النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي الجزء الول نبذة: ص ّدرّ المؤلف كتابه بذكر فتح مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص رّضي الله عنه , ثم ذكر من ملك مصر قبل السلم ، ثم عقب بمن تولى خلفة مصر بعد السلم؛ ذاك ًرا أهم الحأداث التي وقعت في خلفته. فجمع المؤلف بذلك بين دفتي كتابه من تولوا إمارّة مصر قبل السلم وبعد السلم إلى نهاية سنة إحأدى وسبعين وثمانمائة.
الفهرس
ذكر فتح مصر لبان عبد الحكم وغيره من أحياء القبائل بامصر سبع خلجانات من ملك مصر قبل السلما خطبة عمرو السنة الراباعة من ولياة ابان أباي سرح على مصر السنة الساباعة من ولياة ابان أباي سرح على مصر ولياة الشأتر النخعي على مصر السنة الولى من ولياة عمرو بان العاص الثانية على مصر ولياة مسلمة بان مخلد على مصر السنة الحادياة عشرة من ولياة مسلمة ولياة عبد الرحمن بان جحدما على مصر السنة الراباعة من ولياة عبد العزياز بان مروان على مصر السنة الخامسة عشرة من ولياة عبد العزياز بان مروان على مصر السنة الثالثة من ولياة عبد الله بان عبد الملك بان مروان على مصر ولياة عبد الملك بان رفاعة الولى على مصر ولياة حنظلة بان صفوان الولى على مصر ولياة عبد الرحمن بان خالد على مصر السنة الثانية من ولياة حنظلة بان صفوان على مصر السنة الولى من ولياة حفص بان الوليد الثالثة على مصر السنة الولى من ولياة عبد الملك بان مروان بان موسى على مصر السنة الثالثة من ولياة أباي عون الثانية على مصر السنة الولى من ولياة يازياد بان حاتم المهلبي على مصر السنة الثالثة من ولياة عبد الله بان عبد الرحمن التجيبي على مصر ولياة واضح المنصوري على مصر ولياة الفضل بان صالح على مصر ولياة داود بان يازياد على مصر ولياة عبيد الله بان المهدي الولى على مصر ولياة الليث بان الفضل على مصر ولياة عبد 1 ذ 22468 الله بان محمد على مصر السنة التي حكم فيها جابار على مصر وهي سنة ست وتسعين ومائة السنة الولى من ولياة السري بان الحكم الثانية على مصر السنة الراباعة من ولياة عبيد الله بان السري على مصر السنة التي حكم فيها عمير بان الوليد ولياة المظفر بان كيدر على مصر السنة الولى من ولياة علي بان ياحيى الولى على مصر السنة التي حكم فيها هرثامة وهي سنة ثالثا وثالثاين ومائتين السنة الولى من ولياة عبد الواحد بان ياحيى على مصر السنة الراباعة من ولياة عنبسة بان إسحاق على مصر السنة السادسة من ولياة يازياد بان عبد الله على مصر السنة التي حكم فيها أرباعة أمراء على مصر السنة الولى من ولياة أحمد وهي سنة خمس وخمسين ومائتين السنة الثالثة عشرة من ولياة أحمد السنة الولى من ولياة خماروياه السنة الحادياة عشرة من ولياة خماروياه السنة الولى من ولياة هارون بان خماروياه أول من ولي مصر باعد باني طولون السنة الراباعة من ولياة عيسى النوشأري على مصر السنة الخامسة من ولياة تكين الولى على مصر السنة الثانية من ولياة هلل بان بادر على مصر السنة السادسة من ولياة تكين الراباعة السنة الثانية من ولياة أحمد بان كيغلغ الثانية السنة الخامسة من ولياة الخشيد السنة الثانية عشرة من ولياة الخشيد السنة السادسة من ولياة أنوجور
ذكر فتح مصر لبن عبد الحكم وغيره
قال المؤلف: أخبرنا حأافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحأمد بن علي بن حأجر العسقلني الشافعي مشافهة عن أبي هريرة بن الذهبي قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي: رّوى خليفة عن غير واحأد: أن في سنة عشرين كتب عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه - إلى عمرو بن العاصي أن يسير إلى مصر فسارّ وبعث عمر الزبير بن العوام مرد ًفا له ومعه بسر بن أرّطاة وعمير بن وهب الجمحي وخارّجة بن حأذافة العدوي حأتى أتى بابليون فحصنوا فافتتحها عنوة وصالحه أهل الحصن وكان الزبير أول من ارّتقى سورّ المدينة ثم تبعه الناس فكلم الزبير عم ًرا أن يقسمها بين من افتتحها فكتب عمرو إلى عمر بذلك ثم رّقي إلى المنبر وقال: لقد قعدت مقعدي هذا وما لحأد من قبط مصر علي عهد ول عقد: إن شئت قتلت وإن شئت بعت وإن شئت خمست انتهى كلم الذهبي. ّي مصغر - بن رّباح: المغرب كله عنوة فتدخل مصر وقال علي - وعل فيها. وقال ابن عمر: افتتحت مصر بغير عهد. وقال يزيد بن أبي حأبيب: مصر كلها صلح إل وأما فتوح مصر لبن عبد الحكم فقد أخبرنا به حأافظ العصر شهاب الدين أبو الفضل أحأمد بن تدخلها أو شيًئا من أرّضها فانصرف وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره. فسارّ عمرو بن العاصي من جوف الليل ولم يشعر به أحأد من الناس فاستخارّ عمر وكاتبه - يتخوف على المسلمين - بالرجوع فأثرك الكتاب عم ًرا وهو برفح فتخوف عمرو إن هو أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه النصراف كما عهد إليه عمر فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه وسارّ كما هو حأتى نزل قرية فيما بين رّفح والعريش فسأل عنها فقيل: إنها من أرّض مصر فدعا بالكتاب وقرأه على المسلمين فقال عمرو لمن معه: ألستم تعلمون أن هده القرية من أرّض مصر قالوا: بلى قال: فإن أمير المؤمنين عهد إلي وأمرني إن لحقني كتابه ولم أدخل أرّض مصر أن أرّجع ولم يلحقني كتابه حأتى دخلنا أرّض مصر فسيروا وامضوا على بركة الله. وقيل غير ذلك: وهو أن عمر أمره بالرجوع وخشن عليه في القول. ورّوي نحو مما ذكرنا من وجه آخر من ذلك: أن عثمان بن عفان - رّضي الله عنه - دخل على عمر بن الخطاب - رّضي الله عنهما - فقال عمر له: كتبت إلى عمرو بن العاصي أن يسير إلى مصر من الشأم فقال عثمان: يا أمير المؤمنين إن عم ًرا لمجرأ وفيه إقدام وحأب للمارّة فأخشى أن يخرج في غير ثقة ول جماعة فيعرض المسلمين للهلكة رّجاء فرصة ل إلى عمرو إشفا ًقا على المسلمين ثم قال عثمان: فاكتب إليه: إن أدرّكك كتابي هذا قبل أن تدخل مصر فارّجع إلى موضعك وإن كنت دخلت فامض لوجهك. فلما بلغ المقوس قدوم عمرو بن العاصي إلى مصر توجه إلى موضع الفسطاط فكان يجهز على عمرو الجيوش وكان على القصر يعني قصر الشمع الذي بمصر القديمة رّجل من الروم يقال له العيرج والًيا عليه وكان تحت يد المقوقس واسمه: جريج بن مينا. وأقبل عمرو حأتى إذا كان بالعريش فكان أول موضع قوتل فيه الفرما: قاتلته الروم قتاًل شدي ًدا نح ًوا من شهر ثم فتح الله على يديه وكان عبد الله بن سعد على ميمنة عمرو منذ خروجه من قيسارّية إلى أن فرغ من حأربه. ثم مضى عمرو نحو مصر وكان بالسكندرّية أسقف للقبط يقال له: أبو ميامين فلما بلغه قدوم عمرو إلى مصر كتب إلى قبط مصر يعلمهم أنه ل يكون للروم دولة وأن ملكهم قد أنقطع وأمرهم بتلقي عمرو. ويقال: إن القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرو أعواًنا. من لخم نف ً ثم توجه عمرو ل يدافع إل بالمر الخف حأتى نزل القواصر فسمع رّجل را من القبط يقول بعضهم لبعض: أل تعجبون من هؤلء القوم يقدمون على جموع الروم وإنما هم في قلة من الناس! فأجابه رّجل منهم فقال: إن هؤلء القوم ل يتوجهون إلى أحأد إل ظهروا عليه حأتى يقتلوا أخيرهم. نح ً ثم تقدم عمرو أيضا ل يدافع إل بالمر الخفيف حأتى أتى بلبيس فقاتل وا من شهر حأتى فتح الله عليه. قتاً ثم مضى ل يدافع إل بالمر الخفيف حأتى أتى أم دنين فقاتلوا من بها ل شدي ًدا. وأبطأ عليه الفتح فكتب إلى عمر - رّضي الله عنه - يستمده فأمده بأرّبعة آلف تمام ثمانية آلف مع عمرو فوصلوا إليه إرّسا أحأاط المسلمون بالحصن ًل يتبع بعضهم بع ًضا ثم وأميره يومئذ المندقورّ الذي يقال له العيرج من قبل المقوقس: وهو ابن قرقبي.
اليونان
وكان المقوس ينزل بالسكندرّية وهو في سطان هرقل غير أنه كان حأاض ًرا الحصن حأين حأاصره المسلمون فقاتل عمرو بن العاصي من بالحصن وجاء رّجل إلى عمرو وقال: اندب معي خيًل حأتى آتي من ورّائهم عند القتال فأخرج معه عمرو خمسمائة فارّس عليهم خارّجة بن حأذافة في قول فسارّوا من ورّاء الجبل حأتى وصلوا مغارّ بني وائل قبل الصبح وكانت الروم قد خندقوا خند ًقا وجعلوا له أبواًبا وبثوا في أفنيتها حأسك الحديد فالتقاهم القوم حأين أصبحوا وخرج خارّجة من ورّائهم فانهزموا حأتى دخلوا الحصن وقاتلهم قتال شديدا بصبحهم وعشيهم فلما أبطأ الفتح على عمرو كتب إلى عمر - رّضي الله عنه - يستمده ويعلمه بذلك فأمده بأرّبعة آلف رّجل على كل ألف رّجل منهم رّجل مقام اللف: الزبير بن العوام والمقداد بن السود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد - في قول - وقيل: خارّجة بن حذافة الرابع ل يعدون مسلمة. وقال عمر له: اعلم أن معك أثنى عشر أل ًفا ولن تغلب اثنا عشر أل ًفا من قلة. وقيل غير دلك وهو أن الزبير - رّضي الله عنه - قدم إلى عمرو في اثني عشر أل ًفا وأن عم ًرا لما قدم من الشأم كان في عدة قليلة فكان يفرق أصحابه ليرى العدو أنهم أكثر مما هم فلما انتهى إلى الخندق بادرّه رّجل بأن قال: قد رّأينا ما صنعت وإنما معك من أصحابك كذا وكذا فلم يخطئوا برجل واحأد فأقام عمرو على ذلك أيا يغدو في السحر ًما فيصف أصحابه على أفواه الخندق عليهم السلح فبينما هم على ذلك إذ جاءه خبر الزبير بن العوام في اثني عشر أل ًفا فتلقاه عمرو ثم أقبل فلم يلبث الزبير أن رّكب وطاف بالخندق ثم فرق الرجال حأول الخندق وألح عمرو على القصر ووضع عليه المنجنيق. ودخل عمرو إلى صاحأب الحصن فتناظرا في شيء مما هم فيه فقال عمرو: أخرج وأستشير أصحابي وقد كان صاحأب الحصن أوصى الذي على الباب إذا مر به عمرو أن يلقي عليه صخرة فيقتله فمر عمرو وهو يريد الخروج برجل من العرب فقال له: قد دخلت فأنظر كيف تخرج فرجع عمرو إلى صاحأب الحصن فقال له: إني أرّيد أن آتيك بنفر من أصحابي حأتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت فقال العلج في نفسه: قتل جماعة أحأب إلي من قتل واحأد فأرّسل إلى الذي كان أمره بما أمره من أمر عمرو أل يتعرض له رّجاء أن يأتيه بأصحابه فيقتلهم فخرج عمرو. وبينما عبادة بن الصامت في ناحأية يصلي وفرسه عنده رّآه قوم من الروم فخرجوا إليه وعليهم حألية وبزة فلما دنوا منه سلم من الصلة ووثب على فرسه ثم حأمل عليهم فلما رّأوه ولوا هارّبين وتبعهم فجعلوا يلقون مناطقهم ومتاعهم ليشغلوه بذلك عن طلبهم فصارّ ل يلتفت إليه حأتى دخلوا إلى الحصن ورّمي عبادة من فوق الحصن بالحجارّة فرجع ولم يتعرض لشيء مما طرحأوه من متاعهم حأتى رّجع إلى موضعه الذي كان فيه فاستقبل الصلة وخرج الروم إلى متاعهم وجمعوه.
فلما أبطأ الفتح على عمرو قال الزبير: إني أهب نفسي لله تعالى وأرّجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين فوضع سل الحمام ثم صعد ًما إلى جانب الحصن من ناحأية سوق وأمرهم إذا سمعوا تكبيره يجيبونه جميعا فما شعروا إل والزبير على رّأس الحصن يكبر ومعه السيف وتحامل الناس على السلم حأتى نهاهم عمرو خو ًفا أن ينكسر السلم وكبر الزبير تكبيرة فأجابه المسلمون من خارّج فلم يشك أهل الحصن أن العرب قد اقتحموا جمي ًعا الحصن فهربوا وعمد الزبير بأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه واقتحم المسلمون الحصن. فلما خاف المقوس على نفسه ومن معه سأل عمرو بن العاصي الصلح ودعاه إليه على أن يفرض للعرب على القبط دينارّين دينارّين على كل رّجل منهم فأجابه عمرو إلى ذلك. وكان مكثهم على القتال حأتى فتح الله عليهم سبعة أشهر. انتهى كلم ابن عبد الحكم اختصارّ. وقال غيره في الفتح وجها آخر. قال: لما حأصر المسلمون بابليون وكان به جماعة من الروم وأكابر القبط ورّؤسائهم وعليهم المقوقس فقاتلوهم شه ًرا فلما رّأى القوم الجد من العرب على فتحه والحرص ورّأوا من صبرهم على القتال ورّغبتهم فيه خافوا أن يظهروا عليهم فتنحى المقوقس وجماعة من أكابر القباط وخرجوا من باب القصر القبلي وتركوا به جماعة يقاتلون العرب فلحقوا بالجزيرة موضع الصناعة اليوم وأمروا بقطع الجسر وذلك في جري النيل. ويقال: إن العيرج تخلف بالحصن بعد المقوقس وقيل خرج معهم فلما خاف فتح الحصن رّكب هو وأهل القوة والشرف وكانت سفنهم ملصقة بالحصن ثم لحموا بالمقوقس بالجزيرة فأرّسل المقوقس إلى عمرو: إنكم قد ولجتم في بلدنا وألححتم على قتالنا وطال مقامكم في أرّضنا وإنما أنتم عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلح وقد أحاط بكم هذا النيل وإنما أنتم أسارّى في أيدينا فابعثوا إلينا رّجاًل منكم نسمع من كلمهم فلعله أن يأتي المر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب وينقطع عنا وعنكم القتال قبل أن يغشاكم جموع الروم فل ينفعنا الكلم ول نقدرّ عليه. ولعلكم أن تندموا إن كان المر مخالفا لمطلبكم ورّجائكم فابعثوا إلينا رّجاًل من أصحابكم نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شيء. فلما أتت عم ًرا رّسل المقوقس حأبسهم عنده يومين وليلتين حأتى خاف عليهم المقوس فقال لصحابه: أترون أنهم يقتلون الرسل ويستحلون ذلك في دينهم وإنما أرّاد عمرو بذلك أنهم يرون حأال المسلمين. فرد عليهم عمرو مع رّسلهم:! إنه ليس بيني وبينكم إل إحأدى ثلث خصال: إما أن دخلتم في السلم فكنتم إخواننا وكان لكم مالنا. وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون. وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال حأتى يحكم الله بيننا وبينكم وهو خير الحاكمين. فلما جاءت رّسل المقوقس إليه قال: كيف رّأيتموهم قالوا: رّأينا قوما الموت أحأب إلى أحأدهم من الحياة والتواضع أحأب إليهم من الرفعة ليس لحأدهم في الدنيا رّغبة ل نهمة وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على رّكبهم وأميرهم كواحأد منهم ما يعرف رّفيعهم من وضيعهم ول السيد من العبد وإذا حأضرت الصلة لم يتخلف عنها منهم أحأد يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلتهم. فقال عند ذلك المقوقس: والذي يحلف به لو أن هؤلء استقبلوا الجبال لزأالوها وما يقوى على قتال هؤلء أحأد! ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورّون بهذا النيل لم يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الرّض وقووا على الخروج من موضعهم. فرد إليهم المقوقس رّسله يقول لهم: ابعثوا إلينا رّسًل منكم نعاملهم ونتداعى نحن وهم إلى ما عساه يكون فيه صلح لنا ولكم. فبعث عمرو بن العاصي عشرة نفر أحأدهم عبادة بن الصامت وكان طوله عشرة أشبارّ وأمره عمرو أن يكون متكلم القوم وأل يجيبهم إلى شيء دعوه إليه إل إحأدى هده الثلث الخصال فإن أمير المؤمنين قد تقدم إلي في ذلك وأمرني أل أقبل شيئا إل خصلة من هده الثلث الخصال وكان عبادة أسود فلما رّكبوا السفن إلى المقوقس ودخلوا عليه تقدم عبادة فهابه المقوقس لسواده وقال: نحوا عني هذا السود وقدموا غيره يكلمني فقالوا جمي ًعا: إن هذا السود أفضلنا رّأًيا وعل علينا وإنما نرجع ًما وهو سيدنا وخيرنا والمقدم جميعا إلى قوله ورّأيه وقد أمره المير دوننا بما أمره وأمرنا أل نخالف رّأيه وقوله. فقال: وكيف رّضيتم أن يكون هذا السود أفضلكم وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم قالوا: كل إنه وإن كان أسود كما ترى فإنه من أفضلنا موض ًعا وأفضلنا سابقة وعق ًل ورّأًيا وليس ينكر السواد فينا فقال المقوقس لعبادة: تقدم يا أسود وكلمني برفق فإنني أهاب سوادك وإن اشتد كلمك علي ازأددت لك هيبة فتقدم إليه عبادة فقال: قد سمعت مقالتك وإن فيمن خلفت من أصحابي ألف رّجل كلهم مثلي وأشد سوا ًدا مني وأفظع منظ ًرا ولو رّأيتهم لكنت أهيب لهم مني وأنا قد وليت وأدبر شبابي وإني مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رّجل من عدوي لو استقبلوني جمي ًعا وكذلك أصحابي وذلك إنما رّغبتنا وهمتنا الجهاد في الله وأتباع رّضوانه وليس غزونا عد ًوا ممن حأارّب الله لرغبة في الدنيا ول حأاجة غنمنا من ذلك حألً للستكثارّ منها إل أن الله عز وجل قد أحأل ذلك لنا وجعل ما ل وما درّه ً يبالي أحأدنا أكان له قناطير من ذهب أم كان ل يملك إل ما لن غاية أحأدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسد بها جوعته ليلته ونهارّه وشملة يلتحفها وإن كان أحأدنا ل يملك إل ذلك كفاه وإن كان له قنطارّ من ذهب أنفقه في طاعة الله تعالى واقتصر على هده بيده ويبلغه ما كان في الدنيا لن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورّخاءها ليس برخاء إنما النعيم والرخاء في الخرة بذلك أمرنا الله وأمرنا به نبينا وعهد إلينا أل نكون همة أحأدنا في الدنيا إل ما يمسك جوعته ويستر عورّته وتكون همته فلما سمع المقوقس ذلك منه قال لمن حأوله: هل سمعتم مثل كلم هذا الرجل قط! لقد هبت منظره وإن قوله لهيب عندي من منظره إن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الرّض وما أظن ملكهم إل سيغلب على الرّض كلها.
ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت فقال: أيها الرجل الصالح قد سمعت مقالتك وما ذكرت عنك وعن أصحابك ولعمري ما بلغتم ما بلغتم إل بما ذكرت وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إل لحبهم الدنيا ورّغبتهم فيها وقد توجه إلينا لقتالكم من جمع الروم مال يحصى عدده قوم معروفون بالنجدة والشدة ممن ل يبالي أحأدهم من لقي ول من قاتلي وإنا لنعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تطيقوهم لضعفكم وقلتكم وقد أقمتم بين أظهرنا أشه ًرا وأنتم في ضيق وشدة من معاشكم وحأالكم ونحن نرق عليكم لضعفكم وقلتكم وقلة ما بأيديكم ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكل رّجل منكم دينارّين دينارّين ولميركم مائة دينارّ ولخليفتكم ألف دينارّ فتقبضونها وتنصرفون إلى بلدكم قبل أن يغشاكم ما ل قوة لكم به.
فقال عبادة: يا هذا ل تغزن نفسك ول أصحابك. أما ما تخوفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم وأنا ل نقوى عليهم فلعمري ما هذا بالذي تخوفنا به ول بالذي يكسرنا عما نحن فيه إن كان ما قلتم حأقا فذلك والله أرّغب ما يكون في قتالهم وأشد لحرصنا عليهم لن ذلك أعذرّ لنا عند الله إذا قدمنا عليه إن قتلنا عن آخرنا كان أمكن لنا من رّضوانه وجنته وما من شيء أقر لعيننا ول أحأب إلينا من ذلك وإنا منكم حأينئذ لعلى إحأدى الحسنيين: إما أن تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا إن ظفرنا بكم أو غنيمة الخرة إن ظفرتم بنا وإنها لحأب الخصلتين إلينا بعد الجتهاد منا وإن الله عز وجل قال لنا في كتابه: " كم من فئة قليل ٍة غلبت فئ ًة كثير ًة بإذن الله والله مع الصابرين " وما منا رّجل إل وهو يدعو رّبه صبا ًحأا ومساء أن يرزأقه الشهادة وأل يرده إلى بلده ول إلى أرّضه ول إلى أهله وولده وليس لحأد منا هم فيما خلفه وقد استودع كل واحأد منا رّبه أهله وولده وإنما همنا أمامنا. وأما قولك: إنا في ضيق وشدة من معاشنا وحأالنا فنحن في أوسع السعة: لو كانت الدنيا كفها لنا ما أرّدنا منها لنفسنا أكثر مما نحن فيه فانظر الذي تريد فبينه لنا فليس بيننا وبينك خصلة نقبلها منك ول نجيبك إليها إل خصلة من ثلث فاختر أيتها شئت ول تطمع نفسك في الباطل بذلك أمرني المير وبها أمره أمير المؤمنين وهو عهد رّسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله إلينا: إما إجابتكم إلى السلم الذي هو الدين الذي ل يقبل الله غيره وهو دين نبينا وأنبيائه ورّسله وملئكته - صلوات الله عليهم - أمرنا الله تعالى أن نقاتل من خالفه ورّغب عنه حأتى يدخل فيه فإن فعل كان له ما لنا وعليه ما علينا وكان أخانا في دين السلم فإن قبلت ذلك أنت وأصحابك فقد سعدتم في الدنيا والخرة ورّجعنا عن قتالكم ولم نستحل أذاكم ول التعرض لكم وإن أبيتم إل الجزية فأوفوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون: نعاملكم على شيء نرضاه نحن وأنتم في كل عام أبدا ما بقينا وبقيتم ونقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرّضكم ودمائكم وأموالكم ونقوم بذلك عنكم إذ كنتم في دمتنا وكان لكم به عهد علينا وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إل المحاكمة بالسيف حأتى نموت عن أخرنا أو نصيب ما نريد منكم. هذا ديننا الذي ندين الله تعالى به ول يجوزأ لنا فيما بيننا وبينه غيره فانظروا لنفسكم. فقال المقوقس: هذا ل يكون أب ًدا ما تريدون إل أن تتخذونا عبي ًدا ما كانت الدنيا. فقال عبادة: هو ذلك فاختر ما شئت. فقال المقوقس: أفل تجيبونا إلى خصلة غير هده الثلث الخصال فرفع عبادة يديه وقال: ل ورّب هده السماء ورّب هده الرّض ورّث كل شيء ما لكم عندنا خصلة غيرها فاختارّوا لنفسكم.
فالتفت المقوقس عند ذلك لصحابه وقال: قد فرغ القوم فما ترون فقالوا: أو يرضى أحأد بهذا الذل! أما ما أرّادوا من دخولنا إلى دينهم فهذا ما ل يكون أبدا نترك دين المسيح ابن مريم وندخل في دين ل نعرفه. وأما ما أرّادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبي ًدا فالموت أيسر من ذلك لو قال المقوقس لعبادة: قد أبى القوم فما ترى فراجع صاحأبك على أن نعطيكم في مرتكم هذه! ما تمنيتم وتنصرفون. فقام عبادة وأصحابه. فقال المقوقس لصحابه: أطيعوني وأجيبوا القوم إلى خصلة واحأدة من هذه الثلث فوا لله مالكم بهم طاقة ا ولئن لم تجيبوا إليها طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم كارّهين. فقالوا: وأي خصلة نجيبهم إليها قال: إذا أخبركم. أما دخولكم في غير دينكم فل آمركم به وأما قتالهم فأنا أعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تصبروا صبرهم ول بد من الثالثة قالوا: فنكون لهم عبي ًدا أب ًدا قال: نعم تكونون عبي ًدا مسلطين في بلدكم آمنين على أنفسكم وأموالكم وذرّارّيكم خير لكم من أن تموتوا من آخركم وتكونوا عبي ًدا تباعوا وتمزقوا في البلد مستعبدين أب ًدا أنتم وأهلكم وذرّارّيكم. قالوا: فالموت أهون علينا. وأمروا بقطع الجسر من الفسطاط وبالجزيرة وبالقصر من جمع القبط والروم جمع كثير. فألح المسلمون عند ذلك بالقتال على من بالقصر حأتى ظفروا بهم وأمكن. الله منهم فقتل منهم خلق كثير وأسر من أسر منهم وانحازأت السفن كلها إلى الجزيرة وصارّ المسلمون يراقبونهم و قد أحأدق بهم الماء من كل وجه ل يقدرّون على أن يتقدموا نحو الصعيد ول إلى غير ذلك من المدائن والقرى والمقوقس يقول لصحابه: ألم أعلمكم هذا وأخافه عليكم! ما تنتظرون! فو الله لتجيبنهم إلى ما أرّادوا طو ًعا أو لتجيبنهم إلى ما هو أعظم من ذلك كر ًها فأطيعوني من قبل أن تندموا. فلما رّأوا منهم ما رّأوا وقال لهم المقوقس ما قال أذعنوا بالجزية ورّضوا بذلك على صلح يكون بينهم يعرفونه. ًصا على إجابتك وأرّسل المقوقس إلى عمرو بن العاصي رّضي الله عنه: إني لم أزأل حأري إلى خصلة من تلك الخصال التي أرّسلت إلي بها فأبى علي من حأضرني من الروم والقبط فلم يكن لي أن أفتات عليهم في أموالهم. وقد عرفوا نصحي لهم وحأبي صلحأهم ورّجعوا إلى قولي فأعطني أمانا أجتمع أنا وأنت أ أنا في نفر من أصحابي وأنت في نفر من أصحابك فإن استقام المر بيننا تم لنا ذلك جميعا وإن لم يتم رّجعنا إلى ما كنا عليه. فاستشارّ عمرو أصحابه في ذلك فقالوا: ل نجيبهم إلى شيء من الصلح ول الجزية حأتى يفتح الله علينا وتصير الرّض كلها لنا فيئا وغنيمة كما صارّ لنا القصر وما فيه فقال: قد علمتم ما عهد إلي أمير المؤمنين في عهده فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلث التي عهد إلي فيها أجبتهم إليها وقبلت منهم مع ما قد حأال هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم. فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلها وأسفلها من القبط دينارّان دينارّان على كل نفس شريفهم ووضيعهم ممن بلغ منهم الحلم ليس على الشيخ الفاني ول على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ول على النساء شيء وعلى أن للمسلمين عليهم النزل بجماعتهم حأيث نزلوا ومن نزل عليه ضيف واحأد من المسلمين أو أكثر من ذلك كانت لهم ضيافة ثلثة أيام مفترضة عليهم وأن لهم أرّضهم وأموالهم ل يتعرض لهم في شيء منها. فشرط ذلك كله على القبط خاصة. وأحأصوا عدد القبط يومئذ خاصة من بلغ منهم الجزية وفرض عليهم الدينارّان رّفع ذلك عرفاؤهم باليمان المؤكدة فكان جميع من أحأصي يومئذ بمصر أعلها وأسفلها من جميع القبط فيما أحأصوا وكتبوا أكثر من ستة آلف نفس فكانت فريضتهم يومئذ اثني عشر ألف دينارّ في كل سنة وقيل غير ذلك. وقال عبد الله بن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي: لما فتح عمرو مصر صالح أهلها عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممن رّاهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ول شيخ ول صبي فأحأصوا بذلك على دينارّين دينارّين فبلغت عدتهم ثمانية آلف ألف. قال: وشرط المقوقس للروم أن يخيروا: فمن أحأب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لزأما له مفترضا عليه ممن أقام بالسكندرّية وما حأولها من أرّض مصر كلها ومن أرّاد الخروج منها إلى أرّض الروم خرج وعلى أن المقوقس له الخيارّ في الروم خاصة حأتى يكتب إلى ملك الروم يعلمه بما فعل فإن قبل ذلك ورّضيه جازأ عليهم وإل كانوا جميعا على ما كانوا عليه. قلت: وقد اختلف بعد ذلك في فتح مصر: هل فتحت صل ًحا أم عنوة فمن قال: إن مصر فتحت بصلح احأتج بما ذكرناه ونحوه بمثل ما ذكره القضاعي وغيره وقالوا: إن المر لم يتم إل بما جرى بين عبادة بن الصامت وبين المقوقس وعلى ذلك أكثر علماء أهل مصر منهم عقبة بن عامر ويزيد بن أبي حأبيب والليث بن سعد وغيرهم. وذهب الذي قال إنها فتحت عنوة إلى أن الحصن فتح عنوة وكان حأكم جميع الرّض كذلك وهم عبيد الله بن المغيرة الشيباني ومالك بن أنس وعبد الله بن وهب وغيرهم. وذهب قوم إلى أن بعضها فتح عنوة وبعضها فتح صل ًحا منهم عبد الله بن لهيعة وابن شهاب الزهري وغيرهما. قال عبيد الله بن أبي جعفر: حأدثني رّجل ممن أدرّك عمرو بن العاصي قال: للقبط عهد عند فلن وعهد عند فلن فسمى ثلثة نفر. وفي رّواية: إن عهد أهل مصر كان عند كبرائهم. قال: وسألت شي ًخا من القدماء عن فتح مصر قلت له: فإن نا ًسا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد فقال: ما يبالي أل يصفي من قال إنه ليس لهم عهد فقلت: فهل كان لهم كتاب فقال: نعم كتب ثلثة: كتاب عند طلما صاحأب إخنا وكتاب عند قزمان صاحأب رّشيد وكتاب عند يحنس صاحأب البرلس قلت: كيف كان صلحهم قال: دينارّين على كل إنسان جزية وأرّزأاق المسلمين قلت: أفتعلم ما كان من الشروط قال: نعم ستة شروط: ل يخرجون من ديارّهم ول تنزع نساؤهم ول أولدهم ول كنوزأهم ول أرّاضيهم ول يزاد عليهم. وكان فتح مصر يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين من الهجرة. وقال ابن كثير في تارّيخه: قال محمد بن إسحاق: فيها يعني سنة عشرين من الهجرة كان فتح مصر. وكذا قال الواقدي: إنها فتحت هي والسكندرّية في هده السنة. وقال أبو معشر: فتحت مصر سنة عشرين والسكندرّية في سنة خمس وعشرين. وقال سيف: فتحت مصر والسكندرّية في رّبيع الول سنة ست عشرة. ورّجح ذلك أبو الحسن بن الثير في الكامل لقصة بعث عمرو الميرة من مصر عام الرمادة. وهو معذورّ فيما رّجحه. انتهى كلم ابن كثير. وقال أي ًضا في قول آخر: فتحت السكندرّية في سنة خمس وعشرين بعد محاصرة ثلثة أشهر عنوة وقيل: صل ًحا على اثني عشر ألف دينارّ وشهد فتحها جماعة كثيرة من الصحابة - رّضي الله عنهم أجمعين. قال ابن عبد الحكم: وكان من حأفظ من الذين شهدوا فتح مصر من أصحاب رّسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش وغيرهم ومن لم يكن له برسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة وذكرهم جملة واحأدة فقال: الزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاصي وكان أمير القوم وعبد الله بن عمرو بن العاصي وخارّجة بن حأذافة العدوي وعبد الله بن عمر بن الخطاب وقيس بن أبي العاصي السهمي والمقداد بن السود وعبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري ونافع بن عبد قيس الفهري و يقال بل هو عقبة بن نافع وأبو عبد الرحأمن يزيد بن أنيس الفهري وأبو رّافع مولى رّسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عبدة وعبد الرحأمن ورّبيعة ابنا شرحأبيل بن حأسنة وورّدان مولى عمرو بن العاصي وكان حأامل لواء عمرو بن العاصي - رّضي الله عنهم. وقد اختلف في سعد بن أبي وقاص فقيل: إنما دخلها بعد الفتح. وشهد الفتح من النصارّ عبادة بن الصامت وقد شهد بدًرّا وبيعة العقبة ومحمد بن مسلمة النصارّي وقد شهد بدرّا وهو الذي أرّسله عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه - إلى مصر فقاسم عمرو بن العاصي ماله وهو أحأد من كان صعد الحصن مع الزبير بن العوام ومسلمة بن مخلد النصارّي يقال: له صحبة وأبو أيوب خالد بن زأيد النصارّي وأبو الدرّداء عويمر بن عامر وقيل: عويمر بن زأيد.
ومن أحياء القبائل
- أبو بصرة حأميل بن بصرة الغفارّي وأبو درّ جندب بن جنادة الغفارّي.
وشهد الفتح مع عمرو بن العاصي هبيب بن مغفل وإليه ينسب وادي هبيب الذي بالمغرب وعبد الله بن الحارّث بن جزء الزبيدي وكعب بن ضنة العبسي ويقال: كعب بن يسارّ بن. ضنة وعقبة بن عامر الجهني وهو كان رّسول عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاصي حأين كتب إليه يأمره أن يرجع إن لم يكن دخل أرّض مصر وأبو زأمعة البلوي وبرح بن عسكل ويقال: برح بن عسكر شهد فتح مصر واختظ بها وجنادة بن أبي أمية الزأدي وسفيان بن وهب الخولني وله صحبة ومعاوية بن حأديج الكندي وهو كان رّسول عمرو بن العاصي إلى عمر بن الخطاب بفتح السكندرّية وقد اختلف فيه فقال قوم: له صحبة وقال آخرون: ليست له صحبة وعامر مولى حأمل الذي يقال له: عامر حأمل شهد الفتح وهو مملوك وعمارّ بن ياسر ولكن دخل بعد الفتح في أيام عثمان وجهه إليها في بعض أمورّه. انتهى كلم ابن عبد الحكم باختصارّ. وقال ابن كثير في فتح مصر وجها آخر على ما أخبرنا به شيخ السلم قاضي القضاة جلل الدين عبد الرحأمن بن عمر البلقيني الشافعي مشافهة بإجازأته من الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير مجمو ًعا من كلم ابن إسحاق وغيره قالوا: لما استكمل المسلمون فتح الشأم بعث عمر بن الخطاب عمرو بن العاصي إلى مصر. وزأعم سيف: أنه بعثه بعد فتح بيت المقدس وأرّدفه بالزبير بن العوام وفي صحبته بسر بن أبي أرّطاة وخارّجة بن حأذافة وعمير بن وهب الجمحي فاجتمعوا على باب مصر فلقيهم أبو مريم جاثليق مصر ومعه السقف أبو مريام في أهل الثبات فلما تصافوا قال عمرو بن العاصي: ل تعجلوا حأتى نعذرّ إليكم ليبرزأ إلي أبو مريم وأبو مريام رّاهبا هده البلد فبرزأا إليه فقال لهما عمرو: أنتما رّاهبا هده البلد فاسمعا: إن الله بعث محم ًدا بالحق وأمره به وأمرنا به محمد وأدى إلينا كل الذي أمر به ثم مضى وتركنا على الواضحة وكان مما أمرنا به العذارّ إلى الناس فنحن ندعوكم إلى السلم فمن أجابنا إليه فمثلنا ومن لم يجبنا عرضنا عليه الجزية وبد لنا له المنعة. وقد أعلمنا أننا مفتتحوكم وأوصانا بكم حأفظا لرحأمنا منكم وأن لكم إن أجبتمونا بذلك ذمة إلى ذمة ومما عهد إلينا أميرنا: استوصوا بالقبطيين خي رّسول الله صلى الله عليه ًرا فإن ًرا لن لهم ذمة ورّحأ ًما. وسلم أوصانا بالقبطيين خي فقالوا: قرابة بعيدة ل يصل مثلها إل النبياء معروفة شريفة كانت ابنة ملكنا وكانت من أهل منف والملك منهم فأديل عليهم أهل عين شمس فقتلوهم وسلبوهم ملكهم وأغربوا فلذ لك صارّت إلى إبراهيم عليه السلم. مرحأبا به وأهل. أمنا حأتى نرجع إليك. فقال عمرو: إن مثلي ل يخدع ولكني أؤجلكما ثلًثا لتنظرا ولتناظرا قومكما وإل ناجزتكم قال: زأدنا فزادهم يو ًما فقال: زأدنا فزادهم يو ًما فرجعا إلى المقوقس فأبى أرّطبون أن يجيبهما وأمر بمناهدتهم وقال لهل مصر: أما نحن فنجتهد أن ند فع عنكم ل نرجع إليهم وقد بقيت أرّبعة أيام وأشارّ عليهم بأن يبيتوا للمسلمين فقال المل منهم: ما تقاتلون من قوم قتلوا كسرى وقيصر وغلبوهم على بلدهم! فألح الرّطبون في أن يبيتوا للمسلمين ففعلوا فلم يظفروا بشيء بل قتل منهم طائفة منهم الرّطبون. وحأاصر المسلمون عين شمس من مصر في اليوم الرابع وارّتقى الزبير عليهم سورّ البلد. فلما أحأسوا بذلك خرجوا إلى عمرو من الباب الخر فصالحوه واخترق الزبير البلد حأتى خرج من الباب الذي عليه عمرو. فأمضوا الصلح وكتب لهم عمرو كتاب أمان: بسم الله الرحأمن الرحأيم هذا ما أعطى عمرو بن العاصي أهل مصر من المان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم ل يدخل عليهم شيء من ذلك ول ينتقض ول تساكنهم النوبة . وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح وانتهت زأيادة نهرهم خمسين ألف ألف وعليهم ما جنى لصوتهم فإن أبى أحأد منهم أن يجيب رّفع عنهم من الجزية بقدرّهم وذمتنا ممن أبى بريئة. وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رّفع عنهم بقدرّ ذلك ومن دخل في صلحهم من الروم والنوبة فله مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم ومن أبى واختارّ الذهاب فهو آمن حأتى يبلغ مأمنه أو يخرج من سلطاننا عليهم ما عليهم أثلثا أفي كل ثلث جباية ثلث ما عليهم. وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رّأسا وكذا وكذا فرسا على أل يغزوا ول يمنعوا من تجارّة صادرّة ول وارّدة. وشهد عليه الزبير وعبد الله ومحمد ابناه وكتب ورّدان وحأضر. فدخل في ذلك أهل مصر كلهم وقبلوا الصلح واجتمعت الخيول بمصر وعمروا الفسطاط. وظهر أبو مريم وأبو مريام فكلما عمرا في السبايا التي أصيبت بعد المعركة فأبى عمرو أن يردها عليهما وأمر بطردهما وإخراجهما من بين يديه. فلما بلغ ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه أمر أن كل سبي أخذ في الخمسة اليام التي آمنهم فيها أن يرد عليهم وكل شيء أخذ ممن لم يقاتل فكذلك ومن قاتل فل ترد عليه سباياه. وقد قال المام أحأمد: حأدثنا عتاب حأدثنا عبد الله أخبرني عبد الله بن عقبة - وهو عبد الله بن لهيعة بن عقبة - حأدثني يزيد بن أبي حأبيب عمن سمع عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة يقول: سمعت سفيان بن وهب الخولني يقول: لما افتتحنا مصر بغير عهد قام الزبير بن العوام فقال: يا عمرو بن العاصي اقسمها فقال عمرو: ل أقسمها فقال الزبير: والله لتقسمنها كما قسم رّسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فقال عمرو: والله ل أقسمها حأتى أكتب إلى أمير المؤمنين وكتب إلى عمر فكتب إليه عمر: أقرها حأتى يغزو منها حأبل الحبلة. تفرد به أحأمد وفي إسناده ضعف من جهة ابن لهيعة لكنه عليم بأمورّ مصر ومن جهة المبهم الذي لم يسم فلو صح لدل على فتحها عنوة ولدل على أن المام يخير في الرّاضي العنوة إن شاء قسمها وإن شاء أبقاها قلت: قد رّواه الطحاوي بسند صحيح. وقال سيف: أن عمرو بن العاصي لما التقى مع المقوقس جعل كثير من لمسلمين يفر من الزحأف فجعل عمرو يذمرهم ويحثهم على الثبات فقال له رّجل من أهل اليمن: إنا لم نخلق من حأجارّة ول حأديد! فقال له عمرو: اسكت فإنما أنت كلب فقال له الرجل: فأنت إذا أمير الكلب! فأعرض عنه عمرو و نادى بطلب أصحاب رّسول الله صلى الله عليه وسلم فلما اجتمع إليه من هناك من الصحابة قال لهم عمرو: تقدموا فبكم ينصر الله المسلمين فنهدوا إلى القوم ففتح الله عليهم وظفروا أتم الظفر. انتهى كلم ابن كثير وغيره. وقد سقنا ما ذكره ابن كثير هنا لزيادة فيما ذكره ولكونه حأاف ًظا محدًثا فيصير بذلك ما ذكرناه من فتح مصر من طرق عديدة لتكثر في هذا الكتاب الفائدة إن شاء الله تعالى. المبراطورّية الستعمارّية انظر فيكتورّ سحاب - المصدرّ السابق. ويرى المؤرّخ الدكتورّ أدمون رّباط أن نهوض سررّيا اليعقوبية في وجه بيزنطية كان قومية دينية إلى ذلك نضيف أنه كان لموقف حأاكم مصر الروماني المقوقس أثر مهم على سير أحأداث فتوح مصر فقد تراوح موقفه عملًيا بين المفاوضات والنحيازأ إلى جانب العرب بينما رّفض المبراطورّ البيزنطي الصلح الذي تفاوض عليه المقوقس مع عمرو بن العاصي. أما المقوقس فلم يعبأ بهرقل بل أعلم ابن العاصي أنه لم يخرج عما عاقده عليه وأن القبط موفون له ما صالحهم عليه. وتحدثنا المصادرّ أن عم ًرا طلب من المقوقس أن يضمن له الجسورّ ويقيم للمسلمين النزال والضيافة بين الفسطاط والسكندرّية و صارّ القبط والمقوقس أعوانا للمسلمين. هذا وقد عذ مؤرّخو الفرنجة موقف المقوقس خيانة. انظر حأسن إبراهيم حأسن: تارّيخ السلم 1 8 وابن عبد الحكم: 65 - 67 وخطط المقريزي: 1 3 ودرّاسات عن ابن عبد الحكم: المقوقس و دورّه في فتح مصر لباهورّ لبيب ص 77 ما بعدها(. وبهذا فان المقاومة التي لقيها المسلمون كانت من العساكر الرومانية وإن السكندرّية عند ما ثارّت على العرب بعد فتحها إنما كان ذلك نتيجة مجيء جيش الروم بح ًرا. ولم يساعد الروم هذه المرة سوى ثلث قرى مصرية هي سلطيس ومصيل وبلهيت. المقريزي: 1 4 والبلذرّي - فتوح بلدان: 259. يلخص أ لفرد بتلر في كتابه: فتح العرب لمصر ميزان القوى الحقيقي بقوله إن تعداد أنصارّ خلقيدونية المتجمعين في السكندرّية على الخصوص كان نح ًوا من مائتي ألف بينما كان تعداد اليعاقبة القباط بلغ ستة مليين. ما ورّد في فضل مصر من اليات الشريفة والحأاديث النبوية قال الكندي وغيره من المؤرّخين: فمن فضائل مصر أن الله عز وجل ذكرها في كتابه العزيز في أرّبعة وعشرين موض ًعا منها ما هو بصريح اللفظ ومنها ما د لت عليه القرائن والتفاسير. فأما صريح اللفظ فمنه قوله تعالى: " اهبطوا مص ً را فإن لكم ما سألتم " - البقرة: 61 وقوله تعالى يخبر عن فرعون: " أليس لي ملك مصر وهذه النهارّ تجري من تحتي " - الزخرف: 51 وقوله تعالى: " وأوحأينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوًتا واجعلوا بيوتكم قبلة " - ً يونس: 87 ومنه را عن نبيه يوسف عليه السلم: " قوله عز وجل مخب ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين " - يوسف: 9 وأما ما دلت عليه القرائن فمنه قوله عز وجل: " ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق " - يونس: 93 وقوله عز وجل: " وآويناهما إلى رّبو ٍ ة ذات قرارّ ومعين " - المؤمنون: 0. قال ابن عباس وسعيد بن المسيب ووهب بن منبه وغيرهم: هي مصر. وقوله تعالى: " فأخرجناهم من جنا ٍت وعيون وكنو ٍزأ ومقام كريم " - الشعراء: 58 وقوله تعالى: " وأورّثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارّق الرّض ومغارّبها التي بارّكنا فيها " - العراف: .137 ٍ كم تركوا من جنا ٍت وعيو ٍ م ونعم ٍة كانوا فيها يعني مصر وقوله تعالى: " ن ٍم كري ٍع ومقا وزأرّو فاكهين كذلك وأورّثناها قو ًما آخرين " - الدخان: 25 26 27. يعني قوم فرعون وأن بني إسرائيل أورّثوا مصر. وقوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الرّض ونجعلهم أئم ً ة ونجعلهم الوارّثين ونمكن لهم في الرّض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرّون " - القصص: 6. وقوله عز وجل مخب يا قوم ادخلوا الرّض المقدسة التي ًرا عن نبيه موسى عليه السلم: " كتب الله لكم ول ترتدوا على أدبارّكم فتنقلبوا خاسرين " - المائدة: 21 وقوله عز وجل مخبرا عن فرعون: " يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الرّض " - غافر: 29. وقوله عز وجل: " وتمت كلمة رّبك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع
فرعون وقومه وما كانوا يعرشون " - العراف: 37.
ًرا عن فرعون: " وقوله تعالى مخب أتذرّ موسى وقومه ليفسدوا في الرّض ويذرّك والهتك " - العراف: 27 ا يعني أرّض مصر. قوله تعالى مخبرا عن نبيه يوسف عليه السلم: " اجعلني على خزائن الرّض إني حأفيظ عليم َِرحمتَِنا ّ نا منَْها َحيْ ُث يَ َشاء نُ ِصي ُب ب ّ َمك ُ " - يوسف وقوله تعالى: " وَكَذَلِ َك ّ ِض يَتَبَو لْرّ َ لُِيو ُس َف ِفي ا َن ُم ْح ِسِني ل ْ أ ْج َر ا َ ّ َشاء " - يوسف: 21 وقوله تعالى مخبرا عن بني إسرائيل: " َولَنُ ِضي ُع َمن ن َّنا َرّب َحَياةِ ُمو َسى ِفي الْ ْم َوالً َقا َل أ وَ َ ِزأينًَة وَ ْرعَوْ َن وَ َمل ُه ّ َك آتَيْ َت فِ إن ِ َّنا َ رّب لوْا َعن َسِبيلِ َك ّ َّنا لِيُ ِض َرّب نَْيا ّ الد
ا لى
َ ِم ْس عَ اطْ ْ تى يََروُ ّ ِه ْم َفلَيُؤْ ِمُنوْا َحأ َلى قُُلوِب َوا ْشدُ ْد عَ ِه ْم ْم َوالِ أ َ م َ لِلي َ لعَ َذا َب ا ا " - يونس: 88 وقوله ْ تعالى مخب موسى عليه السلم: " عسى رّبكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في ًرا عن نبيه الرّض " - العراف: 129 وقوله تعالى: " أو أن يظهر في الرّض الفساد " - غافر: 26. يعني أرّض مصر. وقوله تعالى: " وجاء رّجل من أقصى المدينة يسعى " - القصص: 20. وقوله عز وجل: " إن فرعون عل في الرّض وجعل أهلها شي ًعا " - القصص: 4. وقوله تعالى مخبرا عن ابن يعقوب عليه السلم: " فلن أبرح الرّض " - يوسف: 80. يعني مصر. ًرّا في الرّض " - القصص: 19. وقوله تعالى: " إن تريد إل أن تكون جبا وأما ورّد في حأقها من الحأاديث النبوية فقد رّوي عن رّسول الله صلى الله عليه وسلم ذمة ورّحأ ً أنه قال: " ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خي ما " قال ًرا فإن لهم ابن كثير رّحأمه الله: والمراد بالرحأم أنهم أخوال إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلم أمه هاجر القبطية وهو الذبيح على الصحيح وهو والد عرب الحجازأ الذين منهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوال إبراهيم ابن رّسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه ًما لبراهيم ابن مارّية القبطية من سنى كورّة أنصنا وقد وضع عنهم معاوية الجزية إكرا رّسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى كلم ابن كثير. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جن ًدا كثي ًفا فذلك الجند خير أجناد الرّض " فقال له أبو بكر رّضي الله عنه: ولم ذلك يا رّسول الله فقال: " لنهم وأزأواجهم في رّباط إلى يوم القيامة " وعنه صلى الله عليه وسلم وذكر مصر: " ما كادهم أحأد إل كفاهم الله مؤونته ". وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي رّضي الله عنهما: أهل مصر أكرم عاجم كلها وأسمحهم ي ًدا وأفضلهم عنص ًرا وأقربهم رّحأ ًما بالعرب عامة وبقريش خاصة. وقال أيضا: لما خلق الله آدم مثل له الد نيا: شرقها وغربها وسهلها وجبلها وأنهارّها وبحارّها وعامرها وخرابها ومن يسكنها من المم. ومن يملكها من الملوك فلما رّأى مصر رّآها أرّ ًضا سهلة ذات نهر جا مادته من الجنة ٍرّ تنحدرّ فيه البركة ورّأى جب الرب عز وجل إليه ًل من جبالها مكس ًوا نوًرّا ل يخلو من نظر بالرحأمة في سفحه أشجارّ مثمرة فروعها في الجنة تسقى بماء الرحأمة فدعا آدم في النيل بالبركة ودعا في أرّض مصر بالرحأمة والبر والتقوى وبارّك على نيلها وجبلها سبع مرات قال: يا أيها الجبل المرحأوم سفحك جنة وتربتك مسكة تدفن فيها عرائس الجنة أرّض حأافظة مطبقة رّحأيمة ل خلتك يا مصر بركة ول زأال بك حأفظة ول زأال منك ملك وعز يا أرّض مصر فيك الخبايا والكنوزأ ولك البر والثروة سال نهرك عسًل كثر الله رّزأقك ودرّ ضرعك وزأكا نباتك وعظمت بركتك وخصبت ولزأال فيك يا مصر خير ما لم تتجبري وتتكبري أو تخوني فإذا فعلت ذلك عراك شر ثم يغورّ خيرك. فكان عليه السلم أول من دعا لها بالرحأمة والخصب والرأفة والبركة. وقال عبد الله بن عباس: دعا نوح عليه السلم لبنه بيصر بن حأام - وهو أبو مصر الذي سميت مصر على اسمه - فقال: اللهم إنه قد أجاب دعوتي فبارّك فيه وفي ذرّيته وأسكنه الرّض الطيبة المبارّكة التي هي أم البلد وغوث العباد ونهرها أفضل أنهارّ الدنيا واجعل فيها أفضل البركات وسخر له ولولده الرّض وذللها لهم وقوهم عليها وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي رّضي الله عنهما: لما قسم نوح عليه السلم الرّض بين ولده جعل ٍم مصر وسواحألها والغرب وشاطىء النيل فلما قدم بيصر بن حأام وبلغ لحا العريش قال: " اللهم إن كانت هذه الرّض التي وعدتنا على لسان نبيك نوح وجعلتها لنا منزًل فاصرف عنا وباها وطيب لنا ثراها واجمع ماها وأنبت كلها وبارّك لنا فيها وتمم لنا وعدك إنك على كل شيء قدير وإنك ل تخلف الميعاد " وجعلها بيصر لبنه مصر وسماها به. يأتي ذكر ذلك عند ذكر من ملك مصر قبل السلم في هذا المحل إن شاء الله تعالى. والقبط ولد مصر بن بيصر بن حأام بن نوح عليه السلم. وقال كعب الحأبارّ: لول رّغبتي في بيت المقدس لما سكنت إل مصر فقيل له: ولم قال: لنها معافاة من الفتن ومن أرّاد بها سو ًءا كبه الله على وجهه وهو بلد مبارّك لهله فيه. ورّوى ابن يونس عنه قال: من أرّاد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى مصر إذا زأخرفت وفي رّواية: إذا أزأهرت. ورّوى ابن يونس بإسناده إلى أبي بصرة الغفارّي قال: سلطان مصر سلطان الرّض كلها. قلت: ولهذا الخبر الصحيح جعلنا في آخر تراجم ملوك مصر حأوادث سائر القطارّ كلها. وقال: في التورّاة مكتوب: مصر خزائن الرّض كلها فمن أرّاد بها سو ًءا قصمه الله. وقال عمرو بن العاصي رّضي الله عنه: ولية مصر جامعة تعدل الخلفة. وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رّضي الله عنه قال: خلقت الدنيا على خمس صورّ: على صورّة الطير برأسه وصدرّه وجناحأيه وذنبه فالرأس مكة والمدينة واليمن والصدرّ الشأم ومصر والجناح اليمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها: واق واق وخلف ذلك من المم ما ل يعلمه إل الله والجناح اليسر السند والهند وخلف الهند أمة يقال لها: باسك وخلف باسك أمة يقال لها: منسك وخلف ذلك من المم ما ل يعلمه إل الله والذ نب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب. وقال ابن عبد الحكم حأدثنا أشهب بن عبد العزيز وعبد الملك بن مسلمة قال حأدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن كعب بن مالك: أن رّسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خي ساق ابن عبد الحكم ًرا فإن لهم ذمة ورّحأ ًما " ثم عدة أحأاديث أخر بأسانيد مختلفة في حأق مصر ونيلها في هذا المعنى. وقال أبو حأازأم عبد الحميد بن عبد العزيز قاضي العراق: سألت أحأمد بن المدبر عن مصر فقال: كشفتها فوجدت غامرها أضعاف عامرها ولو عمرها السلطان لوفت له بخراج الدنيا. وقال بعض المؤرّخين: إنه لما استقر عمرو بن العاصي رّضي الله عنه على ولية مصر كتب إليه عمر بن الخطاب رّضي الله عنه: أن صف لي مصر فكتب إليه: ورّد كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه يسألني عن مصر: اعلم يا أمير المؤمنين أن مصر قرية غبراء وشجرة خضراء طولها شهر وعرضها عشر يكنفها جبل أغبر ورّمل أعفر يخط وسطها نيل مبارّك الغزوات ميمون الروحأات تجري فيه الزيادة والنقصان كجري الشمس والقمر له أوان يدرّ حأل به ويكثر فيه ذبابه تمده عيون الرّض وينابيعها حأتى إذا ما اصلخم عجاجه وتعظمت أمواجه فاض على جانبيه فلم يمكن التخلص من القرى بعضها إلى بعض إل في صغارّ المراكب وخفاف القوارّب وزأوارّق كأنهن في المخايل ورّق الصائل فإذا تكامل في زأيادته نكص على عقبيه كأول ما بدأ في جريته وطما في درّته فعند ذلك تخرج أهل ملة محقورّة وذمة مخفورّة يحرثون بطون الرّض ويبذرّون بها الحب يرجون بذلك النماء من الرب لغيرهم ما سعوا من كدهم فناله منهم بغير جدهم فإذا أحأدق الزرّع وأشرق سقاه الندى وغذاه من تحته الثرى فبينما مصر يا أمير المؤمنين لؤلؤة بيضاء إذا هي عنبرة سوداء فإذا هي زأمردة خضراء فإذا هي د يباجة رّقشاء فتبارّك الله الخالق لما يشاء. والذي يصلح هذه البلد وينميها ويقر قاطنيها فيها أليقبل قول خسيسها في رّئيسها وأل يستأدى خراج ثمرة إل في أوانها وأن يصرف ثلث ارّتفاعها في عمل جسورّها وترعها فإذا تقررّ الحال مع العمال في هذه الحأوال تضاعف ارّتفاع المال والله تعالى يوفق في المبدأ والمآل. فلما ورّد الكتاب على عمر بن الخطاب رّضي الله عنه قال: لله درّك يا بن العاص! لقد ًرا كأني أشاهده. وصفت لي خب وقال المسعودي في تارّيخه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بأهل مصر خي الخليل عليه السلم وأم ًرا فإن لهم نسًبا وصه ًرا " أرّاد بالنسب: هاجر زأوجة إبراهيم ولده إسماعيل. ما ورّد في نيل مصر رّوى يزيد بن أبي حأبيب: أن معاوية بن أبي سفيان رّضي الله عنه سأل كعب الحأبارّ: هل تجد لهذا النيل في كتاب الله خب الذي فلق البحر ًرا قال: إي لموسى عليه السلم! إني لجد في كتاب الله عز وجل أن الله يوحأي إليه في كل عام مرتين: يوحأي إليه عند جريه: إن الله يأمرك أن تجري فيجري ما كتب الله له ثم يوحأي إليه بعد ذلك: يا نيل عد حأمي ًدا. ورّوى ابن يونس من طريق حأفص بن عاصم عن أبي هريرة: أن رّسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهارّ الجنة " وعن يزيد بن أبي حأبيب عن أبي الخير عن كعب الحأبارّ أنه كان يقول: أرّبعة أنهارّ من الجنة وضعها الله عز وجل في الدنيا فالنيل نهر العسل في الجنة والفرات نهر الخمر في الجنة وسيحان نهر الماء في الجنة وجيحان نهر اللبن في الجنة. وقد رّوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: نيل مصر سيد النهارّ وسخر الله له كل نهر من المشرق إلى المغرب فإذا أرّاد الله تعالى أن يجري نيل مصر أمر الله كل نهر أن يمده فأمدته النهارّ بمائها وفجر الله له الرّض عيوًنا فإذا انتهت جريته إلى ما أرّاد الله عز وجل وعن أبي جنادة الكناني: أنه سمع كع ًبا يقول: النيل في الخرة عسل أغزرّ ما يكون من النهارّ التي سمى الله عز وجل ودجلة " يعني جيحان " في الخرة لبن أغزرّ ما يكون من النهارّ التي سمى الله عز وجل والفرات خمر أغزرّ ما يكون من النهارّ التي سمى الله عز وجل ة وسيحان ماء أغزرّ ما يكون من النهارّ التي سمى الله عز وجل. وقال بعض الحكماء: مصر ثلثة أشهر لؤلؤة بيضاء فإن في شهر أبيب وهو تموزأ ومسرى وهو آب وتوت وهو أيلول يركبها الماء فيها فترى الدنيا بيضاء وضياعها على رّواب وتلل مثل الكواكب وقد أحأاطت بها المياه من كل وجه أفل سبيل إلى قرية من قراها إل في الزوارّق وثلثة أشهر مسكة سوداء فإن في شهر بابه وهو تشرين الول وهاتورّ وهو تشرين الثاني وكيهك وهو كانون الول ينكشف الماء عنها فتصير أرّضها سوداء وفيها تقع الزرّاعات ة وثلثة أشهر زأمردة خضراء فإن في شهر طوبة وهو كانون الثاني وأمشير هو شباط وبرمهات وهو آذارّ تلمع ويكثر حأشيشها ونباتها فتصير مصر خضراء كالزمردة ة وثلثة أشهر سبيكة حأمراء وهو وقت إدرّاك الزرّع وهو شهر برمودة وهو نيسان وبشنس وهو أيارّ وبؤونة وهو حأزيران ففي هذه الشهورّ تبيض الزرّوع ويتورّد العشب فهو مثل السبيكة الذهب. وقيل: إنه لما ولي عمرو بن العاص رّضي الله عنه مصر أتاه أهلها حأين دخل بؤونة من أشهر القبط المذكورّة فقالوا له: أيها المير إن لنيلنا عادة أو سنة ل يجري إل بها فقال لهم: وما ذاك قالوا: إنه إذا كان في اثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر يعني بؤونة عمدنا إلى جارّية بكر من عند أبويها وأرّضينا أبويها وأخذناها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فيجري فقال لهم عمرو بن العاص: إن هذا ل يكون في السلم وإن السلم يهدم ما كان قبله. فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى ل يجري النيل قلي بالجلء فلما رّأى ًل ول كثيرا حأتى هموا ذلك عمرو كتب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رّضي الله عنه فكتب إليه عمر بن الخطاب: قد أصبت إن السلم يهدم ما قبله وقد أرّسلنا إليك ببطاقة ترميها في داخل النيل إذا أتاك كتابي. فلما قدم الكتاب على عمرو بن العاص رّضي الله عنه فتح البطاقة فإذا فيها: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر. أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فل تجر وإن كان الله الواحأد القهارّ الذي يجريك فنسأل الله الواحأد القهارّ أن يجريك. فعرفهم عمرو بكتاب أمير المؤمنين وبالبطاقة ثم ألقى عمرو البطاقة في النيل قبل يوم عيد الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر للجلء والخروج منها لنه ل يقيم بمصالحهم فيها إل النيل فأصبحوا يوم عيد الصليب وقد أجراه الله ستة عشر ذرّا ًعا في ليلة واحأدة وقطع تلك السنة القبيحة عن أهل مصر ببركة سيدنا عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه. ونظير ذلك أمر قرافة مصر ودفن المسلمين بها. فقد رّوينا بإسناد عن ابن عبد الحكم حأدثنا عبد الله بن صالح حأدثنا الليث بن سعد: سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينارّ فعجب عمرو من ذلك وقال: أكتب في ذلك إلى أمير المؤمنين فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر: سله لم أعطاك به ما أعطاك وهي ل تزرّع ول يستنبط بها ماء ول ينتفع بها! فسأله فقال: إنا لنجد صفتها في الكتب أن فيها غراس الجنة فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر: إنا ل نعلم غراس الجنة أل للمؤمنين فاقبر فيها من مات قبلك من المسلمين ول تبعه بشيء. فكان أول من قبر فيها رّجل من المعافر يقال له: عامر فقيل: عمرت قلت: والقرافة سميت بطائفة من المعافر يقال لهم القرافة نزلوا هناك. وقال بعض علماء الهيئة: إن مصر واقعة من المعمورّة في قسم القليم الثاني والقليم الثالث ومعظمها في الثالث. وقال أبو الصلت: هي مسافة أرّبعين يو ًما طوًل في ثلثين يو ًما عر ًضا. وقال غيره: هي مسافة شهر طوًل في شهر عر ًضا. وطولها من الشجرتين اللتين ما بين رّفح والعريش إلى مدينة أسوان من صعيد مصر العلى وعرضها من آيلة إلى برقة ويكتنفها جبلن متقارّبان من مدينة أسوان المذكورّة إلى أن ينتهيا إلى الفسطاط يعني إلى مصر ثم يتسع بعد ذلك ما بينهما ويتفرج قليل ويأخذ الجبل المقطم منهما مشر ًقا والخر مغرًبا على ورّاب متسع من مصر إلى ساحأل البحر الرومي وهناك تنقطع في عرضها الذي هو مسافة ما بين أو غلها في الجنوب وأو غلها في الشمال. وقال بعض الحكماء: ليس في الدنيا نهر يصب في بحر الروم والصين والهند غير النيل. وليس في الدنيا نهر يصب من الجنوب إلى الشمال غير النيل. وليس في الدنيا نهر يزيد في أشذ ما يكون من الحر غير النيل. ٍب فيهما غير النيل. وليس في الدنيا نهر يزيد وينقص على ترتي وليس في الدنيا نهر يزيد إذا نقص مياه الدنيا غير النيل. وبهذا النيل أشياء لم تكن في غيره من النهارّ من ذلك: السمكة الرغادة التي إذا وضع الشخص يده عليها اضطرب جسمه جميعه حأتى يرفع يده عنها ومنها التمساح ولم يكن في غيره من المياه وفي مصر أعاجيب كثيرة. وقال الكندي في حأق مصر وأعمالها: جبلها مقدس ونيلها مبارّك وبها الطورّ حأيث كلم الله تعالى نبيه موسى وبها الوادي المقدس وبها ألقى موسى عصاه وبها فلق الله البحر لموسى وبها ولد موسى وهارّون عليهما السلم ويوسع بن نون ودانيال وأرّميا ولقمان وعيسى ابن مريم ولدته أمه بأهناس وبها النخلة التي ذكرها الله تعالى لمريم ولما سارّ عيسى إلى الشأم وأخذ على سفح المقطم ماشًيا عليه جبة صوف مربوط الوسط بشريط وأمه تمشي خلفه فالتفت إليها وقال: يا أماه هذه مقبرة أمة محمد وكان بمصر إبراهيم الخليل وإسماعيل ويعقوب ويوسف واثنا عشر سب ًطا. ومن فضائلها: أنها فرضة الد نيا يحمل من خيرها إلى سواحألها وبها ملك يوسف عليه السلم وبها مساجد إبراهيم ويعقوب وموسى ويوسف عليهم السلم وبها البرابي العجيبة والهرمان وليس على وجه الرّض بناء باليد حأج ًرا على حأجر أطول منهما. وقال أبو الصلت: طول كل عمود منهما ثلثمائة وسبعة عشر ذرّا ًعا ولكل أرّبعة أسطحة ملسات متساويات الضلع طول كل ضلع أرّبعمائة وسبعون ذرّا ًعا واختلف فيمن بناهما فقيل: شداد بن عاد وقيل: سويرد وقيل: سويد بناهما في ستة أشهر وغشاهما بالديباج الملون وأودعهما الموال والذخائر والعلوم خو ًفا من طوفان يأتي. وقال الستاذ إبراهيم بن وصيف شاه الكاتب: بناهما سويرد بن سلهوق بن سرياق بن ترميل دون بن قحرشان بن هو صال أحأد ملوك مصر قبل الطوفان الذين كانوا يسكنون مدينة الشمونين. والقبط تنكر أن تكون العادية دخلت بلدهم لقوة سحرهم. وهذا يؤيد قول من قال بعدم بناء شداد بن عاد لهما. قال: وسبب بناء الهرمين العظيمين اللذين بمصر أنه كان قبل الطوفان بثلثمائة سنة قد رّأى سويرد في منامه كأن الرّض قد انقلبت بأهلها وكأن الناس قد هربوا على وجوههم وكأن الكواكب تتساقط ويصدم بعضها بع ًضا بأصوات هائلة فأغمه ذلك ولم يذكره لحأد وعلم أنه سيحدث في العالم أمر عظيم ثم رّأى بعد مدة منا أكثر من الول ًما آخر أزأعجه فدخل إلى هيكل الشمس وتضرع ومرغ وجهه على التراب وبكى فلما أصبح جمع رّؤساء أوًل وآخ ً الكهنة من جميع أهل مصر وكانوا مائة وثلثين كاهًنا فخل بهم وذكر لهم مارّاه را ًما أعظم من فأولوه بأمر عظيم يحدث في العالم ثم حأكى بعض الكهنة أي ًضا: أنه رّأى منا هذا المنام في معناه ثم أخذوا الرّتفاع للكواكب وأخبروه بالطوفان وبعده بالنارّ التي تخرج من برج السد فقال: انظروا هل تلحق هذه الفة بلدنا. فقالوا: نعم فأمر ببناء الهرام وجعل في داخله الطلسمات والموال وأجساد ملوكهم وأمر الكهنة أن يزبروا عليها جميع ما قالته الحكماء فزبروا فيها وفي سقوفها وحأيطانها جميع العلوم الماضية وصورّوا فيها صورّ الكواكب وعليها الطلسمات وجعل طول كل هرم مائة ذرّاع بالذرّاع الملكي وهو خمسمائة ذرّاع بذرّاعنا الن. ولما فرغت كساها الديباج الملون وعمل لهم عي ًدا حأضره أهل ملتهم ثم عمل في الهرم الغربي ثلثين مخزنا من حأجارّة صوان ملونة ملئت بالموال الجمة واللت والتماثيل المعمولة من الجواهر النفيسة وآلت الحديد الفاخرة والسلح الذي ل يصدأ والزجاج الذي ينطوي ول ينكسر وأصناف العقاقير المفردة والمؤلفة والسموم القاتلة ثم عمل في الهرم الشرقي أصناف القباب الفلكية والكواكب وما عمله أجداده من أشياء يطول شرحأها. ويقال: إن هرمس المثلث الموصوف بالحكمة وهو الذي تسميه العبرانيون خنوخ وهو إدرّيس عليه السلم استدل من أحأوال الكواكب على كون الطوفان فأمر ببناء الهرام وإيداعها الموال وصحائف العلوم وما يخاف عليه الذهاب والدثورّ وكل هرم منها ارّتفاعه ثلثمائة ذرّاع وسبعة عشر ذرّا ًعا يحيط به أرّبعة سطوح متساويات الضلع كل ضلع منها أرّبعمائة ذرّاع وستون ذرّا ًعا ويرتفع إلى أن يكون سطحه مقدارّ ستة أذرّع في مثلها. ويقال: إنه كان عليه حأجر شبه المكبة فرمته الزياح العواصف وطول الحجر منها خمسة أذرّع في سمك ذرّاعين. ويقال: إن لهما أبوابا مقبية في الرّض وكل باب من حأجر واحأد يدورّ بلولب إذا أطبق لم يعلم أنه باب يدخل من كل باب منها إلى سبعة بيوت كل بيت على اسم كوكب من الكواكب السبعة وكلها مقفلة بأقفال حأديد وحأذاء كل بيت منها صنم من ذهب مجوف إحأدى يديه على فيه وفي جبهته كتابة بالمسند إذا قرئت انفتح فوه فيوجد فيه مفاتيح ذلك القفل فيفتح ولما ولي المأمون الخلفة وورّد مصر أمر بفتح واحأد منها ففتح بعد عناء طويل واتفق لسعادته أنه وقع النقب على مكان يسلك منه إلى الغرض المطلوب وهو زألقة ضيقة من الحجر الصوان المانع الذي ل يعمل فيه الحديد بين حأاجزين ملتصقين بالحائط قد نقر في الزلقة حأفر يتمسك السالك بتلك الحفر ويستعين بها على المشي في الزلقة لئل يزلق وأسفل الزلقة بئر عظيمة بعيدة القعر ويقال: إن أسفل البئر أبواب يدخل منها إلى مواضع كثيرة وبيوت ومخادع وعجائب وانتهت بهم الزلقة إلى موضع مربع في وسطه حأوض من حأجر مغطى فلما كشف عنه غطاؤه لم يوجد فيه إل رّمة بالية فأمر المأمون بالكف عما سواه. وهذا الموضع يدخله الناس إلى وقتنا هذا. ويقال: إن المأمون أنفق على النقب جملة اختلف المؤرّخون في كميتها. فلما انتهى به النقب إلى الموضع المربع المذكورّ وجد فيه جا زأمرد مغطى فكشف ًما من فوجد فيه ذلك المقدارّ الذي أنفقه من غير زأيادة على ذلك - واستمر ذلك إلجام في ذخائر الخلفاء إلى وقعة هولكو ببغداد - فقال: الحمد لله الذي رّد علينا ما أنفقناه. وقيل: إن المير أحأمد بن طولون سأل بعض علماء القباط المعمرين - ممن رّأى الرابع عشر من ولد وللي - عن الهرام فقال: إنها قبورّ الملوك كان الملك منهم إذا مات وضع في حأوض حأجارّة يسمى أتجرون ثم يبنى عليه الهرم ثم يقنطر عليه البنيان والقباب ثم يرفعون البناء على هذا المقدارّ الذي ترونه ويجعل باب الهرم تحت الهرم ثم يجعل له طريق في الرّض بعقد أزأج فيكون طول الزأج تحت الرّض مائة ذرّاع أو أكثر ولكل هرم من هذه الهرام باب مدخله على ما وصفت فقيل له: كيف بنيت هذه الهرام المملسه وعلى أي شيء كانوا يصعدون ويبنون وعلى أي شيء كانوا يضعون اللت ويحملون الحجارّة العظيمة التي ل يقدرّ أهل زأماننا هذا على أن يحركوا الحجر الواحأد إل بجهد فقال: كان القوم يبنون الهرم مدرّجا فإذا فرغوا منه نحتوه من فوق إلى أسفل قلت: وهذا أصعب من الول قال: فكانت هذه حأيلتهم وكانوا مع هذا لهم قمر وصبر وطاعة لملوكهم ديانة فقيل له: ما بال هذه الكتابة التي على الهرام والبرابي ل تقرأ قال: فصب الحكماء الذين كان هذا قلمهم وتداول أرّض مصر المم فغلب على أهلها القلم الرومي كأشكال أحأرف القبط والروم فالقبط تقرؤه على حأسب تعارّفها إياه وخلطها لحأرف الروم بأحأرفها على حأسب ما ولدوا من الكتابة بين الرومي والقبطي الول فذهب عنهم كتابة آبائهم السالفة وصارّوا ل يعرفونها وهي هذه الكتابة التي على الهرام وغيرها. انتهى أمر الهرم.
وقد نظم عمارّة اليمني فيهما فقال: الطويل خليلي ما تحت السماء بنية تماثل في إتقانها هرمي مصر تنزه طرفي في بديع بنائها و لم يتنزه في المراد بها فكري وقال سعد الدين بن جبارّة في المعنى: الكامل لله أي غريبة و عجيب ٍة في صنعة الهرام لللباب أخفت عن السماع قصة أهلها ونضت عن البداع كل نقاب فكأنما هي كالخيام مقامة من غير ما عم ٍد ول أطناب وبالقرب من الهرام صنم على صورّة إنسان تسميه العامة أبا الهول لعظمه والقبط يزعمون أنه طلسم للرمل الذي هناك لئل يغلب على أرّض الجيزة. وأما السحرة الذين كانوا بمصر في زأمان فرعون فكانوا كما ذكر يزيد بن أبي حأبيب اثني عشر ساحأ ًرا رّؤساء وتحت يد كل ساحأر منهم عشرون عري ًفا تحت يد كل عريف منهم ألف من السحرة فكان جميع السحرة مائتي ألف وأرّبعين أل ًفا ومائتين واثنين وخمسين إنسان بالرؤساء والعرفاء. وعن محمد بن المنكدرّ: كان السحرة ثمانين أل ًفا فلما عاينوا ما عاينوا أيقنوا أن ذلك من السماء وأن السحر ل يقوم بأمر الله فخر الرؤساء الثنا عشر عند ذلك سجدا فاتبعهم العرفاء واتبع العرفاء من بقي قالوا: آمنا برب العالمين رّب موسى وهارّون وكانوا من ما بمصر من العاجيب والمباني فبها عمود مدينة عين شمس الذي تسميه العامة مسلة فرعون. وبها صدع أبي قير وهو موضع في الجبل يجتمع إليه في يوم مخصوص في السنة جميع جنس الطير وبالجبل طاقة يدخل فيها كل طير يأتي إليه ثم يخرج من وقته حأتى ينتهي إلى آخر الطير فتقبض عليه ويموت فيها. وبها مجمع البحرين وهو البرزأخ وهما بحر الروم والصين والحاجز بينهما مسيرة ليلة واحأدة ما بين القلزم والفرما. وبها ما ليس في غيرها وهو حأيوان السقنقورّ والنمس ولوله أكلت الثعابين أهلها وهو كقنافذ سجستان لهلها. وبها دهن البلسان وليس ينبت عرقه إل بمصر خاصة. وبها معدن الذهب والزمرد وليس في الدنيا معدن زأمرد سواه. وبها معدن النفط والشب والبرام والرخام. وبها الفيون وهو عصارّة الخشخاش وقيل: بها سائر المعادن وبها البنوس. وبها أحأجر السنباذج الذي يقطع به سائر الحأجارّ وأشياء غير ذلك سكتنا عنها خوف الطالة. وأما مصر تلك اليام فكانت مبانيها وأماكنها في غير مصر الن. وموضع مصر قدي والكيمان التي عند قبر ًما هي البقعة الن الخراب عند حأدرّة ابن قميحة القاضي بكارّ إلى المشهد وأما قطائع ابن طولون فيأتي ذكرها في ترجمته وبيان أماكنها. قال الشريف النسابة الثقة محمد بن أسعد الجواني في كتابه المسمى النقط لمعجم ما أشكل من الخطط: سمعت المير تأييد الدولة تميم بن محمد المعروف بالصمصام يقول: في سنة تسع وثلثين وخمسمائة حأدثني القاضي أبو الحسن علي بن الحسين الخلعي عن القاضي القضاعي أبي عبد الله أنه قال: كان في مصر من المساجد ستة وثلثون ألف مسجد وثمانية آلف شارّع مسلوك وألف ومائة وسبعون حأما الحسن بن حأمزة ًما وأن أبا الحسني ذكر أنه عرض له دخول حأمام سالم الذي عند درّب سالم في أول القرافة يعني حأمام جنادة بن عيسى المعافري الذي عند مصبغة الحفارّين المعروفة بفسقية ابن طولون - قلت: وفسقية ابن طولون هي عند المقبرة الكبيرة على يسرة المتوجه إلى القرافة بالقرب من قبر القاضي بكارّ - قال: وإنه ما وصل إليه إل بعد عناء من الزحأام وإنه كانت قبالة الحمام في كل يوم جمعة خمسمائة درّهم. قلت: وكانت الخمسمائة درّهم يوم ذاك نحو اثنين وأرّبعين د ينارّا إل ثلًثا لن الدينارّ كان صرفه يوم ذاك اثني عشر درّه ًما. انتهى كلم الشريف.
قلت: وذهبت تلك الماكن بأجمعها عند خراب قطائع ابن طولون لما أخربها محمد بن سليمان الكاتب ل سيما لما بنيت القاهرة في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة على ما يأتي ذكر ذلك في وأما ظاهر القاهرة من جهاتها الرّبع فقد تجدد ذلك كله في الدولة التركية ومعظمه في دولة ابن قلوون محمد على ما يأتي بيان ذلك في ترجمته لننا نذكر كل مكان تجدد في أيام سلطانه كما شرطناه في أول هذا الكتاب. محاسن مصر وأما محاسن مصر فكثيرة: من ذلك ما قاله الشيخ المام الفقيه أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زأولق: إن من محاسن مصر اعتدال هوائها في حأرها وبردها وإن مزاج هوائها ل يقطع أحدا عن التصرف كما يقطع حأر بغداد أهلها عن التصرف في ًرّا وكذلك بردها وإن برد مصر رّبيع معايشهم ويخلو أكثر الطرقات بها نها وحأرها قيظ. وقدم رّجل من بغداد إلى مصر فقيل له: ما أقدمك فقال: فررّت من كثرة الصياح في كل ليلة: يا غافلين! الصلة لختفائهم من الحر والبرد فإن حأر بغداد وبردها يقطعان أهلها عن التصرف حأتى إنهم يكمنون في بطن الرّض من شدة الحر في الصيف وتطوف الحراس ًرّا لختفاء الناس في بطون الرّض من شدة في بعض المواضع نها الحر. انتهى كلم ابن زأولق.
قلت: وأما برد الشمال والروم فل حأاجة لذكره لعظم البرد وكثرة الثلوج والمطارّ وغير ذلك. قال ابن زأولق أي ًضا: ومن ذلك القوات والميرة التي ل قوام لحأد في بلد إل بها فإن مصر تمير أهلها والساكنين بها وبأعمالها وتمير الحرمين الشريفين والوافدين إليها من أهلها فضً القطارّ وما تجد بل ًدا إل وتصل إليها ميرة مصر وبغداد ل تمير ل عن غيرهم لن طعامها وأقوات ساكنيها من الموصل وأعماله والفرات وأعماله وديارّ مضر ورّبيعة. وأما بغداد فإنها تمير نفسها أرّبعة أشهر وتميرها الموصل أرّبعة أشهر وتميرها واسط أرّبعة أشهر وكذلك البصرة أي ًضا ل تمير نفسها وإنما تميرها واسط والهوازأ ولما حأل الغلء ببغداد نزح عنها أهلها وأثر فيها إلى اليوم.
وكان بمصر غلء في سنة ثلث وسبعين ومائتين وغلء في سنة أرّبع عشرة وثلثمائة وغلء في سنة عشرين وثلثمائة وغلء في سنة ثلث وأرّبعين وثلثمائة وغلء في سنه ست وسبع وثمان وخمسين وثلثمائة فما أثر ذلك فيها. قلت: هذا وما وصل القائل إلى غلء سني المستنصر بالديارّ المصرية من سنة ست وخمسين إلى سنة خمس وستين وخمسمائة التي شبهت بأيام يوسف عليه السلم ولم يقع بمصر غلء مثله قبله ول بعده وبعد ذلك تراجع أمر مصر في مدة يسيرة وعاد ت إلى ما كانت عليه أوًل. يأتي ذكر هذا الغلء وغيره في ترجمة الخليفة المعز العبيدي في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
قلت: وهذا القياس الذي ذكرناه بين مصر وبغداد إنما كان تلك اليام التي كان بها يومئذ عظماء خلفاء بني العباس وكانت مصر تلك اليام يليها عامل من قبل أمير من أمراء الخلفاء وأما يومنا هذا فل تقاس مصر بالعراق جميعه بل تزيد محاسنها على جميع أقطارّ الرّض ولول خشية الطالة لبينا ذلك ولكن فيما ذكرناه من محاسن مصر وما اشتملت عليه من الطرائف كفاية عن الطناب فيها.
وأما خراج مصر قدي خراجها فجاء مائة ًما فقيل: إن كيقاوس أحأد ملوك القبط الول جبى ألف ألف وثلثين ألف د ينارّ وجباه عزيز مصر مائة ألف ألف د ينارّ وجباه عمرو بن العاص - رّضي الله عنه - في السلم اثني عشر ألف ألف دينارّ ثم رّذل إلى أن جباه أحأمد بن طولون في سنة ستين ومائتين أرّبعة آلف ألف دينارّ وثلثمائة ألف دينارّ مع ما يضاف إليه من ضياع المراء ثم جباه جوهر القائد خادم المعز العبيدي ثلثة آلف ألف دينارّ ومائتي ألف دينارّ في سنة ستين وثلثمائة. وسبب نزول خراج مصر أن الملوك لم تسمح نفوسهم بما كان ينفق في حأفر ترعها وإتقان جسورّها وإزأالة ما هو شاغل للرّض عن الزرّاعة كالقصب والحلفاء والقضاب وغير ذلك. وحأكى عبد الله بن لهيعة: أن المرتبين لذلك كانوا مائة ألف وعشرين ألف رّجل: سبعون أل ًفا بصعيد مصر وخمسون أل ًفا بالوجه البحري. وحأكى ابن زأولق: أن أحأمد بن المدبر لما ولي خراج مصر كشف أرّضها فوجد غامرها أكثر من عامرها فقال: والله لو عمرها السلطان لوفت له بخراج الد نيا. وقيل: إنها مسحت في أيام هشام بن عبد الملك فكان ما يركبه الماء الغامر والعامر مائة ألف ألف فدان والفدان أرّبعمائة قصبة والقصبة عشرة أذرّع. وقيل: إن أحأمد بن المدبر المذكورّ اعتبر ما يصلح للزرّاعة بمصر فوجده أرّبعة وعشرين ألف ألف فدان والباقي مستبحر وتلف من قلة الزرّاعة واعتبر أيضا مدة الحرث فوجدها ستين يو ًما والحراث يحرث خمسين فدانا فكانت محتاجة إلى أرّبعمائة ألف وثمانين ألف حأراث. قلت: هذا خلف ما رّئي من الجزائر في السلم مثل جزيرة بني نصر وجزيرة الذهب وغيرهما قبلي وبحري وأيضا خلف إقليم البحيرة والبحيرة كان أصلها كر ًما لمرأة المقوقس وكانت تأخذ خراجها الخمر بفريضة عليهم فكثر الخمر عليها فقالت: ل حأاجة لي بالخمر أعطوني دنانير فلم تجدها معهم فأرّسلت على الكرم الماء فغرقتها فصارّت بحيرة يصاد بها السمك حأتى استخرجها بنو العباس فسدوا جسورّها وزأرّعوها ونمت واستمرت في زأيادة إلى يومنا هذا وبقي ذلك اسما عليها ل تعرف إل بالبحيرة. قيل: إنه كان اسمها في الدهر الول زأجلة من المزاجلة وقال قوم: سميت بمصريم بن مركائيل بن دوابيل بن غرياب بن آدم وهذا هو مصر الول وقيل: بل سميت بمصر الثاني وهو مصرام بن نقراوش الجبارّ بن مصريم الول المقدم ذكره وقيل: سميت بعد الطوفان بمصر الثالث وهو مصر بن بيصر بن حأام بن نوح وهو اسم أعجمي ل ينصرف وقيل: هو اسم عربي مشتق ولكل قائل دليل وقيل غير ذلك أقوال كثيرة يأتي ذكر بعضها. قال المسعودي في تارّيخه: إن بني آدم لما تحاسدوا وبغى عليهم بنو قابيل بن آدم رّكب نقراوش الجبارّ ابن مصريم المقدم ذكره في نيف وسبعين رّاك ًبا من بني غرياب بن آدم جبابرة كلهم يطلبون موض ًعا من الرّض ليقطنوا فيه فلم يزالوا يمشون حأتى وصلوا إلى النيل فأطالوا المشي عليه فلما رّأوا سعة هذا البلد أعجبهم وقالوا: هذا بلد زأرّع وعمارّة فأقاموا فيه واستوطنوه وبنوا فيه البنية المحكمة والمصانع العجيبة وبنى نقراوش بن مصريم مصر وسماها باسم أبيه مصريم ثم لما ملك قال لبنيه: إني أرّيد أن أصنع مدينة ثم أمرهم ببنيان مدينة في موضع خيمته فقطعوا الصخورّ من الجبال وأثارّوا معادن الرصاص وبنوا دورّا وزأرّعوا وعمروا الرّض ثم أمرهم ببناء المدائن والقرى وأسكن كل ناحأية من الرّض من رّأى ثم حأفروا النيل حأتى أخرجوا ماءه إليهم ولم يكن قبل ذلك ًرّا إلى مواضع معتدل الجري وإنما كان ينبطح ويتفرق في الرّض فهندسوه وشقوا منه أنها كثيرة من مدنهم التي بنوها وشقوا منه نه ًرا إلى مدينتهم أمسوس يجري في وسطها ثم سميت مصر بعد الطوفان بمصر بن بيصر بن حأام بن نوح على ما نذكره هنا أي ًضا. ويقال: إن مصر هذا غرس الشجارّ بيده فجاءت ثمارّها عظيم ًة بحيث إنه كان يشق ً الترجة نصفين لنوح يحمل البعير نصفها وكان القثاء يومئذ في طول أرّبعة عشر را شب ويقال: إنه أول من وضع السفن وإن سفينته كانت ثلثمائة ذرّاع في عرض مائة ذرّاع. ويقال: إن مصرايم نكح امرأة من بنات الكهنة فولدت ول ًدا يقال له قبطيم ونكح قبطيم بعد سبعين سنه من عمره امرأة ولدت له أرّبعة نفر: قفطريم وأشمون وأتريب وصا فكثروا وعمروا الرّض وبورّك لهم فيها. وقيل: إنه كان عدد من وصل معهم ثلثين رّجًل فبنوا مدينة سموها مافة ومعنى مافة ثلثون بلغتهم وهي مدينة منف التي تسمى الن: منوف العليا وكشف لهم أصحاب قليمون الكاهن عن كنوزأ مصر وعلومهم والطلسمات والمعادن ووصفوا لهم عمل الصنعة وبنوا على عبر البحر مدًنا: منها رّقودة مكان السكندرّية ولما حأضرت مصرايم الوفاة عهد إلى ولده قبطيم وكان قد قسم أرّض مصر بين بنيه فجعل لقفطريم من فقط إلى أسوان ولشمون من أشمون إلى منف ولتريب الحوف كله ولصا من ناحأية صا البحيرة إلى قرب برقة وقال لخيه فارّق: لك من برقة إلى المغرب فهو صاحأب إفريقية وأولده الفارّق وأمر كل واحأد من بنيه أن يبني لنفسه مدينة في موضعه وأمرهم عند موته أن يحفروا له في الرّض سرًبا وأن يفرشوه بالمرمر البيض ويجعلوا فيه جسده ويدفنوا معه جميع ما في خزائنه من الذهب والجوهر ويزبروا عليه أسماء الله المانعة من أخذه فحفروا له سرًبا طوله مائة وخمسون ذرّا ًعا وجعلوا في وسطه مجل ًسا مصف ًحا بصفائح الذهب وجعلوا له أرّبعة أبواب على كل باب منها تمثال من ذهب عليه تاج مرصع بالجوهر وهو جالس على كرسي من ذهب قوائمه من زأمرد وزأبروا في صدرّ كل تمثال آيات مانعة وجعلوا جسده في جرن مرمر مصفح بالذهب وكانت وفاة مصرايم المذكورّ بعد الطوفان بسبعمائة سنة ومات ولم يعبد الصنام وجعلوا معه في ذلك المجلس ألف قطعة من الزبرجد المخروط وألف تمثال من الجوهر النفيس وألف برنية مملوءة من الدرّ الفاخر والعقاقير والطلسمات العجيبة وسبائك الذهب وسقفوا ذلك بالصخورّ وهالوا فوقها الرمال بين جبلين وولي ابنه قبطيم الملك.
من دخل مصر من الصحابة ودخل مصر من الصحابة ممن تقدم ذكرهم في فتح مصر وغيرهم جماعه: الزبير بن العوام والمقداد بن السود وعبادة بن الصامت وأبو الدرّداء وفضالة بن عبيد وعمرو بن العاص وعمرو بن علقمة وشرحأبيل بن حأسنة وسعد ابن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو وخارّجة بن حأذافة ومحمد بن مسلمة وأبو رّافع ومسلمة بن مخلد وأبو أيوب ونافع بن مالك ومعاوية بن حأديج وعمارّ بن ياسر وخالد بن الوليد وغيرهم - رّضوان الله عليهم أجمعين. ودخلها من النبياء صلوات الله عليهم أجمعين: يعقوب وأولده وهم: يوسف ويهوذا ورّوبيل ولوي وزأبالون وشمعون ويشحر ود نيا ودانا وديفتابيل وجاد وبنيامين. ودخلها موسى وهارّون وبها ولد عيسى ابن مريم. وقد رّوي عن عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه أنه سأل كعب الحأبارّ عن طبائع البلدان وأخلق سكانها فقال: إن الله عز وجل لما خلق الشياء جعل كل شيء لشي فقال العقل: أنا لحأق بالشأم فقالت الفتنة: وأنا معك فقال الخصب: أنا لحأق بمصر فقال الذل: وأنا معك وقال الشقاء: أنا لحأق بالبادية فقالت الصحة: وأنا معك وقال البخل: أنا لحأق بالمغرب فقال سوء الخلق: وأنا معك. ويقال: لما خلق الله الخلق خلق معهم عشرة أخلق: اليمان والحياء والنجدة والفتنة والكبر والنفاق والغنى والفقر والذل والشقاء فقال اليمان: أنا لحأق باليمن فقال الحياء: وأنا معك وقالت النجمة: وأنا لحأقة بالشأم فقالت الفتنة: وأنا معك وقال الكبر: أنا لحأق بالعراق فقال النفاق: وأنا معك وقال الغنى: أنا لحأق بمصر فقال الذل: وأنا معك وقال الفقر: أنا لحأق بالبادية فقال الشقاء: وأنا معك. وقد رّوي عن ابن عباس - رّضي الله عنهما - قال: المكر عشرة أجزاء: تسعة منها في القبط وواحأد في سائر الناس. ما ورّد من الشعارّ في وصف مصر ووصف ابن القرية مصر فقال: عبيد لمن غلب أكيس ًرّا. ًرّا وأجهلهم كبا الناس صغا وقال المسعودي في تارّيخه: قال بعض الشعراء يصف مصر: السريع مصر ومصر شأنها عجيب ونيلها يجري به الجنوب قلت: وقد قيل في مصر عدة قصائد ومقطعات ذكرنا منها نبذة في تارّيخنا حأوادث الدهورّ عند وفاء النيل في كل سنة. منها ما قاله الشيخ صلح الدين خليل بن أيبك الصفدي: المجتث لم ل أهيم بمصرٍ وأرّتضيها وأعشق وما ترى العين أحألى من مائها إن تملق وفي المعنى للشيخ زأين الدين عمر بن الورّدي - رّضي الله عنه: ديارّ مصر هي الدنيا وساكنها هم النام فقابلها بتقبيل يا من يباهي ببغدا ٍد ودجلتها مصر مقدمة والشرح للنيل وأبدع منه ما قيل في المعنى أيضا لبن سلرّ: الطويل لعمرك ما مصر بمص ٍر وإنما هي الجنة العليا لمن يتذكر وأولدها الولدان من نسل أدم ورّوضتها الفردوس والنيل كوثر وللقاضي شهاب الدين أحأمد بن فضل الله العمري في هذا المعنى: الكامل ما مثل مص ٍرفي زأمان رّبيعها لصفاء ما ٍء واعتدال نسيم # أقسمت ما تحوي البلد نظيرها لما نظرت إلى جمال وسيم وله أي ًضا - رّضي الله عنه - وأبدع: مجزوء الرجز لمصر فضل باهر لعيشها الرغد النضر في كل سفح يلتقي ماء الحياة والخضر وللصفي الحفلي في القاهرة: الكامل لله قاهرة المعز فإنها بلد تخصص بالمسرة والهنا أو ما ترى في كل قطر مني ًة من جانبيها فهي مجتمع المنى وتربتها تبر يلوح وعنبر يفوح وتلقى بعد حأياتها زأمردة خضراء قد زأين قرطها بلؤلؤة بيضاء من زأهراتها ولبن الصائغ الحنفي في المعنى وأجاد: مخلع البسيط ارّض بمص ٍر فتلك أرّض من كل فن بها فنون ونيلها العذب ذاك بحر ما نظرت مثله العيون وللشيخ برهان الدين القيراطي: المنسرح رّوت لنا مصر عن فواكهها أخبارّ صد الخبر وكل ما صص ٍق صحيحة من محاسنها أرّويه من خوخها عن الزهري وله أي ًضا: الطويل حألنيل م ٍصر وهو شهدو من ً يذق حألوته يوما من الناس يشهد أيا بردى بالشؤم إن ذبت حأسرةً سى وغي ًظا فل تهلك أ وتجلد وقال غيره في المعنى: مجزوء الكامل النيل قال وقوله إذ قال ملء مسامعي وللشريف العقيلي في المعنى - رّضي الله عنه: الطويل أحأن إلى الفسطاط شو ًقا وإنني لدعو لها أل يحل بها القطر وهل في الحيا من حأاج ٍة لجنابها وفي كل قطر من جوانبها نهر تبدت عرو ًسا والمقطم تاجها ومن نيلها عقد كما انتظم الدرّ فائدة: إذا أرّدت أن تعلم كم تكون زأيادة النيل في السنة فاحأسب يوم عيد ميكائيل وهو ثاني عشر بؤونة كم يكون في الشهر العربي من يوم وزأد فوقه تسعين يو ًما وخذ سدس الجميع تكون عدة أفرع النيل في تلك السنة.
ولول خشية الطالة لذكرنا من هذا نب ًذا كثيرة ومن أرّاد الكثارّ من ذلك فليراجع تارّيخنا حأوادث الدهورّ في مدى اليام والشهورّ فإنني ذكرت من ذلك عدة مقطعات عند وفاء النيل في كل سنة. ونعود الن إلى كلم المسعودي قال: وهي مصر واسمها كمعناها وعلى اسمها سميت المصارّ ومنها اشتق هذا السم عند علماء المصريين. ثم ذكر المسعودي زأيادة النيل ونقصانه نح ًوا مما ذكرناه إلى أن قال: فإذا انتهت الزيادة إلى ست عشرة ذرّا ًعا ففيه تمام الخراج وخصب الرّض ورّيع للبلد عام وهو ضارّ للبهائم لعدم المرعى والكل وفي سبع عشرة ذرّا ًعا كفايتها ورّي جميع أرّضها وإذا زأاد على السبع عشرة وبلغ الثمان عشرة ذرّا ًعا وأغلقها استبحر من أرّض مصر الربع وفي ذلك ضررّ لبعض الضياع لما ذكرناه من وجه الستبحارّ وغير ذلك وإذا كانت الزيادة ثمان عشرة ذرّا ًعا كانت العاقبة في انصرافه حأدوث وباء بمصر وأكثر الزيادات ثمان عشرة ذرّا ًعا وقد كان النيل بلغ في زأيادته تسع عشرة ذرّا ًعا سنة تسع وتسعين في خلفة عمر بن عبد العزيز. قلت: وكلم المسعودي بهذا القول في عصر الرّبعمائة من الهجرة قبل أن تعلو الرّاضي ويحتاج إلى بلوغه إحأدى وعشرين ذرّا ًعا وأكثر ولو رّأى عصرنا هذا لكان يرجع فيه عن مقالته وطلب الزيادة. قال: ومساحأة الذرّاع إلى أن يبلغ اثني عشر ذرّا ًعا ثمان وعشرون إصب ًعا ومن اثني عشر ذرّا ًعا إلى ما فوق يصير الذرّاع أرّب ًعا وعشرين إصب ًعا. قال: وأقل ما يبقى في قاع المقياس من الماء ثلث أذرّع وفي مثل تلك السنة يكون الماء قليًل. قال: والذرّع التي يستسقى عليها بمصر هي ذرّاعان تسميان بمنكر ونكير وهي الذرّاع الثالث عشر والذرّاع الرابع عشر فإذا انصرف الماء في هذين الذرّاعين أعني ثلثة عشر وأرّبعة عشر وزأيادة نصف ذرّاع من الخمسة عشر استسقى الناس بمصر وكان الضررّ شام ًل لكل البلدان وإذا تم خمس عشرة ودخل في ست عشرة ذرّا ًعا كان فيه صلح البلد ول يستسقى فيه وكان ذلك نق ً لبعض صا من خراج السلطان. قلت: ونذكر أي ًضا من أخبارّ نيل مصر وما كان بها من المقاييس في الجاهلية والسلم عندما نذكر بناء المتوكل لمقياس مصر المعهود الن في ترجمة يزيد بن عبد الله التركي لما ولي إمرة مصر في شهر رّجب سنة اثنتين وأرّبعين ومائتين هجرية بأوسع من هذا فلينظر هناك. قال: والترع التي بغيضة مصر أرّبع أمهات أسماؤها: ترعة ذنب التمساح وترعة بلقينة وخليج سردوس وخليج ذات الساحأل وتفتح هذه الترع إذا كان الماء زأائ ًدا في عيد الصليب وهو لرّبع عشرة تخلو من توت وهو أول أيلول. قال: وكان بمصر سبع خلجانات
- فمنها خليج الاسكندرّية وخليج سخا وخليج دمياط وخليج منف وخليج الفيوم وخليج
سردوس وخليج المنهى وكانت مصر فيما يذكر أهل الخبرة أكثر البلد جناًنا وذلك أن جنانها كانت متصلة بحافتي النيل من أوله إلى آخره من حأد أسوان إلى رّشيد وكان الماء إذا بلغ في زأيادته تسع أذرّع دخل خليج المنهى وخليج الفيوم وخليج سردوس وخليج سخا. وكان الذي ولي حأفر خليج سردوس لفرعون عدو الله هامان فلما ابتدأ في حأفره أتاه أهل القرى يسألونه أن يجري الخليج تحت قراهم ويعطونه على ذلك ما أرّاد من المال فكان يعمل ذلك حأتى اجتمعت له أموال عظيمة فحمل تلك الموال إلى فرعون فسأله فرعون عنها فأخبره الخبر فقال فرعون: إنه ينبغي للسيد أن يعطف على عبيده ويفيض عليهم معروفه ول يرغب فيما في أيديهم ونحن أحأق بمن يفعل هذا بعبيده فارّدد على أهل كل قرية ما أخذته منهم ففعل هامان ذلك. وليس في خلجان مصر أكثر عطو ًفا وعراقيل من خليج سردوس. وأما خليج الفيوم وخليج المنهى فإن الذي حأفرهما يوسف بن يعقوب صلى الله عليهما وسلم. قلت: والن نأتي بما وعدنا بذكره من أخبارّ من ملك مصر قبل السلم على أنه ليس في ًما شرطنا من هذا الكتاب وإنما نذكره على سبيل الختصارّ لتعلم بذلك أحأوال مصر قدي وحأديًثا كما ذكرنا هذا كله ليعلم الناظر فيه أمورّها على سبيل الستطراد إلى أن نذكر ما صنف هذا الكتاب بسببه وهم ملوك مصر وأول من نذكر منهم عمرو بن العاص - رّضي الله عنه ثم نسوق التارّيخ من حأينئذ على منواله دوًل دوًل ل نخرج منه إلى غيره إل ما مست الحاجة إلى ذكره استطرا ًدا والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. من ملك مصر قبل السلم فأما من ملك مصر بعد من تقدم ذكره من أولدهم وغيرهم فقال المسعودي: وكان بيصر بن حأام بن نوح قد كبرت سنه فأوصى إلى الكبر من ولده وهو مصر وأجمع الناس على أنه ملك من حأد رّفح من أرّض فلسطين من بلد الشأم وقيل: من العريش وقيل: من الموضع المعروف بالشجرة وهو آخر أرّض مصر والفرق بينها وبين الشأم وهو الموضع المشهورّ بين العريش ورّفح إلى بلد أسوان من بلد الصعيد طوًل ومن آيلة وهي تخوم الحجازأ إلى برقة عر ًضا. وكان لمصر أولد أرّبعة وهم: قبط وأشمون وأتريب وصا. وقد تقدم ذكر ذلك غير أننا نذكره في سياق كلم المسعودي أي ًضا إذ ل يتم المراد إل بذكره ليتناسق السلوب. قال: وقسم مصر بين ولده الرّبعة الرّض أرّبا ًعا وعهد إلى الكبر من ولده وهو قبط - وأقباط مصر يضافون في النسب إلى أبيهم قبط بن مصر وأضيفت المواضع إلى سكانها وعرفت بأسمائهم واختلطت النساب وكثر ولد قبط وهم القباط فغلبوا على سائر الرّض ودخل غيرهم في أنسابهم. ولما هلك قبط بن مصر ملك بعده أشمون بن مصر ثم ملك بعده صابن مصر ثم ملك بعده أتريب بن مصر ثم ملك بعده ماليق بن دارّس ثم ملك بعده حأرايا بن ماليق ثم ملك بعده كلكي بن حأرايا وأقام في الملك نح ًوا من مائة سنة ثم ملك بعده أخ له يقال له: ماليا بن حأرايا ثم ملك بعده لوطس بن ماليا نح ًوا من سبعين سنة ثم ملكت بعده ابنة له يقال لها: حأورّيا بنت لوطس بن ماليا نح ًوا من ثلثين سنة ثم ملكت بعدها امرأة أخرى يقال لها: ماموم. ثم كثر ولد بيصر بن حأام بن نوح بأرّض مصر وتشعبوا وملكوا النساء فطمعت فيهم ملوك الرّض فسارّ إليهم من الشأم ملك من العماليق يقال له: الوليد بن دومع فكانت له بها حأروب حأتى غلب على الملك وانقادوا إليه واستقام له المر حأتى هلك ثم ملك بعده الريان بن الوليد العملقي وهو فرعون يوسف عليه السلم ثم ملك بعده دارّم بن الريان العملقي ثم ملك بعده كامس بن معدان العملقي ثم ملك بعده الوليد بن مصعب وهو فرعون موسى عليه السلم وقد اختلف فيه فمن الناس من يقول: إنه من العماليق ومنهم من رّأى أنه من لخم من بلد الشأم ومنهم من رّأى أنه من القباط من ولد مصرن بيصر وكان يعرف بظلما وهلك فرعون غر ًقا حأين خرج في طلب بني إسرائيل ولما غرق فرعون ومن كان معه من الجنود خشي من بقي بأرّض مصر من الذرّارّي والنساء والصبيان والعبيد أن يغزوهم ملوك الشأم والمغرب فملكوا عليهم امرأة ذات رّأي وحأزم ً يقال لها: طا يحيط بجميع أرّضها والبلد وجعلت عليه دلوكة فبنت على ديارّ مصر حأائ المحارّس والجراس والرجال متصلة أصواتهم بقرب بعضهم من بعض وأثر هذا الحائط باق إلى هذا اليوم وسنة اثنتين وثلثين وثلثمائة وهو يعرف بحائط العجوزأة وقيل: إنما بنته خو ًفا على ولدها فإنه كان كثير الصيد فخافت عليه سباع البر والبحر واغتيال من جاوزأ أرّضهم من الملوك فحوطت الحائط من التماسيح وغيرها وقد قيل في ذلك غير هذا أي ًضا. فملكتهم دلوكة المذكورّة ثلثين سنة واتخذت بمصر البرابي والصورّ وأحأكمت آلت خيً السحر وجعلت في البرابي صورّ من يرد من كل ناحأية ودوابهم إب ل وصورّت ًل كانت أم فيها أي ًضا من يرد في البحر من المراكب من بحر المغرب والشأم وجمعت في هذه البرابي العظيمة المشيدة البنيان أسرارّ الطبيعة وخواص الحأجارّ والنبات والحيوان وجعلت ذلك في أوقات حأركات فلكية واتصالها بالمؤثرات العلوية فكانوا إذا ورّد إليهم جيش من نحو الحجازأ أو اليمن عورّت تلك الصورّ التي في البرابي من البل وغيرها فيتعورّ ما في ذلك الجيش وينقطع عنهم ناسه وحأيوانه وإذا كان الجيش من نحو الشأم فعلت بتلك الصورّ أي ًضا ما فعلت كما وصفنا وكذلك من أتاهم في المراكب فهابتهم المم والملوك ومنعوا ناحأيتهم من عدوهم فاتصل ملكهم بتدبير هذه العجوزأ إلى عدة أقطارّ ثم ٍب عرفت بمجيء الطوفان ثانية فخافت على هذه الصورّ والعلوم أن تذهب فبنت عدة برا وجعلت فيها علومها من الصورّ والتماثيل والكتابة وجعلت بنيانها نوعين: طيًنا وحأج ًرا ًرّا استحجر ما وفرزأت ما يبنى بالطين مما يبنى بالحجر وقالت: إن كان هذا الطوفان نا بنينا بالطين وبقيت هذه العلوم وإن كان الطوفان الوارّد ما ًء ذهب ما بنينا بالطين وبقي ما بنينا بالحجارّة وإن كان الطوفان سي ًفا بقي كل النوعين. ولما ماتت دلوكة العجوزأ المذكورّة ملك مصر بعدها درّكوس بن بلطيوس ثم ملك بعده بورّس بن درّكوس ثم ملك بعده لعس بن نورّس نحو أمن خمسين سنة ثم ملك بعده دنيا بن نورّس نحوا من عشرين سنة ثم ملك بعده نلوطس عشر سنين ثم ملك بعده مماكيل بن بلوطس ثم ملك بعده يلونة بن مماكيل وكانت له حأروب ومسير في الرّض وهو فرعون العرج الذي غزا بني إسرائيل وخرب بيت المقدس ثم ملك بعده مرينوس وكانت له أي ًضا حأروب بالمغرب ثم ملك بعده نقاس بن مرينوس ثمانين سنة ثم ملك بعده قويس بن نقاس عشر سنين ثم ملك بعده كاميل وكانت له أي ًضا حأروب مع ملوك المغرب وغزاه البخت نضر مرزأبان المغرب من قبل ملك فارّس فخرب أرّضه وقتل رّجاله وسارّ البخت نصر إلى نحو المغرب. ولما زأال أمر البخت نصر ومن كان معه من جنود فارّس ملكت الروم مصر وغلبت عليها فتنصر أهلها فلم يزالوا على ذلك إلى أن ملك كسرى أنوشروان فغلبت جيوشه على الشأم وسارّت نحو مصر فملكوها وغلبوا على أهلها نح ًوا من عشرين سنة فكانت بين الروم وفارّس حأروب كثيرة وكان أهل مصر يؤدون خراجين عن بلدهم: خرا ًجا لفارّس وخرا ًجا للروم ثم انجلت فارّس عن مصر والشأم لمر حأدث في دارّ مملكتهم فغلبت الروم على مصر والشأم وأشهروا النصرانية فشمل ذلك من في الشأم ومصر إلى أن أتى الله بالسلم وكان من أمر المقوقس صاحأب مصر مع النبي صلى الله عليه وسلم من الهدايا ما كان إلى أن افتتحها عمرو بن العاص بمن كان معه من الصحابة في خلفة عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه حأسبما ذكرناه في أول ذلك الكتاب. وكان المقوقس ملك مصر وصاحأب القبط نزيل السكندرّية في بعض فصول السنة وفي بعضها مدينة منف وفي بعضها قصر الشمع وقصر الشمع في وسط مدينة الفسطاط. والمقصود من ذكر ذلك أن الذين ملكوا مصر باتفاق كثير من أهل التارّيخ على اختلف بينهم من الفراعنة وغيرهم: اثنان وثلثون فرعوًنا ومن ملوك بابل ممن ملك مصر: خمسة ومن العماليق وهم الذين قدموا إليها من الشأم: أرّبعة ومن الروم: سبعة ومن اليونانيين: عشرة وذلك قبل ظهورّ المسيح عيسى ابن مريم عليه السلم وملكها أناس من ملوك الفرس من الكاسرة فكانت مدة من ملك مصر من بني نوح والفراعنة والعماليق والروم واليونانيين ألف سنة وثلثمائة سنة. قلت: وهذا الذي ذكرناه على سبيل الستطراد وشرط كتابنا هذا أل نذكر فيه إل من ملك مصر في السلم ومن ذكرناه من هؤلء زأيادة ليست بمنكرة لتحصيل الفائدة. قال المسعودي: وسألت جماعة من أقباط مصر بالصعيد وغيره من أهل الخبرة عن تفسير اسم فرعون فلم يخبروني عن معنى ذلك ول تحصل لي في لغتهم فيمكن - والله أعلم - أن هذا السم كان سمة لملوك تلك العصارّ وأن تلك اللغة تغيرت كتغير الفهلوية وهي الفارّسية الولى إلى الفارّسية الثانية وكاليونانية إلى الرومية وتغير الحميرية وغير ذلك من اللغات. انتهى كلم المسعودي. قلت: وليس بمستبعد هذه المقالة لن لسان العرب وهو أشرف اللسن وبه نزل القرآن الكريم قد تغير الن غالبه وصارّت العامة وغيرها تتكلم بكلم لو سمعه بعض أعراب ذلك الزمان لما فهموه لتغير ألفاظه وكذلك اللغة التركية فإن لسان المغل الن ل يعرفه جند زأماننا هذا ول يتحدثون به ولو سمعوه لما فهموه وأشياء كثيرة من هذا ونشرع الن بذكر ما نحن بصدده ومن لجله صنف هذا الكتاب وهم ملوك مصر والقاهرة ونبدأ بترجمة عمرو بن العاص - رّضي الله عنه لنها فتحت على يديه وهو أول من وليها من المسلمين. ولية عمرو بن العاص الولى على مصر هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن حأصيص بن كعب بن لؤي بن غالب أبو عبد الله وقيل: أبو محمد القرشي السهمي الصحابية أسلم يوم الهدنة وهاجر واستعمله رّسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش غزوة ذات السلسل وفيه أبو بكر وعمر لخبرته بمكيدة الحرب. ثم ولي المرة في غزوة الشأم لبي بكر وعمر ثم افتتح مصر حأسبما تقدم ذكره ووليها لعمر أوًل ثم وليها لمعاوية بن أبي سفيان ثانًيا على ما يأتي ذكره. وحأكى ابن سعد في كتاب الطبقات: أنه أسلم بعد الحد يبية هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة. قال الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي في تارّيخ السلم: وله عدة أحأاديث رّوى عنه ابناه عبد الله ومحمد وأبو عثمان النهدي وقبيصة بن ذؤيب وعلي بن رّباح وعبد الرحأمن بن شماسة وآخرون وقدم دمشق رّسوًل من أبي بكر إلى هرقل وله بدمشق دارّ عند سقيفة كردوس ودارّ عند باب الجابية تعرف ببني حأجيجة ودارّ عند عين الحمارّ وأمه عنزية وكان قصيرا يخضب بالسواد. حأدثنا ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة بن عامر قال: قال رّسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص " رّواه الترمذي. وقال ابن أبي مليكة قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رّسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " عمرو بن العاص من صالحي قريش " أخرجه الترمذي وفيه انقطاع. وقال حأماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ابنا العاص مؤمنان هشام وعمرو ". وقال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حأبيب أخبرني سويد بن قيس عن قيس بن سمي: أن عمرو بن العاص قال: يا رّسول الله أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي قال: " إن السلم والهجرة يجبان ما كان قبلهما " قال: فوا لله ما ملت عيني منه ول رّاجعته بما أرّيد حأتى لحق بالله حأيا ًء منه. وقال الحسن البصري: قال رّجل لعمرو بن العاص: أرّأيت رّجًل مات رّسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبه أليس رّجًل صال ًحا قال: بلى قال: قد مات رّسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبك وقد استعملك قال: بلى فوا لله ما أدرّي أحأًبا كان لي منه أو استعان ًة بي ولكن سأحأدثك برجلين مات وهو يحبهما: عبد الله بن مسعود وعمارّ بن ياسر فقال الرجل: ذاك قتيلكم يوم صفين قال: قد والله فعلنا. ورّوي أن عم ًرا لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان على عمان فأتاه كتاب أبي بكر بذلك. قال ضمرة عن الليث بن سعد: إن عمر - رّضي الله عنه - نظر إلى عمرو بن العاص ًرا. يمشي فقال: ما ينبغي لبي عبد الله أن يمشي على الرّض إل أمي قال الذهبي بعد كلم ساقه: ثم إن عم ًرا قال لمعاوية - يعني في أيام وقعة صفين: يا معاوية أحأرقت كبدي بقصصك. أترى أنا خالفنا علًيا لفض ٍل منا عليه! ل والله إن هي إل الدنيا نتكالب عليها وأيم الله لتقطعن لي قطعة من دنياك أو لنابذنك. قال: فأعطاه مصر يعطي ويروى أن علًيا كتب إلى عمرو يتألفه فلما أتاه الكتاب أقرأه معاوية وقال: قد ترى فإما أن ترضيني وإما أن ألحق به! قال: فما تريد قال: مصر فجعلها له. وعن يزيد بن أبي حأبيب وغيره أن المر لما صارّ لمعاوية استكثر طعمة مصر لعمرو ورّأى عمرو أن المر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه وظن أن معاوية سيزيده الشأم مع مصر فلم يفعل معاوية فتنكر له عمرو فاختلفا وتغالظا فدخل بينهما معاوية بن حأديج فأصلح بينهما وكتب بينهما كتاًبا: إن لعمرو ولية مصر سبع سنين وأشهد عليهما شهو ًدا ثم مضى عمرو إليها سنة تسع وثلثين أعني في ولايته الثانية فما مكث نحو ثلث سنين حأتى مات. قال: وكان عمرو من أفراد الدهر دهاء وجلدة وحأز ًما ورّأًيا وفصاحأة. ذكر محمد بن سلم الجمحي أن عمر بن الخطاب كان إذا رّأى رّجًل يتلجلج في كلمه يقول: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحأد. وقال مجالد عن الشعبي عن قبيصة عن جابر قال: صبحت عمر بن الخطاب فما رّأيت أقرأ لكتاب الله منه ول أفقه في دين الله منه ول أحأسن مدارّا ًة منه وصحبت طلحة بن عبيد الله فما رّأيت رّجًل أعطى للجزيل منه من غير مسألة وصحبت معاوية فما رّأيت رّجًل أحألم منه وصحبت عمرو بن العاص فما رّأيت رّجًل أبين أو قال أنصع ظر ًفا منه ول أكرم جلي ًسا ول أشبه سريرة بعلني ٍة منه وصحبت المغيرة بن شعبة فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب ل يخرج من باب منها إل بمكر لخرج من أبوابها كلها. وقال موسى بن علي بن رّباح: حأدثنا أبي حأدثنا أبو قيس مولى عمرو بن العاص أن عم ًرا كان يسرد الصوم وقلما كان يصيب من العشاء أول الليل أكثر ما كان يأكل في السحر. وقال عمرو بن دينارّ: وقع بين المغيرة بن شعبة وبين عمرو بن العاص كلم فسبه المغيرة فقال عمرو: يا آل هصيص أيسبني ابن شعبة! فقال عبد الله ابنه: إنا لله! دعوت بدعوى القبائل وقد نهي عنها! فأعتق عمرو ثلثين رّقبة. انتهى كلم الذهبي باختصارّ.
