عليه"!… مما جعل بعض السذج المرجف بهم يتسأل قائلا: "ايه الحكاية ـ يا بويا؟… هم، قالوا لنا انهم سيرفعون السلطان إلى رتبه ملك فيكف غلطوا ورفعوه إلى رتبة نبي يُصلى عليه؟!"… وصعد الشيخ عبد الملك مرداد إلى المنبر وألقى خطابا جاء فيه: "أحمد رب هذا البيت المعظم، وأشكر الله على ما أنعم به وتكرم بوجود هذا الملك المعظم، منّ علينا بنعم لا تحصى، ومنن لا تستقصى، أبدل رعبنا بالامن… أحمده حمد عبد يعرف مقدار نعمته وأشكره شكر من تداركه بازالة نقمته… على تفضل عظمة السلطان المحبوب بقبول البيعة الملكية المشروعة بعد طلبنا اياه منه!"… فالتفت عبد العزيز إلى يوسف يس وقال له: "تشوف يا يوسف… ظنينا أن مشايخ أهل نجد أجود من أهل الحجاز بالفتاوى فأصبح أهل الحجاز أجود من مشايخ نجد بالنفاق" فقال يوسف يس: "ان للحجازيين السنة حداد يا طويل العمر!"… وما أن انتهى المستوطن الشيخ عبد الملك مرداد ـ من ترداد ـ كلمات النفاق المسجوعة في مسرحية البيعة والترفيع، ترفيع "سلطان نجد" إلى ملك للحجاز، وما أن تلي النص المسرحي للبيعة، حتّى أخذت مدفعية قلعة أجياد تطلق قنابل "الخيش والبارود" مختتمة مهرجان المسرحية بالرماية… فأغمي على خطيب البيعة ظنا منه أن الاخوان المتوحشين لم تعجبهم البيعة فهجموا ليدشنوا هذا المهرجان بمذبحة الطائف، فهرب البعض لكن الخدم أعادوهم لتقبيل يد الملك الملطخة بالدم الحجازي ومصافحته على القسم، وقسموا "المبايعين" إلى زمر متتالية… وأول هذه الزمر، كانت زمرة" الشرفاء" الذين انحصرت فيهم امارة وملكية الحجاز سنينا، وتبعتهم زمرة "شيخ السادة"… فزمرة "الوجهاء" وزمرة "المجلس الاهلي" وزمرة "المحكمة الشرعية" وزمرة "أئمة المساجد" ، وزمرة "خطباء المساجد" وزمرة "المجلس البلدي" وزمرة من "أهل المدينة" وزمرة من "أهل جدة". وزمرة من "أهل ينبع" وزمرة من أهل "الطائف" البلد الذي ما جفّت الدماء المراقة على أرضه. وزمرة من عامة الناس الذين لا صنف لهم… والملاحظ أن كل هذه الزمر وكل الذين ساهموا في هذه المسرحية اما مرغمين أو مستوطنين، وليسوا من أصل حجازي، أو عربي أو قبلي، فالدين لهم أصول ضاربة في أرض الوطن لم يقدموا على فعل شئ من هذا المنكر، بالرغم من أنهم ساهموا بتحطيم الشريف حسين بن علي وأولاده بخدعة من جون فيلبي ووعود كاذبة سعودية… نعود الآن إلى مسرحية البيعة التي أشيد مهرجانها إلى جانب الحرم… لنرى جمع المنافقين يستفرغون ويستنجون كل ما في بطونهم من أفواههم المنتنة بأقوال النفاق، ومع ذلك فقد أرجف بالطاغية عبد العزيز حينما أوحى إليه أحد المخبرين أنه قد يحدث لك شئ في هذا المهرجان النفاقي يا عبد العزيز. ونصحه بمغادرة المكان ما دامت مسرحية البيعة قد تمت!… فانتقل عبد العزيز إلى مكان آخر مع الاستمرار في تمثيل بقية أدوار المسرحية حينما دخل الحرم وخلفه بقية المهرجين يطوف جمعهم خلفه حول الكعبة سبع مرات كل منهم يدعو الله هراء وتمثيلا، ومن بعدها انتقل الطاغية إلى ما يسمى "دار الحكومة" أو "دار الحكم" ليكمل بقية المنافقين ما بقي من أدوار الاستنجاء بالكلمات.. وما أن استقر في قصر "الحكم" حتّى وقف أحد المستوطنين من أغنياء جدة واسمه حسن قبال، وألقى خطابا غاية في النفاق استعرض فيه العهود السابقة فذمها، وأثنى على "بادرة الاحتلال السعودي وتمنى لو أنها تقدمت أوانها قبل الآن" وزعم " أن الملكية السعودية تختلف عن الملكية الهاشمية، فالملكية السعودية ملكية فاضلة والملك عبد العزيز ملك عادل"!.. كما زعم!. علما أن لم يمض على اعلان الملكية السعودية ساعتين!. لا شك أنه عرف عدله من مذابح الطائف وريعان مكة وجدة!.. ثم طلب "قابل" المنافق ـ أو الجبان ـ على الاصح ـ الخائف ـ طلب من مستوطن آخر اسمه عبد الله رضا "قائمقام جدة"
أن يكرر مبايعته وعن أهل جدة هذه المرة.. فسارع للمبايعة علما أنه سبق له أن "يبايع" هذا العبد الله رضا للمرة الخامسة…
ثم تابع حسن قابل قوله: "ان بلادنا والحمد لله ما كانت جمهورية في تاريخها فكيف نقبل بحكمها من هيئات إسلامية أو عربية لتجعل من نفسها وصية علينا وتحول بلادنا الحجاز من ملكية إلى جمهورية.. لابد للحجاز من ملك مستقل يكون قادرا على صيانة الحجاز من الداخل والخارج. والذي يستطيع القيام بهذا الامر هو عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود"!.. الخ.. وتوالى خطباء ـ الخوف ـ والرعب والنفاق… وفي غمرات النفاق المرعب هذه ـ هجم مستوطن اسمه عبد الرحمن بشناق ـ وصاح في الحفل المسرحي صيحة نكراء قال فيها: " يا عبد العزيز، ان الله ما أعطاك هذا العطاء إلا لانك تسعى في مرضاته"!… فرد عليه أحد "الاخوان" القتلة من جند عبد العزيز بإحساس داخلي لا شعوري مستهجنا نفاقة بقوله: "إخسأ… يا بشناق على هذا النفاق"… جملة قالها بالسليقة أحد شيوخ الاخوان بازدراء.. ثم وقف "تابع " سعودي آخر اسمه عبد العزيز العتيقي: ونصح "الامة العربية" بطريقة استفزازية مقصودة فقال: "انني أنصح الامة العربية على التمسك بالدين أولا إذا كانت حريصة على الوحدة العربية كما نسمع من البعض الذين تخوفوا من مجيئ ابن السعود وقالوا انّه جاء للقضاء على أمل الوحدة العربية، وما على العرب الا اتباع عبد العزيز وحده لان عبد العزيز هو الوحدة"!... الخ … وكان بذلك يرد على المعارضة العربية وما نشرته الصحف القومية في العراق وسوريا ومصر من "أن الانكليز لم يخرجوا عبد العزيز آل سعود من منفاه في الكويت الا لضرب الوحدة العربية واضاعة فلسطين"… وهذا هو الصحيح… وفي غمرة الكلمات المقرفة، همس أحد العملاء باذن عبد العزيز لينقل إليه حسبما بدا "أن هناك من يزدري هذا التهريج والنفاق". فتظاهر الطاغية عبد العزيز بالخجل من خطابات الذيول والجبناء حينما قاطعهم ونهض وقال: "أسمع خطباءكم يقولون: هذا امام عادل، وهذا ملك عادل، وذلك ملك الظلم، وهذا كذا… وهذا كذا… والحقيقة انني ما حكمتكم حتّى الان ليعرف كل منكم عدلي، ان هذا القول ما قيل الا من باب الاماني والشهوات، وهل خابت البلاد الا من اتباع الشهوات: شهوات النفوس التي فيها خراب الدين والدنيا. لذلك أدعوكم إلى اتخاذ الصراحة في القول والاخلاص بالعمل وترك الرياء والملق… فمتى اتفق العلماء والخطباء والكتاب والامراء على أن يستر كل منهم الآخر، فيمنح الامير الرواتب والعلماء يدلسون ويتملقون ضاعت أمور الناس وفقدنا ـ والعياذ بالله ـ الآخرة والاولى"!.. الخ .. وقال عبد العزيز: "لم يفسد الممالك الا الملوك وأولادهم وأحفادهم وخدامهم والعلماء، وانني ـ والله ـ لأود ألا أكون منهم"!. هكذا قال عبد العزيز وقد أراد بذلك ايقاف تذمر "الاخوان" وبعض المثقفين الذين قرفوا تهافت هؤلاء التافهين المنافقين… المحسوبين على الحجاز والحجاز منهم براء… وبعد هذا الخطاب ـ الخبيث ـ لعبد العزيز في الحاضرين .. أمر مستشاره الدكتور عبد الله الدملوجي (عميل انكليزي من العراق) بتلاوة "البيان الملكي" ليبدأ به فساد الملوك وأتباعهم!. وجاء في البيان من الكلام المنافق ما يلي: ـ "المطلوب أن يشكل من مندوبي مكة وجدة هيئة تسمى هيئة التأسيس ينضم إليها مندوبو باقي بلدان الحجاز ليبحثوا في المسائل الآتية: 1 ـ وضع اسم لرئيس حكومة الحجاز. 2 ـ وضع ترتيب لتحديد العلاقات بين نجد والحجاز. 3 ـ تعيين شكل الحكومة ووضع أساسات لتشكيلاتها الداخلية والبحث في الموقف الذي يجب أن يكون للحجاز من الوجهة الدولية. 4 ـ تعيين شكل العلم والنقود"…. الخ… ولقد حاول الانكليز وعميلهم عبد العزيز بهذه التلميحات الديمقراطية: امتصاص النقمة العالمية التي أدانت الاحتلال السعودي للحجاز. وطالبت برقيات عديدة باقامة حكم في الحجاز ديمقراطي جمهوي عربي يشارك فيه أهل الحجاز ومندوبون عن جميع المسلمين في العالم… فأملى جون فيلبي على الذين حضروا من "المماسح" أن يخرج بيان باسمهم يزعمون فيه ما يلي: " وبعد البحث والنقاش قرر الحاضرون ان يلقب رئيس حكومة الحجاز "ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها" واقترح بعضهم زيادة بعض الالقاب فلم يرض ابن سعود "!" ثم قرروا احالة الاشياء الاخرى إلى "الهيئة التأسيسية" وأصبح من ذلك الوقت لقب ابن سعود "ملك الحجاز وسلطان نجد ومحلقاتها" وأمر ابن سعود أن ينضم إلى الهيئة التأسيسية عن نجد: يوسف يس والدكتور عبد الله الدملوجي وعبد العزيز العتيقي. ثم انفض المجلس"! وفي صباح السبت اجتمع بهؤلاء الثلاثة ثلاثة وخمسون عضوا من بلدان الحجاز، فقد ظن معظمهم أنهم سيشكلون هيئة تأسيسية لاجراء انتخابات عامة لمجلس نيابي، لكن يوسف يس والدملوجي أوعزا لبعض التابعين أن يقترحوا "قبل البدء في الاعمال ـ اختزال هذا العدد الكبير إلى ثمانية أفراد ليسهل العمل"!… وهكذا عينوا كل من: صالح شطا، ومحمد نصيف، وحسين يا سلامة، ومحمود شلهوب، وعلي كتبي، ومحمد المرزوقي، ومحمد سعيد أبو الخير والشريف عدنان، ولكي يحملوا المتعاونين معهم ـ منَّةً ـ أوعز لعبد العزيز أن يأمر بوجوب الاستفادة بآخرين "لتشكيل هيئة للتزييف فأمر بأن يرأس "الهيئة" الشيخ عبد القادر شيبي ويضاف إليها الشيخ ماجد كردي، وعبد الله زينل، وعبد الله دهلوي، وسليمان قابل، والشريف حسين عدنان ليتم العقد الفريد" ويستعان بقوم لهم ذكاؤهم وتجاربهم في خدمة الملوك… ويقول العطار: "وان هؤلاء الرجال كانوا ـ وما يزال الاحياء منهم ـ نخبة صالحة تعمل للخير والحضارة ونشر الثقافة وتأييد كلمة الدين في ظل الملك العادل الديمقراطي العظيم عبد العزيز"!… ملك!، وعادل!، وديمقراطي!، وعظيم… يا له من عطار فاجر، حينما يعطي الطاغوت الجزار صفات العدل، ويعطي النخبة المنافقة المحسّنة لمفاسده مواصفات "النخبة التي تعمل للخير والحضارة ونشر الثقافة وتأييد الدين"!… أي دين هذا؟. والدين يقول: (ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار)؟!. محاولات عديدة لاغتيال الملك عبد العزيز آل سعود ولكن الحالة في الحجاز ـ كما هي في نجد ـ لم تهدأ ، فقد جرت محاولات عديدة لاغتيال "الملك" عبد العزيز، وسعود، منها محاولتان قام بهما شباب من اليمن ومحاولة دبرها بعض المثقفين في الحجاز منهم: محمد سرور الصبان ومحمد الطويل.. لكن الطاغية اكتشفهم وقتل الذين نفذوها، الا أنه أمر بسجن المخططين، الصبان والطويل، لبضع سنوات، فأخرجهما بعد ذلك "لقتلهما" بطريقة سعودية أخرى.. إذ قام بتعيين محمد الطويل مديرا لمالية الإحساء، وعين محمد سرور الصبان نائبا لوزيره عبد الله بن سليمان، وكان يسمى "وزير كل شئ" أي أنه وزير كل الوزارات بما في ذلك المالية، فأصبح الصبان وزيرا للمالية فيما بعد، وهكذا التهى الطويل عن التخطيط للطائلات، وسر "سرور" بالمالية، لكنهما بالرغم مما جمعاه من أموال طائلة فقد بقي كرههما للحكم السعودي… إلا أن هذه الكره لمن يخرج عن نطاق التمنيات القلبية التي تقال في المناسبات ولا يفعل بها، والصبان والطويل كبقية أعضاء الحزب الوطني أمثال فؤاد الخطيب وطاهر الدباغ وغيرهما يمقتون الاحتلال السعودي، بل قد ورثوا لبعض أولادهم كرههم "لطابع الحكم السعودي"… لكن تفكيرهم كان بعيداً كل البعد عن التغيير الثوري الجذري… فكيف يفكر هؤلاء بما هو ضد مصالحهم الطبقية… انّه تفكير الاغنياء والباحثين عن الرفاهية، التفكير الذي لا يشوبه أي حس طبقي، فلاحي أو عمالي، أو جندي، أو بدوي.. وتفكير معظم الوطنيين في الوقت الحاضر هو نفس تفكير أسلافهم، التفكير الذي ينطلق من التذمر وينتهي بادراك المنفعة الخاصة، فمعظم الوطنيين حاليا يمتطون الحديث عن النضال ويمارسون النضال أحيانا للوصول إلى المنفعة الخاصة.. وغاية غاياتهم المال، للوصول بالمال إلى صهوة الرفاهية!… وينتهي لديهم النضال!… ولقد قامت عدة ثورات مسلحة في قلب الجزيرة العربية، منها ثورة ابن رفادة في الشمال الغربي للحجاز، وثورة "غريّب ودغيليب العفري" في شمال حائل، وثورة "الاخوان" في نجد بقيادة فيصل الدويش وسلطان بن ابجاد ونايف وضيدان بن حثلين، وفرحان بن مشهور… وكذلك ثورة سكان جبال الريث ـ في جنوب الحجاز… وجرت محاولات عديدة للثورة العسكرية، منها ثورة عبد الرحمن الشمراني التي كان مقررا أن يشارك العمال فيها، وكذلك محاولة عام 1969، بالاضافة إلى الانتفاضات الشعبية والعمالية… وفشلت كل هذه الثورات والانتفاضات لا لانها ـ فقط ـ لا تحمل مبادئ اشتراكية رغم فقر أصحابها، بل لانها لم تحظ بتخطيط وامداد يمكّن لها النجاح مثلما مكّن الانكليز لآل سعود النجاح بالرغم من همجية حكمهم الذي ما قام الا على سفك الدماء والنهب والكذب. ومن أسباب عدم النجاح هذه الثورات أيضاً انها لم تجد من يناصرها من جيرانها العرب في الاقطار العربية… ولم تجد من الشعب المنهك القوى، من يناصرها كذلك، فاعتمدت على نفسها، بعد أن بقيت "كالاسماك السابحة في الصحراء"… فقضي عليها… أمن أجل المطالبة بالغاء "التلفون واللاسلكي" ثار القائد الاكبر للجيش السعودي ورفاقه ؟!. هكذا يزعم "أحمد عبد الغفور عطار الباكستاني السعودي" على لسان عبدالعزيز آل سعود في الصفحة 569 من كتابه "صقر الجزيرة" حرفيا إذ يقول: "لم يُرض الدويش وقبيلته مُطير، وابن بجاد وقبيلته عتيبة وابن حثلين وقبيلته العجمان: ترحيب ابن سعود بالمخترعات (!) الجديدة كالتلفون، واللاسلكي وسكن القصور (!) وأكثر ما أثارهم المعاهدات التي عقدتها السعودية مع الانكليز والاوربيين فقالوا انها تربط بلاد المسلمين برباط الذلة تحت رحمة راية الكفار"… الخ والجزء الاخير هو الاصح: يا عطار آل سعود… والعطار في كتابه "لسان حال ابن السعود" يرى فيما قاله "الاخوان" الذين عادت اليهم ضمائرهم الميتة، يرى ان في ذلك ادانة لهؤلاء "الاخوان" من ثوار مطير، وعتيبة، والعجمان، علما ان "الثور" السعودي يدرك وسادته ان "ثوار الاخوان" ما ثاروا ضد قائدهم ابن السعود من أجل المطالبة "بعدم استعمال التلفون واللاسلكي"!… بل ثاروا ـ كما يؤكد نفسه ـ ضد تعامل ابن السعود مع الانكليز ـ عملاء الصهيونية ـ وثاروا ضد الاوروبيين من طلائع المخابرات الامريكية… وكانت تلك اولى المثيرات … ومثلما ثار "الاخوان" ضد الملكية ـ الهاشمية ـ فحطموها في الحجاز ممثلة بالاشراف "الملك حسين والملك علي" فسلموا الحجاز بل وكل قلب الجزيرة العربية ـ سلموها ـ صافية لآل سعود، ثار الاخوان ثورة مضادة ضد ابن السعود بمجرد ان اعلن "عبد العزيز آل سعود" نفسه "ملكا للحجاز"، واشتدت ثورة الاخوان المضادة رافضين الملكية، ورافضين النهب السعودي ورافضين الالقاب، والترف السعودي واستئثار عبد العزيز واولاده في سكنى القصور التي نهى عن سكناها الإسلام بالنسبة للحاكم متى ما وصل إلى الحكم يجب ان يصبح فقيرا… حتى وان كان من قبل ذلك غنيا، وهذه هي بعض مبادئ الاسلام، لذلك فقد بنوا ثورتهم على شئ واحد هو: "ان عبد العزيز آل سعود واولاده لا دين لهم وانهم ضد الدين".. والشيء الذي يعرفه كل من عايش حركة "الاخوان" يدرك ـ بلا تردد ـ ان حكم الاحتلال السعودي لم يقف على الدعوة الدينية وحدها، فقد كانت دعوته للدين مفضوحة التزييف.. بل قام على دعامتين اساسيتين خلاف الدين الزائف، هما:
أولا ـ الدعم الانكليزي المطلق الذي لا حدود له ـ لآل سعود ـ سواء بالمال والسلاح أو بالعملاء العرب أو بخبرة خبراء الخطط العسكرية وعمالقة الاستعمار الانكليزي، الخ…. ثانيا: لم يتمكن الاحتلال السعودي من احتلال جزيرة العرب بشجاعة آل سعود أو بذكاء عبد العزيز البدائي الذي لا يمكن ان يقارن بذكاء اضداده من الحكام الذين هم اذكى منه واشجع منه، بل قام بقوة وفتك قبائل الاخوان الذين غررت بهم المخابرات الانكليزية من حيث لا يدرون، فأوهموهم: أن ثورتهم إلى جانب ابن السعود هي ثورة مسيّرة بروح الثورة المحمدية.. ولما اكتشف الاخوان انها ثورة "بقرية" لا تسير إلا بروح جون فيلبي وبرسي كوكس الصهيونية، ثار الاخوان ثورتهم الصادقة لتعديل مسار ثورتهم الاولى… ولكن… كانت متأخرة… إذ حدثت بعد خراب الجزيرة العربية…
وبعد أن ذبحوا الملايين لحساب آل سعود فثار ضدهم كل شعب الجزيرة العربية نتيجة ما ارتكبوه فيه من آثام ومجازر كمخالب للشيطان الرجيم السعودي… فاصبح الاخوان في الجزيرة العربية ملعونين، ومن ابن سعود ملاحقين، ومن الانكليز منبوذين تتعقبهم الطائرات الانكليزية، وعيون الانكليز أينما ذهبوا…
ففي يوم السبت 19 شوال 1347 التجأ قادتهم للكويت فرفضوهم والتجأ لبقايا الاشراف في الاردن والعراق فرفضوهم… بعد ان قتل منهم آل سعود في مجزرة "السبلة" 3059 رجلاً من خيرة رجال مطير وعتيبة... وقتل منهم 709 من خيرة رجال مطير وفي مقدمتهم الشجاع عبد العزيز بن فيصل الدويش في مجزرة الحزول" التي قادها الطاغوت عبد العزيز بن مساعد الجلوي" جزار حائل" يوم السبت أيضاً الموافق 4 ربيع الثاني 1348 هـ … والملاحظ أن عبد العزيز آل سعود لا يختار لمجازره العديدة الجماعية الرهيبة الا يوم السبت، لانه "سبت اليهود" فهو يوم أهله اليهود الذي يتفاءل به كثيرا…
وكذلك لا يختار لقطع الايدي والارجل والرؤوس المنفردة من كل اسبوع الا يوم الجمعة، ليجزّها في هذا اليوم على أبواب المساجد الإسلامية ليتمتع "المسلمون" في خروجهم من الصلاة بهذه المآسي!.
أغلى الليالي ليلة الجمعة…. لماذا؟.
لقد اعطى الاحتلال السعودي منذ ان بدأ احتلاله لبلادنا عام 1901، ليوم الجمعة، كل يوم جمعة، طابع الحزن والاشمئزاز، والاذلال المميت.. فأطق شعبنا على هذا اليوم تسميات كثيرة منها "يوم الجمعة الحزينه" و "وجمعة الموت قصب الايدي والارجل" و"يوم الرؤوس" الخ.. ففي هذا اليوم ـ كل يوم جمعة ـ ينفث حكام الاحتلال السعودي سموم حقدهم ضد الشعب المنتهك، وفي هذا اليوم "المفضّل"! يفضَّل الامراء اقامة تسلياتهم الجنسية بالمواطنين والمواطنات وفي بعضهم بعضا… وفيها تقرع الكؤوس ويبعبع التيوس وتدوخ الرؤوس والكل يتحسس على يده ورجله ورأسه هل قطع؟؟. وهذا ما عبر عنه عدد من الامراء ـ في أغانيهم الجنسية، منها أغنية جنسية لاحد الامراء "الشعارير" غناها له مطرب ـ ليته لم يغنها ـ واذيعت من الاذاعة السعودية وسجلوها على أشرطة فلاقت الرواج الجنسي... وقد تغنى صاحبها بيوم الجمعة، ومطلعها: ـ (أغلى الليالي تراها ليلة ـ الجمعة)!.. ومفادها ـ ان الامير "الشعرور" قد جامع غلامه في يوم الجمعة، وواعده الغلام في جمعة قادمة للمجامعة ولم يجتمع به بعدها. فيتوجد بها على الجمعة الماضية. وكما يتغنى الامراء في "يوم الجمعة" التي تلتف في ليلتها الساق بالساق، تقطع في "يوم الجمعة" من شعبنا الايدي والارجل والاعناق… علما ان العقاب الظالم لا يقتصر على يوم واحد في الاسبوع، هو يوم الجمعة، لكن لكل يوم جمعة ميزاته، ففي كل يوم جمعة يقوم كل قصاب سعودي بعرض معروضاته من الايدي المقطعة والأرجل والرؤوس… علماً ان حالة الطوارئ ومنع التجول كانت وما تزال معلنة خمس مرات في اليوم الوحد ـ من كل يوم ـ منذ عام 1901 ـ بواسطة ما يسمى "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" وغيرها…
فسعدنوا هذا الشعب، وأذلوه، وانتهكوه، وعقّدوه، مما جعل شعبنا "المسعدن" من اكثر الشعوب تعاطيا للمشروبات الكحولية والمخدرات بانواعها وخاصة في يم الجمعة وليلتها، ليغيب الشعب عن واقعه المظلم المؤلم الذي انتهك فيه آل سعود اعز أماني الشعب في الحرية وامتلكوا كل ترواته وارضه وعرضه ودينه وعروبته وكرامته وكافة حقوقه وواجباته… ورأى معظم الشعب ان في الغياب الكامل عن هذه المآسي بالمشروبات المسكرة ما ينسيه مآسيه لكنه على خطأ فادح فالعمل النظامي بحاجة إلى صفاء التفكير والتركيز للتخلص من العار السعودي، وليس في غياب الوعي أي درب للخلاص، وخير للشعب ان يتخلص من ظلاّمه وهو في كامل حواسه من هذا الواقع التافه الذي فرضه الاحتلال السعودي، هذا الاحتلال الذي أكد في كل احصائياته للبوادي والحواضر للنساء والرجال والاطفال ان عدد الشعب "المسعدن" لم يتجاوز ثلاثة ملايين ونصف المليون.. ونصف هذا العدد من النساء إذا لم نقل اكثر… أي انّه لم يكن كل هؤلاء الثلاثة ملايين ونصف من الرجال فقط، بل ان في هذا العدد من الشعب اكثر من مليوني امرأة… وما دام انّه لم يصبح للرجال أي دور ايجابي في مملكة الزيت والدماء.. فكيف يصبح لمن يسمونهن "الحريم" دورهن في مملكة اشباه الرجال…
وإذا قلنا ان عدد الشعب "المسعدن" الآن هو مليون رجل. فان من بين هؤلاء الرجال اكثر من مليون "مستوطن"، و "مجاور" للنفط، ورجعي، وأمير واميرة وجاسوس وجاسوسة، وغير ذلك من الشوائب… اما حينما يوجد عشرة آلاف في هذا الشعب يدركون انّه لا كرامة لمواطن في وطنه إلاّ بالثورة على الواقع القذر لا في ـ جمع المال ـ من بقايا حثالات وفضلات حكام العمالة فذلك هو يوم الوعي الكريم… يوم الصحوة، نقول: متى ما وجد ذلك العدد فالحل الصحيح للمسألة المعضلة قد وجد وحُلّت المعجزة لبقايا هذا الشعب المنقرض…
أجل … انّه شعب ينقرض ولماذا لا ينقرض وقد زاد عدد الذين هربوا وشردوا من الجزيرة العربية عن ثلاثة ملايين مواطن ومواطنة منذ ان أخرجت المخابرات الانكليزية الصهيونية عبد العزيز آل سعود من الكويت عام 1901 حتّى تاريخ هذا الكتاب، منهم من هرب إلى العراق والخليج ومنهم من هرب إلى مصر والشام.. كما زاد عدد الذين قطعت ايديهم وارجلهم عن /75000/ مواطنة ومواطن. وزاد عدد الذين جلدهم آل سعود في الشوارع العاملة لتحطيم كرامتهم عن نصف مليون، وزاد عدد الذين رجموهن ورجموهم عن عشرة آلاف… وزاد عدد القتلى في المجازر الجماعية والفردية عن مليون مواطن ومواطنة. وكما هو معروف للجميع انّه لم يمر يوم "سبت" أو "جمعة" منذ عام 1901 الا وشهدت ابواب المساجد والساحات العامة ايدي وارجل تقطع وجلود تلسع ورؤوس تخلع… وقد اتهمت كلها بتهم باطلة، لا تختلف عن تلفيق تهم الاحتلال السعودي "لقادة" الاخوان وهو الجيش الذي قاتل مع عبد العزيز وثار ضد عبد العزيز. والتهم الملفقة ضد قبائل شمّر وأيضاً مطير والعجمان بانهم "كفروا" وانهم رفضوا ادخال التلفون واللاسلكي للبلاد.!
أو كتهمتهم للشهيد الامير خالد بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود، الذي قتله الملك فيصل وفهد وعبد الله ـ بيد محمد ابن هلال المطيري القائد لشرطة الرياض بحجة أنه رفض ادخال التلفزيون للبلاد.. وكتهمتهم لشقيقه شهيد الشعب فيصل بن مساعد، حينما صرع عمه الطاغوت فيصل فوق عرشه عام 1975 فزعم " آل فهد" انّه لا يريد بقاء الدين في المملكة العربية السعودية!…
علما انه لا دين لخاضع لظالم، وما قام الدين الإسلامي الا لقتل الطواغيت والملوك... ولكن هذه التهم التافهة أصبحت مفضوحة… حتّى وان دام باطلها. وهل يُقتل ويشرد الناس بحجة رفضهم للتلفون والتلفزيون؟ انّه عذر اقبح من فعل. ان يقتل ويشرد ـ آل سعود ـ حتّى بعض الامراء ـ بعد قتلهم بتهمة مزعومة هي العداء للدين وهم الذين قاموا وقاتلوا الناس باسم الدين!، كالاخوان، وبتهمة رفضهم المزعوم للتلفون والتلفزيون! وإذا كان كل هؤلاء قد رفضوا استخدام الهاتف واللاسلكي والتلفزيون ـ كلهم فلماذا يقتلوا ؟!.. وهل يستحق القتل من يرفض استخدام الهاتف والتلفزيون؟! الحقيقة انّه ليس لدى آل سعود المتلبسين بالمحرمات وابشع الجرائم المغمورين بالشذوذ باشكاله ت المعروفة وغير المعروفة عالميا ـ والملذات بأقذر الوانها ت ايّ مجال للتفكير حتّى بتلفيق تهمة باطلة تنطلي حتّى على السذج ولو لشهر واحد... وإذا كان القادة، وملايين البشر قتلوا أو قطعت ايديهم وارجلهم أو شردوا لمجرد معارضتهم لادخال التلفون، والتلفزيون، واللاسلكي والخمر، والحشيش والانكليز، والاسلام! للبلاد كم يزعم آل سعود، فما مصير من يعارض ادخال المخابرات الامريكية الصهيونية ويعارض حكم الشذوذ السعودي بكل مسمّياته؟!… ومذبحة "نساء وأطفال العجمان ومطير" ما أسبابها؟
وهل رفض اطفال ونساء العجمان ومطير ادخال الإسلام والانكليز والامريكان والتلفون واللاسلكي والتلفزيون! "حينما ذبحهم آل سعود في صحراء بُنيّة عيفان" في 10 شعبان 1348
وتسلى بقتلهم الامير محمد بن عبد العزيز، "شقيق الملك خالد" باشراف ومشاهدة والده عبد العزيز آل سعود؟ واسمعوا قصة ـ المذبحة الجريمة ـ البشعة، انها واحدة من مئات المذابح السعودية التي لو ارتكبتها "إسرائيل" لسجلها "المؤرخون" على أنها دون شك ـ مذبحة من أبشع المذابح… وبما أن أبطالها من يهود الذهب الاسود، يهود آل سعود، فما على كتاب التاريخ إلاّ تناسيها، ولقد كان العطار ـ على خسته أكثر شهامة من معظم الكتاب العرب حينما سجلها بشئ من الافتخار بالمذابح السعودية!… لقد اورد أحمد عبد الغفور عطار ـ مذبحة الاطفال والنساء ـ في الصفحة 952 من كتابه "صقر الجزيرة العربية" الذي املاه عليه عبد العزيز آل سعود، فقال عن لسان عبد العزيز ما يلي: قصة "التأديب السعودي" لاطفال ونساء العجمان ومطير (وكان ابن سعود في طريقه يؤدِّب كل من صادف من العصاة أو اتباعهم، حتّى إذا كان في اليوم العاشر من شعبان في "بنيّة عيفان" راكبا سيارته الخاصة ـ التي اهدها إليه الانكليز ومجموعة معها ـ وكان معه الشيخ يوسف يس والشيخ عبد الله بن حسن والدكتور مدحت شيخ الأرض وسائقها صدّيق الهندي ابصر سرباً من الظباء يبلغ الخمسمائة، فأمر السائق بان يعدو بالسيارة خلفها، وصاد اربعة منها وطار الخامس فطارت خلفه السيارة الا ان الظبي المذعور مال في عدوه إلى اليمين منحرفا عن طريق السيارة المطاردة فمالت هي أيضاً، فرأى ابن سعود جمعا كثيرا ولم يحقق النظر فيه لاشتغاله بالظبي الفار حتّى اصابه وصاده، ثم انثنى يرقب الجمع، فظنه في بادئ الامر بعض جنده، غير انّه التفت إلى جانب منه فرأى نساء واطفالا واغناما مما نفى ظنه، لانه ليس مع جنده نساء واطفال! ولم يكن احد معه غير رفاقه الذين هم بالسيارة وغير سائقها، فخشي من كثرتهم فارتد بسيارة إلى الوراء فأبصر سيارة ابنه محمد قادمة اليه، فأركب فيها احد رجال مطير ـ قبيلة الدويش ـ ليكشف له الامر فان كان الجمع من الانصار فلا خوف على المطير لأنه رسول ابن سعود، وان كان من الاعداء العصاة فهو في مأمن من الاذى لانه من جماعة الدويش ويستطيع خداعهم بانه منهم!. راح المطيري وإذا الجمع ـ اطفال ونساء ـ قبيلة الصقهان ـ احد بطون العجمان ـ وكان قد خرجت على ابن سعود، فسألها رسوله فاجابته: انها ـ اطفال ونساء ـ الصقهان وبعض مطير فروا من وجه ابن سعود، وفر رجالهم إلى الكويت فطمانهم ـ الرسول السعودي المطيري ـ بانه لا بأس عليهم واخبرهم انّه يريد الصيد "!" وتركهم وعاد إلى ابن سعود واخبره... وما كاد الامير محمد ابن "جلالة الملك"… يسمع جواب الرسول حتّى تحمس قتالهم فمنعه ابوه، ولكنه اصر وقاد رتلا من السيارات الانكليزية المسلحة وعليها بعض آل سعود الشجعان! واسرع اطفال ونساء الصقهان ومطير فقابلوه لضيافته! وما هي إلا دقائق أبيد بعدها النساء والأطفال… وكان ابن سعود في المعسكر يهيئ المدد لنجدة ابنه، ثم اسرع بسيارته إلى المعركة يشهد سيرها ولكنه وجد ابنه محمدا راجعا ومعه قلة ضئيلة من النساء والاطفال والغنائم، وكان عمر محمد حينئذ ثمانية عشر عاما!. وكان كل ماتبقى من الاطفال والنساء خمسة اطفال ذكور وثلاث نساء واربع فتيات أعمارهن بين التاسعة والعاشرة، ولكي يواسي ابن سعود الاطفال، اعطى لابنه محمداً فتاة وامرأة، مقابل تعبه، وتزوج عبد العزيز بالبنات الثلاثة وتسرر امراتين.. ووضع الذكور الخمسة في خدمته الخاصة… وصادر الاغنام والابل وعددها ألف راس … اما ضحايا المعركة من الاطفال والنساء فكان 743…) كذا!. فهل يحتاج هذا إلى تعليق؟!. هذا لا يحتاج إلى تعليق، بل ان وقفة تأمل ـ على الأقل من قبيلة العجمان ومطير ـ الذين امتهن آل سعود كرامتهم، وورط أحد افراد مطير ليساهم في هذه المجزرة، وما زال العديد منهم يخدمون آل سعود باخلاص. وهم الذين استباحوا محارمهم وسفكوا دماء اطفالهم ونساءهم ورجالهم… ليلة المذبحة… ماذا فعل ابن السعود؟ ويتابع العطار على لسان ابن السعود في الصفحة 953 فيقول: (وفي ذلك الماء قدم إلى عبد العزيز احد رجاله وهو "تركي بن ماضي" من مخفر العبيد ـ في الحدود العراقية ـ بكتاب ضمنه ببرقية من المندوب السامي الانكليزي في بغداد يخبر الصديق ابن السعود فيها: بأن فرحان بن مشهور مسجون في العراق وسيتم تسليمه لكم، وان فيصل الدويش ورفيقه: نايف بن حثلين ورفيقه الثاني: جاسر بن لامي معتقلون في باخرة بريطانية ويأخذ الانكليز رأي ابن سعود عما يفعل بهم؟ فبعث ابن السعود في يوم السبت 11 شعبان سنة 1348 هـ يطلب إليه "تسليم المجرمين انفاذاً لعهد الحكومة البريطانية معنا المتضمن حمايتنا وانها لا تأوي احدا منهم في اراضي العراق والكويت وشرق الاردن"!. وفي اليوم التالي، ورغم تأخر وسائل الاتصال عام 1930، فقد تلقى عبد العزيز الجواب من اسياده الانكليز عن طريق المعتمد السياسي الكولونيل ديكسون يخبره: بانه سيقدم إليه مندوباً عن الحكومة البريطانية لحل مشكلة العصاة.. على حد زعمه .. وفي 17 شعبان تلقى عبد العزيز كتابا من رئيس المعتمدين في الخليج فحواه: "ان الحكومة البريطانية كلفته بان يرأس البعثة البريطانية القادمة لتسليم اللاجئين السياسيين"!. أي قادة قبائل مطير وعتيبة والعجمان.). عبد العزيز مطمئن لعدم خيانة الانكليز له! وفي الصفحة 597 من الكتاب المذكور قال عبد العزيز حرفيا وعلانية: (انني مطمئن للانكليز، لانني اعرفهم انهم لن يتنكروا لي ولن يغدروا بي وان يخلفوا وعدهم معي!). وصدق عبد الانكليز وعده ونصر الاستعمار الانكليزي عبده فهزم الثوار وحده… وفي الساعة الخامسة من يوم الثلاثة 28 شعبان 1348 هـ ـ 28 يناير 1930 م ـ هبطت طائرة انكليزية تقل الكولونيل ديكسون وقائد البارجة الحربية البريطانية التي اعتقل فيها الثوار قبل نقلهم بالطائرة، وقام الانكليز بتسليم الثوار الثلاثة لعبد العزيز وهم: الدويش وابن حثلين وابن لامي… فسجد عبد العزيز امام ديكسون كتعبير لشكره وحمده لبريطانيا، وقال: "اشكركم، واشكر بريطانيا العظمى التي برهنت وتبرهن دائما على وفائها وصداقتها لنا ومصافاتنا ودها"!.. وبعدها رد عليه ديكسون بقوله: "ان بريطانيا عندما تدعمك يا عبد العزيز فانما تدعم وجودها ولو لم تجد فيك الرجل المخلص لبريطانيا ما ضحت باكثر اصحاب بريطانيا من اجلك ومنهم الاشراف"!. وبعدها غادر ديكسون المكان بطائرته.. ولاقى الدويش وابن حثلين وابن لامي مصرعهم في يوم السبت 2 رمضان 1348 ـ 2 فبراير 1930. وفي مكان آخر من هذا الكتاب تفصيلات أكثر عن مواقفهم قبل مصرعهم.. كما لاقى سلطان بن بجاد مصرعه قتلا، اما فرحان بن مشهور فقد اغتاله عبد العزيز بواسطة احد أقاربه. "رقبان" الجبان… ويوسف يس "رقبان" هو اسم "سيف" عبد العزيز آل سعود… وكلمة "رقبان" تعني: أنه السيف الذي لا يكل من قطع رقاب البشر ـ وأصلح ـ المواطنين. أما يوسف يس من سوريا، فهو من أبرز العملاء الذين جلبهم الانكليز لخدمة عبد العزيز سياسياً وجنسياً حيث استورد له مئات الفتيات المعروفات بـ "وارد يوسف أفندي" وكلهن من الساقطات. ويروي هذا اليوسف "أفندي يس" في جريدة "أم القرى" الرسمية هذه الجريمة عن صاحبه عبد العزيز آل سعود بشئ من التفاخر فيقول: "بعد معركة السبلة، جمع لعبد العزيز /70/ رأساً من رجال عتيبة ومطير الاسرى، وبعد أن كبلوهم بالقيود، وصفوهم أمامه، بدأ بتقطيع رؤوسهم الرأس تلو الرأس.. وكان آخر واحد منهم ضر رقبته عبد العزيز بسيفه "رقبان" فنفذ السيف في لمح البصر والرأس في مكانه، فظن ابن السعود ان الضربة اخطأت، فرفع السيف وقبل ان يهوي به ثانية انتفض القتيل، وسقط الرأس، إلا أن الضربة الرادفة هوت ـ بعد سقوط الرأس ـ على جسمه فقدته نصفين وشطرت القلب شطرين، إلا أن المدهش الغريب ان كلا شطري القلب كان مستمرا في ضرباته ثواني معدودات"! اكتشاف سعودي هائل لم يسبق للعلم ان اكتشف اسراره في جسم الإنسان…! ويعلق أحمد العطار على هذه الجريمة الشنعاء في الصفحة 580 من "صقر الجزيرة" باختصار، إنّما بتفاخر اقرب إلى السخرية بقدرة "رقبان" الجبان فيقول: "ومن الواجب ان نذكر ـ رقبان ـ سيف ابن سعود بالثناء الجميل فنروي هذه الحادثة التي تدهش وتعتبر في حكم النوادر الغاليات وهي كافية لتخليده!!"…
أجل.. تخليد "رقبان" الخيانة في كتب الخيانة وسجلات الجبناء الرعاديد. ان هذه الحادثة وحدها كافية لاثبات الاصول السعودية المنتمية إلى اليهود الذين انفردت سجلاتهم في نوادر الغدر وعدم المواجهة... وليس في تاريخ العرب قتل الاسرى، وخاصة الذين قيدت ايديهم وارجلهم ـ مثلما فعل ابن السعود ـ بهؤلاء الثوار الاسرى الذين قتلهم عبد العزيز ـ في ساعة واحدة ـ بسيفه الانكليزي الجبان "رقبان" بعد أسرهم من بقايا ثوار مجزرة السبلة في تلك المعركة ـ غير المتكافئة ـ التي قتل فيها /3059/ من اصل ـ 4000 من ثوار عتيبة ومطير بينما عدد قواته كان يربو عن /40000/ كما ذكر العطار وحافظ وهبة ـ ويخطط لهم ويقودهم ضباط انكليز باحدث الاسلحة الانكليزية الثقيلة والخفيفة... وهذا هو الدليل بأن شجاعة الاخوان قد فقدت بفقدان الدعم والسلاح والتخطيط الانكليز، لا بفقدان سطوة الدين، فقد بقي الاخوان على دينهم بوضوح أكثر من السابق.. وكانت مجزرة السبلة وغيرها من المجازر الفريدة في تاريخ المجازر المعتمدة على الغدر… ان عبد العزيز واولاده ما قادوا معركة واحدة في حياتهم متواجهين مع خصومهم مواجهة الشجعان أبدا.. بالرغم مما قيل عنهم من "ابهة" الدجل في كتب العملاء.
