انتكاسة الثورة فى إمبابة - محمد أبو الغار

من معرفة المصادر

انتكاسة الثورة فى إمبابة، د. محمد أبو الغار.

أحداث إمبابة نكسة كبرى للثورة المصرية العظيمة، وإذا صدقت الرواية المكتوبة فى الصحف بأن زوجاً مسلماً ذهب ليفتش عن زوجته المسيحية فى إحدى كنائس إمبابة، وكان بصحبته بعض السلفيين، وتلت ذلك الأحداث الرهيبة، فالأمر يستحق منا جميعاً أن نفكر فى مصلحة مصر، وهناك أسباب كثيرة أدت إلى ذلك:

أولاً: الشعور العام بأن الدولة فقدت هيبتها وأصبحت غير قادرة على السيطرة على الانفلات الأمنى، وهذه الحالة النفسية الموجودة الآن قد ترسبت تدريجياً بسبب الأحداث المتتالية فى صول والأقصر وقنا والتى عجزت فيها الدولة عن تطبيق القانون.

وقد شجعت هذه الحالة النفسية جميع المتشددين من التيار السلفى على اختراق القانون وتطبيق ما يحلو لهم بأيديهم مثلما حدث فى مسجد النور والتهديد بالهجوم على الكاتدرائية. وقد لعب الآلاف من البلطجية أيضاً دوراً فى إهدار هيبة الدولة، وذلك بالهجوم المتكرر على أقسام الشرطة، ودورهم الواضح فى فرض سطوتهم، خاصة فى الأحياء الشعبية التى أصبحت الأتاوات والخطف والنهب يتم فيها علنا.

وبالطبع نحن نعلم أن الشرطة المصرية لم تعد إليها قدرتها حتى الآن وقدرات الجيش فى القيام بعمل الشرطة أيضاً محدودة لأسباب تقنية. وأعتقد أن معظم هذه المشاكل تبدأ من المحرضين، ولذا يجب أن يتم تسجيل ما يقال فى جميع منابر المساجد والكنائس والمحاضرات والندوات، وما يكتب فى الصحف ويذاع فى الفضائيات ويتم محاكمة سريعة مع عقوبات رادعة، فليس من المعقول أن ينادى فرد أو مجموعة بعمل عدائى تجاه مواطن أو مجموعة من المواطنين أو مبنى يملكه مواطن أو تملكه الدولة أو بيوت العبادة وننتظر حتى تحدث الكارثة فى هذه الظروف الصعبة يجب أن يقدم لمحاكمة عاجلة كل من قام بالتحريض وينطبق ذلك على جميع القنوات التليفزيونية العامة والخاصة ويتم توجيه إنذار للجميع فى بيان رسمى بأن ذلك سوف يبدأ تطبيقه فوراً على أن يتم ذلك بجدية شديدة ويعلم الكل أن العقاب سوف يكون رادعاً.

ثانياً: اتضح على أرض الواقع أن معظم المشاكل تبدأ بسبب الزواج أو حدوث علاقة عاطفية بين مواطنين من دين مختلف وكلها حالات فردية نادرة فى مجتمع به 85 مليون مصرى ومصرية ولابد أن نقوم بحملة توعية للشعب بأن هذه الأحداث الفردية النادرة ليس لها قيمة ولن يتأثر بها أى دين، ويجب أن يتم معاقبة من يثيرون الفتنة لهذا السبب وفى نفس الوقت يجب أن تقف الدولة بحزم ضد أى ضغط من الكنيسة أو أى جماعة إسلامية على أحد أطراف هذا الزواج أو ترهيبه.

ثالثاً: المصريون جميعاً مسلمين وأقباطاً شعب شديد التدين، ومبادئ الأديان جميعاً تنادى بالحرية والمساواة والعدالة وهذه هى مبادئ الدولة المدنية التى يتمتع الجميع فيها بنفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات والانتماء لروح الدين هو أمر جوهرى وجزء لا يتجزأ من الدين السماوى. وإذا آمنا جميعاً بذلك وطبقناه لما حدثت كل هذه الكوارث.

رابعاً: أعتقد أن المشاكل التى تحدث للشعب المصرى على أرض الواقع لابد أن يقوم بحلها رجال السياسة من جميع الأطياف وأن تقوم الحلول على مبادئ القانون الذى يجب أن نحترمه جميعاً ويجب أن يبتعد رجال الدين والدعاة الرسميون والشعبيون عن هذه المصالحات حتى تأخذ الخلافات بين المسلمين والمسيحيين منحى قانونياً يؤكد على المواطنة والمساواة على أن يقدم للعدالة كل من اقترف جرماً، فحتى إذا تمت مصالحة عرفية فحق الدولة فى عقاب الجانى لابد أن يؤخذ.

خامساً: الظهور المفاجئ للسلفيين فى الشارع المصرى، وما يقال عن علاقتهم الوثيقة بجهاز أمن الدولة السابق وبأنهم قاموا بتشجيع منهم لمحاربة الإخوان هى أمور لابد أن تعلن بوضوح وشفافية بعد الثورة، وهل لا تزال لهم علاقة مع جهاز الأمن السابق، وما هو موقفهم الحقيقى عن الدولة الحديثة والمواطنة واستخدام العنف، لابد أن يعلن السلفيون بعد انهيار أمن الدولة للشعب المصرى عن هويتهم وخطتهم حتى يمكن دمجهم فى التيارات السياسية المصرية بعد الثورة وقد علمت أن أغلبية السلفيين هم من دعاة المذهب الوهابى، ويريدون تطبيق ما كان يحدث فى زمن الإسلام الأول، وهناك أيضاً السلفيون الجهاديون الذين يؤمنون باستخدام العنف ومعظمهم كان فى المعتقلات أو خارج مصر وهم مشابهون لمجموعة بن لادن.

والمسيرة المسلحة من السلفيين فى شوارع إمبابة لمسافة 2 كيلومتر لإحراق الكنيسة الثانية هو مشهد يعيدنا إلى القرون الوسطى وقد رواه لى شهود عيان من المسلمين الذين يقطنون هذا الشارع.

سادساً: المجتمع المصرى به أزمة ضخمة جزء منها اقتصادى والجزء الآخر سببه التضخم السكانى المصحوب بضعف شديد فى مستوى التعليم والصحة للمواطنين وهناك ضغوط خارجية من دول الجوار الصديقة والمعادية، وهناك ترقب شديد وقلق من صعود مصر كدولة واعدة فى الشرق الأوسط، وقد هيأت الثورة المناخ لحدوث هذه الطفرة التى سوف تنقلنا إلى مستقبل أفضل، وإنى أرى أن هذه الفتنة الطائفية سوف تأكل الأخضر واليابس فى مصر، وتعيدنا إلى مربع الصفر، وعلينا جميعاً مسلمين ومسيحيين أفراداً وجماعات واجب كبير فى احتواء هذه الأزمة، وكنت أود أن أرى دوراً فعالاً للإخوان المسلمين على أرض الواقع فى إمبابة لترشيد السلفيين وليس بإصدار بيانات لأن لهم بعض القواعد فى هذه المناطق الشعبية ليست متوفرة لآخرين.

وأخيراً هبوا جميعاً لرفعة مصر

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر