تاريخ آل سعود، ناصر السعيد

تاريخ آل سعود،

ناصر السعيد.

تاريخ آل سعود

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الاهداء

إلى اليوم الذي لا يبقى فيه في بلادنا العربية من الخليج حتّى المحيط إعلام لا يؤثّر في الناس ولا يستأثر باحترام الناس.. إلى اليوم الذي لا يبقى فيه في بلادنا جوازات سفر مختلفة الألوان، وهويّات متعددة الجنسيات، وتأشيرات دخول وخروج، وتأشيره للعمرة وتأشيرة للحج وتأشيرة للسياحة وتأشيرة للزيارة وتأشيرة للإقامة وتأشيرة للعودة… وبلا: عودة… والى ذلك اليوم الذي تداس فيه أعلام جامعة الدول العربية التي أسسها تشرشل وايدن ووايزمن لاخماد اللهيب… لهيب الوحدة العربية بهذا التزييف الموحد..

والى اليوم الذي تتوحد فيه الجيوش العربية بجيش واحد لا يستطيع بعده أي حاكم ـ خارج ـ شاذ ـ يسحب جيشه من ساحة الدفاع عن الوطن كما فعل السادات وفعلت السعودية التي سحبت شرطتها "المسعدنة" من لبنان في برج الغزل مع الكتائب الشمعونية محتقرة حتّى توسلات رئيس الحكومة اللبنانية…

إلى اليوم الذي لا يلاحق "السافاك" فيه المناضلين … والى اليوم الذي لا تبقى فيه ـ في الوطن العربي ـ دوائر سوء ـ جمركية ومراكز جمركية: في ـ مدن ـ وحدود ـ ومطارات ـ الوطن العربي إلا وهدّمت وسرّح أتباعها.. إلى اليوم الذي يصبح الإنسان فيه حرا يحاسب حكامه اقتداء بذلك الإنسان العربي الذي حاسب النبي محمد وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب بالرغم من كونهم أشرف بني البشر…

إلى ذلك اليوم الذي يصبح الإنسان فيه في الوطن العربي حرا ينشر فيه ما يشاء من نقد بنّاء وهدّام ـ بناء للصالحين هدّام للطالحين ـ ويذيع الإنسان فيه ما يشاء من ذلك أو يقول على الاقل ـ ما يشاء في الوطن العربي ـ ليقول مثلا: تسقط الدول العربية المتناسلة كل عام كتناسل آل سعود بطريقة لا ـ مشروعة ـ ولا ممنوعة، وليرتفع علم الأمة العربية الواحدة العلم الواحد المميّز بلون الوحدة الشعبية. والاشتراكية العلمية، والحرية المطلقة، والتحرر من مخلفات الجهالة، ومن مهادنة الثوار للثيران المالكة الامريكية… إلى ذلك اليوم العظيم الذي يتم فيه ما ذكرته أعلاه في ثورة شعبية عارمة أهدي هذا الكتاب.

ناصر

في صحة نجاح المؤامرات الصهيونية الأميركية السعودية الساداتية ملك القمار ـ فهد ـ وكارتر يسكران .. يشربان الخمر

(الخمر الذي يُقتل ويجلد من أجله أبناء الشعب ـ بل تجلد السعودية وتسجن حتّى الانكليز الذين رفضوا الانضمام للمخابرات الامريكية في الرياض وجدة ـ مهتمة ـ إياهم بشرب الخمر الذي يبيع الأمراء ورجال الدين السعودي زجاجته بـ 300 ريال) !… لقد تجاوز "فهد" كل "المحرمات سراً" واحتسى الخمر علناً جهاراً نهاراً مع كارتر، وتناقلت هذا التحدي كل الصحف الأمريكية والعالمية قائلة: (فهد ـ يشرب الخمر مع كارتر ـ بصحة نجاح كل الجهود السعودية الامريكية المشتركة في المنطقة)… ومنها بالطبع: الصمت المطبق على الجرائم السعودية… بدءا من نجاح فيصل في المساومة ـ عام 1964 ـ على اعترافه بجمهورية اليمن مقابل تعيين السادات نائباً للرئيس جمال عبد الناصر … ونجاح فيصل وفهد والسادات وحسن التهامي وكمال أدهم ـ وخبير السموم الأمريكي مستشار المخابرات السعودية في الرياض المستر رنتز: بوضع ـ عيّنة ـ من سم الاكوتين ـ في كأس من عصير القوافة لجمال عبد الناصر في الساعة الرابعة إلا ربعا يوم 28/9/ 1970 ـ أثناء وداعه لحاكم الكويت صباح السالم في مطار القاهرة، وبذلك أدركت السعودية ما عجزت عنه مراراً في اغتيال عبد الناصر، بل ما عجزت عنه في تحريضها للرئيس الأمريكي جونسن بالرسالة المعروفة التي كتبها فيصل وفهد إليه يطالبانه دفع إسرائيل لاحتلال مصر وسوريا لإيقاف المد الوحدوي وإيقاف عبد الناصر عند حده واشغال العرب بأنفسهم عن المواقف السعودية الامريكية… وبدءاً من ذلك الوقت وحتى الآن والى أن يسقط الاحتلال السعودي: لن يتوقف أمراء آل سعود عن قرع كؤوس الخمر مع الرؤساء الأمريكيين… بدءاً من تعيين السعودية للسادات في سلك المخابرات الامريكية إلى تعيينه نائبا للرئيس جمال ـ بضغوط نعرفها ـ إلى دعمه في الرئاسة بعد اغتيال جمال بالسم … إلى البدء في تغيير معالم الجمهورية العربية المتحدة إلى الضغط على السادات وبأسرع ما يمكن لإبعاد الخبراء السوفييت عن مصر إلى تعهد السعودية بتموين وتمويل الجيش المصري بالطعام والذخيرة والسلاح الأمريكي والغربي وشراء الطائرات بالأموال السعودية المسروقة لاعداد هذا الجيش ـ بأموال سعودية ـ أمريكية ـ لحرب العرب في الجماهيرية الليبية وفي الكنجو وفي اليمن وفي عُمان وفي لبنان والسودان والجزيرة العربية .. ويخلق مالا تعلمون… والمتتبع التقدمي القومي الوطني غير المنحاز ـ المؤمن ـ يدرك أن السعودية كانت السمسار الأول والمأذون "الشرعي والوحيد" لزواج السادات بأمريكا وإسرائيل ورحلته إلى القدس و" كمب ديفيد" ومن ثم التوقيع يوم 26/3/ 1979 على صك الخيانة "المكون من ثلاث نسخ" وقعها السادات وبيغن وكارتر … ومن ثقال ان السعودية غير راضية: فليخرس فالساكت شيطان أخرس… ولو لم تكن السعودية راضية مع سبق الإصرار فلماذا لا تقاطع وتحارب السادات وإسرائيل وأمريكا ومخابرات أمريكا المتسلطة على كافة المرافق العسكرية والأمنية والحيوية في الجزيرة العربية؟..


منطق اليهود

(لقد ائتمنني الله على خدمة الحرمين الشريفين وأوكلني بهما!، وعلى الأصدقاء اعانتنا لحمايتهما من المخربين والثوريين والاشتراكيين والشيوعيين!) الملك فيصل بن عبد العزيز .. من خطابه 13/6/1970، في برلمان أندونيسيا.. انّه منطق الصهاينة في القدس عن وعد الله المزعوم للصهاينة في أرض المعاد من الفرات إلى النيل..

تقديم

هل آل سعود من قبيلة (عنزة بن وائل؟) كما يقولون؟… هل يدينون بدين الإسلام حقيقة؟ … هل هم من العرب أصلا؟. الحقائق الآتية ـ هذه ـ ستدمغ مزاعم آل سعود. وتدحض أكاذيب من باعوا ضمائرهم لهم وزيفوا التاريخ من كتّاب ومؤرخين أقحموا نسب آل سعود ـ بنسب النبي العربي! زاعمين: (أنهم من ذرية محمد بن عبد الله).. وأنهم (وكلاء الله في خلقه وخلائقه على أرضه)!.. قاصدين بهذا الزعم ـ العتيق البالي ـ تبرير جرائمهم وفحشائهم وتثبيت عرشهم المكروه وتدعيم الملكية التي حاربها العرب قبل الإسلام وبعده وحاربها الناس أجمعين على مر التاريخ ولعنتها كل الكتب المقدسة وحذر منها القرآن بقوله: (ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها)… ومع ذلك، يتجاهل آل سعود قول القرآن هذا، ويزعمون كذبا أنهم يؤمنون بالقرآن في الوقت الذي يصدرون أوامرهم بتحريم نشر أو اذاعة أو إعلان أو قول مثل هذه الآيات القرآنية لمحاربة الملوك…

وبما أن آل سعود على معرفة تامة بمعرفة قدماء شعبنا لأصلهم اليهودي، وماضيهم الدموي الإجرامي وحاضرهم الموغل في الوحشية… فانهم يحاولون إخفاء أصلهم بامتطاء الدين وتزييف أنسابهم بانتسابهم المزعوم للنبي محمد!… رغم كوننا لا نهتم أبدا ـ بالانساب والاحساب بقدر ما نهتم بالصفات والأعمال قبل الأقوال، بل اننا لا نعتز بنسب الرسول بقدر ما نعتز بمحمد الذي أعز نسبه ولم يعزه نسبه، وكان هذا النبي العظيم أول من ثار على أهله وحارب عائلته وحسبه ونسبه، وتجرد من كل شئ من ملذات الحياة ـ إلا الفضيلة ـ التي تجرد منها آل سعود … أو لم يكن هو القائل: (ألا أن رائحة الجعلان أهون من رائحة قوم لا فخر لهم إلا بأنسابهم وأحسابهم؟) فما الاحساب والانساب إذا إلا أعمال الإنسان نفسه، ان كانت شرا فشرا وان كانت خيرا فخيرا… وما أعمال آل سعود الشريرة إلا أنسابهم وأحسابهم، وليست أعمالهم هي الدليل فحسب على أنهم يهود السلالة والمعتقد وانما تاريخهم أيضاً… تاريخ آل سعود الذي زيفه أجراء آل سعود من عبدة المال وأشباه الرجال وحيل بيننا وبين نشره في أماكن وأزمان شتى… فمن هم آل سعود؟… وكيف بدأ تاريخهم؟…

تابعوا في هذا التاريخ الموجز تاريخ من تركهم العرب يعيثون في أرض العرب فسادا كأشقائهم الصهاينة في فلسطين… ليعرف من لم يعرف آل سعود سلالة بني القينقاع يهود المدينة الذين حاربوا النبي العربي ـ محمد بن عبد الله ـ وعملوا على حصاره وناصروا كل أعدائه من ملوك وأمراء وعبدة أوثان وتجار أديان ورأسماليين واقطاعيين؟…

فما السر إذا بتشدق آل سعود بالصلة "النبوية" حينا والزعم "أنهم من قبيلة عنزة" العربية، حينا آخر، وانهم على العموم "وكلاء الله في أرضه"؟ وقد جندوا لذلك الفتاوى المأجورة، لا لشئ أكثر من تغطية أصلهم اليهودي المنحدر من بني القينقاع، أولئك الذين ساهموا بأموالهم الحرام ورجالهم الاجراء في هزيمة محمد واصابته بجراح في معركة (أحد) ولما عاد النبي مع بقية قومه مهزومين إلى ـ يثرب ـ (المدينة) لم يفسح تجار اليهود له المجال بالطبع لينظم صفوفه فيحطم طغيانهم الرأسمالي الاقطاعي، بل قام تجار اليهود من بني النظير وبني القينقاع وقريظة بمحاولة إفساد وتمييع ما تبقى من قوم النبي محمد لصدهم عن السبيل القويم واشاعة روح الهزيمة في نفوسهم بإغرائهم بالإسراف في الملذات من خمر ولعب ميسر ونساء يهوديات.. لكن النبي محمد تنبه لهم.

فجاءت تلك الآيات ناهية محذرة بعدم تعاطي الخمر والميسر والازلام والانصاب!.. ـ بمعنى أوضح ـ عدم تعاطي الملذات التي يسرها تجار اليهود لجنود محمد فكانت ضربة للرأسمالية اليهودية حينما نفذ قوم محمد أوامره وامتنعوا عن اتيان كل ما نهاهم عنه من ملهيات ـ أراد بها اليهود عزل قوم محمد عنه لتحطيمه.. فجن جنون تجار اليهود من بني النظير والقينقاع وقريظة وأتباعهم من العرب لعدم نجاح خطتهم الخبيثة تلك في صرف قوم محمد عن الجهاد في سبيل المساواة الاشتراكية الإنسانية… ولم ييأس اليهود بل أعادوا الكرة بطريقة خبيثة أخرى هي:

(حصار الماء) حيث كانت الرأسمالية اليهودية تسيطر على كل آبار المياه في المدينة… عندما منعوا النبي وقومه من شرب الماء… لكن النبي أفسد خطتهم تلك بطلبه من عثمان بن عفان الذي كان يمثل الرأسمالية الوطنية، أن يشتري (نصف بئر) من اليهود بـ 10000 درهم، بينما قيمة البئر كلها لا تساوي تلك القيمة… وشرب العرب وانتهى بذلك حصار الماء بعد أن فسدت خطة اليهود حينما قام العرب بتعميق قعر البئر في القسم الذي اشتروه… وبذلك نزل كل ما في البئر من ماء إلى القسم العربي… ولم يكتف اليهود بذلك ـ بل تفتقت أفكارهم عن خطة أخبث مما مضى، وهي "مهادنة" محمد، بتقديم المعونات ـ والقروض طويلة الأجل ـ ليستعين بها ضد قريش وبهذه "المعونة" يضطر النبي لمهادنة اليهود ويتم بعد ذلك عقد اتفاق مع اليهود على حسن الجوار وعدم الاعتداء!… وأقسم اليهود على ذلك… فقبل النبي العربي هذه الدعوة ـ النبي العربي هذه الدعوة غير غافل عن خطر اليهود، لكنه أدرك أن ركائز اليهود ودعاماتهم في الجزيرة والبلاد العربية أخطر من اليهود وما دام أنه ليس بمقدوره ـ في بداية دعوته ـ محاربة الرجعية الرأسمالية العربية، ومحاربة اليهود في آن واحد ـ فانه ليس أمامه إلا الاختيار بين مهادنة أحد الشرين، وأما أن يهادن اليهود، وأما أن يهادن الرجعية العربية والملكية..

فاختار مهادنة الإقطاعية اليهودية ـ مؤقتا ـ ليتفرغ لمحاربة الرجعية العربية والملوك، بعد أن تأكد له أن أول ما يجب عليه هو القضاء على الرجعية العربية والملوك قبل القضاء على الرأسمالية والعنصرية اليهودية، لذلك رأى مهادنة اليهود لمحاربة الرجعية المتمثلة بكافة الملوك وبالإقطاع والرأسمالية المحلية، وكانت ثورته أول ثورة في التاريخ ضد الاهل (أهله وأسرته) ولذلك رأى طغاة اليهود خداعه لاغتيال وضرب دعوته وثورته لكيلا تنتشر فتنتصر … وبذلك وجهوا لمحمد الدعوة لزيارتهم في حيهم (لتكون هذه الزيارة بداية الاتفاق مع استلام المعونة) فوافق محمد وذهب إلى حيهم يرافقه بعض أصحابه… وما أن وصل إلى باب البيت الذي وجهت فيه الدعوة إليه حتّى صعد سبعة من اليهود إلى السطح ورموه بحجارة كبيرة من أعلى، نجا منها بأعجوبة ومن كيدهم بسلام، وزعموا له أن تزاحم الاطفال لمشاهدته دفع بالصخرة فسقطت!… ومن تلك اللحظة تأكد له عليه السلام أنه لا فرق بين اليهود وركائز اليهود وأن المطامع الرأسمالية واحدة، فعاد إلى مسكنه ليعد أصحابه القلائل للبدء بضرب الرأسمالية والعنصرية اليهودية أولا وفي الوقت نفسه يتابع مسيرته لحرب الرجعية العربية ومن ذلك الوقت بدأ محمد وصحبه بالهجوم على اليهود فسحقهم وأمم أموالهم… وكان ذلك أو تأميم في التاريخ…

وبذلك الهجوم كانت البداية لنصرة العرب والاسلام بعد غزوة أحد التي جرح فيها الرسول وهزم هو ومن معه أشد هزيمة كان أول أسبابها خيانة الواجب من قبل أصحاب الأطماع من بعض الجنود الذين أولك لهم النبي العربي حراسة المؤخرة ليقفوا على رأس الجبل لكنهم ما أن رأوا انتصار المؤمنين حتّى انحدروا من الجبل تاركين المهمة الموكلة إليهم طامعين في نهب أسلاب الرجعيين أعداء التقدم العربي، فعاد الأعداء مرة أخرى وهزموا المؤمنين أشد هزيمة واستشهد في (معركة أحد) عم محمد بن عبد الله (حمزة بن عبد المطلب) وكان أول شهيد في الإسلام، ولم يبق أي بيت من بيوت العرب الذين جاهدوا إلا وقتل منه قتيل وأكثر… وما طرق اليهود الخبيثة الأولى والحالية إلا نفس الطرق الخبيثة الآنية التي يسلكها سلالة بني القينقاع آل سعود.. انها بعينها هي … وهذه بعض أركانها: الادعاء أنهم من العرب وأنهم مع العرب وأنهم ضد الصهاينة، في الوقت الذي يقومون فيه بإنشاء أحلاف عسكرية مع أعداء العرب من الأمريكان خدم الصهاينة والتحالف مع هيلاسلاسي وشاه إيران عسكريا ودعم أنور السادات ماليا وعسكريا ودعم النميري والحسن ملك المغرب، والضغط على حاكم باكستان الحالي ضياء الحق لإعدام علي بوتو وتمويل أعداء الجماهيرية في ليبيا والرجعيين في كل أنحاء آسيا وأفريقيا والغاء الحريات في الخليج، كل ذلك باسم الإسلام والاسلام منهم براء.

اضافة الى ما تقوم به السعودية من تقطيع لايدي وأرجل أبناء الشعب بحجة أنهم لصوص ـ بينما ـ آل سعود ـ هم اللصوص… وجلد ورجم أبناء الشعب في الطرقات العامة بحجة أنهم زناة وهم آل سعود أنفسهم الزناة… وفتح أسواق تجارية للرقيق الذي بلغ تعداده (600 ألف في الجزيرة العربية) معظمهم من العرب وشعوب آسيا وأفريقيا وشعوب البلاد الإسلامية التي يتاجر آل سعود باسمها دينيا. ونهب أموال الشعب. وارهاب الشعب. واطلاق اسم اسرتهم على الشعب وارض الشعب.. واعلان حالة الطوارئ الدائمة ليلا ونهارا منذ بداية الاحتلال السعودي لجزيرة العرب حتّى الآن.. وتحطيم معنويات الشعب.. واباحة مقدساته وحرماته وأرضه وأعراضه.. والتآمر ضد كل تقدم عربي وأينما كان، ومقاتلة كل حر أو اغتياله.. ومنع الحجاج العرب والمسلمين ما لم يدفعوا أموالا طائلة كضريبة لآل سعود.. واستغلال الحج في عقد مؤتمرات معادية للعرب ـ متآمرة على الحريات والتحرر والانظمة التقدمية.. ومنع المسيحيين من زيارة مكة والمدينة بحجة أنهم "مشركين" ما عدا الامريكان "شركاء آل سعود" الذين لا ينطبق عليهم هذا الشرك!..

اضافة إلى ما يرتكبه آل سعود الآن في حق شعب اليمن من دعم للرجعيين بغية ضرب اليمن الديموقراطية واعادة هذا الشعب التاريخي اليمني العظيم إلى عصور الانحطاط الذي لا زال يعيش الشعب في مخلفاتها… وما من ثورة قامت في اليمن قبل الثورتين اللتين اطاحتا بحكم الائمة المتعفن والسلاطين إلا وحطمها آل سعود بأموال شعبنا المسروقة..

وما برح أعداء التقدم آل سعود يعملون يداً واحدة مع أعدائنا الامريكان والانكليز و"إسرائيل" لدفن شعبنا ـ حيا ـ في اجداث الفقر والجهل والمرض والتأخر والموت البطئ… كل ذلك للمحافظة على مفاسد وجهالات ومصالح آل سعود واسرائيل والامريكان والانكليز المشتركة في ارضنا.. 

وما سيكشفه هذا التاريخ قد يضئ الطريق ليدل على أن آل سعود لا يتورعون في ارتكاب أي رذيلة، انّما باسم الفضيلة يرتكبون الرذائل سواء كانت سياسية أو أخلاقية… والشئ من معدنه لا يستغرب. ناصر السعيد التاريخ الملعون اقتلوا المؤمنين من غير اليهود.. التلمود في عام 851 هـ ذهب ركب من عشيرة المساليخ من قبيلة (عنزة) لجلب الحبوب من العراق إلى نجد، وكان يرأس هذا الركب شخص اسمه سحمى بن هذلول، فمر ركب المساليخ بالبصرة، وفي البصرة ذهب افراد الركب لشراء حاجاتهم من تاجر حبوب يهودي اسمه "مردخاي بن إبراهيم بن موشى"… وأثناء مفاوضات البيع والشراء سألهم اليهودي تاجر الحبوب (من أين أنتم؟) فأبلغوه أنهم من قبيلة (عنزة… فخذ المساليخ) وما كاد يسمع بهذا الاسم حتّى أخذ يعانق كل واحد منهم ويضمه إلى صدره ـ في عملية تمثيلية ـ قائلا: (انّه هو أيضاً من المساليخ لكنه جاء للعراق منذ مدة واستقر به المطاف في البصرة لأسباب خصام وقعت بين والده وأفراد قبيلة عنزة)،

وما أن خلص من سرد اكذوبته هذه حتّى أمر خدمه بتحميل جميع إبل أفراد العشيرة بالقمح والتمر والتمن "أي الرز العراقي" فطارت عقول المساليخ "لهذا الكرم" وسرّوا سرورا عظيما لوجود (ابن عم لهم) في العراق ـ بلاد الخير والقمح والتمر والتمن!.. وقد صدّق المساليخ قول اليهودي أنه (ابن عم لهم) خاصة وانه تاجر حبوب القمح والتمر والتمن!.. ومما أحوج البدو الجياع إلى ابن عم في العراق لديه ـ تمر وقمح وتمن ـ حتّى ولو كان من بني صهيون.. ثم ومالهم واصله! 

(فالاصل ما قد حصل!) وما حصل هو التمر والقمح والتمن… وما أن عزم ركب المساليخ للرحيل حتّى طلب منهم اليهودي ـ مردخاي ـ ابن العم ـ المزعوم ـ أن يرافقهم إلى بلاده المزعومة (نجد) فرحب به الركب احسن ترحيب … وهكذا وصل اليهودي ـ مرد خاي ـ إلى نجد، ومعه ركب المساليخ…

حيث عمل لنفسه الكثير من الدعاية عن طريقهم على أساس انّه ابن عم لهم، أو أنهم قد تظاهروا بذلك من أجل الارتزاق، كما يتظاهر الآن بعض المرتزقة خلف الامراء، وفي نجد، جمع اليهودي بعض الانصار الجدد إلا أنه من ناحية أخرى وجد مضايقة من عدد كبير من أبناء نجد يقود حملة المضايقة تلك الشيخ صالح السليمان العبد الله التميمي من مشايخ الدين في القصيم ـ وكان يتنقل بين الاقطار النجدية والحجاز واليمن مما اضطر اليهودي ـ مرد خاي ـ إلى مغادرة القصيم والعارض إلى الاحساء، وهناك حرّف اسمه قليلا ـ مرد خاي ـ ليصح (مرخان) بن إبراهيم بن موسى..

ثم انتقل إلى مكان قرب القطيف اسمه الآن ( ام الساهك) فأطلق عليه اسم (الدرعية ) وكان قصد ـ مردخاي ـ بن إبراهيم بن موشى اليهودي ـ من تسمية هذه الأرض العربية باسم الدرعية، التفاخر بمناسبة هزيمة النبي محمد والاستيلاء على درع اشتراه اليهود ـ بني القينقاع ـ من أحد أعداء العرب الذين حاربوا الرسول العربي محمد بن عبد الله في معركة أحد ـ وانهزم فيها جيش محمد بسبب خيانة ذوي النفوس الرديئة الذين فضلوا الغنائم على انتصار الحق وخانوا واجبهم بينما هرعوا لاقتسام الاسلاب تاركين مركز الاستطلاع الذي وضعهم فيه محمد، فاستغل ذلك خالد بن الوليد وكان لا زال مع طغاة قريش ضد محمد فاعاد خالد بن الوليد الكرة ضد النبي محمد وجنده دون اعطائهم المجال للتمتع بنصرهم، فكانت تلك الهزيمة التاريخية الشنعاء…

بعد هذه المعركة ـ معركة أحد ـ أخذ أحد أعداء النبي العربي (درع) أحد شهداء المعركة.. وباعه ـ لبني القينقاع ـ يهود المدينة ـ زاعما أنه درع النبي العربي محمد بن عبد الله … وبمناسبة استيلاء بني القينقاع على الدرع القديم تمسك جد آل سعود اليهود ـ مرد خاي بن إبراهيم بن موشى، وفي ذلك ما يعتبره اليهود نصرا لهم ـ لكونهم اشتروا الدرع ـ المزعوم ـ لمحمد بن عبد الله بعد هزيمته في معركة (أحد) التي كان اليهود وراءها …

وهكذا جاء اليهودي (مردخاي إبراهيم موسى) إلى (أم الساهك) بالقرب من القطيف ليبني له عاصمة يطل من خلالها على الخليج العربي ـ وتكون بداية لإنشاء "مملكة بني إسرائيل" من الفرات إلى النيل … وفي (أم الساهك) أقام لنفسه مدينة باسم (الدرعية) نسبة إلى الدرع المزعوم، تيمنا بهزيمة النبي العربي.. وبعد ذلك، عمل مرد خاي على الاتصال بالبادية لتدعيم مركزه… إلى حد أنه نصب نفسه عليهم ملكاً… لكن قبيلة العجمان متعاونة مع بني هاجر وبني خالد أدركت بوادر الجريمة اليهودية فدكت هذه القرية من أساسها ونهبتها بعد أن اكتشفت شخصية هذا اليهودي مرد خاي بن إبراهيم بن موشى الذي أراد أن يحكم العرب لا ـ كحاكم ـ عادي بل كملك أيضاً … وحاول العجمان ـ قتل اليهودي مرد خاي، لكنه نجا من عقابهم هاربا مع عدد من أتباعه باتجاه نجد مرة ثانية حتّى وصل إلى أرض اسمها (المليبيد ـ وغصيّبه) قرب ـ العارض ـ المسماة بالرياض الآن ـ فطلب الجيرة من صاحب الأرض ـ فآواه وأجاره كما هي عادة كل إنسان شهم… لكن اليهودي مرد خاي إبراهيم بن موشى لم ينتظر أكثر من شهر حتّى قتل صاحب الأرض وعائلته غدرا ـ ثم أطلق على أرض المليبيد وغصيبة اسم (الدرعية) مرة أخرى!… وقد كتب بعض نقلة التاريخ ـ نقلا عن كتاب مأجورين أو مغفلين ـ زاعمين أن اسم الدرعية يشتق من اسم علي بن درع صاحب ارض ـ حجر والجزعه ـ قائلين: أنه من عشيرة مرد خاي وان ابن درع قد أعطاه الأرض فسميت بأرض الدرعية فيما بعد … لكنه لا صحة لكل ما كتبوا إطلاقا… فصاحب الأرض الذي أجار اليهودي: مرد خاي إبراهيم بن موشى، وغدر به اليهودي وقتله اسمه (عبد الله بن حجر)… وبعد ذلك عاد مردخاي جد هذه العائلة السعودية ففتح له مضافة ـ في هذه الأرض المغتصبة المسماة "بالدرعية". واعتنق الإسلام ـ تضليلا ـ و ـ اسما ـ لغاية في نفس اليهودي مردخاي، وكوّن طبقة من تجار الدين أخذوا ينشرون حوله الدعايات الكاذبة وكتبوا عنه زاعمين أنه (من العرب العربي) كما كتبوا زاعمين ( أنه قد هرب مع والده إلى العراق خوفا من قبيلة عنزة عندما قتل والده أحد أفرادها فهدوده بالانتقام منه ومن ابنه فغير اسمه واسم ابنه وهرب مع عائلته إلى العراق) والحقيقة، أنه لا صحة لهذا، بل ان هذه الأقوال نفسها ما يثبت كذبهم… وقد ساعد على تغطية تصرفات هذا اليهودي غياب الشيخ صالح السليمان العبد الله التميمي الذي كان من أشد الذين لاحقوا هذا اليهودي وقد اغتاله مرد خاي ـ أثناء ركوعه في صلاة العصر بالمسجد في بلدة الزلفي … ومن بعدها عاش مرد خاي مدة في "المليبيد وغصيبه" الذي اطلق عليها اسم ـ الدرعية ـ فيما بعد نسبة إلى اسم الدرع المزعوم للرسول كما قلنا، فعمّر الدرعية وأخذ يتزوج بكثرة من النساء والجواري وانجب عدداً من الأولاد فأخذ يسميهم بالأسماء العربية المحلية، ولم يقف مرد خاي وذريته عند هذا، بل ساروا للسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد العربية كلها بالغدر والاغتيالات والقتال حينا، وبالاغراءات وبذل الأموال وشراء المزارع والأراضي والارقاء والضمائر وتقديم النساء ـ الجواري ـ والأموال لاصحاب الجاه والنفوذ ولكل من يكتب عن تاريخهم ويزيف التاريخ بقدر الإمكان "ليجعلهم من ذرية النبي العربي" ويجعلهم من نسل عدنان حينا وحينا من نسل "قحطان"… هكذا كتب الكتاب عنهم وتنافسوا في تزوير تاريخهم ونسب عض المؤرخين الاجراء تاريخ جد هذه العائلة السعودية ـ مرد خاي إبراهيم موسى اليهودي ـ إلى "ربيعة" وقبيلة "عنزة" وعشيرة المساليخ ـ حتّى ان الافّاق … "مدير مكتبات المملكة السعودية" المدعو محمد أمين التميمي ـ قد وضع شجرة لآل سعود وآل عبد الوهاب ـ آل الشيخ ـ ادمجهم: معا في شجرة واحدة زاعما انهم من اصل النبي العربي (محمد) بعد أن قبض هذا المؤرخ اللئيم مبلغ 35 ألف جنيه مصري عام 1362 هـ 1943 م من السفير السعودي في القاهرة عبد الله إبراهيم الفضل، والمعروف أن هذا المؤرخ الزائف محمد التميمي هو الذي وضع شجرة الملك فاروق ـ البولوني ـ الذي طردته ثورة 23 يوليو 1952 من مصر العربية زاعما هو الآخر بأنه من ذرية النبي العربي وأن أصله النبوي جاء من ناحية أمه… وكما قلت مرارا أن الاصل لا يهم في شئ على الاطلاق بقدر ما يهم تزييف الاصل… خاصة اذا كان القصد من ذلك تبرير استعباد شعوب بكاملها لاسرة فاسدة دخيلة... وفي آخر صفحات الكتاب سيجد القارئ صورة لشجرة العائلة السعودية الوهابية المشتركة، وفيها يسلّط الضوء على الاصول اليهودية لآل سعود. … نعود الآن من حيث بدأنا الحديث عن اليهودي الأول مردخاي إبراهيم بن موشى إلى الايضاح التالي: لقد أخذ يتزوج من بنات العرب بكثرة وينجب بكثرة ويسمي بالأسماء العربية كلها كما هي حال ذريته الآن … ومن أولاده "الناجحين" ابنه الذي جاء معه من البصرة واسمه ـ ماك رن ـ الذي عرّب اسمه بعض الشئ فحوره إلى (المقرن) نسبة ـ الاقتران ـ نسب مرد خاي بنسب عشيرة المساليخ من عنزة …، وانجب هذا (المقرن) ولدا أسماه (محمد ثم (سعود) .. وهو الاسم الذي عرفت به عائلة ـ آل سعود ـ متناسية أسماء آبائها الاوائل الذين أهملت التسمّي بهم خشية تذكير الكثير من الناس بأصلها اليهودي، فاسم سعود هو اسم ـ محلي ـ شائع في نجد قبل وجود آل سعود … ثم بعد ذلك انجب سعود الذي عرفت به هذه العائلة ـ عدداً من الابناء ـ منهم: مشاري، وثنيان ثم (محمد).. ومن هنا يبدأ الفصل الثاني من تاريخ العائلة اليهودية ـ التي اصبح اسمها آل سعود… بقي محمد بن سعود في قرية (الدرعية) المغتصبة، وهي قرية لا تتجاوز الثلاث كيلو مترات مريعة، فاطلق على نفسه لقب (الامام محمد بن سعود) وهنا التقى "الامام بإمام" آخر اسمه محمد بن عبد الوهاب الذي عرف بالدعوة "الوهابية"… شركة الامامين! ولذلك لابد لنا من التعريف بمحمد بن عبد الوهاب الذي التصق وما زال اسمه واسم عائلته ودعوته الفاسدة باسم (العائلة المرد خائية) العائلة السعودية فيما بعد… يؤكد بعض الشيوخ النجديين وكذلك المصادر التي سيجدها القارئ في هذا الكتاب أن محمد بن عبد الوهاب هو الآخر ينحدر من اسرة يهودية كانت من يهود الدونمة في تركيا التي اندست في الإسلام بقصد الاساءة إليه والهروب من ملاحقة بطش بعض السلاطين العثمانيين، ومن المؤكد أن "شولمان" أو سليمان جد ما سمي ـ فيما بعد ـ باسم محمد بن عبد الوهاب مثلما سمي جون فيلبي باسم محمد بن عبد الله فيلبي، ومن ثم أصبح اسمه الحاج الشيخ عبد الله فيلبي ـ خرج ـ شولمان ـ أو سليمان ـ من بلدة اسمها (بورصة) في تركيا، وكان اسمه شولمان قرقوزي، وقرقوزي بالتركي معناها (البطيخ)..

فقد كان ـ هذا ـ تاجرا معروفا للبطيخ في بلدة ـ بورصة ـ التركية، الا أن مهنة البطيخ والمتاجرة به لم تناسبه فرأى أن يتاجر بالدين ففي الدين تجارة أربح لأمثاله من تجارة البطيخ لدى الحكام الطغاة ـ لأن تجارة الدين ليست بحاجة إلى رأسمال سوى: (عمامة جليلة، ولحية طويلة، وشوارب حليقة أو قليلة، وعصا ثقيلة، وفتاوى باطلة هزيلة) وهكذا خرج شولمان بطيخ ومعه زوجته من بلدته بورصة في تركيا إلى الشام ـ وأصبح اسمه سليمان ـ واستقر في ضاحية من ضواحي دمشق هي (دوما) استقر بها يتاجر بالدين لا بالبطيخ هذه المرة.. لكن أهالي سوريا كشفوا قصده الباطل ورفضوا تجارته فربطوا قدميه وضربوه ضربا أليما، وبعد عشرة أيام فلت من رباطه وهرب إلى مصر، وما هي الا مدة وجيزة حتّى طرده أهالي مصر… فسار إلى الحجاز واستقر في مكة، وأخذ يشعوذ فيها باسم الدين لكن أهالي مكة طردوه أيضا وراح للمدينة "المنورة" لكنهم أيضاً طردوه… كل ذلك في مدة لا تتجاوز الأربع سنوات، فغادر إلى نجد واستقر في بلدة اسمها (العيينة) وهناك وجد مجالا خصبا للشعوذة فاستقر به الامر وادعى (أنه من سلالة "ربيعة" وانه سافر به والده صغيرا إلى المغرب العربي وولد هناك)… وفي بلدة العيينة انجب ابنه الذي سماه "عبد الوهاب بن سليمان" وانجب ـ هذا العبد الوهاب ـ عدداً من الأولاد ـ احدهم كان ما عرف باسم "محمد" أي محمد بن عبد الوهاب!.. 

وهكذا سار محمد بن عبد الوهاب على نهج والده عبد الوهاب وجده سليمان قرقوزي في الدجل والشعوذة… فطورد من نجد وسافر إلى العراق، وطورد من العراق وسافر إلى مصر وطورد من مصر وسافر إلى الشام، وطورد من الشام وعاد إلى حيث بدأ… عاد إلى العيينة… إلا أنه اصطدم بحاكم العيينة عثمان بن معمر ـ آنذاك ـ فوضعه عثمان تحت الرقابة المشددة ـ لكنه افلت وسافر إلى الدرعية، وهناك التقى (بحاكم الثلاث كيلو مترات) اليهودي "محمد بن سعود" ـ الذي أصبح اميرا اماما ـ فوافق الحذاء القدم، وتعاقد الاثنان على المتاجرة بالدين… وكان الاتفاق كالآتي: 1 ـ الطرف الأول محمد بن سعود: أن يكون "لأمير المؤمنين محمد بن سعود" وذريته من بعده السلطة الزمنية ـ أي الحكم. 2 ـ الطرف الثاني محمد بن عبد الوهاب: أن يكون "للإمام" محمد بن عبد الوهاب وذريته من بعده السلطة الدينية ـ أي الإفتاء بتكفير وقتل كل من لا يسير للقتال معنا ولا يدفع ما لديه من مال، وقتل كافة الرافضين لدعوتنا والاستيلاء على أموالهم… وهكذا تمت الصفقة… وبدأت المشاركة… وسمي الطرف الأول محمد بن آل مرد خاي باسم (امام المسلمين) وسمي الطرف الثاني باسم (امام الدعوة)… وكانت تلك هي البداية الثانية واللعينة في تاريخنا … حينما اتفق الطرف الأول محمد بن سعود اليهودي مع الطرف الثاني محمد عبد الوهاب قرقوزي. وسارت شركتهما على هذا النحو الفاسد. وكانت بداية أعمالهما الإجرامية تلك إرسال شخص مرتزق إلى حاكم "الرياض" قرية العارض آنذاك (ادهام بن دّواس) لاغتياله. فاغتالوه، وبذلك استولوا على العارض، ثم ارسلوا بعض المرتزقة ومنهم حمد بن راشد وإبراهيم بن زيد إلى (عثمان بن معمر) حاكم بلدة العيينة فاغتالوه أثناء أدائه لصلاة الجمعة… وقد جاء في الصفحة 97 من كتاب أصدره آل سعود وآل الشيخ بعنوان (تاريخ نجد) نقله عن رسائل محمد بن عبد الوهاب الشيخ حسين بن غنام واشرف على طباعته عبد العزيز بن مفتي "الديار السعودية" بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ. وهو من سلالة الشيخ عبد الوهاب.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ان عثمان بن معمر مشرك كافر، فلما تحقق هل الإسلام من ذلك تعاهدوا على قتله بعد انتهائه من صلاة الجمعة لمقتله جاء محمد بن عبد الوهاب إلى العيينة فعين عليهم مشاري بن معمر وهو من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب) هكذا قال آل سعود وآل الشيخ في كتابهم.. 

نقلا عن رسالة كتبها الشيخ محمد بن عبد الوهاب… ولست أعرف كيف يكون حاكم العيينة (مشرك كافر وهو مقتول في مصلاه بالمسجد ويوم الجمعة!!) … كذا … ألم تر ـ أن عثمان آل معمّر ـ اغتاله محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود ـ لانه كان يعبد ربا خلاف رب اليهود الرب الافاك السفاك محمد بن عبد الوهاب وشريكه محمد بن سعود اليهودي؟… وفي الصفحات 98 و99 و100 و101 من نفس الكتاب المذكور يوضح محمد بن عبد الوهاب أن جميع أهل نجد دون استثناء (كفرة تباح دماؤهم ونساؤهم وممتلكاتهم والمسلم هو من آمن بالسنة التي يسير عليها محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود) لكن أهالي العيينة لم يصبروا على ظلم محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، فثاروا عليهما ثورة رجل واحد، الا أن الظلم السعودي قد انتصر على الحق فدمر ـ بلدتهم ـ العيينة ـ تدميرا شاملا عن آخرها… هدموا الجدران وردموا الآبار وأحرقوا الاشجار واعتدوا على أعراض النساء، وبقروا بطون الحوامل منهن وقطعوا أيادي الاطفال واحرقوهم بالنار، وسرقوا المواشي، وكل ما في البيوت وقتلوا كل الرجال… كانت مساحة بلدة العيينة تبلغ ( 40 كيلو متراً) غاصة بالسكان متراصة المساكن، إلى حد أن النساء كن في أيام الافراح والاعياد والمناسبات الشعبية يتبادلن التهاني والاحاديث والأخبار من طيق البيوت والنوافذ وما تلبث هذه التهاني والمعلومات والاخبار إلا أن تعم كافة انحاء البلدة بسرعة لا تتجاوز الساعة نظرا لاحتشادها بالسكان ولكن المرتزقة من جند شركة (م.م) محمد بن سعود اليهودي ومحمد بن عبد الوهاب قرقوزي الذي أكد الكثير يهوديته، قد جعلوا من بلدة العيينة قاعا صفصفا خرابا ترابا، وكانوا يريدون بجرمهم الصهيوني هذا ايقاع الرعب في نفوس سكان بقية البلدان الاخرى.

ليسهل استيلاؤهم عليها، وهكذا بقيت العيينة ولا زالت خرابا منذ عام 1163 هـ حتّى يومنا هذا…  وهكذا فعلوا بكل سكان الجزيرة العربية.. وليس هذا الجرم الصهيوني السعودي هو المضحك المبكي فقط، وانما المضحك المبكي أيضاً هو أن محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود قد كتبا كذبا لا تصدقه حتّى عقول الاطفال ولا زال في كتبهما الصفراء واسطورتهما الكاذبة لا زالت يعرفها ابناء شعبنا في نجد وتدرس أيضاً في المدارس تبريراً من آل سعود وآل الشيخ لافناء بلدة العيينة بكاملها، حينما قال محمد بن عبد الوهاب (ان الله سبحانه وتعالى قد صب غضبه على العيينة وأهلها وافناهم تطهيرا لذنبوهم وغضبا على ما قاله حاكم العيينة عثمان بن معمر، فقد قيل لحاكم العيينة بأن الجراد آت إلى بلادنا ونحن نخشى من أن يأكل الجراد زراعتنا، فأجاب حاكم العيينة قائلا ساخرا من الجراد: 

سنخرج على الجراد دجاجنا فتأكله، وبهذا غضب الله سبحانه لسخرية الحاكم بالجراد آية من آيات الله لا يجوز السخرية منها، ولهذا أرسل الله الجراد على بلدة العيينة فأهلكها عن آخرها!) هكذا زعم آل سعود وتجار دينهم في كتبهم الصفراء القذرة ان الجراد هو الذي أكل العيينة مستهترين بعقول القراء والشهود والمستمعين.. كيف يأكل الجراد الجدران والرجال؟! ويأخذ ما تبقى رقيقا! ويهدم الآبار ويعتدي "الجراد" على النساء ويبقر بطون الحوامل منهن! ويأخذ البقية ليفسق بهن!!… أهذه الجرائم تفعلها حشرة الجراد؟!. الجراد التي تتمنى الغالبية العظمى من شعبنا أن تراه وتنتظر مواسمه بفارغ الصبر لتعيش منه وتختزن منه ما أمكن لتقتات طيلة العام بهذا المخزون لعدم وجود ما تقتات به.. الهم إلاّ الاعشاب.. ثم يصبح الجراد بعد ذلك "آية يرسلها الله" غضبا.

من ابن معمر!.. يا لهم من طغاة حكموا شعبنا بالخرافات، ودعوة للكفر بالله وآياته وبتلك المخلوقات البشرية الراضخة لحكم الحيوانات الناطقة.. 

ونرجو ممن يقرا هذا التاريخ الإجرامي أن يقارن بين جرائم السعودية الوهابية اليهودية وبين ما فعله الصهاينة في دير ياسين وبقية فلسطين، والمناطق العربية. أن ما فعله آل سعود في الجزيرة العربية لأقذر مما فعله ابناء عم الصهاينة في فلسطين. الا أن العصابات الصهيونية في فلسطين لم تتمكن من شراء سكوت الملوك والرؤساء والنواب والكتاب ولم تتمكن من شراء وسائل الأعلام لطمر تاريخ صهاينة فلسطين كما تمكن صهاينة الجزيرة العربية، من شراء الصمت المأجور أولا وأخيراً لصحافة واعلام وضمائر الجيران والاشقاء والاشقياء معا حتّى سارت واستشرت الفتنة السعودية الوهابية التي أطلقوا عليها اسم (دعوة التوحيد لدين الله) والله منها براء!..

سارت بقيادة محمد بن سعود اليهودي وتشريع محمد بن عبد الوهاب ـ ابن عمه ـ سارت تفتك بالناس وتسلب الاموال وتعتدي على أعراض النساء وتبقر بطول الحوامل، وتقتل الاطفال وتأخذ ما تبقى من الاحياء سبايا تسترقهم.. كل ذلك باسم الدين والدين الصحيح منها براء. 

فثار أهالي نجد لمقاومتها، قاومها أهالي العارض الذين كانوا أول من حاربهم محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب وقتلوا الكثير منهم كما قتلوا حاكمهم ادهام بن دواس بحجة أنهم "كفرة". قاومها أهالي بريدة وعنيزة وشقرا ووشيقر والزُّلفي والرس ووادي الدواسر وسدير والمجمعة. وقاومتها كل مناطق القصم والسر الوشيم وحائل ووقف كل رجال الدين الصالحين بوجهها ووقف الشعراء الذين هم أجهزة الاعلام والدعاية في ذلك الوقت وثارت ضدها معظم القبائل. ولكن الدعوة السعودية نجحت.. نجحت لأن أموال اليهود وتخطيطاتهم كانت تدعمها، ونجحت لتفكك البلدان داخل الجزيرة السعودية الوهابية، وبدأ شعراء نجد في محاربتها، من هؤلاء الشعراء شاعر شهير في كل أنحاء نجد اسمه حميدان الشويعر. قال قصيدة شعبية كان لها أثرها في نفوس المواطنين في أنحاء نجد، ورغم مضي أكثر من (164 عاما) عليها إلا أنه لا زال يوجد الكثير من أبناء نجد يحفظون أبياتها أو بعض الابيات هذه وخاصة مطلعها، وقد دفع الشاعر حياته من أجل هذه القصيدة الثورية الشهيرة فاغتالاه محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب متفقين من أجلها… اغتالا حميدان الشويعر (بالسم) الذي دسه أحد عملاء هاتين الاسرتين له في رغيف، واسم هذا العميل سعد الجعيشن، الذي عزم الشاعر حميدان الشويعر ـ فاغتاله، وكان الشاعر الشعبي الكبير حميدان الشويعر قد وصف في تلك القصيدة أصل آل سعود اليهودي ومجئ جدهم من البصرة ووصف أصل محمد بن عبد الوهاب ومجيئه من بلدة بورصة في تركيا، ودجله باسم الدين، وكان هناك (جبل عوصاء) ويقع بالقرب من بلدته شقراء في أواسط نجد، وكان في هذا الجبل ذئاب مسعورة تأكل الحيوانات والبشر، وكان الشاعر حميدان الشويعر يذهب إلى هذا الجبل باستمرار ليستوحي هذا الشاعر الساخر الثائر من مرتفعات هذا الجبل شعره الشعبي المثير الذي ما أن يقوله حتّى تتردد أصداؤه بين الناس. وذات يوم نصحه أصدقاؤه بأن لا يذهب إلى (عوصاء) خوفا عليه من الذئاب المسعورة، ومن هذه النصيحة استوحى شاعرنا قصيدته الشهيرة معبرا فيها عما يجيش في صدره من حقائق منتقدا ما ينصحه به الاصدقاء خوفا عليه من الذئاب المسعورة!!

قائلا ما معناه (انّه لا يخشى هذه الذئاب الوحشية وانما يخشى الذئاب الآدمية اليهودية، أما الذئاب الوحشية فمسكينة ـ هذه الذئاب ـ انها مظلومة! ، ودائما ما يظلمها البشر من تاريخ السيد يوسف ابن يعقوب حتّى هذا التاريخ: فعندما قذف ـ أخوة ـ يوسف أخاهم يوسف في غياهب البئر أتوا إلى أباهم عشاء يبكون بدمع كاذب وقالوا: "ان ذهبنا نلعب وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب!" 

وها أنتم الان تتهمون ذئابا متوحشة في جبل عوصاء زاعمين أنها أكثر وحشية من محمد بن عبد الوهاب وآل سعود. وأن هذه الذئاب تأكل البشر. أنا لا أخشى هذه الذئاب الوحشية وانما أخشى الذئاب البشرية السعودية الوهابية، أخشى "عود" أي ـ (شيخ) في قرية الدرعية يقول ـ الحق ـ ولكنه يفعل الباطل ـ يزعم أنه يحكم باسم القرآن ويرتكب أبشع المنكرات باسم القرآن نفسه: أخشى هذا المجرم الذي جعل "هذا يذبح هذا" جعل الاخ يذبح أخاه وهو جالس ""على زوليته" أي على سجادته يسبح!. والبلاد سابحة بالدم. ومن أجل من يذبح العرب المؤمنين بعضهم بعضا؟!. من أجل الشيطان الرجيم دون شك.. من أجل محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود. من أجل تمكين الحكم الملكي السعودي الوهابي اليهودي البغيض) هذه هي ترجمة القصيدة. وها هي القصيدة الشعبية التي فقد من أجلها الشاعر الشعبي الكبير حميدان الشويعر حياته ـ شهيدا ـ على أيدي محمد بن سعود الأول القينقاعي وشريكه محمد بن عبد الوهاب: الاصل السعودي في قصيدة الشاعر الشعبي الكبير حميدان الشويعر ما همنّ ذيب في عوصا همنّ عود في الدرعية ما أخشى ذيب في عوصا أخشى شيخ في الدرعية قوله حق وفعله باطل! واسلاحه كتب مطوية خلّى هذا يذبح هذا وهو جالس في الزولية يدعو باسم دين امحمد وأفعاله كفر وأذية يبرأ منها دين امحمد أعماله الشيطانية واظنه بمحمد يعني امحمد الوهابية يقول أصله من تميم تميم (برصه) التركية! امحمد عبد الوهاب ومحمد السعودية هم طيزين في سروال ذياك ايشرّع ـ لذيّه تشاركوا باسم الدين واثنينهم حرامية أما امحمد ابن اسعود فمن اصول يهودية ابوه اصله مردخاي راعي الملة العبرية ضحك على بعض اعنزه وقال ان أمه مصلوخية وجابوه لنا من البصرة حتّى أوصوله الدرعية بزعمهم درع النبي شروه القينقاعية حط درعيه بالقطيف! ومن بعد صارت نجديه! وزعم انّه ارض أجداده وهي من شرّه بريّة جابوا لنا ابن اليهود الله لا يعيد ذيك الجيه وشرع ظلم باسم الدين وقال ذي شرعة سماوية شرع بني إسرائيل في أراضينا النجدية زعم أنه شرع الله أو شريعة إسلامية وقال ان قوله قرآن وأحاديثه نبوية وانه من الله مرسول يخلف رسول البريّة وباسم الدين أصبح يقتلنا ويسرق أموال الرعية ودفع الدراهم (زيّن) له أصله وصول الذرية وجعل أصل أصل امحمد! وشجرتهم عدنانية! بعد هذا يا جماعة ما رضى نصايحكم ليه لا تنصحون احميدان من شر اذياب وحشيه مسكينة يذياب البر تتهم بأعمال ردية من عهد سيدنا يوسف والتهمة فوقه مرمية أذياب البر ما نخشاها ولا وحوش البرّية نخشى أذياب اليهود الذئاب الادمية بني إسرائيل أخشاهم أحقادهم خيبرية أخشى أن يحكم في نجد أسرة بغي يهودية تشرع شريعة زواج فيها الامير يركب خيه والاخت ينكحها أخوها باسم الاصول المرعية زواجهم بالآلاف زواج بلا شرعية وبموجب هذه القصيدة اغتيل حميدان الشويعر.. اغتاله محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود.. لكن هذه القصيدة بقيت كشاهد اثبات على جرائم اليهود الذين تلبسوا الإسلام لتدميره.. وفي الوقت نفيسه بقيت هذه القصيدة للتشهد بعض كفاح شعبنا كله للدعوة السعودية الوهابية منذ بدأ قيامها الباطل وكانت قبائلنا مع الحضر تقاتل بشدة آل سعود ودعوتهم الخبيثة وكان في طليعة القبائل التي قاومت آل سعود ودينهم الباطل قبائل العجمان وبني خالد وعتيبة وشمر وقحطان والدواسر وبني يام ومطير وحرب وبني مره وبني خالد وبني هاجر وغيرهم. آل سعود يقطعون الرؤوس البشرية ويقدمونها مع الطعام وقد روى حافظ وهبه المستشار السعودي في كتابه (جزيرة العرب) عن الطاغية الملك عبد العزيز الأخير المتوفى سنة 1953 فقال: (قال عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود "لقد قاومت دعوتنا كل القبائل أثناء قيامها وكان جدي سعود الأول قد سجن عدداً من شيوخ قبيلة مطير فجاءه عدد آخر من القبيلة يتوسطون بإطلاقهم ولكن سعود الأول قد أمر بقطع رؤوس السجناء ثم أحضر العداء ووضع الرؤوس فوق الاكل وطلب من أبناء عمهم الذين جاؤوا للشفاعة لهم أن يأكلون من هذه المائدة التي وضعت عليها رؤوس أبناء عمهم و.. لما رفضوا الاكل أمر سعود الأول بقتلهم!.) ويقول حافظ وهبه في كتابه جزيرة العرب في القرن العشرين (لقد قص هذه القصة الملك عبد العزيز على شيوخ قبيلة مطير الذين جاؤوا للاستشفاع في زعيمهم فيصل الدويش قبل ان يقتله عبد العزيز ليبين لهم أن عبد العزيز سيقتلهم أيضاً إذا لم يمتنعوا عن طلب الشفاعة لزعيمهم فيصل الدويش).. بعد هذه المقدمة الدالة على أصله اليهودي ووحشيته أمر الملك الطاغية عبد العزيز ـ بقتل فيصل الدويش ـ وتوضأ بدمه ثم قام لاداء الصلاة!. لماذا؟.. لأن فيصل الدويش قد استيقظ ضميره أخيرا وانقلب عليه بعد أن رأى الدويش أن الملك الطاغية عبد العزيز كان لا يركع الا لأوامر الانكليز، واستيقظ الدويش بعد أن وقع عبد العزيز للإنكليز بإعطاء فلسطين لليهود في مؤتمر العقير عام 1922 مما سيأتي اثباته تاليا.. بهذا الاسلوب سارت الدعوة السعودية الوهابية من أول قيامها لا أهداف لها الا النهب والسلب والسرقة والكذب والدجل والفجور والفسوق كل ذلك باسم الدين، ولكني كما قلت عن شعبنا، انّه لم يقف منها موقف المتفرج، فقد قاومها في كل مكان. ثورة أبناء يام … ثورة أهل نجران والعجمان وبني خالد ففي عام 1178 هـ ـ 1765 م اتفق (أبناء يام) من أهال نجران وقبيلتي العجمان وبني خالد وتحالفوا على مقاومة الاحتلال السعودي، تحالفوا على سحق محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب في جحورهما، تحالف بني يام بأن يسيروا من نجران بقيادة السيد (حسن بن هبة الله) ويسير بني خالد والعجمان من الاحساء بقيادة حاكم الاحساء آنذاك (عرعر الخالدي) وتواعد الجميع على الزحف على الدرعية من نجران والاحساء للقضاء على محمد بن سعود اليهودي وابن عمه محمد بن عبد الوهاب وحصد دعوتهما في مهدها الدرعية، وبالفعل سارت جموع بني يام من نجران والاحساء ولكن السيد حسن هبة الله قد وصل بأهالي نجران إلى ضواحي الدرعية قبل وصول العجمان وبني خالد وتمكن أهالي نجران وحدهم من سحق الجند السعودي الوهابي الباطل شرّ سحقة وأسروا الاحياء منهم واختفى محمد بن سعود وكاد ينتهي أظلم وأقذر حكم دخيل في جزيرة العرب على أيدي أهالي نجران الابطال.

لو لم يلجأ محمد بن عبد الوهاب للمكر والخداع.. 

محمد بن عبد الوهاب يشهد ببطلان دعوته في وثيقة وقعها امام أهالي نجران والعجمان لقد كاد يقضى على حكم الدخلاء لو لم يخرج محمد بن عبد الوهاب رافعا راية الصلح على (أن يقف أهالي نجران عند حدهم ويمتنعوا من دخول الدرعية وأن يسلموا ما تحت أيديهم من الاسرى السعوديين ويتعهد كل من محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود بدفع عشرة آلاف جنيه ذهب كتعويض لاهالي نجران عن رحلتهم هذه وأن لا يتعدى محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب حدود الدرعية وأن لا يرفعا راية هذه الدعوة السعودية الباطلة مرة أخرى وقد شهد محمد بن عبد الوهاب ببطلان دعوته أمام أهالي نجران) وهكذا جرى الاتفاق حرفيا بين أبناء يام ومحمد بن عبد الوهاب معترفا في آخر جملة من الاتفاقية ببطلان دعوته أمام أهالي نجران.. اتفق محمد بن عبد الوهاب نيابة عن محمد بن سعود مع أهل نجران الشجعان على ذلك. وما أن وصلت جموع قبائل العجمان وبني خالد من الاحساء بقيادة عرعر الخالدي حتّى فوجئوا بهذا الصلح غير المرضي للعجمان وبني خالد لكنهم اضطروا لقبوله تمشيا مع ما اتخذه ابناء عمهم من بني يام من نجران. وهكذا فشلت أول خطة ثورية رمزت إلى قوة الاتحاد بين جنوب الجزيرة وشرقها، ولم يكن سبب فشلها الا التصرفات الفردية للشيخ حسين بن هبة الله!. ولولا ذلك لقضي على الوجود السعودي الوهابي. حدثت هذه الخطة الثورية في سنة 1178 هـ الموافق 1765 م رغم ما أحدثه محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب من رعب في قلوب المواطنين حيث لم يتمكنا من الخروج لمبارزة أهالي نجران والعجمان وبني خالد الذين أوقعوا الرعب في قلب اليهودي محمد بن سعود وأصيب باسهال ومرض مرضا شديدا من جراء ما انتابه من رعب شديد حينما شاهد (أبناء يام) يحاصرون الدرعية بعد سحقهم للجند السعودي. وقد تسبب ذلك في وفاة محمد بن سعود من جراء المرض الذي أصابه من هذا الحادث ومات لسبعة أشهر من ذلك الحادث وذلك في عام 1179 هـ ـ 1766 م وهكذا توفي (الامام) محمد بن سعود المؤسس الثاني لدولة آل سعود الخبيثة، وكان المؤسس الأول مردخاي ـ أو مرخان كما قلنا، وبقي الطرف الثاني والشريك محمد بن عبد الوهاب، يدير شركتهما المحدودة وحيدا لتقتيل الآمنين باسم الدين، ولكن أكبر أولاد ـ محمد بن سعود ـ وهو عبد العزيز بن محمد بن سعود ـ قد تمكن من تولي منصب والده محمد بن سعود والسير في (خطة أبيه الأول) في عدم فسخ الشراكة وتأييد فتاوى محمد بن عبد الوهاب شيخ الدعوة الباطلة للشعوذة والحكم الوراثي رافعين راية الباطل لقتل المؤمنين "باسم الله" والله منهم ومن دعوتهم براء، وكان عبد العزيز بن محمد بن سعود قد تزوج ابنة محمد بن عبد الوهاب، وامتزج النسب الباطل ببعضه أكثر من ذي قبل..

وما ان ازداد محمد بن عبد الوهاب قوة حتّى قام بالاتصال بيهود نجران طالبا دعمه ماليا ثم أثارهم ضد الشعب في نجران.. ثم أمر محمد بن عبد الوهاب جده بمواصلة غزواتهم على البلدان المجاورة في نجد وأخذ شعبنا يقاوم ببسالة هذه الدعوة الباطلة، لكن الباطل السعودي كان أقوى على حق الشعب المغلوب ويرجع ذلك لسببين: 

الياهو كوهين يدعم محمد بن عبد الوهاب السبب الأول: هو دعم اليهود في العراق عن طريق تاجر يهودي يدعى الياهو كوهين ساسون ـ لمحمد بن عبد الوهاب وشركاه آل سعود. والسبب الثاني: هو تفكك الشعب.. فاحتلوا القصيم ومعظم أقطار نجد، ثم احتلوا الاحساء في عام 1208 هـ بعد مقامة طويلة من شعبنا، فقتل آل سعود و محمد بن عبد الوهاب عدداً من شيوخ بني خالد والعجمان، وفي الاحساء المطلة على شواطئ الخليج العربي اجتمع عبد العزيز بن محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب باثنين من رسل المخابرات الانكليز عاقدين الاتفاق معهم ضد شعبنا، واستمر دعم الانكليز لمحمد بن عبد الوهاب ونسيبه عبد العزيز بن محمد بن سعود وكانت زوجة عبد العزيز بن محمد بن سعود قد ولدت طفلا من ابنة خاله محمد بن عبد الوهاب… وباسم هذا الطفل واصل محمد بن عبد الوهاب زحفه إلى العراق بقيادة "ابن ابنته" واسمه "سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود" فاحتلوا كربلاء في عام 1216 هـ وهدموا مساجدها ومآذنها وهدموا قبة الحسين. وصادروا أموال المواطنين واعتدوا على نسائهم وأخذوهن سبايا وبقروا بطون الحوامل منهن ـ وهي طريقة سعودية معتادة ـ ثم عادوا إلى الحجاز فاحتلوا مكة وجدة في 17 محرم 1218 هـ وكانوا قبلها قد احتلوا جدة والمدينة المنورة، ولكن أبناء الحجاز ما لبثوا استعادوا الحجاز وطهروه من رجس الوهابية اليهودية السعودية، وفي 10 رجب 1218 هـ قام أحد الابطال ويدعى محمد بن ناجي اليامي بقتل (الامام) عبد العزيز بن محمد بن سعود بعدة طعنات من خنجره أودت بحياة عبد العزيز، وقد أشاع آل سعود بعد ذلك (أن أحد الأجانب الكفرة المشركين من كربلاء هو الذي اغتال عبد العزيز وهو في الصلاة انتقاما).. هكذا قال محمد بن عبد الوهاب … ولا نعلم كيف يبيح محمد بن عبد الوهاب وشركاه الاعتداء على الشعب في كربلاء ما دامت كربلاء أجنبية ولا يبيح الطغاة لابناء كربلاء رد العدوان بالقصاص؟. ان آل سعود لم يقفوا عند هدم قبة قبر النبي محمد بن عبد الله في المدينة وإنما أوقفوا بالقوة. لقد قتل عبد العزيز الأول لانه لا يقل اجراما عن حفيده الاخير الملك الطاغية عبد العزيز جرما وبطشا بالآمنين ودجلا باسم الدين والدين منهم براء. وبعد مقتل (الامام) عبد العزيز بن محمد بن سعود تولى من بعده ابنه سعود الأول (ابن بنت محمد بن عبد الوهاب ) ولكن الشعب أبى أن (يبايع سعود) وقاومه الشعب في العراق حتّى تحررت منه الاجزاء التي استولى عليها من العراق. وبقي يدعمه جده محمد بن عبد الوهاب بالفتاوى الباطلة وأموال اليهود والإنكليز واستمر حكمه الطاغي احدى عشر سنة من عام 1218 إلى 1299 هـ سار خلالها لاحتلال الحجاز مرة أخرى ثم سار لاحتلال الشام والعراق ورأس الخيمة في عمان ولكنه دحر في الشام والعراق وعمان ثم سار لاحتلال اليمن ووصل إلى زبيد ولكن شعبنا المكافح في اليمن دحره وقتل الكثير من جنده الفاسد وهرب مذعورا رغم دعم الانكليز واليهود له، وكانت عقلية سعود الأول سخيفة لا تشابهها إلاّ عقلية بعض أخلافه، لقد كان مغرورا بخيوله.. كان يحب الحريم والرقيق والخيول كان يدعمه الانكليز واليهود، كان لكل ولد من أولاده حرس خياله قدرهم (200) يضاف إلى ذلك عدد من الابل والحريم التي يختطفهن ويسلبهن من ذويهن ظلما وزورا.. وبهذه الطريقة احتل الحجاز مرة أخرى عام 1220 بعد مقاومة قاسية من أبناء الحجاز وراح يهدم في الاماكن المقدسة بحجة (أنه يخشى أن يعبدها الناس)!… وفرض على أبناء الحجاز أن يدرسوا رسائل جده محمد بن عبد الوهاب والكتب السخيفة التي وضعها آل الشيخ أي آل عبد الوهاب والوهابيين وبقي هذا الحكم السعودي يسوم الحجاز من عام 1220 حتّى عام 1228 هـ والاماكن المقدسة تلاقي من سعود وآله وتجار دينهم في السابق ما تلاقيه الآن من آل سعود وتجار دينهم الباطل.. جيش العروبة في معركة تحرير الجزيرة العربية وفي سنة 1220 هـ قام (سعود الأول) بعد أن احتل الحجاز بتعاون مع العثمانيين وارتكب أنواع الجرائم في الحجاز غير عابئ بقدسيتها، قام هذا المخبول بأعمال منكرة جدا، الا أنها مضحكة جدا، فقد منع على المصريين والسوريين والعراقيين أن يحجوا، بحجة أنه يخشى منهم وانه لا يعجبه اسلامهم. ففي سنة 1220 هـ قال الامير سعود الأول بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ـ لاميري الحج المصري والشامي: (ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها؟) "ويقصد بذلك المحمل المصري والمحمل الشامي" فأبلغه بقولهما: "ان هذه العويدات هي المحمل المصري والشامي! وهي قديمة جارية اتخذت لتجميع الناس والحجاج حولها متكتلين متحدين ضد قطاع الطرق ولصد العدوان"..

فأبلغ سعود أهالي مصر والشام قائلا: "انكم يا أهالي مصر والشام إذا فعلتم ذلك عبد هذا العام فاني أكسر المحمل الشامي والمصري، وأقتل جميع الحجاج، وكذلك شروط أخرى عليكم يا أهالي مصر والشام، 

أولا ـ أن لا تلحقوا لحاكم، ثانيا ـ أن لا تذكروا الله بأصوات عالية، أو تنادوا بقولكم "يا محمد"، ثالثا ـ أن يدفع كل حاج منكم جزيه قدرها عشرة جنيهات من الذهب لجيبي الخاص، رابعاً ـ أن يدفع أمير الحج المصري والسوري كل منهم عشر جواري وعشرة غلمان لون أبيض كل سنة". انها شروط قاسية ومضحكة قصد بها ابعاد الحجاج. ويقول السيد دحلان في تاريخه: (ان سعود قد أحرق المحمل المصري والمحمل الشامي وأمر مناديا ينادي بالناس في الحج بأن لا يأتي أي إنسان للحج في العام الاتي من أي جهة من العالم وهو حليق اللحية). فراح الحجاج المصريون في عام 1220 هـ غاضبين ولكنهم غير آبهين بطلبات سعود الأول المجنونة، وفي عام 1221 هـ كتب سعود الأول إلى أمير الحج الشامي وكان أمير الحج قد وصل بالحجاج إلى قرب المدينة المنورة، يقول له: (لا تدخل الحجاز الا على الشروط التي شرطناها في العالم الماضي) فرجع حجاج الشام تلك السنة من غير حج، أما حجاج مصر فقد امتنعوا من أنفسهم ولم يحجوا تلك السنة وهم على مضض، مما جعلهم يتضجرون غيظا على الحكم السعودي المتوحش. ويقول العلامة ابن بشر في تاريخه عن جرائم 1221 هـ السعودية : (ان سعودا حشد جيوشا عظيمة قرب المدينة المنورة وأمرهم أن يمنعوا الحجاج الآتين من مصر والشام فرجع المحمل الشامي إلى وطنه وكان أميره عبد الله باشا العظم، ثم بعد ذلك قام سعود بابعاد آلاف العرب من مكة وأعظمهم من أبناء الحجاز نفسها واليمن والعراق وكذلك سافر إلى المدينة وفعل فيها مثلما فعل في مكة، وقد هاجر عدد لا يحصى من أبناء الحجاز إلى مصر والشام واليمن والسودان وتركيا وأماكن شتى من العالم فأسرعوا في كشف فضائح الوحوش السعوديين، في القوت الذي كان فيه سعود الأول يتبادل هدايا الجواهر والجواري والغلمان مع شاه إيران بهلوي الأول ويأخذ الاموال من اليهود (كاعانة له على خدمة الحرمين) كما يزعم وقد أغضب هذا الفعل السعودي أهالي نجد وعلماء نجد الصالحين من غير آل الشيخ طبعا ـ أي من غير أسرة محمد بن عبد الوهاب ) ..

وما فعله سعود الأول بالحجاج يذكرنا بما تفعله بقية الأسرة السعودية بالحجاج أيضاً فقد أعادت الحجاج السوريين على زمن الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959 وأعادوا كسوة الكعبة المصنوعة في مصر ورفض آل سعود أن يحج أهالي مصر ما لم يدفعوا عملة صعبة! أما جنيهات استرلينية أو دولارات أمريكية، وما فعله آل سعود مع أبناء مصر فعلوه مع أبناء اليمن فقد منعوهم من الحج حين قامت الثورة ضد حكم الامام المتأخر أحمد بن يحيى الدين، اما أهالي الحجاز فقد مقتوا الحكم السعودي الاجرامي منذ بدايته، وامتنع الكثير من الحجاج العرب في بداية الحكم السعودي عن أداء فريضة الحج ست سنوات مقسمين (أن لا يحجوا حتّى يطهروا قبلتهم من الرجس)، 

أما أهالي مصر والشام واليمن فقد امتنعوا عن الحج كليا طيلة ست سنوات، وفي سنة 1226 هـ بدأت حملات التحرير العسكرية من مصر إلى الحجاز بعد أن ضغط أهل مصر على حكامهم الاتراك فاستولت الحملة على ينبع وحررتها في نفس السنة 1226 هـ وبما أن مصر نفسها كانت محتلة للعثمانيين آنذاك فقد أصدر السلطان سليم الامر إلى محمد علي باشا حيث بعث محمد علي بطوسون على رأس حملة التحرير العسكرية المصرية، لكن قادة الحملة العثمانية تآمروا مع سعود الأول بعد أن تبادل معهم الهدايا وأقنعهم أنه سوف ينفذ أوامر خلافتهم على الحرمين كما يريدون على شرط (أن لا يمكنوا أعداء آل سعود المصريين والاشوام من التدخل والانتصار عليه)

فتراجع القائد طوسون وادعى أنه انكسر أمام الجيوش السعودية ولكن هذه الفعلة النكراء أثارت العرب والمسلمين في اليمن وقلب الجزيرة العربية وفي الشام ومصر بوجه خاص فبدأ الضغط العربي على الاتراك من جهة واقتنع محمد علي حاكم مصر من جهة أخرى بأنه لا عزة لهذه المنطقة كلها ما لم تجتث العائلة السعودية والعائلة الوهابية من جذورهما، فجمع قادته في القاهرة ومن بينهم ابنه إبراهيم باشا وطلب منهم إعطاء الرأي بالطريقة التي يرونها للتخلص من الاسرتين الشريرتين.. فأخذ كل واحد يبدي رأيه.. فقام محمد علي وأحضر تفاحة وضعها في وسط سجادة كبيرة مفروشة في مجلسه ثم طلب من كل واحد من الحاضرين أن يأخذ التفاحة دون أن تطأ قدمه على السجادة، فاحتار الجميع الا أن ابنه إبراهيم باشا لم يعجزه الحل فطوى السجادة من طرفها بيديه دون أن تطأ رجليه السجادة حتّى وصل إلى التفاحة فأخذها وأكلها.. فوقف له والده احتراما ثم قال: 

(أردت بذلك أن أختبر ذكائك بهذه الطريقة لأقول لك بعد هذا أنت الذي سيكون لك شرف تخليص العرب والجزيرة العربية والمسلمين والديار المقدسة من هذه النكبة بهاتين الاسرتين الوهابية والسعودية) فانطلق إبراهيم باشا يطوي طغاة الجزيرة العربية واحدا تلو الاخر مثلما طوى تلك السجادة التي طواها في القاهرة. وفي سنة 1228 هـ تمكن العرب بقيادة إبراهيم باشا من تحرير مكة والمدينة المنورة والطائف من رجس السعودية (اليهودية)، ويقول السيد دحلان في تاريخه (لقد حاول سعود هذه المرة أن يخادع العرب وأن يفعل مع العثمانيين ما فعله في المرة الاولى معهم تبادل الهدايا والخضوع لسلطانهم، فأرسل إلى السلطان محمد علي باشا طالبا الصلح وأن يفتدي بالمال عثمان المضايفي عامله السعودي على الطائف، ولكن مساعي الصلح السعودية لم تتم حيث اشترط العرب على رسول سعود الشروط التالية: أولا ـ أن يقوم سعود بدفع كل المصاريف التي اتفقت على الحملة العسكرية، ثانياً ـ أن يقوم سعود برد كل المجوهرات والأموال التي كانت بالحجرة النبوية، وثالثا ـ أن يكون سعود بدفع الدية لابناء الحجاز وأبناء مصر الذين قتلهم، رابعا ـ أن يحضر سعود بنفسه لتسليم نفسه للقيادة ليحاكم على ما ارتكبه من جرائم بحق العرب والمسلمين، وبالطبع لم يفعل هذا سعود وانما بقي في الدرعية لا يخرج منها ويحشد جنده للدفاع عن نفسه لانه أمن أنه لا محالة له من الموت وأن العرب قد عزموا على تحرير بلادهم من جرائم ظلمه وما أن تحررت الحجاز وبدأ الزحف العربي المقدس أصيب سعود باسهال شديد وحمى وهو نفس المرض الذي أصيب به جده محمد بن سعود حينما حاصره أهالي نجران في الدرعية عام 1178 هـ 1765 م فمات سعود قبل وصول حملة التحرير العسكرية العربية إلى الدرعية في 7 ربيع الثاني سنة 1229 هـ الموافق 1814 م). توفي سعود ـ من شدة الخوف والهلع ـ بالدرعية على اثر الاسهال وحمى الخوف التي أصيب بها من حملة التحرير العربية رغم ما قاله أصحاب التواريخ عن عظمة هذا "السعود" وقوة شخصيته وجبروته وصلابته، التي هي صلابة الطواغيت والجبناء في عهد الرخاء ضد المغلوبين على أمرهم والضعفاء.. وقبل وصول حملة التحرير العربية، استولى ابنه عبد الله بن سعود على الحكم في الدرعية ووقف إلى جانبه شركاؤهم في الباطل ـ أنفسهم ـ آل الشيخ. أي آل محمد بن عبد الوهاب غير أن الصالحين من علماء نجد لم يوافقوا على ذلك كعادتهم فوقفوا إلى جانب الشعب والعرب والدين الصحيح لا الدين السعودي اليهودي وحاول ملك اليمن الاسبق أن يتعاون مع آل سعود ويخرج أبناء اليمن لضرب مؤخرة جيش التحرير العربي الا أن أبناء اليمن أبوا ذلك ووقفوا بعيدا ثم عادوا بعد أن انضم عدد كبير من جيش اليمن إلى جيش تحرير الجزيرة العربية، ثم ثار أبناء عمان وقتلوا والي آل سعود وساروا مع جيش التحرير العربي، ووقف علماء الدين الصالحين في القصيم ونجد يعلنون براءتهم من جرائم آل سعود وآل الشيخ عبد الوهاب ويحملون هاتين الاسرتين تبعة كل الجرائم قائلين في المساجد (لن يظهر دين الحق ما لم نطهر هذا الدين من هاتين العائلتين الفاسدتين بالدين والدنيا ورقاب العرب والمسلمين) أما آل الشيخ فقد وقفوا يدافعون عن أنفسهم الضالة بدفع هذه التهمة عنهم ويشتمون علماء نجد والقصيم ويتهمونهم بموالاة المصريين وينسبون كل ما وقع من جرائم وفتن ومحن إلى "ذنوب المواطنين والتقصير في دين الله ولهذا ابتلاهم الله بشتى المحن!!.." وكذلك يزعمون.. أما حملة تحرير الجزيرة فقد سارت ولم توقفها فتاوى اليهود حتّى وصلت الدرعية والقي القبض على عبد الله بن سعود وابعد إلى مصر في عام 1234 هـ وقتل عدد من آل الشيخ الذين أجرموا بحق شعبنا.. وبذلك انتهت الفتنة السعودية انّما إلى حين، لأن هذه الشجرة السعودية الخبيثة لم تستأصل من جذورها بعد، فقد تركت بعض الجذور ونمت من جديد بعد أن عاد جيش مصر إلى بلاده تاركا الجزيرة العربية، فجاء مشاري بن سعود إلى الدرعية في جمادي الأول سنة 1235 هـ وانتزع الحكم، لكنه لم يدم طويلا فقد قتله شعبنا في نجد، الا أنه بعد شهر من قتله خرج من بعده تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في عام 1235 هـ فقتل عددا من أبناء نجد، وأنشأ الدولة الثالثة لسلالة آل سعود وذلك في سنة 1235 هـ فحاصره أهالي نجد ليقتلوه لكنه هرب من الرياض وذهب ليتفق مع العثمانيين على أن يساعدوه لانشاء حكم سعودي يكون فيه خادمهم المطيع فأعاده بنو عثمان، وبقي حتّى عام 1249 هـ حيث قتله أبناء نجد فجاء من بعده مشاري بن عبد الرحمن بن سعود فانخدع به بعض السذج حيث أعلن عن نفسه "بأنه أميرا مؤمنا حرا"، .. كما يعلن الآن بعض الامراء عن أنفسهم، فحاول فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي كان في مدينة القطيف حينما اغتيل والده تركي ـ حاول أن يستولي على الحكم في الرياض، لكنه فشل لانه لم يجد من يناصره من شعبنا الذي تململ من الحكم السعودي وأدرك أي مواطن انّه حينما يقاتل من أجل آل سعود فانما يقاتل من أجل الشيطان لا من أجل وطنه، الا أن فيصل بن تركي بن عبد الله عاد إلى الضحك على العقول الساذجة من جديد فراح يتظاهر بالتقى والصلاح "والايمان بحق الرعية وحق الله" كما يتظاهر أمثاله الآن من بعض الامراء السعوديين، ومع هذا فلم ينخدع به أحد، إلا عبد الله ابن الرشيد، ففي عام 1250 هـ1835 م جاء إليه عبد الله بن الرشيد لرفع مستواه وتحكيمه ف البلاد. وجاء عبد الله آل رشيد ليعين الظالم على ظلمه وعبد الله آل رشيد هو مؤسس عائلة آل الرشيد في حائل فعرض فيصل ابن تركي آل سعود على عبد الله بن الرشيد (ان يعينه على قتل ابن عمه السعودي مشاري بن عبد الرحمن ويستولي على الرياض. وسيمنحه ما يريد) فرد عبد الله بن الرشيد على (ابن سعود) بقوله: (انني سأقتل لك ابن عمك مشاري آل سعود وسأقوم بتنصيبك مكانه على الرياض بشرط أن اجعل من الرياض منطلقا لتخليص بلدي حائل من آل علي) فوافق فيصل بن تركي آل سعود على طلب عبد الله بن الرشيد وسار عبد الله بن الرشيد ومعه حارسه الخاص كما زوده فيصل بن تركي بثمانين مقاتلا الا أن الجميع قد تراجعوا في الطريق، ولم يصل مع ابن الرشيد من القطيف إلى الرياض الا حارسه الخاص، فدخلها ليلا واتصل بحارس القصر حيث كانت لعبد الله آل رشيد به معرفة (وهو من بلدة جلاجل) فوضع "راعي جلاجل" لصاحبه السلم الخشبي فصعد ابن الرشيد إلى قصر مشاري آل سعود فوصف له صديقه الحارس مكان نومه مع زوجته ولكنه حذره من "عبده" حارسه الخاص (حمزة) الذي يرابط أمام حجرة نوم سيده مشاري وهو من أشد المقاتلين، فصعد ابن الرشيد ومعه حارسه الخاص إلى حيث يرقد مشاري آل سعود وإذا به أمام العبد السعودي الحارس وجها لوجه وكان المكان مظلما حالك الظلمة فتماسك الاثنان عبد الله بن الرشيد والعبد السعودي وطال التماسك والعراك بينهما في حلكة الظلام الدامس وكان بيد العبد السعودي خنجرا أخذ يضرب به يدي عبد الله ابن الرشيد وكاد أن يسقط ابن الرشيد وكان ظلام المكان الدامس قد جعل حارس ابن الرشيد لا يميز بين عمه وبين العبد السعودي ليساعد عمه على قتل هذا العبد وينقذ حياته من سطوة هذا العبد القوي، فكان حراس ابن الرشيد دائما ما يمسك بقطعة من جسم عمه ابن الرشيد محاولا طعنه ثم يسأل: (هل أقطع هذه اللحمة؟. هل هي من جسمك يا عمي أم من جسم العبد؟) فيصيح به عبد الله الرشيد بقوله (لا تقطعها انها مني)!.. فيذهب الحارس ليمسك بلحمة أخرى وهو يسأل من جديد هل أقطعها؟. هل هي منك؟. فيجب ابن الرشيد لا تقطعها انها مني.. وهكذا مرت الساعات متثاقلة على تماسك العبد وابن الرشيد حتّى كاد يغمى على ابن الرشيد ويسقط، وفي النهاية.. بل في الرمق الاخير!.. سأل حارس ابن الرشيد صاحبه: هل هذه اللحمة منك يا عمي أم من العبد، وهنا أجابه ابن الرشيد قائلا: (إذا كان بيدك لحمة فاقطعها!).. فقطعها الحارس وسقط العبد السعودي ودخل عبد الله الرشيد إلى حجرة نوم مشاري بن عبد الرحمن آل سعود فقتله، وحينئذ صعد عبد الله الرشيد إلى سطح القصر السعودي وأعلن مناديا بالناس (أنا عبد الله آل رشيد تحملت قتل مشاري آل سعود وآتيتكم بفيصل بن تركي آل سعود لحكمكم) وهكذا كان عبد الله الرشيد وفياً بوعده رغم أنه كان بامكانه أن يعلن نفسه حاكما في الرياض ويطرد فيصل بن تركي آل سعود الذي كان يترقب خائفا من بعيد ليهرب في حال فشل عبد الله آل رشيد الذي غامر بحياته من أجل اعادة الحكم السعودي!..، ولكن عبد الله الرشيد لم يخلف الوعد كما يفعل آل سعود بل نادى بفيصل بن تركي آل سعود ليسلمه زمام حكم الرياض. (أسوق هذه الحادثة المعروفة لادحض ما زوره كتاب التاريخ عن تاريخ آل سعود بقولهم أن آل سعود عادوا إلى ملك آبائهم وأجدادهم وأنهم هم الذين عينوا آل الرشيد وغيرهم من الحكام!)… وجاء فيصل بن تركي آل سعود، وحكم الرياض ولم ينكر لابن الرشيد "صنيعه" من اجله، فقد سأله فيصل بعد ذلك مستغربا قائلا: (كيف يا عبد الله بن رشيد لم تغدر بي وتحكم الرياض بدلا مني وأنت الذي فعلت كل ذلك باحثا عن الحكم في حائل وكان بإمكانك أن تحكم الرياض وحائل معا؟) فأجابه ابن الرشيد قائلا: (الغدر ليس من شيم العرب) فسار ابن الرشيد إلى حائل وقتل (ابن علي) حاكمها وأعلن نفسه حاكما عليها. فأيدته حائل وقبائل شمر ولمع نجمه وقوي مركزه، أما فيصل بن تركي آل سعود فقد حكم الرياض بل أعلن نفسه "اماما" وحاكما على نجد فحكم أربع سنوات من عام 1250 إلى عام 1254 حيث استنجد عرب نجد بعرب مصر مرة أخرى لمعاونتهم على اجتثاث حكم المجرمين، فسار جيش مصر العربي ليدك معالم آل سعود وألقى القبض على الامام السعودي فيصل بن تركي آل سعود وشركاءه آل الشيخ (أي الاسرة الوهابية) فأخذوه إلى مصر هو وولديه عبد الله ومحمد وأخيه جلوي ـ والد عائلة آل جلوي الخبيثة ـ وعدد من آل الشيخ فبقي في مصر من سنة 1254 إلى سنة 1259 هـ حيث تمكن فيصل ابن تركي آل سعود من الافلات من رباطه والخروج من مصر مرة ثانية بمساعدة عباس باشا الأول العثماني بعد أن تعهد للاتراك بالولاء والطاعة وحسن التبعية والسير في ركبهم العثماني.. فعاد الشر السعودي إلى حكم نجد من جديد ـ دون أن تكون لهم سيطرة على حائل التي كان يحكمها ابن الرشيد والحجاز التي كان يحكمها الاشراف ـ وقد ساعدت على ذلك أمرين الأول: هو انسحاب الجيوش المصرية من البلاد العربية وذلك نتيجة لمعاهدة لندن سنة 1840 م التي اقتضت أن تعود جيوش مصر إلى مصر استعدادا لبدء الاستعمار الانكليزي بالحلول في بلاد العرب محل الاتراك، والثاني: هو تعهد فيصل بن تركي آل سعود للسير في ركاب آل عثمان واطلاق اسمهم وحكمهم على البلاد. وهكذا عاد الحكم السعودي إلى البلاد، وأصبح الحكم للعبيد والجواري والجواسيس الذين كان يقودهم ابنه عبد الله بن فيصل والعبد "محبوب" (عتيق تركي والد فيصل) وهكذا عاد عودة أخرى ـ حكم أسرة الكهنوت والشعوذة الوهابية بقيادة الشيخ عبد اللطيف ـ الأول ـ حفيد الشيخ محمد عبد الوهاب، وعادت الفوضى والجرائم بقيادة هاتين الاسرتين بعد أن تعمقت تبعيتهما للسلطات التركية مستعينتين بها في ضرب التحركات القبلية والشعبية. ولم يكتف هذا الامام فيصل بن تركي بسيادة السلطنة التركية بل رأى أن يلعب على الحبلين، فذهب سنة 1862 م إلى مفاوضة المستر بيلي المقيم السياسي في "بوشهر" باسم الحكومة البريطانية لعقد معاهدة حماية على البلاد عارضا عليه دعم النفوذ السعودي وتوسيعه في كافة أنحاء الجزيرة العربية على ان يرتبط هذا النفوذ السعودي بالاستعمار البريطاني فوافق المستر بيلي على هذا الاقتراح السعودي وبدأ دعم بريطانيا للاسرة السعودية التي أخذت تنشر الموت في ربوع البلاد بعد تعاملها مع الانكليز، وتحرك فيصل بن تركي للاستيلاء على حائل مرار لكنه لم يتمكن، ورغم فشله إلا أن ما فعله من خطط تدل على أنه ماكر غادر.. فقد أصيب حاكم حائل الامير طلال بن عبد الله الرشيد بانهيار عام نتيجة ارهاق جسمه في عمله المتواصل لتوطيد حكمه طيلة 20 سنة واستطاع خلالها كبح جماح أعدائه وجمع المزيد من أصدقائه بحسن سياسته التي ما سلكها من قبله أحد من حكام آل الرشيد وما سار بعده عليها حكم آل رشيد مثلما سار عليها طلال وشقيقه محمد بن عبد الله الرشيد الذي استولى على حائل بعد ذلك… ونظرا لمكر فيصل بن تركي آل سعود أو بالاصح مكر الانكليز الذي بدأ يتعامل معهم، فانه حينما علم الامام فيصل بن تركي بمرض طلال آل رشيد أخبر الانكليز بذلك عندما كان لديهم في "بوشهر" ، فقدموا له "فارسي" عميل للانكليز يدّعي مهنة الطب واسمه المعروف (محمود زيدان) ليكون في تصرف "الامام" فيصل ابن تركي آل سعود.. فقال له فيصل: (ان لي خدمة تتعلق بمهنتك ان أديتها دفعت لك مائة جنيه ذهب، وان فشلت فليس لك شيئا عندي) فسر الفارسي سرورا عظيماً مبديا كل خدماته!. فقال فيصل (أريدك أن تذهب إلى حائل وتتصل بالامير طلال آل رشيد لتعرض عليه خدماتك زاعما له أنك طبيب جئت من أجله عندما سمعت بمرضه وتعطيه هذا الدواء المسموم ليقتله فتهرب وتعود اليّ لأدفع لك المبلغ) فذهب الفارسي ووصل إلى حائل وقدم خدماته للامير طلال ونال ثفته!. إلا أن الامير طلال لم يستعمل كل وصفاته لكثرة ما استعمل من أدوية جعلته في حالة يأس من شفائه لا يثق بعدها بأي دواء.. وكان الفارسي على علم بأن الامير لا يستعمل أدويته مما دفعه ذات ليلة إلى تخويف الامير بالجنون قائلا: (أنك لو لم تستعمل هذه الادوية فسوف تصاب بالجنونّ.) دون أن يعلم الفارسي ما كان لهذه الكلمة من وقع سئ في نفس الامير الذي صرخ باعلى صوته قائلا: (أتقصد أنني أنا طلال بن عبد الله الرشيد سأصبح مجنونا بعد كل ما مضى لي من عز وما نلته من سمعة حسنة وما حققته لقومي من كرامة ومجد؟!.. لا .. الموت ولا الجنون!) فأمسك بندقيته وصوبها إلى رأسه وقتل نفسه!.. وهكذا تحققت أمنية فيصل بن تركي بما لم يأخذ له حسبان!.. فعاد الفارسي إلى فيصل ليبلغه بالامر فلم يدفع له أكثر من خمسة جنيهات قائلا له (ان الاتفاق كان على تسميم الامير طلال!.. أما وان الامير قد قتل نفسه بنفسه فان لك بعض المبلغ بصفتك قد تسببت في ذلك!).. وقال للفارسي (انني سأقتلك لو لم تقبل بهذا المبلغ كما أحذرك انك لو عدت إلى حائل مرة أخرى فسوف تقتل أيضاً).. ومع ذلك فقد اغتال ذلك الفارسي!.. أما ما حدث بعد انتحار طلال آل رشيد، فقد أسندت امارة حائل إلى أخيه متعب الذي استمر في مقاومة الحكم السعودي، وفي 2 ربيع الثاني عام 1285 هـ، 23 تموز 1868 م أقدم كل من بندر وبدر آل رشيد على قتل عمهما متعب.. فأديا بذلك خدمة للحكم السعودي الانكليزي.. فتولي الحكم أحدهما وهو بندر. وفي عام 1286 هـ 1871 قام عمه محمد العبد الله آل رشيد (شقيق طلال) بقتل بندر والاستيلاء على الحكم ودام المشهور بالحكمة حتّى 3 رجب 1315 هـ 15 كانون أول 1987 م حيث مات موتا طبيعيا لحكم دام 30 سنة وذلك ما يعتبر معجزة لعدم موته قتلا من أقاربه، كما فعل معظم آل الرشيد.. نعود بعد أن أقحمنا هذا الفصل من حياة الرشيد ـ في سياق الحدي عن الامام فيصل بن تركي آل سعود ـ لنواصل الحديث عن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي توفي سنة 1282 هـ الموافق 1866 م وسرت كل نجد بموته كثيرا، وقد جرت بعد ذلك محاولات كثيرة للقضاء على نفوذ هذه الأسرة السعودية الشريرة غير أنها لم تنجح، وبموته خلف وراءه ولدين هما عبد الله وسعود بن فيصل ولكن هذين الولدين اختلفا كما يختلف الآن امراء الاسرة السعودية الفاسدة على الغنيمة "والغنيمة هي الشعب وممتلكاته" وراح كل واحد من هذين الاميرين عبد الله وسعود يجمع حوله الدلاديل والذيول كما يفعل بعض الامراء الآن تماما، لكن كل شعب نجد ثار ـ في حينه ـ على جور هذه الاسرة اليهودية ولم يبق مع آل سعود الا المرتزقة، فثارت قبلية العجمان بقيادة زعيمها العظيم راكان بن حثلين تناصرهم قبائل آل مرة. فتقدموا إلى الهفوف عاصمة الاحساء وكان فيها أحمد السديري حاكما من قبل عبد الله بن فيصل فحاصروه فيها، واستولوا عليها وحرر العجمان والاحساء من الرجس السعودي، وحاول عبد الله بن فيصل آل سعود أن ينتقم فأرسل عددا من أذنابه لاحراق عدد من بساتين الاحساء ودور الفلاحين ففعلوا وأحرقوا الكثير منها وهرب العديد من الفلاحين إلى العراق، ولكن ما فعله آل سعود قد زاد النقمة وحقد المواطنون عليهم، ثم لم يكتف عبد الله بن فيصل بذلك، بل أرسل الماء المسمى (جودة) حيث كان يقيم عليها العجمان بني مرة بقيادة راكان ابن حثلين، وطلب عبد الله بن فيصل آل سعود من جنده أن يأخذوا العجمان على غرة قبيل طلوع الشمس فيقتلونهم، ولكن العجمان وبني مرة تنبهوا لهذه الخطة الغادرة فدحروا الجند السعودي وقتلوا منهم 2700 مقاتل سعودي مأجور، فسارع سعود وأتباعه (وهو شقيق عبد الله) باحتلال الرياض وطرد أخيه عبد الله منها وذلك سنة 1287 هـ الموافق 1870 م فأعلن سعود الثاني نفسه اماما على نجد، وهكذا يتخاصم أمراء آل سعود الذين زعموا أنهم "أحراراً" على الشعب لسلب قوته والتسلط عليه وقتله، فحاول عبد الله بن فيصل أن يغتال شقيقه ولكنه لم ينجح وبعد ذلك حمل ما سرقه من أرزاق الشعب من ذهب وفضة ونفائس على مائة بعير وراح يتنقل من مكان إلى آخر لعله يجد من ينصره من المرتزقة، ولكنه لم يجد أحداً سوى التافهين المرتزقة والمنتفعين الذين أغراهم بما سرقه من أموال الشعب فأرادوا الانتفاع بها، ولما رأى عبد الله بن فيصل عدم جدوى التافهين في اعادة السلطة السعودية إليه من أخيه، توجه عبد الله بن فيصل إلى زامل السليم حاكم مدينة عنيزة في لواء القصيم ولكن شعبنا المؤمن في عنيزة طلب من عبد الله آل سعود أن يغادرها حالا لأنه لا يمكن للشعب أن يناصر أميرا سعوديا على أخيه ليستولي هذا الامير على الحكم بينما جميع آل سعود ضد مصلحة الشعب وجميع الشعب يريد الخلاص من حكم آل سعود جميعا فاخرج أيها الامير فكل العرب يريدون النجاة من شرور الاسرة السعودية الخبيثة. فغادر الامير السعودي عبد الله بن فيصل عنيزة إلى حائل فاتصل بحاكمها محمد العبد الله الرشيد غير أنه لم يجد صدرا رحبا مه وكان موقف شعبنا في حائل بوجه عبد الله بن فيصل السعودي لا يختلف عن موقف شعبنا في عنيزة، وهو (عدم مناصرة أي أمير سعودي وجميع الناس يريدون التخلص من جرثومة العائلة السعودية كلها)، فرحل عبد الله بن فيصل آل سعود من حائل إلى سلطان الدويش (والد فيصل الدويش) زعيم قبيلة مطير الذي قتله الطاغية الاخير عبد العزيز كما سبق لسعود الأول أن قطع رؤوس شيوخ هذه القبيلة ووضع رؤوسهم على مائدة الاكل وطلب من أبناء مطير الذين جاءوا يطالبون باطلاق شيوخهم أن يأكلوا من مائدة وضعها فوق رؤوس أبنائهم واخوانهم أبناء قبيلة مطير، ولكن مع كل هذا فقد التجأ عبد الله بن فيصل آل سعود آل قبلية مطير واتصل بشيوخها سلطان الدويش والد فيصل الدويش كما اتصل مع عساف أبو اثنين رئيس قبيلة سبيع يستنصرهم على أخيه سعود لمعرفته بأن شيوخ هذه القبائل يكوهون أخاه سعود، ولكن سلطان الدويش وعساف أبو اثنين ابلغا عبد الله آل سعود بأنهما وشيوخ القبيلة يكرهون الحكم السعودي كله لانهم ذاقوا العذاب على أيدي كل آل سعود الدخلاء وانهم سيعملون على تحطيم العائلة السعودية كلها، ولم ينجح عبد الله آل سعود بما حمله معه من ذهب مسروق من الشعب أن يغري به شيوخ مطير وسبيه، حيث رأى أنه لا حياة لآل سعود ما لم يعتمدوا على المستعمرين والاجانب فأرسل صديقه عبد العزيز بن بطبين إلى مدحت باشا العثماني منصوب السلطات التركية في بغداد آنذاك ليستمد منه المعونة لقتل أخيه سعود وتسليم البلاد. وبهذا الاتصال السعودي القذر وجد مدحت باشا الفرصة سانحة للاستيلاء على الاحساء وسائر البلاد التي لم تخضع لتركيا قبل وجود آل سعود فسار الاتراك يساعدهم ناصر باشا السعدون رئيس قبيلة المنتفق وعبد الله بن صباح حاكم الكويت بجندهما واحتلت القوة التركية الاحساء وأطلقوا عليها اسم (ولاية نجد) وبعد ذلك طرد الاتراك عبد الله بن السعود. هذا ما أوردته كتب التاريخ، كما ورد هذا في كتاب المستشار السعودي حافظ وهبة في صفحة 229 من كتابه (جزيرة العرب في القرن العشرين) الذي صدر بموافقة الطاغية الملك عبد العزيز (الاخير) وأمر له بنفقات طبعه، وحافظ وهبة هو مستشار الملك عبد العزيز والعضو البارز سابقا في (مجلس الربع) الذي كان يرأسه جون فيلبي خالق هذا العرش الاخير. من هذا يتضح حتّى لسذج الناس أن العائلة السعودية الدخيلة لم يقم حكمها في بلادنا ـ قديما وحديثا ـ الا على أعمدة أجنبية يهودية أولا ثم عثمانية انكليزية وأمريكية، ومن ذلك يتضح: أن الامير السعودي كان يقتل أخاه في سبيل ملذاته وشهواته للحكم، وفي سبيل محافظته على هذه الشهوات التي يوفرها له الحكم يبيع آل سعود بلادنا للشيطان الرجيم، وفي هذا العصر يحاول بعض أمراء الاسرة السعودية الفاسدة اعادة نفس التاريخ السعودي القديم بقتل الالاف من شعبنا وقتل حتّى بعض أفراد الاسرة ممن حاولوا شهر نفس السلاح، سلاح (الدين المزيف) بوجه الاسرة فقتل أفراد الاسرة بعضهم، كما حصل للامير خالد بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود الذي قتله أعمامه آل فعهد (فهد وسلطان وسلمان بتهمة أن عدداً من أبناء الشعب حاولوا دفعه لمعارضة فساد أسرته)..وذلك عام 1964. عودة إلى ماضي الاسرة السعودية لنعود الان إلى ما حدث بسعود الثاني عام 1259 هـ الموافق 1871 م.. لقد تململ شعبنا في الرياض من جور هذه العائلة السعودية ومن تسابق أمرائها على الحكم والتحكم في رقاب الشعب مع الادعاء الزائف بحبهم للشعب وتبني مطالبه! فاجتمع شعبنا في قصر الرياض في يوم 17 رجب 1288، 1871 م وأجمعوا على خلع سعود وطرده من الرياض.. فوجد أخوه عبد الله المقيم في الاحساء كالدمية في يد العثمانيين بعد أن أدخلهم إلى الاحساء، وجد ن الفرصة مواتية له فترك الاحساء ودخل الرياض يدعمه الجند العثماني، وحيث أن شعبنا في الرياض لم يقتل سعود الثاني وانما اكتفى بطرده من الحكم فقد حمّل سعود ستين بعير! بما سرقه من ذهب وراح يستنصر الناس لقتل أخيه عبد الله رافعا راية "الامير الحر" فاستطاع بذلك أن يخدع البعض من قبيلة الدواسر والبعض من قبيلة عتيبة بما كذبه عليهم من أكاذيب قائلا (أنه يريد قتل أخيه عبد الله عميل بني عثمان وابعاد الاتراك من البلاد التي سلمها لهم شقيقه عبد الله) واستمر سعود الثاني يكذب على الدواسر وقبيلة عتيبة وعلى عدد آخر من أبناء نجد قائلا (انّه سيجعل الامر شورى بينهم ويحكم البلاد بالعدل وسيترك الامر للناس باختبار من يريدون لحكمهم الذي يرتضونه وان آل سعود سوف لن يكون لهم صفة أو حكم..) وبمثل هذه المواعيد أخذ سعود الثاني يعدهم ويمنيهم، وما يعدهم آل سعود الا غرورا.. فاقتنع بعض أبناء الدواسر بالكذب السعودي وساروا معه وحاصروا أخاه عبد الله في أرض الجزعة قرب الرياض فحطموه وهرب عبد الله واستولى سعود من بعده على الرياض وأعلن نفسه (اماما) وانتظر الدواسر وعتيبة أن يحقق ما وعدهم به فإذا ما وعد به سعود لم يكن سوى مواعيد سعودية.. لا يختلف ماضيهم فيها عن حاضرهم ولا أولهم عن آخرهم.. فطلبوا من سعود الثاني أن يسير بهم لتحرير الاحساء وبقية البلاد من الجند العثماني، ولكنه ضحك عليهم بالمواعيد الكاذبة، فبدأت معظم قبائلنا تطالب الجيوش العثمانية بالرحيل من البلاد، وعندما رأى سعود عزم القبائل على الثورة وتحرير البلاد من الحكم السعودي الخائن والتسلط العثماني، أرسل لهم أخاه عبد الرحمن الفيصل (والد الطاغية الاخير الملك عبد العزيز) أرسله إلى بغداد مخادعا بارساله العرب، قائلا (انني أرسلت أخوي عبد الرحمن إلى الوالي التركي في بغداد ليتفاوض معه على ابعاد حكم الاتراك واعطاءكم الحق في اختيار من تريدون!) فهدأ العرب بعد أن سافر أخوه عبد الرحمن الفيصل إلى بغداد وبقي في ضيافة الحكم العثماني وطالت غيبته فيها!.. فياله من ماكر؟. إذ مكث أربع سنوات في بغداد.. فعرف العرب الخديعة، فثارت القبائل على آل سعود، وعند ذلك أخرج الحكم العثماني عبد الرحمن آل فيصل من بغداد ليلعبوا به لعبتهم على العرب فوصل عبد الرحمن آل فيصل إلى الاحساء وادعى (انّه لم ينجح في مفاوضاته مع الاتراك، وانه كان يتفاوض معهم طيلة هذه المدة) كما يزعم. ولكي يحرف الحكم العثماني الثورة عن طريقها الصحيح طلبوا من عبد الرحمن آل فيصل آل سعود أن يتصل بالبادية ويقود ثورتهم فيحرفها عن طريقها القويم الذي أرادوا بها الخلاص من آل سعود والحكم العثماني.. فنزل عبد الرحمن الفيصل بادية الاحساء وحثها على قتال الترك!.. فاجتمع حوله العجمان، واستولوا على الاحساء ما عدا (القلعة) في الكويت ـ وفيها الحامية التركية ـ بعد أن خدعهم عبد الرحمن آل فيصل طالبا منهم (الانتظار حتّى يتفاوض مع الاتراك لينسحبوا) وكان في الوقت نفسه قد ذهب للاتصال بقبيلة بني خالد فأثارها ضد بني عمهم العجمان قائلا لهم: (ان هناك خطة سرية دبرها العجمان لقتلكم يا بني خالد وهي أن العجمان، يريدون طرد الاتراك للاستيلاء على الحكم لانفسهم وقتلكم بعد ذلك فلهذا يجب أن تقاتلوا قبيلة العجمان مع الاتراك وانا إذ أسر لكم بهذه الخطة فانما أنصحكم كأخ لكم وصديق!.) فصدق بنو خالد اليهودية، انقض بنو خالد على مؤخرة بني عمهم العجمان بينما هم يحاصرون القلعة ـ الحامية العثمانية ـ في الكوت بالاحساء.. والمضحك المبكي ان الذي كان يقود العجمان: لم يكن سوى الفاجر نفسه عبد الرحمن آل فيصل السعود.. وبناء على الخطة المتفق عليها مع للسلطات التركية انهزم عبد الرحمن بانهزام قائدهم!.. ومن يستدل بالبوم مصيره الخراب.. وفي هذه المعركة: قتل بنو خالد عدداً من أبناء عمهم العجمان بسب غدر آل سعود وكذبهم وطعن من يعينهم من الخلف وركوعهم للاعداء ضد العرب والانسانية والاخلاق والدين، أما العجمان فلم يعلموا إلاّ أخيرا بهذه الخديعة السعودية التي جعلت بعض أبناء عمهم بني خالد يقاتلونهم ارضاء لوجه الشيطان السعودي والاستعمار، وكذلك بنو خالد لم يعلموا إلاّ فيما بعد هذه الخديعة السعودية التي جعلتهم يقاتلون أبناء عمهم العجمان ارضاء لوجه الشيطان السعودي والاستعمار أيضاً… وبعد أن أوقع آل سعود بين العرب وأحس عبد الرحمن بقرب انكشاف هذه الوقيعة، سافر إلى الرياض ، بحجة ابلاغ شقيقه سعود الثاني، بما جرى، وكأنه لم يكن المتسبب لما، جرى، ولكن قبيلة عتيبة لم تسكت على ما لحقها هي الاخرى من جرائم سعودية نكراء، فثارت عتيبة بقيادة مسلط بن ربيعان فهجمت على الرياض من جهته الغربية فخرج "الامام" سعود لقتال عتيبة ولكن عتيبة أحاطوا به وقتلوا معظم أنصاره وأصابوا سعود نفسه بجرح بليغ مات على أثره وذلك في صيف سنة 1291 هـ الموافق 1874 م.. وبموته امتطى أخوه عبد الرحمن آل فيصل آل سعود صهوة الامامية وقفز إلى مكانه في الحكم مدعما من الاتراك وأعلن نفسه اماما.. واستمر عبد الرحمن بن فيصل "اماما حاكما" في الرياض نحو سنة، حيث جاء إلى الرياض أخوه الاكبر عبد الله بن فيصل ونصب نفسه "اماما" مكانه قائلا (انّه أحق بالمنصب من أخيه) وأفتى مشايخ الدين الوهابي "بصحة هذه الاحقية" ولكن عبد الله الفيصل لم يدم طويلا حيث تمكن أبناء أخيه سعود ـ الميت ـ من القبض عليه وحبسه يوم 12 شعبان عام 1887 م وأفتى مشايخ الدين السعودي "بأحقية أولاد سعود على عمهم" وبهذا النوع من تشريع تجار الدين لحكم اللصوص استنادا على مبدأ (نحن مع الغالب ضد المغلوب).. انتشرت المفاسد.. وتململ الناس من ظلم آل سعود… وأخذت الفتن تطحن في نجد وتشتت في شعوب الجزيرة العربية.. فرأى عدد من مشايخ الدين ـ غير الوهابيين ورؤساء القبائل في نجد ـ أن يتصلوا بحاكم حائل آنذاك محمد العبد الله آل رشيد لنجدتهم (وتخليصهم من شر هذه العائلة المتطاحنة من أجل شهواتها وفي سبيل هذه الشهوات لا يهمها الا أن يفتك الشعب بعضه ببعض) فتوجه ابن رشيد بجموع من نجد ـ كلها ـ إلى الرياض، وضرب (ابناء سعود) وفك ـ اسر ـ عمهم عبد الله بن فيصل وأخذه معه إلى حائل (العاصمة آنذاك) ووضع حاكما من عنده في الرياض ثم نصب إلى جانب هذا الحاكم عبد الرحمن بن فيصل آل سعود وهكذا تم هذا بمنتهى السذاجة.. من محمد العبد الله الرشيد، أو بمنتهى الحكمة العرجاء أو العدل الذي لم يتبعه آل سعود فيما بعد.. وبالطبع لم يقف عبد الرحمن هذا موقف المتفرج بل حاول أن يثير الفتنة من جديد وينفصل بالرياض ليجعل من نفسه اماما كما فعل في السابق، ولكن ابن الرشيد اكتشف فتنته، وأمره بالتوجه إلى حائل ليقيم إلى جانب اخيه الاسير عبد الله الفيصل ومعه عدد من مشايخ الوهابية وبذلك توقف عهد الفتاوى الباطلة واستقرت نجد كلها لقيادة ابن رشيد، كما ورد في التواريخ (لقد ساعد على ذلك الاستقرار شخصية محمد العبد الله الرشيد، وشهرته بالرحمة ورجاحة العقل ولين الجانب وكرمه وحبه للسلم). ولم يعد لآل سعود وآل الشيخ أي أهمية أو أثر في احداث أي فتنة بين المواطنين… لكن هذا لم يدم طويلا، فقد قام عبد الرحمن آل فيصل بدس نوع من السم البطئ ينبت في الصحراء بشكل شجيرات يطلق عليها (أم لبن) لشقيقه عبد الله بن فيصل، ولما ساءت حالته في حائل طلب من ابن رشيد أن يذهب للرياض فسمح له وذلك عام 1890 م كما أذن لاخيه عبد الرحمن ابن فيصل أن يرافقه ويسكن في الرياض أيضاً ، لكن عبد الله بن فيصل مات بعد وصوله إلى الرياض بيوم واحد، وحاول عبد الرحمن أن يثير الفتنة من جديد يسانده تجار الفتاوى ـ اياهم مشايخ الوهابية "آل الشيخ" وعدد من المرتزقة ـ وقبضوا على عامل ابن الرشيد (ابن سبهان) وأظهر الشعب تذمره مما فعله عبد الرحمن آل سعود، ولم يدم له الام أكثر من 20 يوما حتّى حاصره جيش ابن الرشيد ودخل الرياض دون الحاق أي ضرر بالشعب وساعد على ذلك كره أهل الرياض للفتن السعودية وحكمها، واستسلم عبد الرحمن آل سعود ولم يكن جوابه (الا طلب المغفرة من ابن الرشيد) وكانت حجته (أن عامل ابن الرشيد قد أساء إليه ولم يوفر له ما يحتاجه من مال وطعام) ومع ذلك تركه محمد ابن رشيد في الرياض وأمر عامله بأن يعطيه ما يحتاجه من مال وطعان، وفي هذه المرة وكل عبد الرحمن المهمة إلى مشايخ الدين السعودي، فذهبوا إلى القصيم كالشياطين واتصلوا ببعض تجار الدين والرؤساء واستطاعوا اغراء بعضهم بالوعود الكاذبة. وأخذوا منهم البيعة لعبد الرحمن آل سعود، واتفقوا على مباغتة ابن الرشيد وضربه ضربة تشله وتفصل نجد عن بعضها، واستعدوا لذلك فعلا، وكان مشايخ الدين السعودي قد اتفقوا مع زامل آل سليم ـ الذي تحكم عائلته مدينة عنيزة حتّى الآن ـ بأن يجعلوه حاكما على عنيزة بدلا من (آل يحيى) كما اتفقوا مع (ابن مهنا) بأن ينصبوه في مدينة بريدة بدلا من آل الخيل، ولكن ابن الرشيد علم بذلك وانقض عليهم وقتل في هذه المعركة المكروهة ـ المعروفة بواقعة المليدة ـ زامل آل سليم، وابن مهنا، أما مشايخ الفتاوى وعبد الرحمن بن فيصل آل سعود فقد هربوا ومعهم "حريمهم" من الرياض إلى الاحساء وأقام عبد الرحمن الفيصل سبعة اشهر فيما جمع خلالها بعض من سول لهم بمغريات السوء وهجم على الرياض واستخلصها هي وضواحيها ولكن ابن الرشيد كرّ عليه بجيشه، وقابله في قرية حريملا فقضى على من معه.. فتمكن عبد الرحمن بن فيصل من الهرب إلى الاحساء فالقطيف فالكويت، وكان يدفعه لكل ذلك حكم آل عثمان الذين لم يكن محمد العبد الله الرشيد على وفاق معهم والذين كانوا يحكمون الاحساء والقطيف في المنطقة الشرقية… وفي الكويت أقام عبد الرحمن بعد ذلك ضيفا على الحاكم العثماني قبل اعلان الحماية الانكليزية على الكويت وذلك عام 1309 هـ 1891 م وكان يتقاضى مرتبا من الاتراك قدره (70 روبية ـ ما يعادل سبعة جنيهات استرلينية) ومن ثم أخذ ولاة الحكم العثماني في بغداد والكويت والاحساء والقطيف يهددون به محمد ابن الرشيد الذي كان يحارب نفوذهم في الجزيرة العربية آنذاك.. ومنذ ذلك الوقت ساءت العلاقات بين محمد بن الرشيد وحاكم الكويت مبارك آل صباح… في هذا الوقت بدأ الانكليز يحاولون فرض سيطرتهم التامة على الكويت والعراق وأجزاء كثيرة من الجزيرة العربية فاتفقوا مع عبد الرحمن آل سعود على أن "يوسوس" للشيخ مبارك الصباح، ويزعم أن أخويه محمد وجراح آل صباح قد صرحا له (بأنهما ينويان اغتيال أخاهما مبارك ليستأثرا بحكم الكويت) ووعد الانكليز عبد الرحمن آل سعود أنه بعد نجاح ما يقوم به سيجعلان من الكويت منطلقا ـ له ـ لا عادته إلى الرياض … ومن ناحية أخرى اتصل الانكليز بالشيخ مبارك الصباح وأوعزوا له بنفس الموضوع وزعموا (أن أخويه محمد وجراح قد طلبا مناصرة الانكليز في اغتيالهما لاخيهما مبارك الصباح!) علماً أن شيئا هذا لم يحدث، فالاخوان محمد وجراح كانا على خلاف مع الانكليز… هنالك هاج مبارك الصباح فقتل أخويه محمد وجراح وذلك في أواخر 1314 هـ 1897 م واتهم بقتلهما أحد أقاربهما وهو الشيخ يوسف ابن إبراهيم وكان هذا الشخص يقيم في البصرة.. ولم يقف الانكليز عند ذلك بل أبلغوا مبارك الصباح بأن أولاد أخويه (محمد وجراح) ينوون اغتياله ثأرا لوالديهم، فحاول مبارك الصباح اغتيال أولاد أخويه الصغار ولكنهم هربوا ولجأوا إلى الشيخ يوسف بن إبراهيم في العراق، وبعد ذلك بدأ الخلاف بين عائلة آل إبراهيم يناصرهم قسم من أهال الكويت وبعض عائلة الصباح وبين الشيخ مبارك الصباح، وجهز الشيخ يوسف بن إبراهيم حملة من العراق للاستيلاء على الكويت ولم تنجح، وفي هذا الاثناء أرسل الانكليز سفينة حربية صغيرة إلى شواطئ الكويت وقالوا (انها سفينة تركية ارسلها الاتراك لنقل مبارك الصباح إلى استنبول لأنه عّين عضوا في المجلس الشورى التركي بعد عزله من الحكم) وكانت أكذوبة الانكليز هذه بداية الحماية. فأعلن الانكليز حمايتهم للكويت. وهددوا السفينة باطلاق النار إذا لم تنسحب فانسحبت السفينة بالطبع. لأنها انكليزية!.. عندئذ بدأ الانكليز يفكرون في ابراز مطية لهم في قلب الجزيرة العربية، وكان محمد العبد الله الرشيد قد مات بعد حكم دام 30 سنة وهي أطول فترة مرة بها حاكم نم آل رشيد حيث حكم من عام 1286 هـ حتّى ما بعد عام 1315 هـ ومات موتا طبيعيا. بينما مات كل حكام آل رشيد قتلاً.. بل لعل فترة حكمه كانت أطول فترة مر بها حاكم ـ فرد ـ في الجزيرة العربية… وفي اليوم نفسه: استولى مكانه عبد العزيز المتعب الرشيد، وهو رجل شجاع انّما ينقصه من الصفات الشخصية الحسنة التي يتحلى بها عمه العبد الله كثيرا، وحاول الانكليز اقناع عبد العزيز المتعب الرشيد بالاستفادة من شجاعته بالسير في ركابهم ليجعلوا منهم ملكا للجزيرة العربية بدلا من ابن السعود أو غيره… لكنه أبى أن يسير معهم ولو خطوة واحدة… وبدأت الاحوال تسوء بين الصباح والانكليز بينما تتحسن بين الاتراك ويوسف بن إبراهيم وعبد العزيز المتعب الرشيد، وبدأ الانكليز في البحث عن المطية، أو القناع الذي يستتر به الانكليز للقضاء على ابن الرشيد للسير في درب العمالة… ووضع ركيزة للانكليز في قلب الجزيرة، فلم يجدوا أسهل من آل سعود ففاتحوا عبد الرحمن الفيصل آل سعود بالخروج من الكويت لمحاربة ابن الرشيد. وقالوا (أنهم سيمدون له العون مالا وسلاحا ورجالا)، لكنه خاف ولم يعد يحتمل مقاتلة جيش عبد العزيز الرشيد، فصرح عبد الرحمن بقوله: (انني كبرت الآن ولا أستطيع مقابلة عبد العزيز المتعب الرشيد) فاغرى الانكليز مبارك الصباح حاكم الكويت ووعدوه (بجعله حاكما على حائل ونجد بالاضافة إلى الكويت وغيرها فسال لعابه ووافق وبدأ يستعد للصفقة وخرج من الكويت متوجها صوب نجد وحائل، لكن عبد العزيز المتعب الرشيد علم بذلك فاستنفر جيشه وقابل ابن صباح في ضواحي القسيم في مكان يدعى (الصريف) وذلك في سنة 1318 هـ أول فبراير سنة 1901 م وانقضت قوات ابن الرشيد على قوات ابن صباح فأبادتها عن آخرها، وهرب مبارك الصباح بجلده ولم يكن معه إلا نفر قليل كانوا في المؤخرة بعيدا عن المعركة. وتعرف هذه المجزرة (بمجزرة الصريف والطرقية) حيث لم يبق بيت من بيوت اخواننا وابناء شعبنا الاحباء في الكويت إلا وفقد فيها عزيز عليه أو أكثر من جراء الجريمة الشنيعة التي كان المتسبب الأول فيها الانكليز وأطماع الحكام الذين ساقوا وما زالوا يسوقون الشعوب مرغمة لتقابل بعضها لمصلحة الحكام ليكون للشعوب المغرم وللحكام المغنم، ان الحروب جرائم الحكام… وكان أبناء شعبنا في الكويت لا يعرفون بالطبع لماذا أخرجوا من الكويت لقتال اخوانهم في حائل ونجد وقبائل شمر إلاّ أن الحكام خدعوهم قائلين (هذا هو الدفاع عن الوطن!) .. فقتال الشعب بعضه بعضا لمصالح الحكام الرجعيين والانكليز يسميه هؤلاء باسم الدفاع عن الوطن!.. لقد ذهب الكثير من الضحايا من اخوتنا الاعزاء في الكويت في تلك المعركة، وعاد مبارك الصباح بفائدة واحدة وهي (أن لا فائدة لمثل هذه المعارك مع ابن الرشيد وشمّر).. فأول الانكليز فشل مبارك الصباح ومن معه (على أنهم ربما لكونهم غرباء عن أرض نجد ولذا لابد من اخراج شخص جديد من نجد نفسها). وهكذا قال الانكليز... ولكن من يا ترى هذا الشخص؟. (لقد فشل ابن صباح. وسيفشل عبد الرحمن آل سعود لخوفه ولكونه كبير السن! وانهارت أعصابه من مطاردات عدد من قبائل وشعوب الجزيرة العربية له). يقول جون فيلبي: (لقد رأى بعض رجال المخابرات العامة أن يبرزوا لهذه المهمة فيصل الدويش رئيس قبيلة مطير فهو رجل قوي الشكيمة قوي القبيلة يستطيع أن يكون سلطانا وملكا على الجزيرة العربية بقوة الانكليز، ولكن بعض رؤساء المخابرات الانكليزية ترددوا أخيرا لأن لصفات الدويش الشخصية هذه والقبيلة مضارها ولان ايمانه الإسلامي صادق واعتزازه بعروبته قوي وهذا ما سيجعل منه الشخص غير القابل للترويض ومن خلال دراسة لشخصيته ثبت أنه ليس مطواعا للانكليز ولا يعتمد عليه ولهذا غض عنه النظر) ويقول جون فيلبي: (وعاد رجالنا في المخابرات الانكليزية للتكرار على عبد الرحمن آل سعود قائليه له: "نحن لا نريد منك أن تخرج من الكويت بل تبقى هنا وكل ما نريده أن نستخدم اسمك في حركتنا هذه فقد منحناك الثقة الكاملة وسنكون لك جيشا بعدته وعتاده ليستولي هو وحده على الرياض فيسلمها لك ويجعل من الرياض قاعدة ينطلق جيشنا منها لتصفية نجد وحائل ولنصد خطر عبد العزيز المتعب الرشيد والاتراك.. وأنت أقرب الناس إلى قلوبنا". فكرر عبد الرحمن آل سعود تخوفه من الفشل الذي سيصيبه وقال: "أما بالنسبة لي فقد انتهيت لكنني أعرض عليكم ابني عبد العزيز لأنه رغم صغر سنه سينعكم" ويتابع: أولا ـ لان عبد العزيز شاب صغير في مستقبل العمر وبالامكان توجيهه كما ينبغي.. ثانيا ـ ان لدى المخابرات البريطانية ما يثبت أن هذه العائلة تنتمي إلى أصل يهودي يرجع إلى قبيلة بني القينقاع ـ وكان عبد الرحمن آل فيصل آل سعود يفخر بهذا الاصل عندما قالوا له ذلك ويقول ان هذا ما يقربني من بريطانيا زلفى.. الشخصية التي ستحقق تنفيذ الرغبات في حل مشكلة فلسطين لصالح اليهود لتكون لليهود ارضا يقطنونها بعد تشرد طويل.) هذا ما قاله جون فيلبي. وليس الاصل هو المهم، فهناك من العرب من تآمر على فلسطين وهو لا يمت إلى اليهود بصلة.. ويتابع فيلبي قوله: (وبدأ توجيه الفتى عبد العزيز ووجد الانكليز القابلية التامة فيه والاستعداد وقوة الذاكرة لتلقي ما يملى عليه.. فقامت المخابرات الانكليزية بتجنيد حملة قوامها خمسة آلاف جندي من البدو سارت من الكويت بقيادة الكابتن شكسبير متجهة إلى حائل عبر نجد فعلم بها عبد العزيز المتعب الرشيد وقابلها بجنده في نجد "بمكان يسمى جراب ـ قرب بلدة الزلفى" وأبادها وفي مقدمتها قائدها الكابتن شكسبير وكان مع ابن الرشيد قبائل شمر وأهل حائل).. والذي قتل شكسبير شخص يدعى (صالح الذعيت) هجم عليه بينما كان شكسبير يمسك بمدفعه ولكنه ما أن رأى الشخص يهجم عليه شاهرا سيفه حتّى أخذ القائد الانكليزي يرفع الخوذة وينزلها من على رأسه احتراما وسلاما واستسلاما، ولكن الذعيت لم يقبل بسلام واستسلام الانكليزي قائد الجيش السعودي المدعي بالدين الحنيف زورا بل ضربه بالسيف ضربة فصلت رأسه عن جسده وهو يردد (هذا جزاء المعتدين ـ فلتمت حتّى يعلم الناس اننا لم نقتل الانكليزي شكسبير قائد جيش من زيفوا الإسلام.. وأفتوا بأننا كافرين الا لاننا ندافع عن بلادنا).. ولنعطي المجال لجون فيلبي مرة أخرى.. فهو أحق من غيره بالكلام!.. لانه صانع العرش.. خالق هذا الكيان السعودي الجديد.. وبالاصح: انّه الرسول الامين للخالق فالمخابرات الانكليزية بقضّها وقضيضها هي الخالقة للعروش.. ولننظر ما سيقوله "الرسول" هذا الجون فيلبي.. يقول: (بعد أن قضى شمر وأهل حائل على بعثة الكابتن الجون فيلبي.. يقول: (بعد أن قضى شمر وأهل حائل على بعثة الكابتن شكسبير رأى المكتب الهندي "مكتب المخابرات" أن أتولى أنا شخصيا.. هذه المهمة الشاقة مانحا اياي ثقته.. فرأيت أن لا أخيّب هذه الثقة.. رأيت أن أقدم نوعا جديدا غير ما قدمه سلفي شكسبير… ورأيي كان الآتي: أن أخلف حسن ظن بعض رجال المخابرات الانكليزية في الشريف حسين بن علي.. ومن هؤلاء الرجال ـ ب.أ . لورنس ـ. أو ملك العرب غير المتوج كما يسميه البعض رغم أن كلانا ننتمي إلى شعبيتي "مخابرات" انكليزية واحدة هو يتبع للمكتب العربي في القاهرة.. وأنا أتبع للمكتب الهندي في الهند.. لكن له رأي ولي رأي آخر، فهو يرى أن تستمر بريطانيا في دعمها للشريف حسين وعائلته، أما أنا فأرى أن نحارب الشريف حسين ونخرجه وعائلته من الحجاز لنسلمها إلى عبد العزيز وعائلته.. ودعمت رأيي بما يلي: أولا ـ ان كانت مصلحة بريطانيا قد قضت بتقوية الشريف حسين رغم كونه ينادي بالثورة العربية الكبرى فقد كان دعم الانكليز للثورة العربية الكبرى يعتبر من صالح الانكليز وقد قصد به استقطاب العرب حول الشريف للقضاء به على ـ عدونا ـ النفوذ التركي واخراج الاتراك من البلاد العربية لكون الاتراك يحاربون النفوذ البريطاني باسم الإسلام ويصعب على بريطانيا محاربة دولة مسلمة تدعي أنها جاءت لخدمة الكعبة وحماية الاراضي المقدسة من جور "الكفار" وتعتبر أن الاراضي العربية كلها مقدسة بالنسبة لها ولم يكن لنا أي بد من محاربة دولة المدعين بالاسلام إلا بدولة إسلامية وعربية أيضاً ولها أيضاً من الاحقية والقداسة لدى المسلمين ما ليس لتركيا نظرا لدعوى الشريف أنه من سلالة محمد بن عبد الله نبي هذا الدين.. أما الآن وقد أصبح النفوذ التركي باطلا بعد ضربه باسم الوحدة العربية والثورة العربية وأخذ بالانقراض. فيجب أن لا تتركه ينقرض وحده بل وينقرض معه النفوذ الهاشمي من الاراضي المقدسة لكيلا يستخدم هذا النفوذ ضدنا نفس السلاح الذي استخدمناه ضد الاتراك وليكلا تستغل العائلة الهاشمية "قداستها" ! في المناورات السياسية ويندفع حسين بن علي في دعوة توحيد الوطن العربي تحت تاجه مدفوعا بقوة العرب المؤمنين بالوحدة حقاً، وتوحيد الوطن العربي لن يكون بالطبع من صالح بريطانيا حتّى ولو جاء التوحيد هذا تحت حكم ملكي مؤيد لبريطانيا "مائة بالمائة" فقد يتغير هذا الحكم باحدى الثورات التي تقضي على المصالح البريطانية بين عشية وضحاها ويصبح من العسير على بريطانيا تفريق الشعور العربي الذي سيتوحد ويتقد بالعداء لبريطانيا.. ثانيا ـ الشريف حسين صاحب أخلاق شرسة وسوف لن يقبل بالتوقيع أو بالتساهل بجعل وطن لليهود في فلسطين حتّى ولو كان في هذا العطاء مصلحة لصديقته بريطانيا، فهو الآن يتعامل مع بريطانيا بحسب ما تتطلبه مصلحته الشخصية، أما عبد العزيز بن سعود فسيتعامل مع بريطانيا حسب ما تتطلبه مصلحة بريطانيا لكونه لم يكن له كيان أو صفة قبل بريطانيا وبدونها. وعلى هذا الأساس سيكون على أتم استعداد لتنفيذ كل ما تريده بريطانيا. وخاصة اعطاء فلسطين وطنا لليهود. بل هو يفخر ووالده عبد الرحمن بكون اليهود أبناء عمهم، ثم ان الذي نخلقه بأيدينا من لا شئ سوف لن يتعالى علينا مهما كان شيئا في المستقبل وكبر منصبه. أما حسين بن علي فهو ثابت قبلنا في منصبه وكل ما يكبر منصبه سيحس أنه كان أكبر من منصبه وأكبر منا، بل لقد استخدمنا سمعته عند العرب لتحسين سمعة بريطانيا العظمى بادئ الامر.. فوافق البعض من رجال المخابرات أما البعض الاخر فقد وقف مع لورنس إلى جانب الاشراف لكن الجميع قد استسلموا لآرائي أخيرا بعدما لمسوا ذلك بأيديهم. ولهذا الموضوع قصة طويلة انتهت بنفي الشريف حسين إلى قبرص وابتدأت بأولى عملياتي مع عبد العزيز آل سعود، فرأيت أن لا أقود المعارك كما فعل سلفي الكابتن شكسبير فأقتل كما قتل وانما أبقى في المؤخرة وأخطط لها فبدأت بصنع مستلزماتها وكانت ما يلي: 1 ـ اطلاق لحيتي وشعر وجهي كله. 2 ـ اشهار إسلامي واستبدال اسمي "جون فيلبي" باسم الشيخ محمد فيلبي، وقد رأيت أن المصلحة بالابتعاد عن اسم "محمد" فاستبدلته باسم الحاج عبد الله فيلبي. 3 ـ وضع مرتب شهري مبدئي لعبد العزيز قدره (500) جنيه استرليني ومبلغ 100 جنيه استرليني لوالده عبد الرحمن 25.0 لكل واحد من اخوته.. 4 ـ صك مبالغ كثيرة من العملة المزيفة "جنيهات ذهب وريالات ماري تريزا" ـ واحضار / 30000/ بندقية مع ذخيرتها وكمية من المدافع الرشاشة وجعل عدد من البواخر والطائرات تحت طلب هذه العمليات. 5 ـ تجميع أكبر عدد ممكن من آل الشيخ والدارسين لاصول الفقه واطلاق لحاهم ـ كحالتي ـ وصرف مرتبات ثابتة لهم ليفتوا بتكفير من يعارض عبد العزيز آل سعود واباحة دم كل من يعارض ابن السعود واباحة ماله وعرضه وأرضه. 6 ـ تكوين جيش متدين يلتزم بفتاوى هؤلاء "الشيوخ" التزاما كليا ويسمى "جيش الاخوان" علامتهم الفارقة "عمامة" فوق الرأس، وشعارهم "هبّت هبوب الجنة وينك ياباغيها" أي فاحت روائح الجنة ومن يريد الجنة فليتقدم للموت في سبيلها.. وقفة عندما وقف عنده فيلبي إلى هنا نقف عندما وقف عنده جون فيلبي!.. فيلبي الذي قال وفعل!. ثم أخذ في تجميع هذا الجيش، وأخذ عدد أصحاب اللحى الطويلة المزيفة يزداد كل يوم والاموال الانكليزية المزيفة تدفع لهم بلا حساب.. وأخذ جيش المرتزقة والمخدوعين يتكاثر.. وعين الانكليز مستشارين من كل بلد عربي لعبد العزيز آل سعود وكونوا لهم مجلسا أطلقوا عليه اسم (مجلس الربع) أي مجلس الجماعة، وهذا المجلس يرأسه الشيخ جون فيلبي نفسه، ومن أعضائه حافظ وهبه من مصر ـ وخالد قرقرى من المغرب ـ وفؤاد حمزة ويوسف يس من سوريا ـ وبشير السعداوي من ليبيا ـ وعبد الله الدملوجي من العراق ـ وحسين العويني من لبنان، وغيرهم… ورأوا أن يتجمع جيش الاخوان في أماكن يطلق على كل منها اسم (الهجرة) تشبّها ـ مع الفارق الكبير ـ بالمهاجرين الذين هاجروا مع النبي العربي محمد بن عبد الله من مكة إلى المدينة!.. وطفق تجار الدين في تلقين هؤلاء الجنود المخدوعين بالفتاوى الصادرة عليهم من (مجلس الربع) الواردة من مكتب المخابرات الانكليزي (المكتب الهندي) عن طريق الحاج جون فيلبي، ومنها قولهم (كل من قتل عشرة من قبيلة شمّر أو أهالي حائل ـ أو ممن يعادون ابن سعود ـ يدخل الجنة بلا حساب ليجد فيها عشر حوريات من الحسان الكواعب الاتراب اللائي لا يكبرن عن 15 سنة ولا يصغرن عن هذه السنين عمرا، بالاضافة إلى لحوم الطيور المشوية التي سيجدها كل من يُقتل تحت بيارق آل سعود في الجنة، وما عليه الا أن يفتح فمه فتسقط في فمه مشوية دون عظام بالاضافة إلى أنهر العسل واللبن).. إلى غير ذلك مما يتمناه كل محروم في الدنيا!.. ولم يعلم أبناء البادية أن الذي لم يجد في دنياه شيئا لن يجد بعد موته أي شئ.. وكما يقول القرآن الكريم: (من كان في هذه الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا).. وكنوع من التضليل: أخذ "مجلس الربع" هذا يحجب مجموعات من الدجالين والمرتزقة عن نظر المخدوعين من جنود القبائل "ثم يبث" مجلس الربع اشاعات تقول: بأن (فلان، وفلان، وعلان) ـ قد تسللوا إلى حائل فشاهدوا بأعينهم "الحور العين" داخل أسوار حائل وغيرها ثم يكرر رجال الدين دجلهم قائلين لجنود البادية المخدوعين ( ان مشاريع العمران قائمة عند الله لمن يقاتل المشركين من أهل حائل وأهل الحجاز وعسير وتهامة واليمن والجوف والاحساء و"بعض الكفار من أهالي نجد" أما البعض الآخر ـ التابع لابن السعود ـ فأولئك من أهل الجنة الذين خصص الله لكم واحد منهم قصره فيها وفيه ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين من حور عين ولبن لم يتغير طعمه وعسل مصفى ورعية من الخيل والابل والاغنام). ويقول أحد شيوخ القبائل (الشيخ بن سحمي) في تصريح له نشره المستر (هـ. ر.ب ديكسن) رجل المخابرات البريطاني المعروف في الكويت في كتابه ( الكويت وجاراتها): "لم نكن نعلم بادئ الامر أن بريطانيا قد جاءت تعلمنا أمور ديننا مرسلة لنا بجون فيلبي وعبد العزيز آل سعود.. ولم ندرك هذه الخديعة الا في وقت متأخر بعد فوات الاوان وبعد أن انقسمت المدينة الواحدة والعشيرة الواحدة والعائلة الواحدة إلى أقسام عديدة وقام الاخ منا يقتل أخاه وابنه وزوجته ويبيع كل ما يملكه أو يذبح ابله وأغنامه للتخلص منها والتخلص حتّى من أقرب الناس الينا ومن كل ما يعوقنا في الدنيا عن طريق الاخرة الذي لا يعلمه الا الله!. فندفع لمشايخ الدين ولعبد العزيز آل سعود ثم نبدأ بقتال الاهل والاقارب بعد أن أوهمونا مشايخ الانكليز بأنهم من "الكفار" لمجرد أنهم لا يشاركوننا بهذا الجهل الذي حسبناه علما ودينا، بل وأخذنا نترك نساءنا وديعة لدى عبد العزيز ليرعاهن بينما نذهب للقتال بحثا عن نساء في الجنة وملذات في الاخرة ومن لم يمت منا ثم يرجع حقا فانه يجد عبد العزيز قد تمتع بنسائه في الدنيا وهو ذاهب يقاتل اخوته بحثا عن نساء في الاخرة وحور موهومة بعد الموت، بعد أن يجد عبد العزيز آل سعود قد الصق العار في وجوهنا".. هذا ما قاله أحد الذين أوهمهم آل سعود بحياة ناعمة في الآخرة وبعد أن أوصلهم للاستيلاء على بلادنا حرموهم من كل شئ في الحياة.. وبهذا التضليل السعودي اليهودي الانكليزي سارت الحركة الوهابية السعودية أولا وأخيرا معتمدة على دراسة نفسية لهذه القبائل ومعتمدة على ايجاد (طوابير خامسة) داخل القبائل والمدن والقرى ومعتمدة على فتاوى عدد ضخم من تجار الدين الذين خادعوا القبائل بطول شعور ذقونهم الضالة وكان لهم أقوى التأثير في نفوس بعض القبائل حتّى جعلوا من الوهم عقيدة تشربت بها عقول ودماء العدد العديد من القبائل إلى الحد الذي أسلفناه: أن الاخ قتل أخاه والاب قتل ابنه لمجرد أن هذا المقتول عارض هذا الضلال الانكلويهودي سعودي الذي حسبوه ديناً برقعوه ببراقع الإسلام والاسلام منه براء، مما جعل أفراد القبائل يتبرأون من كل شئ في الدنيا بحثا عن ملذات الاخرة، وعندما يصاب أحدهم بجرح يمنعه عن المسير يبادره أقرب الواقفين منه بطعنة خنجر، مسرا بأذن الصويب وهو يلفظ آخر أنفاسه قائلا: (لا تنساني عند ربك يافلان أسرع للقاء ربك واحجز لي عنده بيتا في الجنة) فيرد المطعون وهو يلفظ آخر أنفاسه قائلا: (هل تريد البيت مخومس أو مسودس؟) وهو نوع من بيوت الشعر البدوية، فيرد الطاعن والدم لا يزال يقطر من يده يسدد له طعنة أخرى وأخيرة فيقول له: (لا تطول الحكي. اذهب وتفاهم مع الله على نوع البيت وما يريده الله مقبول ولا شروط عندي الا أن تكون فيه فرس مربوطة، وحور ممشوطة، وكلب للغنم، وسلقة للصيد، ودلو لا خراج الماء، ويكون البيت بالقرب من نهر اللبن وأشجار القهوة) كذا.. وليست هذه الوصايا من أحاديث التندر انّما هي "فتاوى سعودية" قد حدثت فعلا يرويها من عاصروها.. لقد روى أحد أفراد جيش "الاخوان" ممن لا زالوا أحياء لزميل له من "الاخوان" اسمه: فريح النّبص يقول: (حينما كنت من جند الاخوان التابعين للشيخ فيصل الدويش وجرحت في معركة تربه وتركني "الاخوان" طريح الأرض ينزف دمي.. لم ينقذ حياتي غير إمرأة بدوية مرت بي فأخذتني إلى بيتها وحفرت لي حفرة في التراب ألهبت النار فوقها حتّى حمي التراب ثم دفنتني فيها فالتأمت جراحي بهذه الطريقة وبعناية البدوية وبعد شهرين لحقت بقوم ابن السعود وإذا بي أجد أحد مشايخ الدين قد تزوج زوجتي بحجة "أن زوجها قد تزوج سواها في الجنة". لكنه ما أن رآني الشيخ قد رجعت أفتى "بكفري" زاعما: "أن الله قد أعادني إلى الدنيا وأخرجني من الجنة لانني من الكفار والمنافقين، فأمر الشيخ بقتلي من جديد واحراقي بالنار تطهيراً لجسدي وروحي.. الشريرة..) ويقول: (لقد تمكنت من الهرب بجلدي بعد أن فقدت زوجتي الغالية مما جعلني أكفر في الدنيا والاخرة وألعن كل حبة رمل داستها اقدام "الاخوان" وألعن الجنة والنار معهم).. هذا الشخص لا زال على قيد الحياة واسمه "علي السلامة" وقد قارب الـ 80 سنة .. وبمثل هذه الفتاوى الفاسدة، استطاع الانكليز بث الروح الوهابية اليهودية بمشايخ الدجل الديني فخدعوا بعض القبائل التي تبرأت من كل شئ في الحياة باعتباره "شقاء" منادين بأعلى أصواتهم في الشوارع تخلصا من هذا "الشقاء" قائلين (وينك يا شاري الشقاء؟).. لقد تخلى هؤلاء المخدوعين حتّى عن أموالهم باعتبارها "شقاء" يمنعهم ويشقيهم عن الجهاد!. وأصبح أهم ما يشغلهم قصور الجنة وحورها، وريالات الانكليز وذهبهم المزيف.. وكان من أول من خدع بهذه المغريات ويا للاسف (فيصل الدويش) رئيس قبيلة مطير (وسلطان بن بجاد) رئيس قبيلة عتيبة (ومحسن الفرم) رئيس قبيلة حرب (وأبو اثنين) رئيس قبيلة سبيع (وملبس بن جبرين) من شيوخ قبيلة شمر وغيرهم ممن قتلهم آل سعود أخيرا حينما اكتشفوا الخداع السعودي فساروا عليه.. وبالطبع فهذه القبائل كانت تابعة لشيوخها.. وبهذه الطريقة هيأ الانكليز الجو لمضغتهم عبد العزيز ونشروا أخباره وأسفاره في كل البلاد العربية وصحفها وصحف العالم، ولكي يعزز الانكليز من مركز الفتى عبد العزيز آل سعود أخرجوه خارج الكويت بقوة كبيرة ليضرب بعض القبائل الموالية لابن الرشيد لكنه فشل.. الا أن حكم آل الرشيد نفسه في الحقيقة قد أسدى بنوعية تركيبه خدمة كبيرة للانكليز وابن السعود، لكون هذا الحكم الفردي العائلي قد تقهقر إلى الوراء بعد أن فقد تلك الشخصية القوية، شخصية محمد العبد الله الرشيد، وأصبح كل واحد من آل الرشيد يغتصب الحكم بقتله لاخيه وابن عمه بعد مدة وجيزة ليحكم، بلا هدف، فيقتله الاخر من أجل أن يحكم الناس بلا هدف الا هدف الحكم وحده، الا أن حكام آل رشيد يشهد لهم أنهم لم يخادعوا الناس باسم الدين ولم يقتلوا أحداً بحجة أنهم "كفار ومشركين" كما يفعل يهود آل سعود وآل عبد الوهاب.. ولو لم يقتل آل رشيد بعضهم بعضا، ولو أن حكمهم قد قام على دعوة اصلاحية أو فكرة عقائدية اقتصادية واجتماعية حتّى ولو كانت مزيفة!.. لعاش مدة أكثر نتيجة لقوة أنصاره من شمر وغيرهم.. ولنرجع مرة أخرى الان إلى أقوال جون فيلبي رئيس مجلس الربع السعودي؟.. وبدأ الانكليز بتوجيه الضربة من الرياض يقول جون فيلبي (لقد رأت أن نقوم بالاتصال بمشايخ الدين في الرياض تمهيدا لارسال عبد العزيز إلى الرياض والاستيلاء عليها وجعلها مركزاً رئيسيا لحركتنا الوهابية الدينية ـ التي اعتنقتها ـ نظرا لبعد الرياض عن عاصمة ابن الرشيد وضعف مركز عجلان ت عامل ابن الرشيد ـ في الرياض وقلة حراسته، وبالفعل أرسلنا الرسل ووجدنا الطريق ممهدا أمامنا وبذلك أخرجنا عبد العزيز من الكويت بتاريخ 13/8/1901 ومعه 250 شخصا ـ وليسوا كما قيل 40 شخصا وفي رواية أخرى 20 شخصا ـ وحملناهم بسيارات مسلحة إلى مقربة من الرياض، وفي ليلة 19/8/1901 كانوا يقيمون جميعا في بيت واحد من آل الشيخ داخل بساتين "الشمسية" وكان يتصل بهم بعض آل الشيخ الذين رتبوا لعبد العزيز طريقة الدخول إلى الرياض واتفقوا مع زوجة عجلان ـ وهي من أقارب عبد العزيز ـ بأن تدخل عبد الله بن جلوي ـ ابن عم عبد العزيز ـ وعدد معه إلى بيتها وتخفيهم حتى اذا ما نام عجلان باغتوه واغتالوه في فراشه فوافقت الزوجة ولكنها اظهرت مخاوفها أن يطلع عجلان على أمرهم فيقتل الجميع واقترحت أن لا يدخلوا إلى بيتها رأسا وانما تدخلهم إلى حظيرة البقر في البيت المجاور وتختلق للبقّار عذرا فترسله تلك الليلة بعيدا عن البيت فكانت خطة ناجحة شاركت في إنجاحها زوجة عجلان. وفي عشية ليلة 20/8/ 1901 دخل عشرون منهم إلى الرياض بثياب نسائية إلى بيت زوجة عجلان رأس وكأنهن نساء زائرات وتظاهرت زوجة عجلان بالترحيب "بهن لزيارتهن" لها. ثم "أدخلتهن" إلى بيت البقر، وانتظروا طويلا ولكن عجلان لم يأت حيث أرسل لها رسولا يخبرها بأنه سينام تلك الليلة في قصر الحكم.. وخيل للزوجة أن خطتها قد كشفت .. وكاد المريب أن يقول خذوني، فكادت أن تطلع زوجها على الامر إتقاء لنقمته.. لكنها انتظرت.. وأبلغت المقيمين في بيت البقر بالامر وهو أن زوجها أخبرها بأنه سينام في القصر.. وخيل لهم أيضاً أن أمرهم قد كشف .. ففكروا بالهرب.. ولكنهم وجدوا أخيرا أن خروجهم سيكشفهم أكثر ولم يكن من المؤكد أن يكون أمرهم قد كشف.. وبعد ساعات تبين لهم بواسطة الزوجة الثانية ستبات معه تلك الليلة… وبذلك وضعت للمتآمرين الخطة.. وقالت لهم: باتوا هنا.. واخرجوا في الصباح لتغتالوه، فعجلان بعد أن يصلي الصبح يشرب القهوة ثم يخرج بعد شروق الشمس ليطلع على حالة الخيل بجوار القصر وفي هذا الاثناء لن يكون معه أحدا فحراسه وعددهم ثمانية عشر يرقدون في القصر بعد صلاة الصبح وهناك تتاح لكم الفرصة لقتله.. وكانت خطة منها ناجحة لقتل زوجها.. ففعلوا واتجه قسم منهم قوامه الـ 20 شخصا، وانقسم بقيتهم إلى قسمين لامداد الاولين في حال فشلهم أو قتلهم.. واتجهت المجموعة الاولى من قبيل الفجر نحو القصر وجعلوا من أنفسهم ضيوفا!.. فمثلوا دور الضيوف النائمين عند باب القصر!.. ولم يناموا وانما غطى كل واحد منهم جسده وسلاحه بعباءته وتمدد على الأرض.. ولم يكن هذا المنظر مستغربا.. فهون المنظر الدائم للضيوف!.. وما أكثر الضيوف.. وما أن خرج عجلان من القصر ـ كعادته التي أرشدتهم عنها زوجته ـ حتّى أمطروه "الضيوف" بوابل من الرصاص!.. واستطاع أن يتراجع عجلان إلى داخل باب القصر لكن رصاصة من عبد الله بن جلوي قد أدركته فسقط قتيلا وسحبوه إلى خارج القصر.. غير ان حراس القصر تمكنوا من اغلاق الباب والاستمرار في اطلاق النار والمقاومة ـ فقتلوا خمسة وجرحوا سبعة ـ من جنود السعوديين الذين لحقت بهم الهزيمة لو لم تكن الامدادات الكامنة في بيوت الشيخ قد تداركتهم وهاجمت القصر بما يزيد عن الثلاثمائة مسلح.. ورغم ذلك لم يستسلم حرس القصر الا بعد أن عاهدهم السعوديون مقسمين (بوجه الله ووجه عبد العزيز) بالمحافظة على أرواحهم واعطاءهم الخيار في الاقامة في أي مكان يريدون، وبذلك فتح الحراس باب القصر واستسلموا (1) لكن السعوديين لم يفوا بعهدهم… فقتلوهم شر قتلة ومزقوا أوصالهم ومثلوا بهم وبقروا بطونهم وأخذوا يقذفون بلحومهم إلى الحيطان.. ولا زالت دماءهم عالقة يشاهدها الناس في بعض جدران قصر عجلان(1) الذي أصبح الآن سجنا يسمى "مصمك الرياض".. وبعد ذلك خرج عبد العزيز حيث كان مختفيا في بيت أحد مشايخ الدين.. وكان القصد من اخفائه هو أن يخرج إذا نجحت الخطة. أما إذا فشلت فنكون قد حافظنا على حياته لنعيد التجربة مرة أخرى.. وليس صحيحا ما قيل غير ذلك أن عبد العزيز قد طرق بابا البقّار، ودخل ثم قفز إلى بيت زوجة عجلان وقفل الباب عليها ثم هجم على قصر عجلان الخ)… فكل هذا الكلام السائف كان بعض ما قاله أحد المشرفين على نشأة الخلق.. خلق هذه العائلة الشريرة من لا شئ.. ومنذ ذلك اليوم برز اسم عبد العزيز وراح الانكليز والدجالون من سلالة عائلة الدجل الوهابية وتجارالدين ينسجون حول عبد العزيز الخرافات ويلبسونه حلل البطولات بلا قياس. منذ ذلك اليوم.. وفي ضحى ذلك اليوم أخذوا رأس عجلان ومعه رؤوس الحراس يحملونها على الرماح ثم دخلوا بها المسجد ونادى المنادي في أهل الرياض أن اجتمعوا!.. فاجتمعوا.. وأذن مؤذن سعودي من تجار الدين يقول (الحكم اليوم لله ولعبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وهذه رؤوس الكفرة والمشركين ومن لم يسمع ويطيع فهو مشرك وكافر مثلهم وسنجازيه بالمثل ومن يريد أن يدخل في الإسلام فليسلم على أيدينا) فسكت الناس مرغمين بالقوة من ناحية ومن ناحية أخرى لم يكن في حكم عجلان ما يدعو للارتياح فكلا الحكمين من نوع واحد، واستسلم شعبنا في الرياض للحكم الواقع.. وأخذ الانكليز يساندون عبد العزيز بكل قواهم العسكرية والمالية والاستشارية والادارية.. فقويت شوكتهم… واحتلوا في جنوب نجد ( الخرج والافلاج) في عام 1320 هـ ثم في سنة 1321 هـ احتلوا سدير والوشم والمحمل والقصيم، ولم يكن اعتمادهم في طريق الاحتلال على القوة العسكرية فقط وانما كانت الدراهم.. كان المال المزيف المال الذي ينفقه الانكليز على دابتهم السعودية بلا حساب.. فكانوا يرسلون الاموال إلى عملاء لهم في كل المدن والصحاري الاخرى لتكييفهم لحساب ابن السعود.. في هذا الوقت: رأى عبد العزيز المتعب آل رشيد الاستعانة بعدد من ضباط الجيش التركي لكونهم "مسلمين" كما يقولون حينما رأى أن خصمه عبد العزيز آل سعود يعتمد في وضع الخطط العسكرية والاستشارية والادارية على ضباط من الجيش الانكليزي أكثر خبرة من جنده.. لكن ضباط "الرجل المريض" ضباط الجيش التركي ما كانوا بالمستوى الذي كان عليه ضباط الاستعمار البريطاني لا من حيث الخبرة ولا من حيث الاخلاص لسادتهم الاستعماريين في تنفيذ مهماتهم، بدليل أنه في الوقت الذي كان عبد العزيز المتعب يعتمد على خبرة هؤلاء الضباط "المسلمين" الاتراك كان جون فيلبي يتصل ببعض الضباط الاتراك ويشتري بعضهم لحساب الانكليز وخدمة عميلهم عبد العزيز آل سعود لتخريب مدافع ابن الرشيد مما جعل بعض الضباط الاتراك أنفسهم يستسلمون ويسلمون مدافعهم إلى عبد العزيز آل سعود بعد أن كانت هزيمته تكون محققة في معركة البكيرية ـ في نجد ـ ومع ذلك فقد غدر ابن السعود بالضباط الاتراك الذي سبق له أن رشاهم فأرسل رجاله اليهم واستولوا على ما معهم من ذهب وأمتعة وقتل بعضهم، بل وغدر برجاله أخيرا وسلبهم ما غنموه منهم ثم قتل بعض رجاله.. والغدر مهنة سعودية متأصلة فيه وفي أهله وذريته.. حتّى أن شخصاً اسمه فايز العلي الفايز ـ من بريدة ـ استولى على خزينة قائد الجيش التركي وفيها 800 جنيه ذهب ومسدس وناظور، وما أن علم عبد العزيز بذلك حتّى بعث إليه بخادمه شلهوب يطلب تسليمه المبلغ والمسدس والناظور ـ "كسلفة" ـ كما قال ـ ولم يردها له عبد العزيز بالطبع بل عاقبه عندما جاء يطالبه باعادة تلك "السلفة" فيما بعد، بعد أن هاجر إلى مصر، وعاد إلى وطنه مرة أخرى بأمس حاجة لأي شئ يقتات منه!!. وعندما انسحب الاتراك نهائيا من نجد عام 1334 هـ 1906 م أرسل عبد العزيز المتعب الرشيد يقول لعبد العزيز آل سعود: (أنت غير عربي، ولو أن فيك ذرة من العرب لما رضيت بأن يقاتل العرب بعضهم بعضا من أجل مصالح الانكليز؟ ومع هذا تدعي أننا مشركين بالله وانك أنت المرسل من عند الله تمنح الجنة والنار والحور العين.. إذا كان فيما تدعيه شيئا من الصحة بأنك رسول الله .. فلا بد أن للرسل من معجزات ولهذا يجب أن تتبارز أنا وأنت، ولعلك بمعجزاتك يا رسول الانكليز تغلبني فتقتلني أو أقتلك، وبذلك يسلم العرب في شمال نجد وجنوبها من قتال بعضهم بعضا لا لسبب الا لأن الانكليز يريدون بلادنا ووجدوا فيك ضالتهم بعد أن يئسوا من شرائنا).. فرد عليه عبد العزيز آل سعود قائلا: (أنا أحارب بقوات الانكليز ومع ذلك فأنا أخشاك ولا أنكر هذا بأنك أشجع مني ولن أتبارز معك وأنا أعرف أنك إذا هجمت على جميع أعدائك تنتخي وتعتزي بقولك: حسبت نفسي ميت العام) أي حسبت انني قدمت منذ عام مضى.. (أما أنا يا عبد العزيز بن سعود فأقول انني سأبقى وسأقضي عليك بلا مبارزة وسأستخدم لقتلك واحداً من أهل بيتك) فاستشاط عبد العزيز بن رشيد من هذا وتقدم بجيشه مطاردا ابن سعود وجيشه السعودي الذي توغل في أواسط نجد. ولكن ابن سعود تراجع إلى العارض عندما علم بذلك، ولكن ابن الرشيد رأى ألا يتراجع إلى حائل وأن يقيم خيامه في مكان صحراوي في نجد يسمى روضة مهنا ليجعل من هذا المكان منطلقا لمطاردة السعوديين، وقد أقام مدة طويلة في هذا المكان وحده دون أن يزيح خيامه منه، حتّى أن أوتاد الخيام نبتت وأصبحت (اثلا) مما جعل جيش عبد العزيز المتعب يصاب بالملل من موقفه، فلا هو مقاتل ولا هو راجع لمدينة حائل.. من هنا تحرك جون فيلبي يبحث عن واسطة يتفاهم معه من أسرة ابن الرشيد نفسه لقتل ابن الرشيد.. ولنترك الكلام الآن لجون فيلبي ليقول: (واتصلنا بالامير فيصل الحمود العبيد ـ وهو من ذرية عبيد بن رشيد بينما عبد العزيز بن متعب من ذرية عبد الله بن رشيد، وعبيد وعبد الله شقيقان، وهما مؤسسا أسرة آل الرشيد وقد حدثت من بعدهما خصومات بين العائلة فالكل يقول انّه أحق بالحكم من ذرية الآخر ـ وطلبنا من فيصل الحمود العبيد قتل ابن عمه وتعهد عبد العزيز بن السعود بتأييده حاكما مكان ابن عمه ابن متعب في حائل، ووعدناه بتأييد الانكليز له بالمال والسلاح والسياسة،وكنا صادقين فيما نقول لان كل همنا هو أن نتخلص من ابن متعب الذي أتعبنا بجبروته وشجاعته وصبره المنقطع النظير، وقررنا أن نباغته في مخيمه ليلا الا إنه بدون المباغتة يصعب علينا القضاء عليه، ولان من عادات العرب وجيش ابن الرشيد خاصة تحريم الهجوم ليلا مهما كانت الاحوال، ففي عرفهم أن القتال الشريف يجب أن يكون وجها لوجه وفي وضح النهار ليشهد الرأي العام ما يحدث ويسجل الناس انتصار أي خصم على الآخر ويكون بالامكان معرفة من يهرب من المقاتلين فيحمل وزر جبنه).. ويتابع فيلبي قوله (لكنه ماذا يهم الانكليز من هذه المثل العربية العليا؟.. ما دمنا نبحث عن النصر بأي طريقة ناجحة جاءت ليلا أو نهارا، كل ما يهمنا آنذاك هو مصلحة بريطانيا العظمى بأي طريقة شريفة أو حتّى غير شريفة لتثبيت صديقها الأول ابن السعود ففي تثبيت ابن سعود تثبيت المصالح البريطانية ومن ثم تثبيت الوجود الاسرائيلي في فلسطين والقضاء على العدو المشترك ابن الرشيد والاتراك ـ لتتفرغ بريطانيا لمصالحها في الجزيرة العربية).. رأيتم هذه الصراحة الانكليزية المتناهية.. انني أتمنى أن يكتب تجار الادب ممن زيفوا التاريخ السعودي بهذه الصراحة المتناهية التي يكتب بها جون فيلبي المشرف على خلق العرش السعودي.. وهكذا سارت وصارت بريطانيا في الجزيرة العربية… وبعد منتصف ليلة 18 صفر سنة 1324 هـ 13 نيسان 1906 م أطلقت عيارات نارية على مخيم ابن الرشيد أفزعته من نومه وجعلته يمتطي صهوة جواده دون أن يحدد الاتجاه، وهو يصرخ: الفريخ ـ الفريخ .. احمل العلم يالفريخ. والفريخ هذا هو حامل علم ابن الرشيد، وإذا بعلم عبد العزيز بن الرشيد ينطلق أمام ابن الرشيد يحمله شخص غير الفريخ ليخادع ابن متعب بعلمه المزيف فيقوده إلى الكمين الانكلو سعودي المنصوب لعبد العزيز المتعب الرشيد، فانخدع عبد العزيز المتعب وأخذ يسابق الريح فوق صهوة جواده خلف حامل العلم الذي ظنه ابن الرشيد علمه، بينما حامل العلم يغير بسرعة نحو مخيم ابن السعود. ولم يكن ذلك العلم الا خرقة زيفها جون فيلبي وجعلها نسخة طبق الاصل من علم ابن الرشيد، أما العلم الحقيقي لابن الرشيد وحامله الفريخ فلم يتحرك من مخيمه بعد. وتبع عبد العزيز ابن الرشيد هذا العلم المزيف وحده قبل أن يتحرك جيش ابن الرشيد الذي بوغت ليلا ولم يعرف إلى أي وجهة اتجه عبد العزيز ابن الرشيد بينما الفريخ الحقيقي وعلمه لم يزل مع جيش ابن الرشيد المباغت، وكان حامل العلم المزيف متلثما وهو يقود المتعب إلى حيث الكمين الانكلو سعودي الذي لم يبعد عن مخيم ابن الرشيد أكثر من كيلومترين، وإذا بابن الرشيد وحده أمام جيش سعودي عدده خمسة آلاف، عند هذا فقط أدرك عبد العزيز ابن الرشيد الخدعة لكنه لم يتنبه لحامل العلم المزيف بعد.. فلا زال يظنه علمه وان حامله هو الفريخ.. حيث أخذ يصرخ بحامل العلم بأعلى صوته: "ويش هالدبره يالفريخ؟" .. أي ما هذه الدبرة العمياء.. "ما هذا التصرف يالفريخ"؟. لكنه لم يكن الفريخ الا (فرخا سعوديا انكليزيا) قاد ابن متعب ببراعه إلى الموت المحقق حينما كشف عن لثامه وهو يقذف بالعلم المزيف ويصرخ مناديا بالسعوديين والانكليز (عبد العزيز يا طلابته.. ابن متعب يا طلابة ابن متعب!!) ويقول جون فيلبي: (لقد كان رأيي أن نأسر ابن متعب فقط ما دام قد وصل الينا بهذه السهولة وأن لا نقتله بهذه السرعة.. انّه صيد ثمين.. لكن هناك من تسرع من الحاقدين عليه وأطلق عليه النار وقطع رأسه بأمر عبد العزيز أل سعود. وما أن قتل عبد العزيز بن متعب حتّى أصدرت الامر بسرعة ليهجم الجيش السعودي على مخيم ابن الرشيد ليباغتوا جيش ابن الرشيد الحائر في مخيمه يتقدمهم شخص يحمل رأس عبد العزيز بن متعب على رأس رمح ليضعف معنوياتهم ويرهبهم ويعطيهم فكرة على أن شجاعة قائدهم المتناهية قد انتهت، وبالفعل نجحت هذه الخطة وانهزم جيش ابن الرشيد المخيم في روضة مهنا والبالغ ثلاثة آلاف تقريبا أما فيصل الحمود العبيد آل رشيد فلم تنجح في تنصيبه أميرا لحائل حيث ولي (متعب) بن عبد العزيز المتعب الرشيد حاكما مكان والده المقتول وعمره لا يتجاوز الـ 15 سنة وهو ابن أخت فيصل الحمود العبيد الرشيد آنف الذكر) وعاد جند الرشيد إلى حائل ولم يدم حكم متعب أكثر من عشرة أشهر حتّى أقدم ـ أخواله ـ على قتله ـ باتفاق مع جون فيلبي وعميله عبد العزيز آل سعود بزعم توليتهم لحكم حائل ابن أختهم.. أجل.. والى هذا الحد من قذارة التهافت على الحكم وصل الخوال للاتفاق مع الاستعمار على قتل ابن أختهم وقتل أشقاءه معه أيضاً. والاخوال الذين قتلوا أبناء أختهم هم: فيصل وسلطان وسعود الحمود العبيد.. أما الذين قتلوهم أخوالهم فهم بالاضافة إلى متعب العبد العزيز المتعب 15 سنة محمد 7 سنوات ومشعل 5 سنوات، وذلك في شهر ذي القعدة 1324 هـ ـ كانون أول 1906 ومثّل أولئك "الخوال" الوحوش بأبناء أختهم أبشع تمثيل، فقطعوا أصابعهم أولا ثم أيديهم ثانيا ثم قتلوهم!. وقد حاولت أحد النساء اخفاء الطفل محمد عن خاله بداخل صندوق ثيابها لكن خاله سلطان بحث عنه حتّى أخرجه ومزقه بسيفه، وكانت صرخات الطفل تختلط بتشفعاته البريئة قائلا: (اضربني بالعصا يا خالي اهون من السيف!. أنا ما فعلت ـ للعنزة ـ أي شئ !.. أنا ما كسّرت لعبتي!).. إذ كان الطفل يظن أي وعي بالحكم الذي جاء خاله ليقتله من أجله لكيلا يحكم في المستقبل!. وهيهات أن يكن لهذا المنطق الطفولي البرئ أي موقع من قلب هذا الخال الغليظ المتوحش. لم يرتدع خاله المجرم من تمزيق جسم ابن أخته بسيفه إربا.. بهذه الوحشية استولى سلطان بن حمود العبيد الرشيد بمساعدة أخويه سعود وفيصل على الحكم.. ولم يكتف سلطان العبيد وأخويه بقتل أبناء أختهم الاطفال بل راحوا لارتكاب جريمة أخرى. وهي قتل الطفل الرابع ـ سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد ـ البالغ من العمر 3 سنوات لو لم يهرب به خاله حمود السبهان إلى المدينة "المنورة" لكن حكم سلطان لم يدم أكثر من سبعة أشهر أخذ بعدها يستعد للهرب حينما أحس بتذمر شديد من شعب حائل وشمر فتنازل عن الحكم لشقيقه سعود الحمود العبيد واصطحب معه 150 شخصا متجهين إلى الشام ليلتجئ إلى جبل العرب ـ كما قال ـ خوفا من القتل، وسافر بالفعل. لكن الشعب في حائل لم يتركه بل أجبروا شقيقه سعود للسير معهم للحاق بأخيه الهارب واعادته لقتله فقد يتعاون مع العدو السعودي ضد البلاد ولحقوا به بعد يومين من فراره وأعادوه (مضبّب اليدين) وقتلوا عدداً ممن معه حينما دافعوا عنه.. ومن نوادره المضحكة قبل موته أن أحد المواطنين قد سلم عليه بقوله (صبحك الله بالخير يالامير؟!) فرد عليه قائلا: (ول ياشين أمير ومضبّب؟!) أي (كيف أكون أميراً والكلبشة بيديّ؟) وهنا قتله أخوه سعود بضغط من الشعب وخوفا من أن يستغل الفرصة فيعود إلى الحكم فيما لو تركه حيا.. وقرر أخوه أن لا يدفن جثته.. بل وضعها في بالوعة مياه داخل دهاليز القصر.. لكن أخاه سعود لم "يُسعد" في الحكم أيضاً، إذ حكم أربعة عشر شهراً، عاد بعدها من المدينة حمود السبهان ومعه ابن أخته سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد وعدد من قبائل شمر وطرقوا القصر في حائل وألقوا القبض على الحاكم سعود الحمود العبيد الرشيد ووضعوا بيديه نفس "الضبة" التي سبق له أن وضعها بيدي شقيقه سلطان، وفتحوا نفس البالوعة التي سبق له أن أسقط شقيقه سلطان بداخلها وقالوا له: (ادخلها بنفسك حيا قبل أن ندخلك فيها) فصاح سعود متسائلا بجزع: (كيف أدخل وهذه الرائحة العفنة فيها؟) فأجابوه بقولهم (انها رائحة شقيقك سلطان: هل نسيت؟!) ولم يجرؤ على دخولها بنفسه فحملوه ودفنوه فيها حيا.. وبذلك وفي تاريخ 17 شعبان 1326 هـ 14 ايلول 1908 م تولى الحكم سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد وعمره 7 سنوات يساعده خاله حمود السبهان!.. وما أن علم فيصل الحمود العبيد الرشيد شقيق سعود العبيد بذلك وكان وقتها حاكما للجوف لشقيقه حتّى ترك الجوف هاربا إلى عبد العزيز آل سعود والتجأ إليه متعاونا معه وخلال هذه المدة أبدى الانكليز عروضا كثيرة على بعض السبهان من أخوال سعود بن عبد العزيز الرشيد لاستمالتهم نحو بريطانيا.. لكن تركيا علمت بالامر فبعثت أحد ضباطها المدعو عزيز بك الكردي ليمثلها في حائل ـ كقنصل ـ ثم أرسلت الشيخ صالح التونسي بمأمورية خاصة يؤكد فيها استمرار دعم الاتراك لحكم سعود الرشيد، ثم بعثت عبد الحميد "بك بن إبراهيم باشا" سعيد المصري فبقي في حائل يجتهد في منع الانكليز من التأثير على الامير سعود الرشيد. ولكن الامير سعود بالرغم من مساعي بعض أخواله السبهان بالتعاون مع الانكليز بحجة (أنهم دولة أوقى من تركيا المهزومة وانه لابد بهذا التعاون أن نقطع الخط على آل سعود فيدعمنا الانكليز بدلا منهم أو على الاقل نحافظ على حكمنا في حائل) بالرغم من هذا الالحاح بقي متمسكا بصداقته للاتراك في داخل الجزيرة يمدهم بالابل ويأخذ منهم الاموال والسلاح دون أن تكن لهم أي سلطة في البلاد، ودام حكمه خمسة عشر سنة تقريبا حينما اغتاله ابن عمه بن طلال الرشيد غدرا من خلفه أثناء رمايتهما "للنيشان" في جبل طي قاصدا بذلك الاستيلاء على الحكم. لكن عبد الله الطلال قتل تلك اللحظة برصاص الذعيت حارس سعود بن عبد العزيز المتعب الرشيد دفاعا عن عمه ويومها عين عبد الله بن متعب الرشيد البالغ من العمر 12 عاما ولم يدم حكمه سوى سنتين حتّى أرجف به عملاء الانكليز وعبد العزيز آل سعود الذين دسهم في حائل وكان ابن سعود يقيم بجنده في جبل طي المطل على حائل بانتظار لجوء عبد الله المتعب إليه بخطة مسبقة مع بعض المرجفين ليدخل حائل لكن ابن السعود فشل تلك المرة في دخول حائل فأبعد عنها بعد أن لجأ إليه عبد الله المتعب الفتى الذي أرجف به زبانية ابن سعود بقولهم (ان أبناء عمك ينوون قتلك ويجب أن تهرب من حائل لتلجأ إلى عبد العزيز آل سعود) وهكذا هُرّب عبد الله المتعب تاركا حائل وحكمها ملتجأ إلى عدوه عبد العزيز آل سعود وكان ذلك الهرب أمنية عبد العزيز ابن السعود الذي اعتبره خطوة في تحطيم حكم خصومه آل رشيد فيما بعد.. إلا أن حائل في وقتها بقيت صامدة مقاومة عدوانه تساندها قبائل شمر مما اضطره للابتعاد عن جبل طي وحائل بعيدا.. وبعد فرار عبد الله المتعب عين شعب حائل الامير محمد بن طلال الرشيد حاكما للبلاد وكان يبلغ من العمر 20 عاما . الاحتيال السعودي والاحتلال صرح الشيخ نايف بن مزيد الدويش ـ من شيوخ قبيلة مطير الذين ساهموا في بناء الحكم السعودي بأرواحهم وكان جزاءهم القتل من آل سعود ـ قائلا (لقد كنا نحتل جبل طي المطل على حائل وكنا نثق بكل ما يقوله مشايخ الدين السعودي لاعتقادنا أنهم واسطتنا عند الله! وما علمنا أنهم واسطتنا عند الانكليز إلا أخيرا حينما أفتوا ونحن في الجبل بما لم نكن نشك فيه "أن الجنة مضمونة لكل من يقتل واحدا من أهل حائل الكفرة المشركين"!.. لكننا عدنا وكّذبنا الفتاوى تلك في تلك الليلة عندما سمعنا اصوات المؤذنين في حائل تردد ذكر الله عالية جهورة: الله أكبر الله أكبر.. وحاولنا ترك حائل عندما تأكد لنا ايمان أهلها بالله ورسوله!.. لكن عبد العزيز بن سعود والانكليز الذين أظهروا اسلامهم معه ومشايخ الدين السعودي طلبوا منا البقاء في موقعنا لمدة يومين فقط… ولم نكن ننوي القتال بعد ذلك لو لم يكونوا على صلة مع بعض اصدقائهم في حائل الذين ادخلوهم حائل خدعة من جهتها الجنوبية..) هذا هو بعض ما تحدث به الشيخ نايف بن مزيد الدويش… أما ما قيل عن أصدقاء ابن سعود في حائل فمنهم الشيخ إبراهيم السالم السبهان والشيخ حمود الحسين الشغذلي والشيخ صالح السالم الصالح والشيخ عبد الرحمن الملق وسعود العارض وابنه سالم السعود وحسن بن سالم النزهة المعرف باسم الحساوي "والحساوي هو الاسم الحركي السعودي له!" وعُبيد المسلماني، ومحمد السّراي الزويمل، وغيرهم.. وأنا هنا اجزم أن نية بعض هؤلاء لم تكن "خيانة بلادهم" أبدا بقدر ما كانت "نية خير وسلام لحقن الدماء!" خاصة وقد اصبح ابن السعود قويا بقوات الانكليز وقد خدعهم أيضاً كما خدع غيرهم بالكذب باسم "الإسلام والانسانية والحكم العادل القويم" ومما شجعهم على الاتصال بابن سعود ومما ساعد ابن سعود على الوصول إلى حائل قيام تلك الفتن بين آل الرشيد أنفسهم وكان لعملاء آل سعود والانكليز دوراً في اثارتها، فأمعن آل رشيد في قتل بعضهم بعضا وأصبحت البلاد في حالة يرثى لها من عدم الاستقرار لا لهدف إلا للصراع على الحكم حتّى تزعزعت ثقة الشبع والقبائل بما تبقى من آل رشيد.. وسئمت قبائل شمر هذا النوع المزري من الحياة، فنزحوا عن حائل، وساعد على ابتعادهم مالاقوه من بعض حكام آل رشيد، وبذلك خلا الجو للانكليز ليجدوا من يروج ويصدق خداعهم وكذبهم باسم الدين السعودي الانكليزي والاموال المزيفة والمغريات ووعود آل سعود الكاذبة (بالجنة وأنهار العسل واللبن والرباب الذي فيها) وكانت تلك وعود مغرية جداً يبذلها آل سعود للقبائل… فما دام أن هناك جنة ولبن ورباب وحور وعسل في الآخرة… وفي الدنيا ذهب وريالات وخيل ونساء وبنادق.. فليقاتلوا في سبيلها.. وليقتل الاخ أخاه والابن أمه أو أباه.. وليكن شعار المقاتلين: (هبّي حبوب الجنة وينك يا باغيها.. وخيّال الخيل وأنا أخو من أطاع الله.) فبدأ دين الدجل يسري في حائل من جهتها الجنوبية في قرية اسمها (الروضة) حيث برزت مخلوقات تسمى (عذال ومغيلث .. وناصر الهواوي، الذي نصب نفسه قاض شرعي ومفتي للديار) أخذ يفتي بتكفير قبائل شمر وشعب حائل، وأفتى (بأن يقتل كل ذي قربى قريبه الذي يريد البقاء في عهد الجاهلية ويرفض الدخول في الإسلام) ومن المضحك المحزن أن لا يتم (دخول الإسلام) المقصود إلا باتباع الانكليز وآل سعود.. أما عهد الجاهلية عندهم فهو (عهد ما قبل الاحتلال الانكلو سعودي) ولهذا أفتى قاضي الروضة ـ ناصر الهواوي ـ بان يتولى (شلاش الهديرس) تقطيع أوصال ابنه ناصر الهديرس وهو على قيد الحياة ويقطعه وصلة وصلة حتّى يلفظ الابن أنفاسه لأنه من "الكافرين" فحاول الأب اقناع ابنه بدخول الدين السعودي الانكليزي الجديد لكن الابن، بكل اباء وشرف، رفض طاعة والده والتنازل عن شرفه ووطنيته. وما كان من الوالد المدعو شلاش الهديرس.. إلا أن قام بتقييد يدي ابنه ناصر الهديرس امام جمع من سكان (الروضة) وطفق يضرب ابنه بالسيف بكل ما اوتي من قوة… حتّى أخذ اللحم يتساقط من جسم الابن والدم يتدفق بغزارة والعظام تتكسر والابن يصرخ ويركض هربا من وجه ابيه المتوحش ليحتمي بالحاضرين بينما الحاضرون يتبرأون منه. كل هذا والمفتي المزيف يقف ويصرخ بالوالد ويفتي: (مثل بهذا الكافر.. اقطع يده اليمنى.. اقطع يده اليسرى.. اقطع ساقه اليمنى.. اقطع اليسرى…. اضرب ظهره طولا وعرضا لتدخل الجنة بلا حساب.. ابقر بطنه لترزق بأبناء علّيين من الحور العين.. اقتل ابنك انّه ليس ابنك..) وهكذا الحال حتّى مزق الاب جسم ابنه الوحيد بسيفه قطعة قطعة.. وبعد ذلك صافحه "المفتي الدجال المأجور" والحاضرون مهنئين بعد أن قذفوا أوصال الابن الشهيد في العراء.. ولم تكن قيمة كل هذه الفتاوى التي اصدرها المفتي المزيف (الهواوي) تتجاوز المائة جنيه ذهبا ارسلها له المستر كوكس عضو المكتب الهندي للمخابرات الانكليزية فباع ضميره المتعفن لكوكس.. وقد وزع الانكليز في قرية الروضة وحدها عشرة آلاف جنيه ذهب… سلمت لكبار الدجالين البرئ منهم شعبنا في الروضة.. لكنه ما أن بلغ هذا للشعب في حائل حتّى حمل السلاح مسرعا نحو قرية الروضة فكانت مذبحة ويا للاسف.. قتل فيها عذال ومغليث والقاضي الداشر ناصر الهواوي، وسيق الاب الذي قتل ابنه إلى محمد بن طلال حاكم حائل فسأله ابن طلال: ( ألم تعلم أننا سنثأر لابنك الشهيد؟.. لماذا تقتله وانت تعلم أنه مؤمن ويعترف بوجود الله ويشهد برسالة محمد ويقيم الفروض ويسلك كل مسلك شريف؟..) فأجاب الاب القاتل: (أن كل ماتقوله حقيقة ولكنهم خدعوني بالذهب والمذهب عليهم اللعنة.) فأمر ابن طلال بقتله.. وانتهى بذلك دور قرية الروضة، لكن الطيبين من أبناء شعبنا في الروضة تكبدوا خسائر فادحة من جراء ما جره عليهم هؤلاء الافراد الدجالين السعوديين الذين خانوا الشعب كله… واندحرت خطة الانكليز تلك المرة.. لكنهم لم ييأسوا.. إذ ذهبوا للاتصال بقبائل شمر وشيوخها.. ولم يجدوا استجابة إلا ممن أغراهم الكذب ونعيم المغريات أو خدعوا كما خدع غيرهم بالدين السعودي الباطل والذهب واستبدلوا الخير بالشر والامانة بالخيانة… ، وهم من امثال "المرحوم" ملبس بن جبرين الذي خدعه آل سعود بكذبهم وكذلك ندى بن نهّير وعياد بن نهير الذي قال له أخوه ندى مرة متسائلا وهو يرد على نفسه بنفسه: (من هو الاصلح؟ ابن سعود وإلا ابن رشيد؟ ابن سعود يدفع لنا في السنة "خرجية" قدرها 400 جنيه ذهب أما ابن رشيد فيدفع 40 جنيه ذهب في السنة. لا شك أن ابن سعود أصلح من سواه…) وهكذا ينظر بعضهم للدين على أنه "جهاد" من أجل المال فقط.. وزيادة في دفع الذهب ومن يدفع أكثر فله الضمير.. وكذلك هبكان الصليطي وفريح النبص وجريذي السحيمي، وخمسة غيرهم غرروا ببعض أفراد عشيرتهم (وعمّموا) بسراويلهم ـ النجسة ـ رؤوسهم الخسيسة وقادوا مع من قاد جيش الانكليز السعودي إلى (امهم) حائل. وكان أول ما بدأوا به هو الهجوم على قريتي بيضاء نثيل والشييعة وذلك في ليلة 27 رمضان حيث هجموا على المواطنين القرويين الامنين في المسجد أثناء أداء صلاة الفجر وقتلوهم آمنين عزل ولم يكن بيدهم من سلاح سوى القرآن ارغم أنه لم يكن لهاتين القريتين من أهمية استراتيجية في المعركة أو أي فائدة مادية لهم أو ضرر عليهم ولم يكن لاهل القريتين أي دور معروف في القتال بالاضافة إلى أن الدين الحقيقي ينص على عدم الغدر أو التمثيل لا بالانسان ولا بالحيوان ولا حتّى بالشجر.. وأكثر من هذا فقد قتلوهم وهم يصلون الصبح في المسجد صائمي رمضان وبيدهم القرآن. واعتدوا على أعراض نساءهم.. فهل هؤلاء "كفرة" كما يقول عبيد الانكليز والصهيونية؟.. وكذلك قرية ـ الجليدة ـ قتلوا كل رجالها وذلك بقيادة ملبس بن جبريل "الشمري" الذي غرر به هو الآخر وشردوا نساء شمر إلى الكويت فارغموا بعضهن على ممارسة اخس انواع المعيشة ـ البغاء ـ بعد أن هتك السعوديون الخونة اعراضهن في تلك المذبحة وذبحوا رجالهن واطفالهن يقودهم بعض الخونة من أبناء عمومتهن ـ وياللاسف ـ باعوا ضمائرهم بالذهب للإنكليز والشيطان الرجيم وآل سعود اليهود.. واستمروا بهذه الطريقة يقودون امثالهم من الجنود المرتزقة والمخدوعين والضالين حتى أدخلوهم الى الجبل.. الجبل المحرم دخوله على كل كائن الذي لا يعرف مسالكه إلا ابناءه فقط ـ جبل شمر. جبل حاتم الطائي ـ جبل طي ـ جبل أجأ واخته سلمى ـ الجبل الشامخ الاشم المطل على مدينة حائل ـ الحاني عليها المحتضن لها بكل شفقة واباء من شمالها إلى غربها وشرقها فجنوبها، إذ وجدوا في هذا الجبل أربعة أشخاص من المرابين أعداء الفلاحين الذين أخذوا يتعاونون معهم. الدين وسيلته والدعارة غايته وأول فاتحة لهم كانت قتل الفلاحين الآمنين في قرية ـ عُقدة ـ وبقية قرى هذا الجبل الأشم الذي لم يتصور أبناءه أن يأتي نفر ممن شربوا من ماء هذا الجبل القراح السلسبيل، ومن أبناء عمهم بالذات، فيقود الأعداء لتلويث قمم وثقوب هذا الجبل بأقدامهم الآثمة، وبمناسبة ذكر هذا الجبل أو إقحام هذه القصة التي رواها بنفسه (عبيد المسلمان) تكراراً وهو رجل ظريف وممن تعاونوا مع السعوديين في حائل ـ رغم كونه يسخر مما حدث ويأسف لما حدث منه على ما فات قائلا: (لطمني الأمير محمد بن طلال بكف يده وصادر بعض أموالي التي أرابي بها مما جعلني أركب حمارتي بحجة الذهاب إلى قرية عقدة التي اسيطر على معظم بساتينها والفلاحين فيها، وقبل أن أصل إلى عقدة غرباً أخذت ارجع واسير بجانب الجبل شمالا حتّى وصلت إلى قرية النيصيّة التي بدأ منها عبد العزيز بن سعود محاصرته لحائل.. فاتصلت بعبد العزيز بن سعود شخصيا وأبلغته بمن يعتمد عليهم في حائل، ورغم هذا الموقف المحرج لي لم ينس عبد العزيز بن سعود "عضوه التناسلي" حينما طلب مني احضار "حورية" من نساء حائل يرضي بها نزواته فوعدته خيرا!.. إلا أنه طلب مني بالحاح أن أعود إلى حائل فاحضر له الحوريّة!!.. قاقنعته بكل كلفة انني مراقب الآن وأن مجيئي له يتعلق بالسياسة لا بالكساسة!.. فرد عبد العزيز قائلا: "ان ما أطلبه منك هو روح السياسة"!.. فوعدته أني سأتي بها إليه عندما يدخل إلى (عُقدة) ليكون قريبا من حائل ويسهل حمل المرأة إليه!.. عندها قدت عبد العزيز إلى عقدة وأقنعت بعض الفلاحين الذين اسيطر عليهم بالتعاون معه، وهكذا دخل إلى جبل طي وأخذ يمد "دربيله" المنظار: على بيوت أهالي حائل ليكشف على النساء ثم ينادي كبار "الاخوان" ويصرخ بهم: "تعالوا يالاخوان، تعالوا يالمسلمين.. انظروا الحور العين في حايل.. انظروا نساء الجنة". فيجتمع أخوان الشرّ حوله ليلقوا بنظراتهم على جهامة النساء من بعيد وما أن يروا امرأة حتّى ترتفع أصواتهم عالية مهللين: "الله أكبر.. ايو الله ايو الله: انها الحور العين.. اللهم ارزقنا من خيرها وخير من فيها واكفنا شرها وشر من فيها"! ثم يصرخ عبد العزيز بن السعود قائلا بصوت مرتفع مناديا: "أين عبيد؟.. يا عبيد؟. رح هات لي واحدة من الحور العين.. رح هات لي ما وعدتني بها.. ها نحن قد دخلنا عقدة .. فحلّ العقدة").. ويتابع عبيد كلامه قائلا: (وذهبت إلى حائل حائر في محنتي افكر في امرين.. الأول: حينما يكتشفني أهل حائل اتعامل مع ابن سعود.. والثاني: حينما اكتشف داعرة تقبل بالتعامل مع ابن سعود وتغامر معي لتبيع عرضها.. ففكرت.. ومحّصت.. ولم أجد "غير محترفة دعارة" ـ عبدة ـ معتقة. كان يتعلم بها الاطفال مبادئ علم النكاح، فاتفقت معها واردفتها على صهوة حمارتي.. وكانت طوع اشارتي … وخرجنا من حائل بعد المغرب ووصلنا عقدة بعد العشاء.. وتركتها على ظهر الحمارة وترجلت إلى خيمة عبد العزيز.. وما أن شاهدني "الامام" حتّى صرخ "إمام المسلمين" فزعا بأعلى صوته: "أين الغرض يا عبيد؟" فأجبته قائلا: "على الحمارة يا طويل العمر" حينها انبلجت اساريره، وناداني "ليوشوشني" وسألني في نجواه قائلا: "هل هي زينة!" فقلت له: "حوريّة يا إمام المسلمين" فاسرع في الظلام داخلا معها حتّى آخر الليل وفي الصباح سلمني اياها.. فخفت لو بقيت عندي أن يشيع الخبر فيقطع ابن طلال وأهل حائل رأسي ورأسها معاً، فأبلغت "الامام" مخاوفي وقلت له: "لا يا عبد العزيز.. لا يا امام المسلمين.. انني ماجئت بها إلا لك خاصة لتأخذها معك ولا يمكن ان أعيدها خوفا من انفضاح الامر وقد اتفقت معها مسبقا على أن تكون زوجة لك .. على الكتاب والسنة!".. فوافق عبد العزيز ضاحكا: "ما دام في الامر كتابا وسنة قبلناها".. لكنه طلب مني.. أن آخذها معي موقتا لخشيته أن يصبح الصبح عليها فينفضح أمره ويعرف الناس، ويقول الاخوان: أن عبد العزيز يزني.. وكذلك لا يريد أن يدخل حائل والى جانبه هذه القحبة الشهيرة فتبقى فضيحة.. فاخذتها تلك الليلة إلى بيتي محافظة علي وعليها وكلي وساوس أن لا يصدق عبد العزيز بوعده فتبقى المومس، وحينما قلت لها طارحاً سؤالاً عليها: كم هي المرات التي عبث بك امام المسلمين عبد العزيز تلك الليلة؟ أجابت بقولها "لقد أتعبني يا عبيد وأنا التي لا أتعب تصور يا عبيد أنها (12) مرة قبلا ودبرا.. فقلت لها لقد شوقتني كثيرا فدعيني اكمل البقية بالرقم 13 ليكون بذلك ذكرى لنا فربما اصبحت في المستقبل القريب ملكة للمسلمين!. وما لبث عبد العزيز حتّى بّر بوعده وارسل لها سيارة أقلتها إلى الرياض حيث أصبحت (ملكة) ووالدة لثلاثة من أولاده لا أشك أن أحدهم من صلبي ففيه كل ملامحي).. هذا هو موجز قصة (عبيد) مع عبد العزيز آل سعود.. أقحمتها في موضوع حائل.. لا أقصد من ذلك الاساءة إلى السيد (عبيد) فهو رجل "صالح!!" ندم على ما فعله من منكر بعد خراب "البصرة" كما يقول المثل.. انّما أردت من ذكر هذه القصة أن أبين مدى انحراف عبد العزيز وفجوره وسخافة عقله الحيواني وتفكيره الشهواني رغم كونه في أيام لا تسمح لقائد آخر في مثل مركزه بإتيان مثل هذه الفواحش بل ولا مجرد التفكير فيها أو التفكير بالجنس أيا كان مشروعاً أو غير مشروع.. وليعلم من لم يعلم عن فحشاء "الاخوان" الذين تحولوا عن حور "الاخرة!" إلى نساء شعبنا فقام حكمهم على الفجور… أما عبيد فقد انخدع من انخدعوا بالدعوة السعودية وجهل كما يجهل البعض من الشباب وارتكب ما ارتكب من آثام مع غيره بحق الوطن.. ولم تكن حادثة عبد العزيز آل سعود تلك الاولى والاخيرة من نوعها فهناك الكثير، وقد روى (هرب دكسون) المندوب البريطاني السابق في الكويت عن أحد القادة السعوديين ما سبق لي أن رويته في مكان آخر وأرويه بايجاز. يقول "هرب دكسون" عن هذا القائد السعودي: (لقد خدعنا بعبد العزيز بن سعود. فكان يعدنا بالزواج بالحور العين بالآخرة بينما يعتدي على نسائنا في الدنيا ويجيز له مشايخ الدين هذا بحجة أن ما يفعله عبد العزيز بنسائنا جائز لأنه يجوز للامام مالا يجوز لغيره) بهذا بدأ آل سعود حكمهم وأقاموا شريعتهم وبهذا يحكمون… وما أن استولى السعوديون على قرية عقدة وجبل (طي) حتّى باشروا بعدوانهم على النساء… بل وليست النساء فقط.. وانما جامع جيش الاخوان حتّى الاتانات والحيوانات الاخرى ويشمئز الإنسان من ذكر حوادث حصلت من هذا النوع حينما تقدم اصحاب حيوانات في قرية عقدة إلى الشرع السعودي والى عبد العزيز طالبين انصافهم ممن عاشروا اناث حميرهم وحيواناتهم من جيش الاخوان السعودي ذاكرين أسماءهم… وحكم بدأ بهذه "الاخلاق" المنحلة لابد وأن يقاتل من أجلها حتّى النهاية!.. ان الفواحش التي ارتكبها السعوديون في هذه القرى الواقعة في جوف هذا الجبل التاريخي العظيم كثيرة… ومنذ أن استولوا على هذه المواقع الجبلية الاستراتيجية الهامة بدأ يلوح لهم النجاح، ومن جبل طي انتقلت الخيانة والتآمر إلى قلب حائل، حيث قام عشرة اشخاص ممن يسمون انفسهم "أهل الرأي".. ونظرا لقربه من حائل فقد بدأت المساومة على دخولها بلا ثمن، فرتبوا معه خطة بأن يعملوا طريقة لنقل المقاتلين المخلصين من حائل إلى شمالها ويكون ذلك في قريتي (النيصية ـ والجثامية) ليخلوا لهم الجو فيدخل ابن السعود لاحتلال البلاد، وحدث هذا فعلا، إذ حدثت مناوشات في النيصية والوقيد والجثامية والصفيح فاتفق (كبار الجماعة) مع الحاكم ابن طلال على نقل كل الاهالي إلا القليل منهم إلى مسافة تبعد قرابة خمسين كم شمالا عن حائل ـ في النيصية ـ والجثامية والصفيح لمدة اسبوعين ثم قطعوا التموين والذخيرة عنهم، فأحس الشعب المقاتل بالخيانة تطعن ظهره، فطلب المقاتلون المبعدون في النيصية والجثامية والصفيح أن يعودوا إلى حائل ليتمكنوا من الدفاع عن العاصمة التي يحيط بجبالها الاعداء لأن ابتعادهم عنها سيعرضها ويعرضهم معها للهلاك في هذا المعزل.. ولكن ابن طلال الحاكم لم يستجب لأن كبار الجماعة القابعين في مرابعهم قد خدعوه بينما هم يراسلون الاعداء ويرون مالا يراه الشعب. الحاج "جون فيلبي" والشيخ "برسي كوكس" وآل سعود وراء العديد من حدادث اقتتال آل رشيد فيما بينهم مثلما اتضحت قصة اغتيال الامير عبد العزيز المتعب الرشيد في روضة مهنا بتخطيط من الكابتن جون فيلبي القائد الاعلى للحركة السعودية الوهابية، وكذلك قصة اغتيال خليفته ابنه متعب العبد العزيز وبقية اخوته الاطفال على أيدي أخوالهم بايحاء من فيلبي و"السلطان" عبد العزيز آل سعود، كذلك تمت قصة اغتيال ابنه الاخير سعود بن عبد العزيز المتعب آل رشيد برصاص ابن عمه عبد الله آل رشيد، الذي لم يكن دافع عبد الله الطلال لارتكابها أطماعه في الحكم وحدها بقدر ما كان دافعه "نزول الوحي الانكليزي السعودي الخفي" والموجه عن طريق مجموعة معروفة من العملاء السعوديين "الطابور الخامس في حائل.. خاصة بعد أن رفض الامير سعود العبد العزيز المتعب الرشيد طلبات "المس بيلي" في التبعية للإنكليز والتعاون مع ابن السعود.. "والمس بيلي" هذه عضوة "المكتب العربي" مكتب المخابرات الانكليزية في القاهرة التي سبق لها أن شكلت ما سمتها المخابرات باسم "رابطة أنصار الحرية في مصر" فخدعت بها بعض المصريين وضمت إليها عددا آخراً من غير المخدوعين ومن ثم انتقلت للعمل في فرع آخر للمخابرات البريطانية هو ما عرف باسم "المكتب الهندي".. هذه "المس بيلي" جاءت إلى حائل بعد اغتيال عبد العزيز المتعب آل رشيد الذي رفض التعاون مع الانكليز وابن السعود واتصلت ـ بخليفته وابنه ـ الامير سعود آل رشيد وقالت له : ( أن الانكليز سيمدونك بالمساعدات وسنلبي كل ما تريد في حال موافقتك على عقد معاهدة صداقة مع الانكليز واعترافك بأحقية حكم الامير عبد العزيز بن السعود على نجد).. فرفض الامير سعود آل رشيد هذا المطلب آل سعود، كما كان في رفضه بداية للتآمر عليه.. ولم يكن لعبد الله الطلال آل رشيد الذي اغتاله فيما بعد يد مشارة مع الانكليز أبدا ولكنه كان ضحية ايحاءات غير مباشرة من الانكليز بواسطة عبد العزيز آل سعود وتآمر وحرض للتخلص من سعود العبد العزيز الرشيد، نظرا لأن سعود الرشيد كان مجال الثقة والتقدير من أهل حائل وقبيلة شمر القوية وقد عرف عنه الحزم والشجاعة وطيبة القلب وحسن الادارة بالرغم من حداثة سنه.. بداية نهاية سعود آل رشيد بدأ المحرضون لعبد الله الطلال آل رشيد ضد ابن عمه سعود العبد العزيز آل رشيد لاغتياله والحلول محله دون أن يدرك عبد الله الطلال ان وراء هذا التحريض أيدي خفية انكليزية سعودية تريد الاطاحة بهذه العقبة (سعود الرشيد) ومن ثم تفريق قبيلة شمر، وذات يوم خرج سعود العبد العزيز آل رشيد بعد الظهر إلى جبال حائل في مكان اسمه "الغبران" وكان صائما، واصطحب معه عدد من مرافقيه وهم: سليمان العنبر ودرعان الدرعان وراشد الحسين والذعيت وسلامة الفريح ومهدي "أبو شرّين" بالاضافة إلى ابن عمه الفتى عبد الله المتعب آل رشيد البالغ من العمر 12 سنة (والذي اغتاله آل سعود فيما بعد عام 1946 .. فعرف عبد الله الطلال آل رشيد بخروج ابن عمه سعود فصمم على اغتياله، فلحق به في طريق الرحلة ورافقه حتّى المكان المقصود وهو "الغبران" في جبل طي، وكان يرافق ابن طلال خادمه إبراهيم المهوّس، وكانا مسلحين، أما الامير سعود آل رشيد فلم يكن معه وبعض رفاقه سوى سلاح الصيد، وكان الجميع ـ خيالة .. ووصل الجميع إلى الغبران، وجلس الامير سعود متكأ على صخرة بسفح الجبل وبالقرب منه الذعيت الذي قام يتمشى، وكذلك عبد الله المتعب الرشيد وعن يمنيه سليمان العنبر وعن يساره عبد الله الطلال الذي تأخر خلفه مسافة مترين وبجانب الطلال إبراهيم المهوس، وقد تفرق بقية المرافقين للتدرج بعيدا عن المكان غير مدركين لما سيحدث خلال دقائق!… وفي تلك اللحظات أخرج عبد الله الطلال برتقالة كانت معه ثم استأذن ابن عمه الامير ليضعها هدفا للرمي فوافق الامير سعود آل رشيد فصوب سعودا بندقيته نحو الهدف فأصابه بدقة، فوضعوا غيره فاستأذن ابن طلال لرمي الهدف!. فرمى الهدف وأصابه بدقة.. وما أن صوب الامير سعود آل رشيد بندقيته ثانية نحو الهدف حتّى صوب عبد الله الطلال بندقيته من خلفه نحو الهدف أيضاً بحجة الاستعداد لرمي الهدف حالما يرمي الهدف سعود الرشيد، وحالما رمى سعود الرشيد الهدف ثانية أطلق عبد الله الطلال من بندقيته نحو هدفه!.. وكان هدفه هو: رأس ابن عمه الامير سعود الرشيد، فسقط سعود في عبّ سليمان العنبر الذي ضمه وهو يردد: خير!.. خير!.. ظنا منه أن بندقيته رفسته!.. ولكنه ما أن رفعه حتّى رأى الدم يتفجر من رأسه ومن عنقه!.. وفي تلك اللحظة أمطر ابن طلال سليمان العنبر بست رصاصات أصابت ثلاث منها جنبه وثلاث منها قدمه، فتظاهر ـ العنبر ـ بالموت وارتمى فوق ـ الفتى ـ عبد الله المتعب الرشيد خوفا من أن يقتله ابن طلال، وحينها قفز القاتل إلى صهوة حصانه كما وثب خادمه ـ المهوّس ـ إلى ظهر فرسه وأخذا يغيران في سباق مع الريح نحو حائل ـ بغية الاستيلاء على الحكم.. لقد سمع بقية المرافقين أصوات الرصاص، لكنهم حاروا في أمرها فالهدف ما يزال قائما في مكانه لم يصب..، وصعد الذعيت الربوة للتأكد، وإذا به يرى عمه سعودا ملقى وبجانبه سليمان العنبر، فأسرع الذعيت ليستفسر، فرفع سليمان العنبر رأسه وصاح فيه.. قتلوا عمك سعود. الحق ابن طلال واقتله.. اقتله. فلحق به.. ووصل في نفس اللحظة مهدي أبو شرين، فأطلق الرصاص على ابن طلال وأصابه بقدمه فسقط من جواده فأسرع عليه الذعيت وأجهز عليه، ووجه ـ مهدي ـ فوهة بندقيته إلى المهوس ـ مرافق بن طلال ـ فارداه قتيلا.. واجتمع سليمان العنبر والذعيت ومهدي ودرعان وسلامة الفريح ومعهم ابن متعب وأتوا بسعود وبكوا عليه، فنهض سليمان وكان صاحب الكلمة فيهم وقال: ـ أترون البكاء مجديا الآن؟. لقد قتلتم المجرمين المعتدين، فانظروا في مستقبلنا ومستقبل حائل.. فقال الذعيت: ما رأيك أنت؟ قال سليمان: أخشى أن يكون عمل ابن طلال نتيجة مؤامرة خطيرة لقلب الحكم في حائل، فشقيقه محمد بن طلال بالبلد، ولعله احتل قصر الامارة وأخذ البيعة، وأرى أن يمضى أحدكم إلى المدينة سرا ويكشف الامر، فان كان ابن طلال قد انتزع الحكم هربنا من وجهه بابن متعب حتّى إذا قوي ساعدنا عدنا إلى حائل لنسترد الامارة، والا كفى الله المؤمنين شر القتال.. ووافق الجميع على رأي سليمان وانتدبوا الذعيت. ولبثوا مكانهم منتظرين يتدبرونه الامر حتّى رجع اليهم وأخبرهم ألا شئ في البلد، والناس لا يعلمون عن الحادث شيئا. فرجعوا إلى حائل يشيعون جنازة القتيل، ونصبوا عبد الله ابن متعب العبد العزيز الرشيد أميرا عليهم. وكان قتل سعود في سنة 1338 هـ (1920). عاش الفتى عبد الله المتعب وعمره (12 سنة) في مأساة الحكم الذي أخذ يسيّره العبيد، ورغم ذلك فان سيرة عبد الله ومظاهر حياته ونفسيته تشبه عمه سعود، وكان لين الجانب بالنسبة إلى أفراد آل رشيد وما فطروا عليه من الصرامة والعراك والقوة… أشار عليه بعض المتنفذين بارسال رسالة إلى ابن السعود يخبره بما حدث ويقترح عليه حقنا للدماء توقيع معاهدة بينه وبينه، ورغم أن مجرد ارسال رسالة من هذا النوع لخصمه تعتبر مظهر ضعف منه.. إلا أن المتنفذين رأوا بهذه الرسالة اتاحة الفرصة له لتجميع جهوده المبعثرة.. فارتأى ابن السعود قبول الصلح، ليتسنى له هو الآخر انجاز الطبخة، انّما بشروط مجحفة اشترطها على ابن الرشيد لما زعمه أنه من أجل سلامة البلاد النجدية واستقلالها عن الاجانب أو المنتسبين إلى الاجانب وبغيرها لا يمكن القضاء على نفوذ كل أجنبي! والشروط كتبها جون فيلبي وهي: 1 ـ بقاء آل رشيد في الحكم. 2 ـ استقلالهم التام في جميع الشؤون الداخلية المتعلقة بشمر وحائل فقط. 3 ـ عدم السماح لهم بمعاملة دولة أجنبية أو عقد معاهدة أو الاتصال بها بحال من الاحوال!.. 4 ـ أن يرجعوا إلى حكومة الرياض فيما يتعلق بالشؤون الخارجية جميعها. 5 ـ تتعهد حكومة الرياض ضمان سلامة حكومة حائل والقيام بالدفاع عنها إذا ما هوجمت من المعتدين!… ولكن قصر الامارة رأى في الشروط قيودا وسدودا تقيّد حائل وتقيد الحاضرين والقادمين من حكامها. وأقل ما يقال فيها انحطاط بكرامة من يقبل بها، لكونها الاقرار الواضح بالاستعمار السعودي الانكليزي.. وليست الشروط الثلاثة الاخيرة الا قيودا توضع في قدم حكومة حائل ـ فرفض القصر بكبرياء وصلف وأجاب في لهجة قاسية: أن حريته في ادارة شؤون الحكومة والبلاد لن يتنازل عنها مثقال ذرة لأحد مهما كان. وسيدبر نفسه بنفسه، ويسير على النهج الذي يرتضيه والسياسة التي ترضيه. فأشار جون فيلبي الذي كتب تلك الشروط الانفة الذكر ـ أشار بمهاجمة حائل، فجمع حوالي عشرة آلاف محارب وتقدم هذا الجمع اسما تحت قيادة عبد العزيز آل سعود أما الحقيقة فانه تحت قيادة جون فيلبي (فسار بهذا العدد الضخم يسيل في الصحراء حتّى وصل القصيم ونزل بها، وسيّر منها قوتين: إحداهما بقيادة محمد بن عبد الرحمن آل سعود ووجهتها إلى حائل وأمره بمهاجمتها وتطويقها وحصارها وقطع كل اتصال لها بالمدن والقرى ليسهل عليه احتلال المدينة، والثانية أمر عليها ابنه سعودا وأمره أن يمضي إلى شمر ويتخير وقتا ملائما للهجوم غرة حتّى لا يترك لها فرصة للتعبئة!)!.. أما عبد العزيز آل سعود فقد بقي ومعه مخططه ومستشاره جون فيلبي في القصيم بانتظار الغنيمة أو الهزيمة والهرب… فمضى ابنه سعود إلى شمر يقاتلها، وزحف محمد بجيشه الكثيف وطوق حائلاً وحاصرها حصاراً شديدا، وسلط عليها النيران كقطع الليل من أفواه المدافع والبنادق وشاغلهم بها ليل نهار.. فاحتار الفتى عبد الله المتعب، وجاء بعض المرجفين من الطابور الخامس في حائل إلى الأمير ابن متعب يطلبون إليه أن يعمل ما فيه خلاصهم! ليبعث إلى ابن سعود يجيبه إلى ما طلب سابقا ويعلمه قبول الصلح على الشروط التي اشترطها!.. وفشل عملاء آل سعود في حائل ـ الذين كانوا قد كاتبوا ابن السعود ليقوم بحصار المدينة… فشلوا في جعل عبد الله المتعب يرضخ لأوامر ابن السعود وأخيرا استطاع هؤلاء اقناع عبد الله المتعب بارسال كتاب لابن السعود يطلب الصلح، هنالك رأى ابن سعود أن ابن الرشيد لم يرضخ لمطالبه إلا تحت تأثير الضغط ومتى زال عاد يعلن العداء فلم يقبل منه وخيره بين الحرب أو التسليم بلا قيد ولا شرط… فجمع الشعب في حائل وعرض عليهم الامر فاختاروا الحرب ورفض التسليم بإباء، فبقيت الجيوش السعودية بقيادة محمد آل سعود محاصرة حائل، ثم توحدت القيادة العامة وأصبحت في يد سعود بن عبد العزيز بن سعود، وانتقل محمد إلى شقيقه عبد العزيز في القصيم ورغم شدة الحصار والمجاعة فقد صمم أهل حائل الابطال على الدفاع والقتال حتّى الموت، وعدم تسليم بلادهم للعدو ما دام فيهم نفس يتردد… وطفق الامير ابن متعب ينظم الأمور استعدادا للقتال وفيما هو ذلك إذ قدم من الجوف ابن عمه محمد بن طلال زاعما انّه قادم إلى حائل للدفاع عنها وعن أمته ويشارك ابن عمه الجهاد، وأظهر له الود كما تظاهر أمامه بالخضوع والاستكانة فارجف المرجفون بعبد الله المتعب وقالوا له: ان قدوم ابن طلال إلى حائل في هذه الظروف لا يقصد منه الا تولي الحكم وسوف لن يوفر دمك وسيفعل بك ما فعله أخوه عبد الله بن طلال قاتل سعود بن عبد العزيز بن رشيد، فاحتاط للامر ووضع الحراس من مماليكه الذين يثق بهم، لكن شبح ابن عمه محمد بن طلال عدو آخر أشد فتكا من الأول لمعرفته المقتل ولن يخطئه عندما ينتهز غفلته فيقتله، أما العدو المحاصر فبينه وبينه شعب يقاتل وأسوار وأبراج لا يستطيع تخطيها. وأما ابن عمه فكيف السبيل إلى اتقائه وهو داخل المدينة ومنزله قرب منزله، وربما غافل الحراس وفتك به أو سلط عليه أناسا غيره. هكذا رأى من الاصلح أن يسجن ابن طلال، فسجنه إلا أن العبيد أطلقوه!.. وأحضروا كبار رجال حائل وقربوا ما بينه وبينه، وتعاهدوا على الدفاع عن البلاد، فمضى ابن طلال يجمع قبيلة شمر استعدادا للمعارك القادمة!. فأزدادت شكوك عبد الله المتعب بابن عمه محمد الطلال وكان وراء هذه الشكوك من يذكيها… اللجوء إلى العدو الحقيقي غير أن عبد الله بن متعب رأى من الخير لنفسه أن يلتجئ إلى العدو الحقيقي (ابن سعود) ويسلم نفسه وحدها إليه ويدع مدينة حائل إلى أهلها يحمونها ولا يسلمها براً بقسمه إذ آلى على نفسه أنه لن يسلمها وفيه نفس يتردد وسيجد عند عدوه السلام والغنم إذا ذهب إليه طائعا!. أما إذا مكث في المدينة فلا بد أن يعتدي عليه ابن عمه ويقتله. هذا ما ظنه في أمره ولم يدر ما يصنع، فنادى سليمان العنبر، وخلا الاثنان فقال ابن متعب: ـ يا سليمان، الحال مثلما ترى وأنا بين عدوين فلا أستطيع قتل ابن عمي لمجرد الظن ولا أستطيع انتظاره حتّى يقتلني!.. وأردف ابن متعب يقول: لقد انتقض بعض الناس علينا، وكتب بعضهم إلى ابن سعود، وأخشى من ابن طلال، فما ترى؟… فرد عليه سليمان العنبر يقول والله يا عم لو طلبت أن أخوض معك البحر لما تأخرت، فافصح عن قصدك فأنا طوع بنانك!. ويقال أن عبد الله المتعب قال للعنبر أرى أن تمضي إلى ابن سعود ونسلمه أنفسنا ونترك البلد ينعي من بناه… فقال له العنبر: ـ كما ترى … قال عبد الله المتعب: ــ أعد أمرك، فسنغادر المدينة في الفجر والملتقى في خارجها… فقال له العنبر: ـ كما ترى، وليوفقنا الله.. فمضى سليمان إلى داره كاسفا مشغول الفكر ونادى ابنه "غاطي" وقال له: يابني سنمضي غدا إلى ابن سعود… فأجاب غاطي: أتستشيرني يا أبي قال: لا انّما أخبرك بالامر الذي نويناه على كل حال، فاستعد قال غاطي: والامير.!؟ فأجاب سليمان: معنا!.. فقال غاطي: صحيح.؟! قال سليمان: نعم… فتمتم غاطي… ثم قال: الله يكتب فيه خير!. والتقى الامير عبد الله المتعب وبعض رجاله وهم : درعان، والذعيت، وعبد الله آل بجاد، وصقيه (مملوك الامير) بسليمان العنبر وابنه في الموعد فجرا، ومشوا يريدون ابن سعود، وكلهم يمشي على قدميه، وعلم أهل حائل في الضحى بأمر الهاربين فقرروا اللحاق بهم وردهم إلى المدينة، ولكنهم تركوهم ـ أخيرا وكتبوا إلى محمد بن طلال الذي كان في البر يجمع قبيلة شمر لقتال ابن السعود، فتوجه ابن طلال إلى حائل ودخلها وتولى الامارة وقد سعت إليه من نفسها. لم يكن مع الهاربين زاد ولا ماء، فاشتد بهم العطش وأظلم الطريق والشائع أن هناك خطة سعودية لتهريب أمير حائل عبد الله المتعب، ويقود هذه الخطة سليمان العنبر، وانهم ركبوا الابل من حائل حتّى وصلوا مخيم آل سعود، لكن هناك حكاية يرويها آل سعود وقد نشرها أحمد عطار في كتابه، "صقر الجزيرة" الذي طبعه على نفقة الملك عبد العزيز آل سعود، تقول هذه الرواية السعودية (أنه حينما اشتد العطش بعبد الله المتعب وصحبه، قال أحدهم ـ وكان يعرف هذه الاماكن ـ ان هنا بئر خلف تلك التلول، فمشوا حتّى أتوا ووجدوا عليها بدوا كثيرا من جيوش ابن سعود يسقون، وسألوهم عن مقر "أميرهم" فدلهم أحدهم عليه وما كانوا يعلمون ان هؤلاء آل الرشيد وأشياعهم، ولو علموا لفتكوا بهم، فهؤلاء بدوا أجلاف غلاظ دأبهم الفتك والضراوة، وأهون ما عليهم سفك الدم… واستقبلهم الامير خير استقبال وأنزلهم في خير موضع، وبعث إلى الأمير سعود بن عبد العزيز السعود وكان القائد العام للجيوش السعودية يبشره بوصول ابن متعب ورجاله فبعث إليه أن أكرمهم وبلغهم التحية، فان رغبوا السعي إليه من توهم فليركبهم والا فليأخذ رأيهم، وألا يقصر في ارضائهم وتكريمهم… ورأى ابن متعب ومن معه أن يبيتوا ليلتهم بموضعهم فهم في حالة لغوب وتعب وقرروا أن يمضوا إلى سعود صباحا.. وزادت ضجة البدو واجتمعوا حول خيمة آل الرشيد يرددون صيحات الضراوة يريدون أن يفتكوا بهم فخرج اليهم أميرهم ووبخهم وطردهم وأفهمهم أنهم "مسلمون" يوحدون الله وأنهم أصبحوا صبيان التوحيد اخوان من أطاع الله ودخلوا في طاعة ابن سعود!.) هكذا تقول رواية آل سعود الاشرار في كتاب العطار!.. اخوان من أطاع الله!! ومضوا من الفجر إلى الامير سعود بن آل سعود وكان نازلا بقعاء فاستقبلهم استقبالا فخما، وبعد أن أقاموا أياما رجع بهم سعود كأسرى إلى الرياض واستقبلهم والده… والحقيقة أن آل سعود قد استفادوا من تهريب عبد الله المتعب فأخذوا معلومات كافية عن الاوضاع في حائل خدمتهم!… إلا أن محمد الطلال أخذ يقاوم ابن السعود، وينقل العطار عن ابن السعود قوله: ( والحق أن محمد بن طلال كان حازما قويا بعيد المرمى، شجاعا مقداما شديد الايد والصلابة، فيه صفات من عبد العزيز بن متعب بن الرشيد القتيل بروضة مهنا، وليس في أمراء آل الرشيد الذي جلسوا على دست الحكم من يشبه هذين الاميرين في الشجاعة والقوة النفسية والبطولة ـ وهما عبد العزيز المتعب الرشيد ومحمد الطلال آل رشيد ـ وكان محمد بن طلال أعقل وأحصف، ولكن: ما حيلة الرامي إذا التقت العدى وأراد رمي السهم فانقطع الوتر! هكذا كان الحال مع ابن طلال، فقد تولى محمد بن طلال والامر مدبر جد الادبار، والبناء واهي الأساس محطوم الجدار ولا يطيق الثقل الذي عليه، ولا يستطيع تداركه قبل الانهيار، ويحتاج إلى زمن طويل لاعادة البناء كما كان، وخصمه لا يعطيه الفرصة ولا يمكنه من البناء… وبالرغم من كل هذا فلم يفت في عضد محمد بن طلال بل وقف يدافع عن امارته بكل ما وهب من قوة وجلد حتّى أخذ. ولو تولى الامر والحال هادئ والبلاد منظمة لكنا لها شأن كبير في الانشاء والتجديد).. ومع ذلك فان شمر وأهل حائل استطاعوا بالقيادة الصلبة لمحمد جحفلا عظيما يسترد بعض ما اقتطع من بلاده ويؤدب الخونة ووضع عصا الترحال في الجثامية ـ وهي على بعد 40 كم من حائل ـ ونزلها بجيشه وعسكر بها يتجهز من جديد لحرب جديد مع آل سعود. ولقد ترامت أنباؤه إلى ابن سعود فبعث فيصل الدويش أحد شجعان العرب الاشداء على رأس سرية قوية ليحارب حتّى يأتيه بنفسه على رأس جنده!… ومضى فيصل والتقى بابن طلال في الجثامية وتقاتلا قتالا شديدا لم ينتصر فيه فريق على الآخر وتعادلت كفتا الخصمين، واستمرت المناوشات مدة. وعلى حين فجأة لم يشعر فيصل الدويش الا بابن طلال ينسحب إلى النيصية يتحصن بها، ولم يكن انسحابه عن هزيمة، انّما فكر في الامر دقيقا فوجد أن التحصن أجدر به، فقد أنبأته عيونه أن جيشا قادم من الرياض يتجه صوب الشمال وعليه عبد العزيز نفسه وبرسي كوكس وجون فيلبي، فخشي أن يقف سدا بينه وبين عاصمته ويقطع عليه خط الرجعة إليها. إلا أن ابن سعود فاجأ ابن طلال في أول المحرم سنة 1340 هـ بأسلحة انكليزية هائلة وجنود من البدو والحضر قوامهم /30000/ مقاتل واضطر ابن طلال من أجل ذلك إلى التقهقر والتحصن بجبل "أجا" ثم التراجع إلى حائل في حين أن ابن سعود تقدم بجيشه وحاصر حائلا وضواحيها وحصونها الخارجية ووحد القيادة تحت أمرة السير برسي كوكس الذي كان يقود (جيش الاخوان المسلمين) بنفسه يرافقه جون فيلبي وعدد من ضباط الانكليز وأصدر "تعليماته" إلى قواد الجيش بتطويق حائل من جميع جهاتها وقطع الطرق عنها لئلا تتلقى المدد من الميرة والذخيرة فيسهل الاستيلاء عليها نهائيا تحت تأثير هذا الضغط الشديد والتجويع… فركز جون فيلبي مدافعه على تل مرتفع تخويفا وأخذ يطلق قذائفها على السور أحيانا، ثم رتب قواته وجهزها ليهاجم البلدة هجوما عنيفا وأحاط جميع جوانبها بالمدافع لهدم السور وضرب المدينة، وبدأ الذين كانوا يراسلون ابن السعود ممن كانوا يسمون أنفسهم "كبار الجماعة" بدأوا يرجفون في المدينة، وذهبوا إلى ابن طلال يشرحون له الامر!. ملمحين إليه بالتنازل لابن السعود. فلم يرض أن يتنازل لخصمه، وأصر على الكفاح والذياد فاشتد غضب العملاء عليه حين رأوا اصراره ونفروا منه ولكن لا حول لهم ولا قوة وقد أمر البطل باعتقال بعضهم وقبض على الامر بيد من حديد وأخذ يقاتل مع الشعب، والحقيقة "ان حصار حائل قد كشف " للاخوان المسلمين "البدو" كذب الدعاية الانكليزية السعودية التي تقول ان (شمر وأهل حائل كفرة لا يؤمنون بالله!) وذلك حينما رأى البدو المآذن وسمعوا أصوات المؤذنين يردون نداء الصلاة (الله أكبر الله أكبر) فثاروا على ابن سعود والسير برسي كوكس وفيلبي، لكنهم وعدوهم بالانتظار يومين فقط!. لان أصحابهم في داخل حائل وعدوا بادخالهم دون معرفة ابن طلال وأهل البلاد… ويقول أحمد عبد الغفور عطار في كتابه السعودي (صقر الجزيرة) الذي أخذ عبد العزيز آل سعود يمليه عليه طيلة سنة يقعد ـ العطار ـ تحت قدمي الملك ليدون ما يقوله، يقول في الصفحة 327 (ولقد حاول السير برسي كوكس أثناء حصار حائل التوسط بين ابن طلال وابن السعود لكن ابن طلال رفض وساطة السير برسي كوكس في الصلح بينهما) وصمم ابن طلال على مقاومة آل سعود والانكليز، وقال لبرسي كوكس (أيها الانكليز انكم تكفروننا وأنتم كفرة… ولولا سلاحكم وقيادتكم فلن يصل عبيدكم آل سعود إلى حدود حائل.. اننا إذا سلمنا من الخونة في الداخل، فسننجح في هزيمتكم أو نموت بكرامة) والخونة الذين يقصدهم ابن طلال هم الذين كانوا يراسلون الانكليز وابن السعود، وهم الذين اقتادوا جيوش ابن السعود والانكليز من النيصية إلى الوسيطاء بين جبل طي وحائل غربا ليسهل دخوله من الجبهة الغربية الجنوبية… ومرة أخرى، تقدم عدد من "كبار الجماعة" وفد مقدمتهم إبراهيم السالم وحمد الشويعر ونصحوا ابن طلال (بأن ينقذ نفسه وعاصمته ورعيته من البلاء المحدق وان يستسلم ويسلم البلاد لآل سعود).. فرفض البطل محمد الطلال بكل شهامة ـ رغم كل الظروف ـ رفض أن يستسلم!… فخرج إبراهيم السالم وحمد الشويعر وعدد آخر سيأتي ذكرهم ممن كانوا على صلة قديمة مع ابن السعود (وكان يعدهم ويمنيهم ويغريهم بتسليمهم حكم البلاد وأكبر المناصب في سلطنته بعد سقوط حائل بيده) خرج إبراهيم السالم السبهان وحمد الشويعر ومن معهما من عند ابن طلال وكتبوا رسالة لعبد العزيز آل سعود يقولان فيها: (ان ابن طلال في حالة نفسية غريبة لا يجدي معها التفاهم وهو عازم على قتالك ومعه من يفضلون الموت على دخولك للبلاد، وفي حال نجاحه وفشلك سوف يكون مصيرنا الموت… سيقتلنا لانه اكتشفنا جميعا اننا معك وهو يعد الآن سيفه لرقابنا، وما عليكم الا أن ترسلوا لنا قوة من جهة الزيارة لتنطلق من هذا المكان لفتح حائل واستلامها) .. وما أن استلم عبد العزيز آل سعود رسالة إبراهيم السالم وحمد الشويعر المرسلة له مع عبيد الملسماني وهو يقيم في الوسيطا واطلع عليها برسي كوكس وجون فيلبي وبقية "الخبراء" العرب ـ حتّى أقروا ارسال قوة مكونة من ألفي رجل تحت قيادة عبد العزيز بن تركي وسعود الكبير ـ ابن عم ابن سعود ـ وسلطان بن بجاد، فاستقبلها مندوبون عن إبراهيم السالم وحمد الشويعر في الزيارة لتتسلل داخل مدينة حائل فتحدث بتسللها الضغط الاخير على ابن طلال… وفي هذا الاثناء تقدم عبد العزيز بن إبراهيم ـ وهو عميل سعودي اشتهر بالاجرام ـ وكان يظهر الصداقة لابن طلال بينما هو يعمل لحساب آل سعود ـ تقدم " ينصح" ابن طلال بالاستسلام، فدار بينهما نقاش حاد انتهى باقناع ابن طلال ـ كما يزعم ابن إبراهيم ـ بقوله (قال لي ابن طلال اكتب خطاباً إلى ابن سعود بما تريد وأنا أوقعه)… ويقول العميل ابن إبراهيم ـ (انني قلت لابن طلال: ـ ومع من تبعث بالخطاب؟.. فقال: معك) ـ فقال ابن إبراهيم ـ (قلت له ان كنت أنا الرسول فلا حاجة إلى الخطاب!. انما أعطني خاتمك المنقوش عليه اسمك ليكون شاهدا على التفويض فأعطاني الخاتم ونصحته بأن يثبت على كلامه وأن لا يستسلم "للمفسدين" الذين يريدون حرب ابن السعود!)… وفي الحال غادره ابن إبراهيم ليقابل الطابور الثاني إبراهيم السالم وحمد الشويعر فأخبرهما فاستبشرا!.. ومن ثم تحرك ابن إبراهيم لمقابلة عبد العزيز آل سعود والسير برسي كوكس وجون فيلبي في ضاحية حائل بالوسيطا، فعرض عليهم خاتم ابن طلال!. ووافق عبد العزيز آل سعود وكوكس وفيلبي على شروط ابن طلال وقد اتفقت هذه الشروط مع ما سبق أن اتفق عليه عبد العزيز آل سعود والذين راسلوه من "الوجهاء" وفي مقدمتهم إبراهيم السالم السبهان وحمد الشويعر وهي كما يلي: 1 ـ أن لا يولى على حائل أحد من غير أهل حائل يعرفونه ويرتضونه، ويكون لهم الخيار باستبداله بغيره حينما يرون منه ما يوجب تغييره.. 2 ـ أن لا يخرج الحاكم عن حدود الشريعة السمحاء. 3 ـ أن يقوم أهل البلد بتشكيل مجلس شورى من أعيان البلد. 4 ـ أن لا تصادر أراضي حائل وشمر والرعية للاسرة السعودية أو لأي فرد من أتباعها. 5 ـ أن لا يحدث أي سوء لمحمد الطلال وجميع أفراد أسرته وأصحابه وأهل حائل وشمر وكافة أفراد رعيته وأتباعه ـ والمماليك ـ وكل خصم أو صديق في معيتهم وكل محارب وغير محارب، وأن يترك ما مضى وألا يلتفت إلى الوراء، وأن يعيش ابن طلال وأسرته بعد استسلامهم معززين مكرمين وفي حالة يرضونها… فنقل عبد العزيز بن إبراهيم ومعه عبد العزيز بن مساعد الجلوي هذه الاتفاقية الموقعة من عبد العزيز آل سعود إلى محمد الطلال والى إبراهيم السالم وحمد الشويعر وجمعوا جمعاً كبيرا من الناس وقرأوها عليهم للتهدئة.. وبعد هذا سلم ابن طلال نفسه وأسرته إلى ابن مساعد واتجه بهم إلى حيث يقيم عبد العزيز آل سعود وبرسي كوكس وجون فيلبي وجموع حراسه وجنوده الذين قالوا: (انهم كانوا يتوقعون الفشل في دخول حائل لو لم يمكنهم من الدخول جماعة من أهل حائل وفي مقدمتهم إبراهيم السالم وحمد الشويعر)… وفي رأيي: أنه لا إبراهيم السالم ولا حمد الشويعر ولا غيرهما يستطيع منع انهيار حكم حائل، فالحكم بطبيعته قد انهار، وحينما ينهار أي جسم من الاجسام فلا محالة من أن يأكله الدود أو آل سعود واليهود… تحفز آل سعود و"صحابتهم" لدخول حائل وبدأ عبد العزيز آل سعود وبرسي كوكس وجون فيلبي وقادة "الاخوان" يتحفزون للدخول إلى حائل والخوف والترقب ظاهر على وجوههم لانهم حتّى ذلك الوقت كانوا يعتقدون أن كل ما جرى مجرد خدعة من ابن طلال للايقاع بهم. وقال ناصر الدوخي أحد المقاتلين مع ابن السعود: (لقد كنا نستعد للرحيل عن ضواحي حائل وان عبد العزيز بن سعود كان يتوقع تطويقه، ولو أن هناك مقاومة حدثت في اليومين السابقين لدخول ابن السعود إلى حائل لهربنا، لكن جميع "المناظر" مراكز الحراسة والدفاع عن حائل قطعت عنها المؤن والذخيرة من الداخل واستدعى كل من فيها من قبل الذين كانوا يتعاملون مع ابن سعود في حائل).. ويقول فهد المشاري أحد المسؤولين عن مراكز الحراسة في حائل: (لقد خلصت ذخيرتي وجماعتي فطلب مني إبراهيم السالم السبهان ـ بصفته المسؤول عنا ـ التوجه إلى مدينة حائل ومقابلته لاستلام ذخيرة، وحينما دخلت بيته وجدت ـ سعود العرافة آل سعود ـ في بيته ـ فقلت هذه خيانة كبرى: كيف تدخلون سعود العرافة، آل سعود في حائل ونحن ما زلنا نقاتل هؤلاء الاعداء؟. فقال: "إنها ليست خيانة انها حقن دماء"!. قلت: والله لو أن في بطن بندقيتي "أم خمس" رصاص لافرغته في رؤوسكم ولكن لا شئ فيها!..).. قد تكون غلطة من هؤلاء لا خيانة وان ما فعلوه في مراسلة ابن السعود ما هو الا مجرد "اجتهاد منهم" وانها ليست خيانة في نظرهم، لكن الخيانة وليدة الأخطاء وخطأ واحد يمهد الطريق إلى خيانة كبرى… خاصة فيما يتعلق بمصائر الاوطان… دخول ابن السعود وبرسي كوكس وفيلبي إلى حائل ودخل ابن السعود "وصحابته" برسي كوكس وجون فيلبي وقد لبسوا "العبي" العربية.. وأسدل الستار السعودي على ـ حائل ـ وكانت أوخم "دخلة" لنهاية كفاح دام مئات السنين وكانت بداية احتلال في يوم مشؤوم هو يوم 29 صفر 1340 هـ الموافق 2 نوفمبر 1922 م. وقد ولدت بعد العام بعام واحد ونظر لي أهلي كما ينظرون أهل حائل "لمواليد السقوط" سقوط حائل … نظرة عدم استحسان، وكأنهم يريدون أن لا تلد بطون النساء أحداً بعد سقوط حائل بيد الاعداء!… مواليد السقوط ولذلك نرى الشيوخ من أهالي حائل يؤرخون مواليد ما قبل هذا اليوم المشؤوم " يوم سقوط حائل" بيوم السقوط، وما قبل السقوط، وما بعد السقوط، فالذين ولدوا ما قبل سقوط حائل ينظر لهم نظرة استحسان وهم الذين كان لهم شرف الدفاع "اللهم إلا أولئك الذين تعاملوا مع ابن السعود"… أما الذين ولدوا بعد السقوط فهم في نظر الشيوخ أقل شأنا مما يجب .. وعندما يعيب الشيوخ أي عمل أو قول من أعمال أو أقوال الشباب فانه يزدرونه بقولهم (أو هـ… لا يلام هذا الفتى لأنه من مواليد السقوط)! أي أنه لم يقدم لموطنه شيئا من التضحيات ولا غرابة منه إذاً أن يقول أو يفعل مالا يرضى عنه!!.. كما نرى أن كبار السن من أهالي حائل يتشاءمون من شهر (صفر) من بدايته إلى نهايته!. لكونه شهر الاحتلال السعودي… وكانت جدتي حسنا السعيد تجمع معظم نساء حيّنا يوم كل خميس وخاصة النساء اللاتي قتل آل سعود أولادهن وذويهن ـ وتلقي فيهن محاضرات ، أذكر منها قولها: (أنحس الاشهر الملعونة هو شهر صفر، في هذا الشهر تقوم القيامة ويفنى العالم في هذا الشهر!…. في هذا الشهر سالت الدماء غزيرة من أهلنا وأحباب قلوبنا.. في هذا الشهر تولى بلادنا اليهود آل سعود!).. ثم تختتم جدتي كل محاضرة من محاضراتها مهما اختلفت بدعوة النساء إلى رفع أيديهن إلى السماء والدعاء على آل سعود بالدعاء التالي: (اللهم انصرنا على اليهود آل سعود… اللهم لا تجعلنا نموت قبل أن نرى يوم ذهابهم آمين يا رب العالمين!..) .. وهناك عماتي ـ رقية وسلمى ولطفية ـ وقد قتل آل سعود اخوتهن: عبد الله وسليمان وعيسى السعيد في معركة النيصية، فلا تقل احداهن شأنا "في الدعاء"! واثارة الناس ضد آل سعود!. وأول مرة دخلت السجن السعودي كانت مع جدتي وعمري سبع سنوات ووقتها كنت أتأثر بكل ما تقوله جدتي من حكايات عن جرائم آل سعود وكانت جدتي جريئة في مقارعة الرجعية أكثر بكثير من معظم الرجال… فلا زلت أذكر ما فعلته جدتي بخادم الملك عبد العزيز آل سعود رغم كونها تحت حكمه وفي أوج جبروته، وكان عمري لا يتجاوز سن السابعة ـ حسب ظني ـ حينما طرق بابنا بشدة دلت على أن الطارق من خدم "الشيوخ" ـ أي الحكومة ـ فلخدم الحكمة طرقات يعرفون بها تحدث من صوتها الرعب للناس وتدل على فظاظة الحكم وعنجهيته، ومن تلك الطرقات عرفت جدتي أن الطارق هو خادم "الحكومة" لكنها لم تشأ قطع صلاتها، فتلك الصلاة كانت زائدة عن الصلوات الخمس مخصصة للدعاء بزوال حكم آل سعود وصب جام اللعنات ضدهم أثناء الصلاة. ولم تستعجل جدتي بل أنهت صلاة "الدعاء" المعتادة تلك، وكان الباب لا زال يقرع بشدة، ففتحت الباب وإذا بها أمام وجه (ابن مصيبح) خادم الملك، بيده السيف وباليد الاخرى زنبيل "قفة" يحتوي على قرابة الخمس كيلات من القمح "تصدق" الملك عبد العزيز علينا كما تصدق بمثلها لغيرنا وبمناسبة زيارته "المقدسة" لحائل… وقدم الخادم تلك القفة لجدتي بسخرية قال فيها (لماذا لا تفتحي الباب؟..). قالت (انني أصلي).. قال الخادم (لماذا هذه الصلاة والوقت ليس وقت صلاة؟!) .. قالت جدتي: (ان هذه الصلاة هي صلاة الضحى وهي مخصصة للدعاء عليكم وعلى حكمكم بالزوال الذي قاتلنا بتهمة "أننا كفرة مشركين ولا نعرف الصلاة" والآن تمنعنا عن الصلاة!). فرد الخادم وقال: (لولا أن عمرك أكثر من ستين سنة كنت قطعت رأسك!).. قالت جدتي: (يا كلب اليهود.. ايش تبغي الآن؟!).. قال الخادم بغضب شديد: (خذي هذه الصدقة من طويل العمر، وادعي له بالعز وطول العمر بدل ما تدعي عليه وهو الذي ما نسي أحداً فيكم رغم أنكم أعداء الله ورسوله!).. قالت جدتي بسخرية غاضبة: (طويل عمر!. ادعي لطويل العمر؟!… وما زلنا أعداء الله ورسوله؟!) ثم تراجعت جدتي إلى الوراء قليلا وأمسكت بعروتي القفة وفتلتها وأومأت بها بشدة وسرعة وقذفت بها وجه (ابن مصيبح) خادم الاحتلال السعودي فضربته ضربة جعلت خادم "الشيوخ" يدور حول نفسه ويسقط سيفه على الأرض. وكانت تلك الضربة قوية رغم كبر سن جدتي، فتطاير القمح بحيث لم تلتق حبة واختها في نفس الطريق!.. بهت الخادم من تلك المفاجأة غير المتوقعة من تلك العجوز التي لم تكتف "بالدعاء" والضرب بل أمسكت بسيفه لتضربه به، لو لم يستخلصه منها وهي تصرخ ممسكة بثيابه تمزقها وتصب جام لعناتها المتواصلة عليه وعلى سيده الملك عبد العزيز ووكيله في حائل عبد العزيز بن مساعد الجلوي، متسائلة بعد ذلك بقولها: (هل تريد يا خادم الظلم مني أخذ هذا القمح كصدقة من سارق كبير؟. أم أخذه كدية لدماء عبد الله العيسى وعيسى السعيد وابني الذي قطعتم رجله في معركة النيصية مع بقية الاهل والجيران وأبناء بلادي الذين قتلتموهم بتهمة الكفر والالحاد لأنهم دافعوا عن الوطن؟ أم آخذها كفدية لاحتلاكم الوسخ للوطن؟.. اذهب فما زالت دماء الالاف في النيصية والجثامية والوقيد والصفيح وسلمى واجا باقية لم تنس تلعنكم، اذهب وقل لسيدك الطاغوت عبد العزيز ان حسناء ورقية وسلمى وبقية عجائز حائل ونساء حائل أكثر ذاكرة من بعض الرجال الذين باعوا وطنهم بينما استمات رجالنا دفاعا عنه وماتوا دونه).. قال لها الخادم: (ألا تخافي من عقبى كلامك هذا؟). فازدادت حنقا وهي تهتف باصقة بوجهه: (ماذا بقي لنا حتّى نخافكم يا مجرمين؟ رح راحت روحك وروح من أرسلك يا عبيد جون وكوكس) تقصد (جون فيلبي وبرسي كوكس).. ثم أطبقت الباب بوجهه.. وبعد ساعتين من ذهاب خادم الاحتلال السعودي، عاد ومعه خمسة خدم أجلاف مثله فاقتادوا جدتي وأنا معها إلى قصر ابن مساعد حيث أمطرها بأقصى المسبات ثم أمر بسجنها وأنا معها، فدخلنا السجن وهو عبارة عن غرفة نتنة قذرة فيها (حطبة) مصيدة توضع بها أقدام السجناء، الا أنه في المساء أفرج عنا بواسطة بعض الجماعة، ثم أعادونا مرة ثانية إلى ابن مساعد ليودعنا بلعناته القذرة وتهديداته لجدتي حيث اتهمنا هذه المرة بتهمة خطيرة وهي (تحريض الله سبحانه وتعالى على ولاة الأمور الصالحين!). فردت جدتي عليه بقولها: (ان لعناتك ترجع عليك.. ونحن ندرك أنكم تملكون الموت والحياة، لكنه لا فرق بين الموت والحياة عندنا فالموت أفضل لنا من وجوهكم بعد ما حل بنا ـ بعد ذهاب أعز أهالينا… وأنا العجوز لا أملك غير دعوات رب العالمين بزوالكم).. فدفعها الخدم وأنا معها من الدرج، وذهبنا حتّى وصلنا بيتنا فوجدناه مليئ بالرجال والنساء ينتظرون عودتنا بالاكبار والتقدير.. وكانت كلماتها تلك دروسي الاولى في مقاومة آل سعود فتطورت تلك الدروس إلى وعي أشمل لمشاكل الشعب كله والوطن والامة والانسانية التي لا ننفصل عنها.. ومن يتلقى أولى دروسه من امرأة لن ينساها ـ خاصة ان كانت تلك المرأة أما أو جدة ـ فللام والجدة من قوة التأثير ما ليس للمعلم.. والأم والجدة ان صلحتا صلح النسل وان فسدتا فسد النسل… ومواقف جدتي تلك التي كانت أشرف من مواقف جامعة الدول العربية في محاربة الرجعية والاستعمار تذكرني بما قرأته عن الشعب الاسبرطي الذي عاش قبل ميلاد السيد المسيح وكانت له بطولات عظيمة مدهشة ولم يكن خلف تلك العظمة والبطولات غير النساء.. كان وراء تلك البطولات تربية أمهات) أولئك الرجال وقوة تأثيرهن في تلك الامة.. مما دفع حكامهم حينما عرفوا ماللام من قوة تأثير إلى سن ذلك القانون الفريد من نوعه حيث نص هذا القانون (على ان كل مرتكب ذنب لا يعاقب. بل تعاقب والدته) إلى حد أن نص هذا القانون: (على جلب والدة المذنب إلى الساحة العامة للمدينة وجلدها أمام الناس جزاء لسوء تربيتها لابنها أو بنتها) مما زاد حرص كل أم مهملة لتحسين تربية أطفالها وجعل كل ـ ابن امرأة ـ يحسب ألف حسان لتمتدح أمه ولكيلا تجلد أمام ـ أم خطيبته ـ وحبيبته وأصحابه فيسجل التاريخ عار أمه التي تساهلت في تربية ابنها وطنيا فتساهل هو في حقوق شعبه وأمته … وبذلك أصبح الجميع أبطالا.. لا شك أن في ذلك القانون من الإجحاف ما يتنافي وعصرنا هذا فيما لو أراد أي حاكم تطبيقه الا أن ما أتمناه هو أن تكون هنالك قوة شعبية تتمكن من تطبيق هذا القانون بأمهات الحكام العرب لعلنا نجد مهم من لا يهادن الرجعية كما لم تهادنها جدتي التي كانت أكثر شجاعة من معظم الحكام، حيث لم تهادن جدتي الرجعية ولم مرة ولم تقبل من الرجعية أي عون، ورغم تأييدي لنظريات جدتي في آل سعود وفي معظم الحكام الا أنني لا أؤيد ظنها بأن ما وقع في حائل وقراها من مجازر سعودية رهيبة يقع لسواها.. فما من منطقة في بلادنا قد نجت من مظالم الطغيان، وهناك مظالم ومجازر سعودية أخرى ارتكبها حكم الطغيان في أماكن أخرى كثيرة من الجزيرة العربية… إلا أن ما وقع في حائل شئ رهيب يحتاج وحده إلى كتب كثيرة، وما نكتبه الان ما هو الا أمثلة تذكرنا بسقوط حائل، وتذكرنا بمظالم آل سعود في حائل، وتذكرنا بمشاريع آل سعود في حائل!، تلك المشاريع "العظيمة" التي قد أولاها آل سعود بالغ اهتمامهم تمشيا بوصية والدهم في السلب والنهب والقتل، ووالدهم في السلب والنهب والقتل، ووالدهم عبد العزيز هو صاحب مشروع (أخذناها بالسيف) بل صاحب أول مشروع طبقه في اول يوم لسقوط حائل حيث لم يخلو بيت من البيوت الا وفقد منه ستة أشخاص أو ثلاثة أو واحد على الاقل… حينما دخل عبد العزيز وكوكس وفيلبي حائل في اليوم الذي دخل فيه عبد العزيز آل سعود "وصحابته" حائل تقدم عبد العزيز آل سعود "وصحابته" حائل تقدم عبد العزيز آل سعود المنحل "بمشروع حيوي جداً!!".. فما هذا المشروع؟.. المشروع كان زواجه ـ اكراها ـ وشبيه بالاكراه ـ بمجموعة من النساء من ضمنها بعض نساء آل رشيد .. وبالطريقة السعودية المعروفة.. وهي الاغتصاب باسم الكتاب والسنة!.. تعبيرا عن فرحته في يوم كان كله حزن ومصيبة بسقوط القتلى.. وسقوط الوطن وسقوط الكرامة وكانت تلك أول صدمة لمن تآمروا مع ابن السعود وأحلوه في حائل خلسة وغدرا.. لكن واحدة من النساء التي أراد اغتصابهن لم تتحمل أن يوجه لها هذا الحيوان السعودي المتوحش تلك الاهانة ولم تقبل بمرور لحظات سروره الماجن دون الثأر لكرامتها وكرامة شعبها ولو بأي طريقة من الطريق وحسب المستطاع… فزفّت إليه العروس اغتصابا… وكانت قد اخفت مخرزا بيدها… وما أن حاول الحيوان السعودي الاقتراب منها حتّى أغمدت مخرزها في عينه تصرخ: "لن تقرب مني أيها الملعون".. وهكذا فقد عبد العزيز آل سعود عينه. فلسطين في عيني! وهي العين التي أشار باصبعه عليها عندما جاءه وفد فلسطين عام 1947 طالبا قطع البترول عن الغرب والصهاينة للضغط على أمريكا!!! ـ وقال عبد العزيز قولته المشهورة (انني أحافظ على فلسطين في عيني … ولن تضيع فلسطين الا إذا ضاعت عيني هذه!) وضاعت فلسطين كما ضاعت عين عبد العزيز.. وعندما قيل لعبد العزيز بعد ضياع فلسطين، لقد ضاعت فلسطين التي تعهدتها بعينك، قال: لن أكون أول من أضاع فلسطين ولا آخرهم… أما عن المرأة الشمرية التي أضاعت عين الطاغية عبد العزيز فلم يجرؤ هذا الطاغية على أن يمسسها بسوء لشعوره بالذنب والجريمة ولخشيته من تسرب الخبر... وقد اعتبرها اهانة له في هذا اليوم "من امرأة عربية شمرية" أرادت الاخذ بثأر رجالها عندما خانهم بعض الرجال بقصد ساذج أو خبيث بل أشاع هذا الطاغية ان ما حدث لعينه لم يكن الا (نظرة من عين حسود أصابته بعينه لهذا الانتصار!!) فسرح المرأة فورا… ولا أقول طلقها لأنه ليس بينه وبينها عقد زواج كما هو الحال في كل زيجات آل سعود (ألا يجوز أن يقال أنهم بهذا أولاد زنا؟).. أما عن أهمية سقوط حائل بيد الاحتلال الانكلو سعودي.. فقد قال السير برسي كوكس (لقد انتهى عهد الرعب وشغلنا الشاغل ـ انتهت حائل وقبائل اسمها شمر لم نحس قبل سقوطها بالاطمئنان… حقا لقد كان عبد العزيز المتعب الرشيد مستهترا حينما قال له بعض أصدقائه بعد أن استولى ابن السعود على القصيم: دعنا نقاتل ابن السعود ونهاجمه فنحن قوة وابن السعود لا زال ضعيفا قبل أن يمده الانكليز ويصبح في عيونهم شيئا، فكان رد عبد العزيز ابن الرشيد ساخرا من الناصحين بقوله ـ ابن سعود أرنب مجحِره ـ ابن سعود لا يمكن أن يفلت من يدي، أي أن ابن السعود أرنب في جحرها وما دامت الارنب في جحرها فهي مضمونة للصياد وسأصطادها متى شئت!. وكان قد اصطاده ابن السعود).. بعض الاسماء من آلاف الشهداء وها هي الآن أسماء بعض الآلاف الذين استشهدوا في مجازر النيصيّة والجُثامية والصفيح والوقيد وضواحي حائل وسهالها وراحوا ضحية الواجب الوطني ـ والغدر الانكليزي السعودي الآثم، ومنهم: الشهيد فهد سليمان العيسى، والشهيد فهد العْبِدَه، والشهيد صالح العيد، والشهيد عبد الله العيسى السعيد، وعيسى العيسى السعيد (رصاصة حطمت فخذه وتوفي منها فيما بعد بالعراق) والشهيد حمد العلي السعيد، وسليمان السيعد، وعنبر العنبر وسليمان النودلي ومجول العيد الزويميل وشائع الملق وعبده الفائز ودعسان الهمزاني وسعود المطيلق ومرجان بلال المرجان (أشعلوا فيه النار هو وسبعين شخصا معه) وصالح الضبعان (ورفاقه ثلاثون شخصا مثلوا بهم حتّى ثيابهم) ومهدي البلال، (والعودي وأولاده ـ وجماعته وعددهم 47 شهيدا جمعوهم وأحرقوهم بالنار) والشهداء دعيع وطاهر، ومهدي أبو شرين وسلامة وشقيقه ناصر العنبر وجابر الشعلان وحماد الشعلان وعثمان المشاري ومسفر المتعب ومنديل المهوس وفهيد المنيع وفالح الحيص وعامر وغانم الكوش ومرشد المسلط وعبد المحسن الشومر (وجماعته مائة وستون أحرقوهم بالنار أحياء) وابراهيم العريفي (ومائتان وثلاثة وأربعون معه قتلوهم وسرقوا ثيابهم وأحرقوهم) هؤلاء ممن استشهدوا في مجزرة النيصية، أما الذين استشهدوا في مجزرة الجثامية فمنهم الشهداء: رعاف الغلث وفرج السعود وساطي المسيعيد وثاري البجيدي وعلي العايد وفهد السعيد وسالم الطالب وفهد الهشال وجروان الاحمد وسليمان المهدوس وفرج الجيش وابراهيم السهيل وعلي الجميعة وابراهيم الصلحاني وخلف النعيم وعبد الله البريك، وغيرهم من الآلاف الذين سيكتب الشعب أسماءهم العربية في سجل الصديقين والخلود مع (400 ألف شهيد) من أبناءه في كافة أنحاء الجزيرة العربية قتلهم الآثمون السعوديون والانكليز في معارك تربة والطائف والجوف والحفر والحجاز ونجد ومن معظم القبائل.. كما شردوا من شعب الجزيرة العربية ما يزيد عن المليون ونصف مليون مواطن إلى أنحاء آسيا وافريقيا وكافة البلاد العربية.. وهناك بطولة استشهاد لا ينساها شعبنا.. تلك هي بطولة استشهاد القائد البطل ضاري بن طواله رئيس عشيرة (الأسلم) من قبيل شمر.. لقد نزح ضاري بن طواله مع من نزحوا من عشائر شمر عن حائل لخلاف بينه وبين سعود آل رشيد، ولكن ضاري بن طواله ما أن علم بحصار حائل من قبل السعوديين حتّى توجه من الكويت إلى حائل رغم ما بينه وبين آل رشيد من خلاف جعل ابن الرشيد يهدد ضاري بن طوالة بالقتل… توجه البطل ضاري بن طوالة ليدافع عن حائل، وأخذ واخوته يحارب كل من في طريقه من السعوديين وأتباعهم حتّى وصل إلى يا طب (30 كم تقريبا شرقي حائل) وهو يقاتل الخونة بشدة. وفي ياطب أطلق عليه أحد عملاء الانكليز السعوديين الذين رافقوه رصاصة غادرة أردته قتيلا.. ولم ينس حتّى وهو يلفظ أنفاسه الطاهرة أن يوصي قومه بمواصلة القتال في سبيل الوطن.. وكانت آخر كلمات هتف بها البطل واختلطت بحشرجات روحه الطاهرة قوله المأثور: (هذا هو عذري منك يا حائل. هل تقبلين بهذا العذر؟. أنني مت دفاعا عنك ولم أخونك ولم اتركك وحيدة ولو لم يقتلني هذا الشقي اليوم في حماك لكتب لي الموت غدا في جوفك فو الله لن أقف على قدم من بعد سقوطك ولن أحيا بعد ان يتسلمك الاعداء وان تركتك غضبا على حاكمك فلم أتركك غضبا عليك) فلتعش يا ضاري بن طوالة البطل مع الشهداء والصديقين خالدا شهيدا.. ولم تكن قصة هذا البطل هي الفريدة من نوعها على ابناء شعبنا.. فكم من جندي باسل شجاع استشهد.. أما من نجا من المجاهدين في حائل، فلم يستسلموا للطغيان السعودي، بل ذهبوا إلى الحجاز ليشاركوا شعبنا هناك شرف الجهاد. ونذكر منهم البطل الشهيد صالح السعد الله الذي لم يستسلم للسعوديين فهرب من حائل إلى الحجاز ليشن هجمات فدائية على مخيمات ومدافع الانكليز وابن السعود في الرغامة بجدة حتّى استشهد البطل هناك بعد أن شن هجمة من هجماته المتعددة على مخيم ابن السعود نهارا حينما ألقى بقنبلة من يده على شخص اسمه صالح الذعيت كان زميلا لصالح السعد الله في الجهاد وهرب مع الامير عبد الله المتعب الرشيد قبل سقوط حائل فبقي مع ابن السعود وقد اتهمه صالح العبد الله أن الذعيت قد أصبح يحارب مع ابن السعود ضد شعبنا في الحجاز رغم أن الذعيت هو الذي سبق له قطع رأس الكابتن شكسبير قائد جيش الاخوان السعوديين.. فهجم صالح السعد الله على صالح الذعيت مقتحما تحصينات الانكليز وابن السعود وتحدت مع الذعيت وجها لوجه بقوله: (انا صالح السعد الله يالذعيت هل تذكر جهادك الأول: هل تذكر أنك أنت الذي هجمت بسيفك على مدفع الانكليزي شكسبير قائد جيش ابن سعود وذبحته في معركة جراب التي هزمنا فيها جيش العدو الانكليزي عبد العزيز بن سعود؟.. اخس يالذعيت يا بياع بلاده.. ولكن خذها ثمنا لخيانتك يالذعيت).. فألقى عليه قنبلة مزقت أحشاءه.. ثم راح البطل صالح السعد الله يهرول ويحمي مؤخرته بعض رفاقه… ولكن رصاصة سعودية غادرة لحقت به من الخلف فأردته قتيلا.. واستشهد البطل ولم ترفع جثته من الأرض التي سقطت عليها مدة تزيد على شهر، حتّى أنها تيبست دون أن تدور أو تلحق بها عفونة.. أما قبائل شمر المجاهدة فقد هاجر منها قرابة الخمسين ألفا إلى العراق وسوريا والاردن.. أما ابن السعود فقد خان كل عهوده ومواثيقه "ولحس" تلك المعاهدة التي وقعها هو والمتآمرين معه بقصد أو غير قصد.. ولكنه وضع الشيخ إبراهيم السالم السبهان حاكما على حائل إلى حين. وخان عبد العزيز آل سعود عهده ومعاهداته بعد أن قال عبد العزيز آل سعود في كلمة ألقاها في حشد من أهل حائل: (أنا لا أريد أن أنصب عليكم من لا ترضونه ـ يا أهل حائل وشمر ـ وقد قال لي البعض نصّب علينا أحد أفراد أسرتك لكني أقسمت أن لا يحكمكم أحد من أفراد أسرتي لأنني غير آمن أن أولي عليكم احدا منا والسبب قد لا تستطيعون شكواه الينا فيما لو ظلمكم وأخل بهذه الشروط بيننا وبينكم أو ارتكب أي ذنب لأننا ندّعي أننا أخذناكم بالسيف، فالحقيقة أنه لو ما تفاهم عقلاءكم لطالت الحرب بيننا وبينكم وربما ننجح بدخول حائل وربما لا ننجح، ولكن هذه ارادة الله!.. وقد وافقنا على كل طلباتكم وهذا هو إبراهيم السالم منكم وفيكم اطلبوا منه ما تريدون وما ترونه نافع وهو سيوصل الامر الينا)!.. الخ.. فلا تعجب لهذه الحيل والخداع السعودي.. فالاحتلال السعودي ما قام الا على الحيل والخداع وما زال الخداع شريعته. وفجر عبد العزيز بقسمه ونقض اتفاقيته مع أهل حائل وتبعته ذريته من بعده وما هي الا مدة قصيرة جدا حتّى عزل ـ ابن السعود ـ "صاحبه الحائلي" إبراهيم السالم السبهان واستبدله بابن عمه جزار منطقة حائل الشهير عبد العزيز بن مساعد الجلوي الذي أخذ يسوم الشعب وقبائل شمر والمواطنين سوء العذاب والارهاب ويسرق خيرات الأرض وحقوق الفلاحين والبادية والمواطنين ويعتبر أن الأرض كلها ملكه قد أقطعه اياه ابن عمه عبد العزيز آل سعود ، وكذلك البراري كلها حماه لا ترعى به إلا أغنامه وابله وخيوله التي صادرها من القبائل والمواطنين، والويل لمن يمر من البشر في هذه الأرض التي سماها "حماه".. وخابت آمال الذين دخلوا ابن السعود إلى حائل ظانين انّه سيورثهم الأرض ومن عليها!.. وقد نلتمس العذر لهؤلاء "الرجال" الذين سلموا "أمهم" حائل لابن السعود وعلوجه بغفلة من اهل حائل، وقد زعم هؤلاء الذين "قادوا" ابن السعود (انّه سيبدل صحاريها بجنات تجري من تحتها الانهار..) ولكن حائل لا زالت كما كانت عليه من ظلم وتأخر وأمراض وابن مساعد وآل سعود.. ولن يغير ما فيها من وباء الا وجه الاشتراكية الاكرم بقيام ثورة عربية جمهورية، وقد اثبت التاريخ ان الشعب في حال لم يرضخ لطغيان عائلة آل سعود، فكم مرة ثار وثارت قبائله ثورات هزت قوائم عرش الظلم رغم أنه لم يكتب لها النجاح لأنها لم تتجاوب معها بقية الأقاليم والقبائل. ثورة غُريّب العفري من هذه الثورات، ثورة الشهيد البطل غريب العفري الشمري الذي أعجز الطغيان السعودي وجزاره عبد العزيز بن مساعد الجلوي مدة من الزمن رغم أنه لم يكن مع هذا البطل الا شقيقه دغيليب وخمسة من ثوار شمر الاحرار، وقد وقع في كمين نصبه له عدد كبير من خدم ابن مساعد فشدوا وثاقه وساروا به ليلا حتّى شارفوا على مدينة حائل وعندها اطمأنوا فناموا وتركوا البطل الذي لم ينم، وبينما هم يغطون في نومهم لحق بهم شقيقه دغيليب العفري الذي كان يرقبهم ويتتبع خطاهم، وقطع قيد أخيه وقاما معا بتجميع سلاح خدم ابن مساعد ولما انتهيا من تجميع السلاح كله صرخ فيهم "غريب" قائلا: (أنتم تنامون لأنكم لا تذكرون لكم بلدا يحتلها آل سعود.. وتنامون لانكم خدم للمعتدين آل سعود.. أما أنا فلا أنام، وان نمت أحلم ببلادي وأفيق على هذا الحلم الذي يفزعني ولهذا أصبحت شجاعا أستطيع أخذ أسلحتكم منكم بالايمان القوي، أما أنتم فلا تستطيعون استعادة أسلحتكم مني وأنتم جمع غفير لانكم خدم الاعداء كما قلت، خدم الطغاة الذين يركضون بلا هدف خلف ثائر مثلي لتسليمه لاسيادهم مقابل أجر تافه يدفعه لهم الطغاة. لهذا تنامون وان نمتم فلا حلم لكم الا "بالشرهة" والاجرة التي سيدفعها لكم ابن مساعد مقابل القاءكم القبض على ثائر شريف. لكني لن أترككم تقبضون أجركم كثمن لرأسي الثمين ولن أقتلكم رغم أنكم تريدون قتلي، فاذهبوا إلى سيدكم وأخبروه.. اذهبوا بلا سلاح وبلا ابل تركبونها..) بعد ذلك ساقهم بعيدا بعد أن طلب من كل واحد منهم أن يربط يدي زميله إلى ظهره وتركهم.. وراح هو وشقيقه في سبيلهما الثوري.. أما الخدم فراحوا إلى الجلاد ابن مساعد الذي حلق ذقونهم وسود وجوههم كعقاب لهم وجلدهم وأعادهم لمطاردة الثائر مرة أخرى مع عدد أكبر منهم بقيادة ناصر بن دوخي، ومع ذلك فلم يتمكنوا من اصطياد البطل، رغم أنهم طوقوه من كل جانب الا بعد أن انتهى ما معه وشقيقه من ذخيرة حيث أصيب شقيقه ذغيليب وتمكن من الهرب أما غريب فقد اقتادوه الزبانية إلى جزار حائل ابن مساعد. فأرسله مكبلا بالسلاسل إلى ساحة السوق، وكان البطل يسير بين المواطنين وهو يدرك أنه يتجه للقاء الموت، لكنه كان يبتسم بكل شجاعة وايمان فالتفت إلى الخدم الذين ضايقوه وقال: (لا تفرحوا يا خدم المجرمين فان لي جماعة سيأخذون بثأري)!… وكان يعني "بجماعته" جموع الشعب التي كانت تنظر له باعجاب بينما هو مقيد بالحديد!، وكنت آنذاك صغير السن، أقف بين ذلك الجمع الكبير الذي شاهد اطلاق الرصاص في رأس هذا البطل، لكننا ماذا نملك غير ترديد اللعنات على آل سعود بأصوات عالية مع كل رصاصة تنطلق صوب رأسه وصدره الشجاع وراح البطل غريّب العفري شهيد شعبه، هذا الشعب ـ الشهيد ـ الذي قدم الالاف من أمثال غريب العفري، ممن خلقوا في نفوسنا ثورة منذ سني الرضاع الاولى. لن تنطفي نارها حتّى تحرق الظالمين ويسود شرع الاشتراكية العظيم.. والشعب في حائل لا يكن لعهد الحريم أي احترام فعندما توفي الطاغية عبد العزيز واستورث ابنه سعود الشعب والارض والعرش من بعده وأخذ يدور على كل المناطق مخادعا الشعب بطلب "البيعة" منه لم يبايعه الشعب وانما بايعه نوع معين من المتزلفين.. ولم أنس تبرم الشعب في حائل عام 1373 ـ 1954 بمثل هذه "البيعة" التي جاء سعود يطلبها منهم!، وكنت وقتها منفيا من الظهران إلى حائل بعد أن قام العمال باضرابهم الشهير بتاريخ 167 اكتوبر عام 1953 مطالبين باخراجنا من سجن العبيد حيث لم يرجع العمال إلى العمل ولم يتوقفوا عن الاضراب الا بعد الافراج عنا.. وبعد أن أفرج عنا أخذت علينا تعهدات بأمر الملك سعود بواسطة ـ عبد الله بن عيسى وكيل الامن العام الذي أخذ هذا التعهد علي ـ ونصه: (أنا الموقع فلان.. أتعهد للدولة بأنني لن أخرج من خلف سور حائل وان خرجت من منفاي هذا فإنما أهدر دمي وأحل للحكومة قتلي)!.. فأمرني وكيل الامن العام في الظهران بتوقيع هذا التعهد والحديد ما زال بيديّ والقيد برجلي كما وقعه بقية الاخوة فوقعته وضحكت وقلت: ـ ان هذا التوقيع أو عدمه سوف لن يمنع العصابة السعودية من قتلي إذا أرادت وانما هو احتياط شكلي اتخذ للافراج عنا والتخلص منا بعد موقف العمال الابطال، والذي أضحكني هو ما ذكر بهذا التعهد السعودي: "سور" حائل فرجال هذه العصابة لم يعرفوا أن هذا السور قد هدم منذ أول يوم للاحتلال السعودي المشؤوم.. وقد أخبرت وكيل الامن العام عبد الله بن عيسى بذلك وقلت له: (ان هذه الدولة التي أخذت علينا تعهد الموت جاهلة في بلادنا وخبرتها عتيقة!).. ووصلت إلى حائل مقيد اليدين بتاريخ 10 نوفمبر عام 1953. وفي الطريق بلغنا نبأ وفاة الطاغية عبد العزيز من الاذاعة في ضحى 9 نوفمبر 1953. ولم أخف سروري بهذا النبأ ولم أترحم على الطاغية طبعا وانما جهرت باللعنات عليه أمام جمع من شعبنا احتشد في مدينة بريدة حول السيارة التي نقلتنا إلى حائل.. وبلغنا أن الملك سعود سيقدم إلى حائل لاخذ "البيعة" له بعد والده ورأى بعض الاخوة أن أعد كلمة البلاد ـ أي كلمة الشعب ـ لا لقائها أمام الملك، وأعددت الكلمة. وعلم حاكم حائل جزار الشعب عبد العزيز بن مساعد الجلوي بذلك فاستدعاني لمقابلته، وقابلته في قصره وطلب مني أن أعرض الكلمة عليه فعرضت كلمة موجزة لم يفهم منها شيئا لانه لا يفهم (أي شئ خلف القتل والارهاب وتجميع صفائح الذهب وممارسة النكاح وامتلاك الجواري والعبدات) فقال لي: (يجب أن تحذف منها كلمات الفقر والجهل والمرض)!.. وأردف يقول: ـ (ولا تلقيها باسم الشعب والعمال وأهالي حائل وانما باسم، الامير ابن مساعد والامارة، ويكون القاؤها في قصر الامارة عندما يزورنا الملك في القصر فهذه كلمة زينة!) قلت له: لا ـ طال عمرك: بعض أبناء الشعب طلبوا مني القاء الكلمة باسم الشعب وسوف ألقيها باسمه أما كلمة الامارة فهناك من يلقبها غيري.. ولما رأى الطاغية ابن مساعد اصراري ردَّ علي وهو يهز رأسه غير معجب بمعصيتي له بقوله (بهواك بكيفك) قلت: هذا هو كيفي، وانسحبت منه، وفي يوم 10/12/1953 وصل ركب الملك سعود إلى حائل وشيد له السرادق في جنوب حائل في مكان اسمه "نقرة قفار" فألقيت كلمة أمامه لم ينتبه لما جاء فيها نظرا لكثرة الضوضاء وازدحام الخدم حوله وعدم وجود مكبر للصوت ونظرا لقلقه وخوفه ولأنه "متعب" كما يقول.. وتحرك ركبه حيث ضربت الخيام لخدمه وأتباعه في مكان اسمه "الوسيطاء" غربي حائل وأصدر أوامره باحضار عدد من الحريم إلى قصره المتنقل معه أينما حل وارتحل والمسمى باسم (الصالون) وأحيانا باسم (الحمام).. وتزوج تلك الليلة بثلاث من النساء على الطريقة السعودية المعروفة. وفي يوم 11/ 12/1953 وجهت له دعوة من قبيل مدرسة حائل، وقمت باعداد تمثيلية بعنوان: الفقر والجهل والمرض ـ لتمثيلها أمامه غير أن الاوامر أتت قبيل وصوله بالغاء هذه التمثيلية… وفي الساعة الواحدة ظهرا وصل الملك إلى المدرسة المذكورة وحضر جمع غفير من أبناء حائل بالاضافة إلى من حضر معه من أخوته وجزاريه وخدمه ومنهم عبد العزيز بن مساعد. فألقى الزملاء بعض كلمات الترحيب أمامه. وما أن جاء دوري في الكلام حتّى أمر خدمه بايقاف ما تبقى لأن "جلالته" كما يقولون "متعب" ويريد انهاء هذا الحفل، وحاولت أن ألقيها ولكنني منعت من قبل العقيد المرحوم محمد الذيب ياوره الخاص، فدفعت الذيب بيدي وتقدمت للملك وقلت: ان لدي "كلمة يا طويل العمر" وقد منعني حرسك من القائها بحجة أنك متعب وشعبنا في حائل يعلم أنك لم تأت هنا للسياحة وشم الهواء وانما جئت لأخذ البيعة وفي هذه الكلمة التي منعت من القائها أشياء مهمة عن البيعة يجب سماعها لأنك كنت متعب يوم المجئ ولم تسمعها… وكان الملك قد أعطى الاوامر لقيامه… و تحرك بالفعل من مقعده لترك المكان ولكنه عاد للقعود ثانية وقال (تفضل تفضل ألقها) وهذا نصها: كلمة الشعب (باسم الله الحق، باسم العمال المعذبين، باسم الفلاحين الذين أصبحوا فريسة للمرابين… باسم الجنود الظافرين، باسم البدو المشردين، باسم الشعب العظيم، الشعب الذي حرم من نور العلم طويلا يا طويل العمر!!. يا سعود بن عبد العزيز.. دعني أناديك باسمك المجرد من الجلال والجلالة (فزخرف القول غرورا) والذي لا يجله شعبه لا تجله الالقاب الزائفة بل ولا يجله الله أبدا!!. ان رضى الشعب هو رضى الله!.. ولن يرضى الله سبحانه لمن لا يرضى عنه شعبه لذا، أقول لك… يا سعود؟.. هل تجشمت مصاعب الطرقات الخربة الوعرة ذاهبا إلى الحجاز وتهامة جنوبا عائدا إلى الجوف وحائل في أقصى الشمال متجها إلى القصيم ونجد، والاحساء والقطيف والجبيل في سواحل الخليج العربي شرقا. أقول: هل تجشمت هذه المصاعب والطرقات الوعرة الخربية "يا وريث الملك من أبيه" بقصد الدعاية لنفسك أم الترفيه عن نفسك؟، إذ ليس في مئات المدن والقرى والصحاري التي مررت بها الا الفقراء الذين رأيتهم ـ يمدون أيديهم المقطوعة والموشكة على القطع ـ يمدونها اليك ضارعين من الفقر والجوع والمرض والجهل اللعين… وكان بامكانك أن تقطع هذه المسافات بالطائرات، لكنك قطعتها بالسيارات… ولهذا نحاول اقناع أنفسنا: بأنك جئت حسب الظن بقصد الاطلاع على ما يلاقيه شعبنا في كل أنحاء بلادنا المنكوبة المرزوءة بالظلم والعراء والمرض والشقاء والفقر والبطالة وخراب الديار، وعرفت أنت بنفسك بعد أن تكسر العديد من سياراتك بهذه الرحلة أنه لا يوجد طريق واحد معبد في البلاد كما تعرف أنت أنه لا يوجد علاج ولا معالج ولا ماء نظيف صحي ولا دواء ولا عمل ولا مساكن تليق بالانسان وكرامة الإنسان. وهذا ما جعلك تسكن في الخيام في كل مدينة تحل بها بما فيها حائل، لعدم وجود ما يصلح لسكناك كملك من مساكن شعبنا الحقيرة… وكنت قد أعددت مع أخوة لي من الطلاب تمثيلية بعنوان: "فقر وظلم وجهل ومرض"، لا عرض أمامك بطرق تمثيلية هذه المهازل والجرائم التي يلاقيها كل شعبنا حضره وباديته الكريمة من جراء الادواء الاربعة اللعينة… الجهل .. والمرض.. والفقر والحكم الباطل الذي خلق الاربعة وغيرها، وفي النهاية أعرض كيف يكون القضاء على هذه الادواء وأسبابها وأبيّن أخيرا أنه لا طريقة للقضاء على هذه الامراض اللعينة ومسببيها إلا السيف… أي الثورة على هذه الادواء.. وأدعوك يا سعود ان شئت إلى أن (تقوم بهذه الثورة أنت) رغم علمي اليقين على من لا يعيش الالم تحقيق الامل… كنت أريد أن أعرض عليك يا سعود هذا في تمثيلية الفقر والجهل والمرض والظلم لعلك تضحك فتتذكر فتبكي ـ ولكن التمثيلية ألغيت في آخر لحظة لانك مرهق ـ كما قيل لي ـ بالاضافة إلى عرض هذه عليك علانية وبهذه الجدية، فصديقك من صدقك.. بالامس الأول كنت قد ألقيت كلمة البلاد وقلت فيها بعض ما أقوله الآن وكان مطلعها موجه: باسم حائل قراها وباديتها.. باسم العمال المشردين… باسم الشعب العظيم، غير أنك لم تسمعها جيدا لكثرة ضوضاء المكان.. ولقد عجبت عندما نودي علي يوم أمس في قصر الامارة ليدفع لي مبلع 500 ريال سعودي ويدفع للخطباء الآخرين 200 ريال ولما سألت عن السبب لدفع هذه المبالغ قيل لي انها ثمن الخطب!.. أما أنا فرفضتها بالطبع رفضا لا عودة فيه وقلت: ان كلام الشعب لا يباع ولا يشترى وانما ينفذ بالقول والعمل، ولو أردنا الدراهم لعشنا كما يعيش أصحاب الملايين بما عرض علينا من مقاولات في شركة أرامكو، لكننا كنا ننفق مرتباتنا كلها على الحركة ولمصلحة العمال وكنا نبقى بلا طعام الا ما يتفضل به اخوتنا العمال علينا باطعامنا مما يأكلون ولهذا فقد شردنا وعذبنا وسرحنا من العمل وقيدت أيدينا وأرجلنا وأعناقنا في مقبرة سجن العبيد وصدر أمركم باعدامنا ـ كما بلغنا ذلك من وكيل الامن العام في الظهران ـ .. لو لم تحدث معجزة الافراج عنا نتيجة اضراب العمال الذين لم يجعلوا لهم من مطلب سوى اخراجنا من السجن، حتّى أن العمال قد سجنوا سجنا جماعيا خلف الاسلاك الشائكة في وهج الشمس المحرقة وقطع عنهم الماء ومنع الطعام ثم سمح لهم أخيرا بالطعام ـ ولكنه طعام السم يا سعود ـ هل لاتصدق؟. لقد وضع لهم السم في طعام ذلك المطعم المسمى (مطعم أبو ربع ريال) ومات سبعة عشر من العمال، وقد أسعف الباقون بغسيل بطونهم، وادعت شركة أرامكو الاستعمارية أنه حدث لهم تسمم غير مقصود لأن قدور الاكل غير نظيفة!، ولكنه تأكد من أقوال أحد الاطباء العرب الفلسطينيين الذين يعملون لدى شركة أرامكو نفسها وكشفوا، ضمن الاطباء الذين كشفوا على حالة العمال المتسممين، أن التسمم حادث عن سم حقيقي عثروا على بقيته وثبت هذا وعلى أتم استعداد لأن أثبت لكم كل ما أقول… ولا غرابة، فهذا جزء مما يلاقيه عصب الحياة وأشرف خلق الله: العمال.. العمال الذين هم الشعب كله.. العمال الذين أخرجوا هذا البترول وما يتبع البترول من نعيم لينعم به غيرهم، أما هم فلهم السم الزعاف.. انني أحدثك يا سعود بما حدث وما سيحدث إذا استمرت الحال كما هي عليه الآن.. لقد انتهى عهد والدكم عبد العزيز المظلم وجاء عهدكم الزاهر كما يقال… كان كل من يرفع يده أو رجله باشارة عدل أو يحرك لسانه أو طرفه بشهادة حق فقد رأسه أو يده أو رجله باشارة عدل أو يحرك لسانه أو طرفه بشهادة حق يفقد رأسه أو يده أو رجله أو لسانه أو عينه اما بمغريات المال واما بالسيف المميت.. وإذا حدث لكم "المبايعة" مكان والدكم فلا يعني ان هذه "المبايعة" هي: استبدال عهد مظلم بعهد مظلم.. لهذا نرجوا أن يكون عهدكم الجديد زاهراً ـ كما يقولون ـ لأنه ما من أحد منا زار بلدان العالم أكثر منكم ولعلكم بهذه الزيارات قد عرفتم أو سمعتم أو رأيتم كيف تحكم بلدان هذا العالم وتساس.. بل ان هناك بلدانا أخذت استقلالها قريبا أو أنشئت من عدم، فأصبحت أكثر من بلادنا تقدما وازدهارا وتحررا وحرية واسلاما!.. ولهذا نريد من عهدكم أن يكون زاهرا!.. ولا يمكن لأي عهد أن يزدهر ما لم يقر بحقوق الشعب، كافة حقوق الشعب، ويتسلم لاشعب ادارة بلاده بنفسه وعقله وأيدي أبناءه المخلصين، ولمن يحقق هذه المطالب.. يمنح شعبنا الثقة ـ لا ـ البيعة ـ فالبيعة عادة لا تأتي الا عن طريق البيع والشراء.. والبيع والشراء لا يذكر ـ الا ويذكر إلى جانبه العبيد ـ والمال خراب الذمم… أما الثقة فتمنح بناء على ما يلي: 1 ـ شهادة حسن السيرة والسلوك القويم للشخص الذي يمنحه الشعب ثقته ليكون لها أهلا… 2 ـ ايمان من يُمنح الثقة بالمثل العالية والمبادئ الإنسانية العادلة التي جاء بها الرسول والانبياء. وبعد هذا نطرح فيما يلي: مطالب شعبنا التي بموجبها يمنح الثقة لمن هو أهلها ليكون الشعب وحده هو المسؤول عن حكم نفسه بنفسه.. 1 ـ اقامة مجلس للشعب أي "برلمان" حر ينتخب الشعب أعضاءه انتخابا حراً ممن رضي الشعب عنهم. 2 ـ يضع أعضاء هذا البرلمان الحر بعد انتخابهم دستورا للبلاد تحكم البلاد بموجبه ولن يشذ هذا الدستور عما جاء به القرآن الكريم والاحاديث النبوية الصحيحة وروح العدل الذي دعا بها رسل الحرية والانسانية.. 3 ـ يسن هذا البرلمان الشعبي كل القوانين والمراسيم والتشريعيات التي ستلغى بموجبها جريمة بيع وشراء الإنسان للانسان، جريمة تجارة الرقيق الذي لا يوجد في أي بلد من بلدان العالم كما يوجد في بلاد كان شعبها فيما مضى قد حرر الإنسان من عبودية في ثلاثة ارباع العالم.. انها بلادنا وشعبنا يا طويل العمر؟…

4 ـ يسن ممثلو الشعب في مجلس الشعب قانونا يحرم جريمة قطع الايدي والارجل فهذه الجريمة لا تطبق إلا بحق العمال والفلاحين والجنود والعاطلين عن العمل من أبناء البادية المعذبين ومن لا يجدون لقمة العيش، والمضحك أن من يطبقها هم الذين ينص القرآن الكريم على أن تُطبق بحقهم.. أنهم اللصوص الكبار الذين اصبحوا حكاما. 