وشعبنا عامة وفي نجد خاصة، يعرف عبد العزيز آل سعود ويعرف تلك الكلمة التي قالها عبد العزيز بن متعب آل رشيد لخصمه عبد العزيز آل سعود ومفادها: (تعال يا ابن سعود وبارزني وجها لوجه، فإما تقتلني واما ان اقتلك وبذلك نريح هذه الجموع المتصارعة)1.. لكن ابن سعود أبلغ "رسول المتعب" بقوله: (قل لسيدك ان شجاعة ابن متعب لا تخفى علي، وانا اعرف انّه حينما يُغيْر يقول: حسبت انني قد مت في العام الماضي… اما انا فاقول ان عمري طويل وسأقضي عليه بالحيل والخداع واسلحة بريطانيا التي لا حدود لها). هذا هو رد الجبان وسيفه رقبان قاتل الاسرى، وصاحب شعار: (خذ عدوك بالله وامان الله) وقوله: (عدو الله من عادانا) (وخذ عدو الله بعهد الله) هذا هو المتحايل الذي خطط له الانكليز واخرجوه من الكويت لضرب الوحدة العربية وفصل الجزيرة العربية عن الوطن العربي الذي كان موحدا حتّى في عهد الاحتلال التركي… هذا هو الذي وقّع لاعطاء فلسطين لليهود فدعمه الانكليز واستخدموه لتزييف التاريخ. وكانت سياسة الحجاز ـ رغم علاتها ـ اكثر تقدمية ووحدوية ووطنية وقومية وانصع اسلاماً مما هي عليه في عهد الاحتلال السعودي المتوحش 1 ـ ان بعض ما تعلمناه من القرآن الكريم هذا القول الكريم: (ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون).. لذلك وغير ذلك ـ كنا وما زلنا ضد أي حكم ملكي مهما كانت صفاته ومواصفاته، لكننا مع ذلك نكرر القول بأنه لو لم يتغلب رأي جناح المخابرات الانكليزية المسمى "بالمكتب الهندي" الذي كان يشرف عليه الصهاينة ويرأسه الصهيوني المعروف ـ السير برسي كوكس ـ المؤيد لعبد العزيز آل سعود ـ في تقسيم البلاد العربية لانشاء الكيان الصهيوني وايجاد دويلات عربية حامية لهذا الكيان ـ الشئ الذي رفضه الملك حسين بن علي ومن اجله تم خلعه وتسليم عرشه لآل سعود، نقول: لو لم يتغلب ذلك الجناح الصهيوني ـ الانكليزي في المخابرات الانكليزية ـ الذي اوقف المد الوحدوي المنبثق ـ من الحجاز حكوميا ومن جزيرة العرب والشام والعراق ومصر شعبيا ـ حينما أخرج الانكليز عبد العزيز آل سعود لايقاف مد الوحدة ـ لا ستمر توحيد البلاد العربية ـ التي كانت موحدة فعلا حتّى وهي ترزح تحت نير الاحتلال العثماني، لكنها الان تحولت بطريقة غير شرعية ـ وبعد ذهاب الاحتلال العثماني إلى "مفرخة للدول" العربية المتناسلة كتناسل آل سعود وما برحت تفرخ كل عام "دولة جديد". اننا نؤكد مرة اخرى: انه لو لم يخرج الانكليز عميلهم الاكبر عبد العزيز آل سعود ضد " وحدة الحسين الملكية" لايقاف مد الوحدة العربية الحقيقية التي لو تمت كما كانت عليه فستبقى "الوحدة الملكية العربية" تلك وان كانت بدايتها "وحدة ملكية عربية" تعد افضل من هذه الدويلات المفضوحة لان وحدتنا "الملكية العربية" تلك ستتحول ـ في حال وجود امة قوية طبعاً ـ إلى وحدة جمهورية اشتراكية مع الزمن ولن تقوم لهذه الكيانات ـ القائمة ـ حاليا ـ كما هي الان مكونة من 23 دولة بانتظار بقية "الدول" القادمة ـ لتعترف كل دولة بولادة "شقيقتها" و"عزيزتها" مضيفة كل واحدة للاخرى القابا أخرى في النفاق اكثر من "شقيقة" و"عزيزة" والعزة منها براء… إذ لو كانت شقيقة ـ حقا وعزيزة ـ فعلا هذه الدويلات لما اصحب لافراد الامة التي ما تجاوز افرادها المائة مليون: 23 دولة لها: 234 جواز سفر و23 جنسية و23 خرقة تافهة ملونة بالصباغ المختلفة ـ كوجوه أصحابها تسمى ـ الأعلام ـ أو ـ الرايات ـ المندحرة ـ متناحرة مختلفة على الحدودة مبعثرة الارادة والتشريعات ، ومع ذلك ـ تدعونا ـ قوانينها وانظمتها المتفرقة لاحترامها واداء واجبنا المزعوم في خدمتها المسماة بخدمة العلم.. والويل لمن يحقّر العلم ورئيس العلم، ومالك العلم، ليلقى ـ اقل ما يلقاه ـ (السجن من ستة اشهر إلى سنتين) حسبما تنص بعض قوانين العقوبات الجمهورية. اما الدويلات الملكية فلا حدود للعقوبات فيها… مما يدفعنا للاصرار على تحقير هذه الاعلام الداعية لفرقتنا… 2 ـ لقد كان في الحجاز ـ قبل الاحتلال السعودي ـ معارضة سياسة بارزة معروفة ، وكان في الحجاز مجلس وزراء، ومجلس وطني، وكان فيها حزب اسمه "الحزب الوطني"، يمارس نشاطه السياسي العلني وهو الذي ارغم الملك حسين على التنازل عن العرش، رغم اختلافنا مع هذا الحزب، وكان في الحجاز: سفراء وقناصل لكافة الدول وكانت لا تحرم على هؤلاء السفراء والقناصل ـ كما هو الآن ـ زيارة مكة مهما كان دينهم إذ كان للحجاز صفات الدولة المتقدمة رغم سوء الظروف في مستهل القرن العشرين، وكان الحجاز أو قطر عربي تبنى حركات التحرر الوحدوية ضد الحكم العثماني… ومن يتتبع مسيرة الاحتلال السعودي بانصاف يدرك ان الانكليز لم يخرجوا عبد العزيز آل سعود من الكويت "لتوحيد الجزيرة العربية كما يزعم البعض بل اخرجوه لضرب الوحدة العربية الكبرى حتّى ولو كانت تلك الوحدة "بقيادة ملكية" هي قيادة الحسين، خاصة بعد ان تمرد الحسين بن علي، ضد الارادة الانكليزية الصهيونية مثلما تمرد على الاتراك، ومن أبرز ما عرف عنا لحسين بن علي في تمرده ضد الانكليز بعد تعامل دام أربع سنوات ، رفضه المطلق لما يلي: 1 ـ رفض الحسين بن علي الارادة الانكليزية في تقسيم البلاد العربية واعتبر ان العرب امة واحدة في دولة واحدة بقيادته!. 2 ـ رفض الحسين طلبات الانكليز بالموافقة على إعطاء فلسطين لليهود … في الوقت الذي قبل عبد العزيز آل سعود بكافة شروط الانكليز في تقسيم البلاد العربية واعطاء فلسطين لليهود وغير ذلك من شروط الحماية الانكليزية، الامر الذي جعل الانكليز يحاربون الشريف حسين وآل رشيد لكونهم رفضوا نفس الشروط وسخروا منها ولو لم يكن الامر كذلك لاصبح كل واحد منهم قائد "محمية" أو "امارة" على الاقل، وما كان للانكليز بقيادة فيلبي اسقاط امارة حائل بقوة المال والسلاح والشر والتزييف، ولو لم يكن عبد العزيز عميلا يهوديا ـ لا كسائر العملاء ـ لما عمّدوه واعتمدوه وبالتالي ضحوا حتّى بحليفهم السابق الشريف حسين واسقطوه وسمموه اخيراً في قبرص، كل ذلك ارضاء لعبد العزيز آل سعود.. ومع ان شعبنا كان يخالف الحكم الملكي في عهد الحسين بن علي وغيره من حكم الملوك والامراء حتّى قبل الإسلام، إلاّ ذلك النهج بالمقارنة مع حكم الاحتلال السعودي المتوحش كان وما يزال اكثر تقدمية ووحدوية من حكم الجشع السعودي الملكي المطلق "الثيوقراطي" كامل العيوب. بل لا مجال لمقارنة حكم الحسين وابنه علي، الحكم الملكي الدستوري بحكم الاسرة السعودية الحكم الملكي العائلي المطلق القائم على الاستبداد والاستعباد ومسخ اسم البلاد باسمهم العائلي السعودي ونهب الثروات نهبا جماً واكل التراث اكلا لما ـ في حكم داعر يسوده التمتع بالجواري والحريم والغلمان والقصور وشتى الملذات التي لا تخطر انواعها على بال الإنسان المتحضر، بالاضافة إلى ربط البلاد بسياسة المخابرات الانكليزية والحماية البريطانية ـ سابقا ـ ولما هزلت بريطانيا ربطوا بلادنا الان بالحماية الامريكية والسياسة الامريكية ومخابراتها المتمركزة في الداخلية وفي الطابق الثالث من وزارة الدفاع السعودية في الرياض بقيادة كيم روزفلت والجنرال ليهي وغيرهما من "الخبراء" الامريكان البالغ عددهم 45000 خبير لهم كامل السيطرة على مقاليد الأمور بدءا بالمساجد وتوجيه دفة الدين لصالح أمريكا وانتهاء بالحرس والجيش السعودي الموجود في الجزيرة وخارجها والتي تقوم سياستهم من خلال مخابراتهم على التجسس على الجيوش العربية وابعاد الجيش "السعودي" عن مواقع المواجهة لاسرائيل بهذه المليارات ـ المبذرة ليناضل الشعب ويتحرر من بقايا الاحتلال الصهيوني. هذا التحرر الذي هو ـ في الواقع ـ تخشاه السعوديةـ حتّى ولو زعمت غير ذلك. احتلال المدينة تحرك الجند السعودي ـ بقادته الفعليين من الخبراء الضباط الانكليز ـ بقيادة جيسم لارسن، المسؤول التنفيذي للخطط الحربية "ويجيئ في المرتبة الثانية بعد جون فيلبي" فاشيع عنهم "انهم خدم الدين والمّلة وانهم اسلموا بعد تطهيرهم في جدة"!… إلا أن القيادة الظاهرية لهذا الجند قد أوكلت لكل من صالح بن عذل ووكيله إبراهيم النشمي، فحاصرت القوات السعودية "المدينة المنورة" من كل جهاتها وقطعوا عنها كل امداد، وبدأوا بنهب الابل والاغنام وقتل كل من تقع عيونهم عليه لا تمييز في ذلك بين ذكر وامرأة وطفل… فنقلت جريدة "المُقطم" المصرية عن وكالة رويتر التي نقلت عنها الصحف الفرنسية أيضاً استغاثة من قائد حامية المدينة جاء فيها: "ان بلد الرسول معرض للخطر، ان ضريح النبي تضربه المدافع السعودية الانكليزية. اننا نستغيث بالعالم الإسلامي وبالعالم المتحضر.. ان الوهابيين الوحوش اخذوا يطلقون النار على أهل المدينة بلا انقطاع وبلا تمييز ولم يبالوا بكرامة المدينة ولا بقداستها منتهكين بذلك حرمة الله بمثوى الرسول عليه الصلاة والسلام ـ 20/7/1975 م"!… فتحركت الاحتجاجات من مصر والشام والعراق والهند وافريقيا.. وارسل الملك فؤاد برقية إلى عبد العزيز في 11 صفر 1344 هـ (3 /8/1925 م) تقول: "عظمة السلطان عبد العزيز سلطان نجد" "ان الحرب القائمة حول المدينة المنورة قد اقلقت خواطر المسلمين قاطبة لما عساه يحدث من تأثيرها في الاماكن النبوية المقدسة التي نجلّها، ونحافظ على آثارها الكريمة، ولا يخفى على عظمتكم ما لهذه الأماكن من الحرمة التي توجب ان تكون بعيدة عن كل اذى رغم ما يقتضيه أي نزاع أو خلافه". وتسلم الملك فؤاد في 13 صفر 1344 هـ (1 سبتمبر 1925م) برقية من الملك علي بن الحسين، جاء فيها: "صاحب الجلالة فؤاد الأول ملك مصر المعظم "!" "اهدي جلالتكم اعظم الشكر على غيرتكم، ولا يستكثر ذلك من سليل محمد على الكبير الذي سبقت له خدمة هذه الديار المباركة من قبل في مثل هذه الكارثة نفسها مادة ومعنى. فقضى بذلك على اجداد هؤلاء الوحوش السعوديين. "ونبرأ إلى الله ان يكون احد منا ـ نحن ابناء الحرمين الشريفين ـ اراد القتال أو أخذ على الاستمرار في سواء ذلك في مكة المكرمة أو المدينة المنورة ونسجل على المتسبب السعودي مسؤولية ما تهدم فيها من الآثار وما لا يزال يصيبها من اذى كجعل القبة الخضراء النبوية هدفا للرصاص وسائر قبب وقبور آل البيت بالبقيع وتخريب مسجد سيدنا حمزة وهدم ضريحه الشريف طبقا للاساس الذي قام عليه المذهب الوهابي المعلوم!". وطال الحصار ولم يجد من أبناء المدينة من يناصره من العملاء لكنهم زعموا أن أحد العملاء واسمه "مصطفى عبد العال" المرسل لابن السعود برسالة نيابة عن كبار اهل المدينة يطلبون منه فيها احتلال بلادهم!.. كذا… وقد قتل ابن السعود هذا المواطن فيما بعد، بعد أن فنّد المواطن عبد العال الكذبة السعودية. وفيما يلي النص الحرفي للكذبة: (وعندما كان ابن سعود في بحرة قدم إليه احد المدنيين واسمه "مصطفى عبد العال" برسالة من كبار اهل المدينة وحكومتها يعرضون فيها تسلم المدينة إلى السلطان بشرط ان يؤمّن اهلها وموظفيها وكل من بها ويؤمن اموالهم وبألاّ يتسلمها إلا أحد أفراد آل سعود. فاجاب بالقبول وأمر ابنه محمداً بتسلم المدينة المنورة وكان في الرابعة عشرة من عمره وغادر مكة إليها في 23 ربيع الثاني 1344 يرافقه خاصة ابيه وكبار آل سعود ولكن الحامية ابت التسليم لانها كانت تنتظر المدد من جدة في الايام القريبة فما كان من الامير الصغير الا ان يشدد الحصار عليها ليضطر الحامية إلى التسليم)!.. إذاً فقد يكون "عبد العال" قد اتصل وقد لا يكون اتصل، لكنه من المؤكد أن الشعب في المدينة قد رفض الاحتلال السعودي، بدليل ما ينقله العطار في كتابه عن ابن السعود، حيث يقول: (وأهل هلال جمادى الاولى فلم يبق عند الحامية إلا شئ يسير من الزاد فأبرقت في اليوم الخامس من هذا الشهر للملك علي برقية تقول له فيها: الذي يهمنا الأرزاق للجند وعدتمونا بارسال الدراهم المتيسرة بالطيارة، إلى الآن ما رأينا اثراً لها. دبروا وارسلوا لنا دراهماً ولو ببيع احدى البواخر فترون منا ما يسركم)!… ويتضح من هذه البرقية ان الشعب غير منظم وانه لا يقاوم لكنه يرفض الاحتلال السعودي، وان الاعتماد على حامية لا يتجاوز عدد افرادها عن 200 شخص فقط. (وأبرقت الحامية في الثالث عشر من جمادى الاولى إلى الملك علي أيضاً تقول له: "انقضى الامر ولم يبق في اليد حيلة، الجنود ما عندم ارزاق الا لثلاثة أيام إذا لم تصل الطيارة غداً الظهر سنفاوض العدو").. فاجيب قائد الحامية ومن معه في نفسه بان الطائرة ستأتيهم غدا فابرقوا إليه في 14/5/44 بان من الواجب مجئ الطائرة ففي ذلك فوق مهمتها الاساسية ارهاب للعدو وتقوية لمعنوية الجيش… فتلقت الحامية الجواب بان ارسال الطائرة قبل عشرة أيام متعذر لعدم وجود البنزين!… مرت الايام الثلاثة فنفذت مؤونة الحامية ومع ذلك صبر الجنود ثلاثة أيام أخرى. ثم تلقى الملك علي برقية من الحامية ووكيل الامارة في 17 جمادى الاولى وفيها "نريد تأمين معيشة الجند منذ ثلاثة أيام حرم الطعام، ان اليوم هو آخر عهدنا، دبرونا اليوم إلى المساء وإلا نسلم عليكم"!… فأجابهم الملك علي يطلب اليهم الصبر!. ولكن صبرهم نفذ… ولم يجد قائد الحامية عبد المجيد ومدير الخط الحديدي "عزت" الا أن يفاوضا الاعداء ومالهما في اليد حيلة وقد نفذت الذخيرة والزاد!. فذهبا ورئيس ديوان الامارة عبد الله عمير، صباح الجمعة إلى الطفل ـ 14 سنة ـ الامير محمد بن عبد العزيز ابن عبد الرحمن وقدما له كتابا يطلبان منه أن يجيبهم إلى مقابلته، فبعث اليهما بالموافقة ومثل عبد المجيد وعزت أمام الامير الطفل محمد، وفاوضاه!. في "التسليم على شرط اعطاء الامان لجميع الجنود والضباط والاهلين واعلان عفو عام عما مضى عن كل أحد بالمدينة، وفي قبالة ذلك تسلم المدينة إليه!.".. ان عمر الامير محمد الآن أكثر من 70 سنة وعقله لا يستوعب أو يدرك أي نوع من أنواع التركيز على أي مسألة من المسائل عدا المسألة الجنسية، فكيف به يستطيع التركيز وعمره 14 سنة على عقد مثل هذه الاتفاقية السياسية لكن جون فيلبي هو الذي عقد الاتفاقية في صباح السبت 19 جمادى الاولى 1344 هـ(5/ ديسمبر/1925م) وسلمت المدينة المنورة في نفس اليوم بعد حصار دام عشرة أشهر وفتحت أبوابها فدخل الامير ناصر بن سعود وعبد الله الفضل بقسم من الجنود مع عزت وتسلموا قلعة سلع وما فيها من ذخائر وعتاد، ووضعت فيها قوة عسكرية سعودية ثم تسلموا دور الحكومة والمراكز العسكرية والملكية. وفي صباح الاحد دخلها الامير محمد "ابن السلطان" عبد العزيز وجنوده. واستمر الامير محمد أكثر من 66 سنة ـ وما زال ـ يتقاضى مرتباته الضخمة ـ كأمين للمدينة ـ علما أنه لم يحكمها إلا ليوم واحد هو يوم الاحتلال ، إذ حكمها بعض الخدم بضعة أشهر، ومن ثم حكمها الجلاد ابن إبراهيم يعاونه لفترة يسن الرواف، فارتكب ابن إبراهيم ابشع الجرائم بأهل المدينة وباديتها والفلاحين، فقطع أدي وأرجل النساء والاطفال وقطع الرؤوس، وبطش "بالنخاولة" وهم فئة من الفلاحين تخصصوا بزراعة النخيل والاشراف عليها في المدينة خاصة، ومن اسم النخيل اشتق اسمهم "النخاولة" ولكونهم فلاحين والفلاح إنسان عامل شريف عمل الاحتلال السعودي لتعميق الهوة الاجتماعية بينهم وبين المواطنين: إلى الحد الذي صدقه بعض السذج وزعم أن النخولي أو "النخيلي" إنسان يختلف عن البشر، ولكون النخاولة من أبناء الشيعة أيضاً أساء الاحتلال السعود اليهم كثيرا، وكره آل سعود وتجار دينهم للشيعة ناتج عن صراعات نضالية قديمة بينهم وبين آل سعود… وما زالت المدينة مزرعة يتوارثها أمراء آل سعود… كيف أرغم الانكليز الملك علي على التنازل لسلطانهم العزيز عبد العزيز؟ لقد فتح الانكليز أبواب كل شئ لعبد العزيز. وكما يقول "العطار" نقلا عن عبد العزيز في كتابه "صقر الجزيرة": "بعد احتلال المدينة لم يبق للشريف أي شئ… الموانئ تحت قبضتنا.. والذخائر كثيرة والجنود تزداد أعدادهم، والمال يصرف لنا بسخاء ونصرفه بسخاء، والانكليز ما قصروا"!. أجل… الانكليز ما قصروا… ومماليك الانكليز ما قصروا أيضاً. انقلاب تحسين الفقير ولقد شعر عدد من العرب، من رجال الشريف علي .. أن عليا لم يعد يصلح وان الحصار الانكليزي قد أحكم قبضته من البحر، والحصار السعودي قد أحكم وحشيته من البر، وان "الشريف علي" بوضعه الركيك أصبحت نهايته قريبة. وانه مع ذلك وقبل ذلك كان يسمع من عملاء الانكليز وآل سعود دسائسهم، بل انّه كان يسمع حتّى نصائح جون فيلبي… فتحركوا للقيام بانقلاب واعلان "الجمهورية العربية" من الحجاز، واحياء ذلك المد "الوحدوي العربي القومي الشعبي" الذي توقف، والعودة من جديد لاحياء الثورة العربية بشكل شعبي، والاستعانة بالاتحاد السوفييتي ضد عملاء بريطانيا وتدخل بريطانيا المفضوح… وقد رأى هؤلاء العرب أن يكون قائد الانقلاب وزير الحربية تحسين الفقير ووزير البحرية عراف الادلبي، وأن يشارك في الحكومة عدد من قواد الجيش الهاشمي… ويقال ان الشريف حسين بن علي قد اطلع وهو في منفاه في العقبة على هذه الخطة الانقلابية فباركها ضد ابنه وقال: "ان أي انقلاب عربي يحافظ على الخط العربي للحجاز أفضل مليون مرة من احتلال الوحوش السعوديين للحجاز".. لكن خطتهم تلك كشفها الانكليز… وفي 29 جمادى الاولى 1344 هـ بدأت البوارج الانكليزية الراسية في بحر جدة تقصف بمدفعيتها في كل اتجاه في جدة… وحشدت في اليوم نفسه أكثر من 40.000 جندي سعودي. وفي نفس اليوم نشط عملاء السعودية في الحجاز، وبدأوا يضغطون على "علي" وبدأ القنصل الانكليزي يضغط أكثر على "علي" للتنازل لابن السعود. وفقد "علي" السيطرة على نفسه… فاتجه في مساء نفس ذلك اليوم الثلاثاء 29 جمادى الاولى1344 ليعرض على المعتمد البريطاني "التوسط في تنازله مقابل الشروط اللاحقة"… وفي نفس ذلك المساء أبرق المعتمد البريطاني إلى حكومته يبشرها بانتصار سلطانهم عبد العزيز ويأخذ رأيها في الشروط التي عرضها الشريف علي.. وفي الليلة نفسها "أذنت له المخابرات الانكليزية بالوساطة ضمن الشروط"… وكان عبد العزيز في مكة فأبلغه المعتمد البريطاني أن يخرج من مكة ليقابل رسوله في الطريق بين مكة وجدة في اليوم التالي عبد العزيز بل أرسل له أحد موظفي دار الاعتماد البريطانية واسمه "منشئ احسان الله" الذي التقى بعبد العزيز في مكان اسمه ـ بحره ـ بالقرب من جدة وقدم له الكتاب الذي جاء فيه ما يلي: جدة في 16 ديسمبر 1925م حضرة السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود سلطان نجد. "بانتظارك لمقابلتي بالرغامة غدا يوم الخميس قبل الظهر أو بعد ذلك بأسرع ما يمكن"… نائب معتمد وقنصل بريطانيا العظمى وكيل قنصل جوردن وأجابه "سلطان نجد!." بما يلي: الرغامة في 30 جمادى الاولى 1344 هـ من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى سعادة المعتمد البريطاني المستر جوردن المفخم "تحية وسلاما: أتشرف بأن أخبر سعادتكم بأني تناولت كتابكم المؤرخ في 16 ديسمبر سنة 1925 وفهمت ما تضمنه … حالا حضرنا في "العرضي" لمقابلة سعادتكم في المحل الذي يخبركم عنه "منشئ احسان الله" هذا وتقبلوا فائق احتراماتي". الختم السلطاني السعودي عبد العزيز سلطان نجد وفي اليوم التالي في الساعة الرابعة بعد الظهر التقى المعتمد البريطاني بالعزيز عبد العزيز وأبلغه شروط تنازل الشريف علي التي أخذها المعتمد البريطاني جوردن نيابة عن عبد العزيز آل سعود "سلطان المسلمين"… وأهمها ما يلي: الشروط التي وضعها قنصل بريطانيا نيابة عن عبد العزيز "تنازل الملك علي ومبارحته الحجاز وتسليم جدة وتسليم أسرى الحرب الموجودين عنده، وتسليم جميع الاسلحة والمهمات الحربية من بنادق ورشاشات وطائرات ومدافع وغيرها في الحال بدون اتلاف شئ منها، وتسليم البواخر التي باسم الحجاز وهي" الطويل، والرقمتين، ورشدى، ورضوى" لابن سعود على أن تصير كلها ملكا له (!)، والتعهد من قبل علي ومن قبل ضباطه وأهالي جدة بألا يبيعوا شيئا من أملاك الحكومة ثابتا أو منقولاً، وألا يرهنوا أو يخربوا أو يتصرفوا في شئ من ذلك وألا يأخذ الملك علي شيئا غير أمتعته الشخصية بما في ذلك سيارته وخيوله وسجاجيده"!… "ويتعهد ابن سعود مقابل ذلك منح العفو العام للموظفين الملكيين والعسكريين "والشرفاء" وكل أهالي جدة والعرب والسكان والقبائل ويضمن سلامتهم الشخصية وسلامة أموالهم وأن يرحل كافة الضباط والعساكر الراغبين في العودة إلى أوطانهم وأن يعطيهم المصاريف اللازمة لهم ولسفرهم. وان يوزع عليهم مبلغ خمسة آلاف جنيه بنسبة معتدلة، وأن يبقى جميع موظفي الحكومة الملكيين في مراكزهم ممن يجد فيه الكفاءة في تأدية واجبه بأمانة، ويتعهد ابن سعود ـ أيضاً ـ بأن ينمح آل الحسين جمع ممتلكاتهم الشخصية في الحجاز، وبأن يمنح جميع السكان والضباط والجنود الموجودين بينبع الحقوق والامتيازات الممنوحة لزملائهم في جدة ما عدا النقود"!.. وفي عصر يوم الخميس 1 جمادى الثانية 1344 وقع السلطان ابن سعود هذه الاتفاقية وفي الساعة السادسة ليلا من نفس الماء وقع عليها الملك علي واعتبرت نافذة من ذلك الوقت. واحتفل المعتمد البريطاني وعبد العزيز تلك الليلة بالانتصار الانكليزي السعودي… ومضت أيام الجمعة والسبت والاحد في هدوء واطمئنان!، وأخذ الجنود والضباط فيها يستعدون للتسليم، وفي الساعة الرابعة من صباح الاحد 4 جمادي الثانية استقل الشريف علي بن الحسين زورقا بخاريا إلى البارجة البريطانية (كورن فلاور) التي استقله إلى عدن فالعراق، ثم لحق به الشريف شاكر وكاتبه عبد الله رشيد وبعض خدمه ولبث بها حتّى يحين موعد الرحيل. وقبيل أن يغادر الشريف علي رصيف ميناء جدة بدقائق وزع منشورا على الشعب يذكر فيه اخلاصه وجهاده وحياته!.. ومنه ما يلي: جيشي "الباسل" وشعبي الكريم!! "إلى جيشي الباسل وشعبي الكريم: "اني أحمد الله كثيرا، وأشكره، شكرا جزيلا في السراء والضراء. منذ تشرفت بالقدوم إلى هذه البلاد المقدسة مع جلالة والدي وأنا أعتبر نفسي فردا من أفرادها العاملين لخدمة وطني حتّى جاء اليوم الذي تنازل فيه فكلفتموني بتولي الامر بعده في ذلك اليوم العصيب والخطب الجسيم والعدو على الابواب.. ولديه من القوات والمعدات والدعم البريطاني ما ليس لدينا... واصررتم كل الاصرار رغما عن ارادتي حتّى قبلته مستعينا بالله مستمدا منه العون والتوفيق مشمرا عن ساعد الجد مرتديا رداء الثبات والصبر، وأحضرت كلما استطعت مما رأيتموه من جند وأسلحة، وسهرت الليالي الطوال، وصابرت هذه الحرب وصرتم يا أهل هذه البلاد معي على الكوارث، وشاركتموني في ويلاتها ومشاقها وخسائرها مما جعلني مدينا لكم إلى الممات حتّى نفذ ما كان في اليد من المال مما أملكه ومما أعنتموني أنتم ووالدي، وهلك كل ما في القدرة والمستطاع فها أنا اليوم مضطر لان أصرح لكم بأنني رجحت الانسحاب من الحرب ودخلت في مفاوضة تضمن السلام وتصون الحقوق لكم جميعا فكونوا على علم واني أرجوكم تطبيق كل ما جرى عليه القرار وتنفيذه حفظا للسكينة والحقوق العامة والشخصية، واني أرجو لكم مستقبلا حميدا، وأرجوكم الصفح عن الزلات والخطأ والهفوات وأشكركم من صميم فؤادي على ثباتكم الشريف ووقوفكم الحميد وتضامنكم الحسن. "وقد شكلت حكومة مؤقتة أهلية للنظر في الأمور يرأسها القائمقام الشيخ عبد الله زينل مع بقاء جميع كبار الموظفين الاهليين. "اني أستودعكم الله لعينه التي لا تنام…"الخ. وفي مساء الاحد عاد المعتمد البريطاني إلى الرغامة وأخبر "عظمة السلطان" أن الشريف عليا قد أقام بالبارجة البريطانية وانه قرر السفر إلى عدن ومنها إلى العراق. وفي صباح الاثنين قدم إلى مقر ابن سعود المعتمد البريطاني ومعه رئيس الحكومة المؤقتة القائمقام عبد الله زينل ورئيس القوة العسكرية الضابط صادق بك وقدمهما إلى "السلطان عبد العزيز" فكان مجلسه حافلا بالضيوف ورجال الخاصة. وبعد أن استقر بهما لمقام قال المعتمد البريطاني: انّه يقدم إلى السلطان بصورة رسمية رئيس الملكية ورئيس العسكرية ليكونا مسؤولين أمامه، فشكره ابن سعود وأثنى على عمله وجهوده. إستسلم وسلِّم وإسلم واستلم تسلَم بهذا تسلمت بريطانيا الحجاز من الحسين وابنه علي، فسلمته إلى عميلها عبد العزيز آل سعود، يدا بيد. أليست هذه عمالة مفضوحة؟.. وهل من عمالة أكبر من هذه العمالة السعودية؟. إذاً .. فلماذا "آل سعود" لا يدعمون العملاء خدمة للصهاينة ووفاء بالدين؟!. وجزاء بالمثل؟!. وبعد هذا التسلم والاستلام، رجع المعتمد البريطاني "جوردن" وبقي الرئيسان "يتذاكران" مع ابن سعود في الترتيب الذي يرى من أجل ضبط ممتلكات الحكومة والاشياء التابعة لها!… وحرص ابن السعود على الممتلكات وشدد عليها أكثر مما حرص على المواطنين… وبدأت وفود المتزلفين للسلطان، وفي مقدمتهم محمد نصيف المعروف باسم الوهابي" وقاسم زينل ورجال ديوان الملك علي وكبار موظفي حكومته. وفي صباح يوم الثلاثاء 6 جمادى الثانية أمر بن سعود كل من يوسف يس وخالد "بك" الحكيم، وحسن "بك" وفقي، وعبد العزيز العتيقي بدخول جدة وتسلم المهمات الحربية والعسكرية وترتيبها والنظر في الحالة "الامنية" فتوجهوا بسيارة "السلطان" ودخلوا جدة في الساعة الثالثة والنصف، وفي هذه الساعة كانت البارجة التي تقل الملك علي تتهيأ للرحيل وقد ذهب لتوديعه قناصل الدول وبعض "الوجهاء" وجواسيس السعودية للتأكد من سفره… وفي الساعة الرابعة كانت البارجة تغادر مياه جدة. ويومها أقيمت لعبد العزيز، الاحتفالات بالقندرة، وبقي عبد العزيز فيها بقية يومه وليلته، وافترس بعض الفتيات من "أشراف الحجاز" والوجهاء باسم الزواج… والقندرة هذه ـ للايضاح ـ ليست حذاء يليق "بجلال" المناسبة بل هي حيّ من أحياء جدة، ما زال اسمه الكندرة… وفي صباح الخميس 8 جمادى الثانية ـ 24 ديسمبر1925 دخل "السلطان" على "عروس البحر" جدة ونزل في بيت كبير العملاء المدعو محمد نصيف وتقدم إليه بقايا المتزلفين فرحين مستبشرين وهنأوه بزواجه وعرضوا عليه خدماتهم لنخس "أجمل البنات من خيار العائلات" وتمنوا له "طول العمر" والسعادة والتلذذ والمتعة الحسية والجنسية… ولقد وردت كلمات: "التلذذ والمتعة والسعادة الحسية" في خطاباتهم!.. وألقى الفتى الجميل حصين بن محمد نصيف "كلمة المادحين في سلوك الفاتحين" وقال: اننا نفديك بالروح يا من واسيت الجروح". وبدأ "براز" الكلمات يأخذ مجراه الطبيعي في مجاري النفاق القذرة، وسمع عبد العزيز في الحجاز ما لم يسمعه طيلة حياته في نجد… من أهل نجد. الذين ثاروا عليه بعد هذه المدائح الوقحة التي مهد بها العملاء في الحجاز بتتويجه "ملكا للحجاز ونجد"!… والشعب في الحجاز يبرأ من أقوال العملاء… احتجاجات عالمية إسلامية ترفض اعلان الملكية السعودية في الحجاز لقد أحدث اعلان عبد العزيز نفسه "ملكا على البلاد المقدسة" ضجة كبرى في العالم الإسلامي عامة وغضب شديد في مصر والهند بوجه خاص وأعرب حتّى المستشار السعودي حافظ وهبة عن الرفض لأعلان الملكية السعودية في الحجاز كما ورد في رسالته… ونتيجة لذلك لم ير عبد العزيز بدا من دعوة المسلمين إلى عقد المؤتمر الموعود في الحجاز… فوجهت الدعوة باسمه إلى عدد من الاقطار وحضرت بعثات عربية إسلامية ومنها بعثة برئاسة الشيخ محمد الاحمدي الظواهري شيخ الازهر آنذاك ومحمد المسيري مدير ادارة الحج بوزارة الداخلية المصرية، والاستاذ محمد توفيق قنصل مصر بجدة… وألقيت كلمة باسم الملك عبد العزيز، ألقاها حافظ وهبة… راح يلعن فيها الحسين بن علي ويقول (انّه وضع البلاد المقدسة تحت السيطرة الاجنبية غير الإسلامية)!. وراح حافظ وهبة يتهم الشعب في الحجاز ويزعم (بأن أبناء الحجاز هم الذين يتهمون النجديين بالكفر، وانما كل إنسان يرى أعمال السعوديين الإجرامية يجزم مؤمنا انها لم تنتج إلا عن أعرق الفجار فجرا وأكفر الكفار كفرا بكل القيم.. واستطرد عضو مجلس الربع حافظ وهبة في خطاب العرش للمؤتمر قائلا: (اننا نقر أن يكون حكما مستقلا في الحجاز يمارس فيه الناس الاستفتاء في اختياركم حاكم الحجاز… ونحن لا نقصد بانقاذ الحجاز من حكامه الاولين أن نتملك الحجاز أو نتسلط عليه بالمعنى الذي كان معهوداً فيه) ثم راح حافظ وهبة يخبط… ويكذب على رؤوس الاشهاد… ويقول: (أيها الخوة انكم تشاهدون بأعينكم وتسمعون بأذانكم ممن سبقكم إلى هذه الديار: أن الامن العام في جميع بلاد الحجاز، حتّى بين الحرمين الشريفين، بدرجة الكمال، التي لم يعرف لها مثيل ولا ما يقرب منها منذ قرون كثيرة بل لا يوجد ما يفوقها في أرقى دول الدنيا نظاما وقوة، ولله الفضل والمنة. ففي بحبوحة هذا الامن والحرية التي لا تتقيد إلا بأحكام الشرع، أدعوكم إلى الائتمار والتشاور في كل ما ترون من مصالح الحجاز وتطهيره من البدع والخرافات والفواحش والمنكرات التي كانت فاشية فيه بدون نكير! وباستقلاله المطلق، وسلامته من كل نفوذ أجنبي الخ… وما أن سكت حافظ وهبة عن الدجل والزيف الانكلو سعودي… حتّى وقف الشيخ شوكت علي شيخ المسلمين في الهند، ليلقي كلمته ـ الهامة فعلاً ـ باسم المسلمين في الهند، وجاء فيها: (ليس بوسعي الموافقة على الضرائب التي يفرضها السعوديون على الحجاج الذين يحضرون لأداء فريضة الحج لا للسياحة والقول الهزل، وليس بوسعي أن أبيح أن تكون الحجاز تحت سيطرة ملكية مهما كان نوعها، وإذا كان ما تقولونه صادقاً عن اعطاء الحجاز استقلاله في ظل الانتخابات فليكن هذا برعاية مؤتمرنا هذا، واني لست مستعدا لمنح هذه الحكومة السعودية غير المشروعة شهادة حسن حال وسلوك لما رأيناه بأعيننا، واني أقول مثلما قاله الأخ شعيب أن الحاج يريد أن يرى قبلة الإسلام طاهرة ويراه يحصل على حريته)، وقال: (وقد لا يأتي إلى الحجاز حجاج، فالحجاج يتضررون من الحالة الحاضرة والحجاز يتضرر أيضاً، ويجب أن لا ننسى أن الحاج لا يأتي إلى هنا إلا لغرض ديني) وقال الشيخ شوكت علي: (ان هذه الحكومة السعودية لم تحصل على استحقاق الشكر). ووقف يوسف يس المندوب السعودي قائلا بيت الشعر العربي القديم المعبّر عن عدم رضاه وسادته عن شيخ الإسلام في الهند: وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا ثم قال: ان هذه الاعتراضات تكررت من كل الوفود في كل موضع وفي كل مناسبة فأرجو أن لا نسمع شيئا من هذا بعده وإذا كان أمر مساعدة الهنود متوقفا على ما نراه وإذا كان اسعاد الحجاز متوقفا على مساعدة الهنود فلسنا بحاجة). هكذا تكلم هذا القواد وبكل وقاحة، اقول، قواد، لأن وارده من الرقيق بلغ أكثر من 700 جارية… وبذلك استحق لقب المستشار الأول. وقال أحد أعضاء وفد سوريا ردا على يوسف يس: (ان البلاد المقدسة حتّى بعد تتويج سيدك نفسه ملكا لم تعد لك ولا لسيدك ولا لبريطانيا التي سلمتكم أرضنا الطاهرة، ان الأرض هي ارض عربية أولا وهي أرض إسلامية ثانيا، ونحن في مؤتمر إسلامي عقد اما لمنحكم الثقة وإلا لا ثقة، والحقيقة أن الثقة فيكم معدومة). وتكهرب الجو، وحاول أحد الهنود تلطيفه بإلقاء بعض الثناء على ابن السعود ولكن أعضاء المؤتمر أسكتوه وقطعوا حديثه باقعاده وقام الشيخ الظواهري رئيس البعثة المصرية بالقاء كلمة ارتجالية قال فيها: (سأقول بصراحة وأرجو أن لا يتالم أحد. كم قال القائلون أن السعوديين يكفّرونكم وكنا نشك في بعض ما يقال. ولقد رأيت بعيني هنا أمراً آلم نفسي… فقد كنت بالحرم أمرّ خلف المقام بعد الطواف فشاهدت جماعة يلتفون حول شخص مصري ويقولون له بعنف شديد وقسوة "أأنت قلت يا رسول الله؟!" هنا خاف الشخص في نفسه وأنكر ـ أنه قال يا رسول الله! ـ وانكمش وذعر إلى درجة أفاضت عيني من الدمع وقد جاءني بعد ذلك ومعه كثيرون من المصريين يقولون لي: "أرأيت كيف ينكرون علينا قولنا يا رسول الله ويدعوننا إلى الكفر؟!" فهّدأت روع من جاءني وقلت لا تفزعوا حتّى يتبين الحق!. وأنا أناشدكم الله ورسوله ـ وإذا قلت ورسوله فلا أريد أن يعترض علّي معترض لأن هذا هو اعتقادي!).. وقال: (والحجاز مركز عام لاهل القبلة جميعا يفد عليه المسلمون من كل فج على اختلاف مذاهبهم الفقهية والكلامية ليقضوا مناسكهم ولهذا يقرر المؤتمر أن يؤدي الحجاج عبادتهم ومناسكهم ولا يمنعوا منها أبدا ولا تمس كرامتهم)… ولما رأى السعوديون أن كل أعضاء المؤتمر قد وقفوا ضدهم وأدانوا الاحتلال السعودي، بالجرم المشهود والافعال المنكرة حاولوا أن يخرجوا في هذا المؤتمر من يخفف من تلك الصفعات التي وجهها اليهم أعضاء المؤتمر العالمي الإسلامي في مكة…، فاتفقوا مع أحد الباكستانيين على جملة من الكلام مقابل صفقة مالية فوقف يشكر أعضاء المؤتمر على جهودهم واجتهادهم ويدعوهم للصلح والتسامح ثم تدرج رويداً رويداً إلى كيل الشكر والثناء والمديح للملك الغاصب عبد العزيز بن سعود وقال: (ان ابن السعود باعتباره حاكماً للحجاز فان له سيادة نوعية على العالم الإسلامي أجمع) فنهض الشيخ الظواهري مقاطعا كلامه بقوله: (نحن لا نقرك على قولك هذا) ثم أعلن الهنود والجميع بأنهم براء من كلام هذا الرجل الشاذ وأنه لم يخبرهم بما قاله من منكر!