قلت: ولما ولي عمرو بن العاص مصر ودخلها سكن الفسطاط. ولسبب تسمية مصر بالفسطاط أقوال كثيرة منها: أن عم ًرا لما أرّاد التوجه لفتح السكندرّية أمر بنزع فسطاطه أعني خيمته فإذا فيه يمامة قد فرخت فقال عمرو: لقد تحرم منا بمتحرم فأمر به فأقركما هو وأوصى به صاحأب القصر فلما قفل المسلمون من السكندرّية قالوا: أين ننزل قالوا: الفسطاط - يعنون فسطاط عمرو الذي خلفه بمصر مضروًبا لجل اليمامة فغلب عليه ذلك - وكان موضع الفسطاط المذكورّ موضع الدارّ الذي تعرف اليوم بدارّ الحصارّ عند دارّ عمرو الصغيرة بمصر. وقال الشريف محمد بن أسعد الجواني: كان فسطاط عمرو عند درّب الحمام شمول بخط الجامع ولما رّجع عمرو من السكندرّية في سنة إحأدى وعشرين أو غيرها نزل موضع فسطاطه وتنافست القبائل بعضها مع بعض في المواضع فولى عمرو بن العاص معاوية بن حأديج التجيبي وشريك بن سمي الغطيفي وعمرو بن قحزم الخولني وحأيويل بن ناشرة المعافري على الخطط وكانوا هم الذين نزلوا الناس وفصلوا بين القبائل وذلك في سنة إحأدى وعشرين من الهجرة واستمر عمرو على عمله بمصر وشرع في بناء جامعه بمصر إلى أن عزله عثمان عن ولية مصر في سنة خمس وعشرين بعبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد أن أنتقض صلح أهل السكندرّية وغزاه عمرو في السنة المذكورّة. وسبب ذلك أن ملك الروم بعث إليهم منويل الخصي في مراكب من البحر فطمعوا في النصرة ونقضوا دينهم فغزاهم عمرو في رّبيع الول سنة خمس وعشرين فافتتح الرّض عنوة والمدينة صل ًحا. ثم استأذن عم ًرا عبد الله بن سعد بن أبي سرح في غزوة إفريقية فأذن له عمرو بن العاص وبعد قليل عزله عثمان في هذه السنة بعبد الله بن أبي سرح المذكورّ - وعبد الله بن أبى سرح أخو عثمان لمه - وقيل: إن ذلك كان في سنة سبع وعشرين والذي قلنا القوى وهذه ولية عمرو بن العاص على مصر الولى. وتأتي بقية ترجمته ووفاته في ولايته الثانية إن شاء الله تعالى. - وكان قدم على عمر مرتين استخلف في إحأداهما زأكريا بن جهم العبدرّي وفي الثانية ابنه عبد الله - فلما قدم عمرو على عثمان سأله عزل عبد الله بن سعد ابن أبي سرح عن صعيد مصر وكان عمر قد وله صعيد مصر فامتنع عثمان من ذلك وعزله عن مصر وعقد لعبد الله بن سعد بن أبي سرح على مصر كلها مضاف ًة للصعيد وغيره فكانت ولية عمرو بن العاص على مصر في المرة الولى أرّبع سنين وأشه ًرا. بناء جامع عمرو بن العاص بمصر كان خاًنا والذي حأازأ موضعه قيسبة بن كلثوم التجيبي أبو عبد الله أحأد بني سوم فلما رّجعوا من السكندرّية سأل عمرو قيسبة المذكورّ في منزله هذا يجعله مسج ًدا فقال له قيسبة: فإني أتصدق به على المسلمين فسلمه إليهم واختط مع قومه بني سوم في تجيب وبني الجامع في سنة إحأدى وعشرين وكان طوله خمسين ذرّا ًعا في عرض ثلثين ويقال: إنه وقف على إقامة قبلته ثمانون رّجًل من الصحابة منهم: الزبير بن العوام والمقداد بن السود وعبادة بن الصامت وأبو الدرّداء وأبو ذرّ الغفارّي وأبو بصرة الغفارّي ومحمية بن جزء الزبيدي ونبيه بن صواب وغيرهم. وكانت القبلة مشرقة ج ًدا وإن قرة بن شريك لما هدم المسجد المذكورّ وبناه في زأمان الوليد بن عبد الملك بن مروان تيامن بها قليًل. وذكر أن الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة كانا يتيامنان إذا صليا في المسجد الجامع ولم يكن للمسجد الذي بناه عمرو محراب مجوف بل عمد قائمة بصدرّ الجدارّ وإنما قرة بن شريك المذكورّ جعل المحراب المجوف. وأول من أحأدث ذلك عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ عامل الوليد بن عبد الملك على المدينة ليالي أسس مسجد رّسول الله صلى الله عليه وسلم لما هدم وزأاد فيه. وكان لمسجد عمرو بابان يقابلن دارّ عمرو بن العاص وبابان في بحريه وبابان في غربيه وكان الخارّج من زأقاق القناديل يجد رّكن الجامع الشرقي محاذًيا لركن دارّ عمرو الغربي وذلك قبل أن أخذ من دارّ عمرو بن العاص ما أخذ وكان طوله من القبلة إلى البحري مثل طول دارّ عمرو وسقفه مطأطًئا ج ًدا ول صحن له وكان الناس في الصيف يصطفون بفنائه وكان بينه وبين دارّ عمرو سبعه أذرّع وكان الطريق محي جوانبه. ًطا به من جميع وكان عمرو قد اتخذ منب - يعزم عليه في ًرا فكتب إليه عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه كسره ويقول: أما بحسبك أن تقوم قائ فكسره ًما والمسلمون جلوس تحت عقبيك! عمرو. وأول من صلي عليه من الموتى به في داخله أبو الحسين سعيد بن عثمان صاحأب الشرطة في النصف من صفر وكانت وفاته فجأة فأخرج وصلي عليه خلف المقصورّة وكبر عليه خم ًسا ولم يعلم أحأد قبله صلي عليه بالجامع وأنكر الناس ذلك. وأول من زأاد في الجامع المذكورّ مسلمة بن مخلد النصارّي أمير مصر في أيام معاوية سنة ثلث وخمسين فزاد فيه من بحريه وجعله رّحأبة في البحري وبيضه وزأخرفه ولم يغير البناء القديم ول أحأدث في قبليه ول غربيه شيًئا. وذكر أنه زأاد فيه من شرقيه حأتى ضاق الطريق بينه وبين دارّ عمرو بن العاص وفرشه بالحصر وكان مفرو ًشا قبل ذلك بالحصباء. وقيل: إن مسلمة نقض ما كان عمرو بناه وزأاد فيه من شرقيه وجعل له صوامع وبنى فيه أرّبع صوامع في أرّكانه الرّبعة وأمر ببناء المنارّات في جميع المساجد وأمر مسلمة أن يكتب اسمه على المنائر وأمر مؤذني المسجد الجامع أن يؤذنوا للفجر إذا مضى نصف الليل فإذا فرغوا من آذانهم أذن كل مؤذن في الفسطاط في وقت واحأد فكان لذانهم دوي شديد وأمر أل يضرب بناقوس عند وقت الذان أعني الفجر. ثم إن عبد العزيز بن مروان هدمه سنة تسع وسبعين وهو أمير مصر من قبل أخيه عبد الملك بن مروان وزأاد فيه من ناحأية الغرب وأدخل فيه الرحأبة التي كانت في بحريه ولم يجد في شرقيه موضعا يوسعه به. وذكر الكندي في كتاب المراء أنه زأاد فيه من جوانبه كلها ويقال: إن عبد العزيز المذكورّ لما أكمل بناء المسجد المذكورّ خرج من دارّ الذهب عند طلوع الفجر فدخل المسجد فرأى في أهله خفة فأمر بأخذ البواب على من فيه ثم دعاهم رّجًل رّجًل يقول للرجل: ألك زأوجة فيقول: ل فيقول: زأوجوه ألك خادم فيقول: ل فيقول: اخدموه أحأججت فيقول: ل فيقول: أحأجوه أعليك دين فيقول: نعم فيقول: اقضوا دينه فأقام المسجد بعد ذلك ده ًرا عام ًرا ثم إلى اليوم. وذكر أن عبد الله بن عبد الملك بن مروان في ولايته على مصر من قبل أخيه الوليد أمر برفع سقف المسجد الجامع وكان مطأطًئا وذلك في سنه تسع وثمانين. ثم إن قرة بن شريك العبسي بن قيس عيلن هدمه في مستهل سنة اثنتين وتسعين بأمر الوليد بن عبد الملك بن مروان وقرة أمير على مصر من قبله وابتدأ في بنائه في شعبان من السنة المذكورّة وجعل على بنائه يحيى بن حأنظلة مولى بني عامر بن لؤي وكانوا يجمعون الجمعة في قيسارّية العسل حأتى فرغ من بنائه في رّمضان سنة ثلث وتسعين ونصب المنبر الجديد في سنة أرّبع وتسعين ونزع المنبر الذي كان في المسجد وذكر أن عمرو بن العاص كان جعله فيه. قلت: ولعله كان وضعه بعد وفاة عمر بن الخطاب فإنه كان منعه حأسبما ذكرناه وقيل: هو منبر عبد العزيز بن مروان. وذكر أنه حأمل إليه من بعض كنائس مصر. وذكر أن زأكريا بن مرقى ملك النوبة أهداه إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح وبعث معه نجا الجامع إلى أن زأاد ًرّا يسمى بقطر أمن أهل دندرّة حأتى رّكبه ولم يزل هذا المنبر في قرة بن شريك المذكورّ في الجامع فنصب منب يخطب في القرى ًرا سواه ولم يكن إذ ذاك إل على العصي إلى أن ولي عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصير اللخمي مصر من قبل مروان بن محمد فأمر باتخاذ المنابر في القرى وذلك في سنة اثنتين وثلثين ومائة ول يعرف منبر أقدم من منبر قرة بن شريك بعد منبر رّسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل كذلك إلى أن قلع وكسر أيام العزيز بالله نزارّ العبيدي بنظر الوزأير ابن كلس في يوم الخميس لعشر بقين من شهر رّبيع الول سنة تسع وسبعين وثلثمائة وجعل مكانه منبر مذهب ثم أخرج هذا المنبر إلى السكندرّية وجعل بجامع عمرو بن العاص الذي بها ثم أنزل المنبر الكبير إلى الجامع المذكورّ في أيام الحاكم بأمر الله العبيدي في شهر رّبيع الول سنة خمس وأرّبعمائة وصرف بنو عبد السميع عن الخطابة وجعلت خطابته لجعفر بن الحسن بن خداع الحسيني وجعل إلى أخيه الخطابة في الجامع الزأهر وصرف بنو عبد السميع بن عمر بن الحسين بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس من جميع المنابر بعد أن أقاموا هم وسلفهم فيها ستين سنة ثم وجد بعد ذلك المنبر الجديد الذي نصب بالجامع قد لطخ بالقذرّ نركل به من يحفظه وعمل له غشاء من أدم مذهب وخطب عليه ابن خداع وهو مغشى. وكانت زأيادة قرة بن شريك من القبلي والشرقي وأخذ بعض دارّ عمرو بن العاص وابنه عبد الله فأدخله في المسجد وأخذ منهما الطريق التي بين المسجد وبينهما وعوض أولد عمرو ما هو في أيديهم من الرباع التي في زأقاق مليح في النحاسين وقشرة وأمر قرة بعمل المحراب المجوف وهو المحراب المعروف بمحراب عمرو لنه في سمت محراب المسجد القديم الذي بناه عمرو وكانت قبلة المسجد القديم عند العمد المذهبة في صف التوابيت وهي أرّبعة عمد: اثنان في مقابلة اثنين وكان قرة قد أذهب رّؤوسها ولم يكن في المسجد عمد مذهبة غيرها وكانت قديما حألقة أهل المدينة ثم زأوق أكثر العمد وطوق في أيام الخشيد سنة أرّبع وعشرين وثلثمائة ولم يكن للمسجد أيام قرة غير هذا ا لمحراب. فأما المحراب الوسط فيعرف بمحراب عمر بن مروان أخي عبد الملك بن مروان الخليفة ولعله أحأدثه في الجدارّ بعد قرة وذكر قوم أن قرة عمل هذين المحرابين وصارّ للجامع أرّبعة أبواب في شرقيه آخرها باب إسرائيل وهو باب النحاسين وفي غربيه أرّبعة أبواب شارّدة في زأقاق يعرف بزقاق البلط وفي بحريه ثلثة أبواب. انتهى ما أورّدناه من أمر جامع عمرو بن العاصي المذكورّ - رّضي الله عنه. بناء بيت المال وأما بناء عمرو بن العاص لبيت المال بالفسطاط - فالصح أن ما بناه أسامة بن زأيد التنوخي متولي الخراج بمصر في سنة سبع وتسعين في خلفة سليمان بن عبد الملك بن مروان وأمير مصر يوم ذاك عبد الملك بن رّفاعة التي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. وقد خرجنا عن المقصود لطلب الفائدة ونعود إلى ذكر عمرو بن العاص - رّضي الله عنه. قيل: إنه رّئي وهو على بغلة هرمة وهو إذ ذاك أمير مصر فقيل له: أتركب هذه وأنت أمير مصر فقال: ل ملل عندي لدابتي ما حأملتني ول لمرأتي ما أحأسنت عشرتي ول لصديقي ما حأفظ سري إن الملل من كواذب الخلق. وعن عمرو قيل له: صف المصارّ قال: أهل الشام أطوع الناس للمخلوق وأعصاه للخالق ًرّا وأهل الحجازأ أسرع الناس إلى وأهل مصر أكيسهم صغا الفتنة وأعجزهم ًرّا وأحأمقهم كبا عنها وأهل العراق أطلبهم للعلم وأبعدهم منه. قال مجالد عن الشعبي قال: دهاة العرب أرّبعة: معاوية وعمرو والمغيرة بن شعبة وزأياد بن أبيه فأما معاوية فللناة والحلم وأما عمرو فللمعضلت وأما المغيرة فللمبادرّة وأما زأياد ابن أبيه فللصغير والكبير. وقال أبو عمران بن عبد البر: كان عمرو من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية مذكوًرّا فيهم بذلك وكان شاع ًرا محسًنا حأفظ عنه فيه الكثير في مشاهد شتى وله يخاطب عمارّة بن الوليد بن شعبة عند النجاشي: الطويل إذا المرء لم يترك طعا يحبه ًما ولم ينه قلًبا غاوًيا حأيث يمما قضى وط ًرا منه وغادرّ سنة إذا ذكرت أمثالها تمل الفما وقال الذهبي في التذهيب: رّوى أحأمد بن حأنبل عن أبي عبد الله البصري عن أبي مليكة قال: قال عمرو بن العاص: إني لذكر الليلة التي ولد فيها عمر. قلت: ما قال هذا إل لنه أسن من عمر فلعل بينهما نحو خمسين سنة. انتهى كلم الذهبي باختصارّ. خطبة عمرو وقال ابن عبد الحكم في تارّيخه خطبة عمر: حأدثنا عبد الرحأمن حأدثنا سعيد بن ميسرة عن إسحاق بن الفرات عن ابن لهيعة عن السود بن مالك الحميري عن بحير بن ذاخر المعافري قال: رّحأت أنا ووالدي إلى صلة الجمعة تهجي الشتاء: أظنه بعد ًرا وذلك آخر حأميم النصارّى بأيام يسيرة فأطلنا الركوع إذ أقبل رّجال بأيديهم السياط يزجرون الناس فذعرت فقلت: يا أبت من هؤلء قال: يا بني هؤلء الشرط فأقام المؤذنون الصلة فقام عمرو بن العاص على المنبر فرأيت رّجل رّبعة قصد القامة وافر الهامة أدعج أبلج عليه ثياب موشية كأن به العقيان تأتلق عليه حألة وعمامة وجبة فحمد الله وأثنى عليه حأم ًدا موج ًزا وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ووعظ الناس وأمرهم ونهاهم فسمعته يحض على الزكاة وصلة الرّحأام ويأمر بالقتصاد وينهى عن الفضول وكثرة العيال وقال في ذلك: يا معشر الناس إياكم وخلًل أرّبعة فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحأة وإلى الضيق بعد السعة وإلى المذلة بعد العزة. إياكم وكثرة العيال وإخفاض الحال وتضييع المال والقيل بعد القال في غير لمحرك ول نوال ثم إنه ل بد من فراغ يؤول إليه المرء في توديع جسمه والتدبير لشأنه وتخليته بين نفسه وبين شهواتها ومن صارّ إلى ذلك فليأخذ بالقصد والنصيب القل ول يضيع المرء في فراغه نصيب العلم من نفسه فيكون من الخير عاطًل وعن حألل الله وحأرامه غاف ًل. يا معشر الناس إنه قد تدلت الجوزأاء وذكت الشعرى وأقلعت السماء وارّتفع الوباء وقل الندى وطاب المرعى ووضعت الحوامل ودرّجت السخائل وعلى الراعي بحسن رّعيته حأسن النظر فحي لكم على بركة الله إلى رّيفكم فنالوا من خيره ولبنه وخرافه وصيده وأرّبعوا خيلكم وأسمنوها وصونوها وأكرموها فإنها جنتكم من عدوكم وبها مغانمكم ًرا وإياكم والمسومات والمعسولت وأنفالكم واستوصوا بمن جاورّتموه من القبط خي فإنهن يفسدن الدين ويقصرن الهمم. حأدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رّسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله ًرا فإن لكم منهم سيفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خي صه ًرا وذمة فكفوا أيديكم وعفوا فروجكم وغضوا أبصارّكم ول أعلمن ما أتى رّجل قد أسمن جسمه وأهزل فرسه واعلموا أني معترض الخيل كاعتراض الرجال فمن أهزل فرسه من غير علة حأططته من فريضته قدرّ ذلك واعلموا أنكم في رّباط إلى يوم القيامة لكثرة العداء حأولكم وتشوق قلوبهم إليكم وإلى دارّكم معدن الزرّع والمال والخير الواسع والبركة النامية. وحأدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رّسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جن ًدا كثي ًفا فذلك الجند خير أجناد الرّض " فقال له أبو بكر: ولم يا رّسول الله قال: " لنهم وأزأواجهم في رّباط إلى يوم القيامة ". فاحأمدوا الله معشر الناس على ما أولكم فتمتعوا في رّيفكم ما طاب لكم فإذا يبس العود وسخن العمود وكثر الذباب حأمض اللبن وصوح البقل وانقطع الورّد من الشجر فحي إلى فسطاطكم على بركة الله ول يقدمن أحأد منكم ذو عيال على عياله إل ومعه تحفة لعياله على ما أطاق من سعته أو عسرته أقول قولي هذا وأستحفظ الله عليكم. قال: فحفظت ذلك عنه فقال والدي بعد انصرافنا إلى المنزل - لما حأكيت له خطبته - إنه يا بني يحدو الناس إذا انصرفوا إليه على الرباط كما حأداهم على الريف والدعة. السنة الولى من ولية عمرو بن العاص الولى على مصر وهي سنة عشرين من الهجرة: فيها كانت غزوة تستر وفيها توفي بلل بن رّباح الحبشي مولى أبي بكر الصديق وحأمامة أمه وكان من السابقين الولين وممن عذب في السلم وشهد بدًرّا وكان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم مات بدمشق بالطاعون في هذه السنة وقيل في التي قبلها ودفن بدمشق بالباب الصغير وله بضع وستون سنة - رّضي الله عنه. وفيها توفيت زأينب بنت جحش بن رّباب السدي - أسد خزيمة - أم المؤمنين تزوجها النبي وفيها توفي البراء بن مالك النصارّي أخو أنس بن مالك النصارّ في النجارّي: كان أحأد البطال الفراد في الصحابة - رّضي الله عنهم. وفيها توفي عياض بن غنم أبو سعد من المهاجرين الولين شهد بدًرّا وغيرها - رّضي الله عنه. وفيها توفي سعيد بن عامر بن حأذيم الجمحي: كان من أشراف بنى جمح له صحبة ورّواية قال الذهبي: رّوى عنه عبد الرحأمن بن سابط. وفيها توفي أبو سفيان بن الحارّث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان رّضيع النبي وشبيهه. وفيها توفي هرقل عظيم الروم وقام ابنه قسطنطين مكانه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وتسعة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وإحأدى وعشرون إصب ًعا. السنة الثانية من ولية عمرو وهي سنة إحأدى وعشرين من الهجرة: فيها فتحت السكندرّية في مستهلها على يد عمرو بن العاص بعد أمورّ وحأروب وفي آخرها افتتح عمرو بن العاص برقة وصالحهم على ثلثة عشر ألف دينارّ. وفيها اشتكى أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه فصرفه عمر وولى عليهم عمارّ بن ياسر على الصلة وولى عبد الله بن مسعود على بيت المال وولى عثمان بن حأنيف على مساحأة أرّض السواد. وفيها كان فتح نهاوند وأستشهد أمير الجيش الذي توجه إليها وهوا لنعمان بن مقرن المزني واستشهد أيضا يومئذ طليحة بن خويلد بن نوفل وفتحت تستر. وفيها صالح أبو هاشم بن عتبة بن رّبيعة بن عبد شمس على أنطاكية وملطية وغيرهما. وفيها توفي خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي أبو سليمان سيف الله كذا لقبه النبي صلى الله عليه وسلم وأمه لبابة أخت ميمونة بنت الحارّث أم المؤمنين ودفن بحمص وقبره مشهورّ يقصد للزيارّة. وفيها توفي العلء بن الحضرمي واسم الحضرمي عبد الله بن عباد بن أكبر بن رّبيعة بن مقنع بن حأضرموت حأليف بني أمية وإلى أخيه تنسب بئر ميمونة التي بأعلى مكة احأتفرها في وفيها توفي الجارّود العبدي: سيد عبد القيس وكنيته أبو عتاب وقيل أبو المنذرّ وقيل اسمه بشر ولقب جارّو ًدا لنه أغارّ على بكر بن وائل فأصابهم وجردهم أسلم سنة عشر من الهجرة وفرح النبي صلى الله عليه وسلم بإسلمه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وإصبعان. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. السنة الثالثة من ولية عمرو الولى على مصر وهي سنة اثنتين وعشرين من الهجرة: فيها افتتح عمرو بن العاص طرابلس الغرب وقيل في التي بعدها وفيها غزا حأذيفة مدينة الد ينورّ فافتتحها عنوة وقد كانت فتحت قبل لسعد ثم انتقضت. وفيها أيضا غزا حأذيفة ما سبذان فافتتحها عنوة وقيل كان افتتحها سعد ثم نقضوا وقال طارّق بن شهاب: غزا أهل البصرة ماه فأمدهم أهل الكوفة وعليهم عمارّ بن ياسر فأرّادوا أن يشركوا في الغنائم فأبى أهل البصرة ثم كتب إليهم عمر: الغنيمة لمن شهد الوقعة. وفيها فتحت همذان قاله ابن جرير وغيره وفيها فتحت الري وما بعدها ثم فتحت أذرّبيجان في قول الواقدي وأبي معشر وقال سيف: كانت في سنة ثماني عشرة وكان بين أهل هذه البلد والمسلمين حأروب كثيرة حأتى فتح الله عليهم. وفيها توفي أبي بن كعب في قول الواقدي وابن نمير والد يلمي واليزيدي وقيل في سنة تسع عشرة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أعني القاعدة ستة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة فيها ستة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. السنة الرابعة من ولية عمرو الولى على مصر وهي سنة ثلث وعشرين من الهجرة: فيها فتح كرمان وكان أميرها سهل بن عدي. وفيها فتحت سجستان وكان أمير الجيش عاصم بن عمر. وفيها فتحت مكران وكان أمير الجيش لفتحها الحكم بن عثمان وهي من بلد الجبل. وفيها - ذكر سيف عن مشايخه: أن سارّية بن زأنيم قصد فسا ودارّابجرد واجتمع له جموع من الفرس والكراد عظيمة ودهم المسلمين منهم أمر عظيم ورّأى عمر بن الخطاب في تلك الليلة فيما يرى النائم معركتهم وعددهم في وقت من نهارّ وأنهم في صحراء وهناك جبل إن استندوا إليه لم يؤتوا إل من جهة واحأدة فنادى عمر من الغداة للصلة جماعة حأتى إذا كانت الساعة التي كان رّأى أنهم اجتمعوا فيها خرج إلى الناس فصعد المنبر فخطب الناس وأخبرهم بما رّأى ثم قال: يا سارّية الجبل الجبل! ثم قال: إن لله جنو ًدا ولعل بعضها أن يبلغهم قال: ففعلوا ما قال عمر فنصرهم الله على عدوهم وفتحوا البلد وقيل في رّواية أخرى: إنما كان عمر في خطبة الجمعة. - وفيها حأج عمر بن الخطاب بأزأواج النبي صلى الله عليه وسلم وهي آخر حأجة حأجها. وفيها غزا معاوية بن أبي سفيان الصائفة حأتى بلغ عمورّية. وفيها توفي قتادة بن النعمان بن زأيد بن عامر بن سواد بن كعب واسمه ظفر بن الخزرّج بن عمرو بن مالك بن الوس أبو عمرو النصارّي الظفري أخو أبي سعيد الخدرّي لمه وقتادة الكبر. شهد قتادة وقعة بدرّ وأصيبت عينه ووقعت على خده في يوم أحأد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فغمز حأدقته ورّدها إلى موضعها فكانت أصح عينيه. قرط بن رّزأاح بن عدي بن كعب بن لؤي أبو حأفص القرشي العدوي الفارّوق. استشهد في يوم الرّبعاء لثمان بقين من ذي الحجة وقيل لرّبع وسنه يوم مات نيفت على ستين سنة وقيل غير ذلك على أقوال كثيرة. ضربه أبو لؤلؤة - واسمه فيروزأ - عبد المغيرة بن شعبة بخنجر في خاصرته وهو في صلة الصبح فمات بعد ثلثة أيام وتولى الخلفة بعده عثمان بن عفان - رّضي الله عنهما وكانت خلفته عشر سنين ونصف لنه ولي بعد وفاة أبي بكر الصديق في ثامن جمادى الخرة سنة ثلث عشرة. قلت: ويضيق هذا المحل عن ذكر شيء من بعضي مناقبه وما ورّد في حأقه من الحأاديث وقد ذكرنا ذلك في غير هذا المكان. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. السنة الخامسة من ولية عمرو بن العاص الولى على مصر وهي سنة أرّبع وعشرين من الهجرة: فيها سارّ منويل الخصي إلى السكندرّية فسأل أهل مصر عثمان إرّسال عمرو بن العاص لقتال منويل المذكورّ فجاء إليها عمرو وحأارّب حأتى افتتحها الفتح الثاني في هذه السنة وقيل: بل كان ذلك في سنة خمس وعشرين وهو الصح. وفيها حأج بالناس عثمان بن عفان - رّضي الله عنه. وفيها - في قول سيف - عزل عثمان سع ًدا عن الكوفة وولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط مكانه فكان هذا مما نقم على عثمان وكنيته أبو وهب وهو أخو عثمان لمه وله صحبة ورّواية رّوى عنه أبو موسى الهمذاني والشعبي وحأارّثة بن مضرب وغيرهم. وفيها فتح معاوية بن أبي سفيان الحصون وولد له ابنه يزيد. وفيها توفي سراقة بن مالك بن جعشم أبو سفيان المدلجي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وأرّبعة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. ولية أبن أبي سرح على مصر هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح واسمه الحسام وسرح مصغ ً بالسين والحاء المهملتين والحسام بن الحارّث بن حأبيب بالحاء المهملة را بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حأسل بن عامر بن لؤي أبو يحيى العامري عامر قريش. ولي إمرة مصر بعد عزل عمرو بن العاص في سنة خمس وعشرين كما تقدم ذكره من قبل عثمان بن عفان وجاءه الكتاب بولايته وهو بالفيوم فجعل لهل الجواب جع ًل فقدموا به مصر وسكن الفسطاط ومكث أمي كلها وهو ًرا على مصر مدة ولية عثمان بن عفان أخو عثمان لمه قاله ابن كثير قال: وهو الذي شفع له يوم الفتح حأين كان رّسول الله صلى الله عليه وسلم أهدرّ دمه. يأتي ذكر ذلك مفضًل في آخر ترجمته من كلم ابن حأجر بعد أن نذكر نبذة من أمورّه. ولما ولي مصر أحأسن السيرة في الرعية وكان جوا ًدا كري عثمان أن يغزو ًما ثم أمره إفريقية فإذا افتتحها كان له خمس الخمس من الغنيمة نف ًل. فسارّ عبد الله بن أبي سرح المذكورّ إلى إفريقية في عشرة آلف وغزاها حأتى افتتح سهلها وجبلها وقتل خل ًقا كثي والسلم وحأسن ًرا من أهلها - ثم اجتمعوا على الطاعة إسلمهم. وأخذ عبد الله بن أبي سرح المذكورّ خمس الخمس من الغنيمة وبعث بأرّبعة أخماسه إلى عثمان وقسم أرّبعة أخماس الغنيمة في الجيش فأصاب الفارّس ثلثة آلف دينارّ والراجل ألف دينارّ. قال الواقدي: وصالحه بطريقها على ألفي ألف دينارّ وخمسمائة ألف دينارّ وعشرين ألف دينارّ فأطلقها عثمان كلها في يوم واحأد في آل الحكم ويقال: في آل مروان ثم غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح المذكورّ إفريقية ثانية في سنة ثلث وثلثين حأين نقض أهلها العهد حأتى أقرهم على السلم والجزية واستشهد معه في هذه المرة بإفريقية جماعة منهم: معبد بن العباس بن عبد المطلب وغيره. ثم غزا في سنة أرّبع وثلثين غزوة ذات الصوارّي في البحر من ناحأية السكندرّية فلقيه قسطنطين بن هرقل في ألف مركب وقيل في سبعمائة والمسلمون في مائتي مركب وتقاتل فانتصر المير عبد الله هذا وهزم الروم وإنما سميت غزوة ذات الصوارّي لكثرة صوارّي المراكب واجتماعها. وعاد إلى مصر فبلغه في سنة خمس وثلثين خبر من ثارّ على عثمان - رّضي الله عنه - ودخل منهم طائفة إلى مصر بأمر عثمان فإنه كان أخرج منهم جماعة إلى البصرة والشام ومصر فلما قدم من قدم منهم إلى مصر وافقهم جماعة من المصريين على خلف عثمان كر ًها في ابن أبي سرح هذا لكونه ولي بعد عمرو بن العاص وأي ًضا لشتغاله عنهم بقتال أهل المغرب وفتح بلد البربر وأندلس وإفريقية وغيرها ونشأ بمصر طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حأرب عثمان وحأرب عبد الله بن أبي سرح المذكورّ واجتمعوا واستنفروا من مصر في ستمائة رّاكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رّجب لينكروا على عثمان وسارّوا إلى المدينة تحت أرّبع رّايات وأمر الجميع إلى عمرو بن بد يل بن ورّقاء الخزاعي وعبد الرحأمن التجيبي وأقبل معهم محمد ابن أبي بكر الصديق وأقام بمصر محمد بن حأذيفة يؤلب الناس ويدافع عن هؤلء فكتب ابن أبي سرح إلى عثمان يعلمه بقدوم هؤلء القوم إلى المدينة منكرين عليه في صفة معتمرين فوقع لهم مع عثمان - رّضي الله عنه - أمورّ يطول شرحأها إلى أن سألوا عثمان عزل عبد الله بن أبي سرح هذا عن ولية مصر ويولي عليهم محمد بن أبي بكر الصديق فأجابهم إلى ذلك ة فلما رّجعوا وجدوا في الطريق بريدًيا يسير فأخذوه وفتشوه فإذا معه في إداوة كتاب كتبه مروان بن الحكم كاتب عثمان وابن عمه والكتاب على لسان عثمان فيه المر بقتل طائفة منهم وصلب آخرين وقطع أيدي آخرين منهم وأرّجلهم وكان على الكتاب طبع خاتم عثمان والبريد أحأد غلمان عثمان - و - على جمله فلما رّجعوا جاؤوا بالكتاب إلى المدينة ودارّوا به على الناس فكلم الناس عثمان في أمر الكتاب فقال عثمان ما معناه: إنه دلس عليه الكتاب ثم قال: والله ل كتبته ول أمليته ول درّيت بشيء من ذلك والخاتم قد يزورّ على الخاتم فصدقه الصادقون وكذبه الكاذبون في ذلك. واستمر عبد الله بن أبي سرح على عمله على كر ٍه من المصريين إلى أن خرج من مصر متوج ًها إلى عثمان بعد أن استخلف عليها عقبة بن عامر الجهني. وقتل عثمان - رّضي الله عنه - واستخلف علي - رّضي الله عنه فعزل عبد الله ابن أبي سرح هذا عن مصر وولها لقيس بن سعد بن عبادة - رّضي الله عنهما. ثم استولى على مصر جماعة من قبل علي بن أبي طالب وقاتلوا عقبة بن عامر على ما سيأتي ذكره بعد أن نذكر من توفي في أيام ولية عبد الله بن سعد ابن أبي سرح هذا على مصر كما هو عادة كتابنا هذا. وكان عزل عبد الله ابن أبي سرح عن مصر في سنة ست وثلثين بعد أن حأكمها نح ًوا من عشر سنين. وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح صاحأب الترجمة فلم أقف له على خبر بعد ذلك غير أن بعض المؤرّخين ذكروا أنه توفي بفلسطين في - سنة ست وثلثين المذكورّة ويقال غير ذلك أقوال كثيرة منها: قال الحافظ شهاب الدين بن حأجر العسقلني في الصابة: رّوى الحاكم من طريق السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن النبي صلى الله عليه وسلم الناس كلهم إل أرّبعة نفر وامرأتين: عكرمة وابن خطل ومقيس بن صبابة وابن أبي سرح وذكر الحديث قال: فأما عبد الله فاختبأ عند عثمان فجاء به عثمان حأتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع الناس فقال: يا رّسول الله بايع عبد الله فبايعه بعد ثلث ثم أقبل على أصحابه فقال: " أما كان فيكم رّجل رّشيد يقوم إلى هذا حأيث رّآني كففت يدي عن مبايعته فيقتله ". ومن طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فزين له الشيطان فلحق بالكفارّ فأمر به رّسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل " يعني يوم الفتح " فاستجارّ بعثمان فأجارّه النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود. ورّوى ابن سعد من طريق ابن المثيب قال: كان رّجل من النصارّ نذرّ إن رّأى ابن أبي سرح أن يقتله فذكر نح ًوا من حأديث مصعب بن سعد عن أبيه. ورّوى الدارّ قطني من حأد يث سعيد بن يربوع المخزومي نحو ذلك ومن طريق الحكم بن عبد الله عن قتادة بن أنس بمعناه وأورّدها ابن عساكر من حأديث عثمان بن عفان أي ًضا وأفاد سبط ابن الجوزأي في مرآة الزمان أن النصارّي الذي قال: فهل أومأت إلينا هو عباد بن بشر ثم قال: وقيل: إن الذي قال هو عمر. وقال ابن يونس: شهد فتح مصر واختط بها وكان صاحأب الميمنة في الحرب مع عمرو بن العاص في فتح مصر وله مواقف محمودة في الفتوح وأمره عثمان على مصر. ولما وقعت الفتنة سكن عسقلن ولم يبايع لحأد ومات بها سنة ست وثلثين وقيل: كان قد سارّ من مصر إلى عثمان واستخلف السائب بن هشام بن عمرو فبلغه قتله فرجع فتغلب على مصر محمد بن أبي حأذيفة فمنعه من دخولها فمضى إلى عسقلن وقيل إلى الرملة وقيل بل شهد صفين وعاش إلى سنة سبع وخمسين. ذكره ابن منده. وقال البغوي: له عن النبي صلى الله عليه وسلم حأد يث واحأد وخرجه ووقع لنا بعلو في المعرفة لبن منده. انتهى كلم ابن حأجر باختصارّ وتأتي بقية ترجمة ابن أبي سرح هذا في حأوادث سنيه. السنة الولى من ولية عبد الله بن سعد بن أبي سرح على مصر وهي سنة خمس وعشرين من الهجرة: فيها في قول سيف عزل عثمان سع ًدا عن الكوفة وفيها سارّ الجيش من الكوفة وعليهم سليمان بن رّبيعة إلى برذعة فقتل وسبى وفيها حأج بالناس عثمان بن عفان - رّضي الله عنه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. بن سعد بن أبي سرح على مصر وهي سنة ست وعشرين من الهجرة: فيها فتحت سابورّ وكان أمير الجيش عثمان بن أبي العاص الثقفي صالحهم على ثلثة آلف ألف وثلثمائة ألف. وفيها زأاد عثمان بن عفان - رّضي الله عنه - في المسجد الحرام ووسعه واشترى الزيادة من قوم وأبى آخرون فهدم عليهم ووضع الثمان في. بيت المال فصاحأوا بعثمان فأمر بهم إلى الحبس وقال: ما جرأكم علي إل حألمي وقد فعل هذا عمر فلم تصيحوا عليه. وفيها حأج عثمان بن عفان بالناس. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع وقيل خمسة عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية ابن أبي سرح على مصر وهي سنة سبع وعشرين: فيها توفي عبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول وكنيته أبو يحيى وقيل أبو الحارّث. صحابي شهد بدًرّا. وفيها فتحت الندلس وكان أميرا الجيش عبد الله بن الحصين وعبد الله بن عبد القيس أتياها من قبل البحر كتب إليهما عثمان - رّضي الله عنه - يقول: " إن القسطنطينية إنما تفتح من قبل البحر وأنتم إذا فتحتم الندلس فأنتم شركاء لمن يفتح قسطنطينية في الجر آخر الزمان والسلم ". قال ابن جرير: قال بعضهم وفي هذه السنة غزا معاوية قبرس. وقال الواقدي: كان ذلك في سنة ثمان وعشرين. وقال أبو معشر: غزاها معاوية سنة ثلث وثلثين والله أعلم. وقاد الواقدي: في هذه السنة فتحت اصطخر ثانًيا على يدي عثمان ابن أبي العاص. وقال الذهبي: فيها غزا معاوية قبرس وكان معه عبادة بن الصامت وزأوجة عبادة أم حأرام بنت ملحان النصارّية فاستشهد ت كان النبي صلى الله عليه وسلم يغشاها ويقيل عندها وبشرها بالشهادة. وفيها صالح عثمان بن أبي العاص أهل أرّجان على ألفي ألف ومائتي ألف وصالح أهل دارّا بجرد على ألف ألف وثمانين أل ًفا. وفيها غزا أمير مصر ابن أبي سرح صاحأب الترجمة إفريقية حأسبما تقدم وكان معه عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير بن العوام وكان المسلمون في عشرين أل ًفا وكان العدو يعني جرجير في مائتي ألف مقاتل وفتح ًرا وفيها حأج بالناس عثمان - رّضي الله الله وغنم المسلمون شيًئا كثي عنه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثلثة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. السنة الرابعة من ولية ابن أبي سرح على مصر وهي سنة ثمان وعشرين: فيها فتحت قبرس على يد معاوية قاله الذهبي في قول وكان عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه - منع المسلمين من الغزو في البحر شفقة عليهم فلما ولي عثمان استأذنه معاوية فأذن له ففتح الله على يده. وفيها غزا حأبيب بن مسلمة سورّية من أرّض الروم قاله الواقدي. وفيها غزا الوليد بن عقبة أذرّبيجان فصالحهم مثل صلح حأذيفة. وفيها حأج بالناس أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رّضي الله عنه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة تسعة السنة الخامسة من ولية ابن أبي سرح على مصر وهي سنة تسع وعشرين: فيها افتتح عبد الله بن عامر اصطخر في قول عنوة فقتل وسبى. وكان على مقدمته عبيد الله بن معمر بن عثمان التيمي وكلهما صحابي. وفيها عزل عثمان أبا موسى الشعري عن البصرة بعد عمالة ست سنين وقيل ثلث وولى عليها عبد الله بن عامر بن كريز بن رّبيعة بن حأبيب بن عبد شمس وهو ابن خال عثمان وجمع له بين جند أبي موسى وجند عثمان ابن أبي العاص وله من العمر خمس وعشرون سنة فأقام بها ست سنين. وفيها وسع عثمان بن عفان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبناه بالقضة وهي الكلس كان يؤتى به من بطن نخل والحجارّة المنقوشة وجعل عمده حأجارّة مرصعة وسقفه بالساج وجعل طوله ستين ومائة ذرّاع وعرضه خمسين ومائة ذرّاع وجعل أبوابه ستة على ما كانت عليه في زأمن عمر بن الخطاب - رّضي الله عنه. وفيها حأج بالناس عثمان بن عفان - رّضي الله عنه - وضرب له بمنى فسطاط فكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى وأتم الصلة عامه هذا فأنكر ذلك عليه غير واحأد من الصحابة كعلي وعبد الرحأمن بن عوف وعبد الله بن مسعود. وفيها نقضت أذرّبيجان فغزاهم سعيد بن العاص حأتى افتتحها ثانًيا وفيها فتحت أصبهان وفيها عزل عثمان الوليد بن عقبة بن أبي معيط عن الكوفة وولها سعيد بن العاص. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وستة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. السنة السادسة من ولية ابن آبى سرح على مصر وهي سنة ثلثين بعد الهجرة: فيها ً افتتح عبد الله بن عامر مدينة هورّ من أرّض فارّس وغنم منها شيًئا را. كثي ثم افتتح عبد الله المذكورّ أي ًضا بل ًدا كثيرة من أرّض خرا سان ثم افتتح نيسابورّ صل ًحا ويقال عنوة ثم صالح أهل سرخس على مائة وخمسين أل ًفا وصالح أهل مرو على ألفي ألف ومائتي ألف ولما فتح عبد الله بن عامر هذه البلد الواسعة كثر الخراج على عثمان وأتاه المال وفيها نقض أهل خراسان وتجمعوا فنهض لقتالهم الحأنف بن قيس وقاتلهم حأتى هزمهم وكانت وقعة مشهورّة. وفيها توفي الطفيل بن الحارّث بن عبد المطلب المطلبي وهو أخو عبدة بن الحارّث والحصين بن الحارّث وكان ممن شهد بدًرّا مع النبي صلى الله عليه وسلم. وفيها توفي أبي بن كعب في قول الواقدي وقد تقدم وهذا أثبت القوال في موته وفيها شهد بدً توفي حأاطب بن أبي بلتعة اللخمي حأليف بني أسد بن عبد العزى وهو صحابي رّا - رّضي الله عنه. وفيها توفي عبد الله بن كعب بن عمرو المازأني النصارّي البدرّي أي ًضا. كنيته أبو الحارّث وقيل أبو يحيى شهد بدًرّا وكان على الخمس يوم بدرّ - رّضي الله عنه. وفيها توفي عياض بن زأهير بن أبي شداد بن رّبيعة بن هلل أبو سعد القرشي كان أي ًضا ممن شهد بدًرّا والمشاهد بعدها هكذا قال ابن سعد وفرق بينه وبين ابن أخيه عياض بن غنم بن زأهير الفهري أمير الشام المتوفى سنة عشرين. وفيها توفي معمر بن أبي سرح واسمه رّبيعة بن هلل القرشي الفهري أبو سعيد وقيل اسمه عمرو وهو أي ًضا ممن شهد بدًرّا. وفيها توفي مسعود بن رّبيعة وقيل ابن الربيع أبو عمير القارّي والقارّة حألفاء بني زأهرة وهو أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وستة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وإحأدى وعشرون إصب ًعا. السنة السابعة من ولية ابن أبي سرح على مصر وهي سنة إحأدى وثلثين من الهجرة: فيها توفي أبو سفيان صخر بن حأرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الموي القرشي أسلم أبو سفيان يوم الفتح وشهد حأنيًنا وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من الغنائم مائة من البل وأرّبعين أوقية وقد فقئت عينه يوم الطائف ثم شهد غزوة اليرموك. وفيها توفي أبو الدرّداء واسمه عويمر بن يزيد وقيل ابن عبد الله بن قيس بن ثعلبة بن أمية بن مالك بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرّج النصارّي الصحابي المشهورّ - رّضي الله عنه. وفيها توفي نعيم بن مسعود بن عامر الشجعي. كنيته أبو سلمة. له صحبة ورّواية - رّضي الله عنه. وفيها توفي كسرى ملك فارّس وهو يزدجرد بن شهريارّ وسبب هلكه أنه هرب من كرمان إلى مرو فلم يتم له ذلك فخرج أي ًضا هارًّبا إلى أن نزل برجل ينقر الرّحأاء فأوى إليه فقتله الرجل وأخذ ما عليه من الجواهر. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. السنة الثامنة من ولية ابن أبي سرح على مصر وهي سنة اثنتين وثلثين: فيها سارّ عبد الله بن عامر من البصرة إلى المشرق فافتتح بها بل ًدا كثيرة: الطالقان وجرجان وبلخ وطخارّستان وكان على مقدمته الحأنف بن قيس وقيل بل جهز عبد الله بن عامر الحأنف وأقام هو بالبصرة يمده بالمال والرجال. وفيها غزا عبد الرحأمن بن رّبيعة بلنجر. وكان صاحأبها نازأًل قريًبا من باب البواب وبعث يطلب من سعيد بن العاص المدد فأمده بحبيب بن مسلمة الفهري فأبطأ حأبيب على عبد الرحأمن فسارّ عبد الرحأمن نحو بلنجر المذكورّة وحأصرها. وفيها توفي أبو ذرّ الغفارّي واسمه جندب بن جنادة بن كعيب بن صعير بن الوقعة بن حأرام بن سفيان بن عبيد بن حأرام وكان من أحأد السابقين الولين وكان خام ًسا في السلم - رّضي الله عنه. وفيها توفي العباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو الفضل عم النبي صلى الله عليه وسلم وولد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين أو بثلث. أسلم بعد وقعة بدرّ - رّضي الله عنه. وقد استسقى به عمر بن الخطاب في أيام خلفته في بعض السنين. وفيها توفي عبد الله بن مسعود بن غافل بن حأبيب بن شمخ بن فأرّبن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارّث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدرّكة بن إلياس بن مضر أبو عبد الرحأمن الهذلي حأليف بني زأهرة أسلم قبل عمر وكان سبب إسلمه مرورّ النبي صلى الله عليه وسلم به وقصته مشهورّة وهو أحأد كبارّ الصحابة - رّضي الله عنه وهو من السابقين الولين وشهد بدًرّا والمشاهد كلها. وفيها توفي عبد الرحأمن بن عوف بن الحارّث بن زأهرة بن كلب بن مرة أبو محمد القرشي الزهري أحأد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحأد الثمانية الذين سبقوا للسلم وأحأد الستة أصحاب الشورّى بعد موت عمر لجل الخلفة. وفيها توفي أبو الدرّداء عويمر وقد تقدم ذكره والصحيح أنه توفي في هذه السنة. وفيها توفي الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس عم عثمان بن عفان - رّضي الله عنه وأبو مروان بن الحكم نفاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فدام به إلى أن أستقدمه عثمان في خلفته وسمي الحكم هذا طريد رّسول الله صلى الله عليه وسلم ولعينه. وفيها توفي سلمان الفارّسي وكنيته أبو عبد الله ويقال له سلمان الخير أصله من اصطخر وقيل من أهل أصبهان من قرية يقال لها جوي وهو من الطبقة الثانية من الصحابة - رّضوان الله عليهم أجمعين كان من المهاجرين شهد بدًرّا وأحأد ا. وفيها توفي سنان بن أبي سنان بن محصن السدي: من الطبقة الولى من الصحابة كان من المهاجرين شهد بدًرّا وأحأ ًدا والمشاهد كلها مع رّسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيها توفي عبد الله بن حأذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم كنيته أبو حأذافة كان ممن هاجر الهجرتين وشهد بدًرّا وأحأ ًدا والخندق والمشاهد كلها. وهو رّسول النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى. وفيها توفي كعب الحأبارّ بن ماتع الحميري من مسلمي أهل الكتاب كنيته أبو إسحاق. أسلم على يد أبي بكر الصديق وقيل على يد عمر - رّضي الله عنهما وهو من الطبقة الولى من التابعين. وفيها توفي أبو مسلم الجبلي بالجيم وهو من جبل صيدا بساحأل دمشق أدرّك رّسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم على يد أبي بكر الصديق - رّضي الله عنه وقيل بعد ذلك وهو من الطبقة الولى من التابعين. وفيها توفي معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي الزأدي حأليف بني عبد شمس بن عبد مناف ًما وهاجر إلى الحبشة وشهد خيبر - رّضي الله عنه. أسلم بمكة قدي أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثلثة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. السنة التاسعة من ولية ابن أبي سرح على مصر وهي سنة ثلث وثلثين: فيها نفى عثمان - رّضي الله عنه - جماعة من أهل الكوفة إلى الشام كانوا يعيبون عليه ويطعنون فيه ويسبون سعيد بن العاص والي الكوفة فكتب سعيد إلى عثمان بذلك فكتب إليه عثمان يسيرهم إلى الشام فسيرهم وفيهم عروة بن الجعد البارّقي ومالك بن الحارّث الشتر النخعي وجندب بن زأهير وعمرو بن الحمق وابن أبي زأياد وغيرهم. وفيها غزا معاوية بن أبي سفيان بلد الروم ووصل إلى حأصن المرأة من أعمال ملطية وافتتحه. وفيها غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح إفريقية وكانوا نقضوا كما تقدم في ترجمته. وفيها بعث عبد الله بن عامر الحأنف بن قيس إلى خراسان وكانوا أي ًضا قد نقضوا العهد فقاتلهم وظفر بهم ولحقه عبد الله بن عامر فهدم مدينتها. وفيها توفي المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن رّبيعة الكندي وكنيته أبو معبد ويقال له ابن السود لنه كان حأالف السود بن عبد يغوث في الجاهلية فتبناه وإنما قيل له الكندي لن أباه كان حأالف كندة وهو في الصحابة من الطبقة الولى كان من المهاجرين الولين شهد بدًرّا وأحأ ًدا والمشاهد كلها وكان يقال له فارّس السلم - رّضي الله عنه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. السنة العاشرة من ولية ابن أبي سرح على مصر وهي سنة أرّبع وثلثين: فيها غزا أمير مصر صاحأب الترجمة غزوة ذات الصوارّي وانتصر على الروم حأسبما تقدم ذكره وفيها سارّت رّكائب المنحرفين عن عثمان وكان جمهورّهم من أهل الكوفة. وفيها توفي إياس بن أبي البكير الكناني حأليف بني عدي كان من المهاجرين شهد بدًرّا هو وإخوته: خالد وعاقل وعامر ولم يشهد بدًرّا إخوة أرّبعة سواهم وقد شهد إياس هذا فتح وفيها توفي عبادة بن الصامت في قول. وقد تقدم ذكره وهو أحأد النقباء ليلة العقبة ومن كبارّ الصحابة. وفيها توفي مسطح بن أثاثة بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي المذكورّ في حأديث الفك. ًرا ينفق عليه أبو بكر الصديق شهد بدًرّا والمشاهد بعدها وكان فقي - رّضي الله عنه. وفيها توفي أبو عبس بن جبر بن عمرو النصارّي الوسي واسمه على الصح عبد الرحأمن وكان اسمه في الجاهلية عبد العزى فغيره رّسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من الذين قتلوا كعب بن الشرف اليهودي وشهد بدًرّا وغيرها. وفيها توفي أبو طلحة النصارّي واسمه زأيد بن سهل بن السود أحأد بني مالك بن النجارّ كان من النقباء ليلة العقبة. شهد بدًرّا والمشاهد بعدها. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وتسعة أصابع مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. السنة الحادية عشرة من ولية عبد الله بن سعد بن أبي سرح على مصر فيها عزل عبد الله بن أبي سرح عن مصر في قول. وفيها كانت غزوة ذي خشب وأمير المسلمين فيها معاوية بن أبي سفيان. وفيها كان خروج أمير مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح من مصر متوج ًها إلى عثمان واستخلف على مصر عقبة بن عامر الجهني وقيل السائب بن هشام العامري وجعل على خراجها سليم بن عتر التجيبي وكان ذلك في رّجب من سنة خمس وثلثين وسارّ إلى ًما إلى شوال من السنة. عثمان فاستمر أمر مصر مستقي وفيها خرج محمد بن أبي حأذيفة بن عتبة بن رّبيعة على عقبة بن عامر خليفة عبد الله بن أبي سرح على مصر وملك مصر على ما سيأتي ذكره. وفيها كانت مقتلة عثمان بن عفان - رّضي الله عنه - في ذي الحجة منها وقصته مشهورّة وقد استوعب ذلك جماعة من المؤرّخين في عدة كرارّيس ل سبيل إلى تلخيصها في هذا المحل غير أننا نذكر نسبته ومدة خلفته ل غير فنقول: هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أمير المؤمنين أبو عمرو وقيل أبو عبد الله القرشي الموي وأمه أرّوى. هو أحأد السابقين الولين وذو النورّين وصاحأب الهجرتين وزأوج البنتين مولده قبل عام الفيل بستة أعوام وقيل بعده بستة أعوام. وخلفه رّسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدرّ لمرض زأوجته رّقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم فتوفيت بعد بدرّ بليال. وضرب له قال الذهبي: رّوى عطية عن أبي سعيد قال: رّأيت رّسول الله صلى الله عليه وسلم رّاف ًعا يديه يدعو لعثمان وعن عبد الرحأمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينارّ في ثوبه حأين جهز جيش العسرة فصبها في حأجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقلبها بيده ويقول: " ما ضر عثمان بعد اليوم ما عمل " رّواه أحأمد في مسنده. وفضائله كثيرة يضيق هذا المحل عن ذكر شيء منها. قلت: بويع عثمان بالخلفة لما مات عمر في ذي الحجة سنة أرّبع وعشرين من الهجرة فدام في الخلفة حأتى قتل في هذه السنة - رّضي الله عنه. وتولى الخلفة من بعده علي بن أبي طالب - رّضي الله عنه. وفيها توفى كعب الحأبارّ وكان أسلم في خلفة أبي بكر الصديق وكان من أوعية العلم. وفيها توفي عبادة بن الصامت النصارّي الصحابي المشهورّ أحأد النقباء مات بالرملة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا واصبعان. استيلء محمد بن أبي حأذيفة هو محمد بن أبي حأذيفة بن عتبة بن رّبيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وثب على مصر وملكها من غير ولية من خليفة فلذلك لم يعده المؤرّخون من أمراء مصر وكان من خبره أنه جمع جم ًعا ورّكب بهم على عقبة بن عامر الجهني خليفة عبد الله بن سعد بن أبي سرح وقاتله وهزمه وأخرجه من الفسطاط ثم دعا الناس لخلع عثمان من الخلفة وصارّ يعدد أفعاله بكل شيء يقدرّ عليه فاعتزله شيعة عثمان وقاتلوه وهم: معاوية بن حأديج وخارّجة بن حأذافة السهمي وبسر بن أبي أرّطاة ومسلمة بن مخلد النصارّي وعمرو بن قحزم الخولني ومقسم بن بجرة وحأمزة بن سرح بن كلل وأبو الكنود سعد بن مالك الزأدي وخالد بن ثابت الفهمي في جمع كثير من الناس وبعثوا إلى عثمان بذلك وبينا أن يأتي الخبر من عثمان قويت شوكة محمد هذا ثم حأضر من عند عثمان سعد بن أبي وقاص ليصلح أمرهم ويتألف الناس فخرج إليه جماعة من أعوان محمد بن أبي حأذيفة المذكورّ وكلموه وخاشنوه ثم قلبوا عليه فسطاطه وشجوه ونهبوه فركب من وقته وعاد رّاج ًعا ودعا عليهم لما فعلوه به ثم عاد إلى مصر عبد الله بن أبي سرح رّاج ًعا فمنعه أن يدخل إلى مصر وقاتلوه فكر رّاج ًعا إلى عسقلن ثم قتل في هذه اليام بفلسطين وقيل بالرملة حأسبما ذكرناه في آخر ترجمته في هذا الكتاب. ثم أرّاد محمد بن أبي حأذيفة أن يبعث جيشا إلى عثمان فجهز إليه ستمائة رّجل عليهم عبد الرحأمن بن عديس البلوي. وبينما هم في ذلك إذ قدم عليهم الخبر بقتل عثمان - رّضي الله عنه - في ذي الحجة من السنة. فلما وصل الخبر بذلك ثارّ شيعة عثمان بمصر وعقدوا لمعاوية بن حأديج وبايعوه على الطلب بدم عثمان وسارّوا إلى الصعيد. فبعث إليهم محمد بن أبي حأذيفة جماعة كثيرة فتقاتل فهزمت جيش محمد وافترقا. وتوجه معاوية بأصحابه إلى جهة برقة فأقام بها مدة ثم عاد إلى السكندرّية فبعث إليه محمد بن أبي حأذيفة بجيش آخر فاقتتلوا بخربتا أول شهر رّمضان من سنة ست وثلثين فانهزم جيش محمد أي ًضا. وأقامت شيعة عثمان بخربتا إلى أن قدم معاوية بن أبي سفيان من الشأم إلى مصر. فخرج إليه محمد بن أبي حأذيفة بأصحابه ومنعوه من الدخول إلى الفسطاط ثم اتفقا على أن يجعل رّهًنا ويتركا الحرب. فاستخلف محمد ابن أبي حأذيفة على مصر الحكم بن الصلت وخرج في الرهن هو وابن عديس وكنانة بن بشر وأبو شمر بن أبرهة الصباح وعدة من قتلة عثمان. فلما وصلوا إلى معاوية قبض عليهم وحأبسهم وسارّ إلى دمشق فهربوا من السجن إل أبا شمر بن أبرهة فقال: ل أدخله أسي فلسطين حأتى ظفر ًرا وأخرج منه آب ًقا فتتبعهم أمير بهم وقتلهم في في ذي الحجة سنة ست وثلثين فلما بلغ الخبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رّضي الله عنه - بمصاب محمد بن حأذيفة ولى على مصر قيس بن سعد بن عبادة النصارّي - رّضي الله عنه. ولية قيس بن سعد بن عبادة على مصر هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم النصارّي الخزرّجي المدني. قال الذهبي: كان من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة وله عدة أحأاديث رّوى عنه عبد الرحأمن بن أبي ليلى وعروة بن الزبير والشعبي وميمون ابن أبي شبيب وغريب بن حأميد ًل ج ًدا سي ًدا مطا ًعا ً الهمداني وجماعة وكان ضخ ًما جسي ما يعد ًما طوي كثير المال جوا ًدا كري من دهاة العرب. قال عمرو بن دينارّ: كان ضخ ًما جسي وإذا رّكب الحمارّ ًما صغير الرأس ليست له لحية خطت رّجله الرّض رّوى عنه أنه قال: لول أني سمعت رّسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المكر والخديعة في النارّ " لكنت من أمكر هذه المة. وقال الزهري: أخبرنا ثعلبة بن أبي مالك أن قيس بن سعد كان صاحأب لواء رّسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال جويرية بن أسماء: كان قيس يستدين ويطعمهم فقال أبو بكر وعمر: إن تركنا هذا وسلم يو ً الفتى أهلك مال أبيه فمشيا في الناس فصلى النبي صلى الله عليه ما فقام سعد بن عبادة خلفه فقال: من يعذرّني من ابن أبي قحافة وابن الخطاب يبخلن علي ابني. وقال موسى بن عقبة: وقفت على قيس عجوزأ فقالت: أشكو إليك قلة الجرذان فقال: ما وتم ً أحأسن هذه الكناية! املؤوا بيتها خب ًزا ولح ًما وسمًنا را. وقال أبو تميلة يحيى بن واضح: أخبرنا أبو عثمان من ولد الحارّث بن الصمة قال: بعث قيصر إلى معاوية: ابعث إلي سراويل أطول رّجل من العرب فقال لقيس بن سعد: ما أظن إل قد احأتجنا إلى سراويلك. فقام وتنحى وجاء بها فألقاها فقال: أل ذهبت إلى منزلك ثم بعثت بها! فقال: الطويل أرّدت بها أن يعلم الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود وأل يقولوا غاب قيس وهذه سراويل عادي نمته ثمود وإني من الحي اليماني لسيد وما الناس إل سيد ومسود فكدهم بمثلي إن مثلي عليهم شديد وخلقي في الرجال مديد فأمر معاوية أطول رّجل في الجيش فوضعها على أنفه قال: فوقفت بالرّض. ولما وله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على مصر لما ولي الخلفة بعد قتل عثمان وبعثه إلى مصر فوصل إليها في مستهل شهر رّبيع الول سنة سبع وثلثين فدخلها قيس ومهد أمورّها واستمال الخارّجية بخربتا من شيعة عثمان ورّد عليهم أرّزأاقهم وقدموا عليه بمصر فأكرمهم وأنعم عليهم وكان عنده رّأي ومعرفة ودهاء فعظم على معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ولايته لمصر فإنه كان من حأزب علي بن أبي طالب - رّضي الله ًرا ليخرجاه منها فلم يقدرّا على ذلك حأتى عمل معاوية على قيس من عنه واجتهدا كثي قبل علي بن أبي طالب وأشاع أن قي ًسا من شيعته ومن حأزبه وأنه يبعث إليه بالكتب والنصيحة س ًرا ول زأال يظهر ذلك حأتى بلغ علًيا وساعده في ذلك محمد بن أبي بكر الصديق لحبه مصر أو لمرتها وعبد الله بن جعفر فما زأال بعلي حأتى كتب لقيس بن سعد يأمره بالقدوم عليه وعزله عن مصر فكانت ولايته على مصر من يوم دخلها إلى أن صرف عنها أرّبعة أشهر وخمسة أيام وكان عزله في خامس رّجب من سنة سبع وثلثين وولي عليها الشتر النخعي. ورّوينا عن أبي المظفر شمس الدين يوسف بن قز أوغلي كما أخبرنا أبو الحسن علي بن صدقة الشافعي أخبرنا القاضي المام تاج الدين أحأمد الفرغاني الحنفي أخبرنا حأيدرّة بن المحيا العباسي حأدثنا صالح بن الصباغ أخبرنا أبو المؤيد محمود قال: حأدثنا الحافظ شمس الدين يوسف بن قز أوغلي إجازأة بكتابه مرآة الزمان قال: خرج قيس بن سعد بن عبادة من عند علي حأتى دخل مصر في سبعة نفر وصعد المنبر وقعد عليه وقرأ كتاب علي على الناس وفيه: من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين والمؤمنين. سلم عليكم أما بعد فإني أحأمد إليكم الله الذي ل إله إل هو وأصلي على رّسوله صلى الله عليه وسلم وذكر النبياء وأن الله توفى رّسوله وأستخلف بعده خليفتين صالحين عمل بالكتاب والسنة وأحأسنا السيرة ثم توفوهما الله تعالى على ما كانا عليه ثم ولي بعدهما وا نقموا عليه وغيروه ة ثم جاوني ٍل أحأدث أحأداًثا فوجدت عليه المة مقاًل فقالوا ثم وبايعوني ولله علي العمل بكتابه وسنة رّسوله والنصح للرعية ما بقيت والله المستعان وبعثت إليكم بقيس بن سعد بن عبادة أمي وعاشروه وأعينوه على الحق وقد ًرا فوازأرّون أمرته بالحأسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بعوامكم وخواصكم وهو ممن ً أرّضى هديه وأرّجو صلحأه ونصيحته وأسأل الله لنا ولكم عمًل ل ورّحأم ًة صال ًحا وثواًبا جزي واسعة والسلم عليكم. وكتبه عبد الله بن أبي طالب في رّابع صفر سنة ست وثلثين. ثم قال قيس: " أيها الناس قد جاء الحق وزأهق الباطل " أيها الناس إنا قد بايعنا خير من نعلم بعد نبينا صلى الله عليه وسلم فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رّسوله صلى الله عليه وسلم فإن نحن لم نعمل بذلك فل بيعة لنا عليكم. فقام الناس وبايعوا واستقامت له مصر وبعث عليها عماله إل قرية من قرى مصر يقال لها خربتا فيها أناس قد أعظموا قتل عثمان وبها رّجل من كنانة من بني مدلج يقال له: يزيد بن الحارّث بن مدلج فأرّسلوه إلى قيس بن سعد: إنا ل نقاتلك فابعث عمالك فالرّض أرّضك ولكن أقرنا على حأالنا حأتى ننظر ما يصير إليه أمر الناس. ووثب مسلمة بن مخلد النصارّي فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدمه فأرّسل إليه قيس بن سعد: ويحك! علي تثب! فوا لله ما أحأب أن لي ملك مصر إلى الشأم وأني قتلتك فبعث إليه مسلمة يقول: إني كاف عنك ما دمت والي مصر وكان قيس بن سعد له رّأي وحأزم فبعث إلى الذين بخربتا: إني ل أكرهكم على البيعة وأكف عنكم فهادنهم وهادن مسلمة بن مخلد. وأقام قيس يجبي الخراج ول ينازأعه أحأد من الناس. وخرج أمير المؤمنين إلى وقعة الجمل ورّجع إلى الكوفة وقيس مكانه فكان قيس أثقل خلق الله على معاوية بن أبي سفيان لقربه من الشأم مخافة أن يقفل عليه علي بن أبي طالب من العراق ويقبل إليه قيس بأهل مصر فيقع معاوية بينهما قأخذ يخدعه. فكتب معاوية إلى قيس: من معاوية بن أبي سفيان إلى قيس بن سعد بن عبادة: سلم عليك فإني أحأمد إليك الله الذي ل إله إل هو أما بعد فإنكم إن كنتم نقمتم على عثمان في أمورّ رّأيتموها أو ضربة سوط ضربها أو شتمة شتمها أو في سي أو في ٍر سيره استعماله الفيء فقد علمتم أن دمه لم يكن حألًل لكم فقد رّكبتم عظي المر وجئتم ًما من شيًئا إ ًذا. فتب إلى الله يا قيس بن سعد فإنك ممن أعان على قتل عثمان إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغني شيًئا وأما صاحأبك فقد تيقنا أنه الذي أغرى به الناس وحأملهم على قتله حأتى قتلوه وأنه لم يسلم من دمه عظم قومك. فإن استطعت أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل. فأن بايعتنا على هذا المر فلك سلطان العراقين ولمن شئت من أهلك سلطان الحجازأ ما دام لي سلطان. وسلني غير هذا مما تحب فإنك ل تسألني شيًئا إل أوتيته. واكتب إلي برأيك فيما كتبت به إليك والسلم. فلما جاءه كتاب معاوية أحأب قيس أن يدافعه ول يبدي له أمره ول يتعجل حأربه فكتب إليه: أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه فأما ما ذكرت من أمر عثمان فذلك أمر لم أقارّبه ولم أتنطف به وأما قولك: إن صاحأبي أغرى الناس بعثمان فهذا أمر لم ً أطلع عليه وذكرت أن معظم عشيرتي لم يسلموا من دم عثمان فأول ما الناس فيه قيا عشيرتي ولهم أسوة غيرهم وأما ما ذكرت من مبايعتي إياك وما عرضت علي فلي فيه نظر وفكرة وليس هذا مما يسارّع إليه. وأنا كاف عنك ولن يبدو لك من قبلي شيء مما تكره والسلم. ًما ولم أرّك مباع ًدا فكتب إليه ثانًيا: أما بعد فقد قرأت كتابك فلم أرّك تدنو فأعدك سل فأعدك حأرًبا. وليس مثلي من يخدع وبيده أعنة الخيل ومعه أعداد الرجال والسلم. فلما قرأ قيس كتابه ورّأى أنه ل يقبل منه المدافعة والمماطلة أظهر له ما في نفسه وكتب إليه: أما بعد فالعجب من اغترارّك بي يا معاوية وطمعك في تسومني الخروج عن طاعة أولى الناس بالمرة وأقربهم بالخلفة وأقولهم بالحق وأهداهم سبيًل وأقربهم إلى رّسوله وسيلة وأوفرهم فضيلة وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا المر وأقولهم بالزورّ وأضلهم سبي ضالين مضلين ًل وأبعدهم من الله ورّسوله وسيلة ولد طاغوت من طواغيت إبليس وأما قولك: معك أعنة الخيل وأعداد الرجال لتشتغلن بنفسك حأتى العدم. وقال هشام: ولما رّأى معاوية أن قيس بن سعد ل يلين له كاده من قبل علي وكذا رّوى عبد الله بن أحأمد بن حأنبل بإسناده. وقال هشام بن محمد: عن أبي مخنف وجه آخر في حأديث قيس بن سعد ومعاوية قال: لما أيس معاوية من قيس بن سعد شق عليه ذلك لما يعرف من حأزمه وبأسه فأظهر للناس أن قي ًسا قد بايعه. واختلق معاوية كتاًبا فقرأه على أهل الشأم وفيه: أما بعد لما نظرت أنه ل يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم محر ًما مسل قال: فشاع في أهل ًما برأ تق ًيا مستغف ًرا وإني الشأم أن قي ًسا قد بايع معاوية. وبلغ علًيا ذلك فأكبره وأعظمه فقال له عبد الله بن جعفر: دع ما يريبك إلى ما ل يريبك اعزل قي ًسا عن مصر فقال علي: والله ما أصدق هذا على قيس ثم عزله وولى الشتر وقيل محمد بن أبي بكر الصديق في قول ابن سيرين فلما عزله عرف قيس أن علًيا قد خدع وتوجه إليه وصارّ معه. قال عروة: وكان قيس بن سعد مع علي في مقدمته ومعه خمسة آلف قد حألقوا رّؤوسهم بعد موت علي. فلما دخل الجيش في بيعة معاوية أبى قيس أن يدخل وقال لصحابه: ما شئتم جالدت بكم أب ًدا حأتى يموت العجل وإن شئتم أخذت لكم أماًنا. قالوا: خذ لنا ففعل فلما ارّتحل نحو المدينة جعل ينحر كل يوم جزوًرّا. قال الواقدي وغيره: إنه توفي في آخر خلفة معاوية - رّضي الله عنهم أجمعين. السنة التي حأكم في بعضها قيس بن سعد بن عبادة على مصر وهي سنة ست وثلثين: فيها كانت وقعة الجمل بين علي - رّضي الله عنه - وبين عائشة أم المؤمنين - رّضي الله عنها - ومعها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وغيرهما وكانت فيها مقتل ًة عظيمة قتل فيها عدة من الصحابة وغيرهم قال البلذرّي: التقوا بمكان يقال له: الخريبة في جمادى الولى سنة ست وثلثين. قلت: وممن قتل في هذه الوقعة طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمي: أحأد السابقين الولين وأحأد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحأد الستة أهل الشورّى بعد موت عمر بن الخطاب. قتله مروان بن الحكم في منصرفه من وقعة الجمل بساعة وكان مروان مع عائشة أي ًضا غير أنه لما رّأى انصرافه رّمى عليه بسهم قتله وقال لبان بن عثمان بن عفان: قد كفيتك بعض قتلى أبيك - يعني أنه كان موارًّيا على عثمان في أول المر. وفيها قتل الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلب أبو عبد الله القرشي السمي المكي حأوارّي رّسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية وأحأد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحأد الستة أهل الشورّى شهد بدًرّا وأحأ ًدا والمشاهد كلها أسلم وهو ابن ست عشرة سنة وهو من السابقين. قتله عمير بن جرموزأ بعد انصرافه من وقعة الجمل بساعة. وفيها توفي حأذيفة بن اليمان واسم اليمان: حأسيل ويقال حأسيل بالتصغر بن جابر بن أسيد وقيل ابن عمرو أبو عبد الله العبسي حأليف النصارّ صاحأب سر رّسول الله صلى الله عليه وفيها توفي سلمان الفارّسي - رّضي الله عنه - في قول وقد تقدم ذكره. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا لصبعان. ولية الشتر النخعي على مصر وفي ولية الشتر هذا على مصر قبل محمد بن أبي بكر الصديق اختلف كثير حأكى جماعة كثيرة من المؤرّخين وذكروا ما يدل على أن ولية محمد ابن أبي بكر كانت هي السابقة بعد عزل قيس بن سعد بن عبادة وجماعة قدموا ولية الشتر هذا ولكل منهما استدلل قوي والذين قدموا الشتر هم الكثر. وقد رّأيت في عدة كتب ولية الشتر هي المقدمة فقدمته لذلك. والشتر اسمه مالك بن الحارّث قال أبو المظفر في مرآة الزمان: قال علماء السيرة كابن إسحاق وهشام والواقدي قالوا: لما اختل أمر مصر على محمد ابن أبي بكر الصديق وبلغ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: ما لمصر إل أحأد الرجلين صاحأبنا الذي عزلناه عنها - يعني قيس بن سعد بن عبادة - أو مالك بن الحارّث - يعني الشتر هذا. قلت: وهذا مما يدل على أن ولية محمد بن أبي بكر الصديق كانت هي السابقة اللهم إل إن كان لما اختل أمر مصر على محمد عزله علي - رّضي الله عنه - بالشتر ثم استمر محمد ثانًيا بعد موت الشتر على عمله حأتى وقع من أمره ما سنذكره وهذا هو أقرب للجمع بين القوال لن الشتر توفي قبل دخوله إلى مصر والله أعلم وكان علي - رّضى اله عنه - حأين انصرف من صفين رّد الشتر إلى عمله على الجزيرة وكان عامل عليها فكتب إليه وهو يومئذ بنصيبين: سلم عليك يا مالك فإنك ممن استظهرتك على إقامة الدين أو قمع به نخوة الثيم وأسد به الثغر المخوف وكنت قد وليت محمد بن أبي بكر مصر فخرجت عليه بها خوارّج وهو غلم حأدث السن غر ليس بذي تجربة للحرب ول مجرب للشياء. فاقدم علي لننظر في ذلك كما ينبغي واستخلف على عملك أهل الثقة والنصفة من أصحابك والسلم ل. فأقبل مالك - أعني الشتر - على علي - رّضي الله عنه - فأخبره بحديث محمد وما جرى عليه وقال: ليس لها غيرك فاخرج رّحأمك الله فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك فاستعن بالله على ما أهمك واخلط الشدة باللين وارّفق ما كان الرفق أبلغ واعتزم بالشدة حأين ل يغني عنك إل الشدة. فخرج الشتر من عند علي وأتى رّحأله وتهيأ للخروج إلى مصر. وكتب عيون معاوية إليه بولية الشتر على مصر فشق عليه وعظم ذلك لديه وكان قد طمع في مصر وعلم أن الشتر متى قدمها كان أشد عليه فكتب معاوية إلى الخانسيارّ رّجل من أهل الخراج وقيل كان دهقان القلزم يقول: إن الشتر واصل إلى مصر قد وليها فإن أنت كفيتني إياه لم آخذ منك خرا ًجا ما بقيت فأقبل لهلكه بكل ما تقدرّ عليه فخرج الخانسيارّ حأتى قدم القلزم فأقام به. وخرج الشتر من العراق يريد مصر حأتى قدم إلى القلزم فاستقبله الخانسيارّ فقال له: انزل فإني رّجل من أهل الخراج وقد أحأضرت ما عندي. فنزل الشتر فأتاه بطعام وعلف وسقاه شربة من عسل جعل فيها س ًما فلما شربه مات وبعث الخانسيارّ من أخبر بموته معاوية. فلما بلغ معاوية وعمرو بن العاص موت الشتر قال عمرو بن العاص: إن لله جنو ًدا من عسل. وقال ابن الكلبي عن أبيه: لما سارّ الشتر إلى مصر أخذ في طريق الحجازأ فقدم المدينة فجاءه مولى لعثمان بن عفان يقال له نافع وأظهر له الود وقال له: أنا مولى عمر بن الخطاب فأدناه الشتر وقربه ووثق به ووله أمره. فلم يزل معه إلى عين شمس أعني المدينة الخراب خارّج مصر بالقرب من المطرية وفيها ذلك العمود المذكورّ في أول أحأوال مصر من هذا الكتاب. فلما وصل إلى عين شمس تلقاه أهل مصر بالهدايا وسقاه نافع المذكورّ العسل فمات منه. وقال ابن سعد: إنه سم بالعريش وقال الصورّي: صوابه بالقلزم وقال أبو اليقظان: كان وحأكي عن عبد الله بن جعفر قال: كان علي قد غضب على الشتر وقله واستثقله فكلمني أن أكلمه فيه فقلت: يا أمير المؤمنين وله مصر فإن ظفروا به استرحأت منه فوله. وكانت عائشة - رّضي الله عنها - قد دعت عليه فقالت: اللهم ارّمه بسهم من سهامك. واختلفوا في وفاة الشتر فقال ابن يونس: مات مسمو ًما سنة سبع وثلثين. وقال هشام: سنة ثمان وثلثين في رّجب وكان الشتر شجا ًعا مقدا وقصته مع عبد الله ًما واقتل مال ً بن الزبير مشهورّة وقول ابن الزبير بسببه: اقتلني ومال كا معي حأتى صارّ هذا ًكا البيت مثًل. وشرح ذلك أن مالك بن الحارّث أعني الشتر النخعي كان من الشجعان البطال المشهورّين وكان من أصحاب علي وكان معه في يوم وقعة الجمل فتماسك في الوقعة هو وعبد الله بن الزبير بن العوام وكان عبد الله أي ًضا من الشجعان المشهورّين وكان عبد الله بن الزبير من حأزب أبيه وخالته عائشة أم المؤمنين - رّضي الله عنهم وكانوا يحارّبون علًيا - رّضي الله عنه فلما تماسكا صارّ كل واحأد منهما إذا قوي على الخر جعله تحته ورّكب صدرّه وفعل ذلك مرا القول والمساعدة ًرّا وابن الزبير يقول: يريد قتل الشتر بهذا عليه حأتى افترقا من غير أن يقتل أحأدهما الخر وقال عبد الله بن الزبير المذكورّ: لقيت الشتر النخعي يوم الجمعة فما ضربته ضربة إل ضربني سًتا أو سب ًعا ثم أخذ رّجلي وألقاني في الخندق وقال: والله لول قرابتك من رّسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع منك عضو إلى عضو أب ًدا. وقال ابن قيس: دخلت مع عبد الله بن الزبير الحمام وإذا في رّأسه ضربة لوصب فيها قارّورّة لستقر فقال: أتدرّي من ضربني هذه الضربة قلت: ل قال: ابن عمك الشتر النخعي. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: أعطت عائشة - رّضي الله عنها لمن بشرها بسلمة ابن أختها عبد الله بن الزبير لما لقى الشتر عشرة آلف درّهم وقيل أن الشتر دخل بعد ذلك على عائشة - رّضي الله عنها فقالت له: يا أشتر أنت الذي أرّدت قتل ابن أختي يوم الوقعة فأنشدة الطويل أعائش لول أنني كنت طاوًيا ثلًثا للفيت ابن أختك هالكا غداة ينادي والرماح تنوشه بأخر صو ٍت: اقتلني ومالكا فنجاه مني أكله وسنانه وخلوة جو ٍف لم يكن متمالكا الصديق رّضي الله عنه - على مصر هو محمد بن أبي بكر الصديق واسم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة واسم أبي قحافة عثمان أسلم أبو قحافة يوم الفتح فأتى به ابنه أبو بكر الصديق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقوده لكبر سنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لم ل تركت الشيخ حأتى نأتيه إجلًل لبي بكر - رّضي الله عنه. وأبو قحافة المذكورّ ابن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي وكنية محمد هذا أعني صاحأب الترجمة أبو القاسم وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية ومولده سنة حأجة الوداع بذي الحليفة في عقب ذي القعدة فأرّاد أبو بكر أن يرذ أسماء إلى المدينة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرها أن تغتسل وتهل وكان محمد هذا في حأجر علي بن أبي طالب - رّضي الله عنه - لما تزوج أمه أسماء بعد وفاة أبي بكر الصديق فتولى تربيته ولما سارّ علي إلى وقعة الجمل كان محمد هذا معه على الرجالة ثم شهد معه وقعة صفين ثم وله مصر فتوجه إليها ودخلها في النصف من شهر رّمضان سنة سبع وثلثين فتلقاه قيس بن سعد المعزول عن ولية مصر وقال له: يا أبا القاسم إنك قد جئت من عند أمير ل رّأي له وليس عزله إياي بمانعي أن أنصح لك وله وأنا من أمركم هذا على بصيرة وإني أدلك على الذي - كنت أكيد به معاوية وعم ًرا وأهل خربتا فكايدهم به فإنك إن أيدتهم بغيره تهلك ووصف له المكايدة التي كان يكايدهم بها فاستغشه محمد بن أبي بكر وخالفه في كل شيء أمره به. ثم كتب إليه علي يشجعه ويقوي عزمه ففتك محمد في المصريين وهدم دورّ شيعة عثمان بن عفان ونهب دورّهم وأموالهم وهتك ذرّارّيهم فنصبوا له الحرب وحأارّبوه. ثم صالحهم على أن يسيرهم إلى معاوية فلحقوا بمعاوية في الشام وكان أهل الشام لما انصرفوا من وقعة صفين ينتظرون ما يأتي به الحكمان فلما اختلف الناس بالعراق على علي - رّضي الله عنه - طمع معاوية في مصر وكان أهل خربتا عثمانية ومن كان من الشيعة كان أكثر منهم فكان معاوية يهاب مصر لجل الشيعة. وقصد معاوية أن يستعين بأخذ مصر على حأرب علي - رّضي الله عنه - قال: فاستشارّ معاوية أصحابه عمرو بن العاص وحأبيب بن مسلمة وبسر بن أبي أرّطاة والضحاك بن قيس وعبد الرحأمن بن خالد وأبا العورّ عمرو بن سفيان السلمي وغيرهم وهؤلء المذكورّين كانوا خواضه فجمع المذكورّين وقال: هل تدرّون ما أدعوكم إليه قالوا: ل يعلم الغيب إل الله فقال له عمرو بن العاص: نعم أهمك أمر مصر وخراجها الكثير وعدد أهلها فتدعونا لنشير عليك فيها فاعزم وانهض في افتتاحأها عزك وعز أصحابك وكبت عدوك فقال له: يا ابن العاص إنما أهمك الذي كان بيننا يعني أنه كان أعطاه مصر لما صالحه على قتال علي وقال معاوية للقوم: ما ترون قالوا: ما نرى إل رّأي عمرو قال: فكيف أصنع فقال عمرو: ابعث جي ًشا كثي ًفا عليهم رّجل حأازأم صارّم تثق إليه فيأتي إلى مصر فإنه سيأتيه من كان من أهلها على رّأينا فنظاهره على من كان بها من أعدائنا. قال معاوية: أو غير ذلك قال: وما هو قال: نكاتب من بها من شيعتنا نأمرهم على أمرهم ونمنيهم قدومنا عليهم فتقوى قلوبهم ونعلم صديقنا من عدونا وإنك يا بن العاص امرؤ بورّك لك في العجلة وأنا امرؤ بورّك لي في التؤدة. قال عمرو: فاعمل برأيك فوا لله ما أرّى أمرك إل صائ قال: فكتب إليهم معاوية ًرا للحرب كتاًبا يثني عليهم ويقول: هنيًئا لكم بطلب دم الخليفة المظلوم وجهادكم أهل البغي. وقال في آخره: فاثبتوا فإن الجيش واصل إليكم والسلم. وبعث بالكتاب مع مولى له يقال له سبيع فقدم مصر وأميرها محمد بن أبي بكر الصديق فدفع الكتاب إلى مسلمة بن مخلد النصارّي وإلى معاوية بن حأديج فكتبا جوابه: أما بعد فعجل علينا بخيلك ورّجلك فإن عدونا قد أصبحوا لنا هائبين. ًل. فإن أتانا المدد من قبلك يفتح الله علينا وذكرا كل ًما طوي وكان مسلمة ومعاوية بن حأديج يقيمان بخربتا في عشرة آلف وقد باينوا محمد بن أبي بكر ولم يحسن محمد تدبيرهم كما كان يفعله معهم قيس بن سعد بن عبادة أيام وليته على مصر فلذلك انتقضت على محمد المورّ وزأالت دولته. ولما وقف معاوية على جوابهما وكان يومئذ بفلسطين جهز عمرو بن العاص في ستة آلف وخرج معه معاوية يودعه وأوصاه بما يفعل وقال له: عليك بتقوى الله والرفق فإنه يمن وبالمهل والتؤدة فإن العجلة من الشيطان وبأن تقبل ممن أقبل وتعفو عمن أدبر فإن قبل فهذه نعمة وإن أبى فإن السطوة بعد المعذرّة أقطع من الحجة وادع الناس إلى الصلح والجماعة. فسارّ عمرو حأتى وصل إلى مصر واجتمعت العثمانية إليه فكتب عمرو إلى محمد بن أبي بكر صاحأب مصر: أما بعد فنح عني بدمك يا ابن أبي بكر فإني ل أحأب أن يصيبك مني قلمة ظفر والناس بهذه البلد قد اجتمعوا على خلفك ورّفض أمرك وندموا على اتباعك فهم مسلموك لوقد التقت حألقتا البطان فاخرج منها إني لك من الناصحين ومعه كتاب معاوية يقول: يا محمد إن غب البغي والظلم عظيم الوبال وسفك الدماء الحرام ل يسلم صاحأبه من النقمة في الدنيا والخرة وإنا ل نعلم أحأ ًدا كان على عثمان أشد منك فسعيت عليه مع الساعين وسفكت دمه مع السافكين ثم أنت تظن أني نائم عنك وناس سيئاتك وكلم طويل من هذا النمط حأتى قال: ولن يسلمك الله من القصاص أينما كنت والسلم. فطوى محمد الكتابين وبعث بهما إلى علي بن أبي طالب وفي ضمنهما يستنجده ويطلب منه المدد والرجال فرد عليه الجواب من عند علي بن أبي طالب بالوصية والشدة ولم يمده بأحأد. ثم كتب محمد إلى معاوية وعمرو كتاًبا خشن لهما فيه في القول. ثم قام محمد في الناس خطيًبا فقال: أما بعد فإن القوم الذين ينتهكون الحرمة وينعشون الضللة ويشبون نارّ الفتنة ويتسلطون بالجبرية قد نصبوا لكم العداوة وسارّوا إليكم بجيوشهم فمن أرّاد الجنة والمغفرة فليخرج إليهم فليجاهدم في الله انتدبوا مع كنانة بن بشر فانتدب مع كنانة نح ًوا من ألفي رّجل ثم خرج محمد ابن أبي بكر في ألفي رّجل واستقبل عمرو بن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد وكنانة يسرح لعمرو الكتائب. فلما رّأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حأديج السكوني. وفي رّواية: لما رّأى عمرو كنانة سرح إليه الكتائب من أهل الشام كتيبة بعد كتيبة وكنانة يهزمها فاستنجد عمرو بمعاوية بن حأديج السكوني فسارّ في أصحابه وأهل الشام فأحأاطوا بكنانة. ٍ فلما رّأى كنانة ذلك ترجل عن فرسه وترجل أصحابه وقرأ: وما كان س أن تموت إل لنف بإذن الله كتاًبا مؤجًل إلى قوله: وسنجزي الشاكرين فقاتل حأتى قتل بعد أن قتل من أهل الشام مقتلة عظيمة فلما رّأى أصحاب محمد ذلك تفرقوا عنه فنزل محمد عن فرسه ومشى حأتى انتهى إلى خربة فأوى إليها وجاء عمرو بن العاص ودخل الفسطاط وخرج معاوية بن حأديج في طلب محمد ابن أبي بكر فسأل قو ًما من العلوج وكانوا على الطريق فقال: هل رّأيتم رّجًل من صفته كذا وكذا فقال واحأد منهم: قد دخل تلك الخربة فدخلوها فإذا برجل جالس فقال معاوية بن حأديج: هو ورّب الكعبة فدخلوها واستخرجوه وقد كاد يموت عط ًشا فأقبلوا به على الفسطاط ووثب أخوه عبد الرحأمن بن أبي بكر الصديق إلى عمرو بن العاص - وكان في جنده فقال: أيقتل أخي صب إلى معاوية بن ًرا فأرّسل عمرو حأديج يأمره أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر كرامة لخيه عبد الرحأمن بن أبي بكر فقال معاوية: أيقتل كنانة بن بشر وأخلي أنا محم ًدا! هيهات هيهات! فقال محمد: اسقوني ماء فقال معاوية بن حأديج: ل سقاني الله إن سقيتك قطرة إنكم منعتم عثمان الماء ثم قتلتموه صائ أبي بكر فليسقك الله من ًما فتلقاه الله بالرحأيق المختوم والله لقتلنك يا ابن الجحيم فقال محمد لمعاوية: يا بن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك وأما والله لو كان سيفي بيدي ما بلغتم بي هذا فقال له معاوية: أتدرّي ما أصنع بك أدخلك في جوف حأمارّ ثم أحأرقه عليك بالنارّ قال محمد: إن فعلتم ذلك لطالما فعلتموه بأولياء الله تعالى ثم طال الكلم بينهما حأتى أخذ معاوية محم ًدا ثم ألقاه في جيفة حأمارّ ميت ثم حأرقه بالنارّ وقيل: إنه قطع رّأسه وأرّسله إلى معاوية بن أبي سفيان بدمشق وطيف به وهو أول رّأس طيف به في السلم. ولما بلغ عائشة - رّضي الله عنها - قتل أخيها محمد بن أبي بكر هذا وجدت عليه وج ًدا ًما وأخذت أولده وعياله وتولت تربيتهم. عظي وقال أبو مخنف بإسناده: ولما بلغ علي بن أبي طالب مقتل محمد بن أبي بكر وما كان من المر بمصر وتملك عمرو لها واجتماع الناس عليه وعلى معاوية قام في الناس خطيًبا فحثهم على الجهاد والصبر والسير إلى أعدائهم من الشاميين والمصريين وواعدهم الجرعة بين الكوفة والحيرة. فلما كان من الغد خرج يمشي إليها حأتى نزلها فلم يخرج إليه أحأد من الجيش فلما كان العشي بعث إلى أشراف الناس فدخلوا عليه وهو حأزين كئيب فقام فيهم خطيًبا فقال: الحمد لله على ما قضى من أمر وقدرّ من فعل وابتلني بكم وبمن ل يطيع إذا أمرت ول يجيب إذا دعوت أو ليس عجيًبا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه بغيرعطاء ويجيبونه في السنة المرتين والثلث إلى أي وجه شاء! وأنا أدعوكم - وأنتم أولو النهى وبقية الناس - على المعونة وطائفة من العطاء فتتفرقون عني وتعصونني وتختلفون علي! فقام مالك بن كعب الرّحأبي فندب الناس إلى امتثال أمر علي والسمع والطاعة له. فانتدب ألفان فأمر عليهم مالك بن كعب هذا وقال له علي: سر فوا لله ما أظنك تدرّكهم حأتى ينقضي أمرهم فسارّ بهم خم ًسا ثم قدم على علي جماعة ممن كان مع محمد بن أبي بكر الصديق بمصر فأخبروه كيف وقع المر وكيف قتل محمد بن أبي بكر وكيف استقر أمر عمرو فيها فبعث إلى مالك بن كعب فرده من الطريق وذلك لنه خشي عليهم من أهل الشام قبل وصولهم إلى مصر واستقر أمر العراقين على خلف علي فيما يأمرهم به وينهاهم عنه والخروج عليه والتنقد على أحأكامه وأقواله وأفعاله لجهلهم وقلة عقلهم وجفائهم وغلظتهم وفجورّ كثير منهم فكتب علي عند ذلك إلى ابن عباس رّضي الله عنه وهو نائبه على البصرة يشكو إليه مايلقاه من الناس من المخالفة والمعاندة فرد عليه ابن عباس يسليه في ذلك ويعزيه في محمد بن أبي بكر ويحثه على تلفي الناس والصبر على مسيئهم فإن ثواب الجنة خير من الدنيا ثم رّكب ابن عباس إلى الكوفة إلى علي واستخلف على البصرة زأيا ًدا وقد خرجنا عن المقصود. السنة التي حأكم فيها محمد بن أبي بكر الصديق وغيره على مصر وهي سنة سبع وثلثين من الهجرة: فيها كانت وقعة صفين بين علي بن أبي طالب رّضي الله عنه وبين معاوية بن أبي سفيان. وفيها قتل عمارّ بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة المدلجي العبسي أبو اليقظان كان من نجباء الصحابة وشهد بدًرّا والمشاهد كلها وقتل في صفين وكان من أصحاب علي رّضي الله عنه. وفيها توفي خباب بن الرّت بن جندلة بن سعد بن خزيمة التيمي مولى أم سباع بنت أنمارّ. كنيته أبو عبد الله. كان من المهاجرين الولين. شهد بدًرّا والمشاهد بعدها ورّوي عنه أحأاديث. وفيها أي ًضا قتل بصفين من أصحاب علي رّضي الله عنه أويس بن عامر المرادي القرني الزاهد سيد التابعين كنيته أبو عمرو. أسلم في خلفة عمر بن الخطاب رّضي الله عنه. وفيها قتل في وقعة صفين من أصحاب علي رّضي الله عنه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري. وفيها توفي عبيد الله بن عمر بن الخطاب رّضي الله عنهما. وفيها قتل كريب بن صباح الحميري أحأد البطال من أصحاب معاوية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثلثة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثلثة أصابع. ولية عمرو بن العاص ثانًيا على مصر قد تقدم الكلم في أول ولايته على نسبه وصحبته للنبي " ص " ثم أخذه مصر ثانًيا في ترجمة محمد بن أبي بكر الصديق وكيفية قتاله وكيف ملك مصر منه. وولية عمرو بن العاص هذا في هذه المرة من قبل معاوية بن أبى سفيان وكان دخوله إلى مصر في شهر رّبيع الول من سنة ثمان وثلثين وجمع إليه معاوية الصلة والخراج في ولايته هذه. وسبب انتماء عمرو إلى معاوية أن عم ًرا كان لما عزله عثمان بن عفان عن مصر بعبد الله بن سعد بن أبي سرح المقدم ذكره توجه عمرو وأقام بمكة منك ًفا عن الناس حأتى كانت وقعة الجمل. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي قال جويرية بن أسماء حأدثني عبد الوهاب ابن يحيى بن عبد الله بن الزبير حأدثنا أشياخنا: أن الفتنة وقعت وما رّجل من قريش له نباهة أعمى فيها من عمرو بن العاص وما زأال مقي الناس حأتى كانت ًما بمكة ليس في شيء مما فيه وقعة الجمل فلما فرغت بعث إلى ولديه عبد الله ومحمد فقال: إني قد رّأيت رّأًيا ولستما باللذين ترداني عن رّأيي ولكن أشيرا علي إني رّأيت العرب صارّوا عنزين يضطربان وأنا طارّح نفسي بين جزارّي مكة ولست أرّضى بهذه المنزلة فإلى أي الفريقين أعمد قال له ابنه عبد الله: إن كنت ل بد فاعًل فإلى علي قال: إني إن أتيت علًيا قال: إنما أنت رّجل من المسلمين وإن أتيت معاوية يخلطني بنفسه ويشركني في أمره فأتى معاوية. وعن عروة وغيره قال: دعا عمرو ابنيه فأشارّ عليه عبد الله أن يلزم بيته لنه أسلم له فقال محمد: أنت شريف من أشراف العرب وناب من أنيابها ل أرّى أن تتخلف فقال عمرو لبنه عبد الله: أما أنت فأشرت علي بما هو خير لي في آخرتي وأما أنت يا محمد فأشرت علي بما هو أنبه لذكري. ارّتحل فارّتحلوا إلى الشام غدوة وعشية حأتى أتوا الشام. فقال: يا أهل الشام إنكم على خير وإلى خير تطلبون بدم عثمان خليفة قتل مظلو ًما فمن عاش منكم فإلى خير ومن مات فإلى خير. فما زأال مع معاوية حأتى وقع من أمره ما حأكيناه في أول ترجمته وغيرها. ودخل مصر ووليها بعد محمد بن أبي بكر الصديق ومهد أمورّها. ثم خرج منها واف ًدا على معاوية بالشام واستخلف على مصر ولده عبد الله بن عمرو - وقيل خارّجة بن حأذافة - وحأضر أمر الحكمين ثم رّجع إلى مصر على ولايته ودام بها إلى أن كانت قصة الخوارّج الذين خرجوا لقتل علي ومعاوية وعمرو هذا. فخرج عبد الرحأمن بن ملجم لقتل علي رّضي الله عنه وقيس إلى معاوية ويزيد إلى عمرو بن العاص وسارّ الثلثة كل واحأد إلى جهة من هو متوجه لقتله وتواعد الجميع أن يثب كل واحأد على صاحأبه في سابع عشر شهر رّمضان فأما عبد الرحأمن فإنه وثب على علي بن أبي طالب رّضي الله عنه وقتله حأسبما نذكره في ترجمته وأما قيس فوثب على معاوية وضربه فلم تؤثر فيه الضربة غير أنه جرح وأما يزيد فإنه توجه إلى عمرو هذا فعرضت لعمرو علة تلك الليلة منعته من الصلة فصلى خارّجة بالناس فوثب عليه يزيد يظنه را فقتله وأخذ يزيد وأدخل على عمرو فقال يزيد: أما والله ما أرّدت غيرك فقال عم ً عمرو: ولكن الله أرّاد خارّجة فصارّ مثًل: أرّدت عم ًرا وأرّاد الله خارّجة. وأقام عمرو بعد ذلك مدة سنين حأتى مات بها فيما نذكره إن شاء الله تعالى في آخر هذه الترجمة. قيل: إنه لما حأضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى فقال له ابنه عبد الله: أتبكي جز ًعا من الموت فقال: ل والله ولكن مما بعده وجعل ابنه يذكره بصحبته رّسول الله " ص " وفتوحأه الشام فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك: شهادة أن ل إله إل الله إني كنت على كنت أول شيء كاف ً ثلثة أطباق ليس منها طبقة إل عرفت نفسي فيها: را وكنت أشد الناس على رّسول " ص " فلو مت حأينئذ لوجبت لي النارّ فلما بايعت رّسول الله " ص " كنت أشد الناس منه حأيا ًء ما ملت عيني منه فلو مت حأينئذ لقال الناس: هنيًئا لعمرو أسلم على خير ومات على خير أحأواله ثم تلبست بعد ذلك بأشياء فل أدرّي أعلي أم لي ًرّا وشدوا فإذا أنا مت فل يبكى علي ول تتبعوني نا علي إزأارّي فإني مخاصم فإذا أوليتموني فاقعدوا عندي قدرّ نحر جزورّ وتقطيعها أستأنس بكم حأتى أعلم ما أرّاجع به رّسل رّبي. قال الذهبي: أخرجه أبو عوانة في مسنده. وفي رّواية: أنه بعدها حأول وجهه إلى الجدارّ وهو يقول: اللهم أمرتنا فعصينا ونهيتنا فما انتهينا ول يسعنا إل عفوك. وفي رّواية: أنه وضع يده على موضع الغل من عنقه ورّفع رّأسه إلى السماء وقال: اللهم ل قوي فأنتصر ول بريء فأعتذرّ ول مستكبر بل مستغفر ل إله إل أنت فلم يزل يرددها حأتى مات رّضي الله عنه. وقال الزهري عن حأميد بن عبد الرحأمن عن عبد الله بن عمرو أن أباه قال: اللهم أمرت ًرا مما أمرت ووقعنا في كثير مما بأمورّ ونهيت عن أمورّ فتركنا كثي نهيت. اللهم ل إله إل أنت. ثم أخذ بإبهامه فلم يزل يهلل حأتى توفي. قال الذهبي وأيده الطحاوي: حأدثنا المزني سمعت الشافعي رّضي الله عنه يقول: دخل ابن عباس على عمرو بن العاص وهو مريض فقال: كيف أصبحت قال: أصبحت وقد ًرا. أصلحت من دنياي قليًل وأفسدت من ديني كثي فلو كان ما أصلحت هو ما أفسدت لفزت. ولو كان ينفعني أن أطلب لطلبت ولو كان ينجيني أن أهرب لهربت. فعظني بموعظة أنتفع بها يا بن أخي فقال: هيهات يا أبا عبد الله! فقال: اللهم إن ابن عباس يقنطني من رّحأمتك فخذ مني حأتى ترضى. وكانت وفاة عمرو المذكورّ في ليلة عيد الفطر سنة ثلث وأرّبعين فصلى عليه ابنه ودفنه ثم صلى بالناس صلة العيد. قاله أبو فراس مولى عبد الله بن عمرو. وقال الليث بن سعد والهيثم بن عدي والواقدي وابن بكير: وسنه نحو مائة سنة. وقال أحأمد العجلي وغيره: تسع وتسعون سنة. وقال ابن نمير: توفي سنة اثنتين وأرّبعين. قلت: والول هو المتواتر. ًرا. وكان عمرو رّضي الله عنه من أدهى العرب وأحأسنهم رّأًيا وتدبي قيل: إنه اجتمع مع معاوية بن أبي سفيان مرة فقال له معاوية: من الناس فقال: أنا وأنت والمغيرة بن شعبة وزأياد قال معاوية: كيف ذلك قال عمرو: أما أنت فللتأني وأما أنا فللبديهة وأما المغيرة فللمعضلت وأما زأياد فللصغير والكبير قال معاوية: أما ذانك فقد غابا فهات بديهتك يا عمرو قال: وتريد ذلك قال نعم قال: فأخرج من عندك فأخرجهم معاوية فقال عمرو: يا أمير المؤمنين أسارّك فأدنى معاوية رّأسه منه فقال عمرو: هذا من ذاك من معنا في البيت حأتى أسارّك! ولما مات عمرو ولي مصر عتبة بن أبي سفيان من قبل أخيه معاوية. السنة الولى من ولية عمرو بن العاص الثانية على مصر وهي سنة ثمان وثلثين من الهجرة: فيها توجه عبد الله بن الحضرمي من قبل معاوية إلى البصرة ليأخذها وكان بها زأياد ابن أبيه ووقع بينهما أمورّ. وفيها سارّت الخوارّج لقتال علي رّضي الله عنه وكان كبيرهم عبد الله بن وهب فهزمهم علي وقتل أكثرهم وقتل ابن وهب المذكورّ وقتل من أصحاب علي رّضي الله عنه اثنا عشر وفيها توفي صهيب بن سنان بن مالك الرومي سبته الروم فجلب إلى مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي وقيل: بل هرب من الروم فقدم مكة وحأالف ابن جدعان. وكان صهيب من السابقين الولين شهد بدًرّا والمشاهد كلها. رّوى عنه أولده حأبيب وزأياد وحأمزة وسعيد بن المسيب وعبد الرحأمن بن أبي ليلى وكعب الحأبارّ وكنيته أبو يحيى. توفي بالمدينة في شوال. ونشأ صهيب بالروم فبقيت فيه عجمة. وفيها توفي سهل بن حأنيف بن واهب النصارّي. كان من أهل مسجد قباء وكنيته أبو سهل وقيل أبو عبد الله وهو من الطبقة الولى من النصارّ. بدً آخى رّسول الله " ص " بينه وبين علي بن أبي طالب وهو ممن شهد رّا وأحأ ًدا والخندق. وفيها توفيت أسماء بنت عميس بن معد بن تميم بن الحارّث بن كعب بن مالك أسلمت قبل دخول رّسول الله " ص " دارّ الرّقم بمكة وبايعت وهاجرت إلى الحبشة مع زأوجها جعفر بن أبي طالب فولدت له هناك عبد الله بن جعفر ومحم ًدا وعوًنا ثم تزوجها بعد جعفر أبو بكر الصديق فاستولدها محم ًدا أمير مصر المقدم ذكره ثم تزوجها بعد أبي بكر علي بن أبي طالب فولدت منه يحيى وعوًنا. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. وفي كتاب درّرّ التيجان: تسعة عشر إصب ًعا. على مصر وهي سنة تسع وثلثين: فيها أي ًضا كانت وقعة الخوارّج مع علي بن أبي طالب شك ً بحر ورّاء وبالنخيلة - قاتلهم علي فكسرهم وقتل رّؤوسهم وسجد لله را لما أتي بمخدج اليد مقتوًل. وكان رّؤوس الخوارّج زأيد بن حأفص الطائي وشريح بن أوفى العبسي وكانا على المجنبتين وكان رّأسهم عبد الله بن وهب الراسبي - وقد تقدم ذكرها في السنة الماضية والصح أنها في هذه السنه - وكان على رّجالتهم حأرقوص بن زأهير. وفيها بعث معاوية يزيد بن شجرة الرهاوي ليقيم الحج فنازأعه قثم بن عباس ومانعه وكان من جهة علي فتوسط بينهما أبو سعيد الخدرّي وغيره فاصطلحا على أن يقيم الموسم شيبة بن عثمان العبدرّي حأاجب الكعبة. وفيها أي ًضا بعث معاوية ابن عوف في ستة آلف فارّس وأمره أن يأتي هيت والنبارّ المدائن وكان أشرس بن حأسان البلوي من جهة علي وقد تفرق عنه أصحابه ولم يبق معه سوى ثلثين رّجًل فخرج إليهم وقاتلهم وقتل ابن أشرس وأصحابه. وفيها أرّسل معاوية الضحاك بن قيس في ثلثة آلف وأمره بالغارّة على من هو في طاعة علي من العراب. وفيها توفي سعد بن عابد ويعرف بسعد القرظ مولى عمارّ بن ياسر والقرظ: ورّق السلم كان يجلبه ويبيعه للدباغ فسمي به وكان سعد يؤذن على عهد رّسول الله " ص " بقباء ثم أذن على عهد أبي بكر وعمر وهو من الصحابة وله رّواية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وإصبعان مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. السنة الثالثة من ولية عمرو الثانية على مصر وهي سنة أرّبعين: فيها بعث معاوية بسر بن أبي أرّطاة في ثلثة آلف من المقاتلة إلى الحجازأ فقدم المدينة وعامل علي متوليها وهو أبو أيوب النصارّي فنفر منها أبو أيوب. وفيها قتل أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب واسم أبي طالب: عبد مناف بن عبد المطلب واسم عبد المطلب: شيبة الحمد بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية وهي بنت عم أبي طالب. كانت من المهاجرات توفيت في حأياة النبي " ص " بالمدينة. وهو أحأد السابقين الولين وأحأد العشرة المشهود لهم بالجنة. وأما ما ورّد في حأقه من الحأاديث وما وقع له في الغزوات فيضيق هذا المحل عن ذكر شيء منها وفي شهرته رّضي الله عنه ما يغني عن الطناب في ذكره. قتله عبد الرحأمن بن ملجم. جلس له مقابل السدة التي يخرج منها علي إلى الصلة فلما أن خرج علي إلى صلة الصبح شد عليه عبد الرحأمن المذكورّ فضربه بسكين كانت معه أو بسيف في جبهته وفي رّأسه فحمل من وقته وقبض على عبد الرحأمن المذكورّ فقال علي: أطعموه واسقوه فإن عشت فأنا ولي دمي: إن شئت قتلت وإن شئت عفوت وإن مت فاقتلوه قتلتي ول تعتدوا إن الله ل يحب المعتدين. وكان عبد الرحأمن قد سم سيفه فتم علي رّضي الله عنه جري ًحا يوم الجمعة والسبت وتوفي ليلة الحأد لحأدى عشرة ليلة بقين من شهر رّمضان من السنة. وتولى الخلفة من بعده ابنه الحسن بن علي رّضي الله عنهما - وكانت خلفة علي رّضي الله عنه أرّبع سنين وتسعة أشهر. ولما دفن علي أحأضر عبد الرحأمن بن ملجم فاجتمع الناس وجاؤوا بالنفط والبوارّي فقال محمد بن الحنفية والحسن والحسين ولدا علي وعبد الله بن جعفر ابن أخيه: دعونا نشتف منه فقطع عبد الله يديه ورّجليه فلم يجزع ولم يتكلم وكحل عينيه وجعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك هذا وعيناه تسيلن على خديه ثم أمر به فعولج على قطع لسانه فجزع فقيل له في ذلك فقال: ما لذاك أجزع ولكن أكره أن أبقى في الدنيا ل أذكر الله! فقطعوا لسانه ثم أخرجوه في قوصرة وكان - قبحه الله ولعنه - أسمر حأسن الوجه أفلج في جبهته أثر السجود. وقال جعفر بن محمد عن أبيه قال: صلى الحسن على علي رّضي الله عنه ودفن بالكوفة عند قصر المارّة وعمي قبره لئل تنبشه الخوارّج. وقال شريك وغيره: نقله الحسن إلى المدينة. وذكر المبرد عن محمد بن حأبيب قال: أول من حأول من قبر إلى قبر علي بن أبي طالب رّضي الله عنه. وفيها توفي لبيد بن رّبيعة بن كلب بن مالك بن جعفر بن كلب: الصحابي العامري الشاعر المشهورّ. كنيته أبو عقيل. ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من القبائل الذين أسلموا بعد الفتح ووفد على النبي " ص " سنة تسع من الهجرة وأسلم. وفيها توفي تميم بن أوس بن خارّجة أبو رّقية اللخمي الدارّي الصحابي المشهورّ واختلف في نسبه إلى الدارّ بن هانىء أحأد بني لخم. أسلم تميم سنة تسع رّضي الله عنه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثمانية أذرّع وستة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا وفي كتاب درّرّ التيجان: وستة أصابع. السنة الرابعة من ولية عمرو بن العاص الثانية على مصر وهي سنة إحأدى وأرّبعين وتسمى هذه السنة عام الجماعة لجتماع المة فيه على خليفة فيها أعني في سنة إحأدى وأرّبعين بايع الحسن بن علي رّضي الله عنه بالخلفة معاوية وخلع نفسه. وسببه أنه لما ولي الخلفة بعد وفاة والده علي رّضي الله عنه أحأبه الناس حأًبا شدي ًدا زأائ ًدا واجتمعوا على طاعته واستمر في الخلفة أشه ًرا فلما رّأى المر مآله للقتال مع معاوية وألح عليه أهل العراق حأتى خرج في جموعه إلى نحو الشام وخرج معاوية أي ًضا بجيوشه في طلب الحسن رّضى الله عنه ثم أرّسل معاوية إلى الحسن يطلب الصلح. قال خليفة: فاجتمعا بمسكن وهي بأرّض السواد من ناحأية النبارّ فاصطلحا في رّبيع الخرة. وسلم الحسن المر إلى معاوية ل من جزع بل شفقة على المسلمين. فإن الذي كان أنه اجتمع للحسن من العساكر أكثر مما كان اجتمع لبيه ولكن ترك ذلك خو ًفا من سفك الدماء. ولما وقع ذلك دخل على الحسن سفيان أحأد أصحابه وقال: السلم عليك يا مذل المؤمنين فقال الحسن: ل تقل ذلك إني كرهت أن أقتلكم في طلب الملك. قال الحافظ الذهبي قال أبو بكرة: رّأيت رّسول الله " ص " على المنبر والحسن ابن علي إلى جنبه وهو يقول: إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. أخرجه البخارّي. وفيها توفي صفوان بن أمية بن خلف الجمحي. شهد حأنيًنا مع النبي " ص " ثم أسلم بعدها وفيها توفيت حأفصة أم المؤمنين رّضي الله عنها بنت عمر بن الخطاب رّضي الله عنه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثمانية أذرّع وستة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. السنة الخامسة من ولية عمرو بن العاص الثانية على مصر وهي سنة اثنتين وأرّبعين: فيها بعث معاوية المغيرة بن شعبة إلى زأياد ابن أبيه فخدعه وأنزله من قلعته. وفيها ولى معاوية مروان بن الحكم المدينة فاستقضى مروان عبد الله بن الحارّث بن نوفل. وفيها تحركت الخوارّج الذي بقوا من يوم النهروان. وفيها توفي حأبيب بن مسلمة بن مالك الكبر بن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو بن سفيان بن حأارّث أبو عبد الرحأمن وقيل أبو مسلمة ذكره ابن سعد في الطبقة الخامسة من أصحاب رّسول الله " ص ". وفيها توفي عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الدارّ بن قصي الجمحي ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من المهاجرين ممن أسلم في هدنة الحديبية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثلثة أصابع مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. وفي درّرّ التيجان: أرّبعة أذرّع وثلثة أصابع. ولية عتبة بن أبي سفيان على مصر هو عتبة بن أبي سفيان - واسم أبي سفيان صخر بن حأرب بن أمية بن عبد شمس - أخو معاوية بن أبي سفيان لبيه. وله أخوه معاوية إمارّة مصر بعد وفاة عمرو بن العاص رّضي الله عنه في شوال سنة ثلث وأرّبعين. ودخل عتبة مصر في ذي القعدة منها. وكان عتبة هذا شهد مع عثمان بن عفان يوم الدارّ. قال الحافظ ابن عساكر في تارّيخه: قدم على أخيه معاوية بدمشق وكان له بها في درّب الحمالين دارّ وولي المدينة والطائف والموسم لخيه معاوية غير مرة وشهد وقعة الجمل مع عائشة رّضي الله عنها ثم انهزم فعيره عبد الرحأمن بن الحكم: الوافر لعمري والمورّ لها دوا بن عدي قال: ذكر ابن ٍع لقد أبعدت يا عتب الفرارّ وقال ابن عساكر عن الهيثم عباس عتبة بن أبي سفيان في العورّ: ذهبت عينه يوم الجمل مع عائشة. وقال أبو بكر الخطيب: حأج عتبة ابن أبي سفيان بالناس سنة إحأدى وأرّبعين وسنة اثنتين وأرّبعين. وقال الصمعي: الخطباء من بني أمية: عتبة بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان. وقال أبو حأاتم: أوصى عتبة بن أبي سفيان مؤدب ولده فقال: ليكن أول إصلحأك بني إصلحأك لنفسك فإن عيوبهم معقودة بعيبك فالحسن عندهم ما فعلت والقبيح ما تركت وعلمهم كتاب الله ول تملهم فيتركوا ول تدعهم منه فيهجروا ورّوهم من الحديث أشرفه ومن الشعر أعفه ول تخرجهم من علم إلى علم حأتى يحكموه فإن ازأدحأام الكلم في السمع مضلة للفهم وهددهم بي وأدبهم دوني وكن بهم كالطبيب الرفيق الذي ل يعجل بالدواء حأتى يعرف الداء وامنعهم من محادثة النساء واشغلهم بسير الحكماء واستزدني بآدابهم أزأدك ول تتكلن على عذرّ مني فقد اتكلت على كفاية منك انتهى. ولما قدم عتبة إلى مصر في ذي القعدة سنة ثلث وأرّبعين أقام بها أشه ًرا ثم خرج منها واف ًدا على أخيه معاوية بدمشق واستخلف على مصر عبد الله بن قيس ابن الحارّث بن عياش التجيبي وكانت في عبد الله المذكورّ شدة فكرهه الناس بمصر فبلغ ذلك عتبة هذا فرجع إلى مصر وصعد المنبر وقال: يا أهل مصر قد كنتم تعذرّون ببعض المنع منكم لبعض الجورّ عليكم وقد وليكم من إن قال فعل. فإن أبيتم درّأكم بيده فإن أبيتم درّأكم بسيفه ثم جاء في الخر ما أدرّك في الول. إن البيعة شائعة لنا عليكم السمع والطاعة ولكم علينا العدل فأينا غدرّ فل ذمة له عند صاحأبه. فناداه المصريون من جنبات المسجد: سم ًعا سم ًعا فناداهم عتبة: عدًل عدًل. ثم نزل. فجمع له أخوه معاوية الصلة والخراج وعقد عتبة هذا لعلقمة بن يزيد الغطيفي على السكندرّية في اثني عشر أل ًفا من آهل الديوان تكون بها مرابطة ثم خرج إليها عتبة بعد ذلك مراب وأرّبعين من ًطا في ذي القعدة وقيل في ذي الحجة وهو الشهر سنة أرّبع الهجرة فمات بها في الشهر المذكورّ. وتولى مصر بعده عقبة بن عامر الجهني وكانت ولية عتبة على مصر سنة واحأدة وشه ًرا واحأ ًدا. السنة التي حأكم فيها عتبة بن أبي سفيان على مصر وهي سنة ثلث وأرّبعين: فيها شتى ًطا. بسر بن أبي أرّطاة بأرّض الروم مراب وفيها فتح عبد الرحأمن بن سمرة الزرّنج وغيرها من بلد سجستان. وفيها افتتح عقبة بن نافع الفهري كوًرّا من بلد السودان وورّدان من بلد برقة. وفيها توفي عبد الله بن سلم السرائيلي - ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من النصارّ وقال: كنيته أبو يوسف وكان اسمه الحصين فلما أسلم في السنة الولى من الهجرة سماه رّسول الله " ص " عبد الله. وهو رّجل من بني إسرائيل من ولد يوسف بن يعقوب عليهما السلم وهو صاحأب القصة مع اليهود. وفيها توفي محمد بن مسلمة بن خالد النصارّي الصحابي مذكورّ في الطبقة الولى من النصارّ أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير وآخى رّسول الله " ص " بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح وشهد بدًرّا والمشاهد كلها ومات في صفر. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم تسعة أذرّع وثلثة أصابع مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. وذكر في درّرّ التيجان أن الماء القديم في هذه السنة أرّبعة أذرّع وثلثة أصابع. السنة الثانية من ولية عتبة بن أبي سفيان على مصر وهي سنة أرّبع وأرّبعين: فيها توفي عتبة صاحأب الترجمة حأسبما تقدم ذكره. وفيها غزا المهلب بن أبي صفرة أرّض الهند وسارّ إلى قندابيل وكسر العدو وسلم وغنم وهي أول غزواته. وفيها حأج الخليفة معاوية بن أبي سفيان بالناس من الشام. وفيها زأاد معاوية في مقصورّة جامع دمشق وكان قد أحأدثها لما وثب عليه البرك ليقتله. ٍل ثم أحأدث في هذه السنة أي ًضا مروان بن الحكم مقصورّة المدينة وهو وا عليها. وفيها أوغل عبد الرحأمن بن خالد بن الوليد في بلد الروم وشتى بها. وفيها غزا بسر بن أبي أرّطاة في البحر. وفيها عزل معاوية عبد الله بن عامر عن البصرة. وفيها توفي الحارّث بن خزمة بن عدي بن أبي بن أبي غنم الشهلي أبو بشير الصحابي هو من الطبقة الولى من النصارّ شهدا بدًرّا والمشاهد كلها وآخى رّسول الله " ص " بينه وبين إياس بن أبي البكير. وفيها توفيت أم المؤمنين أم حأبيبة بنت أبي سفيان على الصحيح واسمها رّملة وهي أخت معاوية لبيه وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس وهي ابنة عمة عثمان بن عفان وكان تزوجها رّسول الله " ص " وهي بالحبشة وذلك في سنة ست من الهجرة أو سبع. وفيها توفي أبو بردة بن نيارّ بن عمرو بن عبيد بن عمرو بن كلب وهو من الطبقة الولى من النصارّ من الصحابة. شهد العقبة مع السبعين وشهد بدًرّا وأحأ ًدا والمشاهد كلها مع رّسول الله " ص " وفيها توفي أبو موسى الشعري واسمه عبد الله بن قيس بن سليم اليماني صاحأب رّسول الله " ص " قدم عليه مسل " ص " على زأبيد ًما مع أصحاب السفينتين واستعمله رّسول الله أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وإصبع واحأد. ولية عقبة بن عامر على مصر هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن رّفاعة بن مودوعة بن عدي ابن غنم بن الربعة بن رّشدان بن قيس بن جهينة الجهني أبو حأماد الصحابي. شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص ثم وليها من قبل معاوية بن أبي سفيان بعد موت أخيه عتبة بن أبي سفيان في سنة أرّبع وأرّبعين وكان يخضب بالسواد. قال صاحأب البغية: ودام بمصر إلى أن قدم مسلمة بن مخلد على معاوية بدمشق فوله مصر وأمره أن يكتم ذلك عن عقبة بن عامر ثم سيره - إلى مصر. وأمر معاوية عقبة بغزو رّودس ومعه مسلمة بن مخلد المذكورّ وخرجا إلى السكندرّية ثم توجها في البحر. فلما سارّ عقبة استولى مسلمة على سرير إمرته فبلغ ذلك عقبة بن عامر وكان ذلك لعش ٍر بقين من رّبيع الول سنة سبع وأرّبعين وكانت ولايته سنتين وثلثة أشهر وتولى مسلمة. وآخر من رّوى عن عقبة بمصر أبو قبيل انتهى. ًرا ورّوى وقال الحافظ شهاب الدين أحأمد بن حأجر في الصابة: رّوى عن النبي " ص " كثي عنه جماعة من الصحابة والتابعين منهم ابن عباس وأبو أمامة وجبير بن نفير وبعجة بن عبد الله الجهني وأبو إدرّيس الخولني وخلق من أهل مصر. ًما بالفرائض والفقه صحيح قال أبو سعيد بن يونس: كان قارًّئا عال اللسان شاع ًرا كاتًبا وهو آخر من جمع القرآن. قال: ورّأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان وفي آخره: كتبه عقبة بن عامر بيده. وفي صحيح مسلم من طريق قيس بن أبي حأازأم عن عقبة بن عامر قال: قدم رّسول الله " ص " المدينة وأنا في غنم لي أرّعاها فتركتها ثم ذهبت إليه فقلت: بايعني فبايعني على الهجرة. وهذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي.
وشهد عقبة بن عامر الفتوح وكان هو الرائد إلى عمر بفتح دمشق. وشهد صفين مع معاوية وأمره بعد ذلك على مصر. وقال أبو عمر الكندي: جمع له معاوية في إمرة مصر بين الخراج والصلة. فلما أرّاد عزله كتب إليه أن يغزو رّودس فلما توجه مساف ًرا استولى مسلمة فبلغ عقبة فقال: أغرب ًة وعزًل! وذلك في سنة سبع وأرّبعين. ومات في خلفة معاوية على الصحيح. وحأكى أبو زأرّعة في تارّيخه عن عباد بن بشر قال: رّأيت رّجًل يحدث في خلفة عبد الملك فقلت: من هذا فقالوا: عقبة بن عامر الجهني. قال أبو زأرّعة: فذكرته لحأمد بن صالح فقال: هذا غلط مات عقبة في خلفة معاوية. وكذلك أرّخه الواقدي وغيره زأاد في آخرها: وأما قول خليفة بن خياط: قتل في النهروان من أصحاب علي أبو عمرو عقبة بن عامر الجهني فهو آخر بدليل قول خليفة في تارّيخه: في سنة ثمان وخمسين مات عقبة بن عامر الجهني. انتهى كلم شيخ السلم ابن حأجر. وقال صاحأب كتاب " العقود الدرّية في المراء المصرية ": توفي عقبة في سنة ثمان وخمسين بمصر وقبره يزارّ بالقرافة. وقال صاحأب كتاب مهذب الطالبين إلى قبورّ الصالحين: عقبة بن عامر الجهني من أعلم الصحابة معدود من خدام النبي " ص " وكان يأخذ بزمام بغلة رّسول الله " ص " ويقودها في السفارّ. وعدد له رّسول الله " ص " فضل المعوذتين وحأثه على قراءتهما وهو أحأد من شهد فتح مصر من الصحابة وولي مصر لمعاوية بن أبي سفيان بعد عتبة بن أبي سفيان ثم غزا في البحر سنة سبع وأرّبعين. وهو أول من نشر الرايات على السفن. فلما خرج إلى الغزو جاء كتاب معاوية بعزله وولية مسلمة فلم يظهر مسلمة ولايته فقال عقبة: ما لي أرّى المر أبطأ علي قالوا: ولى مسلمة بن مخلد قال عقبة: ما أنصفنا معاوية! عزلنا وغربنا. قال: ولهل مصر فيه اعتقاد عظيم ولهم عنه نحو مائة حأديث. وقد ذكر ابن عبد الحكم الحديث الول - منها: من توضأ فأحأسن وضوءه ثم صلى صلةً غير سا ٍه ول ل ٍه كفر عنه ما كان قبلها من سيئاته. الحديث الثاني - قال عقبة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " تعجب رّبك من شاب ليس له صبوة ". الحديث الثالث - قال عقبة: كنت آخذ بزمام بغلة رّسول الله " ص " في بعض غاب المدينة فقال لي: يا عقبة أل تركب فأشفقت أن تكون معصية فنزل رّسول الله " ص " ورّكبت هنيهة ثم رّكب فقال: أل أعلمك سورّتين فقلت: بلى يا رّسول الله قال: فاقر أني: " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " ثم أقيمت الصلة فتقدم وصلى بهما وقال: اقرأهما كلما نمت وقمت ثم قال: وليس في الجبانة قبر صحابي مقطوع به إل قبر عقبة فإنه زأارّه الخلف عن السلف. وقال الشيخ الموفق بن عثمان في تارّيخه المرشد ناق ًل عن حأرملة من أصحاب الشافعي: إن البقعة التي دفن فيها عقبة المذكورّ بها أي ًضا قبر عمرو بن العاص وقبر أبي بصرة الصحابيين تحويهم القبة التي هدمها صلح الدين يوسف بن أيوب ثم بناها البناء المعهود الن. ورّئي بعض المراء في النوم ممن جاورّه فقيل له: ما فعل الله بك قال: غفر لي بمجاورّة عقبة. ورّوي له من البركات رّوايات كثيرة: منها أن رّجًل أسر له ولد فأتى قبر عقبة ودعا الله عز وجل فقام السنة الولى من ولية عقبة بن عامر الجهني على مصر وهي سنة خمس وأرّبعين: فيها غزا معاوية بن حأديج إفريقية من بلد المغرب. وفيها سارّ عبد الله بن سوارّ العبدي فافتتح القيقازأ وغنم وسلم وعاد. وفيها عزل عبد الله بن عامر عن البصرة فاستعمل عليها معاوية الحارّث بن عمرو الزأدي ثم عزل عن قريب وولى عليها زأياد ابن أبيه فبادرّ زأياد وقتل سهم بن غالب الهجيمى الذي كان خرج في أول المر على معاوية وصلبه. وفيها توفيت أم المؤمنين حأفصة بنت عمر بن الخطاب زأوجة رّسول الله " ص " وأمها زأينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون. قال ابن سعد بإسناده: ولدت حأفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث رّسول الله " ص " بخمس سنين. وذكر الذهبي وفاتها في سنة إحأدى وأرّبعين وتابعه جماعة على ذلك. وفيها توفي زأيد بن ثابت بن الضحاك بن زأيد النصارّي الصحابي وهو من الطبقة الثالثة من النصارّ كنيته أبو سعيد وقيل أبو خارّجة. قال المام أحأمد بن حأنبل: حأدثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلبة عن أنس قال: قال رّسول الله " ص " " أرّحأم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر وأصدقها حأيا ًء عثمان وأعلمها بالفرائض زأيد بن ثابت ". قلت: وهو من كتاب الوحأي والقراء. وفيها توفي سلمة بن سلمة بن وقش وكنيته أبو عوف ة وقيل أبو ثابت. وهو من الطبقة الولى من النصارّ صحابي مشهورّ شهد العقبتين وبدًرّا والمشاهد كلها مع رّسول الله " ص ". وفيها توفي سهل بن عمرو بن زأيد بن جشم النصارّي ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من الصحابة ممن شهد أحأ ًدا والخندق وما بعدهما مع رّسول الله " ص ". وفيها توفي عاصم بن عدي وهو من الطبقة الولى من النصارّ وكنيته أبو عمرو وقيل أبو عبد الله وهو الذي بعثه رّسول الله " ص " من بدرّ إلى قباء. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وسبعة أصابع. وقال صاحأب درّرّ التيجان: وسبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. السنة الثانية من ولية عقبة بن عامر الجهني على مصر وهي سنة ست وأرّبعين: فيها عزل الخليفة معاوية عبد الرحأمن بن سمرة عن سجستان وولها الربيع بن زأياد الحارّثي فخاف الترك وجمع ملكهم كابل شاه الجموع وزأحأف على المسلمين فنزح المسلمون عن مدينة كابل ثم لقيهم الربيع هذا وقاتلهم أعني الترك فهزمهم الله تعالى وساق ورّاءهم ًرا. المسلمين إلى الرخج وغنموا منهم شيًئا كثي وشتى المسلمون بأرّض الروم في هذه السنة. وفيها توفي عبد الرحأمن بن خالد بن الوليد لما رّجع من بلد الروم إلى حأمص وكان قد شتى بالروم وفتح حأصوًنا كثيرة فسقاه ابن أثال النصراني شربة مسمومة فمات منها. وهو ممن أدرّك رّسول الله " ص " وقيل إنه مات في سنة تسع وأرّبعين. وفيها توفي هرم بن حأيان العبدي البصري. ذكره ابن سعد في الطبقة الولى من الفقهاء المحدثين والزهاد من أهل البصرة - وهو أحأد الزهاد الثمانية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وسبعة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. وفي الدرّرّ: ثمانية عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. السنة الثالثة من ولية عقبة وفيها سارّ رّويفع بن ثابت النصارّي من طرابلس الغرب ودخل إفريقية ثم عاد من سنته. وفيها غزا عبد الله بن سوارّ العبدي القيقان أي ًضا فجمع له الترك والتقوا معه فاستشهد عبد الله وسائر من كان معه من الجيوش. وفيها شتى مالك بن هبيرة بأرّض الروم. وفيها أقام الموسم عنبسة بن أبي سفيان. وفيها توفي قيس بن عاصم بن سنان ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة في الصحابة ممن أسلم من العرب ورّجع إلى بلد قومه وكنيته أبو علي وقيل أبو قبيصة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثلثة عشر إصب ًعا. وفي درّرّ التيجان: وثلثة وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. ولية مسلمة بن مخلد على مصر هو مسلمة بن مخلد بن صامت بن نيارّ بن لوذان بن عبدود بن زأيد بن ثعلبة ابن الخزرّج بن ساعدة بن كعب بن الخزرّج بن حأارّثة أبو معن وقيل أبو سعيد الصحابي النصارّي ومسلمة بفتح الميم وسكون السين المهملة ومخلد بضم الميم وتشديد اللم. وله معاوية بن أبي سفيان مصر بعد عزل عقبة بن عامر الجهني في سنة سبع وأرّبعين حأسبما تقدم ذكره في أخر ترجمة عقبة وجمع له معاوية الصلة والخراج وبلد المغرب. فلما ولي مسلمة مصر انتظمت غزواته في البر والبحر: منها غزوة القسطنطينية التي ذكرها ولم يحضرها غير أنه حأسن لمعاوية غزوها. وفي أيام ولايته على مصر نزلت الروم البرلس في سنة ثلث وخمسين فاستشهد في الوقعة ورّدان مولى عمرو بن العاص في جمع من المسلمين. وفي إمرته لمصر أي ًضا هدم ما كان عمرو بن العاص بناه في سنة ثلث وخمسين من المسجد بمصر وبناه هو وأمر ببناء منارّ المسجد وهو أول من أحأدث المنارّ بالمساجد والجوامع. وخرج مسلمة إلى السكندرّية في سنة ستين واستخلف على مصر عابس بن سعيد فجاءه الخبر بموت معاوية بن أبي سفيان في شهر رّجب منها واستخلف يزيد بن معاوية بعد أبيه وكتب إليه يزيد بن معاوية وأقره على عمل مصر وكتب إليه أي ًضا بأخذ البيعة له فندب مسلمة عاب ليزيد ًسا وكتب إليه من السكندرّية بذلك فطلب عابس أهل مصر وبايع فبايعه الجند والناس إل عبد الله بن عمرو بن العاص فدعا عابس بالنارّ ليحرق عليه بابه فحينئذ بايع عبد الله بن عمرو ليزيد على كره منه. ثم قدم مسلمة من السكندرّية فجمع لعابس مع الشرطة القضاء في أول سنة إحأدى وستين. وقال الذهبي: مسلمة بن مخلد النصارّي له صحبة ورّواية وحأدث عنه شيبان بن أمية وعلي بن رّباح ومجاهد وعبد الرحأمن بن شماسة وغيرهم قال: ولدت حأين قدم النبي " ص " المدينة وقد ولي ديارّ مصر لمعاوية. انتهى كلم الذهبي. وقال ابن عبد الحكم: مسلمة بن مخلد النصارّي لهم عنه حأديث واحأد ليس لهم عنه غيره وهو حأديث موسى بن علي عن أبيه أنه سمعه يقول وهو على المنبر: توفي رّسول الله " ص " وأنا ابن عشر سنين. لم يرو عنه غير أهل مصر وأهل البصرة لهم عنه حأديث واحأد وهو حأديث أبي هلل الراسبي قال: حأدثنا جبلة ابن عطية عن مسلمة بن مخلد أنه رّأى معاوية يأكل فقال لعمرو بن العاص: إن ابن عمك لمخضد ثم قال: أما إني أقول هذا وقد سمعت رّسول الله " ص " يقول: " اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلد ووقه العذاب ". ورّبما أدخل بعض المحدثين بين جبلة بن عطية وبين مسلمة رّجًل. وقد ولي مسلمة بن مخلد مصر وهو أول من جمع له مصر والمغرب وتوفي سنة اثنتين وستين وكان يكنى أبا سعيد. انتهى كلم ابن عبد الحكم. وكان - مسلمة كثير العبادة. قلت: وأما غزوة القسطنطينية التي وعدنا بذكرها فإنها كانت في سنة تسع وأرّبعين وكان مسلمة هذا حأرض معاوية عليها فأرّسل إليها معاوية جي ًشا كثي ًفا وأمر عليهم سفيان بن عوف وأمر ابنه يزيد بالغزاة معهم فتثاقل يزيد واعتذرّ فأمسك عنه أبوه فأصاب الناس في غزاتهم ما إن أبالي بما لقت جموعهم بالغذقذونة من حأمى ومن موم إذا اتكأت على النماط مرتف ًقا بدير مران عندي أم كلثوم - وأم كلثوم امرأته وهي ابنة عبد الله بن عامر - فبلغ معاوية شعره فأقسم عليه ليلحقن بسفيان بأرّض الروم ليصيبه ما أصاب الناس فسارّ ومعه جمع كبير. وكان في هذا الجيش ابن عباس وابن عمر وابن عمرو وابن الزبير وأبو أيوب النصارّي وغيرهم فأوغلوا في بلد الروم حأتى بلغوا القسطنطينية فاقتتل المسلمون والروم واشتد الحرب بينهم فلم يزل عبد العزيز يتعرض للشهادة فلم يقتل. ثم حأمل بعد ذلك عليهم وانغمس بينهم فشجره الروم برماحأهم حأتى قتلوه. فبلغ معاوية قتله فقال لبيه: هلك والله فتى العرب! فقال أبوه لمعاوية: ابني أم ابنك فقال: ابنك فآجرك الله فقال: المتقارّب فإن يكن الموت أوى به وأصبح مخ الكلبي زأيرا فكل فتى شارّب كأسه فإما صغي مجاهد: صليت خلف مسلمة بن مخلد ًرا وإما كبيرا قال ًوا. فقرأ سورّة البقرة فما ترك أل ًفا ول وا وقال ابن سعد في كتاب الطبقات الكبرى من تصنيفه: حأدثنا معن بن عيسى حأدثنا موسى بن علي بن رّباح عن أبيه عن مسلمة بن مخلد قال: أسلمت وأنا ابن أرّبع سنين وقال محمد بن عمرو: يروي مسلمة بن مخلد عن رّسول الله " ص ". ثم قال: وتحول إلى مصر ونزلها وكان مع أهل خربتا وكانوا أشذ أهل المغرب وأعده وكان له بها ذكر ونباهة ثم صارّ إلى المدينة فمات بها في خلفة معاوية. قلت: وهذا القول يخالف فيه الجمهورّ. والذي قاله المؤرّخون: إنه استمر على عمله حأتى توفي لخمس بقين من شهر رّجب سنة اثنتين وستين. وكانت ولايته على مصر خمس عشرة سنة وأرّبعة أشهر. وتولى مصر من بعده سعيد بن يزيد. وقال الحافظ أبو سعيد عبد الرحأمن بن يونس على ما أخبرنا: شهد مسلمة فتح مصر واختط بها وولي الجند لمعاوية بن أبي سفيان ولبنه يزيد بن معاوية ورّوى عنه من أهل مصر: علي بن رّباح وهشام بن أبي رّقية وأبو قبيل وهلل بن عبد الرحأمن ومحمد بن كعب وغيرهم توفي بالسكندرّية سنة اثنتين وستين في ذي القعدة. حأدثنا علي بن سعيد الرازأي حأدثنا عثمان بن أبي شيبة أخبرنا وكيع حأدثنا موسى بن علي عن أبيه قال: سمعت مسلمة بن مخلد يقول: ولدت حأين قدم النبي " ص " المدينة وتوفي وأنا ابن عشر سنين. قال ابن يونس: هذا الحديث غريب وقد رّواه معن بن عيسى وعبد الرحأمن بن مهدي وغيرهما عن موسى بن علي. انتهى كلم ابن يونس. هذا ما وقع لنا من أخبارّ مسلمة بن مخلد المذكورّ ويأتي ذكره أي ًضا في سني ولايته على مصركما هي عادتنا في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. السنة الولى من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة ثمان وأرّبعين: فيها كتب معاوية بن أبي سفيان الخليفة إلى زأياد لما بلغه قتل عبد الله بن سوارّ: أنظر لي رّجًل يصلح لثغر الهند أوجهه إليه فوجه إليه زأياد سنان بن سلمة أبن المحبق الهذلي فوله معاوية الهند. وفيها عزل معاوية مروان بن الحكم عن إمرة المدينة بسعيد بن العاص الموي. وفيها قتل بالهند عبد الله بن عياش بن أبي رّبيعة المخزومي. وفيها توفي الحارّث بن قيس الجعفي الفقيه صاحأب عبد الله بن مسعود وقيل: إنه مات في غير هذه السنة. وفيها كان مشتى عبد الرحأمن القيني بإنطاكية. وفيها كانت صائفة عبد الله بن قيس الفزارّي. وفيها كانت غزوة مالك بن هبيرة السكوني في البحر. وفيها استعمل زأياد غالب بن فضالة الليثي على خراسان وكانت له صحبة. وفيها حأج بالناس مروان بن الحكم وهو يتوقع العزل أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وإصبعان. السنة الثانية من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة تسع وأرّبعين: فيها شتى مالك بن هبيرة بأرّض الروم وقيل: ما شتى بها إل فضالة بن عبيد النصارّي. وفيها حأج بالناس سعيد بن العاص. وفيها قتل زأياد بالبصرة الخطيم الباهلي الخارّجي. وفيها خرج على المغيرة بن شعبة وهو والي الكوفة شبيب بن بجرة الشجعي وهو غير شبيب الذي خرج على الحجاج بن يوسف فوجه إليه المغيرة كثير بن شهاب الحارّثي فقتله بأذرّبيجان. وكان شبيب ممن شهد النهروان. وفيها كانت غزوة فضالة بن عبيد جربة وشتى بها وفتحت على يده وأصاب فيها سبايا كثيرة. وفيها كانت صائفة عبد الله بن كرزأ البجلي. وفيها كانت غزوة يزيد بن شجرة الرهاوي بالبحر فشتى بأهل الشام. وفيها كانت غزوة عقبة بن نافع في البحر فشتى بأهل مصر. وفيها عزل مروان عن المدينة بسعيد بن العاص في شهر رّبيع الول فكانت ولية مروان ثماني سنين وشهرين وكان على قضاء المدينة عبد الله بن الحارّث بن نوفل فعزله سعيد حأين ولي واستقضى أبا سلمة بن عبد الرحأمن. وفيها توفي الحسن بن علي والصح أنه في التية كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وإصبعان مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. السنة الثالثة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة خمسين من الهجرة: فيها وجه زأياد الربيع بن زأياد الحارّثي إلى خراسان فغزا بلخ وكانت قد انتقضت بعد رّواح الحأنف بن قيس عنها فصالحوا الربيع هذا ورّحأل عنها وغزا قوهستان فافتتحها عنوة. وفيها أرّاد معاوية نقل منبر النبي " ص " من المدينة وأن يحمل إلى الشام وقال: ل يترك هو وعصا النبي " ص " بالمدينة وهم قتلة عثمان. فطلب العصا وهي عند سعد القرظ. وحأرك المنبر فكسفت الشمس حأتى رّئيت النجوم بادي ًة فأعظم الناس ذلك فتركه. وقيل: بل أتاه جابر وأبو هريرة فقال له: يا أمير المؤمنين ل يصلح أن يخرج منبر النبي " ص " من موضع وضعه وتنقل عصاه إلى الشام فانقل المسجد فتركه معاوية وزأاد فيه ست درّجات واعتذرّ مما صنع. وفيها افتتح معاوية بن حأجيج بضم الحاء المهملة مصغ ًرا فت ًحا كبي بالمغرب وكان قد ًرا جاءه عبد الملك بن مروان في مدد أهل المدينة. وهذه أول غزوة لعبد الملك بن مروان. وفيها ولى معاوية زأيا ًدا البصرة والكوفة م ًعا بعد موت المغيرة بن شعبة فعزل زأياد الربيع عن سجستان وولها لعبيد الله بن أبي بكرة. وفيها غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية وكان معه فيها وجوه الناس. وممن كان معه أبو أيوب النصارّي وقد ذكرناها أعني هذه الغزوة في أصل الترجمة. وفيها توفي السيد الحسن بن علي بن أبي طالب رّضي الله عنه وكنيته أبو محمد الهاشمي القرشي السيد ابن السيد ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رّسول الله " ص " ولد في شعبان سنة ثلث من الهجرة وقيل في نصف شهر رّمضان منها قاله الواقدي. ًها به. وكان رّيحانة النبي " ص " وشبي ولي الخلفة بعد موت أبيه علي بن أبي طالب في شهر رّمضان سنة أرّبعين واجتمع عليه المسلمون وأحأبوه حأًبا شدي ًدا وألزموه حأرب معاوية فسارّ على كر ٍه منه. فلما كان في بعض الطريق اختلف عليه بعض أصحابه فضاق صدرّه. ثم أرّسل إلى معاوية يسأله الصلح ويسلم له المر فوقع ذلك وشق على أصحابه وكادت نفوسهم تذهب. ودخل عليه سفيان أحأد أصحابه وقال له: السلم عليك يا مذل المؤمنين فقال الحسن: ل تقل ذلك إني كرهت أن أقتلكم في طلب الملك. قال الحافظ الذهبي قال أبو بكرة: رّأيت رّسول الله " ص " على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقول: " إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين " أخرجه البخارّي. وعن أبي سعيد الخدرّي قال: قال رّسول الله " ص ": " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " صححه الترمذي. قلت: ومناقب الحسن كثيرة يضيق هذا المحل عن ذكرها. وكانت وفاته بالمدينة في شهر رّبيع الول ودفن بالبقيع رّضي الله عنه. وفيها توفيت أم المؤمنين صفية بنت حأيي بن أخطب بن شعبة من سبط لوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلم ثم من ولد هارّون أخي موسى عليهما السلم سباها النبي " ص " يوم خيبر وجعل عتقها صداقها وتزوجها. وماتت في هذه السنة وقيل في سنة ست وثلثين والول أشهر. وفيها كانت بناية مدينة القيروان بالمغرب. وفيها كان الطاعون العظيم بالكوفة وأميرها المغيرة بن شعبة ومات فيه بعد أن فر منه. وهذا الطاعون رّابع طاعون مشهورّ وقع في السلم فإن الول كان بالمدائن في عهد النبي " ص " والثاني طاعون عمواس في زأمان عمر رّضي الله عنه والثالث بالكوفة وأميرها أبو موسى الشعري ثم هذا الطاعون أي ًضا بالكوفة. وفيها توفي المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود أبو عيسى ويقال أبو محمد صحابي مشهورّ وكان من دهاة العرب يقال له: مغيرة الرأي وكان كثير الزواج. قال المغيرة: تزوجت بسبعين امرأة. وقال مالك: كان المغيرة نكا ًحأا للنساء ويقول: صاحأب المرأة إن مرضت مرض وإن حأاضت حأاض وصاحأب المرأتين بين نارّين تشعلن. وقال ابن المبارّك: كان تحت المغيرة أرّبع نسوة فصفهن بين يديه وقال: أنتن حأسان الخلق طويلت العناق ولكني رّجل مطلق فأنتن للطلق. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وستة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. السنة الرابعة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة إحأدى وخمسين من الهجرة: فيها حأج بالناس معاوية وأخذهم ببيعة ابنه يزيد. وفيها كانت مقتلة حأجر بن عدي وعمرو بن الحمق وأصحابهما. قال ابن الثير في تارّيخه الكامل قال الحسن البصري: أرّبع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إل واحأدة لكانت موبقة: افتراؤه على هذه المة بالسيف حأتى أخذ المر من غير ًرا يلبس ًرا خمي مشورّة وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة واستخلفه ابنه بعلي سكي الحرير ويضرب بالطنابير وادعاؤه زأيا ًدا وقد قال رّسول الله " ص ": " الولد للفراش وللعاهر الحجر " وقتله حأج ًرا وأصحاب حأجر فيا ويله من حأجر! ويا ويله من أصحاب حأجر!! وفيها توفي سعيد بن زأيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى أبو العورّ القرشي العدوي الصحابي أحأد العشرة المشهود لهم بالجنة. ًرا على رّيع المهاجرين وولي دمشق نيابة عن أبي عبيدة بن كان أمي الجراح وشهد فتحها وشهد مع رّسول الله " ص " المشاهد كلها بعد بدرّ. وقال الواقدي: توفي سنة إحأدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة وقبره بالمدينة ًل أشعر. ونزل في قبره سعد وابن عمر وكان رّجًل آدم طوي وفيها توفي أبو أيوب النصارّي خالد بن زأيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجارّ سس النخارّ في المدني الصحابي شهد بدًرّا والعقبة وعليه نزل رّسول الله " ص " لما قدم المدينة فبقي في دارّه شه ًرا حأتى بنيت حأجرته ومسجده وكان من نجباء الصحابة رّضي الله عنهم أجمعين. وفيها توفيت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارّث الهللية تزوجها رّسول الله " ص " سنة سبع من الهجرة ورّوى عنها مولها عطاء وسليمان ابنا يسارّ وابن أختها يزيد بن الصم وابن أختها عبد الله بن عباس وابن أختها عبد الله بن شداد بن الهاد وجماعة أخر وكانت قبل النبي " ص " عند أبي رّهم بن عبد العزى العامري فتأثمت منه فخطبها رّسول الله " ص " فجعلت أمرها إلى العباس فزوجها منه وبنى بها بسرف بطريق مكة لما رّجع من عمرة القضاء وهي أخت لبابة الكبرى زأوجة العباس ولبابة الصغرى آم خالد بن الوليد وأخت أسماء بنت عميس لمها وأخت زأينب بنت خزيمة أي ًضا لمها. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أفرع وخمسة أصابع مبلغ الزيادة تسعة عشر ذرّا ًعا وثلثة وعشرون إصب ًعا وفي درّرّ التيجان: وستة وعشرون إصب ًعا. السنة الخامسة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة اثنتين وخمسين: فيها شتى بسر بن أبي أرّطاة بأرّض الروم وهو بضم الموحأدة وسكون السين المهملة. وفيها حأج بالناس سعيد بن العاص. وفيها توفي أبو أيوب النصارّي واسمه خالد بن زأيد في قول ابن الثير. كان من نجباء الصحابة. شهد العقبة وبدًرّا وأحأ ًدا وقد تقدم ذكره ووفاته في سنة تسع وأرّبعين. وفيها توفي كعب بن غجرة وله خمس وسبعون سنة. وفيها صالح عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي رّتبيل على كابل وبلده على ألف ألف درّهم. وفيها ولد يزيد بن أبي حأبيب فقيه أهل مصر. وفيها توفي عمران بن الحصين بن عبيد بن خلف أبو نجيد بضم النون مصغ ًرا الخزاعي صاحأب رّسول الله " ص " ولي قضاء البصرة كان عمر بن الخطاب رّضي الله عنه بعثه إليهم ليفقههم. وفيها توفي معاوية بن حأديج التجيبي الكندي وقد تقدم من أخبارّه نبذ كثيرة فيما تقدم. وهو من كبارّ العثمانية وممن كان بخربتا وحأارّب جيش علي بن أبي طالب رّضي الله عنه وقتل محمد بن أبي بكر الصديق وكان من أنياب العرب وكبارّها. وفيها خرج زأياد بن خراش العجلي في ثلثمائة فارّس فأتى أرّض مسكن من السواد فسير إليه زأياد خي ماه. ًل عليها سعد بن حأذيفة أوغيره فقتلوهم وقد صارّوا إلى وخرج أي ًضا على زأياد رّجل من طيىء يقال له معاذ فأتى نهر عبد الرحأمن بن أم الحكم في ثلثين رّجًل فبعث إليه من قتله وقتل أصحابه وقيل بل حأل لواءه واستأمن ويقال لهم: أصحاب نهر عبد الرحأمن. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وثلثة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة السادسة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة ثلث وخمسين: فيها أستعمل معاوية على الكوفة الضحاك بن قيس الفهري بعد موت زأياد ابن أبيه واستعمل على البصرة سمرة بن جندب وعزل عبيد الله بن أبي بكرة عن سجستان وولها لعباد بن ًل زأياد ابن أبيه فغزا عباد المذكورّ قندهارّ حأتى بلغ بيت الذهب فجمع له الهند جم ًعا هائ فقاتلهم عباد حأتى هزمهم. ولم يزل على إمرة سجستان حأتى توفي معاوية بن أبي سفيان. وفيها توفي عبد الرحأمن بن أبي بكر الصديق في نومة نامها واسم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان التيمي القرشي الصحابي مات بمكة وكان شجا ًعا رّامًيا أسلم قبل الفتح. وفيها توفي عمرو بن حأزم الخزرّجي الصحابي استعمله النبي " ص " على نجران وكان من نجباء الصحابة. وفيها شتى عبد الرحأمن بن أم الحكم بأرّض الروم. وفيها قتل عابد بن ثعلبة البلوي أحأد الصحابة. قتله الروم بالبرلس. وفيها فتحت رّودس جزيرة في البحر فتحها جنادة بن أبي أمية الزأدي ونزلها المسلمون وهم على حأذرّ من الروم وكانوا أشد شيء على الروم يعترضونهم في البحر ويأخذون سفنهم وكان معاوية يدرّ لهم العطاء وكان العدو قد خافهم فلما مات معاوية أقفلهم ابنه يزيد. وفيها توفي زأياد ابن أبيه وكان ولي الكوفة والبصرة والعراق لمعاوية وكان من دهاته ًرّا حأين ودعنا زأياد وقال مسكين الدارّي يرثيه بقوله: الوافر رّأيت زأيادة السلم ولت جها أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وسبعة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. السنة السابعة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة أرّبع وخمسين: فيها عزل معاوية سعيد بن العاص عن إمرة المدينة وولها لمروان بن الحكم ثانية وفيها غزا عبيد الله بن زأياد خراسان وقطع النهر وعدى إلى بخارّا على البل فكان وفيها وجه الضحاك بن قيس من الكوفة ابن هبيرة الشيباني إلى غزو طبرستان فصالحه أهلها على خمسمائة ألف درّهم. وفيها عزل معاوية سمرة بن جندب عن البصرة وولها لعبد الله بن عمرو بن غيلن الثقفي. وفيها حأج بالناس مروان بن الحكم أمير المدينة وقال ابن الثير: سعيد بن العاص وكان عامل المدينة. وفيها توفي أسامة بن زأيد بن حأارّثة بن شراحأيل الكلبي حأب رّسول الله " ص " وابن حأبه وموله كنيته أبو زأيد وقيل أبو محمد وقيل أبو حأارّثة. ففي الصحيح عن أسامة قال: كان النبي " ص " يأخذني والحسين ويقول: اللهم إني أحأبهما فأحأبهما. وأمة أم أيمن بركة حأاضنة رّسول الله " ص " ومولته وكان أسود كالليل وأبوه أبيض أشقر قاله إبراهيم بن سعد. وفيها توفي ثوبان مولى رّسول الله " ص ". وفيها توفي جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل النوفلي الصحابي أسلم بعد بدرّ وحأضر عدة مشاهد مع النبي " ص ". وفيها توفي حأسان بن ثابت بن المنذرّ بن حأرام النجارّي الصحابي شاعر رّسول الله " ص " المؤيد بروح القدس. وعاش هو وأبوه وجده وجد أبيه كل واحأد مائة وعشرين سنة. وفيها توفي سعيد بن يربوع المخزومي الصحابي عن مائة وعشرين سنة أي ًضا أسلم في الفتح. وفيها توفي حأكيم بن حأزام بن خويلد بن أسد أبو خالد السدي الصحابي ابن أخي خديجة زأوجة النبي " ص " أسلم في الفتح وكان سي ًدا شري ًفا ولد في جوف الكعبة وأعتق في الجاهلية والسلم مائتي رّقبة وجاوزأ مائة السنة من العمر. وفيها توفي أبو قتادة النصارّي السلمي فارّس رّسول الله " ص " وأسمه الحارّث بن رّبعي. وكان من نجباء الصحابة رّضي الله عنهم. وفيها توفي مخرمة بن نوفل الزهري الصحابي عن مائة وخمس عشرة سنة وكان من المؤلفة قلوبهم والمسورّ هو ابنه. وفيها مات فيروزأ الديلمي وكانت له صحبة. وكان مع معاوية وأستعمله على صنعاء. وفيها مات فضالة بن عبيد النصارّي بدمشق وكان قاضيها وقيل في موته غير ذلك شهد أحأ ًدا وما بعدها. وخرجت هذه السنة وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد وعلى البصرة سمرة وعلى خراسان خليد بن يربوع الحنفي وأسيد بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وسكون الياء المعجمة باثنتين من تحت. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثلثة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع. بن مخلد على مصر وهي سنة خمس وخمسين: فيها عزل معاوية عن البصرة عبد الله الثقفي وولها لعبيد الله بن زأياد. وفيها حأج بالناس مروان بن الحكم أمير المدينة. وفيها عزل معاوية عبد الله بن خالد عن الكوفة وولها الضحاك بن قيس. وفيها توفي أبو اليسر بفتح الياء المثناة من تحت والسين السلمي بفتحتين أي ًضا واسمه كعب بن عمرو وهو من أعيان الصحابة النصارّ وهو الذي أسر العباس يوم بدرّ وشهد العقبة مع النبي " ص " وله عشرون سنة. وفيها توفي سعد بن أبي وقاص وأسمه مالك بن أهيب بن عبد مناف ابن زأهرة بن كلب بن مرة كنيته أبو إسحاق الزهري أحأد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحأد السابقين الولين وكان يقال له: فارّس السلم وهو أول من رّمى بسهم في سبيل الله وكأن مقدم الجيوش في فتح العراق وكان مجاب الدعوة كثير المناقب وشهد بدًرّا. ورّوى عثمان بن عبد الرحأمن عن الزهري قال: بعث رّسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها سعد بن أبي وقاص إلى رّابغ وهي من - جانب الجحفة فانكفأ المشركون على المسلمين فحماهم سعد يومئذ بسهامه وهو أل هل آتى رّسول الله أني حأميت صحابتي ٍم يا رّسول الله قبلي وفيها توفي الرّقم بصدورّ نبلي فما يعتد رّا بن أبي ٍم في عدو بسه الرّقم المخزومي وهو الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يختفي في دارّه بمكة وكان عمره ثمانين سنة وزأيادة وقيل مات يوم مات أبو بكر الصديق رّضي الله عنه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وإصبعان مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. السنة التاسعة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة ست وخمسين: فيها عزل معاوية عبيد الله بن زأياد عن خراسان وولى عليها سعيد بن عثمان بن عفان فغزا سعيد سمرقند ومعه المهلب بن أبي صفرة الزأدي وطلحة الطلحات وأوس بن ثعلبة وخرج إليه الضغد. فقاتلوه فألجأهم إلى مدينتهم فصالحوه وأعطوه رّهائن. وفيها شتى المسلمون بأرّض الروم. وفيها توفيت أم المؤمنين جويرية المصطلقية وقيل: إنها ماتت في سنة خمسين وهي جويرية بنت الحارّث بن أبي ضرارّ المصطلقي سباها النبي صلى الله عليه وسلم يوم المريسيع في السنة الخامسة وكان اسمها برة فغير النبي صلى الله عليه وسلم اسمها وتزوجها وجعل صداقها عتق جماعة من قومها ثم قدم أبوها الحارّث بن أبي ضرارّ على النبي صلى الله عليه وسلم. وعن جويرية قالت: تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت عشرين سنة وكانت قبل النبى صلى الله عليه وسلم عند ابن عمها صفوان في الشفر. وفيها غزا يزيد بن شجرة في البحر وفي البر عياض بن الحارّث. وفيها اعتمر معاوية في رّجب. وحأج بالناس الوليد بن عتبة بن أبي سفيان. وفيها كانت البيعة ليزيد بن معاوية بولية العهد. وفيها توفي عبد الله بن قرط الزأدي الصحابي أمير حأمص. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرّع وسبعة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وإصبعان. السنة العاشرة من ولية مسلمة وهي سنة سبع وخمسين: فيها وجه معاوية حأسان بن النعمان الغساني إلى إفريقية فصالحوه من يليه من البربر وضرب عليهم الخراج وبقي عليها حأتى توفي معاوية وتخلف ابنه يزيد. وفيها عزل معاوية الضحاك عن الكوفة وولها عبد الرحأمن بن أم الحكم. وفيها عزل معاوية مروان بن الحكم عن المدينة وأمر عليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان. وفيها عزل معاوية سعيد بن عثمان عن خراسان وأعاد عليها عبيد الله بن زأياد. وفيها شتى عبد الله بن قيس بأرّض الروم. وفيها توفي السائب بن أبي وداعة السهمي الصحابي وكان أسر يوم بدرّ وأسلم بعد ذلك. وفيها توفي عثمان بن طلحة بن شيبة العبدرّي وقيل في سنة تسع وخمسين. وهو جد بني شيبة حأجبة الكعبة وأسلم يوم الفتح وقيل يوم حأنين. وفيها غزا مالك بن عبد الله الخثعمي أرّض الروم وعمرو بن يزيد الجهني في البحر وقيل جنادة بن أبي أمية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. السنة الحادية عشرة من ولية مسلمة وهي سنة ثمان وخمسين: فيها غزا عقبة بن نافع من قبل مسلمة بن مخلد القيروان واختط عقبة مدينة ا لقيروان وابتناها. وفيها توفيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رّضي الله عنهما فقيهة نساء هذه المة وكنيتها أم عبد الله التيمية دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في شوال بعد بدرّ ولها من العمر تسع سنين وهي أحأب نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه بعد خديجة رّوى عنها جماعة كثيرة من الصحابة. قال رّسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " وقالت: قال رّسول الله صلى الله عليه وسلم يو ًما: " يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلم " فقالت: عليه السلم ورّحأمة الله وبركاته ترى ما ل أرّى. وعن عائشة: أن جبريل جاء بصورّتها في خرقة حأرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه زأوجتك في الدنيا والخرة. رّواه الترمذي وحسنه.