5 ـ تلغى عقوبة جلد المواطنين بالطرقات وغير الطرقات وتستبدل بالاعمال والتعليم والتهذيب مكان التعذيب، وتحال السجون إلى مدارس لا يدخلها إلا من تثبت تهمته بعد مذكرة توقيف عدلية وبعد التأكدات اللازمة والتحقيق النزيه بأنه يستحق حكم القضاء… 6 ـ يصدر قانون عمالي ينص بانتخاب نقابات عمالية نزيهة يجمعها اتحاد عمالي واحد نزيه يكون هو المسؤول أمام الحكومة ويتولى الدفاع عن حقوق العمال المهدورة التي ستبقى مهدورة بدونه إلى الابد. 7 ـ الغاء اتفاقية قاعدة الظهران الذرية والاستغناء عن الجيوش الامريكية الاجنبية بجيش عربي قوي مسلح باقوى واحدث انواع الاسلحة يحمي البلاد التي لا يمكن أن تحميها قوى الاجانب والاعداء الذين باعوا واضاعوا فلسطين العربية والتي لا يمكن لها أن تعود الا بقوة العرب ووحدة سلاحهم وأرواحهم. 8 ـ انشاء صناعة خفيفة وثقيلة في كل أنحاء البلاد والبحث عن المعادن وإدخال أبناء البادية في هذه المصانع. فأبناء البادية يكونون 60 بالمائة من مجموع الشعب كله ويلاقون من العذاب أقسى ألوانه. 9 ـ انشاء بنوك زراعية لاستصلاح الاراضي البور واقامة المزارع وتسليمها لجموع الفلاحين الذين هم واقعون تحت انياب الوحوش من تجار الربا، وتوطين قسم من أبناء البادية المعذبون في هذه الاراضي ليفلحوها.. أما القسم الآخر فيصبحون في المصانع عمالا. 10 ـ اصدار قانون يفرض التجنيد الاجباري فرضا على كل مواطن (ولا أقول كل مواطن ومواطنة لأن هذا القول سابق لأوانه في مثل وضعنا الحاضر) ليصبح الشعب كله مسلح أمام الاعداء وليس في هذا ما يخالف تعاليم النبي العربي محمد بن عبد الله كما يفتي البعض وهذا ما فرضه علينا الدين. 11 ـ اصدار قانون يفرض التعليم الاجباري على كل ذكر وانثى في كل مراحل التعليم فهذا ما فرضه النبي محمد علينا فرضا: (طلب العلم فرض على كل مسلم ومسلمة). 12 ـ اصدار قانون ينص على اطلاق الحريات الديموقراطية ومنها حرية الصحافة والاجتماع والتعبير ومنع العدوان على حريات الآخرين. 13 ـ اعادة العمال المسرحين إلى أعمالهم، ونحن منهم وعدم تسريح أحد من العمال لكيلا يكون علاة على هذا المجتمع.. وعدم نفي أحد أو أسقاط الجنسية عن أحد. وعلى مثل هذه الاسس المشروعة في الشرائع العادلة ووثيقة حقوق الإنسان يمنح الشعب ثقة الشعب ـ لا يبعيها ـ للحاكم الذي يحافظ على هذه الثقة ولا يبيعها هو أيضاً… هذا هو الرأي الآني للعمال المشردين يا سعود، رأي الفلاحين المعذبين ورأي الجنود ورأي سكان الصحراء من ابناء البادية الذي سبق لبعضهم أن قاتل إلى جانب هذا الحكم السعودي ولا زال يطحنهم ظلمه البغيض، وأخيرا، مرحبا بك في بلد الكرام المضياف ـ حائل الجميلة العظيمة ـ حائل بلد الشجعان، حائل الجزء الذي يلاقي ما يلاقيه غيره من بقية أجزاء الوطن من مظالم وفقر وجهل ومرض عّم انحاء الجزيرة العربية كلها ولا قضاء عليه إلا بحدوث معجزة… زلزلة تزلزل الماضي والحاضر.. فيحيا من يحيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة وتبنى البلاد من جديد لتعيش في جنة المستقبل … جنة المساواة… جنة الكفاية والعدل… جنة يتساوى فيها الناس في خيرات بلادهم، في كل ما في باطن الأرض وما عليها وما فوقها لكيلا يعيش من لا يعمل عالة على من يعمل، بينما العدل هو أن لا يعيش من يعيش عالة على كدّ الآخرين.. كما تقول الآية: (وان ليس للانسان إلا ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الاوفى)… والسلام على من اتبع الهدى. (11/12/1953 م) الساعة السادسة عصرا بالتوقيت المحلي غضب الملك وأفتى باعدامي كان هذا هو النص الحرفي لكلمة الشعب التي ألقيتها أمام الملك سعود في حفل مدرسة حائل ـ ولا داعي لاعادة نشر الخطاب الأول الذي ألقيته قبل هذا بيوم واحد هو يوم وصول الملك سعود لحائل نظراً لما بين هذا وذلك من تشابه، وهذا الخطاب كان سبب تعرفي بالضابط الحر محمد الذيب رئيس حرس الملك الخاص الذي اغتاله ـ آل فهد ـ عام 1959 في المانيا الغربية بحقنة لم تكن الاولى من نوعها وانما سبقتها محاولات أخرى كان قد اطلعني الشهيد الذيب عليها وقد التقينا في طهران مرارا وفي الرياض ومنها ثلاث مرات في بيت الشهيد الحر عبد الرحمن الشمراني، وكان الذيب هو الذي ابلغني بالامر الملكي الصادر بقتلي ليلة 11/6/ 1956، واختفيت من غرفتي بينما واصلت الاتصالات بالعمال حتّى اضطررت لمغادرة البلاد يوم 18/6/1956. فاعود الآن إلى يوم 11/12/ 1953 وموقف الملك سعود من تلك الكلمة سالفة الذكر… لم يتركني الملك أتممها.. بل أخذ يصرخ بقوله (كفى كفى أنتم مجرمين أنتم مجرمين أنتم مفسدين) وتلا الآية القرآنية كإيذان بقتلي: (إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتّلوا أو يصلبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) ولكنني لم الق له بالا فقد استمريت في قراءة كلمتي رافعا صوتي إلى أعلى موجاته متجاهلا قول الملك رغم سماعي له جيدا لحرصي على اكمال كلمتي إلى النهاية لانني لو توقفت فسأعطي الملك فرصة لمغادرة المكان ومقاطعته للكلمة، وقد بلغت بي الاحاسيس وقتها أن الملك سيقتلي فاردت أن ابّين للناس: على أي شئ يُقتل مثلي وبذلك اكشف لبعض المخدوعين عن جنون ملوك آل سعود وغدرهم، وكيف أن أحدهم حين يستولي على المُلك اغتصابا ويعتبره ارثا لأخوته ثم يأتي الملك المغتصب الجديد ليضحك على السذج طالبا منهم البيعة!.. أي بيعة هذه؟.. وقد قلتها له قلت: (لا بيعة ولا شراء.. بل ثقة الشعب يمنحها لمن يخدم الشعب لا لمن يخدمه الشعب)!… وبلغ بي شعور اللامبالاة حينما اشرأبت اعناق الحاضرين تتوقع ما يحدث لي من الملك فأعطاني بعضهم اشارات بالسكوت! فتماديت ليعرف الناس ما فعلت وما قلت، ولكي لا أعطي فرصة للملك أن يزيّف ما قلته بالدجل السعودي المعروف حينما ألقيت الخطاب أمام الملك في حضور الجموع المجتمعة في مدرسة حائل، وكنت قد رفضت مشورة واحد من أقرب حراس الملك المقربين عندما عرف الحارس بكلمتي قبل أن القيها نصحني بعدم القاء الكلمة في مكان عام وقال: "انّه سيهئ لي فرصة الاجتماع بالملك في مخيمه ـ بالوسيطا ـ فألقي الكلمة أمام الملك بحيث لا يحضر الا الوسيط وعدد قليل من الحرس وطلب مني أن أخفف اللهجة واستبدل الشدة بتأييدنا للملك وطلب عفوه واعادتنا إلى العمل في الظهران والسماح لنا بمغادرة المنفى، وأن لا أعرض في كلمتي مثل هذه المطالب العامة" ولكني قلت للاخ الحارس المقرب (صالح علي السالم): لا يا عزيزي.. انّه سيأمر بقتلي لو تكلمت معه في خلوته ويلفق أي تهمة يراها ضدي، ولهذا سأقولها في أي ميدان أجده أوسع جمهرة من غيره.. وبالفعل وجدت الفرصة سانحة في مدرسة حائل.. وربما لم يستطع قتلي لان الناس قد عرفوا ما أريد.. أو لانه رغم ظلمه وطيشه كان أعقل وأعدل أخوته الذين تبعوه وما زالوا يتوارثون الحكم اغتصابا من بعده.. لكن الملك سعود لم يخف غيظه، بل قاطع خطابي بصراحة أمام الناس كما قلت، ولما لم أعره سمعا ولا طاعة أمر "ياوره" العقيد محمد الذيب بقوله: (خذها.. خذ الورقة منه) وكرر قوله لي أمام الناس: (أنتم مجرمين.. انّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون ويسعون ويسعون) وعلق لسناه على "ويسعون" فجاء إلى جانبه مبعوث من الجامع الازهر كان يدرس في مدرسة حائل ولقنه بقية الآية وهو يبتسم.. أما المرحوم الذيب "ياور" الملك فقد تمكن من سحب الورقة من يديّ وسلمتها له حفاظا على عدم تمزقها بين يدي ويديه.. وعندما وقفت أمام وجه الملك وقلت له متسائلا: (من هم الذين يحاربون الله ورسوله؟! ان الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ويجب أن يقتلوا ويصلبوا وينفوا من الأرض إلى غير رجعة، ليسوا العمال الشرفاء وانما هم أولئك الذين نزلت بحقهم الاية الكريمة وأمثالهم من هم افسد ممن حاربوا النبي محمد بن عبد الله سابقا ـ انهم الامريكان في الظهران أعوان إسرائيل وأعوانهم اليهود وأذنابهم في هذه البلاد. والهيئة الملكية التي أرسلتموها لنا بحجة إنصافنا من شركة أرامكو الاستعمارية ولكنهم ارتشوا من أرامكو وألقوا بنا في غياهب السجن مما دعا العمال للاضراب مطالبين بالافراج عنا ومنع اعدامنا، ثم أفرج عنا لكننا نفينا بعيدا عن مناطق نفوذ الامريكان. والذين يقتلون الفضيلة هم الواجب قتلهم. والذين يأكلون الحق ويزيفون الدين هم المفروض تقطيع أيديهم وأرجلهم. أنني أقول الحق وبعد هذا لا يهمني أن تقتلني يا سعود)!.. ولم يتركني حتّى أتوقف عن كلامي بل سحب عباءته التي سقطت حينما وقف غاضبا وأمسك بيد حاكم حائل الجزار ـ عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود ـ ووقفا معا وسعود يردد: (هذا الحفل زين لكن خرّبه ابن سعيد)!.. ومشيت خلفه، ولكن أخاه الامير محمد بن عبد العزيز أمسك بيدي، وعرفني بنفسه وعلى ابن عمه فيصل بن سعد وقال: (أنصحك أن لا تتبع الملك انني أخاف أن يقتلك لانها أول مرة يقف فيها مواطن أمام ملك بهذه المطالب ويتكلم بهذا الكلم أمام الناس. وأنا معكم وأشهد أنكم على حق وأن قضيتكم راحت وأضاعها الدولار، وثق أنني سأقف معكم ولكن أترك الملك يروح، وتعال لي الليلة بعد المغرب في القصر الذي أسكن فيه. تعرفه؟ أنا أسكن في قصر نوره).. قلت له سآتي اليك الليلة.. قلتها وأنا أعلم أن كل ما يقوله الامير محمد لا يخرج عن كونه دجلا من دجل الامراء ولم يقصد الا سكوتي واسكاتي، أما الذين حضروا ذلك الحفل فقليل منهم اتهمني بالجنون (لانه لا يتكلم مثل هذا الكلام الا فاقد العقل!) كما قالوا، فقلت لهم: كم نحن بحاجة إلى، ولو قلة من، المجانين يرفعون عن "عقلاء" الذلة عار المذلة.. وكم تمنيت لو أصيب كل شعبنا بالجنون الثوري الذي سبق وان اتهم به النبي محمد ويسار صحابته وكل الانبياء… أما قسم منهم فقال "انني جرئ" وقسم أيدني بلا تحفظ. أما أنا فلم أقدم على ذلك ـ حسب شعوري ـ ذلك الوقت الا بدافع من حبي للوطن وألمي الشديد ان أحيا في بلد يسوده أقذر حكم عرفه التاريخ الوسيط والحديث.. ولا يهمني بعد ذلك من يتهمني بالجنون أو الجرة أو يؤيدني فكلهم من "عقلاء" الملذات ما داموا لا يعملون لدحر الطغاة.. وقد كنت أبحث عن الموت باسمى طرقه… أما الامير محمد بن عبد العزيز فلم يخف "تأييده" لي لدى كل من قابله من أهالي حائل ـ ربما لادراكه أن الاكثرية تؤيد ما قلته وهي ضد آل سعود قاطبة، ورحت تلك الليلة إلى الامير محمد فوجدته يجلس في سطح القصر ولديه عدد من الامراء قدمني لهم "بشئ من الثناء" وطلب مني (أن أكتب تقريراً له في كل ما نريد!) وقدم لي الورق والقلم فكتبت بخط يدي كل ما يريده العمال والفلاحون والجيش والشعب كله واحتفظت بصورة منه.. وقبل أن أسلمه تلك المطالب الوطنية قرأتها عليه ليستوعبها فقال لي الامير محمد: (اني مسافر اليوم مع الملك وسأقدمها للملك سعود وسأقف إلى جانب هذه المطالب!) وأضاف: (ولكنني أطلب منك أن تتوجه إلى الرياض لتكون قريبا منا وتسكن في ضيافتي عندي في قصري وسأقوم بكل ما تريدون)!.. ولكن كل هذه الاقوال ذهبت مع غيرها من أقوال الامراء الكاذبة… وكانت هناك دعاية وهمية يرددها السذج آنذاك عن "طيبة وديمقراطية" هؤلاء الامراء، أمثال الامير محمد( ) ، وسلطان وفيصل وأولاده وطلال ومشتقاته لان هؤلاء الامراء التجار الكبار اعتبروا الكلام لا يصرّفها أمثالهم الا على الشعب المستهلك الوحيد لبضاعتهم الكاسدة باظهار عطفهم الزائف على "الوطن والوطنيين" حتّى أن الامير عبد الله الفيصل عندما ذهبت إليه شاكيا الوضع الفاسد بصفته كان وزيرا للداخلية استنكر معي ما يلاقيه العمال من ظلم واضطهاد من جراء الحكم الفاسد وشركاته وطلب منها أن نحني رؤوسنا كما قال "للعاصفة حتّى تمر ويأتي والده فيصل" وأظهر ميولا نحونا بل طلب منا اغتيال الملك سعود، كما سيأتي في كل مكان آخر.. بل وسلم لي تقريرا جاء له به (طلعت وفاء) المدير السابق للامن العام (الذي اغتاله "الفهد" فيما بعد وقيل انّه انتحر في لبنان وكان يعارضهم لاحالتهم اياه على المعاش) قدم هذا التقرير وأنا عنده، وكان قد كتبه "جون فيلبي" عن تاريخ هذه العائلة السعودية وأوضح جون فيلبي دوره الكامل في خلق هذه العائلة وتكوينها وحملها وفصالها وكيف أنشأها الانكليز وقال فيلبي: (ان الفضل في ذلك يرجع إلى فيلبي أولا والسير برسي كوكس ثانيا) ولقد سلم لي عبد الله الفيصل وزير الداخلية السابق هذا التقرير ربما دون أن يقرأه قائلا: (خذ هذا واقرأه فقد ينفعكم وقل لي رأيك فيما يكتب فينا وأعده اليّ).. وبالفعل فان هذا التقرير قد "نفعنا" ولكني لم أعيده إليه ولم "أقل له رأيي فيه" وانما نشرت معظم فصوله في هذا الكتاب.. ولما قرأته قلت لنفس: سوف لن أعيد هذا التقرير مرة أخرى إلى من لا يعرف قيمة هذا التقرير اللهم الا إذا طلبه مني، ولكنه لم يطلبه مني فقد نسيه الامير المحروم "من كثرة الحرمان" وكان جون فيلبي قد أعلن غضبته على سعود وعائلته "لما عاملوه به من جفاء كفرانا بفضل خالقهم" عندما وجدوا أن النفيعة الامريكية أحسن مذاقا وأجدى نفعا من نفيعة الانكليز. وكان جون فيلبي يشعر بمرارة لابعاد من قبل سعود تفنيذاً لرغبة الامريكان، وكان فيلبي قد وسط بينه وبين سعود حسين العويني العميل السعودي المعروف الذي ألحقه جون فيلبي "في عضوية مجلس الربع السعودي" التابع لعبد العزيز ـ ورشحه السعوديون لرئاسة وزارء لبنان مرارا … وقد صب جون فيلبي جام غضبه على سعود وأفراد عائلته الذين تنكروا كما يقول فيلبي (لأصدق صديق لوالدهم، تنكروا لمن حكم مكة من أول يوم دخلناها ولمدة 37 يوما حكما مباشراً حتّى روضها وحكم الجزيرة العربية 40 عاما حكما غير مباشر ـ عندما ـ كان كل الحكام يسيرون بأمري ويستعطفوا مني كلمة صالحة في حقهم أرسلها في تقرير إلى لندن لطلب العون والمال والسلاح والحماية وقد صليت بالناس إماما في الحرم المكي وصليت بوالدكم اماما عندما تتهمونني الآن فقط بأنني غير مسلم. ان والدكم كان يأتمر بأوامري ولا يرى بعد رأي أي رأي. أنني مواطن عربي الآن ولو كان والدكم حيا لما سمح لكم بهذا التطاول علي الذي هو تطاول على والدكم في الحقيقة، لو كان أخي عبد العزيز بن سعود في الوجود لما رضي بابعاد والدكم عبد الله فيلبي، لو كان والدكم عبد العزيز حيا لقال لكم من أنتم يا أبنائي الذين تتجرأون على منشئ دولتنا الحاج عبد الله فيلبي ومربيكم أنتم بالذات وقد قالها أخي عبد العزيز بالفعل عندما انتقده عدد من مشايخ القبائل والدين "لتقريبه لعبد الله فيلبي والاخذ برأيه لأنه انكليزي" قال عبد العزيز: "هل تذكرون أولا من نحن وأين نحن وكيف كنا لولا عبد الله فيلبي والانكليز؟". ورد عبد العزيز على نفسه قائلا: "كنا مطرودين نعيش على فضلات صحون آل صباح في الكويت لولا الانكليز ومواقف الاخ عبد الله فيلبي الصديق الصدوق الذي لا يمكن أن ننسى فضائله علينا فإذا تنكرون علي أخذ مشورة عبد الله فيليبي لانه انكليزي فأحب أن أذكركم أن كل ما تأكلونه الآن هو من عند الله وعند الانكليز والسلاح الذي معكم من الانكليز والريالات التي في جيوبكم سكها لنا الانكليز والذهب الانكليزي الذي معكم هو صنع الانكليز وثيابكم وعمائمكم من غزل الانكليز ولكنكم الآن تسبون المظهر وتنسون الجوهر.. هذا ما قاله والدكم عبد العزيز عني.. وكنت أصلي إلى جانب والدكم خلف إمامه الخاص، وكان أمامه إماما متعصبا ضد الانكليز "الكفار" مما أثار غضب والدكم عبد العزيز أثناء الصلاة حينما قرأ هذا الامام الآية القرانية القائلة: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار" فتوقع عبد العزيز أن إمامه كان يعني "بالذين ظلموا" عبد الله فيلبي والانكليز الموجودين معنا آنذاك فتقدم عبد العزيز بعصبية نحو إمامه واجتذبه أثناء صلاته ورماه أرضا، ثم تقدمنا في الصلاة بنفسه وتلا الآية التالية: "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي دين"… هذا هو والدكم عبد العزيز ولكن المغريات الامريكية أغرتكم بزخرفها عن أصدقاءكم الاولين الحقيقيين، لكن أملي بالامير فيصل قوي أن يعيد النظر ويتمسك بسياسة والده القديمة!.) هذا هو جزء من التقرير والرسالة اللذين كتبهما جون فيلبي بتاريخ 14/6/ 1954 من بيروت، أما الاجزاء الاخرى فقد استفدت منها في أماكن أخرى من هذا الكتاب.. وعندما قابلت عبد الله الفيصل مرة أخرى بعد أن سلمني ذلك التقرير، توقعت أن يسألني عنه، لكنه لم يسأل وانما طلب أن أركب معه بسيارته وذلك عشية 22/6/ 1954 وأخذ يؤشر لي على بعض عماراته في جدة ويقول: "ان هذه كلها من المرحوم جدي البطل عبد العزيز الذي يعزني كثيرا أما سعود فوجه فقر" وأردف قائلا: "أنا أعرف أنكم تعملون للثورة وان الثورة ستقوم لا محالة مهما أخذنا احتياطاتنا ضدها ولكن المؤسف أن الثوار سوف لن يميزوا بين سعود الفاسد المجنون وبين الوطني المخلص عبد الله الفيصل أو والده فيصل هذه هي مشكلة الثوار:، قلت للامير عبد الله: "صحيح أنه لا يمكن التمييز بينك ووالدك وبين سعود وأولاده وبقية العائلة لان ساعة الثورة ليست ساعة تمييز وانما هي ساعة اصدار حكم وابادة حكام ولكن لماذا لا تثورون على أنفسكم أنتم ليمزكم الثوار الحقيقيون؟!". قال: ألا يوجد من العمال من يخصلنا من سعود وظلمه؟" قلت: "ان المسألة هي التخلص من النظام الفاسد ونحن لا نؤمن بالاغتيالات الفردية ولم نقرها بعد ولو اقريناها لكان بامكاننا التخلص من سعود وأمثاله".. قال الامير: "تعالى لي مرة أخرى لنتحدث أكثر فأنا الآن معزوم على العشاء لدى "ابن زقر" وها هو بيته ولا أريد أن تدخل معي عنده فقد يكون عندهم من ينقل الكلام لسعود فاتهم بمناصرة العمال"… وتركت الامير لأسافر إلى الرياض، وفي الرياض اتصلت مرة بالوزير الامير سلطان وزير الدفاع حاليا فعرضت عليه بصفته وزيرا ما يلاقيه العمال من طغيان، فأركبني معه في سيارته حيث كان متجها من بيته إلى مجلس الوزراء ومر بي ما بين أكواخ بالية وقصور عالية تقع كلها متلاصقة ومتقابلة في جنوب الرياض وكأنما هي تبارز بعضها، فأخذ الامير سلطان يؤشر لي بيده على القصور والاكواخ وهو يقول: (انظر إلى أصحاب هذه الاكواخ كيف يموتون وانظر إلى أصحاب هذه القصور كيف يعيشون. أصحاب هذه الاكواخ هم الشعب وأصحاب هذه القصور هم قلة من مستغلي الشعب. فأين الإسلام عنهم؟)!… وتابع الامير قوله التجاري قائلا: (لو أن الإسلام قد طبق حقا لسكن أصحاب هذه الاكواخ فيه هذه القصور ولما استحق أصحاب هذه القصور أن يسكنوا حتّى في هذه الاكواخ لكن الإسلام أصبح غريبا وأصبح أمثالكم عندما يطالب بحقه المشروع وعندما يطالب بايجاد عمل له من أجل أن يعيش ويعيش أولاده ويستر عورات أهله من العار يتهم بأنه شيوعي خطير. كيف اتهموكم بالشيوعية؟).. قلت: (الذين اتهمونا بالشيوعية هم ركائز الخيانة والاستعمار، اذاعة إسرائيل حينما سجنا عام 1953 أذاعت "بأننا شيوعيين" واذاعة صوت أمريكا أذاعت "بأننا شيوعيين" ووزعت شركة أرامكو تزعم "أننا شيوعيين" وأشاعت أرامكو وأذنابها من الحكام "بأننا شيوعيين" كما كتبت الهيئة الملكية التي أرسلها سعود لنا بأنني شيوعي وذلك عندما لعنتها في مطار الظهران ونسفت "المنضدة" في وجوههم عندما قال لي أحد أعضائها "نسيب السباعي" ان الله أمركم باطاعة ولاة الأمور كما يقول: "أطيعوا الله والرسول وأولي الامر منكم" ـ ومن ولاة أمركم الامريكان!.. وهذا هو مصدر اتهامنا بالشيوعية، رغم أننا لم نعمل ساعة للشيوعية ولم نطالب لحظة بالشيوعية وانما كان مطالبنا وطنية وعمالية وقومية ودينية بل وجزء من هذه المطالب يتجه آنذاك مباشرة ـ بمضمونه ـ لايجاد "رأسمالية وطنية" في البلاد أي لتحويل هذه الاموال "التي سرقها أصحاب القصور من أصحاب الاكواخ" لانشاء صناعات ومصانع ومؤسسات وطنية أول ما يستفيد منها أصحاب رؤوس الاموال واللصوص أنفهسم وبالتالي تنقذ أصحاب الاكواخ من الموت البطئ والمرض القاتل والجهل المقيت، بدلا من تهريب هذه الاموال إلى الخارج "هذا ما قالته ألسنتنا أما نحن فالحقيقة اننا أخطر من الشيوعيين!).. قال الامير: كيف؟.. قلت اننا "عمريين" نؤمن بمبدأ عمر بن الخطاب الذي حاسب الشعب بموجبه عمر بن الخطاب نفسه ـ وهو عمر بن الخطاب ـ حاسبه على نصف بوصة زائدة في أسفل ثوب عمر بن الخطاب ـ حتّى أثبت عمر ـ بان ذلك الثوب لم يكن ثوبه وانما هو ثوب ابنه عبد الله استعاره منه لاداء صلاة الجمعة، وهذا المبدأ "العُمري" الذي طبق منذ مئات الاعوام في أرضنا المظلومة هذه لم يطبق حتّى الان في بلد الشيوعية وانما طبق في الجزيرة العربية قبل أن يعرف الناس الشيوعية، نعم.. لقد طبق قانون عمر القائل: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟) وكذلك قانون علي بن أبي طالب القائل (ما جاع فقير إلاّ بما متع به غني) وإذا كنت تؤمن يا صاحب السمو بما تقول "عن حق أصحاب الاكواخ في باطل سكان القصور" فاعمل بما تقول وستجد أن بامكانك تحقيق شئ من الإسلام!.. ولا أقول كل الإسلام!).. قال الامير سلطان: (انني مثلكم ليس بيدي تحقيق شئ مما قلت)!.. قلت: (أن لديكم حصانة ـ أميرية ملكية ـ أما أنا فأنا أقاوم كل القوى الشريرة: الامريكان، وشركة أرامكو والرأسماليين وكل أجهزة الحكم ضدي وليس معي حتّى أصحاب هذه الاكواخ النائمين، لكنني مع هؤلاء الذين لا يجدون حتّى الاكواخ ومن يعيشون على براميل الزبالة عند أبواب القصور!)… قال الامير : (هل تعلم أنني اتهمت بالشيوعية؟… وأنهم يقولون عني الامير الاحمر؟!.. وانني موضوع في القائمة السوداء؟!).. قلت بتهكم واضح على هذا الكذب: (يجوز؟.. جائز جداً انك أمير أحمر فعلاً!).. وتركت الامير ليدخل مجلس الوزراء السعودي فتعلن صحف البلاط واذاعته بعد ذلك: (ان مجلس الوزراء قد عقد جلسته الهامة ونظر في الأمور المدرجة في جدول اعماله) بل جدول اهماله… هذا هو نوع من أقوال امراء التهريج أولاد عبد العزيز الطاغية الذي أوصاهم قبل موته في تعريفه للسياسة (انها السياسة يا أولادي هي قل مالا تفعل وافعل ما لاتقول)!… وسار معظم أولاد الحرام على هذه السياسة.. اللهم إلا مشعل وزير الدفاع سابقا أو "برميل اللحم" الذي قال لي عندما قابلته في فندق البساتين بجدة وقلت له: (انني اريد دخول الكلية العسكرية) قال: لماذا؟.. قلت: لأخدم وطني!… قال: (أنا أعرف ما هي خدمة وطنك علينا… ان أحسن شئ للوطن هو تقطيع رؤوسكم. ولو كان الامر بيدي لوضعتكم في فم الطوب) أي لو كان الامر بيده لما قتلنا الا بوضعنا في داخل مدفع؟… قلت له: سلامتك… أي طوب تعني؟… وعيار كم؟.. قال: أنتم أهل الاضطرابات؟… ومضى في حال سبيله غير الرشيد… أما مفتي القصور السعودية محمد بن إبراهيم فقد قال: (أنه لا دخل لي في السياسة وقضية العمال هي قضية سياسية لا يجوز لعلماء الدين الخوض فيها أما عن قولك عن ابعاد العمال العرب بواسطة الامريكان واحلال العمال الاجانب مكانهم فهذا جائز شرعاً فديننا لا يبيح أن يعمل المسلم تحت امرة الامريكاني الكافر) قلت: (اننا لم نذهب إلى أمريكا وانما الامريكان جاءوا لبلادنا فما هي الفتوى التي تبيح سرقتهم لزيت بلادنا وخيراتها؟) قال: (الامريكان يصلحون في الأرض ولا يفسدون، وقد عمروا ارضنا بعد أن كانت خرابا) قلت: (ان الامريكان يفسدون الأرض والضمائر معا وقد استأجروا من قضاة الدين عندهم كقضاة شرعيين للفتاوى، واحد في الرياض براتب قدره 12 الف ريال في جدة وواحد في الظهران كل منهما براتب قدره 6000 ريال). فقاطعني قائلا: (إذا ثبت ما تقول فان هذا يدخل ضمن الوظيفة والاجر مقابل العمل المشروط أي وظفوا هؤلاء العلماء وهذا جائز شرعا وجزى الله الامريكان خيرا) قلت: (الامريكان جزاهم الله خيرا؟!) قال: (نعم..) قلت: (انك تقول: أنه لا يجوز للعمال العرب العمل لدى الامريكان فكيف يجوز أن يعمل رجال الدين لدى الامريكان ونحن نعلم أن هذه الدراهم لا تدفع لهم إلا للفتاوى ضد العمال ومع ذلك يجزي الله الامريكان خيرا؟!…) فغضب وقال: (البلد كلها عائشة على الامريكان.. قم … قم. قد قلت لك أنه لا دخل لي في السياسة..). قلت هذا للمفتي وأنا أعلم أن محمد بن إبراهيم هو صاحب المرتب البالغ 12 الف ريال شهريا الذي كان يدفع له من شركة أرامكو عن طريق مكتب العلاقات الحكومية "كوفر نمنت رليشن" كمرتب خصص للافتاء في الشؤون العمالية، وقلت للمفتي: (سبق أن أفتى قاضي الظهران بقوله "الامريكان قد أحييوا أرضنا والحديث الشريف يقول من أحيا أرضا ميتة فهي له: فما رأيك بهذا المفتي؟). فبدا الغضب على وجهه لكنه سكت وحاول عمل شئ ضدي.. وخرجت من عنده… ولا أريد أن أسترسل في سرد بقية قصتي مع آل سعود وتجار دينهم جميعا ـ فالقصة "غصة" شعب طويلة لا نهاية لها أبدا إلا بنهايتهم جميعا حينما يُطبّق الدين الصحيح في يوم تشرق فيه شمس الثورة الجمهورية ويتحرر الشعب بالحرية والاشتراكية العلمية والوحدة العربية… وانما اوردت بعض القصة التي جرت معي لافنّد كذب هؤلاء المرتزقة الذين التفّوا حول بعضا لامراء وبدأوا يبثون لهم دعاية كاذبة عن ديقراطيتهم المزعومة وبايعوهم، بينما الشعب المسحوق "المسعدن" الممسوخ اسما ورأيا ووطنا ودينا لم يبايع!… بل كيف "يبايع" من لا يملك الرأي الحر ومن يؤخذ بالظن والشبهات؟!.. والامراء الذين تحدثت عنهم هم الذين يحكمون الآن ويتحكمون… ولو أنهم استفتوا الشعب على ثقته فيهم لما منح الشعب ثقته أبدا إلا لمن يقتلهم جميعا للقضاء على من اندسوا على الإسلام لتخريب الإسلام… ففعلوا أسوأ مما فعله معاوية وزبانية الرأسمالية والاقطاع والخداع الاوائل.. في نكبة الجوف ضد: علي… احتلال الجوف والجوف قبل كل شئ هو (دومة الجندل) المكان التاريخي الذي عقد فيه المؤتمر الشهير بين أنصار علي بن أبي طالب يرأسهم الساذج أبو موسى الاشعري بينما أنصار معاوية اللعين يرأسهم الرأسمالي الماكر عمرو بن العاص. وقد سمي هذا المكان التاريخي (دومة الجندل) باسم ـ الجوف ـ فيما بعد لأنه يقع في منخفض (500) قدم تقريبا عما حوله من سطح الصحراء.. وتتكون الجوف من: الجوف العاصمة، وسكاكا، والطوير، وجاوه، وعدد من القرى، والمناطق التابعة لها، ومزارع الفواكه والنخيل كثيرة جدا في هذه المنطقة التاريخية وممتازة جداً ومنها نخل ـ الحلوة ـ الشهيرة في البلاد. وموقع الجوف الجغرافي مهم في استراتيجيته فهو يقع في شمال الجزيرة العربية على الطريق المباشر للاردن، فلسطين، سوريا، والجوف قريبة من العقبة والعراق أيضاً، وقد اشتهر شعبنا في الجوف بعناده وشجاعته وكفاحه بوجه آل سعود وغيرهم… وما سردنا النبذة التاريخية هذه عن الجوف وما حدث في الجوف ـ سابقا ـ من خداع "معاوية" لأبي موسى الاشعري ورهطه إلا لنقارن بينه وبين ما حدث في الجوف حينما قام جون فيلبي وعبد العزيز آل سعود بخداع بعض "الزعماء" في الجوف كغيرهم من زعماء شعب الجزيرة العربية الذين خدعوا بالدعوة السعودية الكاذبة باسم الإسلام وكانت دعوة من نسيج انكليزي سعودي اطلقت في بداية القرن العشرين زاعمة أن ابن السعود قد ارسل كمبعوث للعناية الالهية لا كمبعوث للمكتب الهندي الانكليزي، وقيل يومها انّه حامل لواء الإسلام لتوحيد البلاد.. وجعل الامر شورى فيما بين الناس والناس سواسية كأسنان المشط!… وانخدع شعبنا "بأسنان المشط" هذه، فظن البعض أنه المشط العربي الذي نص عليه الرسول العربي محمد، لا المشط "الانكلوا امريكاني" المتفاوت الاسنان… فاجتمع شعبنا في الجوف وقرر "زعماؤه" ارسال وفد منهم إلى عبد العزيز بن السعود باسم الشعب في الجوف حاملين رسالة جاء فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم… من أهالي عموم الجوف وقبائله إلى عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود… السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد فان بلادنا قد اصبحت لاتطيق الظلم على رحابتها. ولهذا فالاخوة الذين يحملون هذه الرسالة مندوبين عن أهالي الجوف يبلغونكم ترحيبا بكم لتكون الجوف تحت حكم الله وحكم الدعوة الإسلامية التي تدعون إليها لسن شريعة العدل بين كافة الناس وتوحيد البلاد وأخذ حق الظالم من المظلوم. وتطبيق حكم الشورى، وكما تقول بانك ستبقى خادماً لهذه الشريعة وأمة محمد وان حكام البلاد سيكونون منها حسب اختيار الامة لهم فنحن نختار هؤلاء المندوبين عنا للمفاوضة معكم والايام بيننا والسلام على من اتبع الهدى)!… هدى!.. كان هذا موجز لنص الرسالة التي بعث بها المجتمعون في الجوب إلى ابن السعود.. وقد حملها كل من: حمد بن مويشير (من زعماء المعاقلة بمقاطعة الجوف) ومنصور الباسط (من زعماء القرشة بمقاطعة الجوف) وعيد الضميري (من زعماء المطر بمقاطعة الجوف) وعلي الطريف (من زعماء القرشة بمقاطعة الجوف) واتصل هذا الوفد بابن السعود وبدأ التفاوض معه فوجدوه كما عبر أحدهم عنه بقوله عن الخداع السعودي متمثلا في بيت الشعر العربي: (ان الحيايا وان لانت ملامسها عند التقلب في انيابها العطب) وبالطبع وافق عبد العزيز ـ الذي كان جون فيلبي يقبع عن يمينه ـ على كل شروطهم وعقدوا معه معاهدة كانت كل موادها توحي في البداية أنها لصالح الشعب في الجوف، ولكن: خلفها مصيدة غادر (يتمسكن حتّى يتمكن) ومع كل ما أبداه عبد العزيز بن السعود من لين الجانب… إلا أن الوفد الشعبي قد عاد من لدنه ولديه بعض الشكوك من تصرفات ابن السعود ومن ملاحظاتهم (انّه يخضع للانكليز الذين يقعدون إلى جانبه)!… ورغم جسامة هذه الملاحظة إلا أنهم تغاضوا عن ملاحظاتهم تلك وصرفوا النظر عن شكوكهم معللين ذلك بأنه (عارض يزول، وما دام ابن السعود قد وقّع المعاهدة فتوقيع الرجال شرف يوضع على الرأس ولا يداس!. وما دام أنه قد قبل كل هذه الشروط ونحن الذين فاتحناه بها وعنينا إليه فلنتفق فيما بيننا على أنه مخلص في عهده)!… واتفقوا… وهكذا أرسل معهم مندوبا سعوديا من عنده يدعى (عساف الحسين) وبهذه المعاهدة "الحيلة" قدر للظلم السعودي أن يسود الجوف.. وكما قلنا: تمسكن الغادر ابن السعود لشعب الجوف حتّى تمكن من الجوف، وتنكر بعدها لعهوده ومعاهداته وايمانه ومواثيقه الغلاظ… وراح يردد "انشودته" المفضلة التي ما زال يرددها من بعده أولاده (أخذناكم بحد السيف)!… وما زالوا يصبغون سيوفهم في رقاب وأيدي وأرجل الشعب ويسومونهم سوء العذاب، ومنذ ذلك الحين، وحتى بعد تدفق مليارات البترول، وما زال آل سعود يرسلون أذنابهم من (الخراصين) لجمع ضرائبهم الفاحشة من البادية والفلاحين والمواطنين لانفاقها على شهواتهم السعودية… ومن هذه الضرائب التي فرضوها على شعبنا ليس في الجوف فقط وانما في كافة أنحاء الجزيرة العربية: ضريبة الزكاة!… ضريبة الجهاد في سبيل الله!… ضريبة حماية الاعراض!… ضريبة المكوس والجمارك… ثم.. ضريبة فلسطين والدفاع عنها!.. بعد أن باعها آل سعود… وأخيرا.. ضريبة مرضى السل!.. والذين يقومون بجباية هذه الضرائب مجموعة من الجهلة الاميين واللصوص الذين يستولون على ربع ما يجبونه من الشعب، أما الربع الثاني فلحكام المناطق، وأما النصف الآخر فللعائلة السعودية، تأخذه من الفقراء لتنفقه في "جهاد الحريم الاكبر" وتشتري به ملهياتها ومسكراتها وملذاتها وشهواتها الحيوانية السعودية.. وكثيرا ما يصادر (الخراصون) أراضي الفلاحين ونخيلهم ومزارعهم وابل واغنام أبناء البادية بحجة (أنهم أخفوا شيئا مما أوجب الله عليه دفع الزكاة لآل سعود)!.. مما جعل أكثرية من الشعب تعيش على هامش الحياة في الفقر المدقع والمرض المفزع والجهل المفجع والارهاب المروع، ولكن مع كل هذا لم يفقد شعبنا احساسه في كرامته وانسانيته وعروبته وشجاعته، فانتفض شعبنا في الجوف بوجه الظلمة الاثمين السعوديين سلالة بني القينقاع واجتمع في يوم 23/5/1940 وقرر الشعب ما يلي: 1 ـ أن ابن السعود خائنا. 2 ـ ان ابن السعود نكث مواثيقه. 3 ـ ان ابن السعود بغى وعلى الباغي اللعنة. 4 ـ أن ابن السعود طغى وجهنم للطاغين. ولكنه يجب أولا ارسال مندوبين عن الشعب لمعرفة رأي ابن السعود في هذه الجرائم التي تمارس باسمه في حقنا وعرضها عليه لنرى هل له إطلاع عليها أم أنها تدار من خلف ظهره وتسمى بإسمه، فان كان لا يعلم بها فعلينا أن نعلمه. وان كان فما هذا إلا انذار منا لنقضه الاتفاق والوعود ومن انذار فقد اعذر!… وعلى هذا الأساس رأى شعبنا في الجوف أن يرسل مندوبين عنه إلى عبد العزيز آل سعود بالرياض واستقر الرأي بأن يكلف بهذه المهمة كل من : الشيخ حجاج بن دايس (زعيم خذما) والشيخ معزي بن دهام (زعيم العقلية بالقريات) ووصلا الرياض واجتمعا بالطاغية عبد العزيز " وكعادته الثعلبية" رحب بهما وهو يكتم غيظ نيته السعودية اليهودية في صدره وتظاهر بأكرامهما بينما كان يخفي لهما اللؤم… ونادى على واحد من عبيده فوسوس له… ثم… ثم طلب القهوة العربية كعادته… وأردف قائلا: (زد لنا الزعفران)!. ولم يكن الزعفران إلى اشارة بين العبد وسيده عبد العزيز… وجاءت القهوة التي لم تكن عربية!. (وانما يهودية).. لقد وضع فيها (سما) نعم وضع السم في القهوة… وهذه ليست عادة غريبة عليه… فقد قتل بهذه الطريقة المئات من رؤساء العشائر والمجاهدين... فتخلص منهم باحقر اسلوب عرفه الصهاينة… فاشار إلى "العبد" بأن يسكب للشيخين فقط قائلا (والله وتالله ان لكم محبة خاصة في قلبي لانكم دائما تظهرون الحق… ووالله وتالله انني أكره من يسكت على الظلم… ووالله وتالله ما سكت على الظلم إلا شيطان أخرس!) وهكذا يقسم الغادر الاثيم!.. فارتشف الشيخ حجاج بن دايس القهوة.. أما الشيخ معزي بن دهام فقد تنبه للخطة واستغل فرصة التهاء الطاغية "بالايمان الغلاظ" وانصراف "العبد" ساكب القهوة لسكب عدد من قهوته السعودية إلى زميله الذي لم يكن يظن أن النذالة ستبلغ بابن السعود هذا الحد البشع… فألقى الشيخ معزي بن دهام بالقهوة إلى جانب مقعده في غفلة من الاذناب وأشار بيده للعبد "أنه قد اكتفى" أما الطاغية فقد اطمأن لهذا العمل.. وودعهما وهو يكرر عهوده وأيمانه بأنه على عهده ولم يخنه ولكنه لا يستطيع الالمام بكل الأمور هذه وانه "الخادم للرعية" وأنه سوف يحذر أمير الجوف الحاكم آنذاك ولن يتكرر ما حصل!.. ثم ودعهما.. وفي الطريق لقي الشيخ حجاج بن دايس حتفه "بالسم" السعودي بينما نجا الآخر الشيخ معزي بن دهام.. ومع أن الشعب في الجوف قد اكتشف هذه الخطة الملعونة إلا أنه صبر على أحر من الجمر ليرى ماذا يفعل ابن السعود بمواعيده وايمانه... ولكنه لم يفعل شيئاً إلا زيادة المظالم… ومرت الايام والطغيان السعودي يزداد مع الايام غدراً وطغياناً… ومرة أخرى حرر شعبنا في الجوف ايقاد مندوبين عنه لابن سعود" ممن عرفوا بالصلابة وقوة البأس ومنهم: رجاء ابن مويشير، ومسعر البلهيد، وكبريت الدرعان، وصنيتان الدرعان، ومخلف المانع، ومتروك الخلف، ومرعيد الدنوني، ونويديس بن خفلية السهيّان، ومناور بن هايس، وسهيّان الشكر، وثلج البطي، وغيرهم من المؤمنين… وقابل ذلك الوفد عبد العزيز بن سعود وعرضوا عليه مشاعر الشعب نحوه ونقمته عليه وعلى حكمه وحكامه، لكنهم رفضوا هذه المرة شرب "القهوة" أو أكل أي شئ معه أو لديه، وأفهموه أنهم أقسموا على عدم أكل أو شرب أي شئ لاعتباره ناكث عهد، ولم يحقق أي مطلب شعبي.. ومرة أخرى أخذ يكرر الطاغية أيمانه ويؤكد (أنه سيرسل تلك الساعة من ينوب عنه ليحقق كل ما يطلبون ولن يتم إلا كل ما يرضيكم وما لا يرضيكم سيزول!.) وعاد الوفد إلى الجوف بين مصدّق ومكّذب وما أن وصلوا حتّى وجدوا أن ابن السعود قد أرسل للجوف لوائين من "جيش الاخوان" المتوحش وكان قد أعاد تشكيله من جديدة لثاني مرة عام 1947، 1948 بعد أن ألغاه في السابق عندما كونته المخابرات الانكليزية بقيادة شكسبير وجون فيلبي في مطلع القرن العشرين لكن هذا الجيش ثار ضد آل سعود بقيادة فيصل الدويش فالغاه كما قلنا وأعاد تشكيله عام 1947، ومنذ ذلك العام "والجيش الحافي" يزداد ، وبدأ ذلك الجيش الحافي يشن هجمات النهب والسلب والسرقة.. وقام عبد العزيز بعزل شيوخ القبائل والزعماء المؤمنين واستبدلهم بغيرهم وأخذ يستعمل سلاح غدر جديد… سلاح (الفتنة) التي أخذ يثيرها أذنابه بين القبائل والشعب في كل المناطق… سائرا بالمثل اللئيم الذي علمه له أسياده الانكليز (فرق تسد) فساد هذا الفساد.. لكن إلى حين… فمات عبد العزيز وخلفه ابنه سعود، ولم ينخدع شعبنا في الجوف بابن الطاغية لأيمانه عن خبرة أنه لا يمكن للفأرة أن تلد إلا فارة أو فاراً، أي لا يمكن أن يخلف عبد العزيز إلا ذريته الطغاة الذين لحقوا به.. وكان الخصام بين المواطنين قد بلغ أشده من جراء فتنة التفرقة التي أوجدها الطاغية عبد العزيز.. ولكن المواطنين قد أحلوا الوئام مكان التفرقة وأجمعوا أمرهم (على أن لا يبايعوا سعوداً عند قدومه إلى الجوف لأخذ البيعة) ووصل سعود الذي أعلن نفسه ملكا بوفاة والده عام 1373 ـ 1953 م وجاء ليأخذ البيعة من المواطنين.. لكنه لم يجد من يقابله إلا حاكم السعودي على الجوف والاذناب، أما الشعب فقد داهمه في الصباح الباكر بمظاهرة عدائية كبرى قبل أن يقوم من مخدعه المتنقل معه (وهو عبارة عن صالون كبير تجره سيارة كبيرة، مكيف بالهواء مليء بالخمور والحريم) وما كان من سعود بعد تلك المظاهرة إلا أن أمر أتباعه بحزم أمتعتهم والحفاظ على حريمه وخموره!… ولاذ بالهرب من الجوف إلى غير رجعة… وترك على الجوف حاكما من خونة السعوديين ومنذ ذلك التاريخ وشعبنا في الجوف يعاني صنوف القهر والنهب والاستبداد… كيف (حل) الاحتلال السعودي في القصيم؟… ما من شك أن شعبنا في القصيم قد كره أولئك الحكام الذين حكموه قبل حكم ـ الاحتلال السعودي ـ بحكمهم الرجعي الذي لا يقوم إلا على جمع الزكاة من المواطنين والغنائم لانفاقها على الحروب الأهلية، إلا أن شعبنا في القصيم لم يرحب أيضا بحكم آل سعود المؤيد من الانكليز أبدا… لكنهم احتلوا القصيم عنوة واغتصابا. احتلوه بقوة ودعم وتخطيط الانكليز وباثارة الفتن وبالغدر وبالدجل باسم الدين وبدفع الرشوات لتجار الدين ولبعض العائلات الكبيرة في القصيم، فأفتوا بتكفير أي حاكم لا يعمل تحت امرة حكم عبد العزيز آل سعود.. إلا أن صالح بن حسن آل المهنى حاكم بريدة آنذاك قد طعن في صحة تلك الفتوى السعودية… ولما رأى (مجلس الربع) الانكلو ـ سعودي تصميم ابن مهنى على مقاومة النفوذ السعودي الانكليزي، أرسل "مجلس الربع" كتابا باسم عبد العزيز آل سعود يطمئن فيه ابن مهنى بأنهم لا ينشدون إلا صداقته فقط وهم لا يطلبون منه مقاومة ابن الرشيد وانما يرجون منه عدم مقاومة ابن السعود فرد ابن مهنى عليهم قائلا: (انّه لايريد تدخلا في شؤون بلاده وسيحارب كل من يتدخل أما من يريد الصداقة فباب الصداقة مفتوح لكل من يريد الصداقة صادقا)… وبعد أن وصلت هذه الرسالة اشار جون فيلبي (رئيس مجلس المستشارين) على عبد العزيز بن سعود بقوله: (ما دام ابن مهنى يدّعي أن باب الصداقة مفتوح لكل من يريد الصداقة صادقا فلنرسل له بصندوق من الذهب كعربون للصداقة ومن ثم اطلب منه أن يزوجك باخته لتبرهن له أنك تريد دخول الصداقة صادقا من بابها الواسع باب المصاهرة)! فكتب مجلس الربع الرسالة باسم ابن السعود إلى ابن مهنى وأرفق بها عربون الصداقة ـ صندوق الذهب ـ فاستجاب ابن مهنى لطلب ابن السعود الذي توجه ومجلس الربع ومجموعة من جيشه إلى بريدة… وباختصار… تزوج اخت ابن مهنى… وبذلك أصبح صهره العزيز عبد العزيز!. وأصبح عدو الامس "رحيم" اليوم.. ما دام أن العود قد أصبح من أهل البيت و"حمام الدار" فلابد اذن من أن يسود جو الامان ويطمئن كل واحد للآخر… فالمثل الشعبي يقول (كن نسيبا ولا تكن ابن عم) أي أن الصهر أقرب قرابة من ابن العم… وبعد شهر واحد فقط… انقلب (اليهودي) إلى أصله الغّدار.. إذ اتفق مجلس الربع مع كبار تجار الدين وبعض كبار الجماعة على الخطة… فوجه عبد العزيز بن السعود الدعوة لشركاءه من تجار الدين والجماعة.. وكانت الدعوة في بيت نسيبه طبعا ولابد لنسيبه من حضورها… وكانت بداية النهاية عندما أبلغ ابن السعود "نسيبه" ابن مهنى زاعما له: (أن لديه معلومات مؤكدة بأن ابن الرشيد قد توجه إلى غزوك يا نسيبي بعد أن علم أنك قد زوجتني أختك معتقدا أننا قد أصبحنا نتآمر عليه الآن، فأنا والانكليز سنبذل كل ما بوسعنا لصد العدوان عنك…. ولهذا لابد من توجيه الدعوة إلى مشايخ الدين وكبار الجماعة للتشاور معهم، وهم فلان وفلان وفلان، الخ) فانطلت تلك الحيلة (السعودية الانكليزية) على الرجل الطيب ابن مهنى حينما وجه الدعوة للمجموعة التي اقترحها "نسيبه" لذلك الاجتماع الهام!… اما عن "النسيب" عبد العزيز ابن السعود فقد أحضر مجموعة سعودية مسلحة من جنده يثق بها كل الثقة يرافقها "الحاج شيخ المشايخ والطرق عبد الله جون فيلبي"… وما أن تم الاجتماع وكمل العدد حتّى صوبت البنادق صوب رأس "النسيب" ابن مهنى … ولم يكن للرجل من حيلة غير الاستسلام وهو يردد (نسيبي؟!… كيف يا نسيبي تعمل هذا مع أخو زوجتك؟… لماذا هذا الغدر؟… ما هذه شيم الرجال.. أين العيش والملح والشرف والقرابة والصداقة والعهود؟!.. ليست هذه طرق العرب)!.. ولم يمكن رد سليل القينقاع إلا قوله الوقح: (حط الشرف وشيم الرجال والصداقة والنسب والحسب في دبرك… أنا ما تزوجت أختك إلا لهذا اليوم… اقتلوه!) إلا أن جون فيلبي قد أشار بعدم قتله في بيته… وأقترح أن يشدوا وثاقه ويحملوه بعيدا بحجة أنهم سيأخذونه إلى الرياض ونقله مع أولاده وأولاد أخيه السبعة لقتلهم في مكان بعيد، فغضب وهاج شعبنا في القصيم لهذا الغدر بحاكمهم… فحاول ابن السعود أن يتحاشى تلك النقمة الشعبية ضده إلى حين… فأعلن في البلد بواسطة تجار دينه الباطل وبعض كبار البلد: (أن ابن مهنى قد باع البلاد لابن الرشيد وابن الرشيد "كافر" كما تعلمون ولهذا خلعنا ابن مهنى وأرسلناه هو وأولاده إلى ابن الرشيد صديقه العزيز في حائل ومع ذلك سنحافظ على حياته حتّى يصل إلى حائل ومن أراد أن يراه فليشاهده وهو في طريقه إلى حائل)!… لكنه من ناحية أخرى أوعز ابن السعود للحاكم المخلوع ابن مهنى بأنه إذا أراد سلامة نفسه وأولاده فعليه أن يجيب إذا سئل (بأنه هو الذي أراد السفر من تلقاء نفسه إلى حائل ليلجأ إلى ابن الرشيد!…) ولهذا وجد ابن مهنى نفسه مضطرا للتصريح بما لقن به كذبا من قبل "العدو النسيب" لعدد من أبناء الشعب عندما اعترضوا طريقه وطرحوا عليه الاسئلة (لماذا السفر؟ نحن سننقذك؟).. وما أن علم شعبنا في مدينة عنيزة بذلك حتّى خرج جمع كبير بقيادة "ابن يحيى" حاكم عنيزة آنذاك ـ وهو صديق لابن مهنى ـ بغية مناصرته واستلامه ليقيم في عنيزة إذا أراد، وفي الطريق، اعترض ذلك الجمع طريق ابن مهنى وطلب من حراسه "السعوديين" تسليمه لأهالي عنيزة ليبقى عندهم… لكن الحراس السعوديين ردوا على أهالي عنيزة قائلين: (انها رغبة ابن مهنى نفسه بالتوجه إلى حائل ليقيم عند صاحبه ابن الرشيد)!… فسألوا ابن مهنى الذي أجاب بما هو مرغم على قوله (صحيح… صحيح سأبقى عند ابن الرشيد)! عند هذا تراجع جمع أهالي عنيزة وتركوه لحراسة الغلاظ… وما أن ابتعدوا قليلا عنهم حتّى أناخ الحراس الابل وقتلوا ابن مهنى وقتلوا أولاده وأولاد أخيه السبعة!. وكان من بين الاولاد طفل صغير لا يتجاوز سن الرابعة قتله الوحوش بعد أن قتلوا والده وأخوته الستة رغم كونه طفل صغير لا يفقه شيئا من أمور الحياة!! هذه عينه من وحشية آل سعود… وعاد ابن السعود.. ثم قتل خمسمائة ـ رأس ـ من رؤوس المعارضين له في (بريدة) كان بعضهم من مشايخ (الصالحين) امثال القاضي الجليل الشيخ إبراهيم بن عمر الذي طلب منه ابن السعود (أن يفتي له بتكفير المعارضين في الجزيرة العربية ومنهم أهل حائل وكل من يقف ضد الانكليز والسعوديين) فرد القاضي ابن عمر قائلا (لا يمكن أن أقول انهم كفرة والدين يقول من كفّر مؤمنا فقد كفر!… وحتى لو كانوا كفرة فالقرآن الكريم يقول لا اكراه في الدين.. وأنت لست نبيا يا ابن السعود… ومحمد عليه السلام أخبرنا بقوله: لا نبيا بعدي.. أما عن الاتراك فكل ما أفتي به حولهم فهو: اننا لا نقبل تدخلهم في بلادنا ونحن ضدهم ولا تنسى أننا حاربناهم يوم كنت أنت ووالدك عبد الرحمن تتلقى معونتهم إلى أن قطعوها أخيرا بعد تعاملكم مع الانكليز… وأنا لا أريد أن أكفّر ابناء ديني ووطني لصالح الانكليز… وأعرف أنه ليس لديك من السلاح والمال ما يعينك لتحارب به وانما السلاح والمال هما سلاح ومال الانكليز… يدفعونه لك لتحارب به المسلمين… وبعد: كيف تريد مني تكفير أهل نجد وأهل الحجاز وأهل الجوف وعسير واليمن وتكفير العرب المسلمين وأنا أرى الانكليز أمامي الآن يسوقونك لحرب المسلمين)!… ونزل هذا القول كالصاعقة على رأس عبد العزيز آل سعود وسادته الانكليز حيث امروا بحفر حفرة عميقة وربطوا يدي القاضي الجليل إلى ظهره وأخذوا يجرونه من لحيته حتّى أوقفوه على شفى الحفرة وقال له عبد العزيز: (هذا قبرك، إذا كفّرت اعداءنا نجوت من الموت وان رفضت فسندفنك فيه حيا) فأجاب ابن عمر بقوله (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الموت حق والظلم باطل، ولن أكفر إلا المعتدين الانكليز ومن يركن لهم من الظالمين السعوديين…) عند ذلك قذفوا به في الحفرة وأحرقوه بالنار ثم أهالوا عليه التراب وهو حيا… وبهذه الطريقة السعودية القذرة استشهد القاضي الجليل ابن عمر… وكذلك القاضي الشيخ إبراهيم بن جاسر، فقد طلب السعوديون منه نفس المطلب (تكفير العرب المؤمنين والمسلمين في نجد والحجاز والجوف والاحساء وعسير واليمن) ممن قاوموا الظلم الاستعماري والسعودي ولما رفض ابن جاسر تنفيذ باطل أقوالهم الانكلو سعودية نفوه إلى الكويت ومات في المنفى… كما قتلوا عدد من الشعراء… منهم ابن صغير وابن سكران… وكذلك الحال في عنيزة… نفس الاسلوب… نفس الفتن… فقد كان آخر من حكم مدينة عنيزة (آل يحيى) ينازعهم في الحكم آل سليم، وآل سليم من مؤيدي آل سعود، ولهذا ناصرهم آل سعود بالمال والسلاح واستولوا على عنيزة وقتلوا عدداً من آل يحيى الذين حاربوا الانكليز والسعوديين وذهب بقيتهم للاقامة في حائل وأخضعوا عنيزة للنفوذ السعودي ولا زال آل سليم يحكمون عنيزة كموظفين للحكم السعودي، لكن شعبنا العظيم في عنيزة لم يخضع ابدا منذ أول يوم احتل فيه الظلم السعودي عنيزة حتّى الآن، فقد حدثت في عنيزة انتفاضات عديدة ضد غشامة حكم السعوديين المنحل، وقد وقف علماء الدين ورجالها الاحرار وقوف المؤمنين الصامدين للدفاع عن أرضهم، ولم تخرج من أفواه علماء الدين في عنيزة أية فتوى باطلة لتكفير العرب المؤمنين اشقاءهم أو تكفير المسلمين!. ومثالا على هذا ذلك الموقف المشهود الذي وقفه الشيخ الجليل صالح العثماني القاضي، بوجوه هؤلاء الآثمين المشعوذين السعوديين ولهذا اصدروا الفتاوى الفاجرة بتكفيره وأمر عبد العزيز الطاغية جنده الفاسد بضرب الشيخ صالح القاضي بعصيهم على سرته وهم يرددون: (هذه الكرش المليئة بالكفر في حاجة إلى بقرها وتطهيرها من الكفر والندقة)!.. وكان الشيخ صالح القاضي هو امام الجامع الكبير في عنيزة، لكن عبد العزيز بن السعود كان يخرج من عنيزة يوم الجمعة تاركا الصلاة خلف هذا الرجل الذي كان يصلي خلفه كل أهل البلد (إلا عبد العزيز آل سعود) الذي يغادر عنيزة قبل صلاة الجمعة بقليل ليصلي خلف جون فيلبي (أو الحاج عبد الله فيلبي كما سمى نفسه لغاية في نفسه) وكان عبد العزيز بن سعود يظن أنه سيضايق الشيخ صالح القاضي "بهجره" له وتحريمه الصلاة خلفه! (وأدائها خلف جون فيلبي)، إلا أن ابن السعود قد اضطر أخيرا لمقابلة الشيخ القاضي والاعتذار منه لغاية في نفسه، لكن القاضي لم يقبل عذره قائلا (عذرك مردود يابن سعود، وسرّتي هذه التي تريدون تطهيرها من الكفر كما يقول جندك لم تعتاد على أكل المحرمات، وأنا لا أتشرف بأن يصلّي خلفي من يخضع للإنكليز ويطلب مني تكفير العرب المسلمين)!. ورغم هذا الجواب القاسي فان عبد العزيز الطاغية لم يمسه بسوء مباشر سوى المضايقات السعودية، نظرا لوقوف الشعب البطل في عنيزة إلى صف القاضي… ولم تكن هذه فقط مواقف شعبنا في عنيزة بوجه الطغيان السعودي، فقد كانت له مواقف مشرفة وانتفاضات شعبية وطلابية تعبر عن سخط الشعب على أوضاعه الفاسدة السعودية المقلوبة… وكذلك مواقف شعبنا وطلابه في بريدة وانتفاضاته الشعبية والطلابية، نذكر منها على سبيل المثال انتفاضة الطلبة عام 1957 حينما طوقوا قصر الامير السعودي الحاكم في بريدة محمد بن بتال ورجموه بالحجارة وهم يهتفون بسقوط الحكم الظالم وتجار دينه الذين يطلق عليهم زوراً اسم (هيئت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وما هم إلا عكس التسمية تماما… وقد قامت تلك الانتفاضة الطلابية احتجاجا على ما قامت به هيئة (الامر بالمنكر والنهي عن المعروف) في بريدة من جلد بعض الطلبة بحجة أنهم (يركبون احصّين ابليس، ويمشون خارج بيوتهم بين العشاوين)!. وترجمة هذا الكلام "البومي" يعني: أن الطلبة يركبون عجلة "البايسكل" ويخرجون من بيوتهم في فترة ما بين المغرب والعشاء!، وركوب المواطنين للدرجات حرام، لكن ركوب رجال الدين والامراء واللصوص للسيارات الفخمة المسروقة من حقوق العمال والفلاحين وأبناء البادية الجياع مباح، وهم لا يريدون أن يخرج الشعب ليلا، وكفاية على شعبنا نهاره السعودي المظلم، لأن من يخرج في الليل ربما قد يفعل شيئا ضد عهد آل سعود الدامس، والشعب كله يعيش في حالة طوارئ دائمة ومنع تجول باستمرار وما زالت حالة الطوارئ مطبقة في عدد من مناطق ما يسمى بالسعودية منذ عام 1901 حتّى يومنا هذا، إذ يحرم على المواطنين السير في الشوارع أو السهر في البيوت ما بعد الساعة التاسعة ليلا… وهذا يرجع إلى خوف الاحتلال السعودي من التجمعات… ولا زال آل سعود ـ يعدون شعبنا عداً ـ بواسطة تجار دينهم، وبعبارة أوضح، مطلوب من كل مواطن أن يثبت وجوده في المسجد الذي يقع في حيّه وذلك فجر كل يوم (الساعة 3.5 صباحا) وحرق الثياب والجلد في الشوارع والسجن لمن لا يثبت وجوده… ولعلك لم تسمع: ـ أيها الإنسان البعيد عنا ـ بكلمة (نائب) … وان سمعتها، فلا يبدر لذهنك أنه قد أصبح لدينا (مجلس أمة… أو مجلس شعب.. او مجلس نواب) وأن هناك (نواباً) يمثلون شعبنا في هذا المجلس!.. حاشا، وكلا، أن يمثل شعبنا تمثيلا حقيقا طالما وجدت عائلة آل سعود، في الوجود… انّما النواب ـ يا صاحبي هنا ـ هم: (اعضاء هيئة الامر بالمنكر والنهي عن المعروف). … ونعود الآن لايجاز الحديث عما حدث لطلاب بريدة بعد تطويقهم لقصر الامير ابن بتال وقذفه بالحجارة، لقد أرسل الملك السعودي طائرتين امريكيتين محملتين بالعصي والعبيد، فاختطفوا الطلاب من مساكنهم، والهبوا جلودهم ضربا حتّى أغمى عليهم. وبعد ذلك حملوهم بالطائرة بين الحياة والموت. وما كان موقف فيصل ولي العهد ورئيس الوزراء آنذاك إلا كموقف الملك سعود ولم يكن موقف آل فهد وبغايا آل سعود ـ إلا كموقف فيصل ـ من تهديد ذويهم وتأييد مخازي تجار الدين السعودي أعداء الشعب كله على ما اقترفوه من جرائم وما يقترفون من فجور بدافع من حكم آل سعود.. وما حدث في بريدة وعنيزة حدث ما يشبهه في وادي الدواسر، وفي المجمعة، في الزلفي، وفي الرس وفي سدير والافلاج والحريق والحوطة، وفي شقرا وكافة بلاد الوشم ونجد كلها. وحدث في المدينة وفي مناطق كثيرة من الحجاز وعسير والاحساء والقطيف والجبيل ـ ومناطق الظهران ـ لكن مثل هذه الانتفاضات وحدها لا تكتفي للاطاحة بأخس احتلال سعودي عميل… ان العمل التنظيمي والجبهوي هو الحل السليم للاطاحة بهذا العار.. الاحساء الاحساء عاصمة المنطقة الشرقية الاولى.. الاحساء (بلاد الخضرة والماء والزيت الحسن) لايوجد بها مستشفى بالمعنى السليم، ولا طريق سالكة واحدة بالمعنى الكريم، الاحساء المنكوبة بحكم الغاب السعودي، فكيف تم الاحتلال الاستعماري السعودي لها؟… لقد رأى جون فيلبي أن الاحساء هي أهم منطقة يجب الاستيلاء عليها واخراج الاتراك منها ليسهل اتصال الانكليز ـ بحراً وبراً وجواً ـ بعمليهم عبد العزيز في الرياض وامداده والاحتفاظ بهذه المنطقة الاستراتيجية الثمينة التي تربط الخليج العربي بالبحر الاحمر… وتربط ما كان يسمى (بالمحميات) في الجنوب بنجد والحجاز والجوف.. انها مهمة جدا.. لكنه لابد من تمهيد انكليزي للاستيلاء عليها… لذا رأى الانكليز أنه لابد من اجراء اتصالات ببعض العائلات الاحسائية.. وكان في ذلك الاتصال بداية الاحتلال… ووعد عبد العزيز وجون فيلبي تلك العائلات "بالخير" بعد أن عاهدهم جون فيلبي ـ نيابة عن الانكليز ـ بأنهم (سيكّونون منهم مجلسا استشاريا، وأن تبقى خيرات الاحساء لأهلها.. وأن يختاروا حاكم الاحساء من الاحساء بطريقة انتخابية، على أن يتعاونوا مع عبد العزيز آل سعود على طرد الاتراك الذين احدثوا الاضرار في البلاد والعباد "!"، بالاضافة إلى أن الاتراك كفرة ومشركين!. والخ) … وأسدوا لهم من هذه الوعود البراقة والمال ما يسيل اللعاب!.. فاطمأن من اتصلوا بهم من أهل الاحساء لتلك الوعود السعودية الانكليزية البراقة، وساعد على تنفيذ خطة الاحتلال الانكلو سعودي للاحساء ما أصاب الدولة التركية من تصدع وانهيار بعد أن فرقت قواتها في كل جهة ودخلت في حرب البلقان وخرجت منها منهوكة القوى… ففي جمادى الاولى سنة 1331 الموافق 12 ابريل (نيسان) 1913 م كان عبد العزيز بن سعود قد وصل الاحساء هو ومجموعة مسلحة معه تبلغ الالف شخص انتشروا في البساتين بصفة بدو رحل وكمنوا فيها، وفي تلك الليلة فتح لهم الذين اتفقوا معهم من أهالي الاحساء فتحة في جدار سور الهفوف الذي كان يحيطها من كل جانب ـ والهفوف هي عاصمة الاحساء ـ ودخل الجند السعودي المسلح من تلك الفتحة وهاجموا القلعة التركية التي لم يكن بها سوى 64 جندياً تركياً، فلم تستسلم الحامية واستمرت المقاومة التركية، حتّى أخذ واحد من الجنود السعوديين حبلاً طويلاً وعلقه بأعلى القلعة وتسلق من خلاله إلى داخلها وتبعه الجنود السعوديون فقتلوا الجنود الاتراك جميعا. وبعد ذلك بُشّر (الامير عبد العزيز بن سعود الذي كان مختفيا في أحد بيوت أحد العملاء من أهل الاحساء بالنبأ) وهكذا حل الاحتلال السعودي في الاحساء محل الاحتلال العثماني، وماذا فعل الاحتلال الجديد بعد ذلك؟!.. في نفس اليوم، اقام الامير عبد العزيز وليمة دعا إليها بعض أهالي الاحساء، وفي مقدمتهم أولئك العملاء الذين أخفوه عندهم والذين تعاونوا معه من أبناء الاحساء وشيوخ البادية (وقطع بعض رؤوسهم) ثم وضعها إلى جانب صحون الطعام وأمر بقية المدعوين أن يأكلوا الطعام.. وأخذ يرحب بهم (ياهلا وسهلا!. حياكم الله!.) فتردد القوم… وامتنعوا عن الاكل… لكن عبد العزيز الجبان الغادر سّل سيفه وأعلى صوته عند الطعام قائلاً: (اقسم بالله أن أي واحد منكم لا يأكل سوف يسقط رأسه عن كتفه)… فأكلوا.. لماذا فعل هذا الطاغية عبد العزيز فعلته الصهيونية الجنونية هذه؟ (لقد كان يقصد فقط أن يرهب الآخرين بما فعل، وبهذا ينقطع أمل الذين يرجون منه تنفيذ ما وعد به من "اصلاحات" ووعود لمن تعاونوا معه بوضعهم في المناصب). هكذا قال بنفسه. وأعقب ذلك باحتلال القطيف والعقير والجبيل واستولى على بقية المناطق، ثم بدلا من أن يفي بعهده الباطل بتنفيذ ولو "اصلاحات" طفيفة، وضع ابن عمه الشرير الشهير بجرمه وطغيانه (عبد الله جلوي) حاكما على الاحساء مطلق اليدين والقدمين. فأخذ يبطش بالشعب ويسوق المواطنين سخرة لبناء قصوره ويفرض الضرائب الفاحشة على الفلاحين وأبناء الشعب باسم "الزكاة" و"الجهاد" و"ضريبة الحفاظ على الاشخاص" و"ضريبة الحافظ على الاعراض" حتّى أن هذا الطاغوت أرغم عدداً كبيراً على بيع أولادهم وبناتهم في سوق الرقيق ليسدد (بقيمة الاولاد) هذه الضرائب السعودية الفاحشة المجرمة. وممن ارغموا على بيع بناتهم شخص اسمه ـ ابن داوود ـ… ومما هو مشهور عن ابن جلوي أنه يرسل عبيده إلى بعض المواطنين لجبي الضرائب منهم وإذا ما قابلهم الشخص المطلوب في الطريق العام ولم يكن في جيبه شيئا واعتذر… أوقفوه في مكانه وخطوا دائرة من حوله في الأرض، واقسموا له بقتله لو برح هذه الدائرة… ويقف الشخص مكانه (لا يبرحه) حتّى يرسل من يأتيه بمطلب العبد السعودي أو يعطي العبد مفاتيح بيته ليذهب العبد الآخر ويفتش البيت ويأخذ ما يعجبه منه ثم يعود إلى المواطن المحبوس في الشمس ضمن الدائرة المخطوطة ويسلمه مفاتيحه ويضربه بالسيف على صدره أو رأسه… أما إذا لم يجد العبد شيئا لا في جيب المواطن ولا في بيته ولم يكن له أولاد يستوفيهم ابن جلوي أو يبيعهم فيقتاد المحبوس من الطريق إلى السجن ولن يخرج المواطن إلا بعد أن يبيع ابنه أو بنته أو يقدم ابنه أو بنته أو يعمل مجاناً في القصور لمدة سنة أو يتبرع عنه مواطن آخر.. مقابل تسديد الضريبة السعودية إلى الحاكم بأمر الله!… ونورد على سبيل المثال لا الحصر اسم المواطن الفقير السقاء (بائع الماء) محمد الدحيم من محلة الرقيات بالاحساء الذي أرغمه ابن جلوي على بيع بنته ليسدد له ضريبة "الجهاد المربوع" ومعنى "الجهاد" أن العصابة السعودية "تجاهد" لبناء قصورها وحماية نفسها بهذه الاموال… أما معنى "المربوع" فهي أن العصابة السعودية تأخذ ضعف الضريبة اربع مرات كل سنة وأحيانا كل شهر وأحيانا كل اسبوع… المهم أن يدفع المواطن الفقير اربع مرات في السنة.. والهوى السعودي هو التشريع… وليس هنا من اجراءات تسليم واستلام أو سجلات تثبت أن آل سعود قد استلموا شيئا من المواطن الذي لا يقبل قسمه ولا عذره ولا شهادة فقره… وقصة أخرى للمواطن علي بن صالح الذي جاء ليثبت أنه لا عمل له ولا مورد ولا أطفال يبيعهم أو يرهنهم لتسديد ما فرضه ابن جلوي عليه من ضرائب بحجة حماية عرضه من الكفار!، فأمر بن جلوي بربطه من يديه ورقبته بحبل إلى مؤخرة حصان ركبه أحد العبيد وأخذ يجره في الطرقات حتّى مات بعد اربع ساعات من الجر… وهناك الوان أخرى من "جهاد" آل سعود في سبيل الله… فقد وهبوا مساحة أرض شاسعة تملكها البلدية لرجل دينهم الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ فباعها إلى البلدية نفسها بملغ مائة ألف ريال… وكذلك أرض الزقيقية التي استولى عليها أحد "زقّان" آل سعود ابناء الملك وراح يبيعها للمواطنين… وكذلك قصر الملك الذي أشاده في الرقيقة 40 مليون ريال واستغرق بناءه ثمان سنوات دون أن يعمل به أي عامل من عمال الجزيرة العربية. وصرح الملك بعد ذلك بقوله: (انني اشيد هذه القصور لأطمئن الشعب أنني أعيش إلى جواره ولا أستخدمها إلا لمصاهرتنا مع الشعب وأعراسنا في هذه المناطق)… انها أمثلة ـ مجرد أمثلة ـ عن جرائم آل سعود التي ليس لها مثيل … وقد صادر آل سعود الكثير من أراضي الفلاحين ونخيلهم، في أماكن كثيرة من الاحساء منها: الحقل والعمار والشراع والشهيبي وأبو اسحيل والشطيط والسحمية والقرين، وبستان الدليقية في الهفوف وبساتين المهرام والصقيهية والفاخرية الذي استولى عليها آل جلوي قهرا وأهدوا بعضها للشيخ علي بن ثاني وعدد من شيوخ قطر. وأخذ آل سعود يثيرون الفتن السعودية بين أبناء السنة وأبناء الشيعة ويهدمون مساجد أبناء الشيعة، ولا يقبلون شهادة الشيعي ولا صلاته ولا صيامه، ولا يصلون عليه إذا مات ولا يصلون خلفه ولا يشربون من الماء الذي يشرب منه ولا يأكلون منه طعامه، بينما يبيح تجار دينهم طعام المستعمرين الانكليز والامريكان واسرائيل التي تمتلئ قصورهم بأطعمتها… ومع ذلك يدعون أنه لا يوجد عدل في الدنيا إلا العدل السعودي، ولا يوجد أمن في الدنيا إلا أمن سلالة القينقاع السعودية… وهذه عينات وبينات من أمنهم السعودي المزعوم: 1 ـ هناك أكثر من مليون مواطن من الاحساء والقطيف نزحوا للعراق وأكثرهم من البصرة والزبير، هرباً من الظلم والفتك والنهب السعودي. 2 ـ جاء إلى جلاد مناطق الاحساء مواطن يدعى سعيد الفياض يشكون إليه أن جملا يملكه (علي العجمي) قد أكل شيئا من بلح نخله، فأرسل ابن جلوي يطب "المدعى عليه" ولما مثل بين يدي ابن جلوي أصدر التشريع الآتي: (يبقر بطن الجمل فإذا وجد فيه البلح وجب أن تقطع يد المدعي عليه وينحر وإذا لم يوجد البلح فان قطع اليد سيكون من نصيب المدعي (سعيد الفياض) بالاضافة إلى تغريم المدعي ثمن الجمل للحكومة (أي لأبن جلوي). فاعتذر المدعو سعيد الفياض وتنازل عن الدعوى لأنه من الطبيعي أن لا يكون للبلح أي أثر في بطن الجمل بسبب هضمه اياه لمضي مدة طويلة على أكله البلح… ولكن الجلوي لم يقبل هذا التنازل. فأمر ببقر بطن الجمل وبالطبع لم يجد أثراً للبلح، فأمر بقطع يد المشتكي مع تغريمه قيمة الجمل!، فحاول المشتكي أن يسترحم ابن جلوي ليعفيه من قطع اليد لأنه هو صاحب الشكوى على أن يكتفي الجلوي بتغريمه أضعاف قيمة الجمل. ولكن الجلوي أصر على قطع يد المدعي، وكرر المدعي ترحّمه وتوسلاته للجلاد "بأن يدفع للجلوي أرضه ونخيله قيمة ليده" ولكن ابن جلوي اصر على قطع يداه!. فقطعت يد الشاكي سعيد الفياض من أجل حفنة من بلحه أكلها جمل المشكو عليه علي العجمي ولم يعثر عليها في بطن بعيره. والمعلوم أن الاثنين الشاكي والمشكو عليه من قبيلة العجمان وهي من قبائلنا الشجاعة المعادية للسعوديين وهي التي قتلت "فهد بن جلوي" ابن الطاغية عبد الله الجلوي وشقيق الطاغية سعود الجلوي… ومن هذا يظهر القصد السعودي الاستعماري خلف هذا الارهاب… ان القصد هو الانتقام من هذه القبيلة والايقاع فيما بينها والبطش بها تحت أي عذر أو سبب أو وسيلة لتحطيم المواطنين… وقد قدر ما قتله الاحتلال السعودي وجزاريه في مقاطعة الاحساء والقطيف والجبيل بستين الف مواطن ومعظم القتلى من ابناء القبائل.. ثم مات هذا الجلاد السعودي عبد الله بن جلوي الذي أقطعت له منطقة البترول الكبيرة هذه بما فيها من مواطنين ومزارع وغابات وعيون جارية… كيف مات الطاغوت؟ لقد مات هذا الطاغية بأتفه الأسباب المضحكة… مات بقرصة من "جعل" عضه بين خصيتيه!. والجعل هو "ابن عم الخنفساء!".. مات بعد أن بذل جهده الجهيد في ممارسة جنسية ارتكبها في سطح قصره وكان الوقت صيفا فأدركه التعب ونام على ظهره بقاذوراته كاشفا عورته للهواء الطلق. فحامت حول شرجه جماعة من الجعلان، لدغه بعضها بين الخصيتين فهّب يصرخ ويستصرخ العبيد… وورمت خصيته في الحال وتقيحت في اليوم التالي واستدعي إليه عدد من المشايخ "ومحضري الجن"!… لتلاوة التعاويذ حول شرجه وخصيتيه والدعاء لها بالشفاء… وحينما لم ينفع الدعاء… إستدعي طبيب امريكي من البحرين اسمه (الدكتور ديم) وبعد فحصه له قال الطبيب: (ان سموه مصاب بارتفاع شديد ومزمن في مرض السكر وان عضّة الجعل لخصيان سمّوه هذه قد تحولت إلى "غرغرينا" وأنه لابد من بتر خصيتي وقضيب سموه على عجل وإلا تآكل لحم جسمه كله)!.. فرفض الملك عبد العزيز كما رفض المصاب نفسه عبد الله بن جلوي ان يقطع الطبيب "هيبة الحكم" فالحكم السعودي قائم على الاعضاء التناسلية… واستمر علاج مشايخ الدين السعودي لشرج الطاغية بالتفال والتعاويذ!… واستمرت "الغرغرينا" تفتك في شرجه واسفله لتثأر لعشرات الآلاف ممن قطع الطاغية أيديهم وأرجلهم ورؤوسهم وأوصالهم… ومات الطاغية… وكاد الجعل يقدس لهذا الفعل الجليل.. إذ بدأ دعاء الناس المظلومين يتعالى بالهتاف "للجعل" أطال الله عمر الجعل الحقير الذي فعل ما عجز عن فعله البشر السوي، البشر الذي لم يكن وقتها يصّدق ان مثل هذا الطاغية المسمّى بشيخ الظلمة عبد الله بن جلوي يموت بقرصة من شيخ الخنافس ـ الجعل ـ … حتّى الطاغية الاكبر عبد العزيز آل سعود لم يصدق ما حدث لأبن عمه حينما أبلغ بما حدث إلا بعد أن كشف بنفسه على شرج ابن عمه عبد الله بن جلوي فأمر بدفنه… لكن عبد العزيز لم يتعظ بمصير الطغاة فاقتطع مناطق الاحساء والقطيف والجبيل والمناطق البترولية لجلاد أقذر منه تعلّم فنون البطش والرذيلة في أحضان والده شهيد الجعلان… انّه الطاغية سعود بن عبد العزيز الجلوي… والجميع من عائلة آل سعود… فأخذ الابن عن والده سيرته القذرة، بل أقذر، إذ أصبح الخلف أشر من السلف.. بحيث لا يمكن للقلم بهذه السرعة أن يحصي مآسيه وآثامه، وانما أردت بذلك التنويه عن بعضها فقط فهي لا حصر لها ولا عدد و"مشروعاته في فن الاجرام كثيرة… أول تلك المشروعات اصداره الاوامر بقتل 82 "عبدا" من عبيد والده، عشرة منهم قتلهم بتهمة التآمر على حياته… أما القسم الاخر فلا تهمة لهم، إلا أن احدى جواري الجلاد الجديد سعود الجلوي الصقت بأحدهم تهمة معاشرتها… وبدأت القصة كما يلي: لقد حملت احدى الجواري من ابنه عبد العزيز (شهيد الخمّارة ـ الذي قتله الجزائري عام 1963 في الخمارة الفرنسية بباريس عندما ذهب لباريس برفقة الملك سعود) فسأل سعود الجلوي ـ الجارية ـ عن مصدر ذلك الجنين ولم تجرؤ أن تعترف بأن ابنه عبد العزيز قد اغتصبها وهددها بالقتل فيما لو أخبرت والده. فادعت الجارية (انها كانت نائمة فهجم عليها واحد من العبيد في ظلمة الليل وكتم أنفاسها وصوب مسدسه إلى رأسها وبهذه الطريقة اغتصبها ولم تجرؤ ساعتها أن تخبر سعود لخشيتها منه أن يفسر الامر على أنه حدث بموافقتها)!… فسألها سعود الجلوي هل تعرفين العبد؟… قالت: "لا أعرفه لقد تم كل شئ في الظلام"… قال اذن فلينفذ هذا التشريع: (تقتل المرأة وجنينها، ثم يسجن كل العبيد الذين يسكنون القصر في سجن الاحساء "الدباب" ويتركون بلا طعام ولا ماء حتّى يموتون جوعا وظمأ).. وبموجب هذا التشريع السعودي ألقي القبض على 82 انسانا ممن جعل منهم الظلم والطغيان والتشاريع الطاغوتية "عبيداً" فزج بهم في السجن وماتوا بهذه الطريقة الفاحشة الوحشية… وفي هذا الاثناء: اتفق عدد من العبيد الذين لم يعتقلوا بعد على القيام بثورة على هذا الطاغوت وقتله هو وعائلته وقالوا: ان نجحنا فقد نلنا شرف قتل هؤلاء الاشرار وان قُتلنا فقد نلنا شرف الاستشهاد وما هذه الحياة الا عبودية لنا وعار عليها… وكان يقودهم ـ يماني ـ مستعبد أطلقوا عليه اسم "مريزيق" ولكن الطاغية سعود الجلوي اكتشف الخطة قبل نجاحها وأحضر الارقاء وعددهم عشرون واحدا وطلب منهم أن يقتل كل واحد منهم الاخر حتّى يفني بعضهم بعضا.. وكان منظراً بطوليا مؤثرا حيث رفض العبيد أن يقتل بعضهم بعضا… وأدخل هؤلاء الابطال إلى سجن الاحساء مقيدين بأثقال الحديد ومنعوا عنهم الطعام والماء ثم أحرقوهم بالنارأحياء… واستشهد الابطال الذين يسمونهم عبيدا… بينما بقي العبيد آل سعود والسعوديين الاحياء… ومن ذلك الوقت سمي سجن الاحساء باسم "سجن العبيد" وهو عبارة عن مقبرة للاحياء تحت الأرض تضم عظام البشر وقد قتل فيه معظم الزعماء الثائرين بهذه الطريقة، ويضرب أبناء الشعب المثل المعروف في هذا السجن بقولهم (داخله مفقود وخارجه مولود)… ومن تشاريع هذا الطاغية (سعود بن الطاغية عبد الله الجلوي) التشاريع الاتية: ألقى سعود الجلوي القبض على عامل يدعى جربوع الجبيلي بتهمة عدم اطاعة اوامر (السيكيورتي) في الوقوف. و"السيكيورتي" هو بوليس الامن الامريكي بشركة أرأمكو، وزج بالعامل جربوع في السجن، ومن سوء حظ جربوع الجبيلي انّه وجد إلى جانبه في السجن شخصاً آخراً يشاركه في الاسم الأول أيضاً ويدعى جربوع السبيعي، وقد اتهم الاخير بطعن أحد الامريكان بخنجره.. فأمر سعود الجلوي بقطع يد جربوع السبيعي الذي طعن الامريكي غير أن "عبده" الجزار المدعو (خسارة) أساء الفهم فقطع يد جربوع الجبيلي الذي رفض اطاعة أمر الامريكي، وما أن عاد العبد إلى سيده حتّى أمره بأن يعود ثانية ليقوم بجلد جربوع الجبيلي المتهم بمعصية أوامر بوليس الامن الامريكي، ولما أخبره "عبده" خسارة: بأنه قد قطع يد المذكور… رد عليه سيده سعود الجلوي بكل برود: (هذا هو ما كتبه الله لهذا الجربوع ـ اذن اذهب يا خسارة واقطع يد الثاني جربوع السبيعي..) فنفذ العبد الجلوي خسارة أمر سيده وبذلك قطعت ـ يدا ـ الجربوعين ـ جربوع الجبيلي وجربوع السبيعي… ان هذه القصة من قصص الاحتلال السعودي وأمنه المزعوم الذي يتشدق به بعض المأجورين من كتاب وشعراء زيفوا تاريخ شعبنا العربي الثائر وليقرأ الذين زيفوا تاريخنا قصة أخرى من قصص احتلال السعوديين وتاريخهم الملعون: جاء إلى سعود بن جلوي أحد المواطنين يخبره (أنه عثر على كيس من البن في صحراء الدهناء وان الكيس لا يزال هناك موجودا في صحراءه فأحببت اطلاعكم عليه يا أمير حتّى تتمكنوا من انتشاله قبل أن تدفنه الرمال) فسأله سعود بن جلوي عن الوسيلة التي جعلته يعرف بها انّه كيسا من البن أو غيره؟. فأجابه المواطن البدوي الشريف أنه لمس الكيس بقدمه. فقال ابن جلوي: أي قدم هذه لمست بها كيس البن؟ قال البدوي: لمسته بقدمي اليمنى..، فأمر ابن جلوي بقطع قدمه اليمنى.. والغريب ليس هذا!.. بل الغريب في الامر أن هذا المواطن الشريف كان يضحك أثناء عملية قطع رجله اليمنى وهو يردد باستمرار "الحمد لله الحمد لله ما دفع الله كان أعظم!".. ولما سئل المواطن عن سبب هذا التحميد الزائد والضحك بينما العبيد يقطعون رجله قال المواطن: (انني أضحك على شر البلية .. وشر البلية ما يضحك، أضحك أولا ـ على هذا الحكم المضحك السعودي وأقول أن هذا العمل هو عمل اليهود بعينه وليس من فعل العرب والاسلام أبدا… واضحك ثانيا ـ على الناس الذين يظلمون "قراقوش" عندما يتندرون بحكمه ولا يتندرون بحكم آل سعود بدلا من حكم قراقوش، وأحمد الله أيضاً.. أحمده على قطع رجلي فقط… لاني لم أغلط وأقل لابن جلوي بأنني لمست كيس القهوة برأسي لكيلا يقطع رأسي… ولكنه عمل اليهود)… وقصة أخرى نسقوها لشعراء المديح ومزيفي التاريخ، وكذلك نسوقها لذوي الضمائر الحية والميتة: فقد أحد الامريكان قلمه فاتهم به عامل يدعى محمد العتيبي فاقتادته شركة أرامكو الاستعمارية إلى ابن جلوي وقطعوا يده في الحال مع نفيه عن المنطقة حيث مات في الطريق وفي اليوم التالي وجد الامريكي المجرم قلمه في جيب قميصه الثاني… وكانت تلك المهزلة واحدة من تسالي الامريكان المضحكة حول أكواب الويسكي المتجاوبة مع هزات رقصة الروك اندرول في "امريكان سيتي" (المستعمرة الامريكية) وواحدة من مهازل الامن السعودي الامريكي المزعوم… وهذه حكاية أخرى تفضح مزاعم الدجالين عن الامن السعودي المزعوم… اسمعوا الحكاية.. الغصة: وجد راع من أبناء ـ قبيلة المرة ـ عند مرعى غنمه لوحا مركوزا من قبل رسل شركة ارامكو في أرضنا العربية عن البترول العربي فأخذه الراعي العربي ليهش به على غنمه، فقابله أحد الامريكان وعرف أن اللوح الذي لا يزيد طوله عن أربعة أقدام فقط، هو من العلامات الكثيرة التي تركزها شركة أرامكو وتملأ بها أرضنا كعلامات مميزة لملكية شركة أرامكو الاستعمارية لارضنا الشاسعة الواسعة، فاقتاد الامريكي الراعي العربي إلى أقرب مركز للشرطة السعودية حيث كتبوا إلى ابن جلوي على قطعة من روق اللف أسموها معاملة كتبوا عليها كلمة تقول"بأن الراعي سرق اللوح من شركة أرامكو"، فجاء الرد الجلوي في الحال "لاجراء اللازم حسب النظام، اقطعوا يد السارق، مع تغريمه خمسمائة ريال كثمن للورق وخدمة للمعاملة وأتعاب لعبدنا الذي قطع يده ورد اعتبار لشكة أرامكو وضيوفنا الامريكان"… أيها الناس: هكذا نعيش في حكم الاحتلال السعودي، هكذا يعيش الفرد مجردا من أبسط الحقوق الانسانية، حيث لا توجد قوانين تشكل ضمانا لحماية حقوق الوطن والمواطنين وصون الكرامة والقيم الإنسانية المهدورة، طغيان بلا أنظمة إلا القرآن الكريم الذي جنوا عليه هو الآخر مثلما جنوا على شعبنا وحرفوا آياته الكريمة تحريفا واضحا عن حقيقتها الإنسانية التي نادى بها محمد كهدي للناس ونذيرا للطغاة الظالمين وحربا شعواء على الملوك وبني صهيون أينما كانوا حيث أخذوا يحرفون القرآن الكريم لصالح فسقهم وفسادهم رغم أن القرآن الكريم يصرخ في وجوه الطغاة قائلا: (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء من الله نكالا بما كسبا) وهذه الآية القرآنية الكريمة لا تعني أن تقطع أيدي أبناء الشعب الكريمة وانما يعني أن تقطع أيدي الملوك والامراء وأيدي الحكام الخونة الذين يسرقون الملايين من أفواه الملايين… يسرقون الشعب كله وحرياته كلها ويعتدون على كل حرماته، وهذا ما جعل النبي محمد عليه السلام يرفض وساطة من توسطوا لاحدى الاميرات والامراء الاغنياء عندما سرق الامير قائلا عليه السلام (والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها فاقطعوا يدا هذا النبيل) وقال ما معناه (لقد كان من سبقكم من الكفار يتركون أيدي النبلاء تسرق ويقطعوا أيدي الفقراء). كما شرع عمر بن الخطاب بقطع يد أحد النبلاء حينما جاءه يشكو إليه أن عاملا عنده قد سرق بعيره فقال عمر (أطعموا عمالكم مما تطعمون لو لم يكونوا جياعا لما سرقوا). ومع ذلك فهناك شئ ربما يخفى على الناس. وهو أن عصابة الاحتلال السعودي تعتبر عضو في الجامعة العربية وعضو في الامم المتحدة ولها مكتب دائم لدى هيئة الامم ينفق عليه 50 مليون دولار سنويا ولها مندوب في هيئة الامم يتقاضى 50 ألف دولار صافية مهمته الصراخ في أمريكا بالدعاية للاستعمار السعودي. وما سبق ذكره أمثلة فقط على ما حدث ويحدث في الاحساء العاصمة وفي القطيف والجبيل ودارين وبقية أجزاء المنطقة الشرقية وكل أنحاء البلاد التي انخدع بعض كبارها آنذاك بالدخول في جنة آل سعود الموعودة، التي كان يعدهم ويمنيهم بها وما يعدهم الشيطان إلا غرورا… ولكنهم قبلوا الدخول تحت حكم ابن السعود لانهم ظنوا أن حكمه سيكون كما وعد به وعاهدهم عليه "أصلح" حكما ممن كانوا يحكمونهم من أمراء ومشايخ وعثمانيين يسلبون أرزاقهم ويعتدون على حرياتهم، كما رأوا أن هذه المناطق القريبة من الساحل قد أصبحت عرضة لانواع من القراصنة والغزاة وظنوا أنهم بانضمامهم لابن السعود سيكون لهم دولة كبيرة قوية تقدمية موحدة يعيشون في رحابها في بحبوحة من العيش الكريم محافظين على حرياتهم ومعتقداتهم بعد أن أرسل لهم ابن السعود من يفاوضهم على هذا باسمه ويقسم لهم أغلظ الايمان… وكان الانكليز حتّى تلك الايام لم يروا جدوى الكشف عن وجوههم كثيرا خوفا من (جيش الاخوان) الذي لقنه تجار الدين السعودي الوعاظ بأمر من الانكليز أنفسهم (بأن جميع حكام وشعب الجزيرة العربية والبلاد العربية الاخرى كفارا) وكما هو معروف، كان اتصال الانكليز بعبد العزيز بن السعود يجري بواسطة جون فيلبي ورجال بعثته الذين أصبحوا من رجال الدين والقضاء السعودي بعد أن أطلقوا ذقونهم وأشهروا اسلامهم زيفا وأخذوا يصلون أكثر من الحد المعقول، وأحيانا يجري الاتصال الانكليزي بواسطة أعضاء (مجلس الربع) ذوي الالسنة والسحن العربية والضمائر الميتة الانكليزية، أمثال حافظ وهبة ويوسف يس، ولكنه ما أن بقيت سواحل الخليج العربي مفتوحة بعد التسلط السعودي على مناطق الاحساء والقطيف والجبيل ودارين حتّى رأى الانكليز أنه لا داع للاختفاء كثيرا بل يجب الوقوف علانية لحماية هذه العصابة السعودية واعطاءها (صفة الدولة) بعد أن خرج الاتراك حتّى لا يعودوا وخاصة بعد أن رأى الانكليز أن الاتراك قد شنوا حملة على عميلهم عبد العزيز من ميناء العقير فخشي الانكليز أن يعاود الاتراك حملتهم بقوة أقوى، لهذا لابد من ردع الاتراك، فأرسلوا عددا من البواخر الحربية الانكليزية إلى ميناء العقير والجبيل وسواحل القطيف والاحساء ودارين وانزل عدد من الانكليز في المراكز الحساسة وأكد الانكليز للاتراك أنهم سيحمون ابن السعود بأي شكل من الاشكال. وساعد على صد الاتراك اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 م وزج الاتراك بأنفسهم يخوضون غمارها مع الالمان حيث أنهكت قوى الاتراك. ولكن الانكليز رأوا أن مجرد المناصبة العادية مهما كان حجمها الكبير لا يجدي وانما لابد من اعلان الحماية لآل سعود بصفة رسمية أمام العالم ليبقى لهم حق الحماية "المشروعة" وانجاح هذا الذلول… فتوجه الكولونيل السير برسي كوكس المعتمد البريطاني في سواحل الخليج العربي سنة 1915 حيث قابل الامير عبد العزيز بن السعود في مخيم العقير لاول مرة . ويقول الكولونيل برسي كوكس (لقد كانت أول مرة لي أقابل فيها أميرنا عبد العزيز بن السعود، ولقد أعجبت به ولم يخب ظن أحدنا بالآخر وقلت له: انك شخصية قوية يا عبد العزيز. فرد عبد العزيز بقوله: أنتم الذين كونتم لي هذه الشخصية وهذا الجاه ولولا بريطانيا العظمى لم يكن يعرف أحد أن هناك شيئاً اسمه عبد العزيز آل سعود، لولاكم كنت أقيم لاجئا في الكويت، انني بكم وصلت إلى لقب الامير عبد العزيز بن سعود وسوف لن أنسى لكم هذا الفضل مدى حياتي وسأبقى لكم خادما مطيعا منفذا لما تريدون) ويقول جون فيلبي الذي حضر هذا الاجتماع: ورد السير برسي كوكس قائلا: (نحن لم نمنحك لقب ـ أمير ـ فقد كنت أميرا بطبيعتك أما اللقب الذي سأقلدك وسامه الآن باسم بريطانيا العظمى فهو لقب ـ السلطان عبد العزيز سلطان نجد والاحساء والقطيف والجبيل)… فقلده وسام السلطنة البريطانية ـ وقال: وفي المستقبل القريب سنقلدك وسام سلطنة حائل بعد القضاء على خصومنا ثم سلطنة الحجاز ونجد لتصبح سلطان نجد والحجاز وملحقاتهما ثم نجعل منك ملكا بعد تسليمك عسير وبعض الامارات الاخرى لنطلق عليها اسمكم فتصبح (المملكة السعودية) ـ وهنا استفسر عبد العزيز وهو يقبل جبين الكولونيل كوكس ويده اليمنى ترتعش من شدة الفرح ويردد: ـ (الله يقدرنا على خدمتكم الله يقدرنا على خدمة بريطانيا ـ ماذا تعني بالامارات يا سيدنا برسي)؟… فتكلم المستشار عبد الله الدملوجي مسابقا الكولونيل بقوله: ان الكولونيل ـ يعني بالامارات الاخرى مثل البحرين والكويت وقطر والشام وفلسطين والعراق واليمن ـ فقاطعه السير برسي كوكس بكلمة حاول فيها اخفاء ملامح الغضب من وجهه بابتسامة استخفاف قائلا: كلا…. كلا… انّما أقصد: نجد وحائل والحجاز والاحساء والجوف، لاننا لا نضمن وقوف آل رشيد أو استمرار الحسين بن علي معنا، ولذلك سننقل الحسين بن علي لتعيينه إذا أراد وأولاده ملوكا على العراق وسوريا، ولكننا نعتقد أن الحسين سيرفض الاستجابة لتعيينه في منصب أصغر مما يتخيله في عقله وحينها سنضطر إلى نفيه بعيدا، أما أولاده فنتوقع موافقتهم، أما امام اليمن فنحن نمده الآن لمحاربة الاتراك في اليمن وسنضع حدودا لكل من ممالككم ونحن نحارب توحيد البلاد العربية تحت حكم رجل واحد حتّى ولو كان ملكا لأن هذا ليس في صالح بريطانيا، فالتوحيد سينتج عنه ذوبان الاقاليم وتلاشي التبعيات وبذلك يصبح العرب قوة كبرى تقف في وجه مصالحنا المشتركة، كما أن وضع البلاد العربية تحت حكم شخص واحد سيضعف هذا الشخص في يوم من الايام فتحدث بعد ذلك ثورات قد تؤدي إلى قيام جمهورية عربية واحدة، ثم أن عندنا الان مشكلة اليهود وفلسطين، اننا نريد حسمها لنمكن اليهود من العيش بسلام في وطن لهم بعد هذا التشرد الطويل، ونريد أن يساعدنا ملوك العرب بصفتهم يمثلون الشعوب العربية التي ستعارض فكرة اعطاء اليهود أرضا في فلسطين، فما هو رأي السلطان عبد العزيز؟… فاستفسر عبد العزيز عن رأي السير كوكس بقوله: (ماذا تعني بهذا الكلام؟…) فخشي السير كوكس من أن يكون عبد العزيز بسؤاله هذا قد استاء من موضوع ايجاد اليهود في فلسطين، فرأى أن يمهد لما يريد من عبد العزيز اجابة عليه، فقال السير كوكس: (انني واثق منك يا عبد العزيز بأنك سوف لا ترد لنا طلبا وان الحياة كلها مصالح مشتركة، فلولا مصالح بريطانيا لا يمكن لنا أن نساعدك يا عبد العزيز. ولو لم تكن أيها السلطان موضع ثقة منا لما دعمناك وحاربنا من أجلك والذي أريد أن أقوله هو هل يمكن فيما لو طلبنا منك أن تعترف لنا بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود أن نطمع بالموافقة؟، أعتقد أن في هذا ضمانة لبقائك كما هو من صالح بريطانيا أن يكون لليهود كيان ووطن، وما هو صالح لبريطانيا لاشك في صالحك.. ويتابع جون فيلبي قوله: فضحك عبد العزيز ساخرا من هذا الطلب.. وألقيت نظرة فاحصة على وجه الكولونيل كوكس وإذا به قد امتعض… لا شك أنه خشي مثلما خشيت أنا أيضاً أن تكون ضحكة السلطان عبد العزيز الساخرة بداية للخروج عن الطاعة ورفض الطلب الذي لم يسبق للسير كوكس أن تفوه به لاحد قبل عبد العزيز بل لا يمكن أن يتفوه به السير كوكس لو لم يكن مكلف في بحثه في دائرة المخابرات العامة في لندن وبذلك توقعنا تلك اللحظة أن نخسر عبد العزيز ويخسر هو نفسه ويكون لورنس قد انتصر في اصراره على رأيه القائل بأن ـ الحسين بن علي ـ كان أصلح لبريطانيا من عبد العزيز ابن السعود… ولكن سرعان ما تبددت أوهامنا وتحقق صواب رأيي في صاحبي العزيز عبد العزيز الذي طالما دافعت عنه.. قال السير كوكس بسخرية: لماذا تضحك من قولنا يا عظمة السلطان عبد العزيز؟! فرد عظمته قائلا: شئ مضحك فعلا!. شئ مضحك ان تطلبون مني أن أوافق على اقامة وطن لليهود في فلسطين ـ بينما اليهود موجودين في فلسطين فعلا والانكليز يحكمون فلسطين فعلا وبامكان الانكليز اعطاء اليهود ما يشاؤون من هذه الأرض التي يحكمونها، هذا ما يضحكني ويضحكني أيضاً أن ينشئ الانكليز ممالك وملوك وسلاطين ومع ذلك يطلبون أخذ الموافقة ممن أقاموهم بأيديهم من هؤلاء السلاطين والملوك، ثم أضحك أيضاً مماذا يستفيد الانكليز من موافقة واحد مثلي يرجو عون الانكليز ويمد اليهم يده كل شهر ليتقاضى معاشه من الانكليز ويستطيع الانكليز رفع مرتبه أو تخفيضه أو قطعه واسقاطه شخصياً أو انجاحه؟!.. قال كوكس: ان ما تقوله يا عظمة السلطان كله صحيح، ونحن لم نمنحكم ألقاب السلاطين والملوك ونمدكم بالعون والنجاح الا لتكونوا ممثلين للشعوب العربية وبذلك يكون لاعترافكم قيمة وشرعية فأنتم محسوبون من الانكليز ووجود الانكليز أو إسرائيل في فلسطين أو أي بلد عربي يعتبر انتهاكا لحرمة هذا البلد، هذا ما يقال وما هو واقع اليس كذلك يا عظمة السلطان؟… فرد عبد العزيز قائلا: نعم… لا شك… وإذا كان لاعترافي هذه الاهمية عندكم فأنا أعترف ألف مرة باعطاء اليهود وطنا في فلسطين أو غير فلسطين، وهذا حق وواقع… وهنا دس عبد العزيز يده وأخرج ورقة صغيرة كانت في جيبه المتدلي من أعلى صدره إلى أسفل بطنه وكتب السلطان بخط يده يقول (أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود أقر وأعترف للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من اعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما ترى بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتّى تصيح الساعة)!… وصياح الساعة معناه: قيام الساعة... أي القيامة.. ولو كان عبد العزيز يؤمن بقيام القيامة ما قام بهذا العمل.. لكنه السلطان عبد العزيز… صديق بريطانيا الأول… وقال فيلبي: بعد انفضاض هذا الاجتماع أخذت أمازح عبد العزيز متسائلا وقلت: كيف تبصم يا عظمة السلطان بهذا الشكل؟. ألا تتوقع أن يغضب العرب على عظمتكم فيما لو عثروا على هذه الوريقة؟ فقال باستهزاء: العرب؟!… العرب، وين العرب؟… نحن سلاطين العرب يا حاج فيلبي… لورنس اسمه ملك العرب… وفيلبي اسمه شيخ العرب… ولو انتظرنا رأي العرب ما أصبحنا سلاطين كما ترى… وما دامت بريطانيا راضية فلا يهم ان غضب العرب أو رضوا…. وما دام هذه الورقة عند كوكس فهي في مأمن. قلت للسلطان: ربما يسبب هذا التوقيع تشريد شعب فلسطين بكامله من فلسطين… فرد عبد العزيز علي بقوله وهو يضحك بصوت مرتفع: "ألا ترى أننا قد شردنا من جزيرة العرب الكثير من أهلها وسنشرد الكثير أيضاً وتعلم أننا كفّرنا العرب المسلمين وهم ليسوا كفارا ارضاء لبريطانيا فهل تريد أن اغضب بريطانيا لأن عدداً من أهل فلسطين سيشرد؟… أهل فلسطين لا يستطيعون حمايتي إذا لم تحميني بريطانيا من الاعداء ولتحترق فلسطين بعد هذا… من يعرف أن في نجد شيئاً اسمه السلطان ابن سعود لو رفضت التوقيع أو عارضت أوامر سيدنا كوكس… أنت تمزح والا صادق يا فيلبي؟…" قلت وأنا أبتسم: لا يا عظمة السلطان انني أمزح لأرى ما تقول… وبعد ذلك قرر السير برسي كوكس رفع مرتب السلطان عبد العزيز بعد أن تظلم السلطان من ضآلة مرتبه عن مرتبته، ورفعه من /500/ جنيه استرليني في الشهر إلى/5000/ ومن ثم وضعنا معاهدة للحماية وقعها كل من كوكس وعبد العزيز وهذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم !

هذه معاهدة بين الحكومة البريطانية من جهة، وبين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود أمير نجد والاحساء والقطيف وجبيل وجميع المدن والمرافئ التابعة لهذه المقاطعات من جهة أخرى. 

الحكومة البريطانية باسمها وعبد العزيز باسمه وباسم ورثته وأخلافه ورجال عشيرته، عينت الحكومة البريطانية الكولونيل السير برسي كوكس معتمدها في سواحل خليج العجم مفوضا لاجل أن يعقد معاهدة مع عبد العزيز ابن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ضمن المقصد الاتي. توطيد وتوكيد الصداقة الموجودة بين الطرفين منذ زمن طويل وتأييد منافعهما المتقابلة: ان الكولونيل السير برسي كوكس، وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ـ المعروف بابن السعود ـ اتفقا وتعاقدا على المواد الآتية: ـ أولا ـ ان الحكومة البريطانية تعترف وتقبل بأن نجدا والاحساء والقطيف وجبيل وملحقاتها، التي تعين هنا، والمرافئ التابعة على سواحل خليج العجم ـ كل هذه المقاطعات هي تابعة للامير سعود وآبائه من قبل، وهي تعترف بابن سعود حاكما مستقلا على هذه الاراضي، ورئيسا مطلقا على جميع القبائل الموجودة فيها، وتعترف لاولاده وأعقابه الوارثين من بعده، على أن يكون خليفته منتخبا من قبل الامير الحاكم. وأن لا يكون مخاصما لانكلترا بوجه من الوجوه، أي أنه يجب أن لا يكون ضد المبادئ التي قبلت في هذه المعاهدة. ثانيا ـ إذا تجاوزت احدى الدول على أراضي ابن سعود أو أعقابه من بعده دون اعلام الحكومة البريطانية ودون أن تمنح الوقت المناسب للمخابرة مع ابن سعود لاجل تسوية الخلاف فالحكومة البريطانية تعاون ابن سعود ضد هذه الحكومة، وفي مثل هذه الظروف يمكن للحكومة البريطانية بمساعدة ابن سعود أن تتخذ تدابير شديدة لاجل محافظة وحماية منافعه. ثالثا ـ يتعهد ابن سعود أن يمتنع عن كل مخابرة أو اتفاق أو معاهدة مع أية حكومة أو دولة أجنبية، وعلاوة على ذلك فانه يتعهد باعلام الحكومة البريطانية عن كل تعرض أو تجاوز يقع من قبل حكومة أخرى على الاراضي التي ذكرت آنفا. رابعا ـ يتعهد ابن سعود ـ بصورة قطعية ـ أن لا يتخلى ولا يبيع ولا يرهن ولا بصورة من الصور ولا يقبل بترك قطعة أو التخلي عن الاراضي التي ذكرت آنفا، ولا يمنح امتياز في تلك الاراضي لدولة أجنبية أو لتبعية دولة أجنبية دون رضا الحكومة البريطانية، وأنه يتبع نصائحها التي لا تضر بمصالحه. خامسا ـ يتعهد ابن سعود بأن يبقى الطرق المؤدية إلى الاماكن المقدسة مفتوحة، وأن يحافظ على الحجاج أثناء ذهابهم إلى الاماكن المقدسة ورجوعهم منها. سادسا ـ يتعهد ابن سعود كما تعهد والده من قبل بأن يمتنع عن كل تجاوز وتداخل في أرض الكويت والبحرين وأراضي مشايخ قطر وعمان وسواحلها وكل المشايخ الموجودين تحت حماية انكلترا والذين لهم معاهدات معها. سابعا ـ الحكومة البريطانية وابن سعود يتفقان فيما بعد بمعاهدة على التفصيلات التي تتعلق بهذه المعاهدة. 3 يناير سنة 1915 التوقيع الكولونيل السير برسي كوكس معتمد بريطانيا في ساحل خليج العجم التوقيع السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن

آل فيصل سعود خادم الدين والدولة 

وبعد.. ليست هذه الادلة والوثائق الدامغة بالمستغربة على الاسرة السعودية وسلالتها عبد العزيز… الذي وصفه خونة المؤرخين بأنه بطل الابطال والموحد الاكبر، وصقر الجزيرة… وتجرأ الشعراء الاجراء إلى تشبيهه بعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد… ثورة العجمان وتأييد الانكليز المطلق لعبد العزيز أما شعبنا الذي "منحته" بريطانيا لآل سعود بهذه المعاهدة ـ والذي غلب على أمره فانه لم يسكت فقد أصبح الوجه السعودي العميل يتكشف له على مر الايام، واتضح لابناء البادية الاحرار ما يبيته الاستعمار الانكليزي السعودي لهم، فثارت قبيلة العجمان في الاحساء ـ كرد فعل لهذه المعاهدة ـ سنة 1915 ضد الانكليز ومطيتهم عبد العزيز وكالعادة أخذ الخونة السعوديون والانكليز يتهمون قبيلة العجمان الطيبة بالزندقة والكفر والسرقة ولكن الانكليز تغلبوا بقوتهم على العجمان، فالتجأ ثوار العجمان إلى الكويت وبما أن النفوذ التركي كان لا زال آنذاك أقوى من النفوذ الانكليزي فقد وجد الانكليز أن الفرصة مواتية لدفع عبد العزيز بن سعود لمحاربة الكويت دون الاستيلاء عليها… حتّى يتمكن الانكليز من دفع الكويت إلى أحضانهم، ولكن موت الشيخ مبارك الصباح أخر هذا الهجوم بانتظار ما يفعله جابر بن مبارك الذي تسلم مكان والده فأمر السير برسي كوكس عبد العزيز بن سعود بأن يستغل هذه الفرصة ويتوجه إلى الكويت معزيا الشيخ جابر في والده ومهنئا اياه في منصبه الجديد وموطدا عرى الصداقة وفي الوقت نفسه يفاتح الشيخ جابر بتجنب الاتراك وبالتقرب إلى الانكليز، فأعطى الانكليز باخرة خاصة لعبد العزيز تقله اسمها (جيمو) حيث وصل الكويت بتاريخ 19 نوفمبر 1916 وفي اليوم التالي دعا عبد العزيز إلى اجتماع كبير في الكويت بناء على طلب الانكليز حضره الشيخ جابر الصباح والشيخ خزعل والسير برسي كوكس وعدد من الانكليز والمشايخ ورؤساء العشائر الموالين لبريطانيا. ووقف عبد العزيز خطيبا في هذا الاجتماع يقول بلهجته (ان الاتراك كفرة مشركين ملاحدة وكل من يتعاون معهم على أنفسهم بالعزلة عن المسلمين لسوء معاملتهم للشعوب وعدم معاملتنا بالانصاف وعملوا دائما على اضعاف العرب وتفريقهم. أما الانكليز فهم يعملون دائما على جمع كلمة العرب والمسلمين ومساعدتهم على النهوض وواجب كل عربي وكل مسلم أن يتعاون مع أصدقاءنا الانكليز ويحارب أعداءنا الاتراك) الخ… وكان لهذا الخطاب أسوأ الاثر في نفوس أهل الكويت على هذه المقارنة غير الحكيمة وعرف أهل الكويت بلسان من يتكلم هذا الببغاء، وعاد سوء التفاهم من جديد، فأرسل الانكليز مجموعة من قوات عبد العزيز لمهاجمة الكويت فوقعت معركة (حمض) سنة 1337 ـ 1919 فنهبوا من الابل والاغنام والذخائر الانكليز. ولم يكتفوا بذلك بل عادوا سنة 1338 هـ 1920 م وهاجموا الكويت وقتلوا عدداً من الآمنين من أبناء الكويت وعرفت هذه المعركة بمعركة (الجهرة) حيث حاصر الجيش الانكلو سعودي الشيخ سالم الصباح وكادوا يأسرونه لو لم ينجده ابن طوالة بقوة من قبائل شمر وكذلك العجمان وبعض القبائل وينهزم جيش الانكليز السعودي، وتوفى الشيخ سالم الصباح عام 1921 وتقهفر الاتراك من الكويت وعاد الصفاء بين بريطانيا وحاكم الكويت الجديد وتوقفت هجمات السعوديين بأمر أسيادهم الانكليز الذين عززوا جون فيلبي بمساعدين له لتوجيه عبد العزيز، وهذان المساعدان هما الميجر كنليف اوين، والميجر هاملتون ـ (اللورد بلهافن) وكانوا جميعا وعلى رأسهم فيلبي وكوكس يؤيدون عبد العزيز دون غيره من الحكام… حتّى أن كوكس عندما عقد المؤتمر العام لرجال المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط، وحضره كوكس نيابة عن مكاتب الخليج التابعة لحكومة بريطانيا في الهند وقد انعقد المؤتمر في القاهرة بتاريخ 23 مارس 1918، بدائره مكتب المخابرات في القاهرة المسمى "المكتب العربي" تحت رئاسة السير ريجنلد ونجت المندوب السامي في مصر وحضور الجنرال كليتون والكومودور هو جارت والميجر كورنوالس، بحضور الكولونيل سيريل ولسون ممثل الحكومة البريطانية لدى الشريف في الحجاز.. وقف السير ولسون ممثل الحكومة البريطانية بشدة وحدة بقوله: (مستحيل أن تجد بريطانيا من تستطيع أن تقوده أو تسوقه أو توقفه متى شاءت أو تحركه طوع ارادتها فيتحرك خلاف عبد العزيز بن سعود مهما كثر عملاء بريطانيا… انّه أخلص المخلصين لنا… ولهذا يجب أن ننهي الشريف حسين من الحجاز. وأن لا مجال مقارنة بين الشريف حسين وعبد العزيز آل سعود. وإذا طلب منا الشريف حسين معرفة رأي بريطانيا عن تجاهلنا له فيجب أن نصارحه بالامر الواقع، أما إذا لم يطلب فسنتركه حتّى يتولى مكانه ابن سعود. والمهم ان نمكن عبد العزيز ماليا وعسكريا لاحتلال حائل فهي الخطر الصامد امامنا بقبائلها قبائل شمر المقاتلة القوية ونقضي على آل رشيد) فرد الكولونيل سيريل ولسون على السير كوكس مؤيدا الابقاء على الشريف مع الانتفاع بالاثنين ـ الشريف وابن السعود ـ ومما قاله: (أنك قد تعلم يا سيد كوكس أن مشيك على قدم واحدة في الجزيرة العربية يتعبك جدا) فرد السير كوكس عليه قائلا: (كلا … أننا سنمشي على قدمين مع أن الإنسان قد يستغني عن واحدة إذا أصيبت بداء فيقطعها.. انني أكدت لكم أن ابن السعود أصلح لنا من الشريف حسين الذي رفض التوقيع أو الموافقة لاقرار وضع اليهود في فلسطين ولهذا نريد أن نرسل ابن السعود لتأديب الشريف حسين واخضاعه لنا، وإذا لم يخضع فسيرى الجميع آنذاك أن استئصاله أصلح لنا مع الاستفادة من أبناءه في أماكن غير الحجاز وتسليم الحجاز لابن السعود)!.. كان هذا هو رأي السير كوكس في ابن السعود، إلا أن الاغلبية من رجال المخابرات البريطانية الذين حضروا هذا المؤتمر رأوا "تأجيل موضوع ارسال ابن السعود لتأديب الحسين إلى بضعة أشهر حتّى يعاودوا الاتصال مع الحسين لعله يوافق على موضوع حق اليهود في فلسطين"… ولكنهم عادوا من جديد ونفذوا رأي كوكس (وكوكس ـ يهودي صهيوني) فأخذوا يعدون العدة… وعرف الحسين بن علي بالامر فأخذ يعد هو الآخر عدته لصد العدوان السعودي، فأعد جيشا قوامه 40 ألفا بقيادة ابنه عبد الله، وهكذا رأت بريطانيا التي كانت تمشي على قدمين في الجزيرة العربية أن تركل الهاشميين من الحجاز بقدمها الثانية ـ ابن السعود ـ فأمرته بالزحف على الحجاز وكان جيش الحسين بن علي قد زحف هو الآخر وعسكر في "تربة والخرمة" وهي واحة تقع بين الحجاز ونجد… وفي ليلة 25 شعبان سنة 1337 هـ ـ 1919 م كانت (مجزرة تربة) الشهيرة… وكانت غدراً أكثر منها شجاعة، فقد وضع الانكليز خطة من أسهل الخطط للقضاء على الـ 40 ألف جندي من جنود الشريف ونجحت الخطة… والمعروف أن قبيلة عتيبة تنقسم إلى قسمين قسم يعيش في الحجاز ويؤيد بعضه الأشراف والقسم الاخر يعيش في نجد ويؤيد بعضه آل سعود وقائد هذا القسم كان فيصل الدويش، فخطط جون فيلبي لذلك الهجوم وأرسل جنديين من جنود عتيبة نجد ليندسا بين صفوف أبناء عمهم من جنود الشريف حسين من عتيبة الحجاز وأمر أحد الجنديين أن يقف في ميمنة الجيش الهاشمي وان يقف الآخر في الميسرة ويطلق كل واحد منهما النار صوب الآخر، في ظلام الليل تم يصرخ الايمن في الجند الهاشمي النائم ليلا قائلا بأعلى صوته (ارمو… ارمو… جند ابن السعود هجم من اليسار) ويصرح الايسر بالقول نفسه (ارمو… جند ابن السعود هجم من اليمن) فيباغت الجيش الهاشمي ويذبح بعضه بعضا… كما ارسل الانكليز والسعوديون عدداً من الجواسيس السعوديين للتسلل إلى داخل صفوف جيش عبد الله بن الحسين ليبثوا فيه الرعب والتخاذل بل واستطاعوا أن يرسلوا بعض الجواسيس للتسلل إلى المدافع والرشاشات وافسادها وجعلها غير صالحة للاطلاق… أضعف إلى ذلك أن عبد الله بن الحسين لم يكن هو نفسه صالحا لقيادة الجيوش، لقد كان مترفا مغرورا مستهترا عابثا ولم يعد للامر عدته من التدبير والحنكة… فأغضب كثيرا من القبائل الموالية لابيه وفي مقدمتها عتيبة في الحجاز.. كما أغضب بعض الاشراف من أبناء عمومته وفي مقدمتهم الشريف خالد بن لؤي… واستطاع الانكليز المؤيدين لابن سعود أن يستغلوا هذا الخلاف ويستميلوا الاشراف الغاضبين إلى صف آل سعود كما استمالوا القبائل الغاضبة من الشريف للصف السعودي.. أما عبد الله بن الحسين فقد جعل كل اعتماده على الجيش النظامي المزود بكل المدافع والاسلحة التي اكتسبها أبوه من تركيا بالاضافة إلى ما كان لديه من بقايا الاسلحة الانكليزية التي كان قد تزود بها عند ثورته على الاتراك "فكبسته" ثلة من البدو الذين "سعدنهم" الانكليز وخططوا لهم وعلى رأسهم الشريف خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد فهب الجيش من نومه مذعورا وأخذ يصوب أسلحته إلى نفسه بدون وعي في ظلمة الليل فكان رصاص البنادق وطعنات الخناجر تصيبه نفسه بنفسه وتحصده… وكان جيش ابن السعود ـ بقيادة جون فيلبي ـ يكمن له من خلف التلال والجبال المحيطة بالوادي الفسيح… وما أن أسفر الفجر حتّى رأى الجيش الهاشمي نفسه يضرب بعضه بعضا!. وقبل أن يفيق من هول الصدمة فاجأه الجيش السعودي بالضربة القاضية ولم ينج عبد الله بن الحسين من المعركة المهولة الا بالهرب هو وحرسه الخاص!… واستولى الجيش الانكلو سعودي على كل ما تركه الجيش الهاشمي من سلاح وخيام وأموال وغير ذلك. ولكن الغدر الانكليزي السعودي لم يقف عند حد الانتصار على عبد الله وجيشه بل ابى الا أن يهجم على القريتين الكبيرتين ـ الخرمة وتربة ـ ويقتل السكان المدنيين العزل نساء وشيوخا وأطفالا. ولم يكتف بذلك بل نهب الماشية وأحرق النخيل والمزارع واعتدى على الأعراض. لقد كانت "تربة" واحة خصبة وكان فيها أكثر من مليون نخلة. وأصبحت بعد هذه الواقعة مشوهة من كل جانب!…. فما ذنب الابرياء حتّى يقتلهم ابن السعود العميل!. وما ذنب النخيل والمزارع حتّى يحرقها ابن السعود الاستعماري ولكنها تلك عادة اليهود في جميع حروبهم.. لقد أحصوا أنفسهم من قتلوهم من الاطفال والنساء والرجال والشيوخ في "تربة" من السكان المدنيين فقط بما يزيد على ثلاثة آلاف نفس، أزهقوا أرواحهم، وذلك خلاف جيش الشريف عبد الله بن الحسين البالغ (40 ألفا) قتلوا جميعا ولم ينج منهم الا ما يقارب الخمسمائة الذين هربوا مع عبد الله!… والشئ المضحك أن يتدخل الانكليز بعد أن أخبرهم الحسين بما صنعه السعوديون في جيشه وفي السكان المدنيين من مجازر! فبعث معتمد بريطانيا في جدة "ولسن باشا" رسولا!.. هو المستر "جون فيلبي" إياه!… أرسله إلى صاحبه ابن السعود يطلب منه التوقف عند هذا الحد والقفول إلى نجد!. ولم يسع ابن السعود الا أن يأتمر بأمر سيده وعاد من حيث أتى.. ولكن بعد خراب تربة.. أي بعد أن حقق الهدف الانكليزي.. وكان قفوله إلى نجد في 15 رمضان سنة 1337 هـ … لكن ذلك لم يزد الشريف حسين الا تعنتا ضد الانكليز الذي قال عنهم أمام رسولهم لديه لورنس (لعنة الله على الانكليز الذين ليس لهم من صديق سوى شهواتهم)!. فحاول لورنس اقناع الشريف حسين بالتوقيع على مطلب الانكليز باعطاء فلسطين وطنا لليهود ليستطيع لورنس اخلاف ظن البعض من الانكليز واقناع المخابرات البريطانية له بذلك ليحطم فكرة من يقفون خلف ابن السعود ويؤيدون صلاحيته. وقال لورنس للحسين (ان المسألة هي توقيع فقط وبهذا التوقيع بالموافقة على تقسيم البلاد العربية واعطاء فلسطين لليهود ـ تستطيع أن تلعب على الانكليز. لقد فعل ابن السعود ذلك فافعل مثله)!… ولكن الحسين لم يقبل!، وما كان من الانكليز الا أن أمروا لورنس بالانسحاب من الحجاز لانهم صمموا على انهاء الحسين.. فانسحب لورنس.. بل اغتاله أعضاء المكتب الهندي البريطاني لتأييده الشريف وحينها أرسل الحسين رسالة لابن الرشيد يطلب عقد اتفاقية تعاون عسكرية بينهما. فرأى الانكليز أن في هذا التحالف خطراً عليهم وعلى عميلهم ابن السعود، فعندما يعقد الحسين في الحجاز وابن الرشيد في شمال نجد اتفاقية تحالف فمعنى ذلك انهما قد كونا قوة كبيرة في وجه الانكليز… واكتشف الانكليز ذلك، فرأوا تطمين الحسين إلى حين، فهو لم يعد يشكل أي قوة في وجوههم، وعلى الانكليز ان يبدأوا بالأهم، وهو: اسقاط حائل عاصمة قبيلة شمر وابن الرشيد… فعملوا ما بوسعهم لاسقاط حائل فأسقطوها كما ذكرنا… ولهذا موضوع منفصل بالتفصيل. ما أن بلغ الملك حسين بن علي خبر سقوط حائل في براثن الاحتلال الانكلو سعودي في اليوم الثاني لسقوطها حتّى صاح بأسى لمن حوله في مجلسه وعض على يده قائلا: (بسقوط حائل انتهى أكبر حائل بيننا وبين الملعونين السعوديين. انتهى الحائل بين الحجاز وأشرار الوهابية والآن يجب أن نستعد لملاقات العدو.. لعنة الله على الانكليز فليس لهم صديق إلا مصالحهم أينما وجدت ومع أي شخص كان) وبالفعل، فقد أعلن السير برسي كوكس وجماعته عن منح الحجاز لابن السعود بدلاً من الحسين…وقرر كوكس ارسال "الاخوان" بقيادة "خالد بن لؤي" هذه المرة فهو من "أشراف الخرمة" وابن عم الشريف حسين ابن علي فقد اتصلت المخابرات الانكليزية وفيلبي بالذات مع ابن لؤي واقنعته بالمجئ للانضمام لابن السعود وافتعال حادثة بينه وبين الشريف، وهكذا افتعل ابن لؤي حادثة مع ابن عمه عبد الله بن الحسين فغضب عليه ابن لؤي وأقسم "أنه سيقود ابن السعود إلى مكة"… وهكذا ذهب ابن لؤي لبيع مكة… واجتمع بعبد العزيز في مخيمه بين حائل والقصيم وقص له القصة وكان رد عبد العزيز عليه قوله: (بارك الله في الأسباب التي عرفتنا فيك) والتفت عبد العزيز هامسا باذن المستشار الانكليزي فيلبي آخذا رأيه فكان جوابه: (لا أقول أكثر من انها صفقة رابحة من يد متاجر غشيم) وهكذا اتفقوا مع ابن لؤي ليعاونهم ووعدوه بأن يجعلوا منه اميرا حاكما على مكة والحجاز!… فوافق ابن لؤي على كل ما يريدون… وقرروا أن تكون (الطائف) مسرح الجريمة… واتجهوا نحو الطائف ومعهم خالد بن لؤي "والاخوان" واصطدموا بأول سرية استطلاعية في ضواحي الطائف قتلوها عن آخرها… وكان الوقت عصرا من يوم الخميس واستمروا في زحفهم حتّى حاصروا البلد وتمت المحاصرة إلى عصر يوم الجمعة حيث دخلوا البلد، والحقيقة أنه لم يكن في الطائف من قوة تذكر، بل كانت الطائف غاصة بالمصطافين من أهل مكة الآمنين وكان ظن الشريف حسين أن يأتي السعوديون من مكان آخر خلاف الطائف… ولكنها ارادة جون فيلبي الذي أراد أن يبيد "المصطافين" ويبطش بسكان الطائف الآمنين "ليُسمع صوت الدم لجارات الطائف" فيوقع في قلوب الاخرين الرعب والمضحك أن الانكليز ومطاياهم من عبد العزيز وغيره كانوا يطلقون على هذا الجند السعودي الفاجر اسم "المسلمين" أما غيرهم فيطلقون عليهم اسم "الكافرين" والايام التي تسبق احتلالهم لأي بلد يسمونها "أيام الجاهلية" أما أيام ما بعد الاحتلال السعودي فيسمونها "عصر الإسلام". وقبل أن أصف ما حدث من وحشية نكراء أود أن أورد فقرات من رسالة سعودية سخيفة لعلها تلقي ضوءاً على فداحة المظالم الهمجية… بعث بهذه الرسالة الطاغية العميل الاستعماري عبد العزيز آل سعود إلى احد مستشاريه من أعضاء "مجلس الربع" واسمه حافظ وهبة بتاريخ 22 صفر سنة 1341 نشرها حافظ في كتابه (خمسون عاما في جزيرة العرب) يقول فيها عبد العزيز: (احتل جماعتنا الطائف وكل من وجدوا من المشركين قتلوه حتّى ضحى نهار يوم السبت ونادى منادي المسلمين: من أراد السلامة والاسلام فليقبل ويلق سلاحه فأقبل الاهالي وظهروا من أماكنهم، وكل منهم حامل ما عنده من قوت وسلاح واستولى المسلمون على البلد وعلى جميع ما فيها. وبعد أن أطمأن المسلمون وطهروا البلد من المشركين رتبوا أناسا منهم لجمع الغنائم واحصائها واقتضى نظر الاخوان والمشايخ تنصيب خالد بن منصور في البلد للنظر في أحوالها واستقبال القبائل من الاشراف وغيرهم الذين يطلبون الدخول في الإسلام وحوزة المسلمين والاستيلاء على ما عندهم من قوت وأسلحة وأموال) إلى أن قال عبد العزيز في رسالته لحافظ وهبة: (أما الحسين فقد توجه إلى جدة وغالب الكفار من أهالي مكة أخلوها من الرعب والباقون بها مرجف بهم ـ أما المسلمون فلم يستشهد منهم سوى سبعة عشر وكلهم من عامة الناس ما فيهم المسمى غير هويل بن جبرين وتواب الدحاوي ورحمهم الله رحمة واسعة..)!. هكذا ترون كيف يوضح هذا الفاجر الكاذب أن جنده القتلة المعتدون هم "المسلمين" وهم "الشهداء" أما أبناء الشعب المغدور بهم وأبناء مكة فهم "كفرة" وأنه هو "النبي" الذي جاء بالاسلام والايمان على يد كوكس وجون فيلبي، وأنه نهب كل ما عند الشعب وماله وما لديه من قوت… نفس الطريقة التي اتبعها ويتبعها الصهاينة… ونفس الطريقة التي اتبعها أجداده بالاشتراك مع الافاق محمد بن عبد الوهاب الذي زعم أنه جاء بالدين هاديا، وقاتل الشعب في نجد والحجاز ليعيده "بعد كفره" كما يزعم إلى "الإسلام والايمان بالله! حيث كان الشعب يعبد الجبال والاشجار قبل خروج رسول الله! محمد الوهابي" كما يزعم كذبا وزورا… فكانوا يتهمون أبناء الشعب في الحجاز بعبادة "منيف" وغير ذلك من آلهة التي أباحوا بموجبها دماء شعب لا عرب الجزيرة وحدهم بل كل العرب… ومن ذلك تهمتهم للنساء العوانس بأنهم يذهبن إلى "فحل النخل" ويدعونه بقولهم "يا فحل الفحول اريد زوجا قبل الحول" وهكذا يتخذ آل سعود من الكذب وسيلة لتقتيل المؤمنين المسلمين باسم الدين وهم افجر الفاجرين وأكفر الكافرين بروح الدين. ولهذا فعلوا ما فعلوه من جرائم في العرب وشعب الجزيرة العربية… وارتكبوا ما ارتكبوه من موبقات وخساسات وفجور في الطائف وغيرها… ان ما فعلوه في الطائف لا يختلف أبدا عما فعله أبناء عمهم اليهود في فلسطين بل أخرى… من المعروف أنه عندما تقوم أية فئة أو حكومة بانقلاب أو ثورة على أخرى فأول ما تقوم به هو الاستيلاء على مراكز الفئة أو الحكومة السابقة فقط، وقد تقوم الاخيرة بقتل حراس هذه المراكز من المُعادين، أما أن تقتل كل المواطنين الابرياء وتنهب حتّى أرزاقهم وتعتدي على أعراضهم فهذا لا يقدم عليه الا عدو لدود لا يحمل في جوفه مثقال ذرة من ايمان أو أخلاق أو شرف أو كرامة… ولكن من أين تأتي الاخلاق والكرامة والشرف لسلالة بني صهيون… لقد استولوا على مراكز الشريف حسين، وانتهى كل شئ لهم، ولكنهم لم يكتفوا بهذا بل بعد هذا هجموا على المنازل واعتدوا على أعراض النساء أمام أزواجهن وقتلوا الازواج أمام نساءهم وطلبوا من النساء أن يجردن رجالهن القتلى من ثيابهن ويغسلن هذه الثياب من الدم ويسلمنا لهم، ليرتديها جنود ابن السعود وقد باعها بعضهم على بعض النساء اللائي عروهن من ثيابهن… وكان منظرا وقحا ومضحكا عندما هجموا على البيوت ونهبوا مصاغات النساء ولبسوا هذه المصاغات والخواتم والخلاخيل بأيديهم وارجلهم ورقابهم، ولم يكتفوا بهذا. بل مع هذا استولوا على عدد كبير من المواطنين بحجة أنهم سبايا و"عبيد" فباعوهم في نجد، ثم سجنوا الآلاف من النساء والاطفال والرجال عراة في سجن جماعي تحت وهج الشمس بلا ماء ولا طعام ولم يفرجوا عنهم الا بعد مدة طويلة بكفالة شخص موثوق يثبت للسعوديين ان أهل مكة والطائف: أسلموا بعد كفرهم!.. وكانوا يذبحون الرجال ذبح النعاج ويضعون رقابهم في صهريج الماء "الحنفية" ليختلط الماء بالدم فيفتحون الحنفيات ليتوضؤوا بهذا الدم ويصلون!… بعض أسماء الشهداء في الحجاز وحتى يتضح أنه ليس لآل سعود وأتباعهم من هدف ديني صحيح أو اجتماعي أو اصلاحي، ولكي تتجلى صهيونية آل سعود نورد بعض أسماء الذين قتلوهم من رجال الدين المؤمنين وغيرهم من الشهداء: ـ الشيخ عبد الله مرداد قاضي مكة المكرمة وعالمها الكبير وسنه (70 سنة) الشيخ عبد الله الزواوي مفتي الشافعية بمكة الشيخ يوسف زواوي شقيق المفتي الشيخ عمر أحمد كمال من قضاة الحجاز وعلمائها الاعلام الشيخ عبد القادر الشيبي وشقيقه سادن الحرم المكي الشيخ علي صقر من علماء الحجاز الكبار الشيخ عبد الله فريد من وجهاء مكة الشيخ عبد الله عطار وشقيقه أحمد عطار الشيخ عبد القادر بن إبراهيم رمل عمدة محلة الشامية بمكة السيد شيخ… الخ.. ومثل السعوديون بستة شبان من اسرة قطب بمكة… كما مثلوا بطفلين وامرأة وثلاثة رجال من أسرة آل الطيب وشخصين من أسرة الشالي، والشيخ حسن مكاوي وقاضي الطائف الشيخ سليمان مراد، والشيخ عبد اللطيف السكوتي وسراج زمزمي، والشيخ عبد الرحمن قاضي جدة ـ وعثمان قاضي مدير البريد والبرق، وأبو حمامة وعبد الله محمد فريد… هذه عينة فقط من أسماء الشهداء… وفيما يلي عينة أخرى من أسماء الذين زج بهم صهاينة آل سعود في السجن واستشهدوا في سجنهم جميعا ـ ومنهم: الشيخ حسين الدباغ ومسعود الدباغ والشريف حسن بن زيد والشيخ عبد الله بن النفيس. وفيما يلي عينة أخرى من أسماء الآلاف الذين شردهم صهاينة آل سعود ومنهم العالم الكبير الشيخ حبيب الله الشنقيطي ـ مات بمصر، والعالم زيدان الشنقيطي مات في اليمن والعالم الشيخ خضر الشنقيطي وقاضي قضاة الحجاز ـ مات بالاردن ـ شيخ العلويين السيد أحمد سقاف ـ مات في جاوه ـ الطيار عبد الله المنديل ـ مات بمصر ـ الزعيم أحمد الداغستاني،

الشيخ محمد الشرقاوي. 

الشيخ حسين صبيان من كبار ادباء الحجاز ـ مات بمصر ـ الطيار حسن شيبه والشيخ مرزوق قراره ـ مات بمصر ـ الشيخ عبد العزيز يماني… وغيرهم الكثير ممن شردوا إلى انحاء آسيا وافريقيا والذين لا تعرف أماكن لاقامتهم… ولكي نؤكد أن آل سعود إلا صهاينة تلبسوا بلباس العروبة والدين. نوضح هنا بعض اعمالهم الاجرامية ضد العروبة والدين وشعائر الدين، حينما دمروا أول إمكان نشأت فيها الدعوة الإنسانية ولم يتركوها حتّى ولو من باب وأنها آثارا عربية، ومنطلق كفاح خالد وملاجئ لمحمد حينما كان يطارده الاعداء ويكافح كفاح المؤمنين الصديقين الابطال لا نجاح رسالته مقسما ذلك القسم التاريخي العظيم عندما اشتدت عليه وطأة الظلم: (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي لن أرجع عن هذه الدعوة حتّى تنجح أو اموت في سبيلها) ولكن كيف يرجى من صهاينة آل سعود الذين أمروا جندهم المخدوع بهدم كل أثر من آثار تاريخ أجدادنا العظام ورسالتنا الخالدة… تصورا ماذا فعل هؤلاء السعوديون اليهود… هدم الاماكن الخالدة والاسلامية والتاريخية 1 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه النبي العربي محمد بن عبد الله بشعب الهواشم بمكة. 2 ـ هدم آل سعود بيت السيدة خديجة بنت خويلد، زوجة النبي أول امرأة آمنت برسالته الإنسانية. 3 ـ هدم آل سعود بيت ابي بكر الصديق ويقع بمحلة المسفلة بمكة. 4 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولدت فيه فاطمة بنت محمد، وهو في زقاق الحجر بمكة. 5 ـ هدم آل سعود بيت حمزة بن عبد المطلب عم النبي وأول شهيد في الإسلام قال عنه النبي محبذا باستشهاده استشهاد كل من يحارب الطغيان: (أول شهيد في الإسلام حمزة وثاني شهيد من حارب حاكم ظالم وأمره ونهاه فقتله) ويقع بيته في المسفلة بمكة. 6 ـ هدم آل سعود بيت الارقم أول بيت تكونت فيه الخلايا الثورية المحمدية وكان يجتمع فيه الرسول سرا مع أصحابه حيث قامت الدعوة من هذا البيت، وفي هذا البيت تمت أول مقابلة تاريخية بعد عداء شرس بين محمد وعمر حينما أعلن عمر بن الخطاب في هذا البيت ايمانه برسالة محمد وانتصرت بذلك الثورة المحمدية انتصارها الاول، وصعقت الرأسمالية القرشية حينما خرج "بلال" ليؤذن بالثورة بأمر من عمر الذي قال له: "أذن يا بلال ان الدين جهرا"… كما تمت في هذا البيت أول مقابلة لمحمد مع ـ الاشتراكي العظيم ـ خامس واحد في الإسلام ـ ابي ذر الغفاري ـ الذي شهد له النبي العربي محمد بقوله: "ما حملت الغبراء ولا أظّلت السماء ذو لهجة صادقة مثل ابي ذر الغفاري" ويقع هذا البيت بجوار الصفا بمكة… أما الآن فقد شيّد في مكانه قصر أعطى لتاجر الفتاوى السعودية الباطلة عبد الملك بن إبراهيم ليتاجر به وذريته ويفسدون… 7 ـ هدم آل سعود قبور الشهداء الواقعة في المعلى بأعلى صوته مكة وبعثروا رفاتهم . 8 ـ هدم آل سعود قبور الشهداء في بدر وكذلك هدموا مكان العريش "التاريخي" الذي نصب للنبي العربي القائد الاعظم وهو يشرف ويقود معركة الفقراء المسحوقين ضد اغنياء اليهود وقريش!… 9 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه علي بن أبي طالب والحسن والحسين… 10 ـ سرق آل سعود الذهب الموجود في القبة الخضراء ووضعوه سيوفا وخناجر وأحزمة تربط في اسفلها أغطية ذهبية لفروج حريمهم، وقباقيب ذهبية وأحذية وخواتم وخلاخيل وأساور… 11 ـ دمر آل سعود بقيع الغرقد في المدينة المنورة حيث يرقد المهاجرون والانصار من صحابة محمد وبعثروا رفاتهم… ولقد هّم بنو القينقاع آل سعود بتدمير القبة التي تظلل وتضم جثمان صاحب الرسالة محمد بن عبد الله ونبشوا ضريحه، لكنهم توقفوا حينما وقف الشعب وبعض العلماء الصالحين من شعبنا ومن كافة البلاد الإسلامية. وحدثت ضجة كبرى ضدهم… فارتدوا على أعقابهم خاسئين… كل ذلك بقصد أن لا يبقى أثر واحد من آثار اولئك المؤمنين الابطال أجدادنا الذين سحقوا أجدادهم بني القينقاع وبني النضير وقريضة وأمثالهم من اليهود ومن معهم ممن حاربوا رسالة محمد بالمال وشراء أشباه الرجال… ولقد أراد آل سعود بذلك أن لا يبقى ايّ ذكر لتاريخنا، وأن لا يبقى للعرب من تاريخهم إلا الاسم السعودي المزيف المهين… ولكن ما فعلوه من خراب قد عكس وكشف ما قصدوه من ازالة للتاريخ العربي وابطاله واثبت انهم من اليهود الحاقدين على شعبنا مهما وضعوا لانفسهم من "اشجار عائلية" تزعم انهم من أصل النبي محمد!… بل ان تزويرهم لمثل هذه "الاشجار" العائلية يتمثل به قول الشاعر: (كاد المريب أن يقول خذوني)… أي ان هذا التزييف نفسه يكشف انهم من أصل يهودي، وإلا ما معنى وضع هذه الشجرة العائلية السعودية؟… ان الشعور بالجريمة، ومعرفتهم لاصلهم الحاقد هو الذي جعلهم يدفعون 35 الف جنيه مصري للمؤرخ ـ مزيف الاشجار ـ محمد التميمي ليزور هذه الشجرة… انّه ما من أحد من الناس الشرفاء وغير الشرفاء يهمه أن يعرف عن أصله أكثر من أربعة إلى اربعة عشر من أجداده!. مهما كان أصله وفصله… بل ان النبي العربي لم يحسب له من الاجداد مثل هذا العدد الهائل الذي لفقه آل سعود، ولم يفاخر بحسبه ونسبه وانما كان يزجر كل من يفاخر بهذه الاحساب والانساب فيقول: (ان من يفاخرون بانسباهم ليسوا منا بل هم أحقر عندنا من رائحة الجعلان) ولم يتمكن الحسّابون ان يحسبوا لمحمد بن عبد الله اكثر من(21) جدا… فكيف استطاع المزور محمد أمين التميمي أن يحسب أكثر من (470 جدا) لهذه العائلة السعودية و(470 جدا) للعائلة الوهابية ويجعل العائلة الوهابية والعائلة السعودية متقاربة الاصول مع بعضها ومرتبطتين بنسب النبي محمد!… فينسب العائلة السعودية اليهودية إلى (نزار) الجد الثامن عشر للنبي محمد بن عبد الله، وينسب لعائلة محمد بن عبد الله، وينسب العائلة الوهابية الواردة من تركيا إلى (الياس) الجد السابع عشر إلا بجّدين اثنين فقط!.. لكيلا يبتعد بهاتين الاسرتين بعيدا عن اصول النبي محمد!… ولم يكن هذا المزور وحده، فقد زور قبله وبعده آخرون، لكنه هو واضع الشجرة التي وصل بها اسم "مرد خاي" الذي اطلق عليه اسم (مرخان بن إبراهيم ابن موسى اليهودي) فوصله بأسماء كثيرة لا علاقة لآل سعود بها، منها: ربيعة، ومانع، والمسيب، والمقلد، وبدران، ومالك، وسالم، وغسان، وربيعة، والحارث، وسعد، وهمام، ومرة، وذهل، وثعلبة، وعكاية، وصعب وبكر، ووائل… (ووائل هذا هو الذي يدّعي المزورون أنه يجمع آل سعود بقبيلة عنزة)… ثم بعد ذلك: قاسط، وهنب، ودعمي، وجديلة، واسد وربيعة، ثم (نزار) الجد الثامن عشر للنبي محمد ! وحفيد عدنان.. وهكذا سلكت العائلة الوهابية نفس المسلك في الشجرة السعودية المزورة إذ قال المزّور نفسه (انها تلتقي مع آل سعود في نسب النبي محمد من خلال جد النبي السادس عشر المزعوم: (الياس بن مضر بن نزار) بل ان العائلة الوهابية قد سبقت آل سعود بجدين اثنين نحو النبي محمد! حسبما جاء بالتاريخ المزيف… ولنترك الاثباتات والدلائل قليلا لنسأل القارئ الكريم عن اسم: "مردخاي" أو "مرخان" لا فرق، … أليس هو اسم يهودي؟ هل سمع بتاريخ الاسماء العربية كلها باسم كهذا؟… ثم يليه اسم: جدة إبراهيم وموشى… واسم (مرخان ـ مرد خاي) قد فات على من زورا شجرة آل سعود حذف ـ اسم مرد خاي ـ من الشجرة؟.. ثم دع الاسماء جانبا وانظر إلى وجوههم وانوفهم… اليست هي وجوه اليهود وانوفهم؟… وان كنت لست من ذوي الخبرة في وجوه وانوف اليهود فتتبع أفعالهم… تتبع أعمال آل سعود الاجرامية وتسببهم بقتل/ 16000 / مصري في اليمن وقتل أكثر من/150000/ من أبناء اليمن منذ قيام الثورة اليمانية…. واستعانتهم بجنود الصهاينة اليهود في المخابرات الامريكية إلى بلادنا وتعاونهم مع إسرائيل بالتعاون مع أمريكا لقتل شعب اليمن ومرور جنود اليهود الذين ارسلتهم لتدريب المتسللين في الجزيرة العربية إلى اليمن عام 1962، وقد القي القبض على اثنين منهم بعد قيام الثورة اليمانية واعترفا بذلك… اعترافاً كاملاً، وقال: (انهما يعملان في الجيش الاسرائيلي وأنهما أرسلا ضمن مجموعة من اليهود اليمانيين الذين هاجروا إلى "إسرائيل" في عهد الامام أحمد وتدربوا في الجيش الاسرائيلي.. وأرسلوا بمهمة ـ كخبراء ـ لدخول اليمن تحت اشراف المخابرات الامريكية في "السعودية". والمعروف أن العرش السعودي جمع نحو ستة الاف مرتزق من بعض القبائل السورية والاردنية والسعودية بإشراف المخابرات الامريكية يقودهم ضباط من اليهود المذكورين الذين كانوا من أصل يماني لمعرفتهم بالارض اليمانية بالاشتراك مع ضباط من جيش العرش السعودي والملكي الاردني…. لكمنهم ما أن وصولا إلى حرض ـ بغية احتلال اليمن ـ حتّى طوقتهم القوات العربية المصرية واليمنية وأمطرتهم الطائرات العربية المصرية برصاص الرحمة فابيدوا إلا قليلا منهم… هذه أمثلة قليلة تثبت "أصالة" آل سعود… ثم انظروا أيها الناس إلى ما ترتكبه العائلة السعودية نفسها بنفسها جنسيا بقربى ولا إلى أية رابطة عائلية كريمة… ان بعضهم يلوط بعضا … ان الاخ يزني باخته والابن يزني بزوجة والده أو امه أو بنت خالته أو خاله .. ويقدم مالا يعرفه تاريخ العرب، وهو ما يعرفه شعبنا عن آل سعود وعاداتهم اليهودية ودعارتهم وتصرفاتهم اللا أخلاقية والتي لا يمكن لعربي يفاخر بأنسابه أن يرتكبها… انهم لا يعملون ذلك إلا ليدمروا سمعة العرب خارج البلاد العربية وداخلها، انهم يفعلون ذلك لاذلال العرب… بحجة انهم قادة العرب… فيبيعوا الإسلام لأمريكا والصهاينة: بحجة أنهم وكلاء لله وحماة الحرمين… ليسخر العالم بالعروبة ما دامت هكذا، وتنفر البشرية من اسلام كهذا… وهذا ما يريده يهود آل سعود… مكتبات من أثمن المكتبات في العالم أحرقتها الهمجية السعودية بمكة والمدينة وحالما دخل جند الاحتلال السعودي مكة شاهرين السيوف والبنادق، اتجهوا لتدمير كل ما هو ورق… وكل ما هو كتب، وكل ما هو وثائق وصور، وكل ما هو تاريخي… من ذلك على سبيل المثل ما ارتكبوه "بالمكتبة العربية" التاريخية ـ العلمية التي احرقوها، وهي التي تعد من أثمن المكتبات في العالم قيمة تاريخية، إذ لا تقدّر بالمال أبدا، ولا بمليارات العملات أيضاً.. لقد كان بهذه المكتبة (60.000) من الكتب ـ النادرة الوجود ـ الجامعة لمختلف المناهل العلمية والتاريخية… وفيها (40.000) مخطوطة نادرة الوجود من مخطوطات "جاهلية" خطت كمعاهدات بين طغاة قريش واليهود. تكشف الغدر اليهودي وعدم ارتباط اليهود بالدين والوطن من قديم الزمان وتكشف مؤمرات اليهود على ـ محمد ـ وفيها وثائق خطت قبل الثورة المحمدية بمئات السنين وفيها ما أعطى فكرة ممتازة عن تلك الحضارات العربية القديمة… وفي هذه المكتبة وغيرها من مكتبات المدينة بعض المخطوطات المحمدية التي كتبت بخط النبي محمد في أيام كفاحه السري، وهناك ما هو بخط علي بن أبي طالب وأبي بكر وعمر وخالد بن الوليد وطارق بن زياد وعدد من الصحابة، ومن هذه المخطوطات ما يسجل العديد من الخطط الحربية التي أرسلها خالد بن الوليد لعمر بن الخطاب والتي أرسلها ـ عمر ـ لخالد والتي يظهر بعضها بعض الخلاف الاجتهادي في وجهات النظر… ومن تلك المخطوطات ما هو مخطوط على جلود الغزلان، وعلى فرش من الحجارة وألوح من عظام فخوذ الابل وغيرها من الوسائل القابلة للكتابة كالالواح الخشبية والفخارية والطين المصهور بالافران… والمكتبة العربية التاريخية في مكة بالاضافة إلى كونها مكتبة نادرة فهي متحف ـ أيضاً ـ يحتوي على مجموعة من آثار ما قبل الإسلام وبعده، وأنواع من أسلحة النبي محمد وفيها آخر الاصنام المعبودة التي حطمتها الثورة المحمدية، مثل: اللات، والعزى، ومناة، وهبل… وغيرها… ويحدثنا أحد المشايخ المؤرخين المعاصرين "ونمتنع عن ذكر اسمه خشية عليه من جهنم آل سعود" فيقول (كنت أزور هذه المكتبة مع والدي قبل الاحتلال السعودي وكان يرودها العديد من الدارسين، فتقدم بعضهم بشكوى إلى الحسين بن علي يطلبون منه "احراق بعض المخطوطات النادرة لأن فيها كفريات". فقال لهم الحسين: "انني معكم قد لا اؤيد هذه "الكفريات" وبعض هذه المخطوطات إنّما ليس من حقي أو حقكم أو حق أي كائن من البشر احراق التاريخ"!… وقال: ان في هذه المكتبة وثائق تكشف أصل آل سعود بأنهم من اليهود الذين أسلموا، وان فيها مخطوطات بأقلام مجموعة من الصحابة ومنهم عبد الله بن مسعود سجلوا فيها عداً من الايات القرآنية الكريمة التي دار الصراع عليها، وقال التجار انها "منسوخة" وقال الفقراء في اللجنة أنها غير "منسوخة" من القرآن الكريم، وفي تلك المخطوطات اتهام واضح لعثمان بن عفان في محاولاته حذف آيات من القرآن الكريم ويرى عدم تسجيلها في المصحف الذي شكلت لجنة لتحقيقه الذي أمر بجمعه ـ في عهده ـ من افواه وصدور الرواة من حفظة القرآن ومن السجلات الجلدية وغيرها وقال المؤرخ: ان من هذه الايات التي رأى عثمان عدم اثباتها في القرآن واعتبارها آيات منسوخه تلك الايات التي تقطع في اعطاء الفقراء حقوقهم ودعوتهم للقتال من أجلها، وكذلك مساواة النساء بالرجال ومساواة الناس اجمعين ودعوة المغلوبين على أمرهم لأخذ حقوقهم والشر والسراء والضراء، وان ملكية الاشياء والارض مشاعة وان الملوك بغاة…. إلى غير ذلك… وقال: ان بعض من هذه المخطوطات كانت بخط الصحابي الجليل عبد الله بن سعود، وهو من أوائل الذين رافقوا النبي محمد ومن المسؤولين عن "لجنة" أو جماعة الاشراف التي تشكلت في عهد عثمان لجمع القرآن في كتاب موحد، وكان ابن مسعود ممن يعربون عن رأي محمد وعلي والكادحين لكونه من رعاة الاغنام فشهر ابن مسعود سيفه بوجه "يمين" اللجنة وبحضور عثمان وقال ما معناه: والله لا أعيدن سيفي إلى غمده حتّى تعيدون للقرآن أية ـ الكنز التي تأمر بحرق أصحاب الاموال بالنار…. (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرّهم بعذاب اليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)… مقارنة بين تحالف الشريف حسين وعمالة آل سعود للإنكليز

كل من يتتبع مواقف الانكليز المفضوحة ودعمهم المطلق لمطيتهم "عبد العزيز" واهمالهم "لحليفهم" الأول الشريف حسين، يدرك أنه لو وجدت المخابرات الانكليزية سبيلاً لتمرير مشاريعها عن طريق الملك حسين في تقسيم الوطن العربي واعطاء فلسطين للهيود، لما اهملت الحسين واستعملت ابن السعود…. 

اليس بامكان الحسين ان يكون ـ كبعض ذريته ـ عميلا طول حياته للانكليز؟… اليس للشريف حسين من الدعاية آنذاك في البلاد العربية والاسلامية ما يفوق سواه وما يجعله يسير بالطريق الانكليزي المبسّط المبلط بالذهب والمذهب والدين والعتاد والذي لا يكلف الانكليز ـ ربع ما أنفقوه ـ على "عبد العزيز" من مبالغ هائلة طائلة بلطوا بها طريقه الوعرة الجديدة؟… حتّى أعادوه فيها البلاد عام /1901/ وهو المنبوذ منها؟ لقد قام الانكليز باشهار "عبد العزيز بن السعود" يوم أن كان لا شهرة له ولا تاريخ ولا أمارة ولا سلطة ولا مشيخة ودربوه يوم أن كان عمره 25 سنة وكان يلجأ للكويت مع والده… وخلقه الانكليز من لا شئ إلى ملك اسمه "عبد العزيز" وسموا بلادنا بإسم عائلته "السعودية" لاول مرة في التاريخ وما قبل التاريخ، حيث لم يسبق لجزيرة العرب طيلة وجودها في الكوكب الارضي أن سميت بمثل هذا الاسم السعودي النجس… ولكثرة المعلومات عن جرائم هذا العميل وذريته تدفعنا المعلومات في كل مناسبة لإعطاء لمحة عنه وعما فعله الانكليز "بسلطان الانكليز" عبد العزيز ـ خاصة ـ بعد مجزرة الطائف: خالد بن لؤي وعمالته لآل سعود رأى آل سعود ـ أن يبروا بوعدهم ـ إلى حين ـ لمن قادهم إلى ـ مسقط رأسه الحجاز، وكان اسمه "الشريف" خالد بن لؤي، فنصبوه حاكما لمكة "المكرمة" بعد تلك المجزرة ـ مجزرة الطائف… ثم وضعوا إلى جانبه ثلاثة من أعضاء (مجلس الربع) هم جون فيلبي وحافظ وهبة وعبد الله الدملوجي، وزعموا له أن هؤلاء من "مستشاريه"… فسّر الجاهل بما جرى… لكنه سرعان ما أكلته خيانته، ولم يدم سروره… حينما سرّح سراحا ذليلا.. لأنه أصبح (كويفر) بعد استعماله… أي أنه دخل في حساب "الكفّار" بعد ان صحا ضميره الميت على هول ما جرى ويجري من مذابح وانتهاكات يستيقظ لفظاعتها وجورها ضمير الحيوان الصامت البليد… ولم يكن للشرف علاقة بصحوة ضمير "الشريف" خالد بن لؤي، بل للصحوة علاقة بازاحته عن منصبه الذي ظن أنه سيبقى به خليفة للحسين كأمير على "الحجاز" على الاقل…. شهادة من رئيس المخابرات السعودية تدين العمالة السعودية انها شهادة من سعيد الكردي الرئيس الاسبق للمخابرات السعودية في عهد سعود أدلى بها في لحظة ألم داخلي لهول ما عرفه عن جرائم آل سعود في الحجاز وغير الحجاز حينما استشاره الوزير الاسبق للدفاع السعودي الامير مشعل بن عبد العزيز في مجلسه في جده ـ اثناء الحديث عن الحجاز ـ وقال مشعل: (ليس لأحد من هذا الشعب علينا منة ولا معروف. لقد أخذناكم ـ يا لحجازيين ـ بالسيف مثلما أخذنا نجد وغيرها)… حينما استشاط سعيد كردي بسخرية وهو يبتسم: (لا يا طويل العمر!… لقد كنت انا من قادة جنود الشريف حسين بن علي الذين حاربوكم في الطائف، وكنت من قادة جيش الشريف علي بن الحسين الذين حاربوكم في الرغامة في جدة. وانا الآن رئيس استخباراتكم ولدي من المعلومات سابقا وحاليا الشئ الكثير… والله لو اعتمدتم على جمالكم وسيوفكم العتيقة لما دخلتم الحجاز وحكمتموه لحظة واحدة، ولكنها مدافع الأنكليز وبواخرهم واسلحتهم الهائلة وارادتهم المصرة على تسليمكم عرش الحجاز بعد ان رفض الحسين مطلب الانكليز بتقسيم الوطن العربي إلى دويلات ورفض اعطاء فلسطين لليهود ووافق والدكم على ما رفضه الحسين، هذا هو السبب الأول، والسبب الثاني هو أن الانكليز استطاعوا اغراء "الشريف" خالد بن لؤي ضد ابناء عمه الحسين وأولاده فقادكم ابن لؤي إلى بلاده، وأما أنا، فانظر ـ يا سمو الامير ـ إلى اسناني: انها كاسنان بقية الجنود التي تساقطت من حصار الجوع والعطش الذي فرضته البوارج الحربية الانكليزية على الحجاز لصالح والدكم، فمنعت قوات الانكليز عنا وعن المواطنين الطعام الوارد من البحر ومنعوا الماء في الوقت الذي نرى جنود والدكم في مخيم الرغامة وغيره يكّدسون فضلات الطعام ويسكبون المياه في الصحراء ونحن بحاجة إلى ما يسد الرمق، أما الاسلحة التي تفرغها البوارج الانكليزية للجند السعودي فاننا نراها مكدسة كالتلال، ونحن لا سلاح يذكر لدينا… ولا ذخيرة من الانكليز… هذه هي السيوف الحقيقية التي أخذتم بها الحجاز وغيره ـ يا طويل العمر ـ ولا تحرجني أن أقول أكثر من هذا!!. لا تحرجني أن أقول أنكم لم تجرأوا على مزايدة الحسين بالدين، في الوقت الذي أطلقتم على ابن الرشيد أنه كافر بالدين واتهمتم أهل نجد وعسير واليمن والاحساء والجوف بالكفر؟)… فعض الامير مشعل على شفته… وحيث لم يجد الجواب، قال: (ظنيناك كردي و"آثاريك" عربي وظنيناك صديق لنا وآثاريك ـ عدو ـ قديم ـ يا رئيس استخباراتنا)!.. فقال الكردي: (الإسلام جمع الناس على حق)!… وكان فيصل وآل فهد قد نسقوا خططهم للتخلص من الخصوم… الذين يقفون إلى جانب الملك سعود وغيره، ولان سعيد الكردي كان رئيس المخابرات في عهد سعود وكانوا يعملون للتخلص من سعود نفسه فقد تخلصوا من اعوان سعود ومنهم سعيد الكردي بان دسوا له السم الذي اشتهر ال سعود باتقان وضعه للخصوم… ومما يُشهد به لسعيد الكردي أنه كان يتستر على العناصر الوطنية بل كان يذهب لمن ترد بحقه معلومات تقول: انّه يتكلم أو يعمل ضد الاحتلال السعودي. فيحذّره من مغبة أعماله وينصحه!… وحينما يجد سعيد الكردي من يلتقي بهم كان يتكلم ضد الوضع السعودي… وكان يقول: (لقد قاومنا الحصار السعودي لجدة لاحبا في الشريف حسين وأولاده ولكن لأن أمالنا بالشريف حسين وطموحاته كانت كبيرة ولقد شارك معنا مجموعات من اهل حائل واهل الرس في نجد وكذلك مجموعات من الفلسطينيين والسوريين امثال زيد الاضرس وغيره، على أساس أن الحسين هو قائد الثورة العربية الوحدوية الموعودة وأثناء الحصار أخذ الانكليز يتصلون بجدة من الداخل لتقوية "العملاء السعوديين في جدة" ممن أصبح يطلق عليهم أبناء الحجاز "عملاء الوهابية"…. وأخذ عبد العزيز يقيم في بيوتهم كلما جاء إلى الحجاز إلى ما قبل موته… ومن ضمنهم "محمد نصيف" وبهذه الطريقة وغيرها تم الاستيلاء على "جدة" في يوم السبت 3 جمادي الثانية 1344 هـ 20 ديسمبر 1925 ويقول: (وبعد مجزرة الطائف، خلع الانكليز على "عبد العزيز" لقب "امام المسلمين" نكاية بالملك حسين الذي لقب نفسه "ملك المسلمين": وكان عبد العزيز إلى ما قبل احتلاله للحجاز يحارب الملك حسين "لأنه كافر": وان من أسباب كفره "أنه أطلق على نفسه لقب… الملك… وملك المسلمين أيضا.. وليس للمسلمين ملوكا)… وهكذا يحرم ـ ابن السعود ـ على غيره ما يبيحه لنفسه… وقد نكث عبد العزيز كافة عهوده التي قطعها على نفسه لحجاج المسلمين الذين وفدوا للحج أثناء محاصرته وأسياده الانكليز لمدينة جدة وزعم "أنه ما جاء إلا ليحارب الملكية الباطلة في القرآن وأنه سيدعو كافة المسلمين لعقد مؤتمر في مكة ينتخب فيه المسلمون حكومة للحجاز ينتخبون من يريدون حاكما لهم"…. ولكنه كذب… واعلن نفسه ملكا بمجرد أن ولاه الانكليز على جدة والمدينة… مما أثار الرأي العام العالمي وأغضب المسلمين عامة). الخ. وهذا ما توضحه رسالة بعث بها المستشار السعودي الخاص حافظ وهبه (عضو مجلس الربع) واكبر مستشاري عبد العزيز بن جون فيلبي، بعد أن ذهب حافظ وهبة إلى مصر محاولا خداع الشعب العربي في مصر بعد أن عجز عن خداعه فيلبي وأمين الريحاني وزعموا "ان عبد العزيز ـ يرفض الملكية وانه ـ امام الصالحين فقط"، وكان الرأي العام في مصر قد أغضبته تصرفات عبد العزيز وجرائمه واعلانه نفسه ملكا على الحجاز… وهذا هو نص رسالة حافظ وهبة التي لم يخف فيها شدة غضب الرأي العام على الملك الدجال عبد العزيز الذي استاء حتّى حافظ وهبة من اعلان عبد العزيز نفسه ملكا وأوضح ذلك في الرسالة التي بعثها له من القاهرة وفسرها حافظ وهبة: ـ ولم يلقبه ـ بالملك ـ فيها: المستشار السعودي الخاص يؤنب عبد العزيز آل سعود لاعلانه لنفسه ملكا على الحجاز (من حافظ وهبة إلى صاحب الشوكة والعظمة الامام عبد العزيز بن عبد الرحمن: أفيدكم بأن روتر قد نشر اليوم تلغرافا بأنكم ناديتم بأنفسكم ملكا على الحجاز فان كان هذا الامر صحيحا فقد غشكم من أشار عليكم بذلك لان هذه المسألة أثارت الرأي العام في الخارج ضدكم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنه لا ينطبق مع العهود التي قطعتموها على أنفسكم امام العالم الإسلامي في تشكيل حكومة الحجاز ولو تريثتم لحين انعقاد المؤتمر الإسلامي وتقرير مصير البلاد لكان خيرا وأبقى، والنتيجة كانت لكم في النهاية، ويظهر أن هنالك يدا أثيمة حسنت في نظركم هذا الامر حتّى تقضي على فكرة المؤتمر الإسلامي وتقضي في الوقت نفسه على سمعتكم… 21 يناير 1926) . مذابح الاحتلال السعودي في الحجاز يرويها عبد العزيز آل سعود ورد في الجزء الثاني من كتاب (صقر الجزيرة "عبد العزيز آل سعود") الذي أنفق عبد العزيز المال لطبعه بعد إملاء "الصقر نفسه" ـ عبد العزيز ـ المستوي على عرشه ـ ذلك على العميل السعودي الذي أخذ كل ما يمليه عليه ـ لمدة سنة كاملة حتّى سجل العطار فيها من فم الطاغية الجزار كل هذه الجرائم التي كان الطاغية يفاخر بها فيصوغها العطار بأسلوبه بالحروف التالية: قال "العطار" عن "عبد العزيز": ـ (اهل هلال المحرم من سنة 1343 وأخذ حجاج بيت الله الحرام يغادرون الحجاز إلى اوطانهم وفي العاشر منه خلا الحجاز من الوافدين جميعا فحان الوقت الموعود للغزو السعودي واجتمعت الجيوش بالرياض واستعدت له أكمل استعداد، كما أن جيشا آخر سعوديا تجمع "بتربة" تحفزا للوثوب وقبيل أن ينتصف محرم تلقى خالد بن لؤي ـ وكان بتربة ـ امر الغزو وخطته من الرياض، فبارحها ومعه ستة عشر لواء على كل لواء أمير. وهذه هي الالوية الستة عشر مع أسماء أمرائها: 1 ـ لواء الغطغط وعدده (5000) مع أميرهم سلطان بن بجاد "وجعله ابن سعود القائد العام للقوات الزاحفة لاحتلال الحجاز". 2 ـ لواء أهل تربة والخرمة وعدده (4000) وأميرهم خالد بن منصور ابن لؤي، وعينه ابن سعود اميرا على الحملة كلها ووكل إليه النظر في المصالح العامة في البلاد التي يحتلها الجيش السعودي" فانخدع ابن لؤي بهذا المنصب الوهمي الذي ما لبث أن سحبه منه ابن السعود أيضاً"… 3 ـ لواء أهل ساجر وعدده (1000) بيد اميرهم عقاب بن يحيى. 4 ـ لواء أهل عرو وعدده (3500) ومع رئيسهم جهجاه بن حميد. 5 ـ لواء أهل عسيلة وعدده (1000) وأميرهم نافل بن طويق. 6 ـ لواء أهل هجرة الارطاوية وعدده (3000) مع زعيمها قعدان بن درويش. 7 ـ لواء أهل العمار وعدده (1500) مع عبد المحسن بن حسين. 8 ـ لواء سكان رنية وعدده (1000) مع قائدهم وشيخهم فيحان بن صامل. 9 ـ لواء أهل المدينة وعدده (1000) وأميرهم عبد الله بن معمر. 10 ـ لواء أهل عرجا وعدده (1000) وأميرهم ذعار بن الزميع. 11 ـ لواء الرين العليا وعدده (1500) بيد حزام بن عمر. 12 ـ لواء الرين السفلى وعدده (1500) بيد هذال بن سعيدان. 13 ـ لواء أهل النصيف وعدده (1000) وأميرهم معيض بن عبود. 14 ـ لواء أهل صبحا وعدده (1000) وأميرهم حزام الحميداني. 15 ـ لواء أهل حلبان وعدده (1000) وأميرهم ماجد بن حميد. 16 ـ لواء أهل الروضة وعدده (2000) وأميرهم هذال بن فهد . ويتابع أحمد العطار روايته عن "عبد العزيز آل سعود"، فيقول: (واجتاز هذا الجيش حدود الحجاز واحتل أول ما احتل قلعة كلاخ ثم احتل الاخيضر، فانضم إليه بعض "الشرفاء" من بني الحارث ورجال من ثقيف، وأخذوا يحتلون القرى ويقاتلون القبائل التي تمتشق الحسام للدفاع حتّى أشرفت على الحوية صباح السبت الموافق غرة صفر سنة 1343 هـ ـ 1 سبتمبر سنة 1924م). ويتابع "العطار السعودي" فيقول: (وما كان أحد بمكة أو بالطائف يعلم بأمر هذا الغزو المباغت بل لم تعلم به الحكومة الهاشمية الا حينما دخل الجيش السعودي الحوية فأصدر صبري باشا وزير حربية الشريف حسين أمره بالدفاع، فخرج من حامية الطائف أربعمائة جندي نظامي كامل العدة ومعهم المدافع الجبلية الضخمة والمدافع الرشاشة واتجهوا إلى الحوية لرد الـ "40.000" الغزاة الذين اشتهروا باسم "الاخوان" وكان بين الفريقين معركة حامية الوطيس أمطر فيها الجيش الهاشمي خصمه قنابلاً ورصاصا كالمطر سبع ساعات ـ ولكن ماذا يفعل الرصاص بآلاف الاخوان ـ الذين شدوا عزائمهم ووحدوا صفوفهم وانقضوا انقضاض الوحوش على الجيش الهاشمي البالغ 400 جندي فقط فقابلهم بهجوم مضاد عنيف وضغطت المدفعية السريعة على جناحيهم ضغطا شديدا وزحزحتهم عن الاماكن التي تقدموا إليها وأعطت افرصة الكافية للجنود للتقهقر إلى الوراء تدريجيا والانسحاب من ميدان الحوية بانتظام في موضع أحسن ملاءمة من الموضع الحالي "وكان الخبراء الانكليز بقيادة جون فيلبي وراء هذه الخطط العسكرية النظامية التي لا يعرفها البدو"… ومرة ثانية، زحف ابن بجاد وخالد بن لؤي بجيشهما فأصلتهم المدافع نارا حامية، وارهقهم البدو المنتسب للحسين الهاشمي فلم يستطيعوا التقدم ودامت المعركة ثلاثة أيام بلياليها ابتداء من يوم الاثنين 3 صفر حتّى عصر الاربعاء 5 صفر وكان النصر يحالف الجيش الهاشمي لولا أن البدو الذين كانوا معه في الصفوف الامامية خانوا وانضموا إلى "الاخوان" حتّى اضطر الجيش النظامي للحسين المدافع إلى التقهقر بالتدريج. في حين أن الاخوان أخذوا يتقدمون قليلا قليلا ويحتلون الهضاب والتلول التي يخليها العدو الهاشمي المتقهقر الذي وقف عند أسوار الطائف يدافع باستبسال وحماسة واستماتة. وسمع الملك الحسين بخيانة البدو ـ التابعين له ـ وتراجع جيشه ـ المكون من 400 ـ أمام 40000 ـ فأرسل ابنه عليا بجيش من الخيالة والهجانة قوامه ـ 200 ـ وأمره أن يسلك طريق كرا، وبعث جيشا آخراً ولكن قوامه ـ 200 ـ من طريق السيل ليلتقي طرفا الكماشة ويستطيع الهاشميون تطويق أعدائهم، والملتقى بعد الطائف. ودوى أزيز الرصاص والقنابل في ضواحي المصيف الوديع الهادي. وأثار الفضاء فانتشر الذعر والهلع بين السكان المدنيين ففر من استطاع تاركا كل ما معه ناجيا بروحه، وبقي من بقي يفتك فيه الخوف والقلق فتكا، وخبأ الاغنياء الذهب والاحجار الكريمة وأغلقوا الابواب وحصنوها من الداخل بأحجار كبيرة ليستعصى فتحها إذا ما احتل الغزاة المدينة. غير أن دخول الامير علي الطائف ليلة الجمعة 7 صفر هدأ القلوب بعض التهدئة الا أن مغادرته اياها فجرا ليعسكر في الهدى أيأسها وملأها رعبا. أما الجيش الذي غادر مكة وسلك طريق السيل فلم يصل بعد. فتقهقر الجيش النظامي من أمكنته حتّى دخل البلدة صباح الجمعة بعد أن كبد الاخوان خسائر، وحوصرت الطائف من ثلاث جهات ولم يستطع الاخوان احكام نطاق الحصار من الجهة الرابعة لوجود مدفعية قوية تذود من يأتي منها، بل ركزوا كل المدافع من ناحية الغرب ليكون الجيش على اتصال بالهدى فمكة وليكون له منفذ واحد على الاقل ان أراد النجاة. وتوافدت الاعراب إلى جيش "الشريف" خالد بن لؤي (السعودي) والتحقوا حتّى امتلأت البطاح، بطاح الطائف وسهوله وضواحيه ـ وبذلك وصل الجيش السعودي إلى أكثر من /50000/ وروع البلد الجميل بالقذائف المتفجرة فتداعت البيوت القديمة وتطاير فوق جوه الحالم البديع الرصاص كشرر جهنم. وعلا صراخ الاطفال وعويل النساء وبكاء الرجال خوفا على أفلاذ الاكباد وعلى الارواح، فهم لم يشهدوا الحرب من قبل وهم الآن سيشهدونها بل بدأوا يشهدون فصولها المتوحشة البدائية وأيد ما يرون ما سمعوا من قبل من أن الحرب عمياء جارمة جائرة تساوي برئ الذيل بالمجرم فيا ويل المدنيين منها ومن لظاها!… انهم ينظرون من الثقوب فيرون الاخوان الوحوش والاعراب يملؤون البطاح ويطوفون بالسور والسيوف تتدلى كأنها تهتز من طرب بما تحتسي من دماء هي رحيقها الذي فنيت في طلابه. وفي أيديهم البنادق يجثم الموت على أفواهها وكأنه من سبغه جاث على ركبه فاغر فاه ينتظر الطعام… وما طعامه الا أجساد أبناء آدم الاشقياء!. التعساء!. الابرياء!. لهم الله!. لهم الله!. قد تخلى عنهم النصير ولكن لم يتخل الله عنهم! فهو ناصرهم ومجيرهم!. فهذا أمير الطائف الشريف شرف بن راجح، وهذا وزير الحربية صبري باشا، وهؤلاء الجنود وهؤلاء "الشرفاء" والموظفون وأسرهم يغادرون الطائف قبيل مغرب يوم الجمعة تحت حماية المدفعية التي أخلت لهم السبيل وأبعدت عنهم الاعداء ويسلكون الطريق إلى الهدى زاعمين أنهم يريدون الانضمام إلى الامير علي هناك وتعزيز مراكزهم الدفاعية. ولكن لماذا اصطحبوا أسرهم ان كان القصد الدفاع وحده والانضمام إلى جيش الهدى!. لقد أخلوا البلدة وتركوا الاهلين بها بحجة "أنهم لا يريدون تعريضها للدمار فبعدوا عنها حتّى يكروا عليها وينقذوها من يد الغزاة" ولكنهم جهلوا أو تجاهلوا أنهم عرضوا الناس للنوى والقتل. خلت المدينة فلا تسمع الا همسا وتدفق الغزاة إلى الداخل كما تدفق الاعراب الطفيليون معهم وهم يهتفون هتافات عالية قوية يشقها أزيز الرصاص المنطلق من البنادق والرشاشات في الفضاء. وزرعوا الشوارع والاسواق وقتلوا كل من وجدوه بها واحتلوا المراكز الحكومية والابراج والقلعة ونهبوا ما بها. وكان في البلدة كثير من قبائل الطويرق وعتيبة والبقوم والنمور المتخلفون عن الجيش الهاشمي قد انضموا إلى المهاجمين المحتلين واختلط القاتل بالفاجر، وانتهز الذؤبان الادميون الضراة فرصة فقدان السلطة من البلدة وانتشار الاضطراب فيها فراحوا يقضون الليل في السلب والنهب والقتل وهتك الاعراض بلا رادع من دين أو ضمير أو سلطان وهاجموا البيوت وحطموا الابواب ودخلوا على الابرياء ومزقوهم بالسيوف وأطلقوا عليهم الرصاص، واستلبوا كل ما وجدوا من غال ورخيص)… ويتابع ـ العطار السعودي ـ صياغته لاعترافات عبد العزيز آل سعود، فيقول: (وقد وجد البدو ممن لهم ثارات عند الاهلين فرصة نادرة للانتقام فزحفوا إلى بيوتهم واقتحموها عليهم وقتلوهم شر قتلة تشفيا منهم، وهتكوا أعراضهم، وبعد أن ذبحوهم وضعوا رقابهم في حنفيات الماء والصهاريج فشربوا من دمهم وتوضأوا بالماء الملوث بالدماء البريئة وصلوا!… ولم يكلفوا أنفسهم عناء استلام الاساور الذهبية من أيدي النساء الممدة بل قطعوا أيديهن وأرجلهن ولبس "الاخوان" الحلي وهذه الاساور بأيديهم ووضعوا القلائد ـ الخرزية والذهبية ـ في رقابهم كي لا تعيقهم عن بقية النهب والقتل… وهكذا "دخل سلطان الدين السعودي " ـ أي سلطان بن بجاد ـ البلدة وأخلاها من السكان المدنيين وحشدهم كلهم في حدائق شبرا وقصرها العتيد، وكان النساء سافرات لاول مرة في هذه البلاد وكن مع الرجال ومكثوا أياما بلا طعام ولا ماء!). ويقوللي عبد العزيز آل سعود: (لقد وصلني وأنا في الرياض خبر المذبحة في الطائف فبكيت حتّى تبللت لحيتي!… واعترتني الكآبة وغامت على وجهي سحابة من الحزن البالغ العميق وتمنيت لو لم ينتصر سلطان بن بجاد بهذا الثمن، وتمنيت أنني حاضر، ولكنني بعثت رسولي إلى سلطان بن بجاد وخالد مهددا وطلبت اليهم الكف عن القتال، ولما قدمت مكة عزمت أولياء القتلى وأهليهم على وليمة ورتبت لهم وألفت لجنة للتعويضات على منكوبي الطائف وأعطيت كل واحد عشرة ريالات فرنسية وصاع من القمح)!!. يا سلام!.. صاع من القمح؟! والصاع عبارة عن 3 كيلو قمح، والعشرة ريالات عن جنيه استرليني!.. يا بلاش!.. ويتابع العطار قوله: "وأنا كمؤرخ أبرئ ابن سعود من مسؤولية مذبحة الطائف فهو من تعاليمه ونصائحه لجنده ألا يتبعوا مدبرا وألا يجهزوا على جريح وألا يهاجموا بيتا وألا يقتلوا شيخا ولا طفلا!. وألا يعترضوا امرأة ولو قاتلت!، وألا يؤذوا المدنيين من السكان) ويتابع العميل السعودي العطار صياغته لكلام سيده عبد العزيز فيقول: (ودخل "بريدة" التي خانته وخرجت عليه مع أميرها أبي الخيل وكبدته الخسائر وأتعبته وأرهقته وأخلفت في الوعود ونكثت بالعهود، ثم امتشقت الحسام في وجهه لكنه دخلها دخول الصديق بلد صديقه لا دخول المنتصر الغلاب الموتور بلد عدو خائن مقهور. وعفا عن أهلها جميعا ووزع عليهم الكسوة والزاد، وبدل خوفهم أمنا وشقاءهم سعادة، وجوعهم شبعا، كما عفا عن أبي الخيل ومنحه حريته فسلك طريقه إلى العراق)… ولنترك هذا العطار السعودي يتابع دفاعه عن أسياده لنستفيد من كذبه!. حينما يقول: (بل ليس عفو عبد العزيز آل سعود: عن أهل بريدة الأول من نوعه والاخير بل هنالك حوادث جمة تثبت نبل ابن سعود ومروءته وزهده وتقواه وديانته، فطالما ظفر بأعداء ألداء لو ظفروا به لقطعوه اربا اربا فصفح عنهم وأكرم مثواهم كآل رشيد وآل عائض وآل الادريسي والاشراف وغيرهم). كذا… يزعم العطار.. فيتابع أكاذيبه التي يكشف بها الجريمة فيقول: (وتاريخ ابن سعود شاهد عدله على صدق ما نذهب إليه! ـ والتاريخ السعودي لا يحمل ابن سعود "مسؤولية" المذبحة التي لا يرضى بها رجل أقل مزايا من ابن سعود فكيف بهذا الذي ضرب خير الامثلة الفاضلة في أكرم الصفات ولكن يحملها سلطان بن بجاد فهو الذي صنع ما صنع وهو رأس البلاء في محنة الطائف وفاجعته حتّى أن ابن سعود لم تطمئن عينه بالنظر إلى هذا "السفاك" الاثيم الذي كان فائدا عاما فلم يراقب الحالة مراقبة دقيقة ومنح البدو بسوء ادارته فرصة الاعمال الاجرامية والضراوة والوحشة)… هكذا يزعم العطار على لسان عبد العزيز، فيتابع العطار مدافعا عن الجزار بقوله: (بل طبعت نفس قائد الجيش السعودي ابن بجاد الجارمة على الشر، فقد خرج هذا القائد بعد سنوات على ولي نعمته ابن سعود فانتقم منه الله وقضى عليه وعلى جماعته من أهل الغطغط في وقعة السبلة سنة 1347 هـ وأراح الله المسلمين من شره)!!. ولنا ملاحظة بسيطة نرد بها على مزاعم المؤلف العطار.. التي أراد بها ابعاد ابن السعود وأسياده وقادته الانكليز عن مسؤولية هذه المذابح التي راح ضحيتها في "تربة والحيوة والطائف وجدة فقط" أكثر من /150000 / إنسان من الذكور والاناث والاطفال… ان هؤلاء القتلة ما تحركوا الا بأمر عبد العزيز وقيادة الانكليز من أمثال جون فيلبي الذي رافق كافة حملات المذابح وخطط لها.. وحينما أراد عبد العزيز الصاق هذه الجرائم بقائد جيشه ابن بجاد رد عليه ابن بجاد في مجلسه في مكة أمام الحاضرين من أهل الحجاز بقوله: (أنت الذي أوصيتني يا عبد العزيز أن أقتل البرئ ليرضخ العاصي وان أفتك بلا رحمة حتّى تكل السيوف من رقاب أهل الحجاز الكفار)!.. فخرس عبد العزيز لهذا الرد. المجازر السعودية في الهدى ويتابع العطار صياغة أقوال عبد العزيز آل سعود بأسلوبه "العطاري" عن المذابح السعودية، فيصف طبيعة "الهدى" أولا ـ ثم يتابع: (عندما يغادر المرء الطائف تعترض طريقه عقبات جبلية كأداء قبل أن يصل ـ الهدى ـ التي ترتفع عن سطح البحر 1800 قدم، والهدي جنة بخضرتها وبثمارها وبمياهها العذبة وبجوها الحالم البديع، ولكنه ما أن مر بها الجند السعودي مرور الجراد حتّى أفناها)!.. ويتابع العطار فيقول: (وأشرنا في الفصل السابق إلى أن الامير علي بن الحسين قد نزل بجيشه الذي قدم من مكة في الهدي وانضم إليه وزير الحربية صبري باشا بجيشه البالغ عدده ستمائة جندي نظامي ومعهم الشريف شرف بن راجح والموظفون ولكنهم لم يعسكروا في الهدي بل بارحوه إلى عرفات. الا أن الحسين كان متتبعا ما يجري من المجازر: من مجزرة الحوية حتّى مجزة الطائف واستسلامها للاخوان، وكان يدأب على جمع قوة تستطيع استرداده من أيدي الغزاة المعتدين وبذل الاموال وأخرج السلاح الباقي لديه، لكنه لم يوافق الا إلى جمع مائتين من أهل مكة المتحضرين وستمائة رجل من قبائل هذيل وبني سفيان وضمهم إلى خمسمائة من جنود النظام وزودوهم بالمدافع والاسلحة والذخائر وأمرهم أن يذهبوا إلى "علي" بعرفات، وبعث ابنه الامير علي أن يذهب بهذا "الجيش" وبمن معه" ليقاتل الـ 50000 جندي سعودي" ويسترد الطائف وألا ينثني أو يرجع بل ليحارب حتّى الموت!. فالمسألة اما فناء أو بقاء فالطائف مفتاح مكة، ومكة مفتاح الحجاز كله، فإذا استطاع "الاخوان" السعوديون" التقدم عن الطائف فان الدماء ستسفك في الجيش المتردد، ولا يغني حينئذ الدفاع شيئا. وأطاع علي الامر فمشى "بجيشه" ونزل في الهدي، واحتل المراكز الحصينة بجبل كرا وبالهدي وبالنقب الاحمر وركزوا المدافع بقمم جبلي الهندي والكمل واليفوع ونزل ـ هو ـ قصرا بالهدي فيه جهاز تليفوني يصله بالكر، وبأبيه، في مكة… ولكن: وفي لحظات هجم ألفان من جيش الاخوان على مراكز الجيش الهاشمي ثم ارتدوا على أعقابهم حتّى إذا انتصف الليل أعادوا الكرة وأطلقوا وابلا من الرصاص عليه وتقدموا وصعدوا النقب الاحمر كما تسلق كثير منهم الطرق الجبلية حتّى كانوا على قمة النقب وكانت معركة دامية ثم فتر "الاخوان" عن القتال أو ـ على الاصح ـ أخذوا يستجمعون الراحة لمواصلة الحرب. وبعد فترة هدوء لم تستغرق من ثلاثين دقيقة هجم القائد السعودي سلطان ابن بجاد بجيش الغطغط على فرسان قلب الجيش الهاشمي هجمة قوية لم يستطيعوا معه الثبات فتقهقروا. الا أن بدو هذيل وبني سفيان ظنوا أن الدبرة حلت بالهاشميين "أي الهزيمة" فولوا الادبار منهزمين لا يلوون على شئ فتبعهم من بقي من الجيش ما عدا جنود النظام فقد ثبتوا يصاولون ابن بجاد ورجاله ولولا عماية الليل لكان للمعركة شأن آخر، ولكن الليل كان خير معوان فتدسس كثير منهم إلى جيش الهاشمي وراح يطعنه ويلقي عليه الرصاص حتّى تبلج نور الفجر فكان القتلى من الاخوان قليل أما أعداؤهم فقتلاهم كثير فتضعضعت روح الهاشميين المعنوية كما قويت روح أعدائهم السعوديين. ولم "سلطان" جيشه وأخذ يهاجم جيوش الهاشميين مهاجمة قاسية وينقض على المنهزمين منه حتّى اضطر الامير علي إلى الرجوع والانسحاب تحت ستار من القذائف حتّى انتهى إلى شعفة "رأس" كرا صباح اليوم السادس والعشرين من صفر وثبت في الدفاع حتّى الساعة السادسة ـ أي من الصباح إلى الظهر ـ ولكن الاخوان تكاثروا عليه فاجتاز كرا ووصل الكر في الساعة الثامنة نهارا واتصل بأبيه تليفونيا وأخبره بالهزيمة وأن "الجيش المكون من 400 لا طاقة له الان بالحرب والقتال أمام 50000 " وان الاخوان في رعان كرا وهم متفوقون. فغضب الحسين على ابنه وأمره أن يرجع ويدافع وقال له مت في سبيل الوطن وحذره من الرجوع فأطاع الامر وانثنى بمن معه من "الجيش" ومشى في مقدمته يتسلق كرا حتّى قطع نصفه وإذا رصاص الاخوان كالمطر ينهمر عليه فركز مدافعه الرشاشة في الحيود واخذ يدافع ويمهد للهجوم والارتقاء. وتحمس الاخوان لاستقبال الجيش الهاشمي وكره فاندفعوا في كرا يريدون ان يصلوا إلى الحيود التي يركز فيها مدافعه السرية الرشاشة، ولكن قادة الجيش السعودي من الانكليز لم يسمحوا لهم وأمروا القائد التنفيذي سلطان ابن بجاد بعدم السماح لجنده الا بالدفاع عن شعفة كرا. ومضى ابن بجاد إلى الهدى يتفقد منازل المنهزمين فوجد في القصر الذي كان فيه الامير علي قبل يوم التليفون فحطمه وهو لا يدري عن حقيقته وعمله واستولى على كل ما به وقتلوا كل من وجدوهم من الابرياء). ولنا ملاحظة على زعم العطار ـ عن مزاعم عبد العزيز آل سعود ـ الذي يحاول اظهار قائد جيشه سلطان بن بجاد بمظهر الجاهل حتّى بجهاز التليفون!. ليتبرأ ابن السعود مما ارتكبه جنده وقائده من مجازر، وليثبت أن ابن بجاد الذي انقلب ضد ابن السعود أخيرا حالما أعلن نفسه ملكا "انّما هو جاهل" أيضاً!.. والآن: فليتابع العطار اعترافات سيده فيقول: (ثم قاد ابن بجاد المعركة بنفسه وأخذ يلقي الرصاص على الجيش الهاشمي ولكنه لم يستطع أن يرده ويدحره كما أن الهاشميين لم يستطيعوا التقدم، وهنا وصل إلى "علي" رسول من ضابط الاتصال بالكر يخبره أن أسلاك التليفون بينه وبين الهدى قد قطعت فرجع الامير إلى "الكر" وبات ليلته به وفي 27 صفر توجه بالجيش إلى مكة). هنا.. ينفضح التضليل السعودي عن جهل ابن بجاد المزعوم حينما قطع وحطم التلفون… ويتضح ان ما فعله القائد التنفيذي للجيش السعودي ابن بجاد ناتج عن خطة عسكرية قصد بها قطع الاتصال بين قادة الجيش الهاشمي والملك حسين… الحزب الذي قال للحسين: اعتزل لقد أرجف بالناس في مكة لفظاظة الجند السعودي وسفكهم للدماء وبدأ الطابور الخامس السعودي الانكليزي ينشط في الحجاز ويرجف بالناس ويفتك كالمكروبات.. ويقول العطار: (سافر الامير علي بعد معركة الهدى إلى جدة وانتقل إليها أقطاب الحكومة الهاشمية وبقي الحسين بمكة ثابت الجنان قوي الرجاء في قهر القوات السعودية ودحرها وردها على أعقابها مكلومة مدحورة وكان هذا الامل الباسم يوسوس في قلبه فيقوي عزمه ويزيد في ضرام حماسته وحميته وشجاعته رغم ادراك الحسين لضخامة الدعم الاكليزي الذي يلقاه خصمه ابن السعود… الذي يعرف المقاتل ويجيد الحيلة ويستدرج الخصم ويحبب الناس فيه ثم يضرب العدو ويرثي لحاله ويبكي عليه ويبرر عمله بالمنطق الخلاب، فيظنه الناس شفيقا رحيما مسالما في حين أن خصمه وحده هو الذي أدرك اللعبة)… الخ.. ولقد ظن العطار أنه بهذه الصفات الملبسة بالقذارة انّما كان يمتدح ابن السعود، ولكنه كان يذمه بابرازه لبعض صفاته الخبيثة الآنفة. ويتابع العطار قوله: (وبينما الحسين مستغرق في أمانيه وأحلامه يفكر في الوسيلة التي يدفع بها طغيان القوات السعودية اجتمع في جدة بأقطاب حكومته وهم: الشيخ محمد الطويل والسيد محمد الدباغ والسيد الطيب الساسي والشيخ عبد الرؤوف الصبان والشيخ سليمان قابل والشيخ محمد نصيف وغيرهم وأخذوا يفكرون فيما بينهم في الوسيلة التي يخلصون بها البلاد من الحرب!… وبعد أن تداولوا الفكرة وتكلم كل منهم بما عن له قرروا "أن يتنازل الملك الحسين عن عرشه ويتخلى عنه لابنه علي لان ابن سعود يبرر غزوه الحجاز بمعاملة الحسين العدائية له وللنجديين ومنعه اياهم عن الحج فهو لا يقبل الصلح معه وللعله إذا خلا الميدان منه رضي ابن سعود بالصلح"!… ولأول مرة يجرؤ رعايا الحين على عقد اجتماع كهذا يتداول فيه المجتمعون بكل حرية وصراحة ما يجب عمله من أجل البلاد والامة حتّى أنني كنت أشك في أن الهيئة استطاعت أن تصارح الحسين بأمر التنازل فسألت السيد الدباغ عما إذا كان هذا التنازل بطلب من الحسين وبتواطؤ من ابنه الامير علي مناورة منه لكسب الموقف ضد ابن سعود حتّى إذا جلت قواته رجع إلى الحكم مرة أخرى فأجابني بأن الحسين لم يدر باجتماعنا ولا بما قررنا من ناحية تنازله بل فوجئ به)… أن هذه الطريقة التي يخلع بها الناس حكامهم لا يستطيع على فعلها الان أي مواطن ضد أي عبد من عبيد آل سعود… حينما فاتحوا الملك حسين بخلفه. (واتفق أولئك المجتمعون مع الامير علي على ما قرروا وبعثوا إلى الحسين بعد صلاة ظهر اليوم من ربيع الأول سنة 1343 هـ (3 أكتوبر سنة 1924 م) البرقية التالية: صاحب الجلالة الملك المعظم بمكة: "بما أن الشعب الحجازي بأجمعه الواقع الان في الفوضى العامة بعد فناء الجيش المدافع وعجز الحكومة عن صون الارواح والاموال، وبما أن الحرمين الشريفين خاصة وعموم البلاد مستهدفة لكارثة قريبة ساحقة وبما أن الحجاز بلد مقدس يعني أمره جميع المسلمين. لذلك قررت الامة نهائيا طلب تنازل الشريف حسين وتنصيب ابنه الشريف علي ملكا على الحجاز فقط مقيدا بدستور ومجلسين وطنيين".. الخ.. والله الموفق لما فيه الصلاح!… آح!. ووقع البرقية مائة وأربعون من كبار الحجازيين وفيهم أكثر أولئك المجتمعين كالدباغ وغيره وتسلموا الجواب بعد العصر وها هو نصه: ادارة برقيات الحكومة الهاشمية في 4 ربيع الأول سنة 1343 هـ بواسطة قائمقام جدة إلى الهيئة الموقرة مع الممنونية والشكر، وهذا أساس رغبتنا التي أصرح بها منذ النهضة والى تاريخه، وقد صرحت قبله ببضع دقائق أني مستعد لذلك بكل ارتياح إذا عينتم غير علي واني منتظرهذا بكل دعة وارتياح. الامضاء (الحسين) وتسمت هذه الهيئة "الحزب الوطني الحجازي" وكان رئيسه الشيخ محمد الطويل وكاتم سره "سكرتيره" السيد محمد طاهر الدباغ وأعضاؤه كثر، وقد اجتمع الحزب أو كان مجتمعا لم يغب منه عضو من صباح هذا اليوم حتّى اللحظة التي تسلموا فيها جواب الملك حسين وبحثوه ولم يرضهم ورأوا من خلاله أنه لا يريد أن ينزل عن عرشه بهذه السهولة لانه لم يصعد إليه إلا بتضحيات وتعب، فهل من المنطق أن ينزل عنه لرقية تطير إليه من شبان متحمسين؟. فليداورهم، فلعل حماستهم تبرد بعد لحظات، ولهذا تظاهر بابداء الارتياح ولكن طلب اليهم تعيين غير علي، وبهذا يستطيع أن يضمن لنفسه البقاء على العرش إلى… أيام أو شهور… أو سنوات. إلا أن أعضاء الحزب الوطني لم يرقهم جواب الحسين وكانوا يودون من صميم قلوبهم أن يتنازل بسرعة "ليتفرغوا لعمل جديد" ينقذون به الموقف الحاضر" كما يزعمون" فقرروا أن يتصلوا به ـ أولا ـ بالتليفون ثم يطلبون إليه أن يوقع وثيقة التنازل التي سيكتبونها متى وافق ورضي به. وتناول الشيخ سليمان قابل (وكان رئيس بلدية جدة) التليفون وطلب الملك الحسين فأعطى الطريق إليه. ـ ألو ـ مولاي! مولا.. مولاي! … يرد الحسين: ماذا؟! ـ ماذا تريد؟ ـ الأمّة!.. ـ مالها.؟ ـ تريد منكم التنازلّ… ـ لا تكلمني انت لأنك من رجال حكومتي وليكلمني غيرك في هذا الامر؟. فوضع السماعة يائسا غير أن "الشيخ محمد أفندي" نصيف دق الجرس ورفع السماعة وقال: ـ مولاي … مولاي… مولاي ـ من أنت؟ ـ محمد نصيف (وكان عبد العزيز آل سعود وجون فيلبي في بيت محمد نصيف أثناء هذا الكلام) فقال الحسين: ـ لا تكلمني في موضوع التنازل لأنك أنت أيضاً من رجال حكومتي ومشبوه… فجشأت يده ثم وضع السماعة ورجع إلى مكانه، وهدأ من بالمجلس لحظات يفكرون دون أن يحدث احدهم الآخر. ثم بدأوا في الحديث متحمسين: "يجب أن يتنازل الحسين" وطلبوا إلى محمد الطويل أن يتكلم مع الحسين لأنه رئيس الحزب، فاعتذر إذ لا يطيق أن يكلم "سيدنا" في هذا الامر ويفجعه في أعز أمانيه وهو صديقه ومليكه عن التنازل وطلب إلى سكرتير الحزب (الدباغ) أن يكلمه وكان هذا من رجال حكومة الحسين فتناول السماعة وقال: ـ مولاي ان لك عندنا لمقاما كريما، غير أن المركز الحرج الذي وصلت إليه البلاد يدعوني إلى أن ابلغكم أن "الامة!" قد قررت طلب تنازلكم لسمو الامير علي، و"الامة" اياهم ـ طبعا … فقاطعه الحسين: ـ أنا وابني واحد، وإذا كنت قد صرت عندكم بطّال (بمعنى ردئ) فلا بأس، ولكن لا أفهم ما القصد من هذا، لا يهمني أمر المُلك في أي شخص كان ولكني لا أتنازل لولدي علي أبدا لأني ان كنت أنا "بطّال " فولدي علي "بطال". ـ لا يا مولاي نحن ـ البطّالين ولا أنت ـ ونحن لا ننسب إلى جلالتكم شيئا من ذلك وانما نريد أن نسلك سياسة غير التي سرتم عليها لعلنا نتمكن من تخليص البلاد من مأزقها الحرج و"الامة" أجمعت على طلب ذلك من جلالتكم وانا لنرجوا إجابة رغبتها: اجابة رغبة "الامة" التي حرصتم على مصالحها دائما. فرد عليه الملك الحسين قائلا في لهجة غير لهجته الاولى: ـ يا بني، لكم أن تفعلوا ما تشاؤون، أما أنا فلا أتنازل لولدي على أبدا، عندكم الشريف علي أمير مكة السابق، وأخي ناصر، وعندكم خديوي مصر عباس، وعندكم "الاشراف" وهم كثيرون، اختاروا، أي واحد تشاؤون من الناس وأنا مستعد بالتنازل له. أما ولدي فلا يمكن لأني أنا وهو شئ واحد، خيره وشره عائدان لي . فقال الدباغ متوسلا: ـ مولاي ، ان الامة "!" التي سهرتم على مصالحها وحرصتهم على رضاها هي التي اختارت الامير عليا، فترجو من جلالتكم الموافقة… (ان هذه الاقوال مبالغة كبرى، لأنه لا "الامة" ولا الشعب اختار "عليا" وابن السعود" بل الحزب الذي لا يزيد عن 140 فرداً من كبار الموظفين والتجار ولذلك اتت عقلياتهم أقل مستوى من عقلية الملك الحسين…) ـ يا طاهر، لا يمكن هذا، انظروا غير ابني وأنا مستعد. فقال الدباغ: مولاي. فقاطعه الحسين محتدا: أقول لا يمكن قطعيا أن أتنازل لأبني لأنني وهو شئ واحد… فاجاب الدباغ: ساعلم الهيئة ثم نعلم جلالتكم. اخفق هؤلاء في حديثهم مع الحسين، وأخذوا يبحثون من جديد في الطريقة التي يستطيعون بها اقناعه حتّى يتنازل عن العرش تخليصا للبلاد من هذه الكارثة كما يرون وأصروا على قرارهم غير أنهم رأوه مصرا على عدم التنازل ما دام من سيخلفه هو ابنه الامير علي، فكتبوا إليه برقية اغفلوا فيها اسم من يخلفه بل طلبوا إليه التنازل لتتمكن "الامة" من تشكيل حكومة مؤقتة وهذا نص البرقية: "صاحب الجلالة الملك المعظم بمكة" الحالة حرجة جدا، وليس الوقت وقت مفاوضات، فإذا كنتم لا تتنازلون للامير علي فنسترحم بلسان الإنسانية ان تتنازلوا جلالتكم لتتمكن الامة من تشكيل حكومة مؤقتة وإذا تأخرتم عن اجابة هذا الطلب فدماء المسلمين ملقاة على عاتقكم"! فلم يجد الملك حسين بداً من التنازل، وكتب اليهم البرقية الاتية: "مكة في 4 ربيع الأول الساعة الثالثة ليلا" لا بأس قد قبلنا التنازل بكل ارتياح، إذ ليس لنا رغبة إلا في سكينة البلاد وراحتها وسعادتها فالان عينوا لنا مأمورين من هنا يستلمون البلاد بكل سرعة ونحن نتوجه في الحال، إذا تأخرتم ووقع حادث فأنتم المسؤولون والاشراف عندكم كثيرون، ارسلوا واحدا منهم أو من سواهم، وعلاوة على هذا إذا قبل منكم الابن على الامر عينوه رأسا". الامضاء (حسين) وكسبت السياسة الانكليزية السعودية الجولة الاولى فالامير علي كان يختلف عن والده. وكتب كبار الموظفين إلى علي وثيقة "البيعة بالمُلك" وهي ما يلي: "بناء على طلب الامة "!" قد تنازل جلالة والدكم بموجب برقيته رقم 19 المؤرخة في 4 ربيع الأول وقررت نهائياً البيعة لجلالتكم ملكا دستوريا على الحجاز فقط وأن يكون للبلاد مجلس نيابي وطني، وقانون أساسي تضعه جمعية تأسيسية كما هو جار في الامم المتمدنة وبما أن الوقت ضيق يضيق الان دون تأسيس المجلس النيابي الوطني فقد قررت الامة أن تشكل هيئة مؤقتة لمراقبة أعمال الحكومة وانا نبايعكم على ذلك وعلى كتاب الله وسنة رسوله"… وبايعه عن "الامة" كبارها واغنياؤها… (وقد أدى تنازل الحسين وتولية "علي" الملك إلى اضطراب عام في مكة وغيرها، فالحسين كان مهيبا عند رجاله وامته، وكان منطقيا عنيدا قويا طموحا صلب القناة مستبداً لا يستطيع أحد أن يشاركه الامر. أما علي فكان هينا لينا مسالماً فاتر العزم وكانت صفات علي صفات زاهد ورع لا صفات حاكم يريد مجداً ويسوس جندا ويبغي السيادة والخلود، فالبون بينه وبين ابيه شاسع فالحسين أكفأ من علي وأزكى كثيراً، فلما تنازل الحسين وصعد "علي" اضطرب الناس واضطربت مكة على الاخص وذهل الناس فما كانوا يصدقون أن الحسين يبارح مكة فردا من أفراد الامة أو يعتزل الملك الذي سعى إليه سعيا، وبذل من أجله كل شئ وساد التشاؤم كل بلدان الحجاز، فمكة متشائمه إلى حد بعيد).. "وحمل الناس قادة هذا الحزب مساهمتهم في الجريمة واتهم بعضهم بعمالتهم مع السعودية والانكليز مقابل الوعود الكاذبة"… ويقول العطار: وأرى أن الحزب الوطني كان مخطئا في طلب تنازل الحسين فها هو الاضطراب والقلق والمخاوف تستبد بالبلدان وبالعاصمة وبالناس وبالسبل. ولقد غضب الحسين غضبة شديدة حينما انتهى أمر البلاد إلى هذه "الفوضى" وكتب إلى من طلبوا إليه التنازل برقية يقول لهم فيها: "ان الفوضى التي ذكرتموها وقعت على أيديكم بداعي اشهاركم رغبة تنازلي، وانا لا أقبل أية مسؤولية تقع إذا لم تسرعوا اليوم في تعيين من يتولى الامر لأتوجه في الحال إلى الجهة التي يختارها الباري عن طريق جدة وهذا ليس هربا من أي شئ تتصورونه بل دفعا للظنون والشبهات". وكان الحسين يدرك أن الانكليز وراء كل هذا… فاجاب الحزب الوطني الحجازي بهذه البرقية: في 5 ربيع الأول صاحب الشرف الاسمى الشريف حسين المعظم. جواب برقيتكم رقم 17 بحمد الله ومساعي مولاي قد تمت البيعة لجلالة نجلكم المعظم وقد فاوض جلالته من يلزم في استلام البلاد وادارة شؤونها فالمنتظر من مولاي مبارحتها بكل احترام تهدئة للاحوال!… التوقيع عن رئيس الحزب الوطني الحجازي

                                                 محمد طاهر الدباغ

ومن وحي ما أملاه "عبد العزيز آل سعود" يتساءل أحمد العطار فيجيب نفسه فيقول: (ويجب أن نقول كلمة للتاريخ: هل أخطأ الحزب الوطني أو أصاب في طلب تنازل الحسين؟… أما أنا فأرى أنه أخطأ في ذلك فقد أثّر تنازله في نفسية الجيش الهاشمي فانتحر آخر أمل يهجس في قلبه. كما قضى على روحه المعنوية وعجل بسقوط "الشرفاء" فهم كانوا أعون بعملهم هذا لخصومهم السعوديين لا لأنصارهم، وقد خدم "أعضاء الحزب الوطني" ابن سعود بعملهم خدمة مرموقة، فقد تنازل الحسين قبل أن يقوم ابن سعود من مقامه بالرياض باجبار الحزب اياه، وهذا نصر مؤزر يحرزه ابن السعود ولكن على يد خصومه فهم ينزلون خصمه العنيد القوي "حسين" ليرفعوا بدله خصما صغيرا وديعا مسالما ضعيفا هو "علي" حتّى يتسنى لابن سعود أن يقضي عليه سريعا بارهاقه بالمفاجآت ويضنيه بالحصار ويجبره على التنازل!. بل كان للحسين نفوذ وكلمة مسموعة عند الدول "أكثر من ابن السعود بكثير"، وكان له من "عظماء" الانكليز أصدقاء فلو بقي في الملك واتصل بغير القناصل الموجودين كالمندوب السامي في مصر مثلا لاستطاع مساجلة الخصوم والانتصار ، ولكن عليا لا دالة له على دولة إلا بأبيه كما أنه لا خصومة بينه وبين أحد إلا بأبيه، وهو في كلا الامرين غير موفق لا دالة له كما لا خصم له والمهم أن الدول كانت معترفة باستقلال الحسين وملكيته وحكومته في حين لم تعترف حكومة ما بالملك علي، بل أن كثيرا من الملكيين لم يعترفوا بأن عليا ملكهم!)… وهكذا نجح أعضاء المكتب الهندي جناح المخابرات الانكليزية الذي يسيطر عليه اليهود، نجحوا في ابراز صديقهم عبد العزيز آل سعود… وقد برر الحزب الوطني جريمته بما زعمه جون فيلبي وابن السعود أن ابن سعود برر غزوة الحجاز بأن الحسين ضد النجديين وان الحسين منع النجديين عن الحج، كما أوحى لهم فيلبي: "ان ابن السعود الذي شق الطريق إلى الحجاز بالسيف لن يقبل صلحا مع الحسين" فهو قد يقبل إذا كان حاكم الحجاز غيره! فليطلبوا إليه التنازل ـ أولا ـ وليجبروه عليه، حتّى يتساهل ابن سعود في الصلح ويغادر مكة والحجاز إلى نجد فتخلص بلادهم لحاكمهم الجديد ولكن الحزب بالاضافة إلى كونه قصير النظر كانت له مطامع نفعية وعده بها ابن السعود وجون فيلبي وما وعدهم الشيطان الا غرورا… ويقول العطار : (وكأن الحزب تناسى أو تجاهل النزاع القديم بين "الشرفاء" وآل سعود من بدء الدعوة الوهابية حتّى يوم ذلك، فالاسرتان في تنافس وخصومه وحرب، ما تنطفئ نارها إلا ويشعلها آل سعود ولا يمكن تسوية الخلاف، ثم ما النفع الذي حصلت عليه الحجاز بالتنازل؟ لا شئ… لاشئ ولكن قادة الحزب هداهم تفكيرهم في تلك الظروف القاهرة إلى أن اسلم الطرق هو ابعاد الحسين عن الحجاز ليتم الوفاق مع الغزاة)… ما بعد تنازل الحسين تنازل الحسين يوم 4 ربيع الأول وطلب في الخامس منه أن يأتي من يقبض زمام الامر في مكة ليتوجه إلى حيث "يختار الله له المقام" ـ على حد قوله ـ وسافر علي إلى مكة في 6 ربيع الأول وبقي الحسين إلى يوم 9 ثم سافر إلى جدة واعتزل الناس، وفي يوم 16 ربيع الأول أبحر وودعه رئيس ديوانه السيد أحمد السقاف وصديقه الشيخ محمد الطويل ولم يشأ أن يودعه ابنه علي، فأقله يخته "الرقمتين" إلى العقبة… وقد سعى رشدي "باشا" لدى الملك فؤاد ولدى رئيس الوزارة المصرية سعد "باشا" بأن يسمحا لملك الحجاز بأن يسكن مصر فأبيا خشية من حدوث مالا تحمد عقباه من الانكليز، وهذا ما يكشف زيف زعماء الاغنياء والمرتبطين بالاستعمار حتّى وان تظاهروا بالوطنية… لقد شاوروا الانكليز فرفضوا فرضخوا للاوامر الانكليزية، بل رفض الانكليز أن ينزل الشريف حسين لدى ابنه عبد الله في الاردن حينما مر بالعقبة إلى منفاه ورفضوا أن يذهب إلى سوريا أو العراق، وهكذا حدد الانكليز اقامته في العقبة قبل نفيه إلى قبرص، كل ذلك ارضاء لعبيدهم الاذلاء آل سعود. ولم يكتفوا بذلك، بل ضايقوه في قبرص بعد نفيه مضايقة شديدة، من ذلك أن الانكليز حرضوا طباخ الحسين أن يقيم الدعوة في المحكمة ضد الحسين وزوجته، وما دري الحسين وزوجته إلا حينما أبلغه الشرطي دعوة لحضور المحكمة قبل ساعتين من المحاكمة، فساقوه وزوجته بتهمة مزعومة تقول: ان زوجة الحسين اقتطعت من راتب الطباخ ربع جنيه استرليني!… ورغم كذب هذا الادعاء إلى أن الحسين قال للطباخ: (لو أخبرتني بهذا الامر "الخطير" لدفعت لك الربع جنيه قبل أن تطع كلام الانكليزي الذي حرضّك ضدي اكراما لأبن السعود ولكوني رفضت التوقيع باعطاء فلسطين لليهود، وهاهو لك مني جنيه مقابل الربع جنيه)… وخرج من المحكمة وزوجته يلعن الانكليز وعميلهم ابن السعود… وبعد ذلك اغتالوه بالسم عن طريق هذا الطباخ اليوناني الذي اجبره الانكليز على احتوائه بالرغم من رفض الحسين له بعد تلك الشكوى، وبالرغم من قول الحسين: "انني لا أحتاج إلى خدم فساخدم نفسي بنفسي"، لكنهم رفضوا… واجتاح "التتار" السعودي مكّة المكرّمة!! وأي "تكريم" حصل لمكة المكرمة؟… يقول العطار السعودي في أقل وصف وصفه كاتب لاجتياح جيش اليهود السعودي: (هرع الناس من الطائف إلى مكة، وانتشرت قبلهم أخبار راعبة مقلقة أن "الاخوان السعوديين" أو المديّنة قسات غلاظ، بل نشرتها الحكومة الهاشمية في الجرائد باحرف بارزة مذبح الطائف حتّى خافت مكة كلها وزادها هلعا القادمون من الطائف فقد كانوا يروون اخبارا وحشية غريبة مخيفة مريعة، وبدت العاصمة المقدسة كمأتم تشترك فيه الامة كلها ففي كل حي بكاء وقراءة على أرواح الشهداء، وفي كل دار استعداد للسفر، بل جلا عن مكة الاغنياء واسرهم وأخذوا معهم أموالهم وكان أول الجالين ـ بقايا ـ المصطافين في الطائف لأنهم جزموا أن الاخوان والبدو السعوديين سيفعلون بمكة ما فعلوه بالطائف من مجازر رهيبة فهربوا إلى جدة. وكنا نحن أيضا من الجالين الى جدة، إلا أبي رحمه الله، فقد أقام بمكة لأنها أقدس بقعة وآمنها على ظهر الأرض على الاطلاق… وقد ودعنا ونحن راحلون إلى جدة بالرغم عنه فراراً بالروح والمال، قائلا: انّه سيعتكف في المسجد الحرام فان قتل فما يكره الموت في رحاب طاهرة يستقبل وجه ربه الكريم بالشهادة: وكان خالي الذي تلظى بفاجعة الطائف هو الذي حملنا على الرحيل فاكترينا الحمير ومشى الشبان، أما نحن الاطفال فقد ركبنا من حسن حظنا ورحلنا في الصباح، وكان طريق جدة كالمحشر، أطفال ونساء ورجال وصبيان يحملون الطعام والنقود وما غلا ثمناً وخف وزناً، وكلهم يحث السير إلى جدة "هربا من وحوش آل سعود". وصلنا الشميس فسمعنا أن الاخوان دخلوا مكة ـ وكان ذلك في 9 ربيع الأول سنة 1343 ـ ونهبوها وهاهم يتعقبون الفارين فشددنا الرحيل إلى بحره فسمعنا الاشاعات بأن الوحوش المديّنة نهبوا الشميس وهاهم الينا فنهضنا إلى أم السّلم ووجدنا جوها "مكهربا" بالاشاعات المرعبة أيضاً فلم ننزل بها وواصلنا السير حتّى بلغنا جدة في منتصف الليل، غير أن الاشاعات كالبرق في السرعة سبقتنا إليها فسمعنا بفظائع الاخوان، وقضينا أياما في قلق واضطراب حتّى جاءنا كتاب من أبي يبشرنا بأن الاخوان لم يدخلوا مكة!، فرجعت أنا واحد اخوتي إلى أبي لأنه رغب أن نكون معه في وحشته، ووجدنا مكة كالمقبرة في الصمت الرهيب والسكون الشامل والدكاكين المغلقة، والمناحات والمآتم. ونقصد من هذا أن نقول: أن مكة لم تطمئن بعد مجازر الحوية والطائف والهدي بل كانت قلقة تطحنها الآلام فهي تنتظر البلاء والفاجعة بين الفينة والفينة مستسلمة لقضاء والقدر: ومضت أيام ومكة حزينة مرجفة خائفة وازداد خوفها عندما تنازل الملك الحسين وبارحها إلى جدة ومنها إلى العقبة إلا أن قدوم الملك علي إليها في يوم الاربعاء 9 ربيع الأول هدأ مخاوفها الفاتكة قليلاً واستعد للدفاع عن مكة ولبث اسبوعاً واحداً فيها ثم أتته الاخبار في يوم الثلاثاء 15 ربيع الأول (14 اكتوبر 1924 م) بأن الاخوان قد وصلوا اليوم إلى الزيما وتبعد عن مكة 44 كيلو مترا فرأى أن ما معه من الجيش وهو لا يبلغ الخمسمائة لا يستطيع حرب الاخوان "الـ 50000" وليس من الحزامة أن يقاتلهم وهو معتقد أن الهزيمة تصيبه إذا ما اشتبك بهم فرحل باربعمائة من جيشه إلى جده وقال أنه سيحاربهم منها حتّى يخرجهم من الحجاز وترك بعض الجنود لحفظ الامن الداخلي، غير أن من بقي بمكة من الاهلين صمموا على الدفاع ان صنع بهم الجند السعودي المتوحش ما صنع بأهل الطائف. ولقد تسللت مجموعات كبيرة من الاخوان بطرق خفية… وساد القلق والاضطراب والاشاعات المركزة التي يلهبها الاتباع السعوديين… ومضى على مكة بعد مغادرة الملك علي يومان كانت في خلالها فريسة لقلب عاصف شديد ووجد الفرصة كل طامع ومجرم واثيم من الاخوان واتباعهم ونهبوا بعض مراكز الحكومة وقام بدور من"اخوان مكة" بالنهب والسلب. ولكن لم يقربوا الاهلين بسوء كما في الطائف. بل كانوا ينهبون دور الحكومة فقط، وشاركهم بعض فقراء مكة العتاة وأخذوا نصيبهم حتّى إذا بدأ القمر في ليلة السابع عشر من ربيع الأول 16 اكتوبر سنة 1924 م بدت معه طلائع الاخوان "الرسميين" ووصلت المعابدة ـ أول مكة للقادم من الطائف ـ وفي الصباح دخل ابن لؤي وابن بجاد ببقية الجيش مشاة وركبانا عراة ومحرمين "!" وطافوا وسعوا "!" ثم ارتدوا ملابسهم وجاسوا خلال مكة وفي شوارعها الرئيسية وتدفقوا الى مراكز الحكومة يحتلونها "!" ونزل القائدان قصر الشريف واستقبلا كبار أهل مكة وأخذ منهم الطاعة لابن سعود "طاعة بالاكراه")… ويتابع العطار قوله: (وكان بعض الاعراب من الغطغط "الاخوان السعوديين" في الاسواق يسألون أهل مكة: أين بيت خيشة؟ ولكن المكيين لا يعرفون أحدا يكنى هذه الكنية!، فكانوا يجيبون: لا نعرف، وأخيرا عرفوا صاحب هذه الكنية، عرفوا أن هؤلاء سموا الحسين "أبا خيشة" ولكنهم أجلاف وكفى!. ونهبوا ما وجدوا في بيت الشريف الحسين من "علب المربيات" والساعات والمفروشات وكل غال ورخيص وباعوها بثمن بخس وقد رأى المكّيون البدو يعرضون ما نهبوا للبيع فاضربوا عن شراء شئ منه، ولكن رخص الثمن أغرى بعضهم ـ أخيرا ـ فالبدو يبيعون "العلبة" من عصير المانجة "الامبة" بما يوافق مليمين، ويبيعون بهذا علبة الكريز والخوخ والاناناس كما يبيعون الساعة الجديدة بعشرة قروش ويبيعون البساط العجمي الكبير بعشرين ريالا وهكذا… "وقد فتكوا بكل من رفض شراء أي شئ من هذه السلع… كل ذلك حدث بعد الاحرام والطواف والسعي!… ليتأكد من ذلك أنه لا ايمان لهؤلاء الجنود بدين أو مثل"… بل رأوا المرايا الكبيرة فظنوها لاول مرة ما يشبه البيت أو الغرفة بها اناس حينما راوا صورهم بها فحطموها ثم ظنوها سحرا كما خيل اليهم أن في الساعة شيطانا يهمس وذلك حينما يسمعون دقاتها. لقد أطلقوا الرصاص على صورهم المنعكسة في المرايا حينما رأوا البنادق التي يحملونها اليهم)!… وهذا ما يثبت همجية موجههم ابن السعود وهمجيتهم من بعده"!… ومن جدة، تحرك اعضاء الحزب الوطني، وقام وفد منهم قوامه عشرة افراد منهم عبد الرؤوف الصبان لمقابلة القائدين السعوديين "للاخوان" وذلك في 3 ربيع الثاني للمفاوضة معهما في الصلح!. ولم يكونوا مندوبين من قبل علي، بل كان فيهم من اشتهر بمناوأته لآل الحسين ومصادقته لآل سعود ومنهم محمد نصيف، وزعموا أنهم جاءوا تطوعاً بحجة انقاذ البلاد من كارثة تجر إليها جرا، واجيبوا من القائدين "ان الصلح لا يمكن أن يكون إلا بخلع الملك علي!"، فغادر الوفد مكة مخفقا، وما فعله هؤلاء يعتبر في عرف الشرائع الدينية والقوانين الوطنية خيانة عظمى لاتصالهم بالعدو واظهار ضعف المقاومة والبلاد، ولقد لعب هؤلاء الاغنياء وكبار الموظفين دور السماسرة لدخول الاحتلال السعودي، بعضهم عن قصد وبعضهم عن جبن وبعضهم عن ضعف تصور… ويقول العطار: (وقد أفاد القائدان من بعض رجال الوفد فوائد جمة فقد وقفا بدهائهما ـ أو على الدقة بدهاء خالد لأن سلطانا لم يكن فيه شئ من الدهاء ـ على حالة علي وحكومته الجديدة وعلى الحياة في جدة وعرفا الموالين للحسين وأبنائه كما عرفا المناوئين: واسرع القائدان وبعثا إلى قناصل الدول الاجنبية بجدة خطابا يسألانهم عن موقفهم حيال الحرب الحجازية النجدية فأجابوهما بكتاب في 6 ربيع الثاني هذا نصه: "جدة في 4 نوفمبر 1924 م" إلى خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد " بعد الاحترام، وصلنا كتابكما ولا يخفاكما أن حكوماتنا ملتزمة الحياد التام في الحرب القائمة بين نجد والحجاز وعلى ذلك فنحن محايدون ولا يمكنا التدخل بأي وجه كان فيه الخصام، ولقد أخذنا علما بتصريحكما بأن ليس لكما نظر في رعايانا ونؤيد مضمون كتابنا الأول المختص بهم والسلام". ووقعه معتمد قنصل "جلالة ملك بريطانيا العظمى" والقنصل العام "لجلالة" ملك ايطاليا ووكيل قنصل الجمهورية الفرنسية ونائب قنصل "جلالة" ملكة هولندا، ووكيل قنصل "جلالة" شاه ايران . وشكل "علي" حكومة النهاية انتهت حكومة الشريف الحسين بتنازله وابحاره إلى العقبة وتولى ابنه "علي" عرش الحجاز برأي الحزب الوطني وسعيه. وارشادات جون فيلبي، الذي زعم "أنه اختصم مع ابن السعود وانه جاء لمساعدة الشريف علي" بينما كان يعمل لصالح ابن السعود بكل نفوذه في المكتب الهندي الانكليزي، وقد فوضت بريطانيا مندوبها السامي فيلبي لاعطاء ابن السعود كل ما يريد…. وتشكلت حكومة جديدة من: الشيخ عبد الله سراج رئيسا لمجلس الوزراء…. (حزب وطني) وتحسين باشا الفقير وزيرا للحربية والسيد محمد طاهر الدباغ وزيرا للمالية… (سكرتير الحزب الوطني) والدكتور خالد الخطيب وزيرا للصحة.. (حزب وطني) والشيخ محمد الطويل وزيرا للرسوم…(حزب وطني) وعبد القادر غزاوي وزيرا للمواصلات.. (حزب وطني) وعارف باشا الادلبي وزيرا للبحرية والشريف محسن بن منصور وزيرا للداخلية والشريف فؤاد الخطيب وزيرا للخارجية.. (حزب وطني) ومع ذلك فقد بقي الملك حسين في جهة، والحزب الوطني من جهة أخرى. وواصل الحزب الوطني اتصالاته التآمرية مع ابن السعود مبرراً ذلك للناس "أنه لا يريد اراقة الدماء، وان السبب الذي دعا الحزب الوطني إلى طلب تنازل الحسين هو اخلاء الحسين وبمبارحته البلاد يمكن التفاهم مع ابن سعود"…. لكن هذه مبررات استسلامية من البعض وعميلة من البعض الآخر… وكتب البعض إلى المجلس الإسلامي الاعلى بفلسطين للوساطة بين ابن السعود علي، فكتب رئيسه الحاج أمين الحسيني إلى ابن سعود برقيا فأجابه عبد العزيز بالاكاذيب التالية: امين الحسيني رئيس المجلس الإسلامي الاعلى بالقدس (يحزننا أن تكون وساطتكم في وقت متأخر!، فانا منذ سبع سنوات نتوسل بجميع الوسائل لاحلال الصلح والوفاق محل الجفاء والشقاق فلم تثمر مساعينا، وكنا كلما لنّا للحسين تجافى، فتصريحاته المتكررة في شرقي الاردن التي تبرهن عن نواياه الاكيدة في بلادنا، ومنعه رعايانا ست سنين من أداء فريضة الحج من عسير وغيرها ومعاملته كافة حجاج بيت الله الحرام وعجزه عن تقرير الامن في الحجاز مما أجبرنا أن نتخذ التدابير الفعالة لتستقر الحالة في بلاد الحرمين وليأمن مستقبل بلادنا، وانا نرغب في وجود ادارة في الحجاز تكفل حقوق جميع المسلمين بوجه المساواة، وتضمن راحة الحجاج، وتزيل عنهم المظالم كلها وتجعل الحكم خلافة يختارها أهل الحجاز لاملك) الخ… ويقول العطار: "كما أن الملك عليا بعد توليته أبرق إلى ابن سعود عن طريق البحرين يقول له: "ان رغبتنا في السلم يسود الجزيرة كلها، وان امنيتنا تسوية الخلاف بين نجد والحجاز بمؤتمر ينتهي فيه مبادئ في مؤتمر الكويت، ونطلب اليكم أن تلبّي هذا النداء حقنا لدماء المسلمين وصونا لارواحهم، وإذا أردت ذلك فلتأمر قواتك المحتلة بالانسحاب إلى الحدود النجدية، فأجاب ابن سعود: "بأن الصلح مستحيل ما دام أبناء الحسين يتوارثون ملك الحجاز، وبأن الحجاز للعالم الإسلامي فهو يقرر مصيره"!… وبالرغم من الحصار الانكليزي، فقد رفض علي ورجال حكومته هذا الجواب الذي يفيد أن الصلح لا يتم الا إذا بارح علي الحجاز!، وهذا طلب غير مقبول بالطبع عند قوم لم يحكموه إلا لبقاء الحجاز، بعيدا عن سلطان ابن سعود، واخذوا جميعهم يفكرون في الوسيلة التي تخلص البلاد من هذا الجيش السعودي المتوحش الزاحف المحتل القابض على زمام مكة والطائف وما بينهما من قرى وبوادي والذي يدعمه الانكليز بكل الامكانيات… وبينما كان هؤلاء غارقين في التفكير كان ـ ناجي الاصيل ـ في لندن يبذل كل جهوده لحمل الحكومة البريطانية على حماية الحجاز من ابن السعود بما لها من نفوذ قوي على ابن سعود!!. ولكن بريطانيا اعتذرت وواصلت دعمها لابن السعود وقالت "بأن المعاهدة التي سبق أن قدمتها بريطانيا للحسين سبق أن عدلها الحسين "تعديلات" لم توافقها، والان وقد تخلى الحسين عن الملك فلا يمكن أن يفاوضنا فيها أحد"!! بكل صراحة!!. ولكن بريطانيا اعتذرت وواصلت دعمها لابن السعود وقالت" بأن وصل من بريطانيا توقيع المعاهدة الاولى التي كانت في صالح الحجاز، وما دام الحسين قد اعتزل الملك وبارح البلاد فان الحجاز ما يزال في مكانه!! وملكه الحاضر (علي) لم يشترك في التعديلات التي قام بها أبوه، وهو موافق على تلك المعاهدة ـ قبل تعديل الحسين الذي لم يوافقها ـ وفي وسع بريطانيا الموافقة عليها لتعتبر نافذة…!!. ومع كل هذه التنازلات اجابت بريطانيا، بأنها لا تستطيع عمل أي شئ مع حكومة علي قبل أن ينجلي الموقف الحاضر.. وانجلاء الموقف هو دعم ابن السعود ليحتل الحجاز. بل طلبت حكومة علي من بريطانيا أن تتدخل في الصلح بين الملك علي وعبد العزيز آل سعود فأبت… وتغيرت الوزارة البريطانية التي لم توافق على توقيع المعاهدة التي حاول معها ناجي الاصيل على توقيعها وقامت مكانها وزارة المحافظين برئاسة المستر بلدوين، فسئل عن موقف حكومته من النزاع القائم بين ابن سعود و"علي" فأجاب في صراحة تامة" "ان الحكومة البريطانية لا تنوي التدخل في النزاع القائم من أجل الاراضي المقدسة الإسلامية وانها ستبقى على الحياد. وليس في نيتها الوساطة بين المتنازعين بحال من الاحوال"!… وهل تجد بريطانيا عمالة تساعدها في خلق الكيان الصهيوني في فلسطين كالعمالة السعودية؟!… ولهذا. أخفقت "حكومة علي" الهاشمية من يومها الأول اخفاقا مرا، فلم يصادفها الحظ السعيد في خطوة من خطواتها ولا في عمل من أعمالها ولا في مناورة من مناورتها الكثيرة، ولم يجدها اجبار الحسين على التنازل، بل أضرها تنازله ضرراً بليغاً فقد عجل بمصيرها المحتوم لها، فها هي عاجزة عن تكوين جيش قوي، ولكن من حسن حظها ـ أو من سوء حظها لا أدري ـ أتت إليها نجدات من الامير عبد الله ـ أمير الاردن ـ قوت عزيمتها وأحيت الامل فيها، فرأت أن تكتب إلى ابن سعود خطابا غير الخطاب الأول تختمه بالتهديد والوعيد، وتلوح له بالنار والحديد، فلعله يستخذي ويقبل الصلح ان لم يقبل بالاغراء واللين والكلام الطيب، ووجه الكتاب باسم الملك علي وقد جاء فيه: "من علي بن الحسين إلى صاحب العظمة السلطان عبد العزيز عبد الرحمن الفيصل آل سعود أما بعد، فاني لعلى يقين من أن التسافك في الجزيرة يقطع الارحام ويذهب بالاحلام ويغري عدو العرب على الاستفادة من الخصام، وانت تعلم أنه عدو شديد عنيد لا يستنيم إلى رعاية العهود ولا يطمئن إلى السكينة، فماذا أنت فاعل وقد بسطت لك الحالة كما هي من غير تشويه في حقيقتها أو لبس في مظاهرها؟ ان أقصى رغبتي هي أن يسود السلام في الجزيرة ، وان تعود السكينة ما بين نجد والحجاز واني لباسط لك رأيي في السلم ومقترح عليك عقد مؤتمر لازالة بواعث الخلاف، وينبغي أن تعلم عظمتك أن تدخّل الاجانب الاعداء بين الامم المسلمة ـ وخاصة الانكليز ـ ضار بنا وبمصلحة بلادنا العربية وهذا التدخل لا يبعد أن يجر إلى تشاحن عظيم، وهذا أمر لا أرغب فيه ولا أوافقك عليه".!!. ثم قال: "فما شأن الاعاجم في بلادنا؟ وانت تعلم أن لهم من مشاغلهم في بلادهم ما يضطرهم إلى التنحي عن الاهتمام بمصير الحجاز فإذا هزم جدوا في استقلال بلادهم كان ذلك اجدى من كل أمر" وقال: "لقد عرفنا الانكليز قبلك، ولو وجدنا فيهم مثقال ذرة حب للعرب لاطعناهم فيما عرضوه علينا ولو أطعناهم في خيانة العرب لاعطونا ما نريد ولكننا رفضنا". ثم قال:"واقترح عليك عقد مؤتمر يحضره مندوب الطرفين للصلح والرجوع إلى اتمام المفاوضات التي دارت في مؤتمر الكويت". ثم طلب إلى ابن سعود "جلاء الجنود السعوديين من الاراضي الحجازية المحتلة وإلا فسنستردها بالسيف" ثم ختم الكتاب بهذا التهديد: "فإذا لم يبلغك صوتي ويصلك نذيري فاني مضطر إلى الاصطلاء بنار الحرب بلا شفقة ولا رحمة، وللتاريخ بعد ذلك حكمه الذي لا يرد في الباغي منا فإذا كنت باغيا فلا يذكرني التاريخ بخير، وان كنت أنت الباغي حقت عليك كلمة الله وليس الله بغافل عما يعمل الظالمون"!. تلقى ابن سعود هذا الخطاب فاستبد به الغضب وعرضه على جون فيلبي فابتسم وقال لعبد العزيز: "اننا سنستفيد من هذا الخطاب ونستشير به بريطانيا ضد الشريف علي ومن هذا الكتاب يتضح ان ما به من اغراء أو تخويف ليس إلا محاولة ياءس استبد به القلق وانتحر في نفسه وفر من قلبه الثبات، واعرف أن ذلك "بداية النهاية" فلا ترد عليه ردا قاسيا"… وكتب في 18 ربيع الثاني إلى "علي" برقية صاغها جون فيلبي باسم عبد العزيز آل سعود "صافية القول سهلة العبارة" وهذه برقية "ابن سعود": البحرين في 16 نوفمبر سنة 1924 م . "الشريف علي ابن الشريف حسين اني احترم شخصكم احتراما عظيما، ولكن معاملة والدكم لأهل نجد وسائر المسلمين هي التي جعلتنا نقف هذا الموقف، فإذا كنتم تحبون السلام، وحقن الدماء أخلوا الحجاز، وانتظروا حكم العالم الإسلامي فان اختاركم أو اختار غيركم فنحن نقبل حكمه بكل ارتياح، أما إذا بقيتم في أرض الحجاز فان مسؤولية ما يقع من الحوادث يقع على عاتق غيرنا"!!! كان ابن سعود جازما ـ بحول الانكليز وقوتهم ـ بأن أجل حكومة "علي" قصير، ولكن الملك علي كان يأمل البقاء بالحجاز ان سلماً وان حرباً، وقد مهد له خيط الرجاء خط الدفاع الذي أنشأه حول جدة على شكل هلال ينتهي طرفاه إلى البحر وطوله ستة أميال، ووجود فريق من المسلمين والمسيحيين أتوا جدة للوساطة بين العاهلين، وكلهم ينتظر مجئ ابن سعود إلى الحجاز لأن فيه مقطع القول.. وقد كان!!! مكر اليهود بعد أن تعالت الاحتجاجات في العالم الإسلامي والعربي ضد المجازر السعودية وجرائم النهب وهتك الاعراض في الحجاز، حاول الاحتلال السعودي والخبراء الانكليز تضليل الناس والقاء جرائم الدماء على "الاخوان" الذين تتكون أكثريتهم من قبائل عتيبه ومطير، وزعموا أن هؤلاء هم الذين ارتكبوا هذه المذابح دون معرفة ابن سعود بدليل أن رجال الدين الوهابيين المؤتمرين بأمره قد أصدروا الفتوى بعدم دخول مكة بالسلاح وقالوا: "ان دخول الحرم الشريف بقصد القتال حرام وان ابن سعود أعجب بصراحة علمائه وتقواهم فأمر جيش ـ خالد بن لؤي ـ ألا يدخل مكة بقصد القتال فيها،أما إذا وجدها خالية فلا بأس من دخولها، فإذا ظهر له أن دخولها سيحدث قتالا فيها فليرجع"!! "فليرجع"… كذا؟!. وبعد هذه الفتوى المقصود بها الاستهلاك الخارجي… طلب ابن السعود من "عملائه" أو علمائه أن يجتمعوا باستمرار لاصدار الفتاوى ضد الاخوان!!. أي .. ضد الجيش السعودي المتوحش المؤتمر بأمرهم!.. "وبينما هم كذلك ورد ابن سعود خبر دخول خالد بجيشه مكة بدون قتال فرأى أن الوقت قد حان لتحقيق أمانيه الإسلامية وأماني المسلمين المخلصين في الاراضي المقدسة، فصمم العزم على أن يبعث أحد أبنائه إلى مكة للاجتماع بوفود المسلمين والتشاور معهم في العمل النافع الذي يضمن لها سعادتها ويرد إليها مجدها المسلوب وعزتها الضائعة، ثم رأى أن حرمة بيت الله تقضي عليه أن يذهب بنفسه إلى مكة ليتولى شؤونها ويجتمع بأهلها وبالمسلمين لتقرير مصيرها وعزم على السفر"* يا سلام!!. وكتب عبد العزيز إلى الامام يحي امام اليمن: "أما بعد، فقد استقبلت الطريق إلى مكة غير باغ ولا آثم "!" فليتفضل الاخ العظيم بارسال من يمثله في مؤتمر مكة حبا بنشر السلام بين أمم الإسلام"!. كما بعث هذه الكلمة نفسها إلى ملوك المسلمين وامرائهم المستقلين!. مستقلين جدا!… ثم جمع من كان لديه من "العلماء" والامراء والقادة والقى عليهم كلمة ابان لهم فيها غرضه من السفر إلى مكة فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه. وشكرا الانكليز!… "اني مسافر إلى مكة لا للتسلط عليها "!" بل لرفع المظالم والمغارم التي ارهقت كاهل عباد الله"!… الله… الله! يا بدوي جاب اليسرى!… أية مظالم ومغارم وتسلّط غير ما فعلته السعودية من مظالم ومغارم وتسلط؟؟!. وقال: "اني مسافر إلى حرم الله لبسط أحكام الشريعة وتأييدها "!" فلن يكون بعد اليوم سلطان إلا للشرع "!" ويجب أن تطأطئ جميع الرؤوس له"!! ياله من هراء سعود!!. ويتابع قوله: "ان مكة للمسلمين كافة فيجب أن يكون أمر ادارتها وتنظيمها طبق رغائب العالم الإسلامي"!!. فهل أصبحت للمسلمين حقا؟!!. ويتابع أكاذيبه: "اننا سنجتمع بوفود العالم الإسلامي هناك، وانا سنتبادل معهم الرأي في كل الوسائل التي تجعل بيت الله بعيدا عن الشهوات السياسية "!" وتحفظ راحة قاصدي حرم الله".!!! كذا… وزعم عبد العزيز حرفيا: "أن الحجاز مفتوحا لكل من يريد فعل الخير من الافراد والجماعات"!. فهل أصبح الحجاز كذلك يا فجّار القول والعمل؟؟. انّه مغلق، في وجوه العرب والاصدقاء ومفتوح للامريكان.. ولكنه كما قال للعطار: "لقد أردت بهذا الخطاب أن اقطع الطريق على خصومي حتّى لا يستغلون قدومي إلى الحجاز ويؤولوه تأويلا سيئا، واقطع به كل مظنة المغرضون!". هنالك صدق الطاغية… وسافر المستشار السعودي حافظ وهبة إلى مصر ليكتب بعض الهراء ويرد به على أقوال الصحف المصرية حينما كتب في جريدة "البلاغ" التي تصدر في الاسكندرية تعليقه على كلمة ابن سعود تلك فقال: "بهذا المنهج يذهب سلطان نجد إلى أم القرى مشهداً الله والناس على أنه لا يتردد في تنفيذ ما صحت نيته على تنفيذه وما انتوى عمله، فما أسمى الغاية التي ينشدها؟؟ وما أحراه بتأييد العالم الإسلامي قاطبة له في تلك المهمة الشاقة التي عهدت الظروف إليه اداءها، وان لهجة السلطان لتذكرنا بلهجة السلف الصالح! كما أن سيرته واستقامته وقوة إيمانه تبعث الاطمئنان والارتياح في نفوس المسلمين فالرجل لا يسعى وراء الجاه والحطام الفاني "!" وانما يريد جعل أم القرى كما كانت في العهد السالف منبع الحكمة وموطن الشريعة، انّه يريد تطهيرها من الارجاس والخبائث التي انتشرت فيها منذ أن انصرف اشرافها عن شؤون الدين وأوغلوا في التعلق بالدنيا والتفاني في زخرفتها وزينتها فلم يرعوا حرمة المكان ولم يبالوا سعدت البلاد أم شقيت!! ارتفعت كلمة الدين أم انحطت؟؟ ما دام نصيبهم من الحطام الفاني مضمونا يستولون عليه لسد شهواتهم، وقد علمتنا الحوادث ان السلطان ابن سعود ما وعد إلا وفى، ولا صمم على شئ إلا نفذه بقدر ما استطاع فإذا قال: انّه ذاهب إلى أم القرى بالمنهج الذي ذكرناه فاننا نثق بأقواله ونؤمن باخلاصه وصدق طويته"!!!… وما اكذب كاتب المقال العميل… موكب الوحوش المرعبة يدخل مكة واستنفر عبد العزيز كافة أهل نجد ـ بالاكراه ـ ليواكبوا ركبه إلى مكة، فيرعبهم بهذا الموكب الذي بلغ افراده قرابة الـ /15000/ مرافق مسلح.. ودخل مكة… واعتلى الدكة… وحشروا أهلها في "السكة" ليلقي فيهم خطابه الارتجافي السمج، فتقدم مستشاره حافظ وهبة ليقدمه بخطاب قال فيه: (أولا ـ ان عبد العزيز لا يريدها الارتقاء الذي تدعون إليه ولا نريد إلا الارتقاء الذي نمشي عليه بموجب الدين، والامر الثالث هو أن عبد العزيز ـ كما ستسمعون منه ـ لا يريد أن يكون هذا البيت ملكا لأحد بل مشاعا (!) بين المسلمين ، ولكل شعب من الشعوب الإسلامية ولكل فرد من أفراد العالم الإسلامي حقه فيه.. والامر الرابع هو أن التجارب السابقة دلت على أن الحسين وآله غير صالحين لادارة هذه البلاد وأن عبد العزيز بن سعود أصلح)… ابن سعود أصلح!. ووقف عبد العزيز آل سعود يرغي، وقد ورد في الصفحة 464 من كتاب "صقر الجزيرة" للعطار هذا النص الحرفي من خطابه: "أنا عبد العزيز بن سعود .. والله وبالله وتالله ورب هذا البيت ومالحرم ـ والمقدر كائن ـ وهذا هو المقسوم، وكان من أحب الأمور الّي أن يقيم الحسين شرع الله (!) في هذا البيت فأفد عليه مع الوافدين أقّبل يده (!) ولكن هكذا شاءت ارادة الله (!) أن أقضي عليه (!) ولو لم يلحق الامر الاديان والنفوس لما أقدمنا على ما أقدمنا عليه فقد قرر الحسين اذابة وتقسيم بلادنا (!) وتوزيعها وأصر الحسين وأخذ يعمل وهذه جريدة القبلة تشهد على دعوته لاضاعة بلادنا باسم الوحدة العربية واعطاء بلادنا لرعاع العرب، وان كان الحسين قد أمّروه الاتراك فنحن لم تؤمّرنا غير سيوفنا، والانكليز وأهملوه لانهم عرفوا أن ما فيه خير، وان كان هذا يعجبكم فينا فتعالوا بايعونا!!"… الخ.. فأجاب الحاضرون: "كلنا نبايع!… كلنا نبايع!..". فقال عبد العزيز: "قولوا لنا بصريح القول ما عندكم؟!. فقال الحاضرون: "ما عندنا غير هذا"!!… ص 465 "صقر الجزيرة". وفي الصفحة 477 من كتاب "صقر الجزيرة" للعطار ورد النص التالي: واجتمع عبد العزيز بن سعود برجال مجلس "الشورى" الاهلي المنتخب برئاسة عبد القادر الشيبي واتفقوا على ان تقوم البلدية (!) بتنبيه الناس عند وقت كلّ صلاة فينادي منادي البلدية!: "يا معشر المسلمين! على كل واحد منكم إذا سمع المؤذن ان يبادر للصلاة في الحرم مع أحد الائمة الاربعة!، ومن كان بعيدا عنه فليصلّ في أقرب مسجدا!، وقد جعلنا من رجال البلدية وغيرها من يناظر المتأخر عن الصلاة لتقرير الجزاء الشرعي عليه بالجلد والحبس!" ص 465 من "صقر الجزيرة". وهكذا شغل الاحتلال السعودي "رجال التنظيمات" وأعضاء مجلس الشورى بملاحقة الناس!. لاشغالهم عن ملاحقة جرائم الاحتلال السعودي. وبدأت باسم الدين المزيف ملاحقة الوطنيين وسجنهم وجلدهم في الشوارع وقتلهم وتقطيع أيديهم وأرجلهم… وبعدها: قامت البواخر الحربية الانكليزية بمحاصرة جدة ومنعت دخول أي نوع من الطعام والسلاح والوقود والكساء، بل منعوا دخول الحطب والفحم من مكة إلى جدة!.. وأعلن الاحتلال السعودي في مكة أن الشريف علي وحكومته هم الذين منعوا الطعام عن مكة ليثير الشعب ضده فكتب المستشار السعودي حافظ وهبة بتوجيهات من جون فيلبي رسالة نيابة عن أهل مكة ليوقعها عدد من المواطنين لكن زمرة عميلة وقعتها فقط، وهذا نصها: "إلى صاحب السمو حضرة الامير علي وفقه الله لا يخفاكم أننا جيران بيت الله الحرام الذي قال الله في حقه "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"! و"أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدّنا" فأين عملكم من توصية الله بنا؟؟!! وما السبب في اقدامكم على منع القوت عنا وايصال الاضرار الينا؟ ألأن قوات نجد وجيوشها دخلت مكة؟؟ لسنا المسؤولين عن ذلك بل أنتم المسؤولين عنه عند الله وعند خلقه!: أولا ـ لأنكم لم تعملوا على اصلاح ذات بينكم لإزالة أسباب الخلاف بينكم وبين نجد وإمامها وغيرهم حتّى يكون حرم الله آمنا!. ثانيا ـ عند دخول جيوش حكومة نجد الطائف طلبنا منكم تخليص "عائلاتنا" ومحارمنا وأموالنا من الطائف فأبيتم ذلك وأعطيتمونا العهد بالمحافظة ثم شردتم وتركتمونا، فلا أنتم حافظتم علينا ولا سمحتم لنا بالخروج حتّى كان ما كان، ثم لما قدمتم مكة راجعناكم أنت ووالدك مرارا فوعدتمونا بالدفاع عنا برقابكم ثم شردتم وتركتمونا فوضى، واننا نخشى عليكم عقوبة ما جرى على بيت الله الحرام من الخوف والهلع، وبعد ذلك أعلنتم أنكم ما خرجتم من مكة إلا حقنا للدماء، فسموكم تورعتم عن قتل أهل نجد وأبحتم المصيبة لجيران بيت الله بمنعكم الارزاق وحجزكم معايشهم. والان نسأل سموكم ان كان جيران بيت الله مجرمين فأنبئونا نستغفر الله، وان كنا فقراء ضعفاء لاجئين إلى بيته فما السبب في التضييق علينا في ارزاقنا وانفسنا، فان كنا مجرمين من جهة الحكومة النجدية فليس لنا يد في دخولهم ولا طاقة لنا على اخراجهم، ولكننا نرجو الله ثم سموكم أن تفعلوا أحد أمرين: اما أن تقدموا بجيوشكم وتخرجوا الحكومة النجدية حتّى تتفتح لنا طرق أرزاقنا واما أن تتركونا وتتركوا جدة محل معايشنا!"… وهنا بيت القصيد السعودي!… والكتاب مؤرخ في 18 جمادى الاولى وموقع من الشيخ عبد القادر الشيبي وبعض "العلماء" وبعض "وجهاء" مكة، وقد أرسلوه إليه ولبثوا ينتظرون الجواب "علماً أن هذه الزمرة المترفة وأمثالها لم يقاتلوا العدو السعودي!… يتضح هذا في عدد الجند الهاشمي البالغ 500 جندي فقط!…"… غير أن الملك علي أجابهم جوابا حماسيا في المنشور الذي ألقاه على مكة باحدى طائراته في 19 جمادى الاولى ونقتطف منه ما يلي: " لم نمنع الارزاق عنكم إلا مكرهين فالبواخر الحربية الانكليزية تجوب البحر وتمنع أي باخرة متجهة إلى الحجاز، كل ذلك خدمة للمجرم السعودي الذي يدعي الإسلام وهو يعبد الانكليز، ونحن على يقين أن كتابكم الذي وصلنا لم تحرروه إلا مرغمين، بل لم تحرروا منه كلمة واحدة وانما حرره العدو السعودي نفسه عميل الانكليز، وعلمنا من مآله أن العدو لم يضطركم إلى هذا إلا لضعفه وعجزه، انني لم أترك مكة إلا لأمرين: أولهما عدم القتال فيها حرمة لها "!" والثاني حفظكم من مثل ما حصل في الطائف، واني عاهدت الله على الموت في سبيلكم وانقاذكم بعون الله، فاصبروا صبر الكرام، وقريبا ان شاء الله يكون الاجتماع بكم في حرم الله على أسر حال!"… ثم يقول هذا المنشور الملكي: "ان كان هو "أي ابن سعود" وأذنابه يحترمون حرم الله وجيرانه ويعملون مثل عملي ويخرجون خارج الحرم ـ ويتركونه حرماً آمنا للناس أجمعين ـ فهناك تظهر حقائقهم ان شاء الله ويرون كيف الذود عن الحياض والدفاع عن الحوزة، وان لم يخرجوا ولبثوا في مكانهم جامدين فاننا سنوافيهم من بين أيديهم ومن خلفهم ومن فوقهم حتّى تكون كلمة الله هي العليا"!… هنالك بلغت خدمة المخابرات البريطانية أقصاها لآل سعود حينما تحول جون فيلبي وأمين الريحاني وطالب النقيب إلى جدة بحجة خدمة الاشراف! أجل .. في هذا الوقت بالذات، انتقل إلى جدة جون فيلبي وزعم أنه تحول من خدمة آل سعود لخدمة الشريف علي بن الحسين!! وان ابن السعود لم يسمح له بالبقاء في مكة لانه مسيحي كافر!! (كذا) وتبعه أمين الريحاني الكاتب اللبناني المعروف، وطالب النقيب الزعيم العراقي الذي عمل وزير داخلية للعراق في عهد حكم السير برسي كوكس وجون فيلبي في العراق… وجاء الريحاني والنقيب بحجة جاسوسية أخرى هي: حجة "حقن الدماء" ربما حقنها في بطن عبد العزيز، وارفقوا لحقن الدماء حجة أخرى هي التوسط والصلح بين الشريف علي وعبد العزيز آل سعود، واستخدموا حسين العويني اللبناني الذي فتحوا له تجارة في جدة وكان يحمل صفة "التاجر اللبناني"، وفيما بعد الجنسية السعودية وأولاده، وأصبح رئيس وزراء للبنان رغم كونه سعودي الجنسية وما زال أولاده سعوديين ـ لبنانيين ـ ومحلاتهم في جدة … هؤلاء الجواسيس الانكليز الريحاني والنقيب والعويني وغيرهم من مفارز جون فيلبي لعبوا أقذر الادوار الانكليزية لصالح آل سعود، وكانوا يكتبون رسائل المعلومات ويبعثون بالتقارير من جدة إلى مكة حيث يقيم ابن السعود ينتظر معلوماتهم التي يحملها حسين العويني وغيره. ويقول العطار في الصفحة /484/ من كتاب "صقر الجزيرة": انّه بدأ تعريف حسين العويني لعبد العزيز آل سعود من قبل أمين الريحاني في التقرير الذي بعثه مع العويني بقوله: "ان للصديق حسين العويني التاجر السوري علاقات تجارية في مكة وجدة وهو يحمل لكم بعض خبرتي ومعلوماتي وانني أثق بحسين أفندي كل الثقة وفي المعلومات اليسيرة التي سينوب عني بها ما يغني عن البيان فابعثوا بمن يلاقيه دائما في منتصف الطريق ـ بين مكة وجدة ـ محافظة عليه"!!.. وقد أرسل فيلبي والريحاني والنقيب رسائل ـ بمعرفة الملك علي ـ إلى عبد العزيز بحجة "الصلح بين علي وابن سعود" والمضحك أنهم حملوها لرسول من قبلك الملك علي!.. فعاد الرسول بالرد السعودي عن طريق الملك علي!… وفيه اشارات من ابن السعود لكل من فيلبي والريحاني والنقيب يبلغهم فيها "ان المعلومات ممتازة وان على: فيلبي والنقيب السفر إلى القاهرة لاننا قررنا الهجوم على ضوء المعلومات وعلى أمين الريحاني البقاء في جدة ليوافينا ببقية المعلومات لان دوره لم ينته بعد" وقد لعب هؤلاء الثلاثة فيلبي والنقيب والريحاني أدواراً مزدوجة، تتلخص في التجسس لحساب الانكليز وابن السعود عميل الانكليز الاكبر، وايهام "علي" أنهم معه!… مع بث التفرقة بين "علي" وأعضاء حكومته!.. واثارة "الوجهاء" ضد علي.. واغراء "الوجهاء" بالمنافع التي سيقدمها آل سعود وتخويفهم من المضار التي سيجنيها هؤلاء من سكوتهم على "علي" الذي يعمل مع والده لتوحيد البلاد العربية كلها وإضاعة اسم الحجاز والاسلام، كما قال فيلبي.. كما قام فيلبي بتخريب الطائرات وافساد مفعول قنابل الطائرات والمدافع التابعة للشريف علي… وقام الريحاني والنقيب بتثبيط عزم "علي" وبذر الشكوك لديه في أقرب المخلصين اليه، وتثبيط عزمه عن مقاومة ابن السعود… ومن ذلك هذه المعلومات التالية التي بعثها أمين الريحاني ـ لعبد العزيز مع حسين العويني ننقلها كما هي وكما وردت في الصفحات 587 و588 من كتاب "صقر الجزيرة" عن الطائرة الهاشمية التي ضربت القوات السعودية في ضواحي مكة: (الطيارة الهاشمية: التي أشرفت على مكة للاستكشاف يوم السبت الماضي تجاوزت الاوامر وعوقب طيارها بالحبس.. وكنا السبب في حبسه. الحكومة والجند اصبحا في قلق وارتياب مما شاع هذا المساء بخصوص تقدمكم إلى جدة ولقد جعلتهم يأبون التربص، والامتناع عن الحركات العسكرية الحربية وتمكنت من توقيفهم يومين آخرين إلى مساء الاحد، فأرجوكم أن تخابروني حالما يصلكم كتابي هذا ليصلني جوابكم مساء الاحد… لكسب ثقتهم لصالحكم! وإذا كان النّجاب لا يرجع في اليوم الثاني ارسلوا الجواب مع نجّاب آخر من عندكم في كل حال انتظر جوابكم مساء الاحد في 9 الجاري فلا تخيبوا أملي)… وجاء الرد السعودي لأمين الريحاني.. وأبلغه "النجاب" السعودي بموعد الهجوم وان دوره انتهى وانه "كي لا يكتشف أمرك: عليك أن تسافر إلى القاهرة"… وقد سبقه صاحباه فيلبي والنقيب إلى القاهرة.. فلحق بهما وسافر من جدة في 9 رجب 1343 هـ ـ 3 فبراير 1925 ، بعد أن تمكن من الايقاع بين الشريف علي ووزير حربيته تحسين الفقير، إلى حد أن عليا وبخه باثارة من الريحاني.. وباثارة من الجاسوس الريحاني أمر علي بحبس ضابط المراقبة عبد الفتاح اللاذقي عشرة أيام جزاء له بحجة أنه عصا أمر الريحاني "الكاتب الكبير" وأرسل طائرة الاستكشاف إلى مكة لكشف تحركات الجيش السعودي!… وحصلت مشادة عنيفة بين الريحاني ووزير الحربية تحسين الفقير ووزير البحرية عارف الادلبي… ثم أثار الجواسيس الثلاثة ـ فيلبي والريحاني والنقيب ـ الذين يزعمون أنهم جاؤوا ـ لخدمة علي ـ أثاروا جميع وزراء "علي" ضده!، ولما تم كل شئ لصالح الرجعية السعودية، أرسل جون فيلبي رسالة إلى عبد العزيز يحدد له أن يتقدم لغزو جدة في نهار السبت 8/6/ 1343 هـ ويحدد له المواقع التي يجب الاستيلاء عليها أولا ومنها: "النزلة" و"الرويس" في جدة "وقصر ابن منصور" الذي يشرف على جدة "وموارد المياه" خارج سور جدة. الدور الوطني لتحسين الفقير، وموقف الاتحاد السوفييتي وقد عمل فيلبي على تخريب اثنا عشر مدفعا صغيرا وكبيرا وعشرة مدافع رشاشة وكانت كلها صالحة للعمل، كما عطل خمس طائرات حربية ايطالية لم يصلح منها غير واحدة… ولما وصلت مكانها خمس طائرات ألمانية جديدة تستطيع الطيران ست ساعات إذا أخذت كفايتها من الوقود ثقب فيلبي وجواسيسه براميل الوقود، وتعطلت، وقد اتصل تحسين الفقير ـ وزير حربية علي بن الحسين ـ بالقنصل السوفييتي في جدة عبد الكريم حكيموف وشرح له موقف الانكليز مع ابن السعود وطلب منه ارسال بعض الاسلحة والطعام والبواخر الحربية التي يمكن لها أن تفك حصار البواخر الانكليزية وكذلك ارسال بعض الطيارين الروس الخ.. فوافق عبد الكريم حكيموف وكتب لحكومته، وبالرغم من ضعف روسيا آنذاك وعدم اقرارها تقديم المساعدات لبلد غير شيوعي فقد أرسلت ثلاث طائرات وخمسة مهندسين لها وثلاثة طيارين، أحدهم كان من الصنف الملكي الروسي الردئ فاغري بالهرب إلى إيران واعطاء تصريحات ضد الملك علي لصالح السلطان عبد العزيز آل سعود… أما الطيار الثاني فقد وضع له مهندس الطائرات ـ الانكليزي ـ الذي يعمل لدى وزارة الحربية الهاشمية، قنبلة في طائرته فانفجرت في منطقة الرغامة بينما كان يضرب الحشود السعودية واحترقت الطائرة في يوم السب 23/6/1343 هـ 17/1/1925 م وكان اسم الطيار تشيراكوف، وكان معه في الطائرة كل من العربيين عمر شاكر وعبد الفتاح اللاذقي… وكانا من المناضلين ضد الاحتلال السعودي… وتابع المهندس الانكليزي وضع القنابل في الطائرات، فاحترقت الطائرتين الروسيتين وسقطت احداها في الطائف ولم يمت طيارها الروسي ومن معه لكن "الاخوان السعوديين" أجهزوا عليهم بالسيوف… وقد بذلت القوى العربية والوطنية في الحجاز جميع المساعي للحصول على قنابل جوية أو أسلحة من انكلترا وفرنسا ومصر وايطاليا فذهبت المساعي كلها أدراج الرياح لان الانكليز يطوقون كل هذه المساعي بافشالها لصالح عميلهم الاكبر ابن السعود… ومقابل افشال مساعي شراء السلاح لصالح الحجازيين والثورة العربية، نجد الانكليز يدعمون ابن السعود بالعديد من الضباط الانكليز الذين نظموا قواته حتّى وصلت إلى /40.000 / مقاتل يمارسون أحدث الخطط الحربية على أيدي الانكليز كما ورد في الصفحة 498 من كتاب العطار "صقر الجزيرة".. وقال" ان لدى ابن السعود العديد من الضباط الانكليز والعديد من المدفعية وبعد أن كانت الذخائر والمعدات الحربية قليلة زادت وأصبح لدى السعوديين من المدافع الرشاشة في ميدان جدة وحدها أكثر من خمسين، غير المدافع الجبلية والصحراوية والسيارات المصفحة والدبابات الانكليزية الجديدة ومع كل هذه الاسلحة كميات وافرة متزايدة من القنابل والرصاص".. وكان فيلبي ـ يسك ت الفتاوى لرجال الدين السعوديين فيفتون للبدو ـ الذين ارتابوا بوجود هذه الاسلحة الضخمة وقادتها من "الكفار الانقريز" أي الانكليز ـ فيزعم رجال الدين: "ان هذه الاسلحة أخذها المسلمون غنائم مع قادتها الانكليز الكفار الذين كانوا يقاتلون لدى الشريف حسين وأولاده، وهذا دليل على كفر الشريف حسين وذريته، وان هؤلاء الكفار الضباط الانكليز يعملون الان معنا كخدم سخرهم الله للمسلمين وأنهم من ضمن الغنائم وانه لا يجوز قتلهم من قبل المسلمين لانهم أصبحوا يخدمون الإسلام"… الخ… السعوديون "يطهّرون" الانكليز ولقد ثار "الاخوان المسلمين" السعوديين ثانية لاكتشافهم أن هذا العدد الضخم من الضباط الانكليز جميعهم غير "مطهرين"!. فحاولوا قتلهم مما اضطر عبد العزيز لحشد الضباط الانكليز أمام "الاخوان" في حفل حاشد وأمر بقطع ـ أغلفة ذكورهم ـ أي تطهيرهم!!!، وفرض على كل انكليزي "يطهّر" أن ينطق: بالشهادتين: "أشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله"… وقد تم ذلك بحضور مشايخ الدين الوهابي: عبد الله بن حسن، عبد الرحمن بن عبد اللطيف من سلالة محمد بن عبد الوهاب، عبد الرحمن بن داود، محمد بن عثمان الشاوي، عبد الله بن زاحم، مبارك بن بار… الذين أفتوا بدخول الانكليز الإسلام بعد أن أصبحوا غنائم للمسلمين ضمن أسلحة الشريف حسين وضمن الحجاز كله… لكن كل هذه المناورات لم تنطلق على قادة الاخوان بل كشفت "اسلام" آل سعود الزائف، ومزاعم عبد العزيز لقادة الاخوان التي زعم فيها: "أن أهل الحجاز كفار مشركين" و"أنه جاء ليحارب الشريف حسين لانه أعلن نفسه ملكا، والاسلام ضد الملوك والملكية" لكن ما أن دخل الاخوان الحجاز واستسلمت جدة حتّى أعلن ابن السعود نفسه ملكا!… فثار الاخوان بقيادة أكبر القادة السعوديين المتوحشين فيصل الدويش وسلطان بن بجاد.. أما عن العميلين أمين الريحاني وطالب النقيب فقد لعبا مع ـ رب الجواسيس السعوديين ـ جون فيلبي ـ في القاهرة أدوارهم لصالح ابن السعود بقطع الطريق على الحسين بن علي بعد أن انتقل من جدة إلى العقبة فاتصلوا "بالمكتب العربي" مكتب المخابرات الانكليزية الذي كان يتبع له الحجاز ولورنس قبل ابعاده عن الحجاز، وهذا المكتب لا يتعاطف بعض أفراده مع ابن السعود، لانه لا سيطرة مباشرة لليهود فيه، فاستطاع فيليب والريحاني والنقيب التأثير على المكتب فرفض الانكليز نزول الحسين لدى ابنه عبد الله في الاردن كما رفضوا أن يذهب لسوريا أو القاهرة أو العراق، فبقي الحسين بالعقبة يمد ابنه بالآراء ويبعث بالرسل إلى المانيا وروسيا وايطاليا يطلب السلاح ويمد ابنه علي بالرجال من أنصار الثورة العربية الاوائل من فلسطين وسوريا… وراح الريحاني والنقيب يتصلان بوجوه مصر ـ الذين رفضوا استيلاء آل سعود على الحجاز ومنهم إمام الازهر آنذاك. لاقناعهم بصلاحية عبد العزيز آل سعود على الحرمين وينشرون في بعض الصحف المصرية المديح لابن السعود وذم الحسين وأولاده. ومع ذلك فقد تولت بعض الاقلام النزيهة في مصر كشف العمالة السعودية للانكليز وأدوارهم القذرة في مذابح الآمنين في الجزيرة العربية، فحاول الانكليز تغطية أدوارهم فأعلن الانكليز في بعض الصحف في مصر في 10 سبتمبر 1925 م "انهم عرضوا وساطتهم على ابن السعود لكنه أجاب، بأنني أعطي للعالم الإسلامي عهدا بأن يكون الحجاز ومكة ملكا مشاعا للمسلمين وانه لن يعلن نفسه مليكا عليها" وانتهى!!!.. وقد قصد الانكليز بهذا التصريح اعطاء ابن السعود المجال لرفض الوساطات العربية والاسلامية ما دام قد رفض وساطة الانكليز!… وفي 3 ربيع الأول 1344 هـ ـ 21 سبتمبر 1925 وصل إلى الحجاز وفد مصر يتكون من الشيخ الاكبر محمد مصطفى المراغي ـ رئيس المحكمة العليا ـ وعبد الوهاب طلعت سكرتير الملك فؤاد وعرضوا الوساطة، وسلموه رسالة من الملك فؤاد يعرض عليه التوسط. فأرسل ابن السعود حافظ وهبة ليقول للوفد المصري بكل صراحة "انّه ليس من اللياقة واللباقة أن يرفض عبد العزيز وساطة الانكليز أولياء نعمته وأصحابه وقادة جيوشه ويقبل وساطتكم"!!! كذا… وبكل صراحة وقلة حياء قالها للوفد. وخرج الوفد غاضبا رغم نوعية ذلك الوفد الملكي.. وانزعج عبد العزيز لتحركات الحسين بن علي في العقبة.. فطلب من بريطانيا "ابعاده إلى مستعمرة انكليزية بعيدة غير عربية وغير إسلامية "ولما قال له الانكليز سنبعده إلى قبرص!!.. تساءل عبد العزيز "وهل في قبرص أحد من العرب والمسلمين". قالوا له: "لقد سبق أن مروا فيها قبل ألف سنة!!".. قال لهم: "إذا إلى هناك أبعدوه"..!! بريطانيا ترغم الحسين على السفر إلى منفاه الاخير في قبرص خدمة لعبد العزيز وينقل العطار في كتابه "صقر الجزيرة" آراء عبد العزيز بخصمه "علي ابن الحسين" فيقول: (تولى الملك علي الامر وهو مدبر مشرف على الهاوية، ولو كان في مكانه أشجع الشجعان وأمهر السياسيين وأعظم الحكام عبقرية ودهاء وكفاءة لما كانت له الا هذا السبيل التي سلكها علي بن الحسين، فقد تضافرت بريطانيا التي رمت بكل ثقلها وأفكارها إلى جانب ابن السعود ولم يستطع الحسين وقيادته العسكرية أن يعملوا أكثر مما عملوا لتبييض الوجه حتّى النفي الاخير ولو كان خصمه غير بريطانيا المتفانية في دعم ابن السعود لتغلب عليها وعليه). ويقول العطار نقلا عن عبد العزبز آل سعود: (ومن الأمور العجيبة عندي أن يستطيع "علي" أن يقف أكثر من سنة والناس في الحجاز لا يقاتلون معه وخزينته لا تجود عليه بما يريد ورجاله ـ وليسوا كلهم ـ لم يكونوا أمناء مخلصين، والبواخر الحربية الانكليزية تحاصر الحجاز وتمنع الارزاق، وجنوده ـ الا بعضهم ـ كانوا مرتزقة يحاربون لحطام دنيا يصيبهم، ومعداته الحربية ضئيلة، والحوادث تترى ولا تمهله وهو محاصر من كل مكان وكل ما مر يوم زادت الكوارث عليه وضعفت موارده، وأهم مورد كان له أبوه، وها هو قد أجبر على الرحيل من العقبة ـ من الاراضي الحجازية ـ إلى قبرص الجزيرة النائية الموحشة الهادئة فمن أين يستمر في الحرب)؟!. بل لم يستطع على أن يقاوم الا بضعة شهور بعد أن فارق أبوه العقبة، ولكي نوفي التاريخ حقه يجب أن نذكر قصة رحيله فهي مأساة من المآسي التاريخية وعظة من العظات البالغة لا تنسى. كان الحسين في العقبة يجند الجيوش لابنه الملك علي ويمنحهم المال والزاد، ورأى ابن سعود أن وجوده قريبا نمه خطر عليه، أو بقاءه على الاقل في العقبة يضر به حربيا، ويؤخر احتلاله للحجاز. فرأت انكلترا أن تخرجه منها. وفي يوم الخميس 5 ذي القعدة 1443 هـ (28 مايو 1925 م) تلقى الملك الحسين بلاغا مصدره البارجة الانكليزية "كورن فلاور" الراسية بالعقبة ـ لتوجيه وتعزيز وسائل دفاعها عن ابن السعود ـ وهذا موجزه: "إلى جلالة الملك الحسين. من وكيل خارجية بريطانيا العظمى: ـ "تبلغت حكومة جلالة ملك بريطانيا أن سلطان نجد هيأ قوة لمهاجمة العقبة وذلك لان حكومة جلالتكم بها، ولان حكومة الحجاز جعلت معان والعقبة بحالة عسكرية ضد ابن سعود فهي تدعوكم إلى مغادرة العقبة لكي لا تكونوا سببا لحصول مشاكل جديدة بين بريطانيا وسلطان نجد، وتصر بالحاج على وجوب مغادرتكم العقبة إذ لا يمكنها أن تسمح لكم بالبقاء أكثر من ثلاثة أسابيع"!.. كان هذا هو قرار النفي البريطاني للملك حسين وقد أوضحت به بريطانيا صراحة انحيازها وحمايتها لابن السعود… وكان هذا الانذار شديد الوقع على نفس الحسين، فثار ثورة المهزوم الذي لا مفر منها، فما معنى هذه الملاحقة أينما ذهب؟.. وما معنى هذه الخدمات غير المحدودة التي تقدمها بريطانيا لابن سعود؟… قالها الحسين وتساءل:" هل بريطانيا مهتمة باليهود إلى هذا الحد الذي جعلها تلاحقني وتبعدني من مكان إلى مكان خدمة لابن السعود لانني رفضت طلب بريطانيا في منحهم فلسطين بينما وافق عبد العزيز آل سعود على اعطاء فلسطين لليهود؟… ومن أجل ذلك أخذت بريطانيا الحليفة تحسب لابن سعود حسابا، ومن أجله تطلب الي أن أغادر أرضا حجازية". ويقول العطار في كتاب "صقر الجزيرة" وأجاب الحسين جوابا شديد اللهجة ـ على برقية النفي البريطانية ـ كما يقول وهذا ملخصه الحرفي الذي أورده العطار: (انني منذ ابتداء النهضة العربية حتّى هذه الساعة وأنا مخلص في ولائي لحكومة جلالة ملك بريطانيا ثابت على مبدئي اعتمادا على "شرفها" وعهودها ومواثيقها الرسمية التي قطعتها على نفسها بشأن محافظتها على حقوق العرب وتأمين الوحدة العربية والتصديق على استقلال العب ومنحها الحرية للشعب العربي الذي اشترك مع حليفته جنبا إلى جنب، وسفك دماء زهرة الشبيبة من أبنائه، وفادى بالنفس في سبيل الحصول على تلك الحرية الشريفة. اني وأقوامي العرب حريصون أشد الحرص على تنفيذ أحكام تلك العهود والمواثيق التي كانت أساس النهضة العربية، واني فاديت بكل شئ وتخليت عن الملك وغادرت وطني حبا في السلم، وحقن الدماء وأتيت العقبة لا برهن للعالم أجمع بألا مطمح لي سوى سعادة أقوامي وبلادي، فلن أقف عن مساعدة الحكومة الحجازية بمالي الخاص الذي ادخرته لمستقبلي المجهول، لان من لا خير فيه لوطنه لا يرجى منه خير لحلفائه وأصدقائه. ثبت على مبدئي، وأخلصت في عملي وقمت بواجبي، فما عليّ من غيري إذا لم يف بوعده ولم يقم بانجاز عهده، ونفذ مطامعه بقوة مدرعاته ورؤوس حرابه!!!. … ولا أغادر العقبة الا إذا بلغت رفع الانتداب البريطاني والا فلن أبرحها ولو أدى الامر إلى هلاكي، وإذا شاءت بريطانيا فلتبعث بي إلى عالم المريخ"… الخ.. وقد حاول أصدقاؤه وابنه الامير عبد الله على أن يقبل الانذار البريطاني، ولكنه ظل حتّى الدقيقة الاخيرة متمسكا برأيه يرفض التسليم ولا يرغب عن المقاومة، فهمس في أذنه ابنه عبد الله انّه يجدر به ألا يكون سببا في ابعادنا من شرق الاردن ونفينا معه كما كان سببا في ابعادنا منا لحجاز لان مقاومته ستؤدي إلى ذلك حتما، فأذعن وهو يقول: "حتّى أنت يا عبد الله تقف مع الانكليز وابن سعود لتحافظ على مصلحتك الخاصة". وفي يوم الثلاثاء 24 ذي القعدة 1343 هـ (16 يونيو 1925 م) أبلغه قائد المدرعة البريطانية أن يستعد للسفر إلى الجهة التي اختيرت له في يوم غد. وقال له مشافهة: انّه إذا أبى وقاوم فيستخذ تدابير أخرى، فطلب الحسين أن يقيم في حيفا أو يافا، فأبرق القائد إلى لندن فجاءه الجواب بالرفض وأبلغ أن عليه أن يسافر إلى قبرص!. فقال الحسين: "انني مستعد للسفر إلى "المريخ" إذا أرادت بريطانيا ورأت أن في ذلك منفعة لعبدها عبد العزيز ابن السعود!. وما دامت تريد ارسالي إلى قبرص فلا أعارض لان المسألة مسألة قوة!! وانما أطلب امهالي يومين أعد فيهما عدة السفر"!! فلم يمكنه القائد البريطاني حتّى قضاء اليومين. وأجبره على السفر يوم الخميس فطلب الحسين أن يركب باخرته "الرقمتين" لنقله إلى الحجاز فأبى القائد البريطاني وقال "انّه لا عدول عن السفر بالبارجة ـ دلهي ـ المخصصة لركوبك"!!… وفي الوقت الذي حدده الانكليز استقبل الحسين استقبالا رسميا حافلا، وخصص لحاشيته جناح خاص أفرد لهم. أما من معه في هذه الرحلة فهم: زوجته، "والاميرات" بناته، واللواء جميل "باشا" الراوي وسكرتيره الخاص، وطاهيه، وخدمه، وحاشيته، ومؤذنه!!. ولم يرض أن يتناول ما تقدمه البارجة الانكليزية من الطعام بل كان لا يأكل الا مما يقدمه طاهيه لادراكه أن بريطانيا سوف تغتاله فالمهم خدمة لعبد العزيز. (وبالرغم من هذه النكبات المترادفة عليه فلم يفقد الحسين رجولته وقوته وثباته، بل كان مثال الصبر والجلد بعد الازمة النفسية التي مرت به قبل أيام. ولفظة "المريخ" تكفي للدلالة على الهياج والسخط والتبرم بالانكليز لانه فجع في أحلامه كلها يحطمها الانكليز ويفقده الانكليز حقوقه كرجل لا لسبب الا لكونه أراد الوحدة العربية ورفض ما وافق عليه آل سعود ـ وعبد العزيز ـ خاصة ـ باعطاء فلسطين لليهود). واستسلم مرغما لقضاء الانكليز وقدرهم وبدأ يعلل نفسه ومن معه بترديده لقول الامام الشافعي: مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها!!! ورست الباخرة على ميناء السويس يوم الجمعة وأبلغ قائدها الحسين انّه تلقى تلغرافا من دار المندوب السامي بأن ـ مندوب الحسين ـ السيد عبد الملك الخطيب قادم لمقابلته فسر كثيرا، وأخذ ينتظره من قبيل المغرب حتّى الساعة السادسة ـ أي إلى منتصف الليل ـ ثم مضى إلى غرفة نومه وأوصى حاشيته باكرام الضيوف. وفي الساعة السادسة والنصف ليلا وصل عبد الملك الخطيب، والامير حبيب لطف الله، واسكندر بك طراد، وعبد الحميد الخطيب، فاستقبلهم رجال البارجة وحاشية الملك استقبالا طيبا وباتوا ليلتهم فيها. (وقبيل الفجر أقلعت البارجة إلى القتال، ونهض الملك للصلاة فقيل له أن زائريه في بهو البارجة، فلما دخل عليهم اغرورقت أعين بعضهم بالدموع، فقال الملك وبدا في لحظته هذه كالبحر اتساعا وكالطود رسوخا: "هذا مقدر لا تيأسوا: مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها!) وبينما كانت البارجة تجتاز قنال السويس جلس الملك وزواره يتحدثون فقال الحسين اني معترف بأني كنت مخطئا أجهل حقيقة الاوربيين وخاصة الانكليز انهم لا صاحب لهم الا من يخضع لهم على الدوام وينفذ طلباتهم الخسيسة في كل زمان ومكان وقد سبقني لهذه المعرفة الدنيئة هذا الجلف عبد العزيز آل سعود… وبالرغم من نفي الحسين إلى قبرص تنفيذا لمطالب عبد العزيز، فان عبد العزيز آل سعود لم يترك الحسين حتّى في منفاه في قبرص بل عمل ما بوسعه لدى بريطانيا وعن طريق جون فيلبي للتخلص من الشريف حسين بحجة "أنه قد يعود للتخريب ضده في الحجاز أو في أي بلد عربي آخر لانه ما زال يدعو للوحدة العربية وان مجموعات من الحركات القومية العربية الوحدوية بدأت تتصل به في منفاه لتجعل منه رمزا لها ضد اليهود والانكليز في فلسطين والمستعمرين الفرنسيين في بلاد الشام"… فاقتنعت المخابرات الانكليزية بمبررات التحريض السعودي… فعملت على تحطيم الحسين أدبيا ومعنويا… ومن ذلك أنها حرضت "السفرجي" على مضايقة الملك حسين وهو يوناني باقامة دعوى ضد زوجة الحسين في محكمة انكليزية في قبرص زاعما أن زوجة الملك حسين قد خصمت ربع جنيه من راتبه، وكانت الدعوى مستعجلة، وما علم الحسين إلا بالشرطي يبلغ زوجته الحضور، واضطر للحضور إلى المحكمة الانكليزية مع زوجته، وقالت زوجته ان هذا الادعاء غير صحيح، وقال الحسين للسفرجي ومع ذلك لو أخبرتني فسأدفع لك أكثر مما تزعمه من دين تافه علينا!.. وبعد صدور حكم المحكمة الانكليزية ضد الملك حسين ـ بربع جنيه ـ للمضايفي… حاول الحسين فصل هذا "السفرجي" الذي ثبت أنه يعمل في المخابرات البريطانية لمراقبة الحسين، لكن بريطانيا "العظمى!" رفضت فصله وفرضته عليه!!! وبعد فترة وجيزة وضعت المخابرات الانكليزية السم في طعام الحسين بواسطة هذا "السفرجي"… وتخلصت بريطانيا والسعودية واليهود من الحسين ودعوة الوحدة العربية!!!. الدعوة التي كانت تغيظ الاستعمار والصهاينة وعبيدهم آل سعود، حتّى وان كانت "وحدة ملكية" لا تحمل أي مضمون تحرري اقتصادي، كالاشتراكية مثلا… ونقل جثمان الحسين إلى الاردن ليدفن بالقرب من ابنه عبد الله الذي سار في ركب الانكليز… رأينا في الحسين الحسين: ملكا… والملوك بطبيعتهم يختلفون عن سائر البشر… في التملك، والاستبداد… حتّى وان اختلفت مواصفات الملوك حسب قوة الشعوب وضعفها.. ومع ذلك فنحن ضد كافة الملوك، وضد الملكية بكل مواصفاتها وصفاتها الدستورية "والجمهورية" والهمجية السعودية… لكننا مع صفتين من صفات الحسين حتّى وان أضيفت عليهما الصفات الملكية ـ إلى حين… الاولى: هي دعوته للوحدة العربية، اننا معها وان توجت بالتاج الملكي ـ آنذاك ـ لا ـ الان… لانها لو طبقت ـ آنذاك ـ لكان بامكانها ـ في حال اعتمادها على الشعب والديمقراطية أن تتحول إلى وحدة جمهورية، وكان بامكانها أن تلغي هذه الحدود القائمة ـ على العبودية ـ والتي ما كانت قائمة حتى أيام حكم الاحتلال العثماني للبلاد العربية... ثانيا: نحن مع رفض الحسين للتوقيع باعطاء فلسطين لليهود مهما كانت دوافع الحسين… في الوقت الذي قبل عبد العزيز آل سعود ذلك فأخرجه الاستعمار الانكليزي كمنبوذ من منفاه ـ بل من منبذه ـ في الكويت لضرب الوحدة العربية واقتطاع هذا الجزء الذي أطلق الانكليز عليه اسم عائلته السعودية عام 1932 ـ فأصبح لا يعرف الا باسم المملكة السعودية، وشعبه لا يُعرف الا باسم الشعب السعودي، فمسخ بذلك اسم هذا الجزء الهام من أرض العرب.. وكانت للسعودية أدوارها الاولى في تسليم فلسطين لليهود… وفي مؤتمر العقير المعقود بين السير برسي كوكس وجون فيلبي وعبد العزيز كرر عبد العزيز قبوله باعطاء فلسطين لليهود ووقع على ذلك. كما هو مذكور في وثيقة في مكان آخر من هذا الكتاب… حينما هتفوا في جدة "يعيش الاحتلال السعودي"… يا.. يا.. يا حشدت زمرة محمد نصيف شباب المدرسة للهتاف بحياة عبد العزيز.. فلقبوه بألقاب "مولانا الملك" و"صاحب الجلالة" قبل أن يلقب نفسه بها!.. وسمع (عبد العزيز لاول مرة في حياته مثل هذا الهتاف من شباب المدارس الحجازية في جدة بتوجيه من المستوطنين في الحجاز وبعض التجار والمتاجرين بالدين إلى حد أن عبد العزيز قد استغرب الهتاف نفسه حينما هتف المعلم أمام عبد العزيز بقوله: "يعيش الاحتلال السعودي"!.. وردد التلاميذ من خلف معلمهم "يا. يا. يا." فقال المعلم: "تسقط الملكية الهاشمية"… فردد التلاميذ: "تا. تا. تا." فتعال الهتاف في مجلس نصيف "يعيش جلالة الملك سيدنا ومولانا عبد العزيز آل سعود".. "يا. يا. يا." مما جعل الامر يشتبه على عبد العزيز، خاصة، "تا. تا" و"يا.يا." فتساءل بازدراء وغضب "هل هؤلاء البزازين يضحكون عليّ؟.. الاوّلة فهمناها… لكن: ـ ويش: ـ معنى. تاتا. و.يا. يا؟." فأبلغوه: "ان هذا يا مولانا هو: اختصار ـ حضاري ـ لتكرار .. كلمات التسقيط للملك علي، والتعييش لجلالة سيدنا ومولانا الملك عبد العزيز المعظم". فقال عبد العزيز: "أنا ما صرت ملكا حتّى الان!… وإذا كنتم عودتم الاشراف اسماعهم مثل هذا الكلام الفارغ فأنا لم أتعود مثل هذا في نجد وهذا مما يثير أهل نجد ضدي"… لكن المنافقين في الحجاز ـ ولا أقول الشعب في الحجاز ـ بل هؤلاء المنافقين ـ الذين يبرأ منهم شعب الحجاز والذين سنورد بعض أسماءهم ـ أصروا على تلقيبه "بجلالة الملك"… و"جلالة مولانا" وتلقيب كل واحد من الامراء بألقاب "صاحب السمو" و"سيدنا" و"سمو سيدنا الامير" و"سمو الامير" … وهي ألقاب كانت مرفوضة بتاتا في نجد بل مثيرة للغاية وداعية للاشمئزاز والاستفزاز والقرف.. وفعلا: وما أن بدأ جيش الاخوان النجدي "الفاتح" يسمع مثل هذه الالقاب "الالهية" التي يلقب بها عبد العزيز آل سعود في الحجاز ـ في بداية احتلاله للحجاز ـ حتّى بدأت ثورة الاخوان… وشهر فيصل الدويش وسلطان بن بجاد وأتباعهم سيوفهم بوجه عبد العزيز في مجلسه في مكة وامام الناس ومن بعض ما قالوه له: "نحن يا عبد العزيز لم نقبل بتلقيبك من قبل الانكليز بلقب سلطان نجد فكيف نقبل بتلقيبك من هؤلاء المنافقين بلقب "الملك" وتقبل أنت؟… وتطرب لهذا ولما ينادونك به من أمثال "مولانا!.. إلى جلالة مولانا".. وتسكت وأنت تسمعهم ينادون كل واحد من أولادك بلقب "سيدنا!. وسمو سيدنا"!.. بينما كنت قبل شهرين تحرضنا ضد الشريف حسين وأولاده… لانه سمى نفسه "ملك المسلمين"!. وقلت لنا: ان الشريف قد رضي أن يلقب بلقب صاحب الجلالة ويلقب كل واحد من أولاده بلقب "مولانا!. وسيدنا!.." ومن أجل هذا أفتى لك قبل شهرين يا عبد العزيز رجال دينك هؤلاء الذين هم أمامك في مجلسك بأن من يقول: يا محمد، ويا علي، ويا سيدنا يا محمد، فهو مشرك، فكيف بهم يقولون لك "يا صاحب الجلالة يا مولانا ويا سيدنا يا عبد العزيز وترضى"؟!… لقد أفتى رجال دينك بأن الاشراف من الكفار وان أهل الحجاز كفار، لانهم رضوا بهذه الالقاب الكافرة التي أشركوا بها فردا من البشر بوحدانية الله سبحانه وتعالى!. والان يا عبد العزيز نراك تسلك أكثر مما سلكه الاشراف في الكفر… وتشارك الله في أسماءه وتترك هؤلاء المنافقين المشركين في جدة ومكة يبتدعون لك من أسماء الله الحسنى ما ليس لك وما لا تستحقه أو يستحقه أي بشر"… الخ.. وكان الاخوان قبل ذلك قد أنذروا عبد العزيز مرتين في مجلسه… فكتم عبد العزيز غيظه وحاول أن يسفه آراءهم بطريقة خبيثة ليخرجهم أمام الناس "متأخرين" وجهلة".. حينما قال: "هذه الآراء فهمناها ـ يالاخوان … لكن ما موقفكم من تحريم التلفون… والسلكي… ـ البرقية ـ نريد منكم اطلاع رجال الدين عنه"؟! وتابع العزيز قوله "أما أهل الحجاز ـ فكما تعرفونهم: ـ "ما عندهم غير الكلام.. انهم دجاج مناقيرها من حديد".. "انهم يطاطون ولا يلاقون".. فقال القائد ابن بجاد: "أما عن التلفون والتيّل، لقد حرمتها أنت ورجال الدين الذين هم بجانبك الان واتهمت الشريف بالكفر لانه يستعمل هذه الالات!.. والان وحينما أنهينا لك الشريف وأولاده بسيوفنا وسلمناك الحجاز باردة.. أردت تحليل هذه الآلات لنفسك لان هذه الآلات أصبحت تفيدك في سرعة اتصالك مع الانكليز الذين هم أكثر الناس كفرا… ولهذا نرفضها… فأنت الذي حرمت الحلال وحللت الحرام، أما لماذا نعتبر التلفون… والتيل "السلكي" حرام فلانك تستخدمها في سبيل التخابر مع الانكليز… و"الدجاج التي منافيرها من حديد" في الحجاز، لم توصلك إلى هذه الاماكن المقدسة التي تمنحك الدجاج فيها الان ألقاب رب العالمين!.. بل نحن الذين وصلناك، ولكن، كما وصلتك هذه السيوف ـ سيوفنا ـ إلى هذه الاماكن التي بلغت بها رتبة الآلهة فسوف تشرب سيوفنا من دمك، إذا لم تتراجع عن غيك".. وانصرف الاخوان خارجين من "بلاد الكفر!." الحجاز!. إلى نجد وبدأت ثورتهم المضادة ضد ابن السعود… وقد ازداد كفر أهل الحجاز في رأيهم لانهم لقبوا ابن السعود بلقب "الملك وصاحب الجلالة" وهي من صفات الله وحده. أما عبد العزيز آل سعود فقد شجعته زمر المنافقين في الحجاز على تماديه.. لكنه ـ بعد ثورة الاخوان ـ تراجع عن لقب "ملك نجد والحجاز وملحاقاتها" إلى لقب "ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها"… واستمر في هذا اللقب، حتّى عام 1934 م حينما تمادى المنافقون في تشجيعه مرة أخرى وأغواه الدعم الانكليزي فأطلق اسمه واسم عائلته على جزيرة العرب فسماها "المملكة السعودية" وسمى شعبنا باسم: "الرعية السعودية"!.. نعود الآن لتسجيل مقتطفات مما حدث في الحجاز عام 1925 م وما بعد هذا التاريخ في الفترة المباشرة للاحتلال السعودي للطائف، ومكة، وجدة، والمدينة، وبقية الحجاز.. شباب الحجاز يقاوم الاحتلال السعودي خرج عدد من شباب الحجاز إلى القاهرة والاردن وسوريا، وبدأ وبالاتصال بالهيئات الدينية العالمية، وبدأت هذه الهيئات بممارسة ضغوطها على ابن السعود معتبرين "الحجاز لكل المسلمين ولا يحق لدولة مستبدة ملكية حكم الحجاز منفردة… ومن هذه الآراء، بدأ الاحتلال السعودي والخبراء الانكليز باظهار مخاوفهم من "خطورة هذه الفكرة" وقالوا ـ كما ورد في الصفحة من 559 من كتاب "صقر الجزيرة": ـ "اننا نخشى إلى حد بعيد أن يقرر المسلمون أجمع على أن تحكمهم جماعة تنتخب منهم وفي هذا ضياع للسلطة السعودية في الحجاز التي تخشى أن تحكم البلاد حكما جمهوريا ديمقراطيا"!… وزعم المؤلف الباكستاني السعودي أحمد عبد الغفور عطار: (ان أهل الحجاز كرروا مخاوفهم لابن السعود… لكن ابن السعود كان يستمهلهم… لكنهم سئموا وأخيرا طالبوه بأن يمنحهم "الحرية" بانتخابه ملكا للحجاز)!.. الخ.. ويحاول هذا الباكستاني الاستخفاف بعقول الناس حينما يتحدث عن "الحرية التي منحهم اياها عبد العزيز لانتخابه ملكا"!. وكأن الملوك ينتخبون!… علما أن عبد العزيز قد احتل كل الجزيرة العربية احتلالا بقوة الاستعمار الانكليزي السعودي الدموي المتوحش… المهم: أن المحتل السعودي عبد العزيز قد منحهم "الحرية لاختياره ملكا"!. فاتصل جون فيلبي وأتباعه بذيول المستوطنين في مكة ليتصلوا بذيول المستوطنين في جدة فيطلبون "أن يسرع اليهم وفد من جدة يمثلهم لاختيار الملك قبل أن تبدأ ضغوط الوفود الإسلامية في المؤتمر الإسلامي الذي تقرر عقده في مكة".. وهكذا، انتدب الاعوان السعوديون في جدة كل من: محمد نصيف، ومحمد علي زينل، وقاسم زينل، وعبد الله رضا… ويزعم المؤلف العطار نقلا عن عبد العزيز آل سعود في الصفحة 560 قائلا: (وبعد أن تحدثوا طويلا فيمن يحكمهم اتفقوا ـ بدون أن يخالف أحد ـ على اختيار ابن سعود نفسه ملكا عليهم وهو خير من "يرشح" لحكم البلاد المقدسة فليس فيه أي عيب "!" وهو كامل الاوصاف، فقدموا إليه في مساء يوم الخميس 22 جمادي الثانية 1344 هـ "مبايعتهم" )!.. والمبايعة هذه التي يتحدث عنها العطار هي التي اعتبرها العطار انتخابا!.. والمعروف أن هذه "المبايعة" قد صاغها جون فيلبي وأقرها عبد العزيز المحتل لمجرد المناورة تجاه المؤتمر الإسلامي العالمي، وجاء فيها: "ان الحجاز للحجازيين وان أهله هم الذين يقومون بادارة شؤونه ومكة عاصمة الحجاز، والحجاز جميعه تحت رعاية الله ثم رعايتكم يا عبد العزيز آل سعود"!.. كل ذلك تهربا من أن يصبح الحجاز "جمهورية ديمقراطية" تحت حكم نخبة من العالم الإسلامي.. حسبما ورد في مقررات المؤتمر الإسلامي العالمي.. وفيما يلي نص "بيعة أهل الحجاز" المزعومة المسجوعة: بسم الله الرحمن الرحيم (الحمد لله وحده، الذي نصر عبده وهزم الكفار وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبايعك يا عظمة السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود على أن تكون ملكا على الحجاز على كتاب الله وسنة رسوله وما عليه الصحابة والسلف والائمة الأربعة وأن يكون الحجاز للحجازيين، وأن أهله هم الذين يقومون بادارة شؤونه، وأن تكون مكة المكرمة عاصمة الحجاز والحجاز تحت رعاية الله ورعايتكم").. كذا.. جميع الحجاز تحت، رعاية، الله، ورعايتكم، يا آل سعود!.. أليس في هذا منتهى "الشرك" يا آل سعود أن تدعوا الله ليشارك، آل سعود، في حكم الحجاز!… ولم يكتف هؤلاء "المناشف" المماسح، السعودية، بالتوقيع على مثل هذه "البيعة" التي وضعها فيلبي، باسمهم، بل زعموا أن الشعب الحجازي أو على حد تعبيرهم: (ان الاهلين قد زاد بشرهم وساروا إلى عقد تقرير البيعة على المنوال المسطور أعلاه راجين منكم الرحمة بهم يا عبد العزيز حينما ينزل ذلك من عظمتكم منزلة قبول البيعة وأن تتفضلوا يا عبد العزيز بتتويجه بالاشارة السلطانية بالقبول ليكمل لهم مقصدهم الوحيد بحصول رضاكم العظيم مسترحمين الانعام على "الاهلين" بتعيين وقت عقد البيعة عند البيت المعظم الحرام والله يديم بالتوفيق دولتكم)!.. في 19 جمادي الثانية 1344 هـ وكان هذا الكتاب موقّع من زمرة المتزلفين ومنهم: صالح شطا، وعبد القادر شيبي الذي يطلق عليه "أمين مفتاح بيت الله" أي سكرتير بيت الله. وعباس عبد العزيز مالكي، ومحمد علي خوقير، ومحمد شرف رضا… وجميعهم "مجاورين" عدا "الشيبي"!… ولقد أراد الانكليز بهذه الشكليات "تبهير" وتلطيف جو المذابح السعودية المريعة الفظيعة والهاء الناس "بمبايعة" المحتل لينسى الحجاز والعالم الإسلامي ما فعله الاحتلال السعودي من مجاز لم يمر على إرتكابها شهر واحد!.. ولتكتمل فصول المسرحية الانكليزية… علن عبد العزيز ما يلي قال: "بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود إلى رعيتنا واخواننا الموقعين أسماءهم سلام عليكم، فقد أجبناكم إلى ما طلبتم من جعلنا ملكا على الحجاز"!.. في 22 جمادى الثانية 1344 هـ

                                                                               الملك 

عبد العزيز وبهذا الكتاب بدأ الفصل الثاني من فصول مسرحية تتويج "ملك الحجاز" ومثّل فصولها بعض الذيول المتلبسين بزعامة الحجاز ليجعلوا من سلطان الموت عبد العزيز "ملكا" للحجاز"فقط" دون نجد.. بالرغم من أن أداة القتال السعودية كانت أهل نجد بل جهلة من نجد، تحولوا إلى وحوش كاسرة خدمة لآل سعود اليهود، ومع ذلك… ورغم كل ما أبداه بعض أهل نجد من وحشية قتالية لصالح آل سعود فقد رفضوا ـ إياهم ـ هؤلاء الوحوش الذين قاتلوا مع آل سعود أنفسهم ورفضوا الملكية ورفضوا الرضوخ للملكية وحاربوها وثاروا ضدها وقاتلوا عبد العزيز بنفس السلاح الذي قاتلوا به أهلهم في الحجاز ونجد وغيرها بمجرد أن أعلن الانكليز اسم عبد العزيز ملكا على الحجاز… فكانوا بذلك أشرف من أولئك الذين تكلموا باسم الحجاز، والحجاز منهم براء… وفي الحرم المكّي اشيد المسرح الملكي وبدأ تمثيل الفصل الثالث لمهرجان التتويج! وفوجئ الناس بعد أن أدوا في الحرم صلاة الجمعة يوم 23 جمادى الثانية 1344 هـ ـ 8 يناير 1926 ـ يمنعون من الخروج من أي باب من أبواب مسجد الحرم الا من باب الصفا حيث تقام "حفلة تخريج وتهريج البيعة"… وأعد بلصق الحرم: مجلس "السلطان" المنوي ترفيعه ـ انكليزيا ـ إلى رتبة ملك!… ووضع إلى جانبه منبر للشيخ الخطيب المنافق… وفي الساعة السابعة والنصف أقبل موكب الطاغية عبد العزيز فضج "المحشورون" بالهتاف، والويل لمن لا يردد مع الهتّاف من سيف السيّاف… فاختلط هتاف الحابل بالنابل، بعضهم يقول: "يعيش السلطان"، وبعضهم يقول "يعيش الملك"… إلى حد أن البعض أخذ من شدة الرعب: يعيّش ويهتف بحياة "سلطان بن بجاد" قائد الجيش السعودي الذي أوقع الرعب في صدور الحجازيين…. وما أن أخذ "السلطان … الملك" عبد العزيز ـ مكانه بين الجموع المحشورة في يوم الحشر لاستماع الفشر، حتّى أذن المؤذن التافه ـ في هذا المهرجان الكريه ـ بصوت جهوري في مسرح الخيانة وقال: "ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"!… فرد بعض المحشوريون المرعوبين بقولهم: "سلمنا… سلمنا".. فردد المؤذن قوله: ـ "صلوا عليه"!… مما جعل بعض السذج المرجف بهم يتسأل قائلا: "ايه الحكاية ـ يا بويا؟… هم، قالوا لنا انهم سيرفعون السلطان إلى رتبه ملك فيكف غلطوا ورفعوه إلى رتبة نبي يُصلى عليه؟!"… وصعد الشيخ عبد الملك مرداد إلى المنبر وألقى خطابا جاء فيه: "أحمد رب هذا البيت المعظم، وأشكر الله على ما أنعم به وتكرم بوجود هذا الملك المعظم، منّ علينا بنعم لا تحصى، ومنن لا تستقصى، أبدل رعبنا بالامن… أحمده حمد عبد يعرف مقدار نعمته وأشكره شكر من تداركه بازالة نقمته… على تفضل عظمة السلطان المحبوب بقبول البيعة الملكية المشروعة بعد طلبنا اياه منه!"… فالتفت عبد العزيز إلى يوسف يس وقال له: "تشوف يا يوسف… ظنينا أن مشايخ أهل نجد أجود من أهل الحجاز بالفتاوى فأصبح أهل الحجاز أجود من مشايخ نجد بالنفاق" فقال يوسف يس: "ان للحجازيين السنة حداد يا طويل العمر!"… وما أن انتهى المستوطن الشيخ عبد الملك مرداد ـ من ترداد ـ كلمات النفاق المسجوعة في مسرحية البيعة والترفيع، ترفيع "سلطان نجد" إلى ملك للحجاز، وما أن تلي النص المسرحي للبيعة، حتّى أخذت مدفعية قلعة أجياد تطلق قنابل "الخيش والبارود" مختتمة مهرجان المسرحية بالرماية… فأغمي على خطيب البيعة ظنا منه أن الاخوان المتوحشين لم تعجبهم البيعة فهجموا ليدشنوا هذا المهرجان بمذبحة الطائف، فهرب البعض لكن الخدم أعادوهم لتقبيل يد الملك الملطخة بالدم الحجازي ومصافحته على القسم، وقسموا "المبايعين" إلى زمر متتالية… وأول هذه الزمر، كانت زمرة" الشرفاء" الذين انحصرت فيهم امارة وملكية الحجاز سنينا، وتبعتهم زمرة "شيخ السادة"… فزمرة "الوجهاء" وزمرة "المجلس الاهلي" وزمرة "المحكمة الشرعية" وزمرة "أئمة المساجد" ، وزمرة "خطباء المساجد" وزمرة "المجلس البلدي" وزمرة من "أهل المدينة" وزمرة من "أهل جدة". وزمرة من "أهل ينبع" وزمرة من أهل "الطائف" البلد الذي ما جفّت الدماء المراقة على أرضه. وزمرة من عامة الناس الذين لا صنف لهم… والملاحظ أن كل هذه الزمر وكل الذين ساهموا في هذه المسرحية اما مرغمين أو مستوطنين، وليسوا من أصل حجازي، أو عربي أو قبلي، فالدين لهم أصول ضاربة في أرض الوطن لم يقدموا على فعل شئ من هذا المنكر، بالرغم من أنهم ساهموا بتحطيم الشريف حسين بن علي وأولاده بخدعة من جون فيلبي ووعود كاذبة سعودية… نعود الآن إلى مسرحية البيعة التي أشيد مهرجانها إلى جانب الحرم… لنرى جمع المنافقين يستفرغون ويستنجون كل ما في بطونهم من أفواههم المنتنة بأقوال النفاق، ومع ذلك فقد أرجف بالطاغية عبد العزيز حينما أوحى إليه أحد المخبرين أنه قد يحدث لك شئ في هذا المهرجان النفاقي يا عبد العزيز. ونصحه بمغادرة المكان ما دامت مسرحية البيعة قد تمت!… فانتقل عبد العزيز إلى مكان آخر مع الاستمرار في تمثيل بقية أدوار المسرحية حينما دخل الحرم وخلفه بقية المهرجين يطوف جمعهم خلفه حول الكعبة سبع مرات كل منهم يدعو الله هراء وتمثيلا، ومن بعدها انتقل الطاغية إلى ما يسمى "دار الحكومة" أو "دار الحكم" ليكمل بقية المنافقين ما بقي من أدوار الاستنجاء بالكلمات.. وما أن استقر في قصر "الحكم" حتّى وقف أحد المستوطنين من أغنياء جدة واسمه حسن قبال، وألقى خطابا غاية في النفاق استعرض فيه العهود السابقة فذمها، وأثنى على "بادرة الاحتلال السعودي وتمنى لو أنها تقدمت أوانها قبل الآن" وزعم " أن الملكية السعودية تختلف عن الملكية الهاشمية، فالملكية السعودية ملكية فاضلة والملك عبد العزيز ملك عادل"!.. كما زعم!. علما أن لم يمض على اعلان الملكية السعودية ساعتين!. لا شك أنه عرف عدله من مذابح الطائف وريعان مكة وجدة!.. ثم طلب "قابل" المنافق ـ أو الجبان ـ على الاصح ـ الخائف ـ طلب من مستوطن آخر اسمه عبد الله رضا "قائمقام جدة"

أن يكرر مبايعته وعن أهل جدة هذه المرة.. فسارع للمبايعة علما أنه سبق له أن "يبايع" هذا العبد الله رضا للمرة الخامسة… 

ثم تابع حسن قابل قوله: "ان بلادنا والحمد لله ما كانت جمهورية في تاريخها فكيف نقبل بحكمها من هيئات إسلامية أو عربية لتجعل من نفسها وصية علينا وتحول بلادنا الحجاز من ملكية إلى جمهورية.. لابد للحجاز من ملك مستقل يكون قادرا على صيانة الحجاز من الداخل والخارج. والذي يستطيع القيام بهذا الامر هو عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود"!.. الخ.. وتوالى خطباء ـ الخوف ـ والرعب والنفاق… وفي غمرات النفاق المرعب هذه ـ هجم مستوطن اسمه عبد الرحمن بشناق ـ وصاح في الحفل المسرحي صيحة نكراء قال فيها: " يا عبد العزيز، ان الله ما أعطاك هذا العطاء إلا لانك تسعى في مرضاته"!… فرد عليه أحد "الاخوان" القتلة من جند عبد العزيز بإحساس داخلي لا شعوري مستهجنا نفاقة بقوله: "إخسأ… يا بشناق على هذا النفاق"… جملة قالها بالسليقة أحد شيوخ الاخوان بازدراء.. ثم وقف "تابع " سعودي آخر اسمه عبد العزيز العتيقي: ونصح "الامة العربية" بطريقة استفزازية مقصودة فقال: "انني أنصح الامة العربية على التمسك بالدين أولا إذا كانت حريصة على الوحدة العربية كما نسمع من البعض الذين تخوفوا من مجيئ ابن السعود وقالوا انّه جاء للقضاء على أمل الوحدة العربية، وما على العرب الا اتباع عبد العزيز وحده لان عبد العزيز هو الوحدة"!... الخ … وكان بذلك يرد على المعارضة العربية وما نشرته الصحف القومية في العراق وسوريا ومصر من "أن الانكليز لم يخرجوا عبد العزيز آل سعود من منفاه في الكويت الا لضرب الوحدة العربية واضاعة فلسطين"… وهذا هو الصحيح… وفي غمرة الكلمات المقرفة، همس أحد العملاء باذن عبد العزيز لينقل إليه حسبما بدا "أن هناك من يزدري هذا التهريج والنفاق". فتظاهر الطاغية عبد العزيز بالخجل من خطابات الذيول والجبناء حينما قاطعهم ونهض وقال: "أسمع خطباءكم يقولون: هذا امام عادل، وهذا ملك عادل، وذلك ملك الظلم، وهذا كذا… وهذا كذا… والحقيقة انني ما حكمتكم حتّى الان ليعرف كل منكم عدلي، ان هذا القول ما قيل الا من باب الاماني والشهوات، وهل خابت البلاد الا من اتباع الشهوات: شهوات النفوس التي فيها خراب الدين والدنيا. لذلك أدعوكم إلى اتخاذ الصراحة في القول والاخلاص بالعمل وترك الرياء والملق… فمتى اتفق العلماء والخطباء والكتاب والامراء على أن يستر كل منهم الآخر، فيمنح الامير الرواتب والعلماء يدلسون ويتملقون ضاعت أمور الناس وفقدنا ـ والعياذ بالله ـ الآخرة والاولى"!.. الخ .. وقال عبد العزيز: "لم يفسد الممالك الا الملوك وأولادهم وأحفادهم وخدامهم والعلماء، وانني ـ والله ـ لأود ألا أكون منهم"!. هكذا قال عبد العزيز وقد أراد بذلك ايقاف تذمر "الاخوان" وبعض المثقفين الذين قرفوا تهافت هؤلاء التافهين المنافقين… المحسوبين على الحجاز والحجاز منهم براء… وبعد هذا الخطاب ـ الخبيث ـ لعبد العزيز في الحاضرين .. أمر مستشاره الدكتور عبد الله الدملوجي (عميل انكليزي من العراق) بتلاوة "البيان الملكي" ليبدأ به فساد الملوك وأتباعهم!. وجاء في البيان من الكلام المنافق ما يلي: ـ "المطلوب أن يشكل من مندوبي مكة وجدة هيئة تسمى هيئة التأسيس ينضم إليها مندوبو باقي بلدان الحجاز ليبحثوا في المسائل الآتية: 1 ـ وضع اسم لرئيس حكومة الحجاز. 2 ـ وضع ترتيب لتحديد العلاقات بين نجد والحجاز. 3 ـ تعيين شكل الحكومة ووضع أساسات لتشكيلاتها الداخلية والبحث في الموقف الذي يجب أن يكون للحجاز من الوجهة الدولية. 4 ـ تعيين شكل العلم والنقود"…. الخ… ولقد حاول الانكليز وعميلهم عبد العزيز بهذه التلميحات الديمقراطية: امتصاص النقمة العالمية التي أدانت الاحتلال السعودي للحجاز. وطالبت برقيات عديدة باقامة حكم في الحجاز ديمقراطي جمهوي عربي يشارك فيه أهل الحجاز ومندوبون عن جميع المسلمين في العالم… فأملى جون فيلبي على الذين حضروا من "المماسح" أن يخرج بيان باسمهم يزعمون فيه ما يلي: " وبعد البحث والنقاش قرر الحاضرون ان يلقب رئيس حكومة الحجاز "ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها" واقترح بعضهم زيادة بعض الالقاب فلم يرض ابن سعود "!" ثم قرروا احالة الاشياء الاخرى إلى "الهيئة التأسيسية" وأصبح من ذلك الوقت لقب ابن سعود "ملك الحجاز وسلطان نجد ومحلقاتها" وأمر ابن سعود أن ينضم إلى الهيئة التأسيسية عن نجد: يوسف يس والدكتور عبد الله الدملوجي وعبد العزيز العتيقي. ثم انفض المجلس"! وفي صباح السبت اجتمع بهؤلاء الثلاثة ثلاثة وخمسون عضوا من بلدان الحجاز، فقد ظن معظمهم أنهم سيشكلون هيئة تأسيسية لاجراء انتخابات عامة لمجلس نيابي، لكن يوسف يس والدملوجي أوعزا لبعض التابعين أن يقترحوا "قبل البدء في الاعمال ـ اختزال هذا العدد الكبير إلى ثمانية أفراد ليسهل العمل"!… وهكذا عينوا كل من: صالح شطا، ومحمد نصيف، وحسين يا سلامة، ومحمود شلهوب، وعلي كتبي، ومحمد المرزوقي، ومحمد سعيد أبو الخير والشريف عدنان، ولكي يحملوا المتعاونين معهم ـ منَّةً ـ أوعز لعبد العزيز أن يأمر بوجوب الاستفادة بآخرين "لتشكيل هيئة للتزييف فأمر بأن يرأس "الهيئة" الشيخ عبد القادر شيبي ويضاف إليها الشيخ ماجد كردي، وعبد الله زينل، وعبد الله دهلوي، وسليمان قابل، والشريف حسين عدنان ليتم العقد الفريد" ويستعان بقوم لهم ذكاؤهم وتجاربهم في خدمة الملوك… ويقول العطار: "وان هؤلاء الرجال كانوا ـ وما يزال الاحياء منهم ـ نخبة صالحة تعمل للخير والحضارة ونشر الثقافة وتأييد كلمة الدين في ظل الملك العادل الديمقراطي العظيم عبد العزيز"!… ملك!، وعادل!، وديمقراطي!، وعظيم… يا له من عطار فاجر، حينما يعطي الطاغوت الجزار صفات العدل، ويعطي النخبة المنافقة المحسّنة لمفاسده مواصفات "النخبة التي تعمل للخير والحضارة ونشر الثقافة وتأييد الدين"!… أي دين هذا؟. والدين يقول: (ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار)؟!. محاولات عديدة لاغتيال الملك عبد العزيز آل سعود ولكن الحالة في الحجاز ـ كما هي في نجد ـ لم تهدأ ، فقد جرت محاولات عديدة لاغتيال "الملك" عبد العزيز، وسعود، منها محاولتان قام بهما شباب من اليمن ومحاولة دبرها بعض المثقفين في الحجاز منهم: محمد سرور الصبان ومحمد الطويل.. لكن الطاغية اكتشفهم وقتل الذين نفذوها، الا أنه أمر بسجن المخططين، الصبان والطويل، لبضع سنوات، فأخرجهما بعد ذلك "لقتلهما" بطريقة سعودية أخرى.. إذ قام بتعيين محمد الطويل مديرا لمالية الإحساء، وعين محمد سرور الصبان نائبا لوزيره عبد الله بن سليمان، وكان يسمى "وزير كل شئ" أي أنه وزير كل الوزارات بما في ذلك المالية، فأصبح الصبان وزيرا للمالية فيما بعد، وهكذا التهى الطويل عن التخطيط للطائلات، وسر "سرور" بالمالية، لكنهما بالرغم مما جمعاه من أموال طائلة فقد بقي كرههما للحكم السعودي… إلا أن هذه الكره لمن يخرج عن نطاق التمنيات القلبية التي تقال في المناسبات ولا يفعل بها، والصبان والطويل كبقية أعضاء الحزب الوطني أمثال فؤاد الخطيب وطاهر الدباغ وغيرهما يمقتون الاحتلال السعودي، بل قد ورثوا لبعض أولادهم كرههم "لطابع الحكم السعودي"… لكن تفكيرهم كان بعيداً كل البعد عن التغيير الثوري الجذري… فكيف يفكر هؤلاء بما هو ضد مصالحهم الطبقية… انّه تفكير الاغنياء والباحثين عن الرفاهية، التفكير الذي لا يشوبه أي حس طبقي، فلاحي أو عمالي، أو جندي، أو بدوي.. وتفكير معظم الوطنيين في الوقت الحاضر هو نفس تفكير أسلافهم، التفكير الذي ينطلق من التذمر وينتهي بادراك المنفعة الخاصة، فمعظم الوطنيين حاليا يمتطون الحديث عن النضال ويمارسون النضال أحيانا للوصول إلى المنفعة الخاصة.. وغاية غاياتهم المال، للوصول بالمال إلى صهوة الرفاهية!… وينتهي لديهم النضال!… ولقد قامت عدة ثورات مسلحة في قلب الجزيرة العربية، منها ثورة ابن رفادة في الشمال الغربي للحجاز، وثورة "غريّب ودغيليب العفري" في شمال حائل، وثورة "الاخوان" في نجد بقيادة فيصل الدويش وسلطان بن ابجاد ونايف وضيدان بن حثلين، وفرحان بن مشهور… وكذلك ثورة سكان جبال الريث ـ في جنوب الحجاز… وجرت محاولات عديدة للثورة العسكرية، منها ثورة عبد الرحمن الشمراني التي كان مقررا أن يشارك العمال فيها، وكذلك محاولة عام 1969، بالاضافة إلى الانتفاضات الشعبية والعمالية… وفشلت كل هذه الثورات والانتفاضات لا لانها ـ فقط ـ لا تحمل مبادئ اشتراكية رغم فقر أصحابها، بل لانها لم تحظ بتخطيط وامداد يمكّن لها النجاح مثلما مكّن الانكليز لآل سعود النجاح بالرغم من همجية حكمهم الذي ما قام الا على سفك الدماء والنهب والكذب. ومن أسباب عدم النجاح هذه الثورات أيضاً انها لم تجد من يناصرها من جيرانها العرب في الاقطار العربية… ولم تجد من الشعب المنهك القوى، من يناصرها كذلك، فاعتمدت على نفسها، بعد أن بقيت "كالاسماك السابحة في الصحراء"… فقضي عليها… أمن أجل المطالبة بالغاء "التلفون واللاسلكي" ثار القائد الاكبر للجيش السعودي ورفاقه ؟!. هكذا يزعم "أحمد عبد الغفور عطار الباكستاني السعودي" على لسان عبدالعزيز آل سعود في الصفحة 569 من كتابه "صقر الجزيرة" حرفيا إذ يقول: "لم يُرض الدويش وقبيلته مُطير، وابن بجاد وقبيلته عتيبة وابن حثلين وقبيلته العجمان: ترحيب ابن سعود بالمخترعات (!) الجديدة كالتلفون، واللاسلكي وسكن القصور (!) وأكثر ما أثارهم المعاهدات التي عقدتها السعودية مع الانكليز والاوربيين فقالوا انها تربط بلاد المسلمين برباط الذلة تحت رحمة راية الكفار"… الخ والجزء الاخير هو الاصح: يا عطار آل سعود… والعطار في كتابه "لسان حال ابن السعود" يرى فيما قاله "الاخوان" الذين عادت اليهم ضمائرهم الميتة، يرى ان في ذلك ادانة لهؤلاء "الاخوان" من ثوار مطير، وعتيبة، والعجمان، علما ان "الثور" السعودي يدرك وسادته ان "ثوار الاخوان" ما ثاروا ضد قائدهم ابن السعود من أجل المطالبة "بعدم استعمال التلفون واللاسلكي"!… بل ثاروا ـ كما يؤكد نفسه ـ ضد تعامل ابن السعود مع الانكليز ـ عملاء الصهيونية ـ وثاروا ضد الاوروبيين من طلائع المخابرات الامريكية… وكانت تلك اولى المثيرات … ومثلما ثار "الاخوان" ضد الملكية ـ الهاشمية ـ فحطموها في الحجاز ممثلة بالاشراف "الملك حسين والملك علي" فسلموا الحجاز بل وكل قلب الجزيرة العربية ـ سلموها ـ صافية لآل سعود، ثار الاخوان ثورة مضادة ضد ابن السعود بمجرد ان اعلن "عبد العزيز آل سعود" نفسه "ملكا للحجاز"، واشتدت ثورة الاخوان المضادة رافضين الملكية، ورافضين النهب السعودي ورافضين الالقاب، والترف السعودي واستئثار عبد العزيز واولاده في سكنى القصور التي نهى عن سكناها الإسلام بالنسبة للحاكم متى ما وصل إلى الحكم يجب ان يصبح فقيرا… حتى وان كان من قبل ذلك غنيا، وهذه هي بعض مبادئ الاسلام، لذلك فقد بنوا ثورتهم على شئ واحد هو: "ان عبد العزيز آل سعود واولاده لا دين لهم وانهم ضد الدين".. والشيء الذي يعرفه كل من عايش حركة "الاخوان" يدرك ـ بلا تردد ـ ان حكم الاحتلال السعودي لم يقف على الدعوة الدينية وحدها، فقد كانت دعوته للدين مفضوحة التزييف.. بل قام على دعامتين اساسيتين خلاف الدين الزائف، هما:

أولا ـ الدعم الانكليزي المطلق الذي لا حدود له ـ لآل سعود ـ سواء بالمال والسلاح أو بالعملاء العرب أو بخبرة خبراء الخطط العسكرية وعمالقة الاستعمار الانكليزي، الخ…. ثانيا: لم يتمكن الاحتلال السعودي من احتلال جزيرة العرب بشجاعة آل سعود أو بذكاء عبد العزيز البدائي الذي لا يمكن ان يقارن بذكاء اضداده من الحكام الذين هم اذكى منه واشجع منه، بل قام بقوة وفتك قبائل الاخوان الذين غررت بهم المخابرات الانكليزية من حيث لا يدرون، فأوهموهم: أن ثورتهم إلى جانب ابن السعود هي ثورة مسيّرة بروح الثورة المحمدية.. ولما اكتشف الاخوان انها ثورة "بقرية" لا تسير إلا بروح جون فيلبي وبرسي كوكس الصهيونية، ثار الاخوان ثورتهم الصادقة لتعديل مسار ثورتهم الاولى… ولكن… كانت متأخرة… إذ حدثت بعد خراب الجزيرة العربية…

وبعد أن ذبحوا الملايين لحساب آل سعود فثار ضدهم كل شعب الجزيرة العربية نتيجة ما ارتكبوه فيه من آثام ومجازر كمخالب للشيطان الرجيم السعودي… فاصبح الاخوان في الجزيرة العربية ملعونين، ومن ابن سعود ملاحقين، ومن الانكليز منبوذين تتعقبهم الطائرات الانكليزية، وعيون الانكليز أينما ذهبوا…

ففي يوم السبت 19 شوال 1347 التجأ قادتهم للكويت فرفضوهم والتجأ لبقايا الاشراف في الاردن والعراق فرفضوهم… بعد ان قتل منهم آل سعود في مجزرة "السبلة" 3059 رجلاً من خيرة رجال مطير وعتيبة... وقتل منهم 709 من خيرة رجال مطير وفي مقدمتهم الشجاع عبد العزيز بن فيصل الدويش في مجزرة الحزول" التي قادها الطاغوت عبد العزيز بن مساعد الجلوي" جزار حائل" يوم السبت أيضاً الموافق 4 ربيع الثاني 1348 هـ … والملاحظ أن عبد العزيز آل سعود لا يختار لمجازره العديدة الجماعية الرهيبة الا يوم السبت، لانه "سبت اليهود" فهو يوم أهله اليهود الذي يتفاءل به كثيرا…

وكذلك لا يختار لقطع الايدي والارجل والرؤوس المنفردة من كل اسبوع الا يوم الجمعة، ليجزّها في هذا اليوم على أبواب المساجد الإسلامية ليتمتع "المسلمون" في خروجهم من الصلاة بهذه المآسي!.

أغلى الليالي ليلة الجمعة…. لماذا؟.

لقد اعطى الاحتلال السعودي منذ ان بدأ احتلاله لبلادنا عام 1901، ليوم الجمعة، كل يوم جمعة، طابع الحزن والاشمئزاز، والاذلال المميت.. فأطق شعبنا على هذا اليوم تسميات كثيرة منها "يوم الجمعة الحزينه" و "وجمعة الموت قصب الايدي والارجل" و"يوم الرؤوس" الخ.. ففي هذا اليوم ـ كل يوم جمعة ـ ينفث حكام الاحتلال السعودي سموم حقدهم ضد الشعب المنتهك، وفي هذا اليوم "المفضّل"! يفضَّل الامراء اقامة تسلياتهم الجنسية بالمواطنين والمواطنات وفي بعضهم بعضا… وفيها تقرع الكؤوس ويبعبع التيوس وتدوخ الرؤوس والكل يتحسس على يده ورجله ورأسه هل قطع؟؟. وهذا ما عبر عنه عدد من الامراء ـ في أغانيهم الجنسية، منها أغنية جنسية لاحد الامراء "الشعارير" غناها له مطرب ـ ليته لم يغنها ـ واذيعت من الاذاعة السعودية وسجلوها على أشرطة فلاقت الرواج الجنسي... وقد تغنى صاحبها بيوم الجمعة، ومطلعها: ـ (أغلى الليالي تراها ليلة ـ الجمعة)!.. ومفادها ـ ان الامير "الشعرور" قد جامع غلامه في يوم الجمعة، وواعده الغلام في جمعة قادمة للمجامعة ولم يجتمع به بعدها. فيتوجد بها على الجمعة الماضية. وكما يتغنى الامراء في "يوم الجمعة" التي تلتف في ليلتها الساق بالساق، تقطع في "يوم الجمعة" من شعبنا الايدي والارجل والاعناق… علما ان العقاب الظالم لا يقتصر على يوم واحد في الاسبوع، هو يوم الجمعة، لكن لكل يوم جمعة ميزاته، ففي كل يوم جمعة يقوم كل قصاب سعودي بعرض معروضاته من الايدي المقطعة والأرجل والرؤوس… علماً ان حالة الطوارئ ومنع التجول كانت وما تزال معلنة خمس مرات في اليوم الوحد ـ من كل يوم ـ منذ عام 1901 ـ بواسطة ما يسمى "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" وغيرها…

فسعدنوا هذا الشعب، وأذلوه، وانتهكوه، وعقّدوه، مما جعل شعبنا "المسعدن" من اكثر الشعوب تعاطيا للمشروبات الكحولية والمخدرات بانواعها وخاصة في يم الجمعة وليلتها، ليغيب الشعب عن واقعه المظلم المؤلم الذي انتهك فيه آل سعود اعز أماني الشعب في الحرية وامتلكوا كل ترواته وارضه وعرضه ودينه وعروبته وكرامته وكافة حقوقه وواجباته… ورأى معظم الشعب ان في الغياب الكامل عن هذه المآسي بالمشروبات المسكرة ما ينسيه مآسيه لكنه على خطأ فادح فالعمل النظامي بحاجة إلى صفاء التفكير والتركيز للتخلص من العار السعودي، وليس في غياب الوعي أي درب للخلاص، وخير للشعب ان يتخلص من ظلاّمه وهو في كامل حواسه من هذا الواقع التافه الذي فرضه الاحتلال السعودي، هذا الاحتلال الذي أكد في كل احصائياته للبوادي والحواضر للنساء والرجال والاطفال ان عدد الشعب "المسعدن" لم يتجاوز ثلاثة ملايين ونصف المليون.. ونصف هذا العدد من النساء إذا لم نقل اكثر… أي انّه لم يكن كل هؤلاء الثلاثة ملايين ونصف من الرجال فقط، بل ان في هذا العدد من الشعب اكثر من مليوني امرأة… وما دام انّه لم يصبح للرجال أي دور ايجابي في مملكة الزيت والدماء.. فكيف يصبح لمن يسمونهن "الحريم" دورهن في مملكة اشباه الرجال…

وإذا قلنا ان عدد الشعب "المسعدن" الآن هو مليون رجل. فان من بين هؤلاء الرجال اكثر من مليون "مستوطن"، و "مجاور" للنفط، ورجعي، وأمير واميرة وجاسوس وجاسوسة، وغير ذلك من الشوائب… اما حينما يوجد عشرة آلاف في هذا الشعب يدركون انّه لا كرامة لمواطن في وطنه إلاّ بالثورة على الواقع القذر لا في ـ جمع المال ـ من بقايا حثالات وفضلات حكام العمالة فذلك هو يوم الوعي الكريم… يوم الصحوة، نقول: متى ما وجد ذلك العدد فالحل الصحيح للمسألة المعضلة قد وجد وحُلّت المعجزة لبقايا هذا الشعب المنقرض…

أجل … انّه شعب ينقرض ولماذا لا ينقرض وقد زاد عدد الذين هربوا وشردوا من الجزيرة العربية عن ثلاثة ملايين مواطن ومواطنة منذ ان أخرجت المخابرات الانكليزية الصهيونية عبد العزيز آل سعود من الكويت عام 1901 حتّى تاريخ هذا الكتاب، منهم من هرب إلى العراق والخليج ومنهم من هرب إلى مصر والشام.. كما زاد عدد الذين قطعت ايديهم وارجلهم عن /75000/ مواطنة ومواطن. وزاد عدد الذين جلدهم آل سعود في الشوارع العاملة لتحطيم كرامتهم عن نصف مليون، وزاد عدد الذين رجموهن ورجموهم عن عشرة آلاف… وزاد عدد القتلى في المجازر الجماعية والفردية عن مليون مواطن ومواطنة. وكما هو معروف للجميع انّه لم يمر يوم "سبت" أو "جمعة" منذ عام 1901 الا وشهدت ابواب المساجد والساحات العامة ايدي وارجل تقطع وجلود تلسع ورؤوس تخلع… وقد اتهمت كلها بتهم باطلة، لا تختلف عن تلفيق تهم الاحتلال السعودي "لقادة" الاخوان وهو الجيش الذي قاتل مع عبد العزيز وثار ضد عبد العزيز. والتهم الملفقة ضد قبائل شمّر وأيضاً مطير والعجمان بانهم "كفروا" وانهم رفضوا ادخال التلفون واللاسلكي للبلاد.!

أو كتهمتهم للشهيد الامير خالد بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود، الذي قتله الملك فيصل وفهد وعبد الله ـ بيد محمد ابن هلال المطيري القائد لشرطة الرياض بحجة أنه رفض ادخال التلفزيون للبلاد.. وكتهمتهم لشقيقه شهيد الشعب فيصل بن مساعد، حينما صرع عمه الطاغوت فيصل فوق عرشه عام 1975 فزعم " آل فهد" انّه لا يريد بقاء الدين في المملكة العربية السعودية!…

علما انه لا دين لخاضع لظالم، وما قام الدين الإسلامي الا لقتل الطواغيت والملوك... ولكن هذه التهم التافهة أصبحت مفضوحة… حتّى وان دام باطلها. وهل يُقتل ويشرد الناس بحجة رفضهم للتلفون والتلفزيون؟ انّه عذر اقبح من فعل. ان يقتل ويشرد ـ آل سعود ـ حتّى بعض الامراء ـ بعد قتلهم بتهمة مزعومة هي العداء للدين وهم الذين قاموا وقاتلوا الناس باسم الدين!، كالاخوان، وبتهمة رفضهم المزعوم للتلفون والتلفزيون! وإذا كان كل هؤلاء قد رفضوا استخدام الهاتف واللاسلكي والتلفزيون ـ كلهم فلماذا يقتلوا ؟!.. وهل يستحق القتل من يرفض استخدام الهاتف والتلفزيون؟! الحقيقة انّه ليس لدى آل سعود المتلبسين بالمحرمات وابشع الجرائم المغمورين بالشذوذ باشكاله ت المعروفة وغير المعروفة عالميا ـ والملذات بأقذر الوانها ت ايّ مجال للتفكير حتّى بتلفيق تهمة باطلة تنطلي حتّى على السذج ولو لشهر واحد... وإذا كان القادة، وملايين البشر قتلوا أو قطعت ايديهم وارجلهم أو شردوا لمجرد معارضتهم لادخال التلفون، والتلفزيون، واللاسلكي والخمر، والحشيش والانكليز، والاسلام! للبلاد كم يزعم آل سعود، فما مصير من يعارض ادخال المخابرات الامريكية الصهيونية ويعارض حكم الشذوذ السعودي بكل مسمّياته؟!… ومذبحة "نساء وأطفال العجمان ومطير" ما أسبابها؟

وهل رفض اطفال ونساء العجمان ومطير ادخال الإسلام والانكليز والامريكان والتلفون واللاسلكي والتلفزيون! "حينما ذبحهم آل سعود في صحراء بُنيّة عيفان" في 10 شعبان 1348

وتسلى بقتلهم الامير محمد بن عبد العزيز، "شقيق الملك خالد" باشراف ومشاهدة والده عبد العزيز آل سعود؟ واسمعوا قصة ـ المذبحة الجريمة ـ البشعة، انها واحدة من مئات المذابح السعودية التي لو ارتكبتها "إسرائيل" لسجلها "المؤرخون" على أنها دون شك ـ مذبحة من أبشع المذابح… وبما أن أبطالها من يهود الذهب الاسود، يهود آل سعود، فما على كتاب التاريخ إلاّ تناسيها، ولقد كان العطار ـ على خسته أكثر شهامة من معظم الكتاب العرب حينما سجلها بشئ من الافتخار بالمذابح السعودية!… لقد اورد أحمد عبد الغفور عطار ـ مذبحة الاطفال والنساء ـ في الصفحة 952 من كتابه "صقر الجزيرة العربية" الذي املاه عليه عبد العزيز آل سعود، فقال عن لسان عبد العزيز ما يلي: قصة "التأديب السعودي" لاطفال ونساء العجمان ومطير (وكان ابن سعود في طريقه يؤدِّب كل من صادف من العصاة أو اتباعهم، حتّى إذا كان في اليوم العاشر من شعبان في "بنيّة عيفان" راكبا سيارته الخاصة ـ التي اهدها إليه الانكليز ومجموعة معها ـ وكان معه الشيخ يوسف يس والشيخ عبد الله بن حسن والدكتور مدحت شيخ الأرض وسائقها صدّيق الهندي ابصر سرباً من الظباء يبلغ الخمسمائة، فأمر السائق بان يعدو بالسيارة خلفها، وصاد اربعة منها وطار الخامس فطارت خلفه السيارة الا ان الظبي المذعور مال في عدوه إلى اليمين منحرفا عن طريق السيارة المطاردة فمالت هي أيضاً، فرأى ابن سعود جمعا كثيرا ولم يحقق النظر فيه لاشتغاله بالظبي الفار حتّى اصابه وصاده، ثم انثنى يرقب الجمع، فظنه في بادئ الامر بعض جنده، غير انّه التفت إلى جانب منه فرأى نساء واطفالا واغناما مما نفى ظنه، لانه ليس مع جنده نساء واطفال! ولم يكن احد معه غير رفاقه الذين هم بالسيارة وغير سائقها، فخشي من كثرتهم فارتد بسيارة إلى الوراء فأبصر سيارة ابنه محمد قادمة اليه، فأركب فيها احد رجال مطير ـ قبيلة الدويش ـ ليكشف له الامر فان كان الجمع من الانصار فلا خوف على المطير لأنه رسول ابن سعود، وان كان من الاعداء العصاة فهو في مأمن من الاذى لانه من جماعة الدويش ويستطيع خداعهم بانه منهم!. راح المطيري وإذا الجمع ـ اطفال ونساء ـ قبيلة الصقهان ـ احد بطون العجمان ـ وكان قد خرجت على ابن سعود، فسألها رسوله فاجابته: انها ـ اطفال ونساء ـ الصقهان وبعض مطير فروا من وجه ابن سعود، وفر رجالهم إلى الكويت فطمانهم ـ الرسول السعودي المطيري ـ بانه لا بأس عليهم واخبرهم انّه يريد الصيد "!" وتركهم وعاد إلى ابن سعود واخبره... وما كاد الامير محمد ابن "جلالة الملك"… يسمع جواب الرسول حتّى تحمس قتالهم فمنعه ابوه، ولكنه اصر وقاد رتلا من السيارات الانكليزية المسلحة وعليها بعض آل سعود الشجعان! واسرع اطفال ونساء الصقهان ومطير فقابلوه لضيافته! وما هي إلا دقائق أبيد بعدها النساء والأطفال… وكان ابن سعود في المعسكر يهيئ المدد لنجدة ابنه، ثم اسرع بسيارته إلى المعركة يشهد سيرها ولكنه وجد ابنه محمدا راجعا ومعه قلة ضئيلة من النساء والاطفال والغنائم، وكان عمر محمد حينئذ ثمانية عشر عاما!. وكان كل ماتبقى من الاطفال والنساء خمسة اطفال ذكور وثلاث نساء واربع فتيات أعمارهن بين التاسعة والعاشرة، ولكي يواسي ابن سعود الاطفال، اعطى لابنه محمداً فتاة وامرأة، مقابل تعبه، وتزوج عبد العزيز بالبنات الثلاثة وتسرر امراتين.. ووضع الذكور الخمسة في خدمته الخاصة… وصادر الاغنام والابل وعددها ألف راس … اما ضحايا المعركة من الاطفال والنساء فكان 743…) كذا!. فهل يحتاج هذا إلى تعليق؟!. هذا لا يحتاج إلى تعليق، بل ان وقفة تأمل ـ على الأقل من قبيلة العجمان ومطير ـ الذين امتهن آل سعود كرامتهم، وورط أحد افراد مطير ليساهم في هذه المجزرة، وما زال العديد منهم يخدمون آل سعود باخلاص. وهم الذين استباحوا محارمهم وسفكوا دماء اطفالهم ونساءهم ورجالهم… ليلة المذبحة… ماذا فعل ابن السعود؟ ويتابع العطار على لسان ابن السعود في الصفحة 953 فيقول: (وفي ذلك الماء قدم إلى عبد العزيز احد رجاله وهو "تركي بن ماضي" من مخفر العبيد ـ في الحدود العراقية ـ بكتاب ضمنه ببرقية من المندوب السامي الانكليزي في بغداد يخبر الصديق ابن السعود فيها: بأن فرحان بن مشهور مسجون في العراق وسيتم تسليمه لكم، وان فيصل الدويش ورفيقه: نايف بن حثلين ورفيقه الثاني: جاسر بن لامي معتقلون في باخرة بريطانية ويأخذ الانكليز رأي ابن سعود عما يفعل بهم؟ فبعث ابن السعود في يوم السبت 11 شعبان سنة 1348 هـ يطلب إليه "تسليم المجرمين انفاذاً لعهد الحكومة البريطانية معنا المتضمن حمايتنا وانها لا تأوي احدا منهم في اراضي العراق والكويت وشرق الاردن"!. وفي اليوم التالي، ورغم تأخر وسائل الاتصال عام 1930، فقد تلقى عبد العزيز الجواب من اسياده الانكليز عن طريق المعتمد السياسي الكولونيل ديكسون يخبره: بانه سيقدم إليه مندوباً عن الحكومة البريطانية لحل مشكلة العصاة.. على حد زعمه .. وفي 17 شعبان تلقى عبد العزيز كتابا من رئيس المعتمدين في الخليج فحواه: "ان الحكومة البريطانية كلفته بان يرأس البعثة البريطانية القادمة لتسليم اللاجئين السياسيين"!. أي قادة قبائل مطير وعتيبة والعجمان.). عبد العزيز مطمئن لعدم خيانة الانكليز له! وفي الصفحة 597 من الكتاب المذكور قال عبد العزيز حرفيا وعلانية: (انني مطمئن للانكليز، لانني اعرفهم انهم لن يتنكروا لي ولن يغدروا بي وان يخلفوا وعدهم معي!). وصدق عبد الانكليز وعده ونصر الاستعمار الانكليزي عبده فهزم الثوار وحده… وفي الساعة الخامسة من يوم الثلاثة 28 شعبان 1348 هـ ـ 28 يناير 1930 م ـ هبطت طائرة انكليزية تقل الكولونيل ديكسون وقائد البارجة الحربية البريطانية التي اعتقل فيها الثوار قبل نقلهم بالطائرة، وقام الانكليز بتسليم الثوار الثلاثة لعبد العزيز وهم: الدويش وابن حثلين وابن لامي… فسجد عبد العزيز امام ديكسون كتعبير لشكره وحمده لبريطانيا، وقال: "اشكركم، واشكر بريطانيا العظمى التي برهنت وتبرهن دائما على وفائها وصداقتها لنا ومصافاتنا ودها"!.. وبعدها رد عليه ديكسون بقوله: "ان بريطانيا عندما تدعمك يا عبد العزيز فانما تدعم وجودها ولو لم تجد فيك الرجل المخلص لبريطانيا ما ضحت باكثر اصحاب بريطانيا من اجلك ومنهم الاشراف"!. وبعدها غادر ديكسون المكان بطائرته.. ولاقى الدويش وابن حثلين وابن لامي مصرعهم في يوم السبت 2 رمضان 1348 ـ 2 فبراير 1930. وفي مكان آخر من هذا الكتاب تفصيلات أكثر عن مواقفهم قبل مصرعهم.. كما لاقى سلطان بن بجاد مصرعه قتلا، اما فرحان بن مشهور فقد اغتاله عبد العزيز بواسطة احد أقاربه. "رقبان" الجبان… ويوسف يس "رقبان" هو اسم "سيف" عبد العزيز آل سعود… وكلمة "رقبان" تعني: أنه السيف الذي لا يكل من قطع رقاب البشر ـ وأصلح ـ المواطنين. أما يوسف يس من سوريا، فهو من أبرز العملاء الذين جلبهم الانكليز لخدمة عبد العزيز سياسياً وجنسياً حيث استورد له مئات الفتيات المعروفات بـ "وارد يوسف أفندي" وكلهن من الساقطات. ويروي هذا اليوسف "أفندي يس" في جريدة "أم القرى" الرسمية هذه الجريمة عن صاحبه عبد العزيز آل سعود بشئ من التفاخر فيقول: "بعد معركة السبلة، جمع لعبد العزيز /70/ رأساً من رجال عتيبة ومطير الاسرى، وبعد أن كبلوهم بالقيود، وصفوهم أمامه، بدأ بتقطيع رؤوسهم الرأس تلو الرأس.. وكان آخر واحد منهم ضر رقبته عبد العزيز بسيفه "رقبان" فنفذ السيف في لمح البصر والرأس في مكانه، فظن ابن السعود ان الضربة اخطأت، فرفع السيف وقبل ان يهوي به ثانية انتفض القتيل، وسقط الرأس، إلا أن الضربة الرادفة هوت ـ بعد سقوط الرأس ـ على جسمه فقدته نصفين وشطرت القلب شطرين، إلا أن المدهش الغريب ان كلا شطري القلب كان مستمرا في ضرباته ثواني معدودات"! اكتشاف سعودي هائل لم يسبق للعلم ان اكتشف اسراره في جسم الإنسان…! ويعلق أحمد العطار على هذه الجريمة الشنعاء في الصفحة 580 من "صقر الجزيرة" باختصار، إنّما بتفاخر اقرب إلى السخرية بقدرة "رقبان" الجبان فيقول: "ومن الواجب ان نذكر ـ رقبان ـ سيف ابن سعود بالثناء الجميل فنروي هذه الحادثة التي تدهش وتعتبر في حكم النوادر الغاليات وهي كافية لتخليده!!"…

أجل.. تخليد "رقبان" الخيانة في كتب الخيانة وسجلات الجبناء الرعاديد. ان هذه الحادثة وحدها كافية لاثبات الاصول السعودية المنتمية إلى اليهود الذين انفردت سجلاتهم في نوادر الغدر وعدم المواجهة... وليس في تاريخ العرب قتل الاسرى، وخاصة الذين قيدت ايديهم وارجلهم ـ مثلما فعل ابن السعود ـ بهؤلاء الثوار الاسرى الذين قتلهم عبد العزيز ـ في ساعة واحدة ـ بسيفه الانكليزي الجبان "رقبان" بعد أسرهم من بقايا ثوار مجزرة السبلة في تلك المعركة ـ غير المتكافئة ـ التي قتل فيها /3059/ من اصل ـ 4000 من ثوار عتيبة ومطير بينما عدد قواته كان يربو عن /40000/ كما ذكر العطار وحافظ وهبة ـ ويخطط لهم ويقودهم ضباط انكليز باحدث الاسلحة الانكليزية الثقيلة والخفيفة... وهذا هو الدليل بأن شجاعة الاخوان قد فقدت بفقدان الدعم والسلاح والتخطيط الانكليز، لا بفقدان سطوة الدين، فقد بقي الاخوان على دينهم بوضوح أكثر من السابق.. وكانت مجزرة السبلة وغيرها من المجازر الفريدة في تاريخ المجازر المعتمدة على الغدر… ان عبد العزيز واولاده ما قادوا معركة واحدة في حياتهم متواجهين مع خصومهم مواجهة الشجعان أبدا.. بالرغم مما قيل عنهم من "ابهة" الدجل في كتب العملاء.

وشعبنا عامة وفي نجد خاصة، يعرف عبد العزيز آل سعود ويعرف تلك الكلمة التي قالها عبد العزيز بن متعب آل رشيد لخصمه عبد العزيز آل سعود ومفادها: (تعال يا ابن سعود وبارزني وجها لوجه، فإما تقتلني واما ان اقتلك وبذلك نريح هذه الجموع المتصارعة)1.. لكن ابن سعود أبلغ "رسول المتعب" بقوله: (قل لسيدك ان شجاعة ابن متعب لا تخفى علي، وانا اعرف انّه حينما يُغيْر يقول: حسبت انني قد مت في العام الماضي… اما انا فاقول ان عمري طويل وسأقضي عليه بالحيل والخداع واسلحة بريطانيا التي لا حدود لها). هذا هو رد الجبان وسيفه رقبان قاتل الاسرى، وصاحب شعار: (خذ عدوك بالله وامان الله) وقوله: (عدو الله من عادانا) (وخذ عدو الله بعهد الله) هذا هو المتحايل الذي خطط له الانكليز واخرجوه من الكويت لضرب الوحدة العربية وفصل الجزيرة العربية عن الوطن العربي الذي كان موحدا حتّى في عهد الاحتلال التركي… هذا هو الذي وقّع لاعطاء فلسطين لليهود فدعمه الانكليز واستخدموه لتزييف التاريخ. وكانت سياسة الحجاز ـ رغم علاتها ـ اكثر تقدمية ووحدوية ووطنية وقومية وانصع اسلاماً مما هي عليه في عهد الاحتلال السعودي المتوحش 1 ـ ان بعض ما تعلمناه من القرآن الكريم هذا القول الكريم: (ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون).. لذلك وغير ذلك ـ كنا وما زلنا ضد أي حكم ملكي مهما كانت صفاته ومواصفاته، لكننا مع ذلك نكرر القول بأنه لو لم يتغلب رأي جناح المخابرات الانكليزية المسمى "بالمكتب الهندي" الذي كان يشرف عليه الصهاينة ويرأسه الصهيوني المعروف ـ السير برسي كوكس ـ المؤيد لعبد العزيز آل سعود ـ في تقسيم البلاد العربية لانشاء الكيان الصهيوني وايجاد دويلات عربية حامية لهذا الكيان ـ الشئ الذي رفضه الملك حسين بن علي ومن اجله تم خلعه وتسليم عرشه لآل سعود، نقول: لو لم يتغلب ذلك الجناح الصهيوني ـ الانكليزي في المخابرات الانكليزية ـ الذي اوقف المد الوحدوي المنبثق ـ من الحجاز حكوميا ومن جزيرة العرب والشام والعراق ومصر شعبيا ـ حينما أخرج الانكليز عبد العزيز آل سعود لايقاف مد الوحدة ـ لا ستمر توحيد البلاد العربية ـ التي كانت موحدة فعلا حتّى وهي ترزح تحت نير الاحتلال العثماني، لكنها الان تحولت بطريقة غير شرعية ـ وبعد ذهاب الاحتلال العثماني إلى "مفرخة للدول" العربية المتناسلة كتناسل آل سعود وما برحت تفرخ كل عام "دولة جديد". اننا نؤكد مرة اخرى: انه لو لم يخرج الانكليز عميلهم الاكبر عبد العزيز آل سعود ضد " وحدة الحسين الملكية" لايقاف مد الوحدة العربية الحقيقية التي لو تمت كما كانت عليه فستبقى "الوحدة الملكية العربية" تلك وان كانت بدايتها "وحدة ملكية عربية" تعد افضل من هذه الدويلات المفضوحة لان وحدتنا "الملكية العربية" تلك ستتحول ـ في حال وجود امة قوية طبعاً ـ إلى وحدة جمهورية اشتراكية مع الزمن ولن تقوم لهذه الكيانات ـ القائمة ـ حاليا ـ كما هي الان مكونة من 23 دولة بانتظار بقية "الدول" القادمة ـ لتعترف كل دولة بولادة "شقيقتها" و"عزيزتها" مضيفة كل واحدة للاخرى القابا أخرى في النفاق اكثر من "شقيقة" و"عزيزة" والعزة منها براء… إذ لو كانت شقيقة ـ حقا وعزيزة ـ فعلا هذه الدويلات لما اصحب لافراد الامة التي ما تجاوز افرادها المائة مليون: 23 دولة لها: 234 جواز سفر و23 جنسية و23 خرقة تافهة ملونة بالصباغ المختلفة ـ كوجوه أصحابها تسمى ـ الأعلام ـ أو ـ الرايات ـ المندحرة ـ متناحرة مختلفة على الحدودة مبعثرة الارادة والتشريعات ، ومع ذلك ـ تدعونا ـ قوانينها وانظمتها المتفرقة لاحترامها واداء واجبنا المزعوم في خدمتها المسماة بخدمة العلم.. والويل لمن يحقّر العلم ورئيس العلم، ومالك العلم، ليلقى ـ اقل ما يلقاه ـ (السجن من ستة اشهر إلى سنتين) حسبما تنص بعض قوانين العقوبات الجمهورية. اما الدويلات الملكية فلا حدود للعقوبات فيها… مما يدفعنا للاصرار على تحقير هذه الاعلام الداعية لفرقتنا… 2 ـ لقد كان في الحجاز ـ قبل الاحتلال السعودي ـ معارضة سياسة بارزة معروفة ، وكان في الحجاز مجلس وزراء، ومجلس وطني، وكان فيها حزب اسمه "الحزب الوطني"، يمارس نشاطه السياسي العلني وهو الذي ارغم الملك حسين على التنازل عن العرش، رغم اختلافنا مع هذا الحزب، وكان في الحجاز: سفراء وقناصل لكافة الدول وكانت لا تحرم على هؤلاء السفراء والقناصل ـ كما هو الآن ـ زيارة مكة مهما كان دينهم إذ كان للحجاز صفات الدولة المتقدمة رغم سوء الظروف في مستهل القرن العشرين، وكان الحجاز أو قطر عربي تبنى حركات التحرر الوحدوية ضد الحكم العثماني… ومن يتتبع مسيرة الاحتلال السعودي بانصاف يدرك ان الانكليز لم يخرجوا عبد العزيز آل سعود من الكويت "لتوحيد الجزيرة العربية كما يزعم البعض بل اخرجوه لضرب الوحدة العربية الكبرى حتّى ولو كانت تلك الوحدة "بقيادة ملكية" هي قيادة الحسين، خاصة بعد ان تمرد الحسين بن علي، ضد الارادة الانكليزية الصهيونية مثلما تمرد على الاتراك، ومن أبرز ما عرف عنا لحسين بن علي في تمرده ضد الانكليز بعد تعامل دام أربع سنوات ، رفضه المطلق لما يلي: 1 ـ رفض الحسين بن علي الارادة الانكليزية في تقسيم البلاد العربية واعتبر ان العرب امة واحدة في دولة واحدة بقيادته!. 2 ـ رفض الحسين طلبات الانكليز بالموافقة على إعطاء فلسطين لليهود … في الوقت الذي قبل عبد العزيز آل سعود بكافة شروط الانكليز في تقسيم البلاد العربية واعطاء فلسطين لليهود وغير ذلك من شروط الحماية الانكليزية، الامر الذي جعل الانكليز يحاربون الشريف حسين وآل رشيد لكونهم رفضوا نفس الشروط وسخروا منها ولو لم يكن الامر كذلك لاصبح كل واحد منهم قائد "محمية" أو "امارة" على الاقل، وما كان للانكليز بقيادة فيلبي اسقاط امارة حائل بقوة المال والسلاح والشر والتزييف، ولو لم يكن عبد العزيز عميلا يهوديا ـ لا كسائر العملاء ـ لما عمّدوه واعتمدوه وبالتالي ضحوا حتّى بحليفهم السابق الشريف حسين واسقطوه وسمموه اخيراً في قبرص، كل ذلك ارضاء لعبد العزيز آل سعود.. ومع ان شعبنا كان يخالف الحكم الملكي في عهد الحسين بن علي وغيره من حكم الملوك والامراء حتّى قبل الإسلام، إلاّ ذلك النهج بالمقارنة مع حكم الاحتلال السعودي المتوحش كان وما يزال اكثر تقدمية ووحدوية من حكم الجشع السعودي الملكي المطلق "الثيوقراطي" كامل العيوب. بل لا مجال لمقارنة حكم الحسين وابنه علي، الحكم الملكي الدستوري بحكم الاسرة السعودية الحكم الملكي العائلي المطلق القائم على الاستبداد والاستعباد ومسخ اسم البلاد باسمهم العائلي السعودي ونهب الثروات نهبا جماً واكل التراث اكلا لما ـ في حكم داعر يسوده التمتع بالجواري والحريم والغلمان والقصور وشتى الملذات التي لا تخطر انواعها على بال الإنسان المتحضر، بالاضافة إلى ربط البلاد بسياسة المخابرات الانكليزية والحماية البريطانية ـ سابقا ـ ولما هزلت بريطانيا ربطوا بلادنا الان بالحماية الامريكية والسياسة الامريكية ومخابراتها المتمركزة في الداخلية وفي الطابق الثالث من وزارة الدفاع السعودية في الرياض بقيادة كيم روزفلت والجنرال ليهي وغيرهما من "الخبراء" الامريكان البالغ عددهم 45000 خبير لهم كامل السيطرة على مقاليد الأمور بدءا بالمساجد وتوجيه دفة الدين لصالح أمريكا وانتهاء بالحرس والجيش السعودي الموجود في الجزيرة وخارجها والتي تقوم سياستهم من خلال مخابراتهم على التجسس على الجيوش العربية وابعاد الجيش "السعودي" عن مواقع المواجهة لاسرائيل بهذه المليارات ـ المبذرة ليناضل الشعب ويتحرر من بقايا الاحتلال الصهيوني. هذا التحرر الذي هو ـ في الواقع ـ تخشاه السعوديةـ حتّى ولو زعمت غير ذلك. احتلال المدينة تحرك الجند السعودي ـ بقادته الفعليين من الخبراء الضباط الانكليز ـ بقيادة جيسم لارسن، المسؤول التنفيذي للخطط الحربية "ويجيئ في المرتبة الثانية بعد جون فيلبي" فاشيع عنهم "انهم خدم الدين والمّلة وانهم اسلموا بعد تطهيرهم في جدة"!… إلا أن القيادة الظاهرية لهذا الجند قد أوكلت لكل من صالح بن عذل ووكيله إبراهيم النشمي، فحاصرت القوات السعودية "المدينة المنورة" من كل جهاتها وقطعوا عنها كل امداد، وبدأوا بنهب الابل والاغنام وقتل كل من تقع عيونهم عليه لا تمييز في ذلك بين ذكر وامرأة وطفل… فنقلت جريدة "المُقطم" المصرية عن وكالة رويتر التي نقلت عنها الصحف الفرنسية أيضاً استغاثة من قائد حامية المدينة جاء فيها: "ان بلد الرسول معرض للخطر، ان ضريح النبي تضربه المدافع السعودية الانكليزية. اننا نستغيث بالعالم الإسلامي وبالعالم المتحضر.. ان الوهابيين الوحوش اخذوا يطلقون النار على أهل المدينة بلا انقطاع وبلا تمييز ولم يبالوا بكرامة المدينة ولا بقداستها منتهكين بذلك حرمة الله بمثوى الرسول عليه الصلاة والسلام ـ 20/7/1975 م"!… فتحركت الاحتجاجات من مصر والشام والعراق والهند وافريقيا.. وارسل الملك فؤاد برقية إلى عبد العزيز في 11 صفر 1344 هـ (3 /8/1925 م) تقول: "عظمة السلطان عبد العزيز سلطان نجد" "ان الحرب القائمة حول المدينة المنورة قد اقلقت خواطر المسلمين قاطبة لما عساه يحدث من تأثيرها في الاماكن النبوية المقدسة التي نجلّها، ونحافظ على آثارها الكريمة، ولا يخفى على عظمتكم ما لهذه الأماكن من الحرمة التي توجب ان تكون بعيدة عن كل اذى رغم ما يقتضيه أي نزاع أو خلافه". وتسلم الملك فؤاد في 13 صفر 1344 هـ (1 سبتمبر 1925م) برقية من الملك علي بن الحسين، جاء فيها: "صاحب الجلالة فؤاد الأول ملك مصر المعظم "!" "اهدي جلالتكم اعظم الشكر على غيرتكم، ولا يستكثر ذلك من سليل محمد على الكبير الذي سبقت له خدمة هذه الديار المباركة من قبل في مثل هذه الكارثة نفسها مادة ومعنى. فقضى بذلك على اجداد هؤلاء الوحوش السعوديين. "ونبرأ إلى الله ان يكون احد منا ـ نحن ابناء الحرمين الشريفين ـ اراد القتال أو أخذ على الاستمرار في سواء ذلك في مكة المكرمة أو المدينة المنورة ونسجل على المتسبب السعودي مسؤولية ما تهدم فيها من الآثار وما لا يزال يصيبها من اذى كجعل القبة الخضراء النبوية هدفا للرصاص وسائر قبب وقبور آل البيت بالبقيع وتخريب مسجد سيدنا حمزة وهدم ضريحه الشريف طبقا للاساس الذي قام عليه المذهب الوهابي المعلوم!". وطال الحصار ولم يجد من أبناء المدينة من يناصره من العملاء لكنهم زعموا أن أحد العملاء واسمه "مصطفى عبد العال" المرسل لابن السعود برسالة نيابة عن كبار اهل المدينة يطلبون منه فيها احتلال بلادهم!.. كذا… وقد قتل ابن السعود هذا المواطن فيما بعد، بعد أن فنّد المواطن عبد العال الكذبة السعودية. وفيما يلي النص الحرفي للكذبة: (وعندما كان ابن سعود في بحرة قدم إليه احد المدنيين واسمه "مصطفى عبد العال" برسالة من كبار اهل المدينة وحكومتها يعرضون فيها تسلم المدينة إلى السلطان بشرط ان يؤمّن اهلها وموظفيها وكل من بها ويؤمن اموالهم وبألاّ يتسلمها إلا أحد أفراد آل سعود. فاجاب بالقبول وأمر ابنه محمداً بتسلم المدينة المنورة وكان في الرابعة عشرة من عمره وغادر مكة إليها في 23 ربيع الثاني 1344 يرافقه خاصة ابيه وكبار آل سعود ولكن الحامية ابت التسليم لانها كانت تنتظر المدد من جدة في الايام القريبة فما كان من الامير الصغير الا ان يشدد الحصار عليها ليضطر الحامية إلى التسليم)!.. إذاً فقد يكون "عبد العال" قد اتصل وقد لا يكون اتصل، لكنه من المؤكد أن الشعب في المدينة قد رفض الاحتلال السعودي، بدليل ما ينقله العطار في كتابه عن ابن السعود، حيث يقول: (وأهل هلال جمادى الاولى فلم يبق عند الحامية إلا شئ يسير من الزاد فأبرقت في اليوم الخامس من هذا الشهر للملك علي برقية تقول له فيها: الذي يهمنا الأرزاق للجند وعدتمونا بارسال الدراهم المتيسرة بالطيارة، إلى الآن ما رأينا اثراً لها. دبروا وارسلوا لنا دراهماً ولو ببيع احدى البواخر فترون منا ما يسركم)!… ويتضح من هذه البرقية ان الشعب غير منظم وانه لا يقاوم لكنه يرفض الاحتلال السعودي، وان الاعتماد على حامية لا يتجاوز عدد افرادها عن 200 شخص فقط. (وأبرقت الحامية في الثالث عشر من جمادى الاولى إلى الملك علي أيضاً تقول له: "انقضى الامر ولم يبق في اليد حيلة، الجنود ما عندم ارزاق الا لثلاثة أيام إذا لم تصل الطيارة غداً الظهر سنفاوض العدو").. فاجيب قائد الحامية ومن معه في نفسه بان الطائرة ستأتيهم غدا فابرقوا إليه في 14/5/44 بان من الواجب مجئ الطائرة ففي ذلك فوق مهمتها الاساسية ارهاب للعدو وتقوية لمعنوية الجيش… فتلقت الحامية الجواب بان ارسال الطائرة قبل عشرة أيام متعذر لعدم وجود البنزين!… مرت الايام الثلاثة فنفذت مؤونة الحامية ومع ذلك صبر الجنود ثلاثة أيام أخرى. ثم تلقى الملك علي برقية من الحامية ووكيل الامارة في 17 جمادى الاولى وفيها "نريد تأمين معيشة الجند منذ ثلاثة أيام حرم الطعام، ان اليوم هو آخر عهدنا، دبرونا اليوم إلى المساء وإلا نسلم عليكم"!… فأجابهم الملك علي يطلب اليهم الصبر!. ولكن صبرهم نفذ… ولم يجد قائد الحامية عبد المجيد ومدير الخط الحديدي "عزت" الا أن يفاوضا الاعداء ومالهما في اليد حيلة وقد نفذت الذخيرة والزاد!. فذهبا ورئيس ديوان الامارة عبد الله عمير، صباح الجمعة إلى الطفل ـ 14 سنة ـ الامير محمد بن عبد العزيز ابن عبد الرحمن وقدما له كتابا يطلبان منه أن يجيبهم إلى مقابلته، فبعث اليهما بالموافقة ومثل عبد المجيد وعزت أمام الامير الطفل محمد، وفاوضاه!. في "التسليم على شرط اعطاء الامان لجميع الجنود والضباط والاهلين واعلان عفو عام عما مضى عن كل أحد بالمدينة، وفي قبالة ذلك تسلم المدينة إليه!.".. ان عمر الامير محمد الآن أكثر من 70 سنة وعقله لا يستوعب أو يدرك أي نوع من أنواع التركيز على أي مسألة من المسائل عدا المسألة الجنسية، فكيف به يستطيع التركيز وعمره 14 سنة على عقد مثل هذه الاتفاقية السياسية لكن جون فيلبي هو الذي عقد الاتفاقية في صباح السبت 19 جمادى الاولى 1344 هـ(5/ ديسمبر/1925م) وسلمت المدينة المنورة في نفس اليوم بعد حصار دام عشرة أشهر وفتحت أبوابها فدخل الامير ناصر بن سعود وعبد الله الفضل بقسم من الجنود مع عزت وتسلموا قلعة سلع وما فيها من ذخائر وعتاد، ووضعت فيها قوة عسكرية سعودية ثم تسلموا دور الحكومة والمراكز العسكرية والملكية. وفي صباح الاحد دخلها الامير محمد "ابن السلطان" عبد العزيز وجنوده. واستمر الامير محمد أكثر من 66 سنة ـ وما زال ـ يتقاضى مرتباته الضخمة ـ كأمين للمدينة ـ علما أنه لم يحكمها إلا ليوم واحد هو يوم الاحتلال ، إذ حكمها بعض الخدم بضعة أشهر، ومن ثم حكمها الجلاد ابن إبراهيم يعاونه لفترة يسن الرواف، فارتكب ابن إبراهيم ابشع الجرائم بأهل المدينة وباديتها والفلاحين، فقطع أدي وأرجل النساء والاطفال وقطع الرؤوس، وبطش "بالنخاولة" وهم فئة من الفلاحين تخصصوا بزراعة النخيل والاشراف عليها في المدينة خاصة، ومن اسم النخيل اشتق اسمهم "النخاولة" ولكونهم فلاحين والفلاح إنسان عامل شريف عمل الاحتلال السعودي لتعميق الهوة الاجتماعية بينهم وبين المواطنين: إلى الحد الذي صدقه بعض السذج وزعم أن النخولي أو "النخيلي" إنسان يختلف عن البشر، ولكون النخاولة من أبناء الشيعة أيضاً أساء الاحتلال السعود اليهم كثيرا، وكره آل سعود وتجار دينهم للشيعة ناتج عن صراعات نضالية قديمة بينهم وبين آل سعود… وما زالت المدينة مزرعة يتوارثها أمراء آل سعود… كيف أرغم الانكليز الملك علي على التنازل لسلطانهم العزيز عبد العزيز؟ لقد فتح الانكليز أبواب كل شئ لعبد العزيز. وكما يقول "العطار" نقلا عن عبد العزيز في كتابه "صقر الجزيرة": "بعد احتلال المدينة لم يبق للشريف أي شئ… الموانئ تحت قبضتنا.. والذخائر كثيرة والجنود تزداد أعدادهم، والمال يصرف لنا بسخاء ونصرفه بسخاء، والانكليز ما قصروا"!. أجل… الانكليز ما قصروا… ومماليك الانكليز ما قصروا أيضاً. انقلاب تحسين الفقير ولقد شعر عدد من العرب، من رجال الشريف علي .. أن عليا لم يعد يصلح وان الحصار الانكليزي قد أحكم قبضته من البحر، والحصار السعودي قد أحكم وحشيته من البر، وان "الشريف علي" بوضعه الركيك أصبحت نهايته قريبة. وانه مع ذلك وقبل ذلك كان يسمع من عملاء الانكليز وآل سعود دسائسهم، بل انّه كان يسمع حتّى نصائح جون فيلبي… فتحركوا للقيام بانقلاب واعلان "الجمهورية العربية" من الحجاز، واحياء ذلك المد "الوحدوي العربي القومي الشعبي" الذي توقف، والعودة من جديد لاحياء الثورة العربية بشكل شعبي، والاستعانة بالاتحاد السوفييتي ضد عملاء بريطانيا وتدخل بريطانيا المفضوح… وقد رأى هؤلاء العرب أن يكون قائد الانقلاب وزير الحربية تحسين الفقير ووزير البحرية عراف الادلبي، وأن يشارك في الحكومة عدد من قواد الجيش الهاشمي… ويقال ان الشريف حسين بن علي قد اطلع وهو في منفاه في العقبة على هذه الخطة الانقلابية فباركها ضد ابنه وقال: "ان أي انقلاب عربي يحافظ على الخط العربي للحجاز أفضل مليون مرة من احتلال الوحوش السعوديين للحجاز".. لكن خطتهم تلك كشفها الانكليز… وفي 29 جمادى الاولى 1344 هـ بدأت البوارج الانكليزية الراسية في بحر جدة تقصف بمدفعيتها في كل اتجاه في جدة… وحشدت في اليوم نفسه أكثر من 40.000 جندي سعودي. وفي نفس اليوم نشط عملاء السعودية في الحجاز، وبدأوا يضغطون على "علي" وبدأ القنصل الانكليزي يضغط أكثر على "علي" للتنازل لابن السعود. وفقد "علي" السيطرة على نفسه… فاتجه في مساء نفس ذلك اليوم الثلاثاء 29 جمادى الاولى1344 ليعرض على المعتمد البريطاني "التوسط في تنازله مقابل الشروط اللاحقة"… وفي نفس ذلك المساء أبرق المعتمد البريطاني إلى حكومته يبشرها بانتصار سلطانهم عبد العزيز ويأخذ رأيها في الشروط التي عرضها الشريف علي.. وفي الليلة نفسها "أذنت له المخابرات الانكليزية بالوساطة ضمن الشروط"… وكان عبد العزيز في مكة فأبلغه المعتمد البريطاني أن يخرج من مكة ليقابل رسوله في الطريق بين مكة وجدة في اليوم التالي عبد العزيز بل أرسل له أحد موظفي دار الاعتماد البريطانية واسمه "منشئ احسان الله" الذي التقى بعبد العزيز في مكان اسمه ـ بحره ـ بالقرب من جدة وقدم له الكتاب الذي جاء فيه ما يلي: جدة في 16 ديسمبر 1925م حضرة السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود سلطان نجد. "بانتظارك لمقابلتي بالرغامة غدا يوم الخميس قبل الظهر أو بعد ذلك بأسرع ما يمكن"… نائب معتمد وقنصل بريطانيا العظمى وكيل قنصل جوردن وأجابه "سلطان نجد!." بما يلي: الرغامة في 30 جمادى الاولى 1344 هـ من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى سعادة المعتمد البريطاني المستر جوردن المفخم "تحية وسلاما: أتشرف بأن أخبر سعادتكم بأني تناولت كتابكم المؤرخ في 16 ديسمبر سنة 1925 وفهمت ما تضمنه … حالا حضرنا في "العرضي" لمقابلة سعادتكم في المحل الذي يخبركم عنه "منشئ احسان الله" هذا وتقبلوا فائق احتراماتي". الختم السلطاني السعودي عبد العزيز سلطان نجد وفي اليوم التالي في الساعة الرابعة بعد الظهر التقى المعتمد البريطاني بالعزيز عبد العزيز وأبلغه شروط تنازل الشريف علي التي أخذها المعتمد البريطاني جوردن نيابة عن عبد العزيز آل سعود "سلطان المسلمين"… وأهمها ما يلي: الشروط التي وضعها قنصل بريطانيا نيابة عن عبد العزيز "تنازل الملك علي ومبارحته الحجاز وتسليم جدة وتسليم أسرى الحرب الموجودين عنده، وتسليم جميع الاسلحة والمهمات الحربية من بنادق ورشاشات وطائرات ومدافع وغيرها في الحال بدون اتلاف شئ منها، وتسليم البواخر التي باسم الحجاز وهي" الطويل، والرقمتين، ورشدى، ورضوى" لابن سعود على أن تصير كلها ملكا له (!)، والتعهد من قبل علي ومن قبل ضباطه وأهالي جدة بألا يبيعوا شيئا من أملاك الحكومة ثابتا أو منقولاً، وألا يرهنوا أو يخربوا أو يتصرفوا في شئ من ذلك وألا يأخذ الملك علي شيئا غير أمتعته الشخصية بما في ذلك سيارته وخيوله وسجاجيده"!… "ويتعهد ابن سعود مقابل ذلك منح العفو العام للموظفين الملكيين والعسكريين "والشرفاء" وكل أهالي جدة والعرب والسكان والقبائل ويضمن سلامتهم الشخصية وسلامة أموالهم وأن يرحل كافة الضباط والعساكر الراغبين في العودة إلى أوطانهم وأن يعطيهم المصاريف اللازمة لهم ولسفرهم. وان يوزع عليهم مبلغ خمسة آلاف جنيه بنسبة معتدلة، وأن يبقى جميع موظفي الحكومة الملكيين في مراكزهم ممن يجد فيه الكفاءة في تأدية واجبه بأمانة، ويتعهد ابن سعود ـ أيضاً ـ بأن ينمح آل الحسين جمع ممتلكاتهم الشخصية في الحجاز، وبأن يمنح جميع السكان والضباط والجنود الموجودين بينبع الحقوق والامتيازات الممنوحة لزملائهم في جدة ما عدا النقود"!.. وفي عصر يوم الخميس 1 جمادى الثانية 1344 وقع السلطان ابن سعود هذه الاتفاقية وفي الساعة السادسة ليلا من نفس الماء وقع عليها الملك علي واعتبرت نافذة من ذلك الوقت. واحتفل المعتمد البريطاني وعبد العزيز تلك الليلة بالانتصار الانكليزي السعودي… ومضت أيام الجمعة والسبت والاحد في هدوء واطمئنان!، وأخذ الجنود والضباط فيها يستعدون للتسليم، وفي الساعة الرابعة من صباح الاحد 4 جمادي الثانية استقل الشريف علي بن الحسين زورقا بخاريا إلى البارجة البريطانية (كورن فلاور) التي استقله إلى عدن فالعراق، ثم لحق به الشريف شاكر وكاتبه عبد الله رشيد وبعض خدمه ولبث بها حتّى يحين موعد الرحيل. وقبيل أن يغادر الشريف علي رصيف ميناء جدة بدقائق وزع منشورا على الشعب يذكر فيه اخلاصه وجهاده وحياته!.. ومنه ما يلي: جيشي "الباسل" وشعبي الكريم!! "إلى جيشي الباسل وشعبي الكريم: "اني أحمد الله كثيرا، وأشكره، شكرا جزيلا في السراء والضراء. منذ تشرفت بالقدوم إلى هذه البلاد المقدسة مع جلالة والدي وأنا أعتبر نفسي فردا من أفرادها العاملين لخدمة وطني حتّى جاء اليوم الذي تنازل فيه فكلفتموني بتولي الامر بعده في ذلك اليوم العصيب والخطب الجسيم والعدو على الابواب.. ولديه من القوات والمعدات والدعم البريطاني ما ليس لدينا... واصررتم كل الاصرار رغما عن ارادتي حتّى قبلته مستعينا بالله مستمدا منه العون والتوفيق مشمرا عن ساعد الجد مرتديا رداء الثبات والصبر، وأحضرت كلما استطعت مما رأيتموه من جند وأسلحة، وسهرت الليالي الطوال، وصابرت هذه الحرب وصرتم يا أهل هذه البلاد معي على الكوارث، وشاركتموني في ويلاتها ومشاقها وخسائرها مما جعلني مدينا لكم إلى الممات حتّى نفذ ما كان في اليد من المال مما أملكه ومما أعنتموني أنتم ووالدي، وهلك كل ما في القدرة والمستطاع فها أنا اليوم مضطر لان أصرح لكم بأنني رجحت الانسحاب من الحرب ودخلت في مفاوضة تضمن السلام وتصون الحقوق لكم جميعا فكونوا على علم واني أرجوكم تطبيق كل ما جرى عليه القرار وتنفيذه حفظا للسكينة والحقوق العامة والشخصية، واني أرجو لكم مستقبلا حميدا، وأرجوكم الصفح عن الزلات والخطأ والهفوات وأشكركم من صميم فؤادي على ثباتكم الشريف ووقوفكم الحميد وتضامنكم الحسن. "وقد شكلت حكومة مؤقتة أهلية للنظر في الأمور يرأسها القائمقام الشيخ عبد الله زينل مع بقاء جميع كبار الموظفين الاهليين. "اني أستودعكم الله لعينه التي لا تنام…"الخ. وفي مساء الاحد عاد المعتمد البريطاني إلى الرغامة وأخبر "عظمة السلطان" أن الشريف عليا قد أقام بالبارجة البريطانية وانه قرر السفر إلى عدن ومنها إلى العراق. وفي صباح الاثنين قدم إلى مقر ابن سعود المعتمد البريطاني ومعه رئيس الحكومة المؤقتة القائمقام عبد الله زينل ورئيس القوة العسكرية الضابط صادق بك وقدمهما إلى "السلطان عبد العزيز" فكان مجلسه حافلا بالضيوف ورجال الخاصة. وبعد أن استقر بهما لمقام قال المعتمد البريطاني: انّه يقدم إلى السلطان بصورة رسمية رئيس الملكية ورئيس العسكرية ليكونا مسؤولين أمامه، فشكره ابن سعود وأثنى على عمله وجهوده. إستسلم وسلِّم وإسلم واستلم تسلَم بهذا تسلمت بريطانيا الحجاز من الحسين وابنه علي، فسلمته إلى عميلها عبد العزيز آل سعود، يدا بيد. أليست هذه عمالة مفضوحة؟.. وهل من عمالة أكبر من هذه العمالة السعودية؟. إذاً .. فلماذا "آل سعود" لا يدعمون العملاء خدمة للصهاينة ووفاء بالدين؟!. وجزاء بالمثل؟!. وبعد هذا التسلم والاستلام، رجع المعتمد البريطاني "جوردن" وبقي الرئيسان "يتذاكران" مع ابن سعود في الترتيب الذي يرى من أجل ضبط ممتلكات الحكومة والاشياء التابعة لها!… وحرص ابن السعود على الممتلكات وشدد عليها أكثر مما حرص على المواطنين… وبدأت وفود المتزلفين للسلطان، وفي مقدمتهم محمد نصيف المعروف باسم الوهابي" وقاسم زينل ورجال ديوان الملك علي وكبار موظفي حكومته. وفي صباح يوم الثلاثاء 6 جمادى الثانية أمر بن سعود كل من يوسف يس وخالد "بك" الحكيم، وحسن "بك" وفقي، وعبد العزيز العتيقي بدخول جدة وتسلم المهمات الحربية والعسكرية وترتيبها والنظر في الحالة "الامنية" فتوجهوا بسيارة "السلطان" ودخلوا جدة في الساعة الثالثة والنصف، وفي هذه الساعة كانت البارجة التي تقل الملك علي تتهيأ للرحيل وقد ذهب لتوديعه قناصل الدول وبعض "الوجهاء" وجواسيس السعودية للتأكد من سفره… وفي الساعة الرابعة كانت البارجة تغادر مياه جدة. ويومها أقيمت لعبد العزيز، الاحتفالات بالقندرة، وبقي عبد العزيز فيها بقية يومه وليلته، وافترس بعض الفتيات من "أشراف الحجاز" والوجهاء باسم الزواج… والقندرة هذه ـ للايضاح ـ ليست حذاء يليق "بجلال" المناسبة بل هي حيّ من أحياء جدة، ما زال اسمه الكندرة… وفي صباح الخميس 8 جمادى الثانية ـ 24 ديسمبر1925 دخل "السلطان" على "عروس البحر" جدة ونزل في بيت كبير العملاء المدعو محمد نصيف وتقدم إليه بقايا المتزلفين فرحين مستبشرين وهنأوه بزواجه وعرضوا عليه خدماتهم لنخس "أجمل البنات من خيار العائلات" وتمنوا له "طول العمر" والسعادة والتلذذ والمتعة الحسية والجنسية… ولقد وردت كلمات: "التلذذ والمتعة والسعادة الحسية" في خطاباتهم!.. وألقى الفتى الجميل حصين بن محمد نصيف "كلمة المادحين في سلوك الفاتحين" وقال: اننا نفديك بالروح يا من واسيت الجروح". وبدأ "براز" الكلمات يأخذ مجراه الطبيعي في مجاري النفاق القذرة، وسمع عبد العزيز في الحجاز ما لم يسمعه طيلة حياته في نجد… من أهل نجد. الذين ثاروا عليه بعد هذه المدائح الوقحة التي مهد بها العملاء في الحجاز بتتويجه "ملكا للحجاز ونجد"!… والشعب في الحجاز يبرأ من أقوال العملاء… احتجاجات عالمية إسلامية ترفض اعلان الملكية السعودية في الحجاز لقد أحدث اعلان عبد العزيز نفسه "ملكا على البلاد المقدسة" ضجة كبرى في العالم الإسلامي عامة وغضب شديد في مصر والهند بوجه خاص وأعرب حتّى المستشار السعودي حافظ وهبة عن الرفض لأعلان الملكية السعودية في الحجاز كما ورد في رسالته… ونتيجة لذلك لم ير عبد العزيز بدا من دعوة المسلمين إلى عقد المؤتمر الموعود في الحجاز… فوجهت الدعوة باسمه إلى عدد من الاقطار وحضرت بعثات عربية إسلامية ومنها بعثة برئاسة الشيخ محمد الاحمدي الظواهري شيخ الازهر آنذاك ومحمد المسيري مدير ادارة الحج بوزارة الداخلية المصرية، والاستاذ محمد توفيق قنصل مصر بجدة… وألقيت كلمة باسم الملك عبد العزيز، ألقاها حافظ وهبة… راح يلعن فيها الحسين بن علي ويقول (انّه وضع البلاد المقدسة تحت السيطرة الاجنبية غير الإسلامية)!. وراح حافظ وهبة يتهم الشعب في الحجاز ويزعم (بأن أبناء الحجاز هم الذين يتهمون النجديين بالكفر، وانما كل إنسان يرى أعمال السعوديين الإجرامية يجزم مؤمنا انها لم تنتج إلا عن أعرق الفجار فجرا وأكفر الكفار كفرا بكل القيم.. واستطرد عضو مجلس الربع حافظ وهبة في خطاب العرش للمؤتمر قائلا: (اننا نقر أن يكون حكما مستقلا في الحجاز يمارس فيه الناس الاستفتاء في اختياركم حاكم الحجاز… ونحن لا نقصد بانقاذ الحجاز من حكامه الاولين أن نتملك الحجاز أو نتسلط عليه بالمعنى الذي كان معهوداً فيه) ثم راح حافظ وهبة يخبط… ويكذب على رؤوس الاشهاد… ويقول: (أيها الخوة انكم تشاهدون بأعينكم وتسمعون بأذانكم ممن سبقكم إلى هذه الديار: أن الامن العام في جميع بلاد الحجاز، حتّى بين الحرمين الشريفين، بدرجة الكمال، التي لم يعرف لها مثيل ولا ما يقرب منها منذ قرون كثيرة بل لا يوجد ما يفوقها في أرقى دول الدنيا نظاما وقوة، ولله الفضل والمنة. ففي بحبوحة هذا الامن والحرية التي لا تتقيد إلا بأحكام الشرع، أدعوكم إلى الائتمار والتشاور في كل ما ترون من مصالح الحجاز وتطهيره من البدع والخرافات والفواحش والمنكرات التي كانت فاشية فيه بدون نكير! وباستقلاله المطلق، وسلامته من كل نفوذ أجنبي الخ… وما أن سكت حافظ وهبة عن الدجل والزيف الانكلو سعودي… حتّى وقف الشيخ شوكت علي شيخ المسلمين في الهند، ليلقي كلمته ـ الهامة فعلاً ـ باسم المسلمين في الهند، وجاء فيها: (ليس بوسعي الموافقة على الضرائب التي يفرضها السعوديون على الحجاج الذين يحضرون لأداء فريضة الحج لا للسياحة والقول الهزل، وليس بوسعي أن أبيح أن تكون الحجاز تحت سيطرة ملكية مهما كان نوعها، وإذا كان ما تقولونه صادقاً عن اعطاء الحجاز استقلاله في ظل الانتخابات فليكن هذا برعاية مؤتمرنا هذا، واني لست مستعدا لمنح هذه الحكومة السعودية غير المشروعة شهادة حسن حال وسلوك لما رأيناه بأعيننا، واني أقول مثلما قاله الأخ شعيب أن الحاج يريد أن يرى قبلة الإسلام طاهرة ويراه يحصل على حريته)، وقال: (وقد لا يأتي إلى الحجاز حجاج، فالحجاج يتضررون من الحالة الحاضرة والحجاز يتضرر أيضاً، ويجب أن لا ننسى أن الحاج لا يأتي إلى هنا إلا لغرض ديني) وقال الشيخ شوكت علي: (ان هذه الحكومة السعودية لم تحصل على استحقاق الشكر). ووقف يوسف يس المندوب السعودي قائلا بيت الشعر العربي القديم المعبّر عن عدم رضاه وسادته عن شيخ الإسلام في الهند: وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا ثم قال: ان هذه الاعتراضات تكررت من كل الوفود في كل موضع وفي كل مناسبة فأرجو أن لا نسمع شيئا من هذا بعده وإذا كان أمر مساعدة الهنود متوقفا على ما نراه وإذا كان اسعاد الحجاز متوقفا على مساعدة الهنود فلسنا بحاجة). هكذا تكلم هذا القواد وبكل وقاحة، اقول، قواد، لأن وارده من الرقيق بلغ أكثر من 700 جارية… وبذلك استحق لقب المستشار الأول. وقال أحد أعضاء وفد سوريا ردا على يوسف يس: (ان البلاد المقدسة حتّى بعد تتويج سيدك نفسه ملكا لم تعد لك ولا لسيدك ولا لبريطانيا التي سلمتكم أرضنا الطاهرة، ان الأرض هي ارض عربية أولا وهي أرض إسلامية ثانيا، ونحن في مؤتمر إسلامي عقد اما لمنحكم الثقة وإلا لا ثقة، والحقيقة أن الثقة فيكم معدومة). وتكهرب الجو، وحاول أحد الهنود تلطيفه بإلقاء بعض الثناء على ابن السعود ولكن أعضاء المؤتمر أسكتوه وقطعوا حديثه باقعاده وقام الشيخ الظواهري رئيس البعثة المصرية بالقاء كلمة ارتجالية قال فيها: (سأقول بصراحة وأرجو أن لا يتالم أحد. كم قال القائلون أن السعوديين يكفّرونكم وكنا نشك في بعض ما يقال. ولقد رأيت بعيني هنا أمراً آلم نفسي… فقد كنت بالحرم أمرّ خلف المقام بعد الطواف فشاهدت جماعة يلتفون حول شخص مصري ويقولون له بعنف شديد وقسوة "أأنت قلت يا رسول الله؟!" هنا خاف الشخص في نفسه وأنكر ـ أنه قال يا رسول الله! ـ وانكمش وذعر إلى درجة أفاضت عيني من الدمع وقد جاءني بعد ذلك ومعه كثيرون من المصريين يقولون لي: "أرأيت كيف ينكرون علينا قولنا يا رسول الله ويدعوننا إلى الكفر؟!" فهّدأت روع من جاءني وقلت لا تفزعوا حتّى يتبين الحق!. وأنا أناشدكم الله ورسوله ـ وإذا قلت ورسوله فلا أريد أن يعترض علّي معترض لأن هذا هو اعتقادي!).. وقال: (والحجاز مركز عام لاهل القبلة جميعا يفد عليه المسلمون من كل فج على اختلاف مذاهبهم الفقهية والكلامية ليقضوا مناسكهم ولهذا يقرر المؤتمر أن يؤدي الحجاج عبادتهم ومناسكهم ولا يمنعوا منها أبدا ولا تمس كرامتهم)… ولما رأى السعوديون أن كل أعضاء المؤتمر قد وقفوا ضدهم وأدانوا الاحتلال السعودي، بالجرم المشهود والافعال المنكرة حاولوا أن يخرجوا في هذا المؤتمر من يخفف من تلك الصفعات التي وجهها اليهم أعضاء المؤتمر العالمي الإسلامي في مكة…، فاتفقوا مع أحد الباكستانيين على جملة من الكلام مقابل صفقة مالية فوقف يشكر أعضاء المؤتمر على جهودهم واجتهادهم ويدعوهم للصلح والتسامح ثم تدرج رويداً رويداً إلى كيل الشكر والثناء والمديح للملك الغاصب عبد العزيز بن سعود وقال: (ان ابن السعود باعتباره حاكماً للحجاز فان له سيادة نوعية على العالم الإسلامي أجمع) فنهض الشيخ الظواهري مقاطعا كلامه بقوله: (نحن لا نقرك على قولك هذا) ثم أعلن الهنود والجميع بأنهم براء من كلام هذا الرجل الشاذ وأنه لم يخبرهم بما قاله من منكر!… وانتهى المؤتمر بمثل ما افتتح به من رفض مطلق لحكم الاحتلال السعودي… فأقام ابن السعود وليمة للمؤتمرين وحاول أن يخدعهم بكثرة الطعام ومعسول الكلام… ولكن الجميع أعربوا له أنهم على علم بأنه سوف لن ينفذ أي قرار من قرارات المؤتمر وأنه ما دعاهم إلا تستراً على أعماله الفاحشة وتضييعاً للوقت ليتمكن من السيطرة على الاراضي المقدسة بقوة الاحتلال السعودي، وقال الشيخ الظواهري: (انني أريد أن أتكلم لك يا عبد العزيز في شئ مهم وهو أننا زرنا اليوم المآثر والمقابر فرأينا ما فتت أكبادنا وأسال دموعنا ومالا يقره دين ولا شرف ولا انسانية. فقد رأينا الكلاب ترتع وتبول على أرض مسها جسم النبي العربي عليه السلام وهدمتم كل آثار هذا النبي ومآثر جهاده في سبيل اعلاء شريعة العدل والسماحة والمساواة والحرية وأصبحت كل هذه المآثر قاعا بلقعا تتكاثر فيه الكلاب وقلنا: لا شك أن حاكم فعل هذا باسم الدين هو من الدين براء، بل هو لم يأت إلا لخراب الدين وقواعده واسسه وكل ما يدل على تاريخه، يا عبد العزيز… ان من كان قبلكم من الفاتحين المسلمين كانوا يحولون معابد غير الله إلى مساجد ومنابر لحرية الرأي ومهما قلتم في أسباب هدمكم لمآثر النبوة والرسالة الإنسانية فلن يبلغ إلى مرتبة إلى مرتبة التصديق). وهنا ألقى عبد العزيز باشارة إلى بعض حاشيته الذين أخذوا يحثوه على القيام، وقطع الحديث.. فقان بكل قلّة أدب، مما أغاظ الحاضرين… ثم أرسل إلى الوفود بهذا الخطاب الذي كتبه جون فيلبي وحافظ وهبة وينتقد فيه أعضاء المؤتمر من جهة، ومن جهة يكيل الوعود بالعمل للبلاد والحريات والبناء التي لم يفعل منها آل سعود أي شئ حتّى الآن!.. النص الحرفي لخطاب عبد العزيز المترجم باسمه من الانكليزية للعربية، وثيقة عار في وجهه يقول الخطاب: لا أريد أن أتدخل في أعمالكم ولا أقيد حرية المؤتمر في البحث كما وعدت بذلك في خطاب الافتتاح (!) ولكني أريد أن ألفت نظركم الكريم إلى بعض الأمور بصفتي زعيماً من زعماء الإسلام الذين ألقيت اليهم مقاليد أمور هذه البلاد. ان الدعوة التي وجهتها إلى ملوك المسلمين وامرائهم وشعوبهم والتي عليها أوفدت الحكومات والشعوب ممثليها تنحصر في اسعاد هذه البلاد وانهاضها من كبوتها وجعلها في المستوى اللائق بكرامة المسلمين دينياً وعلمياً وأدبيا. ولقد كنت أنتظر من حضراتكم كما ينتظر اخوانكم المسلمون في كل مكان أن تخطوا خطوات واسعة في هذا السبيل ولكن يظهر أننا نحاول القيام بكل شئ في أول مؤتمر إسلامي وأخشى أن حرصنا على القيام بكل شئ يجعلنا نفقد كل شئ… وأفضل شئ التدرج في السير! اني وان لم أحضر مجلسكم واقف على مباحثاتكم بالتفصيل فاني على اتصال دائم روحي بكم "!" ويهمنا جدا أن تنجحوا حتّى تبرهنوا للعالم أن المسلمين أهل للحياة وانهم يجب أن يأخذوا قسطهم من الحياة في هذا الوجود وان دينهم لا يحول دون رقيهم وأنهم وان اختلفوا في الاراء والافكار فهم أمام المصلحة العامة كتلة واحدة لا تنفذ إليها الاغراض والاهواء "!" أيها الاخوان: اني لا أريد علوا في الأرض ولا فسادا ولكن اريد الرجوع بالمسلمين إلى عهدهم الأول عهد السعادة والقوة. عهد الصحابة والتابعين ومن تبعهم باحسان!. لا شئ يجمع القلوب ويوحدها سوى جعل أهدافنا تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بقعة في الأرض تصلح لهذا الغرض سوى هذه البقعة الطاهرة التي منها بزغ شمس الإسلام ولذا فاني أرى أن تكون الكلمة العليا والرأي النافذ لجميع العلماء المحققين الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم وان جميع البلدان الإسلامية مملوءة بالعلماء أولو البصيرة والخبرة فلترسل كل امة منهم جماعة ليقوموا بالوعظ والارشاد وتقرير ما يجب تقريره في هذه البلاد. كلنا يعلم أن هذه البلاد ينقصها شئ عظيم من الاصلاح دنيا ودينا فشاركونا في ذلك نشكركم ويشتد ساعدنا بكم. أما إذا تركنا نسير وحدنا والوقوف موقف الناقد العاذل فذلك لا يليق بالاخوة الإسلامية!.. أيها الاخوان: انا لا نكره أحدا على اعتناق مذهب معين أو السير في طريق معين في الدين فذلك موكول أمره لعلماء الدين وحملة الشريعة. ولكني لا أقبل بحال من الاحوال التظاهر بالبدع والخرافات التي لا يعتبرها الشرع وتأباها الفطرة السليمة. لا يسأل أحد عن مذهبه أو عقيدته، ولكن لا يصح أن يتظاهر أحد بما يخالف اجماع المسلمين أو يثير فتنة عمياء بين المسلمين، وخير لنا أن ننظر إلى صالح المسلمين. ونترك هذه الأمور الجزئية للعلماء فهم أحرص منا على ذلك!!. أيها الاخوان: أرجو أن لا تضيع الفرصة الباقية قبل أن تستفيد البلاد المقدسة منكم حتّى يجئ الحج القادم ويشعر المسلمون الوافدون أنكم قمتم بواجبكم نحو هذه البلاد! وبهذه المناسبة اقدم لكم خطتنا السياسية لهذه البلاد لترشدونا إذ أخطأنا وتؤيدونا ان أصبنا: 1 ) اننا لا نقبل أي تدخل أجنبي في هذه البلاد الطاهرة أيا كان نوعه! 2 ) اننا لا نقبل امتيازات لاحد دون، أحد بل جميع الوافدين لهذه البلاد يجب أن يخضعوا للشريعة الإسلامية! 3 ) ان البلاد الحجازية يجب أن يوضع لها نظام حيادي خاص. لا تحارب ولا تحارب، ويجب أن يضمن هذا الحياد جميع الحكومات الإسلامية المستقلة! 4 ) النظر في مسائل الصدقات والمبررات التي ترد من سائر الاقطار العربية الاسلامية ووجوب صرفها وانتفاع البلاد المقدسة منها! هذا ما أحببت تقديمه اليكم والله يتولانا برعايته يوفقنا جميعا لما فيه خير الإسلام والمسلمين!… وهكذا تملص عبد العزيز من رفض سيطرته الملكية، ومطالبة المؤتمر باقامة حكم جمهوري ديمقراطي محايد في الحجاز، واكتفى بارسال هذا الخطاب التافه السعودي… وفيما يلي المذكرة التي قدمها أعضاء المؤتمر وكانت من وضع الوفد المصري وشيخه الظواهري: نص مذكرة الشيخ الظواهري شيخ الأزهر قد عرض الملك عبد العزيز بأن المؤتمر وقف من حكومته موقف الناقد العاذل!. وعقيدتنا أن جميع أعضاء المؤتمر ما كانوا يقصدون إلا إسعاد الحجاز وان قلوبهم كانت ممتلئة بالاخلاص. ولقد أعرب الملك عن الرغبة في ترك المسائل الدينية للعلماء، وظاهر أن ذلك لا يمكن أن يكون لعلماء مذهب واحد ولا لعلماء المذاهب على أن يجتمعوا من سائر الاقطار بمكة للتناظر والمجادلة وايقاظ التعصب المذهبي. انّما الممكن أن يكون ذلك لعلماء كل المذاهب على أن يرشد كل فريق اتباع مذهبه إلى حكم الله في ذلك المذهب وارشاد الحكومة الحجازية إلى ما هو من مواضع الوفاق وما هو من مواضع الخلاف وهذا هو ما قرره المؤتمر في هذا الشأن قبل أن يصل إليه كتاب الملك. ولقد قال أنه لا يقبل بحال من الاحوال التظاهر بالبدع والخرافات التي لا يعتبرها الشرع وتأباها الفطر السليمة. وهذا قول حق إذا كان المراد به ما يقرره جميع علماء المذاهب الإسلامية انّه من البدع والخرافات. أما ما يقول فريق من العلماء أنه منها ويقول فريق آخر أنه ليس منها فلا تمكن الموافقة على أنه مدلول هذه الفقرة. وقد قال الملك عبد العزيز أنه لا يسأل أحدا عن مذهبه ولكن لا يصح أن يتظاهر أحد بما يخالف اجماع المسلمين أو يثير فتنة عمياء وهذه الكلمة الاخيرة (أو يثير فتنة عمياء) واسعة النطاق غير محددة فقد يفهم قوم أن من التظاهر بما يثير فتنة عمياء التظاهر بمنع الناس من أمور جائزة في مذاهبهم وقد يفهم آخرون أن من ذلك، التظاهر بفعل ما تبيحه المذاهب متى كان ممنوعا في مذهب آخر ولا شك أن في تطبيق هذا المبدأ خطرا كبيرا قد ندرك مغزاه من الحادثة الآتية: سأل سائل أمامنا الشيخ ابن بلهيد كبير العلماء السعوديين وقاضي القضاة عن سبب منع شرب الدخان فقال "نحن لا نمنعه لانه حرام ولا لانه حلال فنحن نعلم أن فيه خلافا بين العلماء وانما نمنعه لأن السعوديين إذا رأوا من يشربه ذبحوه"! فهل هذا هو الذي يعنيه "جلالة" ابن السعود بهذه الفقرة؟! وهل يريد السعوديون أن يحكّموا البدو في كل من يفد على الحجاز بمثل هذه العلة. وهل مثل هذا التصريح الفتوى في مصلحة السعوديين وفي مصلحة الحجاز نفسه؟. وهل مع هذا يمكن أن يأمن الناس في حرم الله حيث يأمن الحيوان والنبات ويكون الحاج في خطر الذبح أن خالف مشيئة آل سعود ولو في شرب سيجارة!.. ومن هم الاحق بالمقاومة والردع، أولئك الذين يذبحون شارب الدخان أم أولئك الذين يفعلون ما تبيحه مذاهبهم الإسلامية لا يضر أي إنسان!. وقال عبد العزيز: "وخير لنا أن ننظر إلى مصالح المسلمين ونترك هذه الأمور الجزئية للعلماء" وقد كنا نود أن يراعي هذا المبدأ من أول الامر فلا تهدم المآثر وغيرها حتّى يرى علماء المذاهب الإسلامية رأيهم فيها!. ولقد بين عبد العزيز خطته السياسية وطلب الارشاد ان كان ثمة خطأ ولو اتيح لنا أن نفحص هذه الخطة ونبين نتيجة الفحص لبيناها كالآتي: قال في البند الأول "اننا لا نقبل أي تدخل أجنبي في هذه البلاد الطاهرة أيا كان نوعه" وكلمة "الاجنبي" هذه مجملة… فإذا كان المراد بها هم أعداء العرب والاسلام، فذلك ما يؤيده فيه كل العالم الإسلامي. إلا أن تطبيق ذلك مع الجمع بين "سلطنة نجد ومملكة الحجاز" يحتاج إلى دراسة المعاهدات التي عقدها ابن السعود مع الدول الاجنبية والانكليز بالذات خشية أن يكون فيها يا حمل اقرار الجمع اقراراً بوجه من الوجوه التدخل الذي نهى عنه في هذا البند! فمثلا إذا فرض ان لدولة أجنبية حق التدخل في تعيين سلطان نجد من بين آل سعود كان معنى ذلك أن لهذه الدولة حق التدخل في تعيين ملك الحجاز ما دام سلطان نجد هو ملك الحجاز!. وإذا كان المراد "بالاجنبي" من ليس من أهل الحجاز وان كان مسلماً فلا ندري كيف يمكن اقرار ذلك والحجاز لجميع المسلمين!. ولا ندري كيف ساغ حينئذ تدخل ابن السعود والانكليز في نجد والاراضي المقدسة باسم الدين وهم من الاجانب!. وقال عبد العزيز في البند الثاني "اننا لا نقبل امتيازاً لأحد دون أحد بل جميع الوافدين لهذه البلاد يجب أن يخضعوا للشريعة الإسلامية"! فإذا كان معنى هذا منع ما يسمى في العرف السياسي بالامتيازات الاجنبية فذلك ما نوافقه فيه ولكنا في الوقت نفسه نتساءل عما يعنيه بالشريعة الإسلامية التي يجب أن يخضع لها كل من يدخل الحجاز فإذا كان المراد هو الشريعة في مذهب آل سعود فهناك الخطر الشديد على قاصدي الحجاز وقاطنيه فان مما تجيزه المذاهب الإسلامية ما يعده السعوديون شركا أو دون الشرك بقليل ومعنى هذا أن يكون عمل المسلم بمذهبه مما يعرّض لعقوبة الاعدام أو الضرب أو غير ذلك من وجوه التعذيب الشرعي السعودي. أما إذا كان المراد الخضوع للشريعة بأوسع معانيها فذلك ما تؤيده فيه كل التأييد ولكن ذلك بمقتضى: أولا: سن قانون شرعي يوافق عليه المسلمون على اختلاف مذاهبهم. ثانيا: اقامة قضاة يثق بهم العالم الإسلامي وإلا لم يكن هناك أي ضمان للارواح والاموال خصوصاً بعدما حدث من السعوديين عندما استحلوا دماء أهل الطائف وأموالهم وغير أهل الطائف من أجل مذاهبهم السعودية في بعض الأمور التي دفعهم الانكليز إليها… وقال عبد العزيز في البند الثالث "ان بلاد الحجاز يجب أن يوضع لها نظام حيادي خاص لا تحارب ولا تحارب، ويجب أن يضمن هذا الحياد جميع الحكومات الإسلامية المستقلة". وهذا الاقتراح انّما يفهم إذا كان على وجه يشمل مسألة الحجاز كلها. يستوي في ذلك الحاكم وطريقة الحكم فهو على هذا التقرير يمكن قبوله على الطريقة الآتية: أولا: أن يكون انتخاب الحاكم بواسطة الحكومات الإسلامية المستقلة إلى مدة معينة. ثانيا: أن يدخل في هذا الضمان كل الحكومات المجاورة للحجاز. ثالثا: إذا وقع خلاف بين الحجاز وأحد مجاوريه كان حله بواسطة الحكومات الضامنة. رابعا: لا ينتخب لحكم الحجاز أحد من آل الامارة أو الملك في الحكومات المجاورة حتّى لا توجد سبيل إلى المطامع. وهناك طريقة أخرى وهي أن ينعقد مؤتمر الحكومات الإسلامية المستقلة فيضع نظاماً وافياً لطريقة الحكم ثم ينتدب هذا المؤتمر واحدة من هذه الدول لتنفيذه على أن تكون مسؤولة أمام هذا المؤتمر تقدم تقريرها إليه في كل عام وعلى أن يراعى في وضع النظام رغبات الشعوب الإسلامية وأن يكون الانتداب إلى مدة معينة، ولا مانع من تجديده لنفس تلك الدولة وهذا هو الذي ينبغي أن يكون أساس المؤتمر الحجازي السنوي. لقد تبين في المؤتمر الأول الذي انعقد هذا العام رغبات الشعوب، فلنعقد المؤتمر الثاني من مندوبي الحكومات الإسلامية لتنفيذ رغبات الشعوب ووضعها في القالب الدولي الحكومي. أما إذا كانت مسألة الحاكم لا دخل للدول الضامنة فيها وأن معنى هذا البند أن عليهم أن يعترفوا بحكومة "جلالة ابن السعود" في الحجاز وأن يضمنوا له هذا الملك فتلك مسألة تحتاج إلى امعان النظر قبل اقرار هذا الاقتراح. وقد جعل "جلالته" الركن الرابع من خطته السياسية النظر في أمر الصدقات والمبّررات التي ترد من سائر الاقطار الإسلامية ووجوه صرفها وانتفاع البلاد المقدسة منها. وأول ما يستوقف النظر جعل هذه المسألة الجزئية ركناً من أركان الخطة السياسية على أن الصدقات والمبررات التي يرغب صاحبها في توزيعها على وجه خاص بنفسه أو بنائه لا سبيل إلى اقرار تدخل الحكومة فيها بل أمرها موكول إلى محض ارادة المتصدق. لذلك لم نفهم معنى لذكر هذا البند كركن من الخطة السياسية بل نرى أن ذكره قد يغل أيدي المتصدقين الذين لا يريدون أن يتحكم أحد في صدقاتهم. كان هذا هو رد أعضاء المؤتمر الإسلامي على خطاب عبد العزيز… وهكذا فند الشيخ الظواهري والوفد المصري جميع بنود خطاب عبد العزيز آل سعود وكل وجوه الاحتمالات وأبدى رأيه فيه بل وتعرض أيضاً لنظام الحكم في الجزيرة العربية وعدم أحقية ابن السعود فيه شرعا… الملك عبد العزيز يسحب خطابه وقد شاع أمر هذه المذكرة في المؤتمر بين الوفود المختلفة قبل عرضها رسميا وأقروها ووافقوا جميعا على ما جاء فيها الا وفد السعوديين كان ساخطا وناقماً عليها. فهي في نظرهم مذكرة جريئة من شأنها لو أقرها المؤتمر أن تقوض السياسة التي ارتآها وأعلنها عبد العزيز ليحكم البلاد بمقتضاها!. وقال الوفد السعودي (انّه وان كان حقا ان عبد العزيز في خطابه للمؤتمر قد طلب من المسلمين أن يرشدوه في شأن هذه السياسة ويبينوا له أوجه الخطأ منها الا أن أحدا من حاشية الملك أو من الوفد السعودي لم يكن يتوقع "إرشاد!" شاملا من هذا النوع أو تبيانا للخطأ بمثل هذا التفصيل!) فهو في نظرهم ارشاد معطل لمصالحهم هادم لآمالهم. ولهذا فقد عقد أعضاء الوفد السعودي النية فيما بينهم على منع المؤتمر من نظر مذكرة الشيخ الظاهري هذه. ورأوا أن أفضل طريق لذلك أن يتقدموا للشيخ الظواهري نفسه بالرجاء أن لا يتقدم بهاز ثم وسطوا عنده الشيخ رشيد رضا فانضم اليهم في الرجاء. ولكن الشيخ الظواهري اقترح عليهم اقتراحا آخر هو أن يسحب الملك خطابه. وعندئذ لا يكون هناك مجال للرد عليه فحصل ذلك فعلا فسحب الملك عبد العزيز خطابه من المؤتمر بعد أن وزع وقرأوه رسيما في المؤتمر!. وهكذا انكشف العهر السعودي باسم الإسلام!. وفي رأي أن ما طلبه الوفد المصري من ابن السعود لسحب خطابه كان عين الصواب، إذ أنه كشفه على حقيقته، وأظهر كذبه، وأنه لا وطن له ولا دين ولا ضمير ولو أن فيه ذرة من ذلك لما سحب ما كتبه خطياً من وعود وعهود!. وبعد ذلك سافرت الوفود وهي واثقة ان الحجاز قد وقع بين يدي أسرة فاجرة مخربة بعثها الانكليز من جديد لتعمل لحساب إسرائيل وله ولكل عدو للعرب مبين… وبهذه الطريقة أصبح عبد العزيز اليهودي يحمل لقب (سلطان نجد وملك الحجاز) وأصبح يتحدث عن الأمن المزعوم في البلاد!، والأمن الذي يعنيه هذا الدجال، هو: وضعه (لمهدي بك) وكيلا لاعماله في الحجاز. ومهدي بك هذا يهودي جاء به جون فيلبي من العراق للتجسس وأقام في المدينة المنورة بحجة أنه "مجاور للنبي" وهو جاسوس للانكليز فنقله جون فيلبي ليكون مديرا "للامن العام" في الحجاز وأسرف في تقطيع الاظافر وحرق الجلود بالنار وتقطيع الايدي والارجل البريئة وبربط المواطنين من أقدامهم وتعليقهم بالسقف منكسي الرؤوس حتّى يموتوا بهذه الطريقة السعودية الصهيونية كما حدث للشهيد (موسى عبد العال) على أبسط تهمة لا تمت حتّى للسياسة بصلة... فقد زعم أن أقاربه قد اشتكوه في قضية تتعلق بالارث لكن القاضي السعودي حكم لصالح أقاربه فأرسل عبد العال برقية للطاغية عبد العزيز يطلب انصافه ولكن الطاغية أرسل بالرد التالي (نكسوه) فنكس هذا المواطن على رأسه حتّى مات (مشنوقا من قدميه) والذي نفذ أمر عبد العزيز الوحشي هو فيصل بن عبد العزيز (نائب والده على الحجاز) وابن عمه اليهودي (مهدي بك) الذي كان يخفي أصله اليهودي بهذه "البيكويّة".. أما في الطائف فقد نصب مجرما آخرا يدعى عبد العزيز بن إبراهيم فكانت أحسن متعة عنده مناظر قطع الانوف والايدي والارجل والرقاب حيث لا يمر يوم واحد إلا وقد علق رزماً منها، بلا أدنى جريمة، كل ذلك بأمر من عبد العزيز ونائبه ابنه فيصل وجون فيلبي بحجة "استتباب الامن" كما يزعمون، وهكذا يعتبر هؤلاء الوحوش الفجار أن "الامن" هو انتهاك الحرمات واختطاف الغلمان والفتيات واشباع الشهوات وسرقة أموال الشعب وقتل حرياته، ودفن المواطنين أحياء في قبور يسمونها السجون، وصلبهم "في الحطبة" على ظهورهم فلا يستطيعون حراكا ولا يطعمون طعاما ولا ماء حتّى يموتون موتا بطيئا، والامن السعودي هو، اقتياد المواطنين وبيعهم وشرائهم عبيدا، وطرح الإنسان أرضا ليجلس اثنان على رأسه أو يدوسون رأسه بنعالهم، ويجلس اثنان على قدميه ثم يجلد حتّى يتمزق جلده، والامن هو الزواج بالآلاف ـ بطريقة لا شرعية ـ والتناسل بالآلاف بطريقة لا شرعية ـ هذا هو الامن السعودي الذي عجزت أمريكا وانكلترا عن تطبيقه في بلادهما وحققته عصابة همجية أطلق عليها الانكليز والامريكان لقب "الحكومة السعودية" انّه لشئ عجاب أن تستبدل المفاهيم وتسمى الوحشية أمنا!… ولا شئ من الامن في البلاد، ولا وجود للطمأنينة في الشعب، ولا أثر للحرية الخاصة والعامة، ولا شريعة إلا التعذيب والارهاب وعصي الخيزران وسعف النخل الاخضر وما مر ذكره من ارهاب وعذاب يعجز عن ذكره الكتاب… مجزرة بني مالك هذه أمثلة قليلة عن أمنهم المزعوم، ومثال آخر: ان مجزرة بني مالك تفضح "الامن" السعودي المزعوم، فما حدث لقبيلة (بني مالك) عام 1343 هـ احدى قبائل الحجاز العظيمة شئ رهيب… فقد بدأ عبد العزيز وعصابته يفرضون الضرائب والاتاوات والجزاءات باسم حق الله واسم الزكاة على الابل والاغنام والارض والماء والطرقات (وحماية الاعراض) !.. كما يقولون وكما ذكرنا في موضع آخر، وأخذوا يرسلون ـ الجباة ـ الخراصين ـ لجميع الاموال والنساء لعبد العزيز وعصابته فوصل خمسة من جنود رجل الخيانة إلى مواقع قبيلة بني مالك وحلوا ضيوفا على بيت عبد الله بن فاضل رئيس القبيلة، فقام ابن فاضل بإكرامهم ووفر لهم ما لم يتوفر له ولقبيلته من طعام ومنام، وذبح لهم الخراف، ولكن لا كرامة للئيم، فلم يكتف الخمسة السعوديون بهذا الكرم العربي ولا بما أرسلوا لسلبه من أرزاق أفراد هذا الشعب، بل حاولوا سلب عدد من نساء القبيلة كهدايا لعبد العزيز ـ كما قالوا ـ . فحاول البطل ابن فاضل أن يقنع رسل عبد العزيز بالتي هي أحسن وقال لهم: هذا يعتبر عيبا في العرف العربي!… ولكنهم أصروا على العيب نفسه!.. واعتدوا على رئيس القبيلة بالضرب. فما كان منه الا أن أدى واجبه نحو وطنه وقبيلته وشعبه وشرفه بقتل المجرمين شر قتلة متحملا كل ما سيأتيه من ملك الشر الذي هو أقوى منه وهو يردد "النار ولا العار". وما أن علم عبد الانكليز ابن سعود بمقتل رسله المجرمين حتّى جهز حملة قوامها عشرون ألفا "لتأديب قبيلة بني مالك" المؤمنة المجاهدة وأباح تجار دينه دماءها وأموالها وأعراضها، وانقسمت تلك الحملة إلى قسمين، قسم يقوده محمد بن سحمي العاصمي القحطاني وقد سلكت طريق تهامة نحو وادي بني مالك وقسم يقوده إبراهيم النشمي وسلكت طريق الحجاز نحو الوادي المذكور فأحاطوا بهم… فحلت تلك الحملة بواديهم الاخضر (وادي مهور) فأحرقته بالنار وقطعت أشجاره وهو من أخصب أودية الطائف في الحجاز وأبادت قراه ومن فيها وقتلت نحو أربعة آلاف من الرجال والنساء والاطفال وشردت ما تبقى من القبيلة وقوامها يزيد عن العشرة آلاف نسمة، واستولت على عدد من النساء والصبيان وردمت الآبار ودفنت الجداول وأهلكت المزارع، وقد وصف أحد الكتاب ما حل بهذه القبيلة من مأساة بقوله: (واكتسى الوادي بأدغال موحشة بدلا من أنسه، وصار مأوى للقردة والبوم بعد قطانه، وأبيدت زهاء ستين قرية لم يبق منها إلا الاطلال فتوهمت اني أمر باقليم حلت به كارثة من كوارث الطبيعة عفت آثاره ومحت معالمه ومضت عليه بعدها ألوف السنين حتّى جاء من يكشفه وينقب عما أبقته الكارثة من رسومه واطلاله)!! وتخريبهم لمكة وما فعلوه في قبيلة بني مالك وبلادها فعلوه أيضاً مع قبيلة الأشراف في وادي فاطمة فقد استولوا على أراضيهم وهدموا آبارهم وأهلكوا أشجار الوادي وقتلوا منهم العديد، ولم يكتفوا بهدم بيوت حكام الحجاز السابقين بل انهم أمعنوا في هدم معظم بيوت المواطنين وكان دافعهم لهذا، هدفين: الهدف الأول هو التخريب لإرهاب الشعب الذي يعرفون كرهه لهم، والثاني: هو البحث عن الأموال لتوهمهم أن المواطنين قد أخفوا أموالهم في جدران البيوت فأخذوا يحفزون أسس البيوت حتّى ينهار البيت!… وقد استقر بعض الوحوش السعوديين في ثكنة ـ جرول ـ وكانت أجمل ثكنات الحجاز وأكبرها فاقتلعوا جميع أبوابها ونوافذها وجعلوا منها وقودا ولم يبق منها سوى سقف الثكنة لانه كان من الإسمنت المسلح. وكذلك فعلوا في قصر ـ الشيبي ـ بالابطح، وكانت العصابة السعودية تدفع جنودها كلما توقفوا على التخريب… وهكذا فعلوا بسكة حديد الحجاز، الممتدة من الشام حتّى المدينة المنورة ليقطعوا أي اتصال بين الجزيرة العربية وبلاد الشام!.. ولا زال الخط الحديدي الحجازي خربا رغم كل المحاولات التي بذلت من الشعب السوري وحكوماته المتتالية… لخشية السعوديين أن يحصل تقارب بين بعض البلاد العربية ويحتك الشعب العربي ببعضه فيتولد الشرر الثوري من هذا الاحتكاك، وكذلك بالنسبة لخط حديد الظهران، فقد كان مقررا أن يعبر هذا الخط من الظهران إلى نجد والحجاز، ولكن شركة أرامكو الاستعمارية المكلفة ببنائه رأت أن يتوقف في الرياض فقط، وقالت إن هذا هو أمر الملك، فالملك لا يريد أن يسهل اتصال شعب الجزيرة ببعضه وأن لا تتقارب بينه المسافات!.. مجازر المدينة المنورة كانت المدينة المنورة متقدمة كثيرا حتّى في عهد الاحتلال العثماني الذي يعتبرونه عهد تخلف وانحطاط، فقد كان العثمانيون يضعون في المدينة جهدهم للدعاية بحجة (أن من يكرم المدينة يكرم الرسول!) حتّى جاء العهد السعودي الذي دمر كل ما فيها من آثار ثورية تدل على تلك الانتصارات العظيمة لرسول الإنسانية والاشتراكية محمد بن عبد الله على اليهود من بني القينقاع وبني النضير والملوك الخونة، فحاول آل سعود هدم ضريح الرسول، وهدموا عددا من مساجدها ومآثرها وقبور الشهداء والصحابة فيها ودمروا كل أثر يدل على أي انتصار من انتصارات العرب وأمعنوا في الآمنين قتلا ونهبا لشعبنا في المدينة وقتلوا ونفوا كل رجل دين مخلص للدين الحقيقي ـ الذي هو خدمة الشعب لا سواها ـ وشوه السعوديون الآثمون كل جمال في المدينة، فتشرد الكثير من أهلها، وعملوا على الإقلال من أهميتها وأحلوا بأهلها بعد ذلك كوارث على يدي جزار سعودي اسمه عبد العزيز بن إبراهيم بعثوا به في 10 ربيع ثان 1346 هـ ، لكنه رغم هذا فقد قامت عدة انتفاضات فيها ومن حولها، منها: انتفاضة أبناء الشيعة الذين يسمونهم (النخاولة) أي الفلاحين الذين لم يصبروا على إهانات العصابة السعودية، وقبلها بمدة عندما قامت ثورة بن رفادة ومعه قبائل (جهينة وبلى والحويطات وبني عطية) فقد تمكنت أسرة بني القينقاع السعودية من إخماد تلك الثورة الوطنية ونجحت لسببين، السبب الأول هو انّه قام بالثورة عدد من القبائل في وقت كانت فيه كل القبائل الباقية في الجزيرة إما مغلوبة على أمرها واما مخدوعة بما تدعيه عصابة الغدر السعودية من مُثل كاذبة، والسبب الثاني: بريطانيا!… بريطانيا التي بذلت كل قواها وما بوسعها لا نجاح عميلها الجديد ـ عبد العزيز… وهكذا فشلت ثورة ابن رفادة… وكيف للثائر ابن رفادة أن ينجح وقد عرفت عنه حكومة ملكية في مصر آنذاك هي نفسها محكومة للإنكليز؟… لقد خُدع الثائر ابن رفادة ولم يعلم أن كل حركة من حركاته وسكنه من سكناته كانت تصل إلى عبد العزيز من سادة عبد العزيز الانكليز في مصر… وانتهى الثائر ابن رفادة وفشلت ثورته فقتل، وقد أشاع السعوديون أن ابن رفادة كان يريد إعادة حكم الأشراف إلى الحجاز… وهذا زعم كاذب، وكانت المجزرة، إذ قتل السعوديون ما يزيد عن سبعة آلاف شخص بعد إخماد تلك الثورة، رغم أن أكثرهم لم يشتركوا فيها، وكان نصيب النساء والأطفال وافر من مجازر آل سعود.. وزاد عدد الذين فروما إلى مصر والأردن عن عشرة آلاف خلاف الذين شردوا في الأقطار العربية الأخرى أو ماتوا غيلة في السجون الوحشية السعودية في الحجاز، وكان السعوديون يعتدون على النساء عدوانا فاحشا بحجة (إنهن نساء الكفار) وكان نصيب قبائل جهينة وبلي والحويطات وبني عطية وافر من ضحايا القتل السعودي والتشريد.. لكن الذي مر على الحجاز من هذه المآسي. مر على نجد وعسير والإحساء وحائل والجوف، على أيدي فرق القتل السعودية… وما فعله آل سعود في عهدهم الأخير فعلوه سابقا في عهد الآفاق محمد بن عبد الوهاب وشريكه محمد ابن سعود حينما قاتلوا شعبنا في الرياض واغتالوا حاكمه دهام بن دواس بحجة "أن أهل الرياض من الكفار" كغيرهم من أهل (نجد) كلها بجميع مدنها وباديتها وقراها، (و لا زالت آثارهم في نجد تشهد على جرائم آل سعود). والمجازر السعودية في وادي الدواسر ومن يذهب إلى وادي الدواسر ـ مثلا ـ فعليه أن يتأكد ممن عايشوا المجازر السعودية الأولى فيخبره هؤلاء عن قصص الآبار المردومة والبيوت المهدومة والنخيل والأشجار المحروقة بعد أن قتل آل سعود ثلاثة آلاف من أبناء شعبنا في وادي الدواسر بحجة أنهم "كفرة" رغم أن معظمهم قتل في المساجد غدرا وهم يؤدون صلاة الصبح وهدموا عليهم المساجد وأحرقوا جثث أبناء الدواسر المؤمنين بالنار التي أوقدها آل سعود بسقوف المساجد المهدومة على المصلين!. ثم خرجوا على بيوت شعبنا في وادي الدواسر ونهبوها عن آخرها وكانوا يقطعون أصابع أرجل الأطفال ثم يقطعون أرجلهم ثم يقطعون أصابع أيديهم ثم يقطعون أيديهم ويتركونهم أحياء ليموتوا موتا بطيئا، وإمعانا منهم في إرهاب البقية، قاموا باستخراج عدد من عيون الأطفال بخناجر "جند الإسلام" المزعومين وسلموا عيون الأطفال للأطفال أنفسهم بأيديهم، وقد حدث هذا في عهد عبد الله بن فيصل (الأول) وذلك عام 1286 هـ وكذلك حدث مثل ذلك لشعبنا في وادي الدواسر على يدي محمد بن عبد الوهاب وزوج ابنته عبد العزيز بن محمد بن سعود عام 1179 هـ ـ 1766 م حالما تولى منصب والده محمد بن سعود الذي مات من إسهال أصابه عندما هاجمه أبناء شعبنا من قبائل نجران بقيادة حسن بن هبة الله والعجمان وبني خالد بقيادة حاكم الإحساء آنذاك عرار الخالدي، ( بعد أن تواعدوا بالزحف في آن واحد من نجران والإحساء على "درعية" بني القينقاع آل سعود).. وما من قبيلة أو مدينة أو قرية الا واتهمتها عائلة آل سعود اليهودية وشريكتها الوهابية "بالكفر" وقاتلوها باسم الكفر بينما أهلها يصلون ويصومون ويشهدون بالله ورسوله!.. حتّى أهل الدرعية الحقيقيين من الدواسر قتلهم الجد اليهودي الأول لآل سعود واستبدل اسم أراضيهم المعروفة باسم (الجزعة وغصيبة) باسم آخر هو (الدرعية) مكايدة للعرب وتفاخرا من هؤلاء اليهود بأنهم "اشتروا" درع الرسول العربي محمد بن عبد الله من كبار بعد هزيمة النبي محمد في معركة أحد… (الجيش السعودي الأول) يثور ثورة الجيش السعودي، أو انقلاب الإخوان… والاخوان: هم الجيش السعودي الانكشاري الأول، فهم الذين جعل منهم الانكليز "إخوانا" وسنوا لهم دينهم من حيث لا يعلمون، وضللهم الانكليز بعدد من أصحاب الذقون المستعارة والضمائر العفنة والألسنة المشعوذة الكذابة الذين جعل منهم الانكليز علماء دين وهم عملاء… لكنهم استطاعوا خداع "الأخوان" بالفتاوى الكذابة بتكفير كل من لا يركن للإنكليز وآل سعود… إلا أن ضمائر الإخوان استيقظت أخيرا، لكنها يقظة ما بعد السقوط وفوات الأوان، أي بعد أن أصبح أكثر الشعب حضره وقبائله يكرهون الاخوان كرههم للنجاسة، حتّى أن الكثير من شعبنا تمنوا لو أتيحت له الفرصة للاغتسال بدماء "الاخوان" أو شربها نتيجة ما فعله "الاخوان" بالآمنين والمؤمنين من جرائم لا تغتفر أبدا وهذا ناتج عن جهل هؤلاء "الاخوان" وما بذل لهم من مغريات في الدنيا والآخرة!. وأخيرا استيقظت ضمائر "الاخوان" بعد موتها وتعفنها، بعد أن كشف لهم الانكليز عن وجوههم واكتشفوا بأنفسهم عمالة عبد العزيز وكذبه وتدجيله باسم الدين وتنكره لهم ولما كان ينادي به ضد الملكية بقوله: "ان الملكية هي الكفر بعينه"!… لكن الانكليز سلموا لعبد العزيز عرش الحجاز، وأعلنوه ملكا عضوضا… ولهذا ثار هذا الجيش السعودي المرعب المتوحش، ثار الجيش الذي أنشأه الانكليز لعبد العزيز ضد عبد العزيز والإنكليز، ووجدها عبد العزيز والإنكليز فرصة لان يقولوا لأعداء هذا الجيش السعودي: قاتلوا هذا الجيش السعودي. وبعد أن كانت فتاوى تجار الدين تنهال لتمهيد طرق الدنيا والآخرة لهذا الجيش الإجرامي، انهالت لتمهد ضده طريق النار!… فأفتى تجار الدين السعودي "بأن الاخوان من الكافرين"!.. وهكذا أصبح الاخوان كفاراً بعد أن كان شعبنا هو الكافر!!. في فتاوى تجار الدين والاخوان… وتحول اسمهم من "جيش الله".. إلى "جيش الشيطان" بعد أن كانوا هم (الإسلام والإيمان بعينه) حينما كانوا يسفكون دماء الأبرياء في الإحساء ونجد وحائل والجوف والطائف والمدينة ومكة بقعة من الحجاز وعسير وتهامة اليمن وديار الشام والعراق والكويت، يباركهم رجال الدين وآل سعود والإنكليز… أما بعد أن ثاروا على الدجل السعودي الإنكليزي فانهم من الكافرين!. وكانت فرصة للأكثرية الساحقة من بني شعبنا حضره وباديته أن يثأروا من "الاخوان" المكروهين.. نعم يثأروا لأرواح ملايين الشهداء والأحبة.. فانطلق الشعب يطارد هذا الجيش، بإجماع وتصميم للتخلص منه، فتلاقت هذه الإرادة الشعبية مع الأسف… مع إرادة الانكليز وعبدهم عبد العزيز.. والشعب يعرف ذلك جيداً، ولكن ماذا يهمه من إرادة عبد الانكليز والإنكليز، ما دام في ذلك إبادة لشرّ البرية الذين سنحت أبادتهم؟… لكني ـ مع هذا ـ أقول: ان ضمائر شيوخ "الاخوان" قد صحت على هول ما ارتكبوه من منكرات وفواحش بقيادة عبد العزيز اسماً وقيادة الانكليز عملاً.. أول إنذار وكانت أول يقظة لهم بدأت بعد مجزرة الطائف ودخول مكة… فقد حضر شيوخ الاخوان يوم عيد الفطر عام 1343 هـ ـ وهو أول عيد للاحتلال السعودي لمكة لا أعاده الله. في ذلك اليوم وقف فيصل الدويش في قصر خالد بن لؤي الذي نصبه عبد العزيز والإنكليز مؤقتا على مكة فقال: (نحمد الله يا خالد ويا "الاخوان" على نعمته فقد دخلنا بلد الله الحرام وطردنا الشريف من هذا البيت، اننا جند الله وخدم لدينه،لم نأت إلى مكة إلا بعد أن أفهمنا أن في مكة حكم للشريف كافرا بالدين يركن للإنكليز ويأتي المنكرات والبدع والشرك، وجئنا لإزالة المنكرات والبدع والشرك والحكم الملكي وتحكّم الانكليز في بلد الله الحرام!. ولكننا اليوم رأينا قادتنا وكبراءنا اصبحوا يرتكبون البدع والمنكرات والشرك ويركنون للإنكليز ويعلنون أنفسهم ملوكاً وكانوا يقولون ان الشريف يفعل هذا، ولكن هذا السيف وهذا الجند سيعمل فيهم مثلما عمل في الشريف… قولوا اللهم آمين..)! فردد "الاخوان" آمين… اللهم آمين… وإياك نعبد وإياك نستعين!… وكان هذا أول إنذار يوجه من قادة الاخوان لعبد العزيز والإنكليز… واغتاظ عبد العزيز كثيراً لهذا الإنذار، لكن جون فيلبي نصحه ان لا يحرك ساكناً كي لا يثير مشاكل أخرى فيتبع الاخوان قولهم عملا… ولكن ما كان يحذره قد ظهر جلياً في مؤتمر عقده "الاخوان" بتاريخ 3 رجب 1345 هـ في الارطاوية.. إحدى الهجر التي اتخذ منها الاخوان مقرا دينياً لهم في نجد… وقد حدث هذا بعد مضي سنة تقريبا على الإنذار الأول من الاخوان، وحضر المؤتمر رؤساء لإخوان من قبائل مطير وعتيبة والعجمان، وتعاهدوا فيه "على نصرة دين الله" كما يقولون. واتخذوا فيه القرارات الآتية: قرارات الجيش السعودي لإدانة آل سعود وبدء الثورة أولا: ينكر الاخوان على عبد العزيز بن سعود ركونه للإنكليز وإدخالهم البلاد المقدسة وادعاءه انهم دخلوا في دين الإسلام كما ينكر الاخوان تنصيب عبد العزيز ملكا فالإسلام يحرم الملكية. ثانياً: ينكر الاخوان إرسال عبد العزيز ولده سعود إلى مصر لعقد اتفاق مع الانكليز. ثالثاً: ينكر الاخوان على عبد العزيز إرسال ولده فيصل مع فيلبي إلى بلد الشرك لندن لرهن بلادنا للإنكليز وتدريبه في دوائرهم. رابعاً: ينكر الاخوان على عبد العزيز استعماله للعطور وللسيارات وسكناه في القصور وزواجه بعدد من النساء والجواري في كل بلد يحل فيه كما ننكر لبسه وأبناءه افخر الملابس وأكلهم أفخر المأكولات وجعل أموال المسلمين كلها بأيديهم دون غيرهم، وزعم عبد العزيز وأبناءه في كل مناسبة انهم أخذوا البلاد بالسيف وحدهم ولم يروا لنا أي اعتبار بينما (نحن ذلك السيف) الذي يقولون عنه في كل زمان ولولانا لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه… خامساً: ينكر الاخوان على عبد العزيز أخذه للضرائب والمكوس من المسلمين وكان ينكر قبل ذلك وجود مثل هذه الضرائب والمكوس على ابن رشيد والريف مع ان ما كان يأخذه ابن رشيد والشريف أقل بكثير مما يأخذه ابن سعود الآن وهو يدعي الإسلام ويتقاضى الأموال من الانكليز. سادساً: ينكر الاخوان على عبد العزيز منع المتاجرة مع الكويت واتهامه لأهل الكويت بالكفر لأن أهل الكويت ان كانوا كفاراً حوربوا، وان كانوا مسلمين فلماذا المقاطعة؟!… والحقيقة انّه لخلاف بين الانكليز وأهل الكويت يغضب عبد العزيز لغضب الانكليز، والإسلام من هذا براء… سابعاً: يقرر الاخوان انّه لا عهد ولا طاعة لعبد العزيز لأنه خان العهد وأخلف الوعد وعمل للمشركين… هذه هي بعض القرارات التي اتخذها مؤتمر الاخوان في الأرطاوية، وكان عبد العزيز وقتها في الحجاز فأسرع بالسفر إلى نجد عن طريق المدينة محاولا علاج غضبة الاخوان بالحيل والدجل، وما أن وصل الرياض حتّى دعا زعماء الاخوان إلى مؤتمر عقده في الرياض بتاريخ 25 رجب سنة 1345 هـ ـ 17 يناير 1927 وحضر الدعوة جميع زعماء الاخوان إلاّ سلطان بن بجاد، وهو القائد الذي "فتح" الحجاز، وبرر عدم حضوره بقوله: (انّه لم يعد يثق بعبد العزيز وأقواله الكاذبة وخاصة بعد أن اتخذنا قراراتنا بتجريمه وتكفيره وعزله)!… وفي هذا الاجتماع قال عبد العزيز عن نفسه: (انّه خادم الشريعة يحافظ عليها أتم المحافظة وهو الذي يعهدونه من قبل ولم يتغير كما يتوهم بعض الناس، ولا يزال ساهرا على مصالح العرب والمسلمين)!… وهلمجرا.. وما ان انتهى عبد العزيز من قوله المباح وغير المباح حتّى حضر "العلماء" وبيدهم الفتوى السعودية المشهورة للطعن بما اتخذه الاخوان في مؤتمر الارطاوية ثم أعلنوا تعلقهم "بإمامهم" وبايعوه على ما أراد له الانكليز أن يكون (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها) وفيما يل نصل الفتوى المضبوطة: الفتوى الدينية السعودية ضد الثوار (من محمد بن عبد اللطيف، وسعد بن عتيق، وسليمان بن سمحان، وعبد الله بن عبد العزيز العتيقي، وعبد الله العنقري، وعمر بن سليم، وصالح بن عبد العزيز، وعبد الله بن حسن، وعبد الله بن عبد اللطيف، وعمر بن عبد اللطيف، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله، وعبد الله بن زاخم، ومحمد بن عثمان الشاوي، وعبد العزيز العنقري، إلى من يراه من إخواننا المسلمين سلك الله بنا وبهم الطريق المستقيم وجنبنا وإياهم طريق أهل الجحيم، آمين! سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد.. فقد ورد علينا من الإمام عبد العزيز ـ سلمه الله تعالى ـ سؤال عن بعض (الاخوان) عن مسائل يطلب منا الجواب عنها، فأجبناه بما نصه: أما مسألة اقتناء عبد العزيز وأولاده ورجال الدين للسيارات والجواري وغيرها دون غيرهم فهو أمر حادث في آخر الزمان!، ولا نعلم حقيقته!، ولا رأينا فيه كلاماً لأحد من أهل العلم!، فتوقفنا في مسألة الإفتاء فيه!، ولا نقول على الله ورسوله بغير علم!، والجزم بالإجابة والتحريم يحتاج إلى الوقوف على حقيقته!، واما، مسجد حمزة وأبي رشيد فأفتينا الإمام ـ وفقه الله ـ بهدمها على الفور… وإما القوانين، فان كان موجوداً منها شئ في الحجاز فيزال فورا . ولا يحكم إلا بالشرع المطهر. واما دخول الحاج المصري بالسلاح والقوة في بلد الله الحرام، فأفتينا الإمام بمنعهم من الدخول بالسلاح والقوة، ومن إظهار الشرك وجميع المنكرات، واما المحمل المصري والشامي فأفتينا بمنعه من دخول المسجد الحرام ومن تمكين أحد أن يتمسح به أو يقبله وما يفعله أهله من الملاهي والمنكرات يمنعون منها. واما الشيعة، فأفتينا الإمام أن يلزمهم البيعة على الإسلام ويمنعهم من إظهار شعائر دينهم الباطل، وعلى الإمام أيضاً أن يلزم نائبه على الإحساء أن يحضرهم عند الشيخ ابن بشر، ويبايعوه على دين الله ورسوله، وترك دعاء الصالحين من أهل البيت وغيرهم وترك سائر البدع من اجتماعهم على مآثمهم وغيرها مما يقيمون به شعائر مذهبهم الباطل، ويمنعون من زيارة المشاهد، كذلك يلزمون بالاجتماع على الصلوات الخمس هم وغيرهم في المساجد، ويرتب فيهم أئمة ومؤذنون ونواب من أهل السنة ويلزمون بتعليم ثلاثة الأصول، وكذلك تهدم محالهم المبنية لإقامة البدع في المساجد وغيرها ومن أبى قبول ما ذكر ينفى من بلاد المسلمين. واما الشيعة من أهل القطيف، فيلزم الإمام ـ أيده الله ـ الشيخ ابن بشر ان يسافر إليهم ويلزمهم بما ذكرناه. وأما البوادي والقرى التي دخلت ولاية المسلمين، فأفتينا الإمام أن يبعث لهم دعاة ومعلمين وإلزامهم شرائع المسلمين، واما رافضة العراق الذين انتشروا وخالطوا بادية المسلمين فأفتينا لعبد العزيز أنها من المحرمات الطاهرة! ـ فان تركها فهو الواجب عليها، وان امتنع فلا يجوز شق عصا طاعة المسلمين عليه والخروج من طاعته من أجلها، واما ضريبة الجهاد، فهي محولة إلى نظر الإمام عبد العزيز، وهو أعلم بما هو أصلح للإسلام والمسلمين ونسأل الله لنا وله ولهم التوفيق والهداية، 8 شعبان 1345 هـ)!.. هذا هو نص فتوى الدجل التي تمخض عنها مؤتمر تجار الدين أضعها كما هي، ليرى القارئ ما فيها من متاجرة رخيصة باسم الدين وما فيها من تمويه وتجاهل لمطالب جيش الاخوان وقراراتهم السابق ذكرها، وذر للرماد في العيون وتحامل على أبناء البادية عامة وعلى أبناء الشيعة بوجه خاص يظنون انهم بهذا التجاهل والتحامل بإمكانهم إطفاء غضبة "الاخوان" ولكن هيهات؟ فقد انتفض فيصل الدويش وهو الرأس الأول للإخوان الذين قاتلوا بوحشية إلى جانب ابن سعود فمكنوه كما هو رأس هذه الثورة الأخيرة ضد ابن السعود والإنكليز.. وأول شئ فعله الدويش ان أرسل قوة صغيرة هجمت على مركز بصيّة على الحدود العراقية النجدية الشمالية وقتلت من فيه من أتباع ابن سعود وذلك في 28 أكتوبر 1927، فاستنجد عبد العزيز بالطائرات البريطانية حيث وجهت انذارها بالمنشورات إلى كل عشائر الجزيرة العربية بالابتعاد عن الحدود العراقية إلى داخل نجد!، ثم أخذت الطائرات البريطانية تشن هجماتها المتواصلة على عشائرنا العربية وباشتباكها معها نحو ثلاثة أشهر تمكنت عشائرنا من اسقاط طائرتين بريطانيتين وأرسل عبد العزيز عدداً من الرسل لاقناع الاخوان بأنه سينفذ كل ما يريدون وأنه سيبتعد عن الانكليز ويرسل " المسلمين من الانكليز والذين لم يسلموا بعد والذين هم بطريقهم إلى الإسلام!، إلى ديارهم" وانه سيجعل فيصل الدويش نائباً له وسلطان بن بجاد نائباً للنائب الدويش وان المشاكل كلها لا تحل بالقوة وإنما تحل بالتفاهم!،… لكن الدويش وابن بجاد وابن حثلين اجمعوا قائلين: (اننا نعرف غدر اليهودي ومكره وعاهدنا الله اما أن يقضي علينا أو نقضي عليه)! وبعد ذلك دعا عبد العزيز إلى عقد مؤتمر، عام 1347 الموافق 1928 حضره نحو 800 من تجار الدين ورؤساء الحضر والبدو، ورفض الدويش وابن بجاد أن يحضرا هذا المؤتمر. وافتتح عبد العزيز هذا المؤتمر واختتمه بالحديث عن نفسه (ووجوب اختيار غيره من آل سعود) ثم قال: (والله وتالله وآمان الله انني سأساعد من يختارونه وان الدويش هو المسؤول عن هذه الفوضى)!.. لكن اكثر الذين حضروا هذا المؤتمر قالوا: (ان عبد العزيز لم يأت بجديد من الدجل فكل ما قاله قديم الا موضوع تنازله عن العرش حتّى ولو لواحد من اهله فهو لم يقل ذلك الا ليرى من يطالب بذلك فيطلب رأسه!..) ورغم ذلك فقد تكلم بعض رؤساء العشائر مؤيدين فكرة تنازل عبد العزيز عن العرش لانه هذا هو مطلب من مطالب الاخوان، وقالوا: (انك لو تنازلت فسوف تهدأ ثائرة الاخوان فافعل ذلك يا عبد العزيز).. ولكن عبد العزيز سل سيفه وهدد وتوعد وزعم انّه اخذها بالسيف… بالسيف … أي سيف هذا؟!… رد الثوار أما جيش الاخوان الثائرون خلف الدويش وابن بجاد وابن حثلين وابن مشهور فقد أعلنوا في الهجر (انهم لا يخشون ابن سعود ولا الانكليز لانهم ـ أي الاخوان ـ قائمون بأمر الدين واقامة الشريعة التي هدمها ابن سعود، وان ابن سعود خائن للوعود والعهود وطالب مُلك وموالٍ للكفار ، وشريك للانكليز في جميع أعمالهم وهو الذي دفعنا لتقتيل الاطفال والنساء والمسلمين في الطائف وحائل وبقية بلاد المسلمين بعد أن خدعونا بفتاويهم التي تقول بأنهم من الكفار وان من قتل واحداً منهم فله الاجر في الدنيا والجنة والحور العين في الآخرة، وهكذا تحولت الحور العين من آخرتنا إلى دنيا آل سعود يمارسون فيهن لذاتهم كل يوم وكل ليلة فهم يعيشون في الدنيا عيشة المترفين والكفار ولولا سيوفنا ما صار هذا، ولهذا فان ثورتنا على الظلم مستمرة بقتال ابن سعود).. واتبع الاخوان ذلك بشن الهجمات على مراكز ابن سعود، فطلب ابن سعود من "العلماء" اصدر فتوى تكفّر الاخوان.. وصدرت الفتوى "حسب اللازم" تهدر دم الاخوان وتكفّرهم وتعدِهم بالنار في الآخرة وتحرّم عليهم الزواج بالحور العين في الآخرة وتبشر كل من قتل واحداً منهم بالجنة والحور العين الرعابيب. فاستجاب أهالي نجد لقتال الاخوان ـ كما قلنا ـ بدافع من النقمة الشديدة على ما سبق أن ارتكبه الاخوان من أعمال وحشية بهم وبديارهم وأهليهم … وانتقل عبد العزيز إلى بريدة وجعل منها منطقة تجمّع لجيوش نجد الجديدة.. وعلم الاخوان بذلك وأخذوا بالتجمع أيضاً وأخذ ابن سعود يتقرب لهم ويرسل لها مفاوضين باسمه وهو يزحف عليهم حتّى تقارب الجيشان في "السبلةـ قرب بلدة الزلفى.. عند ذلك أرسل سلطان بن بجاد رسولاً من عنده إلى ابن سعود في معسكره، بناء على اتفاق من قادة الاخوان، بغية الاستطلاع عن قوات ابن سعود، فدخل الرسول يحمل كتابا من ابن بجاد إلى ابن سعود وسلم الرسالة لابن سعود دون أن يسلّم عليه لايمان "الرسول" أن ابن سعود أصبح ملكا ومنحرفا وعدواً للدين، واستكبر عبد العزيز بن سعود هذه الاهانة أمام جيشه الجديد فقال بحدة: (من انت يذا الذي ما تسلّم؟. الست ماجد بن خثيلة؟) وأخذ يسرد عليه تاريخه ويقذفه بالمسبات، ويقول له: (كيف تدخل علي ولا تسلم؟… اخرج وارجع إلى الذي ارسلك وقل له اننا قادمون للهجوم غدا) وعاد ماجد بن خثيلة ليخبر الاخوان بما جرى، وقال فيصل الدويش (انني سأذهب بنفسي لارى جلية الامر وإذا لم ارجع اليكم يالاخوان يكون ابن سعود قد اعتقلني أو قتلني) وكان قصد الدويش من هذه المغامرة ان يستحث الاخوان على الهجوم على ابن سعود قبل ان يهاجمهم، إذا اعتقله ابن سعود، اما إذا لم يعتقله فانه يستطيع تطمين ابن سعود وجيشه ويطلب منه ان يبيت في ضيافته حتّى الصباح وبذلك يظن الاخوان ان الدويش قد اعتقل فيهجمون ليلا وتكون مباغتة لابن سعود فيسحقه الاخوان.. ولكن" مجلس الربع" الانكلو ـ سعودي تنبه لهذه الخطة.. ووصل فيصل الدويش إلى المعسكر السعودي واخذ يبدي تودده لابن السعود و"مجلس الربع" واظهر استعداده للتسليم وانه ليس على رأي ابن بجاد وانه سيبيت عندهم!… فقال له ابن سعود: (قم فنم عند قومك وان كنت صادقا فتنح عن جماعتك والا فموعدكم غدا بعد شروق الشمس).. وذهب الدويش إلى قومه وأخذ يعدهم للمعركة وأقنعهم بضعف ابن سعود رغم ضعف اسلحة الاخوان وفي يوم 30 مارس سنة 1929 م هاجمت جيوش عبد العزيز جنود الاخوان هجمات لم يقدروا على صدها لكثرة عددها وعتادها واقدامها الحاقد المنتقم من الاخوان ولم ينتصف نهار ذلك اليوم حتّى قضى على الاخوان وهرب القليل منهم أما البقية فقد ابيدوا عن آخرهم وقد عرفت وارخت تلك المجزرة السعودية الشهيرة باسم (وقعة السبلة) أو (سنة السبلة) حيث ملئت ارض السبلة على وسعها بالجماجم والجثث ولا زالت بقايا هياكل الأجسام والجماجم والاظافر موجودة على تلك الأرض.. وكان عدد الجند السعودي/ 40.000 / وعدد جند الاخوان /4000/ كما ذكر حافظ وهبة. أما فيصل الدويش فقد سقط جريحاً وحمل على عبد العزيز بن سعود بين الموت والحياة، فتركه، بعد أن أبلغه أحد أطباء عبد العزيز الانكليز ان الدويش سيموت بين عشية وضحاها ولكنه لم يمت… اما سلطان ابن بجاد فقد فر من الموت ولكنهم طاردوه وغدروا به فاستسلم في بلد شقراء بعد أن عاهده عبد العزيز انّه لن يناله بسوء، ولكن عبد العزيز الغادر غدر به وأمر بادخاله السجن وتركه مقيداً بالحديد والحطبة بلا طعام ولا ماء حتّى مات موتا بطيئا من شدة الجوع والظمأ… وكذلك بقية الأسرى فقد قتلهم عبد العزيز في السجون وقتل 70 منهم بسيفه والقيود بايديهم.. ثم أرسل جمعاً من الجيش "المستحدث" يقوده ابن جلوي لمطاردة قبائل العجمان في الإحساء.. وتأكد الدويش ان الطاغية عبد العزيز سيلحقه بزميله سلطان بن بجاد، فهرب من حيث كان يضمد جراحه في الارطاوية واستقر بين الكويت والإحساء وانضم إليه العجمان بعد أن قتل عبد العزيز بن سعود زعيمهم ضيدان بن خالد بن حثلين بيد فهد بن جلوي الذي قتله العجمان هو الاخر انتقاما لزعيمهم. نبذة عن ثورات العجمان ومصرع فهد الجلوي وألقى فهد بن جلوي القبض على ضيدان ببن خالد بن حثلين أثر مطاردته له في مكان بالإحساء يطلق عليه اسم ـ عوينة كنهر ـ وقتله ، وكان يقف إلى جانب فهد بن جلوي احد حراسه ويدعى نايف بن حثلين ـ وهو من ابناء العجمان الشجعان ـ فأطلق النار على ابن جلوي ثأرا لابن عمه ضيدان بن حثلين رغم أن نايفاً كان خصما لابن عمه ضيدان بل انّه خرج مع ابن جلوي في تلك الحملة التأديبية ضد ابن عمه ضيدان ولكن الغيرة الوطنية دفعته لقتل فهد بن جلوي بعد أن رأى دم أبن عمه فأعلن الثورة على آل سعود في ذلك اليوم 19 ذي القعدة سنة 1347 واستمر يقود قبائل العجمان الثائرة حتّى تمكن السعوديون من القاء القبض عليه بعد ان سلمهم الانكليز وقتله الطاغية عبد العزيز مع رفاقه الدويش وجاسر بني لامي وغيرهم من الثوار عام 1352 فاستشهد نايف بن حثلين، أما عن مقتل فهد بن جلوي على يد هذا البطل نايف فكانت طعنة من اكبر الطعنات التي وجهها العجمان الأبطال لابن سعود وللطاغية عبد الله بن جلوي بقتل ابنه فهد الذي يعتمد عليه أكثر مما يعتمد على الطاغية الابن الثاني سعود الجلوي. ولم يكن فهد بن جلوي الطاغية هو أول من قتله أبناء العجمان الشجعان فقد قتلوا عام 1333 هـ قبله الأمير سعد بن عبد الرحمن آل سعود شقيق الملك عبد العزيز وحاولوا ان يقتلوا معه شقيقه عبد العزيز ولكنه هرب بعد أن أصابوه بجرح في بطنه… ولم يكن هذا فقط.. فقد جرت للعجمان ثورات كثيرة ضد طغيان آل سعود وعدوانهم وكان النصر فيها دائماً لقبيلة العجمان على الأعداء آل سعود، ففي عام 1278 هـ غدر الامام فيصل آل سعود (الأول) برئيس قبيلة العجمان بن حثلين، وادخله السجن ثم ارسله "الامام" ابنه عبد الله بن فيصل آل سعود فهجم على العجمان سنة 1278 في مكان اسمه (ملح) قرب الكويت فقتل منهم 57 بعد ان هاجمهم غدراً ولكنهم انتصروا عليه وقتلوا 136 سعوديا وهرب فيصل، واعاد الكرة عليهم عام 1279 في مكان اسمه كاظمة وكان معه عدد يفوق عدد العجمان مما اضطر العجمان إلى اللجوء إلى ساحل البحر فكانت فرصة للسعوديين ان يطوقوا العجمان من كل مكان مما نتج عنه غرق عدد من العجمان في البحر واطلق على ذلك العام اسم (عام الطبعة) وعندما رأى قائد العجمان الشجاع راكان بن حثلين أن لا مفر لهم من الموت براً أو بحراً وقف البطل في قومه العجمان وقفة أعادت إلى تاريخ الجزيرة العربية ذكرى طارق بن زياد حينما وقف في العرب والمؤمنين الأول وقال: (العدو أمامكم والبحر وراءكم فاختاروا بين الموت في البحر أو النصر) فانتصر المؤمنون الأول على الاعداء رغم قلة المؤمنين وكثرة الاعداء... هكذا فعل راكان بن حثلين حيث ركب ظهر جواده وأردف زوجته وراءه وراح يهتف في قومه يستحثهم: إما على التخلص من الاعداء السعوديين أو الموت الفطيس في البحر، ويردد قولاً اشبه بما قاله طارق بن زياد تماماً حينما اخذ راكان بن حثلين ينادي ربعه بأعلى صوته في انشودته الشعبية الشهيرة مخترقاً صفوف الاعداء: يا ربعنا ما من مَطِير جمعين والثالث بَحر بايماننا نفتح طريق لعيون مصقول النّحر هنالك.. التحم العجمان مع السعوديين الاعداء وانتصر العجمان بالحق على اعداء الحق رغم كثرة الاعداء وقلة عدد العجمان آنذاك.. ولقد كانت للعجمان مواقف مشرّفة ضد الغزاة العثمانيين حينما تعاون آل سعود مع الاتراك وادخلوهم الإحساء… لكن الاتراك تغلبوا بما لديهم من قوة على العجمان وأسروا البطل راكان بن حثلين فنقلوه أسيرا إلى الاستانة في تركيا ولم يهدأ العجمان حتّى اعاد الاتراك قائدهم البطل بن حثلين من تركيا (ولهذا حديث آخر). وهكذا استمرت ثورات العجمان ضد كل محتل ودخيل وتواصلت ثوراتهم طيلة مدد الاحتلالات السعودية المتعددة، وكان ثوار العجمان يتعاونون مع كل قبيلة ثائرة ضد آل سعود، وهو ما جعل العجمان يثورون مع الاخوان اخيراً بقيادة ضيدان بن حثلين الذي قتله الطاغية الفاسد فهد بن عبد الله الجلوي مما دعا نايف بن حثلين ليثأر لابن عمه ضيدان فيقتل فهد بن جلوي ويرفع علم الثورة من ذلك المكان عام 1347 هـ مع قبائل مطير وعتيبة الثائرة على آل سعود اعداء الوطن… وانتشر الثوار من قبائل مطير وعتيبة والعجمان في انحاء نجد والإحساء والشمال، ورغم ضعف وسائلهم الا انهم اصبحوا يهددون العرش السعودي الآثم، لكن هذا العرش الفاسد استطاع أخيراً أن يبث الشقاق والتفرقة بين ابناء هذه القبائل الثائرة نفسها.. فارسل قسماً من قبيلة عتيبة الموالية للعرش السعودي لضرب عتيبة الثائرة عليه فتمكن آل سعود بهذا الخداع اليهودي من جعل عتيبة تقتل عتيبة، ومطير تقتل مطير ابناء عمهم الذين ثاروا على العرش الفاسد وسلبوهم كل ما كانوا يعيشون منه وما كانوا يركبونه من ابل واغنام ثم ارسل الطاغية عبد العزيز آل سعود ـ ابن عمه ـ عبد العزيز بن مساعد ومعه عدد كبير من نجد لمطاردة الثوار "الاخوان" فالتقوا بعبد العزيز الدويش (ابن سلطان الدويش) وعضده الايمن، وكان في طريقه إلى ام ارضمة ـ وفيها مورد ماء كان ينوى الورد منه وقد علموا به مسبقا فسبقوه إلى الماء واستولوا عليه وما ان وصل عبد العزيز الدويش إلى الماء ظمآنا حتّى منعوه من الماء وهاجموه وجرى تبادل اطلاق النار في معركة كان الخاسر فيها عبد العزيز الدويش الذي قُتل في مجزرة ام ارضمة أو مجزرة (المسعري) حيث قتل السعوديون كل جند الدويش الابن وكان للظمأ دور كبير في جعل آل سعود وجنودهم يرتكبون تلك المجزرة في احسن مجموعة من رجال مطير الحربيين، وهاتان الضربتان قد جعلتا فيصل الدويش يهتز هزة عنيفة فتقهقر إلى حدود الكويت بعد أن أخذ السعوديون يضايقونه من الداخل. وهنا جاء دور الانكليز ليلعبوا لعبتهم القذرة، فاخرجوا السيارات المصفحة والمدافع الرشاشة والطيارات لمحاصرة فيصل الدويش على طول حدود الكويت ـ العراق ـ الأردن، ومن ناحية أخرى هاجمه محسن الفرم رئيس قبيلة حرب، ومعه ابن طواله وابن سويط وعدد من عربان العراق وكانوا موتورين جميعا من الدويش والتقوا به في يوم 30 ديسمبر 1929 قرب الحفر في شمال الجزيرة العربية وهاجموه واشعلوا النار في خيمته فهرب منهم متجها إلى الكويت ولم تتركه القوات الانكليزية بل طاردته حتّى استسلم لها بالجهرة في 9 يناير 1930 م. وفي 19 يناير 1930 أوفدت حكومة بريطانيا الكولونيل بيسكو رئيس قناصل الخليج يساعده الكولونيل ديكسون قنصل الكويت. وفي 28 يناير 1930 أقلتهما الطائرة البريطانية فيكتوريا إلى حيث كان ينتظرهم عبد العزيز آل سعود ومجلس الربع في مكان اسمه خبارى واضحة جنوب الكويت حيث عقد مؤتمر بين الانكليز وعبدهم عبد العزيز املوا فيه كل ما يريدون من شروط بصم عليها عبد العزيز وكان من بين الشروط ضياع فلسطين، وانتهوا على تسليم فيصل الدويش وأبو الكلاب وجاسر بن لامي ورفاقهم إلى عبد العزيز بن سعود، وقد زعم الانكليز انهم قد اتفقوا مع عبدهم عبد العزيز على أن يبقي على حياتهم، وما اكذب من المستعمرين الانكليز إلاّ عبد العزيز وآل سعود… فماذا حدث في هذا اليوم؟… وفي يوم 28 يناير 1930 وصل الكولونيل ديكسون وقائد البارجة الحربية في طيارة انكليزية ومعه الدويش ورفاقه المعتقلون، وكان الدويش ورفاقه قد طلبوا اعتبارهم لاجئين سياسيين لحكومة العراق وتظاهر الانكليز لهم بذلك وقالوا لهم (اننا نرى ان ننقلكم بالطائرة إلى العراق فاركبوا الطائرة) فركبوها ولم تذهب بهم للعراق وانما ذهبت بهم إلى مطية الانكليز المستعمرين الذي لا ضمير لهم… وادخل الدويش ورفاقه إلى خيمة الملك المنتظر قدومهم على أحر من جهنم، وتقدم الكولونيل ديكسون وقال: (بالنيابة عن حكومة بريطانيا اسلم لجلالتكم فيصل الدويش واصحابه)، فقال الملك عبد العزيز حرفيا: (الف شكر لكم والف الف شكر لبريطانيا العظيمة الحبيبة الصادقة في صداقتها ومودتها، انها كل يوم تقيم لي برهاناً جديداً على موتها الوطيدة وحبها. انها صاحبة الفضل الأول في تكوين عرشنا وفضلها دائم علينا) ثم انصرف الكولونيل البريطاني وبقي الدويش ورفاقه دون أن يسمح له بالقعود!. والان، اقرأوا ما قاله عبد العزيز بن سعود بكل وقاحة لفيصل الدويش في هذه المقابلة غير الشجاعة وغير المتكافئة.. قال: (يا فيصل الدويش، انت تعلم ما قصرت معكم في شئ… فهل تريدون الملك؟! من منكم له الفضل علي؟ من منكم لم آخذه بسيفي ؟! ليس منكم الا من قتلت اباه أو أخاه!، وكيف تطلب الهجرة واللجوء من جلوب والانكليز للعراق. هل تظنون انكم بعيدين عن يدي عندما تكونون تحت حكم الانكليز بالعراق ولم يمكننا إلاً الله والانكليز من هذا الملك؟!)… وتكلم الدويش… الدويش يخاطب عبد العزيز بشجاعة الثوار قال فيصل الدويش: (يعلم الله يا عبد العزيز انك لم تقصر معنا في الدراهم والهدايا والعطايا من الأحذية إلى حبال الآبار إلى الجواري… ولكن يا عبد العزيز الهدايا والعطايا ليست كل شئ في الحياة وانا أعلم أنك ستذبحني هذه المرة، ولكنني أقول لك أنت تعلم أن سيوفنا هي التي مكنتك من هذا الملك وليسوا الانكليز.. صحيح ان الانكليز اعطوك المال والسلاح والخبراء والخطط الجهنمية ولكنهم لم يعطوك رجالا غيرنا، وكنا نظن اننا نسير معك على ملّة محمد العادلة، ولكنا وجدنا في آخر الطريق الذي سويناه لك ، يا عبد العزيز، اننا نسير، وياللأسف، على ملة الانكليز معك لأنك بعت البلاد للإنكليز، ولم يبدأ خلافنا عندما كنت تحمل لقب الأمير فقط وتأكل مثلما نأكل وتلبس مما نلبس وتعيش كأنك واحداً منا، ولكنا اختلفنا معك عندما أخذ الانكليز يقلدونك قلائد السلطنة ويبدلوا مناصبك ووظائفك من اسم إلى اسم، واشتد الخلاف معك بعد أن دخلنا مكة وأشار عليك الانكليز بأن تعلن نفسك ملكا على الحجاز وسلطانا لنجد ثم ملكاً للحجاز ونجد، ثم اختلف عبد العزيز الذي كنا نظنه ما يختلف، وعندما كنا نطلب منك الابتعاد عن الانكليز كنت تقول لنا ان الانكليز يريدون الدخول في الإسلام ليساعدونا على جهاد الكفار من أهل حائل والحساء ونجد والكويت والحجاز حتّى اصبحت تعمل للإنكليز وكأنك واحداً منهم، ولقد حاربناك لا من أجل زيادة في الهدايا والعطايا ولكن من أجل ابعاد الانكليز عن بلادنا ومن أجل أن لا تعلن نفسك ملكاً فنحن نعرف الدين الذي يحارب الملوك ونحن لم نحارب حسين الشريف الا لأنه فاسد ويتعاون مع الانكليز، واشتد حقدنا عليه عندما أعلن نفسه ملكاً على المسلمين، فكيف نحارب حسيناً ونضع مكانه عبد العزيز وانت تعرف اننا نؤمن بالقرآن والقرآن يقول: "ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها" فكيف تريد أن نترك شريعة القرآن ونتبع شريعة الملوك التابعين للانكليز؟ اما طلبنا الهجرة إلى العراق فنحن لم نطلبها الا هربا من وجهك يا عبد العزيز بعد ان قاتلناك اتباعاً لديننا وتغلبت علينا بخطط الانكليز وطيارات وسيارات وذهب وسلاح الانكليز، ولم نطلب الهجرة إلى العراق إلا لأن العراق بلداً من بلاد العرب والاسلام وطلبناها بعد أن ألقى الانكليز القبض علينا، وقلنا لهم اننا لاجئين عند الشريف فيصل مع أن بيننا وبين الشريف فيصل ووالده واخوانه عداوة ولكن هجرتنا إلى بلد عربي وليست هجرتنا للانكليز، ولو اننا راكنين للانكليز لرحبوا بنا وساعدونا كما يساعدوك وحافظوا على أرواحنا بدلا من أن يسلمونا لك يا عبد العزيز، ولكننا لم نركن للانكليز ولعنة الله على من يركن لهم. لقد حملونا اليك في واحدة من طياراتهم الانكليزية، لعنة الله على الكفار، قاتل الله الانكليز واعوانهم.)!… هنا قاطعه الملك الجبان العميل، بعد أن جنّ جنون عبد العزيز لهذا القول الذي سبق أن أرسل له الدويش بمثله في عدد من الرسائل قبل ان يقع بين يديه ولم يغير شيئا منه عندما وقع بيد العميل الطاغية… فأمر بربط يدي الدويش ورجليه ومعه جماعته ووضعوهم في خيمة مجاورة له أحاطها بحراسة مشددة أقاموا فيها ثلاثة أيام حتّى اتخذ اجراءات قتلهم بطريقة لا تثير اشتباه انصار الدويش من مطير وعتيبة ممن هم مع ابن سعود، وكان لم يزل ذلك الوقت يخشى منهم، فاتفق مع عبد الله بن جلوي بأن يضرب عدداً من الخيام في رمال الدهناء بين الإحساء والرياض واتفق معه على طريقة التخلص منهم، فأرسلهم من خبارى واضحة مشيعا انهم سيرسلون إلى سجن الرياض، وفي الطريق عدل بهم الحرس إلى حيث يخيم ابن جلوي، وأطلقوا عليهم النار ودفنوهم في حفرة واحدة جمعتهم جميعا في الدهناء، وقد اختلفت الروايات عن طريقة قتلهم البشعة لكنهم قتلوا… وما أن بلغ الخبر إلى عبد العزيز آل سعود حتّى أخذ يرقص رقصة العرضة "أو الحرب" ويقول: (سنحيا اليوم حياة جديدة)!. آمرا بدق الطبول واقامة العرضة، وأخذ يرقص مع حراسه في عرضتهم قائلين: نحمد اللي خذل عدواننا وانتصرنا على قوم الدويش! ذي بريطانيا يا خواننا إشكروها وقولوا له تعيش! نعم!… قولوا لها تعيش!.. انهم يحمدون بريطانيا. انهم يشكرون بريطانيا، ولا سواها عندهم يستحق الحمد والشكر ولتعيش، فلولاها ما عاشوا وما عاثوا وما كان العملاء وما كانت إسرائيل!… ولا شك أن الطاغية عبد العزيز وذريته واخوته وآله وحريمهم قد "كتبت لهم الحياة من جديد!" كما قال عبد العزيز ـ بموت الدويش ورفاقه، وبدأت الاجور تدفع لشعراء الاجرة والتملّق، وبدأ نفس الشعراء الذين كانوا يمدحون الدويش حينما كان قائدا للجيش السعودي يذمونه أخيرا!… واستطاعت هذه العائلة السعودية أن تفرق بين أبناء القبيلة الواحدة كما فعلت مع قبائل عتيبة ومطير والعجمان وحرب. وكما فعلت مع بقية القبائل وأبناء الشعب معتمدين على المخابرات الانكليزية أولا والمخابرات الامريكية أخيرا… لقد عاش السعوديون حياة جديدة!. ولكن على حساب الشعب وموت القبائل… لقد عاشت عائلة آل سعود ـ مالكة كل شئ ـ لتعيث فسادا في أرضنا، بينما قتلت قبائلنا.. القبائل التي حاربت حتّى سلمت آل سعود هذا المُلك الفاسد!… وليس هذا وحده ما فعله آل سعود بقبائل عتيبة ومطير وحرب وقحطان والدواسر وسبيع وكل القبائل التي حاربت من أجلهم حتّى ركبوا على أمنانها صهوات المظالم!.. لقد أمات بآل سعود هذه القبائل بمجرد أن انتهوا منهم… لقد أهملوا هذه القبائل، وما أن راحت هذه القبائل تشكو الفقر والجوع لابن السعود… حتّى شاور الانكليز عما يفعل بها؟.. فأشاروا عليه بارسال بعثات انكليزية تسمى "بعثة مكافحة الجراد" فأخذت تبث السموم في المراعي بحجة مكافحة حشرة الجراد، وتكّب هذه المادة السامة بكثرة على مراعي الابل والاغنام، وبما أن هذه المادة تتكون من نخالة الحبوب المسمومة فقد أخذت الابل والاغنام تقبل على التهامها وتموت بمجرد التهامها لهذه المادة… فأقعدت هذه القبائل على بساط الفقر وراحت تصرخ من الفقر… فأمر عبد العزيز الطاغية باحضارها إلى المدن، وأخذ يوزع الطحين على هذه القبائل ويضع في هذا الطحين السم… فمات معظم هذه القبائل قتلا بالسم الزعاف بعد أن ماتت مواشيهم… وهرب من تبقى منهم إلى الصحراء ليجدوا في فقر الصحراء وجهلها وجوعها وعرائها كرامة لهم ورحمة أكثر من خونة آل سعود الوحوش معدومي الكرامة والرحمة. ولكن كيف يرجو العرب من آل سعود اليهود رحمة بالعرب… وهم الذين اتخذوا لهم من مبادئ عبد العزيز وأهله وسيلة للغدر؟ ومنها: "قل ما لا تفعل وافعل ما لا تقول"، " ومن يعادي آل سعود يعادي الله، فخذ عدو الله بعهد الله واغدر به"… الخ.. قبيلة العجمان الشجاعة هي التي انجبت أبنها القائد الشجاع راكان بن حثلين راكان بن حثلين … بطل انجبته العجمان… والعجمان قبيلة شجاعة أنجبت العديد من الابطال ولعبت أدواراً بارزة في حياتها الطويلة وكفاحها الشجاع ضد الاستعمار العثماني والانكليزي والسعودي وكان من قادتها البارزين الشجاع المعروف راكان بن حثلين، الذي قاوم مع قبيلته أنواع الاحتلال، فبعد أن استولى الاحتلال العثماني على منطقة الإحساء قام الاحتلال بتعيين (فيصل بن سعود الأول) اماما!.. وألقوا القبض على (الشيخ راكان بن حثلين) ثم نفوه إلى تركيا واعتقلوه في سجن استانبول، وكان ضابط السجن اسمه حمزة فمكث راكان بن حثلين بين جدران السجن 12 سنة، فربطته سنوات السجن هذه وذلك السجان (حمزة) بصلة شبه وثيقة! وفي احدى الليالي رأى الشيخ راكان برقاً يلوح بعيداً من خلف نوافذ سجنه فترنح بقصيدة شعبية يظهر بها مواجع ألمه على وطنه المستباح، وأكد في قصيدته (أن ذلك البارق قد يمطر على مراعي بلاده ليسقي ربوعها، وتفاءل راكان بن حثلين بذلك البارق خيراً ـ فيمطر ناراً تطهر البلاد من رجسها السعودي واحتلالها العثماني كما توعد راكان بن حثلين أولئك المعتدين بأنه لن يتركهم في حال الافراج عنه)!… وأثناء ما كان راكان بن حثلين ينشد قصيدته بأعلى صوته كانت دموع الامل والالم على وطنه تمطر خديه، مما لفت ضابط السجن (حمزة) الذي ألح على راكان وترجاه أن يترجم له ما ينشده في تلك القصيدة، ووعده السجّان أنه سيساعده في تحقيق امنيته، فترجم له راكان قصيدته التي كان مطلعها موجّه إلى ضابط السجن ـ إياه ـ حمزة: بارق الثورة رأيت ـ يا حمزة ـ سنأ: نور بارق يفري من الظمأ حناديس سودها على ديرتي رفرف وأمطر وقد سقأ بلادي وطهّر أرضنا من سعودها فيارب يا معبود يا قائد الرجأ يا عالم بالنفس قاسي لهودها انك توفقنا على رد عزنا ما دام باق الروح مامات عودها يا سعد من يشتم في أنفه الهواء ويدرج بريضان تنافس ورودها لنا عادة في أرضنا أن نصونها ولا نترك الظالم يقّرب حدودها وإن ضامنا الاعداء في كثر عدّهم صبرنا.. ولكن.. لين نقوي ردودها أرعودها البارد والموت ووبلها وحدب مقاييس البلأ في حدودها وأنا ذخيرتهم إذ شعّلت بهم شهب النواصي والنشامى شهودها عسى جواد ما تعرّج بخلفهم السيف يبتر في ملاوي عضودها أنا أرجوك (يا حمزة) توصّل رسالتي لشخص فهيم في معاني بنودها ماذا يفيد (التُرك) من سجن عاشق لأرض… تغنّى في محاسن انجودها قنصتوا با آل سعود فيها، وفاتكم بأنّ قنّاص البُؤم خاب فودها لابد ما ينكر عليكم عميلكم ولن تشوفون السّعد من سعودها أفرجوا عن راكان بشرط … أن يقتل البطل المسكوفي! وما أن استمع ـ حمزة ـ ضابط السجن التركي في استنبول إلى قصيدة البطل الشيخ راكان بن حثلين، وأدرك معانيها، حتّى أخذها منه وتعهد له بايصالها إلى "الباب العالي"!. ووعد الضابط السجان، الشيخ راكان بن حثلين: (أنه سيطلب الافراج عنه للاستفادة من قدراته البطولية)!. وهكذا صدق ضابط السجن (حمزة) بما وعد به راكان إذ طلب من المسؤولين الاتراك (أن لا يهملوا أمثال هذا القائد العظيم راكان بن حثلين في السجن لأن له مقدرة خارقة في القتال يجب الاستفادة منها في الحروب بعيدا عن بلاد راكان) هكذا قال السجان الضابط حمزة للمسؤولين الاتراك، وكان قصد السجان: ضرب هدفين بسهم واحد، الهدف الأول هو إلباس الشيخ راكان بن حثلين "معروفهم" بالافراج عنه، أما الهدف الثاني فهو: استخدام الشيخ راكان كسلاح قوي يقاتل الحكم العثماني به خصومه، ولا خسارة في ذلك، فامّا أن يُفنى راكان وإما أن يُفني العديد من خصوم الحكم العثماني!… وعاد الضابط حمزة (بالبشرى) إلى البطل راكان بن حثلين في سجنه بموافقة (الباب العالي) للإفراج عنه على أن يعمل في صفوف الجيوش العثمانية!… لكن الضابط حمزة فوجئ كما فوجئ "بابه العالي" برفض راكان بن حثلين لفكرة الخروج من السجن والقتال في صفوف الجيوش العثمانية قائلا: (أما أن أخرج من السجن لأنني لا أستحق السجن وهذا هو الصحيح واما أن أبقى في السجن بدون وجه حق)… فأعاد الضابط حمزة الكّرة على الشيخ راكان، قائلا: (أرجوك أن تنقل للباب العالي مطلبي هذا فقط وهو: انني لا اريد أن أقاتل في صفوف الجيش التركي خاصة بعد أن كنت أقود جموع العجمان ضد هذا الجيش وضد آل سعود وأعوانهم وان كان لابد لي من القتال فيجب أن تحدد لي معركة معيّنة واحدة فقط أخوضها فان نجحت في هذه المعركة يطلق سراحي وأذهب إلى بلدي وان فشلت فيها أعاد إلى السجن أو أقتل في ساحة هذه المعركة أشرف لي من حياة أحرم فيها من رؤية وطني وقومي، انني أرفض الخروج من سجني لأقاتل في معارك طويلة لا أومن بالقتال من أجلها ولا يدفعني لخوضها الايمان بالدفاع عن أرضي وعن قومي) فوافق الضابط حمزة على فكرة الشيخ راكان بن حثلين ووعده بأنه سيبدي للمسؤولين الاتراك "محاسن" الفكرة لصالح راكان!.. وتمت موافقة المسؤولين الاتراك على فكرة الشيخ راكان بن حثلين وحددوا له القيام بمعركة في القفقاز يقابل فيها أحد الابطال المقاومين للاحتلال العثماني (اناتولي المسكوفي) وقد يكون هذا الاسم نسبة لكونه من "موسكو"… فوافق راكان على ملاقاة "المسكوفي" وطلب منهم أن يعرّفوه به وبمنطقته ليتأكد منه، فذهب مع راكان من أراه إياه، ولم يكن "المسكوفي" وحده بل كان معه مجموعة من أبطال المقاومة، فنازله راكان ونازل معه جماعته فصرعه وصرح عدداً آخراً معه وهرب البقية، وبذلك طبق راكان قول الشاعر (مصائب قوم عند قوم فوائد!)… وعاد البطل راكان إلى اسطنبول لتعلِّق القيادة العثمانية فوق صدره وسام الشجاعة ويخلى سبيله!.. وأثناء الاحتفاء بفوز راكان بل الاحتفاء بقتله مرغما للبطل "المسكوفي" المسكين على الاصح!… شكره المسؤولون الاتراك على شجاعته وقالوا له: (لقد عجزت قبلك ـ يا راكان ـ قوات كثيرة عن القضاء عليه فقضى الزعيم القفقازي على كل هذه القوات ولم تقض عليه، بينما صرعته وقوته وحدك فما هو سرّ هذه القوة الخارقة لديك!).. فأجابهم راكان بقوله: (ان كل من أرسلتموهم لقتال هذا الزعيم لايدفعهم الايمان بأهداف ـ حب الأرض ـ فيتغلب الزعيم عليهم لكونه يؤمن بهدف، وهذا الهدف هو الدفاع عن وطنه، أما أنا فقد ذهبت إليه لأموت بيده أشرف لي من سجنكم أو أقتله فأعود إلى أرضي، وأثناء صراعي معه كاد يقتلني حينما ارتخى السيف في يدي لحظة أمام هذا الشجاع، لسبب واحد ارتخى السيف في يدي وهو أنني تذكرت أن هذا الزعيم يقاتل فوق أرضه دفاعا عن أرضه التي أقاتله عليها مقابل وعدكم بعودتي إلى أرضي، ولكنني في ذات اللحظة تذكرت أن هذا الزعيم لا يفهم من أنا ولا يدرك أنني بطل مثله وأنه سيقتلني لا محالة لو تراخيت عن قتله!. وبين لمعان هذه الأفكار في تلك اللحظة ارتخى السيف في يدي!. لكن ذلك البارق الذي رأيته يلمع وأنا في السجن ليمطر فوق ارضي في الإحساء، لمع مرة أخرى بي دماغي، فتذكرت السجن!. وتذكرت العودة إلى أرضي فاندفعت في دمي طاقة جبارة هائلة فاقت طاقة هذه الشجاع المسكين البرئ الذي أصبح خصمي ـ بدون ارادتي ـ فتغلب حب بلادي على كل عاطفة وعبأني حبي لبلدي لحظتها بطاقة من القوة خلته أمامي فيها أصغر من العصفور فصرعته، ووفيت بوعدي لكم فهل تفون بوعدكم لي؟!.)… قالوا له: (اتجه إلى أي جهة تراها!. أنت طليق).. فاتجه الشيخ راكان من تركيا بحرا إلى مصر ـ حسبما نعتقد ـ إلاّ أنه اتجه من هناك إلى ينبع البحر، في غرب الجزيرة العربية، وقبل أن يذهب ليرى أهله وقبيلته ذهب إلى حائل لمشاهدة صديقه محمد العبد الله آل رشيد الذي حكم منطقة نجد فيما بعد وأخذ آل سعود اسرى عنده في حائل… وفي طريقه إلى حائل قال قصيدته الشعبية الشهيرة (يا فاطري خبي جوانب طمّيه) وقد حاكى في هذه القصيدة ناقته العجوز ـ وطلب منها كما تحكي القصيدة ـ ايصاله إلى (برزان) أو قصر (اخو نوره) كما قال: محمد العبد الله آل رشيد (لأن سلامه عليه واجب قبل الأقصى والأدنى) ـ كما قال في قصيدته ـ وقال: (انّه بعد هذا السلام سيتجه إلى ديرة العسوجية زوجته الغالية)… وفعل ذلك، فقابل محمد العبد الله آل رشيد واحتفى به وأكرمه وتوجه بعد ذلك لمشاهدة قبيلته وأهله إلا أنه صدم بزوجته! ـ الشقحاء بنت حزام ـ التي تسرّعت ولم تنتظره حتّى يخرج من السجن أو يموت!، فتزوجت بسلطان الدويش شيخ قبيلة مطير وأنجبت منه فيصل الدويش ـ القائد الشهير الذي مكن عبد العزيز آل سعود فيما بعد (مكّنه ـ بعد الانكليز طبعا) من احتلال الجزيرة العربية … تألم راكان بن حثلين حينما علم بزواج زوجته! وغضب عليها!… كما غضب على المتزوج لزوجته التي فسخت دون معرفته بينما كان سجينا في تركيا.. وما أن علمت هي الاخرى حتّى اتجهت للسلام عليه وطلبت منه أن يقبلها كزوجة لأنها ستترك زوجها الثاني وتعود إليه!، لكنه صّدها بعنف كما توضح هذا قصيدته التي بدأها بالسلام على محمد العبد الله آل رشيد واختتمها بالرد على زوجته بقوله (انّه لا يأخذ الفضلات إلا الردئ) وقال: (انني لا ألومك وانما ألوم صاحبي الدويش الذي لم ينتظرني حتّى أموت أو أعود، ألومه كيف يتزوج زوجتي وأنا على قيد الحياة؟)… وفيما يلي معظم أبيات القصيدة: يا فاطري يا فطري خبي جوانب طميّه من حيث بانت مثل خشم الحصاني خبّي طميّة والديار العذيه تنحرّى برزان زين المباني سلام أخو نوره لزوم مجيّه قبل الحبيب وقبل قاصي وداني وإذا قضيت اللازم اللي عليّ اللازم اللي ما قضاه الهداني الجدى احطه خلف ظهر المطيّة واجعل نحرها في سهيل اليماني شفّى نروح ـ الديرة ـ العسوجيه اللي نسمها كالزباد العماني! كان هذا هو آخر القصيدة، لكنه حينما بلغه زواج زوجته بالدويش أكمل الابيات التالية بلوعة وأسى يقول: لومي على الطيب ولومه عليّ وراه يأخذ عشقتي ما تناني؟! ليته صبر عامين وإلاَ ضحيّه والا تنبأ صاحبي ويش جاني! أمّا هفى راكان ذيب السريه والا لفى يصهل صهيل الحصاني! وفي هذا الاثناء وصلت إليه زوجته السابقة "الشقحاء" تطلب منه العفو عنها من أجل العودة إليه! فرفض بإباء وشمم بالبيت التالي الذي أكمل به القصيدة بقوله: روحي… وانا راكان زبن الونيه ما يأخذ العقبات غير الجباني! خرّي … وانا راكان زبن الونيه ما يأخذ الفضلات غير الهداني قبيلة العجمان وتاريخ صراعهم للاحتلال السعودي وحكوماته المتعاقبة على مر السنين سنة 1177 هـ كانت ذروة غزوات المذابح التي قادها محمد بن سعود أمير الدرعية حينما تعاقد معه (مفتي المذابح) الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ في شراكة المذابح ـ تذبح الناس ـ آلاف الناس… تنهب القرى والمدن النجدية والعشائر العربية وتقتل ما تشاء من العرب تحت ستار "الدعوة الوهابية لاخراج الكفر والشرك واللالحاد من قلوب العباد"!!. وقد استغلتها العائلة السعودية لصالحها بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ؟… الا تاريخ اليهود… وبينما غزاة السعوديين بقيادة عبد العزيز بن محمد بن سعود عائدة ـ من احدى المذابح البشرية والنهب ـ إلى الدرعية (الثانية) عاصمة السعوديين آنذاك، بلغهم بأن ثواراً من العجمان قد انتقموا لعرب الجزيرة العربية من أتباع السعودية فشنوا غارة على قسم من قبيل سبع الموالية للسعودية ـ آنذاك ـ . ولما علم عبد العزيز بن محمد بن سعود بهذه الحادثة لا حقهم حتّى أدركهم في (قذلة) بين بلد القويعية والنفوذ، فأحاط بهم وقتل منهم خمسين رجلا منهم ابن طهيمان، وقتل من المجاذمة عشرين رجلا وأسر نحو المائة واستولى على نحو أربعين فرسا، فكانت هذه الواقعة هي سبب مسيرة أهل نجران للفتك بالسعوديين. واقعة "حاير اسبيع" المشهورة بين العجمان وأهل نجران وآل سعود وفي ربيع الاخر سنة 1178 هـ، كانت واقعة الحاير المشهورة المسماة (وقعة النجرانيين)، والحائر هو المعروف بحاير اسبيع الكائن بن الخرج والرياض، وقصة هذه الواقعة بدأت حينما قتل "السعوديون عددا من العجمان وأسروا عددا آخر ـ كما سلف ذكره ـ ذهبوا إلى نجران لاستنفار أبناء عمهم أهل نجران فاتصلوا بالشيخ حسن بن هبة الله المكرمي (ومذهبه شيعي اسماعيلي) فشكوا إليه والى سائر قبائلهم المعروفين ـ بالوعلة ـ نسبة إلى جدهم وعيل بن هشام شقيق عجيم (علي) بن هشام والى سائر قبيلة يام الهمدانية القحطانية الكبرى واستنجدوهم للمسير معهم إلى ابن السعود واتباعه الذين استكلب خطرهم وكبر بغيهم في الجزيرة العربية وملأ رعبهم وكرههم كل نفس شريفة بريئة… فاستجاب أهل نجران للعجمان وتقدم من أهل نجران 1200 مقاتل وفارس واتجهوا لسحق ـ الاعداء السعوديين ـ ولتطهير البلاد من الوباء السعودي فوصلوا إلى حاير اسبيع وحاصروا الحاميات السعودية، حاميات محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب، وسيطر أهل نجران على المنطقة وبدأوا يعدون العدة لسحق الوهابية السعودية في جحرها، في الدرعية، فعلم محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب وعبد العزيز بن محمد بن سعود بما جرى فتباحثوا في هذا الامر الخطير! وأصدر محمد بن عبد الوهاب أمره إلى عبد العزيز بن محمد بالتوجه بكل قواته ورجاله الذين بلغ عددهم أربعة آلاف مقاتل إلى مواجهة (أبناء يام) أهل نجران والعجمان وأوصاه بقوله: (أنا ذاهب إلى هؤلاء القوم حتّى لا يظنوا بنا ضعفا أو خورا فيسعون بنا وتفر من حولنا القبائل ولكن اياك ان تناوشهم القتال لان هؤلاء القوم الذين أتوا من اليمن مستهينين بأمرنا وبقواتنا وبهيبتنا التي ملأت نفوس الناس لا شك أنهم مصممون على سحقنا وابادتنا وان دخل هؤلاء إلى الدرعية فيسقضي على هيبتنا ويجب أن نفاوضهم بعيدا عن الدرعية لنسلمهم أسراهم وما يريدون لدينا ونشيع بعد ذلك للناس أننا انتصرنا عليهم ودحرناهم لان الله معنا وهم كفرة شيعة!) وارتحل عبد العزيز بن محمد بكل قواته إلى الموضع المذكور ـ حاير اسببيع ـ وحط رجاله وأمر باقامة خيامه. غير أن العجمان وأهل نجران لم يهملوه ولم يمهلوه وعاجلوه القتال وتلاحموا مع قواته الكثيرة في معركة رهيبة لم يسبق للسعوديين أن شهدوها في معاركهم السابقة مع أعدائهم ونظرا لكثرة بنادق وذخائر السعوديين فقد وقف زعيم العجمان حسن بن هبة الله مخاطبا قومه قائلا: (يا ياقوم لقد مضى نصف النهار ولم نصل إلى نتيجة مع هؤلاء الاعداء والقتال معهم بالبنادق والذخيرة لن يجدي نظرا لكثرة عددهم وعتادهم ونظرا لقلة عددنا، فردوا لسيوفكم وخناجركم واهجموا هجمة صادقة ظافرة تنصرون)… ونفذ أهل نجران والعجمان أمر قائدهم فتقدموا إلى صفوف السعوديين ليقاتلوهم بالسلاح الابيض بعد أن رموا ببنادقهم أرضا (يالها من خطة رائعة!). وبدأ التلاحم بالسلاح الابيض بين الفريقين واشتد وطيس المعركة وتطايرت رؤوس السعوديين في الهواء ولم يتراجع أبناء يام عن أهدافهم، وكانت طبيعتهم كطبيعة العجمان أن لا يرجعوا إلى الوراء في القتال، وتمت الهزيمة السعودية الماحقة والانكسار الشنيع على عبد العزيز بن محمد بن سعود وجيوشه الجرارة فقتل من الجيش السعودي ما ينيف عن الالف وأسر العجمان مئتين وأربعين رجلا كما غنموا الجنود والسلاح ولاذ بقية السعوديين الوهابيين بالفرار فوصلت فلول الجيش السعودي إلى (الدرعية) وعلى رأس الهاربين قائدهم عبد العزيز ابن محمد بن سعود، وذكر ابن بشر السعودي في كتابه "عنوان المجد" يقول (ان عبد العزيز بن محمد لما دخل ومن معه على الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد مجيئه من هذه المعركة لم يبادرهم الشيخ إلاّ بقوله تعالى "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ـ وتلك الايام نداولها بين الناس ـ وليعلم الله الذين آمنوا وليأخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين"!!… … وهكذا يتصرف الطغاة بالقرآن الكريم زاعمين أن العجمان وأبناء يام وأبناء الشعب كفرة!… فما هي مواصفات الايمان إذا؟ هل مواصفات الايمان محصورة بالطغاة فقط وسلالة بني القينقاع اليهودية بوجه خاص؟!. وكادت تكون نهاية الطغيان السعودي الوهابي على أيدي أهل نجران والعجمان من أبناء يام لو لم يخدعهم محمد بن عبد الوهاب بحيله هذا النصر الذي أدركه العجمان وأبناء يام بل أدركه شعب الجزيرة والعرب أجمعين بقيادة الشيخ حسن هبة الله المكرمي ـ تقدم الثوار نحو الدرعية لهدمها على رؤوس الوهابيين السعوديين لو لم يتدارك الامر شيخ الضلال والحيل محمد بن عبد الوهاب فيوسط الوسطاء ويجزل الهدايا والعطاء ويرسل بالاسرى عنده من العجمان، ويبعث بهذا كله مع الشيخ فيصل بن شهيل آل صويط شيخ قبيلة الظفير (وينتسب هذا الشيخ إلى الهاشميين) ولهذا أرسله الخبيث محمد بن عبد الوهاب على أساس أن قسما من أبناء يام بقيادة المكرمي من الشيعة وعواطف الشيعة مع الهاشميين ـ كما يزعم محمد بن عبد الوهاب في تبريره لتوسيط (الهاشمي ـ ابن سويط للمكرمي!) وقد أرسل مع الوسيط ابن سويط بأطيب الخيول العربية المحملة بالذهب التي بعثها محمد بن عبد الوهاب إلى قائد المعركة الشيخ حسن هبة الله المكرمي (والمعونات والهدايا عادة سعودية وهابية قديمة لشراء الذمم)… وتم لهم بذلك ما يريدون بعد أن ارتشى بها حسن هبة الله وعدد من قادة حملته وثبطوا عزائم الثوار من العجمان وأهل نجران بفتواهم (ان شيم العرب تقضي بالعفو عند المقدرة!)… والمقدرة هي الذهب الاحمر السعودي طبعا!.. والمسروق من دم الشعب الاحمر ومن أرزاق البؤساء التعساء!.. وتوقف زحف الثائرين بعد أن وصلوا إلى (قصر معروف) الواقع على بضعة أميال يقرب الدرعية. وأوقف الثوار عند مشارق الدرعية التي جاؤوا مدفوعين بقوة ايمانهم (بهدم قلعة اليهود على رؤوس اليهود) كما كان عدد من العجمان وأبناء نجران يهتفون بذلك… وحصلت خلافات بين بعض زعماء العجمان والشيخ حسن هبة الله، مفادها أن العجمان وعددا من أبناء نجران يريدون التقدم إلى الدرعية (لهدم قلعة اليهود على رؤوس اليهود) كما كانوا يقولون، والشيخ حسن هبة الله ومعه الوسطاء وفي مقدمتهم الشيخ فيصل السويط يثبطون العزائم بالنصح والفتاوى عن "العفو عند المقدرة"!… والحقيقة أنها كانت خدعة من محمد بن عبد الوهاب انطلت على حسن هبة الله بعد أن طلب الوسيط ابن سويط من هبة الله وهو يقدم "الهبة السعودية!" ايقاف الزحف نحو الدرعية وتعهد له وللعجمان وأبناء نجران بتنفيذ كل ما يريدون، ومنها: أن لا يعترض آل سعود وآل عبد الوهاب لاحد من ـ أبناء يام ـ العجمان وأهل نجران وأتباعهم ومؤيديهم وقال ابن سويط (انني أطلب منكم الصفح عن ابن السعود وابن عبد الوهاب وهؤلاء هم أسرى العجمان في معركة قذلة، وما هذه الهدايا الا اعتراف لكم بالجميل على آل سعود و محمد بن عبد الوهاب لانكم تركتموهم في أماكنهم أحياء بعد مقدرتكم على انهاء وجودهم)… وعاد هبة الله عن ثورته… والعود غير أحمد! عاد العجمان وأهل نجران وزعيمهم الشيخ حسن هبة الله المكرمي. ولما كان الشيخ حسن هبة الله المكرمي قد اتفق (مع حاكم الإحساء وبلاد هجر) الشيخ عريعر بن وجيه بن غرير آل حميد الخالدي (أن يهاجما معا محمد ابن سعود ومحمد بن عبد الوهاب ليقضيا على الوباء السعودي الوهابي المنتشر من الدرعية) كما هو الاتفاق، وأن تكون نقطة اللقاء بين حسن هبة الله وبين الشيخ عريعر الخالدي (العارض) وليس (حاير اسبيع) فقد اختلف الموعد، واختلف مكان اللقاء، الا أن بني خالد وقائدهم عريعر حينما عرفوا بالمعركة التي حصلت في (الحاير) توجهوا حالا إلى حاير اسبيع ولكنهم وصلوا متأخرين وبعد أن قبض حسن هبة الله الهدايا السعودية الوهابية وغادر جماعته منطقة الدرعية إلى ديارهم… فتألم عريعر الخالدي وتألم بنو خالد على اختلاف الوعد من المكرمي وقال عريعر: (كيف يعدني المكرمي أن أتوجه من الإحساء إلى العارض وأن يتوجه المكرمي من نجران إلى العارض ثم يذهب إلى حاير اسبيع ولا يخبرني بتغيير موعد اللقاء من قبله؟. هل يريدها هدايا فقط ونحن قد اتفقنا على تخليص العرب والمسلمين من هذا الوباء اليهودي؟. هل يريد الفخر له وحده من دوني ودون بني خالد في هذا القتال؟. لكن المكرمي لم يحصل على أي فخر؟!)… وفي الحال بعث الشيخ عريعر الخالدي برسول معه رسالة إلى الشيخ حسن المكرمي يناشده فيها العودة لمساعدته على السعوديين مرة أخرى وقال: (ان غدر اليهود معروف ومكرهم كبير، والقضاء عليهم وهم في حالتهم الضعيفة هذه أكثر فائدة من تركهم حتّى تقوى أجسامهم من أكل لحومنا فيقضون علينا جميعا… انني أناشدك العودة معي للقضاء النهائي عليهم)!. رسالة من المكرمي إلى عريعر يرفض طلبه بالعودة للقضاء على السعوديين لانه أخذ ثأره منهم! فأجابه الشيخ المكرمي (بأنه أخذ ثأره من السعوديين) ـ وكأن المسألة مسألة ثأر! وقال المكرمي: (ان السعوديين قد استسلموا لنا!… وقدموا الخضوع!. وطلبوا العفو. فعفينا عنهم!. وان شيمتي تفرض عليّ عدم نقض العهد الذي أعطيتهم!) وأضاف الكرمي: (ولكن إذا عاد السعوديون للعدوان فسأهجم عليهم حتّى أقتلهم بسيفي أو أموت!).. وقال الشيخ حسن في كتابه للشيخ عريعر الخالدي: (أما أنت فانك مخيّر في مقابلة الوهابي لقتاله حسبما يراه رأيك)!.. كتاب آخر من الشيخ عريعر إلى الشيخ المكرمي يبلغه فيه انّه سيدفع له مائة الف جنيه من الذهب كل عام إذا رجع وساعده في القضاء على السعوديين! لكن الشيخ حسن المكرمي رفض طلب الشيخ عريعر، وقيل يومها ان الشيخ حسن لم يأبه للهدايا الوهابية السعودية والخيول والاموال وانما اعتبر المسألة مسألة ثأرية وانتهت!… بينما الشيخ عريعر الخالدي لا ينظر لها إلا أنها ثورة قطع دابر السعودية الوهابية اليهودية.. فعاد الشيخ عريعر الخالدي إلى الإحساء، وبعد فترة وجيزة أخذت أصابع محمد بن عبد الوهاب تتحرك ضد الشيخ عريعر،فمات الشيخ عريعر ـ مسموما ـ بطريقة غادرة اتهم بتدبيرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب … وبعد موت عريعر تولى ابنه سعدون بن عريعر على حكم الإحساء، فحرك محمد بن عبد الوهاب ضد سعدون عددا من أبناء عمه وافراد قبيلة بني خالد فخعلوه. من سخرية القدر، أن يهرب سعدون بن عريعر من أبناء عمه وقبيلته ليلجأ إلى خصمه اللدود عبد العزيز بن محمد بن سعود ـ و محمد بن عبد الوهاب ـ في آخر حياته، وكانت نصيحة عبد العزيز بن محمد بن سعود لسعدون بن عريعر أن يتجه إلى قبيلته فيقاتلها بقوله: (خذ السلاح منا والرجال وعاود الكرة على قبيلتك بني خالد وأشرع في قتلهم حتّى يدينون لك بالطاعة، فقد أوصانا شيخنا محمد بن عبد الوهاب بالقتل المريع وعدم رحمة خصومنا والفتك بهم وإلباسهم أي تهمة للتخلص منهم وعدم اللجوء إلى الاخلاق في هذا السبيل وعدم التمييز بين امرأة وشيخ وطفل وحيوان أو برئ أو مذنب، ولا تقل هذا من "عربي" وذاك من ديرتي وهذا ابن عمي وذاك من قبيلتي، وهذا كان صاحبي وذاك من أهلي)!… انها وصية لا تعرف القيم والاخلاق… وصية اجرامية رهيبة ويقال ان سعدون بن عريعر لم يتقبل هذه الوصية الاجرامية التي قصد منها اليهود آل سعود أن يقوم ابن عريعر بسنها وتطبيقها في قبيلته العربية بني خالد ليوقع بينهم ويصفي بعضهم بعضا وتكون النتيجة استيلاء آل سعود عليهم وعلى بلادهم، وهي طريقة درج عليها آل سعود ومحمد بن عبد الوهاب منذ نشوء هاتين الاسرتين، فكم من البيوت خربوا وكم من القرى هدموا وكم من دماء عشرات الالوف سفكوا، لا لهدف ـ من كل هذه الجرائم ـ إلا إبادة الجنس العربي وازالة اسم الجزيرة العربية وتحقيق مآرب اليهود في سفك الدم وخدمة الشهوات الحيوانية بل يرحم الله الحيوان فكم ظلمناه حينما نشبه أعمال آل سعود وآل الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأعمال الحيوان!، بينما أعمال الحيوانات من الاعمال الخيرة التي لا يقدر حتّى الإنسان على فعلها، فالانسان هو الآكل للحوم الحيوان وليست الحيوانات هي الآكلة للحوم البشر!.. وحينما نقيس أعمال الحيوانات بأعمال همج اليهود ـ أمثال آل سعود ـ. نرى أن أعمال الحيوانات أعمال انسانية!… عجز آل سعود عن اصطياد العجمان في الحروب فاصطادوهم في الخداع السياسي ولما مات عبد العزيز بن محمد بن سعود، حل من بعده ابنه سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، وكان لا يقل همجية ووحشية وغطرسة عن أسلافه، لكن هناك من الوهابيين من لا يقل عنه خبثا، حينما نصحوه أن يستخدم اللين مع بعض المناوئين له أمثال العجمان الذين لم يستطع ارغامهم على طاعة السعوديين وأن يبذل لهم الذهب، والهدايا ليعيد بذلك قصة والده مع الشيخ المكرمي، وقالوا: انّه بالهدايا خالف ارادة العجمان وأهل نجران فأراد الشيخ حسن هبة الله المكرمي يقول له فيها: (انني أعدك بدفع مائة ألف جنيه من الذهب سنويا إذا رجعت وساعدتني في القضاء على السعوديين كما اتفقنا سابقا)… فأجابه المكرمي: (بأنه لن يفعل هذا أبدا لانه لن يخالف الخلق العربي والإسلامي)!! ومن المحتمل أن يكون المكرمي كان يعتقد أنه ليس من العروبة والاسلام أن يقاتل حتّى أعداء مبادئ الإسلام وأعداء أخلاق العروبة الذين استخدم شيخهم محمد بن عبد الوهاب القرآن في تزوير الفتاوى ضد الشعب حينما أفتى بتكفير أهل نجران والعجمان وتوعدهم بالبطش فيهم مستخدما الآية القرآنية القائلة: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون!" إلى أن قال: "ويمحق الكافرين!". ومن المحتمل أن يكون المكرمي قد أدرك أن الشيخ عريعر لن يستمر بدفع هذا المبلغ الضخم ـ مائة ألف جنيه سنويا ـ وان هذا القول مجرد مناورة من عريعر ليفوز بالنصر على السعوديين، وان لدى الشيخ عريعر أهدافا أكبر من حكم الإحساء بينما لم يكن للشيخ حسن المكرمي أهدافا تبتعد به عن حكم نجران… على أية حال: ان الشيخ حسن المكرمي أخطأ كثيرا بل أجرم في اضاعة الفرصة السانحة بالقضاء على السعوديين أولا ـ بانفراده ـ بمحاربة السعوديين وحده تلك المحاربة التي تحولت إلى محاورة ومناورة للقبول باستلام أسرى العجمان فقط والهدايا السعودية وإخلافه لاتفاقه مع الشيخ عريعر وقد رأى الشيخ حسن المكرمي أن يتخذ من الشيخ عريعر ومن بني خالد عامل ضغط على السعوديين، ويسرع وحده للانفراد بمفاوضتهم مضحيا بشجعان العجمان وأهل نجران ـ فان نجح المكرمي في التغلب على السعوديين ـ فاز بالاسرى والغنائم ـ وان فشل ـ كرّ عليهم مرة أخرى بمساعدة بني خالد وقيادة شيخهم عريعر!. وهذا ما حصل!... الشيخ عريعر الخالدي لم يتراجع وقبيلته بني خالد عن حرب السعوديين… رغم تراجع الشيخ حسن هبة الله فحزم الشيخ عريعر أمره، وذهب بقبيلته واستنصر مجموعات من أهل ـ الإحساء والعارض وشقراء وضرما ـ وعددا من مناطق نجد ـ وعسكر في موضعين اسمهما (سمحان والزلال) خارج الدرعية فأقام في ذلك المكان الـ 20 يوما يقاتل فيه السعوديين الوهابيين. وكان عتاد الوهابيين السعوديين أكثر من عتاد الثوار إذ كان عتادهم يحتوي على عدد من المدافع بالاضافة إلى وفرة البنادق والذخيرة… ولم يحرز الثوار بقيادة الشيخ عريعر نصرا ملموما إذ قتل من الثوار 40 رجلا. (وعلى ذمة المؤرخ السعودي) أن الثوار قتلوا من السعوديين نحو اثني عشر رجلا فقط!.. فغادر بالقوة. فأراد استمالتهم باللين للاستفادة من قوتهم في توطيد الحكم السعودي، ففي سنة 1217 هـ عمل السعوديون على اقناع الفارس المقدام الشيخ حزام بن عامر الحبيشي العجمي شيخ العجمان ـ آنذاك ـ وقدم هذا الشيخ العجمي من نجران لمقابلة سعود بن عبد العزيز بن محمد وفي هذه المقابلة عرض عليه ادخال اليمن في حكمه!. فرحب سعود بن عبد العزيز بن محمد بفكرة الشيخ حزام، فعمم الشيخ حزام ـ أمر النفير ـ على العجمان ودعاهم للغزو ضد شعب اليمن، وراح يصارع الشعب اليمني ودارت بين العجمان وبين الشعب اليمني الحروب واستولى الشيخ حزام على (أبي عريش) بعد أن قضى على شيخها (حمود بن مسمار) ـ وكذلك ـ جيزان وصبيا ـ ووضع في هذه المناطق مناصيب من عنده ثم ربطهم بحكم الاحتلال السعودي، ثم توغل إلى الحديدة وشارف على صنعاء الا أنه لقي مقاومة يمانية أعجزته عن ربط كل اليمن في مؤخرة عيال اليهود فعاد إلى نجد… ومع كل ما قدمه الشيخ حزام للاحتلال السعودي من خدمات فقد غدر به سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود ـ غدر بالشيخ ـ حزام ودبر مؤامرة لاغتياله!. فيصل بن تركي آل سعود يقتل فلاح بن حثلين العجمي في سنة 1261 هـ خشي فيصل بن تركي آل سعود من الشيخ فلاح بن حثلين العجمي، فزعم فيصل بن تركي آل سعود ان فلاح العجمي قد اعتدى على بعض الحجاج التابعين لآل سعود فأرسل عليه لقتله إلا أنه هرب إلى محمد بن هادي بن قرملة شيخ قحطان، فتبعه فيصل بن تركي بجيوشه!.. فهرب من عند ابن قرملة إلى منديل بن غنيمان رئيس الملاعبة من قبيلة مطير ـ فأخبر ان غنيمان الحميدي إبن فيصل الدويش ـ الشيخ العام لقبيلة مطير، فحضر هذا إلى بيت ابن غنيمان وأخذ فلاح معه وذهب به إلى منازله فأنزله بجواره كلاجئ في حمايته، لكن الدويش ذهب إلى فيصل بن تركي آل سعود وأخبره بوجود الشيخ فلاح بن حثلين في جواره، وربما ظن ـ الحميدي الدويش ـ أنه سيعفيه من القتل علما أن من عادات العرب حماية (الدخيل) أي المستجير حتّى ولو كان هذا المستجير من أعداء المجير!… فأرسل فيصل بن تركي مع الحميدي الدويش سرية لاعتقال ابن حثلين، فقيدته بالحديد وأتت به إلى فيصل بن تركي آل سعود الذي أرسله إلى الاحساء ـ وكانوا قد احتلوها ـ وأدخلوه في سجن قصر الكوت الكريه الذي كان يشرف عليه أحمد السديري عميل آل سعود في الاحساء، فمنعوا الطعام والماء عن ابن حثلين وقيدوا يديه ورجليه بالحديد وطافوا به شوارع الاحساء وبعد أن تحمل ابن حثلين سنة من العذاب السعودي في السجن ضربوا عنقه بالسيف عام 1262 هـ. فيصل بن تركي وهجومه على العجمان ومنذ ذلك العام بدأت مجموعة من ثوار العجمان بقيادة (ابن الشهيد فلاح) واسمه راكان بن فلاح بن حثلين، فقامت هذ المجموعة من الثوار بمقاومة الاحتلال السعودي وشن هجمات فدائية عليه وعلى مراكزه وعلى أتباعه وعلى ما يزعم أنها ممتلكاته التي صادرها الاحتلال السعودي من دماء الشعب وطعامه. وفي عام 1276 هـ أصدر فيصل بن تركي آل سعود "أمره" إلى ابنه عبد الله بن فيصل لقيادة مجموعات كبيرة من قبائل نجد لقتال العجمان، فشنوا هجومهم على مجموعة من عرب العجمان يقطنون على ماء اسمه (الوفراء) واقتتلوا معهم ثم انسحبوا إلى الصبيحية وكان يقطن عليها عدد من العجمان منهم آل سليمان وآل شامر وزعيمهم الشيخ علي بن سريعة، ونشبت بين المحتلين السعوديين وعرب العجمان معركة ضارية قتل فيها أتباع الاحتلال السعودي عددا كبيرا واستشهد من آل سليمان وآل شامر من العجمان (40 مجوّخا)!. والمجوخ ـ هو من يلبس جبة من الجوخ الاحمر المنقوش بالزرى ـ ومعناه (فارس)… وبعد هذه المعركة انسحب العجمان إلى قرية "الجلاء" بالقرب من "كائمة" حيث التقى العجمان ببقية اخوانهم العجمان هناك وبعدها ارتحل عبد الله الفيصل وجيوشه الجرارة ونزل على (ملح) ماء جنوب الكويت، فتنادى العجمان لحربه رغم أن جمعهم أقل من جيوشه السعودية بكثير! لكنهم ولكي يتغلبوا على قتلهم وكثرة عدد العدو السعودي وعتاده، رأى العجمان العودة إلى عادة كان يستخدمها أوائل العرب قبل الإسلام، فأحضروا سبعة من الجمال ووضعوا عليها الهوادج واركبوا فوق كل جمل بنتا جميلة من بناء رؤساء عشائرهم محلاة بزينتها، وتقدموا نحو العدو، وبين كل مجموعة منهم احدى البنات ومهمة هذه البنت: مناداة الرجال بالاستبسال لضرب العدو، علما أن الرجال يعرفون أن عدم الاستبسال معناه انتصار العدو عليهم وانتصار العدو يعني: أن يأخذ الاعداء السعوديون بناتهم (سبايا) وجواري في قصور الرقيق، ولذلك لا محالة من الانتصار على الاعداء أو موت الثوار عن آخرهم!… وفي يوم 10 رمضان سنة 1276 هـ التحم ثوار العجمان مع جموع العدو السعودي اليهودي التي تزيد عن سبعة آلاف، فنشب بين الفريقين قتال دموي مريع بلغت خسائر السعوديين في تلك المعركة بما قدروه بـ 2150 قتيلا تركوهم في ساحة المعركة واستشهد لثوار العجمان /700/ شهيد وقد بدأت المعركة صباحا ولم تتوقف الا في منتصف الليل حيث انسحب ثوار العجمان إلى بيوتهم في منطقة الجهراء في الكويت وانسحب القينقاعي عبد الله الفيصل آل سعود إلى الرياض بدرس بليغ من ثوار العجمان يسحب معه جرحاه وذيول الخيبة بعد أن أدرك أن بطولات العجمان هي نوع فريد من الشجاعة حينما استطاعت مجموعة من قبيلة العجمان التصدي لجيش سعودي لجب!… وهكذا قاتل العجمان في ذلك اليوم وقبله من الايام في مختلف المواقع ـ موقعة حاير اسبيع وموقعة الوفراء وموقعة الصبيحية، وغيرها ـ قتال الابطال الشجعان وحطموا قوى الشر المعتدية السعودية… ومع ذلك فقد حسب السعوديون تلك الموقعة نصرا لهم.. ربما هو كذلك!. بدليل أنهم بقوا على قيد الحياة!. إلا أن شاعرهم السعودي أحمد بن علي بن مشرف لم يخجل حينما قال في قصيدة له يشتم فيها قبائل بني خالد وآل مرة والعجمان وأهل الاحساء… واعتبر هذا الشاعر المرتزق قتل الشعب والاعتداء على حقوق الآخرين: "فتحا"!. قصيدة "الفتح" السعودي المزعوم! فناهيك من فتح به أمِن الفَلا وأسفرت البلدان وابتهج العصر!