… وانتهى المؤتمر بمثل ما افتتح به من رفض مطلق لحكم الاحتلال السعودي… فأقام ابن السعود وليمة للمؤتمرين وحاول أن يخدعهم بكثرة الطعام ومعسول الكلام… ولكن الجميع أعربوا له أنهم على علم بأنه سوف لن ينفذ أي قرار من قرارات المؤتمر وأنه ما دعاهم إلا تستراً على أعماله الفاحشة وتضييعاً للوقت ليتمكن من السيطرة على الاراضي المقدسة بقوة الاحتلال السعودي، وقال الشيخ الظواهري: (انني أريد أن أتكلم لك يا عبد العزيز في شئ مهم وهو أننا زرنا اليوم المآثر والمقابر فرأينا ما فتت أكبادنا وأسال دموعنا ومالا يقره دين ولا شرف ولا انسانية. فقد رأينا الكلاب ترتع وتبول على أرض مسها جسم النبي العربي عليه السلام وهدمتم كل آثار هذا النبي ومآثر جهاده في سبيل اعلاء شريعة العدل والسماحة والمساواة والحرية وأصبحت كل هذه المآثر قاعا بلقعا تتكاثر فيه الكلاب وقلنا: لا شك أن حاكم فعل هذا باسم الدين هو من الدين براء، بل هو لم يأت إلا لخراب الدين وقواعده واسسه وكل ما يدل على تاريخه، يا عبد العزيز… ان من كان قبلكم من الفاتحين المسلمين كانوا يحولون معابد غير الله إلى مساجد ومنابر لحرية الرأي ومهما قلتم في أسباب هدمكم لمآثر النبوة والرسالة الإنسانية فلن يبلغ إلى مرتبة إلى مرتبة التصديق). وهنا ألقى عبد العزيز باشارة إلى بعض حاشيته الذين أخذوا يحثوه على القيام، وقطع الحديث.. فقان بكل قلّة أدب، مما أغاظ الحاضرين… ثم أرسل إلى الوفود بهذا الخطاب الذي كتبه جون فيلبي وحافظ وهبة وينتقد فيه أعضاء المؤتمر من جهة، ومن جهة يكيل الوعود بالعمل للبلاد والحريات والبناء التي لم يفعل منها آل سعود أي شئ حتّى الآن!.. النص الحرفي لخطاب عبد العزيز المترجم باسمه من الانكليزية للعربية، وثيقة عار في وجهه يقول الخطاب: لا أريد أن أتدخل في أعمالكم ولا أقيد حرية المؤتمر في البحث كما وعدت بذلك في خطاب الافتتاح (!) ولكني أريد أن ألفت نظركم الكريم إلى بعض الأمور بصفتي زعيماً من زعماء الإسلام الذين ألقيت اليهم مقاليد أمور هذه البلاد. ان الدعوة التي وجهتها إلى ملوك المسلمين وامرائهم وشعوبهم والتي عليها أوفدت الحكومات والشعوب ممثليها تنحصر في اسعاد هذه البلاد وانهاضها من كبوتها وجعلها في المستوى اللائق بكرامة المسلمين دينياً وعلمياً وأدبيا. ولقد كنت أنتظر من حضراتكم كما ينتظر اخوانكم المسلمون في كل مكان أن تخطوا خطوات واسعة في هذا السبيل ولكن يظهر أننا نحاول القيام بكل شئ في أول مؤتمر إسلامي وأخشى أن حرصنا على القيام بكل شئ يجعلنا نفقد كل شئ… وأفضل شئ التدرج في السير! اني وان لم أحضر مجلسكم واقف على مباحثاتكم بالتفصيل فاني على اتصال دائم روحي بكم "!" ويهمنا جدا أن تنجحوا حتّى تبرهنوا للعالم أن المسلمين أهل للحياة وانهم يجب أن يأخذوا قسطهم من الحياة في هذا الوجود وان دينهم لا يحول دون رقيهم وأنهم وان اختلفوا في الاراء والافكار فهم أمام المصلحة العامة كتلة واحدة لا تنفذ إليها الاغراض والاهواء "!" أيها الاخوان: اني لا أريد علوا في الأرض ولا فسادا ولكن اريد الرجوع بالمسلمين إلى عهدهم الأول عهد السعادة والقوة. عهد الصحابة والتابعين ومن تبعهم باحسان!. لا شئ يجمع القلوب ويوحدها سوى جعل أهدافنا تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بقعة في الأرض تصلح لهذا الغرض سوى هذه البقعة الطاهرة التي منها بزغ شمس الإسلام ولذا فاني أرى أن تكون الكلمة العليا والرأي النافذ لجميع العلماء المحققين الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم وان جميع البلدان الإسلامية مملوءة بالعلماء أولو البصيرة والخبرة فلترسل كل امة منهم جماعة ليقوموا بالوعظ والارشاد وتقرير ما يجب تقريره في هذه البلاد. كلنا يعلم أن هذه البلاد ينقصها شئ عظيم من الاصلاح دنيا ودينا فشاركونا في ذلك نشكركم ويشتد ساعدنا بكم. أما إذا تركنا نسير وحدنا والوقوف موقف الناقد العاذل فذلك لا يليق بالاخوة الإسلامية!.. أيها الاخوان: انا لا نكره أحدا على اعتناق مذهب معين أو السير في طريق معين في الدين فذلك موكول أمره لعلماء الدين وحملة الشريعة. ولكني لا أقبل بحال من الاحوال التظاهر بالبدع والخرافات التي لا يعتبرها الشرع وتأباها الفطرة السليمة. لا يسأل أحد عن مذهبه أو عقيدته، ولكن لا يصح أن يتظاهر أحد بما يخالف اجماع المسلمين أو يثير فتنة عمياء بين المسلمين، وخير لنا أن ننظر إلى صالح المسلمين. ونترك هذه الأمور الجزئية للعلماء فهم أحرص منا على ذلك!!. أيها الاخوان: أرجو أن لا تضيع الفرصة الباقية قبل أن تستفيد البلاد المقدسة منكم حتّى يجئ الحج القادم ويشعر المسلمون الوافدون أنكم قمتم بواجبكم نحو هذه البلاد! وبهذه المناسبة اقدم لكم خطتنا السياسية لهذه البلاد لترشدونا إذ أخطأنا وتؤيدونا ان أصبنا: 1 ) اننا لا نقبل أي تدخل أجنبي في هذه البلاد الطاهرة أيا كان نوعه! 2 ) اننا لا نقبل امتيازات لاحد دون، أحد بل جميع الوافدين لهذه البلاد يجب أن يخضعوا للشريعة الإسلامية! 3 ) ان البلاد الحجازية يجب أن يوضع لها نظام حيادي خاص. لا تحارب ولا تحارب، ويجب أن يضمن هذا الحياد جميع الحكومات الإسلامية المستقلة! 4 ) النظر في مسائل الصدقات والمبررات التي ترد من سائر الاقطار العربية الاسلامية ووجوب صرفها وانتفاع البلاد المقدسة منها! هذا ما أحببت تقديمه اليكم والله يتولانا برعايته يوفقنا جميعا لما فيه خير الإسلام والمسلمين!… وهكذا تملص عبد العزيز من رفض سيطرته الملكية، ومطالبة المؤتمر باقامة حكم جمهوري ديمقراطي محايد في الحجاز، واكتفى بارسال هذا الخطاب التافه السعودي… وفيما يلي المذكرة التي قدمها أعضاء المؤتمر وكانت من وضع الوفد المصري وشيخه الظواهري: نص مذكرة الشيخ الظواهري شيخ الأزهر قد عرض الملك عبد العزيز بأن المؤتمر وقف من حكومته موقف الناقد العاذل!. وعقيدتنا أن جميع أعضاء المؤتمر ما كانوا يقصدون إلا إسعاد الحجاز وان قلوبهم كانت ممتلئة بالاخلاص. ولقد أعرب الملك عن الرغبة في ترك المسائل الدينية للعلماء، وظاهر أن ذلك لا يمكن أن يكون لعلماء مذهب واحد ولا لعلماء المذاهب على أن يجتمعوا من سائر الاقطار بمكة للتناظر والمجادلة وايقاظ التعصب المذهبي. انّما الممكن أن يكون ذلك لعلماء كل المذاهب على أن يرشد كل فريق اتباع مذهبه إلى حكم الله في ذلك المذهب وارشاد الحكومة الحجازية إلى ما هو من مواضع الوفاق وما هو من مواضع الخلاف وهذا هو ما قرره المؤتمر في هذا الشأن قبل أن يصل إليه كتاب الملك. ولقد قال أنه لا يقبل بحال من الاحوال التظاهر بالبدع والخرافات التي لا يعتبرها الشرع وتأباها الفطر السليمة. وهذا قول حق إذا كان المراد به ما يقرره جميع علماء المذاهب الإسلامية انّه من البدع والخرافات. أما ما يقول فريق من العلماء أنه منها ويقول فريق آخر أنه ليس منها فلا تمكن الموافقة على أنه مدلول هذه الفقرة. وقد قال الملك عبد العزيز أنه لا يسأل أحدا عن مذهبه ولكن لا يصح أن يتظاهر أحد بما يخالف اجماع المسلمين أو يثير فتنة عمياء وهذه الكلمة الاخيرة (أو يثير فتنة عمياء) واسعة النطاق غير محددة فقد يفهم قوم أن من التظاهر بما يثير فتنة عمياء التظاهر بمنع الناس من أمور جائزة في مذاهبهم وقد يفهم آخرون أن من ذلك، التظاهر بفعل ما تبيحه المذاهب متى كان ممنوعا في مذهب آخر ولا شك أن في تطبيق هذا المبدأ خطرا كبيرا قد ندرك مغزاه من الحادثة الآتية: سأل سائل أمامنا الشيخ ابن بلهيد كبير العلماء السعوديين وقاضي القضاة عن سبب منع شرب الدخان فقال "نحن لا نمنعه لانه حرام ولا لانه حلال فنحن نعلم أن فيه خلافا بين العلماء وانما نمنعه لأن السعوديين إذا رأوا من يشربه ذبحوه"! فهل هذا هو الذي يعنيه "جلالة" ابن السعود بهذه الفقرة؟! وهل يريد السعوديون أن يحكّموا البدو في كل من يفد على الحجاز بمثل هذه العلة. وهل مثل هذا التصريح الفتوى في مصلحة السعوديين وفي مصلحة الحجاز نفسه؟. وهل مع هذا يمكن أن يأمن الناس في حرم الله حيث يأمن الحيوان والنبات ويكون الحاج في خطر الذبح أن خالف مشيئة آل سعود ولو في شرب سيجارة!.. ومن هم الاحق بالمقاومة والردع، أولئك الذين يذبحون شارب الدخان أم أولئك الذين يفعلون ما تبيحه مذاهبهم الإسلامية لا يضر أي إنسان!. وقال عبد العزيز: "وخير لنا أن ننظر إلى مصالح المسلمين ونترك هذه الأمور الجزئية للعلماء" وقد كنا نود أن يراعي هذا المبدأ من أول الامر فلا تهدم المآثر وغيرها حتّى يرى علماء المذاهب الإسلامية رأيهم فيها!. ولقد بين عبد العزيز خطته السياسية وطلب الارشاد ان كان ثمة خطأ ولو اتيح لنا أن نفحص هذه الخطة ونبين نتيجة الفحص لبيناها كالآتي: قال في البند الأول "اننا لا نقبل أي تدخل أجنبي في هذه البلاد الطاهرة أيا كان نوعه" وكلمة "الاجنبي" هذه مجملة… فإذا كان المراد بها هم أعداء العرب والاسلام، فذلك ما يؤيده فيه كل العالم الإسلامي. إلا أن تطبيق ذلك مع الجمع بين "سلطنة نجد ومملكة الحجاز" يحتاج إلى دراسة المعاهدات التي عقدها ابن السعود مع الدول الاجنبية والانكليز بالذات خشية أن يكون فيها يا حمل اقرار الجمع اقراراً بوجه من الوجوه التدخل الذي نهى عنه في هذا البند! فمثلا إذا فرض ان لدولة أجنبية حق التدخل في تعيين سلطان نجد من بين آل سعود كان معنى ذلك أن لهذه الدولة حق التدخل في تعيين ملك الحجاز ما دام سلطان نجد هو ملك الحجاز!. وإذا كان المراد "بالاجنبي" من ليس من أهل الحجاز وان كان مسلماً فلا ندري كيف يمكن اقرار ذلك والحجاز لجميع المسلمين!. ولا ندري كيف ساغ حينئذ تدخل ابن السعود والانكليز في نجد والاراضي المقدسة باسم الدين وهم من الاجانب!. وقال عبد العزيز في البند الثاني "اننا لا نقبل امتيازاً لأحد دون أحد بل جميع الوافدين لهذه البلاد يجب أن يخضعوا للشريعة الإسلامية"! فإذا كان معنى هذا منع ما يسمى في العرف السياسي بالامتيازات الاجنبية فذلك ما نوافقه فيه ولكنا في الوقت نفسه نتساءل عما يعنيه بالشريعة الإسلامية التي يجب أن يخضع لها كل من يدخل الحجاز فإذا كان المراد هو الشريعة في مذهب آل سعود فهناك الخطر الشديد على قاصدي الحجاز وقاطنيه فان مما تجيزه المذاهب الإسلامية ما يعده السعوديون شركا أو دون الشرك بقليل ومعنى هذا أن يكون عمل المسلم بمذهبه مما يعرّض لعقوبة الاعدام أو الضرب أو غير ذلك من وجوه التعذيب الشرعي السعودي. أما إذا كان المراد الخضوع للشريعة بأوسع معانيها فذلك ما تؤيده فيه كل التأييد ولكن ذلك بمقتضى: أولا: سن قانون شرعي يوافق عليه المسلمون على اختلاف مذاهبهم. ثانيا: اقامة قضاة يثق بهم العالم الإسلامي وإلا لم يكن هناك أي ضمان للارواح والاموال خصوصاً بعدما حدث من السعوديين عندما استحلوا دماء أهل الطائف وأموالهم وغير أهل الطائف من أجل مذاهبهم السعودية في بعض الأمور التي دفعهم الانكليز إليها… وقال عبد العزيز في البند الثالث "ان بلاد الحجاز يجب أن يوضع لها نظام حيادي خاص لا تحارب ولا تحارب، ويجب أن يضمن هذا الحياد جميع الحكومات الإسلامية المستقلة". وهذا الاقتراح انّما يفهم إذا كان على وجه يشمل مسألة الحجاز كلها. يستوي في ذلك الحاكم وطريقة الحكم فهو على هذا التقرير يمكن قبوله على الطريقة الآتية: أولا: أن يكون انتخاب الحاكم بواسطة الحكومات الإسلامية المستقلة إلى مدة معينة. ثانيا: أن يدخل في هذا الضمان كل الحكومات المجاورة للحجاز. ثالثا: إذا وقع خلاف بين الحجاز وأحد مجاوريه كان حله بواسطة الحكومات الضامنة. رابعا: لا ينتخب لحكم الحجاز أحد من آل الامارة أو الملك في الحكومات المجاورة حتّى لا توجد سبيل إلى المطامع. وهناك طريقة أخرى وهي أن ينعقد مؤتمر الحكومات الإسلامية المستقلة فيضع نظاماً وافياً لطريقة الحكم ثم ينتدب هذا المؤتمر واحدة من هذه الدول لتنفيذه على أن تكون مسؤولة أمام هذا المؤتمر تقدم تقريرها إليه في كل عام وعلى أن يراعى في وضع النظام رغبات الشعوب الإسلامية وأن يكون الانتداب إلى مدة معينة، ولا مانع من تجديده لنفس تلك الدولة وهذا هو الذي ينبغي أن يكون أساس المؤتمر الحجازي السنوي. لقد تبين في المؤتمر الأول الذي انعقد هذا العام رغبات الشعوب، فلنعقد المؤتمر الثاني من مندوبي الحكومات الإسلامية لتنفيذ رغبات الشعوب ووضعها في القالب الدولي الحكومي. أما إذا كانت مسألة الحاكم لا دخل للدول الضامنة فيها وأن معنى هذا البند أن عليهم أن يعترفوا بحكومة "جلالة ابن السعود" في الحجاز وأن يضمنوا له هذا الملك فتلك مسألة تحتاج إلى امعان النظر قبل اقرار هذا الاقتراح. وقد جعل "جلالته" الركن الرابع من خطته السياسية النظر في أمر الصدقات والمبّررات التي ترد من سائر الاقطار الإسلامية ووجوه صرفها وانتفاع البلاد المقدسة منها. وأول ما يستوقف النظر جعل هذه المسألة الجزئية ركناً من أركان الخطة السياسية على أن الصدقات والمبررات التي يرغب صاحبها في توزيعها على وجه خاص بنفسه أو بنائه لا سبيل إلى اقرار تدخل الحكومة فيها بل أمرها موكول إلى محض ارادة المتصدق. لذلك لم نفهم معنى لذكر هذا البند كركن من الخطة السياسية بل نرى أن ذكره قد يغل أيدي المتصدقين الذين لا يريدون أن يتحكم أحد في صدقاتهم. كان هذا هو رد أعضاء المؤتمر الإسلامي على خطاب عبد العزيز… وهكذا فند الشيخ الظواهري والوفد المصري جميع بنود خطاب عبد العزيز آل سعود وكل وجوه الاحتمالات وأبدى رأيه فيه بل وتعرض أيضاً لنظام الحكم في الجزيرة العربية وعدم أحقية ابن السعود فيه شرعا… الملك عبد العزيز يسحب خطابه وقد شاع أمر هذه المذكرة في المؤتمر بين الوفود المختلفة قبل عرضها رسميا وأقروها ووافقوا جميعا على ما جاء فيها الا وفد السعوديين كان ساخطا وناقماً عليها. فهي في نظرهم مذكرة جريئة من شأنها لو أقرها المؤتمر أن تقوض السياسة التي ارتآها وأعلنها عبد العزيز ليحكم البلاد بمقتضاها!. وقال الوفد السعودي (انّه وان كان حقا ان عبد العزيز في خطابه للمؤتمر قد طلب من المسلمين أن يرشدوه في شأن هذه السياسة ويبينوا له أوجه الخطأ منها الا أن أحدا من حاشية الملك أو من الوفد السعودي لم يكن يتوقع "إرشاد!" شاملا من هذا النوع أو تبيانا للخطأ بمثل هذا التفصيل!) فهو في نظرهم ارشاد معطل لمصالحهم هادم لآمالهم. ولهذا فقد عقد أعضاء الوفد السعودي النية فيما بينهم على منع المؤتمر من نظر مذكرة الشيخ الظاهري هذه. ورأوا أن أفضل طريق لذلك أن يتقدموا للشيخ الظواهري نفسه بالرجاء أن لا يتقدم بهاز ثم وسطوا عنده الشيخ رشيد رضا فانضم اليهم في الرجاء. ولكن الشيخ الظواهري اقترح عليهم اقتراحا آخر هو أن يسحب الملك خطابه. وعندئذ لا يكون هناك مجال للرد عليه فحصل ذلك فعلا فسحب الملك عبد العزيز خطابه من المؤتمر بعد أن وزع وقرأوه رسيما في المؤتمر!. وهكذا انكشف العهر السعودي باسم الإسلام!. وفي رأي أن ما طلبه الوفد المصري من ابن السعود لسحب خطابه كان عين الصواب، إذ أنه كشفه على حقيقته، وأظهر كذبه، وأنه لا وطن له ولا دين ولا ضمير ولو أن فيه ذرة من ذلك لما سحب ما كتبه خطياً من وعود وعهود!. وبعد ذلك سافرت الوفود وهي واثقة ان الحجاز قد وقع بين يدي أسرة فاجرة مخربة بعثها الانكليز من جديد لتعمل لحساب إسرائيل وله ولكل عدو للعرب مبين… وبهذه الطريقة أصبح عبد العزيز اليهودي يحمل لقب (سلطان نجد وملك الحجاز) وأصبح يتحدث عن الأمن المزعوم في البلاد!، والأمن الذي يعنيه هذا الدجال، هو: وضعه (لمهدي بك) وكيلا لاعماله في الحجاز. ومهدي بك هذا يهودي جاء به جون فيلبي من العراق للتجسس وأقام في المدينة المنورة بحجة أنه "مجاور للنبي" وهو جاسوس للانكليز فنقله جون فيلبي ليكون مديرا "للامن العام" في الحجاز وأسرف في تقطيع الاظافر وحرق الجلود بالنار وتقطيع الايدي والارجل البريئة وبربط المواطنين من أقدامهم وتعليقهم بالسقف منكسي الرؤوس حتّى يموتوا بهذه الطريقة السعودية الصهيونية كما حدث للشهيد (موسى عبد العال) على أبسط تهمة لا تمت حتّى للسياسة بصلة... فقد زعم أن أقاربه قد اشتكوه في قضية تتعلق بالارث لكن القاضي السعودي حكم لصالح أقاربه فأرسل عبد العال برقية للطاغية عبد العزيز يطلب انصافه ولكن الطاغية أرسل بالرد التالي (نكسوه) فنكس هذا المواطن على رأسه حتّى مات (مشنوقا من قدميه) والذي نفذ أمر عبد العزيز الوحشي هو فيصل بن عبد العزيز (نائب والده على الحجاز) وابن عمه اليهودي (مهدي بك) الذي كان يخفي أصله اليهودي بهذه "البيكويّة".. أما في الطائف فقد نصب مجرما آخرا يدعى عبد العزيز بن إبراهيم فكانت أحسن متعة عنده مناظر قطع الانوف والايدي والارجل والرقاب حيث لا يمر يوم واحد إلا وقد علق رزماً منها، بلا أدنى جريمة، كل ذلك بأمر من عبد العزيز ونائبه ابنه فيصل وجون فيلبي بحجة "استتباب الامن" كما يزعمون، وهكذا يعتبر هؤلاء الوحوش الفجار أن "الامن" هو انتهاك الحرمات واختطاف الغلمان والفتيات واشباع الشهوات وسرقة أموال الشعب وقتل حرياته، ودفن المواطنين أحياء في قبور يسمونها السجون، وصلبهم "في الحطبة" على ظهورهم فلا يستطيعون حراكا ولا يطعمون طعاما ولا ماء حتّى يموتون موتا بطيئا، والامن السعودي هو، اقتياد المواطنين وبيعهم وشرائهم عبيدا، وطرح الإنسان أرضا ليجلس اثنان على رأسه أو يدوسون رأسه بنعالهم، ويجلس اثنان على قدميه ثم يجلد حتّى يتمزق جلده، والامن هو الزواج بالآلاف ـ بطريقة لا شرعية ـ والتناسل بالآلاف بطريقة لا شرعية ـ هذا هو الامن السعودي الذي عجزت أمريكا وانكلترا عن تطبيقه في بلادهما وحققته عصابة همجية أطلق عليها الانكليز والامريكان لقب "الحكومة السعودية" انّه لشئ عجاب أن تستبدل المفاهيم وتسمى الوحشية أمنا!… ولا شئ من الامن في البلاد، ولا وجود للطمأنينة في الشعب، ولا أثر للحرية الخاصة والعامة، ولا شريعة إلا التعذيب والارهاب وعصي الخيزران وسعف النخل الاخضر وما مر ذكره من ارهاب وعذاب يعجز عن ذكره الكتاب… مجزرة بني مالك هذه أمثلة قليلة عن أمنهم المزعوم، ومثال آخر: ان مجزرة بني مالك تفضح "الامن" السعودي المزعوم، فما حدث لقبيلة (بني مالك) عام 1343 هـ احدى قبائل الحجاز العظيمة شئ رهيب… فقد بدأ عبد العزيز وعصابته يفرضون الضرائب والاتاوات والجزاءات باسم حق الله واسم الزكاة على الابل والاغنام والارض والماء والطرقات (وحماية الاعراض) !.. كما يقولون وكما ذكرنا في موضع آخر، وأخذوا يرسلون ـ الجباة ـ الخراصين ـ لجميع الاموال والنساء لعبد العزيز وعصابته فوصل خمسة من جنود رجل الخيانة إلى مواقع قبيلة بني مالك وحلوا ضيوفا على بيت عبد الله بن فاضل رئيس القبيلة، فقام ابن فاضل بإكرامهم ووفر لهم ما لم يتوفر له ولقبيلته من طعام ومنام، وذبح لهم الخراف، ولكن لا كرامة للئيم، فلم يكتف الخمسة السعوديون بهذا الكرم العربي ولا بما أرسلوا لسلبه من أرزاق أفراد هذا الشعب، بل حاولوا سلب عدد من نساء القبيلة كهدايا لعبد العزيز ـ كما قالوا ـ . فحاول البطل ابن فاضل أن يقنع رسل عبد العزيز بالتي هي أحسن وقال لهم: هذا يعتبر عيبا في العرف العربي!… ولكنهم أصروا على العيب نفسه!.. واعتدوا على رئيس القبيلة بالضرب. فما كان منه الا أن أدى واجبه نحو وطنه وقبيلته وشعبه وشرفه بقتل المجرمين شر قتلة متحملا كل ما سيأتيه من ملك الشر الذي هو أقوى منه وهو يردد "النار ولا العار". وما أن علم عبد الانكليز ابن سعود بمقتل رسله المجرمين حتّى جهز حملة قوامها عشرون ألفا "لتأديب قبيلة بني مالك" المؤمنة المجاهدة وأباح تجار دينه دماءها وأموالها وأعراضها، وانقسمت تلك الحملة إلى قسمين، قسم يقوده محمد بن سحمي العاصمي القحطاني وقد سلكت طريق تهامة نحو وادي بني مالك وقسم يقوده إبراهيم النشمي وسلكت طريق الحجاز نحو الوادي المذكور فأحاطوا بهم… فحلت تلك الحملة بواديهم الاخضر (وادي مهور) فأحرقته بالنار وقطعت أشجاره وهو من أخصب أودية الطائف في الحجاز وأبادت قراه ومن فيها وقتلت نحو أربعة آلاف من الرجال والنساء والاطفال وشردت ما تبقى من القبيلة وقوامها يزيد عن العشرة آلاف نسمة، واستولت على عدد من النساء والصبيان وردمت الآبار ودفنت الجداول وأهلكت المزارع، وقد وصف أحد الكتاب ما حل بهذه القبيلة من مأساة بقوله: (واكتسى الوادي بأدغال موحشة بدلا من أنسه، وصار مأوى للقردة والبوم بعد قطانه، وأبيدت زهاء ستين قرية لم يبق منها إلا الاطلال فتوهمت اني أمر باقليم حلت به كارثة من كوارث الطبيعة عفت آثاره ومحت معالمه ومضت عليه بعدها ألوف السنين حتّى جاء من يكشفه وينقب عما أبقته الكارثة من رسومه واطلاله)!! وتخريبهم لمكة وما فعلوه في قبيلة بني مالك وبلادها فعلوه أيضاً مع قبيلة الأشراف في وادي فاطمة فقد استولوا على أراضيهم وهدموا آبارهم وأهلكوا أشجار الوادي وقتلوا منهم العديد، ولم يكتفوا بهدم بيوت حكام الحجاز السابقين بل انهم أمعنوا في هدم معظم بيوت المواطنين وكان دافعهم لهذا، هدفين: الهدف الأول هو التخريب لإرهاب الشعب الذي يعرفون كرهه لهم، والثاني: هو البحث عن الأموال لتوهمهم أن المواطنين قد أخفوا أموالهم في جدران البيوت فأخذوا يحفزون أسس البيوت حتّى ينهار البيت!… وقد استقر بعض الوحوش السعوديين في ثكنة ـ جرول ـ وكانت أجمل ثكنات الحجاز وأكبرها فاقتلعوا جميع أبوابها ونوافذها وجعلوا منها وقودا ولم يبق منها سوى سقف الثكنة لانه كان من الإسمنت المسلح. وكذلك فعلوا في قصر ـ الشيبي ـ بالابطح، وكانت العصابة السعودية تدفع جنودها كلما توقفوا على التخريب… وهكذا فعلوا بسكة حديد الحجاز، الممتدة من الشام حتّى المدينة المنورة ليقطعوا أي اتصال بين الجزيرة العربية وبلاد الشام!.. ولا زال الخط الحديدي الحجازي خربا رغم كل المحاولات التي بذلت من الشعب السوري وحكوماته المتتالية… لخشية السعوديين أن يحصل تقارب بين بعض البلاد العربية ويحتك الشعب العربي ببعضه فيتولد الشرر الثوري من هذا الاحتكاك، وكذلك بالنسبة لخط حديد الظهران، فقد كان مقررا أن يعبر هذا الخط من الظهران إلى نجد والحجاز، ولكن شركة أرامكو الاستعمارية المكلفة ببنائه رأت أن يتوقف في الرياض فقط، وقالت إن هذا هو أمر الملك، فالملك لا يريد أن يسهل اتصال شعب الجزيرة ببعضه وأن لا تتقارب بينه المسافات!.. مجازر المدينة المنورة كانت المدينة المنورة متقدمة كثيرا حتّى في عهد الاحتلال العثماني الذي يعتبرونه عهد تخلف وانحطاط، فقد كان العثمانيون يضعون في المدينة جهدهم للدعاية بحجة (أن من يكرم المدينة يكرم الرسول!) حتّى جاء العهد السعودي الذي دمر كل ما فيها من آثار ثورية تدل على تلك الانتصارات العظيمة لرسول الإنسانية والاشتراكية محمد بن عبد الله على اليهود من بني القينقاع وبني النضير والملوك الخونة، فحاول آل سعود هدم ضريح الرسول، وهدموا عددا من مساجدها ومآثرها وقبور الشهداء والصحابة فيها ودمروا كل أثر يدل على أي انتصار من انتصارات العرب وأمعنوا في الآمنين قتلا ونهبا لشعبنا في المدينة وقتلوا ونفوا كل رجل دين مخلص للدين الحقيقي ـ الذي هو خدمة الشعب لا سواها ـ وشوه السعوديون الآثمون كل جمال في المدينة، فتشرد الكثير من أهلها، وعملوا على الإقلال من أهميتها وأحلوا بأهلها بعد ذلك كوارث على يدي جزار سعودي اسمه عبد العزيز بن إبراهيم بعثوا به في 10 ربيع ثان 1346 هـ ، لكنه رغم هذا فقد قامت عدة انتفاضات فيها ومن حولها، منها: انتفاضة أبناء الشيعة الذين يسمونهم (النخاولة) أي الفلاحين الذين لم يصبروا على إهانات العصابة السعودية، وقبلها بمدة عندما قامت ثورة بن رفادة ومعه قبائل (جهينة وبلى والحويطات وبني عطية) فقد تمكنت أسرة بني القينقاع السعودية من إخماد تلك الثورة الوطنية ونجحت لسببين، السبب الأول هو انّه قام بالثورة عدد من القبائل في وقت كانت فيه كل القبائل الباقية في الجزيرة إما مغلوبة على أمرها واما مخدوعة بما تدعيه عصابة الغدر السعودية من مُثل كاذبة، والسبب الثاني: بريطانيا!… بريطانيا التي بذلت كل قواها وما بوسعها لا نجاح عميلها الجديد ـ عبد العزيز… وهكذا فشلت ثورة ابن رفادة… وكيف للثائر ابن رفادة أن ينجح وقد عرفت عنه حكومة ملكية في مصر آنذاك هي نفسها محكومة للإنكليز؟… لقد خُدع الثائر ابن رفادة ولم يعلم أن كل حركة من حركاته وسكنه من سكناته كانت تصل إلى عبد العزيز من سادة عبد العزيز الانكليز في مصر… وانتهى الثائر ابن رفادة وفشلت ثورته فقتل، وقد أشاع السعوديون أن ابن رفادة كان يريد إعادة حكم الأشراف إلى الحجاز… وهذا زعم كاذب، وكانت المجزرة، إذ قتل السعوديون ما يزيد عن سبعة آلاف شخص بعد إخماد تلك الثورة، رغم أن أكثرهم لم يشتركوا فيها، وكان نصيب النساء والأطفال وافر من مجازر آل سعود.. وزاد عدد الذين فروما إلى مصر والأردن عن عشرة آلاف خلاف الذين شردوا في الأقطار العربية الأخرى أو ماتوا غيلة في السجون الوحشية السعودية في الحجاز، وكان السعوديون يعتدون على النساء عدوانا فاحشا بحجة (إنهن نساء الكفار) وكان نصيب قبائل جهينة وبلي والحويطات وبني عطية وافر من ضحايا القتل السعودي والتشريد.. لكن الذي مر على الحجاز من هذه المآسي. مر على نجد وعسير والإحساء وحائل والجوف، على أيدي فرق القتل السعودية… وما فعله آل سعود في عهدهم الأخير فعلوه سابقا في عهد الآفاق محمد بن عبد الوهاب وشريكه محمد ابن سعود حينما قاتلوا شعبنا في الرياض واغتالوا حاكمه دهام بن دواس بحجة "أن أهل الرياض من الكفار" كغيرهم من أهل (نجد) كلها بجميع مدنها وباديتها وقراها، (و لا زالت آثارهم في نجد تشهد على جرائم آل سعود). والمجازر السعودية في وادي الدواسر ومن يذهب إلى وادي الدواسر ـ مثلا ـ فعليه أن يتأكد ممن عايشوا المجازر السعودية الأولى فيخبره هؤلاء عن قصص الآبار المردومة والبيوت المهدومة والنخيل والأشجار المحروقة بعد أن قتل آل سعود ثلاثة آلاف من أبناء شعبنا في وادي الدواسر بحجة أنهم "كفرة" رغم أن معظمهم قتل في المساجد غدرا وهم يؤدون صلاة الصبح وهدموا عليهم المساجد وأحرقوا جثث أبناء الدواسر المؤمنين بالنار التي أوقدها آل سعود بسقوف المساجد المهدومة على المصلين!. ثم خرجوا على بيوت شعبنا في وادي الدواسر ونهبوها عن آخرها وكانوا يقطعون أصابع أرجل الأطفال ثم يقطعون أرجلهم ثم يقطعون أصابع أيديهم ثم يقطعون أيديهم ويتركونهم أحياء ليموتوا موتا بطيئا، وإمعانا منهم في إرهاب البقية، قاموا باستخراج عدد من عيون الأطفال بخناجر "جند الإسلام" المزعومين وسلموا عيون الأطفال للأطفال أنفسهم بأيديهم، وقد حدث هذا في عهد عبد الله بن فيصل (الأول) وذلك عام 1286 هـ وكذلك حدث مثل ذلك لشعبنا في وادي الدواسر على يدي محمد بن عبد الوهاب وزوج ابنته عبد العزيز بن محمد بن سعود عام 1179 هـ ـ 1766 م حالما تولى منصب والده محمد بن سعود الذي مات من إسهال أصابه عندما هاجمه أبناء شعبنا من قبائل نجران بقيادة حسن بن هبة الله والعجمان وبني خالد بقيادة حاكم الإحساء آنذاك عرار الخالدي، ( بعد أن تواعدوا بالزحف في آن واحد من نجران والإحساء على "درعية" بني القينقاع آل سعود).. وما من قبيلة أو مدينة أو قرية الا واتهمتها عائلة آل سعود اليهودية وشريكتها الوهابية "بالكفر" وقاتلوها باسم الكفر بينما أهلها يصلون ويصومون ويشهدون بالله ورسوله!.. حتّى أهل الدرعية الحقيقيين من الدواسر قتلهم الجد اليهودي الأول لآل سعود واستبدل اسم أراضيهم المعروفة باسم (الجزعة وغصيبة) باسم آخر هو (الدرعية) مكايدة للعرب وتفاخرا من هؤلاء اليهود بأنهم "اشتروا" درع الرسول العربي محمد بن عبد الله من كبار بعد هزيمة النبي محمد في معركة أحد… (الجيش السعودي الأول) يثور ثورة الجيش السعودي، أو انقلاب الإخوان… والاخوان: هم الجيش السعودي الانكشاري الأول، فهم الذين جعل منهم الانكليز "إخوانا" وسنوا لهم دينهم من حيث لا يعلمون، وضللهم الانكليز بعدد من أصحاب الذقون المستعارة والضمائر العفنة والألسنة المشعوذة الكذابة الذين جعل منهم الانكليز علماء دين وهم عملاء… لكنهم استطاعوا خداع "الأخوان" بالفتاوى الكذابة بتكفير كل من لا يركن للإنكليز وآل سعود… إلا أن ضمائر الإخوان استيقظت أخيرا، لكنها يقظة ما بعد السقوط وفوات الأوان، أي بعد أن أصبح أكثر الشعب حضره وقبائله يكرهون الاخوان كرههم للنجاسة، حتّى أن الكثير من شعبنا تمنوا لو أتيحت له الفرصة للاغتسال بدماء "الاخوان" أو شربها نتيجة ما فعله "الاخوان" بالآمنين والمؤمنين من جرائم لا تغتفر أبدا وهذا ناتج عن جهل هؤلاء "الاخوان" وما بذل لهم من مغريات في الدنيا والآخرة!. وأخيرا استيقظت ضمائر "الاخوان" بعد موتها وتعفنها، بعد أن كشف لهم الانكليز عن وجوههم واكتشفوا بأنفسهم عمالة عبد العزيز وكذبه وتدجيله باسم الدين وتنكره لهم ولما كان ينادي به ضد الملكية بقوله: "ان الملكية هي الكفر بعينه"!… لكن الانكليز سلموا لعبد العزيز عرش الحجاز، وأعلنوه ملكا عضوضا… ولهذا ثار هذا الجيش السعودي المرعب المتوحش، ثار الجيش الذي أنشأه الانكليز لعبد العزيز ضد عبد العزيز والإنكليز، ووجدها عبد العزيز والإنكليز فرصة لان يقولوا لأعداء هذا الجيش السعودي: قاتلوا هذا الجيش السعودي. وبعد أن كانت فتاوى تجار الدين تنهال لتمهيد طرق الدنيا والآخرة لهذا الجيش الإجرامي، انهالت لتمهد ضده طريق النار!… فأفتى تجار الدين السعودي "بأن الاخوان من الكافرين"!.. وهكذا أصبح الاخوان كفاراً بعد أن كان شعبنا هو الكافر!!. في فتاوى تجار الدين والاخوان… وتحول اسمهم من "جيش الله".. إلى "جيش الشيطان" بعد أن كانوا هم (الإسلام والإيمان بعينه) حينما كانوا يسفكون دماء الأبرياء في الإحساء ونجد وحائل والجوف والطائف والمدينة ومكة بقعة من الحجاز وعسير وتهامة اليمن وديار الشام والعراق والكويت، يباركهم رجال الدين وآل سعود والإنكليز… أما بعد أن ثاروا على الدجل السعودي الإنكليزي فانهم من الكافرين!. وكانت فرصة للأكثرية الساحقة من بني شعبنا حضره وباديته أن يثأروا من "الاخوان" المكروهين.. نعم يثأروا لأرواح ملايين الشهداء والأحبة.. فانطلق الشعب يطارد هذا الجيش، بإجماع وتصميم للتخلص منه، فتلاقت هذه الإرادة الشعبية مع الأسف… مع إرادة الانكليز وعبدهم عبد العزيز.. والشعب يعرف ذلك جيداً، ولكن ماذا يهمه من إرادة عبد الانكليز والإنكليز، ما دام في ذلك إبادة لشرّ البرية الذين سنحت أبادتهم؟… لكني ـ مع هذا ـ أقول: ان ضمائر شيوخ "الاخوان" قد صحت على هول ما ارتكبوه من منكرات وفواحش بقيادة عبد العزيز اسماً وقيادة الانكليز عملاً.. أول إنذار وكانت أول يقظة لهم بدأت بعد مجزرة الطائف ودخول مكة… فقد حضر شيوخ الاخوان يوم عيد الفطر عام 1343 هـ ـ وهو أول عيد للاحتلال السعودي لمكة لا أعاده الله. في ذلك اليوم وقف فيصل الدويش في قصر خالد بن لؤي الذي نصبه عبد العزيز والإنكليز مؤقتا على مكة فقال: (نحمد الله يا خالد ويا "الاخوان" على نعمته فقد دخلنا بلد الله الحرام وطردنا الشريف من هذا البيت، اننا جند الله وخدم لدينه،لم نأت إلى مكة إلا بعد أن أفهمنا أن في مكة حكم للشريف كافرا بالدين يركن للإنكليز ويأتي المنكرات والبدع والشرك، وجئنا لإزالة المنكرات والبدع والشرك والحكم الملكي وتحكّم الانكليز في بلد الله الحرام!. ولكننا اليوم رأينا قادتنا وكبراءنا اصبحوا يرتكبون البدع والمنكرات والشرك ويركنون للإنكليز ويعلنون أنفسهم ملوكاً وكانوا يقولون ان الشريف يفعل هذا، ولكن هذا السيف وهذا الجند سيعمل فيهم مثلما عمل في الشريف… قولوا اللهم آمين..)! فردد "الاخوان" آمين… اللهم آمين… وإياك نعبد وإياك نستعين!… وكان هذا أول إنذار يوجه من قادة الاخوان لعبد العزيز والإنكليز… واغتاظ عبد العزيز كثيراً لهذا الإنذار، لكن جون فيلبي نصحه ان لا يحرك ساكناً كي لا يثير مشاكل أخرى فيتبع الاخوان قولهم عملا… ولكن ما كان يحذره قد ظهر جلياً في مؤتمر عقده "الاخوان" بتاريخ 3 رجب 1345 هـ في الارطاوية.. إحدى الهجر التي اتخذ منها الاخوان مقرا دينياً لهم في نجد… وقد حدث هذا بعد مضي سنة تقريبا على الإنذار الأول من الاخوان، وحضر المؤتمر رؤساء لإخوان من قبائل مطير وعتيبة والعجمان، وتعاهدوا فيه "على نصرة دين الله" كما يقولون. واتخذوا فيه القرارات الآتية: قرارات الجيش السعودي لإدانة آل سعود وبدء الثورة أولا: ينكر الاخوان على عبد العزيز بن سعود ركونه للإنكليز وإدخالهم البلاد المقدسة وادعاءه انهم دخلوا في دين الإسلام كما ينكر الاخوان تنصيب عبد العزيز ملكا فالإسلام يحرم الملكية. ثانياً: ينكر الاخوان إرسال عبد العزيز ولده سعود إلى مصر لعقد اتفاق مع الانكليز. ثالثاً: ينكر الاخوان على عبد العزيز إرسال ولده فيصل مع فيلبي إلى بلد الشرك لندن لرهن بلادنا للإنكليز وتدريبه في دوائرهم. رابعاً: ينكر الاخوان على عبد العزيز استعماله للعطور وللسيارات وسكناه في القصور وزواجه بعدد من النساء والجواري في كل بلد يحل فيه كما ننكر لبسه وأبناءه افخر الملابس وأكلهم أفخر المأكولات وجعل أموال المسلمين كلها بأيديهم دون غيرهم، وزعم عبد العزيز وأبناءه في كل مناسبة انهم أخذوا البلاد بالسيف وحدهم ولم يروا لنا أي اعتبار بينما (نحن ذلك السيف) الذي يقولون عنه في كل زمان ولولانا لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه… خامساً: ينكر الاخوان على عبد العزيز أخذه للضرائب والمكوس من المسلمين وكان ينكر قبل ذلك وجود مثل هذه الضرائب والمكوس على ابن رشيد والريف مع ان ما كان يأخذه ابن رشيد والشريف أقل بكثير مما يأخذه ابن سعود الآن وهو يدعي الإسلام ويتقاضى الأموال من الانكليز. سادساً: ينكر الاخوان على عبد العزيز منع المتاجرة مع الكويت واتهامه لأهل الكويت بالكفر لأن أهل الكويت ان كانوا كفاراً حوربوا، وان كانوا مسلمين فلماذا المقاطعة؟!… والحقيقة انّه لخلاف بين الانكليز وأهل الكويت يغضب عبد العزيز لغضب الانكليز، والإسلام من هذا براء… سابعاً: يقرر الاخوان انّه لا عهد ولا طاعة لعبد العزيز لأنه خان العهد وأخلف الوعد وعمل للمشركين… هذه هي بعض القرارات التي اتخذها مؤتمر الاخوان في الأرطاوية، وكان عبد العزيز وقتها في الحجاز فأسرع بالسفر إلى نجد عن طريق المدينة محاولا علاج غضبة الاخوان بالحيل والدجل، وما أن وصل الرياض حتّى دعا زعماء الاخوان إلى مؤتمر عقده في الرياض بتاريخ 25 رجب سنة 1345 هـ ـ 17 يناير 1927 وحضر الدعوة جميع زعماء الاخوان إلاّ سلطان بن بجاد، وهو القائد الذي "فتح" الحجاز، وبرر عدم حضوره بقوله: (انّه لم يعد يثق بعبد العزيز وأقواله الكاذبة وخاصة بعد أن اتخذنا قراراتنا بتجريمه وتكفيره وعزله)!… وفي هذا الاجتماع قال عبد العزيز عن نفسه: (انّه خادم الشريعة يحافظ عليها أتم المحافظة وهو الذي يعهدونه من قبل ولم يتغير كما يتوهم بعض الناس، ولا يزال ساهرا على مصالح العرب والمسلمين)!… وهلمجرا.. وما ان انتهى عبد العزيز من قوله المباح وغير المباح حتّى حضر "العلماء" وبيدهم الفتوى السعودية المشهورة للطعن بما اتخذه الاخوان في مؤتمر الارطاوية ثم أعلنوا تعلقهم "بإمامهم" وبايعوه على ما أراد له الانكليز أن يكون (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها) وفيما يل نصل الفتوى المضبوطة: الفتوى الدينية السعودية ضد الثوار (من محمد بن عبد اللطيف، وسعد بن عتيق، وسليمان بن سمحان، وعبد الله بن عبد العزيز العتيقي، وعبد الله العنقري، وعمر بن سليم، وصالح بن عبد العزيز، وعبد الله بن حسن، وعبد الله بن عبد اللطيف، وعمر بن عبد اللطيف، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله، وعبد الله بن زاخم، ومحمد بن عثمان الشاوي، وعبد العزيز العنقري، إلى من يراه من إخواننا المسلمين سلك الله بنا وبهم الطريق المستقيم وجنبنا وإياهم طريق أهل الجحيم، آمين! سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد.. فقد ورد علينا من الإمام عبد العزيز ـ سلمه الله تعالى ـ سؤال عن بعض (الاخوان) عن مسائل يطلب منا الجواب عنها، فأجبناه بما نصه: أما مسألة اقتناء عبد العزيز وأولاده ورجال الدين للسيارات والجواري وغيرها دون غيرهم فهو أمر حادث في آخر الزمان!، ولا نعلم حقيقته!، ولا رأينا فيه كلاماً لأحد من أهل العلم!، فتوقفنا في مسألة الإفتاء فيه!، ولا نقول على الله ورسوله بغير علم!، والجزم بالإجابة والتحريم يحتاج إلى الوقوف على حقيقته!، واما، مسجد حمزة وأبي رشيد فأفتينا الإمام ـ وفقه الله ـ بهدمها على الفور… وإما القوانين، فان كان موجوداً منها شئ في الحجاز فيزال فورا . ولا يحكم إلا بالشرع المطهر. واما دخول الحاج المصري بالسلاح والقوة في بلد الله الحرام، فأفتينا الإمام بمنعهم من الدخول بالسلاح والقوة، ومن إظهار الشرك وجميع المنكرات، واما المحمل المصري والشامي فأفتينا بمنعه من دخول المسجد الحرام ومن تمكين أحد أن يتمسح به أو يقبله وما يفعله أهله من الملاهي والمنكرات يمنعون منها. واما الشيعة، فأفتينا الإمام أن يلزمهم البيعة على الإسلام ويمنعهم من إظهار شعائر دينهم الباطل، وعلى الإمام أيضاً أن يلزم نائبه على الإحساء أن يحضرهم عند الشيخ ابن بشر، ويبايعوه على دين الله ورسوله، وترك دعاء الصالحين من أهل البيت وغيرهم وترك سائر البدع من اجتماعهم على مآثمهم وغيرها مما يقيمون به شعائر مذهبهم الباطل، ويمنعون من زيارة المشاهد، كذلك يلزمون بالاجتماع على الصلوات الخمس هم وغيرهم في المساجد، ويرتب فيهم أئمة ومؤذنون ونواب من أهل السنة ويلزمون بتعليم ثلاثة الأصول، وكذلك تهدم محالهم المبنية لإقامة البدع في المساجد وغيرها ومن أبى قبول ما ذكر ينفى من بلاد المسلمين. واما الشيعة من أهل القطيف، فيلزم الإمام ـ أيده الله ـ الشيخ ابن بشر ان يسافر إليهم ويلزمهم بما ذكرناه. وأما البوادي والقرى التي دخلت ولاية المسلمين، فأفتينا الإمام أن يبعث لهم دعاة ومعلمين وإلزامهم شرائع المسلمين، واما رافضة العراق الذين انتشروا وخالطوا بادية المسلمين فأفتينا لعبد العزيز أنها من المحرمات الطاهرة! ـ فان تركها فهو الواجب عليها، وان امتنع فلا يجوز شق عصا طاعة المسلمين عليه والخروج من طاعته من أجلها، واما ضريبة الجهاد، فهي محولة إلى نظر الإمام عبد العزيز، وهو أعلم بما هو أصلح للإسلام والمسلمين ونسأل الله لنا وله ولهم التوفيق والهداية، 8 شعبان 1345 هـ)!.. هذا هو نص فتوى الدجل التي تمخض عنها مؤتمر تجار الدين أضعها كما هي، ليرى القارئ ما فيها من متاجرة رخيصة باسم الدين وما فيها من تمويه وتجاهل لمطالب جيش الاخوان وقراراتهم السابق ذكرها، وذر للرماد في العيون وتحامل على أبناء البادية عامة وعلى أبناء الشيعة بوجه خاص يظنون انهم بهذا التجاهل والتحامل بإمكانهم إطفاء غضبة "الاخوان" ولكن هيهات؟ فقد انتفض فيصل الدويش وهو الرأس الأول للإخوان الذين قاتلوا بوحشية إلى جانب ابن سعود فمكنوه كما هو رأس هذه الثورة الأخيرة ضد ابن السعود والإنكليز.. وأول شئ فعله الدويش ان أرسل قوة صغيرة هجمت على مركز بصيّة على الحدود العراقية النجدية الشمالية وقتلت من فيه من أتباع ابن سعود وذلك في 28 أكتوبر 1927، فاستنجد عبد العزيز بالطائرات البريطانية حيث وجهت انذارها بالمنشورات إلى كل عشائر الجزيرة العربية بالابتعاد عن الحدود العراقية إلى داخل نجد!، ثم أخذت الطائرات البريطانية تشن هجماتها المتواصلة على عشائرنا العربية وباشتباكها معها نحو ثلاثة أشهر تمكنت عشائرنا من اسقاط طائرتين بريطانيتين وأرسل عبد العزيز عدداً من الرسل لاقناع الاخوان بأنه سينفذ كل ما يريدون وأنه سيبتعد عن الانكليز ويرسل " المسلمين من الانكليز والذين لم يسلموا بعد والذين هم بطريقهم إلى الإسلام!، إلى ديارهم" وانه سيجعل فيصل الدويش نائباً له وسلطان بن بجاد نائباً للنائب الدويش وان المشاكل كلها لا تحل بالقوة وإنما تحل بالتفاهم!،… لكن الدويش وابن بجاد وابن حثلين اجمعوا قائلين: (اننا نعرف غدر اليهودي ومكره وعاهدنا الله اما أن يقضي علينا أو نقضي عليه)! وبعد ذلك دعا عبد العزيز إلى عقد مؤتمر، عام 1347 الموافق 1928 حضره نحو 800 من تجار الدين ورؤساء الحضر والبدو، ورفض الدويش وابن بجاد أن يحضرا هذا المؤتمر. وافتتح عبد العزيز هذا المؤتمر واختتمه بالحديث عن نفسه (ووجوب اختيار غيره من آل سعود) ثم قال: (والله وتالله وآمان الله انني سأساعد من يختارونه وان الدويش هو المسؤول عن هذه الفوضى)!.. لكن اكثر الذين حضروا هذا المؤتمر قالوا: (ان عبد العزيز لم يأت بجديد من الدجل فكل ما قاله قديم الا موضوع تنازله عن العرش حتّى ولو لواحد من اهله فهو لم يقل ذلك الا ليرى من يطالب بذلك فيطلب رأسه!..) ورغم ذلك فقد تكلم بعض رؤساء العشائر مؤيدين فكرة تنازل عبد العزيز عن العرش لانه هذا هو مطلب من مطالب الاخوان، وقالوا: (انك لو تنازلت فسوف تهدأ ثائرة الاخوان فافعل ذلك يا عبد العزيز).. ولكن عبد العزيز سل سيفه وهدد وتوعد وزعم انّه اخذها بالسيف… بالسيف … أي سيف هذا؟!… رد الثوار أما جيش الاخوان الثائرون خلف الدويش وابن بجاد وابن حثلين وابن مشهور فقد أعلنوا في الهجر (انهم لا يخشون ابن سعود ولا الانكليز لانهم ـ أي الاخوان ـ قائمون بأمر الدين واقامة الشريعة التي هدمها ابن سعود، وان ابن سعود خائن للوعود والعهود وطالب مُلك وموالٍ للكفار ، وشريك للانكليز في جميع أعمالهم وهو الذي دفعنا لتقتيل الاطفال والنساء والمسلمين في الطائف وحائل وبقية بلاد المسلمين بعد أن خدعونا بفتاويهم التي تقول بأنهم من الكفار وان من قتل واحداً منهم فله الاجر في الدنيا والجنة والحور العين في الآخرة، وهكذا تحولت الحور العين من آخرتنا إلى دنيا آل سعود يمارسون فيهن لذاتهم كل يوم وكل ليلة فهم يعيشون في الدنيا عيشة المترفين والكفار ولولا سيوفنا ما صار هذا، ولهذا فان ثورتنا على الظلم مستمرة بقتال ابن سعود).. واتبع الاخوان ذلك بشن الهجمات على مراكز ابن سعود، فطلب ابن سعود من "العلماء" اصدر فتوى تكفّر الاخوان.. وصدرت الفتوى "حسب اللازم" تهدر دم الاخوان وتكفّرهم وتعدِهم بالنار في الآخرة وتحرّم عليهم الزواج بالحور العين في الآخرة وتبشر كل من قتل واحداً منهم بالجنة والحور العين الرعابيب. فاستجاب أهالي نجد لقتال الاخوان ـ كما قلنا ـ بدافع من النقمة الشديدة على ما سبق أن ارتكبه الاخوان من أعمال وحشية بهم وبديارهم وأهليهم … وانتقل عبد العزيز إلى بريدة وجعل منها منطقة تجمّع لجيوش نجد الجديدة.. وعلم الاخوان بذلك وأخذوا بالتجمع أيضاً وأخذ ابن سعود يتقرب لهم ويرسل لها مفاوضين باسمه وهو يزحف عليهم حتّى تقارب الجيشان في "السبلةـ قرب بلدة الزلفى.. عند ذلك أرسل سلطان بن بجاد رسولاً من عنده إلى ابن سعود في معسكره، بناء على اتفاق من قادة الاخوان، بغية الاستطلاع عن قوات ابن سعود، فدخل الرسول يحمل كتابا من ابن بجاد إلى ابن سعود وسلم الرسالة لابن سعود دون أن يسلّم عليه لايمان "الرسول" أن ابن سعود أصبح ملكا ومنحرفا وعدواً للدين، واستكبر عبد العزيز بن سعود هذه الاهانة أمام جيشه الجديد فقال بحدة: (من انت يذا الذي ما تسلّم؟. الست ماجد بن خثيلة؟) وأخذ يسرد عليه تاريخه ويقذفه بالمسبات، ويقول له: (كيف تدخل علي ولا تسلم؟… اخرج وارجع إلى الذي ارسلك وقل له اننا قادمون للهجوم غدا) وعاد ماجد بن خثيلة ليخبر الاخوان بما جرى، وقال فيصل الدويش (انني سأذهب بنفسي لارى جلية الامر وإذا لم ارجع اليكم يالاخوان يكون ابن سعود قد اعتقلني أو قتلني) وكان قصد الدويش من هذه المغامرة ان يستحث الاخوان على الهجوم على ابن سعود قبل ان يهاجمهم، إذا اعتقله ابن سعود، اما إذا لم يعتقله فانه يستطيع تطمين ابن سعود وجيشه ويطلب منه ان يبيت في ضيافته حتّى الصباح وبذلك يظن الاخوان ان الدويش قد اعتقل فيهجمون ليلا وتكون مباغتة لابن سعود فيسحقه الاخوان.. ولكن" مجلس الربع" الانكلو ـ سعودي تنبه لهذه الخطة.. ووصل فيصل الدويش إلى المعسكر السعودي واخذ يبدي تودده لابن السعود و"مجلس الربع" واظهر استعداده للتسليم وانه ليس على رأي ابن بجاد وانه سيبيت عندهم!… فقال له ابن سعود: (قم فنم عند قومك وان كنت صادقا فتنح عن جماعتك والا فموعدكم غدا بعد شروق الشمس).. وذهب الدويش إلى قومه وأخذ يعدهم للمعركة وأقنعهم بضعف ابن سعود رغم ضعف اسلحة الاخوان وفي يوم 30 مارس سنة 1929 م هاجمت جيوش عبد العزيز جنود الاخوان هجمات لم يقدروا على صدها لكثرة عددها وعتادها واقدامها الحاقد المنتقم من الاخوان ولم ينتصف نهار ذلك اليوم حتّى قضى على الاخوان وهرب القليل منهم أما البقية فقد ابيدوا عن آخرهم وقد عرفت وارخت تلك المجزرة السعودية الشهيرة باسم (وقعة السبلة) أو (سنة السبلة) حيث ملئت ارض السبلة على وسعها بالجماجم والجثث ولا زالت بقايا هياكل الأجسام والجماجم والاظافر موجودة على تلك الأرض.. وكان عدد الجند السعودي/ 40.000 / وعدد جند الاخوان /4000/ كما ذكر حافظ وهبة. أما فيصل الدويش فقد سقط جريحاً وحمل على عبد العزيز بن سعود بين الموت والحياة، فتركه، بعد أن أبلغه أحد أطباء عبد العزيز الانكليز ان الدويش سيموت بين عشية وضحاها ولكنه لم يمت… اما سلطان ابن بجاد فقد فر من الموت ولكنهم طاردوه وغدروا به فاستسلم في بلد شقراء بعد أن عاهده عبد العزيز انّه لن يناله بسوء، ولكن عبد العزيز الغادر غدر به وأمر بادخاله السجن وتركه مقيداً بالحديد والحطبة بلا طعام ولا ماء حتّى مات موتا بطيئا من شدة الجوع والظمأ… وكذلك بقية الأسرى فقد قتلهم عبد العزيز في السجون وقتل 70 منهم بسيفه والقيود بايديهم.. ثم أرسل جمعاً من الجيش "المستحدث" يقوده ابن جلوي لمطاردة قبائل العجمان في الإحساء.. وتأكد الدويش ان الطاغية عبد العزيز سيلحقه بزميله سلطان بن بجاد، فهرب من حيث كان يضمد جراحه في الارطاوية واستقر بين الكويت والإحساء وانضم إليه العجمان بعد أن قتل عبد العزيز بن سعود زعيمهم ضيدان بن خالد بن حثلين بيد فهد بن جلوي الذي قتله العجمان هو الاخر انتقاما لزعيمهم. نبذة عن ثورات العجمان ومصرع فهد الجلوي وألقى فهد بن جلوي القبض على ضيدان ببن خالد بن حثلين أثر مطاردته له في مكان بالإحساء يطلق عليه اسم ـ عوينة كنهر ـ وقتله ، وكان يقف إلى جانب فهد بن جلوي احد حراسه ويدعى نايف بن حثلين ـ وهو من ابناء العجمان الشجعان ـ فأطلق النار على ابن جلوي ثأرا لابن عمه ضيدان بن حثلين رغم أن نايفاً كان خصما لابن عمه ضيدان بل انّه خرج مع ابن جلوي في تلك الحملة التأديبية ضد ابن عمه ضيدان ولكن الغيرة الوطنية دفعته لقتل فهد بن جلوي بعد أن رأى دم أبن عمه فأعلن الثورة على آل سعود في ذلك اليوم 19 ذي القعدة سنة 1347 واستمر يقود قبائل العجمان الثائرة حتّى تمكن السعوديون من القاء القبض عليه بعد ان سلمهم الانكليز وقتله الطاغية عبد العزيز مع رفاقه الدويش وجاسر بني لامي وغيرهم من الثوار عام 1352 فاستشهد نايف بن حثلين، أما عن مقتل فهد بن جلوي على يد هذا البطل نايف فكانت طعنة من اكبر الطعنات التي وجهها العجمان الأبطال لابن سعود وللطاغية عبد الله بن جلوي بقتل ابنه فهد الذي يعتمد عليه أكثر مما يعتمد على الطاغية الابن الثاني سعود الجلوي. ولم يكن فهد بن جلوي الطاغية هو أول من قتله أبناء العجمان الشجعان فقد قتلوا عام 1333 هـ قبله الأمير سعد بن عبد الرحمن آل سعود شقيق الملك عبد العزيز وحاولوا ان يقتلوا معه شقيقه عبد العزيز ولكنه هرب بعد أن أصابوه بجرح في بطنه… ولم يكن هذا فقط.. فقد جرت للعجمان ثورات كثيرة ضد طغيان آل سعود وعدوانهم وكان النصر فيها دائماً لقبيلة العجمان على الأعداء آل سعود، ففي عام 1278 هـ غدر الامام فيصل آل سعود (الأول) برئيس قبيلة العجمان بن حثلين، وادخله السجن ثم ارسله "الامام" ابنه عبد الله بن فيصل آل سعود فهجم على العجمان سنة 1278 في مكان اسمه (ملح) قرب الكويت فقتل منهم 57 بعد ان هاجمهم غدراً ولكنهم انتصروا عليه وقتلوا 136 سعوديا وهرب فيصل، واعاد الكرة عليهم عام 1279 في مكان اسمه كاظمة وكان معه عدد يفوق عدد العجمان مما اضطر العجمان إلى اللجوء إلى ساحل البحر فكانت فرصة للسعوديين ان يطوقوا العجمان من كل مكان مما نتج عنه غرق عدد من العجمان في البحر واطلق على ذلك العام اسم (عام الطبعة) وعندما رأى قائد العجمان الشجاع راكان بن حثلين أن لا مفر لهم من الموت براً أو بحراً وقف البطل في قومه العجمان وقفة أعادت إلى تاريخ الجزيرة العربية ذكرى طارق بن زياد حينما وقف في العرب والمؤمنين الأول وقال: (العدو أمامكم والبحر وراءكم فاختاروا بين الموت في البحر أو النصر) فانتصر المؤمنون الأول على الاعداء رغم قلة المؤمنين وكثرة الاعداء... هكذا فعل راكان بن حثلين حيث ركب ظهر جواده وأردف زوجته وراءه وراح يهتف في قومه يستحثهم: إما على التخلص من الاعداء السعوديين أو الموت الفطيس في البحر، ويردد قولاً اشبه بما قاله طارق بن زياد تماماً حينما اخذ راكان بن حثلين ينادي ربعه بأعلى صوته في انشودته الشعبية الشهيرة مخترقاً صفوف الاعداء: يا ربعنا ما من مَطِير جمعين والثالث بَحر بايماننا نفتح طريق لعيون مصقول النّحر هنالك.. التحم العجمان مع السعوديين الاعداء وانتصر العجمان بالحق على اعداء الحق رغم كثرة الاعداء وقلة عدد العجمان آنذاك.. ولقد كانت للعجمان مواقف مشرّفة ضد الغزاة العثمانيين حينما تعاون آل سعود مع الاتراك وادخلوهم الإحساء… لكن الاتراك تغلبوا بما لديهم من قوة على العجمان وأسروا البطل راكان بن حثلين فنقلوه أسيرا إلى الاستانة في تركيا ولم يهدأ العجمان حتّى اعاد الاتراك قائدهم البطل بن حثلين من تركيا (ولهذا حديث آخر). وهكذا استمرت ثورات العجمان ضد كل محتل ودخيل وتواصلت ثوراتهم طيلة مدد الاحتلالات السعودية المتعددة، وكان ثوار العجمان يتعاونون مع كل قبيلة ثائرة ضد آل سعود، وهو ما جعل العجمان يثورون مع الاخوان اخيراً بقيادة ضيدان بن حثلين الذي قتله الطاغية الفاسد فهد بن عبد الله الجلوي مما دعا نايف بن حثلين ليثأر لابن عمه ضيدان فيقتل فهد بن جلوي ويرفع علم الثورة من ذلك المكان عام 1347 هـ مع قبائل مطير وعتيبة الثائرة على آل سعود اعداء الوطن… وانتشر الثوار من قبائل مطير وعتيبة والعجمان في انحاء نجد والإحساء والشمال، ورغم ضعف وسائلهم الا انهم اصبحوا يهددون العرش السعودي الآثم، لكن هذا العرش الفاسد استطاع أخيراً أن يبث الشقاق والتفرقة بين ابناء هذه القبائل الثائرة نفسها.. فارسل قسماً من قبيلة عتيبة الموالية للعرش السعودي لضرب عتيبة الثائرة عليه فتمكن آل سعود بهذا الخداع اليهودي من جعل عتيبة تقتل عتيبة، ومطير تقتل مطير ابناء عمهم الذين ثاروا على العرش الفاسد وسلبوهم كل ما كانوا يعيشون منه وما كانوا يركبونه من ابل واغنام ثم ارسل الطاغية عبد العزيز آل سعود ـ ابن عمه ـ عبد العزيز بن مساعد ومعه عدد كبير من نجد لمطاردة الثوار "الاخوان" فالتقوا بعبد العزيز الدويش (ابن سلطان الدويش) وعضده الايمن، وكان في طريقه إلى ام ارضمة ـ وفيها مورد ماء كان ينوى الورد منه وقد علموا به مسبقا فسبقوه إلى الماء واستولوا عليه وما ان وصل عبد العزيز الدويش إلى الماء ظمآنا حتّى منعوه من الماء وهاجموه وجرى تبادل اطلاق النار في معركة كان الخاسر فيها عبد العزيز الدويش الذي قُتل في مجزرة ام ارضمة أو مجزرة (المسعري) حيث قتل السعوديون كل جند الدويش الابن وكان للظمأ دور كبير في جعل آل سعود وجنودهم يرتكبون تلك المجزرة في احسن مجموعة من رجال مطير الحربيين، وهاتان الضربتان قد جعلتا فيصل الدويش يهتز هزة عنيفة فتقهقر إلى حدود الكويت بعد أن أخذ السعوديون يضايقونه من الداخل. وهنا جاء دور الانكليز ليلعبوا لعبتهم القذرة، فاخرجوا السيارات المصفحة والمدافع الرشاشة والطيارات لمحاصرة فيصل الدويش على طول حدود الكويت ـ العراق ـ الأردن، ومن ناحية أخرى هاجمه محسن الفرم رئيس قبيلة حرب، ومعه ابن طواله وابن سويط وعدد من عربان العراق وكانوا موتورين جميعا من الدويش والتقوا به في يوم 30 ديسمبر 1929 قرب الحفر في شمال الجزيرة العربية وهاجموه واشعلوا النار في خيمته فهرب منهم متجها إلى الكويت ولم تتركه القوات الانكليزية بل طاردته حتّى استسلم لها بالجهرة في 9 يناير 1930 م. وفي 19 يناير 1930 أوفدت حكومة بريطانيا الكولونيل بيسكو رئيس قناصل الخليج يساعده الكولونيل ديكسون قنصل الكويت. وفي 28 يناير 1930 أقلتهما الطائرة البريطانية فيكتوريا إلى حيث كان ينتظرهم عبد العزيز آل سعود ومجلس الربع في مكان اسمه خبارى واضحة جنوب الكويت حيث عقد مؤتمر بين الانكليز وعبدهم عبد العزيز املوا فيه كل ما يريدون من شروط بصم عليها عبد العزيز وكان من بين الشروط ضياع فلسطين، وانتهوا على تسليم فيصل الدويش وأبو الكلاب وجاسر بن لامي ورفاقهم إلى عبد العزيز بن سعود، وقد زعم الانكليز انهم قد اتفقوا مع عبدهم عبد العزيز على أن يبقي على حياتهم، وما اكذب من المستعمرين الانكليز إلاّ عبد العزيز وآل سعود… فماذا حدث في هذا اليوم؟… وفي يوم 28 يناير 1930 وصل الكولونيل ديكسون وقائد البارجة الحربية في طيارة انكليزية ومعه الدويش ورفاقه المعتقلون، وكان الدويش ورفاقه قد طلبوا اعتبارهم لاجئين سياسيين لحكومة العراق وتظاهر الانكليز لهم بذلك وقالوا لهم (اننا نرى ان ننقلكم بالطائرة إلى العراق فاركبوا الطائرة) فركبوها ولم تذهب بهم للعراق وانما ذهبت بهم إلى مطية الانكليز المستعمرين الذي لا ضمير لهم… وادخل الدويش ورفاقه إلى خيمة الملك المنتظر قدومهم على أحر من جهنم، وتقدم الكولونيل ديكسون وقال: (بالنيابة عن حكومة بريطانيا اسلم لجلالتكم فيصل الدويش واصحابه)، فقال الملك عبد العزيز حرفيا: (الف شكر لكم والف الف شكر لبريطانيا العظيمة الحبيبة الصادقة في صداقتها ومودتها، انها كل يوم تقيم لي برهاناً جديداً على موتها الوطيدة وحبها. انها صاحبة الفضل الأول في تكوين عرشنا وفضلها دائم علينا) ثم انصرف الكولونيل البريطاني وبقي الدويش ورفاقه دون أن يسمح له بالقعود!. والان، اقرأوا ما قاله عبد العزيز بن سعود بكل وقاحة لفيصل الدويش في هذه المقابلة غير الشجاعة وغير المتكافئة.. قال: (يا فيصل الدويش، انت تعلم ما قصرت معكم في شئ… فهل تريدون الملك؟! من منكم له الفضل علي؟ من منكم لم آخذه بسيفي ؟! ليس منكم الا من قتلت اباه أو أخاه!، وكيف تطلب الهجرة واللجوء من جلوب والانكليز للعراق. هل تظنون انكم بعيدين عن يدي عندما تكونون تحت حكم الانكليز بالعراق ولم يمكننا إلاً الله والانكليز من هذا الملك؟!)… وتكلم الدويش… الدويش يخاطب عبد العزيز بشجاعة الثوار قال فيصل الدويش: (يعلم الله يا عبد العزيز انك لم تقصر معنا في الدراهم والهدايا والعطايا من الأحذية إلى حبال الآبار إلى الجواري… ولكن يا عبد العزيز الهدايا والعطايا ليست كل شئ في الحياة وانا أعلم أنك ستذبحني هذه المرة، ولكنني أقول لك أنت تعلم أن سيوفنا هي التي مكنتك من هذا الملك وليسوا الانكليز.. صحيح ان الانكليز اعطوك المال والسلاح والخبراء والخطط الجهنمية ولكنهم لم يعطوك رجالا غيرنا، وكنا نظن اننا نسير معك على ملّة محمد العادلة، ولكنا وجدنا في آخر الطريق الذي سويناه لك ، يا عبد العزيز، اننا نسير، وياللأسف، على ملة الانكليز معك لأنك بعت البلاد للإنكليز، ولم يبدأ خلافنا عندما كنت تحمل لقب الأمير فقط وتأكل مثلما نأكل وتلبس مما نلبس وتعيش كأنك واحداً منا، ولكنا اختلفنا معك عندما أخذ الانكليز يقلدونك قلائد السلطنة ويبدلوا مناصبك ووظائفك من اسم إلى اسم، واشتد الخلاف معك بعد أن دخلنا مكة وأشار عليك الانكليز بأن تعلن نفسك ملكا على الحجاز وسلطانا لنجد ثم ملكاً للحجاز ونجد، ثم اختلف عبد العزيز الذي كنا نظنه ما يختلف، وعندما كنا نطلب منك الابتعاد عن الانكليز كنت تقول لنا ان الانكليز يريدون الدخول في الإسلام ليساعدونا على جهاد الكفار من أهل حائل والحساء ونجد والكويت والحجاز حتّى اصبحت تعمل للإنكليز وكأنك واحداً منهم، ولقد حاربناك لا من أجل زيادة في الهدايا والعطايا ولكن من أجل ابعاد الانكليز عن بلادنا ومن أجل أن لا تعلن نفسك ملكاً فنحن نعرف الدين الذي يحارب الملوك ونحن لم نحارب حسين الشريف الا لأنه فاسد ويتعاون مع الانكليز، واشتد حقدنا عليه عندما أعلن نفسه ملكاً على المسلمين، فكيف نحارب حسيناً ونضع مكانه عبد العزيز وانت تعرف اننا نؤمن بالقرآن والقرآن يقول: "ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها" فكيف تريد أن نترك شريعة القرآن ونتبع شريعة الملوك التابعين للانكليز؟ اما طلبنا الهجرة إلى العراق فنحن لم نطلبها الا هربا من وجهك يا عبد العزيز بعد ان قاتلناك اتباعاً لديننا وتغلبت علينا بخطط الانكليز وطيارات وسيارات وذهب وسلاح الانكليز، ولم نطلب الهجرة إلى العراق إلا لأن العراق بلداً من بلاد العرب والاسلام وطلبناها بعد أن ألقى الانكليز القبض علينا، وقلنا لهم اننا لاجئين عند الشريف فيصل مع أن بيننا وبين الشريف فيصل ووالده واخوانه عداوة ولكن هجرتنا إلى بلد عربي وليست هجرتنا للانكليز، ولو اننا راكنين للانكليز لرحبوا بنا وساعدونا كما يساعدوك وحافظوا على أرواحنا بدلا من أن يسلمونا لك يا عبد العزيز، ولكننا لم نركن للانكليز ولعنة الله على من يركن لهم. لقد حملونا اليك في واحدة من طياراتهم الانكليزية، لعنة الله على الكفار، قاتل الله الانكليز واعوانهم.)!… هنا قاطعه الملك الجبان العميل، بعد أن جنّ جنون عبد العزيز لهذا القول الذي سبق أن أرسل له الدويش بمثله في عدد من الرسائل قبل ان يقع بين يديه ولم يغير شيئا منه عندما وقع بيد العميل الطاغية… فأمر بربط يدي الدويش ورجليه ومعه جماعته ووضعوهم في خيمة مجاورة له أحاطها بحراسة مشددة أقاموا فيها ثلاثة أيام حتّى اتخذ اجراءات قتلهم بطريقة لا تثير اشتباه انصار الدويش من مطير وعتيبة ممن هم مع ابن سعود، وكان لم يزل ذلك الوقت يخشى منهم، فاتفق مع عبد الله بن جلوي بأن يضرب عدداً من الخيام في رمال الدهناء بين الإحساء والرياض واتفق معه على طريقة التخلص منهم، فأرسلهم من خبارى واضحة مشيعا انهم سيرسلون إلى سجن الرياض، وفي الطريق عدل بهم الحرس إلى حيث يخيم ابن جلوي، وأطلقوا عليهم النار ودفنوهم في حفرة واحدة جمعتهم جميعا في الدهناء، وقد اختلفت الروايات عن طريقة قتلهم البشعة لكنهم قتلوا… وما أن بلغ الخبر إلى عبد العزيز آل سعود حتّى أخذ يرقص رقصة العرضة "أو الحرب" ويقول: (سنحيا اليوم حياة جديدة)!. آمرا بدق الطبول واقامة العرضة، وأخذ يرقص مع حراسه في عرضتهم قائلين: نحمد اللي خذل عدواننا وانتصرنا على قوم الدويش! ذي بريطانيا يا خواننا إشكروها وقولوا له تعيش! نعم!… قولوا لها تعيش!.. انهم يحمدون بريطانيا. انهم يشكرون بريطانيا، ولا سواها عندهم يستحق الحمد والشكر ولتعيش، فلولاها ما عاشوا وما عاثوا وما كان العملاء وما كانت إسرائيل!… ولا شك أن الطاغية عبد العزيز وذريته واخوته وآله وحريمهم قد "كتبت لهم الحياة من جديد!" كما قال عبد العزيز ـ بموت الدويش ورفاقه، وبدأت الاجور تدفع لشعراء الاجرة والتملّق، وبدأ نفس الشعراء الذين كانوا يمدحون الدويش حينما كان قائدا للجيش السعودي يذمونه أخيرا!… واستطاعت هذه العائلة السعودية أن تفرق بين أبناء القبيلة الواحدة كما فعلت مع قبائل عتيبة ومطير والعجمان وحرب. وكما فعلت مع بقية القبائل وأبناء الشعب معتمدين على المخابرات الانكليزية أولا والمخابرات الامريكية أخيرا… لقد عاش السعوديون حياة جديدة!. ولكن على حساب الشعب وموت القبائل… لقد عاشت عائلة آل سعود ـ مالكة كل شئ ـ لتعيث فسادا في أرضنا، بينما قتلت قبائلنا.. القبائل التي حاربت حتّى سلمت آل سعود هذا المُلك الفاسد!… وليس هذا وحده ما فعله آل سعود بقبائل عتيبة ومطير وحرب وقحطان والدواسر وسبيع وكل القبائل التي حاربت من أجلهم حتّى ركبوا على أمنانها صهوات المظالم!.. لقد أمات بآل سعود هذه القبائل بمجرد أن انتهوا منهم… لقد أهملوا هذه القبائل، وما أن راحت هذه القبائل تشكو الفقر والجوع لابن السعود… حتّى شاور الانكليز عما يفعل بها؟.. فأشاروا عليه بارسال بعثات انكليزية تسمى "بعثة مكافحة الجراد" فأخذت تبث السموم في المراعي بحجة مكافحة حشرة الجراد، وتكّب هذه المادة السامة بكثرة على مراعي الابل والاغنام، وبما أن هذه المادة تتكون من نخالة الحبوب المسمومة فقد أخذت الابل والاغنام تقبل على التهامها وتموت بمجرد التهامها لهذه المادة… فأقعدت هذه القبائل على بساط الفقر وراحت تصرخ من الفقر… فأمر عبد العزيز الطاغية باحضارها إلى المدن، وأخذ يوزع الطحين على هذه القبائل ويضع في هذا الطحين السم… فمات معظم هذه القبائل قتلا بالسم الزعاف بعد أن ماتت مواشيهم… وهرب من تبقى منهم إلى الصحراء ليجدوا في فقر الصحراء وجهلها وجوعها وعرائها كرامة لهم ورحمة أكثر من خونة آل سعود الوحوش معدومي الكرامة والرحمة. ولكن كيف يرجو العرب من آل سعود اليهود رحمة بالعرب… وهم الذين اتخذوا لهم من مبادئ عبد العزيز وأهله وسيلة للغدر؟ ومنها: "قل ما لا تفعل وافعل ما لا تقول"، " ومن يعادي آل سعود يعادي الله، فخذ عدو الله بعهد الله واغدر به"… الخ.. قبيلة العجمان الشجاعة هي التي انجبت أبنها القائد الشجاع راكان بن حثلين راكان بن حثلين … بطل انجبته العجمان… والعجمان قبيلة شجاعة أنجبت العديد من الابطال ولعبت أدواراً بارزة في حياتها الطويلة وكفاحها الشجاع ضد الاستعمار العثماني والانكليزي والسعودي وكان من قادتها البارزين الشجاع المعروف راكان بن حثلين، الذي قاوم مع قبيلته أنواع الاحتلال، فبعد أن استولى الاحتلال العثماني على منطقة الإحساء قام الاحتلال بتعيين (فيصل بن سعود الأول) اماما!.. وألقوا القبض على (الشيخ راكان بن حثلين) ثم نفوه إلى تركيا واعتقلوه في سجن استانبول، وكان ضابط السجن اسمه حمزة فمكث راكان بن حثلين بين جدران السجن 12 سنة، فربطته سنوات السجن هذه وذلك السجان (حمزة) بصلة شبه وثيقة! وفي احدى الليالي رأى الشيخ راكان برقاً يلوح بعيداً من خلف نوافذ سجنه فترنح بقصيدة شعبية يظهر بها مواجع ألمه على وطنه المستباح، وأكد في قصيدته (أن ذلك البارق قد يمطر على مراعي بلاده ليسقي ربوعها، وتفاءل راكان بن حثلين بذلك البارق خيراً ـ فيمطر ناراً تطهر البلاد من رجسها السعودي واحتلالها العثماني كما توعد راكان بن حثلين أولئك المعتدين بأنه لن يتركهم في حال الافراج عنه)!