تسامى به نجد إلى ذروة العلا واسفر وجه (الخط) وافتخرت (هجر)!

لأن قيل عبد الله أقبل عاديا!.. يقود أسودا في الحروب لها زأر

فصبّح قوما في (الصبيحة) اعتدوا! ومن (لحسين) ينتمون وما بروا

وطائفة (مرّيّة) غير عذبة! خلائقها بل كل أفعالها مُرّ!

أساءوا جميعا "في الامام" ظنونهم فقالوا ضعيف الجند في عزمه حصر!

نغير على بلدانه!. ونحيفها ليعرفنا الوالي وينمو لنا الوفر

فقد قسموا الاحساء جهلا بزعمهم لعجمانه شطر!… وللخالدي شطر!

تهنا بهذا الفتح! يا فيصل الندى فقد تم للإسلام!. والحسب الفخر!

وهذا هو الفتح!. الذي قد بنى لكم مكارم يبقى ذكرها ما بقي الدهر!

واستمر كفاح العجمان البطولي وبعد هذه المعركة غادر عبد الله الفيصل آل سعود مهزوما إلى الرياض ونزح العجمان شمالا إلى العراق وتحالفت معهم قبيلة الظفير وبعض من عرب المنتفق وفرضوا وجودهم في المنطقة الجنوبية من العراق ثم حصل بينهم وبين والي البصرة (حسيب باشا) وحاكم الزبيد (سليمان بن عبد الزاق الزهير) وقوات الاتراك قتال في ضواحي البصرة ومن ثم تصالحوا!.. وأعد العجمان العدة لقتال العدو الاساسي القينقاعي السعودي، فارتحلوا ونزلوا على (كويبدة) و(كايدة) وعلى (الجهراء) وبدأوا في شن الغارات ضد مواقع الاحتلال السعودي.. الحفنة واللحية العفنة.. ومعركة الطبعة! فأخذ ابن السعود يجمع من الحضر والبدو الذين وقعوا تحت حكم احتلال "لحيته العفنة" ويعدهم بالتجمع في مكان اسمه (الحفنة) وفي شعبان سنة 1267 هـ أمر فيصل ابنه عبد الله بالسير بجنوده لقتال العجمان فخرج عبد الله ومعه الآلاف سواء ممن وقعوا تحت حكمه أو ممن تبعوه للارتزاق، وفي رمضان 1277 هـ هاجم العجمان وكانوا يقيمون في (الجلاء) ـ قرية قرب الكويت ـ ودار القتال شديدا واستبسل العجمان بالسلاح الابيض، الا أن عشرة آلاف كانوا مع عبد الله الفيصل أطبقوا على العجمان من الغرب والجنوب وكانت ظهورهم إلى البحر ومن الشمال تضايقهم جبال غفي ـ لمطلاع ـ العالية التي لا يوجد بها متسع للخروج، وهكذا تعاونت الطبيعة مع الاعداء لمحاربة العجمان… راكان بن حثلين يعيد قصة طارق بن زياد واشتد وطيس القتال بين الفريقين، فرأى العجمان أن الحل الوحيد أمامهم هو: ان يقاتل واحدهم عن ألف واحد، وانه لابد لهم من الخروج من هذا المأزق المميت بشق طريق لهم في صفوف الاعداء بسيوف العجمان، وفي تلك اللحظة المميتة سمعوا صوت زعيمهم الفارس المغوار راكان بن حثلين ينشد بهم بأعلى صوته وكأنه يقول ما قاله طارق بن زياد تماما (البحر من ورائكم والعدو من أمامكم فاما القتال حتّى النصر واما الموت بين عدوين البحر والعدو)… وظروف العجمان تلك هي التي جعلت راكان بن حثلين ينشد مثلما قاله طارق ابن زياد… بينما كان يردف زوجته على حصانه: القصيدة التي فتحت الطريق يا ربعنا وش ذا المضيق جمعين والثالث بحر! بسيوفنا نفتح طريق لعيون برّاق النحر! وفتحوا الطريق بسيوفهم في صفوف الاعداء بعد أن بلطوه بجثث الاعداء وخلطوا ترابه بدماء الاعداء وخرجوا من هذا الحصار السعودي بعد أن قتلوا من جنود آل سعود أكثر من ثلاثة آلاف بينما استشهد من ثوار العجمان /1500/ شهيد في هذه المعركة التي سميت (معركة الطبعة) نسبة لطبعة العجمان حينما نزل قسم منهم في البحر وجرفهم بمده، وكان للبحر الفضل الاكبر في مساعدة السعوديين في تلك المعركة التي فاجأ بها آل سعود العجمان ـ على حين غفلة ـ وكذلك الجبال التي حرمت العجمان من التحرك والالتفاف… وبعد هذه المعركة قال شاعر العجمان الفارس المعروف راكان بن حثلين في شرحه للوضع في قصيدة ثانية يعتذر فيها للنساء ويقول لهن انكنّ تدركن إن كثرة الاعداء وكثرة سلاحهم وظروف الطبيعة القاسية هو المانع الذي حال بيننا وبين ابادة الاعداء السعوديين عن آخرهم، الا أننا مع كل ذلك تغلبنا عليهم وقتلنا شيوخهم والآلاف من أتباعهم… معذرة أيتها النساء لاننا لم نبيد كل أعداء الوطن عن آخرهم العذر يا غضّ النّهد ظَبْي الافجاج الكثر يكسر كاسبين النواميس جانا بأهل نجد إلى حد الافلاج وما حدر الوادي على مقطع الخيس أمواج الاعدا، والبحر، خلفنا أمواج ومع كل هذا قد قتلنا إلاباليس! إنّا لدم النذل بالقاع مُزّاج أشاوس ربعي إذا حقنّا ديس! يا حيف يا شيخ قُتل ضمن الافواج هذا الدويش، وخل عنك الدنافيس خليت دمه بين الاضلاع زعاج بشلفا حدتها كف راع النواميس من كف ولدك يوم ولد الردى ماج يروغ عقله من لميع العبابيس لعينيك يا الصغر ذبحت ابن فرّاج هذا لعينا وقفتك في المتاريس شاعر الاحتلال السعودي يرد وقد رد شاعر الاحتلال السعودي ـ ابن مشرف ـ في قصيدة أخرى فزعم "ان الله كان معهم!" وهو الذي أوقع بالعجمان! "أهل الحظوظ العواثر"! وفيما يلي قصيدة المرتزق السعودي: ومن بعد حمد الله جل ثناؤه على نعم لم يحصها عد ماهر نقول لاعداء بنا قد تربصوا عليكم أديرت سيئات الدوائر ألم تنظروا ما أوقع الله ربنا بعجمانكم أهل الحظوظ العواثر؟! فكم نعمة نالوا وعزا ورفعة على كل باد في الفلاة وحاضر إذا وردوا الاحساء يرعون حفيها وفي برها نبت الرياض الزواهر فكم أحسن الوالي اليهم ببذله وبالصفح عنهم في السنين الغوابر فكم نعمة أسدى لهم بعد نعمة ولكنه أسدى إلى غير شاكر لقد بطروا في المال والعز واجتروا على حرمة الوالي وفعل المناكر فمدوا يد الآمال للمُلك واقتفوا لكل خبيث ناكث العهد غادر فأقبل من نجد بخيل سوابق رماهم بها مثل الليوث الخوادر فواعد في (الوفرا) جموعا توافرت من البدو أمثال البحور الزواخر (سبيعا) وجيشا من مطير عرمرما ومن آل (قحطان) جموع (الهواجر) ولا تنسى جمع الخالدي فانهم قبائل شتى من (عقيل ابن عامر) فلما أتى الجلاء ضاقت بجيشه وجالت بها الفرسان بين العساكر فما اعتصموا الا بلجّة مزبدٍ من البحر يعلو موجه غير جازر فغادرهم في البحر للموت مطمعا وقتلى لسرحان ونمر وطائر من هو هذا الشاعر؟ عرف هذا الشاعر بالارتزاق، من وراء شعره.. فهو الذي قال في مدح فيصل: قصدناه في (هجر) نؤمّل رفده فجاد علينا بالمنى والمنافع! اعذناه بالرحمن من كيد كائد ومن شر شيطان وخبث مخادع! اذاً.. فالقصد ـ هو "الرفد" من هذا القصيد المأجور. حينما قام العجمان بثورة ناجحة كبرى أزالوا بها النظام السعودي للدولة السعودية الثانية في سنة 1287 هـ في شهر رجب أعلن العجمان الثورة المسلحة في مقاطعة الاحساء ضد نظام حكم عبد الله الفيصل وانضم اليهم سعود بن فيصل شقيق عبد الله الفيصل الذي التجأ إلى العجمان. وسيطر العجمان على منطقة الاحساء والقطيف سيطرة تامة ثم أخذوا يعدون العدة لمهاجمة الرياض. فلما علم عبد الله الفيصل بما حصل أمر أخيه محمد بن فيصل بأن يزحف بجيوشه الكثيرة من حاضرة نجد وباديتها لمهاجمة العجمان، أما العجمان فقد زحفوا باتجاه الرياض غير عابئين بكل جيوش آل سعود، ولما وصلوا إلى ماء (جوده) غرب الاحساء التقوا بمحمد بن فيصل وجيوشه ونشبت بينهم معركة ضارية هائلة وذلك في يوم 27 رمضان 1287 هـ وحصل بين الفريقين قتال شديد قتل فيه من جيوش آل سعود تسعمائة رجل بين فارس وراجل ومن مشاهير القتلى: عبد الله بن بتال المطيري القائد العسكري المشهور، ومجاهد بن محمد أمير بلد الزلفي، وابراهيم بن سويد أمير بلد جلاجل، وعبد الله بن مشاري بن ماضي من رؤساء روضة سدير، وعبد الله بن علي بن عبد الرحمن أمير بلدة الخرما. وأسر قائد الجيش السعودي محمد بن فيصل آل سعود، وقتل أيضاً مستشار عبد الله الفيصل (سلطان الوار بني ـ من أهل القطيف ـ ولأول مرة يعيّن آل سعود مستشارا لهم من أهل القطيف ! لكن هذا الشخص اشتهر بالعمالة وكان عدوا لدودا للعجمان) وفي تلك المعركة غنم العجمان كل أعتدة الجيش السعودي وأرسلوا محمد بن فيصل إلى القطيف مخفورا وحبسوه هناك وانهزمت شرائد السعوديين يهيمون على وجوههم في صحراء الدهناء ـ مفازة ـ بين الرياض والاحساء ـ وهلك عدد غفير منهم عطشا، والذي نجا من سيوف العجمان لم ينج من العطش، وهكذا ثأر العجمان لشعب الجزيرة العربية من آل سعود وأتباعهم بهذه المعركة وثأروا لانفسهم، وأقام العجمان على (جوده) وكتبوا لرؤساء أهالي الاحساء يبشرونهم بالنصر على خصمهم، وطلبوا من كبارهم القدوم اليهم، وحضر كل رؤساءهم وعاهدوهم على المضي معهم لازالة الاحتلال السعودي.. أما عبد الله بن فيصل فانه لما بلغته هزيمة جيشه واسر ـ العجمان ـ أخيه محمد لم تسعه الرياض، إذ أدرك أن مصيره الهلاك على أيدي ثوار العجمان الذين زحفوا على الرياض، فقصد ناحية جبل شمر طالبا اللجوء إلى آل رشيد، لكنه تردد، فأرسل عبد العزيز أبا بطين بكتاب إلى والي بغداد ووالي البصرة التركيين يطلب منهما نجدته بالاحتلال العثماني ومساعدته من ثوار شعب الجزيرة العربية الذي يقود زمام قيادته العجمان ـ في تلك المرحلة ـ لدك معالم آل سعود، فوعده والي البصرة ووالي بغداد بالمساعدة، وفي شوال من نفس السنة 1287 هـ وفَدَ محمد بن هادي بن قرملة شيخ قحطان ومعه عدة رجال من رؤساء قحطان على سعود بن فيصل الملتجئ للعجمان، وكان العجمان غير راضين عنهم فلم يلتفت لهم وعادوا غاضبين ثم توجهوا على عبد الله الفيصل وهو على (البعيثة) وعاهدوه على "السمع والطاعة" فشدوا من عزيمته، فارتحل معهم من البعيثة وتوجه إلى الرياض ودخلها في ذي القعدة 1278 هـ وفي شهر محرم سنة 1288 هـ خرج العجمان من الاحساء ومعهم سعود بن فيصل ـ المستجير بهم ـ وعينوا في الاحساء فرحان بن خير الله أميرا فيها وقصدوا الرياض، فلما اقتربوا منها هرب منهم عبد الله الفيصل وقصد بوادي قحطان لاجئا إليها. وكان قبل خروجه من الرياض قد سرق كل ما في الرياض من ذهب وأثاث ومدافع وأرسلها مع خادمه حطاب بن مقبل العطيفة ومعه سرية من الحرس وأمرهم أن يتوجهوا بذلك إلى مضارب قحطان… فصادفهم العجمان في (الجزعة) فحصل بينهم وبين السرية المذكورة قتال شديد وهزمهم العجمان وأخذوا سلاحهم وجميع ما معهم وقتل منهم عدد من القتلى ومن مشاهيرهم حطاب العطيفه وفلاح بن صقر العطيفه وعويد بن حطاب ومحمد بن راشد الفقيه. ثم دخل العجمان الرياض في ربيع الأول 1288 هـ مع خلائق كثيرة انضموا اليهم فسيطروا على البلد ونظموه ورتبوا أموره وأنهوا بذلك ملك آل سعود… وتنفست نجد الصعداء وسادت الفرحة أفراد الشعب الذي لم يكن يصدق بزوال دولة المفاسد وزوال عبد الله الفيصل الطاغية السفاك… وما أن استقر العجمان في الرياض، حتّى ارتكبوا خطأ آخر بتنصيبهم "لسعود" بعد الخطأ الذي ارتكبوه في واقعة حاير اسبيع بتركهم لمحمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود وأولادهما ولما قدم إلى العجمان كبار أهل نجد طلب العجمان منهم "مبايعة سعود بن فيصل" الذي عينه العجمان مكان أخيه عبد الله!. وبهذا أعاد العجمان الحكم السعودي إلى بلادنا من جديد!. وكان ذلك هو الخطأ الأكبر الثاني الذي يرتكبه العجمان بعد الخطأ الأول الذي قبلوا فيه بمصالحة محمد بن عبد الوهاب حينما أرسل لقائدهم آنذاك حسن بن هبة الله المكرمي فيصل بن شهيل السويطي شيخ قبيلة الظفير، وكان بامكان العجمان القضاء على محمد بن عبد الوهاب وحكمه السعودي نهائيا… لكن محمد بن عبد الوهاب ـ نتيجة لخبثه ـ بحث عن وسيط فلم يجد من يصلح للمهمة غير (الهاشمي) ابن سويط ليقابل (الشيعي)حسن هبة الله المكرمي، فيحرك بينهما صلة المذهب فلا يرفض حسن المكرمي لفيصل بن سويد الهاشمي طلبه في الوساطة! فنجح ابن سويط في ايقاف زحف العجمان المحاصر للدرعية بما عرف باسم (واقعة حاير اسبيع)… هذا هو الخطأ الأول والخطأ الثاني فيالهما من خطأين جسيمين!… العجمان استولوا على الرياض وأزالوا الحكم السعودي عن آخره، ولكنهم، من جديد أعادوا هذا الحكم بتعيينهم لسعود بن فيصل وهو شقيق من خلعوه وحاربوا حكمه وبذلوا الدماء والتضحيات لازالة هذا الحكم بكفاحهم الطويل المرير ضد حكم الفساد السعودي، وأتعس من هذا، أن العجمان بعد ثورتهم أرسلوا لكبار أهل نجد يطلبون منهم بالاكراه (مبايعة سعود مكان شقيقه عبد الله)!.. فيضطر الذين استدعوهم "للمبايعة" للموافقة كارهين!. ثم تبدأ من جديد غزوات سعود بن فيصل لقرى وقبائل نجد وجزيرة العرب. سعود بن فيصل يلاحق شقيقه عبد الله الملتجئ إلى قحطان وبعد ذلك توجه العجمان ومعهم سعود بن فيصل لملاحقة شقيقه في قبائل قحطان، ووصل العجمان ومعهم "سعود" إلى (البره) حيث كانت تسكن قحطان ومعها عبد الله بن فيصل وذلك في يوم 7 ربيع الأول 1288 واقتتلوا مع قحطان وصارت الهزيمة على عبد الله الفيصل وراح ضحية هذه المعركة عدد كبير من الطرفين قحطان والعجمان!. والسبب؟!. لا شئ غير الفتنة السعودية وجهل المقاتلين إلى جانب قسم من آل سعود سواء كانوا من قحطان والعجمان أو غيرهم!. وإلا... ما الذي يدفع قحطان للقتال إلى جانب ذاك اليهودي؟. وما الذي يدفع العجمان لقتال قحطان إلى جانب هذا اليهودي، ولقد قتل عدد كبير من الطرفين، من بين الذين قتلوا من قحطان: عبد العزيز بن محمد ناهض، وبرّاك بن عبد الله بن برّاك، ومن بين الذين قتلوا من العجمان: منصور الطويل من رؤساء العجمان وعدد كبير... ثم عاد العجمان إلى الرياض، حيث غادروها إلى بلادهم الاحساء وتركوا منصوبهم سعود بن فيصل آل سعود يحكم الرياض ويحكم قسما كبيرا من نجد أيضاً. هجوم محمد العبد الله آل رشيد على الرياض وسحق الحكم السعودي وبعد فترة بدأ التذمر في نجد من حكم سعود بن فيصل والتسلّط السعودي، فوجد ابن الرشيد الفرصة سانحة لتخليص نجد من هذه الجرثومة فهاجم الرياض واستولى عليها وجلب بقية الاسرة السعودية أسيرة إلى حائل… لكن محمد العبد الله الرشيد هو الاخر ارتكب جرما كالذي ارتكبه العجمان وهو أنه لم ينه آل سعود ويبيدهم كي لا تنبت شجرتهم من جديد.. فنبتت من جديد بدعم من الانكليز بعد أن هرب عبد الرحمن بن فيصل إلى الكويت فأصبح راتبه وابنه عبد العزيز سبعين روبية من الاتراك في الكويت ومن ثم رفعت المخابرات الانكليزية مرتب ابنه عبد العزيز إلى /500 جنيه استرليني/ كما هو معروف وموضح في أماكن أخرى من هذا الكتاب، وعاد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل يحارب العجمان وشمر ونجد والجوف وعسير وتهامة واليمن بعتاد الانكليز وخبراء الانكليز أمثال السير برسي كوكس والكابتن شكسبير ـ الذي قتله شعبنا في معركة جراب وخلفته المخابرات الانكليزية بجون فيلبي وغيره ـ وقد استمر صدام قبيلة شمرّ وأهل حائر مع آل سعود مثلما استمر صدام العجمان، إذ قتلت قبيلة شمر وأهل حائل القائد الانكليزي الذي كان يقود "الاخوان المسلمين" السعوديين في معركة جراب قرب الزلفي… وعيّن مكتب المخابرات الانكليزية (المكتب الهندي) الكابتن جون فيلبي الذي تعلّم من مصرع زميله رسول المخابرات الانكليزية ـ الكثير ـ فأطلق على نفسه لقب (الشيخ محمد بن عبد الله فيلبي) ثم حذف كلمتي (الشيخ) و(محمد) من اسمه واكتفى باسم (الحاج عبد الله فيلبي)… وبدأ يقود ـ الدين ـ وتجار الدين السعودي… واستمر كفاح العجمان لقتال آل سعود حتّى حاصروا عبد العزيز في حرب الاحساء وفي سنة 1915 م أراد عميل الانكليز الاكبر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود اخراج العجمان من الاحساء معللا ذلك "بأنه يريد استرجاع الغنائم التي غنمها العجمان من أهله في قتالهم لذويه"، فرفض العجمان طلبه وثاروا عليه وحاصروه في الهفوف بالاحساء ومن معه من الجيوش الضخمة واستمرت حربهم معه وحصارهم له ستة أشهر ونصف الشهر… وفي أحد الايام بعث اليهم يطلب الصلح معهم على أن يفكوا الحصار عنه ويسمحوا له بالرحيل!، فرفض العجمان وأخذوا حذرهم منه ووضعوا الحراسات الليلية كي لا يفلت عبد العزيز من أيديهم، ثم أخلوا بيوتهم من عوائلهم واستعدوا للطورائ… وعند منتصف الليل شن عبد العزيز آل سعود هجوماً على عموم استحكامات العجمان ومن كل الجهات، فاستقبلوه ببنادقهم وسيوفهم وقتلوا شقيقه الامير سعد بن عبد الرحمن آل سعود وضربوا عبد العزيز آل سعود في بطنه ضربة اخرجت مصرانه فأمسك بها وهرب إلى مخبأه وقتل من جيشه /2700/ قتيل خلاف الجرحى، فشدد العجمان الحصار عليه، إلا أن المساعدات المالية والعسكرية والطبية والاطعمة بدأت تأتيه من الانكليز في الكويت ومن ضمنها مبلغ ستين ألف روبية جاءته من الكويت بحجة أنها من ابن صباح ـ وباخرتين محّملتين بالطعام والسلاح رستا في العقير، لكنه مع كل تلك المساعدات الضخمة لم يتمكن من فك الحصار أمام شجاعة وبطولات أبناء شعبنا العجمان… إلا أن لكل شئ نهاية… فالحصار طال والمعونات تنهال من الانكليز في الكويت بلا حساب على أكبر عميل لهم في المنطقة العربية… ومع عبد العزيز خبراء انكليز وطبيب انكليزي… والعجمان؟!… لقد حاصرهم الجوع وماتت ابلهم وأغنامهم وعاد حصارهم له حصاراً عليهم وما من أحد يعين العجمان إلا سيوفهم وأذرعتهم!. والسيوف والاذرعة وحدها لا تكفي … فاضطروا إلى فك حصارهم بأنفسهم، ونزحوا مختارين بعيدا عن الاحساء إلى الشمال… وقد سجل لهم التاريخ بطولاتهم الرائعة التي خلدتها أفعالهم وأقوالهم في تلك القصائد الشعبية العديدة ومنها قول شاعرهم، نغيمش الشاعر العجمي: ليل على ابن اسعود ياليل النّدم ذبح الاصائل والعمار الغاليه أخوك يا عزيّز من الموت انكتم وراك تهرب منه وأنت اتخايله صابك وصاب أخوك من الموت السهم بالليل الاظلم… ليتنا بالقايله! عقب التدنجر ما تفكّون اللزوم وأرقابكم من ضرب الايدي ما يله وفي هذه القصيدة يصف الشاعر "نغيمش" معركة العجمان مع عبد العزيز آل سعود وقتلهم لشقيقه سعد وكيف هرب عبد العزيز من جانب شقيقه دون أن يجرأ على حمله!، وكيف جرح عبد العزيز وهرب يحمل مصرانه… ويتمنى الشاعر لو كان وقت المعركة نهاراً (في القائلة) وليس في الليل الاظلم ليتمكن العجمان من التعرف على الاعداء وكبار الاعداء وعلى عبد العزيز آل سعود لقتله وقتل قادته الانكليز والعرب. نازلين الحسا كلّه على شانه وفي قصيدة أخرى يلوم فيها الشاعر "نغيمش العجمي" بعض افراد القبائل الذين تعاونوا مع أعدائهم آل سعود، ويبشر قبيلته العجمان الذين طال صبرهم بانتظار العدو السعودي أنه حان الوقت للقضاء عليه، ويقول اننا ما نزلنا الاحساء إلا على شان القضاء على ذئب نجد المسعور، واننا حاصرناه وجرحناه وذبحنا أخاه، ولم نتركه يتقدم أو يتأخر، فان رفع خيمته هدمناها وان تقدم لقتالنا قتلناه… وموعدكم مع اليهودي: يا نسل، يام، يالعجمان، قد حانه مونة لليهودي لا اتخلونه يا مطاليق، صبر، طالة أحيانه ذيب نجد عوى له ذيب بينونه يا لبحيحي وراك اتشب نيرانه وبن شافي ورشّود تعينونه نازلين الحسا كله على شانه نازلين الحسا ياللي تعرفونه ان تقدم هدمنا بني صيوانه وان تأخر يشوف الموت بعيونه السعودي اليهودي جمّع اخوانه انكليز… ولكن لا يفيدونه. كيف قتل العجمان ابن جلوي في معركة العيينة بين العجمان وآل سعود في عام 1929 م أمر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود فهد بن عبد الله بن جلوي آل سعود حاكم الاحساء بالهجوم على العجمان ثم بعث بكتاب إلى رؤساء العجمان وأعطاهم "الامان" وقال لهم في هذا الكتاب: (بسم الله الرحمن الرحيم !… إلى رؤساء العجمان وقادتهم، السلام عليكم ورحمة الله، وبعد، أبعث اليكم بكتابي هذا ليكون فاتحة خير بيننا بعد أن أمرني السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل بحل كل المشاكل التي بيننا بالحسنى وأنه ووالدي وأنا نتعهد لكم ونعاهدكم بالله وكتاب الله أن لا يأتيكم منا مكروه. فنطلب منكم زيارتنا للتفاهم على ما ذكرناه والله وكتابه على ما نقول شهيد)!… وفعلا، كان الله شهيد!. وكتاب الله شهيد أيضاً ! … ضمن آلاف الشهداء!.. الذين سفك دماءهم آل سعود اليهود الذين لا يرعون حرمة للعهود!.. الكذب والغدر ليسا من شيم العرب اطلاقا بل هما شريعة آل سعود وكل اليهود وهكذا يكون الغدر السعودي… حينما قام قادة العجمان بزيارة فهد الجلوي… غدر بهم وقتلهم وفي مقدمتهم الشيخ ضيدان بن حثلين وكرّور الحبشي وتسعة آخرين من العجمان… ولم تنطل على ـ العجمان ـ اساليب الغدر السعودي التي انطوت عليها رسالة ابن جلوي، ولذلك فقد تنادوا لاجتماع عام تشاور فيه قادة العجمان فيما بينهم وحضر هذا الاجتماع عدد من وجوه عشائر العجمان فقرروا ما يلي: 1 ـ ان عبد العزيز بن سعود غدار، وهو بهذه الطريقة يريد الغدر بنا ويريد قتل أكبر عدد من شيوخ العجمان فيجب أن لا يذهب لابن جلوي أحد من الشيوخ وعلينا أن نهاجمه… قال ضيدان بن حثلين (سأذهب أنا ومعي بعض الرجال الذين تختارونهم، فان تأخرنا أكثر من اليوم والليلة فمعنى هذا أنهم غدروا بنا فتوجهوا لانقاذنا).. فسار ركب ضيدان بن حثلين ـ ووصلوا إلى مخيم بن جلوي في العيينة ـ وأظهر لهم ابن جلوي خلاف ما يبطن، فرحب بهم وأطعمهم وأسقاهم القهوة (ومن عادة العرب انّه إذا طعم الخصم عند خصمه يحرّم قتله لأنه "أكل العيش والملح"، وان صمم المضيف قتل ضيفه فلن يقتله في بيته في نفس المكان والزمان الذي استضافه فيه، بل يعطيه مهلة ثلاثة أيام يهرب فيها من وجهه، وتسمى الايام الثلاثة "المهرّبات" فان لحق الطالب بالمطلوب في هذه الايام الثلاثة قتله فيها، وإلا فقد سلم المطلوب هذه المرة ليتحيّن الطالب قتله في مرة أخرى لا يذوق فيها المطلوب طعامه!) إلا أن آل سعود (الذين رضعوا الحقد اليهودي والغدر بهم أبعد ما يكون عن الاخلاق العربية كبعدهم عن أخلاق الدين)… فبالرغم من أن دعوة ابن جلوي للعجمان واضحة وكانت من أجل التفاوض!. وبالرغم من أن شيخ وقادة العجمان كانوا ضيوفه!. فان ابن جلوي لم يتفاوض معهم اطلاقا طيلة سبع ساعات تقريبا، وكان الشيخ ضيدان بن حثلين كل ما فتح له باب النقاش عن سبب دعوته لهم، ادخله فهد بن جلوي بموضوع آخر!. وحينما قال له ضيدان بن حثلين (أن العجمان ينتظروننا وإذا طولنا أخاف أنهم يجونك إلى هذا المكان) وهذا تلميح واضح من ابن حثلين لابن جلوي عن دور العجمان وتلميح لردعه لأن ابن حثلين بدأ يشك بسوء نية فهد ابن جلوي… إلا أن ابن جلوي المغرور تجاهل كلام ضيدان بن حثلين فتأكدت شكوك ضيدان فقام من مجلس ابن جلوي بقصد العودة إلى جماعته العجمان، لكن (عبيد) ابن جلوي وخدمه طرحوه أرضا ومن معه من المرافقين ثم وضعوا القيود بأيديهم وأرجلهم، إلا أن مرافق ضيدان بن حثلين (ومملوكه) ابن منير كان حذراً وقد توقع ما حدث قبيل حدوثه بدقائق فركب جواده ـ باشارة من عمه ـ ضيدان ـ وسابق الريح ليخبر العجمان، فأخبرهم بهول ما جرى، وكان العجمان قد تأهبوا قبل مجئ المرافق (النذير) فاتجه إلى العيينة/ 400/ شخص فقط بينهم مائة فارس وكانوا بقيادة الشيخ حزام بن حثلين وما أن شاهدهم فهد بن جلوي حتّى أمر عبيده بقتل (ضيوفه!) ضيدان بن حثلين ورفاقه!.. فالتحم ثوار العجمان /الـ 400/ بجيش سعودي قوامه /4000/ رجّل! .. ولا شئ أرخص من السلاح الابيض، ولا هناك من الاسلحة ما هو أقوى من صبر وجلد هذا السلاح الابيض، فالبنادق تكل أحيانا وأحيانا تتفجر من حرارة النار، إلا السلاح الابيض بيد من يجيده من الايدي التي لا تمل، والعجمان من هذا النوع الذي يجيد استخدام السلاح الابيض!… وبهذا السلاح التحم قسم منهم مع السعوديين فأبادوا أكثرهم… حتّى أنهم لم يعودوا، في تلك المعركة، يهتمون بالرؤوس الخسيسة من رؤوس الجنود والمجندين بل ذهبوا يبحثون عن الرؤوس الثمينة التي تستحق القطع والبّت السريع بأمرها، فكان كل واحد منهم يسأل ذبيحته السعودية قبل ذبحها عن "سيدها فلان" وكان مجموعة من العبيد الذين يملكهم ابن جلوي يسوقون الجموع السعودية بالعصي وبالسيوف لملاقات العجمان، لكن الجموع السعودية المرتجفة من هول ضربات العجمان أخذوا يهربون، وجاء الموت للعبيد المرعبين، فقتل العجمان معظم العبيد، ووصل العجمان إلى فهد بن جلوي!… البطل عبد الله بن عيد بن مخيال ليس خادما لدى الطاغية فهد الجلوي كما روى ذلك رواة آل سعود كذبا… بل كان مع الثوار! وتقدم البطل عبد الله بن عيد بن مخيال العجمي، من الطاغية فهد بن الطاغية عبد الله الجلوي وأمسكه من لحيته بيده اليسرى ثم تّف بوجهه، وكانت يمناه الكريمة تضغط على زناد بندقيته فتطلق رصاصها في قلب الطاغية وتخرج من ظهره فيسقط على الأرض وما زالت لحية الجبان الطاغية فهد الجلوي بيسرى البطل عبد الله بن عيد بن مخيال حتّى سقط الطاغية على الأرض فداس وجهه القذر بقدمه الطاهرة، وكانت نهاية الجيش السعودي في تلك المعركة عن آخره إلا من هرب منهم وهم قلّة، وغنم العجمان أسلحة الجيش السعودي وأموالهم المسروقة من شعبنا! وبدأ شعراء الشعب يتغنون شعراً في وصف بندقية البطل عبد الله بن عيد بن مخيال التي قتل بها الطاغية فهد، كما تغنى شعراء الشعب بالبطل عبد الله بن مخيال، الذي أشاع عليه آل سعود (أنه كان من خدم الامير فهد بن جلوي، وبما أن المخيّال من قبيلة العجمان فانه حينما رأى شيخ العجمان ضيدان بن حثلين قد قتل بيد ان جلوي قام وقتل ابن جلوي غدراً)!!. وهذا كذب سعودي!. وهو ما قاله آل سعود وما نقله بعض المؤرخين الانكليز على أسيادهم وأصحابهم من مستشاري آل سعود ليزعموا أن الغدر من شيم العجمان!!. كلا.. والغدر يا آل السّعود لسانكم وفعلكم لا ـ شيمة ـ العجمانِ ومن بعض القصائد الشعبية التي وصف بها الشعراء بندقية عبد الله بن عيد المحيال ـ قصيدة (للمّري) يصف فيها: كيف أن تلك الرصاصة التي ضرب بها عبد الله بن عيد المخيال ـ قلب الطاغية فهد الجلوي ـ قد تحولت تلك الرصاصة من قلب الطاغية فهد إلى ـ كبد ـ والده ـ الطاغية عبد الله الجلوي... البندقية التي أطلقت رصاصتها في رأس الطاغية فهد الجلوي أفضل من حجة إلى الكعبة! بندق في "العيينة" حج راعيها طَيّرت من (فهد) في كبد (عبد الله) ليت من هو بزين الصوغ حاليها أنقذت من خبيث الفعل خلق الله أربع آلاف راحت هي وراعيها كل ألف بميّة من جنود الله لم يرث فهد بن جلوي سوى قحبته المشهورة ولقد كانت مومس فهد بن جلوي (مريم ـ!!.. المعروفة في الاحساء) الوحيدة التي تغنّت ـ بصاحبها ـ بقصيدة غنائية شعبية رثت بها (ولد هواها) كما تقول عنه وكما هي معروفة… مسكين يا ولد الهوى! شدّ الضعاين يا فهد من يوم الاثنين… آهـ مسكين يا ولد الهوى من فجعة البين … آهـ له غّرة ان شعشعة وين القمر وين؟!… آهـ شدو بخلّي ورحلوا وا ـ حر ـ فرقاه… آهـ قلبي على جمر الغضا والنار تصلاه … آهـ ويلاه يا ولد الهوى ويلاه ويلاه… آهـ ليتي معه في غزوته صوب العيينة… آهـ خففت عنه لوعته أو متت واياه … آهـ قلبي على قلب: فهد جت له رصاصه… آهـ عاشقة وفيّة!. أليس كذلك؟!.. ربما تكون هذه العاشقة المومس الساقطة أكثر وفاء من زوجته!.. التي لم تبدر منها بادرة رثاء كهذه القصيدة الرثائية التي رددها الكثير من الناس من باب التندر بأقوال عاشقة الطغاة.. على أية حال، ان هذا الطاغية لم يرثِه أو يتأسف عليه غير اثنين فقط، هما: عاشقته القحبة، ووالده المجرم المعروف عبد الله بن جلوي… حتّى شقيقه الثاني (سعود الجلوي) طاغية المنطقة الشرقية فرح بقتله ليحل محله، وحتى كبير الطواغيت عبد العزيز آل سعود تنصل من مسؤولية التسبب في قتله التي دفعه إليها وتنصل من مسؤوليته في اعتقال الشيخ ضيدان بن حثلين وبعض قادة العجمان التي حرضه عليها عبد العزيز آل سعود نفسه، وهكذا يكون مصير كل طاغية إما أن يقتل، أو يموت دون أن يأسف عليه أحد غير القوادين والداعرات، حتّى الطغاة أمثالهم يتبرأون منهم كما فعل سيد الطواغيت عبد العزيز آل سعود حينما قال لبعض خاصته حينما بلغه نبأ مصرع فهد الجلوي وقتل جيشه في ثورة العجمان اثر قتله لقادة العجمان… قال عبد العزيز آل سعود: "أنا قلت له اربطهم وأرسلهم لي في الرياض حتّى نعتبرهم رهائن عندنا ونضغط على العجمان فيهم ونهدد بقتلهم ان كان العجمان ما كفوا عن ازعاجنا، لكن فهد بن جلوي استعجل وقتهلم مما زاد من هيحان العجمان فقتلوه، مع أن آل جلوي كلهم يعرفون العجمان قبل غيرهم، انهم بقروا بطني وذبحوا اخوي سعد، وان العجمان يما يتحرش فيهم أحد!)… وكان عبد العزيز آل سعود يوجه كلامه للمرحوم حمد الشويعر ـ أحد الذين ساهموا بادخاله في حائل ـ كان يخاطب الشويعر وهو في مجلسه الغاص بالخدم وغيرهم... وبهذا الكلام يثبت عبد العزيز آل سعود مسؤوليته المباشرة عن قتل الشيخ ضيدان بن حثلين ورفاقه باصدار أمره "السلطاني" لعبد الله بن جلوي ـ حاكم الاحساء ـ الذي أصدر أمره لابنه فهد العبد الله الجلوي باعتقال قادة العجمان وارسالهم (مربوطين) إلى ابن السعود الذي سيقتلهم مثلما قتل غيرهم سابقا ولاحقا… اليوم الأول من أيار "عيد العجمان العالمي!" أو يوم النصر في العيينة لقد حدث يوم واقعة العيينة في صبيحة اليوم الأول من أيار 1929م ـ بينما كان فهد بن جلوي يجهّز لارسال قادة العجمان إلى عبد العزيز آل سعود في الرياض ومعهم مائتي حارس من الحرس الخاص التابع له ولوالده عبد الله (والده هو الذي أمره بارسالهم حالا إلى عبد العزيز آل سعود) وقال له: (أرسلهم قبل فزعة العجمان لهم وتخليصهم منا ولا ترسلهم لي في الاحساء حتّى لا يتأخر ارسالهم لعبد العزيز، ويلحق بهم العجمان)!… وهكذا…. وبينما كان فهد بن عبد الله الجلوي يعد العدة لإرسال ضيدان بن حثلين وقادة العجمان إلى الرياض لمواجهة الموت على يد عبد العزيز آل سعود، هجم العجمان على مخيم ابن جلوي السعودي، وما أن شاهدهم فهد ابن جلوي حتّى أمر خمسة من خدمه بقتل الضيوف إلا أن الخدم رفضوا جميعا وهم يرددون (نحن أولاد ناس ما نحن من العبيد وبكره يقتص منا والعجمان أومن قبيلتنا فعندك عبيدك يقتلونهم) ولم يكن لديه الوقت الكافي للنقاش مع الخدم الذين لم ينفذوا أمره، فأمر عبيده بقتلهم وكان "العبد" ابن منصور هو الذي قتل الشيخ ضيدان بن حثلين… وهكذا يتضح إن الغدر السعودي صفة لازمة لكافة العهود السعودية، وهذه الصفة الغادرة كانت من أبرز صفات عبد العزيز آل سعود، وقد استخدمها بخبث ومكر وتمثيل مسرحي مكشوف… من ضمن هذا التمثيل السعودي أنه حينما يأمر خدمه بقتل الشهداء أو بقتل آلاف الابرياء في مجزرة واحدة ومكان واحد ويوم واحد وحينما يردد الشعب من أقصاه إلى أقصاه فظاعة هذه الجرائم السعودية، يقوم عبد العزيز بتمثيل المتباكي على هذه الارواح التي ازهقت!… بل ويصرخ أحيانا بصوت مسموع ويتشنج في البكاء التمثيلي، وحيث أنه لابد للبكاء من دموع ـ تؤثر في السذج وتريح العملاء ـ فان الدموع المفضوحة تخرج من عيني عبد العزيز بطريقة يخيّل للسذج من مشاهدي صالة العرض والشاشة انها دموع الورع والطهارة!. ويقول لي بعض الذين رافقوه شخصيا انّه حينما يستعصي الدمع على عيني عبد العزيز آل سعود فانه يضع إناء صغيراً خلف مقعده وبهذا الاناء قطع صغيرة من القطن المبلل بالماء، كما يضع قطنة مبللة فيربطها بطرف من أطراف "شماغه" فيتحسس القطنة من الوعاء أو من طرف شماغه باصابعه بطريقة لا يشعر بها إلا قلة من خاصته، وهذه أدوات مسرحية يعدها مسبقاً للتمثيل على من يريد التمثيل عليهم ويحضر لها بعض الكتّاب والصحفيين المأجورين للنشر فينقل كتّاب "التحضير" عنه "للتاريخ!" المزيف ينقل هؤلاء الكتّاب مثلما نقله عنه الممثل الاكبر الشيخ الحاج عبد الله "جون فيلبي" وكذلك التابع السعودي المستشار حافظ وهبة، والاجير السعودي أحمد عبد الغفور عطار، والعميل الانكليزي أمين الريحاني وغيرهم بقولهم: "حينما أمر عبد العزيز جيشه من جنود الاخوان الاجلاف البدو بالتوجه إلى الطائف لاحتلالها وبلغه خبر تلك المذبحة الهائلة التي راح ضحيتها آلاف الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ من أهل الطائف وأهل مكة المصطافين في ذلك المصيف الوديع الجميل!… بكى عبد العزيز وسالت دموعه بغزاة حتّى بللت لحيته وأغرقت كل وجهه وصاح والدموع تذرف من عينيه كالمطر وقال انني: "برئ!. برئ!.. ونشهد أنه برئ"!… كالمطر!… سالت دموع عبد "الانكليز" آل سعود… كالمطر!… وبدأت الدموع بغزارة حتّى بللت لحيته!. واغرقت وجهه!… هكذا زعم كتّاب العمالة والاجرة!… دموع عبد العزيز "التمساحية" يكشفها قائده جون فيلبي ولكننا نتساءل عن نوعية هذه الدموع!.. وكيف "ان هذه الدموع تنهمر كالمطر!" بينما يدرك أبو الدموع المجرمة ان الجنود ما تحركوا إلا بأمر عبد العزيز نفسه وبتخطيط من قيادة الكابتن جون فيلبي ـ الذي يقول فيلبي عنها: "وبعد أن يأسنا من الحسين حركنا جنود الاخوان بقيادة خالد بن لؤي وفيصل الدويش وسلطان بن بجاد لسفك دماء غزيرة بالطائف لنوقع الرعب في قلوب كافة الحجازيين، البادية والحاضرة، ونوفّر بها على بقية المدن الحجازية دماء أخرى ان أمكن الامر، وإلا فان دماء غزيرة أخرى لابد من اراقتها لأن الانكليز قرروا اسقاط حكم الشريف حسين بأي ثمن بعد أن رفض الامر والطلبات باعطاء فلسطين لليهود المشردين المساكين وبعد أن رفض الحسين ما عرضناه عليه بأن يكتفي بالحجاز وحده وان يغّير وجهة نظره في توحيد البلاد العربية كلها تحت حكمه"!… وهكذا يكشف جون فيلبي القائد الاعلى لجيوش "الاخوان المسلمين السعوديين"… هكذا يكشف "رسول الباب العالي الانكليزي" ـ جون فيلبي ـ دموع عبد العزيز، انّه جون فيلبي الذي أصبح "حاجا" و"قاضيا" و"شيخا" وقام "رجال الدين" وعبد العزيز آل سعود بتضليل "جيش الاخوان" ليخفي باسلامه المزيف تحركات جون فيلبي القيادية الاستعمارية الصهيونية،وفيلبي هذا هو أول من بايعه "كبار" المنكوبين من أهل مكة ـ بايعوه في الحرم المكي حينما كان يقف إلى جانب عبد العزيز في الحرم ـ على أنه شيخ الوهابية!… وهكذا وقف جون فيلبي بجوار الكعبة يأخذ البيعة لعبد العزيز ـ بالنيابة عن الانكليز ـ وينزّل الوحي عليه من مستوى القيادة العليا!. عودة إلى "عيد العجمان العالمي"! انّه ذلك اليوم الأول من أيار 1929 م وهو الموافق لليوم الذي يحتفل فيه العالم كله بشهداء العمال الامريكان الذين طلبوا بحقوقهم عام 1887 م فتظاهروا، مجرد مظاهرة، فاندس بين صفوفهم بعض عملاء الرأسمالية الامريكية واندس كذلك في صفوف الشرطة الامريكية نوعية عسكرية من نفس العملاء فأطلق العملاء الذين اندسوا بين صفوف العمال النار على الشرطة فأطلقت الشرطة النار على العمال فقتلوا منهم من قتلوا والقي القبض على قادة العمال فاعدم بعضهم!… تذكرت وأنا اسمع من بعض ثوار العجمان الذين شاركوا في (ثورة العجمان) ثورة العيينة يوم 1/5/1929م فقتلوا الطاغية فهد بن جلوي، كما قتلوا معظم جيشه البالغ/ 4000/ معتدي ـ بينما ثوار العجمان لا يتجاوزون الـ /400/ ثائر ـ حسبما أكد لي هذا الثائر الذي طلب مني أن لا أذكر اسمه الآن لأنه ما زال يعيش في جهنم!.. ولما قلت له هل أصبحت تخاف الآن وأنت بطل اليوم الأول من أيار؟ قال: (أولاً.. لقد أصبحت أكثر حذرا الآن منذ قبل وقد كبرت في السن يا ابني ولكن لو حصل لي الآن ـ يوماً ـ أشارك فيه مثل ذلك اليوم لما وفرت شيخوختي وشباب أولادي وأحفادي… ثانيا: ما هو اليوم الأول من أيار الذي قلت انني شاركت فيه؟!) فوصفت له قداسة اليوم الأول من أيار، وقلت أنه في التاريخ الميلادي للمسيح: يعني أن العمال تظاهروا مجرد مظاهرة فقتلوا بعضهم… فأصبح عيدا عالميا للعمال… بينما العجمان ثوار الجزيرة العربية ما اكتفوا بالمظاهرات!. وانما ثاروا وسحقوا أعداء العدل والانسانية وقتلوا فهد بن جلوي في الأول من أيار، ومع ذلك لم يحتفل العالم بهم ولم يذكرهم بهذا اليوم العظيم!… وما أجدره أن يطلق عليه (عيد العجمان العالمي)!.. فرد الثائر على هذا الكلام بابتسامة استحسان لفكرة (عيد العجمان العالمي)!.. وقال: (بل لماذا لا يكون ـ عيد الجزيرة العربية العالمي)… ثم استدرك وقال: (لا ـ بل "عيد العالم العالمي" لأنه لو سقط العرش السعودي سوف تسقط أمريكا واسرائيل ولن يبقى في العالم من يمد أعداء العالم بالثراء والبترول فتتوقف محركات أمريكا وصهيون)… ثم قال: (ان العالم قد ضلله المال ولصوص المال آل سعود، رغم ان العالم لا يجهل حيوانية آل سعود، ووحشية آل سعود، وحمرنة آل سعود وليرحم الله الحيوانات، وليرحم الله الوحوش والحمير بجانب آل سعود، فالوحوش في الغابات أرحم ببعضها من آل سعود فينا ، والحمير أكرم وأطهر من آل سعود، لأن اسم الحمير قد ورد في القرآن وفي الكتب المقدسة بأنها تحمل أسفار الناس وتقضي لوازم البشر، والعالم لو علم من هم العجمان هؤلاء الابطال الصناديد الذين صارعوا الظلم السعودي فصرعوا العديد من طواغيته، لو أدرك ما قدمه العجمان من خدمة للانسانية بمحاربتهم ـ سابقا ـ آل سعود لجعلوا لهم يوما عالميا اسمه "يوم العجمان العالمي" أو "اليوم العالمي للجزرة العربية" فقد قدم أبناء الجزيرة العربية، وفي مقدمتهم العجمان، قدموا التضحيات الاكثر مما قدمه عمال واشنطن بأمريكا، ومعظم العجمان من حيث التركيب الطبقي لا يختلفون عن غيرهم من أبناء البادية الذين هم أتعس حالاً من العمال والفلاحين… أقصد: أن "البلورتاريا" في كل مكان هي أرقى معيشة من أبناء الصحاري الذين أراد لهم الطغاة السعوديين الدمار). بعض القادة الذين قادوا العجمان في حربهم ضد تركي بن عبد الله وفيصل بن تركي وعبد الله بن فيصل آل سعود راكان بن حثلين، وعلي بن حسن بن حشّه ، وعلي بن سريعة، وهادي بن سريعة، وصماد بن منيجر، وليل المتلقم، ومكراد بن مكراد، ومدغش بن درجان، ومنصور الطويل، ومحمد الطويل، ومحمد بوسبعة، وعبد الله بوسبعة، وسلطان بن سعدي، وعضاب بن زمانان، ومحمد بن مدرمكة، وسعود بن درجان، وسيف بن غزيل، والدامر، وابن جمعة… وغيرهم من أبطال العجمان. أسماء بعض قادة العجمان الذين قادوا العجمان ضد عهد "السلطان" الملك عبد العزيز آل سعود شبيب بن الاصقة، محمد أبا الكلاب بن حثلين، محمد سحمان بن حثلين، خميس بن منيخر، محمد بن دبلان، محمد بن عصيان حمد بن مكراد، نهار المتلّقم، ضيدان بن حثلين (الذي قتله فهد بن جلوي فثار العجمان ثورة العيينة) وسعد بن سعدى، وعيد بن عبد الله بن مخيال (وهو والد عبد الله بن مخيال الثائر الذي قتله الطاغية فهد بن جلوي في يوم 1/5/1929م) وراجح بن أفطيس، وماجد بن أفطيس، وكمعان السفراني، محمد بن وذين (وهذا هو الذي قاد ثورة أخرى أحرق فيها سيارات "الملك" سعود بن عبد العزيز وقتل أتباع الملك في الدّهنا عام 1929) وابن طفلان، وعبد الله بن مفلح، وابن بنّا، وناصر بن مسامح، ومحمد بن مسامح، ونايف بن محمد بن حثلين أبا الكلاب (قتله الملك عبد العزيز آل سعود فيما بعد)، ومحمد الغريني، وفهد الدامر، وعبد الله بن فهد الدامر، ومانع بن جمعة… وغيرهم من قادة المقاومة قادة ثورات العجمان المسلحة…. عسير تقع بين الحجاز جنوباً واليمن شمالاً… وتمتد غرباً من البحر الاحمر إلى أن تصل إلى مقاطعة نجد شرقاً تقدر مساحتها بـ 70.000 كيلو متر مربع وقدروا سكان عسير منذ أن بدأ الاحتلال السعودي لها بأكثر من 2.500.000 نسمة، أما حسب الاحصائية السعودية ـ التي أجريت عام 1963 ولم تعلن ـ فقد انخفض عددهم إلى (300.000) نزح الكثير منهم كغيرهم من أبناء الجزيرة اما بحثا عن العيش أو هربا من جحيم الاحتلال السعودي، والبدو الرحل قليلون جدا، ونظرا لارتفاع الجبال وصعوبة المسالك في هذه المنطقة اطلق عليها (عسير). وقبائل (عسير) التي أطلقت هذا الاسم على نفسها وعلى ـ البلد ـ عسير. ترجع بأنسابها إلى " الازد ـ ازد شنوءة"، وهي من أعظم القبائل اليمانية المعروفة. ويقدر عددها بنحو 50 ألف نسمة ـ سابقا ـ أما الآن فقد تحضّر الكثير منها. وهي منقسمة إلى البطون التالية: بنو مغيد وعلكم وربيعة ورفيدة وبنو مالك.. وعاصمة عسير (ابها) وآخر حكام عسير من أبناء الوطن كانوا آل عايض، لكن حكام الاحتلال السعودي القتلة اللصوص تتابعوا عليها بدءاً من ابن إبراهيم إلى خالد الفيصل الذي يفاخر في الصحافة أنه خلال مرور سنة من حكمه لم يقتل أكثر من 25 شخصا ولم يقطع أكثر من 50 يداً… وهكذا انتهت عسير باحتلال آل سعود لها في عام 1342 هـ 1932 م نتيجة لخيانة بعض المتزعمين، علما بأن الشعب والقبائل في عسير لم يستسلموا، بل دارت بينهم وبين السعوديين معارك راح ضحيتها الآلاف من الطرفين السعوديين والوطنيين، وتشتمل منطقة عسير الادارية، وقاعدتها (أبها) على: أبها وقراها، وناحية قحطان وقراها، وشهران وقراها، ورجال ألمع وقراها، ورجال الحجر وقراها، وبنو شهر وقراها، ومحايل وقراها، وبارق وقراها، وبيشة وأطرافها. وغير ذلك… وأما من حيث التقاطيع الطبيعية فان بلاد عسير تنقسم إلى منطقتين: 1 ) المنطقة الساحلة ـ تهامة عسير. 2 ) المنطقة الجبلية ـ عسير السراة. أولا: المنطقة الساحلية ومدنها أو (تهامة عسير) تمتد تهامة عسير، على ساحل البحر الاحمر، بطول 200 ميل وعرض 45 ميلا وتصل الصخور البركانية (الحرة) في بعض المواقع إلى البحر. وبين هذه الصخور الجميلة تنبت المزروعات ويعيش كثير من السكان عليها. وتتوقف الزراعة على أمرين: الأول نزول الامطار فإذا أمطرت السماء أخصبت الأرض وأنبتت محصولا وافرا. وبالاضافة إلى نزول أمطار غزيرة في الشتاء كذلك تتساقط الامطار في اشهر الصيف بكثرة. والامر الثاني يتوقف على سيول المياه المنحدرة إلى البحر، وتحصد الأرض مرتين: في الربيع وفي الصيف وثلاث مرات في بعض الاحيان، ويزرع في تهامة الدخن والذرة، وتنمو برؤوس وسيقان كبيرة وتعلو إلى 17.7 قدما والسمسم والنيلة والقطن والخضر والنخيل ويصدر أهل الساحل السمك إلى جدة ـ قديداً ـ لعدم توفر وسائل التصدير، وتربى البقر والاغنام ومنها الماعز بكثرة في تهامة وفي الجبل وأما الجمال فلا توجد إلا في السهول وذلك لوعورة الجبال. وجميع نتائج الحيوان يستهلك محليا إلا في سنوات الخصب فانهم يصدرون السمن والصوف والجلود والغنم إلى جدة والمناطق المجاورة، والجو ـ في (تهامة عسير) شديد الحر، شديد الرطوبة، يختلف عنه في عسير ذات المناخ الجميل… وأشهر قبائلها: بنو شهر: تقيم في تهامة وفي الجبال وأكبر قراها (النماص)، والمع: وقد غلب عليها اسم (رجال المع) نسبة إلى بلدة (رجال) من بلادهم المشهورة. وتعود بنسبها إلى (الازد)، وبنو شهاب: وهم من العرب القحطانية.. وكلمة (تهامة) تعني الأرض المنخفضة، لذلك أطلق اسم تهامة على السهل الساحلي الحار الذي يقع بين البحر الاحمر والجبال… وهناك يسكن كل الشعب الفقير بقرى من الاكواخ صنعت من الاغصان أو الطين. أشهر مدن تهامة جيزان: وهي ميناء عسير الرئيسي وجيزان عاصمة ( تهامة عسير) وتقع على بعد 320 كم جنوب شرقي "القنفذة" و750 كيلو مترا من جدة. وتقع للجنوب الغربي من "أبها" عاصمة عسير على مسافة نحو 283 كيلوا متراً منها. وتحيط بجيزان من البر سبخة يغمرها البحر بمائة أحيانا فيحول البلدة إلى جزيرة وترتفع البلدة بأكثر من 100 قدم عن سطح البحر، ومساحتها تتراوح بين ميلين وثلاثة أميال مربعة، وسكانها يقدرون بنحو 15.000 نسمة. وفي بدء الاحتلال السعودي لها عام 1923 م قدروا سكانها بنحو 40000 شخص. وحوالي نصف مساكنها مبني من الحجر والباقي منها عبارة عن أكواخ (عشش) وفي الطرف الجنوبي الشرقي من المدينة توجد رواسب أملاح متحجرة يعدّنها الحكم المغتصب بطريقة بدائية جدا. كما يصنع هناك مسحوق أسود يستعمل محليا كالمتفجرات ويستخدم في بنادق خاصة لصيد الطيور ويطلق عليه البعض اسم (ملح البارود) كما يستخدم في بنادق خاصة للرماية وتفجير الطلقات النارية… وفي غربي جيزان جزائر "فرسان" ـ وهي عدة جزر، اثنتان كبيرتان تكادان تكونان ملتصقتين وحولهما بعض الجزر الصغيرة. مياهها عذبة. يكثر فيها النخيل وبعض الاشجار المثمرة وكان سكانها يتعاطون استخراج اللؤلؤ. ومما زاد في لمعان وبهاء لؤلؤها وجود الينابيع العذبة في أعماق بحارها وتنسب هذه الجزر إلى (فرسان) القبيلة التي نزلتها وهي من تغلب. لكن العائلة السعودية جعلت منه منفى لبعض المجاهدين والمجرمين الجنائيين دون تمييز وكذلك نفي المدمنين على شرب المخدرات والسبيرتو من أبناء الشعب فقط أي من غير الامراء "الاحرار" الذين يشربون الويسكي "الحر" من نبعه الصافي دون أن تطالهم يد النفي والتشريد السعودي ودون أن يعرف أي واحد منهم لوعة العزلة في جزر فرسان، وفي جزر فرسان من هؤلاء المنفيين الآلاف منهم من مات ومنهم من ينتظر الموت البطئ. القنفذة: بلدة صغيرة في تهامة عسير تقع على شاطئ البحر الاحمر وهي مرفأ "ابها" على بعد 100 ميل جنوبي جدة سكانها زهاء 2000 نسمة وفي عام 1912 قدروا بـ 5000، وذلك قبل الاحتلال السعودي ومعظم مبانيها أكواخ مصنوعة من جريد النخل وخشب أشجار الطرفاء وغيرها. وقليلها مبني من الاحجار. وأغلب البيوت المبنية بالاحجار طبقة واحدة عدا مراكز الحكومة ودور الاغنياء فبيوتهم مؤلفة من طابقين ذات سطح منبسط ونوافذ واسعة ومتعددة وتبيض جدرانها بالجير من الداخل والخارج. وقد بدأ بعض أصحاب النفوذ السعوديين باشادة بيوتهم بالاسمنت. وترد إلى أسواق القنفذة أنواع الخضر والموز والقطن والسمسم والعدس وما إليها من أوديتها الخصبة المجاورة. ويجلب إليها الماء من "الحفير" على بعد ميلين ونصف ميل من البلدة. وفي منطقة القنفذة تقع منازل "خزاعة" وهم من بقايا "خزاعة" الاقدمين ومنهم جماعة "وادي فاطمة بالحجاز، "وخزاعة" من بني عمرو بن لحي من الازد من قحطان وكانت منازلهم في الحجاز، ثم رحل بعضهم إلى الشام وعمان. وكان لخزاعة حق الاشراف على (الكعبة) وخدمتها بعد جُرهم. وبقيت في حوزتهم ثلاثمائة سنة. ثم انتقلت إلى قريش في عهد رئيسها "قصي بن كلاب" وكان الجميع قبل الإسلام يدافعون عن حمى المقدسات أما الآن أوكل حق الدفاع عنها للامريكان… سادة آل سعود. حلي: تقع جنوبي القنفذة، كانت تعرف قديما باسم (ابن يعقوب) وهو اسم لأحد حكامها القدماء زارها ابن بطوطة وذكرها بقوله: (حلي، كبيرة حسنة العمارة "!" تسكنها طائفتان من العرب وهم بنو حرام وبنو كنانة. وجامع هذه المدينة من أحسن الجوامع!، وفيه جماعة من الفقراء المنقطعين إلى العبادة!) ولا عمل لهؤلاء المنقطعين للعبادة. وما أكثرهم في الجزيرة العربية وما أكثر ما يقدمه معظم هؤلاء من خدمات للاحتلال السعودي ضد الشعب، ولو عاد ابن بطوطة لوجدها كما هي… ليس بها مستشفى ولا طرقات صالحة. الشقيق: ميناء صغير يقع شمال جيزان، وكذلك قرية (البرك): وتقع على الساحل جنوبي ـ حلي ـ وهي "برك الغماد" وكذلك بلدة (صبيا): تقع على مسافة 35 كيلو مترا من مينائها جيزان وعلى مسيرة 60 ميلا من ميدي ترتفع عن سطح البحر بنحو 50 قدما مياهها غزيرة وعذبة ومزارعها كثيرة. كان بها نحو 10.000 نسمة ـ قبل الاحتلال السعودي ـ فأصبحوا الآن أقل من 5000 ومعظم مساكن (صبيا) وبيوتها عبارة عن أكواخ يسمونها "عششا" مخروطية الشكل تتخذ من أعواد مختلف الاشجار الموجودة في المنطقة وبعض بيوتها بنيت من الحجر أكثرها ذات طابق واحد. وسوق (صبيا) تضم نحو 100 دكان فيها الكثير مما يحتاجه الناس وفيها معاصر أوجدها بعض أبناء الشعب لاستخراج زيت السمسم الذي يزرع فيها. وعدد مساجدها حوالي 45 مسجدا! . اما مدارسها فلا تزيد عن 3 مدارس!. ومناخ صبيا حار رطب أما ليلا فتهبط درجة الحرارة لأن ليلها كثير الندى والطل. لا تعتني السعودية بمياهها. كما لا تعتني بالبلد كلها لا طرق فيها، ولا مستشفى… أبو عريش: تقع على مسافة 35 كيلو مترا من جيزان… غزيرة المياه. كثيرة المزارع ومعظم مساكنها من العشاش. وبيوتها الحجرية ذات طابق واحد. لها سقوف عالية ترتفع عن سطح البحر بنحو 250 قدما ولا تزيد مساحتها عن ميل مربع. سكانها لا يزيدون عن 4000 نسمة لهم 40 مسجدا ومدرستين بدائيتين!. والجبال لا تبعد كثيرا عن أبو عريش. الحرارة فيها في الخريف لم ترتفع عن 32 درجة مئوية. وتهبط ليلا إلى الواحدة والعشرين. وأهلها مضيافون يتوددون إلى الغريب ويألفونه. ليس بها طرقات صالحة ولا مستشفى… محايل: وتقع في الجنوب الشرقي من القنفذة: لا يتجاوز عدد سكانها الالف ومعظم بيوتها من طابق واحد من الحجر وقليلها من العشاش ـ الاكواخ ـ وللبلدة سوق تقام في كل يوم سبت، ويشرب أهلها في الغالب من الغدران والمستنقعات التي لا يجف ماؤها في أغلب الاحيان. مساجدها ومدارسها لا تذكر والطبابة فيها معدومة وطرقها غير مبلطة. ثانيا: المنطقة الجبلية ومدنها أو (عسير السراة) كما قلنا سلفا… لقد جاءت تسمية (عسير) من ـ عسر ـ صعود مسالكها. وجبالها الغرانيتية المنيعة جدا عسيرة المرتقى وعرة المسالك تؤلف حاجزا قويا لا يمكن تخطيه إلا من فرجات معدودة يطلق عليها اسم "العقبات" تقع بين ملتقى الجبال وتقاطع الاودية مما سبب تأخر دخول الإسلام إلى عسير وتسببت في منع الفاتحين والغزاة على مر السنين. وتسببت في دحر السعوديين مراراً الذين لم يدخلوها لو لم يقوم بعض وجهائها لتوجيه الاحتلال ومناصرته، وعسير ـ مع ذلك ـ مناطق صالحة جدا لحرب التحرير الشعبية في حال تحرر اليمن من ربقة ارتباطها بالرجعية السعودية… ومن اشهر قمم عسير "جبل السودا" البالغ ارتفاع 11420 قدما. واما القمة التي تقع بينه وبين جبل "تهلل"، فتعد أعلى جبال عسير. ويقدر ارتفاعها بنحو 12000 قدم (3658 مترا) وجبل تهلل يبعد عن "ابها" عاصمة عسير مسافة عشرين كيلو مترا إلى الغرب. ويبعد عن قرية "السودا" وجبليها الواقعين في شرقه نحو أربعة كيلو مترات. وتهلل هذا الجبل المرتفع مكسو بالاشجار الدائمة الخضرة، ذو ينابيع جارية في الصيف والشتاء وقد عثروا فيه على الحديد. وهو المعدن المعروف وجوده في عسير. ولا شك في وجود معادن أخرى يمكن العقور عليها في حال البحث والتنقيب حينما توجد حكومة وطنية… ولقد شهد أمين الريحاني بعظمة هذه المنطقة وغيرها من أقاليم الجزيرة العربية حينما قال: (وفي شبه جزيرة العرب جبال غير أجأ وسلمى وغير جبال اليمن وعُمان تستحق أن تنعت بالزمردية. هناك جبال عسير وقد كساها الاخضرار فضخمت فيها الاشجار وغزرت المياه وتنوعت الثمار وهي جبال عسير الممتازة بكنوزها الدفينة وهوائها المعتدل الشبيه بهواء جبال حائل والطائف، رائعة المناظر. وهنالك في عسير حيث كنت واقفا على جانب من جبل مغطى بأشجار الزيتون البري والشريين، ظهر لي جدول صغير يتدفق من المنحدر بمياهه المثلجة من علو 9000 قدم كانت بمثابة تناقض غريب. إلا أنه محبب بالنسبة لمياه الصحراء القليلة. وكانت هناك أزهار برية من الياسمين إلى زهر العسل وورود برية كالقرنفل، كما كانت هناك حقول مزروعة من القمح والشعير والاعناب والخضار) ونضيف إلى أقوال الريحاني ما قاله توتشيل: (ان المنظر العام لعسير مماثل لا جزاء معينة من اليمن في الجنوب، ولبعض أصقاع قبرص وايطاليا). وتنحدر جبال عسير في الشرق حتّى تتصل بنجد وحائل في الشمال. وفي هذه المنطقة الجبلية أودية كثيرة. أراضيها خصبة قوية الانبات وتجري فيها المياه حتّى انها كثيرا ما تسيل على وجه الأرض وتتجه الاودية الرئيسية في اتجاه الدواسر الواقع في جنوبي نجد… ويجود في (عسير السراة) القمح والشعير والذرة والنخيل والتبغ والصمغ العربي وتنبت كافة أنواع البقول والفواكه كالتين والرمان والتفاح والموز والخوخ والعنب وغيرها. وكذلك البرسيم الذي يؤلف أهم غذاء للماشية. ويؤخذ من عصارته صبغة خضراء لتزيين البيوت من الداخل. والجو: في عسير السراة (الجبال) معتدل حتّى في أشهر القيظ وذلك بسبب ارتفاع الجبال ارتفاعا يعدل الحرارة المسببة عن القرب من خط الاستواء. ومعدل سقوط الامطار السنوي على جبار عسير يتراوح بين 10 إلى 12 بوصة وكما قلنا عن سكانها فقد كان عددهم يزيد عن مليون وخمسمائة الف قبل الاحتلال السعودي (أي منذ الـ 50 سنة الماضية) أما الان فهم 300.000 كما جاء في الاحصائية الرسمية التي اجرتها الجامعة الامريكية في بيروت عام 1962 بناء على تكليف من حكومة العائلة السعودية، ومن اشهر قبائل عسير: 1) قبيلة قحطان: وتقع منازلها بين نجران وقبائل وادعة وعسير وشهران وتمتد حتّى وادي الدواسر. وفي بلاد قحطان اودية عديدة اهمها وادي تثليث، مسكن عمر بن معبد يكرب الزبيدي وينتهي نسبه إلى كهلان من القحطانية. 2) قبيلة شهران: تقوم في واديها المعروف باسمها ـ وهو واد عظيم يقع عليه الكثير من قرى هذه القبيلة. وتمتد ديارها من قرب "بيشة" حتّى قرب "صبيا" لمسافة تبلغ ما يقرب من 200 ميل وتنشر منازلها في كثير من الاودية الاخرى منها وادي بيشة والخضراء وهو واد خصب يكثر فيه النخيل والليمون ويزرع فيه القمح والشعير والذرة والبرسيم وقابل لزراعة معظم أنواع المزروعات. 3) قبيلة وادعة: من العرب القحطانية، ويعرفون باسم (وادعة ظهران) نسبة إلى وادي (مر الظهران) الواقع في اقصى حدودها المتاخمة لليمن جنوب شرقي أبها وهي بلاد جبلية ذات أودية كثيرة. وقبيلة وادعة من أبناء عم الياميين سكان نجران. وصف وادي الظهران ابن بطوطة بقوله: (واد مخصب… كثير النخل ذو عين فوارة سيالة تسقي تلك الناحية. ومن هذا الوادي تجلب الخضر والفواكه إلى مكة) وكان ذلك الوصف لابن بطوطة قبل أن تقوم السعودية بجلب الخضر والفواكه والسلع إلى مكة من أمريكا واسرائيل بطرق مباشرة وغير مباشرة. 4) يسكن في منطقة عسير أيضا عدد من القبائل التالية: زهران، وشهران، وشمران، وبني شهر، وغامد، وبالاسمر، وبالاحمر وغيرهم من هذه القبائل التي قاومت الاحتلال السعودي في بدايته. لكن هذه القبائل استسلمت لطغيان الإبادة والتشريد والإذلال اخيراً كغيرها. الحياة السياسية الاجتماعية في عسير كانت الحياة السياسية ولا زالت في عسير كما في غيرها من أنحاء "مهلكة العائلة السعودية" لا تختلف عن الحياة في ايام ما قبل ميلاد ابليس، ولا اقول ما قبل الميلاد الموسوي والمسيحي والمحمدي بل أردى، ومع ذلك.. فقد حول آل سعود بعض افراد قبائلها إلى مباحث ومخابرات للتجسس ضد بعضهم وضد الشعب عامة بل جعلوا بعضهم يفاخر بلا خجل عن (ايقاعه بعدد كبير ممن "تحدثوا" ضد بعضهم وضد الشعب باحدى المحرمات) وهي "السياسة" التي يجازى المتحدث فيها بالقتل بوسائل الموت السعودية المتعددة أو بالسجن باقذر السجون إلى أجل غير مسمى، ولا تفرق المباحث والمخابرات السعودية وتجار الدين من أعضاء هيئات الامر بالمنكر والنهي عن المعروف من "يتمنى" مجرد أمنية بوجود حياة سياسية أو اجتماعية أشبه بحياة البشر أو بين من يطالب بالحياة. لكن "المتمني" والمطالب في رأيهم سيان وعقابه لذلك كعقاب (قارئ المنشور وطابعه وسامعه وناقله)!… ولمجرد نقل (كلمة) كاذبة من جاسوس سعودي حقير أو عضو في الجمعيات المتاجرة بالدين سيودي هذا النقل بحياة الإنسان دون تمييز في وضعه سواء كان طفلا أو امرأة أو كهلا أو عاجزا لا يستطيع فعل شئ… لمحة عن تحرر المرأة العسيرية قبل الاحتلال السعودي وتأخرها بعهد كان سفور المرأة في مناطق عسير قبل حلول الاحتلال السعودي لبلادنا من ابسط الاشياء العادية سواء في عسير أو في البوادي بل كان تحررها طبيعة لا تكلف فيها. وكانت المرأة تعيش في حرية السفور اكثر شرفا في حياتها الان في دياجير استار الحجاب وظلماته التي ما ان حل الاحتلال السعودي في عسير حتّى فرضها على النساء المتحررات منها سابقا بل ان ما كان يوجد في عسير ـ سابقاً ـ رغم كون المرأة أميّة ـ يندر وجوده الا في ارقى بلدان العالم المتحضرة من حيث عادات الزواج خاصة، وحياة المرأة بوجه عام ليس من حيث سفورها فقط بل من حيث اختلاط النساء بالرجال واشتراكهن في احاديثهم في المجالس وفي الكفاح وفي الحياة العامة اجتماعيا وسياسيا وعسكريا وفنيا. وسواء كان هؤلاء الرجال من الاقارب أم من الاغراب دون تصنع أو تكلف أو ابتذال وانما يمارسن هذه الحياة بفطرة فطرن عليها بمساواة بين المرأة والرجل تامة حتّى في تشابه الملابس، ومنذ القدم ولا زالت تستعمل النساء والرجال في (تهامة عسير) قبعات من خوص النخل مضفور بدقة وتسمى "الطفشة" وتستعمل كذلك في جبال عسير انّما أقل استعمالا منها في تهامة لكون تهامة أكثر حرارة من مرتفعات عسير الباردة وقد وصلت ثقة الرجل بالمرأة وثقة المرأة بنفسها إلى حد ان بعض سكان منقطة عسير حينما يستضيف احدهم رجلا تصل المبالغة في اكرامه عن تخلي الزوج عن فراشه الخاص وزوجته مع الفراش لينام الرجل الغريب الضيف مع زوجة المضيف بينما ينام المضيف في مكان آخر من البيت لكن الضيف العربي الشهم يقلب ظهره نحو زوجة مضيفه ولم يسبق لحادثة اعتداء واحدة حصلت طيلة هذه السنين لان الضيف المعتدي على زوجة مضيفه يباح دمه فيما لو حاول التحرش أو استخدام حيوانيته تجاه مضيفته إلا أن هذه العادات ألغيت بعد ان دخل الاحتلال السعودي إلى هذه المناطق الكريمة وبعد ان قتل العديد من السعوديين المتدينين بالمذهب الوهابي الأنكلو امريكي! بعد ان اساءوا تفسير هذا النوع من كرم الضيافة وفسروه على انّه بيع للعرض ولم تدرك تلك الوجوه السعودية الخبيثة التي لاقت حتفها من الزوجات المضيفات قبل الازواج وقبل عقاب الشعب في مناطق عسير.. لم تدرك معنى سيطرة الإنسان على شهواته وملذاته وصيانة حرية وحقوق الآخرين بل ألقى الاحتلال السعودي كل تلك القيم الشريفة التي كانت وحدها تحكم الشعب قبل مجئ وحوش الاحتلال السعودي إلى عسير وغيرها… كيف يتم اختيار الزوجين في عسير؟ ليس هناك اندية ولا مدارس مختلطة أو غير مختلطة بالطبع وانما هناك حياة كدح مختلطة، فالمرأة تعمل إلى جانب الرجل في الحقل وبناء المساكن والدفاع عن الوطن، وعن طريق كدح الحياة المختلط أو عن طريق الجيرة أو في سوق البيع أو بجانب بئر الماء أو في الطريق العام يتم تعارف الرجل والمرأة ويتم التصارح! … والبدويات والقرويات أكثر تحرراً من غيرهن في لقاء الرجال. وحينما يقع نظر الرجل على الفتاة فهي لا تمانع من اعطاء المواعيد الجريئة البريئة ليقابل كل واحد منهما الاخر على انفراد. وغالبا ما يراهما الناس في تكرار لقاءاتهما فيعرف الناس انهما خطيبين… وبعد مدة من التعارف يسألها الفتى هل تقبل به زوجا لها؟ بقوله: (أنّا ميدك) أي أنا أريدك… فان كانت راضية عنه تجيبه بقولها: (وأنا ميدك) وتكون قد أعطته عنوانها ـ أو هو يعرفه من قبل ـ وتتم الخطوبة من اهلها وتتبع موافقة الاهل اجراءات شرعية تتم في البيت عن طريق المأذون وشهادة شاهدين ويكون الرأي الأول والاخير للبنت نفسها بجواب منها بالاستجابة صراحة أو بالرفض بكلمة قاطعة منها: (انا ليس ميد) فينزل الاب على رغبتها… وليس للاب أو الاقارب أي موقف يرغمها على ما ترفضه أو يثنيها عما تريده فللمرأة في عسير ـ خاصة ـ الحق المطلق في قبول أو رفض الزوج أو الزوج المتقدم إلى اهلها خاطباً دون علمها، ومن الشذوذ ان تقسر المرأة على الزواج بمن لا تريده فهي التي تتحمل مسؤوليتها في قبوله أو رفضه، وليس في عسير مغالاة ومتاجرة فيما يسمى في معظم البلاد العربية "بالمقدمة والمؤخر" كما يحدث في انحاء الجزيرة وفي مصر وسوريا ولبنان بالذات وبقية البلاد العربية الاخرى كلها.. أي أنه ليس في عسير من مؤخر للمرأة… وانما هناك مهور أسمية ضئيلة كانت تتراوح ما بين خمسة ريالات وريال واحد. (أي ما يعادل نصف جنيه، و2 جنيه استرليني) وقد زادت الان إلى ما يقارب الـ 5000 ريال (بوجود الاحتلال) ينفق الاهل أكثرها على الضيافة في أيام العرس وشراء القليل من الكساء لها… والقبائل هي التي تحدد المهور… هذه بعض العادات الجميلة التي بدأت بالانقراض منذ ان حل الاحتلال السعودي في أرضنا وبدأ بارسال مجموعات هي من أفسد المخلوقات أطلق عليهم اسم (هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) فمنعوا اشتراك النساء والرجال في امثال (سوق الثلاثاء) المشتركة، ملتقى الرجال والنساء للبيع والشراء والخطوبة والزواج وحل المشاكل حيث يفد الناس من كافة المنطقة إلى هذه السوق… فحينما وفد تجار الدين السعودي ـ كرسل شر وتأخير لمهد العروبة ـ جعلوا للرجال سوقا (وللحريم!) سوقا آخرا!. وأخذوا يجلدون النساء في الشوارع والويل لمن لا تلبس العباءة السعودية. وتغطي نفسها بأكفان الموت السعودية البيضاء أو السوداء من راسها إلى اكثر من متر من القماش تجره خلفها في الأرض التي تقف عليها… وحالوا بين المرأة والتعليم القويم بل منعوا حتّى الافراح التي كانت النساء يختلطن فيها بالرجال في رقصات جماعية جميلة تسمى (الخطوة) فيصطف الرجال صفا والنساء في الصف المقابل فيرقص الجميع وغالبا ما يلتقى الفتى والفتاة راقصين منفردين امام جمهور الراقصين والمتفرجين ومثل هذه الرقصات الجماعية تحصل في شمال الجزيرة العربية أيضاً.. إلا أنه رغم تدخلات تجار الدين السعودي فلم نته كل هذه العادات فالمرأة لا تكشف الان عن وجهها في المدينة لكنها تدوس هذا الغطاء البغيض خارج المدينة بموافقة زوجها وقريبها الذي لا يوافق بوضع هذا الغطاء لكنه يرضى به مكرها لكونه لا يرضى مطلقا ان يرى زوجته أو ابنته أو اخته يعتدي عليها بالضرب من ساقطي الحكم السعودي (هيئات الامر بالمنكر والنهي عن المعروف) فتحاشيا لما يحدث للنساء من جلد ـ علني ـ في الشارع بأيدي تجار الدين السعودي يوافق "القريب" على قسر حرية المرأة ـ التي داسها الغريب ـ يوافق على تغطية وجهها في المدينة فقط. وقد حدثت صدامات بين الشعب في عسير وتجار الدين السعودي قتل فيها بعض تجار الدين من أجل أن لا تتدخل هذه الذيول السعودية في الشؤون الخاصة للشعب الذي ـ كان حرا ـ فاستعبدوه و"سعدنوه" … من أجل ان يبقى الرجال "اشباه رجال" وتبقى النساء "حريم" مكيسة… هل في بلاد عسير صناعة؟ الصناعة هنا لا تتعدى دبغ الجلود وصنع اشدة الابل ونسج النسيج الصوفي الجاف الخشن مما يستعمل في صنع الابسطة والاخرجة وكذلك صناعة سروج الخيل حينما كانت الخيل قوة يرهبون بها عدو الله وعدوهم، اما وقد انتهت الخيل من ـ قوة ، إلى ساحات سباق الامراء فقد انتهت صناعة سروجها القتالية معها … وتشغل في عسير أوعية للمياه من الفخار ويحيكون من سعف النخل سلالاً باحجام مختلفة بدقة وبشكل خاص وبعضها يقتنى للزينة داخل البيوت كما يحاك حصير من الحشائش الجافة، تصلح بأشكالها المستطيلة لاستعمالها سجاجيد وفرشا للنوم والجلسات. ومن المأكولات الشهيرة: الثريد، والعصيدة ـ أو الدغابيس … والعسل الذي لا يعرف الغش! المتوفر في عالمنا المتأخر كله، وخاصة في الدول النائمة والنامية على هامش الحياة، ولكن ربما الان قد دخل الغش إلى العسل في عسير، فالغش في العهود الفاسدة شئ مشاع…. اشهر مدن عسير ابها: عاصمة عسير، وتقع في ميدان متسع مربع الشكل تحيط بها الحقول والجبال القريبة التي تعلو 5000 قدم (1525 مترا) وكانت مركزا للادارة العثمانية إلى حين زوالها عام 1918. تعلو عن سطح البحر 7000 قدم (2134 مترا) ويبلغ عدد سكان (ابها) نحو 20.000 نسمة معظمهم من بني مغيد، تشرد معظمهم إلى مناطق أخرى والى منطقة الخليج بحثا عن العمل. وتتألف مدينة ابها من عدة قرى منفصل بعضها عن بعض ممتدة على اطراف واديها المسمى باسمها والمعروف بخصبه ومياهه الغزيرة. ومن هذه القرى أو الآحياء التي تتألف منها أبها "مناظر" ويلفظونها (امناظر) جمع منظر. وهي من اصل المدينة القديمة ثم توسعت حتّى شملت قرى أخرى لم تكن منها و "مقابل" يلفظونها (امقابل) وكان يقيم فيها المتصرفون العثمانيون… ومعظم بنايات ابها من الحجر واللبن، تبنى الطبقة الاولى من الحجر والثانية من اللبن المجفف، باردة الهواء في الصيف تتجمد مياهها في الشتاء، جميلة المناظر،وابها مركز مهم للمواصلات… ومحطة للقوافل التي تمر في عسير، ومرفأها "القنفذة" على البحر الاحمر… وتنتشر حول ابها عدة مزارع وبساتين غرست فيها الاشجار المثمرة المختلفة كالكمثرى والخوخ والمشمش والتين والسفرجل والعنب والتوت والليمون والصبير والموز والزيتون وغيرها. واعتماد أهل أبها في اكلهم على الذرة والشعير وأما الحنطة فطعام ذوي اليسر وطعام الضيوف أثناء الولائم. وأبها ـ كما يقول الرواة ـ مدينة حديثة، عمرها 250 سنة، وقد كانت قبلا غابة كثيفة الاشجار تدعى "الخشعة" وفي قلب المدينة توجد اليوم محلة تحمل الاسم القديم محرفا فتسمى: الخشع… وتتفرع من ابها الطرق البرية الاتية: 1) طريق إلى الجنوب وتنتهي إلى نجران مسافة 317 كليو متر. 2) طريق إلى الشمال وتنتهي في الطائف. 3) طريق إلى الجنوب الغربي وينتهي في جيزان على مسافة 283 كيلو متر. ولم تكن الطرق المذكورة طرقا بالمعنى المفهوم للطرق. بل كانت ممرات للحمير، وسيلة "المواصلات" الرئيسية ومن ذلك اطلق على الامير سلطان حينما عُين وزيرا للمواصلات عام 1957 لقب وزير الحمير… لم تهتم حكومة العائلة السعودية بهذه المنطقة ـ لكونها لم تهتم بغيرها من المناطق ـ وانما اهتمت بأخذ الضرائب الفادحة باسم "الزكاة" وغير الزكاة حيث سرقت تحت هذه الاسماء الاستغلالية من منطقة عسير الجبلية والساحلية الاف الملايين منذ بدأ الاحتلال السعودي وحتى الان ولم تعط هذه المنطقة أي شئ يفيد شعبنا اللهم الا حينما قامت ثورة اليمن بقيادة عبد الله السلال وعبد الله الجزيلان وفتية من الاحرار في 26/9/ 1962 واهتزت لقيامها قوائم العرش السعودي حينئذ ـ التفتت "حكومة" الاسرة السعودية إلى منطقة عسير لا لتعميرها بل لتشييد القواعد العسكرية خدمة للاستعمار الامريكي، ومن أجل ذلك ولحرب اليمن فتحوا فيها بعض الطرقات التي يحتاجها آل سعود والامريكان عسكريا لنقل الاموال والمؤن والعتاد الحربي للمرتزقة في اليمن فأمرت السعودية بتعبيد الطرق الثلاثة الانفة الذكر وبشق:

 1)   طريق ـ ابها ـ نجران ـ الذي رصدت له لسنوات متكررة 400 مليون ريال بينما طوله 317 كم. 
2) طريق ـ أبها ـ الطائف ـ بـ 600 مليون وطوله 550 كم تقريبا!. 

4) طريق ـ ابها ـ جيزان ـ 300 مليون ـ وطوله 283 كم… وقد مهدت هذه الطرق دون تبليط وأصبحت ترابية وطارت الاموال إلى جيوب اللصوص، دون ان تعبد لاسباب ثلاثة. الاول هو اطمئنان السعودية في الوقت الحاضر إلى اليمن الشمالي بعد ان انتهت منها الثورة وارتبطت بتحالف مع حكم الاسرة السعودية حاليا… والسبب الثاني هو أن المبالغ الضخمة المرصودة لهذه الطرق قد ابتلعها الحكام السعوديون شاكلة الملك فيصل والامير فهد وسلطان وزير الدفاع الحالي وانسابهم وأولادهم وشركائهم، والسبب الثالث هو ان المتعهد الذي أعطيت له هذه الطرقات دون مناقصة قد احترقت به طائرته ومات بينما كان في طريقه للاشراف على اعماله في هذه المنطقة وهو المليونير الحرامي محمد بن لادن ـ شريك الملك فيصل ـ فاستولى الملك على شركته قبل أن يغطس هو الاخر وبذلك استولى على ملايينه بما فيها أجزاء كبيرة من المبالغ المرصودة لهذه الطرق…، ثم بدأ فهد وسلطان بإنشاء ميزانية جديدة، وجديدة ومجددة، الخ هذا وتبعد ابها عن مكة ـ عن طريق الخرما ـ رنية ـ خميس مشيط ـ نحو 844 كم وتبعد عن الرياض ـ عن طريق الافلاج ـ نحو 1059 كم، كما تبعد عن وادي الدواسر (السليل) 544 كم وكلها طرق ترابية خربة، كل ذلك والحكم السعودي مستمر في سرقاته لأرزاق سكان هذه المناطق وفرض الضرائب الفادحة عليهم ويشهد حتّى بعض الاطباء الامريكان الذين زاروا هذه المناطق ان امراض السل والسيفلس والامراض الاخرى السارية تتواجد مجتمعة باكثر من 95% من سكان هذه المناطق. خميس مشيط: تقع على مسافة 30 كيلو مترا عن ابها و200 كيلو متر من ميناء القنفذة وتقوم على ارتفاع 7300 قدم في سهل منبسط وتبعد عن الجبال بعدا كافيا. وهي معتدلة الهواء وفيرة المياه. واسم بلدة الخميس الحقيقي هو "الدرب" إلا أن انعقاد السوق الاسبوعية فيها يوم الخميس بدل اسمها ثم اضيف "مشيط" وهو احد امرائها. مما ادى إلى ضياع اسمها القديم وتسميتها "خميس مشيط" ونظرا لموقعها الهام من اليمن شماله وجنوبه. فقد وضع فيها السعوديون والامريكان قاعدة حربية كبيرة كلف انشاء هذه القاعدة 6000 مليون دولار ويشرف عليها الامريكان وعدد من الخبراء الانكليز. فاصبحت هذه القاعدة واحدة من قواعد المرتزقة الاجانب والعرب للانطلاق منها في جولات تخريبية ضد اليمن وغيرها، كما اصبحت كغيرها من القواعد، كقاعدة تبوك وقاعدة الظهران شرقا وقاعدة الحفر شمالا وغيرها من قواعد الشر الاستعماري الامريكي السعودي… حجلة: تقع بين "أبها" وخميس مشيط" على مسافة 16 كيلو مترا من الثانية وهي كبيرة متسعة تقوم على اطرافها ابراج كثيرة يسميها اهلها "القصبات" وهي بالفعل قبة مجوفة لها مدخل ضيق يرقى إليها بسلم من الحجارة البارزة وكانت في السابق تستعمل هذه القصبات مراقب للحراسة من هجوم مباغت وللدفاع عن القرية وما يحيط بها من مزارع. و"حجلة" من منازل قبيلة "شهران" ومن أشهر مشايخ هذه القبيلة الشيخ ابن مشيط الذي سمى (خميس مشيط) باسمه وربما كان "الشيخ مشيط" يعلم ماذا سيفعل عملاء الاستعمار من آل سعود في منطقته حينما قاوم الاحتلال السعودي بادئ الامر مخالفا بمقاومته الاولية رأي زميله شيخ العشيرة الثاني (أبو ملحة) الذي بأسباب ابو ملحة وامثاله احتل آل سعود منطقة عسير وقتل قراصنة الاحتلال السعودي آلاف من المحاربين الذين خدعهم أبو ملحة واشكاله… وقد كان لابو ملحة الدو الاكبر في ادخال السعودي غدرا بالمقاتلين وارتشاء من السعوديين. النماص: لا تتجاوز بيتوها الثلاثمائة وبعضها يتألف من ثلاث طبقات وعدد سكانها لا يتجاوز الخمسمائة معظمهم من بني شهر. وفي القرية سوق صغيرة جدا تقام يوم الثلاثاء من كل اسبوع. وترتفع النماص تقريبا 2800 متر عن سطح لابرح ودرجة الحرارة ترتفع نهارا عن 18 درجة وتهبط ليلا إلى العشرة في أشهر الربيع. رجال المع: أعمر قرى عشائر المع، سكانها يزيدون على الالف يقيمون في نحو 200 بيت، بنيت جميعها من الحجارة ومنها ذو الخمس طبقات ونوافذها ضيقة ودرجة الحرارة في القرية طيلة فصل الشتاء لا تهبط عن العشرين درجة مئوية بكثير. وللرجال سوق يعتمد عليها من حولها من القبائل تقام في كل يوم جمعة أو اثنين وفيها بضعة دكاكين، سبق أن دارت معارك بين (رجال ألمع) وخدم الاحتلال السعودي وانتصر الاحتلال السعودي بعد مقتل العديد من السعوديين والمواطنين. بيشة وواديها: يعتبر وادي بيشة، اكبر اودية عسير واطولها إذ يقدر طوله من مبدئه إلى منتها بنحو 450 كم. وينحدر من سفوح جبال عسير الشرقية والشرقية الشمالية ويتجه إلى جهة الشمال والشمال الشرقي إلى أن يتصل بوادي الدواسر. وكانت تقوم عند أوله بلدة تاريخية لم يبق منها الا الاطلال والخرائب بعد ان هدمها جنود محمد عبد الوهاب السعودي نظراً لمساعدة سكان هذه القرية لمجموعة من الثوار ضده، والبلدة هي بلدة "جرش" المذكورة في كثير من الكتب العربية القديمة… قال البركاتي في ص 69 من الرحلة اليمانية: (وادي بيشة من اكبر الاودية واخصبها والاودية التي تصب فيه يبلغ عددها خمسة وعشرين واديا ويزرع في هذا الوادي من الحبوب: القمح والشعير والذرة. ومن الخضر انواع كثيرة وفيه الليمون والحامض والنارنج بكثرة ولأهل هذا الوادي اعتناء زائد في غرس النخيل حتّى بلغ عدد النخيل فيه أكثر من مليون نخلة من أجود النخل وأنواع الرطب فيه تزيد على خمسين نوعا، وكانت التمور عندهم رخيصة جدا لكن الاحتلال السعودي شجع على قطع النخيل واستفحل الغلاء وحدائق النخيل تحف بالوادي من الجانبين وهي متواصلة ببعضها مسيرة ساعتين بالسيارة أما غابات الاشجار بهذا الوادي فهي كثيرة، وعدد قراه ثلاثون وتتكون بيوتهم من طبقتين إلى ثلاث معظمها مبنية باللبن وبكل قرية سوق مستمرة للبيع والشراء). وذكر الرحالة اليهودي "المسلم" محمد أسد في صفحة 222 من كتابه (الطريق إلى مكة) هذا الوادي بقوله: (وادي بيشة يمكن أن يصبح بسهولة مصدرا عظيما للحنطة وان يمون الحجاز كله بها. شرط أن يخطط ويعني به عناية كافية) لكن العناية الكافية والتخطيط من المحرمات السعودية اللهم الا في سبيل التآمر ضد الشعب والامة العربية… وبلدة بيشة التي دعي الوادي باسمها، تقع على بعد نحو مائة ميل من "تربة" التي قتل الاحتلال السعودي فيها 40000 من قبائل الحجاز. وتبتعد بيشه 240 ميلا للجنوب الشرقي من مكة ويبلغ عدد سكانها نحو 5000 نسمة، وكانت محطة القوافل الرئيسية في جزيرة العرب فيه ملتقى الطرق المتجهة من اليمن وحضر موت إلى الحجاز ونجد. وهي المعبر الذي دخل منه الاحباش في طريقهم إلى مكة "عام الفيل" ويعتبرها العرب مفتاح اليمن. ويعتبرها حكم الاحتلال السعودي احدى المراكز الرئيسية للتآمر ضد اليمن… تربة وواديها: يقدر طول وادي تربة بنحو 120 كيلو مترا واشتهر بكثرة منتوجاته ووفرة محصوله. ففيها اكثر من (مائة وخمسين الف نخلة) وبساتين مملوءة بالموز والنارنج والليمون والعنب وبعض الفواكه ويزرع فيه القمح والذرة والشعير وكافة أنواع الخضر ومنضره من أجمل المناظر وفيه كثير من شجر الاثل والطرفاء والحمص والحلفاء. وكان يسكنه في العصور الماضية بنو هلال. وتقع بلدة تربة على ربوة واديها على مسافة 85 ميلا من الطائف شرقاً بجنوب تحيط بها مزارع النخيل وتروى بمياه غزيرة وسكانها لا يتجاوزون الثلاثة الاف ـ وفيها مثل الخرمة الاتي ذكرها ـ عدد من سلالة "الاشراف" يملكون اكثر أراضيها. وهي ذات أهمية لانها في الطريق إلى الطائف. ولتربة سوق دائمة وافية برغائب أهلها وما يحتاجه سكان البادية التي حولها وبيوتها من اللبن لا يعدو معظمها الطابقين. وتربة مركز (البقوم) والبقوم بطن من الازد من القحطانية، واحدهم باقمي وجبلهم هو "جبل حضن المشهور بالتواريخ العربية ويقع شرقي موقع عكاظ "طوله 15 كيلو مترا وعرضه عشرة كيلو مترات وفيه مياه وافرة وأشجار كثيرة. وفي الحديث الشريف "من رأى حضنا فقد أنجد" أي دخل في حدود نجد، ومن البقوم برزت امرأة اسمها (غالية) وكانت أرملة لرجل من أغنياء البقوم من سكان تربة ولما وصلت جيوش محمد علي باشا والي مصر بقيادة طوسون إلى تربة عام 1227 هـ (1822م) لتحرير الجزيرة العربية من الوهابيين تصدت لهم "غالية" بمن معها من الجند فانتصرت عليهم واضطرتهم إلى التراجع بعد أن قتلت منهم الكثيرين ولم تفعل (غالية) ذلك دفاعا عن الوهابية كما زعم بعض المؤرخين السعوديين والذين نقلوا عنهم بل فعلت دفاعا عن موطنها من أن يسوده أي تحكم مستبد، وانخدعت ( غالية) بالدعوة الوهابية لكنها قاومتها فيما بعد وطلب منها محمد بن عبد الوهاب ان تتزوجه قبل ذلك فرفضته، قائلة (لا اتزوج يهودي قاتل)… وكانت (غالية) على غاية من الغنى والثورة ففرقت جميع اموالها على فقراء قومها وعلى الحملات الحربية التي كانت تشنها على اعدائها وتوفيت بعد عام 1229 هـ (1814 م). وفي ليلة 25 شعبان 1337 هـ 25 ايار 1919 حدثت في تربة الموقعة الشهيرة التي دارت رحاها بين السعوديين بقيادة (جون فيلبي) وبين جنود الحجاز ـ بقيادة الامير عبد الله بن الحسين وفيها قتل السعوديون اربعين الفا من الحجازيين وكان المخطط لهذه المجزرة المجرمة هو رسول المخابرات الانكليزية جون فيلبي بحجة ان جنود الحجاز (كفرة) وجنود الانكليز السعوديين "مؤمنين مسلمين". وانتصر الجند الانكليزي السعودي على الجند الحجازي بالغدر بعد أن بيّتوهم ليلا وخدعوهم بخطة أخرى من تخطيط جون فيلبي تتلخص بما يلي: بما أنه يوجد في الجزيرة العربية قبيلة كبيرة اسمها (عتيبة) قسم منها يسكن الحجاز وآخر يسكن نجد قسم منها منضم للاشراف وقسم آخر منضم للسعوديين فقد استطاع جون فيلبي أن يبعث بقسم من جنود عتيبة المنضمين للسعوديين ـ كمتسللين ـ إلى جنود الحجاز بقيادة الشريف عبد الله وفي ليلة هجوم الجند السعودي يقوم بعض هؤلاء المتسللين باطلاق النار ميمنة جند الشريف فيجيبه على اطلاق النار مجموعة أخرى تابعة في ميسرة جيش الحجاز، وتم ذلك فعلا فارجف بجيش الشريف (النائم ليلا) فأخذ يطلق النار على بعضه فيمين الجيش يظن أن العدو السعودي يهاجمه من جهة اليسار واليسار يظن ان العدو السعودي يهاجمه من اليمين… وهكذا قتل جنود الحجاز بعضهم، وألحق الجند السعودي على البقية وهرب الامير عبد الله بن الحسين وكانت مجزرة سعودية انكليزية رهيبة عرفت بـ (مجزرة تربة) أو (مجزرة الاربعين ألف في تربة)… وما تزال عظامهم وبقايا جماجمهم مكدسة تشهد على هول جرائم يهود آل سعود… الخرمة: نسبة إلى الاخرام ـ وهو المشقوق الشفة ـ وكان يطلق عليها اسم (الخرماء) سابقا… والخرمة من أكبر بلدان وادي تربة وتقع على مسافة خمسين ميلا من جبل حضن إلى الشرق تعلو 35000 قدم على سطح البحر. وعدد سكانها خمسة آلاف، ثلثاهم من "العبيد" الذين اختطفهم الامراء "وناضلوا" حتّى اشتروا انفسهم من "السادة" المعتدين على حقوق الإنسان فتحرر العبيد بشراء أنفسهم!، والثلث الاخر من عرب سبيع، اما "الاشراف" فلا يتجاوزون الثلاثمائة نفس. وتتألف الخرمة من (الخرمة القديمة) أو القصر العتيق ومن الخرمة الجديدة التي انشئت في الحرب العالمية الاولى. وتقع الخرمة على طريق التجارة بين نجد والحجاز على مسيرة 144 كم من الطائف و280 كم من مكة وهي محطة تجارية للتجار القادمين سابقاً من القصيم… ليس فيها مستشفى ولا مدارس تذكر. رنية وواديها: تكثر على أطراف وادي رنية المزارع وحدائق النخيل والقرى. والقرى الوقعة عليه متقاربة متصلة وينتهي هذا الوادي بوادي الدواسر تبعد 150 كم عن الخرمة و160 كيلة مترا عن بيشة و427 كم عن مكة وتحيط الجبال بها ـ من بعيد ـ من جميع جهاتها وقد سميت بهذا الاسم (رنية) لكون القادم إليها لابد ان يرنو ببصره وخياله لمنظر رنية الجميل.. وفي كتاب (في بلاد عسير) يقول المؤلف: (والقادم إليها يرى أمامه من بعيد منظرا عجيباً جداً هو اقرب ما يكون إلى منظر بلدة عظيمة ذات قلاع وابراج ومآذن ومعابد ولكنها في الواقع مناظر الجبال والتلال التي تظهر في الافق باشكال بهيجة تنعكس عليها أشعة الشمس فتكسبها منظراً خلابا يأخذ بمجامع القلوب وقد يكون للسراب وخداع البصر دخل عظيم في روعة المنظر واكسابه ذلك الشكل المغربي الخلاب، ومعيشة أهل رنية بسيطة هادئة. هم زرّاع بالطبع، واهم زراعتهم النخيل والحبوب وهم بعد اهل ماشية وجمال، وعندهم ذوق في صناعة النسيج الصوفي الخاص بالاخرجة) ولم يأت الاحتلال السعودي بما يرفع من مستوى الحياة من كافة النواحي في هذه البلدة وغيرها من المناطق المجاورة… قرى بارق: تبلغ قرى وادي بارق خمسين قرية وكلها مبنية بالحجر المنحوت الجميل والدور فيها من طبقتين إلى ثلاث. والوادي المذكور من اعظم اودية عسير اتساعا خصب التربة خصب الانتاج يزرع فيه السمسم والذرة والشعير والدخن والنيلة ولأهله اعتناء تام باستخراج زيت السمسم… ومن قراه (سوق الاحد) وهي سوق للبيع والشراء، و" العجم" وغيرها، ومن اقسام قبيلة بارق التي تسكن هذه القرى: "الحميدة" و"آل موسى"… وهذه القرى كغيرها لم يدخل الاحتلال السعودي أي نوع من انواع التقدم إليها… رجال الحجر: يطلق هذا الاسم على ثلاث قبائل تقطن السراة وهي "بالاحمر وبالاسمر" و"بنو عمرو" وتقيم قبيلة (بالاسمر) للجنوب من اراضي (بني شهر) وللشمال من (بالاحمر) ومن قراها (بنو مالك) و(اهل خرم) وغيرها. واما قبيلة (بالاحمر) فتقيم في جنوب (بالاسمر) ولها 30 قرية منها (مسفرة) و(جذام) وغيرها. ولكل من (بالاحمر) و(بالاسمر) فروع تقيم في تهامة عسير وأما بنو عمرو فتقع منازلها للشرق في منازل (بالاسمر) و(بالاحمر). بعض العادات الاجتماعية في عسير والذين زاروا عسير اوفوا سكانه حمدا كثيراً، ومن ذلك ما اورده صاحب كتاب "في ربوع عسير" إذ قال (العسيريون على العموم اصفياء السريرة في سذاجة فطرية بالغة. أذكياء دقيقو الملاحظة سريعو الادراك، كرام، مضيافون، حريصون على حسن السمعة في هذا السبيل، شجعان شديدو الاباء لما لم يألفوا، يرتابون في الغريب الطارق منازلهم ويألفونه إذا اطمأنوا إليه "وهذا ناتج عن حملات الارهاب والرعب والموت السعودي الذي أهلك منهم الالاف وهتك الاعراض" وبالاختصار فان الطباع والسجايا العربية متجلية فيهم بكل وضوح ومما يحمد لهم ويدل على دماثة اخلاقهم، اطلاقهم كلمة الجار والجارة على من يستخدمونه للعمل تكريما واعزازا له عن كلمة خادم، وفي بعض نطقهم فصاحة تذكر بكلام العرب القدماء. ولا يزال في ألفاظهم كلمات تدل على نطقها الصحيح فيقولون في الاستفهام: لم ولماذا. وإذا كان استنكاريا قالوا: فم. مستعينين بحركة الوجه وتجهمه ويستعملون "ثم" بمعنى هناك. وسمعت منهم بعض كلمات أظن أن استعمالها قد اندثر عند غيرهم). وجاء وصف شعب عسير الكريم على السنة واقلام الكثير ممن زاروا بلاد عسير كما جاء في مجلة الجزيرة أن هذه القبائل العربية الصميمة، جبلت على المبالغة في اكرام الضيف. ومواساة الجار، وحماية المستجير. وتميزت بالشجاعة والفداء وهي تتبع نظما فطرية سليمة في معاملاتها مع بعض، ومع غيرها، فتجد لدى كل قبيلة ما تسمى بـ (العشيرة) وهي عبارة عن صندوق عام، يسهم كل فرد بحسب طاقته من المال وخلافه، ويظل بعهدة نفر من الاعيان، يصرفون منه بمقدار على المنكوب والفقير كذلك تسود بينهم الروح التعاونية الاشتراكية في أعمالهم ومشاريعهم… يصعب على الكثيرين من العرب أن يفهم أحاديث "البعض" من أهل عسير وذلك لان لهجة غير القليلين منهم تعرف الاسم بـ "أم" بدلا من "ال" فيقولون "أموادي" ويريدون بها "الوادي" و"امشارق" ويعنون "المشارق" وهذا التعريف لهجة من لهجات العرب فقد ورد في الحديث الشريف "وليس من أمبر امصيام في امسفر" أي "ليس من البر الصيام في السفر" كما أن بعضهم يقلبون الجيم ياء فيقولون "صليت في المسيد" أي في المسجد "ورأيت الريال" أي الرجال و"ياء" بدل "جاء" و"ييل" بدل "جيل" وبعضهم يستعمل الشين بدل الكاف فيقولون "حشيت" ويريدون بها "حكيت" و"شيف حالك" يعنون "كيف حالك" ومثل هذه الكلمات واللهجات منتشرة في معظم أنحاء الوطن العربي. فلبعضها أسس من العربية وللبعض الآخر أسس أجنبية… وحكم الاحتلال السعودي لم يطور من معيشة الشعب في عسير التي لا تزال بدائية بحيث يعتمدون على أنفسهم وعلى وسائلهم البدايئة في مأكلهم وانتاج محصولات بلادهم، ولما كان القمح والسمن أهم منتوجاته الزراعية والحيوانية أضحى هذان الصنفان من قوام طعامهم. وأما اللحوم فكانت إلى عهد قريب لا تؤكل الا في الاعياد والمواسم وبعض الضيافات. والى عهد قريب لا يهتمون بطبخ الخضر وأكل الفواكه بل يعدون ذلك من الكماليات. ويطلقون على طعام الافطار كلمة (فوال) أي الطعام الذي يتفاءل به الجائع لمجيئ طعام آخر كغداء وعشاء. ويعتمدون في طعامهم على الذرة وأعم أطعمتهم (العريكة) أو (العصيدة) وذلك أنهم يعصدون الدقيق فوق النار بالماء حتّى ينضج ثم يصبونه في قصعة يملأون وسطها بعد أن تحفر فيه حفرة صغيرة بالسمن السائح. فيلتقم الآكل قطعة من العريكة يغمسها في السمن ثم يبتلعها، وأما خبزهم فيصنع من القمح أو الذرة أو الشعير أو الدخن فيشوونه على النار في الطابون ليسكبوا عليه السمن والعسل الخالي من الغش والمتعدد الالوان ومن ذلك العسل الناصع البياض كلون السكر تماما وهو لديهم من ألذ المأكل وأشهر الحلويات ولابد أن تكون وجبة العشاء من (الحيسة) وهي عبارة عن فتيت خبز الذرة مسقى بالحليب ومحلى بالسكر، أن تيسر، وذوو اليسار منهم يضعوه عليه مقدارا من السمن). بلاد نجران نجران ـ في اللغة العربية ـ معناها: ـ خشبة يدور عليها ـ رتاج الباب ـ أي "دواسة الباب" وما كانت ـ نجران ـ يوما في الماضي ـ "دواسة لآل سعود" بل دائسة لهم… وعلى أية حال فان اسم ـ نجران ـ لم يشتق إلا من اسم بانيها (نجران بن زيد بن سبأ بن يسحب اليماني) فهي يمانية كعسير وجيزان اقتطعها الاحتلال السعودي من اليمن، ومن حق أي شعب أو قبيلة أو قرية أن تقرر مصيرها بنفسها، بالانضمام إلى أي جزء متحرر من الجزرة العربية، بل من حق الجزيرة العربية المستعبدة أن تنضم إلى الجزء المتحرر منها في اليمن ـ مثلا ـ كما هو حق الشعب العربي أن ينضم إلى أي جزء متحرر في الوطن العربي، أو ثائر، مثالا على ذلك: أن ينضم شعب المغرب العربي الى ثوار بولساريو، وينضم المغرب للصحراء وليس العكس. المهم: ان السعودية احتلت نجران كغيرها بدعم عسكري ومالي وتخطيطي من قسم المخابرات الانكليزية المعروف باسم "المكتب الهندي" الذي يسيطر عليه الصهاينة، وقام آل سعود باقطاع نجران لبعض أخوالهم من آل السديري… وتقع ـ نجران ـ بين جمهورية اليمن الشمال وعسير ونجد في منبسط من الأرض السهلة المرتفعة نحو 4000 قدم (1220 م) ويخترقها مجرى الوادي المعروف بوادي نجران الآتي من جبال عسير إلى أن ينتهي مجراه في رمال الربع الخالي، وفي نجران عين ماء غزيرة المياه اضافة إلى غيرها لكن الاستفادة بمياهها قليلة إلا أن حكام الاحتلال السعودي عملوا لاستغلال هذه المياه لمزارعهم. وأهل نجران من قبيلة (يام) من (حاشد) وهذه بطن عظيم من (همدان ابن زيد) القحطانية. والقبائل اليامية من أشد القبائل شكيمة في القتال وكان لها دور في دحر السعوديين والوهابيين مرارا. وفي العادات السعيدة تشترك النساء والرجال ـ كما هو في عسير ـ يشترك الجميع في رقصات جماعية رجالا ونساء، أزواجا أزواجا، على نغمات الرباب وضرب الدفوف وقد ألفوا هذه العادة من أجيال عديدة. وعرفوها قبل أن تعرفها أوربا… مع فارق الحياة الاجتماعية بين أوربا ونجران في العهد السعودي… والمسافات الآتية، وهي بالكيلو مترات، تبين البعد بين نجران وغيرها من الاماكن: أبها: 341، خميس مشيط 479، تريم: 857، الرياض: 1026 كم، مكة ـ عن طريق أبها: 1171 كم ـ وعن طريق خميس مشيط 1298 كم والطرقات كلها ترابية، ومعظمها وعرة المسالك… ولم يصلحها الاحتلال السعودي، إلا بعد قيام ثورة سبتمبر 1962 في اليمن حيث بدأ الاستعمار الامريكي السعودي يتخذ من نجران وعسير مواقع انطلاق للمرتزقة والقواعد الامريكية ضد ثورة اليمن شماله وجنوبه… وبدأ باصلاح بعض هذه الطرق كوسيلة للنّهب أولاً، وتخريب اليمن ثانيا… يبلغ طول وادي نجران 27 ميلا من رأسه عند السد القديم المدعو "موفجة" حتّى التلال ومنها إلى السهول الواسعة الممتدة شرقا إلى الربع الخالي. يبلغ معدل عرض الوادي حوالي ثلاثة أميال، وهنالك عدة قرى في هذا الوادي، ولكن النشاط والحياة الجدية العملية في نجران تتركز حول مركز رياسة أمير المنطقة على بعد أربعة أميال من ذلك الرأس. وأما الدوائر والمقر الرسمي والثكنات العسكرية وبيت الضيافة والمستودعات فتقع داخل المدينة التي كانت لها أسوار قديما لتحصينها من العدوان السعودي، وكذلك المحطة اللاسكلية. ويقع خارجها إلى الشرق "المستشفى" الذي طور نسبيا بعد ثورة اليمن، ولم تهتم الاسرة السعودية بالشعب في نجران انّما اهتمت باستخدام أرضه (نجران) بعد قيام ثورة اليمن لتشيد فوقها القواعد وأوكار المرتزقة لمحاربة ثورة اليمن التي قامت في 26 سبتمبر عام 1962 معلنة جمهورية اليمن وخلع الملكية في اليمن ودعم الثوريين في كل الجزيرة العربية، وما أن أعلنت اليمن ثورتها حتّى بادرت السعودية واستمرت باستخدام نجران لهذا الغرض… وبعد أن كانت بنايات الامير السعودي مؤلفة من طابقين من الطوب المجفف بالشمس "اللبن" شيدت للامير وللامريكان أبنية أخرى أكثر جمالا وأمتن.. وقد كانت نجران من الاماكن المهمة للتجارة، وقد اشتهرت سوقها قبل الاسلام، فكانت في جملة الاسواق المشهورة المعروفة المقصودة، تقصدها القبائل وتجار الحضر من مختلف الانحاء للاتجار ومقايضة البضائع. وقد كان كسرى وتجار الحيرة يرسلون بقوافلهم إليها محملة بصادرات العراق وفارس والروم، لبيعها هناك وشراء ما يحتاجون اليه من بضائع أفريقية ويمانية. وتقع بين قريتي "القابل" و"رجله" آثار خرائب كثيرة يسميها أهل نجران باسم "الحصن" أو "حصن الاخدود" وفيه آثار كنيسة، وكثيرا ما يجدون بين أطلالها عاديات قديمة. وعلى حجارتها بعض الكتابات القديمة أيضاً. ويقول بعضهم أنها بقايا المدينة الوارد ذكرها في القرآن الكريم في سورة "البروج" بقوله (قتل أصحاب الأخدود). اليهود وآل سعود وأصحاب الاخدود اعتنق سكان نجران المسيحية في نحو عام 500 م. فكانت نجران أهم موطن للنصرانية في اليمن، ولعلها الموطن الوحيد الذي رسخت هذه الديانة فيه في هذه البلاد. وتتلخص قصة شهداء الاخدود في أنه كان يعيش، قبل الإسلام، في نجران جماعة من اليهود. وكان الملك الظالم (ذو نؤاس) على دينهم. ولما تنصّر أهل البلاد غضب غضبا شديدا فأراد أن يعيدهم إلى دين اليهود الا أنهم لم يمتثلوا لارادته وأصروا على البقاء على معتقدهم المسيحي. فأمر الملك حينئذ أتباعه اليهود بأن يشقوا في الأرض أخدودا عميقا طويلا يملأ بالوقود وتشعل فيه النار. ثم طرحوا فيه كل المسيحيين فأكلتهم النيران ولم تبق على أحد منهم. وكان ذلك في تشرين الأول من عام 523 م. وكان الملك واليهود يشاهدون في سرور بالغ حرق آلاف المسيحيين الذين دعاهم القرآن (بالمؤمنين) حينما قال مستنكر هذه الجريمة الملكية (قتل أصحاب الأخدود، بالنار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود، … أي أن ملك اليهود ما انتقم منهم إلا لكون المسيحيين كانوا يعبدون الله مخلصين وهذا ما يذكرنا بمذابح آل سعود واليهود في فلسطين. وقد ذكر مؤرخو العرب (نجران في كثير من كتبهم وبعضهم أشار إليها كأنها علم لبلاد كبيرة. واليها ينسب (قس بن ساعدة الايادي) خطيب العرب المشهور المتوفي في نحو عام 600 م. وفي عهد النبي عليه السلام أتته وفود نصارى نجران فدخلوا في الإسلام نظرا لكونه المدافع عنهم، وفيه طبقت مساواة الجميع في الحقوق، وفيهم نزلت الآية الكريمة (والذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به مؤمنون، وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به). ويبلغ عدد قرى بلاد نجران أكثر من خمس وثلاثين قرية. ويتمذهب معظم السكان ـ حاليا ـ بالمذهب الاسماعيلي. والاسماعيليون طائفة واسعة الانتشار في العالم . فهم منتشرون في اليمن والعراق وسوريا وايران وأفغانستان والهند وباكستان وبورما والملايو والتركستان الصينية وفي الاراضي الروسية في قلب آسيا الوسطى وفي كينيا وتنجنيقا وزنجبار وأوغندا وغيرها. والاسماعيلية فرقتان: الاولى ـ الاسماعيلية النزارية وهم الذين ينتسبون إلى الامام نزار بن المستنصر بالله الخليفة الفاطمي. وزعيمها اليوم آغا خان الذي يعتبرونه من سلالة المعز الفاطمي. والامير كريم، الاغا خان الرابع الحالي، يجئ في ترتيب الائمة الخامس والثمانين. والثانية ـ الاسماعيلية المستعلية وهم الذين اعترفوا بامامة "المستعلي بن المستنصر بالله" الذي نودي به إماما سنة 487 هـ. والى هذه الفرقة تنتسب الدولة الصليحية التي تأسست في اليمن في القرن الخامس الهجري. وقد انتشرت دعوة هذه الفرقة في الهند وعرفت هناك باسم "البهرة". وهي كلمة هندية قديمة معناها التاجر. وما لبثت أن انقسمت البهرة، في القرن العاشر الهجري إلى فرقتين: فرقة البهرة الداودية، وفرقة البهرة السليمانية. ويرجع هذا الخلاف على من يتولى الرتبة لرياسة للطائفة. ودعيت كل منهما باسم الرئيس الذي اعترفت به. ورئيس الداودية اليوم يقيم في بومباي ورئيس السليمانية يقيم في اليمن. ولا يزيد أتباع طائفة جميع البهرة في العالم عن مائتي ألف نسمة. وجميع رؤساء الاسماعيلية، على اختلاف فرقهم وطوائفهم، يتمتعون اليوم بسلطة روحية تامة على أتباعهم. ويرجع أتباع المذهب الاسماعيلي نسبة إلى اسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر الهاشمي، القريشي، المتوفي في عام 143 هـ (760 م) وهو أخو زيد امام الزيود في اليمن. وبلدتهم الدينية (العان). وتعتبر قرية (بدر) من مراكزهم الدينية. ومن قرى نجران (زور) و(الموفجة) و(كتاف) و(حيوة) وغيرها. وهناك من لا يتمذهب بهذا المذهب، لكن الجميع يمقتون آل سعود وتجار دينهم وحكامهم. كيف هرّبت السعودية اليهود من نجران إلى فلسطين وكان في نجران طائفة يهودية (عربية) كبيرة تبلغ 4000 شخص يستحوذون على كافة الصناعات اليدوية ومعظم التجارة لكن ما يزيد عن 3500 شخص بعائلاتهم هاجروا إلى فلسطين ما بين اعوام 1944 و1947 بتذاكر سفر سعودية (جوازات برية) بواسطة من جون فيلبي المستشار السعودي السابق وبموافقة الملك عبد العزيز وصدور أمر من ابنه ونائبه على الحجاز الامير فيصل بن عبد العزيز (الملك فيصل فيما بعد) وقد تأكد ـ وأكد ذلك جون فيلبي ـ أن جميع الرجال والنساء والاطفال الذين سهلت السعودية سفرهم إلى فلسطين قد ساهموا مساهمة فعالة في تكوين "إسرائيل" وقتال أهلها واخراجهم!. وبعد ثورة 1962 اليمنية الجمهورية وافقت السعودية على عودة (50) رجلا منهم ومن اليهود اليمنيين الذين غادروا اليمن في السابق إلى فلسطين وهم في سن العشرين ـ وافقت السعودية بعودتهم للمشاركة في حربها مع اليمن ـ وجاؤوا عن طريق الاردن بحجة أنهم هاربين من "إسرائيل" لاعانة السعودية في حربها مع شعب اليمن. وكانت الثورة اليمنية قد اعتقلت بعضهم عام 1962 في معركة صرواح واعترفوا أنهم يعملون لصالح السعودية إلى جانب الضباط الاردنيين العاملين لحساب السعودية بموجب اتفاقية عام 1962 (قيادة الاركان المشتركة) بين السعودية والاردن المعروفة باسم (حلف الطائف) المنعقد في الطائف عام 1962. المشاريع السعودية في نجران! المشاريع في نجران كغيرها في "المهلكة": مشاريع وهمية أحيانا أو صحيحة حينا، إلا أن الوهمية والصحيحة أعدت كلها للسرقة ـ سرقة المشاريع ـ والسرقة باسم المشاريع… وان وجد أو أوجد مشروع وهمي أو صحيح فغالبا ما تكرر ميزانية هذا المشروع الوهمي أو سواه ليسرقوا ميزانيته المكررة كل عام، أو يسرقون باسمه، وهذه نماذج لمشاريع الحاكم الذي اقطعت له نجران، واسمه خالد السديري، وهو من أخوال آل فهد، وآل فهد هم "الملوك" المملوكين لامريكا: المالكين لثروات الشعب، وحتى وان مات خالد السديري هذا، فالشعب في نجران كغيره لاحق له بتاتا باختيار الحاكم الذي يراه من غير اللصوص، ولذلك نتخذ من لصوصية خالد السديري مثلا لكل الحكام السعوديين فكلهم لصوص "اسدروا" الناس، وكلهم لهم"حصة" باسم حصه… أوامر "سديرية" سعودية 1 ـ أصدر الامير خالد السديري ـ أمره بتحريم دخول الفواكه إلى نجران، وخاصة العنب… لأن بساتين الامير السديري الشاسعة ـ الواسعة في منطقة العريسة ـ تنتج ما يكفي أهل نجران من الفواكه!. ولانه ـ كما يقول السديري ـ (حينما يسمح بدخول الفواكه من الاقاليم المجاورة إلى نجران فذلك يعني أن سعر كيلو الفاكهة الذي يبيعه "السديري" بثمانية ريالات سيصبح بأقل من هذه التسعيرة) السديرية السعودية الاحتكارية!. 2 ـ استولى الامير خالد السديري على (مدينة الخدود) واسمها الصحيح (الأخدود) وهي تابعة (لآل الهندي) وأبعد منها سكانها (آل دهمش)!.. والأخدود هذه هي صاحبة الاسم التاريخي الذي ورد ذكره في القرآن الكريم بقوله: (قُتِلَ أصحاب الأخدود، بالنار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود)! ـ ولذلك قال السديري في تبريره لمصادرته لأرض الأخدود هذه ـ من أصحاب الأخدود ـ: (ان الاية تقول ان أصحاب الاخدود قتلوا بالنار ـ وأنا ما قتلتكم بالنار حتّى الآن!. إنما صادرت الأرض فقط!.) 3 ـ استولى خالد السديري على منطقة (نهومه) وأبعد منها أهلها (آل عباس). 4 ـ استولى خالد السديري على منطقة (الصعيد) وأشاد فيها العديد من البنايات والقصور بعد أن أبعدها منها سكانها من قبيلة أبو ساق. 5 ـ يقوم الامير خالد السديري بتشغيل "موظفي الدولة!" التابعين لوزارة الزراعة في بساتينه في العريّسة. 6 ـ ومع هذا النهب والاغتصاب والسرقة المكشوفة التي يقوم بها الامراء ـ وخالد السديري في مقدمتهم ـ فان خالد السديري لا يسمح لأي مواطن من نجران أن يمتلك حتّى بيته أو حتّى الأرض التي ورثها من أجداده (ما لم يكن لديه صكوك شرعية!).. وهذه الصكوك الشرعية! "المطلوب من الشعب ابرازها" لا يطالب بها الملك ولا السديري وأمثاله من كافة أمراء الدرجة الاولى والثانية وحتى الدرجة الخامسة بعد المئة والعبيد وعبيد العبيد، فهؤلاء يستولون على أراضي الشعب بلا صكوك شرعية ولا شرع!.. أي أن هؤلاء "الدبش" الاوباش فوق المستوى الشرعي!.. وفوق مستوى الصكوك "الشرعية" المزعومة المطلوبة التي لا تنطبق حتّى على التابعين والخدم التابعين وأتباع التابعين… والامثلة على هذه كثيرة، منها: آ) أن عليّان العمر ـ كاتب الامير خالد السديري استولى ـ هو الآخر ـ على أرض شاسعة وأقام عليها 22 بناية (وفيلا) تمتد من مستشفى ـ ما قان ـ إلى شرق قرية ـ ابن نصيب … ولكاتب الامير السديري ـ هذا ـ عدد من البنايات الاخرى في بلاد (آل هندي) بمنطقة (العامرة) التي اغتصبها الامير وأتباعه، بدون صكوك شرعية!.. طبعا!… ب) ان كان الامير ـ لم يكن وحده ـ هو الذي "ملّكه" الامير لاراضي أهل نجران بل ان هناك عددا من الاتباع الذين أثروا وأصبحوا مقاولين وأغنياء من مال الشعب الحرام لانهم يشاركون الامراء في سرقاتهم ويسهلون لهم رذيلة السرقة… من ذلك أن الامير السديري "وهب" مما لا يملك لضابط في الشرطة اسمه (يحيى بن ناصر) بئر ماء مع أرض واسعة تقع في (نثق آل منجم) تابعة لقبيلة أبو ساق كما أعطى لشخص آخر اسمه (حمد خلقان) قطعة أرض كبيرة في (نثق آل منجم) أيضاً … مع تكرار الملاحظة: أن ما ينطبق على نجران ينطبق على كافة أنحاء الجزيرة العربية المبتلاة بحكم اللصوص… آل سعود… ولذلك نضرب الامثال بواحد منهم اسمه خالد السديري. 7 ـ لقد استولى خالد السديري على أرض شاسعة تسمى العريّسة، بحجة أنه يريد (اقامة حديقة عامة يتنزه بها المواطنون) فأقام بساتينه وقصوره فيها… كل ذلك والشعب في نجران ورجال يام وعوائلهم يسكنون في العشش والاكواخ ومعظمهم يسكن العراء ولا يملك حتّى الكوخ والعشة بل ولا يملك حتّى قطعة الأرض التي يقف عليها والتي سبق له أن وُلد فيها ودفن أهله في جوفها، بينما الاستعمار السعودي يغزو أرضهم! بل ياليته استعمار بمعنى الكلمة للاستعمار!. أنه أبشع أنواع الاستعمار…. 8 ـ أمرت دولة الاسرة الاستعمارية السعودية باعطاء (آل هندي) مساحة أرض شرقي العريّسة ليحفروا فيها آبارهم ويزرعوها، ولكنها في الوقت نفسه أوعزت لجماعة أبو ساق بحفر الآبار فيها وزراعتها!. والتقى أولاد العم آل هندي وجماعة أبو ساق في هذه الأرض… فانطلق الرصاص.. وكل واحد منهم يقول: ان الأرض أرضي!.. ودام القتال ثمانية أيام، بين أبناء العم، وسقط عدد من الجرحى من الطرفين وقتل شخص واحد من آل الهندي… كل ذلك وعصابة الاحتلال السعودي لم تتحرك لمنع الطرفين (كعادتها حينما تتحرك وبأقصى سرعتها لقمع مظاهرة سلمية تهتف من أجل فلسطين وتحرير الاراضي العربية كما حدث عام 1967 و1973 حيث أطلقت ـ السعودية ـ النار على المظاهرين فقتلت بعضهم واعتقلت المتظاهرين)… إلا أن آل الهندي وجماعة أبو ساق اكتشفوا مقاصد "الحكومة" الاستعمارية السعودية للايقاع فيما بينهم!. وبهذا الاكتشاف!. توقف القتال… لكن توقف القتال أغضب "حكومة" الاحتلال السعودي!!. فذهب خدمها يبحثون عن أطراف النزاع للتأكد عن الطرف البادئ ـ لا "بالقتال" بل بايقاف القتال ومعاقبتهم!… إلا أن المعتقلين ردوا عليهم بقولهم: (اننا اكتشفنا الفتنة السعودية فتصالحنا يا مجرمين)!. وكان لموقف آل هندي وجماعة أبو ساق آثاره التقديرية في نفوس المواطنين. 9 ـ ذهب الشيخ ـ ابن زبعان ـ لمراجعة خالد السديري فاعتدى عليه وشتمه وتف في وجهه أمام الناس… وما فعله السديري بهذا الشيخ الطيب لا يستغرب، لأن مثل هذه المواقف القذرة يقفها حكام الاحتلال السعودي عامة وهي من صميم تعاليم الاحتلال السعودي لاذلال شعبنا… 10ـ بناء على أمر الامير "الملك الأول" فهد بن عبد العزيز قام السديري بالقاء القبض على: يحيى بن جابر أبو ساق ـ من مشايخ نجران ـ وذلك لمدة سبعة أيام بتهمة أن يحيى أبو ساق يدافع عن شؤون قبيلته ويستنكر ما يقوم به حكام الاحتلال السعودي أمثال السديري وغيره من سرقات للشعب واغتصاب لأراضيه… لكنه أفرج عنه حينما تحركت قبيلته… 11 ـ حتّى الآن لا يوجد كهرباء في نجران الا في قصور وبساتين الامير خالد السديري ونوعية معينة من أتباعه… مدّعي اشتراكي عام سعودي!

12 ـ منذ مدة وما زالت السعودية تلاحق كل من شيوخ نجران أمثال: الشيخ سالم بن سلطان بن منيف. والشيخ أشرفي جابر أبو ساق، والشيخ جابر ابن حسين بن نصيب، لاعتقالهم باسم "الحق العام!" بل باسم "الباطل العام" بتهمة أنهم يطالبون السعودية بكف أيدي لصوصها، أمثال خالد السديري وغيره، عن الاعتداء على (الحق العام للشعب)… ولكن سلطات الاحتلال السعودي قلبت المفاهيم… فهي التي يراها الناس تسرقهم وتسرق (حقهم العام والخاص)… ومع ذلك تلفّق التهم ضد أصحاب الحق من أبناء الشعب ـ بالاعتداء على (الحق العام!..) مطبقة المثل القائل (ضربني وبكى وسبقني واشتكى)… ومن أجل هذه الأمور الفاسدة شكلت سلطات الاحتلال السعودي محكمة برآسة حمد بن غنيم، ووضعت لها شخصا اطلقت عليه صفة (المدعي العام) ولم يبق إلا أن يطلقوا عليه ما اطلقه السادات على اللص المزعوم بـ "المدعي العام الاشتراكي" وكان اسم "المدعي السعودي": النقيب أحمد سعد القحطاني.. وعينت سلطات الاحتلال السعودي سمساراً آخراً مهمته: البحث عن الاراضي الصالحة للامراء واتباع الامراء، وصفة هذا الشخص هي (محدّد الاراضي) أما اسمه فهو (علي الشمراني).. لكن اسم شمران أطهر من وجهه.. الشعب في نجران يقاوم الاحتلال السعودي وأبالسته! 13 ـ رغم كل ما يعانيه الشعب من ارهاب الاحتلال السعودي فقد قام أهل نجران بقتل ستة من خدم السديري حينما دخل الحسن إلى نجران. (والحسن هو الذي نقلته السعودية بطائرة خاصة من أمريكا حينما قامت ثورة 26 سبتمبر 1962 وأسقطت ابن أخيه "البدر" وكان الحسن في أمريكا، ومن ثم نصبته السعودية "إماما" على اليمن ـ مكان البدر المخلوع ـ وجعلت من نجران منطلقا لتحركاته السعودية العدوانية) لكن أهل نجران رفضوا أن يجعل آل سعود من بلادهم منطلق شر ضد أهلهم في اليمن وعبروا عن رفضهم بقتل ستة من خدم الاحتلال السعودي. 14 ـ ما زال أهل نجران يرفضون توسعات خالد السديري، والامراء الآخرين وأتباعهم، للاستيلاء على أراضيهم. 15 ـ ما زالت برقيات أهل نجران تتوالى على خالد وفهد، مثلما كانت تطالب فيصل بالكف عن نهبهم يقولوك فيها: (ان أرضنا تؤخذ منا بالقوة وتوزع على غرباء عن بلادنا لا ليسكنوا فيها، بل اتخذوا من أرضنا وسيلة سيئة لزيادة تجارتهم وثرواتهم بينما نطرد من أرضنا التي نسكن عليها وولدنا فيها، اننا أحق منهم فيها لأن أكثريتنا تسكن في العشش والعراء)الخ. ان السياسة السعودية الاستعمارية التي يطبقها آل سعود جميعا تقوم على قاعدة احتلالية قهرية تقول، كما عبر الملك فيصل بها مرة في مجلسه بجد: (اننا إذا حققنا في شكاوى الرعية أو تحققنا منها أو أنصفناهم فيها انّما أعطيناهم فرصة للتمادي في كثرة الشكاوى ومن ثم اعتبروا أنفسهم شركاء لنا في ملكنا)!. هكذا… وعلى هذا الأساس ـ الاحتلالي الهمجي السعودي ـ كان الملك فيصل يحيل برقيات أهل نجران إلى وزير الداخلية السعودية الامير فهد بن عبد العزيز مثلما يحيلها الامير فهد ولي العهد (الملك الأول) إلى وزير داخليته وشقيقه نايف شارحا على الشرح "ينظر فيها"!. والنظر فيها!. معناه (عدم النظر)!.

   وبناء على القاعدة السعودية الاحتلالية المذكورة يرسل ـ أمير ـ الداخلية "وزيرها"  الفهدي جوابه الشافي الكافي!… إلى "خاله" أمير نجران السديري الذي تضج منه نجران وممن خلفه ، فيقوم "الفهد" بتحريض حاكم نجران ضد أهل نجران، بقوله: جاءتنا برقية من أهل نجران يشكونكم، أخبروهم أنهم كذابين وانهم ليست لهم أرض، وليست لهم بلاد، فالارض أرضنا نوزعها حسبما نشاء على من نشاء، والبلاد بلادنا نحكمها كما نشاء!)… "سذا" أو "جذا" أو ـ كذا ـ الفلسفة ـ وإلاّ بلاش!… 

وهكذا تكون شريعة آل سعود (الأرض لمن يسرقها)!.. بخلاف شريعة الرسول العربي العظيم (الأرض لمن يفلحها) أي لمن يعمل بها بنفسه دون أن يعتمد على عمل الاخرين… لكن أرضنا الآن تباح لمن يسرقها، لمن يفسدها، لمن يتاجر فيها، ويسمسر عليها، "ويوزعها على من يشاء ويحكمها كما يشاء!!"… هذا هو الرد الاستعماري الوقح على أصحاب الأرض؟!… وكذلك يفعلون!. لكن شعب ـ يام ـ لا تخيفه الردود السعودية الوقحة وآل سعود يعرفون شعب ـ يام ـ ويعرفون "ضرباته" لآل سعود وأجدادهم منذ القدم، ومنذ عهد محمد بن سعود، ومحمد بن عبد الوهاب في معركة حاير اسبيع تلك المعركة التي حصلت في ربيع الآخر سنة 1187 هـ بقيادة الشيخ حسن بن هبة الله المكرمي ـ حينما اشترك أبناء يام ـ العجمان وأهل نجران في هذه المعركة، وكادت بها تكون نهاية آل سعود … النهاية المفرحة لشعبنا، لو لم يسارع محمد بن عبد الوهاب بتوسيط شيخ قبيلة الظفير فيصل آل شهيل الهاشمي لدى الشيخ حسن هبة الله المكرمي، ولو لم يخطئ الشيخ حسن هبة الله المكرمي بقبول الوساطة ـ السعودية اليهودية الوهابية ـ لكانت نهاية آل سعود على أيدي أبناء ـ يام ـ أهل نجران والعجمان . وتاريخ يام ملئ بالبطولات التاريخية في محاربة آل سعود، وشرحها يحتاج إلى كتب طويلة… لكن من أقرب هذه البطولات إلى الاذهان ما فعله ـ أبناء يام ـ أهل نجران ـ حينما لقنوا خالد السديري وأتباعه درسهم بالخناجر في 27/11/1393 هـ… وخلاصة هذا الدرس، : أن خالد السديري أمر "الحرس الوطني" بقطع الاشجار الكائنة في شمال العريّسة للاستيلاء على بقية هذه الأرض بعد أن استولى على قسم كبير منها. وأصبح السديري يستخدم "الحرس الوطني" في أغراضه الشخصية هذه وأمثالها مثلما يستخدم موظفي الزراعة!… لكن ـ يام ـ أبناء نجران ـ هاجموا "الحرس الوطني" بالخناجر ـ اليامية المعروفة ـ فهرب الحرس من أمامهم إلى الجبال كالجرذان، وترك ـ حرس السديري ـ سيدهم السديري وأوامره السعودية الاستعمارية في جهنم. 16 ـ وفي يوم 1/1/ 1394 هـ قام ـ أمير عسير ـ اللص خالد الفيصل ـ ابن الملك فيصل ـ بزيارة إلى نجران للاستيلاء على أراضٍ جديدة (لاقامة مشروعاته عليها) كما يزعم ابن الملك، فقام أهل نجران باستعراض أمامه بالبنادق الرشاشة، هذه المرة، بدل الخناجر، فأثاروا استغرابه مما جعله يتساءل بقوله: (كل هذه الاسلحة عند أهل نجران)؟!… قالو له: نعم!. وفي هذا الاستعراض سمع الامير خالد الفيصل كلمات (الرفض لمشاريعه المزعومة) ترددها مجموعة من شباب نجران بشكل "عَرضَة" تلعن فيها "عرضه" بقولهم: لا نفرّط بباقي أرضنا السديري لها قد جرّكم عرضنا في سلامة أرضنا أرض نجران ما هي أرضكم ذي مشاريعكم غش ّلنا لا مشاريع نبغي منّكم اتركونا وخلوا أرضنا خيركم في كفاية شركم وبهذه العرضة ودع أهل نجران ـ ابن الملك ـ النّهاب ـ فيصل… وفيما يلي بعض أسماء مشايخ نجران في الوقت الحاضر نقدمها حسب أحرف الهجاء: 1 ـ أشرفي جابر أبو ساق (من كبار مشايخ نجران) 2 ـ حسين بن حمد بن مسلم (عشيرة آل دويس) 3 ـ حسن بن زاهر (عشيرة لسلوم) 4 ـ حمد بن محمد بن اقريشة عشيرة آل الهندي). 5 ـ حمد بن زبعان (عشيرة الصقور) 6 ـ حمد بن القحص (عشيرة آل هْتَيله) 7 ـ سالم بن حسن صغير بن شكوان (آل حطاب… آل سليمان) 8 ـ عبد الله بن زمّال (آل منصور). 9 ـ علي بن حسين المكرمي (هو بمثابة الاب الروحي للعديد من العشائر. وجده حسن هبة الله الذي قاد في سنة 1178 هـ أبناء يام ـ من العجمان وأهل نجران ـ في معركة حاير اسبيع، وطوقوا فيها الدرعية وأنهوا الحكم السعودي لو لم يعقد معهم محمد بن عبد الوهاب الصلح ويوسط الوسطاء للابقاء على الحكم السعودي، وكانت غلطة كبيرة ارتكبها حسن بن هبة الله المكرمي بقبوله الصلح، سامحه الله!..)… 10 ـ فارس بن حمد بن ياسين (عشيرة بني سليمان). 11 ـ مانع بن صالح بن حيدر (عشيرة آل عباس). 12 ـ مرزاح بن عامر بن حزوبر (عشيرة اللّحسن). 13 ـ مهدي بن إبراهيم (آل عامر). 14 ـ يحيى بن زيد (عشيرة آل حارب). وغيره من قادة الشعب في نجران الذين توارثوا كُره الاحتلال السعودي فقاوموه، لكونهم يرفضون عيش الذلة في وجود الاحتلال، الذي أباح دم الشعب واستباح أرض الشعب وهدر كرامة الشعب وقيم الشعب الكريمة وحقوقه التي فرضتها كل الشرائع والمواثيق الإنسانية… ولكن هل يقنع جيمي كارتر وهل تقتنع أمريكا؟ ولصوص أمريكا المدافعين بزعمهم عن حقوق الإنسان؟. إذا لم يقتنع هؤلاء، فإليهم المزيد من سرقات عبيدهم آل سعود نسوق بعضها كأمثلة فقط: 1 ـ كل منطقة من المناطق هي ـ اقطاع ـ يتوارثه أمير من الامراء، ويورثه لأولاده… فالمنطقة الشرقية ـ مثلا ـ هي اطقاع لعائلة آل جلوي… ومنطقة عسير لابن الملك فيصل، ومنطقة حائل، اقطعت لعبد العزيز بن مساعد آل جلوي، ثم تنازل عنها بعد أن حكمها (50 سنة)… ومن ثم منحها الاحتلال السعودي للامير فهد بن سعد آل سعود، ولما "استشهد" هذا الامير من كثرة شرب الخمور، ورّثوها لابنه سعد بن فهد آل سعود ـ زوج العنود ـ بنت الملك فيصل ـ فاستولى على كافة أراضيها وباع العديد منها لصالحه وزوجته واقاربه، ووزع الباقي على أتباعه… وكذلك بقية المناطق، فهي اما لآل السديري، واما لآل سعود واما لآل الشيخ واما للاتباع. 2 ـ في مدينة الخُبر ـ بالمنطقة الشرقية، جاء أحد أبناء الملك فيصل وأمر مدير البلدية بتمليكه منتزه الخبر ـ وهو منتزه عام ـ فلما اعتذر مدير البلدية عن تلبية هذا الطلب، هدده بالقتل، فوافق… وحينما عرف أمير آخر بهذا الموضوع، سارع إلى مدير البلدية يأمره بتسجيل هذه المنتزه باسمه هو!. فوافق مدير البلدية، فتصارع "الاميران" على أرض منتزه الخبر، وكان الضحية لهذا الصراع: مدير بلدية الخبر … ولو لم تكن لهذا المدير ماله من الوساطات لما اكتفى الامراء بابعاده فقط!. وهكذا استولى لصوص العائلة على منتزه الخبر… 3 ـ وفي الأحساء، أقام ميلونير اسمه (يس الغدير) منتزها آخرا، في الهفوف، لا يدخله الا الامراء وأشباههم… وفي ملاهي القمار ومشارب الخمور وملاعب الدعارة، ويقضي اللصوص الكبار في منتزه (الغدير) حفلاتهم الحمراء. فأعجب الامير صطّام بن عبد العزيز آل سعود ـ نائب وزير الدفاع وشقيق سلطان وفهد ـ أعجب بهذا المنتزه، فاشتراه بثلاثة ملايين ريال، لاستثماره في وجوه الدعارة الخيرية!. 4 ـ أمر الملك فيصل، بأن يعقد مجلس الوزراء السعودي جلسة طارئة لتثمين أحد قصوره القديمة في جدة!… فعقدت جلسة مجلس الوزراء، وثمّنوا قصر فيصل بمبلغ (40 ميلون ريال ) فلم يُعجَب الملك بهذا التثمين فأوحى للمجلس بعقد جلسة طارئة أخرى، فعقدت الجلسة، ووقع الوزراء رسالة إلى الملك فيصل يعتذرون منه فيها (على تقصيرهم في تثمين قصره الثمين بـ 40 مليون ريال بينما قيمته الفعلية هي أكثر من هذا، ولذلك فقد رأوا اضافة مبلع ـ 30 مليون ريال للفيصل ـ لتصبح قيمة القصر / 70 مليون ريال/ تصرف "لجلالته" من وزارة المالية حالا)… وحينما تقدم الوزراء للملك ـ الذي هو رئيس الوزراء ـ بهذا التثمين الجديد مع توبيخ أنفسهم بالنقد الذاتي أمامه، قال الملك: (أنا أعلم أنكم مقصرين في تثمين هذا القصر لكنني ماذا أفعل!، لقد كلفني بناء هذا القصر في أيام الرخص 40 مليون ريال، وأوراق وزارة المالية التي صرفت لي هذا المبلغ تشهد بذلك وبامكانكم مراجعتها)!!. بمعنى أوضح: أن مالية الشعب هي التي عمرت هذا القصر لفيصل ودفعت قيمته السابقة، وقبض ثمنه منها 40 مليون ريال، ومن ثم قبض 70 ميلون ريال ـ دفعتها له مالية الشعب أيضاً فأصبح المجموع ـ 150 مليون ريال.. بعد ذلك أمر فيصل بتسلم مبلغ ـ التثمين الاخير ـ الذي هو 70 مليون ريال لزوجته "عفات خانم" لتشيد بهذا المبلغ عمارة مكونة من 35 طابقا في جدة، أعطاها الملك أرضها، وبقي القصر لفيصل!.. و"عفّات خانم" هي أم سعود الفيصل ومحمد وتركي وأخت كمال أدهم طيب الذكر. 5 ـ غارت "أم بندر" زوجة الملك خالد من "عفات خانم" فأشادت عمارة في الرياض من "35 طابقا" دفعت تكاليفها المالية… 6 ـ أما فهد (الملك الأول) وآل فهد: فكتاب من عشرة آلاف صفحة لا يكفي لاحصاء سرقاتهم ونهبهم للاراضي وانفاقها على الدعارة والقمار والملذات والمؤامرات. هذا هو نوع واحد، فقط من السرقات الكبيرة التي لا تطبق بحقها عقوبة قطع الايدي والارجل "من خلاف" وهي العقوبة التي طبقت على أكثر من (70.000 مواطن) عاطل عن العمل أو فقير أو مناضل شريف، فهل يقبل تجار "الحقبة السعودية" وهل يقبل كارتر الدفاع عن حقوق الإنسان الممسوخ في الجزيرة العربية؟!. كيف بدأ الاستعمار الانكليزي بازالة "موجات" العداء بين العرشين السعودي والهاشمي؟ من المعروف أنه لولا الانكليز ما هزم "الملك الشريف حسين بن علي" من الحجاز ونفي إلى قبرص ولولا الانكليز ما نجح عبد العزيز "ابن السعود" وعيّن ملكا للجزيرة، وسلّم مملكة الاشراف في الحجاز… ولولا عبد العزيز ـ أولا ـ وأمثاله ـ ثانيا ـ من ركائر الاستعمار ما انسحب الانكليز من فلسطين وسلموها لاشتات اليهود… (ولهم في كل ذلك حكمة بالغة) كما قال عبد العزيز… ومع هذا، فليس غريبا أن نرى الاستعمار الانكليزي الذي فرق بين الهاشميين والسعوديين ـ أولا نراه يجمع الاضداد ويوحد من فرقهم من العباد… فيصبح أعداء الامس أصدقاء اليوم… وتكون بداية لقاء الملك عبد العزيز والملك فيصل الأول بداية لروابط عميقة بين العرض السعودي في جزيرة العرب والعرش الهاشمي "المنقول" منها ليعقد بينهما حلف دفاع مشترك بعد عداء مشترك… وليصبح شعار العرشين: ما فائدة الخصومة بين عرشين كلاهما هبة من استعمار واحد؟… ولنبدأ قصة "التوحيد" من بدايتها!… بعد أن وهب الانكليز عرش الحجاز "للسلطان" عبد العزيز آل سعود وعينوه ملكا وأطلقوا اسم عائلته على جزيرة العرب عام 1932 ـ كي لا تعرف جزيرة العرب الا باسم "المملكة السعودية" وبعد أن نقل الانكليز الامير عبد الله بن الحسين إلى منطقة في سوريا اسمها الاردن ليخلقوا منها مملكة للهاشميين ثم عينوا الامير فيصل بن الحسين ملكا على الشام ثم نقلوه ملكا على العراق وبعد أن نفى الانكليز والده الملك السابق حسين بن علي إلى قبرص، وبعد أن شرد الحكم السعودي العدد الكبير الذي يزيد عن مليوني مواطن من الحضر والبادية إلى شتى الاقطار العربية، وبعد أن التجأ عدد كبير من قبائل الجزيرة العربية حينما فشلت ثوراتهم ضد ابن السعود إلى شتى الاقطار، ومن هذه القبائل: مطير والعجمان وعتيبة وشمر، الذين التجأوا إلى سوريا والاردن والى العراق في عهد حكم فيصل الأول ـ بالرغم مما قام به الاستعمار الانكليزي المسيرط على العراق آنذاك من تسليمه لقادة الثوار إلى العميل الانكليزي عبد العزيز ومن هؤلاء القادة الشيوخ الثلاثة: الدويش، وابن حثلين، وابن لامي… وبعد لجوء هذا العدد الكبير من القبائل، رأى جون فيلبي المندوب الانكليزي لدى عبد العزيز والموجه الأول له… رأى أنه لا جدوى من خصومة ابن السعود والهاشميين حسب قول فيلبي: (ما فائدة الخصومة الآن بينك يا عبد العزيز وبين الاشراف، خاصة حكام العراق، وقد استوليت على عرشهم في الحجاز وانتهى كل شئ لصالحك؟ ان الخصومة الآن بينكم أصبحت مضرة للسعوديين بعد أن أصبح العراق ملجأ لخصومكم)!. ويتابع جون فيلبي قوله لعبد العزيز: (ومع التأكيد لكم أن الانكليز الذين اقتضت مصلحتهم خصومة صديقين للانكليز في آن واحد أنتم والهاشميين وألقى الانكليز طيلة خصومتكما وحربكما بكل ثقلهم معك لا يمكن للانكليز الان أن يسمحوا لكما بالعداء كما لا يمكن أن يسمحوا لاي أحد من خصوم آل سعود في العراق، بالتحرك ضدكم لذلك يرى الانكليز أن قيامنا بمصالحتكم مع بني هاشم ضرورة تخدم مصلحة الانكليز ومصلحة الهاشميين والسعوديين في نفس الوقت)!. فرحب عبد العزيز آل سعود بهذه "البادرة" الانكليزية. وأردف جون فيلبي يقول: (بعد هذه المصالحة لن يبقي الانكليز للهاشميين أي عذر لايواء ومساعدة خصومكم في العراق)!…. ولكي يرفع الانكليز من شأن عميلهم الاكبر في المنطقة عبد العزيز آل سعود وعدم اذلاله بجعله البادئ الأول بتوجيه الدعوة لاجتماع المصالحة، أمروا الملك فيصل ملك العراق المنقول من الحجاز والشام، بتوجيه الدعوة لعبد العزيز آل سعود عندما كان ابن سعود قرب الحدود العراقية لتعزيز الصلات الاستعمارية بين نجد والعراق، فكتب المندوب السامي البريطاني في العراق إلى عبد العزيز آل سعود في 9 شعبان سنة 1348 هـ يخبره (أن رغبة الحكومة العراقية تؤيدها رغبة الحكومة البريطانية في عقد مؤتمر يجمع بين عاهلي العراق والمملكة السعودية ورجال الحكومتين والمندوب السامي نفسه في مكان محايد أو على الحدود، ويخبره أن الحكم الهاشمي في العراق مستعد لان يكون عقد المؤتمر في 20 رمضان 1348 هـ)… فوافق ابن سعود!… على ما هو متفق عليه سابقا في التمثيلية التي كان فيلبي قد أطلعه على فصولها مسبقا… ورأى الانكليز اكمالا لفصول المسرحية أن يكون للمسرحية بعض الحوار، والاخذ والرد، وأن يرفض عبد العزيز العروض الاولى لمكان عقد الاجتماع "رفعا لمقامه" واذلالا للهاشميين الذين كانت لم تزل بينهم بقايا مروءة توحي بايواء خصوم ابن سعود في العراق المحكوم للاستعمار الانكليزي، وهكذا تلقى الملك عبد العزيز في 17 شعبان 1348 هـ من المندوب السامي خطابا يخبره فيه بأنه يقترح ـ أي المندوب السامي ـ (أن يكون الاجتماع في "الرخيميّة" المنطقة المحايدة بين العراق ونجد) وكان من فصول المسرحية أن يعتذر عبد العزيز آل سعود (ببعد المسافة بين المكان الذي هو فيه وبين المكان الذي اقترح فيه الاجتماع!. وأن يكون الاعتذار بقلة الماء في الطريق!. لكنه يرى أن يكون الاجتماع في "الوفرة" المنطقة المحايدة بين الكويت ونجد، ومن السهل على الملك "الهاشمي" فيصل الوصول إليها بدون جهد لانه سيستقل طائرة في رحلته هذه!.) هكذا… وهنا سمح المندوب السامي للملك الهاشمي فيصل أن يرسل إلى "أخيه في الله" الملك عبد العزيز يدعوه أن يكون في ضيافته بالرخيمية فاعتذر له عبد العزيز بما اعتذر من قبل للمندوب السامي البريطاني ـ سدد الجميع ـ من أعذار متفق عليها…. وهكذا ترون أن "ابن السعود" يرفض أن يكون الاجتماع في أرض يحمكها خصومه ولو شكليا، لا لكرامة في رأسه وهو الذي أركع هذا الرأس مليا للانكليز أولا والامريكان أخيرا والصهيونية شقيقة أمريكا في نفس الوقت، بل لكونه يعرف أنه ـ أي عبد العزيز ـ ما هو الا ابن الانكليز المدلل وان الانكليز بذلك "الرفض" المتفق عليه "تكتيكيا" لا يريدون الا معزّته وعلواً على حساب اذلال سواه حتّى من أصحابهم الاخرين!. رئيس المعتمدين يأمر ابن سعود بالتوجه !…. وفي 25 شعبان ورد إلى ابن سعود كتاب من رئيس المعتمدين بالخليج يأمره بقوله: (لقد تقرر أن يكون الاجتماع في البحر على باخرة بريطانية خراج المياه النجدية والعراقية) فاستجاب إلى ذلك وتقرر أن يكون الاجتماع في 20 رمضان 1348 وأخذ الملكان عبد العزيز وفيصل والمندوب السامي يستعدون لليوم الموعود "بفارغ الصبر" حسبما ورد في رسالة المندوب السامي… الا أن المندوب السامي رأى: (أن الغرض المنشود من الاجتماع هو التواد والتآخي!، ولذلك فاختلاف وجهات النظر بين ابن السعود والشريف فيصل غير مطلوبة اطلاقا لكيلا ينجم عن ذلك ما يعكر الصفو الذي نعمل نحن الانكليز من أجله، وأقترح أن يعقد مؤتمر لتمهيد جو صالح للاجتماع وانهاء البحث في المسائل ويترك الفراغ لامضاء الملكين فقط!…). كذا… هذا ما ورد ـ حرفيا ـ في رسالة المندوب السامي الانكليزي لابن سعود ـ نقلا عما نشره الكاتب السعودي العميل عبد الغفور عطار في كتابه "صقر الجزيرة". وزعم الكاتب: "ان ابن السعود قد قبل الاقتراح الانكليزي وكأنه مجرد اقترح ـ لا مجرد ارادة انكليزية… وقال (فانتخب العراق وفدا برئاسة ناجي بك آل شوكت وزير الداخلية وانتدب ابن سعود ثلاثة من رجاله هم: حافظ وهبة، ويوسف يس، وابراهيم بن معمر للمفاوضة والبحث!، واجتمع المندوبون في الكويت في 11 رمضان، الا أن وفد العراق لم يفوض التفويض التام في البت في القضايا فلم يكن لدى الجميع أي جدول أعمال والاعمال بيد الانكليز.. فعاد الوفد السعودي في 16 رمضان لمرافقة الملك ابن سعود وبقي ابن معمر في الكويت للنظر في المتخلفين من أتباع الثوار ضد آل سعود وتقرير ما يجب بشأنهم من ملاحقة وتسليم وتسفير)!. هكذا قال العطار… علما بأن إبراهيم بن معمر ليس مكان ثقة قصوى من عبد العزيز آل سعود لكي يصحبه معه عبد العزيز في رحلة لقاء التآمر بالانكليز والملك فيصل الشريف!. ولهذا بقي إبراهيم بن معمر دون حضور هذه المحادثات!. وفي الساعة الرابعة من 21 رمضان 1348 ركب ابن سعود وحاشيته زورقا بخاريا من الجبيل إلى رأس تنورة انتظارا للباخرة الانكليزية. وفي الساعة الثامنة قدمت الباخرة البريطانية "بتريك ستيوارت "واستقلها الملك ابن السعود بحاشيته واستقبل من قوادها وربابنتها الانكليز استقبالا حماسيا!، وأطلقت المدافع تحية للملك العميل وسارت باسم الانكليز مجراها ومرساها.. فطلب ابن سعود بأن تقف الباخرة التي أعدتها بريطانيا لنقله إلى مكان الاجتماع في البحرين ليزودها وكلاؤه آل القصيبي بما تحتاج من فرش وأثاث وأمتعة ومأكل ومشرب، يدفع أثمانها الانكليز…. وكان من المقرر وصول باخرتي الملكين إلى الموعد في وقت واحد الا أن أمرا انكليزيا غير عادي أخر "بتريك ستيورات" المقلة لعبد العزيز آل سعود فوصلت في فجر يوم 23 رمضان وكانت الباخرة "نرجس" المقلة للملك فيصل و"لوبين" المقلة للمندوب السامي قد أخذتا مكانهما مسبقا وتبين أن القصد من تأخير الباخرة المقلة لابن السعود أن يصل الملك فيصل الشريف قبله إلى مكان الاجتماع فيكون الملك فيصل باستقبال الملك عبد العزيز، وأن لا يحدث العكس كل ذلك اكراما من الانكليز لعميلهم الاكبر عبد العزيز سمسار فلسطين القاتل… من أجل هذا حدث التأخير… فأحس فيصل بهذه الاهانة له واشتكى للمندوب السامي الذي عمل على عدم احراج الطرفين فأرسل لابن السعود في الليل وهو بالباخرة برقية من المندوب السامي يدعوه فيها إلى تناول طعام الغداء على مائدته مع الملك فيصل بباخرته "لوبن" فأبرق إليه عبد العزيز "بتشرفه بقبول الدعوة المشرفة!" كما قال: وفي الوقت المحدد للاجتماع ركب ابن سعود زورقه الانكليزي ومعه: يوسف يس (سوري)، وحافظ وهبة (مصري)، وفؤاد حمزة (سوري)، وعبد العزيز القصيبي (بحريني)، ومدحة شيخ الأرض (سوري)، وعبد الرحمن الطبيشي (سعودي) وسعى كل من الملكين إلى "أخيه" وتصافحا وتعانقا ثم تبادلا ألفاظ التحية والمودة!… وكأن شيئا لم يكن!… وقدم الملك فيصل إلى الملك عبد العزيز رجاله!.. وهم ناجي باشا السويدي (رئيس وزراء العراق) ومحمد رستم بك حيدر (رئيس الديوان الملكي) وتحسين بك قدري (مرافق الملك) وهنا قدم الملك عبد العزيز رجاله "!" وهم الذين مر ذكرهم، وقد عين معظمهم من قبل المخابرات الانكليزية من كل بلد عربي كعملاء للانكليز ومرشدين لعبد العزيز.. ثم دخل الملكان البهو المعد للجلوس مع المندوب السامي "والحواشي" ، وتكلم الملك فيصل كلمة موجزة أوحاها له المندوب السامي (فشكر الحكومة البريطانية وفخامة المندوب السامي على السعي النبيل حتّى كان هذا الاجتماع المبارك الذي يبشر بالتآخي بين الامم العربية!..) يلاحظ هنا كلمة "بين الامم العربية" بدلا من "الامة العربية" التي خانها الحكام وجعلوا منها أمما لا وجود لها… ثم تكلم الملك عبد العزيز شاكرا الحكومة البريطانية والمندوب السامي" وقال: (ان الواجب على العرب وأمرائهم أني سعوا سعيا متواصلا للاتحاد والاتفاق والوقوف دائما وأبدا خلف بريطانيا دون انفكاك)!. ايو الله… هكذا حرفيا… دون انفكاك خلف الاستعمار ثم انبرى المندوب السامي للكلام وأعرب عن (سروره وسرور الحكومة البريطانية بعقد هذا الاجتماع المنتظر من ورائه كل خير للبلاد العربية!.) جدا… جدا!… ثم رأى الجميع اخلاء المكان للملكين ليبث كل منهما ذات نفسه "لاخيه" ليكون خير تمهيد "للتآخي المنشود" بين آل هاشم وآل سعود من آل بريطانيا وقال عبد العزيز في هذا الاجتماع: "ترانا يا أخ فيصل مالنا ذنب في اخذ عرشكم منكم فبريطانيا هي التي أرادت ذلك ولها في ذلك حكمة!. لانكم تعصبتم لتوحيد البلدان العربية تحت رايتكم، وبريطانيا لا يناسبها توحيد العرب تحت راية اصحابها ـ بحيث يساعد ذكيّهم غبيهم في هذه الوحدة ثم يطرد العرب بريطانيا وحلفاء بريطانيا فيما بعد بل وسوف يحكم العرب العالم لو توحدوا، ولكن لمّا انكم مشيتم مع بريطانيا ـ زين ـ وخالفتهم رأي والدكم الحسين حطتكم بريطانيا ملوكا على الشام والعراق وشرق الاردن، وما قصرت بريطانيا معكم، واليوم نريد ويريد الانكليز لنا ولكم ان ننسى الذي مضى ونبقى معكم ومعهم اخوة وانا اتعهد لكم بالله وتالله انني لن اقف ضدكم انّما اطلب منكم ان تبعدوا قبائل: شمر والعجمان ومطير وعتيبة وبعض الحجازيين الذين يهددون حكمنا في العراق" الخ….. وكان فيصل الشريف يرد على كلام عبد العزيز بابتسامة صفراوية وهو يردد كلمات: "ان شاء الله… ان شاء الله" ثم اردف فيصل يقول: "وسنعرض الامر على مجلس الوزراء والشورى في بغداد"… إلا أنه اتضح لعبد العزيز ـ من كلمات " ان شاء الله!" هذه التي يرددها فيصل ـ انّه غير معجب وغير راضٍ بما يقوله عبد العزيز. فخرج في سورة غضب، فظنوا أنه ذاهب إلى "بيت الأدب" في بادئ الأمر!. لكنه صرخ بكل قلّة أدب في وجه الملك فيصل يقول: "انتظر، انتظر لا تقوم اني راجع اليك!" فنادى عبد العزيز (مندوب المندوب السامي) كورنواليس بقوله: "يا جرن اليس… تعال"!… ولما جاء إليه مبتسما، قال له عبد العزيز بعصبية: "ان ملككم فيصل ما رأيت منه استجابة لتسليمنا الذين خرجوا من بلادنا غير راضين علينا ولا زال في رأسه "حّب" ما طحن، فاما سلمونا الذين خرجوا من بلادنا غير راضين علينا أو تولّوا تأديب فيصل أو أنا الذي سأتولى تأديبه!." فقال مندوب المندوب السامي: "هل رفض مطالبك؟" قال عبد العزيز: "لم يرفضها لكنه حاول ان يلعب علينا بنفس الكلام الذي نلعب فيه نحن وانتم على الناس… انّه كلما أطلب منه تسليم أعداءنا يرد بقوله: (إن شاء الله.. إن شاء الله. وسنعرض الامر على مجلس الوزراء والشورى!) وأردف عبد العزيز يقول: "إن كلمة ان شاء الله.. ان شاء الله، لا تعني الموافقة التامة، وما دامتم حاضرين معه، لا يهمني هو، فأنتم أهل الحل والربط"… فرد مندوب المندوب السامي على عبد العزيز بقوله: "ان كل شئ سيأتي كما يرضيك يا صديقنا العزيز". وأخذ عبد العزيز من يده وأدخله إلى الملك فيصل ثم استدعى ـ مندوب المندوب السامي ـ كل من رئيس الوزراء العراقي ناجي السويدي ومحمد رستم، والمستشارين السعوديين: حافظ وهبة ويوسف يس وفؤاد حمزة، واستطاع "الملكان" في هذا الاجتماع بت بعض المسائل المعلقة وارجاء ما بقي إلى المندوب السامي للبت فيه!… وكان اهم مطلب طلبه عبد العزيز من مندوب الانكليز وفيصل الشريف هو: (عدم السماح لقبائل شمّر والعجمان ومطير وعتيبة وغيرهم من الثوار بالبقاء في العراق… وسيقدم مقابل هذا كل شئ)!… ومن هنا يتضح أن أسباب حرص السعودية للصلح مع العراق خشيتها أن يسمح حكام العراق للثوار بقيام بحركات تحريرية، بالرغم من أن العراق كان يرزح تحت حكم الانكليز سادة آل سعود… من هنا تتضح أهمية العراق من الناحية التحريرية في حال جعله منطلقا للثوار…. وعاد "الملك فيصل الشريف" من ذلك الاجتماع بالرغم من التصافي المصطنع، عاد وهو يشتم عبد العزيز لدى خاصته، …ويقول محمد المسفر ـ عن تلك الفترة ـ حينما زرته في بيته في بغداد عام 1953 وكان فيما مضى المرافق الخاص لفيصل بن الحسين ـ وهو من الحجاز ومن قبيلة عتيبة ـ بعد ان إستثرته بذكر المذابح السعودية في الطائف والحجاز، وتطرقت لذلك التصالح الذي حصل بين عبد العزيز وفيصل قال لي: (ان فيصل حينما رجع من مقابلة عبد العزيز تلك، قال ساخرا: "يريد الانكليز اصلاح ما خربوه بعد ان اعطوا هذا المجرم السعودي أرضنا وذبحوا شعبنا ويريدون الان أن نسلمه حتّى الذين التجأوا الينا من شعبنا محافظة على رقابهم من ظلم آل سعود").. قلت لابن مسفر: (هل للملك فيصل علاقة بتسليم الدويش ورفقائه من شيوخ القبائل الذين ثاروا ضد ابن السعود والتجأوا للملك فيصل في العراق؟)… قال: (ان الانكليز هم الذين سلموهم دون معرفته وقد عارض الملك والاشراف تسليمهم لكن الانكليز لم يردوا عليهم!… وبقي الملك فيصل معاديا للاحتلال السعودي الذي احتل بلاده الحجاز، حتّى ان عبد العزيز عمل لتدبير اغتيال فيصل في العراق، ولما مات فيصل وخلفه ابنه غازي كان "غازي" اشد عداء لآل سعود من والده وكان له هواية بالهندسة فكون اذاعة سرية في قصره ـ دون معرفة الانكليز ـ مستعينا ببعض المهندسين الالمان ووضع فيها من الحجازيين المقيمين لديه من يندد بجرائم آل سعود الذين ارتكبوها في الحجاز ولا زالوا يرتكبونها، فاكتشف الانكليز الاذاعة فاخبروا بها ابن السعود، وسافر نوري السعيد لمقابلة ابن سعود للتعاون معه واتفق نوري السعيد وعبد العزيز آل سعود على طريقة للتخلص من الملك غازي، وكان لنوري السعيد علاقة متينة مع عبد العزيز آل سعود واستلم منه مبالغ طائلة مقابل تسليمه لبعض اللاجئين إلى العراق وبعد ذلك اغتيل الملك غازي وقيل ان سيارته قد اصطدمت بعمود الكهرباء ثم عيّن الانكليز عبد الاله مكانه في الحال وصيا للعرش، واشارت أصابع الاتهام إلى ان نوري السعيد والانكليز وتحريضات عبد العزيز آل سعود كانت وراء مقتله وان حادث السيارة ما هو الا حادث مفتعل نظرا لتصرّف الملك غازي وكأنه خارج الحماية الانكليزية والتقرب من بعض الاوساط الشعبية وتقوية جيش الهجانة الذي أنشأه والده على الحدود السعودية العراقية دون ارادة الانكليز وقد ضم هذا الجيش مجموعات من قبائل شمر والعجمان ومطير وكل المحاربين للاحتلال السعودي وكان قصد الملك غازي تحّين الفرصة للانقضاض على المحتلين السعوديين لبلادنا لكن ابن السعود ونوري السعيد والانكليز مجتمعين تمكنوا منه فصرعوه، واسرعوا في دفنه في نفس اليوم، حتّى قبل وصول عبد الله من الاردن في نفس اليوم، رغم ان عبد الله طلب ان لا يدفن ابن اخيه قبل مشاهدة جثته، ولقد كان عبد الاله يكره ابن السعود أيضاً وكذلك عبد الله ملك الاردن وابنه طلال يكرهان ابن السعود وما من احد منا يا ابناء الحجاز ممن شاهدوا مجازر السعوديين لاهلنا واصحابنا الا ويكره آل سعود) الخ…. هذا هو بعض ما قاله لي ابن مسفر حينما زرته في مسكنه عام 1953 مع احد اقاربي، عيسى السعيد ـ الذي كان يعمل لديه في حقوله وسبق لعيسى ان التجأ هو الاخر مع الآلاف ـ من حائل ـ إلى العراق بعد أن قتل الاحتلال السعودي شقيقه، عبد الله السعيد، في معركة "النيصيّة" واصيب عيسى السعيد برصاصة حطمت عظام فخذه وجعلتها تنزف صديداً طول حياته حتّى مات أخيرا… وله من الاولاد والبنات ثمانية…. وأخيرا، وحتى بعد تولي العميل عبد الاله الوصاية على عرش العراق بقي في مناوشات عدائية بينه وبين الاحتلال السعودي يذكيها بعض اللاجئين من الجزيرة للعراق ويكبحها الانكليز وعملاء السعودية الكثر وعلى رأسهم نوري السعيد الذي كان يتقاضى مرتبا شهريا من عبد العزيز آل سعود قدره (1000) دينار عراقي و "زخات" من الخرجيات السعودية المنقولة وغير المنقولة… وزاد هياج الاحتلال السعودي خروج سعود آل رشيد وشقيقه المرحوم عبد العزيز آل رشيد عام 1946 من الرياض والتجائهما إلى العراق، فجمع عبد العزيز آل سعود كل آل رشيد الموجودين في الرياض واسترضاهم، ثم ارسل ابنه سعود إلى العراق للتفاهم مع عبد الاله ونوري السعيد على عدم السماح لابن الرشيد بالتحرك ضد السعودية، ودفع لعبد الاله ثمانية ملايين جنيه استرليني (كثمن للعرش الهاشمي في الحجاز بحيث لا يكرر الحكم الهاشمي في العراق المطالبة بعرشه في الحجاز الذي وهبه الانكليز للعائلة السعودية)!… وقد نشرت الصحف العراقية هذا القول اثناء زيارة سعود بن عبد العزيز آل سعود لبغداد عام 1947…. لذلك نكرر أن مصدر خوف السعودية من العراق على مر السنين خشيتها أن يسمح لاحرار الجزيرة بالانطلاق من أرضه لتحرير الجزيرة، مما يجعل السعودية توافق دائما على مقررات أي مؤتمر يعقد في العراق مع أنها لا تنفذ منها شيئا. لقد بقي العراق على مر السنين ومختلف الحكومات (الخطر) الذي تتفادى السعودية خطورته عليها، فمعظم الحكومات الملكية والجمهورية التي مرت بالعراق كانت السعودية تحرص على عدم اغضابها، وتشتري من يبيع: إذ اشترت السعودية العديد من أفراد وشيوخ القبائل الذين سبق لهم أن نزحوا من الجزيرة العربية!… حتّى ان بعض الافراد ومشايخ القبائل الذين لم تكن تدفع لهم السعودية أيّ شئ حينما كانوا يحملون جنسيتها في قلب الجزيرة العربية: اخذت تدفع لهم حينما خرجوا إلى العراق واتصلوا بالسعودية من العراق يساومونها على دفع مرتبات لهم، فدفعت لهم السعودية المرتبات خشية منها ان يقف هذا "المساوم" ضدها رغم تفاهته!… وحتى الملك عبد الله ملك الاردن ـ جد الملك الحالي حسين ـ ساومته السعودية ودفعت له لكنه بقي يكره الحكم السعودي وبقي يعد معظم جنوده ورجاله من الهاربين معه للاردن من وجه السعودية يعدهم (بالعودة للحجاز لتخليصه من السعودية) الا ان عبد الله كان يعلل اللاجئين عنده في كل مرة يلحون عليه بجعل الاردن منطلقا لتحرير الحجاز بقوله: (ان الانكليز لم يقبلوا اطلاقا بالتعرض لصديقهم الأول في المنطقة، ولا اعلم ماذا وجد الانكليز بهذا الهمجي أكثر مما وجدوه فينا)!… ولقد خرجت إشاعة تقول: ان عبد العزيز آل سعود كان وراء التحريض على اغتيال الملك عبد الله في المسجد الاقصى في القدس وان عبد العزيز دفع مبالغ لبعض شخصيات فلسطينية وأردنية لاغتيال عبد الله لا ـ لوطنية ـ من عبد العزيز آل سعود، انّما لكي لا يبقى عبد الله أو غيره مصدر خطر أو شبه خطر عليه يزاحمه العمالة للاستعمار، اما عن "عشّو" الذي اغتال الملك عبد الله فلم يكن دافعه الا الوطنية وهو واحد من تلك الجماهير العربية التي طربت لمقتل الملك عبد الله صاحب الجرائم التي وان كثرت الا انها اقل بكثير من جرائم العرش السعودي واكثر بكثير مما ارتكبه السادات عميل السعودية التي كانت السعودية محرضه واضحة… ان عبد الله ـ ملك الاردن السابق ـ وان التقى مع السعودية في خيانة فلسطين نزولا على رغبة الاستعمار البريطاني الا انّه لم ينس قتل السعوديين لـ (40.000) من جنوده في مجزرة (تربة) في الحجاز ولم ينس سلب السعوديين لعرشه في الحجاز، وكان يواعد الهاربين إليه في الاردن دائما "بالعودة" لتخليص الحجاز من السعوديين… لكنه كان يقول أيضاً: (ان الانكليز سيحرموننا حتّى من عرشنا في الاردن في حال تحركنا ضد السعوديين!) وكان الملك عبد الله كغيره من الهاشميين الذين لم يتركوا فرصة الا اظهروا فيها كرههم للاحتلال السعودي رغم كبح الانكليز لمواقفهم تجاه آل سعود، لكن الانكليز عسفوهم ـ أي ـ روّضوهم وأهملوا اللاجئين من أبناء الحجاز وحائل وشمر الهاربين من بطش آل سعود والذين كانوا يأملون وهماً بعودتهم لتحرير الحجاز وحائل ونجد من براثن الاحتلال، ففي الاردن وفي الجيش الاردني بالذات وسوريا حينما كان يحكمها فيصل الشريف وفي العراق اكثر من ثلاثة ملاين من ابناء الجزيرة العربية حضرها والبادية… وجميع هؤلاء لا يخفون كرههم للسعودية الاّ انّه كره سطحي ف نفوس معظمهم، لكنه كره على أية حال، ففي عام 1953 حينما استشهد النقيب عبد الرحمن الشمراني برصاص حكم الاحتلال السعودي اقيمت صلاة الغائب في مساجد الاردن والعراق على روح الشهيد الشمراني نكاية بالحكم السعودي. ومع أننا ضد الحكم الملكي هاشميه وسعوديه، لكننا نشهد للهاشميين… بعدم تعاونهم مع السعوديين إلى حد تسليم ضيوفهم واللاجئين والمعارضين للسعودية مثلما فعل الملك الاخير حسين بن طلال وعائلته الموجودة. حيث بلغت بهم روح التعاون مع خصوم اهلهم آل سعود ان قاموا بتسليم عدد من ضباط القوات السعودية الاحرار ومنهم سعود المعمّر… عام 1969، فأرسلت هذه البرقية يومها من دمشق: برقية: الاردن عمان الملك حسين (قام الملحق العسكري السعودي عبد الله الخزي ـ والبلاّع ـ يعاونهما البوليس الاردني والمخابرات باعتقال الملحق العسكري في اليابان سعود المعمّر اثناء زيارته لعائلته بعمان وعندما اتصلت زوجته بمدير الشرطة اخبرها بكل وقاحة ان هذا جرى بمعرفتنا!. وفي هذا العمل منتهى التحقير للاردن ووصمة عار في جبين حكمكم، فليست هي اول مرة يختطف حكم العمالة السعودي المواطنين بمعاونة سلطاتكم لمجرد معارضتهم الخيانة السعودية وكأنّ الاردن ضاحية من ضواحي الرياض. نحن لم نطردكم من الحجاز بل الحكم السعودي الذي تتعاون سلطاتكم معه قد طردكم. باسم شعبنا نستنكر هذه الجريمة. عن اتحاد شعب الجزيرة العربية ناصر السعيد 25/9/1969 صور لرئيس الوزراء صورة لرئيس النواب صورة لسليمان النابلسي الرئيس السابق لمجلس الوزراء في جلسة مصالحة: الملك عبد العزيز آل سعود والملك فيصل بن الحسين ـ يتوسطان أعضاء مكتب المخابرات الانكليزي "المكتب الهندي"… الذين خلعوا الهاشميين وعيّنوا السعوديين وأصلحوا بينهم!…. المنصوب والمخلوع الملك عبد العزيز والملك عبد الله يتصافحان! والملك علي بن الحسين آخر الملوك الهاشميين في الحجاز ملوك عينهم اليهود وملوك خلعوهم ومنحوهم عروش بدل ضائعة… ولم تمض خمس سنوات على سنة 1925 ومذابحها السعودية للحجازيين وخلع اليهود الملك "هاشمي" وتعيين ملك يهودي في الحجاز حتّى صالحوا بينهم في عام 30 ـ بعد أن عوضوا أولاد الحسين "الرافض" بعروض في الاردن السورية وفي دمشق والعراق، تناسى الجميع أرواح /75000/ ذبحهم آل سعود منهم جيش "الشريف عبد الله" بكامله، في تربة والخرمة والطائف ومكة وجدة ومناطق شمال الحجاز.. وكل ما في الامر صدور بيان رسمي من مكتب المخابرات الصهيوني الانكليزي "المكتب الهندي " يبرر وجهة نظره في هذه المذابح الذي توّجها بتعيين عبد العزيز ملكا يقول: (لقد تم اختيار عبد العزيز ملكا نظرا لطهارة فرجه) أجل.. ربما … وربما تم ذلك بعد فحص دقيق لفروج الهاشميين فوجدوها أقل رطوبة وقملا من فروج آل سعود… عودة للحديث عن ثورة ابن رفادة منح الانكليز الحجاز لآل سعود بنفس الطريقة التي منح بها الانكليز فلسطين لليهود تماما لكن ثوار شعبنا لم يستسلموا، ومن هؤلاء الثوار: الشيخ حامد بن سالم بن رفادة شيخ قبيلة بلي ـ من سكان الشمال العربي للحجاز ـ لم يستسلم لحكم الطغيان السعودي الرجعي خليقة الاستعمار، وصنيعته، فبقي ان رفادة في الحجاز يحرض قبلته وغيرها "للثورة على هذه الذلة والعار السعودي الاستعماري الملطوخ في جبين العرب"، وفي عام 1347 هـ قام بثورة في (الوجه) فاحبطتها الاسرة السعودية وقتلت اكثر من 2000 ثائر معه، فهرب إلى مصر، واتخذ له مسكنا بحي شبرا بالقاهرة، وظل مقيما فيها حتّى غادرها للقيام بحركة ثورية أخرى سنة 1351 هـ. وهكذا يتضح ان الشيخ حامد بن رفادة لم يذهب إلى مصر لاجئاً سياسياً متناسياً بلاده بل بدأ يعد العدة من مصر (وفي عهد الملكية المصرية أيضاً) لاستعادة بلاده، فأخذ يتصل بالبدو، آملا في النهوض بثورة من جديد حتّى استطاع ان يجمع بضع مئات من قبيلته بل وقبيلة الحويطات فمشى بمن معه من البدو إلى "النصب" بين السويس والطور وابقاهم فيه ورجع إلى القاهرة لتصفية اعماله فيها… وفي أوائل المحرم سنة 1351 هـ ، سار إلى النصب واجتمع برفاقه وسار منه إلى "الخضر" ثم إلى "درب الزلفة" ثم سلك الطريق الساحلي بين البحر والجبال حتّى وصل "طابة" أخر نقطة الحدود المصرية، ورأى جنود المخفر المصريين الوثائق الرسمية التي استخرجها له ولرجاله أحد أعوانه بالسويس وهو محمد رشيد فتوح الكبير، ونزلوا قرب العقبة، ودخلها ابن رفادة ورفاقه لقضاء بعض حوائجهم ثم غادروها إلى "الشريح" ولبثوا بها أياما وهي تبعد عن العقبة أربع ساعات. وفي صباح الرابع عشر من المحرم 1351 هـ. بلّغت المفوضية البريطانية بجدة عميلها عبد العزيز بن سعود ( ان حامداً بن رفادة خرج من أراضي سيناء ومر بشمال العقبة مع بدو يتراوح عددهم بين 400 ـ 450 ودخلوا الاراضي الحجازية)!. وأهتم العميل عبد العزيز "ودولته" واستنجد ببريطانيا لمساعدته وسيرت بريطانيا قوة برية بالسيارات وقوة بحرية إلى (ضبا) كما أمرت قوى "الهِجَر" ـ ممن اخذوا يدينون بالدين السعودي القائم على العملة والعمالة ـ ان تسير إلى الشمال، وبعثت سرية من خدم ابن السعود ـ التابعين لطاغية حائل عبد العزيز بن مساعد الجلوي ـ بقيادة سلمان بن دوخي لمرافقة هذه القوات إلى الحدود والانتظار هنالك حتّى تتلقى امراً من ابن السعود بالعمل… وزاد في جنون الحكم السعودي الرجعي حينما نشرت الصحف في مصر بلاغاً من ابن رفادة اعلن فيه: البلاغ الأول للثورة (لقد احتلت قواتنا "الخريبة" وحاصرنا "المويلح " واسرنا اربعة من الضباط الانكليز وعددا من الجنود السعوديين من خفر السواحل، وحاصرنا "ضبا" وسيرنا قوة إلى "الوجه" وأخرى إلى "ينبع")… وانتشرت هذه الاخبار في الاقطار العربية بواسطة انصار الثورة من الحجازيين والنجديين المقيمين في مصر وسوريا… واصدرت السفارة البريطانية بجدة ومصر بيانا موحدا جاء فيه: (أن بريطانيا العظمى مهتمة بدحر هذه الفتنة وحماية صديقها ابن السعود)… واعلنت برطانيا (انها أغلقت في وجه الثوار ابواب الحدود المصرية العراقية الاردنية الفلسطينية ومنعت دخول الارزاق والاسلحة والمهمات الحربية اليهم عن طريق شرقي الاردن إلى الحجاز، وبعثت دوريات إلى وادي عربة لمراقبة الحدود ووقف كل من يشتبه فيه، وأرسلت باخرة حربية إلى العقبة لمساعدة المندوب السامي بها حتّى يستطيع التضييق على ابن رفادة وقطع يد من يريد عونه من المصريين أو غيرهم)!.. هكذا… كما نشر اللفتنانت جنرال السير ارثر جر نيفيل لوب المندوب السامي بشرق الاردن بلاغا رسميا يتضمن قوله: (انّه منع كل المساعدات سواء من شرق الاردن أو من طريقها عمن يناوئ الحكومة السعودية المحبوبة، وانه امر القوات البريطانية باتخاذ جميع الاجراءات لمساعدة جيش ابن السعود الصديق الأول العزيز). بل ان الانكليز أمروا العميل الجديد الذي نقلته بريطانيا من الحجاز ووظفت ابن السعود مكانه الامير عبد الله بن الحسين أمير شرق الاردن باصدار ذلك البلاغ المشابه لبلاغ المندوب السامي والذي كتبه المندوب السامي وزاد عليه باسم الامير عبد الله قائلا: (بانه منع كل شخص من الاقتراب من الحدود) وعين البلاغ اسماء الاماكن (وانذار بأن من خاطر بنفسه فسيطلق عليه البوليس النار)!… حملة انكليزية اعلامية خدمة للعبد العزيز! واتهم عبد العزيز ابن السعود بعض اهل الحجاز ومكة بأن لهم يدأ في تدبير الثورة. وكعادته رأى أن يوقع الفتنة بين القبائل فتضرب بعضها بعضا فبعث بمجموعات من قبائل (حرب ـ وجهينة) ـ والاخيرة حليفة لقبيلة (بلي) على مر السنين ـ بل وارغم عدداً من قبيلة ـ بلي ـ يرأسها الشيخ الثائر حامد بن رفادة لمقاومة حامد نفسه بقيادة ابن عمه الشيخ إبراهيم بن سليمان "باشا!" بن رفادة وأصدر عبد العزيز آل سعود بيانا على لسان هذا الشيخ (الأمّي) إبراهيم، المعّين من السعودية يقول فيه: (انا إبراهيم بن سليمان باشا ابن رفادة استهجن حركة حامد بن رفادة الاعور الثائر المجنون الملعون وتتبرأ قبيلتنا من عمله وتطلب أن تنتدب لقتاله)!… كما أعلن ابن السعود بيانا على لسان بعض الحجازيين "باسم اهل الحجاز جميعا!.." زاعما انهم "يتبرأون من ابن رفادة وثورته!…" ونصح المستشار جون فيلبي عميله الجلاد عبد العزيز بن السعود إنه إذا يحرص على ابادة ابن رفادة ومن معه فعليه التكتم في أمور التجهيز، وهكذا بعثوا الجيوش من عديد من النقاط للاحداق بالثوار كي لا يفر أحد منهم، واستنفرت بريطانيا جنودها في الاردن والعراق ومصر، واراد الانكليز الذين يخططون للعملاء آل سعود أن يطمئنوا الثوار ليتمكنوا من البطش بهم، فأوعزوا إلى رجال من قبيلة جهينة وبلي أن يكتبوا إلى الثائر ابن رفادة "بانهم معه ويطلبون إليه ان يتقدم اليهم" استدراجاً له، فخدع "الثائر" ومشى من الشريح إلى الحقل فالى البدع فالخريبة فشريم، وارسلت بريطانيا بعديد من الاسلحة والقوات متجهة من الاردن إلى مناطق الثوار في شمال غرب الحجاز (معززة عميلها القوي عبد العزيز)، والذي زاد من جنون الانكليز وعميلهم عبد العزيز آل سعود ان القبائل الحجازية الساخطة اخذت تتدفق بكثرة وتنضم لهذا الثائر، واخذت الصحف السورية القومية والصحف المصرية تنشر كثيرا عن ثورته، وازداد قلق السعودية وأذنابها في البلاد العربية، ونشرت السعودية عدداً من البيانات (تعلن عن الجوائز لمن يقتله)!. ولكن… وبينما هذا الثائر حامد بن رفادة يتمركز في (شريم) تكاملت القوات السعودية في "ضبا" وحواليها وشعر بها ابن رفادة فتراجع إلى "وادي تريم" ووصل ابن سعود ـ عن طريق المخابرات الانكليزية ـ ان ابن رفادة يريد الفرار، فاصدر امره (برقياً) إلى قواده بان يسرعوا في المسير خلفه ويطوقوه وألاّ يتركوا احداً منهم يسلك طريق النجاة، وأعلمهم الانكليز بالخطة ليسيروا عليها، فوزع القواد والجنود في الطرق المفضية إلى حقل والبدع والخريبة وشريم ليكمل العميل السعودي التطويق ضمن خطة رسمها جون فيلبي، واخذت القوة الباقية في الركض خلف الثائر ومعها عدد من قصاص الأثر لتتبع آثاره فوجدته، قد انتقل من وادي تريم وعرفت انّه سلك إلى جبر شار. فأخذت السيارات البريطانية المسلحة وعليها الجنود والمدافع تتجه إلى جبل شار. سقوط الثائر وقطع رأسه وتعليقه! وفي ظهر يوم السبت 26 ربيع الأول سنة 1351 هـ ادركت هذه القوة أبن رفادة ومن معه من الثوار يستعدون للرحيل، فاحدقت بهم وهاجمتهم هجوما قاسياً عنيفاً قاومهم فيه ابن رفادة وثواره من الصباح حتّى المغرب رغم ضعف وسائل دفاعه وغزارة اسلحة الخونة السعوديين والانكليز، وسقط الثائر حامد ابن سالم رفادة شهيدا كما استشهد ابناه (فالحاً وحمّاداً) وسليمان بن أحمد أبا طقيقة، ومحمد بن عبد الرحيم أبا طقيقة، ومسعود الدباغ، وأحد الشرفاء، وانجلت المجزرة السعودية عن 350 قتيلا منهم الانفة أسمائهم.. وهنالك تجلت وحشية السعوديين عملاء الاستعمار… فلقد أوصى عبد العزيز بأخذ الرأس ـ رأس ابن رفادة ـ مفصولاً عن جسده إلى (ضبا) بلدة الثائر، ثم علقه في سوقها، واخذ جسد هذا الثائر إلى مكة والرياض ليعرض هناك ليشهد الشعب مصرع هذا الثائر، وكانت السعودية قد نشرت في جريدة ( أم القرى) وبعض الصحف السورية: (ان راس ابن رفادة ورفاقه قد رميت في الشوارع ليلعب بها الاطفال قبل تعليقها، وكما قتلت السعودية 3700 ممن اتهموا بالموالاة للثورة واعتقلت أكثر من 7000 من المدنيين وقبائل الحجاز)، واستطاعت قوات البغي والباطل اخماد ثورة الحق سنوات كما اخمدت غيرها… اما السبب الرئيسي لاخماد هذه الثورة وغيرها رغم توافر الاماكن الحصينة الجبلية التي انطلقوا منها فهو كما يلي: 1) ـ عدم تمكن هؤلاء الثوار من اللجوء لحرب العصابات التي لا تعتمد مكانا واحدا لتجمّع كل القوات في مكان واحد فتصبح كمن يجمع البيض في سلة واحدة كما يقول المثل!… 2) ـ الظروف العربية السيئة وغير الثورية المحيطة ببلادنا من كافة جهاتها والتي لم تمد ثوارنا بالعون بل وتخدم العدو ارجعي والاستعمار، وإذا أردنا مقارنة تلك الاوضاع السيئة في البلاد العربية التي كانت تخدم العدو السعودي بالأوضاع الحاضرة التي ما تزال تخدم العدو السعودي وغيره فاننا لا نلوم ثوارنا قبل 50 سنة على فشل ثوراتهم البطولية التي لا تعتمد الا على سواعدهم الشجاعة فقط ونفسياتهم المؤمنة دون اللجوء إلى هذه الدول العربية المتعاملة مع عملاء الاستعمار والصهيونية حكام العائلة السعودية… فتحيّة لذكرى الثائر حامد بن رفادة ورفاقه آلاف الشهداء الابرار… والفناء لكل عملاء السعودية. ماذا قال جون فيلبي… قبل أن يمسخ الجزيرة العربية باسم العائلة السعودية؟ كانت الصدور العربية ـ في بداية القرن العشرين ـ تلتهب ثورة ضد الاحتلال العثماني، وتجيش حبا وحماسة لتوحيد البلاد العربية كلها في دولة عربية واحدة، بالرغم من كونها موحدة تحت الحكم العثماني.. ولإخماد هذه الثورة الوحدوية تحرك اليهود الذين كانت لهم كامل السيطرة على كافة المرافق البريطانية ـ وفي مقدمتها المخابرات البريطانية ـ وأخرجوا عبد العزيز آل سعود من الكويت ـ المنبوذ فيه من شعبنا ـ وبذل يهود الانكليز باسم عبد العزيز ـ كافة امكانياتهم ـ لاجهاض ثورة الوحدة، فأهلكوا الملايين من شعبنا وشردوا الملايين، واقتطعوا الجزيرة العربية من الوطن العربي بحجة توحيدها!… كما اقتطعوا فلسطين، وانشأوا بجوارها دويلات عربية هزيلة عازلة حامية لليهود وكيانهم في فلسطين… فأطلق يهود الانكليز على جزيرة العرب اسم (العائلة السعودية)… واطلق يهود الانكليز على فلسطين اسم (إسرائيل) وكان لبرسي كوكس، وجون فيلبي دورهما في كلا التسميتين تسمية الجزيرة العربية باسم السعودية، وتسمية فلسطين باسم إسرائيل.. فما الذي قاله جون فيلبي حول التسمية السعودية؟: (ان احسن تسمية لقطع الطريق على هؤلاء الذين لا زالوا يحلمون بالوحدة العربية هو ازالة اسم الحجاز ونجد والجزيرة العربية باسم "العائلة السعودية" ومن أجل ذلك لابد من جمع بعض الوجهاء، على أن يتم اجتماعهم في مكة لاضفاء صفة القداسة على التسمية الجديدة فيفتي الوجهاء بهذه التسمية قائلين انها من عندهم… لا من عند الانكليز… بل ويفتي الجميع قائلين: ان هذه هي الوحدة العربية البديلة لتلك الوحدة التي جاهد من أجلها العرب)!… وبناء على اقتراح جون فيلبي جمعوا "اقطاب البلاد!" في مكة وعلى رأسهم يوسف يس "المستشار السعودي المرتزق" وأوحى جون فيلبي لشخص انّه فؤاد شاكر (أن يقترح تسمية الجزيرة العربية باسم المملكة السعودية) فأقر الحضور رأيه!.. يا سلام!… وأستقر رأي الجميع على ذلك "رغبة في الوحدة العربيّة التي ينشدونها!"… كما زعموا… والوحدة العربية بزعمهم: ان تسمّى الجزيرة العربية باسم العائلة السعودية!… وتبعهم بعد ذلك عدد من العملاء في جميع انحاء الجزيرة العربية فأعلنوا عن "مقصدهم النبيل!.." كما زعموا أيضاً، واحضروا المرتزقة من كل بلدة إلى الاجتماع (وضم اصواتهم إلى صوت "مكة" شرفها الله)!.. كما قالوا… وبطريقة تمثيلية زعموا انهم كتبوا إلى ابن سعود، وزعموا انّه (قال انّه لا يعرف شيئا عن هذا الاجتماع الذي مثّلا رغبة "الامة" التي فداها عبد العزيز بروحه "!" وماله "!" وأبنائه وأعز الناس عليه "!" والتي أرادت الان أن تظهر أمام العالم بمظهر "الوحدة" الجميل "!"، فلا يكون للمسميات الجغرافية والحدود الاقليمية أثرها الذي لا يتفق مع الوحدة العربية المنشودة و لا يعبر عن الحقيقة ولا عن روابط افراد الامة المتضامنين الملتفين حول زعيمهم الاكبر العظيم عبد العزيز ابن سعود)!… هكذا قال العملاء حرفياً في محضر جلستهم التمثيلية السعودية التي رتب جون فيلبي قصتها لتزييف الوحدة العربية باسم الانفصال السعودي وتمليك جزيرة العرب لعائلة يهودية فاسدة، ونشروا ذلك في جريدة "ام القرى" في واحدة من رسائلهم بعد ان جمعهم ابن السعود في مكة وتبعهم بقية العملاء والمستعملين في انحاء المناطق الاخرى… وقد ورد في اقوال يوسف يس واحمد العطار وغيرهما من العملاء ما يلي: عن اليوم الملعون (وطارت "البرقيات" من كبراء البلاد ومن افراد الامة ومن البلدان والقرى، ومن الحواضر والبوادي إلى الملك الكريم فأجابهم إلى ما طلبوا وأصدر مرسوما ملكيا برقم 2716 في 17 جمادى الاولى سنة 1351 /18 من سبتمبر 1932 م أمر فيه بتحويل اسم المملكة القديم، إلى هذا الاسم الجديد الرائع القوي: "المملكة السعودية" ابتداء من يوم الخميس 21 جمادي الاولى سنة 1351 هـ الموافق 24 سبتمبر 1932 م)… هكذا وصف العملاء هذا الحديث المخزي وجعلوا من هذا اليوم المشؤوم عيداً قومياً للمهلكة السعودية، في الجزيرة العربية… ويزعم عبد الغفور العطار: (ان الناس استبشروا بهذا اليوم باقامة المهرجانات استقبالا ليوم الخميس لتعبّر فيه "الامة" عن سرورها بهذا اليوم التاريخي"!" المجيد الذي نالت فيه رغبتها وظهرت بمظهر "الوحدة" امام الامم الاخرى) أخرى… وخطب الخطباء وكتب الكاتبون ونظم الشعراء الاجراء حتّى انقلبت المهلكة إلى حانة في "كرخانة" تضيق رحابها بالهتاف والسفاف والتطبيل والرقص والتصفيق والنهيق على جثث الملايين المذبوحة لينساها الاحياء في هذا اليوم الملعون المشؤوم الذميم… يوم المسخ… مسخ الجزيرة العربية… باسم "المملكة السعودية" وشعبها باسم "الشعب السعودي"! النهيق الاكبر في مكة! وبدأ التهريج الاكبر بمكة بكلمة للامير فيصل بن عبد العزيز بقوله: (لا استطيع ان اعبر لكم عما يخالجني من السرور في هذا اليوم الذي مّن الله به على هذه "الامة" العربية المسلمة بتوحيدها ضمن مملكة واحدة وملك واحد بيده كل شئ "!" ان جلالة الملك عبد العزيز يشكر لكم هذه الغيرة التي أبديتموها والاخلاص الذي أظهرتموه، وقد تفضل جلالة مولاي نزولا على رأي "الامة" فأصدر أمره الكريم بالموافقة على رغباتكم فأطلق على هذه البلاد اسم: المملكة السعودية تخليدا لفضله عليها وعلينا أجمعين!).. ياله من عار!. وما خلص فيصل المأفون من "اطلاقاته" لهذه الجعاميص الكلامية حتّى اطلقت المدافع طلقاتها ابتهاجا بيوم المسخ التاريخي لعروبة الجزيرة العربية… ولم يقتصر جون فيلبي على هذا التزييف بل أصدر بيانا باسم البلاد يقول فيه بتعيين الامير سعود ولياً للعهد، جاء فيه تزييف آخر يقول: (ورأى ابناء هذه "المملكة المتحدة" الفتية ان يخطو الخطوة الثانية في سبيل السلام والامن وتثبيت قواعد الحكم الذي ارتضوه عن طيبة خاطر!. فاجتمعوا وفكروا فيمن يخلف الملك ـ بعد عمره الطويل ان شاء الله "!!" ـ وبحثوا الامر بحثاً بعيدا عن الهوى "!" والغرض لئلا يكون ثمة مجال للعبث والفساد والتناحر من أجل العرش"!!" فرأوا أن "سعودا" هو أكبر أبناء الملك، وهو ملتقى لخير الخلائق"!" العربية الآصيلة واكرم الصفات النبيلة التي يجب ان تكون فيمن يبايع بالولاية، بل ثبتت عدالته ومؤهلاته ثبوتا شرعيا"!" فهو أخزى أن يبايع بولاية العهد!!)… هكذا التزييف وإلا فلا… فأسرع مجلسا الوكلاء والشورى، ورئاسة القضاة، والمحاكم، إلى الاجتماع بدعوة من جون فيلبي "للبحث" في ولاية العهد وانتهوا من "البحث" في يوم الخميس 16 محرم سنة 1352 (11 مايو 1933 م) وأعلنوا زاعمين انهم (رفعوا إلى جلالة الملك قرارهم التاريخي ببيعة "سمو الامير سعود" بولاية العهد وتعليقها بأعناقهم وادانتهم بها امام الله وامام الناس والتاريخ فأجابهم إلى ذلك!) ثم اعلن زيفا وكذبا انّه: (اجتمع كل سكان هذه المملكة الفتية على بيعة الامير سعود وليا للعهد) فبعث اليهم جون فيلبي باسم "سعود" ببرقية يقول لهم فيها: "اني اتقدم إلى شعب مملكتنا العربية السعودية بالشكر لها لاجماع كلمتها على مبايعتي بولاية العهد. واني أعاهد الله على أنني سأقوم بما أوجبه علي من العدل والنصح لهم ولولايتهم ظاهراً وباطنا"!!… وكما هي العادة أقيمت الحفلات على حساب الملك الخاص!. في كل قصور الجزيرة الممسوخة "بمملكة سعادين" اعلانا للبيعة وزيفت برقيات تأييد إلى الملك والى ولي عهده "ابتهاجا" من جديد بهذا الحدث المجيد الذي ضمن النظام والهدوء والسلام في الحاضر والمستقبل من ناحية وراثه العرش وقطع كل ما كان وقوعه في المستقبل"! وقد جاء ذلك في برقة على لسان امير حائل السابق عبد العزيز بن مساعد الجلاء… الذي لا يعرف حتّى الحكي، بل لا يعرف من الدنيا إلاّ النكاح والبطش والسرقة المفضوحة… ولما تمت (الهيصة) وتم التزييف في مكة وبقية المدن ابرق الملك لولي عهده في 18 محرم 1352 هـ يقول محاولاً ايهام الناس بأن الذي اعز الحكم السعودي هو الله.. وليس الانكليز: وصيّة "لقمان" لابنه!! (الأبن سعود: ارجو الله ان يوفقك للخير، وافهم اننا نحن الناس جميعا لا نعز احداً ولا نذل احداً، وانما المعز والمذل هو سبحانه وتعالى… الله… من التجأ إليه نجا ومن اعز بغيره هلك. موقفك اليوم غير موقفك بالامس. ويجب ان تعقد نيتك على ان تقف حياتك لاعلاء كلمة التوحيد ونصر الدين وعبادة الله وحدة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر… وعلى ان تجد وتجتهد في النظر في شؤون من ولاك الله امرهم بالنصح سراً وعلانية، والعدل بين المحب والمبغض، والقيام بخدمة الشريعة خدمة صادقة فلا تأخذك في الله لومة لائم، ولا يجب عليك النظر في أمر المسلمين عامة وأفراد أسرتك خاصة… واجعل كبيرهم والدا وأوسطهم أخا وصغيرهم ولداً، وهن نفسك لرضاهم وامح زلتهم، واقل عثرتهم، وانصح لهم واقض حوائجهم، بقدر امكانك، فإذا فهمت وصيتي هذه ولازمت الصدق والاخلاص في العمل فابشر بالخير والجنة، واوصيك بعلماء المسلمين خيراً، واحفظ الله يحفظك..)! كانت هذه هي برقية فيلبي بلسان عبد العزيز… من هو إله آل سعود؟ والمشكلة هنا هي في المعنى الحقيقي ـ لله ـ الذي يقصدون!.. وكذلك في توهّم السذج من العرب الزاعمين ان (إله) آل سعود هو "الرحمن الرحيم" علما ان الاكثريه من شعبنا تعرف جيداً ان إله آل سعود المقصود ما هو الا ربهم الامريكاني الانكليزي الذي قرر الطغاة باسمه مسخ حقوق الإنسان العربي واستبدال اسم ـ موطن العرب الأول ـ باسم عائلتهم التي استبدلوا اسمها "آل مردخاي" باسم "آل سعود" تمشيا مع واقع الاسماء النجدية الشائعة، واسلموا إمعانا في تخريب الإسلام وخدمة بني صهيون... أساليب سيطرة اليهود على الجزيرة البريطانية متشابهة وأساليب سيطرة "يهود آل سعود وآل عبد الوهاب " على الجزيرة العربية وكذلك سيطرة اليهود على فلسطين ويحدثنا مؤلف الكتاب المقدس الجديد للشعوب المغلوبة "هيبس" في كتابه عن التاريخ القديم للسيطرة اليهودية على بريطانيا، حينما قام اليهود في بريطانيا بانشاء جمعية تسمي نفسها: "جمعية الانسانيين!" وهي جمعية متحيزة لليهود، ولكي تجد لها وسيلة للعطف عليها، تسمّت بهذا الاسم، واوحت للملك هنري الثامن ان يطرد بعض اليهود من بريطانيا عام 1290 مع ذلك فقد وقف اليهود إلى جانب الملك في حملته التي اوصى بها اليهود أنفسهم ضد الكنائس المسيحية!، وكانت الاصابع اليهودية واضحة جلية خلف حملة الملك ضد الكنائس، لان الاشخاص الذين اعتمدهم هنري الثامن لقيادة الحملة على الكنيسة كانوا من مجهولي الاصل والمنبت والمشكوك في قوميتهم أمثال توماس كرومويل T. Cromwell تاجر الصوف المغبون الذي كانت جميع الدلائل تشير إلى أنه يهودي الاصل رغم ادعائه بأنه انكليزي، والذي كلفه هنري الثامن بقيادة الحملة ضد الكنيسة لما اشتهر به من تعصب لليهود، وكان كرومويل عند حسن ظن الملك. فطغى في البلاد وأحرق الكنائس وقتل الرهبان دون رحمة أو شفقة حتّى استحق عن جدارة لقب جزار الخراف الحقير ويلاحظ من ذلك أن التأثير اليهودي في بريطانيا كان قويا منذ البداية. ومن غرائب الصدق التي تجعل المراقب التاريخي لا يستبعد نظرية احتمال انتساب توماس كروميل إلى اليهودية، هو ظهور سمي له (بعد قرن من الزمن يتميز مثله بغموض الاصل) على مسرح السياسة البريطانية، وهو النائب اوليفير كرومويل Oliver Cromwell الذي اشتهر بين أترابه بالميل والانطواء على النفس. بزغ نجمه فجأة وقاد ثورة المجلس ضد الملك Charles 1 er وخلعه عن العرش ثم ثار مجدداً على رأس الجيش ضد المجلس واعلن قيام الحكم الجمهوري، بعد ان زعم ان يهوه اوحى له بذلك باعتباره رسولاً اوفده لينقذ الشعب البريطاني من الخطيئة. وكان يتشبه بالقاضي اليهودي جدعون (Gedeon) ويلقب جنوده بجنود يهوه، ويستمد نظرياته من تعاليم التوراة والتلمود، وينادي في المناسبات العامة بحرية الدين بينما يتعصب ضمنا لتعاليم التوراة وينكل بمن يناوئها، كما اشتهر باحتقاره للاناجيل واتباعها، والاعتماد فقط على البوريتان (Puritains ) أصحاب التوراة. وهو الذي اصدر امراً بعودة جميع اليهود إلى بريطانيا ومنحهم جميع الحقوق التي كانت ممنوحة للبوريتان (الطبعة المختارة) وادعى النبوة وقال انّه خليفة النبي حزقيال، وانه مخمور بحب يهوه مثله، ونفى أن يكون إله الاناجيل إلها صادقا، ومنع البوريتان من الاعتراف به، وامرهم بأن لا يعترفوا أيضاً بالمسيح، وان لا يحترموا سوى يهوه اله الجنود. ثم اصدر قانوناً حرم بموجبه العمل على المسيحيين أيام السب وأرغمهم على قراءة التوراة طيلة أيام الاحد!. والغى جميع الطقوس الدينية المسيحية وحرم على الناس دخول الكنائس، وقتل كل من دخلها وجرب اقامة مجلس كهنوتي أعلى على غرار المجلس اليهودي Sanhedirn ليطبق شريعة التوراة الحرفية في البلاد ويجعل من بريطانيا دولة يهودية تامة، وكان يدّعي ان الرب اختار بريطانيا بدلا عن إسرائيل لتقوم بتحقيق الوعود التي وعدها لليهود وان بريطانيا هي الطريق إلى فلسطين، وكان طيلة ايام حكمه التي دامت حتّى عام 1660 يطبق في البلاد الشرائع اليهودية بحذافيرها، ولقد ذاقت البلاد ابان حكمه مّر العذاب إلى ان عاد النظام الملكي إليها من جديد، ليعطي الناس فترة من الراحة عاد بعدها اليهود إلى السيطرة على بريطانيا باساليب أخرى لكنها اكثر هيمنة!… ونتيجة التزاوج بين اليهود والامراء، ونظرا لما يقدمه اليهود من الجواري والمومسات والاموال والملذات لامراء بريطانيا ورجالها المسؤولين وبعد ان دخل قسم من اليهود في الدين المسيحي لغاية في انفسهم استطاعوا السيطرة على بريطانيا. وبدأوا بدعم كل من لديه ميولا يهودية أو من اصل يهودي في العالم. ومن أجل أن تقوم إسرائيل في فلسطين قام اليهود الذين سيطروا على المخابرات البريطانية باقامة عرش آل سعود في جزيرة العرب قالت الصحيفة الانكليزية الحرة Free Press نقلا عن الكتاب المقدس الجديد للشعوب المغلوبة على أمرها لمؤلفه هيبس (صحيفة 283): (بعد أن هيمنت الصهيونية المسماة بالغريت روسل ستريت Greet Russel Street على رئاسة الوزراء 10 Downing Street التي تشرف بدورها على المخابرات الانكليزية (Intelligence Serbvice) التي تعتبر أهم واقوى اجهزة الدولة (منذ عهد مؤسسها كرومويل اليهودي) والتي تتدخل حتّى في شؤون التاج البريطاني والكنائس لم يعد النفوذ اليهودي محصوراً في الاحزاب السياسية فحسب بل تعداها إلى السيطرة التامة على مقدرات الامة بأسرها، وهكذا أصبح اليهود في بلادنا فوق الجميع)!… ويقول: (ولقد رسّخ اليهود أقدامهم في جميع المرافق البريطانية واستعادوا نفوذهم في سوق المضاربات "البورصة" الذي مكنهم من السيطرة على مقدرات البلاد المالية، فاحتاجت اليهم الدولة والطبقة الارستوقراطية التي كانت أحداث عهد كرومويل الدامية هدت قواها وأستنزفت مواردها المالية، وسلبتها اكثر املاكها. فاضطرت في عهد شارل الثاني Charls 11 ان تستنجد باثرياء اليهود لتقترض منهم المال اللازم لها فتقربت اليهم تسترضيهم وتخطب ودهم، فلبى اليهود مطالبها مقابل فوائد خيالية أعجزت فيما بعد أكثر أفرادها من سداد ديونهم، فاضطر بعضهم للتخلي عن ممتلكاته لليهود وارغم البعض الاخر على تسوية ديونه بقبول مصاهرة اليهود والاندماج في مجتمعه، بعد أن كانوا يحتقرونهم، ويعزفون عن الاقتران ببناتهم اللواتي كان اليهود يسعون دائماً لتزويجهن من نبلاء الانكليز بغية تهويدهم عرقياً، بعد ان هودهم كرومويل فكرياً ودينياً… فلما وجدوا النبلاء المفلسين بحاجة اليهم استعملوا جميع وسائل الاغراء والتهديد ليرغموهم على الاقتران ببناتهم، فلم يسع النبلاء الا الرضوخ للامر الواقع، فكثر عدد النبلاء الذين تزوجوا من يهوديات، وهكذا دخلت اليهودية اعرق البيوت الانكليزية واصبحت الآمرة الناهية، وام اطفالها سادة مستقبلها!. وبفضل هذه المصاهرات مُنح بعض اليهود اضخم الالقاب، وحصل البعض الاخر عليها عن طريق رشوة الملوك والامراء، واختلطت الدماء اليهودية بدماء نبلاء الانكليز، وسيطروا على مقدرات هذه الطبقة حتّى لم يعد لها خلاص من نفوذهم إلى الابد. وفي هذا الصدد يحدثنا الكاتب الانكليزي الكبير هيللر بللوك ويقول: ان تهويد الانكليز وخاصة طبقة النبلاء منهم بلغ حداً استعصى معه التفريق بين النبيل الانكليزي واليهودي العادي حتّى انّه عندما يسافر احد النبلاء الانكليز إلى خارج البلاد، يظنه الناس يهوديا، لما في شكله، ومنظره من الطابع اليهودي الشهير المغاير لكل ما عرف عن شكر ومظهر النبيل الانكليزي العريق، ولهذا اصبح التفريق بينه وبين اليهودي مستحيلا. اما النبلاء الخالون من الدماء اليهودية فهم أندر وجوداً من العنقاء في القرن العشرين . ومما يحز في نفس الإنسان هو ان يسمع اليهود يتبجحون بهذا النصر الذي احرزوه على الانكليز ويفاخرون ببقائهم بمعزل من الاختلال بهم، مثل الوزير اليهودي ديزرائيلي (Disraeli) الذي فاخر بقوميته وكتب يقول: (ان أي شعب أو قوم لا يمكنه الحفاظ على تراثه ومناقبه الاصلية، وخصائصه القومية وتقاليده الاجتماعية والوطنية، الا إذا حافظ على دمائه نقية وظل بمنأى عن الاختلاط بالاقوام الاخرى. لان عناصر التفرق العرق تكمن في الدماء الخاصة النقية والميزات العرقية تنتقل إلى الاجيال عن طريق الوراثة وعندما تتعرض دماء الاجيال إلى الاختلاط بدماء غريبة، تفقد خصائص قومها وتجرد من مقوماتها المميزة لها عن سواها، والشعوب الاوروبية التي تلوثت دماء أجيالها بمختلف الدماء الغريبة فقدت كل اصالتها واضاعت ما كان لها من مميزات ولم يبق لها ما يفرقها عن سواها اما نحن اليهود الذين حافظنا على دمائنا من غير شائبة: وامتنعنا عن الاختلاط بالاخرين، ما زلنا نملك كل المقومات الخاصة بنا ولقد فقد آل سعود ومعظم اليهود أصالة دمهم النقي حينما تزاوجوا بأقوام اخرى، بالرغم من اسداءهم لليهودية خدمات لا تحصى)!. ويقول هيللر السعودية مع العلم أن ديزرائيلي كان يتظاهر باعتناق النصرانية، ويمثل الشعب البريطاني بصفته وزيرا في دولته، ومع ذلك يم يتورع عن التفاخر بأصله والتبجح "بقوميته" بكل لؤم وقحة، وليت تعصب ديزرائيلي ليهوديته وقف عند حد التبجح بها، ولكنه تعداه إلى فتح جميع أبواب الدولة البريطانية أمام أبناء قومه، حتّى احال الدوائر الحكومية إلى منطقة نفوذ يهودي، وكأن اليهود اصحاب البلاد الحقيقيين، بينما سد أبواب الرزق في وجه شباب الانكليز وحرمهم من حق العمل في الدولة ومع كل هذا، لم يجرؤ أحد على معارضته، لأن الطبقة الارستوقراطية المهوّدة كانت تناصره. وتخرس من ينتقد اعماله. وبفضل مؤازرة هذه الطبقة المهودة لديزرائيلي، وعدم اهتمامها بشؤون الدولة، سيطر اليهود على جميع مرافق الدولة البريطانية، واتسع نفوذهم، بينما انطوى البريطانيون على انفسهم واستكانوا للقدر المحتوم. في الربع الأول من القرن الثامن عشر أحدث اليهود أول محفل ماسوني في لندن، وأسندوا رئاسته للملك الانكليزي بالذات ليستغلوا نفوذه لتحقيق غاياتهم الخاصة . ويحدثنا السيد هيبيس عن نتائج قبول الملك لرعاية هذا المحفل ويقول: انّه منذ ذاك اليوم لم يعد بين رجالات بريطانيا السياسيين والبارزين من لم ينتسب لهذا المحفل، الذي يوجهه اليهود حسب أغراضهم وأهوائهم. وفيما يخص النفوذ اليهودي في بريطانيا يحدثنا الكاتب الشهير لامبولان Lambelin في مؤلفه المسمى (مملكة اليهود في بلاد الانكلوساكسون)، فيقول: لقد توصل اليهود عام 1922 إلى أن يكون لهم في بريطانيا 26 باروناً و6 فرسان Knights و 6 مستشارين لدى البلاط، و6 اعضاء في مجلس بلدية لندن، وهذا عدا عن المئات والالوف من الكتاب والادباء المشهورين واصحاب الشركات، ووكالات الانباء وأصحاب الصحف، أمثال جوزيفات بير Josephat beer مؤسس وكالة رويتر (Reuter) وسواء .. ويضيف قائلا ان ثلاثة من اليهود شغلوا مركز نائب الملك في الهند وحكموا تلك القارة الواسعة مدة ربع قرن، باسم الامة البريطانية، وهم ، مانتاكو M. Mantago وويليام ماير S.W. Mayer والكونت ريدنك Le Conte Reading ولقد لعب هؤلاء اليهود في هذا المكتب وفي بريطانيا دورهم المعروف في انشاء العرش السعودي وأوكلوا الامر للسير برسي كوكس أن يبذل كل امكانيات بريطانيا ونفوذها في المكتب الهندي لدعم ابن سعود. وفي نفس الموضوع يحدثنا السيد موريس بليو لوغ Maurice Pleologue في كتابه المسمى، على أبواب القضاء الاخير Aux Portes du Jugement dernier ويقول: أن الامير آلبير Prince Albert زوج الملكة فكتوريا وجدّ جميع أمراء بريطانيا كان ابنا غير شرعي لاحد اليهود، وان أمير الغال Prince des galles الذي أصبح فيما بعد ملكا على بريطانيا باسم ادوارد السابع Edouard VII كان يقترض الاموال الطائلة من أثرياء اليهود دون فائدة، ولا يردها لهم، بل يعدهم بتحقيق مأربهم عند اعتلاله العرش!.. ومها دعم الاسرة "السعودية"، ولما أصبح ملكا اضطر أن يفي لليهود بوعوده الكثيرة السابقة، كما منح أكثر دائنيه الالقاب الضخمة مثل اليهودي ليفي لوسون (Levy Lawson) الذي منح لقب لورد وأصبح يعرف باسم اللورد برونهام Burenham وأنعم أيضاً على اليهودي أرنست كاسل (E. Cassel) بلقب البالونية، وزوج ابنته لاحد اللوردات الانكليز ليقوي له مركزه السياسي، ثم عينه أمينا لشؤون البلاط المالية. ومنح اليهودي برسي كوكس لقب "السير" ووعده بتنفيذ كل اقتراح يبديه… وقد تفانى هذا الاخير في تبني "ابن سعود"… ولقد بلغ نفوذ اليهود في بريطانيا أوجه في عهد جورج الخامس الذي كان يعتمدهم في كل شؤونه، حتّى انّه كان يقول عن اليهودي مونتفيور Monte fiore بانه اعظم شخصية في امبراطوريته. ولقد تجّلى النفوذ اليهويد قبيل الحرب العالمية الاولى، إذ أصبح تسعة منهم اعضاء في مجلس العرش الذي يضم اثنى عشر عضواً فقط. وهو اعظم سلطة في البلاد بعد الملك مباشرة كما أن المجلس الاستشاري الاعلى كان يضم عدداً كبيراً من اليهود ويرأسه اليهودي موريس هانكي Maurice Hanky وفي مجلس اللوردات كان لهم احد عشر لوردا وعلى رأسهم اليهودي هوربليشا الشهير Sir Hore Bellcha والسيدة سمسون Simpson التي اقترن بها ادوار الثامن كانت هي أيضاً يهودية معروفة. والغريب ان النفوذ اليهودي في بريطانيا ازداد يوما عن يوم حتّى ان المرشحين لرئاسة بلدية لندن عام 1942 كانا من اليهود وهما صمويل جوزيف Samuel Josepl وفرانك بوليتزر Frand Politzir وكأن لندن خلت من الانكليز ولم يعد فيها سوى اليهود!. وفي عام 1951 ارغم اليهود السير تشرشل على تعيين اليهود شارفيل Charwelles وزيرا لشؤون الطاقة الذرية رغم معارضة اكثرية اعضاء المجلس لهذا التعين لما لهذا المركز من الاهمية القومية والوطنية!. ومما يتقدم يتضح للقارئ الكريم مدى ما وصل إليه اليهود من السيطرة والنفوذ في بريطانيا و لاشك ان توماس كرومويل، الذي قضى على الكنيسة الكاثوليكية قد لعب دوراً كبيراً، وكذلك سميه اوليفر كرومويل الذي تمكن فيما بعد من محو أثر النصرانية في الجزيرة البريطانية، بارغامه الانكليز على اتخاذ التوراة بدلا عن الانجيل وفتحه أبواب بريطانيا لافراد "الشعب" اليهودي ومساعدته اياهم لتهويد البلاد بالشكل الذي سبق شرحه. وهكذا أصبحت الامة الانكليزية مهّودة برمتها، ولهذا نجدها اليوم وغدا تسير في ركابهم ولا تتخلى عنهم مهما كان الامر. وهي التي حققت لهم اكثر رغباتهم منذ اكثر من مئتي عام خلت حتّى اليوم…. من هنا يتضح مدى الدور الذي لعبه اليهود في دعم عبد العزيز آل سعود واولاده باسم بريطانيا، بينما بريطانيا "العظمى" مجرد اسم يتلاعب به اليهود ويختفون تحت عظمته الكاذبة، حتّى مزقوا الوحدة العربية واحتلوا فلسطين واقاموا العروش والامارات والمشيخات والسلطنات والكيانات العربية الهزيلة، انهم اليهود الذين حكموا بريطانيا وقاتلوا العرب باسمها وبجيوشها وخلقوا العروش واليهود هم الذين أسسوا المخابرات الامريكية، وأصبحت لهم الهيمنة على أعلى الدوائر الرسمية الامريكية، واي حاكم لا يعجبهم يُقتل، ولا غرابة بعد هذا ان تسخر أمريكا امكانيتها لخدمة الصهاينة في فلسطين، ويسخر آل سعود امكانيات بلادنا أمريكا امكانيتها لخدمة الصهاينة في فلسطين، ويسخر آل سعود امكانيات بلادنا لخدمة أمريكا، ويشتمون "إسرائيل" لكن بينهم وبين معاهدات ضمنتها أمريكا تنص على عدم استخدام السلاح ضد "إسرائيل" وأصدقاء إسرائيل في لبنان وغيرها، وعدم دخول استخدام الاراضي "السعودية" ضد "إسرائيل"… المصادر اليهودي ملوك العصر، لمؤلفه. توشونيل Les Juifs rois de lepoque - Par A. Toussenel. طريق اسرائيل، لمؤلفه ج. دارود Le chemin dlsrael - Par J. J. Tharaud. تاريخ اليهود، لمؤلفه شوراكي Historre du Judaisme. Par A. Chouraqui. الإسلام وبني اسرائيل، لمؤلفه ج. ايتهلهان Islam ve Beni Israil - Par C. R. Atlhan المفسر في الأرض… س… نا

تجديد كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب نسب السعوديين تأليف المغفور له السيد محسن الأمين 1380 هـ 1952 م حققه وأخرجه ولده حسَن الأمين اليهود الذين أسلموا فيما بين الصفحة الصفحة 3 و11 وفي الصفحة 384 من كتاب (تجريد كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب) للشيخ محسن الامين وولده حسن الامين الطبعة 2 في 1382 هـ 1962 م تتكشف الحقائق جلية في الصفحات التالية عن جوانب الاصول "الاصلية" (لآل سعود) بشهادة واحد من أتباع آل سعود، هو محمد التميمي مؤرخ الشجرة السعودية التي دفع لها قيمتها الملك عبد العزيز والذي ما زال على قيد الحياة يعمل لديهم بعد أن قلدوه عدداً من المناصب منها إدارة المكتبات العامة وعددا من الأمور القضائية. و"الشيخ" محمد التميمي يكشف دون قصد الإساءة "لآل سعود" بل ربما بقصد التفاخر بأنسابهم وإبراز "دهاء آل سعود الذي ما تواجد في العقول العربية إلا نادرا!…" أو ربما ليبرز أن له دوراً رديئاً قضاه مع فيلبي. لقد بدأ الشهادة بالحديث عن رحلته وهو لم يدرك أنها شهادة للتاريخ… ورحلته هذه هي التي رافق فيها المؤسس الأول للعرش السعودي "الحديث" (جون فيلبي) الذي "أسلم" هو الآخر بطريقة المذهب الوهابي وعلى طريقة "الإسلام السعودي" نفسه، فسمته المخابرات الإنكليزية باسم "الشيخ الحاج محمد عبد الله فيلبي"… وكان رفيقه في رحلته تلك إلى نجران الشيخ محمد التميمي… فكم يا محمدْ تسمّوا بكَ وكم يا محمد أساءوا اليك وملخص الحقائق التالية والتي تليها في كتاب "كشف الارتياب" ان فيلبي ومعه التميمي ذهبا برسالة من الملك عبد العزيز آل سعود إلى اليهودي يوسف بن مقرن الياهو عبد العزيز يواصله باستمرار وطلب منه فيلبي لحساب عبد العزيز ـ تسليمه الكتاب المهم (وقد أقنعه أنهم يريدون طبعه) والكتاب هو: (نبع نجران المكين في تراث أهله الأولين) الجامع الشامل لتاريخ يهود الجزيرة العربية كلها ـ الأولين والآخرين ـ وكافة اليهود الذين دخلوا في الدين الإسلامي والمسيحي واندسوا في القبائل الأخرى للاحتماء بها وأثارتها ضد العرب ونشر النفوذ اليهودي الذي سبق له أن تقلص بعد أن لوحق في جزيرة العرب منذ عهد النبي محمد بعد مؤامراتهم ضده… وانتشرت بقايا اليهود في كافة الديانات والبلدان الأخرى… وفي هذا الكتاب كشف واضح لانسلاخ عدد من يهود قبيلة بني القينقاع وكيف تم إسلامهم ومنهم "آل سعود" وكيف اطلقوا على أنفسهم اسم "آل سعود" وكيف هاجروا إلى العراق، وكيف اندسوا في فخذ المساليخ، وزعموا أنهم من قبيلة "عنزة" وغير ذلك مما يكشف الغطاء ـ غطاء ـ الذهب الاسود الخادع عن وجوه آل سعود. ناصر مقدمة كتاب "كشف الارتياب في أتباع "محمد" بن عبد الوهاب والاصل اليهودي لآل سعود ¬ـ 1 ـ منذ تسع وسبعين سنة طغت وما تزال طاغية موجة الارهاب السعودي على الجزيرة العربية حاملة معها الحقد والسفك والدمار والتنكيل بالعرب والمسلمين فاستبيحت المحارم وسفكت الدماء واهينت المقدسات وكُفِر المسلمون وعطلت شعائر الإسلام. وارتفعت الأصوات بالاستنكار في مختلف البقاع العربية والإسلامية وعقدت المؤتمرات وقامت الاحتجاجات باستنكار هذه الحركة الرجعية الآثمة التي تلبست لباس الإصلاح والغيرة على الدين، فاصطبغت أيدي القائمين بها بدماء العرب والمسلمين منذ أن تحالف أبناء مؤسس "الدعوة الوهابية المدعو "محمد" بن عبد الوهاب مع آل سعود" فكانت غاراتهم المتتالية على نجد والحجاز والعراق والشام وبقية بقاع الجزيرة العربية فسفكت بها دماء الآلاف من الأبرياء من الأطفال والنساء والرجال ودمرت المدن والقرى وأعمل فيها القتل والنهب والسلب وقامت أقلام العلماء والأدباء والشعراء بالذود عن حياض المقدسات الدينية وفضح أعمال الوحوش السعوديين الذين أعادوا إلى الذاكرة فظائع الغزو المغولي للديار الإسلامية وما ارتكبت فيه من آثام وجرائم ضد الحضارة والإنسانية. وكان في طليعة الكتب التي صدرت في ذلك الحين كتاب "كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب "بقلم الشيخ الامين الذي استقصى فيه تاريخهم الحافل بالفضائح والمآسي والاجرام وفضح فيه اسطورة الإصلاح والتجديد التي زعموها وفند عقائدهم وافتراءاتهم على الإسلام والمسلمين بما ليس فيه زيادة لمستزيد. وقد أثار هذا الكتاب ضجة كبرى في العالمين الإسلامي والعربي يومذاك وألب عليهم الرأي العام وأوقعهم في حيرة من أمرهم لما فيه من الحجج الدامغة والبراهين الساطعة وجعلهم يحشدون كل ما لديهم من أقلام مخدوعة ومأجورة للرد عليه واضطرهم بالتالي إلى التخفيف من غلوائهم ومحاولة استرضاء الرأي العام الإسلامي الذي ناصبهم العداء لا سيما بعد أن صدرت الفتاوى (بعدم جواز أداء فريضة الحج لعدم أمان المسلمين على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم) وكان موسم الحج هو المورد الوحيد لتأمين الموارد لهم حينما كان آل سعود يعيشون على وارد الحجاج واعانة المخابرات الإنكليزية، وكان تاريخهم الدامي الذي يفاخرون به سلسلة من أعمال الغزو والسلب والنهب والقتل. ـ 2 ـ لقد هادن السعوديون الرأي العام العربي والإسلامي فترة وتظاهروا بالتوبة ثم عمدوا إلى شراء أقلام الكتاب والصحافيين المأجورة يسترون بها عوراتهم وجرائمهم بأموال المسلمين وذلك حرصاً على استتباب الأمر لهم. ولما ظهر البترول في البلاد العربية التي اغتصبوها من أصحابها وأعطوا امتيازاتها للشركات الأمريكية الاحتكارية بأبخس الاثمان وأبطرتهم النعمة المسروقة عادوا سيرتهم الاولى وانطلقوا يحملون معهم خيرات البلاد لينفقوها بالملايين وعشرات الملايين على الفسق والفجور وشرب الخمور وانتهاك الأعراض حتّى انتشرت فضائحهم في الشرق والغرب وتحدثت عنها صحف العالم بينما ضنوا بالنزر اليسير منها على قضايا التحرر والشعوب التي ابتليت بحكمهم فتضورت جوعا. ولم يحرموا هذه الشعوب من خيرات البترول فحسب بل حرموها من أبسط ما يتمتع به الإنسان من كرامة بل حرموها من أبسط الحريات فلا حرية للمعتقد ولا حرية للعادة ولا حرية للقول ولا حرية للكلام فالكتب والصحف محظورة إلا ما مجّد السعوديين أباح جورهم وأشاد بطغيانهم بينما تحرق كتب الإسلام الصحيح وتمزق أسفار الدين القويم، وكشاهد على ذلك نروي ما فعله قاضيهم في محكمة الظهران سليمان بن عبيد عام 1955 من أمره بإحراق كتاب فقهي اسمه (دعائم الإسلام) كما فعلوا بكتاب (أبو الشهداء) للأستاذ عباس محمود العقاد الذي لم يكتفوا بمنعه بل صادروه وكذلك فعلوا بكثير من الكتب والأسفار. وفي هذا العام أصدر شاب من أبناء القطيف التي نكبت بحكم السعوديين كتاباً أسماه (مؤمن قريش) فأمروا بإحراق الكتاب واختطفوا مؤلفه وأخفوه وكادوا يقضون عليه لولا الضجة التي ثارت عليهم من كل جانب فاكتفوا بسجنه وجلده وتكفيره! ـ 3 ـ سلط السعوديون زبانيتهم ممن أسموهم زوراً وبهتاناً "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" على الناس فأمنعوا بهم تنكيلا، وهم الذين يحكمون بإحراق كتب الدين وتاريخ المسلمين وينكلون بالأحرار. لقد رأينا خدمة للحقيقة والتاريخ تجديد هذا الكتاب واعادة طبعه وزيادة فصول جديدة عليه ونشره في الرأي العام العربي والإسلامي لاظهار حقيقة السعوديين خالية عن الزيف وعن بهرج الدعاية المضللة، وبالله المستعان. حسن الامين "كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب " جاء في كتاب الشيخ العلامة محسن الامين ما يلي: لماذا يكفّر السعوديون المسلمين ويستحلون دماءهم وأعراضهم وأموالهم؟! ولماذا لم يحارب السعوديون إلا العرب ولم يخربوا إلا ديارهم ولم ينتهكوا إلا حرماتهم؟. لماذا وقف السعوديون هذا الموقف المخزي من كارثة فلسطين فكانوا حرباً على أهلها؟. لماذا أبى ملكهم عبد العزيز بن سعود أن يهدد بقطع النفط يوم كان هذا التهديد حاسماً في منع تقسيم فلسطين، ولماذا رفض أن يساهم بدينار واحد في انقاذ الأرض المقدسة، ولماذا رفض أن يبعث جيشا سعودياً مع جيوش العرب الداخلة إلى فلسطين ولماذا كان هذا الجند السعودي جاهزا أبدا للهجوم على أي بلد عربي يقف هذا البلد موقفا حازما مع الاستعمار؟… كان المخلصون في كل مكان يحارون في الاجابة على هذه الاسئلة، وكانوا يندهشون لهذا التصرف السعودي اللئيم ولا يجدون له تفسيراً إلا أن طبيعة من الشر قد سيطرت على هذه السلالة فجعلتها سفاكة للدماء خائنة للعرب والمسلمين!.. ولكن لماذا كانت طبيعة الشر هذه لا توجه السعوديين إلا لقتل العرب والمسلمين؟.. لماذا لا توجههم إلى المستعمرين، إلى اليهود، إلى وجهة غير وجهة أذى الإسلام والعروبة؟… وها نحن اليوم نكشف حقيقة السعوديين ونفسر ما اعيى تفسيره الاذهان. ان السعوديين ليسوا عربا وليسوا مسلمين، ولكنهم تستروا بالعروبة وبالاسلام تغطية لاجرامهم وستراً لمؤامراتهم وتمويهاً لخياناتهم. وهذه هي القصة بكاملها تنشر وتطبع اليوم لاول مرة بعد أن عرفت وجالت على الافواه قبل اليوم في نجد وفي الجزيرة، ولكن لم يكن يجرو أحد ممن عرفوها على التصريح بها وتداولها رهبة وخوفا، وها نحن إذ نقدمها للقارئ الكريم نضع حداً لهذا الزيف في التاريخ، وياله من زيف!! ونترك الكلام الآن لشخصية نجدية جليلة نكتفي بأن نرمز إلى اسمها بالشيخ حسين خوفا من أن تمتد إليها يد البطش السعودي إذ لا تزال هذه اليد قادرة على الوصول اليها، قال الشيخ حسين: أقرأتم التأريخ المزور الذي رسمته وكتبته الاقلام المأجورة المستثمرة وأملته الضمائر الخائنة لقاء أرقام من المال؟ أنه أرقام بأرقام من الجمل المرصوفة الكاذبة الخائنة بأرقام من المال تبدأ بالالوف وتنتهي بالملايين، ذلكم التاريخ هو تاريخ آل سعود، تاريخ اجتمع على وضعه وتزويره خونة سعوديون اين منهم مسيلمة الكذاب وسجاح من غربيين وشرقيين ومستشرقين؟ والانكى من ذلك والادهى هو أن هؤلاء الخونة ربطوا تاريخ هذه الجزيرة العربية الحافل بالبطولات والامجاد والتي شع منها نور المعرفة وبزغ من ربوعها فجر الحضارة وأشرق على الافكار سناها، هذه الجزيرة العربية التي يرتبط تاريخ الشعوب الإسلامية بتاريخها، ربط هؤلاء الخونة المأجورون تاريخها بتاريخ آل سعود، التاريخ المزور الذي حشد المستعمرون وعملاؤهم من كتاب ومؤرخين كل جهودهم لتزويره وفرضه تاريخا على الجزيرة العربية وبالتالي على تاريخ الشعوب الإسلامية، وبالنتيجة يفقد العرب والمسلمون كل تاريخهم الذي حفل بأنواع البطولات والعبقريات. ونحن هنا في قلب الجزيرة العربية لا يشرفنا أن يرتبط تاريخنا بتاريخ الاسرة الخائنة الفاجرة، الاسرة التي تسللت في الظلام لتسطو على مقدراتنا ومقدساتنا وتستولي على السلطة بالقوة بدون مبرر. وتتآمر على تاريخنا وذلك بأن تزور لها تاريخا على حساب تاريخنا فتدعي لنفسها زورا وافتراء بأنها صانعة التاريخ الحديث في الجزيرة العربية ، ونحن أمس واليوم وفي الحاضر كأننا لا تاريخ لنا يذكر الا على هامش تاريخ آل سعود. لذلك نرى لزاما علينا أن نصحح هذا الخطأ من تاريخنا ونمحو هذه الوصمة من جبينه الناصع الوضاء، ونقدم آل سعود على حقيقتهم وكيف دخلوا البلاد حاكمين وما هو دورهم في هذه الحقب التي توالوا عليها منذ تسليمهم هذا العرش المتزعزع الذي توارثوه واحدا عن واحد، ولدينا من الحقائق الواضحة والادلة الناصعة ما تصفع كل مزور خائن.. بل تقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون وعلى اسم الله نمضي في تحقيقنا هذا. فمن هم آل سعود؟… اليك الجواب أيها القارئ: في أمسية من أماسي عام 1937 كان ركب السير جون فيلبي الانكليزي الشهير الذي صار الحاكم الفعلي للجزيرة العربية والموجه لسياستها والمدير لأمورها… كان ركب فيلبي هذا يدخل مدينة نجران في رحلته الشهيرة التي مضى فيها بعد ذلك إلى الربع الخالي. وكان في الركب رفيق لفيلبي اسمه محمد التميمي (والتميمي هو مؤلف شجرة آل سعود)… فما أن استراح "فيلبي" من وعثاء السفر حتّى راح يسأل في نجران عن أسرة يهودية عن عميدها المسمى " يوسف بن مقرن الياهو" ليسلمه أمانة مالية مرسلة من الملك عبد العزيز بن سعود، ثم مضى فيلبي يصحبه التميمي وسلم "فيلبي" يوسف المذكور خمسمائة ريال فضية من العملة المنقوشة عليها اسم "ماري تريز" وهي العملة المتداولة في اليمن آنذاك، وأبلغه تحيات الملك، وسأله عن حاجاته ليقضي منها ما يستطيع قضاءه وليرفع مالا يستطيع قضاءه إلى الملك ليقضيه بنفسه. فشكر يوسف اليهودي فضل الملك وعاطفته ثم قدم إلى فيلبي كتابا خطيا بعضه بالعربية وبعضه بالعبرية اسمه العربي (نبع نجران المكين في تراث أهله الاولين) ولم يكن بعض ما في الكتاب مجهولا لدى كثير من الخاصة في نجد، ولكن التفاصيل التي فيه كانت مثيرة حقا، وكلف يوسف اليهودي رسول الملك فيلبي أن يهدي بالنيابة عنه هذا الكتاب إلى جلالة الملك السعودي تقديرا لعاطفته وصلاته المتكررة ليهود نجران بعامة وليوسف واسرته بخاصة، وقد كان في الكتاب شيئا خطيرا حمل فيلبي على أن يذاكر بشأنه زميله الانكليزي الاخر هـ.ر. ب. دكسن المعتمد البريطاني في الكويت، وأن يقررا معا وجوب طي الكتاب وعدم اظهاره حرصا على المصلحة الاستعمارية. وينقل الشيخ حسين عن محمد التميمي ـ قوله: لقد أغاظني هذا اليهودي يوسف وهو يحدثنا حديثه المزري عن آل سعود ومع أنه كان يثني عليهم ويشيد بطرقهم للوصول إلى الحكم ودعم اليهود لهم الا أنه كان يذم العرب والمسلمين ويقول انهم لا يصلحون لتولي أمور الناس وكان يشير إلى ما كنا نجهل تفاصيله يومذاك، ويكشف لنا اليهودي حقائق مذهلة في الكتاب مفاخرا بها بقوله: (لقد ظل الذين يعرفونها يتهامسون بها همسا ويوصلها جيل إلى جيل ليأتي اليوم الذي يمكن الجهر بها من غير أن يخشى الجاهر فتكا ولا بطشا وقد جاء والحمد لله هذا اليوم المنتظر الذي نقول فيه: ان السعوديين من أصل يهودي إذ يرجعون بنسبهم إلى "بني القينقاع"، ومن أبناء أعمامهم اليهودي النجراني يوسف المتقدم ذكره والفائز بصلات الملك السعودي ومبرّراته والذي يلتقي نسبه مع آل سعود في الجد السادس وقد تفرغ الجميع من اليهودي سليمان اسلايم الذي كان له ولدان أحدهما اسمه (مكرن) الذي سمي "مقرن" أخيرا وهو واحد من أجداد آل سعود وهذه هي بعض التفاصيل في كتاب (نبع نجران المكين في تراث أهله الاولين) ينقلها الشيخ حسين فيقول: قال لي التميمي انّه شاهد في كتاب "نبع نجران المكين" ان الاسم الحقيقي لعائلة آل سعود هو "عائلة "مردخاي" وان هذه العائلة اليهودية كانت منبوذة وكانت تتعاطى التجارة، وانه ـ أي التميمي ـ تذكر أنه رأى ذلك في شجرتها التي طلب منه وضعها من قبل عبد العزيز وانه أحسَّ أخيراً أنه زيف في هذه الشجرة لتغيب حقيقتهم اليهودية. ويقول التميمي: لقد وجدت في هذا الكتاب حلقات مفقودة ووجدت أسباب حيرة أجداد الـ "مرد خاي"، وصعوبة اندماجهم في القبائل العربية وان الامر لم يكن سهلا أن تقبل القبائل بتبديل اسم عائلة الـ "مرد خاي" وهضم هذا الاسم، فالقبائل تأبى الدخيل وتلفظه واستعرضت عائلة آل مردخاي أمامها أسماء العشائر المعروفة فرأوا أن ما من قبيلة تحترم نفسها يمكن أن يذوبوا في غمارها، لذلك اتجه تفكيرهم إلى عشيرة من العشائر النكرة في المنطقة لكي لا ينكشف أمرهم أمام أهل نجران وأمام العشائر المجاورة لها فوقع اختيارهم على عشيرة "المصاليخ" وهي فخذ صغير من أفخاذ قبيلة عنزة مشهور بين العشائر بتفاهته وعدم تحسسه بالحس القبلي والنعرة العشائرية بحيث لا يوجد منه سوى أقلية بجبل سنجار شمال العراق وأقلية أخرى انصهرت في عشيرة الحسنة القاطنة في ضواحي الشام والتابعة لمشيخة ابن ملحم. وكانت هذه الفكرة اليهودية محكمة كل الاحكام فاستطاعت عائلة آل مردخاي أن تعايش (المصاليخ) وأن تحتمي بها لحماية تجارتها، فطابت لهم هذه الحماية، فأسلم اليهود. وينقل الشيخ حسين عن محمد التميمي: قوله (كان يوسف اليهودي لا يريد أن يبوح أمامي بحقيقة النسب الذي يربطه بآل سعود وكان يتكلم بالمعاريض وحرص على أن لا أعلم بحقيقة ما في الكتاب المهدى إلى فيلبي، وكان في الكتاب تفاصيل للاحداث النجرانية وبعضها متعلق بالنسب السعودي، ولكن يوسف عاد بعد ذلك يتحدث بلا تحفظ أو بشئ من التحفظ حينما أخبره فيلبي انني مؤلف الشجرة السعودية فكان مما عرفناه منه أن آل سعود الاولين كانوا يعطفون عليهم ولم يتنكروا للرحم حتّى جده الثالث داود، ثم عادوا يتجاهلونهم بعد ذلك ويحاولون الابتعاد عنهم بسبب الظروف التي صار فيها آل سعود، إلى أن انتهى الامر إلى عبد العزيز واستقرت به الحال واطمأن إلى المصير فعاود الاتصال بهم والعطف عليهم، وكان ما حمله إليه فيلبي بعض ما كان يصلهم به ويغدقه عليهم. على أن عبد العزيز لم يسمح لهم في حال من الاحوال بأن يتصلوا به شخصيا وأن يعلنوا ما يجب ستره من صلات القربى). والسعوديون بهذا النسب اليهودي العريق يشبهون اليهود الاتراك الذي عرفوا باسم " الدونمة" والذي ينحدر منهم من أطلق على نفسه "محمد بن عبد الوهاب بن سليمان" وهم يهود سكنوا البلاد التركية لا سيما سلونيك، واضطرتهم ظروف الحياة إلى اعلان اسلامهم مع ابطان يهوديتهم فأطلق عليهم الاتراك اسم "الدونمة" تمييزا لهم عن المسلمين الصحيحي الإسلام. وقد استغل الدونمة هذا التظاهر بالاسلام أسوأ استغلال فأتاح لهم ما لم يكن يتاح من التغلغل في صفوف المواطنين تخريبا وكيدا وقد أصبحوا مصدر الدسائس التي أحاقت بتركيا، ولم تحل بها نكبة ولم تقم بها مؤامرة الا كان الدونمة رأسها وبذلك كانوا كالسعوديين في العرب نسبا وحسبا ومناقب!! وبعد فهل عرفتم لماذا يقف السعوديون هذا الموقف اللئيم من العرب والمسلمين؟)… انتهى… ثلاثة الاصول… ويوسف بن مقرن الياهو ألقت الثورة اليمانية القبض على يوسف بن مقرن الياهو في 19/ 12/ 1962 حينما تسلل إلى اليمن واعترف يوسف بكل تحركاته بين فلسطين المحتلة والجزيرة العربية، واعترف بصلاته الوثيقة العرقية بآل سعود، واعترف بالكتاب المذكور حينما سألناه عنه، وقال: (لقد حزنت كثيرا على هذا الكتاب الذي أخذه مني جون فيلبي بناء على طلب من عبد العزيز آل سعود في رسالة قال فيها عبد العزيز أنه يريد طبعه لكنه تبين أن عبد العزيز يريد أن يخفي الكتاب لكيلا ننشره نحن اليهود ولكيلا يقع بيد غيرنا من اليهود أيضاً لان عبد العزيز أعداء من اليهود التقدميين لا يؤيدون طريقته وحينما راجعت عبد العزيز حول الكتاب وقلت له دعنا نتولى طبعه نحن، ضحك عبد العزيز وهو يسخر من هذا الكلام وقال "هذا الكلام هو الذي جعلني أطلب الكتاب منكم لانني علمت بعزمكم على تسريبه لليهود في فلسطين ليتخذ منه بعضهم وسيلة ضغط كبيرة ضدي تجعلني أسير حسبما يرون. وهم لا يدركون عواقب سيرنا المكشوف حسب أهوائهم وحسبما يريدون لا حسبما تقتضيه مصلحتنا المشتركة" وقال لي عبد العزيز: "وعلى كل حال فان الكتاب موجود لدى الاخ عبد الله فيلبي فتشاور معه عن موضعه" ولما ذهبت إلى فيلبي وسألته عن الكتاب قال فيلبي: "لقد نقلت وصورت ما يهمني من الكتاب وسلمته لعبد العزيز" فقلت لفيلبي: "انني أخشى أن يحرقه عبد العزيز" فقال فيلبي: " انّه فعلا ينوي احراقه ثم تراجع وطمأنني عبد العزيز بعد أن قرأت له الكتاب: بقوله (انّه كتاب مهم وهو ليس "نبع نجران المكين في تراث أهله الاولين، فقط وإنما هو نبع العالم كله في تاريخ اليهود". وقال جون فيلبي: "يا أخ يوسف… ان الكتاب لدى عبد العزيز وقد أقسم لي أنه لن يذهب منه الكتاب الا إذا ذهبت روحه وانه إرثه الوحيد الذي يريد توريثه لا لكل أولاده وانما لأعز أولاده، وقد اطلع عليه جمع كبير من أقاربه واخوته ومنهم شقيقه عبد الله بن عبد الرحمن اطلع عليه قسم من كبار أولاده، وقال لهم عبد العزيز: على كل حال يعيالي ـ أنا ما أطلعتكم على هذا الكتاب إلا لتعرفوا أنكم أنتم وحدكم في هذا العالم الذين جمعتم المجد من أطرافه الثلاثة فأنتم: يهود، عرب، مسلمين، انها "ثلاثة الاصول" الحقيقية التي ذكرها ابن عبد الوهاب)!… هذا ما قاله يوسف بن مقرن الياهو باعترافاته في اليمن وقد أذيعت من الاذاعة قبيل الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم 20/12/ 1962 كما اعترف أنه مواطن سعودي وسافر بجواز سعودي إلى فلسطين عام 1947 بمهمة وأخذ يتردد بعدها بين إسرائيل والاردن وخيبر والرياض ونجران وجدة والمدينة ومكة وتبوك واليمن، وقال: "ان لآل سعود علاقات جيدة باسرائيل وانهم يسبونها علنا ويتعاونون معها سرا" وقال: "مع ان المخفي أصبح مكشوفا في دوائرهم" وقال يوسف مقرن الياهو: "وللتغطية والتستر على هذا ترونهم يعلنون في مناسبات شتى: "ان المملكة السعودية لن تقبل بادخال اليهود الذين يحملون جنسيات أمريكية مزدوجة، ولكون الامريكان يدركون أن مثل هذا "الاعلان" ما هو الا من باب كسب الدعاية أمام الفلسطينيين والعرب فانهم يستقبلون مثل هذا الاعلان بالابتسامات العريضة"… وحينما قال المحقق لليهودي: (هل نعرف من كلامك هذا أن السعودية تتعاون مع اليهود؟)… قال اليهودي: "ان هناك مواطنين يهود سعوديين يعيشون حياة عادية كسائر الناس. أما اليهود الامريكان فانهم يعملون كخبراء أو فنيين أو في دوائر تابعة للجيش أو دوائر الامن"… وحينما قال له المحقق: (أنت تعمل لصالح إسرائيل والسعودية فهل أنت مطمئن لهذا العمل؟) قال اليهودي السعودي: "أنا لا أعمل لصالح السعودية، وأنا مطمئن في السعودية لكوني يهودي، ومطمئن لكون السعودية تعمل بكيانها لصالح اليهود وليس ضدهم سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكل يهودي لا شك أنه يعمل لصالح اليهود وأنا كواحد من اليهود أعمل لدعم كياننا اليهودي". وحينما سألناه هل لديك نسخة ثانية من الكتاب الذي يثبت قرابتك لآل سعود؟. أجاب: "ان لدي نسخة ثانية في نجران وإذا كان يهمكم، هذا فأعاهدكم أنني سأقدمها لكم في حال الافراج عني على أن نقوم بطبعها لأستحصل على بعض النسخ منها"… ولقد سجلنا أقوال اليهودي يوسف على شريط، كما تحدث عنه الرئيس عبد الله السلال قائد الثورة اليمانية حينما افتتح مكتب الجزيرة العربية في صنعاء يوم 26/12/1962 وقال: (اننا سنقدم هذا اليهودي الشرير الذي يقود مجموعة من المرتزقة والجواسيس بين السعودية والاردن واسرائيل ليسمع العالم كل شئ من فمه عن أعمال السعودية ضد اليمن وضد فلسطين ويصف لنا أصول القرابة بينه وبين آل سعود وكيف دخل آل سعود في الإسلام ولماذا؟).. ولكن وبقدرة الايدي القذرة التي تعمل في الخفاء ومنها أنور السادات الذي أوكل بشؤون اليمن، وكان ممن تسببوا بهزيمة الثورة في اليمن واغلاق مقرنا للتدريب، وبعد عشرة أيام من اذاعة بيان يوسف بن مقرن الياهو واعتقاله في اليمن نقل الرئيس السلال إلى القاهرة بحجة السفر للاستشفاء!… فحل حسن العمري مكانه، والعمري كما هو معروف من العملاء "الاصلاء" للسعودية. وما هي الا أيام ثلاثة من تولي العمري "نيابة السلال" حتّى نقلوا اليهودي يوسف بن مقرن الياهو عبر الحدود اليمانية السعودية إلى نجران. علما أن السعودية كانت في حالة حرب مع اليمن، وتسلمه الامير خالد السديري فنقل إلى جدة وعاد إلى نجران ثانية. ثم سافر عبر الاردن إلى فلسطين المحتلة ثم عاد، وما زال يتنقل بحرية تامة وبهمة الشباب رغم كونه قد تجاوز سن الـ 80 لكن من يراه لا يعطيه من العمر أكثر من 50 سنة، انّه نحيف طويل القامة صارم الملامح، تلمح الذكاء في وجهه، وفي هذا يكمن السر الذي يجعلك تتأثر وتعطف عليه! علما أنه لا يستحق العطف… ومن طريف ما حدث عام 1949 أن نظم أحد الشعراء على سبيل المطايبة قصيدة على لسان الملك عبد الله يخاطب بها الملك عبد العزيز بن سعود بعنوان (إلى الملك الثري) فنظم الشاعر عبد المطلب الامين هذه القصيدة على لسان الملك عبد العزيز يخاطب بها الملك عبد الله: يهوذا لا يلام يلومونني اني بخلت ولو رأوا براميل بترول الرياض لأ قصروا تفيض به الصحراء تبرا مذوّبا وتذوي به أرض الحجاز وتدبر ولم أر مثل النفط، أما سواده فمسك وأما الريح منه فعنبر غنينا به عن كل حاف مقمّل يجئ من الحجاج عريان يفخر تزود من كل الذنوب بماله وجاء إلينا مفلسا يتطهر فديت بني الدولار من كل أشقر وان سكروا وقت الطعام "وخنزروا" أتونا باكياس الريالات كلما حردنا عليهم زودونا وأكثروا وبعد الجِمال الجرب صارت تقلنا "طنابيل" منها هدسن "وكرزلر" وكل حسان الأرض طوع أكفنا نطير إليها أو الينا تطيّر وكنا وعدنا جنة مثل هذه تطوف علينا الحور فيها وتخطر نحارب أعداء الاله لأجلها ونفني عباد الله أنّى تجمهروا فلما كفانا (العم سام ) جهادنا قعدنا على جيراننا (نتمسخر) وما كان زهدا بالجنان قعودنا ولكن طريق النفط للخلد أقصر يقولون لي أخلفت وعدك حينما وعدت بأن أفدي بنيّ ليظفروا يريدون مني أن أكون سمؤلاً؟ يهوديّ مثلي انّما أنا أحقر وما كنت الا سيدا وابن سيد أقر متى شئت الوعود وأنكر فان تلك عبد الله في ذا تلومني فواعجبي مما تقول وتذكر فجدك قبلي قال الفاتح الذي أناخ له في باب مكة عسكر جمالي جمالي أن للبيت ربه يقيه إذا شاء العدو ويقهر علام أحامي عن فلسطين صارفا فلوسي وبترولي أضيع وأهدر فلا والدي في مسجد القدس موسد وليس لأجدادي بغزة أقبر ولكن في نجد قصوري وحورها أموت على تلك الفروج وأحشر فان تقبلوني عاهلا دون مصرف قبلت والا فاتركوني وثرثروا فليس لاسرائيل عندي مأرب سوى خيبر لا كانت الدهر خيبر إذا طلبوها قلت أهلا ومرحبا بأبناء أعمام علينا تغندروا


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أخلاق اليهود في الحجاز

كتب الاستاذ الكبير محمد عزت دروزة، بعنوان: (أخلاق اليهود في الحجاز) في الصفحات من 438 ـ 440 في الفصل الثالث من كتابه: (تاريخ بني إسرائيل) ما ينطبق ـ رسما وتصويرا واشارة ـ كل الانطباق على يهود آل سعود مشيرا اليهم بالاصابع والادلة والآيات انهم يهودا وان ما ارتكبه ويرتكبه آل سعود في الحجاز والجزيرة واليمن والخليج وفلسطين ولبنان ومصر والسودان والاردن، ليست إلا من أفعال اليهود… يقول دروزة: (وفي القرآن آيات كثيرة تساعد على رسم صورة وافية لأخلاقهم أيضاً. ولقد ربطت هذه الآيات على الاكثر بين أخلاق اليهود المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم في الحجاز وبين أخلاق آبائهم الأولين بحيث يصح أن يقال إن هذه الاخلاق ليست خاصة بمن هم في الحجاز منهم حين نزول الآيات وإنما هي جبلة راسخة متوارثة من الآباء والاجداد. وبالتالي إنها صورة لأخلاق اليهود عامة في الحجاز وغير الحجاز غابرين ومعاصرين. وهذا مؤيد بما في الأسفار من لدن موسى من نعوت وحملات وتقريعات على ما كانوا يرتكسون فيه دائما من انحرافات دينية وأخلاقية واجتماعية على ما مر شرحه في القسم الأول. ولقد وصفتهم الآيات بالكفر والجحود واللجاج والانانية والزهو والتبجح والترفع عن الغير واعتبارهم أنفسهم فوق الناس وعدم الاندماج الصادق مع أحد. وعدم الولاء الصادق لأحد. والتضليل والتدليس والدس والشره الشديد إلى ما في أيدي الغير والحسد الشديد لهم ولو تمتعوا أنفسهم بأوفر النعم. ومحاولة الاستيلاء على الكل والتأثير في الكل واللعب في وقت واحد على كل حبل وفوق كل مسرح واستحلالهم لما في أيدي الغير وعدم اعتبارهم أنفسهم مسؤولين عن شئ أمامه. وضنهم بأي شئ للغير إذا ملكوا وقدروا. وعدم مبادلتهم الغير في ود وبر ومحبة. واندماجهم في موقف مهما دنؤ وفجر وكان فيه كفر وفسق وخيانة وغدر في سبيل النكاية بمن يناوئونه. ونقضهم لمبادئ دينهم في سبيل مكايدته. وعدم تقيدهم بأي عهد ووعد وميثاق وحق وعدل وواجب وأمانة. وتشجيعهم لكل حاقد فاسد ومنافق ودساس ومتآمر في سبيل التهديم. وشفاء لداء الحسد والحقد والخداع المتأصل فيهم. والآيات وإن كانت في صدد وصف أخلاقهم في الحجاز فان روحها بل وفحواها يلهمان أخلاق أنها اليهود عامة. وإنه لمن العجيب المثير أن المرء ليراهم في أخلاقهم اليوم على اختلاف منازلهم وبيئاتهم صورة طبق الاصل لما وصفهم به القرآن من صفات وأخلاق امتدادا لما حكته أسفارهم عنهم منذ القديم. لم تزدهم الايام فيها إلا رسوخا مما هو مصداق لما قرره القرآن من الجبلة الراسخة المتوارثة من الآباء للابناء ومما لمسها فيهم البشر جميعا في كل زمن ومكان حتّى صاروا في ذلك كله العلم المفرد بين البشر أو القبيل البشري الشاذ المجمع على شذوذه في كل ذلك عن سائر البشر والذي غدا به حديث كل مجتمع في كل زمن ومكان فلا تراهم إلا والعيون مزورة منهم. والسخد فائر عليهم. والنفوس متبرمة بهم. والناس مستثقلون ظلهم. والحذر رائدهم منهم. وشرهم ومكرهم بالغا الاثر والجميع راغب في التخلص منهم بأية وسيلة. وكفى باجماع البشر على اختلاف الزمان والمكان والجنس واللون والنحلة قوة ودليلا على تأصل تلك الجبلة التي تصدرون عنها في أعمالهم وتصرفاتهم وعلى أن البشر ليسوا هم المتحاملون عليهم نتيجة للعقد النفسية التي تعقدت بها نفوسهم ولازمتهم طيلة أدوار تاريخهم وما تزال. حيث يبدو من هذا هول البلاد الذي رمى به طواغيت الاستعمار العرب وبلادهم ليخلصوا منه من جهة ويجعلوه للعرب هما دائما مقيما معقدا يقضون به مآربهم الخبيثة من جهة أخرى. وحيث يبدو كذلك شدة الحافز الذي يجب أن يحفز العرب على التضامن والمجاهدة في تطهير بلادهم من هذا البلاء العظيم. واليك الآن نصوص الآيات التي تسجل عليهم تلك الاخلاق بأساليب متنوعة وقد يكون بعض الآيات سابقة الايراد. ومع ذلك فقد رأينا من المفيد إعادتها في هذا السياق: 1 ـ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعدكم وإياي فارهبون. وآمنوا بما أنزلنا مصدقنا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون. ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون. وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين. أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون. البقرة 40ـ 44 والآيات تسجل عليهم خُلق كتمان الحق وإلباس الحق بالباطل والمكابرة بالحق وتفضيل منافع الدنيا عليه ووعظ الناس بالبر مع بعدهم عنه. 2 ـ ومن هذا الباب آيات سورة آل عمران هذه: يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون. وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون. ولا تؤمنوا إلا لمن اتبع دينكم قل ان الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم به عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم… 70 ـ 73 وفي هذه الآيات عما احتوته آيات البقرة حيث تسجل عليهم خلق الخديعة والتضليل وتواصيهم بينهم بأن لا يتضامنوا ولا يتواثقوا ولا يتبادلوا المعرفة والمودة مع غيرهم ولا يطمئنوا إليه وأن يكونوا مع المسلمين في موقف النفاق والخداع لا غير. وأن لا يتساهلوا فيما يمكن أن يفيد المسلمين من هدى ومعرفة وحجة)… انها صفات آل سعود في مؤتمرات القمة وغيرها… شواهد على يهودية آل سعود وفي الستينات سلطت الاضواء ـ من اذاعة العرب واذاعة الثورة اليمانية في صنعاء ـ على "يهودية آل سعود" فحاول الملك فيصل اثباتها بنوع من التحدي والتفاخر، لكنه حافظ على خط الرجوع إلى "اسلامه" المزيف حينما قال: (ان قرابة آل سعود لليهود هي قرابة "سامية")!… وذلك من خلال تصريحاته لصحيفة "واشنطن بوست" في 17 سبتمبر 1969 التصريحات التي تناقلتها عدد من الصحف العربية ومنها "الحياة" البيروتية بقوله: (اننا واليهود أبناء عم خلّص ولن نرضى بقذفهم في البحر كما يقول البعض، بل نريد التعايش معهم بسلام)!… واستدرك يقولك: (إننا واليهود ننتمي إلى "سام" وتجمعنا السامية كما تعلمون اضافة إلى روابط قرابة الوطن، فبلادنا منبع اليهود الأول الذي منه انتشر اليهود إلى كافة أصقاع العالم)…

قصيدة تكشف يهودية آل سعود

وهذه قصيدة شعبية للشاعر الحجازي بديوي الوقداني العتيبي موجهة "لسعود الأول" يكشف فيها الشاعر أصل آل سعود ويهوديتهم، ويقول لهم: أنتم اليهود الذين غدرتم بموسى وقتلتم الانبياء ونحن لم نفعل مثل غدركم لتغدروا بنا: ترانا: ابحق موسى ـ ما غدرنا لتجزانا بهذا الغدر ياشين وكان الغدر منكم ليس منّا فأنتم قاتلين للنبيين يهودا قد طمعتم في وطننا باسم الدين جئتم مستحلين كشفناكم ولكن ما كفرنا كفر… من يقتل الناس البريئين مما قاله الامير عبيد بن رشيد في أصل آل سعود الامير عبيد بن رشيد من أبرز حكام حائل ومن أشجع الشجعان في الجزيرة العربية، ومن القساة على الخصوم، ومن أصوب الشعراء السياسيين الذين قرنوا أقوالهم بأفعالهم… وفي هذه القصيدة الشعبية يتضح لنا أن شعراء الجزيرة العربية لم يهملوا منذ القرن الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، أدوارهم في مقارعة الاحتلال السعودي وكشف أصول آل سعود اليهودية المدسوسة في العروبة والاسلام… وهذه واحدة من قصائد عديدة للشاعر الامير عبيد بن رشيد… قالها في فيصل آل سعود "فيصل الأول" بعنوان: كيف اصبح "الحخام" شيخاً عربياً؟ حِنّا نعرفك يا عوين المصاليخ ما كنت عارفهم بماضي الزمانِ غيرت أصول أهلك ببعض التواريخ وأصلك يهودي لو طمست المعاني ياشين، من حاخام، سموكْ بالشيخ والله مالك بالمصاليخ داني يا مال "فرد" من كبار الصلابيخ يأتيك مع ايمنك يالشقلباني يهودية آل سعود في شعر الجزيرة العربية يهودية "آل سعود" ثابتة في تواريخ وأقوال وقصائد شعبنا وهذه قصيدة شعبية ـ للامير زامل بن سليم ـ حاكم مدينة عنيزة، قالها في نهاية القرن التاسع عشر، وفيها يقول ما معناه: (اننا سنصنع الرصاص محليا من بارود حفائر الشفا ، "ملح الشفا" اضافة إلى ما نستورده لقتال "كلاب اليهود آل سعود وأتباعهم".. وسندفنهم في رمال النفوذ الصفراء… وعلى النساء الجميلات الشريفات "الكواعب" أو ذوات النهود المستقلة "كما يقول أن لا يتزوجن الجبناء الذين يشردون من قتال آل سعود الاعداء بل عليهن عشق الشجعان الذين لم يتركوا عاداتهم في خوض غمار الحرب المقدس ضد اليهود الذين أطلقوا على أنفسهم اسم آل سعود واندسوا في دين الإسلام لتخريبه من داخله"!.. كان هذا ملخص قصيدة "زامل السليم" الشهيرة التي كانت يتغنّى بها الناس في عرضات الحروب ومناسبات الاعياد أيضاً: ملح الشفا ، والمغربي حِنّا نعلّه نبغيه للشاشاة ـ وكلاب اليهود نقتل يهودا أفسدوا في الأرض كله والله ينكر فعل أصحاب "الاخدود" والله ما نرضى لديرتنا مذلّه وجميعنا عن طهر ديرتنا نذود كمَّ شجاع نحرمه من شوف خلّه نرميه بالصفرا على حد النفوذ إن صاح صيّاح الضحى حنا نعن له نأتي مسيرات على الظالم ورود عدونا في ذا الوطن كبده نسلّه بملح الفرنجي كنّه الديبان سود يا بنت ياللي لك نهود مستقلّه لا تأخذين العفن حيث أنه شرود خوذي صبي ما يخلّي عادة له ان صار وسط الجيش يجعلهم رجود وهاهو الشاعر الشعبي الكبير ابن اصغير يكشف يهودية آل سعود فيقتله عبد العزيز أخذ عبد العزيز آل سعود يتبجح في مجالس أهل القصيم وينخاهم لقتال خصومه أهل حائل وقبيلة شمر الذين أطلق عليهم تهمة (الكفار والمشركين)‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!. وقال لاهل القصيم الشجعان انّه سيقودهم بنفسه، لكنه "ارتخى" حينما سارت الجموع، لكونه يعرف مصيره لو قاد ولو معركة واحدة بنفسه مباشرة أو سار في مقدمة الجموع التي لم يقدها ولم يسر ولو مرة في مقدمتها فكل معاركه لم تكن بقيادته المباشرة، انها معارك يخطط لها الانكليز أمثال كوكس وشكسبير وجون فيلبي ويقودها الشجعان المخدوعين أمثال الدويش وابن ابجاد وغيرهما ممن خدعهم… وهكذا خدع بعض أهل نجد والقصيم، وهزم أهل القصيم من داخلهم بالغدر والحيل وقتل منهم الكثير ممن يؤسف لمقتلهم لكون ابن السعود ومن خلفه الاستعمار الانكليزي واليهودي يخططون لقيام آل سعود وهزيمة سواهم من الحكام… وهكذا سجل الشاعر ابن اصغير ذلك الحدث بقصيدة مشهورة في نجد بعد أن عاد الشاعر جريحا من تلك المعركة الخاسرة… وكشف فيها يهودية آل سعود… فقال: كم صبيّا يسوّي الهوائل.. كم صبي يسويّ الهوايل بالمجالس وهرج القفا يوم سرنا وصارت صمايل ضيّع المرجله وارتخا دمّنا صار كالسيل سايل ذابحين بعضنا وفا لابن اسعود الذي غير سايل من حيي في البلد أو هفا كفّروا ـ شمّر ـ وهل حايل وما عرفنا الذي بالخفا دينهم غش بعض القبايل لين صفّوا لهم من صفا ثم أفتوا بكفر القبايل يوم صحيت على ما خفا ما بذى من اسلوم العوائل فاليهودي ـ وراها ـ اختفى فشاعت هذه القصيدة في نجد وأثارت الحماس للتمرد ضد الاحتلال السعودي وأدرك عبد العزيز ما لخطورة انتشار هذه القصيدة من عواقب نظرا لما للشعر وشعراء السياسة من قداسة تفوق بكثير ما لمشايخ الدين "الصالحين" ـ ولا أقول الفاسدين ـ من تقدير … ولذلك أراد أن يتخلص المجرم عبد العزيز آل سعود من الشاعر الجريح الذي سجل مزاعم ابن السعود وأكاذيبه وجبنه وأهدافه الفاسدة في هذه القصيدة الموجزة التي راح الشعب في نجد كلها يتغنى بها… لكن ابن السعود. قتل الشاعر بطريقة معروف، وموضحة في مكان آخر.. تركي بن أحميد من كبار رؤساء قبيلة عتيبة، ومن المشهورين فيها بالرأي والفروسية، شجاعا مقداما جريئا، شاعرا، كانت له مواقف وطنية شريفة ضد آل سعود، وهو ـ ابن عم سلطان بن احميد ـ الذي سلمه الانكليز لعبد العزيز آل سعود ليقتله فقتله ومعه الآلاف من شباب عتيبة والعجمان وقادتهم الذين قتلهم عبد العزيز اضافة إلى فيصل الدويش وابنه عزيّز وشباب مطير… وهذه واحدة من قصائد الشيخ تركي بن احميد يحث فيها قومه لقتال اليهود آل سعود وتجار دينهم الذين يدعون بالاسلام، وقد حذف آل سعود عددا من أبيات هذه القصيدة، حينما طبعوها عمدا ليضيعوا بعض أبياتها التي تكشف أصولهم، والقصيدة طويلة نورد منها ما يلي: تلعب طرب وانا بنومي هواجيس ما سامرك بالليل كثر الهمومي أسهر إذا نامت عيون الهداريس بالليل أساهر ساهرات النجومي أونس بقلبي مثل صلي المحاميس الله يلوم اللي لحالي يلومي يهود يدعون العرب، للنواميس! قولوا لهم: متى اسلموا، ذا الحخومي ولو تسمّوا ـ بالسود ـ الاباليس؟ نعرف ملامحهم، أعكاف، الخشومي قالوا جهلت وقلت جهل بلا قيس الجاهل الليل ما يعرف اليمومي أشوف عدلات الليالي معاييس ولاحد من الدنيا عظامه سلومي البني ما يصلح على غير تأسيس ومن لا تعلّم ما تسر العلومي يا قيس قم أسطورة يرددها أبناء البادية في شمال الجزيرة العربية وبعض المناطق الجنوبية في العراق التي هاجر إليها عشرات الآلاف ممن شردهم الاحتلال السعودي.. تقول الاسطورة: إن كل كائن في العصور السابقة ـ كان ـ يتكلم !… وان يمامة فقدت ابنها واسمه "قيس" ومن حزنها عليه، انعقد لسانها عن الكلام فراحت اليمامة "تهدل" بنغم يستدل منه أنها تقول: "يا قيس قم!." "يا قيس قم".. واستمرت اليمامة منذ ملايين السنين في هديلها، منادية "قيس" لكن "قيسا" لم يقم!.. وفي هذه الاسطورة يرمز هؤلاء الذين شردهم الاحتلال السعودي، إلى الثورة الشعبية في الجزيرة العربية التي لم تقم ويأخذ اليأس في نفوسهم مأخذه من الانظمة العربية التي حاصرت ثوراتهم ارضاء لآل سعود، فيقسمون أن الثورة لن تقوم!.. ويتحدث هؤلاء قائلين: لقد تحول الذين شردهم الاحتلال السعودي لكثرة ما فرض عليهم من صمت في البلاد العربية إلى يمامات لا تجيد النطق، أما "قيس" فهو الشعب الذي رمز له شعراء المهاجرين الاوائل بابن اليمامة الذي مات!. ولكن اليمامات لم تيأس من حياة "قيسها" فأخذت تنادي "يا قيس قم"، تناديه بكلامها الممنوع وألسنتها المعقودة ونطقها الذي تحول إلى "هديل"… مكررة هذا النداء المتوارث على مر السنين "يا قيس قم" "يا قيس قم"… فأوحى هديل اليمامات الخرساء، فاتحة قصيدة شعبية شهيرة للشاعر المجاهد المهاجر (عجلان بن رمال الشمّري) بعنوان: يا قيس قل لامّك انك لن تقوم يا قيس، قل لامّك، عسى ما تقومي حيثك صغير وتفهم العلم يا قيس يا قيس، قل: في القلب زادت وسومي والموت أفضل من حياة الاباليس ليس اليمام، من الكلام، امحرومي بل البشر، يحرم من الحكي يا قيس أسرة عيال القينقاعي خصومي اكلاب كوكس فاقدين النواميس كم واحد تراه يحكم، ويومي لكنّ مثله لا يساوي ذنب تيس يا قيس قل لامك متت قبل يومي ولا لي حياة مع جموع متاييس ما لوم أنا أشباه الرجال: إنّ لومي على النساء اللي تلد ذا الخنافيس نماذج من المذابح السعودية للعرب المسلمين بحجة هدايتهم للإسلام! 1 ـ ذبح آل سعود المصلين في مساجد قرية الشعيبة ليلة 27 رمضان، أي (ليلة القدر التي قال عنها القرآن أنها خير من ألف شهر تنزّل الملائكة والروح فيها) لكن آل سعود أخرجوا أرواح العرب المسلمين في هذه الليلة من عام 1922… وكان عدد القتلى في هذه المذبحة (3790).. 2 ـ ذبح آل سعود (410) من المسلمين من عشيرة آل أسلم من قبيلة شمر، وكان ذلك في منطقة الجليدة بالقرب من حائل. 3 ـ ذبح آل سعود (513) مسلما من قبيلة عنزة، القبيلة التي يزعم آل سعود انهم ينتمون إليها لكنها لفظتهم ورفضت أن يكون لهم بها صلة القربى، فقالتها آل سعود وقتلوا منها 513 في مذبحة شهيرة عرفت باسم مذبحة بيضاء نثيل.. 4 ـ ذبح آل سعود (411) مسلما في مذبحة عرفت باسم مذبحة أم غراميل شرقي حائل. 5 ـ ذبح آل سعود (375) يقودهم "هبقان السّلِيطي" في منطقة الغوطة بحائل، علما أن "هبقان السليطي" من أكثر المتعصبين دينيا للدين السعودي وقد سبق له أن قاتل المسلمين من جماعته وأبناء عمه وقبيلته: شمّر وأهل حائل.. لذا، فقد فرح العديد من الناس بذبح آل سعود له ولجماعته شماتة بمواقفه… وفي هذه المذبحة، قال شعراء الشعب العديد من القصائد الشعبية، ومن هؤلاء الشعراء الشاعر الشهير فهد بن صليبيخ الذي شبّه الرصاص السعودي المنهمر بسحابة أمطر بها آل سعود رأس صديقهم هبقان وجماعته، بينما هبقان، كان الشريك المخلص لعبد العزيز في ديانته الباطلة… وقال الشاعر ابن صليبيخ موجها كلامه لابن السعود، وهبقان، معا، ما معناه (ولكن اليهود لا صداقة لهم ولا ديانة)… وهكذا يقول في القصيدة: سحابة هلّت على رأس هبكان سحابة هلّت على رأس هبكان صديقك اللي صافيا بالديانة هبقان أغواك اليهودي بالاديان ودين السعودي سلّماً للخيانة 6 ـ قام آل سعود بمذبحة تربة التي راح ضحيتها (40.000) جميعهم من المسلمين طبعا لكنهم من أتباع الشريف حسين بن علي الذي كان يحكم الحجاز حتى عام 1925 حينما سلّم الانكليز عرشه لآل سعود. 7 ـ قتل آل سعود 15.000 في مذبحة اشتهرت بمذبحة الطائف والحويّة، ومعظمهم من أطفال ونساء مكة الذين كانوا يصطافون في الطائف ومن أهل الطائف… 8 ـ ذبح آل سعود في حصارهم للطائف 2800 شخص من جنود الشريف علي بن الحسين ومن أهل جدة. 9 ـ قتل آل سعود من مناطق القصيم ما يزيد عن/ 27000 / بطرق غدر خسيسة شبيهة بما فعله عبد العزيز آل سعود بحاكم بريدة صالح المهنا أبا الخيل، حينما تقدم عبد العزيز ليخطب شقيقة أبا الخيل وما أن وافق أبا الخيل وتزوج "عبد العزيز" بأخته ودخل قصره حتّى أمر عبد العزيز جنوده باعتقال "صهره" أبا الخيل وجميع أولاده كبارا وصغارا، فقتلهم في الصحراء بما فيهم الاطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سن الرابعة. 10 ـ قتل آل سعود أكثر من (10.000) مسلم من قبيلة شمر وأهل حائل في معارك كثيرة منها مجزرة النيصية والوقيد والجثامية، وغيرها… 11 ـ اغتال عبد العزيز آل سعود عددا من زعماء الجوف، وقتل عددا كبيرا من أبناء الشعب في الجوف. 12 ـ قتل آل سعود أكثر من (50.000) مسلم في معارك كثيرة في مناطق عسير وتهامة. 13 ـ قتل آل سعود أكثر من (1200) يماني في منطقة اسمها وادي تنومه، بعد أن قدموا للحج… 14 ـ قتل آل سعود (7000) عربي مسلم من بني مالك في وادي بني مالك في الطائف وهدم 70 قرية من قراهم بحجة أن شيخهم عبد الله بن فاضل دافع عن كرامته وقاوم خدم آل سعود الذين حاولوا الاعتداء على أخواته وزوجته. 15 ـ قتل آل سعود في عام 1953 (1520) عربيا مسلما من قبائل الريث في جبل القهر، جنوب الحجاز… 16 ـ كان آل سعود وراء معركة الجهراء في الكويت حيث قتل من أهل الكويت وقبائل الجزيرة العربية ما يقارب 1000 عربي مسلم. 17 ـ هنالك أكثر من (5000) عربي مسلم من جيش الاخوان الذين ينتمون لقبائل مطير وعتيبة، قتلهم آل سعود في مجازر معروفة باسم، مذبحة السبله، ومذبحة أم الرضمه، وغيرها من المذابح، وبعد ذلك قتل آل سعود شيوخهم المعروفين ومنهم فيصل الدويش وسلطان بن بجاد… 18 ـ قتل آل سعود أكثر من (3000) مسلم من قبيلة العجمان في معارك عديدة معروفة، وقتلوا عدداً من شيوخ العجمان منهم نايف وضيدان بن حثلين. 19 ـ قتل آل سعود، بعد ثورة ابن رفادة، أكثر من سبعة آلاف من قبائل الحويطات وبني عطية وجهينة وبلي، وشردوا الآلاف منهم. 20 ـ وفي التاريخ السعودي الآثم، الكثير من المجازر التي راح ضحيتها أكثر من مليوني عربي مسلم.. من الحضر والبادية… لذلك، نقول لبعض المنظمات الفلسطينية والعربية التي تطمح بالعون السعودي، انها كمن يطمع بالعون من إسرائيل وأمريكا. وما عون السعودية إلا "صدقة يتبعها أذى". فكما أنه لا فرق بين إسرائيل وأمريكا، فليس هنالك فرق بين السعودية وأمريكا… ولقيام السعودية من قبل بريطانيا الدور الاكبر في المحافظة على إسرائيل واقامتها في الأساس… ومن يقتل الشعب الذي يحكمه ويتحكم فيه ويسرق ثرواته وخيراته لا يمكن له أن ينقذ الشعوب الثائرة عليه وعلى طبقته… وثائق تدين أجداد آل سعود بالخيانة السفلى! ولا أقول الخيانة العظمى!، لانها أسفل الخيانات… فدائما ما يفاخر آل سعود بجدهم الأول (فيصل بن تركي بن عبد الله) فيعتزي أحدهم حينما يشتد غضبه بقوله (وانا ابن فيصل)!! وتاريخ (فيصل) الذي يعتز به آل سعود، الاحياء منهم والاموات لا يختلف تاريخه عن تاريخ من لحقه من آل سعود. التاريخ العفن الذي لا يشرف من يهادن آل سعود أو من يمت إلى آل سعود بصلة القربى، وهو وصمة عار في جبين كل عربي في جزيرتنا العربية ودنيا العرب… ومن واقع الوثائق الدامغة لتاريخ آل سعود: رسائل كتبت بخط وختم فيصل بن تركي وولده عبد الله ـ الذي كانت في عهده نهاية ما يسمى بالامارة السعودية الثانية ـ وهي رسائل موجهة من فيصل وولده عبد الله وغيرهما من للفرع الحاكم من آل سعود إلى خديوي مصر، والى السلطان العثماني، والى الوزراء والضباط المصريين والاتراك، وفي هذه الرسائل نجد المذلة كل المذلة والاسترقاق والعبودية من جانب آل سعود إلى المحتلين لجزيرتنا العربية.. بل ان بعض من هذه الرسائل عبارة عن رسائل تجسس على أمراء وشيوخ قبائلنا لا لهدف يسعى إليه آل سعود من هذه المراسلات غير البقاء في حكم نجد تحت سيطرة المستعمرين والاتراك والحصول على الاموال. والرسائل التي تتكلم عنها موجودة وقد أخذناها من دور الوثائق في القاهرة واسطنبول وغيرها.. انها وثائق تدين الحكام السعوديين الغائب منهم والحاضر وتكشف مهزلة الحكم السعودي وأخلاقيات آل سعود… واليكم النص الحرفي للوثائق الدامغة… منها رسالة استعباد مرسلة من فيصل بن تركي آل سعود إلى سليم باشا أو توزبر قائد موقع الجديدة . نص الرسالة

من فيصل بن تركي

إلى: سليم باشا أوتوزبر"!"