… وأثناء ما كان راكان بن حثلين ينشد قصيدته بأعلى صوته كانت دموع الامل والالم على وطنه تمطر خديه، مما لفت ضابط السجن (حمزة) الذي ألح على راكان وترجاه أن يترجم له ما ينشده في تلك القصيدة، ووعده السجّان أنه سيساعده في تحقيق امنيته، فترجم له راكان قصيدته التي كان مطلعها موجّه إلى ضابط السجن ـ إياه ـ حمزة: بارق الثورة رأيت ـ يا حمزة ـ سنأ: نور بارق يفري من الظمأ حناديس سودها على ديرتي رفرف وأمطر وقد سقأ بلادي وطهّر أرضنا من سعودها فيارب يا معبود يا قائد الرجأ يا عالم بالنفس قاسي لهودها انك توفقنا على رد عزنا ما دام باق الروح مامات عودها يا سعد من يشتم في أنفه الهواء ويدرج بريضان تنافس ورودها لنا عادة في أرضنا أن نصونها ولا نترك الظالم يقّرب حدودها وإن ضامنا الاعداء في كثر عدّهم صبرنا.. ولكن.. لين نقوي ردودها أرعودها البارد والموت ووبلها وحدب مقاييس البلأ في حدودها وأنا ذخيرتهم إذ شعّلت بهم شهب النواصي والنشامى شهودها عسى جواد ما تعرّج بخلفهم السيف يبتر في ملاوي عضودها أنا أرجوك (يا حمزة) توصّل رسالتي لشخص فهيم في معاني بنودها ماذا يفيد (التُرك) من سجن عاشق لأرض… تغنّى في محاسن انجودها قنصتوا با آل سعود فيها، وفاتكم بأنّ قنّاص البُؤم خاب فودها لابد ما ينكر عليكم عميلكم ولن تشوفون السّعد من سعودها أفرجوا عن راكان بشرط … أن يقتل البطل المسكوفي! وما أن استمع ـ حمزة ـ ضابط السجن التركي في استنبول إلى قصيدة البطل الشيخ راكان بن حثلين، وأدرك معانيها، حتّى أخذها منه وتعهد له بايصالها إلى "الباب العالي"!. ووعد الضابط السجان، الشيخ راكان بن حثلين: (أنه سيطلب الافراج عنه للاستفادة من قدراته البطولية)!. وهكذا صدق ضابط السجن (حمزة) بما وعد به راكان إذ طلب من المسؤولين الاتراك (أن لا يهملوا أمثال هذا القائد العظيم راكان بن حثلين في السجن لأن له مقدرة خارقة في القتال يجب الاستفادة منها في الحروب بعيدا عن بلاد راكان) هكذا قال السجان الضابط حمزة للمسؤولين الاتراك، وكان قصد السجان: ضرب هدفين بسهم واحد، الهدف الأول هو إلباس الشيخ راكان بن حثلين "معروفهم" بالافراج عنه، أما الهدف الثاني فهو: استخدام الشيخ راكان كسلاح قوي يقاتل الحكم العثماني به خصومه، ولا خسارة في ذلك، فامّا أن يُفنى راكان وإما أن يُفني العديد من خصوم الحكم العثماني!… وعاد الضابط حمزة (بالبشرى) إلى البطل راكان بن حثلين في سجنه بموافقة (الباب العالي) للإفراج عنه على أن يعمل في صفوف الجيوش العثمانية!… لكن الضابط حمزة فوجئ كما فوجئ "بابه العالي" برفض راكان بن حثلين لفكرة الخروج من السجن والقتال في صفوف الجيوش العثمانية قائلا: (أما أن أخرج من السجن لأنني لا أستحق السجن وهذا هو الصحيح واما أن أبقى في السجن بدون وجه حق)… فأعاد الضابط حمزة الكّرة على الشيخ راكان، قائلا: (أرجوك أن تنقل للباب العالي مطلبي هذا فقط وهو: انني لا اريد أن أقاتل في صفوف الجيش التركي خاصة بعد أن كنت أقود جموع العجمان ضد هذا الجيش وضد آل سعود وأعوانهم وان كان لابد لي من القتال فيجب أن تحدد لي معركة معيّنة واحدة فقط أخوضها فان نجحت في هذه المعركة يطلق سراحي وأذهب إلى بلدي وان فشلت فيها أعاد إلى السجن أو أقتل في ساحة هذه المعركة أشرف لي من حياة أحرم فيها من رؤية وطني وقومي، انني أرفض الخروج من سجني لأقاتل في معارك طويلة لا أومن بالقتال من أجلها ولا يدفعني لخوضها الايمان بالدفاع عن أرضي وعن قومي) فوافق الضابط حمزة على فكرة الشيخ راكان بن حثلين ووعده بأنه سيبدي للمسؤولين الاتراك "محاسن" الفكرة لصالح راكان!.. وتمت موافقة المسؤولين الاتراك على فكرة الشيخ راكان بن حثلين وحددوا له القيام بمعركة في القفقاز يقابل فيها أحد الابطال المقاومين للاحتلال العثماني (اناتولي المسكوفي) وقد يكون هذا الاسم نسبة لكونه من "موسكو"… فوافق راكان على ملاقاة "المسكوفي" وطلب منهم أن يعرّفوه به وبمنطقته ليتأكد منه، فذهب مع راكان من أراه إياه، ولم يكن "المسكوفي" وحده بل كان معه مجموعة من أبطال المقاومة، فنازله راكان ونازل معه جماعته فصرعه وصرح عدداً آخراً معه وهرب البقية، وبذلك طبق راكان قول الشاعر (مصائب قوم عند قوم فوائد!)… وعاد البطل راكان إلى اسطنبول لتعلِّق القيادة العثمانية فوق صدره وسام الشجاعة ويخلى سبيله!.. وأثناء الاحتفاء بفوز راكان بل الاحتفاء بقتله مرغما للبطل "المسكوفي" المسكين على الاصح!… شكره المسؤولون الاتراك على شجاعته وقالوا له: (لقد عجزت قبلك ـ يا راكان ـ قوات كثيرة عن القضاء عليه فقضى الزعيم القفقازي على كل هذه القوات ولم تقض عليه، بينما صرعته وقوته وحدك فما هو سرّ هذه القوة الخارقة لديك!).. فأجابهم راكان بقوله: (ان كل من أرسلتموهم لقتال هذا الزعيم لايدفعهم الايمان بأهداف ـ حب الأرض ـ فيتغلب الزعيم عليهم لكونه يؤمن بهدف، وهذا الهدف هو الدفاع عن وطنه، أما أنا فقد ذهبت إليه لأموت بيده أشرف لي من سجنكم أو أقتله فأعود إلى أرضي، وأثناء صراعي معه كاد يقتلني حينما ارتخى السيف في يدي لحظة أمام هذا الشجاع، لسبب واحد ارتخى السيف في يدي وهو أنني تذكرت أن هذا الزعيم يقاتل فوق أرضه دفاعا عن أرضه التي أقاتله عليها مقابل وعدكم بعودتي إلى أرضي، ولكنني في ذات اللحظة تذكرت أن هذا الزعيم لا يفهم من أنا ولا يدرك أنني بطل مثله وأنه سيقتلني لا محالة لو تراخيت عن قتله!. وبين لمعان هذه الأفكار في تلك اللحظة ارتخى السيف في يدي!. لكن ذلك البارق الذي رأيته يلمع وأنا في السجن ليمطر فوق ارضي في الإحساء، لمع مرة أخرى بي دماغي، فتذكرت السجن!. وتذكرت العودة إلى أرضي فاندفعت في دمي طاقة جبارة هائلة فاقت طاقة هذه الشجاع المسكين البرئ الذي أصبح خصمي ـ بدون ارادتي ـ فتغلب حب بلادي على كل عاطفة وعبأني حبي لبلدي لحظتها بطاقة من القوة خلته أمامي فيها أصغر من العصفور فصرعته، ووفيت بوعدي لكم فهل تفون بوعدكم لي؟!.)… قالوا له: (اتجه إلى أي جهة تراها!. أنت طليق).. فاتجه الشيخ راكان من تركيا بحرا إلى مصر ـ حسبما نعتقد ـ إلاّ أنه اتجه من هناك إلى ينبع البحر، في غرب الجزيرة العربية، وقبل أن يذهب ليرى أهله وقبيلته ذهب إلى حائل لمشاهدة صديقه محمد العبد الله آل رشيد الذي حكم منطقة نجد فيما بعد وأخذ آل سعود اسرى عنده في حائل… وفي طريقه إلى حائل قال قصيدته الشعبية الشهيرة (يا فاطري خبي جوانب طمّيه) وقد حاكى في هذه القصيدة ناقته العجوز ـ وطلب منها كما تحكي القصيدة ـ ايصاله إلى (برزان) أو قصر (اخو نوره) كما قال: محمد العبد الله آل رشيد (لأن سلامه عليه واجب قبل الأقصى والأدنى) ـ كما قال في قصيدته ـ وقال: (انّه بعد هذا السلام سيتجه إلى ديرة العسوجية زوجته الغالية)… وفعل ذلك، فقابل محمد العبد الله آل رشيد واحتفى به وأكرمه وتوجه بعد ذلك لمشاهدة قبيلته وأهله إلا أنه صدم بزوجته! ـ الشقحاء بنت حزام ـ التي تسرّعت ولم تنتظره حتّى يخرج من السجن أو يموت!، فتزوجت بسلطان الدويش شيخ قبيلة مطير وأنجبت منه فيصل الدويش ـ القائد الشهير الذي مكن عبد العزيز آل سعود فيما بعد (مكّنه ـ بعد الانكليز طبعا) من احتلال الجزيرة العربية … تألم راكان بن حثلين حينما علم بزواج زوجته! وغضب عليها!… كما غضب على المتزوج لزوجته التي فسخت دون معرفته بينما كان سجينا في تركيا.. وما أن علمت هي الاخرى حتّى اتجهت للسلام عليه وطلبت منه أن يقبلها كزوجة لأنها ستترك زوجها الثاني وتعود إليه!، لكنه صّدها بعنف كما توضح هذا قصيدته التي بدأها بالسلام على محمد العبد الله آل رشيد واختتمها بالرد على زوجته بقوله (انّه لا يأخذ الفضلات إلا الردئ) وقال: (انني لا ألومك وانما ألوم صاحبي الدويش الذي لم ينتظرني حتّى أموت أو أعود، ألومه كيف يتزوج زوجتي وأنا على قيد الحياة؟)… وفيما يلي معظم أبيات القصيدة: يا فاطري يا فطري خبي جوانب طميّه من حيث بانت مثل خشم الحصاني خبّي طميّة والديار العذيه تنحرّى برزان زين المباني سلام أخو نوره لزوم مجيّه قبل الحبيب وقبل قاصي وداني وإذا قضيت اللازم اللي عليّ اللازم اللي ما قضاه الهداني الجدى احطه خلف ظهر المطيّة واجعل نحرها في سهيل اليماني شفّى نروح ـ الديرة ـ العسوجيه اللي نسمها كالزباد العماني! كان هذا هو آخر القصيدة، لكنه حينما بلغه زواج زوجته بالدويش أكمل الابيات التالية بلوعة وأسى يقول: لومي على الطيب ولومه عليّ وراه يأخذ عشقتي ما تناني؟! ليته صبر عامين وإلاَ ضحيّه والا تنبأ صاحبي ويش جاني! أمّا هفى راكان ذيب السريه والا لفى يصهل صهيل الحصاني! وفي هذا الاثناء وصلت إليه زوجته السابقة "الشقحاء" تطلب منه العفو عنها من أجل العودة إليه! فرفض بإباء وشمم بالبيت التالي الذي أكمل به القصيدة بقوله: روحي… وانا راكان زبن الونيه ما يأخذ العقبات غير الجباني! خرّي … وانا راكان زبن الونيه ما يأخذ الفضلات غير الهداني قبيلة العجمان وتاريخ صراعهم للاحتلال السعودي وحكوماته المتعاقبة على مر السنين سنة 1177 هـ كانت ذروة غزوات المذابح التي قادها محمد بن سعود أمير الدرعية حينما تعاقد معه (مفتي المذابح) الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ في شراكة المذابح ـ تذبح الناس ـ آلاف الناس… تنهب القرى والمدن النجدية والعشائر العربية وتقتل ما تشاء من العرب تحت ستار "الدعوة الوهابية لاخراج الكفر والشرك واللالحاد من قلوب العباد"!!. وقد استغلتها العائلة السعودية لصالحها بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ؟… الا تاريخ اليهود… وبينما غزاة السعوديين بقيادة عبد العزيز بن محمد بن سعود عائدة ـ من احدى المذابح البشرية والنهب ـ إلى الدرعية (الثانية) عاصمة السعوديين آنذاك، بلغهم بأن ثواراً من العجمان قد انتقموا لعرب الجزيرة العربية من أتباع السعودية فشنوا غارة على قسم من قبيل سبع الموالية للسعودية ـ آنذاك ـ . ولما علم عبد العزيز بن محمد بن سعود بهذه الحادثة لا حقهم حتّى أدركهم في (قذلة) بين بلد القويعية والنفوذ، فأحاط بهم وقتل منهم خمسين رجلا منهم ابن طهيمان، وقتل من المجاذمة عشرين رجلا وأسر نحو المائة واستولى على نحو أربعين فرسا، فكانت هذه الواقعة هي سبب مسيرة أهل نجران للفتك بالسعوديين. واقعة "حاير اسبيع" المشهورة بين العجمان وأهل نجران وآل سعود وفي ربيع الاخر سنة 1178 هـ، كانت واقعة الحاير المشهورة المسماة (وقعة النجرانيين)، والحائر هو المعروف بحاير اسبيع الكائن بن الخرج والرياض، وقصة هذه الواقعة بدأت حينما قتل "السعوديون عددا من العجمان وأسروا عددا آخر ـ كما سلف ذكره ـ ذهبوا إلى نجران لاستنفار أبناء عمهم أهل نجران فاتصلوا بالشيخ حسن بن هبة الله المكرمي (ومذهبه شيعي اسماعيلي) فشكوا إليه والى سائر قبائلهم المعروفين ـ بالوعلة ـ نسبة إلى جدهم وعيل بن هشام شقيق عجيم (علي) بن هشام والى سائر قبيلة يام الهمدانية القحطانية الكبرى واستنجدوهم للمسير معهم إلى ابن السعود واتباعه الذين استكلب خطرهم وكبر بغيهم في الجزيرة العربية وملأ رعبهم وكرههم كل نفس شريفة بريئة… فاستجاب أهل نجران للعجمان وتقدم من أهل نجران 1200 مقاتل وفارس واتجهوا لسحق ـ الاعداء السعوديين ـ ولتطهير البلاد من الوباء السعودي فوصلوا إلى حاير اسبيع وحاصروا الحاميات السعودية، حاميات محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب، وسيطر أهل نجران على المنطقة وبدأوا يعدون العدة لسحق الوهابية السعودية في جحرها، في الدرعية، فعلم محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب وعبد العزيز بن محمد بن سعود بما جرى فتباحثوا في هذا الامر الخطير! وأصدر محمد بن عبد الوهاب أمره إلى عبد العزيز بن محمد بالتوجه بكل قواته ورجاله الذين بلغ عددهم أربعة آلاف مقاتل إلى مواجهة (أبناء يام) أهل نجران والعجمان وأوصاه بقوله: (أنا ذاهب إلى هؤلاء القوم حتّى لا يظنوا بنا ضعفا أو خورا فيسعون بنا وتفر من حولنا القبائل ولكن اياك ان تناوشهم القتال لان هؤلاء القوم الذين أتوا من اليمن مستهينين بأمرنا وبقواتنا وبهيبتنا التي ملأت نفوس الناس لا شك أنهم مصممون على سحقنا وابادتنا وان دخل هؤلاء إلى الدرعية فيسقضي على هيبتنا ويجب أن نفاوضهم بعيدا عن الدرعية لنسلمهم أسراهم وما يريدون لدينا ونشيع بعد ذلك للناس أننا انتصرنا عليهم ودحرناهم لان الله معنا وهم كفرة شيعة!) وارتحل عبد العزيز بن محمد بكل قواته إلى الموضع المذكور ـ حاير اسببيع ـ وحط رجاله وأمر باقامة خيامه. غير أن العجمان وأهل نجران لم يهملوه ولم يمهلوه وعاجلوه القتال وتلاحموا مع قواته الكثيرة في معركة رهيبة لم يسبق للسعوديين أن شهدوها في معاركهم السابقة مع أعدائهم ونظرا لكثرة بنادق وذخائر السعوديين فقد وقف زعيم العجمان حسن بن هبة الله مخاطبا قومه قائلا: (يا ياقوم لقد مضى نصف النهار ولم نصل إلى نتيجة مع هؤلاء الاعداء والقتال معهم بالبنادق والذخيرة لن يجدي نظرا لكثرة عددهم وعتادهم ونظرا لقلة عددنا، فردوا لسيوفكم وخناجركم واهجموا هجمة صادقة ظافرة تنصرون)… ونفذ أهل نجران والعجمان أمر قائدهم فتقدموا إلى صفوف السعوديين ليقاتلوهم بالسلاح الابيض بعد أن رموا ببنادقهم أرضا (يالها من خطة رائعة!). وبدأ التلاحم بالسلاح الابيض بين الفريقين واشتد وطيس المعركة وتطايرت رؤوس السعوديين في الهواء ولم يتراجع أبناء يام عن أهدافهم، وكانت طبيعتهم كطبيعة العجمان أن لا يرجعوا إلى الوراء في القتال، وتمت الهزيمة السعودية الماحقة والانكسار الشنيع على عبد العزيز بن محمد بن سعود وجيوشه الجرارة فقتل من الجيش السعودي ما ينيف عن الالف وأسر العجمان مئتين وأربعين رجلا كما غنموا الجنود والسلاح ولاذ بقية السعوديين الوهابيين بالفرار فوصلت فلول الجيش السعودي إلى (الدرعية) وعلى رأس الهاربين قائدهم عبد العزيز ابن محمد بن سعود، وذكر ابن بشر السعودي في كتابه "عنوان المجد" يقول (ان عبد العزيز بن محمد لما دخل ومن معه على الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد مجيئه من هذه المعركة لم يبادرهم الشيخ إلاّ بقوله تعالى "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ـ وتلك الايام نداولها بين الناس ـ وليعلم الله الذين آمنوا وليأخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين"!!… … وهكذا يتصرف الطغاة بالقرآن الكريم زاعمين أن العجمان وأبناء يام وأبناء الشعب كفرة!… فما هي مواصفات الايمان إذا؟ هل مواصفات الايمان محصورة بالطغاة فقط وسلالة بني القينقاع اليهودية بوجه خاص؟!. وكادت تكون نهاية الطغيان السعودي الوهابي على أيدي أهل نجران والعجمان من أبناء يام لو لم يخدعهم محمد بن عبد الوهاب بحيله هذا النصر الذي أدركه العجمان وأبناء يام بل أدركه شعب الجزيرة والعرب أجمعين بقيادة الشيخ حسن هبة الله المكرمي ـ تقدم الثوار نحو الدرعية لهدمها على رؤوس الوهابيين السعوديين لو لم يتدارك الامر شيخ الضلال والحيل محمد بن عبد الوهاب فيوسط الوسطاء ويجزل الهدايا والعطاء ويرسل بالاسرى عنده من العجمان، ويبعث بهذا كله مع الشيخ فيصل بن شهيل آل صويط شيخ قبيلة الظفير (وينتسب هذا الشيخ إلى الهاشميين) ولهذا أرسله الخبيث محمد بن عبد الوهاب على أساس أن قسما من أبناء يام بقيادة المكرمي من الشيعة وعواطف الشيعة مع الهاشميين ـ كما يزعم محمد بن عبد الوهاب في تبريره لتوسيط (الهاشمي ـ ابن سويط للمكرمي!) وقد أرسل مع الوسيط ابن سويط بأطيب الخيول العربية المحملة بالذهب التي بعثها محمد بن عبد الوهاب إلى قائد المعركة الشيخ حسن هبة الله المكرمي (والمعونات والهدايا عادة سعودية وهابية قديمة لشراء الذمم)… وتم لهم بذلك ما يريدون بعد أن ارتشى بها حسن هبة الله وعدد من قادة حملته وثبطوا عزائم الثوار من العجمان وأهل نجران بفتواهم (ان شيم العرب تقضي بالعفو عند المقدرة!)… والمقدرة هي الذهب الاحمر السعودي طبعا!.. والمسروق من دم الشعب الاحمر ومن أرزاق البؤساء التعساء!.. وتوقف زحف الثائرين بعد أن وصلوا إلى (قصر معروف) الواقع على بضعة أميال يقرب الدرعية. وأوقف الثوار عند مشارق الدرعية التي جاؤوا مدفوعين بقوة ايمانهم (بهدم قلعة اليهود على رؤوس اليهود) كما كان عدد من العجمان وأبناء نجران يهتفون بذلك… وحصلت خلافات بين بعض زعماء العجمان والشيخ حسن هبة الله، مفادها أن العجمان وعددا من أبناء نجران يريدون التقدم إلى الدرعية (لهدم قلعة اليهود على رؤوس اليهود) كما كانوا يقولون، والشيخ حسن هبة الله ومعه الوسطاء وفي مقدمتهم الشيخ فيصل السويط يثبطون العزائم بالنصح والفتاوى عن "العفو عند المقدرة"!… والحقيقة أنها كانت خدعة من محمد بن عبد الوهاب انطلت على حسن هبة الله بعد أن طلب الوسيط ابن سويط من هبة الله وهو يقدم "الهبة السعودية!" ايقاف الزحف نحو الدرعية وتعهد له وللعجمان وأبناء نجران بتنفيذ كل ما يريدون، ومنها: أن لا يعترض آل سعود وآل عبد الوهاب لاحد من ـ أبناء يام ـ العجمان وأهل نجران وأتباعهم ومؤيديهم وقال ابن سويط (انني أطلب منكم الصفح عن ابن السعود وابن عبد الوهاب وهؤلاء هم أسرى العجمان في معركة قذلة، وما هذه الهدايا الا اعتراف لكم بالجميل على آل سعود و محمد بن عبد الوهاب لانكم تركتموهم في أماكنهم أحياء بعد مقدرتكم على انهاء وجودهم)… وعاد هبة الله عن ثورته… والعود غير أحمد! عاد العجمان وأهل نجران وزعيمهم الشيخ حسن هبة الله المكرمي. ولما كان الشيخ حسن هبة الله المكرمي قد اتفق (مع حاكم الإحساء وبلاد هجر) الشيخ عريعر بن وجيه بن غرير آل حميد الخالدي (أن يهاجما معا محمد ابن سعود ومحمد بن عبد الوهاب ليقضيا على الوباء السعودي الوهابي المنتشر من الدرعية) كما هو الاتفاق، وأن تكون نقطة اللقاء بين حسن هبة الله وبين الشيخ عريعر الخالدي (العارض) وليس (حاير اسبيع) فقد اختلف الموعد، واختلف مكان اللقاء، الا أن بني خالد وقائدهم عريعر حينما عرفوا بالمعركة التي حصلت في (الحاير) توجهوا حالا إلى حاير اسبيع ولكنهم وصلوا متأخرين وبعد أن قبض حسن هبة الله الهدايا السعودية الوهابية وغادر جماعته منطقة الدرعية إلى ديارهم… فتألم عريعر الخالدي وتألم بنو خالد على اختلاف الوعد من المكرمي وقال عريعر: (كيف يعدني المكرمي أن أتوجه من الإحساء إلى العارض وأن يتوجه المكرمي من نجران إلى العارض ثم يذهب إلى حاير اسبيع ولا يخبرني بتغيير موعد اللقاء من قبله؟. هل يريدها هدايا فقط ونحن قد اتفقنا على تخليص العرب والمسلمين من هذا الوباء اليهودي؟. هل يريد الفخر له وحده من دوني ودون بني خالد في هذا القتال؟. لكن المكرمي لم يحصل على أي فخر؟!)… وفي الحال بعث الشيخ عريعر الخالدي برسول معه رسالة إلى الشيخ حسن المكرمي يناشده فيها العودة لمساعدته على السعوديين مرة أخرى وقال: (ان غدر اليهود معروف ومكرهم كبير، والقضاء عليهم وهم في حالتهم الضعيفة هذه أكثر فائدة من تركهم حتّى تقوى أجسامهم من أكل لحومنا فيقضون علينا جميعا… انني أناشدك العودة معي للقضاء النهائي عليهم)!. رسالة من المكرمي إلى عريعر يرفض طلبه بالعودة للقضاء على السعوديين لانه أخذ ثأره منهم! فأجابه الشيخ المكرمي (بأنه أخذ ثأره من السعوديين) ـ وكأن المسألة مسألة ثأر! وقال المكرمي: (ان السعوديين قد استسلموا لنا!… وقدموا الخضوع!. وطلبوا العفو. فعفينا عنهم!. وان شيمتي تفرض عليّ عدم نقض العهد الذي أعطيتهم!) وأضاف الكرمي: (ولكن إذا عاد السعوديون للعدوان فسأهجم عليهم حتّى أقتلهم بسيفي أو أموت!).. وقال الشيخ حسن في كتابه للشيخ عريعر الخالدي: (أما أنت فانك مخيّر في مقابلة الوهابي لقتاله حسبما يراه رأيك)!.. كتاب آخر من الشيخ عريعر إلى الشيخ المكرمي يبلغه فيه انّه سيدفع له مائة الف جنيه من الذهب كل عام إذا رجع وساعده في القضاء على السعوديين! لكن الشيخ حسن المكرمي رفض طلب الشيخ عريعر، وقيل يومها ان الشيخ حسن لم يأبه للهدايا الوهابية السعودية والخيول والاموال وانما اعتبر المسألة مسألة ثأرية وانتهت!… بينما الشيخ عريعر الخالدي لا ينظر لها إلا أنها ثورة قطع دابر السعودية الوهابية اليهودية.. فعاد الشيخ عريعر الخالدي إلى الإحساء، وبعد فترة وجيزة أخذت أصابع محمد بن عبد الوهاب تتحرك ضد الشيخ عريعر،فمات الشيخ عريعر ـ مسموما ـ بطريقة غادرة اتهم بتدبيرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب … وبعد موت عريعر تولى ابنه سعدون بن عريعر على حكم الإحساء، فحرك محمد بن عبد الوهاب ضد سعدون عددا من أبناء عمه وافراد قبيلة بني خالد فخعلوه. من سخرية القدر، أن يهرب سعدون بن عريعر من أبناء عمه وقبيلته ليلجأ إلى خصمه اللدود عبد العزيز بن محمد بن سعود ـ و محمد بن عبد الوهاب ـ في آخر حياته، وكانت نصيحة عبد العزيز بن محمد بن سعود لسعدون بن عريعر أن يتجه إلى قبيلته فيقاتلها بقوله: (خذ السلاح منا والرجال وعاود الكرة على قبيلتك بني خالد وأشرع في قتلهم حتّى يدينون لك بالطاعة، فقد أوصانا شيخنا محمد بن عبد الوهاب بالقتل المريع وعدم رحمة خصومنا والفتك بهم وإلباسهم أي تهمة للتخلص منهم وعدم اللجوء إلى الاخلاق في هذا السبيل وعدم التمييز بين امرأة وشيخ وطفل وحيوان أو برئ أو مذنب، ولا تقل هذا من "عربي" وذاك من ديرتي وهذا ابن عمي وذاك من قبيلتي، وهذا كان صاحبي وذاك من أهلي)!… انها وصية لا تعرف القيم والاخلاق… وصية اجرامية رهيبة ويقال ان سعدون بن عريعر لم يتقبل هذه الوصية الاجرامية التي قصد منها اليهود آل سعود أن يقوم ابن عريعر بسنها وتطبيقها في قبيلته العربية بني خالد ليوقع بينهم ويصفي بعضهم بعضا وتكون النتيجة استيلاء آل سعود عليهم وعلى بلادهم، وهي طريقة درج عليها آل سعود ومحمد بن عبد الوهاب منذ نشوء هاتين الاسرتين، فكم من البيوت خربوا وكم من القرى هدموا وكم من دماء عشرات الالوف سفكوا، لا لهدف ـ من كل هذه الجرائم ـ إلا إبادة الجنس العربي وازالة اسم الجزيرة العربية وتحقيق مآرب اليهود في سفك الدم وخدمة الشهوات الحيوانية بل يرحم الله الحيوان فكم ظلمناه حينما نشبه أعمال آل سعود وآل الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأعمال الحيوان!، بينما أعمال الحيوانات من الاعمال الخيرة التي لا يقدر حتّى الإنسان على فعلها، فالانسان هو الآكل للحوم الحيوان وليست الحيوانات هي الآكلة للحوم البشر!.. وحينما نقيس أعمال الحيوانات بأعمال همج اليهود ـ أمثال آل سعود ـ. نرى أن أعمال الحيوانات أعمال انسانية!… عجز آل سعود عن اصطياد العجمان في الحروب فاصطادوهم في الخداع السياسي ولما مات عبد العزيز بن محمد بن سعود، حل من بعده ابنه سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، وكان لا يقل همجية ووحشية وغطرسة عن أسلافه، لكن هناك من الوهابيين من لا يقل عنه خبثا، حينما نصحوه أن يستخدم اللين مع بعض المناوئين له أمثال العجمان الذين لم يستطع ارغامهم على طاعة السعوديين وأن يبذل لهم الذهب، والهدايا ليعيد بذلك قصة والده مع الشيخ المكرمي، وقالوا: انّه بالهدايا خالف ارادة العجمان وأهل نجران فأراد الشيخ حسن هبة الله المكرمي يقول له فيها: (انني أعدك بدفع مائة ألف جنيه من الذهب سنويا إذا رجعت وساعدتني في القضاء على السعوديين كما اتفقنا سابقا)… فأجابه المكرمي: (بأنه لن يفعل هذا أبدا لانه لن يخالف الخلق العربي والإسلامي)!! ومن المحتمل أن يكون المكرمي كان يعتقد أنه ليس من العروبة والاسلام أن يقاتل حتّى أعداء مبادئ الإسلام وأعداء أخلاق العروبة الذين استخدم شيخهم محمد بن عبد الوهاب القرآن في تزوير الفتاوى ضد الشعب حينما أفتى بتكفير أهل نجران والعجمان وتوعدهم بالبطش فيهم مستخدما الآية القرآنية القائلة: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون!" إلى أن قال: "ويمحق الكافرين!". ومن المحتمل أن يكون المكرمي قد أدرك أن الشيخ عريعر لن يستمر بدفع هذا المبلغ الضخم ـ مائة ألف جنيه سنويا ـ وان هذا القول مجرد مناورة من عريعر ليفوز بالنصر على السعوديين، وان لدى الشيخ عريعر أهدافا أكبر من حكم الإحساء بينما لم يكن للشيخ حسن المكرمي أهدافا تبتعد به عن حكم نجران… على أية حال: ان الشيخ حسن المكرمي أخطأ كثيرا بل أجرم في اضاعة الفرصة السانحة بالقضاء على السعوديين أولا ـ بانفراده ـ بمحاربة السعوديين وحده تلك المحاربة التي تحولت إلى محاورة ومناورة للقبول باستلام أسرى العجمان فقط والهدايا السعودية وإخلافه لاتفاقه مع الشيخ عريعر وقد رأى الشيخ حسن المكرمي أن يتخذ من الشيخ عريعر ومن بني خالد عامل ضغط على السعوديين، ويسرع وحده للانفراد بمفاوضتهم مضحيا بشجعان العجمان وأهل نجران ـ فان نجح المكرمي في التغلب على السعوديين ـ فاز بالاسرى والغنائم ـ وان فشل ـ كرّ عليهم مرة أخرى بمساعدة بني خالد وقيادة شيخهم عريعر!. وهذا ما حصل!... الشيخ عريعر الخالدي لم يتراجع وقبيلته بني خالد عن حرب السعوديين… رغم تراجع الشيخ حسن هبة الله فحزم الشيخ عريعر أمره، وذهب بقبيلته واستنصر مجموعات من أهل ـ الإحساء والعارض وشقراء وضرما ـ وعددا من مناطق نجد ـ وعسكر في موضعين اسمهما (سمحان والزلال) خارج الدرعية فأقام في ذلك المكان الـ 20 يوما يقاتل فيه السعوديين الوهابيين. وكان عتاد الوهابيين السعوديين أكثر من عتاد الثوار إذ كان عتادهم يحتوي على عدد من المدافع بالاضافة إلى وفرة البنادق والذخيرة… ولم يحرز الثوار بقيادة الشيخ عريعر نصرا ملموما إذ قتل من الثوار 40 رجلا. (وعلى ذمة المؤرخ السعودي) أن الثوار قتلوا من السعوديين نحو اثني عشر رجلا فقط!.. فغادر بالقوة. فأراد استمالتهم باللين للاستفادة من قوتهم في توطيد الحكم السعودي، ففي سنة 1217 هـ عمل السعوديون على اقناع الفارس المقدام الشيخ حزام بن عامر الحبيشي العجمي شيخ العجمان ـ آنذاك ـ وقدم هذا الشيخ العجمي من نجران لمقابلة سعود بن عبد العزيز بن محمد وفي هذه المقابلة عرض عليه ادخال اليمن في حكمه!. فرحب سعود بن عبد العزيز بن محمد بفكرة الشيخ حزام، فعمم الشيخ حزام ـ أمر النفير ـ على العجمان ودعاهم للغزو ضد شعب اليمن، وراح يصارع الشعب اليمني ودارت بين العجمان وبين الشعب اليمني الحروب واستولى الشيخ حزام على (أبي عريش) بعد أن قضى على شيخها (حمود بن مسمار) ـ وكذلك ـ جيزان وصبيا ـ ووضع في هذه المناطق مناصيب من عنده ثم ربطهم بحكم الاحتلال السعودي، ثم توغل إلى الحديدة وشارف على صنعاء الا أنه لقي مقاومة يمانية أعجزته عن ربط كل اليمن في مؤخرة عيال اليهود فعاد إلى نجد… ومع كل ما قدمه الشيخ حزام للاحتلال السعودي من خدمات فقد غدر به سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود ـ غدر بالشيخ ـ حزام ودبر مؤامرة لاغتياله!. فيصل بن تركي آل سعود يقتل فلاح بن حثلين العجمي في سنة 1261 هـ خشي فيصل بن تركي آل سعود من الشيخ فلاح بن حثلين العجمي، فزعم فيصل بن تركي آل سعود ان فلاح العجمي قد اعتدى على بعض الحجاج التابعين لآل سعود فأرسل عليه لقتله إلا أنه هرب إلى محمد بن هادي بن قرملة شيخ قحطان، فتبعه فيصل بن تركي بجيوشه!.. فهرب من عند ابن قرملة إلى منديل بن غنيمان رئيس الملاعبة من قبيلة مطير ـ فأخبر ان غنيمان الحميدي إبن فيصل الدويش ـ الشيخ العام لقبيلة مطير، فحضر هذا إلى بيت ابن غنيمان وأخذ فلاح معه وذهب به إلى منازله فأنزله بجواره كلاجئ في حمايته، لكن الدويش ذهب إلى فيصل بن تركي آل سعود وأخبره بوجود الشيخ فلاح بن حثلين في جواره، وربما ظن ـ الحميدي الدويش ـ أنه سيعفيه من القتل علما أن من عادات العرب حماية (الدخيل) أي المستجير حتّى ولو كان هذا المستجير من أعداء المجير!… فأرسل فيصل بن تركي مع الحميدي الدويش سرية لاعتقال ابن حثلين، فقيدته بالحديد وأتت به إلى فيصل بن تركي آل سعود الذي أرسله إلى الاحساء ـ وكانوا قد احتلوها ـ وأدخلوه في سجن قصر الكوت الكريه الذي كان يشرف عليه أحمد السديري عميل آل سعود في الاحساء، فمنعوا الطعام والماء عن ابن حثلين وقيدوا يديه ورجليه بالحديد وطافوا به شوارع الاحساء وبعد أن تحمل ابن حثلين سنة من العذاب السعودي في السجن ضربوا عنقه بالسيف عام 1262 هـ. فيصل بن تركي وهجومه على العجمان ومنذ ذلك العام بدأت مجموعة من ثوار العجمان بقيادة (ابن الشهيد فلاح) واسمه راكان بن فلاح بن حثلين، فقامت هذ المجموعة من الثوار بمقاومة الاحتلال السعودي وشن هجمات فدائية عليه وعلى مراكزه وعلى أتباعه وعلى ما يزعم أنها ممتلكاته التي صادرها الاحتلال السعودي من دماء الشعب وطعامه. وفي عام 1276 هـ أصدر فيصل بن تركي آل سعود "أمره" إلى ابنه عبد الله بن فيصل لقيادة مجموعات كبيرة من قبائل نجد لقتال العجمان، فشنوا هجومهم على مجموعة من عرب العجمان يقطنون على ماء اسمه (الوفراء) واقتتلوا معهم ثم انسحبوا إلى الصبيحية وكان يقطن عليها عدد من العجمان منهم آل سليمان وآل شامر وزعيمهم الشيخ علي بن سريعة، ونشبت بين المحتلين السعوديين وعرب العجمان معركة ضارية قتل فيها أتباع الاحتلال السعودي عددا كبيرا واستشهد من آل سليمان وآل شامر من العجمان (40 مجوّخا)!. والمجوخ ـ هو من يلبس جبة من الجوخ الاحمر المنقوش بالزرى ـ ومعناه (فارس)… وبعد هذه المعركة انسحب العجمان إلى قرية "الجلاء" بالقرب من "كائمة" حيث التقى العجمان ببقية اخوانهم العجمان هناك وبعدها ارتحل عبد الله الفيصل وجيوشه الجرارة ونزل على (ملح) ماء جنوب الكويت، فتنادى العجمان لحربه رغم أن جمعهم أقل من جيوشه السعودية بكثير! لكنهم ولكي يتغلبوا على قتلهم وكثرة عدد العدو السعودي وعتاده، رأى العجمان العودة إلى عادة كان يستخدمها أوائل العرب قبل الإسلام، فأحضروا سبعة من الجمال ووضعوا عليها الهوادج واركبوا فوق كل جمل بنتا جميلة من بناء رؤساء عشائرهم محلاة بزينتها، وتقدموا نحو العدو، وبين كل مجموعة منهم احدى البنات ومهمة هذه البنت: مناداة الرجال بالاستبسال لضرب العدو، علما أن الرجال يعرفون أن عدم الاستبسال معناه انتصار العدو عليهم وانتصار العدو يعني: أن يأخذ الاعداء السعوديون بناتهم (سبايا) وجواري في قصور الرقيق، ولذلك لا محالة من الانتصار على الاعداء أو موت الثوار عن آخرهم!… وفي يوم 10 رمضان سنة 1276 هـ التحم ثوار العجمان مع جموع العدو السعودي اليهودي التي تزيد عن سبعة آلاف، فنشب بين الفريقين قتال دموي مريع بلغت خسائر السعوديين في تلك المعركة بما قدروه بـ 2150 قتيلا تركوهم في ساحة المعركة واستشهد لثوار العجمان /700/ شهيد وقد بدأت المعركة صباحا ولم تتوقف الا في منتصف الليل حيث انسحب ثوار العجمان إلى بيوتهم في منطقة الجهراء في الكويت وانسحب القينقاعي عبد الله الفيصل آل سعود إلى الرياض بدرس بليغ من ثوار العجمان يسحب معه جرحاه وذيول الخيبة بعد أن أدرك أن بطولات العجمان هي نوع فريد من الشجاعة حينما استطاعت مجموعة من قبيلة العجمان التصدي لجيش سعودي لجب!… وهكذا قاتل العجمان في ذلك اليوم وقبله من الايام في مختلف المواقع ـ موقعة حاير اسبيع وموقعة الوفراء وموقعة الصبيحية، وغيرها ـ قتال الابطال الشجعان وحطموا قوى الشر المعتدية السعودية… ومع ذلك فقد حسب السعوديون تلك الموقعة نصرا لهم.. ربما هو كذلك!. بدليل أنهم بقوا على قيد الحياة!. إلا أن شاعرهم السعودي أحمد بن علي بن مشرف لم يخجل حينما قال في قصيدة له يشتم فيها قبائل بني خالد وآل مرة والعجمان وأهل الاحساء… واعتبر هذا الشاعر المرتزق قتل الشعب والاعتداء على حقوق الآخرين: "فتحا"!. قصيدة "الفتح" السعودي المزعوم! فناهيك من فتح به أمِن الفَلا وأسفرت البلدان وابتهج العصر!
تسامى به نجد إلى ذروة العلا واسفر وجه (الخط) وافتخرت (هجر)!
لأن قيل عبد الله أقبل عاديا!.. يقود أسودا في الحروب لها زأر
فصبّح قوما في (الصبيحة) اعتدوا! ومن (لحسين) ينتمون وما بروا
وطائفة (مرّيّة) غير عذبة! خلائقها بل كل أفعالها مُرّ!
أساءوا جميعا "في الامام" ظنونهم فقالوا ضعيف الجند في عزمه حصر!
نغير على بلدانه!. ونحيفها ليعرفنا الوالي وينمو لنا الوفر
فقد قسموا الاحساء جهلا بزعمهم لعجمانه شطر!… وللخالدي شطر!
تهنا بهذا الفتح! يا فيصل الندى فقد تم للإسلام!. والحسب الفخر!
وهذا هو الفتح!. الذي قد بنى لكم مكارم يبقى ذكرها ما بقي الدهر!
واستمر كفاح العجمان البطولي وبعد هذه المعركة غادر عبد الله الفيصل آل سعود مهزوما إلى الرياض ونزح العجمان شمالا إلى العراق وتحالفت معهم قبيلة الظفير وبعض من عرب المنتفق وفرضوا وجودهم في المنطقة الجنوبية من العراق ثم حصل بينهم وبين والي البصرة (حسيب باشا) وحاكم الزبيد (سليمان بن عبد الزاق الزهير) وقوات الاتراك قتال في ضواحي البصرة ومن ثم تصالحوا!.. وأعد العجمان العدة لقتال العدو الاساسي القينقاعي السعودي، فارتحلوا ونزلوا على (كويبدة) و(كايدة) وعلى (الجهراء) وبدأوا في شن الغارات ضد مواقع الاحتلال السعودي.. الحفنة واللحية العفنة.. ومعركة الطبعة! فأخذ ابن السعود يجمع من الحضر والبدو الذين وقعوا تحت حكم احتلال "لحيته العفنة" ويعدهم بالتجمع في مكان اسمه (الحفنة) وفي شعبان سنة 1267 هـ أمر فيصل ابنه عبد الله بالسير بجنوده لقتال العجمان فخرج عبد الله ومعه الآلاف سواء ممن وقعوا تحت حكمه أو ممن تبعوه للارتزاق، وفي رمضان 1277 هـ هاجم العجمان وكانوا يقيمون في (الجلاء) ـ قرية قرب الكويت ـ ودار القتال شديدا واستبسل العجمان بالسلاح الابيض، الا أن عشرة آلاف كانوا مع عبد الله الفيصل أطبقوا على العجمان من الغرب والجنوب وكانت ظهورهم إلى البحر ومن الشمال تضايقهم جبال غفي ـ لمطلاع ـ العالية التي لا يوجد بها متسع للخروج، وهكذا تعاونت الطبيعة مع الاعداء لمحاربة العجمان… راكان بن حثلين يعيد قصة طارق بن زياد واشتد وطيس القتال بين الفريقين، فرأى العجمان أن الحل الوحيد أمامهم هو: ان يقاتل واحدهم عن ألف واحد، وانه لابد لهم من الخروج من هذا المأزق المميت بشق طريق لهم في صفوف الاعداء بسيوف العجمان، وفي تلك اللحظة المميتة سمعوا صوت زعيمهم الفارس المغوار راكان بن حثلين ينشد بهم بأعلى صوته وكأنه يقول ما قاله طارق بن زياد تماما (البحر من ورائكم والعدو من أمامكم فاما القتال حتّى النصر واما الموت بين عدوين البحر والعدو)… وظروف العجمان تلك هي التي جعلت راكان بن حثلين ينشد مثلما قاله طارق ابن زياد… بينما كان يردف زوجته على حصانه: القصيدة التي فتحت الطريق يا ربعنا وش ذا المضيق جمعين والثالث بحر! بسيوفنا نفتح طريق لعيون برّاق النحر! وفتحوا الطريق بسيوفهم في صفوف الاعداء بعد أن بلطوه بجثث الاعداء وخلطوا ترابه بدماء الاعداء وخرجوا من هذا الحصار السعودي بعد أن قتلوا من جنود آل سعود أكثر من ثلاثة آلاف بينما استشهد من ثوار العجمان /1500/ شهيد في هذه المعركة التي سميت (معركة الطبعة) نسبة لطبعة العجمان حينما نزل قسم منهم في البحر وجرفهم بمده، وكان للبحر الفضل الاكبر في مساعدة السعوديين في تلك المعركة التي فاجأ بها آل سعود العجمان ـ على حين غفلة ـ وكذلك الجبال التي حرمت العجمان من التحرك والالتفاف… وبعد هذه المعركة قال شاعر العجمان الفارس المعروف راكان بن حثلين في شرحه للوضع في قصيدة ثانية يعتذر فيها للنساء ويقول لهن انكنّ تدركن إن كثرة الاعداء وكثرة سلاحهم وظروف الطبيعة القاسية هو المانع الذي حال بيننا وبين ابادة الاعداء السعوديين عن آخرهم، الا أننا مع كل ذلك تغلبنا عليهم وقتلنا شيوخهم والآلاف من أتباعهم… معذرة أيتها النساء لاننا لم نبيد كل أعداء الوطن عن آخرهم العذر يا غضّ النّهد ظَبْي الافجاج الكثر يكسر كاسبين النواميس جانا بأهل نجد إلى حد الافلاج وما حدر الوادي على مقطع الخيس أمواج الاعدا، والبحر، خلفنا أمواج ومع كل هذا قد قتلنا إلاباليس! إنّا لدم النذل بالقاع مُزّاج أشاوس ربعي إذا حقنّا ديس! يا حيف يا شيخ قُتل ضمن الافواج هذا الدويش، وخل عنك الدنافيس خليت دمه بين الاضلاع زعاج بشلفا حدتها كف راع النواميس من كف ولدك يوم ولد الردى ماج يروغ عقله من لميع العبابيس لعينيك يا الصغر ذبحت ابن فرّاج هذا لعينا وقفتك في المتاريس شاعر الاحتلال السعودي يرد وقد رد شاعر الاحتلال السعودي ـ ابن مشرف ـ في قصيدة أخرى فزعم "ان الله كان معهم!" وهو الذي أوقع بالعجمان! "أهل الحظوظ العواثر"! وفيما يلي قصيدة المرتزق السعودي: ومن بعد حمد الله جل ثناؤه على نعم لم يحصها عد ماهر نقول لاعداء بنا قد تربصوا عليكم أديرت سيئات الدوائر ألم تنظروا ما أوقع الله ربنا بعجمانكم أهل الحظوظ العواثر؟! فكم نعمة نالوا وعزا ورفعة على كل باد في الفلاة وحاضر إذا وردوا الاحساء يرعون حفيها وفي برها نبت الرياض الزواهر فكم أحسن الوالي اليهم ببذله وبالصفح عنهم في السنين الغوابر فكم نعمة أسدى لهم بعد نعمة ولكنه أسدى إلى غير شاكر لقد بطروا في المال والعز واجتروا على حرمة الوالي وفعل المناكر فمدوا يد الآمال للمُلك واقتفوا لكل خبيث ناكث العهد غادر فأقبل من نجد بخيل سوابق رماهم بها مثل الليوث الخوادر فواعد في (الوفرا) جموعا توافرت من البدو أمثال البحور الزواخر (سبيعا) وجيشا من مطير عرمرما ومن آل (قحطان) جموع (الهواجر) ولا تنسى جمع الخالدي فانهم قبائل شتى من (عقيل ابن عامر) فلما أتى الجلاء ضاقت بجيشه وجالت بها الفرسان بين العساكر فما اعتصموا الا بلجّة مزبدٍ من البحر يعلو موجه غير جازر فغادرهم في البحر للموت مطمعا وقتلى لسرحان ونمر وطائر من هو هذا الشاعر؟ عرف هذا الشاعر بالارتزاق، من وراء شعره.. فهو الذي قال في مدح فيصل: قصدناه في (هجر) نؤمّل رفده فجاد علينا بالمنى والمنافع! اعذناه بالرحمن من كيد كائد ومن شر شيطان وخبث مخادع! اذاً.. فالقصد ـ هو "الرفد" من هذا القصيد المأجور. حينما قام العجمان بثورة ناجحة كبرى أزالوا بها النظام السعودي للدولة السعودية الثانية في سنة 1287 هـ في شهر رجب أعلن العجمان الثورة المسلحة في مقاطعة الاحساء ضد نظام حكم عبد الله الفيصل وانضم اليهم سعود بن فيصل شقيق عبد الله الفيصل الذي التجأ إلى العجمان. وسيطر العجمان على منطقة الاحساء والقطيف سيطرة تامة ثم أخذوا يعدون العدة لمهاجمة الرياض. فلما علم عبد الله الفيصل بما حصل أمر أخيه محمد بن فيصل بأن يزحف بجيوشه الكثيرة من حاضرة نجد وباديتها لمهاجمة العجمان، أما العجمان فقد زحفوا باتجاه الرياض غير عابئين بكل جيوش آل سعود، ولما وصلوا إلى ماء (جوده) غرب الاحساء التقوا بمحمد بن فيصل وجيوشه ونشبت بينهم معركة ضارية هائلة وذلك في يوم 27 رمضان 1287 هـ وحصل بين الفريقين قتال شديد قتل فيه من جيوش آل سعود تسعمائة رجل بين فارس وراجل ومن مشاهير القتلى: عبد الله بن بتال المطيري القائد العسكري المشهور، ومجاهد بن محمد أمير بلد الزلفي، وابراهيم بن سويد أمير بلد جلاجل، وعبد الله بن مشاري بن ماضي من رؤساء روضة سدير، وعبد الله بن علي بن عبد الرحمن أمير بلدة الخرما. وأسر قائد الجيش السعودي محمد بن فيصل آل سعود، وقتل أيضاً مستشار عبد الله الفيصل (سلطان الوار بني ـ من أهل القطيف ـ ولأول مرة يعيّن آل سعود مستشارا لهم من أهل القطيف ! لكن هذا الشخص اشتهر بالعمالة وكان عدوا لدودا للعجمان) وفي تلك المعركة غنم العجمان كل أعتدة الجيش السعودي وأرسلوا محمد بن فيصل إلى القطيف مخفورا وحبسوه هناك وانهزمت شرائد السعوديين يهيمون على وجوههم في صحراء الدهناء ـ مفازة ـ بين الرياض والاحساء ـ وهلك عدد غفير منهم عطشا، والذي نجا من سيوف العجمان لم ينج من العطش، وهكذا ثأر العجمان لشعب الجزيرة العربية من آل سعود وأتباعهم بهذه المعركة وثأروا لانفسهم، وأقام العجمان على (جوده) وكتبوا لرؤساء أهالي الاحساء يبشرونهم بالنصر على خصمهم، وطلبوا من كبارهم القدوم اليهم، وحضر كل رؤساءهم وعاهدوهم على المضي معهم لازالة الاحتلال السعودي.. أما عبد الله بن فيصل فانه لما بلغته هزيمة جيشه واسر ـ العجمان ـ أخيه محمد لم تسعه الرياض، إذ أدرك أن مصيره الهلاك على أيدي ثوار العجمان الذين زحفوا على الرياض، فقصد ناحية جبل شمر طالبا اللجوء إلى آل رشيد، لكنه تردد، فأرسل عبد العزيز أبا بطين بكتاب إلى والي بغداد ووالي البصرة التركيين يطلب منهما نجدته بالاحتلال العثماني ومساعدته من ثوار شعب الجزيرة العربية الذي يقود زمام قيادته العجمان ـ في تلك المرحلة ـ لدك معالم آل سعود، فوعده والي البصرة ووالي بغداد بالمساعدة، وفي شوال من نفس السنة 1287 هـ وفَدَ محمد بن هادي بن قرملة شيخ قحطان ومعه عدة رجال من رؤساء قحطان على سعود بن فيصل الملتجئ للعجمان، وكان العجمان غير راضين عنهم فلم يلتفت لهم وعادوا غاضبين ثم توجهوا على عبد الله الفيصل وهو على (البعيثة) وعاهدوه على "السمع والطاعة" فشدوا من عزيمته، فارتحل معهم من البعيثة وتوجه إلى الرياض ودخلها في ذي القعدة 1278 هـ وفي شهر محرم سنة 1288 هـ خرج العجمان من الاحساء ومعهم سعود بن فيصل ـ المستجير بهم ـ وعينوا في الاحساء فرحان بن خير الله أميرا فيها وقصدوا الرياض، فلما اقتربوا منها هرب منهم عبد الله الفيصل وقصد بوادي قحطان لاجئا إليها. وكان قبل خروجه من الرياض قد سرق كل ما في الرياض من ذهب وأثاث ومدافع وأرسلها مع خادمه حطاب بن مقبل العطيفة ومعه سرية من الحرس وأمرهم أن يتوجهوا بذلك إلى مضارب قحطان… فصادفهم العجمان في (الجزعة) فحصل بينهم وبين السرية المذكورة قتال شديد وهزمهم العجمان وأخذوا سلاحهم وجميع ما معهم وقتل منهم عدد من القتلى ومن مشاهيرهم حطاب العطيفه وفلاح بن صقر العطيفه وعويد بن حطاب ومحمد بن راشد الفقيه. ثم دخل العجمان الرياض في ربيع الأول 1288 هـ مع خلائق كثيرة انضموا اليهم فسيطروا على البلد ونظموه ورتبوا أموره وأنهوا بذلك ملك آل سعود… وتنفست نجد الصعداء وسادت الفرحة أفراد الشعب الذي لم يكن يصدق بزوال دولة المفاسد وزوال عبد الله الفيصل الطاغية السفاك… وما أن استقر العجمان في الرياض، حتّى ارتكبوا خطأ آخر بتنصيبهم "لسعود" بعد الخطأ الذي ارتكبوه في واقعة حاير اسبيع بتركهم لمحمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود وأولادهما ولما قدم إلى العجمان كبار أهل نجد طلب العجمان منهم "مبايعة سعود بن فيصل" الذي عينه العجمان مكان أخيه عبد الله!. وبهذا أعاد العجمان الحكم السعودي إلى بلادنا من جديد!. وكان ذلك هو الخطأ الأكبر الثاني الذي يرتكبه العجمان بعد الخطأ الأول الذي قبلوا فيه بمصالحة محمد بن عبد الوهاب حينما أرسل لقائدهم آنذاك حسن بن هبة الله المكرمي فيصل بن شهيل السويطي شيخ قبيلة الظفير، وكان بامكان العجمان القضاء على محمد بن عبد الوهاب وحكمه السعودي نهائيا… لكن محمد بن عبد الوهاب ـ نتيجة لخبثه ـ بحث عن وسيط فلم يجد من يصلح للمهمة غير (الهاشمي) ابن سويط ليقابل (الشيعي)حسن هبة الله المكرمي، فيحرك بينهما صلة المذهب فلا يرفض حسن المكرمي لفيصل بن سويد الهاشمي طلبه في الوساطة! فنجح ابن سويط في ايقاف زحف العجمان المحاصر للدرعية بما عرف باسم (واقعة حاير اسبيع)… هذا هو الخطأ الأول والخطأ الثاني فيالهما من خطأين جسيمين!… العجمان استولوا على الرياض وأزالوا الحكم السعودي عن آخره، ولكنهم، من جديد أعادوا هذا الحكم بتعيينهم لسعود بن فيصل وهو شقيق من خلعوه وحاربوا حكمه وبذلوا الدماء والتضحيات لازالة هذا الحكم بكفاحهم الطويل المرير ضد حكم الفساد السعودي، وأتعس من هذا، أن العجمان بعد ثورتهم أرسلوا لكبار أهل نجد يطلبون منهم بالاكراه (مبايعة سعود مكان شقيقه عبد الله)!.. فيضطر الذين استدعوهم "للمبايعة" للموافقة كارهين!. ثم تبدأ من جديد غزوات سعود بن فيصل لقرى وقبائل نجد وجزيرة العرب. سعود بن فيصل يلاحق شقيقه عبد الله الملتجئ إلى قحطان وبعد ذلك توجه العجمان ومعهم سعود بن فيصل لملاحقة شقيقه في قبائل قحطان، ووصل العجمان ومعهم "سعود" إلى (البره) حيث كانت تسكن قحطان ومعها عبد الله بن فيصل وذلك في يوم 7 ربيع الأول 1288 واقتتلوا مع قحطان وصارت الهزيمة على عبد الله الفيصل وراح ضحية هذه المعركة عدد كبير من الطرفين قحطان والعجمان!. والسبب؟!. لا شئ غير الفتنة السعودية وجهل المقاتلين إلى جانب قسم من آل سعود سواء كانوا من قحطان والعجمان أو غيرهم!. وإلا... ما الذي يدفع قحطان للقتال إلى جانب ذاك اليهودي؟. وما الذي يدفع العجمان لقتال قحطان إلى جانب هذا اليهودي، ولقد قتل عدد كبير من الطرفين، من بين الذين قتلوا من قحطان: عبد العزيز بن محمد ناهض، وبرّاك بن عبد الله بن برّاك، ومن بين الذين قتلوا من العجمان: منصور الطويل من رؤساء العجمان وعدد كبير... ثم عاد العجمان إلى الرياض، حيث غادروها إلى بلادهم الاحساء وتركوا منصوبهم سعود بن فيصل آل سعود يحكم الرياض ويحكم قسما كبيرا من نجد أيضاً. هجوم محمد العبد الله آل رشيد على الرياض وسحق الحكم السعودي وبعد فترة بدأ التذمر في نجد من حكم سعود بن فيصل والتسلّط السعودي، فوجد ابن الرشيد الفرصة سانحة لتخليص نجد من هذه الجرثومة فهاجم الرياض واستولى عليها وجلب بقية الاسرة السعودية أسيرة إلى حائل… لكن محمد العبد الله الرشيد هو الاخر ارتكب جرما كالذي ارتكبه العجمان وهو أنه لم ينه آل سعود ويبيدهم كي لا تنبت شجرتهم من جديد.. فنبتت من جديد بدعم من الانكليز بعد أن هرب عبد الرحمن بن فيصل إلى الكويت فأصبح راتبه وابنه عبد العزيز سبعين روبية من الاتراك في الكويت ومن ثم رفعت المخابرات الانكليزية مرتب ابنه عبد العزيز إلى /500 جنيه استرليني/ كما هو معروف وموضح في أماكن أخرى من هذا الكتاب، وعاد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل يحارب العجمان وشمر ونجد والجوف وعسير وتهامة واليمن بعتاد الانكليز وخبراء الانكليز أمثال السير برسي كوكس والكابتن شكسبير ـ الذي قتله شعبنا في معركة جراب وخلفته المخابرات الانكليزية بجون فيلبي وغيره ـ وقد استمر صدام قبيلة شمرّ وأهل حائر مع آل سعود مثلما استمر صدام العجمان، إذ قتلت قبيلة شمر وأهل حائل القائد الانكليزي الذي كان يقود "الاخوان المسلمين" السعوديين في معركة جراب قرب الزلفي… وعيّن مكتب المخابرات الانكليزية (المكتب الهندي) الكابتن جون فيلبي الذي تعلّم من مصرع زميله رسول المخابرات الانكليزية ـ الكثير ـ فأطلق على نفسه لقب (الشيخ محمد بن عبد الله فيلبي) ثم حذف كلمتي (الشيخ) و(محمد) من اسمه واكتفى باسم (الحاج عبد الله فيلبي)… وبدأ يقود ـ الدين ـ وتجار الدين السعودي… واستمر كفاح العجمان لقتال آل سعود حتّى حاصروا عبد العزيز في حرب الاحساء وفي سنة 1915 م أراد عميل الانكليز الاكبر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود اخراج العجمان من الاحساء معللا ذلك "بأنه يريد استرجاع الغنائم التي غنمها العجمان من أهله في قتالهم لذويه"، فرفض العجمان طلبه وثاروا عليه وحاصروه في الهفوف بالاحساء ومن معه من الجيوش الضخمة واستمرت حربهم معه وحصارهم له ستة أشهر ونصف الشهر… وفي أحد الايام بعث اليهم يطلب الصلح معهم على أن يفكوا الحصار عنه ويسمحوا له بالرحيل!، فرفض العجمان وأخذوا حذرهم منه ووضعوا الحراسات الليلية كي لا يفلت عبد العزيز من أيديهم، ثم أخلوا بيوتهم من عوائلهم واستعدوا للطورائ… وعند منتصف الليل شن عبد العزيز آل سعود هجوماً على عموم استحكامات العجمان ومن كل الجهات، فاستقبلوه ببنادقهم وسيوفهم وقتلوا شقيقه الامير سعد بن عبد الرحمن آل سعود وضربوا عبد العزيز آل سعود في بطنه ضربة اخرجت مصرانه فأمسك بها وهرب إلى مخبأه وقتل من جيشه /2700/ قتيل خلاف الجرحى، فشدد العجمان الحصار عليه، إلا أن المساعدات المالية والعسكرية والطبية والاطعمة بدأت تأتيه من الانكليز في الكويت ومن ضمنها مبلغ ستين ألف روبية جاءته من الكويت بحجة أنها من ابن صباح ـ وباخرتين محّملتين بالطعام والسلاح رستا في العقير، لكنه مع كل تلك المساعدات الضخمة لم يتمكن من فك الحصار أمام شجاعة وبطولات أبناء شعبنا العجمان… إلا أن لكل شئ نهاية… فالحصار طال والمعونات تنهال من الانكليز في الكويت بلا حساب على أكبر عميل لهم في المنطقة العربية… ومع عبد العزيز خبراء انكليز وطبيب انكليزي… والعجمان؟!… لقد حاصرهم الجوع وماتت ابلهم وأغنامهم وعاد حصارهم له حصاراً عليهم وما من أحد يعين العجمان إلا سيوفهم وأذرعتهم!. والسيوف والاذرعة وحدها لا تكفي … فاضطروا إلى فك حصارهم بأنفسهم، ونزحوا مختارين بعيدا عن الاحساء إلى الشمال… وقد سجل لهم التاريخ بطولاتهم الرائعة التي خلدتها أفعالهم وأقوالهم في تلك القصائد الشعبية العديدة ومنها قول شاعرهم، نغيمش الشاعر العجمي: ليل على ابن اسعود ياليل النّدم ذبح الاصائل والعمار الغاليه أخوك يا عزيّز من الموت انكتم وراك تهرب منه وأنت اتخايله صابك وصاب أخوك من الموت السهم بالليل الاظلم… ليتنا بالقايله! عقب التدنجر ما تفكّون اللزوم وأرقابكم من ضرب الايدي ما يله وفي هذه القصيدة يصف الشاعر "نغيمش" معركة العجمان مع عبد العزيز آل سعود وقتلهم لشقيقه سعد وكيف هرب عبد العزيز من جانب شقيقه دون أن يجرأ على حمله!، وكيف جرح عبد العزيز وهرب يحمل مصرانه… ويتمنى الشاعر لو كان وقت المعركة نهاراً (في القائلة) وليس في الليل الاظلم ليتمكن العجمان من التعرف على الاعداء وكبار الاعداء وعلى عبد العزيز آل سعود لقتله وقتل قادته الانكليز والعرب. نازلين الحسا كلّه على شانه وفي قصيدة أخرى يلوم فيها الشاعر "نغيمش العجمي" بعض افراد القبائل الذين تعاونوا مع أعدائهم آل سعود، ويبشر قبيلته العجمان الذين طال صبرهم بانتظار العدو السعودي أنه حان الوقت للقضاء عليه، ويقول اننا ما نزلنا الاحساء إلا على شان القضاء على ذئب نجد المسعور، واننا حاصرناه وجرحناه وذبحنا أخاه، ولم نتركه يتقدم أو يتأخر، فان رفع خيمته هدمناها وان تقدم لقتالنا قتلناه… وموعدكم مع اليهودي: يا نسل، يام، يالعجمان، قد حانه مونة لليهودي لا اتخلونه يا مطاليق، صبر، طالة أحيانه ذيب نجد عوى له ذيب بينونه يا لبحيحي وراك اتشب نيرانه وبن شافي ورشّود تعينونه نازلين الحسا كله على شانه نازلين الحسا ياللي تعرفونه ان تقدم هدمنا بني صيوانه وان تأخر يشوف الموت بعيونه السعودي اليهودي جمّع اخوانه انكليز… ولكن لا يفيدونه. كيف قتل العجمان ابن جلوي في معركة العيينة بين العجمان وآل سعود في عام 1929 م أمر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود فهد بن عبد الله بن جلوي آل سعود حاكم الاحساء بالهجوم على العجمان ثم بعث بكتاب إلى رؤساء العجمان وأعطاهم "الامان" وقال لهم في هذا الكتاب: (بسم الله الرحمن الرحيم !… إلى رؤساء العجمان وقادتهم، السلام عليكم ورحمة الله، وبعد، أبعث اليكم بكتابي هذا ليكون فاتحة خير بيننا بعد أن أمرني السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل بحل كل المشاكل التي بيننا بالحسنى وأنه ووالدي وأنا نتعهد لكم ونعاهدكم بالله وكتاب الله أن لا يأتيكم منا مكروه. فنطلب منكم زيارتنا للتفاهم على ما ذكرناه والله وكتابه على ما نقول شهيد)!… وفعلا، كان الله شهيد!. وكتاب الله شهيد أيضاً ! … ضمن آلاف الشهداء!.. الذين سفك دماءهم آل سعود اليهود الذين لا يرعون حرمة للعهود!.. الكذب والغدر ليسا من شيم العرب اطلاقا بل هما شريعة آل سعود وكل اليهود وهكذا يكون الغدر السعودي… حينما قام قادة العجمان بزيارة فهد الجلوي… غدر بهم وقتلهم وفي مقدمتهم الشيخ ضيدان بن حثلين وكرّور الحبشي وتسعة آخرين من العجمان… ولم تنطل على ـ العجمان ـ اساليب الغدر السعودي التي انطوت عليها رسالة ابن جلوي، ولذلك فقد تنادوا لاجتماع عام تشاور فيه قادة العجمان فيما بينهم وحضر هذا الاجتماع عدد من وجوه عشائر العجمان فقرروا ما يلي: 1 ـ ان عبد العزيز بن سعود غدار، وهو بهذه الطريقة يريد الغدر بنا ويريد قتل أكبر عدد من شيوخ العجمان فيجب أن لا يذهب لابن جلوي أحد من الشيوخ وعلينا أن نهاجمه… قال ضيدان بن حثلين (سأذهب أنا ومعي بعض الرجال الذين تختارونهم، فان تأخرنا أكثر من اليوم والليلة فمعنى هذا أنهم غدروا بنا فتوجهوا لانقاذنا).. فسار ركب ضيدان بن حثلين ـ ووصلوا إلى مخيم بن جلوي في العيينة ـ وأظهر لهم ابن جلوي خلاف ما يبطن، فرحب بهم وأطعمهم وأسقاهم القهوة (ومن عادة العرب انّه إذا طعم الخصم عند خصمه يحرّم قتله لأنه "أكل العيش والملح"، وان صمم المضيف قتل ضيفه فلن يقتله في بيته في نفس المكان والزمان الذي استضافه فيه، بل يعطيه مهلة ثلاثة أيام يهرب فيها من وجهه، وتسمى الايام الثلاثة "المهرّبات" فان لحق الطالب بالمطلوب في هذه الايام الثلاثة قتله فيها، وإلا فقد سلم المطلوب هذه المرة ليتحيّن الطالب قتله في مرة أخرى لا يذوق فيها المطلوب طعامه!) إلا أن آل سعود (الذين رضعوا الحقد اليهودي والغدر بهم أبعد ما يكون عن الاخلاق العربية كبعدهم عن أخلاق الدين)… فبالرغم من أن دعوة ابن جلوي للعجمان واضحة وكانت من أجل التفاوض!. وبالرغم من أن شيخ وقادة العجمان كانوا ضيوفه!. فان ابن جلوي لم يتفاوض معهم اطلاقا طيلة سبع ساعات تقريبا، وكان الشيخ ضيدان بن حثلين كل ما فتح له باب النقاش عن سبب دعوته لهم، ادخله فهد بن جلوي بموضوع آخر!. وحينما قال له ضيدان بن حثلين (أن العجمان ينتظروننا وإذا طولنا أخاف أنهم يجونك إلى هذا المكان) وهذا تلميح واضح من ابن حثلين لابن جلوي عن دور العجمان وتلميح لردعه لأن ابن حثلين بدأ يشك بسوء نية فهد ابن جلوي… إلا أن ابن جلوي المغرور تجاهل كلام ضيدان بن حثلين فتأكدت شكوك ضيدان فقام من مجلس ابن جلوي بقصد العودة إلى جماعته العجمان، لكن (عبيد) ابن جلوي وخدمه طرحوه أرضا ومن معه من المرافقين ثم وضعوا القيود بأيديهم وأرجلهم، إلا أن مرافق ضيدان بن حثلين (ومملوكه) ابن منير كان حذراً وقد توقع ما حدث قبيل حدوثه بدقائق فركب جواده ـ باشارة من عمه ـ ضيدان ـ وسابق الريح ليخبر العجمان، فأخبرهم بهول ما جرى، وكان العجمان قد تأهبوا قبل مجئ المرافق (النذير) فاتجه إلى العيينة/ 400/ شخص فقط بينهم مائة فارس وكانوا بقيادة الشيخ حزام بن حثلين وما أن شاهدهم فهد بن جلوي حتّى أمر عبيده بقتل (ضيوفه!) ضيدان بن حثلين ورفاقه!.. فالتحم ثوار العجمان /الـ 400/ بجيش سعودي قوامه /4000/ رجّل! .. ولا شئ أرخص من السلاح الابيض، ولا هناك من الاسلحة ما هو أقوى من صبر وجلد هذا السلاح الابيض، فالبنادق تكل أحيانا وأحيانا تتفجر من حرارة النار، إلا السلاح الابيض بيد من يجيده من الايدي التي لا تمل، والعجمان من هذا النوع الذي يجيد استخدام السلاح الابيض!… وبهذا السلاح التحم قسم منهم مع السعوديين فأبادوا أكثرهم… حتّى أنهم لم يعودوا، في تلك المعركة، يهتمون بالرؤوس الخسيسة من رؤوس الجنود والمجندين بل ذهبوا يبحثون عن الرؤوس الثمينة التي تستحق القطع والبّت السريع بأمرها، فكان كل واحد منهم يسأل ذبيحته السعودية قبل ذبحها عن "سيدها فلان" وكان مجموعة من العبيد الذين يملكهم ابن جلوي يسوقون الجموع السعودية بالعصي وبالسيوف لملاقات العجمان، لكن الجموع السعودية المرتجفة من هول ضربات العجمان أخذوا يهربون، وجاء الموت للعبيد المرعبين، فقتل العجمان معظم العبيد، ووصل العجمان إلى فهد بن جلوي!… البطل عبد الله بن عيد بن مخيال ليس خادما لدى الطاغية فهد الجلوي كما روى ذلك رواة آل سعود كذبا… بل كان مع الثوار! وتقدم البطل عبد الله بن عيد بن مخيال العجمي، من الطاغية فهد بن الطاغية عبد الله الجلوي وأمسكه من لحيته بيده اليسرى ثم تّف بوجهه، وكانت يمناه الكريمة تضغط على زناد بندقيته فتطلق رصاصها في قلب الطاغية وتخرج من ظهره فيسقط على الأرض وما زالت لحية الجبان الطاغية فهد الجلوي بيسرى البطل عبد الله بن عيد بن مخيال حتّى سقط الطاغية على الأرض فداس وجهه القذر بقدمه الطاهرة، وكانت نهاية الجيش السعودي في تلك المعركة عن آخره إلا من هرب منهم وهم قلّة، وغنم العجمان أسلحة الجيش السعودي وأموالهم المسروقة من شعبنا! وبدأ شعراء الشعب يتغنون شعراً في وصف بندقية البطل عبد الله بن عيد بن مخيال التي قتل بها الطاغية فهد، كما تغنى شعراء الشعب بالبطل عبد الله بن مخيال، الذي أشاع عليه آل سعود (أنه كان من خدم الامير فهد بن جلوي، وبما أن المخيّال من قبيلة العجمان فانه حينما رأى شيخ العجمان ضيدان بن حثلين قد قتل بيد ان جلوي قام وقتل ابن جلوي غدراً)!!. وهذا كذب سعودي!. وهو ما قاله آل سعود وما نقله بعض المؤرخين الانكليز على أسيادهم وأصحابهم من مستشاري آل سعود ليزعموا أن الغدر من شيم العجمان!!. كلا.. والغدر يا آل السّعود لسانكم وفعلكم لا ـ شيمة ـ العجمانِ ومن بعض القصائد الشعبية التي وصف بها الشعراء بندقية عبد الله بن عيد المحيال ـ قصيدة (للمّري) يصف فيها: كيف أن تلك الرصاصة التي ضرب بها عبد الله بن عيد المخيال ـ قلب الطاغية فهد الجلوي ـ قد تحولت تلك الرصاصة من قلب الطاغية فهد إلى ـ كبد ـ والده ـ الطاغية عبد الله الجلوي... البندقية التي أطلقت رصاصتها في رأس الطاغية فهد الجلوي أفضل من حجة إلى الكعبة! بندق في "العيينة" حج راعيها طَيّرت من (فهد) في كبد (عبد الله) ليت من هو بزين الصوغ حاليها أنقذت من خبيث الفعل خلق الله أربع آلاف راحت هي وراعيها كل ألف بميّة من جنود الله لم يرث فهد بن جلوي سوى قحبته المشهورة ولقد كانت مومس فهد بن جلوي (مريم ـ!!.. المعروفة في الاحساء) الوحيدة التي تغنّت ـ بصاحبها ـ بقصيدة غنائية شعبية رثت بها (ولد هواها) كما تقول عنه وكما هي معروفة… مسكين يا ولد الهوى! شدّ الضعاين يا فهد من يوم الاثنين… آهـ مسكين يا ولد الهوى من فجعة البين … آهـ له غّرة ان شعشعة وين القمر وين؟!… آهـ شدو بخلّي ورحلوا وا ـ حر ـ فرقاه… آهـ قلبي على جمر الغضا والنار تصلاه … آهـ ويلاه يا ولد الهوى ويلاه ويلاه… آهـ ليتي معه في غزوته صوب العيينة… آهـ خففت عنه لوعته أو متت واياه … آهـ قلبي على قلب: فهد جت له رصاصه… آهـ عاشقة وفيّة!. أليس كذلك؟!.. ربما تكون هذه العاشقة المومس الساقطة أكثر وفاء من زوجته!.. التي لم تبدر منها بادرة رثاء كهذه القصيدة الرثائية التي رددها الكثير من الناس من باب التندر بأقوال عاشقة الطغاة.. على أية حال، ان هذا الطاغية لم يرثِه أو يتأسف عليه غير اثنين فقط، هما: عاشقته القحبة، ووالده المجرم المعروف عبد الله بن جلوي… حتّى شقيقه الثاني (سعود الجلوي) طاغية المنطقة الشرقية فرح بقتله ليحل محله، وحتى كبير الطواغيت عبد العزيز آل سعود تنصل من مسؤولية التسبب في قتله التي دفعه إليها وتنصل من مسؤوليته في اعتقال الشيخ ضيدان بن حثلين وبعض قادة العجمان التي حرضه عليها عبد العزيز آل سعود نفسه، وهكذا يكون مصير كل طاغية إما أن يقتل، أو يموت دون أن يأسف عليه أحد غير القوادين والداعرات، حتّى الطغاة أمثالهم يتبرأون منهم كما فعل سيد الطواغيت عبد العزيز آل سعود حينما قال لبعض خاصته حينما بلغه نبأ مصرع فهد الجلوي وقتل جيشه في ثورة العجمان اثر قتله لقادة العجمان… قال عبد العزيز آل سعود: "أنا قلت له اربطهم وأرسلهم لي في الرياض حتّى نعتبرهم رهائن عندنا ونضغط على العجمان فيهم ونهدد بقتلهم ان كان العجمان ما كفوا عن ازعاجنا، لكن فهد بن جلوي استعجل وقتهلم مما زاد من هيحان العجمان فقتلوه، مع أن آل جلوي كلهم يعرفون العجمان قبل غيرهم، انهم بقروا بطني وذبحوا اخوي سعد، وان العجمان يما يتحرش فيهم أحد!)… وكان عبد العزيز آل سعود يوجه كلامه للمرحوم حمد الشويعر ـ أحد الذين ساهموا بادخاله في حائل ـ كان يخاطب الشويعر وهو في مجلسه الغاص بالخدم وغيرهم... وبهذا الكلام يثبت عبد العزيز آل سعود مسؤوليته المباشرة عن قتل الشيخ ضيدان بن حثلين ورفاقه باصدار أمره "السلطاني" لعبد الله بن جلوي ـ حاكم الاحساء ـ الذي أصدر أمره لابنه فهد العبد الله الجلوي باعتقال قادة العجمان وارسالهم (مربوطين) إلى ابن السعود الذي سيقتلهم مثلما قتل غيرهم سابقا ولاحقا… اليوم الأول من أيار "عيد العجمان العالمي!" أو يوم النصر في العيينة لقد حدث يوم واقعة العيينة في صبيحة اليوم الأول من أيار 1929م ـ بينما كان فهد بن جلوي يجهّز لارسال قادة العجمان إلى عبد العزيز آل سعود في الرياض ومعهم مائتي حارس من الحرس الخاص التابع له ولوالده عبد الله (والده هو الذي أمره بارسالهم حالا إلى عبد العزيز آل سعود) وقال له: (أرسلهم قبل فزعة العجمان لهم وتخليصهم منا ولا ترسلهم لي في الاحساء حتّى لا يتأخر ارسالهم لعبد العزيز، ويلحق بهم العجمان)!… وهكذا…. وبينما كان فهد بن عبد الله الجلوي يعد العدة لإرسال ضيدان بن حثلين وقادة العجمان إلى الرياض لمواجهة الموت على يد عبد العزيز آل سعود، هجم العجمان على مخيم ابن جلوي السعودي، وما أن شاهدهم فهد ابن جلوي حتّى أمر خمسة من خدمه بقتل الضيوف إلا أن الخدم رفضوا جميعا وهم يرددون (نحن أولاد ناس ما نحن من العبيد وبكره يقتص منا والعجمان أومن قبيلتنا فعندك عبيدك يقتلونهم) ولم يكن لديه الوقت الكافي للنقاش مع الخدم الذين لم ينفذوا أمره، فأمر عبيده بقتلهم وكان "العبد" ابن منصور هو الذي قتل الشيخ ضيدان بن حثلين… وهكذا يتضح إن الغدر السعودي صفة لازمة لكافة العهود السعودية، وهذه الصفة الغادرة كانت من أبرز صفات عبد العزيز آل سعود، وقد استخدمها بخبث ومكر وتمثيل مسرحي مكشوف… من ضمن هذا التمثيل السعودي أنه حينما يأمر خدمه بقتل الشهداء أو بقتل آلاف الابرياء في مجزرة واحدة ومكان واحد ويوم واحد وحينما يردد الشعب من أقصاه إلى أقصاه فظاعة هذه الجرائم السعودية، يقوم عبد العزيز بتمثيل المتباكي على هذه الارواح التي ازهقت!… بل ويصرخ أحيانا بصوت مسموع ويتشنج في البكاء التمثيلي، وحيث أنه لابد للبكاء من دموع ـ تؤثر في السذج وتريح العملاء ـ فان الدموع المفضوحة تخرج من عيني عبد العزيز بطريقة يخيّل للسذج من مشاهدي صالة العرض والشاشة انها دموع الورع والطهارة!. ويقول لي بعض الذين رافقوه شخصيا انّه حينما يستعصي الدمع على عيني عبد العزيز آل سعود فانه يضع إناء صغيراً خلف مقعده وبهذا الاناء قطع صغيرة من القطن المبلل بالماء، كما يضع قطنة مبللة فيربطها بطرف من أطراف "شماغه" فيتحسس القطنة من الوعاء أو من طرف شماغه باصابعه بطريقة لا يشعر بها إلا قلة من خاصته، وهذه أدوات مسرحية يعدها مسبقاً للتمثيل على من يريد التمثيل عليهم ويحضر لها بعض الكتّاب والصحفيين المأجورين للنشر فينقل كتّاب "التحضير" عنه "للتاريخ!" المزيف ينقل هؤلاء الكتّاب مثلما نقله عنه الممثل الاكبر الشيخ الحاج عبد الله "جون فيلبي" وكذلك التابع السعودي المستشار حافظ وهبة، والاجير السعودي أحمد عبد الغفور عطار، والعميل الانكليزي أمين الريحاني وغيرهم بقولهم: "حينما أمر عبد العزيز جيشه من جنود الاخوان الاجلاف البدو بالتوجه إلى الطائف لاحتلالها وبلغه خبر تلك المذبحة الهائلة التي راح ضحيتها آلاف الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ من أهل الطائف وأهل مكة المصطافين في ذلك المصيف الوديع الجميل!… بكى عبد العزيز وسالت دموعه بغزاة حتّى بللت لحيته وأغرقت كل وجهه وصاح والدموع تذرف من عينيه كالمطر وقال انني: "برئ!. برئ!.. ونشهد أنه برئ"!… كالمطر!… سالت دموع عبد "الانكليز" آل سعود… كالمطر!… وبدأت الدموع بغزارة حتّى بللت لحيته!. واغرقت وجهه!… هكذا زعم كتّاب العمالة والاجرة!… دموع عبد العزيز "التمساحية" يكشفها قائده جون فيلبي ولكننا نتساءل عن نوعية هذه الدموع!.. وكيف "ان هذه الدموع تنهمر كالمطر!" بينما يدرك أبو الدموع المجرمة ان الجنود ما تحركوا إلا بأمر عبد العزيز نفسه وبتخطيط من قيادة الكابتن جون فيلبي ـ الذي يقول فيلبي عنها: "وبعد أن يأسنا من الحسين حركنا جنود الاخوان بقيادة خالد بن لؤي وفيصل الدويش وسلطان بن بجاد لسفك دماء غزيرة بالطائف لنوقع الرعب في قلوب كافة الحجازيين، البادية والحاضرة، ونوفّر بها على بقية المدن الحجازية دماء أخرى ان أمكن الامر، وإلا فان دماء غزيرة أخرى لابد من اراقتها لأن الانكليز قرروا اسقاط حكم الشريف حسين بأي ثمن بعد أن رفض الامر والطلبات باعطاء فلسطين لليهود المشردين المساكين وبعد أن رفض الحسين ما عرضناه عليه بأن يكتفي بالحجاز وحده وان يغّير وجهة نظره في توحيد البلاد العربية كلها تحت حكمه"!