دولتلّو مرحمتلّو سعادة أفندينا باشا صاري عسكر الجديدة دام اقباله. بعد تقبيل أياديكم الكرام خلّد الله عليكم الفضل والانعام، أن من الهجن تعلقنا ـ 12 ـ اثني عشر هجين ـ فاننا أبقيناهم بطرف محمد أبو علي شيخ بالحوازم أمانة لاجل المرعى بطرفه فان معلوم دولتكم يلزم لهم عليق مؤونة، فان كان موافق رأي دولتكم تأمروا حضرة درويش أفندي محافظ ينبع لاجل يصرف لهم شئ إلى الهجن المذكور، فالنظر في ذلك إلى دولتكم، والامر أمركم وأطال الله بقاكم أفندم.

في 3 ذي الحجة سنة 1254 هـ

عبدكم

(فيصل بن تركي)

هذه هي رسالة فيصل بن تركي" آل سعود إلى قائد المدفعية بالجديدة التي بعثها إلى الحاكم التركي يستجدي منه "العليق".. للأبل.

رسالة أوتوزير

في 14 من ذي الحجة سنة 1254

(من سليم باشا أوتوزبر ميرميران المدفعية ومأمور الجديدة إلى كتخدا جناب الخديوي: مولاي صاحب الدولة ولي النعم، أرسل فيصل بن تركي عريضته هذه من ينبع الهجر إلى مخلصكم يقول فيها انّه أودع اثنى عشر هجينا له أمانة عند محمد أبي علي أحد شيوخ قبيلة الحوازم ويلتمس صرف العليق اللازم لها…

وبما أن المشار إليه قد أرسل إلى القاهرة نرى أن يتوقف صرف عليق هجنه التي تركها أمانة على صدور أمر له من دولتكم). مرفق الوثيقة

وفي المرفق ارادة الخديوي رقم 5 في 5 محرم سنة 1255 هـ تقول:

(صدر الامر بارسال هجنه إلى مصر إذا كان وجودها هناك عبئا). انتهى!. ولن تنتهي قصص ـ جد آل سعود ـ الذين ما زالوا يفاخرون به: منها ما يرويه المؤرخ "السعودي" المعروف عثمان بن بشر في كتابه "عنوان المجد في تاريخ نجد" على ص 315 ج2 ( مطبعة صادر ـ بيروت) ما نصه: … (فلما وصل فيصل بلد الرياض نزل بخيامه وأثقاله خارج البلد ومن معه من أهل الخرج وغيرهم فدخل البلد على خيله فرأى من أهل البلد ما يريبه بل جاهره رجال نجد بالعداوة، فأخذ فيصل يهئ ما في القصر من مال وسلاح وأمتعة وغيرها)… ويتابع ابن بشر على نفس الصفحة قوله: (أن فيصل أخذ من القصر كل غال ونفيس ثم خرج من الرياض واتجه إلى الخرج وبعد ذلك إلى الحسا هاربا من وجه إسماعيل بك الذي يستعد في القصيم للزحف على الرياض… ثم خرج من القصر على خيله دفعة واحدة ووقف دونه رجال من أعوانه حتّى خرج من البلد فهرب بماله مسرورا سالما ومعه من الخيل نحو أربعمائة)… الخ.. هذه هي مقدمة قصة هروب فيصل بن تركي إلى الحسا وباقي القصة أدهى وأمر… فهو حين وصل الحسا قعد هناك يمتع نفسه بالاموال التي نهبها من المسلمين… كذا… وهرب من نجد تاركها لاسماعيل بك وعساكره الاتراك.. أما أهل نجد فلم يقصروا لقد حاربوا إسماعيل بك في كل مدينة وقرية حتّى انهزم هزيمته المعروفة على أيدي بني تميم الشجعان في الحوطة ونعام والحريق والحلوة. وكان أهل الحريق بقيادة أميرهم تركي الهزاني وأهل الحوطة بقيادة إبراهيم بن عبد الله وفوزان بن محمد آل مرشد، وأهل نعام مع رئيسهم وأميرهم زيد بن هلال، وأهل الحلوة مع رئيسهم محمد بن خريف. كما حارب الشجعان من بني تميم ومن معهم من البادية وأهل نجد عساكر الترك وأنزلوا بالعساكر الهزيمة وكان ذلك في يوم 16 من شهر ربيع الاخر من سنة 1253 هـ وتفاصيل الهزيمة معترف بها إسماعيل بك نفسه في تقرير مفصل أرسله إلى مصر في نهاية شهر ربيع الاخر من سنة 1253 هـ وذكر فيه الخسائر. وفيما يلي نص التقرير (الوثيقة) التي قال فيها: إسماعيل بك في ذكر الخسائر بالحرف الواحد. (ولقد كانت قوة المرحوم عبد الكريم أغا ـ في الاصل 328 خيالا قتل منهم في الحوطة 50 وتبقى 271 خيالا. كما كانت قوة حسين أغا 240 خيالا قتل منهم في الحوطة 128 خيالا… وكانت قوة عبد الله أغا رئيس المشاة 215 عسكريا قتل منهم في الحوطة 163 نفرا… وكانت قوة نوري أغا 322 نفرا قتل منهم في الحوطة 251 نفرا… وكانت قوة محمد أغا الكردي 346 نفرا قتل منهم في الحوطة 256 نفرا… وجماعة إبراهيم أغا رئيس المغاربة كانت في الاصل 307 نفرا قتل منهم في الحوطة 245 نفرا… وجماعة أبو بكر أغا 196 خيالا قتل منهم 66 خيالا ومن جماعة عرب أغا قتل منهم 76 خيالا وعساكر الفرسان والمشاة التي في معية العاجز " أي إسماعيل بك نفسه" كانت في الاصل 2073 نفرا قتلى منهم ـ 1245 ـ نفرا) . هذا هو نص تقرير إسماعيل بك في ذكر الخسائر، وبهذه الخسائر يصل المجموع إلى 2481 قتيلا ولم يذكر الجرحى والمفقودين… ويقول إسماعيل بك في نهاية تقريره ما يلي بالنص: (وقد قبضنا جميعنا في الرياض محصورين، ونحن في غاية الضيق من ناحية الطعام وعلف الخيل…) وفي موضع آخر يقول (… فان الجمالة الذين فروا بالجمال والاحمال قد حملوا معهم في ما حملوا متاع العساكر والاغوات، والخزينة أيضاً، وليس لدينا حبة واحدة من المؤونة ولا قطعة واحدة من النقود فنرجو أن تتفضلوا بسرعة ارسال النقود والجنود… التوقيع: (المير لواء عبده إسماعيل) هذه قصة هزيمة العساكر الغازية على أيدي أجدادي الابطال في الحوطة ونعام والحريق والحلوة… وأما فيصل بن تركي الخائن الجبان فكان في الحسا يترصد أخبار الحرب وعندما سمع بهزيمة جيش الترك على أيدي أهل الحوطة ومن معهم من أهل نجد كلها ـ بدوهم وحضرهم ـ وانتصار أهل الحوطة رجع من الحسا إلى العارض لعله يجني ثمار النصر الذي ما كان له فيه من شرف ولا نصيب، وبهذا الموضوع يقول ابن بشر في كتابه "عنوان المجد في تاريخ نجد" على الصفحة 318 ما نصه: … (ولما علم فيصل بهزيمة العسكر وقتلهم وهو في الاحساء خرج منه بعدده وعدته من أهل الاحساء وغيرهم وكان معه رجال من أتباعه وخدامه وهربوا معه من الرياض. وبالقرب من الرياض حاول فيصل بن تركي أو يبرز عضلاته وتقدم لمحاصرة إسماعيل بك لكنه حينما سمع بقدوم خورشيد باشا إلى المدينة المنورة أنه ينوي الزحف على نجد لاسناد إسماعيل بك في الرياض هرب فيصل مرة أخرى وراح للخرج ولكن خورشيد باشا حصره في السلمية وقبض عليه في العشر الاواخر من رمضان سنة 1253 هـ وأرسله أسيرا إلى مصر مع حسن اليازجي وعسكره وكان مع فيصل أخوه جلوي وابن أخيه عبد الله بن إبراهيم ابن عبد الله الملقب بصنيتان). ومن ينبع البحر كتب فيصل رسالته ـ آنفة الذكر ـ وكلها خضوع ومذلة وركوع إلى سليم باشا في الجديدة. ومن يتتبع تاريخ آل سعود ويقرأه بانصاف وابتعاد عن العمالة لآل سعود يجد أنه ما من أحد منهم الا كان عميلا، وعلى مراحل تاريخهم: لليهود، وللعثمانيين، وللانكليز، وللامريكان، وانه لم يخرج من بينهم من يعمل لصالح الوطن والقضية العربية بتجرد عن المطامع الشخصية الاستعمارية الاستغلالية… وسيرتهم سيرة يهودية بحتة… عبوديّة للعثمانيين وعمالة للمخابرات الانكليزية المعروف عن (الملك) عبد العزيز آل سعود انّه كان عميلا للعثمانيين وانه يتقاضى مرتبه ـ وعائلته ـ من واليهم في الكويت وقدره ـ 70 روبية ـ وكان عدد العائلة سبعة أشخاص ـ أي بمعدل عشر روبيات كل شهر للرأس الواحد، وبقي يتقاضى هذا المرتب حتّى انضم لمكتب المخابرات الانكليزية "المكتب الهندي"… لكنه لم يقطع الولاء للوالي العثماني بل بقي "عبدا للعثمانيين" كما يقول عن نفسه في برقيته الآتي ذكرها ـ بعد البرقية التي أرسلها مبارك الصباح للوالي العثماني في البصرة، حينما اشتبكت الدولة العثمانية بحربها في طرابلس الغرب (الجماهيرية) يومها كتب شيخ الكويت مبارك الصباح رسالة إلى والي البصرة "حسن رضا باشا" العثماني، يبدي استعداده لارسال "مجاهدين من الكويت لمناصرة الدولة العلية" وبعث باعانة مالية للدولة العثمانية قدرها ثلاثة الالف ليرة عثمانية، فأجابه الوالي ـ لعثماني المذكور بكتاب مؤرخ في 26 صفر 1330 هـ ـ 1911 م يشكره فيه على (حميته وغيرته على الدولة العليا العثمانية) ويبلغه (أنه لا حاجة له باعانة ـ المجاهدين ـ الذين ذكر له في رسالته عن استعداده لارسالهم لكنه يقبل المبلغ فقط الذي استلمه وأرسل نصفه إلى المقاتلين العثمانيين في طرابلس الغرب وأما النصف الآخر فقد خصص إلى الاسطول البحري العثماني)!. عبوديّة عبد العزيز عندها علم عبد العزيز آل سعود فأرسل البرقية التالية إلى والي البصرة حسين رضا باشا ـ ننقلها حرفيا ـ يقول: (عبوديتي وخدماتي لمقام الخلافة العثمانية معلومة عند أولياء الأمور وان سكان جزيرة نجد عموما قلبا وقالبا قد تحركت النخوة العربية في عروقها حين ما بلغهم اعتداء الطغاة الطليان جعل الله كيدهم في نحورهم وأصان الدولة العثمانية الإسلامية من تجاوزاتهم وجميعنا على استعداد للدفاع عن الدولة العلية بسيوفنا وأموالنا وأرواحنا ومتنظرين الاشارة من مقام خلافتنا والامر لكم)!! التوقيع (خادم الدولة العلية أمير نجد ورئيس عشائرها عبد العزيز آل سعود) ولم يقف (العبد والخادم العثماني) كما ورد في برقيته الانفة عبد العزيز آل سعود عند هذه البرقية بل أرسل برقية أخرى إلى سعيد حلمي عند توليه الصدارة في ذلك الوقت هذا نصها: عبد العزيز يسترحم زيادة راتبه (سيدي ومولاي الصدر الاعظم… اليوم نفتخر نحن مع سكان نجد بتوجيه الصدارة لعهدتكم واننا آملين في تسوية المشاكل المالية الحاضرة بهمتكم المشهورة واننا على استعداد لمعاونة الدولة العلية بأرواحنا ومنتظرين أمركم السامي سيدي) أمير نجد ورئيس عشائرها عبد العزيز آل سعود

                                        خادم الدولة العلية

ولا شك أن هذا ـ العبد ـ العزيز ـ "صادق" عندما أرسل برقيتين إلى نظارة الخارجية ونظارة الحربية العثمانية عارضا خدماته مؤكدا عبوديته ـ كما يقول ـ للاحتلال العثماني، الا أن الذي لم يصدق به هو (شبك) أهالي نجد وعشائر نجد معه والتحدث باسمهم دون أن يكون لهم علم بذلك، فما من أحد في نجد والجزيرة العربية كلها يرضى بأن يكون عبدا مع عبد العزيز (يعرض) عبوديته على بني عثمان والانكليز في آن واحد، والامريكان أخيرا، الا القليل من أمثال آل سعود وأذنابهم... الرد التركي بالتركي للعبد التركي أبو تركي وقد وردت إليه الاجوبة من أتباع بني عثمان كما يلي: (إلى حضرة صاحب السعادة عبد العزيز باشا آل سعود: أخذنا اليوم تلغرافا من نظارة الداخلية يفيد ما أظهرتموه من ضميركم ومحض الغيرة والحمية إلى ملجأ الخلافة وملاذ السلطنة الكبرى قد استلزم الامر خالص الممنونية فنقدم لحضرتكم على هذا التوجيه الملوكي واللطف السلطاني خالص التهنئة والتبريك وعبوديتكم محفوظة لدينا وخدماتكم معروفة!… والي البصرة حسن رضا… الرد بالتركي أيضا لابي تركي حضرة صاحب السعادة أمير نجد تكررت الادعية بمظهريتنا للمظفريات المتمادية وقد صار التبريك موجبا للممنونية. الصدر الاعظم سعيد حسّيّات سعودية إلى ولاية والي البصرة (ان التلغراف الذي سحب من البصرة بامضاء عبد العزيز آل سعود إلى القبة السلطانية قد قراؤها. انا نبلغكم بموجب الامر السامي أن تبلغوه ممنونية الدولة من حسياته السعودية). ناظر الداخلية فؤاد "مربوطيتكم " ثابتة إلى السيد الامير عبد العزيز سعود باشا نشكر حميتكم صرنا محظوظين جدا من مربوطيتكم بمقام الخلافة كونوا مستريحين نشعركم حين الاقتضاء. ناظر الحربية محمود شوكت لمن العبودة الصادقة؟… لقد كان عبد العزيز آل سعود يلعب على الحبلين… ففي الوقت الذي يرسل فيه برقيات ـ الولاء ـ والعبودية ـ لولاة آل عثمان ويتقاضى منهم المبالغ. كان يتجسس للانكليز لانهم في رأيه (أقوى) من آل عثمان وأحسن نفعا وأكثر دفعا واخلاصا لآل سعود فقبل أن يحتل الانكليز العراق كان (جاويد باشا) التركي (والي بغداد وقائد جميع القوات العثمانية بالعراق) قد أوفد رسله إلى رؤساء وشيوخ القبائل العربية يستنجد بهم ويحثهم "للدفاع عن العراق وصد القوات البريطانية التي ستحتل العراق قريبا" وكان من أولئك الرسل جار الله الدخيل الذي أرسله جاويد باشا إلى "الامير عبد" العزيز آل سعود في نجد يطلب منه (الزحف بعشائره إلى العراق وتنفيذ وعده لمساعدة الدولة العثمانية العلية ضد أعدائها الانكليز) ولكن عبد العزيز آل سعود حالما بلغه الخبر أبلغه إلى الانكليز، بل أخر جار الله الدخيل عنده بحجة (أنه قد أرسل رسلا إلى شيوخ العشائر يستحثهم ويريد من جار الله أن ينتظر بجواره حتّى يعطيه نتيجة أقوال شيوخ العشائر)!!. فانتظر "جار الله" بجوار "عبد الانكليز" أما عبد العزيز فقد اتصل بأسياده (الحقيقيين) الانكليز (يستحثهم بسرعة: الاستيلاء على العراق قبل وصول العشائر العربية التي تستجيب لاستغاثة الاتراك الذين يؤثرون عليهم من الناحية الإسلامية!.) وقال عبد العزيز: (وانني أنا وعشائري على أتم استعداد لخدمة دولتنا العظيمة بريطانيا العظمى) وما ورد ذكره آنفا هو جزء من رسالة بعث بها عبد العزيز آل سعود إلى السير كوكس، وكان عبد العزيز آل سعود يعرف من سادته الانكليز ما تريده وتبيته بريطانيا للعراق… لذا أراد فقط… اظهار شعور تبتلا وولاء للانكليز.. وفي تلك الاثناء احتل الانكليز البصرة فما كان من عبد العزيز الا أن رفع يديه ضارعا مسرورا داعيا (ربه) بالنصر للانكليز… ونحن نعلم أي رب يضرع إليه عبد العزيز الذي لا يؤمن برب سوى شهواته الحيوانية ولا يدين الا بدين المال الحرام.. وكل حرام. وبعد ذلك.. أرسل عبد العزيز آل سعود هذه البرقية إلى السير برسي كوكس يهنئه بمناسبة احتلال الاستعمار الانكليزي للعراق يقول: (سيدي السير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى دام عزها… دخول جيوشكم الانكليزية العظيمة للعراق نصر مبين للمسلمين وعز مكين لنا… عبوديتنا وخدماتنا لبريطانيا العظمى وولائنا لكم إلى الابد) خادمكم. أمير نجد وعشائرها عبد العزيز آل سعود مطية طيّعة أرادت الحكومة البريطانية أن لا تكتفي بمطية واحدة تحمل اسفارها في الجزيرة العربية لحينما يتبين لها أـصلح المطايا… فأخذت تكثر العطاء لعبد العزيز آل سعود في الوقت الذي تعين فيه الشريف حسين… وتعطي لكل منهما وعداً ضد الآخر حتّى يتبين لها الاصلح… وكان الاصلح بلا شك هو عبد العزيز الذي دعمته بكل ثمن ثمين حتّى النهاية… لكن عبد العزيز آل سعود مع كل الضمانات كان لا يخفي تخوفه من غدر الانكليز به ـ من غير اليهود ـ لعلمه بأن الوعود التي يقطعونها له هي في الوقت نفسه نفس الوعود التي يقطعها هؤلاء الانكليز لحسين بن علي ولهذا كتب عبد العزيز إلى المندوب السامي على العراق والخليج السري برسي كوكس في البصرة لثقته به يرجو منه أن يلتقي به في أسرع وقت ممكن، فتم اللقاء بينهما في العقير ـ كما سبق أن ذكرنا ـ وفي هذا اللقاء تم توقيع عبد العزيز باعطاء فلسطين لليهود كما هو آنف، وبذلك طمأنه السير برسي بقوله: (لا تكترث يا عبد العزيز بدعمنا ومواعيدنا للشريف ما دمنا نضمن لك النصر عليه ونتعهد لك بأن لن يعتدي عليك الشريف ولا غيره ما دمنا معك واعلم أن أية حركة ضد الشريف اليوم هي ضدنا وعلينا وفيها مساعدة لاعدائنا وانا ألح عليك الان أن لا يكون بينك وبين الشريف إلا الصداقة وأن تحضر مؤتمر الكويت وتظهر تأييدك المطلق للشريف حتّى لا يشذ أحد من امراء الخليج والعرب فتفشل خطتنا بمحاربة الاتراك) فلبى عبد العزيز آل سعود قول كوكس بقوله حرفيا: (لكم السمع والطاعة مني ومن ذريتي من بعدي)!. وحضر عبد العزيز مؤتمر الكويت ـ كما ذكرنا في مكان آخر ـ فألقى السير برسي كوكس أمام حضور المؤتمر كلمته التي جاء فيها: أمجاد العرب في خدمة بريطانيا! (ان حكومة بريطانيا لا تكن للعرب إلا الحب والنية الحسنة وهي ترغب في أن يستعيد العرب أمجادهم وتحرص على جمع كلمة العرب ولم شملهم ليكونوا كتلة قوية متماسكة يتمكنوا بواسطتها من صد أي اعتداء يقع على بلادهم من الخارج!) ثم وجه السير برسي كوكس كلامه إلى الامير عبد العزيز آل سعود مستطلعا "عما يستطيع أن يقدمه من المساعدة للحلفاء!" وقال كوكس: (ان الخلافة الإسلامية يجب أن تعود للعرب وليس للاتراك حق فيها!) واتخذ المجاملة سبيلا إلى غرضه المطلوب مخاطبا عبد العزيز آل سعود: (ان جلالة ملك بريطانيا يستحسن اسناد منصف الخلافة الإسلامية اليك يا عبد العزيز ويساعد في تحقيقه وبالمناسبة اقلدك وسام نجمة الهند!) وبما أن "الامير عبد " العزيز آل سعود يعرف مسبقا أن الرسول البريطاني كوكس لا يريد من توجيه كلامه لعبد العزيز إلا أن يعلن عبد العزيز تأييده للشريف حسين بن علي ليقتدي به بقية أمراء الخليج والجزيرة العربية إلى حين خروج الاتراك من الجزيرة العربية ليحل محلهم الانكليز وبعدها يعمل الانكليز ما عملوا لتقسيم الشام والعراق والجزيرة العربية إلى دويلات هزيلة. وبعد أن قعد كوكس.. وقف عبد العزيز يحمد ويشكر الانكليز ويجزل لهم وعليهم الثناء ويؤيد الشريف حسين رغم عداءه الشخصي له ويلعن الاتراك رغم طلباته العديدة من الشريف حسين (بالتوسط له لديهم واعادة ثقتهم به ومنحه بركات الدولة العثمانية العلية) وليراتها التركية ومما قاله عبد العزيز في خطابه: (في الوقت الذي نجد أن الاتراك دائبون على تفكيك عرى الامة العربية واضعافها نجد أن الدولة البريطانية دام عزها مجدة في لمِّ شعث الامة العربية وتقوية أمرائها، واني أعاهد الحكومة البريطانية بأن لا يأتيها ضرر مني ما دامت المعاهدة بينها وبيني مرعية الجانب. واعاهدها أيضاً بأنني لن أنضم إلى أي حلف عربي ضدها واؤكد لها أن آل سعود والعرب لا يجتمعون عليها بسوء ما دامت معهم واني أرغب أن يجتمع أمرنا على مساعدة الحلفاء، وأما مسألة الخلافة فلا ذوق لي بها ولا أرى من هو أجدر بها من الشريف حسين!). ثم تلاه الشيخ خزعل شيخ الاهواز وضرب العميل على نفس الوتر المطلوب ومما قاله: (اننا نحتفظ بالعهود البريطانية ونفتخر بصداقتنا لهذه الدولة الفخيمة الانكليزية ونحن لها سيوف مشهورة على أعدائها)!!. وتلاه الشيخ جابر المبارك الصباح وقال: (إننا إذا اجتمعت كلمتنا على شئ فنحن له من الطائعين!) تعليق "نياشين" العمالة وكان السير برسي كوكس قد أنعم على الشيخ ج ابر المبارك الصباح بنجمة انكليزية كالنجمة التي أنعم بها على عبد العزيز آل سعود وانتهى المؤتمر بتأييد الانكليز كل ما يريدونه ومن ذلك تأييده ما سمي "بالثورة العربية الكبرى" فأرسل الامير عبد العزيز آل سعود والشيخ جابر المبارك الصباح برقية الشرك والثناء التالية نائب ملك الاستعمار الانكليزي بالهند… ننقلها كما هي: (حضرة صاحب السعادة شلمسفورد حاكم الهند العام ونائب جلالة الملك المعظم والامبراطور: نشكر عواطفكم الكريمة بتنازلكم لمخلصيكم على النياشين السامية الذين تعطف بها صاحب الجلالة الملك المعظم على المخلصين الصادقين للانكليز. اننا نقابل هذه التعطفات الجلية بمزيد الشكر والامتنان والولاء ونرجو أن نكون دائما كاسبين رضاكم بالخدمة الخالصة وملحوظين بعين الاعتبار بعنايتكم الجليلة). المخلص عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود المخلص جابر المبارك الصباح عبد العزيز يدعو عجمي السعدون للتخلي عن الإسلام والايمان بالانكليز وهكذا وافق معظم الامراء على ثورة الانكليز على الاتراك المعروفة باسم (الثورة العربية الكبرى) عدا الشيخ عجمي باشا السعدون شيخ قبائل المنتفق، فطلب السير برسي كوكس من عبد العزيز آل سعود ان يتوجه إلى العراق لاقناع عجمي السعدون بالايمان بالانكليز وتأييد الثورة ضد الاتراك. وفي يوم 1 صفر 1335 هـ ـ 27 تشرين الثاني 1916 م سافر عبد العزيز آل سعود من الكويت إلى البصرة ومعه الشيخ خزعل الشيخ المحمرة الاحواز التي تسمى الآن (عربستان) سافر عبد العزيز ليشخص بين يدي ممثلي الحكومة البريطانية ويقدم لهم جزيل الشكر على عطفهم عليه. وقد لقي عبد العزيز من السلطات الاستعمارية البريطانية في البصرة منتهى الحفاوة ودعي رسميا لزيارة قيادة الجيش البريطاني حيث صرح كوكس لعبد العزيز: (ان هذه الجيوش لم تعدها بريطانيا العظمى إلا لحماية اتباعها وفي طليعتهم عبد العزيز ومناصرة الامة العربية!). وفي هذا الأثناء كتب برسي كوكس كتابا بلسان عبد العزيز وطلب منه أن يرسله إلى عجمي السعدون "الرافض" (يناشده فيه أن يكرس جهوده وجهود أتباعه للتعامل مع الانكليز من أجل حرية العرب والمسلمين وتحريرهم من يد الاتراك)!! فأرسل عبد العزيز آل سعود الكتاب التالي: (من عبد العزيز آل سعود إلى الأخ عجمي باشا السعدون حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: اكتب اليكم كأخ يسره ما يسركم ويضره ما يضركم ولا يود لكم والله وبالله إلا الخير، لقد استأت كثيرا أن أراك تقف هذا الموقف المتكبر تجاه الانكليز دفاعاً عن الاتراك، مما أغضب الانكليز عليك، ولكني وأنا أعرف مدى اخلاصك للعهد، فقد اطلعت الانكليز على ذلك ووقفت معتذراً دونك، فإذا كنت تتمسك بالولاء للاتراك دون الانكليز اجتهاداً منك بأن الاتراك مسلمين وهم أقرب اليك من الانكليز ومحافظة منك على العهد ومسؤولية العهد في الاسلام، فأنصحك نصيحة أخوية أن تترك الدين جانباً فالانكليز أصلح لنا وللدين من الاتراك، أما عن نكوث العهد وعدم جوازه في الاسلام، في رأيك، فبامكانك نكثه واطعام ستين مسيناً وكم نكثنا من العهود. ونحن قبلك قد عاهدنا الاتراك وكنا نتقاضى مرتباتنا منهم لكننا لما رأينا مصلحتنا ومصلحة أمتنا التي يدافع عنها الانكليز، رأينا أن نفضل الانكليز على الاتراك لان في الانكليز كل الخير وكل القوة، أما الاتراك فقد ولّى دورهم دون رجعة، ولم اكتب لك إلا وأنا متأكد من العلماء عندنا بصلاح الانكليز للدين وللعرب ومضرة الاتراك على الدين والعرب، فأرجوك أن ترجع إلى علماء الدين في هذا الموضوع وأن على الدين والعرب، فأرجوك أن ترجع إلى علماء الدين في هذا الموضوع وأن تعدل من رأيك، فوالله وبالله انني لا أريد لك الا النصح والاخلاص والله يحفظكم)! فبعث عجمي السعدون، بعد ذلك، برسالة يرفض فيها عمالة عبد العزيز آل سعود وهذا نصها: (من عجمي السعدون إلى عبد العزيز آل سعود من المعلوم جيدا عندي بدرجة لا يتطرق إليها الشك ان موقفي هو موقف من يسعى لمرضاة الله العلي العظيم ولا علاء اسم العرب باظهار الولاء لهم، واي ولاء اعظم من ان اسارع باخلاص إلى ما أمرني به الله في كتابه المجيد بالجهاد ضد الكافرين اعداء الله واعداء الدين ولا يمكن ان تأخذني في الله لومة لائم. انا الذي اسعى لحب الله ونبيه وبلادنا ولحمايتها من ان يدنسها الكافرون. وقد كان لي أمل كبير في السابق بتدينكم أن توافقوني في رأيي وتؤيد ما أقوم به من أجل اعلاء كلمة العرب وليس هذا بفضل الله تمرداً وانما هو موقف بسيط معروف. وإذا كانت الحكومة التركية تذب عن حوزة الاسلام فهي عضيدي وعضيد قبائلي، وانا حقاً حاكم مطلق بأمر الله وامر الحكومة واني مقتنع ومعتقد بأني سائر في الطريق السوي الذي يرضى الله والعرب سيرا مستمرا لا يثنيني عنه شئ. وهذه هي روح إسلامية وهذا هو الوضع. واختم ما وجب علي قوله مستشهدا بكلام الله (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) وإذا كنت قد أعطيت أي وعد لهم في الماضي أو بعد ذلك فيجب علي أن أتقيد بتنفيذ ما وعدت به لكنني أعطيت عهدا بخدمة ديني وحكومتي وحميتي والله تعالى هو أحسن من يكون في عوننا وإذا ما حججتموني بترك الدين جانبا فان الواجب يدعوني إلى الوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسي من قبل حكومتي وهذا أول ما تقتضيه شيمة العرب. هذا ما وجب بيانه)!. وبعد هذا الكتاب لم تبذل الحكومة البريطانية أية محاولة لازاحة عجمي باشا السعدون عنموقفه من مناصرة الترك. ثم بقي الامير عبد العزيز آل سعود بضيافة الشيخ خزعل إلى ان عاد إلى الكويت ومنها إلى نجد. العميل المزدوج عبد العزيز يوسط الشريف حسين ليرضى العثمانيون عنه! وكان قبل عقد مؤتمر الكويت بخمس سنوات بعث "الامير عبد العزيز آل سعود" برسالة إلى الشريف حسين بن علي يرجوه فيها ان يتوسط له ويشفع لدى الدولة التركية لتنظر له بعين العطف وجاء في تلك الرسالة قوله: (سيدنا ومولانا بهي الشيم الاجل الافخم أمير مكة الشريف حسين بن السيد علي دام مجده وعلاه: نحن محرمون من التفاتكم رغم اننا لم نخالف مراضيكم ولم نقصر في ابراز الصداقة والمحبة والمحسوبية لحضرتكم في جميع مساعينا ونرجو لطفكم وعطفكم ولنا أمل بكم يا سيدنا ان تكونوا واسطة قوية بيننا وبين متبوعنا الحكومة الشوريّة العثمانية وتعرضوا اخلاصنا وخدماتنا الصادرة في مرضاة دولتنا الدستورية، وتروني حاضرا استعدادً لكل ما تكلفوننا وتأمروننا به. افدي السدة العثمانية بعزيز روحي وأولادي وكافة آل سعود ودمتم محروسين سيدي). في 22 ربيع آخر سنة 1330 هـ خادمكم وخادم الدولة والملة أمير نجد ورئيس عشائرها عبد العزيز آل سعود ارسل عبد العزيز هذه الرسالة في الوقت الذي كان فيه يتعامل مع الانكليز يوم ان كان الشريف حسين يتعامل مع الاتراك، أي قبل ان يتعامل هذا الاخير مع الانكليز. وكان قصد عبد العزيز أن يلعب على الحبلين في "سيرك" العمالة. لكن الانكليز اطلعوا على هذه الرسالة وعندما سألوا عميلهم عبد العزيز عن سبب كتابته لهذه الرسالة أجاب: "انني بحاجة إلى المال ومرتبي الشهري الذي هو خمسمائة جنيه استرليني لا يكفي" فأرسلوا له مبلغ عشرة آلاف جنيه ووعدوه بزيادة راتبه!… أعتق العملاء وأعرقهم هكذا يدمغ التاريخ من زيفوا التاريخ مقابل أجر معلوم أو مصلحة خاصة وقالوا: ان حكام الاشراف هم وحدهم (عملاء للانكليز) دون ابن سعود.. بينما يثبت تاريخ العمالة بأن أعرق وأعتق عميل حقير في الوطن العربي هو عبد العزيز آل سعود وارثا هذه العمالة عن آبائه مورثها لأبنائه.. حيث كان آل سعود عملاء للاتراك قبل غيرهم في الجزيرة العربية لكنهم أهملوا عمالة الاتراك عندما دفع الانكليز لآل سعود اكثر مما دفعه الاتراك فباع آل سعود ضمائرهم لدافع الثمن الاكثر. اضافة إلى رغبة اليهود في دعم أولاد العم!… عمالة وراثيّة ومن سجل العمالة السعودية ننقل هذه الرسالة التي بعث بها عبد الرحمن ابن فيصل آل سعود ـ والد عبد العزيزـ في ربيع الثاني سنة 1318 إلى السيد رجب النقيب في البصرة يطلب منه التوسط لدى والي البصرة العثماني ليعينه، ويشعره أن خدماته للدولة التركية معروفة، وفيما يلي نص الرسالة: ( ما يخفى على قدم خدماتنا للدولة العلية أدامها رب البرية، ومن وقت الآباء والاجداد فنرجوا أن تخبروا والي البصرة أننا خرجنا من الكويت مع مبارك الصباح بعد أن أكثر علينا أهل نجد الالحاح أن نتوجه لاجل استنقاذهم من يد ابن رشيد. فنرجوا من تفضلاتكم ان تسترحموا لنا من حضرة والي ولاية البصرة ان يكتب لابن رشيد ان لا يتعرض لنا ولا يحرك احدا من عشائره علينا حتّى نستولي على الرياض ومعنا ابن مهنا وقصده يستولي على بريدة وابن اسليم قصده يستولي على عنيزة، ونطلب منكم التوسط مع الوالي خوفاً من قتل ومقتلو ونحن خدام الدولة القديمين وعلى هذا عهد الله وميثاقه. أننا لا نزال نؤدي الخدمات اللازمة لحضرة أمير المؤمنين أدام الله مجده وعزه ونحامي أتم المحاماة على جميع أطراف الدولة العثمانية العلية وتاريخنا معهم معروف قديم)!. هذه هي عينة من تاريخ العمالة السعودية. بداية تعامل "الاشراف" مع مكتب المخابرات الانكليزية المكتب العربي" في القاهرة أما حكام الاشراف فيبدأ تاريخ عمالتهم الواضح للانكليز عام 1333 هـ عندما توجه الامير عبد الله بن الحسين من الاستانة في 18 /8/1914 م ـ 1333 ووصل القاهرة في 22/8/1914 م يرافقه اخوه فيصل الذي كان نائبا عن والده لدى الدولة العثمانية في مجلس المبعوثان التركي بالاستانة قبل أن ينحل ذلك المجلس بقيام الحرب العالمية الاولى واتفاق الاتراك مع الالمان اتفاقا وثيقا… مما جعل الانكليز بعد أن قالوا لعبد الله عندما مر بالقاهرة قبل ذلك بشهرين: "ان الحكومة البريطانية تريد الحرص على إبقاء صلاتها ودية مع الدولة العثمانية وانها لن تساعد العرب الا ضمن هذه الدائرة مراعاة للتقاليد القديمة" ينقضون قولهم بقوله آخر في كتاب حمّله الانكليز عبد الله لوالده الحسين جاء فيه: "ان الحكومة البريطانية لتجزل الشكر والثناء للحسين بن علي لقيامه بخدمة الاماكن المقدسة وسهره على راحة الحجاج التي تهمها راحتهم!، والحكومة البريطانية لا تعارض ابداً ارجاع الخلافة إلى العرب بدل الاتراك الذين لا يستحقونها من كافة الوجوه" وفي اليوم الذي اعلنت فيه تركيا الحرب على الحلفاء ارسلت وزارة الخارجية البريطانية إلى الشريف حسين بن علي برقية جاء فيها: "ان الحكومة البريطانية ستعترف باستقلال العرب ووحدة بلادهم وستعترف بك خليفة وهي تضمن لك تأييد الامير عبد العزيز آل سعود وبقية الامراء إذا وجدنا منكم مساعدة فعلية لنا" وحتى لا يحدث "تحول الشريف" نحو الاستعمار الانكليزي بدلا من الاستعمار العثماني (المسلم وحامي الإسلام) كما يزعم… حتّى لا يحدث تحول الشريف هذا تحولا عن الشريف ارادت الحكومة الاستعمارية الانكليزية ان تبين للعرب انها هي أيضاً "حامية العروبة والاسلام" وان الحكومة البريطانية "لا هدف لها الا وحدة العرب وتوحيد وطنهم الواحد بقيادة واحدة موحدة"!!. لهذا ألقت على مكة والحجاز وبعض مناطق الجزيرة من طائراتها بالمنشور الاتي: منشور "وحدوي" انكليزي في سماء مكة! (إلى سكان بلاد العرب: قد علمتم تماما اننا معاشر الانكليز لم نخض غمار هذه الحرب الطاحنة ضد المانيا الا لانها اعتدت على الممالك الصغيرة المتاخمة لها وهاجمتها لغير ما ذنب مع ان المانيا نفسها قد كفلت ضمانة استقلال تلك الممالك بشتى العهود والمواثيق الاكيدة. ولا يغيب عنكم ان المانيا اكتنفتها الاخطار واحاطت بها الازمات فاحتالت بدهائها على الحكومة التركية لتأخذ بناصرها وتشد أزرها وقد استطاعت ان تصل إلى مآربها بفضل المبالغ الطائلة من المال والاماني الكاذبة. وكانت ترمي بذلك إلى الحصول على أمر بالجهاد من سلطان تركيا ضدنا وضد حلفائنا لان رايتنا تظل الملايين العديدة من المسلمين الذي انضم إلى جيوشنا الآلاف المؤلفة منهم واصبحوا يحاربون معنا ضد ألمانيا جنياً إلى جنب وهي ترجو من وراء ذلك أن ينقلب المسلمون ويكونوا علينا لا لنا. ولا ريب في ان كل مسلم صميم ملأت العقيدة الإسلامية قلبه يربأ بنفسه من ان يستخف بعقيدته ويكون ألعوبة في يد دولة اجنبية تجعله قرباناً على مذابح مطامعها الا شعبية. وليس رعايا بريطانيا العظمى وفرنسا وروسيا وحليفاتها وحدهم قد اظهروا ايات الاخلاص والولاء بارسال زهرة شبابهم لمساعدتنا في ميادين القتال ضد تركيا إلى هذا الحد. ولعل بينكم من يتساءل عن نوايانا بعد ان قطعنا جذوة هذه الحرب فلدفع الالتباس نصرح لكم بما يأتي: ان حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى وامبراطور الهند قررت انّه عند انتهاء الحرب ستجعل من بين شرائط الصلح ومواده الرئيسية ان تكون شبه جزيرة العرب والاراضي المقدسة التي فيها مستقلة، وألا يضم شبر منها إلى اراضينا أو اراضي أي دولة اخرى ومعنى ذلك ان استقلال بلادكم وتمتعها بالحرية اصبح محققاً لا ريب فيه وان هذه الكفالات ستجعل بفضل الله تعالى شبه جزيرة العرب ترفل في ثياب الحرية وتستعيد رقيها القديم ونضرتها الاولى. بربكم افلا يكفيكم ذلك؟. لقد صرح لنا بعض مشايخ العربان رغبتهم في التخلص من يد الاتراك وبعضهم يشد الروم ازر جيوشنا بحد سيوفهم اما الذين يرغبون فينا منكم ويخافون المجاهرة بما في نفوسهم فاليهم نسوق حديثنا هذا: "لا يداخلكم من جانبنا شك وترقبوا سنوح الفرصة المناسبة فهي آتية لا ريب فيها وعندما تخلعون عنكم رداء الظلم وتنفضون عن كاهلكم غبرا الاستبداد وانا لا نألوا جهداً في مد يد المساعدة اليكم كما اننا نعدكم وعدا صادقا ستصيرون بحول الله وقوته امة متمتعة بكل معاني الاستقلال أنتم على شوق إلى معرفة نوايانا من جهة دينكم الكريم الا فاعلموا ان الديانة الإسلامية قد احترمتها انكلترا أجل الاحترام واكبرتها كل الاكبار والتاريخ اكبر شاهد على صدق ما نقول، وما فتئنا لهذا السبب نمد يد المساعدة لسلطان تركيا ونزيد آصرة الالفة والود بيننا وبينه تمكينا، واما الان وقد حمله بعض وزرائه على نكران كل جميل صنعناه به وعلى مناوأتنا بعد طول الصداقة بيننا وبينه فليس عليه الا ان يرضخ لمشيئتهم ويقبل عاقبة ما كان، ولكن سياستنا سياسة الاحترام والصداقة للاسلام والمسلمين لن يتطرق لها ادنى تغير، وان اقرب برهان على ما ذكرناه هو رغبتنا في مساعدة سكان الاراضي الحجازية بمقادير من الحبوب ولكن ضباط الالمان والاتراك صادروا هذه المقادير حال وصولها جدة والجأونا إلى عدم ارسال الحبوب لاعدائنا ليسدوا مابهم من ألم المسغبة في حين ان الفقراء خماص البطون يتضرعون من الجوع، وبالرغم من كل هذه الصعوبات فالحكومة الانكليزية بعد ما سمعت ما يتكبده الحجاج وسكان بلاد العرب الابرياء من آلام الجوع لندرة المأكولات قد حركتها عوامل الشفقة والصداقة السرمدية نحو العرب اجمع فقررت التصريح بجلب المأكولات إلى جدة عن طريق البحر فليتأكد العرب انفسهم ان هذه المؤن الغذائية هي قوت لهم ولعائلاتهم وليجتهدوا في منع مصادرتها من هؤلاء الذين يعملون على نقيض القواعد المتبعة ابان الحروب ويخطفون لقمة الجائع من فمه). كذا!… انشاء مكتب المخابرات الانكليزي "المكتب العربي" خصيصاً لانشاء "الثورة العربية"! وفي شهر كانون الثاني من عام 1915 م ـ 1334 هـ وصل مصر السير مكماهون كمفوض سامي ومعه التعليمات السرية بالعمل على اكتساب صداقة الشريف اكثر فأكثر وتأسس في شهر شباط من عام 1916 م ـ 1334 هـ "المكتب العربي لدرس وتحسين السياسة البريطانية حيال الشؤون العربية وجمع المعلومات الخطيرة"! فتوالت الاتصالات والمكاتبات بين حسين وبين ممثلي الحكومة البريطانية في القاهرة، ولكن الشريف حسين بالرغم عن كل ذلك بقي ممتنعاً عن النهوض في وجه تركيا نهوضاً سافراً إلى أن علم بما عقدته الحكومة البريطانية من المعاهدات مع الامير عبد العزيز آل سعود فخشي ان يتقدمه في الزعامة والنفوذ لدى الحكومة البريطانية، ومما زاد أيضاً في تشجيعه واسراعه باعلان ثورته اعتقال جمال باشا والي سوريا لزعماء العرب في بيروت ودمشق واعدام بعضهم علنا هنأك فكانت له فرصة انتهزها وسارع في عقد الاتفاقية الآتية: الاتفاقية الاولى (أولاً: تتعهد بريطانيا العظمى بتشكيل حكومة عربية مستقلة بكل معاني الاستقلال في داخليتها وخارجيتها حدودها شرقا "خليج فارس" وغربا بحر القلزم والحدود المصرية والبحر الابيض. وشمالا حدود ولاية حلب والموصل الشمالية إلى نهر الفرات ومجتمعة مع الدجلة. وتتعهد هذه الحكومة برعاية المعاهدات والمقاولات التي اجرتها بريطانيا العظمى مع أي شخص كان من العرب في داخل هذه الحدود بانها تحل محلها من رعاية وصيانة حقوق تلك الاتفاقيات مع اربابها امراء كونوا أو من الافراد. ثانيا: تتعهد بريطانيا العظمى بالمحافظة على هذه الحكومة وصيانتها من أي تدخل كان بأي صورة كانت في داخليتها وبسلامة حدودها البرية والبحرية من كل تعد أي كان شكله حتّى ولو وقع فتنة داخلية من دسائس الاعداء أو من حسد بعض الامراء تساعد الحكومة المذكورة مادة ومعنى على دفع تلك الفتنة وهذه المساعدة من الفتن والثورات الداخلية تكون مدتها محدودة أي إلى حين تتم للحكومة العربية تنظيماتها المادية. ثالثا:تكون ولاية البصرة تحت مشافة بريطانيا العظمى إلى أن تتم للحكومة الجديدة المذكورة تنظيماتها المادية ويعين من جانب بريطانيا العظمى في مقابل تلك المشارفة مبلغ من المال يراعى فيه حالة الحكومة العربية. رابعا: تتعهد بريطانيا العظمى بقطع الخط من مرسين أو نقطه مناسبة في تلك المنطقة لتخفيف وطأة الحرب عن بلاد ليست مستعدة لها). وكذا.. كان الاتفاق!… الطائرات الانكليزية تضرب الكعبة بالقنابل والشريف حسين يتهم الاتراك!! وبعد عقد هذه الاتفاقية قام الانكليز بقذف بعض الاماكن في مكة وحول الكعبة بالقنابل من طائراتهم وأشاعوا أن الاتراك هم الذين فعلوا هكذا… وذلك ليثيروا الناس على الاتراك وبعد ذلك قرر الشريف حسين أن يساهم فعليا في طرد الاتراك من بعض الاقاليم العربية فأعلن "ثورته" في 9 شعبان 1334 هـ الموافق 5 حزيران 1916 م "وأطلق الرصاصة الاولى " من نافذة قصره!. فالتف حوله عرب الحجاز وغيرهم وأذاع المنشور الذي يوضح فيه سبب قيامه "بالثورة" وهذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم (هذا المنشور العام إلى كافة اخواننا المسلمين. "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين"! كل يعلم بأن أول من اعترف بالدولة العلية من حكام المسلمين وأمرائهم أمراء مكة المكرمة رغبه منهم في جميع كلمة المسلمين وتحكيما لعرى جماعتهم لتمسّك سلاطينها من آل عثمان العظام طاب ثراهم وجعل دار الخلد مثواهم بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلوات الله عليه وتفانيهم في انفاذ أحكامهما ولنفس تلك الغاية السامية الرفيعة لا يزال الامراء المشار اليهم محافظين عليها فاني حملت بالعرب على العرب سنة 1329 هـ لفك حصار أبها محافظة لشرف الدولة وفي نفس السنة التي أعقبتها جرت عين هذه الحركة تحت قيادة أحد أبنائي إلى غير ذلك مما هو في هذا المعنى كما هو مشهور ومعهود إلى أن نشأت في الدولة جمعية الاتحاد وتوصلت إلى قبض ادارتها وكافة شؤونها بما كانت نتيجة انتقاصها من الممالك ما قوض عظمتها مما عرفته أفراد العالم وخصوصا خوضهم بها غمرات الحرب الحاضرة وايقافهم اياها اليوم من موقف الهلكة التي لا تحتاج لبيان كل هذا لمحض غايات معلومات تأبى احساساتنا البحث فيها وتستدعي تفطر قلوب مسلمي المعمورة أسى وحزنا على دولة السلام وتمزيق ما بقي من سكان ممالكها بلا تفرقة بين مسلمهم وذميهم فريق منهم بالصلب وأنواع الاعدام والاخر باجلائه عن وطنه على الصورة المعهودة والحالة المشهودة علاوة على ما أصيبوا به في أموالهم وأنفسهم من آفات الحرب ولا سيما هذه الحرب الا خيرة التي كان للارض المقدسه النصيب الاعظم كما يعلم مختصرا من اضطرار العموم حتى الدرجة الثالثه من الاهالي على بيع أبواب دورهم ودواليبهم وأخشاب سقفها بعد بيعهم لكافة موجوداتهم وذلك للحصول على سد الرمق كل هذا وكان جميعة الاتحاد لم تره كافيا لغرضها كما يظهر من تجاوزها على احلال الرابطة الوحيدة بين السلطنة السنية العثمانية وكافة مسلمي المعمورة الا وهي التمسك بالكتاب والسنة فقد وصفت احد صحفها الموسومه ( بالاجتهاد ) الصادرة في السلطنه السنية سيرته صلوات الله عليه وسلامه بشرِّ السير _ نسال الله العافية _ وهذا بمرآى ومسمع من وزير الدولة العظم وشيخ اسلامها وسائر علمائها واعيان رجالها وشفعت هذه الجرأة بلغو قوله تعالى (للذكر مثل حظ الأنثيين ) فساوتهما في الميراث وعززتها بالطامة الكبرى وهي هدم أركان الاسلام الخمس وهو صوم رمضان بالامر بالفطرة على الجند المقيم بالمدينة المنورة أو بمكة المكرمة أو الشام مثلا بدعوى أن زميله الجندي الاخر يقاتل في حدود الروس ولفقت لهذا أقاويل لمعا رضة صراحة قوله تعالى :( فمن كان منكم مريضا أوعلى سفر) الى غير ذلك مما يمس أساسات الاسلامية في الاقدامات المشتهرة صراحة أحكام مرتكبها بعد أن ضربت على يد شوكة السلطان المعظم وسلبته حتى الاقتدار على انتخاب رئيس كتاب ما بين سلطنته الشريفة أورئيس خاصته المبجلة المنيعة فضلا عن النظر في أمور المسلمين ومصالح البلاد والعباد وما في هذا من اسقاطهم لشروط الخلافة المطالبين بها المسلمين وجوب البراءة منها والحالة هذه مما لا مشاجة فيه مع هذا فما زلنا نتأول حتى ظهر الخفاء وانكشف الغطاء بان الدولة اصبحت في يد انور باشا وجمال باشا وطلعت بك يحكمون فيها بما يشاؤن ويفعلون بها ما يريدون وابسط دليل علي صحة هذا ما ورد اخيرا لقاضي محكمة مكة الشرعية بان لا يحكم الا بالشهادة التي تحررت في محكمته وبين يديه ولا يلتفت للشهادة التي يكتبها المسلمون فيما بينهم غير مبالين بما في آية البقرة هذا كله من جهة ومن اخرى صلبهم في آن واحد للواحد والعشرين رجلا من عظماء افاضل المسلمين وكبراء نوابغ العرب عدا من صلبوا من قبل وهم الامير عمر الجزائري والامير عارف الشهابي وشفيق بك المؤيد وشكري بك العسلي وعبد الوهاب الانكليزي وتوفيق بك البساط وعبد الحميد الزهراوي وعبد الغني العريسي ورفاقهم المعلومون . ولا ريب أنه يصعب حتى علي ذوي القلوب القاسية ازهاق نفوس مثل هذا العدد في آن واحد ولو كانوا من بهائم الانعام وهب اننا التمسنا لهم عذرا وانتحلنا لهم مسوغا من قبل هؤلاء الافاضل فما المسوغ لنفي عائلاتهم البائسه البريئه من كل ذنب وفيها من الاطفال والشيوخ وربات الخدور مما تتفطر لهم القلوب وتذهب الانفس حسرات عليهم واذاقتهم أنواع العذاب فوق ما قد أجرعوه من سم المصيبة باتلاف عميدهم الذي خربت بفقده منازلهم والله تعالى: يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى ) واذا انتحلنا لهذه مسوغا أيضا فمن الذي يسوغ لهم مصادرة أملاكهم وأموالهم التي يأوون اليها ويتعيشون بها بعد أن قضوا على عزيزهم وسلبوا من أيديهم اسباب عزهم . واذا تغاضينا عن هذا كله أيضاً وقلنا ربما كان لهم مسوغ إليه فكيف يمكن ان ننتحل مسوغ لجراتهم على قبر الامير الابر والمجاهد التقي الزاهد ومولانا الشريف عبد القادر الجزائري الحسيني واهانته وتحقيره .

هذا ما أبدوه من الاعمال أتينا به مختصرا تاركين الحكم فيه للعالم الانساني عموما والعالم الاسلامي خصوصا وحسبنا برهانا على ما تكنه صدورهم نحوالدين والعرب  ورميهم للبيت العتيق الذي أضافته العزة الاحدية لذاتها السبحانية في قوله تعالي ( وطهر بيتي للطائفين ) وهي قبلة المسلمين وكعبة الموحدين بقنبلتين من قنابل مدافعهم ( بحصن جياد ) أثناء قيام البلاد بالمطالبة باستقلالها وقعت احداها فوق الحجر الاسود بنحو ذراع ونصف والثانية تبعد عنه بمقدار ثلاثة أذرع التهبت بنارها أستار البيت حتى هرع الالوف من المسلمين لاطفاء لهيبه بالضجيج والنحيب واضطرهم الحال الى فتح باب البيت والصعود الى سطحه للتمكن من اطفاء اللهيب  .

وما انتهي أمرهم بهذا حتى عززوا الاثنين بثالثة في مقام ابراهيم عدا ما وقع منها في بقية المسجد الذي اتخذوه هدفهم الوحيد في غالب مقذوفاتهم بالقنابل والرصاص وما زالوا يقتلون الثلاثه والاربعة في نفس المسجد كل يوم حتى تعذر على العباد القرب من البيت . وفي هذا من الاستخفاف والازدراء بالبيت وتعظيمه وحرمته ما نترك القول والحكم أيضا لعموم المسلمين في مشارق الارض ومغاربها ,نعم نترك الحكم في هذا الاستخفاف والازدراء للعالم الإسلامي ولكنا لا نترك كياننا الديني والقومي ألعوبة في أيدي الاتحاديين وقد يسر الله للبلاد نهضتها كما وفقها بحوله وقوته لاخذ استقلالها وتكليل مساعيها بالفوز والنجاح بعد أن خربت على أيدي موظفيها ورجال حاميتها فاستقلت فعلا وانفصلت عن البلاد التي لا تزال تئن تحت سلطة المتقلبين الاتحاديين انفصالا تاما مطلقا بكل معاني الاستقلال الذي لا تشوبه شائبة مداخلة أجنبية ولا تحكم خارجي جاعلة غايتها ومبائدها نصرة دين الإسلام والسعي لاعلاء شأن المسلمين وقائمة في كل أعمالها على أساس أحكام الشرع الشريف الذي لا يكون لنا مرجعاً سواه ولا مستندا إلاّ اياه في سائر الاحكام وكافة أصول القضاء وفروعه مع استعداد لقبول كل ما ينطبق على أصول الدين ويلائم شعائره من أنواع فنون الترقي الحديث وأسباب النهضة الصحيحة باذلة كل ما في الجهد والطاقة لاعزاز العلم وتعميمه بين الناس على اختلاف الطبقات وعلى حسب الحاجة والاستعداد. هذا ما قد قمنا به لاداء الواجب الديني علينا راجين من كافة اخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يؤيدوا ما يرونه واجبا لنا عليهم بالنسبة لتحكيم روابط الاخاء الإسلامي رافعين أكف الضراعة لرب الارباب متوسلين برسول الملك الوهاب أن يتولانا بالتوفيق بالهداية إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين والاعتماد على الله العلي الكبير وهو حسبنا ونعم النصير)!. في 25 شعبان سنة 1334 شريف مكة واميرها الحسين بن علي وتبدّل مجرى العمالة وبدأت الحملة يومها في مكة وأخذ الاتراك على حين غرة وأشرف الشريف حسين على الهجوم واسرت قواته ألفا ومائة جنديا وثمانية وعشرين ضابطا واستولت على أربعة مدافع ولكن الاهم من كل ذلك الهيبة التي اكتسبها الشريف حسين لدى العرب والمسلمين بطرده الاتراك من مكة!. ثم عينت الحكومة البريطانية الجنرال السير (ونفايت) لادارة الاعمال الحربية في الحجاز! وأبلغ الشريف حسين أن بامكان السير ونفايت أن يرسل للشريف حسين ما يحتاج له العرب من النجدات الانكليزية وأن يكون له مستشارا في الشؤون العسكرية!. فبعث السير انفايت أحد ضباطه، اللفتننات كولونيل (ولسن) حاكم السودان إلى جدة ليكون ممثلا له هناك، وقد قام ولسون باعطاء الشريف حسين الارشادات اللازمة بشأن الثورة وساعده في ادارة الجهود العسكرية والسياسية وشحنت كميات كبيرة من الاسلحة والاموال إلى الحجاز. وبعد ذلك جاء لورنس الذي سمي (ملك العرب غير المتوج)… وكان الشريف حسين يرجو بعدما عاهدته الحكومة البريطانية وأعلن الثورة في الحجاز أن يحل محل الدولة العثمانية في الجزيرة العربية ويرثها وتنتقل إليه السيادة العامة فيها. لكن بريطانيا قد خيبت أمله بعميلها الوفي عبد العزيز آل سعود وذريته من بعده وأنهت الشريف حسين بنفيها اياه إلى قبرص وخلفت على أرضنا عميلها الاصيل عبد العزيز وذريته كما ذكرنا في أماكن أخرى وكما يعرفه العالم أجمع… دائن ولا يبالي! كتب الجاسوس الانكليزي الامريكي الجنسية أمين الريحاني في كتابه "ملوك العرب" صفحة 56 عن عبد العزيز آل سعود قوله: (يظن الناس اننا نقبض من الانكليز مبالغ كبيرة من المال، والحقيقة أن الانكليز لم يدفعوا لنا إلاّ اليسير مما تستحقه الاعمال التي قمنا بها لهم أثناء الحرب وبعدها، ونحن بيننا وبينهم عهد نحافظ عليه ولو تضررنا في أنفسنا ومصالحنا… الانكليز مدينون لنا ترى ذا الصحيح يا أستاذ… ونحن لا نطلب غير ما كان لآبائنا وأجدادنا من قبلنا. ليعلم ذلك أصحاب الانكليز) الكلام واضح لا يحتاج إلى تعليق فهو يقطر خيانة وعمالة ومتاجرة بفلسطين وقضايا العرب وسفك للدماء العربية واهدار لحقوقهم… آل سعود … اصدق اصدقاء لليهود وكتب جون فيلبي في الصفحة 262 من كتاب "أيام عربية" يقول: (ان خدمات عبد العزيز بن السعود لبريطانيا هي التي حملت المستر ونستون تشرشل على التفوه بالعبارات التالية عندما اجتمع بابن السعود عام 1945 في أوبرج الفيوم، بعد مؤتمر يالطة إذ قال "انّه شرف عظيم لي، وسرور ما بعده سرور، أن أجتمع إلى الرجل، الذي برهن حقا على أنه صديق في الشدة والضيق وأنه لولاه ما وصل اليهود لادنى حقوقهم" وقال فيلبي: "وقد أبدى عبد العزيز استعداده للمضي في خدمة بريطانيا، ومن الجدير بنا أن نقول، انّه في الوقت الذي عانت فيه بريطانيا وأمريكا الكثير من المتاعب لتكييف أوضاع الشرق الأوسط لمجهودهما الحربي الطويل، كانت المملكة السعودية الدولة الوحيدة في العالم العربي التي لم تسبب للحلفاء أي قلق أو ازعاج، وقد مضى على الحكومة البريطانية نحو من عشر سنوات طويلة بين عامي 1917، 1927 وهي عاجزة عن ادراك عظمة ابن السعود بالنسبة لها وأهمية آل سعود في هذه المنطقة لمصالحها ومصالح اليهود ومصالح الغرب كله)!. ان الاجتماع الذي تحدث عنه فيلبي قد تم بين تشرشل وعبد العزيز في صباح يوم السبت 4 ربيع الأول 1364 ـ 17 فبراير 1945 حينما توجه المستر ونستون تشرشل وكان مرتديا بدلة الكولونيل الأول بفرقة الهوسار الرابعة وكان معه ايدن وزير الخارجية، واللورد موزان طبيب تشرشل، والمستر جوردن الوزير المفوض بجدة، والجنرال برنار باجيت القائد العام لقوات الشرق الأوسط، والسير ادوارد جريج الوزير المقيم في الشرق الأوسط، واللورد كلبرن السفير البريطاني بالقاهرة، والسير الكسندر كادوجان وكيل وزارة الخارجية، والسير والترسمارت المستشار الشرقي بالسفارة البريطانية بالقاهرة، والمارشال هيرست قائد القوات الجوية في الشرق الأوسط، والمستر جرافتي سميث الوزير المفوض بجدة، والمستر لسلي روان السكرتير الخاص للرئيس تشرشل، والسير وليم كروفت سكرتير مكتب وزير الدولة، والبريجادير كلايتون، والماجور راندولف تشرشل ابن الرئيس تشرشل، وخلاف الاجتماعات الرسمية فقد اختلى تشرشل بالملك عبد العزيز ساعة (ليبحث أمور غاية في الاهمية) كما قال عبد العزيز، وقال أحد مرافقيه ـ الذي نرمز له باسم "س ب ش" (ان البحث في ذلك الاجتماع الخاص قد تعرض لفلسطين، وقد أوضح تشرشل قرب موعد تنفيذ سيطرة اليهود عليها وتنفيذ ما وعد به عبد العزيز وسجله في مؤتمر العقير من اقامة دولة يهودية في فلسطين. وقدم تشرشل لعبد العزيز جزيل امتنانه لجهوده التي بذلها من أجل بريطانيا عام 1936 حينما ثار الشعب الفلسطيني ضد الانكليز. وتدخل عبد العزيز لدى بعض زعماء فلسطين لايقاف القتال، لا فساح المجال للتفاوض وحل المشكلة وامتصاص النقمة ضد الانكليز… وقال تشرشل لعبد العزيز: انك تختلف اختلافا كليا عن بقية زعماء العرب يا عبد العزيز، بما لديك من امكانيات اقناع الاخرين، لهذا فاننا نعلق عليك أهمية كبرى، ونحن على يقين عندما ناصرناك أولا من أن جهدنا لن يضيع سدى، وان رأينا فيك في محله فقال عبد العزيز: أنني أنا عبد العزيز لن أتغير، وسأظل أنا وذريتي من بعدي دعامة كبرى لبريطانيا وحليفتها أمريكا، وأنا صريح كل الصراحة معكم ولن أنسى فضلكم علي. فلولاكم لم أحصّل ما حصلت عليه، والدنيا كلها مصالح متبادلة وأنتم أصحاب السخاء والفضل الأول، ومهما فعلت في خدمتكم فلن أرد لكم بعض جميلكم عليّ… وانني أكرر موافقتي باقامة دولة لليهود في فلسطين على أن لا تقوم ضجة حول مناصرتي لكم وموافقتي هذه فقد يكشف الامر فتفسد الخطة، ويجب أن نظهر ما لا نبطن، وقد اتفقت مع روزفلت قبل أمس على بعض الشروط ـ )!. وكان عبد العزيز قد اجتمع بالرئيس الامريكي روزفلت يوم الخميس 2 ربيع الأول 1364 هـ ـ 15 فبراير 1945 وذلك في البحيرات المرة حيث انتظره الرئيس الامريكي بالطرادة الامريكية "كوينيري" استقبالا له وحفاوة به وقال له روزفلت: (انني معجب بك يا عبد العزيز لا لاننا نعتبرك زعيم العرب الاكبر وكبير المسلمين الاوحد فحسب، وانما لاخلاصك لنا فأنت لن تتغير مهما كبرت وعظم شأنك لانك جوهر ثمين لا يقدر بثمن بالنسبة لنا. وانني اطمئنك بأن الروابط التجارية والاقتصادية والعسكرية والاخوية ستزداد بيننا وثوقا لما يبذله كل منا في سبيل مصالحنا المشتركة، ولابد من ايجاد حل لقضية فلسطين يطمئن الشعب اليهودي المشرد تكونون عونا لنا فيه والدين الإسلامي الذي اعتنقتموه واصبحتم قادته دين محبة واخاء يحترم كل الاديان السماوية ويؤمن بكل الانبياء والرسل وما جاءوا به. واليهود هم أقرب لكم منا، ولابد من مضاعفة جهودكم لدى العرب والفلسطينيين خاصة لقبولهم بهم وإقناعهم أن الجميع أبناء سلم)… فتعهد عبد العزيز لروزفلت (أنه في حال تشريد عدد كبير من الفلسطينيين بعد اعلان إسرائيل في فلسطين: تشغيل قسم كبير من اللاجئين في شركة آرامكو وبعض الاعمال الاخرى، وحفر آبار جوفية في صحراء "قرية" الواقعة بين الكويت و"السعودية" لمن يريد الاستيطان، بالرغم من انني لا أخفيكم مخاوفي من ان ينقل الفلسطينيون بذورة الفتنة لرعايانا فيثيروا الرعية، لكنه ما عندي لهم إلاّ السيف وأنا معكم في كل شئ إلى يوم القيامة)!. وانتهى الاجتماع على مثل هذه الخيانات المفضوحة التي لا تحتاج إلى تعليق… بعد أن أبدى روزفلت "مزيدا من اعجابه بعبد العزيز" وأهداه طائرة أمريكية قال: (انها هدية رمزية تذكارية لهذا الاجتماع التاريخي) ووعده بكل ما يحتاج من اموال… … أما تشرشل فقد قدم لعبد العزيز صندوقين من العطر الشذي قال عنه انّه مستخلص من أحسن الخلاصات العطرية المركزة من العنبر والمسك والياسمين وغيره، وبكل صندوق ست زجاجات… كتذكار لهذا الاجتماع الذي ولدت عنه أيضاً "الجامعة العربية"، وشرح تشرشل لعبد العزيز الفائدة المشتركة من انشاء جامعة الدولة العربية لتكون البديل للوحدة العربية وامتصاص شعور العرب بالوحدة الحقيقة وعلق عبد العزيز: مبديا موافقته على كل ما قاله تشرشل بقوله "انّه يمكن الاستغناء عن الذهب بالذهب الزائف" فأعجب تشرشل بحكمة عبد العزيز تلك!… هكذا أرادوا من تكوين جامعة الدول العربية لتكون جامعة خداع للعرب بتجمعاتهم وتوقيعاتهم وقراراتهم … لكنه لم يخف على العرف زيف جامعة الدول العربية!… كوكس يحدد الحدود العربية، وعبد العزيز يبكي أمامه كتلميذ فاشل وقح قال هـ. ر.ب. ديكسون الذي كان وكيلا سياسيا لبريطانيا في الكويت والبحرين، في الصفحة 277 من كتابه "الكويت وجاراتها": (في أيلول سنة 1922 ارسلني السير برسي كوكس للاتصال بعبد العزيز آل سعود لحضوره إلى ـ العقير ـ لمقابلة السير برسي كوكس لتقسيم الحدود، وفي 10/11/ 1922 ابلغني عبد العزيز خطيا أنه سيصل إلى العقير في الحادي والعشرين من الشهر نفسه فأبرقت إلى كوكس لاعلامه، وتلقيت من كوكس جوابا يفيد بأنه سيحضر إلى البحرين على ظهر احدى السفن الملكية طالبا مني تدبير امر سفره، ويصحبه صبيح بك الوزير العراقي للمواصلات والاشغال، والميجر مور الوكيل السياسي في الكويت الذي سيمثل الشيخ أحد الجابر حاكم الكويت، والشيخ فهد الهذال رئيس فرع العمارات في قبيلة عنزة ومساعده الشخصي، وهو ضابط سابق في سلاح البحرية البريطانية، وعدد من الموظفين والكتبة العرب، واتجهنا جميعا من البحرين إلى العقير في زورق بخاري يملكه عبد العزيز القصيبي "الممثل التجاري ومسؤول المخابرات الخاصة لابن سعود في البحرين" وكان عبد العزيز آل سعود قد وصل قبلنا فأقام خياما بيضاء " ومعه جون فيلبي"، واستقبلنا ابن سعود استقبالا رائعا إلاّ فهد الهذال ونوري الشعلان اللذين لم يستقبلهما لانهما يدعيان انهما اعلى منه منزلة في قبيلة عنزة، وانه دخيل على قبيلة عنزة وانه يهودي وبالرغم من ذلك عينته بريطانيا حاكما لنجد وعشيرة عنزة ولم تعينهما بريطانيا بالرغم من اصالتهما وفهمهما اكثر منه!… وكان يمثل العراق صبيح بك ويمثل نجد عبد العزيز ابن سعود. أما السير برسي كوكس فكان بمثابة الحكم الذي ظل دائما كأبي الهول صامتا صبوراً رحب الصدر يضفي على الجو انفاسا من المرح والهدوء، لكنه كان مصمما أن لا يذهب إلاّ وقد وضع صيغة للاتفاق في جيبه!.. وبعد ذلك، القى السير برسي كوكس كلمة اعرب فيها عن رغبة حكومة صاحب الجلالة البريطانية في تحديد حدود كل بلد عربي "وحتى يقتنع ابن بريطانيا المدلل عبد العزيز آل سعود بعدم الطمع بأكثر مما يقسمه له كوكس حسبما تقتضيه مصلحة بريطانيا في تقسيمات البلاد العربية ـ طلب كوكس إلى صبيح بلك ممثل العراق أن يدعي بأشياء لا تصدّق سترونها من سياق حديث صبيح بك، فقام صبيح بك بالقاء كلمته وقال: "منذ خلق الله العالم ومنذ بدء تدوين التاريخ وحدود العراق تمتد جنوباً إلى بعد اثنى عشر ميلا من الرياض عاصمة ابن سعود. وتلتف هذه الحدود غرباً إلى البحر الاحمر فتشمل حائل والمدينة وينبع، وشرقاً فتضم الهفوف والقطيف على الخليج. ويشهد الله أن هذه وهذه فقط هي الحدود الصحيحة ـ بدون منازع ـ "!… ويعلق هـ .ر.ب. ديكسون على خطاب "صبيح بك" منتقدا فيقول: (لست اعرف شيئا عن الخليقة، ولكن أعرف انّه منذ ايام ابراهيم، جدي الاكبر، واراضي نجد وعالم البادية يمتدان شمالا إلى حلب ونهر العاصي بشمال سوريا ويضمان كل البلاد الواقعة على الضفة اليمنى من نهر الفرات حتّى البصرة على الخليج) ويتابع ديكسون كلامه فيقول: (بمثل هذا الكلام بدأت المناقشات واستمرت خمسة ايام كاملة. ومع أن ابن سعود كان يعتبر نفسه حليفا وصديقا لبريطانيا، إلاّ انّه كان يشعر بانه مطوق من جميع الجهات بعدد من الدويلات الدمى التي خلقتها حليفته بريطانيا. لكنه كان يعرف تماما أن تحدي بريطانيا سيكون كارثة عليه. فقد تصرف في مؤتمر العقير على أساس أن ممثليه في المحمرة عملوا بعكس تعليماته في موافقتهم على امكانية وضع خط ثابت للحدود بين العراق ونجد. وقد عمل ابن سعود المستحيل لحمل المؤتمر على وضع حدود عشائرية بدل خط تحكيمي يرسم على خارطة، على أساس تصنيف القبائل التي تذهب إلى نجد وتلك التي تذهب إلى العراق والكويت. فبدأ بالاصرار على أن الظفير وهي قبيلة تقطن في العراق هي له، ولذلك فانه من الضروري أن تمتد حدوده إلى الفرات لا لانه يرغب في السيطرة على النهر ـ بل لانه يرغب في أن تشرب "بعارينه" وحميره من النهر ـ ولا الظفير والقبائل البدوية الكبيرة الاخرى تنتقل سنويا إلى الفرات، ولا يمكن أن تحرم هذا الحق لانه مسألة حياة أو موت بالنسبة لرجال الصحراء!. ولكن بمجرد اشارة من السير برسي كوكس قال فيها: أن هذا الادعاء غريب و لايمكن أن يجري بحثه، تخلى ابن سعود عن قبيلة الظفير، وتبنى خطا أكثر تعقّلا على أساس الحدود العشائرية يضمن حقوق القبائل العائدة له، ويمنع قيام اضطرابات في المستقبل. وقال أنه من السهل وضع نظام للآبار والمراعي التي تملكها كل قبيلة لانه منذ أيام إبراهيم وكل قبيلة تعرف آبارها ومراعيها من تلك التي ليست لها. واقترح، على سبيل المثال، أن تشكل الحدود للآبار الواقعة إلى اقصى الجنوب والتي تدعى ملكيتها عنزة والضفير، وقبائل الكويت (باستثناء مطير والعوازم والعجمان التي اكد ابن سعود انها تقع تحت سيطرة حكومته) اما الآبار التي عرفت بأنها ملكية كتلك التي بين عنزة والظفير وبين الظفير ومطير، فيجب أن تعلن منطقة محايدة. ولما سئل كيف يستطيع إثبات ملكية هذه الآبار اجاب بأن جميع أهل الصحراء يعرفون ذلك كضوء النهار، فضلا عن أن هنالك وصمات قديمة العهد موجودة على جدران الآبار الداخلية. وفي حال حدوث نزاع فان أهل الخبرة يستطيعون تصحيح الامر. واعلن صبيح بك عندما سئل عن رأيه في تلك المرحلة من المحادثات، أن العراق لن يقبل بأي تخطيط للحدود يعطيه أقل من مائتي ميل إلى الجنوب من الفرات. وفي اليوم السادس للمؤتمر تدخل السير برسي كوكس في الامر وابلغ الطرفين انّه إذا استمرت المفاوضات على هذا الشكل فانهما لن يتوصلا إلى أي اتفاق قبل سنة من الزمان ففي اجتماع خاص ضم السير برسي كوكس، وابن سعود وأنا فقط، فقد السير برسي صبره، واتهم ابن سعود بأنه تصرف تصرفا صبيانيا في اقتراح فكرة الحدود العشائرية. ولم يكن السير برسي يجيد اللغة العربية فقمت أنا بالترجمة. ولقد أدهشني أن أرى سيد نجد يوبخ كتلميذ (وقح) ـ من قبل المندوب السامي ـ لحكومة صاحب الجلالة البريطانية الذي أبلغ ابن سعود بلهجة قاطعة أنه سيخطط الحدود بنفسه بصرف النظر عن كل اعتبار!. هكذا انتهى هذا الفصل من المسرحية، فانهار ابن سعود واخذ يتودد ويتوسل ويبكي معلنا أن السير برسي هو أبوه وأمه، وأنه هو الذي صنعه ورفعه من لا شئ إلى المكانة التي يحتلها، وأنه على استعداد لان يتخلى عن نصف مملكته بل كلها إذا أمر السير برسي بذلك. وأخذ يقبل يد برسي كوكس ورجله… ولم يلعب ابن سعود دورا يذكر أكثر من هذا في المحادثات تاركا الامر للسير برسي ليقرر حل مشكلة الحدود. وفي اجتماع عام للمؤتمر أخذ السير برسي قلماً أحمرا ورسم بعناية فائقة على خارطة الجزيرة العربية خطا للحدود من الخليج العربي إلى جبل عنيزان بالقرب من حدود شرق الاردن، وبذلك يكون قد أعطى العراق مساحة كبيرة من الاراضي التي تدعى نجد ملكيتها. وارضاء لابن سعود حرم الكويت بدون شفقة مز ثلثي أراضيها تقريبا وأعطاها لنجد بحجة أن سلطة ابن صباح في الصحراء أصبحت أقل ما كانت عليه يوم وضعت الاتفاقية الانكليزية ـ التركية. والى الجنوب والغرب من الكويت رسم منطقتين أعلن انهما ستكونان محايدتين سميت الاولى، منطقة الكويت المحايدة، وسميت الاخرى منطقة العراق المحايدة. وجوابا على اعتراضات عبد اللطيف باشا المنديل على وجود منطقة محايدة للكويت، قال السير برسي: ان قبائل الكويت يجب أن يكون لديها مزيد من المراعي. وعندما الح الباشا في الاعتراض استشاط السير بيرسي غيظا وقال له: ـ بربك، لماذا تصر على أن تكون تلك المنطقة لنجد؟… فأجابه الباشا بقوله: ـ بصراحة لاننا نعتقد أنه يوجد نفط في تلك المنطقة. ورد السير برسي قائلا: ـ وهذا بالضبط هو سبب جعلها محايدة حتّى يكون لكل واحد ـ من أولادنا ـ حصصا متساوية . ويتابع ديكسون كلامه عن دموع عبد العزيز وكوكس (وحوالي الساعة التاسعة من ذلك المساء حدثت مقابلة مدهشة. فقد طلب ابن سعود مواجهة السير برسي على حدة. وصحبني السير برسي معه فوجدنا ابن سعود واقفا وحده وسط خيمة الاستقبال بادي الاضطراب. وبادر ابن سعود السير برسي قائلا بصوت كئيب: أعطيتموني عطاء واسترجعتموه، لقد حرمتني، يا صديقي، من نصف مملكتي. الافضل أن تأخذها كلها ودعني أذهب للمنفى وظل ذلك الرجل ـ الذي قتل أكثر من نصف مليون إنسان ليبني بجماجمهم مملكة لعائلته ـ واقفا متخاذلا في حزنه ـ أمام برسي كوكس ـ وانفجر باكيا. وتأثر السير برسي كثيرا وأمسك بيد صاحبه ابن سعود يوبخه بقوله "علمناك الدروس وطبقتها علينا… لا تطمع كثيرا، فللكويتيين فضل عليكم"… وما زلت اتصور عبد العزيز كتلميذ صغير يوبخه معلمّه!… ولم يكن حاضرا تلك اللحظة سوى نحن الثلاثة. وأنا أقص هنا ما شاهدته بكل أمانة. ولم تدم تلك العاصفة العاطفية طويلا فقال السير برسي وهو لا يزال ممسكا بيد ابن سعود: ـ يا صديقي انني أعرف حقيقة شعورك، ولهذا السبب أعطيتك ثلثي الكويت ولست أعرف كيف سيتلقى ابن صباح هذه الصدمة!… وظل خط الحدود الذي رسمه السير برسي قائما لم يتغير إلى اليوم).. ويتابع ديكسون قوله: (ان الحدود الاعتباطية التحكيمية بين العراق ونجد كانت في رأيي خطأ كبيراً. إذ أن ابن سعود حصر تنقلات قبائل نجد السنوية، ربما لأول مرة في التاريخ، باتجاه الشمال. فكان يشعر، بدون شك، ان مندوبي العراق والسير برسي كوكس تغلبوا عليه، وان المشكلة قد حلت حسب المقاييس الاوروبية وليس حسب تلك المقاييس المفهومة في العالم العربي. أما الميجر هولمز (الميجر فرنك هولمز مهندس تنقيب، ومعه الدكتور مان، وكلاهما ينتميان إلى الشركة الشرقية العامة المحدودة في لندن، ارسلتهما الشركة لعقد امتياز البترول في المملكة) فلم يلعب أي دور إلاّ في اليوم الأخير للمؤتمر ففي محادثات خاصة بين ابن سعود والسير برسي حضرتها أنا فقط، أثار ابن سعود مسألة منح امتياز للنفط إلى الشركة الشرقية العامة. وأخبر ابن سعود السير برسي بكل شئ عن زيارة الميجر هولمز للإحساء، وابلغه أن الميجر هولمز قدم له تقريراً ايجابيا أعرب له فيه عن رغبته في الحصول على امتياز البترول فوراً.. واستوضح ابن سعود ما إذا كان لحكومة صاحب الجلالة أي اعتراض على ذلك؟. وأجابه السير بيرسي قائلا: ـ لا يوجد أي اعتراض. أعطه الامتياز ولكنني أحذرك من أن الشركة الشرقية العامة ليست شركة للنفط وأخشى أن تبيع الامتياز لغيرها!. وشكره ابن السعود وقال انّه فهم كل شئ!. وبعد ذلك استدعى الميجر هولمز وقدم إلى السير برسي ثم عرض النفط وآماله فيها. وذكر أيضاً أن هنالك امكانية للعثور على النحاس. ثم أشار على الخارطة إلى مدى اتساع رقعة الأرض التي يطلب أن يشملها الامتياز الذي يسعى إليه. وكانت المنطقة أشبه بمستطيل طويل تحده من الشمال منطقة الكويت المحايدة، ومن الجنوب سلوى التي تقع في داخل اراضي قطر. ومن الغرب خط مستقيم بمحاذاة البحر ويبعد عنه ستين ميلا فيشمل وادي المياه وضلعة الكبريت في منطقة الجوف على بعد خمسة وعشرين ميلا إلى الجنوب الغربي من منطقة الكويت المحايدة. لكن الميجر هولمز لم يحظ بإعجاب السير برسي الذي اعتبر وجوده هنالك ضد مصالح حكومة صاحب الجلالة. فقد دخل هولمز، إذا جاز التعبير، من الباب الخلفي. "أي عن غير طريق المكتب الهندي للمخابرات الانكليزية الذي ينتمي له كوكس، لهذا لم تنجح الشركة الشرقية الانكليزية في أخذ امتياز البترول أخيرا"!. اليهود صنائع اليهود كان بامكان برسي كوكس ـ صانع العروش ومحدد الحدود ـ أن يمنح امتياز البترول للشركة البريطانية الشرقية، طالما انّه بريطانياً ويعمل لمصلحة بريطانيا، لكنه ذهب لاعطاء البترول لشركة أمريكية برأسمال يهودي بل أن كوكس قد أرسل مندوبه جون فيلبي للاتصال بها بعد أن مهدت شركة البترول الشرقية ـ البريطانية ـ كل شئ وحددت اماكنه!. وهكذا، وبواسطة مكتب المخابرات البريطاني "المكتب الهندي" احتلت شركة ارامكو بترول الجزيرة العربية … اليست هذه خيانة "قومية" لبريطانيا قام بها برسي كوكس ورسوله جون فيلبي؟!… لكن الصهيونية أهم… ان من يقرأ ما كتبه، هـ. ر.ب. ديكسون المندوب السامي في الكويت ـ آنفاً ـ عن حدودنا، وتحديدها بيد كوكس، وعن عروشنا وغزلها من نسيج شعر ادبار اليهود الانكليز، وخيانتهم لبريطانيا، في سبيل دعم اليهود اينما كانوا يدرك: ان احاديث آل سعود عن فلسطين حاليا ما هي إلاّ تآمر جديد… وان الخيانة مستمرة وان تباكوا على فلسطين بدموع القتلة!…. فيلبي صانع العروش مروّض الامراء لليهود بعد أن أبعد الانكليز الشريف حسين بن علي إلى قبرص ونصبوا عبد العزيز آل سعود مكانه ملكاً على الحجاز. جعلوا من أبناء الحسين حكاماً على مناطق أخرى من بلاد العرب، بينما لم يسمح الانكليز لوالدهم حسين حتّى بالنزول في عمان لتناول طعام الغذاء لدى ابنه عبد الله الذي جعل منه الانكليز حاكما على قطعة اقتطعتها الانكليز من جنوب سوريا اطلقوا عليها أخيراً اسم الامارة، ثم "المملكة الاردنية الهاشمية" ولما قابل عبد الله والده الحسين في مياه العقبة. ثار عليه والده وعاتبه كثيراً ومما قاله: كيف ترضى أن تكون أميراً على قطعة اقتطعتها الانكليز من صحراء الشام في الوقت الذي تراني فيه ذاهب إلى المنفى بعد ان سلّم الانكليز بلادنا لابن السعود؟…" فقال عبد الله: "بعض الشئ أحسن من لا شئ "وبهذا الصدد يقول جون فيلبي الذي ذهب للاردن لترويض عبد الله من أجل الرضوخ لآل سعود والصهاينة فيما بعد: (كنت في الاردن قبل مجيئ ـ جلوب ـ إليها وكان عبد الله بن الحسين صعب المراس نسبيا بعد أن أخرجناه وعائلته من الحجاز وجئنا بصديقنا عبد العزيز آل سعود ونفينا والده واخوته وقد أثرت هذه العوامل على نفسيته إلاّ أنه كان مغروراً لم يزل يعتبر نفسه أعلى مني ومن عبد العزيز طبقة ووظيفة ومقاماً وأنه لا يزال "أميراً وحاكماً" رغم كونه يعلم انّه موظف للانكليز في صحراء الاردن، ولما رأيت منه مثل هذه البوادر أردت أن يكون ترويضه على يدي، فأمرت عبد العزيز آل سعود بارسال مجموعة من "الاخوان" البدو من ناحية الملح بحجة مطاردة عبد الله بن الحسين وقتله، كما طلبنا من ـ ابن عدوان ـ أن يثور من داخل الاردن على عبد الله بن الحسين، فقتلوا باسلحتهم الحديثة بضعة آلاف من قبائل ـ البلقاء ـ وقبائل الحويطات وبني صخر من بينهم العديد من الاطفال والنساء، وما علمت بعد ذلك إلاّ وعبد الله بن الحسين يربط حقائبه استعداداً للهرب من الاردن، ولما سأله إلى أين وجهته؟… قال: "سأذهب إلى جهنم، أبعدوني إلى المنفى مع والدي ما دمتم لا تريدون حمايتي" وتابع عبد الله قوله:" انك لم تفهمني يا سيد فيلبي. انني خادمكم" … قلت لعبد الله: " لقد عارضتني عندما قلت لك: عليك أن لا تساعد ثوار اللاجئين الحجازيين ضد آل سعود، وعارضتني حينما قلت لك أن لليهود كل الحق في أن يحكموا فلسطين". فقال عبد الله: "قد حصل سوء فهم منك وأنا لم أقصد مساعدة الثوار ضد آل سعود ولم أقصد أنه ليس لليهود الحق في فلسطين فانا وكل حكام المنطقة تابعين لبريطانيا، وبريطانيا تابعة لليهود، ولا يمكن للتابع أن يكون بيده حل أو ربط" قلت لعبد الله: "ما دمت قد عرفت هذا فأعد حقائبك إلى مكانها"… وفي الحال أمرت بارسال قواتنا لتسحق جنود ـ الاخوان السعوديين ـ الذي تمادوا في اطماعهم وكذلك قبيلة ابن عدوان، وبذلك عاد "الامير" عبد الله يبصم لنا بالاصابع العشر على بياض وأصبح لنا أداة تنفيذ كما أردنا)… ثالوث الخيانة ـ عبد العزيز ومبارك الصباح وخزعل الاحواز … المحمرة . أو امارة "عربستان" ومعناها (بلاد العرب)، تقع في شرق الجمهورية العراقية من ناحية البصرة، والعمارة، تنبع منها معظم آبار البترول الآن، استخدم الانكليز حاكمها "العربي" الشيخ خزعل كأداة لهم في دعم ابن السعود، وصد الاتراك بعد أن اغروا الشيخ خزعل بوعود كاذبة لحمايته من حكومة ـ الملك الشاه ـ ومساعدة خزعل في المحافظة على عروبة بلاده!، إلاّ أن الانكليز ساهموا كثيراً في تسليم "عربستان" للحكم الملكي المجرم في إيران، والرسالة هذه تبين ـ رغم ركاكة اسلوبها ـ طرق استخدام الانكليز لهؤلاء الحكام الانذال كأداة قذرة، ومن ثم لفظهم عندما يجدون من هو أصلح منهم ركوباً ـ كالشاه ـ ووالده وآل سعود مثلا: بسم الله! (إلى جانب الأجل الأكرم الأحشم الأفخم عمدة الاصحاب المحب الشيخ سر خزعل خان. ك. سي. آي. آي. ك. سي. آيس. آئي سردار ارفع أمير نويان شيخ محمرة وتوابعها المحترم سلمه الله وأبقاه. غب السؤال الوافر والتفقد عن صحة ذاتكم المجيدة. أما بعد متصلا بكتابي السابق المخبر بتشبث الحرب بين الدولة الانكليزية والدولة العثمانية فاني مأمور من الدولة البهية أن أبغي من احسان حضرتكم أن تجاهد مع صديقينا المعتبرين يعني جناب سر مبارك الصباح حاكم الكويت وجناب الامير عبد العزيز بن سعود أمير نجد في الهجوم على بلدة البصرة واستخلاصها من الدولة العثمانية وإذا لم تقدروا جميعكم على ذلك ولا يحتمل عدم اقتداركم ، أن تجتهدوا بمساعدة بعض الشيوخ المعتمدين عليهم لاقامة انتظام لمنع المدد من العساكر العثمانية من الوصول إلى البصرة بل إلى قورنة إذا يمكن لكم ذلك إلى حين وصول العسكر الانكليزي الذي سنرسله انشاء الله في اسرع ما يمكن للقبض على البلدة المذكورة ونرجوا كذلك ان يصل مركبين من مناورنا إلى البصرة قبل وصول عساكركم إليها ـ ومع أن استخلاص البصرة وافرادها من بلاد الدولة العثمانية يكون اعظم لمنع الجنود وغيرهم من غصب اموال التجار الانكليزية في البصرة ونواحيها وان تحفظ الاشخاص من أهل أوروبا الساكنين في البصرة وتحميهم من الضرر والاجحاف، فعوضا عن مساعدتكم الثمينة في هذا الامر المهم اني مأمور من الدولة البهية ان اوعد جنابكم بانا إذا ننجح في استخلاص البصرة ـ وسننجح انشاء الله تعالى لا نسلم البصرة مرة ثانية إلى الدولة العثمانية ولا نردها إليها ابدا قط. وغير ذلك أوعدكم من رجال الدولة البهية في كتابي هذا بأنهم يعطيكم كل مساعدة لازمة لحل كل مشكلة تقع بين جنابكم والدولة العجمية في المستقبل من سبب تعديها على حكومتكم أو تعرضها لحقوقكم المقبولة أو اجحافها بامركم واراضيكم الواقعة في بلاد العجم، وان هذا الوعد يكون باقياً ولو صار تغيرات متواترة في الدولة العجمية وان كانت هي دولة مستبدة أو دولة مشروطة. وأيضاً لتحفظكم الدولة البهية على قدر طاقتها من كل سطو تقع على جنابكم من دولة من الدول الاجنبية ولتحميكم كذلك من كل تعدي على حكومتكم وتعرض لحقوقكم المقبولة ـ واجحاف باموالكم واراضيكم الواقعة في بلاد العجم. وان هذه الوعدة تكون لجنابكم واخلافكم من الاولاد النسليه وهي باقية ما دام جنابكم واخلافكم تعملون في أمر من الأمور على وفق شروط معاهدتكم مع الدولة البهية وتهتدي لنصيحة رجالها وتسلكون معهم طريقا مسحتسنا عندهم. وبشرط أن تعين حاكم من حكام محمرة لا يكون إلاّ برضا الدولة البهية ومع مشورة سرية من رجالها واما نظرا للدولة العجمية سنجتهد دائما لابقاء استقلال جنابكم المحلي كما هو في وقتنا هذا. واما ستبقا جنابكم التي حالال تحت قبضتكم من نخيل الواقعة على الشط العثماني من شط العرب في تصرفكم وتصرف اخلافكم بغير ان يكون عليها شئ من الرسوم والضرائب فاني واثق على صداقتكم القديمة مع الدولة البهية وايقن بان جنابكم ستجتهد في هذا الامر المهم من كل وجه ـ لهذا وفي الختام ادعيتنا الودية لسعادتكم ولا زلتم محروسين والسلام) حرر في ذي القعدة سنة 1332 هـ نوكس "رسندت ونونسل جنرال الدولة البريطانية العظمى في الخليج" أسماء القبائل قبائل الجزيرة العربية حسب الاحرف، ويوجد منها بالمنفى ما يزيد عن مليون ونصف، هربوا منذ بدء الاحتلال السعودي وتؤكد الاحصاءات التقريبية والادلة والوقائع: أن ما قتله آل سعود من هذه القبائل يزيد عن ميلوني شهيد. ب ـ بالاحمر ـ موطنها في ـ وادي صبح بمنطقة عسير ـ بالقرب من أبها شمالا ـ والقبيلة قسمان ـ حضر وبادية… ومنهم: آل اصلع وبهشة وبنو ثعلبة. تقدر بـ (5000) ، نزح منها قرابة الـ (1000) إلى كل من مصر والكويت والخليج واليمن والاردن والسودان منذ أن اجتاح الاحتلال السعودي بلادنا… كما قتل من هذه القبيلة في معاركها مع آل سعود قرابة الـ (2000). ب ـ بالاسمر… موطنها الاصلي بمنطقة عسير شرقي محايل، وهم قسمان: سكان الجبال وسكان السهول (التهائم) ويقدر عددهم بـ (5000) نزح منهم قرابة (1000) إلى الخليج والسودان ومصر والكويت واليمن… وقتل من هذه القبيلة عدد آخر في معاركهم مع آل سعود. ب ـ أهل بارق… موطنهم الاصلي في عسير بالقرب من (محايل) شمالا، يسكنون القرى، ينقسمون إلى أربعة أقسام هم: الحُميدة ـ وآل موسى بن علي ـ وآل إصبع وآل جَبالي … يقدر عددهم بـ (3000) ونزح منهم قرابة (1000 ) إلى الكويت والخليج والسودان ومصر والاردن. ب ـ بحرين سُكينة… موطنهم في الجنوب الغربي من (محايل) بمنطقة عسير يقدر عددهم بـ (3000) نزح منهم قرابة الـ (1000) إلى الكويت والخليج. ب ـ البقوم … موطنها في جبل حَضَن وتربة والخرما، اختلط قسم منهم في قبيلة عتيبة، وكان أصلهم من الازد، ومن أقسام البقوم: ـ المرازيق، والموركة والكِلبة، والرواجح، نزح منهم قرابة الـ (1500) وعددهم التقريبي (4000). ب ـ بلي: تقع مواطنهم في الشمال الغربي من الحجاز، وكانت قبيلة بِلي وقبيلة جُهينة ـ يؤلفان قبيلة واحدة ـ اسمها قضاعة ـ من حمير ، كما التجأ إلى قبيل بلي: ـ عشيرة من قبيلة عنزة ـ اسمها المواهيب بعد أن حصلت بينها وبين قبيلتها ـ عنزة ـ خلافات دموية … من فروع قبيلة (بلي): المعاقلة، الرّموط، الفواضلة، الزبّالة" الشامات، القواعين، الوابصة، الربطة ، الحروف، الوحشة، العِردات، السمحة… ويقدر عدد قبيلة بلي بـ (13000) نزح منها ما يقدر بـ (4000) إلى الاردن والخليج ومصر. قامت بلي بعدة ثورات ضد الاحتلال السعودي على ثورته تلك بمساعدة المخابرات الانكليزية في مصر والاردن عام 1351 هـ … وفي هذه المعركة وما قبلها، قتل الاحتلال السعودي بالرصاص والسيوف والسجون من هذه القبيلة ومن قبائل الحويطات وبني عطية، وجهينة ـ المتجاورة ما يزيد عن (3000) إنسان… ت ـ تميم… قبيلة أصبحت كلها من الحضر والفلاحين في القرى، مواطنها في مدن القصيم ونجد وجبل شمر، نزح منها العدد الكبير إلى مصر وفلسطين والاردن وسوريا والخليج العربي، وابتدأ نزوحها من الجزيرة العربية منذ أن خرجت الحركة الوهابية الفاشستية، بل (الحركة الوهابية!)!. فالفاشست ما وصلو ولا حتّى إلى مستوى تلامذة دور الحضانة للمجرم "محمد" بن عبد الوهاب السفاح، الذي يزعم أنه من تميم هو الآخر، وقد جاء والده ـ سليمان قرقوزي ـ يهودي الاصل ـ تاجر البطيخ من "بورصة" بتركيا وسكن في "دوما" في ضواحي دمشق فطرود منها إلى مصر" ثم إلى الحجاز ثم إلى العيينة ـ بنجد ـ فلم يفلح ـ إلاّ ـ في الدرعية ـ يوم أن تشارك مع اليهودي الثاني الذي سموه أيضاً "محمد" ابن سعود … فقامت دعوتهم على النهب وسفك الدماء وحجتهم في ذلك (محاربة كل من يتول بغير الله!.)… علما أن في القرآن الكريم آيات تحرم قتل الانفس بغير الحق أو قتل نفس بغير نفس.. ث ـ بنو ثوعة: موطنها في جنوب ـ محائل ـ بمنطقة عسير، وفروعها آل غنية، وآل قبيض وآل فضيلة. وينقسمون إلى قسمين: ـ بدوي وحضري. يقدر عددهم بـ(2000) صارعوا الاحتلال السعودي ونزح منهم قرابة الـ (700). ث ـ ثقيف ـ منازلها في جبال الحجاز بين مكة والطائف، وثقيف تقسم إلى عدة بطون منها: 1 ـ ثقيف اليمن ـ وتنقسم إلى عدة فروع:…. 2 ـ طويرق ـ وينقسمون إلى قسمين بدو وحضر، والحضر ينقسمون إلى الاقسام التالية

الجعيدات، الحضافين: الزّحارية والفضّل.

وأما بدو طويرق فمنهم الاقسام التالية: الروسان، الغرابين، والتراكبة، والظفارين والحمران. 3 ـ النمور: يسكنون بين الهدى ووادي المحرم.. فأهل الهَدى أربعة أقسام هم الكُمّل، واللُّمطة، الغُرَبة. والبِني (والبني هم عشيرة الحجاج ابن يوسف)… أما أهل وادي المُحْرم فأغلبهم فلاحين. 4 ـ ثمالة: وينقسمون إلى ثمانية أقسام وهم: أهل الصخيرة، وآل مقبل، والضباعين، والسواعدة، وآل زيد، والسّودة، والطوال، والمشايخ. 5 ـ بني سالم: وفيهم الاقسام التالية: العياشة، وآل منجف "أو المناجفة" والعَصَبي. 6 ـ سفيان: وهم فخذان: بنو عمر، وآل شريف، وينقسمون إلى أفخاذ كثيرة… 7 ـ عوف: وموطنهم وادي ليّه، وأكثر ـ عوف ـ من قبيلة حرب، ومن ـ عوف ـ عشيرة الغُنّم. 8 ـ قريش: منهم الحضر وهم: الحُصنان، الذَّراوة، والزِنّان، المطرة، والهواملة، وآل علي، والهيافين، والغشامرة، القصران، وبنو صخر، والخَرنة. 9 ـ هذيل: ويتبع لها عدة فروع… هذه هي بعض بطون قبيلة ثقيف وهي قبيلة حجازية، وقد جرت بين هذه القبيلة ـ ثقيف ـ وبطونها المذكورة مصادمات شتى باثارة من آل سعود وحكامهم قتل على أثرها الآلاف من هذه البطون، وشرد ونزح قرابة الـ (5000) منهم إلى أقطار عربية كثيرة، أما عددهم جميعا فيقارب الـ (30000) وقد نزح قسم كبيرة منهم إلى الجبال بعيدا عن ظلم السعودية في المدن، وقسم منها امتهن بيع الحطب والفحم لكسب قوت يومه المظلم ـ في عهد الظلم السعودي… ج ـ الجحادلة: ولها فروع كثيرة، منهم من يقيم ـ في وديان الحجاز ـ بالقرب من مكة وعرفات، ومنهم من يقيم في الليث على شواطئ البحر الاحمر وفي جبل الشوك وجبل السعدية، وفي ديرة آل مهدي وذوي بركات، ويقدر عددها بـ (5000) وهذه القبيلة كانت من حلفاء قريش في عهد النبي العربي محمد عليه السلام، وبقيت البقية منها تفترش الشوك ويفترسها الجوع وتقتات الاعشاب في جبال الحجاز بينما آل سعود وأذنابهم يفترشون الجواري ويفترشون الشعب ويقتاتون حقوق هذه القبائل وخيراتها في كل شبر من بلادنا… ج ـ الجعافرة: مواطنها في شمالي جيزان وفي الشمال الغربي من صبيا، عانت هذه القبيلة ما يعانيه سواها من التشريد. ج ـ جعدة: بني جعدة، تقطن جنوبا ـ بالقرب من مدينة ميدي شمالا ـ على ساحل البحر، وهي من قبائل اليمن سابقا…. ج ـ الجرّث: أي بني الحرّث، تسكن جنوبا، بين جيزان وميدي… من قبائل اليمن سابقا… ج ـ جهينة: يقدر عدد جهينة بـ (15000) نزح منها حوالي (5000) إلى مصر والاردن والخليج وجرت لها معارك مع الاحتلال السعودي، تقطن جنوبي ينبع، وتشكل مع قبيلة بلي ـ تحالفا بينهما منذ القدم، وأصلهما من قبيلة قضاعة اليمانية، وتقسم جهينة الى بطنين هما: مالك، وموسى، وفي بطن مالك عدة أفخاذ، هي: 1 ـ فخذ العوامرة، وفخذ القوفة، وفي فرع القوفة ـ فروع عديدة منها: العرّف، والدبسه، العنينات، الحصينات، الحشاكلة، المرارات، المواليّة، المشاعلة، الرَبَيات، الكَتَنَة، الرْجْبان، الهدبان. 2 ـ فخذ عروة: ومن فروعه: الجعادنة، والفهود، والمسعد، والبوليات، والجماملة، والمهادية. 3 ـ فخذ الزوايدة: ومن فروعه: الحضرة، والمسايرة، والعقاب. 4 ـ فخذ العوامرة: 5 ـ فخذ رفاعة: ومن فروعه: المساونة، المشاهين، الوهبان، الثرود. 6 ـ فخذ بني كلب: ومن فروعه: العرافين، الحفزة، الزهيرات. 7 ـ فخذ بني إبراهيم: ومن فروعه الحُريبات، الصراصرة، المسافرة، الشطارة، الشهابين ذوو سعد، الفقهاء، ذوو سليم، ذوو زيد، ذوو حُمودة، الموالي، الجُرسَة، الحلاثيث، الدّسابكة، الشناورة، المتداقة، العلاونة، الصفارين. 8 ـ فخذ العيّاشة: ومن فروعه: الثفغاء، النّقران، القبسان، الفداعين، الصيادلة، المساوبة، الصيّايدة. بطن موسى، ومن فروعه: 1 ـ فخذ الغنيم: وعشائره هي: الزفان، النَّمَسة، المحاسنة، الحمدان المقبل، العلافين، الفحامين… 2 ـ فخذ ذيبان: ومن فروعه: المداجنة، المصلخ، الهميمات، الغربان، العطيفات. 3 ـ فخذ عنمة: وفروعه: المسكه، الحوافظة، المساهرة، روس البعير، الحميد. 4 ـ فخذ حبيش: وفروعه هم: المساحير، والتيسة، والضواحكة. 5 ـ فخذ السمرة: وفروعه هم: المرادسة، المضاعين الطبسة. 6 ـ فخذ الفوايدة: وفروعه هم: الشواطة والعرور. ح ـ حرب: قبيلة نجدية حجازية، ذات فروع كثيرة، تحالف بعضها مع آل سعود حينا وحارب بعضها آل سعود حينا آخر، يقدر تعدادها بـ (20000) نزح منهم قرابة الـ (5000) إلى الخليج والاردن والعراق، وهي من القبائل القوية، قحطانية الاصل، وفيها عدد من التحالفات القبلية التي انضمت إليها… ويمكن تقسيم قبيلة حرب مع الايجاز في فروعها الكثيرة إلى بطنين وهما ـ مسروح، وبني سليم: ومسروع ينقسمون إلى خمسة أفخاذ: بنو علي، وبنو عمرو، وبنو السفر، وعوف ومخلف، أما (بنو علي) والجبور فينقسمون إلى بدائد هي: الكراشيف، واللهامق، والدواغرة، والمشارطة، والكلخة. والكتمد والفقوع. وولد مرير ينقسمون إلى بدائد أيضاً هي: آل الدهيم والطرفا والعبدة. وبنو عمرو ينقسمون إلى خمس عشائر هي: العطور، والشعب، والبيضان، والفيادين والبدارين. والعطور ينقسمون كذلك إلى بدائد: الذوية، والربعة والطرمسان والحوامظة، والمواعزة. وبنو السفر وينقسمون إلى ثلاث عشائر: الوهوب، والفردة، والفهدة. وبنو سالم ينقسمون إلى أفخاذ: مزينة، وولد علا، وولد مجي، وولد سليم. ومزينة ينقسمون أيضاً إلى عشائر: آل سعود، (وهم خلاف يهود الجزيرة العربية آل سعود) وآل عمر يمان، والحضنان، والشمارية والهواملة. وولد علا ينقسمون إلى عشائر: الجملا، والغربان، والحنانية. وولد محمد ينقسمون إلى عشيرتين: الاحامدة والزغيبات. ح ـ بني الحارث: أو بلحارث، وتنقسم إلى خمسة بطون، هم (بنو الأوس) (وبنو شعيب) و(آل موسى)… وبلحارث قبيلة حجازية، حصلت لها صدامات في بداية تدخل الاحتلال السعودي في بلادنا. ج ـ الحويطات: صارعت الاحتلال السعودي، وقتل منها الكثير ونزح منها عدد كبير إلى الاردن وصعيد مصر، والخليج العربي، وهي من القبائل الكبيرة: وتقع منازل الحويطات بين تيماء جنوبا ـ والكرك شمالا ووادي السرحان والنفوذ الكبير شرقا وساحل خليج العقبة وشبه جزيرة سيناء غربا. يقسم الحويطات إلى ثلاثة بطون: 1 ـ حويطات التهمة (وأماكنها من ساحل البحر إلى جبال الحجاز). 2 ـ الحويطات العلويون (أو العلاوين أماكنها من منطقة الحسمة إلى الشراة). 3 ـ حويطات ابن جازي (في جبال الشراة وشرقيها). اما عشائر حويطات ابن جازي فهي، المطالقة، الدراوشة، العمامرة، المرايع، الدّمانية، العطون، التوابهة. وأما عشائر حويطات العلاوين فهي: الصويلحين، المقَابلة، المحاميد، الخُضَيرات. السّلامين، العزاجين، القدمان، العواجة، السلامات، البدول، الصقور، السرورين، المناجعة، الفيالين. وتتألف حويطات التهمة التي تمتد منازلها على شاطئ البحر حتّى مدينة الوجه جنوباً من العشائر الآتية: العَمْران، العُمَيرات، المساعية، الذبابين، الزماهرة، الطقيقات، السليمانيين، الجرافين، العبيات، المواسة، المشاهير الفُرعان. الجواهرة، القبيضات، الفحّامين. ح ـ أهل حلي : ـ قامت تحالفات عربية مضطهدة ومستعبدة من اربعة اقسام في قرية "حلي" على البحر الاحمر وفي اطرافها، والفروع الاربعة هي: "عبيد الامير" وأصل هؤلاء من السودان المستعبدين وعددهم قرابة الـ 30000 ، ثاروا على ملاّكهم فحروروا انفهسم وكونوا قبيلة بالتضامن مع عدد من المضطهدين الآخرين واستولوا على هذه القرية وسكنوها، واطلقوا على انفسهم "اهل حلي" واختاروا شيخهم واحدا من (عبيد الامير) ومنها عشيرة رحالة تسمى (السلاليم) والغوانمة، واولاد العلاونة (وهذا الفخذ اكبر الاربعة عددا) وكنانة، وهي من بقايا كنانة الشهيرة، من مصر، وكنانة وقريش من اصل واحد، (ومن كنانة عشائر الشواعر وبنو يحيى وقد هاجر قسم منها إلى السودان ـ ولها آثارها في كردفان بالسودان ـ وكذلك في مراكش بالمغرب العربي). ح ـ ذوو حسن: تمتد ديارهم من شمالي الليث إلى السكة الشامية جنوبي الليث، ومن افخاذ ذوي حسن الفروع الآتية: الصّمدان، ذوو عياف، آل مهدي، الصّعوب، الحواتمة، آل عساف، الصوملة، النعرة، ذوو بركات، الخمجان، آل حسن بني حمدان، الفراسة، آل علي، سبيع، المجايشة. خ ـ بنو خالد: هذه القبيلة من اقدم القبائل المعروف، هاجر منها عدد كبير إلى الشام وأقطار الخليج العربي ويقال أن بنو خالد يقسمون إلى بطون وكل منهم ينتسب إلى قبيلة وقد تمت بين هذه البطون تحالفات منذ القدم… كبقية القبائل، ومن بني خالد: بطن آل حميد وفيه الرئاسة ومنهم آل عريعر وثبلة. وبطن القرشة وينتسبون إلى عبيدة من جنب. وبطن المهاشير ينتسبون إلى بني هاجر. وبطن العمور وينتسبون إلى الدواسر. وبطن الجبور وينتسبون إلى مقدام، وبنو نهد، والعماير، والصبيح. وتقع منازل بني خالد في منطقة الاحساء على ساحل الخليج العربي ما بين وادي المقطع في الشمال ومقاطعة البياض في الجنوب حتّى منطقة الصّمان في الغرب… وقد تحضّر العديد من هذه القبيلة واستقر في المدن. خ ـ خثعم: تسكن على طريق الطائف ـ ابها، ومن اقسامها: آل مرة والسردان والمزارقة والسلمّان… خ ـ خزاعة: هم من خزاعة الاقدمين، يسكنون في وادي فاطمة، وفي الخبت عند القنفذة وفي الراك الواقعة إلى الشرق الجنوبي من بحرة وفي الضِّيم. خ ـ خميسين: يسكنون في الآكام القريبة من حرض د ـ دريب: (آل دريب): تقطن في الغرب الشمالي من محايل ـ في منطقة عسير. د ـ الدواسر: هم، تحالف قحطاني عدناني، وقبائل أخرى تحالفت، هاجر منهم عدد كبير إلى البحرين وقطر والكويت ومواطنهم هي: الافلاج في نجد، تاريخهم لا يخلو من الصراعات مع آل سعود، والثورات، لهم بطولات مشهورة من شيوخهم آل درعان، اكثرهم متحضر، ويقسمون إلى قسمين: البطن الأول: آل دوسر بن تغلب، وينقسمون إلى خمسة أفخاذ وهي: المصارير، والحقبان، والخييلات، والعمور، والمشاويه. البطن الثاني: آل زائد من قحطان وينقسمون إلى فخذين (مع ان الجميع يعتزون بزائد في الملمّات) 1 ـ الفخذ الأول: صهيب، ومن عشائر صهيب: آل حسن وفيها عدة عائلات: الفرجان والشكرة. وآل عمّار، وآل محمد والوبارين، والعجالين، وآل حجي، وآل حمدان، وآل أبو راس والهواملة والصخابرة، والهواشلة، والخضران، والدبالين، والشينية، وآل بو علي، وآل ثاقب، والمزمان، وآل فينان، وآل نشير، وآل مبارك، وآل واسط، وآل مانع… وعشيرة المساعرة فيها عدة عائلات منها: آل أبو شباع، وآل أبو الحسن، والخرمان، وآل أبو عقيل والرمضة والقُوَدة، والجفارين والدموخ، والحباشة، والحناتيش. 2 ـ الفخذ الثاني: سالم. ومن عشائره: عشيرة المخاريم، عشيرة الرجبان، وعشيرة الوادعين. ر ـ ربيعة: 1 ـ ربيعة المقاطرة… ويقطنون في الحجاز على طريق القنفذة وبارق، وتقسم ربيعة إلى اربعة اقسام رئيسية: ربيعة الشام، ورفيدة اليمن، ورفيدة الشام، والعّصمة. 1 ـ ربيعة اليمن: تقيم هذه القبيلة في وادي ضلع، وتصل في بعض الاحيان حتّى الشقيق وديار بني مغيد. ويحيط بها من الشمال والشمال الشرقي بنو مغيد ومن الجنوب الشرقي شهران ومن الجنوب قبائل مخلاف اليمن ومن الغرب رجال ألمع كان لهذه القبيلة دورها ـ كغيرها ـ في محاربة الاحتلال السعويد، وقد نزح منها عدد كيبر إلى مناطق الخليج… ر ـ رجال ألمع: لقد قاتلت قبيلة رجال المع الاحتلال السعودي في تواريخ متعددة، ونزح العديد من افرادها، وتمتد ديار هذه القبيلة ما بين أبها وصبيا في مسافة تقرب من خمسين ميلا وتقسم القبيلة إلى سبعة اقسام: بنو قطبة في الشعبين… بنو ظالم في رجال، وبنو شجب، وبنو شديدة، وبنو قيس وفيهم رئاسة رجال المع، بنو شُحْب وبنو زيد، وبنو جُونة، وبنو شعبة أهل الدرب. ر ـ الرشايدة: ـ نزح عدد من هذه القبيلة للكويت، ومنازلها في صحراء الدبدبة، ولهؤلاء معرفة جيدة في الصحراء ومياها وشجرها وتتفرع هذه القبيلة إلى الفروع التالية: ذوو صيّاد، العونة، الخلاوية، المهميزات، العجارمة الرواجح. ر ـ الريّش ـ موطنها الشمال الشرقي من ـ محايل ـ بمنطقة عسير، وتتفرع إلى فرعين هما: الريش، وآل مشمول. ر ـ الريث: موطنها في جبل فيفاء المسمى بجبل القهر، نظرا لصعوبة مداخله، وقد ثارت هذه القبيلة عام 1953 ضد الاحتلال السعودي واستمرت ثورتها اكثر من سنة اعجزت حكم الاحتلال رغم اسلحة دماره بالرغم من قلة الذخيرة لديها وقلة السلاح، ولو لم يأخذها الاحتلال السعودي بالخديعة لما استطاع احباط ثورتها، لكنه أرسل لهم عدداً من القبائل المجاورة فخدعوهم، ومن ثم قتل الاحتلال السعودي عدداً من قادتهم… بعد أن قتلوا العديد من أذنابه بما فيهم الامير السعودي والقاضي الذي حكم على أحد أفرادهم حكما باطلا بقطع اليد، فكان ذلك الحكم الباطل بداية ثورتهم… ز ـ زهران:ـ تقع مواطن هذه القبيلة الكبيرة في عسير، ومن بطون زهران ما يلي: 1 ـ البطن الأول: دوس، وفيه فخذان، هما: بنو مَنْهِب وهم جماعة ابن خضران، وبنو فهم وهم جماعة الصَّغير. 2 ـ البطن الثاني: بنو عمر وفيه ثلاثة افخاذ، هم : ـ بنو حرير وبنو عدوان جماعة السِّبيحي، قريش جماعة السِّين، بنو بشر وبنو جندب وهم جماعة ابن زنان. 3 ـ البطن الثالث: بنو يُوسَى وفيه خمسة أفخاذ وهي: بنو حسن وهم جماعة أحمد بن عصيدات، وبالخَرْمَر، وبنو كِنانة، وبنو عامر، وأهل بيضان، 4 ـ البطن الرابع: بْطيل. 5 ـ البطن الخامس: بنو سليم، وفيه أربعة أفخاذ، هم: بلمفضل، وأولاد سعدي، والشغبان والجبر.

6 ـ البطن السادس: الاحلاف، وفيه أربعة أفخاذ، وهم: بِلعُور، بنو نُقْمة، بنو خُريَض، وبلأسْودَ، 

ز ـ بنو زيد: بنو زيد تقطن بالقرب من القنفذة، وبعض أقسام هذه القبيلة هم: ربيعة ـ والمراحبة ـ آل عقال. س ـ سبيع: اماكن هذه القبيلة في وادي سبيع بين أطراف عسير الشرقية الشمالية نجد بقرب الوشم وتمتد إلى وادي تربة، ورنيه… وأفخاذ سبيع هي: 1 ـ بنو عمر "في العارض" ومنهم الخُضْران والصُّعبَة، ويتفرع الصعبة إلى أربعة فروع هم: الجمالين وآل علي والمداريُة وآل عزة. وفي الخضران أربع عشائر أيضاً وهي: الصملة، الجبور، النبطة والعرينات. 2 ـ بنو عامر في العارض منهم الفدُوقة وعجمان الرِّحم والعيادين والصيانا والقوالد والقدعة وبنو حميد. والقريشات في الخرمة… والسودة في رنية. وآل عمير في الاملح ومنهم بنو تور.. هذا وقد نزح عدد من سبيع إلى الخليج العربي وبلاد الشام. س ـ بنو سعد: منها حليمة "السعدية" بنت ابي ذؤيب مربية الرسول العربي محمد بن عبد الله وديارها تبدأ من الطائف إلى جهة الجنوب الشرقي منه وتحسب هذه القبيلة أصل قسم كبير من عتيبة. وتقسم في الوقت الحاضر إلى فرعين: البطنين، والثّبَتة. وللثّبتة فروع عديدة منها: ـ الصرايرات واللِّصة. أما (البطنين) ففيه فروع كثيرة أيضاً منها: الطفحة، الخْدَيج، بنو زايد، السلافة، ربيع، العْيَلية، من كبارهم الحاضر الشيخ قليل بن عايض. س ـ السهول: تقسم السهول في أطراف الرياض وسائر أنحاء العارض، وفيهم العديد من خدم آل سعود وأقسام السهول هم: الظهران، آل محيميد، البَرازات السّريّة، والمْحَلَف، وآل مرصوع. ش ـ الشرارات: تقسم الشرارات إلى ثلاثة أقسام هي: الحِلسة الفليحان والعزّام، لكل قسم من الثلاثة الاقسام المذكورة فروع هي كما يلي: الحلسة: الصبيخات، الرشايدة، آل جوينان، آل عمرو، آل دفاف، الدباوين، الضباعين، وفروع الفليحان وهي: آل سليم، آل حواير، آل ذهبان، ورئيس آل عزام هو ابن خريقان. ش ـ بنو شبيل: قبيلة في جيزان يقارب عدد أفرادها الـ (1500) ش ـ الاشراف: ـ تحالف قبيلي ينتمي إلى عدد من القبائل الحجازية وفيهم بعض من قريش منها ما يلي: 1. الشنابرة. 2. ذوو سرور. 3. ذوو زيد. 4. العبادلة في عسير 5. ذوو بركات. 6. ذوو حسن. 7. ذوو حراز. 8. ذوو عبد الكريم. 9. الحرث. 10. المناعة. 11. ذوو جيزان. 12. ذوو جود الله. 13. المناديل. 14. ذوو إبراهيم. 15. ذوو عمرو. 16. الجعافرة. 17. ذوو حسين. 18. الفعور. ش ـ شمران: بطن من آل غراب، من المحمد، من النصر الله، من الزكاريط من عبدة، من شمر القحطانية (انظر عشائر العراق للعزاوي ص 224) ومن شمران البطل (عبد الرحمن الشمراني) أول من شكل تنظيما للضباط الاحرار في الجيش "السعودي" عام 1953 فقتله الاحتلال السعودي في نهاية 1953 بعد ان اكتشف تلك النواة التي كشفها زميل له في التنظيم تافه اسمه عاتق عيد، تسكن قبيلة شمران على طريق الطائف منحدرة إلى الغرب حتّى تهامة عسير، وتقسم إلى شمران الشام، وشمران تهامة منهم العبوس، والى بادية أهم اقسامها سحاب وآل مبارك… ش ـ بنو شهر: منازل هذه القبيلة ممتدة من تهامة بقرب القنفذة إلى أعالي جبال الحجاز ثم تنحدر منها إلى الشرق حتّى وادي شهران… ويحيط ببني شهر كل من بلعريان وبلقرن وبنو عمرو من الشمال وشهران من الشرق وبلأسمر والريش وآل موسى والحميدة وربيعة المقاطرة من الجنوب ومن الغرب بنو زيد.. وتقسم القبيلة إلى بني شهر الشام، ومنها كعب وبنو كريم وآل أبو قبيس، وآل بني شهر اليمن ومنها أبو بكر، ومشهور وآل حقب وبني شهر التهمة ومنها اللحصة والخط والدوشة. ومنهم من يقسم بني شهر إلى ثلاثة اقسام: بنو عمرو وهم يتبعون بيشه، وسلامان ومركزهم النماص وكبيرهم العسبلي وبنو اثلة ويتبعون الشبيلي… وكان لها دور في محاربة الاحتلال السعودي. ش ـ بنو شعبة: قبيلة صغيرة تقيم حول وادي عتود إلى مرتقى وادي ضلع، ومن القبائل الرحل فيها: آل حدرة، وآل حسان. ش ـ شهران: من قبائل عسير الكبيرة، التي كافحت الاحتلال السعودي، تمتد اراضيها من قرب بيشة متبعة وادي شهران حتّى قرب صبيا، وهذه المسافة تبلغ ما يقرب من مئتي ميل.. ويحيط بهم من الشمال الشلاوة وسبيع ومن الشرق عبدة ورفيدة واليمن والنجوع من الجنوب ومن الغرب بنو شعبة ومغيد وبنو مالك وبلأحمر وبلأسمر وبنو شهر وبلقرن وشمران… وتقسم القبيلة إلى تسعة أقسام رئيسية هي: آل مشيط.. آل رشيد، كبيرهم ابن مشط… آل غمر، آل ناهس، آل كود، بنو بجاد، بنو واهب، بنو مليك، بنو رشحة، آل ينفع، بنو جابرة. ش ـ الشلاوة: مساكنهم في شرقي الطائف من جبال الحجاز إلى حدود ديرة البقوم ومن الجنوب إلى حدود زهران وغامد ومن الشمال إلى ديار ثقيف. وأقسام الشلاوة، هي: المتلاعبة، المسيلات، الموسى، الحسيكة، الجثايث، الطهفة، العضاوين، شعيث، الشدادين،. ش ـ شمّر: هي من اكبر القبائل العربية القحطانية عاصمتها حائل وتقطن مابين جبل سلمى وجبل أجا "المعروف بجبل شمّر" ، وكذلك تقطن في أماكن اخرى من شمال نجد ـ وصفوه ـ في المنطقة الشرقية وسوريا والعراق والاردن والكويت، وشمر هي: اولى القبائل المعادية للاحتلال السعودي وكانت وما زالت صداماتها متوالية معه، والاحتلال السعودي يبادلها نفس الكره الذي تكنه وتبديه له ولا تخفيه عنه… وتتكون شمّر من البطون التالية: (1) سنجارة. (2) تومان. (3) أسلم. (4) عبده. اولا ـ بطن سنجارة فيه الافخاذ الآتية: فخذ آل زميل، فخذ الحفيل، فخذ آل سويد، فخذ آل فداغة: في فخذ آل زميل: عشيرتان هما: آل سهيل وآل نبهان، ومن عشيرة آل سهيل العائلات الآتية: آل سلمان، آل شيحا، آل ابن سعد، الذرفان، النمسان، المغافل، الربظان، الشلقان. وأما عشيرة آل نبهان فمنها: الشمروخ، الخمسان، الوضنان، آل كويس، آل ضو. أما فخذ الحفيل ففيه العشائر الآتية منازلها: اجا ـ وبيضا نثيل ـ وسلمى. آل جارد، آل حازم، آل سليق، آل كلاب، العمور، آل زبير، آل علي، آل رحام، آل قنى، آل جردان. وأما عشائر آل سويد فهي: الفضلي، الكريشة، الجرابدة. وأما فروع الفداغة فهي: الرعجان، وآل رمال. وكل سنجارة تنزل بين الغوطة والحزول. (شمال حائل). ومن اقسام سنجارة: العامود والجربا. واما آل عمود فمنهم: آل حريَز والحْسنِة والبريج. وهم من الجربا غير انهم انضموا إلى سنجارة. ثانيا ـ بطن التومان فيه الافخاذ الآتية: التمياط، الربع، الهديا ـ ومنها، عائلة آل سعيد في حائل وبني سعيد ـ فرقة من شمر انتقلت من حائل لشمال الشام، ( وهؤلاء خلاف آل سعيّد) وآل رفيل، ومكانهم بقرب الشبكة. ثالثا: ـ بطن عبده: وفيه الافخاذ الآتية: فخذ آل يحيا وفيه العشائر الآتية: آل مفضل، السنّان، الصميل، الجندة، الدغيرات. وفي عشيرة آل مفضل فروع عديدة منها: ـ آل مسعود، آل موينع، الطلاّع، الطرمان، آل فريهد" آل بريش، الصليت، الربّاع، الحامل. وتتألف عشيرة الدغيرات من: الشريحات، وآل عليان، الغياث، الجعافرة، الزكاريط، الويبار، آل جدي، آل حسن. ومن الجعافرة: آل رشيد (حكام حائل سابقا)، وآل خليل، وآل حيمر، وآل عطون، والرزانة. وعبده: تملك منطقة لينة وخضراء وزرود والثعلبية والاجفر، وتمتد منازلها من أجا إلى ما وراء لينة. إلاّ أن آل سعود صادروا ممتلكاتها وغيرها. رابعا: بطن أسلم: وهو مؤلف من الافخاذ الآتية: آل طوالة، آل فردة، آل شحيم، الحيرار، السكوت، آل جحيش، السليط، الوجعان، الوهب، الهيّض، القذّافة، ـ وأحيانا تنطق الكثفة. وتنسب إلى بعض كبارهم عائلة معمر القذافي الرئيس الليبي… وعلى أي حال فأصل العرب من جزيرة العرب… نزحوا عنها فأهملوها ليهود آل سعود… وينقسم فخذ آل طوالة إلى العشائر الآتية: المعاقيد، النفقان، المناصير، آل شلهوب… ومنازل (آل اسلم): تمتد من جبال سلمى إلى قرب القصيم وتنتهي في البشوك وجراب قرب الزلفي. ص ـ الصلبة: اندمج قسم كبير منهم بالمدن فاصبحوا من الحضر… والصلبة، أو "اولاد صليبي أو اولاد غانم" هو الاسم الذي يطلق على هذه العشائر الصغيرة التي تعرف القبائل الاخرى أنسابها على أنهم ممن شردهم الصليبيون حينما احتلوا فلسطين وانهم من أسرى الصليبيين الذين شردوا من أقطار شتى لذلك اشتق اسمهم "الصلب" من اسم الصليبيين، والصلبة يقسمون إلى بدائد مختلفة وهم يقطنون في اماكن مختلفة من بلاد العرب وليست مجتمعة في مكان واحد مثل سائر القبائل ذات العصبية أو ذات الحلف… والصلبة هم القبيلة التي لها مهنة تعرف بها بين القبائل قاطبة، وهي النجاة والحدادة وتبييض المواعين… وهذه هي الاقسام المشهورة من الصلبة:

اسم العشيرة شيخها مكانها عددها آل ماجد ولد شنّوف جنوب الكويت ونجد 300 بيتا آل رويع ولد سليبيخ غرب الكويت 250 بيتا البذاذلة ولد جريبيع جنوب شرق السماوة في العراق 900 بيتا العناترة غرب المشهد في العراق 400 بيتا آل سليمان جنوب الجهرا في الكويت والشنافية 250 بيتا آل كبوا جنوب الجهرا في الكويت والشنافية 20 بيتا العراقان ابن فريج الرضيمي الخيازية 100 بيتا آل طرفة الحزول والجوف والحماد 200 بيتا السعادات ابن جراد قرب تيماء 150 بيتا آل مسيلم قطين بغداد والقيعة آل حازم آل عيسى وآل موسى الوديان 200 بيتا الظبيات الجزيرة 300 بيتا الشيخات الناظر 200 بيتا وأكبر الصلبة والزعيم الذي له الطاعة العامة في السابق هو ابن مالك. ونظرا لضعف الصلبة ـ في السابق ـ وعدم وجود عصبية لها ونبذها في المجتمعات المتأخرة حضاريا فانها تلتجئ إلى القبائل المعروفة وتطلب حمايتها مقابل "الخاوة" التي تؤديها من أجل الحماية. أما الآن فلا لزوم لذلك، ومع ذلك فقبيلة الصلبة لم تنجو من ظلم الاحتلال السعودي، فكم من مرة صادر عبد العزيز بن مساعد ـ وكيل الاحتلال السعودي في حائل ـ كم مرة صادر ـ حمير ـ الصلبة واعتقل بعض رجالهم نظرا لمرورهم في تلك البقاع الشاسعة التي اعتبرها ابن مساعد "حماه" فامتلكها وكانت القبائل الحامية للصلبة من الاضطهاد ـ تعيّن بعض أفرادها لحماية الصلبة وتحصيل حقوقهم من المعتدين عليهم ويسمى حامي الصلبة (أخو). وللصلبة أشباه في بلاد الشام يطلق عليهم اسم "نور". و(الاخوان) للصلبة أي حماتهم من الاضطهاد هم: ابن كويكب… أبو جفنة، ابن حسن من الدغمان، ابن بدري من الاشاجعة، ابن ملحق من السوالحة، الخربوطلي من العبادلة، ابن شن من ولد علي، ابن محيني من الدهامشة، ابن جلال من الصقور، ابن نجين من الفدعان، ابن دلسيق من الظفير، أبو تايه من الحويطات ابن خيال من العزام ابن سيد من ولد سليمان، ابن محمد بن بني عطية، ابن زبن من بني صخر. ظ ـ الظفير: قبيلة الظفير، تستطيع أن نطلق عليها (التحالف القبلي)، أو: الجبهة القبلية، أو المجمع القبلي وكلمة "ظفير" يعني أن مجموعة من القبائل ـ تضافرت ـ (وتلفظ تظافرت) فاندمجت مع بعضها لتشكل قبيلة واحدة تواجه الاعداء فأطلقت على نفسها اسم "الظفير" ومنازلها في ـ طوال الظفير ـ وفي المنطقة "المحايدة" بين نجد والعراق وفي أطرافها. وكان بينهم وبين شمر تحالف في السابق وصداقة بموجبها كانت قبيلة شمر تردد هذه الجملة: (شمر بني عم ظفير) وذلك من باب التودد، وتقسم الظفير إلى فخذين: اولا: البطون، وثانيا: الصمدة. فالفخذ الأول فيه العشائر الآتية: آل بويت، بنو حسن (من الحجاز) آل عريف، آل سعيد (من شمّر) ، بنو خالد ، آل كثير (من قحطان) المسامير، الطلوح، سويط، سلطان، مذعر، حولا، بطّاح، معاليب، افتان، ضويحي، (من عنزه)، عدوان (من ربيعة)، الجواسم (من سبيع)، النفيسان، العسكر، رسمي (من شمّر)، آل المعلم (من تميم)، الظرعان، من اصل زنجي ـ افريقي. ع ـ عنزة: تنتسب إلى اسد بن ربيعة، وتمتد منازلها من نجد إلى الحجاز فوادي السرحان فالحماد فالبادية السورية حتّى حمص وحماه وحلب، وبطونها هي: ضنى مسلم (أي نسل مسلم) ضنى وائل، وضنى عبيد. فالبطن الأول (مسلم) ينقسم إلى ثلاثة افخاذ أيضاً هي: الرولا، والمحلف، وولد علي. والبطن الثاني (وائل) ينقسم إلى فخذين هما: العمارات، والدهامشة. والبطن الثالث (عبيد) ينقسم إلى اربعة افخاذ وهي: الفدعان وولد سليمان والسبعة والسلقا.. ومن عنزة: عشيرة الرولا، ومن شيوخها آل شعلان: ومن رؤساء هذه القبيلة، ابن هذّال، والطيار، ولا يدا والعواجي، وهو الرئيس العام لولد سليمان. ومن عنزة: الخماعلة والفقراء والمساليخ وهما الذين زعم آل سعود لفترة من الزمن انهم ينتمون اليهم ثم غيروا رأيهم وزعموا انهم من تميم ثم زعموا انهم أولاد عم النبي محمد… حتّى تأكد أنهم أولاد يهودا… وكانت المنابهة قديما تقيم في جنوب غربي تيماء حتّى خيبر ولكنها انتقلت بعد ذلك إلى الشمال شرقي شمال الشام ورئيس المنابهة في الشمال في سوريا هو ابن ملحم ورئيسهم في الجنوب هو الفقير. ع ـ عتيبة: قبيلة كبيرة نجدية حجازية، عريقة، تعاون قسم منها مع آل سعود ثم انقلبوا عليهم، وقاتلوهم، إلاّ أن آل سعود انتصروا بمساعدة الانكليز فقتل عبد العزيز آل سعود شيخ عتيبة الشيخ سلطان بن ابجاد، وقتل آل سعود الكثير من قبيلة عتيبة… وكانت لعتيبة مواقف بطولية ـ في السابق ـ ضد آل سعود، وتقسم القبيلة إلى بطنين كبيرين: الروقة، ولكل بطن أفخاذ وعشائر عديدة. البطن الأول الروقة: منازل الروقة أقرب إلى الحجاز من برقا وكبير مشايخها ابن ربيعان وفيها ثلاثة افخاذ: (1) فخذ ذوي ثُبيت ويتبعه من العشائر: الجصان وفيها البراريق والحمران، والجمالية، والعررة، وعشيرة العفارين ومن عائلاتها: الرباعين اصحاب الرئاسة والغزران، والشقران، والحيصة. (2) فخذ الطليحة، ويتبعه من العشائر، الحناتيش، الحماميد، الحوازم الحزمان، والدلابجة، والمغايبة، الحفاة، الاساعدة، السمرة. (3) فخذ المزاحمة ويتبعه العشائر الآتية: ذوو عطيه، العُضيان، الدواسين، المراشدة، العُبيات، الجِذعان. ويتبع عشيرة ذوي عطية عائلات عديدة منها: الخراريص، والمهادلة، والمغايرة، والقواسمة، والغنانيم، والجبردية. البطن الثاني من عتيبة بطن برقا: وتمتد منازله في الشرق حتّى الوشم والقصيم، وفيه ثلاثة افخاذ: الفخذ الأول عيال منصور وفيه عدد من العشائر هي: (1) عشيرة الدعاجين وفيها عدد من العائلات، (2) عشيرة الجثمة. (3) عشيرة الدغالبة. (4) عشيرة العصمة وفيها عائلات عديدة. (5) عشيرة الشيابين. الفخذ الثاني (المقطة) وفيه عدة عشائر، منها (1) عشيرة الخنافزة… (2) عشيرة الغزايلة… (3) عشيرة الهوارنة. الفخذ الثالث (النفعة)، وينقسمون إلى عدة عشائر منها: (1) عشيرة ذوي مفرج وكبيرهم ابن مجنة… (2) عشيرة ذوي زيادة وكبيرهم أبو رقبة…. (3) المساعيد وكبيرهم الدّهينة…. (4) ذوي الفلتة…. الفخذ الرابع الروسان وينقسمون إلى عدة عشائر هي: (1) عشيرة عيال عامر وفيها عائلات ومنها: اللويبات وابن جامع والخرفان والمهيو، (2) عشيرة المقاحصة ومنها ذوو عميرة. (3) عشيرة ذوي مجرى. (4) عشيرة الشبهة ومنها المراوحة. ع ـ بني عطية: لقد حاربت هذه القبيلة في مواقع كثيرة وتصدت لغزوات الاحتلال السعودي، تشرد قسم منها إلى مصر والاردن والكويت… وتعرف هذه القبيلة الكبيرة باسم العطاونة والمعازة، وتنسب إلى معز بن أسد (أخي عنز مؤسس عنزة) ومنازل بني عطية في النصف الشمالي من حرة العويرض حتّى حرة المواهيب. ومن عشائر عشائر بن عطية، العطيات، السبوط الجميعانيين، الربيلات، الروازين، الوكلا، العقيلات، المراخين، الخماعلة، السليمات، السعيدانيين المسابحة، العليان، الخميسات… ع ـ العجمان: ينتسب العجمان إلى يام في نجران، وبينهم وبين آل مرة تحالفات قديمة حتّى قيل انهم ابناء عم ومنازلهم تمتد من الطف إلى العقير ويمتد إلى الصمّان وفي الشتاء يتوغلون حتّى الزلفى والقصيم والخرج… نزح من هذه القبيلة عدد كبير إلى الكويت والخليج، ولهذه القبيلة أدوارها التاريخية في مقاومة الاحتلال السعودي، فقد قتلوا (فهد بن جلوي آل سعود) وبقروا بطن (عبد العزيز آل سعود) وقتلوا عدداً آخر من آل سعود. وفي هذه القبيلة فخذان: الفخذ الأول: مرزوق وفيه العشائر الآتية: شامر، وضاعين وحدجة. وفيها من العائلات: آل نشوان، وآل محفوظ، وآل خويطر، وآل مساوي. وآل هثلان، وآل علي، وآل سليمان، وآل معيض، وآل راشد، وآل اللزيز، وآل صالح وآل ناجعة (وفيهم الامارة، وآل حثلين) وآل سفران. أما الفخذ الثاني، فهو: ويبر، وفيه العشائر الآتية: عرجا، رشيد، مصرع، مفلح، حيان، خويتر، ضعين، حماد، صليفي، سلوم، سريح، شواولة، آل فطيح، آل مطلق. ع ـ العوازم: اماكنها بين الكويت وساحل الخليج العربي، نزح عدد منها إلى الكويت والخليج، وسبق لها أن قاومت الاحتلال السعودي، وفي العوازم فخذان رئيسيان هما: فخذ القوعة وفيه ثلاثة عشائر هي: الهدالين، والبريكات، والمساحمة، والفخذ ذوي غيّاض، وفيه العشائر الآتية وهي: الملاعبة، المساعدة، الجواسر، العربت، القراشة، المحالبة، الصوابر، العتارمة التّومة، الموايقية، المعاييد، الصواويغ. ع ـ عسير: يطلق هذا الاسم على جبال شاهقة وعرة لا طريق فيها على الاطلاق حتّى قامت ثورة اليمن في 26/ 9/ 1962 بقيادة عبد الله السلال وعبد الله الجزيلان وعدد من الثوار، فاهتز لقيامها الاحتلال السعودي، وبدأ بانشاء بعض الطرق لتوصله إلى قواعده السعودية الامريكية الحربية ومنها قاعدة خميس مشيط… كما يطلق اسم (عسير) على مجموعة من القبائل القاطنة في هذه الجبال والوديان، وقد ورد ذكرها في اماكن أخرى من هذا الكتاب، ومنها: 1 ـ بنو مغيد: ومنها ـ آل يزيد وآل ابو سرّاح وآل ناجح وآل زارع (ومنهم آل عايض) حكام عسير السابقين. 2 ـ علكم الهول. 3 ـ ربيعة ورفيدة. 4 ـ مالك ـ ولقبائل عسير ـ مجتمعة، أدوارها في مقارعة الظلم السعودي الذي شرد الكثير وقتل الكثير. 5 ـ علكم الهول ولهذه القبيلة عدة أقسام منها: علكم الاعلون (في الجبال) وعلكم الساحل. ع ـ عبس: مساكنها بوادي الحبل ووادي العين والدريب وساحل البحر، في تهامة عسير، وأفخاذها هي: مِطْولِة، مناصير الغريرة، كفرا، رنف، شغار، خرازة، قطعبة، بطارية، موانع. ع ـ عمرو: قبيلة متحضرة مقيمة في القسم الجبلي الواقع على اطراف الطريق أبها والطائف. ع ـ بلعير: تقيم هذه القبيلة في المنطقة الواقعة بين خبت العمر وجمعة ربيعة إلى محائل على طريق القنفذة وبارق، والقبيلة فرعان هما: النواشرة وهم متحضرون، والعمز وأكثرهم بادية وعدد البادية أكثر. غ ـ غامد: مواطنها بطريق الطائف ـ أبها، ويمكن قسم قبيلة غامد إلى قسمين البدو والحاضرة. ومقر غامد الباحة… واكثر البادية من آل صيّاح، وهم منتشرون في اماكن مختلفة بين اخوانهم ويتوغلون إلى اودية رنية وبيشة وتربة والدواسر، وأما القسم المتحضر فيقيم في قرى مختلفة من أقسامهم: بنو ذبيان، بنو كبير، الحمران، الظافر، الرمّادة، الزعلة، الفرزعة، بنو عمر، بنو لام، المنتظر… وقد نزح عدد من قبيلة غامد إلى الخليج والسودان. ف ـ الفضول: من القبائل الحضرية وتنتسب إلى بني لام (من غامد) ومن افرادها من هم في العارض والحريق والحوطة والافلاج، وسدير والمجمعة. ف ـ فهم: قبيلة قليلة العدد تعمل في الماشية وأنسابها من قريش واماكنها في وادي الوغار في الحجاز لهجتهم أقرب اللهجات الحاضرة إلى العربية الفصحى. ومنهم الابنة التي تزوجها الفيروز ابادي ففرت لاكتشافها عجمته. فصارت مضرب المثل لرفض العيش مع رجل لا ينطق الفصحى. ق ـ قحطان: ومساكن قحطان (حصاة وعريجي وتثليث) ويمكن قسمة قحطان إلى بطنين، بطن في نجد وبطن آخر في عسير: أما أفخاذ بطن عسير فهي تحت زعامة (ابن دليم) وعددها ستة وهي: 1 ـ رفيدات اليمن، الجُهّال، بيشة، ابن سالم، بنو قيس، خطاب. 2 ـ بنو بشر (منها الحاضرة والبادية) آل عرفان، آل حيّان، التهمان، آل محمد، آل فرحان. 3 ـ سنحان الحباب، الزربا، الغازي آل رشيف، آل سلمان، آل الثوكة، الرشدة (أما الحاضرة فهم أهل الغيض). 4 ـ عابدة منها العشائر الآتية: 1 ـ المتحضرة ـ آل قريش والبسام، آل الصقر، والزهير، بنو طلق، الوهابة، الفردان وآل عباس والعرنة، 2 ـ البدوية ـ آل حمدان والحرقان، آل فهر، آل قرعة، والجرابيع، والجهمة، وسفالة. 5 ـ وادعة اهل ظهران ـ اليمن. اما قبيلة قحطان نجد فيها بطنان، الجحادر، وجنب، والجحادر ينقسمون إلى بطنين: آل الجمل، وآل سليمان، وآل الجمل ينقسمون إلى فخذين: آل مسعود، وآل سويدان، وآل عليان، وآل مريتع، وآل عياف، وآل شببوه والعجارشة، وآل سليمان ينقسمون إلى فخذين: آل محمد وآل دهيم ينقسمون إلى عائلات: المحمد وفيهم الرياسة، منهم ابن هادي، والخنافر، والمشاعلة، وآل عاطف، وآل البطن منهم: آل روق، وآل سعد، وآل عاصم ينقسمون إلى عشيرتين: آل طريف، منهم الحشر، وآل رزق، ومنهم آل كريشان، أما جنب فينقسمون إلى بطنين: عبيدة، وشريف، وعُبيدة ينقسمون إلى أفخاذ: الفهر، وآل الجرو، والمساورة، وآل مهدي، والحرقان. ق ـ قريش: يطلق هذا الاسم على بقايا قريش سواء ما كانوا يعرفون باسم "الاشراف" أم من بقايا قريش المقيمين في منى وعرفات وما جاورهما. والثاني: يطلق على فرع من فروع قبيلة ثقيف يسمى قررش: تسكن في جهات الطائف ومنها طبقتان: بدو وحضر. فالحاضرة في الاودية القريبة من الطائف كالوهط والوهيط والمثناة وسواها.. والبادية ما زالت تعيش عيشة البداوة، في ضيق العيش وتأخيرها المقصود، من آل سعود. ق ـ بلقرن: بلقرن السرّاة وبلقرن التِهمة. وتمتد منازلهم من جنوب غربي بيشة حتّى اعالي سلسلة السراة في عسير، نزح قسم منهم إلى الخليج، هربا من مضايقات الاحتلال السعودي. م ـ آل مهدي: كتلة قبلية عدد أفرادها 500 تقريبا، وهي تعمل في صيد الاسماك، وموطنها بالقرب من الليث، وشيخها ابن قاسم، ومن فروعها: المجيشة وآل حسن. م ـ بنو مالك: موطنها شرقي الليث قرب وادي مور، في عام 1944 مر بها خدم الاحتلال السعودي لاخذ الزكاة منها!. فأبلغوهم (انهم لا يجدون مالا يدفعون من اجله الزكاة)!. فأمروهم بتسليمهم بناتهم فرفضوا بلسان شيخهم عبد الله بن فاضل، فضرب أحد الخدم شيخهم، فضربوا الخادم، فذهب الخادم ليخبر فيصل في مكة أن بنو مالك قد ثاروا على الحكم! وعصوا أمر الله!، فأرسل الاحتلال السعودي حملة لتأديبهم فأبادوا العديد منهم!…

م ـ بنو مالك عسير: هذه القبيلة خلاف بني مالك الذين هم في الحجاز وهي تقيم بالقرب من أبها عسير وأقسام هذه القبيلة: آل المجمل، بنو رزام، بنو ربيعة، الحبشي، آل ميّان، بنو منبنه، آل يعلى، ومنهم شيخ بني مالك أحمد بن معدى. 

م ـ بنو مروان: ـ يقطن بنو مروان بين وادي جيزان في الجنوب ووادي تعشر في الشمال. م ـ المسارحة: ـ يقيمون في الاراضي الواقعة بين وادي تعشر في الجنوب إلى قرب صبيا وجيزان وابو عريش في الشمال. م ـ بنو محمد: ـ قبيلة صغيرة بقرب جيزان. م ـ مطير: ـ مطير ينقسمون إلى بطنين: علوة ـ وبريه. وعلوة ينقسمون إلى ثلاثة بطون: الموهة والجبلان، وذي عون. والموهة ينقسمون إلى اقسام: الدمشان، والرخمان، والبراعصة، والخواطرة، والصعايين. والجبلان ينقسمون إلى أقسام: العقيمات، والمقالدة، والأعنة، والعراقبة. وذوو عون ينقسمون إلى أقسام: الصهبة، والملاعبة، والمطيرات، والحُلّف (وهم متحالفون مع العصبة ومقيمون بين برية ويقال لهم بنو عبد الله): ـ اما برية فينقسمون إلى بطنين: وسّامة الهلال وواصل. ووسامة الهلال ينقسمون إلى أقسام: الصعران والصعبة وميمون، والصعران ينقسمون إلى أقسام: ذوي حجى ومنهم البصايص وذوي سعدون، والشتيلات والشعاليل، والحجادين. وواصل ينقسمون إلى: المواصل، والبرزان، والعسفة، والعبيسات، والوساما، والبدنا، والدياخين.. كان لمطير وشيخهم فيصل الدويش ـ الدور القوي ـ بعد الانكليز ـ في دعم الاحتلال السعودي، لكنهم تداركوا الامر متأخرين فانقلب الدويش وثار ضد الاحتلال السعودي والانكليز إلاّ ان الانكليز سلموه لعبد العزيز آل سعود فقتله كما قتل ابنه عبد العزيز الدويش وبضعة آلاف من قبيلة مطير… م ـ بنو مرّ بن حسين بن عمرو بن الغوث بن طئ ـ بطن من بطون طئ ـ كانوا يسكنون جبل طئ في حائل فنزحوا إلى ينبع ثم إلى صعيد مصر، ومنهم عائلة جمال عبد الناصر، التي لو بقيت "لسعدنوها" وما عرف جمال. م ـ آل مرّة: ومنازلها تمتد من جنوبي الطريق الموصلة بين الحسا والرياض إلى جهات الخرج وجهات العقير إلى واحتي جافورا وجبرين حتّى اواسط الربع الخالي واشتهرت هذه القبيلة باقتفاء الاثر، في عهد الحكم السعودي الذي اخذ يستخدم افرادها باقتفاء اثر كل متهم بسرقة بخسة، اما اللصوص من كبار المسؤولين فقبيلة آل مرة وكل القبائل غافلة عن اقتفاء آثارهم ما سرقوه لان سرقات الكبار كبيرة لا يدعى لها آل مرة لاقتفاء اثرها ولان السارق الكبير لا يكون ـ إلاّ الملك ـ والامير والوزير أو المدير الأميركي … وكم تسبب قصاصو الأثر بقطع أيدي أناس أبرياء من العمال والفلاحين والجنود، وربما من أفراد قبيلتهم… آل مرّة يقسمون إلى بطنين هما: ـ علي وشبيب، ويلحقهم في جشمم كل من: آل دمنان هتيلة وآل هندي. وآل علي بن مرة ينقسمون إلى بطنين: الغياثين، والجرابعة، وآل شبيب ينقسمون إلى بطنين: آل سعيد، وآل غفران، وآل سعيد ينقسمون إلى بطنين: آل بشر، وآل جابر،… آل بشر ينقسمون إلى ثلاثة بطون: آل فاضل، وأل يحيى، وآل بريد… وآل فاضل ينقسمون إلى بطنين: آل فهيدة، وآل عذبة. ولآل مرّة دور وطني في السابق ضد آل سعود وثورات شجاعة… م ـ المناصير: تسكن في الربع الخالي شرق شمال آل مرة. وقسم من المناصير يقيم في عُمان وقسم آخر في قطر… ومن افخاذ المناصير: وآل أبو منذر ـ شيخهم راشد بن مانع ومنهم العشائر الآتية: الكعابرة، آل مانع، المراشيد، المطاوعة، المداهمة، وفخذ آل بو رحمة، شيخهم سعيد بن سويد وفيه العشائر الآتية: آل أبو خليل، آل سلامين، الطرارفة، الوبران، المحايلة. وفخذ آل بالشعر وشيخهم غانم بن جريو وفيه العشائر الآتية: غوينم، الشدود تويبت. م ـ المنجحة: قبيلة عسيرية، ومن أهم عشائرها: ـ آل أم خريق، العبدية، آل زيد، آل أم حاوش، آل سرياح، الشهبي، ولد اسلام. م ـ آل موسى: تسكن في قرية محايل واكثرها متحضرا ما عدا فخذين هما: أم جريان، وبنو يزيد، وللقبيلة فندتان انفصلتا عنهما وهما: بنو شعيب والصوالحة… ومن بطونها: أم شحاري، آل عقيل، آل شعر، آل ضبع، آل شريفة، القرون، حمالا. ن ـ النجوع: ـ تسكن هذه القبيلة في مخلاف اليمن بين صبيا والدرب ومن أقسامها: الهجاوي وبنو مفرح وبنو امحمد النجوع. هـ بني هاجر: قبيلة قحطانية بينها وبين العجمان تحالف قديم وأمير بني هاجر: ابن شبعان… سكناها في المنطقة الشرقية، وقد نزح قسم منها إلى قطر والكويت والبحرين ومن افخاذ بني هاجر: المخضبة وتشمل العشائر الآتية: دبيسة، فهيد، حمرا (وبعضها في قطر) آل سلطان، حسين، جرارحة" خيارين" مضافرة، مُنّع، مزاحمة، قُمزة، آل زيد، زحانيت، شباعين، شهوان، شرعان، شراهِيين. وآل محمد وأميرهم ابن طفرة وتشمل العشائر الآتية: عامرة، فلاحة، قدادات، الكلبه، مسارير، القروف، شعامل، سماحين، طُيّاع، آل جدّي، (وقسم من بني هاجر يسكن الوصيلة في الافلاج) حريملة، ثادق. هـ ـ هتيم: من القبائل المضطهدة، تتنقل بين شمال نجد وشمال الحجاز ومن عشائرها: الذيبة، الجلدة، آل براك، القيلولية، الدوامش، الفجاوين. أنساب هتيم عربية عريقة، وهي لم تنزل من السماء ـ مع آدم بالطبع ـ لكنها من ذرية آدم التي زرعها على الأرض!!. هـ هذيل : ـ هي من قبائل ثقيف في الحجاز وهي تقسم إلى قسمين: شمالي وجنوبي فالاولى تسكن في أطراف مكة من جهة الشرق والجنوب والطائف بقرب جبل برد. فالقسم الأول وهو (هذيل الشمال) يتألف من سبع عشائر ومنها: المطارفة، المساعيد، السوهر، لحيان، عمرو، الجنابر. والقسم الثاني (هذيل اليمن) ويتألف من الأقسام الآتية: (1) السدوية، وفيه ثلاثة فروع: المرازيق والحبيسة والجملة. (2) دعد، وفيه ثلاثة فروع: الحسنان وآل يعلى والظبّان. (3) السراونة، وفيه ثلاثة فروع: الظهوان وآل علينا والمجاريش (4) العاهلة. (5) جميل، وفيه أقسام وفروع عديدة منها: الطلوح، الحساسنة، العبدة المسودة. هـ ـ هلال: تمتد مواطن بني هلال من حدود ربيعة التهم وأهل حَلي ومحايل في منطقة عسير ويقسمون إلى أقسام منها: أهل البرك، الاخرش، آل مسحر، آل أم جمعة. ي ـ يام: احدى القبائل المهمة في نجران والجوف ـ جوف اليمن ـ (ومنها العجمان وآل مرة ـ في المنطقة الشرقية) ويسكن الكثير من قبيلة يام في نجران وكذلك في الجنوب الغربي للحجاز وما بين نجد وعسير واليمن فروع كثيرة لقبيلة يام ومنها الفروع الآتية: 1) جشم (ولها فروع عديدة) منها آل خميس، وآل سليمان، ورجلان، وآل حسن وآل بلحارث وآل حربتة، وآل قصور، وآل مستنير، وآل بلغربان، وآل حتيلة، وآل صعب. 2) آل فاطمة، ولها فروع عديدة منها: آل سالم وبدر، وآل مطلق، وآل القرن، وأهل حالق، والجعّة، وهدادة وحيرة وآل صَنِيع، وأبو عُبار، وعكام، والعوكلة، وآل جيبان، والافهاد. 3) آل مواجد، ولها فروع منها: آل نصيب، وآل قَنَف، وآل مراطة، وذوو شُقمة، وذوو وداعة، وأهل سَلوة. أشباه القبائل! "الخضيرية" و"الصناع" و"الصفافير" و"النخاولة"!! لا هي بالقبائل المعترف بقبليتها… وليست قبائل بالمعنى المفهوم للقبيلة… انها "أشباه قبائل" ما تزال تعرف باسم "الخضيرية" والصنّاع… والصفافير والنخاولة!… وما هؤلاء في الحقيقة سوى مجموعات كبيرة تشعبت من القبائل فأطلق عليها "ذوو التزمت القبلي" اسم "الخضيرية" ـ والصناع ـ والصفافير ـ والنخاولة… معظمهم من ذوي الإنساب العربية والقبلية العريقة، سبق لهم أن جاءوا من مدن عربية أو انحدروا من قبائل عربية أخرى تاركينها طلبا للرزق أو هربا من ملاحقة "الثأر" لحوادث وقعت بينهم وبين أقاربهم أو بين هذه القبيلة أو تلك نظرا لكون ابن القبيلة إذا لم يتمكن من قتل الشخص المطلوب قتله ثأرا للمقتول فانه سيقتل من يجده من أقارب القاتل لاحقا حتّى بالشخص الخامس من أقرب أقارب القاتل ما عدا النساء فانها لا تقتل أخذا بالثأر!. ولذلك انسلخوا من قبائلهم الموجودة في الجزيرة العربية وغيرها وسكنوا في المدن البعيدة عن مناطق قبائلهم الاصلية ثم عملوا كفلاحين في زراعة النخل والخضر وبيع الخضر… وبما أن الحرفة اليدوية في مفهوم بعض القبائل ـ وخاصة القبائل الكبيرة العريقة ـ تعتبر من الاعمال المخلة بسمعة القبيلة، فان هؤلاء الذين انسلخوا من قبائلهم وفكروا (بالعمل) رأوا أنهم لكيلا يتصدوا "للعيب" والمحرمات القبلية ولكي يبتعدوا عن الثأر الذي يلاحقهم لابد لهم من الابتعاد عن مواقع قبائلهم إلى مدن ومناطق بعيدة عن متناول قبائلهم والإبتعاد بالتالي عن أصولهم القبلية، فاشتغل معظم هؤلاء بأسماء مستعارة ليعملوا في الاعمال "المعيبة" كزراعة الخضر وبيعها أو غير ذلك من الحرف الاخرى، ومن مهنة بيع وزراعة الخضر حملوا هذه "المعيرة" وهي "الخضيريّة" والمقصود بها "الخضرية" التي حرف نطقها إلى (الخضيرية) أو الخضريين أو بني خضير… والفرد منهم يسمى خضيري)… كما ألصق هذا اللقب ـ المهني ـ الذي لا علاقة له بأصول السلالة ـ بأناس آخرين تجاهلوا أصلهم أيضاً رغم كونهم ليسوا "خضريين" أو "خضيرين" كما يقال، وبذلك "نقصت قيمتهم" في المجتمع القبلي فلا القبلي يزوجهم ولا هو يتزوج منهم!… صانع وصفّار!! وكما هي الحال في تسمية الخُضري ـ بالخضيري، كذلك الحال في تسمية (الصانع ـ والصفار) أو (الصناع والصفافير) جمعا، فمعظم هؤلاء من البشر ـ المفكر المنتج ـ بالنسبة للمتزمتين قبليا. وينتمي معظمهم لإصول قبلية أصيلة، لكنهم سلكوا نفس سلوك ـ الخضرية ـ أو "الخضيرية" فعملوا بالصناعة اليدوية ـ كالتجارة والحدادة وصنع أدوات الأكل والشرب والعمل بالتجارة أيضاً ـ ولذلك لقبوا بالصناع والصفافير ـ والفرد منهم يلقب ـ بالصانع أو الصفار أو الاثنتين معا، ولمن يحمل هذه الصفة "المهنية" نفس مكانه الخضري الناقصة!.. علما بأن من يكون (صانعا) لا يعني إلاّ أنه أصبح إنسانا أفضل ممن لا يصنع شيئا! ـ فهو إما فاعل، أو عامل، أو حرفي، أو ما شابه ذلك من التسميات المشرفة، إلاّ أن "للصفار" معنى آخر محدد في رأي بعض أفراد المجتمع وهو من يصنع الادوات المنزلية: كالقدور، والدلال، والاباريق، وأحيانا يمزح العامة بين الجميع كما قلت، فتطلق الصفات الثلاث ـ "الخضيري" أو "الصانع" و" الصفار" ـ على شخص واحد وهو ـ من لم تكن له أصول قبلية!… وتكاد لا تذكر هذه النظرة القبلية المتحجرة في بعض مدن الحجاز والمنطقة الشرقية نظرا لكثرة الوافدين من البلاد العربية وغيرها، ونظرا لان معظم سكانها ممن يلقبون بالصفافير والصناع والخضيرية والنخاولة أيضاً!! بينما تتمركز هذه التسميات في نجد، إلاّ أنها "عادات" بدأت تنقرض بخروج جيل متنور في المدن خاصة، كما بدأ أبناء القبائل ـ في نجد خاصة ـ يفضلون العسكرية التي كانت ـ هي الأخرى ـ من "المحتقرات" عندهم في السابق وبدأوا يفضلون الفلاحة والعمل، انّما لم يكن حتّى الان، كل الاعمال، مفضلة لدى القبلي النجدي خاصة، فأبناء القبائل يفضلون أعمال (الحراسة) أو العمل كسائقي سيارات وما شابه ذلك من أعمال (الفك والربط)!) أي المهن الهندسية.. كيف استغلت المخابرات السعودية الامريكية هذه الرغبة لتصطاد بعض هواتها؟ ولذلك استغلت العائلة السعودية هذه الرغبة في نفوس بعض أبناء القبائل واستغلت حاجتهم للعيش السهل غير المعيب في رأيهم، فحاولت السعودية حرف صولتهم القبلية ضدها في السابق بعد أن انتهى عهد الفروسية والغزوات، ثم أخذت السعودية تغرر ببعضهم للدخول في أجهزة مباحثها ومخابراتها، وفي هذا العمل من الكسب المادي الرخيص ما يجده بعض أبناء البادية دون بذل أي جهد عضلي أو فكري. فليس هناك من شئ مطلوب أكثر من (نقل معلومات عن مواطنيهم)!… وكي لا يجفل البدوي من ـ مهنة التجسس ـ المكروهة فعلا في معظم القبائل، عملت السعودية على زج البعض فيها رويدا رويدا!!، فهي لا تخبر القبلي انّه بنقله معلومات قد يتسبب بإعدام أو سجن الآلاف ـ بعد أن أصبح من الجواسيس الذين نهانا القرآن عنهم بقوله (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا؟ فكرهتموه!) بالتجسس لحسابها ـ ومعظمهم من أبناء جنوب الحجاز وجنوب الجزيرة العربية وغربها ـ أول ما تطلب منهم (نقل العلوم) والمواقف التي يسمعها ثم وبعد أخذه أول دورة مدتها ثلاثة أشهر باحدى مدارس المخابرات أو المباحث يخبرون هذا العضو أنه لا يعمل كجاسوس بل يعمل "كمرشد" في المباحث أو "فنانا" أو "مخبرا"، وحينما يحس باحتقار أفراد الشعب وأقاربه له فيجفل ـ ويحس رؤساؤه بتهاونه وخوفه على سمعته!! يزيدون له المرتب 25 في المائة. وتمسى هذه الزيادة (بدل سمعة) وهذا هو الاسم الرسمي لهذه العلاوة!. ويعني ذلك، وبكامل الصراحة بل الوقاحة السعودية ان الجاسوسية الامريكية السعودية قد اشترت سمعته التي هي شرفه "السابق" ومستقبله اللاحق ومرغوا ضميره في التراب مقابل مرتب بخس و25 في المائة زيادة!… وزيادة في ترغيب بعض أبناء القبائل في الانحدار بأجهزة المباحث والمخابرات السعودية ـ المرتبطة بالمخابرات الامريكية ـ الدعامة الأولى للصهيونية ـ تقوم ادارتا المباحث والمخابرات بشراء سيارات أجرة بالتقسيط لعدد من أتباعها وتدفع لهم قيمتها من مرتباتهم ومما يسمونها "بدل سمعة" وبذلك أصبح 90 في المائة من سائقي سيارات الأجرة يعملون لحساب جهاز المباحث والمخابرات… ومع ذلك فليس كل من ينخرط في مهنة التجسس هم من أبناء القبائل نظرا لكره الاكثرية لهذه المهنة، فهناك من المدنيين والمتعلمين والطلبة والكتاب والشعراء والصحفيين والعاهرات والقوادين وبعض القادة وأمثالهم من المتاجرين بالدين ومن كافة المستويات في الجزيرة وفي معظم البلاد العربية والعالم من يبيعون ضمائرهم بوعي وسابق تصميم ويضرون الابرياء والاحرار بأكثر مما يستطيع ابن القبيلة فعله من الضرر… ولمهنة الجواسيس السعوديين بحث آخر غير هذا الحديث القصير الذي أقحمته في موضوع: الخضري و"الخضيري والصانع والصفار" بعد أن أصبحت المخابرات والمباحث السعودية جزءأً لا يتجزأ من المخابرات الامريكية التي لا تتجزأ هي الأخرى عن مخابرات الصهاينة الملتقية بالمخابرات الأمريكية الإنكليزية. يا نخولي! وكما أصبح "الخضري" أو الخضيري، والصانع والصفّار "من الصنف الناقص" في نظر ـ ناقصي العقول ـ ، كذلك أصبح "النخلي" أي العامل في حقول النخل، أي الفلاح، محتقرا، خاصة في منطقة (المدينة المنورة) يزيد في صفة احتقاره كون هؤلاء الذي يعملون في النخل هم من أبناء المذهب الشيعي ـ وهو المذهب الذي تكرس السعودية وتجار دينها تحقيره ومحاربته سواء في مناطق الإحساء والقطيف أو في المدينة… بل ان واحدا من أقذر مبررات عبد العزيز آل سعود في غزوه لمنطقة حائل ـ وجود خمسة "مشاهدة" أي من أبناء المشهد (النجف) في العراق يقيمون في حائل وهذا ما يثبت كفر أهل حائل وقبيلة شمر لكون "المشاهدة" من الشيعة والشيعة كفرة! كما أفتى تجار دينهم بذلك. ولن ننسى ذلك المشهد المروع الذي أشرف عليه عبد الله الفيصل ـ وزير الداخلية سابقا وابن الملك فيصل ـ حينما تجمهر هؤلاء الفلاحين في (المدينة) عام 1952 مطالبين بإنصافهم وبعدم تحقيرهم ـ كبشر ـ وإيقاف ملاحقة رجال الدين السعودي لهم بتهمة أنهم "شيعة ونخاولة"، فانتقل عبد الله الفيصل من جده بطائرة خاصة إلى المدينة ومعه مجموعة من الجنود والعبيد وهاجموا الفلاحين في أكواخهم في المدينة وأشبعوهم تعذيبا ثم ربطوا أيدي بعضهم كما ربطوا أرجلهم بحبال لمؤخرة السيارات لتجرهم من مكان حقولهم عبر الشارع… وبعد ذلك اعتقلت السعودية العديد منهم مما أدى إلى وفاة بعضهم من جراء التعذيب في السجون السعودية… واثناء ذلك العذاب لم يكف وزير الداخلية وجلاديه عن تحقير أولئك الفلاحين بشتى المسبات وترديد كلمة (يا نخاولة يا شيعة)… وكان الاحتلال السعودي هو الذي حول اسم (النخلي) إلى اسم النخولي وجعل كلمة "نخولي" أي "فلاح النخيل" ـ من أكبر الشتائم التي توجه حتّى للذين لا يعملون في النخيلّ… كقولهم (روح يا نخولي) وذلك حينما يسخر شخص من آخر، وكانت لهؤلاء الفلاحين في المدينة نقابة في عهد الحكم العثماني للبلاد ألغاها الإحتلال السعودي في اليوم الأول لاحتلاله البلاد، وكان للفلاحين في المدينة انتفاضات ضد الحكم السعودي وزبانيته الذين لاقوا على أيديهم أنواع الاعتداءات بتهمة أنهم من "الشيعة" وانهم ضد سلب السعودية لحقوقهم…. وذلك ما جعل الاحتلال السعودي يعمل لحل نقابتهم ويحقّرهم ويمارس معهم أنواع بطشه ويقطع العديد من أيديهم وأرجلهم بحجة أنهم ممن يحاربون الله ورسله!… وما المقصود بكلمة رسله!. هذه … إلاّ : ـ "آل سعود"!… ونظرا لإشاعة روح الفتنة بين المواطنين أصبحت كلمة (النخولي) عندنا أكثر تحقيرا من كلمة (عميل أميركا واسرائيل) التهمة التي لم يعتقل أي شخص بموجبها في "المملكة السعودية" مملكة أمريكا واسرائيل. وكلمة "نخولي" ينعت بها البعض للتقليل من قيمة المنعوت كشتيمة له…. إلاّ أن الشتيمة ـ "بالفلاح النخولي"، بدأت تختفي نسبيا، عندنا بعد أن عرف الجيل الواعي أن معنى كلمة (نخولي) لا تعني إلاّ "النخيلي" أي الفلاح العامل بالنخيل وأن كلمة (شيعي) لا تعني إلاّ أنه من شيعة ذلك البطل العظيم المثالي في ثورته على الظلم (علي بن أبي طالب) ابن الجزيرة العربية الذي ضحى بنفسه وأولاده وصحبه…. كذلك خفت مغالاة التعصب القبلي قليلا من الانساب والإحساب بعد أن تلوثت أصول وأحساب بعض هذه القبائل بتزويج بناتهم لآل سعود. علما أن هذه القبائل التي تزوج آل سعود أعداء الشعب (بني القينقاع) من بناتها ما هي إلاّ من تلك القبائل المتعصبة لإصولها، لكن هؤلاء الذين زوجوا بناتهم لآل سعود بدأوا الان ـ بعد فوات الاوان ـ يعتذرون بالحاجة التي دفعتهم وبالخوف من بطش آل سعود في حال رفضهم تزويجهم واعتراف البعض بخطأ الافراد المسؤولين منهم عن قذف بناتهم بأحضان آل سعود الذين لا يحترمون (حق المرأة) بالإضافة إلى أصل آل سعود اليهودي المعادي لتقدم الوطن وعنصريتهم السعودية اليهودية التي لا تبيح لبنات آل سعود التزوج من أبناء هذه القبائل التي تزوج آل سعود أنفسهم منها… وقصة (الشيخ مطلق ابن الجبعا) هي احدى الادلة الدامغة لعنصرية آل سعود وتتلخص في: أن مطلق بن الجبعا المرافق الخاص للملك عبد العزيز وأحد شيوخ قبيلة مطير البارزين والذي قاتل لصالح آل سعود لتمكينهم من احتلال بلادنا، مطلق ابن الجبعا هذا: طلب من "صديقه" عبد العزيز آل سعود الزواج من أخته "هيا" فحوله عبد العزيز إلى أخيه عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود "للبت في الموضوع" وكان "البت" في الموضوع ان أمر عبد العزيز أن يتولى شقيقه عبد الله جلد مطلق بن الجبعا بالعصي الثقيلة، حتّى كاد يفقد الحياة وعاش ستة أشهر وهو يعاني من تعذيب الجلد، وكان جواب عبد العزيز آل سعود لمطلق بن الجبعا قوله ) على أمثالك يا "مطيلق" من أبناء القبائل أن لا يتجرأوا على طلب الزواج من بناتنا يا آل سعود)… والحقيقة ان مثل هذه العنصرية السعودية هي التي دفعت ببنات آل سعود لممارسة أنواع الدعارة إلى الحد الذي جعلهن يقمن بعمليات لم يفعلها سوى أشباه الرجال من آل سعود وذلك باختطاف الرجال من الشوارع وارغام المخطوفين على ممارسة الجنس معهن… حتّى أصبح "الزنا" الذي يجلد آل سعود المواطن العادي بتهمته ويرجموه بوضعه جوف حفرة، هذه التهمة، تهمة (الزنا) أصبحت في نساء آل سعود وبناتهم من الاشياء العادية جدا يمارسها حتّى الاخ مع أخته والأب مع ابنته والابن مع زوجة أبيه وأمه والعم مع ابنة أخيه… ولدينا القصص الكثيرة وبالإسماء عن أفعال آل سعود التي هي في منتهى الإباحية التي وصلت بهم إلى أن يجعلوا من عقوبة "مدخن الدخان" أكبر من عقوبة مرتكب الدعارة مع بناتهم، ونوادر آل سعود في ذلك كثيرة، نختار منها قصة الاميرة المعروفة التي "اغتصبت" أحد الشباب بعد أن اختطفته من الشارع العام، ولما قضت شهوتها معه وقعد القرفصاء يستعيد أنفاسه وأخرج سيجارته بطريقة لا شعورية وبدأ يدخنها هاجمته الاميرة وانهالت في وجهه تصرخ مرددة شتائمها بقولها الشهير "أتشرب المخزي في حويّنا يا خائن؟" أي تدخن الدخان في بيتنا؟. والدخان هو الشئ "المخزي" نسبة إلى "الخزي"!… وليس في اغتصاب الاميرات للمارة واختطافهن للرجال الابرياء أي "خزي" أو شئ "مخزي"… المهم أن الاميرة استدعت "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وسلمت لهم الشاب لتأديبه بتهمة "تدخين المخزي" ولما سألها أحد أعضاء الهيئة قائلا: "ما الذي جاء بهذا الشاب إلى القصر ليشرب المخزي أمام سموك يا أميرة المؤمنين؟" أفادته الاميرة بقولها: "انني وجدته في الشارع يسير بمفرده فأعجبت بشكله فأجبرته على الركوب لاوسع به صدري باللعب عليه لكنه لم يحسن اللعب معي بل بقي متقرفصا وكأنه خائف مني أن آكله ومع ذلك يشرب المخزي في حوينا!" فأخذه (رجالات الدين) وسلموه إلى الشيخ عمر ابن حسن رئيسهم، الذي أمر بتأديبه بجريمتين ارتكبهما الشاب، الاولى ـ عدم احسان الشاب اللعب مع الاميرة!، والجريمة الثانية هي (تدخينه المخزي في حويّها) أي تدخينه الدخان في قصرها… هذه قصة شائعة حدثت في عام 1946 وذلك قبل أن يبدأ الامراء الان باستيراد الدخان الأميركي … ليصبحوا وكلاء شركاته: الاميرة التي اغتصبت الطيار الزهراني في الشارع العام! ومن ملايين خطف الاميرات السعوديات للرجال نختار قصة حدثت للزهراني وهو ضابط طيار… فبينما كان الزهراني يقود سيارته بطريق جدة المؤدي إلى المدينة لحقت به الاميرة "الجوهرة" واختها بالطريق العام وحدثت خناقة بين الاختين على اختطاف الزهراني وكل واحدة تريد اختطافه لها، ولكن الاخت الكبيرة الجوهرة تغلبت في النهاية وأمرت الزهراني أن يترك سيارته وينتقل معها في سيارتها وهددته بالاعدام إذا لم يركب، فامتثل الزهراني… فاغتصبته!.. اغتصبته الاميرة "الجوهرة" وكان زوجها الامير خالد بن ناصر بن عبد العزيز يتابعها فهجم الامير خالد بعبيده على سيارة زوجته فاقتادوا الزهراني واعتدوا عليه بالضرب وتركوا الاميرة دون أي سؤال أو جواب!، وأمر الملك بعد ذلك بتسريح الزهراني من عمله واعتقاله، لكن الزهراني كتب الرسالة التالية إلى الملك وفيها يقول: (يا طويل العمر: انني أطالب جلالتكم بإحالة صاحبة السمو الاميرة ابنتكم معي للقاضي الشرعي لاقاضيها بتهمة الاعتداء على حقوقي التالية: أولا: حقي في التعويض عن اعتداء الاميرة الجوهرة على "عفتي". ثانيا: حقي في التعويض عن ضربي من قبل خدم زوجها الامير خالد بأمر من الامير نفسه. ثالثا: حقي في التعويض عن سجني وتسريحي من عملي بأمركم. رابعا: حقي بالتعويض في هدر كرامتي بين المواطنين بعد ان "فضّت ـ ابنتكم ـ بكارتي" ، وأساءت ابنتكم الى سمعتي ـ لكونها هي التي اغتصبتني في الطريق العام وأمام شهود عيان وأمرت عبيدها بطرحي أرضا فأمسكوا بيديّ ورجليّ وحلوا سروالي بينما هي تضع (مكحلها بميلي!). وبعد تلك الرسالة أمر الملك باعادة الضابط الطيار الزهراني إلى عمله مع نصحه بإتباع الحديث القائل: (إذا ابتليتم فاستتروا!)… ولما قال الزهراني: (لم أفهم ماذا يعني جلالتكم بكلمة (استتروا هذه؟) أجاب الملك: (لو لم تقل لي ابنتنا أنها ـ تحبّك ـ ولو لم تعترف هي بأكثر مما قتله أنت ـ ولو لم تعترف لي أنها أغتصبتك أكثر من مرة ـ ولو لم تدافع عنك وتتوسط لك لدى جلالتي لقتلتك ـ لذلك أقول لك إذا أرادت ابنتنا ملاعبتك فيجب أن لا يحدث مثل هذا على مرأى من الناس وفي طريق عام كطريق جدة والمدينة المنورة) قال الزهراني: (أخبر ابنتكم يا طويل العمر بهذه النصيحة والاتفاق الابوي) قال الملك: (هل تتزوجها على سنة الله ورسوله؟!!) قال الزهراني: (والذي حدث بيننا على سنة من اذن؟!. ثم وأين يذهب زوجها الامير خالد الذي كاد يقتلني بالضرب المبرح؟!) قال الملك: (لقد طلقت زوجها من أجلك) قال الزهراني: (انني طيار ومن أفراد الشعب ولا أريد أن أتزوج أميرة وابنة ملك تمنعني عن ممارسة مهنتي وهي ليست من طبقتي أيضاً) قال الملك: (لقد أصدرنا قرارا ملكيا يبيح زواج الاميرات من الضباط ومن "سائقي الطائرات" ـ أي الطيارين ـ لان الكثير من بناتنا لهن علاقة "شريفة" بهذا النوع من الناس ويرغبون بالزواج منهم، وصيانة لعرضنا قررنا ذلك)… والى هذا الحد خرج الزهراني ولم يرجع كي لا يتزوج أميرة هي من طينة خلاف طينة الشعب، ولم يتقدم ـ رغم القرار الملكي ـ أي طيار أو ضابط يطلب الزواج من أميرة سعودية، بل تقدم سائقوا السيارات والطباخون والخدم في القصور ـ طالبين الزواج بالاميرات تنفيذا للقرار الملكي ولا زال القرار لم ينفذ… لانه لو تزوج أحد من أبناء الشعب بأميرة وبطريقة مشروعة فسوف يقتل أو يسجن على الاقل مثلما فعل الامير محمد شقيق الملك خالد حينما قتل ابنته مشاعل وزوجها الشاعر، أو مثلما سجنوا ابن غنيم زوج بنت سعود. نماذج من "عطف" الامراء السعوديين على المواطنين… أمر ملكي بقطع أيدي المواطنين واستبدالها بأيدي صناعية!… وفيما يلي نماذج من عطف الامراء السعوديين على المواطنين، وهي جرائم لا ترفع رؤوس العرب المنتفعين بالإحتلال السعودي والمتعاونين معه والمعاندين له: 1 ـ المكرم مأمور التنفيذ بمديرية الأمن العام بمنطقة الرياض بعد التحية… حيث صدر الحكم الشرعي عن المحكمة الشرعية بمنطقة الرياض القاضي بقطع اليد اليمنى للمدعو خالد بن فلاح الشيباني لارتكابه جريمة سرقة خمسة ريالات اعتمدوا تنفيذ الحكم في يوم الجمعة الموافق 10/4/ 1390 واعادته للسجن بعد تنفيذ الحكم حتّى اتمام اجراءات تركيب الطرف الصناعي التي تبرع سمو الامير سلمان "بالتوسط" لتركيبه له كبديل عن يده اليمنى المقطوعة للإعتماد ودمتم… أمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز صورة للمسشتفى لاعتماد ارسال طبيب يراقب عملية قطع اليد اليمنى. صورة لمدير السجن بالرياض، وصورة لمدير الشرطة، وصورة للمحكمة، وصورة للحفظ. 2 ـ معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية المحترم بعد التحية… حيث صدر الحكم الشرعي الصادر من المحكمة الشرعية بالرياض بقطع يد المواطن خالد بن فلاح الشيباني لثبوت ارتكابه جريمة سرقة خمسة ريالات سعودية وقد صدر أمرنا إلى قسم التنفيذ بمديرية الامن العام بالرياض بتاريخ 4/4/ 1390 لتنفيذ الحكم في يوم الجمعة الموافق 10/4/1390 نأمل تعيين جهة الاختصاص لديكم لتأمين طرف صناعية للمذكور بدلا عن يده اليمنى المقطوعة. وافادتنا بذلك والمذكور سيدفع قيمة اليد الصناعية ودمتهم. أمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز رأي علم النفس بالشذوذ السعودي! وهكذا ترون أن الامير هو اللص الكبير جدا الذي لا أكبر منه إلاّ الملك، لكن الملك والامراء مهما بطشوا ولطشوا فان لهم عواطف، عواطف لا تختلف عن عواطف سواهم من اللصوص الذين لا تخلو عواطفهم من عطف "السارق على المسروق".. ان عواطف اللصوص الكبار ـ الامراء والملك ـ لا تختلف عن عواطف اللصوص الصغار من أبناء الشعب إلاّ بكون الامراء والملك يختلفون عن صغار اللصوص بملكهم للشريعة والشارع والمشرّع والتشريع والمشاريع، ويفعلون كل المنكرات أيضاً (باسم الله والنيابة عن الله) وان يختلف الامير السعودي والملك السعودي مع اللص العادي فذلك لان الامير والملك لا يسرقان الصغائر كالخمسة ريالات التي "يسرقها" المواطن العادي العاطل عن العمل ليقتات بها ويقيت أولاده، فسرقات الامراء والملك لا تقل عن الخمسة ملايين ريال في الساعة الواحدة أو في اليوم الواحد أو في الشهر الواحد على أبعد مدى، يصرف الامير هذه الملايين المسروقة من قوت المواطنين ـ المسروقين ـ الذين قطعت أيديهم وأرجلهم وأعناقهم وحرياتهم وأرزاقهم بأيدي كبار اللصوص الحاكمين المتحكمين في الشعب، وينفق آل سعود هذه الملايين المسروقة على الملذات أو على تخريب أوضاع الأقطار المجاورة وضمائر الحكومات أو على شراء القادة والقوادين، وقد كنت ضد من يقول بأن عقول الامراء والملك السعودي مصابة بالجنون العادي حينما يحاول البعض وصفهم بالجنون تبريرا لما يرتكبونه من أعمال هي في منتهى الوحشية والاعتداء على حقوق الآخرين، كلا، فالمجانين لم يسبق لهم أن ارتكبوا أي نوع من هذه الافعال الشائنة وهم الذين قيدت أيديهم وأرجلهم ـ أي المجانين ـ والقوا بين أربعة جدران أو أطلق الاطباء سراحهم ضمن مصحة المجانين لا يؤذون أحدا ولا يسرقون من أحد، إلاّ أن بعض علماء النفس أكد لي ـ شخصيا ـ حينما طلبت منه تشخيص "حالة آل سعود" أكد لي وكان لديه عدد من أطباء الاعصاب والجنون أثناء زيارتي له لأسأله خصيصاً عن هذه الحالة "حالة آل سعود" النادرة في الشذوذ ـ أكدوا لي: (أن الاستبداد هو أعلى مراحل الجنون الذي يرتبك أصحابه ـ سواء كانوا ملوكا أو رؤساء أو أمراء ـ ما يرتكبونه من فظائع، باسم الاسلام أو باسم الله، أو باسم المحافظة على أماني المواطنين أو باسم المبادئ ـ يرتبكون أفظع الجرائم باطمئنان وهم يعتبرون أنها نوع من الاعمال الخيرية والاحسان والتبرع والصدقات يزيد في ذلك ما ترتكبه أجهزة الاعلام الخاصة بهم في تبرير كل أعمالهم حتّى تصل بهم حالة الاستبداد إلى هذه المرحلة من أعلى مراحل الجنون غير العادي ـ الشئ الذي وصل إليه أمراء آل سعود وملوكهم وغيرهم ممن يأمرون بقطع يد مواطن قيمتها في قانون العمل (15000 ريال) مقابل خمسة ريالات يتهم بسرقتها المواطن ثم يأمرون من قطعوا يده بتركيب يد خشبية يدفع المواطن مقطوع اليد قيمتها/1500 ريال: أو يتبرع الامير الذي أمر بقطع يد العامل مقابل خمسة ريالات يتبرع الامير بمبلغ ـ 1500 ـ ريال) من مالية الشعب، قلت لعلماء النفس الذين قابلتهم من أجل تشخيص الحالة السعودية: لقد سبق للامير سعود بن جلوي أن قطع 300 يد لافراد قبيلة واحدة في وقت واحد من يوم واحد بتهمة "أنهم اشتركوا جميعا بسرقة بعيرين أكلوها بحجة أنهم لم يتمكنوا من كبح صولة شهواتهم البشرية التي فتحها منظر الجملين السمينين وهم الذين لم يتذوقوا طعم اللحم منذ أربع سنوات" وبعد أن قطع الجلوي أيديهم أمر بتقدير قيمة الجملين بمبلغ /600 ريال/ أمرهم الامير بدفعها… حيث دفع كل مواطن منهم قطعت يده ريالين سعوديين من المبلغ المذكور الذي هو/ 600 ريال: … وكان منظر تلك الايدي الشريفة مروعا وعاديا جدا في الوقت نفسه لكثرة ما يرتكبه آل سعود في المواطنين من تقطيع للايدي والارجل ـ متمنيا لو أن الحكام العرب "الثوريون" الصامتون عن جرائم السعودية قد رأوا ذلك المنظر لعل قلوبهم الغضة تخشع بل لعل في قلوبهم ولو شريان واحد يخشع بعد أن جعلت السعودية قلوبهم حجارة صماء بل أشد قسوة من الحجارة لان من الحجارة ما تتفجر منه الانهار ومنها ما ينبت الاخضر ومنها ما ينفع الناس في البناء… لكن لسان الحكام العرب

يقول: نفسي أولا ـ وبلدتي ثانيا ـ وللعرب الآخرين الطوفان، ولتقاضى الاقلام من الجزار ثمن التغاضى وقيمة الصمت عن باطل آل سعود. 

عجائب القدر الشيوعيون السوفييت قاتلوا دفاعاً عن الكعبة في وقت كان فيه آل سعود يذبحون المسلمين حول الكعبة!. ومكّة أول بلد عربي اعترف بالدولة الشيوعية عام 1917 شئ سجله التاريخ، مهما يفسره بعض المتحذلقين والمغرضين: لقد دافع السوفييت مع شعبنا عن المقدسات الإسلامية بالسلاح الشيوعي والطائرات الشيوعية، وبرجاله الشيوعيين، لفك الحصار الانكلو سعودي عام 1925 عن هذه المقدسات… مع أن السوفييت كانوا من ناحية ثانية اول دولة في العالم اعترفت بالاحتلال السعودي للحجاز، وتم اعترافها في 16 شباط 1926 وكان ممثلها أول وزير مفوض في دولة الاحتلال السعودي واسمه كريم خان حكيموف، أي ان الروس قد سبقوا باعترافهم حتّى بريطانيا صانعة العرش السعودي، وبعد اعتراف الروس اعترفت تركيا وفرنسا وهولندا في اول آذار 1926 وتلاهم في عام 1927 سويسرا والمانيا عام 1929 وايران وبولونيا عام 1930 و الولايات المتحدة عام 1931 وايطاليا عام 1932، ومع كل هذا لم "تغفر" السعودية للاتحاد السوفييتي قتاله ضدها عام 1925، علما ان بعض كتاب الاتحاد السوفييتي من أمثال الكاتب الكبير والمؤرخ فلاديمير بوريسو فتش لوتسكي كتب في مؤلفه "تاريخ الإقطار العربية الحديث" كتابات في الوهابية السعودية ليست فيها كلمة واحدة تنم عن الموضوعية والعلمية والتقدمية والثورية،زاعما ان فاشستيتها (نضال!) كما يقول: (نضال الوهابية!) و(كفاح الوهابية!) و(تحرير الوهابية للبلاد!) و(هدم الوهابية للقبور) ـ و و وغير ذلك من تغزل العلم بالجهل ـ مما يتضح منه أن كاتب كبير مثل لوتسكي، لم يكتب إلاّ "تكتيكا" أما أن كان يؤمن بما كتب فياخيبة المفكرين العلميين… ومهما تكن الاحوال والسلبيات فنحن لاننكر مواقف السوفييت الكريمة إلى جانب شعبنا، هذه المواقف التي تشكل واحدة من نقاط العداء السعودي المتوارث حتّى الآن ضد السوفييت.. وقبل أن أسوق الحقائق التالية أود أن أؤكد أني لا أنطق من كون الاتحاد السوفييتي صديق لشعبنا قديم حميم فقط، بل انطلق أيضاً من ان عدو عدونا اللدود صديقنا الودود، وأؤكد أنني لست أكثر من شاهد ينقل الشهادة عن العديد من الشهود الذين شاهدوا بأعينهم مواقف السوفييت إلى جانب المدافعين عن الحجاز من حجازيين ونجديين وسوريين وعربا من بقايا الثوار العرب عاشوا مأساة السقوط، سقوط المقدسات الإسلامية ببراثن الاحتلال الانكلو سعودي ـ والامريكي. وكانت بداية لسقوط فلسطين! أخيراً ، انني ناقل لشهادة شهدت بها حتّى كتب العملاء السعوديين ومنها كتاب عبد الغفور العطار "صقر الجزيرة" وهو الكتاب الذي طبع بأمر من عبد العزيز آل سعود بأموال سعودية مسروقة طبعا… وكذلك كتب منير العجلاني "المتسعدن" وغيرها من الكتب التي تؤكد باسلوبها الخاص ولا تنكر ان الحجاز هو اول قطر عربي استورد السلاح الشيوعي ـ مهما كانت كمية هذا السلاح قليلة ـ لكنه سلاح روسي على أية حال… والحجاز أول قطر عربي كانت له علاقة ديبلوماسية وتجارية روسية منذ عام 1917 وما بعده، بل أن الحجاز كان أول من عقد مع السوفييت دفاع مشترك، واكثر من هذا فالحجاز هو أول بلد عربي يقاتل السوفييت فيه بل وفي اجواء مكة والطائف وجدة دفاعا عن الكعبة و"بيت الله" والوحدة العربية وثورتها العربية الأولى المنطلقة من الحجاز، وفك الحصار الانكلو ـ سعودي، وعلى بطاح مكة وجدة والطائف استشهد الطيارون الروس، أجل في ضواحي مكة والطائف وجدة استشهدوا، بعد أن أسقطت طائراتهم بقنابل الانكليز ومدفعيتهم وقتلهم جند "الاخوان المسلمين السعوديين" السائرين خلف قيادة الكابتن جون فيلبي، وبموجب هذه الاتفاقيات ارسل الاتحاد السوفييتي ثلاث طائرات حربية، ثم اتبعها بثلاث طائرات غيرها، وكانت تعتبر هذه الطائرات الست مساعدة ضخمة في زمانها عام 1925 ـ كما ارسل السوفييت بثلاث طيارين وخمسة مهندسين، ثم ارسلوا طيارين آخرين اثنين، اشتركوا جميعا في الاستطلاع وفي القتال جنبا إلى جنب مع الطيارين الحجازيين لضرب الجند السعودي وضباطهم الانكليز والبوارج الانكليزية بدءاً من الطائف وسماء مكة وتلال الرغامة والبحر الاحمر وأنحاء جدة والمدينة المنورة ولو أن الكعبة المشرفة نطقت لشهدت: أن الاتحاد السوفييتي قد اشترك بدماء أبناءه دفاعا عن مقدسات المسلمين التي لوثها آل سعود وانتهكوا مع الانكليز قدسيتها وأعراض أهلها، بينما هم يدعون الإسلام زورا، لقد دافع السوفييت عن المقدسات الإسلامية في وقت قال فيه ـ ستالين ـ لبعض الشيوعيين الذين زاروه من بعض الاقطار العربية ـ يطلبون التدخل العسكري ضد الاستعمار البريطاني وعملاء الاستعمار، قال: "ان الثورات لا تصدر" إلاّ أن الثورة صدرت لأول مرة دفاعا عن الحجاز، ومن البديهي ان الروس ما اشتركوا في الدفاع عن مكة والحجاز دفاعا عن الدين لكنهم ربما تدخلوا لادراكهم المبكر بما ستجنيه منطقة الشرق الأوسط والعالم من ـ احلال الانكليز للسعوديين في الحجاز من عواقب وخيمة طويلة الاجل ـ خاصة بعد أن أحس الروس بتهالك الانكليز ويهود العالم في دعم آل سعود واصرارهم على ابعاد الحسين بالرغم من ان الحسين كان حليف الانكليز الأول، كما رأى الروس ما يقوم به الصهاينة الذين هيمنوا على المخابرات الانكليزية ـ من تقديم خبراتهم ـ ومساعداتهم غير المحدودة للسعوديين والتي لاتحصى، حتّى ان يهود المخابرات الانكليزية ابعدوا عضو المخابرات الانكليزية الشهير المسمى "ملك العرب ـ لورنس" واغتالوه أخيرا وزعموا أنه مات بحادث دراجة نارية في صحراء الشام لا لشئ إلاّ لكونه يرى في الوحدة العربية القائمة آنذاك فائدة لبريطانيا ويرى من مصلحة بريطانيا دعم الشريف حسين لكن هذا الذي يرى فيه "لورنس" فائدة لبريطانيا ـ ككل ـ لا يحبذه الصهاينة الذين يرون في تمزيق الوطن العربي الذي كان موحدا حتّى على زمن الاستعمار العثماني، تمزيقه بالسعودية ـ وبدويلات عازلة تدور في الفلك السعودي أو تديرها السعودية ـ ما يقيم ويدعم كيانها الصهيوني في فلسطين… فوضعت المخابرات الانكليزية الصهيونية كل خبراتها لدعم آل سعود، كان من بين هذه المخابرات الانكليزية من يعمل (كمهندس) مع "الشريف" علي بن الحسين ـ لصالح آل سعود في جدة بعد سقوط مكة ـ حيث قام هؤلاء بوضع القنابل في الطائرات الروسية الثلاث الباقية فتساقطت واحدة في الطائف وواحدة في الرغامة بمنطقة جدة، وواحدة في مكة، وقد سقطت الطائرة التي يقودها شيراكوف، ومعه: عمر شاكر وعبد الفتاح اللاذقي… كما ذكرنا سابقا، وما زال ابن هذا الطيار الروسي "المسلم" واسمه ـ ماركس ـ يعمل كمهندس طيار في الطيران السعودي، وكان يحمل الجنسية السوفييتية وبعد مضايقات عديدة أغرته السلطات السعودية بترك جنسيته السوفييتية وأخذ الجنسية السعودية، وبمجرد أخذه للجنسية خفض راتبه من /2000 ريال/ إلى /400/ ريال إذ أعتبر في السابق "متعاقدا" ولكن، بمجرد أخذه الجنسية السعودية صار "سعوديا" يسري عليه ما يسري على المواطنين!. علما أن "المفتش العام" السعودي الامير سلطان قد ضايقته تسمية "ماركس" فسماه: مركوني… وكان عبد الكريم حكيموف، هو آخر قنصل سوفييتي بقي في الحجاز إلى ما بعد الاحتلال السعودي، هذا الاحتلال الذي أصبح أمريكيا أكثر من أمريكا وزعم أن الإسلام لا يعترف بالاتحاد السوفييتي ولا بأية دولة اشتراكية. ومن النوادر التي تروى عن القنصل السوفييتي انّه حينما عقد اجتماع الديبلوماسيين في مكة بعد الاحتلال السعودي للحجاز ـ كان حكيموف هو كبير الديبلوماسيين فحاول القنصل الانكليزي ـ جوردن ـ الجلوس في مكان حكيموف ليرأس الاجتماع بحجة (أن العهد السابق الذي يعترف بالسوفييت قد تغير) وأحل الانكليز محله حكم آل سعود الانكليزي "سابقا ـ الامريكي حاليا"… لكن حكيموف صافحه وأزاحه بلباقة عن مقعد الرئاسة أمام الحاضرين وترأس الاجتماع!… وأقر الحضور رأي القنصل السوفييتي باستمرارية رئاسته للدبلوماسيين وهذا بالطبع لم يمنع تدهور العلاقات التي ازداد تدهورها بمجرد أن أحكم الاحتلال السعودي هيمنته في الحجاز… انّما بالرغم من هذا التدهور المستمر فقد نصح جون فيلبي ـ تابعه ـ عبد العزيز ـ بعدم قطع العلاقات بل نصحه بإرسال ابنه فيصل إلى موسكو لطمأنة الروس خشية القيام بحملة اعلامية ضد الاحتلال السعودي وخشي جون فيلبي أن يواصل الروس دعمهم العسكري وغيره لابناء الملك حسين بن علي الذين قام الانكليز بتعويض كل واحد منهم بعرش "بدل ضائع" فنقلوا عبد الله إلى الاردن وفيصل إلى سوريا وغازي إلى العراق وحول هؤلاء الامراء الثلاثة كان يجتمع آلاف اللاجئين الذين نزحوا معهم من الحجاز ونجد وحائل على أمل دعمهم للعودة لتحرير الحجاز، وكان من بينهم العديد من أهل حائل وشمّر الذين يأملون بالعودة لتحرير بلادهم حائل!.. وما زالت بقاياهم في الاردن والعراق والشام. وهكذا سافر فيصل آل سعود إلى موسكو برحلة نفاقية، لكن هذه الرحلة فتحت عليه أعين الصهاينة الذين كانوا يعملون لاحتلال فلسطين، فخشي بن غوريون وشلته على "الاحوال" ان تتحسن بين السعودية والروس، فحركوا أصابعهم في المخابرات الانكليزية وفي المخابرات الامريكية فتدهورت العلاقات السعودية الروسية أسوأ فأسوأ، وتقدمت السعودية وبكل قلة حياء تطلب من حكيموف أن يصبح عميلا لها بصفته ـ كما زعمت ـ من "المسلمين" ـ والسعودية سيدة المسلمين في العالم !… ولما رفض حكيموف "الحكمة السعودية" أصدرت السعودية فتوى بتفكيره وقالت في فتواها "ان المسلم الذي يمثل الكفار: كافر!" وقطعت العلاقات و"علقتها" كما يحلو قوله لبعض المتحذلقين الطامعين في عودة العلاقات، أو على الاصح، باعتراف السعودية بالاتحاد السوفييتي الذي لا يشرفه اعتراف أوسخ "دولة" في العالم بنظامه ـ الشيوعي. ولم تتحسن العلاقات بالرغم من أنه جاء يوم أفتت فيه السعودية أن السوفييت مؤمنين والنازلين ملحدين! فتوى تناقض فتوى فقد أعقبت الفتوى السعودية الاولى فتوى سعودية نقيضة لها تقول أن "السوفييت مؤمنين بالله والالمان ملحدين"!. فمتى جرى هذا؟ وكيف؟… ولكي يدرك من لم يدرك تذبذب الدين السعودي أينما تذبذب يهودا!. عليه أن يتذكر لعله يذكر الفتوى السعودية عام 1944 أو فليسمع الفتوى السعودية عن السوفييت. في الحرب العالمية الثانية تحالفت روسيا الشيوعية ـ كما هو معروف ـ مع أمريكا الرأسمالية وبريطانيا وفرنسا لمحاربة النازية، فبارك آل سعود هذا التحالف، ووافق الامريكان على طلب الروس بايجاد بعثة روسية شيوعية عسكرية في قاعدة الظهران الامريكية التي يهيمن عليها الجيش الامريكي، فأذعنت السعودية، وشاع الخبر بين الناس منهم المبرر والمسرور، فأصدرت السعودية فتوى تقول: (ان أفراد هذه البعثة جميعهم من المسلمين السوفييت الذين جاءوا لنصرة الإسلام في قواعد الإسلام لضرب الحركات الهدامة الملحدة النازية)!.. ـ أيّه … علما أنه لم يكن بين تلك البعثة الروسية مسلم واحد… وفتوى سعودية نقيضة تتهم الروس بالالحاد! وما أن انتهت الحرب العالمية بهزيمة هتلر حتّى طلب الامريكان من البعثة الروسية مغادرة قاعدة الظهران الامريكية إلى بلادهم مقابل (الله يعطيكم العافية!.. ومشكورين. وما قصرتوا، والشيوخ ممنون منكم!)… لكن البعثة الروسية تباطأت في الرحيل ـ وربما شجعتهم الفتوى السعودية الاولى ـ مما دعاهم للتلميح "للسادة" الامريكان بقولهم: "اننا في أراض عربية، للسعودية ـ السيادة عليها لا لامريكا"!. وفي الحال: صدرت فتوى سعودية دينية تقول: (بالهام من الله ـ سبحانه وتعالى ـ اكتشفنا ـ صدفة ـ كذب الروس الموجودين في قاعدة الظهران أنهم ما جاءوا لخدمة الدين بل الشيوعية وزرعها في بلادنا واتضحت لنا سوء نياتهم من عدم رغبتهم في السفر إلى بلادهم بعد أن اكتشفناهم أنهم غير مسلمين وانهم غير مطهرين، فخيرناهم بين اشهار اسلامهم وتطهيرهم، فأبوا، فأمر طويل العمر عبد العزيز بابعادهم، محافظة على: أن لا يشوب الدين شائب)!!.. وقبل هذه الفتوى سبق للسعوديين أن أفتوا بأن "ستالين" مؤمن وهتلر ملحد! ففي أيام الحرب العالمية الثانية، وما أن تحالفت روسيا الشيوعية مع أمريكا والغرب للتخلص من هتلر: حتّى صارت للرئيس الشيوعي ـ ستالين ـ حظوة ـ في قصور آل سعود ومجالس أتباعهم، وازداد عدد الامراء الذين أهملوا شواربهم تقليدا لشاربي ستالين، في وقت كانت فيه أسهم هتلر تتصاعد إلى حد الاجلال والقداسة بين أفراد الشعب لاسباب تبررها حتّى العجائز والاطفال بهذا القول: (ان آل سعود يكرهون هتلر لانه سحق الشريرين اليهود الذين خانوا أوطانهم في آلمانيا وأوربا وغيرها وما زالوا يخونوها إلى النهاية، وهتلر يرفض اعطاء اليهود وطنا ليس لهم في فلسطين، ويقول هتلر أن عقله لا يستوعب التصديق بوجود مواطن ـ عاقل ـ في ألمانيا وأوربا يخون وطنه الاصلي لكونه يدين بالدين اليهودي فيزعم أن الله وعده ـ بمنحه فلسطين ـ مع أن الله لم يقابله أي يهودي واحد في العالم، ليبلغه عن منحه فلسطين، حتّى نبي اليهود موسى بالرغم من أنه صعد إلى أعلى قمة في جبل الطور وناجى الله لكنه لم يرد عليه! وهذا هو الذي جنن هتلر وجعله يغزو أوربا الغربية والشرقية بحثا عن اليهود فيها ليريح العالم منهم معتقداً أن كل دولة فيها يهود ـ ويخونها اليهود حتما ـ انّما هي خائنة لكونها تحافظ على الذين يخونون أوطانهم الاصلية.. أما عن سبب كره آل سعود لهتلر فهو الخوف منه لكونه قادم لتخليص العالم من يهود الجزيرة العربية أولا، ويهد فلسطين ثانيا، أي قادم لرفع الخناجر والسيوف السعودية عن رقابنا وأيدينا وأرجلنا ووضعها في نحورهم) إلى غير ذلك من التعليقات الشعبية مما جعل السعودية تعتقل العديد من الناس بحجة أن البعض سموا مواليدهم باسم "النازي" ومن هؤلاء شخص اسمه عبد الله العقيلي اعتقل لكونه سمى ابنه "النازي" وما زال يعرف الان باسم "أبو النازي"… وكانت احدى عجائز العجمان وقد قتل ابنها آل سعود قد هامت بحب هتلر إلى حد الوقوف في الشارع لتقسم أن هتلر عربي وانه من قبيلة العجمان بل انّه ابن شيخ هذه القبيلة ـ راكان ـ الذي قاوم الاحتلال العثماني في الاحساء فأسره الاتراك ونقوله إلى اسطنبول فتسلل منها إلى المانيا وتزوج أم هتلر، ولهذا فاسمه الحقيقي "هتلر ابن راكان بن حثلين" !! الخ.. كما وقد حدثت مثل هذه المبالغات في أقطار مجاورة يحكمها الانكليز وعملاء الانكليز واليهود ووصلت إلى حد المبالغات لمكايدة هؤلاء الحكام وسادتهم المستعمرين، بقصد إرهاب الارهاريين آل سعود بذكرهم لبطولات الارهابي الاكبر هتلر والامثلة كثيرة، منها: ان الطاغية عبد العزيز بن مساعد الجلوي قد اعتقلني وعمري عشر سنين. لمجرد أنني كونت فريقا مدرسيا للهو في فرصة الدراسة اليومية عليه اسم "فريق هتلر" مقابل فريق آخر اسمه "فريق ستالين" يرأسه طفل آخر ـ آنذاك ـ اسمه عزيز العجيمي، ولم يفرج عني إلاّ بكفالة تقضي بعدم عودتي لمثل هذه التسميات المكروهة!. أما رئيس "فريق ستالين" المزعوم فقد أخلى الامير الجلاد سراحه بدون كفالة! وكان الامير بن مساعد قد ذكرني يومها بأن لي سابقة قبلها، وهددني بالقتل في المرة الثالثة. أما المرة الاولى التي ذكرني بها الطاغية ابن مساعد فهي يوم أن احتجزني مع جدتي وعمري لا يزيد عن سبع سنين عام 1938 ، وكانت التهمة موجهة لجدتي، أما أنا ـ فربما اعتقلت لكوني "شاهد اثبات" ضد جدتي، في ضرب "ابن مصيبيح" خادم الطاغية ابن مساعد بعد أن طرق عليها الباب وقطع صلاتها ليعطيها حفنة من القمح قال انها "صدقة من عبد العزيز آل سعود فرقها على أهل الحي بعد المذابح التي سبق له أن قام بها ابان احتلال البلد"… وثانية هذه التهم قيام جدتي "بتحريض الله ضد آل سعود" بالدعاء أثناء الصلاة الكثيرة وبصوت مرتفع "تدعو الله أن يقصف آجالهم" ـ وقد سمعها الخادم المذكور حينما كان يطرق الباب قبل أن يسمعها الله!… أما التهمة الثالثة ضد جدتي، فكانت استمرارها بتحريض "أهل الحي ضد الطواغيت المحتلين السعوديين"… ويومها إعترفت جدتي أمام الطاغية، وقالت فيما قالته له: (إن كل ما أرجوه أن أموت كي لا أرى وجوهكم في بلدي، ان الدنيا كلها لا تسوى شيئا في نظري. فكيف تريدون مني أن أقبل منكم صدقة هي عبارة عن صاع من الحنطة مقابل هذه المذابح؟).. فاعتبرها الطاغية "عجوز مخرفة يعجبها ترديد الناس لكلامها" فدفعها الخدم إلى خارج القصر… وغيرها من القصص الطويلة، التي ذكرتنا بها تهمة "النازية" المرعبة لآل سعود، النازية التي كان يحبها الشعب لانه لم يعرف مآسيها ولاعتقاده أن عدو عدوك صديقك. وقد حلّت محلها الان تهما ثورية كثيرة… يعتنقها الناس للتخلص بها من العهر السعودي الحاكم الذي لا يشرّف من يعترف به أو يهادنه أو يتحالف معه… عبد العزيز المضحكة التي أضحكت أهل الكويت: فحكم العرب والمسلمين! (لم يكن رأسمال آل سعود أكثر من ذلك الجمل الاجرب الاعرج الذي خرج عليه عبد العزيز من الكويت فأسقطه أرضا). هذا ما كتبه (وليميز وارمسترونج) من أصدقاء عبد العزيز آل سعود في مكتب المخابرات الانكليزية "المكتب الهندي" الذي أرتبط به عبد العزيز في مطلع هذا القرن، في كتابه "ابن السعود" الذي نقله إلى العربية العميل مصطفى الحفناوي "من مصر"… وأراد مما أورده مدح آل سعود. قاصدا يمدح العميل فسبّه ومن المدح ما يهين الأحبّة!