… وهكذا يكشف جون فيلبي القائد الاعلى لجيوش "الاخوان المسلمين السعوديين"… هكذا يكشف "رسول الباب العالي الانكليزي" ـ جون فيلبي ـ دموع عبد العزيز، انّه جون فيلبي الذي أصبح "حاجا" و"قاضيا" و"شيخا" وقام "رجال الدين" وعبد العزيز آل سعود بتضليل "جيش الاخوان" ليخفي باسلامه المزيف تحركات جون فيلبي القيادية الاستعمارية الصهيونية،وفيلبي هذا هو أول من بايعه "كبار" المنكوبين من أهل مكة ـ بايعوه في الحرم المكي حينما كان يقف إلى جانب عبد العزيز في الحرم ـ على أنه شيخ الوهابية!… وهكذا وقف جون فيلبي بجوار الكعبة يأخذ البيعة لعبد العزيز ـ بالنيابة عن الانكليز ـ وينزّل الوحي عليه من مستوى القيادة العليا!. عودة إلى "عيد العجمان العالمي"! انّه ذلك اليوم الأول من أيار 1929 م وهو الموافق لليوم الذي يحتفل فيه العالم كله بشهداء العمال الامريكان الذين طلبوا بحقوقهم عام 1887 م فتظاهروا، مجرد مظاهرة، فاندس بين صفوفهم بعض عملاء الرأسمالية الامريكية واندس كذلك في صفوف الشرطة الامريكية نوعية عسكرية من نفس العملاء فأطلق العملاء الذين اندسوا بين صفوف العمال النار على الشرطة فأطلقت الشرطة النار على العمال فقتلوا منهم من قتلوا والقي القبض على قادة العمال فاعدم بعضهم!… تذكرت وأنا اسمع من بعض ثوار العجمان الذين شاركوا في (ثورة العجمان) ثورة العيينة يوم 1/5/1929م فقتلوا الطاغية فهد بن جلوي، كما قتلوا معظم جيشه البالغ/ 4000/ معتدي ـ بينما ثوار العجمان لا يتجاوزون الـ /400/ ثائر ـ حسبما أكد لي هذا الثائر الذي طلب مني أن لا أذكر اسمه الآن لأنه ما زال يعيش في جهنم!.. ولما قلت له هل أصبحت تخاف الآن وأنت بطل اليوم الأول من أيار؟ قال: (أولاً.. لقد أصبحت أكثر حذرا الآن منذ قبل وقد كبرت في السن يا ابني ولكن لو حصل لي الآن ـ يوماً ـ أشارك فيه مثل ذلك اليوم لما وفرت شيخوختي وشباب أولادي وأحفادي… ثانيا: ما هو اليوم الأول من أيار الذي قلت انني شاركت فيه؟!) فوصفت له قداسة اليوم الأول من أيار، وقلت أنه في التاريخ الميلادي للمسيح: يعني أن العمال تظاهروا مجرد مظاهرة فقتلوا بعضهم… فأصبح عيدا عالميا للعمال… بينما العجمان ثوار الجزيرة العربية ما اكتفوا بالمظاهرات!. وانما ثاروا وسحقوا أعداء العدل والانسانية وقتلوا فهد بن جلوي في الأول من أيار، ومع ذلك لم يحتفل العالم بهم ولم يذكرهم بهذا اليوم العظيم!… وما أجدره أن يطلق عليه (عيد العجمان العالمي)!.. فرد الثائر على هذا الكلام بابتسامة استحسان لفكرة (عيد العجمان العالمي)!.. وقال: (بل لماذا لا يكون ـ عيد الجزيرة العربية العالمي)… ثم استدرك وقال: (لا ـ بل "عيد العالم العالمي" لأنه لو سقط العرش السعودي سوف تسقط أمريكا واسرائيل ولن يبقى في العالم من يمد أعداء العالم بالثراء والبترول فتتوقف محركات أمريكا وصهيون)… ثم قال: (ان العالم قد ضلله المال ولصوص المال آل سعود، رغم ان العالم لا يجهل حيوانية آل سعود، ووحشية آل سعود، وحمرنة آل سعود وليرحم الله الحيوانات، وليرحم الله الوحوش والحمير بجانب آل سعود، فالوحوش في الغابات أرحم ببعضها من آل سعود فينا ، والحمير أكرم وأطهر من آل سعود، لأن اسم الحمير قد ورد في القرآن وفي الكتب المقدسة بأنها تحمل أسفار الناس وتقضي لوازم البشر، والعالم لو علم من هم العجمان هؤلاء الابطال الصناديد الذين صارعوا الظلم السعودي فصرعوا العديد من طواغيته، لو أدرك ما قدمه العجمان من خدمة للانسانية بمحاربتهم ـ سابقا ـ آل سعود لجعلوا لهم يوما عالميا اسمه "يوم العجمان العالمي" أو "اليوم العالمي للجزرة العربية" فقد قدم أبناء الجزيرة العربية، وفي مقدمتهم العجمان، قدموا التضحيات الاكثر مما قدمه عمال واشنطن بأمريكا، ومعظم العجمان من حيث التركيب الطبقي لا يختلفون عن غيرهم من أبناء البادية الذين هم أتعس حالاً من العمال والفلاحين… أقصد: أن "البلورتاريا" في كل مكان هي أرقى معيشة من أبناء الصحاري الذين أراد لهم الطغاة السعوديين الدمار). بعض القادة الذين قادوا العجمان في حربهم ضد تركي بن عبد الله وفيصل بن تركي وعبد الله بن فيصل آل سعود راكان بن حثلين، وعلي بن حسن بن حشّه ، وعلي بن سريعة، وهادي بن سريعة، وصماد بن منيجر، وليل المتلقم، ومكراد بن مكراد، ومدغش بن درجان، ومنصور الطويل، ومحمد الطويل، ومحمد بوسبعة، وعبد الله بوسبعة، وسلطان بن سعدي، وعضاب بن زمانان، ومحمد بن مدرمكة، وسعود بن درجان، وسيف بن غزيل، والدامر، وابن جمعة… وغيرهم من أبطال العجمان. أسماء بعض قادة العجمان الذين قادوا العجمان ضد عهد "السلطان" الملك عبد العزيز آل سعود شبيب بن الاصقة، محمد أبا الكلاب بن حثلين، محمد سحمان بن حثلين، خميس بن منيخر، محمد بن دبلان، محمد بن عصيان حمد بن مكراد، نهار المتلّقم، ضيدان بن حثلين (الذي قتله فهد بن جلوي فثار العجمان ثورة العيينة) وسعد بن سعدى، وعيد بن عبد الله بن مخيال (وهو والد عبد الله بن مخيال الثائر الذي قتله الطاغية فهد بن جلوي في يوم 1/5/1929م) وراجح بن أفطيس، وماجد بن أفطيس، وكمعان السفراني، محمد بن وذين (وهذا هو الذي قاد ثورة أخرى أحرق فيها سيارات "الملك" سعود بن عبد العزيز وقتل أتباع الملك في الدّهنا عام 1929) وابن طفلان، وعبد الله بن مفلح، وابن بنّا، وناصر بن مسامح، ومحمد بن مسامح، ونايف بن محمد بن حثلين أبا الكلاب (قتله الملك عبد العزيز آل سعود فيما بعد)، ومحمد الغريني، وفهد الدامر، وعبد الله بن فهد الدامر، ومانع بن جمعة… وغيرهم من قادة المقاومة قادة ثورات العجمان المسلحة…. عسير تقع بين الحجاز جنوباً واليمن شمالاً… وتمتد غرباً من البحر الاحمر إلى أن تصل إلى مقاطعة نجد شرقاً تقدر مساحتها بـ 70.000 كيلو متر مربع وقدروا سكان عسير منذ أن بدأ الاحتلال السعودي لها بأكثر من 2.500.000 نسمة، أما حسب الاحصائية السعودية ـ التي أجريت عام 1963 ولم تعلن ـ فقد انخفض عددهم إلى (300.000) نزح الكثير منهم كغيرهم من أبناء الجزيرة اما بحثا عن العيش أو هربا من جحيم الاحتلال السعودي، والبدو الرحل قليلون جدا، ونظرا لارتفاع الجبال وصعوبة المسالك في هذه المنطقة اطلق عليها (عسير). وقبائل (عسير) التي أطلقت هذا الاسم على نفسها وعلى ـ البلد ـ عسير. ترجع بأنسابها إلى " الازد ـ ازد شنوءة"، وهي من أعظم القبائل اليمانية المعروفة. ويقدر عددها بنحو 50 ألف نسمة ـ سابقا ـ أما الآن فقد تحضّر الكثير منها. وهي منقسمة إلى البطون التالية: بنو مغيد وعلكم وربيعة ورفيدة وبنو مالك.. وعاصمة عسير (ابها) وآخر حكام عسير من أبناء الوطن كانوا آل عايض، لكن حكام الاحتلال السعودي القتلة اللصوص تتابعوا عليها بدءاً من ابن إبراهيم إلى خالد الفيصل الذي يفاخر في الصحافة أنه خلال مرور سنة من حكمه لم يقتل أكثر من 25 شخصا ولم يقطع أكثر من 50 يداً… وهكذا انتهت عسير باحتلال آل سعود لها في عام 1342 هـ 1932 م نتيجة لخيانة بعض المتزعمين، علما بأن الشعب والقبائل في عسير لم يستسلموا، بل دارت بينهم وبين السعوديين معارك راح ضحيتها الآلاف من الطرفين السعوديين والوطنيين، وتشتمل منطقة عسير الادارية، وقاعدتها (أبها) على: أبها وقراها، وناحية قحطان وقراها، وشهران وقراها، ورجال ألمع وقراها، ورجال الحجر وقراها، وبنو شهر وقراها، ومحايل وقراها، وبارق وقراها، وبيشة وأطرافها. وغير ذلك… وأما من حيث التقاطيع الطبيعية فان بلاد عسير تنقسم إلى منطقتين: 1 ) المنطقة الساحلة ـ تهامة عسير. 2 ) المنطقة الجبلية ـ عسير السراة. أولا: المنطقة الساحلية ومدنها أو (تهامة عسير) تمتد تهامة عسير، على ساحل البحر الاحمر، بطول 200 ميل وعرض 45 ميلا وتصل الصخور البركانية (الحرة) في بعض المواقع إلى البحر. وبين هذه الصخور الجميلة تنبت المزروعات ويعيش كثير من السكان عليها. وتتوقف الزراعة على أمرين: الأول نزول الامطار فإذا أمطرت السماء أخصبت الأرض وأنبتت محصولا وافرا. وبالاضافة إلى نزول أمطار غزيرة في الشتاء كذلك تتساقط الامطار في اشهر الصيف بكثرة. والامر الثاني يتوقف على سيول المياه المنحدرة إلى البحر، وتحصد الأرض مرتين: في الربيع وفي الصيف وثلاث مرات في بعض الاحيان، ويزرع في تهامة الدخن والذرة، وتنمو برؤوس وسيقان كبيرة وتعلو إلى 17.7 قدما والسمسم والنيلة والقطن والخضر والنخيل ويصدر أهل الساحل السمك إلى جدة ـ قديداً ـ لعدم توفر وسائل التصدير، وتربى البقر والاغنام ومنها الماعز بكثرة في تهامة وفي الجبل وأما الجمال فلا توجد إلا في السهول وذلك لوعورة الجبال. وجميع نتائج الحيوان يستهلك محليا إلا في سنوات الخصب فانهم يصدرون السمن والصوف والجلود والغنم إلى جدة والمناطق المجاورة، والجو ـ في (تهامة عسير) شديد الحر، شديد الرطوبة، يختلف عنه في عسير ذات المناخ الجميل… وأشهر قبائلها: بنو شهر: تقيم في تهامة وفي الجبال وأكبر قراها (النماص)، والمع: وقد غلب عليها اسم (رجال المع) نسبة إلى بلدة (رجال) من بلادهم المشهورة. وتعود بنسبها إلى (الازد)، وبنو شهاب: وهم من العرب القحطانية.. وكلمة (تهامة) تعني الأرض المنخفضة، لذلك أطلق اسم تهامة على السهل الساحلي الحار الذي يقع بين البحر الاحمر والجبال… وهناك يسكن كل الشعب الفقير بقرى من الاكواخ صنعت من الاغصان أو الطين. أشهر مدن تهامة جيزان: وهي ميناء عسير الرئيسي وجيزان عاصمة ( تهامة عسير) وتقع على بعد 320 كم جنوب شرقي "القنفذة" و750 كيلو مترا من جدة. وتقع للجنوب الغربي من "أبها" عاصمة عسير على مسافة نحو 283 كيلوا متراً منها. وتحيط بجيزان من البر سبخة يغمرها البحر بمائة أحيانا فيحول البلدة إلى جزيرة وترتفع البلدة بأكثر من 100 قدم عن سطح البحر، ومساحتها تتراوح بين ميلين وثلاثة أميال مربعة، وسكانها يقدرون بنحو 15.000 نسمة. وفي بدء الاحتلال السعودي لها عام 1923 م قدروا سكانها بنحو 40000 شخص. وحوالي نصف مساكنها مبني من الحجر والباقي منها عبارة عن أكواخ (عشش) وفي الطرف الجنوبي الشرقي من المدينة توجد رواسب أملاح متحجرة يعدّنها الحكم المغتصب بطريقة بدائية جدا. كما يصنع هناك مسحوق أسود يستعمل محليا كالمتفجرات ويستخدم في بنادق خاصة لصيد الطيور ويطلق عليه البعض اسم (ملح البارود) كما يستخدم في بنادق خاصة للرماية وتفجير الطلقات النارية… وفي غربي جيزان جزائر "فرسان" ـ وهي عدة جزر، اثنتان كبيرتان تكادان تكونان ملتصقتين وحولهما بعض الجزر الصغيرة. مياهها عذبة. يكثر فيها النخيل وبعض الاشجار المثمرة وكان سكانها يتعاطون استخراج اللؤلؤ. ومما زاد في لمعان وبهاء لؤلؤها وجود الينابيع العذبة في أعماق بحارها وتنسب هذه الجزر إلى (فرسان) القبيلة التي نزلتها وهي من تغلب. لكن العائلة السعودية جعلت منه منفى لبعض المجاهدين والمجرمين الجنائيين دون تمييز وكذلك نفي المدمنين على شرب المخدرات والسبيرتو من أبناء الشعب فقط أي من غير الامراء "الاحرار" الذين يشربون الويسكي "الحر" من نبعه الصافي دون أن تطالهم يد النفي والتشريد السعودي ودون أن يعرف أي واحد منهم لوعة العزلة في جزر فرسان، وفي جزر فرسان من هؤلاء المنفيين الآلاف منهم من مات ومنهم من ينتظر الموت البطئ. القنفذة: بلدة صغيرة في تهامة عسير تقع على شاطئ البحر الاحمر وهي مرفأ "ابها" على بعد 100 ميل جنوبي جدة سكانها زهاء 2000 نسمة وفي عام 1912 قدروا بـ 5000، وذلك قبل الاحتلال السعودي ومعظم مبانيها أكواخ مصنوعة من جريد النخل وخشب أشجار الطرفاء وغيرها. وقليلها مبني من الاحجار. وأغلب البيوت المبنية بالاحجار طبقة واحدة عدا مراكز الحكومة ودور الاغنياء فبيوتهم مؤلفة من طابقين ذات سطح منبسط ونوافذ واسعة ومتعددة وتبيض جدرانها بالجير من الداخل والخارج. وقد بدأ بعض أصحاب النفوذ السعوديين باشادة بيوتهم بالاسمنت. وترد إلى أسواق القنفذة أنواع الخضر والموز والقطن والسمسم والعدس وما إليها من أوديتها الخصبة المجاورة. ويجلب إليها الماء من "الحفير" على بعد ميلين ونصف ميل من البلدة. وفي منطقة القنفذة تقع منازل "خزاعة" وهم من بقايا "خزاعة" الاقدمين ومنهم جماعة "وادي فاطمة بالحجاز، "وخزاعة" من بني عمرو بن لحي من الازد من قحطان وكانت منازلهم في الحجاز، ثم رحل بعضهم إلى الشام وعمان. وكان لخزاعة حق الاشراف على (الكعبة) وخدمتها بعد جُرهم. وبقيت في حوزتهم ثلاثمائة سنة. ثم انتقلت إلى قريش في عهد رئيسها "قصي بن كلاب" وكان الجميع قبل الإسلام يدافعون عن حمى المقدسات أما الآن أوكل حق الدفاع عنها للامريكان… سادة آل سعود. حلي: تقع جنوبي القنفذة، كانت تعرف قديما باسم (ابن يعقوب) وهو اسم لأحد حكامها القدماء زارها ابن بطوطة وذكرها بقوله: (حلي، كبيرة حسنة العمارة "!" تسكنها طائفتان من العرب وهم بنو حرام وبنو كنانة. وجامع هذه المدينة من أحسن الجوامع!، وفيه جماعة من الفقراء المنقطعين إلى العبادة!) ولا عمل لهؤلاء المنقطعين للعبادة. وما أكثرهم في الجزيرة العربية وما أكثر ما يقدمه معظم هؤلاء من خدمات للاحتلال السعودي ضد الشعب، ولو عاد ابن بطوطة لوجدها كما هي… ليس بها مستشفى ولا طرقات صالحة. الشقيق: ميناء صغير يقع شمال جيزان، وكذلك قرية (البرك): وتقع على الساحل جنوبي ـ حلي ـ وهي "برك الغماد" وكذلك بلدة (صبيا): تقع على مسافة 35 كيلو مترا من مينائها جيزان وعلى مسيرة 60 ميلا من ميدي ترتفع عن سطح البحر بنحو 50 قدما مياهها غزيرة وعذبة ومزارعها كثيرة. كان بها نحو 10.000 نسمة ـ قبل الاحتلال السعودي ـ فأصبحوا الآن أقل من 5000 ومعظم مساكن (صبيا) وبيوتها عبارة عن أكواخ يسمونها "عششا" مخروطية الشكل تتخذ من أعواد مختلف الاشجار الموجودة في المنطقة وبعض بيوتها بنيت من الحجر أكثرها ذات طابق واحد. وسوق (صبيا) تضم نحو 100 دكان فيها الكثير مما يحتاجه الناس وفيها معاصر أوجدها بعض أبناء الشعب لاستخراج زيت السمسم الذي يزرع فيها. وعدد مساجدها حوالي 45 مسجدا! . اما مدارسها فلا تزيد عن 3 مدارس!. ومناخ صبيا حار رطب أما ليلا فتهبط درجة الحرارة لأن ليلها كثير الندى والطل. لا تعتني السعودية بمياهها. كما لا تعتني بالبلد كلها لا طرق فيها، ولا مستشفى… أبو عريش: تقع على مسافة 35 كيلو مترا من جيزان… غزيرة المياه. كثيرة المزارع ومعظم مساكنها من العشاش. وبيوتها الحجرية ذات طابق واحد. لها سقوف عالية ترتفع عن سطح البحر بنحو 250 قدما ولا تزيد مساحتها عن ميل مربع. سكانها لا يزيدون عن 4000 نسمة لهم 40 مسجدا ومدرستين بدائيتين!. والجبال لا تبعد كثيرا عن أبو عريش. الحرارة فيها في الخريف لم ترتفع عن 32 درجة مئوية. وتهبط ليلا إلى الواحدة والعشرين. وأهلها مضيافون يتوددون إلى الغريب ويألفونه. ليس بها طرقات صالحة ولا مستشفى… محايل: وتقع في الجنوب الشرقي من القنفذة: لا يتجاوز عدد سكانها الالف ومعظم بيوتها من طابق واحد من الحجر وقليلها من العشاش ـ الاكواخ ـ وللبلدة سوق تقام في كل يوم سبت، ويشرب أهلها في الغالب من الغدران والمستنقعات التي لا يجف ماؤها في أغلب الاحيان. مساجدها ومدارسها لا تذكر والطبابة فيها معدومة وطرقها غير مبلطة. ثانيا: المنطقة الجبلية ومدنها أو (عسير السراة) كما قلنا سلفا… لقد جاءت تسمية (عسير) من ـ عسر ـ صعود مسالكها. وجبالها الغرانيتية المنيعة جدا عسيرة المرتقى وعرة المسالك تؤلف حاجزا قويا لا يمكن تخطيه إلا من فرجات معدودة يطلق عليها اسم "العقبات" تقع بين ملتقى الجبال وتقاطع الاودية مما سبب تأخر دخول الإسلام إلى عسير وتسببت في منع الفاتحين والغزاة على مر السنين. وتسببت في دحر السعوديين مراراً الذين لم يدخلوها لو لم يقوم بعض وجهائها لتوجيه الاحتلال ومناصرته، وعسير ـ مع ذلك ـ مناطق صالحة جدا لحرب التحرير الشعبية في حال تحرر اليمن من ربقة ارتباطها بالرجعية السعودية… ومن اشهر قمم عسير "جبل السودا" البالغ ارتفاع 11420 قدما. واما القمة التي تقع بينه وبين جبل "تهلل"، فتعد أعلى جبال عسير. ويقدر ارتفاعها بنحو 12000 قدم (3658 مترا) وجبل تهلل يبعد عن "ابها" عاصمة عسير مسافة عشرين كيلو مترا إلى الغرب. ويبعد عن قرية "السودا" وجبليها الواقعين في شرقه نحو أربعة كيلو مترات. وتهلل هذا الجبل المرتفع مكسو بالاشجار الدائمة الخضرة، ذو ينابيع جارية في الصيف والشتاء وقد عثروا فيه على الحديد. وهو المعدن المعروف وجوده في عسير. ولا شك في وجود معادن أخرى يمكن العقور عليها في حال البحث والتنقيب حينما توجد حكومة وطنية… ولقد شهد أمين الريحاني بعظمة هذه المنطقة وغيرها من أقاليم الجزيرة العربية حينما قال: (وفي شبه جزيرة العرب جبال غير أجأ وسلمى وغير جبال اليمن وعُمان تستحق أن تنعت بالزمردية. هناك جبال عسير وقد كساها الاخضرار فضخمت فيها الاشجار وغزرت المياه وتنوعت الثمار وهي جبال عسير الممتازة بكنوزها الدفينة وهوائها المعتدل الشبيه بهواء جبال حائل والطائف، رائعة المناظر. وهنالك في عسير حيث كنت واقفا على جانب من جبل مغطى بأشجار الزيتون البري والشريين، ظهر لي جدول صغير يتدفق من المنحدر بمياهه المثلجة من علو 9000 قدم كانت بمثابة تناقض غريب. إلا أنه محبب بالنسبة لمياه الصحراء القليلة. وكانت هناك أزهار برية من الياسمين إلى زهر العسل وورود برية كالقرنفل، كما كانت هناك حقول مزروعة من القمح والشعير والاعناب والخضار) ونضيف إلى أقوال الريحاني ما قاله توتشيل: (ان المنظر العام لعسير مماثل لا جزاء معينة من اليمن في الجنوب، ولبعض أصقاع قبرص وايطاليا). وتنحدر جبال عسير في الشرق حتّى تتصل بنجد وحائل في الشمال. وفي هذه المنطقة الجبلية أودية كثيرة. أراضيها خصبة قوية الانبات وتجري فيها المياه حتّى انها كثيرا ما تسيل على وجه الأرض وتتجه الاودية الرئيسية في اتجاه الدواسر الواقع في جنوبي نجد… ويجود في (عسير السراة) القمح والشعير والذرة والنخيل والتبغ والصمغ العربي وتنبت كافة أنواع البقول والفواكه كالتين والرمان والتفاح والموز والخوخ والعنب وغيرها. وكذلك البرسيم الذي يؤلف أهم غذاء للماشية. ويؤخذ من عصارته صبغة خضراء لتزيين البيوت من الداخل. والجو: في عسير السراة (الجبال) معتدل حتّى في أشهر القيظ وذلك بسبب ارتفاع الجبال ارتفاعا يعدل الحرارة المسببة عن القرب من خط الاستواء. ومعدل سقوط الامطار السنوي على جبار عسير يتراوح بين 10 إلى 12 بوصة وكما قلنا عن سكانها فقد كان عددهم يزيد عن مليون وخمسمائة الف قبل الاحتلال السعودي (أي منذ الـ 50 سنة الماضية) أما الان فهم 300.000 كما جاء في الاحصائية الرسمية التي اجرتها الجامعة الامريكية في بيروت عام 1962 بناء على تكليف من حكومة العائلة السعودية، ومن اشهر قبائل عسير: 1) قبيلة قحطان: وتقع منازلها بين نجران وقبائل وادعة وعسير وشهران وتمتد حتّى وادي الدواسر. وفي بلاد قحطان اودية عديدة اهمها وادي تثليث، مسكن عمر بن معبد يكرب الزبيدي وينتهي نسبه إلى كهلان من القحطانية. 2) قبيلة شهران: تقوم في واديها المعروف باسمها ـ وهو واد عظيم يقع عليه الكثير من قرى هذه القبيلة. وتمتد ديارها من قرب "بيشة" حتّى قرب "صبيا" لمسافة تبلغ ما يقرب من 200 ميل وتنشر منازلها في كثير من الاودية الاخرى منها وادي بيشة والخضراء وهو واد خصب يكثر فيه النخيل والليمون ويزرع فيه القمح والشعير والذرة والبرسيم وقابل لزراعة معظم أنواع المزروعات. 3) قبيلة وادعة: من العرب القحطانية، ويعرفون باسم (وادعة ظهران) نسبة إلى وادي (مر الظهران) الواقع في اقصى حدودها المتاخمة لليمن جنوب شرقي أبها وهي بلاد جبلية ذات أودية كثيرة. وقبيلة وادعة من أبناء عم الياميين سكان نجران. وصف وادي الظهران ابن بطوطة بقوله: (واد مخصب… كثير النخل ذو عين فوارة سيالة تسقي تلك الناحية. ومن هذا الوادي تجلب الخضر والفواكه إلى مكة) وكان ذلك الوصف لابن بطوطة قبل أن تقوم السعودية بجلب الخضر والفواكه والسلع إلى مكة من أمريكا واسرائيل بطرق مباشرة وغير مباشرة. 4) يسكن في منطقة عسير أيضا عدد من القبائل التالية: زهران، وشهران، وشمران، وبني شهر، وغامد، وبالاسمر، وبالاحمر وغيرهم من هذه القبائل التي قاومت الاحتلال السعودي في بدايته. لكن هذه القبائل استسلمت لطغيان الإبادة والتشريد والإذلال اخيراً كغيرها. الحياة السياسية الاجتماعية في عسير كانت الحياة السياسية ولا زالت في عسير كما في غيرها من أنحاء "مهلكة العائلة السعودية" لا تختلف عن الحياة في ايام ما قبل ميلاد ابليس، ولا اقول ما قبل الميلاد الموسوي والمسيحي والمحمدي بل أردى، ومع ذلك.. فقد حول آل سعود بعض افراد قبائلها إلى مباحث ومخابرات للتجسس ضد بعضهم وضد الشعب عامة بل جعلوا بعضهم يفاخر بلا خجل عن (ايقاعه بعدد كبير ممن "تحدثوا" ضد بعضهم وضد الشعب باحدى المحرمات) وهي "السياسة" التي يجازى المتحدث فيها بالقتل بوسائل الموت السعودية المتعددة أو بالسجن باقذر السجون إلى أجل غير مسمى، ولا تفرق المباحث والمخابرات السعودية وتجار الدين من أعضاء هيئات الامر بالمنكر والنهي عن المعروف من "يتمنى" مجرد أمنية بوجود حياة سياسية أو اجتماعية أشبه بحياة البشر أو بين من يطالب بالحياة. لكن "المتمني" والمطالب في رأيهم سيان وعقابه لذلك كعقاب (قارئ المنشور وطابعه وسامعه وناقله)!… ولمجرد نقل (كلمة) كاذبة من جاسوس سعودي حقير أو عضو في الجمعيات المتاجرة بالدين سيودي هذا النقل بحياة الإنسان دون تمييز في وضعه سواء كان طفلا أو امرأة أو كهلا أو عاجزا لا يستطيع فعل شئ… لمحة عن تحرر المرأة العسيرية قبل الاحتلال السعودي وتأخرها بعهد كان سفور المرأة في مناطق عسير قبل حلول الاحتلال السعودي لبلادنا من ابسط الاشياء العادية سواء في عسير أو في البوادي بل كان تحررها طبيعة لا تكلف فيها. وكانت المرأة تعيش في حرية السفور اكثر شرفا في حياتها الان في دياجير استار الحجاب وظلماته التي ما ان حل الاحتلال السعودي في عسير حتّى فرضها على النساء المتحررات منها سابقا بل ان ما كان يوجد في عسير ـ سابقاً ـ رغم كون المرأة أميّة ـ يندر وجوده الا في ارقى بلدان العالم المتحضرة من حيث عادات الزواج خاصة، وحياة المرأة بوجه عام ليس من حيث سفورها فقط بل من حيث اختلاط النساء بالرجال واشتراكهن في احاديثهم في المجالس وفي الكفاح وفي الحياة العامة اجتماعيا وسياسيا وعسكريا وفنيا. وسواء كان هؤلاء الرجال من الاقارب أم من الاغراب دون تصنع أو تكلف أو ابتذال وانما يمارسن هذه الحياة بفطرة فطرن عليها بمساواة بين المرأة والرجل تامة حتّى في تشابه الملابس، ومنذ القدم ولا زالت تستعمل النساء والرجال في (تهامة عسير) قبعات من خوص النخل مضفور بدقة وتسمى "الطفشة" وتستعمل كذلك في جبال عسير انّما أقل استعمالا منها في تهامة لكون تهامة أكثر حرارة من مرتفعات عسير الباردة وقد وصلت ثقة الرجل بالمرأة وثقة المرأة بنفسها إلى حد ان بعض سكان منقطة عسير حينما يستضيف احدهم رجلا تصل المبالغة في اكرامه عن تخلي الزوج عن فراشه الخاص وزوجته مع الفراش لينام الرجل الغريب الضيف مع زوجة المضيف بينما ينام المضيف في مكان آخر من البيت لكن الضيف العربي الشهم يقلب ظهره نحو زوجة مضيفه ولم يسبق لحادثة اعتداء واحدة حصلت طيلة هذه السنين لان الضيف المعتدي على زوجة مضيفه يباح دمه فيما لو حاول التحرش أو استخدام حيوانيته تجاه مضيفته إلا أن هذه العادات ألغيت بعد ان دخل الاحتلال السعودي إلى هذه المناطق الكريمة وبعد ان قتل العديد من السعوديين المتدينين بالمذهب الوهابي الأنكلو امريكي! بعد ان اساءوا تفسير هذا النوع من كرم الضيافة وفسروه على انّه بيع للعرض ولم تدرك تلك الوجوه السعودية الخبيثة التي لاقت حتفها من الزوجات المضيفات قبل الازواج وقبل عقاب الشعب في مناطق عسير.. لم تدرك معنى سيطرة الإنسان على شهواته وملذاته وصيانة حرية وحقوق الآخرين بل ألقى الاحتلال السعودي كل تلك القيم الشريفة التي كانت وحدها تحكم الشعب قبل مجئ وحوش الاحتلال السعودي إلى عسير وغيرها… كيف يتم اختيار الزوجين في عسير؟ ليس هناك اندية ولا مدارس مختلطة أو غير مختلطة بالطبع وانما هناك حياة كدح مختلطة، فالمرأة تعمل إلى جانب الرجل في الحقل وبناء المساكن والدفاع عن الوطن، وعن طريق كدح الحياة المختلط أو عن طريق الجيرة أو في سوق البيع أو بجانب بئر الماء أو في الطريق العام يتم تعارف الرجل والمرأة ويتم التصارح! … والبدويات والقرويات أكثر تحرراً من غيرهن في لقاء الرجال. وحينما يقع نظر الرجل على الفتاة فهي لا تمانع من اعطاء المواعيد الجريئة البريئة ليقابل كل واحد منهما الاخر على انفراد. وغالبا ما يراهما الناس في تكرار لقاءاتهما فيعرف الناس انهما خطيبين… وبعد مدة من التعارف يسألها الفتى هل تقبل به زوجا لها؟ بقوله: (أنّا ميدك) أي أنا أريدك… فان كانت راضية عنه تجيبه بقولها: (وأنا ميدك) وتكون قد أعطته عنوانها ـ أو هو يعرفه من قبل ـ وتتم الخطوبة من اهلها وتتبع موافقة الاهل اجراءات شرعية تتم في البيت عن طريق المأذون وشهادة شاهدين ويكون الرأي الأول والاخير للبنت نفسها بجواب منها بالاستجابة صراحة أو بالرفض بكلمة قاطعة منها: (انا ليس ميد) فينزل الاب على رغبتها… وليس للاب أو الاقارب أي موقف يرغمها على ما ترفضه أو يثنيها عما تريده فللمرأة في عسير ـ خاصة ـ الحق المطلق في قبول أو رفض الزوج أو الزوج المتقدم إلى اهلها خاطباً دون علمها، ومن الشذوذ ان تقسر المرأة على الزواج بمن لا تريده فهي التي تتحمل مسؤوليتها في قبوله أو رفضه، وليس في عسير مغالاة ومتاجرة فيما يسمى في معظم البلاد العربية "بالمقدمة والمؤخر" كما يحدث في انحاء الجزيرة وفي مصر وسوريا ولبنان بالذات وبقية البلاد العربية الاخرى كلها.. أي أنه ليس في عسير من مؤخر للمرأة… وانما هناك مهور أسمية ضئيلة كانت تتراوح ما بين خمسة ريالات وريال واحد. (أي ما يعادل نصف جنيه، و2 جنيه استرليني) وقد زادت الان إلى ما يقارب الـ 5000 ريال (بوجود الاحتلال) ينفق الاهل أكثرها على الضيافة في أيام العرس وشراء القليل من الكساء لها… والقبائل هي التي تحدد المهور… هذه بعض العادات الجميلة التي بدأت بالانقراض منذ ان حل الاحتلال السعودي في أرضنا وبدأ بارسال مجموعات هي من أفسد المخلوقات أطلق عليهم اسم (هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) فمنعوا اشتراك النساء والرجال في امثال (سوق الثلاثاء) المشتركة، ملتقى الرجال والنساء للبيع والشراء والخطوبة والزواج وحل المشاكل حيث يفد الناس من كافة المنطقة إلى هذه السوق… فحينما وفد تجار الدين السعودي ـ كرسل شر وتأخير لمهد العروبة ـ جعلوا للرجال سوقا (وللحريم!) سوقا آخرا!. وأخذوا يجلدون النساء في الشوارع والويل لمن لا تلبس العباءة السعودية. وتغطي نفسها بأكفان الموت السعودية البيضاء أو السوداء من راسها إلى اكثر من متر من القماش تجره خلفها في الأرض التي تقف عليها… وحالوا بين المرأة والتعليم القويم بل منعوا حتّى الافراح التي كانت النساء يختلطن فيها بالرجال في رقصات جماعية جميلة تسمى (الخطوة) فيصطف الرجال صفا والنساء في الصف المقابل فيرقص الجميع وغالبا ما يلتقى الفتى والفتاة راقصين منفردين امام جمهور الراقصين والمتفرجين ومثل هذه الرقصات الجماعية تحصل في شمال الجزيرة العربية أيضاً.. إلا أنه رغم تدخلات تجار الدين السعودي فلم نته كل هذه العادات فالمرأة لا تكشف الان عن وجهها في المدينة لكنها تدوس هذا الغطاء البغيض خارج المدينة بموافقة زوجها وقريبها الذي لا يوافق بوضع هذا الغطاء لكنه يرضى به مكرها لكونه لا يرضى مطلقا ان يرى زوجته أو ابنته أو اخته يعتدي عليها بالضرب من ساقطي الحكم السعودي (هيئات الامر بالمنكر والنهي عن المعروف) فتحاشيا لما يحدث للنساء من جلد ـ علني ـ في الشارع بأيدي تجار الدين السعودي يوافق "القريب" على قسر حرية المرأة ـ التي داسها الغريب ـ يوافق على تغطية وجهها في المدينة فقط. وقد حدثت صدامات بين الشعب في عسير وتجار الدين السعودي قتل فيها بعض تجار الدين من أجل أن لا تتدخل هذه الذيول السعودية في الشؤون الخاصة للشعب الذي ـ كان حرا ـ فاستعبدوه و"سعدنوه" … من أجل ان يبقى الرجال "اشباه رجال" وتبقى النساء "حريم" مكيسة… هل في بلاد عسير صناعة؟ الصناعة هنا لا تتعدى دبغ الجلود وصنع اشدة الابل ونسج النسيج الصوفي الجاف الخشن مما يستعمل في صنع الابسطة والاخرجة وكذلك صناعة سروج الخيل حينما كانت الخيل قوة يرهبون بها عدو الله وعدوهم، اما وقد انتهت الخيل من ـ قوة ، إلى ساحات سباق الامراء فقد انتهت صناعة سروجها القتالية معها … وتشغل في عسير أوعية للمياه من الفخار ويحيكون من سعف النخل سلالاً باحجام مختلفة بدقة وبشكل خاص وبعضها يقتنى للزينة داخل البيوت كما يحاك حصير من الحشائش الجافة، تصلح بأشكالها المستطيلة لاستعمالها سجاجيد وفرشا للنوم والجلسات. ومن المأكولات الشهيرة: الثريد، والعصيدة ـ أو الدغابيس … والعسل الذي لا يعرف الغش! المتوفر في عالمنا المتأخر كله، وخاصة في الدول النائمة والنامية على هامش الحياة، ولكن ربما الان قد دخل الغش إلى العسل في عسير، فالغش في العهود الفاسدة شئ مشاع…. اشهر مدن عسير ابها: عاصمة عسير، وتقع في ميدان متسع مربع الشكل تحيط بها الحقول والجبال القريبة التي تعلو 5000 قدم (1525 مترا) وكانت مركزا للادارة العثمانية إلى حين زوالها عام 1918. تعلو عن سطح البحر 7000 قدم (2134 مترا) ويبلغ عدد سكان (ابها) نحو 20.000 نسمة معظمهم من بني مغيد، تشرد معظمهم إلى مناطق أخرى والى منطقة الخليج بحثا عن العمل. وتتألف مدينة ابها من عدة قرى منفصل بعضها عن بعض ممتدة على اطراف واديها المسمى باسمها والمعروف بخصبه ومياهه الغزيرة. ومن هذه القرى أو الآحياء التي تتألف منها أبها "مناظر" ويلفظونها (امناظر) جمع منظر. وهي من اصل المدينة القديمة ثم توسعت حتّى شملت قرى أخرى لم تكن منها و "مقابل" يلفظونها (امقابل) وكان يقيم فيها المتصرفون العثمانيون… ومعظم بنايات ابها من الحجر واللبن، تبنى الطبقة الاولى من الحجر والثانية من اللبن المجفف، باردة الهواء في الصيف تتجمد مياهها في الشتاء، جميلة المناظر،وابها مركز مهم للمواصلات… ومحطة للقوافل التي تمر في عسير، ومرفأها "القنفذة" على البحر الاحمر… وتنتشر حول ابها عدة مزارع وبساتين غرست فيها الاشجار المثمرة المختلفة كالكمثرى والخوخ والمشمش والتين والسفرجل والعنب والتوت والليمون والصبير والموز والزيتون وغيرها. واعتماد أهل أبها في اكلهم على الذرة والشعير وأما الحنطة فطعام ذوي اليسر وطعام الضيوف أثناء الولائم. وأبها ـ كما يقول الرواة ـ مدينة حديثة، عمرها 250 سنة، وقد كانت قبلا غابة كثيفة الاشجار تدعى "الخشعة" وفي قلب المدينة توجد اليوم محلة تحمل الاسم القديم محرفا فتسمى: الخشع… وتتفرع من ابها الطرق البرية الاتية: 1) طريق إلى الجنوب وتنتهي إلى نجران مسافة 317 كليو متر. 2) طريق إلى الشمال وتنتهي في الطائف. 3) طريق إلى الجنوب الغربي وينتهي في جيزان على مسافة 283 كيلو متر. ولم تكن الطرق المذكورة طرقا بالمعنى المفهوم للطرق. بل كانت ممرات للحمير، وسيلة "المواصلات" الرئيسية ومن ذلك اطلق على الامير سلطان حينما عُين وزيرا للمواصلات عام 1957 لقب وزير الحمير… لم تهتم حكومة العائلة السعودية بهذه المنطقة ـ لكونها لم تهتم بغيرها من المناطق ـ وانما اهتمت بأخذ الضرائب الفادحة باسم "الزكاة" وغير الزكاة حيث سرقت تحت هذه الاسماء الاستغلالية من منطقة عسير الجبلية والساحلية الاف الملايين منذ بدأ الاحتلال السعودي وحتى الان ولم تعط هذه المنطقة أي شئ يفيد شعبنا اللهم الا حينما قامت ثورة اليمن بقيادة عبد الله السلال وعبد الله الجزيلان وفتية من الاحرار في 26/9/ 1962 واهتزت لقيامها قوائم العرش السعودي حينئذ ـ التفتت "حكومة" الاسرة السعودية إلى منطقة عسير لا لتعميرها بل لتشييد القواعد العسكرية خدمة للاستعمار الامريكي، ومن أجل ذلك ولحرب اليمن فتحوا فيها بعض الطرقات التي يحتاجها آل سعود والامريكان عسكريا لنقل الاموال والمؤن والعتاد الحربي للمرتزقة في اليمن فأمرت السعودية بتعبيد الطرق الثلاثة الانفة الذكر وبشق:
1) طريق ـ ابها ـ نجران ـ الذي رصدت له لسنوات متكررة 400 مليون ريال بينما طوله 317 كم. 2) طريق ـ أبها ـ الطائف ـ بـ 600 مليون وطوله 550 كم تقريبا!.
4) طريق ـ ابها ـ جيزان ـ 300 مليون ـ وطوله 283 كم… وقد مهدت هذه الطرق دون تبليط وأصبحت ترابية وطارت الاموال إلى جيوب اللصوص، دون ان تعبد لاسباب ثلاثة. الاول هو اطمئنان السعودية في الوقت الحاضر إلى اليمن الشمالي بعد ان انتهت منها الثورة وارتبطت بتحالف مع حكم الاسرة السعودية حاليا… والسبب الثاني هو أن المبالغ الضخمة المرصودة لهذه الطرق قد ابتلعها الحكام السعوديون شاكلة الملك فيصل والامير فهد وسلطان وزير الدفاع الحالي وانسابهم وأولادهم وشركائهم، والسبب الثالث هو ان المتعهد الذي أعطيت له هذه الطرقات دون مناقصة قد احترقت به طائرته ومات بينما كان في طريقه للاشراف على اعماله في هذه المنطقة وهو المليونير الحرامي محمد بن لادن ـ شريك الملك فيصل ـ فاستولى الملك على شركته قبل أن يغطس هو الاخر وبذلك استولى على ملايينه بما فيها أجزاء كبيرة من المبالغ المرصودة لهذه الطرق…، ثم بدأ فهد وسلطان بإنشاء ميزانية جديدة، وجديدة ومجددة، الخ هذا وتبعد ابها عن مكة ـ عن طريق الخرما ـ رنية ـ خميس مشيط ـ نحو 844 كم وتبعد عن الرياض ـ عن طريق الافلاج ـ نحو 1059 كم، كما تبعد عن وادي الدواسر (السليل) 544 كم وكلها طرق ترابية خربة، كل ذلك والحكم السعودي مستمر في سرقاته لأرزاق سكان هذه المناطق وفرض الضرائب الفادحة عليهم ويشهد حتّى بعض الاطباء الامريكان الذين زاروا هذه المناطق ان امراض السل والسيفلس والامراض الاخرى السارية تتواجد مجتمعة باكثر من 95% من سكان هذه المناطق. خميس مشيط: تقع على مسافة 30 كيلو مترا عن ابها و200 كيلو متر من ميناء القنفذة وتقوم على ارتفاع 7300 قدم في سهل منبسط وتبعد عن الجبال بعدا كافيا. وهي معتدلة الهواء وفيرة المياه. واسم بلدة الخميس الحقيقي هو "الدرب" إلا أن انعقاد السوق الاسبوعية فيها يوم الخميس بدل اسمها ثم اضيف "مشيط" وهو احد امرائها. مما ادى إلى ضياع اسمها القديم وتسميتها "خميس مشيط" ونظرا لموقعها الهام من اليمن شماله وجنوبه. فقد وضع فيها السعوديون والامريكان قاعدة حربية كبيرة كلف انشاء هذه القاعدة 6000 مليون دولار ويشرف عليها الامريكان وعدد من الخبراء الانكليز. فاصبحت هذه القاعدة واحدة من قواعد المرتزقة الاجانب والعرب للانطلاق منها في جولات تخريبية ضد اليمن وغيرها، كما اصبحت كغيرها من القواعد، كقاعدة تبوك وقاعدة الظهران شرقا وقاعدة الحفر شمالا وغيرها من قواعد الشر الاستعماري الامريكي السعودي… حجلة: تقع بين "أبها" وخميس مشيط" على مسافة 16 كيلو مترا من الثانية وهي كبيرة متسعة تقوم على اطرافها ابراج كثيرة يسميها اهلها "القصبات" وهي بالفعل قبة مجوفة لها مدخل ضيق يرقى إليها بسلم من الحجارة البارزة وكانت في السابق تستعمل هذه القصبات مراقب للحراسة من هجوم مباغت وللدفاع عن القرية وما يحيط بها من مزارع. و"حجلة" من منازل قبيلة "شهران" ومن أشهر مشايخ هذه القبيلة الشيخ ابن مشيط الذي سمى (خميس مشيط) باسمه وربما كان "الشيخ مشيط" يعلم ماذا سيفعل عملاء الاستعمار من آل سعود في منطقته حينما قاوم الاحتلال السعودي بادئ الامر مخالفا بمقاومته الاولية رأي زميله شيخ العشيرة الثاني (أبو ملحة) الذي بأسباب ابو ملحة وامثاله احتل آل سعود منطقة عسير وقتل قراصنة الاحتلال السعودي آلاف من المحاربين الذين خدعهم أبو ملحة واشكاله… وقد كان لابو ملحة الدو الاكبر في ادخال السعودي غدرا بالمقاتلين وارتشاء من السعوديين. النماص: لا تتجاوز بيتوها الثلاثمائة وبعضها يتألف من ثلاث طبقات وعدد سكانها لا يتجاوز الخمسمائة معظمهم من بني شهر. وفي القرية سوق صغيرة جدا تقام يوم الثلاثاء من كل اسبوع. وترتفع النماص تقريبا 2800 متر عن سطح لابرح ودرجة الحرارة ترتفع نهارا عن 18 درجة وتهبط ليلا إلى العشرة في أشهر الربيع. رجال المع: أعمر قرى عشائر المع، سكانها يزيدون على الالف يقيمون في نحو 200 بيت، بنيت جميعها من الحجارة ومنها ذو الخمس طبقات ونوافذها ضيقة ودرجة الحرارة في القرية طيلة فصل الشتاء لا تهبط عن العشرين درجة مئوية بكثير. وللرجال سوق يعتمد عليها من حولها من القبائل تقام في كل يوم جمعة أو اثنين وفيها بضعة دكاكين، سبق أن دارت معارك بين (رجال ألمع) وخدم الاحتلال السعودي وانتصر الاحتلال السعودي بعد مقتل العديد من السعوديين والمواطنين. بيشة وواديها: يعتبر وادي بيشة، اكبر اودية عسير واطولها إذ يقدر طوله من مبدئه إلى منتها بنحو 450 كم. وينحدر من سفوح جبال عسير الشرقية والشرقية الشمالية ويتجه إلى جهة الشمال والشمال الشرقي إلى أن يتصل بوادي الدواسر. وكانت تقوم عند أوله بلدة تاريخية لم يبق منها الا الاطلال والخرائب بعد ان هدمها جنود محمد عبد الوهاب السعودي نظراً لمساعدة سكان هذه القرية لمجموعة من الثوار ضده، والبلدة هي بلدة "جرش" المذكورة في كثير من الكتب العربية القديمة… قال البركاتي في ص 69 من الرحلة اليمانية: (وادي بيشة من اكبر الاودية واخصبها والاودية التي تصب فيه يبلغ عددها خمسة وعشرين واديا ويزرع في هذا الوادي من الحبوب: القمح والشعير والذرة. ومن الخضر انواع كثيرة وفيه الليمون والحامض والنارنج بكثرة ولأهل هذا الوادي اعتناء زائد في غرس النخيل حتّى بلغ عدد النخيل فيه أكثر من مليون نخلة من أجود النخل وأنواع الرطب فيه تزيد على خمسين نوعا، وكانت التمور عندهم رخيصة جدا لكن الاحتلال السعودي شجع على قطع النخيل واستفحل الغلاء وحدائق النخيل تحف بالوادي من الجانبين وهي متواصلة ببعضها مسيرة ساعتين بالسيارة أما غابات الاشجار بهذا الوادي فهي كثيرة، وعدد قراه ثلاثون وتتكون بيوتهم من طبقتين إلى ثلاث معظمها مبنية باللبن وبكل قرية سوق مستمرة للبيع والشراء). وذكر الرحالة اليهودي "المسلم" محمد أسد في صفحة 222 من كتابه (الطريق إلى مكة) هذا الوادي بقوله: (وادي بيشة يمكن أن يصبح بسهولة مصدرا عظيما للحنطة وان يمون الحجاز كله بها. شرط أن يخطط ويعني به عناية كافية) لكن العناية الكافية والتخطيط من المحرمات السعودية اللهم الا في سبيل التآمر ضد الشعب والامة العربية… وبلدة بيشة التي دعي الوادي باسمها، تقع على بعد نحو مائة ميل من "تربة" التي قتل الاحتلال السعودي فيها 40000 من قبائل الحجاز. وتبتعد بيشه 240 ميلا للجنوب الشرقي من مكة ويبلغ عدد سكانها نحو 5000 نسمة، وكانت محطة القوافل الرئيسية في جزيرة العرب فيه ملتقى الطرق المتجهة من اليمن وحضر موت إلى الحجاز ونجد. وهي المعبر الذي دخل منه الاحباش في طريقهم إلى مكة "عام الفيل" ويعتبرها العرب مفتاح اليمن. ويعتبرها حكم الاحتلال السعودي احدى المراكز الرئيسية للتآمر ضد اليمن… تربة وواديها: يقدر طول وادي تربة بنحو 120 كيلو مترا واشتهر بكثرة منتوجاته ووفرة محصوله. ففيها اكثر من (مائة وخمسين الف نخلة) وبساتين مملوءة بالموز والنارنج والليمون والعنب وبعض الفواكه ويزرع فيه القمح والذرة والشعير وكافة أنواع الخضر ومنضره من أجمل المناظر وفيه كثير من شجر الاثل والطرفاء والحمص والحلفاء. وكان يسكنه في العصور الماضية بنو هلال. وتقع بلدة تربة على ربوة واديها على مسافة 85 ميلا من الطائف شرقاً بجنوب تحيط بها مزارع النخيل وتروى بمياه غزيرة وسكانها لا يتجاوزون الثلاثة الاف ـ وفيها مثل الخرمة الاتي ذكرها ـ عدد من سلالة "الاشراف" يملكون اكثر أراضيها. وهي ذات أهمية لانها في الطريق إلى الطائف. ولتربة سوق دائمة وافية برغائب أهلها وما يحتاجه سكان البادية التي حولها وبيوتها من اللبن لا يعدو معظمها الطابقين. وتربة مركز (البقوم) والبقوم بطن من الازد من القحطانية، واحدهم باقمي وجبلهم هو "جبل حضن المشهور بالتواريخ العربية ويقع شرقي موقع عكاظ "طوله 15 كيلو مترا وعرضه عشرة كيلو مترات وفيه مياه وافرة وأشجار كثيرة. وفي الحديث الشريف "من رأى حضنا فقد أنجد" أي دخل في حدود نجد، ومن البقوم برزت امرأة اسمها (غالية) وكانت أرملة لرجل من أغنياء البقوم من سكان تربة ولما وصلت جيوش محمد علي باشا والي مصر بقيادة طوسون إلى تربة عام 1227 هـ (1822م) لتحرير الجزيرة العربية من الوهابيين تصدت لهم "غالية" بمن معها من الجند فانتصرت عليهم واضطرتهم إلى التراجع بعد أن قتلت منهم الكثيرين ولم تفعل (غالية) ذلك دفاعا عن الوهابية كما زعم بعض المؤرخين السعوديين والذين نقلوا عنهم بل فعلت دفاعا عن موطنها من أن يسوده أي تحكم مستبد، وانخدعت ( غالية) بالدعوة الوهابية لكنها قاومتها فيما بعد وطلب منها محمد بن عبد الوهاب ان تتزوجه قبل ذلك فرفضته، قائلة (لا اتزوج يهودي قاتل)… وكانت (غالية) على غاية من الغنى والثورة ففرقت جميع اموالها على فقراء قومها وعلى الحملات الحربية التي كانت تشنها على اعدائها وتوفيت بعد عام 1229 هـ (1814 م). وفي ليلة 25 شعبان 1337 هـ 25 ايار 1919 حدثت في تربة الموقعة الشهيرة التي دارت رحاها بين السعوديين بقيادة (جون فيلبي) وبين جنود الحجاز ـ بقيادة الامير عبد الله بن الحسين وفيها قتل السعوديون اربعين الفا من الحجازيين وكان المخطط لهذه المجزرة المجرمة هو رسول المخابرات الانكليزية جون فيلبي بحجة ان جنود الحجاز (كفرة) وجنود الانكليز السعوديين "مؤمنين مسلمين". وانتصر الجند الانكليزي السعودي على الجند الحجازي بالغدر بعد أن بيّتوهم ليلا وخدعوهم بخطة أخرى من تخطيط جون فيلبي تتلخص بما يلي: بما أنه يوجد في الجزيرة العربية قبيلة كبيرة اسمها (عتيبة) قسم منها يسكن الحجاز وآخر يسكن نجد قسم منها منضم للاشراف وقسم آخر منضم للسعوديين فقد استطاع جون فيلبي أن يبعث بقسم من جنود عتيبة المنضمين للسعوديين ـ كمتسللين ـ إلى جنود الحجاز بقيادة الشريف عبد الله وفي ليلة هجوم الجند السعودي يقوم بعض هؤلاء المتسللين باطلاق النار ميمنة جند الشريف فيجيبه على اطلاق النار مجموعة أخرى تابعة في ميسرة جيش الحجاز، وتم ذلك فعلا فارجف بجيش الشريف (النائم ليلا) فأخذ يطلق النار على بعضه فيمين الجيش يظن أن العدو السعودي يهاجمه من جهة اليسار واليسار يظن ان العدو السعودي يهاجمه من اليمين… وهكذا قتل جنود الحجاز بعضهم، وألحق الجند السعودي على البقية وهرب الامير عبد الله بن الحسين وكانت مجزرة سعودية انكليزية رهيبة عرفت بـ (مجزرة تربة) أو (مجزرة الاربعين ألف في تربة)… وما تزال عظامهم وبقايا جماجمهم مكدسة تشهد على هول جرائم يهود آل سعود… الخرمة: نسبة إلى الاخرام ـ وهو المشقوق الشفة ـ وكان يطلق عليها اسم (الخرماء) سابقا… والخرمة من أكبر بلدان وادي تربة وتقع على مسافة خمسين ميلا من جبل حضن إلى الشرق تعلو 35000 قدم على سطح البحر. وعدد سكانها خمسة آلاف، ثلثاهم من "العبيد" الذين اختطفهم الامراء "وناضلوا" حتّى اشتروا انفسهم من "السادة" المعتدين على حقوق الإنسان فتحرر العبيد بشراء أنفسهم!، والثلث الاخر من عرب سبيع، اما "الاشراف" فلا يتجاوزون الثلاثمائة نفس. وتتألف الخرمة من (الخرمة القديمة) أو القصر العتيق ومن الخرمة الجديدة التي انشئت في الحرب العالمية الاولى. وتقع الخرمة على طريق التجارة بين نجد والحجاز على مسيرة 144 كم من الطائف و280 كم من مكة وهي محطة تجارية للتجار القادمين سابقاً من القصيم… ليس فيها مستشفى ولا مدارس تذكر. رنية وواديها: تكثر على أطراف وادي رنية المزارع وحدائق النخيل والقرى. والقرى الوقعة عليه متقاربة متصلة وينتهي هذا الوادي بوادي الدواسر تبعد 150 كم عن الخرمة و160 كيلة مترا عن بيشة و427 كم عن مكة وتحيط الجبال بها ـ من بعيد ـ من جميع جهاتها وقد سميت بهذا الاسم (رنية) لكون القادم إليها لابد ان يرنو ببصره وخياله لمنظر رنية الجميل.. وفي كتاب (في بلاد عسير) يقول المؤلف: (والقادم إليها يرى أمامه من بعيد منظرا عجيباً جداً هو اقرب ما يكون إلى منظر بلدة عظيمة ذات قلاع وابراج ومآذن ومعابد ولكنها في الواقع مناظر الجبال والتلال التي تظهر في الافق باشكال بهيجة تنعكس عليها أشعة الشمس فتكسبها منظراً خلابا يأخذ بمجامع القلوب وقد يكون للسراب وخداع البصر دخل عظيم في روعة المنظر واكسابه ذلك الشكل المغربي الخلاب، ومعيشة أهل رنية بسيطة هادئة. هم زرّاع بالطبع، واهم زراعتهم النخيل والحبوب وهم بعد اهل ماشية وجمال، وعندهم ذوق في صناعة النسيج الصوفي الخاص بالاخرجة) ولم يأت الاحتلال السعودي بما يرفع من مستوى الحياة من كافة النواحي في هذه البلدة وغيرها من المناطق المجاورة… قرى بارق: تبلغ قرى وادي بارق خمسين قرية وكلها مبنية بالحجر المنحوت الجميل والدور فيها من طبقتين إلى ثلاث. والوادي المذكور من اعظم اودية عسير اتساعا خصب التربة خصب الانتاج يزرع فيه السمسم والذرة والشعير والدخن والنيلة ولأهله اعتناء تام باستخراج زيت السمسم… ومن قراه (سوق الاحد) وهي سوق للبيع والشراء، و" العجم" وغيرها، ومن اقسام قبيلة بارق التي تسكن هذه القرى: "الحميدة" و"آل موسى"… وهذه القرى كغيرها لم يدخل الاحتلال السعودي أي نوع من انواع التقدم إليها… رجال الحجر: يطلق هذا الاسم على ثلاث قبائل تقطن السراة وهي "بالاحمر وبالاسمر" و"بنو عمرو" وتقيم قبيلة (بالاسمر) للجنوب من اراضي (بني شهر) وللشمال من (بالاحمر) ومن قراها (بنو مالك) و(اهل خرم) وغيرها. واما قبيلة (بالاحمر) فتقيم في جنوب (بالاسمر) ولها 30 قرية منها (مسفرة) و(جذام) وغيرها. ولكل من (بالاحمر) و(بالاسمر) فروع تقيم في تهامة عسير وأما بنو عمرو فتقع منازلها للشرق في منازل (بالاسمر) و(بالاحمر). بعض العادات الاجتماعية في عسير والذين زاروا عسير اوفوا سكانه حمدا كثيراً، ومن ذلك ما اورده صاحب كتاب "في ربوع عسير" إذ قال (العسيريون على العموم اصفياء السريرة في سذاجة فطرية بالغة. أذكياء دقيقو الملاحظة سريعو الادراك، كرام، مضيافون، حريصون على حسن السمعة في هذا السبيل، شجعان شديدو الاباء لما لم يألفوا، يرتابون في الغريب الطارق منازلهم ويألفونه إذا اطمأنوا إليه "وهذا ناتج عن حملات الارهاب والرعب والموت السعودي الذي أهلك منهم الالاف وهتك الاعراض" وبالاختصار فان الطباع والسجايا العربية متجلية فيهم بكل وضوح ومما يحمد لهم ويدل على دماثة اخلاقهم، اطلاقهم كلمة الجار والجارة على من يستخدمونه للعمل تكريما واعزازا له عن كلمة خادم، وفي بعض نطقهم فصاحة تذكر بكلام العرب القدماء. ولا يزال في ألفاظهم كلمات تدل على نطقها الصحيح فيقولون في الاستفهام: لم ولماذا. وإذا كان استنكاريا قالوا: فم. مستعينين بحركة الوجه وتجهمه ويستعملون "ثم" بمعنى هناك. وسمعت منهم بعض كلمات أظن أن استعمالها قد اندثر عند غيرهم). وجاء وصف شعب عسير الكريم على السنة واقلام الكثير ممن زاروا بلاد عسير كما جاء في مجلة الجزيرة أن هذه القبائل العربية الصميمة، جبلت على المبالغة في اكرام الضيف. ومواساة الجار، وحماية المستجير. وتميزت بالشجاعة والفداء وهي تتبع نظما فطرية سليمة في معاملاتها مع بعض، ومع غيرها، فتجد لدى كل قبيلة ما تسمى بـ (العشيرة) وهي عبارة عن صندوق عام، يسهم كل فرد بحسب طاقته من المال وخلافه، ويظل بعهدة نفر من الاعيان، يصرفون منه بمقدار على المنكوب والفقير كذلك تسود بينهم الروح التعاونية الاشتراكية في أعمالهم ومشاريعهم… يصعب على الكثيرين من العرب أن يفهم أحاديث "البعض" من أهل عسير وذلك لان لهجة غير القليلين منهم تعرف الاسم بـ "أم" بدلا من "ال" فيقولون "أموادي" ويريدون بها "الوادي" و"امشارق" ويعنون "المشارق" وهذا التعريف لهجة من لهجات العرب فقد ورد في الحديث الشريف "وليس من أمبر امصيام في امسفر" أي "ليس من البر الصيام في السفر" كما أن بعضهم يقلبون الجيم ياء فيقولون "صليت في المسيد" أي في المسجد "ورأيت الريال" أي الرجال و"ياء" بدل "جاء" و"ييل" بدل "جيل" وبعضهم يستعمل الشين بدل الكاف فيقولون "حشيت" ويريدون بها "حكيت" و"شيف حالك" يعنون "كيف حالك" ومثل هذه الكلمات واللهجات منتشرة في معظم أنحاء الوطن العربي. فلبعضها أسس من العربية وللبعض الآخر أسس أجنبية… وحكم الاحتلال السعودي لم يطور من معيشة الشعب في عسير التي لا تزال بدائية بحيث يعتمدون على أنفسهم وعلى وسائلهم البدايئة في مأكلهم وانتاج محصولات بلادهم، ولما كان القمح والسمن أهم منتوجاته الزراعية والحيوانية أضحى هذان الصنفان من قوام طعامهم. وأما اللحوم فكانت إلى عهد قريب لا تؤكل الا في الاعياد والمواسم وبعض الضيافات. والى عهد قريب لا يهتمون بطبخ الخضر وأكل الفواكه بل يعدون ذلك من الكماليات. ويطلقون على طعام الافطار كلمة (فوال) أي الطعام الذي يتفاءل به الجائع لمجيئ طعام آخر كغداء وعشاء. ويعتمدون في طعامهم على الذرة وأعم أطعمتهم (العريكة) أو (العصيدة) وذلك أنهم يعصدون الدقيق فوق النار بالماء حتّى ينضج ثم يصبونه في قصعة يملأون وسطها بعد أن تحفر فيه حفرة صغيرة بالسمن السائح. فيلتقم الآكل قطعة من العريكة يغمسها في السمن ثم يبتلعها، وأما خبزهم فيصنع من القمح أو الذرة أو الشعير أو الدخن فيشوونه على النار في الطابون ليسكبوا عليه السمن والعسل الخالي من الغش والمتعدد الالوان ومن ذلك العسل الناصع البياض كلون السكر تماما وهو لديهم من ألذ المأكل وأشهر الحلويات ولابد أن تكون وجبة العشاء من (الحيسة) وهي عبارة عن فتيت خبز الذرة مسقى بالحليب ومحلى بالسكر، أن تيسر، وذوو اليسار منهم يضعوه عليه مقدارا من السمن). بلاد نجران نجران ـ في اللغة العربية ـ معناها: ـ خشبة يدور عليها ـ رتاج الباب ـ أي "دواسة الباب" وما كانت ـ نجران ـ يوما في الماضي ـ "دواسة لآل سعود" بل دائسة لهم… وعلى أية حال فان اسم ـ نجران ـ لم يشتق إلا من اسم بانيها (نجران بن زيد بن سبأ بن يسحب اليماني) فهي يمانية كعسير وجيزان اقتطعها الاحتلال السعودي من اليمن، ومن حق أي شعب أو قبيلة أو قرية أن تقرر مصيرها بنفسها، بالانضمام إلى أي جزء متحرر من الجزرة العربية، بل من حق الجزيرة العربية المستعبدة أن تنضم إلى الجزء المتحرر منها في اليمن ـ مثلا ـ كما هو حق الشعب العربي أن ينضم إلى أي جزء متحرر في الوطن العربي، أو ثائر، مثالا على ذلك: أن ينضم شعب المغرب العربي الى ثوار بولساريو، وينضم المغرب للصحراء وليس العكس. المهم: ان السعودية احتلت نجران كغيرها بدعم عسكري ومالي وتخطيطي من قسم المخابرات الانكليزية المعروف باسم "المكتب الهندي" الذي يسيطر عليه الصهاينة، وقام آل سعود باقطاع نجران لبعض أخوالهم من آل السديري… وتقع ـ نجران ـ بين جمهورية اليمن الشمال وعسير ونجد في منبسط من الأرض السهلة المرتفعة نحو 4000 قدم (1220 م) ويخترقها مجرى الوادي المعروف بوادي نجران الآتي من جبال عسير إلى أن ينتهي مجراه في رمال الربع الخالي، وفي نجران عين ماء غزيرة المياه اضافة إلى غيرها لكن الاستفادة بمياهها قليلة إلا أن حكام الاحتلال السعودي عملوا لاستغلال هذه المياه لمزارعهم. وأهل نجران من قبيلة (يام) من (حاشد) وهذه بطن عظيم من (همدان ابن زيد) القحطانية. والقبائل اليامية من أشد القبائل شكيمة في القتال وكان لها دور في دحر السعوديين والوهابيين مرارا. وفي العادات السعيدة تشترك النساء والرجال ـ كما هو في عسير ـ يشترك الجميع في رقصات جماعية رجالا ونساء، أزواجا أزواجا، على نغمات الرباب وضرب الدفوف وقد ألفوا هذه العادة من أجيال عديدة. وعرفوها قبل أن تعرفها أوربا… مع فارق الحياة الاجتماعية بين أوربا ونجران في العهد السعودي… والمسافات الآتية، وهي بالكيلو مترات، تبين البعد بين نجران وغيرها من الاماكن: أبها: 341، خميس مشيط 479، تريم: 857، الرياض: 1026 كم، مكة ـ عن طريق أبها: 1171 كم ـ وعن طريق خميس مشيط 1298 كم والطرقات كلها ترابية، ومعظمها وعرة المسالك… ولم يصلحها الاحتلال السعودي، إلا بعد قيام ثورة سبتمبر 1962 في اليمن حيث بدأ الاستعمار الامريكي السعودي يتخذ من نجران وعسير مواقع انطلاق للمرتزقة والقواعد الامريكية ضد ثورة اليمن شماله وجنوبه… وبدأ باصلاح بعض هذه الطرق كوسيلة للنّهب أولاً، وتخريب اليمن ثانيا… يبلغ طول وادي نجران 27 ميلا من رأسه عند السد القديم المدعو "موفجة" حتّى التلال ومنها إلى السهول الواسعة الممتدة شرقا إلى الربع الخالي. يبلغ معدل عرض الوادي حوالي ثلاثة أميال، وهنالك عدة قرى في هذا الوادي، ولكن النشاط والحياة الجدية العملية في نجران تتركز حول مركز رياسة أمير المنطقة على بعد أربعة أميال من ذلك الرأس. وأما الدوائر والمقر الرسمي والثكنات العسكرية وبيت الضيافة والمستودعات فتقع داخل المدينة التي كانت لها أسوار قديما لتحصينها من العدوان السعودي، وكذلك المحطة اللاسكلية. ويقع خارجها إلى الشرق "المستشفى" الذي طور نسبيا بعد ثورة اليمن، ولم تهتم الاسرة السعودية بالشعب في نجران انّما اهتمت باستخدام أرضه (نجران) بعد قيام ثورة اليمن لتشيد فوقها القواعد وأوكار المرتزقة لمحاربة ثورة اليمن التي قامت في 26 سبتمبر عام 1962 معلنة جمهورية اليمن وخلع الملكية في اليمن ودعم الثوريين في كل الجزيرة العربية، وما أن أعلنت اليمن ثورتها حتّى بادرت السعودية واستمرت باستخدام نجران لهذا الغرض… وبعد أن كانت بنايات الامير السعودي مؤلفة من طابقين من الطوب المجفف بالشمس "اللبن" شيدت للامير وللامريكان أبنية أخرى أكثر جمالا وأمتن.. وقد كانت نجران من الاماكن المهمة للتجارة، وقد اشتهرت سوقها قبل الاسلام، فكانت في جملة الاسواق المشهورة المعروفة المقصودة، تقصدها القبائل وتجار الحضر من مختلف الانحاء للاتجار ومقايضة البضائع. وقد كان كسرى وتجار الحيرة يرسلون بقوافلهم إليها محملة بصادرات العراق وفارس والروم، لبيعها هناك وشراء ما يحتاجون اليه من بضائع أفريقية ويمانية. وتقع بين قريتي "القابل" و"رجله" آثار خرائب كثيرة يسميها أهل نجران باسم "الحصن" أو "حصن الاخدود" وفيه آثار كنيسة، وكثيرا ما يجدون بين أطلالها عاديات قديمة. وعلى حجارتها بعض الكتابات القديمة أيضاً. ويقول بعضهم أنها بقايا المدينة الوارد ذكرها في القرآن الكريم في سورة "البروج" بقوله (قتل أصحاب الأخدود). اليهود وآل سعود وأصحاب الاخدود اعتنق سكان نجران المسيحية في نحو عام 500 م. فكانت نجران أهم موطن للنصرانية في اليمن، ولعلها الموطن الوحيد الذي رسخت هذه الديانة فيه في هذه البلاد. وتتلخص قصة شهداء الاخدود في أنه كان يعيش، قبل الإسلام، في نجران جماعة من اليهود. وكان الملك الظالم (ذو نؤاس) على دينهم. ولما تنصّر أهل البلاد غضب غضبا شديدا فأراد أن يعيدهم إلى دين اليهود الا أنهم لم يمتثلوا لارادته وأصروا على البقاء على معتقدهم المسيحي. فأمر الملك حينئذ أتباعه اليهود بأن يشقوا في الأرض أخدودا عميقا طويلا يملأ بالوقود وتشعل فيه النار. ثم طرحوا فيه كل المسيحيين فأكلتهم النيران ولم تبق على أحد منهم. وكان ذلك في تشرين الأول من عام 523 م. وكان الملك واليهود يشاهدون في سرور بالغ حرق آلاف المسيحيين الذين دعاهم القرآن (بالمؤمنين) حينما قال مستنكر هذه الجريمة الملكية (قتل أصحاب الأخدود، بالنار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود، … أي أن ملك اليهود ما انتقم منهم إلا لكون المسيحيين كانوا يعبدون الله مخلصين وهذا ما يذكرنا بمذابح آل سعود واليهود في فلسطين. وقد ذكر مؤرخو العرب (نجران في كثير من كتبهم وبعضهم أشار إليها كأنها علم لبلاد كبيرة. واليها ينسب (قس بن ساعدة الايادي) خطيب العرب المشهور المتوفي في نحو عام 600 م. وفي عهد النبي عليه السلام أتته وفود نصارى نجران فدخلوا في الإسلام نظرا لكونه المدافع عنهم، وفيه طبقت مساواة الجميع في الحقوق، وفيهم نزلت الآية الكريمة (والذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به مؤمنون، وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به). ويبلغ عدد قرى بلاد نجران أكثر من خمس وثلاثين قرية. ويتمذهب معظم السكان ـ حاليا ـ بالمذهب الاسماعيلي. والاسماعيليون طائفة واسعة الانتشار في العالم . فهم منتشرون في اليمن والعراق وسوريا وايران وأفغانستان والهند وباكستان وبورما والملايو والتركستان الصينية وفي الاراضي الروسية في قلب آسيا الوسطى وفي كينيا وتنجنيقا وزنجبار وأوغندا وغيرها. والاسماعيلية فرقتان: الاولى ـ الاسماعيلية النزارية وهم الذين ينتسبون إلى الامام نزار بن المستنصر بالله الخليفة الفاطمي. وزعيمها اليوم آغا خان الذي يعتبرونه من سلالة المعز الفاطمي. والامير كريم، الاغا خان الرابع الحالي، يجئ في ترتيب الائمة الخامس والثمانين. والثانية ـ الاسماعيلية المستعلية وهم الذين اعترفوا بامامة "المستعلي بن المستنصر بالله" الذي نودي به إماما سنة 487 هـ. والى هذه الفرقة تنتسب الدولة الصليحية التي تأسست في اليمن في القرن الخامس الهجري. وقد انتشرت دعوة هذه الفرقة في الهند وعرفت هناك باسم "البهرة". وهي كلمة هندية قديمة معناها التاجر. وما لبثت أن انقسمت البهرة، في القرن العاشر الهجري إلى فرقتين: فرقة البهرة الداودية، وفرقة البهرة السليمانية. ويرجع هذا الخلاف على من يتولى الرتبة لرياسة للطائفة. ودعيت كل منهما باسم الرئيس الذي اعترفت به. ورئيس الداودية اليوم يقيم في بومباي ورئيس السليمانية يقيم في اليمن. ولا يزيد أتباع طائفة جميع البهرة في العالم عن مائتي ألف نسمة. وجميع رؤساء الاسماعيلية، على اختلاف فرقهم وطوائفهم، يتمتعون اليوم بسلطة روحية تامة على أتباعهم. ويرجع أتباع المذهب الاسماعيلي نسبة إلى اسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر الهاشمي، القريشي، المتوفي في عام 143 هـ (760 م) وهو أخو زيد امام الزيود في اليمن. وبلدتهم الدينية (العان). وتعتبر قرية (بدر) من مراكزهم الدينية. ومن قرى نجران (زور) و(الموفجة) و(كتاف) و(حيوة) وغيرها. وهناك من لا يتمذهب بهذا المذهب، لكن الجميع يمقتون آل سعود وتجار دينهم وحكامهم. كيف هرّبت السعودية اليهود من نجران إلى فلسطين وكان في نجران طائفة يهودية (عربية) كبيرة تبلغ 4000 شخص يستحوذون على كافة الصناعات اليدوية ومعظم التجارة لكن ما يزيد عن 3500 شخص بعائلاتهم هاجروا إلى فلسطين ما بين اعوام 1944 و1947 بتذاكر سفر سعودية (جوازات برية) بواسطة من جون فيلبي المستشار السعودي السابق وبموافقة الملك عبد العزيز وصدور أمر من ابنه ونائبه على الحجاز الامير فيصل بن عبد العزيز (الملك فيصل فيما بعد) وقد تأكد ـ وأكد ذلك جون فيلبي ـ أن جميع الرجال والنساء والاطفال الذين سهلت السعودية سفرهم إلى فلسطين قد ساهموا مساهمة فعالة في تكوين "إسرائيل" وقتال أهلها واخراجهم!. وبعد ثورة 1962 اليمنية الجمهورية وافقت السعودية على عودة (50) رجلا منهم ومن اليهود اليمنيين الذين غادروا اليمن في السابق إلى فلسطين وهم في سن العشرين ـ وافقت السعودية بعودتهم للمشاركة في حربها مع اليمن ـ وجاؤوا عن طريق الاردن بحجة أنهم هاربين من "إسرائيل" لاعانة السعودية في حربها مع شعب اليمن. وكانت الثورة اليمنية قد اعتقلت بعضهم عام 1962 في معركة صرواح واعترفوا أنهم يعملون لصالح السعودية إلى جانب الضباط الاردنيين العاملين لحساب السعودية بموجب اتفاقية عام 1962 (قيادة الاركان المشتركة) بين السعودية والاردن المعروفة باسم (حلف الطائف) المنعقد في الطائف عام 1962. المشاريع السعودية في نجران! المشاريع في نجران كغيرها في "المهلكة": مشاريع وهمية أحيانا أو صحيحة حينا، إلا أن الوهمية والصحيحة أعدت كلها للسرقة ـ سرقة المشاريع ـ والسرقة باسم المشاريع… وان وجد أو أوجد مشروع وهمي أو صحيح فغالبا ما تكرر ميزانية هذا المشروع الوهمي أو سواه ليسرقوا ميزانيته المكررة كل عام، أو يسرقون باسمه، وهذه نماذج لمشاريع الحاكم الذي اقطعت له نجران، واسمه خالد السديري، وهو من أخوال آل فهد، وآل فهد هم "الملوك" المملوكين لامريكا: المالكين لثروات الشعب، وحتى وان مات خالد السديري هذا، فالشعب في نجران كغيره لاحق له بتاتا باختيار الحاكم الذي يراه من غير اللصوص، ولذلك نتخذ من لصوصية خالد السديري مثلا لكل الحكام السعوديين فكلهم لصوص "اسدروا" الناس، وكلهم لهم"حصة" باسم حصه… أوامر "سديرية" سعودية 1 ـ أصدر الامير خالد السديري ـ أمره بتحريم دخول الفواكه إلى نجران، وخاصة العنب… لأن بساتين الامير السديري الشاسعة ـ الواسعة في منطقة العريسة ـ تنتج ما يكفي أهل نجران من الفواكه!. ولانه ـ كما يقول السديري ـ (حينما يسمح بدخول الفواكه من الاقاليم المجاورة إلى نجران فذلك يعني أن سعر كيلو الفاكهة الذي يبيعه "السديري" بثمانية ريالات سيصبح بأقل من هذه التسعيرة) السديرية السعودية الاحتكارية!. 2 ـ استولى الامير خالد السديري على (مدينة الخدود) واسمها الصحيح (الأخدود) وهي تابعة (لآل الهندي) وأبعد منها سكانها (آل دهمش)!.. والأخدود هذه هي صاحبة الاسم التاريخي الذي ورد ذكره في القرآن الكريم بقوله: (قُتِلَ أصحاب الأخدود، بالنار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود)! ـ ولذلك قال السديري في تبريره لمصادرته لأرض الأخدود هذه ـ من أصحاب الأخدود ـ: (ان الاية تقول ان أصحاب الاخدود قتلوا بالنار ـ وأنا ما قتلتكم بالنار حتّى الآن!. إنما صادرت الأرض فقط!.) 3 ـ استولى خالد السديري على منطقة (نهومه) وأبعد منها أهلها (آل عباس). 4 ـ استولى خالد السديري على منطقة (الصعيد) وأشاد فيها العديد من البنايات والقصور بعد أن أبعدها منها سكانها من قبيلة أبو ساق. 5 ـ يقوم الامير خالد السديري بتشغيل "موظفي الدولة!" التابعين لوزارة الزراعة في بساتينه في العريّسة. 6 ـ ومع هذا النهب والاغتصاب والسرقة المكشوفة التي يقوم بها الامراء ـ وخالد السديري في مقدمتهم ـ فان خالد السديري لا يسمح لأي مواطن من نجران أن يمتلك حتّى بيته أو حتّى الأرض التي ورثها من أجداده (ما لم يكن لديه صكوك شرعية!).. وهذه الصكوك الشرعية! "المطلوب من الشعب ابرازها" لا يطالب بها الملك ولا السديري وأمثاله من كافة أمراء الدرجة الاولى والثانية وحتى الدرجة الخامسة بعد المئة والعبيد وعبيد العبيد، فهؤلاء يستولون على أراضي الشعب بلا صكوك شرعية ولا شرع!.. أي أن هؤلاء "الدبش" الاوباش فوق المستوى الشرعي!.. وفوق مستوى الصكوك "الشرعية" المزعومة المطلوبة التي لا تنطبق حتّى على التابعين والخدم التابعين وأتباع التابعين… والامثلة على هذه كثيرة، منها: آ) أن عليّان العمر ـ كاتب الامير خالد السديري استولى ـ هو الآخر ـ على أرض شاسعة وأقام عل