وقد طبع هذا الكتاب على "نفقة عبد العزيز الخاصة ومن جيبه الخاص!". فأقرّ عبد العزيز كل ماورد فيه من معلومات، ومن هذه المعلومات ما ورد في الصفحة ـ 44 ـ بالاحرف التالية: (وكان عبد العزيز بن السعود لا يملك ووالده سوى ذلك الجمل الذي ركبه من الكويت عام 1897 قاصدا به غزو الرياض، وكان الجمل الذي ركبه ابن سعود جملا مسنا أجربا مصابا بعرج في احدى سيقانه فأوقعه في الطريق مما اضطر راكبه للسير على قدميه حتّى مرت به قافلة أرجعته إلى الكويت وكانت قصة الجمل من القصص المضحكة التي يتحادث بها أهل الكويت، وكانت تلك هي محاولة ابن سعود الاولى لاحتلال الرياض، مما جعل الانكليز يدركون مدى تصميمه ويتفانون لدعمه بالمال والسلاح والرجال)… الخ. ويقول: (ان هذا الاصرار الذي وجده المكتب الهندي في عبد العزيز: هو ما دفعهم لمساعدته إذ وجدوا فيه ما لم يجدونه في سواه)!… تلك هي نبذة عن تاريخ آل سعود الدخلاء… ولكن … لكنهم بمجرد أن استولى آل سعود على بلادنا ـ بحول الانكليز وقوتهم وارادة مخابراتهم الواقعة تحت سيطرة اليهود الصهاينة ـ اعتبر آل سعود أن بلادنا "جيوب خاصة" بما فيها من ثروات وما عليها من مخلوقات ما هي إلاّ "ملكهم" وملك آبائهم وأجدادهم… أما الجمل الاعرج الاجرب المسن، فلم يتكلموا في طاريه!… علما أنهم ما كانوا يملكون حتّى ذلك الجمل الاجرب، لكنهم أصبحوا الان يملكون الثروات والمسروقات بما فيها الناس والانفاس والمقل والقردان والقورد و"الحاس" والحواس… ديبلوماسية النكاح مصطفى الحفناوي المصري، عميل سعودي عتيق، امتدح آل سعود، لكنه ـ من خلال مدحه لهم ـ يفضح الدعارة والجرائم التي قام عليها إحتلالهم لبلادنا … ومادح آل سعود: يفضحهم ويفضح نفسه. وفي كتاب (ابن سعود) الذي نقله "الحفناوي" كما يقول "بتصرّف" عن وليمز وآرمسترونج، وقدم له "محمد علي علّوبة باشا" وطبع في عام 1934 م في المطبعة المصرية بالقاهرة… يقول في الصفحة 108 وبالاحرف التالية عن "إسلام ـ جون فيلبي " ما يلي: (ويؤدي إبن السعود فرائض الدين وجون فيلبي ملازم له يستمع لشكايات الرعية! ـ وأخيرا قال ابن سعود لفيلبي : "أنا ما زلت حليفا للانكليز ـ تذكر هذا يا فيلبي فلماذا لم يحمني الانكليز من حلفائهم؟" ولقد وجه علماء الدين نقدهم لابن السعود وقالوا: إن ابن سعود أصبح في ربقة الانكليز وأهمل الإسلام والمسلمين وأصبح يخدعه بريق الذهب الانكليزي، وأعقب ذلك احتجاج "الاخوان" على السماح للإنكليز بإدارة سياسة المسلمين من الرياض، حتّى إذا قابل أحد "الاخوان" انكليزيا يجوب الرياض أغمض عينيه وأشاح بوجهه وبصق في التراب ثم بلغ من شدة كراهية "الاخوان" والنجديين للإنكليز ان قاطعوا بعض ـ البدو ـ الذين يخدمون الانكليز في منازلهم. ولقد وقف "ابن السعود" ذليلا لا يقدر على اسكات الشعب إلاّ بالقوة الغاشمة، ولا يقدر على اقناعه بالحجة المفقودة، ولا يقدر على الخروج عن إرادة الانكليز، ولقد تكلم الدويش ـ قائد جيشه ـ وقال: إن عبد العزيز آل سعود لا يملك من الشجاعة مثقال ذرة ولذلك ترونه ـ يالاخوان ـ بأعينكم ـ إنه لم يخرج معنا ليقودنا مرة واحدة ويتقدمنا للقتال فنحن الذين دخلنا الاحساء قبله والجوف وحائل والقصيم والطائف ومكة وجدة، ونحن الذين حاربنا المسلمين باسم الإسلام، وسلّمنا له البلدان باسمه، بينما كان يأخذ الذهب والاسلحة من الانكليز باسمنا! ـ ولذلك تنعدم صفته كقائد لنا ويحرم الله علينا طاعته)!… كان هذا بعض ما ورد في الصفحة 108 ، وفي الصفحة 110 يقول الكاتب الانكليزي آنف الذكر: (وهناك رأى الانكليز بذل المزيد من حماية صاحبهم عبد العزيز، فأخذ عبد العزيز من جون فيلبي وعدا بأن يحميه الانكليز حماية كاملة من هجمات ابنا لرشيد وشمر والشريف حسين وسالم الصباح، لكن فيلبي أكد له: "أن الخطر الاشد الذي يجب القضاء عليه أولا، هم آل الرشيد، الذين لم يبدوا أدنى تعاون معنا، أما الشريف وآل صباح فعلينا اقناعهم بالسير معنا والتخلص ممن لم يوافقه السير خلف ابن السعود"… وهنالك وقف فيلبي ليقنع مشايخ علماء الوهابيين ليوضح لهم خط سيرهم وأهمية اعطاء الاولوية للقضاء على حكم آل رشيد… فوقف "العلماء" متحمسين متحفزين للحرب ضد حائل وشمّر، ولما اكتمل عقدهم في ذلك الاجتماع طلب منهم فيلبي: عقد مؤتمر من سكان المدن والقرى والبدو وبعض الاخوان، وعقد المؤتمر في الفضاء إذ جلسوا على رمال الصحراء في هيئة مربع على أبواب مدينة شقراء وجلس ابن السعود في ركن من أركان المربع وجلس إلى جانبه فيلبي تحت حراسة مشددة وأعلن في الاجتماع "بأن الحرب ستكون مع آل رشيد وشمر")… ويتابع الكتاب قوله: (لكن أحد الخطباء تكلم وتبعه آخر، وكلاهما يرفضان محاربة آل رشيد وشمر وأهل حائل… ثم وقف الدويش وقال: "يا عبد العزيز إن الاخوان لا يفضلون الحرب مع آل رشيد بناء على مشورة فيلبي ولمصلحة الانكليز فالاخوان يقولون ان آل رشيد وشمر وأهل حائل مسلمين وانما الحرب يجب أن تكون أولا مع الذين يتعاونون مع الانكليز، إننا نوافقك إذا حاربت ـ الشريف"!.. فأخرج عبد العزيز بهذه المعارضة، فوقف وقال: "أتعرفون لماذا يقول لي الانكليز "إنكم أنتم البلهاء؟ لان لديكم الوسائل الفتاكة ولا تحاربون حائل الآن!، ان الانكليز على حق، فلدينا وسائل الحرب كلها من سلاح ومال وخطط ومع ذلك نتباطأ في حرب حائل، وحائل هي مفتاح الحجاز، ولو كنت أحكم حائل الان لترك الانكليز كل قبائل الصحراء لحكمي ولخلصنا بذلك من جميع الاضطرابات!… لقد قال لي الانكليز انك ـ يا عبد العزيز ـ إن حاربت ابن الرشيد وحده فسيظن الشريف حسين أن حربك مع أهل حائل وشمر ما هي إلاّ حرب محدودة عادية دائرة بيننا ويبن آل رشيد. وقال لي الانكليز: إننا بعد الاستيلاء على حائل سنعطيك كل الفرص ونمنحك كل الوسائل لاحتلال الحجاز لان الشريف حسين لم يوافق على بعض مطالبنا، لذلك نقول لكم ـ يا لاخوان ـ إن آل رشيد وشمر وأهل حائل كفار وأعداء لكم وللدين"!.. وتوقف عبد العزيز عن الكلام.. فوقف شخص من أعيان الاخوان اسمه "ابن جميعان" وتساءل بقوله: "يا عبد العزيز: ماهي بعض مطالب الانكليز التي رفضها الشريف حسين وقبلتها أنت حتّى وعدك الانكليز بعرش الحسين وينصحوك بمحاربة أهل حائل أولا؟"!… فقال عبد العزيز:" قبل كل شئ: إن الشريف حسين مجنون، لانه يريد: أولا: وحدة البلدان العربية كلها من مشرقها إلى مغربها تحت حكمه بينما الانكليز لا يريدون هذه الوحدة!. ثانيا: إن الانكليز يريدون إعطاء فلسطين لليهود، والشريف حسين لا يريد ذلك… أما نحن فلا علينا من وحدة البلدان العربية ولا علينا من فلسطين، لان أهل فلسطين والبلدان العربية جميعهم من الكفار ولا يصلحون لنا، وما دمنا نحارب كفار شمر وأهل حائل والحجاز والحسا وغيرها، فكيف بنا إذا جاءوا الينا كفار فلسطين ومصر والشام والعراق وأهل المغرب والعياذ بالله"… هكذا … قال عبد العزيز.. ومن هنا يتضح أن الانكليز لم يخرجوا آل سعود إلاّ ليلعبوا بهم في مسرح الخيانة ضد الوحدة العربية خدمة للمخابرات الانكليزية التي سيطر عليها اليهود الصهاينة لاقامة "إسرائيل" في فلسطين… وقد نجح آل سعود في اداء أدوارهم حتّى الان…. لماذا يحقد آل سعود على العجمان وشمّر؟ ويروي وليمز وآرمسترونج في الكتاب المذكور "ابن السعود" في الصفحة 88 عن معاركة مع قبيلة ـ العجمان ـ ما يلي: (كان ابن السعود يحقد على قبيلة العجمان، نظرا لمواقفها المضادة منه، وخاصة بعد أن غدرت به في معركة ـ جراب ـ التي جند له الانكليز فيها أعداد كبيرة من القبائل التي قادها ـ الكابتن ديفيد شكسبير باسم "الاخوان المسلمين" وتحت شعار "التوحيد" لكن شكسبير قتل في تلك المعركة التي خاضها اهل حائل وشمر بقيادة سعود بن عبد العزيز آل رشيد… وكان الانكليز أشد من صاحبهم عبد العزيز حقداً ضد شمر والعجمان، ففي خريف سنة 1914 دخل الانكليز البصرة وتقدمت جيوشهم فيما بين النهرين إلى بغداد وارسلوا الكابتن شكسبير قبل مصرعه للتخطيط لابن السعود وتدريب وقيادة جيوشه التي موّلها الانكليز في تقدمهم نحو بغداد، فحاول الانكليز دعم ابن السعود اكثر للاستعانة به ضد شمر والعجمان والمنتفق، فحرك الانكليز ابن السعود لشلّ قوى شمّر أولا ـ وجندوا له قطاعات كبيرة من القبائل تحركت باسم ابن السعود وتحت علمه الاخضر المزيّن بجملة تقول: "لا إله إلاّ الله محمد رسول الله" وبقيادة الكابتن شكسبير الذي كان من خطأه أنه قاد هذا الجيش باسم الإسلام وهو لم يسلم بعد فصرعته شمّر، في معركة جراب، وانسحب العجمان من جيش آل سعود الانكليزي، وانهزمت بقية القبائل بل ان هذه القبائل التي هي جنوده قد نهبت أسلحته وأثاثه ـ وحتى عباءته وثيابه وسرواله)!.. ويتابع الكاتب قوله: (ولذلك رأى الانكليز ان يقوموا بالتنكيل بالعجمان ليرفعوا بذلك التنكيل من سمعه عميلهم عبد العزيز آل سعود بين بقية القبائل التي أخذت تستهتر به بعد تلك الهزيمة وتطلق عليه "ابن اليهود" بدلا من "ابن سعود" و"عبد شكسبير" و"عبد الانكليز" بدلا من "عبد العزيز"… لكن عبد العزيز آل سعود استغاث بالانكليز، فأعادوا تنظيم جنده، وخلفوا شكسبير، بجون فيلبي الذي تعلم من مقتل ـ سلفه ـ الدروس فأسلم وأطلق لحيته… فخطط لتأديب العجمان في مكان اسمه "كنزان" … لكن العجمان أبلوا بلاءً حسناً فقتلوا العديد من جيش عبد العزيز الذي يقوده فيلبي، ومن ابرز من قتلوهم "سعد آل سعود" شقيق عبد العزيز، كما اصابوا عبد العزيز آل سعود نفسه بجرح بليغ في بطنه مما دعا الانكليز إلى الاسراع في اسعافه ومحاولة نقله لعلاجه في الكويت أو في العراق، لكن فيلبي رأى أن في نقله ما يشيع الهزيمة في نفوس من تبقى من جنوده الذين قتل ـ العجمان ـ وجرحوا العديد منهم وهرب الكثير، فرأى الانكليز أن يستدعوا الطبيب الكابتن "روي" بطائر حربية خاصة نقلته من البصرة على عجل لعلاج عبد العزيز، فأجرى له عملية خياطية لجرحه وحجروه في خيمة خاصة لازمه الطبيب فيها لمدة سبعة ايام حتّى اطمأن على نجاح العملية وعاد الطبيب الانكليزي إلى البصرة… ومع ذلك فقد احتقرته القبائل وتركه سالم الصباح الذي شاركه في بداية المعركة)!… النكاح أساس الملك! ووراء كل مذبحة منكحة ويقول "وليمز وارمسترونج"، في الصفحة 88: (فرآى "ابن السعود، انّه لابد من عمل سريع جداً وانه لابد من مغالبة الجرح الذي احدثه في جسده رصاص الاعداء العجمان ليظهر للناس رجولته على الاقل!… وسأسرد عليك نبأ غريبا وغاية في الدهشة وربما يضحكك لانه شاذ لا يتصوره العقل ولكن يدل على أن العبقرية تسبح في فلك غريب جداً لا كتلك الأفلاك التي يسبح فيها سائر الناس!… وخلاصة هذا النبأ: ان ابن السعود وسط تلك الشدة طلب إلى شيخ من قرية مجاورة ان يحضر له فتاة عذراء في الحال تكون ملائمة له ليتزوج بها!. وجيئ بالفتاة فعلا واحتشدت الجماهير المقاتلة حول الخيمة التي اقيمت في ميدان القتال!.. ترقص طرباً لنكاح إبن السعود لفتاتهم. وبهذه الطريقة السعودية المضحكة أنقذ الموقف!… إذ أحيا السرور والمرح في نفوس رجاله اليائسين وأتى لهم بمنظر شاذ أنساهم متاعب الهزيمة، التي كان ابطالها العجمان، واخرج عبد العزيز جنده من دائرة الرعب والفزع إلى دائرة الرقص والمرح المصطنع… وعند ذلك فكّر ثانية في قتال العجمان "وتأديب" سالم الصباح)!… كان هذا ما قاله الكاتب الانكليزي صديق آل سعود ـ في الصفحة 88 من كتابه المذكور… إلى أن قال في الصفحة 89: (وأخيراً أنتصر ابن السعود بعون الانكليز بعد قتال طويل واحرق قرى العجمان وقتل رجالها والنساء والاطفال بلا شفقة ولا هوادة!. وفرّ زعيمهم ومعه بعض رجاله إلى الكويت فطلب ابن السعود تسليمهم. لكن سالم الصباح رفض تسليمهم، وكان ذلك الرفض بداية خروج سالم الصباح عن الدائرة الانكليزية، وبذلك اوعز الانكليز لابن السعود بمحاصرة الكويت فحاصرها وقتل الكثير من أهل الكويت بما عرف في مذبحة الجهراء، حتّى اذعن سالم الصباح وعقد اتفاقية الحماية مع الانكليز، فانسحب جيش آل سعود)!… هذا هو بعض ما قاله أصدقاء آل سعود بذكرهم لنبذة من عمالة آل سعود لليهود وللمخابرات الانكليزية التي كونها اليهود أصلا وسيطروا عليها، فجعلوا من آل سعود "السعاد الطبيعي" لهذه البذور اليهودية في فلسطين وما زال آل سعود وأمثالهم سماد اليهود الطبيعي… الذي به نبت اليهود، وبدونه لن تعيش "إسرائيل" في فلسطين… انها الحقيقة الت لن تمحوها مزاعم انتسابهم للعرب وطمعهم في الصلاة في القدس وأقاويلهم في مباول الاعلام وتجارة الكلام، عن عونهم التافه لبعض الفلسطينيين، هذا العون الذي ما هو إلا صدقة يراد بها الأذى. عينة من "علماء" الدين الذين صنعهم كوكس كان السيد كاظم اليزدي مرجعا دينيا اعلى للشيعة وقد توفي في مدينة النجف عام 1920. ويقدم تاريخ السيد اليزدي نموذجا للعلاقة بين تجار الدين والاستعمار من خلال المواقف التالية: 1 ـ روى السيد هـ. ر.ب ديكسون في كتابه المعنون (الكويت وجاراتها) ما ملخصه: توجهت لمقابلة برسي كوكس ـ المعتمد البريطاني في العراق ـ وفاجأني حال وصولي بسؤال عما إذا كنت أعرف السيد كاظم اليزدي، الذي سعيت إلى مشورته كثيرا عندما كنت في سوق الشيوخ . وأجبت المندوب السامي بأني لم أقابل الرجل ولكني كنت أراسله فترة طويلة من الزمن. ويواصل ديكسون حديثه فيذكر أن المندوب السامي أبلغه بحادث إلقاء قنبلة على مسجد الكوفة حين كان احد الطيارين الانكليز يقوم بمهمة تأديبية على فرع المشخاب من الفرات بالقرب من أبي صخير. وقد أصابت القنبلة الجدار الخارجي ففتحت فيه ثغرة كبيرة. وكان هذا الحادث ـ يقول ديكسون ـ غير مقصود ولكنه كان كافيا لاشعال نار الثورة بين الشيعة وبريطانيا. وكتب كوكس رسالة إلى اليزدي يشرح فيها ظروف الحادث ويعتذر لما حدث. يقول ديكسون: حملت الرسالة وقابلت السيد كاظم اليزدي مع حميد خان متصرف كربلاء وأعطيته الرسالة وقلت له: ـ سيدنا انا تلميذك، حافظ جميلك في سوق الشيوخ، انا الانكليزي المسمى دكسان وقد ساعدتني قداستك مرارا في حل المشاكل المستعصية منذ عدة سنوات. فاجاب السيد: ـ يا بني … يا بني هذا سرور عظيم! ثم مضى يقرأ الرسالة. فلما انتهى منها قال: ـ لم تلق أية قنبلة على مسجد الامام علي في الكوفة. من قال ذلك؟ انها كذبة يقصد بها الاجحاف بالانكليز. يجب أن أعرف!. وأكدت له بكل تواضع ان ما ورد في الرسالة مع الأسف وان السير برسي لم يكن ليكتب له رسالة بهذا المعنى لو لم يتأكد من صحة الخبر. قال: لا (وانتفض) انها أكذوبة شريرة. ان شيئاً من هذا لم يحدث. سأكتب إلى السير بيرسي كوكس بهذا المعنى. وعندئذ غامرت وقلت: ـ اذن لماذا لا تصدر فتوى أيضاً تعلن فيها ان القصة مصطنعة من أولها إلى آخرها وانه لا خوف أبدا من ان تكون هناك نية للتعرض للدين الإسلامي. فضحك السيد اليزدي وأملى الفتوى على كاتبه من فوره. وتنص الفتوى ليس على أن الحادث وقع نتيجة الخطأ بل انّه لم يقع أصلا، رغم وقوعه!. والحكاية الثانية نقلها السيد هادي العلوي عن والده يقول: "الملاّ" الانكليزي 2 ـ أخبرني والدي، وكان يشتغل عامل بناء في معسكر للجيش الانكليزي اثناء الحرب الأولى، ان آمر المعسكر الانكليزي وهو برتبة ميجر، وقد نسي والدي اسمه، استدعاه لما عرف أنه شيعي وقال له بلغة عربية فصيحة: ـ سيد نوري انت شيعي؟ ـ نعم صاحب! ـ تذهب لزيارة النجف؟ ـ نعم اذهب. ـ تعرف السيد كاظم اليزدي؟ ـ اعرفه. ـ وتزوره؟ ـ نعم. ـ إذا ذهبت لزيارته فقل له أن الملا فلان ـ وذكر اسما اسلاميا ـ يبلغك تحياته. واستطرد الميجر الملا يقول: كم أنا مشتاق إلى أستاذي اليزدي. كم أتمنى أن أراه. وتكشف هذه الحكاية، حقيقة خطيرة وهي ان السيد كان يتولى بنفسه تنشئة كوادر من كبار الموظفين أو العسكريين الانكليز تكن مؤهلة للعمل في العراق أو البلاد العربية والاسلامية الاخرى. ومن المعروف ان المجتهد الشيعي يدير في العادة مدرسة خاصة به تتولى تخريج رجال الدين وفق اسس ومنهاج تربوية متعارف عليها. والميجر الملا هو بلا شك احد خريجي هذه المدارس. 3 ـ اعلن الملا كاظم الخراساني، معاصر اليزدي، وجوب الثورة على الحكم القاجاري في إيران لارغامه على تطبيق النظام البرلماني وذلك ضمن ما سمي حينذاك بالمشروطية ويقصد بها الملكية المقيدة بدستور وبرلمان. وأفتى بالجهاد وقرر تجهيز حملة عسكرية لهذا الغرض. وقد عارض السيد كاظم اليزدي هذا المشروع ودبَّر ضده المكايد. ثم أعلن موت الملا الخرساني فجأة فتشتت أتباعه، ولا يعرف السر في هذا الموت المفاجئ. ومن المؤسف أني لا أملك تفصيلات حول هذه القضية المهمة أكثر مما سجلته في هذه الملاحظة… ما يهمنا في هذا الصدد هو أن السيد اليزدي قد جمع بين الولاء للإستعمار الانكليزي، والولاء للإستبداد الإقطاعي المتمثل في الملكيات القائمة في الدول الإسلامية. والسيد اليزدي هو أكبر مجتهد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين وتعد كتبه مصدرا رئيسياً للدراسات الفقهية والكلامية في الوقت الحاضر . وبمثل هذه الطريقة قام اليهود بادخال عبد الوهاب بن سليمان في الإسلام وادخال عائلة مردخاي أو "مرخان" في الإسلام وربطوا بينهما في شجرة تصلهم بالقربى للنبي محمد، وأطلقوا على الأخيرة اسم آل سعود. الانكليز والامريكان "يدفعون الجزية لآل سعود بصفتهم من الكفار"!! رواه "المستر ديلي" عن عبد العزيز يقول الشيخ محمد الموسى (وهو من علماء الدين في العراق وممن لهم وطيد صداقة ببعض المستعمرين الانكليز، لكنه شارك في مساندة ثورة العشرين عام 1920 بضغط من الشيخ الشيرازي بعد رسالة بعثها ـ الشيرازي ـ إليه يلومه لعدم مشاركته في ثورة العشرين).. يقول الشيخ محمد الموسى: "كان المستر ديلي وهو المساعد الأول للمندوب السامي في العراق السير برسي زكريا كوكس الصديق الحميم لعبد العزيز آل سعود قد حكى لي هذه الحكاية التي تألمت لسماعها بقدر ما ضحكت لتلاعب آل سعود بالدين، التلاعب الذي غلب تلاعب الانكليز "!" والقصة كما رواها لي ديلي كما يلي: قال ديلي: (بينما كنت اقدم للسلطان العزيز على قلوبنا عبد العزيز آل سعود في يوم 15/6/1916 قطم من أكياس الذهب والريالات المتأخرة لدينا من مرتباته ومرتبات قضاته وجنوده ومعونات أخرى من المكتب الهندي الانكليزي، رأى عبد العزيز مجموعة من البدو في مجلسه يتغامزون ضده "ماهي البضاعة التي ستدفعها يا عبد العزيز مقابل هذه الدراهم التي تقبضها من الكافر الانكليز؟".. فاستبقهم عبد العزيز وقال للبدو الحاضرين: " يا لاخوان التي جاء ليدفعها جزية للمسلمين ولامام المسلمين من الكفار الانكليز… فقد ارسل لنا الكفار جزيتهم، وماذا نفعل… فهل اخذ الجزية من الكافر حلالا وإلاّ حرام يا مشايخ الدين؟.." قال مشايخ الدين النجديين الذين هم من مدرسة انكليزية: "بل هي حلال وأحل من الكمى"… والكمى، نوع لذيذ من الفطريات ينبت في الصحراء ولا يزرع ويضرب البدو بلذته الامثال لكونه مشاع، ولان من يجنيه لا يعاقب… ويقول المستر ديلي: (ولم أستطع ابتسامه الرضى والاعجاب لنجاح تلامذة المكتب الهندي ولقد ضحكت لهذه الفتوى، كما سررت للفتوى التي أدلى عزيزنا المدلل عبد العزيز آل سعود وأنقذ الموقف، والحقيقة أنه كان أعز وأصدق وأذكى صديق، أميّ، عرفته بريطانيا في بلاد العرب إذ استطاع الجمع بين الدين والعروبة وصرف المال بالقسطاس في سبيل أهدافنا وبذلك أقنع لحسابنا العديد من زعماء العرب والمسلمين وزعماء فلسطين وغيرهم بما لم يستطيع كل الاصدقاء اقناعهم به، فقدم لبريطانيا خدمة جسيمة لا تقدر بثمن)!.. الخ. هذه شهادة "حسن سلوك!" من مسؤول انكليزي استعماري معروف قصد بها الثناء على "عبد الانكليز" عبد العزيز آل سعود… ففضحه. نوع واحد من الخداع السعودي والشهادة هذه تكشف لنا عينة من أنواع ا لخداع السعودي للعرب باسم الاسلام، وعينة من أنواع الخدمات السعودية التي قدمها آل سعود لبريطانيا والصهاينة، وما زالت السعودية تقدمها لامريكا بعد زوال بريطانيا… وما خدمة السعودية لامريكا، إلاّ خدمة مباشرة وغير مباشرة لإسرائيل… وما من شك ان اصدار الفتاوي الدينية لصالح بريطانيا خادمة الصهيونية الاولى ـ سابقا ـ ما هي إلاّ خدمة للصهيونية قد أداها عبد العزيز آل سعود وتؤديها ذريته السائرة على نفس المنوال… هكذا اعتبر عبد العزيز ان قيمة الضمائر "جزية" يدعفها الانكيلز "لاماما لمسلمين" المزعوم بينما هيتدفع له الاموال لقتال الشعب العربي وضياع فلسطين… وهكذا: وباسم الدين اليهودي السعودي المغلف بالإسلام زوراً تستباح الدماء العربية والمسلمة! في فلسطين مثلما استبيحت في الحجاز ونجد والإحساء واليمن والقطيف، وعسير وتهامة، والجوف، ودماء أهل حائل وشمّر، بحجة "أن ثلاثة من أهل المشهد كانوا يعيشون بينهم!… زاعمين أنهم شيهم كفار"… حمد الشويعر، يفضح الدجل السعودي باسم الدين واسمعوا هذه القصة للمرحوم حمد الشويعر، وكان ضمن عشرة اشخاص في حائل تعاونوا مع عبد العزيز آل سعود لإسقاط حائل في براثن الاحتلال السعودي بعد أن رفض حكام حائل التعاون مع الانكليز، لقد تعاون المرحوم الشويعر لإدخال الاحتلال السعودي لكنه ندم وندم اصحابه جميعا ولكن يوم لا ينفع الندم وبعد فوات الاوان… وها هو حمد الشويعر يحكي لخاصته علانية قصة الدجل السعودي باسم الدين فيقول: (ذهبت لمقابلة عبد العزيز آل سعود سراً أثناء حصاره لحائل، ووصلت إليه في "الوقيد" شمالي حائل، وقد تجمع لديه كبار الاخوان "قادة جيشه الانكشاري السعودي" فوجدها عبدالعزيز فرصة لإقناع "الأخوان" بأن أهل حائل وشمّر "كفار" وكان بعض أتباعه قد ترددوا في "تكفيرهم" لأهل حائل وشمر حينما سمعوا أصوات المؤذنين، في أوقات الصلاة، من المساجد في حائل وقراها التي وصموا أهلها بالكفر!… فوجه عبد العزيز سؤاله الخبيث لي بقوله: "أسألك بالله يا حمد الشويعر: هل يوجد في حائل مشاهدة؟"… قلت بشئ من السخرية لهذا المنطق الذي لا ينم عن جهل بل ينضح منه الخبث: "نعم يا عبد العزيز… يوجد في حائل ثلاثة تجار عراقيين مسلمين من أهل المشهد… فقال عبد العزيز بخبث أكثر: "يعني يوجد في حائل شيعة وعراقيين ومن عبّاد علي؟!"… قلت: "لا… انهم ـ من عبّاد ـ الله"… فالتفت عبد العزيز للشيخ عبد الرحمن بن بلهيد الذي يجلس إلى جانبه وقال: "أسألك بالله يا شيخ ابن بلهيد: هل حمد الشويعر "كافر أو مسلم" حينما لا يستغفر الله وهو يزعم أن المشاهدة مسلمين؟!وان أهل حائل مسلمين! وان شمر مسلمين! مع أنهم يحوون بينهم المشاهدة الكفار؟!". فقال الشيخ بن بلهيد "ان من احتوى الكفّار الشيعة فقد كفر"… ويقول الشويعر: "وبعد هذه الفتوى رأيت سيوف "الاخوان" تهتز بأيديهم لتتبارك بسفكها لدمي… لكن عبد العزيز كان أسرع منهم، فأمسك بيدي وقال: "قم معي يا حمد الشويعر إلى هذه الخيمة لإدخلك في الإسلام لإنك قد كفرت بقولك ان أهل حائل مسلمين مع أنهم يحمون الشيعة الكافرين"!… ثم أردف يقول:" وتعال يا شيخ ابن بلهيد لتشهد معي على إسلام حمد الشويعر"…. وقال الشويعر: "وما أن دخلنا الخيمة حتّى ضحك عبد العزيز وضحك الشيخ ابن بلهيد، وقال عبد العزيز: أنا أعرف الشيخ ابن بلهيد يعرف أن اسلام أهل حائل وشمر هو أحسن من إسلامي واسلام الشيخ ابن بلهيد ولكن إذا لم نبرر "للاخوان" أسباب حربنا لحائل بمثل هذا الكذب فكيف نستولي على حائل التي ما زال أهلها يحاربوننا بشراسة"! واردف عبد العزيز يقول: " ان بعض اتباعنا تراجعوا عندما سمعوا اصوات المؤذنين وقالوا لي كيف يا عبد العزيز نقاتل اهل حائل ماداموا في المآذن يشهدون أن لا إله إلاّ الله وأن محمد رسول الله! ـ وان الحديث النبوي يقول: (من كفر مسلما فقد كفر.!) … ويقول الشويعر: قلت لعبد العزيز: (لكن خداعك لاتباعك يدخلك في الكفر نفسه وحرام عليك يا عبد العزيز) فامتعض عبد العزيز وقال: "لنسأل الشيخ ابن بلهيد عن الكفر والحرام والحلال ونضع بيننا وبين النار قاض!" .. وسأل عبد العزيز شيخه: " ما رأيك يا شيخ بما يقوله الشويعر؟.. إلاّ توافقني ان الحرام هو في قول الحقيقة التي تضر بقائلها لتبعدنا عن احتلال حائل؟!" قال الشيخ ابن بلهيد: "انني ألوم أهل حائل وحكامها من مواقفهم ضد الانكليز "أنصار المسلمين". وأخذ الشيخ ابن بلهيد يدجّل مبرراً مواقف عبد العزيز آل سعود من مناصرته للإنكليز، ثم قال الشيخ ابن بلهيد لعبد العزيز: "ان خداعك للاخوان في حربك لحائل هو خداع مشروع يا عبد العزيز والسياسية كما يقول الانكليز لا أخلاق فيها"!.. قلت "ولكن نريد ما يقوله الله لا ما يقوله الانكليز، فظاهر دعوتكم دينية!.." قال عبد العزيز: "وباطنها سياسي"!.. ويقول حمد الشويعر: (وأحسست لحظتها بألم وصداع شديدين في رأسي سببه لي ما سمعته وما فعلته بنفسي ضد وطني باتصالي مع هذا الظالم الافّاق وأدركت أنني لا أختلف عن هؤلاء البدو الذين أطلق عليهم الانكليز اسم "الاخوان المسلمين" بينما هم يجهلون أي معنى من معاني الاخوة والاسلامية، وبدأوا يتلقون الفتاوى من مشايخ الدين، ومشايخ الدين يتلقون الفتاوى من عبد العزيز، وعبد العزيز يتلقى الفتاوي من الانكليز، أشهد الله ان عبد العزيز خدعنا بزيف دعوته الدينية وادركت انني مع بعض "كبار الجماعة" قد ارتكبنا جريمة لا تغتفر بإتصالنا مع عبد العزيز آل سعود لنقوده إلى بلادنا، ورجعت من مخيمه وانا نادم!. ونقلت ما سمعته لبعض كبار الجماعة في حائل، لكنهم قالوال لي: ماذا نفعل؟ ان شمر ابتعدوا عن حائل وآل رشيد "حكام حائل" وضعوا نهايتهم بأيديهم باقتتالهم، ولو أنك أخبرت محمد بن طلال آل رشيد "آخر حكام حائل" بما حدث لقتلك وقتلنا معك! فأسكت ولا تحفر عن مذبحك ومذابحنا بيدك)… ويقول حمد الشويعر: (لقد كتمت ألمي حتّى سقطت حائل بيد الاحتلال السعودي وأشهد اننا من أوائل المتسببين في سقوطها)!.. هذا ما قاله الشويعر لعدد من اصحابه… لقد ادخل "هؤلاء العشرة" ابن السعود من الجهة الجنوبية لحائل بينما كان معظم الشعب يقاتل الاحتلال السعودي،وبذلك اضطروا الحاكم ابن طلال للتسليم.. ومقابل خدمات حمد الشويعر هذه، قام عبد العزيز آل سعود، بتعيينه حاكما على مجموعة من أكواخ قرى ـ عسير ـ واسمها الدليل عليها: "أبو عريش" ومشتقاته، لكنه ما لبث أن تخلص منه باغتياله بالسم، كعادة آل سعود مع كل من تعاونوا معهم أو باعوا لهم أنفسهم وموطنهم طامعين أو مخدوعين بظاهر دعوتهم السعودية الدينية التي تخفي الخبيث بظاهرها الكاذب المخادع… إلاّ أن ما قاله الشويعر كان شهادة من صادق لعب أحد الادوار البارزة في إسقاط حائل، نسجل شهادته الآنفة ليدرك كل من تعاملوا مع آل سعود سوء مصيرهم. إنها طرق اليهود المخادعة… التي سار عليها آل سعود الذين "أسلموا" لتخريب الإسلام باسم الإسلام وطعن العروبة والوحدة العربية باسم الدفاع عن الوحدة والعروبة… وليسامح الله حمد الشويعر… لقد كان أشرف ممن تمادوا في الخيانة… عرب لكنهم يرطنون!… بعد فشل ثورة العشرين (1920) في العراق… الثورة التي قادها عدد من رجال الدين وزعماء العشائر والزعماء الوطنيين، ومنهم الزعيم القبلي الشاعر الشعبي "شعلان أبو الجون" ذهب أحد الصحفيين الانكيز إليه (في منطقة أبو الجون) يستوضحه عن الثورة في نفس المكان الذي قاد منه الثورة عن كيف ومتى؟. ومن أي مكان هاجمت عشيرته السجن وأخرجته منه؟.. الخ. وبدأ الشيخ شعلان أبو الجون يشرح المعركة للصحفي الانكليزي، فانغمس الشيخ الشجاع في الوصف وتحمس أثناء شرحه للثورة ومسبباتها، فاستشاط غضبا على الانكليز، وأخذ يهز سيفه في وجه الصحفي الانكليزي، وخشي الانكليزي منه، فأراد تخفيف غضبه، فقال الانكليزي: (ولكن جهودك يا شيخ لم تذهب سدى، فقد تمخضت عن إيجاد مجلس للنواب من العرب!!).. فرد عليه أبو الجون بسرعة وبداهة وبساطة يقول: (عرب لكنهم يرطنون)!.. وكانت تلك الجملة أكثر بلاغة مما لو قال الشيخ: نعم. انهم عرب لكنهم كلاب السلطة… وكان للشيخ الثائر قصائد شعبية في هذا الموضوع، ومنها قصيدة شعبية، تغزل فيها بأرضه التي سماها "جامعة الحسن" وتحدى بأرضه المندوب السامي "برسي كوكس" ومساعده "ديلي" وتحدى قوات الانكليز، وأعرب لهم فيها: "بأنه ليس من أولئك الذين يركبهم الانكليز أمثال ابن سعود". وفيما يلي بيتين من قصيدة "الهوسة" الشعبية التي فيها يقول: يا أرضي يا جامعة الحسن جيناك فنّ ـ كوكس، وديلي، بعسكره يدناك ما بيننا ـ يا كوكس ـ وديلي ـ من مطاياك هناك ابن اسعود وربعه للركب يتناك مالم يغطيه طلاء الذهب الاسود من فضائح الملك فيصل في صغره فيصل في "عمر الزهور!" يوم أن أقطعه والده الحجاز كهدية بعيد ميلاده فأفسد الحرمين الشريفين بقلة الشرف، وضجت الحجاز بمفاسده، فاضطر لإبعاده إلى أمريكا لمدة ستة أشهر وأعلن "صحابته في الفن الجنسي" ان عبد العزيز عيّن ابنه فيصل حاكما على أمريكا بالنيابة عنه!. في سنة 1343 هـ أتم الانكليز بعض مهماتهم بتنصيب عبد العزيز آل سعود ملكا على "الحجاز وسلطانا لنجد وملحقاتها"!… وفي سنة 1344 هـ وهب عبد العزيز "المدينة المنورة" لابنه محمد، يتقاضى ضرائبها لكونه متفرغ نهائيا للأمور الجنسية وعازف من صغره عن الحكم المباشر وعمره لا يتجاوز الرابعة عشر… وفي ذات السنة 1344 هـ وهب عبد العزيز مكة والحجاز لابنه "فيصل" وكان عمره لا يتجاوز (15) سنة، وكان شابا يافعا ووسيما وكان يسل شعر رأسه إلى كتفيه فوضع الملك عبد العزيز في ذلك الوقت شخصا عراقيا يهوديا أطلق عليه اسم "مهدي بك" مستشارا للأمير فيصل عينه رئيسا للشرطة في آن واحد وترك "لمهدي" بك الحبل على غاربه بخصوص القضايا التي تخص المواطنين فصار له حق التصرف المطلق في شعب الحجاز، يسجن من أراد ويحكم بالجلد ويقطع الأيدي ويأمر بالقتل ويصدر الاحكام كلها عرفية كما هي عليه الآن، مع أن الحجاز والجزيرة العربية كلها لم تنعم بأي لون من الحكم الشرعي الصحيح والمدني منذ أن نصّب الانكليز عليها عبد العزيز وذريته. لقد عاش أهل مكة والمدينة والطائف كغيرهم من المواطنين في رعب واذلال دائمين من الارهاب الذي فرضه مهدي بك وأمثاله… وفي نظر الوهابية ان كل من لم يكن وهابيا فهو "كافر" وجميع المسلمين في أقطار العالم الإسلامي في نظر الوهابية كفارا إلاّ من اعتنق مذهب الوهابية، ولا زالوا يتبجحون في مؤلفاتهم أن الملك عبد العزيز قد طهر الجزيرة العربية من الشرك ومكة والمدينة والطائف وجدة من المشركين وعبادة الاصنام… ومن هذه النظرة السعودية بدأ الحساب والعقاب والثواب… وفي سنة 1344 هـ ابتدأ "فيصل" أمير مكة والحجاز وكان منغمسا في ملذات الانحراف الجنسي وكان يعتقد أنهم فتحوا الحجاز عنوة وكل من فيها عبيدا لهم ولذلك كان لا يتورع من خطف البنات والبنين مما سنورد بعض أسماء المخطوفين من الشباب والفتيات، وراح الامير فيصل يقضي ليله ونهاره مع أقرانه من الفتيان وكل من يفعل به يضعه على رأس دائرة من دوائر الحكم، وبذلك تسهل قيادته!. وإذا عارض أحد الاشراف أو مشايخ القبائل في ذلك وبلغ الكلام إلى الملك عبد العزيز "والد الامير فيصل" لن يمضي على ذلك الشريف أو الشيخ مدة قصيرة حتّى يؤخذ أو يختطف من بيته ليلا، ولن يرجع إلى أهله ولا إلى الدنيا، والامثلة كثيرة، منها ما حدث لذلك "الشريف شيخ رابغ" فقد كان لهذا الشيخ ولد مراهق في الرابعة عشر من العمر اسمه صالح، جاء مع والده للحج في سنة 1347 هـ وكان من عادة الملك عبد العزيز آل سعود أن يستضيف كبار وزعماء البلد في ثاني أيام "التشريف" في (منى) ومن جملة من دعوا لتناول طعام الغداء على مائدة عبد العزيز شريف (رابغ) مع ولده المراهق وأثناء تناول الغذاء رنا الامير فيصل إلى ولد شريف (رابغ) بعين الديك وتودد الامير إلى شريف رابغ وجامله أكثر من اللزوم، ولكن شريف رابغ كان فطنا وعرف نظرات الامير إلى اين تصوب، وكان الامير يظهر المجاملة للضيف وعيناه عند الفتى وانتهت الضيافة وغادر القاعة شريف رابغ مع ولده إلى خيمته في (منى) ولكن الامير لم يهدأ له بال بعد أن فتن قلبه بجماله، فجند أوباشه من العبيد والفتيان المفعول بهم وسلطهم لملاحقة ابن شريف رابغ حتّى اختطفوه في آخر أيام "التشريق" ومن (منى) اختطف الولد وبحث الشريف عن ولده فلم يعثر عليه وتوجه الىمكة ومكث يفتش عن ولده أسبوعا كاملا مع الشرطة "!!" أيضاً ولم يقف له على أثر فأوجس في نفسه أن الامير هو المختطف لولده، وعزم على مقابلة الملك عبد العزيز وقابله بواسطة عبد الله بن سليمان واتهم الامير فيصل بخطف ولده أمام والده "صاحب الجلالة عبد العزيز". وكان عبد الله بن سليمان مسرورا من هذه التهمة الموجهة ضد فيصل لان عبد الله بن سليمان من المشهورين في ممارسة اللواط، وعدو المرء من يعمل عمله، لكن ابن سليمان لا يختطف الفتيان انّما يغري أولياء أمور الفتيان بالمال الكثير ليتزوجهم عرفيا… أما الامير فيصل فيغريهم بالجاه والمناصب وفي أعمال الحكومة فيجعل منهم أمراء للمناطق ووزراء ومشايخ وغيره ان هم أطاعوا الامير في تفريغ شهواته الدنيئة، حتّى ان الامير ذات يوم كان ثملا في حفلة أقامها له "آل صبغة" في بير (بدية) وقيل للامير فيصل ان الوزير أحمد زكي اليماني يتآمر على سموكم فأجاب الامير: "هذا مستحيل حنا لا نوظف في أعمالنا إلاّ من ركبناه ومن ركبناه يستحيل عليه أن يتآمر علينا" ولنرجع إلى تتمة قصة شريف رابغ وولده… ووعد الملك عبد العزيز أن يبحث في أمر الولد، وسمع الامير فيصل بالشكوى التي وصلت إلى مسمع والده فأنكرها نكرانا باتا وخشي ان هو أفرج عن الولد المختطف أن يشاع الامر ويذاع، ولذلك قرر الامير فيصل التخلص من الولد بعد أن قضى منه شهوته الحيوانية، فقتله ليلا وقطعه أوصالا وحنطه بالملح حتّى لا تفوح رائحته وأدخله في "شوال" وأضاف إليه "شوالا" آخر وذهب به خدمه إلى بيت شيخ المطوفين وكان زميل الامير فيصل في الغرام والهيام وأودعوه في مخزن للمؤونة تحت بيت شيخ المطوفين يحتوي على الرز واللحم المجفف والسمك المجفف أيضاً، فدخل خدم شيخ المطوفين ذات يوم ليأخذوا شوال رز وشوال سمك مجفف، فأخذوا الرز وشوالا آخرا ظنوه من السمك المجفف، وعندما فتحوه أمام النساء والاطفال من عائلة شيخ المطوفين وجدوا أيدي وأرجل إنسان شاب، فصاحت النسوة والاطفال واستدعوا أباهم فلم يجدوه، فدخل الجيران يستفسرون عن الصراخ والضجيج واستدعوا الشرطة قبل أن يحضر رب البيت وجاء الطبيب من قبل الصحة وقرر أن هذه الاعضاء لانسان من سن المراهقة، وعندها كشف الغطاء وإذا هو ابن "شريف رابغ"!. وتغطية على المجرم الحقيقي، فيصل، أمر فيصل نفسه باقتياد شيخ المطوفين لانه وجد في بيته… كما أقتيد صديقه أيضاً ـ ابن باجنيد ـ وقتلا الشابان ظهرا بعد صلاة الجمعة في 1 رجب سنة 1348. وبينما كان باجنيد يقتل، كان والده يطوف في الحرم حول الكعبة حزينا لا يملك غير الدعاء ضد الظالمين… وما أن شاهد ابنه يقتل ظلما أمام مبنى الحميدية الخاصة بالشرطة وهي مركز مهدي بك ـ لعنه الله ـ حتّى سقط مغشيا عليه، وهو يلعن مهدي بك الذي كان ينفذ رغبات الملك والامير فيصل في الشعب. وماذا كان عن مصير شريف رابغ؟ في شهر رمضان سنة 1348 هـ ألصقت به تهمة التآمر على سلامة الدولة وجئ به من بلده التي تبعد 200 كيلو متر عن مكة تقريبا ووضع في سجن الشرطة في الحميدية وكتب ورقة التآمر مهدي بك وقال للشريف وقع على هذه العريض، فصاح شريف رابغ وولول ونادى: "أما من انصاف في مهبط الوحي؟ اين الشريعة الإسلامية؟ في أرض الحرم؟؟" ولكن لا حياة لمن تنادي... وسلط عليه الجلد في أخمص القدمين وعانى العذاب لمدة شهر وكانوا في كل نوبة من نوبات التعذيب يتقدمون إليه بورقة ليوقعها، لكنه يرفض ولم ينالوا منه التصديق على دعواهم… ومن وسائل التعذيب عند الشرطة: منع الشخص الذي يريدون انتزاع الاقرار منه على دعواهم الشرب من الماء نهارا كاملا في أشد أيام القيظ والحرارة الشديدة ثم يؤتى إليه ببطيخ مثلج وما أن يأكلها بلهف شديد من شدة العطش حتّى تبادر الشرطة إلى ربط عضوه التناسلي كي لا يتبول، ومن المعلوم أن أكل البطيخ يكثر "الادرار" فيصحره البول حتّى تكاد تتمزق مسالكه البولية ويفضل الشخص أن يوقع على كل ما يزعمه الطغاة من تهم ومن ثم يقتل أو تقطع يده ظلما ليخلص من آلام التعذيب، وهذه الوسيلة غالبا ما تستعمل لاذلال زعماء القبائل الوطنيين ليظهرهم الاحتلال السعودي بمظهر اللصوص والجبناء أمام أبناء قبيلتهم وشعبهم والزعم أن "الحكومة" لم تقتلهم إلاّ بعد ثبوت الجريمة عليهم، وأما الأشخاص الذين لا رهط لهم ولا خوف من عشيرتهم فانهم يقتلون بدون محاكمة… ولقد كان شريف رابغ من أشراف الحجاز وكان يدى شيخ رابغ وكان مجاب الدعوة في قبائل جهينة وكان يعطيه عبد العزيز مرتبا شهريا حوالي عشرة آلاف ريال لكي يسكته ويأمن جانبه. ولكن أمير مكة في سنة 1348 هـ (الملك فيصل فيما بعد) أبى إلاّ أن يلفق له تهمة التآمر… وبعد أن يئسوا من انتزاع الاقرار إلاّ بهذه الوسيلة الدنيئة أقفلوا عليه وحيداً في احدى الاقبية القذرة ومنعوا عنه الماء يوما وليلة حتّى خارت قواه وهو في سن يناهز (65) سنة وحينئذ قدموا له "بطيخة الاعتراف" البطيخة المثلجة فأكلها ثم بادرته الشرطة بربط قضيبه وحشروا بوله، وبدأ يصرخ بهم مناديا: يا مهدي بك هات ما عندك كي أوقع عليه واكتبوا ما ترونه من تهم باطلة، فوقع على ما كتبه مهدي بك بناء على ما طلبه فيصل وادعى أنه متآمر ضد الحكم.. وحمل مهدي بك توقيعه إلى فيصل ثم سافر إلى والده في الرياض وسلمه الاقرار من الشريف الموقف عليه وطالب والده باعدامه.. إلاّ أن الملك عبد العزيز قال: "يا فيصل، إن شريف رابغ لم تمض ستة أشهر على خطف ولده واغتياله فالاولى بنا العفو عنه…" فصاح فيصل: "يا طويل العمر، أنا أقدم استقالتي من الخدمة في مكة، ولو عفوت عنه لتمادت الناس وتجرأوا علينا والناس ما خضعوا لجلالتكم إلاّ بالسيف"!. وحينئذ "حكم" على شريف رابغ بالإعدام ونفذ فيه الحكم في 29 من شهر ذي القعدة 1348 هـ … هذه هي جريمة واحدة من آلاف الجرائم التي ارتكبها آل سعود بالابرياء، وهي حلقة من مذكرات رئيس الكتبه الذي مكث عشر سنوات في قصر الحكم في مكة واطلع على العديد من جرائم خطف الامراء للغلمان والاناث، وجرائم تلفيق التهم ضد الوطنيين ودوّنها بأرقامها وتواريخها، وعلق عليها بقوله: "مع الاسف… ان كل هذه الجرائم ترتكب باسم الإسلام"… صورة المأذنة التي أذّن منها جون فيليب يوم "الفتح السعودي" لمكة… يوم الاحتلال… المأذنة في الحرم ملتصقة بالكعبة… وفيلبي هو القائد الصانع للعرش السعودي… أذّن فيها وصلى بالجيش "الفاتح" إماما مما أحدث هزة لدى فيصل الدويش القائد الأول للجيش السعودي، ولم تقنع الدويش أكاذيب عبد العزيز آل سعود حينما قال له: (ألم تعلم أن فيلبي قد أسلم على يديّ ويديك؟ وان اسمه أصبح الشيخ عبد الله؟)… لكن هذه وغيرها جعلت الحقائق تتكشف لقائد الجيش ـ الدويش ـ فثار .. فسلمه الانكليز لعبد العزيز فقتله…. بندر بن عبد العزيز بن فيصل الدويش وجون فيلبي في صورة تذكارية مقودة وبندر هو ابن "عزّيز" وحفيد "فيصل الدويش" وكلاهما قتلهما آل سعود في مجاز رهيبة راح ضحيتها الآلاف من قبيلة مطير وعتيبة… أراد فيلبي بهذه الصورة الباسمة أن يقول: "انني برئ من دم والدك وجدّك ومن الدم الغزير الذي سفكه آل سعود ؟!. صحيح أنني أنا القائد والمخطط ولكن القتلة هم آل سعود: والثأر لا يؤخذ إلاّ منهم"! صور من محاضرة جون فيلبي فيما يلي صور من محاضرة جون فيلبي التي ألقاها يوم 24/4/1955 في (المدينة الامريكية Amarrcan) ونشرتها صحيفة شركة أرامكو "الشمس واللهيب" وقد تحدى فيها "جون فيلبي" آل سعود الامريكان معا، وكشف فيلبي دوره في صنع العرش السعودي والإطاحة بعرش الحسين وتسليمه لابن السعود. تنفيذا لرغبة اليهود في المخابرات البريطانية الذين بذلوا كل امكانيات بريطانيا العظمى لإقامة هذا العرش كأساس أولي لقيام إسرائيل في فلسطين، وقد بذل السير برسي زكريا كوكس "اليهودي" دوره وقام بارسال فيلبي للإتصال بالشركات الامريكية لمنحها امتياز البترول وحرمان الشركة الشرقية للبترول بالرغم من كونها شركة بريطانية بذلت جهودا لا يستهان بها لتحديد مواقع البترول في مناطق الظهران وسبق لنا أن أستدعيناها، لكنه لم يكن بين قادتها يهودي واحد، بينما منحنا الامتياز للشركة التي يملكها يهودي أمريكي التي عرفت باسم ارامكو فيما بعد… وهكذا ترون أن لنا الفضل الأول في جلبكم إلى هنا مثلما كان لنا الدور الاوف في صنع هذا العرش السعودي والتضحية من أجله بكل الحكام العرب في الجزيرة العربية في سبيله ومنهم الشريف حسين، ومع ذلك تنكر المخابرات الامريكية معروفنا عليهم وينكر آل سعود هذا المعروف بإبعادي عن وطني ومخلوقاتي!… الخ … انظر صفحة 582 ـ 594 . خرائب العيينة موطن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كل الذين كتبوا عن هذه الصورة أوردوا هذا التعليق المبتور عليها قائلين: (هذه صورة لخرائب العيينة موطن "محمد" بن عبد الوهاب الذي هدمه)!… دون أن يكشفوا الحقيقة كي لا يكشفوا الزيف اليهودي: بطرح مثل هذا السؤال فقط: (هل يعقل لإنسان مهما كان طاغية وطاغوتا ومتوحشا أن يهدم موطنه الاصلي الذي ولد فيه كما يزعمون)؟! حتّى الحيايا والقردة والطيور والجرذان والوحوش لم تهدم جحورها ومواطنها بل يدفعها الحنين إليها مهما بعدت عنها!.. ان في هدم "الموطن" المزعوم لمن سمي "محمد" بن عبد الوهاب "مثلما" سمى محمد بن عبد الله فيلبي" نفسه بهذا الاسم، ما يثبت أن هذا العبد الوهاب يهودي فاليهود دائما يخونون الموطن الذي ولدوا فيه أو عاشوا حياتهم الاولى عليه ويذهبون لذبح المسلمين والمسيحيين في موطن يدعون ملكيته كفلسطين مثلا ويزعمون أن الله وعدهم به وكلمهم من أجله وأرسلهم إليه!… كما فعل "محمد" بن عبد الوهاب تماماً بذبح المسلمين والمسيحيين في أنحاء كثيرة من الوطن العربي وكما فعل "العبد الوهاب" حينما اغتال عثمان بن معمر وهو يصلي في روضة المسجد يوم الجمعة واتهمه بالكفر! وقتل/ 45000/ هم مجموع سكان العيينة، وهدم بيوتها وأحرق أشجارها وقطع نخيلها واستولى على النساء والحيوانات وتركها خربة وحرّم بناءها أو سكناها، منذ /200 سنة/ وزعم كذبا وفجورا أن الله أرسل للعيينة الجراد فأكلها عن آخرها ولم يترك الجراد حتّى الاطلال!! صورة نادرة للمدعو "محمد" ابن عبد الوهاب بن شُلمان أو "سليمان" وهي أول صورة تنشر له وهو يلقي دروسه الشريرة في النجف في العراق بعد أن غزاها وأنصاره السعوديين لهدم "قببها" وضريح الامام علي وبيوتها وسفك دماء المسلمين فيها… بعد أن تقرأ تاريخ حياة هذا اليهود، تأكد من ملامح صورته تؤكد لك يهوديته… واقرأ ماذا يقوله جون فيلبي عن خدمات آل سعود لليهود يقول جون فيلبي: (لقد أصبحت مهمتي المكلف بها من المخابرات الانكليزية بعد مقتل الكابتن شكسبير، قائد الجيش السعودي، هي: الدعم والتمويل والتنظيم والتخطيط لانجاح عبد العزيز آل سعود في مهمته ). كما يفضح جون فيلبي دعم اليهود لآل سعود، واتصال "بن غوريون" مع عبد العزيز آل سعود. قال جون فيلبي انّه (بعد مصرع قائد جيش عبد العزيز آل سعود الكابتن شكسبير على أيدي قوات ابن الرشيد في نجد، وصلت رسالة من رئاسة من رئاسة المخابرات الانكليزية في لندن تؤيد وجهة نظر السيد برسي كوكس ـ حينما كنت سكرتيرا له في العراق ـ وتحثه الرسالة بدعم عبد العزيز آل سعود وتعيين جون فيلبي خلفا للكابتن شكسبير وتسليمه كامل المسؤولية للعمل بكل وسيلة تمكنه من دحر خصوم ابن السعود… وكانت الرسالة تلك بداية لترك عملي كسكرتير لرئيس مكتب المخابرات في الجزيرة والخليج السير برسي زكريا كوكس لا تفرغ إلى مهمة أهم من مهمة السكرتير تلك هي مهمة الدعم. والتسويل، والتخطيط، لانجاح عبد العزيز آل سعود، واعادة تنظيم جيشه وتمويله وإيجاد ميزانية خاصة له وتسليحه بالذخيرة والسلاح، واحياء الافكار الوهابية والقيام بايجاد أنصار له في كل بلدة وقبيلة وقرية من أنحاء جزيرة العرب وإيجاد عملاء لنا مهمتهم تزويدنا بمعلومات عن خصوم ابن السعود الاقوياء مع بث أفكارنا بينهم وبث الاشاعات المرجفة في هذه المدن والقبائل والقرى المعادية، وركزنا على كسب العديد من الوجهاء ورجال الدين في البلاد، كما استطعنا أن نخلق وجهاء جدد في المناطق التي لم يرض وجهاءها السابقون السير معنا، وسارت الأمور بقيادتي على حسن مما أراده قادتي في لندن والخليج، الشئ الذي نلت عليه منهم الثناء ـ كما ذكرت في مكان آخر. وبعد سقوط حكم ابن الرشيد في حائل وسقوط عرش الحسين ابن علي في الحجاز أنشأنا أمارة شرق الاردن ونقلنا إليها الامير عبد الله بن الحسين، وكلف الانكليز أشخاصا غيري لمراقبة وتوجيه عبد الله وتنظيم الامارة الجديدة، إلاّ أن هؤلاء الاشخاص غيري لمراقبة وتوجيه عبد الله تنظيم الامارة الجديدة، إلاّ أن هؤلاء الاشخاص ما استطاعوا ترويض الامير عبد الله الذي ظن أن هذه القطعة الجديدة من الأرض التي منحت له ما هي إلاّ "ملكه الخاص وعرشه البديل للعرش الضائع" في الحجاز وأنه بامكانه التصرف بمزاحه بعيدا عن خطنا المرسوم وان بامكانه أن يجعل من الاردن منطلق هجوم ضد ابن السعود لاستعادة العرش الهاشمي الذي منحه الانكليز لعبد العزيز وكذلك ظن أن بامكانه استعادة عرش سوريا الذي منحه الانكليز لاخيه فيصل ثم تنازل عنه الانكليز للفرنسيين ثم عمل الانكليز جهدهم أخيرا لتخليص سوريا من الفرنسيين!… ومن أجل ذلك رأى قادتي أنه لا مناص من ذهابي إلى الاردن في مهمة ترويضية… وكانت أول جملة كلفني السير برسي كوكس بنقلها للأمير عبد الله هي "أن يقبل عبد الله بما قسم الله له وأن لا يجعل من عشه الجديد ثكنة حربية ضد عبد العزيز آل سعود بحجة العمل لاستعادة العرش الهاشمي الملغى ذكره ووجوده في الحجاز وإلى الابد، وأيضاً يجب أن أفهم عبد الله ألا يحرك ساكنا ضد فرنسا في سوريا ولبنان وأن يسلم الثوار السوريين للسلطات الفرنسية في دمشق وأن يتعاون مع الوجود البريطاني واليهودي في فلسطين، وأن يسلم لابن السعود الحجازيين والنجديين والشمامرة الذين هربوا معه أو لجأوا إليه فأخذ يعدهم في الأردن لمضايقة ابن السعود… هذه هي أسس المهام التي كلفت من قيادتي بترويض الامير عبد الله عليها)!… ويتابع جون فيلبي سرد الذكريات قائلا: (وبعد شهرين من وصولي إلى الاردن قمت بجولة في أنحاء فلسطين وكانت الثورة الفلسطينية في بدايتها ويعيش الانكليز في قلق نمها، فحاول بعضهم توسيط الامير عبد الله لدى الثوار الفلسطينيين بايقاف الثورة، فحبذت الفكرة لعلمي أن عبد الله سيفشل في وساطته لعدم نفوذ الامير عبد الله بين الفلسطينيين، وبالتالي سيكون الجو مهيئا لصديقنا العزيز عبد العزيز فتنجح وساطته فترتفع أسهمه لدى الانكليز أكثر فأكثر، وهذا ما تم فعلا وما اقترحته بعد فشل عبد الله في الوساطة إذ اقترحت توسيط عبد العزيز آل سعود، وهكذا نجح عبد العزيز بما فشل فيه عبد الله عام 1936 م، بل انّه بمجرد أن عرض عبد العزيز آل سعود وساطته لدى وجهاء فلسطين قبلوا وساطته بإيقاف الثورة ضد الانكليز واثقين مما تعهد لهم به وأقسم لهم عليه قائلا: "أن أصدقاءنا الانكليز تعهدوا لي على حل قضية فلسطين لصالح الفلسطينيين، وانني أتحمل مسؤولية هذا العهد والوعد" وكان لنجاح وساطة عبد العزيز آل سعود صداها القوي لدى الانكليز واليهود وكانت المنعطف الاكبر في تاريخ فلسطين، وعزز ذلك النجاح الباهر كافة آرائي بعبد العزيز أمام رؤسائي بل وحتى أمام خصومي في "المكتب العربي بالقاهرة" الذين ما زال بعضهم يؤيد الهاشميين ويعتبرهم أصلح لنا من آل سعود … وأثناء رحلتي تلك إلى فلسطين عرجت إلى تل أبيب وقابلني الزعيم اليهودي ديفيد بن غوريون وكان فرحا لنجاح الوساطة السعودية التي أوقفت الثورة الفلسطينية، إلاّ أنه أبدى قلقه من سبب ابتعادي عن عبد العزيز آل سعود وقال ان وجودك "يا حاج عبد الله" مهم بالقرب من عبد العزيز هذه الايام، فقلت لابن غوريون: "إننا لم نعد نخشى على عبد العزيز آل سعود فلديه من الحصانة ما يكفي لتطعيمي وتطعيمك!.. كما قد حصناه سابقا بعدد من المستشارين العرب بالاضافة إلى أن هناك من يقوم الان بدوري لديه، مع أنني لم أبتعد هذه الايام عنه لغير صالحه في ترويض خصومه في شرق الاردن". هنالك ظهرت على وجه بن غوريون علامة الارتياح، وتشعب الحديث مع بن غوريون في أمور هامة تتعلق في الشؤون العربية ومستقبل اليهود، وأخبرت بن غوريون أن أمير شرق الاردن عبد الله بن الحسين كان في منتهى الشراسة بعد أن أخرجناه من الحجاز وكان يكِنُّ الحقد حينا ويظهره أحيانا لبريطانيا على فعلتها بتسليم عرشه لعبد العزيز آل سعود ومن أجل ذلك أخذ يتبنى العديد من الرجال المعارضين لعبد العزيز والمعارضين للفرنسيين والانكليز واليهود على حد سواء، وهو ما زال يكره ابن السعود ويجعل من الاردن مكان تجمع لخصوم ابن السعود معدا إياهم للعودة بهم في حرب خاطفة يعيد بها ما فقدوه في الحجاز وحائل ونجد وعسير، فقال بن غوريون: "نحن ندرك هذا تماما ونقدر جهودك والذين اختاروك لا شك يدركون ما لديك من مقدرة فائقة على ترويض الامراء العرب". قلت لابن غوريون: "قبل أيام أخرجت جيش الاخوان المسلمين السعوديين لتأديب الامير عبد الله فهددوا كيانه، فاستنجد بي لانقاذه منهم مبديا الكثير من التودد والطاعة لبريطانيا، وبذلك أوعزنا لعبد العزيز آل سعود بإيقاف جيش الاخوان عند حدهم قبل أن يدخلوا الاردن وينزلوا فيها الدمار.. إلاّ أن عبد العزيز لاقى صعوبة في صد هذا الجند البدوي الشرس صعب الترويض والمراس فاضطررت إلى اعطاء الامر للطائرات الحربية البريطانية المرابطة في الاردن لتأديبهم، ولو لم توقع الطائرات بهم بعض الخسائر لما تراجعوا وما سمعوا كلمة شيخهم عبد العزيز آل سعود!… لكنه رغم ما أصاب عبد الله من هلع كان ما زال شرس الطباع ضد بريطانيا مما جعلني أوحي إلى قبيلة ابن عدوان في الاردن بالخروج لضرب عبد الله وتطويق قصر الشونة لارهابه كنوع من أنواع الترويض، وحينها استنجد عبد الله بي مرة أخرى قائلا: انني أعرف أن كل هذه الاعمال ما حدثت إلاّ بعد مجيئك يا حاج فيلبي بغية ثني إرادتي عن مقاومة حبيبكم عبد العزيز آل سعود … انني أعدك بابعاد هذه الفكرة نهائيا، لكنني أرجو إعفائي من مسألة ابعاد الذين لجأوا معي من الحجاز ونجد هربا من وحشية صاحبكم وجنوده التي أنت أعرف الناس بها. وما مجزرة تربة والخرمة والطائف ببعيدة عن ذاكرتك… فقلت لعبد الله: انني أعدك ببذل كل مجهود لحمايتك بعد أن اتضح لنا انك لا تنوي بابن السعود شرا أما اللاجئين فرأيي بهم كما تراه أنت هو ألا نسلمهم لابن السعود على ألا يقوم أي أحد منهم بنشاط ضده… فقال عبد الله: اتفقنا يا حاج فيلبي!… وهكذا تخلى عبد الله عن أفكاره الوطنية والقومية في غزو الحجاز أو اثارة أي نوع من الشعب ضد ابن السعود بعد أن جمع لهذه الفكرة كل مخلفات جيشه وجيش والده الهارب من الحجاز جاعلا من الاردن "أرض ميعاده الجديدة" لإخراج السعوديين من الحجاز ونجد)… وأردف جون فيلبي قوله: (وبذلك اطمأن بن غوريون وابتسم معبرا عن غبطته باستقرار الأمور لصالح ابن السعود وبما توصلت إليه من ترويض للأمير عبد الله بن الحسين وقال بن غوريون وابتسامة الرضى بادية على وجهه من حديثي: "اذن أنت ما زلت ايها العظيم على علاقة حسنة بالرجل العظيم" قلت لابن غوريون: "من تقصد بالرجل العظيم"؟… فقال بن غوريون: "وهل هناك مقصود في المنطقة العربية خلاف ابن العم عبد العزيز بن سعود"… قال بن غوريون كلمة "ابن العم" وهو مدرك تمام معرفتي بتسلسل النسب السعودي المنحدر من قبيلة بني القينقاع اليهودية، ثم أخذ بن غوريون يعدد لي زعماء وملوك وقادة اليهود الذين دخلوا الدينيين المسيحي والإسلامي وغيرهما من الاديان لخدمة الهدف اليهودي والذين حكموا العالم عملا بتحقيق الغاية الكبرى لبني إسرائيل فأورد أسماء كثيرة. واختتم بن غوريون حديثه عن ملوك وقادة بني إسرائيل عبر التاريخ مفاخرا بقوله: "وهكذا ترى يا شيخ عبد الله كيف كانوا ملوكنا وقادتنا عبر التاريخ صناع حضارة وتاريخ ومجد من عهد سليمان وداوود إلى عهد ابن السعود".. ) ويتابع جون فيلبي اعترافاته فيقول: (ولما عدنا إلى الحديث عن الامير "الحجازي الاردني" عبد الله الذي نقلناه من الحجاز لإقامة جبرية ينشئ خلالها دولة جديدة في صحراء الاردن السورية ايد بن غوريون إقامة مثل هذه الدولة على أن تكون مملكة فيما بعد. كما أيد اقامة مملكة ابن السعود قائلا: ان جذور الملكية هي التي تضرب في الأرض أكثر من سواها، وقال: "اننا باقامة هاتين المملكتين ستطمئن قلوبنا لوجود سياجين حاميين لدولة إسرائيل المزمع قيامها في الوقت المناسب لولادتها ولادة لا تشويه فيها وهذا لا يتم بالطبع إلاّ بإقامة التحصينات حولها باسم العرب الذين نثق بهم". وعدت أداعب بن غوريون قائلا: "أنت قد عددت لي الكثير من الملوك والقادة اليهود الذين حكموا العالم لكنك لم تتطرق لنسب ملوك بني هاشم وهل هم من اليهود أم لا؟!.." فقال بن غوريون وهو يبتسم: " حتّى وان كانوا من اليهود فانني لا أحبذ أن ينتسب الينا أي مهزوم، أما نسبنا مع ابن السعود فهو ثابت أكثر من سواه"… وفي نهاية اللقاء طلب بن غوريون مرافقتي للاردن لمقابلة الامير عبد الله، ويومها رافقني وأعددت له المقابلة في مسكني ـ مقر المندوب السامي ـ رغم تردد الامير عبد الله في المقابلة التي قبلها من باب استدرار عطفي طالبا أن يكون المكان خاليا من سوانا نحن الثلاثة، وفي اللقاء تبادل عبد الله وبن غوريون كلمات الود والتعاطف والمجاملات وقطع الامير عبد الله وعده لبن غوريون في تلك المقابلة "بتأييد القضية اليهودية العادلة"… وبعد الاجتماع حملني بن غوريون رسالة خطية لعبد العزيز آل سعود لا سلمها له شخصيا حينما التقي به في اللقاء المرتقب، وحينما جئت لاودع الامير عبد الله متجها إلى الحجاز متمنيا من سموه تكليفي بأية خدمة يريد مني تأديتها لسموه في الحجاز، ابتسم عبد الله وهو يودعني ويقول: "ان الخدمة التي أود تأديتها لي هي أن تخلص لي من صميم قلبك بل تمنحني ولو بعض اخلاصك لابن السعود" وسألني عبد الله قائلا: "هل لي بمعرفة شئ عن مهمتك في الحجاز الآن" قلت: "انها يا سمو الامير "مهمة حج لقضاء حاجة" كما يقول المثل النجدي"… والحقيقة أنني تعودت قضاء فريضة الحج في مكة مع عبد العزيز كلما سنحت لي الفرصة لاكون معه قريبا من الله!… وسافرت من الاردن إلى مكة وهناك قابلت الصديق الصدوق عبد العزيز آل سعود المتلهف لإخباري، وما أن قابلته في مجلسه الواسع وسألني عن "العلوم" أي الاخبار حتّى أفهمته باشارة يفهمها مني تمام الفهم وتعني "ان فض هؤلاء الناس الموجودين في المجلس" ففضهم، ولم يبق سوانا نحن الاثنين ـ عبد الله فيلبي. وعبد العزيز ـ فطمأنته من أنني صفيّت الوضع في الاردن لصالحه وصالح بريطانيا، ثم قرأت عليه رسالة بن غوريون التي جاء فيها قول بن غوريون لعبد العزيز " يا صاحب الجلالة" رنة في أذن عبد العزيز فهي أول كلمة يسمعها عبد العزيز بعد توليه العرش، إذ لم يتعود من عرب نجد سماعها أو دعوته إلاّ باسمه المجرد ( يا عبد العزيز) أو (يا طويل العمر) على أكثر تقدير… وعندها استوقفني عبد العزيز عن تلاوتي لرسالة بن غوريون متسائلا يقول: "لماذا يدعوني ـ بن غوريون ـ صاحب الجلالة وأخوه بالله والوطن؟!" فقلت لعبد العزيز أن جميع أهل أوربا لا يلقبون ملوكهم إلاّ بأصحاب الجلالة لانهم ظل الله في الأرض!..، أما قول بن غوريون عن "أخوتّك بالله والوطن"، "فكلنا أخوة له بالله والوطن وأنت أعرف بذلك!!"… فقال: "الآن فهمت… أتمم رسالتك يا حاج"، فتولت الرسالة التي جاء فيها قول بن غوريون: " ان مبلغ العشرين ألف جنيه استرليني ما هو إلاّ اعانة منا لدعمك فيما تحتاج إليه في تصريف شؤون ملكك الجديد في هذه المملكة الشاسعة المباركة واني أحب أن أؤكد لك أنه ليس في هذا المبلغ ذرة من الحرام فكله من تبرعات يهود بريطانيا وأوربا الذين قد دعموك لدى الحكومة البريطانية في السابق ضد ابن الرشيد وكافة خصومك وجعلوا بريطانيا تضحي بصديقها السابق حسين لاجلك لكونه رفض حتّى إعطاء قطعة من فلسطين لليهود الذين شردوا في العالم)… ويتابع فيلبي قوله: (لقد استوقفني عبد العزيز مرارا متسائلا عن الكثير من جمل تلك الرسالة، من ذلك أنه سألني عن مبلغ الـ 20 ألف جنيه استرليني قائلا: " وهل ينوي بن غوريون تهديدي بهذا المبلغ الذي بعثه لي بواسطتك؟ وهل عرفت حكومة بريطانيا العظمى بهذا المبلغ؟ وهل استلامي للمبلغ من بن غوريون لا يغضب حكومة بريطانيا فتقطع عني المرتب الشهري والعون؟.." قلت: "أبدا.. ان اليهود في بريطانيا هم حكام بريطانيا بالفعل انهم الحكم والسلطة والصحافة والمخابرات البريطانية ان لهم مراكز النفوذ الاقوى في بريطانيا وكانوا وراء دعمك وعونك ووراء الاستمرار في صرف مرتبك حتّى الآن عن طريق المكتب الهندي… كما كانوا في السابق وراء قطع هذا المرتب لاختبارك هل سترفض أو لا ترفض التوقيع باعطاء فلسطين لليهود".. قال عبد العزيز: "وهل اطلع أحد على رسالة بن غوريون هذه"؟ فأجبته: "لم يطلع عليها سوى أربعة"!… فبدأ على وجه عبد العزيز الامتعاض الشديد أثناء تساءله بلهفة عن معرفة هؤلاء الاربعة الذين أطلعوا على الرسالة!": "من هم الاربعة؟؟.. من هم الاربعة يا حاج فيلبي؟.. أنا لا أخشى غضب أحد إلاّ غضب الله وبريطانيا!" قلت لبعد العزيز ان هؤلاء الاربعة هم "الله وأنا وبن غوريون وعبد العزيز" فضحك عبد العزيز لهذا وهو يقول.. "الله الأول عالم بكل شئ. أما الثلاثة الباقون فقد ضحكوا على الله ـ لكنني أسألك عن ـ عبيد الله ـ وعلى الاخص ـ عبد الله ـ الذي في الاردن ـ هل أخبره بن غوريون بشئ حينما التقى معه؟" ويقصد بذلك أمير الاردن عبد الله ـ الملك عبد الله فيما بعد ـ .. قلت: "لم يعرف عبد الله أي شئ. وأنت تعلم أننا لو أردنا اطلاعه على الاسرار التي بيننا وبينك لما منحناك عرش الحجاز ومنحناه غور الاردن"… وانتهى اللقاء بتحميلي وصية شفهية من عبد العزيز لبن غوريون يقول فيها " قل للاخ بن غوريون إننا لن ننسى فضل أمنا وأبونا بريطانيا كما لم ننس فضل أبناء عمنا اليهود في دعمنا وفي مقدمتهم السير برسي كوكس وندعو الله أن يلحقنا أقصى ما نريده، ونعمل من أجله لتمكين هؤلاء اليهود المساكين المشردين في أنحاء العالم لتحقيق ما يريدون في مستقر لهم يكفيهم هذا العناء"!. ورجعت من "الحج قاضيا حاجتي".. وفي الاردن أخبرت الامير عبد الله "أن عبد العزيز بن سعود يسلم على سموكم واننا سوف نجري مصالحة بين الطرفين لما تقتضيه مصلحة الجميع". وفي اليوم التالي لوصولي بلغت رسالة "صقر الجزيرة" لبن غوريون… و"صقر الجزيرة" هو الاسم المتعارف عليه في ملفات المخابرات البريطانية. انّه عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود)… اتنهى..


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مشروع بريطانيا العظيم!

قال تشرشل: "أريد أن أرى ابن السعود سيدا على الشرق الأوسط وكبير كبراء هذا الشرق، على أن يتفق معكم أولا ـ يا مستر حاييم ـ ومتى تم هذا عليكم أن تأخذوا منه ما تريدون أخذه"… هذا ما قاله تشرشل. عن مذكرات الدكتور حاييم وايزمن اول رئيس "لدولة إسرائيل" في فلسطين وقال "انشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الأول… والمشروع الثاني من بعده انشاء الكيان الصهيوني بواسطته"!… هكذا قال (وايزمن) وهو أحد كبار الصهاينة الذين أسسوا الكيان الصهيوني في فلسطين… ويضيف نقلا عن تشرشل الرئيس الاسبق لبريطانيا، والذي كان له دور أولي بارز في تكوين الكيان السعودي والكيان الصهيوني: (في 11/3/ 1932 ـ ابان وداعي للسيد جون مارتن سكرتير تشرشل الذي كان السكرتير العام للجنة بيل، قال تشرشل: أريدك أن تعلم مكررا ـ يا وايزمن ـ انني وضعت مشروعا لكم وهو لا ينفّذ إلاّ بعد نهاية الحرب " الحرب العالمية الثانية" وهذا المشروع هو: انني أريد أن أرى ابن السعود سيدا على الشرق الأوسط وكبير كبراء هذا الشرق، على شرط أن يتفق معكم أولا، ومتى تم هذا المشروع فعليكم ان تأخذوا منه ما امكن اخذه وليس من شك اننا سنساعدكم في هذا، وعليك ان تحتفظ بكتمان هذا السر، ولكن انقله إلى روزفلت، وليس هناك شئ يستحيل تحقيقه حين اعمل لتحقيقه انا وروزفلت رئيس الولايات المتحدة الامريكية)!… هكذا أسس الانكليز (مشروع) العرش السعودي … كمشروع أولي لإنشاء كيان اليهود وانشاء الانكليز لكيان آل سعود هو (مشروع) اليهود رقم 1 كما يقول تشرشل ووايزمن من أجل اقامة (المشروع اليهودي) الثاني… هذه مشاريع الاستعمار… عروش يهودية لحماية كيانات يهودية.. وهكذا تستباح أرضنا في الجزيرة العربية وفلسطين (ومن لا يملك يعطي من لا يستحق)… وكما بدأ تكوين اليهود لآل سعود "كمشروع أولي" باسم الإسلام والعروبة، استمروا بضحكهم ومهازلهم على ذقون العرب وفي مؤتمرات القمم ليستروا بها دوارهم كلما انكشفت بسراويل قبلو القرارات… والصمت يا عرب، الصمت، (فالصامت عن الحق شيطان اخرس والصامت على الباطل شيطان اخرس)… حديث شريف.

من خيانات عبد العزيز آل سعود

في العدد 1637 من مجلة "آخر ساعة" المصرية الصادر في 18 مايو 1966 كتب الكابت الفلسطيني وجيه ابو ذكرى ضمن مقال طويل بعنوان (هكذا ضاعت فلسطين وهكذا تعود) يقول تحت عنوان (ملوك الذهب والصحراء!): ثم يأتي الدور الخطير الثالث من أسباب هزيمتنا على أرض فلسطين. وهو دور الملك عبد العزيز آل سعود فلم يكن الشعب العربي يطلب منه رجالا أو سلاحا.. كل ما كان يرجوه ان يضغط على اصدقائه الامريكان. لكي يضغطوا بدورهم على العصابات الصهيونية. وكانت وسيلة الضغط: ذلك السلاح الرهيب الذي يملكه العرب حتّى الآن ولم يحاولوا اشهاره في وجه العدو… سلاح البترول.. ولخطورة هذا السلاح انقل هذه الحادثة: "انتقل الصراع إلى الامم المتحدة. وبدأت أمريكا تلعب لعبتها القذرة لتقسيم فلسطين يبن اليهود والعرب. ونشط المندوبون العرب لمحاولة احباط المشروع الذي عرض على الجمعية العامة للمنظمة الدولية، وكان بين العرب الامير عادل ارسلان. وذهب إلى أحد الوفود يستعطفه ليقف بجانب الحق العربي.. فقال له الرجل: "لديكم ايها العرب الورقة الرابحة. ولكنكم تخشون اللعب بها!" واشار الرجل إلى وزير خارجية السعودية وكان وقتها الامير فيصل ـ الملك الحالي ـ وقال له الرجل… "لو ذهب هذا الامير إلى جورج ماريشال وزير الخارجية الامريكية وهدده بقطع البترول إذا ناصرت أمريكا اليهود. لوجدت هذه القاعدة كلها تقف بجانب العرب."!. ولكن.. هل هذا هو كل خيانة الرجعية السعودية؟.. لا .. انها أكثر من ذلك بكثير. وهنا.. سأترك الصديق الراحل للملك عبد العزيز يحكي بنفسه قصة عبد العزيز وخيانته الواضحة لقضية فلسطين… وصديق الملك كان سنت جون فيلبي، الذي اسلم!. واعتنق المذهب الوهابي واصبح مستشار الملك عبد العزيز… يقول جون أو الحاج عبد الله فيلبي أو مستشار الملك.. في كتابه "40 عاما في البحرية": "ان مشكلة فلسطين لم تكن تبدو "لابن سعود" بأن تستحق تعريض علاقاته الممتازة مع بريطانيا ـ وأمريكا ـ أخيرا ـ للخطر! ويقول جون فيلبي "وكان مستقبل فلسطين كله بالنسبة ـ لعبد العزيز آل سعود و آل سعود كلهم ـ امرا من شأن بريطانيا الصديقة العزيزة المنتدبة على فلسطين. ولها ان تتصرف كما تشاء ـ وعلى عبد العزيز السمع والطاعة". "وكان من أساس الاتفاق لانشاء الوجود السعودي أن تقوم سياسة آل سعود على ان لا يتدخل الملك عبد العزيز وذريته من بعده بشكل من الاشكال ضد المصالح البريطانية والامريكية واليهودية في البلاد التي تحكمها بريطانيا أو تحت انتدابها أو نفوذها ومنها فلسطين". "وكان الملك عبد العزيز يعلن أن العرب سوف يخضعون لتقسيم فلسطين إذا فرضته بريطانيا العظمى.. وقد تقدمت لعبد العزيز باقتراح للموافقة بتسليم فلسطين كلها إلى اليهود مقابل استقلال البلاد العربية كلها. وضمان اسكان أهلها الذين سيخرجون منها بطريقة كريمة!. "والرجال الذين حوله كانوا لا يوافقون على آراء الملك بالنسبة لقضية فلسطين. فكان من رأي الملك أنه لا يرى في فلسطين ما يستحق أن يحمله على شل علاقته ببريطانيا وأمريكا". "ويبدو أن هذا الاعجاب كان متبادلا بين بريطانيا وأمريكا وبين الملك عبد العزيز في الفترة الأخيرة في حياته التي تلت الحرب العالمية الثانية مباشرة وأنه قد حمله ونستون تشرشل زعيم بريطانيا على التفكير بأن يجعل من الملك السعودي زعيما لا ينازع للعالم العربي!.".. "لقد أعلن الملك رأيه بصراحة بأن العرب لن يوافقوا على التقسيم أو يعترفوا بأي حق لليهود في فلسطين، ولكنهم سيذعنون حتّى إذا ما فرضت بريطانيا عليهم التقسيم". لا أعتقد ان هذه الآراء في حاجة إلى مجرد تعليق، ولكن ـ والحق يقال ـ ان الملك عبد العزيز قد حزن حزنا عميقا في أعقاب هزيمة الجيوش العربية في فلسطين.. واسمعوا من مستشاره ـ جون فيلبي ـ سر هذا الحزن العميق!.. يقول جون فيلبي: ـ "… وكان انتقال الجزء العربي الذي احتفظ به من فلسطين إلى ملكية عبد الله ملك الاردن أمراً اكثر مما يستطيع الملك عبد العزيز استساغته!. "لانه كان يريد ضمه إليه أو إلى اسرائيل، ولذلك وقف في الوقت نفسه موقف المعارضة من انشاء حكومة عموم فلسطين في قطاع غزة الذي يحتله المصريون، لانه يخشى أن تقوى هذه الحكومة فتثير القلاقل من جديد ضد اليهود وقد اتفق مع تشرشل رئيس وزراء بريطانيا وكذلك مع الرئيس الامريكي روزفلت على توزيع الفلسطينيين في البلاد العربية، ومن أجل ألا يكون للفلسطينيين أي كيان، قام الملك عبد العزيز آل سعود باغراء جمال الحسيني ـ الذي عينته حكومة عموم فلسطين في غزة ـ وزيرا لخارجيتها، أغراه عبد العزيز ليصبح من مستشاريه في الرياض مقابل مبلغ غير قليل من المال بناء على طلب من أمريكا وبريطانيا كما عمل عبد العزيز لتفتيت بقية ـ حكومة عموم فلسطين ـ بالمغريات وغيرها"!… هذا هو الموقف الصريح للرجعية اليهودية السعودية، ولكن أحداً لا ينسى بطولات الكتيبة "العربية" التي خرجت أفرادا من الجزيرة العربية دون رضا آل سعود واستشهد معظمها بعد أن اشتركت في الحرب كان مقدارها (700 رجل) ومع ذلك تبناها عبد العزيز بعد ان نالت سمعة جيدة لكنه فتتها وقال: "ان بريطانيا ارادت اقامة إسرائيل… وستقوم إسرائيل"!! الكويت وتصدير الخيانة السعودية هرب عبد الرحمن بن فيصل آل سعود وابنه عبد العزيز إلى الكويت عام 1891 بعد أن قضى شعبنا ـ في نجد وحائل ـ وللمرة الثالثة ـ على حكم وتحكم آل سعود الممثل بعبد الرحمن آل سعود وأسرته، لكن شعبنا كان بهم رحيما ـ وياللاسف ـ حينما اكتفى الشعب وحاكمه آنذاك "قصير النظر" أو "طيب القلب" أو المعتد بنفسه الامير محمد بن عبد الله آل رشيد، بجلب عبد الرحمن ابن فيصل آل سعود وبقية اسرته الصغيرة بالإضافة إلى محمد بن عبد الوهاب وأسرته.. من العارض (الرياض حاليا) ليضعهم في حائل غاية المعزة والاكرام.. وكان الاجدر به انهاء وجودهم… والاسوأ من هذا الذي فعله محمد بن عبد الله آل رشيد انّه سمح لعبد الرحمن آل سعود وأسرته للسفر بحجة "النقاهة" في العارض (الرياض) رغم ادراك ابن الرشيد لمعنى "النقاهة" السعودية التي لو أرادوها "نقاهة" حقيقية لوجدوها في حائل ذات الاجواء العطرة الجملية، وما أن وصل عبد الرحمن الرياض حتّى قام "بانقلابه" ضد "سالم السبهان" منصوب ابن الرشيد.. ويومها لم يتركه محمد بن عبد الله آل رشيد بل أرسل حملة لتسحقه، وادعى وقتها عبد الرحمن "انّه اضطر بانقلابه ضد سالم السبهان لكونه اهانه وان حركته ليست موجهة ضد ابن رشيد" وكان عذره أسوأ من فعله، لكنه لا أسوأ منه ـ فعلا ـ إلاّ محمد بن عبد الله آل رشيد المعتد بنفسه. حينما تظاهر بتصديقه وتركه يقيم مرة أخرى في الرياض حتّى بعد قيامه بالانقلاب فهرب منها إلى الكويت وهناك استضافه حاكمها مبارك الصباح، فاكرمه وبقايا اسرته، وبما ان مبارك الصباح كان وقتها على ارتباط مع تركيا في الوقت الذي كان فيه يغازل الانكليز، فقد قام مبارك الصباح بجمع عبد الرحمن آل سعود وابنه عبد العزيز بالقائم مقام التركي وأجرت له تركيا مبلغ ـ 70 روبية ـ أي ما يعادل أربع دنانير كويتية ـ كمرتب لعبد الرحمن وشقيقه محمد وابنه عبد العزيز وبقية أفراد العائلة المكونة آنذاك من 15 من الرجال والاطفال والنساء وخمسة من الطفيليين الخدم، فيصبح مرتب كل واحد منهم ما يعادل خمس قروش "سعودية" شهرياً، أي "هللة" في اليوم!…

كما أعانهم مبارك الصباح بالرز والتمن والكساء وأهداهم ثلاثة من الحمير للتنقل عليها، احدى هذه الحمير لعبد الرحمن والثاني لمحمد والثالث لعبد العزيز، وكانت الحمير الثلاثة تلك بمثابة سيارات ثلاثة من الطراز الجيد في الوقت الحاضر، لكن آل سعود تمكنوا من اقناع "مبارك الصباح" بالتعاون معاً لغزو حائل والجوف ونجد والإحساء وضمها إلى الكويت في بادئ الامر… فوجد مبارك الصباح بفكرة الغزو والضم ما يرضي طموحاته وكما اتصلوا من خلال مبارك الصباح بتركيا اتصلوا أيضاً بمكتب المخابرات الانكليزية المعروف باسم (المكتب الهندي) هذا المكتب الذي يسيطر عليه الصهاينة ويديره أمثال الصهيوني المعروف السير برسي زكريا كوكس الذي رأى في الولد ـ عبد العزيز ـ لا ـ في والده العجوز ـ عبد الرحمن ـ مواصفات العميل المؤهل للعب أي دور يريد له الصهاينة تمثيله من ادوار تبدأ بإيقاف مد الوحدة العربية وتنتهي بتقسيم البلاد العربية لإقطاع آل سعود جزء هام من جزيرة العرب، واحباط كل الثورات الفلسطينية، والتوقيع باعطاء فلسطين لليهود، وغير ذلك من مثل هذه الادوار التي عجز عن تمثيلها الشريف حسين بن علي فنفوه إلى قبرص واغتالوه بعد أن ادى دوره "باخراج الاستعمار العثماني" فقط، ومن ثم سلّموا عرشه لعميلهم الاكبر عبد العزيز آل سعود الذي تكفلت مخابرات (المكتب الهندي) بتربيته وتوجيهه وتدريبه على أيدي خبرا مكتب المخابرات الانكليزية المعروفين رجالا ونساء من امثال: مس بيلي التي زوجوها لعبد العزيز لكنها هربت منه لشدة ممارساته الجنسية الشاذة معها بعد أن خرق كل اتفاقياتها معه فراح (يقترض) منها ـ جنسيا ـ في الاسبوع الواحد ما يمكن استعماله في ثلاثة اشهر ولم تمر ثلاثة اشهر على زواجها ـ اللامشروع ـ بعبد العزيز حتّى كان قد "اقترض" منها ما كان يمكن ممارسته للرجل العادي في ثلاث سنوات قادمة… بالاضافة إلى مضايقتها جنسيا من قبل والده عبد الرحمن وشقيقه محمد "ونواة" الاخوان… فهربت منه دون طلاق وراحت تعمل في مصر في منظمة تابعة للمخابرات الانكليزية تسمى "منظمة أنصار الحرية"!… وحل محلها لدى عبد العزيز الكابتن اليهودي ديفيد شكسبير الذي قاد جيش "الاخوان المسلمين السعوديين "فقتله شعبنا بقطع رأسه بالسيف بيد صالح الذعيت ـ بقيادة سعود بن عبد العزيز بن متعب آل رشيد في معركة جراب في نجد… ثم حل محله عضو مكتب المخابرات الانكليزية المعروف جون فيلبي والذي سمى نفسه باسم محمد عبد الله فيلبي تمشيا مع واقع الدعوة الانكليزية السعودية المخادعة باسم الإسلام، والاسلام منها براء.. وكان جون فيلبي من أذكى الخبراء الانكليز الذين عملوا مع آل سعود إذ استبدل اسمه، وأسلم اسلاماً سعودياً، وشكل برئاسته مجموعة لفقها من كافة الاقطار العربية ضمت من كل قطر عربي أكثر من شخص واحد أطلق على هذه المجموعة اسم "مجلس الربع" أو "مجلس الوكلاء" وكانوا ممن كانت لهم خبرة في اقطارهم في فنون السياسة والاحزاب والتخطيط ومنهم حافظ وهبة من مصر، والدكتور عبد الله الدملوجي من العراق، ومهدي بك يهودي من العراق تولى شؤون الامن السعودي فقطع عشرات الآلاف من أيدي الأبرياء وأرجلهم ورؤوسهم… وكذلك يوسف يس وفؤاد حمزة من سوريا، وحسين العويني من لبنان، وخالد قرقرى من المغرب، وبشير السعداوي من ليبيا، وآخر من اليمن… كما أوجد طوابير تجسس في كافة المدن والقبائل ونظم القبائل فجعل لكل قبيلة مجموعة منها اطلقوا عليهم اسم ـ هيئة المشايخ ـ يرأسهم مفتي، وتجمعهم مناطق معينة اطلقوا عليها اسم "الهجر" (جمع هجرة)… يرتبط هؤلاء جميعا بمشايخ للدين من الحضر، ويرتبط المشايخ بمشايخ العائلة الوهابية المعروفين باسم (آل الشيخ) و"حاخامات آل سعود ويتلقى الجميع تعليماتهم بصورة مباشرة وغير مباشر وكذلك فتاويهم وتحركاتهم من جون فيلبي الموجه الرئيسي لعبد العزيز والذي تدرب على يده فيصل بن عبد العزيز … لكنه رغم كل هذا ورغم اغراء الذهب وتبريرات المذهب الفاسد ورغم جودة السلاح ووفرته وعقول الخبراء الذين دعموا آل سعود، فقد قاومهم شعبنا مقاومة ضارية… ولو لم تلعب الخيانات دورها في نفوس طوابير العمالة الذين اوجدوا ركائز لها في كل مدينة وقبيلة وقرية باسم "كبار الجماعة" فخانوا الشعب ـ لما نجح الانكليز في احتلال بلادنا لآل سعود. واستمر آل سعود متنقلين في عمالتهم من أحضان الاستعمار العثماني إلى أحضان الاستعمار الانكليزي إلى أحضان الأمريكان ومما مر ذكره يتضح أن آل سعود تعاملوا مع العثمانيين فتبنّتهم تركيا ورتبت لهم المرتبات، فتركوا تركيا حينما غدت تركيا في آخر أيامها، واستبدلوا عمالتهم لها بالعمالة لمكتب المخابرات الانكليزية الواقعة تحت سيطرة اليهود، ومن عمالة آل سعود لبريطانيا انتقلوا للعمالة الامريكية بإدخال شركة البترول "أرامكو" في بداية الثلاثينات من مطلع القرن العشرين، ولا عجب أن يكون (المكتب الهندي) المخابرات البريطانية ـ ذاتها ـ ممثلة بالسير برسي زكريا كوكس، وجون فيلبي ـ هما اللذان رفضا ادخال "الشركة الشرقية" شركة البترول البريطانية وأدخلا الشركات الامريكية، وهما اللذان نقلا عمالة آل سعود من المخابرات البريطانية إلى المخابرات الامريكية بدءاً من عام 1929، مما يؤكد أنه ـ لا وطن للصهاينة ـ بل مصلحة يلتقون فيها سواء في بريطانيا أو في أمريكا عندما يريدون إنها دور بريطانيا…

ومع أن الوباء السعودي انتشر من الكويت إلاّ أنه كان يفني الكويت ـ ذاتها لقد كان للكويت كما هو معروف دورها الأول في تصدير الوباء السعودي إلى جزيرة العرب، وإلى الأمة العربية والانسانية جمعاء، فقد جعل الانكليز من الكويت منذ نهاية القرن التاسع عشر ـ بؤرة ـ لنقل الطاعون… حينما دربت المخابرات الانكليزية في الكويت أكبر عدد ممن لا ضمائر لهم ولا دين ولا اخلاق وبثت فيهم روح الوهابية الشريرة من جديد "فعمموا رؤوسهم في سراويلهم حينما لم يجدوا قماشا، وأطلقوا شعور لحاهم المقملة وطفقوا ينفثون الفتاوى الانكليزية زاعمين انها من "أقوال الله ورسله وملائكته والصدّيقين"!.. وساهم مبارك الصباح بالذات في عون آل سعود، لكنه لقي وأولاده وشعب الكويت "جزاء سنماره" السعودي من آل سعود… بداية معارضة سالم الصباح لسياسة والده مبارك في دعم آل سعود ففي النصف الأول من القرن العشرين، اكتشف سالم بن مبارك الصباح وأهل الكويت سفالة الادوار التي يمثلها آل سعود، فوقف وقتها سالم الصباح موقف المعارض صراحة لوالده "مبارك" يوم ان قال له: (سوف تندم يا والدي على كل ما فعلته مع آل سعود من معروف وسيجني أهل الكويت عواقب سياستك في نصرت لعبد العزيز آل سعود بالمال والسلاح وارسال أبناء الكويت والقبائل للقتال دون هدف شريف إلاّ هدف عودة آل سعود لحكم نجد التي ابعدهم أهلها منها)… فلم يتعظ مبارك الصباح بقول ابنه "سالم" ولم يندم إلاّ حينما برز دور المخابرات البريطانية واضحاً في دعمها لعبد العزيز ضد الكويت وضد آل الصباح انفسهم بل وضد مبارك آل صباح أيضاً بعد قيام السير برسي كوكس باقتطاع اجزاء كبيرة من الكويت ومنحها "هبة لعبد العزيز آل سعود" ارضاء لشهواته مما جعل مبارك الصباح يبكي أمام السير كوكس أثناء ما كان يقتطع أجزاء من أرض الكويت بالخط الأحمر على الخريطة بحضور عبد العزيز آل سعود ـ الذي بكى هو الآخر ـ أمام برسي كوكس مطالباً بضم الكويت كلها لاملاكه كما ورد في كتاب "الكويت وجاراتها" للمندوب السامي "هـ.ر.ب ديكسن" الذي حضر هذا التقسيم الانكليزي الظالم.

وفي سبيل آل سعود ـ أغضب آل الصباح ـ كافة الجيران من ذلك: ان مبارك آل سعود صباح امر حمود آل صباح بالهجوم على قسم من قبيلة شمر لسلب إبلها وأغنامها وقتل العديد منهم، فقام الاخير بهذا الهجوم في صفر عام 1318 هـ عام 1900 م واهدى كل ما غنمه حمود آل صباح من الابل والاغنام من شمر لعبد العزيز آل سعود ـ كان ذلك قبيلة وفاة محمد العبد الله آل رشيد، حاكم نجد آنذاك ـ فحزّ هذا الفعل في نفس محمد بن عبد الله آل رشيد، فبعث برسالة إلى مبارك آل صباح يعاتبه فيها "ويأمل ان لا تكون فلول يهود آل سعود السبب في اقتتال اهل الكويت وأهل نجد"… ولكن مبارك آل صباح لم يأبه… ولقد حدث في نهاية حياة محمد آل رشيد: انّه حينما أحسن بقرب وفاته أوصى عبد العزيز المتعب آل رشيد الذي سيخلفه في حكم نجد بقوله: (استيقظ جيدا لخطورة ما سيأتيك من حكام آل صباح في الكويت مما بدا لنا من أعمال مبارك الصباح العدوانية في مساندته لآل سعود وتحرشاته فينا)… فقال عبد العزيز المتعب (سأهتم فيهم)… وبالرغم من ان عبد العزيز بن متعب لم يكن بمستوى عمق تفكير محمد بن عبد الله آل رشيد إلاّ ان شجاعة عبد العزيز المتعب الرشيد كانت منقطعة النظير… انّه الفارسي المغوار الذي شهد له الاعداء قبل الاصدقاء، وقال فيه الجنرال صدقي باشا القائد التركي حينما رأى بطولته (هذا فارس كعلي بن أبي طالب وفيه من صفاته المثالية ما لا ينقصه إلاّ دهاء معاوية!) انّما ينقصه ـ مقابل شجاعته وفروسيته الفائقة ـ التخطيط الذي لم ينقص خصمه عبد العزيز آل سعود بوجود الخبراء العسكريين الانكليز قادته وقادة جيشه أمثال من ذكرنا أسماءهم كالكابتن شكسبير قائد جيش عبد العزيز آل سعود والذي خلفه "جون فيلبي" وغيره، ان ما في ينقص عبد العزيز المتعب من كمال يقابله ما في عبد العزيز آل سعود وأولاده من نواقص وممارسات لا أخلاقية كالدجل باسم الدين الذي استخدمه آل سعود واستخدموا معه الغدر والكذب، مضافة للاسلحة الحديثة ـ آنذاك ـ والذخيرة المتوفرة والمعدات ووسائل المخابرات التي وفرتها المخابرات الانكليزية لعبد العزيز آل سعود من العرب وغير العرب، واستخدمتهم المخابرات الانكليزية لبث أنواع الحرب النفسية والعسكرية والاعلامية في كل المدن والقبائل التي يحكمنها ابن الرشيد والحسين بن علي والادريسي وغيرهم ليس في الجزيرة العربية فقط بل في البلاد العربية والعالم متخذين من الإسلام والتوحيد والعروبة (كلمة حق أرادوا بها الباطل)… وبمعنى آخر، فقد جهزت المخابرات الانكليزية عبد العزيز آل سعود بكافة الوسائل المادية واحدث وسائل الحرب النفسية واحدث وسائل جمع المعلومات واحدث انواع الاسلحة وكافة المغريات للآخرين سواء في الدنيا!.. أو في الآخرة!… وبالاضافة إلى ذلك فقد قامت المخابرات الانكليزية بتزويد عبد العزيز آل سعود بالبوارج الحربية التي اخذت ترابط في الخليج وفي البحر الأحمر وفي جدة لتمويله ودعمه وحصار خصومه ومنع المواد الغذائية عن الحجاز ونجد وعسير وتهامة واليمن. الانكليز وراء معركة الصّريف ولقد كان الانكليز وراء المعركة التي قادها مبارك الصباح ضد شعبنا (معركة الصريف) ومع ذلك فقد انتصر شعبنا ـ يومها ـ بقيادة عبد العزيز المتعب الرشيد على خصومه الاربعة: مبارك الصباح وعبد العزيز آل سعود، والانكليز ومن خلفهم اليهود في المخابرات الانكليزية… الذين استغلوا الكويت وخططوا وموّلوا تلك الحملة الشرسة الكبرى الضارية التي شنها العملاء وسادتهم الانكليز باسم مبارك الصباح خدمة لعبد العزيز آل سعود ووالده عبد الرحمن آل سعود، كما أشركوا فيها عددا من "آل سُليم" حكام عنيزة في جد واشترك فيها "آل مهنا" حكام بريدة، واشترك فيها ثمانمائة شخص من شعب الكويت واشتركت فيها جموع من القبائل التي خدعوها ومنهم: المنتفق برئاسة سعدون باشا المنصور، والظفير ورئيسهم جعيلان بن سويط، ومطير ورئيسهم سلطان الدويش، والعجمان برئاسة أبو الكلاب محمد بن حثلين، وبني هاجر برئاسة ابن شافي، وآل مرة برئاسة ابن فنيخير، والعوازم برئاسة مبارك بن دريع، والرشايدة محمد بن قرينيس، وسبيع ورئيسهم ظرمان ابن اثنين، والسهول ورئيسهم ابن جلعود، وبعض من قبائل عنزة وعتيبة وقحطان والرولّة… ومع أن القبائل المذكورة لم تشترك كلها لكنها اشتركت باعداد كبيرة من كل قبيلة من القبائل الآنفة الذكر، إلاّ أنه مع كل ذلك فقد اقتصرت عليها قبيلة واحدة هي قبيلة شمر مضافة إلى أهل حائل، في معركة اشتهرت تاريخيا باسم (معركة الصرف) التي قتل فيها العديد من الغزاة الذين جمّعهم يهود الانكليزي من حيث لا يشعرون وحرّضهم يهود آل سعود رسل الاستعمار، بلا هدف، لقد جمعهم مبارك الصباح ومن ورائه الانكليز وعبد الرحمن وابنه عبد العزيز وآل سعود ولم يكن لهذه القبائل من دوافع وطنية تجعلها تقاتل بثبات أكثر من دوافع الغزو والسلب والنهب فقط، ولذلك فحينما هُزم مبارك الصباح وهرب قامت نفس هذه القبائل التي جندوها بنهب جند آل صباح المهزومين بل ونهب بعضها بعضا!. وهرب من هرب وقتل من لم يهرب… وهذا هو بعض ما جناه مبارك الصباح من جرائم لا على أهل الكويت وشعب الجزيرة العربية فقط بل وعلى نفسه أيضاً… انّما كيف يرجى الخير من مبارك الصباح الذي قتل أخويه من أجل أوهامه وأطماعه، الاطماع التي ضحك عليه من أجلها عبد الرحمن آل سعود وأقسم له أنه سيجعله حاكما على قلب الجزيرة العربية في حال نجاحه على ابن الرشيد، والاطماع التي جعلت مبارك الصباح ـ حينما هزم في معركة الصريف وهرب ـ لا يخجل من تجميع فلوله ثانية ومهاجمه كل قبيلة من هذه القبائل التي اشتركت معه، فيسلبها ويقتل منها من قتل!. كل ذلك بتحريض من عبد الرحمن وعبد العزيز آل سعود للإيقاع بين هذه القبائل وآل صباح لكسب ود هذه القبائل وإبعادها عن آل صباح، وهذه أمثلة من تحريض آل سعود لآل صباح ضد قبائلنا: 1 ـ في أواخر عام 1319 هـ ـ 1903 م أرسل مبارك الصباح جيشاً بقيادة صقر الغانم واستولى على كثير من أموال الظفير، وأعان بها عبد العزيز آل سعود.

2 ـ وفي عام 1321 هـ عام 1904 أرسل مبارك الصباح جيشا كبيرا تحت قيادة ابنه جابر ومعه عبد العزيز آل سعود لغزو سلطان الدويش شيخ قبيلة مطير فنهبوا أموال مطير وقتلوا منهم الكثير في مكان يسمى "جولبن" وبالإضافة إلى ما نهبه عبد العزيز آل سعود أعطاه مبارك الصباح خمسمائة رأس من أبل مطير التي نهبوها. 3 ـ سيّر مبارك الصباح جيشا لمساعدة عبد العزيز آل سعود في قتاله لقبيلة العجمان فأسند قيادة الجيش "الصباحي" المساند إلى ولده سالم المبارك الصباح مما جعل عبد العزيز آل سعود ينتصر على بعض من قبيلة العجمان لان عدد هذا الجيش وعتاده كان أقوى وأكثر من عدد قبيلة العجمان وعتادها إلا أن سالم الصباح لم يكن مؤمنا بأفكار والده في مساندة عبد العزيز آل سعود وأطماعه وأباطيله وسلبه ونهبه، واتضح أنه ما قاد ذلك الجيش رغبة منه بل تنفيذا لرغبة والده مبارك لأنه لو رفض أمر والده فربما يقتله أو ينحّيه، ومن هذا يتضح موقف سالم المبارك الصباح في تلك المعركة بالذات التي ذهب فيها ليقود جيشه الكبير من بدو وشعب الكويت لنصرة عبد العزيز آل سعود في قتاله ضد العجمان، لكن سالم الصباح حينما رأى أنه قد انتصر على بعض العجمان بجيشه الكبير وان عبد العزيز آل سعود عمل بالعجمان ذبحا وفتكا وتعذيبا ونهبا وسلبا قال سالم الصباح لعبد العزيز آل سعود (قف عند حدك: فانني ضدك في هذه الأعمال.. أنني أعلن حمايتي للعجمان لأنني أنا الذي انتصرت عليهم تنفيذا لامر والدي)!. ثم قام سالم الصباح بإيقاف الجزار عبد العزيز عند حده واصطحب العجمان معه إلى الكويت لكيلا يقتلهم المجرم عبد العزيز بسيف سالم الصباح وقوته المنجدة، مما أغضب عبد العزيز آل سعود والانكليز وكانت تلك من بدايات العداء بين عبد العزيز وسالم.. 4 ـ حينما مات مبارك الصباح وحكم من بعده ابنه سالم المبارك "خصم عبد العزيز آل سعود "التجأ إلى الكويت قسم كبير من قبيلة العجمان هاربين من قلب الجزيرة العربية التي استولى عبد العزيز آل سعود آنذاك على قسم كبير منها وأخذ يلاحق العجمان ليعمل في رقابهم سيوفه القذرة ويسلب أموالهم فاستقبلهم سالم الصباح مرحبا بهم، فاغتاظ عبد العزيز آل سعود من سالم وراح يعمل ما بوسعه لدى سادته الانكليز موغرا صدورهم ضد سالم الصباح طالبا من السير برسي كوكس الحاكم الملكي البريطاني في بغداد ومنطقة الخليج (ابعاد قبيلتي العجمان وشمر عن الكويت) كما تقدم عبد العزيز آل سعود إلى ـ الكولونيل هملتن ـ بنفس الطلب ـ ابعاد قبيلتي العجمان وشمر عن الكويت وكذلك طلب من الكابتن جون فيلبي والكابتن "لاخ" الذي أصبح معتمدا سياسيا في الكويت بدلا من الكولونيل هملتن الذي لم يتجاوب مع عبد العزيز آل سعود واتهمه عبد العزيز بأنه يعمل لحساب (المكتب العربي) في القاهرة، وهو الفرع الآخر للمخابرات الانكليزية المؤيد للإشراف ضد آل سعود والمنافس (للمكتب الهندي) الذي كان أبرز أركانه برسي كوكس وهو يهودي الاصل ويدعم عبد العزيز دون تحفظ. 5 ـ أرسل عبد العزيز آل سعود مجموعات من تجار الدين الوهابي السعودي إلى الكويت، فانتشروا في الكويت وأخذوا يفتون "بتكفير وشرك" سالم الصباح حاكم الكويت كما اتهموا أهل الكويت بالزندقة والمروق عن الدين!. ولكنهم لاقوا معاملة جافة واحتقار من أهل الكويت الذين استخفوا بهم واحتقروا آرائهم وفتاويهم، فأمر الشيخ سالم خطباء المساجد (أن يكشفوا حقيقة العقيدة اليهودية الوهابية وفتاويهم والذين يتاجرون بها ويظهرون تعصبهم الجاهل ضد جميع الطوائف وكشف أدوار عبد العزيز آل سعود ومقاصده غير الإسلامية).. وهذا هو بعض ما قيل في مساجد الكويت… 6 ـ بعد مقتل عبد العزيز بن متعب آل رشيد ومجئ ابنه سعود بن عبد العزيز بن متعب آل سعود رشيد مكانه طلب حاكم الكويت سالم المبارك الصباح من سعود آل رشيد التعاون معه ضد عبد العزيز آل سعود خصم الجميع فبادر سعود آل رشيد بإرسال مجموعة من الفرسان بقيادة الشيخ ضاري بن طوالة… فازدادت حدة الخلاف بين سالم الصباح وعبد العزيز آل سعود. عبد العزيز آل سعود ـ مدلل بريطانيا ـ يدعوها فتستجيب! إلاّ أن عبد العزيز آل سعود استطاع أن يتغلب على خصمه سالم الصباح متهما اياه "بالتعاون مع آل الرشيد أعداء الانكليز ومع العجمان خصوم آل سعود: كذا… فطلب مقابلة السير برسي كوكس، وتمت المقابلة في العقير، ومن ضمن طلبات عبد العزيز آل سعود من السير برسي كوكس ما يلي: 1 ـ ابعاد قبيلة العجمان عن الكويت إلى نجد وتسليم شيوخها ومنهم ضيدان بن حثلين وسلطان بن حثلين. 2 ـ ابعاد الموجودين في الكويت من قبيلة شمر بقيادة ضاري بن طوالة وغيره. 3 ـ منع سالم الصباح من التعامل مع سعود الرشيد ومنع شمر وأهل حائل من شراء الحبوب من الكويت. 4 ـ ضم الكويت إلى سلطنتنا حسبما اقترح جون فيلبي. 5 ـ عدم إرسال أحد من قبيلتي العجمان وشمر إلى العراق. 6 ـ أن تفي بريطانيا بوعدها في مساعدتنا على إزالة حكم آل الرشيد. 7 ـ انني موافق على كل ما تريده مني بريطانيا وقد أخبركم جون فيلبي بموافقتي على منح فلسطين لليهود المساكين!. إلى غير ذلك من مطالب "الولد المدلل لبريطانيا" العظمى! ـ عبد العزيز آل سعود، المطالب التي نفذها برسي كوكس ورهطه من المعتمدين البريطانيين بعد أن وعده برسي كوكس بتنفيذ كل طلباته (ما عدا ضم الكويت، فهذا ما قد تقره السياسة العليا لبريطانيا فيما بعد لان السياسة دائما تتطور بتطور الزمن وبريطانيا الآن لا تفضل أحدا من حلفاءها العرب على الآخر إلاّ من كان منهم أكثر لياقة وجدارة)!. هكذا قال كوكس لعبد العزيز، ففهم عبد العزيز آل سعود أن كوكس يعنيه "بالجدارة واللياقة" … فابتسم!.. كما وعد كوكس باجلاء العجمان عن الكويت إلى الزبير، لكن عبد العزيز آل سعود طلب منه ابعادهم إلى مكان يوجد به قوات عسكرية بريطانية تراقبهم وتمنع تحركهم!.. فوعد برسي كوكس بتنفيذ رغبة عبد العزيز !… وبعد أن سافر السير برسي كوكس كتب رسالة إلى عبد العزيز يقول (اننا قد وقعنا معاهدة بيننا وبين العجمان وقعها ضيدان بن حثلين وسلطان بن حثلين يضمنان لنا بموجبها عدم تحرك أي واحد من قبيلة العجمان نحو "أراضي ابن السعود" وهذا المنع لا يشمل "الفداوية" وأمثالهم الذين يعملون أعمالا مدنية إنّما يشمل فقط شيوخ العجمان والافراد والرّحل منهم وكن في أتم أمان واطمئنان يا صديقنا العزيز عبد العزيز فنحن معك… أما عن شمر الموجودين في الكويت وقائدهم ضاري بن طوالة فقد وضعناهم تحت مراقبتنا في الكويت وقد خرج قسم منهم إلى حائل..)!!. هذا هو بعض ما جاء في رسالة كوكس إلى عبد العزيز آل سعود… ومع ذلك لم يقتنع عبد العزيز!. فاستمر يتحرش بالكويت، يؤيده ويساعده على هذا التحرش الصهيوني المعروف ومسؤول مكتب المخابرات الانكليزية "المكتب الهندي" السير برسي كوكس الذي أخذ يعلن كرهه لسالم الصباح كما يقول برسي كوكس لانه: (لا ينصاع لكل ما تطلبه منه بريطانيا فبدأ يتصرف وكأنه يعيش مستقلا)!… وبدافع من بريطانيا بدأ العدوان السعودي على الكويت في واقعة حمض فأخذت قوات "الاخوان" السعودية تتحرش بكل القبائل القاطنة بالقرب من حدود الكويت فأخرجت الكويت قوة كويتية يقودها دعيبج الفاضل ومعه عبد الله الجابر الصباح فعسكرت في مكان يسمى (حمض) مقابل قوة "اخوانية" سعودية يقودها تريحيب بن شقير، ولما رأى تريحيب بن شقير، ولما رأى تريحيب أن قوة الصباح تزيد عن عدد قوته أرسل لفيصل الدويش قائد الاخوان يطلب نجدته، فاتصل الدويش بعبد العزيز آل سعود فأمره بارسال ألفي مسلح "اخواني". وفي يوم 28 شعبان 1338 هـ 1 حزيران 1920 م شنت قوات الاخوان السعودية هجومها الواسع النطاق على سرية دعيج فهزمته وقتلت من جنده الكثير وسلبت كل ما عثرت عليه وتمكن دعيبج الفاضل وعبد الله الجابر الصباح من النجاة وكانت خسائر الصباح المادية في هذه المعركة تزيد عن ثلاثين أف جنيه، وبعد ذلك ادعى عبد العزيز آل سعود (انّه لم يأمر فيصل الدويش بشن هذا الهجوم) انّما زعم (اننا أرسلنا رسالة مع خادمنا "شويش بن ضويحي المعرقب" ولكن شويشا تأخر في طريقه إلى سلطان الدويش "قائد الاخوان" ولم يصل إلاّ بعد أن حصلت المعركة!!

ولا حول ولا قوة إلاّ بالله)!! وهكذا كان عبد الانكليز ابن سعود يصدر أوامره إلى قائده الدويش وبعد أن ينفذ الدويش ما أمره به ـ قائده ـ يتنصل من جريمته ليلطخ بها وجه فيصل الدويش نفسه، كعادته حينما يقتل القتيل ويصلي عليه.. وقد أحدثت هذه الجريمة السعودية أشد أنواع الذعر في القرى المجاورة للكويت فهرب سكانها إلى الكويت لظنهم أن الوحوش "الاخوان السعوديين" سيواصلون القرصنة والعدوان.. وبعد ما حدث تأكد سالم الصباح أن الحرب بينه وبين عبد العزيز آل سعود واقعة لا محالة فطلب من أهل الكويت القيام باحاطة الكويت بسور طوله أربعة أمتار وله أربع بوابات في جهات الكويت الاربعة وبدأ سكان الكويت في 28 رمضان 1338 هـ الموافق 14/6/ 1920 ببناء السور فتم بناءه في مدة قصيرة اشترك فيها كل الشعب واضعين ثقوبا للبنادق في جدران السور لمقاومة العدوان السعودي القادم، وارتفعت معنويات المواطنين الكويتيين بعد اتمام السور الذي سيعينهم على مقاومة غدر آل سعود، وكان سكان الكويت ينشدون الاناشيد و"العرضة" التي تكشف قلة مروءة آل سعود الذين آواهم الكويت وأطعمهم ونصرهم ثم ردوا له الجميل بالنكران والعدوان، ومن هذه الاناشيد الشعبية التي رددها أهل الكويت وهم يبنون السور قولهم: آه ـ يا يهودي ـ يا نغل والله عرفناك هذا جزاء أهل الفضل حنّا رعيناك عبد العزيز عبد الجهل كوكس قد أغواك هذا جزاء أهل الفضل بعد أن حميناك جازيتنا هذا الفعل النار تصلاك تقديم شكوى للميجر مور! ومن جهة ثانية قام سالم الصباح بتقديم شكوى إلى المستر مور المعتمد البريطاني في الكويت ضد أعمال "ولد بريطانيا المدلل" عبد العزيز آل سعود، فسافر الميجر مور إلى بغداد لمقابلة الحاكم الملكي العام البريطاني "السير ارنولد ولسن" وعاد الميجر مور إلى الكويت ليقول للصباح (ان الحكومة البريطانية جادة في "سعيها" على تثبيت الحدود بين الكويت ونجد انّما يجب أن تحسن علاقاتك مع عبد العزيز آل سعود وبريطانيا)!…

فأدرك سالم الصباح مدى تبني بريطانيا لابن سعود!… فأرسل سالم الصباح بتاريخ 13 رمضان 1338 هـ ـ 30 مارس 1920 م وفدا يتكون من عبد الله الصميط وعبد العزيز الحسن إلى الرياض ومعهما رسالة إلى عبد العزيز آل سعود "يشكو" إليه ما حصل منه ومن "اخوانه" السعوديين. ويذكّر عبد العزيز آل سعود (بما قدمه آل سعود صباح من المساعدات وكيف أن الكويت آوى آل سعود في أيام محنتهم في ساعة كانوا فيها بأمس الحاجة إلى مأوى وكساء ولقمة عيش فآوتهم الكويت وأطعمتهم وساندتهم بالارض والسلاح والجنود، وليس لمن يفعل ذلك هذا الجزاء مهما كانت الاخطاء التي لم تحدث منه وان أنكرتم الان هذا فاننا لا نطلب منكم إلاّ مراعاة الصداقة القديمة وعدم نكران الجميل، وليس بين نجد والكويت من الأمور المعقدة ما يدعو لكل هذا الجفاء والغلظة والاعتداء على أشقاء كانوا قد حاربوا معك تاركين زوجاتهم وأولادهم في الكويت فمات منهم من مات معك وتركوا خلفهم الأرامل والأيتام فأرسلت جنودك الآن لترويعهم وقتل جنودك الان ما بقي من أخوانهم وأهليهم)!. وكان غدر عبد العزيز أقبح من فعله.. الفضل لله ثم للإنكليز ولا فضل لأهل الكويت علينا! والاحساء أخذناها بالسيف! وحينما وصل الوفد الكويتي إلى الرياض وسلم الرسالة إلى عبد العزيز آل سعود، زعم الماكر كما قال: "والله واله والله انني ما كنت راض وعارف بما حدث وانني قد أنّبت فيصل الدويش على ذلك ولكن فيصل الدويش اعتذر بقوله ان القوات الكويتية هي التي دخلت مسافة لا تبعد عن أربع ساعات . للإبل عن منازل الاخوان"!… وتابع عبد العزيز آل سعود يقول: "ان كان آل صباح يطلبون مني حقوق الصداقة القديمة فأنا أعطيهم ولو كلفني ذلك الخروج عن الاحساء التي ملكتها بحد السيف "!" أما فضل آل صباح وأهل الكويت على الذي يعيّرني به فالفضل لله ثم لبريطانيا التي ساعدتني وأمرت آل صباح بمساعدتي ولا فضل لأهل الكويت أو غيرهم علي، وأنا أعتبر أن حدودي هي صفاة الكويت . وحدود الكويت هي صفاة الرياض "!" وأنا لا أعترف أن لسالم الصباح عليّ حق. أما الاموال التي صادرها جيش الاخوان فانني آمر لكم من الان بجمع خُمسها الذي هو نصيبي وإرساله معكم لاهل الكويت "!"، أما البقية فقد اغتنموه الاخوان.."!… قال الوفد الكويتي: "ما دام أنك ما ستعطينا غير الخُمس مما سلبه "الاخوان السعوديين!" بالعدوان الغادر من أموال الناس المسالمين الذين لم يحاربوا فاننا باسم المعتدى عليهم نتنازل عن خُمسك الخاص!… لكن الذي يهمنا هو أن نعرف لماذا أتباعكم يتهموننا "بالكفر" ويريدون نهبنا وقتلنا لاننا "كفرة" بينما قد عشت أنت يا عبد العزيز بيننا في الكويت سنوات ولم تر من كفرنا أي شئ يوجب كل هذا التكفير وهذا العدوان ونحن الذين حاربنا معك ابن الرشيد وشمّر والعجمان بل وحاربنا معك عتيبة ومطير، وإذا كان الانكليز ساعدوك فقد ساعدوك وأنت على أرضنا وقد ساعدناك قبلهم"!. فقال عبد العزيز آل سعود: "انني سأرسل إلى جانبكم ناصر بن فرحان السعود بكتاب يسلمه إلى سالم الصباح"… وغادر الوفد ومندوب عبد العزيز الرياض ثم ارسل معهم 165 بعيرا وفرسين قائلا: "ان هذا هو الخمس الذي هو نصيبي من الغنائم التي غنمناها من أهل الكويت"!… وبهذا يكشف عبد العزيز كذبه بنفسه.. حينما يزعم في بداية الحديث للوفد "أنه لا يعلم بما حدث من اعتدءات وان الدويش هو الذي فعل هذا من تلقاء نفسه".. وهو يعترف ضمنا بالجريمة بعد أن طالبه الوفد بالاموال فيدعي "انها غنائم وان له خُمسها وانه يتنازل عن خمسها للمعتدى عليهم"!.. هذا هو جزء من الكذب والخداع والغدر الذي تعلّمه عبد العزيز من أجداده اليهود وعلمه أولاده!. عودة الوفد الكويتي من الرياض وتهديدات سعودية سافرة عاد الوفد فاشلا إلى الكويت في يوم 15 شوال 1338 هـ ـ 1 تموز 1920 م وقابل الوفد المكون من عبد الله الصميط وعبد العزيز الحسن… الشيخ سالم الصباح سرا وأبلغاه بما سمعاه من عبد العزيز آل سعود. أما مندوب عبد العزيز آل سعود المدعو ناصر بن فرحان فقد قابل الشيخ سالم في مجلسه العام وسلم إليه كتاب عبد العزيز آل سعود الذي جاء فيه التهديد السافر واعترف عبد العزيز بمسؤوليته عن العدوان بقوله: "ان السبب في واقعة حميض هو تدخلكم في مالا يعنيكم. اعلموا أن لا حق لكم عندي، ولا حق لكم في منطقة "قرية" فهي ـ لي ـ فقد خططها السير برسي كوكس، أما كان لابائك واجدادك من حق على آبائي وأجدادي فاني معترف به وحينما يتقابل آبائي وأجدادي مع آبائك وأجدادك في الآخرة سيأخذ كل منهم حقه بنفسه"!… وهكذا لم يعترف عبد العزيز آل سعود بأي فضل عليه لاهل الكويت وآل صباح، ونراه يسخر حينما يعترف بحقوق آباء وأجداد آل صباح الاولين على آباء وأجداد آل سعود الاولين ويحيلهم لحسابه اليهودي في الاخرة!… وما زال يتبعه أولاده حتّى الان بعدم الاعتراف بفضل أهل الكويت هذا "الفضل" الذي نكبوا به بلادنا ونكبوا به أمة العرب… رسول عبد العزيز آل سعود يكذب في مجلس سالم الصباح لتحطيم معنوياته وما دام أن عبد العزيز آل سعود وأولاده يكذبون، فالاتباع على دين ملوكهم، ومن هؤلاء الاتباع مندوب عبد العزيز آل سعود وحامل كتاب تهديده لسالم الصباح المدعو ناصر بن فرحان، فما أن سلم هذا الفرحان كتاب عبد العزيز لسالم الصباح حتّى بدأ يتشدق "بانتصارات عبد العزيز " على الكفار والملحدين قبيلة شمّر" قائلا بسرور مصطنع: (لقد انتصر الاخوان على الكفرة الملحدين شمّر في معركة الشعيبة وكانت خسائر شمر هائلة وأضرارهم بالغة وقتل منهم العدد الكبير!!)… وأخذ مندوب عبد العزيز يتكلم باسهاب عن انتصارات عبد العزيز آل سعود والاخوان على شمّر، بينما الشيخ سالم الصباح صامت لا يرد عليه، وفي أثناء ذلك دخل إلى مجلس الشيخ سالم الصباح أحد رؤساء شمّر، وأخبر (بأن النصر في معركة الشعيبة ـ كان إلى جانب قبيلة شمر، وان قوات ابن الرشيد هزمت "الاخوان السعوديين" في معركة الشعيبة) فعلت وجه سالم الصباح ملامح السرور والبشر والانشراح وهو ينظر إلى وجه مندوب عبد العزيز آل سعود، ناصر بن فرحان، الذي اختفت علامات الفرح من وجهه وتوقف لسانه عن الكذب!… فكتب الشيخ سالم الصباح رده على رسالة عبد العزيز آل سعود وسلمها إلى مندوب عبد العزيز… وقد رفض سالم الصباح في رده شروط عبد العزيز ومزاعمه، ثم أمر مندوبين من عنده هما مبارك بن هيف وهلال المطيري أن يرافقا المندوب السعودي إلى الرياض.. ملحق خير!! وتقير وفد الصباح ثم أضاف سالم الصباح ملحقا للكتاب عنونه بعنوان "ملحق خيرا" جاء فيه: (أما طلبكم تنازلنا عن العشائر وان لا نخرج من الكويت جيشا مقاتلا فهذا مع كونه اجحافا بحقنا.. فهو مخل بشرفنا الذي كنا على يقين من حرصكم عليه!. وأما ما نهبه "الاخوان" فلا نعذركم من عدم أدائه وأنتم تعلمون أنهم بأمركم اعتدوا على أهل الكويت، ثم اننا على استعداد لمساعدتكم والقيام بما يسركم وسترون من الاكرام أعظم مما رأيتم سابقا)!… وفي هذه الاثناء جهز عبد العزيز آل سعود قوات الاخوان وأمرها (بالتمركز في "قرية" استعدادا للتحرك إلى الكويت لقتال الكفار)!. وحينما وصل المندوب السعودي ناصر الفرحان إلى عبد العزيز وسلمه كتاب سالم الصباح أسر إليه عما رآه من علائم البشر والسرور تتجلى في وجه سالم الصباح حينما قص عليه ذلك الشمري "المعادي لآل سعود" خبر انتصار شمّر وابن الرشيد على قوات الاخوان السعوديين!… وحينما قابل عبد العزيز آل سعود مندوبي سالم الصباح، هدد وتوعد وشتم سالم الصباح أمام مندوبيه وقال لهما: (هيّا أخرجا وقولا لسالم الصباح ليس بيني وبين سالم الصباح إلى إلاّ الحرب، والقتال، فعودا إليه وأخبراه بذلك)!… وعاد وفد سالم الصباح من الرياض إلى الكويت وأخبر سالم الصباح بما قاله عبد العزيز آل سعود، وكان لديه عبد اللطيف المحميد ـ أحد موظفي دار الاعتماد البريطانية في الكويت ـ فطلب منه سالم أن يبلغ ما سمعه إلى المعتمد السياسي البريطاني، فطلب المعتمد من سالم الصباح الكتابة رسميا بذلك ففعل!. بريطانيا وراء كل ما يقوم به عميلها ـ العزيز ـ عبد العزيز من كل ما سلف وما سيلحق يتضح أن بريطانيا كانت وراء تحركات عميلها العزيز عبد العزيز آل سعود الذي استخدمه الانكليز أداة ضغط على سالم الصباح ليرتمي ـ الصباح ـ بأحضانهم أكثر فأكثر… والان بدأت فرصة المخابرات البريطانية سانحة لاتمام الخطة… في هذا الاثناء أبرق الحاكم الملكي العام لبريطانيا في بغداد إلى المعتمد السياسي البريطاني في الكويت بتاريخ 23 شوال 1338 هـ ـ 9 تموز 1920 م يأمره أن يخبر الشيخ سالم الصباح (بأن المعاهدة المعقودة بين الحكومة البريطانية والدولة العثمانية في لندن عام 1913 في عصر والده مبارك التي أجازت استقلال الكويت قد ألغيت وان الحكومة البريطانية قد عقدت معاهدتها لحماية الامير عبد العزيز آل سعود في عام 1333 هـ 1915 م المعروفة بمعاهدة "دارين" ويجب أن ينتصح الشيخ سالم الصباح بمسايرة الامير عبد العزيز آل سعود ومن ناحية أخرى يرفض المطالب التي قدمها عبد العزيز ويترك معالجة الحدود إلى رأي الحكومة البريطانية)!.. هكذا الغت بريطانيا المعاهدة التركية البريطانية التي اعترفت بموجبها تركيا وبريطانيا "باستقلال الكويت" تمهيداً لترويض سالم الصباح ومن سيخلفه، وفي الوقت نفسه قطعت بريطانيا وعدها لعبد العزيز آل سعود على لسان جون فيلبي بمنحه الكويت "ليصبح الميناء الطبيعي لنجد" كما قال فيلبي، لكنها من ناحية أخرى تمنعه من اجتياح الكويت والبحرين وقطر والمحميات وبموجب معاهدة دارين التي عقدتها معه لكونها كالكويت مشمولة بالحماية البريطانية وغير "مستقلة" ولكن نظراً لما تتطلبه مهمة الترويض ارادت ان تردع سالم الصباح وتخوفه فقط، مجرد تخويف، بالوحوش السعوديين وتفهمه انّه غير "مستقل" وأن لا يتصرف أكثر من تصرف الخادم لبريطانيا وخادمها العزيز عبد العزيز… ماهي معاهدة دارين؟… تقول المعاهدة ما يلي: (يتعهد ابن السعود كما تعهد اباؤه من قبل ان يتحاشى الاعتداء على الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عُمان المشمولة بحماية الحكومة البريطانية ولها صلاحيات عهدية مع الحكومة البريطانية وان لا يتدخل في شؤونها وتحدد حدود هذه الاقطار فيما بعد… كما تتعهد بريطانيا بحماية عبد العزيز آل سعود داخليا وخارجيا وامداده بما يحتاج إليه ضد اعداء بريطانيا وابن سعود)!. هذه بعض أجزاء الاتفاقية، ولبريطانيا "حكمة" في منع ابن السعود ـ عميلها المدلل ـ من الاعتداء على محمياتها الاخرى الآنفة الذكر… وقاعدة الحكمة البريطانية (فرق تسدّ)… سالم الصباح يرفض الغاء المعاهدة البريطانية ـ التركية القاضية باستقلال الكويت بكتاب رسمي! ففي 25 شوال 1338 هـ بعث سالم الصباح بكتاب إلى المعتمد البريطاني في الكويت "الميجر مور" يرد به على برقية الحاكم البريطاني العام في بغداد يرفض فيه "بلباقة" أمر الحاكم العام اعتبار الكويت غير مستقلة عن بريطانيا وتركيا!، مستجيراً ببريطانيا من همجية الوحوش آل سعود والسعوديين!… ويقول: "اننا لن نخرج عن رأي بريطانيا لما يربطنا بها من صداقة"!… استنجاد سالم الصباح بحاكم حائل سعود آل رشيد وكان سالم الصباح، قبل ذلك قد استنجد بسعود الرشيد فأرسل لنجدته مجموعات من شمر بقيادة (الشيخ ضاري بن طواله) وخيّم بالقرب من صفوان، فطلب سالم الصباح من ضاري ودعيج السلمان الفاضل الإتجاه إلى (قرية) وضرب تحشدات "الاخوان" السعودية، فاتجه ضاري ودعيج لتلك المعركة لكنهما اختلفا في الطريق إلى المعركة، اختلف الاثنان على من منهما يتولى القيادة، وكان البادئ في الخلاف (دعيج) الذي قال لضاري: (انني أنا الذي اتولى القيادة) وقال ضاري: (اننا أمام جند قوي ومسلح ومستعد بالمعدات البريطانية والخبرة البريطانية وقد بلغه تحركنا اليه، ولسنا الان بحالة مفاخرة في القيادة ما دام انّه لا خيار لنا بين الموت والحياة، وإذا اصررت انت على تولي القيادة فلن اكون المسؤول عما قد يحدث لنا من هزيمة اما ان توليت القيادة انا فاني المسؤول عن تحركاتي وتوجيهاتي وتصرفاتي وجماعتي علما أن الجنود هم شمّر جنودي انا وأنت فرد عادي وجنودي شمر يرفضون ان يقودهم غيري)!. فاختلف القائدان في الطريق. ورأيا أن أحسن شئ لهما العودة لكيلا يقابلا العدو بروح مزعزعة!… الانكليز يأمرون عبد العزيز بقتال أهل الكويت لتركيع حكامه لهم هكذا ترون حكام آل صباح يبتعدون عن التبعية الانكليزية قليلا فيوعز الاستعمار الانكليزي لعبد العزيز آل سعود بمحاصرة الكويت و"تكفير" شعبها وحكومتها وقتالهم "لسعدنتهم" وضم الكويت للمتلكات السعودية في حال عدم قبول الكويت بالعودة إلى ربقة الاستعمار البريطاني!… فتبدأ معركة الجهراء ويقتل آل سعود المئات من شعب الكويت، فيضطر حاكم الكويت وقادة الشعب ـ آنذاك ـ إلى الارتماء في احضان الانكليز مفضلين زمهرير الاستعمار الانكليزي عن جهنّم الاحتلال السعودي الذي لو تم لاصبحت الكويت جزء من صحراء رأس المشعاب أو قرية عاصمتها "قرية" أو "جريه"!… أو الخفجي. مجزرة الجهرا في الساعة السادسة من صباح يوم الاحد الموافق 26 محرم 1339 هـ ـ 10/10/1920 م زحفت قوات قائد الجند السعودي ـ القبلي ـ فيصل الدويش ـ وكانت تزيد عن اربعة الآف من الجنود الذين سماهم الانكليز باسم "الاخوان المسلمين… جند الله" بعد أن أسسهم الكابتن ديفيد شكسبير اليهودي وقادهم فقتله شعبنا في معركة جراب فأحل الانكليز محل الكابتن جون فيلبي "محمد بن عبد الله فيلبي" التابع لمكتب المخابرات الانكليزي المعروف باسم المكتب الهندي، زحف فيصل الدويش ـ وهو رئيس قبيلة مطير ـ بقواته المسلحة بالاسلحة الانكليزية الوفيرة والدعوة الوهابية الشريرة التي بعثها الاستعمار الانكليزي من جديد فأوغر بها صدور بعض هذه القبائل ـ والقبائل هذه ـ لا تعلم انها مثلما قاتلت شعبنا وقبائلنا الاخرى باسم الدعوة الوهابية سيقتلها آل سعود والانكليز باسم الدعوة ذاتها!. وسينقلب سحر السعودي!. زحفت هذه القوات المتوحشة كالحمّى الصفراء والوباء المميت على قرية الجهرة الكويتية وتمركزوا في مرتفع يسمى (صيهد ابن الرشيد) الواقع في الجنوب الغربي من قرية الجهرا الكويتية فأطلقت "الراجفة"!.. والراجفة هذه باصطلاح "الاخوان المسلمين السعوديين جند الله الانكليزي" هي: ان يطلق جميع المحاربين ـ الآلاف ـ من رصاص بنادقهم في وقت واحد لمدة دقيقة واحدة لإرهاب القوة المواجهة لهم ولاختيار صلاحية بنادقهم للقتل!… وبعد اطلاق "الراجفة" تقدمت فرق الانكليز واليهود "الاخوان المسلمين السعوديين" مشاة في صفوف تشبه صفوف المصلين يتقدم كل فرقة حامل علمها وكانت فرق الفرسان مقسمة إلى جناحين الجناح الايمن والجناح الايسر… وأخذ الشيخ فيصل الدويش يصدر أوامره العسكرية من مخيمه الواقع خلف صيهد ابن الرشيد، وكان قد قسم فيصل الدويش جيشه إلى أربع فرق كل فرقة تبدأ من الف شخص فما فوق، ولكل فرقة علمها واسمها ومن اسماء هذه الفرق: فرقة مبايض، وفرقة فريتان، والاثلة، وقرية السفلى، وقرية العليا… ولها قائدها الاعلى وقادتها الصغار، فتقدمت فرق الدويش السعودية هذه فرقة مبايض واحتلت بستان ـ خلف النقيب ـ ثم انتشر جنودها وانتشرت بقية الفرق في البساتين وفي منطقة ـ الجهرا ـ تنشر الموت والخراب ـ يقتلون كل من يقابلهم ـ رغم ان فرق "الاخوان" لاقت مقاومة من الكويتيين والقبائل المحيطة بالكويت، وبمثل ما استبسل الشيخ ضاري بن برغش بن طوالة وفرسانه من قبيلة شمر للدفاع عن شعب الكويت "استبسل الاخوان السعوديون" لقتل شعب الكويت، رغم كل مقاومة، وكانوا يقابلون الرصاص وكأنه زخات من الثلج والبرد وقد قتل في هذه المعركة الشيخ جابر العبد الله الصباح ـ ومساعده ـ دخيل العصيمي، وعدد كبير من المدافعين الكويتيين والمواطنين العاديين، وهذه بعض أسماء الذين قتلهم الرصاص اليهودي السعودي الانكليزي "الامني"... باسم الاسلام!! وبحجة ادخالهم في الاسلام!!

فليذكرهم "آل صباح" الذين ما زالوا ينفذون أوامر السعودية!…

الشيخ جابر العبد الله الصباح، دخيل العصيمي، إبراهيم العبد الهادي، إبراهيم الحمضي، أحمد حجي، أحمد الناصر، أحمد الضرمان، حسين السنيني، حسين المقهوي، حمد الدريبي، حمود الرغيب، حمود العجلة العازمي، صالح الحوطي، خرشان العازمي، خليف شقفي، دريمج خميس المطيري، راشد المنيع، زعال غريب العازمي، سالم بن غوينم، سعد بن زنان، سعود سحيب العازمي، سيف العتيقي، مسعد العجمي، صالح الرويح، صالح الرهيمان، عامر العميري، عبد الله جعوان، عبد الله حبيب العازمي، عبد الله زنان العجمي، عبد الله علي النجدي، عبد الله علي ملحم السهلي، فالح سهل الشمري، عبد الله مخلف الشمري، عوض مدلج الشمري، سعدون جازي الشمري، عبد الله الهولي، عبد الرحمن أمان، عبد الرحمن الحسينات، عبد الرحمن المقهوي .

أصيب بالجنون ومات ـ وعبد العزيز بن عوجان، عبد العزيز بن معدي، عبد الكريم بن سعيد ـ أمير الجهرا ـ عثمان بن سيف، علي الحنيني، علي شملان، سيف المرزوق، علي بن عمير، عنبر العصفور، عنبر مديرس، غانم مبارك العميري، فرحان النومان، فهد بن دويان الدريبي، فهد دويلة الرشيدي، فهد الغصن العازمي، مبارك دويلة، مجبل الشلال، مجرن الشلال، محمد الدريبي، محمد دويس العازمي، محمد بن زامل، محمد بن عبد الله المزين، محمد العريقان، مدّوخ "عبد" سالم الصباح، محمد الغربي، مشاري النجدي، مزعل بن مزعل، مرزوق الحرّيص، مرزوق عيد الشمري، مساعد بن عبكل، مسعد المرزوق الرشيدي، مطلق الخضير، مطيران المسفر، مفلح بن داهم، مهلهل إبراهيم المضف، يوسف المحيزين، وغيرهم الكثير من القتلى… اما الجرحى فاكثر بكثير … هذا ما جناه حكام الكويت من دعمهم لآل سعود

أجل… ذلك بعض ما جناه حكام الكويت، على شعب الكويت حينما ألجأ هؤلاء الحكام عبد العزيز آل سعود ووالده وأولاده فآووهم وكسوهم واطعموهم وجعلوا من الكويت منطلق شرهم ضد شعبنا وشعب الكويت نفسه، وبعد هذه المجازر التي احدثها جنود "الاخوان" بأمر من عبد العزيز آل سعود والسير برسي كوكس مسؤول المخابرات الانكليزية في الخليج والجزيرة العربية، أخذ سكان الجهرا وضواحي الكويت كل يبحث له عن ملتجأ. وفي هذه الاثناء خرج حاكم الكويت الشيخ سالم المبارك الصباح ـ (وهو ابن مبارك الصباح ـ المدافع عن عبد العزيز آل سعود الذي لا ينفع به المعروف) خرج الشيخ سالم ومعه عدد من الكويتيين للدفاع عن الكويت من شر آل سعود ولكنه اصطدموا بقوة الموت قوة "الاخوان السعوديين" فالحقت بهم خسائر في الارواح وهرب الشيخ سالم ومن تبقى معه ليلتجئ إلى القصر الأحمر "في الجهرا"، فلاحقه "اخوان الموت" وحاصروا القصر، ثم أرسل ـ قائد الاخوان ـ فيصل الدويش أحد الذين اسرهم من الكويتيين ويدعى ـ مطلق بن مسعود ـ ليمهد لمفاوضة المحاصَرين في القصر ـ وفي الوقت نفسه يتعرف على ما لديهم وما بهم في هذا القصر ومن ثم يوقع الرعب في قلوب المحاصَرين ليضرب "الاخوان السعوديين" ضربتهم القاصمة، وكان نيتهم: اسر أو قتل الشيخ سالم المبارك الصباح وافناء البقية والتقدم نحو الكويت العاصمة لاحتلالها وإبادة ما تيسرت إبادته... فوصل رسول قائد الجند السعودي إلى القصر وطلب الدخول فرفضوا فتح الباب له بل انزلوا إليه الحبال ورفعوه اليهم وأخبر هذا "الرسول" من في القصر (أن الاخوان سيهجمون على القصر هذه الليلة!..) وبعد أن زرع الخبر المروع في نفوسهم عاد "الرسول السعودي" إلى الشيخ فيصل الدويش ليصف له مدى الذعر المهيمن على سكان القصر الذي يرتص بداخله أكثر من ألف وخمسمائة كويتي بطريقة شبيهة برص سمك السردين المعلب!. وبعد هذه المعلومات التي اثلجت صدر القائد السعودي المخدوع فيصل الدويش اعاد الدويش نفس هذا المندوب ثانية إلى القصر ـ المحاصَر ـ ليبلغ الشيخ سالم الصباح بأن فيصل الدويش على أتم استعداد لإجراء هدنة مؤقتة يتخللها التباحث بالموافقة على الشروط التالية: 1 ـ رجوع أهل الكويت إلى الدين الإسلامي الصحيح!!. (لاحظ كلمة الرجوع!… هذه: إلى الدين الإسلامي "والصحيح أيضاً!" أي الرجوع إلى حظيرة اليهود والانكليز ـ المربوط ـ في مراغاتها ـ عبد العزيز آل سعود … والمخدوع بها هذا الشيخ الدرويش رحمه الله)… المؤلف. 2 ـ ابعاد جميع الشيعة الموجودين في الكويت "!!". 3 ـ ترك شرب الدخان!. (وقد كان هذا البند من باب تغطية المقاصد الخبيثة السعودية لا أكثر)… المؤلف. 4 ـ تكفير الاتراك!. (وكان الانكليز يتهمون كل من يرفض قبول الاستعمار الانكليزي بتهمة الميول التركية)!… الخ. فتظاهر الشيخ سالم الصباح "المحاصر" بالموافقة على مطالب قائد الجند السعودي وخرج المندوب السعودي ليخبر فيصل الدويش بالموافقة، فأرسل الدويش مندوبا آخر أكثر وزنا للتمثيل السعودي واسمه منديل بن غنيمان يرافقه مطلق المسعود وثالث يدعى "الشهري" وتحدث "منديل" للشيخ سالم الصباح عن زيادة المطاليب "!" وقال: (ان الاخوان قد عزموا على مهاجمتكم في هذه الليلة، ولكن فيصل الدويش وعثمان بن سليمان، منعوهم عن ذلك قبل أن يعرضا عليكم شروط الصلح "!"، فان رفضتم فسينجزون ما عزموا عليه، أي ينجزون عليكم وعلى أهل الكويت لتبقى الكويت أرضا مجرده من البشر "!" وهما يطلبان منكما ما يلي: 1 ـ العودة إلى الإسلام "!". 2 ـ الغاء سوق القحاب "!" (علماً أنه سبق لأهل الكويت ان ألقوا القبض على عبد العزيز آل سعود نفسه حينما كان في الكويت وعدد معه من الاخوان السعوديين يمارسون الدعارة في هذا السوق)… المؤلف… 3 ـ ترك المنكرات!. (ولا شك ان أكبر المنكرات عدم الرضوخ الكامل للإنكليز). 4 ـ ترك الدخان… (علما أن أكثر الاخوان السعوديين يدخن)! 5 ـ ترحيل الشيعة عن الكويت ! (وكان للشيعة دورهم في معارضة الوحشية السعودية)… المؤلف. 6 ـ اخراج القنصل البريطاني من الكويت (وهذا المطلب قد وضعته المخابرات الانكليزية لتضليل الناس ـ الذين بدأوا يجهرون ـ بأن هذه الحركة السعودية لم تكن إلاّ بدافع من المخابرات الانكليزية)… المؤلف… 7 ـ هدم المستشفى الامريكي وطرد اطبائه (وارجو ان لا يتصور القارئ أو المستمع ان الحركة السعودية الانكليزية ما جاءت إلاّ لنشر الأمراض فقط حينما اضافت إلى هذه المطالب "التقدمية" مطلب "هدم المستشفى الامريكي وابعاد اطباء المستشفى"!… بل أرادوا بهدم المستشفى الامريكي وابعاد الاطباء الموجودين فيه تنفيذ رغبة المخابرات الانكليزية التي لا تريد الاصطدام بأمريكا لإدراك المخابرات الانكليزية ان اطباء ذلك المستشفى الامريكي كانوا من اعضاء المخابرات الامريكية وان ذلك المستشفى الامريكي في الكويت كان خلية من خلايا جواسيس أمريكا الذين بدأوا بالتحرك لتجيد العملاء لحساب أمريكا ومزاحمة الانكليز… ولم يدرك آل سعود وقتها أنهم مثلما كانوا لبريطانيا أكبر العملاء سيكونون لأمريكا أكبر العملاء. وهكذا حركت المخابرات الانكليزية "عبد الانكليز" أو عبد العزيز الذي حرك "اخوان الصفا!" الذين هم أجهل الناس بمقاصد الانكليزي ومقاصد عبد العزيز، فأصبحوا للإنكليز مخالب قطط عمياء والعوبة مسرحية "ارجوزية" نخرف بما لا تعرِف… وقد ادرك الشيخ سالم المبارك الصباح ما لم يدركه الشيخ فيصل الدويش نفسه… فتظاهر بالموافقة على مطالبهم. أسلمنا… أسلمنا!!

إلاّ أن الشيخ سالم الصباح أجاب مندوب قائد الجند السعودي قائلا: (اما الإسلام فنحن مسلمون، ولو لم نكن كذلك لما ألتجأ الينا عبد العزيز آل سعود ـ قبل وقت قصير ـ وأنتم معه فأكلتم مما نأكل وألبسناكم مما نلبس!… وان الإسلام مبني على خمسة أركان أصولية، ونحن نحافظ عليها جميعا وان كنا مخطئين فاننا نعدكم بالعودة إلى طريق الإسلام الصحيح!. أما إزالة المنكرات سنزيل منها ما يسعنا ازالته!. أما الغاء سوق القحاب في الكويت فهذا السوق أنشأه الانكليز ويرفضون ازالته وابن سعود يعرف هذا جيد!. وهذا السوق في حمايته الانكليز مثلما ابن سعود في حمايتهم. وأما تكفير الاتراك فليس لدينا ما يوجب تكفيرهم، وان كانوا لنا أعداء، فإذا ثبت لنا كفر الاتراك كفّرناهم، وفي الحقيقة أن الانكليز أكفر من الاتراك ومع ذلك ترون ابن سعود يتعامل معهم ولا نراكم تحاربون ابن سعود وتكفّرونه؟!… مع أننا فهمنا فهمنا قصدكم)!.

وقال الشيخ سالم الصباح: (أما الان وقد ذكرتم اسم الشيخ عثمان بن سليمان فإني إرغب أن يأتي الينا ليتباحث معنا في "أصول الدين وفي فروعه الاخرى" لينجلي الحق!.)… وترك أعضاء الوفد القصر المحاصر وبداخله الشيخ سالم الصباح وجمع كبير من الكويتييين واتجهوا إلى شيخهم فيصل الدويش. فخرج أثناء التباحث عدد من المحاصرين في القصر لدفن العديد من قتلى الشعب الكويتي، وبعد قليل دوت طلقات البنادق بالقرب من شاطئ البحر المقابل للجهرا، وكان هذا الرصاص قد أطلق على السفن الكويتية القادمة بالاطعمة للمحاصرين فاستولى الجند السعودي على السفن وما فيها، وعاد الذين خرجوا لدفن الشهداء دون دفنهم خشية أن يلحقوا بهم فلا يجدون من يدفنهم أيضاً!. وحينما وصلوا إلى القصر وجدوا أبوابه مغلقة فأنزلوا لهم الحبال وأصعدوهم إلى القصر. وفي منتصف الليل التقت جموع الاخوان السعوديين حول القصر المحاصر وأطلقوا زخات من الرصاص أتبعوها بهتافهم المرعب الجماعي الذي أوحى به اليهم مشايخ الدين السعودي الذين يتلقون تعاليمهم من جون "عبد الله فيلبي" وهو كما يلي: (إبراهيم يا عمود الدين، امحمد يا رسول الله، هبّت هبوب الجنة أين أنت يا باغيها) . المهم: هجم الاخوان السعوديون المناحيس على القصر المحاصر لكنهم وجدوا مقاومة عنيفة من المحاصرين الذين لا خيار لهم في أمر ثالث غير الموت ان اقتحم "الاخوان" قصرهم ليصبح لهم قبرا أو الحياة أن صدوهم… فشووهم سكان القصر بالرصاص من خلال ثقوب عديدة في حيطان القصر معدة لتوجيه البنادق نحو الاهداف المعادية، فسقط العديد من ـ اخوان الجهل ـ صرعى وجرحى وكان كلما سقط أحدهم جريحا يتلوى بمرارة الموت يسأله جاره "الاخونجي" المقاتل (هل أعجبتك حور الجنة؟. هل شممت هبوب الجنة؟) فيجيبه الجريح الذي بدأ يتجرع طعم الموت قائلا (أبك) أي لعن أباك… (ابك ما شممت إلاّ روائح خبيثة تفوح منّا… وما شفت إلاّ هبوب جهنم ولا ذقت إلاّ حر الموت .. لا جواري ولا حور ولا غلمان… لقد خدعنا تجار الدين السعودي).. فتراجع بقية "الاخوان" عن الموت، فصعب على فيصل الدويش عودة الاخوان بهذه الروح المتقهقرة، ولكي يشد الدويش من عزائمهم قال لهم: (يا لاخوان سوف أكون أنا حامل راية الهجوم الثاني بنفسي هذه الليلة) لكن بعض خواصه صده عن ذلك خوفا من أن يقتل بقولهم له: (ان الاعداء المحاصرين قد أضرّ بهم الجوع والعطش وليس ثمة ما يدعو إلى قتالهم، فانهم سيخضعون لنا سلما دون الجوء للقتال وسنمسك بهم أحياء)!. فناسبه هذا الاقتراح… فتراجع عن حمل الراية السعودية الانكليزية لقتل أهل الكويت وشيوخهم!… ايفاد شيخ الفتاوي عثمان بن سليمان وفي يوم الثلاثاء 28 محرم 1339 هـ 11/10/1920 بلغت آلام الجوع ـ والرغبة في الماء ـ وآلام الضيق ذروتها في نفوس الجموع المحاصرة في القصر وبدأ الجميع يترقبون الموت، كل ذلك والاخبار البرقية ترسل لعبد العزيز آل سعود من أعوان المستر برسي كوكس في الكويت بأن الأمور تسير لصالح بريطانيا وصالح ابن السعود!… وان سالم الصباح سينصاع نهائياً للانكليز!. وفي نفس التاريخ أرسل فيصل الدويش "قائد الاخوان" بالشيخ عثمان ابن سليمان ليفاوضهم بالتفاوض النهائي ثم يعود ليعطي فتواه باسم الدين ويخبرهم هذه المرة في مطلبين أو أمرين… فإمّا أن يفنيهم ان كانوا لم يتبعوا الدين السعودي!… أو يعفوا ان كانوا قد أسلموا بالدين السعودي… فوصل الشيخ عثمان إلى اقصر وقابل شيخ الكويت المحاصر سالم المبارك الصباح وكان مع "الشيخ عثمان" كل من منديل بن غنيمان وشخص آخر مرافق له، فوجه شيخ الافتاء السعودي عثمان إلى ابن صباح والمحاصرين قوله الكاذب: (ان الاخوان قد هموا في الليلة الماضية لاقتحام القصر عليكم، غير أنني منعتهم عن ذلك وقلت لهم:إذا اقتحمتم القصر عليهم قبل عرض الصلح عليهم للدخول في الإسلام فقاتلكم ومقتولكم بالنار… ومقتولهم بالجنة "!"… فأصغى الاخوان لكلامي.. وكفوا عن مهاجمة القصر عليكم واني الآن أفاوضكم للصلح يا أهل الكويت)… فأجابه الشيخ سالم الصباح قائلا: (اننا لا نمتنع عن الصلح إذا عرضت علينا شروطا شريفة يقرها الدين والحق والانصاف ولا شئ لنا معكم إذا أعدتم لنا ما استوليتم عليه من حقوق وأموال أهل الكويت)!…

فرد عليه شيخ الافتاء عثمان قائلا: (ان الاخوان يملكون الحق بالاحتفاظ بما غنموه في ساحة الحرب ولا يمكن التنازل عنه، لان غنائم الحرب لا تعاد) ثم سلم شيخ الافتاء عثمان رسالة خطية من القائد فيصل الدويش يعرض للشيخ سالم الصباح شروط الصلح!.. فتظاهر الشيخ سالم الصباح بقبول ما جاء بالرسالة، وأوعز إلى السيد عبد العزيز الرشيد بأن يكتب رسالة جوابية إلى "الاخ" فيصل الدويش يخبره (بالموافقة على كل ما جاء من شروطه بتلك الرسالة ـ من دخول الإسلام السعودي ـ على أن يفك الحصار عنه وينسحب من الجهرا إلى الصبيحية وينتظر في الصبيحية إلى أن يذهب سالم الصباح إلى الكويت ثم يعود منها ويبرم اتفاقية الصلح وإعلان اسلامه بالدين السعودي) ولم يكن قصد سالم الصباح ـ كما قيل ـ إلاّ الافلات من هذا الحصار المميت ليصل إلى الكويت ويتفاهم مع المندوب السامي الانكيزي رأسا دونما "كمسيونجي" سعودي أي دون وسيط ضغط اسمه عبد العزيز آل سعود وقائد مروع اسمه فيصل الدويش "فزمهرير الانكليز" أضحت أهون من جحيم آل سعود، كما قال، فحمل شيخ الافتاء عثمان رسالة سالم الصباح إلى "أخوه" فيصل الدويش. فوجد القائد السعودي في تلك الرسالة بوادر استسلام فأمر الدويش برفع خيامه والانسحاب ومن معه من الاخوان إلى الصبيحية فتنفس سجناء القصر الصعداء… وخرج من في القصر ووصل الشيخ سالم إلى الكويت واختار الارتماء بأحضان الاستعمار البريطاني بعد أن عدد كل مساوئ الاستعمار البريطاني واحدة تلو الاخرى للمقارنة بينها وبين الارتماء في أحضان الوحشية السعودية الهمجية فرأى أنه لا مجال للمقارنة أبدا بين الارتماء بأحضان استعمار أوربي متمدن يعطي شيئا له من كيانه… والارتماء في أحضان استعمار حيواني سعودي يهودي متوحش مفترس في منتهى التأخر العقلي والهياج الجنسي واللصوصية يسلب منه ومن شعب الكويت كل شئ حتّى اسم الأرض يسلبه ويسميها وشعبها باسمه… خاصة وان العديد من أهل الكويت ـ قد اشاروا ـ على ابن صباح بالارتماء في أحضان الانكليز لحماية الكويت من جيرة الوحوش آل سعود بعد أن رأى الكويت ما حل بجيرانهم في قلب الجزيرة العربية من ويلات الدمار والنهب والهتك والمجازر على أيدي عبد العزيز وأولاده وخدم وجند وأتباع الاحتلال السعودي. وما أن وصل الكويت حتّى ذهب الشيخ سالم إلى مقر المندوب السامي في الكويت فقال له: "خذوني.. ودخيل عرضكم وطولكم. الاستعمار ولا النار. والذل في بريطانيا ولا الدمار". فابتسم المندوب السامي لنجاح السياسة البريطانية التي أنجبت عبد العزيز. وقال: (لقد صدق برسي كوكس حينما قال: ان ابن سعود كلب صيد ناجح)… ومن يومها صار للحكومة البريطانية موقف آخر مع الكويت!. فدارت المخابرات الرسمية واشتغلت أسلاك البرق!. بين المعتمد السياسي البريطاني في الكويت والمندوب السامي في بغداد ورئيس المعتمدين السياسيين في الخليج "أبو شهر" السير برسي بن كوكس وتجاوزتهم إلى مكتب المخابرات الهندي وارتفعت بسرعة البرق إلى حكومة لندن ـ أي المخابرات المركزية في لندن ـ أي الإدارة العليا لليهود ـ وكل هذه الحركة الاستعمارية لم تتجاوز خمسة أيام ـ خمسة أيام فقط بالرغم من ضعف المواصلات ـ يومين منها حصار جنود الاخوان المسلمين السعوديين بين الذين سفكوا فيها دماء آلاف الكويتيين العرب المسلمين ونهبوا أموالهم بحجة "اعادة أهل الكويت إلى حضيرة الإسلام السعودي الصحيح"!!. وفي الثلاثة الايام الباقية منها ارتمى سالم الصباح بأحضان الانكليز وتم تحرك المخابرات الانكليزية من الكويت إلى حضيرة الإسلام السعودي الصحيح"!!. وفي الثلاثة الايام الباقية الاستعمارية "بالبشرى السارة" وكانت هذه البشرى "!" "قبول حكومة لندن لاحتلال الكويت وحمايتها،" ،" حمايتها ممن؟!. حمايتها من عميل بريطانيا ـ المصاب بداء الكلب الانكليزي ـ عبد العزيز آل سعود !.. وكانت السعودية السبب الأول والعامل الوحيد لدخول الاحتلال البريطاني للكويت!". لقد خرجت بريطانيا والكويت معا بتجارب كثيرة من تلك المجازر الرهيبة الوحشية السعودية التي حصلت في كل أنحاء الجزيرة العربية والتي راح ضحاياها أكثر من مليون قتل ومليوني جريح ومشرد انّه (ما من إنسان نجاه الله.. من شر الطاعون السعودي يفضل الابتلاء به)!. هذا ما قاله سالم الصباح… ومن ذلك الرعب الذي ساد الجزيرة العربية وقد أطلق عليه اسم (الطاعون السعودي) ـ فيما بعد ـ أدركت بريطانيا أن السعودية خير وسيلة لا قذر غاية، انها وسيلة ضغط ناجحة لتخويف "الاصحاء" والمرضى معا من وباء الطاعون السعودي الفتاك… وكما كان فيصل الدويش آخر من يعلم … كان كبش الفداء ومما سبق ذكره عرفتم أن فيصل الدويش قد أفرج الحصار عن سالم الصباح للخروج من قصره المحاصر والذهاب للكويت ليعود بعدها "مسلما" خلاف نصف نهار "!"، لكن سالم الصباح تأخر في الدخول "في الإسلام الصحيح"!. "وتأخرت مفاوضات أهل الكويت لدخول الجنة السعودية في الدنيا والآخرة"!. لعلهم كما قال مفتي الجيش السعودي الشيخ عثمان بن سليمان "استغنوا بما عندهم من قحاب عن الحور العين في الجنة"!. فأوفد ـ ضحية آل سعود ـ الشيخ فيصل الدويش وفدا بتاريخ 1 صفر 1339 هـ 14 /10/ 1920 م ومعهم كتاب إلى شيخ الكويت سالم الصباح جاء فيه ما يلي: ضاقت صدورنا من تأخركم للدخول في الإسلام!! 1 ـ ضاقت صدورنا من تأخركم علينا في عقد الاتفاقية، والدخول في الدين…. 2 ـ نطلب منكم انجاز الشروط التي تم الاتفاق عليها حين رفع الحصار عنكم… 3 ـ نطلب منكم ارسال صديقنا هلال المطيري "أحد تجار الكويت الكبار" لنجري معه مفاوضات حول حسم النزاع!. (ولا نعلم ما علاقة النزاع بالتاجر الكويتي الكبير هلال المطيري بالذات. ربما ليأخذه ضحايا الدين السعودي رهينة لا بتزاز الاموال) المؤلف. 4 ـ نطلب منكم ارسال شخص من عندكم إلى الرياض، ليخبر الامير عبد العزيز آل سعود بما تم عليه الصلح "!" (وكان ـ لقب الامير ـ يطلق على الملك عبد العزيز قبل أن ترفّعه بريطانيا من رتبة شيخ إلى رتبة سلطان إلى رتبة ملك عام 1932 وتسمّي بلادنا بإسمه). 5 ـ ان كان القصد من تأخركم علينا يتعلق بعدم رضاكم عن ابعاد الشيعة الكفار عن الكويت أو عدم رضا الانكليز من الغاء سوق القحاب في الكويت فهذا أمره هيّن!. المهم دخلوكم في الدين والمجئ الينا!. الله موجود في الكويت في الوقت الحاضر هذه هي بعض الشروط التي أرسل بها "المرحوم" فيصل الدويش وفده إلى الكويت فقبيل وصول الرد الانكليزي للشيخ سالم الصباح بيوم واحد من "قبول حكومة لندن ادخال الكويت في حمايتها الكريمة"!. فتمارض الشيخ سالم ـ لمدة يوم واحد ـ عن مقابلة الوفد "الاخونجي" فأبلغ المندوب السامي البريطاني بقدوم الوفد فقال له المندوب السامي: (نحن نعلم بوجود الوفد السعودي فلا تقابله اليوم ومنذ الغد ستكون الكويت مقبولة في الحماية وبامكانك غدا أن ترفض مقابلة الوفد السعودي)!. وفي اليوم التالي أرسل للوفد مندوبا من عنده يقول للوفد "الاخونجي": (قولوا لقائدكم السعودي فيصل الدويش يقول لسيده عبد العزيز آل سعود: ان سالم الصباح يقول انّه إذا أراد اجراء مفاوضات معي فعليه ارسال بعثة خاصة إلى الكويت لفتح باب المفاوضات من جديد حول دخولنا في الدين الجديد… السعودي.. وتسليمنا أحد مفاتيح الجنة)!. وقال قولوا لهما: (ان الله قد رضي عن الكويت في الوقت الحاضر)!. وقال سالم الصباح: (لقد اكتشفنا أن دينكم الصحيح ـ الجديد ـ الاصلي "الولايتي" ما هو إلاّ دين الانكليز الذي لم يعد دخوله مقتصراً على آل سعود وحدهم بعد أن عرفنا أركانه الخمسة فتمسكنا بها وهي لم تعد كما قلتم: ابعاد الشيعة… ومنع شرب الدخان، فالدخان لا يضر سوى صدر مدخّنه وآل سعود لا يريدون "بمبدأ" منع الدخان اشفاء صدور قوم مؤمنين… وليس من أركان دينكم: ابعاد المندوب السامي الانكليزي الذي دبّر بعض هذه المقالب بغية تسليم أمرنا إليه والرضوخ لحكومته… وليس من أركان دينكم ترك المنكرات فليس من منكر أنكر من قتل الابرياء… ولا من أركان دينكم "تكفير الاتراك " فالاتراك تركونا وتركناهم ورحلوا عنا… ونحن لم نكفر إلاّ بمبادئ آل سعود القائمة على النهب وسفك الدماء، لكن الدين السعودي المطلوب هو الدخول في الحماية البريطانية فدخلنا)!. المندوب السامي الانكليزي يهنئ سالم الصباح بسلامته وعودته!… ويستوضح عما فعله الوفد السعودي.. وكأنه لا يعلم شيئا!.. وبعد أن رضخت الكويت لبريطانيا، وردت برقية من رئيس الخليج الكولونيل (ترفر) إلى المعتمد السياسي البريطاني في الكويت (الميجر مور) يطلب فيها (ابلاغ تهانيه إلى الشيخ سالم بعودته سالما من حصار ابن السعود) وتظاهر الانكليز بالظن أن "سالما" لن يسلم ولن تسلم معه الكويت من براثن الوحوش السعودية العميلة للانكليز… وبتاريخ 2 صفر 1339 هـ ـ 15/10/ 1920 وبرقم 777 أرسل المعتمد البريطاني الميجر مور كتابا رسميا إلى الشيخ سالم الصباح. وقد اختار الانكليز لهذا الكتاب رقم الثلاث سبعات 777 كعلامه للنصر المكرر فأبلغه بهذا الكتاب بتهنئة "رئيس الخليج" واستوضح منه "أخبار" الوفد السعودي؟… فأجابه الشيخ بكتاب يجوز تلخيصه بالجملة التالية: (انّه من سالم "وانه بسم الله الرحمن الرحيم" أن لا نعلو عليكم وأتينا مسلمين!.) .. أما النص الحرفي للكتاب فكما يلي: يا حميد الشيم… بولتكل اجنت الدولة البهية القيصرية الانكليزية!! (من سالم المبارك الصباح 2 صفر 1339 هـ إلى حضرة حميد الشيم الاجل الافخم المحب العزيز ميجر جي سي مور بولتكل الدولة البهية القيصرية الانكليزية بالكويت دام محروسا، ذكرتم أنه وصل اليكم الجواب من الكرنل ترفر من أبو شهر متضمن "فرحه" لما سمع الخبر من سعادتكم عند وصولنا إلى الكويت بالصحة والعافية والسلامة وعن "الخسارة العظيمة التي صارت على العدو السعودي بالجهرة"!. انني من صميم القلب أشكر حسيّاته الجميلة… وحسن عنايتكم… لله الحمد، العدو السعودي رجع خاسر مغرور.. فالامل انشاء الله بدوام توجيهات الدولة البريطانية كل عدو ما ينال مرامه) الخ… أحسن الدويش أن عبد العزيز آل سعود والانكليز ورّطوه… ومع ذلك فقد استمر الدويش في ارسال الوفود فبعث بوفد أكثر عددا من الأول تعداده 12 عضوا يلبس أحسن الملابس ـ المنهوبة من الكويتيين القتلى والاحياء ـ وكان الوفد يرأسه شخص من أقوى وألبق رجاله هو جفران الفقم، فحل الوفد بضيافة سالم الصباح ثلاثة أيام دون مقابلة… وكانت حجة الشيخ سالم الصباح "انحراف الصحة" أيضاً فكان جواب الوفد الاخواني "الله يشافيه"!. وبدأت المفاوضات بالمقهى… و"أشرب كأسك تتهنأ واطلب عليّ وتمنى" أجل لقد تمت المفاوضات هذه المرة بالمقهى تحقيرا للوفد بعد أن تم "تشريف" قوات الحماية البريطانية للكويت!. وكان المفاوض للوفد "الاخونجي" هذه المرة باسم الكويت هو "الشيخ" الميجر مور المعتمد البريطاني (الذي كان ابعاده احدى الشروط السعودية المزعومة المسببة لقتال "الكفرة" أهل الكويت)!… حتّى إلى ما قبل يومين فأصبح "مسلما" ويرأس وفد المفاوضات السعودية الكويتية بعد يومين من تقديم الطلب السعودي بتكفيره وابعاده عن الكويت!. ففي 6 صفر 1339 هـ ـ 19/10/1920 م أبلغ المعتمد البريطاني في الكويت الشيخ سالم الصباح (بأن قوات بحرية بريطانية قد توجهت إلى الكويت وخلال 24 ساعة ينتظر وصولها وستتدخل هذه القوات تدخلا سافرا لحماية الكويت). وهكذا بهذا النص… وما أن تبلغ الشيخ سالم الصباح هذا الخبر حتّى تشافى تماما من كل مرض مكروه!. وسمح للوفد السعودي بمقابلته ليكلمهم بصوت ـ حا مية الجميع ـ بريطانيا العظمى!. وبدأت "المفاوضات" بين الشيخ سالم والوفد الذي ورطته السعودية وبريطانيا فأراد المخرج من الورطة، وخفف من صيغة شروطه ـ السابقة ـ فتنازل عن "مبدأ" ابعاد المندوب السامي البريطاني و"مبدأ" منع التدخين!. و"مبدأ" الغاء المنكرات!. و"مبدأ" الدخول في الدين الصحيح!. و"مبدأ" الغاء سوق القحاب في الرميلة!. وتمسك الوفد السعودي "بمبدأين" هامين هما: "مبدأ إخراج الشيعة من الكويت" ومبدأ "هدم المستشفى الامريكي" وابعاد أطباء "المستشفى!.." إلى ما شابه ذلك من الاشياء التي ما رواها ابو هريرة السعودي… بل نسجتها المخابرات البريطانية. وللتخفيف من حدة النزاع "العقائدي!"… قام التاجر الكويتي المعروف هلال المطيري بدعوة أعضاء الوفد للغداء، رغم أنه ـ كويتي ـ ومحسوب من "الكفار" وليس "اخوانيا" فلبى "اخوان السعود" دعوته في داره… بعد أن وعدهم هلال المطيري انهم سيقابلون الشيخ سالم بالمقهى "!" ايو الله بالمقهى!. "مقهى ابو ناشي" ليتم اللقاء "العقائدي" في الهواء الطلق… علما أن الجلوس في المقاهي وقتها من المحرمات السعودية!… قوات الاستعمار البريطاني شدت عزائم أهل الكويت!. وبعد الغداء "تحلحل" الوفد الاخواني باتجاه "مقهى أبو ناشي" فعرف الشعب الكويتي بخبر توجه الوفد الاخواني إلى المقهى فاصطفوا لهم على طول الطريق لإداء الواجب!. وبدأ الشعب الكويتي يلاحق الوفد السعودي بأقسى اللعنات والبصاق والاستهزاء والسخرية منهم ومن عبد العزيز آل سعود الغادر الذي دفعهم ولم يرع حق الضيافة… ويقال أن الناس في الكويت ارتفعت معنوياتهم حالما علموا بقرب وصول القوات الانكليزية ـ التي ستحميهم من عدوان آل سعود ـ وهتفوا بأعلى أصواتهم في مسيرة في الشوارع بقولهم: (يا انكليز، أوقفوا عبد الانكليز، المسمى عبد العزيز، وناركم يا جنود ولا جنة يهود آل سعود)… وكان الشيخ سالم الصباح قد سبق وفد "الاخوان السعودي" إلى "أبو ناشي بلس" أو "كاف درواه" أبو ناشي. أي "مقهى أبو ناشي" وقد حضر معه قسم كبير من أعيان الكويت ومنهم: ناصر البدر، وحاج حمد الصقر، وحمد الخالد، وعبد الله السميط، وعبد العزيز الزين، وعبد الوهاب الخشرم، وعبد الرحمن السالم العبد الرزاق، وعبد الله الماجد، وحسين وشملان ـ ولدي علي سيف ـ وإبراهيم المضف، ومشاري الروضان، وسالم بوقماز، وعبد الرحمن العسعوسي… وكان المندوب السامي البريطاني في طليعة الحاضرين!. وهو الذي أفتى بكفره تجار الدين السعودي قبل يومين!. إن جاءه الاعمى! وكان نجم حفلة "مقهى أبو ناشي" المجير مور ـ المعتمد السياسي البريطاني في الكويت "جميل الشيم" ـ أما الناطق بلسان الوفد السعودي الاخواني فقد كان الشيخ أعمى يدعى "الديحاني"، وربما اختاروا الاعمى للتحدث باسم الوفد "المفتح" إما لان رأي الاخوان قد أصيب بالعمى وصار ذلك الاعمى البصر والبصيرة أحسن واحد فيهم بدليل اختياره لتمثيلهم أو لان "المفتحين" عجزوا عن احراز النصر بانتهاكهم لشعب الكويت فكان اختيارهم للإعمى ذكاء منهم لاستعطاف قلوب أهل الكويت بتقديم الاعمى، أو أنهم أدركوا أن الاعمى لا يرى أفواه ـ اللاعنين ـ وما يخرج منها من تفال وهتاف وأقسى اللعنات لآل سعود هم ووفدهم… لكن "الشيخ الديحاني" رغم كل شئ، فقد قيل عن ذلك الشيخ أنه محدث لبق فصيح في الحديث جرئ في الكلام "والجرأة مرافقة لكل أعمى" فالحياء في العيون ـ ولا شك … ولو كان ذلك الشيخ الديحاني "الاعمى" يرى ما رآه غيره من ذوي الابصار غلاظ البصائر الذين ارتكبوا العار والشنار لما تجرأ الشيخ الديحاني في المفاوضة على الخزي والعار السعودي الانكليزي المزدوج!… المعتمد البريطاني يسكت أعضاء الوفد السعودي… والوفد السعودي يدين بريطانيا ومعها عبد العزيز آل سعود وتلك شهادة شاهد من أهلهم!. ولكي تبرئ بريطانيا عميلها عبد العزيز آل سعود من جريمة ما حصل فتلطخها بظهر فيصل الدويش و" الاخوان" وجه الميجر مور كلامه إلى الوفد ـ السعودي الاخواني ـ قائلا: (ان الشيخ سالم الصباح صديق الحكومة البريطانية البهية، وأنتم جئتم تحاربونه بدون أمر من ابن السعود)!!… فأثار هذا الكلام الكاذب ثائرة الشيخ الديحاني رئيس الوفد ـ السعودي المفاوض ـ لكنه رد برباطة جأش قائلا للمعتمد البريطاني في الكويت: (قل غير هذا يا مور!. نحن ما جئنا غلا إلاّ بأمر من ابن السعود وهو أيضاً صديقكم وأنتم تعرفون هذا، وابن السعود لا يسير خطوة إلاّ بتوجيهاتكم ونحن لا نأخذ امداداتنا وارشاداتنا إلاّ منه، ولو لم يُحضرنا ويجتمع بمشايخ الإسلام أمامنا طالبا فتواهم بتكفير أهل الكويت ولو لم يُجمع المشايخ السعوديين بحضور صاحبكم عبد الله فيلبي على كفر أهل الكويت لما حاربنا أهل الكويت. ولقد انتخى عبد العزيز آل سعود بعد هذه الفتوى وقال لفيصل الدويش وكبار الاخوان وكنا معهم إذا لم تذهبوا لقتال الكفار أهل الكويت وتغنموا خير الله في الدنيا والاخرة سأتجه بنفسي لقتالهم… فيا أيها الانكليز؟ انكم أنتم وعبد العزيز السبب ولقد عرفنا الان السبب وإذا عرف السبب بطل العجب… لقد عرفنا أنكم وعبد العزيز تريدون الايقاع بيننا ويبن أهل الكويت)!!. هذا ما قاله الديحاني.. وبعد هذا الرد المفحم الصريح الجرئ الذي رشق به الشيخ "البصير" وجه الميجر مور المعتمد البريطاني في الكويت وكشف به الوجه السعودي العميل، أدرك المعتمد البريطاني أن القائد السعودي "فيصل الدويش" ما اختار هذا الاعمى لرئاسة آخر وفد وأقوى وفد يرسله الدويش إلاّ لان الدويش والاخوان بدأوا يكتشفون خط الانكليز السعودية.. فتلعثم الميجر مور، وصمت برهة، وأخذ يهز رأسه مدركا أن سياسة بريطانيا ذات الوجهين ومراميها الخبيثة قد انكشفت ـ للاعمى والبصير ـ وللدويش ـ وللذين خدعتهم بريطانيا زمنا طويلا بديانتها السعودية السكسونية الصهيونية غير الصحيحة وانبتت بزيفها لحاهم الطويلة فأطلق الانكليز على أصحابها ألقاب "المشايخ.." و"العلماء" بينما كانوا لها: "المشاخخ والعملاء" هؤلاء "المشاخخ" الذي كشفهم الاعمى" الشيخ السعودي" الديحاني مندوب الدويش ورئيس وفد التباحث بذلك الرد… ذلك الرد الذي جعل المعتمد البريطاني الميجر مور يقف بكل صفاقة معلنا ختام الجلسة بقوله: (نخبركم يا الاخوان أن الجلسة انتهت فاذهبوا إلى شيخكم فيصل الدويش وقولوا له ان حاكم الخليج المستر "ترفر" قد اتصل باسم الحكومة البريطانية البهية مع الامير عبد العزيز آل سعود وأبلغه ان الكويت أصبحت بحمايتنا وعليه سحب جيش الاخوان من كافة حدودهما.. وقبل مغادرتكم للكويت زوروني في مقري بدار الاعتماد البريطانية لاحملكم رسالة بهذا المضمون إلى فيصل الدويش)!. هذا عن الميجر مور المعتمد… أما عن الشيخ سالم الصباح "المعمّد" فقد كان صامتا طيلة ما كان ـ مدير الجلسة ـ المعتمد البريطاني يتحدث. وحينما سأل الشيخ الديحاني سالم الصباح عن "رأيه بصفته حاكم الكويت" أجاب سالم الصباح قائلا: (اننا نرفض جميع شروط فيصل الدويش)!. وفي أثناء إجراء تلك المفاوضات المسرحية الهزيلة كانت مجموعات مسلحة وغير مسلحة يحملون الطبول والبنادق يمرون أمام "مقهى المفاوضات" "أبو ناشي كفيّه" يعرضون بأناشيد حماسية… لارهاب أعضاء وفد الاخوان بالعرضة!… هؤلاء "الاخوان" الذين لو لم يكن للانكليز رأي آخر ما أرهبتهم تلك الطبول الباردة والعرضات ولو لم يبادر شيخ الكويت للارتماء بأحضان الانكليز لكان "مجلس الامة" الكويتي ـ الذي ألغاه آل سعود فيما بعد ـ مجلسا من مجالس الحريم السعودية… لا سمح الله!. ولاصبحت الكويت قرية شبيهة بقرية "قرية" التي اقتطعتها بريطانيا من الكويت ومنحتها لآل سعود… ما هي رسالة المعتمد البريطاني في الكويت إلى القائد "السعودي" فيصل الدويش التي حملها الشيخ الديحاني رئيس الوفد الاخواني المفاوض!.. بعد فشل المباحثات المسرحية قام الوفد السعودي بزيارة لدار الكافر" المعتمد البريطاني فشربوا "قهوته … والشاي البريطاني" في "بيت" بريطانيا "الكافرة" وتبخروا!!. على الطريقة السعودية.. ثم قال لهم المعتمد البريطاني (الآن ما بعد العود قعود) . وقد جاء في رسالة المعتمد البريطاني.. هذا الانذار: (من المعتمد السياسي للدولة القيصرية الانكليزية بالكويت الميجر جي. سي. مور، إلى فيصل الدويش، أفهمكم أن معاهدة الحماية المعقودة بين الحكومة البريطانية وبين ابن السعود في العقير عام 1915 تنص على تعهد ابن السعود بعدم التجاوز على الكويت، لانها تحت الحماية البريطانية، لهذا فان الحكومة البريطانية، تعتقد أن مهاجمتكم الكويت لم تكن برغبة من ابن السعود!. وعلى هذا فاني أنذركم بوجوب عدم التعدي على الكويت بعد الان، والا فستعرضون أنفسكم لقصف الطائرات البريطانية)!… هنالك أدرك الوفد "الاخواني" بهذا الانذار أنهم هم الضحايا وأنهم ذبائح الفداء ومخالب الوحوش السعودية الانكليزية، فتركوا الكويت مساء 6 صفر 1339 هـ الموافق 19/10/ 1920 م يحملون معهم "الانذار" البريطاني إلى فيصل الدويش. خشية المعتمد البريطاني من انتقام فيصل الدويش لادراكه الخديعة السعودية البريطانية ومع ذلك فقد خشي المعتمد البريطاني أن لا ينصاع فيصل الدويش لإنذاره، وأن يزيده ذلك الانذار حقدا على ابن السعود وبريطانيا فيهجم على الكويت، فأراد أن يستغل هذه الظنون ليجعل حاكم الكويت يترامى أكثر فأكثر بأحضان بريطانيا، ومن ناحية أخرى تخفف بريطانيا من تلك النقمة الكويتية العارمة التي ضاقت بها صدور الكويتيين ضد عملاء بريطانيا آل سعود. لذلك نرى المعتمد البريطاني يحاول مرة أخرى الصاق تهمة الجرائم السعودية في ظهر فيصل الدويش قائد الجند السعودي المتوحش حينما يطلب المعتمد من الشيخ سالم الصباح أن يكتب له كتابا يحتج فيه على الدويش.. وليصبح الكتاب حجة بيد المعتمد حينما تقوم الطائرات البريطانية بقصف الدويش وجنوده حينما يرفض الدويش تنفيذ أوامر ابن السعود وبريطانيا له بالانسحاب… فكتب الشيخ سالم الصباح الكتاب التالي إلى: "حميد الشيم الاجل الافخم المحب: ميجر الدولة البهية"! (إلى حضرة حميد الشيم الاجل الافخم المحب العزيز الميجر جي. سي. مور بولتكل أجنت الدولة البهية القيصرية الانكليزية بالكويت دام محروسا.. بعده: نعرض لسعادتكم بخصوص تعديات الدويش وأتباعه بتاريخ 26 محرم 1339 هجموا على الجهرة وفعلوا بموجب ما بيّنا لجنابكم بوقته ونحن ما كنا مستعدين من حيث أننا آمنين بواسطة الجواب من قبولنا لتحكيم الحكومة البريطانية . فالآن الدويش ومن معه نزلوا على الصبيحية وأرسل لنا مندوبين بطلب المسالمة… على شروط ليست مرضية ولا يمكن نوافق عليها فبنأن (هكذا النص) فبناء عليه بحسب الصداقة التي بيننا وبين الحكومة البريطانية نطلب المساعدة بدفع "هاءالا" (هؤلاء) من هذا الموقع ولا زلنا شاكرين فضل الحكومة البريطانية. هذا ما لزم ودمتم محروسين في 6 صفر 1339 هـ. (سالم المبارك الصباح حاكم الكويت) بشائر قوات الاحتلال البريطاني تصل إلى الكويت وقبيل منتصف ليلة 7 صفر 1339 ـ 20/10/1920 وصلت البارجة الحربية البريطانية المسماة (سبيكل) إلى ميناء الكويت وبدأت ترسل الاسهم النارية الحمراء في الجو حتّى الصباح.. لتطمين الصباح. وفي الصباح… وصلت طائرة حربية بريطانية منشورا على معسكر "الاخوان" تهددهم به. نص المنشور البريطاني بريطانيا تهدد ضحاياها "الاخوان السعوديين" بالابادة! (إلى فيصل الدويش وجميع الذين معه: ليكن معلوم لديكم بأنه طالما أفعالكم ضيقت على البادية وحتى على سكان الجهرا أيضاً وبما أن ال حكومة البريطانية لم تدع لتعمل اكثر مما هي عادتها ان تسعى بحسب الصداقة وراء الاصلاح فاما الان ما دام أنتم تهددون ليس فقط ضد حقوق سعادة شيخ الكويت التي تخالف تأميننا له بل ضد مصالح بريطانيا، وسلامة الرعايا البريطانيين. ولا يمكن بعد للحكومة البريطانية أن تقف على جانب بدون دخولها في المسألة ثم من التأمينات التي نطق بها من مدة قصيرة سعادة الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعودي "د. كي. سي. أي. أي." إلى فخامة السير برسي كوكس المندوب السامي في العراق تشك الحكومة البريطانية بأن افعالكم هي بعكس ارادة واوامر المشار إليه الشيخ عبد العزيز آل سعود ولا شك بأن سعادته سيفهمكم بذلك عندما يعلم بأفعالكم فبناء عليه بهذا ننبهكم بأن إذا تجربون أن تهجموا على مدينة الكويت فحينئذ ستصبحون مجرمين بالحرب ليس عند سعادة شيخ الكويت بل عند الحكومة البريطانية أيضاً فالحكومة البريطانية لم تعتبر ذلك هكذا افعال عدائية بواسطة القوة التي تفتكر لائقة هذا ما لزم اعلامه). ميجر. جي. سي. مور الوكيل السياسي لدولة بريطانيا في الكويت رد فيصل الدويش وبدأ الان خداع "عبد الانكليز" كما كانوا يسمون ـ عبد العزيز آل سعود ـ بدأ خداعه وخداع سيدته بريطانيا يتكشف "للدويش" بهذا المنشور، كما عرف "الدويش" ان سالم الصباح وشعب الكويت قد افلتوا من براثن "الاخوان" وان بريطانيا قد استخدمت ابن السعود كاداة للعبث "بالاخوان" للضغط على الكويت فقط لتلتصق حكومة الكويت اكثر فاكثر ببريطانيا بعد ما حدث من رفض سالم الصباح لطلب المعتمد البريطاني بالغاء الاتفاقية المعقودة بين مبارك الصباح ـ والد سالم الصباح ـ وبين الحكومة التركية… فأرسل فيصل الدويش بالكتاب التالي الساخر فيه من "سالم" المتوعد به اياه: (من فيصل بن سلطان الدويش، إلى سالم الصباح سلمنا الله واياه من الكذب والبهتان واجار المسلمين يوم الفزع الاكبر من الخزي والخذلان!… اما بعد فمن يوم جاءنا ابن سليمان يقول انك عاهدته على الإسلام والمتابعة لنا "أي التبعية لنا" لا مجرد الدعوى والانتساب ـ فقط كففنا عن قصرك بعد ما خرب!. وأمرنا برد جيش ابن السعود، على أمل أن ندرك منك المقصود. فلما علمنا انك خدعتنا آمنا بالله وتوكلنا عليه.. ويروى عن عمر انّه قال: من خدعنا بالله انخدعنا له.. فنحن بيض وجوهنا… نرجو من الله أن يهديك ولا يسلطنا عليك، اياه نعبد واياه نستعين). برقية من عبد العزيز آل سعود إلى برسي كوكس يشكو تصرف المعتمد البريطاني في الكويت ضد قواته السعودية ففي تاريخ 9 صفر 1339 هـ الموافق 23/10/1920 م ابرق عبد العزيز آل سعود بالبرقية التالية: (بغداد الاخ الامجد الاجل الافخم الصديق العم المندوب السامي لحكومة بريطانيا العظمى. أنتم تعلمون أننا ما تحركنا لغزو الكويت إلاّ بطلب منكم وتوجيهاتكم الكريمة لكون الكويت شذت عن طريق الجميع واصبحت تمالئ تركيا وتتعاون مع ابن رشيد وتؤيد قبيلتي شمر والعجمان اعداء الطرفين، وهذا ما يعرفه الميجر مور معتمدكم في الكويت، وبالاول قلنا ان هذا الاعمال ما هي إلاّ مناورة من عنده ليبالغ في مصادقة بريطانيا لآل صباح وللكويتيين ولكن مندوبا من قائد قواتنا فيصل الدويش أرسله الينا على عجل يقول ان فيصل الدويش في غاية الغضب مني ومن بريطانيا ومن الكويت وانه في الوقت الذي نأمره بالهجوم على الكويت تقوم بريطانيا بتوزيع منشوراتها بالطائرات لتهديده بضربه بالطائرات البريطانية الصديقة مما آثار جندنا علينا، وفي هذه المنشورات يأمر ليعتمد البريطاني في الكويت الدويش بالانسحاب من مكانه في الصبيحة بالقرب من الكويت، ونحن لا نعرف مم نتلقى أوامرنا؟. هل نتلقاها منكم أو من المندوب السامي في الكويت؟… والدويش والاخوان يسألونني ـ بمفهومهم ـ في رسالة الدويش ويقولون: ما هذه الاعمال فينا؟… ان كان أهل الكويت وابن صباح من الكفار مثلما قلتم اتركونا نقاتلهم حتّى نفنيهم أو يسلمون وان كان من المسلمين فلماذا تهددنا بريطانيا بمنشوراتها بالقتل والقصف بالطائرات إذا لم ننسحب ثم لماذا يقوم المعتمد البريطاني الميجر مور بتوبيخ وفدنا برئاسة الشيخ الديحاني وأمام جمع كبير من أهل الكويت ويقول له "ان الاخوان كذابين هم والدويش وان ابن سعود ما ارسلهم وان بريطانيا غير عليمة وغير مؤيدة لهجوم الاخوان على الكويت " وإذا ترون اننا نسحب من مكاننا في الكويت فسننسحب لكن أخبروا ابن صباح الذي يستعين بقوة الميجر مور ان يوقف تحرشاته بجندنا المخيمين في الصبيحة)!… التوقيع: الخادم الامين عبد العزيز آل سعود السير برسي كوكس "يرجو" صنيعته عبد العزيز آل سعود ويأمر سالم الصباح كانت هذه برقية عبد العزيز آل سعود إلى "عمه" السير برسي كوكس. الميجر مور المعتمد السياسي في الكويت ان يبلغ سالم الصباح بالتوقف عن القتال أو التحريش بقوات "الاخوان" السعوديين كما أبرق برسي كوكس إلى المعتمد السياسي في البحرين ـ الذي كان الامير عبد العزيز آل سعود مربوط به آنذاك ـ ليبلغ ـ الامير عبد العزيز آل سعود ـ رجاء كوكس بسحب قواته من الصبيحية في الكويت، وسيقوم في وقت قريب بحل المشاكل ويكون ذلك لصالح عبد العزيز ضد صالح الكويت… فابلغ المعتمد السياسي البريطاني أمر كوكس "المبطن" بالرجاء للعميل الأكبر عبد العزيز آل سعود بسحب قواته، كما أبلغ معتمد بريطانيا في الكويت امر كوكس إلى سالم الصباح ـ بدون رجاء!… سالم الصباح يحمد "حميد الشيم" بولتكل الدولة البهية! (من سالم المبارك الصباح حاكم الكويت… إلى حضرة حميد الشيم الاجل الافخم المحب العزيز ميجر. جي. سي. مور بولتكل اجنت الدولة البهية القيصرية الانكليزية بالكويت دام محروسا) إلى آخر "الكليشة" مختتما خطابه (بعد السمع والطاعة) بقوله: (فاني من صميم القلب اشكر عواطف فخامة السير برسي كوكس وعنايته الجليلة فنحن انشاء الله لم نخالف رأيه ـ ولن نضايق عبد العزيز آل سعود ـ حتّى لو ضايقنا ـ ولو أنه من الضروري حفظنا آبار الصبيحية ولكن يلزمنا امتثال أمره ونصائحه الخيرة في جميع الاحوال ونؤمل انشاء الله بدوام ألطافه ان العاقبة تكون خير، فأرجو من لطفكم ان تعرضون خلوصي وتشكراتي نحو فخامته، وبالختام ندعو الله ان يديم شوكته ويوفقه لكل خير هذا ودمتم محروسين. في 27 صفر 1339 هـ فيصل الدويش يرفض الانسحاب بأمر المعتمد البريطاني في الكويت وينسحب بأمر "عمدة بريطانيا" عبد العزيز آل سعود في 19 صفر 1339 هـ ـ 2/11/1920 م كتب المعتمد السياسي في الكويت رسالة إلى فيصل الدويش يبلغه أمر كوكس بالانسحاب وطلب من الشيخ سالم الصباح ايصالها بواسطة من يراه إلى فيصل الدويش المخيم في الصبيحية، لكنه خشي الاحتكاك بالدويش فاعاد الرسالة إلى المعتمد السياسي معتذراً بعدم وجود مواصلات بين الكويت والصبيحية!… عبد العزيز آل سعود ينفذ أوامر كوكس نبلغ الامير عبد العزيز آل سعود أمر المندوب السامي بواسطة المعتمد البريطاني في الكويت بوجوب اصدار أمره لقوات فيصل الدويش بالانسحاب من منطقة الكويت بعيداً عنها، فاصدر عبد العزيز امره إلى قائد قواته بالانسحاب من الصبيحية، فانسحب فيصل الدويش، لكن هذا الانسحاب أحدث ردود السخط في نفس فيصل الدويش ضد ابن سعود، ولكي يشد عبد العزيز آل سعود من عزمه أرسل إليه قرابة الألف مقاتل ليصبحوا تحت قيادته باسلحتهم وبعث بكثير من الاطعمة وأمره بأن يصادر كل ما يجده في الصحراء المجاورة للكويت من مواشي وممتلكات، وأوصاه بالفتك بابن ماجد وعشيرته وكذلك الفتك بقبيلة الظفير، وبذلك قام فيصل الدويش بمهاجمة ابن ماجد، احد زعماء عشيرة مطير الساكنة الكويت، متهما اياه بالتمادي في تأييد الكويت فقتل من عشيرته عدداً كبيراً وسلب كل ما له وما لعشيرته من مواشي وشرد البقية في الصحراء، ثم هاجم قبيلة الظفير وذلك في 15 ربيع الثاني 1939 هـ 26/11/1920 وكان معظم ما سلبه الجند السعودي من الظفير من إبل وأغنام مودعة لديهم لاهل الزبير، ثم هاجم فيصل الدويش ضواح الزبير فسلب مواشي كثيرة منها فاشتكاه شيخ الزبير إبراهيم العبد الله إلى الحكومة البريطانية في البصرة فارسلت قوة للمحافظة على الزبير… ومن باب الضحك على ذقون بقية اصحاب بريطانيا في الزبير حلقت الطائرات البريطانية منذرة الدويش "بالقصف إذا لم يرتحل وجنده السعودي المحبوب الذي ربته بريطانيا بعزها"… فغادر الدويش الزبير ـ ماراً بالجهرة… إلى مقره "بهجرة" الارطاوية بنجد محملاً بما ثقل حمله وطاب لهم طعمه… السير برسي زكريا كوكس يطعن بالشيخ سالم الصباح ويشيد بعبد العزيز آل سعود امام الشيخ خزعل جاء في الصفحة 296 من كتاب "تاريخ الكويت السياسي" قول السير برسي كوكس للشيخ خزعل: (ان الشيخ سالم الصباح خشن الجانب صعب الانقياد لنصح الناصحين)!. وقال: (تعلم يا شيخ خزعل ان من سياسة الحكومة البريطانية عدم التفضيل بين أصدقائها أو بعبارة أوضح بين حلفائها إلاّ بمقدار ما تتوسمه فيهم من قابلية وكفاءة وانك تتفق معي أن الفرق عظيم بين ابن سعود وبين سالم الصباح من حيث هذه النواحي)!. وقال السير برسي كوكس: (فمن الخير للحكومة البريطانية ان تركز اعتمادها على ابن سعود لإدارة شؤون هذه الاطراف وان يكون سالم وامثاله تحت ادارة ابن سعود وحمايته فيحقق للبلاد السعادة والمجد وان آل الصباح لا يستنكرون استيلاءه على بلادهم بعد أن يتم ذلك بالتدريج)!… فعارض الشيخ خزعل فكرة برسي كوكس في اعطاء الكويت لآل سعود وابدى استعداده لإجراء مصالحة بين سالم الصباح وابن سعود. اغتيال سالم الصباح مسموما بعد هذا التصريح الصريح من برسي كوكس بوجوب التخلص من سالم الصباح وتسليم الكويت لابن سعود، استمر سالم الصباح رغم "مجاملاته التكتيكية" للإنكليز… استمر في تحصين البلاد بوجه العدوان السعودي المؤيد بكل طاقات الانكليز، وبتاريخ 9 جمادى الثاني 1339 هـ ـ 17 شباط 1921 ذهب الشيخ سالم إلى الجهرة ليشرف بنفسه على التحصينات ومكث ثلاثة أيام هناك شعر بعدها بمغص شديد في بطنه!. أعقبه ألم في أنحاء جسمه وحمى شديدة فطلب اعادته إلى الكويت محمولا على سفينة ووصل الكويت يوم الثلاثاء 14 جمادى الثاني 1339 هـ 22 شباط 1921 م. وفي 15 جمادى الثاني 1339 هـ الموافق 23 شباط 1921 فارق الحياة!… وقد سرت اشاعة تفيد بأن وراء اغتياله عبد العزيز آل سعود بوضع السم في طعامه مستعينا ببعض خاصته، كما نعته جريدة "القبلة" التي كانت تصدر في مكة في عددها رقم 468 تاريخ الاثنين 11 رجب 1339 هـ ـ 21 آذار عام 1921 م وذلك قبل قيام الاحتلال السعودي للحجاز مشيرة للقتلة السعوديين بقولها بعنوان: "استشهاد الامير ابن صباح" (ننعي إلى العالم العربي عموما وفاة الامير سالم بن صباح شيخ الكويت وكان قد صرح بأن وفاته فجأة، ومع ما في هذا المفهوم الخاطئ من مؤدى تلك الافادات عن الوفاة إلاّ أنه توفي شهيداً ضحية الغايات السعودية والمقاصد السياسية فإنا لله وانا إليه راجعون احسن الله عزاء آله وصحبه واعزائه)!. ولقد رعى الحقد صدر عبد العزيز آل سعود، إلى حد انّه بعد اغتياله للشيخ سالم الصباح لم يخف هذا ولم يرسل عبد العزيز حتّى برقية أو رسالة تعزية لذويه وأولاده… بل ان عبد الله سالم الصباح ـ ابن المتوفى ـ هو الذي بعث ببرقية إلى اليهودي السير برسي كوكس المندوب السامي في بغداد "يطمئنه فيها بوفاة" والده وجاء فيها قوله: (نحن الان مستعدين لاحكام البلاد وراحة العباد) وكان يقصد براحة "العباد" راحة "عباد الانكليز" آل سعود وخاصة "عبد الانكليز" عبد العزيز آل سعود!. وجاء في البرقية أيضاً قوله: (ومستعدين لخدمات الحكومة البريطانية بالنيابة عن اخي الشيخ أحمد الجابر) وهو الذي اوصى بترشيحه المندوب السامي في الكويت ليتمكن من مسايرة ابن بريطانيا المدلل عبد العزيز آل سعود. ويتابع الشيخ عبد الله سالم في برقيته للسير برسي كوكس قوله بعد وفاة والدي (واعتمادنا على الله ثم على فخامتكم في جميع الاحوال فالامل انشاء الله ترون منا الخدمات الخاصة التي تسركم وتسر ابن سعود وفخامتكم انشاء الله عوضنا بالسلف نلتمس دوام توجيهاتكم القلبية). في 16 جماد الثاني 1339 هـ عبد الله السالم الصباح كما أرسل الشيخ عبد الله السالم الصباح برسالة مسجوعة إلى عبد العزيز آل سعود "يعزيه" و"يطمئنه" فيها بوفاة خصم والده سالم المبارك الصباح ـ جاء فيها قول عبد الله السالم: (إلى حضرة بهي المكارم والشيخ عليّ الهمم والنعم) وقال فيها: (فحضرتكم انشاء الله عوضنا ـ في والدنا ـ وجميع الأمور تكون جارية على ما يرام… في 16 جمادى الثاني 1339 هـ). وبعد ذلك عاد أحمد الجابر من سفره وتولى منصبه الجديد وعمل ما بوسعه لارضاء عبد العزيز آل سعود والتودد لبريطانيا وهدأت السعودية حينا عن تآمرها لكنها ما زالت تعتبر الكويت "الميناء الطبيعي للرياض" كما قال جون فيلبي مشجعا عبد العزيز لضمها. اغتيال آل سعود لفهد السالم الصباح المعروف أن فهد بن سالم الصباح هو الشخص الوحيد من آل الصباح الذي تقمص روح والده ـ سالم الصباح ـ بكرهه المعلن للسعودية.. لكنها اقتصت منه حينما سافر إليها بدعوة منها للزيارة والقيام برحلة قنص… فسمموه بنفس الطريقة التي سمموا بها والده "سالم" ومئات الزعماء ـ في الجزيرة العربية وخارجها ـ فأعيد إلى الكويت فاقد الحياة. كيف حاولت بريطانيا تعيين "الدويش" ملكا قبل عبد العزيز؟ الصانع الأول للعرش السعودي (بعد المخابرات البريطانية اليهودية طبعا) فيصل الدويش رئيس قبيلة مطير وقائد القبائل التي نفخ الانكليز في جماجمها روح الدين السعودي الوهابي الكاذب فانتفخت به لتنهب وتسلب وتهتك وتفتك وتسفك الدماء، فقتلوا اكثر من مليون واعطبوا بالجراح والعاهات وشردوا إلى الاقطار المجاورة اكثر من مليونين ونصف، منذ عهد "محمد" بن عبد الوهاب إلى فيصل الدويش.. قائد الحملات المرعبة الفتاكة… لكن وما أكبر الفرق بين المدعو "محمد" بن عبد الوهاب… وفيصل الدويش، فالاول يهودي كذاب من يهود الدونمة متلبس بالدين مخادع، أما فيصل الدويش فهو صادق مخدوع بدين كاذب: دين يهود المكتب الهندي… لذلك مات الخائن العبد النهاب، على يد يهوده، واستشهد الدويش على "دين الله" والشعب الذي فتك به: بعد أن صحا ضميره إنّما بعد خراب الجزيرة العربية التي أصبح احتلالها السعودي، مقدمة لنكبة فلسطين والامة العربية، لقد صحا الدويش متأخراً على هول المصيبة بعد أن ادرك انّه لا يبني الإسلام بل يبني الصهيونية باسم الإسلام وانه لا يبني قيادة للشورى الجماهيرية الجمهورية وانما يبني مُلكا عضوضا وملكا مرفوضا في جزيرة العرب وفي الإسلام. فصنعوا باشلاء شعبنا والقبائل نفسها هذا العرش القذر… رأي جون فيلبي بالدويش قال جون فيلبي عن فيصل الدويش في مجلس من مجالس احد الشيوخ النجديين الذين كان لهم دور في خدمة العرش السعودي وصحا ضميره هو الاخر وأرمز لاسمه ب" الشيخ إبراهيم بن م" وقال فيلبي: (لقد فكرت بريطانيا ـ أو بالاحرى فكرنا نحن في مكتب الهند ـ حينما استعرضنا أسماء الزعماء في الجزيرة العربية أن نصنع من فيصل الدويش ملكا في جزيرة العرب، قبل أن نفكر بصنع ابن سعود… لكننا تراجعنا عن تنصيب الدويش ملكا بل وجدنا انّه من الافضل لنا الاستعانة بالدويش في صنع الملك المطلوب لان الدويش لا يصلح ان يكون ملكا للاسباب التالية: 1 ـ انّه متعصب للدين والقبيلة والعرب ولن يقبل بالتعامل المباشر مع الانكليز الذين يريدون ترسيخ اقدام اليهود في فلسطين ولن يقبل الدويش ان ينفذ من اوامرهم ما يبتعد عن مفهومه المبني على اعتقاده… 2 ـ انّه معتّد بنفسه لكونه رئيس قبيلة عظيمة اسمها مطير ويقود مجموعة من التحالفات القبلية، وهذا الاعتداء بالنفس هو الذي جعلنا نصرف النظر لا عنه فحسب بل حتّى عن الملك حسين بن علي)… واردف فيلبي محاولا تغطية دوره القذر يقول: (ان الانكليز يرضخون لتعاليم اليهود، واليهود الملعونين لا يرغبون بمن يعتد بأصله وقومه ودينه، وانما يبحثون عن قائد لا صلة له بشئ من هذه الاصول الإنسانية ليصبح طوع أمرهم ولا مانع من استخدام الاصل والقومية والدين انّما "بتكتيك" انكليزي يهودي وهذا ما وجدوه في "بن سعود" ورفضوه في الدويش!!). وعز فلبي يقول: (حتّى انتا أصبحت مرفوضا في الاخير من المخابرات الانكليزية التي سيطر عليها اليهود لانني اسلمت اسلاما صحيحا وحاولت ان اوجه "بن سعود، لخير العرب والاسلام)… هكذا يزعم فيلبي مبرراً جرائمه من الانكليز ومثبتا "عروبته" و"اسلامه الصحيح" المزعوم..ز إلاّ ان ما ذكره فيلبي في هذه "البراءة" من الحقائق الكثير: خاصة ما قاله عن رفض "اليهود الانكليز" لفيصل الدويش ان يصبح ملكاً واختيارهم لعبد العزيز الذي لا اصل له إلاّ اليهودية ولا دين له إلاّ دين صهيون… وهذا ما أكده فيلبي نفسه في المجلس المذكور، والمعروف عن فيلبي انّه كانت له جولات وصولات واقوال جريئة في دولته التي بناها وسماها بـ "السعودية". كيف تم قتل الدويش… ومتى؟ ثار الدويش ضد "بن سعود" كما ذكرنا في مكان آخر، ومن أسباب ثورته: ارتماء "بن سعود" نهائيا في احضان اليهود والانكليز، وتنصيب يهود المكتب الهندي علانية لـ "بن سعود" ملكا بعد ترفعيه من شيخ إلى أمير، إلى إمام للمسلمين إلى سلطان لنجد، وسلطان لنجد والحجاز، و"ملك للحجاز وسلطان لنجد" و"ملك للحجاز وملحقاتها، وملك للحجاز ونجد، وملك "للمملكة السعودية" أخيراً… وكما لعب جون فيلبي وكوكس دورهما في هذه الترقيات، لعب "أبو سعود" هـ. رب ديكسون المندوب السامي بالكويت دوره القذر خدمة للمخابرات البريطانية وعميلها "بن سعود" بتسليم الثائر الدويش ورفاقه، كما لعب "أبو سعود" خدمة "لابن سعود" دوره في اقناع الثوار انّه معهم ضد "بن سعود" ورافقهم لفترة بلباس عربي وعمامة "مشائخية اخوانية" مدعيا أنه قد أسلم معهم وأصبح من "الاخوان" كما فعل فيلبي وعبد العزيز وكان من دوره مراسلة قيادة القوات الجوية البريطانية بجهاز لاسلكي خاص ليحدد لهم مسير الثوار، ويقول ديكسون ان "الطائرات الانكليزية كانت تضرب الثوار وأنا معهم"… ولما شك الدويش بأمره، طلب "أبو سعود ديكسون" الامان منه فاعطاه الامان. أي أعطى الامان لواحد من أعداء الامان، ووصل "أبو سعود" ديكسون إلى الكويت وطوقت السيارات الانكليزية المصفحة والطائرات الانكليزية الثوار، حتّى استسلموا للإنكليز، فاستلمهم "أبو سعود" نفسه ما "غيره" ديكسون "إياه" ليسلمهم لـ "بن سعود" وتألفت بعثة مكونة منه ومن المقيم السياسي في الخليج السير هيو بيسكو، ومن نائب ماريشال الجو بيرنيت، وحملوا قادة الثوار بطريق الجو من الكويت في 20 كانون الثاني 1929 وسلموهم لـ "بن سعود" المخيم بانتظارهم في خباري وضحا على بعد 93 ميلا بالطائرة و130 ميلا بالسيارة إلى الجنوب الغربي من الكويت، ثم أرسلوا آلاف الثوار مكبلين بالسيارات ليقتلهم "بن سعود" ومن بعدهم غادر الكويت جابر الصباح وعائلة الصباح لاداء واجبات الاحترام التي طلب الانكليز منهم تأديتها لـ "ابن سعود" لازالة سوء التفاهم الذي حصل بين آل صباح وبينه أثر خلافهم مع العميل السعودي حافظ وهبة الذي جاء للكويت وبدأ اتصالاته علانية بأهل الكويت مروجا دعاياته القذرة لآل سعود.. ولقد عانت زوجات الثوار وأطفالهم شتى الاعتداءات والتجويع والمذابح… التي استنكرها حتّى المجرم اليهودي "هـ.ر.ب. ديكسون" في كتابه "الكويت وجاراتها" في الصفحة 343 ـ 344 بقوله: 1 ـ كان الشعور السائد أن "ابن سعود" لم يفعل "بالاخوان" الثوار ما فعله بهم وباطفالهم وأهاليهم فهم الذين ـ على كل حال ـ رفعوه إلى المكانة التي احتلها وكانوا مسلمين صالحين. 2 ـ لقد طلب "ابن سعود" مساعدة البريطانيين وبمساعدتهم تمكن من سحق "رعاياه" من آلاف المسلمين. 3 ـ لقد عامل فيصل الدويش شيخ مطير ونايف بن حثلين شيخ العجمان وسلطان بن احميد شيخ عتيبة ـ وهم ثلاثة من أعظم زعماء الجزيرة العربية ـ بقساوة رهيبة، وبمثلها عامل سعود بن لامي وغيره من الزعماء… بوعدها اكتشف البدو عبد العزيز بن سعود على حقيقته وأصبحوا يطلقون عليه الوهابي الحقير، واليهودي المخادع، وأهم من ذلك: انهم ألغوا عمائمهم البيضاء التي كانت رمز الدين ورمز "الاخ الصالح" بعد أن خدعهم ابن سعود بالدين… الخ. لقد نقل زعماء الثوار إلى سجن المصمك بالرياض.. وأخذوا يعذبون كل واحد منهم على انفراد، يربطون رجليه ويديه ويتركون أحد العبيد يضغط بيديه على حلقه حتّى يغمى عليه وكانوا لا يقدمون لهم طعاما ولا ماء إلاّ مرة في اليوم وشئ لا يذكر من هذا الماء والطعام الملوث لابقاءهم بين الموت والحياة أطول مدة، وكانوا يعطون فيصل الدويش ضمن الماء أو الطعام أحيانا قليل من السم البطئ ليتعذب ولا يموت… ويقول أحد المشرفين على السجن: "ان الدويش قد تقيأ دما مرارا، وانه طلب معالجته فرفضوا وطلب مقابلة "الملك عبد العزيز" فرفض الملك، وكان الملك يأتي إلى السجن بنفسه يوميا ليتأكد من تطبيق تعليماته في تعذيبهم لكنه لا يقابلهم"!… ويقول هذا الشخص وهو حارس خاص للملك عبد العزيز أن عبد العزيز قد أرسله مرة ليطمئن على تعذيبهم، وان فيصل الدويش قد حمّله رسالة من السجن للملك عبد العزيز يقول له فيها: "انك يا عبد العزيز ترفض مقابلتي وأنا مقيد اليدين والقدمين. فهل تخاف مني حتّى وأنا في هذه الحالة المزرية بينما لا تخاف من الله الذي لابد أن نتقابل لديه؟!. وما دام ان هذا ظلمك مع أناس لهم الفضل عليك وأوصلوك إلى الملك العضوض وندموا كيف لا يكون ظلمك أشد مع أناس أصبحت تملكهم وليس لهم فضل عليك؟… هذا العمل لا يعمله ـ يا عبد العزيز ـ مسلم ولا عربي بل هو من أعمال اليهود الذين أوصلوك وأنت منهم وهذا ما كان يتهمك فيه خصومك يوم أن كنا قادتك وكنا نحاول التشكيك في صحته انّما الان تأكد لنا أصلك اليهودي وأكده لنا أكثر: دفاع الانكليز معك وعنك وتسخيرهم لكافة قواتهم الجوية والبرية والبحرية، اننا الان لا نطلب منك أيها الظالم اليهودي عفوا، وانما نطلب منك الاسراع بقتلنا السريع، لاننا نموت كل يوم بعدد الساعات والدقائق، فلا تعزّرنا أيها الظالم لكيلا نبقى في حياة أنت فيها، وثق أنه سيأتي اليوم الذي تتوحد فيه قبائلنا ـ كلها سواء من قاتل معك أو قاتل ضدك ـ لتأخذ منك ومن ذريتك بالثأر لنا ولغيرنا"!. ويقول هذا الشخص: ان الدويش على ما يبدو قد عاف حياته المزرية المؤلمة وكان قصده اثاره عبد العزيز للتعجيل بقتله للتخلص من موته البطئ الموجع.. وفي يوم 2/10/1931 أمر عبد العزيز باطلاق يدي المساجين وأرجلهم، وفي حوالي الساعة العاشرة من يوم 13/10/1931 استشهد فيصل الدويش بعد أن سقط في باحة السجن بينما كان يتمشى مع زميله الثائر نايف بن حثلين بعد أن نزف الدم من فمه أثر انفجار التورم الذي خلفته في حلقه أيدي العبيد وأثر السموم التي أدت دورها البطئ في جسده… وبعدها أمر عبد العزيز بدفن الدويش بالسجن وبنقل نايف بن حثلين وسعود بن لامي وغيرهما من السجناء إلى سجن الاحساء ليقتلهم ابن جلوي، لكن ابن جلوي قابلهم بالدهناء فقتلهم ودفنوهم في رمال الدهناء… بالله لا تزني ولا تتصدقي… وبعدها بأيام أرسل عبد العزيز "بن سعود" إلى عمشاء أرملة الدويش وإلى شقيقته غالية ووضحاء طالبا "أن يعتبرنه شقيقهن مدى الحياة"!… ثم أمر لعمشاء بخرجية سنوية قدرها 400 ريال ومثلها لغالية و300 ريال لوضحاء فأصبح المجموع 1100 ريال سنويا، أي أصبح لكل واحدة ـ 90 ـ ريال في السنة تقريبا!… لكن النساء رفضن هذه "المبرّة" المجرمة، وماتت بعده زوجة الدويش عمشاء ألما عليه… ويقول ديكسون: (أن فيصل الدويش هو من أعظم من أنجبتهم الجزيرة العربية في تاريخها، وان جده ـ فيصل ـ المسمى باسمه، هو الذي هزم آل سعود حينما ناصر إبراهيم باشا بقبائل مطير، في القرن التاسع عشر، ولولا الانكليز ورغبة اليهود أولا وقيادة فيصل الدويش ومن معه من قبائل مطير وعتيبة وغيرهم لما حكم آل سعود جزيرة العرب وسجلوها أرضا واسما باسمهم). كان هذا عن ثورة أول صانع وقائد لجيش آل سعود، فيصل الدويش، أما عن ثورة، قائد أول ثورة للجيش السعودي الجديد فهو عبد الرحمن الشمراني… فيصل آل سعود… والشمراني الشهيد قاتل في فلسطين فقتله آل سعود التقيت بالشهيد عبد الرحمن محمد الشمراني في 7/11/1953 وتكررت لقاءاتنا، سألته يومها عن أول شئ غيرّ مجرى حياته وجعل منه ثائراً فقال: (اشياء كثيرة اهمها: معركة فلسطين التي خانها الملوك والرؤساء العرب، وقد كان لي شرف المشاركة فيها ضمن الجيوش العربية السبعة، وتأكد لي ان هذه الجيوش لا تأتمر بأمر حكامها بل بأمر الصهاينة أنفسهم عن طريق بريطانيا وأمريكا: والملوك والرؤساء بالعرب عملاء الاستعمار الانكلو امريكي… عام 1948 ـ كان قائدنا آنذاك سعيد الكردي ـ الذي أصبح يرأس فيما بعد مخابرات العرش السعودي ـ وكان يأمر بأمر عبد العزيز بن سعود بائع فلسطين والذي لم يقم عرشه إلاّ بعد مروره باختبارات انكليزية اشرف عليها اليهود الصهاينة ومخابراتهم المهيمنة على بريطانيا… وفي منتصف هذه الاختبارات، كان توقيع عبد العزيز للإنكليز على بيع فلسطين، في وقت جعلوا الصحافة العربية تهلل له فيه لإخراجه بمخرج البطل المنقذ أمل العرب!… كما تفعل الصحافة الآن مع أولاده.. إلى أن خدعوا به معظم الشعوب العربية لتمرير خياناته التي عجز معظم خونة الحكام والعملاء في المنطقة… وبينما كنا نقاتل كان قائدنا سعيد الكردي يهرب الحشيش إلى مصر عن طريق القنطرة وقد ضبطه البوليس المصري فالصق سعيد الكردي التهمة بمساعده القائد عبد الله بن نامي مدعياً انّه هو الذي وضع الحشيش في سيارته للإيقاع به، فعزلوا ابن نمامي لا لكونه هو الفاعل، أبداً بل لكون هذا "الغشيم" الذي تحمس كثيراً لمحاربة اليهود ـ المحتلين… فما كان من عبد العزيز آل سعود إلاّ أن سحب عبد الله بن نامي وسرحه من الجيش بينما أبقى على: سعيد الكردي… وهكذا لفقت السعودية للقائد ابن نامي تهمة تهريب الحشيش لمجرد انّه تحمّس لقتال اليهود في فلسطين.. وبما ان قيادتنا مرتبطة بالجيش المصري، كنا نرى اخواننا في العروبة من ابناء مصر وغيرهم يبلون في القتال لكن هناك في مصر وغيرها من يخرب أعمالهم أيضاً، وكنا نرى جيش العراق العربي يقف مكتوف الايدي، وكأنهما أرسل للزينة والاستعراض، مدعياً انّه (لا أوامر عنده للقتال) وكنا نرى جيش سوريا العربية يحتل بعض الاماكن بشجاعة، وكذلك الجيش العربي الاردني يتسلم بعض المواقع ببسالة فيأتيه الامر من الملك عبد الله وسيده كلوب باشا بتسليم هذه المواقع للصهاينة حالا!. اليست هذه مؤثرات في النفس؟! واكتشفنا ان هذه الجيوش السبعة ـ التي كانت اسما تحت قيادة الملك عبد الله ـ ما ارسلت لانقاذ فلسطين ابدا وانما أرسلت ـ فعلا وحقيقة ـ لتغطية وتسهيل تسليم فلسطين لليهود، كما أرسلت هذه الجيوش لقتلها هي بيد اليهود. ان من لم يذهب لفلسطين لا يدرك هول ما لعبته هذه الجيوش من خيانة "بريئة" متممة لخيانة الحكام العرب وفي مقدمتهم عبد العزيز وأولاده الذين بذلوا اقصى جهدهم لاضاعة فلسطين بل ان هؤلاء الحكام قد أختارهم اليهود أصلا لتمرير عملية بيع فلسطين… ولولا هذه الصفقة ما أصبحوا حكاما، ولا يظن البعض أن اليهود قد اختاروهم بطريق مباشر وغير مباشر لكونهم أكثر إيمانا وإسلاما أو أصفى عروبة ووطنية من حكام البلاد العربية السابقين… أو أنهم وصلوا للحكم بشجاعتهم أو بفصاحتهم أو باختيار الناس لهم… كانت نكبة فلسطين هذه هي المؤثّرة الاولى في نفسي، أما الثانية فهي ما يعيش فيه شعبي المنكوب من عذاب وتأخر وحرمان من أبسط الحقوق في الجزيرة العربية.. أما الثالثة فهي ثورة 23 يوليو في مصر، لقد تأثرت مع العديد من أبناء شعبي بقيام أول ثورة عربية أطاحت بملك خائن في بلاد العرب ولمصر تأثيرها، أكثر عندما جاء جمال عبد الناصر وعدد من أعضاء الثورة إلى هنا وقد عينت ضابط اتصال معهم، وكانت فرصة لي للمقارنة بينهم وبين حكامنا، وبهذا اللقاء استعدنا ذكريات فلسطين، وذات مرة دخلت على ضباط ثورة 23 يلويو في مكان الضيافة في القصر، ولا أعلم كيف ارتعشت تلك اللحظة بالذات من تأثري بمنظرهم، منظر الجنود العاديين، ومرت بي الذكريات كشريط عرض سريع دار في مخيلتي في ثانية، فقلت ان هؤلاء الثوار الذي هز حدث ثورتهم العالم بما فيه العرش السعودي الثقيل: ما هم إلاّ جنود مثلنا يأكلون كما نأكل ويقعدون على الأرض كما نقعد… ولا فارق بيننا وبينهم إلاّ أنهم ـ أصبحوا أحرارا ـ يتحدثون في كل مكان وفي القصور الملكية السعودية الفاسدة عن الثورة وأهداف الثورة وعن مفاسد القصور!، بينما نحن لا نقدر على التفوه بكلمة واحدة، فتذكرت كل المعارك التي خسرها شعبنا وكل خيانات الملوك وكل ما يلاقيه شعبنا من بؤس وشقاء وتذكرت يوم النصر، وبصورة لا شعورية انهمرت الدموع من عيني أمامهم وكأنني في حلم لا أقوى على تفسيره، فلاحظني الجميع، فدهشوا .. إلاّ ان جمال عبد الناصر وقف وضمّني إلى صدره في قصر الضيافة وهو يضع يده على كتفي قائلا: كفى بكاء المسألة عايزة تنظيم وعمل!.). وفجأة.. توقف الشمراني عن سرد سلسلة ذكرياته، ونفث في الهواء انفاس صدره المكبوتة الحانقة على واقع شعبه، ثم عاد بهدوء يقول: (وها نحن ـ يا أخي ناصر ـ يسوقنا القدر لبعضنا دون موعد، بل يسوقنا حب الوطن فيوحدنا في تنظيم يجتمع فيه العمال والجنود لأول مرة في تاريخنا من أجل الثورة، وقد نفشل وقد ننجح، والمهم أننا بدأنا السير لتحقيق الامل في الثورة، وكم هي نصيحة ثمينة قالها جمال عبد الناصر: "كفى بكاءً ـ المسألة عايزة تنظيم وعمل"!… وهذه موجز المؤثرات التي أذكر أنني ثأرت بها)… من هو عبد الرحمن الشمراني؟ اسمه عبد الرحمن بن محمد الشمراني، من قبيلة شمران القحطانية ـ المعروفة ـ وتمتد مساكنها على طريق الطائف منحدرة إلى الغرب حتّى تهامة عسير.. التحق بالعسكرية وهو فتى صغير السن… شارك في حرب فلسطين عام 1948 ثم عاد منها بروح ثورية ألهبتها خيانة آل سعود للقضية الفلسطينية وترقى في صفوف الجيش من رتبة جندي حتّى وصل إلى الحرس الملكي ورافق الملك ثم عمل مدرسا في مدرسة الحرس… اشتراكي الايمان مؤمن بالوحدة العربية… كان أول ضابط في الجيش السعودي يجرأ على الكتابة في الاوضاع الفاسدة، فكتب في مجلة "اليمامة" عدداً من المقالات الوطنية… نظّم للثورة وهو برتبة ملازم وجاءته الترقية إلى رتبة نقيب وهو في السجن وبُلغ بها في اليوم الذي قتل فيه!. عمل على تنظيم مجموعة من الضباط في الجزيرة العربية لتحرير الجزيرة العربية من أعدائها، وكان ضمن مجموعته ضابط خائن يدعى الملازم (عاتق عيد) الذي ظهر للشمراني بثوب المواطن الصالح، وانتقل الشمراني إلى الطائف. فاستدرجه عاتق عيد للإجتماع بعدد من الضباط: "ليتقدموا بمطالب للحكومة السعودية حول ما يحتاجه الجيش من تدريب ومن زيادة في العدد والعتاد وتحسين حالة افراده ورفع مستواهم عسكرياً وعلمياً ومالياً لمواجهة الاعداء"! فاقتنع الضابط الحر عبد الرحمن الشمراني رغم بساطة كل هذه المطالب لايمانه بالعمل على كل ما يقرب من أجل الثورة. وعندما رآه عاتق عيد مقتنعاً استدرجه مرة ثانية قائلا: لقد فكرت بأن المطالب لا تجدي يا عبد الرحمن، ومثل هذه الحكومة لا يمكن أن ترضخ للمطالب وستتخذ من هذه المطالب حجة علينا فتقتلنا دون أن نصل إلى غايتنا وهي القضاء على هذه الحكومة الطاغية الفاسدة، ومن الاحسن ان نطبع هذه المطالب بصورة منشورات ونضيف إليها اشياء أخرى عن فساد الحكم وتواطؤ هذا الحكم مع الامريكان للقضاء على الجيش والشعب. فاقتنع الشمراني بفكرة عاتق عيد الاخيرة أكثر، لا لشئ إلا لان هذا الثائر يريد خدمة وطنه بأي طريقة من الطرق، وان المنشورات ستعالج القضية أكثر مما تعالجها المطالب، وان هذه المنشورات ستنشر الوعي بين الناس اكثر من تقديم مطالب إلى حكومة الاحتلال الفاسدة، فاجتمعوا في بيت عبد الرحمن الشمراني بمدينة الطائف وقام الشمراني الحر بصياغة المنشور بأسلوبه الثوري المعبّر عن أحاسيس قلبه في حب الوطن الذي يعبث فيه الاعداء فساداً، وطبع المنشور وأعده واجتمع في الليل كل من الشهيد عبد الرحمن الشمراني والخائن عاتق عيد وبعض الضباط امثال بكر بن فلاح وعبد الرحمن بن نويصر وجميل سالم وعبد الرحمن الطاسان، وكان المفروض أن يحضر عبد الله فرج القحطان وثلاثة آخرين لكنهم لم يحضروا، وبعد ذلك بخمس سنوات اغتال آل فهد (القطان) بطريق الخرج ووضعوه خلف مقود سيارته وإلى جانبه زجاجة ويسكي فارغة واشاعوا انّه مات من شدة السكر!… اما عن الشمراني فقد اعد لكل واحد من الضباط رزمة من هذه المنشورات لتوزيعها بمنطقة من المناطق ولما انتهى كل شئ ولم يبق إلاّ التوزيع استأذن الخائن عاتق عيد من الجميع زاعما أنه سيخرج إلى بيته ليخبر أهله قبل أن يسافر لتوزيع نصيبه من المنشورات، فأذن له الشمراني وأخذ عاتق عيد مفتاح باب بيت الثائر الشمراني وأغلقه عليهم بحجة أنه سيفتح الباب دون ما تكلف عندما يرجع ثانية، ولكن الخائن عاتق عيد ذهب رأساً إلى رئيس الوزراء وولي العهد فيصل فابلغه بالقصة وطلب مرافقته إلى بيت الشمراني للتأكد فأتصل فيصل بالامير مشعل وزير الدفاع السعودي آنذاك، وما ان وصل حتّى بادره بقوله: "هل أنت واثق انّه لا يوجد خونة بين ضباطك؟" فاجاب الامير: "لا اظن"… فقال له فيصل: " اذهب مع عاتق عيد لترى الخونة" وقد غضب الامير مشعل كثيرا لان عاتق عيد لم يخبره أولا قبل فيصل وطفقوا نحو البيت وفتحوا بيت الثائر الشمراني بمفتاحه الذي كان مع عاتق عيد وإذا بكل شئ معد أمام الضباط وإذا بالمنشورات مفروزة لكل واحد منهم نصيبه، فاقتادوا ا لجميع وفق مقدمتهم البطل الشمراني الذي اعترف بأنه هو الذي طبعها وأنه هو الذي كتبها وانه لا علاقة للآخرين بشئ، وانه لم يشاركه احد فيها أو يشترك معه احد، فزجوا به ورفاقه فيا لسجن ليلاقي العذاب…

ذكريات عن الشمراني

لقد كنت على اتصال تنظيمي ثوري مع الشمراني، لكنني تعرفت عليه قبل ذلك من خلال كتاباته في مجلة "اليمامة" التي تحولت إلى جريدة ثم إلى مجلة ثم أصبحت تافهة، ككل الصحف السعودية التافهة، وكانت مقالاته توجيهية وطنية ينادي الشعب فيها بالوحدة الوطنية وينادي أبناء الشعب فيها للإنخراط في صفوف الجيش وابعاد تلك النظرة الخاطئة التي يغذيها "الاعداء" للجندية بأنها انتقاصا من حق المواطن، وكان يحذر المواطنين من شرور التفرقة الاقليمية والمذهبية وكان لا يذكر اسم آل سعود بالطبع وانما كان يعبر عنهم في كتاباته الوطنية باسم "الاعداء"، واستمر اتصالي التنظيمي معه وكان دوري المتفق عليه هو تهيئة العمال للقيام بدورهم في الثورة والسيطرة على المؤسسات الاجنبية ومطار قاعدة الظهران ومحاصرة قصر المجرم الجلاد سعود بن جلوي، في يوم الخلاص الذي لم يحدد بالطبع، والذي تركناه للظروف واستكمال السلاح والوعي الثوري بين الجماهير والتنظيم والجيش.. وبعد نفيي من الظهران أثر الافراج عنا في 9/11/1953، حينما أضرب العمال إلى أجل غير مسمى يطالبون بالافراج عنا، زرت الشمراني في بيته ـ الطيني ـ المتواضع في الرياض الذي لا يبعد كثيرا عن المربع القصر الملكي لاجد مولوده الجديد "محمد" الذي كان لا يزيد عمره عن سبعة أيام وقد جاء به ليريني اياه ممسكا به من ذراعه اليمنى قائلا لطفله: "ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟ لا شك أنك لا تدري ماذا تريد الآن أن تكون ولكنني حريص على ادخالك الجندية هذا ان عشت إلى أن تبلغ سن الرشد، أما ان قتلوا والدك فعليك اكمال الطريق، ولكنك يا للاسف لا تفهم ما أقول ولا تشعر بما نحن فيه من مهانة وذلة في طغيان آل سعود ولا تعلم من هم آى يا بني، لكنك ستعرفهم فيما بعد ان عشت"!.

فضحكت وقلت: "لعل جيله يكون أسعد منا.. دعه ولنخرج لهذا الاخ الذي يلح علي في مقابلتك". قال: "هل تعرفه؟".. قلت: "انّه رأسمالي!.. وليس بين أصحاب رؤوس الاموال في بلادنا من هو في وطنيته". قال: "ان الغني الثائر أفضل من الفقير الشاكر الصابر، دعنا نراه" فلبس" المشلح" البني والغترة والعقال ورافقني لنلتقي بالاخ محمد السليمان البسام.

وكان يقيم في بيت نسيبه الجميح في شارع البطحاء، وكان البسام قد جاء إلى الرياض ليقدم كتابا ينصح فيه الملك سعود بالسلوك القويم وضمنه مطالب وطنية قيمة، وذلك عندما أعلن الملك سعود نداء في خطاب العرش ابان اعتلاءه سرير الملك بعد وفاة والده عبد العزيز حيث أعلن فيه أنه على استعداد لقبول "أي اقتراح من أي مواطن يريد النصح ويعمل مخلصا للبلاد!!" فانخدع من انخدع ـ الشيخ البسّام وغيره ـ بتلك الاقوال الملكية التي تعودنا عليها من كافة ملوك آل سعود… المهم: ان أقوالنا في ذلك اللقاء لم تتعد البحث في الاوضاع الفاسدة وطريقة التخلص منها… وخرجنا، الشمراني وأنا، من عند البسام إلى بيت الشمراني، ليخلع عباءته والعقال ونغادر البيت سائرين من خلال الشارع المسمى سابقا "شارع الوزير" بالرياض لنقابل بعض أفراد الحرس الوطني يسيرون بعد أن قبضوا مرتباتهم الشهرية التافهة، فمال الشمراني على أ حدهم يمازحه بقوله: "هل قبضتم الراتب البخس"؟. فرد جندي الحرس بقوله: "نعم"، فقال الشمراني: "هل تعلمون ان هذا الراتب التافه لا يدفع لكم إلاّ مقابل شرائكم لقت الشعب عندما تقوم الثورة؟ هل يعقل أن يقوم أمثالكم من العرب الاقحاح بقتل اخوانهم؟ هل تعرف الآن أن عددكم ما يقارب الـ 30 ألفا بينما عدد الجيش ثمانية آلاف؟"، فبهت جندي الحرس الملكي لهذا المنطق الجرئ الغريب مع واحد لا يعرفه، وبين الاعجاب والاستغراب تردد في الجواب على هذا المواطن الذي لا يعرفه، ولكن الذي اتضح لنا من ابتسامة الجندي وعلامات الاستفهام المرتسمة على محيّاه أن الشمراني قد عبّر عما في ضمير الجندي وما يعجز عن التعبير عنه، لكن الجندي خشي منه في الوقت نفسه رغم أن لجندي الحرس الملكي ـ المسمى بالحرس الوطني ـ سلطة تفوق سلطة أكبر ضابط الجيش السعودي إلاّ أن جندي الحرس لم يخف اعجابه بهذا المواطن الجرئ كما لم يخف خوفه منه أيضاً، فرد عليه الجندي يقول: "العين بصيرة واليد قصيرة يا ابن العم!…" لكن الجندي استدرك قائلا: " والله جرئ.. ويش أنت يا هللي ما تخاف؟… أو يظهر انك من الجواسيس اللي عينوهم في هالايام الاخيرة اللي عينهم على اقشرهم" فرد الشمراني قائلا: "يخسأنون جواسيس آل سعود انني من أبناء الشعب ومن جنود الجيش الذي ألفوكم ضده".

فقاطعه جندي الحرس الملكي قائلا: "انّه لا يمكن لتلك المجازر الاولى أن تعود ونحن نقول لكم ثوروا من الآن ونحن واياكم".. فتعززت معرفتنا منذ ذلك الوقت حتّى الآن بذلك الحارس الذي جمعتنا به الصدفة وكانت خير من ميعاد لانه ثبت أن أكثر الحرس الوطني طيبون جدا انّما ينقصهم التعارف والتنظيم… وبعد ذلك عرفنا الجندي المذكور بأحد زعماء الحرس، وإذا بالزعيم البدوي أكثر جرأة وعداوة لآل سعود من الشمراني انّما تنقصيه ثورية الشمراني… ثم تعرفنا على شيخ آخر وثالث وبدأ اتصالهما مع الشمراني حيث سافرت أنا إلى الظهران… والاتصال الشخصي في وضع كوضعنا الاستبدادي من أقوى أسس التعاون والارتباط والتفاهم الوثيق، وقد تبين لنا أن الكير من أبناء البادية على علم بنوايا آل سعود السيئة التي يريدون بها عزل أبناء البادية عن بقية أفراد الشعب من الحضر والقبائل الاخرى ليتم لآل سعود ما يريدون من غايات دنيئة… وبقينا على اتصال تنظيمي إلى ما بعد نقل الشمراني من الرياض إلى مدينة الطائف حتّى ألقي القبض عليه في شهر رمضان 1374 هـ ـ 1954 م، وبدأ معه التعذيب والتحقيق عمن يعملون معه وعمن يتصل بهم من أشخاص غير الذين ألقي القبض عليهم؟. لكنه ابى أن يعترف مدعيا أنه وحده هو المسؤول متحملا ما لاقاه من صنوف العذاب السعودي الاليم، قائلا انّه سيقابل الموت وحده دون أن يشرك الاخرين معه، فليمت هو ما دام أنه قد وقع بين يدي آل سعود الشريرة وليبقى سواه ممن لم يلق القبض عليهم ليكملوا الرسالة في التخلص من عرش الآثام. فشكلت محكمة لمحاكمته برئاسة رئيس أركان حرب الجيش السعودي آنذاك الفريق الأول إبراهيم الطاسان، ورغم أن هذه المحكمة كانت محكمة صورية إلاّ أنها قد برأته والسبب في ذلك أن المحكمة قد سلكت في محاكمته مسلكا عسكريا معتمدة على المنطق والادلة القضائية والقوانين التي لا قيمة لها حتّى ان وجدت في شريعة الغاب السعودية، ولم تجد المحكمة أشياء مادية تدين بها الشمراني ورفاقه خلاف المنشور، لهذا فقد:

(أوصت المحكمة بتسريحهم من الجيش وفي ذلك قسوة عليهم لكنه لابد منها ليرتدع غيرهم) وأخذ الملك سعود يستشير من حوله في الموضوع بينما تولى فيصل الاشراف المباشر على سير "المحاكمة" متذرعا بصفته ولي العهد ورئيس الوزراء، وكان فيصل يوصي بتعذيبهم دائما، وما أن عرضت المحكمة صورة حكمها على فيصل حتّى نظر لاعضائها بعين غاضبة وبصق على أعضاء المحكمة فجاءت بصقته في وجه رئيس أركان حرب الجيش السعودي وأمر (باعدام عبد الرحمن الشمراني وسجن من معه سجنا مدى الحياة) وأقر الملك سعود هذا الامر الفيصلي الاهوج الارتجالي… وكان وزير الدفاع السعودي مشعل بن عبد العزيز قد ذهب إلى الشمراني في سجنه بالطائف قبيل تنفيذ الاعدام ليقول له ساخرا منه متهكما عليه وهو المكبل بالحديد "أيكم جمال عبد الناصر؟!" وأضاف الأمير بتهكم أشد: "أيكم زعيم الاحرار؟. الثوار؟" فأجاب الشمراني على الفور: "كلنا جمال وكلكم فاروق كلنا أحرار وكلكم عبيد" فرفع الامير نعله من رجله ثم ضربه بها على وجهه، ولكن البطل لم يسكت بل بصق على قامة الأمير وصرخ: "تدعون دينكم الإسلام ويأبى الإسلام ويكبر أن يكون لكم دينا، فالاسلام لا يبيح أن يرفع أمير نعله القذرة ويضرب بها وجه جندي من جنود الحرية والجيش والوطن" فرد عليه الامير قائلا: "سنقتلك يا خائن". فقاطعه الشمراني بشجاعة المؤمن قائلا ق "اسمع يا أمير" أنا لست خائنا والخائن هو الذي يبيع وطنه ويعتدي على حريات الوطن والمواطنين. أنا أعرف أنكم ستقتلونني لانني فرد ولانني مكبل بالحديد ولانني بسجنكم القذر ولانني لست معكم في معركة متكافئة. فاقتلوني ولكنكم لن تقتلوا شعبا عربيا صاحب تاريخ عريق ـ وبعبارة أوضح ـ انكم لن تتمكنوا من قتل شعب بكامله. ولعلك تستغرب، أيها الجبان، أيها الامير السعودي أن يتكلم مكبّل بالحديد مثلي هذا الكلام على أمير سعودي غاشم بيده كل قوة وحول وأن لا يلجأ مثلي إلى تقبيل يدك أو رجلك طالبا العفو والغفران" فقاطعه الامير قائلا: "انني وزير الدفاع"، فقاطعه الشمراني قائلا: "وأقول لك انني من جنود الحرية جنود الجيش، ونحن الجنود تختلف نظرتنا للموت عن نظرة الامراء والملوك… نحن الجنود حماة الوطن من أعداء الوطن. نحن لا نخشى الرصاص ولا نخشى الموت وقد اخترنا الجندية اختيارا بمحض ارادتنا لا بغية مناصب ومراتب ورواتب وانما حبا وطمعا بخدمة الوطن والشعب وحماية الوطن والشعب منكم ومن أمثالكم، يا أعداء الوطن والشعب، وقد عملت للثورة لتحطيمكم لا حبا في الجاه والوجاهة والمنصب، وانما حبا في أن أرى بلدي يعيش حرا ومتحررا منكم، وأرى شعبي يرفل بنعيم الحرية والحدة والعدالة الاجتماعية كبقية الشعوب لا تحكمه عائلة تتوارثه من الاب إلى الولد، أتمنى أن أقتل في سبيل وطني وشعبي وكرامتي ولا أعيش لارى وطني وشعبي وكرامتي تداس تحت أقدامكم، يا أمراء العائلة السعودية. ولقد كنت أتصور أن أقتل قبل هذا اليوم.. كنت أتصور أنني سأقتل في معركة فلسطين الحبيبة السليبة التي أضاعها والدك وسلمها الملوك والقادة لليهود ووالدك أوّلهم. كنت أتمنى أن أفوز بفخر الاستشهاد في أي معركة من معارك وطني الاكبر، ولكن لا فرق عندي أن أستشهد الآن في سبيل وطني الكبير، أو في سجنكم الكبير. نحن الجنود نحب الموت ليحيا شعبنا. أما أنتم فتحبون الحياة لتميتوا هذا الشعب، وقد جاء بكم الانكليز وأحلوكم في بلادنا مقابل بيع فلسطين لليهود ومقابل أن يجعلوا منكم مطايا للامريكان والانكليز واليهود، انني أريد أن أتكلم كثيرا عن جرائمكم لعلمي أن كلامي هذا هو الكلام الاخير في هذه الحياة، لهذا فانك ترى، يا أمير يا سعودي، أن كلامي يأتي متقطعا لان كل كلمة تريد أن تخرج من صدري لتسبق أختها قبل الموت فتكون شعارا من شعارات المؤمنين الثوار للقضاء عليكم. ولكن الوقت قصير. وكل ما أريده أن أنهي به كلامي هو الامل بشعبي أن يعرف أنني لم أستشهد إلاّ من أجل هذا الشعب دفاعا عن هذا الشعب وعن حرية هذا الشعب وكرامة هذا الشعب، ليغفر لي شعبي العظيم ما عجزت عن تحقيقه.. والآن اقتلوني شهيدا لامتي بارا بشعبي. وهي أحسن خاتمة عندي..".. وبعد ذلك اقتاده الجنود ولم يسكت البطل، حتّى والرشاشات تصوب إلى صدره الكريم لتنطلق منها 180 رصاصة فتمزق جسمه الشجاع النحيل، إربا إربا أمام الثكنة العسكرية وأمام جنود الجيش البواسل في الطائف بغية اهانتهم وتحقيرهم "وتأديبهم"!. كما يزعم الاحتلال السعودي ليكون هذا البطل عبرة غيره من الابطال، ولكن هيهات أن يصد الطغيان جيشا وشعبا عن أهدافه في القضاء على حكم بغيض. لقد وقف الشمراني قبل اطلاق الرصاص إلى صدره كالطود العظيم ساخرا منهم مستهترا بحكمهم البغيض باسما في وجوه الجنود، ثم التفت عن يمينه، وطلب من أحد الجنود أن يأخذ ساعته كهدية منه لجندي الجيش قائلا للجندي: "خذها… خذها يا جندي الجيش خيرا لي أن تأخذها أنت ولا يأخذها أحد الامراء وأعوان الامراء"… ولما رفض الجندي أن يأخذ ساعة الشمراني معتذرا له بقوله: " لا يمكن أن أرث ساعتك يا حبيب الجيش والشعب فليأخذها غيري"، أقسم الشمراني إلاّ أن يأخذ ساعته جندي الجيش قائلا: " أقسم بشرفي العسكري وبدمي دم الشهادة في سبيل الوطن إلاّ أن تأخذ ساعتي يا جندي الجيش، خذها لتوقت بها ساعة الصفر، ساعة الثورة، فتذكرني بها مع اخوتك الثوار الابرار يوم أن تسيروا حاملين السلاح هاتفين نحو القصور "فليسقط حكم الطغاة" ويوم أن تدوسوا على عروشهم وعلى رقابهم، اذكروني في هذه الساعة، تلك الساعة، فأحمل ساعتي للذكرى يا جندي الجيش… اذكروني أيها الجندي متمتما باللعنات على أعداء الشعب والجيش، آل سعود، والدموع تنهمر من عيني الجندي. فقاطعه خدم العرش المحتل طالبين من الشمراني أن يطلب ما يريد قبل موته، فرد البطل قائلا: "لا أطلب إلاّ أن تطلقوا يدي اليمنى لأحيي بها الشعب والجيش تحية عسكرية"، فقال له عبيد الطغيان السعودي: " وما هي وصيتك قبل أن تموت؟". فرد البطل بشجاعة وبصوت خطابي قوي جهوري مؤمن: "ان وصيتي هي للجنود، وصيتي هي لكم، يا ضباط الجيش الاحرار، ويا صف الضباط، وصيتي هي أن تثوروا، وصيتي هي أن تكملوا الطريق الذي عبّدناه، بدمائنا، أن تنبذوا الانانية، أن تنبذوا الخوف، أن تنبذوا العداوة والتفرقة الاقليمية والقبلية بينكم، وأن تتحدوا وتتحابوا وتتآلفوا وأن يخدم الضابط جنوده ويطيع الجندي الاوامر الشريفة لقادته، وأن تضحوا جميعا من أجل الشعب وان يجند كل فرد في هذا الشعب الكريم نفسه للثورة، للقضاء على جرائم حكم الاحتلال السعودي والعبودية، حكم العار والاستعمار. أيها الشعب… أيها الجيش. انتقموا من أعدائكم أعداء الوطن"… ولم تدعه الرشاشات السعودية ليتم خطابه، بل قاطعه وابل الرصاص المنطلق نحو صدره الابي الشجاع، فسقط عبد الرحمن الشمراني ومزق جسمه وقطع رأسه، ولكن هل مات الشمراني ـ يا بغايا آل سعود؟… أبدلا وكلا. ان جسم الشمراني قد قتل، لكن روحه باقية حية ترزق، يتسلح بها الجنود وتصطرم في قلوب الشعب كله، ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الشعب والحرية وللشعب وثورة الشعب أمواتا بل أحياء يرزقون، وشر الاموات هم أنتم يا آل سعود… أكرر (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون). "قرآن كريم"… فيصل يرى أنه أحق بالعمالة لامريكا من سعود منذ الصّغر… وفيصل يحمل مرير الحقد لاخيه سعود، يخفيه حينا ويظهره أحيانا، لشعوره انّه "أحق منه" بكل المناصب والالقاب.. ولاعتقاده أنه "أذكى" من سعود و"أثقف" لانه تربى تربية انكليزية على يد فيلبي وهي، في نظره تربية خاصة لم يحظ بها سود ولا سواه من أفراد العائلة عدا عبد العزيز.. ومما كان يشيعه عن نفسه منذ صغره "أنه يتكلم بسبعة ألسن… بينما لا يعرف سعود ولا لسان واحد، أي أنه يجيد سبع لغات!… وهذا غير صحيح لكن اشاعة "سبعة الالسن" هذه اشاعة من فيصل نفسه أراد بها أن يقول انّه استعاض عن فارق السن التي هي سبع سنين يكبره فيها سعود بسبع لغات إذ ولد سعود عام 1317 هـ وولد فيصل عام 1324 هـ وكان بهذه "السبعة الالسن" المزعومة لا يخادع إلاّ ولده عبد العزيز الذي لا يجيد اللغة العربية والامي بكل معنى الكلمة، وكان فيصل يقول ان تعين سعود وليا للعهد (ما هي إلاّ إرادة عبد العزيز الذي أراد أن يورث البلاد وشعبها وحكمها لكل أولاده وأحفاده) الذين لا حصر لهم ولا عدد، بالتسلسل كل حسب تقدمه بالسن لتظل جزيرة العرب "سعودية" مدى "الاجيال السعودية" ان صح له ما يريد… ويسكت فيصل على مضض، لكنه لا يترك خطيئة من خطايا سعود إلاّ ويستغلها للوصول إلى سرير الملك… وما أكثر أخطاء سعود وخطاياه وجرائمه التي لا تفوقها سوى جرائم فيصل وآل فهد.. لكنه ماذا يفعل وأمريكا ـ كانت ـ تقف إلى جانب سعود وتدعمه؟. لابد له اذن أن يثبت بوضوح لامريكا أنه أكثر اخلاصا لها من سعود.. فاتصل بسفراء أمريكا وبرؤساء شركة آرامكو مرارا وتكرارا ليقنعهم أنه أجدى لهم وأبقى لمصالحهم من سعود.. ومع أن الجميع يقرون بصلاحيته إلاّ أن جوابهم له: انّه لم يحن الوقت لازاحة سعود فهو لم يزل صالحا للاستعمال!. وفي عام 1957 سافر فيصل إلى أمريكا ومكث مدة مبديا للمسؤولين الامريكان تذمره من سعود. واجتمع بوزير خارجية أمريكا، آنذاك، جون فوستر دالاس… وبالرئيس الامريكي السابق ايزنهاور شاكيا لهما سوء تصرفات سعود، موضحا تخوفه مما ستجره هذه التصرفات على العرش السعودي الذي سيدركه الخطر فيما لو استمر سعود على حالته، وفي ذلك خسران مبين لمصالح الامريكان والعائلة السعودية… واوضح لهما أنه لا يريد أن يحدث شيئا ما لم تكون أمريكا على علم به ورضا عنه.. وقال فيصل: " انني أقول لكم بصراحة، ان هناك من الامريكان المسؤولين عندنا من يكتب لكم ضدي ويزعم أن سعوداً أكثر اخلاصا لامريكا مني، لكنهم على خطأ، فانني أصدق صديق لامريكا" … وشكا لهما من مستشاري سعود أمثال يوسف يس وجمال الحسيني. ورغم ذلك فان دالاس وايزنهاور لم يعطيا أهمية كبرى لكلامه مع ثقتهما باخلاصه لامريكا… إلاّ أنهما أبلغها بوجوب التعاون مع سعود، وانهما سيبلغان سعودا باعطاء فيصل صلاحيات أكثر من صلاحيات ولي العهد فيتنازل سعود عن رئاسته لمجلس الوزراء ليتولاها فيصل بالإضافة إلى ولاية العهد ووزارة الخارجية ، وحينئذ يصبح اتصاله بالحكومة الامريكية أكثر من ذي قبل… فعاد فيصل مسرورا بالوعود، ومر في طريقه بالقاهرة ومكث بضعة أيام فيها، استأجر جناحا شبرد ليستقبل فيه من يريد استقبالهم ـ من غير الخاصة ـ لمدة ساعة في النهار، بينما هو يقيم متنقلا بين قصوره في طريق المطار وجاردن سيتي، وفي تلك الايام وافق مجيئه انعقاد أول مؤتمر لشعوب آسيا وافريقا بالقاهرة عام 1957. وكنت أحضر ذلك المؤتمر بصفة غير رسمية حيث أرسلت رئاسة وأمانة سرا لمؤتمر رسالة إلى "الدولة السعودية" تطلب منها إرسال وفد يمثلها في "مؤتمر الشعوب". وعلى الرغم من كون المؤتمر "مؤتمر شعوب" فقد كانت السعودية أكثر واقعية حينما رفضت ارسال وفد عنها بحجة "أنه لا يوجد شعب ولا ممثلين عنه غير الدولة السعودية"!… لكي تعرف أسباب فشل هذه المؤتمرات المسماة بمؤتمرات الشعوب أعرف من يرأسها… وكان يرأس ـ أول مؤتمر للشعوب الاسيوية الافريقية ـ أنور السادات وسكرتيره يوسف السباعي!… وأثناء انعقاد المؤتمر عقد فيصل مؤتمرا صحفيا غايته أن يتبرأ فيه باسم حكومته من هذا الشخص الذي مثل الشعب "السعودي" بهذا المؤتمر … ووجهت مجلة "المصور" لفيصل الاسئلة التالية التي أقحم فيها تعبيره عن "حبه" لامريكا بطريقة غير مناسبة: س ـ ما سبب رحلة سموكم إلى أمريكا؟… ج ـ السبب هو أنني أصدق صديق لامريكا لكن الامريكان مع الاسف الشديد لم يقدروا هذه الصداقة حتّى الآن!. س ـ وما هو رأي سموك بعدم ارسال "الحكومة السعودية من يمثلها" في مؤتمر الشعوب الآسيوية الافريقية؟ وما رأيكم بالشخص الذي مثل الشعب في المؤتمر؟.. فكان جواب فيصل ما يلي: "نحن ليس لدينا شعب حتّى يمثله أحد… وليس لدينا مثقفين لنرسلهم لحضور مثل هذه المؤتمرات!… وهذا المؤتمر ليس مؤتمر للدول حتّى نقرر الموافقة على حضوره أو عدم الحضور"… الخ… تلك كانت عينة من تفكير فيصل العفن… وعاد فيصل إلى "المملكة" واستلم الصلاحيات التي وعده بها الامريكان… لكن الملك سعود لم يسمح له بممارستها طويلا، فاستعادها منه وبقيت لفيصل الالقاب والمرتبات الضخمة التي كان يتقاضاها شهريا وقدرها (30 مليون)، عدا قاعدته السنوية التي كانت بضعة ملايين ريال… وعاد فيصل يتحين الفرص "ويقنص" بين حين وآخر معلنا غضبه في الصحراء ضد سعود، وعندما يعود من القنص يتصل بالسفارة الامريكية ليبث السفير الامريكي شكواه من تأخرهم بالابقاء على سعود، فقد ضاق فيصل به ذرعا… ومرة أخرى، سافر إلى أمريكا شاكيا لها سعود من جديد… ومكث في أمريكا حتّى قامت الوحدة بين مصر وسوريا فتآمر سعود عليها، بمعرفة الامريكان ودعمهم، حسبما قال سعود في رسالته التي بعث بها لعبد الحميد السراج وزير الداخلية السابق في سوريا فكشفها السراج وأذيعت ونشرتها الصحف. ودفع مبلغ مليوني جنيه استرليني محاولا احباط الوحدة.. وانكشف أمر سعود واهتزت قوائم العرش السعودي، وكاد عرش الامريكان يتحطم بتلك الهزات، وعاد فيصل مدعوما بصلاحيات أمريكية جديدة أقوى لالباسه ثوب "المنقذ مصاص النقمات" ليمتص نقمة العرب عامة وشعب الجزيرة العربية خاصة، تلك النقمة التي عبر عنها أبناء الشعب علانية… ومنها: أن هنات تبرعات شعبية جارية تتولى الاشراف عليها "حكومة آل سعود" فذهب عدد من المواطنين يطالبون باسترجاع ما دفعوه قائلين: "اننا نخشى أن تستعمل المبالغ التي تتسلمها الحكومة منا لمؤامرات أخرى".. الخ… ولان صحف القاهرة وسيلة من وسائل التعبير الرجعي… عرج فيصل على القاهرة ليتقيأ بعض التصريحات… ونشرت له مجلة "المصور" أيضاً بتاريخ 17/8/1958 تصريحا قال فيه: "يعتقد الامريكان اني عدو لهم مع أنهم لو أدركوا معنى نصحي لهم لعرفوا إني أصدق صديق لهم"، وذهب إلى "مملكته" لتسلم سلطاته التي أرغم الامريكان سعود على الاذعان بها لفيصل كرئيس للوزراء وولي للعهد ووزير للخارجية، وكان أول عمل لفيصل هو إقالة وزراء سعود ليستوزر عددا من أصحابه وشركائه، وحسب خطة مرسومة، أخذ الامريكان في التطبيل والتزمير لفيصل، وهللت الصحف العميلة لما سمته "بالانقلاب الابيض في السعودية"، وذلك دعما للعرش المنهار.. وعقد جون فوستر دالاس وزير خارجية أمريكا مؤتمرا صحفيا أعلن فيه بكل صراحة عندما سئل عن رأيه بتولي فيصل لمناصبه قائلا: "انني مطمئن كل الاطمئنان لكل ما حدث في السعودية، فنحن قد تفاهمنا مع الامير فيصل على ذلك عندما كان في أمريكا" واستمر لمدة ثمانية أشهر لم يتمكن خلالها من السيطرة على مقاليد الأمور كما ينبغي…. التحالف الفيصلي ـ الفهدي هنالك بدأ تحالفه مع اخوته "الاشقاء السبعة" الذين عرفوا باسم آل فهد، للتخلص من سعود، لكنهم رأوا أنه لا يمكن لهم التخلص من سعود قبل التخلص من قادة حرسه ومستشاريه: إما بالمساومة، وإما بالتهديد واما بالاغتيال، وكان من أهم هؤلاء: العقيد محمد الذيب قائد الحرس الخاص للملك الذي رفض قبل سنة من اغتياله التقرب من آل فيصل وآل فهد فوجدوها فرصة للتخلص منه حينما سافر الملك سعود إلى بادن بادن عام 1957 ، فسمموه وقالوا انّه أصيب بالسكتة القلبية… وأعادوه جثة هامدة من ألمانيا إلى بلده وهذا الضابط كان يشكل تنظيما ثوريا وكان من مجموعة الشهيد النقيب عبد الرحمن الشمراني.. فأحس الملك سعود بتحركات آل فهد وفيصل، من ناحية، وبعزلته الشعبية والعربية بعد فضحه بتمويل مؤامرة عدم اتمام الوحدة بين مصر وسوريا من ناحية أخرى، فبدأ سعود بالتحرك نحو مصر…. طالبا أن يسمح له بالمجئ لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر والاعتذار له عما حدث!!.. فسمح له بالمجئ "والمسامح كريم يابيه!"، فجاء إلى القاهرة واعتذر وقبل الرئيس اعتذاره… واعلمت "بعدم التحرك ضد السعودية" والاسباب هي ذاتها المتكررة دائما "من أجل المصلحة العامة وقضية فلسطين!!" وعاد سعود إلى "مملكته" قويا ـ وكأن شيئا لم يكن ـ رافعا عقيرته ـ بمصالحة القاهرة ـ مستغلا زيارته للقاهرة.. وبذلك استعاد مناصبه من فيصل وعزل كل من استوزرهم فيصل ليستوزر غيرهم من أصحابه وشركائه،وبتحريك غير مباشر من فيصل وآل فهد، ولتحطيم سعود من جديد، عاد سعود يتآمر على الوحدة بين مصر وسوريا، ودفع ستين مليون ليرة سورية للانفصاليين، كما مول الملك حسين وإلباس مجموعة من الجيش الاردني لباس الهجانة السوريين ليقودهم حيدر الكزبري في ضرب الوحدة وجعل من الاردن همزة وصل بين المتآمرين والسعودية ولما تحطمت الوحدة، كان سعود أول من أعلن تأييده للانفصال، وتبعه ملك الاردن حسين. وكانت لنا فرصة الافادة من الظروف حسب المستطاع فافتتحت اذاعة "صوت الامة العربية" من القاهرة، ثم برنامج "أعداء الله" لنكشف بجرائم عرشهم.. وما هي إلاّ ثلاثة أشهر من فتح الاذاعة حتّى اجتمع فيصل مع عدد من الامراء وهددوا سعودا بالقتل إذا لم يسافر، وقالوا: اننا نفتح لك طريق الهرب بأن نضعك على حمالة المرض داخل سيارة الاسعاف لتأخذك إلى مستشفى آرامكو بالظهران، ومنه تغادر إلى أوروبا بحجة علاج معدتك، ونعلن في نشرة طبية أن معدتك تقطر دما وان سفرك كان ضرورة لابد منها ولا مفر لك الآن من التنازل عن كل سلطاتك للإمير فيصل حتّى لا تكون سببا في تحطيم عرشنا بتصرفاتك الهوجاء… ففعل سعود ما أمر به مرغما عليه.. موقعا على ورقة بها كل ما يريده فيصل… وسافر إلى مستشفى الظهران منقولا على الحمالة من المستشفى حاول أن يتصل بالامريكان لاقناعهم بالاقلاع عن فكرة تمارضه، لكنهم نصحوه بالامتثال للاوامر والسفر إلى بادن بادن وما ذلك إلاّ لعلمهم ببواطن الأمور!. وبذلك استولى فيصل على كل السلطات وأقال وزراء سعود ليستوزر أصحابه وشركاه… ولم يصبر سعود أكثر من أربعة أشهر حتّى عاد واستولى على كل الصلاحيات من فيصل مرة أخرى، ولكنهما بقيا هذه المرة يلعبان لعبة "شد الحبل" لا فيصل يستطيع إزاحة سعود، ولا سعود يستطيع إزاحة فيصل ووزراء فيصل ليستوزر أصحابه وشركاه، حيث أن فيصلا قد ركز نفسه أكثر من السابق، إلى أن قامت ثورة اليمن عام 1962 فقاومها فيصل وآل فهد بتخطيط من المخابرات الامريكية، ثم ألبسوا تهمتها سعودا ليجعلوا منه عجل الفداء… فأخذوا ـ باسم سعود ـ بادئ الامر يرسلون المتسللين من قبائل الاردن وسوريا والسعودية إلى اليمن… حتّى أنهم أرسلوا ذات مرة ستة آلاف متسلل لمقاومة الثورة، ولما وصل المتسللون إلى حرض وجدوا أنفسهم في ورطة ما بعدها ورطة، لجهلهم أولا بالارض، وثانيا لكونهم أضعف من أن يقاوموا من هم أقوى منهم قوة وبأسا وايمانا بشعبهم وأرضهم وجمهوريتهم، فانتهوا عن آخرهم إلى غير رجعة… وكان العرش السعودي يأمر بدفن الجنائز جماعات بالآلاف من حفائر جماعية دون علم ذويهم.. ومن ذلك بدأ سعود ينهار وبدأ فيصل يستغل انهيار سعود ليوالي ـ وآل فهد ـ ضرباتهم على رأس أخيهم سعود، وكان فيصل وآل فهد على صلة متواصلة بالسفير الامريكي في جدة الذي أبلغهم "أن جون كندي (الرئيس الامريكي الاسبق) ما زال يتحفظ على تسلمكم زمام الحكم نظرا لكونكم لا تؤمنون بأي نوع من أنواع الديمقراطية التي تجعل أمريكا لا تخجل أمام العالم من دعمكم"، فرأى الفيصل"أن يخطف رجله" إلى أمريكا ليقابل الرئيس جون كندي. وهناك في واشنطن شرح لكندي كل الأمور وطلب منه دعمه ضد سعود، حاولا أن يظهر لكندي بمظهر "الديمقراطي. والمنقذ الدائم للعرش ومصالح الامريكان". فعرض عدة نقاط على كندي كبرنامج عمل يسير عليه وينال به رضى كندي لادركه أن كندي يرى أنه لابد من الاصلاح الوضع المتدهور لانقاذ العرش وامتصاص نقمة وسقط الشعب والعرب أجمعين على العائلة السعودية كلها وذلك بتزييف شعارات الديمقراطية والحرية والاصلاح!. ومن النقاط التي تفاهم عليها فيصل وكندي ما يلي: (توسيع مجلس الشورى السعودي الحالي بتعيين عدد من أنصار العرش والامريكان والامراء فيه، عند الضرورة، وانشاء دستور يتمشى مع طبيعة الحكم، وتقوية جهاز المخابرات، وانشاء شبكة اعلامية قوية اذاعية وتلفزيونية وصحفية، واجراء اصلاحات في الداخل، والسماح ببيع واذاعة الاغاني العاطفية والدعائية، والتخفيف من غلواء رجال الدين واستبدادهم، والاستمرار بمقاومة ثورة اليمن لا بواسطة متسللين أغراب عن اليمن هذه المرة وانما بواسطة يمنيين من داخل اليمن، وتكوين قوة من هؤلاء تعسكر في حدود اليمن الشمالية مع الاستمرار بالاتصال بشيوخ القبائل اليمنية لاغرائهم بمقاومة الوضع الجمهوري، على أن تعلن أمريكا حمايتها لنا واستعدادها للدفاع عنا في أي ظرف من الظروف، لنزداد بذلك حصانة ضد أعدائنا… ولابد من ارسال قوات جوية وبحرية أمريكية إلى موانئ السعودية وأجوائها لترسي وتحلق باستمرار وذلك لتدعيم ثقة السعودية بأمريكا ضد التحدي الذي نواجهه من مصر واليمن). الخ.. وكنت قد أنشأت هذه الاذاعات بالسم "صوت الامة العربية" ثم "أعداء الله" من القاهرة، ثم "أولياء الشيطان" من صنعاء الثورة… وعلى هذا الاتفاق السابق ذكره عاد فيصل من أمريكا، بعد أن اعتمر بالبيت الابيض، وكان السفير الامريكي يبعث من جدة وشركة آرامكو من الظهران بالتقارير إلى أمريكا لتثبت صلاحية فيصل أكثر من سعود. ومن ذلك الحين أخذ جون كندي يجاهل سعوداً تماما.. واعترفت أمريكا بثورة اليمن لتغطية مواقفها العدوانية في دعم السعودية ضد ثورة اليمن، ولتصبح بذلك الاعتراف قريبة من تحريك المؤامرات ضد الثورة اليمنية من كل الجهات.. وكنت بعد ذلك الاعتراف لدى الرئيس عبد الله السلال رئيس الجمهورية اليمنية وقائد الثورة: حينما دخل عليه رئيس وزراء اليمن

السابق الدكتور عبد الرحمن البيضاني وأبلغه أن القائم بأعمال السفارة الامريكية باليمن قال له بالحرف: "اننا سوف نطرد الملك سعود ونعين لكم فيصلا ملكا مكانه"!. كذا.. فرد السلال عليه بقوله :فيصل أسوأ من سعود!.". فيصل يضع جزيرة العرب تحت الوصاية الامريكية وفي 8/1/ 1963 أذيع في أمريكا نص الخطابين المتبادلين بين كندي وفيصل عن الاتفاق الذي تم بينهما في واشنطن، ومعناه بكل وضوح أن فيصل وضع "جزيرة العرب" تحت وصاية أمريكا، وان أمريكا قررت تأييد فيصل "لكونه قادر على امتصاص الثورات العربية" وفي القوت نفسه خلعت أمريكا الملك سعود من العرش. بينما هو لم يزل على عرشه!… ان خطاب كندي ليس فيه كلمة واحدة عن الملك سعود بل انها أول مرة يتحدث فيها رئيس جمهورية إلى رئيس الوزراء متجاهلا الملك وهو ما زال على العرش!!. وهذا دليل على أن الولايات المتحدة أعتبرت أن الملك سعود قد انتهى. وهو لا زال ملكا رسميا!.. وفي هذا الخطاب يفسر بوضوح السبب الحقيقي في خروج سعود ونفيه، فقد وصلت رسالة الرئيس كندي إلى الامير فيصل في يوم 8 نوفمبر سنة 1962 ، وفيها يعلن كندي صراحة (مبايعة فيصل) مما اضطر سعود في نفس اليوم (8 نوفمبر) أن يتنازل عن جميع سلطات الملك المدنية والعسكرية للإمير فيصل، إلاّ أنه ظل ملكا وقائدا أعلى للقوات المسلحة!. ولم يكتف فيصل بهذا، بل ان الرئيس كندي أشار في خطابه صراحة إلى "المؤامرات الداخلية ضد فيصل"، ومنها مؤامرات سعود التي شكا منها فيصل عندما اجتمع بكندي في البيت الابيض، ولهذا أرغم السفير الامريكي سعودا على مغادرة البلاد فغادرها يوم 3 ديسمبر، أي بعد خطاب كندي بثلاثة أسابيع!. وهذا هو النص الرسمي للخطابين الخطيرين المتبادلين: خطاب الرئيس الامريكي جون كندي لخلع الملك سعود صاحب السمو الملكي الامير فيصل: في الوقت الذي تنهضون فيه سموكم بالمسؤوليات الجديدة والمهمة، لدى عودتكم إلى البلاد العربية السعودية، أرغب في أن أستذكر زيارتكم للبيت الابيض في 5 اكتوبر، ولقد ذكرت لكم حين ذلك، وأود أن أكرر الان، أن البلاد العربية السعودية تستطيع أن تعتمد على حماية وصداقة الولايات المتحدة وتعاونها في تصريف المهام العديدة التي تمثل أمام قيادتكم في الايام المقبلة، إن للولايات المتحدة إهتماما عميقا ومقيما باستقرار البلاد العربية السعودية وتقدمها، وانني واثق من أن البلاد العربية السعودية بقيادتكم الحازمة والحكيمة، ستمضي قدما وبنجاح في جادة التطوير العصري والاصلاح، اللذين تفاهمنا عليهما وعبرتم لي عن رغبتكم فيهما، رغبة واضحة أيما وضوح، وباتباعكم هذا السبيل أقول لكم أن تكونوا على ثقة من حماية ومؤازرة الولايات المتحدة التي اتفقنا عليها، مؤازرة كلية، في الحفاظ على سلامة كيان المملكة العربية السعودية. انني على تمام العلم بأنكم كي تبلغوا أهدافكم ينبغي أن يتوافر لكم الهدوء الذي لا غنى عنه "!" والذي يتمثل في جو خال من المؤامرات والتحريضات الاعلامية والثورية من الداخل أو الخارج. وانني أشارككم قلقكم من أجواء التوتر المخيمة على المنطقة والتي تعرقل خططكم لتقوية الجهاز الحكومي والكيان الاجتماعي للبلاد العربية السعودية. وكما أبلغتكم في واشنطون، فان الولايات المتحدة راغبة في أن تكون ذات عون على ايجاد وسائل لتخفيف هذا التوتر ولحل قضية اليمن وقضية فلسطين حلا يرضيكم ويرضينا ويرضي بقية الاطراف المعتدلة. والذي أراه لبلدينا في المستقبل ليس هو مجرد الاستمرار في العلاقات الودية التي بدأت، تلك البداية الخيرة في عهد والدكم المجيد، جلالة الملك الراحل عبد العزيز، بل انني أترقب أنفساح فصل من العلاقات السعودية الامريكية، تكون فيه العروة التي تربط بيننا ولا تنفصم، من تعهد كل منا مصالح الآخر تعهدا مستمرا، مطبقة تطبيقا وثيقا لولائنا المشترك، بما للإنسان من حقوق راسخة في تحقيق الذات والتقدم والحرية. انني أتمنى لكم اعتباراتي الشخصية، كما أرجو الله أن يحفظكم ويحفظ الشعب السعودي من القلاقل وأن يمنحكم السلام من لدنه. التوقيع جون. ف. كندي المنصوب الامريكي "فيصل يرد…. وفيما يلي رد المنصوب" الامريكي فيصل "الملك العيّن" على رسالة الرئيس الامريكي: فخامة الرئيس جون كندي، رئيس الولايات المتحدة الامريكية ـ واشنطون. فخامة الرئيس .. أولا ـ تلقينا نص الرسالة البرقية التي تفضلتم بتوجيهها الي، والتي قدم نصها سعادة سفيركم بجدة بتاريخ 8/11/1963. ثانياـ ان فخامتكم قد أعدتم إلى الاذهان في هذه الرسالة، الزيارة التي كان لي شرف القيام بها للبيت الابيض يوم 5/10/1962، ذكرتم لي أثناها وأثبتم ذلك من جديد في رسالتكم الاخيرة (المملكة العربية السعودية تستطيع الاعتماد على حماية وصداقة الولايات المتحدة في اضطلاعها بمختلف الاعباء التي ستواجهها في المقبل من الايام. ذلك بأن الولايات المتحدة تحرص على أن يسود الاستقرار في المنطقة وفي أنحاء البلاد العربية السعودية لما في ذلك من مصلحة للطرفين). ثالثا ـ ولقد تفضلتم بالاعراب عن ثقتكم بأن الحكومة التي أرأسها تمضي قدما في الاخذ بالنظم العصرية والاصلاحات التي هي ضالتنا المنشودة … واننا في سيرنا نحو هذه الاهداف نستطيع الاعتماد على مؤازرة الولايات المتحدة في الحفاظ على سلامة كيان المملكة العربية السعودية . رابعا ـ ثم ابنتم فخامتكم أن بلوغ هذه الاهداف يقتضي إشاعة جو من الهدوء والطمأنينة لا تعكر صفوه حملات اعلامية مثيرة معادية أو أتهامات واستفزازات في الداخل والخارج . وأشرتم انكم تؤازرون كل الخطوات التي تقوم بها للسير في مجتمعنا إلى مدارج التقدم. ثم أشرتم إلى ما صرحتم لي فخامتكم به أثناء اجتماعنا بواشنطون من أن الولايات المتحدة راغبة في تخفيف هذا التوتر. خامسا ـ ولقد عبرتم فخامتكم عما يخالجها من استمرار العلاقات الودية بين بلدينا فعلا، تلك العلاقات التي بدأت بداية مثمرة في عهد المغفور له والدنا الملك عبد العزيز، بل ومن افتتاح عهد جديد في العلاقات الامريكية السعودية لكي تكون الرابطة التي تربط بين بلدينا قائمة على تعهد كل منا لمصالحه تعهدا مستمرا على أساس ما يبني الإنسان من حقوق أكيدة بما يحقق قابليته للتطور والحرية. سادسا ـ فاني أبادر بالاعراب لفخامتكم عن شكري العميق على ما تضمنته هذه الرسالة من النوايا الصادقة نحو بلادي ومن تمنيات طيبة، وعلى ما تفضلتم بابدائه نحو شخصي من عبارات كريمة أود أن أعيد إلى ذاكرتكم أن تعهد وتوطيد علاقات المودة والتعاون بين الولايات المتحدة وهذه البلاد منذ أن أرسى والغي أساسه وما يزال محل اهتمامنا وعنايتنا. ولقد كان من دواعي سروري أن تؤكدوا عزمكم، في رسالتكم لي، على توطيد هذه العلاقات وزيادتها توثقا ورسوخا.. ونحن من جانبنا لا ندخر أي جهد في سبيل اقامة العلاقات على أساس من الادراك الواعي للمصالح الحقيقية لكل من البلدين وخيرهما المشترك. ومن أجل هذه الغاية ستمضي حكومتي نحو توثيق علاقات الصداقة والمودة التقليدية نحو زيادة وتنمية أسباب التعاون المثمر في كافة الميادين بين البلدين. والمؤامرات والمشاحنات لا تؤثر في تقريرها غير بعثرة الجهود البناءة ومكافحة التخلف ورفع مستوى السكان واستغلال كافة طاقاتهم "!". ولكن تجتمع اليوم أصبح وثيق الترابط وقد زالت حدوده ولذلك سنلجأ لمعونة الدول الصديقة لامدادها بثرواتها وامدادنا بماضي تجاربها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية لكي لا يعوقنا عن المضي في هذه السياسة الاصلاحية الكاملة أية عقبات بالغة. ومن العوامل التي تضطرنا إلى تكريس قدر كبير من جهودنا ومواردنا للدفاع عن كياننا ضد ما يوجه الينا… وكل امكانياتنا وطاقتنا للعمل الانشائي البناء… وفي الختام أكرر لفخامتكم شكري على رسالتكم وعلى ما تضمنته من عبارات وتمنيات طيبة لخير بلدينا وللإنسانية جمعاء وأنتهز هذه الفرصة لإجدد الاعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من صحة وهناء، ولمستقبل علاقات بلدينا من نمو مثمر وازدهار بناء. بيان من الخارجية الامريكية وقد أعلنت وزارة الخارجية الامريكية (أن علاقة أمريكا بالسعودية أصبحت علاقة ودية وثيقة. وبموجب معاهدة الحماية ستقوم الوحدات البحرية الامريكية بزيارة الموانئ السعودية في فترات متقاربة).. وبعد… بعد هذا الاعلان الامريكي لحماية العرش الذي باع بلادنا.. تولى السفير الامريكي ترحيل سعود من البلاد إلى أوروبا يوم 3 ديسمبر سنة 1962، لكن سعود لم يمكث أكثر من شهر حتّى عاد فجأة إلى الرياض دون اذن من أمريكا وفيصل، وأخذ ينفق الذهب والريالات بلا حساب، وأمر أولاده وعبيده، أن يوزعوا المنشورات ضد فيصل وأنصاره ويرحبوا فيها بسعود وعودته، وأن يقيموا له الزينات وأقواس النصر ويكتبوا عليها عبارات باسم الشعب (ان الشعب يرحب بك يا سعود!… ولا يقبل سواك ملكا!) فأمر فيصل وزير داخليته وأخاه وشريكه الامير فهد بن عبد العزيز بتحطيم تلك الزينات والاقواس والعبارات وضرب كل من يجدونه يقوم بوضع الزينات من أولاد سعود في الشوارع بأقدامهم. فألقوا القبض على خالد بن سعود وبطحوه أرضا وجلدوه من قدميه… وكان سعود يعد العدة للإستيلاء على الاذاعة واعلان بيانه بخلع فيصل والاستيلاء على كل سلطاته وطرد وزرائه وأعوانه… لكن فيصل وآل فهد تمكنوا من تشديد الحراسة على الاذاعة واحباط مخططات سعود…. واشتد الصراع بين سعود وفيصل وآل فهد إلى الحد الذي أخذ كل منهم يحشد قواته ضد الآخر، فوضعت المتاريس في الشوارع حول القصور وأخذ سعود يوزع السلاح والدراهم لمن يظن أنهم أنصاره… لكن من يعطيهم السلاح والدراهم يذهبون بها ولا يعودون بما فيهم أولاده.. لكن من يعطيهم السلاح والدراهم يذهبون بها ولا يعودون بما فيهم أولاده… فاستنجد بعدد من القبائل ضد فيصل، فرد عليه أحد الشيوخ الذين استنجد بهم، وهو ماجد بن خثيلة من شيوخ مطير، قائلا: " نحن لا نذكر منكم إلاّ المصائب. ولا تلتفتوا لنا إلاّ عند حاجتكم الينا وخاصة وقت القتال… صحيح أننا نحن الذين أقمنا لكم هذا الحكم بعد الانكليز طبعا، إلاّ أن ما يحدث الآن لا يعدو عن كونه خلاف بينك وبين اخوتك وليس لنا علاقة بكم سواء صلحتم أم قتل بعضكم بعضا"! هنالك كشف ماجد بن خثيلة عن ساقه ليريها سعود قائلا: "هذه آثار رصاصكم في معركة السبلة لا زالت وسوما فينا"!. ولو لم يكن سعود في ساعة انهيار لما سكت بالطبع على هذا القول!. مؤتمر القمة جزء من المؤامرة وفي تلك الآونة العصبية بين الطرفين والذي يقف فيها شعبنا موقف المتربص الفرح "المتفرج " على نهاية أحد الطرفين أو كلاهما أو جميع العائلة العدوة، وجه السيد الرئيس جمال عبد الناصر دعوته إلى عقد مؤتمر للقمة… بناء على اتصالات سعودية… ووساطات دفعوا فيها مبلغ مليون جنيه استرليني لمحمد محجوب الرئيس الاسبق لوزراء السودان ليستغل علاقته مع مصر فيتوسط!. فكانت فرصة لسعود أن يتجه للقاهرة لعلله بذلك يستطيع أن "يبيّض" تاريخه فيعود قويا كما عاد في المرات السابقة ويعيد سيطرته عندما يوافق على "حل" قضية اليمن وفلسطين ومجرى نهر الاردن!. والخ… لكنه عاد ولم يفعل شيئا رغم تغزله عندما قابل جمال بما تغزل به قيس بليلى: فقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألاّ تلاقيا ولان أمريكا كانت قد يسرت الأمور لصالح فيصل، والامريكان قد أعلنوا تنصيب فيصل وخلع سعود… وبعد مدة قصيرة من عودة سعود من مؤتمر القمة في القاهرة، جمع فيصل عددا من الامراء ورجال الفتاوى السعودية الذين كانوا إلى وقت قريب يدعمون سعود، فقبلهم بزيادة الاموال التي بذلها لهم فيصل وآل فهد ضد سعود عندما أحسوا بنهاية سعود ورضاء الامريكان عن عهد فيصل… فاجتمعوا جميعا في قصر الامير محمد "عليشة" الذي لا يبعد كثيرا عن قصر "الناصرية" قصر سعود بالرياض، فرآها سعود فرصة لا تفوّت لقتلهم جميعا… فجمع الحرس الملكي… وكان تعداد الحرس الملكي ما يقارب الستة آلاف وهو من حيث قوة السلاح أقوى من الجيش السعودي وأكثر عددا.. فأصدر أمره، وكان لا زال ملكا ـ اسميا ـ وقائدا أعلى للقوات المسلحة… أصدر أمره إلى قائد الحرس العقيد عثمان الحميد بالتوجه بقواته حالا لدك القصر على المجتمعين فيه وابادتهم جميعا وبلا استثناء ولا رحمه … وكانت فرصة لا تعوض ولا تسنح أبدا كل حين.. سعود، القائد الاعلى للقوات المسلحة؟ الذي كان لا يزال ملكا "رسميا" للبلاد يصدر أمره خطيا إلى قائد حرسه بقتل كل الرؤوس ـ الواجب قتلها ـ من اخوانه ورجال الفتاوى… يالها من فرصة ثمينة لا تعوّض لو وجدت من يستفيد منها… لكنها بحاجة إلى رجال لا أشباه رجال.. والرجال بالطبع هم خلاف عثمان الحميد ربيب القصور وتربيتها وخادم طغاتها ومواليدها… كان بامكانه ـ لو كان ثائرا آخرا مكانه ـ أن يأخذ الامر الملكي ويذهب بقوته ليطحن بها القصر ويذروه بمن فيه هباءاً منبثا… بل بإمكانه أن يصطادهم فردا فردا من قصورهم حتّى لو لم يجمعهم قصر واحد لانه يستند إلى قوتين، قوة الامر الملكي بقطع رقاب الامراء وتجار الدين وقوة الحرس الملكي، وقوة الشعب المؤيد… وكان نجاح الثورة مضمون (95 بالمائة) واحتمالات فشلها (5 بالمائة ضعيف) والفشل غير مضمون!. فان نجح، ونجاحه مضمون، فبامكانه أن يعود إلى الملك سعود وينهيه برصاصة واحدة أو مائة ألف رصاصة أو أكثر ويذيع بيانات (جمهورية الجزيرة العربية) ويرفع رايتها، راية العرب والانسانية، جمعاء، أما ان فشل فليكن عذره أنه جندي خدم أمته ودخل التاريخ من أسمى أبوابه لا من أسفل مواخير القصور. لكن عثمان الحميد أخذ الامر الملكي ـ الخطي ـ من سعود وتوجه به فورا إلى فيصل ليسلم نفسه له ويسلمه الامر، فسعود بالنسبة لعثمان الحميد قد انتهى، لكن دور عثمان الحميد في الخيانة لم ينته… ولكيلا يعصي أمر سعود فيفصله أو يقتله، سلم نفسه إلى فيصل ليستمر في خدمة القصور فهو لم يخلق إلاّ لها، فشكره فيصل، وأسرع بحل الحرس الملكي فورا ونقل أفراده فيما بعد إلى الحرس الوطني الذي يرأسه أخوه عبد الله بن عبد العزيز المتعاون مع فيصل ، ثم أمر بنقل عثمان إلى المدينة "المنورة" حتّى لا يثير شبهات حوله أو يسبب له حرجا أو خطرا قد يحدث له… وبعد شهرين فقط أعاده فيصل وآل فهد ليصبح مديرا لمكتب وزير الدفاع في الرياض، لانهم لا يجدون من يأتمنونه على أسرار فضائحهم سواه وأمثاله ومن ثم أصبح رئيسا لاركان الجيش "المسعدن".. وفي يوم 27/6/1383 هـ ـ 12/11/1964 أعلن أن 64 أميرا سعوديا ومجموعة من رجال الفتاوى السعودية قد بايعوا فيصل ملكا "للبلاد" وأيضاً "اماما للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها"!… أي والله … صدرت الفتوى هكذا!. ولا نعلم لماذا بايعوه.. اماما للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!. فمغاربها الامريكية والاوربية "امامته" عليها محتملة!. أما مشارقها فهي شيوعية لا تعجبه!! وبعد ذلك طوقوا قصر سعود وأرغموه على "التنازل لفيصل عن الملك وكل شئ"!… وهنا أخرجوا سعودا وسمحوا له بأخذ 45 من نسائه فقط، و40 من الحاشية والخدم والاولاد "لاعانته عليهن" بشرط أن يسافر بهم إلى أوروبا، وسيجري له مرتبه الاساسي. وكان مرتبه الذي أقره له اخوته "المنقلبون" 17 مليون دولار شهريا "بدون غلاء معيشة"! وهو مبلغ قد يصرفه الملك وولي العهد في أسبوع!… واشترطوا قطعه عنه في حال سفره إلى أي بلد عربي! وما أن مرّ بمطار بيروت حتّى هرب العديد من حريمه، وهرب ما تبقى منهن في اليونان ولم يبق معه سوى أم "مقرن" وهي التي سبق لها أن تسببت بخصي اثنين من عمال البناء السوريين من دير عطية حينما كانا يعملان في قصرها بعد أن ـ نكحتها ـ ومعها أم شقران، فافتضح الامر وعاقب الملك العاملين بقطع خصية من كل واحد، أما أم مقرن وأم شقران فقد اكتفى بتقصير شعرهما الطويل الذي اعتبره سبب الاغراء!… أما "قطقوطة" البالغة من العمر 14 سنة، فقد هربت من الملك سعود مع أحد الشباب اليونانيين حالما وصل الملك إلى منفاه الأول في أثينا، وكانت من أصل لبناني أهداها إليه الرئيس الأسبق كميل شمعون "رئيس حزب الاحرار" ويوم أن أهداها كان عمرها لا يتجاوز سن الثامنة، فتربت في أحضان سعود وأولاده..!… هذه فقط هي التي بكاها سعود بمرارة وقال: "انني ما بكيت على ضياع مملكتي مثلما بكيت على ضياع قطقوطتي الصغيرة"… ولم يحتمل البقاء بعدها في اليونان فاتصل بعدد من سفارت الاقطار العربية وخاصة ـ سوريا ـ لبنان ـ العراق "للانتقال إليها والنضال منها ضد فيصل وآل فهد والامريكان" لكنهم رفضوا، وكان أبعد ما يفكر فيه هو أن تقبله القاهرة في عهد جمال عبد الناصر الذي تآمر عليه مرارا، لكن جمال وافق، وقالها سعود قبل أن يقولها لسان حال جمال: "لقد تآمر عليّ فيصل وآل فهد وبعض اخوتي متعاونين مع الامريكان ضدي وأبعدوني فقبلني جمال عبد الناصر الذي كنت خصمه"!… وكان الملك سعود ـ وهو يردد ما قاله من "نقد ذاتي" بعد فوات الاوان ـ يذكر أدواره وعائلته ضد وحدة عام 1958 بين مصر وسوريا وكيف لعب وزوجته أم خالد، وابنها خالد، وأخواها، الذين اتصلوا بالنائب السوري عزيز عبّاد ـ بصفة أم خالد منهوبة من منطقته ـ ودفع له الملك ـ 11 ـ شيكا بمبلغ مليوني جنيه استرليني ـ 20 مليون ليرة سورية وقتها ـ وحمله الملك عددا من الرسائل لوزير الداخلية رئيس المخابرات عبد الحميد السراج بعد أن ظن أنه "طبّقه" يطلب منه فيها طلبات كثيرة ومتنوعة لكنها متشابهة تنصب كلها حول ثلاثة مطالب معينة، وقد نشرت واحدة منها في مكان آخر، وفيما يلي ما ورد في الرسالة المشابهة الثانية: 1 ـ عدم قيام الوحدة بين سوريا ومصر بأي شكل لكونها وحدة "وسخة" على حد تعبيره… 2 ـ تسلم ناصر السعيد، فهذا الشخص متآمر ضدنا وقام بعدد من المؤامرات في المملكة، ولا تنسوا أن تسلمونا أوراقه معه لانها أوراق مهمة"!". 3 ـ اغتيال جمال عبد الناصر، بإرسال طائرة من سلاح الجو السوري لضرب طائرته القادمة من القاهرة أثناء قدومه لإعلان الوحدة في دمشق وبعد اسقاط الطائرة تتهم إسرائيل بضربها ويعلن من الاذاعة أن طائرة اسرائيلية تصدت لطائرة جمال فأسقطتها وانا لله وإنا إليه راجعون .. "!" لكن السراج كشف المؤامرة، وكان دور عزيز عباد وطنيا في لعبة دور الوسيط لكشفها، وقد نشرنا كافة الوثائق في كتاب مؤامرات آل سعود "مؤامرة سعود أم خالد"… وفي يوم 21 فبراير 1958 ـ أعلن جمال عبد الناصر قيام الوحدة من دمشق، واستدعاني لمقابلته، وقابلته في قصر الضيافة، وحرص بعد هذه المؤامرة للعمل ضد هذه الاسرة السعودية الفاسدة… المهم: عاد الملك المخلوع سعود إلى القاهرة من منفاه في اليونان ـ بعد كل هذه المؤامرات ـ وسمح له بالقاء خطابات من اذاعة "صوت العرب" من غير برنامجنا "أعداء الله" وكان يوجه كلامه "إلى شعبه العزيز" ويكشف فيها "دور فيصل وآل فهد والامريكان في التعاون ضد البلاد" الخ… لكن عمر… توجيهات "طويل العمر" كان قصيرا… إذ اوقفوا توجيهاتنا المذاعة ـ مع بدء مؤامرات مؤتمرات القمة ـ حيث لم يترك فيصل وآل فهد ـ ابن حرام ـ في الوطن العربي إلاّ ووسطوه لايقاف اذاعتنا المثيرة التي خلقت وعيا لا نظير له من 1961 ـ 1964 ، ونجحت مؤتمرات "الخمّة" في تثبيط الوعي فيما فشلت لعبة من أطلقوا على أنفسهم "الامراء الاهرار"… ومن الطبيعي أن لا يتركوا حتّى صوت الملك سعود المبحوح ينادي "شعبه العزيز!" الذي لم يبق له في أرضه موطئ قدم. آل فهد وفيصل يغتالون أخاهم سعود فخرج "الملك" سعود غاضبا من القاهرة وعاد إلى اليونان في 17/ 12/ 1968 وهناك استأجر 60 غرفة في فندق كافورين، على شاطئ البحر، ومنذ اليوم الذي وصل فيه بدأ تحرّك فيصل وآل فهد للتخلص من أخيهم سعود، وكانوا قد أحاطوه بعدد من جواسيسهم الذين زعموا أنهم من أتباعه… ومن بين هؤلاء "مملوكه" بالعبد ـ الوحيد ـ الذي سمحوا له بالسفر معه من عبيد ويدعى هذا البعد "مبيريك" تصغيرا لكلمة "مبارك" وكان مسروقا من السودان.. فسلموه كمية لا تزيد من خمس نقط بالقطارة من سم "الاكونتين" ـ وهو نفس السم الذي أعجبتهم سرعته في قتل أخيهم سعود به ـ فدسوه لعبد الناصر بواسطة حسن التهامي والسادات… هكذا "سمم" آل فهد وفيصل أخاهم سعود بشهاد الطبيب يوم أن أقدم العبد مبيريك بوضع هذه القطرات السامة السريعة في كأس من عصير التفاح ناوله "العبد" لسيده قبل الغداء… وعلى وجه التحديد في الساعة الثانية والنصف من يوم الاحد 23/2/1969 وحدثت الوفاة في الساعة الرابعة و20 دقيقة وهكذا ترون ـ أن آل فهد وفيصل لم يمهلوا أخاهم سعود بعد عودته لليونان، بتأثير جواسيسهم الذين كانوا معه مفتعلا الزّعل علما أن القاهرة لم تخرجه، لم يمهله آل فهد أكثر من ثلاثة أشهر بعد وصوله لليونان التي وصلها كما ذكرنا يوم 17/12/1968 وبشهادة طبيبه النمساوي الدكتور جورج هولمز ـ الذي استعان بالطبيب اليوناني البروفسور فاسيليوس ملاموس، أكد الطبيبان من تحليل أظافر الملك سعود وخصلة من شعر رأسه ودمه أيضاً "أن الوفاة حصلت من مادة سامة شديدة السميّة ويرجح أنها من نوع يدعى الاكونتين" … ولما حاول البروفسور تشريحه تدخلت السفارة السعودية وقالت "ان التشريح يحرمه الدين"!َ! "دين السعودية" طبعا… وفي عشية ذلك اليوم نفسه أي بعد ساعة من وفاة سعود، توجه الامير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع ـ شقيق آل فهد ـ الوالغون بدم أخيهم، وأشرف على الاجراءات بنفسه واصر على نقل جثته إلى الرياض، وصرح سلطان "ان وفات الملك سعود حدثت نتيجة نوبة قلبية"!… بينما صرح بعض أولاد سعود الذين معه لوكالات الانباء (ان الملك سعود قد قضى فترة الصباح وهو يتمشى أمام الفندق ويتحدث إلى بعض أولاده وأحفاده وانه لم يشكو من شئ إلاّ بعد أن شرب العصير الذي قدمه له العبد مبيريك إذ شعر بشئ من الضعف لكنه طلب احضار الغداء فتغدى، وبعده بدأت قواه تنهار ويتصبب عرقا حتّى فارق الحياة)!. وحرص الامير سلطان المتورط في جريمة الاغتيال أن لا يترك أحدا من خدم سعود وأولاده وما تبقى من حريمه ـ التي هي "أم مقرن" وكان سعود قد زوج ابنته ـ عبطاء ـ لامين سره المواطن عبد الرحمن بن غنيم، فراح سلطان يتودد "للصهر العزيز" إلى حد أنه حمل ابنه منها وحرص على حمله حتّى أثناء ركوبه بالطائرة، وما زال يحمل الطفل حتّى هبطت الطائرة في مطار الرياض، فقذف الطفل بوجه والده وأخذ يشتم الطفل ووالده، وفي الحال أمر باعتقال "الصهر العزيز" وأمين سر سعود وأمين السر الثاني ناصر العنبر، وطلّقوا بنت الملك سعود من زوجها ابن غنيم!. وواصل آل فهد اغتيالاتهم واعتقالاتهم للعديد من المواطنين بحجة أنهم ممن تعاطفوا مع الملك سعود، وهذا غير صحيح، بل وصل الهوس الجاهل بآل سعود، إلى منع حتّى ذكر اسم الملك سعود من كل تاريخ آل سعود القذر… لقد كانت هذه بعض معاملتهم لاخيهم سعود حيا وميتا زاعمين "انّه لم يتح له فرصة لهم أكبر في الحكم" للتسلط والعربدة والنهب فكيف هي حال المواطنين الذين تولوهم؟! معذرة أيها الشهداء الكثر أيها الشهداء… معذرة ان تحدثنا عن "سعود" الذي اغتاله آل فهد بنفس الطريقة التي كان بها يغتال والده الناس، فأهملنا هذه الاسماء التي سنورد ذكرها فيما يلي كنماذج شتى لاشكال متباينة ممن اغتالهم مصاصو الدماء آل فهد… انها نماذج ـ فقط ـ نضرب بها الامثال: 1 ـ النقيب عبد الله فرج القطان اغتاله آل فهد ووضعوه خلف مقود سيارته ووضعوا إلى جانبه زجاجة خمر، وكانوا قد حققوا معه قبل الاغتيال عن علاقته باتحاد شعب الجزيرة ولقاءاته مع ناصر السعيد في دمشق. 2 ـ الزائد وصفي المداح قتله آل فهد في السجن عام 1969 ـ بتهمة التخطيط للثورة وانتماءه لاتحاد شعب الجزيرة. 3 ـ العقيد محمد الذيب رئيس الحرس الملكي اغتاله آل فهد بالسم في بادن بادن بتهمة التخطيط للثورة وذلك عام 1957 وكان ذلك في مستهل حملات اغتيالاتهم. 4 ـ طلعت وفاء مدير الامن العام الاسبق اغتاله آل فهد في بيروت بتهمة عدم التعاون معهم. 5 ـ عبد المجيد الشماسي قتله آل فهد في السجن عام 1969 بتهمة أنه مسؤول حزب البعث في القطيف. 6 ـ عبد الرؤوف الخنيزي قتله آل فهد في السجن بتهمة أنه شيوعي. 7 ـ حسن فرج العمران وعبد الواحد الجبار ـ أعتقلا في 4 حزيران 1970 واغتالهما آل فهد في ليلة 15 حزيران 1970 ودفنا في حفرة واحدة بحديقة السجن في جدة… الحديقة التي تضم أكثر من ألف شهيد في بطنها… والتهمة التي وجهها عقيد المباحث السعودية الباكستاني حسين محمد جعفر ـ حسبما أوردتهما صوت الطليعة في عددها 18/10/ 1978 ـ (ماهي علاقتهم بالانقلاب الفاشل، وما إذا كانوا واجهة لجورج حبش أو نايف حواتمه أو محسن إبراهيم وما هي علاقتهم بناصر السعيد واتحاد شعب الجزيرة العربية)!… 8 ـ سعد العتيبي "صاحب معرض لبيع السيارات في شارع البطحاء" اغتاله آل فهد بتهمة انّه يكره آل فهد!. 9 ـ عبد الرحمن بن شعيل "موظف في وزارة المواصلات" اغتالوه بوضع "غترته" في رقبته. 10 ـ صالح إبراهيم الرشودي "معقب معاملات" اغتيل بيد الامير سلمان (مع أن معظم الاغتيالات تتم بيد الامير سلمان أمير الرياض وهو في الوقت نفسه مدير مخابرات آل فهد الخاصة)… 11 ـ عبد القادر البغدادي "موظف بالتشريفات الملكية" اغتيل بطريق مطار الحويّة خنقوه ووضعوه خلف مقود سيارته. 12 ـ ماجد الاطرم اغتاله محمد بن هلاّل المطيري ـ وابن هلاّل عميل مختص بالاجرام وهو الذي اغتال العديد من بينهم الثائر خالد بن مساعد عام 1966. 13 ـ الفتى سلطان بن سعد بن سلطان ـ ابن وكيل أمارة الرياض ـ اغتاله الامير سلمان بيده وحمله محمد بن هلاّل وعلوان بن أحمد اليماني (صاحب فرن في الرياض) وألقوه في بئر قصر الامير خالد بن سعود، ليتهموا بقتله "الامير خالد" ومن ناحية ينتقم الامير سلمان من والده المشكوك بولاءه لآل فهد!… 14 ـ محمد صالح التكروني أعدمه الامير سلمان بحجة أنه شهر مسدسه على أحد أفراد المباحث السعودية…. 15 ـ عبد القادر السوداني "مقاول" اغتاله الامير سلمان بحجة أنه يتعامل مع السوريين، وزعموا أنه انتحر بعد أن أفلس!… 16 ـ سالم الحضرمي "بقال بشارع المرقاب" اغتاله سلمان بذات التهمة. 17 ـ زكريا حافظ اغتيل بمواد سامة وضها له عبد الرحمن بن فزيز رئيس مركز ما يسمى "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" بالمرقاب في الرياض الذي دعاه للغداء!. فكان الغداء الاخير ومن ثم اعتقلوه أخاه… 18 ـ أحمد التيس ـ يماني ـ 19 سنة ـ قطعت يده وأعيد للسجن مرة أخرى ودمه ينزف فمات وتهمته "مشكوك في حبه للبيت المالك السعودي وتأييد حكم عدن"!… 19 ـ عبد الرحمن الشرقي اعتقل ظلما فأضرب عن الطعام، فمنع عنه الماء والغذاء والدواء فمات في السجن يوم 17/6/1968 وتهمته الاستماع لإذاعة العراق، التي كانت تهاجم آل سعود. 20 ـ محمد عيد التميمي، يطلق عليه اسم "شهيد الكتاب الاخضر" إذ ألقي القبض عليه في مركز (حالة عمّار" في الحدود الشمالية الغربية ومعه نسخة من الكتاب الاخضر فقتله آل فهد بالسجن. 21 ـ عبد الله السبحي "سائق" مات في السجن دون أن ينقل للمستشفى. 22 ـ عباس السبحي مسجون منذ عام 1965 وحينما راحت ابنة أخيه الاكبر تراجع به الامير فهد: وعدها بمراجعته ليلا في الوزارة!. فاعتدى عليها وكانت باكرا، ولما أخبرت والدها هاج من الغضب وراح إلى "أمير المؤمنين بالنكاح فهد" ليلعن والده، فاتهموه بالجنون وأدخلوه زنزانة رقم 1 بالمباحث العامة بالرياض. 23 ـ الرقيب بالشرطة فايز العنزي اعتقل لمدة ثلاث سنوات في سجن الملز بالرياض ومات فيه دون أن ينقل للعلاج وتهمته أنه سمح لبعض ذوي المساجين بالزيارة. 24 ـ قتل آل فهد وفيصل عام 1977 /18 / شخصا من أبناء اليمن بتهمة انتماءهم لاتحاد شعب الجزيرة العربية والقيام بتفجير المؤسسات الامريكية والقصور وأنابيب البترول والقواعد. 25 ـ الجندي عبد الهادي اليامي وثلاثة جنود معه، ماتوا في سجن الملز بالرياض بتهمة السماح بزيارة بعض المساجين. 26 ـ سلطان بن هذلول الدوسري، وعايض بن خرّيف موقوفان في سجن الملز من شهر تموز 1965 … ان لدى السعودية أكثر من ألفي سجن، كلها أصبحت مقابر مليئة بجثث الشهداء. وقائمة ضحايا آل فهد طويلة: منها المقتول ومنها مقطوع اليد والقدم ومنها مهتوك العرض ومنها السجين ومنها "معوور" العين: مثل نقيب المباحث أحمد الحضرمي الذي أعمى عينه الامير فهد، بتهمة أن دمعة ذرفتها عينه على جمال عبد الناصر… ومنهم من أعموا عينيه مثل أحمد الدرسوني بعد سجنه مع الملاحظة: اننا لم نستأذن الدرسوني في نشر صورته وموضوعه فمعذرة منه، مع أن هذا من حق التاريخ، لا من حقه، بعد أن أصبحت مأساته جزء من تاريخ جرائم الاحتلال السعودي: اثني عشر سنة دار خلالها عددا من سجون الرياض والحجاز والمنطقة الشرقية ونفوه عن وطنه بعد اقعاده عن الحياة العملية بالرغم من اعادتهم إليه الجنسية السعودية التي لا تشرف حاملها… ولو كان ما حدث له في بلد يحكم بالاسلام لطبّق شرع القرآن في القصاص "العين بالعين" فأعميت عيون آل فهد، الذين أعمى المال والجنس والتسلط قلوبهم، ولو أن ما حدث له وأمثاله فعله "استعمار شريف" لا قام هؤلاء الضحايا الدعوى ضد هذا الاستعمار، لكننا نعيش في حكم القبور وديانة "الزبور" وتعوير عين شخص واحد لا يهمهم أن يكملوا بها العدد لاكثر من نصف مليون عور وعوراء وأحول وحولاء بدءا من الملك عبد العزيز حتّى فهد بن عبد العزيز، واعماء شخص آخر لن يجعل منه العمى "السعودي" شاذا بين نصف مليون أعمى بدءا بجميع القضاة السعوديين ومرورا بمفتي الديار ابن إبراهيم وعبورا برئيس ما يسمى بالجامعة الإسلامية ابن الباز الذي لم ير الأرض منذ أن خرج من فرج أمه إلى أن أفتى أن الأرض لا تدور؟… ومن يدري: لو يصبح هذا الذي أعماه آل فهد قاضيا أو مفتي ديار أو رئيس جامعة يتحسس الجنس باللمس كغيره من القضاة، الذي هو أجدر منهم، لكن مشكلة الدرسوني أنه رأى الأرض وهي تدور ودليل دورانها أن آية الله الخميني انتقل من منفاه في باريس إلى حكم إيران، والآية الاخرى أن قواد إيران الملك الشاه انتقل من إيران وما زال يدور في الأرض ولم يجد قطعة أرض يطمئن للوقوف عليها رغم كثرة أملاكه ولم تقبل به حتّى صاحبته السعودية وأمريكا بعد أن أهدر الثوار دمه!… مما جعل لصوص مملكة العميان يعلنون "استنكارهم لخيانة السادات" بعد أن كانوا سماسرتها… والحديث عن مملكة عميان القلوب يذكرنا بقصيدة لاستاذ زار "المملكة السعودية" للتدريس فيها وسمه: أحمد إبراهيم عبد الله، بعد أن كتب له العيش بين جموع من "العميان والعور" في حكم لا يقبل به إلاّ صاحب الشرف المنحور والعرض المأجور والضمير المهجور والعقل المنخور، فتمزق ضمير الاستاذ الحر درعا بما رآه، لا لسبب إلاّ لانه لم يذهب كبقية المستشارين والمرتزقة بل ذهب بضمير شريف، فقال قصيدة طويلة منها: أحيا بعيدا أحيا بعيدا عن الخلان في بلد لا يشعر المرء فيه أنه بشرُ

أحببت قومي من بدو ومن حضر والقوم حولي لا بدو ولا حضر

لا تبصر العين فيه منظرا حسنا تأوي إليه فماذا ينفع البصر؟

انظر إلى كل وجه في الطريق تجد من كل عينين عيناُُُزانها عور

والآن هذه مجرد عينات للبينّات السعودية التي يدافع عنها الامريكان بصفتها جزء من حقوق الإنسان التي يطالب الامريكان بتطبيقها "سعوديّا" في الدول الاشتراكية دون أن يخجل الامريكان من تكالبهم في حماية هؤلاء الوحوش السعوديين الذين تخطط لهم المخابرات الامريكية سوء أعمالهم وقد مسخوا الإنسان اسما وأرضا وجسدا ووجودا في الجزيرة العربية… "الملك الأول فهد" متلبسا بالجرم المشهود، بالزنا الذي يرجم الامير وقحبته من أجله بصفته متزوج من أعداد كثيرة من النساء ـ وفي حال كونه ـ من سائر البشر، أما أن يكون ملكا وولي عهد ورئيس وزراء ومقاول دين وحاكم لبلاد المسلمين و"قائد" للعرب… فهذا ما يستحق عليه الاعدام بالطريقة السعودية ذاتها تنكيسا من قدميه أو شنقا من زبره أو خوزقة من دبره… ملك المسلمين يزني علانية ـ والعياذ بالله ـ ملك المسلمين يسكر علانية مع كارتر ـ لا حول الله ـ، ملك المسلمين يلعب القمار في الليل والنهار ـ انا لله ـ ، ملك المسلمين ينكح … يا أهل الله … ومع ذلك يغسل كعبتكم بيديه! فهد، الزاني، الذي تراه في الصورة يحاول اخفاء عورة وجهه، حبا في الستر، لان كلمة "ستر" تشتق من "ستربتيز" وانطلاقا من حب "الستر" تنطلق ديبلوماسية النكاح وسياسة الانفتاح السعودية "لتوافق على كل مقررات مؤتمرات القمم" تمشيا بقواعد السياسة السعودية القائلة (قل ما لاتفعل وافعل ما لا تقول… واضحك على الجماعة تكتفي شر الاذاعة… وإذا هبّت عاصفة فلا تقف بل سر معها ليتطاير منك القمل ولا يدفنك الرمل)… (ولكي تصبح برئ الذمة وافق على كل مقررات القمة). (لا تعارض لكيلا تفقد عاصمتك العارض… وان أردت أن تصبح قائد العرب المتنفّذ فقل ولا تنفذ)… (اشتم إسرائيل وانتقد أمريكا ـ واخدم إسرائيل عن طريق أمريكا)… هذه هي ملامح سياسة العائلة السعودية، منذ أن كان اسمها عائلة "آل مردخاي" حتّى اصبح اسمهم آل سعود… وبعد: أتعلمون من هو الفهد؟… الملك القدوس الجبار المتكبّر المهيمن فهد "العبد" العزيز ـ في الصورة ـ كما تراه ـ يحاول ستر وجهه لكن "التكنولوجيا" أسرع من "الفهد لوجيا" و"السعود لوجيا" فالتقطت له هذه الصورة… بهذه الصورة… المضبوط فيها مع قحبته… وهو الذي كان من عدله ما يلي: 1 ـ في العام الماضي كان شاب من عائلة آل دغيثر يقود سيارته في الرياض ومعه والدته العجوز فتوقف في شارع البطحاء لانزالها لشراء حاجة، فضربته "هيئة الامر بالمنكر والنهي عن المعروف، بحجة أن أمرأة تركب إلى جانبه!. فدافع عن نفسه (والدفاع عن النفس والارض والعرض حق مشروع في شريعة محمد) لكن الزاني فهد بن عبد العزيز أمر بقتل هذا الشاب… 2 ـ طالبة سعودية قالت انها تحب صوت أحد المطربين ففصلتها المدرسة وحرمتها من دخول المدارس… 3 ـ "مدارس البنات لا يُدرّس فيها الرجال إلاّ إذا كانوا من العمي أو البنات من العمي"… ونسبة العمي ـ بالمناسبة ـ هي أعلى نسبة في العالم في بلاد العمي. الفهد والفهود هذا الفهد ـ من آل الفهد، وآل فهد، سبعة "أفهاد" أو "فهود" أشقاء يقودون "اللوبي السعودي" والبعض يسميهم "آل حصة" نسبة لوالدتهم حصة آل السديري ـ اضافة لاستحواذهم على حصص كثيرة من الميزانية والاراضي والشركات والسمسرات.. فآل حصة يهيمنون مع أخوالهم آل السديري على كل مقاليد التسلط والسلطة والقوة في البلاد… ويطلق عليهم البعض اسم آل فهد، نسبة لكبيرهم "فهد"… وفهد هو صاحب القرار الذي أصدره منذ أن كان وزيرا للداخلية وينص على ما يلي: أ‌. (يمنع زواج أي مواطن بأجنبية من أي بلد عربي وهذا القرار لا يسري على الامراء).. الخ… علما أن معظم زوجات الامراء وعاهراتهم وجواريهم "أجنبيات" فالفهد وحده قد تزوج من "الاجنبيات" أكثر من /2000 زواج / علني لكنه غير مشروع… وللفهد وآل فهد "فيلات" في الكيلو 10 بمدينة جدة وعددها 360 ـ دارة ـ بعدد أيام السنة ـ في كل واحدة منها قحبة من بلد يختلف عن الآخر… ب‌. وبموجب منع الزواج بـ "الاجنبيات" سرح "الفهد" من الجيش "المسعدن" ما يشكلون بمجموعهم لواء كامل… لا لسبب إلاّ لانهم تزوجوا من الاردن وسوريا ولبنان ومصر أثناء وجودهم في هذه الاقطار… ولدي أسماء كل هؤلاء… ت‌. أن ما يصرفه آل فهد وذويهم على بطونهم وفروجهم لشهر واحد فقط يمكن له أن يعمر آلاف القرى المهدومة في لبنان، بل يعمر كل خراب لبنان… ث‌. ان ما يملكه آل فهد من المليارات في أمريكا وفرنسا وسويسرا لا تتسع عشرات الصفحات لاحصائها… ج‌. يفضل الفهد الذهاب إلى اسبانيا لان له جنّة كلفته ستة مليارات من الدولارات "من جيبه الخاص طبعا" ويسميها ـ أدباء الجنس ـ "منتجع الفهد" للتقليل من شأنها، وليس هذا ما يدفع الفهد فقط للذهاب إلى جنته في اسبانيا ابتداء من نيسان حتّى حزيران ـ من كل عام ـ في وقت يقل فيه الفضوليون من سواح العرب المستعربة والعاربة والهاربة ـ بل ليس ما يدفع الفهد أيضاً للذهاب إلى اسبانيا حب "الستر" فقط، انّما بالاضافة إلى هذه الشروط المتوافرة: يضاف تكاثر الاجناس الجنسية الثلاثة ـ في منتجعه ـ الجنة، والاجناس هي: الحور العين و"الغلمان" و"الفعلة" وبما أن المفعول به دائما منصوب في بلادنا فكل أمير ناصب ومنصوب والفهد "منصوب وناصب" مارس النصب طويلا بتقلده المناصب من صغره... وفي هذه المناصب كان الفاعل والمفعول به!. ولا علاقة "لسيبويه" في الموضوع. ح‌. ومحافظة على التراث يفضّل الفهد الذهاب إلى اسبانيا في هذا الفصل بالذات مما يجعل بعض الصحف تحتار في تفسير رحلاته مع أنها لا تخلو من التآمر ـ لكنها رحلة جنسية في غالبها يجدد فيها شبابه ويرخي أعصابه ويستبدل ثيابه تمشيا مع حكمة الملك فيصل ووصيته وهو على فراش الموت حين قال: (أريحو القلوب ساعة بعد ساعة: فساعة للرّب وساعة للنّهب وساعة للزّب وساعة لقطع رقاب الشعب)… خ‌. ان الفهد وآل فهد "فيلات" وبنايات وقصور وشقق في مصر والمغرب وتونس وفرنسا وايطاليا والمانيا وسويسرا وبيروت وانكلترا وأمريكا، لكن هذا ليس فيصل الذهاب إليها ـ في رحلة الربيع والصيف هذه اضافة إلى أن الرحلة في مثل هذا الفصل فصل خيانة السادات قد تفسر بأن السعودية خلف خيانة السادات مع أنها أمامها، إذا فليبتعد الامراء عن مواطن الشبهات السياسية إلى مواطن الجنس البشري في هذا الفصل بالذات فأعصابهم بحاجة للراحة، ما دامت السياسة السعودية تديرها أمريكا من الداخل والبترول تديره شركة أرامكو الامريكية من منابعه حتّى أسواقه، وما دامت المساعدات لمصر السادات وسودان النميري وعملاء اليمن جارية… وما دامت السعودية تدفع سنويا ما قيمته عشرة مليارات من الدولارات كمساعدات ومرتبات للنميري وجيش السادات الموجود في السودان وعُمان والكنجو بما في ذلك قيمة الطائرات والاسلحة التي بدأت السعودية بدفعها والتكفل بالاستمرار بدفعها منذ أن وافق السادات على طلب السعودية بابعاد الخبراء السوفييت عن مصر عام 1972 واستبدال السلاح الروسي بسلاح أمريكي… وذلك جزء مما سماه هيكل "بالحقبة السعودية" ودعا للاستسلام لها.. فليكن شعار "الحقبة السعودية" إذا (النفط غفار الذنوب والجنس مكثر الشعوب). يقول آل سعود "ان كل ما في الدنيا قد سخره الله لنا ـ بما في ذلك الامريكان رواد القمر وسادة الأرض والسماوات"!.. وبناء عليه فان أي فتى يسير في الشارع وتعجب به أميرة منهم أو أمير، يختطف هذا الفتى وان رفض يقتل… وعلى هذا المنوال تسير السياسة السعودية "في الخارج" فالرئيس عبد الناصر اغتالوه، وأتوا بالسادات خليفة له لان عبد الناصر كان اول قائد حاربهم في اليمن، وفتح لنا اذاعاته وقال في خطاباته: (ان أعوان الاستعمار آل سعود أشد خطرا من الاستعمار ذاته… وان جزمة جندي مصري يقاتل الرجية السعودية في اليمن أشرف من عقال الملك فيصل الذهبي… و، سأحارب الاستعمار في قصور الرجعية وأحارب الرجعية في أحضان الاستعمار).. الخ… لكنهم حاربوه وحرضوا أمريكا لدعم "إسرائيل" لاحتلال مصر وسوريا، واغتالوه عبد الناصر لان الجهاز الذي استخدمه جهاز فاسد… وبذات الطريقة قتلت السعودية "علي بوتو" لانه رفض التعامل مع السعودية وشل حركة عملاء السعودية في باكستان من أمثال "جماعة أسلامي" وزعيمها الروحي مودوري العميل وزعيمها الثاني في العمالة "ميان طفيل" اللذين دفعت لهما السعودية الملايين، وأخرجت السعودية "ضياع الحق" بانقلابه ضد بوتو. وأخيرا: أصر "الامير فهد" على التخلص من بوتو قتلا، وقد قتل بوتو بالسيف السعودي الذي أهداه الامير فهد للخائن المسمى "ضياء الحق" بل ضياء الباطل… ولم يقتل بوتو شنقا كما زعمت السلطات التي قتلته سرا في ساحة السجن، وهذا ما أكدته بعض الاوساط السعودية المقربة… وبدأ لصوص باكستان الحكام وقضاتهم بتطبيق سياسة السعودية بجلد الابرياء وقطع أيدي الفقراء… وتأكيدا على أن الجنس محرك آل سعود، وأتباعهم، نسوق هذه الامثلة ـ كأمثلة فقط ـ لملايين الجرائم الجنسية، أما المالية فلها كتاب آخر… 1 ـ شاهد الامير الفهد مصرية أثناء صعوده معها في مصعد عمارة الامير طلال "عمارة السعوديين" بالعجوزة في القاهرة: فهاج وماج واقتحم شقة أهلها ولم يخرج من عندهم إلاّ بعد موافقة أهلها، وكلفه "زواجها" عشرة ملايين… فأضافها إلى أرقام حريمه "الاجنبيات" متعددات الالوان والجنسيات… 2 ـ أعجبه رنين اسم "مكة" جمال القطن في حلب لعام 1958 حسناء وفائي، فحمل صورتها وتقدم لخطبتها، لكنها رفضته وملايينه قائلة انها مخطوبة لمهندس من عائلة البرازي… ولم يهن عليه رفضها… وبعد زواجها ـ بالمهندس المذكور ـ دفع بسماسرته لاغراء زوجها بتشغيله كمهندس في معمل المياه الغازية في الرياض بمبلغ يسيل له اللعاب، فوافق الزوج، وانتقل ونقل معه بالطبع ـ بيت القصيد ـ زوجته الحسناء "حسناء" واستلم عمله ومسكنه وسيارته في الرياض، وفي اليوم الثالث، وبينما كان الزوج في عمله هجم سماسرة "الفهد" إلى "الملكة" فاختطفوها وصانعتها السورية معها… وعاد الزوج المفجوع إلى بيته فلم يجد زوجته ولا صانعتها بل وجد آثار الدماء، ولما ذهب يسأل الشرطة قيل له: ان زوجتك أصيبت بنزيف دموي ونقلناها إلى المستشفى لاسعافها وفي المستشفى ماتت!. كذا.. قال: كيف ماتت؟. قالوا له: ماتت!. "الله موتها"! قال لهم: والخادمة؟.. قيل له: لم نعرف… قال لهم: أين جثة زوجتي؟ قالوا له: دفناها؟.. قال لهم: أريد أن أستلم جثة زوجتي لادفنها في حلب… قيل له: ان الدفن في ديرة المسلمين الرياض أقرب إلى الجنة من ديرة الكفار اضافة إلى أنها قد حرمت عليك زوجتك بعد أن ماتت ولم تعد زوجها والدين لا يبيح لك الاطلاع على عورات النساء!!… قال لهم: كيف يبيح لكم دينكم الاطلاع على جسم زوجتي ولا يبيح لي ذلك؟… قالوا له: اقطع واخس "اخرس" قال لهم: أرجوكم أن تروني قبرها لازورها… قالوا: تفضّل، فأخذوه إلى قبر جديد، دفنت فيه جثة لتوها ثم أعادوه إلى بيته… وما أن غادروه حتّى عاد إلى القبر ونبشه… وإذا به أمام جثة الخادمة المسكينة التي قتلوها!… فحملها بين يديه وهو يصرخ كالمجنون: (يا طواغيت.. يا أولاد الزنوة… قتلتم خادمتي وسرقتم زوجتي)… ثم وصل بها إلى قصر أمير الرياض وهو شقيق فهد واسمه سلمان.. فاعتقلوه وأوثقوا يديه ورجليه وأفتوا بكفره لانه أخرج جثة من قبرها واعتدى على حرمة الاموات والعياذ بالله!.. وقرروا بقطع يده… ـ لكنهم "غفروا له!" "وان تعفوا وتصفحوا ذلكم خير لكم!." .. فأبعدوه إلى دمشق.. وما تزال زوجته في قصور آل فهد… وأقام الدعوى. ولكن أي دعوى تقام وعلى من تقام في بلد مسخه آل سعود ومسخوا كل ما فيه، وسخروا أمريكا لخدمتهم، وأقفلوا أبواب الدنيا الاربعة فأطبق الصمت فأصبح هؤلاء القوادين، هم القادة!… قادة العرب. والمسلمين أيضاً!. 3 ـ والمثال الثالث، سافر "الفهد" إلى أمريكا ـ عام 1964 ـ فأقام له الطلبة السعوديون حفلة "لتكريمه" وفي هذه الاثناء شاهد الفهد صيدة جديدة اسمها ـ لؤلؤة آل إبراهيم فسأل عنها: "أهذه من بناتنا؟!.." قيل له: "نعم من بناتكم طال عمرك انها زوجة الطالب عبد الرحمن آل إبراهيم.. ومن أولادكم أيضاً!"… وما أن عاد الفهد إلى "المملكة" حتّى أرسل برقية إليها بلسان والدها يقول: "ابنتي الحبيبة لؤلؤة توجهي سريعا فحالتي خطرة جدة واتركي ابنتك لدى والدها"!. قف!. وفي هذا الاثناء استدعى "الامير فهد" والدها وأبلغه بما فعل وقال له انني فعلت هذا لانني أريد أن أتزوجها "على سنة الله ورسوله!…" قال له الوالد المبهوت: "لكن الله ورسوله لا يقبلان بهذا لانها متزوجة!.. ولديها طفلة من ابن عمها عبد الرحمن وتحبه ويحبها!… فكيف يرضى الله ورسوله بهذا الحرمان"؟. قال الفهد لوالدها: "اقطع واخس" ومعناها (اخرس). ثم أردف يقول: "أنت خادم لنا وما نقوله سينفذ"!… وصلت لؤلؤة آل إبراهيم مذعورة من "حالة والدها الخطرة" المزعومة!… وتزوجها فهد بطريقة الزنا… لان زوجها لم يطلقها حتّى الآن… وكلفته العملية هذه (150 مليون ريال) فقط خلاف القصور والهدايا والاموال المنقولة وغير المنقولة… أما زوجها عبد الرحمن آل إبراهيم فقد أرسل له الفهد طائرة سعودية خاصة تنقل له ذبيحة مشوية من وليمة الزفاف ورسالة من زوجته لؤلؤة ـ أرغمت على كتابتها ـ تقول فيها اطمئنوا صحة الوالد بخير تزوجنا خلي بالك من ابنتنا الغالية!… فجن جنون الزوج!. لكنا صحا بهديّة مالية! 4 ـ تزوج أمير الحرس الملكي عبد الله بن عبد العزيز بابنة الشيخ خليل المهيد من سوريا، وآل مهيد من شيوخ عشائر قبيلة عنزة الشهيرة وهي أشرف بكثير من عائلة آل سعود اليهودية، فطلقها عبد الله خلال سبعة أيام… فعلم الامير فهد بالموضوع… ولكي يغيظ أخاه عبد الله، بعث بالرسالة التالية لخادم لهم يقيم في دمشق اسمه فهد المارق يقول له فيها: (لو كان أخي عبد الله محترم لاحترم هذه العائلة الكريمة حينما تزوج منها وطلق ابنتها خلال أسبوع، وبما أن الرسول الكريم يقول: "أكرموا عزيز قوم ذل "!" فقد قررت أن أكرم هذه العائلة بالزواج بأخت مطلقة أخي عبد الله فاذهب بنفسك ـ يا فهد المارق ـ وخذ معك عددا من السعوديين المقيمين في دمشق وأعضاء السفارة واطلب البنت الثانية وأرسلها لنا بالطائرة وادفع لهم والتكاليف علينا)!. فطفق الخطّاب فهد المارق وبذل المساعي فوافق الاب الكريم ـ مع أنه قد لدغ من هذا الجحر السعودي مرة ـ ومع أن البنت تحمل شهادة عالية من إحدى جامعات بريطانيا ـ ومع أن "ابن امهيد مصوّت بالعشاء" أي منادي الجياع للعشاء، لن تصل شوارب آل سعود مهما طالت إلى مستوى قدمه… ومع أن الزواج والتمليك لا يجوز شرعا إلاّ بحضور طالب الزواج… المهم: وأثناء حفل الخطوبة على "الغائب" حاول أحد أفراد السفارة السعودية في دمشق أن يتفلسف ويرفع من قيمة الامير فهد حينما قال: (مما يشرف عنزة أن بنت شيخ عنزة ـ تزوجها أمير ـ اعنزة!) فغضب الوالد حينما قال: (كلا ـ نحن أشرف من آل سعود ، انهم يزعمون انهم من فخذ المساليخ، وهذا غير صحيح، وحتى لو صح هذا، فهذا الفخذ تابع لنا ولسنا تابعين له)… فأخرس بهذا الرد الواضح ـ كلب السفارة السعودية ـ . المهم: أن البنت أرسلت بالطائرة، ولم يمض شهر حتّى أعادها "الفهد المفترس" إلى أهلها، مما جعل والدها يصاب بجلطة ويموت ندما على اكرامه لمن لا يستحق الكرم، وتنزيل قدره الكبير ومستواه العائلي لهؤلاء اليهود الذين لا يعملون إلاّ لاذلال العرب بأقوالهم حينا وأعمالهم حينا وأزبارهم أحيانا حينما يزعم الامير فهد في كتابه للخطّاب فهد المارق "انّه يريد اكرام عزيز قول ذل!" وكل ما يعنيه الفهد من قوله "أكرموا عزيز قول ذل" أن لا كرامة للناس إلاّ في قضيبه!!… هذه أمثلة عى دعارة هؤلاء الذين يزنون بأخواتهم… أعجب الفهد بافتراس ضحية مصرية فحاول أهلها تزويجه اياها بطريقة الطقوس المصرية.. وها هو يضع المنديل الابيض يغطي يده بصفته "وكيل نفسه" ويد والدها بصفته وكيل الضحية رقم 27000، وبعدها يحتفظ الفهد بهذا المنديل بعد تلويثه بدم الفرج ليثبت أنه لم يعبر خط بارليف المصري أحد قبله بالرغم من أن القناة مفتوحة لبني إسرائيل، وللدم ذكريات كثيرة في حياة آل فهد منها ما هو "بالمناديل" ومنها ما هو في السجون والساحات… والمعروف أن قانون الفهد الذي سنه بنفسه مازال ساريا على المواطنين ويقضى بعدم الزواج بالاجنبيات!. في 19/10/ 1974 قالت مجلة "تايم" الأميركية: أن أغنياء النفط العرب ربما كانوا يبتاعون بنوكا في نيويورك ولندن، ولكن المحاولة التي بذلوها في الاسبوع الماضي لتحطيم البنك في كازينو القمار بمونت كارلو كانت أقل نجاحا. وعندما خسر ثلاثة من الامراء السعوديين بينهم وزير الداخلية فهد بن عبد العزيز أكثر من 6 ملايين دولار على موائد القمار أصيب حتّى أصحاب الملايين من رواد الكازينو الدائمين بالذهول! وأضافت المجلة: ان الامراء السعوديين وصلوا إلى "أوتيل دي باريس" أواخر الشهر الماضي ولا يدور في رؤوسهم سوى شئ واحد "أننا جئنا لكي نقامر" كما قالوا للإدارة "ولكن بشروط معينة… اننا نحن الذين سنحدد لكم الساعات التي تغلقون فيها الكازينو"!. ونتيجة لذلك فان الكازينو الذي يغلق أبوابه عادة في الساعة الثانية فجرا، كان يظل مفتوحا إلى أن يمل الامراء الذين كانوا يقامرون بمبالغ كبيرة وهم "يلدعون" الويسكي… وكانوا كثيرا ما يبقون حتّى التاسعة من صباح اليوم التالي. وقال "كروبييه" هذه اللعب في الكازينو بعد أن غادر الامراء السعوديون الكازينو "الحمد لله انهم لم يبقوا الف ليلة وليلة". وقد استخدم الامراء السعوديون تكتيكا خاصا بهم خلال المقامرة، فبعد أن ضاعفوا الحد الاقصى المسموح به وهو 400 دولار على الرقم الواحد، طلبوا اذنا لمضاعفة هذا الحد 4 مرات. وهذا يعني أنهم عندما كانوا يضعون 1600 دولار على رقم وحالفه الحظ فان مكاسبهم تصل إلى 57 ألف دولار. وعندما حالفهم الحظ مرات عدة اضطرت ادارة الكازينو إلى التدخل ومطالبتهم بوقف هذا التكتيك والا "فلسوا البنك"! وفيما كان الامراء ينعمون بمبالغ كبيرة كان مئات من الاشخاص يحيطون بهم وخاصة القحبات اللواتي تجمعن حولهم كالنحل. وذكر أحد الحضور أن الامراء دعوا فتاتين لتناول طعام العشاء معهما ولكن لدهشة الفتاتين لم تتم دعوتهما بعد ذلك لزيارة اجنحة الامراء في الفندق، غير أن كل واحدة منهن حصلت على بقشيش مقداره 400 دولار!. وكان الامراء اسخياء بشكل مماثل مع "الكروبييه" وخدم الكازينو. وعندما قام أحد الخدم بتفريغ منفضة السجائر التي كانت موضوعة أمام الامراء من الاعقاب ناوله الامير فهد بقشيشا بملغ 400 دولار. وفي احدى المرات بلغت أرباح الامراء نحو مليون دولار… ولكنهم قبل أن يغادروا الكازينو كانوا قد خسروا هذا المبلغ كما خسروا مبلغا آخر يزيد على 6 ملايين دولار!. وقد اتضح على أي حال أن الامراء السعوديين قد جعلوا زياراتهم للكازينو منتظمة رغم خسارتهم الكبيرة. فقد ذكر أحد سماسرة بيع الاملاك في مونت كارول أنهم طلبوا منه البحث لهم عن فيلا كبيرة أو ناطحة سحاب صغيرة في أمارة القمار. السبت 19 تشرين أول 1974 علي بوتو قتلوه بالسيف السعودي علي بوتو: لم يقتل شنقا بل قتل ودفن بتكتم شديد وبالطريقة السعودية وبالسيف السعودي الذي أهداه الامير فهد لعميله "ضياع الحق"، وأصر "الفهد" على قتل بوتو وسافر إلى "مبغاه" في اسبانيا لكيلا يتوسط أحد لديه للتوسط لدى "ضياع الحق" ولهذا رفض كل وساطات زعماء العالم ليجعل آل سعود وأمريكا من باكستان بؤرة عن إيران وأفغانستان.. اننا بما لدينا من معلومات دامغة نؤكد هذه الحقائق الآنفة ونؤكد أن "الملك الثاني" خالد، وان كان قد بعث برسالة إلى ضياع الحق العميل السعودي بعد أن اتصل ـ ابن بوتو ـ بالسفارة السعودية في لندن وأرسل رسالة إلى الملك يطلب وساطته في عدم اعدام والده: فان ضياع الحق العميل لم يأبه برسالة "الملك خالد" فعلا لأن علاقته ما كانت إلاّ مع الامير فهد الذي سبق له أن رتب ـ مع المخابرات الامريكية في الرياض ـ انقلاب ضياع الحق ضد بوتو.. لماذا؟… أولاً: ـ ان بوتو: كان قد بدأ فعلا بتقليص النفوذ الامريكي في باكستان، وبوتو: كان إلى ما قبل الاطاحة به ينوي اعلان خروج باكستان من حلف السنتو، وبدأ بوتو باجراء اصلاحات زراعية وتجارية اعتبرتها السعودية اصلاحات اشتراكية!.. ثانياً: قام بوتو بمضايفة المنظمات الرجعية ومنها "جماعة إسلامي" التي تسمي نفسها منظمات إسلامية بينما هي عصابة جواسيس للسعودية مرتبطة بما يسمى بالرابطة الإسلامية السعودية المرتبطة بالمخابرات المركزية الامريكية والمنتشرة في معظم أنحاء العالم وتبلغ ميزانيتها السنوية ثلاثة مليارات ـ جامعة ـ لكل المرتزقة باسم الدين… ثالثاً: بدأ الخلاف بين بوتو وبين "الامير الملك فهد" بعد هذا وحاول بوتو استرضاء فهد، فأعلن بوتو في أواخر عام 1977 أنه سيذهب إلى "المهلكة" فوافقت السعودية ، وقبل سفر بوتو ابلغته السفارة السعودية أنها تعتذر عن استقباله في الوقت الحاضر!… فسافر بوتو إلى أبو ظبي وقابل الشيخ زايد، وشرح له موقف السعودية، وتدخلها في باكستان، وأسبابه، ورفضها لزيارته، وطلب من زايد التوسط بينه وبين الامير فهد بالذات: لحل هذا الاشكال!.. فاتصل زايد بالامير فهد، لكن فهد أبلغه رفضه القاطع لمجئ بوتو للرياض.. ويومها كان "الفهد الامريكي" قد تأكد نهائيا من قرب زوال بوتو، وقرب مجئ العميل "ضياع الحق"… الذي قبض 150 مليون دولار مقدما بحجة انفاقها على ضباط الجيش لمشاركته في المؤامرة، وما أن قام بانقلابه حتّى سارع لزيارة جدة، وكان الامير فهد يومها في جدة فقبض 150 مليون دولار أخرى، وأعلن أنه اعتمر "في الاراضي المقدسة" مثلما يعتمر النميري والسادات وباقي العملاء!… ومن يومها بدأ بتطبيق الشريعة السعودية في باكستان، القائمة على جلد الابرياء وترك المجرمين القضاة والحكام وقطع أيدي وأرجل الفقراء بأوامر اللصوص الكبار… وقبل سفر "ضياع الحق" أهداه "الفهد الامريكي" بندقية وسيف، كتب عليهما بماء الذهب اسم عبد العزيز آل سعود، فوعده ضياع الحق وهو يقبّل السيف أمامه "أن يقدم لسموه مقابل هديته هذه هدية ثمينة: هي قطع رأس بوتو بهذا السيف وبالطريقة السعودية" فابتسم الفهد الامريكي … وقال: (يجب أن يتم هذا بطريق المحاكمة وينفذ بطريقة "مشروعة") حسب تعبير الامير فهد، وهكذا لفقوا للرئيس بوتو محاكمة كاذبة، فأدانوه زوراً.. علما أن الشرعية الإسلامية لا تدين من لم يعترف بجريمة تنسب إليه، ولا تدين من يختلف الشهود حول ما ينسب لاي متهم، والاسلام يعاقب شاهد الزور بعقوبة تصل إلى حد الموت… والشريعة المحمدية لا تأخذ برأي كل شاهد إذ أنها تقيّم الشهود وتتأكد من نوعيتهم، فهي لا تقبل مثل من يمت بصلة القربى للمدعي ولا تقبل شهادة الجواسيس ولا تقبل بشهادة كل من يطلق عليهم "رجال الامن" لكونهم يعملون بالدولة ويتقاضون منها الاجر، خاصة إذا كانت الدولة خصم المدعى عليه، والشريعة المحمدية لا تقبل أن يقضى في هذه الأمور قضاة يتقاضون مرتباتهم من الدولة أو تعينهم الدولة فالقاضي في شريعة محمد متطوع بلا مقابل ويشترط فيه الكفاءة العلمية والنزاهة التي تُجمع الاكثرية عليها وعلى حسن سلوكه وبعدها يكون للقاضي الحق أن يحاكم ـ الحاكم ـ والمواطن على حد سواء ويحق للقاضي النزيه تجريد الحاكم الظالم، واي حاكم مهما كان لابد من احضاره للمحكمة متجرداً من كل صفاته ما دام في المحكمة، حتّى يخرج منها… وهذا ما لم يحدث في المحكمة السعودية التي شكلها المجرم نفسه ضياع الحق ـ الذي هو ـ المجرم بذاته لكونه حاكم مغتصب للحكم في نظر الشريعة المحمدية لأنه جاء بطريقة انقلابية ولم يختاره أحد… فأصبح هو الخصم الذي لا يحق له اتهام علي بوتو بالقتل الذي لم تثبت تهمته، اضافة إلى أن ضياع الحق هو قاتل كبير بل سفاك دماء لكونه قتل ما يزيد عن /75/ من الابرياء الذين تظاهروا ـ في عدد من المناسبات ـ اضافة إلى أن "ضياع الحق" مرتشي من السعودية بـ 300 مليون دولار، والسعودية هي المحرض الأول لقتل علي بوتو وينص: الامير فهد وشقيقه سلطان. باكستان قاعد سعودية أمريكية انتهى ـ على أية حال ـ علي بوتو شهيداً، ولسوف يزداد حزبه جماهيرية اضعافاً مضاعفة من بعده، ولسوف يطلق اسم بوتو على هذا الحزب بالرغم من أن أفكار هذا الحزب ضحلة… ولبينما يطاح بالخائن السفاك ضياع الحق، فانه قد اتفق مع السعودية وبتمويل سعودي امريكي أن تتحول باكستان قاعدة للتآمر ضد إيران وافغانستان والاتحاد السوفييتي، بالرغم من أن ضياع الحق سارع للاعتراف بالثورة الإيرانية ليضفي على نفسه صيغة إسلامية، مزيفة ولكيلا تقاومه ثورة إيران ولكيلا يتوسط زعماء الثورة الإسلامية لديه بعدم قتل علي بوتو الذي ألّح الامير فهد بالتخلص منه!… اننا بالرغم من كل الحواجز الاعلامية ننشر هذه المعلومات فاضحين هذا الدور السعودي الامريكي القذر ضد باكستان ذاتها وضد افغانستان التقدمية التي كانت السعودية وما تزال تمول مرتزقتها باسم الإسلام والاسلام منهم براء … اننا نؤكد أن هناك مجموعة من "السافاك" الايرانيين فروا إلى باكستان ويعملون ضد الثورة الإيرانية بالتعاون مع بعثة من المخابرات الامريكية غادرت الرياض إلى باكستان يوم 7/1979 واتخذت مقرها في راوالبندي وتولت التخطيط النهائي لمحاكمة بوتو، وتوجيه العملاء الافغانيين وتدريبهم في باكستان وتدريب باكستانيين يقيمون في أفغانستان وباكستانيين يقيمون في الجزيرة العربية المحتلة سعودياً، وذلك كله بتمويل من السعودية، ومن بين أعضاء المخابرات الامريكية المستر (واين روجرز ـ Wayne. W. Rogers ) و (ديفيد فانوان David Vanaman ويعمل في وزارة الدفاع وهو يهودي يحمل الجنسية الثلاثية "الاسرائيلية الامريكية السعودية". وكان يعمل بقاعدة الظهران الذرية، و(المستر شارلس ولش Charles Walsh) وهو يهودي أيضاً يعمل في المخابرات الامريكية في الرياض وغيرهم. ومن المعروف أنه يحق لكافة أفراد المخابرات الامريكية البالغ عددهم 40000 حمل الجنسية السعودية عند الحاجة، والسعودية تدفع مرتبات كل هؤلاء ويتقاضى أقل أمريكي بينهم 10000 دولار شهريا خلافا لمرتبه الامريكي، الخ… وأصبح لهذه البعثة الامريكية ـ السعودية ـ الاسرائيلية ـ في باكستان اختصاصات خمسة بعد وصول مجموعة من "السافاك" الايرانيين من مخلفات الشاه إلى باكستان هي: 1 ـ اثارة المشاكل داخل إيران بين الاقليات وغيرهم… فالسعودية غاضبة، والامير فهد بالذات حانق أشد الحنق على أمريكا لاهمالها شاه ايران حتّى سقط، وعدم قتلها ـ كما قال فهد "من مليونين إلى عشرة ملايين ايراني ليبقى الشاه ـ لا حبا للشاه وانما ايقافا للمد الثوري" وما أعطته الثورة الإيرانية من ـ فوران ـ في نفوس شعب الجزيرة العربية وليثبت الفهد أنها ثورة فاشلة!. ومن مهمات هذه البعثة: تجميع كل المناوئين للثورة الإيرانية دون تمييز في التجميع بين يميني ويساري ـ يتيامن ـ نحو السعودية… كما قال الفهد… 2 ـ تجميع كافة المناوئين للحكم اليساري في أفغانستان والذي تطلق عليه السعودية اسم "حكم الالحاد الشيوعي في أفغانستان".. 3 ـ اسداء المشورة الداخلية والخارجية لضياء الحق، تمهيداً لمجئ عدد أكبر من المخابرات الأميركية يتولون كافة شؤون الحياة العسكرية والمدنية في باكستان كما هو في "السعودية"… 4 ـ توجيه دفة محاكمة علي بوتو حتّى أدانته واعدامه بالسيف لتتأكد السعودية من "سعودية" ضياء الحق… 5 ـ محاربة النفوذ السوفييتي واليساري الذي لا يتعاون مع السعودية في المنطقة بحجة العودة لشريعة الإسلام في باكستان… وأخيراً: ان اتحاد شعب الجزيرة العربية، إذ ينبّه لخطورة الدور السعودي القذر المتستر بالاسلام ـ زوراً ـ وبالتضامن العربي ـ بهتاناً ـ، فانما يحذر المؤمنين حقا، ويحذر كافة القوى الوطنية والديمقراطية من سكوتها، والسكوت علامة الرضى، بينما الخطر السعودي الامريكي ـ الصهيوني المشترك لا يمس الجزيرة العربية وحدها بما فيها اليمن والخليج، بقدر ما يمس المصير الانساني بأجمعه… ان السعودية لم تكن رجعية محلية ليبرر البعض سكوتهم عنها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية!.. انها "سمسارة" أمريكا الاولى في العالم حتّى وان تصنعت "الزعل" على أمريكا، وحتى وان شتمت "إسرائيل" في اذاعاتها .. انها الخطر العالمي.. وان كان قد لقي علي بوتو مصيره ـ بانقلابها وبسيفها ـ فان هذا الانقلاب والسيف السعودي سيلقاه من يحسن الظن بالسعودية وينخدع بمواقفها على بعض مقررات مؤتمرات القمة، التي كانت توافق قديما عليها لتمتص النقمة ضدها فتدوسها أخيراً… وكم زعيم اغتالته السعودية في الجزيرة العربية وخارجها، ومن هؤلاء جمال عبد الناصر الذي وقف بوجه السعودية… ومجيب الرحمن في بنغلادش، وإبراهيم الحمدي في اليمن لكونهما تراجعا أخيرا في السير خلف ادبار آل سعود… وختاما: نؤكد أن علي بوتو لم يشنق ـ كما قيل ـ بل قطعت رقبته من الخلف بالطريقة السعودية، بالسيف السعودي، بعد أن قيدت يداه ورجلاه ببعضهما إلى الخلف، وأنه تعذب أثناء حزّ رقبته، ولم يمت إلاّ بعد ساعة ونصف من التعذيب، علما أن لقطع الرؤوس في "السعودية " "اصول" لا يجيدها إلاّ العبيد السعوديين المتمرسين بقطع مئات الآلاف من رؤوس المواطنين وأيديهم وأرجلهم.. وقد أرسل ضياء الحق بعثة باكستانية مكونة من ثلاثة أشخاص لتدربها السعودية على قطع الأيدي والأرجل والرؤوس. 14/4/1979 التوقيع: اتحاد شعب الجزيرة العربية أمريكا وحقوق الإنسان فأحكموا يا قادة أمريكا على قوّاديكم آل سعود … هل هم أمناء على حقوق الإنسان ام هم لصوص؟. وهل هم متديّنون أم هم أعداء للدين؟… لكن الطيور على أشكالها تقع والبيض الفاسد يتدحرج بعضه إلى بعض… ومع ذلك ـ يا قادة أمريكا ـ مانع من ضرب الامثلة لكم عن أعمال عبيد "محمياتكم" آل سعود: آل فهد، آل سعود، والرقيق كثرت أحاديث الناس عن حكومة الرقيق، وطبعنا الكتب والنشرات وألقينا الكثير من الاحاديث من الاذاعات عن الرقيق الذي يبلغ تعداده 600 ألف إنسان في الجزيرة العربية تتولى حكومة العائلة السعودية المحتلة ادارة أسواقه، واحتجت هيئة حقوق الإنسان في الامم المتحدة وعدد من الهيئات العالمية، فأراد فيصل وآل فهد أن يقوموا بخدعة غبية من خدعهم ظنا منهم أن ذلك سيخفف من تلك الدعايات الموجهة ضد عرش الرقيق، فأعلنوا عام 1963 أنه "بعون الله وتوفيقه" كما يزعمون!. قد تم تشكيل هيئة تسمى (هيئة تثمين الرقيق) وتم تشكيلها فعلا، لكنها أبعد ما تكون عن "التحرير"، وكان أول شئ بدأت به الهيئة ـ الملوكية ـ هو (تثمين من يريد أفراد العائلة السعودية تثمينه) من أرقائهم المملوكين والمخطوفين من البلاد العربية وأقطار آسيا وأفريقيا وأوربا لتدفع "الدولة أثمانهم" من المالية لافراد العائلة المالكة نفسها!. فتمت الصفقة، وثمنت الهيئة رقيق الملك سعود وحده بملغ 60 مليون ريال، ورقيق فيصل وحده بمبلغ ثلاثين مليون ريال، أما أثمان أرقاء بقية الامراء والاميرات والملوك القدامى والملكات وبعض رجال الافتاء السعودي ولصوص الرقيق فتتراوح ما بين 20 و10 و5 ملايين ريال سعودي دفعت لهم من المالية.. وبعد؟. بعد هذا قبض أفراد العائلة تلك المبالغ وأعلنوا في الصحف المأجورة أن الرقيق قد تحرر!.. كيف تحرر؟ تحرر لان أفراد العائلة المالكة ورجال الافتاء واللصوص قد قبضوا "قيمة تخمين الإنسان المستعبد" وهذا يعني هو التحرير والتحرر!. وهل استلم الارقاء هذه الاموال مع صكوك التحرير المزعوم؟.. كلا!… هذا محرم سعودياً، وهو ضد المفهوم السعودي للدين!. وانما قيل للارقاء، اقعدوا عند معازيبكم… أي عند أسيادكم.. فالاسياد قد قبضوا الثمن فعلا لكنهم يأبون التفريط بعبيدهم حبا منهم في خدمتهم لهم… فهم غالون عندهم عزيزون عليهم!… وهذا هو مفهوم التحرير السعودي والتحرر… وعندما تعلم أن الأمير سلطان هو رئيس هيئة "التثمين" ينتهي العجب!. وبيع وشراء الرقيق يذكرنا بشراء شركة آرامكو وبيعها… على الاسرة السعودية… والحديث عن تزوير الاسرة السعودية يجرنا إلى أحاديث عن حقائق تاريخية كثيرة منها ما وصفهم به حتّى وزير بريطانيا المفوض في جدة (السير أندرو رايان)… يوم أن قال رايان للملك عبد العزيز: لقد قلتم (السير جون سيمون) وزير الخارجية البريطانية عني أشياء لم أقلها: قلتم أنني شتمت ملكة بريطانيا وانني أؤيد روسيا الشيوعية!.. لا لسبب فعلتم ذلك إلاّ لاني عارضت حكومة العائلة السعودية في متاجرتها بالرقيق. وأردف المفوض البريطاني أمام الملك عبد العزيز وفيصل يقول: (أنكم تعيشون في عالم الاوهام والخيال، وهؤلاء الارقاء الذين تستعبدونهم ليسوا إلاّ عربا اختطفتموهم أو اختطفوا لكم من رعايانا في جنوب الجزيرة العربية والخليج واليمن ومن العار عليكم استعباد الناس وأبناء جنسكم وتزعمون أنكم عربا ومسلمين بينما بريطانيا البعيدة تسعى لتحرير من تريدون استعبادهم، وأحب أن أذكركم أن بيننا وبينكم معاهدة تقضي بتحرير الرقيق الذي يلجأ من عبوديتكم إلى القنصلية أو المفوضية البريطانية في جدة وغيرها). حدث هذا الكلام أثناء الازمة المعروفة التي وقعت بين بريطانيا والسعودية بسبب لجوء بعض الارقاء العرب إلى المفوضية البريطانية ومنهم: هارون وبخيت وهم عربا من جنوب الجزيرة العربية ـ من اليمن ـ استعبدهم آل سعود مما دعا الوزير المفوض البريطاني في جدة لمنحهم جوازات سفر بريطانية ورفض كل طلبات "حكومة" آل سعود بتسليمها إياها بل أحضر المفوض البريطاني في جده سفينة حربية إلى جدة خشية أن تحاول أسرة آل سعود انتزاعهم بالقوة، فوضعهم فيها وأرسلهم إلى عدن لانهم من عدن وأنحاء اليمن… ويقول سفير السعودية في بريطانيا حافظ وهبة في كتابه "خمسون عاما في جزيرة العرب": (لقد أبرقت للحكومة السعودية في هذا الموضوع، واقترحت أن يقال: أن العبد الذي لجأ للمفوضية البريطانية لا يخص جلالة الملك ولا نعرفه "!"، فقد يكون مدعيا صفة العبودية لغرض في نفسه!. ولكن الحكومة السعودية رفضت هذا الاقتراح وبدلا من أن تنتهي المسألة عند هذا الحد، تلقيت برقية من فيصل يطالب بريطانيا بإعادة العبيد وتسليمهم لوزير خارجية بريطانيا "جون سيمون" مستغربا فيها تدخل وزير بريطانيا المفوض بجدة لتحرير الرقيق)!… والبرقية مطولة وموجودة في الصفحتين 96 ، 97 من كتاب "خمسون عاما لحافظ وهبه" وجاء في تلك البرقية قول فيصل: (وقد كان صاحب الجلالة الملك عبد العزيز وحكومته يغضون الطرف عن اساءات وزير بريطانيا لنا اكراما لخاطر حكومته العظمى، ولكن الان لم يعد بالامكان الصبر أكثر مما مضى، والسير (أندرو) لم يخدم حسن العلاقات، بل انّه على العكس لم يزد العلاقات الحسنة إلاّ تباعدا بيننا، واصبحنا في شك من حقيقة الموقف، وهل هو يعمل ذلك من نفسه أو بموافقة حكومته؟. ان آخر أعماله المذكورة المسيئة، قضية عبد جلالة الملك، التجأ عبدنا إلى المفوضية لبريطانية، فأبلغته وزارة خارجيتنا: أن العبد من عبيد صاحب الجلالة، الذي يجب عدم قبول التجائه، ولكن الوزير البريطاني المفوض السير "أندرو" تجاوز عن ذلك وداس كرامة كلمة "الملك" وأهان السلطات المحلية وحقّر الحكومة جهارا بتحرير عبيدنا، انّه استحضر البارجة الحربية "بيزانس" ونقل عبد جلالة الملك وغيره إليها…)!. الخ.. هذه حقوق الإنسان يا أمريكا!. وفي الصفحة 99 من كتاب "خمسون عاما" لحافظ وهبة، رد وزارة الخارجية البريطانية الذي كان تهديدا لعملائها آل سعود وتسخيفا لآرائهم وعقلياتهم الجاهلة المتوحشة وتأييدا لما فعله وزيرها المفوض السير أندرو، لان من يسميهم آل سعود عبيدا قد ثار أهلهم في جنوب اليمن يطالبون بريطانيا بإعادة أبنائهم "رعاياها" من براثن آل سعود مطاياها.. مما دعا فيصل وحكومته إلى الرجوع والتذلل وارسال مذكرة استغفار لبريطانيا، يجدها القارئ في صفحة 103 من كتاب خمسون عاما.. لحافظ وهبة… وكانت زوجة السير "جون سيمون" وزير خارجية بريطانيا آنذاك قد أصدرت كتابا بعنوان (الرق في جزيرة العرب) كان له أثره في بريطانيا ضد السعوديين الذين تناولتهم عدة صحف هناك وتناولت الذين لا يزالون يقفون من رجال بريطانيا إلى جانب أولئك الوحوش… والكتاب يندد بمهزلة الرقيق وعصاباته السعودية الحاكمة.. وبالطبع فان زوج المؤلفة وهو وزير خارجية بريطانيا كان أول من تأثر بآراء زوجته لما وصفته من حقائق دامغة تدين بريطانيا أولا لمساندتها أولئك الهمج وقد أصبح وزير الخارجية البريطانية يشارك زوجته نفس شعور الاشمئزاز من آل سعود ، وقد ضاعفت ذلك الاشمئزاز مذكرة فيصل التي بعث بها بكل صفاقة ووقاحة وغباء إلى وزير خارجية بريطانيا "جون سيمون" مستنكرا فيها أن تقوم بريطانيا بتحرير الرقيق العربي!.. من عبودية آل سعود "العرب"!. "المسلمون" كما يزعمون!… وبهذا تجمدت العلاقات بين السعودية وبريطانيا. فرأى فيصل ووالده عبد العزيز أن "يحج" فيصل إلى بريطانيا لاسترضاء بعض المسؤولين في لندن والحصول على بعض الاموال كالعادة لكنه لم ينجح، كما بذل عدة محاولات لدى شركات البترول البريطانية لاقناعها بشراء المنطقة الشرقية منه واستخراج بترولها بأي ثمن تدفعه له بريطانيا!، لكنه لم يوفق، وذلك في شهر مايو عام 1932، والسبب الحقيقي يرجع إلى أن بعض البريطانيين كبرسي زكريا كوكس الصهيوني وجون فيلبي تصرفوا باعطاء حق استخراج البترول للشركات الامريكية لان الصهيونية بدأت وقتها باستبدال الدور البريطاني بالدولار الامريكي، ومن ذلك اعطاء امتياز البترول مقابل/ 6000 جنيه استرليني / أعطيت للملك عبد العزيز عن طريق ابنه فيصل "كقرض" من الامريكان بعد مفاوضات دامت ثلاثة ساعات فقط حينما جاء المستر لويد هاملتون موفدا من شركة "استاندرد أويل أوف كاليفورنيا" التي أصبحت فيما بعد "شركة أرامكو" باتفاقها مع شركات أخرى، وهكذا دخل الاستعمار الجديد الامريكي إلى جزيرة العرب، رغم حنين الملك عبد العزيز وابنه فيصل لاسيادهما القدماء الانكليز، ضاربين بذلك مثلا للعمالة وانهم على استعداد لبيع البلاد لأي شيطان رجيم!. ومن ذلك أخذ الملك عبد العزيز وابنه فيصل يظهران كرههما للوزير البريطاني المفوض (أندرو) متهمين اياه بالاساءة اليهما لدى بريطانيا وتعمده لإهانة عبد العزيز شخصيا مما جعل عبد العزيز يهدده بالقتل ويقول: "لولا معروف بريطانيا علينا ولولا أني أخشى بريطانيا لقطعت رأس الملعون!"… هذه هي أمثلة لما يفكر به طواغيت بلادنا… يغضبون من سيدتهم بريطانيا لانها أرادت تحرير بعض ما استعبدوه من العرب!. فكيف اذن يريدون تحرير فلسطين؟ وكيف لا يحاربون الشعوب وثوراتها ومنها ثورة اليمن التي قامت لخلع السلاطين ولتحرير العرب من زواحف عائلة حميد الشر المنقرضة… والامثلة عن حيوانية آل سعود كثيرة… منها: نساء اليمن تهدى لحكام اليمن العملاء بمشورة من فيصل أرسل الملك سعود مستشاره جمال الحسيني إلى اليمن عام 1960 مسترضيا الامام أحمد ومعه صندوق من الذهب وثلاث نساء اختطفهن سماسرة آل سعود من اليمن نفسها واشتراهن الملك سعود بثمن زهيد وزنا بهن، وأدخلهن الحمام ونظفهن وألبسهن فساتين حديثة وأعادهن هدية من عنده إلى الامام أحمد ذاكرا له برسالة الاهداء التي حملها جمال الحسيني (انني أبعث لك بثلاث جوار شاميات زينات لاستعمال العافية)، فسر الامام أحمد "على استعمال العافية" وأخرج قصيدته المشهورة "في هجو الاشتراكية" وتأييد "اشتراكية آل سعود".. وما أن سقط سعود من هزات ثورة اليمن الظافرة التي أطاحت بعرش العار الامامي، وأفلت البدر من يد الثوار ودخل التاريخ بدخوله السعودية هاربا على صهوة حماره المشهور الذي سرقه ولم يجد في اليمن من يعطف عليه سوى ذلك الحمار، حتّى عينه فيصل "إماما" وأهدى له جاريتين من تركة والده عبد العزيز وثلاث جوار من مخلفات أخيه سعود.. لكنهن لم يعجبن بجو الحرب والاقامة في الجروف والخيام والهرب من الضرب وحالة الطوارئ والزحف على البطون…. فهربن وأقسمن بالطلاق أنهن لن يعدن إلى البدر المنبوذ .. مما دعا فيصل إلى استبدالهن بغيرهن.. وتسليم الخمس الاخريات إلى من سماهم فيصل… بالقوة الثالثة من مرتزقة اليمن.. عندما زاره مشايخ اليمن الذين زعموا أنهم "جمهوريون" وأعلنوا في مؤتمرهم الذي عقدوه في جدة (أنهم ليسو جمهوريين ولا ملكيين وانما هم سعوديون… وانهم لا يؤيدون محمد البدر ولا عبد الله السلال، وانما يؤيدون، فيصل فهو أبو الدفع والنفع والوتر والشفع والتخفيض والرفع)!.. أعجب فيصل "بشعاراتهم الجديدة" وأمر لسبعة منهم بسبع جوار أغلبهن يمانيات من تركة والده عبد العزيز وأخيه سعود لاستعمالهن استعمالا محليا برسم "الاعارة" واعادتهن عند السفر مع "تقبيض " كل واحد من مشايخ آخر الزمان مبالغ تتراوح بين خمسة إلى عشرة آلاف ريال سعودي… وراحوا باسمه يسبحون… فهل صاحب هذه الافعال غبيا ام ذكيا كما يزعم البلداء؟… هل هو كريم أم أنه لص طاغية متوحش؟… وهل يغتال الامريكان عميل منحل كهذا؟.. كما يزعم بعض الكلاب؟. فيصل وفهد وسلطان وكمال أدهم وخبير السموم الامريكي في الرياض كلونز والسادات وحسن التهامي اشتركوا في اغتيال عبد الناصر كنا أول من فضح أنور السادات بكراس أصدرناه عام 1954، يوم أن قام جمال عبد الناصر بتعيين أنور السادات "سكرتيرا" للملك سعود!.. ففي يوم 7 أغسطس 1954 جاء جمال للحج وحاولوا اغتياله بواسطة بعض الاخوان المسلمين المصريين في مكة، ومع ذلك التقى جمال عبد الناصر بالملك سعود وتحدث معه: "ليجعل من الحج مؤتمرا عالميا يخدم القضية العربية".. فوافق الملك "موافقة سعودية" واتفق معه على انشاء "سكرتارية دائمة للمؤتمر الإسلامي العالمي" يكون الملك سعود رئيسه والسادات أمين سره!… يومها أصدرنا بيانا بعنوان (يا خيبة المسلمين)!.. فأنشأ الملك لهذا المؤتمر مقره الدائم في "المهلكة" وبقي السادات "أمين السر "يتردد بين مكة وجدة والرياض ومكاتب شركة أرامكو الامريكية في الظهران حيث قابلناه في الظهران بوفد من العمال وانتقدنا تصرفاته وقبوله للهدايا المالية وللجارية التي أهداها الملك إليه… فلكون السياسة السعودية قائمة على ديبلوماسية النكاح، ولكي يطمئن السادات جنسيا أهداه الملك سعود جارية مصرية مختطفة من بور سعيد ليتسلى في منبرها… مفتتحا بها أولى عمليات الانفتاح… وكان السادات قد أثار ضحك الملك سعود حينما جاءه في اليوم التالي لاستلام الجارية وقد حك جبينه بحجارة ووضع عليها كمية من الثوم لتسود أكثر مما كانت، مقتديا بطريقة "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" في حك جباههم لخداع الناس والزعم أنها محكوكة من كثرة الصلاة!. جيهان والجارية السعودية ولم يدم زنا السادات بالجارية أكثر من ثلاثة أشهر، حتّى أعادها للملك بحجة أن زوجته "جيجي" ـ وهو الاسم الذي كان الملك ينادي به جيهان ـ علمت بالموضوع، فقبلها الملك بالرغم من أنها حامل من السادات وأعادها الملك إلى حظيرة العائلة المالكة ودفع للسادات تعويضا مالياً عنها قدره (26000 ريال) وأنجبت الجارية فيما بعد ولدا يحمل كل ملامح السادات، . وما زال أميرا في العائلة السعودية. السادات يعلن عمالته لآل سعود، وعبد الناصر لا يجهله! واستمر أنور السادات في خدمة السعودية، ولم يخف عمالته بل نشرها على صفحات الصحف حينما كتب في مارس 1956 مقالة في المجلد الثاني من مجلة "الهلال" المصرية رافعا فيه الملك سعود لمرتبة الاله… وكانت مقالة السادات بعنوان "صقر الجزيرة سعود كما عرفته!.." قال فيها السادات: "ان سجيّة الملك السعودي في رعيته تقل عنها سجايا أمراء المؤمنين في صدر الإسلام". "وان عمر بن الخطاب يقل عدلا عن عدل الملك السعودي وخالد بن الوليد يقل شجاعة عن شجاعة ملوك آل سعود"!. الخ ويومها… أجبنا على مقالة السادات بكراس يفضح عمالته … وسافرت إلى مصر لاشرح لعبد الناصر تصرف السادات، وكل ما في ذهني أن عبد الناصر يجهل السادات، لنكه تأكد لي أن عبد الناصر ما وضعه "أمينا لسر الملك سعود" فيما يسمى بالمؤتمر الإسلامي، إلاّ وهو يعرف أن هذه البطانة من ذاك القماش، وان مثل هذا المنصب لم ولن يقبل به أي عضو من "أعضاء الثورة" في مصر، وان السادات عميل وجاسوس وملكي أكثر من الملك، بل علمت أكثر من ذلك، وهو أن عبد الناصر كان يخفي على السادات أسرار الثورة المصرية وانه لم يخبره بساعة الصفر كغيره وانه ما أمر السادات باذاعة البيان الأول للثورة من الاذاعة إلاّ ليوهم الانكليز الذين كانوا يحتلون مصر "انها ثورة لصالح الانكليز وما قصد بها إلاّ ضرب الفساد الملكي فقط!." بدليل أن السادات هو الذي أعلن البيان الأول للثورة دون غيره من الثوار لكون السادات عميل انكليزي. معروف لعبد الناصر، وهو ما أكده أنور السادات أيضاً في كتابه "أسرار الثورة المصرية" حين قال: "انّه كان ليلة الثورة في السينما لغاية الساعة الثانية صباحا وانه لم يعرف بساعة الصفر وكان عبد الناصر لم يترك مكانا إلاّ وبحث عني فيه لاذاعة البيان بعد أن قامت الثورة في الواحدة صباحا".. هكذا، مع أن السادات عضو رئيسي في مجلس قيادة الثورة، وهل يعقل أن يكون عضو رئيسي في مجلس الثورة ويخفي قائد الثورة عنه ساعة الصفر لو لم تكن عمالته مكشوفة لعبد الناصر؟… بينما كان كل أعضاء الثورة على علم بساعتها وكانوا يمارسون واجباتهم فيها.. علما أن نجاح الثورة كان قد بدأ على يد أحد الضباط الاحرار من الشيوعيين واسمه يوسف صدّيق حينما طوق الثكنات في منشية البكري، مقدما ساعة الصفر ساعة، كان موعد ساعة الصفر في الواحدة فغلط وطوقها في الثانية عشرة، ولو لم يغلط عضو قيادة الثورة تلك الغلطة لفشلت الثورة التي علمت بها المخابرات الانكليزية والملكية فاتجهت القوات لتطويقها وضربها.. ومع ذلك عاش الصديق في أقصى المبعدين، وعاش السادات أقرب المقربين!. ولن أتحدث عن مثل هذه الغلطات التي أخّرت العرب… لكنني أردت أن أقول ان جميع الذين قادوا الثورة، وشاركوا فيها من جميع الاتجاهات كانوا يعرفون ساعة الصفر المحددة، إلاّ السادات لم يعرفها، لا لسبب يجعل قادة الثورة كلهم يعرفون ساعة الصفر ويجهلها السادات إلاّ لان عبد الناصر يعرف علّته لكن عبد الناصر يستخدمه كورقة صفراء مثلما استخدم مصطفى أمين وغيره من الصحفيين، ولا عجب والحالة هذه أن يصبح الجاسوس منافقا ويصدر الكتب في مدح جمال ويسمي ابنه المنحل باسم "جمال" زيادة في النفاق، وحتى بعد أن عينه جمال عبد الناصر نائبا له ارضاء للسعودية ـ كما سيأتي ذكره ـ . لم يكن عبد الناصر يتصور أبدا أن السادات سيخلفه، بل كان يريد استخدامه كورقة للسعودية ضمن بقية الاوراق. وما أن جئنا لجمال عبد الناصر نستنكر ما يفعله السادات في القصور السعودية حتّى أوضح لنا جمال أنه يعرفه وان لكل ـ مهمة ـ رجالها!.. وكم كانت دهشتنا من هذه المهمات ورجالها!، ويومها قلنا لجمال بشىء من عدم الرضا والخوف عليه: ان السادات حيّة ومن يلعب بالحيايا لن ينجو من سمومها، وان السعودية اشترت السادات. لقد كانت تربطنا بجمال عبد الناصر روابط كثيرة، ليس منها تأييدنا له فحسب، بل ومنها ذلك الرباط الدموي الذي ربطتني السعودية به مع جمال عبد الناصر حينما تآمرت على الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958 ـ وجمعت السعودية فيها بين مصر الوحدة العربية ومصير عبد الناصر ومصيري… يوم أن بعث الملك سعود رسالة إلى عبد الحميد السراج في 4/2/1958 يطلب منه: 1 ـ عدم اتمام الوحدة بين سوريا ومصر. 2 ـ اغتيال جمال عبد الناصر بواسطة طائرة سورية تضرب طائرته القادمة إلى سوريا ليقال انها طائرة اسرائيلية. 3 ـ تسليم ناصر السعيد، الخ … وذلك مقابل مليوني جنيه استرليني، وقد صرفوها بـ 20 مليون ليرة سورية، وقتها عدا ونقدا… وما أن وصل عبد الناصر إلى سوريا لاعلان الوحدة وكشف المؤامرة السعودية في 21/2/1958 حتّى أرسل في طلبي وقابلته في قصر الضيافة، وقال وهو يبتسم:" لقد حرصت أن أراك لان السعودية جعلت مصيرنا مشتركا!." ومنحني يومها جنسية الجمهورية العربية المتحدة ـ قبل أن يحصل عليها أي مواطن عربي سواء كان من سوريا أو مصر ـ ووضع المادة ـ 9 ـ في دستور ـ ج ع م ـ لتنص على عدم تسليم اللاجئين السياسيين … ويومها قلت له: "كفاك الله شر أقرب الناس اليك". وأكدت له: "ان السادات منذ أن وظفته "سكرتيرا" للملك سعود فيما يسمى بالمؤتمر الإسلامي ـ عام 1954 ـ أصبح رجل السعودية الأول القريب منك "… وقلت لجمال: "ان السعودية لن تتركك بعد فشلها في هذه المؤامرة فالسعودية دائما تتعلم من فشلها طريقة أنجح وستقتلك. وعليك ايقاف أجهزة المنافقين والصحفيين الذين "أممتهم" مع صحفهم من عهد فاروق لان هؤلاء قولا ـ معك ـ لكنهم ضدك فعلا: انهم عملاء الحاكم مهما كان لونه ودينه"… الخ. وتمت الوحدة بشكلها الذي جعلها عرضة للسقوط، وبذلت السعودية ما بوسعها لدفع الاموال للانفصاليين، وبعد أن تم الانفصال عام 1961 لوحقت من قبل السعودية والانفصاليين فغادرت دمشق إلى بيروت والقاهرة… ومن عاش في القاهرة يدرك أن عبد الناصر في واد وأجهزته في واد آخر، ومن يعرف السعودية ـ أمّ المؤامرات ـ والحريصة على اغتيال عبد الناصر ـ يدرك أن نظام عبد الناصر زائل لا محالة، وهذا ما جعلني أوزع المنشورات في القاهرة وعلى المسؤولين منتقدا جمال عبد الناصر، لانني من أنصار جمال عبد الناصر فاعتقلتني المباحث، وأفرج عني عبد الناصر، ومن تلك المنشورات ما هو معنون بعنوان: (نبيّ بدون صحابة) (والمعلّم الذي لا يتعلم).. كشفت فيها زيف مؤتمرات القمة وخطورة مهادنة الرجعية السعودية المنافقة، وزيف الاجهزة الفاسدة وقلت: "انّه لن يخلف عبد الناصر إلاّ عميل سعودي أمريكي: وهو السادات بالذات، فهو كبير المنافقين وهو كبير العملاء السعوديين، والسعودية تهتم به، انّه رجل السعودي الأول في القاهرة وعميل فيصل "الحميم" وكمال أدهم بالذات، وعن طريق فيصل وكمال أدهم انضم للمخابرات الامريكية … إلى حد أنه في الوقت الذي كانت العلاقات مقطوعة بين مصر والسعودية كانت العلاقات بين السعودية والسادات سارية متواصلة علانية،وعلى رؤوس الاشهاد وبالهاتف يتم الاتصال"!. وعلى سبيل المثال، كنت عام 1961 أدير برنامج اذاعة "صوت الامة العربية" من برج القاهرة، وكانت تلك اذاعة سريعة موجهة ضد السعودية وضد حكام النفط الرجعيين، فاندس علينا "سوري" اسمه محمد القدسي، قال انّه صديق للسادات فاصطدمت معه وانسحبت من هذه الاذاعة إذ لاحظت من تصرفاته وخنوعه للمسؤول عن هذه الاذاعة ودفاعه عن أمريكا انّه جاسوس، وبعد ذلك بعامين اكتشف أنه جاسوس لاسرائيل عن طريق شقيقه في المانيا.. وهذه عينة ممن لهم علاقة بالسادات!!… في عام 1962 افتتحت من صوت العرب برنامج "أعداء الله" الموجه ضد السعودية فاذعت منه مرة عن جاسوس انكليزي أمريكي، ايراني الاصل (قطري سعودي الجنسية) أبعد من قطر واسمه عبد الله الدرويش، فاتصل الدرويش من الدمام في نفس الليلة التي أذعت عنه ـ ليلة 12/6/ 1962 ـ هاتفيا بالسادات يطلب منه ايقافي عن اكمال بقية الحلقات عن الدرويش "لقد تم هذا الاتصال من الدمام مع السادات في بيته بالقاهرة علما أن العلاقات مقطوعة" فاتصل السادات ليلتها بالوزير عبد القادر حاتم يطلب منه ايقافي عن نشر فضائح ابن درويش ومما قاله السادات: "أن عبد الله الدرويش صديق عمري" !… فأبلغت عبد الناصر بالموضوع وقال: "بلاش تذيعوا عن صديق عمره.. ده" قلنا له: "ان صديق عمر" السادات هذا ـ ابن درويش ـ جاسوس انكليزي شهير مطرود حتّى من حكام قطر ويقيم في الجزيرة العربية ويؤجر عمارته في الدمام كمكاتب للمخابرات الامريكية!." قال جمال: "سوف نهتم بالموضوع"!. المضحك المحزن.. أن بناء "صوت العرب" بكامله تملكه السعودية!. أي أنه ملكا لشخص اسمه عبد اللطيف الجزار وكيل الطيران السعودي في القاهرة وشريك الامير سلطان وكان يعمل وشقيقه في المخابرات الامريكية، فوزعت صورا بعنوان (أمموا بناء صوت العرب السعودي لكيلا يصبح صوتا للخيانة).. فوضعه جمال عبد الناصر تحت الحراسة ومنع صاحبه ـ عبد اللطيف الجزار ـ من مغادرة مصر…، ولكن السادات توسط فاشترت الدولة بمنى صوت العرب بمبلغ (60.000 ) جنيه، فهربها الجزار، وتوسط السادات لسفر الجزار برفقة الامير سلطان عام 1964 في اول مؤتمر "خمّة" عقد في القاهرة… ولهذا كنا أول من كشف ـ نشرا ـ عمالة السادات للإنكليز وللسعودية. وما نعرفه عن عمالة السادات للسعودية لا يعرفه أكثر المصريين والعرب، وهو ما جعلنا نحذر عبد الناصر باستمرار من تحركات السادات لادراكنا أن السعودية ستمطتي السادات لتخلف به عبد الناصر، وما يجعلنا نتألم انّه بالرغم من معرفة عبد الناصر للسادات، كان السادات يخادع عبد الناصر لكيلا يستغني عن خدماته في وقت استغنى فيه عن خدمات قادة الثورة جميعا، وكما توقعنا قد وقع ما حذرنا منه جمال فقيدنا في منشوراتنا منذ عام 1954 التي نحتفظ بصورة منها حتّى الآن وانتكست ثورة 1952 ونكست معها العرب. وساطة فيصل لجعل السادات النائب الأول لجمال وفي منتصف عام 1969 شعر جمال عبد الناصر بتحركات السادات المريبة ضده، رغم كون السادات ما زال ينافقه ويتملقه كثيرا. خاصة بعد أن انفضحت اتصالات السادات بالسعودية عن طريق كمال أدهم… شقيق زوجة الملك فيصل ورئيس مخابراتها لخاصة وهمزة الوصل بين فيصل والمخابرات الامريكية وبقية العملاء كما انفضحت طرود الهدايا التي كان يتلقاها السادات وزوجته وبناته وسكرتيره الخاص، من كمال أدهم ومن عبد الله الدرويش أحد كبار الجواسيس التي تشغل أحد بناياته المخابرات الامريكية في الدمام، وكذلك من شيوخ قطر والخليج، كما قام كمال أدهم وعبد الله المبارك الصباح بتأثيث قصر السادات الذي استولى عليه بالقرب من "كوبري الجلاء" وهو القصر الذي وسّعه فيما بعد ويسكنه السادات الآن وقد أنفق الملايين على توسعته. عندها لم يعد جمال عبد الناصر، يحتمل الصبر على تصرفات السادات الذي أعدته السعودية لخلافة عبد الناصر بعد أن انتهى أعضاء مجلس الثورة واغتيل المشير عامر بالسم، وكان للسادات والمخابرات الامريكية السعودية في المخابرات المصرية الدور الأول في تسميم المشير عامر بعد اعتقاله لازاحته عن طريق السادات خاصة وان عبد الناصر لم يعد يحميه ولم يكن على علاقة جيدة معه بعد أن سيطرت على المشير مجموعة من المرتزقة وطلاب اللذة… يومها قام عبد الناصر بإيقاف السادات عنده حده وأقاله من أية مسؤولية، وكانت تلك آخر مرة يدرك السادات فيها بنهايته… فأسرع يطلب النجدة من الملك فيصل بواسطة كمال أدهم الذي كان وقتها يقيم في شقته المطلة على النيل في القاهرة ولا تبعد عن قصر السادات كثيراً، وشرح السادات ما حصل فأدرك كمال أدهم أهمية اسقاط صاحبهم السادات، فتحرك بسرعة ليتصل بفيصل وغادر القاهرة إلى الرياض، ويومها، تحركت السعودية لعقد مؤتمر القمة في المغرب، وبدل من أن يسافر الملك فيصل إلى المغرب اتصل بالرئيس جمال عبد الناصر وقال انّه "متجه إلى القاهرة للسفر سوية إلى المغرب وللتشاور في قضايا الامة العربية التي يجب توحيد جهودنا معكم من أجلها" كما قال!… فيصل يطير إلى القاهرة للتوسط بين جمال والسادات ويروي لنا أحد الموثوقين المرافقين للملك فيصل الذي حضر معه إلى القاهرة كيف تمت المصالحة بين جمال والسادات فيقول: قام الملك فيصل بزيارة لجمال عبد الناصر في بيته بمنشية البكري وأثناء هذه الزيارة تساءل الملك فيصل بالحرف الواحد يقول: " لم أر الاخ أنور السادات بجانبكم هذه المرة يا سيادة الرئيس، هل في الخواطر شئ؟". فأجابه الرئيس" أبدا… بس أنور عيان". فقال فيصل: "انني أرجو منك أن ترسل له ليحضر هنا في بيتك لان الاخ أنور يعزّ علي جدا وهو صديق لنا" .. فأمر الرئيس جمال عبد الناصر سائقه بالذهاب لاحضار أنور السادات في سيارة جمال… وأثناء ذهاب السائق قال فيصل: "لي طلب آخر يا فخامة الرئيس" قال الرئيس جمال: "حاضر" .. فقال فيصل: "انني لا أريد أن أتدخل بينك وبين أنور السادات فأنت وأنور أقرب لبعضكما مني لكن كل ما أريد أن أبديه ما هو إلاّ من باب النصح الاخوي، الذي نص عليه الدين!. لاقول: ان السادات الشخص الوحيد الذي بقي معك في طريقك حتّى الان من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وهو أقرب لك من أي قريب. ولا أخفيك، ولعلك تعرف هذا انّه يعزك كثيرا وكل ما نرجوه يا سيادة الرئيس أن لا يفرق بينك وبينه أحد مبغض أو من ذوي الاغراض وهو بقدر ما هو مخلص لك، فان للسادات علاقات طيبة معنا ومع الجميع، ولكي تسير أمورك وأمورنا على ما يرام لابد من وجود شخص موضع ثقة منك وله علاقات حسنة مع الجميع مثل أنور السادات ليقف إلى جانبك، وبالقرب منك… وأقول لك بصراحة: اننا لكي نعترف بجمهورية اليمن لا بد أن يكون السادات نائبك الأول، فهو صديقنا القديم وأنت تعرف هذا ووجوده ضمانة لنا".. الخ.. ولكون مصر كانت تخسر يوميا في اليمن مالا يقل عن عشرة ملايين جنيه اضافة إلى كونها فقدت /1600 مصري، تقريبا بسبب نجدتها لثورة اليمن التي تحاربها السعودية، وجد أن جمال ـ أن ما يطلبه فيصل من تعيين السادات نائبا له شئ أرخص من هذه المبالغ والارواح المهدورة وانه مقابل اعتراف السعودية باليمن سيخفف عنه هذا الحمل الثقيل وانه سيبعد السادات في أي وقت مناسب!. وارضاء لفيصل .. أعلن جمال عبد الناصر قرارا المفاجئ بتعيين السادات كنائب اول لرئيس الجمهورية، وذلك قبيل سفره إلى الرباط بلحظات واطمأن فيصل وسافر إلى الرباط .. وما ذلك إلاّ محاولة " تكتيكية" من جمال لكسب ود فيصل. حتى أن جمال عبد الناصر كان في مؤتمر الرباط يهمس لمعمر القذافي، بأن يسكت كما ثار في وجه فيصل عميد الرجعية… بينما سبق لجمال أن قال في خطاب عام في عيد الثورة 1962 (ان جزمة جندي مصري يقاتل الرجعية السعودية في اليمن أطهر من عقال الملك فيصل المذهب) وقال: (سأحارب الرجعية في أحضان الاستعمار وأحارب الاستعمار في أحضان الرجعية) وقال: (ان الرجعية السعودية أخطر من الاستعمار).. لكنه بعد ذلك هادن الرجعية السعودية، والاسباب لا "عقائدية" معظم أجهزة عبد الناصر، المقربة التي فكر بالنهاية في تصفيتها، لكنه فات الاوان… وعلى أساس تلك المهادنة القاتلة، استمر جمال "يخادع" السعودية بتعيينه للسادات، بينما السعودية والمخابرات الامريكية صاحية تعد العدة لاغتيال الرئيس ليحل عميلهم الذي عينوه نائبه.. ان عبد الناصر ـ كأي بطل، بل كأي واحد من سائر الناس ـ لم يفكر بالموت السريع وهو في منتصف شبابه.. علما أن عبد الناصر مع استعداده لقتال إسرائيل يدرك أنه لن تسقط إسرائيل قبل أن تسقط الرجعية السعودية وتوابعها ولن ترحل أمريكا من المنطقة قبل أن ترحل السعودية، وكان حذرا من "تمسكن" السعودية، وكان يقول كلما "تمسكنت" السعودية كانت تعد لي مؤامرة، ولقد أدرك هذا من تجاربه الكثيرة معها، من تآمر السعودية عليه وعلى الوحدة وثورة اليمن… ويعلق السادات على تعيينه المفاجئ كنائب لعبد الناصر فيكتب في العدد 29 من مجلة "اكتوبر" الصادر في 15/5/1977 وفي الصفحة 9 بعنوان: "البحث عن بداية" فيقول: (هناك من يرى أن بداية الثورة في نفسي، أو الثورة على شخصي، قد بدأت عندما اختارني جمال عبد الناصر النائب الوحيد لرئيس الجمهورية قبل سفره بلحظات إلى مؤتمر القمة في الرباط سنة 1969 . ونشرت الصحف ذلك وسافر جمال عبد الناصر… يومها قد أثار هذا الاختيار حقد الكثيرين وكانت بداية لتفجير حقد مراكز القوى بينها وبيني، وكان للمرحوم فيصل مواقفه التي لا تنسى)!.. الخ والمتتبع لسير الأمور بمجئ فيصل للقاهرة يدرك هذا، ولقد كتبنا لجمال أن هناك مؤامرة تطبخها السعودية حاليا، وتقصد بها شخصك وهذا واضح من دعمها للسادات ومن تصاريح السعوديين في مجالسهم المفتوحة وتبشرهم بهذا القول: "أن البكباشي سينتهي" !.. والمقصود جمال!… ويلاحظ أن السادات في مقالة الآنف الذكر يعترف علانية ببدء نهاية جمال عبد الناصر حينما اختاره نائبا له، بما يسميه السادات (بداية الثورة عندما اختارني جمال عبد الناصر كنائب وحيد لرئيس الجمهورية قبل سفره بلحظات إلى مؤتمر للقمة في الرباط سنة 1969 !. ما معني بداية الثورة!. لقد فوجئ كل من حول جمال عبد الناصر بهذا الاختيار ـ فعلا ـ الذي أحال السادات من ـ جاسوس ـ يعرفه جمال ـ ومن مبعد وغير مرغوب فيه ومرتشي وسمسار وعميل للسعودية والمخابرات الامريكية ومهووس في تلقي الهدايا وعائلته من امراء السعودية وشيوخ قطر والخليج ـ إلى .. إلى نائب ـ اوحد ـ لرئيس الجمهورية جمال عبد الناصر!.. هل انتهى الرجال في مصر؟! هل ماتت الثورة ورجالها؟! لكن في ذلك رغبة للسعودية، أراد بتنفيذها التخلص من ورطة مصر في اليمن، ولقد عشت الثورة اليمنية، وكان لنا مقر واذاعة ومركز تدريب، وأعلنا "جمهورية الجزيرة العربية " من اليمن وبدأنا العمليات في الجزيرة، واختلطنا مع اليمنيين كثيرا، وكان العديد منهم مع الاسف يكرهون الجيش المصري الذي جاء لانقاذهم، لكن لهم الحق في ذلك لان هذا الجيش قد اوكل أمره للمشير عامر وأتباعه وللسادات واتباعه، وهكذا انقلبت الآية ضد عبد الناصر العظيم. عدم اضاعة فرصة تثبيت السادات في الرئاسة ولكن، وبعد عودة جمال من مؤتمر الرباط تدهور مركز السادات، وكان السادات يخبر السعودية أولا بأول بما حدث وما يجب أن يتم للتخلص من جمال.. وأخذ كل جهد فيصل ينصب في مصر على تثبيت السادات في مركزه كنائب وحيد للرئيس جمال عبد الناصر حتّى تستوي الطبخة في اليوم المناسب. وشعر جمال بخطورة رغبة السعودية في الابقاء على السادات كنائب له لكنه كان يظن أن السادات لا يستطيع فعل شئ في حياة جمال!. فأبقاه نائبا له ـ ارضاء للسعودية… فتحينت السعودية الفرص لاغتياله فلم تفلح، وبدأت السعودية والمخابرات الامريكية لاشغال جمال بالمشاكل العربية ليلتهي بها عما حوله!… مجزرة ايلول في الاردن هنالك تحركت السعودية لمضاعفة ضغطها على الملك حسين للإسراع بضرب المقاومة الفلسطينية في الاردن، وساندته بالمال والاسلحة وبقواتها الموجودة في الاردن عام 1969 وهذا ما يعرفه ثوار فلسطين الذين شاركوا في معارك الاردن… فأصبحت تلك المجازر الشغل الشاغل لعبد الناصر، فتحرك لدعوته المستعجلة عن طريق جامعة الدول العربية لعقد اجتماع "قمة" طارئ في القاهرة للعمل على ايقاف الدماء الفلسطينية المسفوكة في الاردن.. فحضر الملوك والرؤساء وحضر الملك فيصل للقاهرة، وهو يدرك أن ما حصل في الاردن ما كان إلاّ من ضغوطه وما حصل إلاّ بمساعدته… وبينما جمال كان مشغولا في احداث الاردن، كان فيصل مشغولا في تدبير مؤامرة اغتيال جمال، بالرغم من أنهم عينوه "رئيسا للجنة انقاذ الفلسطينيين في الاردن"!! وكان فيصل وكمال أدهم وفهد وسلطان يدركون نهاية جمال، وأوكل الامر لكل من كمال أدهم والمستر كلونز خبير السموم الامريكي في الرياض والسادات وحسن التهامي، لوضع نهاية سريعة لجمال.. … وبدلا من أن يسافر فيصل إلى الاردن "كرئيس للجنة انقاذ المقاومة"! ـ حسبما عينوه ـ للتوسط بايقاف الدماء، سافر الملك إلى سويسرا بحجة علاج مجاريه البوليّة، وأعلنت صحف القاهرة ما يلي: (سافر الملك فيصل هذا اليوم إلاّ سويسرا لاجراء عملية عاجلة في المجاري البولية… وأفادت نشرة طبية أنه بحالة جيدة ولله الحمد)!.. وانتهى اجتماع الملوك والرؤساء إلى لا شئ وبدأ جمال عبد الناصر يودع ضيوفه!… وأثناء ما كان يودع اخرهم ـ وهو حاكم الكويت السابق صباح السالم الصباح ـ في استراحة مطار القاهرة، قدموا له سمّ الاكونتين الممزوج بكأس من عصير القوّافة، وذلك في الساعة الرابعة إلاّ ربعا من بعد ظهر يوم 28/9/ 1970 وفي الساعة السادسة تقريبا استشهد جمال، ولم يوقع طبيبه الخاص أن الوفاة ناتجة عن نوبة قلبية، وحامت الشكوك لحظتها حول حسن التهامي، ولكي يبعد التهامي التهمة عنه: قص خصلة من شعر رأس عبد الناصر ليحللها فراح وحده وزعم أن التحليل لم يثبت أنه مسموما، ومعروف أن سم الاكونتين لا يبقي له أثر في جسم شاربه وانما قد يبقى أثره في الاظافر والشعر لمدة ساعة فقط، والمعروف أن حسن التهامي العميل كان سكرتيرا لرئاسة الجمهورية!. وبينما كان الناس مشغولين بجمال عبد الناصر كان السادات مشغول باستلام مكانه، ولعب دور فرّق تسد بين انصار وموظفي عبد الناصر ممن سماهم السادات بمراكز القوى… وبعد أن فشل في دور فرّق تسد لجأ إلى الاستغاثة بالليثي ناصف. الاستغاثة بالليثي ناصف واغتياله أخيرا! وتمكن السادات من خداع الليثي ناصف ـ الذي كان رئيسا للحرس الجمهوري في عهد جمال ـ بقطع الوعود المعمول له، ولعب الليثي دوره القذر بيد السادات لالقاء القبض على المعارضة باستخدامه للحرس الجمهوري… وما ان انتهى السادات باستخدامه "الليثي" حتّى عينه بوظيفة مستشار عسكري له في القصر، ومن ثم عينه كملحق عسكري في لندن، ولما رفض ارغموه على الرحيل الفوري لاستلام مركزه الجديد، وبعد شهر من وصول الليثي إلى لندن اغتالت عناصر من المخابرات التابعة للسادات الليثي ناصيف في شقته وقذفت به من شرفة شقته في الطابق الثامن إلى الشارع بعد أن قامت بتخديره في شقته، وأعلن بيان في القاهرة: "ان الليثي ناصف قد انتحر نتيجة لمرض عصبي انتابه وقفز من شقته إلى الشارع بعد أن يئس من الشفاء"!! هكذا زعموا في صحافتهم المملوكة… ولقد لعبت المخابرات الامريكية السعودية دورها الرئيسي في خدمة السادات سواء في مصر أو خارجها ولعبوا دورهم في اغتيال المشير عام بالسم لازاحته من طريق السادات. السادات يقول: "حمدت الله لان جثمان عبد الناصر قد دفن"!! وفي الصفحة /10/ من مجلة السادات ـ اكتوبر ـ الصادرة بتاريخ 15/5/1977 يسلط الاضواء على أنه بينما كان الناس مشغولين في جنازة عبد الناصر كان السادات قد انشغل في ترتيب الأمور لصالحه، وانه قد أعطي خمس حقن في مجلس قيادة الثورة لتنشيطه (تصور خمس حقن) ويزعم أنه سقط من الاعياء فيقول السادات: (مات عبد الناصر يوم الاثنين 28 سبتمبر 1970 وقد أعطيت خمس حقن في قيادة مجلس الثورة ولم أستطع الاشتراك في الجنازة، لأنني سقطت من الاعياء، ولما افقت سألت ان كان جثمان عبد الناصر دفن!… فقيل انّه دفن… فحمدت الله)!!. والخبراء في مصر يؤكدون اغتيال عبد الناصر وما نشرته مجلة "الصياد" اللبنانية بعددها /1612/ الصادر في 14 آب اغسطس 1975 يلقي الضوء على هذه الجريمة الشنعاء بل الجرائم… بالعنوان التالي الذي نشرته الصياد: عبد الناصر قتل بسم "الاكونتين" هكذا أكد المحامي المصري "عبد الحليم رمضان" الذي أثار قضية انتحار المشير عامر وأكده الدكتور "علي دياب" الكيمائي خبير السموم القاهرة ـ من مرسي نويشي: وجه المحامي عبد الحليم رمضان مذكرة إلى النائب العام المصري رداً على بيان لصلاح نصر رئيس الاستخبارات السابق حول قضية انتحار المشير عبد الحكيم عامر. وفي هذه المذكرة يستشهد المحامي بوقائع وآراء تقول أن المشير مات قتلا بسم "الاكونتين" وليس انتحارا. وفي هذا الموضوع قال المحامي رمضان "للصياد": "أن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر قتل بالطريقة نفسها"!! وأضاف: "هذه قضية أخرى سأكشف عنها قريبا". وقد حصلت "الصياد" على مذكرة المحامي للنائب العام. وهي إذ تنشرها مع كلامه المتعلق بالزعيم الخالد جمال عبد الناصر تنتظر من المسؤولين والقضاء في مصر الكلمة الفصل في هذا الموضوع الخطير. نص المذكرة السيد الاستاذ المستشار النائب العام مقدمة: عبد الحليم حسن رمضان المحامي بالنقض بالملك رقم 38 شارع عبد الخالق ثروت بدائرة قسم عابدين بالقاهرة: الموضوع: "بتاريخ الاحد الموافق الرابع من مايو (أيار) سنة 1975 نشر بالصفحتين الثالثة والرابعة بالعدد رقم 7799 من صحيفة "الجمهورية" اليومية بيانا منسوبا إلى السيد صلاح نصر رئيس المخابرات السابع بعنوان "لم أسلّم سما ينتحر به عبد الحكيم عامر" وتناول في بيانه ردا على كتاب السيد الاستاذ المستشار محمد عبد السلام النائب العام الاسبق الصادر مؤخرا باسم (سنوات عصيبة) وقد ناقضي صاحب البيان بعض أقوال هذا الكتاب وتناولها بالتنفيذ والرد على نحو يجزم ويقطع في عدم انتحار عبد الحكيم عامر، مع الاشارة باصبع الاتهام في قتله إلى أشخاص معينين أخصهم السيد… مما ينبئ عن وجود خبايا لم تكشف عنها التحقيقات… ويمكن الكشف عنها في اعادة لسؤال رئيس المخابرات الاسبق الذي اشار تصريحا في المقال إلى تعرضه لاسباب قهر وجبر منعته من التعبير عن جميع ما استكن في نفسه خاصة بحادث وفاة المشير خلال فترة التحقيق فيه. وحيث ورد في وجهة نظر السيد صلاح نصر الموجهة إلى النائب العام قوله: 1 ـ انكم ذكرتم انني لم أنف واقعة طلب المادة السامة. لم تذكروا انني جزمت بأن المشير لم يتسلم مني سما قط. 2 ـ انني ذكرت في التحقيق ردا على سؤال لكم انني أجزم بأن المرحوم عبد الحكيم لا ينتحر. لان معرفتي به كرفيق عمر تؤكد أنه رجل مؤمن وشجاع يستطيع أن يوجه أي موقف. 3 ـ انني ذكرت في التحقيق أنه حدث تلاعب في سجلات السموم بالمخابرات بعد استقالتي، ونحي الرجل المسؤول بآخر، وقلت رأيي فيه بأنه شخص لا يوثق فيه ويستطيع أن يفعل أي شئ، كما ذكرت أن المادة السامة كانت كاملة في مكتبي حتّى تقديم استقالتي في 26/ 8/ 1967. 4 ـ انني قدمت لكمن صورة من الاستقالة التي قدمتها لرئيس الجمهورية وصورا من البرقيات التي أرسلتها لكم أثناء تحديد اقامتي في منزلي قبل نقلي عنوة من منزلي يوم 4 اكتوبر (تشرين الأول) 1967 إلى مستشفى الطيران بالعباسية. كما ذكرت أن أمين هويدي اقتحم الجهاز ولم أقم بتسليمه أي شئ سوى حسابات المصاريف السرية عن طريق مدير مكتبي السيد وجيه عبد الله، بعد تركي الخدمة في 27 أغسطس 1967 . 5 ـ لقد أغفلتم شيئا هاما ذكرته في التحقيق وهو انني قلت: هل من المعقول أن يستلم المشير عامر سما في أوائل (ابريل) لينتحر به في 14 (سبتمبر) أي بعد خمسة شهور، ومن كان يستطيع أن ينتبأ أن حربا ستنشب في يونيو تؤدي إلى هزيمة ثم خلاف بين عبد الناصر وعبد الحكيم عامر ثم اعتقال عامر ثم انتحاره… ؟. 6 ـ أين كان سيادتكم حينما نشرت الصحف في اليوم التالي (بالمناشيت) انني قررت انني سلمت سما للمشير خلافا لما جاء في التحقيق ؟ وحينما ارادت أن أعبر عن هذا الافك من شرفة غرفتي بمستشفى الطيران وخاطبت أهالي العباسية في صباح 5 أكتوبر 1967 ، نقلت عنوة إلى السجن الحربي وأنا بين الحياة والموت، فقد كنت لا أزال أقضي مدة النقاهة من الازمة القلبية التي هاجمتني في مكتبي يوم 13 يوليو 1967 والتي اجبرتني على الرقاد في فراشي لمدة شهر ونصف، ولقد أرسلت لكم من المستشفى قبل نقلي إلى السجن بلاغا أتهم فيه البعض بقتل عبد الحكيم عامر، ولا أدري حتّى اليوم مصيره. 7 ـ ان عبارة (وبدأ تحقيق ان المشير حصل على المادة السامة التي انتحر بها من ادارة المخابرات العامة) تتناقض مع الاحتمال الذي فرضته في الفقرة الاخيرة من هذا الفصل والتي جاءت في صفحة 120: وقد اشرت إليه بناء على التقرير الطبي الشرعي الذي يقرر احتمال أن يكون المشير قد تناول قبل وفاته وفي استراحة (المربوطية" قدرا آخر من مادة (الاكونتين) عجل بوفاته. ويستطرد في هذه الفقرة بقولك: ـ ان هذا الاحتمال يفتح الباب لاحتمال آخر لا يصل إلى حد الاستحالة، وهو أن يكون أحد خدم الاستراحة قد دس له في الشراب قدرا من (الاكونتين) اذن فهناك حلقة ضائعة… إذ لم أكن قد سلمت عبد الحكيم عامر السم، وقد ثبت أن وجدت باقي الكمية التي تسلمتها في أول ابريل 1967 فمن صاحب المصلحة اذن في موت عبد الحكيم عامر ومن الذي يستطيع أن يخرج السم من المخابرات بعد استقالتي وتركي الجهاز. هذا تساؤل يحتاج إلى تفسير وتوضيح!!! هذا ما يقوله صلاح نصر، مؤكدا أن السم لم يخرج من دائرة المخابرات المصرية وأن عبد الحكيم عامر لم يمت انتحارا، ولكنه اغتيل "فمن هو صاحب المصلحة باغتياله غير السادات؟" . ونعود إلى مذكرة المحامي عبد الحليم رمضان للنائب العام… وفيها يقول: حيث أنه من صالح الإنسانية والعدالة في مصر… وسيادة القانون بعد اطلاق هذا المقال للقيل والقال، واثارته للتساؤل والسؤال والشكوك حول حقيقة ظروف وأسباب وفاة المشير عبد الحكيم عامر، ان تفتح صفحات تحقيق هذا الحادث من جديد وان يعاد سؤال صلاح نصر فيه، وليبدي قوله، فيما يدير أن يفصح به عن مكنونات نفسه ليجلي الحقيقة"!"، وليكشف عن خفية ما أخفى عهد مراكز القوى . الانتحار مستحيل؟ وفي مكتب المحامي عبد الحليم رمضان التقيت بالدكتور علي محمد دياب مدرس تحليل العقاقير والسموم بالمركز القومي للبحوث. وقد تطوع الدكتور دياب للإدلاء بشهادة علمية في هذه القضية قال: "هناك دلائل قاطعة على أن التقرير الطبي الذي صدر بعد حادث المشير عامر فيه كثير من المغالطات، بل لا أكون مغاليا إذا أكدت أن فيه كثيرا من التزييف العلمي. وارتكز في كلامي على عدة نقاط: أولا: هذا النوع من السم (الاكونتين) يمتص بسرعة شديدة من الجسم بحيث يستحيل علميا الكشف عنه بعد ساعة من تعاطيه، لانه يتحول إلى مواد متشابهة مع مواد طبيعية في جسم الإنسان. ثانياً: ان الجرعة القاتلة (للاكونتين) لا يمكن أن تزيد عن (2 مللي) وبمعنى آخر (2 من الالف من الغرام). ثالثا: الدراسات الاكاديمية في فترة موت المشير كانت ناقصة… وخصوصا عن هذا النوع من السم. رابعا: هذه المادة السامة (الاكونتين) لا يمكن خلطها بمادة أخرى تجعل الوفاة تحدث متأخرة أو مؤجلة". ويقول الدكتور علي دياب: "ان الدراسات التي أجريتها على هذه القضية بالذات، وحصلت بها على درجة الدكتوراه تؤكد أن هناك ثغرات كثيرة جدا في تقرير الطب الشرعي الخاص بحادث المشير عامر. إذ أن التقرير العام قال ان المشير عامر مات بعد 18 ساعة من تناول السم وهذا مستحيل علميا، وقال التقرير انهم وجدوا مادة الافيون في معدة المشير، وأؤكد أن مادة الافيون لا تؤجل الوفاة بعد تعاطي (الاكونتين)". "وأيضاً أؤكد أنه لو كان صحيحا أن المشير عامر مات بعد 18 ساعة من تعاطيه (الاكونتين) لكان من الممكن انقاذه بسهولة". وتدخل المحامي عبد الحليم رمضان في الحديث ليؤكد: انني واثق تمام الثقة من خلال معلومات حقيقية بأن المشير عامر قتل بنسبة مخففة من (الاكونتين) مقدارها (واحد على الالف من الغرام) وقد وضعت له في عصير "جوافة" أثناء نقله من الجيزة إلى شقة المخابرات بشارع الهرم . ثم قال المحامي: وبنفس الطريقة قتل جمال عبد الناصر في ميناء القاهرة أثناء وداعه لامير الكويت. وهذه قضية أخرى سأكشف عنها قريبا" . حوار مع شقيق المشير وهنا وصل إلى الجلسة المهندس حسين عامر شقيق المشير عامر. وكان على وجهه ارهاق وتعب وآلام نفسية هائلة، ودخلت معه في حوار فقال باختصار: ـ لا شك أن لكل إنسان أخطاء، لكن أن يكون جزاء هذه الاخطاء قتل رجل دون محاكمة ودون أن يعطى فرصة للدفاع عن نفسه، فهذا شئ مؤلم. ـ الجميع الآن يطالبون بفتح الملفات، وأنا الاخر لا أجد أمامي إلاّ أن أطلب من ساحة القضاء المصري ـ ولا أشك في عدلها ـ فتح التحقيق في هذه القضية مرة أخرى… لينكشف للعالم أولئك الذين اغتالوا عبد الحكيم عامر. ـ لقد أرادوا التخلص من المشير عبد الحكيم عامر، لانه في أواخر حياته وقبيل النكسة كان قد اكتشف إعدادا لقلب نظام حكم عبد الناصر . ـ وعلى كل الاحوال، لا أستطيع الآن أن أفتي في هذه القضية… فهي أمام القضاء وكلمة القضاء لا تعلو كلمة عليها. أمام كل هذا… ما دامت القضية أمام القضاء منذ خمسة أعوام فلماذا رفض السادات كشفها؟ وهو الذي ما ترك سترا لم يكشفه!. ثم ما رأي الاطباء الذين وقعوا على التقرير الذي يؤكد وفاة المشير منتحر!!. وما هو رأي صلاح نصر الذي فجر القنبلة في حديثه لجريدة "الجمهورية"؟… سنعمل للحصول على أجوبة عن هذه الاسئلة في العدد القادم . السادات والسعودية وراء اغتيال المشير وعبد الناصر 1 ـ لو يعرف السادات أنه سيدين جمال عبد الناصر في مقتل المشير عامل لما وفّر كشف عبد الناصر بأية وسيلة من الوسائل، ولو يدرك السادات أنه سيدين "مراكز القوى" ـ خصومه ـ باغتيال عامر لما تركهم، خاصة وان السادات على كل شئ قدير..! لكنه يعرف من الذي اغتال عامر ومن الذي اغتال عبد الناصر بنفس سم الاكونتين، ويدرك أنه لو فتح التحقيق فسوف لا يكشف إلاّ نفسه والسعودية وأجهزتها الامريكية… 2 ـ لقد منع المحامي عبد الحليم رمضان من الاستمرار بكشف هذه الجريمة بعد أن وعد في مجلة "الصياد" بكشفها… فهل نجد من يتصل به لكشف الموضوع؟.. شئ من تاريخ السادات سقط السادات في فرقة فاطمة اليوسف للرقص والتمثيل الفني ونجح في الرقص والتمثيل السياسي المرحومة فاطمة اليوسف هي والدة السيد احسان عبد القدوس، كانت ممثلة وأصدرت مجلة "روز اليوسف" وهو الاسم الفني لفاطمة اليوسف… قال لي أحد المحررين في مجلة روز اليوسف ـ وكنا مجموعة في بيته ليلة 11/4/ 1976 ـ ما يلي: "بينما كنت أبحث في الارشيف القديم لمجلة روز اليوسف تجمد نظري عند جواب منشور في الصفحة 29 من العدد 203 الصادر بتاريخ 13 مايو 1932 وهو كما يلي: إلى الفتيات والفتيان الذين تقدموا لنا بطلبات الانضمام إلى فرقة فاطمة اليوسف… نأسف لعدم قبولكم في الفرقة نظرا لعدم اجتيازكم الاختبار الفني للرقص والتمثيل آملين لكم النجاح في فرص قادمة… والاسماء هي: الفتاة غالية حسنين الفتاة مرفت سليم الفتى محمود حموده الفتى أنور السادات وكان التعليق يا ترى لو أن فاطمة اليوسف، قبلت هذه المجموعة الساقطة ـ طبعا ـ في الرقص والتمثيل وأتاحت لهم فرصة للتدرب لديها والتدرج على ملاهي مصر كالفرصة التي أتاحها جمال عبد الناصر لانور السادات وغيره، فهل سيلمع السادات كنجم بمستوى إسماعيل يس أو المهندس أو شكوكو فيضحك الناس بلا هدف ويكفي هذه الامة المنكوبة شره وشر تمثيله السياسي؟… ولو أن فاطمة اليوسف أتاحت للسادات فرصة التدريب والتدرج في الرقص على الملاهي بدلا من الرقص على الحبال السياسية، فهل سيكون عنده الوقت الكافي لحك جبينه بالحجارة لخداع بعض السذج زاعما أنه من "بتوع ربنا" وأنه لا هدف له من ملذات الحياة بدليل أن سيماه في وجهه من آثار السجود!… بينما الذكي يعرف أنه كشخص عمل في عدد من المناصب الكثيرة ومنها منصب الرئيس: لا يمكن أن تكون لديه الفرصة الكافية ليصلي كثيرا إلى الحد الذي يجعل جبينه يتورّم كدبر الحمار… والمعروف أنه وَجَد الوقت للصلاة ـ فصلاته لا تتم إلاّ على السجاد الثمين.. والسجاد الثمين اللين لا يخّشن الجباه بل ينعمها … والمعروف أيضاً أنه حتّى النبي محمد عليه السلام لم يكن في جبينه شئ من هذه الوصمات التي هي بصمات النفاق… وقد أخطأ السادات في فهم القرآن الكريم، فظن أن سيماء المؤمنين انّما تكون في الجباه، بينما هي في وجوه أهل الخير من عمل الخير: (سيما هم في وجوهم من آثار السجود)… وكان من الممكن أن تقول الآية (سيماه في جباههم من آثار السجود) ونطقها سيكون أكثر موسيقية من نطق (وجوههم) لكنه قال في وجوههم… ووجه السادات كعمله … لا ينم عن الخير. وليس الدين ـ أبدا ـ في الجباه وحكت الجباه في الحصو، بل في المعاملة كما يقول الحديث الشريف: (الدين المعاملة). المهم: لقد فشل السادات في الرقص ونجح السادات في السياسة و (كما تكونوا يولّى عليكم)!… حديث شريف. ولننهي موضوع السادات، لنبدأ بما قاله عبد الله الفيصل عن والده صاحب السادات… والدي فيصل مات فقيرا ومديونا بـ 5000 ريال ومات وليس في جيبه قرشاً واحداً!! بهذا صرح عبد الله الفيصل عن والده أثر مصرعه بيد الشهيد فصل بن مساعد. وبمثل هذه الاكاذيب يتحدث آل سعود عن الصلاة في القدس وتحرير فلسطين والاراضي العربية المحتلة!.. وليس هناك أسفه من آل سعود إلاّ من يصدقهم من العرب العاربة والهاربة والمستعربة.. "مات والدي وهو لا يملك قرشا واحدا"!! قرشا واحدا!! … فقط؟ لماذا!… ولماذا يكون في جيبه قرش واحد ومالية الشعب كلها جيبه الخاص؟. وجيوب آل سعود هي المالية… ولو أردنا أن نكون من السذج لاكتفينا بالتساؤل عن القصور فقط؟!.. لنقول: من أين له ولكم ولهم: أثمان القصور؟.. فمثلا في عام 1360 هـ بدأ فيصل ببناء قصر الطائف فانتهى عام 1362 هـ/ أي بعد 12 سنة ـ وكلف 130 مليون ريال يوم أن كانت الملايين غالية… ثم بدأ فيصل ببناء قصر "الشيبة" بمنطقة العدل بأعالي مكة منذ عام 1370 هـ ولم ينته إلاّ قبيل أيام من مصرع فيصل لضخامته ـ أي بعد مضي 16 سنة ـ وقد كلف 120 مليون ريال .. كما بدأ فيصل ببناء قصر "الرويس" بجوار السفارة الامريكية بجدة عام 1370 هـ وأخذ يشيد فيه على طريقة بناء قصور الاندلس، وكلف 300 مليون ريال… وأشاد فيصل قصره في الرياض المعروف باسم قصر "المعذر" وكلف عشرة ملايين ريال أيام الرخص… وله عدد من القصور الاخرى في الرياض وجدة ومكة والطائف وبيروت وأمريكا وسويسرا و"جاردن سيتي" في القاهرة وصل الغرور بالفاسق فيصل أن يوزع الدعوات "في الجنة والنار" ويحجز لزواره الاماكن هناك ويرفع يديه بالدعاء كلما زاره زائر زاعما أنه ليس بينه وبين الله حجاب!!. وما أن استقبل فيصل السيد أحمد سيكوتري رئيس جمهورية غينيا حتّى رفع يديه (يدعو ربه بالمغفرة) لسكيوتوري بصفة فيصل "خليفة رسول الله" كما يزعم، و"ان دعواته لا توصد بوجهها أبواب السماء"!!. وقال فيصل في آخر دعائه (يا رب ارفع عن غينيا المسلمة شرور الاشتراكية!) فأي رب يا ترى يدعوه فيصل؟. أتراه يدعو رب البيت الحرام؟! أم رب البيت الابيض؟! الذي لا رب لفيصل سواه… فيصل المنكَس اختلف عبد العال موسى مع بعض أقاربه في (المدينة المنورة) على قطعة أرض فحكم القاضي السعودي ضد عبد العال، وكان عبد العال على يقين من أن الحق له، لذا أرسل برقية إلى فيصل (نائب الملك عبد العزيز على الحجاز) يشكو إليه ما لحق به من ظلم، وبدا من أن يحقق في الموضوع أصدر أمره بسجن عبد العال موسى وتعذيبه لمدة أسبوع، فلم يسكت عبد العال وطلب من أحد أقاربه أن يرسل باسمه وهو في السجن إلى الملك عبد العزيز يتظلم فيها ويطلب انصافه، فظن الملك عبد العزيز، أن عبد العال خارج السجن فأرسل الملك عبد العزيز برقية إلى فيصل هذا نصها: (انكسوا عبد العال في السجن) فأصدر فيصل أمره إلى مدير الامن العام مهدي بك اليهودي بربط قدمي عبد العال بحبل وتعليقه من قدميه إلى سقف السجن… فعلق عبد العال، وأرسل أقاربه برقيات في اليوم الأول والثاني والثالث إلى عبد العزيز وفيصل (يسترحمونهما) الافراج عن عبد العال لانه تورم رأسه وجسمه من (التنكيس) وحالته في غاية الخطورة… وهو يموت الان… ولم يجد عبد العال من المجرمين اذنا صاغية. فمات منكس الرأس… بعد مضي ثلاثة أيام ذاق فيها مرارة الموت في كل دقيقة من التنكيس … ولما بلغ الامر الملك عبد العزيز زعم يقول: (انني لم أقصد بكلمة أنكسوه، إلاّ أن أعيدوه إلى السجن، ولم اقصد أن تنكسّوه على رأسه) وقال فيصل: (دعو عبد العال يكون عبرة لغيره ممن يرفعون الشكاوى متذمرين من مظالمنا ومظالم قضاتنا). هذا أمثلة فقط لما يلاقيه شعبنا من جرائم الحكم المنكوس… من أجل بيضة قطعوا يد امرأة جائعة!… اتهمت امرأة في المدينة المنورة بسرقة (بيضة دجاجة) فجئ بها للمجرم السفاك عبد العزيز بن إبراهيم حاكم المدينة فقطع يدها… ورفعت شكوى بعد ذلك إلى فيصل في مكة تنفي أنها قد سرقت البيضة وتستنكر قطع يدها ظلما ودون تحقيق، أو وجه حق… فأرسل فيصل برقية إلى حاكمه المجرم ابن إبراهيم أن (اقطع رجلها) وما أن علمت المرأة المسكينة المظلومة إلاّ والعبيد يسحبونها من شعرها فيقطعون قدمها اليسرى… فماتت المرأة في اليوم التالي من جرائم الحكم القراقوشي السعودي… واسمها زاهرة سليم… فيصل وسعود يتزاحمان على صاحبة بثياب حريمية! كان لفيصل صاحبة في الطائف وكان دائما ما يأمر خادمه الاسمر (حمود الماص) لمرافقتها في ذهابها منه وايابها إليه.. وكان الملك سعود يتحين الفرص هو الآخر للاستيلاء عليها، ويضع من يراقبونها، ولما رأى خادم فيصل برفقتها هدده وأغراه في الوقت نفسه، بالتفاهم معها من أجل سعود.. فلم تعارض. وحددت الموعد لسعود (على أن يرتدي ثياب امرأة سعودية ويأتيها مساء برفقة خادم فيصل منعا للشكوك!..) وفي المغرب ذهب سعود إليها بثياب امرأة ملفوفة وقضى منها وطره فخرج وإذا به يفاجأ بأخيه فيصل أمام بابها يهم بالدخول وهو يرتدي ثياب امرأة أيضاً!. ولم يسلّم أحدهم على الاخر رغم معرفة كل منهما للاخر.. فخرج سعود يرافقه خادم فيصل ودخل فيصل وحده بثيابه الحريمية.. وفي اليوم التالي استدعى فيصل خادمه حمود الماص وأبعده حالا إلى الرياض آمرا إياه بعدم العودة إلى الطائف أو الحجاز دون أن يبدي له الأسباب … فقبل الخادم هذا الامر لمعرفته بالاسباب التي يستحق من أجلها أكثر من هذا!، رغم ان الخادم المسكين كان رغما على كل ما فعله فيصل وسعود.. فالخادم السعودي يرغم على أن يعتبر الرذيلة فضيلة والفضيلة رذيلة، والبرئ مجرم حتّى تثبت ادانته بالجلد وقلع الاظافر والاغتصاب والحطبة وقطع اليدين إلى المرفقين ومسح جميع الرأس والترتيب والموالاة!… المعتدي على مدير البلدية كالمعتدي على الملك مواطن من (أشراف مكة) البدو يملك قطعة أرض في جدة اعتدى عمر باناجه مدير بلدية جدة عليها فاقتطعها، فراجعه المواطن، فوجه منه كل اهانة، وغضب المواطن على سلب حقه واعطائه لمن لا يستحقه… فاستل سكينا صغيرة معه لتقليم الاظافر وضرب بها باناجه في رقبته، فألقي القبض على المواطن، ليلاقي صنوف العذاب الاليم، بينما نقل مدير بلدية جدة إلى المستشفى لتضميد جرحه الصغير الذي شفي منه في ساعته، وبالرغم من تنازل باناجه عن حقه إلاّ أن فيصل بن عبد العزيز رئيس الوزراء وولي العهد لم يتنازل بل جعل من نفسه (شرعها وفرعها) كما يقول… ولم يحيل المواطن حتّى إلى القاضي السعودي بل اصدر تشريعه المعروف التالي: (لو تنازل باناجه فنحن لم نتنازل. والذي اعتدى على مدير البلدية قادر على أن يعتدي على وزير الداخلية وعلى رئيس الوزراء لذا فليقتل بالسيف في الشارع العام) وكان وزير الداخلية هو ابنه عبد الله الفيصل… فقتل الشريف عام 1378 هـ ـ 1958 م.. فأي شريعة سماوية أو قانون وضعي يقر تنفيذ الاعدام في الجاني بينما المجنى عليه حي يرزق!. لكنه حكم فيصل السعودي الذي يدل على همجيته ووحشيته… وافظع من هذا كله أن فيصل يدعي أنه يحكم باسم القرآن؟! فأي قرآن هذا الذي يعنيه، وهو الذي كفر بالقرآن؟! ألم يحرم القرآن القتل حتّى على بني إسرائيل ابناء عم فيصل؟ (وكتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أ حيا الناس جميعا؟). فكيف يدعي آل سعود بالقرآن تشريعا والقرآن يقول (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) لكن أعداء الإسلام فيصل وحكام اسرته حينما يفعلون المنكر باسم الإسلام لا قصد لهم إلاّ تشويه الإسلام واخراجه لمن لا يعرف الإسلام على أنه دين الوحشية. انها خطط بني صهيون. ولقد فعلت إسرائيل ما فعله الصهاينة في فلسطين… لكن ايماننا عميق بما قاله رسول الإنسانية محمد بن عبد الله (بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين) ولن تضيع دماء المؤمنين هدرا… ولقد ذاق فيصل طعم الموت مرة واحدة على يد الشهيد فيصل بن مساعد… مع أنه يجب أن يذوقه مليون مرة كقصاص لارواح الاف الشهداء الذين قتلهم واسرته… فيصل يأمر بسلخ الجنود تمرد 19 من جنود الجيش عام 1378 هـ ـ 1958 م في جدة وتحصنوا في بعض التلال القريبة من جدة بطريق المدينة المنورة. والتي لا تبعد كثيرا عن بلاج أبحر … وراح الجنود التسعة عشر يرابطون للامراء ومن معهم وما شابههم فيشبعون الانذال من لصوص الشعب ضربا ويأخذون ما معهم… واستمرت ثورة الجنود على هذا المنوال قرابة شهرين لم يعتدوا خلالهما على أي عابر سبيل من أبناء الشعب العاديين، فأرسلت العصابة قوة تطاردهم حتّى القت القبض عليهم فاحالوهم إلى قاضي جدة الشيخ الحركان الذي (حكم بتقطيع أيديهم بصفتهم قطاع طرق!) لكن فيصل لم يعجبه حتّى هذا الحكم الظالم فأمر بتقطيع أرجلهم مضافة إلى أيديهم فقطعوا أيديهم وأرجلهم… ومرة أخرى ساور رئيس الوزراء فيصل الشك من أنه لم يكن منصفا فيما أمر به فأمر بقطع رؤوسهم معطوفة على الايدي والارجل قائلا حكمته المشهورة: (لو تركنا هؤلاء لشجعنا غيرهم بالتعدي على الامراء) منتهكا بذلك حرمات الشرائع كلها وكل القوانين في العالم وحقوق الإنسان والاسلام الداعي لقتل الامراء والملوك واتباعهم واعادة ما سرقوه من الشعب بأي شكل من أشكال المقاومة… والشريعة السمحاء على لسان أبي ذر الغفار تشرّع: (عجبت لمن لا يجد قوت يوم في بيته كيف لا يخرج على الاغنياء شاهرا سيفه؟!) ويصرخ علي بن أبي طالب بالحق المبين والقصاص ممن سرقوا الشعب وأمواله قائلا: (ما جاع فقير إلاّ بما متع به غني وأمير… وكم حراً سير تحت إمرة أمير)… تمرد آخر تمرد بعض الجنود في مكة تذمرا لقلة مرتباتهم وتأخر صرفها… فعلم رئيس الوزراء بالامر "الخطير" فأمر (بخلع بدلاتهم العسكرية وربط أيديهم وأرجلهم وتركهم عراة في الشمس وتعذيبهم لمدة اسبوع ومن ثم يسرحون وينفون بعيدا عن جوار بيت الله الحرام!..) يا سلام؟. حاميها حراميها.. والشرع ما ينطق به حرامي الحرمين… فيصل وفتوحاته 1 ـ استولى فيصل على أراضي (شبرا) في مكة، وتمتاز بموقعها وارتفاع أمثانها فقسمها وباعها لحسابه وأصدر قبل بيعها أمرا يحذر فيه اصحاب الاراضي في مكة من بيع أراضيهم قبل أن يبيع الفيصل أراضيه المغتصبة… كما استحوذ هو وابناؤه على أجمل الاراضي في الحجاز وباعوها أو أشادوا عليها عمارات يؤجورنها، وهذه شريعة آل سعود وسماسرتهم، ولا زال حكام آل سعود يستولون على كل أرض ممتازة… ولهم عدد من السماسرة يخبرونهم بكل ما يستجد من أراضي صالحة… 2 ـ سبق لفيصل أن أصدر أوامره بأن لا يتقل أحد من منطقة (سجا) وهي مساحة برية تزيد على المائتي كم، ليجعل منها (حمى) له يحميه من كل عابر سبيل ليتوفر فيه العشب لأبله وأغنامه كما يتوفر فيه لاصيد ليخرج بين حين وآخر يصطاد الغزلان البرية والبشرية وطيور الحبارى وأشياء أخرى… هكذا يتعامل آل سعود مع إسرائيل سبق أن أرسل العرش السعودي عددا من الجيش السعودي إلى الاردن عام 1957 لمساعدة الملك حسين في قمع الشعب هناك… وفي أواخر عام 1958 استدعي ذلك الجيش المسمى باللواء العاشر بعد أن أدى مهمته لكنه لم يسمح له بدخول المدن بل نفي إلى صحراء الشيخ احميد قريبا من مياه العقبة، ولم يكن معه إلاّ طبيب واحد فمرض الطبيب نفسه وكان يعرف علته إلاّ أنه لم يكن لدى الطبيب من الدواء ما يداوي به نفسه، فأبرق الطبيب إلى وزارتي الصحة والدفاع ولم يأتيه أي رد، وأبرق إلى فيصل بصفته رئيس الوزراء وولي العهد ووزير الخارجية فلم يرد له أي جواب وانما اكتفى بالسخرية من الطبيب وقال لمن حوله: (مرض الاطباء رحمة) فقام الجيش بتطبيب طبيبه وكان (آخر طب الكي) فكووه بالنار في بطنه وأحس بانتعاش لكنه هرب إلى سوريا، تاركا ما بقي له من مرتبات لآل سعود…. أما عن الجيش فقد أرسل بعض ضباط القادة إلى وزارة الدفاع برقية يشرحون فيها ما تفعله إسرائيل التي ترسي زوارقها في المنطقة "السعودية" (وينزل بحارتها إلى أراضينا ويتحرش جنود إسرائيل بجنودنا وينزلون كميات من الحشيش يستلمها بعض عملائهم السعوديين لتصريفها في البلاد وعلى الجيش نفسه فأذنوا لنا باطلاق النار على الصهاينة الاعداء!) فأحال وزير الدفاع سلطان الامر إلى رئيس الوزراء فيصل الذي اهتم للموضوع جدا (خوفا من أن يتسرع جنودنا باطلاق النار على جنود إسرائيل) مرسلا البرقية التالية: (لا يمكن لليهود أن يعتدوا عليكم ما لم تعتدوا عليهم، واليهودي لا يساوي رصاصة نخسرها باطلاقها عليه… وقد قال الله في محكم كتابه "غلّت أيديهم ولعنوا" فاليهود مغلولة أيديهم) .. فكان جواب الضباط: (لم يكن هناك من غلّت أيديهم ولعنوا سوانا) فأمر فيصل بعد ذلك بنقل اللواء من مكانه الحساس المقابل للصهاينة… ولا زالت إسرائيل تقذف بطرود الحشيش بمعرفة من آل سعود وبعض الامراء المنتفعين بتجارة الحشيش والمخدرات… وما زال آل فهد يسيرون على النهج الفيصلي نفسه… وقبل فترة بعثوا بعدد من جنود الحرس الوطني لمراقبة الجيش نفسه، فجاءت طائرة اسرائيلية وحطت في منطقة الشيخ احميد فاطلق جنود الحرس الوطني النار عليها فأصابوها وأصابوا الطيار وزميلته باصابات طفيفة… واهتزت السفارة الامريكية لهذا الحادث "الفظيع" وطالبت بعقاب الجنود وبدفع قيمة الطائرة وتعويض اليهوديين المصابين… مدعية أن بداخل الطائرة ذهبا نهبه جنود الحرس الوطني، وأن ما تطالب به لا يقل عن 25 مليون دولار… وبالفعل فقد دفعت السعودية 25 مليون دولار استلمتها السفارة الامريكية لتسلمها إلى إسرائيل وأبعد جنود الحرس الوطني عن المكان وقتل الجندي الذي اتهم باطلاق النار على "الضيوف" وأصلحت اصابات الطائرة الطفيفة بعد أن تولى الامريكان تفريغ حمولتها التي لم تكن إلاّ حشيشا وأفيون… وتولى جنود أمريكان أتوا من قاعدة تبوك حراستها وأتت طائرة سعودية حملت الاسرائيليين إلى مستشفى آرامكو بالظهران حيث ضمدت جراحهما واعيدا بطائرة حربية إلى مكان طائرتهما فاستقلاها وعادا بها إلى الاراضي المحتلة في فلسطين… فيصل، وحائل انتفض الشعب في حائل عام 1382 هـ 1962 م انتفاضة ثورية (سلبية) إذ لم يستخدموا السلاح فيها وانما مارسوا المقاومة السلمية حيث طوقوا قصر الطاغية السّفاك الجاهل الارعن حاكم حائل الامير عبد العزيز بن مساعد آل سعود جلوي آل سعود سعود، فأغلق أبواب قصره خوفاً من أن تقتحمها الجموع الغاضبة. لكنه بعد أن رفض الشعب المتظاهر التفاهم معه أو الابتعاد عن باب القصر أمر خدمة باطلاق النار على المتظاهرين فأصيب الكثير منهم بجراح، ثم اتصل بعدد من حرسه المتوحش لينهبوا سيارات المواطنين الواقفة حول باب القصر ويشعلوا فيها النار ويطوقوا الجمهور من الخارج مما اضطر الاعزل من السلاح إلى الانهزام أمام سيوف ورصاص المجرمين، لكنهم لم يتراجعوا عن مطالبة الملك بابعاد اللص المجرم (ابن عمه) جزار حائل عبد العزيز بن مساعد، واستمروا في مقاومته ومقاطعته من كل ناحية، وارسلوا وفدا منهم لمقابلة الملك سعود الذي كان يخيم "قانصا" بالقرب من حائل للتفاهم معه بهذا الخصوص، فأرسل لهم الملك سعود أحد خدمه ليبلغ الوفد (أنه يتوجب عليكم قبل مقابلتي أولا مقابلة أميركم ابن مساعد ومصالحته) وكان رد الوفد الشعبي حاسما قويا وهو (أبلغ سيدك سعود أننا نرفض مقابلته أولا، ونرفض مقابلة المجرم ابن مساعد ثانيا، وكنا قد جئنا نشكو إليه بصفته المسؤول الأول عن الجرائم لكن المشتى إليه كالمشكو منه وكما يقول المثل: المربوط أخبث من المطلق!). وغادر الوفد المكان… وأرسل الملك سعود من يلحق بهم لاعادتهم بغية مقابلته… لكنهم رفضوا مقابلته بتاتا.. وكان رئيس الوزراء فيصل يملك زمام السلطات آنذاك ويوشك أن يخلع أخاه ليجلس على سرير ملكه… فرأى الوفد الشعبي أن يذهب لمقابلة فيصل بالرياض، حيث استقبلهم هناك عدد من المواطنين واستأجروا لهم بيتا كبيرا أسكنوهم فيه وأكرموهم ووضعوا لهم أنواع الخدمات… وعندما حاول الوفد مقابلة فيصل رفض مقابلته مرارا لكنه حدد له في الاخير موعدا. فماذا قال الطاغية فيصل للوفد عن الطاغية عبد العزيز بن مساعد. قال فيصل (عليكم أن تقبلوا رأس ابن مساعد وتسترضوه أولا قبل المجئ الي. فابن مساعد مثل والدي وهو صاحب البلاد ولن اسمح لاحد بالتطاول عليه) لكن أهالي حائل وضعوا رأي فيصل هذا في مجاري المياه العفنة. وخرجوا من عنده مصرين على مقاطعة ابن مساعد. فعاد فيصل إلى سلاحه الخبيث (فرق تسد) حيث استطاع أن يخدع بعضهم بالتفاهم مع ابن مساعد بعد أن تعهد لهم بواسطة الامير محمد بن عبد العزيز هو أخو فيصل وابن اخت ابن مساعد: بأن الحكم السعودي سوف ينفذ كل مطالبهم في حالة التفاهم المؤقت مع ابن مساعد… فخدع البعض بتلك الايمان الغلاظ المقطوعة على لسان الامير محمد آل سعود التي لم تكن إلاّ مواعيدا كاذبة من حبك فيصل الكذاب.. واصر آل سعود على عدم ابعاد الطاغية بن مساعد، ولكن نتيجة تحرك قسم من قبيلة شمر المهاجرين في العراق بقيادة سعود آل رشيد، سارعت السعودية بعزل الطاغية بن مساعد، وجمدت هذه الحركة، ولم يكن هذا هو الحل بالطبع، فالحل أعمق جذوراً من هذا إلاّ وهو اجتثاث الاحتلال السعودي من جذوره واحراق بذوره… أمريكا حليفتنا واسرائيل حليفة أمريكا قال أحد المخدوعين بنصيحة ساقها للملك فيصل بن عبد العزيز قبل وفاته عام 1975: (ان الجيش السعودي سيكون اضحوكة بين جيوش الدولة العربية فيما لو دعت الحاجة اليه، ويجب تقوية هذا الجيش وتركه يعمل ليكون جيشا قويا صالحا أو قادرا على رد العدوان من أي جهة من الجهات أو من أي صنف من الاعداء). فتبسم الملك ابتسامته العذبة المحبوبة ـ كما يقول المتحذلقون ـ وقال فيصل: (اننا في الحقيقة لسنا في حاجة إلى جيش بالمعنى الصحيح، نحن بحاجة إلى بوليس فقط، فمحاربة إسرائيل ليست من الحسبان في شئ، وعدوان إسرائيل علينا غير وارد ذكره ما دام الامريكان لن يسمحوا لها بمجرد التفكير بالاعتداء علينا فأمريكا حليفتنا واسرائيل حليفة أمريكا. وان كنا نبقي على اسم الجيش ووزارة الدفاع في تشكيلاتنا فانما هو لاستكمال مظاهر الدولة فقط)… قال فيصل: (عقد الصفقات فيه نفع لتجار السلاح عندنا)!. ويقال ان فيصل كان يطعن بتصرفات آل سعود فهد وسماسرتهم، بعد أن استبدلوا عدنان خاشقجي بكمال أدهم عن سمسرة السلاح… وكمال أدهم هو ريك فيصل وصهره ووكيل أعماله… سعوديات يهوديات 1 ـ سبق أن أقامت وزارة نفط "حكومة العائلة السعودية" الدعوة على شركة أرامكو تطالبها بمبلغ 500 مليون دولار عن أرباح الزيت في صيدا. والذي أثار الموضوع هو أحد المستشارين المصلحين وقد وضعت الشركة و"الحكومة" محكمين بهذا الصدد وأوشك الحكم أن يصدر بادانة الشركة بالمبلغ المذكور. ولكن.. سمو الامير فيصل أمر بسحب الدعوة والغاء اجراءات المحاكمة، وذلك مقابل حصول سموه على (100) سهم في الشركة، فأعطته الـ 100 سهم ثم اشترها منه مقابل خمسة ملايين دولار… فأصدر أمره بعدها باسم "حكومة العائلة السعودية" بسحب الدعوى وبذلك حرم الاقطار العربية الاخرى كلبنان وسوريا من حقهما الذي تطالبان به شركة آرامكو بهذا الموضوع… أضف إلى ذلك أن البلاد كانت وقتها بأمس الحاجة إلى العملة الصعبة "الدولار" ولكن فيصل حرم البلاد وحرم سوريا ولبنان والاردن من 100 مليون دولار سنويا من ارباح الشركة. 2 ـ لم يقم بنك انترا في بيروت إلاّ من سرقات بدر الفاهوم شريك فيصل الذي هرّبها من المملكة بعد أن انكشف للناس إثر موت عبد العزيز حيث سلط الشبان المخلصين الاضواء على اللصوص مما دعا فيصل لتغطية الفضيحة بالاكتفاء بتهريب شريكه بدر الفاهوم وبتجريده من الجنسية السعودية ـ وهو من فلسطين المحتلة أصلا ـ كما أمر بمصادرة أملاكه في الداخل فقط "لصالح فيصل وعائلته وذلك عام 1953 ". بعد أن أدين بجرائم الاختلاس والتزوير والسرقة والتواطؤ مع شركة "كوفنكو" الالمانية العاملة في المملكة… وفي عام 1958 سافر بدر الفاهوم وكمال أدهم ـ نسيب فيصل ووكيل أعماله ـ سافرا إلى أوروبا لمفاوضة بعض الشركات لاستثمار مناجم "المملكة" متفاوضا مع اليهودي المستر "ياكوبو" وكيل شركة (إني ENNY اليهودية الايطالية..) فأرسلت بعثة من قبلها إلى المملكة ودفعت مبلغ مليون دولار سمسرة لفيصل عن طريق نسيبه كمال أدهم، وراحت الشركة تنقب!. 3 ـ يعرف فيصل باسم المستر (2 بالماية) وذلك لان نسيبه ووكيل أعماله كمال أدهم قد توسط "لدى حكومة فيصل" اياه لإستثمار بترول المنطقة المحايدة الذي منح للشركة اليابانية ـ فوافقت "حكومة فيصل" على أن تستثمر الشركة اليابانية (جيتي) بترول المنطقة المحايدة مقابل (2 بالمائة) لكمال أدهم… وكانت الشركة قد دفعت 75 بالماية لحكومة الكويت بسبب عدم اقتسام الأرض بين الكويت والسعودية، ودفعت 55 بالمائة فقط للسعودية، أما الـ 2 بالمائة فأصبحت لفيصل … وقد باعها بواسطة نسيبه كمال أدهم إلى الشركة الامريكية اليهودية "اتلانتيك ريفايننك" بمبلغ 6 ملايين دولار كما سبق أن أخذ كمال أدهم مليون دولار "سمسرة" من الشركة اليابانية لاستثمار البترول… وهو لم يعتبر هذه السمسرة سرا بل صرح بها في مجالسه مرارا.. مفاخرا بشطارته… فما رأي "مكتب مقاطعة إسرائيل" في هذه الاعمال الاجرامية التي "فعلها" فيصل وأسرته المستمرة في التعامل مع إسرائيل وهي ما تزال عضوا في جامعة الدول العربية المنقولة؟. 4 ـ منحت شركة "نيوجرسس" الامريكية عددا من الاسهم لفيصل عام 1959 وسجلتها بأسماء أولاده وأفراد عائلته، لانه يريد أن "يضمن مستقبلهم" كما يقول، ولم يكتف بتلك الاسم بل أخذ يجري مفاوضات مع شركة "كاليفورينا" و"تكساس" و"موبيل أويل" لاعطائه اسهما أخرى في تلك الشركات التي تمتلك شركة أرامكو على أساس أن الحصة التي منحت لسموه هي من حصة نيو جرسي فقط.. وكان ذلك مقابل سكوت فيصل عن زيادة حصة السعودية وبعض الضرائب المستحقة على شركة أرامكو والغاء الدعوة المقاومة على شركة أرامكو في قضية ـ أوناسيس ـ فيما يتعلق بنقل البترول وتسويقه التي ضربت بها الارامكو عرض الحائط، وكذلك الغاء الدعوى المقامة على شركة أرامكو المتعلقة بأرباح صيدا… 5 ـ طالبت الممرضة التي صحبت زوجة الامير فيصل إلى أمريكا وزارة الصحة بخدماتها عن رحلتها مع الاميرة أو الملكة "عفات خانم" شقيقة طيب الذكر كمال أدهم وزوجة فيصل الغالية.. طالبت بمبلغ 242 ألف ريال وعندما وصلت المعاملة إلى ديوان المراقبة العامة عارضت المراقبة أن يصرف لها هذا المبلغ الضخم… ولكن وزارة الصحة أصدرت الامر إلى المراقبة بالحرف الواحد: "صدر الامر من مكتب سمو الامير فيصل الخاص بصرف هذا المبلغ لقاء خدمات الممرضة لحرم الامير فيصل "عفات خانم" فصرف هذا المبلغ… في الوقت الذي رفض فيه فيصل صرف أي مبلغ للمرضى المصابين بالامراض الصدرية والسل وأخرجهم من مستشفيات بيروت رافضا اتمام علاجهم.. وكذلك رفض فيصل معالجة عدد من الموظفين الذين خدموا دولة آل سعود الظالمة قرابة 40 عاما ومنهم المشلول محمد بن عبد الله بن ناصر الذي كان يعمل مأمور مستودع في قصر الناصرية حيث قال له فيصل عندما راجعه للعلاج: "نحن لم نمرضك، الله الذي مرضك" .. أما عفات خانم فيظهر ان الله لم يمرضها وانما قد مرضتها التخمة من أموال الشعب لهذا فعلاجها مباح… 6 ـ طالبت شركة آرامكو الاستعمارية "حكومة العائلة السعودية" بمبلغ 20 مليون دولار، واعتبرت وزارة المالية بعد المراجعة أن هذا الطلب هو حساب مكرر… وبقي محفوظا لديها ولكن الآرامكو لم تسكت بل أثارت هذا الطلب مرة أخرى… فصدر أمر فيصل بصرفه وجاء في أمر الصرف كما يلي: آرامكو لا تغلط ولا تكذب!. 7 ـ رصد لوزارة المعارف (6.000.000 ) دولار لشراء معامل علمية وأدوات مدرسية وآلات صناعية على اسا سعر الدولار (ثلاثة ريالات وسبعة عشر قرشا) بالسعر الرسمي "السابق"، والذي حصل أن أخذت وزارة المعارف هذا المبلغ بالدولار وبالسعر الرسمي ولم تستورد أي شئ من المعامل أو الادوات أو الآلات ثم أعادت بقية هذه الدولارات لصندوق وزارة المعارف بالريالات بالسعر الرسمي على أساس الدولار (ثلاثة ريالات وسبعة عشر قرشا) بينما باع المسؤولون في الوزارة المذكورة الدولارات بالسوق الحرة بسعر الدولار (ستة ريالات وستة قروش) فكان الفرق بين كل دولار (ريالين واحدى عشر قرشا) أي أن مجموع الفرق (15 مليون) دخل منها (10 ملايين) في جيب الامير فهد بن عبد العزيز وزير المعارف السابق وبعض المسؤولين الآخرين في الوزارة… كان هذا أيام زمان!. والآن تفننوا في السرقات طبعا… 8 ـ أضحكوا ياناس… اشتركت "العائلة" السعودية الحاكمة في مؤتمر الفيلم الآسيوي الافريقي وقدمت فيلمين أمريكيين (فيلم زيارة الملك إلى أمريكا) وفيلم (الذباب!) … يحكي قصة تكاثر الذباب وتناسله في "السعودية" ومكافحة شركة آرامكو له!… وحبذا لو قدمت هذه العائلة ـ أيضاً ـ افلام العمليات الجنسية العارية التي ملها بعض أفرادها لحياتهم الداعرة في باريس وما شابهها من الافلام الامريكية الاخرى التي لا يخلو أي قصر منها .. لتثبت بذلك أكثر فاكثر على مدى "تقدم الفيلم السعودي والفن السعودي والفنان السعودي أيضاً في هذا العهد السعودي الباهر…" ومن المعروف أن السينما محرمة على سواد الشعب الاعظم ومباحة للعائلة وأسيادها… الامريكان… نوري السعيد يطالب بجعل فيصل آل سعود ملكا على العراق كتب حافظ وهبة المستشار السعودي في كتاب ( خمسون عاما في جزيرة العرب) في الصفحات 120 ـ 127 يقول: (كتب نوري السعيد ـ عام 1939 ـ للملك عبد العزيز آل سعود يعرض عليه الاتحاد بين العراق ونجد، على أن يكون الامير فيصل (الملك سابقا) نائبا لوالده في بغداد، لكن عبد العزيز كان ينتظر أن يفاتحه الانكليز بأمر خطير كهذا، لذا لم يشغل باله في موضوع خطير مثله، ويجدر بالذكر أن الملك عبد العزيز كان يغمر نوري السعيد بعطفه، ومساعدته في محنته، بالاموال)!.. كذا… يقول حافظ وهبة مؤكدا عمالة آل سعود العريقة العتيقة… العداء السعودي لقبيلة شمّر ويستمر حافظ وهبة فيقول: (على أن العلاقة بين العراق والسعودية كان يسودها التوتر بين حين وآخر، بسبب حركات العشائر… وفي غضون سنة 1939 وأوائل 1940 فر عدد من قبيلة شمر إلى العراق، وكان الملك عبد العزيز يحسب ألف حساب لشمر، وكثرت المراجعات مع العراق، فرأى الملك عبد العزيز أن يوفدني إلى العراق، ووصلت إلى بغداد في مارس سنة 1940 ، فدعاني نوري السعيد إلى الغذاء، ووجدته منه روحا وديا طيبة، واتفقنا على أن أفضل طريقة أن أقابل نوري السعيد صباحا، وهو يقابلني في الفندق ليلا حتّى لا نشرك وزير السعودية المفوض (حمزة غوث) الذي شكا لي منه نوري السعيد، واتفقنا معا على أن نسافر لمقابلة الملك عبد العزيز، وسافرنا على طائرة بريطانية من طائرات نقل الجنود، لان نوري السعيد لا يأمن السفر إلاّ على طائرة بريطانية، ووصلنا إلى عبد العزيز في مكان يدعى "روضة التنهات" في نجد، وبعد ثلاثة أيام من مفاوضات كان يسودها روح المودة، حلت جميع المسائل المعلقة حلولا رضي الفريقان عنها، ولقد سر الملك عبد العزيز سرورا لا يقدّر من نوري السعيد، كما سر من حل المسائل التي كانت تشغل باله، ولقد قال عبد العزيز وهو يقدم لي ساعة ذهبية فاخرة، وسيفا وخنجرا وصرة من النقود الذهبية: يا حافظ، والله لو عندي أكبر نيشان أو أكبر لقب لمنحتك اياه، ولكن هذا ما عندنا نقدمه لك!… وقد عزل الملك عبد العزيز حمزة غوث، لان نوري السعيد قد شكاه له، وقد نشرت بعد انتهاء المفاوضات في 5 ربيع الأول 1359 هـ ـ 13 ابريل سنة 1940 م اتفاقية ورد في المادة الثانية منها ما يلي: ( أ ) يبعد إلى الحدود النجدية، ويمنع من الاقامة والرعي في الاراضي العراقية، الواقعة على حدود المملكتين أفراد عشيرة شمر نجد، الذين نزحوا إلى العراق خلال الخمس سنوات الاخيرة. ويستثنى من ذلك الاشخاص الذين توافق الحكومة السعودية تحريريا على بقائهم في المنطقة المذكورة للرعي والامتياز، ويمنع بعد ذلك نزوح أفراد عشيرة شمر . على صورة وقتية أو دائمة، من نجد إلى هذه المنطقة، إلاّ بموافقة السعودية تحريريا. (ب) يمنع أفراد عشيرة الظفير وعشيرة الدهامشة "العنزيّة" من يختارون تابعية المملكة السعودية، من الاقامة والرعي في الاراضي العراقية إلاّ بموافقة الحكومة العراقية. التوقيع فيصل بن عبد العزيز آل سعود ونوري السعيد وزير خارجية المملكة السعودية وزير خارجية المملكة العراقية وهكذا يحارب آل سعود قبائلنا التي لم ترضخ لطغيانهم، ويعقد فيصل ووالده الاتفاقيات مع صنوه نوري السعيد لابعاد القبائل المشردة عن العراق ومنعها حتّى من رعي العشب في العراق، واعادتها إلى جحيم السعودية ليتسنى للحكم السعودي المتوحش الهمجي قتلها، وان كان نوري السعيد وعرشه قد انتهيا، فان بقاء آل سعود وعرشهم لن يدوم، وليست قبائل شمر وحدها هي التي ستنعم بزوال العرش السعودي، وانما جماهير وكل قبائلنا المشردة المعذبة المهانة المرزؤة في كل أنحاء الجزيرة العربية بحكم الاستعمار والعار والشنار السعودي، ومهما خيل للامريكان والانكليز واسرائيل بأن آل سعود عبيدهم "اذكياء"، فانهم لن يكونوا أذكى من عميلهم الميت نوري السعيد وعميلهم فيصل آل سعود وعميلهم شاه ايران، (ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) ولن يكون الحكم في النهاية إلاّ للشعب ولقبائل الجزيرة العربية الكادحة وأمثالها ممن لم يتعاونوا مع آل سعود… فيصل ووالده يهربّان اليهود قال جون فيلبي: (لقد ذهبت إلى نجران مرارا وقد اتصل بي عدد من اليهود هناك واحتفوا بي في بعض بيوتهم، واليهود هناك يستمعون دائما للاذاعة العبرية الاسرائيلية، وهم على ارتباط باسرائيل، وكان شخص يهودي اسمه يوسف على اتصال دائم معي وهو يجيد اللغة العبرية تماما، وكل اليهود هناك يجيدونها، وينتقدون بعض المذيعين بالعبرية الذين لا ينطقونها على اصولها، وفي زيارتي لنجران عام 1946 طلب عدد من اليهود أن أتوسط لهم بالهجرة إلى فلسطين، واتصلت بالملك عبد العزيز وابنه فيصل بصفته نائب والده عن منطقة الحجاز ووزير الخارجية فوافق عبد العزيز وفيصل، وسهّلا أمر اليهود وأعطوهم أوراق عبروا فيها من الاردن إلى القدس، وقد بلغني أنهم شاركوا في القتال الناشب بين العرب واليهود، وقد علم سعود بسفر اليهود رغم انني لم اعرض عليه الامر الذي لن يعارضه بالطبع بعد موافقة والده وأخيه فيصل، وأنا لم أعرض عليه الامر لكونه أخذ بالتالي يضمر لي كراهية ناتجة عن غيرته من تقريب والده لي وتقرّبي إلى فيصل أكثر منه وهو لم يخف عني غضبه فقد كشف لي ذات مرة عندما وهبني والده عبد العزيز جارية بيضاء جميلة من جواريه للتمتع بها، وكان سعود يراودها ويأمل بأخذها، ولما قلت له: ان الإسلام يحرم عليكم أن تنكحوا ما نكح آباؤكم، وهذه المرأة تعتبر "أمك" ما دام قد تزوجها والدك، رد علي بقوله: انت لا تعرف يا فيلبي!… فقلت له ممازحا إياه: "آه يهودي!. أنا الذي بنيت اسلامكم بيدي!.. وتركته"!). حاييم وايزمن يرشو عبد العزيز بـ 20 مليون جنيه من أجل بيع فلسطين في عام 1964 كتب (آرثر لوري) سفير "إسرائيل" في لندن تعليقا في صحيفة (التايمز) دافع فيه عن الزعيم الصهيوني (حاييم وايزمن) الذي أعلنت وثائق وزارة الخارجية الأمريكية، أنه قدم رشوة قدرها 20 مليون جنيه استرليني للملك عبد العزيز بن سعود ليعاونه على انشاء دولة صهيونية في فلسطين. قال أنه يعلم من وايزمن، ومن مؤلفاته، أن الذي عرض الفكرة هو الكولونيل (جون فيلبي) الممثل الشخصي للملك بن السعود!. فيصل يعفي الشركات الغربية من ضرائب الدخل أذاع راديو السعودية في 8/4/ 1965 قرارا باعفاء شركتين من شركات البترول الغربية من ضرائب الدخل. وقال الراديو أن مرسوما ملكيا صدر باعفاء الشركتين من ضرائب الدخل على حصة كل منهما من أرباح الشركة السعودية التي ستنشأ في المنطقة الشرقية، والشركتان هما "أوكسيد تنال بتروليم كوربوريشن" و"انترناشيونال أورونزفير كلايزر كوربوريشن" بقي أن تعرفوا أن فيصل وأولاده شركاء في هاتين الشركتين، ومن الطبيعي جدا أن يعفي فيصل نفسه وأولاده من ضرائبا لدخل وغير الدخل. وشركات الامراء الاجنبية كلها هكذا معفية من الضرائب. أفكار فيصل وخططه ومخاوفه واغتيال عبد الناصر والاستيلاء على اليمن! باريس في 29/3/ 1966 ـ ي. ب. أ. ـ أعلن الملك فيصل، في حديث إلى صحيفة "فيغارو" الفرنسية (أن النظام البرلماني لن يقوم في السعودية لان السعودية لا تشعر بحاجة إلى النظام البرلماني فكل مواطن فيها يشترك في الحكومة "!"، وأن السعودية أسرة واحدة كبيرة)!. وقد نشرت "الفيغارو" حديث الملك في اول حلقة من سلسلة مقالات اعلانية عن السعودية، وجاء في الحلقة (ان الشغل الشاغل للسياسة الخارجية للملك فيصل هو عزل الجمهورية العربية المتحدة والتخلص من جمال عبد الناصر والاستيلاء على اليمن). كذا …. لكن الذي لم يوضحه فيصل، كذبه غير المعقول عن طريقه اشتراك الشعب في حكومة فيصل؟. أما عن البرلمان فمن الطبيعي أن حكم كحكم آل سعود لا يحتاج إلى برلمان لان البرلمان معناه: فتح باب الحساب. ومعاقبة لصوص السعودية. لن يعترف آل سعود بأية دولة شيوعية! تكرر مثل هذا القول وتشابهت الاقوال السعودية… فوليّ العهد السعودي الامير فهد صرح أكثر من عشر مرات ـ بعد قتل الطاغية فيصل ـ بتصاريح شبيهة بهذه، لنكه من ناحية أخرى كان يسرب بين وقت وآخر اخبارا لبعض صحف الكويت تناقضها وتزعم أن المفاوضات جارية للاعتراف بالسوفييت!… وذلك بقصد مغازلة أمريكا أكثر فأكثر ليثيرها مثلما تثار الثيران باللون الاحمر ويجعلها تلتصق به بطنا لبطن أو ظهرا لبطن على الطريقة السعودية … آخر تصاريح الفهد المعلنة: "أن الوقت لم يحن للاعتراف بالسوفييت!" أي على طريقة "يمّنون عليك أن اسلموا قل لا تمّنوا علي اسلامكم" الخ… وهذا ما يذكرنا بقول الملك خالد لوزير الري العراقي ـ سابقا ـ مكرم الطالباني حينما زار الرياض لامر يتعلق بعمله الرسمي قال خالد: "ان الشيوعية عدوتنا الاولى واسرائيل لم تكن عدوتنا كالشيوعية"!.. وفي هذا ما يثبت علاقة آل سعود بإسرائيل.. والطالباني كما هو معروف عضو بارز في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي… كما يعيد للاذهان ما صرح به فيصل لرئيس وفد الحجاج السوفييت ومن ذلك قوله: "نحن لن نعترف بالسوفييت حتّى تعتنق شعوب الاتحاد السوفييتي كله الإسلام" وهذا ضرب من الاعجاز علما أن فيصل نفسه لم يعتنق الإسلام إلاّ دجلا.. وفي عدم اعترافهم بالدول الشيوعية على حد سواء مع غيرها من الدول ما يثبت تحيزهم وعمالتهم الصارخة لامريكا الصهيونية … والشىء الذي نؤكده: انهم سيعترفون بالسوفييت في يوم ما!. وذلك عندما يشعرون بالخوف من السوفييت، فالاتحاد السوفييتي حتّى الان مكروه في قلوبهم لكنه غير مخيف لهم… ولذلك نورد أقوالهم على سبيل المثال: أذاعت وكالات الانباء نقلا لما نشرته بعض الصحف في بيروت من تصريحات أدلى بها الملك فيصل لبعض الصحفيين اللبنانيين الذين زاروه في مملكته بتاريخ 8/4/ 1965 فقال: "ان السعودية لن تعترف باي دولة من دول الكتلة الشيوعية" وبرر ذلك بأن الاعتراف يتنافى "مع التعليم والتقاليد الإسلامية" ولم يذكر الملك فيصل شيئا عن رأي الدين في اقامة العلاقات مع الدول الاستعمارية الامريكية والانكليزية والاسرائيلية وغيرها واعطائها الامتيازات في الاراضي المقدسة. هل يبيح الدين ذلك لمن أخذ يتلاعب باسم الدين وهو ألد أعداء الدين؟. هذا وقد تناولت بعض الصحف تصريحات الملك فيصل ومفاوضاته مع بعض دول الغرب، وأخذ يفاخر أنه لا يستورد أسلحة إلاّ من أمريكا وبريطانيا وان الاعداء هم من يسيرون في ركب الاشتراكية وعلينا محاربتهم!… هذه هي عينة من تفكير طغاة آل سعود … نسوقها للذين ما زالوا يحرصون على اعتراف خونة آل سعود ! والمعروف أنه كان لروسيا الشيوعية ابان تحالفها مع أمريكا وانكلترا لمحاربة هتلر عام 1943 و1944 بعثة عسكرية في الظهران ولم يجرؤ فيصل وآل سعود على التفوه بكلمة ضد روسيا وبعثتها لان ذلك كان بارادة الامريكان، ولكنهم الآن ينطقون كعملاء للامريكان ظنا منهم انهم سيجعلوا من أنفسهم ـ أشباه رجال ـ عندما يقولون " انهم لن يعترفوا بأية دولة شيوعية "والكل يعرف أن هذا البوم الخرساء" سيعترفون" لو أمرهم الامريكان بذلك!. لو كان في ذلك مصلحة للامريكان!. والمعروف أيضاً انّه كان للاتحاد السوفييتي مفوضية في جدة على زمن حكم الشرف الشريف حسين، وما أن جاء الاحتلال السعودي إلى الحجاز حتّى الغاها خدمة لبريطانيا ومصالحها كما تنص الرسالة التي بعث بها عبد العزيز آل سعود إلى المندوب السامي في مصر دامغا بها نفسه واسرته بالخيانة والعمالة والتجسس لحساب بريطانيا وها هو نص الرسالة: الرسالة التي تدمغ آل سعود بالعمالة وتؤكد أنهم كانوا لا يسيرون إلاّ بوحي المخابرات البريطانية حتّى تسلمت هذا الدور المخابرات الامريكية المليئة باليهود، لكنهم للتستر يعملون "بسم الله الرحمن الرحيم " ويعنونون رسائل الخيانة "بسم الله"!! بسم الله الرحمن الرحيم في 12 جمادى الثانية 1346 هـ من عبد العزيز عبد الرحمن آل سعود إلى جانب صاحب الفخامة المندوب السامي للحكومة البريطانية بالديار المصرية الافخم. بعد التحية… وبعد: فقد رفع الينا الشيخ حافظ وهبة، خلاصة الحديث الذي كان بينه وبين سكرتير فخامتكم، وأشار انّه يرى أن نجعل بيننا وبين فخامتكم صلة مراسلة، وانه ليسرنا أن نفاتح حكومتكم في موقف "جزيرة العرب" وعلاقتها مع الحكومة البريطانية من بعض الوجوه لنتمكن من معالجة الموقف الحاضر بما تقضي به مصالح الفريقين المتقابلة، وغير خافية على فخامتكم بل على كل من تتبع تاريخ علاقاتنا الشخصية مع الحكومة البريطانية، السياسية التي سرنا عليها في سيرنا السياسية، التي كنا ولا نزال نسير عليها في معاملتنا مع بريطانيا ومعاملتنا للاشخاص الذين احتموا بالحكومة البريطانية ولا نزال ندافع عنها، كما أننا فعلنا ولا نزال نفعل في مقاومة نفوذ الحكومات التي تريد مسابقة النفوذ الاقتصادي لبريطانيا في "جزيرة العرب" وذلك رغبة منا في المحافظة على المصالح البريطانية، وعدم تمكين خصومها من أن تبلغ مبلغا له أهمية. لذلك كان من مقتضى ما تطلبه حقوق صداقتنا للحكومة البريطانية، انعام النظر في مصالحنا ومصالح بريطانيا توفية هذا الثبات في صداقتنا حقه من العناية. وبهذه المناسبة الخص لفخامتكم خلاصة الموقف الحاضر لنتعاون معا على معالجته بما فيه حفظ مصالح الفريقين. أمامنا ثلاثة أمور هامة تحتاج لمعالجة: 1 ـ موقف حكومة ايطاليا الجديد أمام "جزيرة العرب". 2 ـ موقف الاشراف في العراق لمساعدة قبائل شمر ضدنا. 3 ـ موقف "البولشفيك بازاء جزيرة العرب"، ومحاربته النفوذ الاقتصادي البريطاني. لقد كانت الحكومة البريطانية ولا تزال أكثر الحكومات علاقة بجزيرة العرب ولم نجد دولة من الدول تزاحمها في علاقاتها هذه، ولكن ظهرت مجددا حكومة ايطاليا في البحر الاحمر، وجعلت تفكر في توسيع أطماعها توسيعا عظيما. وقد عرضت علينا ـ حتّى قبل مداخلتها مع الامام يحيى ـ الدخول في اتفاق معها، وكان ذلك في بدء احتلالنا الحجاز، فلم نرد على تلك الصلة، رغبة في توطيد علاقاتنا السياسية بالحكومة البريطانية ولما يئست الحكومة الايطالية من هذه الجهة، أسرعت للامام يحيى، وعقدت معه ذلك الاتفاق التجاري الذي أعلن ثم أعقبته فيما يغلب على ظننا باتفاق سري ظهرت بوادر آثار شره، في مفاوضاتها الاخيرة معنا، بشن أعترافها لنا بملكية الحجاز ونجد وملحقاتها، فقد كان آخر مطالبها منا أن تتعهد لها بحفظ السلام والسكينة في "جزيرة العرب" التي هي غاية حكومة جلالة ملك ايطاليا، ووضعت مسألة عسير على بساط البحث، بصورة جلية، بحيث طلبت أن تعترف بنا ملكا على الحجاز ونجد وملحقاتها، مع اخراج عسير من ذلك الاعتراف، فماذا تريد ايطاليا بهذا الموقف؟ وهل لا ترى الحكومة البريطانية أن هذا تجاوزا من ايطاليا على حقوق البلاد وسيادتها وارتباطها ببريطانيا؟… ومن جهة ثانية، لقد عملت لتقوية حليفها ـ الامام يحيى ـ وتأييده ضد الحكومة البريطانية من جهة حدوده الملاصقة لها، وعملت ضد تابع الحكومة البريطانية "عبد العزيز آل سعود ".

كما أننا نرى ذلك منافيا للحديث الذي بلغني اياه (السير جلبرت كلايتن) في اجتماعنا في جدة بأن نتيجة اجتماعه مع (الكافاليير غارسباريني) في روما، كان لاخبار الحكومة الايطالية، بموقف الحكومة البريطانية، في أنها لا تريد أن تتداخل في شؤون "جزيرة العرب" كما أنها لا تقبل أن ترى غيرها يتداخل في شؤونها.

فموقف الطليان هذا في اعتقادي موقف غير محمود، بالنسبة لنا، وبالنسبة للحكومة البريطانية.

أما نحن فقد أبلغنا إدارة شؤون خارجيتنا، أن تبلغ الحكومة الايطالية، اما أن تعترف لنا بحقوقنا في عسير وكل ما احتليناه في جزيرة العرب كاملة يغير شرط أو قيد، والا فلسنا بحاجة لاعترافها.

هذا هو الموقف مع ايطاليا، وإنا نريد أن نكون على وفاق تام مع الحكومة البريطانية في هذه القضية، حفظا على مصالحنا التي هي مصالحها، وانا ننتظر ما ينتجه درسكم لهذا الموقف من النتائج الطيبة للفريقين، ان شاء الله تعالى!. ومن محاربة دول لا تقبل العمالة إلى محاربة ثوار قبيلة شمّر !!

فيقول عبد العزيز في ذات الرسالة إلى صاحب الفخامة المندوب السامي البريطاني:

أما موقف العراق، فقد أقدمت حكومة العراق على نقض كثير من مواد الاتفاقيات التي كانت بيننا وبينهم، نسرد لكم منها ما يأتي: 1 ـ كانت قبائل (شمر) التي التجأت إلى العراق، وكانت حكومة العراق أغرتهم بالالتجاء اليها، ثم كانت تغريهم بغزونا أرادت أو أراد أولئك الاشقياء غزونا، فأجمعوا أمرهم، وخرجوا للاراضي السورية، ليغزونا منها، فأنبأنا بذلك المندوب السامي في العراق فاحتججنا على ذلك، وقلنا لهم: إذا غزونا فلابد أنهم سيمرون اما بأراضي شرق الاردن واما بأراضي العراق، فلم يكن لاحتجاجنا هذا جواب إلاّ بعد عشرة أشهر تقريبا، إذ أنبأنا فخامته أنه رغبة في اطمئنانا قد بنت حكومة العراق سلسلة من قصور وقلاع على الحدود، لمنع دخول الغزو الينا، في حين أن المادة الثالثة من بروتوكول "العقير" المنعقد في (12 ربيع الأول سنة 1341) هـ تمنع كلا من الفريقين من البناء على المياه الواقعة في الحدود ولم يسفر هذا العمل عندنا إلاّ بأنه نقض للعهد، وأن هذه الابنية لم تبن إلاّ لايقاع الشر بنا، وانا نقاسي أشد المصاعب في الوقت الحاضر على الحدود…

خدمة لبريطانيا نحارب السوفييت

ويستمر عبد العزيز العميل مؤكدا عمالته بقوله: أما المسألة الثالثة فهي موقف حكومة "السوفييت" وعزمها على حيازة النفوذ الاقتصادي في بلاد العرب. اننا نصارحكم برأينا في هذه القضية. اننا بادئ بدء اتخذنا في الحجاز الاجراءات التي لا تقاوم قوانين حرية التجارة في العالم، واتخذنا من جهة ثانية بعض احتياطات أخرى لمنع سبق نفوذهم. قد يكون من المفيد لاقتصاديات بلادنا، تسهيل سبل التجارة من روسيا، ولكننا نرى في ذلك ضررا لا يستهان به على منتجات البلاد البريطانية، وانه وان لم يكن بيننا وبين الحكومة البريطانية أية اتفاقية تجارية، لرعاية منتجاتها، فاننا حبا في المحافظة على المصالح البريطانية، ومقارنة لمنافسيها، وقفت حكومتنا في الحجاز ذلك الموقف، الذي لا بد أن بلغكم أمره على أن "السوفييت" لم يأل جهدا في التقرب منا، وتقديم المساعدات لنا، ورفضناهم رغم موقفهم وقربهم من كثير من بلاد الشرق، لأننا لم نزل حريصين على صداقتنا مع الحكمة البريطانية. وقد بسطت هذه القضية لفخامتكم، لتفكروا في طريق لمعالجة الوسائل الاقتصادية بين البلدين، ولتعلموا من موقفنا مقدار حرصنا على المحافظة على مصالح الحكومة البريطانية. هذه أمور ثلاثة حرية بالنظر والتفكير بسطناها لفخامتكم بهذا الاسهاب، ونحن واثقون من أنها ستنال من فخامتكم كل عناية ورعاية، ونأمل أن نتوصل بفضل وساطتكم لحلول تحفظ بها مصالح الفريقين. وتفضلوا بقبول فائق احترامنا…" (التوقيع: عبد العزيز) إلى هنا انتهى كلام عميل الاستعمار العريق وقد يكون في هذه الرسالة مجمل آراؤه التي تسير عليها ذريته من بعده… وهذا الكلام موجود في الصفحات 275 ـ 280 من كتاب حافظ وهبة "خمسون عاما في جزيرة العرب". عبد العزيز يسترحم بريطانيا لمطاردة الثوار من قبائل العجمان وغيرها ويقول: يهمنا رأي بريطانيا ولا يهمنا الكويت ومن فيه! ويستمر عبد العزيز في رسائله إلى أسياده الانكليز… ففي مذكرة بعثها للحكومة البريطانية بتاريخ 26/9، 1929 يقول: "والذي يهمنا هو علاقاتنا مع الحكومة البريطانية التي نحب أن نكون معها على تفاهم في سائر الشؤون، حتّى لا يقع بيننا أي تصادم، في الحاضر، ولا في المستقبل. لذلك نحب بعد هذه المقدمة، أن نبين الموقف الذي أشكل علينا، والذي نحب أن نعرف رأي الحكومة البريطانية فيه. وذلك: 1 ـ في أواسط صفر 1348 قدم من العجمان أهل مائة وخمسين بيتا، ونزلوا في الكويت: الشامية والفنطاس، وأبو خليفة، والشعبية، وعريفجان. 2 ـ القسم الاعظم من العجمان نزلوا من الشامية إلى النقرة، إلى القصور. 3 ـ آل سليمان من العجمان نزلوا بقرين الصبيحية. 4 ـ فريق من آل سفران نزلوا على عريفجان. 5 ـ الرشايدة نزلوا على القرين. وفي 25 ربيع الأول نزل الدويش ومن معه من مطير، من القرين إلى الصبيحية في حدود الكويت. فمن هذا يتبين للحكومة البريطانية أن التعهد الذي نلناه من الحكومة البريطانية، في منع التجاء العصاءة إلى أراضي الكويت لم تف به حكومة الكويت وهؤلاء هم العصاة قد حملوا أموالهم ونساءهم ومما يخافون عليه، ووضعوه في مأمن من أراضي الكويت، وخرج أهل السلاح والكفاح منهم لاراضي نجد، لقتالنا، وكانت الحكومة البريطانية وعدت أنه في حين التجائهم، ستطردهم بالقوة، وها هم جلسوا آمنين ونحن على أهبة المسير اليهم، ولا يهمنا أمر الكويت ولا من فيه، وانما المهم في نظرنا هو موقف الحكومة البريطانية، إذا بقي هؤلاء في أراضي الكويت، وأردنا الهجوم عليهم فهل لدى الحكومة البريطانية مانع من هذا؟ وان كان عندها مانع فيه، فما التدبير الذي تراه للايقاع بهؤلاء الذين لا يقدّرون بريطانيا، والذين كانت أعمالهم تضر بمصالح بريطانيا صاحبة الفضل الأول علينا وعلى العرب"!.. (التوقيع: عبد العزيز) أمثلة عن الشرع السعودي… خراب الديار 1 ـ سلطان بن حميد بن شيوخ قبيلة عتيبة سكن ـ في عام 1969 ـ هو وبعض من أفراد قبيلته في أرض لهم تسمى (اعشيرة)، وعمّرها وبنى وقبيلته فيها المدارس كل ذلك من عرقهم وكدهم، لكن شريعة العائلة السعودية شرعت بهدم هذه القرية بحجة: "أن القرية تقع في طريق نجد مكة، ولا يجوز أن يرى من يمر في هذا الطريق أي مبان أو قرى"، والقصد من ذلك هو ألا تسكن هذه القبيلة وغيرها من القبائل، حتّى لا تستقر قبائلنا على أرض وتتحضر، وكل ما يقصده آل سعود أن تبقى هذه القبائل، حتّى لا تستقر قبائلنا على أرض وتتحضر، وكل ما يقصده آل سعود أن تبقى هذه القبائل قد ساندوا آل سعود في بناء حكمهم غير الشرعي منخدعة هذه القبائل بما أملاه عليها تجار الدين السعودي الذي لقنهم ـ شتى فتاويه ـ جون فيلبي رسول اليهود في مكتب المخابرات الانكليزية "المكتب الهندي".. ومن هذه الفتاوى "أن كل من لا يساند الحكم السعودي كافر"!… لكن هذه القبائل قد استيقظت متأخرة لواقعها الاليم ورأت عكس ما يفتي به تجار الدين وهو أن الكافر بشعبه ووطنه ودينه هو من يساند باطل آل سعود، فثارت عليهم وكان أول من لا قى جزاءه على أيادي آل سعود وأسيادهم الانكليز قبائل عتيبة ومطير ذاتها في مواقع كثيرة منها معركة السبلة المشهورة حيث بقيت جماجمهم وعظامهم أكداسا في تلك الصحراء ولا زالت. ومن هؤلاء: جد الشيخ المذكور أعلاه… 2 ـ ومن تشريعات آل سعود الباطلة القائمة على "فرق تسد" ما يفعله آل سعود من فتن ظاهرة وباطنة بين أفراد اشعب وبين أبناء البلدة والقرية والقبيلة الواحدة، من ذلك ما فعله آل سعود مع: بعيجان بن علي ـ من قبيلة شمر. كان بعيجان يملك هو وبعض أفراد عشيرته بئر ماء تسمى "الاجفر" يقع قرب جبل "سلمى" في منطقة حائل، لكن العصابة السعودية طردت بعيجان من حقه في البئر ووهبته لابن نهيّر، وقد أثبت بعيجان أنه صاحب هذا البئر لكن آل سعود رفضوا اثباتاته بحجة أن ابن نهيّر قد وقف إلى جانب آل سعود في معاركهم الاجرامية ضد قبيلة شمر، علما بأن ابن نهير وبعيجان كلاهما من قبيلة شمر، لكن حكم آل سعود قائم على التفرقة… ان شعبنا يعاني من ظلمهم الكثير في مأكله ومشربه ومرعاه.. ففي الوقت الذي تتفجر فيه المياه غزيرة في قصورهم نرى أنهم يفتنون بين قبائلنا العطشى لتقتتل فيما بينها فيقتل بعضها بعضا على جرعة ماء. انها أمثلة فقط على شريعة خراب الديار السعودية. وقد حاول بعض شيوخ قبائل شمر أن يتوسطوا بين ابن نهيّر وبعيجان حتّى لا تقع معارك بين أفراد هذه القبيلة الواحدة. وممن حاولوا التوسط الشيخ عماش بن سعيد شيخ فخذ الدغيرات من عبده من شمر لكن ولي العهد السعودي أحاله إلى خصمهم حاكم منطقة "حائل" فأمر بسجنه هو وعشيرته وعذبهم أشد أنواع العذاب وأرسل له أحد خدمه ويدعى الجهني. ومما قاله الجهني لابن سعيد أمام جمع قبيلته: "إذا كان هناك من يهود للعرب فهم أنتم يا شمر" بقي أن يعرف العرب من هم اليهود أصلا وقولا وعملا… مرسوم ملكي "سري" إلى الطلاب والاساتذة يحرم العلم في غير المدارس الإسلامية ما عدا الامريكية أصدرت وزارة المعارف السعودية هذا المنشور الذي عممته على الطلبة الذين يتلقون تعليمهم خارج "السعودية"، وهذا نصه: المراقبة العامة للهيئات العلمية السعودية ـ 17 شارع حسين واصف بالدقي ـ رقم 1/8/3439 /2 التاريخ 20/12/ 1383 هـ (2/5/ 1964). إلى الاساتذة والطلاب الكرام: تبلغنا تعليمات معالي وزير المعارف عطفا على الامر الملكي الكريم وتنص هذه التعليمات على ما يأتي: نتيجة لتفشي المذاهب الهدامة الاشتراكية في معظم البلدان العربية ومنها مصر، ولكون هذه المبادئ تتنافى مع ديننا تقرر ما يلي: 1 ـ تقطع المصاريف الدراسية عن الطلبة والطالبات الملتحقين بالمدارس الاجنبية. 2 ـ يجب على أولياء الأمور أن يلحقوا أولادهم حالا بالمدارس "الإسلامية السعودية". لهذا تلفت المراقبة العامة للبعثات العملية السعودية النظر إلى مراعاة ذلك… والعمل بموجبه وتنفيذه فورا. وسنبذل جهدنا في تحقيق التنفيذ مهما كلف الامر غيرة على ديننا وحرصا على مستقبل أجيالنا الناشئة… ولا تعتمد المدارس التي يوجد بها قس أو راهبات… أو يوجد بداخلها كنائس.. ولو كانت تحت الاشراف الفعلي لوزارة التعليم… لملاحظة ذلك مستقبلا. مع العلم بأننا لن نقبل شهادات المدارس ذات الصفة الاجنبية باعتبارها (مدارس غير إسلامية) وهو ما نصت عليه التعليمات حرفيا… وسنعمل بكل وسيلة على اخراج كل طالب سعودي أو طالبة سعودية من المدارس التي ليست مدارس إسلامية… ونرجو أن تقدروا هذه المهمة وتبذلوا جهدكم لنصرة الإسلام وتعليمه لفلذات أكبادنا حتّى نطمئن إلى انشاء جيل مسلم مؤمن بالله وبرسوله وبدينه… وفق الله الجميع لما فيه نصرة الإسلام آمين…. التوقيع: المراقب العام للبعثات العلمية السعودية. وبعد… فان لنا تعليق موجز على هذا المنشور السعودي العقيم الصادر بأمر ملكي وهو: هل يسري هذا التحريم على بنات الملك وأبناء الامراء السعوديين الذين يدرسون في أمريكا؟. وهل يسري على بقية الشباب الموجود في أوروبا؟. وما هو رأي الامريكان والانكليز في عملائهم حكام الاحتلال السعودي وعقليتهم البالية التي يريدون فرضها علينا ليجعلوا من أقوالهم قرآنا ومن لصوصيتهم انجيلا ومن أفكارهم المتأخرة الرديئة السخيفة أحاديث شريفة؟. وهي بعيدة عن الشرف… ان القصد من هذا التعميم بالطبع هو تحريم التعليم في المدارس العربية في بعض البلاد العربية الاشتراكية المتحررة. كما هو واضح جلي، علما أن النبي محمد لو لم يأت بالاشتراكية العلمية الاولى ما أصبح نبيا، ولو جاء يحمل رسالة الرأسمالية ما دخل الناس في دينه أفواجا أفواجا… ابتزاز ملكي! في عام 1964 قامت شركة يملكها أنس "مؤنّس الامراء" ـ ابن المستشار الملكي القواد السابق ـ يوسف يس … يشاركه فيها بعض الالمان واسمها (ليربول) وأعطيت تعهدا بحفر 75 بئرا ارتوازيا بالمنطقة الشرقية ونجد، وقد أعطيت هذه المقاولة للشركة المذكورة دون الاعلان عنها في مناقصة، وحفرت الشركة بعض آبار المياه بالمنطقة الشرقية، والمياه في معظم أراضي المنطقة الشرقية تكاد تكون سائلة على سطح الأرض وخاصة في منطقة الاحساء والقطيف والجبيل التي حفرت فيها الشركة بعض الآبار، أما في "نجد"، فكان من ضمن الاتفاق أن تحفر الآبار إلى عمق 1200 قدم، وبما أنه ليس لهذه الشركة إلاّ حفارة واحدة فقط فمن الطبيعي أن يتأخر العمل بينما اتفاق "الدولة" مع الشركة ينص على أن تتقاضى الحفارة من الدولة "500 دولار" لليوم الواحد دون تحديد لنهاية أيام الحفر، فأخذ أصحاب الشركة يعطلون الحفارة "اليتيمة" أكثر الايام والاشهر… وعن هذا الطريق الملتوي سرقت الشركة الموهومة الملايين .. واقتسمها "مؤنّس الملك فيصل" أنس يس مع كمال أدهم دون أن تنهي الشركة المذكورة حفرياتها في نجد حتّى الان حيث استمرت في الحفريات مستمرة في النهب غير المحدود، علما بأنها لم توظف هذه الشركة الموهومة أي عامل أو فراش من أبناء الشعب لمنفعة الشعب. وبهذه الطرق المنحرفة تعطل عدد من أصحاب الحفارات "المواطنين" عن أعمالهم لان "دولة آل سعود" قد وجدت أن في مثل هذه العطاءات أنسب لها فأخذت باعطاء مثل هذه المقاولات إما لشركات أجنبية يشترك فيها الملك وأولاده والامراء والاميرات، وأما الشركات (أجنبية بالاسم فقط) بينما هي سعودية اللصوص، يملكها لصوص العائلة… وما من شركة إلاّ وفيها أمير شريك، وما من أرض أو جبل أو بحر إلاّ وقد امتلكه الامراء وقسموه إلى مقاسم ثم باعوه بالاشتراك مع عدد من بعض المواطنين اللصوص… هل وجه المدّعي سمح؟! هذا السؤال يطرحه القضاة السعوديون ـ العمي ـ على أمناء "سرّهم" المبصرون… والمعروف أن نسبة العمي في الجزيرة العربية "المسعدنة" هي أعلى نسبة في العالم… وان "العميان" السعوديين ـ درجات ـ في التفاوت، فالدرجة الاولى يحتكرها "عميان" العائلة الوهابية "آل الشيخ" والثانية لمن ينكحهم من العميان أو يتصاهر معهم أو يتجسس على "العميان" الآخرين: وبهذه المواصفات يصبح قاضيا وبذلك التخصص أصبح جميع القضاء تقريبا من العمي، ولذلك ترى القاضي الاعمى يوجه سؤاله التقليدي "لأمين سره" المبصر، حالما تبدأ الجلسة: "هل وجهه سمح؟".. فان كان "وجه المدعي سمح!" يعني أنه سيدفع رشوة أو أنه "مقبول الملامح" سواء كان صغيرا أو كبيرا، فلا غناء عنه!. فان كان فتى: يستعمله القاضي، وان كان "فتوّة" يستعمل القاضي… أمّا ان كان المدّعي عليه "أكثر سماحة" في الوجه أو اليد أو القفا أو المقدمة … فسيصبح الحق له! .. شرعا!.. نوع من اللصوصية و"زير" البترول أحمد زكي يماني أندنوسي الاصل من "يم" صديق فيصل في صغره وشريكه في كبره يدعي أنه يصرف لكل خبير أجنبي مبلغ ثلاثمائة ألف ريال شهريا بينما هو يتقاضى كل هذه المبالغ باسم الخبراء الموهومين غالبا وتتجمع هذه المئات الآلاف بالملايين… "فيزكيها" بدفع خمسة ملايين لولي العهد وللملك ولعدد من المتنفذين… فيصل، بن فهد، يفكر في مستقبل اولاده قال فيصل بن فهد ـ ولي العهد ـ حاليا ـ : "انني لا أفكر في مستقبل والدي لانه استطاع أن يؤمن نفسه ويؤمن مستقبل أبنائه الآخرين ولكنني أريد أن أؤمن مستقبل ابنائي وبناتي الصغار ولهذا ترونني أجهد نفسي من أجل ذلك". يجهد نفسه!؟. يكدح .. يزرع. يحفر الأرض. أم يسرق الملايين من أفواه الملايين الجائعة؟!. والمعروف انّه في صفقة سمسرة واحدة من شركة فيلبس لتركيب آلات الهاتف قبض 40 مليون دولار رشوة لتمرير صفقتها التي ابتزت فيها المليارات… حكم الرشوات كثرت الشكاوى، وتعالت الصرخات… وقد وصل إلى مكتب وليّ عهد الحرامية نفسه في يوم واحد 2700 شكاية من العاطلين عن العمل، وكثرت الشكايات من تفشي الرشوة بين الاطباء والموظفين والقضاة، حتّى أصبحت الرشوة شريعة والفحشاء سنة، وأصبح معروف لدى كل طالب وظيفة أنه بقدر ما يدفع رشوة "محترمة" يحصل على وظيفة " محترمة" إلى غير ذلك من المفاسد التي ترتكب بالشباب القاصرين نظير تشغيلهم!.. فكان رد ولي العهد بكل سخرية "ان هذا أمر لابد منه في كل حكومة وما نحن ببدع في هذه الحكومات وهذه ارادة الله" ارادة الله!.. إلاّ أنها ارادة العرش السعودي الذي نهب البلاد فأكثر فيها الفساد… شريعة فيصل شرعها لآل فهد افتتح فيصل عهده بعد استيلائه على سرير الملك مباشرة باخراج مئات المساجين من السجون إلى الساحات العامة فقطع رؤوس بعضهم وبتر أرجل البعض الآخر وأيديهم من خلاف… والذين قطعت أيديهم وأرجلهم لم يرتكبوا جرما ولا عدوانا، وانما كانوا هم الضحايا… ضحايا العدوان في العهد السعودي، كان ذنبهم أنهم: قد أعتدي عليهم ودافعوا عن أنفسهم بطعن المعتدي أو قتله أو ضربه دفاعا عن النفس، لكن شريعة الدفاع عن النفس ـ التي تبيحها كلا الاديان وحقوق الإنسان ـ لا تعجب آل سعود وملوكهم وتجار دينهم، من هؤلاء الذين قتلوا شاب اسمه "علي النحاس" خرج في نزهة مع بعض الضباط، وقيل انهم حاولوا الاعتداء عليه فدافع عن نفسه وقتل اثنين وأصاب الثالث، وسلّم نفسه للامير سلمان حاكم الرياض ـ وشقيق فهد وسلطان والخ ـ ، وثبت من أقوال المصاب أنه انّما فعل ذلك دفاعا عن النفس لانهم أرادوا اغتصابه .. وفي اشاعة تسربت تقول: ان وزير الدفاع سلطان هو الذي كلفه بقتل هؤلاء الضباط للتخلص منهم والتخلص منه أخيرا.. وفي كلا الحالتين، فان شرع النبي محمد لم يطبق، بل ولا حتّى القضاء السعودي الفاسد لم يحكم بقتله، إلاّ أن "أبو المفاسد" فيصل فد تولى الحكم عليه بقوله: (بامكان أي واحد أن يقتل أحد أعواننا أو أحد الامراء أو الوزراء أو الملك ويبرر فعله بأنه كان دفاعا عن النفس، ولنفرض أنه قد اعتدى عليه فعلا فهل سينقص منه شيئا فيما لو استلم للمعتدي، أبدا انّه سيسلم على حياته بل سيكون من أصحاب المراكز اللامعة، والامراء يجهلون دائما، وكلنا خطّاؤون، وحرية الدفاع عن النفس بهذا الخصوص مرفوضة وأنا شرعها)… هذه هي "الخطبة ـ القيمة " التي حكم فيصل بموجبها على من يدافع عن نفسه بالموت، فاقتيد الشاب الجامعي وقتل في الساحة العامة في الرياض، مثلما قتل غيره من الآلاف في شريعة الغاب وحكم الناب والاذناب والكلاب… فغرروا به، وتخلصوا بواسطته من خصومهم… ثم تخلصوا منه… المطوِّعون … والمطوَّعون يزيد عدد أعضاء ما يسمى "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" عن 30 ألف رجعي مهمتهم حمل العصي وجلد المواطنين وملاحقتهم في الشوارع والاسواق والدكاكين والصحارى والمدارس والاعمال والمساجد والمساكن ليلا ونهارا… لا حرمة عندهم لمواطن ولا احترام لوطن، فآل سعود لم ينشئوا هذه العصابة وأمثالها إلاّ لاهانة المواطنين ومقاتلتهم باسم الدين. والدين منهم براء براءته من آل سعود، وفيما يسمى "بالميزانية" السعودية بنود خاصة تتفق على هذه الهيئة ورؤسائها، وجميعهم من الساقطين والنشالين وأسفل سفلة البلاد، ولتعرف أن آل سعود يعرفونهم وانهم ما أنشأوهم إلاّ كنوع من أنواع الاذلال العديدة للشعب، اسمع هذه الحكاية: حينما عرضت ميزانية هذه الهيئة الفاسدة عام 1963 على فيصل عندما كان وليا للعهد ورئيسا للوزراء وجد هذا البند أمام يتضمن (مبلغ 60 مليون ريال قيمة عصي خيزران لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) قال فيصل: (ألم أقل لكم أنه شعب لم يصل إلى مستوى الحمير بحيث تبلغ قيمة العصي لضربه فقط 60 مليون ريال؟) نعم.. انّه شعب يريد له فيصل وعائلته أن لا يصل حتّى إلى مستوى الحمير!.. فالحمار الواحد قد لا يستهلك جلده عصا واحدة من الخيزران كل عام، بينما يلحق العديد من المواطنين أكثر من 170 عصا لجلدهم على أقل تقدير كل عام حسبما جاء في الميزانية السعودية!… و "هيئة الامر بالمنكر والنهي عن المعروف " هذه ـ ترتبط ـ بعائلة آل الشيخ أي سلالة "محمد" بن عبد الوهاب اليهودي ولا مهمة حقيقية لها سوى تبرير جرائم آل سعود ومنكراتهم بسن التشريعات والفتاوى الكاذبة نيابة عن "الله ورسوله" كما تزعم ويزعم آل سعود… وهذه أمثلة… فقط… أمثلة لا حصر لفتاويها التي يزيفونها على الإسلام والمسلمين: 1 ـ اسمع وأطع لاميرك وان ضرب ظهرك وأخذ مالك. 2 ـ اعط الزكاة لحاكمك ولا تسأله حتّى ولو طوق بها عنق كلب. 3 ـ سأل قوم رسول الله فقالوا: يا محمد: أنبئنا عما ذا نفعل بالحكام الظلمة؟ فقال: أعطوهم مالهم وأسألوا الله مالكم، فقالوا: ألا نقاتلهم؟. فقال: لا تقتلوهم ما أقاموا فيكم الصلاة!. 4 ـ تحدث الرسول عن حكام ظلمة سفاحين يخرجون في آخر الزمان، فقالوا: يا رسول الله، ألا نخرج عليهم؟. فقال: اتركوهم وشأنهم إلاّ أن تروا منهم كفرا بواحا عندكم عليه بينة من الله ورسوله!!. 5 ـ تحدث رسول الله فقال: ألا أخبركم بأهل الجنة؟!. قالوا: نعم يا رسول الله. قال: هم الضعفاء المغلوبون، وفي رواية أخرى هم: الضعفاء المظلومون!… هذه هي بعض أمثلة للاحاديث الباطلة الخاسئة الكاذبة التي أقحمها يهود آل سعود وتجار دينهم وأمثالهم على الدين، وكذبوا على الرسول خدمة لاهدافهم العدوانية، والذين يكذبون على محمد بهذا الكب المفضوح لا يستغرب منهم ما يفعلون من جرائم ومنكرات بحق دين محمد وشعب محمد… ومع ذلك، ففيصل وآل فهد والملك خالد "القرقري" وبقايا أولاد عبد العزيز يعتبرون هذه الهيئات المتلبسة باسم الدين هي: هيئات "تقدمية" وكانوا يتهمونها بالموالاة لاخيهم الملك الاسبق سعود… لذا فقد أنشأ فيصل وآل فهد في عهد سعود جماعة اخرى، أقذر من هيئات الامر بالمنكر وأطلقوا عليهم اسم "المتطوعون" الذين يزعمون، أنهم "تطوعوا" للدفاع عن الدين بلا عملة أجنبية أو محلية، بينما يدفع لهم فيصل وآل فهد مبالغ طائلة هائلة لملاحقة أبناء شعبنا المعذب الذي قال عنه فيصل: (انّه لم يبلغ مستوى الحمير)!. ويبرر المتطوعون بالعملة) سبب قيامهم "فلسفيا" أنه كان نتيجة لتقدمية المطاوعة ـ أو المطوِّعون ـ وتقصيرهم في "تطويع" الشعب الرعاع ليصبح "مطواعا" طيعا!… بقي أن تعرف أن (المتطوعين) قد أنشأهم فيصل وآل فهد، أما المطاوعة أو "المطوِّعون" فهم "هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" الذين أنشأهم جون فيلبي للملك عبد العزيز وورثهم بعد موته لابنه سعود الذي ورثهم بدوره لاخوته فيصل وخالد وآل فهد. فأصبح الجميع الان ملكا للجميع مع العبيد… فلعن الله المتطوعون، والمطاوعة ـ والمطوَّعون، الساكتون عن هذه الكلاب الضائعة… وبهذا ازدادت ميزانية العصي في عهد فيصل وخالد "وآل فهد" إلى عشرات أضعاف ما كانت عليه في عهد الملك سعود حينما كان فيصل "وليا" للعهد ـ وكان الامير فهد وزيرا للداخلية .. فأصبحت ميزانية "هيئة الامر بالمنكر والنهي عن المعروف" أكثر من ثلاثة مليارات ريال… في هذا العهد الذي يدافع الامريكان عنه بينما هو وصمة في وجه الإنسانية وعقبة في وجه أي حق من حقوق الإنسان. ثوار القهر القهر، اسم على مسمى. القهر: جبل يبلغ ارتفاعه أكثر من 1000 قدم، يقع شمال شرقي جيزان، بنحو (90 كيلو مترا). جبل أبدعت الطبيعة صنعه فأحاطته بالاسوار الحجريّة حتّى جعلت منه قلعة حصينة.. فسمي: جبل القهر، إذ ليس له من مسالك سهلة إلاّ مسلكا واحدا أشبه ما يكون بالبوابة لهذا الجبل. اشتهر هذا الجبل بالوعورة وشموخ القمة وشجاعة السكان وصلابتهم وايمانهم القوي رجالا ونساء بموطنهم وحبهم للحرية والتحرر من ربقة الطغيان السعودي المحتل الذي أهلك الحرث والنسل واستعبد واستبد وانتهك وسرق وبغى وطغى في البلاد ـ فأكثر فيها الفساد. يسكن هذا "القهر" قبائل عربية اسمها "الريث" لعبت في تاريخ جنوب الحجاز أدوارا عربية بطولية عظيمة في مصارعة الاحتلال السعودي، منذ الايام الاولى لاحتلاله المشؤوم لبلاد العرب التي قد لا يعرفها بعض العرب الان إلاّ من خلال تسميتها الزائفة العائلية باسم "المملكة السعودية " حتّى ظن البعض أنه لم يكن لاهلها من اسم عربي سابق غير اسم "الشعب السعودي". وثارت قبائل الريث عام 1375 هـ ـ 1955 م ثورة لم تكن الاولى من نوعها ولن تكون الاخيرة أيضاً من هذا النوع، فقد عودتنا قبائلنا العربية العظيمة على الثورات، واستمرت ثورة قبيلة الريث ما يقارب من سنة رغم ضعف امكانياتها الحربية من ناحية السلاح والتموين والدعاية، والظروف السياسية العربية والداخلية والعالمية الواقفة جميعها بجانب الاحتلال السعودي لظروف لا تخفى على المخلصين، لهذه الأسباب، وللاسباب التالية فشلت ثورة جبل القهر… فشلت الثورة لوجود حكم إمامي مجاور قذر في اليمن يحارب أدنى مفاهيم الاصلاح فما بالك بقيام ثورة وطنية بجانبه؟. وفشلت لانها لم تتجاوب معها بقية القبائل أو تناصرها، بل ان آل سعود قد استعانوا ببعض القبائل المخدوعة والمرتزقة لمحاربة ثوار الريث، وكان ذلك من أسباب هزيمة الثوار، وفشلت الثورة لان آل سعود قد استنجدوا بأسيادهم المستعمرين الامريكان، فأرسلوا طائراتهم الامريكية بالاضافة إلى بعض الطيارين السعوديين المرتزقة ليقذفوا الجبل وثواره بحمم من جحيم اطنان قنابلهم الامريكية.. وفشل الثوار لان الوعي الشعبي كان في ادراكه السفلى بحيث لم يتجاوب أحد مع الثوار إلاّ "بالامنيات" الوطنية!… وقد بدأ الثوار آنذاك ثورتهم بقتل قاضي المحكمة السعودية الباطلة وقتلوا نائب الحاكم وحاولوا قتل الحاكم السعودي للجيل إلاّ أنه تمكن من الهرب، وقد سبق لسكان الجبل أن ذهبوا قبل ذلك إلى فيصل بصفته ولي العهد ورئيس الوزراء، يشكون ما أصابهم من مظالم واهانات وضرائب تفرض على فقرهم المدقع وبطالتهم وأمراضهم، وشكوا إليه تحكم حكامه بهم وتقطيع الحكام لا يدي المواطنين وأرجلهم لاتفه الاسباب، فما كان من فيصل إلاّ أن طردهم وأهانهم، فذهبوا إلى الملك سعود يشكون، ولم يكن فعله بأقل نكرا من فعل فيصل، فتدارسوا الامر بينهم وأجمعوا على رأي واحد هو: (أن الثورة على الظلمة هي الحل الصحيح، وان من يشكو ظلمه لظالمه فانما يظلم نفسه) فثاروا، وكانت نتيجة ثورتهم أن قتل منهم ما يقارب من أربعة آلاف بين رجل وامرأة وطفل، وقتل عدد من زعمائهم، أما الثوار فقد قتلوا من جنود الاعداء السعوديين ما يزيد عن ألف جندي وأسقطوا طائرة ببنادقهم، وتوقف الثوار… لكن الثورة لم تنته، ما دام في قلوب المؤمنين ثورة… وستعلم الاسرة السعودية المجرمة: أن كلمة "الضغط يولد الانفجار" ما هي إلاّ كلمة علمية ثابتة، حتّى ولو حاربت أسرة آل سعود العلم بالخداع متخذة شعارها ما كان يردده فيصل عن والده عبد العزيز "انّما العاجز من لا يستبد"!. فالعكس هو الصحيح يا بني القينقاع: ان من يستبد هو العاجز… ولنا ـ نحن ـ لا أنتم عظة بما قاله رسل كسرى لعمر بن الخطاب: (عدلت فأمنت فنمت)… أفهمتهم يا عجزة بني القينقاع؟… أرجو أن لا تفهموا، لان في جهلكم بالعدل ـ وازديادكم في الاستبداد علما ـ ما يقرب يوم نصر شعبنا الشقي بحكمكم للخلاص من شقاوتكم، والضغط يولّد الانفجار، فاضغطوا واضغطوا وبشدة… يا خنازير الامريكان الوحشية… فالضغط يولد الانفجار. ماذا دهي مصر "والعربان" في سببي خلّفت كلبا فخيّبت به عربي! أصك رأسي حزينا كيف يخدعني نذل، وأعرفه نذلاً فيا عجبي! خلّفت "أنورّ" لا ـ نور به أبداً ظلماء حالكةٌ معدومة الشهبِ خلّفت شؤما على قومي فيا أسفي خلائفي اليوم صاروا يشتمون أبي كششتُ (مُلكا) وجاء بعده مَلِكا أخزى من الملكِ الفاروق في النّسب وهكذا لعبة الشطرنج قد خسرت لكوننا قد خلطنا الجد باللّعب هل أنور السادات يهودي؟ اليهودية في رأي كارل ماركس: ممارسة عمل شائن من أعمال اليهود وليس بالضرورة أن يكن ممارس هذا العمل اليهودي يهودي الديانة انني شخصيا لا أوافق ـ فقط ـ على الرأي القائل: "ان آل سعود والسادات يسقون بماء واحد ومن نفس الفيصل الواحد وان اختلف آل سعود بنفاقهم عن نفاق السادات كون آل سعود يعملون منكراتهم بالستر إلى حدّ ما بعكس ما يقولونه في العلن أما السادات فهو منافق صريح يخلط القول بالعمل" ليس هذا فقط مما يدل على يهوديتهم ويهودية السادات، فمن يتتبع مسيرة السادات يجد أنه هو الاخر ـ حسبما تؤكد المعلومات ـ قد تكون اسرته من يهود الدونمة التركية الذين اندسوا في الإسلام، ولم استنتج هذا من تسميته الاسرية بـ "السادات" بدلا من "السادة" جمع سيّد، لكون الاتراك يفتحون ـ التاء ـ المربوطة دائما فيسمون "السادة" "سادات" … وأنا لا أنتقد التسمية بحد ذاتها ولا أبدأ تحليلي ليهودية أنور "السادات" من "ساديته" هذه، معاذ الله، فهناك أسر في بلاد الشام تحمل هذا الاسم وأسر تركية في أنقرة واسطنبول تحمل اسم "السادات" وكلها من أصل تركي كريم بالطبع ـ بل أورد هذه المعلومات بناء على ما أكده لي شيخ من هذه الاسر اسمه الشيخ محسن بهجت السادات، وهو مهتم بمعرفة الانساب عامة ومفاخر بأصله التركي الكريم، وله الفخر في ذلك، إذ لا ميزة بين الناس أجمعين إلاّ من حيث الصفات الحسنة والخبيثة... لقد قال لي هذا الشيخ: (ان أسرة أنور حاكم مصر لم تكن منّا بل تقمصت اسمنا العائلي وهي عائلة تركية لا شك، لكنها يهودية أسلمت مع من أسلموا من اليهود الذين غيروا دينهم فسموهم الدونمة وانتحلوا أسماء العائلات التركية للاحتماء بها من ملاحقة السلاطين لهم، وانتقلوا إلى مصر مع الحملات العثمانية في مطلع القرن التاسع عشر وأيد قسم منهم كمال أتاتورك للتستر به مثلما أيّد أنور "السادات" جمال عبد الناصر للتستر به واستطاع خداعه بالرغم من أن عبد الناصر رحمه الله يعرف السادات)… وأكد لي الشيخ محسن بقوله: (انني بعد بروز اسم أنور السادات في أعماله الشائنة صرت أخجل أحيانا حتّى من اسمنا العائلي الذي تسمّت به أسرته اليهودية، لانه حينما ينادي علي في الشارع العام باسم "السادات" ينظر الناس الي باحتقار لظنهم أن لقب السادات معيرة لي، سبة عليّ، شتيمة لشيخ مثلي، لكنهم حينما يدركون أن اسمي محسن السادات تتراجع أنظارهم والتفت أحيانا بفزع حينما يهتف بعض الاطفال في الشوارع قائلين "يا خائن يا سادات"!. فتعود الطمأنينة إلى قلبي حالما أدرك أنهم ـ يعنون ـ بالخيانة ذلك الخائن فعلا، وكم من مرة اضطررت ان أشرح لاطفالي تاريخ اسرة هذا "الانور" وان هذا الانور المتلبس باسمنا العائلي ليس منا وان عائلته تقمصت اسمنا العائلي)… الخ… كما أ كد مسؤول كبير ووحدوي كبير لعب دورا كبير أيضاً في زمن الوحدة التي تمت بين سوريا ومصر برئاسة جمال عبد الناصر وسمي القطران بموجبها باسم الجمهورية العربية المتحدة، أكد هذا المسؤول معرفة المسؤولين في مصر للسادات ومعرفة الشهيد جمال بالذات له. إذ قال هذا المسؤول بالحرف الواحد: (حينما وصل السادات في مطلع نيسان 1958 إلى لبنان ودمشق ـ بُعيد اعلان الوحدة في 21/2/ 1958 ـ وصلت للمخابرات بدمشق برقية من القاهرة تطلب ملاحقة السادات قائمة "راقبوا لنا السادات بدقة"! فابتسمت وقلت: اذن كيف توكل أمور الوحدة وغيرها لمثل هذا "السادات الملاحق بدقة" لقد كانت هذه البرقية التي أرسلت من رئاسة الجمهورية لمراقبته بدقة صدمة أولى لي.. أليست هذه من الاخطاء الجسيمة التي كسرت ظهر الوحدة ومن ثم الحقت النكبة الكبرى بالامة العربية بجعل السادات نائبا للرئيس جمال بناء على توسطات من فيصل، وبالتالي قام السادات والتهامي بتخطيط من فيصل والمخابرات الامريكية باغتيال عبد الناصر)!. ثم أردف هذا المسؤول يقول: (القادة العرب لا يتعلمون على أية حال والمشكلة انهم يريدون تعليم الشعوب)… انتهى كلام المسؤول… والشئ الملفت ليهودية السادات سلوكه المنافق والانتهازي والتجسسي من بداية حياته حتّى نهايتها المفضوحة، ومن ذلك تلبّس السادات بالاسماء المخادعة وحرقه لجبينه ليقال انها سيماء الصلاة! وقد كان اسمه أنور قبل أن يكون رئيسا لمصر فسمى نفسه بعد اغتيال جمال واعتلاء العرش باسم "محمد" أنور السادات!. وقد حاول ابعاد الشبهات عن عائلته فكتب في مجلة ـ أكتوبر ـ في 15/ 5/1977 يقول: (ان والدي كان مغرما بالزعماء الاتراك فسمانا بأسماء تركية مثل أنور وطلعت وغيرها. وكذلك جدنا الذي سمانا باسم السادات!). وكاد المريب أن يقول خذوني… على أية حال.. هذه مجرد قرائن قد لا تثبت يهودية دينه.. لكن ما يثبت "يهودية" السادات سلوكه اليهودي… والمؤكد والثابت في الإسلام أن من شذ عن اجماع القوم والمسلمين حتّى ولو برر شذوذه بالعمل لمصلحة وطنية أو اقليمية أو قومية أو إسلامية فهو ليس من القوم الصالحين وهو ليس مسلما حسب نصوص القرآن والحديث الشريف الداعي إلى حرقه وأمثاله بالنار (ان يد الله مع الجماعة من شذ شذ في النار).. وقول النبي محمد عليه السلام في عدم إتّباع الامة لرأي الفرد الحاكم، والاخذ برأي الامة (والذي نفس محمد بيده ـ ما اجمعت أمتي على خطأ)!. كما رفي القرآن اتباع الاهواء الفردية بقوله (ولا تتبعوا الهوى) وقوله (واتبع هواه فكان أمره فُرطا)… وقوله (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)!.. وقوله : (ولتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا، اليهود) .. وكل من يشذ عن اجماع قومه ويصالح أعداء أمته ودينه ووطنه وشعبه من أمريكان أو يهود أو أتباعهم فهو خائن في رأي القرآن…. والآيات كثيرة، كثيرة، بهذا المعنى… رأي ماركس في يهودية السلوك وما كشفه كارل ماركس في "المسألة اليهودية" كان عين الصواب حينما وصم صاحب العمل الشائن والجشع البشع والاحتكاري المقنط والبخيل والطامع والخائن لوطنه والشاذ عن شعبه والمكروه من هذا الشعب الذي ولد على أرضه هو وأجداد أجداده، وكذلك المنافق: وصمهم ماركس "باليهودية" وكسل شخص يحمل ولو صفة من هذه الصفات يصمه ماركس باليهودية.. أو انّه "يهودي السلوك" مهما يكن دينه أو وطنه… فاليهودية ـ اذن ممارسة شائنة لا ديانة… ويكفيك أن تعرف أن أول ملك كان من اليهود وان الملكية أول من ابتدعها اليهود.. ومن أقوال ماركس العلمية يتضح أن من يسلك مسالك اليهود فهو "يهودي" حتّى ولو لم يكن من اليهود أصلا، ويلاحظ أن ماركس حينما وصف الإنسان البشع بأنه "يهودي" لم يقل انّه "صهيوني" بالرغم من أن الصهيونية منشأها يهودي.. ومن يميز بين اليهودية والصهيونية كمن يميز بين حزب المحافظين وحزب العمال في بريطانيا، أو كمن يميز بين الكتائب والشماعنة في لبنان أو كمن يميز بين المباحث والمخابرات السعودية، أو كمن يميز بين أمريكا واسرائيل، أو كمن يشك في تبعية السعودية لامريكا واسرائيل… الخ… ابحثوا عن جيهان وان تغاضينا عن "يهودية السادات" فلن نقلل من يهودية زوجته الانكليزية "جيهان" التي أكد لي مصدر كبير في القاهرة عام 1967 أنها "يهودية انكليزية" .. اذن فوراء "السادات" سيدة" أيضاً… ومن يمحّص تاريخ السادات يجد: أنه تجسس لحساب الانكليز وانه قابل تشرتشل في القاهرة وهو برتبة ملازم وانه عمل خادما لدى قوّادة معروفة في مصر ومشهورة لاهل النفط والامراء المتآمرين خاصة، واسمها "حكمت" تمتلك عوامة في العجوزة، وانه وشى بضابطين ألمانيين يعملان على جهاز ارسال موضوع في أسفل عوامة القوادة "حكمت" وانه أخبر الانكليز بخطة فرار الثائر العربي عزيز المصري إلى المانيا فأسقطوا طارئته في محاولة الهرب الاولى… أما في محاولة الهرب الثانية فقد عطل السادات السيارة التي كانت ستقل عزيز المصري إلى المطار المؤقت لايصاله للطائرة فتوقفت السيارة قرب الجيزة، وانتظرت الطائرة الالمانية طويلا فعادت حيث تأخر عزيز المصري بسبب تعطيل السادات للسيارة!، وكان عزيز المصري ينوي الهرب إلى المانيا للاستعانة بهم في محاربة الاحتلال الانكليزي. وكان لعزيز المصري دوره في الثورة العربية ضد العثمانيين… ومن يقرأ كتاب السادات المسمى "أسرار الثورة المصرية" والذي استطاع بنفاقه لجمال عبد الناصر أن يجعله يكتب المقدمة لهذا الكتاب ليضلل الناس بالوطنية ويبعدهم ـ أي السادات ـ عن تاريخ السادات وسلوكه اليهودي وليضفي طابع النضال على ما في هذا الكتاب من مصائب خيانية، لكن تقديم جمال عبد الناصر للكتاب لا يحجب الضوء عن تاريخ السادات وسلوكه اليهودي.. وحتى وان خادع الناس السذج باسلامه فهو أخطر من اليهودي السافر لكونه منافق وقد أمر القرآن بحرق المنافقين في أسفل النار بهذه الآية الكريمة (ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار)( أي أن حرق كل المنافقين من أمثاله وأمثال آل سعود فريضة قرآنية حتّى وان شهدوا بوجود الله ورسوله كما ورد في سورة المنافقين (إذا جاءك المنافقون، قالوا نشهد أنك لرسول الله، والله يعلم أنك لرسوله والله يشهد أـن المنافقين لكاذبون، اتخذوا أيمانهم جُنّة فصدوا عن سبيل الله انهم ساء ما كانوا يعملون)!… والآيات لا تنطبق فقط على السادات وآل سعود وأمثالهم من المنافقين بل تنطبق أيضاً على من يهادنهم أو يركن اليهم قليلا، بقوله: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)… لكن وبما أن الامة هذه ليست أمتهم نظرا لما ذكرناه آنفا فلا يستكثر أحد عليهم وأمثالهم خيانتها… ولو كان في صدورهم ذرة من ايمان أو اسلام لطبقوا قول القرآن الذي يتشدق هؤلاء باسمه القائل: (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) ومعنى ذلك: رصد كل موازنات الدولة وكل واردات البترول وكل الاموال ـ الحلال ـ واعادة الاموال الحرام ـ المرصودة لحسابهم في بنوك أمريكا ذاتها، ومقاطعة هذه "الامريكا" وابعاد خبراء أمريكا البالغ عددهم 50 ألف في المنشآت العسكرية و40 ألف في المخابرات و160 ألف كوري جنوبي تابعين للمخابرات الامريكية، هذا فقط في قلب الجزيرة العربية. خلاف ما هو في اليمن الشمالي والسودان ومصر وعُمان والبحرين "ومحميات الامارات المتصالحة" الاخرى التابعة للنفوذ السعودي، وفي ضرب أمريكا الصهيونية بتدميرها اقتصاديا تنفيذا لبعض ما جاء في الآية الكريمة القائلة (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) أي قدموا أموالكم وأنفسكم للجهاد ـ أي تقدموا للقتال نساء ورجالا وأطفالا… (قل هاتوا نساءكم ونساءنا وأنفسكم وأنفسنا ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الظالمين)… وقوله (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)… وقوله الموجه للذين آمنوا فقط (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة)… وهل هناك أكفر من الامريكان يلوننا ويتولاهم الحكام ويتولوننا في بلادنا؟ انهم "اقربون" منا المهيمنون على كل شئ… اننا بقتال أمريكا انّما نقاتل الصهاينة، والقتال قد يكون بابعاد الامريكان واتباعهم عن بلادنا وقطع مواردهم منا، الموارد التي تشكل 60% من بترولنا، وقد قالها "شلسنجر" وزير الطاقة الامريكي، واضحة: (لو توقف البترول العربي عن أمريكا لتوقفت آلاتها وانهار اقتصادها إلى الابد)… سمعتم يا يهود؟… اليهودية في رأي كارل ماركس ما يهمني من أقوال الفليسوف العظيم الذي غيرت أفكاره مجرى التاريخ الحديث "كارل ماركس" والاستناد عليها والدفاع بها عن وجهة نظري في "اليهودية التي تحكمنا مباشرة وغير مباشرة ـ في الوطن العربي ـ متلبسة بالاسلام والمسيحية، كون كارل ماركس في تصويره العلمي لليهودي واليهودية وهو نفسه ـ يهوديا بالوراثة ـ انّما بعده عن اليهودية كبعد آل سعود والسادات وخنافس النفط عن الإسلام، بل بعد إن ماركس عن اليهودية كبعد ـ بابا روما ـ والكتائب والشماعنة في لبنان عن المسيحية التي صلت المسيح من أجلها… وفي هذا الوصف الماركسي العلمي لليهودية ما يؤكد أن معظم الحكام وتجار الدين وفي مقدمتهم آل سعود والسادات، انّما هم يهودا: دون تسميتهم بالاسماء، انّما بأشارات واضحة واضعا أصابع قدميه العشر في وجوههم، قائلا: حكامكم يهود.. ومثلما يؤكد النبي محمد أن (الدين المعاملة) يؤكد ماركس ـ بالمعنى ـ أن اليهودية سلوك ـ سواء كان ممارسها يهوديا أو مسيحيا أو مسلما أولا دين له… وهو ما أكده المسيح حين قال "ما اجتمع حب إلاهين في ـ قلب واحد ـ الله والمال (.. وكذلك قال ماركس في "المسألة اليهودية ما يلي: المال إله اليهود (المال هو إله إسرائيل المطماع، ويعتقد اليهود أنه لا ينبغي معه لاي إله أن يعيش، ان المال يخفض جميع آلهة، البشر ويجعلهم سلعا، السفتجة، هذا هو الإله الحقيقي لليهود) ، ويقول ماركس: (لقد اتخذت السيادة اليهودية: تعبيرا طبيعيا واضحا وضوحا مطلقا في أمريكا الشمالية)، ويقول: (إذن فنحن نميز في اليهودية عنصرا مناهضا للمجتمع… وهذا العنصر توصل إلى نقطة الاوج في الزمن الحاضر، وهي نقطة لا يستطيع معها إلاّ الانحلال). (ما هو الأساس الدنيوي لليهودية؟. انّه الرغبة العملية، والمنفعة الشخصية… والحق ان العصر الحديث بتحرره من المتاجرة والمال، وبالتالي من اليهودية الواقعية والعملية سوف يحرر نفسه بنفسه)… ويتابع ماركس قوله: (والحق أن البرجوازي، تماما مثل اليهودي، لا يبقى في الحياة السياسية إلاّ بواسطة السفسطة ـ الدجل ـ والمغالطة)… (ان اليهودي لا يستطيع أن يكتسب حقوق الإنسان ما بقي يهوديا، فالجوهر المحدود الذي يجعل منه يهوديا، سوف يتغلب بالضرورة على الجوهر الانساني الذي كان ينبغي أن يربطه، بوصفه انسانا، بسائر الناس، وهو يعزله عمّن ليس يهوديا، واليهودي يعلن، بهذا الانفصال، ان الجوهر الخاص الذي يجعل منه يهوديا هو جوهره الحقيقي الاسمى الذي ينبغي أن يمحي أمامه جوهر الإنسان)!… هكذا قال ماركس… ولنا تعليق عليه نقول فيه: ان مجتمعنا الخانع هو الذي أوجد اليهودية ـ وأوجد اليهود المتشدقين بالمسيحية والاسلام كالكتائب والشماعنة والسادات وآل سعود ومشتقاتهم… ويقول النبي محمد (مثلما تكونوا يولى عليكم). ويقول ماركس: (وكذلك المسيحي، بوصفه كذلك، لا يستطيع أن يمنح حقوق الإنسان) (ص19 ـ 20) ما دام يسلك مسلك اليهود ونضيف إلى ماركس: وكذلك "المسلم" الذي يسلك مسالك اليهود… كيف نلغي اليهودي؟ يتساءل ماركس كيف نلغي اليهودي؟ ويجيب: (ما هو العنصر الاجتماعي الخاص لالغاء اليهودي؟. ان طاقة تحرير اليهودي الحديث هي علاقة اليهودية بتحرر العالم اليوم. وهذه العلاقة تُنتج بالضرورة وضعية اليهودية الشاذة في العالم الحديث المستعبد)، (ان التحرير اليهودي، في معناه الاخير، يقوم في تحرير الإنسانية من اليهودية)!. (فاليهودي مثلا، الذي لا يحسب له حساب في فيينا، هو الذي يقرر: بقوته المالية، مصير المملكة كلها، ان اليهودي الذي قد يكون في أصغر الدول الالمانية، محروما من الحقوق، هو الذي يقرر مصير أوربا)… (وليس هذا حدثا منعزلا، فاليهودي تحرر على الطريقة اليهودية، ليس فقط بأن اصبح سيّد السوق المالية، وانما لأن المال أصبح، بواسطته، وبفضله، قوة عالمية، والروح العملية اليهودية أصبحت الروح العملية للشعوب المسيحية. لقد تحرر اليهود بالنسبة نفسها التي أصبح المسيحيون فيها يهودا) . ويتابع ماركس فيقول: (ومما يرويه الكولونيل هاملتون، مثلا: (ان الأرض ليست بالنسبة لليهود سوى بورصة، وهم موقنون بأن لا مصير لهم في الحياة الدنيا هذه سوى ن يصبحوا أغنى من جيرانهم). (وثمة أكثر من هذا! فان السيادة الفعلية لليهودية على العالم المسيحي قد اتخذت في أمريكا الشمالية هذا التعبير الواضح وضوحا مطلقا: ان نبوءة الانجيل، النبوءة الدينية، قد أصبحت سلعة تجارية، وتاجر الانجيل المفلس يهتم بالاعمال التجارية تماما مثل الواعظ المثري، إن فلانا الذي تراه على رأس رهبانية "محترمة" بدأ حياته تاجرا، وحين أخفق في التجارة، أصبح كاهنا، وذلك الاخر من بدأ حياته في الكهنوت، ولكن منذ أن أصبح يملك مبلغا من الملا، ترك كرسي الوعظ وانصرف إلى التجارة. ان الوظيفة الكهنوتية، هي، في نظر عدد كبير من الناس، مهنة صناعية حقيقية) (أن قومية اليهودي الوهمية هي قومية التاجر، قومية رجل المال) و (لا تبلغ اليهودية ذروتها إلاّ مع اكتمال المجتمع البورجوزاي) ويقول ماركس: (ولا نجد جوهر اليهودي المعاصر ـ اذن ـ في التوراة والتلمود وحسب، بل نجده في المجتمع الحالي، وليس هو جوهر مجرد، بل جوهر عملي مطلق، وليس بمثابة حدود اجتماعية لليهودي وانما بمثابة حدود يهودية للمجتمع!… وحين ينجح المجتمع في الغاء الجوهر العملي لليهودي، المتاجرة وشروطها، عندئذ يصبح وجود اليهودي مستحيلا، ذلك لان ضميره لم تبق حاجة إليه.. وذلك لان المنازعة بين الوجود الفردي والمحسوس للانسان ووجوده الاجتماعي قد الغيت)!. ان (التحرر الاجتماعي لليهودي، انّما هو تحرير المجتمع من اليهودية)!

السعودية تخسر 20 مليون دولار يوميا اكراما لامريكا! هكذا صرح أحمد زكي اليماني "وزير البترول" في عهد الاحتلال السعودي وكان ذلك في يوم 1/6/ 1979 في باريس وتناقلته وكالات الانباء، متناسيا عشرة ملايين دور يوميا تخسرها السعودية لدعم الدولار الامريكي… فيبلغ مجموع ما تخسره السعودية يوميا 30 مليون دولار، وذلك منذ عام 1973 حتّى هذا التاريخ… وعلى أساس اعتراف اليماني فقط فان الخسارة هي (600 مليون دولار شهريا) فأجمعوها بالمليارات لمدة تسعة أعوام… على أية حال، ان البترول كله خسارة علينا وعلى العرب والانسانية، ولذلك فنحن لسنا ضد رفع أسعاره فحسب، لكيلا يرتفع منسوب النهب ومستوى الدعارة. بل نحن ضد وجود البترول ولصوصه في أرضنا. ذكريات عن دور السعودية القذر في ضياع فلسطين وتفسيرها القرآن لصالح أمريكا والصهاينة وعدم اكتناز الذهب الاسود! في ضحى يوم 17/6/1947 أطلقنا على هذا اليوم "يوم فلسطين" فقمنا بمظاهرة في رأس تنورة "رحيمة" نرفض فيها تقسيم فلسطين ونطالب بقطع البترول عن أمريكا وبريطانيا لدعمهما لليهود… فجاء الينا خدم أمير رأس تنورة "وهو أمير من الدرجة العاشرة" واسمه تركي العطيشان وطلب منا الخدم أن نتجه إلى "مقهى رحيمة" ليلقي علينا الامير كلمة بهذا المعنى "وكان هذا تواضعا من سعادته"!. فجاء الامير، ونطّ على خشبة الطعام، فأسهب في الحكي السعودي، ومما قاله لنا: (أنتم تطالبون بقطع البترول عن أصحابنا الانكليز والامريكان، والبترول أساس بأيديهم، وليس منا من يعرف كيف يقطعه سواهم حتّى لو أردنا قطعه، فهل يعقل أن نقول للامريكان اقطعوه ـ يا أمريكان عنكم؟ ثانيا: ان البترول الذي تطالبون بقطعه واسمه ـ الذهب الاسود ـ وقطعه يعني اكتنازه في باطن الأرض، واكتناز الذهب ينهى عنه القرآن الكريم بقوله: "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم!" الخ)… وتابع يقول: (ثالثا: من الذي سيدفع معاشاتنا ومعاشاتكم لو أصيب الامريكان عندنا بالجنون، لا سمح الله، وقطعوا البترول عنهم وعن الانكليز)!. و(رابعا: اتركوا قضية فلسطين لعبد العزيز يحلها!. وقضية فلسطين عجز عنها الكبار فكيف أنتم يا ها لاولاد الصغار)!. الخ… واستمرت الهتافات بالتسقيط لشركة أرامكو والامريكان وأمريكا وعملاء أمريكا والصهاينة!… وبما أن العملاء يعرفون أننا نعنيهم دونما أن نذكر الاسماء بالطبع، بقد ألقوا بالقبض على مجموعة منا، وأرسلونا ـ شحنا ـ بسيارة قلاب ـ إلى جزار مناطق البترول سعود الجلوي!. وما أن شاهدنا الجولي حتّى كشّر، وظن البعض منا أنه "يا سيدي ـ تبسّم" بينما وجهه لا يبتسم حتّى لرئيس شركة أرامكو ـ وأمريكا… وكنا نتوقع منه القتل، أو على الاقل قطع يد ورجل من خلاف.. لكن "العبد" قال ـ دون أن نسمع أن "السيد" قال شيئاً، قال العبد المسروق من افريقيا صغيرا وما زالت لهجته مكسّرة: (تقول لكم أمّتي ، لو ما كنتن صغارا كنا كتلناكم، وقضية فلسطين حلّها عبد الازيز)!. يقصد "عبد العزيز"… فأجبنا: (طال عمرك وعمره ما دام حلّها "عبد.. الازيز" خلاص ـ إنحلّت القضية!. نستأذن طال عمركم، ألا يوجد سيارة توصلنا؟)… قال العبد: (بلا، توجد خمسة عصيان يأخذها كل واحد على ظهره)! فقلنا له: (شكرا طال عمركم أكثر من هذا ما نتحمل من أجل فلسطين)!. ونجونا من القوم الظالمين… لماذا تقول ادفع ريالا تقتل صهيونيا؟! إثر نكبة فلسطين صدرت مقالة كتبها أحد الامريكان اليهود تصف خيانات العرب ـ والاصح خيانة قادة العرب ـ لفلسطين، بعنوان "ادفع دولارا تقتل عربيا"!. فقام عام 1955 عدد من الشبان العمال بطبع لافتات تقول: (ادفع ريالا تقتل صهيونيا) وبدأوا حملة لجمع التبرعات للفلسطينيين، فغضب الامريكان أشد الغضب وقام بوليس شركة أرامكو "السيكيورتي" باعتقال البعض، ثم أصدروا أمرهم لبوليس الاحتلال السعودي باعتقال عدد آخر… وصادروا التبرعات، وهددوا الشباب بأقسى العقوبات ان عادوا لجمع التبرعات أو رفع شعار: ادفع ريالا تقتل صهيونيا ؟ لان هذا يسئ لصداقتنا للامريكان!. الشربتلي.. السارق وباني المساجد! اخترنا الشربتلي، كواحد من النماذج الطفيلية التي نمت في عفونة القصور. ولان هناك أمثاله عشرات الآلاف من تجار الصدفة، اخترنا الشربتلي لكونه أقدمهم… حسن. ولا من يعرف بقية اسمه… أميّ. لكنه على قسط من الذكاء استخدم ذكاؤه هذا في سبل اللصوصية "المشروعة" في جمع المال، كان قبل عام 1935 لا يملك أكثر من "قدر" يصنع فيه الشراب… أو "الشربات يحمله على رأسه ويطوف به الشوارع، لا تزيد حصيلة ذلك القدر في اليوم كله عن 30 قرشا سعوديا! ويقال انّه يفاخر بهذا القدر ويحتفظ به حتّى الان كذكرى!. ومن مهنة "الشربات" هذه اشتق اسم "حسن الشربتلي" وتطور إلى صنع الشراب الروحي، وبواسطة صنع الخمور هذه، تعرف على الوزير "عبد الله السليطان" الذي كان الكل بالكل في مهلكة آل سعود، بل كان كل من في هذه "المملكة" من لصوص يرجون ـ مغفرة أو عطاء ـ عبد الله السليمان، حتّى عبد العزيز آل سعود وأولاده ـ يأملون أن لا يصدهم عبد الله السليمان ـ من عونه ـ نظرا لسيطرة عبد الله السليمان على كل شئ في المملكة وفي مقدمتها: الثروة المالية. وتطورت معرفة الشربتلي بـ "الوزير" إلى مشاركة الوزير ابن سليمان في السرقات حيث أسند "الوزير" للشربتلي مهمة "المشتريات" فأصبح حسن الشربتلي يشتري كل ما تحتاجه وما لا تحتاجه ويحسب كل شئ يشتريه أو ـ لا يشتريه ـ كما يريد وبما يريد دون حسيب أو رقيب، وهذه أمثلة من مشتريات حسن "الشربتلي": اشترى الشربتلي (10 سيارات) وأضاف على قائمة الحساب ثلاثة نقط من اليمين فأصبحت (10000 سيارة) ووافق الوزير ـ السليمان ـ وتقاسم معه المبلغ المسروق.. واشترى الشربتلي مجموعة من ملاعق الطعام قيمتها مجتمعة (50 ريالا) وعلى قائمة الحساب قال انها ملاعق من ذهب وقيمتها (50000 ريال) مضيفا إلى يمين الرقم بعض الاصفار فقط ووافق الوزير وتقاسم معه المبلغ المسروق، واشترى الشربتلي للدولة (1000 مروحة من سعف النخيل) قيمتها /500 قرش سعودي/ وسجل على قائمة الحساب 100 مروحة كهربائية قيمة الواحدة منها 150 ريالا سعوديا ووافق الوزير واقتسم معه المبلغ المسروق. وعلى قائمة حساب أخرى زعم الشربتلي أنه استورد من مصر مائة ألف بيضة من بيض الدجاج المصري الشهير بصغر حجمه، وقال: ان قيمة البيضة الواحدة بلغت 75 قرشا مصريا، بينما كانت لا تزيد قيمة البيضة في مصر آنذاك عن ربع قرش مصري، وهذا في حالة التسليم بما زعمه الشربتلي أنه قد استورد بيضا من مصر، وعلى أية حال ـ فالشربتلي مصدّق حتّى ولو قال ان البيض كان من ذهب!. أو أنه من بيض البشر الذين سبق لآل سعود أن قطّعوا خصاهم!. ووصل الشربتلي إلى حد أن الملك عبد العزيز ـ وسعود وفيصل وكبار الامراء والحرامية ـ ينظرون إلى ما تجود به يديه عليهم وينتظرون منه الهدايا الكبار والعطاءات السخية.. تصور أن الشربتلي كان يهدي الصناديق الكبيرة المليئة بالمجوهرات للملوك عبد العزيز وسعود وفيصل وكبار الحريم والملكات، وذات مرة غضب فيصل عليه لانه شارك الملك سعود بصفقة درت عليه مائة مليون ريال كان نصيب سعود منها 50 مليون ريال… فأرسل له فيصل يطلب "حقه" في الصفقة فأعطاه الـ 50 مليون ريال!… وبموجب ذلك نال لقب "أمير المحسنين" ولقب "الحسيب النسيب" مع أنه أميرا للحرامية مجهول الحسب والنسب. وما أن مات الملك عبد العزيز عام 1953 حتّى حاول حكم الاحتلال السعودي امتصاص نقمة المواطنين على حكم اللصوص السعودي، ومما فجر تلك النقمة قيام السعودية باعتقالنا، مما نتج عنه الاضراب العمالي الشهير الذي بدأ في اليوم الأول لاعتقالنا يوم 17/10/1953 ولاجل غير مسمى. ولم يعد العمال إلى العمل حتّى أفرج عنها بعد 22 يوما، وتم نفينا، ووزعت المنشورات منددة بالحكم البغيض الذي تسوده وتقوده عصابات اللصوص.. فقام سعود وفيصل بتشكيل محكمة صورية أطلقوا عليها زورا اسم (محكمة من أين لك هذا؟) برئاسة الامير سلطان بن عبد العزيز ، مع أنه أكبر اللصوص… وبعد ذلك تم عزل الوزير عبد الله السليمان عن منصبه، وختمت محلات الشر بتلى، وعلي موصلي، وبدر الفاهوم بالشمع، واستدعوهم للتحقيق، ولم ينكروا أي شئ مما سرقوه!.. بل ختموا التحقيق بأنفسهم عندما قيل لهم: من أين لكم هذا؟وقالوا بكل سخرية.. هذا؟ يا هذا من هذا، وكانوا يشيرون لصورة عبد العزيز المعلقة!. وحينما حاول سلطان تهديدهم بقوله: أتسخرون منا؟.. أجابوه، أبدا يا طويل العمر !… ان ما سرقناه حقيقة لا جدال فيها لكننا شركاء فيه وشهودنا على هذا كثيرون منهم: عبد العزيز وسعود وفيصل وآل فهد.. الخ. وبعد ذلك صدرت اشاعة تقول: ان أيديهم وأرجلهم ستقطع، قسم منهم في جدة وقسم في مكة يوم الخميس الذي تلى الاستجواب بالاضافة إلى مصادرة الاموال المسروقة، وفي يوم الخميس الموعود تجتمع الناس في مكة وجدة عندما نودي بتقطيع أيدي وأرجل "اللصوص" وكنت ممن حضر هذا المشهد… ولكن!. وإذا بمن زعم أنهم لصوص ما هم إلاّ أكباش فداء للصوص الحكم الفاسد، لقد أحضروا 18 عاملا ومتعطلا عن العمل، فقطعوا أيديهم وأرجلهم وعلقوا قسما منها على باب البلدية في جد\ة، وقسما على باب الحرم في مكة!. وبهذا انتهت مهمة (محكمة من أين لك هذا!.) وأعيد "الاعتبار" للصوص الكبار!. أجل… أعيد الاعتبار لهؤلاء الذين ختمت محلاتهم بالشمع!. بل أكثر من هذا. لقد "أنعم" الملك سعود على حسن الشربتلي بمنصب (وزير الدولة) ايو الله!. أما بدر الفاهوم، فقد أفرج عنه الملك اللاحق فيصل وهرّبه بطائرة سعودية خاصة إلى بيروت أثناء المحاكمة المزيفة الصورية السعودية حاملا معه ما لم يخرجه سابقا من أموال مسروقة حيث كان شريكا لفيصل، وفي بيروت افتتح بدر الفاهوم مع فيصل بالاموال المسروقة (بنك انترا) وفي عام 1973 غضب فيصل على السياسة اللبنانية فتآمر مع الفاهوم لنقل الاموال إلى سويسرا فأعلن بنك انترا افلاسه!. هذه عينة من سرقات شركاء آل سعود، … وهناك عينة أخرى من سرقات الشربتلي: لقد استورد الشربتلي عددا من البواخر تحمل أغناما من الصومال، فمات من الحر والعطش والازدحام معظمها، وبدلا من أن يلقيها في البحر أدخلها إلى جدة، وأخذ يسلخ الفطيس ويبيعها لحوما، ولما كتبت جريدة "الاضواء السعودية" عن ذلك جاء الامر من فيصل باغلاقها بتهم ثلاث: 1 ـ "التطاول على المحسن الكبير الحسيب النسيب الولي الصالح المصلح صاحب الفضيلة والمقام العالي حسن باشا الشربتلي وزير الدولة". 2 ـ تهمة الاعتداء على حقوق شركة أرامكو بالتلميح عن عدوانها على حقوق العمال!. 3 ـ تهمة الكتابة عن قصة أحد الارقاء ـ سالم يحيى اليماني ـ الذي اشترى نفسه من سيده… فأطلق عليه اسم "سام شاري نفسه" الخ… وسبب اثارة كل هذه المشاكل ضد الجريدة كان الشربتلي… والحديث عن الشربتلي يطول ويتشعب، لكني أختمه بحديث أدلى به الشربتلي عندما كثرت أحاديث الناس عن سرقاته قائلا: "أنا لم أسرق شيئا من مال أحد، وقد أعطاني الله كل ما لدي من مال، ومن ـ ضمن ما أعطاني الله انّه "أي الله" أرسل لي باخرة محملة بالذهب!… وملخص الموضوع: انني ذات يوم استوردت باخرة محملة بالبرتقال وعندما فتحت صناديق البرتقال وجدت في داخل كل برتقالة مجموعة من الجنيهات الذهبية والظاهر أنها كانت مهربة إلى بلد آخر ومرسلة إلى غيري، لكن منيفيست الباخرة جاء باسمي بالغلط، وأصبح الذهب من نصيبي!…، وهكذا رزقني الله لانه يحبني كثيرا!. وكان هذا سبب غنائي!". هكذا يتحدث الشربتلي وبكل بساطة واستخفاف بالبشر بكذبه المفضوح عن "الله الذي أرسل له الذهب بدل البرتقال نظرا لصداقته مع الله"!… وهذا هو منطق الكثير من لصوص السعودية الذين يسرقون الله نفسه والشعب والدين والتاريخ ويأمرون بقطع أيدي الجياع وأرجلهم!. بدلا عن قطع أيديهم، أنفسهم، وأرجلهم. الشربتلي وجمال عبد الناصر بعد انفصال سوريا عن مصر ـ عام 1961 ـ الذي كان للسعودية دورها الأول في تمويله قبل وبعد نجاحه، استجاب جمال عبد الناصر لطلبي بافتتاح اذاعة (صوت الامة العربية) من القاهرة عام 1961 ، ومن ثم برنامج (أعداء الله) من صوت العرب، عام 1962. وبدأ التأثير الاذاعي الذي نوجهه يقضي مضاجع الاحتلال السعودي، بشكل لا يتصوره أبدا من عاش خارج الستار السعودي، وقد وصف مراسل "الدليلي ميرر" حينما زار "المملكة" وصف الساعة السابعة من مساء كي يوم بأنها "ساعة الصمت في المملكة السعودية" فالكل يستمع لهذا البرنامج دون تعليق.. ثم تبدأ التعليقات بعد نهاية البرنامج"!. هنالك بدأت السعودية تبحث عن وسطاء لا يجاد نقيض لاعلامنا، وكانت صحافة القاهرة نفسها شرّ نقيض، هذه الصحافة التي ما كانت في يوم من الايام ـ لا قبل الثورة ولا بعدها ـ صحافة شريفة نظيفة باستثناء بعض الاقلام التي ما كان لاصحابها تأثير يذكر في الصحافة .. فأرسلت السلطات السعودية بتخطيط من المخابرات الامريكية ـ أرسلت حسن الشربتلي ـ بالذات ـ إلى القاهرة ليقيم فيها ويستقطب حوله أكبر عدد من الصحفيين والشعراء في مصر!. وتم لهم ما أرادوا، فأقام فترة تزيد عن الستة أشهر كان يغص مسكنه "بالادباء" والشعراء والقوادين والمناكيح يتسابقون لفتح باب سيارته وتقبيل يده، والحظيظ منهم من يقبل منخاره القذر ويتهافتون لخدمته، وما كان يسير الشربتلي في الشارع العام إلاّ وخلفه ما يزيد عن الـ (100) صحفي وشاعر وقواد ومخنث، وما مر يوم خلت الصحافة المصرية من جزيل الثناء "لاحسانه" شعرا ونثرا… من ذلك ما قاله مصطفى حمامي في قصيدة طويلة نشرتها له مجلة "روز اليوسف" يتغزل بها في وجه الشربتلي الجميل: مع أن وجه الشربتلي ـ التجريدي "المخربش" وجه الحمار ـ الخكري ـ منه أطهر وأجل!. يقول الحمامي: أمير المحسنين أمير المحسنين شغلت بالي بوجه يا حبيبي كالهلال أمير المحسنين جزيت خيرا عن الاحرار منّا والموالي! فأنت الحاكم المحبوب فينا أقولها ـ يا أمير ولا أبالي وما من مرّة جئنا ورحنا وكان الجيب من يمناك خال فليتني ان اكن بنتا تنـ..ني سواء بالحرام أو الحلال! الخ… مما جعلني أذهب إلى بعض التقدميين في "روز اليوسف" وأطلب منهم أصل القصيدة لاطلع على كلمة "تنِكهُ" وإذا به يعنيها بمعناها، لكن المجلة نشرتها بين قوسين هكذا (…)!.. مما جعل الاستاذ محمد عودة يتندر بها كلما رآني!. واتصلت بالشاعر القذر، لاسأله عن صدق ما يقول فأجابني بقوله: (انت مالك؟. يا ليتني كنت عاهرة أو صالحة فينكحني الشربتلي!. ايه اللي جنيناه من اشتراكيتكم دي)!. ثم قال: (أنا أعرف أن في القصيدة ما فيها من قلة الادب، وفيها ما لا يناسب "سيبويه" لكنني فصّلتها على المعاني فقط)!. فأرسلت إلى جمال هذه القصيدة وقصاصات من الصحف ـ ضمن منشور ، لا أهاجم فيه صحافة فاروق القذرة فقط، بل أنتقد فيه عبد الناصر لتأميمه الصحافة وتركه لأصحابها وكتابها فيها وقلت ان الغاء امتلاك أصحاب الصحف للملكية أشبه بإلغائكم للدعارة المعلنة وترك العاهرات المعزولات سابقا في حيّ معين يختلطن مع المواطنين لنشر الدعارة بدون ترخيص!. وان كان الغاء الدعارة المعلنة التي خلفها الملك فاروق وصمة، فتأميم الصحافة التي خلفها فاروق وترك كتّابها فيها، دعارة تمارس علانية!. عبد الناصر يجمع الصحفيين لايقافهم عن التسبيح بحمد الشربتلي ولقد تألم عبد الناصر لنشر هذه "المواضيع" الصحفية في مصر وأحس أن الشربتلي ما هو إلاّ رسول فساد في مصر… فجمع الصحفيين ووبخهم فقط!، وقال: "كفاية مهازل!. كفاية فضايح! اخجلوا. كفاكم ارتزاقا .. ان هذا الشربتلي الذي تتغزلون فيه ما هو إلاّ لص خطير يسرق أموال الشعب في الجزيرة العربية ويشتريكم بها"!… فتوقفت الصحافة ـ بل السخافة ـ عن التسبيح بحمد "الشر" بتلي…. صلاح الشاهد "شاهد زور" يقع في أحضان الشربتلي وصلاح الشاهد هو كبير "الياوران" ولا أعرف معنى الياوران بالتركي لكنه ربما يكون بالعربي: رئيس التشريفات.. وقد تشرّف بمعرفة الشربتلي بعد رشوة معروفة دفعها الشربتلي إلى جمال عبد الناصر على : "أنه إنسان له أهداف نبيلة "!" ضد السعودية لا معها وانه زعيم قبيلة الشر بتلية!" الخ. علما أنه لا يوجد ولا قبيلة من الكلاب بهذا الاسم!. وربما أراد جمال عبد الناصر أن يفحص أو يشاهد هذا الشخص الراشي الذي هز صحافة القاهرة وجند الاقلام العاهرة بالكتابة اليومية عنه!… فقال للشاهد: فليتقدم "رئيس قبائل الشربتلية". فاستقبله جمال في بيته في منشية البكري!. وما أن وصل الشربتلي وصافح الرئيس جمال وجلس حتّى بادر عبد الناصر بالسؤال التالي: "كيف الأمور!. يا طويل العمر؟." فقال عبد الناصر: "أمور ايه يا شربات؟!." فتطرق الشربتلي إلى القول: انني أريد أن أنقل أموالي إلى مصر والسعودية لاصلاح الأمور!." وأخيرا.. قدم الشربتلي شنطة كبيرة لجمال عبد الناصر وقال: "هذه هدية للاولاد طال عمرك"!.. فقال جمال : افتحها يا أبو الشربات.. "ففتحها وإذا هي مليئة بالساعات الذهبية والعقود الثمينة التي لا تقل قيمتها ـ في ذلك الوقت ـ عن مليوني جنيه مصري!. وإلى هذا الحد ذهل عبد الناصر وانتصب واقفا وقال: "يا شربتلي: ان أولادي لا يلبسون هذه المسروقات!. خذها واخرج يا حرامي من هنا حالا". فخرج الشربتلي، وشاهده الشاهد من أهله: صلاح الشاهد الذي تلقّفه بعد خروجه واستلم الشنطة منه بالطريق، وقال للشربتلي: "هاتها.. لابد أن أجعل جمال يقبلها وسأقدمها له فيما بعد لكونه غاضب الآن!. فاستلمها صلاح الشاهد و"هفّها" من الشربتلي!. ولم يعرف عنها عبد الناصر… لكن جمال عبد الناصر اتصل، حالما خرج الشربتلي، بزكريا محي الدين ـ الذي كان وزيرا للداخلية ـ وقال له: يوجد مجرم اسمه حسن الشربتلي.. أخرجه حالا من مصر وامنعوه من العودة ثانية… وفوجئ الشربتلي بنقله بعد ساعة ـ من خروجه ـ إلى المطار .. واتصل هاتفيا بصلاح الشاهد ليسأله عن مصير الشنطة… يا واد؟! فتسائل مندوب وزير الداخلية عن الموضوع فأخبره الشربتلي… ومن مسكن الشربتلي اتصل مندوب الداخلية بالشاهد ليسأله عن شنطة الشربتلي؟ فأجابه الشاهد بالانكار… فتساءل الشربتلي: ماذا يقول الشاهد؟؟. قال مندوب الداخلية يقول: "شاهد ما شافش حاجة"!… وبابعاد الشربتلي غضب تجار الصحافة في مصر واستنجد الامريكان بالامراء "الاحرار!." وبعد فشل مهمة الشربتلي، بعث فيصل وآل فهد ـ بتخطيط من المخابرات الامريكية باخوتهم الامراء الذين حملوا لقب "الامراء الاحرار" للقيام بدور آخر يتلخص بالاستيلاء على برنامج "أعداء الله" واسكات ناصر السعيد بحجة أنهم يريدون القيام بثورة ضد الملك سعود فقط مع المحافظة على كيان العائلة!.، وعدم المساس بالامريكان وعدم التحدث عن شركة أرامكو وعدم شتم الملك عبد العزيز والعائلة السعودية!. إلى آخر هذه الشروط السعودية التي قاومتها ورفاقي.. ورفض جمال عبد الناصر الموافقة عليها… وأسدل الستار على اللص الكبير، والامراء الاقذار. بعض صفات الجزيرة التي "سعدنوها"! أن ذلت جزيرة العرب ذل العرب.. وان ذل العرب ذل الإسلام … "النبي العربي محمد بن عبد الله" عشرات الكتب بل مئاتها لا تكفي لاعطاء القارئ صورة واضحة عن الجزيرة العربية وتاريخها المجيد الذي هو تاريخ ولادة العرب!. فمنها "تخرّج" العرب كل العرب ـ ومنها نقل ـ عرب الفراعنة ـ وغيرهم ـ حضارتهم التي خلّدها فنّ النحت في الجبال ، وتثبتها البيوت المنحوتة في مدائن صالح وجبال البدع وجانين، وغيرها… ولسنا الآن في سبيل ايراد الادلة الكثيرة على هذا انّما في سبيل اعطاء القارئ لمحة خاطفة عن قلب الجزيرة العربية وتضاريسها وطبوغرافيتها ابتداء من ساحل البحر الاحمر، متجهين غربا وشمالا حيث يتناهي بالعراق وبادية الشام والاردن، ولا نريد التعدي بعيدا لكيلا نعرض جوازاتنا "جوازات السفر" في هذه "الحدود القذرة" التي حددتها ارادة الاستعمار الانكلو صهيوني الرجعي للجزيرة العربية والاقطار الاخرى ـ متحدية ارادة العرب الذين تحولوا من شعب ودولة واحدة إلى دويلات هزيلة تزيد عن العشرين يبصق الصهاينة في وجوه سكانها بكرة وأصيلا!… وانتهت جزيرة العرب من أم للعرب ـ إلى أرث للرجعية والامريكان العابثون بعض هذه الجزيرة وطولها… الجزيرة التي اقتطعتها الانكليز وحدّدوا حدودها لعبد العزيز كجزء من ممتلكات أجداده المزعومة التي ورّثها بشعبها "المسعدن" لأولاده… أولا العاهرات… أجل… لقد أعطى الانكليز لآل سعود كل ما في جزيرة العرب من نبات وثروات وحيوانات ومخلوقات وأرض وسماوات ورمال وحشرات، وخطط لهم السير برسي زكريا كوكس اليهودي حدودهم ابتداء من امتداد ساحل البحر الاحمر بطول سهله الساحلي المختلف المساحة بين منطقة وأخرى، وهي مساحة يزيد سهلها جنوبا عن أربعين ميلا ثم ينحصر تدريجيا كلما اتجهنا إلى الشمال فيبلغ عرضه ثلاثين ميلا اعتبارا من جيزان إلى الليث، ويضيق إلى عشرة أميال عند الوجه، ثم ما يلبث أن يستوي تماما عند خليج العقبة، وهذا السهل الساحلي من جنوبه إلى شماله، يطلق عليه اسم: التهائم، أي المنخفضات، وتكثر فيه السبخات الواسعة والحرّات الكبيرة… وفيما وراء هذا السهل إلى الشرق وترتفع سلسلة جبلية شاهقة تتخللها أودية جميلة من أهمها وادي الحمض… ولما كان انحدار هذه السلسلة شبه عمودي نحو الغرب فقد نجم عن ذلك أن الوديان تجرف في طريقها كثيرا من الطمي وتلقي به قبل مصبها على السهل الساحلي مما يميز الأرض هناك بقابلية مدهشة للزراعة… ومن جملة هذه الاودية أيضاً: وادي ينبع ووادي فاطمة، وفي عسير وادي اتود ووادي بيشة. أما بالنسبة للحاجز الجبلي الشرقي الذي اشتق اسم الحجاز منه ويطلق عليه اسم السروات فانه يبدأ جنوبا في عسير بارتفاع قدره 9000 قدم، ثم ينخفض إلى ثمانية آلاف بالقرب من مكة، ومن ثم إلى أربعة آلاف قدم غربي مهد الذهب، وهكذا حتّى يبلغ ارتفاعه أخيرا ثلاثة آلاف قدم عند المدينة، ويستمر شمالا على هذا النحو من الارتفاع. وإلى الشرق مباشرة من هذا الحاجز الجبلي العظيم تبرز مرتفعات نجد التي يتراوح علوها ما بين الستة آلاف إلى أربعة آلاف قدم وتنخفض عند منطقة (العُلا) إلى 2200 قدم تقريبا حيث تتناهى برمال الدهناء التي تطل بدورها على الخليج العربي… وتتصف منطقة الدهناء هذه بكثرة الثنايا والتجاويف، المسببة عن الانهيارات الجيولوجية المتلاحقة. ومن جهة أخرى تتناهى مرتفعات نجد بمنطقة يتخللها وادي الدواسر وتحاذي صحراء الربع الخالي. واما من الجهة الشمالية فان سهول نجد الواسعة تمتد إلى ما يزيد عن 1000 ميل داخل حائل وحتى الجوف، وتتصل "بحدود" العراق والاردن… ويجدر التنبيه انّه عندما نذكر سهول نجد، فان هذا لا يعني أن المنطقة كلها عبارة عن بطاح مستوية من الأرض فهناك الجبال الشاهقة التي تتواجد كلها عبارة عن بطاح مستوية من الأرض فهناك الجبال الشاهقة التي تتواجد بين شعابها النخيل والاشجار وينابيع وعيون المياه العذبة في قراها ووديانها رائعة الجبال وارتفاع الجبل ومنها جبال أجا وسلمى في حائل، ومن هنا يتضح أنه لم يطلق اسم (نجد) جزافا، إلاّ لكونها مرتفعة وتكثر في نجد المرتفعات الجبلية كمرتفعات العارض والعويرض وسلسلة جبل طويق التي تمتد من الجنوب الغربي في اتجاه شمالي غربي، عبر "رمال النفوذ"… والنفوذ عبارة عن تلال رملية على شكل السنة متموجة وتكثر في أماكن متفرقة في وسط نجد وشمال حائل، كما تتفرع نفوذ الرمال عن الربع الخالي من ناحيته الشرقية والغربية وتمتد باتجاه الشمال حتّى تجتمع كل هذه الالسنة والتلال الرملية فيما يسعى بالنفود الكبير.. ولهذه النفوذ جمالها الخلاّب ونباتاتها الخاصة بها، وتكثر النباتات مع كثرة الامطار في الشتاء وتسكن القبائل في النفوذ شتاء لتتمتع ومواشيها بالدفء والمرعى. ومن أشهر نباتات النفوذ "النصي والصبط" وتأكله المواشي، والحمّصيص ـ وهو نبات هش الاوراق حامض لذيذ المذاق ويأكله البشر عند الحاجة والمواشي ويستعمل مع الجهق ـ الجرجير الصحراوي ـ كأحسن نوع من أنواع السلطة الصحراوية!. وهنالك أماكن من منطقة نجد تخللها السبخات الكثيرة والتي يظن بأنها كانت تؤلف بحرا داخليا في الازمنة الجيولوجية الغابرة… أما ارتفاعات نجد فقد سجل البارومتر عددا من ارتفاعاتها تتراوح بين 2800 قدم في حائل و1800 في الرياض، وبين هذين الحدين الاقصى والادنى تقع عدة ارتفاعات مختلفة… وهناك تلال تتخلل هذه السهول العظيمة وكذلك هضبات طويلة بعلو 100 إلى 200 قدم تشكلت بفعل الانهيارات التي تسير باتجاه إجمالي من الشمال إلى الجنوب قرب جبال العويند وكذلك بين الرياض والخرج وجبال طويق في خط مواز مشابه أيضاً، ولكن إلى الغرب من الخرج والافلاج… واضافة إلى ما سبق عن وصف ظاهرة النفود نضيف معلومات أخرى عن النفود الكبير أو (نفود ضاهي) الممتد شمالا من الصحراء الفسيحة من الربع الخالي إلى الجوف قرب خط عرض 30 شمالا حيث تقترن بالدهناء. ويتراوح العرض من 100 ميل غربي السليّل إلى 25 ميلا قرب مَرات، ومثل ذلك قرب عنيزة وبريدة. ثم للشمال وللشمال الغربي من حائل بأراض يبلغ طولها 250 ميلا. وأعظم عرض له حوالي 170 ميلا وذلك جنوبي الجوف. وطوله من السليل على الحافة الشمالية من الربع الخالي حوالي 800 ميل. وفي النفود قمم رملية متعددة عظيمة متوازية تتخلها بقايا الصخور التي عصفت بها الرياح، والتي تشكل على العموم أرضا منبسطة من حجر الجير. وكثبان الرمال تشبه البحر، وتدل على اتجاه الرياح السائدة بتلال وخلايا واسعة من الرمال تشبه الامواج المتكسرة على الشواطئ، وقد ترتفع هذه التلال حتّى تصل إلى علو 100 قدم وأخرى بعلو 20 أو 30 قدما. وفي حالات كثيرة توجد انحدارات طويلة تدريجية جميلة كأمواج البحر يعلوها على طولها تموجات معترضة ولكنها صعبة جدا على عجلات السيارة عند السير عليها. سهلة للشخص المنحدر صعبة على الطالع… والدهناء سلسلة عظيمة من التموجات الرملية والانهيارات عرضها من 25 إلى 60 ميلا من حجر الجير الذي يبتدئ من الجهة الشرقية، من حدود العراق وإلى أسفل حتّى الربع الخالي مؤلفة شكلا هلاليا وأرتفاعها على العموم 1200 قدم في أم عقلة على الجانب الشرقي من الدهناء و1700 قدم في بئر رماح على الجانب الغربي. ومن الجانب الشرقي من الدهناء تنحدر تدريجيا إلى مستوى البحر على طول الخليج العربي، وهنالك الكثير من التموج والتفكك البسيط في هذه المساحة الفسيحة، وتشتمل على القباب لتجمع الزيت التي يمارس فيها جيولوجيو شركة أرامكو الامبريالية الأميركية للبترول ـ حرفتهم ـ الاحتكارية لاستثمار الزيت وسرقته في أماكن كثيرة منها حيث تكثر حقول البترول المنتجة. وتبدو واضحة في هذه المساحة العظيمة الرسوبية المنحدرة التي تقع في اتجاه الشرق كثير من الجزر الجيرية مغطاة بصخور متفككة حديدية أو برواسب من هذه الجزر. وفي جملة أماكن ترى الطبقات السطحية الناعمة متآكلة وراءها سطحا معلقا أصفرا أو أحمرا داكنا. وقد وجد أنه يصلح استعمالها في الشارات الدالة على الطرق في المناطق التي تقل فيها حجارة معالم الطريق… حيوانات الجزيرة العربية إذا استثنينا بعض الحيوانات الحاكمة ومشتقاتها من الحيوانات الناطقة في الجزيرة العربية التي هي أكثر سوء وأدنى مستوى من الحيوانات المتوحشة الجمادة نقول: ان الجزيرة العربية "كانت" تعنى بالحيوانات عناية تامة كاملة، ذلك لان الحيوانات كانت ـ وما تزال ـ تعد أقل شرا من حكام الجزيرة العربية بالاضافة إلى كونها من أهم ثروتها لا سيما الاغنام والابل والخيل التي كانت الوسيلة الرئيسية للمواصلات بين فيافي الجزيرة وصحرائها حينما سمي الجمل قديما بسفينة الصحراء، والخيل ـ قديما ـ عدة الحرب والدفاع ودروع الوطن، رغم أن هذا الدور قد ألقي الان، وكان في الاغنام، المأكل والمشرب والكساء قبل أن تصبح الجزيرة العربية أكبر مستودع للبضائع الامريكية ومنسوجاتها… ومن الاغنام الموجودة في الجزيرة العربية ما يعرف باسم: الأغنام النجدية، وخاصة ما يعيش منها في شمالي نجد وحائل، وهي شبيهة بالعجول من حيث الضخامة، وهذا النوع من أجمل أنواع الاغنام شكلا وضخامة وتمتاز بطول الشعر وجودة لحومها وألبانها ومما لا شك فيه أن لجمال المناخ وطيب المرعى أثرهما في تكوينها ومن هذا المرعى ما يعرف باسم "الحمض"… ويندر وجود مثل هذه الاغنام في العالم.. إلاّ أنه قضى أو يكاد يقضى عليها نهائيا، فأكلة لحوم الاغنام من البشر أكثر من الاغنام نفسها حيث يزيد ما يذبح يوميا عن نصف مليون منها على الاقل، والاسراف في ذبح مثل هذه الانواع النادرة من الاغنام تعتبر من علامات الجهل الواضح خاصة في أيام الحج الاولى حيث يذبح من الاغنام دون تمييز بينها ما لا يقل عن ثلاثة ملايين رأس . منها ربع مليون تقريبا يرميها جهلة الحجاج الذين لا يدركون معنى الحج أساسا إلاّ أنه كسب المصالح الانانية لهم في الدنيا والآخرة أيضاً!، ولو أن لديهم معرفة بروح الدين لما حجوا أصلا اتباعا للنبي العربي محمد بن عبد الله الذي خرج من مكة ولم يحج إلاّ حجة واحدة هي حجة الوداع التي خرج قبلها النبي العربي محمد من مكة مهاجرا ولم يحج ولم يرجع إليها إلى بعد أن دخلها محررا لها من الظلم والاستبداد، لكن هؤلاء الحجاج لا يعرفون من الحج إلاّ ترديد الكلمات الجوفاء خلف صبيان المطوفين المأجورين ـ وبعضهم من القوادين الذين يصطادون بعض "الحجيّات" للامراء، ويرددون أدعية لو سمعها محمد بن عبد الله وعمر بن الخطاب وخالد وطارق وعلي بن أبي طالب وصحبهم لما أثارت أي حماس في قلوب أولئك الذين حرروا ثلاثة أرباع العالم!… ثم ما معنى ذبح مثل هذه الخراف ورميها في صحراء منى!، يقول البعض ان طريقة ذبح ملايين الخراف كل عام وقذفها فطائس في صحراء منى تقليدا من الحجاج للسيد إبراهيم الخليل حينما غضبت عليه احدى زوجتيه وطلبت إليه ابعاد ابنه من زوجته الثانية هاجر واسمه إسماعيل فأخذ سيدنا إبراهيم ابنه إسماعيل ـ ارضاء لزوجته الغالية ـ وأبعده مع أمه إلى صحراء مكة ولم يكتف سيدنا إبراهيم بهذا بل رأى في المنام أنه يذبح ابنه وفسر حلمه بنفسه دون رجوع منه إلى أي مفسر للاحلام فأخذ ابنه إسماعيل إلى منى ليذبحه تنفيذا لحلمه الثقيل، ورغم أن القرآن الكريم ـ وهو الكتاب الأول للتشريع في الإسلام ـ لا ينص على أن يذبح كل حاج ذبيحة ويرميها في الصحراء لتصبح مجلبة للوباء، ولم ينص على أكثر من أن إسماعيل قد افتداه والده إبراهيم "الحلمان" والذي ربما أراد التخلص منه ارضاء لزوجته المصرية فأدركه عطف الابوّة فافتداه بذبيحة عظيمة (وفدينا بذبح عظيم) ولم يقل ان الذبيحة انزلت من السماء. إلاّ أن هناك احاديث ينسجها البعض من خيالهم بقولهم: (وقبل تنفيذ ذبح إبراهيم لاسماعيل بلحظة أنزل الله على إبراهيم كبشا من السماء وهو الكبش الذي ترى آثار جرّه لا تزال موجودة في السماء حيث سمّيت فيما بعد باسم المجرّة لان الله سبحانه قد جرّ الكبش منها أثناء رميه من السماء إلى إبراهيم في الأرض ليفتدي به ابنه إسماعيل فذبح سيدنا إبراهيم الكبش بديلا عن ابنه). هكذا يقول بعض المفسرين السعوديين دون الرجوع للمعنى الحقيقي الفاضل والمقصود من ذلك.. وابراهيم ـ على فكرة ـ يدعي اليهود أنه منهم وان لهم الفضل في انشاء الكعبة وزمزم، والتاريخ يقول: ان إبراهيم من العرب… ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن والحجاج ما زالوا يذبحون خرافنا كل عام، والخراف تنقرض بملايينها أو بما لا يحصى بقيمة من بلايين البلايين من العملات وبلايين البلايين من الخراف، دون أن ترقّ قلوب الجهلة من الحجاج الذبّاحين لرفض هذه الخراف أن تذبح بالرغم من أنها لا تملك من وسائل التعبير إلاّ كلمة "ماء.. ماء.. ماء.." ولعلها بهذا ـ الماء ـ تعبّر هذه الخراف عن الرفض الذي لم تعبر عنه الخراف البشرية آكلة اللحوم البريئة. اي ـ لعل هذه الخراف تقول: لا (ما نريد أن نذبح: بيد خراف بشرية ناطقة كان من المفروض لها وعليها أن تُذبح هي ـ لو لم يذبح إبراهيم واحدا منا قبل آلاف الاعوام، فافتديناها وافتدت نفسها بذبحنا).. هذا هو التفسير الحقيقي لرفض خرافنا أن يذبحها خراف مثلها في معركة خاسرة وغير متكافئة مع الخراف، أما تفسير مشايخ الدين السعودي فهو (ان الخراف حينما تقول ِـ ماء ـ فانما هي موافقة على الذبح انّما تطالب باسقائها "ماء" قبل ذبحها ولذلك لا يجوز ذبح الفدية والذبحية قبل اسقائها "الماء"!) كذا. .. وهناك تفسير سعودي آخر يقول: (ان الخراف حيث تثغى بقولها "ماء" فان كلمة "الماء" هذه ما هي إلاّ جزء من كلمة "ما شاء الله كان!" و"مالم يشأ لم يكن": ويعني أن الخراف موافقة على الذبح)!. ويزعم تجار الدين السعودي انّه لا سعة في الدين مطلقا لافتداء هذه الخراف بغيرها من المأكولات الاخرى ، ـ كالدجاج مثلا ـ الذي هو أيضاً من خلق الله الصامت، اضافة إلى أنه يمتاز عن الخراف بكونه يبيض، ويمتاز ذكوره عن البشر بكونهم يؤذنون في كل أوقات الصلاة انّما بدون مكبرات صوت وبدون أجر مادي كغيرهم ممن لا يدفع لهم الاجر.. قصدنا من ذلك التماس الرحمة لهذه الخراف المسالمة المسكينة الآليفة واستبدال ذبحها أيام الحج على الاقل بغيرها من الحيوانات الحاكمة الظالمة… وقد يتأكد زعم هؤلاء أيضاً: (انّه لو ينزل الله الكبش على سيدنا إبراهيم لكان إبراهيم قد ذبح ابنه إسماعيل وبذلك أصبح يفرض على كل حاج أن يأتي بابنه الغالي فيذبحه اتماما للحجة الاولى ثم يذبح ابنه الثاني في الحجة الثانية ـ والثالث في الحجة الثالثة، حتّى يفنى أبنائه… أما من ليس لديه أبناء فيشتري من سواه أبناء ليذبحهم، أما من لديه اناثا ـ فان كل انثيين تساويان ذكرا نظرا لكون إسماعيل ابن إبراهيم من الذكور!… فاحمدوا الله الذي نزّل الخروف من السماء على إبراهيم لكيلا يذبح الرجال بعضهم بعضا اقتداء بنبي الله إبراهيم الخليل)!… هكذا أفتى البعض من جهلة الدين السعودي.. مؤيدا لهذا الاسراف في اعدام الاغنام عندنا حيث أفنيت الانواع النادرة منها وغير النادرة واصبحت البلاد تستورد الاغنام ببلايين العملات بدلا من ايقاف هذه المجازر واتاحة المراعي والمزارع لتربية الاغنام النادرة النجدية الشهيرة وغيرها، والتبرع بقيمة خراف (الافدية) التي يذبحها الحجاج زاعمين (أن الله لن يغسل ذنوبهم ولن يقبل حج أحدهم منهم ما لم يذبحوا هذه الخراف) فلو أن قيمة هذه الخراف تدفع للمجاهدين لتحرير أوطانهم لكان أفضل، لكون الجهاد أفضل شئ نصل عليه الإسلام… ولقد تقدم أحد المواطنين لانشاء شركة لتعليب لحوم ذبائح الافدية بدلا من ذبحها وتركها في الصحراء ففتى مفتي الديار السعودي محمد بن إبراهيم قبل موته بأن تعليب الافدية يتنافى مع الإسلام!. لكنه حينما تقدم ابن الملك فيصل يطلب الفتوى بانشاء شركة لتعليب اللحوم هذه أفتى محمد بن إبراهيم مفتي الديار والاشرار نفسه وهو على فراش الموت قائلا: (ان تعليب لحوم الافدية جائز على أن يشرف عليه منتدب من قبلنا من علماء الدين!.) وكان يقصد بذلك أن يكون للمفتي أسهما في شركة التعليب!… هذا هو رأي تجار الدين السعودي، أما رأي الدين السمح فهو يرفض استغلال هذه الذبائح ويرفض تعليبها للمتاجرة ويرفض ذبحها أساسا لكونها كانت تذبح في الاصل لاطعام الجياع والمسلمين الذين يجتمعون في هذا المؤتمر العالمي العظيم (الحج) كل عام بحيث يساهم كل عضو في هذا المؤتمر العالمي "الحج" بذبيحة فيقتات الحجاج على لحوم ذبائحهم المشتركة، وليس هناك تفسير سوى هذا…. أما من ناحية الابل والخيل فقد بدأت بالانقراض هي الاخرى، علما بأنه لا يوجد في العالم ما يشابه بعض أنواع الابل والخير في الجزيرة العربية، لا من حيث جمال الشكل ولا من حيث سرعة هذه الابل والخيول وأصالتها ولا من حيث كثرة تعدادها، إذ أن كل الابل والخيول النادرة في العالم يعود أصلها للجزيرة العربية لكونها منقولة منها أصلا إلى أصقاع العالم على مر السنين والفتوحات… أما الان فقد حل محل الحمير والابل والخيول الاصيلة أفخم السيارات الامريكية التي أصبحت بلادنا من أكبر بلدان العالم المستوردة لا للسيارات فقط بل وللبضائع الامريكية أيضاً… أما الحيوانات المتوحشة ـ غير الناطقة ـ وغير المتحكمة في الجزيرة العربية طبعا ـ فمنها: الظباء والوعول والذئاب والقردة والنمور والفهود والارانب البرية والثعالب والوبر والنيص واليربوع والضب والضربون. وكافة الطيور الجارحة والانيسة المعروفة وغير المعروفة في البلاد العربية لها في الجزيرة العربية وجود لكن الفنص السعودي والمجاعات البشرية قضت عليها… ومن الحشرات المأكولات اللذيذة في مواسم الشتاء وخاصة في نجد (الجراد!) لكن شركات الجراد الاستعمارية تعمل جادة للقضاء عليه لان الجزيرة من أكبر مصادره… بل وللقضاء على الابل والاغنام حينما تقذف الشركات بسموم الجراد على المراعي بحجة مكافحة الجراد فتأكلها الماشية فتموت… فيجلس أبناء البادية على بساط الفقر فيموتون جوعا أو يهربون إلى الاقطار المجاورة، وبذلك الهروب أو الموت تربح السعودية وشركات البترول الامريكية والاجنبية من عدم تجمعهم في أماكن معينة تستثار القبائل فيها فيطالبونها بالحريات المطلقة وبالتحضر وبالعمل. امكم النخلة فاكرموها "حديث شريف" ليس هناك احصائية دقيقة للنخيل مهما قيل أو نقل عن احصاء "الخراصين" الذين قال عنهم القرآن وعن تخبطهم وتخرصاتهم (قُتل الخرّاصون الذين هم في غمرة ساهون)!… إلاّ أن عدد النخيل في قلب الجزيرة العربية كان يقدّر بما يزيد عن ـ 50 مليون ـ نخلة وتتكاثر هذه النخيل في نجد ـ كالرياض والقصيم ووادي الدواسر والوشم ووادي بيشة وحائل وقرى هذه المدن وفي الجوف وسكاكا وبعض مناطق عسير وتهامة وكذلك المنطقة الشرقية: كالاحساء والقطيف ومدنها وقراها مثل صفوة وأم الساهك وسيهات وغيرها، وكذلك في الجبيل وغيرها وكذلك في المدينة… ولهذه النخيل أكثر من 600 تسمية محلية ولكن من طلعها طعمه المختلف عن الاخر. والمتتبع لتاريخ الهجرات العربية من جزيرة العرب يثبت له أن أصول النخيل كأصول العرب وأن معظم أصل النخيل (الاصيلة) في مصر والعراق ومناطق الخليج والبلاد العربية الاخرى كالجزائر وليبيا والمغرب وأجزاء أخرى من العالم انّما انتقلت بواسطة النازحين الاوائل من العرب من قلب الجزيرة العربية إلى هذه الاقطار… وقد يغضب بعض الاخوة العرب في هذه الاقطار العربية لهذا القول تعصبا منهم لاقطارهم بدعوى أن تلك النخيل في أقطارهم انّما نبتت ذاتيا من تلقاء نفسها في بلدانهم!، فأقول لهم: كلا.. انّه ليست النخيل فقط هي التي نقلت من الجزيرة العربية إلى أقطارهم بل أنه حتّى هؤلاء العرب الموجودين أنفسهم في الاقطار العربية الاخرى قد انتقلوا أو شردوا من الجزيرة العربية فعرّبوا هذه الاقطار ومع ذلك فقد أنكرت سلالاتهم للجزيرة العربية ـ الأم ـ فضلها، فلم يذكرها معظمهم إلاّ من خلال ذكر حكامها وما يدفعونه من عملات… ولمن لم يكن من الجزيرة العربية ـ أصلا ـ فليس عربي ـ الاصل ـ حتّى وإن عرّب لسانه ـ اللهم بقدر ما يقدمه للجزيرة العربية ـ الأم ـ وللعروبة ـ الوطن ـ من أعمال حسنى...

المياه والغابات … في الجزيرة العربية ان الاودية وصخورها، والدحول ـ وهي عبارة عن أنهر صغيرة جوفية مسقوفة بطبيعتها جارية في بعض صحاري نجد تحت قشرة أرض الصحراء ـ هذه الاودية أو الصخور والدحول، تثبت أنه كان هناك أنهارا ضخمة في الجزيرة العربية فاندثرت باندثار تلك الغابات الكثيفة من الاشجار التي أكد علماء طبقات الأرض "الجيولوجيون" عن وجودها في الجزيرة العربية وأثبتت الآثار الموجودة في المنطقة ذلك، كما أثبتت الآثار وجود حضارة عربية قديمة متقدمة جدا في الجزيرة العربية، وحينما اندثرت تلك الحضارة والانهار والغابات والسدود بفعل الزلازل ونكبات الطبيعة انتقل العرب المتحضرون إلى أنحاء الوطن العربي وأقاموا حضارات في وادي النيل والعراق والشام ـ الكبرى ـ سوريا فلسطين الاردن وبعلبك في لبنان، وتعلم منهم العالم، والرومان والفرس خاصة، ثم عاد قسم كبير منهم إلى حياة البادية والتشرد في الصحراء ثم دتهم ـ حاجة الدفاع عن النفس ـ للتكتل القبلي ليحمي بعضهم بعضا، وتتابعت النكبات على الجزيرة العربية بوجود عدد من الحكام آخرهم آل سعود عملوا على ابادة الحضر والحضارة، وأبادوا الكثير من البادية واعتبروا أن كل أثر يرمز للحضارة محرّم إلاّ إذا كان مستوردا من أمريكا وبريطانيا والغرب… أما عن الانهار الان فانه لا يوجد أي نهر في الجزيرة العربية وكل الاراضي تروى من الآبار والعيون الجارية والحائرة، ويمكن تقسيم المياه ومواردها تبعا للمؤثرات الجوية والتكوين الجيولوجي إلى أربع مناطق: 1 ـ المنطقة الجنوبية الغربية. 2 ـ المنطقة الشمالية والوسطى. 3 ـ منطقة عين هيت وعيون الافلاج والخرج. 4 ـ منطقة الاحساء، بما فيها القطيف والجبيل وغيرها. ومصدر المياه في جميع هذه المناطق هو الامطار والابار الجوفية وبعض العيون، وليس هناك أنهار تروي الأرض. المنطقة الاولى: وهي الجنوبية تبتدئ من بلدة الليث القديمة إلى جنوب الحجاز وعسير ونجران ووادي الدواسر ووادي بيشة والسليّل. وكل هذه الاراضي تعتمد في سقي أراضيها على السيول المتكررة والمياه المنحدرة من الجبال، وفي شمال بلدة الدرب أودية كثيرة تموّن مياهها وسهولها جميع الاراضي المجاورة لها. وعيون نجران مشهورة بغزارتها، ولكن السعودية لا تشجع السكان على الاستفادة من مياهها والفائدة لا يجنيها إلاّ حكام آل سعود من آل السديري وغيرهم… وفي وادي الدواسر وبيشة دلت الظواهر الطبيعية وشكل حجارتها والصخور المبعثرة في مسايلها، وبعد ذلك دلت البحوث، على وجود مياه غزيرة وسيول جارفة… وفي منطقة السليل لا يبعد الماء كثيرا عن سطح الأرض… المنطقة الثانية: وهي المنطقة الشمالية الغربية والوسطى تشمل أقليم الحجاز الشمالي واقليم نجد كله والجزء الغربي من الاحساء… ومن أهم موارد المياه في الحجاز وادي فاطمة المشهور بغزارة المياه، ومن مياهه تسقى مدينة جدة، أما مكة فانها تسقى بماء عين زبيدة، وقد أضيفت إليها في السنين الاخيرة عين حنين… ومنطقة الطائف تروى بالعيون والآبار، ولو عني بأمر سدودها القديمة وجددت لاصبحت من أهم موارد المياه في الحجاز. ووادي الحمض ووادي الجزل من الاودية المهمة في الحجاز، ويبتدئ لاول من أطراف المدينة والاخر يعتبر رافدا وادي الحمض، ويتراوح منسوب الماء فيهما تحت سطح الأرض بين 8 أقدام و12 قدما…. ومنطقة (خيبر) التاريخية منطقة غنية بالعيون التي تتفجر مياهها من حجارة الحرّة أو من المواد البركانية المتجمدة والممتدة إلى مسافات بعيدة… وكذلك منطقة (العُلا) الغنية بالعيون العديدة الجارية والغزيرة، الممكن تحويلها إلى أنهار صغيرة تسقى بها جنات غناء… ومن أعظم مصادر المياه في أعالي نجد: وادي الرمة، الذي يسقي معظم البساتين والنخيل في القصيم لا سيما منطقة عنيزة الممتدة على مسايل هذا الوادي وكثيرا ما يستفيد أهل القصيم وتلك الجهات من مياهه ـ سابقا ـ بواسطة مثاقب محلية ليفور منها الماء يعملها أهل البلاد بأيديهم ويستخرجون بها الماء كانها آبار ارتوازية إلاّ أن وسائل الحفر الان قد تطورت بجهود المواطنين، أما في منطقة بريدة فقد أصبحت المياه غزيرة وقريبة المنال بعد ان اجتهد الاهالي في البحث عنها. ولا فضل للسعودية في ذلك بل لقد ضايقت السعودية المواطنين لعرقلة جهودهم … وعلى العموم: فإن الفلاح في عموم المهلكة يعاني الضياع… أما مياه منطقة حائل وقراها ـ في شمال نجد ـ فتستمد مياهها من الابار الجوفية وبعض العيون الحائرة والجراية والتي لا تساعد السعودية على استثمارها سدته في وجوه القبائل… ويبلغ بعد الماء في الآبار عن سطح الأرض في حائل من خمسة اقدام في أسفل البلد (السويفلة) وكذلك في قرى جبال ـ طي ـ ويتراوح العمق في أماكن أخرى بين ثلاثين قدما إلى ثمانين قدما بصورة عامة… ونظرا لارتفاع حائل عن نجد عامة فان المياه القادمة من حائل وأعاليها تنساب منها ومن سواها إلى نجد ومنطقة الاحساء الشرقية… ومنطقة حائل وقراها مشهورة من قديم الزمان بطيب المراعي وجودة الاغنام وخصوبة الأرض التي تنبت كافة أنواع الفاكهة والخضار وأجود أنواع القمح ـ وخاصة في السويفلة ـ المشهورة بحنطة السويفلة ـ وكذلك أكثر من مائة نوع من التمور الممتازة … ويوجد في حائل وقراها التي تزيد عن الستين قرية ملايين النخيل لكن السعودية شجعت السكان على "ذبحها" وبيع بساتينهم أراض جرداء!… ومن أشهر هذه النخيل نخل "الحلوة" وتمره اللذيذ وغيرها من تمور النخيل المتعددة المذاق والاشكال والاسماء… وكذلك حال منطقة الجوف (دومة الجندل) الشمالية والمشهورة بتمر الحلوة وطيب الأرض والنخيل الكثيرة… المنطقة الثالثة: هي منطقة الخرج والافلاج وهيت. وتتكون قشرة هذه المنطقة المغطاة بالرمل في أكثر الجهات ـ من الصخور الرواسبية السريعة التفتت، التي تكونت في العصور القديمة على أثر تصدعات والتواءات، في قشرتها شقوق وصدوع. وأخذت مياه منحدرات سلسلة جبل طويق والاراضي التي حولها تتسرب إليها من عروق الارض، كما أن جريان السيول فوق سطح الأرض ونزولها إلى هذه الشقوق أحالها من شقوق ضيقة إلى كهوف كبيرة أو آبار واسعة الفوهات. هذا ما يذكر في أسباب نشوء عين الخرج وعين الضلع وعين الحيسة وعين سمحة وعين الافلاج: كعين الرأل وعين شغب وعين البطين وعين هيت. المنطقة الرابعة: الشرقية ـ وتشتهر بغزارة المياه وبقربها من سطح الأرض نظرا لانخفاض الأرض… وقنوات وعيون الاحساء غزيرة المياه تنفجر من مائة عين منتشرة في كافة الاحساء كل منها يحمل اسما خاصا منها عين الحقل، يقدر تفريغها في الدقيقة بـ 22500 جالون وعين الخدود، والمعدنية، ومياهها معدنية، وهي من أكبر عيون الاحساء وتتدفق منها المياه بمقدار 105 متر مكعب في الدقيقة، والعين الحارة ومياهها معدنية، وعين أم سبعة يقدر تفريغ كل واحدة منها في الدقيقة 20.000 جالون، وعين الجوهرية تفريغها في الدقيقة 3000 جالون، وهذه العيون حارة المياه شتاء وباردة صيفا!، وتتراوح نسبة الاملاح فيها ما بين 1200 ـ 1470 جزءا من المليون. وتعتبر هذه النسبة مرتفعة نسبيا غير أنها تصلح للشرب والري على السواء، لخلوها من الاملاح الضارة. يستحم فيها الرجال والشباب والاطفال… أما النساء فقد خصصت لهن غرف وعند منبع العيون الكبيرة، وخاصة المعدنية منها، تكونت بحيرات واسعة مستورة تمر المياه من تحتها عبر قنوات خاصة… تستأجرها العائلة فتقضي فيها يومها. وقد جرت تعديلات لأحوال هذه العيون فيما بعد. وتشتهر الاحساء وغيرها في المنطقة الشرقية بغابات النخيل الكثيفة، وأكثر تمور العراق مشابه طعمه لطعم وشكل التمور في الاحساء والقطيف مما يدل على أن معظم النخل في العراق قد نقل من شرقي الجزيرة العربية مع المهاجرين الكثر وباستمرار إلى البصرة والعراق بوجه عام اما اتباعا للثائر العظيم علي بن أبي طالب وأبنائه وصحبه الذين خرجوا من الجزيرة العربية لتحرير العراق آنذاك واستشهدوا هناك، أو هربا من جور الحكم السعودي. والمياه في الاحساء وفي المنطقة الشرقية عامة متقاربة الغزارة لبعضها، إلاّ أن الاحساء تمتاز بوفرة المياه أكثر من غيرها… والمنطقة الشرقية تحتوي على عدد من المدن الرئيسية التي أصبحت نهبا لآل سعود وأتباعهم ومنها: 1 ـ الاحساء. 2 ـ الخبر، وفيها ميناء هام اقامة الامريكان لاستعمالاتهم الخاصة والحربية والنفطية. 3 ـ الدمام، وفيها ميناء أهم من الخبر لشحن البترول واستيراد البضائع ويستخدمه الامريكان كميناء حربي، كما يستخدم الامريكان غيره من الموانئ. 4 ـ القطيف، وهي معروفة بكثرة نخيلها ومياهها، وفيها ميناء قديم، وكانت من المراكز التجارية، ويتبع لها عدد من القرى التي أصبح بعضها من عداد المدن مثل صفوة وسيهات وأم الساهك وعنك ودارين وغيرها. 5 ـ الجبيل، وكانت هذه المدينة من أهم الموانئ التجارية سابقا، إلاّ أن السعودية أهملتها وعادت أخيرا اللاهتمام بها وبالميناء لاغراض حربية أمريكية، وانشاء ما يسمى "مدينة الجبيل الصناعية" التي ادعى الامير سلطان ملكيتها زورا فدفعت له حكومة اخوته آل فهد مبلغ تسعة آلاف مليون ريال سعودي !… أما المدن البترولية الكبيرة في المنطقة الشرقية فهي: 1 ـ ابقيق، ويتبعها عدد من المراكز البترولية والعمالية… كغيرها من المناطق الاتية الذكر. 2 ـ الظهران، وفيها قاعدة الظهران الامريكية الحربية ومطار الظهران المدني الحربي. 3 ـ رأس تنورة، وفيها ميناء أمريكي كبير لشحن البترول وهو ميناء حربي في الوقت نفسه.. إلى غير ذلك من مراكز البترول التي هي أصغر من هذه المدن الكبيرة الثلاث، ولو أن بعضها قد تزيد أهمية عنها من الناحية البترولية وتأدية الخدمات الحربية الامريكية. ومدن المنطقة الشرقية وقراها متقاربة من بعضها من حيث المسافة، وهي في هذه الناحية تمتاز عن بقية مدن الجزيرة العربية المتباعدة عن بعضها، فالمسافة مثلا بين الاحساء وابقيق تقارب الـ 70 كم، وكذلك بين ابقيق والظهران، وكذلك بين القطيف ورأس تنورة والجبيل تقريبا، أما بين مدينتي الخُبر والدمام والظهران ففي حدود الـ 18 كم. ومن الاراضي المعروفة بغزاة مياهها في هذه المنطقة واحة يبرين الواقعة على حافة الربع الخالي. وكان الربع الخالي يعرف قديما برملة بيرين. وفي هذا "الربع الخالي" قامت حضارات قديمة وجنات غناء ذكرها التاريخ والقرآن باسم (جنّات عدن) لكن "جنات عدْنٍ" هذه قد استخدمت مرارا ضد (عدن) ومدن وقرى اليمن الديمقراطية، وما تزال تستخدم… وفي "الربع الملئان" بالبترول وآبار البترول أشادت وتشيد أمريكا قواعدها ومطاراتها العسكرية… ولذلك ومن أجل تعطيل الركب الانساني والحضاري يعمل الاستعمار الامريكي لدعم آل سعود، ويزيد ضخ البترول حتّى أصبحت الجزيرة العربية المصدرة الاولى في العالم للنهب الاسود… وياليت آل سعود اكتفوا بنهب البترول وحده… لكنهم اتجهوا لمصادرة كل أراضي الجزيرة العربية وفرضوا بيعها للمواطنين بأثمان باهظة لا تقدر بالالاف والملايين بل بالمليارات. ملحق كيف اغتال آل سعود عبد الله بن المتعب ومحمد بن طلال آل الرشيد بالرغم من أن "الفتى" عبد الله المتعب آل رشيد قد سلم نفسه لابن السعود، وترك دست الحكم في حائل فآثر الالتجاء إلى عدوه اللدود عبد العزيز آل سعود تجنبا لحدوث ما يكرهه ابن متعب وهو: أن يقدم على قتل ابن عمه محمد الطلال أو أن يقتله ابن عمه ابن طلال ـ الذي حل محله بعد التجاء ابن متعب لعدوه ـ إلاّ أن آل سعود الذين عرفهم الناس بالحقد الاهوج، أخذوا يتربصون بابن متعب، رغم كونه قد أتاهم بنفسه ولم يأسروه أسرا.. ففي ليلة 16/6/ 1946 م قام أمير الرياض ـ ناصر بن عبد العزيز آل سعود ـ باتفاق مسبق مع والده عبد العزيز ، بتوجيه الدعوة إلى كل من عبد الله المتعب آل رشيد وابن عمه سعود بن سعود آل رشيد وعدد من أمراء آل سعود، وكانت الدعوة في بستان أمير الرياض المذكور، وفي تلك الليلة فوجئ عبد الله المتعب بدعوة أمير الرياض والحاحه عليه، وفوجئ المتعب أكثر حينما وجد عددا من النساء المومسات في ضيافة أمير الرياض، كما فوجئ المتعب باحضار أمير الرياض لعدد من قوارير الويسكي… وأخذت الكؤوس تدار للحضور، فاعتذر عبد الله المتعب عن الشرب، وقد تشكك في الامر، إلاّ أن الامير ناصر ـ أمير الرياض ـ ألح عليه "ورجاه " أن يأخذ ولو كأسا واحدة، كما تدخل عدد من الامراء السعوديين ورجوه بالحاح أن يشرب، وكان من ضمنهم الامير فيصل (الملك فيصل لاحقا) .. فأخذ ابن متعب كأسه.. وكانوا قد وضعوا في كأس عبد الله المتعب السم ضمن الويسكي وكذلك وضعوا السم في كأس المومستين.. أما كاسات بقية الامراء فلم يكن بها غير الويسكي "الزلال"… كما قدموا كأسا ثانية لسعود آل الرشيد الذي حضر مدعوا مع ابن عمه عبد الله، إلاّ أنه رفض، وكانوا يريدون الحاقه بابن عمه المتعب وأديرت الكؤوس فدارت الرؤوس وتحول الامراء إلى تيوس وخلال ساعة واحدة، أحس عبد الله المتعب بالمغص في بطنه واشتد الالم عليه، وكذلك اشتد المغص في معدتي المومستين… ولم يسعفه الامراء ولم يستدعوا له الطبيب بل تركوه يعاني آلامن النهاية، وبعد أن تأكد الامراء من أن السم قد بلغ مرماه وتشربه الجسد، نقلوا كل من عبد الله المتعب والمومستين إلى بيوتهم، وما هي غير ساعات حتّى قضى الثلاثة نحبهم، وشاع الخبر في الرياض، فافتعل الملك عبد العزيز آل سعود الغضب كعادته في مثل هذه المؤامرات الغادرة، ولاتمام تمثيلية المأساة، أمر الملك عبد العزيز بعزل ابنه "ناصر" عن امارة الرياض وصادر بستانه، ثم عين مكانه الامير سلطان بن عبد العزيز أميرا للرياض، رغم أن الامير سلطان كان ضمن الساكرين الحاضرين المتآمرين في "سكرة الموت"!.. ومن ناحية ثانية آثار عبد العزيز "مشايخ الدين السعودي في الرياض" لاخراج عبد الله المتعب آل رشيد بمظهر (الكافر المشرك الملحد الذي تحرّم الصلاة على جنازته ويجب أن يدفن بدون صلاة!). وألصقوا قصة موته بموت المومستين زاعمين كذبا "أن المومستين صاحبتين" لعبد الله المتعب.. وبعد أيام بدأوا بالعمل للتخلص من ابن عمه سعود السعود آل رشيد وأخاه عبد العزيز آل رشيد، فاضطر للهرب من الرياض إلى العراق ملتجئين، فاهتز عبد العزيز آل سعود لحادث هرب سعود آل رشيد وأخيه إلى العراق واتصل بحكومة العراق طالبا تسليمهما لكن حكومة العراق رفضت … وبعد ذلك توجه ولي العهد السعودي ـ آنذاك ـ سعود بن عبد العزيز آل سعود إلى العراق، ودفع ثمانية ملايين دينار عراقي للاسرة الهاشمية في العراق بحجة أن هذه الملايين الثمانية هي "للتعويض" على الاسرة الهاشمية ـ عبد الاله واسرته ـ عن قيمة ممتلكاتها في الحجاز التي استولى عليها آل سعود حينما منحهم الانكليز العرش الهاشمي في الحجاز. وكان قصد السعودية من هذا الدفع هو رشوة عبد الاله واسرته كي لا يسمحوا بتحرك سعود آل رشيد وقبيلة شمر الموجود قسم كبير منها في العراق للعمل ضد السعودية من العراق.. وفي بغداد توفي عبد العزيز آل رشيد وبقي شقيقه سعود السعود آل رشيد حتّى الان في العراق يصارع الاسرة السعودية ويرفض مغرياتها!.. اغتيال محمد بن طلال آل رشيد بعد سقوط حائل واستسلام محمد الطلال آل رشيد، صحبه عبد العزيز آل سعود أسيرا معه إلى القصيم بطريقه إلى الرياض، وجرت عدة محاولات لتسميم ابن طلال واغتياله لكنه كان حذرا، وكذلك جرت محاولة من ولي العهد (الملك سعود فيما بعد) للاعتداء على بعض من أفراد عائلة ابن طلال في مسكن ابن طلال في الرياض، لكن ابن طلال قتل أحد "عبيد" ولي العهد سعود المرافقين "لسموه" ولحق ابن طلال بولي العهد لقتله، لكنه هرب.. وخلالها .. أقسم ابن طلال أنه سيقتل ولي العهد السعودي، مهما طال الزمن.. وعلى أثر ذلك حاول عبد العزيز آل سعود استرضاء ابن طلال ـ على الطريقة السعودية ـ فطلب أن يزوجه ابنته جواهر، فوافق ابن طلال وهو كاره، وبعد زواج عبد العزيز آل سعود بابنة ابن طلال، أمر عبد العزيز طبيبه الخاص مدحت شيخ الأرض أن يعمل ما بوسعه لتعقيمها كي لا تنجب أي طفل يكون جدّه ابن طلال، وباشراف مدحت شيخ الأرض استحضر الملك طبيبين فرنسيين فعملوا لها عملية استئصال الرحم… وما اكتفى عبد العزيز بجواهر بل تقدم بعد ذلك يخطب ابنة ابن طلال الثانية وطفاء لابنه مساعد، فتم ذلك فأنجبت بنتا وثلاثة أولاد، كان منهم الشهيدين خالد الذي قتلوه عام 1966 وفيصل بن مساعد قاتل الطاغية الملك فيصل… والمعروف أن آل سعود كانوا لا يخفون حقدهم على ابن طلال وأولاده وأحفاده، وأن أغرقوهم بالمال المسروق، وكان عبد العزيز آل سعود دائما يوصي كبار أولاده "بأخذ الحذر من عدوهم ابن طلال" وكان آل سعود طيلة هذه المدة يعدون العدة لقتله انّما أرادوا أن لا يتم قتله (بالطرق السعودية المعتادة!)، ومنها القتل علنا بالرصاص والسيف… فهذه الطرق ـ المشروعة سعوديا ـ لا تستخدم إلاّ لعامة الناس.. وقد قتلوا بها مئات الآلاف علنا، وفي مجازر معروفة، وبما أن ابن طلال من خاصة الناس!. وللخاصة ذبح ـ خاص ـ من نوع آخر لا يذكر عليه اسم الله!. فقد جرى اغتياله!… بُعيد موت الطاغوت عبد العزيز مباشرة.. ففي 9 نوفمبر 1953 مات عبد العزيز آل سعود وأعلن ـ نفسه ـ ابنه وولي عهده ـ سعود ـ ملكا مكانه، وبموت الطاغوت عبد العزيز استيقظت روح القتل لدى أولاده لتوطيد عرشهم الفاسد المجبول بالدم والجماجم، وكانت ما تزال وصية الوالد لاولاده ترن في أذانهم "خذوا حذركم من عدوكم ابن طلال"!. وكان الملك سعود قد وطد علاقات جيدة مسبقة مع نادر ـ أعز العبيد المملوكين الذي سبق لآل سعود أن قدموه هدية لابن طلال ـ فاتفق الملك سعود بن عبد العزيز مع "العبد العزيز" لابن طلال لاغتيال سيده، على أن يتم الاغتيال أثناء غياب سعود عن الرياض، ثم سافر الملك الجديد سعود العبد العزيز آل سعود إلى مناطق "مملكته" كما يزعم "لاخذ البيعة".. وفي بستان ابن طلال في وادي لبن، بالرياض، أقدم "العبد" على اغتيال سيده، وكان الملك سعود قد اتفق مع "النملة" الرئيس الاسبق للحرس الملكي أن يكون بانتظار العبد في تلّة تدعى "أبو مخروق" قرب الرياض اتفقوا مع العبد: ان يأوي إليها، وكان "النملة" بانتظاره فقتلوا العبد القاتل، وربطوه إلى مؤخرة سيارة شحن كبيرة دارت به في شوارع الرياض بطريقة استعراضية (ليشاهد الناس منظر العبد المجرم الذي قتل سيده) حسبما صدرت الفتوى!. ووقتها كنت قد نفيت من الظهران إلى حائل لاخذ البيعة المزعومة التي ألقيت فيها خطابا في ذلك الحفل الكبير أمامه أرفض باسم شعبنا "المبايعة" بهذه الطرق الملتوية، خرج الملك غاضبا مقاطعا الحفل إلاّ أنه في حفل آخر جرى قبله لاستقباله في مكان اسمه "نقرة قفار"، أخرج الملك برقية زعم أنها وصلته لتوها من الرياض تفيد بمقتل ابن طلال، ومع تلاوة البرقية التي تلاها مستشاره يوسف يس أخذ الملك يمثل دور المتباكي على ابن طلال ويردد: "انا لله وانا إليه راجعون!".. كل ذلك وهو ينظر لوجوه الحاضرين من حوله من أهل حائل للتعرف على ما يحدثه رد فعل تلك البرقية فيهم!، فكانت نظرات الحاضرين ساخرة منه ومن تلك المؤامرة السعودية الرخيصة المفضوحة التي لا يستغرب حدوثها وآلاف المؤامرات أمثالها في تاريخ آل سعود !. عبد العزيز بن إبراهيم أول "عميد" للمخابرات السعودية في حائل وكان له دور بارز في اسقاط حائل بيد الاحتلال السعودي عام 1922

قال الملك عبد العزيز في وصف 

من خانوا البلاد خدمة لآل سعود: "من يخون وطنه يخون الله

ويخونني، ولن أثق بكل من 

تعاملوا معي انّما أقضي فيهم حاجتي لفترة فأرميهم كما أرمي النعال". من هو ابن ابراهيم؟ جاسوس درّبه جون فيلبي عام 1917 ليتولى تشكيل أول جهاز للمخابرات السعودية في نجد؛ وايجاد عملاء لهذا الجهاز في مناطق الجزيرة العربية التي لم يحتلها آل سعود… فبدأ أعماله في منطقة القصيم… ثم انتقل إلى حائل البلد الذي ما أن سقطت حتّى تساقطت من بعده مدن الحجاز والجنوب… جاء "ابن إبراهيم" إلى حائل بحجة أنه "تاجر" وانه "هرّب أمواله من القصيم التي احتلها ابن السعود لكيلا يأخذها ابن السعود والتجأ بأمواله إلى حائل لكونه يحب آل رشيد ويحب أهل حائل وشمّر"!.. وهكذا انطلت الحيلة الانكلو سعودية، والحيلة تنطلي على الطيبين والمغفلين!. وافتتح "ابن إبراهيم" يومها دكانا لبيع كافة البضائع، فأصبح هذا الدكان ملتقى العملاء ومصيدة المتعاملين… وكان أكثر بيعه بالدَّيْن، خاصة لكبار أهل البلد!. ومن هنا بدأ يختار منهم من يعجبه ممن لهم مكانة في التأثير… حتّى وقع في مصيدته عدد لا يقل عن مائة شخص من رجال الدين ووجهاء الاحياء والقرى والعشائر وأبناء العائلات، وبهؤلاء شكل أول نواة "للطابور الخامس الانكليزي السعودي" يعملون بتوجيه من المخابرات البريطانية بقيادة جون فيلبي، ولكيلا يفلت منهم أحد، قيدهم بالمال المدان وقيوده الشيطانية الاخرى، ومنها أنه أخذ يستكتب كل واحد يقع في فخه رسالة يوجهها هذا الشخص لعبد العزيز آل سعود يؤيده فيها، ومن ثم يقوم كل واحد منهم بجمع عدد من "الرجال" ممن يثق بهم من أصحابه لتحويلهم إلى خلايا، بشكل منظم، تعمل على بث الاشاعات الانهزامية في المواطنين وجمع المعلومات والعمل للاطاحة بحكم آل رشيد وتسليم البلاد ـ حائل ـ إلى آل سعود… وكان من هؤلاء من يدرك خطورة ما يقوم به من خيانة للوطن، ومنهم من لا يدرك، لكن من لم يدرك لم يتدارك الامر فوقع الجميع في الفخ اليهودي من حيث لا يعلمون، فاستسلموا جميعا للمغريات الموهومة الموعودة لهم ـ في الآخرة ـ والمدفوعة لهم ذهبا في الدنيا، فأذهبوا البلاد ـ بالرغم من أن الجميع قد برروا خيانتهم بايقاف مساوئ حكم آل رشيد واقتتال آل رشيد فيما بينهم في سبيل الحكم… الخ … وأصبحوا بهذا التبرير كمن يتوضأ بالنجاسة بحجة انّه لم يجد ماء طهورا.. ومن هؤلاء "الافاضل الكرام": 1 ـ الشيخ إبراهيم السالم السبهان: وأتباعه… وهو من أنسباء آل رشيد ـ حكام حائل… وقد وعده عميد الجواسيس السعوديين في حائل "ابن إبراهيم" بناء على توجيهات شيخ الجواسيس جون فيلبي وباسم عبد العزيز آل سعود … وعده بأن يصبح هو الحاكم لحائل بعد سقوط آل رشيد،. وتم ذلك بالفعل، إذ عينوه "أميرا" على حائل في اليوم الأول لسقوطها لكنهم أسقطوه في أقل من شهر بعد السقوط لكونه لا يستطيع أن يبقى جلاداً لهم وممسحة لاوساخهم وعينوا مكانه جزار حائل الشهير الطاغية عبد العزيز بن مساعد الجلوي آل سعود … وكانت عادة الغدر هذه في آل سعود عادة يهودية متأصلة كعادة الشيطان: (إذ قال للانسان أكفر، فلما كفر، قال اني برئ منك اني أخاف الله رب العالمين)!. وبعد هذا اكتشف الشيخ إبراهيم السالم انّه على خطأ يرحمه الله… ولكن: بعد خراب حائل… مع أنه كان في الاخير ينتقد تصرفاته وأصحابه بتطبيقهم للتوصيات السعودية بكاملها ومنها: سحبهم للذخيرة من نواطير القلاع ومن قادة الحي الرافضين. 2 ـ الشيخ القاضي حمود الحسين الشغدلي: وعده ابن إبراهيم عن ـ فيلبي ـ عن لسان ابن سعود أن يكون القاضي الشرعي لحائل، فتمت بينه و بين عبد العزيز آل سعود عن طريق ابن إبراهيم مراسلات خطية وشفهية، وهو الذي رشح لعبد العزيز آل سعود عددا من الشخصيات في حائل وضمهم لركب الطابور السعودي، ومنهم: ارشيد آل ليلى، وعبد العزيز بن زيد، إلى حد أن ابن السعود طلب من الشيخ حمود في رسالة ثانية أن يصف له شخصية كل من ارشيد آل ليلى وعبد العزيز بن زيد ويعطيه المزيد من المعلومات عنهما، فكتب له الشيخ حمود بوصف مستفيض "ان ارشيد رجل يعتمد عليه في المهمات وان ابن زيد كذلك" إلى غير ذلك مما خصهما فيه بثناء يستحقانه فعلا.. . وفيما بعد عين ابن سعود ارشيد آل ليلى، وتلاه عبد العزيز بن زيد سفيرين للسعودية ـ بالتتالي ـ في دمشق… وبالفعل عينوا الشيخ حمود الشغدلي "قاضيا" لحائل، ولان معدنه أصيل.. لم ينسجم معهم فاكتشف أنه على خطأ يرحمه الله! ولكن بعد خراب البلاد… مع ملاحظة: أنه لا أرشيد آل ليلى ولا ابن زيد، وثق بهما آل سعود مهما قدماه من خدمات، لكونهما من أهل حائل!.. 3 ـ الشيخ عبد الرحمن آل ملقْ: من المتعاملين باسم الدين يرأس شلة من نوعه أطلقوا عليهم اسم العملاء ـ عفوا ـ العلماء!… "والاخوان" أيضاً، يعقدون صباح كل يوم في بيت أحدهم اجتماعات ظاهرها" ذكر الله والتدارس في أمور الدين" وباطنها ذكر فيلبي والتدارس في بيع الدين والدنيا التي قبضوا قيمتها ذهبا فذهبت بالبلاد. كان عبد الرحمن الملق يعمل بالتجارة علانية، وله دكان تجاري معروف يستخدمه لتجارة الربا "والقضاء ـ في آن واحد ـ بعد أن عيّنوه قاضيا لحائل، وكان دائما ما يقضي بين المتخاصمين في دكانه" فاستولى على أراض كثيرة من أصحابها الفلاحين في قرية ـ قفار ـ الواقعة جنوب حائل وغيرها… 4 ـ خدّام الفايز: وجه من وجهاء حائل، انسجم في أداء دوره الأول في المسرحية الانكلو سعودية لكنه لم يستمر ولم يستأثر بشئ فاقتصر دوره على استقبال عبد العزيز آل سعود في بيته بعد أن أدخلوا ابن سعود خلسة من جنوب حائل… يقال ان المرحوم خدام مات ألما لما فعله بانسجامه مع الطابور رغم عدم رضاه… ومن هو من عائلة كريمة لها باع طويل في النخوة والمروءة… 5 ـ حسن آل نزهة: تاجر.. ادى دوره باتقان. و"تمذهب" بالمذهب لنيل الذهب الذي تسلمه من ابن إبراهيم مسؤول المخابرات السعودية، مما زاد في تجارته ثراءً.. 6 ـ سعود العارضي وابنه سالم: يعملان بالتناوب… وكان دور سعود "حامل بريد" يحمل رسائل "هؤلاء المتآمرين" لا يصالها لعبد العزيز والعودة بردّها من عبد العزيز آل سعود … وكانت له طريقة "بدعة" مستحدثة في طرق المواصلات السعودية وحمل الرسائل من وإلى عبد العزيز، إذ يضعها في مكان لا يخطر على بال إنسان عادي… كان يأخذ الرسالة فيطويها ـ طيا طيا ـ مهما كانت كبيرة ليجعلها صغيرة بحجم "التحميلة" ثم يأتي بقطعة عظم من "مقادم" ساق الاغنام فيفتح العظمة من أعلاها، ليغلّفها بها كبرشامة ـ قبل أن تخترع البراشم ـ بـ 25 سنة ـ ، فيضع بداخلها رسالة كبار الجماعة الموجهة لابن سعود وجون فيلبي فيزرقها بداخل "دبره" ويسافر بها الرسول إلى "طويل العمر" وعند وصوله "بالسلامة" يدخل ـ سبّابته ـ أي اصبعه ـ فيخرجها "لجلالته" مبللة بخراه!… ويروي العارضي فيما بعد بسخرية من عمله المشين فيقول: "ذات مرة وصلت إلى ابن السعود ولم أتمكن من اخراج الرسالة نظرا لصعودها بعيدا عن باب الشرج، فأمر عبد العزيز آل سعود باعطائي شربة مسهل ـ من الحنظل ـ لاخراجها فأعطوني "جرو" حنظلة أكلته مرغما فأصبت باسهال شديد واقياء، لكن الرسالة لم تخرج!… فجمع عبد العزيز آل سعود قومه وكبار صحابته ـ عليهم السلام ـ ومنهم الشيخ جون فيلبي ففتحوا شرجي بطريقة غير عادية ـ شبيهة بطرق اخراج الجنين ـ وتناوبوني في ادخال أصابعهم في شرجي!… وكم كانت فرحة ابن السعود عظيمة حينما أخرجوا رسالته المستعصية في دبري: إذ تنهدوا جميعا في وقت واحد، ومما قاله عبد العزيز "الحمد لله الذي أخرجها بقليل من الخروج" فتناولها عبد العزيز بيمناه وأخرجها من غلافها العظمي فقرأها ثم قبلها مبتهلا وقال: (روائح خراك يابن العم أطيب عندي من روائح المسك والعنبر في سبيل سقوط حائل)!. وكان على حق، إذ كان في تلك الرسالة خطة مهمة نهائية تحدد له كيفية دخول ابن سعود من "جبله" بستان إبراهيم السبهان في جنوب حائل وتدعوه للصمود فترة في حصار حائل!… وكان قد دب اليأس في نفسه بعد أن تلقى اشاعة تفيد "ان هؤلاء المتآمرين ما دعوك لحصار حائل إلاّ لخداعك ليتمكن محمد بن طلال آل رشيد من تطويقك بين حائل وجبل طي"… الخ فاطمأن عبد العزيز لما جاء في تلك الرسالة اروع اطمئنان، فكتب لي جوابها، فوضعتها في نفس الغلاف العظمي الذي ـ استملس ـ لكثرة ما استعملته!… وقفلت راجعا بعد أن أقفلت عليها باب شرجي حتّى سلمتها "لكبار الجماعة المتآمرين"… 7 ـ عمر البكر: متدين، كان ابن سعود يظهر له "احترام الرأي" حتّى مضى على سقوط حائل سنة، فبدأ يحتقره، وحقّره ذات مرة علنا فمات قهرا… 8 ـ حمد الشويعر: عينوه فيما بعد في منطقة جيزان فسمموه وتخلصوا منه، لكونه عبّر مرارا عن نقده للاحتلال السعودي… 9 ـ عُبيد المسلماني، كان من المزارعين المرابين في قرية عقدة، فاستغلوا تنقلاته بين عقدة وحائل لنقل المعلومات لعبد العزيز آل سعود المحاصر لحائل ، ويروي بتندّر عن نفسه ما موجزه "ان عبد العزيز طلب مني احضار امرأة من حائل لاستعمالها، فنقلت له قحبة زنجية مشهورة في دعارتها في أنحاء حائل ذلك التاريخ اسمها ـ رويضة ـ وقد ذاع صيتها كثيرا بأنها ذات منبر مفتوح لا ترفض لطالب طلبه، فزنى بها عبد العزيز طيلة تلك الليلة، وفي الصباح طلب مني اعادتها إلى حائل، فرفضتُ طلبه وقلت: إنها ستفضحنا، فتركها عبد العزيز عنده في مخيمه حتّى سقطت حائل، ودخلت القحبة "فاتحة" معه البلاد "دخول الفاتحين" فأراد ترك هذه القحبة في حائل لكنها رفضت، وقالت له: " لا يا عبد العزيز .. بل خذني معك أينما ذهبت والا سأفضحك". فأخذها عبد العزيز معه إلى "العارض" الرياض، وأصبح لها الآن عددا من أولاده الامراء، وليسوا في الحقيقة أولاده!. فهم أولادي وأولاد غيري وغيرهم"… 10 ـ مسلم الخلف الزويمل، وأخوه برغش الزويمل: من الملاّك في قرية عقدة، ضمّهما "عبيد المسلماني" إلى ركب الطابور السعودي وكان المسلماني يدينهما بالرّبا، فساعدا عبد العزيز في تنقلات جنوده في الجبل وفي نقل بعض المؤن.. 11 ـ عبد الله السديري: "كان الجواسيس يكنون في مسكنه". 12 ـ عودة العكّة: رئيس شبكة جاسوسية… 13 ـ راشد البقل: المسؤول عن شبكة ضمّت عددا من عبيد آل رشيد . 14 ـ مرشد الحوطي: اسم على مسمى عمل ـ كمرشد ـ لابن السعود. 15 ـ ادهام الهذلول: أدواره في العمالة متعددة… 16 ـ سلامة المزيني وأولاده ـ من قرية "الروضة " قادوا مجموعة من المتمردين باسم الدين السعودي… 17 ـ عبد المحسن العجيمي: من قرية "الروضة" قاد مجموعة باسم الدين السعودي… 18 ـ عبد العزيز الدهيشي: من قرية "الروضة" أثار بعض المواطنين لصالح ابن السعود. 19 ـ عيسى السويدا: من قرية "الروضة: عمل لصالح ابن السعود باسم الدين السعودي الفاجر… 20 ـ اشلاش الهديرس: من قرية "الروضة: أقدم على قتل ابنه بيده، واسم ابنه: ناصر بن اشلاش لكون هذا الاخير رفض الاذعان لخيانة وطنه مع والده باسم الدين السعودي المزيف… لكن محمد بن طلال آخر حاكم لحائل اقتص لهذا الشاب الشهيد فيما بعد فقتل والده… وقد قام العميل المدعو "افهيد السحلي" بتقديم المسدّس إلى ـ الوالد ـ اشلاش قائلا له: "إذا كنت من المسلمين حقا فهاك المسدس واقتل ابنك العاصي" فأخذ المسدس وقتل ابنه!.. 21 ـ ناصر الهواوي الاسلمي: قاد مجموعة من عشية الاسلم الذين "أسلموا" بالدين السعودي الفاسد خدمة للمخابرات البريطانية السعودية … ومع أن الهواوي قد استخدم فئة من هذه العشيرة إلاّ أن عشيرة الاسلم من العشائر الكريمة الشجاعة التي لعبت أدوار البطولة ضد آل سعود في السابق ـ بقيادة قائدها العظيم ضاري بن طوالة. 22 ـ الشيخ ملبس بن جبرين: قاد عشيرته وعددا من الجنود السعوديين لقتل الآلاف من أبناء حائل وشمر، وكان يستغل فترة الصلوات في المساجد فيهجم على المصلين الامنين الركّع فيمطرهم بالرصاص الذي وفره الانكليزي له ولغيره لقتل العرب المسلمين بل لقتل أهله، في المساجد، وهو ما حدث لكافة سكان قرية "بيضاء نثيل" الذين قتلوهم ليلا أثناء قيامهم بصلاة "القيام" ليلة القدر ـ 27 رمضان 1921 ـ فأبادوهم جميعا في المسجد "بحجة أنهم من الكفار" بينما اختلطت الدماء منهم بكتب القرآن!. وهكذا يكون دين آل سعود … وما قلناه سوى لمحة عن الدين السعودي… انهم يدعون باسم الدين ويقتلون المصلين!… واخيرا مات "المرحوم" ملبس موتا مؤلما بطيئا بمرض "الغرغرينا" الذي أكل لحمه بالتقسيط وعايشه المرض سبع سنوات ولحمه يتساقط، وأخزى من هذا أن ابن السعود رفض علاجه قائلا " هذه ذنوب ملبس دعوها تأكل ملبس"!. هكذا ينسى ويحتقر آل سعود أصحابهم الذين ضحوا من أجل ظلمهم بالاهل والاقارب وضحّوا من أجلهم بالشرف والدين والوطن… 23 ـ هبقان السِّليطي: قاد أيضاً جماعته ضد شعبه في حائل وقراها وباديتها باسم الدين السعودي الكاذب… وأخيرا قتله آل سعود باسم الدين السعودي نفسه!. فقال فيه شعراء البادية ما قالوه من شماتة بهؤلاء العملاء. مثل: سحابة صبّت على رأس هبقان من ربّه ـ الكلب ـ الدعيّ الديانه! قد باع نفسه لليهودي بالاثمان وخان الوطن والدين بئس الخيانه 24 ـ مغيلث الاسلمي: من الكلاب السعودية المسعورة التي نهشت وأكلت الجثث باسم الدين، ودين الحقيقة منهم براء… وشوّه وأمثاله اسم عشيرة الاسلم الذي عطره تاريخها البطولي وتاريخ شيخها ضاري وصحابته الشجعان. 25 ـ عذّال الاسلمي: مع الخونة اياهم… مع تكراري لاحترام العشيرة التي ينتمي إليها… 26 ـ فريح النّبّص: ادعى الربوبية السعودية … وذهب "النبض" أمثولة للكذب يرددها الاطفال حينما يقسم بعضهم للبعض الآخر كذبا بقوله: "أي والنّبص" بدلا من "أي والله"!. 27 ـ ندا بن نهيّر.. 28 ـ ميّاح الشلاقي: وعشيرة الشلقان منه تبرأ… 29 ـ شفاقة الذرفي: وقد خان سمعة عشيرته الذرفان. وغيرهم وغيرهم… ممن شكلهم اول جاسوس سعودي منظّم ـ باشراف المخابرات البريطانية ـ اسمه عبد العزيز بن إبراهيم" في حائل وقراها بتوجيه من مسؤول المخابرات البريطانية "جون فيلبي" لآل سعود… فاستخدمتهم المخابرات الانكليزية ضد شعبهم ودينهم… من حثي يعلمون أولا يعملون بأجر مدفوع وثواب موعود، فتخلّى عنهم آل سعود مثلما تخلى الشيطان عن أتباعه (إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال اني برئ منك اني أخاف الله)!!… ولم تنطل حيل "ابن إبراهيم" على هؤلاء المتزعمين فقط. بل انطلت حتّى على حاكم حائل نفسه: محمد بن طلال. من المعروف أن محمد بن طلال جاء إلى الحكم بعد خراب الحكم ـ كآخر حاكم من حكام آل رشيد، وبذل ما بوسعه لانقاذ ما أمكن انقاذه من حائل بعد أن دب فيها الانهيار وأمعنت فيها الكلاب نهشا وهرشا… فبدأ ابن طلال بتأديب المتمردين في القرى والبادية. فنجح إلى حد كبير وأخذت سمعته في الحزم تجوب المنطقة وكان يقود المعارك بنفسه دفاعا عن الوطن… فخشيت المخابرات الانكليزية، ان استمر على حالته أن يهزم عميلها عبد العزيز آل سعود ويعيد حكم آل رشيد ثانية إلى نجد فيستعيدون الرياض… فاتصل السير برسي كوكس ـ مسؤول المخابرات الانكليزية في المنطقة ـ مع ابن طلال، ووعده بمد يد العون إليه مقابل التعاون مع الانكليز وعبد العزيز آل سعود… الخ. لكن ابن طلال رفض مجرد التفكير بالتعاون مع الانكليز وعميلهم عبد العزيز … فركز الانكليز كل جهدهم لاسقاط حائل وكانت نهاية ابن طلال… فأخذوه أسيرا إلى الرياض كما ذكرنا آنفا… ما يرويه ابن طلال عن الجاسوس ابن إبراهيم روى لي ابن طلال عام 1946 في مسكنه في الرياض عن ذكريات حكمه وغدر آل سعود وخداع عميد المخابرات السعودية الانكليزية عبد العزيز بن إبراهيم له بقوله: (لم نكتشف أن تلك الاموال التي يتاجر بها ابن إبراهيم كانت كلها أموال المخابرات الانكليزية إلاّ بعد خراب حائل) وأضاف: (عرض علينا الانكليز الاموال فرفضناها، رغم الفقر المدقع، وانخدعت بالجاسوس ابن إبراهيم فظننته من الوطنيين، وأود أن أقص عليك هذه القصة رغم ما فيها من كلمات نابية لا تليق بالادب لكنها على عدم لياقتها بالادب كانت اول بداية في آخر فصل في التاريخ، تاريخ سقوط حائل ببراثن الاحتلال السعودي، … من ذلك: أنه ذات مرة استدعيت ابن إبراهيم لاقترض منه بعض المال لانفاقه في بعض أوجه الدفاع عن حائل المحاصرة، وكان ذلك قبيل سقوط حائل بثلاثة أيام على وجه التحديد… فحضر ابن إبراهيم إلى القصر فأجلسته عن يميني!!… فلاحظت عليه الريبة بل انّه كان يرتجف بشكل ملحوظ!. فتوقعت أنه مريض!. وما أن فتحت فمي لافاتحه في طلب اقراضنا بعض المال وقلت: " نحن يا ابن إبراهيم" حتّى .. "ضرط" ابن إبراهيم!.. فأظهرت نفسي أمامه وكأني لم أسمع ما حدث!… وبدأت من جديد أقول: "نحن يا ابن إبراهيم"! فضرط … وسكت لحظة. وبدأت أفاتحه!. "نحن" وما أن قلت "يا ابن" حتّى … ضرط.. ثالثة متواصلة.. فقلت: "لعلك مريض الآن" قم… وتعال لي مرة ثانية"!. فخرج ابن إبراهيم يرد الشكر المتواصل. ولم أتصور الاسباب، إلاّ بعد سقوط حائل، أي لم أتصور أن تلك الرعشة والتضريط، كانت بفعل الخوف الشديد مني، إذ توقّع ـ عميد الجواسيس السعوديين ـ ابن إبراهيم ـ انني اكتشفت دوره الخطير في بلادنا وانني استدعيته للتحقيق معه أو قتله… حدث هذا والقوات السعودية المخطط لها انكليزية تحاصر بلادنا، فسقطت حائل، وجاءني ابن إبراهيم ـ إيّاه ـ هذه المرة لا ـ ليضرط ـ في مجلسي هلعا بل ليكشف لي عن وجهه القبيح بعد ثلاثة أيام فقط: ـ وبيده ورقة التنازل يطلب مني التوقيع عليها للتنازل عن الحكم لعبد العزيز آل سعود بعد دخوله البلاد منتصرا بتخطيط ودعم الانكليز ومساعدة العملاء!).

وأضاف ابن طلال: (وقتها قلت لابن إبراهيم: "الآن فقط أدركت معنى تلك الرجفة والضرطات!". فقال ابن إبراهيم وهو يبتسم هذه المرة: "بلغتني يا سيدي معلومات يومها أن لديك معلومات بتحركاتنا!. 

ولحظتها بالذات استدعيتني فانتابني الذعر وجزمت بنهايتي وأحسست أن دمي قد تجمّد في شراييني من الخوف وانعقد لساني، ولو أنك قلت لي مثلا: ما هي أخبارك أو ما هي أحوالك؟ لاعترفت لك ـ بطريقة لا شعورية ـ بكل شئ … لكنك قلت لي: يا ابن إبراهيم… ومع ذلك توقعت أنك تريد أن تقول لي: يا ابن الكلب، فما استطعت الصمود أمامك، وتدخل القدر وأنجاني شرجي يوم خانني لساني وخارت قواي: وكنت يا سمو الامير مؤدبا إلى حد كبير فأذنت لي بمغادرة المكان).. وكل طاغية … جبان وهذه الواقعة تؤكد ما أكدته غيرها ان الطاغية لا يمكن أن يكون شجاعا…فهو يبطش بالابرياء لكونه جبان .. وابن إبراهيم هذا الجبان الذي فقد السيطرة على عضلات شرجه وفقد رد جولته وكل حواسه يوم أن استدعاه ابن طلال فظنه قد اكتشف دوره القذر فلم يتمالك القدرة على ضبط شرجه: يؤكد لنا دور ـ الطاغية المرعب ابن إبراهيم ـ ان الطغاة دائما وأبدا ما استخدموا البطش إلاّ لكونهم جبناء… ثم ماذا فعل هذا الجبان الطاغية "ابن إبراهيم" حينما أرسله عبد العزيز آل سعود برأي من جون فيلبي عام 1341 هـ لتولي الحكم في منطقة عسير "لترويضها"!… لقد قتل الآلاف من أبناء عسير، وبتر آلاف الايدي والأرجل!. وهدم البيوت واحرق البساتين وسرق ومرق وسلب ونهب حتّى غدا اسمه: كالهول، كالشيطان، كالموت، كالجريمة ـ كالسعودية ـ في منطقة عسير!… وهذه بعض جرائمه… 1 ـ بعد أن انتهى من "ترويض عسير" أمره جون فيلبي مستشار المخابرات الانكليزية لدى عبد العزيز آل سعود بالتوجه إلى الطائف لتولي أمارتها عام 1343 بعد احتلال السعوديين لها ببضعة فانزل فيها الوباء السعودي سلخاً وتقطيعاً وذلة وتدميراً… 2 ـ وانتقل إلى "مدينة الرسول" يثرب.. فقطع فيها وفي بواديها وضواحيها خلال سنة واحدة فقط ـ ثلاثة آلاف رأس ـ وآلاف الاقدام والايدي .. ثم بعد ذلك نقل إلى مكة واصبح عضواً بما يسمى "مجلس الوكلاء" وهو مجلس يضم مجموعة من "وكلاء الملك عبد العزيز " الجزارين!… ويرأس هؤلاء الوكلاء جون فيلبي… 3 ـ بعد عمر حافل بالجرائم والخسة، مات ابن إبراهيم مصاباً بمرضين مجتمعين قذرين جمعهما الحقد ضد المواطنين في جسد قذر: وهما مرض السل والسرطان معا، وراح لعلاج نفسه في القاهرة عام 1365 هـ ـ 1946 م لكنه ذهب كجيفة من اقذر الجيف شيعتها اللعنات!… مخلفا خلفه مجموعة من صور الرسائل التي وجهها إلى سيده اللئيم "عبد العزيز" يطلب منه الصرف على علاجه!… لكن "عبد الانكليز" لم يستجب "لعبد الانكليز"… عفوا لكن "العبد العزيز" لم يستجب لعبدٍ عزيز!… ونسي "ابن السعود" كل ما قدمه له خادمه ابن إبراهيم من خدمات دموية… لكننا لم ننس .., وكما يقول المثل: الطاعن ينسى والمطعون لا ينسى"!.. آل سعود وترويض الرعية! بتوجيهات من جون فيلبي مستشار المخابرات الانكليزية لدى عبد العزيز تم اختيار عدد من الجلادين الاجلاف ذوي السمعة السيئة "لعسف الرعية" التي أحتلت بلادها بالاكراه… فاستوردوا عدداً من المستشارين العرب من كل قطر عربي ـ عملاء من بريطانيا ـ وممن لا تربطهم بهذا الشعب "الجديد" أية صلة قومية أو وطنية، وما لزالت السعودية تسير في نهج فيلبي حتّى الآن بالرغم من تسييرها امريكيا ـ وذلك باستيرادها المستمر "للمستشارين "المرتزقة من كل قطر عربي وربط قسم منهم بما يسمى "رابطة العالم الإسلامي" وجميعهم مربوطين بالمخابرات الامريكية التي بلغ تعدادها الآن (40000) في بلادنا… من بينهم عدد من اليهود الذين يحملون الجنسية الامريكية وتمنح لهم جوازات سعودية لتسهيل تنقلاتهم في البلاد العربية… ان اختيارهم لهؤلاء المرتزقة للتحكم في بلادنا ورقاب شعبنا يذكرنا: بما قام به جون فيلبي سابقا باختياره أيضاً لعدد من اليهود العرب لإدارة شؤون "الامن" في البلاد، أمثال: "مهدي بك" اليهودي الذي استورده فيلبي من العراق نظرا لاشتغال الاخير بالمخابرات الانكليزية في بغداد… "فأسلم" مهدي بك على "يدي" جون فيلبي مثلما اسلم جون فيلبي على "يد" عبد العزيز آل سعود وأسلم عبد العزيز على يد " برسي زكريا كوكس ـ اليهودي ـ مسؤول المخابرات البريطانية في الجزيرة والخليج… وبعد أن "هدى الله مهدي بك " و"أسلم" كما يقولون: سلّموه ادارة "الامن" والشرطة في الحجاز، فقطع آلاف الايدي والارجل والرؤوس وبتر آلاف الاصابع وآلاف الانوف وقطع العديد من "خصيان" البشر… بحجة " ترويض الرعية"!. هذه هي بعض النماذج التي استخدمتها السعودية وما تزال تستخدمها لاذلال هذا الشعب الاصيل.. الذي فقد اصله وأصالته بمجرد تسميته بالشعب السعودي!. وما سمي بهذا الاسم، الوصمة، إلاّ بعد تمريره بآلاف المجازر!…

تشريعات سعودية في حائل في الدستور السعودي غير المكتوب 1 ـ البرئ يجلد حتّى يعترف !.

                                                   2 ـ كل برئ متهم حتّى تثبت  

ادانته بالتعذيب!. حالما سقطت حائل في براثن الاحتلال السعودي، عام 1922، قام عبد العزيز آل سعود ، بارغام المنادي الرسمي لآل رشيد "زيد القرمط" بأن ينادي في أسواق حائل قائلا: (اسمعوا يا أهل حائل: يقول "بن سعود" ما جئنا إلاّ لتمكين الإسلام في قلوبكم، فعلينا الحكم به، وعليكم السمع والطاعة!.. وان من يسافر إلى العراق وسوريا ومصر يباح دمه وماله، لان أهل العراق وسوريا ومصر من الكفار والمشركين)!!.. وكان "القرمط" يردد هذا النداء ـ بألم ـ عبّرت عنه دموعه في النهاية… وما أن سمعه شخص اسمه، علي العبيّد، حتّى سقط أمامه، في الشارع العام، ومات من شدة الجزع… مات هذا الحر ـ علي العبيّد ـ يوم ان تمكن آل سعود من احتلال بلاده، وبالغوا في اهانة أهلها إلى الحد الذي جعلوا فيه "القرمط" منادي الثوار، الذي كان ينادي ويثير همم المواطنين إلى ما قبل سقوط حائل بيوم واحد لمقاومة الاحتلال السعودي. ينادي، بعد يوم واحد من السقوط، بمنع أهالي حائل وشمّر من السفر إلى "بلاد الكفار والمشركين أهل العراق والشام ومصر"!!. كما يزعمون.. لماذا… اصبحت هذه الاقطار العربية من "بلاد الكفار" التي لا يجب أن يسافر إليها أبناء الشعب؟!… الجواب… لقد كان في العراق ومصر والشام بعض الصحف التي تقارع الاحتلال السعودي، وكانت العراق ومصر والشام تستقبل الذين شردهم آل سعود بالرحب والسعة… ومن هذه الاقطار تنطلق المقاومة لداخل الجزيرة العربية… فمن حدود العراق ينطلق ثوار قبيلة شمر لمقاومة الاحتلال .. ومن هذه الثورات ثورة شبرم بن جبهان الحنيدي الشمري، وثورة غريّب الشلاقي الشمري… ومن مصر انطلقت ثورة "ابن رفادة" التي ورد ذكرها في بطن هذا الكتاب. ومن الشام والاردن، بدأ الثوار الذين التجأوا إلى الاردن وسوريا ينظمون صفوفهم لمحاربة الاحتلال السعودي… وكادت هذه الثورات تنجح لو لم يبذل الانكليز الذين كانوا يسيطرون على الاقطار المذكورة اقصى جهدهم لمقاومة الثوار وتسليم العديد منهم لعميلهم ابن السعود… من هي المرأة التي أعمت عين عبد العزيز؟ وحالما سقطت حائل… هجم الوحش السعودي لافتراس نساء آل رشيد… وتلك شريعة آل سعود.. ما ان سقطت حائل.. حتّى سارع عبد العزيز آل سعود من خصمه المهزوم محمد بن طلال الذي كان يحكم حائل: يطلب منه ـ بنوع من الامر ـ أن يطلق زوجته "نوره الحمود السبهان" ليتزوجها هو.. لكن ابن طلال رفض، ومع ذلك تزوجها عبد العزيز بالاكراه وبدون عقد قران مشروع، علما ان زواجهما أصلاً غير مشروع لان ابن طلال لم يطلقها،.. لكن هذه المرأة الشهمة ما أن دنا منها "عبد العزيز" لافتراسها حتّى ضربت عينه بمخرز كانت تحمله، فأعمت عينه، وخرج من عندها في ساعته ليلاً وعينه تذرف الدم وهي العين التي وضع فلسطين فيها حينما أتاه الوفد الفلسطيني عام 1947 "ينخاه" للتوسط عند أصحابه الانكليز والامريكيين لمنع تقسيم فلسطين!.. فطمأنهم بقوله: "اطمئنوا لقد وضعت فلسطين في عيني هذه!" مؤشرا إلى العين العوراء ـ التي افقدتها "نورة" نورها!.. وللتخلص من "نورة الحمود" قام "عبد العزيز" بتسليمها لأبن عمه عبد العزيز بن مساعد … فتزوجها الاخير بدون "عقد مشروع" إلى على الطريقة السعودية نفسها… وسكينة المتعب أيضاً وكذلك فعلوا مع سكينة بنت متعب آل رشيد، إذ قدمها الملك عبد العزيز هدية لابنه فيصل!.. علما أن نساء وبنات آل رشيد حرائر ولسن جواري كأكثر حريم آل سعود والمخطوفات والمجلوبات… مع أن الإسلام لا يفرق بين امرأة واخرى، أي لا يوجد في الإسلام حرائر وجواري ومالك ومملوك!.. و"شاهة" أيضاً .. شوهها آل سعود وما فعلوه في بنات آل رشيد فعلوه مع "شاهة بنت الوجعان" من شيوخ شمر وهي زوجة سعود آل رشيد، افترسها عبد العزيز آل سعود بنفس الطريقة الحيوانية السعودية … ثم وهبها لشقيقه سعود بن عبد العزيز… ولؤلؤة السبهان… سباها آل سعود وكذلك افترسوا لؤلؤة الصالح السبهان التي كانت زوجة لسعود بن رشيد… وكذلك أم عبد الله بن عبد العزيز ـ رئيس الحرس الملكي وأيضاً افترس عبد العزيز آل سعود أم عبد الله رئيس الحرس الملكي، كما ذكرنا في مكان آخر، لكونها زوجة لسعود بن عبد العزيز آل رشيد واسمها "فهدة بنت العاصي بن شريم" من كبار شيوخ شمر… فقاومته، لكنها أنجبت منه "عبد الله بن عبد العزيز" الرئيس الحالي للحرس الملكي… ونتيجة لاشهار كرهها له مرارا تخلص منها بالسم فماتت مسمومة… كذلك تخلص من والدها العاصي بن شريم: الذي كان لا يخفي حقده عليه في مجالسه العامة… وعبد الله بن عبد العزيز قد لا يكون اكثر من بذرة سعودية، تبقى سعودية وان زرعت هذه البذرة في بطن طاهر نجّسه يهود آل سعود …ذلك البطن الطاهر، هو بطن "فهدة بنت العاصي بن شريم"!. التي اغتالها عبد العزيز … إلى غيرهن الكثير ممن افترسهن آل سعود دونما عقود شرعية أو قانونية، أو حتّى عرفية للزواج… ان الحديث عن حياة الجنس التي قام عليها الاحتلال السعودي يطول، والتي لا تنم عن آدمية، ولو كان لآل سعود شئ من الآدمية لوفروا على الاقل نساء آل رشيد من عدوانهم… مع أن لآل رشيد الفضل السابق في تمكين آل سعود والامثلة كثيرة على هذا "الفضل" الذي كان بالنسبة لنا شراً … أمثلة بسيطة نسوقها لوصف "فضل " آل رشيد في تمكين الاحتلال السعودي من رقابنا مع أننا ذكرنا مجملها في بطن هذا الكتاب، ومنها: 1 ـ أسر المصريين، بقيادة إبراهيم باشا، كل من فيصل بن تركي آل سعود وأتباعه واقتادوهم إلى مصر، وأحلوا محله ابن عمه مشاري بن ثنيان آل سعود، في العارض "الرياض" واستمرت مراسلة تركي لابن عمه مشاري طالبا منه ـ نثراً وشعراً ـ التخلي عن منصبه ورفض خدمة المصريين ليعود "تركي" إلى منصبه، كما يقول في قصيدته الشعبية المعروفة بمطلعها: سر يا قلم واكتب ما تورّى اكتب سلاما لابن عمّي مشاري عيبا على خطو الصبي المضّرى يصير خدام لحمر العتاري الخ… وغير ذلك من وسائط ـ النثر والشعر ـ الشعبي التي لم يستطع بها فيصل "اقناع ابن عمه مشاري" لاعادته إلى الرياض، بل وكأن الاخير يقذفها في المزبلة… وأخيراً تمكن "الاسير في مصر" فيصل بن تركي آل سعود، من الهرب ولم يجد مكانا يلجأ إليه سوى حائل، فالتجأ إلى عبد الله آل رشيد في حائل، فقابله في مكان اسمه: "إيديّت الخرّ" يقع في شمال حائل… فطلب من عبد الله آل رشيد مساعدته لأعادته إلى حكم "العارض" الرياض والتخلص من ابن عمه مشاري بن ثنيان آل سعود، هنالك أمدّه عبد الله آل رشيد بجيش من حائل بقيادة ابنه طلال بن عبد الله آل رشيد وشقيقه "عبيد آل رشيد" وحاصر ـ جيش حائل ـ الرياض حتّى اسقطوا ابن ثنيان وسلموا حكم الرياض لفيصل بن تركي، ولم يغادر جيش حائل مكانه حتّى اخذوا من "فيصل بن تركي" تعهدات خطية بأن لا يقتل ابن عمه مشاري بن ثنيان… لكنه اغتاله فيما بعد!… هذه مرة، والمرة الثانية ذكرناها أيضاً بداخل هذا الكتاب في موضوع حائل، حينما قام عبد العزيز آل رشيد بمساعدة بعض حكام آل سعود لاعادتهم إلى حكم الرياض أيضاً… إلى غير ذلك… وقد يقول آل سعود واتباعهم، بل وبعض آل رشيد في الرياض، ماذا نريد الآن وآل سعودي ينفقون الاموال والمساكن والمصروفات على "بقايا" آل رشيد، وانسابهم آل سبهان، في الرياض، فماذا بغير هذا يحلمون؟… والحقيقة اننا لم ولن نفكر بماذا يحلم هؤلاء وغيرهم حينما أوردنا شاهدة من الشواهد على فجور آل سعود وتاريخهم المأسوي: مع ان أكثر آل رشيد وآل سبهان يكرهون هذا الحكم، فآل سعود يفترسون الشعب كله: مالا ونساء ورجالا وثروة وغلمانا وارضا .. ولن يغطي فضائح آل سعود ما يقوم به كتاب آل سعود ـ في " الخارج" والداخل ـ من طمس للجرائم وقلبها مآثر سعودية!.. والزعم ان جزيرة العرب كانت ملكهم قبل مجيئ آدم وحواء وما تزال واحدة من ممتلكات أجداد وآباء آل سعود في العالم وانه ليس لاحد عليهم أي فضل باعادتها اليهم ـ فلا آل رشيد وأهل حائل ساعدوهم ـ كما يزعمون بل هم الذين ساعدوا أه لحائل وآل رشيد، ولا لأهل نجد عليهم فضل انّما بالعكس هم الذين ـ أي آل سعود ـ ساعدوا أهل نجد، وأكثر من هذا يزعمون: انّه ليس لليهود في المخابرات الانكليزية بقيادة كوكس، وشكسبير، وجون فيلبي ـ منّة عليهم ـ انّما بالعكس فآل سعود هم الذين ساعدوا اليهود والانكليز في فلسطين مقابل اقامة عرشهم!… الخ… وهنا أود أن اسجل "مساعدة آل سعود لليهود والانكليز في فلسطين".. ولست أنا الذي أؤكد ذلك.. فالتاريخ يثبت، وحتى كتّاب آل سعود يثبتون: انّه لولا اليهود لما احتل آل سعود جزيرة العرب، ولولا آل سعود لما احتل اليهود فلسطين، وهم الذين قال فيهم الشعراء ما قالوه في هذا الصدد. ومنهم الشاعر سليمان العيسى… "هم الألى سلبوا الاجيال لقمتها وبالحرير على أشلائها رفلوا" "هم لعنة الشعب والتاريخ ما برحت رجل لمستعمر في الأرض تنتقل" "كم أقسموا بالدم المثئار لو طرفت عين على القدس في ساحتها قُتلوا" "ومزق القدس أشلاءً مروّعة فاسأل ولو خجل التاريخ ما فعلوا" رجال الدين الافاضل يقاومون آل سعود، وينكرون تشريعاتهم الباطلة ومن هؤلاء الشيخ عبد الله بن محمود قاضي الرياض السابق، الذي رفض طلب الملك عبد العزيز آل سعود بالافتاء بقتل العالم الجليل الشيخ عبد الله بن عمر كبير علماء القصيم.. فعاقب آل سعود "الشيخ ابن محمود قاضي الرياض" بالسجن والتعذيب. "فتوى سعودية" مواطن من الجزيرة العربية اسمه "عبد الله السناري" يقيم في دوما بدمشق، ماتت أمه في الرياض عن ثروة تقدر بنصف مليون ريال، وليس لها من وارث سواه، وقد عاش حياته فقيرا.. وعاد للجزيرة العربية ليأخذ ثروته، وإذا بأحد تجار الدين في الرياض قد استولى عليها… وذهب الابن إلى "مفتي الديار" محمد بن ابراهيم، ليشكو له، فسأله المفتي قائلا: ماذا تريد بثروتك؟. فأجابه السنّاري: "بدّي أعيش بها!".. وهنا رفع المفتي ـ أعمى البصر والبصيرة ـ رأسه وتساءل عن سبب نطقه بكلمة "بدي" أعيش بها، هذه؟!. وتابع المفتي يقول: "أين تقيم الآن؟". قال السناري أقيم في دوما ـ بدمشق ـ في سوريا .. فقاطعه المفتي قائلا: "كفى.. كفى.. ان أهالي دوما هم الذين طردوا الامام محمد بن عبد الوهاب من بلادهم، وقالوا انّه يهودي، وأهالي دوما ودمشق وسوريا كلها من الكفار المشركين بالله! وأنت أكفر منهم لانك تعيش بينهم وإذا أردت ثروتك لبلاد الكفار" فحاول السناري إقناع المفتي أنه مسلم بالفعل… أو مؤمن "ويشهد بالله ورسله!" وانه حج إلى مكة.. و.. فقاطعه المفتي متسائلا: "وهل تزكي؟!" فأجابه السناري: "نعم يا شيخ إنني أزكي القمل الذي أملكه فهل القمل يزكّى؟!" فقال له: أذهب أنت كافر ما دمت في ديار الشام"! فذهب السناري ليأخذ فتوى مناقضة من قاضي دوما، وصادق عليها مفتي سوريا ـ آنذاك ـ أبو اليسر عابدين ـ وشهد باسلام السناري عدد من أذناب السعودية المتاجرين بالدين ايضا. وما أن عاد السناري إلى الرياض بهذه الفتوى الصادرة من دار الافتاء في سوريا التي تثبت "اسلام السناري"!. حتّى رماها "مفتي الديار" السعودي في وجهه قائلا: "ان مفتي الكفار في الشام كافر مثلهم.. وان الذي كتب لك وشهد لك من مشايخ الشام كفار مشركين، ولا يحق لك إرث أمك ما لم تسلم وتبقى هنا في ديار المسلمين وفي الرياض تحت مشاهدة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر!… وعاد المواطن السناري المحروم من إرث أمه زورا، عاد ـ كافرا ـ بالفعل ـ بهؤلاء اليهود… وأخيرا يبقى عليك معرفة الأمور التالية: 1 ـ إن فتوى مفتي "الديار" السعودي، الذي لا يصدر فتاويه إلاّ بأمر من سادته آل سعود ، قد سبق له ولاجداده وأولاده أن أصدروا فتاوى مشابهة ضد العراق ومصر وليبيا واليمن وايران، بل والكويت والبحرين أيضاً، لاسباب سياسية! وبأمر سعودي.. 2 ـ لا شك أن مثل هذه الفتاوي لا تسري على المستشارين السعوديين والقوادين وتدار بناء المساجد التي تبنيها السعودية في هذه الاقطار وفي دمشق وغيرها لجعلها بؤرة للتفرق الدينية ومصيدة للشباب لارسالهم للاراضي المنجسة سعوديا بحجة تأدية فريضة الحج والعمرة، والمقصود بالحج والعمرة "تعميرهم" في المخابرات السعودية ضد أقطارهم وربطهم بها وبالمخابرات الامريكية التي يهيمن عليها اليهود وقد أصبحت الجزيرة العربية المركز الأول لانطلاق المخابرات الامريكية ـ الصهيونية بعد سقوط عرش إيران… بناء المساجد لتغطية المفاسد وفي الوقت الذي تبني فيه السعودية مساجدها خارج الجزيرة العربية ، نراها تهدم المساجد في الجزيرة العربية في الاحساء والقطيف والدمام، مثلا، بل هدمت السعودية مسجد القبلتين، أوّل مسجد صلى فيه النبي عليه السلام أثناء هجرته، وهدمت السعودية ، أول مسجد أذّن فيه بلال لاشهار اسلام المسلمين في مكة!. اذن . فابحثوا عن مفاسد السعودية تجدونها في مقاصدها من مساجدها وتجّار مساجدها خارج الجزيرة العربية، للتآمر على هذه الاقطار التي تبنى فيها المساجد الباذخة بالملايين التي لا يقرها النبي محمد عليه السلام… وإعادة "تسيير" الخط الحديدي الحجازي ومن تجاهل أو جهل الاسرة اليهودية السعودية ونفاقها، فعليه التعرّف عليها من خلال مكتب لها في دمشق ـ إن زار دمشق ـ وعنوانه بشارع المالكي، وقد كتب عليه العبارة التالية: (الهيئة العليا "!" لاعادة ! "تسيير" الخط الحديدي الحجازي) وما زالت هذه الهيئة العليا للتسيير "تتسير" في هذا المكتب منذ ـ 20 سنة ـ أي منذ أن رفعت اللوحة الكاذبة على ممر المقر.. وقد مضت ـ 40 سنة ـ قبل هذا الافتتاح والتخريب السعودي للخط المذكور، وتضم هيئة "التسيير" هذه السعودية: مديرا عاما برتبة وزير ومديرا فنيا و(70) شخصا بعائلاتهم وعيالهم و (…) ولو أنفق ما أنفق على هذه الهيئة المسيّرة سعوديا منذ 20 سنة من ملايين، مكان بامكان القطار أن يسير بدونها حتّى إلى فرنسا. وكان الاستعمار العثماني أصدق من آل سعود لقد أنشأ الاستعمار العثماني المسمى بالرجل المريض، هذا الخط بكامله من تركيا إلى الحجاز في خمس سنوات… ولم يكن لديه مليارات البترول المسروق سعوديا… وقد منح الاستعمار العثماني: رتب "الباشوية" لعشرة أشخاص ومنح "البيكاوية" لـ 50 شخصا، أشرفوا على ايصال هذا الخط للمدينة، وحفروا عشرات الكيلو مترات في عمق الجبال، واستخدموا الجمال في الصحاري الموحشة، واستشهد منهم الكثير ـ أتراكا وعربا ـ … وجاء رسول الاستعمار البريطاني لورنس وهدم جزء منه لا يقل عن خمسة كيلو مترات وجاء بعده الوحش السعودي اليهودي عميل الاستعمار البريطاني فهدم أكثر من 520 ميلا وبذلك أنهى عبد العزيز ما بناه عبد الحميد… وكل ما اتصل السوريون بآل سعود يطلبون اعادة بناء هذا الخط، الصالح من الاردن حتّى سوريا، لا يرفض السعوديون هذا الطلب بل يعقدون الاجتماعات في دمشق وعمّان، واعدين "خيرا" باعادة "تسيير" الخط حالا، ومضى على "حالا" آل سعود هذه ـ 70 سنة ـ واللجان تجتمع بالطرابيش، وحاسرة الرؤوس، ومتعقّلة بالعُقل العربية، وتبدأ بالجد وتنتهي بالكذب السعودي كل ذلك كي لا يختلط "الكافرون" السوريون بالمؤمنين اليهود آل سعود، على حد تعبير الفتوى السعودية … وبمعنى آخر، كي لا يختلط الشعب في ديار الشام بأخوته في الجزيرة العربية بأرخص وسيلة ركوب، وكي لا يذهب الحجاج وغيره إلى ديارهم ومنها آمنين، وكي لا يركب ابن الجزيرة هذا القطار صباحا من جدة ويصل دمشق بعد الظهر ـ في قطار سريع .. لكنه، حتّى وان سارع قطار الاستعمار العثماني الذي كانت حسناته الغاء الحدود في الوطن العربي، فان جوازات الاستعمار السعودي وتأشيراته لن تسمح للعربي أن يذهب إلى بلده الحجاز، إلاّ إذا كانت معه ورقة من حزب الكتائب أو حزب شمعون تثبت أنه منهم، أي أنه غير "كافر" تنطبق عليه الفتوى السعودية!. أجل، ورقة من الكتائب أو الشماعنة أو من قحبة معينة بحجم ـ اذن ـ النعلة ـ تجعل أي سفارة سعودية تسمح لحاملها بالعمرة! طال عمرك!… المرحومة ثورة اليمن هكذا أسقطت ثورة اليمن.. واحتلت إسرائيل أراضي مصر وسوريا ثورة الاحرار ربي يرحمكْ كل عام نحتفي في مقدمكْ السعودية ـ أبدأ ـ هي المحك، وهي ميزان الخيانة عكسها.. من يتعاون معها: خائن، ومن يقاومها: ثائر… من يهادنها تتآمر عليه وان ظن أنه يتآمر عليها، ومن يداهنها تركبه.. وانتصار ثورة اليمن، على اليهود وأعوان اليهود السعوديين انتصار لكل إنسان شريف يعرف معنى الإنسانية… قد يذهل البعض، ولا يتصور من لا يعرف أن ما بذرته السعودية لمقاومة ثورة اليمن، شماله وجنوبه، منذ عام 1962 وحتى الآن زاد عن (50 مليار ريال) لم يستفد شعب اليمن منها بشئ يحيى أرضه ويبعث ثرواته المطمورة.. بل أنفقت كلها على العملاء والمتعاملين والمعمول بهم في اليمن وخارجه لتخريب الثورة وربط اليمن شماله وجنوبه بأدبار آل سعود.. لمحة عن تاريخ التآمر السعودي في اليمن ومن يتتبع تاريخ التآمر السعودي يجد انّه لم يبدأ بثورة 26 سبتمبر 1962 ـ بل ان هذه الثورة العظيمة قد كشفته فازداد الجرب السعودي تكشّفا وانتشارا، ولم يبدأ التآمر السعودي أيضاً باحتلال السعودية للمناطق اليمنية مثل عسير ونجران وجيزان وغيرها بعد أن أنهى آل سعود احتلالهم لبلادنا كلها بدعم من يهود المخابرات البريطانية في المكتب الهندي والقائد اليهودي لذلك المكتب برسي زكريا كوكس، وغيره… بل بدأ الابتلاع السعودي قبل ذلك بكثير.. مما يعرفه المتتبع للتاريخ غير المزيّف، وما اكتف السعودية بعد احتلال لمناطق بلادنا الاخرى ـ باحتلالها لهذه المناطق اليمنية بل راحت تتآمر حتّى على الامام يحيى وعائلته بشراء عدد من العملاء في اليمن من بينهم بعض أبناء الامام يحيى، ومنهم القبيح المسمى بـ "الحسن" الذي تراه في هذه الصورة التي عثرت عليها في قصره في صنعاء أثناء تفتيشه في اليومين الاولين للثورة، وكتب على ظهر الصورة: (أنها أخُذت في "خلوة" بالفيصل في زاوية من زوايا قصره بالطائف لتدبر شؤون اليمن عام 1949).. وفي الصورة ترى ملامح التآمر واضحة جليّة على الوجهين، ومرتسمة باليدين، يدي الحسن "المشبوكتين" ببعضهما، ويدي "فيصل" المفتوحتين ترسمان الطريق للخيانة، واغتيال الامام، واعلان الحسن إماما وضم اليمن لممتلكات عائلة مردخاي السعودية، وضم ما تبقى من شعب اليمن إلى الشعب "المسعدن" والمتاجرة ببعضه في قصور الرقيق التي زاد ما اختطفوه إليها من اليمن "السعيدة" التي كانت لم تسعدن" زاد عن (15000) بين ذكر وانثى، وسأنشر أسماء هؤلاء في كتاب الرقيق السعودي… ولقد سبق هذا التآمر السعودي مع "الحسن" تآمر سعود على "الامام يحيى" شعر به" الامام" فأراد ضرب السعودية في جحرها، فأرسل ثلاثة من أبناء اليمن المقهورين من ظلم آل سعود إلى الحجاز، فهاجموا عبد العزيز بالخناجر في موسم الحج بينما كان راكعا يصلي ـ صلاة اليهود ـ في الحرم في مكة ـ لكن ابنه سعود الذي كان يصلّي خلفه سارع بالارتماء عليه فتلقى طعنة في ظهره وسارع بعض الخدم لالقاء القبض عليهم فقتلوهم.. وكان الملك عبد العزيز وأولاده قد قتلوا في العام الذي سبق هذه الحادثة سنة 1942 ثلاثة آلاف من أبناء اليمن في مكان اسمه وادي تنومه كانوا قد قدموا من اليمن إلى مكة بقصد الحج، وكانوا عزّلا من السلاح!!.. ولم يقتصر دور السعودية في ذبح أبناء اليمن والتآمر على بعض المتآمرين من عائلة حميد الدين، بل اتصلت السعودية، لا بل هم اتصلوا بالسعودية من كانوا يعرفون باسم "اليمنيين الاحرار" وقد التقت أهدافهم بالاهداف الملكية السعودية للقضاء على "الامامة الملكية" في اليمن!. وما زال بقاياهم يتعاون مع السعودية لتوثيق ربط اليمن بأدبار أصحاب السمو والجلالة!!.. وقد قال لي أحدهم قبل تنصيبه رئيسا لمجلس الرئاسة السعودية… في اليمن، بعد سقوط ثورة اليمن، قال: "حينما التقيت بالامير فيصل ذات مرة قال لي: (نحن يهمنا سقوط عائلة حميد الدين بلا شك لكن ما يهمنا أكثر هو أن تبقى اليمن تحت أي اسم مرتبطة بنا لكي لا تصبح مصدر ازعاج لنا)"!.. وكان لهؤلاء "الاحرار" مكتبا في القاهرة.. والمضحك المؤلم ان هؤلاء "الاحرار" كانوا قد استخدموا اذاعة صوت العرب ـ لمهاجمة ثورة الثلايا التقدمية!… ومع مخالفتي أساليب هؤلاء إلاّ أنني أقدر بعضهم من أمثال محمود الزبيري ـ الذي غُرر به بالذات واستُخدمت سمعته الوطنية الجيدة لمهاجمة هذه الثورة متهما اياها من "صوت العرب" ذات السمعة التي ـ كانت ـ جيدة في يوم من الايام ـ أيضاً ـ فزعم الشهيد الزبيري "ان ثورة الثلايا ثورة من صنع الانكليز!" الذين كانوا يحتلون عدن… لكن الزبيري ندم بعدها وقال ـ بعد سقوطها ـ طبعا: "لقد ندمت أشد الندم على ما قلته بعد أن تأكدت انها ثورة وطنية"!… ليس هذا فحسب، بل أخزى من هذا ان ثورة 23 يوليو 1952، ثورة عبد الناصر في مصر، قد غررت بها السعودية هي الاخرى وسخرتها لتحطيم هذه الثورة التقدمية بحجة "انها ثورة انكليزية"!. وهكذا انخدع وينخدع كل من ليست لديه حصانة تقدمية ضد النفاق اليهودي السعودي، تجعله على الاقل يفكّر ويتساءل ولو بهذا السؤال: "وهل يعقل أن السعودية التي هي مخلوقة المخابرات الانكليزية اليهودية: تحارب الانكليز؟"!.. المهم: ان السعودية أرسلت طائرة خاصة لنقل وفد من "جامعة الخيانة للدول العربية" ويرأس هذا الوفد عضو ثورة 23 يوليو ـ المجيدة ـ حسين االشافعي للمساهمة الجادة في احباط ثورة الثلايا العظيم، ومرّت الطائرة ـ بجدة ـ "للتزود" بالمعلومات و"خير الزاد التقوى!" وسافرت طائرة الجريمة حاملة بعثة الشر إلى تعز ومعها رئيس "اليمنيين الاحرار" الذي يذكرنا أيضاً "بالامراء الاحرار ـ ورئيسهم الحرامي المليار اير طلال" وبدأ "النعمان ـ الحر" يلقي مواعظه في الحرية" ضد الثورة.. واسقطت السعودية الثورة مستخدمة ضدها "الثوار" والثيران.. وعاد "الامام" أحمد و"العود غير أحمد" بعد أن هرب من لهب الثورة ملتجأ لخصومه آل سعود الذين احتلوا أرض اليمن وذبحوا شعب اليمن!… عاد الامام حيث لم يكن للامام أمل بالعودة ثانية لليمن الشقي بجيرة آل سعود... لكنه عاد بتضافر الجهود السعودية الشريرة وجهود ثورة 23 يوليو التي خدعها آل سعود واستخدمت اذاعة "صوت العرب" والمدجلين باسم حرية اليمن وجامعة الدول العربية!.. واقتيد الثائر العظيم الثلايا ليقف في ساحة المذبح مكبلا بالحديد، جامعا بشموخ قامته جلال الطلعة ومحاسن الثوار الحقيقيين وايمان الانبياء والرسل… فقطعوا رأسه الرسوليّ بالسيف السعودي الملكي وهو يبتسم، يبتسم لهذا الدجل السعودي الذي أطلق عليه تهمة التعاون مع الانكليز، ومن "صوت العرب" مع الاسف!. واجتمعت أخس الملكيات بثورة 23 يوليو التي حطمت ملكيّة فاروق!… ويبتسم الثلايا لذلك الحشد الجماهيري الجاهل الارعن الذي أراد الثلايا انقاذه من الموت فجاء ليتفجرج على موته… ومثلها فعلت السعودية في تحطيم ثورة الثلايا، كان لها دورها القذر في احباط ثورة الضابط الشهيد جميل جمال "العراقي" الذي قاد ثورة في اليمن، مؤكدا بالدم وحدة العرب والتراب ضد الرجعية المتحدة… وان كانت للامام يحيى أو ابنه أحمد الذي قتله ـ الشهيدان ـ العلفى واللقية، وكذلك ابنه البدر المخلوع الذي هدمت ثورة 1962 قصره عليه وفر "للسعودية" على ظهر حمار بلباس امرأة حالقا شعر وجهه ـ ان كانت لهؤلاء الائمة من حسنة واحدة ولدتها سيئاتهم التي لا تحصى، فهذه الحسنة تكمن في أن ما من أحد من العملاء في اليمن كان في عهد الائمة يتجرأ علانية وبكل قلة حياء على الاتصال بالسعودية يأخذ شكل المفاخرة بين العملاء بدءاً من امام المسجد والمؤذّن والقاضي والجاسوس والشرطي ورئيس القبيلة ورئيس الوزراء والوزراء أجمعين وقائد الجيش ورئيس "الجملكيّة" أي رئيس "الجمهورية الملكيّة اليمنية"… هذا "الرئيس الملك" الذي بدأت بتعيينه السعودية من أكثر عبيدها خضوعا لها بالتسلسل، ومن يخالف رأيها تقتله السعودية مثلما فعلت بابراهيم الحمدي وشقيقه الذي قتله عميلها المنصوب حاليا في اليمن برتبة رئيس، قتله علي عبد الله فاسد في بيت حمار سعودي آخر اسمه "الغشمي" عينته السعودية رئيسا بعد اغتيالها للحمدي، وبعد ستة أشهر أرسلت "للغشمي" طردا ملغوما بمعرفة علي عبد الله فاسد ـ اياه ـ ولا يعرف حامله الضحية ما فيه، فنسف الغشمي وحامل الطرد في مكتب الغشمي وتركوا "الغشمي الغشيم الغاشم" ينزف دما دون اسعافه حتّى لفظ آخر أنفاسه القذرة، واتهموا بذلك "اليمن الديمقراطية" وهكذا بدأت السعودية بتعيين رؤساء اليمن وكافة قادته وأذّانه ومؤذّنيه وأئمة مساجده ـ منذ اليوم الذي أسقطت السعودية فيه ثورة اليمن ممثلة بآخر رئيس جمهورية لم يركع للسعودية واسمه عبد الله السلال قاد ثورتها بعدد من الاحرار الحقيقيين لا يزيد عددهم بالضبط عن (42 عسكريا ومدنيا) وبدون جيش، كان ـ منهم عبد الله الجزيلان الذي لعب دوراً رئيسيا في القيادة وغيره ممن سأورد ذكرهم في كتاب آخر عن ثورة اليمن المعجزة في حينها بصرف النظر على اختلاف هؤلاء الابطال، وبصرف النظر عن النظرة الحزبية وصرف النظر عن سقوط هذه الثورة التي أكلتها الخنافس والديدان السعودية التي تتسمى بها، بل أخزى من ذا وذاك أنها تحتفل كل عام بيوم الثورة في 26 سبتمبر … وما زالوا يحتفلون بها حتّى صدور هذا الكتاب، وبأمر من السعودية يتم الاحتفال وتفتح قوارير الويسكي في وقت يقتلون فيه قادتها ويشردونهم في المنافي… أيها الثورة ربّي يرحمكْ كل عام نحتفي في مقدمك يحتفي في مقدمك هذا اللئيم الذي في سيف خصمك أعدمك لقد عايشت تلك الثورة من يومها الأول حتّى مماتها: فقد افتتحت لنا مقرا للتدريب، واذاعة بلا رقيب أو حسيب، كانت لتلك الاذاعة (أولياء الشيطان) شعبية لم تحظ بها أية اذاعة في تاريخنا الحديث… الرئيس عبد الله السلال قائد الثورة الشهيدة، وإلى جانبه "شهيدها" جمال عبد الناصر الذي ناصر الثورة منذ قيامها ضد التدخل السعودي ـ مستفيدا الدروس من خداع السعودية له بهدم ثورة الثلايا، وبدأ مساندته لها بالاتصال بالاتحاد السوفييتي فألقى السوفييت بكل ثقلهم، وأرسل عبد الناصر جيشه الذي تزايدت أعداده إلى أن وصل إلى 70.000 جندي، قتلت السعودية منهم بواسطة عملائها في اليمن 16000 بين ضابط وضابط صف وجندي، كما تسببت السعودية بقتل أكر من 150.000 (جمهوريين وملكيين، وعملاء والخ) من أبناء اليمن عسكريين ومدنيين وقبائل منذ قيام الثورة حتّى الآن. ورغم معاناة عبد الناصر ومصر الثورة نتيجة هدر المليارات السعودية ذهبا وريالات ودولارات واسلحة وحريما وخمورا للقتلة والمرتزقة والعملاء والمتعاملين والمعمول بهم ورغم فشل القيادة المصرية في اليمن لاتي كان يشرف عليها السادات وشمس بدران وغيرهما حيث لم تكن هذه القيادة بمستوى الرسالة القومية والتقدمية، فقد تحدى جمال عبد الناصر السعودية بملياراتها وعملائها في خطاباته مرارا، ومن ذلك ما قاله جمال: (ان جزمة جندي يقاتل الرجعية السعودية في اليمن اشرف من عقال الملك فيصل الذهبي) وقال قبل ذلك: (سأحارب الرجعية في أحضان الاستعمار وأحارب الاستعمار في قصور الرجعية).. لكنه، وبقيادة كهذه يصعب عليه الاستمرار في محاربة الرجعية في أحضان الاستعمار ومحاربة الاستعمار في قصور الرجعية، ولهذا تراه يكر ويفر ويناقض أقواله مرغما، وقد قلتها له مرة في برقية بعثتها إليه من القاهرة: (انك يا جمال نبيّ بدو صحابة). ووزعت صورا من هذه البرقية على عدد من الاجهزة التي لم تكن بمستوى الرسالة… رسالة من فيصل إلى "جونسن" لتحريض إسرائيل باحتلال مصر وسوريا… لارغام مصر على سحب جيشها من اليمن وايقاف المد القومي التقدمي في سوريا. ونتيجة لاصرار عبد الناصر بعدم سحب جيشه من اليمن ـ رغم المساومات اسل لمصر، وبالرغم من عودة بعض سواقي المياه السعودية القذرة إلى مجاريها في القاهرة، وتقبيل الذقون وتغامز العيون في مؤتمرات القمم الملكية الجمهورية، ونتيجة لنجاح الثورة الشعبية في الجنوب (اليمن الديمقراطية) وانتصار عظمة الشعب في الجنوب على "عظمة" بريطانيا "العظيمة في صنع العروش والسلاطين والخونة واليهود"، ونظرا لصمود الثورة في الشمال أمام المليارات السعودية، تفجّر الحقد اليهودي السعودي وازداد ذعر الملك فيصل و"فهوده" آل فهد، والمخابرات الامريكية في مملكة العبيد الامريكية المتحدة، فأرسل فيصل رسالته المعروفة لاتي سبق أن نشرناها ضمن عدد من الوثائق، ونشرتها مجلة "الدستور" البيروتية وقد سجن من أجلها صاحب المجلة علي بلوط ستة أشهر لنشره هذه الرسالة، وتوسط للافراج عنه كمال جنبلاط لدى الامير عبد الله بن عبد العزيز الذي توسط لدى الملك فيصل، رافع الدعوى ضد الاستاذ الناضر، مطالبا ـ إياه ـ اضافة إلى سجنه بمليون ليرة لبنانية "شرفية" لفيصل ليضيفها قليل الشرف إلى بقية مسروقاته!.. وقد جاء في رسالة فيصل إلى الرئيس الامريكي الاسبق، ذات الرقم 342/ 9 م ز / س بتاريخ 15 رمضان 1386 هـ الموافق 27 ديسمبر 1966 م: (انّه ان لم تدعم أمريكا إسرائيل لاحتلال الاراضي المصرية والسورية لكيلا يرفع المصريون رؤوسهم بعيدا عن القتال، ويتوقف المد القومي في سوريا ومصر فسوف لن ينسحب الجيش المصري من اليمن وستزداد الثورة في الجنوب قوة وستقوم ثورات في بلادنا، وسوف لن يحل عام 1970 وقد بقي لنا ولكم وجود في هذه المنطقة).. الخ.. وقد أيدت المخابرات الامريكية في الرياض وجهة نظر فيصل بتقرير بعثت به لقيادتها في أمريكا، كما بنى فيصل وجهة نظره القذرة تلك مستشهدا بتقدير ما يسمى "لجنة شؤون اليمن" المشكّلة من اخوته "آل فهد" وعدد من قادة المخابرات الامريكية في الرياض وجدة، وصهره كمال أدهم رئيس فرع مخابراته الخاصة ووسيطه لدى المخابرات الامريكية… الخ… وازداد قلق فيصل من عدم اسراع أمريكا في دعم إسرائيل لضرب مصر وسوريا… وبعد ثلاث أشهر من الرسالة سافر فيصل إلى أمريكا لاستعجال تنفيذ (فكرة) هجوم إسرائيل على مصر وسوريا، ووعده الامريكان "خيرا"!. ويومها قالت معظم الصحف العربية، بما فيها صحف القاهرة التي يهيمن عليها الرجعيون، "لقد سافر الفيصل إلى أمريكا حاملا وجهة النظر العربية"!… وعاد فيصل "حاملا" هذه المرة "زنوة" أمريكية.. ثم سافر في 20/ أيار 1977 ولمي ذهب ـ هذه المرة ـ إلى أمريكا، حبا في الستر، ستر المؤامرة.. بل سافر إلى بريطانيا وبلجيكا ليقابل وزير الخارجية الامريكية الذي طمأنه عن تحديد اليوم الذي ستنفذ فيه فكرته بهجوم إسرائيل، وان امريكا ستشارك إسرائيل لضمان نجاح الفكرة بجزء هام من قواتها البحرية والجوية… وكانت إسرائيل قد بدأت حشد قواتها على الحدود السورية، وتحركت القوات المصرية إلى سيناء لنجدة سوريا، وأمر عبد الناصر بابعاد جنود الامم المتحدة، قوات اسرائيلية إلى حدود مصر… وفي الأول من حزيران 1967 ، أذيع من الاذاعة السعودية تغطية مفادها "ان جلالة الملك فيصل سيصل من رحلته الميمونة عن طريق جدة"!. لكنه وصل عن طريق مطار الظهران يوم 4 حزيران 1967، واجتمع حال وصوله في الدمام بقادة قوى الامن وكان ذلك الاجتماع أول اجتماع للملك من نوعه بقوى الامن، وأبلغهم فيه وبكل وضوح: (أن إسرائيل ستحتل مصر وسوريا يوم غد 5 حزيران سيكون احتلالها هذه امرة فاصلا يغيّر مجرى التاريخ وستكون نهاية البكباشي) قاصدا عبد الناصر… وكرر فيصل تحذيره لرجال الامن بقوله: (لابد أن تحدث مظاهرات ومشاغبات وتفجيرات، فعليكم الضرب بكل قسوة وبلا تردد)!… وسافر فيصل إلى الرياض، وفي اليوم الذي حدد لفيصل، يوم الخامس من حزيران 1967، هاجمت إسرائيل مصر وسوريا والتهمت ما تبقى من فلسطين غزة والضفة الغربية، تدعمها أمريكا "بكلّ أمريكا" وقوات أمريكا ـ وبترولنا العربي!… وفي يوم 6 حزيران 1967 ، أقيم مهرجان في ساحة الملز بالرياض بايعاز من العصابة السعودية ذاتها، وجاء فيصل لالقاء خطاب في المهرجان، ويومها ـ يوم 6 حزيران ـ لم يوضح فيصل فرحته فحسب بتجاهله لكل ما يصبّ على مصر وسوريا من دمار أمريكي صهيوني بل راح يمتدح "الاصدقاء الامريكان والبريطانيين" محاولا أن يقنع الجمهور الحاشد "بأن الامريكان والبريطانيين ـ أخوة لهم ولنا نحبهم ويحبوننا" بقوله حرفيا: (أيها الأخوة، لقد جئتكم من اخوة لكم في أمريكا وبريطانيا وأوربا تحبونهم ويحبوننا… و).. فقاطعه الجمهور بصوت واحد: (يخسأون… يخسأون… لا نحبهم ولا يحبوننا)!. وتابع الجمهور هتافاته: (البترول… البترول… اقطعوا البترول عن أمريكا وبريطانيا واسرائيل يتوقف العدوان الصهيوني الامريكي على اخواننا في مصر وسوريا وفلسطين)!.. فلم يتم الملك اليهودي خطابه، وغادر المكان!… لكن الجمهور لم يتركه يغادر بل لاحقه وأمسك ـ الجمهور ـ في بشت "البشت" أي عباءته، وراح يصره فيه.. (البترول يا فيصل… اقطع يا فيصل البترول) .. كل هذا والتلفزيون السعودي يصور بالسرعة البطيئة هذه الانتفاضات التاريخية، ويسجّل وجوه أصحابها… فانفلت فيصل من الجماهير باستعمال الهراوات، وسارت الجموع بمظاهرة في شوارع الرياض تحكم البنوك المتعاملة مع أمريكا… وتهتف بسقوط الخونة وبالموت لامريكا الصهيونية وعملاء أمريكا!.. وفي ذات اليوم بدأت السعودية بحملة اعتقالات "سعودية" في الرياض لهؤلاء الشبان الذين أخذت أجهزة الفساد أسماءهم من تتبعها لصورهم في التلفزيون السعودي.. وفي يوم 7 حزيران قامت المظاهرات في الظهران والمنطقة الشرقية، وأحرقت عددا من البيوت والسيارات الامريكية… وقام اتحاد شعب الجزيرة العربية بنسف عدد من أنابيب البترول… وتوقف البترول باعلان من مكتب شركة أرامكو في يوم 8 حزيران 1967 يقول: (نظرا لما وقع من أحداث واضطرابات في مناطق البترول في المملكة العربية السعودية توقف ضخ البترول لمدة شهر تقريبا)… وزعمت بعض الصحف العربية ان السعودية هي التي أوقفت البترول!.. واستمرت حملة الاعتقالات السعودية في الظهران… وفي يوم 8 حزيران 1967 وصل من جدة إلى الرياض الامير سلطان الملقب بـ "وزير الدفاع والمفتش العام السعودي"!… وحالما وطأت قدماه مطار الرياض وكان ضمن المستقبلين وزير الاعلام السعودي… فيصل الحجيلان، وما أن شاهد وجهه حتّى أمطره سلطان بوابل من الشتائم القذرة التي لا تقال حتّى للكلاب فكيف بها تقال "لوزير اعلام" وقائلها وزير مثله! وفي آخر اللعنات السعودية تساءل "سلطان أمريكا" عن سبب سماح الوزير الاعلامي للرسام "الخرجي" أن يرسم في الصحف السعودية الرئيس الامريكي "الجليل" بشكل امرأة صهيونية تخرج ثدييها لترضع إسرائيل!!. وتساءل "تنكو سلطان عبد العزيز" بقوله: "كيف؟. كيف يحصل هذا في بلادنا؟. يا للفضيحة!"… ثم ـ تف ـ الوزير سلطان بوجه وزير الاعلام، وأمر بعزله!.. إلاّ أن صاحب الوزير ـ الملك فيصل ـ توسط له بنقله من وزارة الاعلام إلى نائب لوزير الصحة، ثم بعد ذلك، أبعد ليصبح سفيرا تحت الاختبار في حسن السلوك السعودي… أما الرّسام الخرجي فقد اعتقل وبعدها أوقف عن الرسم… السعودية تؤيد العرب في "الحد الأدنى" وتذبحهم في "الحد" الأقصى ولم يكن ما ذكرناه إلاّ تداخلات موجزة "للجرائم" السعودية في حربها لشعب اليمن وثوراته في شماله وجنوبه… وهكذا ترون أنها لمجرد "رغبة سعودية" في اخراج الجيش المصري من اليمن ـ الذي رفض جمال عبد الناصر اخراجه منه ـ استعملت السعودية كل وسائل الاغراء والتحريض للمخابرات الامريكية في الرياض وللرئيس الامريكي الاسبق "جونسن" المعروف بصرعته الصهيونية الامبريالية أكثر من أخلافه الذين أتوا من بعده، فأغرته بدعم إسرائيل لاحتلال مصر وسوريا. واسرائيل ليست بحاجة إلى مزيد من "الضغط الامريكي" عليها لتعتدي!… فاعتدت!… مما اضطر جمال عبد الناصر لسحب جيشه من اليمن في بداية العدوان وتخلى عن اليمن مرغما للسعودية، وفي اليوم الذي أعلن جمال سحبه للجيش المصري، قام العميل السعودي حسن العمري بانقلابه ضد عبد الله السلال وانتهت اليمن إلى مزرعة سعودية أمريكية حتّى الان… وما زال العرب يعانون من تلك الضربة السعودية في مصر وسوريا ولبنان وفلسطين… والاردن، وإلى أن يعرف العرب من هي السعودية ستستمر السعودية ملبية مطالبهم بالحد الادنى، لتضربهم بنصل الحد الاقصى!… من ليبيا ضد مصر في العهد البائد وتآمرت من مصر ضد ليبيا في عهد السادات البائد أيضاً: لقد كان لقيام ثورة الفاتح في ليبيا تأثيرها الاولي على السعودية منذ اليوم الأول لقيامها، وبدون ما تعرف السعودية مداها الثوري ونوعها، راحت السعودية تقاوم تأثيرها في نفوس شعبنا كأي ثورة، خاصة وان الشعب في الجزيرة العربية المحتلة "المسعدنة" يتأثر ويتجاوب كثيرا مع أي ثورة تقوم ضد ملك من الملوك ـ مهما كان نوع الثورة، انطلاقا من ادراكه وتحليلاته وخبرته بنفسيات آل سعود وتأثير الثورات على نفوسهم الدنسة، وخاصة تلك الثورات التي تطيح بحكم ملكي، حتّى ولو كان هذا الحكم الساقط أو ذاك أدنى وأقل همجية ووحشية من همجية ووحشية حكم الاحتلال السعودي الذي لا شبيه له ولا مقارنة بالملكيات المطلقة والمقيدة.. ثم راحت أوساط آل سعود ولفترة تعلن رضاها عن الثورة الليبية لتقلل من أهميتها في النفوس الان أي ثورة تؤيدها السعودية يمقتها الشعب … ولكن، ومنذ شرعت الثورة في التطبيق الاشتراكي، راحت السعودية تتآمر.. فقام فيصل وفهد وسلطان ونايف وخالد بجولات لمصر والسودان وتونس والمغرب والجزائر وتشاد ظاهرها "التضامن العربي والإسلامي!" وباطنها محاربة الثورة في ليبيا .. وقامت السعودية بدفع كافة مرتبات وتكاليف الجيش المصري الغازي لليبيا… كما قامت السعودية وما تزال تقوم بتمويل كل من يقاوم الثورة الليبية… ومن طرف آخر عملت السعودية لاستخدام السادات ـ أيام الاتحاد الفاشل بين ليبيا ومصر وسوريا ـ بأن يقوم السادات باصطحاب معمر القذافي للرياض، وتم هذا في شباط 1974 لكن اللقاء فشل، دون ما يرفع فيصل يديه بالدعاء إلى "ربه اليهودي" بضمّ الجماهيرية إلى ركبه… وما زالت السعودية تتآمر بدعمها لكل المتآمرين ضد ثورة الفاتح في الـ… وتآمر آل سعود المستمر على كل الثورات يذكرنا بفرحة آل سعود بالعدوان الصهيوني الامريكي على مصر وسوريا عام 1967 فيوم أن انطلق عدد من الطائرات الامريكية من قواعدها في ليبيا في العهد البائد لتضرب مصر متضامنة مع الصهاينة، أعلن آل سعود فرحتهم قائلين في مجالسهم: "لقد وفى الامريكان بوعدهم لنا لتدمير حكم البكباشي!" جمال عبد الناصر طبعا… وأعلنوا الفرحة بانتصار "إسرائيل" والمعروف أن العدوان الصهيوني الامريكي على مصر وسوريا قد بدأ في 5 حزيران 1967، واحتلت القوات المجرمة مساحات من أراضي مصر وسوريا وما زالت تحتلها اضافة إلى الاراضي الفلسطينية كلها… وقتلت الآلاف بقنابل الطائرات والاليات الامريكية التي تطير وتسير ببترولنا!… ويومها… ما من قصر من قصور آل سعود إلاّ أعلن فرحته ورفع الزينات ونحر بعضهم الجمال والخراف وقوارير الويسكي… وفي اليوم السابع من حزيران 1967 دخل شخص معروف في الاوساط السعودية بخدماته لآل سعود، واسمه فهد المارق أو ـ المارك ـ حسبما يوقع كتاباته، دخل هذا الشخص إلى مجلس الامير خالد "الملك خالد فيما بعد" فوجده يغص بالامراء ومنهم الامير فهد ويزدحم بالمنافقين من سعوديين ومسعدنين ومتسعدنين، وكان على "رأس" الجميع ـ "الملك" خالد والامير فهد وزير الداخلية سابقا ـ ولي العهد حاليا ـ وكان المذياع مفتوحا إلى آخره على الاذاعة "الاسرائيلية"، وبعد كل خبر "انتصار" صهيوني أمريكي ـ تذيعه اذاعة اليهود على العرب في مصر وسوريا، يعلق "خالد" والامير فهد عليه، ويردح البقية طربا بشئ من الفرح الجنوني ـ الجنوبي ـ الذي لم تتحمله أعصاب ثلاثة ممن حضروا تلك الحفلة الملكية الرادحة، فبكى الاشخاص الثلاثة، اعجابا بما أبداه فهد المارك من جرأة بشئ من الحدّة والغضب بل والزجر للملك خالد وللامراء وللحاضرين بقوله: (تفتحون الراديو على اذاعة الصهاينة بينما العرب في حرب ملتحمة معهم وتسمعون كلام اليهود ـ وتعلقون عليه بالرقص والفرح وكأن الذين تقتلهم إسرائيل وأمريكا ليسوا من أبناء مصر وسوريا وفلسطين!... الا تخجلون؟. لقد بدأت أشك في اسلامكم وعروبتكم!. لقد مررت بعدد من مجالس العرب في الرياض فوجدتهم جميعا مشغولين بادارة أقراص الراديو متنقلين بها بين محطات دمشق والقاهرة وبالعكس، ولم أر بينهم من يستمع لاسرائيل، وكانوا في السابق يداومون يوميا على سماعها، لا حبا لاسرائيل وانما استنتاجا من أكاذيبها لبعض الحقائق المؤلمة)… وهمّ فهد المارك بالخروج مختتما كلامه بقوله: (والله لن أجلس في مجلس يستمع فيه قادة بلادي لاسرائيل ويفرحون فيه لانتصارها وهزيمة العرب)!!. ولم يعلق أحد من الحاضرين الذين بهتوا بأكثر من نظرات عدم الرضا وخاصة من الامير فهد كما لم يعلق "الملك" خالد بأكثر من قوله: (هل غلبت عليك ـ الحائليّة ـ يا فهد المارك؟!)… فأجاب المارك ـ وهو يخرج من الباب ـ : (بل غلب عليّ الإسلام والقومية العربية)!… وكانت تلك الجملة أكثر مسبّة وأبلغ من لعنة يوجهها اليهم!… أما ما يقصده الملك بـ "الحائلية" فهو ان فهد المارك من بلده حائل، والكره متبادر بين معظم أهل حائل وقبيلتها شمّر وبين آل سعود… ولو لم يدرك آل سعود اخلاص فهد المارك لهم لكان مصيره الآخرين الذين اتهموا بالظن ـ مجرد الظن ـ انهم "ضد عدوان إسرائيل على مصر وسوريا ولبنان وفلسطين"… أو أنهم أخيرا "ضد اتفاق السادات مع إسرائيل" وهذه التهمة لا تنطبق على أجهزة مباحثهم ومخابراتهم، والصحفيين التابعين لها، الذين يعبّرون علانية عن معارضتهم للحلف الساداتي الصهيوني ـ وهؤلاء لا يعبّرون علانية وعلى صفحات سخافتهم" السعودية المملوكة إلاّ عن رأي أسيادهم آل سعود لمعرفة من يعادي الاتفاقية ورصد اسمه ومن يصادقها لضمّه إلى صفوفهم، وان كان هناك من لا يعرف خارج الستار السعودي، فمعظم سجناء الجزيرة العربية يعرفون أن السعودية كانت وراء السادات واتفاقياته، وان اختلفوا على المظهر فانهم على اتفاق في الجوهر، ولا يهم آل سعود مقررات "الحد الادنى" سواء نفذوها أو لم تنفذ، فالمهم أن لا ينفذ آل سعود شيئا يضر أمريكا واسرائيل ويسقطها، ومنها قطع البترول نهائيا وإلى الابد عن أمريكا واسرائيل… تاريخ الخيانة السعودية لفلسطين يشهد التاريخ: أن الاسرة السعودية التي أخمدت ثورة 1936 الفلسطينية، ومهدت لاحتلال فلسطين ونكبتها عام 1948، كانت وما تزال تقول "حسنا" وتفعل سيئا، ويصدقها السذّج المجوفين من المبادئ، ومثلما مهدت الطريق لليهود في فلسطين وتمزيق وحدة العرب تمهد الطريق للامريكان حاليا… ومن يخدم أمريكا يخدم إسرائيل… هؤلاء هم آل سعود:

كم أقسموا بالدم المثئار لو طُرفت عين على القدس في ساحاتها قُتلوا ومزّق القدس أشلاءً مروّعة فاسئل ولو خجل التاريخ ما فعلوا هم الاولى سلبوا الاجيال لقمتها وبالحرير على أشلائها رفلوا هم لعنة الشعب والتاريخ ما برحت رجلُ لمستعمرٍِ في الأرض تنتقلْ وكانت فلسطين ـ كما هو معروف ـ مستعمرة للانكليز، وكان الشعب الفلسطيني يقاوم هذا الاستعمار بثورات متتالية منها ثورة 1936 التي أعلن فيها الشعب كله العصيان المدني والاضراب الشامل الطويل الذي دام 183 يوما ـ ابتداء من 25 أيار 1936 إلى 11 تشرين الأول 1936 فقاومه الانكليز بكافة أساليب البطش المعروفة ومنها زج أبناء الشعب في السجون والتشريد والفصل والنفي وغير ذلك من أساليب الاستعمار، وغير ذلك من أساليب الاستعمار، ومع كل ذلك فقد عجز الانكليز عن ايقاف مد تلك الثورة وعجزوا عن كسر طوق ذلك الاضراب الشهير، فحاولت السلطات الاستعمارية خداع الشعب الفلسطيني حينما أعلنت باسم الحكومة البريطانية في يوم 8 أيار 1936 (انها قررت ايفاد لجنة تحقيق ملكية لتحري أسباب الثورة ووضع الحلول المناسبة)… لكن عرب فلسطين رفضوا الانصياع لهذا الوعد البريطاني (وحلوله المناسبة)!. التي قصد بها الاستعمار كسر الاضراب واخماد الثورة… الحل السعودي السحري! إذا… ما هو الحل السحري الذي لجأت إليه بريطانيا؟.. لقد لجأت بريطانيا إلى كافة عملائها من الملوك والامراء والرؤساء العرب، لجأت إلى الامير عبد الله ـ حاكم الاردن ـ لفك الاضراب وايقاف الثورة فلم تفلح، ولم يفلح عبد الله، وفشل العملاء كافة مع الشعب الفلسطيني… ولم يجد الانكليز من ملجأ إلاّ ذلك العميل الذي دأبوا على استعماله في الملمات حينما تُسد في وجوههم الابواب… انّه عميلهم الاكبر الذي رقّوه من رتبة "الشيخ" و"الامير" و"السلطان" إلى رتبة "سلطان نجد والحجاز وملحقاتها "ومن ثم إلى رتبة "ملك المملكة العربية السعودية" فأصبح ـ فيما بعد ـ لا يُعرف إلاّ باسم الملك عبد العزيز!… وأسد الجزيرة.. وسيد الجزيرة… وصقر الجزيرة!. وحامي الحرمين… وقائد قادة العرب!. يومها بعث "الملك عبد العزيز" بالبرقية التي كتبها مستشاره جون فيلبي باسم "القادة العرب" والقادة العرب هم عبد العزيز آل سعود وأولاده… وبعثها بواسطة رئيس اللجنة العليا الحاج أمين الحسيني… وأطلقوا عليها اسم "النداء" وفيها يقول: الاعتماد على الله وحسن نوايا بريطانيا (إلى أبنائنا عرب فلسطين… لقد تألمنا كثيرا للحالة السائدة في فلسطين، فنحن بالاتفاق مع ملوك العرب والامير عبد الله ندعوكم للاخلاد إلى السكينة وايقاف الاضراب حقنا للدماء، معتمدين على الله وحسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم!..). هذه هي البرقية "النداء" التي بعثها الانكليز باسم "القوادين العرب" عبد العزيز وأتباعه… وأردفوا لها ببرقية أخرى… من هذا النوع وانقسم ثوار الشعب الفلسطيني أثر هذا "النداء" السعودي ثم ازدادت قسمتهم يوم أن أرسل الانكليز فيصل بن عبد العزيز نيابة عن والده لاحقا بسعود الذي أرسلوه من قبله إذ لم يتوقف عبد العزيز وأولاده عند البرقيات والرسائل ووسائل ايقاف الثورة خدمة "لصديقتهم" بريطانيا وتمكينا لقيام دولة اليهود… بل أعقب هذه البرقيات والرسائل بابنه سعود ثم ابنه فيصل يرافقه جون فيلبي الذي كان قد أسلم اسلاما سعوديا وسمى نفسه "محمد بن عبد الله فيلبي" وأخذ يتردد بين القدس ومكة بحجة "الجمع بين الصلاة في القبلتين"!… واجتمع فيصل بـ "قادة" فلسطين… وتم ذلك الاجتماع في القدس.. وفي ذلك الاجتماع المكشوف، قال فيصل: (حينما أرسلني والدي عبد العزيز في مهمتي هذه اليكم فرحت فرحتين: الفرحة الاولى، كانت من أجل زيارة المسجد الاقصى والصلاة في بيت المقدس، أما الفرحة الثانية فكانت فرحتي بلقاء هؤلاء الثوار لا بشرهم أن جهودهم لم تذهب سدى وان ثورتهم قد أثمرت بإثارة اهتمام صديقتنا بريطانيا العظمى التي أكدت لوالدي ـ حينما رأت اهتمامه بفلسطين ـ أنها لن تخيّب آمال الفلسطينيين، وبناء على ما عرفته من صدق نوايا بريطانيا أستطيع أن اقسم لكم بالله أن بريطانيا صادقة فيما وعدتنا به وان بريطانيا تعهدت لوالدي أنها عازمة على حل القضية الفلسطينية).. الخ. و"حلتها" بالفعل بريطانيا!.. وصلى "سعود" ولحقه فيصل، في صلاته "على القدس" الصلاة الاولى… وإلى جانبه (الشيخ الحاج محمد بن عبد الله فيلبي) "جون فيلبي" سابقا!. ويقول تقرير نشرته منظمة التحرير ونقلته مجلة "آخر ساعة" المصرية عنها عام 1968 (ان هذه البرقية ـ أو ـ النداء، وهذه الزيارة ـ السعودية ـ هي التي استطاعت أن تجهض لاروح الكفاحية العالية للشعب الفلسطيني التي سادت طوال السنوات السابقة كرد طبيعي وثوري على محاولات تهويد فلسطين وذلك حين تمكن من أن يبدّل الاسلوب الثوري بأسلوب المساومة والتنازلات بالاعتماد على نوايا الدول الاستعمارية وهي نفسها التي خلقت إسرائيل… أجل… لقد كان هذا "النداء" بمثابة المحاولة الاولى لسحب القضية الفلسطينية من تحت أقدام أبنائها ودفع النضال الفلسطيني بعيدا عن مرتكزاته الفعلية).. وجاءت الزيارة السعودية لتجهض الثورة الفلسطينية… (ويمكن التأكيد بأن اجهاض ثورة 1936 الفلسطينية كان بمثابة نقطة البدء والمقدمة المنطقية لتزايد فعالية العصابات الصهيونية فيما بعد، ثم أخيرا لقرار التقسيم الذي انتهى إلى اعلان قيام الدولة العنصرية. والذي حدث في ثورة 1936 حدث أيضاً في عام 1948 أي بتبني الاقطار العربية للقضية الفلسطينية وعزل الشعب الفلسطيني بمعظم فئاته عن فلسطين وكان "النداء من أجل حقن الدماء" وسيلة للمزيد من الدماء والبؤس)!… وبهذا الخبث السعودي الانكليزي ونتيجة لغباء من سموا أنفسهم بقادة الثورة الفلسطينية عام 1936 استطاع ـ عبد العزيز وسعود وفصل وآل سعود ـ بهذا الفاصل من المؤامرات ـ السعودية اليهودية المشتركة أن يفصلوا شعب فلسطين إلى فصيلين، الفصيل الأول، هو الذي صدق كلام آل سعود في "صدق نوايا" صديقتهم بريطانيا. أما الفيصل الثاني فقد عارض طلبات سعود وفيصل ووالدهما عبد العزيز وبريطانيا "لايقاف الثورة وفك الاضراب والاخلاد إلى السكينة" التي دعت لها بريطانيا وعملاء بريطانيا آل سعود لتمكين اليهود من تشكيل دولتهم!. يا ذا الامير أمام عينك شاعر! خلاف شعراء القصور! هنالك وقف الشهيد الشاعر الثائر المعروف عبد الرحيم محمود ـ الذي استشهد في معركة الشجرة عام 1948 ـ في طليعة المعارضين لوساطة آل سعود الذين عملوا ما بوسعهم لايقاف الثورة وفك الاضراب الكبير.. وارتجل أمام رسولي بريطانيا فيصل آل سعود وجون فيلبي في ذلك الاجتماع الذي دعوا فيه لايقاف الثورة وفك الاضراب الكبير، قصيدته المعروفة التي نبه فيها شعب فلسطين وتنبأ بمأساة فلسطين وخاطب فيها فيصل ووالده عبد العزيز وكانت بعنوان: نجم السعود يا ذا الامير أمام عينك شاعر ضمّت على الشكوى المريرة أضلعه المسجد الاقصى أجئت تزوره؟ أم جئت من قبل الضياع تودّعه؟ حرم تباع لكل أوكع آبقٍ ولكلّ أفّاق شريد أربعه وغدا وما أدناه لا يبقى سوى دمع لنا يهمي وسنّ نقرعه! أجل..دمع لنا يهمي وسن نقرعه… بهذه الابيات الاربعة فقط سجّل تاريخ آل سعود الذي هم خلف نكبة فلسطين الحقيقية… وسجله من بعده الشهيد غسان كنفاني يوم أن قال في مجلة "الهدف" بعنوان (السعودية وراء كل خيانة.. وإذا وقعت خيانة في أي مكان فابحثوا عن السعودية)… وكم هو الفرق شاسع بين ما قاله الشهيدان عبد الرحيم وغسان وغيرهما عن السعودية وما قاله تجار الشعر والادب في "قلّة الادب" من بعض الفلسطينيين أمثال "الهارون هاشم غير الرشيد" حينما ألقى بين قدمي الطاغوت فيصل في يوم الاحد 14/8/ 1394 هـ بعد أ ن حج ونجّس حجته بقصيدة قبّضوه ثمنها بالدولار. وقال فيها الهارون المرتزق: مولاي ما أبهاك يوم تمتَّعتْ عيني بوجهكَ ترتُجى وتؤمَّلً مولي هذي الأرض نبع للعطا هيهات ينضب نبعها أو يبخل مولاي عشت معززاً ومؤيداً بالله في صدقٍ تقول وتفعلُ !! مولاي يا أمل العروبة كلّها القدس ترقب، والمصلّى يسألُ المسجد الاقصى يضج ويسأل أيّان… موعدنا المؤمّل فيصلُ؟ إلى غير ذلك من هذا الشعر المرتزق الذي يناقض به قول الشهيد عبد الرحيم محمود الذي يؤكد أن فيصل ووالده واخوته هم الذين نكبوا فلسطين في وساطتهم المشهورة عام 1936 وبعدها. ولو تفحصنا أبيات عبد الرحيم محمود الاربعة وحدها فقط لوجدناها حاوية لتاريخ فلسطين كله الذي يجب أن يستشهد به أيضاً، الكاذب الآخر "محمد حسنين هيكل" دون ما حاجة لاستشهاده بوثائق المخابرات الامريكية… التي قال عنها في جريدة "الانوار" في يوم 16/1/ 1976 (ان وثائق الخارجية والمخابرات الامريكية التي اطلعت عليها تشهد لعبد العزيز آل سعود بعدم خيانة فلسطين)!… لقد كذب الهيكل وكذب الهارون، وكشف الشاعر عبد الرحيم محمود "قناع" يهود آل سعود أمام جون فيلبي وفيصل، لفلسطين والعرب أجمعين والانسانية جمعاء.. فليخرس الهارون، و"هيكل في القدس… وتوقع وقوع هذه النكسة النكبة الكارثة التي تسبب بها آل سعود آل سعود" حتّى وان "أبت الدراهم إلاّ أن تمد أعناقها". وليخرس عبد الرحمن الشرقاوي وصلاح حافظ وغيرهما من أولي الاعلان المتياسر ممن قدمت لهم السفارة السعودية بيانات كاذبة عن حياة الطاغوت فيصل قبل وبعد مصرعه بيد الشهيد فيصل بن مساعد، ووقعها عبد الرحمن الشرقاوي وصلاح حافظ وعبد الله أمام ويوسف الشريف غير آبهين بما تحتويه من أكاذيب سعودية عن فلسطين واهانات صارخة لشعب الجزيرة العربية، وقد اختارت السعودية هؤلاء وأمثالهم بالذات للتحدث عنها من منابر اليسار الساداتي لتعطيه روائح الانتان السعودي… ولابد لنا من عودة للحديث عما حدث بعد عودة فيصل وفيلبي محبطين ثورة 1936 في فلسطين لنرد فيما يلي على هؤلاء الكتاب والكلاب النابحة. وعاد سعود وعاد فيصل بعده برفقة جون فيلبي من فلسطين من يوم 10/10/1936 بعد أن صلوا صلاتهم الاولى في القدس و"ودعوا" القدس! يحملون راية الانتصار البريطاني اليهودي السعودي بايقاف الثورة وفك الاضراب الطويل في 11/10/ 1936. ويقول جون فيلبي بتواضع عن هذا الدور ـ الفاصل الهام ـ في محاضرته التي ألقاها في "المدينة الامريكية" في الظهران ونوهنا عنها بقل هذا الموضوع في مكان آخر في الكتاب: (ولقد سرّت القيادة البريطانية أعظم سرور ونلنا على أثرها ثلاثة أوسمة تقديرية الاولى لي والثاني لعبد العزيز والثالث لفيصل لهذا الدور بل لهذا الفصل التاريخي الذي قام به صديقها الحميم عبد العزيز آل سعود ووجهت إليه رسالة شكر تفيض بالعواطف لعمله الذي عجز عن فعله الجميع، كما سرّ قادة اليهود في فلسطين لهذا الجهد السعودي الجبار. أما زعماء فلسطين فقد شعروا بخيبة الامل بعدها وجاؤوا يتهافتون إلى الرياض طالبين من عبد العزيز "تحقيق ما وعدهم به عن صديقته بريطانيا" وحمّله بعضهم المسؤولية لكونه أقنعهم بصدق نوايا بريطانيا فحلّوا الاضراب وأوقفوا الثورة ثم أطلعوه على احصائية أكيدة تثبت تزايد اعداد اليهود في أنحاء كثيرة من فلسطين بتسهيلات ومساعدات عسكرية واقتصادية تقدمها لهم بريطانيا، لكن عبد العزيز كان يقول للزعماء الفلسطينيين في كل مرة يأتون فيها إليه: "ان بريطانيا لن تخون العرب وانني سأبحث الأمور مع أصحابنا البريطانيين"). وان كان هؤلاء "لا يودون الرجوع في البحث عن مأساتنا في فلسطين إلاّ إلى ما دونته "وزارة الخارجية السعودية والمخابرات الامريكية، فليرجع هؤلاء إلى ما رواه قادة اليهود عن دور السعودية ـ لفتح ـ كل ما عجزت عن فتحه بريطانيا وأمريكا وعن دور السعودية الرئيسي في اقامة دولة "إسرائيل!. " وهذه هي فقرة من مذكرات وايزمن بعنوان: ابن السعود سيّدا قال وايزمن في 11/3/ 1942 ـ ابان وداع وايزمن للسيد جون مارتن سكرتير تشرشل، الذي كان السكرتير العام للجنة بيل ـ: (قال تشرشل لي: "أريدك أن تعلم أنني وضعت مشروعا لكم وهو لا ينفذ إلاّ بعد نهاية الحرب، انني أريد أن أرى ابن السعود سيّدا على الشرق الأوسط وكبير كبراء هذا الشرق على شرط أن يتفق معكم أولا، ومتى تم هذا فعليكم أن تأخذوا منه ما تريدون أخذه وليس من شك في أننا سنساعدكم في هذا، وعليك أن تحتفظ بكتمان السر، ولكن انقله إلى روزفلت، وليس هناك شئ يستحيل تحقيقه حين أعمل لتحقيقه أنا وروزفلت" وبر الرجل بوعده… بل الرجلان بالوعد وتعاونت بريطانيا وابن السعود وأمريكا على دعمنا بأشياء أعلنت وأشياء أهمها لم يعلن)… كذا… وما زالت السعودية تطبّق ما أعلن من أشياء وما لم يعلن! وها هو جزء من دور آل سعود بشهادة مؤسس دولة اليهود ـ وايزمن. وهكذا قامت إسرائيل في مذكرات وايزمن، ومن لم يطلع على هذه المذكرات فبإمكانه الاطلاع على بعض ما نشرته بعض الصحف العربية عنها مثل صحيفة "إلى الامام" في 14/12/ 1973 بقلم موسى الشيخ … ان الصهيونية لم تستند على بريطانيا وأمريكا وحدهما في ايجاد "حق تاريخي" مزعوم للصهاينة في فلسطين إلاّ بعدما اعتمد الصهاينة على اليهود الذين أسلموا ـ آل سعود ـ وعلى الموظفين الملوك والرؤساء العرب من طراز الملك عبد الله وهو صاحب دور ثانوي بعد آل سعود، ومن يتتبع سير مجرى الخيانة السعودية يجد أن السعودية خلف ـ وأمام ـ خيانة السادات.. وانها دعامته الاولى: رغم ان هؤلاء الموظفين من "قادة العرب" لم يلعبوا "باسم الدين والدين الجديد النفطي" مثلما لعبه آل سعود لصالح الاستعمار والصهيونية… وما زالوا يلعبون… حيث لم تكن للاسرة ودعامتها السابقة "المخابرات البريطانية" ـ قبل تجارة النفط ـ من تجارة في السابق سوى المتاجرة بدين محمد بن عبد الوهاب اليهودي القائم على "الدستور" الفاسد المبني على الاساسين التاليين: 1 ـ ان كل من يحارب أو يعارض آل سعود كافر بالله، ومن يعادي آل سعود فقد عادى الله ورسله!. 2 ـ ان من يقتل من يعادي آل سعود فله الجنة وان قُتل ولمن يقتله النار ولقاتل ـ أعداء آل سعود ـ، مال المقتول غنيمة حرب.. الخ. أما الآن فقد أضيفت "لتجار النار" السعودية "تجار الجنة السعودية" أي تجارة الذهب الاسود، وغدت "كل السعودية أراض مقدسة" كما تقول صحيفة "المصور" القاهرية.. وصارت الحجة إلى مكة وحدها لا تقبل ما لم يعتمر صاحبها في بيت الحرام السعودي بالرياض، فيعمّر في هذا البيت السعودي "جيوبه… ويدفع عيوبه".. سيطرة اليهود على المخابرات لقد ركز يهود العالم في القرن التاسع عشر معظم جهودهم للسيطرة على المخابرات البريطانية فتركزت نخبة من اليهود في "المكتب الهندي" الذي يشرف عليه أمثال اليهود يالمعروف السير برسي زكريا كوكس وبيلي، وشكسبير وجون فيلبي المؤيد "لاقامة وطن لليهود في فلسطين"… وللتضليل باسم الدين استبدلت المخابرات اليهودية المسيطرة على المخابرات الانكليزية اسم جون فيلبي باسم (محمد بن عبد الله فيلبي) وأسلم اسلاما سعوديا وتولى قيادة "جيش الاخوان المسلمين السعوديين"، لغزو الجزيرة العربية باسم عبد العزيز آل سعود ورفع راية "الدين الجديد" واقصاء آل رشيد والشريف حسين بن علي بعد أن رفض آل رشيد وحسين بن علي الموافقة باعطاء فلسطين وطنا لليهود، ورفضوا التعاون مع "المكتب الهندي" لتقسيم البلاد العربية.. في الوقت الذي وافق عبد العزيز آل سعود على كل شئ ـ مخزي ـ طلبه منه هذا المكتب اليهودي، ومما دفع عبد العزيز آل سعود لهذا التزامي الذليل بأحضان الانكليز كون شعبنا قد طرده وطارد عائلته من جزيرة العرب فذهب ـ عبد العزيز ووالده عبد الرحمن ـ ليقيم في ضيافة الوالي العثماني في الكويت مقابل 70 روبية شهريا، إستضافه بعدها مكتب المخابرات الانكليزية "المكتب الهندي" مقابل 500 روبيّه ورفعوا مرتبه إلى 500 جنيه استرليني شهريا… فوجد فيه الانكليز الوسيلة الصالحة لضرب وحدة البلاد العربية.. الوحدة التي كانت قائمة حتّى في عهد الاستعمار العثماني… ومثلما دعمته المخابرات البريطانية بتمليكه جزيرة العرب، قام هذا المكتب ـ نفسه ـ مكتب ـ المخابرات البريطانية الذي يسيطر عليه اليهود ـ بإيقاف عمليات الجيولوجيين التابعين للشركة ـ الشرقية البريطانية ـ واتفقوا معهم على الادلاء بشهادة كاذبة لشركة بترول العراق التي أوفدتهم وزعموا "أنه لا مستقبل للبترول في حقول الاحساء"!.. والمعروف أن العراق كان حينذاك مستعمرة لبريطانيا وكان مندوبها السامي ـ في العراق ـ هو السير برسي زكريا كوكس "اياه" لكن ـ كوكس ـ خان حتّى بريطانيا حينما قام هذا اليهودي بفتح الابواب السعودية للشركات الامريكية التي عرفت فيها بعد باسم (أرامكو) فأعطاها امتياز البترول… كل ذلك حصل بدوافع صهيونية السير برسي زكريا كوكس، وباتصالات قام بها بمعرفة "جون فيلبي" بنفسه مع الشركات الامريكية ـ وكان فيلبي يعمل تحت إمرة كوكس، وذكرتها الكتب التاريخية… فلماذا فعل هذا "جون فيلبي" وهو ـ البريطاني ـ مسؤول المخابرات البريطانية المعروف بالذكاء والاخلاص لبريطانيا والمشهود له بنزاهة الجيب ؟!… لم يقم فيلبي بهذا مقابل سمسرة مثلما يفعله أحمد زكي اليماني وعدنان خاشقجي وحكام آل فهد بل قام فيلبي بابعاد نفوذ الشركات البريطانية وهو يعلم أنه يقوم بابعاد بريطانيا التي يمثلها حينما أدخل الشركات الامريكية… لكن خدمة الصهيونية العالمية فوق كل اعتبار، لقد وضع اليهود نهاية بريطانيا وأدركوا بحساباتهم الصادقة إن نهاية بريطانيا قد بدأت في جزيرة العرب في الثلاثينات من القرن العشرين في الوقت الذي أحكم اليهود فيه سيطرتهم على بريطانيا وبدأت فيه سيطرة اليهود تبرز في أمريكا فوجدوا أنه لابد من دعم أمريكا وإيجادها في جزيرة العرب لاستمرار ضمانة دعم "إسرائيل" فيما يسمى "بالمملكة السعودية" بالذات ـ ذات المواقع الاهم ـ من كل النواحي… ويومها خشي عبد العزيز على مصدر رزقه البريطاني وقالها علانية وهو يبكي أمام جون فيلبي: (لماذا يا شيخ فيلبي توقف أصحابنا الانكليز عن البحث عن الزيت؟… انني لا أريد منهم شيئا أكثر من القرب منهم، انني مستعد لان أرهن عندهم بلادي كلها من مكة إلى الاحساء مقابل عشرة آلاف جنيه…. انني بحاجة للمال يا شيخ فيلبي)… لكن عبد العزيز دهش حينما أتاه الجواب التالي ومن جون فيلبي الانكليزي بالذات: (سيأتيك المال من أمريكا يا عبد العزيز)!… أجل لقد دهش عبد العزيز لما قاله ـ وكيل بريطانيا ـ لدى عبد العزيز ـ فظنها عبد العزيز مجرد امتحان لعبد ـ الانكليز ـ من جون فيلبي، أو هي نكتو بريطانية، حينما قال عبد العزيز لجون فيلبي: (هل تريد امتحاني أم انك تريد معرفة مدى ما أكنه لبريطانيا من مودة يا شيخ فيلبي؟ وهل يجوز لمثل استبدال صديقتنا بريطانيا العظمى بأمريكا الضعيفة أو غيرها وبهذه السرعة؟..) فأجابه فيلبي بقوله: (انها سياسة بريطانيا ذاتها التي تريد لك التبدل عنها إلى أمريكا)!… وأردف فيلبي يقول: (على أي حال ان صداقتي معك لهذه السنين الطويلة تجعلني أنصحك بالاتصال بالشركات الامريكية ـ أقولها وأنا المنفّذ أن كنت تلجأ في الكويت حتّى اعترف بك بريطانيا ملكا لمليوني كيلو متر مربعة ذات موقع هام في جزيرة العرب)…. يومها قال عبد العزيز لفيلبي: (لو لم أكن أعرفك انك لا تقول إلاّ الصدق وأعرف أنك لا تنصحني بشئ إلاّ أطعت نصيحتك فيه لما صدّقت ما تقوله، ولكن كيف لي أن أتصل بالامريكان وشركاتهم؟)… وكم كانت دهشة عبد العزيز واضحة أكثر حينما قال له فيلبي: (أنا الذي سأتصل لك بالامريكان وشركاتهم وسوف لني دفعوا لك مثلما دفعت الشركات البريطانية عشرة آلاف جنيه فقط ترهن بها بلادك. بل ستدفع لك الشركات الامريكية/ 50000/ جنيه مقابل عقد اتفاق معهم تمنحهم بموجبه حق الامتياز للبحث واخراج وتصفية وتصدير وبيع البترول في جزء واحد من مملكتك)… قال عبد العزيز: (ان املي كبير بك يا شيخ فيلبي، ولكن… ألا يغضب الانكليز لهذا العمل الشنيع مني؟..) قال فيلبي: (كما أنا المسؤول الأول معك أنا المسؤول الاخير أيضاً عن غضب الانكليز)!… وهكذا فتح اليهود في المخابرات الانكليزية أبواب "مملكة الزيت والدماء"… للامريكان… أمريكا والبترول و"الشيخ" السعودي ضمانة أكبر لاقناع العرب والمسلمين باتساع رقعة فلسطين لليهود!! في حلقة كتبها إبراهيم عامر في مجلة "بيروت المساء" الصادرة يوم 21/ 12/1973 نقل لنا ترجمة لكتاب (فلسطين أو إسرائيل… القصة التي لم ترو) لمؤلفه الصحفي البريطاني الصهيوني المولود في سويسرا عام 1909 والمعتبر منذ مدة طويلة أحد الخبراء في شؤون الشرق الأوسط وله مجموعة مؤلفات منها: "الاعمدة السبعة المنهارة" و"الطرق السرية" و"على جانبي التل" و"اليقظة العربية الثانية"… والمعتمد في مؤلفاته على العديد من الوثائق التي لم يسبق نشرها ومن بينها الاوراق الخاصة ـ للورد سيف ـ الذي كان ذات يوم مساعد شخصيا للدكتور حاييم وايزمن أحد زعماء الحركة الصهيونية البارزين وأول رئيس "لدولة إسرائيل"… يكشف المؤلف الكثير من الاسرار… وبالذات يلقي الضوء الكاشف على دور البترول في قيام إسرائيل وتحديد دورها في المنطقة العربية وعلى حقيقة العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل.. وأسرار التنازع الامريكي البريطاني حول خدمة الصهيونية ودور الصهيونية في اعطاء الدور القيادي لامريكا في الجزيرة العربية ورفع يد بريطانيا عن "السعودية" وبترولها لاحلال الامريكان محل الانكليز ـ في مطلع الثلاثينات ـ إلى أن يقول المؤلف: (ونصح مستر هارلفورد هو سكينز الممثل الشخصي للرئيس الامريكي روزفلت "بأن لا تعارض الولايات المتحدة المطالب الصهيونية وأن يصبح السعي إلى السيطرة على البترول في المرتبة الاولوية العليا لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط)… وقال وزير الخارجية الامريكية مستر كوردل هل لوزير الداخلية الامريكي مستر هارولد أيكر، الذي كان يشغل أيضاً منصب رئيس مؤسسة احتياطات البترول، قال: (لابد أن يدرك اليهود معنى الوجود الامريكي في السعودية لدفعهم إلى الامام ومدهم بالبترول وبالعون المادي وباستراتيجية الحماية الممتازة وبالاستفادة من "الشيخ" السعودي باقناع العرب والمسلمين بطرق مباشرة وغير مباشرة بامكانية اتساع رقعة فلسطين لليهود)… وقال: (لا بد أن يكون هناك ادراك كامل لحقيقة أن بترول السعودية يمثل احدى ثروات العالم الكبرى) و(ان البريطانيين قد أدوا دورهم في ابراز الوجود اليهودي في فلسطين لكن للانكليز طاقة محدودة في حمايتهم وأمريكا القادرة لاعطاء ضمانات الحماية الكاملة بوجودها في السعودية)… ونصح مستر هل (بأن تكون المساعدة الامريكية للبريطانيين في تنمية مصالحهم البترولية مساعدة محدودة بما هو ضروري فقط لمواجهة الاحتياجات العاجلة للحرب)… وبعد قليل من رسالة مستر هل إلى مستر آيكر، اتصل وزير البحرية جيمس فورستال تلفونيا بالرئيس الامريكي روزفلت وأبلغه رسالة تم تسجيلها. قال فورستال للرئيس روزفلت: (ان رجال البترول الذين تعرفهم يريدون من الحكومة الامريكية أن تساندهم بنفوذها في العربية السعودية)!… وقال المؤلف: (ولم يكن البريطانيين يجهلون سبب تلك الحمى المفاجئة من اهتمام واشنطن بشؤون بترول الشرق الأوسط، وخاصة بذلك "الشيخ" الملك عبد العزيز آل سعود وبلغ قلق تشرشل حدا دفعه إلى أني برق إلى الرئيس روزفلت ليقول له بعبارة بسيطة مباشرة أن القلق يسود هوايتهول بسبب أن الولايات المتحدة ترغب في حرمان بريطانيا من مواردها البترولية في الشرق الأوسط، والتي يعتمد عليها الاسطول البريطاني في تموينه. وقد رد روزفلت على الفور قائلا ان يشعر بالقلق هو أيضاً ـ من الاشاعة التي تقول أن البريطانيين يرغبون في الاستيلاء على موارد البترول في العربية السعودية. وفهم تشرشل على الفور مدى الخطر الذي أصبح يتهدد التحالف البريطاني الامريكي فقرر أن يخفض حرارة المناقشة، وبعث برسالة شخصية إلى روزفلت يعرب فيها عن شكره للرئيس الامريكي للتأكيدات التي أعطاها بأن الولايات المتحدة لا تتطلع بعين الطمع إلى حقول البترول البريطانية في إيران والعراق، ثم اضاف يقول: ثم دعني أرد عليك بالمثل "انني أعطيك تأكيدي التام بأنه ليست لدينا فكرة للاستيلاء على مصالحكم أو ممتلكاتكم في العربية السعودية. ان بريطانيا لا تسعى إلى أي مكسب اقليمي أو إلى أي نوع آخر من المكاسب نتيجة للحرب. لكنها لن تقبل أن تُحرم من أي شئ تملكه شرعا!… على الاقل ما دام خادمك المتواضع يتولى الحكم"). ثم راح تشرشل يوسط وايزمن الزعيم الصهيوني لان تتقاسم بريطانيا وأمريكا بترول "السعودية" لكن وايزمن أبلغ تشرشل بقوله ممازحا اياه بما يعني الحقيقة: (ان دور بريطانيا اليهودي انتهى) من آل سعود وجاء دور أمريكا… ولكن لكل زمان دولة ورجال!… وانتهى الموضوع بهذا الدور السعودي!… وبدأ لآل سعود دور آخر مع بداية البترول أجل .. لقد بدأ للسعودية دور يهودي آخر.. وكم هو الفرق شاسع ماليا بين ما قاله عبد العزيز لجون فيلبي في بداية الثلاثينات (انني على استعداد لرهن البلاد لبريطانيا بـ /10000/ جنيه) وبين ما يبذّرْ آل سعود… من مليارات على الدعارة والمؤامرات وعلى فروج لا تكلّ من الجماع. ولاتمام الدور السعودي اقطعت الصهيونية في المخابرات البريطانية بلادنا لآل سعود مثلما اقطعت فلسطين لليهود، ورأت السياسة الصهيونية ازاحة بريطانيا "العظمى" ليبدأ دور الامبريالية الامريكية "العظمى" لتأخذ الدور القذر والمكانة الفاحشة "المعظمة" لبريطانيا العظمى سابقا ـ في تبني المخلوقات اليهودية "آل سعود" في الجزيرة العربية، واليهود في فلسطين، وتناسى آل سعود "فضل بريطانيا عليهم" وفضل البواخر البريطانية عليهم حينما حاصرت جدة ولم تبارح البحر الاحمر حتّى نقلت الشريف حسين بن علي إلى منفاه في قبرص واغتيل مسموما هناك، بعد ان سلموا عرشه لآل سعود، ووزعوا بقايا أسرته على الاقطار العربية التي قسموها وأعطوا آل سعود قسما منها… كما تناسى آل سعود دور بريطانيا بتنفيذ رغبتهم والحاحهم باغتيال "الشريف فيصل والشريف غازي" في العراق بعد أن بقيا يتحركان ضد آل سعود… وتنفيذا للرغبة السعودية المبنية على رغبة الصهاينة قام الانكليز بتعويض الهاشميين بعرش "بدل ضائع في قطعة من صحراء سوريا أطلقوا عليها اسم الامارة الاردنية الهاشمية ومن ثم المملكة الهاشمية… ولم يتعلّم قادة فلسطين الدروس السعودية أجل… وبعد فوات الاوان، أدرك بعض قادة الشعب الفلسطيني ما لعبه الخداع السعودي وانحطاط الادوار التي تناوب آل سعود على تمثيلها من ممثلين للعثمانيين إلى ممثلين للصديقة العظمى بريطانيا إلى ممثلين لامريكا "الصديقة الاعظم" إلى منفذين لاوامر الصهاينة… ولكن هؤلاء الكتاب وأمثالهم لا يخجلون بدعوتهم لآل سعود "لعدم الاستحياء من أداء دورهم التاريخي"… وما دعوة السعودية هذه التي ينادي بها يسار العمالة إلاّ "تاكتيك" قديم يتجدد لتغطية التآمر… فلقد باشر آل سعود مثل هذا التاكتيك سابقا… إلى حد أن آل سعود كانوا عام 1946 ينتقدون بريطانيا أمام الفلسطينيين "المتألمين" وكان عبد العزيز يقول لمن يقابله من قادة فلسطين: (ما كنا نظن أن اختلافات أحزاب الحكام البريطانيين من عمال ومحافظين ستؤثّر على سياسة بريطانيا في فلسطين المسلمين والعرب!)… لكنه حينما يخرج الفلسطينيون من مجلسه يقول للحاضرين وبأعلى صوته: (هؤلاء الفلسطينيين هم اليهود الذين يجب أن يحاربوا أما اليهود الاصليين فقد عادوا إلى بلادهم فلسطين وعليهم تسميتها بأي اسم يرونه، ومن حصل على شئ يستأهله) أي يستحقه… وهذا الكلام السعودي الرخيص يذكرنا بكلام المندوب البريطاني في الاردن الجنرال كلوب باشا الذي كان يسب الانكليز أمام جنوده في البادية فيقول: (لعنة الله على الانكليز فأكثرهم كفار لا يحبوننا يالعرب)!. وتحت ستار هذا الكلام الذي صدقه السذج ـ لعب كلوب دوره الانكليزي العربي المزدوج المحدد له من المخابرات البريطانية الموجهة من الصهاينة… كما يلعبه آل سعود … بالتمام.. وتحت هذه الاقنعة الكلامية يتدفق اليهود من كل أنحاء العالم إلى فلسطين.. ولقد ساهمت السعودية باقامة إسرائيل مثلما ساهم الصهاينة باقامة "حكم الاسرة السعودية" الذي أشرف على قيامه ثلة من المخرجين رسل المخابرات البريطانية امثال الصهيوني اليهودي برسي كوكس والكابتن شكسبير والمس بيلي التي زوجوها لعبد العزيز فهربت من شدة شذوذه الجنسي معها.. ليجعلوا منه "سياج أمان" للكيان الصهيوني، كما ساهمت السعودية بمساعداتها لليهود الموجودين في نجران ويهود اليمن بالمال ونقلتهم عبر العقبة وغيرها للعبور نحو فلسطين… وما أن قربت نهاية فلسطين حتّى جاء "زعماء" فلسطين ـ نفس الزعماء الذين صدقوا ما قاله فيصل "عن وفاء الصديقة بريطانيا" وصدقوا ما قاله عبد العزيز وبقية أولاده بلسان بريطانيا فساهم هؤلاء الزعماء بنكبة بلادهم فلسطين عام 1936 بتصديقهم للعملاء ومع ذلك جاءوا إلى الملك عبد العزيز عام 1946 ومعهم منشورات سلموها للملك عبد العزيز وطلبوا منه "توزيعها على الشعب السعودي" لاطلاعه على مصير قضية فلسطين!… فغضب "عبد العزيز" أولا: لتسميتهم الرعية السعودية باسم الشعب السعودي!. ثانياً: لطلب القادة الفلسطينيين من عبد العزيز بتعويد الرعية السعودية على توزيع المنشورات!. هنالك قال لهم عبد العزيز بصراحة (ان الرعية السعودية فاهمة مصير فلسطين بدون منشورات)!. ويومها استدعى الملك عبد العزيز مستشاره يوسف يس رئيس تحرير جريدة "أم القرى" الرسمية وأعطاه المنشورات وقال له "سنِّعها" فقام يوسف يس بحرق تلك المنشورات، أما "وفد المنشورات" الفلسطيني فقد أصدر عبد العزيز أمره إلى خادمه "الطبيشي" باعطائهم خرجيّة… وذهب الوفد الفلسطيني ليعود عام 1947 يستعطف عبد العزيز مرة أخرى "نجدة فلسطين"!. مالها فلسطين؟! فلسطين في عيني "العوراء" فما أن قالوا له: فلسطين يا عبد العزيز، حتّى تساءل عبد العزيز باستغراب: (مالها فلسطين؟..) قالوا له: ستضيع فلسطين، فاقطع البترول عن أصحابك الامريكان الذين أصبحوا أكبر دعامة بعد أصحابك الانكليز في دعم اليهود… قال عبد العزيز باستغراب وسخرية ما كرة ( أولا: ما علاقة الزيت بفلسطين؟. ثم اننا حتّى لو فكرنا في قطع الزيت عن أمريكا فما منا من يستطع اعادته ثانية لنا بل ولا منا من يعرف قطعه فالزيت بيد الله والامريكان… ولو أننا عرفنا طريقة قطعه ولو أننا أمرنا الامريكان بقطعه فسوف لا نجد ما ننفقه على جيشنا والجيوش الإسلامية والعربية للحرب في فلسطين وتخليصها من اليهود!. لكني سأبحث الامر مع أصدقائنا الامريكان وأحلها معهم وثقوا أن مكانة فلسطين في عيني هذه!). فلاحظ الوفد الفلسطيني أن عبد العزيز ما زال يريد "بحثها ـ وحلّها!" مع أصحابه الانكليز عام 1936، ووان عبد العزيز كان يشير بيده إلى عينه وكانت عينه تلك التي يريد وضع فلسطين فيها هي العين العوراء وقد ضاعت عينه عام 1922 بضربة من مخرز حديدي طعنت به عينه السيدة نورة الحمود، حين اغتصبها بزواج سعودي غير شرعي أثر سقوط منطقة حائل بيد الاحتلال السعودي بعد حروبها الطويلة مع آل سعود… وكانت النتيجة أن أفقدته ـ نورة ـ لا ـ نور ـ عينه فقط بل شهوته السعودية الحيوانية ولم يتمم اغتصابه ـ لنورة ـ التي اغتصبت بلادها واغتصب العديد من النساء أثر قتله لذويهن وأزواجهن... وهكذا ضمن عبد العزيز ضياع فلسطين مثلما ضمن ضياع عينه! ولكي نعرف ما قدمه السعوديون في الحرب الفلسطينية يكفي أن نأخذ هذه الفقرة من مذكرات القائد طه الهاشمي الذي كان رئيسا للجنة العسكرية المنبثقة سنة 1947 ـ 1948 عن جامعة الدول العربية للاشراف على حرب فلسطين. وقد نشر هذه المذكرات في جريدة "الحارس" البغدادية. قال الهاشمي حرفيا: (ان الحكومة السعودية أبرقت للجنة العسكرية عن أسلحة معدة لانجاد فلسطين موجودة في (سكاكا) بالصحراء في شمال الجزيرة العربية "السعودية" فأرسلت الحكومة السورية طيارات عسكرية فأحضرت تلك الاسلحة لدمشق وسلمتها إلى المصنع الحربي التابع للجيش السوري لفرزها وتبويبها، فإذا هي أسلحة عتيقة رديئة متعددة الانواع والاشكال، فيها الموزر والشنيد والمارتيني الخ… وفيها بنادق فرنسية وانكليزية وعثمانية ويونانية ونمساوية، وكلها بدون "جبخانة" كلها مصدئة "خردة" لا تصلح لقتال)… ثم قال الهاشمي: (انهم وجدوا بين هذه الحدايد بنادق "فتيل" مما تعبأ بالكحل من فوهتها وتدك من الفوهة أيضاً، وانها من مخلفات حملة الجيش المصري على الوهابيين في أوائل القرن التاسع عشر)… "انتهى". وليس هذا فقط فإن رؤساء الوفود العربية في هيئة الامم المتحدة أرسلوا عشية الموافقة على قرار تقسيم فلسطين عام 1948 برقية إلى الملك السعودي يلحون عليه بإصدار تصريح ـ مجرد تصريح ـ يهدد فيه بقطع البترول إذا صوتت أمريكا على التقسيم واعترفت باسرائيل!. فماذا كان رد الملك؟ كان رده أن أعطى تصريحا معاكسا قال فيه: (ان المصالح الامريكية في السعودية محمية، وأن الامريكيين هم من "أهل الذّمة"، وان حمايتهم وحماية مصالحهم واجب منصوص عليه في القرآن الكريم)!!.. وهكذا تم تقسيم فلسطين واقامة إسرائيل واعتراف أمريكا بالدولة المغتصبة بعد اعلان قيامها بدقيقة واحدة… واستمرت الصداقة بين آل سعود وأمريكا ولا ريب في هذه العلاقة السعودية مع اسرائيل، حتّى وان زعموا أنه لا علاقة مباشرة لهم مع "إسرائيل" فالعلاقة مع أمريكا كافية.. اضافة إلى أنه لم يكن نسب آل سعود اليهودي مجهولا للعديد في نجد، بل كان الكثيرون يعرفونه ويعرفون كيف تظاهر السعوديون بالعروبة والاسلام سترا لاغراضهم ومطامعهم. وممن أشار إلى هذا النسب الشاعر النجدي الشهير "حميدان الشويعر" الذي كان يجيد نظم الاشعار الشعبية المعبرة عن أحاسيس مواطنيه. وقد ورد ذكره وقصيدته في أول الكتاب…. ومع هذا فما زالت قصة "الصلاة في القدس تعيد نفسها" وما زال الاعلام العربي يضلل الاجيال عن (صلاة فيل الاولى في القدس) وعن قصة وضع فلسطين في "عيون "آل سعود… وما زال بعض الزعماء حينما يحجون للرياض يأخذون معهم "سجادة الصلاة" للصلاة في عتبات القصور السعودية .. مما أضحك فيصل نفسه فعلق هؤلاء بقوله: (من يضحك على من؟)… وحينما رأى فيصل (ثفنة) الصلاة في جبهة السادات قال له فيصل يمازحه: (لقد سابقتنا يا فخامة الرئيس على الجنة)!… هذا هو "فيصل الخالدين" يا عبد الرحمن الشرقاوي!.. و(فيصل الذي ذهب ليفاوض بريطانيا باسم العرب وعمره 12 سنة).. يا صلاح حافظ… بل هذه هي لمحات يسيرة عن "الادوار السعودية" التي يطالبهم محمد حسنين هيكل باستمرارها وعلى العرب فتح الطريق للسعودية!… كما قال.. علما أن أدوار السعودية لا تخفى على "هيكل" في اليمن حينما فقدت مصر في حرب اليمن 1600/ من خيرة شبابها والسبب الأول والاخير هي السعودية ولا ننسى الادوار السعودية في ظفرا وفي البحرين كما لا ننسى ضغط السعودية على حكام الكويت والبحرين لحل المجلس التشريعي عام 1975 و1976، وكذلك مساعدة السعودية للسلطان قابوس، والنميري، والحسن،… وانفاق السعودية أربعة مليارات ليرة لبنانية خلال حرب لبنان لتسليح وتمويل الاحزاب الرجعية وقادتها وعدد من المحسوبين على المسيحية والاسلام وعلى عدد من الصحفيين والكتاب والشعراء، فكم دفعت السعودية لدول المواجهة؟.. لا شئ.. بل ما دفعته السعودية للصحفيين والعملاء والوزراء السابقين وبعض العائلات في مصر وحدها بلغ في عام واحد أكثر من ثلاثة مليارات خلاف تمويلها للسادات بمليارين دولار سنويا وخلاف دفعها لقيمة الطائرات والاسلحة له.. وماذا دفعت للشعب وعائلات الشهداء في لبنان وفلسطين ومصر وسوريا واليمن وعمان، وغيرها؟… لا شئ… لا شئ أكثر من الاستثمارات، والاستثمارات هذه لا تتمثل إلاّ في استثمار عقارات وشركات استثمارية لا تعود بالمصلحة للشعب وانما تعود بزيادة الثراء المتفجر للمستثمر السعودي بل ان السعودية قد ساهمت وما زالت تساهم في رفع أسعار المساكن والشقق والاراضي في مصر وعدد من الاقطار العربية وافشاء الدعارة وشراء الذمم والاقلام الرجعية والقوادين والمتاجرين بالمبادئ. وهذه هي صلاة آل سعود في القدس… يا كلاب!. نشرت مجلة "الهدف" اللبنانية في عددها 326 يوم 15/11/ 1975 وثيقة عن لقاء تم في 17/1/ 1975 بين وزير الخارجية الامريكية هنري كيسنجر وبين فريق من الصحفيين ورجال الاعمال الامريكيين حول غذاء دعا إليه فريق صحيفة "التايم" الصحفي… عبر فيه كيسنجر عن الانتصارات التي حققتها وستحققها أمريكا بتمهيد من أصدقاء أمريكا في المنطقة، قال فيه كيسنجر: (فالملك فيصل يقول لي الآتي بوضوح: انّه على استعداد للقبول بحدود إسرائيل سنة 1967) وأردف كيسنجر يقول: (عندما نأخذ بعين الاعتبار أنهم لم يجرأوا قبل ذلك على الموافقة بقبول وجود إسرائيل… نراهم يصرحون بذلك وعلى تم استعداد للاعتراف باسرائيل في حدودها الحالية حدود 1967)!.. هذه هي شهادة كيسنجر وهو شاهد من "أهل" آل سعود. الاعتراف السعودي "باسرائيل"! وبعد مصرع الطاغية فيصل وقيام "آل فهد" بتنصيب خالد ملكا… أرادت صحيفة "الواشنطن بوست" الامريكية التعرف إلى وجهة نظر الملك الجديد خالد وولي عهده الجديد فهد بل "الملك الفعلي"… فخرجت منهما بتصريح قالا فيه في 15/6/ 1975 (بأن السعودية على أتم استعداد للاعتراف باسرائيل..ز ولكن على إسرائيل أن تحل مشاكلها مع جيرانها وتتدبر أمرها مع الفلسطينيين) … وعندما سألتهما عن (معنى تدبّر الامر) . قالت ان فهد قال: (إسرائيل أدرى في شؤونها)!… إذا… لم يبق على الفلسطينيين إلاّ معرفة من هو العدو الأول الواجب قتاله، والمساهمة معنا بقتاله بالكلمة والرصاص، هذا العدو الذي لولاه ما فشلت الثورة الفلسطينية عام 1936 حينما زار فيصل وجون فيلبي القدس فقسموا شعب فلسطين على بعضه… وزعموا أن عبد العزيز آل سعود (يضمن صدق وعود الاصدقاء الانكليز)… فوقف الشاعر الثائر عبد الرحيم محمود يلقي قصيدته ـ الآنفة ـ المعروفة في وجه الخيانة السعودية … ان السعودية عدو قديم جديد ساهم في الدرجة الاولى في اقامة إسرائيل وما زال يدعمها… انّه العدو الذي ساهم بتحريضه بالمال والسلاح والقوات لضرب الفلسطينيين في لبنان منذ 1970 وما زال يساهم حتّى هذا التاريخ. وحول تصريحات الملك خالد للاعتراف باسرائيل كتب فيصل حوراني في جريدة "السفير" البيروتية يقول: (التصريحات التي أدلى بها الملك السعودي لمجلة الواشنطن بوست حول استعداد السعودية للاعتراف باسرائيل جاءت لتساعد على اظهار موقف المتحمسين للحل عن طريق أميركا بمظهر موحد وخاصة في هذه المسألة الكبيرة المتعلقة بالاعتراف باسرائيل. كان فيصل مع حماسه الشديد ومع جهوده الكبيرة لربط العرب بعلاقات وثيقة مع أميركا يتحفظ ازاء الاعتراف باسرائيل بعض الشئ تغطية لمواقفه الامريكية… بالطبع ما من أحد يجهل أن السعودية ظلت تمارس عمليا تلك السياسة التي تدفع إلى التسوية الامريكية وليس فقط إلى التسوية التي عبر عنها القرار 242 وان تمسكها في ظل حكم الملك فيصل برفض الاعتراف باسرائيل كان شكليا… والآن جاء الملك خالد وتجاوز هذه المسألة مثيرا بذلك دهشة بعض قادة حركة المقاومة… أما القادة الذين لم يندهشوا فهم الذين رأوا في موقف الملك الجديد تحصيل حاصل بالنسبة للسياسة السعودية المعروفة. ومهما يكن من أمر فان تصريحات الملك خالد تثير ملاحظتين: الاولى ان حلقة الدول العربية الداخلة في مباحثات التسوية والمستعدة للاعتراف باسرائيل مقابل استجابة إسرائيل لمطلبي الانسحاب وضمان الحقوق الوطنية "المشروعة" للشعب الفلسطيني قد اكتملت الآن بانضمام السعودية إليها)!.. بل انضمامها للسعودية بالاصح!… ثائر من جزيرة العرب ضحى لفلسطين بجسده ودمه وأصيب بعاهة مستديمة 1 ـ الملازم رخاء الدليم الشمري، لاحقه الاحتلال السعودي عام 1969 بتهمة اشتراكه مع الآلاف الذين زج بهم في السجون السعودية واغتال الاحتلال السعودي بعضهم في سجونه وقذف بالبعض الآخر من الطائرات في البحر، كما دفن البعض منهم أحياء في قبور جماعية… أي حفر واسعة!. فغادر الملازم رخاء ـ البلاد ليقاتل الرجعية السعودية من اليمن وفي اليمن… وما أن وصل هناك حتّى انضم إلى ثوار عُمان ليقاتل قابوس العفن: فبقتاله لقابوس قتال للسعودية… وبعد ذلك عاد الملازم رخاء إلى دمشق، ومنها انضم العمل الفدائي الفلسطيني فاستشهدت مجموعته في الجولان الذي قاتل الصهاينة فيها… وأسره الصهاينة بعد اصابته في الجولان في فخذه اصابة بالغة، وعذبوه في سجونهم سبع سنوات.. وعن طريق مدير الصليب الاحمر في دمشق السيد (ديفيد ديلبراز) طالب ـ اتحاد شعب الجزيرة العربية ـ بتسليمه، ولم يقصر مدير الصليب الاحمر، فتوسط له، فوافق الصهاينة على تسليمه واتصل المدير المذكور بالسفارة السعودية في دمشق ولم توافق السعودية بتسليمه جواز أو بالتعرف عليه بل طلبت تركه في سجون أولاد عمها اليهود في فلسطين المحتلة .. وباتصالات إتحاد شعب الجزيرة العربية بالصليب الاحمر.. أفرج عنه وأعيد إلى سوريا، ويجد القارئ بعض الصور من رسائله التي كان يرسلها من زنزاناته في فلسطين المحتلة… وبعد: لقد عاش سبع سنوات في سجون الصهاينة وخرج كجندي مجهول دون ضجة اعلانية وإعلامية ودون تقدير لكنه سجل التاريخ بدمه النازف عبر الجولان وعبر كل بقعة في فلسطين: ان جزيرة العرب تتهم حكامها… وبعد هذا… عسى أن يدرك ثوار فلسطين مدى الخطورة السعودية على الثورة الفلسطينية حتّى وان سبّحت بها السعودية ليلا لتخونها نهارا، وحتى وان دفعت السعودية "خاوة" تسرقها مما يتبرع به شعبنا لتستر به جزء من عورتها. وعسى أن يدرك أبناء فلسطين ما أدركنا قبلهم ـ وعمّدنا إدراكنا بالدم لفلسطين ـ ان عدونا اليهودي السعودي مشترك… 2 ـ الشهيد صالح عوض القحطاني: من عسير… انطلق من الجزيرة العربية حالما انطلقت ثورة اليمن في 26/9/1962، ليقاتل الرجعية السعودية من اليمن، ودخل الجيش اليمني ضمن عدد من شباب الجزيرة ـ وحمل رتبة ضابط صف، قاتل الرجعية السعودية واليمنية في كل المعارك التي خاضها دفاعا عن ثورة اليمن فثورة اليمن المهزومة ـ حاليا ـ كانت ثورة الجزيرة العربية والعروبة جمعاء.. وما أن تمكنت السعودية من "فتح" اليمن حتّى غادرها إلى العراق ومنها انضم إلى الثورة الفلسطينية وفي اعتقاده الجازم أنه حينما يقاتل اليهود في فلسطين فانما يقاتل أبناء عمّهم في الجزيرة العربية أو يغضبهم على الاقل… لكنه في 13/8/1970 ـ وفي الغور الشمالي ـ أستشهد بطلا بعد معركة ضارية مع أبناء عم آل سعود وعطّر بدمه العربي ـ القحطاني ـ الاصيل ـ تراب فلسطين التي دنسها الصهاينة بسمسرة من آل سعود أولا وأخيرا فهل يدرك ثوار فلسطين أن عملاء أمريكا… عملاء للصهاينة؟!

  وان هؤلاء العملاء أخطر من سادتهم؟. 

شهداء شعب الجزيرة العربية في جميع معارك حرب فلسطين شهداء معركة الشجرة

                   في تاريخ 16/7/1948 

1. محمد بن عبد الله بن سعد من قبيلة الدواسر. 2. شلاش بن عواد بن غنايم من قبيلة عنزة من فخذ الفقراء. 3. عايد بن منيس من قبيلة شمر ومن عشيرة عبدة من فخذ المفضل. 4. عبد الرضى بن علي بن مرضي الشقراني من الصرب من قضاء بيشة. 5. سلطان بن إبراهيم بن عويقل من أهال الجوف من قبيلة المعاقلة. 6. علي بن وقيان بن مهاوش من قبيلة شمر من فخذ الرمال من سكان قرية جبة. 7. مصلح بن صالح أبو ربعة من قبيلة حرب من عشيرة عوف. 8. كريم بن علي النحاس من بلدة سكاكا من قبيلة القرشة. وشهيدا معركة البردة في تاريخ 23 أيار 1948 1. سليمان بن عوض بن دخيل الله من قبيلة حرب من عشيرة مسروح محمدي. 2. معتوق بن محمد من قبيلة حرب من بني سالم. وشهداء معركة النقب في تاريخ 18/10/1948 1. سعد بن فريح بن حسين من قبيلة شمر من عشيرة ادغيرات من فخذ العليّان. 2. محمد بن سعيد بن مروان من قبيلة بني مالك في الحجاز. 3. عيد بن محمد بن كويني من قبيلة هتيم من عشيرة النواميس. 4. خلف خابوري من قبيلة شمر من عشيرة الاسلم من المسعود. 5. صالح الهندي صحيف حجازي من قبيلة بني عمر. 6. سعيد بن عياد من قبيلة شمر من فخذ السويد. 7. شنين بن علي النصافي من قبيلة عنزة من فخذ الشملان. وشهداء معركة الزراعة في تاريخ 16 شباط 1948 1. زين بن خزيم بن محسن من قبيلة شمر من عشيرة الاسلم من فخذ الجحيش. 2. قاسم جليدان بن خضير من قبيلة جهينة من عشيرة الودي من سكان المليح. 3. عبد الرحمن بن مطلق بن عزيز من قبيلة مطير من فخذ الملاعبة. 4. صالح بن مرزوق من قبيلة جهينة عرفي. 5. زعل بن حمود بن دغيمان من قبيلة عنزة من فخذ الشملان. 6. محمد بن عبيد من قبيلة شمر من عشيرة سنجاره من فخذ الشمروخ. 7. حمد بن راشد من قبيلة شمر من عشيرة سنجارة من فخذ المسطح. 8. حميد بن بصيلان من قبيلة شمر من عشيرة عبده من فخذ العفاريت. 9. محمد بن نومان بن وذيخ من اللقايط التابعة للجوف أي دومة الجندل. 10. عبد الرحمن بن محمد بن جغجغ من قبيلة عنزة من فخذ الشملان. 11. علي بن محمد صالح من قبيلة غامد. 12. عشوي بن عثمان بن عيادة من قبيلة شمر من عشيرة الاسلم فخذ الجحيش. 13. عبيد الله بن عبادة من قبيلة شمر من عشيرة الاسلم من فخذ الجحيش. وشهداء معركة زرعين في تاريخ 16 كانون الأول 1947 1. خلف بن مرشد من قبيلة عنزة من عشيرة ولد سليمان. 2. حسن بن محمد العسة من قبيلة زهران من عشيرة بنخر من دار العقوص. 3. حامد المخلف المذعور من قبيلة شمر من عشيرة الاسلم. 4. محمد بن حميد بن فالح بن غنيم من قبيلة جهينة من عشيرة المرارين. وشهيد معركة السيروان لم نوفق لمعرفة تاريخها 1. سليمان بن عوض بن دخيل الله من قبيلة حرب محمدي من الحبالين. وشهداء معركة المنارة في تاريخ 25 آب 194 1 ـ عبيد بن سعيد من قبيلة حرب محمدي من الحويفي. 2 ـ نشأ بن محمد بن نهير من قبيلة شمر من عشيرة عبيدة من فخذ الجندة.. 3 ـ عايش بن عوض ابن (إبراهيم) بن مخيمر من قبيلة شمر. 4 ـ علي بن أحمد بن محمد من قبلة بني شهر. 5 ـ عيد بن سعيد بن علي من قبيلة حرب من فخذ الحويفي. 6 ـ عبد الرحمن بن شامان من قبيلة عنزة من فخذ الشملان. 7 ـ مذود بن رسام بن شايع من قبيلة شمر من عشيرة عبدة من فخذ العليان. 8 ـ محمد العبد الله الفرحان من أهالي القصيم من بلدة الخبر. 9 ـ عبد الله بن شلاش من قبيلة عنزة من فخذ آل بجيدي. 10 ـ مشلح بن عروج من قبيلة شمر من عشيرة سنجاره من فخذ الرمال. 11 ـ عامر بن سعد من قبيلة قحطان من عشيرة عبيدة. 12 ـ سعد بن فالح من قبيلة جهينة من عشيرة مروان من فخذ المقبل. شهداء معركة الشيخ جرّاح في تاريخ 17 أيار 1948 1. مفرج بن فالح من قبيلة الشرارات من فخذ الغليمان. 2. خضر بن علي من قبيلة زهران من برج سرح. 3. راشد بن عبد الله من قبيلة العمري. وشهداء معركة يافا في تاريخ 15 آذار 1948 1. أحمد بن عتيق من قبيلة غامد من عشيرة بني بكير من جرش من الحصن. 2. عواد بن علي من قبيلة جهينة من عشيرة الذيباني. 3. راشد بن مغرم من قبيلة بني شهر من فخذ بني جبير. 4. سعد بن مرزوق من قبيلة مطير من عشيرة بني عبد الله. 5. راشد بن عبد الله من قبيلة زهران من قرية مسبحة. 6. علي بن حسن الزنقور من قبيلة زهران من قرية الحبشة. وشهداء معركة باب الواد في تاريخ 1 نيسان 1948 1. ضيف الله بن محمد من قبيلة غامد من عشيرة بني جرة. 2. سعيد بن عبد الله العمري من دلمخ من قضاء أبها. 3. سعيد العبد الله باو حليمة من قبيلة غامد. 4. عبد الله بن جمعان من قبيلة غامد. 5. صالح بن مصالح من قبيلة غامد من عشيرة بني كبير. 6. عايض بن محمد من قيبلة شمران من قضاء بيشة. 7. حمدان بن محمد من قبيلة غامد من عشيرة بني كبير. 8. شخصي بن دخيل الله بن بركات من قبيلة غامد خشيني. 9. أحمد بن عبد الله من قبيلة حرب. 10. عبد الله البكري من قبيلة غامد من جرش. وشهداء معركة رأس العين في تاريخ 10 نيسان 1948 1. أحمد البكري من قبيلة غامد من جرش. 2. سالم الكري من قبيلة غامد من جرش. 3. علي بن سعد من قبيلة غامد من قرية الباحة. 4. علي الرفاعي (لم نقف على معرفة قبيلته). 5. علي الصالح من قبيلة شمر. 6. عيد بن معلول من قبيلة حرب من عشيرة بني سالم. وشهداء معركة اللد في تأريخ 16 شباط 1948 1. حبيب بن إبراهيم من قبيلة حرب من عشيرة بني سالم. 2. مصلح بن مفلح من قبيلة حرب من عشيرة عوف غصبي. 3. عبد الله بن نايف من قبيلة عتيبة من عشيرة برقة من فخذ الدعاجين. 4. سعد بن محمد بن سعيد من قبيلة حرب من عشيرة عوف. وشهداء معركة كفر عانة في تاريخ 28 نيسان 1948 1. عبود بن محمد عمري من قضاء النماص. 2. أحمد بن إبراهيم العاصمي عمري. وشهداء معركة الرملة في تاريخ 11 تموز 1948 1. سالم بن محمد من قبيلة بلي من عشيرة البركات. 2. سعود بن مانع من بلدة بيشة. 3. عبد الله بن يحيى من قبيلة زهران بشيري من قرية الحكان. وشهداء معركة تلك الريش في تاريخ 13 نيسان 1948 1 ـ سعد بن محمد من قبيلة جهينة. 2 ـ حسين العجمي (لم نقف على معرفة قبيلته ولا بلدته). 3 ـ عبد الله الجهيني (لم تقف على معرفة قبيلته ولا بلدته). وشهيدا معركة حيفا في تاريخ 12 آذار 1948 1. عبد بن خميس من قبيلة بني مالك من قرية البالة أبا نعيم. 2. عبد الرحمن بن صالح من قبيلة بني عمر في الحجاز. وشهداء معركة القدس في تاريخ 21 نيسان 1948 1. محمد بن سعيد من قبيلة مطير من فخذ بني عبد الله. 2. فارس بن عبد الله من قبيلة مطير من الدياحين. 3. علي بن مفلح من قبيلة قحطان. 4. محمد الشعيفي من قبيلة زهران. 5. هلال الحارثي (لم نوفق إلى معرفة نسبه). 6. مبروك العبد الله من سكان مكة المكرمة. 7. راشد بن صالاح من قبيلة بني شهير. وشهيدا معركة بيت الجن في تاريخ 30 نيسان 1948 1. مصمد بن ضافر من قبيلة بني شهر من قرية الضهر قضاء النماص. 2. عيد بن يحيى من قبيلة زهران من بني بشير. وشهداء معركة عكا 1. محمد بن متولي من قبيلة بلي من عشيرة السحيمي. 2. عبد الله بن رزق بن مرزوق من قبيلة حرب سهلي تويجري. 3. عبد الله بن شعيع من قبيلة سبيع. 4. هواد بن عبد الله من قبيلة حرب. وشهيد معركة عيلبون 1. بندر بن هادي بن جربوع من قبيلة مطير من الدياحين.

وشهيدا معركة قرية الحدباء 1. سالم بن علي جمعان من قبيلة غامد من بني كبير. 2. عبد الله بن جمعان من قبيلة غامد من بني كبير. وشهيد معركة صفد 1. عطية عبد الواحد من أهالي مكة. وشهيد معركة المالكية في تاريخ 6 حزيران 1948 1. زائد بن علي من أهالي المدينة (المنورة) والمظلمة في عهد الاحتلال السعودي. أسماء شهداء الجزيرة العربية الذين استشهدوا في المعارك ولم يوقف على معرفة القطعات التي استشهدوا تحت قيادتها، لانهم لم يكونوا منظمين بصورة يمكن من خلالها معرفة أسمائهم، ومنهم: 1. تركي ناهض من قبيلة جهينة من وادي ينبع. 2. محمد بن سعد من قبيلة حرب. 3. مساعد الجهني من بني مروان. 4. محمد عبد الواحد من قبيلة جهينة. 5. محمد عبد الله الطريشي من قبيلة حرب من المطارفة. 6. فريح المليحي جهني من المراويين. 7. محمد سعيد العلاوي من بلدة العلا. 8. عبد الوهاب بن محمد من قبيلة بني شهد من قرية جرش. 9. عبد الله بن عوضه من قبيلة بني شهر. 10. محجوب بن سفر من قبيلة غامد من بني ضبيان. 11. علي بن جدير من قبيلة غامد من دار الحصن. 12. علي بن جدير من قبيلة غامد من دار الحصن. 13. عطا الله بن ضيف الله من قبيلة جهينة من فخذ أسناني 14. فرج بن أحمد بن مسلم من قبيلة جهينة من فخذ المشاهير. 15. سعد بن عايش من قبيلة جهينة من فخذ حبيش. 16. سلامة بن محمد من قبيلة جهينة رفاعي من المشاهير. 17. الحريب بن محمد من قبيلة جهينة من المشاهير. 18. مرزوق عبد رب من قبيلة جهينة حبيشي. 19. مسلم سليم بن مسلم من قبيلة جهينة من فخذ غنيمة. 20. أحمد بن ردة من قبيلة بني مالك من فخذ النعيم. 21. على الرفاسي من قبيلة زهران من عشيرة القوارير من فخذ بني تشير. 22. مبروك بن حمد بن غنيم من قبيلة حرب من فخذ الحازمي الخطاب. 23. محمد معوض النطيري من قبيلة جهينة من بني إبراهيم. 24. عواد بن دخيل من قبيلة جهينة عشيرة الذيبان فخذ الهميلات. 25. خلف بن غنيم من قبيلة شمر من عشيرة سنجارة من فخذ الرمال. 26. فريح بن سليم بن سلامة من قبيلة جهينة من بني مروان. 27. محمد بن محسن الصيادي من قبيلة جهينة من فخذ المالكي. 28. ظاهر بن رايق من قبيلة جهينة من عشيرة بني غنيم. 29. حميد الضبيب من قبيلة جهينة عشيرة العرفي مالكي. 30. عوض بن بخيت السناني من قبيلة جهينة من عشيرة بن غنيم. 31. لا في الرشيد من بلدة خيبر. 32. سليمان بن عودة بن محمد من بني عطية من فخذ الفنادلة. 33. حماد بن محمد بن مسعد من قبيلة بني عطية. وأسماء بعض الجرحى من شعب الجزيرة العربية 1. علي الذياب الهادي من قبيلة يام من نجران. 2. علي العراك الزقروطي من قبيلة شمر من عشيرة عبدة من العفاريت. 3. عبد العادي أبو عنقا من قبيلة عنزة من ولد سليمان. 4. شنيويح بن زايد من قبيلة هتيم. 5. عبد الله بن أحد أبو الخير من المدينة المنورة. 6. محمد العبيدي من قبيلة شمر من سكان حائل. 7. إسماعيل العبد الله من قبيلة عنزة. 8. صالح بن عبد الله من قبيلة عنزة. 9. حسين بن سليمان من بلدة تيما. 10. محمد بن فالح من قبيلة عنزة من فخذ البجيدي. 11. سليمان بن محمد العبد الله من قبيلة شمر ومن سكان حائل. 12. عقيل الراشد الرميد من أهالي حائل. 13. سالم بن عتيد من قبيلة حرب. 14. مجرس بن عوض بن جار الله من أهالي الحائط. 15. سعود بن زنيفير من قبيلة حرب. 16. محمد عويد بن محمد بن خطاب من قبيلة شمر. 17. محمد بن فريج من قبيلة جهينة. 18. فهد السرور الجفيرة من قبيلة مطير. 19. سليمان بن راشد من قبيلة بلي. 20. سفر بن سعيد من قبيلة هتيم. 21. علي بن محمد بن جمعة من أهالي بريدة. 22. هلال بن سعود من قبيلة جهينة. 23. إبراهيم بن مطلق الصقري من أهالي حائل. 24. سعود العبد الله الحماد من قبيلة شمر. 25. فهد بن ذباح من أهالي الجوف. 26. سليمان بن عوض من قبيلة حرب. 27. معتق بن محمد من قبيلة حرب. 28. محمد بن عبيد من قبيلة حرب. وهذه أسماء بعض الجرحى الذين أصيبوا بعاهات مستديمة: 1. علي العريفي من أهالي حائل. (قطعت رجله اليمنى). 2. حمد بن معيتيق أبو ربعة من قبيلة حرب. (فقد يده اليمنى). 3. عبيد بن ناصر بن غانم من قبيلة هتيم. (أصيب بشلل برأسه). 4. مسفر بن راشد الجهني. (أصيب بعطب برجليه). أسماء الذين منحتهم قيادة الجيش السوري الاوسمة الحربية قرار رقم 360 إن وزير الداخلية بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني يقرر ما يلي: 1 ـ يمنح كل الاتية أسماؤهم من شعب الجزيرة العربية وسام الاخلاص نظرا للاعمال المجيدة التي قاموا بها أثناء العمليات الحربية في الجبهة الفلسطينية: أ ـ وسام الاخلاص مع السعف: 1. الملازم الأول فهد المارق، 2. الملازم الأول سعدون الحسين، 3. الملازم علي ذياب الهادي. ب ـ وسام الاخلاص مع النجمة الفضية المذهبة: الوكلاء الاولون: 1. عمر وهاب، 2. جلوي مطر، الوكلاء: 1. مرزوق عبيكه، 2. نواف السعيّد، 3. عبد الله أحمد، 4. فهد ناصر، 5. إسماعيل عبد الله، الرقباء الاولون: 1. مصطفى الشايع، 2. مهنا راشد، 3. ناعم محمد، 4. خلف عبدو، 5. عوض يحيى الشعشعي، الرقباء: 1. فالح منور، 2. سميحاد حماد، 3. أحمد جابر، 4. صالح دار الله، 5. سلطان بن سليمان العنقري، 6. فهد ذباح، 7. عبد الرحمن سالم. ج ـ وسام الاخلاص مع النجمة الفضية: العرفاء: 1. محمد عبيدي، 2. علي عويض، 3. إسماعيل سلطان، 4. سعود زيدان، 5. عمر دخيل، 6. سالم محمد عبد الله، 7. مزيد مطلق، 8. عوض محمد فالح، 9. عواد عائد عودة، 10. دبيان ناجي، 11. فهد سرور، 12. عقيل راشد، 13. غازي عبد الله، 14. محمد صالح محمد، 15. محمد حمود، 16. عبد الله محمد اليماني، 17. الجندي عقيل فالح، 18. فهد سعيد، 19. عمر محمد عمر، 20. عبد الله فرحان، 21. نومان عواد، 22. محمد رجاء، 23. عدوان رجاء، 24. عبد الله حسن حماد، 25. فراج عوض، 26. رباح مخيمر، 27. دغيم شنوان، 28. عيد خلف معطي، 29. عواد عبدان، 30. معيوف فهد، 31. مهوس فرح، 32. محمد سعيد صنيتان، 33. فلاح فالح شريم، 34. عبد الله رجاء حربي، 35. طالع حامد، 36. على صالح أحمد، 37. علي قطيش، 38. محمد أحمد عبد الرحمن. 39. محمد عبد الله محمد. 40. الرفاعي سعود. 41. ناصر عبد الله قاسم، 42. حمود شاهر، 43. سليمان سائر، 44. سليمان حامد، 45. سليمان راشد، 46. محمد جابر، 47. علي محمد منصوري، 48. عبد الواحد محمد، 49. حامد عبد الله، 50. عبد الله سعيد، 51. فهد هزاع. 52. غانم زيد، 53. نايف البيطي، 54. حمدان فالح، 55. إبراهيم عوض، 56. ناصر محمد صلاح، 57. سلامة خلف، 58. إبراهيم حسين، 59. يوسف عبد الله، 60. مرزوق رميح، 61. تركي معاشي، 62. علي محمد أبو هذيل، 63. حسين الناصر العساف، 64. سليمان محمد العبد الله، 65. علي عبد الله اللاحقي، 66. محسن سويد سودان، 67. خلف معايشي، 68. عبد الله جوير، 69. محمد سلامة زيد، 70. حمد عوض مطوع، 71. راشد نحو، 72. محمد حمد سبيعي، 73. محسن أحمد عبد المحسن، 74. عبيد فرحان، 75. تركي أحمد، 76. عقيل سليمان، 77. علي ضاري 78. مرشد عبد الكريم ربيعة، 79. حامد محمد أبو ربعه، 80. نوشي رجا، 81. مناحي هزاع، 82. مسند غالب، 83. فهد محمد سبيهي، 84. مطلق عطا الله، 85. مبارك رجاء، 86. سمحي صالح، 87. سليمان مرزوق، 88. عبدو حماد حجاب عريمان، 89. محمد علي العبيد، 90. سليمان محمد سائر، 91. دخيل الله محمد، 92. محمد فريح، 93. خليف مسند، 94. سليم قريعان، 95. مازن محمد، 96. عطيه عبد ربه، 97. جابر علي، 98. سعود عبد الله، 99. محمد أحمد علي، 100. مطر مسند، 101. طراد سعد، 102. عبد الله عبد الرحمن، 103. معلي عياد، 104. عقيل مطلب، 105. علي محمد الصالح اللسيب، 106. عثمان عبد العزيز، 107. عزيز حميدان، 108. علي مبارك، 109. نغميش سليمان 110. عبد الله مبروك. 2 ـ ينشر هذا القرار ويبلغ من يلزم لتنفيذه. الجبهة السورية رئيس الاركان العامة للجيش والقوات المسلحة عن/ اللواء عبد الله عطفه ملاحظة هامة 1 ـ ان هناك العديد من الافراد الذين تسللوا إلى فلسطين للقتال، واستشهدوا أو عاد بعضهم دون معرفة أحد، خشية بطش الاحتلال السعودي، الذي لم يرض بما فعلوا فعاد بعضهم إلى بلادهم بصمت أو استشهدوا بصمت أو استشهدوا بصمت في فلسطين!… 2 ـ ان هذه القائمة التي تشمل أسماء المتطوعين من شعب الجزيرة العربية دون ما اذن من السعودية نقلت كما كانت مسجلة في مكتب الجامعة العربية. لقوات جيش الانقاذ في دمشق. إذ تجمع هؤلاء بشكل جيش انقاذ شعبي من الجزيرة العربية وفرضوا أنفسهم على الموت ورفعوا علما خلاف العلم السعودي وهو عبارة عن خرقة عادية، كانت بلا شك أطهر من علم يهود آل سعود. 3 ـ هذه الاسماء موجودة صور عنها في مقر الجامعة وفي رئاسة الاركان للجيش السوري. 4 ـ ما ان علمت السعودية بتجمعهم هذا بعد عودتهم من فلسطين ونشرت معلومات عنهم في الصحافة السورية حتّى حاولت السعودية امتصاصهم كي لا يتحولوا إلى "جيش انقاذ لشعب الجزيرة من براثن الاحتلال السعودي"، فاجتمع السفير السعودي بدمشق ببعض من اعتبروهم "ممثلين" عنهم وأخذ معهم السفير صورة وأرسلوهم للجزيرة العربية وما أن وصولا حتّى قاموا بتوزيعهم على الجيش "المسعدن" بحيث لا يلتقي أي فرد منهم مع الآخر!. واستفادت السعودية من ثلاثة أو أربعة أشخاص منهم فقط كعملاء لها، أمثال: فهد المارق الذي تحلو إلى بوق دعاية للسعودية في نشر كتب المدح الكاذب لآل سعود ومات على دينهم… 5 ـ نُقلت هذه الاسماء مرتين: الاولى عندما عاد المتطوعون من شعب الجزيرة العربية إلى الرياض آنذا: وجاء سعيد جودت رئيس الحرس "الملكي السعودي" وقتها وماجد بن خثيلة "مرافق" عبد العزيز وقابلا المتطوعين في محطة رماح القريبة منا لرياض، وهناك سجلا أسماءهم في وزارة الدفاع "السعودي" في الطائف. اذن ليس هناك مجال للشك في اثبات صحة تضحياتهم لفلسطين رغم الانف السعودي. 6 ـ قد يرى القارئ المطّلع أن لبعض القبائل فيها أسماء أكثر من غيرها وذلك يعود إلى قرب أرض بعض القبائل لأرض المعركة، كما أن البعد قد يكون سببا عائقا لمشاركة بعض القبائل الاخرى بالنسبة نفسها التي ساهمت فيها القبائل الاولى. أسماء بعض المتطوعين من شعب الجزيرة العربية لانقاذ فلسطين: 1. سعدون بن شسين من قبيلة شمر من عشيرة سنجاره من فخدا زميل. 2. علي ذياب الهادي من قبيلة يام تابعة لنجران. 3. سلطان بن سليمان العنقري من أهالي حائل. 4. إسماعيل بن عبد الله من أهالي عسير. 5. جار الله العبد الله من أهال الجوف. 6. نايف السماح من قبيلة حرب. 7. غالب بن فهد من قبيلة شمر. 8. دخليل الله بن محمد من أهالي المدينة المنورة. 9. عمر الدخيل من أهالي خيبر. 10. حميد بن حمود من أهال المدينة المنورة من قبيلة حرب. 11. خليف بن سعد من قبيلة جهينة. 12. سعود بن عبد الرحمن من قبيلة شمر من عشيرة عبده من فخذ الدغيرات. 13. محمد بن فريج من قبيلة جهينة. 14. حمد بن عتيق أبو ربعة من قبيلة حرب. 15. ناصر بن عبد الله من قبيلة بني شهر. 16. عبد النبي بن محمد من مكة المكرمة. 17. مرزوق بن محمد بن عبيكة من قبيلة شمر من سكان قرية جبة. 18. مسعد بن عياد من قبيلة جهينة. 19. جلوي بن مطر التبيناني من قبيلة شمر. 20. إسماعيل بن سلطان من قبيلة شمر. 21. محمد العبيدي من أهلاي حائل. 22. دخيل الله بن هجهوج من قبيلة عنزة من سكان خيبر 23. رشيد بن نحو من قبيلة شمر. 24. بشير بن عنيزان من قبيلة شمر. 25. فهد بن محمد من قبيلة شمر. 26. سليمان بن محمد من قبيلة عنزة. 27. علي بن محمد من سكان العلا. 28. عيد بن واهن من قبيلة حرب. 29. عبد الرحمن بن مرزوق من قبيلة مطير. 30. فهد بن محمد السبيعي من سبيع الخرمة. 31. فهد بن حميد من قبيلة شمر. 32. محمد بن فريج من قبيلة جهينة. 33. حسين بن دهيمان من قبيلة شمر. 34. سعد بن حميد من قيبلة بلي. 35. عبد الله خشان من قبيلة شمر. 36. سفر بن سعيد من أهالي الطائف. 37. سفر بن رشيد من أهالي ينبع. 38. علي بن وقيان من قبيلة شمر من قرية جبه. 39. إبراهيم المشعان من أهالي حائل. 40. مهنا بن راشد من قبيلة هتيم. 41. عبد الله المبارك من قرية بقعا من قبيلة شمر. 42. مزيد بن مطلق من قبيلة شمر. 43. محمد بن عبد الله بن معاشي من قبيلة شمر. 44. سميحان بن سليمان بن حماد من الشلقان من قبيلة شمر. 45. خلف بن عيد من قبيلة شمر من الشمروخ. 46. سعود بن زيدان من قبيلة هتيم. 47. عبد الله بن فراج من قبيلة حرب. 48. حمود بن لافي من قبيلة شمر من سنجاره. 49. محمد المطلق من قبيلة مطير. 50. علي بن محمد بن هذيل من أهالي حائل. 51. عيادة بن شالح من قبيلة هتيم. 52. معد بن إبراهيم من أهالي الجوف. 53. محمد بن عبد الله بن فرحان من أهال جبة. 54. ناجي بن هزاع من أهالي خيبر. 55. فهد بن صلاح من قبيلة هتيم. 56. علي الضاري من أهالي الجوف. 57. محمد بن حمد السبيعي من أهالي الرياض. 58. فرحان بن براك العويمري من قبيلة هتيم. 59. قاسم الجابر من أهالي حائل. 60. عوض بن ناصر من قبيلة هتيم. 61. حامد بن عودة من قبيلة شمر من عشيرة سنجارة. 62. حامد بن محمد من قبيلة حرب. 63. سند بن خضير من قبيلة عنزة. 64. غانم بن فيروز من قبيلة شمر. 65. عبد الله لارشاد من قبيلة هتيم. 66. سعود البادي من أهالي جبة. 67. حمود بن شاهر من قبيلة عنزة. 68. فهد الذباح من أهالي الجوف. 69. علي بن محمد الجمعة من أهالي بريدة. 70. نواف بن عقيل بن فنيدل من قبيلة شمر. 71. مروي بن خمسان من قبيلة شمر. 72. حامد بن عبد الله من قبيلة شمر من عشيرة عبدة. 73. سالم بن محمد من قبيلة شمر. 74. مرزوق بن خميس من قبيلة شمر. 75. سالم بن عائد من أهالي المدينة المنورة. 76. عواد بن لافي من قبيلة شمر من عشيرة الأسلم. 77. طلال بن سلامة من قبيلة شمر من عشيرة سنجارة. 78. مرزوق بن محمد بن عبد الله من قبيلة شمر من عشيرة سنجارة. 79. مطلق بن عبد الله من قبيلة شمر من سكان قرية جبة. 80. مرزوق بن سعد من قبيلة عنزة من عشيرة الجعافرة. 81. عبد الكريم بن ربيعة من قبيلة شمر من عشيرة عبدة. 82. سليمان بن ساير من قبيلة عنزة. 83. سليمان بن حامد من أهالي ينبع البحر. 84. عواد العبد العزيز من أهالي بريدة. 85. جزا الأفندي من أهالي ينبع. 86. محمد بن سليمان من قبيلة هتيم. 87. منوخ بن تركي من قبيلة شمر من عشيرة التومان. 88. ملاهد بن مذعور من قبيلة شمر من عشيرة سنجارة. 89. سعود بن العيبان من قبيلة شمر. 90. مبارك بن رجاء من قبيلة جهينة. 91. هلال بن مسعود من ينبع البحر. 92. محمد بن ظبيان من قبيلة عنزة من الدهامشة. 93. سليمان بن رشاد من قبيلة بلي. 94. عمر بن وهاب من قبيلة شمر من شمر. 95. عبد الله العليان من أهالي جبة من شمر. 96. صالح جار الله من أهالي بريدة. 97. عبيد بن سعيد من قبيلة جهينة. 98. أحمد بن جابر من قبيلة حرب. 99. محمد بن عبد الله الجميل من قبيلة حرب من سكان الفوارة. 100. محسن بن أحمد من المدينة المنورة. 101. سلامة بن عبد الله من المدينة المنورة. 102. حميد بن حمد بن لبه من وادي الصفرا. 103. سمحي بن صالح من أهالي الجوف. 104. حمد بن خالد من مكة المكرمة. 105. خضير بن مرشد من المدينة المنورة. 106. عثمان بن محمد من أهالي الجوف. 107. سالم بن عتيق من قبيلة شمر. 108. عثمان بن محمد من أهالي الجوف. 109. علي بن عتيق من قبيلة شمر. 110. سعد بن حميد من أهالي العلا. 111. عبد الله بن عبد الرحمن من بلدة تيما. 112. محمد بن نومان من قبيلة شمر. 113. عطية بن سالم من أم لج. 114. عقل بن سرهيد من قبيلة شمر. 115. عودة بن سرهيد بن زيدان من قبيلة شمر من عشيرة سنجارة. 116. حمدان بن حشاش من سكان الجوف. 117. محمد بن جابر من المدينة المنورة. 118. مشلح بن عروج من بلدة جبة. 119. سلمان بن عوض من المدينة المنورة. 120. مسند بن غالب من قبيلة مطير. 121. عويد بن محمد بن خطاب من قرية جبة. 122. عبيد بن ناصر من قبيلة هتيم. 123. جديع بن يتيم من قبيلة شمر من عشيرة سنجارة. 124. سليم بن تليعان من قبيلة الشرارات. 125. سعيد بن حامد من بلدة تبوك. 126. عوض السلقاوي من قبيلة عنزة. 127. بندر بن هادي من قبيلة مطير. 128. سليمان بن محمد من قبيلة شمر. 129. عقيل بن راشد الخميس من سكان حائل. 130. عبد الرحمن بن سالم منق بيلة شمر. 131. رفاعي السعود من قبيلة مطير. 132. حمود بن عرفان من ينبع. 133. إبراهيم بن راشد من حائل. 134. علي العبد الله من جدة. 135. علي السعد من الطائف. 136. منصور بن محمد من قبيلة حرب. 137. عبد الله بن سعد من الطائف. 138. محمد بن إسماعيل من ينبع البحر. 139. محمد بن ناصر من ينبع. 140. علي المحمد من الاحساء. 141. سليمان المرزوق من الطائف. 142. فهد بن ناصر من قبيلة شمر. 143. سعود بن عبد الله من أهالي الخرج. 144. محمد بن حمود من قبيلة شمر. 145. طراد بن سعد من أهالي سكاكا. 146. عبد الرحمن بن عبيد بن مياح من قبيلة عتيبة من عشيرة برقا من الروسان. 147. منور بن سليمان من قبيلة عنزة. 148. محمد بن حمد من قبيلة سبيع. 149. فهد بن سرور الجفيرة من قبيلة مطير من ابرية. 150. شليويح بن زايد من قبيلة هتيم. 151. مرزوق بن أحمد بن فهيد من الوجه. 152. محمد بن جازي بن محمد بن بيشة. 153. رباح بن مخيمر من قبيلة شمر. 154. معزي بن بخيت من بلدة حائل. 155. محمد بن سلامة بن زيد من الوجه. 156. شلاويح بن سلامة من المدينة. 157. مفلح بن حسين بن سليمان من الوجه. 158. شليويح بن عائد من قبيلة هتيم. 159. محمد بن فالح بن راشد من قبيلة شمر. 160. راشد بن مناور من قبيلة شمر. 161. حامد بن بخيت بن محمد من الحايط. 162. أحمد بن شحادة من الظهران. 163. محمد العبد الله من أبها. 164. غرم الله الأحمد من أبها. 165. عقيل الفالح بن غويت من بلدة خيبر. 166. عبد الله بن خلف بن قاسم من خيبر. 167. محمد بن يحيى بن حمد من قبيلة زهران. 168. عبد الله بن محمود بن حسن ابن رضوان من أهالي الجوف. 169. مرزوق عابد ربه من الوجه. 170. أحمد غرم الله بن الأحمد من قبيلة زهران. 171. عائد بن علي العريني من العلا. 172. دغيم بن شلوان من قبيلة شمر. 173. علي بن صالح بن أحمد من قبيلة بني شهر. 174. سعيد بن محمد بن سالم من قبيلة بني شهر. 175. نواف بن سعيّد من قبيلة شمر من عشيرة عبدة من فخذ الدغيرات. 176. حمد بن رجا من قبيلة شمر من الغيثة. 177. مجول بن مهيد بن فيصل من قبيلة شمر. 178. مطني بن شايع من قبيلة شمر من عشيرة عبدة من فخذا الدغيرات. 179. فالح بن منور بن فالح من قبيلة شمر. 180. سلمان بن نعيس من قبيلة شمر. 181. عياد الخليف بن فضلي من قبيلة شمر. 182. ناصر المحمد البايح من قبيلة شمر. 183. راشد بن منهاد المناحي من قبيلة شمر. 184. سماح بن مرزوق بن محسن من قبيلة شمر. 185. عبد ارحمن بن شامان من قبيلة عنزة من فخذ البجيدي. 186. عدوان بن رجا بن ضيف الله من قبيلة شمر. 187. عبد الله بن فالح من قبيلة شمر. 188. فراج المفرح بن عوض من قبيلة شمر. 189. عبد الله بن حسن الجمال من قبيلة شمر. 190. عواد بن سلطان من قبيلة شمر. 191. محمد بن حسن بن أشرف من قبيلة زهران. 192. محمد بن سالم الزيد من قبيلة شمر. 193. علي بن أحمد بن محمد من الكميت من النماص. 194. عبيد الفرحان بن فلاج من قبيلة شمر. 195. محمد بن عبد الله من قبيلة زهران. 196. دخيل بن غازي بن مذهان من قبيلة شمر. 197. عبد الله الجابر بن محمد من قبيلة بني مالك. 198. صلاح الجابر بن محمد من قبيلة بني مالك. 199. عبد الله العريفان من قبيلة شمر من سكان قرية جبة. 200. علي بن حسن بن يحيى من قبيلة الحرّث. 201. حمد الحبيب بن ظهيران من قبيلة شمر. 202. كريم بن عمير بن مطلق من أهالي بلدة الحائط. 203. طالبعبن حامد بن سعيد من قبيلة بني عمر من النماص. 204. محمد بن سعيد بن عبد الله من قبيلة شمر. 205. عبد الله بن مرعي من قبيلة بني مالك. 206. سعيد بن رشيد بن راشد من بلدة خيبر. 207. عبد المحسين بن شجاع من قبيلة شمر. 208. أمير بن حمود بن محسن من قبيلة زهران. 209. نومان بن عواد من قبيلة شمر. 210. عواد بن عبد الله بن سرحان من بلدة خيبر. 211. مسفر بن هليل بن ظافر من الطائف. 212. عوض بن يحيى بن محسن من قبيلة حرب من بني سالم. 213. عبد الله بن سعد بن ناصر من قبيلة بني مالك . 214. أحمد بن محمد بن فرج من قبيلة غامد. 215. سالم بن جار الله من قرية النيصيّة تابعة لحائل. 216. عبد الله شلاش من قبيلة شمر. 217. علي بن محسن القائد من (عدن). 218. غازي عبد الله الفرحان من قبيلة بني مالك. 219. سعيد بن سالم من قبيلة غامد. 220. خضر بن حسني من قبيلة بني مالك. 221. مشرف بن سفر من قبيلة غامد. 222. عواد بن عيظة بن عطية من قبيلة بني الحارث. 223. سليمان بن محمد العبد الله من مدينة بريدة. 224. سلامة بن متروك من قبيلة السهول. 225. حمدان بن حامد من المدينة المنورة. 226. أحمد بن عبد الرحمن بن حسن من قبيلة غامد. 227. محمد بن أحمد بن عبد الرحمن من قبيلة غامد. 228. محمد بن جازي بن محمد من بلدة بيشة. 229. خلف بن خير الله من قبيلة شمر. 230. عامر بن سعد من قبيلة قحطان من تثليث. 231. عبد الله بن محمد بن عبد الله من قبيلة بني شهر. 232. سعيد بن محمد من قبيلة بني شهر. 233. علي بن صالح بن أحمد من قبيلة بني شهر. 234. صالح الفايز من قبيلة شمر. 235. حمود المصحف أبو زعل من قبيلة عنزة. 236. عبد الله الجويسر من أهالي القصيم من بريدة. 237. قاسم بن محمد من بلدة تيما. 238. سعود بن شعب من قبيلة شمر. 239. سعد الله بن مطلق الغازي من قبيلة شمر. 240. فلاح الخرم من قبيلة مطير. 241. محمد بن يحيى من قبيلة بني مالك. 242. حمود بن نومان من أهالي الجوف. 243. جلاّل بن مطلق الوتير من قبيلة عتيبة. 244. عبد الرحمن بن إبراهيم من قرية عين ابن فهيد في القصيم. 245. إبراهيم بن سليمان الطريقي من مدينة بريدة. 246. محمد بن سالم من قبيلة شمر. 247. خلف بن ركاد من قبيلة شمر. 248. حبيب بن حباب من قبيلة هتيم. 249. كريم بن عمير من بلدة الحائط. 250. خليف العبد الرحمن من قبيلة شمر من عشيرة الأسلم ومن فخذ المسعود. 251. كريم بن خضير بن شامان من قبيلة عنزة من فخذ البجيدي. 252. عبد الهادي أخو عنقة من قبيلة عنزة من العويفات. 253. حسين الحسن بن سعيد من أهالي الحائط. 254. حامد بن عطية من قبيلة بني حارث من وادي ميسان. 255. ناعم بن محمد من قبيلة حرب. 256. ظبيان بن خلف من قبيلة شمر. 257. محمد بن عوض من قبيلة بني مالك. 258. غرم الله بن سعيد من قبيلة بني مالك. 259. قاسم عبد الله من جيزان. 260. إبراهيم بن ثواب من قبلة جهينة. 261. نزال بن شامان من قبيلة عنزة من فخذ البجيدي. 262. كريم بن شامان من قبيلة عنزة. 263. سليمان بن محمد من قبيلة جهينة. 264. قاسم بن جاسر من قبيلة شمر. 265. علي بن سعيد من جدة. 266. خلف بن راشد من قبيلة شمر من سنجارة. 267. أحمد بن عصيفير من أهالي الجوفي (دومة الجندل). 268. محمد بن سبهان من قبيلة شمر من عشيرة الأسلم. 269. علي بن غرمان من قبيلة بني عمري من الحجاز. 270. عطيش بن مقبل من قبيلة شمر. 271. عوض بن محمد من قبيلة عتيبة. 272. أحمد ابو خير من الطائف من قبيلة بني مالك. 273. نوشي بن رجا من قبيلة حرب. 274. مازن بن محمد من قبيلة حرب. 275. ظافر بن محمد الشهري من أبها. 276. علي بن محمود من المدينة المنورة. 277. سليم بن سالم من قبيلة حرب. 278. عوض بن عويضي من المدينة المنورة. 279. عبد العزيز بن مرزوق من قبيلة حرب. 280. عديسي بن كنعان من قبيلة سبيع من الرياض. 281. علي بن عوض من قبيلة حرب. 282. حمزة بن محمد عبد النبي من قبيلة حرب. 283. ذيبان بن ناهي من قبيلة عنزة. 284. عبد الخير بن عبد الله من قبيلة حرب. 285. سعيد بن دغيم بن ضيف من قبيلة حرب. 286. عبد الرحيم بن بكر بن كريم من ينبع النخل من قبيلة حرب. 287. سعد بن عويدان من قبيلة حرب. 288. حامد بن حماد بن عويدات من قبيلة حرب. 289. عائد بن عوده بن علي من الحمراء، قضاء المدينة المنورة. 290. سلمان السعيد المستعفي من قبيلة حرب. 291. محمد أبو قيت من أهالي القصيم من بلدة الرس. 292. فهاد بن حمود من قبيلة عنزة من فخذ البجيدي. 293. علي الصالح النسيب اخو رقية من أهالي القصيم من قرية النبهانية. 294. عيد المبارك من قبيلة حرب. 295. محمد عمر التكروني من مكة المكرمة. 296. محمد جبل من مدينة عنيزة. 297. حمود بن فيصل من أهالي الجوف. 298. محسن بن عبد الله من أهالي الطائف. 299. فالح بن حمدان من الجوف. 300. نصار بن مفصلح من قبيلة جهينة. 301. محمد بن علي الحجازي من قبيلة بني مالك. 302. غريب بن طبش من قبيلة شمر. 303. مقبل بن سالم بن نصير من قبيلة جهينة. 304. رمضان بن محمد من قبيلة شمر من التومان. 305. حسين بن ناصر العساف من بلدة الرس في القصيم. 306. سعود بن رمال من قبيلة شمر. 307. الهيلم بن مبارك بن وردة من قبيلة العجمان. 308. سعود بن سعيد من بيلة شمر. 309. مذود بن سعيد من قبيلة شمر. 310. محمد بن سعيد من قبيلة شمر. 311. فهد بن سعيد من قبيلة قحطان. 312. حمود بن نصير من أهالي الجوف، أي دومة الجندل. 313. سالم بن رشيد من قبيلة عنزة. 314. عساف بن دهام من أهالي الجوف. 315. محمد بن مبارك بن خزيم، بلدة بريدة. 316. محمد بن عوض، مدينة سكاكا. 317. مرزوق بن محمد من بلدة الجوف. 318. سعيد بن رشيد من بلدة الجوف. 319. مرزوق بن عايد من قبيلة هتيم. 320. سعيد بن رشيد من بلدة خيبر. 321. شهاب بن حميد من بلدة الجوف. 322. حسين بن سليمان من بلدة خيبر. 323. غازي بن مطلق من قبيلة حرب. 324. رحيل بن حزوم من قبيلة شمر. 325. مجرس بن عوض من بلدة الحائط. 326. أحمد بن حمد بن فرح من قبيلة غامد. 327. شعف بن حمدان من قبيلة الرولة. 328. سداح الشحيمي من قبيلة شمر. 329. موسى بن ادريس من مكة من قبيلة حرب. 330. محمد بن صالح من قبيلة حرب من المدينة المنورة. 331. عبيد بن مناحي من بلدة خيبر. 332. محمد اللاحقي من قبيلة شمر. 333. سعد بن إسماعيل من قبيلة جهينة. 334. ملهى بن فالح من قبيلة شمر من سنجارة. 335. محمد بن علي الشريف من مكة المكرمة. 336. مقبل بن دحيلان من قبيلة شمر من سنجارة. 337. عواد بن عايد من قبيلة جهينة تبع ينبع النخل. 338. مرزوق بن رميح من قبيلة شمر من سنجارة. 339. عقيل المطرب من قبيلة شمر. 340. سعود بن مطرب من قبيلة شمر. 341. فهد بن شلوان من قبيلة قحطان من الجوف تابع لليمن. 342. علي المحمد القريني من قبيلة شمر، من بيني سهد من تهامة. 343. سعود بن رجا من قبيلة شمر. 344. محمد عبد الرحمن من قبيلة المشايعة. 345. عزيز المحمد من قبيلة هتيم. 346. محمد بن فايز العمري من قضاء أبها. 347. عبد الله بن غازي من قبيلة شمر من الدغيرات. 348. سعود بن محمد بن فيحان من قبيلة عتيبة من الدعاجين من الملابسة. 349. سعود بن صعب من قبيلة شمر من الغيثة. 350. مريقب بن صعب من قبيلة شمر من الغيثة. 351. محمد بن سعد القريني من العبيد من قضاء بيشة. 352. أحمد أبا الغيث من تهامة من قضاء منجية. 353. خلف المطلق من قبيلة شمر. 354. حميدي الفيحان ابن زويمل من قبيلة شمر. 355. علي المحمد الشريف من مكة المكرمة. 356. سليمان محمد من قرية ظبة من العبيات. 357. تركي بن يحيى بن محمد من قبيلة زهران. 358. محمد بن علي الاسمري من تهامة من بلدة مفج. 359. سليمان بن عبد الله من قبيلة بني شهر. 360. عبد الله الصالح من بني شهر من قبيلة بيشة. 361. عبد الله بن ضافر الاسمري من الخريم. 362. علي بن حسن بن حسين من قحطان من عبيدة. 363. سليمان بن علي بن متين من قبيلة قحطان من عبيدة. 364. عطية عابد ربه من قبيلة جهينة. 365. عقيل بن عايد بن سليمان 366. محمد بن عبد الله من قبيلة مطير من ذوي عون. 367. علي بن مبارك بن صالح من قبيلة حرب. 368. محمد بن علي بن إبراهيم من قبيلة حرب من بني سالم. 369. عودة بن محمد بن حسين من قبيلة حرب من بني علي. 370. علي بن أحمد من قبيلة بني شهر. 371. محمد أبو حجاز الغمري من جدة. 372. عبد الواحد بن محمد من نجران. 373. محمد بن مضيان من قبيلة شمر. 374. عوض بن محمد من الطائف. وإلى القارئ الكريم أسماء المتطوعين للدفاع عن فلسطين بصورة مفصلة:

وعددهم جميعا  			513 
              منهم شهداء				134

جرحى غير مشوهين 29 جرحى مشوهون 4 الذين نالوا وسام الشرف والاخلاص 152 1 ـ "ومن هنا يلاحظ القارئ بأن المتطوعين من شعب الجزيرة العربية كانوا من أكثر الاقطار العربية سخاء وتضحية، في نفوسهم الزكية في معركة فلسطين. ولن يبرز لنا ذلك بصورة واضحة جلية إلاّ عندما ننظر إلى عددهم بصورة عامة، ثم ننظر إلى شهدائهم فنجدهم قدموا ما يقارب الثلث منهم للشهادة "عدا الجرحى والمشوهين"… وخلاف الذين ذهبوا واستشهدوا في صفوف الجيش العراقي والمصري والسوري والاردني، أو ذهبوا بأسماء مستعارة خوفا من بطش السعودية للمشاركة في معركة فلسطين تمشيا مع طلب جامعة الدول العربية، ولكيلا ترفض السعودية هذا الطلب فتكشف على حقيقتها بعثت بفوج "سعودي" معظم أفراده غير مدربين ومع ذلك أبلى أولئك الابطال أيضاً بلاء حسنا وانطلقوا يقاتلون الصهاينة رغم أمرهم بعدم اطلاق النار!. 2 ـ والملاحظة التي نلفت إليها نظر القارئ هي أن المواصلات بين شعب الجزيرة، وبين كان المعركة التي ك انت في ذلك العهد غير متوفرة كتوفرها في يومنا هذا، لأنه لم يوجد وقتها خط طيران، كما لم توجد سيارات تذهب من وإلى الجزيرة العربية كما هو موجود الآن، وكان أكثر مجئ هؤلاء المجاهدين عن طريق الصحراء مشيا وعلى ظهور الابل.

3 ـ يلاحظ أن أغلبية هؤلاء من القبائل التي لا تستطيع سلطات يهود آل سعود ضبطها كالحضر الذين ترفض السعودية تطوّعهم لفلسطين وتعتقل من يتطوع منهم! 

4 ـ أن أكثر المعارك التي خاضها المتطوعون من قبائل وشعب الجزيرة العربية كانت قبل دخول الجيش العربية… الجيوش التي كان مجرد دخولها اذنا بزوال فلسطين… ولو أن "حكومات الجيوش العربية" لم تبعث بجيوشها ولو أنها تركت شعب فلسطين والمتطوعين العرب يقاتلون شذاذ الافاق الصهاينة لا نتصر العرب.. لكنها خطة دبرتها بريطانيا وأمريكا والصهيونية والملوك والرؤساء العرب في 1948 لزوال فلسطين!… 5 ـ للتأكد من ضياع فلسطين عيّن "قادة العرب" الملك عبد الله قائدا للجيوش العربية التي فرضوها لتحرير فلسطين!. وكان عبد الله ـ مقودا ـ للجنرال كلوب باشا ممثل بريطانيا في الاردن، وبعبارة أوضح كان كلوب باشا القائد الفعلي للجيوش العربية اضافة إلى عدد من القادة الانكليز واليهود، وقد بارك عبد العزيز آل سعود هذا التعيين مع أنه يكره عبد الله لتختفي السعودية خلف هزيمة هذه القيادة مثلما تختفي الان خلف خيانة السادات بالرغم من أنها تهاجمه علنا!… من هم: قادتنا الكلاب وكبيرهم، في رأي الجنرال كلوب؟ وعن أيام "كلوب باشا" يروي (عودة النيص) وهو من الجزيرة العربية والسائق الخاص لكلوب الذي لعب احد الادوار القذرة في اضاعة فلسطين، إلى جانب الملك عبد العزيز آل سعود والملك عبد الله ونوري السعيد ومعظم الحكام العرب كل حسب دوره على مسرح الجريمة، ممن وصفهم وقتها الجنرال كلوب نفسه "بالكلاب". وقصة هذا الوصف يرويها السائق لهذا القائد الاستعماري (عودة النيص) الذي تحدث بعفوية عن مناقب "كلوب باشا" فقال: (في عام 1947 زار الاردن وفد من كبار المسؤولين البريطانيين ليأخذوا رأي كلوب باشا في تقسيم فلسطين. فقالوا له: "لكوننا نخشى يا جنرال ردود الفعل العربية ضد بريطانيا التي تؤيد تقسيم فلسطين. جئنا لأخذ رأي العادة العرب ورأيك بصفتك الخبير في المنطقة فما هو رأيك بردود فعل التقسيم عند العرب"؟ فقال لهم كلوب باشا: سأعطيكم الجواب يوم غد ـ وكان الوقت ليلا .. وفي الصباح الباكر طلب الجنرال كلوب الي أن أشتري له خمسة أرطال من اللحم واطلب من القصاب أن يقطّعها قطعا صغيرة، ففعلت، وبعد أن أحضرتها طلب كلوب من ضيوفه الركوب معه فركبوا، وقدت السيارة بهم والجميع في دهشة من تأخر الجنرال كلوب في رده على سؤالهم عن "رد الفعل العربي فيما لو حدث التقسيم؟!" وفي غمرة تساؤلاتهم تلك، ابتسم الجنرال كلوب ثم طلب منهم التريث لحظات، وهو يقول لي اتجه يا عودة ـ نحو مضارب بني صخر بسرعة لكي يكون الجواب سريعا!. وما أن وصلنا إلى قرب مضارب العشيرة حتّى ثارت كلاب العشيرة تنبحنا بشراسة مدافعة عن البيوت مبدية عدم الرغبة بمقدمنا!، وما أن تكامل عقد الكلاب وأحاطت بنا من كل جانب ولاحظ كلوب باشا انزعاج ضيوفه الانكليز من صولة الكلاب… أخذ الجنرال كلوب باشا يقذف بقطع اللحم ذات اليمين وذات الشمال… فخمدت ثورة الكلاب. بل انعكست ثورتها إلى ترحيب بنا بترقيص ذيولها احتراما وأخذت تنبطح أمام سيارة الجنرال وضيوفه الانكليز مقدمة لهم الولاء والطاعة والاحترام المتزايد!. الشئ الذي أضحك الانكليز كثيرا!. وبينما هم في غمرة الضحك من فعل الكلاب والفعل المعاكس… قال الجنرال كلوب: "هؤلاء من حكام العرب تماما!. أما الشعوب العربية أشبه بأصحاب الكلاب الذين فوضوا أمر حماية البيوت لدفاع الكلاب عنها، بالنباح وبعد أن رأت الكلاب قطع اللحم تركت الدفاع عن مضارب أصحابها… فاذهبوا الآن لتقسيم فلسطين دون تردد ودون ما أخذ رأي قادة العرب فهم مثل هذه الكلاب تماما!" . وأبدى أحد الانكليز استغرابه من ذلك الكلب الذي يبدو أنه أكبر سنا ومع ذلك يقود رعية الكلاب مع أنه أعور العين، أي يقود الكلاب وهو بعين واحدة، فأجابه كلوب ببداهة سريعة يقول: "ألم تعرفه حتّى الآن؟. انّه عبد العزيز آل سعود قائد العرب وأكبر أصحاب بريطانيا" ثم تساءل الباشا قائلا: "هل اقتنعتم بعد الآن؟". قالوا له: "اقتنعنا" … قال لهم: "مع السلامة" وحدث التقسيم بعد برهة وجيزة من استعراض الجنرال كلوب لرعية الكلاب!)… هذا ما رواه السائق الخاص لقائد القوات الاردنية بل القائد الفعلي ـ بعد اليهود ـ للجيوش العربية السبعة التي دخلت فلسطين وأوكلت أمرها لقيادة الملك عبد الله، ووساطات آل سعود وبقية القادة الذين وصفهم كلوب باشا بالكلاب وهو وصف دقيق مع أن الكلاب أشرف من قادة عينتهم الصهيونية المسيطرة على المخابرات البريطانية والامريكية، وبواسطة اولئك القادة زرع اليهود "إسرائيل"… وما زالت أدوار آل سعود تتجدد والكلاب الاعلامية تنبح ويرمى لها الطعام فتعود إلى السكوت!.