قلت: وفضل ومناقب عائشة كثيرة وكانت وفاتها في شهر رّمضان وقال الواقدي: في ليلة سابع عشر رّمضان ودفنت بالبقيع لي منها وصلى عليها أبو ًل فلم تر ليلة أكثر نا ًسا هريرة وماتت ولها ست وستون سنة رّضي الله عنها. وفيها عزل معاوية الضحاك بن قيس عن الكوفة وأستعمل عوضه عبد الرحأمن بن عبد الله الثقفي وهو ابن أم الحكم وهو ابن أخت معاوية وفي عمله في هذه السنة خرجت الخوارّج الذين كان المغيرة بن شعبة حأبسهم فجمعهم حأيان بن ظبيان السلمي ومعاذ بن جوين الطائي فخطباهم وحأثاهم على الجهاد فبايعوا حأيان بن ظبيان وخرجوا إلى بانقيا فسارّ الجيش إليهم من الكوفة فقتلوهم جمي ًعا ثم إن عبد الرحأمن بن أم الحكم طرده أهل الكوفة لسوء سيرته فلحق بخاله معاوية فوله مصر فاستقبله معاوية بن حأديج على مرحألتين من مصر فقال: ارّجع إلى خالك فل تسر فينا سيرتك في إخواننا أهل الكوفة. فرجع إلى معاوية ثم توجه ابن حأديج إلى معاوية في السنة يعاتبه كما نذكره إن شاء الله تعالى بعد وفاة أبي هريرة. وفيها توفي أبو هريرة وقيل في التي بعدها والكثر على أن وفاته في هذه السنة. وفي اسم أبي هريرة واسم أبيه أقوال كثيرة. قال أبو عبد الله الذهبي: أشهرها عبد الرحأمن بن صخر وكان اسمه قبل السلم عبد شمس. ًما فوجدت أولد هرة وقال: كناني أبي بأبي هريرة لني كنت أرّعى غن وحأشية فأخذتها فقال: أنت أبو هريرة. وهو من المكثرين من الصحابة وهو دوسي ودوس: قبيلة من الزأد ومات وله ثمان وسبعون سنة. وفيها وفد معاوية بن حأديج على معاوية بن أبي سفيان الخليفة وكان إذا قدم معاوية على معاوية زأينت له الطرق بقباب الريحان تعظي وعنده أخته أم ًما لشأنه فدخل على معاوية ٍخ! هذا ٍخ ب الحكم فقالت: من هذا يا أمير المؤمنين فقال: ب معاوية بن حأديج فقالت: ل مرحأًبا أسماعك بالمعيدي خير من أن تراه فسمعها معاوية بن حأديج فقال: على رّسلك يا أم الحكم والله لقد تزوجت فما أكرمت وولدت فما أنجبت أرّدت أن يلي ابنك الفاسق علينا فيسير فينا كما سارّ في أهل الكوفة! ما كان الله ليريه ذلك ولو فعله لضربناه ضرًبا يطأطىء منه ولو كره هذا القاعد يعني خاله معاوية فالتفت إليها معاوية وقال لها: كفي فكفت عن الكلم. وفيها توفي عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب أحأد الجواد وله صحبة ورّواية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وأرّبعة عشر إصب ًعا. وفي درّرّ التيجان: وأرّبعة وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وأحأد عشر إصب ًعا. السنة الثانية عشرة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة تسع وخمسين: فيها شتى عمرو بن مرة بأرّض الروم في البر. وفيها حأج بالناس الوليد بن عتبة وقيل عثمان بن محمد بن أبي سفيان. وكثر القتل بين الفريقين حأتى حأجز الليل بينهم وانحازأ المسلمون من ليلتهم فنزلوا جبًل في قيلة بولس ثم عاودوهم وصالحوهم على أن يخلوا لهم الجزيرة. نح ً ثم افتتح أبو المهاجر المذكورّ ميلة وكانت إقامته بها في هذا الغزو وا من سنتين وفيها توفي عبد الله بن عامر بن كريز بن رّبيعة بن حأبيب بن عبد شمس القرشي العبشمي أبو عبد الرحأمن. قال الذهبي: رّأى النبي صلى الله عليه وسلم وله حأديث وهو: " من قتل دون ماله فهو شهيد " ورّوى عنه حأنظلة بن قيس. وأسلم والده يوم الفتح. وفيها توفي مرة بن كعب البهزي السلمي. له صحبة. وفيها توفي سعيد بن العاص بن أبي أحأيحة بن سعيد بن العاص بن أمية أمير الكوفة لعثمان وكان فصي ًحا سخًيا ولد بعيد الهجرة وهلك أبوه يوم بدرّ. وفيها توفي شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرّي حأاجب الكعبة ابن أخت مصعب بن عمير شهد خيبر كاف ًرا ونيته اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم يومئذ. وفيها توفي أبو محذورّة وأسمه الياس وقيل سمرة بن معير الجمحي مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وكان من أندى الناس صوًتا. وخرجت هذه السنة والوالي على الكوفة النعمان بن بشير وعلى البصرة عبيد الله بن زأياد وعلى المدينة الوليد بن عتبة وعلى خراسان عبد الرحأمن بن زأياد وعلى سجستان عباد بن زأياد وعلى كرمان شريك بن العورّ. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وسبعة عشر إصب ًعا. وفي كتاب درّرّ التيجان: وسبعة وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وأحأد عشر إصب ًعا. السنة الثالثة عشرة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة ستين: فيها توفي الخليفة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان - واسم أبي سفيان: صخر بن حأرب بن أمية بن عبد شمس أبو عبد الرحأمن القرشي الموي وأمه هند بنت عتبة بن رّبيعة وأسلم معاوية قبل أبيه في عمرة القضاء وبقي يخاف من الخروج إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أبيه ولي إمرة الشام لعمر ثم لعثمان ثم نازأع علًيا الخلفة حأتى وليها من بعده في سنة أرّبعين من الهجرة بعد موت علي بن أبي طالب وبعد أن سلم إليه الحسن بن علي المر بعد أمورّ وقعت مع علي وابنه الحسن رّضي الله عنهما. قال الذهبي: وأظهر إسلمه يوم الفتح وكان رّجًل طوي جميًل مهيًل إذا ضحك ًل أبيض انقلبت شفته العليا وكان يخضب بالصفرة. قلت: وهو كاتب النبي صلى الله عليه وسلم وأخو زأوجته أم حأبيبة بنت أبي سفيان المقدم ذكرها. وكانت وفاة معاوية في شهر رّجب وله سبع وسبعون سنة وتولى ابنه يزيد الخلفة من بعده. وفيها كانت غزوة مالك بن عبد الله سورّية. وفيها أي ًضا كان دخول جنادة رّودس وهدم بيوتها في قول بعضهم. وفيها توفي أبو عبد الرحأمن بلل بن الحارّث المزني الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم معادن القبلية. عاش ثمانين سنة. وفيها توفي أبو حأميد الساعدي المدني الصحابي أحأد من نزل البصرة من الصحابة وهو الذي وصف صلة النبي صلى الله عليه وسلم. وفيها توفي سمرة بن جندب الصحابي الفزارّي. وفيها حأج بالناس عمرو بن سعيد الشدق وكان العامل على مكة والمدينة. وفيها توفيت الكلبية التي استعاذت من النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها ففارّقها وكان أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثلثة أصابع. السنة الرابعة عشرة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة إحأدى وستين: فيها كانت مقتلة السيد الحسين بن علي بن أبي طالب رّضي الله عنه رّيحانة النبي صلى الله عليه وسلم وابن بنته فاطمة بكربلء في يوم عاشورّاء وقصته طويلة يجرح ذكرها القلوب غير أننا نختصر منها ما نعرف به وفاته وكيفية خروجه حأتى ظفر به. وهو أنه لما ولي يزيد بن معاوية الخلفة بعد موت أبيه بايع الناس السيد الحسين بالخلفة وخرج في جموعه بعد أن خلع الفاسق يزيد المذكورّ من الخلفة فانتدب لقتاله بأمر يزيد ابن مرجانة أعني عبيد الله بن زأياد وقاتله حأتى ظفر به وقتله بعد أمورّ وحأروب. وكان قاتل الحسين رّضي الله عنه الشمر اللعين الطريد من رّحأمة الله قتله بكربلء. وقتل مع الحسين من إخوته لبيه جعفر وعتيق ومحمد والعباس الكبر بنو علي وابن الحسين الكبر علي وهو غير علي زأين العابدين وابنه عبد الله وابن أخيه القاسم بن الحسن ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وأخوه عون. وقتل معه أي ًضا عبد الله وعبد الرحأمن ابنا مسلم بن عقيل رّضي الله عنهم أجمعين. ولما جيء برأس الحسين إلى عبيد الله بن زأياد جعل ينكت بقضيب على ثناياه وقال: إن كان لحسن الثغر! فقال له أنس: لقد رّأيت رّسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه. ثم بعث بالرأس إلى يزيد بن معاوية فلما حأضروا برأس الحسين عند يزيد أنشد: الطويل نففق ها عثمان بن زأياد ابن ًما من أناس أعز ٍة علينا وهم كانوا أعق وأظلما وفيها توفي أبيه أخو عبيد الله بن زأياد المذكورّ مات شاًبا وسنه ثلث وثلثون سنة. وفيها توفيت أم المؤمنين أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية زأوجة النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت عم أبي جهل وبنت عم خالد بن الوليد. بنى بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة ثلث من الهجرة وكانت قبله عند الرجل الصالح أبي سلمة بن عبد السد وهو أخو النبي صلى الله عليه وسلم " من الرضاعة " وكانت من أجمل النساء وطال عمرها وعاشت تسعين سنة وأكثر وهي آخر أمهات المؤمنين وفاة وقد حأزنت على الحسين وبكت عليه كثير. وفيها توفي حأمزة بن عمرو السلم المدني الذي له صحبة. وفيها حأج بالناس الوليد بن عتبة. وفيها توفي جابر بن عتيك النصارّي وقيل جبر وله إحأدى وتسعون سنة وشهد بدًرّا. وفيها توفي علقمة بن قيس النخعي صاحأب عبد الله بن مسعود على خلف في وفاته. وفيها توفي خالد بن عرفطة العذرّي الصحابي له صحبة ورّواية رّوى عنه عبد الله بن يسارّ وأبو إسحاق. وكان ولي الكوفة لزياد ابن أبيه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرّع وستة أصابع مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. وفي درّرّ التيجان وثمانية أصابع. السنة الخامسة عشرة من ولية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة اثنتين وستين: وهي التي مات فيها مسلمة بن مخلد صاحأب الترجمة. وفيها توفي أبو مسلم الخولني اليماني الزاهد سيد التابعين بالشأم واسمه عبد الله بن ثوب وقيل ابن عبيد وقيل ابن مشكم وقيل اسمه يعقوب بن عوف. قدم المدينة من اليمن في خلفة أبي بكر الصديق وكان أسلم في زأمن النبي صلى الله عليه وسلم. وفيها ولى عبيد الله بن زأياد أمير العراق المنذرّ بن الجارّود العبدي على السند. وفيها غزا سالم خوارّزأم فصالحوه على مال. وفيها حأج بالناس عثمان بن محمد بن أبي سفيان بن حأرب وقال ابن الثير: الوليد بن عتبة. وفيها توفي علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك أبو شبل النخعي الكوفي الفقيه المشهورّ خال إبراهيم النخعي قال الذهبي: أدرّك الجاهلية وسمع عمر وعثمان وعلًيا وابن مسعود وأبا الدرّداء وسعد بن أبي وقاص وعائشة وجماعة أخر. وقد ألقاه السود الكذاب في النارّ فلم تضره. قاله إسماعيل بن عياش عن شرحأبيل بن مسلم. قلت: السود الذي كان ادعى النبوة. وفيها ولد محمد بن علي بن عبد الله بن عباس والد السفاح والمنصورّ. وفيها توفي بريدة بن الحصيب السلمي الصحابي مات بمرو وكان أسلم قبل بدرّ. وفيها توفي عبد المطلب بن رّبيعة بن الحارّث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم له صحبة وأخرج له مسلم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثلثة أصابع مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. ذكر ولية سعيد بن يزيد على مصر هو سعيد بن يزيد بن علقمة بن يزيد بن عوف الزأدي أمير مصر من أهل فلسطين. ولي إمرة مصر بعد موت مسلمة بن مخلد من قبل يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ودخلها في مستهل شهر رّمضان سنة اثنتين وستين من الهجرة. وتلقاه أهل مصر ووجوه الناس وفيهم عمرو بن قحزم الخولني فلما رّآه قال: يغفر الله لمير المؤمنين أما كان فينا مائة شاب كلهم مثلك يولي علينا أحأدهم! ثم دخلوا معه. ولم يزل أهل مصر على الشنآن له والعراض عنه والتكبر عليه حأتى توفي يزيد ابن معاوية ودعا عبد الله بن الزبير الناس لبيعته وقامت أهل مصر بدعوته وسارّ منهم جماعة كثيرة إليه فبعث عبد الله بن الزبير عبد الرحأمن بن جحدم أمي واعتزل سعيد ًرا على مصر المذكورّ فكانت ولايته سنتين إل شه ًرا واحأ ًدا. وقال صاحأب كتاب البغية والغتباط فيمن ملك الفسطاط: وله يزيد بن معاوية على صلة مصر فقدمها في استهلل شهر رّمضان سنة اثنتين وستين فأقر عاب الشرطة ثم ًسا على ساق نح ًوا مما قلناه إلى أن قال: وكانت مدته على مصر سنتين وأشهر. قلت: وفي مدة هاتين السنتين وقع له حأروب كثيرة شر ًقا وغرًبا فأما من جهة الشرق فكانت الفتن ثائرة بين ابن الزبير وبين الموية حأتى قدم ابن جحدم إلى مصر وملكها منه ودعا بها لبن الزبير هذا مع الفتن التي. كانت ببلد المغرب من خروج كسيلة البربري وتجرد بسببه غير مرة إلى برقة وغيرها. وأمر كسيلة البربري أنه كان أسلم لما ولي أبو المهاجر إفريقية وحأسن إسلمه فكان من أكابر البربر وصحب أبا المهاجر. فلما ولي عقبة بن نافع إفريقية عرفه أبو المهاجر محل كسيلة وأمره بحفظه فلم يقبل واستخف به. وأتى عقبة بغنم فأمر كسيلة بذبحها وسلخها مع السلخين فقال كسيلة: هؤلء غلماني يكفونني د فشتمه عقبة وأمره بسلخها ففعل فنصح أبو المهاجر فلم يسمع فقال: وإن كان ل بد فأوثقه فإني أخاف عليك منه. فتهاون به عقبة فأضمر كسيلة الغدرّ. فلفا كان الن ورّأى القوم قلة مع عقبة توثب وكان في عسكر عقبة جماعة وافقوا كسيلة ثم رّاسلته الروم فأظهر كسيلة منذ ذلك ما كان أضمر وجمع أهله وبني عمه وقصد عقبة فقال أبو المهاجر لعقبة: عاجله قبل أن يقوى جمعه وكان أبو المهاجر موث ًقا في الحديد مع عقبة فزحأف عنه عقبة إلى كسيلة فتنحى كسيلة عن طريقه ليكثر جمعه ويتعب عقبة فلما رّأى أبو المهاجر ذلك تمثل بقول أبي محجن الثقفي: الطويل كفى حأزًنا أن تطعن الخيل بالقنا وأترك مشدو ًدا علي وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وأغلقت مصارّع من دوني تصم المناديا فبلغ عقبة ذلك فأطلقه وقال له: الحق بالمسلمين فقم بأمرهم وأنا أغتنم الشهادة فلم يفعل وقال: وأنا أي ًضا أرّيد الشهادة فكسر عقبة والمسلمون أجفان سيوفهم وتقدموا إلى البربر وقاتلوهم حأتى قتل المسلمون جميعهم ولم يفلت منهم أحأد وأسر محمد بن أوس النصارّي في نفر يسير فخلصهم صاحأب قفصة وبعث بهم إلى القيروان فعزم زأهير بن قيس البلوي على القتال فلم يوافقه جيش الصنعاني وعاد إلى مصر وتبعه أكثر الناس من العساكر المصرية من جند سعيد صاحأب مصر فاضطر زأهير إلى العود معهم فسارّ إلى برقة وأقام بها وبعث يستمد المصريين ووقع له أمورّ إلى أن ملك إفريقية في سنة تسع وستين. وأما كسيلة فاجتمع إليه جميع أهل إفريقية وقصد القيروان وبها أصحاب النفال والذرّارّي من المسلمين فطلبوا المان من كسيلة فآمنهم ودخل القيروان واستولى على إفريقية وأقام بها من غير مدافع إلى أن قوي أمر عبد الملك بن مروان وندب زأهي ثانية وأمده ًرا بالعساكر حأتى استولى على إفريقية ودعا بها لعبد الملك بن مروان. وكان زأهير بن قيس المذكورّ في هذه المدة مراب أمراء مصر ًطا ببرقة ومن ولي من يعضده إلى أن كان ما كان. ولية سعيد بن يزيد على مصر وهي سنة ثلث وستين: وفيها غزا عقبة بن نافع القيروان وسارّ حأتى دخل السوس القصى وغنم وسلم ورّد من القيروان فلقيه كسيلة النصراني فدافعه عقبة بمن معه فاستشهد عقبة بن نافع المذكورّ في الوقعة وأبو المهاجر مولى النصارّ وعامة أصحابهما. ثم سارّ كسيلة فخرج لحربه زأهير بن قيس البلوي خليفة عقبة على القيروان وواقعه فانهزم زأهير إلى برقة وأقام بها سنين إلى أن ندبه عبد الملك بن مروان لقتاله ثانًيا فتوجه إليه وواقعه فقتل اللعين كسيلة وهزم جنوده وقتلت منهم مقتلة عظيمة وقد مر ذلك كله في أول الترجمة مفصًل. وفيها بعث سلم بن زأياد ابن أبيه طلحة بن عبد الله الخزاعي والًيا على سجستان وأمره أن يفدي إخاه من السر ففداه بخمسمائة ألف وأقدمه على أخيه. وفيها كانت وقعة الحرة على باب طيبة وهو أن يزيد بن معاوية بعث إليها جي ًشا عليهم مسلم بن عقبة المري حأين خالفوا عليه وأمره بهتك حأرمة المدينة وكان مع مسلم اثنا عشر أل ًفا فوصل مسلم المذكورّ إلى المدينة وفعل فيها ما ل يفعله مسلم فإنه قتل في هذه الوقعة خل ًقا من المهاجرين والنصارّ وانتهكت حأرمة المدينة وآنتهبت وآفتضت فيها ألف عذرّاء واستشهد فيها عبد الله بن حأنظلة الغسيل في ثمانية من بيته وله صحبة ورّواية وقتل فيها أي ًضا معقل بن سنان الشجعي صب عبد الله بن زأيد بن ًرا وأستشهد أي ًضا عاصم المازأني النجارّي وله صحبة ورّواية وأستشهد فيها أي ًضا أفلح مولى أبي أيوب ومحمد بن عمرو بن حأزم النصارّي: ولد في حأياة النبي صلى الله عليه وسلم ومحمد بن ثابت بن قيس بن شماس: حأنكه رّسول الله صلى الله عليه وسلم بريقه ومعاذ بن الحارّث النصارّي أبو حأليمة القارّي الذي أقامه عمر يصلي التراويح في شهر رّمضان وتوفي رّسول الله صلى الله عليه وسلم وله ست سنين - ومحمد بن أبي الجهم بن حأذيفة ومحمد بن أبي حأذيفة العدوي كل هؤلء قتلوا يومئذ وهذا مما اختصرته من مقالة الذهبي. وقد ذكر هذه الواقعة أي ًضا أبو المظفر وساق فيها أموًرّا شنيعة إلى الغاية وفيما ذكرناه كفاية يعرف منها حأال مسلم بن عقبة المذكورّ. ويكفيك أنه من يومئذ سمي مسلم المذكورّ مسرف بن عقبة. وقيل: إنه أدرّك النبي صلى الله عليه وسلم يأتي ذكر ذلك في وفاته قريًبا. انتهى أمر مسرف بن عقبة. وقال خليفة: جميع من أصيب من قريش والنصارّ يوم الحرة ثلثمائة وستة رّجال ثم سرد أسماءهم في ثلث أورّاق. وفيها توفي مسروق بن الجدع واسم الجدع عبد الرحأمن بن مالك بن أمية أبو عائشة الهمداني ثم الوداعي الكوفي مخضرم أعني أنه ولد في زأمان النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم بعد ذلك وسمع أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم. وممن قتلوا أي ًضا في الحرة زأيد بن عاصم وليس هو بصاحأب الذان ذاك زأيد بن ثعلبة والزبير بن عبد الرحأمن بن عوف. وحأج بالناس عبد الله بن الزبير. وفيها توفي رّبيعة بن كعب السلمي من أهل الصفة رّوى له مسلم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وسبعة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. السنة الثانية من ولية سعيد بن يزيد على مصر وهي سنة أرّبع وستين: فيها حأج بالناس عبد الله بن الزبير. وكان عامله على المدينة أخوه عبيدة بن الزبير وعلى الكوفة عبد الله بن يزيد الخطمي وولى قضاءها سعيد بن نمران وأبى شريح أن يقضي في الفتنة وعلى البصرة عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي وعلى قضائها هشام بن هبيرة وعلى خراسان عبد الله بن خازأم. وفيها توفي مسلم بن عقبة المسمى مسر ًفا المقدم ذكره في وقعة الحرة. قال محمد بن جرير الطبري: ولما فرغ مسلم من وقعة الحرة توجه إلى مكة واستخلف على المدينة رّوح بن زأنباع الجذافي فأدرّك مسل الحصين بن ًما الموت فعهد بالمر إلى نمير. ًما هذا أدرّك النبي صلى الله عليه وذكر الذهبي رّحأمه الله أن مسل وسلم. قلت: ولهذا أمسكنا عن الكلم في أمره. وشهد مسلم صفين مع معاوية وكان على الرجالة. وفيها توفي الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وقد تقدم نسبه في ترجمة أبيه معاوية مات في نصف شهر رّبيع الول. وكان بويع الخلفة بعد موت أبيه معاوية في شهر رّجب سنة ستين فكانت خلفته ثلث سنين وسبعة أشهر وأيا القائل: الطويل ًما وكان فاس ًقا قليل الدين مدمن الخمر وهو أقول لصح ٍب ضمت الكأس شملهم وداعي صبابات الهوى يترنم خنوا بنصي من نعيم ٍب ولذ ٍة فكل وإن طال المدى يتصرم وله أشياء كثيرة غير ذلك غير أنني أضربت عنها لشهرة فسقه ومعرفة الناس بأحأواله. وقد قيل: إن رّجًل قال في مجلس عمر بن عبد العزيز عن يزيد هذا أمير المؤمنين فقال له عمر بن عبد العزيز: تقول: أمير المؤمنين! وأمر به فضرب. ًرا له. عشرين سو ًطا تعزي ولما مات يزيد هذا ولي الخلفة من بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثالث خلفاء بني أمة وكان رّجًل صال ًحا فلم يرد الخلفة وخلع نفسه منها ومات بعد قليل. خلفة معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الموي ثالث خلفاء بني أمية ووفاته كنيته أبو عبد الرحأمن ويقال: أبو يزيد. بويع الخلفة بعد موت أبيه يزيد بعهد منه إليه وذلك في شهر رّبيع الول من سنة أرّبع وستين وكان مولده سنة ثلث وأرّبعين فلم تطل مدته في الخلفة. قال أبو حأفص الفلس: ملك أرّبعين ليلة ثم خلع نفسه فإنه كان رّجًل صال ًحا ولهذا يقال في حأق أبيه: يزيد شر بين خيرين يعنون بذلك بين أبيه معاوية بن أبي سفيان وابنه معاوية هذا. وقيل: إن معاوية هذا لما أرّاد خلع نفسه جمع الناس وقال: أيها الناس ضعفت عن أمركم فاختارّوا من أحأببتم فقالوا: ول أخاك خال ًدا. فقال: والله ما ذقت حألوة خلفتكم فل أتقلد وزأرّها. ثم صعد المنبر فقال: أيها الناس إن جدي معاوية نازأع المر أهله ومن هو أحأق به منه لقرابته من رّسول الله صلى الله عليه وسلم وهو علي بن أبي طالب ورّكب بكم ما تعلمون حأتى أتته منيته فصارّ في قبره رّهيًنا بذنوبه وأسي قلد أبي المر ًرا بخطاياه ثم فكان غير أهل لذلك ورّكب هواه وأخلفه المل وقصر عنه الجل وصارّ في قبره رّهيًنا بذنوبه وأسي أعظم المورّ ًرا بجرمه ثم بكى حأتى جرت دموعه على خديه ثم قال: إن من علينا علمنا بسوء مصرعه وبؤس منقلبه وقد قتل عترة رّسول الله صلى الله عليه وسلم وأباح الحرم وخرب الكعبة وما أنا بالمتقفد ول بالمتحمل تبعاتكم فشأنكم أمركم والله ًرا فلقد نلنا منها حأ ًظا ولئن كانت ش ًرا فكفى ذرّية لئن كانت الدنيا خي أبي سفيان ما أصابوا منها أل فليصل بالناس حأسان ابن مالك وشاورّوا في خلفتكم رّحأمكم الله. ثم دخل منزله وتغيب حأتى مات في سنته بعد أيام. وفيها توفي شداد بن أوس بن ثابت وهو ابن أخي حأسان بن ثابت. وفيها توفي المسورّ بن مخرمة بمكة في اليوم الذي ورّد فيه خبر موت يزيد بن معاوية. ًما وكان سبب موته أنه أصابه حأجر منجنيق في جانب وجهه فمرض أيا ومات. وفيها وثب مروان بن الحكم على المر وبويع له بالخلفة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. ولية عبد الرحأمن بن جحدم على مصر هو عبد الرحأمن بن عقبة بن إياس بن الحارّث بن عبد أسد بن جحدم بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الدال المهملة أي ًضا وبعدها ميم ساكنة الفهري أمير مصر. وليها من قبل عبد الله بن الزبير بن العوام لما بويع بالخلفة في مكة وبايعه المصريون وتوجه إليه منهم جماعة كثيرة وبايعوه فأرّسل إليهم عبد الرحأمن هذا فوصل إلى مصر في شعبان سنة أرّبع وستين التي ذكرنا حأوادثها في إمرة سعيد بن يزيد المقدم ذكره ودخل معه مصر جماعة كثيرة من الخوارّج وأظهروا دعوة عبد الله بن الزبير بمصر ودعوا الناس لبيعته فتابعهم الناس والجند على ما في قلوبهم من الحب في الباطن لبني أمية. ولما دخل عبد الرحأمن المذكورّ إلى مصر وتم أمره أقر عاب الشرطة والقضاء ًسا على بمصرة فبينما هم في ذلك وصل الخبر من الشأم ببيعة مروان بن الحكم بالخلفة وأن أمره تم فصارّت مصر معه في الباطن وفي الظاهر لبن الزبير حأتى جهز مروان بن الحكم جي ًشا مع ابنه عبد العزيز إلى أيلة ليدخل مصر من هناك. ثم رّكب مروان بن الحكم في جيوشه وجموعه وقصد مصر فلما بلغ عبد الرحأمن بن جحدم ذلك استعذ لحربه وحأفر خند ًقا في شهر أو قريب من شهر وهو الذي بالقرافة. وسارّ مروان حأتى نزل مدينة عين شمس أعني المطرية خارّج القاهرة فخرج إليه عبد الرحأمن فتحارّبوا يو ًما أو يومين فكانت بين الفريقين مقتلة كبيرة. ويدفع إليه ماً ثم آل المر بينهما إلى الصلح واصطلحا على أن مروان يقر عبد الرحأمن ل وكسوة ودخل مروان مصر في غرة جمادى الولى سنة خمس وستين. وقال صاحأب البغية في آخر جمادى الولى من السنة. ومدة مقام ابن جحدم فيها إلى أن دخل مروان تسعة أشهر. وبايعه الناس إل قلي عمرو بن ًل فضرب أعناقهم وجعل على الشرطة في مدة مقامه سعيد بن العاص وخرج منها يعني مروان لهلل رّجب سنة خمس وستين. انتهى كلم صاحأب البغية. وقال غيره: وعزل مروان عبد الرحأمن بن جحدم عن إمرة مصر وكانت مدة ولايته عليها ًما. تسعة أشهر وأيا وفتح مروان خزائنه ووضع العطاء فبايعه الناس إل نف ًرا من المعافر قالوا: ل نخلع بيعة عبد الله بن الزبير. فضرب مروان أعناقهم وكانوا ثمانين رّجًل وذلك في نصف جمادى الخرة. وكان في ذلك اليوم موت عبد الله بن عمرو بن العاص فلم يستطع أحأد أن يخرج بجنازأته إلى المقبرة فدفنوه بدارّه لشغب الجند على مروان. ثم ضرب مروان عنق الكدرّ بن حأمام اللخمي سيد لخم وكان من قتلة عثمان رّضي الله عنه ثم ولى مروان ابنه عبد العزيز بن مروان على مصر وجمع له الصلة والخراج م ًعا. ثم خرج منها مروان يريد الشأم بعد أن أوصى ولده عبد العزيز بوصايا كثيرة مضمونها الرفق بأهل مصر. وكان خروج مروان من مصر في أول يوم من شهر رّجب. وقال ابن كثير: وفيها يعني سنة خمس وستين دخل مروان بن الحكم وعمرو بن سعيد الشدق إلى مصر فأخذاها من نائبها لعبد الله بن الزبير. وكان سبب ذلك أن مروان قصدها فخرج إليه نائبها عبد الرحأمن بن جحدم فقابله مروان ليقاتله فاشتغل به وخلص عمرو بن سعيد بطائفة من الجيش من ورّاء عبد الرحأمن بن جحدم فدخل مصر وملكها وهرب عبد الرحأمن بن جحدم. ودخل مروان إلى مصر فتملكها وجعل عليها ولده عبد العزيز بن مروان. انتهى كلم ابن كثير برمته. وقال ابن الثير في كتابه الكامل: ذكر فتح مروان مصر قال: ولما قتل الضحاك وأصحابه وأستقر الشأم لمروان سارّ إلى مصر فقدمها وعليها عبد الرحأمن بن جحدم القرشي يدعو إلى ابن الزبير فخرج إلى مروان فيمن معه. وبعث مروان عمرو بن سعيد من ورّائه حأتى دخل مصر فقيل لبن جحدم ذلك فرجع. وبايع الناس مروان ورّجع إلى دمشق فلما دنا منها بلغه أن ابن الزبير قد بعث إليه أخاه مصع ًبا في جيش فأرّسل إليه مروان عمرو بن سعيد قبل أن يدخل الشأم فقاتله فانهزم مصعب وأصحابه وكان مصعب شجا ًعا ثم عاد مروان إلى دمشق فاستقر بها. وكان الحصين بن نمير ومالك بن هبيرة قد اشترطا على مروان شرو ًطا لهما ولخالد بن شرو ً يزيد فلما توطد ملكه قال ذات يوم ومالك عنده: إن قو ًما يدعون طا منهم عطارّة مكحلة يعني مال تردي تهامة ويبلغ ًكا فإنه كان يتطيب ويتكحل فقال مالك هذا: ولما الحزام الطبيين! فقال مروان: مه ًل يا أبا سليمان إنما داعبناك فقال: هو ذاك. انتهى كلم ابن الثير برمته. قلت: وكانت أيام عبد الرحأمن هذا على مصر مع قصر مدته كثيرة الفتن والحروب من أولها إلى آخرها غير أنه حأج بالناس من مصر في أيامه وبنى عبد الله بن الزبير الكعبة ولم يحج أحأد من الشأم في هذه السنة. قال ابن الثير: لما احأترقت الكعبة حأين غزا أهل الشأم عبد الله بن الزبير أيام يزيد بن معاوية تركها ابن الزبير يشنع بذلك على أهل الشأم. فلما مات يزيد واستقر المر لبن الزبير شرع في بنائها فأمر بهدمها حأتى التحقت بالرّض وكانت قد مالت حأيطانها من حأجارّة المنجنيق وجعل الحجر السود عنده وكان الناس يطوفون من ورّاء الساس وضرب عليها السورّ وأدخل فيها الحجر واحأتج بأن رّسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رّضي الله عنها: " لول حأدثان عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم - عليه السلم - وأزأيد فيها من الحجر ". فحفر ابن الزبير فوجد أساسا أمثال الجبال فحركوا منها صخرة فبرقت بارّقة فقال: أقروها على أساسها وبنائها. وجعل لها بابين يدخل من أحأدهما ويخرج من الخر وقيل كانت عمارّتها سنة أرّبع وستين. السنة التي حأكم فيها عبد الرحأمن بن جحدم على مصر من قبل عبد الله بن الزبير وهي سنة خمس وستين: فيها وقع الطاعون الجارّف بالبصرة - في قول ابن الثير - وعليها عبد الله بن عبيد الله بن معمر فهلك خلق كثير وماتت أم عبيد الله فلم يجدوا لها من يحملها. وفيها حأج بالناس عبد الله بن الزبير وكان على المدينة أخوه مصعب بن الزبير وعلى الكوفة عبد الله بن مطيع وعلى البصرة الحارّث بن أبي رّبيعة المخزومي وعلى خراسان عبد الله بن خازأم. وفيها وجه مروان بن الحكم الخليفة حأبيش بن دلجة في أرّبعة آلف إلى المدينة وقال له: أنت على ما كان عليه مسلم بن عقبة. فسارّ حأبيش ومعه عبيد الله بن الحكم أخو مروان وأبو الحجاج يوسف الثقفي وابنه الحجاج وهو شاب فجهز متولي البصرة من جهة ابن الزبير وهو عبيد الله التيمي جي ًشا من البصرة فالتقوا مع حأبيش بن دلجة في أول شهر رّمضان فقتل حأبيش بن دلجة وعبيد الله بن الحكم وأكثر الجيش وهرب من بقي وهرب يوسف وابنه الحجاج وفيها دعا عبد الله بن الزبير محمد بن الحنفية إلى بيعته فأبى محمد فحصره في شعب بني هاشم في جماعته وتوعدهم. وفيها دخل المهلب بن أبي صفرة إلى خراسان أمي الزبير وحأارّب ًرا عليها من قبل ابن الزأارّقة أصحاب ابن الزأرّق وقاتلهم حأتى كسرهم وقتل منهم أرّبعة آلف وثمانمائة. قال الذهبي: ووقع أي ًضا في هذه السنة بين مروان وبين ابن الزبير حأروب كثيرة حأتى توفي مروان حأسبما يأتي ذكره. وفيها توفي مالك بن هبيرة السكوني له صحبة برسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيها توفي الخليفة مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس أبو عبد الملك القرشي الموي ويقال أبو القاسم وأبو الحكم ولد بمكة بعد عبد الله بن الزبير بأرّبعة أشهر. قال الذهبي: ولم يصح له سماع عن رّسول الله صلى الله عليه وسلم لكن له رّؤية إن شاء الله. قلت: وهو ابن عم عثمان بن عفان وكاتبه ومن أجله كان ابتداء فتنة عثمان رّضي الله عنه وقتله ثم انضم إلى ابن عمه معاوية بن أبي سفيان وتولى عدة أعمال إلى أن وثب على المر بعد أولد يزيد بن معاوية أعني معاوية وخال ًدا وبويع بالخلفة فلم تطل مدته ومات في أول شهر رّمضان. وفي سبب موته خلف كثير وعهد بالخلفة من بعده إلى ابنه عبد الملك ثم من بعده إلى ابنه عبد العزيز أمير مصر وكان أوًل أرّاد أن يعهد لخالد بن يزيد بن معاوية فإنه كان خلعه من الخلفة وتزوج بأمه ثم بدا له أن يعهد لولديه عبد الملك وعبد العزيز ثم ما كفاه فزبره وقال: تنح يا بن رّطبة الست! والله ما لك عقل وبلغ أم خالد ذلك فأضمرت له السوء فدخل مروان عليها وقال لها: هل قال لك خالد شيًئا فأنكرت فنام عندها فوثبت هي وجوارّيها فعمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه وغمرته هي والجوارّي حأتى مات ثم صرخن وقلن: مات فجأة. وقال الهيثم: إنه مات مطعوًنا بدمشق. والله أعلم. وفي حأدودها توفي قيس بن ذرّيح أبو زأيد الليثي الشاعر المشهورّ. كان من بادية الحجازأ وهو الذي كان يشبب بأم معمر لبنى بنت الحباب الكعبية ثم إنه الرضاعة ثم أمر قي ً تزوج بها وقيل: إنه كان أخا الحسين بن علي رّضي الله عنهما من سا هذا أبوه بطلق لبنى فطلقها وفارّقها ثم قال فيها تلك الشعارّ الرائقة من ذلك قوله: الطويل ولكن قلبى قد تقسمه الهوى شتاًتا فما ألفى صبوًرّا ول جلدا وله بيت مفرد: الطويل وكل ملمات الزمان وجدتها سوى فرقة الحأباب هينة الخطب وفي حأدودها أي ًضا توفي قيس بن معاذ المجنون ومن ثم يقاس الجنون بمجنون ليلى وقيل اسمه البختري بن الجعد وقيل غير ذلك. وليلى محبوبته: هي ليلى بنت مهدي أم مالك العامرية الربعية وهو من بني عامر بن صعصعة وقيل من بني كعب بن سعد قيل إنه علق بليلى علقة الصبا لنهما كانا صغيرين يرعيان أغنا عنه ليلى فزال ًما لقومهما فعلق كل واحأد منهما بالخر فلما كبرا احأتجبت عقله وفي ذلك يقول: الطويل تعلقت ليلى وهي ذات ذؤاب ٍة ولم يبد للتراب من ثديها حأجم صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم ثم عظم المر به إلى أن صارّ أمره إلى ما هو أشهر من أن يذكر. ٍن وستين. وقيل إنهما ماتا في سنة ثما وفيها توفي عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم وقد تقدم بقية نسبه في ترجمة أبيه عمرو بن العاص الموي الصحابي وكنيته أبو محمد ويقال أبو عبد الرحأمن القرشي السهمي كان من نجباء الصحابة وعلمائهم وهو من المكثرين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ذكرنا يوم وفاته في دخول مروان بن الحكم إلى مصر عندما أزأال عنها عبد الرحأمن بن جحدم. وفيها توفي النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة أبو عبد الله ويقال أبو محمد النصارّي الخزرّجي الصحابي ابن أخت عبد الله بن رّواحأة. ولد سنة اثنتين من الهجرة وحأفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أحأاديث وولي قضاء دمشق لمعاوية بن أبي سفيان. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا. وفي درّرّ التيجان: خمسة أذرّع وستة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. ولية عبد العزيز بن مروان على مصر هو عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الموي أمير مصر كنيته أبوا لصبغ مولده بالمدينة ثم دخل الشام مع أبيه مروان وكانت دارّه بدمشق وهي الدارّ التي للصوفية الن المعروفة بالسميساطية ثم كانت لبنه عمر بن عبد العزيز بعده. وولي إمرة مصر لبيه مروان في غرة شهر رّجب سنة خمس وستين على الصلة والخراج م ًعا بعد ما عهد له وكان السبب في بيعتهما أن عمرو بن سعيد بن العاص لما هزم مصعب بن الزبير حأين وجهه أخوه عبد الله إلى فلسطين رّجع إلى مروان وهو فبلغ مروان أن عم ً بدمشق را يقول: إن المر لي بعد مروان فدعا مروان حأسان بن ثابت فأخبره بما بلغه عن عمرو فقال: أنا أكفيك عم ًرا فلما اجتمع الناس عند مروان عشًيا قام حأسان فقال: إنه بلغنا أن رّجا العزيز من ًل يتمنون أماني قوموا فبايعوا لعبد الملك ثم لعبد بعده فبايعوا إلى آخرهم. ومات أبوه بعد مدة يسيرة حأسبما تقدم ذكره واستقر أخوه عبد الملك بن مروان في الخلفة من بعده فأقر عبد العزيز هذا على عمل مصر على عادته. وقد رّوى عبد العزيز هذا الحديث عن أبيه وعبد الله بن الزبير وعقبة بن عامر وأبي هريرة ورّوى عنه ابنه عمرو بن عبد العزيز والزهري وعلي بن رّباح وجماعة. قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث. وقال غيره: كان يلحن في كلمه ثم تعلم العربية فأحأسن تعلمها وكان فصي ًحا جوا ًدا ذا مروءة وكرم وكان أبوه مروان عقد له البيعة بعد عبد الملك ثم وله مصر وهو معدود من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام. وكان عبد العزيز هذا قد حأده عمرو بن سعيد الشدق في شراب شربه فوجد عليه ابنه عمر بن عبد العزيز فلما ولي عمر المدينة وجد إسحاق بن علي بن عبد الله بن جعفر في بيت خليدة العرجاء فحده عمر حأد الخمرة فقال إسحاق: يا عمر كل الناس جلدوا في الخمر - يعرض بأبيه عبد العزيز. ولما أقام عبد العزيز بمصر وقع بها الطاعون في سنة سبعين فخرج عبد العزيز من مصر ونزل بحلوان فأعجبته فاتخذها سكًنا وجعل بها الحرس والعوان وبنى بها الدورّ والمساجد وعمرها أحأسن عمارّة وغرس نخلها وكرمها. ثم جهز البعث لقتال ابن الزبير في البحر في سنة اثنتين وسبعين. ثم لما طالت أيام عبد الملك في الخلفة بعد قتل عبد الله بن الزبير ثقل عليه أمر عبد العزيز هذا وأرّاد أن يخلعه من ولية العهد ويجعلها عبد الملك لولديه الوليد وسليمان من بعدي فمنعه قبيصة بن ذؤيب من ذلك وكان قبيصة على خاتم عبد الملك وقال له: ل تفعل ذلك فإنك باعث على نفسك صوًتا ولعل الموت يأتيه فتستريح منه فكف عن ذلك ونفسه تنازأعه حأتى دخل عليه رّوح بن زأنباع الجذامي وكان أجل الناس عند عبد الملك فشاورّه في ذلك فقال رّوح: لو خلعته ما انتطح فيها عنزان فبينما هما على ذلك وقد نام عبد الملك ورّوح تلك الليلة عنده إذ دخل عليهما قبيصة لي يحجب عن عبد الملك ًل وكان ل وكانت الخبارّ والكتب تأتيه فيقرؤها قبل عبد الملك فقيل له: قد جاء قبيصة فدخل قبيصة فقال: آجرك الله يا أمير المؤمنين في عبد العزيز. فاسترجع عبد الملك وقال لروح: يا أبا زأرّعة كفانا الله ما أجمعنا عليه فقال له قبيصة: فداك ما أرّدت ولم تقطع رّحأم أبيك ولم تأت مات عاب به ولم يظهر منك غدرّ. وقيل غير ذلك: وهو أن عبد الملك كتب لخيه عبد العزيز هذا: يا أخي إن رّأيت أن تصير المر لبن أخيك الوليد فافعل فأبى عبد العزيز فكتب إليه عبد الملك ثانية: فاجعله من بعدك فإنه أعز الخلق إلي فكتب إليه عبد العزيز: إني أرّى في أبي بكر بن عبد العزيز يعني ابنه ما تراه في الوليد فكتب عبد الملك إليه ثالثة: فاحأمل خراج مصر إلي فكتب إليه عبد العزيز: إني وإياك قد بلغنا سًنا لم يبلغها أحأد من أهلنا وإنا ل ندرّي أينا يأتيه الموت أوًل فإن رّأيت آل تغنث علي بقية عمري ول يأتيني الموت إل وأنت واصل فافعل فرق له عبد الملك وقال: ل أغنث عليه بقية عمره وقال لبنيه الوليد وسليمان: إن يرد الله أن يعطيكماها لم يقدرّ أحأد من الخلق على رّدها عنكما ثم قال لهما: هل قارّفتما ًما قط. حأرا قال: ل والله فقال عبد الملك: نلتماها ورّب الكعبة. وقيل: إن عبد العزيز لمارّد كلم عبد الملك قال عبد الملك: اللهم إنه قد قطعني فاقطعه. فلما مات عبد العزيز قال أهل الشام: رّد على أمير المؤمنين أمره فدعا عليه فاستجيب له فيه. قلت: وكانت وفاة عبد العزيز في ثالث عشر جمادى الولى سنة ست وثمانين من الهجرة وقيل سنة خمس وثمانين فكانت ولايته على مصر عشرين سنة وعشرة أشهر وثلثة عشر يو ًما. وتولى مصر من بعده عبد الله بن عبد الملك بن مروان. وقال محمد بن الحارّث المخزوي: دخل رّجل على عبد العزيز في ولايته على مصر يشكو إليه صه ًرا له فقال: إن ختني ظلمني فقال له عبد العزيز: من ختنك فقال: الرجل الختان الذي يختن الناس فقال عبد العزيز لكاتبه: ما هذا الجواب فقال: أيها المير إنك لحنت والرجل يعرف اللحن وكان ينبغي أن تقول: من ختنك بالضم فقال عبد العزيز: أتراني أتكلم بكلم ل تعرفه العرب والله ل شاهدت الناس حأتى أعرف اللحن فأقام في بي ٍت جمع ًة ل يظهر ومعه من يعلمه النحو فصلى بالناس الجمعة الخرى وهو أفصح الناس. وقال الذهبي في كتابه تذهيب التهذيب بعد أن ساق نبذة من نسبه و ولايته ورّوايته بنحو ما قلناه إلى أن قال: رّوى ابن عجلن عن القعقاع بن حأكيم أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى ابن عمر: ارّفع إلي حأاجتك فكتب إليه ابن عمر يعني عبد الله: إن رّسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اليد العليا خير من اليد السفلى. وابدأ بمن تعول ولست أسألك شيًئا ول أرّد رّزأ ًقا رّزأقنيه الله عز وجل. وقال يزيد بن أبي حأبيب عن سويد بن قيس: بعثني عبد العزيز بن مروان بألف دينارّ لبن عمر فجئته بها ففرقها. وقال محمد بن هانىء الطائي عن محمد بن أبي سعيد قال: قال عبد العزيز بن مروان: ما نظر إلي رّجل قط فتأملني إل سألته عن حأاجته. ثم قال بعد كلم آخر: وكان يقول عبد العزيز بن مروان: واعجًبا من مؤمن يوقن أن الله يرزأقه ويوقن أن الله يخلف عليه كيف يدخر ما حأسن سماع!. ًل عن عظيم أجر أو قلت: وكان عبد العزيز جوا ًدا ممد ًحأا سيو ًسا حأازأ ًما. قال ابن سعد: مات بمصر سنة خمس وثمانين قبل أخيه عبد الملك بسنة. وقال الحافظ ابن يونس: ولي مصر عشرين سنة. وقال الليث بن سعد: توفي في جمادى الخرة سنة ست وثمانين وله حأديث وهو: سمعت أبا هريرة يقول: قال رّسول الله صلى الله عليه وسلم: " شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع " انتهى كلم الذهبي باختصارّ. قلت: وعبد العزيز هذا هو الذي أشارّ على أخيه عبد الملك بضرب الدرّاهم والدنانير فضربها في سنة ست وسبعين. وعبد الملك أول من أحأدث ضربها في السلم فانتفع الناس بذلك. وكان سبب ضربها أنه كتب في صدرّ كتاب إلى الروم: " قل هو الله أحأد " وذكر النبي صلى الله عليه وسلم مع التارّيخ فكتب إليه ملك الروم: إنكم قد أحأدثتم كذا وكذا فاتركوه وإل أتاكم في دنانيرنا من ذكر نبيكم ما تكرهون فعظم ذلك عليه فأحأضر خالد بن يزيد بن معاوية فاستشارّه فيه فقال: حأرم دنانيرهم واضرب للناس سكة وفيها ذكر الله تعالى " ول تعفهم مما يكرهون في الطوامير ". ثم استشارّ أخاه عبد العزيز فأشارّ عليه أي ًضا بذلك فضرب الدنانير والدرّاهم. ثم إن الحجاج ضرب الدرّاهم ونقش فيها: " قل هو الله أحأد " فكره الناس ذلك لمكان القرآن فإن الجنب والحائض يمسها ونهى أن يضرب أحأد غيره فضرب سمير اليهودي فأخذه الحجاج ليقتله فقال له: عيارّ درّاهمي أجود من عيارّ درّاهمك فلم تقتلني. فلم يتركه فوضع للناس سنج الوزأان ليتركه فلم يفعل وكان الناس ل يعرفون الوزأن بل يزنون بعضها ببعض فلما وضع لهم سمير السنج كف بعضهم عن غبن بعض. وأول من شدد في أمر الوزأن وخلص الفضة أبلغ من تخليص من كان قبله عمر بن هبيرة أيام يزيد بن عبد الملك وجود الدرّاهم ثم خالد بن عبد الله القسري أيام هشام بن عبد الملك فاشتد فيه أكثر من ابن هبيرة. ثم ولي يوسف بن عمر فأفرط في الشدة وامتحن يو ًما العيارّ فوجد درّه ًما ينقص حأبة فضرب كل صانع ألف سوط. وكانوا مائة صانع فضرب في حأبة واحأدة مائة ألف سوط. وكانت الدرّاهم الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود نقود بني أمية ولم يكن أبو جعفر المنصورّ يقبل في الخراج غيرها فسميت الدرّاهم الولى مكروهة. وقيل: إن الدرّاهم المكروهة هي الدرّاهم التي ضربها الحجاج ونقش عليها: " قل هو الله أحأد " فكرهها العلماء. ًرّا فكانوا يضربون منها وكانت درّاهم العاجم مختلفة كبا المثقال وزأن عشرين ًرّا وصغا ًطا وعشرة قرارّيط وهي أصناف المثاقيل فلما قيرا ضربوا الدرّاهم ًطا واثني عشر قيرا في السلم أخذ الوسط من ثلث هذا العدد وهو أرّبعة عشر قيرا الدرّهم العربي ًطا فصارّ ًطا ووزأن كل عشرة درّاهم سبعة مثاقيل. أرّبعة عشر قيرا بن مروان على مصر وهي سنة ست وستين: فيها عزل عبد الله بن الزبير عن الكوفة أميرها وأرّسل عليها عبد الله بن مطيع وفي أثناء هذا المر خرج المختارّ الكذاب من السجن والتف عليه خلق من الشيعة وقويت شوكته وضعف أمر عبد الله بن مطيع معه ثم إنه توثب بالكوفة فقاتله طائفة من أهل الكوفة فهزمهم وقتل منهم رّفاعة بن شداد وعبد الله بن سعد بن قيس وغلب على الكوفة وهرب منه عبد الله بن مطيع إلى ابن الزبير وجعل المختارّ يتتبع قتلة الحسين بن علي فقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص وشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين بن علي ثم افترى المختارّ على الله أنه يأتيه جبريل بالوحأي فلهذا قيل عنه: المختارّ الكذاب. وفيه يقول سراقة بن مرداس: الوافر كفرت بوحأيكم وجعلت نذًرّا علي هجاءكم حأتى الممات أرّي عيني ما لم ترأياه كلنا عالم بالترهات وفيها أي ًضا التقى المختارّ مع عبيد الله بن زأياد فقتل عبيد الله بن زأياد وقتل معه شرحأبيل بن ذي الكلع وحأصين بن نمير السكوني واصطلم المختارّ جيشهم وقتل خل ًقا كثي وقيل إن ذلك ًرا وطيف برؤوس هؤلء في التية. وفيها حأج بالناس عبد الله بن الزبير. وكان عامله على المدينة أخاه مصعب بن الزبير وعامله على البصرة عبد الله بن أبي رّبيعة المخزومي وكان بالكوفة المختارّ متغلًبا عليها وبخراسان عبد الله بن خازأم. . وفيها توفي أسماء بن حأارّثة السلمي وحأارّثة بالحاء وله صحبة وهو من أصحاب الصفة وقيل: إنه مات قبل ذلك. وفيها توفي جابر بن سمرة وهو ابن أخت سعد بن أبي وقاص على خلف في وفاته. وفيها توفي أسماء بن خارّجة بن حأصين بن حأذيفة بن بدرّ الفزارّي سيد قومه في قول. وفيها كان الطاعون بمصر ومات فيه خلئق عظيمة وهذا خامس طاعون مشهورّ في السلم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرّع وسبعة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وإصبعان. السنة الثانية من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة سبع وستين: فيها كانت الواقعة بين إبراهيم بن الشتر النخعي وبين عبيد الله بن زأياد وكان ابن الشتر من حأزب المختارّ وكان في ثمانية آلف من الكوفيين وكان عبيد الله بن زأياد في أرّبعين أل ًفا من الشاميين فأسرع ابن الشتر إلى أهل الشام قبل أن يدخلوا أرّض العراق فسبقهم ودخل الموصل فالتقوا على خمسة فراسخ من الموصل بالخازأرّ فانتهز ابن الشتر وقتله وقتل من أصحابه خلئق ممن ذكرناهم في الماضية وغيرهم. وكان من غرق منهم في نهر الخازأرّ أكثر ممن قتل ودخل ابن الشتر الموصل واستعمل عليها وعلى نصيبين وسنجارّ العمال ثم بعث برؤوس عبيد الله بن زأياد والحصين وشرحأبيل بن ذي الكلع إلى المختارّ فأمر بهم المختارّ فنصبوا بمكة. قلت: وعبيد الله بن زأياد هذا هو الذي قاتل الحسين بن علي حأتى قتله. وفيها عزل عبد الله بن الزبير أخاه مصعب بن الزبير عن العراق ووله لبنه حأمزة بن عبد ًصا جوا ًدا أحأياًنا حأتى ل الله بن الزبير وكان حأمزة جوا ًدا مخل يدع شيًئا يملكه ويمنع أحأياًنا ما ل يمنع مثله وظهر منه بالبصرة خفة وضعف فعزله أبوه وأعاد أخاه مصع ًبا في الثانية. وفيها وجه المختارّ أرّبعة آلف فارّس عليهم أبو عبد الله الجدلي وعقبة بن طارّق فكلم الجدلي عبد الله بن الزبير في محمد بن الحنفية وأخرجوه من الشعب فلم يقدرّ ابن الزبير على منعهم وأقاموا في خدمة محمد بن الحنفية ثمانية أشهر حأتى قتل المختارّ وسارّ محمد بن الحنفية وأما ابن الزبير فإنه غضب من المختارّ لكونه انتصر لمحمد بن الحنفية وندب لقتاله أخاه مصعب بن الزبير ووله جميع العراق فتوجه مصعب وحأصر المختارّ في قصر المارّة بالكوفة حأتى قتله طريف وطراف أخوان من بني حأنيفة في شهر رّمضان وأتيا برأسه إلى مصعب. وقتل في حأرب المختارّ جماعة من الشراف منهم عمر وعبيد الله ابنا علي بن أبي طالب وزأائدة بن عمير الثقفي ومحمد بن الشعث بن قيس الكندي سبط أبي بكر الصديق. وفيها توفي عدي بن حأاتم بن عبد الله الطائي أسلم سنة سبع من الهجرة وكان كبير طيىء. وفيها توفي أبو شريح الخزاعي الكعبي الصحابي واسمه على الصح خويلد بن عمرو أسلم يوم الفتح. وفيها حأج بالناس عبد الله بن الزبير - وكان عامله على الكوفة والبصرة ابنه حأمزة وكان على قضاء البصرة عبد الله بن عتبة بن مسعود وعلى الكوفة أعني قاضيها هشام بن هبيرة والخليفة بالشام عبد الملك بن مروان أخو صاحأب الترجمة وبخراسان عبد الله بن خازأم. وفيها توفي الحأنف بن قيس بالكوفة مع مصعب بن الزبير وقيل: مات سنة إحأدى وسبعين لما سارّ مصعب لقتال عبد الملك بن مروان. وفيها قتل مصعب بن الزبير عبد الرحأمن وعبد الرب ابني حأجر بن عدي وعمران بن حأذيفة بن اليمان. ًرا بعد قتل المختارّ وأصحابه. قتلهم صب وفيها توفي أبو واقد الليثي له صحبة وأحأاديث. ويقال فيها أي ًضا توفي زأيد بن أرّقم وقيل: إن وفاة هؤلء في السنة التية وهو الصح. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة ثمان وستين: فيها عزل عبد الله بن الزبير أخاه مصعب بن الزبير عن العراق وولي عليها ابنه حأمزة بن عبد الله بن الزبير وقد مر ذلك في الماضية. وفيها استعمل عبد الله بن الزبير جابر بن السود الزهري على المدينة فأرّاد جابر أن يبايع سعيد بن المسيب لبن الزبير فامتنع فضربه سبعين سو ًطا قاله خليفة بن خياط. وفي هذه السنة وافى عرفات أرّبعة ألوية: لواء ابن الزبير وأصحابه ولواء ابن الحنفية وأصحابه ولواء بني أمية ولواء النجدة الحرورّي ولم يكن بينهم حأرب ول فتنة. وكان العامل على المدينة لبن الزبير جابر بن السود بن عوف الزهري وعلى الكوفة والبصرة أخوه مصعب وعلى خراسان عبد الله بن خازأم وكان عبد الملك بن مروان مشاق ًقا لبن الزبير. وفيها توفي عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي أبو العباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو الخلفاء العباسيين. ولد في شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلث سنين ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة مرتين. وكان يسمى الحبر لكثرة علومه ومات وله سبعون سنة رّضي الله عنه. وفيها توفي عابس بن سعيد الغطيفي قاضي مصر ولي القضاء والشرطة بمصر لمسلمة بن مخلد عدة سنين. وفيها توفي قيس بن ذرّيح وقيس مجنون ليلى وقد تقدم ذكرهما في سنة خمس وستين. وفيها توفي ملك الروم قسطنطين. وفيها توفي عبد الرحأمن بن حأاطب بن أبي بلتعة. وفيها توفي أبو شريح الخزاعي وأبو واقد الليثي وقد تقدم ذكرهما في الماضية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وأرّبعة عشر إصب ًعا. وفي درّرّ التيجان: وأرّبعة السنة الرابعة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة تسع وستين: فيها كان بالبصرة طاعون الجارّف. قال المدائني: حأدثني من أدرّك الجارّف قال: كان ثلثة أيام مات فيها في كل يوم سبعون أل ًفا. وقال خليفة: قال أبو اليقظان: مات لنس بن مالك ثمانون ول ًدا ويقال سبعون ول ًدا وقيل مات لعبد الرحأمن بن أبي بكرة في الطاعون المذكورّ أرّبعون ول ًدا. وقل الناس بالبصرة ج ًدا حأتى إنه ماتت أم أمير البصرة فلم يجدوا من يحملها إل أرّبعة بالجهد. ومات لصدقة بن عامر العامري في يوم واحأد سبعة بنين فقال: اللهم إني مسلم مسلم. ولما كان يوم الجمعة خطب الخطيب وليس في المسجد إل سبعة أنفس وامرأة فقال الخطيب: ما فعلت الوجوه فقالت المرأة: تحت التراب. وقيل: إنه توفي في هذا الطاعون عشرون ألف عروس. وقد اختلف في سنة هذا الطاعون فمنهم من قال في هذه السنة وقال بعضهم: في سنة سبعين وقال آخر: في سنة اثنتين وسبعين وقيل غير ذلك. وهذا الطاعون يكون سابع طاعون في السلم فإن الول كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والثاني طاعون عمواس في عهد عمر رّضي الله عنه والثالث بالكوفة في زأمن أبي موسى الشعري والرابع بالكوفة أي ًضا في زأمن المغيرة بن شعبة والخامس الطاعون الذي مات فيه زأياد ثم الطاعون بمصرفي سنة ست وستين. وفيها شرع الخليفة عبد الملك بن مروان في عمارّة القبة على صخرة بيت المقدس وعمارّة جامع القصى وقيل: بل كان شروعه في ذلك سنة سبعين. وفيها عزل عبد الله بن الزبير ابنه حأمزة عن إمرة العراق وأعاد أخاه مصعب بن الزبير. فقدمها مصعب وتجهز وخرج يريد الشام لقتال عبد الملك بن مروان وخرج عبد الملك أي ًضا من الشام يريد مصعب بن الزبير فسارّ كل منهما إلى آخر ولايته وهجم عليهما الشتاء فرجع كل منهما إلى وليته. قال خليفة: وكانا يفعلن ذلك في كل سنة حأتى قتل مصعب. وفيها عقد عبد العزيز بن مروان صاحأب الترجمة لحسان الغساني على غزو إفريقية. وفيها اجتمعت الروم واستجاشوا على من بالشام فصالح الخليفة عبد الملك بن مروان ملكهم على أن يؤدي إليه في كل جمعة ألف دينارّ خو ًفا منه على المسلمين. هكذا ذكر ابن الثير هذه الواقعة في هذه السنة وقال غيره: إنها في غير السنة. وفيها توجه مصعب بن الزبير إلى مكة ومعه أموال كثيرة ودواب كثيرة فقسم في قومه وغيرهم ونحر بدًنا كثيرة. وفيها حأكم رّجل من الخوارّج ب بأيديهم فقتل ًمنى وسل سيفه وكانوا جماعة فأمسك الله ذلك الرجل عند الجمرة. وفيها حأج بالناس مصعب بن الزبير وكان على قضاء الكوفة شريح وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة. وفيها توفي الحأنف بن قيس التميمي البصري أبو بحر واسمه الضحاك بن قيس بن معاوية بن الحصين وكان أحأنف الرجلين والحنف: الميل وهو من الطبقة الولى من التابعين من أهل البصرة. أدرّك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره. قلت: وأخبارّ الحأنف مشهورّة تغني عن الطناب في ذكره وقد تقدم ذكر وفاته والصحيح في هذه السنة. وفيها توفي أبو السود الدؤلي البصري الكناني واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان وهو من الطبقة الولى من تابعي البصرة وهو أول من وضع علم النحو ومات بالطاعون. وفيها قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد أبي أحأيحة بن العاص بن أمية الشدق سمي الشدق لنه كان خطيًبا مفل ًقا وقيل: لتساع شدقه. وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة. وفيها توفي قبيصة بن جابر بن وهب بن مالك أبو العلء السدي من الطبقة الولى من التابعين من أهل الكوفة وكانت أرّضعته هند أم معاوية بن أبي سفيان. وفيها توفي مالك بن يخامر السكسكي اللهانى الحمصي من الطبقة الولى من تابعي أهل الشام وقيل: له صحبة ورّواية. وفيها توفي يزيد بن رّبيعة بن مفرغ أبو عنان الحميري البصري كان شاع ًرا مجي ًدا والسيد الحميري من ولده. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وثلثة أصابع مبلغ الزيادة ثلثة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. السنة الخامسة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة سبعين: فيها كان الوباء بمصر وقيل فيها كان طاعون الجارّف المقدم ذكره في لماضية. وفيها تحول عبد العزيز بن مروان صاحأب الترجمة من مصر إلى حألوان حأسبما ذكرناه في أول ترجمته واشتراها من القبط بعشرة آلف دينارّ. وفيها حأج بالناس عبد الله بن الزبير. وفيها تحركت الروم على أهل الشام وعجز عبد الملك بن مروان عنهم لشتغاله بقتال عبد الله بن الزبير فصالح ملك الروم على أن يؤدي له في كل جمعة ألف دينارّ. وفيها وفد مصعب بن الزبير على أخيه عبد الله بن الزبير بأموال العراق. وفيها بعث عبد الملك بن مروان خالد بن عبد الله بن أسيد بن أبي العاص بن أمية إلى البصرة ليأخذها في غيبة مصعب بن الزبير. وفيها توفي الحارّث بن عبد الله بن كعب بن أسد الهمداني الكوفي العورّ رّاوية علي رّضي الله عنه. وهو من الطبقة الولى من التابعين من أهل الكوفة. وقيل: توفي سنة ثلث وستين. وفيها توفي عاصم بن عمر بن الخطاب وأمه جميلة بنت عاصم بن ثابت بن أبي الفلح النصارّي وكان اسمها عاصمة فسماها رّسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة. وعاصم هذا هو جد عمر بن عبد العزيز الموي لمه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثمانية أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وواحأد وعشرون إصب ًعا. وفي درّرّ التيجان: ثمانية عشر إصب ًعا. السنة السادسة من ولية عبد العزيز وهي سنة إحأدى وسبعين: فيها حأج بالناس أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير وعرف بمصر عبد العزيز بن مروان صاحأب الترجمة وهو أول من عرف بها فقام من قبل أخيه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان وعرف بمصر. قلت: ومن خلفة مروان بن الحكم إلى هذه اليام والممالك مقسومة بين خليفتين: عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان: أما الحرمان والعراق كله فبيد عبد الله بن الزبير والشام ومصر وما يليهما بيد عبد الملك بن مروان والفتن قائمة بينهما والحروب واقعة في كل سنة. وفيها افتتح الخليفة عبد الملك بن مروان قيسارّية الروم في قول الواقدي. وفيها نزع عبد الله بن الزبير جابر بن السود بن عوف عن المدينة واستعمل عليها طلحة بن عبد الله بن عوف وهو آخر وا المدينة حأتى أتاه ٍل كان له على المدينة فدام على طارّق بن عمرو مولى عثمان فهرب طلحة وأقام طارّق بها حأتى سارّ إلى مكة لقتال ابن الزبير. وفيها توفي شتير بن شكل القيسي الكوفي من أصحاب علي بن أبي طالب وابن مسعود رّضي الله عنهما. وشتير بضم الشين المعجمة وفتح التاء فوقها نقطتان وبعدها ياء تحتها نقطتان وشكل بفتح الشين المعجمة والكاف وآخره لم. وفيها خرج عبد الله بن ثورّ أحأد بني قيس بن ثعلبة من جهة مصعب بن الزبير بالبحر فأنتدب لقتله عبد الرحأمن بن السكاف والتقوا بجواثا فانهزم عبد الرحأمن. وفيها توفي البراء بن عازأب بن الحارّث بن عدي أبو عمارّة وهو من الطبقة الثالثة من النصارّ من الصحابة مات بالكوفة في أيام مصعب بن الزبير. وفيها توفي عبد الله بن خازأم بن أسماء بن الصلت السلمي أبو صالح أمير خراسان. صحب رّسول الله صلى الله عليه وسلم ورّوى عنه وكان مشهوًرّا بالشجاعة وأصله من البصرة. وخازأم بالخاء المعجمة والزاي. وفيها توفي عبد الله بن أبي حأدرّد السلمي الصحابي من الطبقة الثانية من المهاجرين. فأول مشهد شهده مع رّسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية ثم خيبر وما بعدها. وفيها كانت الوقعة بين عبد الملك بن مروان وبين مصعب بن الزبير وقتل مصعب في المعركة وكان مصعب من أجمل الناس وأشجعهم وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة وكنيته أبو عبد الله والمشهورّ أبو عيسى وكان مصعب يجالس أبا هريرة ورّآه جميل بثينة بعرفات فقال: إن هاهنا لشابا أكره أن تراه بثينة أعني لجماله. ولما قتل مصعب بن الزبير أخذ أمر أخيه عبد الله بن الزبير في إدبارّه. وقيل: إن قتلة مصعب كانت في سنة اثنتين وسبعين وهو الشهر أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرّع وخمسة أصابع مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وتسعة عشر إصب ًعا. وفي درّرّ التيجان: وسبعة عشر إصب ًعا. بن مروان على مصر وهي سنة اثنتين وسبعين: فيها بنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة بالقدس والجامع القصى وقد ذكرناه في الماضية والصح أنه في هذه السنة. وسبب بناء عبد الملك أن عبد الله بن الزبير لما دعا لنفسه بمكة فكان يخطب في أيام منى وعرفة وينال من عبد الملك ويذكر مثالب بني أمية ويذكر أن جده الحكم كان طريد رّسول الله صلى الله عليه وسلم ولعينه فمال أكثر أهل الشأم إلى ابن الزبير فمنع عبد الملك الناس من الحج فضجوا فبنى لهم القبة على الصخرة والجامع القصى ليصرفهم بذلك عن الحج والعمرة فصارّوا يطوفون حأول الصخرة كما يطوفون حأول الكعبة وينحرون يوم العيد ضحاياهم وصارّ أخوه عبد العزيز بن مروان صاحأب مصر يعرف بالناس بمصر ويقف بهم يوم عرفة. وفيها ولى عبد الملك بن مروان طارّق بن عمرو مولى عثمان على المدينة فسارّ إليها وغلب عليها وأخرج منها طلحة بن عبد الله بن عوف عامل ابن الزبير وقد تقدم ذلك في الماضية. وفيها بعث عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير فتوجه إلى مكة وحأاصر ابن الزبير إلى أن قتل ابن الزبير في سنة ثلث وسبعين على ما يأتي ذكره في محله. وفيها كان العامل على المدينة طارّ ًقا لعبد الملك بن مروان وعلى الكوفة بشر بن مروان وعلى قضائها عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعلى البصرة خالد بن عبد الله وعلى قضائها هشام بن هبيرة وكان على خراسان - في قول بعضهم - بكير بن وشاح وفي قول بعضهم عبد الله بن خازأم. وفيها توفي عبيدة بن عمرو السلماني المرادي أسلم في حأياة النبي صلى الله عليه وسلم وكان من كبارّ الفقهاء. أخذ عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود. وعبيدة بفتح العين وكسر الباء الموحأدة. وفيها على الصحيح مقتلة مصعب بن الزبير: طعنه زأائدة الثقفي وقتل معه ابنه عيسى وإبراهيم بن الشتر ومسلم بن عمرو الباهلي. وقد مر من أخبارّه في الماضية ما يغني عن ذكره هنا ثانية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وعشرة أصابع مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وتسعة عشر إصب ًعا. وفي درّرّ التيجان: سبعة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. السنة الثامنة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة ثلث وسبعين: وفيها قتل أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلب أبو بكر وقيل أبو خبيب القرشي السدي أول مولود ولد في السلم بالمدينة وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق له صحبة ورّواية حأاصره الحجاج بن يوسف الثقفي بالبيت الحرام أشه ًرا ونصب على الكعبة المنجنيق ورّمى به على البيت غير مرة حأتى قتل ابن الزبير وصلبه. قيل: إن الحسن البصري سئل عن عبد الملك بن مروان فقال الحسن: ما أقول في رّجل الحجاج سيئة من سيئاته. وقتل مع عبد الله بن الزبير هؤلء الثلثة: وهم عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي وعبد الله بن مطيع بن السود العدوي وعبد الرحأمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فهؤلء من الشراف وأما غيرهم فكثير. ومن يوم قتل عبد الله بن الزبير صارّ في السلم خليفة واحأد وهو عبد الملك ابن مروان. قلت: ومناقب عبد الله بن الزبير كثيرة يضيق هذا المحل عن ذكرها. وفيها توفيت أسماء بنت أبي بكر أم عبد الله بن الزبير المذكورّ بعد ابنها عبد الله بمدة يسيرة. وفيها غزا محمد بن مروان الروم صائفة في أرّبعة آلف فسارّوا إليه في ستين أل ًفا فهزمهم محمد واستباح عسكرهم وقيل: إن هذا كان من ناحأية أرّمينية. وفيها توفي إياس بن قتادة بن أوفى من الطبقة الولى من التابعين وكان لبيه قتادة صحبة. وفيها توفي سلم بن زأياد ابن أبيه أمير خراسان. وكان جوا ًدا ممد ًحأا يعطي ألف ألف الدرّهم مات بالبصرة. وفيها توفي مالك بن أوس بن الحدثان أحأد بني نصر بن معاوية بن هارّون. قيل له صحبة وذكره ابن سعد في الطبقة الولى من التابعين. وفيها استعمل عبد الملك بن مروان أخاه محم ًدا على الجزيرة وأرّمينية وكانت بحيرة الطريخ التي بأرّمينية مباحأة لم يتعرض إليها أحأد بل كان يأخذ منها من شاء فمنع من صيدها وجعل عليها من يأخذه ويبيعه ويأخذ ثمنه وصارّت بعده لبنه مروان ثم أخذت منه لما انتقلت الدولة الموية وهي الن على ذلك الحجر. ومن سن سنة سيئة كان عليه وزأرّها ووزأرّ من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزأارّهم شيء. وهذا الطريخ من عجائب الدنيا فإنه سمك صغارّ له كل سنة موسم يخرج من هذه البحيرة في نهر يصب إليها كثي منه ًرا يؤخذ باليدي وغيرها فإذا انقضى موسمه ل يوجد شيء. وفيها عزل عبد الملك خالد بن عبد الله عن البصرة وولها أخاه بش ًرا في قول. وفيها توفي مالك بن مسمع بن غسان الربعي البصري من الطبقة الولى من التابعين. ولد على عهد رّسول الله صلى الله عليه وسلم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرّع وتسعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثلثة أصابع. السنة التاسعة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة أرّبع وسبعين: فيها سارّ الحجاج من مكة بعدما بنى البيت الحرام إلى المدينة فأقام بها ثلثة أشهر يتعنت أهلها وبنى بها مسج ًدا في بني سلمة يعرف به وأخذ بعض الصحابة وختم عليهم في أعناقهم. رّوى الواقدي عن ابن أبي ذؤيب عمن رّأى جابر بن عبد الله مختو ًما في يده ورّأى أنس بن مالك مختوما في عنقه يذلهما بذلك. قال الواقدي: وحأدثني شرحأبيل بن أبي عون عن أبيه قال: رّأيت الحجاج أرّسل إلى سهل بن سعد الساعدي فقال: ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان فقال: قد فعلت قال: كذبت ثم أمر به فختم في عنقه برصاص. وفيها توفي بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية وهو متولي البصرة وكان ولي العراق والكوفة قبل ذلك. وقحط الناس أيام بشر فاستسقى فمطروا ثم مر بشر بسراقة وكان سراقة قد عمل فيها أبياًتا فرأى سراقة يحول الماء من دارّه فقال بشر: ما هذا يا سراقة فقال: هذا ولم ترفع يديك في الدعاء فلو رّفعتهما لجاءنا الطوفان. ومات بشر المذكورّ من البلذرّ فإنه شربه بطوس فاعتل ولزم الفراش حأتى مات. وفيها توفي رّافع بن خديج بن رّافع بن عدي النصارّي الصحابي من الطبقة الثالثة من النصارّ شهد أحأ ًدا وما بعدها مع رّسول الله صلى الله عليه وسلم وكنيته أبو عبد الله وأمه حأليمة بنت عروة بن مسعود. وفيها توفي أبو سعيد الخدرّي واسمه سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة الصحابي من الطبقة الثالثة من النصارّ واستصغر يوم أحأد فرد. قال أبو سعيد: فخرجنا نتلقى رّسول الله صلى الله عليه وسلم حأين أقبل من أحأد ببطن قباء فنظر إلي وقال: سعد بن مالك فقلت: نعم بأبي أنت وأمي. فدنوت منه وقبلت رّكبته فقال: آجرك الله في أبيك وكان قتل يومئذ شهي ًدا. وفيها توفي سلمة بن الكوع وكنيته أبو مسلم الصحابي من الطبقة الثالثة من المهاجرين. قال سلمة: غزوت مع رّسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات. وفيها توفي عبد الله بن عمر بن الخطاب رّضي الله عنهما أبو عبد الرحأمن القرشي العدوي صاحأب رّسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو من الطبقة الثانية من المهاجرين وأمه زأينب بنت مظعون بن حأبيب وهو شقيق حأفصة زأوج النبي صلى الله عليه وسلم. ًما بمكة قبل البلوغ وهو من العبادلة الرّبعة: أسلم عبد الله قدي وهم عبد الله بن عمر هذا وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص رّضي الله عنهم أجمعين وهو من المكثرين في رّواية الحديث. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وإصبعان. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. السنة العاشرة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة خمس وسبعين: فيها حأج بالناس الخليفة عبد الملك بن مروان وخطب على منبر رّسول الله صلى الله عليه وسلم وأظنها أول حأجته في الخلفة. وفيها ولى الخليفة عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف على العراق. وفيها خرج عبد العزيز بن مروان صاحأب الترجمة من مصر واف ًدا على أخيه الخليفة عبد الملك بن مروان بالشام واستخلف على مصر زأياد بن حأنظلة التجيبي. وتوفي زأياد بعد ذلك بمدة يسيرة في شوال وتخلف على مصر الصبغ بن عبد العزيز بن مروان حأتى قدم أبوه عبد العزيز من الشام. وفيها ولى عبد الملك المدينة يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية. وفيها خرج ملك الروم بجيوشه ونزل على مرعش من أعمال حألب فندب عبد الملك لقتاله أخاه محمد بن مروان فهزم محمد الروم وغلبهم. وفيها ضرب عبد الملك بن مروان على الدينارّ والدرّهم اسم الله تعالى. وسببه أنه وجد درّاهم ودنانير تارّيخها قبل السلم بثلثمائة سنة أو بأرّبعمائة سنة مكتوب عليها: باسم الب والبن ورّوح القدس. قال الزهري: كانت الدرّاهم على ثلثة أصناف: الوافية وزأن الدرّهم مثقال والبغلية وزأن الدرّهم نصف مثقال والزيادية وزأن العشرة ستة مثاقيل. فجمع عبد الملك هذه الصناف وضربها على ما هي الن عليه. وفيها توفي توبة بن الحمير بن عقيل بن كعب بن رّبيعة الخفاجي: أحأد عشاق العرب صاحأب ليلى الخيلية بنت عبد الله بن الرحأال بن شداد بن كعب وكانت أشعر نساء زأمانها ل يقدم عليها غير الخنساء. قيل: إن ليلى هذه دخلت على عبد الملك بن مروان فقال لها: ما رّأى منك توبة حأتى عشقك فقالت: ما رّأى الناس منك حأين جعلوك خليفة!. وقال الشعبي: ودخلت ليلى الخيلية على الحجاج وأنا حأاضر فقال: ما الذي أقدمك علينا. فقالت: إخلف النجوم وقلة الغيوم وكلب البرد وشدة الجهد وأنت لنا بعد الله الرفد فقال لها: صفي حأال البلد فقالت: أما الفجاج فمغبرة وأما الرّض فمقشعرة ثم ذكرت أشياء من هذه المقولة إلى أن قالت: وقد أصابتنا سنون لم تدع لنا هب ًعا ول رّب ًعا ول عافط ًة ول نافط ًة ذهبت الموال ونزحأت الرجال. وأما أشعارّ توبة المذكورّ فيها وتشبيبه بها فكثيرة ليس هذا موضع ذكرها. وفيها توفي أبو ثعلبة الخشني القضاعي واسمه جرثوم قدم على رّسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى غزوة حأنين وقيل: إنه شهد بيعة الرضوان وحأنيًنا ونزل الشام وتوفي بها. وفيها توفي سليم بن عتر التجيبي المصري أبو سلمة عالم مصر وقاضيها من الطبقة الولى من التابعين وهو أول من قص بمصر في سنة تسع وثلثين وشهد فتح مصر. وفيها توفي شريح بن الحارّث بن قيس بن الجهم بن معاوية ابن عامر أبو أمية قاضي الكوفة من الطبقة الولى من التابعين الكوفيين وقيل إنه صحابي. وفيها كان وقوع الطاعون بالكوفة. وفيها توفي صلة بن أشيم العدوي أبو الصهباء من الطبقة الولى من تابعي الصحابة بالبصرة. وفيها توفي عمرو بن ميمون الودي أود بني صعب بن سعد من الطبقة الولى من التابعين أدرّك رّسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وسبعة أصابع. مبلغ الزيادة ثلثة عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. السنة الحادية عشرة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة ست وسبعين: فيها خرج صالح بن مسرح التميمي. وكان رّجًل صال ًحا ناس ًكا لكنه كان يحط على الخليفتين عثمان وعلي رّضي اله عنهما كهيئة الخوارّج فوقع له حأروب في هذه السنة إلى أن توفي من جرح أصابه في حأروبه بعد مدة في جمادى الخرة وعهد لشبيب بن يزيد فوقع لشبيب المذكورّ مع الحجاج بن يوسف حأروب ووقائع كثيرة أكثرها لشبيب على الحجاج حأتى دخل شبيب في هذه السنة الكوفة ومعه امرأته غزالة وكانت غزالة المذكورّة تدخل مع زأوجها في الحروب ورّبما قصدت الحجاج فهرب منها. وفيها وفد يحيى بن الحكم على الخليفة عبد الملك بن مروان. وفيها كان الحجاج على العراق وفعل تلك الفعال القبيحة وكان على خراسان أمية بن عبد الله بن خالد وعلى قضاء الكوفة شريح وعلى قضاء البصرة زأرّارّة بن أوفى. وفيها غزا محمد بن مروان الروم من ناحأية ملطية. وفيها توفي حأبة بن جوين العرني صاحأب علي وحأبة بالحاء المهملة والباء الموحأدة وهو منسوب إلى عرنة بالعين المهملة المضمومة والراء المهملة والنون. وفيها حأج بالناس أبان بن عثمان بن عفان أمير المدينة بعد أن وله عبد الملك إمرتها في أول السنة. وفيها ولد مروان بن محمد الجعدي المعروف بالحمارّ آخر خلفاء بني أمية التي ذكره في محله. وفيها استشهد زأهير بن قيس البلوي المصرى أبو شداد في واقعة الروم وقد تقدم ذكره في واقعة إفريقية مع كسيلة وغيره. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وأرّبعة أصابع. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. السنة الثانية عشرة من ولية عبد العزيز وهي سنة سبع وسبعين: فيها قتل شبيب بن يزيد بن نعيم بعد أن وقع له وقائع مع الحجاج وعماله وهو شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس بن عمرو بن الصلت الشيباني الخارّجي. خرج بالموصل فبعث إليه الحجاج خمسة قواد فقتلهم واحأ ًدا بعد واحأد ثم قاتل الحجاج وحأاصره وكسره غير مرة. وكانت امرأة شبيب غزالة من الشجعان الفرسان حأتى إنها قصدت الحجاج فهرب منها فعيره بعض الناس بقوله: الكامل أسد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر هل برزأت إلى غزالة في الوغى بل كان قلبك في جناحأي طائر وفيها خرج مطرف بن المغيرة بن شعبة على الحجاج وخلع عبد الملك بن مروان من الخلفة وحأارّب الحجاج إلى أن قتل. وفيها عبر أمية نهر بلخ للغزو فحوصر حأتى جهد هو وأصحابه ثم نجوا بعدما أشرفوا على الهلك ورّجعوا إلى مرو. وفيها حأج بالناس أبان بن عثمان بن عفان وهو أمير المدينة. وكان على البصرة والكوفة الحجاج بن يوسف الثقفي وعلى خراسان أمية المذكورّ. وفيها غزا الصائفة الوليد بن عبد الملك بن مروان. وفيها توفي عبيد بن عمير بن قتادة الليثي المكي أبو عاصم من الطبقة الولى من التابعين من أهل مكة. قال عطاء: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رّضى الله عنها فقالت: من هذا فقال: أنا عبيد بن عمير قالت: أفمن أهل مكة قال: نعم قالت: خفف فإن الذكر ثقيل. قال مجاهد: كنا نفتخر بفقيهنا ابن عباس وقاضينا عبيد بن عمير. وفيها توفي قطري بن الفجاءة المازأني وقيل التميمي كان أحأد رّؤوس الخوارّج حأارّب المهلب بن أبي صفرة سنين وسلم عليه بأمير المؤمنين. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة ثلثة عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا. السنة الثالثة عشرة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة ثمان وسبعين: فيها ولي المهلب بن أبي صفرة خراسان نيابة عن الحجاج وهو يوم ذاك أمير البصرة والكوفة وخراسان وكرمان. وفيها توفي عبد الرحأمن بن عبد القارّي وله ثمان وسبعون سنة ومسح النبي صلى الله عليه وفيها غزا محرزأ بن أبي محرزأ أرّض الروم وفتح أرّقلة - فلما رّجع بعسكره أصابهم مطر شديد من ورّاء درّب الحدث فأصيب منه ناس كثيرة. وفيها ولي إمرة الغرب كلها موسى بن نصير اللخمي فسارّ إليه وقدم إلى طنجة وقدم على مقدمته طارّق بن زأياد الصدفي مولهم الذي افتتح الندلس وأصاب فيها المائدة التي يزعم أهل الكتاب أنها مائدة سليمان عليه السلم. وفيها حأج بالناس الوليد بن عبد الملك بن مروان وقيل أبان بن عثمان بن عفان أمير المدينة. وفيها فرغ الحجاج بن يوسف من بناء واسط. وإنما سميت واسط لنها بناء واسط بين الكوفة والبصرة منها إلى الكوفة خمسون فرس ًخا وإلى البصرة كذلك. وفيها عزل عبد الملك عامل خراسان وضم وليتها وولية سجستان إلى الحجاج فسارّ الحجاج إلى البصرة واستخلف عليها المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل. وفيها قدم المهلب على الحجاج فأجلسه معه على سريره وأعطى أصحابه الموال وقال: هؤلء حأماة الثغورّ. وفيها توفي جابر بن عبد الله بن عمرو النصارّي الصحابي أبو عبد الله وهو من الطبقة الولى من النصارّ شهد العقبة الثانية مع النصارّ وكان أصغرهم سًنا وأسلم قبل العقبة الولى بعام وأرّاد أن يشهد بدًرّا فخلفه أبوه على إخوته. وفيها توفي عبد الرحأمن بن غنم بن كريب الشعري اختلفوا في صحبته ذكره ابن سعد في الطبقة الولى من أنصارّ أهل الشام بعد الصحابة وقيل: هو تابعي ثقة وقيل: إنه أسلم على عهد رّسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقه. قال ابن الثير: أدرّك الجاهلية وليست له صحبة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة الرابعة عشرة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة تسع وسبعين: فيها استولى الحجاج بن يوسف على البحرين واستعمل عليها محمد بن صعصعة الكلبي وضم إليه عمان فخرج عليه الريان البكري فهرب محمد ورّكب البحر حأتى قدم على الحجاج. وفيها غزا الوليد بن عبد الملك بن مروان ملطية فغنم وسبى وعاد إلى أبيه عبد الملك. وفيها كان الطاعون العظيم بالشام. وفيها قتل الخليفة عبد الملك بن مروان الحارّث بن عبد الرحأمن بن سعد الدمشقي الذي ادعى النبوة وكان انضم عليه جماعة كبيرة. وفيها توفي عبد الرحأمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي كان من الطبقة الولى من التابعين من أهل الكوفة رّوى عن علي بن أبي طالب وابن مسعود. وفيها أصاب الناس طاعون شديد حأتى كادوا يفنون فلم يغز أحأد تلك السنة فيما قيل. وفيها أصاب الروم أهل أنطاكية وظفروا بهم. وفيها استعفى شريح بن الحارّث من القضاء فأعفاه الحجاج واستعمل على القضاء أبا بردة بن أبي موسى الشعري. وفيها توفي النابغة الجعدي واسمه قيس بن عبد الله بن عديس وقيل عبد الله بن قيس وقيل حأسان بن قيس وكنيته أبو ليلى وكان من شعراء الجاهلية ولحق الخطل ونازأعه بالشعر وله صحبة ووفادة على رّسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الذهبي: وقال يعلى بن الشدق - وليس بثقة -: سمعت النابغة يقول: أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم: الطويل بلغنا السماء مجدنا و جدودنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا فقال: أين المظهر يا أبا ليلى فقلت: الجنة قال: أجل إن شاء الله ثم قلت أي ًضا: ول خير في جهل إذا لم يكن له حأليم إذا ما أورّد المر أصدرّا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ل يفضض الله فاك " مرتين. ومات النابغة بأصبهان وله مائة وعشرون سنة وقيل مائة وستون سنة وقيل مائتا سنة. وفيها توفي محمود بن الربيع وكنيته أبو إبراهيم ولد على عهد رّسول الله صلى الله عليه وسلم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا. السنة الخامسة عشرة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة ثمانين: فيها كان سيل الجحاف بمكة وهلك فيه خلق كثير من الحجاج فكان يحمل البل وعليها الحأمال والرجال والنساء ما لحأد منهم حأيلة. وغرقت بيوت مكة وبلغ السيل الركن فسمي ذلك العام عام الجحاف. وفيها كان طاعون الجارّف بالبصرة في قول بعضهم. وفيها خرج عبد الواحأد بن أبي الكنود من السكندرّية ورّكب البحر وغزا الفرنج حأتى وصل وفيها هلك أليون عظيم الروم وملكها. وفيها صلب عبد الملك سعيد بن عبد الله بن عليم الجهني على إنكارّه القدرّ. قاله سعيد بن عفير. وفيها توفي جبير بن نفير بن مالك أبو عبد الله اليحصبي الحضرمي من الطبقة الولى من تابعي أهل الشام أسلم في خلفة الصديق رّضي الله عنه. وفيها توفي جنادة بن أبي أمية الزأدي من الطبقة الولى من تابعي أهل الشام. وفيها توفي حأسان بن النعمان الغساني من أولد ملوك غسان ويقال: إنه ابن المنذرّ صاحأب الفتوحأات بالمغرب. وله معاوية بن أبي سفيان إفريقية. وفيها توفي زأيد بن وهب بن خالد أبو سليمان الجهني من الطبقة الولى من تابعي أهل الكوفة. وفيها توفي السائب بن يزيد بن سعيد الكندي أبو يزيد من الطبقة الخامسة من المخضرمين مات رّسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حأدث السنان. وفيها توفي شريح بن هانىء بن يزيد بن نهيك بن درّيد بن الحارّث بن كعب من الطبقة الولى من التابعين من أهل الكوفة. كان من أصحاب علي رّضي الله عنه وشهد معه مشاهده وكان قاضي الكوفة وبه يضرب المثل. قال الذهبي: إنه مات سنة ثمان وسبعين. وفيها قتل معبد بن عبد الله بن عليم الذي يروي حأديث الدباغ وهو أول من قال بالقدرّ في البصرة. قتله الحجاج وقيل قتله عبد الملك الخليفة بدمشق. وفيها توفي شقيق بن سلمة الزأدي أبو وائل. أدرّك رّسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يره وهو من الطبقة الولى من التابعين من أهل الكوفة. وفيها توفي أبو إدرّيس الخولني واسمه عائذ الله بن عبد الله وقيل عبد الله بن إدرّيس بن عائذ الله قاضي دمشق في أيام معاوية وغيره. وهو من الطبقة الثانية من التابعين من أهل الشام. وفيها توفي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أبو جعفر وقيل أبو محمد وأمه أسماء بنت عميس. ولدته بالحبشة في الهجرة وهو أول مولود ولد في السلم بالحبشة وهو من الطبقة الخامسة توفي رّسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حأدث السنان وقيل إنه كان له يوم توفي رّسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين. وفيها توفي عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي وكنيته أبو حأاتم من الطبقة الثالثة من التابعين من أهل البصرة وأمه هولة بنت غليظ من بني عجل وهو أول من قرأ القرآن باللحان وولي قضاء البصرة وأوفده الحجاج على الخليفة عبد الملك فسأله أن يولي الحجاج خراسان وسجستان. وفيها توفي العلء بن زأياد بن مطر بن شريح العدوي وهو من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة وكان من العباد الخائفين. وفيها توفي معاوية بن قرة بن إياس بن هلل المزني أبو إياس من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة. كان زأاه ًدا عاب ًدا ورّ ًعا. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا. السنة السادسة عشرة من ولية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة إحأدى وثمانين: فيها حأج بالناس سليمان بن عبد الملك بن مروان وحأجت معه أم الدرّداء الصغرى. وفيها خرج عبد الرحأمن بن محمد بن الشعث على الحجاج بن يوسف وخلع عبد الملك بن مروان من الخلفة ووقع له بسبب ذلك مع الحجاج حأروب ووافقه جماعة كثيرة على ذلك وكاد أمره أن يتم. وفيها غزا عبد الله بن عبيد الله بلد الروم ووصل إلى قاليقل ففتحها. ويقال: إن أصل الفرات من عندها يجتمع. وفيها توفي محمد بن علي بن أبي طابى المعروف بابن الحنفية والحنفية اسم أمه ولها اسم آخر: خولة بنت جعفر بن قيس ومحمد هذا من الطبقة الولى من التابعين من أهل المدينة وكنيته أبو القاسم ولد في خلفة أبي بكر وقيل لثلث سنين أو لسنتين بقين من خلفة عمر وهي السنة التي ولد فيها سعيد بن المسيب وكان ديًنا عاب ًدا صاحأب رّأي وقوة شديدة إلى الغاية. وفيها كانت مقتلة بحير بن ورّقاء الصريمي. وفيها كان دخول الديلم قزوين وسببه أن العساكر كانت ل تبرح مرابطة بها فلما كان في هذه السنة كان من جملة من رّابط بها محمد بن أبي سبرة الجعفي وكان فارّ ًسا شجا ًعا فلما قدم قزوين رّأى الناس ل ينامون الليل فقال لهم: أتخافون أن يدخل عليكم العدو قالوا: نعم قال: لقد أنصفوكم إن فعلوا افتحوا البواب ففتحوها وبلغ ذلك الديلم فبيتوهم وهجموا على البلد وتصايح الناس فقال محمد بن أبي سبرة: أغلقوا البواب فقد أنصفونا فأغلقوا البواب التي للمدينة فقاتلوهم. وأبلى محمد بل ًء س حأتى ظفر بهم المسلمون ولم يفلت من ألد يلم أحأد ولم يعد ألد يلم بعدها فصارّ محمد فارّس ذلك الثغر وكان يدمن شرب الخمر وبقي كذلك إلى أيام عمر بن عبد العزيز فأمر بتسييره إلى كرارّة وهي دارّ النساك بالكوفة فسير إليها فأغارّت ألد يلم بعده على فذوين ونالت من المسلمين وظهر الخلل بعده حأتى طلب ثانية وأعيد إلى فذوين. وفيها توفي سويدي بن أغفله وكنيته أبو أمية كناه بها عمر بن الخطاب وهو من الطبقة الولى من تابعي أهل الكوفة أدرّك رّسول الله صلى الله عليه وسلم ووفد عليه فوجده قد قبض وأدرّك دفنه وهم ينفضون أيديهم من التراب. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثلثة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع. السنة السابعة عشرة من ولية عبد العزيز بن مران على مصر وهي سنة اثنتين وثمانين: فيها كانت وقعة الزاوية بين محمد بن الشعث وبين الحجاج بالبصرة وكان لبن الشعث مع الحجاج في السنة الماضية وفي هذه السنة عدة وقائع منها: وقعة دخيل يوم عيد الضحى وهي وقعة دير الجماجم ثم وقعة الهوازأ ويقال: إنه خرج مع ابن الشعث ثلثة وثلثون ألف فارّس ومائة وعشرون ألف رّاجل فيهم علماء وفقهاء وصالحون. وقيل: إنه كان بينهما أرّبع وثمانون وقعة في مائة يوم فكانت منها ثلث وثمانون على الحجاج وواحأدة له فعندما انكسر ابن الشعث خرج إلى الملك زأنبيل والتجأ إليه حأتى مات بعد ذلك في سنة أرّبع وثمانين وفي موته أقوال كثيرة. وفيها عزل الخليفة عبد الملك بن مران أبان بن عثمان بن عفان عن المدينة في جمادى الخرة واستعمل عليها هشام بن إسماعيل المخزومي فعزل هشام نوفل بن مساحأق العامري عن القضاء بالمدينة وولى عوضه عمرو بن خالد الزرّقي. وفيها غزا محمد بن مران بن الحكم أخو الخليفة عبد الملك أرّمينية فهزم أهلها فسألوه الصلح فصالحهم وولى عليهم أبا شيخ بن عبد الله فغدرّوا به وقتلوه. وقيل بل قتل سنة ثلث وثمانين. وفيها توفي أسماء بن خارّجة بن مالك الفزارّي الكوفي أحأد الجواد. وفد على الخليفة عبد الملك فقال له عبد الملك: بلغني عنك خصال شريفة فأخبرني بها قال أسماء: ما سألني أحأد حأاجة إل وقضيتها ول أكل رّجل من طعامي إل رّأيت له الفضل علي ول أقبل علي رّجل بحديث إل وأقبلت عليه بسمعي وبصري فقال له عبد الملك: حأق لك أن تشرف وتسود. وفيها توفي أبو الشعثاء سليم بن أسود بن حأنظلة المحارّبي من الطبقة الولى من تابعي أهل وفيها توفي عبد الرحأمن بن يزيد بن قيس النخعي أبو بكر من الطبقة الولى من تابعي أهل الكوفة. كان يسجد على كورّ عمامته قد حأالت بين جبهته والرّض. وفيها توفي المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة واسم أبي صفرة ظالم بن سراقة وكنيته أبو خداش كان خليفة أبيه على مرو فمات في شهر رّجب وكان المغيرة جوا ًدا سي ًدا شجاعأ. ولما وصل الخبر إلى أبيه وجد عليه وج ًدا عظي استناب ابنه يزيد بن ًما أثر فيه ذلك ثم المهلب على مرو. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا. السنة الثامنة عشرة من ولية عبد العزيز بن مران على مصر وهي سنة ثلث وثمانين: فيها حأج بالناس أمير المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي. وفيها توفي أبو الجوزأاء أوس بن خالد الربعي البصري وقيل خالد بن سمير من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة. وفيها توفي رّوح بن زأنباع أبو زأرّعة الجذامي الشامي من الطبقة الولى من تابعي أهل الشام وكان متمي ًزا عند الناس فخاف منه معاوية فعزم على قتله ثم خلى عنه وكان عظيم دولة عبد الملك بن مران وهو الذي قدم الحجاج بن يوسف الثقفي عند عبد الملك حأتى صارّ من أمره ما صارّ. وقصته مع الحجاج المذكورّ مشهورّة من قتل عبيده وإحأراق خيامه عندما ولي الحجاج حأرب مصعب بن الزبير. ورّوح هذا هو زأوج هند بنت النعمان بن بشير وكانت تكرهه وهي القائلة: الطويل وما هند ً إل مهرة عربية سليلة أفرا ما فبالحرى وإن يك إقراف ٍس تجللها بغل فإن نتجت مه ًرا كري فمن قبل الفحل وقد شاع ذلك في زأمانها حأتى قال بعض الشعراء في صاحأب سألة: البسيط لي صاحأب مثل داء البطن صحبته يودني كوداد الذيب للراعي يثني علي جزاه الله صالح ًة ثناء هن ٍد على رّوح بن زأنباع وفيها توفي زأاذان الكوفي أبو عبد الله مولى كندة من الطبقة الولى من تابعي أهل الكوفة. وكان صال ًحا صاحأب نسك وعبادة وكان بزاًزأا. وفيها توفي عبد الله بن الحارّث بن نوفل بن الحارّث بن عبد المطلب أبو محمد الهاشمي من الطبقة الولى من التابعين وأمه هند بنت أبي سفيان ولد في زأمان رّسول الله صلى الله عليه وسلم فأتت به أمه إلى أختها أم حأبيبة زأوجة النبي صلى الله عليه وسلم ثم دخل رّسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فقال: من هذا فقالت: ابن عمك وابن أختي فتفل في فيه ودعا له. وفيها توفي عبد الله بن شداد بن الهاد واسم الهاد عمرو الليثي وسمي الهاد لنه كان يوقد نارّه للضياف لي تابعي المدينة ًل ولمن سلك الطريق وهو من الطبقة الولى من وأمه سلمى بنت عميس الخثعمية أخت أسماء. وفيها توفي عبد الرحأمن بن يسارّ أو بلل أبي ليلى. صحب أبوه رّسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد معه أحأ ًدا وما بعدها. ًما زأاه ًدا وأما عبد الرحأمن هذا فإنه تابعي من أهل الكوفة من الطبقة الولى وكان عال خرج على الحجاج بن يوسف ة قتل بدجيل وقيل بل غرق في نهر دخيل مع ابن الشعث. وفيها توفي معبد الجهني من أهل البصرة وهو أول من تكلم في القدرّ وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة وحأضر التحكيم بدومة الجندل. وفيها توفي المهلب بن أبي صفرة. اسمه ظالم بن سراق بن صبح الزأدي العتكي البصري وفي اسم المهلب أقوال كثيرة قيل: اسمه سارّق بن ظالم وقيل بالعكس وقيل طارّق بن سارّق وقيل قاطع بن سارّق وقيل الذي ذكرناه أوًل المير أبو سعيد أحأد أشراف أهل البصرة ووجوههم وفرسانهم ولد عام الفتح في حأياة النبي صلى الله عليه وسلم وولي العمال الجليلة وله مواقف مع الروم وغيرها إلى أن توفي. السنة التاسعة عشرة من ولية عبد العزيز بن مران على مصر وهي سنة أرّبع وثمانين. فيها فتحت المصيصة على يد عبد الله بن عبد الملك بن مران. وفيها افتتح موسى بن نصير ملك درّنة من بلد المغرب فقتل وسبى حأتى قيل: إن السبي بلغ خمسين أل ًفا. وفيها غزا محمد بن مران أرّمينية فهزمهم وحأرق كنائسهم وتسمى سنة الحرق. وفيها قتل الحجاج أيوب بن القرية وكان من فصحاء العرب وبلغائهم وأجوادهم. كان خرج أي ًضا مع محمد بن الشعث واسمه أيوب بن زأيد بن قيس أبو سليمان الهللي ثم ندم الحجاج على قتله. وابن القرية هذا له حأكايات كثيرة في الجود والكرم والفصاحأة منها: أنه لما أحأضره الحجاج ليقتله فقال له ابن القرية: أقلني عثرتي واسقني رّيقي فإنه ليس جواد إل له كبوة ول شجاع إل له هبوة ول صارّم إل له نبوة فقال الحجاج: كل! والله لزأيرنك جهنم قال: فأرّحأني فإني أجد حأرها. فأمر به فضربت عنقه فلما رّآه قتي كلمه! . ًل قال: لو تركناه حأتى نسمع من وفيها ولي إمرة السكندرّية عياض بن غنم التجيبي. وفيها بعث عبد الملك بن مران بالشعبي إلى أخيه عبد العزيز صاحأب الترجمة إلى مصر بسبب البيعة للوليد بن عبد الملك حأسبما ذكرناه في صدرّ ترجمة عبد العزيز. وفيها حأج بالناس هشام بن إسماعيل. وفيها ظفر الحجاج برأس محمد بن الشعث وطيف بها في القاليم. وفيها قتل الحجاج حأطي بالحق قتله الحجاج ًطا الزيات الكوفي كان عاب ًدا زأاه ًدا يصدع لتشيعه ولميله لبن الشعث. قيل: إنه لما أحأضره بين يديه قال له الحجاج: ما تقول في أبي بكر وعمر. قال: أقول فيهما خي زأمانه فقال له ًرا قال: ما تقول في عثمان قال: ما ولدت في الحجاج: يا ابن اللخناء ولدت في زأمان أبي بكر وعمر ولم تولد في زأمن عثمان! فقال له حأطيط: يا ابن اللخناء إني وجدت الناس اجتمعوا في أبي بكر وعمر فقلت بقولهم ووجدت الناس اختلفوا في عثمان فوسعني السكوت فقال معد لعنه الله معد صاحأب عذاب الحجاج: إني أرّيد أن تدفعه إلي فو الله لسمعنك صياحأه فسلمه إليه فجعل يعذبه ليلته كلها وهو ساكت. فلما كان وقت الصبح كسر ساق حأطيط ثم دخل عليه الحجاج لعنه الله فقال له: ما فعلت بأسيرك فقال: إن رّأى المير أن يأخذه مني فقد أفسد علي أهل سجني فقال له الحجاج: علي به فعذبه بأنواع العذاب وهو صابر فكان يأتي بالمسال فيغرزأها في جسمه وهو صابر ثم لفه في بارّية وألقاه حأتى مات. ًما وفيها توفي أبو عمرو سعد بن إياس الشيباني صاحأب العربية وأيام الناس كان إما فيهما وهو من الطبقة الولى من تابعي أهل الكوفة شهد القادسية ورّوى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع ونصف. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وواحأد وعشرون إصب ًعا. السنة العشرون من ولية عبد العزيز بن مران على مصر وهي سنة خمس وثمانين: فيها كانت وفاة عبد العزيز بن مران صاحأب الترجمة حأسبما تقدم ذكره في الطاعون العظيم الذي كان في هذه السنة بمصر وأعمالها وهو ثامن طاعون كان في السلم على قول بعضهم وقد ذكرنا ذلك فيما مضى في حأوادث سنة ست وستين. وفيها غزا محمد بن مران إرّمينية فأقام بها سنة وولى عليها عبد العزيز بن حأاتم بن النعمان الباهلي فبنى مدينة أرّدبيل ومدينة برذعة. وفيها جهز عبد الله بن عبد الملك بن مران يزيد بن حأنين في جيش فلقيه الروم في جيش كثير فأصيب الناس وقتل سيمون الجرجاني في ألف نفس من أهل أنطاكية. وفيها عزل يزيد بن المهلب بن أبي صفرة عن خراسان وولي الفضل أخوه مدة يسيرة ثم عزل أي ًضا وولي قتيبة بن مسلم. وفيها قتل موسى بن عبد الله بن خازأم السلمي وكان بط ًل شجا ًعا وسي ًدا مطا ًعا كان غلب على ترمذ وما ورّاء النهر مدة سنين وحأارّب العرب من هذه الجهة والترك من تلك الجهة وجرت له وقعات عظيمة وآخر المر أنه خرج ليلة في هذه السنة بعساكره ليغير على جيش فعثر به فرسه فابتدرّه ناس من ذلك الجيش وقتلوه. وفيها حأج بالناس هشام بن إسماعيل المخزومي. وفيها توفي عبد الله بن عامر بن رّبيعة حأليف بني عدي وكان له لما مات النبي " ص " أرّبع وفيها توفي واثلة بن السقع بن عبد العزى بن عبد ياليل من الطبقة الثالثة من المهاجرين وكان ينزل ناحأية المدينة فأتى رّسول الله " ص " فصلى معه الصبح وبايعه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وواحأد وعشرون إصب ًعا. ولية عبد الله بن عبد الملك على مصر هو عبد الله ابن الخليفة عبد الملك بن مران بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الموي المير أبو عمر. ولد في حأدود سنة ستين ونشأ بدمشق تحت كنف والده عبد الملك وندبه أبوه في خلفته إلى عدة غزوات وافتتح المصيصة في سنة أرّبع وثمانين وقتل وسبى وغنم ثم وله أبوه إمرة مصر بعد موت عمه عبد العزيز بن مران في سنة خمس وثمانين فتوجه إليها ودخلها في يوم الثنين لحأدى عشرة ليلة خلت من جمادى الخرة من سنة خمس وثمانين وقيل من سنة ست وثمانين. ودخل مصر ابن سبع وعشرين سنة كان أبوه عبد الملك أمره أن يعفي آثارّ عبد العزيز فأول ما دخل عبد الله المذكورّ استبدل العمال بعمال غيرهم والصحاب بأصحاب أخر واستعمل على شرطة مصر عبد العلى ومنع من لبس البرانس وكان فيه شدة بأس. فلم يكن إل أشهر وتوفي أبوه عبد الملك بن مران وولي الخلفة من بعده أخوه الوليد بن عبد الملك فأقره الوليد على إمرة مصر على عادته فأمر عبد الله المذكورّ أن تنسخ دواوين مصر بالعربية وكانت تكتب بالقبطية ففعل ذلك. ثم وقع في سنة سبع وثمانين الشراقي بمصر وغلت السعارّ بها إلى الغاية حأتى قيل: إن أهل مصر لم يروا في عمرهم مثل تلك اليام. وقاست أهل مصر شدائد بسبب الغلء فاستشأمت الناس بكعبه. هذا مع ما كان عليه من الجورّ فإنه كان يرتشي ويأخذ الموال من الخراج وغيره. ولما شاع ذلك عنه طلبه أخوه الوليد من مصر فخرج عبد الله من مصر إليه بدمشق في صفر سنة ثمان وثمانين واستخلف على مصر عبد الرحأمن بن عمرو بن مخزوم الخولني. هذا وأهل مصر في شدة عظيمة من عظم الغلء فأقام عند الوليد مدة يسيرة ثم عاد إلى مصر حأتى عزله أخوه الوليد بن عبد الملك عن إمرة مصر في سنة تسعين وولى عوضه على مصر قرة بن شريك التي ذكره. فكانت ولية عبد الله هذا على مصر ثلث سنين وعشرة أشهر. وبعد عزله توجه إلى دمشق عند أخيه الوليد. وخرج من مصر بجميع أمواله واستصحب معه الهدايا والتحف إلى أخيه الوليد. فلما وصل إلى الرّدن أحأيط به من قبل أخيه الوليد فأخذ جميع ما كان معه وحأمل عبد الله المذكورّ إلى أخيه الوليد. وعبد الله هذا أمه أم ولد لن أكبر إخوته الوليد ثم سليمان ثم مران الكبر - عرج - وعائشة وأمهم ولدة بنت العباس بن جزء بن الحارّث بن زأهير بن خزيمة ثم يزيد ومروان الصغر ومعاوية وأم كلثوم وأمهم عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثم هشام وأمه أم هشام بنت إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومية واسمها عائشة ثم أبو بكر وكان يعرف ببكارّ وأمه عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبيد الله ثم الحكم وأمه أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان ثم فاطمة وأمها أم المغيرة بنت المغيرة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة ثم عبد الله هذا صاحأب الترجمة ومسلمة والمنذرّ وعنبسة ومحمد وسعيد الخير والحجاج لمهات الولد. السنة الولى من ولية عبد الله بن عبد الملك بن مران على مصر وهي سنة ست وثمانين. فيها كان طاعون القينات سمي بذلك لنه بدأ في النساء وكان بالشام وواسط والبصرة. وفيها سارّ قتيبة بن مسلم متوجها إلى ولايته فدخل خراسان وتلقاه دهاقين بلخ وسارّوا معه وأتاه أي ًضا أهل صاغان بهدايا ومفتاح من ذهب وسلموا له بلدهم با لمان. وفيها افتتح مسلمة بن عبد الملك حأصن بولق وحأصن الخرم. وفيها توفي الخليفة عبد الملك بن مران بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلب أمير المؤمنين أبو الوليد القرشي الموي والد عبد الله هذا صاحأب الترجمة. بويع بالخلفة بعهد من أبيه مروان بن الحكم وكان ذلك بعد أن دعا عبد الله بن الزبير لنفسه بالخلفة. وتم أمر عبد الملك المذكورّ في الخلفة وبقي على مصر والشام وابن الزبير على باقي البلد مدة سبع سنين والحروب ثائرة بينهم. ثم غلب عبد الملك على العراق وما والها بعد قتل مصعب بن الزبير ثم ولى الحجاج بن يوسف الثقفي العراق ومحارّبة عبد الله بن الزبير حأتى قتله واستوثق المر بقتل عبد الله بن الزبير لعبد الملك ودام في الخلفة حأتى توفي بدمشق في شوال. وخلفته المجمع عليها أعني بعد قتل عبد الله بن الزبير من وسط سنة ثلث وسبعين. وقال الشعبي: خطب عبد الملك فقال: اللهم إن ذنوبي عظام وإنها صغارّ في جنب عفوك فاغفرها لي يا كريم. وكان مولد عبد الملك سنة ست وعشرين من الهجرة وكان عاب ًدا ناس ًكا قبل الخلفة فلما أتته الخلفة تغير عن ذلك كله وولى الحجاج على العراق. قيل: إن الحسن البصري سئل عن عبد الملك هذا فقال: ما أقول في رّج ٍل الحجاج سيئة من سيئاته! وفيها هلك ملك الروم الخرم بورّى قبل عبد الملك بن مروان بشهر. وفيها توفي بشر بن عقربة الجهني أبو اليمان. قال الواقدي: قتل أبوه عقربة يوم أحأد قال بشر: فلقيني رّسول الله " ص " وأنا أبكي فقال: يا حأبيب ما يبكيك فقلت: قتل أبي قال: " ما ترضى أن أكون أباك وعائشة أمك " ومسح على رّأسي بيده فكان أثر يده من رّأسي أسود وسائره أبيض. وفيها توفي عبد الله بن أبي أوفى السلمي من الطبقة الثالثة من المهاجرين وكان ممن بايع تحت الشجرة وشهد مع النبي " ص " غزوة بني النضير والخندق والقريظة. وفيها توفي أبو أمامة صدي بن عجلن الباهلي من الطبقة الرابعة من الصحابة. وفيها حأبس الحجاج يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وعزل حأبيب بن المهلب عن كرمان وعزل عبد الملك عن شرطته وكان الحجاج أمير العراق كله والشرق في هذه السنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة ثلثة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. السنة الثانية من ولية عبد الله بن عبد الملك بن مروان على مصر وهي سنة سبع وثمانين. فيها افتتح قتيبة بن مسلم أمير خراسان بيكند وفيها شرع الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان في بناء جامع دمشق الموي وكان نصفه كنيسة النصارّى وعلى ذلك صالحهم أبو عبيدة بن الجراح فقال لهم الوليد: إنا قد أخذنا كنيسة مريم عنوة فأنا أهدمها فرضوا بهدم هذه الكنيسة وإبقاء كنيسة مريم والمحراب الكبير هو مكان باب الكنيسة. ثم كتب الوليد إلى ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان وهو أمير المدينة ببناء مسجد النبي " ص " وكانت ولية عمر بن عبد العزيز على المدينة في أوائل هذه السنة أي ًضا وله من العمر خمس وعشرون سنة بعد أن صرف عنها هشام بن إسماعيل المخزومي ودام عمر بن عبد العزيز على إمرة المدينة إلى أن عزله الوليد أي ًضا بأبي بكر بن عمرو بن حأزم. وفيها حأج بالناس عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة وكان على قضاء المدينة أبو بكر بن عمرو بن حأزم. وفيها توفي أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد. وفيها قدم نيزك طرخان على قتيبة بن مسلم فصالحه وأطلق ما في يده من أسارّى المسلمين. وفيها غزا قتيبة المذكورّ نواحأي بخارّا فكانت ملحمة عظيمة هزم الله فيها المشركين. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك فافتتح قمقم وبحيرة الفرسان فقتل وسبى ويسر الله تعالى في وفيها توفي قبيصة بن ذؤيب بن حألحلة بن عمرو الخزاعي من الطبقة الولى من التابعين من أهل المدينة والثانية من أهل الشام ولد على عهد رّسول الله " ص " عام الفتح وكان على خاتم الخليفة عبد الملك بن مروان وصاحأب أمره وأقرب الناس إليه. وفيها توفي مطرف بن عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب أبو عبد الله الحرشي من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة وكان له فضل وورّع ورّواية وكان بعي ًدا من الفتن. وفيها توفي أبو البيض أعنسي وهو من التابعين. كان كثر الغزو والجهاد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وستة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا السنة الثالثة من ولية عبد الله بن عبد الملك بن مروان على مصر وهي سنة ثمان وثمانين. فيها جمع الروم جم ًعا عظي العباس ابن الخليفة ًما وأقبلوا فالتقاهم قتيبة بن مسلم ومعه الوليد فهزم الله الروم وقتل منهم خلق كثير وافتتح المسلمون سوسنة وطوانة. وفيها غزا قتيبة أي ًضا الترك فزحأفوا إليه ومعهم أهل فرغانة وعليهم ابن أخت ملك الصين وفيها توفي عبد الله بن أبي قتادة بن رّبعي النصارّي الخزرّجي من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة. وفيها كان فتح طوانة من أرّض الروم على يد مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد بن عبد الملك. وفيها حأج بالناس أمير المدينة عمر بن عبد العزيز ووصل جماع ًة من قريش وساق معه بدًنا وأحأرم من ذي الحليفة - فلما كان بالتنعيم أخبر أن مكة قليلة الماء وأنهم يخافون على الحاج العطش فقال عمر: تعالوا ندع الله تعالى فدعا ودعا الناس معه فما وصلوا إلى البيت إل مع المطر. وسال الوادي فخاف أهل مكة من شدته ومطرت عرفة ومكة وكثر الخصب. وفيها كتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز يأمره بإدخال حأجر أزأواج النبي " ص " في المسجد وأن يشترى ما بنواحأيه حأتى يكون مائتي ذرّاع في مائتي ذرّاع وأن يقدم القبلة ففعل عمر ذلك. وفيها توفي عبد الله بن بسر المازأني مازأن بن منصورّ وكان ممن صلى إلى القبلتين وهو آخر من مات بالشام من الصحابة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وواحأد وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. بن عبد الملك بن مروان على مصر وهي سنة تسع وثمانين. فيها افتتح موسى بن نصير جزيرتي ميرقه ومنرقة وهما جزيرتان في البحر بين جزيرة صقلية وجزيرة الندلس وتسمى هذه الغزوة غزوة الشراف لكثرة الشراف التي كانوا بها أعني أشراف العرب. وفيها غزا قتيبة ورّدان خذاه ملك بخارّا فلم يطقهم ورّجع. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك عمورّية فلقي جم ًعا من الروم فهزمهم الله. وفيها ولي خالد بن عبد الله القسري مكة وهي أول وليته. وفيها غزا مسلمة أي ًضا والعباس بن الوليد بن عبد الملك الروم فافتتح مسلمة حأصن سورّية وافتتح العباس مدينة أذرّولية. وفيها حأج بالناس عمر بن عبد العزيز. وفيها توفي ظليم مولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح بإفريقية. وفيها عزل عمران بن عبد الرحأمن عن قضاء مصر بعبد الواحأد بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج وله خمس وعشرون سنة. وفيها توفي عمران بن حأطان السدوسي الخارّجي. كان شاعر الخوارّج ورّوى عن أبي موسى وعائشة رّضي الله عنهما وكان عمران فصي ًحا قبيح الشكل وكانت زأوجته جميلة فدخل عليها يو ًما وهي بزينتها فأعجبته وعلمت منه ذلك فقالت: أبشر فإني وإياك في الجنة قال: ومن أين علمت قالت: لنك أعطيت مثلي فشكرت وأنا ابتليت بمثلك فصبرت والصابر والشاكر في الجنة. ومن شعره في عبد الرحأمن بن ملجم وقومه: البسيط يا ضرب ًة من تقي ما أرّاد بها إل ليبلغ من ذي العرش رّضوانا إني لذكره يو ًما فأحأسبه أوفى البرية عند الله ميزانا أكرم بقو وهذا مذهب الخوارّج فإنهم ٍم بطون الطيرأقبرهم لم يخلطوا دينهم بغ ًيا وعدوانا قلت: يكفرون بالمعصية. وفيها توفي يحيى بن يعمر أبو سليمان الليثي البصري. ًما بالقراءات والعربية. وكان عال وهو أول من نقط المصاحأف. وكان وله الحجاج من بره قضاء مرو وكان يقضي بالشاهد واليمين. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا واثنان وعشرون إصب ًعا. على مصر هو قرة بن شريك بن مرثد بن حأازأم بن الحارّث بن حأبش بن سفيان بن عبد الله بن ناشب بن هدم بن عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن رّيث بن غطفان بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلن العبسي أمير مصر. ولي مصر بعد عزل عبد الله بن عبد الملك بن مروان من قبل الوليد بن عبد الملك بن مروان على صلة مصر وخراجها ودخلها يوم الثنين ثالث شهر رّبيع الول سنة تسعين. قال العلمة شمس الدين يوسف بن قز أوغلي في تارّيخه مرآة الزمان: كان قرة من أمراء بني أمية ووله الوليد مصر. وكان سيىء التدبير خبيًثا ظال قنسرين قدم مصر ًما غشو ًما فاس ًقا منهم ًكا وهو من أهل سنة تسع وثمانين أوسنة تسعين وكان الوليد عزل أخاه عبد الله بن عبد الملك بن مروان وولى قرة وأمره ببناء جامع مصر والزيادة فيه سنة اثنتين وتسعين فأقام في بنائه سنتين. قلت: وقد قدمنا في ترجمة عمرو بن العاص عند ذكر بنائه جامعه نبذة من ذلك. قال: وكان الناس يصلون الجمعة في قيسارّية العسل حأتى فرغ قرة من بنائه. وكان الصناع إذا انصرفوا من البناء دعا بالخمورّ والزمورّ والطبول فيشرب الخمر في المسجد طول الليل ويقول: لنا الليل ولهم النهارّ وكان أشر خلق الله وتحالفت الزأارّقة على قتله فعلم فقتلهم وكان عمر بن عبد العزيز يعتب على الوليد لتولايته مصر. ومات قرة في سنة خمس وتسعين بمصر. وورّد على الوليد البريد في يوم واحأد بموت الحجاج بن يوسف وموت قرة فصعد المنبر وهو حأاسر شعثان الرأس فنعاهما إلى الناس وقال: والله لشفعن لهما شفاعة تنفعهما فقال عمر بن عبد العزيز رّضي الله عنه وهو ابن عم الوليد المذكورّ: انظروا إلى هذا الخبيث ل أناله الله شفاعة محمد " ص " وألحقه بهما. فاستجاب الله دعاءه وأهلك الوليد بعدهما بثمانية أشهر أو أقل. انتهى كلم صاحأب مرآة الزمان بعد ما ساق وفاته في سنة خمس وتسعين والصح ما سنذكره في وفاته من قول الذهبي وغيره من المؤرّخين. وأما قوله: إن الوليد مات بعد وفاة قرة بثمانية أشهر فليس كذلك لن وفاة قرة في ليلة الخميس لست بقين من شهر رّبيع الول سنة ست وتسعين ووفاة الوليد في نصف جمادى الخرة قاله خليفة بن خياط. وقيل: إن عمر بن عبد العزيز رّضي الله عنه ذكر عنه ظلم الحجاج وغيره من ولة المصارّ أيام الوليد بن عبد الملك فقال: الحجاج بالعراق! والوليد بالشأم! وقرة بن شريك ًما وجوً بمصر! وعثمان أبن حأيان بالمدينة! وخالد بمكة اللهم قد رّا فأرّح امتلت الدنيا ظل الناس!. فلم يمض غير قليل حأتى توفي الحجاج وقرة بن شريك في شهر واحأد ثم تبعهم الوليد وعزل عثمان وخالد فاستجاب الله لعمر. قال ابن الثير: وما أشبه هذه القصة بقصة ابن عمر مع زأياد ابن أبيه حأيث كتب إلى معاوية يقول: قد ضبطت العراق بشمالي ويميني فارّغة - يعرض بذلك أن شماله للعراق وتكون يمينه بإمارّة الحجازأ - فقال ابن عمر لما بلغه ذلك: اللهم أرّحأنا من يمين زأياد وأرّح أهل العراق من شماله فكان أول خبر جاءه موت زأياد. ولما كان قرة على مصر أمره الوليد بهدم ما بناه عمه عبد العزيز بن مروان لما كان أمير مصر ففعل قرة ذلك ثم أخذ بركة الحبش وأحأياها وغرس بها القصب فقيل لها إسطبل قرة. وقال الحافظ أبو سعيد بن يونس بعدما ذكر نسبه بنحو مما ذكرناه: كان أمير مصر للوليد بن عبد الملك وكان خلي ًعا. رّوى عن سعيد بن المسيب حأديًثا واحأ ًدا رّواه عنه حأكيم بن عبد الله بن قيس. وتوفي قرة بمصر وهو وال عليها في شهر رّبيع الول سنة ست وتسعين وكان الوليد بن عبد الملك ولى قرة مصر وعزل عنها أخاه عبد الله بن عبد الملك فقال رّجل من أهل مصر شع ًرا وكتب به إلى الوليد بن عبد الملك: مخلع البسيط عجًبا ما عجبت حأين أتانا أن قد أمرت قرة بن شريك ثم قال ابن يونس: حأدثني أبو أحأمد بن يونس بن عبد العلى وكهمس بن معمر وعيسى بن أحأمد الصدفي وغيرهم قالوا: حأدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن عبد الله بن قيس عن قرة بن شريك أنه سأل ابن المسيب عن الرجل ينكح عبده وليدته ثم يريد أن يفرق بينهما قال: ليس له أن يفرق بينهما. قال ابن يونس: ليس لقرة بن شريك غير هذا الحديث الواحأد. انتهى كلم ابن يونس. ًما. قلت: وكانت ولية قرة على مصر ست سنين إل أيا وتولى إمرة مصر بعده عبد الملك بن رّفاعة التي ذكره وكان من عظماء أمراء الوليد بن عبد الملك وكان الوليد عند أهل الشأم من أفضل خلفائهم بنى المساجد: مسجد دمشق ومسجد المدينة ووضع المنابر وأعطى المجذمين أموا سؤال الناس وأعطى ًل ومنعهم من كل مقعد خاد ًما وكل ضرير قائ ًدا وفتح في ولايته فتوحأات عظا منها الندلس وكاشغر ًما: والهند وكان يمر بالبقال فيقف عليه: ويأخذ منه حأزمة بقل فيقول: بكم هذه. فيقول: بفلس فيقول: زأد فيها. وكان صاحأب بناء واتخاذ للمصانع والضياع فكان الناس يلتقون في زأمانه فيسأل بعضهم بع ًضا عن البناء. وكان سليمان بن عبد الملك صاحأب طعام ونكاح فكان الناس يسأل بعضهم بع ًضا عن النكاح والطعام. وكان عمر بن عبد العزيز صاحأب عبادة فكان الناس يسأل بعضهم بع ًضا قلت: ولم أذكر هذا كله إل لما قدمناه من الحط على الوليد من أقوال المؤرّخين فأرّدت أن أذكر من محاسنه أي ًضا ما نقله غيرهم. السنة الولى من ولية قرة بن شريك على مصر وهي سنة تسعين. فيها غزا قتيبة بن مسلم ورّدان خذاه الغزوة الثانية فاستصرخ ورّدان خذاه على قتيبة بالترك فالتقاهم قتيبة وهزمهم الله تعالى وفض جمعهم. ثم غزا قتيبة أي ًضا في السنة أهل الطالقان بخراسان فقتل منهم مقتلة عظيمة. وفيها غزا العباس ابن الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان فبلغ إلى أرّزأن ثم رّجع. وفيها توفي خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان أبو هاشم الموي الدمشقي أخو معاوية الرجل الصالح وعبد الله. قيل: إن خال ًدا هذا بويع بالخلفة بعد أخيه معاوية بن يزيد بن معاوية فلم يتم أمره ووثب مروان بن الحكم على المر وخلع خال ًدا هذا وتزوج بأمه وقد مر ذكر قتلها له في ترجمة مروان. وكان خالد المذكورّ موصو ًفا بالعلم والعقل والشجاعة وكان مول ًعا بالكيمياء. وقيل: إنه هو الذي وضع حأديث السفياني إنه يأتي في آخر الزمان. . . لما سمع وفيها توفي عبد الرحأمن بن المسورّ بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف. ًها شاع ًرا. وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة وكان فقي وفيها توفي أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني. وفيها فتحت بخارّا على يد قتيبة. ثم صالح قتيبة أهل الصغد ورّجع بهم ملكهم طرخون إلى بلده. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك أرّض الروم وافتتح الحصون الخمسة التي بسورّية. وفيها أسرت الروم خالد بن كيسان صاحأب البحر فأهداه ملكهم إلى الوليد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وتسعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا واثنان وعشرون إصب ًعا. السنة الثانية من ولية قرة بن شريك على مصر وهي سنة إحأدى وتسعين. فيها سارّ قتيبة بن مسلم إلى أن وصل إلى الفارّياب فخرج إليه ملكها سام ًعا مطي ًعا فاستعمل عليها قتيبة عامر بن مالك ورّجع. وفيها عزل الوليد عمه محمد بن مروان عن الجزيرة وأذرّبيجان وولها أخاه مسلمة بن عبد الملك بن مروان فقدم مسلمة وانتدب إلى الغزو فغزا إلى أن وصل في هذه السنة إلى الباب من بحر أذرّبيجان فافتتح مدائن وحأصوًنا كثيرة. وفيها افتتح قتيبة بن مسلم أمير خراسان شومان وكش ونسف وامتنع عليه أهل فارّياب فأحأرقها. وجهز أخاه عبد الرحأمن بن مسلم إلى طرخون ملك تلك البلد فجرت له معه حأروب ومواقف. ًل وتقهقر إلى أخيه قتيبة ثم صالحه عبد الرحأمن وأعطاه طرخون أموا إلى بخارّا فانصرفوا حأتى قدموا مرو فقالت الصغد لطرخون ملكهم: إنك رّضيت بالذل والجزية وأنت شيخ كبير ل حأاجة لنا فيك وعزلوه عنهم. وفيها غزا موسى بن نصير طليطلة مدينة بالندلس من بلد الغرب بعدما أستولي على الجزيرة وأفتتح حأصونها. ودخل طليطلة عنو ًة فوجد في دارّ المملكة مائدة سليمان بن داود عليهما السلم وهي من خليطين ذهب وفضة وعليها ثلثة أطواق من لؤلؤ وجوهر. وقال الهيثم: افتتحها طارّق في سنة اثنتين وتسعين. وقيل غير ذلك. وفيها أي ًضا قتل قتيبة طرخان ملك الترك وبعث برأسه إلى الحجاج بن يوسف الثقفي. وفيها قدم محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج من اليمن بهدايا عظيمة فأرّسلت أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان زأوجة الوليد وبنت عمه تطلبها منه فقال محمد أخو الحجاج: حأتى يراها أمير المؤمنين فغضبت. ثم رّآها الوليد وبعث بها إلى أم البنين فلم تقبلها وقالت: قد غصبها من أموال الناس فسأله الوليد فقال: معاذ الله! فأحألفه الوليد بين الركن والمقام خمسين يميًنا أنه ما ظلم أحأ ًدا ول غصبه حأتى قبلتها أم البنين. وكان محمد هذا عامل صنعاء وكان يسب علي بن أبي طالب رّضي الله عنه على المنابر ولهذا كان يقول عمر بن عبد العزيز: الحجاج بالعراق! وأخوه محمد باليمن! وعثمان بن حأيان بالحجازأ! والوليد بالشأم! وقرة بن شريك بمصر! امتلت بلد الله جوًرّا!. وفيها حأج بالناس الوليد بن عبد الملك فلما دخل إلى المدينة غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه وأخرج الناس منه ولم يبق غير سعيد بن المسيب فلم يجسر أحأد من الحرس أن يخرجه فقيل له: لو قمت! فقال: ل أقوم حأتى يأتي الوقت الذي أقوم فيه قيل: فلو سلمت على أمير المؤمنين! قال: والله ل أقوم إليه قال عمر بن عبد العزيز: فجعلت أعدل بالوليد في ناحأية المسجد لئل يراه فالتفت الوليد إلى القبلة فقال: من ذلك الشيخ أهو سعيد قال عمر: نعم ومن حأاله كذا وكذا ولو علم بمكانك لقام فسلم عليك وهو ضعيف البصر فقال الوليد: قد علمنا حأاله ونحن نأتيه فدارّ في المسجد ثم أتاه فقال: كيف أنت أيها الشيخ - فو الله ما تحرك سعيد - فقال: بخير والحمد لله فكيف أمير المؤمنين وكيف حأاله فانصرف الوليد وهو يقول: هذا بقية الناس. وصلى الوليد الجمعة بالمدينة فخطب الناس الخطبة الولى جال ًسا ثم قام فخطب الثانية ًما. قائ قال إسحاق بن يحيى: فقلت لرجاء بن حأيوة وهو معه: أهكذا يصنعون قال: هكذا صنع معاوية وهلم جرا قال فقلت: أل تكلمه! قال: أخبرني قبيصة بن ذؤيب أنه كلم عبد الملك ًما قال فلم يترك القعود وقال: هكذا خطب عثمان قال فقلت: والله ما خطب إل قائ رّجاء: رّوي لهم شيء فأخذا به. وفيها توفي أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زأيد بن حأرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجارّ أبو حأمزة النصارّي النجارّي الخزرّجي خادم رّسول الله " ص " وآخرهم موًتا وهو من المكثرين مات في هذه السنة قاله المام أحأمد وكذا قال الهيثم بن عدي وسعيد بن عفير وأبو عبيد. ٍن لنس وقال الواقدي: سنة اثنتين وتسعين وتابعه معن بن عيسى عن اب بن مالك. وقال سعيد بن عامر وإسماعيل بن علية وأبو نعيم والمدائني والفلس وخليفة وقعنب وغيرهم: سنة ثلث وتسعين. وقال محمد بن عبد الله النصارّي: اختلف علينا مشيختنا في سن أنس: فقال بعضهم: بلغ مائة وثلث سنين وقال بعضهم: بلغ مائة وسبع سنين وقال يحيى قلت: وهذا بدعاء النبي " ص " فإنه دعا له: " اللهم ارّزأقه ما وول ًدا وبارّك له فيه ". ًل قال أنس: فإني لمن أكثر النصارّ ما من صلبي إلى مقدم ًل وحأدثتني ابنتي آسية أنه دفن الحجاج البصرة تسعة وعشرون ومائة. وفيها توفي محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج عامل صنعاء باليمن وقد تقدم ذكر هديته إلى الوليد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية قرة بن شريك على مصر وهي سنة اثنتين وتسعين. فيها حأج بالناس الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز. وفيها غزا عمر بن الوليد ومسلمة بن عبد الملك بلد الروم وفتح مسلمة حأصوًنا كثيرة يقال: إنه بلغ إلى الخليج وفتح سوسنة. وفيها توفي إبراهيم بن يزيد بن شريك من تيم الرباب أبو أسماء من الطبقة الثانية من تابعي وفيها توفي بلل بن أبي الدرّداء أبو محمد النصارّي من الطبقة الولى من تابعي أهل الشأم كان قاضًيا على دمشق في زأمان يزيد بن معاوية وبعده إلى أن عزله عبد الملك بن مروان بأبي إدرّيس الخولني. وفيها توفي عبد الرحأمن بن يزيد بن جارّية بن عامر بن مجمع أبو محمد النصارّي من الطبقة الولى من تابعي أهل المدينة وأمه جميلة بنت ثابت بن أبي القلح وأخوه لمه عاصم بن عمر بن الخطاب وولد على عهد رّسول الله " ص ". وفيها توفي طويس المغني صاحأب اللحان وهو أول من غنى باللحان في السلم وهو تصغير طاوس. وفيها فتحت جزيرة الندلس على يد طارّق بن زأياد مولى موسى بن نصير. وفيها فتحت جزيرة سردانية على يد جيش موسى بن نصير. وهذه الجزيرة في بحر الروم وهي من أكبر الجزائر ماعدا جزيرة صقلية وأقر يطش وهي كثيرة الفواكه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرة أصابع. بن شريك على مصر وهي سنة ثلث وتسعين. فيها افتتح قتيبة خوارّزأم وسمرقند وكان ساكنها الصغد وبنى بها مسج ًدا وخطب بنفسه فيه وأخذ من أهلها عن رّقبتهم ستة آلف أل ٍف وثلثين أل ًفا ووجد في سمرقند جارّية من ولد يزدجرد فبعث بها إلى الحجاج فأرّسلها الحجاج إلى الوليد بن عبد الملك فأولدها يزيد بن الوليد. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك بلد الروم وفتح حأصن الحديد وقلعة غزالة. وفيها غزا العباس بن الوليد ففتح سميساط وطرسوس والمرزأبان. وفيها عزل الوليد عمر بن عبد العزيز عن المدينة بسبب أن عمر كتب إلى الوليد يخبره بظلم الحجاج وسفكه الدماء وما يفعل بأهل العراق وخوفه عواقبه. وفيها توفي وضاح اليمن واسمه عبد الله بن إسماعيل بن عبد كلل. كان من أهل صنعاء من النبارّ وقيل: اسمه عبد الرحأمن بن إسماعيل بن عبد كلل ووضاح اليمن لقب له لجمال وجهه وهو صاحأب القصة مع أم البنين زأوجة الوليد بن عبد الملك بن مران التي ذكرها ابن خلكان في تارّيخه. وفيها فتحت طليطلة. قال أبو جعفر: وفي هذه السنة غضب موسى بن نصير على موله طارّق فسارّ إليه في رّجب منها واستخلف على إفريقية ابنه عبد لله بن موسى - وعبر موسى إلى طارّق في عشرة آلف فتلقاه طارّق وترضاه فرضي عنه وقبل عذرّه وسيره إلى طليطلة وهي من عظام مدائن الندلس وهي من قرطبة على خمسة أيام ففتحها وأصاب فيها مائدة سليمان بن داود عليهما السلم وفيها من الذهب والجوهر ما الله أعلم به. وفيها غزا العباس بن الوليد الروم ففتح سميساط والمرزأبان. وفيها حأج بالناس عبد العزيز بن الوليد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وإصبعان. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة الخامسة من ولية قرة بن شريك على مصر وهي سنة أرّبع وتسعين. فيها غزا قتيبة بن مسلم بلد كابل فحصرها حأتى فتحها ثم افتتح أي ًضا فرغانة بعد أن حأصرها وأخذها عنوة وبعث جي ًشا فافتتحوا الشاش. وفيها قتل محمد بن القاسم الثقفي صصة بن ذاهر. قيل: إن صصة هذا هو الذي اقترح الشطرنج. وفيها افتتح مسلمة بن عبد الملك سندرّة من أرّض الروم. وفيها افتتح القاسم بن محمد الثقفي أرّض الهند. وفيها حأج بالناس مسلمة بن عبد الملك. ًها وفي أيام الوليد بن عبد الملك فتح الله على السلم فتو ًحأا عظيمة وعاد الجهاد شبي بأيام عمر رّضي الله عنه. وفيها كانت بالشأم زألزأل عظيمة دامت في غالب البلد أرّبعين يو ًما. وكان أولها من عشرين من آذارّ فهدمت البنية ووقع معظم أنطاكية. وفيها هرب يزيد بن المهلب وإخوته من حأبس الحجاج إلى الشأم. وفيها غزا ما ورّاء النهر و فتح فرغانة وخجندة وفيها توفي الحسن بن محمد بن الحنفية. وأمه جمال بنت قيس بن مخرمة وكنيته أبو محمد وهو من الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة وكان من ظرفاء بني هاشم وكان يقدم على أخيه أبي هاشم عبد الله بن محمد في الفضل والهيبة. وفيها قتل الحجاج سعيد بن جبير مولى بني والبة وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة. كان من كبارّ العلماء الزهاد وكان ابن عباس يعظمه وكان خرج مع محمد بن الشعث على الحجاج ثم انحازأ بعد قتل ابن الشعث إلى أصبهان وكان عامل أصبهان ديًنا فأمر سعيدا بالخروج من بلده بما ألح عليه الحجاج في طلبه فخرج إلى أذرّبيجان مدة ثم توجه ًرا بالله وملتجًئا إلى حأرم الله فبعث به خالد القسري إلى إلى مكة مستجي الحجاج. وكان الحجاج كتب إلى الوليد أن جماعة من التابعين قد التجؤوا إلى مكة فكتب الوليد إلى عامل مكة خالد القسري: احأملهم إلى الحجاج وكانوا خمسة: سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد وعمرو بن دينارّ وطلق بن حأبيب. فأما عمرو وعطاء فأطلقا وأما طلق فمات في الطريق وأما مجاهد فحبس حأتى مات الحجاج ل عفا الله عنه وأما سعيد بن جبير فقتل. وقصة قتلته طويلة وهي أشهر من أن تذكر. وفيها توفي سعيد بن المسيب بن حأزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم وأمه أم سعيد بنت عثمان بن حأكيم السلمي وكنيته أبو محمد - أعني ابن المسيب - وهو من الطبقة الولى من تابعي أهل المدينة. وكان يقال له - فقيه الفقهاء وعالم العلماء وهو أحأد الفقهاء السبعة. وقد نظمهم بعض الشعراء: الطويل أل كل من ل يقتدي بأئم ٍة فقسمته ضيزى عن الحق خارّجه فخذهم: عبيد الله عروة قاسم سعيد سليمان أبو بكر خارّجة وفيها توفي عروة بن الزبير بن العوام أبو عبد الله السدي هو أي ًضا أحأد الفقهاء السبعة وهو المشارّ إليه في ثاني اسم من البيت الثاني وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق وهو شقيق عبد الله بن الزبير رّضي الله عنهم وبينه وبين عبد الله المذكورّ عشرون سنة. وكان ابتلي بالكلة في رّجله فقطعت وهو صائم فصبر على ذلك وحأمد الله عليه رّضي الله عنه وفي سنة وفاته اختلف كثير. وفيها توفي عطاء بن يسارّ مولى ميمونة زأوج النبي " ص " وكنيته أبو محمد وقيل أبو يسارّ وهو من الطبقة الولى من تابعي أهل المدينة. قال ابن بكير: كان بالمدينة ثلثة إخوة ل ندرّي أيهم أفضل: عطاء وسليمان وعبد الله بنو يسارّ وثلثة إخوة: محمد وأبو بكر وعمر بنو المنذرّ وثلثة إخوة: بكير ويعقوب وعمر بنو عبد الله الشج. وفيها توفي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب بزين العابدين وكنيته أبو محمد وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة ة وأمه أم ولد يقال لها غزالة وقيل سلمة وقيل سلفة وقيل شاه زأنان وكانت سندية. ًرّا بها رّضي الله عنه وعن أسلفه. وكان علي هذا با أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وإصبع واحأد. بن شريك على مصر وهي سنة خمس وتسعين. فيها وفد موسى بن نصير من بلد المغرب على الوليد بالشأم ومعه الموال وثلثون ألف رّأس من الرقيق. وفيها افتتح مسلمة بن عبد الملك مدينة الباب من إرّمينية وخربها ثم بناها بعد ذلك مسلمة المذكورّ. وفيها ولد أبو جعفر المنصورّ ثاني خلفاء بني العباس. وفيها غزا العباس بن الوليد أرّض الروم ففتح هرقلة وغيرها. وفيها حأج بالناس بشر بن الوليد بن عبد الملك. وفيها توفي جعفر بن عمرو بن أمية الضمري وهو أخو عبد الملك بن مران من الرضاعة. وفيها توفي الخبيث الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أ بي عقيل بن مسعود بن عامر أبو محمد الثقفي. قال الشعبي: كان بين الحجاج وبين الجلندا الذي ذكره الله في كتابه العزيز في قوله تعالى: " وكان ورّاءهم ملك يأخذ كل سفين ٍة غصًبا " سبعون ج ًدا. وقيل: إنه كان من ولد عبد من عبيد الطائف لبني ثقيف ولد أبي رّغال دليل أبرهة إلى الكعبة. قلت: هو مشؤوم هو وأجداده وعليهم اللعنة والخزي فإنه كان مع ظلمه وإسرافه في القتل مشؤوم الطلعة وكان في أيامه طاعون الشراف مات فيه خلئق ل تحصر حأتى قيل: ل يكون الطاعون والحجاج! وكان معظم الطاعون بواسط. وقيل: كان اسم الحجاج أوًل كليب ومولده سنة تسع وثلثين وقيل سنة أرّبعين وقيل سنة إحأدى وأرّبعين بمصر بدرّب السراجين ثم خرج به أبوه يوسف مع مران بن الحكم إلى الشأم. ولم أدرّ ما أذكر من مساوىء هذا الخبيث في هذا المختصر فإن مساوئه ل تحصر غير أنني أكتفي فيه بما شاع عنه في الفاق من قبيح الفعال وسوء الخصال. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وسبعة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. ولية عبد الملك بن رّفاعة الولى على مصر هو عبد الملك بن رّفاعة بن خالد بن ثابت الفهمي المصري أمير مصر ولي مصر بعد موت قرة بن شريك من قبل الوليد بن عبد الملك بن مران. وليها في شهر رّبيع الخر سنة ست وتسعين على الصلة فلم يكن بعد ولايته إل أيام ومات الوليد بن عبد الملك وتخلف أخوه سليمان بن عبد الملك فأقر عبد الملك هذا على عمل مصر فدام على ذلك وحأسنت سيرته فإنه كان عفي ًفا عن الموال ديًنا وفيه عدل في الرعية وكان ثقة أميًنا فاض ًل رّوى عنه الليث بن سعد وغيره. قال الليث بن سعد: كان يقول عبد الملك بن رّفاعة: إذا دخلت الهدية من الباب خرجت المانة من الطاق يعني بهذا الكلم في حأق كل عامل على بلد. قلت: وهذا أي ًضا في حأق كل حأاكم كائن من كان. وفي الجملة فقد كان بينه وبين قرة بن شريك زأحأام. وكان المتولي في أيام عبد الملك بن رّفاعة على خراج مصر أسامة بن زأيد التنوخي وعلى الشرطة أخاه الوليد بن رّفاعة. قال الكندي: كتب سليمان بن عبد الملك بن مران إلى أسامة: احألب الدرّ حأتى ينقطع وأحألب الدم حأتى ينصرم. قال: فذلك أول شدة دخلت على أهل مصر. وقال يو ًما سليمان بن عبد الملك - وقد أعجبه فعل أسامة بن زأيد المذكورّ -: هذا أسامة ل يرتشي دينا العزيز بن مران: أنا أدلك على ًرّا ول درّه ًما فقال له ابن عمه عمر بن عبد من هو شر من أسامة ول يرتشي دينا قال سليمان: ومن هو قال عمر: عدو ًرّا ول درّه ًما الله إبليس فغضب سليمان ولما مات سليمان بن عبد الملك وتولى عمر بن عبد العزيز الخلفة وجه في عزل أسامة بن زأيد المذكورّ قبل دفن سليمان وأقر عبد الملك بن رّفاعة على عمله بمصر مدة ثم عزله بأيوب بن شرحأبيل في شهر رّبيع الول سنة تسع وتسعين. وكانت ولية عبد الملك بن رّفاعة على مصر في هذه المرة ثلث سنين تخميًنا. وتأتي بقية ترجمته في ولايته الثانية إن شاء الله تعالى. وفي أيام عبد الملك هذا قتل عبد العزيز بن موسى بن نصير وكان أبوه استعمله على الندلس لما قدم الشأم. وكان سببه أنه تزوج بامرأة رّذرّيق فحملته على أن يأخذ أصحابه ورّعيته بالسجود له عند ديًنا فاض ً الدخول عليه كما كان يفعل لزوجها فقال: إن ذلك ليس في ديننا وكان ل فلم تزل به حأتى أمر بفتح باب قصير فكان أحأدهم إذا دخل عليه طأطأ رّأسه فيصير كالراكع له فرضيت به وقالت له: الن لحقت بالملوك وبقي أن أعمل لك تا ًجا مما عندي من الذهب واللؤلؤ فأبى فلم تزل به حأتى فعل فانكشف ذلك للمسلمين فقيل: إنه تنصر. فثارّوا عليه وقتلوه بدسيسة من عند عبد الملك هذا بآمر سليمان بن عبد الملك فدخلوا عليه وهو يصلي الصبح في المحراب وقد قرأ الفاتحة وسورّة الواقعة فضربوه بالسيوف ضربة واحأدة واحأتزوا رّأسه وسيروه إلى سليمان فعرضه سليمان على أبيه فتجلد ًما. ًما قوا للمصيبة وقال: هنيًئا له الشهادة فقد قتلتموه والله صوا فعد الناس ذلك من زألت سليمان بن عبد الملك. بن رّفاعة الولى على مصر وهي سنة ست وتسعين. فيها غزا مسلمة بن عبد الملك الصائفة. وفيها افتتح العباس بن الوليد بن عبد الملك طرسوس. وفيها عزم الوليد قبل موته بمدة يسيرة على خلع أخيه سليمان بن عبد الملك من ولية العهد وكان الوليد قد شاورّ الحجاج في ذلك فأشارّ عليه بخلعه فكتب الوليد إلى أخيه سليمان بذلك فامتنع وكان بفلسطين فعرض عليه الوليد أموا فأبى. ًل كثيرة فكتب الوليد إلى عماله أن يخلعوا سليمان ويبايعوا لبنه عبد العزيز بن الوليد فلم يجبه إلى ذلك سوى الحجاج وقتيبة بن مسلم. ثم قال لعمر بن عبد العزيز: بايع لبن أختك عبد العزيز فإن عبد العزيز بن الوليد كانت أمه أخت عمر بن عبد العزيز فقال له عمر: إنما بايعناك وسليمان في عقد واحأد فكيف نخلعه ونتركك! فأخذ الوليد منديل وجعله في عنق عمر بن عبد العزيز ولواه حأتى كاد أن يموت فصاحأت أخته أم البنين زأوجة الوليد حأتى أطلقه وحأبسه في بي ٍت ثلثة أيام إلى أن قالت له أم البنين: أخرج أخي فأخرجه وقد كاد أن يموت وقد التوى عنقه فقالت أم البنين: اللهم ل تبلغ الوليد في ولد عبد العزيز ما أمله. وفيها قتل قتيبة بن مسلم بن عمرو بن الحصين بن أسيد بن زأيد بن قضاعة الباهلي وهو من التابعين وكنيته أبو صالح. كان من كبارّ أمراء بني أمية. وله الحجاج خراسان وفتح الفتوحأات فلما ولي سليمان بن عبد الملك الخلفة نقم عليه لكونه كان خلعه في أيام أخيه الوليد فبعث إليه من قتله بعد أمورّ وحأروب. وفيها توفي الحكم بن أيوب بن الحكم بن أبي عقيل ابن عم الحجاج كان وله الحجاج البصرة وزأوجه أخته زأينب بنت يوسف. وفيها توفي عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وأمه حأفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب. كان من الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة. وفيها افتتح قتيبة مدينة كاشغر. وفيها حأج بالناس أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حأزم وهو أمير المدينة وكان على مكة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وكان على حأرب العراق وصلتها يزيد بن المهلب وعلى خراجها صالح بن عبد الرحأمن وعلى البصرة سفيان بن عبد الله الكندي من قبل يزيد بن المهلب وعلى حأرب خراسان وكيع بن أبي مسعود. وفيها توفي الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مران أمير المؤمنين أبو العباس الموي الدمشقي من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشأم وكان الوليد عند أهل الشأم أفضل خلفائهم من كونه بنى المساجد والجوامع وبنى جامع دمشق ومسجد المدينة وهو أول من اتخذ دارّ الضيافة للقادمين وبنى البيمارّستانات للمرضى وساق المياه إلى مكة والمدينة ووضع المنابر في المصارّ غير أنه كان له مساوىء من كونه كان أقر الحجاج على العراق وأشياء غير ذلك وتولى الخلفة من بعده أخوه سليمان بن عبد الملك. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثلثة وعشرون إصب ًعا. السنة الثانية من ولية عبد الملك بن رّفاعة على مصر وهي سنة سبع وتسعين. فيها غزا يزيد بن المهلب جرجان. قال المدائني: غزاها ولم تكن يومئذ مدينة إنما هي جبال محيطة بها. وفيها حأج بالناس الخليفة سليمان بن عبد الملك. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك برجمة وحأصن ابن عوف وافتتح أي ًضا حأصن الحديد وسردا وشتى بنواحأي الروم. وفيها بعث سليمان بن عبد الملك على الغرب محمد بن يزيد مولى قريش فولي سنتين وعدل. ولكنه عسف على موسى بن نصير وقبض على ابنه عبد الله وسجنه ثم جاء البريد بأن يقتله فتولى قتله عبيد الله بن خالد بن صابي وكان أخوه عبد العزيز بن موسى على الندلس. ثم ثارّوا عليه فقتلوه في سنة تسع وتسعين لكونه خلع طاعة سليمان قتله وهو في صلة الفجر حأبيب بن أبي عبيد بن عقبة بن نافع الفهري. وفاة موسى بن نصير هو صاحأب فتوحأات الغرب وكنيته أبو عبد الرحأمن. قيل: أصله من عين التمر وقيل: هو مولى لبني أمية وقيل: لمرأة من لخم. مات بطريق مكة الخليفة سليمان بن عبد الملك. مولده بقرية كفرتوثا من قرى الجزيرة في سنة تسع عشرة ووله معاوية بن أبي سفيان غزو البحر فغزا قبرس وبنى بها حأصوًنا ثم غزا غيرها وطالت أيامه وفتح الفتوحأات ًما جوا ًدا. العظيمة ببلد المغرب وكان شجا ًعا مقدا وفيها جهز الخليفة سليمان بن عبد الملك الجيوش إلى القسطنطينية واستعمل ابنه داود على الصائفة فافتتح حأصن المرأة. وفيها غزا عمر بن هبيرة أرّض الروم في البحر وشتى بها. وفيها عزل سليمان داود بن طلحة الحضري عن إمرة مكة وكان عمله عليها ستة أشهر وولى أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثلثة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. السنة الثالثة من ولية عبد الملك بن رّفاعة على مصر وهي سنة ثمان وتسعين. فيها غزا يزيد بن المهلب بن أبي صفرة طبرستان فصالحه صاحأبها الصبهبذ على سبعمائة ألف وقيل: خمسمائة ألف في السنة. وفيها غدرّ أهل جرجان وقتلوا عاملهم وجماع ًة من المسلمين. فسارّ إليهم بزيد بن المهلب بن أبي صفرة وقاتلهم شه ًرا حأتى نزلوا على حأكمه فقتل المقاتلة وصلب منهم فرسخين عن يمين الطريق ويسارّه وقاد منهم اثني عشر ألف نفس إلى وادي جرجان فقتلهم وأجرى الدماء في الوادي. وفيها غزا داود بن سليمان بن عبد الملك أرّض الروم وفتح حأصن المرأة مما يلي ملطية. وفيها عادت الزلزأل أرّبعين يو ًما وقيل: ستة أشهر فهدمت القلع والماكن العالية. وفيها استعمل سليمان عروة بن محمد بن عطية السعدي على اليمن. وفيها توفي أيوب ابن الخليفة سليمان بن عبد الملك بن مران وأم أيوب المذكورّ أم أبان جليً بنت سليمان بن الحكم وقيل: بنت خالد بن الحكم وكان شاًبا ل. وفيها توفي عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وكنيته أبو عبد الله وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة وكان عال الفقهاء السبعة المشارّ إليه في ًما زأاه ًدا وهو أحأد البيات السابقة بعبيد الله وكان الزهري يلزأمه ويأخذ عنه. وفيها فتحت مدينة الصقالبة ببلد المغرب. وفيها حأج بالناس عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد وهو أمير مكة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وتسعة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشرة ذرّا ًعا وستة أصابع. ولية أيوب بن شرحأبيل على مصر هو أيوب بن شرحأبيل بن أكشوم بن أبرهة بن الصباح أمير مصر. قال الحافظ أبو سعيد عبد الرحأمن بن أحأمد بن يونس في تارّيخه: أيوب بن شرحأبيل بن أكشوم بن أبرهة بن الصباح بن لهيعة بن شرحأبيل بن مرثد بن الصباح بن معد يكرب بن يعفر بن ينوف بن شراحأيل بن أبي شمر بن شرحأبيل بن ياشر بن أشغر بن ملكيكرب بن شراحأيل بن عمير بن أبي كرب بن يعفر بن أسعد بن ملكيكرب بن شمير بن أشغر بن ينوف بن أصبح الصبحي. وأمه أم أيوب بنت مالك بن نويرة بن الصباح. وأيوب هذا أحأد أمراء مصر وليها لعمر بن عبد العزيز. رّوى عنه أبو قبيل وعبد الرحأمن بن مهران وتوفي في رّمضان سنة إحأدى ومائة. حأدثني موسى بن هارّون بن كامل أخبرنا عبد الله بن محمد البردي حأدثنا أبي حأدثنا ابن أبي ذئب حأدثنا عبد الرحأمن بن مهران عن أيوب بن شرحأبيل قال: كتب عمر بن عبد ً العزيز رّضي الله عنه إلى عامله على مصر: أن خذ من المسلمين من كل أرّبعين رّا دينا ومن أهل الكتاب من كل عشرين دينا سمعه ًرّا إذا قبلوها في كل عام فإنه حأدثني من عمن سمعه عن رّسول " ص ". انتهى كلم ابن يونس باختصارّ. قلت: وكانت ولية أيوب هذا على مصر بعد عبد الملك بن رّفاعة من قبل عمر بن عبد العزيز في شهر رّبيع الول سنة تسع وتسعين. فلما ولي أيوب هذا مصر جعل الفتيا بمصر إلى جعفر بن رّبيعة ويزيد بن أبي حأبيب وعبيد الله بن أبي جعفر وجعل على الشرطة الحسن بن يزيد الرعيني وزأيد في عطايا الناس عامة وعطلت حأانات الخمر وكسرت بإشارّة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ونزحأت القبط عن الكورّ واستعملت عليها المسلمون ونزعت أيديهم أي ًضا عن الموارّيث واستعمل عليها المسلمون. وحأسنت أحأوال الديارّ المصرية في أيامه وأخذ أيوب هذا في المر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلح المورّ. وبينما هو في ذلك قدم عليه الخبر بموت الخليفة عمر بن عبد العزيز رّضي الله عنه في شهر رّجب سنة إحأدى ومائة وتولية يزيد بن عبد الملك بن مران الخلفة وأن يزيد أقر أيوب بن شرحأبيل المذكورّ على عمله بمصر على الصلة على عادته فلم تطل مدة أيوب بعد ذلك ومات في يوم سابع عشر شهر رّمضان من سنة إحأدى ومائة المذكورّة وقيل: لحأدى عشرة خلت من شهر رّمضان فكانت ولايته على مصر سنتين ونصف سنة وتولى مصر بعده بشر بن صفوان التي ذكره. وقال صاحأب كتاب البغية والغتباط فيمن ولي الفسطاط: إنه عزل يعني أيوب هذا في التارّيخ المذكورّ من الشهر والسنة غير أنه خالف ما ذكرناه من موته وقال: عزل والله أعلم ووافقه غيره على ذلك. والصحيح ما نقلناه أنه توفي. غير أن يزيد لما ولي الخلفة بعد عمر بن عبد العزيز غير غالب ما كان قررّه عمر. وسببه أن عمر لما احأتضر قيل له: اكتب إلى يزيد ابن عمك وأوصه بالمة قال: بماذا أوصيه! إنه من بني عبد الملك ثم كتب إليه: أما بعد فاتق الله يا يزيد واتق الصرعة بعد الغفلة حأين ل تقال العثرة ول تقدرّ على الرجعة إنك تترك ما تترك لمن ل يحمدك وتصير إلى من ل يعذرّك والسلم. فلما ولي يزيد نزع أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حأزم عن المدينة واستعمل عبد الرحأمن ابن الضحاك بن قيس القهري عليها فاستقضى عبد الرحأمن بن سلمة بن عبد الله بن عبد السد المخزوي - وأرّاد معارّضة ابن حأزم فلم يجد عليه سبي عثمان بن حأيان ًل حأتى شكا إلى يزيد من ابن حأزم أنه ضربه حأدين وطلب منه أن يقيده منه. ثم عمد يزيد إلى كل ما صنعه ابن عمه عمر بن عبد العزيز مما لم يوافق هواه فرده ولم ًما آجًل. يخف شناع ًة عاجل ًة ول إث فمن ذلك أن محمد بن يوسف أخا الحجاج بن يوسف كان عام ًل على اليمن فجعل عليهم خرا ًجا محد ًدا فلما ولي عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله باليمن يأمره بالقتصارّ على العشر ونصف العشر وترك ما حأدده محمد وقال: لن يأتيني من اليمن حأفنة ذرّة أحأب إلي من تقرير هذه الوظيفة. فلما ولي يزيد بعد عمر أمر بردها وقال لعامله: خذها منهم ولو صارّوا حأر ًضا والسلم. ثم عزل جماع ًة من العمال. فمن قال بعزل أيوب عن مصر فهو يستدل بما ذكرناه والصح أنه مات في التارّيخ المذكورّ المقدم ذكره. بن شرحأبيل على مصر وهي سنة تسع وتسعين: فيها أغارّت الخزرّ على أرّمينية وأذرّبيجان وأمير تلك البلد يوم ذاك عبد العزيز بن حأاتم الباهلي. وكان بينهم وقعة قتل الله فيها عامة الخزرّ وكتب عبد العزيز الباهلي إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز بذلك. وفيها حأج بالناس أبو بكر بن حأزم. وفيها استقضى عمر بن عبد العزيز الشعبي على الكوفة. وفيها قدم يزيد بن المهلب بن أبي صفرة من خراسان فما قطع الجسر إل وهو معزول. وتوجه عدي بن أرّطاة والًيا من قبل عمر بن عبد العزيز على البصرة فأبى يزيد بن المهلب أن يسلم عليه فقبض عليه عدي بن أرّطاة وقيده وبعث به إلى عمر بن عبد العزيز فحبسه عمر بن عبد العزيز حأتى مات. وفيها أسلم ملك الهند. قال ابن عساكر: كتب ملك الهند إلى عمر بن عبد العزيز: من ملك الهند والسند ملك الملك الذي هو ابن ألف ملك وتحته ابنة ألف ملك والذي في مملكته نهران ينبتان العود والكافورّ والكرة التي يوجد رّيحها من اثني عشر فرس ًخا والذي في مربطه ألف فيل وتحت يده ألف ملك إلى ملك العرب: أما بعد فإن الله قد هداني إلى السلم فابعث إلي رّجًل يعلمني السلم والقرآن وشرائع السلم وقد أهديت لك هدية من المسك والعنبر والند والكافورّ فاقبلها فإنما أنا أخوك في السلم والسلم. وفيها توفي سعيد بن أبي الحسن أخو الحسن البصري وكان أصغر من الحسن وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة. وحأزن على موته أخوه الحسن حأزًنا عظي ذلك فقال ًما وأمسك عن الكلم حأتى كلم في ًرّا على يعقوب. أول ما تكلم: الحمد لله الذي لم يجعل الحزن عا وفيها توفي الخليفة سليمان بن عبد الملك بن مروان الموي الهاشمي وأمه ولدة بنت العباس وهي أم الوليد أي ًضا وكنيته أبو أيوب. ولي الخلفة بعد أخيه الوليد بن عبد الملك سنة ست وتسعين. وكان فصي ًحا لسًنا جمي ظلم الحجاج وأطلق ًل حأسن السيرة مفتا ًحأا للخير أذهب الله به من كان في حأبس الحجاج فأنصف المظلومين وبنى مدينة الرملة ومسجدها ثم ختم أفعاله باستخلفه ابن عمه عمر بن عبد العزيز على المسلمين قبل أخويه يزيد وهشام. وكان سليمان هذا أكوًل وحأكاياته في كثرة الكل مشهورّة منها: أنه حأج مرة فنزل بالطائف فأكل سبعين رّمانة ثم جاؤوه بخروف مشوي وست دجاجات فأكلها ثم جاؤوه ًرا ثم نعس وانتبه فأتاه الطباخ فأخبره أن الطعام بزبيب فأكل منه شيًئا كثي استوى فقال: اعرضه علي قدًرّا قدًرّا فصارّ يأكل من كل قدرّة اللقمة واللقمتين واللحمة واللحمتين وكانت ثمانين قدًرّا ثم مد السماط فأكل على عادته كأنه ما أكل شيًئا. وكانت وفاته بدابق في صفر سنة تسع وتسعين عن خمس وأرّبعين سنة. وكانت خلفته دون ثلث سنين رّحأمه الله. وفيها وجه عمر بن عبد العزيز إلى مسلمة وهو بأرّض الروم يأمره بالقفول منها بمن معه ًرا وحأث الناس على ًما كثي من المسلمين ووجه لهم خي معونتهم. ًل وطعا وفيها أغارّت الترك على أذرّبيجان فقتلوا من المسلمين جماعة فوجه عمر بن عبد العزيز حأاتم ين النعمان الباهلي فقتل أولئك الترك ولم يفلت منهم إل اليسير. وفيها توفي سهل بن عبد العزيز بن مروان أخو الخليفة عمر بن عبد العزيز. وكان فاضًل ديًنا زأاه ًدا. وفيها توفي قيس بن أبي حأازأم عوف بن الحارّث الحأمسي من الطبقة الولى من تابعي أهل الكوفة شهد مع خالد بن الوليد حأين صالح أهل الحيرة وا لقا دسية. وفيها توفي القاسم بن مخيمرة الهمداني. وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة وكان يدعو بالموت فلما نزل به كرهه وكان ثق ًة مع علم وزأهد وورّع. أمر النيل في هذه السنة - الماء القديم ستة أذرّع وخمسة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر السنة الثانية من ولية أيوب بن شرحأبيل على مصر وهي سنة مائة: فيها حأج بالناس أبو بكر بن حأزم. وفيها غزا الصائفة الوليد بن هشام المعيطي وفيها خرج شوذب الخارّجي واسمه بسطام من بني يشكر. وفيها أمر عمر بن عبد العزيز أهل طرندة بالقفول عنها إلى ملطية. وكان عبد الله بن عبد الملك قد أسكنها المسلمين بعد أن غزاها سنة ثلث وثمانين وملطية يومئذ خراب. وكان يأتيهم جند من الجزيرة يقيمون عندهم إلى أن ينزل الثلج ويعودون إلى بلدهم فلم يزالوا كذلك إلى أن ولي عمر بن عبد العزيز فأمرهم بالعود إلى ملطية وإخلء طرندة خو ًفا على المسلمين من العدو وأخرب طرندة. وفيها تزوج محمد بن علي بن عبد اله بن العباس الحارّثية فولدت له السفاح أول خلفاء بني العباس التي ذكرهم إن شاء الله تعالى. وفيها كانت الزلزأل فكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى المصارّ وواعدهم يو ًما بعينه ثم خرج هو بنفسه رّضي الله عنه في ذلك اليوم وخرج معه الناس فدعا عمر وتضرع إلى الله فسكنت الزلزأل ببركته. وقيل: إن في أول هذه السنة كانت أول دعوة بني العباس بخراسان لمحمد بن علي بن عبد الله بن العباس فلم يظهر أمره غير أنه شاع ذلك في القطارّ. ثم وقعت أمورّ إلى أن ظهرت دعوتهم في سنة مائة واثنتين وثلثين كما سيأتي ذكره في محله. وفيها توفي خارّجة بن زأيد بن ثابت النصارّي وأمه جميلة بنت سعد بن الربيع الخزرّجي. وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة وكذا جميع إخوته. ًما زأاه ًدا وهو أحأد الفقهاء السبعة. وكنيته أبو زأيد وكان عال وفيها توفي الشاب الصالح الناسك عبد الملك ابن الخليفة عمر بن عبد العزيز بن مروان. مات في خلفة أبيه عمر بن عبد العزيز. قال بعض أهل الشام: كنا نرى أن عمر بن عبد العزيز إنما أدخله في العبادة ما رّأى من ابنه عبد الملك المذكورّ هذا. ومات عبد الملك المذكورّ وله تسع عشرة سنة رّحأمه الله. وفيها كان طاعون عددي بن أرّطاة ومات فيه خلئق. وفيها توفي أبو رّجاء العطارّدي من الطبقة الولى من تابعي أهل البصرة. واسمه عمران بن تيم وقيل: ابن ملحان وقيل: عطارّد بن ثورّ. وفيها توفي أبو طفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني الصحابي آخر من رّأى في الدنيا النبي " ص " بالجماع وكان من شيعة علي. رّوى عن النبي " ص " استلمه الركن. وفيها كتب عمر بن عبد العزيز إلى ملوك السند يدعوهم إلى السلم على أن يملكهم بلدهم ولهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم وقد كانت سيرته بلغتهم فأسلم جيشبة بن ذاهر وعده ملوك وتسموا بأسماء العرب. وكان استعمل عمر على ذلك الثغر عمرو بن مسلم أخا قتيبة فغزا عمرو بعض الهند وظفر حأتى بقي ملوك السند مسلمين فبقوا على ذلك إلى خلفة هشام ثم ارّتدوا عن السلم لمر وقع من هشام. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثمانية أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. ولية بشر بن صفوان على مصر هو بشر بن صفوان بن تويل بفتح التاء المثناة بن بشر بن حأنظلة بن علقمة بن شرحأبيل بن عرين بن أبي جابر بن زأهير الكلبي أمير مصر. وليها من قبل يزيد بن عبد الملك بعد موت أيوب بن قال ابن يونس: وحأدث عنه عبد الله بن لهيعة ويروي عن أبي فراس انتهى كلم ابن يونس ولم يذكر وفاته ول عزله. وقال غيره: وفي أيام بشر على مصر نزل الروم تنيس وأقام بعد ذلك مدة. ووله الخليفة يزيد بن عبد الملك على إفريقية بالغرب فخرج إليها من مصر في شوال سنة اثنتين ومائة واستخلف أخاه حأنظلة بن صفوان على مصر فأقره يزيد بن عبد الملك على إمرة مصر عو ًضا عن أخيه بشر المذكورّ. وقال صاحأب كتاب البغية والغتباط فيمن ولي الفسطاط بعدما ذكر نسبه إلى جده قال: وله يزيد بن عبد الملك وقدمها يعني مصر لسبع عشرة ليل ًة خلت من شهر رّمضان سنة إحأدى ومائة فجعل على شرطته شعيب بن حأميد بن أبي الربداء البلوي. وفي إمرته نزلت الروم تنيس وكتب يزيد بمنع الزيادات التي زأادها عمر بن عبد العزيز ودون التدوين الرابع ثم خرج إلى إفريقية بإشارّة يزيد بن عبد الملك في شوال سنة اثنتين ومائة واستخلف أخاه حأنظلة. وسبب عزل بشر بن صفوان وتوجهه إلى إفريقية قتل يزيد بن أبي مسلم وكان الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان استعمل يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج على إفريقية سنة إحأدى ومائة بعد عزل محمد بن يزيد مولى النصارّ فلما ولي يزيد على إفريقية عزم أن يسير فيهم بسيرة الحجاج في أهل السلم الذين سكنوا المصارّ ممن كان أصله من السواد من أهل الذمة فأسلم بالعراق فإن الحجاج كان رّدهم إلى قراهم ووضع الجزية على رّقابهم على نحو ما كانت تؤخذ منهم وهم كفارّ فأرّاد يزيد بن أبي مسلم أن يفعل بأهل سواد إفريقية كذلك فكلموه في ذلك فلم يسمع وعزم على ما عزم عليه فلما تحققوا ذلك أجمع رّأيهم على قتله فوثبوا عليه وقاتلوه وقتلوه وولوا على أنفسهم الوالي الذي كان عليهم قبل يزيد المذكورّ وهو محمد بن يزيد مولى النصارّ وكان عندهم وكتبوا إلى الخليفة يزيد بن عبد الملك: إنا لم نخلع أيدينا من الطاعة ولكن يزيد بن أبي مسلم سامنا ما ل يرضاه الله والمسلمون فقتلناه وأعدنا علينا محمد بن يزيد فكتب إليهم يزيد: إني لم أرّض بما صنع يزيد بن أبي مسلم وأقر محمد بن يزيد على عمله مدة أيام ثم بدا له إرّسال بشر بن صفوان هذا إلى إفريقية فكتب إليه بالتوجه وأقر أخاه حأنظلة بن صفوان على إمرة مصر عوضه برغبة أخيه بشر في ذلك. وخرج بشر إلى إفريقية ووقع له بها أمورّ يطول شرحأها إلى أن غزا جزيرة صقلية في ًرا. سنة تسع ومائة وغنم منها شيًئا كثي ثم رّجع من غزاته إلى القيروان فتوفي بها من سنته. فاستعمل هشام بعده عبيدة بن عبد الرحأمن بن أبي الغر السلمي. انتهت ترجمة بشر بن صفوان. بن صفوان على مصر وهي سنة إحأدى ومائة: فيها استخلف يزيد بن عبد الملك بعد موت ابن عمه عمر بن عبد العزيز في شهر رّجب. وفيها ولى الخليفة يزيد بن عبد الملك عبد الرحأمن بن الضحاك بن قيس الفهري على المدينة وعزل عنها أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حأزم فحج عبد الرحأمن بالناس وكان عامل مكة في هذه السنة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد وكان على الكوفة عبدا لحميد وعلى قضائها الشعبي وكانت البصرة قد غلب عليها ابن المهلب وكان على خراسان عبد الرحأمن بن نعيم. وفيها لحق يزيد بن المهلب بن أبي صفرة بالبصرة وغلب عليها وحأبس عاملها عدي بن أرّطاة الفزارّي وخلع يزيد بن عبد الملك من الخلفة وخرج عن طاعته - وكان يزيد هذا من حأبسه عمر بن عبد العزيز في أيام خلفته كما تقدم ذكره - فجهز الخليفة يزيد بن عبد الملك لحرب يزيد بن المهلب الجيوش. ووقع لجيش يزيد بن عبد الملك مع يزيد بن المهلب وقائع آلت إلى أن قتل يزيد بن المهلب المذكورّ. وفيها توفي أبو صالح السمان وهو المعروف بالزيات واسمه ذكوان مولى غطفان من الطبقة الثانية من الموالي بالمدينة. أسند عن جماعة من الصحابة ورّوى عنه خلق كثير. وفيها توفي أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشي الموي أبو حأفص ولي الخلفة بعد موت ابن عمه سليمان بن عبد الملك بعهده إليه بحيلة وضعها سليمان بن عبد الملك حأتى بايعه يزيد وهشام ابنا عبد الملك وتم أمره. ومولده بالمدينة سنة ستين عام توفي الخليفة معاوية بن أبي سفيان أو بعدها بسنة وأمه أم عاصم بن عمر بن الخطاب. فسارّ عمر بن عبد العزيز في الخلفة سيرة الخلفاء الراشدين رّضي الله عنهم من التقلل والتقشف والعدل في الرعية والنصاف إلى أن توفي يوم الجمعة لخمس بقين من شهر رّجب بدير سمعان وصلى عليه ابن عمه يزيد بن عبد الملك بن مروان الذي تخلف بعده ومات عمر بن عبد العزيز وله تسع وثلثون سنة وستة أشهر. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: عن يوسف بن ماهك قال: بينما نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز إذ سقط علينا كتاب رّق من السماء فيه: بسم الله الرحأمن الرحأيم أمان من الله لعمر بن عبد العزيز من النارّ. قلت: وفي هذه كفاية عن ذكر شيء من مناقبه رّحأمه الله. وفيها توفي عمر بن عبد الله بن أبي رّبيعة المخزوي الشاعر المشهورّ وكنيته أبو الخطاب ولد في الليلة التي مات فيها الخليفة عمر بن الخطاب. وكان الحسن البصري يقول: أي حأق رّفع وأي باطل وضع. وكانت العرب تقر لقريش بالتقدم عليها في كل شيء إل في الشعر حأتى أتى عمر هذا فأقرت لها بالشعر. قال ابن خلكان: لم يكن في قريش أشعر منه وهو كثير الغزل والنوادرّ والوقائع والمجون والخلعة وله في ذلك حأكايات مشهورّة. قلت: وتشبيبه بالنساء وحأكايته مع فاطمة بنت عبد الملك بن مروان مشهورّة. ومن شعره: الخفيف حأي طي ًفا من الحأبة زأارّا بعد ما صرع الكرى السمارّا طارّ ًقا في المنام تحت دجىاللي - - ل ضنيًنا بأن يزورّ نهارّا قلت ما بالنا جفينا وكنا قبل ذاك السماع والبصارّا قال إنا كما عهدت ولكن شغل الحلي أهله أن يعارّا وفيها توفي ذو الرمة الشاعر المشهورّ وكنيته أبو الحارّث واسمه غيلن بن عقبة وهو من الطبقة الثانية من شعراء السلم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا واثنان وعشرون إصب ًعا. بن صفوان على مصر وهي سنة اثنتين ومائة. فيها وقعة كانت بين يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وبين مسلمة بن عبد الملك بن مروان قتل فيها يزيد بن المهلب المذكورّ وكسر جيشه وانهزم آل المهلب ثم ظفر بهم مسلمة فقتل فيهم وبدع وقل من نجا منهم. وفيها غزا عمر بن هبيرة الروم من ناحأية إرّمينية وهو على الجزيرة قبل أن يلي العراق ًرا نحو سبعمائة أسير. فهزمهم وأسر منهم خل ًقا كثي وفيها غزا العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الروم فافتتح دلسة. وفيها حأج بالناس أمير المدينة عبد الرحأمن بن الضحاك. وفيها توفي محمد بن مروان بن الحكم والد مروان الحمارّآخر خلفاء بني أمية التي ذكره. وفيها توفي الضحاك بن مزاحأم الهللي و هو من رّهط زأينب زأوج رّسول الله " ص " وكنيته أبو القاسم وهو من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الكوفة. وفيها توفي يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج وكنيته أبو العلء وكان على نمط الحجاج في الجبروت وسفك الدماء. ولما مات الحجاج أقره الوليد بن عبد الملك على العراق أرّبعة أشهر فلما مات الوليد وولي أخوه سليمان الخلفة عزله بيزيد بن المهلب بن أبي صفرة المقدم ذكره وأمره سليمان بمسكه وإرّساله إليه فأرّسله إليه فحبسه إلى أن أخرجه يزيد بن عبد الملك ووله إفريقية فقتل هناك في هذه السنة. وقد حأكينا ترجمته وقتلته في أول ترجمة بشر بن صفوان. وفيها توفي عدي بن زأيد بن الخمارّ العبادي التميمي الشاعر المشهورّ وهو جاهلي نصراني من فحول الشعراء ذكره محمد بن سلم في الطبقة الرابعة من شعراء الجاهلية وقال: وهم أرّبعة فحول: طرفة بن العبد وعبيد بن البرص وعلقمة بن عبدة وعدي بن زأيد بن الخمارّ. قال أبو الفرج صاحأب الغاني: الخمارّ بخاء معجمة مضمومة. وفي وفاته أقوال: قيل إنه مات قبل السلم وقيل في زأمن الخلفاء الراشدين وقيل غير ذلك. ومن شعره: الخفيف أين أهل الديارّ من قوم نو وثمود أين آباؤنا وأين ٍح ثم عاد من بعدهم بنوهم أين آباؤهم وأين الجدود سلكوا منهج المنايا فبادوا وأرّانا قد كان منا ورّود بينما هم على السرة والن - - ماط أفضت إلى التراب الخدود ثم لم ينقض الحديث ولكن بعد ذاك الوعيد والموعود ومنها: وصحيح أضحى يعود مري ًضا هو أدنى للموت ممن يعود أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع واثنان وعشرون إصبعأ. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وتسعة عشر إصب ًعا. ولية حأنظلة بن صفوان الولى على مصر ولي حأنظلة إمرة مصر باستخلف أخيه بشر بن صفوان له لما وله الخليفة يزيد بن عبد الملك إمرة إفريقية وكتب ليزيد بذلك فأقره يزيد على إمرة مصر وذلك في شوال سنة اثنتين ومائة. وحأنظلة هذا من بني كلب. ولما ولي مصرمهد أمورّها ودام بها إلى سنة ثلث ومائة ثم خرج إلى السكندرّية واستخلف على مصر عقبة بن مسلم التجيبي ثم ورّد عليه كتاب الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان بكسر الصنام والتماثيل فكسرت كلها ومحيت التماثيل من ديارّ مصر وغيرها في أيامه. قال الحافظ أبو سعيد عبد الرحأمن بن أحأمد بن يونس: حأنظلة بن صفوان الكلبي أمير مصر لهشام بن عبد الملك. رّوى عنه أبو قبيل آخر ما عندنا من أخبارّه. وقدومه من الغرب سنة سبع وعشرين ومائة وكان أخرجه عبد الرحأمن بن حأبيب الفهري. قال: وكان حأنظلة حأسن السيرة في سلطانه. حأدثني مسلمة بن عمرو بن حأفص المرادي وأبو قرة محمد بن حأميد الرعيني حأدثني النضر بن عبد الجبارّ أخبرنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل قال: أرّسل إلي حأنظلة بن صفوان فأتيته في حأديث طويل. هذا ما ذكره ابن يونس في ترجمة حأنظلة بتمامه وكماله. قلت: واستمر حأنظلة على عمله بمصر حأتى توفي يزيد بن عبد الملك واستقر أخوه هشام بن عبد الملك في الخلفة ف صرف حأنظلة هذا بأخيه محمد بن عبد الملك بن مروان وذلك في شوال سنة خمس ومائة فكانت مدته على مصر ثلث سنين. وتأتي بقية ترجمته في ولايته الثانية على مصر إن شاء الله تعالى. وسبب عزل حأنظلة عن مصر أمورّ منها: أن هشا عقفان على ًما عزله وأرّاد أن يولي مصر عوضه ثم ثنى عزمه عن ذلك وولى عقفان الصدقة وولى أخاه محم ًدا مصر. وعقفان المذكورّ حأرورّي اسمه عقفان خرج في أيام يزيد بن عبد الملك في ثلثين رّجًل فأرّاد يزيد أن يرسل إليه جن ًدا يقاتلونه فقيل له: إن قتل عقفان بهذه البلد اتخذها الخوارّج دارّ هجرة والرأي أن تبعث لكل رّجل من أصحابه رّجًل من قومه يكلمه فيرده ففعل يزيد ذلك فقال لهم أهلوهم: إنا نخاف أن نؤخذ بكم وأومنوا فرجعوا وبقي عقفان وحأده فبعث إليه يزيد أخاه فاستعطفه ورّده. فلما ولي هشام الخلفة وله أمر العصاة بعد أن أرّاد أن يوليه إمرة مصر. ولما ولي عقفان أمر العصاة وعظم أمره قدم ابنه من خراسان عاصًيا فشده وثا ًقا وبعث به إلى الخليفة هشام فأطلقه هشام لبيه وقال: لو خاننا عقفان لكتم أمر ابنه عنا. فاستعمله على الصدقة فبقي عقفان على الصدقة إلى أن مات هشام وولي الخلفة مروان الجعدي الحمارّ. السنة الولى من ولية حأنظلة بن صفوان الكلبي على مصر وهي سنة ثلث ومائة. فيها قتل أمير الندلس السمح بن مالك الخولني قتله الروم يوم التروية. وفيها أغارّت الترك على اللن. وفيها غزا العباس بن الوليد الروم ففتح مدينة يقال لها رّسلة. وفيها جمعت مكة والمدينة لعبد الرحأمن بن الضحاك. وفيها ولي عبد الواحأد بن عبد الله النصري الطائف بعد عزل عبد العزيز بن عبد الله بن خالد عنه وعن مكة. وفيها حأج بالناس عبد الرحأمن بن الضحاك. وكان أمير العراق في هذه السنة عمر بن هبيرة وفيها توفي يحيى بن وثاب السدي مولهم قارّىء الكوفة أحأد القراء أخذ القراءة عر ًضا عن علقمة والسود وعبيد ومسروق وغيرهم. قال العمش: كان يحيى بن وثاب ليقرأ: " بسم الله الرحأمن الرحأيم " في عرض ول في غيره. وفيها توفي أبو الشعثاء جابر بن زأيد الزأدي من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة ًما يفتي أهل البصرة في غيبة الحسن البصري وفي ًها عال وكان فقي حأضورّه. وفيها توفي خالد بن معدان بن أبي كريب أبو عبد الله الكلعي من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشأم. كان عاب ًدا ورّ ًعا وكان يكره الشهرة. وفيها توفي سليمان بن يسارّ مولى ميمونة زأوج النبي " ص " وقيل: إنه كان مكاتًبا لها فأدى وعتق ووهبت ميمونة ولءه لبن عباس. وهو من الطبقة الولى من تابعي أهل المدينة وكنيته أبو أيوب وقيل أبو محمد. وهو أحأد الفقهاء السبعة وكانوا يفضلونه على سعيد بن المسيب. وفيها توفي أبو بردة بن أبي موسى الشعري واسمه عامر بن عبد الله بن قيس من الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة. وولي قضاء الكوفة بعد شريح وكان سعيد بن جبير قتيل الحجاج كاتبه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر السنة الثانية من ولية حأنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة أرّبع ومائة. فيها كانت وقعة نهر أرّان فالتقى المسلمون والكفارّ وكان أمير المسلمين الجراح بن عبد الله الحكمي وعلى الكفارّ ابن الخاقان وكانت الوقعة بقرب باب البواب ونصر الله المسلمين ورّكبوا أقفية الترك قتًل وأس ًرا وسبًيا. وفيها عزل الخليفة يزيد بن عبد الملك عبد الرحأمن بن الضحاك عن المدينة ومكة وولى عليهما عبد الواحأد النصري. وفيها توفي أبان بن عثمان بن عفان وأمه أم عمرو بنت جندب بن عمرو وكنيته أبو سعيد وهو من الطبقة الولى من تابعي أهل المدينة وكان فقي المدينة لعبد الملك ًها وولي إمرة بن مروان. وفيها توفي الشعبي واسمه عامر بن شراحأيل أبو عمرو الشعبي شعب همدان كان علمة أهل الكوفة في زأمانه. ولد في خلفة عمر بن الخطاب ورّوى عن علي يسي وعائشة ًرا وعن المغيرة بن شعبة وأبي هريرة وغيرهم. وقال أبو بكر بن عياش عن الحسن قال: ما رّأيت أفقه من وفيها توفي رّبعي بن حأراش بن جحش الغطفاني الكوفي من الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة وكان ل يكذب قط وكان له ابنان عاصيان على الحجاج بن يوسف الثقفي وقد اختفيا فقيل للحجاج: إن أباهما ل يكذب قط فسله عنهما فأرّسل إليه الحجاج قال: أين ابناك فقال: في البيت قال الحجاج: قد عفونا عنهما بصدقك. وفيها توفي أبو قلبة الجرمي واسمه عبد الله بن زأيد من الطبقة الثانية من تابعي أهل ًها عاب ًدا طلب إلى القضاء فهرب إلى الشأم البصرة وكان فقي وأقام به. وفيها حأج بالناس عبد الواحأد بن عبد الله النصري عامل الطائف وكان عامل العراق كله في هذه السنة عمر بن هبيرة مضا ًفا للمشرق كله وكان على قضاء الكوفة حأسين بن حأسن الكندي وعلى قضاء البصرة أبو قلبة الجرمي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع سواء مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وأحأد عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية حأنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة خمس ومائة. فيها أي ًضا زأحأف الخاقان ملك الترك وخرج من الباب في جمع عظيم من الترك وقصد أرّمينية فسارّ إليه الجراح الحكمي فاقتتلوا أيا الكفارّ وكان ذلك ًما ثم كانت الهزيمة على في شهر رّمضان. وفيها غزا سعيد بن عبد الملك بن مروان بلد الروم فقتل وسبى. وفيها غزا الجراح الحكمي اللن حأتى جازأ ذلك إلى مدائن وحأصون وأصاب غنائم كثيرة. وفيها غزا مروان بن محمد الصائفة اليمنى فافتتح قونية من أرّض الروم وكماخ. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن هشام خال هشام بن عبد الملك فأرّسل إلى عطاء: متى أخطب قال: بعد الظهر قبل التروية بيوم فخطب قبل الظهر وقال: أخبرني رّسولي عن عطاء فقال عطاء: ما أمرته إل بعد الظهر فاستحيا إبراهيم. وفيها توفي الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم أمير المؤمنين أبو خالد القرشي الموي الدمشقي. ولي الخلفة بعد ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان بعهد من أخيه سليمان معقود في تولية عمر بن عبد العزيز ولهذا قلنا في ترجمة عمر بن عبد العزيز: بحيلة من سليمان فإن سليمان كان عهد لعمر بن عبد العزيز بالخلفة فخاف من إخوته ومن الناس فأخفى ذلك وبايع الناس لما هو مكتتب لم! فقالوا: نبايع على أن يكون فيه ولد عبد الملك فبايعوا فإذا فيه عمر بن عبد العزيز ثم من بعده ليزيد وهشام فتمت البيعة وأم يزيد هذا عاتكة بنت يزيد بن معاوية ومولده سنة إحأدى وسبعين أو اثنتين وسبعين. ودام في الخلفة إلى أن مات في الخامس والعشرين من شعبان بسواد الرّدن. وكانت خلفته أرّبع سنين وشه ًرا وتولى الخلفة بعده أخوه هشام بن عبد الملك. وكان سبب موته أنه كان يحب جارّية من جوارّيه يقال لها حأبابة وكانت مغنية وكان يزيد صاحأب لهو وطرب. فلما ولي يزيد الخلفة بعد عمر بن عبد العزيز أقام يسير بسيرة عمر أرّبعين يو ًما وترك اللهو والشرب فقالت حأبابة المذكورّة لخصي ليزيد وهو صاحأب أمره: ويحك! قربني منه حأيث يسمع كلمي ولك عشرة آلف درّهم ففعل. فلما مر بها يزيد أنشدت: الطويل بكيت الصبا جهدي فمن شاء لمني ومن شاء آسى في البكاء وأسعدا وأبياًتا أخر باللحان والشعر للحأوص. فلما سمعها يزيد قال: ويحك يا خصي! قل لصاحأب الشرطة يصلي بالناس. ودخل إليها وعاد إلى انهماكه ولذاته. ًما. فلما كان بعض الليالي شرقت حأبابة فماتت فحزن عليها يزيد حأزًنا عظي وخلها يزيد ثلثة أيام لم يدفنها وهو ينظر إليها ثم دفنها خمسة أيام فلم يطق ذلك فنبشها وأخرجها من القبر وجعل يقلبها ويبكي فقوي عليه الحزن حأتى قتله بعد سبعة عشر يو ًما. وفيها توفي كثير عزة واسمه كثير بن عبد الرحأمن بن السود وهو من الطبقة الثانية من شعراء المدينة وكان شيع ًيا. قال ابن ماكول: كان يتقلب في المذاهب. قلت: ولول تقلبه في المذاهب ما قربه بنو أمية فإنهم كانوا يكرهون الشيعة. قلت: وهو أحأد العشاق وصاحأب عزة. قيل: إن عزة دخلت على أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز وزأوجة الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان فقالت لها أم البنين: ما معنى قول كثير: الطويل قضى كل ذي دين فوفى غريمه وعزة ممطول معنى غريمها ما كان هذا الدين قالت: وعدته بقبلة ثم رّجعت عنها فقالت: أنجزيها وعلي إثمها فأنجزته. فأعتقت أم البنين أرّبعين عب ًدا عند الكعبة وقالت: اللهم إني أبرأ إليك مما قلته لعزة. وفيها توفي سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وكنيته أبو عمير وقيل أبو عبد الله من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة وأمه أم ولد وكان من خيارّ قريش وفقهائهم وزأها دهم. وفيها توفى محمد بن شعيب بن شابورّ - بالمعجمة - القرشي وكان جده مولى الوليد بن عبد الملك بن مروان. ومحمد هذا من الطبقة الخامسة وقيل السادسة من تابعي أهل الشأم وكان أحأد الئمة وذكره يحيى بن معين بالرّجاء. قاله صاحأب المرآة. والصحيح أن مولده سنة ست عشرة ومائة وتوفي سنة مائتين وقيل: سنة ثمان وتسعين ومائة وقيل غير ذلك. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا. ولية محمد بن عبد الملك على مصر هو محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الموي أمير مصر. وليها بعد عزل حأنظلة بن صفوان من قبل أخيه الخليفة هشام بن عبد الملك على الصلة ودخل إليها يوم الحأد لحأدى عشرة ليلة خلت من شوال من سنة خمس ومائة المقدم ذكرها. ومحمد هذا هو أخو سعيد بن عبد الملك لبويه وهو من الطبقة الرابعة من تابعي أهل دمشق. وكان ناس ًكا كثير العبادة حأسن السيرة جوا ًدا كان يكره من أخيه هشام وغيره حأتى يلي العمال ولما ولي مصر جعل على شرطته حأفص بن الوليد الحضرمي. وحأدث عن رّجل عن أبي هريرة وسمع من المغيرة بن شعبة. وقال أبو حأاتم: رّوى عمن سمع معاوية وعن المغيرة مرس ًل ورّوى عنه الوزأاعي وغيره وكان ثقة مأموًنا. وحأين وصوله إلى مصر وقع بها وباء ففر منها محمد إلى الصعيد فلم تطل مدته بالصعيد وعاد بعد أيام إلى مصر. ثم خرج منها بسرعة إلى الرّدن واستعفى فأعفي. وصرف عن إمرة مصر بالحر بن يوسف فكانت ولايته شه ًرا واحأ ًدا وسكن الرّدن ودام في دولة أخيه هشام على ذلك إلى أن حأج بالناس في سنة ثلثين ومائة. وعاد من الحج فوجد الفتن قائمة بالشأم من جهة بني العباس فاستمر عند ابن عمه مروان بن محمد بن مروان المعروف بالحمارّ إلى أن هزم مروان المذكورّ في وقعة العراق من أبي مسلم الخراساني. وقبض على محمد هذا وعلى أخيه مع مروان الحمارّ فقتلهما عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس قتلهما بنهر أبي فطرس وقيل: إنه صاحأب الواقعة مع عبد الله بن علي العباسي يوم هزم مروان عند نهر الزاب. وهو أنه لما كانت الهزيمة على بني أمية رّأى عبد الله بن علي فتى عليه أبهة الشرف يقاتل مستقت بن محمد فقال الفتى: ًل فناداه عبد الله: يا فتى لك المان ولو كنت مروان إن لم أكنه فلست بدونه قال: فلك المان ولو كنت من كنت فأطرق ملًيا ثم رّفع رّأسه ًما فقال: المتقارّب أذل الحياة وكره الممات وكل أرّاه طعا وبيل فإن لم يكن غير إحأداهما ًرا جميل ثم قاتل حأتى قتل فإذا فسي هو محمد بن عبد الملك وقيل: ابن ًرا إلى الموت سي لمسلمة بن عبد الملك بن مروان بن ولية الحر بن يوسف على مصر هو الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الموي أمير مصر والحر بضم الحاء المهملة وتشديد الراء المهملة. وليها بعد عزل محمد بن عبد الملك من قبل هشام بن عبد الملك على الصلة وكان المتولي على خراج مصر في هذه السنين كلها عبيد الله بن الحبحاب. فدخل الحر بن يوسف هذا إلى مصر لثلث خلون من ذي الحجة سنة خمس ومائة وباشر أمورّها وأقر حأفص بن الوليد على شرطة مصر على عادته. وفي أيامه انتقضت القبط بمصر في سنة سبع ومائة ووقع له معهم أمورّ طويلة ثم خرج ًما ًطا إلى دمياط فأقام بها ثلثة أشهر مغازأًيا ثم عاد إلى من مصر مراب مصر وأقام بها أيا ثم خرج منها ووفد على الخليفة هشام بن عبد الملك بالشأم واستخلف حأفص بن الوليد على الصلة بمصر. فأقام عند الخليفة مدة يسيرة وعاد إلى مصر في ذي القعدة من سنة سبع ومائة وقد انكشف أرّاضيها من النيل فأخذ في إصلح أحأوالها وتدبير أمورّها. ودام بها إلى ذي القعدة من سنة ثمان ومائة. وصرف عنها في ذي القعدة باستعفائه لمغاضبة وقعت بينه وبين عبيد الله بن الحبحاب متولي وتولى من بعده على مصر حأفص بن الوليد الذي كان استخلفه الحر هذا على الصلة لما وفد على الخليفة هشام. ًرّا ولما عزل الحر عن إمرة مصر وله هشام الموصل وهو الذي بنى المنقوشة دا ليسكنها. وإنما سميت المنقوشة لنها كانت منقوشة بالساج والرخام والفصوص الملونة وما شاكلها. وهو الذي عمل النهر الذي كان بالموصل. وسبب ذلك أنه رّأى امرأة تحمل جرة فيها ماء وهي تحملها ساعة ثم تستريح قليًل لبعد الماء فلما رّأى الحر ذلك كتب إلى هشام بذلك فأمره أن يحفر نه ًرا إلى البلد فحفره فكان أكثر شرب أهل البلد منه وعليه كان الشارّع المعروف بشارّع النهر وبقي العمل فيه عدة سنين. ومات الحر هذا في سنة ثلث عشرة ومائة وكان أجل أمراء بني أمية شجاعة وكر ًما وسؤد ًدا. السنة الولى من ولية الحر بن يوسف الموي على مصر وهي سنة ست ومائة. فيها عزل الخليفة هشام متولي العراق عمر بن الفزارّي بخالد بن عبد الله القسري. فدخل خالد بغتة وبها ابن هبيرة يتهيأ لصلة الجمعة ويسرح لحيته فقال عمر بن هبيرة: هكذا تقوم الساعة بغت ًة. ًرّا فقيده خالد القسري وألبسه مدرّعة من صوف وحأبسه ثم إن غلمان ابن هبيرة اكتروا دا إلى جانب السجن فنقبوا سرداًبا إلى السجن وأخرجوه منه فهرب إلى الشأم واستجارّ ًما في أمره فعفا بالمير مسلمة بن عبد الملك بن مروان فأجارّه وكلم أخاه هشا عنه. فلم تطل أيام عمر بن هبيرة ومات بعد مدة يسيرة. وفيها غزا مسلم بن سعيد بن أسلم فرغانة فلقيه ابن خاقان ملك الترك في جمع كبير فكانت بينهم وقعة قتل فيها ابن خاقان في طائفة كبيرة من الترك. وفيها حأج بالناس الخليفة هشام بن عبد الملك. وفيها استعمل خالد القسري أخاه أسد بن عبد الله على إقليم خراسان نياب ًة عنه. وفيها توفي طاوس بن كيسان أبو عبد الرحأمن اليماني الجندي أحأد العلم كان من أبناء الفرس الذين سيرهم كسرى إلى اليمن وهو من فقهاء التابعين. قال سفيان الثورّ عن رّجل قال: كان من دعاء طاوس: اللهم احأرمني المال والولد وارّزأقني اليمان والعمل. وفيها توفي أبو مجلز لحأق بن حأميد في قول الذهبي. وفيها حأج بالناس الخليفة هشام بن عبد الملك فلقيه إبراهيم بن محمد بن طلحة في الحجر فقال له: أسألك بالله وبحرمة هذا البيت الذي خرجت معظ ًما له إل رّددت علي ظلمتي. قال هشام: أي ظلمة. قال: دارّي قال: فأين كنت من أمير المؤمنين عبد الملك. قال: ظلمني قال: فالوليد وسليمان قال: ظلماني قال: فعمر قال: يرحأمه الله رّدها علي قال: فيزيد بن عبد الملك قال: ظلمني وقبضها مني بعد قبضي لها فهي في يدك فقال هشام: لو كان فيك ضرب لضربتك! فقال: في والله ضرب بالسيف والسوط. فانصرف هشام والبرش خلفه فقال: أبا فجاشع كيف سمعت هذا اللسان. قال: ما أجوده! قال: هي قريش وألسنتها. ول يزال في الناس بقايا! ما رّأيت مثل هذا!. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. السنة الثانية من ولية الحر بن يوسف على مصر وهي سنة سبع ومائة: فيها عزل الجراح الحكمي عن إمرة أذرّبيجان وأرّمينية بالمير مسلمة بن عبد الملك بن مروان فغزا مسلمة قيسارّية الروم وافتتحها بالسيف. وفيها غزا أسد بن عبد الله القسري متولي خراسان بلد سجستان فانكسر المسلمون ًرا. وفيها كان بالشأم طاعون شديد فخاف الناس كثي وفيها غزا أسد بن عبد الله القسري جبال الطالقان والغورّ. وكان أهلها خرجوا بأموالهم وأهلهم إلى كهف عظيم في جبل شاهق شامخ ليس فيه ًما طريق مسلوك فعمل أسد توابيت ورّبطها بالسلسل ودلها عليهم فظفر بهم وعاد سال ًما. غان فنزل بلخ وبنى مدينتها وولها برمك أبا خالد البرمكي ونقل إليها الجند والمراء. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك الروم مما يلي الجزيرة ففتح قيسارّية وهي مدينة مشهورّة. وفيها غزا معاوية بن هشام الخليفة ومعه أهل الشأم وصحبته ميمون بن مهران فقطعوا البحر إلى قبرس. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن هشام وهو على المدينة ومكة والطائف. وفيها توفي موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ببلد الروم غازأًيا وكان عمره سب ًعا وعشرين سنة قاله ابن الثير والصح أنه مات في القابلة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وإصبعان. بن يوسف على مصر وهي سنة ثمان ومائة: في ذي الحجة منها حأكم بمصر حأفص بن الوليد. وفيها غزا ولد الخليفة معاوية بن هشام أرّض الروم وجهز بين يديه البطال إلى جنجرة فافتتحها. وفيها غزا أخو الخليفة مسلمة بن عبد الملك بلد الروم فافتتح قيسارّية. وفيها وقع حأريق عظيم بدابق احأترقت المواشي والدواب والرجال. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن هشام المخزومي. وفيها توفي موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبو عيسى الهاشمي. وهو أخو السفاح والمنصورّ لبيهما وأخو إبراهيم لمه وأبيه. مات في حأياة أبيه محمد غازأًيا في بلد الروم وله ثمان عشرة سنة. وفيها توفي نصيب بن رّباح أبو محجن الشاعر المشهورّ مولى عبد العزيز بن مروان وأمه نوبية فجاءت به أسود فباعه عمه. وكان من العرب من بنى الحاف بن قضاعة وقيل: إنه هرب فدخل على عبد العزيز ومدحأه فقال: ما حأاجتك فقال: أنا عبد فقال عبد العزيز للمقومين: قوموه فقالوا: عبد أسود ليس له قيمة قيمته مائة دينارّ. قال أبو محجن عن نفسه: إنه رّاعي إبل يحسن القيام عليها قالوا: مائتا دينارّ قال: إنه يبري النبل ويريشها قالوا: وثلثمائة دينارّ قال: إنه يرمي ويصيب قالوا: أرّبعمائة دينارّ قال: إنه رّاوية الشعارّ قالوا: خمسمائة دينارّ قال: أصلح الله المير أين جائزتي فأعطاه ألف دينارّ فاشترى أمه وأهله وأعتقهم. وذكره محمد بن سلم في الطبقة الثانية من شعراء السلم. وفيها توفي عطاء بن يسارّ أبو محمد المدني الفقيه مولى ميمونة أم المؤمنين وعطاء أخو سليمان وعبد الله وعبد الملك وكان قا وقال الذهبي: إنه ًصا واع ًظا ثق ًة جليل القدرّ مات في الماضية. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن هشام المقدم ذكره. وفيها توفي عكرمة البربري ثم المدني أبو عبد الله مولى ابن عباس: أحأد العلماء الربانيين. رّوى عن ابن عباس وعائشة وعلي بن أبي طالب وغيرهم قال الهيثم بن عدي وغيره: مات سنة ست ومائة. وقال أبو نعيم وأبو بكر بن أبي شيبة وجماعة: سنة سبع ومائة وقال يحيى بن معين والمدائني: سنة خمس عشرة ومائة وقال غيرهم: في هذه السنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. على مصر هو حأفص بن الوليد بن سيف بن عبد الله بن الحارّث بن جبل بن كليب بن عوف بن معاهر بن عمرو بن زأيد بن مالك بن زأيد بن الحارّث بن عمرو بن حأجر بن قيس بن كعب بن سهل بن زأيد بن حأضرموت المير أبو بكر الحضرمي القارّي أمير مصر. وليها بعد عزل الحر بن يوسف من قبل هشام بن عبد الملك على الصلة مكر ًها على ذلك. ًها عند بني أمية ومن أكابر أمرائهم وكان فاض ًل ثقة. وكان حأفص وجي رّوى عن الزهري وغيره ورّوى عنه الليث بن سعد وجماعة أخر. ولم تطل مدته على ولية مصر في هذه المرة وعزل بعد جمعتين يوم عيد الضحى وقيل آخر ذي الحجة سنة ثمان ومائة. قلت: وعلى القولين لم تطل ولايته بل ول وصلت إلى أرّبعين يو ًما وكان سبب عزله عن إمرة مصر بسرعة شكوى عبيد الله بن الحبحاب صاحأب خراج مصر عليه للخليفة هشام بن عبد الملك وشكوى جماعة أخر من أوباش المصريين. فعزله هشام عن مصر بعبد الملك بن رّفاعة. ثم ندم أهل مصر على عزله وطلبوا منه إعادته عليهم - يأتي ذكر ذلك كله في وليته الثانية على مصر فإنه وليها بعد ذلك ثانًيا وثالًثا حأتى قتله الحوثرة في سنة ثمان وعشرين ومائة. وكان حأفص شري ًفا مطا ًعا محبًبا للناس ولديه معرفة وفضيلة. واستقدمه هشام بعد عزله عن مصر وأرّاد أن يوليه خراسان عو ًضا عن أسد بن عبد الله القسري فامتنع حأفص من ذلك. وكان سبب عزل أسد عن خراسان أنه خطبهم يو ًما فقال: قبح الله هذه الوجوه وجوه أهل الشقاق والنفاق والشغب والفساد اللهم فرق بيني وبينهم وأخرجني إلى مهاجري ًما فكتب إلى خالد بن عبد الله القسري: اعزل أخاك ووطني فبلغ قوله هشا فعزله. وأرّاد هشام أن يولي حأف ًصا فامتنع فولى خراسان الحكم بن عوانة الكلبي ثم عزله هشام ًرا واستعمل عليها أشرس بن عبد الله وأمره أن يكاتب خال ًدا وكان الشرس فاض ًل خي كانوا يسمونه الكامل لفضله فلما قدم خراسان فرحأوا. وقد خرجنا عن المقصود استطرا ًدا. ولية عبد الملك بن رّفاعة الثانية على مصر قلت: تقدم التعريف بعبد الملك هذا في أول ولايته على مصر بعد موت قرة بن شريك سنة ست وتسعين. وكانت ولية عبد الملك أي ًضا على الصلة ل غير والخراج عليه عبيد الله بن الحبحاب على عادته. فقدم عبد الملك المذكورّ من الشأم إلى مصر علي وقيل: اثنتي عشرة ًل في أول المحرم ليلة خلت من المحرم سنة تسع ومائة والول أصح - وكان أخوه الوليد بن رّفاعة يخلفه على الصلة بمصر من أول المحرم السنة المذكورّة أعني من أول يوم وليته. فلما دخل عبد الملك إلى مصر لم يطق الصلة بالناس لشدة مرضه فاستمر أخوه الوليد بن رّفاعة يصلي بالناس وعبد الملك ملزأم الفراش إلى أن توفي نصف المحرم من السنة المذكورّة فكانت ولايته هذه الثانية على مصر خمس عشرة ليلة على أنه دخل مصر في أول المحرم. وتولى مصر بعده أخوه الوليد بن رّفاعة. ولية الوليد بن رّفاعة على مصر هو الوليد بن رّفاعة بن خالد بن ثابت بن ظاعن الفهمي المصري أمير مصر. وليها باستخلف أخيه عبد الملك إليه فأقره الخليفة هشام بن عبد الملك على إمرة مصر وعلى الصلة. وجعل الوليد هذا على شرطة مصر عبد الله بن أبي سمير الفهمي ثم عزله وولى خالد بن عبد الرحأمن الفهمي واستمر على إمرة مصر وطالت أيامه ووقع له بها أمورّ وقعت في أيامه حأوادث. وفي أيامه نقلت قيس إلى مصر ولم يكن بها أحأد منهم قبل ذلك. وفي أيامه أي ًضا خرج وهيب اليحصبي من مصر في سنة سبع عشرة ومائة من أجل أن الوليد هذا أذن للنصارّى في عمارّة كنيسة يوحأنا بالحمراء. فلم يكن بعد أيام قليلة إل ومرض الوليد ولزم الفراش حأتى مات في يوم الثلثاء في مستهل جمادى الخرة سنة سبع عشرة ومائة واستخلف عبد الرحأمن بن خالد على الصلة بمصر. وكانت إمرته على مصر تسع سنين وخمسة أشهر وولي مصر بعده عبد الرحأمن بن خالد المذكورّ. ولم تطل مدة الوليد هذا على مصر إل لخروج عبيد الله بن الحبحاب المتولي على خراج مصر منها وقد تقدم عزل جماعة كبيرة من العمال بمصر بسبب عبيد الله المذكورّ فدبر عليه الوليد هذا حأتى أخرجه هشام من مصر واستعمله على إفريقية فسارّ إليها عبيد الله بن الحبحاب واشتغل بها عن خراج مصر. فإنه في أول خروجه سير جي ًشا إلى صقلية فلقيهم مراكب الروم فاقتتلوا قتاًل شدي ًدا وانهزم الروم وكانوا قد أسروا جماع ًة من المسلمين فيهم عبد الرحأمن بن زأياد فبقي ًرا إلى سنة إحأدى وعشرين ومائة. أسي ثم استعمل عبيد الله بن الحبحاب عقبة بن الحجاج العبسي على الندلس فسارّ إليها وملكها. ثم سير عبيد الله جي ًشا إلى السوس وأرّض السودان فغنموا وظفروا وعادوا. ولما خرج عبيد الله بن الحبحاب من مصر جمع له الخليفة خراج مصر وصلتها وعظم أمره ومهد البلد وساس الناس ومالت إليه الرعية. ثم عزل عن الخراج أي ًضا واستقل بصلة مصر على عادته أوًل إلى أن مات في التارّيخ المقدم ذكره. بن رّفاعة عد مصر ثم في باقيها الوليد بن رّفاعة وهي سنة تسع ومائة. فيها غزا أسد بن عبد الله القسري الترك فهزم خاقان وافتتح قزوين وفيها غزا معاوية ابن الخليفة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك الروم وفتح حأصًنا يقال له: الطينة. وفيها توفي لحأق بن حأميد بن سعيد السدوسي البصري في قول الفلس وهو أبو مجلز المقدم ذكره وهو من الطبقة الثانية وكان بمرو لما قتل قتيبة بن مسلم فوله أهل مرو أمرهم حأتى قدم وكيع بن أبي سود. وكان لحأق هذا يركب مع قتيبة في موكبه فيسبح الله اثنتي عشرة ألف تسبيحة يعدها على أصابعه ل يعلم به أحأد. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن هشام وهو عامل مكة والمدينة والطائف وخطب الناس وقال: سلوني فأنا ابن الوحأيد فإنكم ل تسألون أحأ ًدا أعلم مني فسأله رّجل من أهل العراق عن الضحية واجبة هي فما درّى ول أجاب ونزل ولم يتكلم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. بن رّفاعة على مصر وهي سنة عشر ومائة. فيها غزا مسلمة بن عبد الملك بلد الخزرّ وتسمى هذه الغزوة غزوة الطين والتقى مسلمة مع ملك الخزرّ واقتتلوا أيا الكفارّ في سابع ًما وكانت ملحمة عظيمة هزم الله فيها جمادى الخرة. وفيها افتتح معاوية ابن الخليفة هشام بن عبد الملك حأصنين كبيرين من أرّض الروم. وفيها توفي الحسن بن أبي الحسن يسارّ أبو سعيد المعروف بالحسن البصري. كنيته أبو سعيد مولى زأيد بن ثابت ويقال: مولى حأميد بن قحطبة. وكان الحسن إمام أهل البصرة وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة قال الذهبي: بل كان إمام أهل العصر. ولد بالمدينة سنة إحأدى وعشرين في خلفة عمر. وكانت أمه مول ًة لم سلمة أم المؤمنين فكانت تذهب أمه لم سلمة في الحاجة فتشاغله أم سلمة بثديها فربما درّ عليه. قال: وقد سمع من عثمان وهو يخطب وشهد يوم الدارّ ورّأى طلحة وعلًيا ورّوى عن عمران بن حأصين والمغيرة بن شعبة وعبد الرحأمن بن سمرة وأبي بكرة والنعمان بن بشير وخلق كثير من الصحابة وغيرهم ومناقب الحسن كثيرة ومحاسنه غزيرة وعلومه مشهورّة. وفيها توفي محمد بن سيرين أبو بكر النصارّي البصري المام الرباني من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة مولى أنس بن مالك وهو صاحأب التعبير. وكان أبوه سيرين من سبي جرجرايا فكاتب أن ومولده ًسا على مال جزيل فوفاه له لسنتين بقيتا من خلفة عمر رّضي الله عنه. وفيها جمع خالد القسري الصلة والحأداث والشرطة والقضاء بالبصرة لبلل بن أبي بردة وعزل ثمامة عن القضاء. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن هشام. وفيها توفي الفرزأدق مقدم شعراء عصره وكنيته أبو فراس واسمه همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التميمي البصري. رّوى عن علي بن أبي طالب وغيره وكان يرسل ورّوى عن أبي هريرة وعن جماعة وكان يقال: الفرزأدق أشعر الناس عامة وجرير أشعر الناس خاصة. قاد محمد بن سلم: أتى الفرزأدق إلى الحسن البصري فقال: إني قد هجوت إبليس فاسمع قال: ل حأاجة لنا بما تقول قال: لتسمعن أو لخرجن فلقولن للناس إن الحسن ينهى عن هجاء إبليس قال: فاسكت فإنك عن لسانه تنطق. وللفرزأدق هذا مع زأوجته النوارّ حأكايات ظريفة. ومن شعره: الكامل. إن المهالبة الكرام تحملوا دفع المكارّه عن ذوي المكروه زأانوا قديمهم بحسن حأديثهم وكريم أخلق بحسن وجوه وفيها توفى جرير بن الخطفي وهو جرير بن عطية بن حأذيفة بن بدرّ بن سلمة أبو حأزرّة التميمي البصري الشاعر المشهورّ هو من الطبقة الولى من شعراء السلم. مدح يزيد بن معاوية ومن بعده من المويين. قال محمد بن سلم: ذاكرت مروان بن أبي حأفصة فقال: الكامل # ذهب الفرزأدق بالفخارّ وإنما حألو القريض ومره لجرير وعن هشام بن محمد الكلبي عن أبيه: أن أعرابًيا مدح عبد الملك بن مروان فأحأسن فقال له عبد الملك: هل تعرف أهجى بي ٍت في السلم قال: نعم قول جرير: الوافر فغض الطرف إنك من نمير فل كع ًبا بلغت ول كلبا قال: أصبت فهل تعرف أرّق بيت قيل في السلم. قال: نعم قول جرير: إن العيون التي في طرفها مرض قتلننا ثم لم يحيين قتلنا # يصرعن ذا اللب حأتى ل حأراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا قال: أحأسنت فهل تعرف ًرا قال: ل والله وإني إلى رّؤيته لمشتاق. جري قال: فهذا جرير وهذا الخطل وهذا الفرزأدق فأنشأ العرابي يقول: المتقارّب فحيا الله أبا حأزرّ ٍة وأرّغم أنفك يا أخطل فأنشأ الفرزأدق يقول: البسيط بل أرّغم الله أن ًفا أنت حأامله يا ذا الخنا ومقال الزورّ والخطل ما أنت بالحكم فأترضى حأكومته ول الصيل ول ذي الرأي والجدل فغضب جرير وقال أبياًتا ثم وثب وقبل رّأس العرابي وقال: يا أمير المؤمنين جائزتي له وكانت كل سنة خمسة عشر أل ًفا فقال له عبد الملك: وله مثلها مني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية الوليد بن رّفاعة على مصر وهي سنة إحأدى عشرة ومائة: فيها عزل الخليفة هشام بن عبد الملك أشرس بن عبد الله السلمي عن هراسان وولها الحفيد بن عبد الرحأمن المر وسبب عزل أشرس لما فعله بالمدينة وكيف انتقضت عليه السعد وتخلف أهل بخارّا واستجاشوا عليه بخاقان ملك الترك وفتح على المسلمين باًبا واس ًعا ذهبت فيه الموال وضعفت العساكر من سوء تدبيره. وفيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام الصائفة ووغل في بلد الروم. وغزا أي ًضا أخوه سعيد بن هشام فوصل إلى قيسارّية. وفيها ولى هشام الجراح بن عبد الله الحكمي على أرّمينية. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن هشام. وفيها توفي يزيد بن عبد الله بن الشخير أبوا لعلء من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة وكان من كلمه يقول: لن أعافى فأشكر أحأب من أن أبتلى فأصبر. وفيها غزا في البحر عبد الله بن أبي مريم. وفيها سارّت الترك إلى أذرّبيجان فلقيهم الحارّث بن عمرو فهزمهم بعد قتال كثير واستباح عسكرهم. وفيها عزل عبيدة بن عبد الرحأمن عامل إفريقية عثمان بن أبي نسعة عن الندلس واستعمل عليها الهيثم بن عبد الله الكناني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. بن رّفاعة على مصر وهي سنة اثنتا عشرة ومائة: فيها زأحأف الجراح بن عبد الله الحكمي بالمسلمين من برذعة إلى ابن خاقان ليدفعه عن أرّدبيل فالتقى الجمعان وعظم القتال واشتد البلء وانكسر المسلمون وقتل منهم خلق منهم أمير الجيش الجراح بن عبد الله الحكمي المذكورّ وكان أحأد البطال. وغلبت الخزرّ على أذرّبيجان وحأصل وهن عظيم على ا لسلم. وفيها توفي رّجاء بن حأيوة أبو المقدام الكندي الزأدي كان ثق ًة فاض ًل كثير الحديث وكان سيد أهل زأمانه قال ابن عون: ثلثة لم أرّ مثلهم كأنهم التقوا فتواصوا: ابن سيرين بالعراق والقاسم بن محمد بالحجازأ ورّجاء بن حأيوة بالشأم. وكان رّجاء عظي إذا قدمت لعمر بن ًما عند بني أمية لسيما عند عمر بن عبد العزيز كان عبد العزيز حألل يعزل منها حألة ويقول: هذه لخليلي رّجاء بن حأيوة. وفيها توفي شهر بن حأوشب أبو عبد الله الشعري وقيل أبو الجعد من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشأم قرأ القرآن على عبد الله بن عباس سبع مرات. وفيها توفي طلحة بن مصرف بن عمرو أبو عبد الله وقيل أبو محمد الكوفي الهمداني من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الكوفة. كان قارّىء أهل الكوفة يقرأون عليه. فلما كثروا عليه كأنه كره ذلك فمشى إلى العمش وقرأ عليه فمال الناس إلى العمش وتركوه. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن هشام المخزومي وقيل: سليمان بن هشام بن عبد الملك أعني ابن الخليفة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة عشر إصب ًعا. السنة الخامسة من ولية الوليد بن رّفاعة على مصر وهي سنة ثلث عشرة ومائة. وفيها غزا الجنيد المري ناحأية طخارّستان فجاشت الترك بسمرقند فالتقاهم الجنيد بقرب سمرقند فاقتتلوا قتا الدارّي بنجدة على ًل شدي ًدا فكتب الجنيد من البحر إلى سورّة سمرقند فخرج سورّة في جنده فلقيته الترك على غرة فقتلته. فعاد الجنيد أي ًضا لقتال الترك بعد قتل سورّة ثانًيا وقاتلهم حأتى هزمهم ودخل سمرقند. وفيها توفي مكحول الشامي أبو عبد الله من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشأم. قال: كنت مولى لعمرو بن سعيد بن العاص فوهبني لرجل من هذيل فأنعم علي بها. فما خرجت من مصر حأتى ظننت أنه ليس بها علم إل سمعته. ثم أتيت المدينة وقال كما قال أمل. ثم أتيت الشعبي وفيها حأج بالناس الخليفة هشام بن عبد الملك. وفيها دخل جماعة من دعاة بني العباس إلى خراسان فأخذهم الجنيد ومثل بهم وقتلهم. وفيها توفي أبو محمد البطال وقيل: أبو يحيى واسمه عبد الله أحأد الموصوفين بالشجاعة والقدام ومن سارّت بذكره الركبان. كان أحأد أمراء بني أمية وكان على طلئع مسلمة بن عبد الملك بن مروان في غزواته وكان ينزل بأنطاكية. شهد عدة حأروب وأوطأ الروم خو ًفا وذ ًل. قلت: والعامة تكذب على أبي محمد هذا بأقوال كثيرة ويسمونه البطال في سير كثيرة ل صحة لها. وفيها حأج بالناس سليمان بن هشام بن عبد الملك وقيل إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي. وفيها توفي حأرام بن سعد بن محيصة أبو سعيد وعمره سبعون سنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا سواء. السنة السادسة من ولية الوليد فيها عزل الخليفة هشام أخاه مسلمة بن عبد الملك عن إمرة أذرّبيجان والجزيرة بابن عمه مروان بن محمد المعروف بالحمارّ آخر خلفاء بني أمية التي ذكره فسارّ مروان بن محمد المذكورّ بجيشه حأتى جاوزأ الروم فقتل وسبى من الترك. وفيها غزا الجنيد بلد الضغانيان من الترك فرجع ولم يلق كي ًدا. وفيها ولي إمرة المغرب عبيد الله بن الحبحاب السكوني صاحأب خراج مصر فتوجه إليها وبقي عليها تسع سنين. وفيها توفي عطاء بن أبي رّباح المكي أبو محمد بن أسلم مولى قريش أحأد أعلم التابعين ولد في خلفة عثمان وسمع من كبارّ الصحابة. وفيها توفي محمد الباقر وكنيته أبو جعفر بن علي زأين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي سيد بني هاشم في زأمانه رّوى عن ابن عباس وغيره. وهو أحأد الئمة الثني عشر الذين تعتقد الرافضة عصمتهم. مولده في سنة ست وخمسين. ولمحمد هذا إخوة أرّبعة وهم:. زأيد الذي صلب وعمر وحأسين وعبد الله الجميع بنو زأين العابدين رّضي الله عنهم. وفيها عزل الخليفة هشام بن عبد الملك إبراهيم بن هشام عن إمرة المدينة وولها خالد بن عبد الملك بن الحارّث بن الحكم بن أبي العاص وإبراهيم المعزول هو خال الخليفة هشام بن عبد الملك. ًرا وفيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام بن عبد الملك الصائفة اليسرى فأصاب شيًئا كثي وأن عبد الله البطال التقى هو وقسطنطين في جمع فهزمهم البطال وأسر قسطنطين. وفيها غزا سليمان ابن الخليفة هشام الصائف ٍة اليمنى فبلغ قيسارّيسة. وفي هذه السنة عزل هشام إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي عن إمرة المدينة واستعمل عليها خالد بن عبد الملك بن الحارّث بن الحكم في رّبيع الول وكانت إمرة إبراهيم على المدينة ثمان سنين. وعزل إبراهيم أي ًضا عن مكة وعن الطائف واستعمل عليها محمد بن هشام المخزوي. وفيها وقع الطاعون بواسط. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة السابعة من ولية الوليد فيها خرج الحارّث بن شريح عن طاعة الخليفة وتغلب على مرو وجوزأجان فسارّ إليه أسد بن عبد الله القسري فالتقوا فآنهزم الحارّث وأسر أسد عدة من أصحاب الحارّث وبدع فيهم . وفيها وقع بخراسان قحط شديد ومجاعة عظيمة. وفيها توفي عمرو بن مروان بن الحكم المير أبو حأفص. وأمه زأينب بنت عمر بن أبي سلمة المخزوي كان عمرو من خيارّ بني أمية ولم يكن بمصر في أيام بني أمية أفضل منه. وفيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام أرّض الروم وافتتح حأصوًنا. وفيها وقع الطاعون بالشأم. وفيها حأج بالناس محمد بن هشام المخزوي. وكان المير بخراسان الجنيد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة الثامنة من ولية الوليد بن رّفاعة على مصر وهي سنة ست عشرة ومائة. فيها بعث عبيد الله بن الحبحاب أمير إفريقية ببلد المغرب جي ًشا إلى بلد السودان فغنموا وسبوا. وفيها غزا المسلمون في البحر مما يلي صقلية فأصيبوا. وفيها تزوج الجنيد فاضلة بنت المهلب بن أبي صفرة. وبلغ ذلك الخليفة هشا عبد الله بن ًما فغضب وعزل الجنيد عن خراسان وولها عاصم بن يزيد الهللي وقال له: إن أدرّكته حأًيا فأزأهق نفسه فقدم عاصم خراسان وقد مات الجنيد وكان بالجنيد مرض البطن. وفيها توفيت حأفصة بنت سيرين أخت محمد بن سيرين وكانت زأاهدةً عابدة. قرأت القرآن وهي بنت اثنتي عشرة سنة وماتت وهي بنت تسعين سنة. وفيها توفي نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب. وهو من الطبقة الثالثة من التابعين وكان عبد الله بن جعفر أعطى ابن عمر فيه اثني عشر ألف درّهم فأبى وأعتقه وكان نافع عند عبد الله بن عمر كبعض ولده وكان نافع ثقة كثير الحديث. وفيها غزا معاوية بن هشام بن عبد الملك أرّض الروم الصائفة. وفيها كان الطاعون بالعراق وكان أشده بمدينة واسط وسواحألها. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا ونصف السنة التاسعة من ولية الوليد بن رّفاعة على مصر وهي سنة سبع عشرة ومائة. فيها جاشت الترك بخراسان ومعهم الحارّث بن شريح الخارّجي وعليهم الخاقان الكبير فعاثوا وأفسدوا ووصلوا إلى بلد مرو الروذ. فسارّ إليهم أسد القسري فآلتاهم وقاتلهم حأتى هزمهم وكانت وقعة هائلة قتل فيها من الترك خلئق. وفيها افتتح مروان بن محمد المعروف بالحمارّ متولي أذرّبيجان ثلثة حأصون وأسر تومانشاه وبعث به إلى الخليفة هشام بن عبد الملك فمن عليه وأعاده إلى مملكته. وفيها غزا عبيد الله بن الحبحاب أمير إفريقية عدة بلد من المغرب فغنم وسلم. وفيها توفيت سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب. واسمها آمنة وأمها الرباب بنت امرىء القيس بن عدي وكانت من أجمل نساء عصرها. وفيها توفي عبد الرحأمن بن هرمز العرج مولى محمد بن رّبيعة وكنيته أبو داود من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة. وذكر الذهبي في هذه السنة وفاة جماعة أخر قال: وتوفي سعيد بن يسارّ وقد ذكره عبد الله بن أبي زأكريا الخزاعي وتوفي شريح بن صفوان بمصر وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وعائشة بنت سعد وعمر بن الحكم بن ثوبان وفاطمة بنت علي بن أبي طالب وقتادة بن دعامة المفسر وقيل بعدها ومحمد بن كعب القرظي في قول الواقدي وتوفي موسى بن ورّدان القاضي بمصر وميمون بن مهران أوفي عام أول. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا ونصف إصبع. ولية عبد الرحأمن بن خالد على مصر هو عبد الرحأمن بن خالد بن مسافر بن خالد بن ثابت بن ظاعن المير أبو خالد وقيل أبو الوليد الفهمي المصري أمير مصر لهشام بن عبد الملك بن مروان وكان استخلفه الوليد بن رّفاعة قبل موته على صلة مصر وكان قبل ذلك أي ًضا ولي شرطتها مدة سنين فلما مات الوليد بن رّفاعة أقره الخليفة هشام على إمرة مصر عو ًضا عن الوليد بن رّفاعة على الصلة وكان ذلك في جمادى الخرة من سنة سبع عشرة ومائة. ولما تم أمره جعل على شرطته عبد الله بن بشارّ الفهمي. وكان في عبد الرحأمن هذا لين. ًرا ًما وفي ولايته على مصر نزلت الروم بنواحأي مصر وأسروا منها خل ًقا كثي فلما بلغ هشا ذلك عزله عن إمرة مصر وأعاد حأنظلة بن صفوان ثانًيا على مصر وذلك في سنة ثمان عشرة ومائة فكانت مدة ولايته على مصر سبعة أشهر وخمسة أيام. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في كتابه تذهيب التهذيب بعد ما قال: أمير مصر لهشام والليث بن سعد أحأد مواليه قال: رّوى عن الزهري ورّوى عنه الليث بن سعد ويحيى بن أيوب. قال ابن معين: كان عنده عن الزهري كتاب فيه مائتا حأديث أو ثلثمائة حأديث كان الليث يحدث بها عنه. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن يونس: ولي مصر سنة ثمان عشرة ومائة وعزل سنة تسع عشرة ومائة. قلت: والذي ذكرناه في تارّيخ ولايته وعزله هو الشهر. قال: وكان ثبًتا في الحديث وتوفي سنة سبع وعشرين ومائة. وقيل: إن سبب عزله عن مصر أن دعاة بني العباس أرّسلوا إليه س ًرا فأكرمهم ووعدهم ًما فعزله. فبلغ ذلك هشا وكان من أمر دعاة بني العباس أنه وجه بكير بن ما هان عمارّ بن زأيد إلى خراسان والًيا عليها على شيعة بني العباس فنزل مرو وغير اسمه وتسمى بخداش ودعا الناس إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. فتسارّع الناس إليه وأطاعوه. ثم غير ما دعاهم إليه وأظهر دين الخرمية ورّخص لبعضهم في نساء بعض وقال: إنه ل صوم ول صلة ول حأج وإن تأويل الصوم أن يصام عن ذكر المام فل يباح باسمه والصلة: ليْ َ الدعاء له والحج: القصد إليه وكان يتأول من القرآن قوله تعالى: " س َ
ا
َمُنوْ َن آ ل ِذي ّ َلى ا عَ ا َما طَعِ ُموْ ّصالِ َحا ِت ُجَنا ٌح ِفي ْ لوْا ال ّم اّت َقوا ّصالِ َحا ِت ثُ َمُنوْا وَعَ ِمُلوْا ال ّوآ َما اّت َقوْا
إ َذا
ِ وَعَ ِمُ
ا
ّم اّت َقوْ َمُنوْا ثُ ّوآ ب ّ ُه يُ ِح ل َوالّ أ ْحأ َسُنوْا َ َن " فنفر من كان أطاعه عنه. ُم ْح ِسِني ّ الْ و وكان خداش المذكورّ نصرانًيا بالكوفة وأسلم ولحق بخراسان. وكان مفن اتبعه على مقالته مالك بن الهيثم والحريش بن سليم العجمي وغيرهما وأخبرهم أن محمد بن علي أمره بذلك. فبلغ خبره أسد بن عبد الله القسري فظفر به فأغلظ القول لسد فقطع لسانه وسمل عينيه بعد أن سأله عمن وافقه فذكر جماع ًة منهم أمير مصر عبد الرحأمن هذا وليس ذلك بصحيح. ثم أمر أسد بيحيى بن نعيم الشيباني فصلب. ثم أتي أسد بجزورّ مولى المهاجر بن دارّة الضبي فضرب عنقه بشاطىء النهر. السنة التي حأكم في أولها عبد الرحأمن بن خالد ثم في باقيها حأنظلة بن صفوان وهي سنة ثمان عشرة ومائة. فيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام أرّض الروم وقتل وسبى. وفيها غزا مروان الحمارّ ناحأية ورّتنيس وظفر بملكهم وقتل وسبى. هذه السنة على المدينة خالد بن عبد الملك. وفيها توفي علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أبو محمد الهاشمي المدني العباسي المعروف بالسجاد كان يصلي كل يوم ألف رّكعة وهو والد الخلفاء العباسية وكانت كنيته أبا الحسن فكناه عبد الملك بن مروان أبا محمد وقال: ل أحأتمل لك السم والكنية جمي ًعا. وكان لعلي هذا أولد كثيرة وهم: محمد والد الخلفاء وعيسى وداود وسليمان وإسماعيل وعبد الصمد وصالح وعبد الله. وولد علي هذا في أيام قتل علي بن أبي طالب - رّضي الله عنه - فسمي باسمه. وفيها توفي عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم أبو عمران اليحصبي مقرىء أهل الشأم. قيل: إنه قرأ القرآن على أبي الدرّداء وتولى قضاء دمشق بعد أبي إدرّيس الخولني ومات يوم عاشورّاء وله سبع وتسعون سنة. وفيها عزل الخليفة هشام بن عبد الملك خالد بن عبد الله القسري عن المدينة واستعمل عليها محمد بن هشام. وفيها توفي ثابت بن أسلم البناني وبنانة اسم امرأة كانت تحت سعد بن لؤي بن غالب بن فهر. وهو من الطبقة الثالثة أعني ثابًتا من أهل البصرة وكان ثابت من أعبد أهل زأمانه وبه يضرب المثل في العبادة. قال أنس بن مالك - رّضي الله عنه -: إن لكل شيء مفتا ًحأا وإن ثابًتا من مفاتيح الخير وكانت عيناه تشبه عيني رّسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أنس بن مالك: ما أشبه عينيك بعيني رّسول الله صلى الله عليه وسلم! فما زأال يبكي حأتى عمشت. وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر قال: وتوفي في هذه السنة أبو صخرة جامع بن شداد وحأكيم بن عبد الله بن قيس وأبو عشانة حأي بن يؤمن المعافري وعبادة بن نسي الكندي وعبد الله بن عامر مقرىء الشأم. قلت: هو الذي ذكرناه آن ًفا. قال: وعبد الرحأمن بن جبير بن نفير الحضرمي وعبد الرحأمن بن سابط الجمحي بضم الجيم نسبة لبني جمح وعثمان بن عبد الله بن سراقة المدني وعلي بن عبد الله بن العباس الهاشمي. قلت: وقد تقدم ذكره في غير هذه السنة. قال: ومعاذ بن عبد الله الجهني ومعبد بن خالد الجدلي الكوفي وأبو جعفر محمد بن علي الباقر في قول ابن معين. قلت: وقد تقدم ذكره في غير هذه السنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وستة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. على مصر قلت: تقدم التعريف به في ولايته الولى على مصر في سنة اثنتين ومائة وكان سبب ولايته هذه على مصر ثانًيا أنه لما ضعف أمر عبد الرحأمن بن خالد أمير مصر المقدم ذكره شكا منه أهل مصر إلى هشام بن عبد الملك وكان شكواهم من لينه ل لسوء سيرته فعزله الخليفة هشام لهذا المقتضى وغيره وولى حأنظلة بن صفوان هذا ثانًيا على إمرة مصر على صلتها فقدمها حأنظلة في خامس المحرم سنة تسع عشرة ومائة وتم أمره ورّتب أمورّ الديارّ المصرية ودام بها إلى سنة إحأدى وعشرين ومائة وفيها انتقض عليه قبط مصر فحارّبهم حأنظلة المذكورّ حأتى هزمهم. ثم في سنة اثنتين وعشرين ومائة قدم عليه بمصر رّأس زأيد بن علي زأين العابدين فأمر حأنظلة بتعليقها وطيف بها ثم استمر على إمرة مصر إلى أن عزله عنها الخليفة هشام بن عبد الملك ووله إفريقية فاستخلف حأنظلة على صلة مصر حأفص بن الوليد الحضري المعزول عن إمرة مصر قبل تارّيخه. وخرج حأنظلة من مصر إلى إفريقية يوم الثنين لسبع خلون من شهر رّبيع الخر سنة أرّبع وعشرين ومائة فكانت ولايته على مصر في هذه المرة الثانية خمس سنين وثمانية أشهر. وذكر صاحأب كتاب البغية والغتباط فيمن ولي الفسطاط قال بعد ما سماه: ولي ثانًيا من قبل هشام على الصلة فقدم يوم الجمعة لخمس خلون من المحرم سنة تسع عشرة ومائة وجعل على شرطته عياض بن خترمة بن سعد الكلبي. ثم ذكر نح ًوا مما ذكرناه من عزله وخروجه إلى إفريقية. ولما ولي حأنظلة إفريقية أمره الخليفة هشام بتولية أبي الخطارّ حأسام بن ضرارّ الكلبي إمرة الندلس فوله في شهر رّجب. وكان أبو الخطارّ لما تتابع ولة الندلس من قيس قال شع ًرا وعرض فيه بيوم مرج رّاهط وما كان من بلء كلب فيه مع مروان بن الحكم وقيام القيسية مع الضحاك بن قيس الفهري على مروان. فلما بلغ شعره هشام بن عبد الملك سأل عنه فأعلم أنه رّجل من كلب. فأمر هشام بن عبد الملك حأنظلة أن يولي أبا الخطارّ الندلس فوله وسيره إليها فدخل قرطبة فرأى ثعلبة بن سلمة أميرها قد أحأضر اللف السرى من البربر ليقتلهم فلما دخل أبو الخطارّ دفع السرى إليه فكانت ولايته سبًبا لحياتهم. ومهد أبو الخطارّ بلد الندلس. وفي ولايته خرج عبد الرحأمن بن حأبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع بالندلس فأرّسل إليه حأنظلة رّسالة يدعوه إلى مراجعة الطاعة فقبضهم وأخذهم معه إلى القيروان وقال: إن رّمي أحأد من أهل القيروان بحجر قتلت من عندي أجمعين فلم يقاتله أحأد واستفحل أمره. وكان حأنظلة ل يرى القتال إل لكافر أو خارّجي. فلما قوي أمر عبد الرحأمن خرج حأنظلة إلى الشأم ودعا على عبد الرحأمن وأهل إفريقية فاستجيب له فوقع الوباء والطاعون ببلدهم سبع سنين لم يفارّقهم إل في أوقات متفرقة. وثارّ على عبد الرحأمن هذا جماعة من العرب والبربر ثم قتل بعد ذلك. هذا بعد أن وقع له مع أبي الخطارّ حأروب ووقائع. وكان ممن خرج على عبد الرحأمن عروة بن الوليد الصدفي واستولى على تونس وثابت الصنهاجي بناحأية أخرى وأما حأنظلة فإنه أستمر بالشأم إلى أن مات. السنة الولى من ولية حأنظلة الثانية على مصر وهي سنة تسع عشرة ومائة. فيها حأج بالناس مسلمة بن عبد الملك أخو الخليفة هشام. وفيها غزا مروان بن محمد المعروف بالحمارّ غزوة السابحة فدخل بجيشه من باب اللن فلم يزل حأتى خرج من بلد الخزرّ ثم انتهى إلى البيضاء مدينة الخاقان. وفيها جهز عبيد الله بن الحبحاب أمير إفريقية جي ًشا عليهم قثم بن عوانة فأخذوا قلعة سردانية من بلد المغرب ورّجعوا فغرق قثم بن عوانة وجماعته في البحر. وفيها توفي عبد الله بن كثير مقرىء أهل مكة أبو معبد مولى عمرو بن علقمة الكناني أصله فارّسي ويقال له: الدارّي والدارّي: العطارّ نسبة إلى عطر دارّين وقال البخارّي: هو مولى قريش من بني عبد الدارّ وقال أبو بكر بن أبي داود: الدارّ: بطن من لخم منهم تميم الدارّي قرأ القرآن على مجاهد وغيره وقيل: إن وفاته سنة عشرين وهو الصح. وفيها قصد خاقان أسد بن عبد الله القسري بجموع الترك فالتقاهم أسد بن عبد الله وواقعهم فقتل خاقان وأصحابه. ًل عظيمة وفتح بل ًدا لم يصل إليها غيره. وغنم أسد أموا وفيها خرج المغيرة بن سعيد بالكوفة وكان ساحأ ًرا متشي ًعا فحكى عنه العمش أنه كان ً يقول: لو أرّاد علي بن أبي طالب أن يحيي عا ًدا وثمو ًدا وقروًنا بين را لفعل. ذلك كثي وبلغ خالد بن عبد الله القسري خبره فأرّسل إليه فجيء به وأمر خالد بالنارّ والنفط وأحأرقه ومن كان معه. وفيها غزا أسد بن عبد الله الختل وقتل ملكها بدير طرخان. وفيها توفي حأبيب بن محمد العجمي ويعرف بالفارّسي البصري من الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة. وهو أحأد الزهاد الذي يضرب بزهده المثل. وفيها حأج بالناس مسلمة بن هشام بن عبد الملك أبو شاكر. وأما الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة فهم جماعة كثيرة قال: وتوفي إياس بن سلمة بن الكوع وحأبيب بن أبي ثابت في قو ٍل وحأماد بن أبي سليمان الفقيه في قو ٍل وسليمان بن موسى أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع ونصف. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. السنة الثانية من ولية حأنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة عشرين ومائة. فيها عزل خالد بن عبد الله القسري عن إمرة العراق بيوسف بن عمر الثقفي وكانت مدة ولية خالد على العراق أرّبع عشرة سنة. فلما استخلف الوليد بن يزيد بن عبد الملك بعد موت عمه هشام بن عبد الملك بعث بخالد إلى يوسف هذا فقتله. وفيها توفي أسد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرزأ بن عامر البجلي القسري وهو أخو خالد بن عبد الله القسري المقدم ذكره أعله. وكان أسد هذا ولي خراسان مرتين وغزا عدة غزوات وافتتح البلد وبنى مدينة بلخ وتوفي قبل عزل أخيه خالد بن عبد الله القسري بيسير. وفيها توفي حأماد بن أبي سليمان فقيه أهل الكوفة وقد ذكر الذهبي وفاته في الخالية وهو من الطبقة الثالثة من التابعين. قيل لبراهيم النخعي: من نسأل بعدك قال: حأماد بن أبي سليمان. وعنه أخذ أبو حأنيفة العلم وهو أول من حألق حألقة للشتغال. وفيها توفي سليمان بن ثابت الدارّاني الدمشقي المحارّبي من الطبقة الثالثة من التابعين كان يقال له: قاضي الخلفاء لنه أقام قاضًيا على دمشق ثلثين سنة قضى لتسعة من خلفاء بني أمية وقيل لسبعة وهو الصح. وفيها توفي محمد بن واسع بن جابر أبو عبد الله الزأدي من الطبقة الثالثة من تابعي أهل البصرة كان ل يقدم عليه أحأد في زأمانه في العبادة والزهد والورّع. كان يصوم الدهر ويخفيه. قيل: إنه دخل هو ومالك بن دينارّ إلى دارّ الحسن البصري فلم يجداه في الدارّ فرأى محمد بن واسع طعا فلم ًما للحسن فأكل منه من غير إذن الحسن وعزم على مالك يوافقه مالك وقال: حأتى يأذن لي صاحأبه. وبينما هما في ذلك دخل الحسن البصري فأعجبه فعل محمد بن واسع وقال: هكذا كنا نفعل مع أصحاب رّسول الله صلى الله عليه وسلم حأتى جئتنا يا مويلك. وذكر الذهبي جماعة أخر وفيهم من تكررّ ذكره لختلف المؤرّخين قال: وتوفي أنس بن سيرين على الصحيح وأسد بن عبد الله القسري المير والجلح أبو كثير القاضي والجارّود الهذلي وحأماد بن أبي سليمان في قو ٍل وأبو معشر زأياد بن كليب الكوفي وعاصم بن عمر بن قتادة الظفري وعبد الله بن كثير مقرىء أهل مكة وعبد الرحأمن بن ثروان الودي وعدي بن عدي بن عميرة الكندي وعلقمة بن مرثد الكوفي وعلي بن مدرّك النخعي الكوفي وقيس بن مسلم الجدلي الكوفي ومحمد بن إبراهيم التيمي المدني الفقيه ل ومسلمة بن عبد الملك وواصل في قول ومحمد بن كعب القرظي في قو ٍ الحأدب ويزيد بن رّومان على الصحيح وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حأزم على الصحيح. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وإصبعان ونصف. السنة الثالثة من ولية حأنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة إحأدى وعشرين ومائة. فيها غزا مروان الحمارّ من أرّمينية إلى أن بلغ قلعة بيت السرير من بلد الروم فقتل وسبى. ثم أتى قلعة ثانية فقتل أي ًضا وأسر. ثم دخل الحصن الذي فيه سرير الملك فهرب منه الملك حأتى صالحوا مروان في السنة ٍي. على ألف رّأس ومائة ألف مد ثم سارّ مروان في السنة حأتى دخل أرّض أرّزأ وبلد بطران فصالحوه ثم صالحه أهل بلد تومان. ثم أتى حأمزين فقاتلهم ولزأم الحصارّ عليهم شهرين حأتى صالحوه. ثم افتتح مروان مسدارّ وغيرها. وذكر خليفة بن خياط أن أبا محمد البطال قتل فيها. وفيها غزا الصائفة مسلمة ابن الخليفة هشام بن عبد الملك فسارّ حأتى أتى ملطية. ومات مسلمة هذا في دولة أبيه هشام. وفيها غزا نصر بن سيارّ ما ورّاء النهر وقتل ملك الترك كورّصول وكان كورّصول المذكورّ ًما غزا في المسلمين اثنتين وسبعين غزوة ولما قبض عليه نصر مل أرّاد أن يفدي ًكا عظي نفسه بألف جمل بختي وبألف برذون فلم يقبل نصر وقتله. وفيها خرج زأيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب - رّضي الله عنهم ووقع له مع جيش الخليفة أمورّ وحأروب وآل أمره إلى أن انكسر واختفى حأتى ظفر به وقتل في سنة اثنتين وعشرين ومائة. وفيها توفي الربيع بن أبي رّاشد أبو عبد الله الزاهد من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الكوفة. كان يقول: لو فارّق ذكر الموت قلبي ساعة لخشيت أن يفسد علي قلبي. وفيها توفي عطاء السليمي من الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة وكان من التابعين المجتهدين. أقام أرّبعين سنة لم يرفع رّأسه إلى السماء حأيا ًء من الله تعالى ولم يضحك ورّفع رّأسه مرة ففتق في بطنه فتق وكان إذا أرّاد أن يتوضأ ارّتعد وبكى فقيل له في ذلك فقال: إني أرّيد أن أقدم على أمر عظيم قبل أن أقوم بين يدي الله تعالى. وفيها توفي نمير بن أوس الشعري قاضي دمشق من الطبقة الرابعة من التابعين وله الخليفة وفيها توفي محارّب بن دثارّ السدوسي الشيباني أبو المطرف من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الكوفة قال: لما أكرهت على القضاء بكيت وبكى عيالي فلما عزلت عن القضاء بكيت وبكى عيالي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثلثة عشر إصب ًعا. السنة الرابعة من ولية حأنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة اثنتين وعشرين ومائة. فيها خرج بالمغرب ميسرة الحقير وعبد العلى مولى موسى بن نصير متعاضدين ومعهما خلئق من الصفرية فخرج لقتالهم متولي إفريقية عبيد الله بن الحبحاب وقاتلهم واستظهر عليهم والي إفريقية لكن قتل ابنه إسماعيل ثم جهز لهم عبيد الله بن الحبحاب جي ًشا ثانًيا عليه أبو الصم خالد فقتل أبو الصم المذكورّ في جماعة من الشراف في آخر السنة. واستفحل أمر الصفرية وبايعوا الشيخ عبد الواحأد بالخلفة فلم يتم أمره وقتل بعد حأروب كثيرة. وقتل في هذه الواقعة وغيرها في هذه السنة خلئق كثيرة. وكان عبيد الله بن الحبحاب قد جهز جي ًشا آخر مع حأبيب بن أبي عبيدة بن عقبة الفهري إلى جزيرة صقلية فظفر حأبيب المذكورّ ظف ًرا ما سمع بمثله. وسارّ حأتى نزل على أكبر مدائن صقلية وهي مدينة سرقوسة وهابته النصارّى وذلوا لعطاء الجزية. ووقع بالمغرب في هذه السنة حأروب مهولة متداولة. وفيها توفي شهي ًدا زأيد بن علي زأين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رّضي الله عنهم - وصلب مدة طويلة وقد تقدم ذكر واقعته في سنة إحأدى وعشرين ومائة. وفيها توفي إياس بن معاوية بن قرة بن إياس المزني البصري من الطبقة الثالثة من فاضً تابعي أهل البصرة وكنيته أبو واثلة وكان قاضًيا على البصرة وكان سي ًدا ل ذك ًيا له نوادرّ غريبة كان يقول: أذكر ليلة ولدت وضعت أمي على رّأسي جفنة. قال إياس: قلت لمي: ما شيء سمعته عند ولدتي يا أمي فقالت: طست وقع من أعلى الدارّ ففزعت فولدتك في تلك الساعة. قلت: وعلى هذا يكون سماعه لذلك وهو في بطن أمه فإنها لما سمعت الضجة ولدت من الفزع. فيكون سماع إياس لذلك قبل أن ينزل من بطن أمه. وفيها توفي بلل بن سعد بن تميم السكوني بفتح السين المهملة من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الشأم كان بالشأم مثل الحسن البصري في العراق وكان إمام جامع دمشق فكان إذا كبر سمع صوته من الوزأاع قرية على باب الفراديس ولم يكن البنيان يومئذ متصًل هكذا نقل أبو المظفر في تارّيخه مرآة الزمان. وفيها توفي المير مسلمة ابن الخليفة عبد الملك بن مروان أبو شاكر. وقيل: أبو سعيد وقيل: أبو الصبع كان شجا ًعا صاحأب همة وعزيمة وله غزوات كثيرة من ولية أبيه عبد الملك إلى هذه السنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وستة أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. السنة الخامسة من ولية حأنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة ثلث وعشرين ومائة. فيها كانت وقعة عظيمة بين البربر وبين كلثوم بن عياض فقتل كلثوم في المصاف واستبيح عسكره. كسرهم أبو يوسف الزأدي رّأس الضفرية والصفرية هم منسوبون إلى بني المهلب بن أبي صفرة. ثم وقعت أمورّ ووقائع بالمغرب في هذه السنة أي ًضا يطول شرحأها. وفيها حأج بالناس يزيد ابن الخليفة هشام بن عبد الملك وصحبه الزهري بن شهاب فهناك لقي الزهري مالك بن أنس وسفيان بن عيينة. وفيها خرج خمسة وعشرون أل ًفا من الروم ونزلوا بملطية فبعث إليهم هشام بن عبد الملك الجيوش فقتلوا منهم مقتل ًة عظيمة ولله الحمد. وفيها توفيت عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمي وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وأول أزأواج عائشة عبد الله بن عبد الرحأمن بن أبي بكر الصديق ثم تزوجها مصعب بن الزبير فاصدقها مائة ألف دينارّ. وعن الكلبي قال: قال عبد الملك بن مروان يو ًما لجلسائه: من أشجع العرب قيل: شبيب وقيل: فلن وفلن فقال: إن أشجع العرب رّجل ولي العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف وألف ألف وألف ألف وتزوج سكينة بنت الحسين بن علي وعائشة بنت طلحة وابنة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز وابنة رّيان بن أنيف الكلبي وأعطي المان فأبى ومشى بسيفه حأتى مات ذاك مصعب بن الزبير. وأظنها تزوجت بعد مصعب. وأما الذين ذكر وفاتهم الذهبي في هذه السنة فجماعة مختلف فيهم قال: توفي ثابت البناني وقد تقدم ذكره وتوفي رّبيعة بن يزيد القصير بدمشق وأبو يونس سليم مولى أبي هريرة وسماك بن حأرب الذهلي وسعيد بن أبي سعيد المقبري وشرحأبيل بن سعد المدني وأبو عمران الجني عبد الملك بن حأبيب وأبن محيصن مقرئ مكة ومحمد بن واسع عابد البصرة وقد تقدم ذكره ومالك بن دينارّ يأتي ذكره. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان سواء. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وثلثة عشر إصب ًعا. على مصر قلت: تقدم التعريف بحفص هذا في أول ترجمته لما ولي مصر في سنة ثمان ومائة. وكان سبب ولايته هذه الثانية على مصر أن حأنظلة بن صفوان ولما ولي إفريقية أقر حأف ًصا هذا على صلة مصر وتوخه إلى إفريقية فأقره الخليفة هشام بن عبد الملك على إمرة مصر على الصلة وذلك في رّبع شهر رّبيع الخر سنة أرّبع وعشرين ومائة. وقال صاحأب البغية: فأقره هشام يعني على إمرة مصر ثم جمع له بين الصلة والخراج في ليلة الجمعة لثلث عشرة ليلة خلت من شعبان سنة أرّبع وعشرين ومائة. فجعل على شرطته عقبة بن نعيم الرعيني وجعل على الديوان يحيى بن عمرو العسقلني وعلى الزمام عيسى بن عمرو ثم صرفه الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك عن الخراج ووله عيسى بن أبي عطاء يوم الثلثاء لسبع بقين من شوال سنة خمس وعشرين ومائة وانفرد بالصلة. سنين إل شه ً ثم استعفى مروان بن محمد بن مروان فأعفاه فكانت ولايته هذه ثلث را. وقال غيره: جمع له هشام بن عبد الملك الصلة والخراج م ًعا. وكان لمراء مصر مدة سنين أن يلي المير على الصلة ل غير فلما جمع لحفص بين الصلة والخراج وقع في أيامه شراقي وقحط بالديارّ المصرية فاستسقى حأفص بالناس وخطب ودعا الله سبحانه وتعالى وصلى ثم عاد إلى منزله. فلم يكن إل القليل وورّد عليه موت الخليفة هشام بن عبد الملك واستخلف من بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان فأقر الوليد حأف ًصا هذا على ما كان عليه من إمرة مصر على الصلة والخراج أيا بن أبي عطاء في ًما قليلة ثم صرفه عن الخراج بعيسى ثالث عشرين شوال سنة خمس وعشرين ومائة وانفرد حأفص بالصلة. ثم خرج حأفص من مصر إلى الشأم ووفد على الوليد بن يزيد بعد أن أستخلف على صلة مصر عقبة بن نعيم الرعيني. وعند وصول حأفص إلى دمشق اختلف الناس على الوليد وخلعوه من الخلفة ثم قتلوه لسوء سيرته وقبيح أفعاله كل ذلك وحأفص بالشأم وبويع بالخلفة ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان. ولما ولي يزيد المذكورّ الخلفة أقر حأف ًصا هذا على عمله وأمره بالعود إلى مصر وأن يفرض للجند ثلثين أل ًفا. فعاد حأفص إلى مصر وفرض الفروض وبعث بيعة أهل مصر إلى يزيد بن الوليد. فلم تطل مدة أيام يزيد وتوفي وبويع بالخلفة من بعده إبراهيم بن الوليد فلم يتم عليه أمره وتغلب عليه مروان بن محمد بن مروان الجعدي المعروف بالحمارّ ودعا لنفسه وتم له ذلك فلما بلغ حأف ًصا ذلك بعث يستعفيه من ولية مصر فأعفاه مروان وولى مكانه حأسان بن عتاهية. وكانت ولية حأفص هذه الثانية نحو ثلث سنين. وقال الحافظ أبو سعيد عبد الرحأمن بن أحأمد ين يونس في تارّيخه بعدما ذكر نسبه بنحو ما ذكرناه في ولايته الولى على مصر لكنه زأاد فقال: الحضرمي ثم من بني عوف بن معاذ كان أشرف حأضرمي بمصر في أيامه ولم يكن خليفة من بعد الوليد إل وقد استعمله كان هشام بن عبد الملك قد شرفه ونوه بذكره ووله مصر بعد الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم نح ًوا من شهر ثم عزله. فدخل على هشام فألفاه في التجهيز إلى الترك فوله الصائفة فغزا ثم رّجع فولي نحر مصر سنة تسع عشرة ومائة وسنة عشرين ومائة وسنة إحأدى وعشرين ومائة وسنة اثنتين وعشرين ومائة. فلما قتل كلثوم بن عياض القشيري عامل هشام على إفريقية وكان قتله في ذي الحجة سنة ثلث وعشرين ومائة كتب هشام إلى حأنظلة بن صفوان الكلبي عامله على جند مصر بولايته على إفريقية فشخص إليها. وكتب إلى حأفص بن الوليد بولية جند مصر وأرّضها فولي حأفص عليها بقية خلفة هشام وخلفة الوليد بن يزيد وخلفة يزيد بن الوليد وإبراهيم بن الوليد ومروان بن محمد إلى سنة ثمان وعشرين ومائة. وحأدث عنه يزيد بن أبي حأبيب وعمرو بن الحارّث والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة وغيرهم. وكان ممن خلع مروان مع رّجاء بن الشم الحميري وثابت بن نعيم بن زأيد بن رّوح بن سلمة الخذامي وزأامل بن عمرو الحراني في عدة من أهل مصر والشام فقتله حأوثرة بن سهيل الباهلي بمصر في شوال سنة ثمان وعشرين ومائة وخبر مقتله يطول. وقال المسورّ الخولني يحذرّ أبن عم له من مروان ويذكر قتل مروان حأفص بن وإن أمير المؤمنين مسلط على قتل أشراف البلد فأعلم # فإياك ل تجني من الشر غلط ًة فتودي كحف أضحوا بسفح ٍص أو رّجاء بن أشيم # فل خير في الدنيا ول العيش بعدهم وكيف وقد المقطم قال ابن يونس: حأدثنا أحأمد بن شعيب حأدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حأدثني أبي عن جدي عن يزيد بن أبي حأبيب عن حأفص بن الوليد عن محمد بن مسلم عن عبيد الله بن عبد الله حأدثه أن ابن عباس حأدثه: أن شاة ميتة كانت لمولة ميمونة من الصدقة فأبصرها رّسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انزعوا جلدها فانتفعوا به قالوا: إنها ميتة قال: إنما حأرم أكلها. قال أبو سعيد بن يونس: أسند حأفص غير هذا الحديث: حأدثني أبي عن جدي أنه حأدثه ابن وهب حأدثني الليث: أن حأفص بن الوليد أول ولايته بمصر أمر بقسم موارّيث أهل الذمة على قسم موارّيث المسلمين وكانوا قبل حأفص يقسمون موارّيثهم بقسم أهل دينهم. انتهى كلم ابن يونس. وقد ساق ابن يونس ترجمة حأفص على سياق واحأد ولم يدع لولايته الثالثة على مصر شيًئا. ٍل في وقته ول بد من ذكر ولايته الثالثة هنا لما شرطناه في كتابنا هذا من ذكر كل وا وزأمانه ونذكره إن شاء الله تعالى بزيادات أخر. بن الوليد الثانية على مصر وهي سنة أرّبع وعشرين ومائة. فيها عاثت الصفرية ببلد المغرب وحأاصروا قاب المجانيق. ًسا ونصبوا عليها وافترقت الصفرية بعد قتل ميسرة فرقتين. ثم ولى الخليفة حأنظلة أمير مصر أمر إفريقية لما بلغه قتل كلثوم كما تقدم ذكره. وفيها قدم جماعة من شيعة بني العباس من خراسان إلى الكوفة يريدون أخذ البيعة لبني العباس فأخذوا وحأبسوا ثم أطلقوا. وفيها غزا سليمان بن هشام الصائفة والتقاه ملك الروم أليون فهزمه سليمان وغنم. وفيها قتل كلثوم بن عياض أمير المغرب من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الشأم وكان جليًل نبيًل فصي ًحا له خطب ومواعظ. قتل بالمغرب في وقعة كانت بينه وبين ميسرة الصفري. ثم مات ميسرة أي ًضا في آخر السنة. وفيها توفي الزهري واسمه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارّث بن زأهرة بن كلب بن مرة المام أبو بكر القرشي الزهري المدني أحأد العلم من تابعي أهل المدينة من الطبقة الرابعة كان حأافظ زأمانه. قال الليث بن سعد: قال ابن شهاب: ما صبر أحأد على العلم صبري ول نشره أحأد نشري. ولد سنة خمسين وطلب العلم في أواخر عصر الصحابة وله نيف وعشرون سنة. فروى عن ابن عمر حأديثين ورّوى عن جماعة كثيرة من الصحابة والتابعين ورّوي عنه الجم الغفير. وذكر الذهبي جماعة أخر قال: توفي عبد الله بن قيس الجهني وعمرو بن سليم الزرّقي أبو طلحة والقاسم بن أبي بزة المكي ومحمد بن عبد الرحأمن بن أسعد بن زأرّارّة ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري وقد تقدم ذكره ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس وأبو جمرة بالجيم والراء نصر بن عمران الضبعي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وثلثة عشر إصب ًعا. السنة الثانية من ولية حأفص بن الوليد الثانية على مصر وهي سنة خمس وعشرين ومائة: فيها كانت فتن كثيرة بالمغرب بين المير حأنظلة بن صفوان المعزول عن إمرة مصر والمتولي إفريقية وبين عكاشة الخارّجي. فكانت بينهم وقعة لم يسمع بمثلها وانهزم عكاشة وقتل من البربر مال يحصى ثم التقى حأنظلة ثانًيا مع عبد الواحأد على فرسخ من القيروان وجمع عبد الواحأد ثلثمائة ألف مقاتل فبذل حأنظلة الموال وضج الناس والنساء والطفال بالدعاء وبقي حأنظلة يسير بين الصفوف بنفسه ويحرض على القتال. وكسر أصحاب حأنظلة أغماد سيوفهم والتحمت الحرب وانكسرت ميسرة السلم وحأنظلة على تحريضه حأتى تراجعوا وهزم الله عبد الواحأد وجيوشه ثم قتل وأتي حأنظلة برأسه وقتل من البربر مقتلة عظيمة لم يسمع بمثلها فكانت هذه ملحمة مشهودة ثم أسر عكاشة وأتي به إلى حأنظلة فقتله وقتل جماعة كثيرة من أصحابه. وقيل: أحأصي من قتل في هذه الوقعة فبلغوا مائة ألف وثمانين أل ًفا. وهذه الملحمة أعظم ملحمة وقعت في السلم بالمغرب. وفيها عقد الوليد بن يزيد بن عبد الملك البيعة لبنيه الحكم وعثمان في شهر رّجب بعد أن ولي الخلفة بشهر واحأد وكتب بذلك إلى الفاق. وفيها توفي محمد بن علي بن عبد الله بن عباس العباسي الهاشمي ومحمد هذا هو والد السفاح أول خلفاء بني العباس وكنيته أبو عبد الله وكان أصغر من أبيه علي بأرّبع عشرة سنة. فلما شابا خضب أبوه علي بالسواد وابنه محمد هذا بالحناء فلم يفرق بينهما إل الخضاب لتشابههما. ومولد محمد هذا بالقرب من أرّض البلقاء سنة ثمان وخمسين وقيل: سنة ستين. وفي الليلة التي مات فيها محمد هذا ولد فيها محمد المهدي بن أبي جعفر المنصورّ فسمي المهدي على اسم جده محمد المذكورّ وكني بكنيته. وكان محمد هذا بويع بالخلفة س ًرا وفرق الدعاة في البلد فلم يتم أمره ومات. وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس. الموي القرشي الدمشقي أبو الوليد ولد سنة نيف وسبعين واستخلف بعهد من أخيه يزيد بن عبد الملك واستخلف وعمره أرّبع وثلثون سنة ودام في الخلفة تسع عشرة سنة ًما وكان جميل الصورّة يخضب بالسواد وبعينيه حأول مع كيس. وسبعة أشهر وأيا وأمه فاطمة بنت هشام بن الوليد المغيرة المخزومي قال مصعب الزبيري: زأعموا أن عبد الملك رّأى في منامه أنه بال في المحراب أرّبع مرات فدس من يسأل سعيد بن المسيب عنها وكان يعبر الرؤيا وعظمت على عبد الملك فقال سعيد بن المسيب: يملك من ولده لصلبه أرّبعة فكان هشام هذا آخرهم لن أولهم الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام. قال حأماد الراوية: لما ولي هشام الخلفة طلبني فحضرت عنده فوجدته جال ًسا في فرش قد غرق فيه وبين يديه صحفة من ذهب مملوءة مس ًكا مذوًبا بماء ورّد وهو يقلبه بيده فتفوح رّائحته فسلمت عليه فرد علي السلم وقال: يا حأماد إني ذكرت بيًتا من الشعر ما عرفت قائله وهو هذا: الخفيف فقلت: هو لعدي بن زأيد فقال: أنشدني القصيدة فأنشدته إياها فقال: سل حأاجتك وكان على رّأسه جارّيتان كأنهما أقمارّ وفي أذن كل واحأدة منهما جوهرتان يضيء منهما المنزل فقلت: يا أمير المؤمنين جارّية من هاتين فقال: هما لك وأمر لي بمائة ألف درّهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثلثة عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية حأفص بن الوليد الثانية على مصر وهي سنة ست وعشرين ومائة. فيها خرج يزيد بن الوليد بن عبد الملك على أبن عمه الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك لما أنتهك الوليد المذكورّ الحرمات وكثر فسقه وسمته الرعية على قصر مدته. فبويع يزيد هذا بالمزة ووثب على دمشق وجهز عسك ًرا لقتال الخليفة الوليد. وكان الوليد بتدمر قد أنهزم إليها عاك ًفا على المعاصي بها فخرج الوليد وقاتل العسكر وانكسر وقتل بنواحأي تدمر على ما يأتي ذكره وتم أمر يزيد في الخلفة وسمي بالناقص لكنه لم تطل مدته أي ًضا ومات على ما يأتي ذكره أي ًضا. وفيها توفي خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرزأ بن عامر البجلي القسري ولي خالد المذكورّ أعماًل جليلة مثل مكة المشرفة والعراق وغيرهما. ًل على الطعام ج ًدا ذكر وكانت أمه نصرانية فكان يعير بها وكان بخي عنه أبو المظفر أموًرّا شنيعة من هذا الباب. وفيها توفي الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الهاشمي الموي الدمشقي المعروف بالفاسق ولد سنة تسعين وقيل سنة اثنتين وتسعين. ولما احأتضر أبوه يزيد بن عبد الملك لم يمكنه أن يستخلفه لنه صبي فعهد إلى أخيه هشام بن عبد الملك وجعل ابنه هذا الوليد ولي العهد من بعد هشام. وأم الوليد بنت محمد بن يوسف الثقفي فالحجاج عم أمه. ولما مات عمه هشام ولي الخلفة وصدرّت عنه تلك المورّ القبيحة المشهورّة عنه: من شرب الخمر والفجورّ وتخريق المصحف بالنشاب. وذكر عنه بعض أهل التارّيخ أموًرّا أستبعد وقوعها منها: أنه دخل يو ًما فوجد ابنته جالسة مع دادتها فبرك عليها وأزأال بكارّتها فقالت له دادتها: هذا دين المجوس فأنشد: مخلع وأخذ يو ً البسيط من رّاقب الناس مات غ ًما وفازأ باللذة الجسورّ قال: ما المصحف وفتحه فأول ماطلع له واستفتحوا وخاب كل جبا أتوعد ني! ثم علقه ول زأال يضربه ٍرّ عني ٍد فقال: بالنشاب حأتى خرقه ومزقه وهو ينشد: الوافر إذا لقيت رّبك يوم حأشر فقل يا رّب خرقني الوليد ولما كثر فسقه خلعوه من الخلفة بابن عمه يزيد بن الوليد وقتلوه في جمادى الخرة وكانت خلفته سنة وثلثة أشهر وتوفي ابن عمه يزيد المذكورّ بعده بمدة يسيرة كما سيأتي ذكره. وفيها: توفي سعيد بن مسروق والد سفيان الثورّي. وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الهاشمي الموي الدمشقي أبو خالد المعروف بيزيد الناقص لنه نقص الجند من عطائهم لما ولي الخلفة. وكان الوليد ابن عمه زأاد الجند زأيادات كثيرة فنقصها يزيد هذا لما ولي الخلفة ومشى المورّ على عاداتها. وثب يزيد على الخلفة لما كثر فسق آب عمه الوليد وتم أمره بعد قتل الوليد وبويع بالخلفة في جمادى الخرة من سنة ست وعشرين ومائة المذكورّة. وأم يزيد هذا شاه فرند بنت فيروزأ بن يزد جرد حأكي أن قتيبة بن مسلم ظفر بما ورّاء النهر بابنتي فيروزأ فبعث بهما إلى الحجاج بن يوسف فبعث الحجاج بإحأداهما وهي شاه فرند إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك فأولدها يزيد هذا. وكانت أم فيروزأ بن يزد جرد بنت شيرويه بن كسرى وأم شيرويه بنت خاقان وأم أم فيروزأ هي بنت قيصر عظيم الروم ولهذا كان يزيد يفتخر ويقول: السريع أنا ابن كسرى وجدي مروان وقيصر جدي وجدي خاقان قلت: وكان يزيد هذا ل بأس وذكر الذهبي وفاة جماعة كثيرة في هذه السنة مختلف في وفاتهم كما هي عادة سياقه فإنه يذكر الواحأد في عدة أماكن فنحن نذكر مقالته ول نتقيد بها ومن وقع لنا ممن ذكره ترجمناه على عادة كتابنا هذا في محله قدمه الذهبي أو أخره فقال: توفي جبلة بن سحيم وخالد بن عبد الله القسري المير ودرّاج أبو السمح وسعيد بن مسروق والد سفيان الثورّي وسليمان بن حأبيب المحارّبي وقد تكررّ في عدة سنين وعبد الرحأمن بن القاسم بن محمد والكميت بن زأيد الشاعر وعبيد الله بن أبي يزيد المكي وعمرو بن دينارّ والوليد قتل في جمادى الخرة فكانت خلفته خمسة عشر شه ًرا ويزيد بن الوليد الناقص مات في ذي الحجة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وستة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا واثني عشر إصب ًعا. ولية حأسان بن عتاهية على مصر هو حأسان بن عتاهية بن عبد الرحأمن بن حأسان بن عتاهية بن خززأ بن سعد بن معاوية التجيبي. وقال صاحأب البغية: حأسان بن عتاهية بن عبد الرحأمن. وله مروان بن محمد بن المعروف بالحمارّ على إمرة مصر وهو بالشأم فأرّسل حأسان من الشأم بكتاب إلى ابن نعيم باستخلفه على صلة مصر إلى أن يحضر من الشأم فسلم حأفص بن الوليد المر إلى أبن نعيم ثم قدم حأسان المذكورّ إلى مصر في ثاني عشر جمادى الخرة سنة سبع وعشرين ومائة على الصلة ل غير. وزأاد صاحأب البغية وقال: قدم في يوم السبت لثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الخرة. وكان عيسى بن أبي عطاء على الخراج فلما أستقر أمر حأسان في إمرة مصر أسقط الفروض التي كان قررّها حأفص بن الوليد في ولايته وقطع فروض الجند كلها فوثبوا عليه وقاتلوه وقالوا: ل نرضى إل بحفص. ورّكبوا إلى المسجد ودعوا إلى خلع مروان الحمارّ من الخلفة وحأصروا حأسان في دارّه وقالوا له: اخرج عنا فإننا ل نقيم معك ببلد. ثم أخرجوا عيسى بن أبي عطاء صاحأب الخراج من مصر كل ذلك في آخر جمادى الخرة ثم أخرجوا حأف ًصا من سجنه وولوه أمرهم. وتوجه حأسان هذا إلى الشأم ودام بها من جملة أمراء بني أمية إلى أن زأالت دولة بني أمية وتولت العباسية. قتل حأسان هذا مع من قتل بمصر من أعوان بني أمية في سنة اثنتين وثلثين ومائة. وكانت ولية حأسان على مصر ستة عشر يو ًما وقيل: إن حأسان كان من أعوان بني العباس والول أشهر وتولى بعده حأفص بن الوليد ثالًثا. وقال الحافظ أبو سعيد بن يونس: شهد حأسان بن عتاهية جد عتاهية والد صاحأب الترجمة فتح مصر وصحب عمر بن الخطاب وابنه عبدا لرحأمن بن حأسان بن عتاهية يروي عنه مخيس بن ظبيان وفي نسخة: عبد الغني. وحأدثني أحأمد بن علي بن دارّح بن رّجب الخولني حأدثني عمي عاصم بن دارّح حأدثنا عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير حأدثني أبي حأدثني عمرو بن يحيى السدي حأدثني عبد الله بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج قال: سألني أبو جعفر المنصورّ: ما فعل حأسان بن عتاهية قلت: قتله شعبة. قال: قتله الله. كان لنا جلي ًسا عند عطاء بن أبي رّباح. قال سعيد بن كثير: شعبة هذا هو ابن عثمان التميمي كان على المصرية وهو أول من قدم مصر من قواد المسودة وكان على مقدمة عامر بن إسماعيل المرادي الجرجاني الذي قتل مروان بن محمد الحمارّ. ضبط السماء الغريبة في هذه الترجمة: عتاهية بفتح العين المهملة والتاء المثناة و خززأ بفتح الخاء المعجمة والزاي الولى وسكون الزاي الثانية و التجيبي بضم التاء المثناة من فوق وكسر الجيم وياء ساكنة وباء ثانية الحروف. ولية حأفص بن الوليد الثالثة ولما ثارّ أهل مصر على حأسان بن عتاهية وأخرجوه منها لحق بالخليفة مروان بن محمد بن مروان المعروف بالحمارّ في الشأم وذكر له حأسان ما وقع له مع أهل مصر واستمر حأفص بن الوليد على صلة مصر شهر رّجب وشعبان. وقدم المير حأنظلة بن صفوان من إفريقية وقد أخرجه أهلها فنزل بالجيزة غربي مدينة مصر ودام هناك إلى أن قدم عليه كتاب الخليفة مروان الحمارّ بولايته على مصر فامتنع المصريون من ولية حأنظلة بن صفوان عليهم ومنعوه من الدخول إلى مصر وأظهروا الخلف. ثم أخرجوا حأنظلة من الجيزة إلى الوجه الشرقي ومنعوه من المقام بالفسطاط وحأارّبوه فحارّبهم فهزم وتم أمر حأفص وسكت مروان عن مصر بقية سنة سبع وعشرين ومائة. ثم عزل حأفص في مستهل سنة ثمان وعشرين ومائة وولي عوضه على مصر الحوثرة بن سهيل أخو عجلن الباهلي. وواقع الحوثرة حأف ًصا وقتله كما ذكره ابن يونس وغيره في ترجمته الثانية. وكان قتل حأفص المذكورّ في يوم الثلثاء لليلتين خلتا من شوال سنة ثمان وعشرين ومائة ورّثاه صديقه أبو بحر مولى عبد الله بن إسحاق مولى آل الحضرمي من حألفاء عبد شمس بعدة قصائد وكان أب وبحر أمأمأ في. النحو واللغة تعلم ذلك من يحيى بن يعمر ومات في سنة سبع وعشرين ومائة وكان أبو بحر يعيب الفرزأدق في شعره وينسبه إلى اللحن فهجاه الفرزأدق بقوله: الطويل فقال له أبو بحر عبد الله المذكورّ: قد لحنت أي ًضا يا فرزأدق في قولك: مولى مواليا بل كان ينبغي ٍل. أن تقول: مولى موا السنة الولى من ولية حأفص بن الوليد الثالثة على مصر وهي سنة سبع وعشرين ومائة - على أن حأسان بن عتاهية حأكم منها على مصر ستة عشر يو ًما في جمادى الخرة. فيها وقع بالشأم وغيره عدة فتن وحأروب من قبل مروان الحمارّ وغيره حأتى ولي الخلفة وخلع إبراهيم بن الوليد الذي كان تخلف بعد موت أخيه يزيد بن الوليد الناقص ولم يتم أمره وكان مروان المذكورّ متولي أذرّبيجان وأرّمينية فلما بلغه موت يزيد جمع البطال والعساكر وأنفق عليهم الموال حأتى بلغ قصده وولي الخلفة وتم أمره وفي آخر السنة المذكورّة بايع مروان لبنيه عبيد الله وعبد الله بالعهد من بعده وزأوجهما بابنتي هشام بن عبد الملك ولم يدرّ ماخبىء له في الغيب من زأوال دولته ببني العباس. وفيها حأج بالناس عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز الموي وهو أمير مكة والمدينة والطائف. وفيها خلع سليمان بن هشام مروان الحمارّ من الخلفة. وكان سليمان بمدينة الرصافة ووقع له مع مروان أمورّ وحأروب. وفيها توفي الحكم بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الموي وكان الوليد عقد له ولخيه عثمان ولية العهد بعده وأستعمل الحكم هذا على دمشق وعثمان على حأمص حأتى عزلهما يزيد بن الوليد الناقص. وفيها توفي عبد العزيز بن عبد الملك بن مروان أبو الصبع وهو الذي تولى قتل الوليد بن يزيد فوله يزيد الناقص العهد بعد أخيه إبراهيم. وفيها توفي مالك بن دينارّ العابد الزاهد أبو يحيى البصري أحأد العلم الزهاد قيل: إن أدم مالك المذكورّ كان في السنة بفلسين مل ًحا وكان يلبس إزأارّ صوف وعباءة خفيفة وفي الشتاء فرو ًة وكان ينسخ المصحف في أرّبعة أشهر وفر شهرته ما يغني عن الطناب في ذكره. وفي هذه السنة أي ًضا كان الطاعون بالشأم ومات فيه خلئق ل تحصى وكان هذا الطاعون يسمى ب طاعون غراب. ذكر الذين ذكر الذهبي وفاتهم على القاعدة المتقدم ذكرها في سنة ست وعشرين ومائة. قال: وتوفي إسماعيل بن عبد الرحأمن السدي وبكير بن عبد الله بن الشج على الصح وسعد بن إبراهيم في قول وعبد الرحأمن بن خالد بن مسافر الفهري وعبد الكريم بن مالك الجزرّي وعبد الله بن دينارّ المدني وعمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي وعمير بن هانىء العنسي ومالك بن دينارّ الزاهد في قو ٍل ومحمد بن واسع في قول خليفة ووهب بن كيسان أي ًضا. أمر النيل: الماء القديم ذرّاعان وثلثة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. ولية حأوثرة بن سهيل على مصر هو حأوثرة بن سهيل أخو عجلن بن سهيل بن كعب بن عامر بن عمير بن رّياح بن عبد الله بن عبد قراص الباهلي أمير مصر وله مروان الحمارّ على إمرة مصر بعد أن عزل عنها حأفص بن الوليد المقدم ذكره وجهز صحبته بالعساكر لقتال حأفص بن الوليد. فخرج حأوثرة من الشأم وسارّ منها بالعساكر حأتى وصل إلى مصر في يوم الرّبعاء لثنتي عشرة ليل ًة خلت من المحرم سنة ثمان وعشرين ومائة. وزأاد صاحأب البغية فقال: ومعه سبعة آلف فارّس ووله مروان على الصلة وعيسى بن أبي عطاء على الخراج. ولما وصل حأوثرة إلى مصر أجمع جند مصر وأهلها على منعه من الدخول إلى مصر فأبى عليهم حأفص بن الوليد ونهاهم عن ذلك فخافوا حأوثرة وسألوه المان فأمنهم ونزل بظاهر الفسطاط وقد اطمأنوا إليه. فخرج إليه حأفص بن الوليد في وجوه الجند فقبض حأوثرة عليهم وقيدهم وأوسع الجند سًبا فانهزم الجند فقام حأوثرة من وقته ودخل إلى مصر ومعه عيسى بن أبي عطاء وهو على الخراج على عادته وحأوثرة على الصلة ل غير وبعث حأوثرة في طلب رّؤساء مصر فجمعوا له فضرب أعناقهم وفيهم رّجاء بن الشيم الحميري من كبارّ المصريين ثم أخذ حأفص بن الوليد فقتله. وأخذ في تمهيد أمورّ مصر وتم أمره إلى سنة إحأدى وثلثين ومائة ثم عزله مروان الحمارّ عن إمرة مصر وبعثه إلى العراق لقتال الخراسانية دعاة بني العباس فقتل هناك وكان استخلف على مصر أبا الجراح بشر بن أوس. وكان خروجه من مصر لعشر خلون من شهر رّجب سنة إحأدى وثلثين ومائة فكانت وليته على مصر ثلث سنين وستة أشهر. وولي مصر من بعده المغيرة بن عبيد الله التي ذكره. ولما توجه حأوثرة إلى الشأم ووجهه مروان الحمارّ إلى العراق نجدةً لبن هبيرة فتوجه إلى العراق ووقع له بها أمورّ. ولم يزل مع مروان الحمارّ إلى أن انكسر مروان من أبي مسلم الخراساني صاحأب دعوة بني العباس وقيل: فقتل حأوثرة هذا مع من قتل من أعوان بني أمية فإنه كان مولى لبني أمية ومن كبارّ أمرائهم. يقال: إنهم طحنوه طحًنا لما ظفروا به حأتى مات فإنه كان شجا ًعا وأما أمر حأوثرة لما توجه إلى العراق لبن هبيرة فإنه وصل إليه وفي وصوله له قدم على يزيد بن هبيرة ابنه داود منهز ًما فخرج يزيد بن هبيرة ومعه حأوثرة هذا إلى نحو قحطبة في عدد كثير ل يحصى وسارّوا حأتى نزلوا جلولء. واحأتفر ابن هبيرة الخندق الذي كانت العرب احأتفرته أيام وقعة جلولء وأقام به. وأقبل قحطبة إلى جهة ابن هبيرة فارّتحل ابن هبيرة وحأوثرة بمن معهما إلى الكوفة لقحطبة وقدم حأوثرة هذا أمامه في خمسة عشر أل ًفا إلى الكوفة وقيل: إن حأوثرة لم يفارّق يزيد بن هبيرة وأرّسل قحطبة طائف ًة من أصحابه إلى النبارّ وغيرها وأمرهم بإحأضارّ ما فيها من السفن ليعبر الفرات فبعثوا إليه كل سفينة كانت هناك. فقطع قحطبة الفرات حأتى صارّ في غربيه ثم سارّ يريد الكوفة حأتى انتهى إلى الموضع الذي فيه ابن هبيرة وحأوثرة وذلك في محرم سنة اثنتين وثلثين ومائة لثمان مضين منه. وكان ابن هبيرة قد عسكر على فم الفرات من أرّض الفلوجة العليا على ثلثة وعشرين فرس ًخا من الكوفة وكان قدم عليه أي ًضا ابن ضبارّة نجد ًة بعد حأوثرة بن سهيل الباهلي المذكورّ فقال حأوثرة لبن هبيرة: إن قحطبة قد مضى يريد الكوفة فاقصد أنت خراسان ودعه ومروان فإنك تكسره وبآلحرى أن يتبعك قال ابن هبيرة: ما كان ليتبعني ويدع الكوفة ولكن الرأي أن أبا درّه إلى الكوفة. فعبر الدجلة من المدائن يريد الكوفة واستعمل على مقدمته حأوثرة المذكورّ وأمره أن يسير إلى الكوفة والفريقان يسيران على جانبي الفرات وقد قال قحطبة لصحابه: إن المام أخبرني أن لي بهذا المكان وقع ًة يكون النصر فيها لنا. ثم عبر قحطبة من مخاضة وقاتل حأوثرة ومحمد بن نباتة فانهزم حأوثرة ومحمد بن نباتة وأخوه ولحقوا بابن هبيرة فانهزم ابن هبيرة بهزيمتهم ولحقوا بواسط وتركوا عسكرهم وما فيه من الموال والسلح وغير ذلك. وقيل: إن حأوثرة كان بالكوفة فبلغه هزيمة يزيد بن هبيرة فسارّ إليه بمن معه. وأما أمر قحطبة فإنه فقد من عسكره بعد هزيمة عساكر ابن هبيرة فقال أصحاب قحطبة: من عنده عهد من قحطبة فليخبر به فقال مقاتل بن مالك العكي: سمعت قحطبة يقول: إن حأدث بي حأدث فالحسن ابني أمير الناس. فبايع الناس حأميد بن قحطبة لخيه الحسن وكان قد سيره أبوه قحطبة في سرية ثم أرّسلوا إليه وأحأضروه وسلموا إليه المر ثم بعثوا على قحطبة فوجدوه في جدول هو وحأرب بن سالم بن أحأوزأ قتيلين فظنوا أن كل واحأد منهما قتل صاحأبه. وقيل: إن معن بن زأائدة ضرب قحطبة على عاتقه فسقط في الماء فأخرجوه فقال: شدوا يدي إذا أنا مت وألقوني في الماء لئل يعلم الناس بقتلي ثم كونوا في أمركم فوقع ذلك حأتى انهزم عسكر ابن هبيرة. السنة الولى من ولية حأوثرة فيها بعث إبراهيم العباسي أبا مسلم إلى خراسان وأمره على أصحابه وكتب إليهم بذلك فأتاهم فلم يقبلوا منه. وخرج من قابل إلى مكة وأخبره أبو مسلم بذلك ثم أرّسله ثانًيا كما سيأتي ذكره. وفيها توفي إسماعيل بن عبد الرحأمن السدي صاحأب التفسير والمغازأي والسير كان إما الكوفة وقيل: إنه مات ًما عارّ ًفا بالوقائع وأيام الناس من الطبقة الثانية من تابعي أهل سنة سبع وعشرين ومائة. وفيها توفي جابر بن يزيد الجعفي من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الكوفة. وقد تكلم فيه وضعفه بعضهم. وفيها توفي حأيي بن هانىء المعافري أبو قبيل وأبو قبيل بفتح القاف وكسر الموحأدة. غزا أبو قبيل البحر مع جنادة والغرب في زأمان معاوية. وكان شجا ًعا ديًنا متواض ًعا يخرج إلى السوق إلى حأاجته بنفسه رّوى عنه الليث بن سعد وغيره ومات بمصر. وفيها توفي سعيد بن مسروق الثورّي أبو سفيان من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الكوفة ًما زأاه ًدا. كان عال وفيها توفي عبد الواحأد بن زأيد أبو عبيدة واعظ البصرة من الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة كان من الزهاد وكان يحضر مجالس مالك بن دينارّ. قال أبو نعيم: صلى عبد الواحأد الغداة بوضوء العتمة أرّبعين سنة. وفيها توفي عثمان بن عاصم بن حأصين أبو حأصين بفتح الحاء السدي من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الكوفة قرىء القرآن عليه بمسجد الكوفة خمسين سنة. وفيها توفي يزيد بن أبي حأبيب من الطبقة الثالثة. من تابعي أهل مصر وهو أول من أظهر بها الحلل والحرام والفقه وإنما كانوا يتحدثون بالملحأم والفتن. وكان الليث بن سعد يثني عليه ويقول: ابن أبي حأبيب سيدنا. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان واثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وإصبع واحأد. السنة الثانية من ولية حأوثرة على مصر وهي سنة تسع وعشرين ومائة. فيها خرج بحضرموت طالب الحق عبد الله بن يحيى الكني العورّ تغلب عليها واجتمع عليه الباضية. ثم سارّ إلى صنعاء وبها القاسم بن عمر الثقفي فوقع بينهم قتال كثير انتصر فيه طالب الحق وهرب القاسم وقتل أخوه الصلت واستولى طالب الحق على صنعاء وأعمالها. ثم جهز إلى مكة عشرة آلف وبها عبد الواحأد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان فغلبوا على مكة وخرج منها عبد الواحأد المذكورّ. وفيها كتب ابن هبيرة أمير العراق إلى عامر بن ضبارّة فسارّ حأتى أتى خراسان وقد ظهر بها أبو مسلم الخراساني صاحأب دعوة بني العباس في شهر رّمضان وكان قد ظهر هناك عبد الله بن معاوية الهاشمي فقبض عليه أبو مسلم وسجنه وسجن معه خل ًقا من شيعته. وفيها توفي سالم بن أبي أمية أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي من الطبقة الرابعة من تابعي أهل المدينة. كان يفد على عمر بن عبد العزيز ويعظه فقال له يو ًما: يا أمير المؤمنين عبد خلقه الله بيده ونفخ فيه من رّوحأه وأسجد له ملئكته وأسكنه جنته عصاه مرة واحأدة فأخرجه من ًرّا الجنة بتلك الخطيئة الواحأدة وأنا وأنت نعصي الله كل يوم مرا ونتمنى على الله الجنة! وكانت وفاته بالمدينة. ذكر من ذكر الذهبي وفاته في هذه السنة. قال: فيها توفي أزأهر بن سعيد الحرازأي بحمص والحارّث بن عبد الرحأمن بالمدينة وخالد بن أبي عمران التجيبي قاضي إفريقية وسالم أبو النضر المدني وعلي بن زأيد بن جدعان التيمي وقيس بن الحجاج السلفي ومطر بن طهمان الورّاق أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وتسعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثلثة عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية حأوثرة بن سهيل على مصر وهي سنة ثلثين ومائة. فيها اصطلح نصر بن سيارّ وجديع بن علي الكرماني على قتال أبي مسلم الخراساني فدس أبو مسلم الخراساني إلى ابن علي الكرماني من خدعه واجتمعا وقاتل نصر بن سيارّ فقوي جيش أبي مسلم الخراساني وتقهقر نصر بن سيارّ بين يديه. فأخذ أبو مسلم أثقاله ثم أخذ مرو وقتل عاملها شيبان الحرورّي. فأقبلت سعادة بني العباس وأخذ من يومئذ أمر بني أمية في إدبارّ. ثم استولى أبو مسلم في هذه السنة على أكثر مدن خراسان ثم ظفر بعبد الله بن معاوية الهاشمي فقتله. ثم كتب نصر بن سيارّ إلى ابن هبيرة نائب العراق يستنجده ويستصرخ به إلى الخليفة مروان الحمارّ. وفيها استولى جيش طالب الحق على مكة فكتب عبد الواحأد أمير المدينة إلى الخليفة مروان الحمارّ يخبره بخذلن أهل مكة ثم جهز جي ًشا إلى مكة فبرزأ لحربهم أعوان طالب الحق وعليهم أبو حأمزة والتقى الجمعان بقديد في صفر فانهزم جيش عبد الواحأد وسارّ أبو حأمزة فاستولى على المدينة أي ًضا. وقتل يوم وقعة القديد هذه ثلثمائة نفس من قريش: منهم حأمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام وابنه عمارّة وابن أخيه مصعب حأتى قالت بعض النوائح: مجزوء الكامل ما للزمان وما ليه أفنى قديد رّجاليه ثم إن مروان الحمارّ بعث جي ًشا عليه عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي فسارّ ابن عطية المذكورّ والتقى مع أبي حأمزة مقدم عساكر طالب الحق فكسره وقتل أبرهة بن الصباح الذي كان وله طالب الحق على مكة عند بئر ميمونة. فبلغ طالب الحق فأقبل من اليمن في ثلثين أل ًفا فخرج إليه عبد الملك بن محمد المذكورّ بعساكر مروان فكانت بينهم وقعة عظيمة انهزم فيها طالب الحق. ثم ألتقوا ثانًيا وثالًثا قتل فيها طالب الحق في نحو من ألف حأضري وبعث عبد الملك بن محمد برأسه إلى الخليفة مروان الحمارّ. وفيها كانت زألزأل شديدة بالشام وأخر ببيت المقدس وأهلكت أولد شداد بن أوس فيمن هلك. وخرج أهل الشأم إلى البرية وأقاموا أرّبعين يو ًما على ذلك وقيل: كان ذلك في سنة إحأدى وثلثين ومائة. وفيها توفي الخليل بن أحأمد بن عمرو الفراهيدي أبو عبد الرحأمن النحوي البصري. قال ابن قز أوغلي: ولم يكن بعد الصحابة أذكى من الخليل هذا ول أجمع وكان قد برع في علم الدب وهو أول من صنف العروض وكان من أزأهد الناس. قلت: ولعل ابن قز أوغلي واهم في وفاة الخليل هذا والذي أعرفه أنه كان في عصر أبي حأنيفة وغيره. وذكر الذهبي وفاته في سنة ستين ومائة وقال ابن خلكان: كانت ولدته يعني الخليل في سنة مائة من الهجرة وتوفي في سنة سبعين ومائة وقيل خمس وسبعين ومائة وقال ابن قانع في تارّيخه المرتب على السنين: إنه توفي سنة ستين ومائة وقال ابن الجوزأي في كتابه الذي سماه شذورّ العقود: إنه مات سنة ثلثين ومائة وهذا غلط قط ًعا والصحيح أنه عاش لبعد الستين ومائة ويقال: إنه كان له ولد فدخل عليه فوجده يقطع بيت شعر بأوزأان العروض فخرج إلى الناس فقال: إن أبي جن فدخلوا إليه وأخبروه فقال مخاطًبا ل بنه: الكامل لو كنت تعلم ما أقول عذرّتني أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا لكن جهلت مقالتي فعذلتني وعلمت أنك جاهل فعذرّتكا أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثلتة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع ونصف إصبع. على مصر - إلى شهر رّجب ومن رّجب حأكمها المغيرة بن عبيد الله التي ذكره وهي سنة إحأدى وثلثين ومائة. فيها كانت وقعة بين ابن هبيرة وبين عامر بن ضبارّة فالتقوا بنواحأي أصبهان في شهر رّجب فقتل ابن ضبارّة في المصاف. وذكر محمد بن جرير الطبري: أن عامر بن ضبارّة كان في مائة ألف. ثم بعث ابن هبيرة إلى مروان الحمارّ يخبره بقتله عامر بن ضبارّة وطلب منه المدد فأمده بأمير مصر صاحأب الترجمة حأوثرة بن سهيل الباهلي بعد أن عزله عن إمرة مصر وبعثه في عشرة آلف من قيس ثم تجمعت جيوش مروان الحمارّ بنهاوند وعليهم مالك بن أدهم فضايقهم قحطبة أرّبعة أشهر حأتى خرجوا بالمان في شوال ثم قتل قحطبة وجو ًها من عسكر أهل مصر. ثم أقبل قحطبة يريد العراق فخرج إليه متوليها ابن هبيرة وانضم إليه المصريون والمنهزمون حأتى صارّ في ثلثة وخمسين أل ًفا ونزل جلولء ونزل قحطبة في آخر العام بخانقين فوقع بين الطائفتين عدة وقائع وبقوا على ذلك إلى السنة التية. وفيها كان الطاعون العظيم هلك فيه خلق كثير حأتى قيل: إنه مات في يوم واحأد سبعون أل ًفا قاله ابن الجوزأي وكان هذا الطاعون يسمى: طاعون أسلم بن قتيبة. قال المدائني: كان بالبصرة في شهر رّجب واشتد في رّمضان ثم خف في شوال وبلغ كل يوم ألف جنازأة. وهذا خامس عشر طاعوًنا وقع في السلم حأسبما تقدم ذكره في هذا الكتاب. قال المدائني: وهذا كله في دولة بني أمية. بل نقل بعض المؤرّخين أن الطواعين في زأمن بني أمية كانت ل تنقطع بالشأم حأتى كان خلفاء بني أمية إذا جاء زأمن الطاعون يخرجون إلى الصحراء ومن ثم اتخذ هشام بن عبد الملك الرصافة منزًل وكانت الرصافة بلدة قديمة للروم. ثم خف الطاعون في الدولة العباسية فيقال: إن بعض أمراء بني العباس بالشأم خطب فقال: احأمدوا الله الذي رّفع عنكم الطاعون منذ ولينا عليكم فقام بعض من له جرأة فقال: إن الله أعدل من أن يجمعكم علينا والطاعون. وفيها تحول أبو مسلم الخراساني عن مرو ونزل نيسابورّ واستولى على عامة خرا سان. وفيها توفي واصل بن عطاء أبو حأذيفة البصري مولى بني مخزوم وقيل: مولى بني ضبة. ولد سنة ثمانين بالمدينة وكان أحأد البلغاء لكنه كان يلثغ بالراء يبدلها غيًنا وكان لقتدارّه على العربية وتوسعه في الكلم يتجنب الراء في خطابه وفي هذا المعنى يقول بعض الشعراء: الكامل وجعلت وصلي الراء لم تنطق به وقطعتني حأتى كأنك واصل وواصل هذا هو رّأس المعتزلة والخوارّج لما كفرت بالكبائر قال واصل: بل الفاسق ل مؤمن ول كافر منزلة بين المنزلتين فلذلك طرده الحسن البصري عن مجلسه فجلس عند واصل عمرو بن عبيد واعتزل مجلس الحسن البصري فمن يومئذ قيل لهم: المعتزلة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وتسعة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. ولية المغيرة بن عبيد الله على مصر هو المغيرة بن عبيد الله بن المغيرة بن عبيد الله بن سعد بن حأكم بن مالك بن حأذيفة بن بدرّ بن عمرو بن جوية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارّة الفزارّي. وقال صاحأب البغية: المغيرة بن عبيد الله بن مسعدة خالف في الج. وله الخليفة مروان الحمارّ على مصر بعد عزل حأوثرة وتوجهه إلى العراق نجد ًة لبن هبيرة فقدم المغيرة إلى مصر في سادس عشر من شهر رّجب سنة إحأدى وثلثين ومائة على الصلة. وقال صاحأب البغية: وله مروان بن محمد على الصلة فقدم يوم الرّبعاء لست بقين من رّجب سنة إحأدى وثلثين ومائة فجعل على شرطته ابنه عبد الله. وكان ليًنا محبًبا للناس. وقال غيره: ولما دخل مصر أقام بها مدة يسيرة وخرج إلى السكندرّية واستخلف على صلة مصر أبا الجراح الحرشي. ثم عاد بعد مدة ولم تطل مدته وتوفي يوم السبت ثاني عشر جمادى الولى سنة اثنتين وثلثين ومائة واستخلف ابنه الوليد بن المغيرة على إمرة مصر وصلتها فلم يقره الخليفة مروان الحمارّ على ذلك وولي مصر عبد الملك بن مروان بن موسى فكانت ولية المغيرة ًما ثلثة. على مصر عشرة أشهر إل أيا وقال صاحأب البغية: وتوفي يوم السبت لثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الولى وذكر السنة فكانت ولايته عشرة أشهر. فأجمع الجمع على أن يولوا عبد الله بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج على الشرطة إلى أن يأتي أمر مروان بن محمد وانصرف الوليد للنصف من جمادى الخرة. وكان المغيرة ديًنا فاض ًل عدًل محبًبا للرعية وهو أجل أمراء بني أمية وولي لهم العمال الجليلة وحأضر وقعة شهر زأورّ لما وجه قحطبة أبا عون عبد الملك بن يزيد الخراساني ومالك بن طريف الخراشي في أرّبعة آلف إلى شهر زأورّ وبها عثمان بن سفيان والمغيرة هذا على مقدمة عبد الله بن مروان بن محمد فنزلوا على فرسخين من شهر زأورّ وقاتلوا عثمان وانهزم عثمان وقتل وقام أبو عون ببلد الموصل وقيل إن عثمان لم يقتل وهرب هو والمغيرة هذا إلى عبد الله بن مروان وغنم أبو عون عسكره وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة ثم سير قحطبة العساكر إلى أبي عون فاجتمع معه ثلثون أل ًفا. ولما بلغ مروان الخليفة خبر أبي عون سارّ بنفسه بجميع عساكر ممالكه وأقبل نحو أبي عون فوقع له حأروب وأمورّ يطول شرحأها. ولية عبد الملك بن مروان على مصر هو عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصير اللخمي أمير مصر وله الخليفة مروان بن محمد بن مروان المعروف بالحمارّ على الصلة والخراج م ًعا بعد موت المغيرة بن عبيد الله الفزارّي وكان عبد الملك هذا قد ولي خراج مصر قبل أن يلي المرة والصلة. فلما مات المغيرة جمع له مروان الخراج والصلة وذلك في جمادى الخرة سنة اثنتين وثلثين ومائة. ولما تم أمره جعل أخاه معاوية على الشرطة ثم ولى عكرمة بن عبد الله الخولني. ثم إن عبد الملك المذكورّ أمر باتخاذ المنابر في الجوامع ولم يكن قبل ذلك منبر وإنما كانت ولة مصر يخطبون على العصي إلى جانب القبلة. ً ثم خرج عليه قبط مصر بعد ذلك واجتمعوا على قتاله فحارّبهم وقتل را منهم وانهزم كثي من ثم خالف بعد ذلك في أيامه عمرو بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان على مروان الحمارّ ودعا لنفسه واجتمع عليه جمع من قيس في الحوف الشرقي من أعمال مصر فبعث إليهم عبد الملك هذا بجيش فلم تقع بينهم حأرب. وبينما هم في ذلك إذ قدم عليهم الخليفة مروان الحمارّ من أرّض الشام وقد انهزم من أبي مسلم الخراساني صاحأب دعوة بني العباس في يوم الثلثاء لثما من شوال ٍن بقين وقيل لثلث بقين من شوال سنة اثنتين وثلثين ومائة. ولما دخل مروان مصر وجد أهل الحوف الشرقي من بلد مصر وأهل السكندرّية والصعيد قد صارّوا مسودة - أعني صارّوا من أعوان بني العباس ولبسوا السواد - فعزم مروان الحمارّ على تعدية النيل فعدى إلى الجيزة وأحأرق الجسرين والدارّ المذهبة وبعث بجيش إلى السكندرّية فاقتتلوا مع من كان بها بالكريون وبينما هو في ذلك خالفت القبط فبعث إليهم مروان من قاتلهم أي ًضا وهزمهم ثم بعث جي ًشا إلى الصعيد. وبينما هو في ذلك قدم صالح بن علي بن عبد الله بن عباس في طلب مروان ومع صالح أبو عون عبد الملك بن يزيد وكان قدوم عبد الملك إلى الديارّ المصرية في يوم الثلثاء النصف من ذي الحجة سنة اثنتين وثلثين ومائة المذكورّة فلم يثبت مروان الحمارّ لصالح المذكورّ وتوجه إلى بوصير بالجيزة ومعه عبد الملك صاحأب مصر وغيره من حأواشيه وأمرائه وأقارّبه من بني أمية. فلحقه صالح بها فالتقاه مروان الحمارّ بمن معه وقاتله حأتى انهزم وقتل في يوم الجمعة لتسع بقين من ذي الحجة. ثم عاد صالح بن علي المذكورّ ودخل الفسطاط في يوم الحأد لثمان خلون من المحرم سنة ثلث وثلثين ومائة وبعث برأس مروان إلى الشام والعراق وزأالت دولة بني أمية. وأما عبد الملك بن مروان أمير مصر صاحأب الترجمة فإنه كان لما ولي مصر أحأسن السيرة ولم يفحش في حأق بني العباس فأمنه صالح وأمن أخاه معاوية وعفا عنهما ثم قتل حأوثرة بن سهيل وحأسان بن عتاهية اللذين كانا كل منهما ولي على مصر قبل عبد الملك وعبد الملك هذا هوآخر أمير ولي مصر من قبل بني أمية. وزأالت في هذه السنة بقتل مروان الحمارّ دولة بني أمية وبويع السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بالخلفة وهو أول خلفاء بني العباس. ول بد من ذكر كيفية انفصال دولة بني أمية وابتداء دولة بني العباس في هذه الترجمة فإن ذلك من أعظم ما يذكر من الوقائع وإن كان ذلك غير ما نحن فيه من شرط هذا الكتاب فنذكره على سبيل الستطراد في ترجمة عبد الملك أمير مصر فإنه آخر من ولي من أمراء بني أمية. بيعة السفاح بالخلفة لما كان المحرم سنة اثنتين وثلثين ومائة بلغ ابن هبيرة أمير العراقين لبني أمية أن قحطبة أحأد دعاة بني العباس توجه نحو الموصل يريد الكوفة. فرحأل ابن هبيرة بأصحابه نحو الكوفة وسارّ كل منهما حأتى توا قعا فجاءت قحطبة طعنة فوقع في الفرات فهلك ولم يعلم به قومه. وانهزم أي ًضا أصحاب ابن هبيرة وغرق خلق منهم في المخايض. وقال بيهس بن حأبيب: ونادى منا ٍد في جمع الناس بعد أن جاوزأنا الفرات: من أرّاد الشام فهلم فذهب معه جمع من الناس ونادى آخر: من أرّاد الجزيرة فتبعه خلق ونادى آخر: من أرّاد الكوفة فذهب كل جند إلى ناحأية. فقلت: من أرّاد واسط فهلم فاجتمعنا على ابن هبيرة وسرنا حأتى دخلنا واسط يوم عاشورّاء. وأصبح وأصبحوا المسودة وقد فقدوا قائدهم قحطبة ثم استخرجوه من الماء وفيه طعنة في جبهته فدفنوه وأمروا عليهم ابنه الحسن فقصد بهم الكوفة فدخلوها يوم عاشورّاء أي ًضا وهرب متوليها من قبل بني أمية وهو زأياد بن صالح. فاستعمل ابن قحطبة على الكوفة أبا سلمة الخلل ثم قصد واسط فنزلها وخندق على جيشه. فعبأ ابن هبيرة عساكره فالتقوا فانهزم عسكر ابن هبيرة وتحصنوا بواسط وقتل في الوقعة حأكيم بن المسيب الجدلي. ثم وثب أبو مسلم صاحأب دعوة بني العباس على ابن الكرماني فقتله بنيسابورّ وجلس في دست الملك وخطب للسفاح وأخذ في أسباب بيعة السفاح بالخلفة فلما كان يوم ثالث شهر رّبيع الول من سنة اثنتين وثلثين ومائة بويع بالخلفة في دارّ مولهم الوليد بن سعد ولم ينتطح في ذلك عنزان. وبلغ ذلك خليفة الوقت مروان بن محمد بن مروان الموي المعروف بالحمارّ فسارّ من الشام في مائة ألف حأتى نزل الرأس عون الموصل. فجهز السفاح عمه عبد الله بن علي في جيش فالتقى الجمعان على كشاف في جمادى الخرة فانكسر مروان وتقهقر إلى الجزيرة وقطع ورّاءه الجسر وقصد الشام ليتقى ويلتقي ثانًيا بالمسودة. ودخل عبد الله بن علي العباسي الجزيرة فاستعمل عليها موسى بن كعب التميمي ثم طلب الشام مج ًدا. وأمده السفاح بعمه الخر صالح بن علي فسارّ عبد الله حأتى نزل دمشق فعجز مروان عن ملقاته وفر إلى غزة فحوصرت دمشق مدة ثم أخذت في شهر رّمضان وقتل خلق من بني أمية وجندهم ل يدخل تحت حأصر. فلما بلغ مروان ذلك هرب إلى مصر ثم قتل في آخر السنة ببوصير حأسبما ذكرناه وهرب ابناه عبد الله وعبيد الله إلى النوبة ووقع ما ذكرناه في ترجمة عبد الملك أمير مصر من قتل حأوثرة وحأسان وغير ذلك. قال محمد بن جرير الطبري: كان بدء أمر بني العباس أن رّسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر عنه أعلم العباس عمه أن الخلفة تؤول إلى ولده فلم يزل ولده يتوقعون ذلك ويتحدثون به بينهم. وعن رّشيد بن كريب أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية خرج إلى الشام فلقي محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فقال: يا بن عم إن عندي عل أن أبديه إليك ًما أرّيد فل تطلعن عليه أحأ ًدا. إن هذا المر الذي يرتجيه الناس فيكم. قال: قد علمته فل يسمعنه منك أحأد. ورّوى المدائني عن جماعة أن المام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس قال: لنا ثلثة أوقات: موت الطاغية يزيد بن معاوية ورّأس المائة وفتق بإفريقية فعند ذلك يدعو لنا دعاة ثم تقبل أنصارّنا من المشرق حأتى ترد خيولهم المغرب ويستخرجوا ما كنز الجبارّون فيها فلما قتل يزيد بن أبي مسلم بإفريقية ونقضت البربر بعث محمد المام رّجًل إلى خراسان وأمره أن يدعو إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وسلم ول يسمي أحأ ًدا. ثم توجه أبو مسلم وغيره وكتب إلى النقباء فقبلوا كتبه ثم وقع في يد مروان الحمارّ كتاب إبراهيم بن محمد المام إلى أبي مسلم جواب كتاب يأمره بقتل كل من يتكلم بالعربية بخراسان فقبض مروان على إبراهيم وقد كان مروان وصف له صفة السفاح التي كان يجدها في الكتب. فلما جيء بإبراهيم قال: ليست هذه الصفة التي وجدت. ثم رّدهم وشرع في طلب الموصوف له فإذا بالسفاح وإخوته وعمومته قد هربوا إلى العراق فيقال: إن إبراهيم كان قد نعى إليهم نفسه وأمرهم بالهرب فسارّوا حأتى نزلوا في الحميمة في أرّض البلقاء. ثم قدموا الكوفة فأنزلهم أبو سلمة الخلل دارّ الوليد بن سعد. فبلغ الخبر أبا الجهم فاجتمع بموسى بن كعب وعبد الحميد بن رّبعي وسلمة بن محمد وإبراهيم بن سلمة وعبد الله الطائي وإسحاق بن إبراهيم وشراحأيل وعبد الله بن بسام وجماعة من كبارّ شيعتهم فدخلوا على آل العباس فقالوا: آيكم عبد الله بن محمد بن الحارّثية فأشارّوا إلى السفاح فسلموا عليه بالخلفة. ثم خرج السفاح يوم جمعة على برذون أبلق فصلى بالناس بالكوفة ثم عاد السفاح إلى المنبر ثانًيا وقال: الحمد لله الذي اصطفى السلم لنفسه فشرفه وكرمه وعظمه واختارّه لنا وأيده بنا وجعلنا أهله وكهفه وحأصنه والقوام به والذابين عنه. ثم ذكر قرابتهم في آيات من القرآن الشريف إلى أن قال: فلما قبض الله نبيه قام بالمر أصحابه إلى أن وثب بنو حأرب وبنو مروان فجارّوا واستأثروا فأملى الله لهم حأيًنا حأتى أسفوه فانتقم منهم بأيدينا ورّد علينا حأقنا ليمن بنا على الذين استضعفوا في الرّض وختم بنا كما افتتح بنا وما توفيقنا أهل البيت إل بالله. يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا أنتم الذين لم تتغيروا عن ذلك ولم يثنكم عنه تحامل أهل الجورّ فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا. وقد زأدت في أعطياتكم مائة مائة فاستعدوا فأنا السفاح المبيح والثائر المبير. وكان السفاح موعو ًكا فجلس فقام عمه داود بن علي فخطب وأبلغ وقال: إن أمير المؤمنين نصره الله نص ًرا عزي ًزا إنما عاد إلى المنبر لنه كره أن يخلط بكلم الجمعة غيره وإنما قطعه عن استتمام الكلم شدة الوعك فادعوا له بالعافية فقد أبدلكم الله بمروان عدو الرحأمن وخليفة الشيطان المتبع لسلفه المفسدين في الرّض الشاب المتكفل وسماه فضج الناس له بالدعاء. وأما إبراهيم بن محمد أعني أخا السفاح الذي وقع له مع مروان ما ذكرناه فإن مروان قتله بعد ذلك غيلة وقيل: بل مات في السجن بحران بالطاعون. انتهى ما أورّدناه من انفصال الدولتين. السنة الولى من ولية عبد الملك بن مروان بن موسى على مصر وهي سنة اثنتين وثلثين ومائة. فيها كانت وقائع كثيرة بالعراق وغيره قتل فيها خلئق. ففي المحرم كانت الوقعة بين قحطبة وابن هبيرة حأسبما تقدم ذكره في أول بيعة السفاح. وفيها في ثالث شهر رّبيع الول بويع السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وفيها كانت قتلة مروان الحمارّ وقد تقدم ذكره أيضا. وهو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس آخر خلفاء بني أمية وكنيته أبو عبد الملك القائم بحق الله وأمه أم ولد كردية. كان يعرف بالحمارّ وبالجعدي وتسميته بالجعدي نسبة لمؤدبه جعد بن درّهم وبالحمارّ يقال: فلن أصبر من حأمارّ في الحروب ولهذا لقب بالحمارّ فإنه كان ل يفتر عن محارّبة الخوارّج وقيل: سمي بالحمارّ لن العرب تسمي كل مائة سنة حأمارّ فلما قارّب ملك بني أمية مائة سنة لقبوا مروان هذا بالحمارّ وأخفوا ذلك من قوله تعالى في موت حأمارّ العزير: " وانظر إلى حأمارّك. . . الية ". وكان مولد مروان الحمارّ سنة اثنتين وسبعين بالجزيرة وأبوه متول عليها من قبل ابن عمه الخليفة عبد الملك بن مروان. فنشأ مروان في دولة أقارّبه وولي الوليات الجليلة وافتتح عدة فتوحأات. حأتى وثب على المر بعد إبراهيم بن الوليد وبويع بالخلفة سنة سبع وعشرين ومائة فلم يتهن بالخلفة لكثرة الحروب. وظهرت دعوة بني العباس وكان من أمرها ما كان وانقرضت بموته دولة بني أمية. وفيها توفي خلئق يطول الشرح في ذكرهم ممن قتل في الحروب وأي ًضا من أعوان بني أمية وغيرهم. وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أخو الخليفة السفاح لبيه وقد تقدم ذكر واقعته مع مروان الحمارّ في أمر الكتاب وأمه أم ولد بربرية اسمها أسلم وكان أبوه محمد أوصى إليه بالعهد فإنه كان بويع س ًرا فأدرّكته المنية وكان شيعتهم يكاتبونه من خراسان حأتى وقع له مع مروان ماحأكيناه وحأبسه إلى أن مات في هذه السنة وقيل في الماضية وبعد موته انضمت شيعته على عبد الله السفاح. وفيها قتل سعيد بن عبد الملك بن مروان أبو محمد وكان يعرف بسعيد الخير قتل بسيف عبد الله بن علي العباسي عم السفاح وكان ديًنا خي خلفاء بني أمية أعماًل ًرا ولى لقارّبه جليلة. وفيها توفي عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بن مروان. ًما وكان ولي العراق وحأفر بالبصرة نه ًرا يعرف كان شجا ًعا ديًنا كري بنهر ابن عمر. وفيها توفي محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حأزم أبو عبد الملك النصارّي ولي قضاء المدينة. وفيها توفي محمد بن عبد الملك أخو سعيد لبويه تقدمت ترجمته في ولايته على مصر سنة خمس ومائة. وفيها توفي يزيد بن عمر بن هبيرة بن معاوية المير أبو خالد وقيل أبو عمرو الفزارّي ولي العمال الجليلة وغزا القسطنطينية مع مسلمة بن عبد الملك وجمع له بين العراقين سنة ثلث ومائة وكان خطيًبا شاع ًرا شجا ًعا وكان السفاح أمنه فبعث إليه أبو مسلم الخراساني وحأرضه على قتله فأمر بقتله فقتل هو وابنه داود وكاتبه عمر بن أيوب وعدة من مواليه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وإصبع واحأد. ولية صالح بن علي العباسي الولى على مصر هو صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي العباسي أول من ولي مصر من قبل خلفاء بني العباس. مولده بالسواد وقيل بالشراة من أرّض البلقاء سنة ست وتسعين من الهجرة. ولى مصر من قبل ابن أخيه أمير المؤمنين عبد الله السفاح بعد قتل مروان الحمارّ في أول محرم سنة ثلث وثلثين ومائة وقد تقدم ذكر قتاله مع مروان في ترجمة عبد الملك بن مروان بن موسى أمير مصر. ولما ولي صالح مصر ببيعة أهل مصر لمير المؤمنين عبد الله السفاح ثم أخذ صالح في إصلح أمر مصر وقبض على جمع كثير من المصريين المويين منهم عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصير أمير مصر وأخوه معاوية وقتل كثي طائفة ًرا من شيعة بني أمية وحأمل منهم إلى العراق وقتلوا بقلنسوة من أرّض فلسطين وأمر للناس بأعطيتهم للمقاتلة والعيال وقسم الصدقات على اليتام والمساكين وأبناء السبيل وزأاد في المسجد زأيادة هائلة وجعل على شرطته ابن هانىء الكندي ثم ورّد عليه بعد مدة طويلة كتاب السفاح بإمارّته على فلسطين والستخلف على مصر فاستخلف على مصر أبا عون عبد الملك بن يزيد وخرج منها في شعبان سنة ثلث وثلثين ومائة وسارّ معه عبد الملك بن مروان الذي كان أمير مصر مكر ً بن موسى ما وعدة من أهل مصر - تأتي بقية ترجمة صالح بن علي هذا في ولايته الثانية على مصر إن شاء الله تعالى - فكانت ولية صالح على مصر ًما. في هذه المرة سبعة أشهر وأيا السنة التي حأكم فيها صالح على مصر وهي سنة ثلث وثلثين ومائة. فيها استعمل الخليفة السفاح على البصرة عمه سليمان بن علي واستعمل على مكة خاله زأياد بن عبيد الله وعلى اليمن ابن خالة محمد بن زأياد بن عبيد الله. وفيها وجه السفاح على إفريقية محمد بن الشعث. وفيها خرج ببخارّا شريك بن شيخ المهري وكان قد نقم على أبي مسلم الخراساني تجبره فجهز إليه أبو مسلم جي ًشا فحارّبوه وقتلوه. وفيها خرج طاغية الروم قسطنطين بجيوشه وأخذ ملطية وهدم السورّ والجامع وفيها قتل عبد الله بن علي عم السفاح الخليفة خلقا كثيرا من قواد بني أمية. وفيها توفي داود بن علي بن عبد الله بن العباس عم الخليفة السفاح. وكان ولي المدينة ومكة وحأج بالناس في سنة اثنتين وثلثين ومائة وهو أول أمير حأج بالناس من بني العباس وقتل داود هذا أي ًضا في ولايته خل ًقا من بني أمية وأعوانهم. ثم مات بعد أشهر واستخلف حأين احأتضر على عمله ولمده موسى فاستعمل السفاح على مكة خاله زأيا ًدا المقدم ذكره وموسى بن داود على إمرة المدينة ل غير. وفيها قتل عبد الرحأمن بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة. وفيها قتل عبد الله بن علي عم السفاح ثعلبة وعبد الجبارّ ابني أبي سلمة بن عبد الرحأمن. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. ولية أبي عون الولى هو أبو عون واسمه عبد الله وقيل عبد الملك بن يزيد المير أبو عون أصله من أهل جرجان. ولي صلة مصر وخراجها باستخلف صالح بن علي بن عبد الله بن العباس له في مستهل شعبان سنة ثلث وثلثين ومائة. واستمر أبو عون بمصر إلى أن وقع الوباء بها فخرج منها إلى يشكر واستخلف على مصر صاحأب شرطته عكرمة بن عبد الله بن عمرو بن قحزم وقحزم بفتح القاف وسكون الحاء المهملة وفتح الزاي وبعدها ميم. ثم عاد أبو عون إلى مصر بعد الوباء وأقام بها إلى أن خرج منها ثانًيا إلى دمياط في سنة خمس وثلثين ومائة واستخلف على مصر عكرمة أي ًضا وجعل على الخراج عطاء بن شرحأبيل. وفي هذه السنة خرج القبط عليه بسمنود بالوجه البحري من أعمال مصر فبعث إليهم أبو عون جي ًشا فحارّبوهم وقتلوهم. وفي أيام أبي عون هذا سكنت أمراء مصر العسكر. وسببه أنه لما قدم صالح بن علي العباسي وأبو عون هذا بجموعهم إلى مصر في طلب مروان الحمارّ نزلت عساكرهما الصحراء جنب جبل يشكر الذي هو الن جامع أحأمد بن طولون وكان فضا ًء. فلما رّأى أبو عون ذلك أمر أصحابه بالبناء فيه فبنوا وبنى هو به أي ًضا دارّ المارّة ومسجد عوف بجامع العسكر. وعملت الشرطة أي ًضا في العسكر وقيل لها الشرطة العليا وإلى جانبها بنى المير أحأمد بن طولون جامعه الموجود الن. وسمي من يومئذ ذلك الفضاء العسكر وصارّ منزًل لمراء مصر من بعد أبي عون وصارّ العسكر مدينة ذات أسواق ودورّ عظيمة وفيه أي ًضا بنى المير أحأمد بن طولون بيمارّستانه وكان البيمارّستان المذكورّ بالقرب من بركة قارّون التي صارّت الن كيماًنا وبعضها بركة على يسارّ من مشى من حأدرّة ابن قميحة يريد قنطرة السد وعلى هذه ً البركة رّا صرف عليها مائة ألف دينارّ وسكنها. بنى كافورّ الخشيدي دا وزأادت العمائر في العسكر إلى أن ولي أحأمد بن طولون وقدم إلى مصر من العراق فنزل على عادة المراء بدارّ المارّة بالعسكر. فما زأال بها أحأمد بن طولون إلى أن بنى القصر والميدان بالقطائع وتحول إليها ودام بها إلى أن مات وولي ابنه خمارّويه بن أحأمد بن طولون وجعل دارّ المارّة بالعسكر ديوان الخراج يأتي ذكر ذلك في ترجمتهما إن شاء الله تعالى. فلما زأالت دولة بني طولون وولي محمد بن سليمان الكاتب التي ذكره سكن بدارّ في العسكر عند المصلى القديمة حأيث الكوم المطل الن على قبر القاضي بكارّ بن قتيبة. وما زأالت المراء بعد ذلك تنزل بالعسكر إلى أن قدم القائد جوهر المعزي من المغرب إلى مصر وبنى القاهرة المعزية في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة. انتهى أمر العسكر وسبب بنيانه باختصارّ وهذا التعريف بالعسكر مقدمة لما يأتي بعد ذلك من سكن أمراء مصربه. وبينما هو كذلك في أمورّه ورّد عليه كتاب الخليفة أبي العباس عبد الله السفاح بعزله وولية صالح بن علي العباسي ثانًيا على مصر على الصلة والخراج ومع ذلك ولية فلسطين أي ًضا والغرب ثم ورّدت الجيوش من قبل السفاح مع صالح بن علي لغزو المغرب وكانت ولية أبي عون على مصر في هذه المرة الولى ثلث سنين إل أرّبعة أشهر. ويأتي بقية ترجمة أبي عون هذا في ولايته الثانية على مصر إن شاء الله تعالى. السنة الولى من ولية أبي عون على مصر وهي سنة أرّبع وثلثين ومائة. على أنه حأكم مصر أشه ًرا من سنة ثلث وثلثين ومائة التي ذكرناها في حأوادث صالح بن علي. فيها أعني سنة أرّبع وثلثين ومائة تحول الخليفة السفاح من الحيرة ونزل النبارّ وسكنها. وحأج بالناس في هذه السنة عيسى بن موسى العباسي. وفيها كانت حأروب كثيرة من جهة ملك الصين وغيره كما هي عوائد أوائل الدول والسفاح مشغول في تمهيد الممالك في هذه السنة والخالية. وأما عمال السفاح في هذه السنة: على الشأم عبد الله بن علي عم السفاح وعلى مصر أبو عون صاحأب الترجمة وعلى الجزيرة وأذرّبيجان أخو الخليفة السفاح وعلى ديوان الموال خالد بن برمك وعلى هراسان أبو مسلم الخراساني وعلى البصرة سليمان بن علي عم السفاح. وفيها توفي يزيد بن يزيد بن جابر الزأدي كان من الزهاد الخائفين البكائين أثنى عليه المام أحأمد بن حأنبل - رّضي الله عنه. وفيها توفي يونس بن عبيد أبو عبد الله مولى عبد القيس من الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة كان يحدث ثم يقول: أستغفر الله ثلًثا. وفيها كان الطاعون بالري وأعمالها ومات فيه خلق كثير. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وستة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّاعا وعشرة أصابع. السنة الثانية من ولية أبي عون على مصر وهي سنة خمس وثلثين ومائة. فيها خلع زأياد بن صالح طاعة الخليفة السفاح بما ورّاء النهر فتهيأ لحربه أبو مسلم الخراساني وبعث نصر بن رّاشد إلى ترمذ ليحصنها فقاتلته طائفة من الخوارّج. وسارّ أبو مسلم وحأارّب وفيها أي ًضا كانت حأركة ملك الصين وكان زأياد بن صالح المذكورّ متولي سمرقند فتهيأ لقتاله وكتب إلى أبي مسلم الخراساني بذلك ووقع لهم معه أمورّ وحأروب إلى أن انهزم ملك الصين كل ذلك قبل خروج زأياد بن صالح عن الطاعة. وفيها توفيت رّابعة العدوية البصرية الزاهدة العابدة وكانت مولة لل عتيك وكان سفيان الثورّي وأقرانه يتأدبون معها وكانت رّابعة تصلي الليل كله فإذا طلع الفجر هجعت في مصلها هجع ًة خفيفة حأتى يسفر الفجر ثم تثب إلى الصلة وتقول: يا نفس كم تنامين وإلى كم ل تقومين يوشك أن تنامي نومة ل تقومين منها إل بصرخة. وفيها قتل سليمان بن هشام بن عبد الملك بن مروان الموي وكان سليمان مبايًنا لمروان الحمارّ والتجأ لبنى العباس فأمنه السفاح وصارّ يجالسه. فأرّسل إليه أبو مسلم الخراساني يقول: قد بقي من الشجرة الملعونة فرع في كلم طويل فلم يلتفت السفاح إلى كلمه فدس أبو مسلم إلى سديف الشاعر ما وقال له: ًل قل في هذا المعنى شع ًرا فأنشد سديف المذكورّ السفاح وأشارّ إلى سليمان: الخفيف ل يغرنك ما ترى من رّجا حأتى ل ٍل إن تحت الضلوع دا ًء دويا # فضع السيف وارّفع السوط ترى فوق ظهرها أمويا وفيها توفي عطاء الخراساني البجلي أبو عثمان بن أبي مسلم ميسرة مولى المهلب بن أبي صفرة من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام. ًما زأاه ًدا فقيه أهل خراسان. كان عال أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثلثة أصابع. ولية صالح بن علي العباسي ثانًيا على مصر وليها ثانًيا من قبل السفاح فقدم مصر بجيوش كثيرة من فلسطين لغزو بلد المغرب وكان قدومه إلى مصر في يوم خامس شهر رّبيع الخر سنة ست وثلثين ومائة. ولما دخل مصر أقر عكرمة على شرطته بالفسطاط وجعل على شرطته بالعسكر يزيد بن هانىء الكندي وولى أبا عون المعزول عن إمرة مصر جيوش المغرب وقدمه صالح المذكورّ أمامه إلى نحو إفريقية وكان خروج أبي عون بجيوشه إلى نحو المغرب في جمادى الخرة من سنة ست وثلثين وجهزت المراكب من إسكندرّية إلى برقة. وبينما هم في ذلك قدم الخبر بموت أمير المؤمنين عبد الله السفاح في ذي الحجة واستخلف أبي جعفر المنصورّ. فأقر أبو جعفر المنصورّ عمه صالح بن علي هذا على عمل مصر على عادته وكتب إلى أبي عون بالرجوع عن غزو إفريقية. فأرّسل صالح إلى أبي عون بالخبر فأقام أبو عون ببرقة أحأد عشر شه ًرا ثم عاد إلى مصر بجيشه فجهزه صالح هذا إلى فلسطين لحرب الخوارّج بها. فسارّ أبو عون وحأارّبهم وهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيم ًة وسير إلى مصر منهم ثلثة آلف رّأس. ثم خرج صالح بن علي بعد ذلك من مصر إلى فلسطين واستخلف ابنه الفضل على صلة مصر. فسافر حأتى بلغ بلبيس ثم رّجع إلى مصر وأقام بها إلى أن خرج منها ثانًيا لرّبع خلون من شهر رّمضان سنة سبع وثلثين ومائة فلقي أبا عون بالفرما فأمره على صلة مصر وخراجها م ًعا ومضى إلى فلسطين. ودخل أبو عون الفسطاط لرّبع بقين من شهر رّمضان من سنة سبع وثلثين ومائة وسكن العسكر ودام على إمرة مصر. واستمر صالح بن علي بفلسطين إلى أن أمره المنصورّ بالتوجه لغزو الروم في سنة ثمان وثلثين ومائة. فخرج صالح حأتى نزل مرج دابق وأقبلت جيوش الروم مع ملكهم قسطنطين في مائة ألف فلقيه صالح هذا بالمسلمين ونصره الله تعالى على الروم فقتل منهم وسبى وغنم. ثم حأج بالناس في سنة إحأدى وأرّبعين ومائة ثم غزا الروم والصائفة غير مرة وهو الذي بنى حأصن دابق ومات وهو عامل حأمص بقنسرين وقيل مات بعين أباغ وقد بلغ ثمانًيا وخمسين سنة واستخلف ابنه الفضل على حأمص فأقره الخليفة أبو جعفر المنصورّ على ذلك وكان صالح صال ًحا فاض ًل وله رّواية أسند عن أبيه ورّوى عنه ابناه إسماعيل وعبد الملك وهو عم السفاح والمنصورّ. السنة الولى من ولية صالح بن علي العباسي الثانية على مصر وهي سنة ست وثلثين ومائة. على أن أبا عون حأكم منها أشه ًرا على مصر. فيها بايع أهل دمشق هاشم بن يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان لما بلغهم موت السفاح - وحأكى الذهبي ذلك في سنة سبع وثلثين ومائة - فتوجه صالح بن علي من فلسطين بالجيوش إلى الشام. فلما أظلهم صالح بالجيوش وهربوا ملك صالح الشام بعد أمورّ صدرّت. وفيها دعا عبد الله بن علي العباسي عم السفاح لنفسه وقال: إن السفاح قال: من انتدب لمروان الحمارّ فهو ولي عهدي من بعدي وعلى هذا خرجت فلما بلغ الخليفة أبا جعفر المنصورّ ذلك قال لبي مسلم الخراساني فإنما هو أنا وأنت. فسارّ أبو مسلم نحو عبد الله بن علي المذكورّ فوقع له معه وقعة هائلة كاد أن ينهزم فيها أبو مسلم ثم كان النصر له وانهزم عبد الله بن علي فلما بلغ المنصورّ ذلك بعث لبي مسلم الخراساني بولية مصر والشأم م ًعا فأظهر أبو مسلم الغضب وقال: يوليني مصر والشام وأنا لي خراسان! وعزم على الشر وقيل: بل شتم المنصورّ لما جاءه من عنده من يحصي الغنائم وأجمع على الخلف ثم طلب خرا سان. وخرج المنصورّ إلى المدائن وكتب إلى أبي مسلم ليقدم عليه في طريقه فرد عليه الجواب: إنه لم يبق لمير المؤمنين عدو إل أمكنه الله منه وقد كنا نروي عن ملوك آل ساسان أنه أخوف ما يكون الوزأرّاء إذا سكنت الدهماء فنحن نافرون من قربك حأريصون على الوفاء بعهدك ما وفيت. فإن أرّضاك ذلك فإنا أحأسن عبيدك وإن أبيت نقضت ما أبرمت من عهدك. فرد عليه المنصورّ الجواب يطمنه مع جرير بن يزيد البجلي وكان واحأد وقته فخدعه. وأما عبد الله بن علي وأخوه عبد الصمد فقصد عبد الصمد الكوفة فاستأمن له عيسى بن موسى فأمنه المنصورّ وتوجه عبد الله بن علي إلى أخيه سليمان بن علي متولي البصرة فاختفى عنده والصحيح أن هذه الفتنة كان ابتداؤها في أواخر هذه السنة غير أن الوقعة والهرب كانا في سنة سبع وثلثين ومائة. وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين أبو العباس عبد الله السفاح بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي أول خلفاء بني العباس. مات في ذي الحجة وله ثلث وثلثون سنة وكانت خلفته أرّبع سنين فإنه ولي في سنة اثنتين وثلثين ومائة قبل قتل مروان الحمارّ وبه كان انقراض دولة بني أمية وكان أبوه محمد بن علي بويع بالخلفة قبل موته بسنتين فلم يتم أمره وعهد عند موته لبنه السفاح هذا قبل أبي جعفر المنصورّ وكان أسن من السفاح. ولما مات السفاح هذا ولي أخوه أبو جعفر المنصورّ الخلفة من بعده. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع. السنة الثانية من ولية صالح بن علي العباسي على مصر وهي سنة سبع وثلثين ومائة. فيها قدم الخليفة أبو جعفر المنصورّ الكوفة وتأخر بعده أبو مسلم الخراساني بأيام وكانا تلك السنة م ًعا في الحج فأتاهما الخبر بموت السفاح وبخلفة المنصورّ. وقد ذكرنا خروج عبد الله بن علي العباسي على أبي جعفر المنصورّ في العام الماضي وهووهم وإن كان خروجه كان في آخر السنة الماضية فما واقعه أبو مسلم إل في هذه السنة. وكان أمير المدينة في هذه السنة زأياد بن علي وأمير مكة العباس بن عبد الله ومات في آخر السنة فأضاف أبو جعفر المنصورّ مكة إلى زأياد. وكان على الكوفة عيسى بن موسى العباسي وعلى البصرة سليمان بن علي عم المنصورّ وعلى خراسان أبو داود خالد بن إبراهيم وعلى مصر صالح صاحأب الترجمة وعلى الجزيرة حأميد بن قحطبة. وفيها قتل الخليفة أبو جعفر المنصورّ أبا مسلم الخراساني وولى أبا داود خالد بن إبراهيم خراسان عوضه واسم أبي مسلم عبد الرحأمن وهو صاحأب دعوة بني العباس وأحأد من قام بأمرهم حأتى تم له ذلك ووطأ لهم البلد وقتل العباد وقصة قتلته تطول. ًما شجا ًعا عارّ ًفا صاحأب رّأي وتدبير وكان أبو مسلم شاًبا جبا ودهاء ومكر وعقل ًرّا مقدا وحأذق قيل إنه كان يجامع في السنة مرة واحأدة مع كثرة جوارّيه فقيل له في ذلك فقال: يكفي الشخص أن يتجنن في السنة مرة. ويحكى أن أبا جعفر المنصورّ لما قتله أدرّجه في بساط وطلب جعفر بن حأنظلة فقال أبو جعفر المنصورّ: ما تقول في أمر أبي مسلم فقال: يا أمير المؤمنين إن كنت أخذت من رّأسه شعرة فاقتل ثم اقتل فقال المنصورّ: وفقك الله ها هو في البساط فلما نظر إليه قتي الطويل فألقت عصاها ًل قال: يا أمير المؤمنين هذا أول خلفتك فأنشد المنصورّ: واستقر بها النوى كما قر عيًنا بالياب المسافر زأعمت أن الدين ل يقتضى فاستوف بالكيل أبا مجرم اشرب بكأس كنت تسقي بها أمر في الحلق من العلقم واختلف في اسم أبي مسلم واسم أبيه فقيل: اسمه عبد الرحأمن بن مسلم بن سكيرون بن إسفنديارّ وقيل: عبد الرحأمن بن عثمان بن يسارّ وقيل: عبد الرحأمن بن محمد وسماه أبو بكر الخطيب إبراهيم بن عثمان بن يسارّ بن سدوس بن جودرّ من ولد يزدجرد وقيل: إنما سماه عبد الرحأمن المام إبراهيم بن محمد بن علي العباسي وكناه: أبا مسلم وكانت كنيته: أبا إسحاق وكان مولده سنة مائة بأصبهان. وفيها توفي صفوان بن صالح بن صفوان أبو عبد الملك الدمشقي الثقفى. ًها زأاه ًدا عاب ًدا وكان يؤذن بجامع ولد سنة ست وسبعين وكان فقي دمشق. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وستة أصابع. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. ولية أبي عون الثانية على مصر كانت ولايته هذه الثانية على مصر من قبل صالح بن علي العباسي لما توجه إلى فلسطين كما تقدم ذكره ثم أقره الخليفة أبو جعفر المنصورّ على إمرة مصر على صلتها وخراجها م ًعا وكان يوم دخول أبي عون المذكورّ إلى مصر يوم سادس عشرين شهر رّمضان من سنة سبع وثلثين ومائة. وجعل على شرطته عكرمة بن عبد الله وعلى الدواوين عطاء بن شرحأبيل. ودام أبو عون على صلة مصر وخراجها م ًعا إلى أن قدم الخليفة أبو جعفر المنصورّ إلى بيت المقدس فكتب بطلب أبي عون المذكورّ إلى عنده ببيت المقدس وأمره بأن يستخلف على مصر. فاستخلف أبو عون المذكورّ عكرمة على الصلة وعطاء بن شرحأبيل على الخراج وخرج من مصر في النصف من شهر رّبيع الول سنة إحأدى وأرّبعين ومائة. فلما وصل أبو عون إلى المنصورّ ببيت المقدس عزله عن إمرة مصر وولى عليها موسى بن كعب فكانت ولايته هذه الثانية على مصر ثلث سنين وستة أشهر. ودام أبو عون في صحبة الخليفة أبى جعفر المنصورّ وحأضر وقعة الراوندية مع المنصورّ. والراوندية: قوم من أهل خراسان على رّأي أبي مسلم صاحأب الدعوة يأتي ذكرهم في الحوادث في سنة الواقعة مع المنصورّ. الثانية على مصر وهي سنة ثمان وثلثين ومائة. فيها بعث أبو جعفر المنصورّ لقتال ملبد الشيباني خازأم بن خزيمة فسارّ خازأم في ثمانية آلف فارّس وكان ملبد هذا قد خرج على المنصورّ من أول خلفته فالتقوا فقتل ملبد بعد حأروب كثيرة. وفيها غزا صالح بن علي الروم على دابق وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمته وأخذ ملطية وكانت الروم أخذوها من مدة سنين. وفيها حأج بالناس الفضل بن صالح بن علي العباسي من الشام من عند أبيه. وفيها توفي زأيد بن واقد الدمشقي. وفيها ظهر عبد الله بن علي العباسي وبعث بالبيعة مع أخيه سليمان متولي البصرة إلى أبي جعفر المنصورّ فأمنه أبو جعفر المذكورّ وعفا عنه. وفيها دخل عبد الرحأمن بن معاوية الموي إلى الندلس واستولى عليها وامتدت أيامه وبقيت الندلس في يد أولده إلى بعد الرّبعمائة. وكان هرب من بني العباس إلى المغرب ودخل الندلس فسمي بعبد الرحأمن الداخل. يأتي ذكره وذكر أولده من بعده في عدة أماكن من هذا الكتاب إن شاء اله تعالى. وذكر الذهبي وفاة جماعة كثيرة في هذه السنة قال: وتوفي زأيد بن واقد القرشي بدمشق وسهيل بن أبي صالح في قو ٍل وسليمان بن فيروزأ أبو إسحاق الشيباني في قول والعلء بن عبد الرحأمن المدني وعبد الرحأمن بن الحارّث بن عبد الله المخزومي في قول وعلقمة بن أبي علقمة في قول وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب في قول وليث بن أبي سليم في قول والمسورّ بن رّفاعة القرظي المدني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. السنة الثانية من ولية أبي عون الثانية على مصر وهي سنة تسع وثلثين ومائة. فيها خرج جعفر بن حأنظلة البهراني فأتى ملطية وهي خراب فعسكر بها. وأقبل المير عبد الواحأد فنزل على ملطية فزرّع أرّضها وطبخ كل ًسا لبناء سورّها ثم خرج عنها لم ٍر اقتضى ذلك فأرّسل طائفة الروم من أحأرق الزرّع. وفيها خرج المير صالح بن علي المقدم ذكره والعباس بن محمد فأوغل في بلد الروم وغزتا معهما أم عيسى ولبابة أختا المير صالح بن علي المذكورّ وعمتا المنصورّ الخليفة وكانتا نذرّتا إن زأال ملك بني أمية أن تجاهدا في سبيل الله وبعد هذا العام لم يكن غزو إلى سنة ست وأرّبعين ومائة لشتغال الخليفة المنصورّ بخروج ابني عبد الله بن الحسن عليه. وفيها عزل المنصورّ عمه سليمان بن علي عن البصرة وولى عليها سفيان بن سعيد. وفيها اختفى عبد الله بن علي وابنه خو ًفا على أنفسهما وعبد الله هذا هو الذي كان خرج على المنصورّ وأختفي عند أخيه سليمان الذي عزل عن البصرة في هذا العام ثم ظفر به المنصورّ وسجنه. وفيها حأج بالناس العباس ابن أخي المنصورّ. وفيها في قول صاحأب المرآة: وصل عبد الرحأمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان إلي جزيرة الندلس وملكها ويسمى عبد الرحأمن الداخل وكنيته أبو المطرف وأمه أم ول ٍد وبويع بالندلس في هذه السنة وهو أول الخلفاء من بني أمية وأقام عليها ثلًثا وثلثين سنة وقد تقدم ذكر عبد الرحأمن هذا في الماضية في قول الذهبي. وفيها وسع الخليفة أبو جعفر المنصورّ المسجد الحرام مما يلي دارّ الندوة. وفيها توفي عثمان بن عبد العلى بن سراقة الزأدي قاضي دمشق في أيام الوليد بن يزيد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأحأد عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية أبي عون الثانية على مصر وهي سنة أرّبعين ومائة فيها بنى المصيصة جبريل بن يحيى وسكنها الناس. وفيها ثارّ جمع من جند خراسان على أميرها أبي داود خالد بن إبراهيم ليًل حأتى وصلوا إلى دارّه فأشرف عليهم وجعل ينادي أصحابه فانكسرت به آجرة فوقع من أعلى دارّه فانكسر ظهره ومات من الغد فبعث الخليفة أبو جعفر المنصورّ على إمرة خراسان عوضه عبد الجبارّ بن عبد الرحأمن الزأدي. فسارّ المذكورّ وقبض على جماعة من أهل خراسان وقتلهم. وفيها توجه المير عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمد العباسي ابن أخي الخليفة أبي جعفر المنصورّ إلى ملطية فأقام بها سنة حأتى بناها ورّم شعثها وأسكنها الناس. وفيها حأج بالناس الخليفة أبو جعفر المنصورّ. وعاد من الحج فزارّ بيت المقدس وسلك الشأم في طريقه ونزل الرقة فقتل بها منصورّ بن جعفر العامري. ثم سارّ إلى الهاشمية وهي مدينة بناء مدينة بغداد وذكر الذهبي بناء بغداد في سنة خمس وأرّبعين ومائة قال: وفي هذه السنة أسست مدينة السلم بغداد وهي التي تدعى مدينة المنصورّ سارّ المنصورّ يطلب موض ًعا يتخذه بل ًدا فبات ليل ًة موضع القصر فطاب له المبيت ولم ير إل ما يحب فقال: ها هنا ابنوا فإنه طيب ويأتيه مادة الفرات ودجلة والنهارّ فخط بغداد ووضع أول لبنة بيده وقال: " بسم الله وبالله والحمد لله والرّض لله يورّثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ابنوا على بركة الله " وسأل رّاهًبا هناك عن أمر الرّض وصحتها وقال: هل تجدون في كتابكم أن تبنى ها هنا مدينة قال: نعم يبنيها مقلص قال: فأنا كنت أدعى بذلك. وطلب المنصورّ الصناع والفعلة من البلد وأحأضر المهندسين والحكماء والعلماء وكان فيمن أحأضر حأجاج بن أرّطاة وأبو حأنيفة ورّسمت له بالرماد: سورّها وأبوابها وأسواقها ثم بنيت حأتى كمل المهم منها في عام والباقي في أرّبع سنين وكانت بقعة بغداد مزرّعة تدعى المبارّكة لستين نف ًسا عوضهم المنصورّ عنها وأرّضاهم وقيل: إنه ليس في الدنيا مدينة مدورّة سواها وعمل في وسطها دارّ المملكة بحيث إنه إذا كان في قصره كان جميع أطراف البلد إليه سواء وسكنها المنصورّ ونقل إليها خزائنه. وقيل سعتها مائة وثلثون جريًبا. وأنفق عليها مائة ألف ألف درّهم. وقالي بدرّ المعتضدي قال لنا أمير المؤمنين: انظروا كم سعة مدينة المنصورّ فحسبنا فإذا هي ميلن مكسران في ميلين وقيل: مسافة ما بين كل باب وباب ألف ومائتا ذرّاع وكلها مبنية بالجر واللبن واللبنة ذرّاع في ذرّاع وزأنتها مائة رّطل وسبعة عشر رّطًل. ولها أرّبعة أبواب بين الباب والباب ثمانية وعشرون بر ًجا وعليها سورّان ثم بنى الجامع والقصر وفي صدرّ القصر القبة الخضراء ارّتفاعها ثمانون ذرّا ًعا ودامت حأتى سقط رّأسها في ليلة مطر ورّعد في سنة تسع وعشرين وثلثمائة وكان ل يدخل هذه المدينة أحأد رّاك ًبا سوى المنصورّ وابنه محمد المهدي. وقال الصولي: قال أحأمد بن أبي طاهر: ذرّع بغداد - يعني الجديدة - ذرّع الجانبين ثلثة وخمسون ألف جريب وفي نسخة أخرى غير رّواية الصولي: أنها من الجانبين ثلثة وأرّبعون ألف جريب وسبعمائة قال الصولي: وذكر ابن أبي طاهر: أن عدد حأماماتها كانت ذلك الوقت ستين أل ًفا وقال: أقل ما يدير كل حأمام خمسة أنفس وذكر أن بإزأاء كل حأمام خمسة مساجد. قال الذهبي: وكذا نقل الخطيب في تارّيخه وما أعتقد أنا هذا قط ول عشر ذلك ثم قال الخطيب: حأدثني هلل بن المحسن قال: كنت بحضرة جدي إبراهيم بن هلل الصابي فقال تاجر: يذكر أن ببغداد اليوم ثلثة آلف حأمام فقال جدي: سبحان الله! هذا سدس ما كنا عددناه وحأصرناه زأمن الوزأير المهلبي ثم كانت في دولة عضد الدولة بن بويه خمسة آلف. ونقل ابن خلكان أن استكمال بغداد كان في سنة تسع وأرّبعين ومائة وهي بغداد القديمة التي بالجانب الغربي على دجلة. وبغداد اليوم هي الجديدة بالجانب الشرقي وفيها دارّ الخلفة. انتهى كلم الذهبي وغيره باختصارّ. وقد خرجنا عن المقصود في هذا الكتاب لكثرة الفوائد. وفيها توفي منصورّ بن جعونة بن الحارّث بن خالد العامري. كان ممن خرج على بني العباس وامتنع عن بيعتهم. وذكر الذهبي وفاة جماعة في هذه السنة قال: وفيها توفي أيوب أبو العلء القصاب وداود بن أبي هند في أولها وأبو حأازأم سلمة بن دينارّ العرج وسهيل بن أبي صالح وسعد بن إسحاق بن كعب وصالح بن كيسان وعروة بن رّويم. وقيل: وفيها توفي عمارّة بن غزية النصارّي وعمرو بن قيس السكوني الحمصي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثلثة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا ونصف. على مصر هو موسى بن كعب المير أبو عيينة التميمي أحأد نقباء بني العباس. وله الخليفة أبو جعفر المنصورّ على إمرة مصر بعد عزل أبي عون فدخل مصر لرّبع عشرة بقيت من شهر رّبيع الخر سنة إحأدى وأرّبعين ومائة. وسماه صاحأب البغية موسى بن كعب بن عيينة. قلت: وولي على صلة مصر وخراجها م ًعا ونزل العسكر المقدم ذكره وسكنه وجعل على شرطته عكرمة بن عبد الله بن قحزم وباشر أمر مصر بحرمة وافرة ونهى الجند أن يتوجهوا إليه أو يتكلموا معه إل في أمر مهم ول يفعلوا به كما كانوا يفعلون بالمراء من قبله فانتهوا عنه حأتى إنه لم يمكن أحأ ًدا أن يجتازأ ببابه إل من له عنده حأاجة أو أذن له في ذلك. وموسى هذا هو أول من بايع أبا العباس السفاح بالخلفة في مبدأ أمره وأخرجه إلى الناس وكان هو القائم بأمر بني العباس مع أبي مسلم الخراساني وكان موسى هذا يسافر إلى البلد ويدعو الناس للقيام مع بني العباس حأتى قبض عليه أسد بن عبد الله القسري عامل خراسان يوم ذاك لبني أمية فأمر به أسد فألجم بلجام وكسرت أسنانه وعوقب ثم أطلق بعد شدائد فلما صارّ المر إلى بني العباس أمالوا الدنيا عليه وكان قاسى الهوال بسبب دعوتهم وعذب وحأبس كما سيأتي ذكره وكان يقول لما ولي مصر: كانت لنا أسنان وليس عندنا خبز فلما جاء الخبز شرطته ثم وله مصر مكر ًها وأضاف له السند فلم تطل مدته على إمرة مصر وعزله أبو جعفر المنصورّ في ذي القعدة كما سيأتي ذكره بمحمد بن الشعث وكتب إليه المنصورّ: إني عزلتك عن غير سخط ولكن بلغني أن عام ًل يقتل بمصر يقال له موسى فكرهت أن تكونه فأخذ موسى كلم المنصورّ لغرض من الغراض. فقتل بعد ذلك بسنين موسى بن مصعب في خلفة محمد المهدي كما سيأتي ذكره إن شاء الله. ولما صرف موسى بن كعب عن إمرة مصر استخلف على الجند خالد بن حأبيب وعلى الخراج نوفل بن الفرات. وخرج موسى هذا من مصر لست بقين من ذي القعدة سنة إحأدى وأرّبعين ومائة وكانت ولايته على مصر سبعة أشهر وأيا أبي ًما ولما خرج من مصر سارّ حأتى قدم على الخليفة جعفر المنصورّ فأكرم الخليفة نزله ووله على الشرطة ثانًيا ومات بعد مدة يسيرة وقيل: إنه توجه مري ًضا فمات في أثناء قدومه ولم يل الشرطة ول غيرها وعلى القولين فأنه مات في هذه السنة رّحأمه الله تعالى. وأما أمر موسى هذا مع أسد وكان ذلك في سنة سبع عشرة ومائة فإنه كان خرج هو وسليمان بن كثير ومالك بن الهيثم ول هز بن قريظ وخالد بن إبراهيم وطلحة بن زأرّيق فدعوا الناس لبني العباس فظهر أمرهم فقبض عليهم أسد بن عبد الله وقال لهم: يا صيْدَ ّ ُلوْا ال َت ْقتُ َمُنوْا لَ َن آ ِذي ّ َّها ال َيا كم َ فسقة ألم يقل الله تعالى: " أي ُه ِمن ُ ل َ َأنتُ ْم ُحأ ُر ٌم وَ َمن قَتَ وَ َما قَتَ َل ّمثْ ُل َج َزاء
كعْبَةِ ّمتَعَ ّم ًدا فَ
ل َ ْ ْم هَدًْيا َبالِ َغ ا ّمنكُ َوا عَدْ ٍل ِب ِه ذَ ُم ِم يَ ْحكُ عَ رّةٌ ّ َ ِم َن الن ْو َك ّفا أ َ ليَ ُذو َق وََبا َل ّ ًما َأو عَدْ ُل ذَلِ َك ِصَيا َن َينتَِق ُم َم َسا ِكي ُه عَ ّما َسَلف وَ َم ْن َعا َد فَ ْمرِ ِه َع َفا اللّ َعا ُم أ طَ َ ُه ِمنُْه ل ال م ّ ٍ ِزي ٌز ُذو انِْت َقا ُه عَ ل َوال " فقال له سليمان بن كثير: نحن ّ والله كما قال الشاعر: الرمل لو بغير الماء حألقي شرق كنت كالغضان بالماء اعتصارّي صيدت والله العقارّب بيديك. إنا أناس من قومك وإن المضرية رّفعوا إليك هذا لننا كنا أشذ الناس على قتيبة بن مسلم فطلبوا بثأرّهم. فحبسهم وأطلق من كان معهم من أهل اليمن لنه كان منهم وأرّاد قتل من كان من مضر فدعا موسى بن كعب هذا وألجمه بلجام حأمارّ وجذب اللجام فتحطمت أسنانه ودق وجهه وأنفه ثم دعا لهز بن قريظ وضربه ثلثمائة سوط . السنة التي حأكم فيها موسى بن كعب على مصر وهي سنة إحأدى وأرّبعين ومائة. فيها كان عزله ووليته. وفيها كانت وقعة الراوندية ببغداد وهم قوم من خراسان على رّأي أبي مسلم الخراساني يقولون بتناسخ الرّواح فيزعمون أن رّوح آدم عليه السلم حألت في عثمان بن نهيك وأن المتصورّ هو رّبهم وأن الهيثم بن معاوية هو جبريل وأتوا قصر المنصورّ وجعلوا يطوفون به فقبض المنصورّ على مائتين منهم وحأبسهم فغضب الباقون فعمدوا إلى نعش فارّغ وحأملوه يزعمون أنها جنازأة ومروا بها على باب السجن فشدوا على أهل السجن بالسلح حأتى فتحوا باب السجن وأخرجوا أصحابهم وقصدوا المنصورّ. فخرج إليهم المنصورّ على غفلة فكانت بينهم وقعة كاد المنصورّ أن يقتل فيها وقتل عثمان بن نهيك بسهم ثم وضع المنصورّ فيهم السيف. وفيها عزل الخليفة أبو جعفر المنصورّ زأياد بن عبيد الله الحارّثي عن مكة والمدينة والطائف وولى محمد بن خالد بن عبد الله القسري المدينة وولى الهيثم بن معاوية مكة والطائف. وفيها توفي موسى بن عقبة بن أبي عياش المدني أبو محمد صاحأب المغازأي مولى أل الزبير بن العوام ومغازأيه في مجلد صغير. أدرّك سهل بن سعد وحأدث عن أم خالد بنت خالد وعن عروة وكريب وأبي سلمة بن عبد ٍق وحأدث عنه ابن جريج الرحأمن والعرج وحأمزة بن عبد الله بن عمرو الزهري وخل والمام مالك وعبد الله بن المبارّك وابن عيينة وغيرهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وخمسة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع. على مصر هو محمد بن الشعث بن عقبة بن أهبان الخزاعي أمير مصر. وليها من قبل المنصورّ بعد عزل موسى بن كعب التميمي. وله أمير المؤمنين أبو جعفر المنصورّ على الصلة والخراج م ًعا. وقدم مصر في يوم الثنين خامس في الحجة من سنة إحأدى وأرّبعين ومائة وولى على شرطته المهاجر بن عثمان الخزاعي ثم عزله وجعل عوضه محمد بن معاوية بن بحير بن رّيسان الكلعي مكانه. ولما استقر محمد بن الشعث هذا في إمرة مصر أرّسل الخليفة أبو جعفر المنصورّ إلى نوفل بن الفرات: أن اعرض على محمد بن الشعث ضمان خراج مصر فإن ضمنه فأشهد عليه وأشخص إلي الشهادة وإن أبى فكن أنت على الخراج عادتك فعرض نوفل على ابن الشعث هذا الكلم فأبى من الضمان فانتقل نوفل إلى الدواوين ففقد محمد بن الشعث من عنده فسأل عنهم فقيل له: هم عند صاحأب الدواوين فندم ابن الشعث على ما وقع منه من ترك الخراج. ثم جهز ابن الشعث جي ًشا بعث به إلى المغرب فانهزم الجيش وخرج ابن الشعث يوم الضحى سنة اثنتين وأرّبعين ومائة وتوجه إلى السكندرّية واستخلف محمد بن معاوية صاحأب شرطته على الصلة ولم يكن إل القليل وورّد عليه البريد بعزله عن إمرة مصر وولي مصر عوضه حأميد بن قحطبة وذلك في أوائل سنة ثلث وأرّبعين ومائة. وخرج محمد بن الشعث بعد عزله عن مصر وتوجه إلى الخليفة المنصورّ فأكرمه أبو جعفر المنصورّ وجعله من أكابر أمرائه. ودام عنده حأتى وجهه المنصورّ مع ابنه محمد المهدي إلى غزو الروم فتوجه محمد بن الشعث مع المهدي هو والحسن بن قحطبة فمرض ابن الشعث في أثناء الطريق ومات فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة وشه ًرا واحأ ًدا. وكان عنده نباه ُة وشجاعة ومعرفة وهو أحأد أكابر أمراء بني العباس وقد تقدم ذكره في عدة وقائع منها واقعة جهورّ بن مرارّ العجلي. وأمره أنه خلع الخليفة المنصورّ بالري. وكان سبب ذلك أن جهوًرّا لما هزم سنباذ حأوى ما كان في عسكره وكان فيه خزائن أبي مسلم الخراساني فلم يوجهها إلى المنصورّ ثم خاف من المنصورّ فخلعه من الخلفة فوجه إليه أبو جعفر المنصورّ محمد بن الشعث هذا في جيش عظيم. فسارّ محمد هذا إلى نحو الري ففارّقها جهورّ وسارّ نحو أصبهان ودخل محمد الري وملك جهورّ أصبهان فأرّسل إليه محمد عسك ًرا وبقي هو بالري. فأشارّ على جهورّ بعض أصحابه أن يسير في نخبة من عسكره إلى جهة محمد بن الشعث فإنه في قلة فإن ظفر به فلم يكن لمن بعده بقية فسارّ جهورّ إليه مج ًدا. وبلغ محم ًدا خبره فحذرّ واحأتاط وأتاه عسكر من خراسان فقوي بهم فالتقوا بقصر ًما ومع جهورّ نخبة الفيروزأان بين الري وأصبهان فاقتتلوا قتا فرسان العجم فهزم ًل عظي جهورّ وقتل من أصحابه خلق كثير. فهرب جهورّ ولحق بأذرّبيجان ثم قتل بعد ذلك بأسبارّ قتله أصحابه وحأملوا رّأسه إلى أبي جعفر المنصورّة ولمحمد هذا عدة مواقف وأمورّ يطول شرحأها. السنة التي حأكم فيها محمد بن الشعث على مصر وهي سنة اثنتين وأرّبعين ومائة. فيها خرج عيينة بن موسى متولي السند عن الطاعة فخرج الخليفة أبو جعفر المنصورّ إلى البصرة وجهز عمرو بن حأفص العتكي على السند لمحارّبة ابن موسى المذكورّ فسارّ وغلب على الهند والسند. وفيها نقض إصبهبذ طبرستان وقتل من بها من المسلمين. فانتدب لحربه خازأم بن خزيمة ورّوح بن حأاتم وأبو الخصيب مرزأوق مولى المنصورّ فحاصروه حأتى ظفروا بالمدينة وقتلوا وسبوا فلما رّأى إصبهبذ ذلك مص س ًما كان في خاتمه فهلك وكان من جملة السبي شكلة أم إبراهيم ابن المهدي التي ذكرها وذكره في الحوا دث. وفيها توفي حأميد بن أبي حأميد الطويل: كان ثقة كثير الحديث. أسند عن أنس وغيره ورّوى عنه المام مالك وغيره. وذكر الذهبي وفاة جماعة في هذه السنة قال: وفيها توفي أسلم المنقري وحأبيب بن أبي عمرة القضاب والحسن بن عبيد الله والحسن بن عمرو الفقيمي وأبو هانىء حأميد بن هانىء الخولني المصري وحأميد الطويل في قول وخالد الحذاء وسعد بن إسحاق بن كعب في قول والمير سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس وعاصم بن سليمان الحأول وعمرو بن عبيد المعتزلي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وإصبع واحأد. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وثلثة عشر إصب ًعا. ولية حأميد بن قحطبة على مصر هو حأميد بن قحطبة بن شبيب بن خالد بن معدان الطائي أمير مصر. وليها من قبل الخليفة أبي جعفر المنصورّ بعد عزل محمد بن الشعث في أوائل سنة ثلث وأرّبعين ومائة. جمع له أبو جعفر المنصورّ صلة مصر وخراجها م ًعا فدخل إلى مصر في عشرين أل ًفا من الجند يوم الجمعة لخم فجعل على ٍس خلون من شهر رّمضان سنة ثلث وأرّبعين ومائة الشرطة محمد بن معاوية بن بحير وقبل أن تطول مدته بمصر ورّد عليه عسكر آخر من قبل الخليفة لغزو إفريقية وكان قدوم العسكر المذكورّ إلى مصر في شوال من السنة فجهز حأميد العساكر وجعل عليهم أبا الحأوص العبدي وكان العسكر ستة آلف فارّس. فتوجه أبو الحأوص بمن معه من العساكر حأتى التقى مع أبي الخطاب النماطي ببرقة فتقاتل فانهزم أبو الحأوص بمن معه إلى جهة الديارّ المصرية. فخرج حأميد بن قحطبة بنفسه حأتى وصل إلى برقة والتقى مع أبي الخطاب المذكورّ فقاتله حأتى هزمه وقتل أبا الخطاب المذكورّ وجماعة من أصحابه ثم عاد إلى مصر منصوًرّا فأقام بها إلى أن قدم إلى مصر علي بن محمد بن عبد الله بن حأسن بن الحسن داعي ًة لبيه فدس إليه حأميد هذا فتغيب فكتب ذلك لبي جعفر المنصورّ فغضب وصرفه عن إمرة مصر في ذي القعدة بيزيد بن حأاتم. فخرج حأميد بن قحطبة من مصر لثمان بقين من في القعدة سنة أرّبع وأرّبعين ومائة ًما. وكانت ولايته على مصر سنة واحأدة وشهرين إل أيا ولما خرج حأميد بن قحطبة المذكورّ من مصر توجه إلى الخليفة أبي جعفر المنصورّ فأكرمه الخليفة وجعله من جملة أمرائه. ووجهه بعد ذلك لغزو إرّمينية في سنة ثمان وأرّبعين ومائة فسارّ ثم عاد ولم يلق حأرًبا ثم أرّسله الخليفة أبو جعفر المنصورّ أي ًضا في سنة اثنتين وخمسين ومائة لغزو كابل ثم وله بعد ذلك إقليم خراسان مدة ثم نقله إلى عمل خراسان فأقام بها مدة طويلة إلى أن مات في خلفة المهدي سنة تسع وخمسين ومائة. ًما عارّ ًفا بأمورّ الحروب والوقائع وتنقل في وكان أمي العمال الجليلة ًرا شجا ًعا مقدا معظ ًما عند بني العباس وقد تقدم ذكر ما حأضره حأميد هذا مع أبيه قحطبة من الوقائع في ابتداء دعوة بني العباس ثم قام هو وأخوه الحسن بن قحطبة في دعوتهم وقاتلوا جيوش مروان بن محمد إلى أن هزموه وتم أمر بني العباس فعرفوا لحميد ذلك وولوه العمال الجليلة إلى أن مات في التارّيخ المقدم ذكره. السنة الولى من ولية حأميد بن قحطبة على مصر وهي سنة ثلث وأرّبعين ومائة. فيها بلغ المنصورّ أن الديلم قد أوقعوا بالمسلمين وقتلوا منهم خلئق فندب أبو جعفر المنصورّ الناس للجهاد. وفيها عزل المنصورّ الهيثم بن معاوية عن إمرة مكة بالسري ابن عبد الله بن الحارّث بن العباس العباسي. وفيها حأج بالناس عيسى بن موسى بن محمد بن علي الهاشمي العباسي أمير الكوفة. قال الذهبي: وفي هذا العصر شرع علماء السلم في تموين الحديث والفقه والتفسير وصنف ابن جريج التصانيف بمكة وصنف سعيد بن أبي عروبة وحأماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة وصنف أبو حأنيفة الفقه والرأي بالكوفة وصنف الوزأاعي بالشأم وصنف مالك الموطأ بالمدينة وصنف ابن إسحاق المغازأي وصنف معمر باليمن وصنف سفيان الثورّي كتاب الجامع ثم بعد يسير صنف هشام كتبه وصنف الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة ثم ابن المبارّك والقاضي أبو يوسف يعقوب وابن وهب وكثر تبويب العلم وتدوينه ورّتبت ودونت كتب العربية واللغة والتارّيخ وأيام الناس وقبل هذا العصر كان سائر العلماء يتكلمون عن حأفظهم ويروون العلم عن صحف صحيحة غير مرتبة فسهل ولله الحمد تناول العلم فأخذ الحفظ يتناقص فلله المر كله. انتهى كلم الذهبي. وفيها توفي سليمان بن ترجان أبو القاسم تتيمي من الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة كان من العباد المجتهدين وكان يصلي الغداة بوضوء العشاء سنين عديدة. وفيها توفي يحيى بن سعيد أبو سعيد النصارّي القاضي الفقيه من الطبقة الخامسة من أهل المدينة. قدم على الخليفة أبي جعفر المنصورّ بالكوفة فاستقضاه على الهاشمية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وثلثة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا السنة الثانية من ولية حأميد بن قحطبة على مصر وهي سنة أرّبع وأرّبعين ومائة. فيها غزا محمد بن أبي العباسى السفاح الديلم بجيش الكوفة والبصرة وواسط والجزيرة. وفيها قدم محمد المهدي ابن الخليفة على أبيه أبي جعفر المنصورّ من خراسان وقد بنى بابنة عمه رّيطة بنت السفاح. وفيها حأج بالناس الخليفة أبو جعفر المنصورّ وخلف على العسكر خازأم بن خزيمة فاستعمل على المدينة رّياح بن عثمان المزني وعزل محم ًدا القسري. وكان المنصورّ قد أهمه شأن محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن حأسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب لتخلفهما عن الحضورّ إلى عنده مع الشراف وما كفاه ذلك - حأتى قيل له: إن محمد بن عبد الله المذكورّ ذكر أن المنصورّ لما حأج قبل أن يلي الخلفة في حأياة أخيه السفاح وكان ممن بايع له ليلة اشتورّ بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلفة حأين اضطرب ملك بني أمية. قلت: لعل ذلك كان قبل أن يلي السفاح الخلفة وقبل قتل مروان الحمارّ. وكان أبو جعفر المنصورّ سأل زأيا ًدا متولي المدينة عنهما قبل ذلك فقال: ما يهمك من أمرهما يا أمير المؤمنين أنا آتيك بهما. فضمنه إياهما في سنة ست وثلثين ومائة ولم يف زأياد بالضمانة وصارّ المنصورّ في أمر عظيم من جهة عبد الله وابنيه وطال عليه المر وعبد الله وولداه في اختفائهم حأتى قبض المنصورّ على عبد الله المذكورّ وحأبسه وحأبس معه جماع ًة كثيرة من بني حأسن وهم حأسن وإبراهيم ابنا حأسن بن الحسن وحأسن بن جعفر بن حأسن بن الحسن وسليمان وعبد الله ابنا داود بن حأسن بن الحسن وسهيل وإسحاق ابنا إبراهيم المذكورّ وعيسى بن حأسن بن الحسن وأخوه علي القائم فقيد المنصورّ الجميع وحأبسهم وجهر على المنبر بسب محمد بن عبد الله وأخيه فسبح الناس وعظموا ما قال فقال رّياح: ألصق الله بوجوهكم الهوان لكتبن إلى خليفتكم غشكم وقلة نصحكم فقالوا: انسمع منك يا بن المحدوة وبادرّوه يرمونه بالحصى فنزل واقتحم دارّ مروان وأغلق الباب فخف بها الناس فرموه وشتموه ثم إنهم كفوا ثم إن آل حأسن حأملوا في أقيادهم إلى العراق. وفيها توفي صالح بن كيسان أبو محمد من الطبقة الرابعة من أهل المدينة. كان يؤذب ولد عمر بن عبد العزيز بن مروان وأولد الوليد بن عبد الملك ثم ضمه عمر بن عبد العزيز إلى نفسه وكان قد جمع بين الفقه والحديث والدين والمروءة. وفيها توفي عبد الله بن شبرمة الضبي أبو شبرمة. من الطبقة الرابعة من أهل الكوفة كان فقي السنة: الماء القديم ًها أمر النيل في هذه ذرّاعان وأحأد عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. ولية يزيد بن حأاتم على مصر هو يزيد بن حأاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الزأدي الطائي المهلبي أمير مصر وله الخليفة أبو جعفر المنصورّ على الصلة والخراج م ًعا بعد عزل حأميد بن قحطبة عن إمرة مصر سنة أرّبع وأرّبعين و مائة فقدم إلى مصر في يوم الثنين النصف من ذي القعدة من السنة المذكورّة فأقر على شرطته عبد الله بن عبد الرحأمن و على الخراج معاوية بن مروان بن موسى بن نصير. و كان يزيد جوا ًدا ممد ًحأا شجا ًعا. قال يزيد: كنت يو ًما واق ًفا بباب المنصورّ أنا ويزيد بن أسيد السلمي إذ فتح باب القصر وخرج خادم لبي جعفر المنصورّ فنظر إلينا ثم انصرف فدخل وأخرج رّأسه من طاق وقال: الطويل لشتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد سليم والغر ابن حأاتم فل يحسب التمتام أني هجوته ولكنني فضلت أهل المكارّم قال له يزيد بن حأاتم: نعم نعم على رّغم أنفك وأنف من بعثك فخرج الخادم وأبلغها الخليفة أبا جعفر فضحك حأتى استلقى. وهذا الشعر لربيعة بن ثابت الرقي يمدح يزيد هذا. وفي أيام يزيد بن حأاتم المذكورّ ظهرت بمصر دعوة بني الحسن بن علي ابن أبي طالب وتكلم بها الناس وبايع كثير منهم لبني الحسن في الباطن وماجت الناس بمصر وكاد أمر بني الحسن أن يتم والبيعة كانت باسم علي بن محمد بن عبد الله وبينما الناس في ذلك قدم البريد برأس إبراهيم بن عبد الله بن حأسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في ًما. ذي الحجة سنة خمس وأرّبعين ومائة فنصب في المسجد أيا وكان يزيد هذا قد منع أهل مصر من الحج بسبب خروج هؤلء العلويين فلما قتل إبراهيم أذن لهم في الحج. وكان يزيد مقص ًدا للناس محًبا للشعر وأهله مدحأه عدة من الشعراء. قيل: إن رّبيعة المقدم ذكره صاحأب البيتين المقدم ذكرهما قصده فاشتغل عنه يزيد فخرج وهو يقول: الطويل أرّاني ول كفران لله رّاج ًعا بخفي حأنين من نوال ابن حأاتم فبلغ يزيد فرده ومل خفيه ذهًبا فقال فيه قصيدته المشهورّة لما عزل عن إمرة مصر التي أولها: الطويل ثم ورّد عليه كتاب الخليفة المنصورّ يأمره بالتحول من العسكر إلى الفسطاط كما كانت عادة أمراء مصر قبل بناء العسكر وأن يجعل الدواوين في كنائس القصر - يعني قصر الشمع - وذلك في سنة ست وأرّبعين ومائة. وقصد يزيد بن حأاتم من الشعراء محمد بن عبد الله بن مسلم ومدحأه بقصيدة طنانة أولها: الكامل وإذا تباع كريمة أو تشترى فسواك بائعها وأنت المشتري وكان يزيد منع الناس من الحج في سنة خمس وأرّبعين ومائة كما تقدم ذكره فلم يحج في تلك السنة أحأذ من مصر ول من الشام لما كان بالحجازأ من الضطراب من أمر بني الحسن ثم حأج يزيد هذا في سنة سبع وأرّبعين ومائة فاستخلف على مصر عبد الله بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج صاحأب شرطته ولما عاد من الحج بعث جي ًشا لغزو الحبشة من أجل خارّجي ظهر هناك فتوجه إليه الجيش وقاتلوه وظفروا به وقدم رّأس الخارّجي المذكورّ ً إلى مصر في ما بمصر ثم حأملوها إلى بغداد فضم عدة رّؤوس فنصبت الرؤوس أيا الخليفة أبو جعفر المنصورّ عند ذلك ليزيد هذا برقة زأيادة على عمل مصر وهو أول من ضم له برقة على مصر وكان ذلك في سنة تسع وأرّبعين ومائة. ثم خرج في أيام يزيد القبط بسخا بالوجه البحري فجهز إليهم يزيد جي ًشا كثي ًفا فقاتله القبط وكسروه فرد الجيش منهز ًما فصرفه أبو جعفر المنصورّ عن إمرة مصر في شهر رّبيع الول سنة اثنتين وخمسين ومائة فكانت ولايته على مصر سبع سنين وأرّبعة أشهر. وتولى من بعده مصر عبد الله بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج ثم ولي يزيد بن حأاتم هذا بعد ذلك إفريقية من بلد المغرب فتوجه إليها وغزا بها عدة غزوات ول زأال بها حأتى توفي سنة سبعين ومائة واستخلف على إفريقية ابنه داود بن يزيد فأقره الخليفة هارّون الرشيد على ذلك ودام إلى أن عزله في سنة اثنتين وسبعين ومائة بعمه رّوح بن حأاتم. السنة الولى من ولية يزيد بن حأاتم المهلبي على مصر وهي سنة خمس وأرّبعين ومائة. فيها قتل الخليفة أبو جعفر المنصورّ محم ًدا وإبراهيم ابني عبد الله بن حأسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب واحأ ًدا بعد واحأد فقتل محمد بالمدينة وبعده بمدة قتل إبراهيم وكان إبراهيم خرج أي ًضا بعد خروج أخيه محمد على المنصورّ بالبصرة وانضم عليه خلئق من العلماء والفقهاء وأعيان بني الحسن فلما ورّد عليه الخبر بقتل أخيه محمد عظم شأنه وكاد أمره أن يتم ووقع بينه وبين جيش المنصورّ أمورّ ووقائع إلى أن قبض عليه وقتل. قال الهيثم: حأبسهم أبو جعفر المنصورّ في سرداب يعني عبد الله المذكورّ وأقارّبه من بني الحسن - وقد قدمنا ذكر من حأبس مع عبد الله من أقارّبه بأسمائهم في سنة أرّبع ًرّا - وأرّبعين ومائة - قال: حأبسهم في سرداب تحت الرّض ل يعرفون ليًل ول نها والسرداب عند قنطرة الكوفة وهو موضع يزارّ - ولم يكن عندهم بئر للماء ول سقاية فكانوا يبولون ويتغوطون في مواضعهم وإذا مات منهم ميت لم يدفن بل يبلى وهم ينظرون إليه فاشتد عليهم رّائحة البول والغائط فكان الورّم يبدو في أقدامهم ثم يترقى إلى قلوبهم فيموتون. ًما. ويقال: إن أبا جعفر المنصورّ رّدم عليهم السرداب فماتوا وكان يسمع أنينهم أيا وذكر الذهبي وفاة جماعة في هذه السنة قال: وفيها توفي محمد بن عبد الله ابن حأسن وأخوه إبراهيم قت عبد الله بن ًل والجلح الكندي وإسماعيل بن أبي خالد وإسماعيل بن جعفر وأنيس بن أبي يحيى السلمي وحأبيب بن الشهيد وحأجاج بن أرّطاة والحسن بن ثوبان والحسن بن الحسن بن الحسن في سجن المنصورّ ورّؤبة بن العجاج التميمي وعبد الرحأمن بن حأرملة السلمي وعبد الملك بن أبي سليمان الكوفي وعمر بن عبد الله مولى غفرة بالمعجمة والفاء وعمرو بن ميمون بن مهران الجزرّي ومحمد بن عبد الله الديباج ومحمد بن عمرو بن علقمة وهشام بن عروة في قول ويحيى بن الحارّث الذمارّي ونصر بن حأاجب الخراساني أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة عشر إصب ًعا. السنة الثانية من ولية يزيد بن حأاتم على مصر وهي سنة ست وأرّبعين ومائة. فيها كان فراغ بناء بغداد وتحول إليها الخليفة أبو جعفر المنصورّ في صفر وكان خالد بن برمك أشارّ على المنصورّ ببنائها وقيل: إن حأجاج بن أرّطاة هو الذي اختط جامعها وقبلتها منحرفة ولما دخلها الخليفة أبو جعفر المنصورّ أمر أن يكتب إلى الفاق أن يرد عليه الخطباء والعلماء والشعراء وكان ل يدخل أحأد المدينة رّاك ًبا فشكا إلى المنصورّ عمه عيسى بن علي أن المشي يشق عليه فلم يأذن له في الركوب ثم بعد مدة أمر المنصورّ بإخراج السواق من المدينة خو ًفا من مبيت صاحأب خبر بها فبنيت الكرخ وباب المحول وغير ذلك. وظهر شح المنصورّ في بناء بغداد وبالغ في المحاسبة حأتى قال خالد بن الصلت وكان على بناء رّبع بغداد: رّفعت إليه الحساب فبقيت علي خمسة عشر درّه ًما فحبسني حأتى أديتها. وعندما دخل المنصورّ بغداد وقع بها الطاعون. وقد تقدم أن الطاعون غير الوباء فالوباء هو وفيها توفي ضيغم بن مالك العابد. كان من الخائفين البكائين وهو من الطبقة الخامسة من أهل البصرة وكان ورّده في كل يوم أرّبعمائة رّكعة. وفيها توفي عمرو بن قيس الملئي من الطبقة الرابعة من أهل الكوفة كان من البدال وكان يقول: حأديث أرّقق به قلبي وأبلغ به إلى رّبي أحأب إلي من خمسين قضية من قضايا شريح. وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر قال: وتوفي أشعث بن عبد الملك الحمراني والحارّث بن عبد الرحأمن بن عبد الله بن أبي ذباب المدني وحأبيب بن الشهيد بخلف وسنان بن يزيد التميمي أبو حأكيم الرهاوي وعبد الله بن سعيد بن أبي هند المدني وعوف بن أبي جميلة العرابي و محمد بن السائب الكلبي ومحمد بن أبي يحيى السلمي و هشام ابن عروة بن الزبير على الصحيح ويزيد بن أبي عبيد ويحيى بن أبي أنيسة الجزرّي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاع وستة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية يزيد بن حأاتم على مصر وهي سنة سبع وأرّبعين ومائة. فيها حأج الخليفة أبو جعفر المنصورّ وعزم على قبض جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - أعني جعف ًرا الصادق - فلم يتم له ذلك. وفيها آنتثرت الكواكب من أول الليل إلى الصباح فخاف الناس عاقبة ذلك. وفيها خلع الخليفة أبو جعفر المنصورّ ابن أخيه عيسى بن موسى من ولية العهد و ولها لبنه محمد المهدي وجعل عيسى المذكورّ بعد المهدي وكان السفاح قد عهد إلى أبي جعفر المنصورّ بالخلفة ثم من بعده إلى عيسى بن موسى هذا. وفيها أغارّت الترك مع استرخان الخوارّزأمي على مدينة تفليس وكان بها حأرب بن عبد الله الريوندي الذي تنسب إليه الحربية ببغداد فخرج إليهم حأرب المذكورّ وقاتلهم فقتلوه ًرا من المسلمين وسبوا. وقتلوا خل ًقا كثي وفيها توفي عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي عم الخليفة أبي جعفر المنصورّ وأمه بربرية يقال لها هنادة ولد سنة ثلث ومائة وقيل: آثنتين ومائة في آخر ذي الحجة. وهو الذي هزم مروان الحمارّ بالزاب وتبعه إلى دمشق وفتحها وهدم سورّها وجعل جامعها سبعين يو ًما لدوابه وجماله وقتل من أعيان بني أمية ثمانين رّجًل بنهر أبي فطرس من أرّض الرملة ثم ولي دمشق للسفاح فلما ولي المنصورّ خرج عليه عبد الله ودعا لنفسه فهزمه أبو مسلم الخراساني فشفع له إخوته وأخذوا له أمانا من الخليفة أبي جعفر المنصورّ فلما قدم عليه حأبسه مدة حأتى مات في حأبسه قيل: إن أبا جعفر ً المنصورّ رّا حأبسه فيها وجعل في أساسها مل ًحا فلما سكنها عبد الله وحأبس فيها بنى له دا أطلق عليها ماء فذاب الملح فوقعت الدارّ عليه فمات. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وآثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزياده أرّبعة عشر ذرّا ًعا وتسعة عشر إصب ًعا. السنة الرابعة من ولية يزيد بن حأاتم على مصر وهي سنة ثمان وأرّبعين ومائة. فيها حأج بالناس الخليفة أبو جعفر المنصورّ. وفيها توجه حأميد بن قحطبة إلى ثغر أرّمينية فلم يلق بأ ًسا وتوطأت الممالك لبي جعفر وثبتت قدمه في الخلفة وعظمت هيبته في النفوس ودانت له المصارّ ولم يبق خارّ ًجا عنه سوى جزيرة الندلس من بلد المغرب فقط فإنها تغلب عليها عبد الرحأمن بن معاوية المرواني الموي المعروف بالداخل لكونه دخل المغرب لما هرب من بني العباس وقد تقدم ذكره في هذا الكتاب لكنه لم يتلقب بأمير المؤمنين بل بالمير فقط وكذلك بنوه من بعده ويأتى ذكرهم في محلهم من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. وفيها توفي جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زأين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رّضي الله عنهم المام السيد أبو عبد الله الهاشمي العلوي الحسيني المدني يقال: مولده سنة ثمانين من الهجرة وهو من الطبقة الخامسة من تابعي أهل المدينة وكان يلقب بالصابر والفاضل والطاهر وأشهر ألقابه الصادق وهو سبط القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق فإن أمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد المذكورّ وأمها أم أسماء بنت عبد الرحأمن بن أبي بكر الصديق ولهذا كان جعفر يقول: أنا ابن الصديق مرتين وهو يروي عن جده لمه القاسم بن محمد ولم يرو عن جده لبيه علي زأين العابدين وقد أدرّكه وهو مراهق ورّوى عن أبيه وعروة بن الزبير وعطاء ونافع والزهري وحأدث عنه أبو حأنيفة وابن جريج وشعبة و السفيانان ومالك وغيرهم. وعن أبي حأنيفة قال: ما رّأيت أفقه من جعفر بن محمد. ورّوي عن علي بن الجعد عن زأهير بن محمد قال: قال أبي لجعفر بن محمد - يعني الصادق -: إن لي جارّا يزعم أنك تبرأ من أبي بكر بن أبي قحافة وعمر فقال جعفر: برىء الله من جارّك والله إني لرّجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر. وذكر الذهبي بإسناد عن محمد بن فضيل عن سالم بن أبي حأفصة قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي وابنه جعف ًرا عن أبي بكر وعمر فقال: يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى رّضي الله عنهما. وقال لي جعفر: يا سالم أيسب الرجل جده! أبو بكر جدي فل نالتني شفاعة محمد يوم القيامة إن لم أكن أتولهما وأبرأ من عدوهما. قال الذهبي: هذا إسناد صحيح وسالم وابن فضيل شيعيان. قلت والفضل ما شهدت به العداء. وأي عذرّ أبقى جعفر الصادق بعد ذلك للرافضة! أخزاهم الله تعالى. وفيها توفي سليمان بن مهران المام أبو محمد السدي الكاهلي المحدث المعروف بالعمش من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الكوفة ولد بقرية أمه من عمل طبرستان في سنة إحأدى وستين. قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وقد رّأى أنس بن مالك وهو يصلي ولم يثبت أنه سمع منه مع أن أن السماع من جماعة ًسا لما توفي كان للعمش نيف وثلثون سنة وكان يمكنه من الصحابة. ثم ذكر الذهبي رّوايته عن جماعة كثيرة جدا وذكر أي ًضا من رّوى عنه أكثر وأمعن ثم ذكر من خفة رّوحأه ودعابته أشياء منها: قال وقال عيسى بن يونس: خرج العمش فإذا بجندي فسخره ليعبر به نه ًرا فلما رّكبه قال: سبحان الذي سخر لنا هذا الية فلما توسط به العمش في الماء قال: وقل رّبي أنزلني منزًل مبارّ ًكا وأنت خير المنزلين ثم رّمى به. وقال محمد بن عبيد الطنافسي: جاء رّجل نبيل كبير اللحية إلى العمش فسأله عن مسألة خفيفة من الصلة فالتفت إلينا العمش فقال: انظروا إليه لحيته تحتمل حأفظ أرّبعة آلف حأديث ومسألته مسألة صبيان الكتاب. وذكر الذهبي في هذه السنة وفاة جماعة كثيرة قال: وتوفي جعفر بن محمد الصادق وسليمان العمش وشبل بن عباد مقرىء مكة وزأكريا بن أبي زأائدة في قول وعمرو بن الحارّث الفقيه بمصر وعبد الله بن يزيد بن هرمز وعبد الجليل بن حأميد اليحصبي وعمارّ بن سعد المصري والعوام بن حأوشب ومحمد بن عبد الرحأمن بن أبي ليلى القاضي - يأتي ذكره - قال: ومحمد بن عجلن الفقيه المدني ومحمد بن الوليد الزبيدي الفقيه ونعيم بن حأكيم المدائني وأبو زأرّعة يحيى الشيباني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّاعا وستة عشر إصب ًعا. M0لنة الخامسة من ولية يزيد بن حأاتم على مصر وهي سنة تسع وأرّبعين ومائة. فيها حأج بالناس محمد ابن المام إبراهيم. وفيها ولي إمرة مكة وفيها غزا العباس بن محمد أرّض الروم ومعه الحسن بن قحطبة ومحمد بن الشعث الذي كان ولي مصر قبل تارّيخه فمات ابن الشعث في الطريق وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمته. وفيها كمل بناء بغداد. وفيها توفي سلم بن قتيبة بن مسلم بن عمرو بن الحصين أبو عبد الله الباهلي الخراساني والد سعيد بن سلم ولي سلم هذا إمرة البصرة ليزيد بن عمر بن هبيرة في أيام مروان الحمارّ ثم وليها في أيام أبي جعفر المنصورّ وكان أميرا عاقل عادل في الرعية. وفيها توفي عيسى بن عمر النحوي الثقفي العالم صاحأب الكمال و الجامع وفيهما يقول الخليل بن أحأمد صاحأب العربية والعروض: الرمل بطل النحو جمي ًعا كله غير ما أحأدث عيسى بن عمر ذاك إكمال وهذا جامع فهما للناس شمس وقمر وفيها توفي كرزأ بن وبرة الكوفي كان يسكن جرجان من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الكوفة كان زأاه ًدا عاب ًدا سأل رّبه أن يعطيه السم العظم على أن يسأل رّبه به حأاجة من الدنيا فأعطاه فسأل الله أن يقويه على ختم القرآن فكان يختم كل يوم وليلة ثلث ختمات. وذكر الذهبي وفاة جماعة في هذه السنة قال: وفيها توفي ثابت بن عمارّة بخلف و زأكريا بن أبي زأائدة في قول وسلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي المير وعبد الحميد بن يزيد الجذامي وكهمس بن الحسن التميمي والمثنى بن الصباح ومحمد بن الشعث الخزاعي القائد وأبو جناب الكلبي ومعروف بن سويد الجذامي المصري ويعقوب بن مجاهد في قول. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وإصبعان. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع ونصف. السنة السادسة من ولية يزيد بن حأاتم على مصر وهي سنة خمسين ومائة. فيها خرج أستاذسيس في جموع كثيرة يقال: كان في نحو ثلثمائة ألف مقاتل وغلب على غالب خراسان فخرج لقتالهم الختم المرورّوذي بأهل مرو الروذ فاقتتلوا فقتل الختم في جيشه ثم خرج لقتاله خازأم بن خزيمة وتقاتل أشد قتال وثبت كل من الفريقين حأتى نصر الله السلم وهزم أستاذسيس وكثر القتل في جيشه فقتل منهم سبعون أل ًفا وأسر بضعة عشر أل ًفا وهرب أستاذسيس في طائفة من عسكره إلى الجبل. وفيها عزل الخليفة أبو جعفر المنصورّ جعفر بن سليمان عن إمرة المدينة وولى الحسن بن زأيد بن وفيها توفي المام العظم أبو حأنيفة واسمه النعمان بن ثابت بن زأوطى الفقيه الكوفي صاحأب المذهب ولد سنة ثمانين من الهجرة ورّأى أنس بن مالك الصحابي غير مرة بالكوفة لما قدمها أنس قاله ابن سعد. ورّوى عن عطاء بن أبي رّباح ونافع وسلمة وخلق كثير وتفقه بحماد وغيره حأتى برع في الفقه والرأي وساد أهل زأمانه بل مدافعة في علوم شتى. وقال عبد الله بن المبارّك: أبو حأنيفة أفقه الناس. وقال الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حأنيفة. وقال يزيد بن هارّون: ما رّأيت أحأ ًدا أورّع ول أعقل من أبي حأنيفة. وعن أسد بن عمرو أن أبا حأنيفة صلى العشاء والصبح بوضوء واحأد أرّبعين سنة. قال الذهبي: وقد رّوي من وجهين أنه ختم القرآن في رّكعة. وعن النضر بن محمد قال: كان أبو حأنيفة جميل الوجه نقي الثوب عطر الرائحة. وعن ابن المبارّك واسمه عبد الله قال: ما رّأيت رّجًل أوقر في مجلسه ول أحأسن سمًتا ًما من أبي حأنيفة. وحأل ورّوى إبراهيم بن سعيد الجوهري عن المثنى أن رّجًل قال: جعل أبو حأنيفة على نفسه إن حألف بالله صاد ًقا أن يتصدق بدينارّ. ويروى أن أبا حأنيفة ختم القرآن في الموضع الذي مات فيه سبعة آلف مرة. ورّوى محمد بن سماعة عن محمد بن الحسن عن القاسم بن معن: أن أبا حأنيفة قام ليلة يردد قوله تعالى: بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ويبكي ويتضرع إلى الفجر. وقال يزيد بن هارّون: ما رّأيت أحأ ًدا أحألم من أبي حأنيفة. وعن الحسن بن زأياد: قال أبو حأنيفة: إذا ارّتشى القاضي فهو معزول وإن لم يعزل. وقال إسحاق بن إبراهيم الزهري عن بشر بن الوليد الكندي: طلب المنصورّ أبا حأنيفة فأرّاعه على القضاء وحألف ليلين فأبى وحألف أل يفعل ذلك فقال الربيع حأاجب المنصورّ: ترى أمير المؤمنين يحلف وأنت تحلف! قال: أمير المؤمنين على كفارّة يمينه أقدرّ مني فأمر به إلى السجن فمات فيه ببغداد. وعن مغيث بن بديل قال: دعا المنصورّ أبا حأنيفة إلى القضاء فامتنع فقال: أترغب عما نحن فيه فقال: ل أصلح قال: كذبت قال أبو حأنيفة: فقد حأكم أمير المؤمنين على أني ل أصلح فإن كنت كاذًبا فل أصلح وإن كنت صاد ًقا فقد أخبرتكم أني ل أصلح فحبسه ووقع لبي حأنيفة بسبب القضاء أمورّ مع المنصورّ وهو على امتناعه إلى أن مات. وقال أحأمد بن الصباح: سمعت الشافعي يقول: قيل لمالك: هل رّأيت أبا حأنيفة قال: نعم رّأيت رّجًل لو كلمك في هذه السارّية أن يجعلها ذهًبا لقام بحجته. وقال حأبان بن موسى: سئل ابن المبارّك: أمالك أفقه أم أبو حأنيفة قال: أبو حأنيفة. وقال الخريبي: ما يقع في أبي حأنيفة إل حأاسد أو جاهل. وقال يحيى القطان: ل نكذب الله ما سمعنا بأحأسن من أبي حأنيفة وقد أخذنا بأكثر أقواله. وقال علي بن عاصم: لو وزأن علم أبي حأنيفة بعلم أهل زأمانه لرجح عليهم. وقال حأفص بن غياث: كلم أبي حأنيفة في الفقه أرّق من الشعر ل يعيبه إل جاهل. وقال الحميدي: سمعت ابن عيينة يقول: شيئان ما ظننتهما يجاوزأان قنطرة الكوفة: قراءة حأمزة وفقه أبي حأنيفة وقد بلغا الفاق. وعن العمش أنه سئل عن مسألة فقال: إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت وأظنه بورّك له في علمه. وقال جرير: قال لي مغيرة: جالس أبا حأنيفة تتفقه فإن إبراهيم النخعي لو كان حأًيا لجالسه. وقال محمد بن شجاع سمعت علي بن عاصم يقول: لو وزأن عقل أبي حأنيفة بعقل نصف الناس لرجح بهم. قلت: ومناقب أبي حأنيفة كثيرة وعلمه غزير وفي شهرته ما يغني عن الطناب في ذكره ولو أطلقت عنان القلم في كثرة علومه ومناقبه لجمع من ذلك عدة مجلدات وكانت وفاته رّضي الله عنه في شهر رّجب من هذه السنة ودفن بمقابر بغداد وأقام على ذلك سنين إلى أن بنى عليه شرف الملك أبو سعد محمد بن منصورّ الخوارّزأمي مستوفي مملكة السلطان ملك شاه السلجوقي مشه ًدا في سنة تسع وخمسين وأرّبعمائة وبنى على القبر قبة ومدرّسة كبيرة للحنفية فلما فرغ من عمارّة ذلك جمع الفقهاء والعلماء والعيان ليشاهدوا ما بناه فبينما هم في ذلك إذ دخل عليهم الشريف أبو جعفر مسعود البياضي الشاعر وأنشد: " الطويل " ألم تر أن العلم كان مبد ًدا فجمعه هذا الموسد في اللحد كذلك كانت هذه الرّض ميتة فأنشرها فعل العميد أبي سعد قلت: وأحأسن من هذا ما قاله عبد الله بن المبارّك في مدح أبي حأنيفة القصيدة المشهورّة التي أولها: " الوافر " لقد زأان البلد ومن عليها إمام المسلمين أبو حأنيفة وفيها توفي عبد العزيز بن سليمان أبو محمد الراسبي من الطبقة السادسة من تابعي أهل البصرة كان عاب ًدا زأاه ًدا كانت رّابعة تسميه سيد العابدين كان إذا ذكر القيامة والموت صرخ كما تصرخ الثكلى ويصرخ الحاضرون من جوانب المسجد ورّبما وقع الميت والميتان من جوانب المسجد قاله أبو المظفر في " مرآة الزمان ". أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا ونصف. السنة السابعة من ولية يزيد بن حأاتم على مصر وهي سنة إحأدى وخمسين ومائة. وهي التي عزل فيها. وفيها عزل المنصورّ عمر بن حأفص المهلبي عن السند بهشام بن عمرو وفيها ابتدأ الخليفة أبو جعفر المنصورّ بعمارّة الرصافة بالجانب الشرقي وعمل لها سوًرّا وخند ًقا وأجرى إليها الماء كما فعل ببغداد. وفيها جدد الخليفة أبو جعفر المنصورّ البيعة لولده محمد المهدي ثم لبن أخيه من بعده عيسى بن موسى فكان من يبايعه يقبل يده ويد المهدي ثم يمسح على يد عيسى بن موسى ول يقبلها. قلت: البلء والرياء قديمان. وفيها توفي عبد الله بن عون بن أرّطبان أبو عون مولى عبد الله بن عرة من الطبقة الرابعة من أهل البصرة كان عثمانًيا ثقة ورّ ًعا كثير الحديث. ولد قبل الطاعون الجارّف بثلث سنين وكان إذا مر بالقدرّية ل يسلم عليهم. وذكر الذهبي وفاة جماعة آخرين في هذه السنة قال: وفيها توفي حأنظلة ابن أبي سفيان المكي وداود بن يزيد الودي وسيف بن سليمان في قول وعبد الله بن عون في رّجب وعبد الله بن عامر السلمي يقال فيها وعلي بن صالح المكي وعيسى بن أبي عيسى الخياط الخباط الحناط فإنه باشر الصنائع الثلث: الخياطة وبيع الخبط وبيع الحنطة أو موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي ومحمد بن إسحاق بن يسارّ فيها على قول وهو الصح ومعن بن زأائدة المير والوليد بن كثير المدني بالكوفة وصالح بن علي المير. الماء القديم أرّبعة أذرّع وستة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. ولية عبد الله بن عبد الرحأمن على مصر هو عبد الله بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج " وحأديج بضم الحاء المهملة وفي الخر جيم " التجيبي " بضم التاء المثناة من فوق " المير أبو عبد الرحأمن أمير مصر. وليها من قبل الخليفة أبي جعفر المنصورّ بعد عزل يزيد بن حأاتم المهلبي عنها على الصلة في يوم السبت ثامن عشر شهر رّبيع الخر سنة اثنتين وخمسين ومائة ولم يول على الشرطة أحأ ًدا وباشر هو ذلك بنفسه وكان عبد الله هذا قد ولي الشرطة لغير واحأد من أمراء مصر. ولما استقر في إمرة مصر سكن المعسكر على عادة المراء وهو أول من خطب بالسواد بمصر فأقام بمصر مدة ثم خرج منها ووفد على الخليفة أبي جعفر المنصورّ ببغداد في سنة أرّبع وخمسين ومائة واستخلف أخاه محمد بن عبد الرحأمن على الصلة ثم رّجع إلى مصر في آخر السنة المذكورّة ودام بها إلى أن توفي وهو على إمرة مصر في مستهل صفر سنة خمس وخمسين ومائة واستخلف أخاه محم ًدا على صلة مصر فأقره الخليفة أبو جعفر المنصورّ على إمرة مصر بعده فكانت ولية عبد الله هذا على مصر ثلث سنين ً تنقص ما. أيا وعبد الله هذا وأبوه من أكابر المصريين من أعوان بني أمية غير أنه استأمن سليمان بن علي العباسي لما استأمنه عمرو بن معاوية بن عمرو بن سفيان بن عتبة بن أبي سفيان. وسببه أنه لما قتل غالب بني أمية خاف عمرو المذكورّ فقال: اختفيت فكنت ل آتي مكاًنا إل عرفت به فضاقت علي الدنيا فقصدت سليمان بن علي وهو ل يعرفني فقلت له: ً لفظتني البلد إليك ودلني فضلك عليك فإما قتلتني فاسترحأت وإما ما رّددتني سال فسلمت فقال: ومن أنت فعرفته نفسي فقال: مرحأًبا بك " ما " حأاجتك فقلت له: إن الحرم اللواتي أنت أولى " الناس " بهن وأقربهم إليهن قد خفن تخوفنا ومن خاف خيف عليه. قال: فبكى سليمان كثي ويحفظ حأرمك ثم كتب ًرا ثم قال: بل يحقن الله دمك ويوفر مالك إلى السفاح: يا أمير المؤمنين إنه قد دفت دافة من بني أمية علينا وإنا إنما قتلناهم على عقوقهم ل على أرّحأامهم فإننا يجمعنا وإياهم عبد مناف فالرحأم تبل ول تقتل وترفع ول ً توضع فإن رّأى أمير المؤمنين أن يهبهم لي فليفعل وإن ما إلى فعل فليجعل كتاًبا عا البلدان - شكر الله تعالى على نعمه - فأجابه إلى ما سأل. وكان هذا أول أمان لبني أمية ودخل فيه صاحأب الترجمة وغيره. السنة الولى من ولية عبد الله وهي سنة اثنتين وخمسين ومائة. فيها حأج بالناس الخليفة أبو جعفر المنصورّ. وفيها وثب الخوارّج ببست على عاملها معن بن زأائدة الشيباني فقتلوه لجورّه وعسفه. وفيها غزا حأميد بن قحطبة كابل و وله المنصورّ إقليم خراسان. وفيها ولي البصرة يزيد بن المنصورّ. وفيها توفي معن بن زأائدة بن عبد الله بن زأائدة بن مطر بن شريك الشيباني المير أبو الوليد وقيل أبو يزيد. ًما ممد ًحأا. كان أحأد الجواد وكان شجا ًعا مقدا وحأكاياته في الجود والكرم مشهورّة. وكان أوًل مع ابن هبيرة ثم اختفى حأتى كانت وقعة الراوندية مع المنصورّ المقدم ذكرها ًما فوله المنصورّ اليمن ًل فلما كانت الوقعة خرج معن وقاتل بين يدي المنصورّ قتا عظي ثم سجستان وقيل: إن مع ًنا دخل مرة على الخليفة أبي جعفر المنصورّ: فقال له المنصورّ: هيه يا معن تعطي مروان ابن أبي حأفصة مائة ألف درّهم على قوله: " الكامل " معن بن زأائدة الذي زأيدت به شر ًفا على شرف بنو شيبان فقال: كل يا أمير المؤمنين إنما أعطيته على قوله في هذه القصيدة: مازألت يوم الهاشمية معلًنا بالسيف عون خليفة الرحأمن فقال: أحأسنت يا معن ما أكثر وقوع الناس في قومك! فقال: يا أمير المؤمنين: " محسدة ول ترى للئام الناس حأسادا ودخل عليه يو ً البسيط " إن العرانين تلقاها ما وقد أسن فقال: كبرت يا معن فقال: في طاعتك يا أمير المؤمنين قال: وإنك لجلد قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين قال: وفيك بقية قال: هي لك يا أمير المؤمنين. وعرض هذا الكلم على عبد الرحأمن بن يزيد زأاهد أهل البصرة فقال: ويح هذا! ما ترك لربه شيًئا. وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر في هذه السنة قال: " مات إبراهيم بن أبي عبلة وأبو خلدة خالد بن دينارّ البصري " وتوفي أبو عامر صالح بن رّستم الخزازأ وعبد الله بن أبي يحيى السلمي وعمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي وطلحة بن عمرو المكي وعباد بن منصورّ الناجي " وأبو حأرة واصل بن عبد الرحأمن " ويونس بن يزيد اليلي في قول. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وإصبع واحأد ونصف إصبع. السنة الثانية من ولية عبد الله وهي سنة ثلث وخمسين ومائة. فيها قتل متولي إفريقية عمر بن حأفص بن عثمان بن أبي صفرة الزأدي خرجت عليه أمم من البربر وعليهم أبو حأاتم الباضي وأبو عاد فيقال: إنهم كانوا في خمسة وثمانين ألف فارّس ومائتي ألف رّاجل وكانوا بايعوا أبا قرة الصفري بالخلفة. وفيها ألزم الخليفة أبو جعفر المنصورّ رّعيته بلبس القلنس الطوال المعروفة بالمدينة وكانوا يعملونها بالقصب والورّق ويلبسونها السواد وفيها يقول أبو دلمة: " الطويل " وكنا نرجي من إمام زأيادة فزاد المام المصطفى في القلنس تراها على هام الرجال كأنها دنان يهود جئت بالبرانس وفيها غزا مسعود بن عبد الله الجحدرّي الصائفة وفتح حأصًنا بالروم عنوة. وفيها ولي بكارّ بن مسلم أرّمينية. وفيها أغارّت الحبشة على جدة فجهز إليهم الخليفة أبو جعفر المنصورّ المراكب. وفيها سخط المنصورّ على وزأيره أبي أيوب المورّياني واستأصله وحأبس معه أولد أخيه سعي ًدا ومسعو ًدا ومحم ًدا ومخل ًدا وقتل في السنة التية. وكان الذي سعى بأبي أيوب هذا هو كاتبه أبان بن صدقة. وفيها توفي شقيق بن ابراهيم الزاهد أبو علي البلخي الزأدي كان من كبارّ مشايخ خراسان وله لسان في التوكل وهو أول من تكلم في التصوف وعلوم الحأوال بكورّة خراسان وهو أستاذ حأاتم الصم وكان لشقيق دنيا واسعة خرج عنها وتزهد وصحب إبراهيم بن أدهم. وفيها توفي وهيب بن الورّد مولى بني مخزوم من الطبقة الثالثة من أهل مكة وكان اسمه عبد الوهاب فصغر وهيًبا وكانت له أحأاديث ومواعظ. رّوى عنه عبد الله بن المبارّك وغيره وكنيته أبو عثمان وقيل أبو أمية وكان زأاه ًدا ينظر في دقائق الورّع. قال بشر الحافي: أرّبعة رّفعهم الله بطيب المطعم: وهيب بن الورّد وإبراهيم بن أدهم ويوسف بن أسباط وسلم الخواص. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وثلثة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرة أصابع. السنة الثالثة من ولية عبد الله بن عبد الرحأمن التجيبي على مصر وهي سنة أرّبع وخمسين ومائة. فيها قدم الخليفة أبو جعفر المنصورّ الشام وزأارّ بيت المقدس ثم جهز يزيد بن حأاتم في خمسين أل ًفا لحرب الخوارّج بإفريقية وأنفق المنصورّ على الجيش المذكورّ مع شحه بالمال ستين ألف ألف درّهم وزأيادة ثم ولى قضاء دمشق ليحيى بن حأمزة فاعتل يحيى بأنه شاب فقال: إني أرّى أهل بلدك قد أجمعوا عليك فإياك والهدية فبقي يحيى على قضاء دمشق ثلثين سنة. قال الواقدي: وفيها نزلت صاعقة بالمسجد الحرام فأهلكت خمسة نفر. وفيها مات الوزأير أبو أيوب المورّياني وكان المنصورّ صادرّه وسجنه وأخاه خال ًدا وبني أخيه في السنة الماضية فلما مات ضرب المنصورّ أعناق بني أخيه. وفيها حأج بالناس محمد بن المام إبراهيم العباسي أمير مكة. وفيها توفي الحكم بن أبان العدني وهو من الطبقة الثالثة من أهل اليمن كان سيد أهل اليمن في الزهد والعبادة والصلح كان يصلي الليل كله فإذا غلبه النوم ألقى نفسه في الماء وقال لنفسه: سبحي الله عز وجل مع الحيتان. وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر قال: وتوفي أشعب الطماع وجعفر بن برقان والحكم بن أبان العدني ورّبيعة بن عثمان التيمي وعبد الله بن نافع مولى ابن عمر وعبد الرحأمن بن يزيد بن جابر الدمشقي وعبيد الله بن عبد الله بن موهب وعلي بن صالح بن حأي الكوفي وعمر بن إسحاق بن يسارّ المدني وقرة بن خالد السدوسي ومحمد بن عبد الله بن مهاجر الشعيثي وأبو عمرو بن العلء المازأني ومعمر في قول. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاع وستة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. ولية محمد بن عبد الرحأمن على مصر هو محمد بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج التجيبي أمير مصر وليها باستخلف أخيه عبد الله بن عبد الرحأمن له بعد موته فأقره الخليفة أبو جعفر المنصورّ على ذلك ووله مصر على الصلة والخراج وذلك في سنة خمس وخمسين ومائة فجعل على شرطته العباس بن عبد الرحأمن بن ميسرة وسكن المعسكر وسارّ في الناس سيرة مشكورّة غير أنه لم تطل أيامه ومرض ولزم الفراش حأتى مات في النصف من شوال من سنة خمس وخمسين ومائة. فكانت ولايته على إمرة مصر استقلًل بعد موت أخيه عبد الله ثمانية أشهر ونص ًفا. وتولى إمرة مصر من بعده موسى بن وفي أيام ولايته على مصر خرجت عساكر مصر إلى إفريقية صحبتها يزيد بن حأاتم فقام محمد هذا بأمرهم أتم قيام وجهزهم وحأمل إلى يزيد الموال والخيل والسلح والرواتب حأتى سارّ إلى جهة المغرب وقاتل من بها وقتل أبا عاد وأبا حأاتم وملك القيروان وسائر الغرب وبعث إلى محمد هذا ليعرف الخليفة بذلك فوجده الرسول قد مات قبل وصوله بأيام. وقد تقدم ذكر نسب محمد هذا في ترجمة أخيه عبد الله بن عبد الرحأمن فل حأاجة للعادة. السنة التي حأكم فيها محمد بن عبد الرحأمن وغيره من المراء على مصر وهي سنة خمس وخمسين ومائة. فيها استنقذ يزيد بن حأاتم المعزول عن إمرة مصر قبل تارّيخه بلد المغرب من يد الخوارّج بعد حأروب عظيمة وقتل أبا عاد وأبا حأاتم ملكي الخوارّج ومهد إقليم المغرب ًرا. ًما أمي وأصلح أمورّه وبقي على إمرة المغرب خمسة عشر عا وفيها عزل الخليفة أبو جعفر المنصورّ عن إمرة المدينة الحسن بن زأيد العلوي بعبد الصمد بن علي العباسي عم الخليفة المنصورّ. وفيها بنى المنصورّ أسوارّ الكوفة والبصرة ونيسابورّ وأدارّ عليها الخندق من أموال أهلها. وفيها عزل الخليفة أبو جعفر المنصورّ أخاه العباس بن محمد عن الجزيرة وصادرّه وحأبسه لشكوى وفيها توفي أشعب بن جبير الطماع وأمه جعدة وقيل أم حأميد. وقيل إنه كان مولى عثمان بن عفان رّضي الله عنه وقيل مولى سعيد بن العاص وقيل مولى عبد الله بن الزبير وقيل مولى فاطمة بنت الحسين وكان أزأرّق العينين أحأول أقرع ًل. نشأ بالمدينة وقيل ولد سنة تسع من الهجرة وعاش ده ًرا طوي وكان أشعب قد تعبد وقرأ القرآن وتنسك ورّوى الحديث وكان حأسن الصوت وله أخبارّ كثيرة مستظرفة في الطمع وغيره. رّوى الصمعي قال: عبث الصبيان بأشعب فقال: ويحكم! اذهبوا سالم يقسم تم ًرا فعدوا فعدا معهم وقال: ما يدرّيني لعله حأق. وقال أبو أمية الطرسوسي: حأدثنا ابن أبي عاصم النبيل عن أبيه قال: قلت لشعب الطماع: أدرّكت التابعين. فما كتبت شيًئا فقال: حأدثنا عكرمة عن ابن عباس قال: " لله على عبده نعمتان " ثم سكت فقلت: اذكرهما فقال: الواحأدة نسيها عكرمة والخرى نسيتها أنا. ورّوى ابن أبي عبد الرحأمن الغزي عن أبيه قال أشعب: ما خرجت في جنازأة فرأيت اثنين يتسارّان إل ظننت أن الميت أوصى لي بشيء. وعن ابن أبي عاصم قال: مررّت يو ًما فإذا أشعب ورّائي فقلت: ما لك. قال: رّأيت قلنسوتك قد مالت فقلت: لعلها تقع فآخذها. فأخذتها عن رّأسي فدفعتها إليه. وحأكايات أشعب في الطمع كثيرة مشهورّة وقيل إنه كان وفيها توفي مسعر بن كدام بن ظهير بن عبيدة بن الحارّث أبو سلمة الهللي الكوفي الحأول الحافظ الزاهد. قال سفيان بن عيينة: رّأيت مسع ًرا ورّ ًعا يحدثه الرجل بشيء هو أعلم به منه فيستمع له وينصت وما لقيت أحأ ًدا أفضله عليه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. M0لية موسى بن علي على مصر هو موسى بن علي بن رّباح المير أبو عبد الرحأمن اللخمي المصري أمير مصر ولي إمرة مصر باستخلف محمد بن عبد الرحأمن التجيبي إليه فأقره الخليفة أبو جعفر المنصورّ على إمرة مصر على الصلة وذلك في شوال سنة خمس وخمسين ومائة فجعل على شرطته أبا الصهباء محمد بن حأسان الكلبي وباشر إمرة مصر إلى سنة ست وخمسين ومائة وفي ولايته لما خرج عليه قبط مصر وتجمعوا ببعض البلد فبعث موسى هذا بعسكر فقاتلوهم حأتى هزموهم وقتل منهم جماعة وعفا عن جماعة ومهد أمورّ مصر وكان فيه رّفق بالرعية وتواضع وكان يتوجه إلى المسجد ماشًيا وصاحأب شرطته بين يديه يحمل الحربة وكان إذا أقام صاحأب الشرطة الحدود بين يديه يقول له موسى هذا: أرّحأم أهل البلد وكان يحدث فيكتب الناس عنه. قال الذهبي في " تذهيب التهذيب ": ولي الديارّ المصرية ست سنين وحأدث عن أبيه وعن الزهري وعن ابن المنكدرّ وجماعة وحأدث عنه أسامة بن زأيد الليثي والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة وابن المبارّك وابن وهب ووكيع وأبو عبد الرحأمن المصري وعبد الرحأمن بن مهدي ومحمد بن سنان العوفي ورّوح بن صلح الموصلي ثم المصري وطائفة آخرهم موًتا القاسم بن هانىء العمى بمصر ووثقه أحأمد وابن معين والعجلي والنسائي. وقال أبو حأاتم: كان رّجًل صال ًحا يتقن حأديثه ل يزيد ول ينقص صالح الحديث من الثقات. وقال الحافظ أبو سعيد بن يونس: ولد بإفريقية سنة تسعين ومات بالسكندرّية سنة ثلث وستين ومائة. وقال غيره: أقام على إمرة مصر إلى أن توفي الخليفة أبو جعفر المنصورّ في سادس ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة وولي الخلفة من بعده ابنه محمد المهدي فأقر المهدي موسى هذا على إمرة مصرة فاستمر على ذلك إلى أن عزله المهدي بعد ذلك في سابع عشر ذي الحجة سنة إحأدى وستين ومائة وولى بعده على مصر عيسى بن لقمان فكانت ولايته على مصر ست سنين وشهرين. وقال صاحأب " البغية ": ثم صرفه المهدي يوم الثنين لثلث عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة إحأدى وستين ومائة ومدة ولايته ست سنين وشهران. قلت: وافقنا صاحأب " البغية " في المدة والسنة وخالفنا في شهر عزله. قلت: وفي أيامه كان خروج يوسف بن إبراهيم المعروف بالبرم. خرج ملتز ًما بخراسان هو ومن معه منك ًرا على الخليفة محمد المهدي ونقم عليه في سيرته التي يسير بها وكتب إلى موسى هذا ليوافقه فنهر قاصده وقبض عليه وكتب بذلك! لمهدي واجتمع مع البرم بشر كثير فوجه إليه المهدي يزيد بن مزيد الشيباني وهو ابن أخي معن بن زأائدة الشيباني فلقيه يزيد فاقتتل حأتى صارّا إلى المعانقة فأسره يزيد المذكورّ وبعث به وبأصحابه إلى المهدي فلما بلغوا النهروان حأمل يوسف البرم على بعير قد حأول وجهه إلى ذنبه وكذلك أصحابه فأدخلوهم إلى الرصافة على تلك الحالة وقطعت يدا يوسف ورّجله ثم قتل هو وأصحابه وصلبوا على الجسر. وقيل: إن يوسف المذكورّ كان حأرورًّيا فتغلب على بوشنج وعليها مصعب أبن زأرّيق جد طاهر بن الحسين فهرب منه وكان تغلب أي ًضا على مرو الروذ والطالقان وجوزأجان وقد كان من جملة أصحابه أبو معاذ الفريابي فقبض عليه معه. السنة الولى هن ولية موسى وهي سنة ست وخمسين ومائة. فيها عزل الخليفة أبو جعفر المنصورّ الهيثم بن معاوية عن إمرة البصرة بسوارّ بن عبد الله فاستقر سوارّ على إمرتها والقضاء جمع له بينهما ولما عزل الهيثم قدم بغداد فأقام أبها أيامأ ومات فجأة على صدرّ سريته وهو يجامع فخرج المنصورّ في جنازأته وصلى عليه ودفن في مقابر قريش. وفيها توفي حأمزة بن حأبيب بن عمارّة أبو عمارّة الزيات أحأد القراء السبعة كان العمش إذا رّآه يقول: هذا حأبر القرآن. ًها وفيها توفي عبد الرحأمن بن زأياد أبو خالد الفريقي المعافري قاضي إفريقية كان فقي زأاه ًدا ورّ ًعا وهو أول مولود ولد بالسلم بإفريقية وهو من الطبقة الخامسة من أهل المغرب. وفد على خلفاء بني أمية وكان قوا الله. ًل بالحق مشكورّ السيرة عدًل رّحأمه وفيها توفي حأماد الراوية أبو القاسم بن أبي ليلى ولؤه لبكر بن وائل. ًرا بأيام ًما وقيل اسم أبيه سابورّ بن مبارّك الديلمي الكوفي وكان إخبارًّيا عال علمة خبي العرب وشعرها وامتحنه الوليد بن يزيد الخليفة في حأفظ الشعر فتعب فوكل به من يستوفي عليه فأنشد ألفين وسبعمائة قصيدة مطولة فأمر له الوليد بمائة ألف درّهم. وفيها توفي أي ًضا حأماد عجرد واسمه حأماد بن يونس بن كليب أبو يحيى الكوفي وقيل: الواسطي كان أي ًضا إخبارًّيا علمة وكان بينه وبين بشارّ بن برد الشاعر العمى التي ذكره أهاج ومفاوضات وكان بالكوفة في عصر واحأد الحمادون الثلثة: حأماد الراوية المقدم ذكره وحأماد عجرد هذا وحأماد بن الزبرقان فكانوا يشربون الخمر ويتهمون بالزندقة. قال خلف بن المثنى: كان يجتمع بالبصرة عشرة في مجلس ل يعرف مثلهم: الخليل بن أحأمد صاحأب العروض سني والسيد " ابن " محمد الحميري الشاعر رّافضي وصالح بن عبد القدوس ثنوي وسفيان بن مجاشع صفري وبشارّ بن برد خليع ماجن وحأماد عجرد زأنديق وابن رّأس الجالوت الشاعر يهودي وابن نظير النصراني متكلم وعمرو ابن أخت ًرّا ًرّا وأخبا المؤيد مجوسي وابن سنان الحراني الشاعر صابئي فيتناشد الجماعة أشعا فكان بشارّ يقول: أبياتك هذه يا فلن أحأسن من سورّة كذا وكذا وبهذا المزاح ونحوه ًرّا وقيل: وفاة حأماد عجرد سنة خمس وخمسين ومائة وقيل: سنة إحأدى كفروا بشا وستين ومائة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّا ًعان وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا واثنان وعشرون إصب ًعا. موسى بن علي اللخمي على مصر وهي سنة سبع وخمسين ومائة. فيها أنشأ الخليفة أبو جعفر المنصورّ قصره الذي سماه الخلد على شاطىء دجلة. وفيها عرض المنصورّ جيوشه في السلح والخيل وخرج وهو عليه درّع وقلنسوة سوداء مصرية وفوقها الخوذة. وفيها نقل المنصورّ السواق من بغداد وعملت بظاهرها بباب الكرخ ووسع شوارّع بغداد وهدم دوًرّا كثيرة لذلك. وفيها غزا الروم يزيد بن أسيد السلمي فوجه على بعض جيشه سناًنا مولى البطال فسبى وقتل وغنم. وفيها توفي سوارّ بن عبد الله قاضي البصرة كان عاد ًل في حأكمه شكاه أهل البصرة إلى المنصورّ فاستقدمه المنصورّ فلما قدم عليه جلس فعطس المنصورّ فلم يشمته سوارّ فقال له المنصورّ: ما لك لم تشمتني فقال: لنك لم تحمد الله فقال المنصورّ: أنت ما حأابيتني في عطسة تحابي غيري! ارّجع إلى عملك. وفيها توفي عبد الوهاب ابن المام إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي ابن أخي المنصورّ. وله عمه المنصورّ دمشق وفلسطين والصائفة ولم تحمد ولايته وولي عدة أعمال غير ذلك. وكان أبوه إبراهيم بويع بالخلفة بعد موت أبيه فلم يتم أمره وقبض عليه مروان الحمارّ وحأبسه حأتى مات فعدل الناس بعده إلى أخيه السفاح وبايعوه فتم أمره. وفيها توفي عبد الرحأمن بن عمرو بن يحمد الفقيه أبو عمرو الوزأاعي فقيه الشام وصاحأب المذهب المشهورّ الذي ينسب إليه الوزأاعية قدي من همدان ًما والوزأاع: بطن وقيل: من حأمير الشام وقيل قرية بدمشق وقيل: إنما سمي الوزأاعي لنه من أوزأاع القبائل ومولده ببعلبك ونشأ بالبقاع ونقلته أمه إلى بيروت فرابط بها إلى أن مات بها ًما فجأة فوجدوه يده اليمنى تحت خده وهو ميت وكان فقي كثير الحديث ًها ثقة فاض ًل عال حأجة رّحأمه الله. وفيها توفي محمد بن طارّق المكي من الطبقة الثالثة من أهل مكة كان من الزهاد العباد. قال محمد بن فضل: رّأيته في الطواف وقد انفرج له أهل الطواف فحزرّ طوافه في اليوم والليلة فكان عشرة فراسخ. وبه ضرب ابن شبرمة المثل حأيث قال: " البسيط " لو شئت كنت ككرزأ في تعبده أو كابن طارّق حأول البيت في الحرم قد حأال عون لذيذ العيش خوفهما وسارّعا في طلب الفوزأ فالكرم وذكر الذهبي وفاة جماعة مختلف فيهم فقال: وفيها توفي - قاضي مرو - الحسين بن واقد وسعيد بن أبي عروبة في قول وطلحة بن أبي سعيد السكندرّاني وعامر بن إسماعيل الحارّثي أو عمر بن صهبان المير وفقيه الشام عبد الرحأمن بن عمرو الوزأاعي ومحمد بن عبد الله ابن أخي الزهري ومصعب بن ثابت بن الزبير في قول ويوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي بفتح السين وأبو محنف لوط في قول. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّا ًعان وثمانية عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. M0لنة الثالثة من ولية موسى بن علي اللخمي على مصر وهي سنة ثمان وخمسين ومائة. فيها حأج بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد العباسي ابن أخي الخليفة أبي جعفر المنصورّ وهو شاب أمرد. وفيها مات طاغية الروم. وفيها ولى الخليفة خالد بن برمك الجزيرة وكان ألزمه الخليفة المنصورّ بثلثة آلف ألف درّهم. وفيها توفي زأفر بن الهذيل العنبري المام الفقيه صاحأب أبي حأنيفة ومولده سنة عشر ومائة رّوى علي بن المحرك عن الحسن بن زأياد قال: كان زأفر وداود الطائي متحابين فأما داود فترك الفقه وأقبل على العبادة وأما زأفر فجمعهما. قال أبو نعيم: كنت أعرض الحديث على زأفر فيقول: هذا ناسخ وهذا منسوخ وهذا يؤخذ وهذا يرفض. وقال الحسن بن زأياد: ما رّأيت أحأ ًدا يناظر زأفر إل رّحأمته. قلت: يعني لكثرة علومه وبلغته وقدرّته على العلم. وهو أول أصحاب أبي حأنيفة موًتا رّحأمه الله. وفيها توفي شيبان الراعي وكان من كبارّ الفقهاء من الزهاد والعباد وكان من أكابر أهل دمشق ثم ترك الدنيا وخرج إلى جبل لبنان فانقطع به وأكل المباحأات وصحب سفيان الثورّي وغيره. قيل: إنه كان إذا حأصل له جنابة أتته سحابة مطر فيغتسل منها وكان إذا ذهب إلى الجمعة يخط على غنمه خ ًطا فيجيء فلم يجدها تتحرك. قال الهيثم: حأج شيبان وسفيان الثورّي فعرض لهما سبع فقال سفيان: أما ترى السبع فقال شيبان ل تخف غير الله عز وجل فلما سمع السبع صوت شيبان جاء إليه وبصبص فعرك شيبان أذنه بعد أن بصبص السبع فقال له: اذهب. وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أبو جعفر المنصورّ الهاشمي العباسي ولد في سنة خمس وتسعين أوفي حأدودها وأمه أم ولد اسمها سلمة البربرية ورّوى عن أبيه وجده ورّوى عنه ولده محمد المهدي وكان قبل أن يلي الخلفة يقال له: عبد الله الطويل ولي الخلفة بعد موت أخيه عبد الله السفاح أتته البيعة وهو بمكة فإنه كان حأج تلك السنة بعهد السفاح إليه لما احأتضر في سنة ست وثلثين ومائة فدام فيها اثنتين وعشرين سنة إلى أن مات في ذي الحجة. وولي الخلفة من بعده ابنه محمد المهدي بعهد منه إليه. وقال الربيع بن يونس الحاجب: سمعت المنصورّ يقول: الخلفاء أرّبعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والملوك أرّبعة: معاوية وعبد الملك وهشام وأنا. قال شباب: أقام الحج للناس أبو جعفر المنصورّ سنة ست وثلثين ومائة وسنة أرّبعين ومائة وسنة أرّبع وأرّبعين ومائة وسنة اثنتين وخمسين ومائة. وزأاد الفسوي أنه حأج أي ًضا سنة سبع وأرّبعين ومائة. قال أبو العيناء حأدثنا الصمعي: أن المنصورّ صعد المنبر فشرع في الخطبة فقام رّجل فقال: يا أمير المؤمنين اذكر من أنت في ذكره فقال له: مرحأًبا لقد ذكرت جليًل وخوفت ًما وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل له: اتق الله عظي أخذته العزة بالثم والموعظة منا بدت ومن عندنا خرجت وأيت يا قائلها فأحألف بالله ما الله أرّدت إنما أرّدت أن يقال: قام فقال فعوقب فصبر فأهون بها من قائلها. وإياك وإياكم معشر الناس وأمثالها ثم عاد إلى الخطبة وكأنما يقرأ من كتاب. وقال الربيع: كان المنصورّ يصلي الفجر ثم يجلس أو ينظر في مصالح الرعية إلى أن يصلي الظهر ثم يعود إلى ذلك إلى أن يصلي العصر ثم يعود إلى أن يصلي المغرب فيقرأ ما بين المغرب والعشاء الخرة ثم يصلي العشاء ويجلس مع سمارّه إلى ثلث الليل الول فينام الثلث الوسط ثم ينتبه إلى أن يصلي الفجر ويقرأ في المصحف إلى أن ترتفع الشمس فيجلس للناس فكان هذا دأبه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّا ًعان سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وإصبعان ونصف. السنة الرابعة من ولية موسى بن علي اللخمي على مصر وهي سنة تسع وخمسين ومائة. فيها خرج الخليفة محمد المهدي من بغداد فنزل البردان وجهز الجيوش إلى الصائفة وجعل على الجيوش عمه العباس بن محمد العباسي وبين يديه الحسن بن وصيف في الموالي وقواد خراسان وغيرهم فسارّوا إلى الروم حأتى بلغوا أنقرة وفتحوا مدينة يقال لها: المطمورّة وعادوا سالمين غانمين. وفيها فتح الخليفة المهدي الخزائن وفرق الموال. وذكر الربيع الحاجب قال: مات المنصورّ وفي وفيها أمر المهدي بإطلق من كان في حأبس أبيه إل من كان عليه دم وأشباه ذلك. وفيها أعتق المهدي جارّيته الخيزرّان وتزوجها وهي أم الهادي والرشيد. وفيها عزم المهدي على خلع ابن عمه عيسى بن موسى من ولية العهد وتولية ولده موسى الهادي " فكتب إلى عيسى بن موسى بالقدوم عليه " فامتنع عيسى من ذلك. وفيها توفي عبد العزيز مولى المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة من الطبقة الرابعة من أهل مكة وكان معرو ًفا بالعبادة والورّع وله أحأاديث. وفيها أطلق المهدي الحسن وأخاه ولدي إبراهيم بن عبد الله بن حأسن وسلم الحسن إلى أمير يحتفظ به فهرب الحسن فتلطف المهدي حأتى وقع به بعد مئة. وفيها عزل المهدي إسماعيل الثقفي عن الكوفة بعثمان بن لقمان الجمحي وقيل بغيره. وفيها عزل المهدي خاله يزيد بن منصورّ عن اليمن وولها رّجاء بن رّوح. وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر في هذه السنة قال: وتوفي أصبغ بن زأيد الواسطي وحأميد بن قحطبة المير وعبد العزيز بن أبي رّواد بمكة وعكرمة بن عمارّ اليمامي وعمارّ بن رّزأيق الضبي ومالك بن مغول قيل في أولها ومحمد بن عبد الرحأمن بن أبي ذئب ويونس بن أبي إسحاق السبيعي وأبو بكر الهذلي واسمه سلمى. الماء القديم ذرّا ًعان وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا باصبعان. السنة الخامسة من ولية موسى بن علي اللخمي على مصر وهي سنة ستين ومائة. فيها عزل المهدي أبا عون عن إمرة خراسان وولها بعده معاذ بن مسلم. وفيها حأج بالناس الخليفة محمد المهدي ونزع المهدي كسوة البيت الحرام وكساه كسوة جديدة فقيل: إن حأجبة الكعبة أنهوا إليه أنهم يخافون على الكعبة أن تهدم لكثرة ما عليها من الستارّ فأمر بها فجردت عنها الستورّ فلما انتهوا إلى كسوة هشام بن عبد الملك بن مروان وجدوها ديبا ًجا غلي ًظا إلى الغاية. ويقال: إن المهدي فرق في حأجته هذه في أهل الحرمين ثلثين ألف ألف درّهم منها دنانير كثيرة ووصل إليه من اليمن أرّبعمائة ألف دينارّ فقسمها أي ًضا في الناس وفرق من الثياب الخام مائة ألف ثوب وخمسين ألف ثوب ووسع في مسجد النبي - صلى الله عليه و سلم - وقررّ في حأرسه خمسمائة رّجل من النصارّ ورّفع أقدارّهم. وفيها خلع المهدي ابن عمه عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس من ولية وفيها توفي إبراهيم بن أدهم بن منصورّ بن يزيد بن جابر التميمي العجلي أبو إسحاق البلخي وأصله من كورّة بلخ من أبناء الملوك حأج أدهم ومعه امرأة فولدت بمكة إبراهيم هذا فطاف به أبوه حأول الكعبة ودارّ به على الخلق في المسجد وقال: ادعوا له. قال ابن مندة: سمعت عبد الله بن محمد البلخي سمعت عبد الله بن محمد العابد سمعت يونس بن سليمان البلخي يقول: كان إبراهيم بن أدهم من الشراف وكان أبوه شري ًفا كثير المال والخدم والجنائب والبزاة فبينما إبراهيم يأخذ كلبه وبزاته للصيد وهو على فرسه يركضه إذ هو بصوت يناديه: يا إبراهيم ما هذا العبث! فحسبتم أنما خلقناكم عبًثا. اتق الله وعليك بالزاد ليوم الفاقة قال: فنزل عن دابته ورّفض الدنيا. وذكر الذهبي بإسناد عن إبراهيم بن أدهم أنه قيل لبراهيم بن أدهم: ما كرامة المؤمن على الله قال: أن يقول للجبل تحرك فيتحرك قال: فتحرك الجبل فقال: ما إياك عنيت. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّا ًعان وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا سواء. ولية عيسى بن لقمان هو عيسى بن لقمان بن محمد بن حأاطب الجمحي " بضم الجيم وتقدمها نسبة إلى جمح أمير مصر وليها بعد عزل موسى بن علي اللخمي من قبل أمير المؤمنين محمد الهادي على الصلة والخراج م ًعا في سنة إحأدى وستين ومائة وكان دخوله إلى مصر في يوم الثنين لثلث عشرة ليلة بقسين من ذي الحجة سنة إحأدى وستين ومائة فجعل على الشرطة الحارّث بن الحارّث الجمحي وهو من بني عمه ثم سكن عيسى هذا المعسكر على عادة أمراء مصر ودام على إمرة مصر مدة يسيرة ثم جاءه الخبر بعزله عن إمرة مصر في جمادى الخرة لثنتي عشرة بقيت منها من سنة اثنتين وستين ومائة وولية واضح مولى أبي جعفر المنصورّ. فكانت ولية عيسى هذا على مصر نحو خمسة أشهر وهي بسفارّة يعقوب بن داود. وكان سبب تقدم يعقوب بن داود عند المهدي لما أحأضره المهدي عنده في أمر الحسن بن إبراهيم العلوي فقال يعقوب: يا أمير المؤمنين إنك قد بسطت عدلك لرعيتك وأنصفتهم وأحأسنت إليهم فعظم رّجاؤهم انفسحت آمالهم وقد بقيت أشياء لو ذكرتها لك لم تدع النظر فيها وأشياء خلف بابك يعمل فيها ول تعلم بها فإن جعلت لي السبيل إليك رّفعتها فأمره بذلك. فكان يدخل عليه كلما أرّاد ويرفع إليه النصائح في المورّ الحسنة الجميلة من أمورّ الثغورّ والوليات وبناء الحصون وتقوية الغزاة وتزويج العزاب وفكاك السرى والمحبسين والقضاء عن الغارّمين والصدقة على المتعففين فحظي عنده بذلك وتقدمت منزلته حأتى سقطت منزلة أبي عبيد الله وحأبس. وكتب المهدي توقي ًعا بأنه اتخذه أ ًخا في الله ووصله بمائة ألف درّهم. ولما عزل عيسى هذا عن إمرة مصر قربه إلى المهدي فأكرمه غاية الكرام. السنة التي حأكم فيها عيسى بن لقمان على مصر وهي سنة إحأدى وستين ومائة. على أنه ولي في آخرها غير أننا نذكرها في ترجمته ونذكر سنة اثنتين وستين ومائة في ً ترجمة غيره لن ك ًل منهما ترجمته غير مستوفاة لقلة اعتناء المؤرّخين ما. بهما قدي فيها خرج المقنع الخارّجي بخراسان - واسمه عطاء وقيل حأكيم - بأعمال مرو وادعى النبؤة وكان يقول بتناسخ الرّواح واستغوى خل ًقا عظي ورّاء النهر ًما وتوثب على بعض ما فانتدب لحربه أمير خراسان معاذ بن مسلم والمير جبريل بن يحيى وليث مولى المهدي وسعيد الحرشي فجمع المقنع القوات وتحضن للحصارّ بقلعة من أعمال كش على ما يأتي ذكره. وفيها ظفر نصر بن " محمد بن " الشعث الخزاعي بعبد الله ابن الخليفة مروان الحمارّ الموي المكنى بأبي الحكم وهو أخو عبيد الله وكانا ولي عهد مروان فلما قتل مروان حأسبما ذكرناه بديارّ مصر هرب عبد الله هو وأخوه إلى الحبشة فقتل عبيد الله واختفى هذا إلى أن أتي به إلى المهدي فجلس له مجل ًسا عا من يعرف هذا فقام عبد ًما وقال: العزيز العقيلي إلى جنبه ثم قال له: أبو الحكم قال: نعم فسجنه المهدي. وفيها - أمر المهدي بعمارّة طريق مكة وبنى بها قصوًرّا أوسع من القصورّ التي أنشأها عمه السفاح وعمل البرك وجدد الميال ودام العمل في ذلك حأتى تم في عشر سنين. ثم أمر المهدي بترك المقاصير التي في الجوامع وقصر المنابر وصيرها على مقدارّ منبر رّسول الله صلى الله عليه و سلم وفيها حأج بالناس موسى الهادي ولي عهد المهدي وابنه الكبر. وفيها زأاد الخليفة المهدي في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه و سلم وفيها توفي أبو دلمة زأند بن الجون الكوفي الشاعر المشهورّ مولى بني أسد كان عب ًدا حأبشًيا فصي ًحا خلي ًعا ماجًنا وهو ممن ظهر ذكره في الدولة العباسية من الشعراء. ومن شعره وهو من نوع المقابلة ثلثة بثلثة: " البسيط " ما أحأسن الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والفلس بالرجل وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر على اختلف يرد عليه في وفاتهم. قال: وفيها مات أرّطاة بن الحارّث النخعي وإسرائيل بن يونس وحأرب بن شداد أبو الخطاب ورّجاء بن أبي سلمة بالرملة وزأائدة بن قدامة في أولها وسالم بن أبي المهاجر الرقي وسعيد بن أبي أيوب المصري وسفيان بن سعيد الثورّي وعبد الحكم بن أعين المصري ونصر بن مالك الخزاعي المير ويزيد بن إبراهيم التستري. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان و عشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. ولية واضح المنصورّي على مصر هو واضح بن عبد الله المنصورّي الخصي أمير مصر وليها من قبل المهدي بعد عزل عيسى بن لقمان عن مصر في جمادى الولى سنة اثنتين وستين ومائة. فدخلها واضح المذكورّ في يوم السبت لست بقين من جمادى الولى سنة اثنتين وستين ومائة المذكورّة وجمع له المهدي صلة مصر وخراجها م ًعا. ولما دخل مصر سكن المعسكر على عادة أمراء مصر وجعل على شرطته موسى بن زأرّيق مولى بني تميم. وواضح هذا أصله من موالي صالح ابن الخليفة أبى جعفر المنصورّ. ًصا عند المنصورّ إلى الغاية وكان يندبه إلى المهمات لشجاعة وكان خصي كانت فيه وشدة. ولما ولي إمرة مصر شد على أهلها فشكوا منه فعزله المهدي عنهم في شهر رّمضان من سنة اثنتين وستين ومائة المذكورّة بمنصورّ بن يزيد. فكانت ولية واضح هذا على مصر نحو أرّبعة أشهر. وقال صاحأب " البغية ": ثلثة شهورّ. واستمر واضح هذا على بريد مصر إلى أن خرج إدرّيس بن عبد الله بن حأسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رّضي الله عنه. وكان واضح المذكورّ فيه ميل للعلويين فحمله واضح على البريد إلى الغرب فنزل إدرّيس بمدينة يقال لها وليلة وكان إدرّيس هذا قد خرج أوًل مع الحسين صاحأب فخ فلما قتل الحسين هرب إدرّيس هذا إلى مصر واختفى بها إلى أن وجهه واضح هذا إلى الغرب فلما وصل إدرّيس هذا إلى الغرب دعا لنفسه فأجابه من كان بها وبنواحأيها من البربر وعظم أمره وبلغ ذلك الخليفة الهادي موسى فطلب واض ًحا هذا وقتله وصلبه في سنة تسع وستين ومائة وقيل: الذي قتله هارّون الرشيد لما تخلف بعد موت أخيه موسى الهادي في أول خلفته. ولية منصورّ بن يزيد على مصر هو منصورّ بن يزيد بن منصورّ بن عبد الله بن شهر بن يزيد الزنجاني الحميري الرعيني أمير مصر وهو ابن خال المهدي وله المهدي إمرة مصر بعد عزل واضح عنها في سنة اثنتين وستين ومائة على الصلة فقدم مصر يوم الثلثاء لحأدى عشرة ليلة خلت من شهر رّمضان سنة اثنتين وستين ومائة المذكورّة وسكن المعسكر على عادة أمراء مصر وجعل على شرطته هاشم بن عبد الله بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج مدة يسيرة ثم عزله وولى عبد العلى بن سعيد الجيشاني ثم عزله أي ًضا وولى عبد العلى بن سعيد الجيشاني ثم عزله أي ًضا و ولى عسامة بن عمرو " المعافري " وكل ذلك في مدة يسيرة فإن ولية منصورّ المذكورّ لم تطل على إمرة مصر وعزل عنها في النصف من ذي القعدة من سنة اثنتين وستين ومائة المذكورّة بيحيى بن داود فكانت مدة ولية منصورّ بن يزيد هذا على مصر شهرين وثلثة أيام ولم أقف على وفاته بعد ذلك غير أنه ذكر في واقعة عبد السلم الخارّجي أنه حأضرها بقنسرين. وأمر عبد السلم بن هاشم اليشكري المذكورّ " أنه " كان قد خرج بالجزيرة واشتدت شوكته وكثر أتباعه فلقي عدة من قواد المهدي فيهم عيسى بن موسى القائد فقتله بعد أمورّ في عدة ممن معه وهزم جماعة من القواد فيهم شبيب بن واج المرورّزأدي فندب المهدي إلى شبيب ألف فارّس وأعطى كل رّجل منهم ألف درّهم معونة فوافوا شبيًبا فخرج بهم في طلب عبد السلم المذكورّ فهرب منه السنة التي حأكم فيها واضح مولى المنصورّ على مصر ثم من بعده منصورّ ابن يزيد الحميري الرعيني وهي سنة اثنتين وستين ومائة. فيها وضع الخليفة المهدي دواوين الزأمة وولى عليها عمرو بن مربع ولم يكن لبني أمية ذلك. ومعنى دواوين الزأمة: أن يكون لكل ديوان زأمام وهو رّجل يضبطه وقد كان قبل ذلك الدواوين مختلطة. وفيها وصلت الروم إلى " الحدث " فهدموا سورّها فغزا الناس غزوة لم نسمع بمثلها وكان مقدم الغزاة الحسن بن قحطبة سارّ إليهم في ثمانين ألف مقاتل سوى المطوعة فأغارّ على ممالك الروم وأحأرق وأخرب ولم يلق بأ ًسا. وفيها ولي اليمن عبد الله بن سليمان. وفيها ظهرت المحفرة بجرجان ورّأسهم عبد القهارّ فغلبوا على جرجان وقتلوا وأفسدوا فسارّ لحربهم من طبرستان عمر بن العلء فقتل عبد القهارّ ورّؤوس أصحابه وتشتت باقي أصحابه. وفيها كان مقتل عبد السلم بن هاشم اليشكري الذي خرج بحلب وبالجزيرة وكثرت جموعه وهزم الجيوش التي حأارّبته حأتى انتدب لحربه شبيب بن واج في ألف فارّس من البطال وأعطوا وفيها توفي أبو عتبة عباد بن عباد الخواص. كان من أهل المحبة وعنه أخذ مشايخ الطريقة كان يمشي في السواق ويصيح: واشوقاه إلى من يراني ول أرّاه! وكان صاحأب أحأوال وكرامات رّحأمه الله. وفيها توفي محمد بن جعفر بن عبيد الله بن العباس العباسي الهاشمي كان صاحأب فضل ومروءة وكان بمنزلة عظيمة عند الخليفة أبي جعفر المنصورّ وكان المنصورّ يعجب به ويحادثه وكان لبيًبا لسًنا فصي ًحا. وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر ممن تقدم ذكرهم وغيرهم على اختلف يرد في وفاتهم قال: وفيها توفي إبراهيم بن أدهم الزاهد وإبراهيم بن نشيط المصري في قول وخالد بن أبي بكر العمري المدني وداود بن نصير الطائي وزأهير بن محمد التميمي المروزأي وإسرائيل بن يونس بخلف وعبد الله بن محمد بن أبي يحيى المدني سحبل ويزيد بن إبراهيم التستري بخلف ويعقوب بن محمد بن طحلء المدني وأبو بكر بن أبي سبرة القاضي وأبو الشهب العطارّدي واسمه جعفر. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. على مصر هو يحيى بن داود الشهير بابن ممدود المير أبو صالح الخرسي من أهل خراسان. وقال صاحأب " البغية ": من أهل نيسابورّ. ولي مصر من قبل المهدي على الصلة والخراج بعد عزل منصورّ بن يزيد عنها في ذي الحجة سنة اثنتين وستين ومائة ولما قدم مصر سكن المعسكر على العادة وجعل على شرطته عسامة بن عمرو وكان أبو صالح المذكورّ ترك ًيا وفيه شدة بأس وقوة جنان مع معرفة وتدبير وكان لما قدم مصر وجد السبل بها مخيفة لكثرة المفسدين وقطاع الطريق فأخذ أبو صالح هذا في أقماع المفسدين وأبادهم وقتل منهم جماعة كثيرة فعظمت حأرمته وتزايدت هيبته في قلوب الناس حأتى تجاوزأ ذلك الحدة فكان يمنع الناس من غلق الحروب والبواب وغلق الحوانيت حأتى جعلوا عليها " شرائح " القصب والشباك لمنع الكلب من دخولها في الليل وهو أول من صنع ذلك بمصر فكان ينادي بمصر ويقول: من ضاع له شيء فعلي أداؤه. ومنع حأراس الحمامات أن يجلسوا فيها وقال: من رّاح له شيء فأنا أقوم له به من مالي فكان الرجل يدخل الحمام فيضع ثيابه في المثلج ثم يقول: يا أبا صالح احأرس ثيابي ثم يدخل الحمام ولم يكن بها حأارّس ويقضي حأاجته على مهل ويخرج فيلقى ثيابه كما هي ل يجسر أحأد على أخذها من عظم حأرمته فإنه كان أشد الملوك حأرمة وأعظمهم هيبة وأقحمهم على سفك الدماء وأنهكهم عقوبة ثم إنه أمر أهل مصر من الشراف والفقهاء والعيان أن يلبسوا القلنس الطوال ويدخلوا بها عليه في يوم الثنين والخميس بل أرّدية فقاسى أهل مصر منه شدائد غير أن البلد ومصر كانت في أيامه في غاية المن. قيل: إن أبا جعفر المنصورّ كان إذا ذكره يقول: هو رّجل يخافني ول يخاف الله. واستمر على إمرة مصر إلى أن عزله الخليفة محمد المهدي بسالم بن سواعة في محرم سنة أرّبع وستين ومائة وفرح المصريون بعزله عنهم فكانت ولايته على مصر سنة وشه ًرا ًما. إل أيا وقال صاحأب " البغية ": سنتين وشه ًرا والول أثبت. وهو أحأد من مهد الديارّ المصرية وأباد أهل الحوف من قيس ويمن وغيرهم من قطاع الطريق وكان من أجل أمراء مصر لول شدة كانت فيه. السنة الولى من ولية أبي صالح يحيى بن داود على مصر وهي سنة ثلث وستين ومائة. فيها جد المير سعيد الحرشي في حأصارّ المقنع حأتى أشرف على أخذ قلعته فلما أحأس المقنع بالهلك مص سما وأسقى نساءه فتلف وتلفوا. وفيها عزل الخليفة محمد المهدي عبد الصمد بن علي عن إمرة الجزيرة وولها زأفر بن عاصم الهللي. وفيها ولى المهدي ابنه هارّون الرشيد بلد المغرب كلها وأذرّبيجان وأرّمينية وجعل كاتبه على الخراج ثابت بن موسى وعلى رّسائله يحيى بن خالد بن برمك. وفيها قدم المهدي إلى حألب وجهز البعوث لغزو الروم وكانت غزوة عظيمة أمر عليها ابنه هارّون الرشيد وضم إليه الربيع الحاجب وموسى بن عيسى بن موسى والحسن بن ًرا. قحطبة فافتتح المسلمون فت ًحا كبي وفيها قتل المهدي جماعة من الزنادقة وصلبهم وأحأضرت كتبهم فقطعت. وفيها زأارّ المهدي القدس. وحأج بالناس علي بن المهدي. وفيها توفي الخليل بن أحأمد بن عبد الرحأمن الزأدي الفراهيدي البصري صاحأب العربية والعروض وقد تقدم ذكره من قول صاحأب مرآة الزمان في سنة ثلثين ومائة والصح وفاته في هذه السنة. وفيها توفي أرّطاة بن المنذرّ بن السود أبو عدي السكوني الحمصي قال: أتيت عمر بن عبد العزيز فعرض لي في خيله وقال: يا أرّطاة أل أحأدثك بحديث هو عندنا من العلم المخزون. قلت: بلى قال: إذا توضأت عند البحر فالتفت إليه وقل: يا واسع المغفرة اغفر أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. M0لية سالم بن سوادة على مصر هو سالم بن سوادة التميمي أمير مصر وليها من قبل محمد المهدي بعد عزل يحيى بن داود في أول المحرم سنة أرّبع وستين ومائة فقدمها يوم الحأد لثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم وجعل على شرطته الخضر بن مروان وقدم معه أي ًضا أبو قطيفة إسماعيل بن إبراهيم على الخراج ولما دخل سالم إلى مصر سكن بالمعسكر على العادة ودام على إمرة مصر إلى أن مضت سنة أرّبع وستين ومائة ودخلت سنة خمس وستين ومائة وورّد عليه الخبر من قبل الخليفة محمد المهدي بصرفه عن إمرة مصر بإبراهيم بن صالح العباسي فكانت ولايته على مصر نحو السنة. وقال صاحأب " البغية ": صرف في سلخ ذي الحجة فكان مقامه بمصر سنة إل ثمانية عشر يو ًما. وفي أيامه كانت حأروب كثيرة بمصر وبلد المغرب وجهز عساكر مصر نجدة إلى من كان في برقة ثم عادوا من غير قتال لما بلغتهم الفتنة التي كانت بالمغرب بين بربر بلنسية وبربر شنت برية من الندلس وجرت بينهم حأروب كثيرة قتل فيها خلق من الطائفتين وكانت بينهم وقائع مشهورّة السنة التي حأكم فيها سالم بن سوادة على مصر وهي سنة أرّبع وستين ومائة. فيها حأج بالناس صالح بن المنصورّ. وفيها غزا هارّون الرشيد ابن الخليفة المهدي الصائفة فوغل في بلد الروم ووقع له بالروم حأروب وافتتح عدة حأصون حأتى بلغ خليج قسطنطينية وصالح ملك الروم في العام على سبعين ألف دينارّ مدة ثلث سنين بعد أن غنم وسبى واستنقذ خل ًقا من المسلمين من السر وغنم مال يوصف من المواشي حأتى بيع البرذون بدرّهم والزرّدية بدرّهم وعشرون سي ًفا بدرّهم وقتل من العدو نحو خمسين أل ًفا قاله الذهبي ثم رّجع فسر به أبوه المهدي. وقيل: إن هذه الغزوة كانت في سنة خمس وستين ومائة. وفيها عزل المهدي محمد بن سليمان عن البصرة وفارّس واستعمل عليها صالح بن داود بن علي. وفيها خرج المهدي حأا ًجا فوصل العقبة فعطش الناس وجهد الحجيج. وأخذت المهدي الحمى فرجع من العقبة وغضب على يقطين بن موسى حأيث لم يصلح المصانع على الوجه ولقى الناس شدة من قلة الماء. وفيها توفي شبيب بن شيبة أبو معمر المنقري كان خطيًبا لسًنا فصي ًحا دخل على المنصورّ فقال: يا شبيب عظني وأوجز فقال: يا أمير المؤمنين إن الله لم يرض أن يجعل أحأ ًدا من خلقه فوقك فل ترض لنفسك أن يكون أشكر له في الرّض منك فقال أحأسنت وأوجزت!. وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر في تارّيخه مع خلف يرد عليه قال: وفيها توفي إسحاق بن يحيى بن طلحة التيمي وسلم بن مسكين في قول وسلم بن أبي مطيع في قول أي ًضا وعبد الله بن زأيد بن أسلم العدوي وعبد الله بن شعيب بن الحبحاب وعبد الله بن العلء بن زأبر وعبد الرحأمن بن عيسى بن ورّدان وعبد العزيز بن عبد الله بن الماجشون وعبد المجيد بن أبي عبس النصارّي وعمر بن أبي زأادة في قول الواقدي وعمر بن عثمان بن عبد الرحأمن بن سعيد بن يربوع والقاسم بن معن المسعودي في قول خليفة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاع وستة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. ذكر ولية إبراهيم بن صالح الولى على مصر هو إبراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي أمير مصر. وليها من قبل ابن عمه المهدي على الصلة والخراج م ًعا وقم إلى مصر لحأدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة خمس وستين ومائة ونزل العسكر على عادة أمراء مصر في ًرّا عظيمة بالموقف من العسكر وجعل على شرطته عسامة الدولة العباسية ثم ابتنى دا بن عمرو ودام إبراهيم بمصر إلى أن خرج دحأية بن المعصب بن الصبغ بن عبد العزيز بن مروان بالصعيد ودعا لنفسه بالخلفة فتراخى عنه إبراهيم هذا ولم يحفل بأمره حأتى استفحل أمر دحأية وملك غالب بلد الصعيد وكاد أمره أن يتم ويفسد بلد مصر وأمرها فسخط المهدي عليه بسبب ذلك وعزله عزًل قبي ًحا في سابع ذي الحجة سنة 167 بموسى بن مصعب. فكانت ولية إبراهيم بن صالح هذه على مصر ثلث سنين إل أيا وصادرّه المهدي بعد ًما عزله وأخذ منه ومن عماله ثلثمائة وخمسين ألف دينارّ ثم رّضي عنه بعد ذلك ووله غير مصر ثم أعاده الرشيد إلى عمل مصر ثانًيا في سنة ست وسبعين ومائة. يأتي ذكر ذلك في ولايته الثانية إن شاء الله تعالى. السنة الولى من ولية إبراهيم بن صالح الولى على مصر وهي سنة خمس وستين ومائة. فيها كانت غزوة هارّون الرشيد ابن الخليفة المهدي السابق ذكرها على الصح. وفيها حأج بالناس صالح بن المنصورّ. وفيها توفي داود بن نصير أبو سليمان الطائي العابدة كان كبير الشأن في العلم والورّع ًرا وتفقه على أبي حأنيفة رّضي الله عنه وأحأد والزهد وسمع الحديث كثي أصحابه الكبارّ. وفيها توفي حأماد بن أبي حأنيفة النعمان بن ثابت الكوفي كان أحأد العلم تفقه بأبيه وكان ًها صال ًحا. ًما كثير الورّع فقي إما وفيها توفي خالد بن برمك والد البرامكة ووالد يحيى بن خالد وجد جعفر والفضل وكان ًصا عند المنصورّ وابنه المهدي وولي العمال الجليلة وكان ًرا جليل القدرّ خصي عاق ًل مدب سيو ًسا. وذكر الذهبي وفاة جماعة على اختلف فيهم قال: وفيها توفي حأماد بن أبي حأنيفة وخالد بن برمك والد البرامكة وخارّجة بن عبد الله بن سليمان بن زأيد بن ثابت المدني وسليمان بن المغيرة البصري وداود الطائي الزاهد بخلف - وقول الذهبي بخلف يعني أنه على اختلف وقع في وفياتهم انتهى - وعبد الرحأمن بن ثابت بن ثوبان ومعروف بن مشكان قارّىء مكة ووهيب بن خالد بالبصرة وأبو الشهب العطارّدي بخلف. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وإصبع واحأد. السنة الثانية من ولية إبراهيم بن صالح الولى على مصر وهي سنة ست وستين ومائة. فيها خرج موسى بن المهدي الخليفة إلى جرجان واستقضى أبا يوسف يعقوب صاحأب أبي حأنيفة. وفيها أمر الخليفة محمد المهدي بإقامة البريد من اليمن إلى وفيها توفي عاصم بن عبد الحميد الفهري شيخ ابن وهب. ًما فاض ًل رّحأمه الله. كان إما وفيها عزل المهدي عن قضاء البصرة عبيد الله بن الحسن وولها خالد بن طليق بن عمران بن حأصين. ًصا به وفيها غضب الخليفة المهدي على وزأيره يعقوب بن داود بن طهمان وكان خصي فحسده موالي المهدي وسعوا به حأتى قبض عليه وكان الوزأير يعقوب كثير النهماك في اللذات وكان المهدي ل يحب النبيذ لكن يتفرج على غلمانه وهم يشربون فلما عظم أمر الوزأير يعقوب وصارّ الحل والعقد بيده مع انهماكه قال في ذلك بشارّ بن برد: " البسيط " بني أمية هبوا طال نومكم إن الخليفة يعقوب بن داود ضاعت خلفتكم يا قوم فاطلبوا خليفة الله بين الدف والعود وفيها اضطربت خراسان على المسيب بن زأهير فصرفه المهدي عن إمرتها بالفضل بن سليمان الطوسي وأضاف إليه سجستان. وفيها قدم وضاح الشروي بعبد الله ابن الوزأير أبي عبيد الله يعقوب المقدم ذكره وكان رّمي بالزندقة فقتله المهدي بحضرة أبيه وأباد المهدي الزنادقة في هذه السنة وقتل منهم خلئق. الذين ذكرهم الذهبي في وفيات هذه السنة. قال: وفيها توفي خالد بن يزيد المري وخليد بن دعلج السدوسي وصدقة بن عبد الله السمين وعقبة بن عبد الله الرفاعي الصم بخلف وعقبة بن أبي الصهباء الباهلي البصريان وعفير بن معدان الحمصي وعقبة بن نافع المعافري السكندرّاني في قول والصواب في سنة ثلث وستين ومائة وعاصم بن عبد الحميد الفهري شيخ ابن وهب ومعقل بن عبيد الله الجزرّي. وفي أولها دفنوا أبا الشهب العطارّدي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّا ًعان سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وإصبع واحأد. السنة الثالثة من ولية إبراهيم بن صالح الولى على مصر وهي سنة سبع وستين ومائة. فيها أمر المهدي بالزيادة الكبرى في المسجد الحرام فدخلت في ذلك دورّ كثيرة وولى البناء يقطين " بن موسى " المير ومات المهدي ولم يتم بناؤه. وفيها أظلمت الدنيا ظلمة شديدة لليال بقين من ذي الحجة وأمطرت السماء رّم ًل أحأمر ثم وقع عقيبه وباء شديد هلك فيه معظم أهل بغداد والبصرة. وفيها حأج بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد أمير المدينة ثم توفي بعد عوده إلى المدينة بأيام وتولى المدينة من بعده إسحاق بن عيسى بن علي. وفيها عزل المهدي عن ديوان الرسائل أبا عبيد الله الشعري الذي كان وزأيره وقبض عليه في الماضية ثم أطلقه ووله ديوان الرسائل فعزله في هذه السنة وولى مكانه الربيع الحاجب فاستناب الربيع فيه سعيد بن واقد. وفيها جد المهدي في تتبع الزنادقة والبحث عنهم في الفاق وقتل منهم خلئق. وفيها توفي بشارّ بن برد أبو معاذ العقيلي بالولء الضرير الشاعر المشهورّ ولد أعمى جاحأظ الحدقتين قد تغشاهما لحم أحأمر. وكان ضخ ًما عظيم الخلقة والوجه مجدًرّا طويل وكان يرمى بالزندقة ويروى عنه أنه كان يفضل النارّ على الرّض ويصوب رّأي إبليس في امتناعه من السجود لدم صلوات الله عليه وفي تفضيل النارّ يقول: " البسيط " الرّض مظلمة والنارّ مشرقة والنارّ معبودة مذ كانت النارّ ومن شعره في غير هذا: " البسيط " يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والذن تعشق قبل العين أحأيانا قالوا بمن ل ترى تهذي فقلت لهم الذن كالعين توفي القلب ما كانا وله في المشورّة: " الطويل " إذا بلغ الرأي المشورّة فاستعن بحزم نصيح أو فصاحأة حأازأم وله في التشبيهات قوله: " الطويل " كأن مثارّ النقع فوق رّؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه وفيها توفي عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المير الهاشمي العباسي وهو ابن أخي السفاح والمنصورّ وجعله السفاح ولي عهده بعد أخيه المنصورّ فل زأال به المنصورّ في أيام خلفته حأتى جعل المهدي ابنه قبله في ولية العهد ثم خلعه المهدي من ولية العهد بالكلية بعد أمورّ صدرّت وكان عيسى هذا يلقب في أيام ولية العهد بالمرتضى وولي عيسى المذكورّ أعماًل جليلة إلى أن توفي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاع واحأد وأرّبعة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. ولية موسى بن مصعب على مصر هو موسى بن مصعب بن الربيع الخثعمي مولى خثعم. أصله من أهل الموصل وله المهدي إمرة مصر - بعد عزل إبراهيم بن صالح عنها سنة سبع وستين ومائة - على الصلة والخراج وقدم مصر في يوم السبت سابع ذي الحجة من السنة المذكورّة وعند دخوله إلى مصر رّد إبراهيم بن صالح معه إلى مصر بعد أن كان خرج منها وقال: أمرني الخليفة بمصادرّتك فصادرّه وأخذ منه ومن عماله ثلثمائة ألف دينارّ ثم أمر إبراهيم بالمسير إلى بغداد فسارّ إليها ولما دخل موسى هذا إلى مصر سكن بالعسكر. وجعل على شرطته عسامة بن عمرو وأخذ موسى في أيام إمرته على مصر يتشدد على الناس في استخراج الخراج وزأاد على كل فدان ضعف ما كان أول ولقي الناس منه شدائد وساءت سيرته وارّتشى في الحأكام ثم رّتب درّاهم على أهل السواق وعلى الدواب فكرهه الجند وتشغبوا عليه ونابذوه وثارّت قيس واليمانية وكاتبوا أهل مصر فاتفقوا عليه ثم اشتغل موسى هذا بأمر دحأية الموي الخارّج ببلد الصعيد المقدم ذكره وجهز إليه جيوشا لقتاله ثم خرج هو بنفسه في جميع جيوش مصر لقتال قيس واليمانية فلما التقوا انهزم عنه أهل مصر بأجمعهم وأسلموه فقتل ولم يتكلم أحأد من أهل مصر لجله كلمة واحأدة وكان قتله لسبع خلون من شوال سنة ثمان وستين ومائة فكانت وليته على مصر عشرة أشهر وولي بعده عسامة بن عمرو وكان موسى استخلفه بعد خروجه للقتال. وكان موسى هذا من شر ملوك مصر كان ظال يقرأ في ًما غاش ًما سمعه الليث بن سعد خطبته: إنا أعتدنا ومن غريب التفاق: أن موسى بن كعب أمير مصر المقدم ذكره في موضعه لما عزله أبو جعفر المنصورّ عن إمرة مصر بمحمد بن الشعث كتب إليه: إني قد عزلتك ل لسخط ولكن بلغني أن غلما يقتل بمصر من أمرائها يقال له موسى فكرهت أن تكونه فأخذ موسى كلم المنصورّ لغرض. وبقي أهل مصر يتذاكرون ذلك إلى أن قتل موسى هذا بعد ذلك بسبع وعشرين سنة. السنة التي حأكم فيها موسى بن مصعب على مصر وهي سنة ثمان وستين ومائة. فيها جهز المهدي سعي ًدا الحرشي لغزو طبرستان في أرّبعين ألفا. وفيها حأج بالناس علي بن المهدي. وفيها نقضت الروم الصلح بعد فراغه بثلثة أشهر فتوخه إليهم يزيد بن بدرّ بن أبي محمد البطال في سرية فغنموا وظفروا. وفيها مات عمر الكلواذاني عريف الزنادقة وتولى بعده حأمدويه الميساني. وفيها توفي الحسن بن زأيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو محمد الهاشمي المدني وأمه أم ولد. كان عاب ًدا ثقة ولي المدينة لبي جعفر المنصورّ خمس سنين ثم غضب عليه أبو جعفر وعزله واستصفى أمواله وحأبسه فلم يزل محبوسا حأتى مات المنصورّ فأخرجه المهدي ورّد عليه كل شيء كان أخذ له ولم يزل عند المهدي مقرًبا إلى أن مات في هذه السنة. وفيها توفي حأماد بن سلمة أبو سلمة البصري مولى بني تميم كان من أهل البصرة وهو ًما زأاه ًدا صال ًحا كبير الشأن. ابن أخت حأميد الطويل كان ثقة عال الذين ذكر وفاتهم الذهبي على اختلف في وفاتهم قال: وتوفي أبو أمية " أيوب " بن خوط البصري وجعفر الحأمر بخلف وأبو الغصن ثابت بن قيس المدني والمير الحسن بن زأيد بن السيد الحسن سبط النبي صلى اله عليه و سلم - قلت: وهو الذي ذكرناه في هذه السنة - قال: وتوفي خارّجة بن مصعب السرخسي وسعيد بن بشير بدمشق وقيل سنة تسع وأبو مهدي سعيد بن سنان الحمصي وطعمة بن عمرو الجعفري الكوفي وعبيد الله بن الحسن العنبربي قاضي البصرة وغوث بن سليمان بمصر ومحمد بن صالح التمارّ وأبو حأمزة السكري في قول ومفضل بن مهلهل في قول ونافع بن يزيد الكلعي بمصر ويحيى بن أيوب المصري وقيل سنة ثلث. الماء القديم ذرّاعان سواء. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. ذكر ولية عسامة بن عمرو على مصر هو عسامة بن عمرو بن علقمة بن معلوم بن جبريل بن أوس بن دحأية المعافري المير أبو داجن أمير مصر وعسامة بفتح العين المهملة والسين المهملة مشددة وبعد اللف ميم مفتوحأة وهاء ساكنة. وليها باستخلف موسى بن مصعب له فلما قتل موسى أقره المهدي على إمرة مصر عوضه وكان ذلك في شوال سنة ثمان وستين ومائة وكان ولي الشرطة لمصر لعدة من أمراء مصر ولما ولي إمرة مصر افتتح إمرته بحرب دحأية الموي الخارّج ببلد الصعيد في إمرة موسى فبعث إليه جيوشا مع أخيه بكارّ بن عمرو فحارّب بكارّ المذكورّ يوسف بن نصير مقدمة جيش دحأية المذكورّ وتطاعنا فوضع يوسف الرمح في خاصرة بكارّ ووضع بكارّ الرمح في خاصرة يوسف فقتل م ًعا ورّجع الجيشان منهزمين وكان ذلك في ذي الحجة سنة ثمان وستين ومائة. فلم يقم عسامة بعد ذلك إل أيا بن صالح العباسي ًما يسيرة وورّد عليه الخبر من الفضل أنه ولي مصر وقد استخلف عسامة المذكورّ على صلتها حأتى يحضر فخلفه عسامة على الصلة حأتى حأضر الفضل في سلخ المحرم سنة تسع وستين ومائة فكانت ولية عسامة على مصر ثلثة أشهر إل أياما. واستمر عسامة بمصر بعد ذلك سنين إلى أن استخلفه إبراهيم بن صالح لما ولي مصر قبل أن يدخلها على الصلة فخلفه عسامة المذكورّ أياما يسيرة بها حأتى حأضر إبراهيم ثم أقام عسامة بعد ذلك بمصر إلى أن مات بها يوم الجمعة لست أو لسبع بقين من شهر رّبيع الخر سنة ست وسبعين ومائة. السنة التي حأكم فيها عسامة وغيره على مصر وهي سنة تسع وستين ومائة. فيها خرج المهدي من بغداد يريد ماسبذان واستخلف الربيع الحاجب على بغداد وسبب خروجه أنه رّأى تقديم ولده هارّون على أخيه موسى وكلهما أمه الخيزرّان فأرّسل المهدي إلى ولده موسى وكلء وهو بجرجان فامتنع من المجيء ثم أرّسل إليه ثانًيا فلم يأت فسارّ إليه المهدي فمات في طريقه. ذكر وفاة المهدي ونسبه هو محمد بن أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي أمير المؤمنين وهو الثالث من خلفاء بني العباس. بويع بالخلفة بعد وفاة أبيه في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة ومولده سنة سبع وعشرين ومائة وأمه بنت منصورّ الحميرية ومات في المحرم من هذه السنة. وسبب موته قيل: إنه ساق في مسيره خلف صيد فاقتحم الصيد خربة فدخلت الكلب خلفه وتبعهم المهدي فدق ظهره في باب الخربة مع شدة سوق الفرس فمات من ساعته. وقيل: بل سمه بعض حأواشيه. وقيل: بل أكل أبخا قرى ماسبذان وقيل ًصا فصاح: جوفي جوفي ومات من الغد بقرية من غير ذلك. فبويع موسى الهادي ولده بالخلفة ورّكب البريد من جرجان إلى بغداد في عشرين يوما ول يعرف خليفة رّكب البريد سواه. وكان وصول الهادي إلى بغداد في عاشر صفر من سنة تسع وستين ومائة. قلت: وينبغي أن نلحق قضية موسى الهادي في كتاب " الفرج بعد الشدة " فإنه كان أبوه يريد خلعه من ولية العهد ويقدم الرشيد عليه فجاءته الخلفة دفعة واحأدة. وفيها توفي الربيع الحاجب كان من عظماء الدولة العباسية ونالته السعادة و طالت أيامه وولي وفيها حأج بالناس سليمان بن أبي جعفر المنصورّ. وفيها توفي إبراهيم بن عثمان أبو شيبة قاضي واسط مولى بني عبس كان كاتبه يزيد بن هارّون وكان عادل في أحأكامه حأسن السيرة. وفيها توفي إدرّيس بن عبد الله بن حأسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كان خرج مع الحسين صاحأب فخ فلما قتل الحسين هرب إدرّيس هذا إلى مصر وكان على بريد مصر واضح فحمله واضح المذكورّ إلى المغرب فنزل بمدينة وليلة وبايعه الناس والبربر وكاد أمره أن يتم فدس عليه الهادي أو الرشيد الشماخ اليماني مولى المهدي فخرج الشماخ إلى المغرب في صفة طبيب فشكا إدرّيس من أسنانه فأعطاه الشماخ سنوًنا مسمو ًما وقال له: بعد صلة الفجر استعمله وهرب الشماخ من يومه فمات إدرّيس بعد أن استعمل السنون بيوم. وقد تقدم أي ًضا ذكر إدرّيس هذا في ولية واضح على مصر. وفيها قتل الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب صاحأب فخ الذي كان خرج قبل هذه المرة ثم ظهر ثانيا في هذه السنة بالمدينة وكان متولي المدينة عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقاتله عمر المذكورّ وآخر المر أن الحسين هذا قتل وقتل معه أصحابه وكانت عدة الرؤوس التي حأملت إلى الخليفة مائة رّأس. وفيها توفي محمد بن عبد الرحأمن بن هشام أبو خالد القاضي المكي ولي قضاء مكة ًما وكان عنقه داخًل في بدنه سمعته امرأته يو ًما وهو وكان قصي يقول: اللهم أعتق ًرا عمي رّقبتي من النارّ فقالت: و أي رّقبة لك! وقيل: إن أمه قالت له: يا ولدي إنك قد خلقت خلقة ل تصلح معها لمعاشرة الفتيان فعليك بالدين والعلم فأنهما يتممان النقائص " ويرفعان الخسائس. " قال: " فنفعني الله بما قالت فتعلمت العلم حأتى وليت القضاء ". أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. ولية الفضل بن صالح على مصر هو الفضل بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو العباس الهاشمي العباسي وله المهدي إمرة مصر بعد عزل عسامة بن عمرو على الصلة والخراج وقبل خروجه مات محمد المهدي في أول المحرم سنة تسع وستين ومائة وولي الخلفة ابنه موسى الهادي فأقر الهادي الفضل هذا على عمل مصر وسفره فسارّ الفضل حأتى دخل إلى مصر في يوم الخميس سلخ المحرم المذكورّ وكان الفضل استعمل عسامة المعزول عن إمرة مصر على الصلة إلى أن حأضر فلما قدم الفضل استعمل عسامة أي ًضا على عادته الولى قبل أن يلي المرة. ولما دخل الفضل إلى مصر وجد أمر مصر مضطربا من عصيان أهل جزيرة الحوف بالوجه البحري وأي ًضا من خروج دحأية الموي بالصعيد وقد طال أمره على أمراء مصر وكان مع الفضل جيوش الشأم فحال قدومه جهز العساكر لحرب دحأية المذكورّ. فقاتله العسكر وهزموه وأسر دحأية بعد أمورّ وحأروب وقدموا به إلى الفسطاط فضرب الفضل عنقه وصلب جثته وبعث برأسه إلى الهادي. وكان قتل دحأية المذكورّ في جمادى الخرة سنة تسع وستين ومائة فكان الفضل يقول: أنا أولى الناس بولية مصر لقيامي في أمر دحأية وهزيمته وقتله وقد عجز عنه غيري وكاد أمره أن يتم لطول مدته ولجتماع الناس عليه لول قيامي في أمره وكان الفضل لما قدم مصر سكن العسكر و " بنى " به الجامع فلم يكن بعد قتله لدحأية بمدة يسيرة إل وقدم عليه البريد بعزله عن إمرة مصر بعلي بن سليمان فلما سمع الفضل خبر عزله ندم على ًما فلم يفده ذلك. قتل دحأية ند ًما عظي وكان عزل الفضل عن إمرة مصر في أواخر سنة تسع وستين ومائة المذكورّة فكانت ولايته على مصر دون السنة. وقد ولي الفضل هذا إمرة دمشق مدة. ول أعلم ولايته على دمشق قبل ولايته على مصر أو بعدها. وهو الذي عمر أبواب جامع دمشق والقبة التي في الصحن وتعرف بقبة المال في أيام إمرته على دمشق. ًرا وكانت وفاة الفضل هذا في سنة اثنتين وسبعين ومائة وهو ابن خمسين سنة وكان أمي شجا ًعا مقدا السريع " عاش ًما شاع ًرا فصي ًحا أديًبا صاحأب خطب وشعر من ذلك قوله: " الهوى واستشهد الصبر وعاث في الحزن والضر وسهل التوديع يوم نوى ما كان قد وعره الهجر ولية علي بن سليمان على مصر هو علي بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو الحسن الهاشمي العباسي ولي إمرة مصر بعد عزل الفضل بن صالح عنها وله موسى الهادي على إمرة مصر وجمع له الصلة والخراج م ًعا ودخل علي بن سليمان هذا إلى مصر في شوال سنة تسع وستين ومائة وسكن العسكر وجعل على شرطته عبد الرحأمن بن موسى اللخمي ثم عزله وولى الحسن بن يزيد الكندي. ولما قدم علي المذكورّ إلى مصر أقام مدة يسيرة وورّد عليه الخبر بموت موسى الهادي في نصف شهر رّبيع الول سنة سبعين ومائة وولية هارّون الرشيد الخلفة من بعده وأن الرشيد أخاه أقر علًيا على عمل مصر على عادته. وكان علي بن سليمان المذكورّ عاد ًل وفيه رّفق بالرعية آم ًرا بالمعروف ناهًيا عن المنكر ومنع في أيامه الملهي والخمورّ وهدم الكنائس بمصر وأعمالها فتكلم القبط معه في تركها وأن يجعلوا له في مقابلة ذلك خمسين ألف دينارّ فامتنع من ذلك وهدم الكنائس وكان كثير الصدقة في الليل فمالت الناس إليه فلما رّأى ميل الناس إليه أظهر ما في نفسه من أنه يصلح للخلفة وطمع في ذلك وحأدثته نفسه بالوثوب فكتب بعض أهل مصر إلى هارّون الرشيد وعرفه بذلك فسخط عليه هارّون وعاجله بعزله فعزله عن إمرة مصر في يوم الجمعة لرّبع بقين من شهر رّبيع الول سنة إحأدى وسبعين ومائة وولى مصر بعده موسى بن عيسى فكانت ولية علي بن سليمان هذا على مصر نحو سنة وثلثة أشهر وقيل أكثر من ذلك. وتوجه علي بن سليمان إلى الرشيد فندبه لقتال يحيى بن عبد الله بالديلم وصحبته الفضل بن يحيى البرمكي. ويحيى بن عبد الله هو يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رّضي الله عنهم كان خرج بالديلم واشتدت شوكته وكثرت جموعه وأتاه الناس من المصارّ فاغتنم الرشيد لذلك وندب إليه علي بن سليمان هذا بعد عزله وجعل أمر الجيش للفضل بن يحيى و وله جرجان وطبرستان والري وغيرها وسيرهما في خمسين أل ًفا وحأمل معهما الموال فكاتبا يحيى بن عبد الله وتلطفا به وحأذرّاه المخالفة وأشارّا عليه بالطاعة ونزل الفضل بن يحيى بالطالقان بمكان يقال له: آشب ووالى كتبه إلى يحيى بن عبد الله العلوي المذكورّ حأتى أجاب يحيى إلى الصلح على أن يكتب له الرشيد أمانا بخطه يشهد عليه فيه القضاة والفقهاء وجلة بني العباس ومشايخهم منهم عبد الصمد بن علي فأجاب الرشيد إلى ذلك وسر به وعظمت منزلة الفضل عنده وسير الرشيد المان إلى يحيى بن عبد الله مع هدايا وتحف فقدم يحيى مع الفضل وعلي بن سليمان إلى بغداد فلقيه الرشيد بما أحأب وأمر له بمال كثير ثم بعد مدة قبض عليه وحأبسه حأتى مات في الحبس وكان الرشيد قد عرض كتاب أمان يحيى بن عبد الله المذكورّ على المام محمد بن الحسن صاحأب أبي حأنيفة وعلى أبي البختري القاضي فقال محمد بن الحسن: المان صحيح فحاجه الرشيد وأغلظ له فلم يرجع حأتى حأنق منه الرشيد وكاد يسطو عليه. وقال أبو البختري: هذا أمان منتقض من وجه كذا فمزقه الرشيد. واستمر علي بن سليمان معظ ًما إلى أن مات. وتوفي بعد عزله عن مصر في سنة اثنتين وسبعين ومائة قاله الذهبي وقيل: سنة ثمان وسبعين ومائة. بن سليمان على مصر وهي سنة سبعين ومائة. فيها توفي الخليفة موسى الهادي ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس العباسي الهاشمي أمير المؤمنين أبو جعفر وقيل أبو محمد وقيل أبو موسى الرابع من خلفاء بني العباس ببغداد. ولد سنة خمس وأرّبعين ومائة وقيل سنة ست وأرّبعين ومائة وقيل سنة ثمان وأرّبعين ومائة وأمه أم ولد تسمى الخيزرّان وهي أم الرشيد أيضا وكان موته من قرحأة أصابته وقيل: إن أمه الخيزرّان سمته لما أجمع على قتل أخيه هارّون الرشيد وكانت الخيزرّان مستبدة بالمورّ الكبارّ حأاكمة وكانت المواكب تغدو إلى بابها فزجرهم الهادي ونهاهم عن ذلك وكلمها بكلم فج وقال لها: متى وقف ببابك أمير ضربت عنقه أما لك مغزل يشغلك أو مصحف يذكرك أو سبحة! فقامت الخيزرّان وهي ما تعقل من الغضب وقيل: إنه بعث إليها بسم أو طعام مسموم فأطعمت الخيزرّان منه كلًبا فمات من وقته فعملت - على قتله حأتى قتلته: وقيل في وفاته غير ذلك وكانت وفاته في نصف شهر رّبيع الول من السنة المذكورّة فكانت خلفته سنة واحأدة وثلثة أشهر وقيل سنة وشه ًرا وبويع أخوه هارّون الرشيد بالخلفة. ًما أبيض بشفته العليا تقلص وكان أبوه قد وكل وكان الهادي طوي به في صغره ًل جسي خاد ًما فكلما رّآه مفتوح الفم قال: موسى أطبق فيضيق على نفسه ويضم شفته. حأكى مصعب الزبيري عن أبيه قال: دخل مروان بن أبي حأفصة شاعر وقته على الهادي فأنشد قصيدة فيها: " الطويل " تشابه يوما بأسه ونواله فما أحأد يدرّي ليهما الفضل فقال له الهادي: أيما أحأب إليك ثلثون أل ًفا معجلة أو مائة ألف درّهم تدون في الدواوين قال: تعجل الثلثون وتدون المائة ألف قال: بل تعجلن لك. وفيها ولد للرشيد ابنه المين محمد من بنت عمه زأبيدة وابنه المأمون عبد الله وأمه أم ولد - يأتي ذكرها في ترجمته. وفيها عزل الرشيد عمر بن عبد العزيز " العمري " عن إمرة المدينة و ولها لسحاق بن سليمان بن علي العباسي. وفيها فوض الرشيد أمورّ الخلفة إلى يحيى بن خالد بن برمك وقال له: " قد قلدتك أمورّ الرعية وأخرجتها من عنقي فول من رّأيت وافعل ما تراه ". وسلم إليه خاتم الخلفة وكان الهادي قد حأجر على أمه الخيزرّان فردها الرشيد إلى ما ًل لم كانت عليه وزأادها فكان يحيى بن خالد وفيها فرق الرشيد في أعمامه وأهله أموا يفرقها أحأد من الخلفاء قبله. وفيها خرج من الطالبيين إبراهيم بن إسماعيل ويقال له طباطبا وخرج أي ًضا على الرشيد علي بن الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن. وفيها حأج الرشيد ماشيا. كان يمشي على اللبود كانت تبسط له من منزلة إلى منزلة وسبب حأجه ماشًيا أنه رّأى رّسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فقال له: " يا هارّون إن هذا المر صائر ً إليك فحج ماشًيا واغز ووسع على أهل الحرمين " فأنفق فيهم ل عظيمة ولم الرشيد أموا يحج خليفة قبله ول بعده ماشًيا رّحأمه الله ولقد كان من أحأاسن الخلفاء. وفيها توفيت جوهرة العابدة الزاهدة زأوجة أبي عبد الله البراثي الزاهد كان زأوجها أبو عبد الله منقطعا بقرية براثى غربي بغداد. وفيها توفي فتح بن محمد بن وشاح أبو محمد الزأدي الموصلي الزاهد العابد كان صاحأب كرامات وأحأوال. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وتوفي إسحاق بن سعيد بن عمرو الموي وعبد الله بن جعفر المخرمي المدني وجرير بن حأازأم البصري والربيع بن يونس الحاجب وسعيد بن حأسين الزأدي وعبد الله بن المسيب أبو السوارّ المدني - بمصر يروي عن عكرمة - وعبد الله بن المؤمل المخزومي وعبد الله ابن الخليفة مروان الموي في السجن وعمرو بن ثابت الكوفي - وفي " التذهيب " قال: مات سنة اثنتين وسبعين ومائة - وغطريف بن عطاء متولي اليمن ومحمد بن أبان بن صالح الجعفي ومحمد بن الزبير المعيطي إمام مسجد حأران ومحمد بن مسلم أبو سعيد المؤدب بخلف ومحمد بن مهاجر النصارّي الحمصي ومهدي بن ميمون في قول وموسى الهادي بن المهدي الخليفة وأبو معشر نجيح السندي المدني ويزيد بن حأاتم الزأدي متولي إفريقية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثلثة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. ولية موسى بن عيسى الولى على مصر هو موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو عيسى العباسي الهاشمي. وله الخليفة هارّون الرشيد إمرة مصر على الصلة بعد عزل علي بن سليمان عنها فقدم موسى إلى مصر في أحأد الربيعين من سنة إحأدى وسبعين ومائة وسكن بالعسكر وجعل على شرطته أخاه إسماعيل ثم عزله وولى عسامة بن عمرو ثم وقع من موسى هذا أمورّ غير مقبولة منها: أنه أذن للنصارّى في بنيان الكنائس التي كان هدمها علي بن سليمان فبنيت بمشورّة الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة وقال: هي من عمارّة البلد واحأتجا بأن الكنائس التي بمصر لم تبن إل في السلم في زأمان الصحابة والتابعين. وهذا كلم يتأول. وكان موسى المذكورّ عاق ًل جوا ًدا ممد ًحأا. ولي الحرمين لبي جعفر المنصورّ والمهدي مدة طويلة ثم ولي اليمن للمهدي أيضا ثم ولي مصر لهارّون الرشيد وكان فيه رّفق بالرعية وتواضع. قيل: إنه دخل إليه ابن السفاك الواعظ وذكره ثم وعظه حأتى بكى بكاء شدي ًدا فقال ابن يو ً السماك: لتواضعك في شرفك أحأب إلينا من شرفك وقيل: إنه جلس ما بميدان مصر فأطال النظر في النيل ونواحأيه فقيل له: ما يرى المير فقال: أرّى ميدان رّهان وجنان نخل وبستان شجر ومنازأل سكنى ودورّ خيل وجبان أموات ونه ًرا عجا ًجا وأرّض زأرّع ومرعى ماشية ومرتع خيل ومصايد بحر وقانص وحأش وملح سفينة وحأادي إبل ومفازأة رّم ًل وسه ًل وجبًل في أقل من ميل في ميل. قلت: لله درّه فيما وصف من كلم كثرت معانيه وقل لفظه. واستمر موسى بعد ذلك على إمرة مصر إلى أن عزله الرشيد عنها بمسلمة بن يحيى لرّبع عشرة خلت من شهر رّمضان سنة اثنتين وسبعين ومائة. فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة وخمسة أشهر وخمسة عشر يو ًما. وتوجه إلى الرشيد فلما قدم عليه وله الكوفة مدة ثم صرفه عن الكوفة ووله دمشق فأقام بها مدة أي ًضا وصرف عنها وأعيد إلى إمرة مصر ثانًيا كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى - لما كانت الفتنة بدمشق بين المضرية واليمانية وهذه الفتنة هي سبب العداوة بين قيس وبين اليمن إلى يومنا هذا وكان أول الفتنة بين المضرية واليمانية. وكان رّأس المضرية أبو الهيذام واسمه عامر بن عمارّة المري أحأد فرسان العرب. وكان سبب الفتنة أموًرّا: منها أن أحأد غلمان الرشيد بسجستان قتل أ ًخا لبي الهيذام فرثى أبو الهيذام أخاه وجمع جم ًعا وخرج إلى الشام فاحأتال عليه الرشيد بأخ له وأرّغبه حأتى قبض عليه وكتفه وأتى به إلى الرشيد فمن عليه وأطلقه وقيل: إن أول ما هاجت الفتنة بالشام أن رّجًل من القين خرج بطعام له يطحنه في الرحأى بالبلقاء فمر بحائط رّجل من لخم أو جذام وفيه بطيخ فتناول منه فشتمه صاحأبه وتضارّبا وسارّ القشي فجمع صاحأب البطيخ قو ًما ليضربوه إذا عاد من اليمن فلما عاد ضربوه فقتل رّجل من اليمانية فطلبوا بدمه واجتمعوا لذلك فخاف الناس أن يتفاقم ذلك فاجتمع الناس ليصلحوا بينهم فأتوا بني القين فكلموهم فأجابوهم فأتوا اليمانية فقالوا: انصرفوا عنا حأتى ننظر في أمرنا ثم سارّوا وبيتوا للقين فقتلوا منهم ستمائة وقيل ثلثمائة فاستنجدت القين قضاعة وسلي ًحا فلم ينجدوهم فاستنجدت قي ًسا فأجابوهم وسارّوا معهم " إلى الصواليك من أرّض البلقاء " فقتلوا من اليمانية ثمانمائة وكثر القتال بينهم والتقوا غير مرة نحو سنتين ثم آصطلحوا ثم تقاتلوا وتعصب لكل طائفة آخرون ودام ذلك إلى يومنا هذا بسائر بلد الشام. السنة الولى من ولية موسى بن عيسى الولى على مصر وهي سنة إحأدى وسبعين ومائة. فيها أخرج الرشيد من كان ببغداد من العلويين إلى المدينة. وفيها في شهر رّمضان حأجت الخيزرّان أم الرشيد وكان أمير الموسم عبد الصمد بن علي العباسي وأقامت بمكة شه ًرا وتصدقت بأموال كثيرة. وفيها توفي إسماعيل بن محمد بن زأيد بن رّبيعة أبو هاشم ويلقب بالسيد الحميري كان شاع ًرا مجي ًدا وله ديوان شعر. وفيها توفي عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب أبو الوليد التيمي المدني كان رّاوية العرب وافر وفيها توفي المفضل بن محمد بن يعلى الضبي كان أحأد الئمة الفضلء الثقات وكان علمة في النسب وأيام العرب. قال جحظة: اجتمعنا عند الرشيد فقال للمفضل: أخبرني بأحأسن ما قالت العرب في الذئب ولك هذا الخاتم وشراؤه ألف وستمائة دينارّ فقال: أحأسن ما قيل فيه: " الطويل " ينام بإحأدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان نائم فقال الرشيد: ما ألقى الله هذا على لسانك إل لذهاب الخاتم ورّمى به إليه فبلغ زأبيدة فبعثت إلى المفضل بألف وستمائة دينارّ وأخذت الخاتم منه وبعثت به إلى الرشيد وقالت: كنت أرّاك تعجب به فألقاه إلى المفضل ثانًيا وقال له: خذه وخذ الدنانير. ما كنت لهب شيًئا وأرّجع فيه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم على اختلف في وفاتهم قال: وفيها توفي إبراهيم بن سويد المدني وحأيان بن علي بخلف وحأديج بن معاوية فيها أو بعدها وأبو المنفر سلم القارّىء وعبد الله بن عمر العمري المديني وعبد الرحأمن بن الغسيل وله مائة وست سنين وعدي بن الفضل البصري وعمر بن ميمون بن الرماح ومهدي بن ميمون البصري بخلف ويزيد بن حأاتم المهلبي في قول وأبو الشهاب الحناط عبد رّبه بن نافع فيها أوفي التية. الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة الثانية من ولية موسى بن عيسى الولى على مصر وهي سنة اثنتين وسبعين ومائة. وفيها حأج بالناس يعقوب بن المنصورّ. وفيها عزل الرشيد عن أرّمينية يزيد بن مزيد الشيباني وولى أخاه عبيد الله بن المهدي. وفيها زأوج الرشيد أخته العباسة بنت المهدي بمحمد بن سليمان العباسي الهاشمي أمير البصرة. وفيها توفي عبد الرحأمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم أبو المطرف الموي المعروف بالداخل مولده بدير حأنين من عمل دمشق في سنة ثلث عشرة ومائة ونشأ بالشام فلما زأال ملك بني أمية وقتلوا وتفرقوا فر عبد الرحأمن هذا إلى المغرب بحواشيه وملك جزيرة الندلس وتم أمره بها غير أنه لم يلقب بأمير المؤمنين وقيل: إنه لقب به والول أصح لن جماعة كثيرة ملكوا الندلس من ذرّيته وليس فيهم من لقب بأمير المؤمنين يأتي ذكرهم الجميع في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى وولدة بنت المستكفي صاحأبة ابن زأيدون الشاعر هي من ذرّيته أي ًضا. الذين ذكرهم الذهبي في الوفيات قال: وفيها توفي الحسن بن عياش أخو أبي بكر بن عياش بالكوفة ورّوح بن مسافر البصري وسليمان بن بلل وصالح المري بخلف وصاحأب الندلس عبد الرحأمن الداخل الموي وابن عم المنصورّ علي بن سليمان بن علي وابن عمه الخر الفضل بن صالح بن علي والوليد بن أبي ثورّ والوليد بن المغيرة المصري ويحيى بن سلمة بن كهيل بخلف. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وستة أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وإصبعان ونصف. M0لية مسلمة بن يحيى على مصر هو مسلمة بن يحيى بن قرة بن عبيد الله بن عتبة البجلي الخراساني أمير مصر. أصله من أهل خراسان وقيل من جرجان وخدم بني العباس وكان من أكابر القواد وله هارّون الرشيد على إمرة مصر على الصلة والخراج م ًعا بعد عزل موسى بن عيسى العباسي في سنة اثنتين وسبعين ومائة وقدم إلى مصر في شهر رّمضان من السنة المذكورّة في عشرة آلف من الجند وسكن العسكر على عادة أمراء بني العباس وجعل على الشرطة ابنه عبد الرحأمن فلم تطل مدته على مصر ووقع في ولايته على مصر أمورّ وفتن حأتى عزله الخليفة هارّون الرشيد في شعبان سنة ثلث وسبعين ومائة بمحمد فكانت ولايته على إمرة مصر أحأد عشر شه ً بن زأهير الزأدي را وكانت أيامه مع قصرها كثيرة الفتن ووقع له أمورّ مع أهل الحوف ثم أخرج العساكر لحفظ البحيرة من الفتن التي كانت بالمغرب: منها خروج سعيد بن الحسين بن يحيى النصارّي بالندلس وتغلبه على أقاليم طرطوشة في شرق الندلس وكان قد التجأ إليها حأين قتل أبوه الحسين ودعا إلى اليمانية وتعصب لهم فاجتمع له خلق كثير وملك مدينة طرطوشة وأخرج عاملها يوسف القيسي فعارّضه موسى بن فرتون وقام بدعوة هشام الموي ووافقته جماعة وخرج أي ًضا مطروح بن سليمان بن يقظان بمدينة برشلونة وخرج معه جمع كبير فملك مدينة سرقسطة ومدينة وشقة وتغلب على تلك الناحأية وقوي أمره. وكان هشام مشغوًل بمحارّبة أخويه سليمان وعبد الله ولم تزل الحرب قائمة بالغرب وأمير مصر يتخوف من هجوم بعضهم إلى أن عزل مسلمة عن مصر. بن يحيى على مصر وهي سنة ثلث وسبعين ومائة. فيها عزل الرشيد عن إمرة خراسان جعفر بن محمد بن الشعث وولى عوضه ولده العباس بن جعفر بن محمد بن الشعث. وفيها حأج الرشيد بالناس ولما عاد أخذ معه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وحأبسه إلى أن مات. وفيها توفيت الخيزرّان جارّية المهدي وأم ولديه موسى الهادي وهارّون الرشيد كان اشتراها المهدي وأعتقها وتزوجها ذكرنا ذلك في وقته من هذا الكتاب في محله وكانت عاقلة لبيبة دينة كان دخلها في السنة ستة آلف وستين ألف ألف درّهم فكانت تنفقها في الصدقات وأبواب البر وماتت ليلة الجمعة لثلث بقين من جمادى الخرة ومشى ابنها الرشيد في جنازأتها وعليه طيلسان أزأرّق وقد شد وسطه وأخذ بقائمة التابوت حأاف ًيا يخوض في الطين والوحأل من المطر الذي كان في ذلك اليوم حأتى أتى مقابر قريش فغسل رّجليه وصلى عليها ودخل قبرها ثم خرج وتمثل بقول متمم " بن نويرة " البيات المشهورّة التي أولها: " الطويل " وكنا كندماني جذيمة حأقبة من الدهر حأتى قيل لن يتصدعا ثم تصدق عنها بمال عظيم ولم يغير على جوارّيها وحأواشيها شيًئا مما كان لهم. وفيها توفيت غادرّ جارّية الهادي وكانت بارّعة الجمال وكان الهادي مشغو ًفا بحبها فبينما هي تغنيه يو ًما فكر وتغير لونه فسأله من حأضر من خواصه فقال: " وقع في نفسي أني أموت ويتزوجها أخي هارّون من بعدي " فأحأضر هارّون واستحلفه باليمان المغلظة من الحج ماشًيا وغيره أنه ل يتزوجها ثم استحلفها أي ًضا كذلك ومكث الهادي بعد ذلك أقل من شهر ومات وتخلف هارّون الرشيد فأرّسل هارّون الرشيد خطبها فقالت له: وكيف يميني ويمينك فقال: أكفر عن الكل وأحأج رّاجًل فتزوجته فزاد حأب الرشيد لها على حأب الهادي أخيه حأتى إنها كانت تنام فتضع رّأسها على حأجره فل يتحرك حأتى تنتبه فبينما هي ذات يوم نائمة " ورّأسها " على رّكبته انتبهت فزعة تبكي وقالت: رّأيت الساعة أخاك الهادي وهو يقول وأنشدت أبياًتا منها: " مجزوء الكامل " ونكحت عامدة أخي صدق الذي سماك غادرّ فلم تزل تبكي وتضطرب حأتى ماتت وتنغص عليه عيشه بموتها. وقيل: إن الرشيد ما حأج ماشًيا إل بسبب اليمين التي كانت حألفه " إياها " أخوه الهادي بسببها. وفيها توفي محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس كان من وجوه بني العباس وتولى العمال الجليلة وهو الذي تزوج العباسة بنت المهدي أخت هارّون الرشيد وكان له خمسون ألف عبد منهم عشرون أل ًفا عت ًقا. قاله أبو المظفر في مرآة الزمان. ذكر الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي اسماعيل ابن زأكرياء الخلقاني وجويرية بن أسماء الضبعي وأم الرشيد الخيزرّان وسعيد ابن عبد الله المعافري وسلم بن أبي مطيع والسيد الحميري الشاعر وزأهير ابن معاوية بن كامل اللخمي المصري وعبد الرحأمن بن أبي الموالي مولى بني هاشم والمير محمد بن سليمان بن علي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وستة أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وثلثة أصابع. ولية محمد بن زأهير على مصر هو محمد بن زأهير الزأدي أمير مصر. وله هارّون الرشيد على إمرة مصر وجمع له بين الصلة والخراج م ًعا وذلك بعد عزل مسلمة بن يحيى لخمس خلون من شعبان سنة ثلث وسبعين ومائة وسكن العسكر على عادة أمراء بني العباس واستعمل على خراج مصر عمر بن غيلن وعلى الشرطة حأنك بن ًما ثم صرفه وولى حأبيب ابن العلء ثم عزله وولى عمارّ بن مسلم بن عبد الله الطائي أيا أبان أبن الوليد البجلي ولما ولي عمر بن غيلن خراج مصر شدد على الناس وعلى أهل الخراج فنفرت القلوب منه وثارّ عليه الجند وقاتلوه وحأصروه في دارّه فلم يدافع عنه محمد بن زأهير صاحأب الترجمة فانحط قمر عمر بن غيلن وتلشى أمره مع الجند وغيرهم وبلغ الخليفة هارّون الرشيد ذلك فعظم عليه عدم قيام محمد بن زأهير بنصرة عمر بن غيلن المذكورّ فعزله عن إمرة مصر بداود بن يزيد بن حأاتم المهلبي في سلخ ذي الحخة من سنة ثلث وسبعين ومائة فكانت ولية محمد بن زأهير على إمرة مصر خمسة أشهر تنقص أيا وتوجه إلى الرشيد فزجره ثم جعله من جملة القواد وندبه ًما للستيلء على مال محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بالبصرة بعد موته. وكانت تركة محمد بن سليمان عظيمة من المال والمتاع والدواب فحملوا منها ما يصلح للخلفة وتركوا ما ل يصلح وكان من جملة ما أخذوا له ستون ألف ألف درّهم فلما قدموا ًرا ورّفع بذلك على الرشيد أطلق منه للندماء والمغنين شيًئا كثي الباقي إلى خزانته. وكان سبب أخذ الرشيد تركته أن أخاه جعفر بن سليمان كان يسعى به إلى الرشيد حأس ًدا له ويقول: إنه ل مال له ول ضيعة إل وقد أخذ أكثر من ثمنها ليتقوى به على ما تحدثه به نفسه - يعني الخلفة - وأن أمواله حأل طلق لمير المؤمنين. وكان الرشيد يأمر بالحأتفاظ بكتبه فلما توفي محمد بن سليمان أخرجت الكتب الوارّدة من جعفر أخيه واحأتج الرشيد عليه بها في أخذ أمواله ولم يكن له أخ لبيه وأمه غيره فأقر جعفر بالكتب فأخذ الرشيد جميع المال ولم يعط جعف ًرا منها الدرّهم الواحأد. قلت: انظر إلى شؤم الحسد وسوء عاقبته ولله درّ القائل: الحاسد ظالم في صفة مظلوم مبتلى غير مرحأوم. ودام محمد بن زأهير عند الرشيد إلى أن كان ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى. ولية داود بن يزيد على مصر هو داود بن يزيد بن حأاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي أمير مصر وله الخليفة هارّون الرشيد على إمرة مصر على الصلة بعد عزل محمد بن زأهير الزأدي فقدم مصر لرّبع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة أرّبع وسبعين ومائة وقدم معه إبراهيم بن صالح بن علي العباسي على الخراج فدخل مصر م ًعا " لرّبع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة 174 وسكن داود العسكر على العادة وجعل على شرطته عضارّ بن مسلم الطائي ثم أخذ داود في إصلح أمر مصر وأخرج الجند الذين كانوا ثارّوا على عمر بن غيلن صاحأب خراج مصر في أيام محمد بن زأهير المعزول عن إمرة مصر إلى بلد المغرب وأخرج بعضهم أي ًضا إلى بلد المشرق وكانوا عدة كبيرة. ثم ورّد عليه المر من الرشيد أن يأخذ المصريين ببيعة ابنه المير محمد ابن زأبيدة ففعل ذلك. وكان الرشيد عقد لبنه محمد المذكورّ بولية العهد ولقبه بالمين وأخذ له البيعة من الناس وعمره خمس سنين وكتب بذلك إلى القطارّ. وكان سبب البيعة للمين أن خاله عيسى بن جعفر بن المنصورّ جاء إلى الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك وسأله في ذلك وقال له: إنه ولدك وخلفته لك وإن أختي زأبيدة تسألك في ذلك فوعده الفضل بذلك وسعى فيه عند الرشيد حأتى بايع له الناس بولية العهد وترك ولده المأمون وهو أسن من ولده محمد المين بشهر ثم بعد ذلك عهد الرشيد للمأمون بولية العهد بعد المين على ما سيأتي ذكره. وأما جند مصر الذين أخرجوا من مصر فإنهم سارّوا إلى المغرب في البحر فأسرهم الفرنج بعد حأروب وسكن الحال بديارّ مصر وأمن الناس واستمر داود على إمرة مصر ًما إلى أن صرفه الرشيد عنها بموسى بن عيسى العباسي المعزول عن إمرة مصر قدي وذلك لست خلون من المحرم سنة خمس وسبعين ومائة فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة ونصف شهر. وأما أمر الجند الذين أسرهم الفرنج فإن داود بن يزيد المذكورّ جهزهم نجدة إلى هشام بن عبد الرحأمن الموي فيما قيل وسببه أن هشام بن عبد الرحأمن صاحأب الندلس لما فرغ من حأرب أخويه سليمان وعبد الله وأجلهما عن الندلس وخل سره منهما انتدب لمطروح بن سليمان بن يقظان الذي كان خرج عليه وسير إليه جي ًشا كثي ًفا وجعل عليهم أبا عثمان عبيد الله بن عثمان فسارّوا إلى مطروح وهو بسرقسطة فحصروه بها فلم يظفروا به فرجع أبوعثمان ونزل بحصن طرطوشة بالقرب من سرقسطة وبث سراياه على أهل سرقسطة ثم إن مطرو ًحأا خرج في بعض اليام يتصيد وأرّسل البازأي على طائر فاقتنصه فنزل مطروح ليذبحه ومعه صاحأبان له قد انفرد بهما فقتله وأتيا برأسه إلى أبي عثمان فأرّسله أبو عثمان إلى هشام. السنة التي حأكم فيها داود بن يزيد على مصر وهي سنة أرّبع وسبعين ومائة. فيها حأج بالناس هارّون الرشيد على طريق البصرة ودخل البصرة ووسع في جامعها من ناحأية القبلة. وفيها وقعت العصبية وثارّت الفتن بين أهل السنة والرافضة. وفيها استقضى الرشيد يوسف ابن القاضي أبي يوسف يعقوب صاحأب أبي حأنيفة في حأياة والده. وفيها توفي رّوح بن حأاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي المير كان هو وأخوه من وجوه دولة بني العباس. ولي رّوح هذا إفريقية والبصرة وغيرهما وكان جليًل شجا ًعا جوا ًدا. وفيها توفي عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان المام الحافظ عالم الديارّ المصرية وقاضيها ومحدثها أبوعبد الرحأمن الحضري المصري مولده سنة سبع وتسعين وقيل سنة ست وتسعين ومات في يوم الحأد نصف شهر رّبيع الول من السنة وصلى عليه المير داود بن يزيد ودفن بالقرافة من جبانة مصر وقبره معروف بها تقصد للزيارّة. قال الذهبي: وكان ابن لهيعة من الكتابين للحديث والجماعين للعلم والرحأالين فيه ولقد حأدثني شكر: أخبرنا يوسف بن مسلم عن بشر بن المنفر قال: كان ابن لهيعة يكنى أبا خريطة وذاك أنه كانت له خريطة معلقة في عنقه فكان يدورّ بمصر فكقل قدم قوم كان يدورّ عليهم فكان إذا رّأى شيخا سأله: من لقيت وعمن كتبت. وفيها توفي منصورّ مولى عيسى بن جعفر بن منصورّ وكان منصورّ هذا يلقب بزلزل وكان مغنًيا يضرب بغنائه وضربه بالعود المثل وكان الغناء يوم ذاك غير الموسيقى الن وإنما كانت زأخمات عددية وأصوات مركبة في أنغام معروفة وهو نوع من إنشاد زأماننا هذا على الضروب لنشاد المداح والوعاظ. وقد أوضحنا ذلك في غير هذا المحل في مصنف على حأدته وبينا فيه الفرق بينه وبين الموسيقى. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية أصابع مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع ونصف. ولية موسى بن عيسى الثانية على مصر هو موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي ولي إمرة مصر ثانية من قبل الرشيد بعد عزل داود بن يزيد المهلبي وجمع له صلة مصر وخراجها فكتب موسى المذكورّ من بغداد إلى المير عسامة بن عمرو يستخلفه على الصلة ثم قدم خليفته على الخراج نصربن كلثوم ثم قدم موسى إلى مصر في سابع صفر سنة خمس وسبعين ومائة وسكن بالعسكر على العادة وحأدثته نفسه بالخروج على الرشيد فبلغ الرشيد ذلك. قال أبو المظفر بن قزأوغلي في تارّيخه مرآة الزمان: وبلغ الرشيد أن موسى ابن عيسى يريد الخروج عليه فقال: والله ل عزلته إل بأخس من على بابي فقال لجعفر بن يحيى: ول مصر أحأقر من على بابي وأخسهم فنظر فإذا عمر بن مهران كاتب الخيزرّان وكان مشوه الخلقة ويلبس ثياًبا خشنة ويركب بغ ًل ويردف غلمه خلفه فخرج إليه جعفر وقال: أتتولى مصر فقال: نعم فسارّ إليها فدخلها وخلفه غلم على بغل للثقل فقصد دارّ موسى بن عيسى فجلس في أخريات الناس فلما انفض المجلس قال موسى: ألك حأاجة فرمى إليه بالكتاب فلما قرأه قال: لعن الله فرعون حأيث قال: " أليس لي ملك مصر " الية ثم سلم إليه ملك مصر فمهدها عمر المذكورّ ورّجع إلى بغداد وهو على حأاله. انتهى كلم أبي المظفر. قلت: لم يذكر عمر بن مهران أحأد من المؤرّخين في أمراء مصر والجمهورّ على أن موسى بن عيسى عزل بابراهيم بن صالح العباسي ولعل الرشيد لم يرسل عمر هذا إل لنكاية موسى ثم أقر الرشيد إبراهيم بعد خروج المذكورّ من بغداد فكانت ولية عمر على مصر شبه الستخلف من إبراهيم بن صالح ولهذا أبطأ إبراهيم بن صالح عن الحضورّ إلى الديارّ المصرية بعد ولايته مصر عن موسى المذكورّ وكانت ولية عمر بن مهران على خراج مصر وإبراهيم على الصلة وهذا أوجه من الول. وقال الذهبي: ولى الرشيد مصر لجعفر بن يحيى البرمكي بعد عزل موسى فعلى هذا يكون عمر نائًبا عن جعفر ولم يصل جعفر إلى مصر في هذه السنة ولهذا لم يثبت وليته أحأد من المؤرّخين انتهى. وكان عزل موسى بن عيسى عن إمرة مصر في ثامن عشرين صفر سنة 174 فكانت ًما قليلة. ولايته هذه الثانية على مصر سنة واحأدة إل أيا قلت: ومما يؤيد قولي إنه كان على الخراج قول ابن الثير في الكامل وذكر ذلك في سنة 176 قال: وفيها عزل الرشيد موسى بن عيسى عن مصر ورّد أمرها إلى جعفر بن يحيى بن خالد فاستعمل عليها جعفر عمر بن مهران. وكان سبب عزله أن الرشيد بلغه أن موسى عازأم على الخلع فقال: والله ل أعزله آل بأخس من على بابي فأمر جعف ًرا فأحأضر عمر بن مهران وكان أحأول مشوه الخلق وكان لباسه خسي ًسا وكان يردف غلمه خلفه فلما قال له الرشيد: أتسير إلى مصر أميرا قال: أتولها على شرائط إحأداها أن يكون إذني إلى نفسي إذا أصلحت البلد انصرفت فأجابه إلى ذلك فسارّ فلما وصل إليها أتى دارّ موسى فجلس في أخريات الناس فلما تفرقوا قال: ألك حأاجة قال: نعم ثم دفع إليه الكتب فلما قرأها قال: هل يقدم أبو حأفص أبقاه الله قال: أنا أبو حأفص فقال موسى: لعن الله فرعون حأيث قال: " أليس لي ملك مصر " ثم سلم له العمل. فتقدم عمر إلى كاتبه أل يقبل هدية إل ما يدخل في الكيس فبعث الناس بهداياهم فلم يقبل دابة ول جارّية ولم يقبل إل المال والثياب فأخذها وكتب عليها أسماء أصحابها وتركها وكان أهل مصر قد اعتادوا المطل بالخراج وكسره فبدأ عمر برجل منهم فطالبه بالخراج فلواه فأقسم أل يؤديه إل بمدينة السلم فبذل الخراج فلم يقبله منه وحأمله إلى بغداد فأدى الخراج بها فلم يمطله أحأد فأخذ النجم الول والنجم الثاني فلما كان النجم الثالث وقعت المطاولة والمطل وشكوا الضيق فأحأضر تلك الهدايا وحأسبها لرّبابها وأمرهم بتعجيل الباقي فأسرعوا في ذلك فاستوفى خراج مصر عن آخره ولم يفعل ذلك غيره ثم انصرف إلى بغداد ". انتهى كلم ابن الثير برمته. السنة التي حأكم فيها موسى بن عيسى ثانًيا على مصر وهي سنة خمس وسبعين ومائة. فيها عقد الرشيد البيعة بالخلفة من بعده لبنه محمد بن زأبيدة ولقب بالمين وعمره خمس سنين وكانت أمه زأبيدة حأرضت الرشيد وأرّضوا الجند بأموال عظيمة حأتى سكتوا. وفيها خرج يحيى بن عبد الله بن الحسن العلوي بالديلم وقويت شوكته وتوجهت إليه الشيعة من القطارّ فاغتم الرشيد من ذلك واشتغل عن اللهو والشرب وندب لحربه الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي في خمسين أل ًفا وفرق فيهم الموال فانحلت عزائم يحيى المذكورّ وطلب الصلح من الرشيد فصالحه الرشيد وأمنه ثم حأبسه بعد مدة إلى أن مات. وفيها هاجت العصبية بالشام بين القيسية واليمانية وقتل منهم عدد كثير وكان على إمرة الشام موسى ابن ولي العهد عيسى العباسي فعزله الرشيد واستعمل على الشام موسى بن يحيى البرمكي فقدم موسى وأصلح بينهم. وفيها عزل الرشيد عن إمرة خراسان العباس بن جعفر وأمر عليها خاله الغطريف بن عطاء. وفيها توفي الليث بن سعد بن عبد الرحأمن الفهمي مولهم الصبهاني الصل المصري أحأد العلم وشيخ إقليم مصر وعالمه كنيته أبو الحارّث مولده في شعبان سنة أرّبع وتسعين. قال الذهبي: وحأج سنة ثلث عشرة ومائة فلقي عطاء وناف ًعا وابن أبي مليكة وسعيد المقبري وأبا الزبير وابن شهاب فأكثر عنهم ثم ذكر جماعة كثيرة ممن رّوى عنه. انتهى. وكان كبير الديارّ المصرية ورّئيسها وأمير من بها في عصره بحيث إن القاضي والنائب من تحت أمره ومشورّته وكان الشافعي يتأسف على فوات لقيه. قيل: إن المام مال الرقاق وتلبس الرقاق ًكا كتب إليه من المدينة: بلغني أنك تأكل وتمشي في السواق فكتب إليه الليث بن سعد: " قل من حأرم زأينة الله " " الية ". وعن ابن الوزأير قال: قد ولي الليث الجزيرة وكان أمراء مصر ل يقطعون أم ًرا إل بمشورّته فقال أبو المسعد وبعث بها إلى المنصورّ أبي جعفر: " الوافر " لعبد الله عبد مص ً الله عندي نصائح حأكتها في السر وحأدي أمير المؤمنين تلف را فإن أميرها ليث بن سعد وكانت وفاة الليث في رّابع عشر شعبان. ذكر الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وتوفي الحكم بن فصيل الواسطي والخليل بن أحأمد فيما قيل وقد مر وخشاف الكوفي صاحأب اللغة والقاسم بن معن المسعودي الكوفي والليث بن سعد فقيه مصر. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع سواء مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. ولية إبراهيم بن صالح ثانًيا على مصر تقدم ذكر ترجمته في ولايته الولى على مصر أعاده الرشيد إلى ولية مصر ثانيا بعد عزل موسى بن عيسى العباسي في صفر سنة لست وسبعين ومائة. ولما ولي إبراهيم مصر أرّسل باستخلف عسامة بن عمرو على الصلة إلى أن قمم نصر بن كلثوم على خراج مصر في مستهل شهر رّبيع الول سنة ست وسبعين ومائة. وتوفي عسامة بن عمرو لسبع بقين من شهر رّبيع الخر من السنة. ثم قدم إلى مصر رّوح بن زأنباع خليفة لبراهيم على الصلة والخراج - ورّوح بن زأنباع هذا أبوه حأفيد رّوح بن زأنباع وزأير عبد الملك بن مروان - فدام رّوح بن زأنباع المذكورّ على صلة مصر وخراجها إلى أن قدمها إبراهيم بن صالح بعده بأيام في النصف من جمادى الولى كل ذلك من سنة ست وسبعين ومائة. وسكن إبراهيم العسكر وجمع له الرشيد بين الصلة والخراج فلم تطل أيامه ومات لثلث خلون من شعبان سنة ست وسبعين وقام بأمر مصر بعد موته ابنه صالح بن إبراهيم بن صالح مع صاحأب شرطته خالد بن يزيد إلى أن ولي مصر عبد الله بن المسيب. وكان مقامه بها شهرين وثمانية عشر يو ًما. وكان إبراهيم المذكورّ من وجوه بني العباس وولي العمال الجليلة مثل دمشق وفلسطين ومصر للمهدي أوًل ثم ولي الجزيرة لموسى الهادي ثم ولي مصر ثانيا في هذه المرة لهارّون الرشيد وكان خي فقال له ًرا ديًنا ممد ًحأا وفد عليه مرة عباد بن عباد الخواص إبراهيم هذا: عظني فقال عباد: إن أعمال الحأياء تعرض على أقارّبهم من الموتى فانظر ماذا يعرض على رّسول الله صلى الله عليه و سلم من عملك فبكى إبراهيم حأتى سالت دموعه على لحيته رّحأمه الله تعالى. بن صالح على مصر وهي سنة ست وسبعين ومائة. فيها عقد الرشيد لبنه المأمون عبد الله العهد بعد أخيه محمد المين ولقبه المأمون ووله الشرق وكتب بينهما كتاًبا وعلقه في الكعبة وكان المأمون أسن من المين بشهر واحأد غير أن المين أفه زأبيدة بنت جعفر هاشمية والمأمون أفه أم ولد اسمها مراجل ماتت أيام نفاسها به ومولدهما في سنة سبعين ومائة. وفيها حأج بالناس سليمان بن منصورّ العباسي. وفيها أي ًضا حأجت زأبيدة بنت جعفر زأوج الرشيد وأمرت في هذه السنة ببناء المصانع والبرك في طريق الحج. وفيها عزل الرشيد الغطريف بن عطاء عن إمرة خراسان وولها حأمزة بن مالك الخزاعي وكان حأمزة يلقب بالعروس. وفيها توفي إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة أبو إسحاق الفهري الشاعر المشهورّ. كان الصمعي يقول: ختم الشعراء بابن هرمة وهو آخر الحجج. وفيها توفي صالح بن أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وفيها توفي أبو عوانة وآسمه الوضاح بن عبد الله البزازأ الواسطي الحافظ مولى يزيد بن عطاء اليشكري ويقال من سبي جرجان رّأى الحسن البصري وابن سيرين. وتوفي بالبصرة في شهر رّبيع الول. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر وستة عشر إصب ًعا. M0لية عبد الله بن المسيب على مصر هو عبد الله بن المسيب بن زأهير بن عمرو بن جميل الضبي أمير مصر. وله الرشيد مصر على الصلة بعد موت إبراهيم بن صالح العباسي فقدم إلى مصر لحأدى عشرة ليلة بقيت من شهر رّمضان سنة ست وسبعين ومائة وسكن العسكر وجعل على شرطته أبا المكيس ولم تطل ولية عبد الله المذكورّ على إمرة مصر وعزل بإسحاق بن سليمان في شهر رّجب سنة سبع وسبعين ومائة فكانت ولايته على إمرة مصر نحو عشرة أشهر وأقام بمصر بطاًل من غير إمرة إلى أن وليها استخل ًفا عن عبد الملك بن صالح العباسي في سنة ثمان وسبعين ومائة نحو الشهرين وصرف عبد الملك بعبيد الله بن المهدي فصرف عبد الله بن المسيب هذا عن استخلف مصر بعزل عبد الملك بن صالح فإنه كان خليفته على مصر ولزم عبد الله بن المسيب بيته إلى أن استخلفه ثانًيا عبيد الله بن المهدي لما ولي مصر بعد عبد الملك بن صالح فباشر عبد الله قليً بن المسيب صلة مصر ل باستخلف عبيد الله بن المهدي المذكورّ ثم صرف ولزم دارّه إلى أن مات. وفي أيام ولايته على مصر مع قصرها وقع له حأروب مع أهل الحوف. واستنجده هشام صاحأب الندلس فجهز له العساكر وبينما هو في ذلك ورّد عليه الخبر بعزله. وكان هشام أرّسل جي ًشا كثي ًفا واستعمل عليه عبد الملك بن عبد الواحأد بن مغيث فدخلوا بلد العدو وبلغوا أرّبونة وجرندة فبدأ بجرندة وكان بها حأامية الفرنج فقتل رّجالها وهدم أسوارّها وأبراجها وأشرف على فتحها فرحأل عنها إلى أرّبونة ففعل بها مثل ذلك وأوغل في بلدهم ووطىء أرّض برطانية فاستباح حأريمها وقتل مقاتلتها وجاس البلد شه ًرا يحرق ً الحصون ويسبي ويغنم وقد أجفل العدو من بين يديه هارًّبا وأوغل في ما بلدهم ورّجع سال ومعه من الغنائم ما ل يعلمه إل الله تعالى. وهي من أشهر مغازأي المسلمين بالندلس. السنة التي حأكم فيها عبد الله وهي سنة سبع وسبعين ومائة. فيها عزل الرشيد حأمزة بن مالك الخزاعي عن إمرة خراسان وولها الفضل ابن يحيى البرمكي مع سجستان والري. وفيها حأج بالناس الرشيد وكان هذا دأب الرشيد فسنة يحج وسنة يغزو وفي هذا المعنى قال بعض شعراء عصره: " الوافر " فمن يطلب لقاءك أو يرده فبالحرمين أو أقصى الثغورّ وفيها توفي شريك بن عبد الله بن أبي شريك أبو عبد الله القاضي النخعي أصله ًما عالما من الكوفة وبها توفي يوم السبت مستهل ذي القعدة وكان إما ديًنا. قال ابن المبارّك: شريك أحأفظ لحديث الكوفيين من سفيان الثورّي. وفيها توفي أبو الخطاب الخفش الكبير في هذه السنة وقيل في غيرها واسمه عبد الحميد بن عبد المجيد شيخ العربية أخذ عنه سيبويه ولول سيبويه لما كان يعرف فإن الخفش الوسط الذي أخذ عنه سيبويه أي ًضا التي ذكره هو المشهورّ ولبي الخطاب الخفش هذا أشياء غريبة ينفرد بها عن العرب وقد أخذ عنه جماعة من العلماء منهم: عيسى بن عمر النحوي وأبو عبيد معمر بن المثنى وغيرهم. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها مات عبد العزيز بن أبي ثابت المدني وعبد الواحأد بن زأياد الزاهد العبلي فيما قيل ومحمد بن جابر الحنفي اليمامي ومحمد بن مسلم الطائفي وموسر بن أعين الحراني وهياج بن بسطام الهروي ويزيد بن عطاء اليشكري معتق أبي عوانة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. ولية إسحاق بن سليمان على مصر هو إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي أمير مصر. وله الرشيد إمرة مصر بعد عزل عبد الله بن المسيب في مستهل شهر رّجب سنة سبع وسبعين ومائة وجمع له الرشيد صلة مصر وخراجها ولما دخل مصر سكن العسكر على عادة أمراء بني العباس وجعل على شرطته بعض أصحابه وهو مسلم بن بكارّ " بن مسلم " العقيلي وأخذ إسحاق في إصلح أمر مصر وكشف " أمر " خراجها فلم يرض بما كان يأخذه قبله المراء وزأاد على المزارّعين زأيادة أفحشت بهم فسئمته الناس وكرهته وخرج عليه جماعة من أهل الحوف من قيس وقضاعة فحارّبهم إسحاق المذكورّ وقتل من حأواشيه وأصحابه جماعة كبيرة فكتب إسحاق يعلم الرشيد بذلك فعظم على الرشيد ما ناله من أمر مصر وصرفه عن إمرتها وعقد الرشيد لهرثمة " بن أعين " على إمرة مصر وأرّسله في جيش كبير إلى مصر وكان عزل إسحاق هذا عن إمرة مصر في شهر رّجب ًما وتوجه إلى من سنة ثمان وسبعين ومائة فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة وأيا الرشيد. وقال ابن الثير: " وفي هذه السنة " يعني سنة ثمان وسبعين ومائة " وثبت الحوفية بمصر على عاملهم إسحاق بن سليمان وقاتلوه وأمر الرشيد بهرثمة بن أعين وكان عامل فلسطين فقاتلوا الحوفية وهم من قيس وقضاعة فأذعنوا بالطاعة وأدوا ما عليهم للسلطان. فعزل الرشيد إسحاق عن مصر واستعمل عليها هرثمة مقدارّ شهر ثم عزله واستعمل عليها عبد الملك بن صالح ". انتهى كلم ابن الثير برمته. ولية هرثمة بن أعين على مصر هو هرثمة بن أعين أحأد أمراء الرشيد وخواص قواده وله على إمرة مصر لما بلغه ما وقع لسحاق بن سليمان العباسي مع أهل مصر وبعثه إليها في جيش كبير وحأرضه على قتال المصريين و وله على صلة مصر وخراجها م ًعا فخرج هرثمة من بغداد حأتى قدم مصر ليومين خلوا من شعبان سنة ثمان وسبعين ومائة فتلقاه أهل مصر بالطاعة وأذعنوا له فقبل هرثمة منهم ذلك وأمنهم وأقر كل واحأد على حأاله. وأرّسل يعلم الرشيد بذلك ثم جعل هرثمة على شرطته ابنه حأات مئة هرثمة ًما فلم تطل على إمرة مصر وورّد عليه الخبر بعزله عن إمرة مصر وخروجه بالعساكر إلى نحو إفريقية في يوم ثاني عشر شوال من السنة المذكورّة فكانت إقامته على إمرة مصر شهرين ونصف شهر. وولي مصر بعده عبد الملك بن صالح العباسي وتوجه هرثمة إلى بلد المغرب من مصر بجيوش عظيمة فلم يلق حأرًبا بل أذعن إليه من كان ببلد المغرب من العصاة لعظم هيبة هرثمة المذكورّ فإنه كان شجاعأ مقدا سنين إلى أن ًما مهيًبا ودام هرثمة بالمغرب استعفى فأعفاه الرشيد في سنة إحأدى وثمانين ومائة وأذن له في القدوم عليه. وكان الرشيد يندب هرثمة للمهمات ووقع له بالمغرب أمورّ: منها أنه لما توجه إلى إفريقية سارّ صحبته يحيى بن موسى فأمره هرثمة أن يتقدمه ويتلطف بابن الجارّود ليعود إلى الطاعة قبل وصول هرثمة فقدم يحيى القيروان فجرى بينه وبين ابن الجارّود كلم كثير حأاصله أن ابن الجارّود شق العصا ولم يظهر الطاعة فخل يحيى " بمحمد بن يزيد " الفارّسي وعاتبه حأتى استماله ووافقه على قتال ابن الجارّود. وتقاتل يحيى وابن الفارّسي مع ابن الجارّود فقتل ابن الفارّسي غدًرّا وعاد يحيى بن موسى إلى هرثمة بطرابلس الغرب ثم سارّ هرثمة إلى ابن الجارّود بجند طرابلس في محرم سنة تسع وسبعين ومائة فلما وصل قابس تلقاه عامة الجند وخرج ابن الجارّود من القيروان في مستهل صفر وكان العلء بن سعيد عمرو ابن الجارّود ويحيى بن موسى يستبقان إلى القيروان كل منهما يريد أن " يكون " الذكر له فسبقه العلء ودخل القيروان وقتل جماعة من أصحاب ابن الجارّود وصارّ إلى هرثمة وسارّ ابن الجارّود أي ًضا إلى هرثمة فسيره هرثمة إلى الرشيد فاعتقله الرشيد ببغداد وسارّ هرثمة إلى القيروان فأمن الناس وسكنهم وبنى القصر الكبير وبنى سورّ مدينة طرابلس الغرب مما يلي البحر. وكان إبراهيم بن الغلب بولية الزاب فأكثر من الهدية إلى هرثمة حأتى أقرة هرثمة على الزاب فحسن أثره فيها. ثم إن عياض بن وهب الهوارّي وكليب بن جميع الكلبي جمعا جمو ًعا وأرّادا قتال هرثمة فسارّ إليهما هرثمة يحيى بن موسى في جيش كبير ففرق جموعهما وقتل كثي من ًرا أصحابهما ثم عاد إلى القيروان فلما رّأى هرثمة ما بإفريقية من الختلف واصل كتبه إلى الرشيد يستعفي حأتى أعفاه وقدم العراق حأسبما تقدم ذكره. فكانت ولية هرثمة على إفريقية سنتين ونص ًفا. على مصر هو عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب المير أبو عبد الرحأمن الهاشمي العباسي أمير مصر وليها بعد توجه هرثمة بن أعين إلى إفريقية وله الرشيد إمرة مصر وجمع له الصلة والخراج م ًعا فوليها عبد الملك هذا ولم ً يدخلها واستعمل عليها عبد الله بن المسيب الضبى المعزول عن إمرة مصر ما وقد قدي ذكرنا نيابته عن عبد الملك هذا في ترجمته أي ًضا من هذا الكتاب فجعل عبد الله بن المسيب على شرطته عمارّ بن مسلم فلم تطل مدة عبد الملك هذا على ولية مصر وصرف عنها في سلخ سنة ثمان وسبعين ومائة وتولى مصر من بعده عبيد الله بن المهدي. وقد ولي في هذه السنة على مصر ثلثة أمراء وهي سنة ثمان وسبعين ومائة وكان عبد الملك هذا شريفا نبيل وأمه أم ولد كانت لمروان بن محمد الحمارّ فشراها صالح بن علي فولدت له عبد الملك هذا. ويقال: إن الجارّية حأملت بعبد الملك هذا من مروان ولهذا قال له الرشيد لما قبض عليه وحأبسه: ما أنت لصالح قال: فلمن أنا قال: لمروان قال: ما أبالي أي الفحلين غلب علي. وكان أوًل معظ ًما عند الرشيد ولما وله دمشق سنة سبع وسبعين ومائة وخرج الرشيد و ودعه قال له الرشيد: هل من حأاجة قال: نعم بيني وبينك بيت ابن الدمينة حأيث يقول: " الطويل " فسكت الرشيد عن أمره حأتى نقل عنه أنه يريد الخلفة فعزله عن دمشق في سنة ثمان وسبعين ومائة وكانت إقامته عليها أقل من سنة وأظن أن في تلك اليام أضيف إليه إمرة مصر ثم أقدمه الرشيد إلى بغداد وكان قبل ذلك كتب إلى الرشيد يقول: " الطويل " أخلي بي شجو وليس بكم شجو وكل امرئ من شجو صاحأبه خلو من أي نواحأي الرّض أبغي رّضاكم وأنتم أناس ما لمرضاتكم نحو فل حأسن نأتي به تقبلونه ول إن أسأنا كان عندكم عفو فقال الرشيد: والله لئن أنشأها لقد أحأسن ولئن رّواها كان أحأسن. وولي عبد الملك هذا الجزيرة مرتين وغزا الصائفة في سنة ثلث وسبعين ومائة وغزا الروم سنة خمس وسبعين ومائة فأخذ سبعة آلف رّأس من الروم. ومات للرشيد ولد وولد له ولد في ليلة واحأدة فدخل عليه عبد الملك هذا فقال: يا أمير المؤمنين آجرك الله فيما ساءك ولساءك فيما سرك وجعل هذه بتلك جزاء الشاكرين وثواب الصابرين! وكان لعبد الملك لسان وبيان على فأفأة كانت فيه وكانت وفاته بالرقة. السنة التي حأكم فيها إسحاق وهي سنة ثمان وسبعين ومائة. فيها وثب أهل المغرب وقاتلوا متولي إفريقية الفضل بن رّوح بن حأاتم المهلبي فأمر الرشيد هرثمة بن أعين أن يتوجه من مصر إلى المغرب وقد ذكرنا ذلك في ترجمة هرثمة وذكرنا توجهه واستيلءه على بلد المغرب وأنهم أذعنوا إليه بالطاعة. وفيها فوض الرشيد أمورّ المملكة إلى يحيى بن خالد البرمكي. وفيها سارّ الفضل بن يحيى البرمكي إلى خراسان أمي الرعية وأحأسن ًرا عليها فعدل في السيرة بها. وفيها هاجت الحوفية بديارّ مصر بين قضاعة وقيس وقد ذكرنا قصتهم مع إسحاق بن سليمان عامل مصر. وفيها غزا الصائفة معاوية بن زأفر بن عاصم وغزا الشاتية سليمان بن رّاشد ومعه البند بطريق صقفية. وفيها حأج بالناس محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي العباسي. وفيها خرج بالجزيرة الوليد بن طريف وفتك بإبراهيم بن خازأم بن خزيمة بنصيبين وسارّ إلى أرّمينية وكثرت جموعه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن حأميد الرواسي الكوفي وجعفر بن سليمان الضبعي وخارّجة بن مصعب والصحيح قبل هذه بعشر سنين وعليلة بن بدرّ البصري - واسمه الربيع وعليلة لقب له - وعيثر بن القاسم الكوفي وعبد الله بن جعفر أبو علي المديني وعمر بن المغيرة بالمصيصة والمفضل بن يونس يقال فيها. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. ولية عبيد الله بن المهدي الولى على مصر هو عبيد الله ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس العباسي الهاشمي أمير مصر ولي مصر بعد عزل عبد الملك بن صالح عنها وله الرشيد وجمع له صلة مصر وخراجها وهو أخو الرشيد لبيه محمد المهدي ولما ولي عبيد الله مصر استخلف عليها داود بن حأبيش وأرّسله أمامه فقدم داود مصر لسبع خلون من جمادى الخرة ثم قدمها عبيد الله المذكورّ بعده في يوم الثلثاء لرّبع خلون من شعبان سنة تسع وسبعين ومائة و قال صاحأب " البغية ". وقال غيره: قدمها عبيد الله في يوم الثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة تسع وسبعين ومائة. وجعل على شرطته معاوية بن صرد ثم عمارّ بن مسلم فأقام عبيد الله على إمرة مصر مئة وخرج منها إلى جهة السكندرّية لما بلغه أن الفرنج قدموا السكندرّية بعد انهزامهم من الحكم بن هشام على ما نذكره في آخر هذه الترجمة واستخلف على مصر عبد الله بن المسيب المقدم ذكره فغاب عبيد الله مدة ثم عاد إليها ودام على إمرة مصر إلى أن صرفه أخوه الرشيد عنها في شهر رّمضان من " هذه " السنة. ًما قليلة وخرج منها لليلتين خلتا من شوال فكانت ولايته هذه المرة تسعة أشهر إل أيا وولي عوضه المير موسى بن عيسى العباسي الهاشمي. وقال صاحأب " البغية ": صرف عنها لثلث خلون من شهر رّمضان سنة إحأدى وثمانين ومائة فوافق في الشهر وخالف في السنة. وأما ما وعدنا بذكره من انهزام الفرنج من الحكم بن هشام صاحأب الندلس الموي فإنه ندب عبد الكريم " بن عبد الواحأد " بن مغيث إلى بلد الفرنج وصحبته العساكر فدخل بلد الفرنج وبث سراياه في بلدهم يحرقون وينهبون ويأسرون وسير سرية فجازأوا خلي ًجا من البحر كان الماء قد جزرّ عنه وكان الفرنج قد جعلوا أموالهم وأهاليهم ورّاء ذلك الخليج ظًنا منهم أن أحأ ًدا ل يقدرّ أن يعبره فجاءهم ما لم يكن في حأسابهم فغنم المسلمون منهم جميع ما لهم وأسروا الرجال وقتلوا منهم فأكثروا وسبوا الحريم وعادوا سالمين إلى عبد الكريم المذكورّ فسير عبد الكريم طائفة أخرى فخربوا كثيرا من بلد فرنسية وغنموا أموال أهلها وأسروا الرجال فأخبره بعض السرى أن جماعة من ملوك الفرنج قد سبقوا المسلمين إلى واد وعر المسلك على طريقهم فجمع عبد الكريم عساكره وسارّ على التعبئة وأجد السير فلم يشعر الكفارّ إل وقد خالطهم المسلمون ووضعوا السيف فيهم فانهزموا وغنم ما معهم وعاد عبد الكريم سالما هو ومن معه فلما وقع للفرنج ذلك أرّدوا أن يهجموا على ثغر السكندرّية وغيرها لينالوا من المسلمين بعض الغرض ورّكبوا البحر لقطع الطريق فخرج عبيد الله بعساكره إلى ثغر السكندرّية فلم يقدرّ أحأد من الفرنج على التوجه إلى جهتها وعادوا بالذلة والخزى. السنة التي حأكم فيها عبيد الله بن المهدي على مصر وهي سنة تسع وسبعين ومائة. فيها ولى الرشيد إمرة خراسان لمنصورّ بن يزيد بن منصورّ الحميري. وفيها رّجع الوليد بن طريف الشارّي بجموعه من ناحأية أرّمينية إلى الجزيرة وقد عظم أمره وكثرت جيوشه فسارّ لحربه يزيد بن مزيد الشيباني من قبل الرشيد فراوغه يزيد مئة ثم التقاه على غرة بقرب هيت وقاتله حأتى ظفر به وقتله وبعث برأسه إلى الرشيد فرثته أخته الفارّعة بنت طريف بقصيدتها التي سارّت بها الركبان التي أولها: " الطويل " أيا شجر الخابورّ ما لك مورّقا كأنك لم تجزع على ابن طريف فتى ل يحب الزاد إل من التقى ول المال إل من قنا وسيوف حأليف الندى ما عاش يرضى به الندى فإن مات لم يرض الندى بحليف ومنها: فإن يك أرّداه يزيد بن مزيد فرب زأحأوف لفها بزحأوف عليه سلم الله وق ًفا فإنني أرّى الموت وقا ًعا بكل شريف وفيها اعتمر الرشيد في رّمضان ودام على إحأرامه إلى أن حأج ومشى من بيوت مكة إلى عرفات. وفيها في شهر رّبيع الول وصل هرثمة بن أعين أمي والمغرب فأمن ًرا على القيروان الناس وسكنوا وأحأسن سياستهم وبنى القصر الكبير في سنة ثمانين ومائة وبنى سورّ طرابلس الغرب ثم إنه رّأى اختلف الهواء فطلب من الرشيد أن يعفيه وألح في ذلك حأتى أعفاه. وفيها توفي المام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارّث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارّث شيخ السلم وأحأد العلم وإمام دارّ الهجرة وصاحأب المذهب أبو عبد الله المدني الصبحي. مولده سنة اثنتين وتسعين وقيل سنة ثلث وتسعين وهي السنة التي مات فيها أنس بن مالك الصحابي وكان المام مالك رّحأمه الله عظيم الجللة كبير الوقارّ غزير العلم متشددا في دينه. قال الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم. وقال في رّواية أخرى: لول مالك وابن عيينة لذهب علم الحجازأ وما في الرّض كتاب أكثر صواًبا من الموطأ. وقال ابن مهدي: مالك أفقه من الحكم وحأماد. وقال ابن وهب عن مالك قال: دخلت على أبي جعفر مرا عليه أحأد من ًرّا وكان ل يدخل الهاشميين وغيرهم إل قبل يده فلم أقبل يده قط. وعن عيسى بن عمر المدني قال: ما رّأيت بيا ًضا قط ول حأمرة أحأسن من وجه مالك ول أشد بياضا من ثوب مالك. ًما عظيم الهامة أبيض وقال غير واحأد: كان مالك رّجًل طوا الرأس واللحية أشقر ًل جسي أصلع عظيم اللحية عريضها وكان ل يحفي شارّبه ويراه مثله. قلت: ومناقب المام مالك كثيرة وفضله أشهر من أن يذكر. وكانت وفاته في صبيحة أرّبع عشرة خلت من شهر رّبيع الول وقيل في حأادي عشر رّبيع الول وقيل في ثالث عشر وأما السنة فمجمع عليها أعني في سنة تسع سبعين ومائة رّحأمه الله. وفيها توفي الهقل بن زأياد الدمشقي نزيل بيروت أب وعبد الله كان كاتب الوزأاعي وتلميذه وحأامل علمه من بعده. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي حأماد بن زأيد وخالد بن عبد الله الطحان وعبد الله بن سالم الشعري الحمصي ومالك بن أنس المام وفقيه دمشق هقل بن زأياد والوليد بن طريف الخارّجي وأبو الحأوص سلم بن سليم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّا ًعان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرة أصابع. ولية موسى بن عيسى الثالثة على مصر قلت: هذه ولية موسى بن عيسى الهاشمي العباسي الثالثة على مصر وله الرشيد على مصر بعد عزل أخيه عبيد الله بن المهدي على الصلة فلما ولي موسى من بغداد قدم أمامه ابنه يحيى بن موسى إلى مصر واستخلفه على صلتها فقدم يحيى بن موسى إلى مصر لثلث خلون من شهر رّمضان سنة تسع وسبعين ومائة ودام بمصر على صلتها إلى أن قدمها والده موسى بن عيسى في آخر ذي القعدة من سنة تسع وسبعين ومائة المذكورّة وسكن العسكر على العادة وأخذ في إصلح أمورّ مصر وأصلح بين قيس ويمن من الحوف واستمر على إمرة مصر إلى أن صرفه الرشيد عنها بعبيد الله بن المهدي ثانًيا في جمادى الخرة سنة ثمانين ومائة فكانت ولية موسى على مصر في هذه المرة الثالثة نحوا من عشرة أشهر. وخرج من مصر وتوجه إلى بغداد وصارّ من أكابر أمراء الرشيد وجئ بالناس من بغداد في السنة المذكورّة. وفي سنة اثنتين وثمانين ومائة مات بعد عوده من الحج وله خمس وخمسون سنة. وقيل: كانت وفاته في سنة تسع وثمانين ومائة. ولما حأج في سنة اثنتين وثمانين ومائة ندبه الرشيد ليقرأ عهد أولده بالخلفة في مكة والمدينة لن الرشيد كان بايع في هذه السنة لبنه عبد الله المأمون بولية العهد بعد أخيه محمد المين ووله خراسان وما يتصل بها إلى همذان ولقبه بالمأمون وسلمه إلى جعفر بن يحيى. وهذا من العجائب لن الرشيد رّأى ما صنع أبوه وجده المنصورّ بعيسى بن موسى حأتى خلع نفسه من ولية العهد ثم ماصنع به أخوه الهادي ليخلع نفسه من العهد فلو لم يعاجله الموت لخلعه ثم هو بعد ذلك يبايع للمأمون بعد المين حأتى وقع لهما بعد موته ما فيه عبرة لمن اعتبر. قلت: وهذا البلء والتدميغ إلى يومنا هذا فإن كل ملك من الملوك إلى زأماننا هذا يخلع ابن الملك الذي قبله ثم يعهد هو لبنه من غير أن يقعد له قاعدة يثبت ملكه بها بل جل قصده العهد ويدع الدنيا بعد ذلك تنقلب ظه ًرا لبطن. وكان أمي الولى والثانية على مصر ًرا جليًل جوا ًدا ممد ًحأا تقدم التعريف بأحأواله في وليته من هذا الكتاب. السنة التي حأكم فيها موسى بن عيسى العباسي على مصر وهي سنة ثمانين ومائة. فيها كانت الزلزلة العظيمة التي سقط منها رّأس منارّة السكندرّية. وفيها تنقل الخليفة الرشيد من بغداد إلى الموصل ثم إلى الرقة فاستوطنها مدة وعمر بها دارّ الملك واستخلف على بغداد ابنه المين محمد بن زأبيدة. وفيها حأج بالناس موسى بن عيسى العباسي المعزول عن إمرة مصر المقدم ذكره. وفيها هدم الرشيد سورّ الموصل لئل يغلب عليها الخوارّج. وفيها ولى الرشيد جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك خراسان وسجستان فولى عليهما جعفر محمد بن الحسن بن قحطبة ثم بعد مدة يسيرة عزل الرشيد جعف ًرا المذكورّ وولى عليهما عيسى وفيها خرج خراشة الشيباني متحك ًما بالجزيرة فقتله فسلم بن بكارّ العقيلي. وفيها خرجت المحمرة بجرجان هيجهم على الخروج زأنديق يقال له: عمرو بن محمد العمري فقتل عمرو المذكورّ بأمر الرشيد بمدينة مرو. وفيها توفي سيبويه إمام النحاة أبو بشر عمرو بن عثمان البصري أصله فارّسي وطلب الفقه والحديث ثم مال إلى العربية حأتى برع فيها وصارّ أفضل أهل زأمانه وصنف فيها كتابه الكبير الذي لم يصنف مثله وفي سنة وفاة سيبويه أقوال كثيرة وقيل: إن مدة عمره كانت اثنتين وثلثين سنة وقيل: بل أزأيد من أرّبعين سنة. وفيها توفي عافية بن يزيد بن قيس الكوفي الزأدي كان من أصحاب أبي حأنيفة الذين ًها ديًنا صال ًحا. يجالسونه ثم ولي القضاء وكان فقي وفيها توفي المبارّك بن سعيد بن مسروق أخو سفيان الثورّي وكنيته أب وعبد الرحأمن ولد بالكوفة وسكن بغداد وكان ثقة ديًنا كف بصره بأخره. وفيها توفي هشام بن عبد الرحأمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الموي الهاشمي أمير الندلس وليها في سنة ثلث وسبعين ومائة بعد وفاة أبيه فكانت مدة ملكه بالندلس سبع سنين وأياما ومات في صغره وله تسع وثلثون سنة. وقد تقدم التعريف به: أن عبد الرحأمن الداخل دخل المغرب جاف ًل من بني العباس وملكه وسمي بالداخل. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسماعيل بن جعفر المدني وبشر بن منصورّ السليمي الواعظ وحأفص بن سليمان المقرىء ورّابعة العدوية. قلت: وقد تقدمت وفاتها في قول غير الذهبي. قال: وصدقة بن خالد الدمشقي بخلف وعبد الوارّث بن سعيد التنورّي وعبيد الله بن عمرو الرقي والمبارّك بن سعيد الثورّي وفضيل بن سليمان بخلف ومحمد بن الفضل بن عطية البخارّي ومسلم بن خالد الزنجي المكي ومعاوية بن عبد الكريم الضال وصاحأب الندلس هشام بن عبد الرحأمن الموي وأبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي ويقال: مات فيها سيبويه شيخ النحو. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. M0لية عبيد الله بن المهدي الثانية على مصر تقدم التعريف به في أول ولايته على إمرة مصر. ولما عزل الرشيد موسى بن عيسى العباسي أعاد أخاه عبيد الله هذا على إمرة مصر عوضه ثانًيا فأرّسل عبيد الله هذا داود بن حأبيش خليفة له على صلة مصر فسارّ داود حأتى وصل إلى مصر لسبع خلون من جمادى الخرة من سنة ثمانين ومائة فخلفه داود على صلة مصر إلى أن حأضر إليها عبيد الله بن المهدي في يوم رّابع شعبان من السنة " فجعل على شرطه معاوية بن صرد ثم عزله فولى عمارّ بن مسلم " فلم تطل مدته على مصر ووقع له بها أمورّ حأتى صرف عنها لثلث خلون من شهر رّمضان من سنة إحأدى وثمانين ومائة فكانت ولية عبيد الله بن المهدي في هذه المرة الثانية على إمرة مصر سنة واحأدة وشهرين تقريًبا. وقيل: غير ذلك. وتوفي سنة أرّبع وتسعين ومائة ولما عزل عن مصر توجه إلى الرشيد ودام عنده إلى أن خرج معه في سنة اثنتين وتسعين ومائة في مسيره إلى خراسان فسارّ الرشيد من الرقة إلى بغداد يريد خراسان لحرب رّافع بن الليث وكان الرشيد مري ًضا واستخلف على الرقة ابنه القاسم وضم إليه خزيمة بن خازأم وسارّ من بغداد إلى النهروان واستخلف على بغداد ابنه المين وأمر ابنه المأمون بالمقام ببغداد فقال الفضل بن سهل للمأمون حأين أرّاد الرشيد المسير: لست تدرّي ما يحدث بالرشيد وخراسان وليتك والمين مقدم عليك وإن أحأسن مايصنع بك أن يخلعك وهو ابن زأبيدة وأخواله بنو هاشم وزأبيدة وأموالها فاطلب من أبيك الرشيد أن تسير معه فطلب فأجابه الرشيد بعد امتناع. فلما سارّ الرشيد سايره الصباح الطبري فقال له الرشيد: يا صباح ل أظنك تراني أب ًدا فدعا له الصباح بالبقاء فقال: يا صباح ما أظنك تدرّي ما أجد قال الصباح: ل والله فعدل الرشيد عن الطريق واستظل بشجرة وأمر خواصه بالبعد عنه ثم كشف عن بطنه فإذا عليه عصابة حأرير فقال: هذه علة أكتمها عن الناس ولكل واحأد من ولدي علي رّقيب فمسرورّ رّقيب المأمون وجبريل بن بختيشوع رّقيب المين وما منهم أحأد إل وهو يحصي أنفاسي ويستطيل دهري وإن أرّدت أن تعلم ذلك فالساعة أدعو بدابة فيأتونني بدابة أعجف قطوف لتزيدني علة ثم طلب الرشيد دابة فجاؤوا بها على ما وصف. وكان أخوه عبيد الله هذا أشارّ عليه بعدم السفر فلم يسمع منه وأخذه معه. السنة التي حأكم فيها عبيد الله بن المهدي في ولايته الثانية على مصر وهي سنة إحأدى وثمانين ومائة. فيها غزا الرشيد بلد الروم وافتتح حأصن الصفصاف عنوة وسارّ عبد الملك بن صالح العباسي حأتى بلغ أرّض الروم وافتتح حأصًنا بها. وفيها حأج بالناس الرشيد. وفيها استعفى يحيى بن خالد بن برمك من التحدث في أمورّ الممالك فأعفاه الرشيد وأخذ الخاتم منه وأذن له في المجاورّة بمكة. وفيها كتب الرشيد إلى هرثمة بن أعين يعفيه عن إمرة المغرب وأذن له في المجاورّة والقدوم عليه واستعمل عوضه على المغرب محمد بن مقاتل العكي رّضيع الرشيد وكان أبوه مقاتل أحأد من قام بالدعوة العباسية. وفيها أمر الرشيد أن يصدرّ في مكاتباته بعد البسملة بالصلة على النبي صلى الله عليه و سلم وفيها توفي عبد الله بن المبارّك بن واضح الحنظلي مولهم التركي ثم المروزأي الحافظ فريد الزمان وشيخ السلم وأمه خوارّزأمية. مولده سنة ثمان عشرة ومائة. وقيل: سنة عشر ومائة ورّحأل سنة إحأدى وأرّبعين ومائة فلقي التابعين وأكثر الترحأال في طلب العلم ورّوى عن جماعة كثيرة ورّوى عنه خلئق وتفقه بأبي حأنيفة. وقال أبو إسحاق الفزارّي: ابن المبارّك إمام المسلمين. وعن إسماعيل ابن عياش قال: ما على وجه الرّض مثل ابن المبارّك. وقال العباس بن مصعب المروزأي: جمع ابن المبارّك الحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء. وقال شعيب بن حأرب: سمعت سفيان الثورّي يقول: لو جهدت جهدي أن أكون في السنة ثلثة أيام على ما عليه ابن المبارّك لم أقدرّ. وقال الذهبي: قال عبد الله بن محمد قاضي نصيبين: حأدثني محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة: أملى علي ابن المبارّك بطرسوس - وودعته وأنفذها معي يعني الورّقة إلى الفضيل بن عياض في سنة سبع وسبعين ومائة - هذه البيات: " الكامل " من كان يخضب جيده بدموعه فنحورّنا بدمائنا تتخضب أو كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب رّيح العبير لكم ونحن عبيرنا وهج السنابك والغبارّ الطيب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صاعق ل يكذب ل يستوي غبارّ خيل الله في أنف امرئ ودخان نارّ تلهب هذا كتاب الله ينطق بيننا ليس الشهيد بميت ل يكذب قال: فلقيت الفضيل بكتابه في الحرم فلما قرأه ذرّفت عيناه ثم قال: صدق أب وعبد الرحأمن ونصح. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن عطية الثقفي وإسماعيل بن عياش الحمصي وأبوالمليح الحسن بن عمر الرفتي وحأفص بن ميسرة الصنعاني والحسن بن قحطبة المير وحأمزة بن مالك وسهل بن أسلم العدوي وخلف بن خليفة الواسطي بها وعباد بن عباد المهلبي وعبد الله بن المبارّك المروزأي ورّوح بن المسيب الكلبي وسهيل بن صبرة العجلي وعبد الرحأمن بن عبد الملك بن أبجر وعفان بن سيارّ قاضي جرجان وعلي بن هاشم بن البريد الكوفي وعيسى ابن الخليفة المنصورّ وقران بن تمام السدي " بضم القاف وتشديد الراء تخميًنا " ومحمد بن حأجاج الواسطي ومحمد بن سليمان الصبهاني الكوفي ومصعب بن ماهان المروزأي ومفضل بن فضالة قاضي مصر ويعقوب بن عبد الرحأمن القارّي وأم عروة بنت جعفر بن الزبير بن العوام. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع ونصف. ولية إسماعيل بن صالح على مصر هو إسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي العباسي أمير مصر وله الرشيد إمرة مصر على الصلة في يوم الخميس لسبع خلون من شهر رّمضان سنة اثنتين وثمانين ومائة بعد عزل عبيد الله بن المهدي عنها فاستخلف إسماعيل على صلة مصر عوف بن وهب الخزاعي فصفى المذكورّ بالناس إلى أن حأضر إسماعيل بن صالح إلى مصر لخمس بقين من شهر رّمضان المذكورّ ولما قدم إلى مصر سكن العسكر وجعل على الشرطة سليمان بن الصمة المهلبي مدة ثم صرفه بزيد بن عبد العزيز الغساني وأخذ في إصلح فصي ًحا عاق ً أمر الديارّ المصرية وكان شجا ًعا ل أديًبا. قال ابن عفير: ما رّأيت على هذه العواد أخطب من إسماعيل بن صالح. واستمر إسماعيل بن صالح على إمرة مصر إلى أن صرف عنها لمر اقتضى ذلك بإسماعيل بن عيسى في جمادى الخرة سنة ثلث وثمانين ومائة. وقال صاحأب " البغية ": إنه عزل بالليث بن الفضل وأن الليث عزل باسماعيل المذكورّ وسماه إسماعيل بن علي. والقوى أن إسماعيل هذا عزل باسماعيل الذي سميته وعلى هذا الترتيب ساق غالب من ذكر أمراء مصر. وكانت مدته على إمرة مصر ثمانية أشهر وعدة أيام تقارّب شهرا. السنة التي حأكم فيها إسماعيل بن صالح على مصر وهي سنة اثنتين وثمانين ومائة. فيها حأج بالناس موسى بن عيسى بن موسى العباسي. وفيها أخذ الرشيد البيعة بولية العهد ثانًيا من بعد ولده المين محمد لولده الخر عبد الله المأمون وكان ذلك بالرقة فسيره الرشيد إلى بغداد وفي خدمته عم الرشيد جعفر بن أبي جعفر المنصورّ وعبد الملك بن صالح وعلي بن عيسى وولى المأمون ممالك خراسان بأسرها وهو يومئذ وفيها توفي عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله ابن عبد الله بن عمر ًما ًما عال عاب ًدا ناس ً بن الخطاب أب وعبد الله العمري العدوي كان إما كا ورّ ًعا. وفيها توفي مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حأفصة أبوالسمط - وقيل: أبو الهندام - الشاعر المشهورّ. كان أبوحأفصة جد أبيه مولى مروان بن الحكم أعتقه يوم الدارّ لنه أبلى بلء حأسنا في ذلك اليوم يقال: إنه كان يهودًيا فأسلم على يد مروان وقيل غير ذلك. ومولد مروان هذا صاحأب الترجمة سنة خمس ومائة وكان شاع ًرا مجي ًدا مدح غالب خلفاء بني أمية وغيرهم وما نال أحأد من الشعراء ما ناله مروان ل سيما لما مدح معن بن زأائدة ًرا ل الشيباني بقصيدته اللمية يقال: إنه أخذ منه عليها ما يقدرّ قدرّه وهي القصيدة ًل كثي التي فضل بها على شعراء زأمانه. قال ابن خلكان: والقصيدة طويلة تناهز الستين بيًتا ولول خوف الطالة لذكرتها لكن نأتي ببعض مديحها وهو من أثنائها: " الطويل " بنو مطر يوم اللقاء كأنهم أسود لها في بطن خفان أشبل هم يمنعون الجارّ حأتى كأنما لجارّهم بين السماكين منزل بهاليل في السلم سادوا ولم يكن كأولهم في الجاهلية أول هم القوم إن قالوا أصابوا وان دعوا أجابوا وان أعطوا أطابوا وأجزلوا وفيها توفي هشيم بن بشير بن أبي خازأم أبو معاوية الواسطي مولى بني سليم وكان بخارّي الصل كان ثقة كثير الحديث ثبًتا وكان يدلس في الحديث وكان ديًنا أقام يصلي الفجر بوضوء صلة العشاء الخرة سنين كثيرة وتوفي ببغداد في يوم الرّبعاء لعشر بقين من شهر رّمضان أو شعبان. وفيها توفي شيخ السلم قاضي القضاة أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حأبيب " بن خنيس " بن سعد بن حأبتة بن معاوية. وسعد بن حأبتة من الصحابة أتى يوم الخندق إلى النبي صلى الله عليه و سلم فدعا له ومسح على رّأسا. ومولد آيي يوسف بالكوفة سنة ثلث عشرة ومائة وطلب العلم سنة نيف وثلثين وسمع من هشام بن عروة وعطاء بن السائب والعمش وغيرهم. ورّوى عنه ابن سماعة ويحيى بن معين وأحأمد بن حأنبل وخلق سواهم. وكان في ابتداء أمره يطلب الحديث ثم لزم أبا حأنيفة وتفقه به حأتى صارّ المقدم في تلمذته. وبرع في عدة علوم. قال الذهبي: وكان عال العرب وهو أول من ًما بالفقه والحأاديث والتفسير والسير وأيام دعي في السلم بقاضي القضاة. قلت: ولم يقع هذا السم على غيره كما وقع له فيه فإنه كان قاضي المشرق والمغرب فهو قاضي القضاة على الحقيقة. قال محمد بن الحسن: مرض أبو يوسف فعاده أبو حأنيفة ففما خرج قال: إن يفت هذا الفتى فهو أعلم من عليها " وأومأ إلى الرّض ". وقال ابن معين: ما رّأيت في أصحاب الرأي أثبت في الحديث ول أحأفظ ول أصح رّواية من أبي يوسف. ورّوى أحأمد بن عطية عن محمد بن سماعة قال: كان أبو يوسف بعدما ولي القضاء يصلي كل يوم مائتي رّكعة. وقال محمد بن سماعة المذكورّ: سمعت أبا يوسف يقول في اليوم الذي مات فيه: اللهم إنك تعلم أني لم أجر في حأكم حأكمت به متعمدا وقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك. وكان أبو يوسف عظيم الرتبة عند هارّون الرشيد. قال أبو يوسف: دخلت على الرشيد وفي يده درّتان يقلبهما فقال: هل رّأيت أحأسن منهما. قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: وما هو. قلت: الوعاء الذي هما فيه فرمى إلي بهما وقال: شأنك بهما. وكانت وفاته في يوم الخميس لخمس خلون من شهر رّبيع الول وقيل: في رّبيع الخر. وفي يوم موته قال عباد بن العوام: ينبغي لهل السلم أن يعزي بعضهم بع ًضا بأبي يوسف. ًما فاض ًل وفيها توفي يزيد بن زأرّيع أبو معاوية العيشي البصري كان ثقة كثير الحديث عال صدو ًقا وكان أبوه والي البصرة فمات فلم يأخذ من ميراثه شيًئا وكان يتقوت من سف الخوص بيده رّحأمه الله تعالى. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّا ًعان وتسعة عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا سواء. ولية إسماعيل بن عيسى على مصر هو إسماعيل بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن علي بن العباس العباسي الهاشمي أمير مصر. وله الرشيد على إمرة مصر بعد عزل إسماعيل بن صالح العباسي عنها على الصلة فقدم مصر لرّبع عشرة بقيت من جماد الخرة سنة ثلث وثمانين ومائة. ولما دخل مصر سكن العسكر على عادة أمراء مصر ودام على إمرتها إلى أن صرفه الرشيد عنها بالليث بن الفضل في شهر رّمضان سنة ثلث وثمانين ومائة فكانت وليته ًما. على مصر ثلثة أشهر تنقص أيا وتوجه إلى الرشيد فأكرمه ودام عنده إلى أن حأج معه في سنة ست وثمانين ومائة تلك الحجة التي لم يحجها خليفة قبله. وخبرها أن الرشيد سارّ إلى مكة بأولده وأكابر أقارّبه مثل إسماعيل هذا وغيره وكان مسير الرشيد من النبارّ فبدأ بالمدينة فأعطي فيها ثلثة أعطية: أعطى هو عطاء وابنه محمد المين عطاء وابنه عبد الله عطاء وسارّ إلى مكة فأعطى أهلها فبلغ عطاؤهم بمكة والمدينة ألف ألف دينارّ وخمسين ألف دينارّ. وكان الرشيد قد ولى المين العراق والشأم إلى آخر المغرب وولى المأمون من همذان إلى آخر المشرق ثم بايع الرشيد لبنه القاسم بولية العهد بعد المأمون ولقبه المؤتمن ووله الجزيرة والثغورّ والعواصم وكان المؤتمن في حأجر عبد الملك بن صالح وجعل خلعه وإثباته للمأمون ولما وصل الرشيد إلى مكة ومعه أولده وأقارّبه والقضاة والفقهاء والقواد كتب كتاًبا أشهد فيه على محمد المين من حأضر بالوفاء للمأمون وكتب كتاًبا أشهد عليه فيه بالوفاء للمين وعلق الكتابين في الكعبة وجدد عليهما العهود في الكعبة. ولما فعل الرشيد ذلك قال الناس: قد ألقى بينهم حأرًبا وخافوا عاقبة ذلك فكان ما خافوه. ثم إن الرشيد في سنة تسع وثمانين ومائة قدم بغداد وأشهد على نفسه من عنده من القضاة والفقهاء أن جميع ما في عسكره من الموال والخزائن والسلح وغير ذلك للمأمون وجدد له البيعة عليهم بعد المين. ثم بعد عود الرشيد وجه إسماعيل هذا إلى الغزو فعاد ودام عنده إلى أن وقع ما سنذكره. السنة التي حأكم فيها إسماعيل بن عيسى على مصر وهي سنة ثلث وثمانين ومائة. وفيها تمرد متولي الغرب محمد بن مقاتل العكي وظلم وعسف واقتطع من أرّزأاق الجناد وآذى العامة فخرج عليه تمام بن تميم التميمي نائبه على تونس فزحأف إليه وبرزأ لملتقاه العكي ووقع المصاف فانهزم العكي وتحضن بالقيروان في القصر وغلب تمام على البلد ثم نزل العكي بأمان وانسحب إلى طرابلس فنهض لنصرته إبراهيم بن الغلب فتقهقر تمام إلى تونس ودخل ابن الغلب القيروان فصلى بالناس وخطب وحأض على الطاعة ثم التقى ابن الغلب وتمام فانهزم تمام واشتد بغض الناس للعكي وكاتبوا الرشيد فيه فعزله واقر عليهم إبراهيم بن الغلب. وفيها توفي البهلول المجنون واسم أبيه عمرو وكنيته أبو وهيب الصيرفي الكوفي تشوش عقله فكان يصحو في وقت ويختلط في آخر وهو معدود من عقلء المجانين كان له كلم حأسن وحأكايات ظريفة. قال الذهبي: وقد حأدث عن عمرو بن دينارّ وعاصم بن بهدلة وأيمن بن نابل وما تعرضوا إليه بجرح ول تعديل ول كتب عنه الطلبة وكان حأًيا في عودة الرشيد كلها. وقيل: إن الرشيد مر به فقام إليه البهلول وناداه ووعظه فأمر له الرشيد بمال فقال: ما كنت لسود وجه الوعظ فلم يقبل. وأما حأكاياته فكثيرة وفي وفاته اختلف كثير والصحيح أنه مات في هذا العصر. وفيها توفي زأياد بن عبد الله بن الطفيل الحافظ أبو محمد البكائي العامري الكوفي صاحأب وفيها توفي علي بن الفضيل بن عياض مات شاًبا لم يبلغ عشرين سنة في حأياة والده فضيل وكان شاًبا عاب ًدا زأاه ًدا ورّ ًعا وكان يصلي حأتى يزحأف إلى فراشه زأحأ ًفا فيلتفت إلى أبيه فيقول: يا أبت سبقنا العابدون. وفيها توفي محمد بن صبيح أبو العباس المذكر الواعظ كان يعرف بابن السماك كان له مقام عظيم عند الخلفاء وعظ الرشيد مرة فقال: يا أمير المؤمنين إن لك بين يدي الله تعالى مقا الجنة أو إلى النارّ! ًما وإن لك من مقامك منصر ًفا فانظر إلى أين منصرفك إلى فبكى الرشيد حأتى قال بعض خواصه: ارّفق بأمير المؤمنين فقال: دعه فليمت حأتى يقال خليفة الله مات من مخافة الله تعالى! قال الذهبي: قال ثعلب: أخبرنا ابن العرابي قال: كان ابن السماك يتمثل بهذه البيات: " المنسرح " إذا خل في القبورّ ذو خطر فزرّه يو ًما وانظر إلى خطره أبرزأه الدهر من مساكنه ومن مقاصيره ومن حأجره ومن كلم ابن السماك أي ًضا قال: " الدنيا كلها قليل والذي بقي منها في جنب الماضي قليل والذي لك من الباقي قليل ولم يبق من قليلك إل القليل ". وفيها توفي المام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زأين العابدين بن السيد الحسين بن علي بن أبي طالب رّضي الله عنهم أجمعين - كان موسى المذكورّ يدعى بالعبد الصالح لعبادته وبالكاظم لعلمه. ًما ولد بالمدينة سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة وكان سي ًدا عال فاضًل سنًيا جوا ًدا ممد ًحأا مجاب الدعوة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن سعد وإبراهيم بن الزبرقان الكوفي وأبو إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان وإبراهيم ابن سلمة المصري وأنيس بن سوارّ الجرمي وبكارّ بن بلل الدمشقي وبهلول ابن رّاشد الفقيه وجابر بن نوح الحمامي وحأاتم بن ورّدان - في قول - وحأيوة بن معن التجيبي وخالد بن يزيد الهدادي وحأبيش بن عامر - يروى عن أبي قبيل المعافري - وداود بن مهران الربعي الحراني وزأياد بن عبد الله البكائي وسفيان بن حأبيب البصري وسليمان بن سليم الرفاعي العابد وعباد بن العوام - في قول - وعبد الله بن مراد المراعي وعفيف بن سالم الموصلي وعمرو بن يحيى الهمذاني ومحمد بن السماك الواعظ ومحمد بن أبي عبيدة بن معن وموسى الكاظم بن جعفر وموسى بن عيسى الكوفي القارّىء والنعمان بن عبد السلم الصبهاني ونوح بن قيس البصري وهشيم بن بشير ويحيى بن حأمزة قاضي دمشق ويحيى بن زأكرياء بن أبي زأائدة في قول ويوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة بن الماجشون - قاله الوافدي - ويونس بن حأبيب صاحأب العربية. الماء القديم ذرّاعان وثمانية عشر إصبعا. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وثلثة وعشرون إصب ًعا. ولية الليث بن الفضل على مصر هو الليث بن الفضل البيورّدي أمير مصر أصله من أبيورّد وله الرشيد على إمرة مصر على الصلة والخراج م ًعا في شهر رّمضان في سنة ثلث وثمانين ومائة بعد عزل إسماعيل بن عيسى وقدم إلى مصر لخمس خلون من شوال من السنة المذكورّة وسكن العسكر وجعل أخاه علي بن الفضل على الشرطة ومهد أمورّ مصر واستوفى الخراج ودام على ذلك إلى أن خرج من مصر وتوجه إلى الخليفة هارّون الرشيد في سابع شهر رّمضان سنة أرّبع وثمانين ومائة بالهدايا والتحف واستخلف أخاه علي بن الفضل على صلة مصر فوفد على الرشيد وأقام عنده مدة ثم عاد إلى مصر على عمله في آخر السنة واستمر على إمرة مصر إلى أن خرج منها ثانًيا إلى الرشيد في اليوم الحادي والعشرين من رّمضان سنة خمس وثمانين ومائة. واستخلف على صلة مصر هشام بن عبد الله بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج فتوجه إلى الرشيد لمر اقتضى ذلك ثم عاد إلى مصر في رّابع عشر المحرم سنة ست وثمانين ومائة وكان هذا دأبه كلما غلق خراج سنة ونجز حأسابها وفرق أرّزأاق الجند أخذ ما بقي وتوجه به إلى الرشيد ومعه حأساب السنة. ودام على ذلك إلى أن خرج عليه أهل الحوف بشرقي مصر وسارّوا إلى الفسطاط فخرج إليهم الليث هذا في أرّبعة آلف من جند مصر وكان ذلك في الثامن والعشرين من شعبان من سنة ست وثمانين ومائة المذكورّة واستخلف على مصر عبد الرحأمن بن موسى بن علي بن رّباح على الصلة والخراج فواقع أهل الحوف فانهزم - عنه الجند وبقي هو في نحو المائتين من أصحابه فحمل بهم على أهل الحوف حأملة هزمهم فيها فتولوا وتبع ًسا. ًرا وبعث إلى مصر بثمانين رّأ أقفيتهم فقتل منهم خل ًقا كثي ثم قدم إلى مصر فلم ينتج أمره بعد ذلك من خوف أهل الحوف منه فخافوه ومنعوا الخراج فلم يجد الليث ب ًدا من خروجه إلى الرشيد فتوجه إليه وعرفه الحال وشكا له من منع الخراج وسأله أن يبعث معه جي ًشا إلى مصر فإنه ل يقدرّ على استخراج الخراج من أهل الحوف إل بجيش فلم يسمح له الرشيد بذلك وأرّسل محفو ًظا إلى مصر فقدم إليها محفوظ المذكورّ وضم خراجها من غير سوط ول عصا فوله الرشيد عوضه على خراج مصر ثم عزل الليث عن إمرة مصر بأحأمد بن إسماعيل في جمادى الخرة سنة سبع وثمانين ومائة فكانت ولية الليث على مصر أرّبع سنين وسبعة أشهر ولنذكر أمر البرامكة هنا وإن كان ذلك غير ما نحن بصدده غير أنه في الجملة خبر يشتاقه الشخص فنقول على سبيل الختصارّ من عدة أقاويل: كان من جملة أسباب القبض على جعفر أن الرشيد كان ل يصبر عن جعفر وعن أخته عباسة بنت المهدي فقال لجعفر: أزأوجها لك ليحل لك النظر إليها ول تقربها فقال: نعم فزوجها منه وكانا يحضران معه ويقوم الرشيد عنهما فجامعها جعفر فحملت منه وولدت غل ًما فخافت الرشيد فسيرت الولد مع حأواضن إلى مكة. ثم وقع بين العباسة وبعض جوارّيها " شر " فأنهت الجارّية أمرها إلى الرشيد وقيل: الذي أنهته زأبيدة لبغضها لجعفر. وقيل في قتله سبب آخر وهو أن الرشيد دفع إليه عدوه يحيى بن عبد الله العلوي فحبسه جعفر ثم دعا به وسأله عن أمره فقال له: اتق الله في أمري فرق له جعفر وأطلقه ووجه معه من أوصله إلى بلده فنم على جعفر الفضل بن الربيع إلى الرشيد وأعلمه القصة من عين كانت للفضل على جعفر فطلب الرشيد جعف ًرا على الطعام وصارّ يلقمه ويحدثه عن يحيى بن عبد الله وجعفر يقول: هو بحاله في الحبس فقال: بحياتي ففطن جعفر وقال: ل وحأياتك وقص عليه أمره فقال الرشيد: نعم ما فعلت! ما عدوت ما في نفسي! فلما قام عنه قال: قتلني الله إن لم أقتلك. ًرّا غرم عليها عشرين ألف ألف وقيل غير ذلك وهو أن جعف ًرا ابتنى دا درّهم فقيل للرشيد: هذه غرامته على دارّ فما ظنك بنفقاته! وقيل: إن يحيى بن خالد لما حأج تعلق بأستارّ الكعبة وقال: اللهم إن كان رّضاك أن تسلبني نعمك فاسلبني اللهم إن كان رّضاك أن تسلبني مالي وأهلي وولدي فاسلبني إل الفضل ثم عاد واستثنى الفضل ثم دعا يحيى بن خالد بدعوات أخر وكان الفضل عنده مقد ًما على جعفر فإنه كان السن فلما انصرف من الحج هو و أولده ووصلوا إلى النبارّ نكبهم الرشيد ولما أرّسل للقبض على جعفر توجه إليه مسرورّ ومعه جماعة وجعفر في لهوه ومغنيه يغنيه قوله: " الوافر " فل تبعد فكل فتى سيأتي عليه الموت يطرق أو يغادي وكل ذخيرة لبد يو ًما وإن كرمت تصير إلى نفاد ولو يفدى من الحدثان شيء فديتك بالطريف وبالتلد قال مسرورّ: فقلت له: يا جعفر الذي جئت له هو والله ذاك قد طرقك فأجب أمير المؤمنين فوقع على رّجلي يقبلها وقال: حأتى أدخل وأوصي! فقلت: أما الدخول فل سبيل إليه وأما الوصية فاصنع ما شئت فأوصى وأتيت الرشيد به فقال: ائتني برأسه فأتيته به. السنة الولى من ولية الليث وهي سنة أرّبع وثمانين ومائة. فيها ولى الرشيد حأما ًدا البربري إمرة مكة واليمن كله وولى داود بن يزيد بن حأاتم المهلبي السند وولى ابن الغلب المغرب وولى مهرويه الرازأي طبرستان. وفيها طلب أبو الخصيب الخارّج بخراسان المان فأمنه علي بن عيسى بن ماهان وأكرمه. وفيها سارّ أحأمد بن هارّون الشيباني فأغارّ على ممالك الروم فغنم وسلم. وفيها توفي أحأمد ابن الخليفة هارّون الرشيد الشاب الصالح كان قد ترك الدنيا وخرج على وجهه وتزهد وصارّ يعمل بالجرة ول يعلم به أحأد وكان أكبر أولد الرشيد وأمه أم ولد ولم يزل أحأمد هذا منقطعا إلى الله تعالى حأتى مات ولم يعلم به أحأد وكان أحأمد هذا يعرف بالسبتي وأحأمد هذا خفي عن كثير من الناس ومن الناس من يظنه البهلول الصالح ويقول: البهلول كان ابن الرشيد وليس هو كذلك وقد تقدم ذكر البهلول. وأحأمد هذا هو ابن الرشيد وله أي ًضا حأكايات كثيرة في الزهد والصلح. على أن بعض أهل التارّيخ ينكرون ذلك بالكلية والله أعلم بحقيقة ذلك. وفيها توفي محمد بن يوسف بن معدان أب وعبد الله الصبهاني كان عبد الله بن المبارّك يسميه عروس الزهاد وكان له كرامات وأحأوال. وفيها توفي المعافى بن عمران أبو مسعود الموصلي الزأدي رّحأل البلد في طلب الحديث وجالس العلماء وجمع بين العلم والورّع والسخاء والزهد ولزم سفيان الثورّي وتفقه به وتأدب بآدابه فكان يقول له: أنت معافى كاسمك. الذين ذكرهم الذهبي في الوفيات في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن سعد الزهري في قول. وإبراهيم بن أبي يحيى المدني وحأميد بن السود وصدقة بن خالد في قول وعبد الله بن عبد العزيز الزاهد العمري وعبد الله بن مصعب الزبيري وعبد الرحأيم بن سليمان الرازأي وعثمان بن عبد الرحأمن الجمحي في قول وعبد السلم بن شعيب بن الحبحاب وعبد العزيز بن أبي حأازأم في قول وعلي بن غراب القاضي ومحمد بن يوسف الصبهاني الزاهد ومروان بن شجاع الجزرّي ويوسف بن الماجشون قاله البخارّي وأبو أمية بن يعلى " الثقفي " قاله خليفة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة أصابع. السنة الثانية من ولية الليث بن الفضل على مصر وهي سنة خمس وثمانين ومائة. فيها وثب أهل طبرستان على متوليهم مهرويه " الرازأي " فقتلوه فولى عوضه الرشيد عبد الله بن سعيد الحرشي. وفيها وقعت بالمسجد الحرام صاعقة فقتلت رّجلين. وفيها خرج الرشيد إلى الرقة على طريق الموصل والجزيرة. وفيها حأج بالناس أخو الخليفة منصورّ بن المهدي وكان يحيى بن خالد البرمكي استأذن الرشيد في العمرة فخرج يحيى بن خالد في شعبان وأقام بمكة واعتمر في شهر رّمضان وخرج إلى جدة فأقام بها على نية الرباط إلى زأمن الحج فحج وعاد إلى العراق. وفيها توفي عم جد الرشيد عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو محمد الهاشمي العباسي ولد سنة خمس أو ست ومائة وأمه أم ولد ويقال: إن أمه كثيرة التي شبب بها عبد الله بن قيس الرقيات. ولي عبد الصمد هذا إمرة دمشق والموسم غير مرة وولي إمرة المدينة والبصرة. واجتمع مرة بالرشيد وعنده جماعة من أقارّبه فقال: يا أمير المؤمنين هذا مجلس فيه أمير المؤمنين وعمه وعم عمه وعم عم عمه وكان في المجلس سليمان بن أبي جعفر المنصورّ وهو عم الرشيد والعباس بن محمد وهو عم سليمان المذكورّ وعبد الصمد هذا وهو عم العباس. ومات وليس بوجه الرّض عباسية إل وهو محرم لها رّحأمه الله. وفيها توفي محمد ابن المام إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المير أب وعبد الله الهاشمي العباسي. ولي إمرة دمشق لبي جعفر المنصورّ ولولده المهدي وحأج بالناس عدة سنين وكان عاق ًل جوا ًدا ممد ًحأا. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو إسحاق الفزارّي - في قول - إبراهيم بن محمد وخالد بن يزيد بن " عبد الرحأمن بن " أبي مالك الدمشقي وصالح بن عمر الواسطي وعبد الله بن صالح بن علي بسلمية وعبد الواحأد بن مسلم وقاضي مصر محمد بن مسروق الكندي والمسيب بن شريك والمطلب بن زأياد ويزيد بن مزيد الشيباني ويقطين بن موسى المير. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. السنة الثالثة من ولية الليث بن الفضل على مصر وهي سنة ست وثمانين ومائة. فيها حأج الرشيد ومعه ابناه: المين محمد والمأمون عبد الله وفرق بالحرمين الموال. وفيها بايع الرشيد بولية العهد لولده قاسم بعد الخوين المين والمأمون ولقبه المؤتمن ووله الجزيرة والثغورّ وهو صبي فلما قسم الرشيد الدنيا بين أولده الثلثة قال الشعراء في البيعة المدائح ثم إنه علق نسخة البيعة في البيت العتيق وفي ذلك يقول إبراهيم الموصلي: " مجزوء الكامل " خير المورّ مغبة وأحأق أمر بالتمام أمر قضى إحأكامه ال - - رّحأمن في البيت الحرام وفيها أي ًضا سارّ علي بن عيسى بن ماهان من مرو لحرب أبي الخصيب فالتقاه فقتل أبو الخصيب وغرقت جيوشه وسبيت حأرمه واستقام أمر خراسان. وفيها سجن الرشيد ثمامة بن الشرس المتكلم لنه وقف منه على شيء من إعانة أحأمد بن عيسى " بن زأيد ". وفيها توفي حأماد - ويقال: سلم - بن عمرو بن حأماد بن عطاء بن ياسر المعروف بسلم الخاسر الشاعر المشهورّ من أهل البصرة سمي الخاسر ل نه ورّث من أبيه مصحفا فباعه واشترى بثمنه طنبوًرّا وقيل: اشترى شعر امرىء القيس وقيل شعر العشى. وكان سلم من الشعراء المجيدين وهو من تلمذة بشارّ بن برد المقدم ذكره. وفيها توفي العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو الفضل الهاشمي العباسي أخو السفاح والمنصورّ لبيهما وأمه أم ولد. ولد في سنة ثمان عشرة ومائة وقيل سنة إحأدى وعشرين ومائة وولي دمشق والشأم كله والجزيرة وحأج بالناس غير مرة. وكان الرشيد يجله ويحبه. وفيها توفي يزيد بن هارّون أبو خالد مولى بني سليم ولد سنة ثمان عشرة ومائة وكان ًما حأتى يصلي الفجر من الزهاد العباد كان إذا صلى العتمة ل يزال قائ بذلك الوضوء ني ًفا وأرّبعين سنة. وفيها توفي المير يقطين بن موسى أحأد دعاة بني العباس ومن قررّ أمرهم في الممالك ًما حأازأ ًما شجا ًعا عارّ ًفا بالحروب والوقائع. والقطارّ وكان داهي ًة عال ذكر الذين أثبت الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي حأاتم بن إسماعيل - أو سنة سبع - والحارّث بن عبيدة الحمصي وحأسان بن إبراهيم الكرماني وخالد بن الحارّث وصالح بن قدامة الجمحي وطيفورّ المير مولى المنصورّ والعباد بن العوام في قول والعباس بن الفضل المقرىء وعبد الرحأمن بن عبد الله بن عمر المدني وعيسى البخارّي غنجارّ والمسيب بن شريك بخلف والمغيرة بن عبد الرحأمن المخزومي. أمر النيل في هذه السنة: السنة الرابعة من ولية الليث بن الفضل على مصر وهي سنة سبع وثمانين ومائة. فيها أوقع الرشيد بالبرامكة وقتل جعف ًرا ثم صلبه مدة وقطعت أعضاؤه وعلقت بأماكن ثم بعد مدة أنزلت وأحأرقت وذلك في صفر وحأبس الرشيد يحيى ابن خالد بن برمك أعني والد جعفر المذكورّ وجميع أولده وأحأيط بجميع أموالهم. وطال حأبس يحيى بن خالد المذكورّ وابنه الفضل إلى أن ماتا في الحبس. وفي سبب قتل جعفر البرمكي اختلف كبير ليس لذكره هنا محل. وفيها غزا الرشيد بلد الروم وفتح هرقلة وولى ابنه القاسم الصائفة وأعطاه العواصم ًرا فنازأل حأصن سنان فبعث إليه قيصر وسأله أن يرحأل عنه ويعطيه ثلثمائة وعشرين أسي من المسلمين ففعل. وفيها قتل الرشيد إبراهيم بن عثمان بن نهيك. وسبب قتله أنه كان يبكي على قتل جعفر وما وقع للبرامكة فكان إذا أخذ منه الشراب يقول لغلمه: هات سيفي فيسله ويصيح: واجعفراه! ثم يقول: والله لخذن ثأرّك ولقتلن قاتلك!. فنم عليه ابنه عثمان للفضل بن الربيع فأخبر الفضل الرشيد فكان ذلك سبب قتله. وفيها توفي الفضيل بن عياض المام الجليل أبو علي التميمي اليربوعي. ولد بخراسان بكورّة أبيورّد وقدم الكوفة وهو كبير فسمع الحديث من منصورّ وغيره ثم تعبد وتوجه إلى مكة وأقام بها إلى أن مات في يوم عاشورّاء قاله علي بن المديني وغيره. وكان ثق ًة نبيًل فاضًل عاب ًدا زأاه ًدا كثير الحديث. وقيل: إن مولده بسمرقند. وذكر بإسناده عن الفضل بن موسى قال: كان الفضيل بن عياض شاط ًرا يقطع الطريق بين أبيورّد وسرخس. وكان سبب توبته أنه عشق جارّي ًة فبينما هو يرتقي الجدرّان إليها سمع رّجًل يتلو: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق " فقال: يا رّب قد آن فرجع قآواه فقال بعضهم: نرتحل وقال قوم: حأتى نصبح فإن فضيً الليل إلى خربة فإذا فيها رّفقة ل على الطريق " يقطع علينا ". وقيل في توبته غير ذلك. وأما مناقبه فكثيرة: منها عن بشر الحافي قال: كنت بمكة مع الفضيل فجلس معنا إلى نصف الليل ثم قام يطوف إلى الصبح فقلت: يا أبا علي أل تنام. فقال: ويحك! وهل أحأد يسمع بذكر النارّ وتطيب نفسه أن ينام!. وقال الصمعي: نظر الفضيل إلى رّجل يشكو إلى رّجل فقال الفضيل: تشكو من يرحأمك إلى من ليرحأمك!. وسئل الفضيل: ما الخلص قال الفضيل: أخبرني من أطاع الله هل تضره معصية أحأد قال: ل قال: فمن يعصي الله هل تنفعه طاعة أحأد قال: ل قال: فهذا الخلص. وعن الفضيل قال: من ساء شان دينه وحأسبه ومروءته. وعنه قال: لن يهلك عبد حأتى يؤثر شهوته على نفسه ودينه. وقال: خصلتان تقسيان القلب: كثرة الكلم وكثرة الكل. وعنه قال: إذا أرّاد الله أن يتحف العبد سلط عليه من يظلمه. واجتمع مع الرشيد بمكة فقال له الرشيد: إنما دعوناك لتحدثنا بشيء وتعظنا قال: فأقبلت عليه وقلت: يا حأسن الخلق والوجه حأساب الخلق كلهم عليك قال: فبكى الرشيد وشهق فرددت عليه حأتى جاء الخدام فحملوني وأخرجوني. وعنه قال: الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحي ًحا فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل. وقال الفضيل: قول العبد أستغفر الله يعني أقلني يا رّب. قلت: رّوي عن علي بن أبي طالب رّضي الله عنه أنه قال: أتعجب ممن يهلك ومعه النجاة قيل: وما هو قال: الستغفارّ. وقال بعض المشايخ في دعائه: اللهم إني أطعتك في أحأب الشياء إليك وهو الستغفارّ واليمان وعصيت الشيطان في أبغض الشياء إليك وهو الشرك فاغفر لي ما بينهما. وكان بعض المشايخ يقول أيضا: اللهم إن حأسناتي من عطائك وسيئاتي من قضائك فجد بما أعطيت على ما به قضيت حأتى يمحى ذلك بذلك. وفيها قتل جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك. ًرا يضيق هذا قتله الرشيد لمر اقتضى ذلك واختلف الناس في سبب قتله اختل ًفا كبي المحل عن ذكره. وكان قتله في أول صفر من هذه السنة وصلبه على الجسر وسنه سبع وثلثون سنة وقتل بعده جماعة كثيرة من أقارّبه البرامكة. ًما وكان أصله من الفرس وكان جعفر جمي يضرب بجوده المثال إل ًل لسًنا أديًبا بلي ًغا عال أنه كان مسرفا على نفسه غارّقا في اللذات تمكن من الرشيد حأتى بلغ من الجاه والرفعة ما لم ينله أحأد قبله وولي هو وأبوه وأخوه الفضل العمال الجليلة. وكان أبوه يحيى قد ضم جعف ًرا إلى القاضي أبي يوسف يعقوب حأتى علمه وفقهه وصارّ نادرّة عصره. يقال: إنه وقع في ليلة بحضرة الرشيد زأيادة على ألف توقيع ونظر في جميعها فلم يخرج شيًئا منها عن موجب الفقه والعربية. وكان جعفر مثل أخيه الفضل في السخاء وأعظم. وأما ما حأكي من كرمه فكثير: من ذلك أن أبا علقمة الثقفي صاحأب " الغريب " كان عند جعفر في مجلسه فأقبلت إليه خنفساء فقال أبوعلقمة: أليس يقال: إن الخنفساء إذا أقبلت إلى رّجل أصاب خيرا قالوا: بلى ث فقال جعفر: يا غلم أعط الشيخ ألف دينارّ ثم نحوها عنه فأقبلت الخنفساء ثانًيا فقال: يا غلم أعطه أل ًفا أخرى. وله من هذا أشياء كثيرة ثم زأالت عنه وعن أهله تلك النعم حأتى احأتاجت أمه إلى السؤال. قال الذهبي عن محمد بن عبد الرحأمن الهاشمي صاحأب صلة الكوفة قال: دخلت على أمي يوم النحر وعندها امرأة في أثواب رّثة فقالت لي أمي: أتعرف هذه قلت: ل قالت: هذه عبادة أم جعفر البرمكي فسلمت عليها ورّحأبت بها ثم قلت: يا فلنة حأدثينا بعض أمركم قالت: أذكر لك جملة فيها عبرة لقد هجم علي مثل هذا العيد وعلى رّأسي جعف ً أرّبعمائة جارّية ونحرت في بيتي خاصة ثمانمائة رّأس وأنا أزأعم أن ابني را عاق لي ًرّا والخر ًرّا. وقد أتيتكم الن يقنعني جلد شاتين أجعل أحأدهما شعا دثا أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا واصبعان. ولية أحأمد بن إسماعيل على مصر هو أحأمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو العباس الهاشمي العباسي أمير مصر. وله الرشيد على صلة مصر بعد عزل الليث بن الفضل عنها في سنة سبع وثمانين ومائة فقدمها يوم الثنين لخمس بقين من جمادى الخرة من السنة المذكورّة وسكن العسكر على عادة أمراء بني العباس وجعل على شرطته معاوية بن صرد. وفي ولايته استنجده إبراهيم بن الغلب وكان سبب هذه التجريدة أن أهل طرابلس الغرب كان كثر شغبهم على ولتهم وكان إبراهيم بن الغلب المذكورّ قد استعمل عدة ولة فكانوا يشكون من ولتهم فيعزلهم ويولي غيرهم إلى أن استعمل عليهم سفيان بن المضاء وهي ولايته الرابعة فاتفق أهل البلد على إخراجه عنهم وإعادته إلى القيروان فزحأفوا إليه فأخذ سلحأه وقاتلهم هو وجماعة ممن معه فأخرجوه من دارّه فدخل الجامع وقاتلهم فيه فقتلوا من أصحابه جماعة ثم أمنوه فخرج عنهم في شعبان " من هذه السنة " وكانت ولايته سب ًعا وعشرين يوما واستعمل جند طرابلس عليهم إبراهيم بن سفيان التميمي. ثم وقع أي ًضا بين البناء بطرابلس وبين قوم يعرفون ببني أبي كنانة وبني يوسف حأروب كثيرة وقتال حأتى فسدت طرابلس فبلغ ذلك إبراهيم بن الغلب أمير إفريقية فاستنجد أحأمد بن إسماعيل أمير مصر وجمع جم ًعا كبي أبي كنانة والبناء ًرا وأمرهم أن يحضروا بني وبني يوسف فأحأضروهم عنده بالقيروان فلما قدموا عليه أرّاد قتلهم الجميع فسألوه العفو عنهم في الذي فعلوه فعفا عنهم وعادوا إلى بلدهم بعد أن أخذ عليهم العهود والمواثيق بالطاعة. واستمر أحأمد هذا على إمرة مصر إلى أن صرف عنها بعبد الله بن محمد العباسي في يوم الثنين لثمان عشرة خلت من شعبان سنة تسع وثمانين ومائة فكانت ولايته على إمرة مصر سنتين وشه ًرا ونصف شهر. بن إسماعيل على مصر وهي سنة ثمان وثمانين ومائة. فيها غزا المسلمون الصائفة فبرزأ إليهم نقفورّ بجموعه فالتقوا فجرح نقفورّ ثلث جراحأات وانهزم هو وأصحابه بعد أن قتل من الروم مقتلة عظيمة فقيل: إن القتلى بلغت أرّبعين أل ًفا وقيل: أرّبعة آلف وسبعمائة. وفيها حأج الرشيد بالناس وهي آخر حأجة حأجها وكان الفضيل بن عياض قال له: استكثر من زأيارّة هذا البيت فإنه ل يحجه خليفة بعدك. وفيها توفي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارّث بن أسماء بن خارّجة الفزارّي كان ًما صاحأب سنة وغزو وكان صاحأب حأال ولسان وكرامات. ًما عال إما قال الفضيل بن عياض: رّأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وإلى جانبه فرجة فذهبت لجلس فيها فقال: هذا مجلس أبي إسحاق الفزارّفي. وفيها توفي إبراهيم بن ماهان بن بهمن أبو إسحاق الرّجاني النديم المعروف بالموصلي أصله من الفرس ودخل إلى العراق ثم رّحأل إلى البلد في طلب الغاني فبرع فيها ًما أديًبا شاع ً بالعربية والعجمية وكان مع ما انتهى إليه من الرياسة في الغناء فاضًل را عال نادم جماعة من خلفاء بني العباس وكان ذا مال يقال: إنه لما مات وجد له أرّبعة وعشرون ألف ألف درّهم وهو والد إسحاق النديم المغني أي ًضا. حأكي أن الرشيد كان يهوى جارّيته مارّدة فغاضبها ودام على ذلك مدة فأمر جعفر البرمكي العباس بن الحأنف أن يعمل في ذلك شيًئا فعمل أبياًتا وألقاها إلى إبراهيم الموصلي هذا فغنى بها الرشيد فلما سمعها بادرّ إلى مارّدة فترضاها فسألته عن السبب فقيل لها فأمرت لكل واحأد من العباس وإبراهيم بعشرة آلف درّهم ثم سألت الرشيد أن يكافئهما فأمر لهما بأرّبعين ألف درّهم. والبيات: " الكا مل " # العاشقان كلهما متجنب وكلهما متبعد متغضب صدت مغاضبة وصد مغاضًبا وكلهما مما يعالج متعب رّاجع أحأبتك الذين هجرتهم إن المتيم قلما يتجنب إن التجنب إن تطاول منكما دب السلو له فعز المطلب الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسحاق بن مسورّ المرادي المصري وجرير بن عبد الحميد الضبي والحسين بن الحسن البصري وسليم بن عيسى المقرىء وعبد الملك بن ميسرة الصدفي وعبدة بن سليمان الكوفي وعتاب بن بشير الحراني بخلف وعقبة بن خالد السكوني وعمر بن أيوب الموصلي وعيسى بن يونس السبيعي ومحمد بن يزيد الواسطي ومعروف بن حأسان الضبي ومهران بن أبي عمر الرازأي ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وسبعة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرة أصابع. السنة الثانية من ولية أحأمد بن إسماعيل على مصر وهي سنة تسع وثمانين ومائة. فيها سارّ الرشيد إلى الري بسبب شكوى أهل خراسان عاملهم علي بن عيسى بن ماهان فقد رّموه بعظائم وذكروا أنه على نية الخروج عن طاعة الرشيد فأقام الرشيد بالري أرّبعة أشهر حأتى وافاه ابن عيسى بالموال والجواهر والتحف للخليفة ولكبارّ القواد حأتى رّضي عنه الرشيد ورّده إلى عمله وخرج مشيعا له لما خرج إلى خراسان. قلت: لله درّ القائل في هذا المعنى: " مخلع البسيط " بعثت في حأاجتي رّسول يكنى أبا درّهم فتمت وفيها كان الفداء حأتى لم يبق بممالك الروم في السر مسلم. وفيها توفي العباس بن الحأنف بن السود بن طلحة أبوالفضل الشاعر المشهورّ حأامل لواء الشعراء في عصره أصله من غرب خراسان ونشأ ببغداد وقال الشعر الفائق وكان معظم شعره في الغزل والمديح وله أخبارّ مع الخلفاء وكان حألو المحاضرة مقبوًل عند الخاص والعام وهو شاعر الرشيد وخال إبراهيم بن العباس الصولي. قال ابن خلكان: وحأكى عمر بن شبة قال: مات إبراهيم الموصلي المعروف بالنديم سنة ثمان وثمانين ومائة ومات في ذلك اليوم الكسائي النحوي والعباس بن الحأنف وهشيمة الخمارّة فرفع ذلك إلى الرشيد فأمر المأمون أن يصلي عليهم فخرح فصفوا بين يديه فقال: من هذا الول. فقالوا: إبراهيم الموصلي فقال: أخروه وقدموا العباس بن الحأنف فقدم فصلى عليه فلما فرغ دنا منه هاشم بن عبد الله بن مالك الخزاعي فقال: يا سيدي كيف آثرت العباس بن الحأنف بالتقدمة على من حأضر! فقال: لقوله: " الكامل " وسعى بها ناس وقالوا إنها لهي التي تشقى بها وتكابد فجحدتهم ليكون غيرك ظنهم إني ليعجبني المحب الجاحأد قلت: وفي موت الكسائي منصورّين الموصلي والعباس بن الحأنف في يوم واحأد نظر والصحيح أن وفاة العباس هذا تأخرت عن وفاة هؤلء المذكورّين بمدة طويلة. ومما يدل على ذلك ما حأكاه المسعودي في تارّيخه عن جماعة من أهل البصرة قالوا: خرجنا نريد الحج فلما كنا ببعض الطريق إذا غلم واقف ينادي الناس: هل فيكم أحأد من أهل البصرة قالوا: فعدلنا إليه وقلنا: ما تريد قال: إن مولي " لما به " يريد أن يوصيكم قالوا: فملنا معه وإذا شخص ملقى تحت شجرة ل يحير جواًبا فجلسنا حأوله فأحأس بنا فرفع طرفه وهو ل يكاد يرفعه ضعفا وأنشأ يقول: " المديد " يا غريب الدارّ عن وطنه ًل مفر ًدا يبكي على شجنه كلما جد البكاء به دبت السقام في بدنه ثم أغمي عليه طوي ونحن جلوس حأوله إذ أقبل طائر فوقع على أعلى الشجرة وجعل يغرد ففتح عينيه فسمع تغريده ثم قال: ولقد زأاد الفؤاد ش ًجا طائر يبكي على فننه شفه ما شفني فبكى كلنا يبكي على سكنه ثم تنفس تنف ًسا فاضت نفسه منه فلم نبرح من عنده حأتى غسلناه وكفناه وتولينا الصلة عليه. فلما فرغنا من دفنه سألنا الغلم عنه فقال: هذا العباس بن الحأنف رّحأمه الله. وذكر أبو علي القالي في " كتاب المالي ": قال بشارّ بن برد: ما زأال غلم من بني حأنيفة يعني العباس يدخل نفسه فينا ويخرجها منا حأتى قال " هذه البيات: " الكامل " نزف البكاء دموع عينك فاستعر عيًنا لغيرك دمعها مدرّارّ من ذا يعيرك عينه تبكي بها أرّأيت عينا للبكاء تعارّ ومن شعره أي ًضا من جملة أبيات وينسبان إلى بشارّ بن برد أي ًضا والله أعلم ": " البسيط " أبكي الذين أذاقوني مودتهم حأتى إذا أيقظوني للهوى رّقدوا واستنهضوني فلما قمت منتصًبا بثقل ما حأملوني منهم قعدوا وقد خرجنا عن المقصود لطلب الفائدة ونرجع الن إلى ما نحن بصدده. وفيها توفي علي بن حأمزة بن عبد الله " بن عثمان " بن بهمن بن فيروزأ مولى بني أسد أبو الحسن المعروف بالكسائي النحوي المقرىء وسمي بالكسائي لنه أحأرم في كساء. ًما وهو معلم الرشيد وفقيهه وبعده لولديه المين والمأمون وكان إما في فنون عديدة: النحو والعربية وأيام الناس وقرأ القران على حأمزة الزيات أرّبع مرات واختارّ لنفسه قراءة صارّت إحأدى القراءات السبع وتعلم النحو على كبر سنه وخرج إلى البصرة وجالس الخليل بن أحأمد. وذكر ابن الدورّقي قال: اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد فحضرت العشاء فقدموا الكسائي فأرّتج عليه " في " قراءة " قل يا أيها الكافرون " فقال اليزيدي: قراءة هذه السورّة يرتج " فيها " على قارّىء أهل الكوفة!. قال: فحضرت الصلة فقدموا اليزيدي فارّتج عليه في الحمد فلما سلم قال: " الكامل " احأفظ لسانك ل تقول فتبتلى إن البلء موكل بالمنطق وكان الكسائي عند الرشيد بمنزلة رّفيعة سارّ معه إلى الري فمرض ومات بقرية رّنبويه ثم مات مع الرشيد محمد بن الحسن الفقية صاحأب أبي حأنيفة فقال الرشيد لما رّجع إلى العراق: " اليوم " دفنت الفقه والنحو برنبويه. وفيها توفي محمد بن الحسن الفقيه ابن فرقد الشيباني مولهم الكوفي الفقيه العلمة شيخ السلم وأحأد العلماء العلم مفتي العراقين أب وعبد الله قيل: إن أصله من حأرستا من غوطة دمشق ومولده بواسط ونشأ بالكوفة وتفقه بأبي يوسف ثم بأبي حأنيفة وسمع مسع ًرا ومالك بن مغول والوزأاعي ومالك بن أنس وأخذ عنه الشافعي وأبو عبيد وهشام ًها ًما فقي بن عبيد الله وعلي بن مسلم الطوسي وخلق سواهم وكان إما محدًثا مجته ًدا ذك ًيا انتهت إليه رّياسة العلم في زأمانه بعد موت أبي يوسف. قال أبو عبيد: ما رّأيت أعلم بكتاب الله منه. وقال الشافعي: لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت لفصاحأته وقد حأملت عنه وقر بختي كتًبا. وقال إبراهيم الحربي: قلت لحأمد بن حأنبل: من أين لك هذه المسائل الدقاق قال: من كتب محمد بن الحسن. وعن الشافعي قال: ما ناظرت أحأ ًدا إل تغير وجهه ما خل محمد بن الحسن. وقال أحأمد بن محمد بن أبي رّجاء: سمعت أبي يقول: رّأيت محمد بن الحسن في النوم فقلت: إلم صرت. قال: غفر لي قلت: بم قال: قيل لي: لم نجعل هذا العلم فيك إل ونحن نغفر لك. قلت: وقد تقدم في ترجمة الكسائي أنهما ماتا في صحبة الرشيد بقرية رّنبويه من الري فقال الرشيد: دفنت الفقه والعربية بالري. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا واصبعان. ولية عبد الله بن محمد على مصر هو عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو محمد الهاشمي العباسي المعروف بابن زأينب وله الرشيد إمرة مصر على الصلة بعد عزل أحأمد بن إسماعيل سنة تسع وثمانين ومائة. ولما ولي مصر أرّسل يستخلف على صلة مصر لهيعة بن موسى الحضرمي فصلى لهيعة المذكورّ بالناس إلى أن قدم عبد الله بن محمد المذكورّ إلى مصر في يوم السبت للنصف من شوال سنة تسع وثمانين ومائة المذكورّة وسكن العسكر على عادة أمراء بني العباس ثم جعل على شرطته أحأمد بن موسى العذرّي مدة ثم عزله وولى محمد بن عسامة " بن عمر ". ولم تطل مدة عبد الله المذكورّ على إمرة مصر وعزل بالحسين بن جميل لحأدى عشرة بقيت من شعبان سنة تسعين ومائة. وخرج عبد الله من مصر واستخلف على صلتها هاشم بن عبد الله بن عبد الرحأمن بن معاوية بن حأديج فكانت مدة ولية عبد الله هذا على مصر ثمانية أشهر وتسعة عشر يو ًما. وتوجه إلى الرشيد فأقره الرشيد من جملة قواده وأرّسله على جماعة نجدة لعلي بن عيسى لقتال رّافع بن الليث بن نصر بن سيارّ وكان رّافع ظهر بما ورّاء النهر مخال ًفا للرشيد بسمرقند. وكان سبب خروج رّافع أن يحيى بن الشعث تزوج ابنة لعمه أبي النعمان وكانت ذات يسارّ ولسان ثم تركها يحيى بن الشعث بسمرقند وأقام ببغداد واتخذ السرارّي فلما طال ذلك عليها أرّادت التخلص منه وبلغ رّاف ًعا خبرها فطمع فيها وفي مالها فدس إليها من قال لها: ل سبيل إلى الخلص من زأوجها إل أن تشهد عليها قو ًما أنها أشركت بالله ثم تتوب فينفسخ نكاحأها وتحل للزأواج ففعلت ذلك فتزوجها رّافع. فبلغ الخبر يحيى بن الشعث فشكا إلى الرشيد فكتب الرشيد إلى علي بن عيسى يأمره أن يفرق بينهما وأن يعاقب رّاف ًعا ويجلده الحد ويقيده ويطوف به في سمرقند على حأمارّ " حأتى يكون عظة لغيره " ففعل به ذلك ولم يحده " وطلقها رّافع " وحأبس رّافع بسمرقند مدة ثم هرب من الحبس فلحق بعلي بن عيسى ببلخ فأرّاد ضرب عنقه فشفع فيه عيسى بن علي بن عيسى وأمره بالنصراف إلى سمرقند فرجع إليها ووثب بعامل علي بن عيسى عليها وقتله واستولى على سمرقند واستفحل أمره حأتى خرجت إليه العساكر وأخذته وقتل بعد أمورّ. ولما عاد عبد الله صاحأب الترجمة إلى الرشيد سأله في إمرة مصر ثانًيا فأبى واستمر عند الرشيد إلى أن مات. السنة التي حأكم فيها عبد الله بن محمد العباسي على مصر وهي سنة تسعين ومائة. فيها افتتح الرشيد مدينة هرقلة وبث جيوشه بأرّض الروم وكان في مائة ألف فارّس وخمسة وثلثين أل ًفا سوى المطوعة وجال المير داود بن موسى بن عيسى العباسي في أرّض الكفر وكان في سبعين أل ًفا وكان فتح هرقلة في شوال وأخربها وسبى أهلها وكان الحصارّ ثلثين يو ًما. وفيها أسلم الفضل بن سهل المجوسي على يد المأمون بن الرشيد. وفيها بعث نقفورّ ملك الروم إلى الرشيد بالخراج والجزية. وفيها نقضت أهل قبرس " العهد " فغزاهم " معيوف " بن يحيى وقتل وسبى. وفيها افتتح يزيد بن مخلد الصفصاف وملقونية. وفيها توفي يحيى بن خالد بن برمك في حأبس الرشيد ويحيى هذا هو والد جعفر البرمكي - وقد تقدم ذكر جعفر وقتله في محله من هذا الكتاب -. وفيها توفي سعدون المجنون ة كان صاحأب محبة وحأال صام ستين عا خف دماغه ًما حأتى فسماه الناس مجنوًنا. قيل: إنه وقف يو ًما على حألقة ذي النون " المصري " وهو يعظ الناس فسمع سعدون كلمه فصرخ وقال: " الطويل " ول خير في شكوى إلى غير مشتكى ولبد من شكوى إذا لم يكن صبر الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها مات أسد بن عمرو البجلي الفقيه وإسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين مقرىء مكة في قول والحكم بن سنان الباهلي القربي وشجاع بن أبي نصر البلخي المقرىء وعبد الله بن عمر بن غانم قاضي إفريقية وأبو علقمة عبد الله بن محمد الفروي المدني وعبد الحميد بن كعب بن علقمة المصري وعثمان بن عبد الحميد اللحأقي وعبيدة بن حأميد الكوفي الحذاء وعطاء بن مسلم الحلبي الخفاف وعمر بن علي المقدمي ومحمد بن بشير المعافري بحلب ومحمد بن يزيد الواسطي ومخلد بن الحسين في رّواية ومسلمة بن علي الخشني ويحيى بن أبي زأكريا الغساني بواسط ويحيى بن ميمون البغدادي التمارّ. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. ولية الحسين بن جميل على مصر هو الحسين بن جميل مولى أبي جعفر المنصورّ أمير مصر وله الرشيد إمرة مصر بعد عزل عبد الله بن محمد العباسي عنها في الصلة في سنة تسعين ومائة فقدم مصر يوم الخميس لعشر خلون من شهر رّمضان من السنة المذكورّة وسكن العسكر وجعل على شرطته كام ًل الهنائي ثم معاوية بن صرد ثم جمع له الرشيد بين الصلة والخراج في يوم الرّبعاء لسبع خلون من شهر رّجب سنة إحأدى وتسعين ومائة. ولما ولي الخراج تشدد فيه فخرج عليه أهل الحوف بالشرق من الوجه البحري وامتنعوا من أداء الخراج وخرج عليهم أبو النداء بأيلة في نحو ألف رّجل وقطع الطريق وأخاف السبل وتوجه من أيلة إلى مدين وأغارّ على بعض نواحأي قرى الشأم وآنضم إليه من جذام وغيرها جماعة كبيرة وأفسدوا غاية الفساد وبلغ أبو النداء المذكورّ من النهب ًما حأتى بلغ الرشيد أمره فجهز إليه جي ًشا من بغداد والقتل مبل ًغا عظي لقتاله. ثم بعث الحسين بن جميل هذا من مصر عبد العزيز الجزرّي في عسكر آخر فالتقى عبد العزيز بأبي النداء المذكورّ بأيلة وقاتله بمن معه حأتى هزمه وظفر به. وعندما ظفر عبد العزيز بأبي النداء المذكورّ وصل جيش الخليفة الرشيد إلى بلبيس في شوال سنة إحأدى وتسعين ومائة فلما رّأى أهل الحوف مسك كبيرهم ومجيء عسكر الخليفة أذعنوا بالطاعة وأدوا الخراج وحأملوا ما كان انكسر عليهم بتمامه وكماله. فلما وقع ذلك عاد عسكر الرشيد إلى بغداد. وأخذ الحسين هذا في إصلح أمورّ مصر. فبينما هو في ذلك قدم عليه الخبر بعزله عن إمرة مصر بمالك بن دلهم وذلك في يوم ثاني عشر شهر رّبيع الول سنة اثنتين وتسعين ومائة فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة ًما. وسبعة أشهر وأيا السنة التي حأكم فيها الحسين بن جميل على مصر وهي سنة إحأدى وتسعين ومائة. وفيها ولى الرشيد حأمويه الخادم " بريد " خراسان. وفيها غزا يزيد بن مخلد الروم في عشرة آلف مقاتل فأخذ الروم عليه المضيق فقتل بقرب طرسوس وقتل معه سبعون رّجًل من المقاتلة ورّجع الباقون فولى الرشيد غزو الصائفة هرثمة بن أعين المتقدم ذكره في أمراء مصر في محله وضم إليه الرشيد ثلثين أل ًفا من جند خراسان ووجه معه مسروًرّا الخادم وإلى مسرورّ المذكورّ النفقات في الجيش المذكورّ وجميع أمورّ العسكر خل الرياسة على الجيش فإن ذلك لهرثمة بن أعين المذكورّ. وفيها نزل الرشيد بالرقة وأمر بهدم الكنائس التي بالثغورّ. ثم عزل علي بن عيسى بن ماهان عن إمرة خراسان بهرثمة بن أعين المذكورّ. وبعد هذه الغزوة لم يكن للمسلمين صائفة إلى سنة خمس عشرة ومائتين. وفيها توفي عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي " بفتح السين المهملة " أبو عمرو الكوفي كان محدًثا حأاف ًظا زأاه ًدا ورّ ًعا. قال جعفر البرمكي: ما رّأينا مثل ابن يونس أرّسلنا إليه فأتانا بالرقة وحأدث المأمون فاعتل قبل خروجه فقلت: يا أبا عمرو قد أمر لك بخمسين ألف درّهم فقال: ل حأاجة لي فيها فقلت: هي مائة ألف فقال: ل والله ل يتحدث أهل العلم أني أكلت للسنة ثمًنا. وفيها توفي مخلد بن الحسين أبو محمد البصري كان من أهل البصرة فتحول إلى ًما زأاه ًدا ورّ ًعا حأاف ًظا للسنة ل يتكلم فيما ل المصيصة ورّابط بها وكان عال يعنيه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي خالد بن حأيان الرقي الخرازأ وسلمة بن الفضل البرش بالري وعبد الرحأمن بن القاسم المصري الفقيه وعيسى بن يونس في قول خليفة وابن سعد ومخلد بن الحسين المهلبي بالمصيصة ومطرف بن مازأن قاضي صنعاء ومعمر بن سليمان النخعي الزقي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. ولية مالك بن دلهم على مصر هو مالك بن دلهم بن عيسى بن مالك الكلبي أمير مصر وله الرشيد إمرة مصر بعد عزل الحسين بن جميل عنها وله على الصلة والخراج فقدم مصر يوم الخميس لسبع بقين من شهر رّبيع الول سنة اثنتين وتسعين ومائة. ولما دخل مالك هذا إلى مصر وافى خروج يحيى بن معاذ أمير جيش الرشيد الذي كان أرّسله نجدة للحسين بن جميل على قتال أبي النداء الخارّجي. وكان يحيى بن معاذ خرج من مصر ثم عاد إليها بعد عزل الحسين بن جميل. ولما دخل يحيى المذكورّ الفسطاط كتب إلى أهل الحأواف أن اقدموا علي حأتى أوصي بكم مالك بن دلهم أمير مصر " وأدخل فيما بينكم وبينه في أمر خراجكم " وكان مالك المذكورّ قد نزل بالعسكر وسكنه على عادة أمراء مصر فدخل رّؤساء اليمانية والقيسية من الحوف فأغلق عليهم يحيى البواب وقبض عليهم وقيدهم وسارّ بهم وذلك في نصف شهر رّجب من السنة. واستمر مالك بن دلهم على إمرة مصر بعد ذلك مدة وجعل على شرطته محمد بن توبة بن آدم الودي من أهل حأمص فاستمر على ذلك إلى أن صرفه الخليفة بالحسن بن البحباح في يوم الحأد لرّبع خلون من صفر سنة ثلث وتسعين ومائة. ًما لدخوله مصر ًما فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة وخمسة أشهر تنقص أيا وتزيد أيا لولايته ببغداد من الرشيد. وكان سبب عزله أن المين أرّسل إليه في أول خلفته بالدعاء على منابر مصر لبنه موسى واستشارّه في خلع أخيه المأمون من ولية العهد فلم يشر عليه. وكان الذي أشارّ على المين بخلع أخيه المأمون الفضل بن الربيع الحاجب وكان المأمون يغض من الفضل فعلم الفضل إن أفضت الخلفة للمأمون وهو حأي لم يبق عليه فأخذ في إغراء المين بخلع أخيه المأمون والبيعة لبنه موسى بولية العهد ولم يكن ذلك في عزم المين ووافقه على هذا علي بن عيسى بن ماهان والسندي وغيرهما فرجع المين إلى قولهم وأحأضر عبد الله بن خازأم فلم يزل في مناظرته إلى الليل فكان مما قال عبد الله بن خازأم: أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تكون أول الخلفاء نكث عهد أبيه ونقض ميثاقه! ثم جمع المين القواد وعرض عليهم خلع المأمون فأبوا ذلك وساعده قوم منهم حأتى بلغ إلى خزيمة بن خازأم فقال: يا أمير المؤمنين لم ينصحك من كذبك ولم يغشك من صدقك ل تجرىء القواد على الخلع فيخلعوك ول تحملهم على نكث العهد فينكثوا عهدك وبيعتك فإن الغادرّ مخذول والناكث مغلول. فأقبل المين على علي بن عيسى بن ماهان وتبسم وقال: لكن شيخ هذه الدعوة وناب هذه الدولة ل يخالف على إمامه ول يوهن طاعته لنه هو والفضل ابن الربيع حأمله على خلع المأمون. ثم انبرم المر على أن يكتب للعمال بالدعاء لبنه موسى ثم بعد ذلك بخلع المأمون فكتب بذلك لجميع العمال. فلما بلغ ذلك المأمون أسقط اسم المين من الطرزأ وبدت الوحأشة بين الخوين الخليفة المين ثم المأمون وانقطعت البرد من بينهما فأخذ المين يولي المصارّ من يثق به فعزل مال ًكا هذا عن مصر وولى عليها الحسن كما سيأتي ذكره. السنة التي حأكم فيها مالك وهي سنة اثنتين وتسعين ومائة. ًرا فقتله. فيها قدم يحيى بن معاذ على الرشيد ومعه أبو النداء أسي وفيها قتل الرشيد هيص ًما اليماني وكان قد خرج عليه. وفيها تحركت الخرمية ببلد أذرّبيجان فسارّ إلى حأربهم عبد الله بن مالك في عشرة آلف فقتل وسبى وعاد منصوًرّا. وفيها توفي إسماعيل بن جامع بن إسماعيل بن عبد الله بن المطلب بن " أبي " وداعة أبو القاسم المكي كان قد قرأ القرآن وسمع الحديث ثم غلب عليه الغناء حأتى فاق فيه أهل زأمانه وأخذ عن زألزل المغني وغيره. وفيها توفي عبد الله بن إدرّيس بن يزيد بن عبد الرحأمن أبو محمد الودي مولده سنة خمس عشرة ومائة وقيل: سنة عشرين ومائة وتوفي بالكوفة في عشر ذي الحجة. ًما زأاه ًدا ورّ ًعا حأجة كثير الحديث صاحأب سنة وجماعة كان وكان ثقة إما ليستقضي أحأ ًدا يسمع عليه الحديث حأاجة. ًما وفيها توفي علي بن ظبيان أبو الحسن العبسي الكوفي كان إما جليًل نبيًل ًما عال متواض ًعا زأاه ًدا عارّ ًفا بالفقه على مذهب أبي حأنيفة رّضي الله عنه تقلد قضاء القضاة عن الرشيد. وفيها توفي الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي في حأبس الرشيد كان قد حأبسه الرشيد هو و أباه بعد قتل أخيه جعفر فحبسا إلى أن مات أبوه يحيى ثم مات الفضل هذا بعده وكلهما في حأبس الرشيد. وكان الفضل هذا متكب جعفر وأندى رّاحأة ًرا ج ًدا عسر الخلق إل أنه كان أجود من أخيه ومولده في ذي الحجة سنة سبع وأرّبعين ومائة وكان أسن من هارّون الرشيد بنحو شهر لن مولد الرشيد في أول يوم من المحرم سنة ثمان وأرّبعين ومائة فأرّضعت الخيزرّان أم الرشيد الفضل وأرّضعت أم الفضل الرشيد أيا بنت منير بن ًما وأم الفضل هي زأبيدة يزيد من مولدات المدينة. ولما مات الفضل حأزن الناس عليه وعلى أبيه وأخيه جعفر من قبله وفيه يقول بعضهم: " عرو ً الرمل " يا بني برمك وا ًها لكم وليامكم المقتبله كانت الدنيا سا بكم وهي اليوم ملول أرّمله وفيها توفي القاضي أبو يعقوب يوسف بن القاضي أبي يوسف يعقوب ًما. ًما عال صاحأب أبي حأنيفة كان ولي القضاء في حأياة أبيه وكان إما الذين ذكر الذهبي وفاتهم قال: وفيها توفي صعصعة بن سلم خطيب قرطبة وعبد الله بن إدرّيس الودي ويحيى بن كريب الرعيني المصري ويوسف ابن القاضي أبي يوسف وعرعرة أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. ولية الحسن بن البحباح على مصر هو الحسن بن البحباح أمير مصر وليها بعد عزل مالك بن دلهم عنها في صفر سنة ثلث وتسعين ومائة. ولما وله الرشيد على إمرة مصر جمع له بين الصلة والخراج فأرّسل الحسن هذا يستخلف على صلة مصر العلء بن عاصم الخولني حأتى قدم مصر يوم الثنين لثلث خلون من شهر رّبيع الول من السنة وسكن العسكر وجعل على شرطته محمد بن خالد مدة ثم عزله بصالح بن عبد الكريم ثم عزل صالح المذكورّ بسليمان بن غالب بن جبريل واستمر الحسن هذا على إمرة مصر إلى أن توفي الخليفة هارّون الرشيد في جمادى الخرة من السنة وولي الخلفة ابنه المين محمد بن زأبيدة فثارّ جند مصر على الحسن هذا وقاتلوه فقتل من الفريقين مقتلة عظيمة حأتى سكن المر وجمع مال الخراج بمصر وأرّسله إلى الخليفة فوثب أهل الرملة على أصحاب المال وأخذوا المال منهم. و بينما الحسن في ذلك ورّد عليه الخبر بعزله عن مصر بحاتم بن هرثمة فخرج من مصر بعد أن استخلف عوف بن وهيب على الصلة ومحمد بن زأياد " بن طبق القيسي " على الخراج وسافر من طريق الحجازأ لفساد طريق الشأم. وكان خروجه من مصر لثمان بقين من شهر رّبيع الول سنة أرّبع و تسعين ومائة. فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة وشه ًرا وثمانية وعشرين يو ًما. السنة التي حأكم فيها الحسن بن البحباح على مصر وهي سنة ثلث وتسعين ومائة. فيها وافى الرشيد جرجان فأتته بها خزائن علي بن عيسى على ألف وخمسمائة بعير ثم رّحأل الرشيد منها في صفر وهو عليل إلى طوس فلم يزل بها إلى أن مات في ثالث جمادى الخرة. وفيها كانت وقعة بين هرثمة وأصحاب رّافع بن الليث فانتصر هرثمة وأسر أخا رّافع وملك بخارّا وقدم بأخي رّافع إلى الرشيد فسبه ودعا بقصاب وقال: فصل أعضاءه ففصله. وذكر بعضهم أن جبريل بن بختيشوع الحكيم غلط في مداواة الرشيد في علته التي مات فيها فهم الرشيد بأن يفصله كما فعل بأخي رّافع ودعا به فقال جبريل: أنظرني إلى غد يا أمير المؤمنين فإنك تصبح في عافية فأنظره فمات الرشيد في ذلك اليوم. وفيها قتل نقفورّ ملك الروم في حأرب برجان " وكان له في المملكة تسع سنين وملك بعده ابنه استبراق شهرين وهلك فملك ميخائيل بن جورّجس زأوج أخته. وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين أبو جعفر هارّون الرشيد ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس العباسي الهاشمي البغدادي. وهو الخامس من خلفاء بني العباس وأجلهم وأعظمهم نال في الخلفة ما لم ينله خليفة قبله استخلف بعهد من أبيه المهدي بعد وفاة أخيه موسى الهادي فإن أباه المهدي كان جعله ولي عهده بعد أخيه الهادي فلما مات الهادي حأسبما تقدم ذكره ولي الرشيد بالعهد ً السابق من أبيه وذلك في سنة سبعين ومائة ومولده بالري لما كان أبوه را عليها في أمي أول يوم من محرم سنة ثمان وأرّبعين ومائة ومات في ثالث جمادى الخرة بطوس وصلى عليه ابنه صالح ودفن بطوس وأمه أم ولد تسمى الخيزرّان وهي أم أخيه الهادي أي ًضا. قال عبد الرزأاق بن همام: كنت مع الفضيل بن عياض بمكة فمر هارّون الرشيد فقال ً الفضيل: الناس يكرهون هذا وما في الرّض أعز علي منه لو مات لرأيت ما. أموًرّا عظا وقال الجاحأظ: اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره: وزأرّاؤه البرامكة وقاضيه أبو يوسف وشاعره مروان بن أبي حأفصة ونديمه العباس بن محمد عم أبيه وحأاجبه الفضل بن الربيع أتيه الناس وأعظمهم ومغنيه إبراهيم الموصلي وزأوجته زأبيدة بنت عمه جعفر. وكانت خلفته ثلًثا وعشرين سنة وشهرين ونص ًفا وتولى الخلفة من بعده ابنه محمد المين بن زأبيدة. ومات الرشيد وله خمس وأرّبعون سنة. وفيها توفي صالح بن محمد " بن عمرو " بن حأبيب بن حأسان الحافظ أبو علي البغدادي مولى أسد بن خزيمة المعروف بجزرّة " بجيم وزأاي معجمة ورّاء مهملة " لقب بجزرّة لنه قرأ على بعض مشايخ الشأم: " كان لبي أمامة جزرّة يرقي بها المرضى " فصحف ًما حأاف ًظا ثقة صدو ًقا. ًما عال خرزأة جزرّة فسمي بذلك وكان إما وفيها توفي غندرّ واسمه محمد " بن جعفر " أبو عبد الله البصري الحافظ سمع الكثير و رّوى عنه خلئق وكان فيه سلمة باطن. قال ابن معين: اشترى غندرّ سم ًكا وقال لهله: أصلحوه فأصلحوه وهو نائم وأكلوا ولطخوا يده وفمه فلما انتبه قال: قدموا السمك فقالوا: قد كلت فقال: ل قالوا: فشم يدك ففعل فقال: صدقتم ولكني ما شبعت. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسماعيل بن علية أبو بشر البصري والعباس بن الحأنف الشاعر المشهورّ والعباس بن الحسن العلوي والعباس بن الفضل بن الربيع الحاجب وعبد الله بن كليب المراثي بمصر وعون بن عبد الله المسعودي ومحمد بن جعفر البصري ومروان بن معاوية الفزارّي نزيل دمشق وأبو بكر بن عياش المقرىء بالكوفة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة عشر اصب ًعا. M0لية حأاتم بن هرثمة على مصر هو حأاتم بن هرثمة بن أعين أمير مصر وليها بعد عزل الحسن بن البحباح عنها وله الخليفة المين محمد على إمرة مصر وجمع له الصلة والخراج وسارّ من بغداد حأتى قدم بلبيس في عساكره ونزل بها وطلب أهل الحأواف فجاؤوه وصالحوه على خراجهم ثم انتقض ذلك وثارّوا عليه واجتمعوا على قتاله وعسكروا فبعث إليهم حأاتم المذكورّ جي ًشا فقاتلوهم وكسروهم ثم سارّ حأاتم من بلبيس حأتى دخل مصر يوم الرّبعاء لرّبع خلون من شوال سنة أرّبع وتسعين ومائة ومعه نحو مائة من الرهائن من أهل الحوف. وسكن حأاتم العسكر على عادة أمراء مصر وجعل على شرطه ابنه ثم عزله بعلي بن المثنى ثم عزل علًيا أي ًضا بعبيد الله الطرسوسي. واستمر على إمرة مصر ومهد أمورّها وابتنى بها القبة المعروفة بقبة الهراء. ودام على ذلك حأتى ورّد عليه الخبر من الخليفة المين محمد بعزله عن إمرة مصر في جمادى الخرة سنة خمس وتسعين ومائة. وتولى مصر بعده جابر بن الشعث. ًما. فكانت ولية حأاتم هذا على إمرة مصر سنة واحأدة ونصف سنة تنقص أيا السنة الولى من ولية حأاتم بن هرثمة على مصر وهي سنة أرّبع وتسعين ومائة. فيها أمر الخليفة المين بالدعاء لبنه موسى على المنابر بعد ذكر المأمون والقاسم فتنكر كل واحأد من المين والمأمون لصاحأبه وظهر الفساد بينهما وهذا أول الشر والفتنة بين الخوين. ثم أرّسل المين في أثناء السنة إلى المأمون يسأله أن يقدم ولد المين موسى المذكورّ على نفسه ويذكر له أنه سماه الناطق بالحق فقويت الوحأشة بينهما أكثر ووقع أمورّ يأتي ذكر بعضها. ثم عزل المين أخاه القاسم عن الثغورّ والعواصم و ولى عوضه خزيمة بن خازأم واستدعى القاسم وفيها ثارّ أهل حأمص بعاملهم إسحاق بن سليمان فنزح إلى سلمية فولى عليهم المين عبد الله بن سعيد الحرشي فحبس عدة من وجوههم وقتل عمه وضرب النارّ في نواحأي حأمص فسألوه المان فأمنهم فسكنوا ثم هاجوا فقتل طائفة وفيها في شهر رّبيع الول بايع المين بولية العهد لبنه موسى ولقبه بالناطق بالحق وجعل وزأيره علي بن عيسى بن ماهان. وكان المأمون لما بلغه عزل القاسم عن الثغورّ قطع البريد عن المين وأسقط اسمه من الطرزأ والسكة. وفيها وثب الروم على ملكهم ميخائيل فهرب وترهب وكان ملك سنتين فملكوا عليهم ليون القائد. وفيها توفي حأفص بن غياث بن طلق أبو عمر النخعي الكوفي قاضي بغداد بالوجه الشرقي ولي القضاء مدة طويلة وحأسنت سيرته إلى أن مات قاضًيا في ذي الحجة وكان ثقة ثبًتا مأموًنا إل أنه كان يدلس. وفيها توفي أبو نصر الجهني المصاب من أهل المدينة. قال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك: كان يجلس مكان أهل الصفة من مجلس رّسول الله صلى الله عليه و سلم ول يكلم أحأ ًدا فإذا سئل عن شيء أجاب بجواب حأسن ووقع ًل فلم يقبلها. له مع الرشيد أمورّ ودفع إليه أموا الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي سالم بن سالم البلخي العابد ضعيف وسويد بن عبد العزيز قاضي بعلبك وشقيق بن إبراهيم البلخي الزاهد وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وعبيد الله بن المهدي محمد بن المنصورّ وأبو عبد الله محمد بن حأرب الخولني البرش ومحمد بن سعيد بن أبان الموي الكوفي ومحمد بن أبي عدي ويحيى بن سعيد بن أبان الموي والقاسم بن يزيد الجرمي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. السنة الثانية من ولية حأاتم بن هرثمة على مصر وهي سنة خمس وتسعين ومائة وهي التي عزل فيها حأاتم بن هرثمة المذكورّ. فيها لما تحقق المأمون خلعه من ولية العهد تسمى بإمام المؤمنين. وفيها قال بعض الشعراء فيما جرى من ولية العهد لموسى بن المين وهو طفل وكان ذلك برأي الفضل وبكر بن المعتمر: " المتقارّب " أضاع الخلفة غش الوزأير وفسق المير وجهل المشير في أبيات كثيرة. وفيها في شهررّبيع الخر عقد المين لعلي بن عيسى بن ماهان على بلد الجبال: همذان ًما. ًل ونهاوند وقم وأصبهان وأمر له بمائتي ألف دينارّ وأعطى لجنده ما عظي وخرج علي بن عيسى المذكورّ في نصف جمادى الخرة من بغداد وأخذ معه قيد فضة ليقيد به المأمون. ووقع لعلي هذا مع جيش المأمون أمورّ يطول شرحأها. وفيها ظهر السفياني بدمشق وبويع بالخلفة واسمه علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان في ذي الحجة وكنيته أبو الحسن وطرد عامل المين عن دمشق وهو سليمان بن أبي جعفر بعد أن حأصره السفياني بدمشق مدة ثم أفلت منه. وخالد بن يزيد جذ السفياني هذا هو الذي وضع حأديث السفياني في الصل فإنه ليس بحديث غير أن خال ًدا لما سمع حأديث المهدي من أولد علي في آخر الزمان أحأب أن يكون من بني سفيان من يظهر في آخر الزمان فوضع حأديث السفياني فمشى ذلك على بعض العوام. انتهى. وفيها توفي إسحاق بن يوسف بن محمد أبو محمد الزأرّق الواسطي كان من الفقهاء الثقات الصالحين المحدثين أقام عشرين سنة لم يرفع رّأسه إلى السماء حأياء من الله ومات بواسط. وفيها توفي بكارّ بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير كان من أشراف قريش وكان معظما عند الرشيد وله إمرة المدينة فأقام عليها اثنتي عشرة سنة وكان جوا ًدا ممد ًحأا نبيًل. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي بشر بن السري الواعظ بمكة وعبد الرحأمن بن محمد المحارّبي الكوفي وعبيد الله بن المهدي أمير مصر وقد تقدم ذكره. وفيها - في قول - عثام بن علي الكوفي وقيل سنة أرّبع ومحمد بن الفضيل الضبي الكوفي والوليد بن مسلم في أولها ويحيى بن سليم الطائفي بمكة وأبو معاوية الضرير محمد بن خازأم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وإحأدى وعشرون إصب ًعا ونصف إصبع. ولية جابر بن الشعث على مصر هو جابر بن الشعث بن يحيى بن النقي الطائي أمير مصر وليها بعد عزل حأاتم بن هرثمة عنها في جمادى الخرة سنة خمس وتسعين ومائة. وله المين على إمرة مصر وجمع له الصلة والخراج. وقدم مصر يوم الثنين لخمس بقين من جمادى الخرة من السنة المذكورّة وسكن العسكر على عادة المراء واستخلف على صلة مصر يحيى بن يزيد " بن حأماد " المرادي. وكان ليًنا. ولما دخل مصر وأقام بها وقعت الفتنة في العراق بين الخوين المين والمأمون أولد الرشيد وكانت الوقعة بين جيش المين وعسكر المأمون وكان على جيش المين علي بن عيسى بن ماهان في عسكر كثيف وكان على عسكر المأمون طاهر بن الحسين وهو في أقل من أرّبعة آلف فلما وصل ابن ماهان بعساكره إلى الري أشرف عليه طاهر بن الحسين المذكورّ وهم يلبسون السلح وقد امتلت بهم الصحراء وعليهم السلح المذهب فقال طاهر بن الحسين: هذا ما ل قبل لنا به ولكن نجعلها خارّجية ونقصد القلب فهيأ سبعمائة من الخوارّزأمية. قال أحأمد بن هشام المير: فقلنا لطاهر: نذكر علي بن عيسى البيعة التي أخذها هو علينا وبيعة الرشيد للمأمون قال: نعم فعلقناهما على رّمحين وقمت بين الصفين وقلت: المان " فقال علي بن عيسى: ذلك لك " ثم قلت: يا علي بن عيسى أل تتقي الله أليست هذه نسخة البيعة التي أخذتها أنت خاصة اتق الله فقد بلغت باب قبرك! قال: من أنت قلت: أحأمد بن هشام فصاح: علي يا أهل خراسان من جاء به فله ألف درّهم ثم وقع القتال وانهزم علي بن عيسى بن ماهان وأصحابه فتبعهم طاهر بمن معه فرسخين بعد أن تواقعوا اثنتي عشرة مرة وعسكر المأمون ينتصر فيها حأتى لحقهم طاهر بن التاجي ومعه رّأس علي بن عيسى بن ماهان وأخفوا جميع ما كان في عسكره فأرّسل طاهر بن الحسين الرأس إلى المأمون. فلما وصل إليه البريد بالرأس سلم عليه بالخلفة وطيف بالرأس في خراسان ومن يومئذ استفحل أمر المأمون وقوي جأشه. وجاء الخبر بقتل علي بن عيسى بن ماهان إلى المين وهو يتصيد السمك فقال للذي أخبره: ويحك! دعني فإن كوث فلمه الناس حأتى ًرا قد صاد سمكتين وأنا ما صدت شيًئا بعد قام من مجلسه. ثم جهز لحرب طاهر بن الحسين عبد الرحأمن بن جبلة النبارّي أمير الدينورّ بالعدة والقوة فسارّ حأتى نزل همذان. هذا وقد اضطرب ملك المين وأرّجف ببغداد إرّجا ًفا شدي ًدا. وندم محمد المين على خلع أخيه المأمون وطمع المراء فيه وشغبوا جندهم بطلب أرّزأاقهم وازأدحأموا بالجسر يطلبون الرّزأاق والجوائز فقاتلهم حأواشي المين ثم عجز عنهم فزاد في عطاياهم. ولما خرج عسكر المين ثانًيا مع عبد الرحأمن ووصل إلى همذان التقى مع طاهر وقاتله قتا طاهر بهمذان ًل شدي ًدا ثم تقهقر ودخل مدينة همذان وتفرق عنه أكثر أصحابه فحصره حأتى طلب منه عبد الرحأمن المان ثم غدرّ عبد الرحأمن وقاتل طاه ًرا ثانًيا حأتى قتل وملك طاهر بن الحسين البلد ودعا للمأمون وخلع المين. كل ذلك والمين ببغداد لم يخرج منها حأتى ولما ملك طاهر البلد واستفحل أمره وبلغ المصريين ذلك وثب السري بن الحكم ومعه جماعة كبيرة من المصرين عصبة للمأمون ودعا السري الناس لخلع المين فأجابوه وبايعوا المأمون فقام جابر في أمر المين فقاتله السري بن الحكم المذكورّ حأتى هزمه وأخرجه من مصر على أقبح وجه. فخرج جابر المذكورّ من مصر لثمان بقين من جمادى الخرة سنة ست وتسعين ومائة فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة تقريًبا. وولي مصر بعده أبو نصر عباد بن محمد بن حأيان من قبل المأمون. السنة التي حأكم فيها جابر على مصر وهي سنة ست وتسعين ومائة فيها وقع بين عسكر المين والمأمون وقائع يطول شرحأها. وفيها رّفع المأمون منزلة الفضل بن سهل وعقد له على الشرق طوًل وعر ًضا وجعل عمالته ثلثة آلف ألف درّهم وكتب على سيفه " ذا الرياستين " من جانب رّياسة الحرب ومن جانب رّياسة القلم والتدبير فقام الفضل بأمر المأمون كما يجب. وولى المأمون أي ًضا أخاه الحسن بن سهل دواوين الخراج. كل ذلك والمين ببغداد في قيد الحياة وفي تعبئة العساكر لقتال المأمون غير أنه ضعف أمره إلى الغاية. وفيها ولى المين محمد عبد الملك بن صالح الجزيرة والشام. وفيها خلع المين وبويع المأمون ببغداد ثم أعيد المين. وسبب ذلك أنه لما مات عبد الملك بن صالح العباسي بالرقة قام الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان فجمع الناس واستقل بالمر بعد عبد الملك بن صالح ونفق في العساكر لجل المين ثم سارّ بهم إلى بغداد فاستقبله الشراف والقواد وضربت له القباب ودخل بغداد في شهر رّجب. فلما كان الليل بعث المين " في " طلبه فأغلظ الحسين لرسول المين وقال: ل أنا مغن ول مسامر ول مضحك حأتى يطلبني في هذه الساعة! وأصبح فخلع المين ودعا للمأمون فوقع بسبب ذلك أمورّ وحأروب بينه وبين حأواشي المين إلى أن ظفر به المين ثم أطلقه ورّضي عنه وأعيد المين للخلفة. ووقع للمين مثل هذه الحكاية في هذه السنة غير مرة. وفيها وقع بين طاهر بن الحسين وبين جيش المين وقعة عظيمة قتل فيها محمد بن يزيد بن حأاتم المهلبي وطاهر من جهة المأمون وابن يزيد من جهة المين. وفيها توفي عبد الله بن مرزأوق أبو محمد الزاهد البغدادي كان وزأير الرشيد فخرج من ذلك وفيها توفي أبو معاوية محمد بن خازأم الضرير الكوفي ولد سنة ثلث عشرة ومائة وذهب بصره وله أرّبع سنين. وهذا غير أبي معاوية السود فإن السود اسمه اليمان. نزل أبو معاوية هذا طرسوس وصحب الثورّي وغيره. وفيها توفي أبو الشيص محمد بن رّزأين كان شاع ًرا فصي ًحا. قال أبو بكر النبارّي: اجتمع أبو الشيص ودعبل وأبو نواس ومسلم بن الوليد وتناشدوا الشعارّ في عصر واحأد. وحأكي أن القاضي الوجيه أبا الحسن علي بن يحيى الذرّوي دخل الحمام وكان ابن رّزأين هذا في الحمام فأنشد ابن رّزأين بحضرة القاضي المذكورّ لنفسه: " البسيط " لله يوم بحمام نعمت به والماء من حأوضه ما بيننا جارّي كأنه فوق شقات الرخام ضحى ماء يسيل على أثواب قصارّ فلما سمعه القاضي المذكورّ ضحك ثم أنشد لنفسه في واقعة الحال: " البسيط " وشاعر أوقد الطبع الذكاء له فكاد يحرقه من فرط إذكاء أقام يعمل أياما رّويته وشبه الماء بعد الجهد بالماء ثم أنشد القاضي أي ًضا ينعت الحمام بقوله: " الخفيف " إن عيش الحمام أطيب عيش غير أن المقام فيه قليل فكأن الغريق فيها كليم وكأن الحريق فيه خليل وفيها توفي وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي أبو سفيان الرؤاسي الكوفي العورّ كان إما ومولده سنة تسع وعشرين ومائة وقيل ًما محدًثا ثقة حأاف ًظا كثير الحديث سنة ثمان وعشرين ومائة. " ورّؤاس بطن من قيس عيلن " وأصله من خراسان وسمع من العمش وهشام بن عروة وغيرهما. قال يحيى بن معين: ما رّأيت أفضل من وكيع! كان حأاف ًظا يحفظ حأديثه ويقوم الليل ويسرد الصوم ويفتي بقول أبي حأنيفة ويحيى " بن سعيد " القطان كان يفتي بقول أبي حأنيفة أي ًضا. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. ولية عباد بن محمد على مصر هو عباد بن محمد بن حأيان البلخي مولى كندة المير أبو نصر. وله المأمون على إمرة مصر بعد عزل جابر بن الشعث عنها في شهر رّجب سنة ست وتسعين ومائة بكتاب هرثمة بن أعين وكان عباد هذا وكي بمصر. ًل على ضياع هرثمة فسكن عباد العسكر على عادة أمراء مصر وجعل على شرطته هبيرة بن هاشم بن حأديج ولما بلغ المين ولية عباد هذا على مصر كتب إلى رّبيعة بن قيس " بن الزبير الجرشي " رّئيس قيس الحوف بولية مصر وكتب أي ًضا إلى جماعة من المصريين بإعانته فلما بلغهم ذلك قاموا ببيعة المين وخلعوا المأمون وسارّوا لمحارّبة عباد أمير مصر وأصحابه فخندق عباد على الفسطاط وكانت بينهم حأروب ووقائع آخرها الوقعة التي مسك فيها عباد وحأمل إلى المين فقتله المين في صفر سنة ثمان وتسعين ومائة فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة وسبعة أشهر. وتولى مصر من بعده المطلب بن عبد الله. وكان عباد هذا من أعيان القواد قدمه هرثمة بن أعين حأتى وله المأمون مصر وكان فيه رّفق بالرعية وعنده سياسة ومعرفة بالحروب. دخل مصر وغالب من بها ميله إلى المين فل زأال بهم حأتى وافقه كثير منهم وكاد أمره يتم لول انتقاض أهل الحوف عليه وكثر جمعهم ووثبوا عليه فجمع عباد عساكره وقاتلهم " من " عدة وجوه وهو في قلة إلى أن ظفروا به فلم يبق عليه المين وقال: هذا ناب من أنياب عساكر المأمون. ومع هذا كله ملكها المأمون وولى المأمون بها المطلب ولم يقدرّ المين على أن يولي بها أحأ ًدا وقتل بعد مدة يسيرة وتولى المأمون الخلفة. على مصر وهي سنة سبع وتسعين ومائة. فيها لحق القاسم الملقب بالمؤتمن بن الرشيد بأخيه المأمون وصحبه عمه المنصورّ بن المهدي. وفيها كانت وقائع بين عساكر المين والمأمون أسر في بعضها هرثمة بن أعين فحمل بعض أصحاب هرثمة على من أسره وضربه فقطع يده وخلص هرثمة هذا والحصارّ عال في بغداد في كل يوم نحو خمسة عشر شه ًرا وكان المحاصر لها طاهر بن الحسين مقدم عساكر المأمون والمأمون بالري ومع طاهر بن الحسين المير هرثمة بن أعين وزأهير بن المسيب. هذا والمين ينفق الموال على الجند وهو في غاية من الضيق والشدة وقتل جماعة كبيرة من أهل بغداد وخرج النساء من الخدورّ حأاسرات واشتدت شوكة المأمونية وتفرق عن المين عساكره وأخذ أمره في إدبارّ إلى ما سيأتي ذكره. وفيها توفي بقية بن الوليد بن صاعد بن كعب أبو يحمد الكلعي كان من أهل الشام وكان ثقة في رّوايته عن الثقات ضعي ًفا في غيرهم مولده سنة عشر ومائة. وفيها توفي شعيب بن حأرب أبو صالح المدائني الزاهد كان أصله من أبناء خراسان ثم من أهل بغداد فتحول إلى المدائن ثم إلى مكة ودام بها إلى أن مات. وكان له فضل ودين متين وزأهد وفيها توفي عبد الله بن وهب بن مسلم أبو محمد مولى قريش من أهل مصر كان كثير العلم ثقة ولد سنة خمس وعشرين ومائة. وفيها توفي ورّش المقرئ واسمه عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان. وقيل عثمان بن سعيد بن عدي بن غزوان بن داود بن سابق القبطي المصري إمام القراء أبو سعيد ويقال: أبو عمرو ويقال: أبو القاسم. أصله من القيروان وشيخه نافع وهو الذي لقبه ورّ ًشا لشدة بياضه. والورّش: شيء يصنع من اللبن وقيل: بل لقبه ورّشان وهو طائر معروف فكان يعجبه هذا اللقب ويقول: أستاذي نافع سماني به. وانتهت إليه رّياسة القراء بالديارّ المصرية وكان بصي وكان أبيض أشقر أزأرّق ًرا بالعربية ًرّا ومولده سنة عشر ومائة. سميًنا مربو ًعا ويلبس ثياًبا قصا وفيها توفي أبو نواس الحسن بن هانىء وقيل: الحسن بن وهب الحكمي الشاعر ًما فاض ًل غلب عليه المشهورّ حأامل لواء الشعراء في زأمانه كان إما الشعر قال ًما عال شيخه أبو عبيدة: أبو نواس للمحدثين مثل امرئ القيس للمتقدمين. ولقب بأبي نواس لذؤابتين كانتا تنوسان على قفاه وإنما كان لقبه أوًل أبا علي. وفي سنة وفاته اختلف كبير فأقرب من قال في هذه السنة وأبعد من قال سنة خمس ومائتين وأما شعره فكثير مشهورّ ونوادرّه فكثيرة أي ًضا وديوان شعره كبير بأيدي الناس في عدة مجلدات. ومن أجود ما قال من الشعر قوله: " البسيط " ومستطيل على الصهباء باكرها في فتية باصطباح الراح حأذاق فكل شيء رّآه ظنه قدحأا وكل شخص رّآه ظنه الساقي وله: " البسيط " أذكى سرا ًجا وساقي الشر يمزجها فلح في البيت كالمصباح مصباح كدنا على علمنا والشك نسأله أرّاحأنا نارّنا أم نارّنا رّاح أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. ولية المطلب بن عبد الله الولى على مصر هو المطلب بن عبد الله بن مالك بن الهيثم الخزاعي أمير مصر. وله المأمون على مصر بعد عزل عباد بن محمد عنها والقبض عليه في صفر سنة ثمان وتسعين ومائة وجمع له صلة مصر وخراجها م ًعا. وقدم إلى مصر من مكة في النصف من شهر رّبيع الول سنة ثمان وتسعين ومائة وسكن العسكر وأقر على شرطته هبيرة بن هاشم " بن حأديج " مدة قليلة ثم عزله بمحمد بن عسامة " بن عمرو المعافري " ثم عزل محم ًدا بعبد العزيز بن الوزأير الجروي ثم عزل عبد العزيز بإبراهيم بن عبد السلم الخزاعي ثم عزله بهبيرة بن هاشم المذكورّ أوًل. كل ذلك لما كان في أيامه من كثرة الضطراب بمصر والفتن والحروب قائمة في كل قليل بديارّ مصر فإن أهل مصر كانوا يوم ذاك فرقتين: فرقة من حأزب المين محمد الخليفة وفرقة من حأزب أخيه المأمون. فقاسى المطلب هذا بمصر شدائد مع أنه لم تطل مدته وعزل بالعباس بن موسى في شوال سنة ثمان وتسعين ومائة. فكانت ولايته على إمرة مصر نح ًوا من سبعة أشهر ونصف شهر وقبض عليه وحأبس مدة طويلة بإذن المأمون. وتأتي بقية ترجمته في ولايته الثانية على مصر بعد خروجه من السجن عند عزل المير العباس بن موسى عن مصر إن شاء الله تعالى. السنة التي حأكم فيها المطلب بن عبد الله على مصر وهي سنة ثمان وتسعين ومائة. فيها كان حأصارّ المين ببغداد إلى أن ظفر به وقتل في المحرم صب وله عشرون سنة ًرا وعلقت وفيها ولي الخلفة المأمون بن هارّون الرشيد عو ًضا عن أخيه محمد المين وكانت كنيته أبا العباس فلما ولي الخلفة كني بأبي جعفر على كنية جد أبيه. وفيها في رّمضان ثارّ أهل قرطبة بالمير الحكم بن هشام الموي وحأارّبوه لجورّه وفسقه وأحأاطوا بالقصر وأشتد القتال وعظم الخطب واستظهروا عليه فأمر الحكم أمرائه فحملوا عليهم وقاتلوهم حأتى هزموهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وصلب من وجوه القوم ثلثمائة على النهر منكسين وبقي القتل والنهب والتحريق في قرطبة ثلثة أيام ثم أمنهم فهج أهل قرطبة إلى البلد. وفيها توفي سفيان بن عيينة بن أبي عمران وأسم أبي عمران ميمون مولى محمد بن مزاحأم الهللي أخي الضحاك المفسر و كنيته - أعني سفيان - أبو محمد الكوفي ثم ًما ثقة حأجة المكي المام شيخ السلم مولده سنة سبع ومائة في نصف شعبان كان إما ًما صال ًحا. عال قال الحسين بن عمران بن عيينة: حأججت مع عمي سفيان آخر حأجة حأجها سنة سبع وتسعين ومائة. فلما كنا بجمع - يعني المزدلفة - استلقى على فراشه ثم قال: قد وافيت هذا الموضع سبعين عا المكان وإني قد ًما أقول في كل سنة: اللهم ل تجعله آخر العهد من هذا استحييت من الله من كثرة ما أسأله ذلك فرجع فتوفي في العام في شهر رّجب. وكان سفيان يقول: ل يمنع أحأدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فإن الله قد استجاب دعاء شر الخلق وهو إبليس " قال رّب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين ". وكان أي ًضا يقول: يستحب للرجل أن يقول في دعائه: اللهم استرني بسترك الجميل ومعنى الستر الجميل أن يستر على عباده في الدنيا والخرة. وقال غيره: إن الرجل ليحدث الذنب فل يزال ناد ًما حأتى يموت فيدخل الجنة فيقول إبليس: يا ليتني لم أوقعه فيه. وفيها توفي عبد الرحأمن بن مهدي بن حأسان أبو سعيد العنبري البصري اللؤلؤي المام الحافظ كان ثقة كثير الحديث من كبارّ العلماء الحفاظ ولد سنة خمس وثلثين ومائة وسمع الكثير. قال إسماعيل القاضي: سمعت ابن المدني يقول: أعلم الناس بالحديث عبد الرحأمن بن مهدي. قال أحأمد بن سنان: كان عبد الرحأمن بن مهدي ل يتحدث في مجلسه ول يبرى قلم ول يقوم أحأد قائ منهم يتبسم أو ًما كأن على رّؤوسهم الطير وكأنهم في صلة فإذا رّأى أحأ ًدا تحدث لبس نعله وخرج. وفيها توفي علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الموي الهاشمي أبو الحسن المدعو بالسفياني المتغلب على دمشق وكان يلقب بأبي العميطر لنه قال لصحابه يو ًما: إيش لقب الجرذون فقالوا: ل ندرّي فقال: أبوالعميطر فلقب به. ولما خرج بدمشق ودعا لنفسه وتسمى بالسفياني كان ابن تسعين سنة وبايعه أهل دمشق بالخلفة سنة خمس وتسعين ومائة واشتغل عنه الخليفة المين بحرب أخيه المأمون فانتهز السفياني هذه الفرصة وملك دمشق حأتى قاتله أعوان الخليفة وهزموه ًما ومات. فاختفى بالمزة وأقام بها أيا وقد تقدم في سنة خروجه أن حأديث السفياني موضوع وضعه خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان جد علي هذا. وفيها كانت قتلة الخليفة أمير المؤمنين المين محمد وكنيته أبو عبد الله وقيل أبو موسى ابن الخليفة هارّون الرشيد ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي البغدادي. وأمه زأبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصورّ. قيل: إنه لم يل الخلفة بعد علي بن أبي طالب والحسن وله رّضي الله عنهما ابن هاشمية غير المين هذا. وقد تقدم ذكر ما وقع له مع أعوان أخيه المأمون من الحروب إلى أن حأاصره طاهر بن الحسين ببغداد نحو خمسة عشر شه ًرا حأتى ظفر به وقتله صب من هذه ًرا في المحرم السنة وطيف برأسه. وقتل المين وله عشرون سنة. وكان أخوه المأمون أسن منه بشهر واحأد. وكان المين من أحأسن الشباب صورّة: كان أبيض طوي مفرطة وبطش ًل جميًل ذا قوة وشجاعة معروفة وفصاحأة وأدب وفضيلة وبلغة لكنه كان سيىء التدبير ضعيف الرأي أرّعن مبذًرّا للموال ليصلح للخلفة وكان مدمًنا للخمر مناد ًما للفساق والمغاني والمساخر و اشترى عريب المغنية بمائة ألف دينارّ واحأتجب عن إخوانه وأهل بيته وقدم الموال والجواهر في النساء والخصيان. ومحبته لخادمه كوثر مشهورّة منها: أنه لما كان في الحصارّ خرج كوثر المذكورّ ليرى الحرب فأصابته رّجمة في وجهه فجلس يبكي وجعل المين هذا يمسح الدم عن وجهه ثم أنشد: " مجزوء الرمل " ضربوا قرة عيني ومن أجلي ضربوه أخذ الله لقلبي من أناس أحأرقوه ولم يقدرّ على الزيادة فأحأضر عبد الله بن أيوب التيمي الشاعر فقال له: قل عليهما فقال: " مجزوء الرمل " ما لمن أهوى شبيه فبه الدنيا تتيه وصله حألو ولكن هجره مر كريه من رّأى الناس له الفض - - ل عليهم حأسدوه فقال المين: أحأسنت! بحياتي يا عباس انظر إن كان جاء على ظهر فأوقره له وإن كان جاء في زأورّق فأوقره قال: فأوقروا له ثلثة أبغل درّاهم. قلت: وحأكايات المين كثيرة وجنونه وكرمه أشهر من أن يذكر. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثمانية أذرّع سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. ولية العباس بن موسى على مصر هو العباس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي ولي مصر بعد عزل المطلب عنها في شوال سنة ثمان وتسعين ومائة وله المأمون على الصلة والخراج ولما ولي مصر قدم ابنه عبد الله أمامه إلى مصر خليفة له عليها فقدم عبد الله إلى مصر ومعه الحسن بن عبيد بن لوط النصارّي ومحمد بن إدرّيس - أعني المام الشافعي - رّحأمه الله لليلتين بقيتا من شوال من السنة المذكورّة. ولما دخل عبد الله المذكورّ والحسن بن عبيد سجنا المطلب المعزول عن إمرة مصر قبل تارّيخه. وسكن عبد الله العسكر على العادة وتشدد على أهل مصر فبغضوه وثارّوا عليه ووافقهم جند مصر فقاتلهم عبد الله المذكورّ غير مرة ومنعهم الحسن بن عبيد أعطياتهم وتهددهم لموافقتهم على حأرب عبد الله. ثم تحامل الحسن المذكورّ على الرعية وعسفها وتهدد الجميع فاجتمع الجميع وثارّوا ووقفوا جملة واحأدة فخرج إليهم عبد الله وقاتلهم فهزموه وأخرجوه من مصر ثم عمدوا إلى المطلب بن عبد الله وأخرجوه من حأبسه وأقاموه على إمرة مصر لرّبع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة تسع وتسعين ومائة. ولما بلغ العباس صاحأب الترجمة ما وقع لبنه عبد الله بمصر قصد الديارّ المصرية حأتى نزل بلبيس ودعا قي ًسا لنصرته ومضى إلى الحوف ثم عاد مري ًضا إلى بلبيس فمات به لثلث عشرة بقيت من جمادى الخرة من سنة تسع وتسعين ومائة. يقال: أن المطلب دس عليه س ًما في طعامه فمات منه. وأما ابنه عبد الله فقال صاحأب البغية: قتله الجند في يوم النحر: سنة ثمان وتسعين ومائة. فكانت مدة إقامته خليفة عن أبيه شهرين ونصف شهر. قلت: وأما ولية العباس على مصر أيام ناب عنه ابنه و زأمان قتاله مع أهل مصر فكانت كلها حأروًبا وفتًنا. ولعل العباس لم يدخل مصر ول حأكمها. ولية المطلب الثانية قد تقدم ذكره في ولايته الولى على مصر وأما ولايته هذه فكانت بعد خروجه من السجن لنه لما قامت جند مصر والرعية على عبد الله بن العباس والحسن بن عبيد وأخرجوهما من مصر وقيل بل قتلوا عبد الله بن العباس المذكورّ ولوا عليهم المطلب هذا بعد أن أخرجوه من السجن فاستولى على مصر ورّفق بالرعية وأجزل لهم أعطياتهم وأحأسن إليهم فانضم عليه خلئق من الجند ومن أهل مصر وغيرهم فاستفحل أمره بهم وقويت شوكته وأخرج من كان بمصر من أصحاب العباس وابنه عبد الله وتم أمره إلى أن قدم العباس بنفسه إلى مدينة بلبيس فلم يقدرّ على دخول مصر ووقع له مع العباس أمورّ وحأروب إلى أن دس عليه المطلب هذا س ًما فمات العباس منه كما ذكرناه في ترجمته. ولما بلغ المأمون ذلك لم يجد ب ًدا من أن يقره على إمرة مصر لشغله بقتال أخيه المين. فاستمر المطلب هذا على إمرة مصر إلى أن تم أمر المأمون في الخلفة وثبتت قدمه فعزله عنها بالسري ابن الحكم في مستهل شهر رّمضان سنة مائتين. وكان المطلب قد ولى على شرطته أحأمد بن حأوي ثم عزله بهبيرة بن هاشم. فلما قدم السري بن الحكم إلى نحو مصر لم يطق المطلب هذا مدافعته عنها لكثرة جيوش السري وجموعه فشاورّ أصحابه فأشارّوا عليه بالثبات والقتال فجمع هو أي ًضا جم ًعا هائ بين ًل وقام بنصرته غالب جند مصر والتقى مع السري وقاتله غير مرة وقتل الطائفتين خلئق حأتى كانت الهزيمة على المطلب وأصحابه وخرج هارًّبا من مصر إلي نحو مكة. ودافع الجند وأهل مصر عن نفوسهم حأتى أمنهم السري ودخل إلى مصر واستولى عليها. فكان حأكم المطلب في هذه المرة الثانية على مصر سنة واحأدة وسبعة أشهر. وقال صاحأب البغية: وثمانية أشهر. السنة التي حأكم في أولها العباس ثم المطلب بن عبد اله على مصر وهى سنة تسع وتسعين ومائة. فيها قدم الحسن بن سهل من عند الخليفة المأمون إلى بغداد وفرق عماله في البلد ثم جهز أزأهر بن زأهير " بن المسيب " لقتال الهرش الخارّجي في المحرم فقتل الهرش المذكورّ. وفيها في جمادى الخرة خرج بالكوفة محمد بن إبراهيم بن طباطبا - واسم طباطبا إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - يدعو إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه و سلم وكان القائم بأمره أبو السرايا السري بن منصورّ الشيباني فهاجت الفتن وأسرع الناس إلى ابن طباطبا واستوسقت له الكوفة فجهز الحسن بن سهل لحربه زأهير بن المسيب في عشرة آلف فالتقوا فانهزم زأهير بن المسيب واستباحأوا عسكره. فلما كان من الغد أصبح محمد بن إبراهيم المذكورّ ميًتا فجاءة فأقام أبو السرايا في الحال شاًبا أمرد اسمه محمد بن محمد بن زأيد من العلويين ثم جهز له الحسن جي ًشا آخر وآخر. ووقع لبي السرايا هذا مع عساكر الحسن بن سهل أمورّ ووقائع يأتي ذكر بعضها في محلها إن شاء الله تعالى. وفيها توفي سليمان بن أبي جعفر المنصورّ بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو أيوب الهاشمي العباسي أمير دمشق وغيرها كان حأازأ ًما عاق ًل جوا ًدا ممد ًحأا. ًما زأاه ًدا وفيها توفي علي بن بكارّ أبو الحسن البصري كان إما انتقل من البصرة ًما عال ًطا وكان صاحأب كرامات واجتهاد. فنزل المصيصة فأقام مراب وفيها توفي عمارّة بن حأمزة بن مالك بن يزيد بن عبد الله مولى العباس بن عبد الملك كان أحأد الكتاب البلغاء الجواد وكان وله أبو جعفر المنصورّ خراج البصرة وكان فاض ًل بلي ًغا فصي ًحا آل أنه كان فيه تيه شديد يضرب به المثل حأتى إنه كان يقال: أتيه من عمارّة وله في التيه والكرم حأكايات كثيرة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسحاق بن سليمان الرازأي " أبو يحيى " وحأفص بن عبد الرحأمن قاضي نيسابورّ والحكم بن عبد الله أبو مطيع البلخي وسيارّ بن حأاتم وشعيب بن الليث بن سعد في صفر وعبد الله بن نمير الخارّفي الكوفي وعمر بن حأفص العبدي البصري وعمرو بن محمد العنقزي الكوفي ومحمد بن شعيب بن شابورّ ببيروت والهيثم بن مروان العنسي الدمشقي ويونس بن بكير الكوفي رّاوي المغازأي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وإحأدى عشرة إصب ًعا. M0لية السري بن الحكم الولى على مصر هو السري بن الحكم بن يوسف بن المقوم مولى من بني ضبة وأصله من بلخ من قوم يقال لهم " الزط " أمير مصر. وليها بإجماع الجند وأهل مصر على الصلة والخراج م ًعا في مستهل شهر رّمضان سنة مائتين بعد عزل المطلب عنها. وسكن العسكر على عادة أمراء مصر وجعل على شرطته محمد بن عسامة وأخذ في إصلح أمورّ مصر وقراها. وبينما هو في ذلك وثب عليه الجند في مستهل شهر رّبيع الول سنة إحأدى ومائتين لمر اقتضى ذلك وحأصل بينه وبينهم أمورّ ووقائع يطول شرحأها حأتى ورّد عليه الخبر من الخليفة المأمون عبد الله بعزله عن إمرة مصر بسليمان بن غالب في شهر رّبيع الول المذكورّ. وقيل: إنه هو الذي خرج من مصر واستعفى لمورّ صدرّت في حأقه من الجند والرعية. وقيل: إن الجند قبضوا عليه بأمر الخليفة السنة التي حأكم في أولها المطلب وفي آخرها السري بن الحكم على مصر وهي سنة مائتين من الهجرة. فيها في المحرم هرب أبو السرايا والطالبيون من الكوفة إلى القادسية فدخل الكوفة هرثمة بن أعين ومنصورّ بن المهدي بعساكرهما وأمنوا أهلها فتوجه أبو السرايا وحأشد وجمع ورّجع إلى نحو الكوفة وواقع القوم فانهزم وأمسك وأتي به إلى الحسن بن سهل فقتله في عاشر شهر رّبيع الول بأمر الخليفة المأمون. وفيها هاج الجند ببغداد لكون الحسن بن سهل لم ينصفهم في العطاء وبقيت الفتنة بينه ًما كثيرة ثم صلح المر بينهم. وبينهم أيا وفيها أحأصي ولد العباس فبلغوا ثلثة وثلثين أل ًفا ما بين ذكر وأنثى. وفيها قتلت الروم ملكهم ليون وكان له عليهم سبع سنين وملكوا ميخائيل بن جورّجيس. وفيها قتل الخليفة المأمون يحيى بن عامر بن إسماعيل لكونه أغلظ في الكلم وقال: يا أمير الكافرين. وفيها توفي معاذ بن هشام الدستوائي البصري الحافظ رّوى عن أبيه وابن عون وأشعث بن عبد الملك وغيرهم ورّوى عنه أحأمد بن حأنبل وإسحاق وبندارّ وابن المديني وغيرهم. وقال العباس بن عبد العظيم الحافظ: كان عنده عن أبيه عشرة آلف حأديث. وفيها توفي زأاهد الوقت معروف بن الفيرزأان وقيل: ابن فيروزأ أبو محفوظ وقيل: أبو الحسن من أهل كرخ بغداد كان إمام وقته وزأاهد زأمانه. ذكر معروف الكرخي عند أحأمد بن حأنبل فقالوا: قصير العلم فقال للقائل: أمسك وهل يراد من العلم إل ما وصل إليه معروف! وكان أبواه من أعمال واسط من الصابئة. وعن أبي علي الدقاق قال: كان أبواه نصرانيين فأسلماه إلى مؤدب نصراني فكان يقول له: قل ثالث ثلثة فيقول معروف: بل هو الواحأد فيضربه فهرب ثم أسلم أبواه. ومن كلم معروف - رّحأمة الله عليه - قال: من كابر الله صرعه ومن نازأعه قمعه ومن ما كره خدعه ومن توكل عليه منعه ومن تواضع له رّفعه. وعنه قال: كلم العبد فيما ل يعنيه خذلن من الله. وقال رّجل: حأضرت معروفا فاغتاب رّجل " رّجًل " عنده فقال معروف: اذكر القطن إذا وضع على عينيك. وعنه قال: ما أكثر الصالحين وما أقل الصادقين. قلت: ومناقب معروف كثيرة زأهده وصلحأه مشهورّ نفعنا الله ببركته. وفيها في أول المحرم قدم مكة حأسين بن حأسن الفطس ودخل الكعبة وجردها وأخذ جميع ما كان عليها وكساها ثوبين رّقيقين من قز كان أبو السرايا بعث بهما إليها مكتوب عليهما: " أمر به الصفر بن الصفر " أبو السرايا داعية آل محمد لكسوة بيت الله الحرام وأن تطرح عنها كسوة الظلمة من ولد العباس ثم أخذ الحسين أموا كثيرة من أهل مكة ًل وصادرّهم وأبادهم. وفيها توفي أبان بن عبد الحميد بن لحأق اللحأقي كان شاع ًرا فاض ًل بلي ًغا قدم بغداد واتصل بالبرامكة وله فيهم مدائح كثيرة وصنف لهم كتاب " كليلة ودمنة " وهو فرد في معناه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثمانية أصابع. . مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا M0لية سليمان بن غالب على مصر هو سليمان بن غالب بن جميل بن يحيى بن قزة البجلي المير أبو داود ولي إمرة مصر على الصلة والخراج م ًعا بعد عزل السري بن الحكم وحأبسه بإجماع الجند وأهل مصر عليه في يوم الثلثاء لرّبع خلون من شهر رّبيع الول من سنة إحأدى ومائتين. وسكن العسكر وجعل على شرطته أبا ذكر بن جنادة بن عيسى المعافري فشدد على المصريين فعزله عن الشرطة بالعباس بن لهيعة " بن عيسى " الحضرمي. ثم وقع بين سليمان هذا وبين الجند أي ًضا وحأشة فوثبوا عليه وقاتلوه ووقع له معهم وقائع وحأروب كثيرة آلت إلى عزله عن إمرة مصر فصرفه المأمون عنها وأعاد على إمرة مصر السري بن الحكم ثانية فكانت ولية سليمان هذا على إمرة مصر خمسة أشهر فإنه صرف في مستهل شعبان سنة إحأدى ومائتين وتوجه إلى المأمون وصارّ من جملة القواد وندبه المأمون لقتال بابك الخرمي وهذا أول ظهورّ بابك الخرمي في الجاويدانية. وبابك هو من أصحاب الجاويدان بن سهل صاحأب البذ وادعى بابك أن رّوح جاويدان دخلت فيه وأخذ بابك في العبث والفساد - وتفسير جاويدان: الدائم الباقي. ومعنى خرم: فرج وهي مقالت المجوس والرجل منهم ينكح أمه وأخته ولهذا يسمونه دين الفرج ويعتقدون مذهب التناسخ وأن الرّواح تنتقل من جوف إلى غيره - وعاد سليمان صاحأب الترجمة إلى الخليفة من غير أن يلقى حأرًبا فإن بابك المذكورّ لما سمع بمجيء العساكر هرب واستمر سليمان عند المأمون إلى أن كان ما سنذكره. . M0لنة التي حأكم في أولها السري بن الحكم إلى مستهل رّبيع الول ثم سليمان بن غالب إلى شعبان ثم السري بن الحكم ثانية على مصر وهي سنة إحأدى ومائتين. فيها جعل المأمون ولي عهده في الخلفة من بعده علًيا الرضى بن موسى الكاظم العلوي وخلع أخاه القاسم من ولية العهد وترك لبس السواد ولبس الخضرة وترك غالب شعارّ بني العباس أجداده ومال إلى العلوية فشق ذلك على بني العباس وعلى القواد وجميع أهل الشرق لسيما أهل بغداد وخرج عليه جماعة كثيرة بسبب ذلك وثارّت الفتن لهذه الكائنة وكلم المأمون أكابر بني العباس في ذلك فلم يلتفت إلى كلمهم. وفيها ولى المأمون زأيادة الله بن إبراهيم بن الغلب التميمي إمرة المغرب. وفيها كتب المأمون إلى إسماعيل بن جعفر بن سليمان العباسي أمير البصرة يأمره عساك ً بلبس الخضرة فامتنع ولم يبايع بالعهد لعلي الرضى فبعث إليه المأمون را لحربه فسلم نفسه بل قتال فحمل هو وولداه إلى خراسان وفيها المأمون فمات هناك. وفيها خرج منصورّ بن المهدي العباسي أي ًضا بكلواذا ونصب نفسه ثانًيا للمأمون ببغداد فسموه المرتضى وسلموا عليه بالخلفة فامتنع من ذلك وقال: إنما أنا نائب للمأمون. فلما ضعف عن قبول ذلك عدلوا إلى أخيه إبراهيم بن المهدي فبايعوه بالخلفة. كل ذلك بسبب ميل المأمون إلى العلوية. وجرت فتنة كبيرة واختبط العراق سنين وخطب به باسم إبراهيم بن المهدي على المنابر. وفيها توفي عبد الله بن الفرج الشيخ أبو محمد القنطري العابد الزاهد كان من كبارّ المجتهدين كان بشر الحافي يحبه ويثني عليه ويزورّه. وفيها توفي حأماد بن أسامة بن زأيد الحافظ أبو أسامة الكوفي مولى بني هاشم رّوى عن العمش وإسماعيل بن أبي خالد وأسامة بن زأيد الليثي وغيرهم ورّوى عنه عبد الرحأمن بن مهدي مع تقدمه وأحأمد بن حأنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق الكوسج وغيرهم. وقال محمد بن عبد الله بن عفارّ: كان أبو أسامة في زأمن الثورّي يعد من النساك. وفيها في ذي القعدة توفي علي بن عاصم بن صهيب الحافظ أبو الحسن مولى بنت محمد بن أبي بكر الصديق كان من أهل واسط ولد سنة ثمان ومائة أو خمس ومائة وكان محدًثا فاض ًل رّوى عنه المام أحأمد بن حأنبل وطبقته إل أنهم قالوا: كان يخطئ فضعفوه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو أسامة الكوفي وحأرمي بن عمارّة وحأماد بن مسعدة وعلي بن عاصم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. على مصر تولى السري ثانًيا على مصر من قبل الخليفة المأمون على الصلة والخراج م ًعا. وقدم الخبر من المأمون بولايته في يوم الرّبعاء لثنتي عشرة خلت من شعبان سنة إحأدى ومائتين ففي الحال أخرج من السجن ولبس خلعة المأمون بإمرة مصر توجه إلى العسكر وسكن به. ًما فشكا منه ًما ثم عزله بالحارّث بن زأرّعة وجعل على شرطته محمد بن عسامة أيا أيا الجند فعزله بابنه ميمون ثم عزل ميموًنا أي ًضا بأبي ذكر بن المخارّق ثم عزله بأخيه صالح بن الحكم ثم عزل صال ًحا بأخيه إسماعيل ثم عزل إسماعيل بأخيه داود كل ذلك لتغلب أهل مصر عليه وهو يصغي إلى قولهم إلى أن أستفحل أمره. ولما ثبتت قدمه في إمرة مصر أخذ يتتبع من كان حأارّبه وعاداه في أول ولايته فمسك منهم جماعة وأخرج جماعة ومهد أمورّ مصر وأصلح أحأوال أهل البلد وأباد أهل الحوف. وأستمر على إمرة مصر إلى أن توفي بها في سلخ جمادى الولى من سنة خمس ومائتين. وقال صاحأب البغية: مات بالفسطاط يوم السبت لنسلخ رّبيع الول من سنة خمس ومائتين. قلت: وعلى هدا القول كانت ولايته على مصر في هذه المرة الثانية ثلث سنين وتسعة أشهر وثمانية عشر يو ًما. وتولى إمرة مصر من بعده ابنه محمد بن السري. وكان السري أمي البلد وكان ممن ًرا جليًل معظ ًما في القول وفي العمال وتنقل في أنضم على المأمون من القواد ووقع له أمورّ بمصر ذكرنا بعضها إلى أن أعيد إليها ثانًيا واستمر بها إلى أن توفي حأسبما تقدم ذكره. السنة الولى من ولية السري بن الحكم الثانية على مصر وهي سنة اثنتين ومائتين - على أنه حأكم فيها من الخالية من شعبان إلى آخرها حأسبما تقدم ذكره. فيها أعني سنة اثنتين ومائتين بايع العباسيون إبراهيم بن المهدي ولقبوه بالمبارّك المنير. وأول من بايع إبراهيم بن المهدي المذكورّ عبد الله بن العباس بن محمد بن علي العباسي ثم أخوه منصورّ بن المهدي ثم بنو عمه ثم القواد وخلعوا المأمون من الخلفة لكونه أخرج العباسيين من ولية العهد وجعلها في العلويين ولبس الخضرة وترك لبس السواد الذي هو شعارّ بني العباس. ووقع بولية إبراهيم هذا أمورّ وفتن وحأروب آلت إلى خلع إبراهيم هذا وهربه واختفائه كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى. وفيها خرج المأمون من مرو يريد العراق وكانت الحرب قائمة بين الحسن بن سهل وبين إبراهيم بن وفيها توفي الحسن بن الوليد أبو علي النيسابورّي وقيل أبو عبد الله القرشي كان من خراسان وقدم إلى بغداد وحأدث بها وكان يطعم أهل الحديث الفالوذج وقرأ على الكسائي وكان له ثروة ومال ينفقه على العلماء ويغزو الترك ويحج في كل عام. وفيها توفي الفضل بن سهل بن عبد الله وزأير المأمون وعظيم دولته ذو الرياستين أبو عبد الله كان أبوه سهل من أولد ملوك المجوس أسلم في أيام هارّون الرشيد و اتصل بيحيى البرمكي و اتصل ابناه الفضل هذا و أخوه الحسن بالفضل وبجعفر ابني يحيى البرمكي فضم جعفر البرمكي الفضل هذا إلى المأمون وهو ولي عهد الخلفة فغلب على المأمون بخلله الجميلة من الوفاء والبلغة والكتابة حأتى صارّ أمر المأمون كله بيده ل سيما " أنه " لما ولي الخلفة وله العمال الجليلة. وكان الفضل هذا هو القائم بالتدبير في خلع المين وقتاله حأتى تم له ذلك. وتولى الوزأارّة من بعده أخوه الحسن بن سهل. وكان موته بسرخس قتله أرّبعة من حأواشي المأمون في ليلة الجمعة ثالث شعبان في الحمام بسرخس فتتبع المأمون قتلته حأتى ظفر بهم وقتلهم. وقتل الفضل وهو ابن ستين سنة وقيل إحأدى وأرّبعين سنة. وفيها توفي يحيى بن المبارّك بن المغيرة أبو عبد الله اليزيدي النحوي العدوي البصري وسمي اليزيدي لنه كان منقط ًعا ليزيد بن منصورّ الحميري خال الخليفة محمد المهدي ًما في النحو واللغة والدب ونقل النوادرّ وكلم العرب وله كان إما تصانيف مفيدة منها: كتاب الحيل وكتاب مناقب بني العباس وكتاب أخبارّ اليزيديين وله أي ًضا مختصر في النحو. ومات في جمادى الخرة. رّحأمه الله. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وتسعة عشر إصب ًعا. السنة الثانية من ولية السري الثانية على مصر وهي سنة ثلث ومائتين. فيها توجه المأمون إلى طوس فأقام بها عند قبر أبيه أيا المأمون بطوس ًما وفي إقامة مات علي بن موسى الرضى العلوي ولي عهد المأمون - فدفن عند قبر الرشيد واغتم المأمون لموته ثم كتب لهل بغداد يعلمهم بموت علي المذكورّ. وعلي هذا هو الذي كان المأمون عهد له وقامت تلك الحروب بسببه. ثم كتب المأمون لهل بغداد ولبني العباس أنه يجعل العهد في بني العباس فأجابوه بأغلظ جواب وقالوا: ل نؤثر على إبراهيم بن المهدي أحأ ًدا. ثم وقع بينه وبين إبراهيم أمورّ آخرها أن إبراهيم انكسر وهرب واختفى سنين إلى أن ظفر به المأمون وعفا عنه. وفيها غلبت السوداء على الوزأير الحسن بن سهل وتغير عقله فقيد بالحديد وحأبس في بيت بواسط وأخبر المأمون بذلك فكتب بأن يكون على عساكر الحسن بن سهل دينارّ بن عبد الله وأن المأمون واصل عقيب كتابه. وفيها كانت زألزلة عظيمة سقطت فيها منارّة الجامع والمسجد ببلخ ونحو رّبع المدينة. وفيها اختفى إبراهيم بن المهدي الذي كان بويع بالخلفة في سابع عشر ذي الحجة وبقي مختف ًيا عدة سنين. وكانت أيامه سنتين إل بضعة عشر يو ًما وخلفته لم يثبتها المؤرّخون ول عده أحأد من الخلفاء غير أنه كان بنو العباس بايعوه لما جعل المأمون العلوي ولي عهده فلم يتم أمره وهرب واختفى. وفيها وصل المأمون إلى همذان في آخر السنة. وفيها توفي حأسين بن علي بن الوليد الجعفي مولهم الكوفي المقرىء الزاهد أبو عبد ًما ثقة حأاف ً الله وقيل أبو محمد رّوى عن حأمزة الزيات وقرأ عليه وكان إما ظا محدًثا. وفيها توفي علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زأين ورّوى عنه ابنه أبو جعفر محمد وأبو عثمان المازأني والمأمون وطائفة. وأمه أم ولد وله عدة إخوة كلهم من أمهات أولد وهم: إبراهيم والعباس والقاسم وإسماعيل وجعفر وحأسن وأحأمد ومحمد وعبيد الله وحأمزة وزأيد عبد الله وإسحاق والحسين والفضل وسليمان وعدة بنات. وكان علي هذا سيد بني هاشم في زأمانه وأجفهم وكان المأمون يعظمه ويبجله ويخضع له ويتغالى فيه حأتى إنه جعله ولي عهده من بعده وكتب بذلك إلى الفاق فاضطربت مملكته بسببه فلم يرجع عن ذلك حأتى مات علي هذا وبعد موته جعل المأمون العهد في بني العباس. وفي علي هذا يقول أبو نواس الحسن بن هانىء: " الخفيف " قيل لي أنت أحأسن الناس ط ًرا في فنون من المقال النبيه لك من جيد القريض مديح يثمر الدرّ في يدي مجتنيه قلت ل أستطيع مدح إمام كان جبريل خاد ًما لبيه أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرة أصابع. M0لنة الثالثة من ولية السري الثانية على مصر فيها وصل المأمون إلى النهروان فتلقاه بنو هاشم والقواد ودخل بغداد في نصف صفر وبعد ثمانية أيام كلمه بنو العباس في ترك الخضرة ولبس السواد ول زأالوا به حأتى أذعن وترك الخضرة ولبس السواد. وفيها ولى المأمون أخاه أبا عيسى على الكوفة وولى أخاه صال ًحا على البصرة وولى يحيى بن معاذ على الجزيرة فتوجه يحيى بن معاذ إلى الجزيرة وواقع بابك الخزمي الخارّجي حأتى أخرجه منها. وفيها توفي أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم المام العالم الفقيه أبو عمرو مال ً القيسي العامري المصري فقيه مصر وقيل اسمه مسكين ولقبه أشهب سمع كا والليث ويحيى بن أيوب وسليمان بن بلل وغيرهم وهو أحأد أصحاب المام مالك رّضي الله عنه الكبارّ. قال الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب لول طيش فيه. وقال سحنون رّحأمه الله: أشهب ما كان يزيد في سماعه حأر ًفا واحأ ًدا. وفضله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم على ابن القاسم في الرأي حأتى إنه قال: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة. وعن ابن عبد الحكم قال: سمعت أشهب في سجوده يدعو على الشافعي بالموت فذكرت ذلك للشافعي فأنشد: " الطويل " تمنى رّجال أن أمت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحأد وكان مولد أشهب سنة أرّبعين ومائة ومات في الثاني والعشرين من شعبان بعد موت المام الشافعي بثمانية عشر يو ًما. وفيها توفي المام الشافعي محمد بن إدرّيس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي المام العالم صاحأب المذهب أبو عبد الله الشافعي المكي ولد سنة خمسين ومائة بغزة ورّوى عن مسلم بن خالد الزنجي فقيه مكة وداود ابن عبد الرحأمن العطارّ وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ومالك بن أنس صاحأب المذهب وعرض عليه الموطأ وخلق سواهم. ورّوى عنه أبو بكر الحميدي وأبو عبيد القاسم بن سلم وأحأمد بن حأنبل وأبو ثورّ إبراهيم بن خالد الكلبي وغيرهم. وتفقه بمالك ومحمد بن الحسن صاحأب أبي حأنيفة. وغيرهما وبرع في الفقه و الحديث و الدب و الرمي وقال محمد بن إسماعيل السلمي: حأدثني حأسيًنا الكرابيسي قال: بت مع الشافعي غير ليلة وكان يصفي نحو ثلث الليل فما رّأيته يزيد على خمسين آية فإذا أكثر فمائة وكان ل يمر بآية رّحأمة إل سأل الله ول يمر بآية عذاب إل تعوذ منها. وقال إبراهيم بن محمد بن الحسن الصبهاني: حأدثنا الربيع قال: كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة في رّمضان. وقال الميموني: سمعت أحأمد بن حأنبل يقول: ستة أدعو لهم سح ًرا أحأدهم الشافعي. وقال يونس بن عبد العلى: لو جمعت أمة قلت: ومناقب الشافعي رّضي الله عنه كثيرة وفضله أشهر من أن يذكر. وكانت وفاته في يوم الخميس سلخ شهر رّجب من هذه السنة ودفن بالقرافة الصغرى وله أرّبع وخمسون سنة. وكان موضع دفنه ساحأة حأتى عمر تلك الماكن السلطان صلح الدين يوسف ثم أنشأ الملك الكامل محمد القبة على ضريحه وهى القبة الكائنة اليوم علي قبره رّضى الله عنه. ومن شعره: " الكامل " يا رّاك ًبا قف بالمحصب من منى واهتف بقاعد خيفنا والناهض سح ًرا إذا فاض الحجيج إلى منى في ًضا كملتطم الفرات الفائض إن كان رّف ًضا حأب آل محمد فليشهد الثقلن أني رّافضي قال المبرد: دخل رّجل على الشافعي فقال: إن أصحاب أبي حأنيفة لفصحاء فأنشأ الشافعي يقول: " الوافر " فلول الشعر بالعلماء يزرّي لكنت اليوم أشعر من لبيد وأشجع في الوغى من كل ليث و آل مهلب وأبي يزيد ولول خشية الرحأمن رّبي حأسبت الناس كلهم عبيدي أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. M0لية محمد بن السري على مصر هو محمد بن السري بن الحكم بن يوسف المير أبو نصر الضبي البلخي ولي إمرة مصر بعد وفاة أبيه السري بن الحكم في يوم الحأد مستهل جمادى الخرة سنة خمس ومائتين وله المأمون على الصلة والخراج م ًعا كما كان والده. وسكن العسكر وجعل على شرطته محمد بن قابس ثم عزله وولى أخاه عبيد الله " بن السري ". ولما ولي مصر كان الجروي قد غلب على أسفل أرّض مصر وجمع جمو ًعا وخرج عن الطاعة فتهيأ محمد هذا لقتاله وجهز اليه العساكر المصرية ثم خرج هو بنفسه لقتاله ووقع له معه حأروب ووقائع وبينما هو في ذلك مرض ولزم الفراش حأتى مات ليلة الثنين لثمان خلون من شعبان سنة ست ومائتين. فكانت ولايته على مصر استقلًل سنة واحأدة وشهرين وثمانية أيام. ًرا حأازأ ًما سيو ًسا مهد وتولى مصر من بعده أخوه عبيد الله بن السري وكان شاًبا عاق ًل مدب الديارّ المصرية في ولايته وأباد أهل الفساد وحأارّب الجروفي غير مرة وأحأبته الرعية غير أنه لم تطل أيامه وعاجلته المنية. بن السري على مصر وهي سنة خمس ومائتين. فيها حأج بالناس عبيد الله بن الحسن العلوي وهو والي الحرمين مكة والمد ينة. وفيها ولى المأمون طاهر بن الحسين على جميع بلد خراسان والمشرق وأعطاه عشرة آلف ألف درّهم كان ولى عبد الله بن طاهر قدم على المأمون من الرقة فوله على الجزيرة. ثم ولى المأمون عيسى بن محمد بن خالد على أذرّبيجان وإرّمينية وأمره بقتل بابك الخرمي. وفيها استعمل المأمون عيسى بن يزيد الجلودي على محارّبة الزط وكانوا قد طغوا وتجبروا. وفيها توفي يعقوب بن إسحاق بن زأيد بن عبد الله بن أبي إسحاق المام أبو محمد الحضرمي مولهم البصري قارّىء أهل البصرة بعد أبي عمرو بن العلء وأحأد الئمة القراء العشرة أخذ القرآن عن أبي المنذرّ سلم الطويل وأبي الشهب العطارّي ومهدي بن ميمون وغيرهم وسمع حأرو ًفا من حأمزة وتصدى للقراء فقرأ عليه خلق وكان أصغر من أخيه أحأمد بن إسحاق ومات في ذي الحجة. وفيه يقول محمد بن أحأمد العجلي يمدحأه: " الطويل " أبوه من القراء كان وجده ويعقوب في القراء كالكوكب الدرّي تفرده محض الصواب ووجهه فمن مثله في وقته وإلى الدهر وفيها توفي أبو سليمان الدارّاني اسمه عبد الرحأمن بن أحأمد بن عطية وقيل: عبد الرحأمن بن عسكر العبسي الدارّاني كان من واسط وتحول إلى الشام ونزل دارّيا قرية غربي دمشق وكان إما عليه ًما حأاف ًظا كبير الشأن في علوم الحقائق والورّع أثنى الئمة وكان له الرياضات والسياحأات وله كرامات وأحأوال. رّحأمه الله تعالى آمين. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي رّوح بن عبادة في جمادى الولى وأبو عامر العقدي " عبد الملك بن عمر " ومحمد بن عبيد ويعقوب الحضري ومحمد بن عبيد الطنافسي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع واثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة عشر إصب ًعا. السنة الثانية من ولية محمد بن السري على مصر وهي سنة ست ومائتين. فيها كان الماء الذي غرق منه أرّض السواد " وكسكر " وذهبت الغلت وغرقت قطيعة أم جعفر وقطيعة العباس. وفيها نكب المير عيسى بن محمد بن أبي خالد بابك الخرفي وبيته. وفيها استعمل المأمون على بغداد إسحاق بن إبراهيم. وفيها توفي بهيم العجلي الشيخ أبو بكر الزاهد العابد كان رّجًل حأزيًنا يزفر الزفرة فيسمع زأفيره على بعد وكان من البكائين الخاشعين. وفيها توفي الحكم بن هشام بن عبد الرحأمن الداخل الموي المغربي الندلسي ولي إمرة الندلس يوم مات أبوه في صفر سنة ثمانين ومائة وعمره اثنتان وعشرون سنة وشهر وأيام ولقب بالمرتضى وكنيته أبو العاص وكان شجا ًعا فات باب قصره ألف ًكا رّبط على فرس لخاصة نفسه. قلت: وقد تقدم الكلم على أصل هؤلء أنهم من ذرّية عبد الملك بن مروان وأن عبد الرحأمن الداخل خرج في غفلة بني العباس من الشأم إلى الغرب وملك الندلس. وفيها توفي يزيد بن هارّون المام الحافظ أبو خالد السلمي مولهم الواسطي ولد سنة ثمان عشرة ومائة. قال السراج: سمعت علي بن شعيب يقول: سمعت يزيد بن هارّون يقول: أحأفظ أرّبعة وعشرين ألف حأديث بالسناد ول فخر وكان مع هذا ديًنا زأاه ًدا صلى بوضوء العشاء صلة الفجر ني ًفا وأرّبعين سنة رّحأمه الله. ومات في شهر رّبيع الول من السنة وله ثمان وثمانون سنة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو حأذيفة البخارّي صاحأب " المبتد " وحأجاج العورّ وشبابة بن سوارّ ومحاضر بن المورّع وقطرب النحوي صاحأب سيبويه وموسى بن إسماعيل ووهب بن جرير ويزيد بن هارّون وعبد الله بن نافع الصائغ الفقيه صاحأب مالك. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. ولية عبيد الله بن السري على مصر هو عبيد الله بن السري بن الحكم بن يوسف ولي إمرة مصر بعد موت أخيه محمد بن السري بمبايعة الجند له في يوم الثلثاء لتسع خلون من شعبان سنة ست ومائتين على الصلة والخراج م ًعا. وسكن العسكر وجعل على شرطته محمد بن عقبه المعافري ولما ولي عبيد الله مصر وقع بينه وبين الجروي الخارّجي المقدم ذكره حأروب كثيرة ثم حأدثته نفسه الخروج عن طاعة المأمون وجمع وحأشد فبلغ المأمون ذلك وطلب عبد الله بن طاهر وقال له: إني استخرت الله تعالى منذ شهر وقد رّأيت أن الرجل يصف ابنه ليطريه وليرفعه وقد رّأيتك فوق ما وصفك أبوك وقد مات السري وولى ابنه عبيد الله وليس بشيء وقد رّأيت توليتك مصر ومحارّبة الخوارّج بها فقال عبد الله بن طاهر: السمع والطاعة وأرّجو أن يجعل الله الخير لمير المؤمنين. فعقد له المأمون لواء مكتوًبا عليه ألقاب عبد الله بن طاهر وزأاد فيه يا منصورّ ورّكب الفضل بن الربيع الحاجب بين يديه إلى دارّه تكرمة له ثم خرج عبد الله من العراق بجيوشه حأتى قرب من مصر فتهيأ عبيد الله بن السري المذكورّ لحربه وعبأ جيوشه وحأفر خند ًقا عليه ثم تقدم بعساكره إلى خارّج مصر والتقى مع عبد الله بن طاهر وتقاتل قتاًل شدي ًدا وثبت كل من الفريقين ساعة كبيرة حأتى كانت الهزيمة على عبيد الله بن السري أمير مصر وانهزم إلى جهة مصر وتبعه عبد الله بن طاهر بعساكره فسقط غالب جند عبيد الله المذكورّ في الخندق الذي كان عبيد الله احأتفره ودخل هو بأناس قليلة إلى داخل مصر وتحصن به فحاصره عبد الله بن طاهر وضيق عليه حأتى أباده وأشرف على الهلك فطلب عبيد الله بن السري المان من عبد الله بن طاهر بشروطه وبعث إليه بتقدمة من جملتها ألف وصيف ووصيفة مع كل وصيف ووصيفة ألف دينارّ في كيس حأرير ًرّا قبلتها وبعث بهم ليًل فرد عبد الله بن طاهر ذلك عليه وكتب إليه: لو قبلت هديتك نها ليًل " بل أنتم بهديتكم تفرحأون " الية. فلما بلغه ذلك طلب المان من غير شرط فأمنه عبد الله بن طاهر بعد أمورّ صدرّت فخرج إليه عبيد الله بن السري بالمان وبذل إليه أموا وسلم إليه المر ًل كثيرة وأذعن له وذلك في آخر صفر سنة إحأدى عشرة ومائتين. قال صاحأب البغية: وعزله المأمون في رّبيع الول وذكر السنة. انتهى. قلت: فكانت ولية عبيد الله هذا على إمرة مصر أرّبع سنين وسبعة أشهر إل ثمانية أيام. وتوجه عبيد الله إلى المأمون في السنة المذكورّة فأكرمه وعفا عنه. السنة الولى من ولية عبيد الله بن السري وهي سنة سبع ومائتين. فيها حأج بالناس أبو عيسى أخو الخليفة المأمون. وفيها ولى المأمون موسى بن حأفص طبرستان. وفيها ظهر الصناديقي باليمن واستولى عليها وقتل النساء والولدان وادعى النبوة وتبعه خلق وآمنوا بنبوته وارّتدوا عن السلم فأهلكه الله بالطاعون بعد أمورّ وقعت منه وفيها خرج عبد الرحأمن بن أحأمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ببلد عك من اليمن يدعو إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وسلم وكان خروجه من سوء سيرة عامل اليمن فبايعه خلق فوجه إليه المأمون لحربه دينارّ بن عبد الله وكتب معه بأمانه فحج دينارّ ثم سارّ إلى اليمن حأتى قرب من عبد الرحأمن المذكورّ وبعث إليه بأمانه فقبله وعاد مع دينارّ إلى المأمون. وفيها خلع طاهر بن الحسين المأمون من الخلفة باكر النهارّ من يوم الجمعة وقطع الدعاء له فدعا الخطيب: " اللهم أصلح أمة محمد بما أصلحت به أولياءك واكفها مؤونة من بغى عليها " ولم يزد على ذلك ثم طرح طاهر لبس السواد فعرض له عارّض فمات من ليلته فأتى الخبر بخلعه على المأمون أول النهارّ من النصحاء له ووافى الخبر بموته ليًل وكفى الله المأمون مؤونته. وقام بعده على خراسان ابنه طلحة فأقره المأمون مكان والده طاهر المذكورّ وكان ذلك قبل تولية ابنه عبد الله بن طاهر مصر بمدة طويلة. وطاهر هذا هو الذي كان قام ببيعة المأمون وحأاصر المين ببغداد تلك المدة الطويلة حأتى ظفر به وقتله. وكان طاهر المذكورّ أعورّ وكان يلقب بذي اليمينين فقال فيه بعض الشعراء: " الرجز " وكان في نفس المأمون منه شيء لكونه قتل أخاه المين محم ًدا بغير مشورّته لما ظفر به بعد حأصارّ بغداد ولم يرسله إلى أخيه المأمون ليرى فيه رّأيه مراعاة لخاطر أمه زأبيدة فلما قتله طاهر المذكورّ لم يسع المأمون إل السكوت لكون طاهر هو القائم بدولة المأمون وبنصرته على أخيه المين حأتى تم له ذلك. وفيها توفي الواقدي واسمه محمد بن عمر بن واقد المام أبو عبد الله السلمي مولده ًما بالمغازأي والسير والفتوح سنة تسع وعشرين ومائة وكان إما وأيام الناس وكان ًما عال ولي القضاء للمأمون أرّبع سنين. وفيها توفي المير طاهر بن الحسين بن مصعب أبو طلحة الخزاعي الملقب ذا اليمينين أحأد قواد المأمون الكبارّ والقائم بأمره وخلع أخيه المين من الخلفة وله المأمون خراسان وما يليها حأتى خلع المأمون فمات من ليلته في جمادى الولى فجاءة أصابته حأمى وحأرارّة فوجد على فراشه ميًتا. حأكي أن عميه علي بن مصعب وحأميد بن مصعب عاداه بغلس فقال الخادم: هو نائم فانتظرا ساعة فلما انبسط الفجر قال للخادم: أيقظه قال: ل أجسر فدخل عليه فوجداه ميًتا. وفيها توفي عمر بن حأبيب العدوي القاضي الحنفي البصري. هو من بني عدي بن عبد مناف قدم بغداد وولي قضاء الشرقية بها وقضاء البصرة وكان ًما بارّ ًعا في فنون كثيرة مشكورّ السيرة محبًبا إلى الناس ًما عال إما رّحأمه الله. وفيها توفي أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري النحوي العلمة مولى تيم قريش كان من أعلم الناس بأنساب العرب وله مصنفات مشهورّة في علوم كثيرة. وفيها توفي الهيثم بن عدي بن عبد الرحأمن بن يزيد الكوفي صاحأب التوارّيخ والشعارّ ولد بالكوفة ونشأ بها ثم انتقل إلى بغداد وكان مليح الشكل نظيف الثوب طيب الرائحة حألو ًما بارّ ًعا. المحاضرة عال الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي جعفر بن عون " المخزومي " و طاهر بن الحسين المير بخراسان وأبو قتادة الحراني وعبد الصمد بن عبد الوارّث وعمر بن حأبيب العدوي وأبو نوح قراد وكثير بن هشام والواقدي ومحمد بن كناسة وهاشم بن القاسم والهيثم بن عدي والفراء النحوي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا. على مصر وهي سنة ثمان ومائتين. فيها حأج بالناس المير صالح أخو المأمون. وفيها استعفى محمد بن سماعة عن القضاء فأعفي ولى المأمون عوضه إسماعيل بن حأماد بن أبي حأنيفة. وفيها خرج الحسن بن الحسين أخو طاهر بن الحسين المقدم ذكره من خراسان إلى كرمان ممتن ًعا بها فسارّ إليه أحأمد بن أبي خالد حأتى أخذه وقدم به على المأمون فعفا عنه. وفيها ولى المأمون محمد بن عبد الرحأمن المخزومي قضاء عسكر المهدية ثم عزله بعد مدة وولى عوضه بشر بن الوليد الكندي. وفيها توفي صالح بن عبد الكريم البغدادي أحأد الزهاد العباد الورّعين. وفيها توفي الفضل بن الربيع بن يونس الحاجب المير أبو الفضل مولده سنة أرّبعين ومائة وحأجب للرشيد واستوزأرّه. ولما مات الرشيد استولى على الخزائن وقدم بها إلى المين محمد ببغداد ومعه البردة والقضيب والخاتم فأكرمه المين وفوض إليه أمورّه فصارّ إليه المر والنهي. ولما خلع المين أخاه المأمون من ولية عهد الخلفة استخفى ثم ظهر في أيام المأمون فأعاده وفيها توفيت السيدة نفيسة ابنة المين الحسن بن زأيد بن السيد الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمية الحسنية الحسيبة النسيبة صاحأبة المشهد بين مصر والقاهرة وقد ولي أبوها إمرة المدينة لبي جعفر المنصورّ مدة ثم قبض عليه وحأبسه إلى أن أطلقه المهدي لما تخلف ورّد عليه جميع ما كان أخذه أبوه المنصورّ منه وقد ذكرنا ذلك في محله. وتحولت السيدة نفيسة مع زأوجها إسحاق بن جعفر الصادق من المدينة إلى مصر فأقامت بها إلى أن ماتت في شهر رّمضان من هذه السنة من غير خلف في وفاتها. وهي صاحأبة الكرامات والبرهان وقد شاع ذكرها شر ًقا وغرًبا. وفيها توفي العتابي. واسمه كلثوم بن عمرو بن أيوب الشاعر المشهورّ أحأد البلغاء كان أصله من قنسرين وقدم بغداد ومدح الرشيد ثم أولده الخلفاء من بعده وكان منقط ًعا إلى البرامكة وكان يتزهد ويلبس الصوف. ومن شعره فيما قيل موالًيا: يا ساق ًيا خضني بما تهواه ل تمزج اقداحأي رّعاك الله دعها صر ًفا فإنني أمزجها إذ أشربها بذكر من أهواه قلت: وهذا يشبه قول القائل ولم أدرّ لمن هو: نديمي لتسقني سوى الصرف فهو ألهني وفيها توفي مسلم بن الوليد النصارّي مولى أسعد بن زأرّارّة الخزرّجي الشاعر المشهورّ كان فصي ًحا بلي ًغا. ومن شعره فيما قيل وقد رّأيته لغيره وهو في مليح أعمى مضمًنا: " الطويل " بروحأي مكفوف اللواحأظ لم يدع سبي خل لحظه ومن ًل إلى صب يفوزأ بخيره سوالفه تفني الورّى لم يمت بالسيف مات بغيره قلت: وهذا معنى ظريف فحضرني فيه مقطوع غير أنه من غير المادة: " الخفيف " كانتا مقلتاه قبل عماها لقتال الورّى تسل نصال فأمنا قتالها حأين كفت وكفى الله المؤمنين القتال وفيها توفي المير موسى ابن الخليفة المين محمد بن الرشيد هارّون العباسي الهاشمي الذي كان وله أبوه المين العهد من بعده وسماه بالناطق بالحق وخلع المأمون وقامت تلك الحروب التي كان فيها هلك المين. وكان موسى هذا عند جدته لبيه زأبيدة بنت جعفر وأمه أم ولد ومات وسنه دون عشرين سنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر السنة الثالثة من ولية عبيد الله بن السري على مصر وهي سنه تسع ومائتين. فيها قرب المأمون أهل الكلم وأمرهم بالمناظرة بحضرته وصارّ ينظر فيما يدل عليه العقل وجالسه بشر بن غياث المريسي وثمامة بن الشرس وهؤلء الجنوس. وفيها ولى المأمون علي بن صدقة إمرة أرّمينية وأذرّبيجان وأمره بمحارّبة بابك وأعانه بأحأمد بن الجنيد السكافي فقاتل بابك فأسره بابك فولى المأمون عوضه إبراهيم بن الليث. وفيها حأج بالناس أمير مكة صالح بن العباس بن محمد بن علي العباسي. وفيها توفي بشر بن منصورّ الشيخ أبو محمد كان أحأد العباد الزهاد المجتهدين كان يتجنب الناس ويتوارّي بالخلوة. وفيها توفي الحسن بن موسى أبو علي الشيب الحنفي الخراساني كان ولي القضاء ًما بالموصل ثم حأمص في أيام الرشيد ثم ولي قضاء طبرستان للمأمون وكان عال عارّ ًفا. فيها توفي سعيد بن سلم بن قتيبة أبو محمد الباهلي البصري كان ولي بعض أعمال خراسان ثم قدم بغداد وحأدث وفيها توفي الحسن بن زأياد اللؤلؤي المام أحأد العلماء العلم فقيه عصره أبو علي أحأد أصحاب المام أبي حأنيفة رّضي الله عنه وكان أصله من الكوفة ونزل بغداد. قال محمد بن شجاع الثلجي: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: كان الحسن بن زأياد إذا جاء إلى أبي يوسف أهمت أبا يوسف نفسه من كثرة سؤالته. وقال أبن كاس النخعي: حأدثنا أحأمد بن عبد الحميد بن الحارّث قال: ما رّأيت أحأسن خل ًقا من الحسن بن زأياد ول أقرب ول أسهل جانًبا مع توفر فهمه وعلمه وزأهده وورّعه وكان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه. وقال جعفر بن محمد بن عبيد الله الهمداني: سمعت يحيى بن آدم يقول: ما رّأيت أفقه من الحسن بن زأياد. انتهى. وكان ديًنا قوا بن الحسن ًل بالحق وقصته مع الرشيد في أمر يحيى العلوي ومحمد مشهورّة. وكانت وفاته في هذه السنة في قول وقيل: في سنة أرّبع وهو الصح رّحأمه الله. وفيها توفي سعيد بن وهب أبو عثمان البصري مولى بني سامة بن لؤي. كان شاع ًرا مجي ًدا. كثر شعره في الغزل والمجون وكان مقد ًما عند البرامكة ومن شعره في سوداء: " الكامل " سوداء بيضاء الفعال كأنها نورّ العيون تخص بالضواء قالوا جننت بحبها فأجبتهم أصل الجنون يكون بالسوداء قلت: وأحأسن ما قيل في هذا المعنى قول القائل: " المجتث " إن كان لليل بدرّ فأنت للصبح خال وفيها توفي عبد الله بن أيوب أبو محمد التيمي من تيم اللت بن ثعلبة أحأد شعراء الدولة العباسية مدح المين والمأمون وغيرهما وأجازأه المين مرة بمائتي ألف درّهم دفعة واحأدة في قوله البيات المقدم ذكرها في ترجمة المين لما ضرب كوثر خادم المين وأول البيات التي عملها عبد الله هذا: " مجزوء الرمل " ما لمن أهوى شبيه فيه الدنيا تتيه وصله حألو ولكن هجره مر كريه وفيها هلك طاغية الروم ميخائيل بن جرجس وملك بعده ابنه توفيل. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. السنة الرابعة من ولية عبيد الله بن السري على مصر وهي سنة عشر ومائتين. فيها ظفر المأمون بعمه إبراهيم بن المهدي المعروف ببن شكلة " أمه " الذي كان بويع بالخلفة وتلقب بالمبارّك ظفر به وهو بزي النساء فعاتبه عتاًبا هيًنا ثم عفا عنه. وفي اختفاء إبراهيم هذا حأكايات كثيرة. وفيها امتنع أهل قم فوجه إليهم المأمون علي بن هشام فحارّبهم حأتى هزمهم ودخل البلد وهدم سورّها وأستخرج منها سبعة آلف ألف درّهم. وفيها في شهر رّمضان توجه المأمون إلى فم الصلح وبنى ببورّان بنت الحسن بن سهل وكائنة المأمون مع بورّان المذكورّة وتزويجه بها مشهورّ. وفيها توفي حأميد الطوسي. كان من كبارّ قواد المأمون وكان جبا يندبه المأمون ًرّا وفيه قوة وبطش وإقدام وكان للمهمات. وفيها توفي شهريارّ بن شروين صاحأب الديلم وملك بعده ابنه سابورّ فنازأعه على الملك مازأيارّ بن قارّن وقهره وأسره وقتله واستولى المذكورّ على الجبال والديلم. وفيها توفي الصمعي واسمه عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع أبو سعيد الباهلي البصري وقيل: إن اسم قريب عاصم. والصمعي هذا هو صاحأب العربية والغرائب والتصانيف المفيدة والملح واللغة وأيام الناس وأخبارّهم وكان مقرًبا عند الرشيد وأختص بالبرامكة ونالته السعادة وله مع الرشيد وغيره من الخلفاء ماجريات لطيفة. وذكر الذهبي وفاته في سنة ست عشرة ومائتين بخلف ما أثبتناه هنا وفي وفاته اختلف كبير وأقوال كثيرة أقلها من هذه السنة وأبعدها إلى سنة ست عشرة ومائتين. وفيها توفي عفان بن مسلم أبو عثمان الصفارّ البصري مولى عزوة بن ثابت النصارّي ولد سنة أرّبع وثلثين ومائة وكان قد جمع بين العلم والزهد والسنة. وفيها توفيت علية بنت المهدي عمة المأمون ومولدها سنة ستين ومائة وكانت من أجمل النساء وأظرفهن وأكملهن أدًبا وعق ًل وصيانة وكان في جبهتها سعة تشين وجهها فاتخذت العصابة المكفلة بالجوهر لتستر جبينها بها وهي أول من اتخذتها وسميت شد جبين لذلك. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو عمرو إسحاق الشيباني صاحأب العربية والحسن بن محمد بن أعين الحراني وعبد الصمد بن حأسان المروزأي ومحمد بن صالح بن بيهس أمير عرب الشام وأبو عبيدة اللغوي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وخمسة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية عشر إصب ًعا. M0لية عبد الله بن طاهر هو عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب المير أبو العباس الخزاعي المصيصي أمير خراسان وأجل أعمال المشرق ثم أمير مصر ولي مصر من قبل المأمون بعد عزل عبيد الله بن السري على الصلة والخراج م ًعا ودخل مصر في يوم الثلثاء لليلتين خلتا من شهر رّبيع الول سنة إحأدى عشرة ومائتين بعد أن قاتل عبيد الله ًما وأخذه بالمان حأسبما تقدم ذكره في ترجمة عبيد الله بن بن السري أيا السري. ومولد عبد الله بن طاهر هذا سنة اثنتين وثمانين ومائة وتأدب في صغره وقرأ العلم والفقه وسمع من وكيع وعبد الله المأمون ورّوى عنه إسحاق بن رّاهويه وهو أكبر منه ونصر بن زأياد وخلق سواهم. وكان بارّع الدب حأسن الشعر وتقلد العمال الجليلة وأول ولايته مصر. ولما ولي مصر ودخلها أمر عبيد الله بن السري بالخروج إلى المأمون ببغداد وأقام عبد الله بن طاهر هذا بعسكره إلى أن خرج عبيد الله بن السري من مصر في نصف جمادى الولى من السنة المذكورّة ثم سكن عبد الله بن طاهر العسكر وجعل على شرطته معاذ بن عزيز ثم عزله بعبدويه بن جبلة ثم تهيأ للخروج إلى السكندرّية فخرج إليها من مصر في مستهل صفر سنة اثنتي عشرة ومائتين واستخلف على صلة مصر عيسى بن يزيد الجلودي. وكان قد نزل بالسكندرّية طائفة من المغارّبة من الندلس في المراكب وعليهم رّجل كنيته أبوحأفص فتوجه إليهم عبد الله بن طاهر وقاتلهم حأتى أجلهم عن السكندرّية. وقيل: بل نزحأوا عنها قبل وصول عبد الله بن طاهر خو ًفا منه وتوجهوا إلى جزيرة أقريطش فسكنوها وبها بقايا من أولده إلى الن وبعد خروجهم من السكندرّية عاد عبد الله بن طاهر إلى ديارّ مصر في جمادى الخرة وسكن بالعسكر إلى أن ورّد عليه كتاب المأمون يأمره بالزيادة في الجامع العتيق فزيد فيه مثله وبعث يعلم المأمون بذلك وكتب له أبياًتا من نظمه وهي: " الهزج " أخي أنت ومولي ومن أشكر نعماه فما أحأببت من شيء فإني الدهر أهواه وما تكره من شيء فإني لست أهواه لك الله على ذاك لك الله لك الله وكان عبد الله بن طاهر جوا ًدا ممد ًحأا. حأكى أبو السمراء قال: خرجنا مع عبد الله بن طاهر من العراق متوجهين " إلى مصر " حأتى إذا كنا بين الرملة ودمشق وإذا بأعرابي قد اعترضنا على بعير له أورّق وكان شي ًخا فسلم علينا فرددنا عليه السلم وكنت أنا وإسحاق بن إبراهيم الرافقي وإسحاق بن أبي رّبعي ونحن نساير عبد الله بن طاهر وكانت كسوتنا أحأسن من كسوته ودوابنا أفره من دابته فجعل العرابي ينظر في وجوهنا فقلنا: ياشيخ قد ألححت في النظر إلينا عرفت شيًئا أم أنكرته فقال: ل والله ماعرفتكم قبل يومي هذا ول أنكرتكم لسوء أرّاه بكم ولكني رّجل حأسن الفراسة في الناس جيد المعرفة بهم فأشرت إلى إسحاق بن أبي رّبعي وقلت: ما تقول في هذا فقال: " الطويل " أرّى كاتًبا جاه الكتابة بين عليه وتأديب العراق منير له حأركات قد تشاهد أنه عليم بتقسيط الخراج بصير ثم نظر إلى إسحاق بن إبراهيم الرافقي وقال: " الطويل " ومظهر نسك ما عليه ضميره يحب الهدايا بالرجال مكورّ أخال جبًنا وبخً لوزأير ثم نظر إلي وقال: " الطويل " وهذا نديم للمير به ل وشيمة تخبر عنه أنه ومؤنس يكون له بالقرب منه سرورّ وأحأسبه للشعر والعلم رّاوًيا فبعض نديم مرة وسمير ثم نظر إلى المير وقال: " الطويل " وهذا المير المرتجى سيب كفه فما إن له فيمن رّأيت نظير عليه رّداة من جمال وهيبة ووجه بإدرّاك النجاح بشير أل إنما عبد الله بن طاهر لنا والد بر بنا وأمير قال: فوقع ذلك من عبد الله بن طاهر أحأسن موقع وأعجبه مقالة الشيخ وأمر له بخمسمائة دينارّ وجعله في صحابته. ذكر واقعة أخرى لعبد الله بن طاهر هذا. قال الحسن بن يحيى الفهري: بينما نحن مع عبد الله بن طاهر بين سلمية وحأمص ونحن نريد دمشق إذ عارّضنا البطين الشاعر " الحمصي " فلما رّأى عبد الله بن طاهر قال: " طاهر بن الحسين مرحأًبا مرحأًبا وأه ً الخفيف " مرحأًبا مرحأًبا وأه ًل وسه ًل بابن ذي الجود ل وسه ًل بابن ذي العزتين في الدعوتين مرحأًبا مرحأًبا بمن كفه البح - رّ إذا فاض مزبد ً الرجوتين ما يبالي المأمون أيده الله إذا ما أي كنتما له باقيين أنت غرب وذاك شرق مقي فتق أتى من الجانبين وحأقيق إذ كنتما في قديم لزرّيق ومصعب وحأسين أن تنال ما نلتماه من المج - - د وأن تعلوا على الثقلين فأمر له عن كل بيت بألف دينارّ وسارّ معه إلى مصر والسكندرّية وبينما هو رّاكب على وقيل: إن عبد الله هذا لما استولى على مصر وهب له المأمون خراجها فلم يدخلها حأتى صعد المنبر فما نزل حأتى فرق جميع ذلك وكان ثلثة آلف ألف دينارّ. وقال سهل بن ميسرة: لما رّجع عبد الله بن طاهر من الشام إلى بغداد صعد فوق سطح فنظر إلى دخان يرتفع من جوارّه فقال: ما هذا الدخان فقيل له: لعل قو ًما يخبزون فقال: أو يحتاج جيراننا إلى ذلك! ثم دعا حأاجبه وقال: امض ومعك كاتب وأحأص جيراننا من ل يقطعهم عنا شارّع فمضى وأحأصاهم فبلغ عددهم ألف نفس فأمر لكل بيت بالخبز واللحم وما يحتاجون إليه وبكسوة الشتاء والصيف والدرّاهم فما زأالوا كذلك حأتى خرج من بغداد فانقطع ذلك لكنه صارّ يبعث إليهم من خراسان بالكسوة مدة حأياته. وقيل: إن المأمون سأل عبد الله بن طاهر هذا: أيما أحأسن منزلي أم منزلك قال: يا أمير المؤمنين منزلي قال: ولم قال: لني فيه مالك وأنا في منزلك مملوك. وكان عبد الله بن طاهر ل يدخل في منزله خصًيا ويقول: هم بين النساء رّجال وبين الرجال نساء. وقال أحأمد بن يزيد السلمي: كنت مع طاهر بن الحسين بالرقة فرفعت إليه قصص فوقع عليها بصلت فبلغت ألفي ألف درّهم وسبعمائة ألف درّهم ثم كنت مع ولده عبد الله بن طاهر بالرقة فرفعت إليه القصص فوقع عليها فزاد على أبيه بألفي ألف درّهم. وقال محمد بن يزيد الموي الحصني - وكان محمد هذا من ولد مسلمة بن عبد الملك بن مروان وكان قد اعتزل الناس في حأصن له - قال: لما بلغني خروج عبد الله بن طاهر من بغداد يريد قتال مصر أيقنت بالهلك لما كان بلغه من رّدي عليه يعني قصيدته التي يقول في أولها: " المديد " مدمن الغضاء موصول ومديم العتب مملول من أبيات كثيرة. قال: ولما كان بلغني هذه القصيدة أتقنت المنافية وقلت: يفتخر علينا رّجل من العجم قتل مل لما قتل المين بسيف ًكا من ملوك العرب بسيف أخيه! - يعني بذلك أباه طاه ًرا المأمون - فرددت عليه قصيدته بقصيدتي التي أولها: " المديد " ل يرعك القال والقيل كل ما بلغت تهويل ولم أعلم أن القدارّ تظفره بي فلما قرب مجيء عبد الله بن طاهر ًرّا علي ً استوحأشت المقام خو ًفا على نفسي ورّأيت تسليم نفسي عا ما فأقمت مستسل للقدارّ وأقمت جارّية سوداء في أعلى الحصن فلم يرعني إل وهي تشير بيدها وإذا بباب الحصن يدق فخرجت وإذا بعبد الله بن طاهر واقف وحأده قد انفرد عن أصحابه فسلمت عليه سلم خائف فرد علي رّ ًدا جمي بألطف منع ثم ثنى ًل فأومأت أن أقبل رّكابه فمنعني رّجله وجلس على دكة باب الحصن ثم قال: سكن رّوعك فقد أسأت بنا الظن وما علمنا أن زأيارّتنا لك تروعك. ثم كلمني يا بن بنت النارّ موقدها فقلت: ل تنغص إحأسانك فقال: ما قصدي إل زأيادة النس بك فامتنعت. فقال: والله ل بد فأنشدته القصيدة إلى قولي: ما لحاذيه سراويل فقال: والله لقد أحأصينا ما في خزائن ذي اليمينين - يعني خزائن أبيه طاهر بن الحسين فإنه كان يلقب بذي اليمينين - بعد موته فكان فيها ثلثة آلف سراويل من أصناف الثياب ما في واحأد منها تكة فما حأملك على هذا قلت: أنت حأملتني بقولك: " المديد " وأبي من ل كفاء له من يساوي مجده قولوا فلما فخرت على العرب فخرنا على العجم فقبل العذرّ وأظهر العفو ثم قال: هل لك في الصحبة إلى قتال مصر فاعتذرّت بالعجز عن الحركة فأمر بإحأضارّ خمسة مراكب من مراكبه بسروجها ولجمها محلة بالذهب وثلثة دواب من دواب الشاكرية وخمسة أبغال من بغال النقل وثلثة تخوت فيها الثياب الفاخرة وخمس بدرّ من الدرّاهم ووضع الجميع على باب الحصن واعتذرّ بالسفر فمددت يدي لقبل يده فامتنع. وسارّ لوقته. وقال أبو الفضل الربعي: لما توجه عبد الله بن طاهر إلى خراسان قصده دعبل الشاعر وكان ينادمه في الشهر خمسة عشر يو ًما فكان يصله في الشهر بمائة ألف درّهم وخمسين ألف درّهم فلما كثرت صلته توارّى عنه دعبل حأياء منه فطلبه عبد الله بن طاهر فلم يقدرّ عليه فكتب إليه دعبل يقول: " الطويل " هجرتك لم أهجرك كف ًرا لنعمة ًرا فأفرطت في بري عجزت عن وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر ولكنني لما أتيتك زأائ الشكر فملن ل أتيك إل معذًرّا أزأورّك في شهرين يو ًما وفي شهر فإن زأدت في بري تزايدت جفوة ولم تلقني حأتى القيامة في الحشر وبعد هذه البيات كتب: حأدثني المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصورّ عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه عبد الله بن العباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ل يشكر الله ل يشكر الناس ومن ل يشكر القليل ل يشكر الكثير " فوصله عبد الله بثلثمائة ألف درّهم. وقال معافى بن زأكريا: أول ما قصد دعبل عبد الله بن طاهر أقام مئة لم يجتمع به وضاق ما بيده فكتب إليه: " مخلع البسيط " جئتك مستشف ًعا بل سبب إليك إل بحرمة الدب فاقض ذمامي فإنني رّجل غير ملح عليك في الطلب أعجلتنا فأتاك عاجل برنا ولو انتظرت كثيره لم يقلل فخذ القليل وكن كأنك لم تسل ونكون نحن كأننا لم نفعل وحأكي أنه خرج من بغداد إلى خراسان فسارّ وهو بين سفارّه فلما وصل إلى الري سح ًرا سمع صوت الطيارّ فقال: لله درّ أبي كبير الهذلي حأيث يقول: " الطويل " أل يا حأمام اليك إلفك حأاضر وغصنك مياد ففيم تنوح ثم التفت إلى عوف بن محلم الشاعر فقال: أجز فقال عوف أبياًتا على وزأن هذا البيت وقافيته فلما سمعها عبد الله قال: أنخ فوالله ل جاوزأت هذا المكان حأتى ترجع إليك أفراخك - يعني الجائزة - وأمر له بكل بيت ألف درّهم. وقال أبو بكر الخطيب: دخل عوف بن محلم على عبد الله بن طاهر فسلم فرد عبد الله عليه وفي أذن عوف ثقل فأنشد عوف المذكورّ: " السريع " يا بن الذي دان له المشرقان طرا وقد دان له المغربان إن الثمانين وبلغتها قد أحأوجت سمعي إلى ترجمان وقيل: إن عبد الله بن طاهر لما وصل إلى مدينة مرو وجلس في قصر المارّة دخل عليه أبو يزيد الشاعر وأنشده: " البسيط " فأنت أولى بتاج الملك تلبسه من هوذة لبن علي وابن ذي يزن فأعطاه عشرين أل ًفا. وقيل: إنه أنشده غيرهما وهو قوله أي ًضا: " الطويل " يقول رّجال إن مرو بعيدة وما بعدت مرو وفيها ابن طاهر وقيل: إن عبد الله بن طاهر قدم مرة نيسابورّ فأمطروا فقال بعض الشعراء: " مخلع البسيط " قد قحط الناس في زأمانهم حأتى إذا جئت جئت بالمطر غيثان في ساعة لنا أتيا فمرحأًبا بالمير والدرّرّ ومن شعر عبد الله بن طاهر المذكورّ قوله: " البسيط " نبهته وظلم الليل منسدل بين الرياض دفيًنا في الرياحأين فقلت خذ قال كفي ل تطاوعني فقلت قم قال رّجلي ل تواتيني إني غفلت عن الساقي فصيرني كما تراني سليب العقل والدين وله نظم كثير غير ذلك. ولما دخل إلى مصر وفرق خراجها قبل أن يدخلها حأسبما تقدم ذكره أنشده عطاء الطائي يا أعظم الناس عف ً - وكان عبد الله بن طاهر واج ًدا عليه قبل ذلك - قوله: " البسيط " وا عند مقدرّة وأظلم الناس عند الجود للمال لو يصبح النيل يجري ماؤه ذهًبا لما أشرت إلى خزن بمثقال فأعجبه وعفا عنه وأقترض عشرة آلف دينارّ ودفعها إليه فإنه كان فرق جميع ما معه قبل دخول مصر. ولما دخل عبد الله بن طاهر إلى مصر قمع المفسدين بها ومهد البلد ورّتب أحأوالها وأقام على إمرة مصر سنة واحأدة وخمسة أشهر وعشرة أيام وخرج منها لخمس بقين من شهر رّجب سنة اثنتي عشرة ومائتين واستخلف على مصر عيسى بن يزيد الجلودي على صلتها ورّكب البحر وتوجه إلى العراق فلما قارّب بغداد تلقاه العباس ولد الخليفة المأمون والمعتصم محمد أخو المأمون وأعيان الدولة وقدم عبد الله بغداد وبين يديه المتغلبون على الشأم ومصر مثل ابن أبي الجمل وابن أبي أسقر وغيرهما فأكرمه المأمون ثم وله بعد ذلك العمال الجليلة مثل خراسان وغيرها. ويقال: إن عبد اله بن طاهر المذكورّ هو الذي زأرّع بمصر البطيخ العبدلي وإليه ينسب بالعبدلي وأظنه ولده عن نوعين فإنه لم يكن ببلد خلف مصر. وعاش بعد عزله عن مصر سنين إلى أن مات بمرو في شهر رّبيع الول سنة ثلثين ومائتين بعد أن مرض ثلثة أيام بحلقه يعني بعلة الخوانيق. ومات وله ثمان وأرّبعون سنة. وقبل أن يموت تاب وكسر الملهي وعمر الرباطات بخراسان ووقف لها الوقوف وافتدى السرى من الترك بنحو ألفي ألف درّهم. ًما. وكان عاد ًل في الرعية محبًبا لهم وكان عظيم الهيبة حأسن المذهب شجا ًعا مقدا ولما مات خلف في بيت ماله أرّبعين ألف ألف درّهم سوى ما في بيت مال العامة. وتولى مصر من بعده عيسى بن يزيد الجلودي الذي استخلفه عبد الله المذكورّ أقره المأمون على إمرة مصر بسفارّة عبد الله هذا. السنة الولى من ولية عبد الله بن طاهر على مصر وهي سنة إحأدى عشرة ومائتين. فيها أمر المأمون بأن ينادى: برئت الذمة ممن ذكر معاوية بن أبي سفيان بخير أو فضله على أحأد من الصحابة وأن أفضل الخلق بعد رّسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رّضي الله عنه. وكان المأمون يبالغ في التشيع لكنه لم يتكلم في الشيخين بسوء بل كان يترضى عنهما ويعتقد إمامتهما. وفيها توفي عبد الرزأاق بن همام بن نافع الحافظ أبو بكر الصنعاني الحميري مولده سنة ست وعشرين ومائة وسمع الكثير ورّوى عنه خلق من كبارّ المحدثين: مثل أحأمد بن حأنبل ويحيى بن معين وغيرهما. ومات باليمن في النصف من شوال من السنة. وفيها توفي معلى بن منصورّ الحافظ أبو يعلى الرازأي الحنفي كان ثقة صدو ًقا نبيًل جليًل صاحأب فقه وسنة كثير الحديث صحيح السماع سئل عن القرآن فقال: من قال: إنه مخلوق فهو كافر. وطلب للقضاء فامتنع رّحأمه الله تعالى. ًما ًها. وفيها توفي موسى بن سليمان أبو سليمان الجرجاني الحنفي كان إما فقي بصي وأعتذرّ بعذرّ مقبول ًرا بالفقه والسنة وكان صدو ًقا عرض عليه المأمون القضاء فامتنع رّحأمه الله تعالى. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي علي بن الحسين بن واقد بمرو وعبد الله بن صالح العجلي المقرىء والحأوص بن جواب أبو الجواب الضبي وطلق بن غنام ثلثتهم بالكوفة وأبو العتاهية الشاعر ببغداد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع. السنة الثانية من ولية عبد الله بن طاهر على مصر وهي سنة اثنتي عشرة ومائتين. فيها وجه المأمون محمد بن طاهر على مصر. وفيها أظهر المأمون القول بخلق القرآن مضا ًفا إلى تفضيل علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر رّضي الله عنهم أجمعين وأشمأزأت النفوس منه وأشخص العلماء وآذاهم وضربهم وحأبسهم ونفاهم وقويت شوكة الخوارّج. وخلع المأمون من الخلفة المير أحأمد بن محمد العمري المعروف بالحأمر العين ببلد اليمن. ثم سارّ المأمون إلى دمشق وصام بها رّمضان وتوجه فحج بالناس. وفيها في شهر رّبيع الول كتب المأمون إلى الفاق بتفضيل علي بن أبي طالب رّضي الله عنه على جميع الصحابة. وفيها توفي أحأمد بن أبي خالد الوزأير أبو العباس وزأير المأمون كان أبوه كاتًبا لبي عبد الله وزأير المهدي جد المأمون وكان أحأمد هذا فاضًل مدب جوا ًدا ذا رّأي وفطنة إل أنه ًرا كانت أخلقه سيئة قال له رّجل يو ًما: والله لقد أعطيت ما لم يعطه رّسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله لئن لم تخرج مما قلت لعاقبنك قال: قال الله تعالى: ولو كنت ف ًظا غليظ القلب لنفضوا من حأولك " وأنت فظ غليظ القلب وما ننفض من حأولك!. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو عاصم النبيل وعبد الرحأمن بن حأماد الشعيثي وعون بن عمارّة العبدي بالبصرة ومحمد بن يوسف الفريابي بقيسارّية ومنبه بن عثمان بدمشق وأبو المغيرة عبد القدوس ابن حأجاج الخولني بحمص زأكريا بن عدي ببغداد وعبد الملك بن عبد العزيز أبن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون الفقيه بالمدينة وعلي بن قادم بالكوفة وخلد بن يحيى بمكة والحسين بن حأفص الهمداني بأصبهان وعيسى بن دينارّ الغافقي الفقيه بالندلس. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وستة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وسبعة أصابع. ولية عيسى بن يزيد الولى على مصر هو عيسى بن يزيد الجلودي ولي إمرة مصر باستخلف عبد الله بن طاهر عليها فأقره المأمون على إمرة مصر وجمع له الصلة والخراج فتحول إلى العسكر وسكن به على عادة المراء وجعل على شرطته ابنه محم ًدا وعلى المظالم إسحاق بن متوكل. وكانت ولايته على مصر نيابة عن عبد الله بن طاهر فدام عيسى هذا على إمرة مصر إلى سابع عشر ذي القعدة سنة ثلث عشرة ومائتين. وصرف المأمون عبد الله بن طاهر عن إمرة مصر وولها لخيه المعتصم محمد بن هارّون الرشيد. فلما ولي المعتصم مصر أقر عيسى هذا على الصلة فقط وجعل على خراج مصر صالح بن شيرزأاد. فلما ولي صالح المذكورّ الخراج ظلم الناس وزأاد الخراج وعسف فانتقض عليه أهل الحرف واجتمعوا وعسكروا وعزموا على قتاله وكان عليهم عبد السلم وابن الجليس في القيسية واليمانية فقام عيسى بن يزيد بنصرة صالح وبعث ابنه محم ًدا في جيش فحارّبوه فانهزم وقتل أصحابه. وذلك في صفر سنة أرّبع عشرة ومائتين. وبلغ الخبر أبا إسحاق المعتصم فعظم عليه وعزل عيسى هذا عن إمرة مصر وولى عوضه عمير بن الوليد التميمي. ًما. فكانت ولية عيسى على مصر في هذه المرة الولى سنة وسبعة أشهر وأيا السنة التي حأكم في بعضها عيسى بن يزيد على مصر وهي سنة ثلث عشرة ومائتين. فيها خرج عبد السلم وابن الجليس في القيسية واليمانية بمصر فولى المأمون أخاه أبا إسحاق المعتصم على مصر وعزل عبد الله بن طاهر. وقد ذكرنا ذلك كله في ترجمة عيسى بن يزيد. وفيها ولى المأمون ولده العباس على الجزيرة وأمر لكل من المعتصم والعباس بخمسمائة ألف دينارّ وأمر بمثل ذلك لعبد الله بن طاهر المعزول عن إمرة مصر حأتى قيل: إنه لم يفرق ملك ول سلطان في يوم واحأد مثل ما فرقه المأمون في هذا اليوم. قلت: لعل الدينارّ يوم ذاك لم يكن مثل دينارّنا اليوم بل يكون مثل دنانير المشارّقة التي تسمى بتنكثا والله أعلم. وفيها استعمل المأمون على السند المير غسان بن عباد وكان غسان هذا من رّجال الدهر حأز ًما وعز ًما وكان ولي خراسان قبل ذلك وعزل بعبد الله بن طاهر المقدم ذكره. وفيها توفي أحأمد بن يوسف بن القاسم بن صبح أبو جعفر الكاتب الكوفي مولى بني العجل كاتب المأمون على ديوان الرسائل كان من أفضل الكتاب في عصره. وأذكاهم وأجمعهم للمحاسن وكان فصيح اللسان مليح الخط يقول الشعر الجيد قال له رّجل يو ًما: ما أدرّي مم أعجب مما وليه الله من حأسن خلقك أو مما ولايته من تحسين خلقك! وفيها توفي أسود بن سالم أبو محمد البغدادي الزاهد الورّع الصالح المشهورّ كان بينه وبين معروف الكرخي مودة ومحبة وكان من كبارّ القوم وممن له كرامات وأحأوال. وفيها توفي بشر بن أبي الزأهر يزيد المام أبو سهل القاضي الحنفي كان من أعيان فقهاء أهل الكوفة وزأهادها سأله رّجل عن مسألة فأخطأ فيها فعزم أن يقصد عبد الله بن طاهر المير لينادى عليه في البلدان: بشر أخطأ في مسألة في النكاح حأتى رّده رّجل وقال: أنا أعرف الرجل قلت: لله درّ هذا العالم الذي يعمل بعلمه رّحأمه الله تعالى. وفيها توفي ثمامة بن أشرس أبو معن النميري البصري الماجن كان له نوادرّ واتصل بهارّون الرشيد وولده المأمون. قيل: إنه خرج بعد المغرب من منزله سكران فصادفه المأمون في نفر فلما رّآه ثمامة عمل عن طريقه وقد أبصره المأمون فساق إليه المأمون وحأاذاه فقال له: ثمامة قال: إي والله قال: سكران أنت قال: ل والله قال: أفتعرفني قال: إي والله قال: فمن أنا قال: ل أدرّي والله فضحك المأمون حأتى كاد يسقط عن دابته. ولثمامة هذا حأكايات كثيرة من هذا الجنس. وفيها توفي أبو عاصم النبيل في قول صاحأب المرآة قال: واسمه الضحاك الشيباني ًما حأاف ًظا سمع الكثير وحأدث وسمع منه البصري الحافظ المحدث كان فقي خلق ًها عال ومات في ذي الحجة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي عبد الله بن موسى العبسي وخالد بن مخلد القطواني بالكوفة وعمرو بن عاصم الكلبي بالبصرة وأبو عبد الرحأمن عبد الله بن يزيد المقرئ بمكة وعمرو بن أبي سلمة والهيثم بن تجميل الحافظ بأنطاكية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا ونصف. ولية عمير بن الوليد على مصر هو عمير بن الوليد الباذغيسي التميمي أمير مصر ولي مصر باستخلف أبي إسحاق محمد المعتصم له لن الخليفة المأمون كان ولى مصر لخيه المعتصم بعد عزل عبد الله بن طاهر وولى المعتصم عمي لسبع عشرة ًرا هذا على الصلة خلت من صفر سنة أرّبع عشرة ومائتين وسكن العسكر وجعل على شرطته ابنه محم ًدا وعندما تم أمره خرج عليه القيسية واليمانية الذين كانوا خرجوا قبل تارّيخه وعليهم عبد السلم وأبن الجليس فتهيأ عمير هذا وجمع العساكر والجند وخرج لقتالهم وخرج معه أي ًضا فيمن خرج المير عيسى بن يزيد الجلودي المعزول به عن إمرة مصر وذلك في شهر رّبيع الول من سنة أرّبع عشرة ومائتين واستخلف عمير ابنه محم ًدا على صلة مصر وسافر بجيوشه حأتى ألتقى مع أهل الحوف القيسية واليمانية فكانت بينهم وقعة هائلة وقتال ومعارّك وثبت كل من الفريقين حأتى قتل عمير هذا في المعركة لست عشرة خلت من شهر رّبيع الول المذكورّ. وقال صاحأب البغية: قتل عمير في يوم الثلثاء لثلث عشرة خلت من شهر رّبيع الول فوافق في الشهر والسنة وخالف في اليوم. قلت: وكانت ولية عمير بن الوليد المذكورّ على مصر استقلًل من قبل أبي إسحاق المعتصم شهرين سواء. وتولى من بعده مصر عيسى بن يزيد الجلودي ثانًيا. ولية عيسى بن يزيد الجلودي ثانًيا على مصر ولي عيسى بن يزيد هذا مصر ثانًيا من قبل أبي إسحاق محمد المعتصم بعد قتل عمير بن الوليد على الصلة ولما ولي مصر قصده قيس ويمن على العادة وقد كثر جمعهم من أهل الحوف وقطاع الطريق فوقع لعيسى هذا أي ًضا معهم حأروب وفتن. وجمع عساكره وخرج إليهم حأتى التقاهم بمنية مطر " عني المطرية بقرب مدينة عين شمس التي فيها العمود الذي تسميه العامة بمسلة فرعون " وقاتلهم فكانت بينهم حأروب هائلة انكسر فيها المير عيسى بمن معه وقتل من عسكره خلئق وانحازأ إلى مصر وذلك في شهر رّجب من سنة أرّبع عشرة ومائتين المذكورّة. وبلغ المأمون ذلك فعظم عليه وطلب أخاه أبا إسحاق محم ًدا المعتصم وندبه للخروج إلى ًما فخرج مصر وقال له: امض إلى عملك وأصلح شأنه وكان المعتصم شجا ًعا مقدا المعتصم من بغداد في أرّبعة آلف من أتراكه وسافر حأتى قدم مصر في أيام يسيرة وعيسى كالمحصورّ مع أهل الحوف وقبل دخوله إلى مصر بدأ بقتال أهل الحوف من القيسية واليمانية وقاتلهم وهزمهم وقتل أكابرهم ووضع السيف في القيسية واليمانية حأتى أفناهم وذلك في شعبان من السنة ومهد البلد وأباد أهل الفساد ثم دخل الفسطاط " أعني مصر " وفي خدمته عيسى الجلودي وجميع أعيان المصريين لثمان بقين من شعبان وسكن بالعسكر حأتى أصلح أحأوال مصر ثم خرج منها إلى الشأم في غرة المحرم سنة خمس عشرة ومائتين في أتراكه ومعه جمع كثير من السرى في ضر وجهد شديد مشاة حأفاة أمام الخيالة. قلت: وشجاعة المعتصم معروفة مشهورّة تذكر في خلفته ووفاته وهو الن ولي عهد أخيه عبد الله المأمون وقبل أن يخرج من مصر مهد أمورّها وولى عليها عبدويه بن جبلة وعزل عيسى بن يزيد الجلودي صاحأب الترجمة. ًما. فكانت ولية عيسى هذه الثانية على مصر نح ًوا من ثمانية أشهر تنقص أيا السنة التي حأكم فيها عمير بن الوليد ثم عيسى ابن يزيد الجلودي ثانًيا فيها قتل المير محمد بن الحميد الطوسي في حأرب كان بينه وبين أصحاب بابك الخرمي. وفيها أي ًضا قتل أبو الدارّي أمير اليمن. وفيها كانت قتلة عمير بن الوليد صاحأب مصر المقدم ذكره. وفيها خرج بلل الشارّي وقويت شوكته فندب الخليفة المأمون لحربه هارّون بن أبي خلف فتوجه إليه وقاتله وظفر به وقتله. وفيها ولى المأمون أذرّبيجان وأصبهان والجبال وحأرب بابك الخزمي المير علي بن هشام فتوجه علي المذكورّ بجيوشه وقاتل بابك وواقعه في هذه السنة غير مرة. قلت: وقد طال أمر بابك هذا على الناس وامتدت أيامه وحأارّبه جماعة كثيرة من أمراء المأمون وتعب الناس من أجله تعبا زأائ ًدا وهو ل يكل من الخروج والقتال إلى ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى. وفيها توفي أحأمد بن جعفر الحافظ أبو عبد الرحأمن الوكيعي الضرير البغدادي وسمي الوكيعي لملزأمته وكيع بن الجراح المقدم ذكره. قال إبراهيم الحربي: كان الوكيعي يحفظ مائة ألف حأديث. وفيها توفي المام أبو زأيد النحوي البصري. واسمه سعيد بن أوس بن ثابت النصارّي كان إما والشعارّ ًما في علم النحو واللغة ومذاهب العرب وآبائهم وأيامهم وكان ثقة حأاف ًظا صدو ًقا. وفيها توفي قبيصة بن عقبة الحافظ أبو عامر السوائي. ًما حأاف ًظا زأاه ًدا قنو ًعا. هو من بني عامر بن صعصعة كان إما أسند عن سفيان الثورّي والحمادين وغيرهم ورّوى عنه المام أحأمد بن حأنبل رّضي الله عنه وغيره. وفيها توفي الوليد بن أبان الكرابيسي المعتزلي كان من كبارّ المعتزلة بالبصرة وله في العتزال مقالت معروفة يقوي بها مذاهب المعتزلة. قلت: كان من كبارّ العلماء. ذكره المسعودي وأثنى على علمه وفضله. وفيها توفي أبو العتاهية الشاعر المشهورّ أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان العنزي مولهم الكوفي نزيل بغداد. وأصله من سبي عين التمر ولقبوه بأبي العتاهية لضطراب كان فيه. وقيل: بل كان يحب الخلعة فكني بذلك. وهو أحأد فحول الشعراء ونسك في آخر عمره ومال للزهد والوعظ. مات في هذه السنة. وقيل: سنة ثلث عشرة ومائتين وهو القوى وقيل: في جمادى الخرة سنة إحأدى عشرة ومائتين وهو الذي ذكره الذهبى. ومدح المهدي ومن بعده من إن المطايا تشتكيك لنها تطوي إليك سباسًبا ورّمال فإذا رّحألن بنا رّحألن محفة وإذا رّجعن بنا رّجعن ثقال وله: " الطويل " يا رّب إن الناس ل ينصفونني فيكف إذا أنصفتهم ظلموني وإن كان لي شيء تصدوا لخذه وإن جئت أبغي سيبهم منعوني وإن نالهم بذلي فل شك عندهم وإن أنا لم أبذل لهم شتموني وما أحأسن قوله: " الوافر " هب الدنيا تساق إليك عف ًوا أليس مصير ذاك إلى زأوال الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن خالد الذهبي بحمص وعبد الله بن عبد الحكم الفقيه بمصر وسعيد بن سلم العطارّ بالبصرة ومحمد بن الحميد الطوسي المير قتل في حأرب الخرمية وأبو الدارّي أمير اليمن قتل أي ًضا وعمير الباذغيسي نائب مصر خلفة عن المعتصم - قتل في الحوف في حأرب ابن الجليس وعبد السلم فسارّ أبو إسحاق بنفسه إليهما فظفر بهما وقتلهما - انتهى كلم الذهبي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وستة عشر إصبعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا ونصف. ولية عبدويه بن جبلة على مصر هو عبدويه بن جبلة. أصله من البناء من قواد بني العباس وله المعتصم نيابة عنه على صلة مصر بعد عزل عيسى بن يزيد الجلودي عن إمرة مصر في مستهل المحرم سنة خمس عشرة ومائتين ثم خرج المعتصم بعد ولايته إلى الشأم حأسبما تقدم ذكره وبعد سفر المعتصم تحول عبدويه هذا إلى العسكر وسكن به على عادة المراء وجعل على الشرطة ابنه وعلى المظالم إسحاق بن إسماعيل بن حأماد بن زأيد ولما ولي مصر أخذ في إصل ح أحأوالها واثبات ما قررّه المعتصم بها من المورّ. وبينما هو في ذلك خرج عليه أناس من الحوفية أي ًضا من القيسية واليمانية في شعبان من السنة فتهيأ عبدويه لمحارّبتهم وجهز إليهم جي ًشا فسارّ إليهم الجيش وحأارّبوهم وظفروا بهم بعد أمورّ. ثم حأضر إليه بعد ذلك الفشين حأيدرّ بن كاوس الصغدي إلى مصر في ثالث ذي الحجة من السنة ومعه علي بن عبد العزيز الجروي لخذ المال فلم يدفع إليه عبدويه وقاتله فخرج الفشين إلى برقة وصرف عبدويه بن جبلة عن إمرة مصر بعيسى بن منصورّ بن موسى وبعد عزل عبدويه المذكورّ عاد الفشين إلى مصر وأقام بها على ما سيأتي ذكره فكانت ولية عبدويه بن جبلة على مصر نيابة عن أبي إسحاق محمد المعتصم سنة واحأدة. السنة التي حأكم فيها عبدويه بن جبلة على مصر وهي سنة خمس عشرة ومائتين. فيها وصل أبو إسحاق المعتصم من مصر إلى الموصل واجتمع بأخيه الخليفة عبد الله المأمون وعرفه ما فعل بمصر فشكره على ذلك. وفيها سارّ المأمون من الموصل إلى غزو دابق وأنطاكية فغزاهما وتوجه إلى الشأم ودخلها وأقام بها وكتب إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم أن يأخذ الجند بالتكبير إذا صلوا الجمعة وبعد الصلوات الخمس إذا قضوا الصلة أن يصيحوا قيا ويكبروا ثلث ًما تكبيرات ففعل ذلك في شهر رّمضان فقال الناس: هذه بدعة ثالثة. قلت: البدعة الولى لبس الخضرة. وتقريب العلوية وإبعاد ثم فيها أباح المأمون أي ًضا المتعة فقال الناس: هذه بدعة رّابعة. وفيها غضب المأمون على المير علي بن هشام وبعث إليه عجي ًفا وأحأمد بن هشام لقبض أمواله. وفيها توفي المير إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس أبو الحسن الهاشمي العباسي كان من أعيان بني العباس وأفاضلهم وولي العمال الجليلة بعدة بلد. وفيها توفيت زأبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصورّ بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أم جعفر الهاشمية العباسية واسمها أمة العزيز زأوجة هارّون الرشيد وبنت عمه وأم ولده المين محمد المقتول بيد طاهر بن الحسين بسيف المأمون وقد تقدم ذكر ذلك كله. وماتت زأبيدة وهي أعظم نساء عصرها ديًنا وأصًل وجما ومعرو ًفا أحأصي ما ًل وصيانة أنفقته في حأجة واحأدة فكان ألفي ألف دينارّ قاله أبو المظفر في مرآة الزمان. قلت:. ولعلها عمرت في هذه الحجة المصانع التي بطريق الحجازأ أو بعضها. وكان في قصر زأبيدة مائة جارّية تقرأ القران. فكان يسمع من قصرها دوي كدوي النحل من القراءة ولم تزل زأبيدة في حأشمها أيام زأوجها الرشيد وفي أيام ولدها محمد المين وفي أيام ابن زأوجها عبد الله المأمون لم يتغير من حأالها شيء إلى أن ماتت في هذه السنة وقيل في سنة ست عشرة ومائتين وهو الشهر. وأما ما فعلته من المآثر والمصانع بالحجازأ وغيره فهو معروف ل يحتاج إلى ذكره هنا وكانت مع هذا الجمال والحشمة فصيحة لبيبة عاقلة مدبرة قيل: إن المأمون دخل إليها بعد قتل أبنها المين يعتذرّ إليها ويعزيها فيه ويسكن ما بها من الحزن فقال لها: يا ستاه ل تأسفي عليه فإني عوضه لك فقالت: يا أمير المؤمنين كيف ل آسف على ولد خلف أخا مثلك! ثم بكت وأبكت المأمون حأتى غشي عليه. قلت: ولم يكن قتل المين بإرّادة أخيه المأمون وإنما اقتحمه طاهر بن الحسين وقتله من غير إذن المأمون وحأقد المأمون عليه لذلك ولم يسعه إل السكوت. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفى أبو زأيد النصارّي صاحأب العربية بالبصرة واسمه سعيد بن أوس والعلء بن هلل الباهلي بالرقة ومحمد بن عبد الله النصارّي القاضي بالبصرة ومكي بن إبراهيم الحنظلي ببلخ وعلي بن الحسن بن شقيق بمرو ومحمد بن مبارّك الصورّي بدمشق وإسحاق بن عيسى بن الطباع ببغداد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثلثة عشر ذرّا ًعا وأحأد وعشرون إصب ًعا. على مصر هو عيسى بن منصورّ بن موسى بن عيسى الرافقي مولى بني نصر بن معاوية أمير مصر وليها من قبل أبي إسحاق محمد المعتصم بعد عزل عبدويه بن جبلة عنها في مستهل سنة ست عشرة ومائتين على الصلة وسكن عيسى بالعسكر على عادة المراء وجعل على شرطته أبا المغيث يونس بن إبراهيم. وفي أيام ولايته انتقضت عليه أسفل الرّض بغربها أعني بالوجه البحري وانضم القباط عليهم وذلك في جمادى الولى وحأشدوا وجمعوا فكثر عددهم وسارّوا نحو الديارّ المصرية فتجهز عيسى وجمع العساكر والجند لقتالهم فضعف عن لقائهم وتقهقر بمن معه فدخلت القباط وأهل الغربية مصر وأخرجوا منها عيسى هذا على أقبح وجه لسوء سيرته وخرج معه أي ًضا متولي خراج مصر وخلعوا الطاعة فقدم الفشين من برقة وتهيأ لقتال القوم في النصف من جمادى الخرة وانضم عليه عيسى بن منصورّ هذا ومن انضاف إليه وتجمعوا وتجهزوا لقتال القوم وخرجوا في شوال وواقعوهم فظفروا بهم بعد أمورّ وحأروب وأسروا وقتلوا وسبوا ثم مضى الفشين إلى الحوف وقاتلهم أي ًضا لما بلغه عنهم وبدد جمعهم وأسر منهم جماعة كبيرة بعد أن بضع فيهم وأبدع ودامت الحروب في السنة المستمرة بمصر في كل قليل إلى أن قدمها أمير المؤمنين عبد الله المأمون لخمس خلون من المحرم سنة سبع عشرة ومائتين فسخط على عيسى بن منصورّ المذكورّ وحأل لواءه وعزله ونسب له كل ما وقع بمصر ولعماله ثم جهز العساكر لقتال أهل الفساد وأحأضر بين يديه عبدوس الفهري فضربت عنقه لنه كان أي ًضا ممن تغلب على مصر. ثم سارّ عسكره لقتال أسفل الرّض أهل الغربية والحوف وأوقعوا بهم وسبوا القبط وقتلوا مقاتلتهم وأبادوهم وقمعوا أهل الفساد من سائر أرّاضي مصر بعد أن قتلوا منهم مقتلة عظيمة ثم رّحأل الخليفة المأمون من مصر لثماني عشرة خلت من صفر بعد أن أقام بمصر وأعمالها " مثل سخا وحألوان وغيرهما " تسعة وأرّبعين يو ًما وولى على صلة مصر كيدرّ وعلى الشرطة أحأمد بن بسطام الزأدي من أهل بخارّا. وعمر المقياس وجس ًرا آخر بالجزيرة تجاه المسطاط. السنة التي حأكم فيها عيسى بن منصورّ على مصر وهي سنة ست عشرة ومائتين. فيها كر المأمون رّاج ًعا من العراق إلى غزو الروم لكونه بلغه أن ملك الروم قتل خل ًقا من المسلمين من أهل طرسوس والمصيصة فسارّ إليها حأتى وصلها في جمادى الولى من السنة فأقام بها إلى نصف شعبان وجهز أخاه أبا إسحاق محم ًدا المعتصم لغزو الروم فسارّ وافتتح عدة حأصون ثم وجه المأمون أي ًضا القاضى يحيى بن أكثم إلى جهة أخرى من الروم فتوجه وأغارّ وقتل وسبى ثم رّجع المأمون في آخر السنة إلى دمشق وتوجه منها إلى الديارّ المصرية حأسبما تقدم ذكره ودخلها في أول سنة سبع عشرة ومائتين. وفيها توفي محمد بن عباد بن حأبيب بن المهلب بن أبي صفرة كان من أكابر المراء ولي إمرة البصرة والصلة بها وغيرها وكان جوا ًدا ممد ًحأا. قدم مرة على المأمون فقال له: يا محمد أرّدت أن أوليك فمنعني إسرافك في المال فقال: يا أمير المؤمنين منع الموجود سوء الظن بالمعبودة فقال له المأمون: لو شئت أبقيت على نفسك فقال محمد: من له مولى غني ل يفتقر فاستحسن المأمون ذلك منه ووله عمًل. وقيل للعتبي: مات محمد بن عباد فقال: نحن متنا بفقده وهو حأي بمجده. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي حأبان بن هلل وعبد الملك بن قريب الصمعي ومحمد بن كثير المصيصي الصنعاني والحسن بن سوارّ البغوي وعبد الله بن نافع المدني الفقيه وعبد الصمد بن النعمان البزازأ ومحمد بن بكارّ بن بلل قاضي دمشق ومحمد بن عباد المهلبي أمير البصرة ومحمد بن سعيد بن سابق نزيل قزوين وزأبيدة زأوجة الرشيد وابنة أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع سواء. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وعشرة أصابع.
ولية كيدرّ على مصر هو كيدرّ واسمه نصر بن عبد الله وكيدرّ شهرة غلبت عليه المير أبو مالك الصغدي ولي إمرة مصر بعد عزل عيسى بن منصورّ في صفر سنة سبع عشرة ومائتين من قبل المأمون على الصلة فسكن العسكر على عادة المراء بعد رّحأيل المأمون وجعل على شرطته ابن إسبنديارّ. ثم بعث المأمون برجل من العجم يسمى بابن بسطام على الشرطة فولي مدة ثم عزله كيدرّ لسوء سيرته لرشوة ارّتشاها وضربه بالسوط في صحن الجامع ثم ولى ابنه المظفر عوضه. ودام كيدرّ على إمرة مصر إلى أن ورّد عليه كتاب المأمون في جمادى الخرة سنة ثمان عشرة ومائتين بأخذ الناس بالمحنة - أعني بالقول بخلق القرآن - وكان القاضي بمصر يومئذ هارّون بن عبد الله الزهري فأجاب القاضي والشهود ومن توقف منهم عن القول بخلق القرآن سقطت شهادته. وأخذ كيدرّ يمتحن القضاة وأهل الحديث وغيرهم وكان كتاب المأمون إلى كيدرّ " وقد عرف أمير المؤمنين أن الجمهورّ العظم والسواد الكبر من حأشو الرعية وسفلة العامة ممن ل نظر له ول رّوية ول استضاءة بنورّ العلم وبرهانه أهل جهالة بالله وعمى عنه وضللة عن حأقيقة دينه وقصورّ أن يقدرّوا الله حأق قدرّه ويعرفوه كنه معرفته ويفرقوا بينه وبين خلقه وذلك أنهم ساووا بين الله وبين ما أنزل من القرآن فأطبقوا على أنه قديم لم يخلقه الله ويخترعه وقد قال تعالى: " إنا جعلناه قرآً نا عربًيا " وكل ما جعله فقد خلقه كما قال تعالى: " وجعل الظلمات والنورّ " وقال تعالى: " كذلك نقدرّ عليك من أنباء ما قد سبق " فأخبر أنه قصص لمورّ أحأدثه بعدها. وقال عز وجل: " كتاب أحأكمت آياته ثم فصلت ". والله تعالى محكم كتابه ثم مفضله فهو خالقه ومبتدعه. ثم انتسبوا إلى السنة وأنهم أهل الحق والجماعة وأن من سواهم أهل الكفر والباطل فاستطالوا بذلك وغروا به الجهال حأتى مال قوم من أهل السمت الكاذب والتخشع لغير الله إلى موافقتهم فنزعوا الحق إلى باطلهم واتخذوا دين الله وليجة إلى ضللهم. التوحأيد حأ ً إلى أن قال: فرأى أمير المؤمنين أن أولئك شر المة المنقوصون من ظا أوعية الجهالة وأعلم الكذب ولسان إبليس الناطق في أوليائه والهائل على أعدائه من أهل دين الله وأحأق أن يتهم في صدقه وتطرح شهادته ول يوثق به. ومن عمي عن رّشده وحأظه عن اليمان بالتوحأيد كان عما سوى ذلك أعمى وأضل سبيًل. ولعمر أمير المؤمنين إ ن أكذب الناس من كذب على الله ووحأيه وتخرص الباطل ولم يعرف الله حأق معرفته. فاجمع من بحضرتك من القضاة فاقرأ عليهم كتابنا هذا وامتحنهم فيما يقولون واكشفهم عما يعتقدون في خلق الله القرآن وإحأداثه وأعلمهم أني غير مستعين في عمل ول واثق بمن ل يوثق بدينه. فإذا أقروا بذلك ووافقوا " أمير المؤمنين فيه " فمرهم بنص من بحضرتهم من الشهود ومسألتهم عن علمهم عن القرآن وترك شهادة من لم يقر أنه مخلوق واكتب إلينا بما يأتيك عن قضاة أهل أعمالك في مسألتهم والمر لهم بمثل ذلك. ثم كتب المأمون بمثل ذلك إلى سائر عماله وإلى نائبه على بغداد إسحاق بن إبراهيم الخزاعي ابن عم طاهر بن الحسين أن يرسل إليه سبعة نفر وهم: محمد بن سعد كاتب الواقدي ويحيى بن معين وأبو خيثمة وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارّون وإسماعيل بن داود وإسماعيل بن أبي مسعود وأحأمد بن إبراهيم الدورّقي فأشخصوا إليه فامتحنهم بخلق القرآن فأجابوه فردهم من الرقة إلى بغداد وكانوا توقفوا أوًل ثم أجابوه خو ًفا من العقوبة. ثم كتب المأمون أي ًضا إلى إسحاق بن إبراهيم المذكورّ بأن يحضر الفقهاء ومشايخ الحديث ويخبرهم بما أجاب به هؤلء السبعة ففعل ذلك فأجابه طائفة وامتنع آخرون. ثم كتب إليه كتاًبا آخر من جنس الول وأمره بإحأضارّ من امتنع فأحأضر جماعة: منهم أحأمد بن حأنبل رّضي اللة عنه وبشر بن الوليد الكندي وأبو حأسان الزيادي وعلي بن أبي مقاتل والفضل بن غانم وعبيد الله بن عمر القوارّيري وعلي بن الجعد وسجادة - واسمه الحسن بن حأماد - والذيال بن الهيثم وقتيبة بن سعيد وكان حأينئذ ببغداد وسعدويه الواسطي وإسحاق بن أبي إسرائيل وابن الهرش وابن علية الكبر ومحمد بن نوح العجلي ويحيى بن عبد الرحأمن العمري وأبو نصر التمارّ وأبومعمر القطيعي ومحمد بن حأاتم بن ميمون وغيرهم وعرض عليهم كتاب المأمون فعرضوا وورّوا ولم يجيبوا ولم ينكروا فقال لبشر بن الوليد: ما تقول قال: قد عرفت أمير المؤمنين غير مرة قال: فالن قد تجدد من أمير المؤمنين كتاب قال: أقول: كلم الله قال: لم أسألك عن هذا أمخلوق هو قال: ما أحأسن غير هذا الذي قلت لك إني قد استعهدت أمير المؤمنين أني ل أتكلم فيه. ثم قال لعلي بن أبي مقاتل: ما تقول قال: القرآن كلم الله وإن أمرنا أمير المؤمنين بشيء سمعنا وأطعنا. ثم أجاب أبو حأسان الزيادي بنحو من ذلك. ثم قال لحأمد بن حأنبل رّضي الله عنه: ما تقول قال: كلم الله قال: أمخلوق هو قال: هو كلم الله ل أزأيد على ذلك. قلت: والمام أحأمد بن حأنبل رّضي الله عنه هو أعظم من قام في إظهارّ السنة وثبته الله على ذلك ولوله لفسدت عقائد جماعة كثيرة وقد تداولته الخلفاء بالعقوبة على القول بخلق القرآن وهو يمتنع من ذلك أشد امتناع ويأتي بالدلة القاطعة إلى أن خلصه الله منهم وهو على كلمة الحق. ثم قال لبن البكاء الكبر: ما تقول قال: أقول القرآن مجعول ومحدث لورّود النص بذلك فقال إسحاق بن إبراهيم: والمجعول مخلوق! قال: نعم قال: فالقرآن مخلوق! قال: ل أقول مخلوق " ولكنه مجعول ". ثم وجه إسحاق بن إبراهيم بجواباتهم إلى المأمون فورّد عليه كتاب المأمون: بلغنا ما أجاب به متصنعة أهل القبلة وملتمسو الرياسة فيما ليسوا له بأهل فمن لم يجب بأنه مخلوق فامنعه من الفتوى والرواية. ثم قال في الكتاب: وأما ما قال بشر فقد كذب و لم يكن جرى بينه وبين أمير المؤمنين في ذلك عهد أكثر من إخبارّه أمير المؤمنين من اعتقاده كلمة الخلص والقول بأن القرآن مخلوق. فادع به إليك فإن تاب فأشهر أمره وإن أصر على شركه ودفع أن يكون القرآن مخلو ًقا بكفره وإلحاده فاضرب عنقه وابعث إلينا برأسه وكذلك إبراهيم. وأما علي بن أبي مقاتل فقل له: ألست القائل لمير المؤمنين: إنك تحلل وتحرم. وأما الذيال فأعلمه أنه كان في الطعام الذي سرقه من النبارّ ما يشغله. وأما أحأمد بن يزيد وقوله: إنه ل يحسن الجواب في القرآن فأعلمه أنه صبي في عقله ل في سنه جاهل سيحسن الجواب إذا أدب ثم إن لم يفعل كان السيف من جراء ذلك. وأما أحأمد بن حأنبل فأعلمه أن أمير المؤمنين قد عرف فحوى مقالته واستدل على جهله وآفته بها. وأما الفضل بن غانم فأعلمه أنه لم يخف على أمير المؤمنين ما كان منه بمصر وما اكتسب من الموال في أقل من سنة " يعني في ولايته القضاء ". وأما الزيادي فأعلمه واذكر له ما يشينه. وأما أبو نصر التمارّ فإن أمير المؤمنين شبه خساسة عقله بخساسة متجره. وأما ابن نوح وابن حأاتم " والمعروف بأبي معمر " فأعلمهم أنهم مشاغيل بأكل الربا عن الوقوف على التوحأيد وأن أمير المؤمنين لو لم يستحل محارّبتهم في الله " ومجاهدتهم إل لرّبائهم " وما نزل به كتاب الله في أمثالهم لستحل ذلك فكيف بهم وقد جمعوا مع ًها! ثم ذكر لكل واحأد الرّباء شر ًكا وصارّوا للنصارّى شب منهم شيًئا وبخه به. حأتى قال: ومن لم يرجع عن شركه ممن سميت بعد بشر وابن المهدي فاحأملهم موثقين إلى عسكر أمير المؤمنين ليسألهم فإن لم يرجعوا حأملهم على السيف قال: فأجابوا كلهم عند ذلك إل أحأمد بن حأنبل وسجادة ومحمد بن نوح والقوارّيري فأمر بهم فقيدوا ثم سألهم من الغد وهم في القيود فأجاب سجادة ثم عاودهم بالثاني فأجاب القوارّيري. فوجه بأحأمد بن حأنبل ومحمد بن نوح. ثم بلغ المأمون أنهم إنما أجابوا مكرهين فغضب وأمر بإحأضارّهم إليه فلما صارّوا إلى الرقة بلغهم وفاة المأمون وكذا ورّد الخبر على أحأمد بن حأنبل. وأما محمد بن نوح فكان عديل لحأمد بن حأنبل في المحمل فمات فوليه أحأمد وصلى عليه ودفنه. هذا ما كان بالعراق. وأما مصر فبينما كيدرّ في امتحان علمائها وفقهائها ورّد عليه الخبر بموت المأمون في شهر رّجب قبل أن يقبض على من طلبه المأمون وأن المعتصم محم ًدا بويع بالخلفة من بعده. ثم عقيب ذلك ورّد على كيدرّ كتاب المعتصم ببيعته ويأمره بإسقاط من في الديوان من العرب وقطع العطاء عنهم ففعل كيدرّ ذلك فخرج يحيى بن الوزأير الجروف في جمع من لخم وجذام عن الطاعة فتجهز كيدرّ لحربهم فأدرّكته المنية ومات في شهر رّبيع الخر سنة تسع عشرة ومائتين واستخلف ابنه المظفر بن كيدرّ بعده على مصر فأقره المعتصم ًما. على إمرة مصر فكانت ولايته على مصر سنتين وشهرين تنقص أيا السنة الولى التي ولي فيها كيدرّ وهي سنة سبع عشرة ومائتين. فيها خرج المأمون من مصر وتوجه إلى الشأم ثم غزا الروم وأقبل ملك الروم توفيل في جيوشه فجهز المأمون لحربه الجيوش ثم كتب توفيل للمأمون كتابا يطلب فيه الصلح فبدأ بنفسه في المكاتبة وأغلظ فاستشاط المأمون غضًبا وقصد الروم فكلموه في هجوم الشتاء ووعدوه للقابل فثنى عزمه. ًما فوق وفيها وقع حريق عظيم بالبصرة يقال: إنه أتى على أكثرها وكان حأري ًقا عظي الوصف. وفيها قتل المأمون علًيا وحأسيًنا ابني هاشم بأذنة في جمادى الولى لسوء سيرته وفيها توفي عمرو بن مسعدة بن صول أبو الفضل الصولي أحأد كتاب المأمون وخاصته وكان جوا ًدا ممد ًحأا فاض ًل نبيًل جليًل. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي حأجاج بن منهال النماطي بالبصرة وشريح بن النعمان الجوهري وموسى بن داود الضبي الكوفي ببغداد وهشام بن إسماعيل العطارّ العابد بدمشق وعمرو بن مسعدة أبو الفضل الصولي كاتب النشاء للمأمون - وقد ذكرناه - وإسماعيل بن مسلمة أخو القعنبي بمصر.
218 هـ
أمر النيل في هذه السنة: السنة الثانية من ولية كيدرّ على مصر وهي سنة ثمان عشرة ومائتين.
فيها اهتم المأمون ببناء طوانة وجمع فيها الرجال والصناع وأمر ببنائها ميًل في ميل وقررّ ولده العباس على بنائها وغرم عليها أموا على فم الدرّب مما يلي ًل عظيمة وهي طرسوس ثم افتتح المأمون عدة حأصون. وفيها كانت المحنة العظيمة المقدم ذكرها أعني القول بخلق القرآن وأجاب غالب علماء الدنيا بذلك ماخل جماعة يسيرة وعظم البلء بالعلماء وضربوا وأهينوا ورّدعوا بالسيف وغيره فلم يكن بعد ذلك إل أيام يسيرة ومرض المأمون ببلد الروم ولم يزل مرضه يزداد به إلى أن مات. ذكر وفاته ونسبه هو الخليفة أمير المؤمنين أبو العباس عبد الله المأمون ابن الخليفة هارّون الرشيد ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي البغدادي ولد سنة سبعين ومائة قبل أخيه المين محمد بن زأبيدة بشهر عندما استخلف أبوه الرشيد وأمه أم ولد تسمى مراجل ماتت أيام نفاسها به. وبويع بالخلفة بعد قتل أخيه المين محمد في أواخر سنة خمس وتسعين ومائة وغير لقبه بأبي جعفر وكان أوًل أبا العباس وكان نبي وسمع من هثيم وعباد بن ًل قرأ العلم في صغره العوام ويوسف بن عطية وأبي معاوية الضرير وطبقتهم وبرع في الفقه على مذهب أبي حأنيفة رّضي الله عنه والعربية وأيام الناس. ولما كبر عني بالفلسفة وعلوم الوائل ومهر فيها فجزه ذلك لقوله بخلق القرآن فكان من ًما ورّأًيا وهيبة وشجاعة رّجال بني العباس حأز ًما وعز ًما وحأل وسؤد ًدا وسماحأة لول ًما وعل أنه شان ذلك كله بقوله بخلق القرآن. قال ابن أبي الدنيا: كان المأمون أبيض رّبعة حأسن الوجه يعلوه صفرة قد وخطه الشيب أعين طويل اللحية رّقيقها ضيق الجبين على خده خال. وعن إسحاق الموصلي قال: كان المأمون قد سخط على الحسين الخليع الشاعر لكونه هجاه عندما قتل المين فبينما أنا ذات يوم عند المأمون إذ دخل الحاجب برقعة فاستأذن في إنشادها فأذن له فأنشد قصيدة أولها: " الطويل " أجزني فإني قد ظمئت إلى الوعد متى ينجز الوعد المؤكد بالعهد إلى أن قال: أل إنما المأمون للناس عصمة مميزة بين الضللة والرشد فقال له المأمون: أحأسنت فقال الحاجب: أحأسن قائلها قال: ومن هو قال: عبدك الحسين بن الضحاك فقال المأمون: ل حأياه الله! أليس هو القائل: " الطويل " فل تفت الشياء بعد محمد ول زأال شمل الملك فيها مبددا ول فرح المأمون بالملك بعدما ول زأال في الدنيا طري ًدا مشردا هذه بتلك ول شيء له عندنا. قال الحاجب: فأين عادة عفو أمير المؤمنين قال: أما هذه فنعم ائذنوا له. فدخل الحسين فقال له المأمون: هل عرفت يوم قتل أخي المين أن هاشمية هتكت قال: ل قال: فما معنى قولك: " الطويل " ومما شجا قلبي وكفكف عبرتي محارّم من آل الرسول استحلت ومهتوكة بالخلد عنها سجوفها كعاب كقرن الشمس حأين تبدت فل بات ليل الشامتين بغبطة ول بلغت آمالهم ما تمنت فقال: يا أمير المؤمنين لوعة غلبتني و رّوعة فاجأتني ونعمة استلبتها بعد أن غمرتني فإن عاقبت فبحقك وإن عفوت فبفضلك فدمعت عينا المأمون وأمر له بجائزة. ومما ينسب إلى المأمون من الشعر قوله: " المتقارّب " فلول دموعي كتمت الهوى ولول الهوى لم تكن لي دموع وكانت وفاة المأمون في يوم الخميس لثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر رّجب وحأمل إلى طرسوس فدفن بها. ًما عاد ًل. وكان المأمون حألي قيل: إن بعض المشايخ كتب إليه رّقعة فيها مرافعة في إنسان فكتب عليها المأمون: السعاية قبيحة وإن كانت صحيحة فإن كنت أخرجتها من النصح فخسرانك فيها أكثر من الربح وأنا ل أسعى في محظورّ ول أسمع قول مهتوك في مستورّة ولول أنت في خفارّة شيبك لعاقبتك على جريرتك مقابلة تشبه أفعالك. ًما وكتب بعضهم إلى المأمون رّقعة فيها: إن رّجل مات وخلف ما وليس له وارّث إل ًل عظي طفل مرضع وإن تحكم القضاء فيه أضاع ماله وأمير المؤمنين أولى به. قال: فاخذ الرقعة وكتب على ظهرها: الطفل حأبره إل الله وأنشاه والمال ثمره الله وأنماه والميت رّحأمه الله ورّضي عنه وأرّضاه وأما الساعي لي في أخذه فلعنه الله وأخزاه. وقيل: إنه لما مات عمرو بن مسعدة وزأير المأمون رّفعت إليه رّقعة: أن عم ًرا المذكورّ خفف ثمانين ألف ألف دينارّ. فوقع المأمون على ظهرها: هذا قليل لمن اتصل بنا وطالت خدمته لنا. وقيل: إن رّجًل قدم إلى المأمون رّقعة فيها مظلمة وكان المأمون رّاك ًبا بغلة فنفرت منه فألقت المأمون عن ظهرها إلى الرّض فأوهنته فقال: والله لقتلنك قالها ثلث مرات فقال الرجل: يا أمير المؤمنين إن الملهوف يركب الخطر وهو سالم بركوبه وينسى الدب هو غير جاهل به ولو أحأسنت اليام إنصا ًفا لحأسنت التقاضي ولن تلقى الله يا أمير ًل لي. المؤمنين حأانًثا في يمينك خير من أن تلقاه قات فأعجب المأمون كلمه وأمر بإزأالة ظلمته. وفيها توفي إبراهيم بن إسماعيل أبو إسحاق البصري السدي المعتزلي كان يعرف بابن علية وهو أي ًضا من القائلين بخلق القران وله مع الشافعي مناظرات في الفقه بمصر ومع أحأمد بن حأنبل مناظرات ببغداد بسبب القران. فكان المام أحأمد بن حأنبل يقول: ابن علية ضال مضل. ومات بمصر ليلة عرفة. وكان من أعيان علماء عصره. وفيها توفي بشر بن غياث بن أبي كريمة أبو عبد الرحأمن المريسي مولى زأيد بن الخطاب كان أبوه يهودًيا يسكن ببغداد وتفقه هو بالقاضي أبي يوسف حأتى برع في علوم كثيرة ثم اشتغل بعلم الكلم والقول بخلق القرآن. وكان أبو زأرّعة الرازأي يقول: بشر بن غياث زأنديق. قلت: ذكر أن عبد الله بن المبارّك رّأى في منامه زأبيدة وفي وجهها أثر صفرة فقال لها: ما فعل الله بك قالت: غفر لي في أول معول ضرب بطريق مكة فقال: فما هذه الصفرة التي في وجهك فقالت: دفن بين أظهرنا رّجل يقال له بشر المريسي زأفرت عليه جهنم زأفرة فاقشعر الجلد مني بسببها فهذه الصفرة من تلك الزفرة. وفيها توفي الشيخ الصالح الزاهد علي الجرجاني. كان يسكن جبال لبنان. قال بشر الحافي: رّأيته يو ًما على عين ماء فهرب مني وقال: بذنب مني رّأيت اليوم إنساًنا فعدوت خلفه وقلت: أوصني فقال: عانق الفقر عاشر الصبر وعاد الهوى وعاق الشهوات. وفيها توفي محمد بن نوح بن ميمون بن عبد الحميد العجلي صاحأب المام أحأمد بن حأنبل كان عال السنة حأتى حأمل ًما زأاه ًدا مشهوًرّا بالسنة والدين امتحن بخلق القرآن فثبت على هو و المام أحأمد في القيود إلى المأمون فمات محمد في الطريق بعانة قبل أن ينظر وجه المأمون. وقد تقدم ذكره في أول ترجمة كيدرّ صاحأب مصر بأوسع من هذا رّحأمه الله. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع واثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا سواء. ولية المظفر بن كيدرّ على مصر هو المظفر بن كيدرّ أمير مصر ولي إمرة مصر بعد موت أبيه كيدرّ باستخلفه وأقره المعتصم على عمل مصر وذلك في شهر رّبيع الخر سنة تسع عشرة ومائتين وسكن العسكر على عادة المراء وتم أمره فخرج عليه يحيى بن الوزأير الني كان خرج على أبيه أي ًضا قبل موته بمدة يسيرة فتهيأ المظفر هذا لقتاله وحأشد وجمع الجند والعسكر وخرج من مصر حأتى التقى مع يحيى بن الوزأير المذكورّ وقاتله فكانت بينهم وقعة هائلة انكسر فيها يحيى بن الوزأير المذكورّ وظفر به المظفر هذا وذلك في جمادى الخرة من سنة تسع عشرة ومائتين. ولما ولي المعتصم الخلفة أنعم بولية مصر على أبي جعفر أشناس ودعي لشناس على منابر مصر وبعد مدة يسيرة صرف أشناس المظفر هذا عن إمرة مصر في شعبان من السنة وولي مصر بعده موسى بن أبي العباس. وكانت ولية المظفر على مصر نح ًوا من أرّبعة أشهر تخميًنا على أنه لم يهنأ له بها عيش من كثرة ما وقع له من الحروب والوقائع في هذه المدة اليسيرة مع أنه ورّد عليه كتاب المعتصم يذكر له أن يمتحن العلماء بخلق القرآن بمصر فامتحن جماعة. وبالجملة فكانت أيامه على مصر قليلة ووقائعه وشرورّه كثيرة.
219 هـ
السنة التي حكم في أولها كيدرّ وهي سنة تسع عشرة ومائتين. فيها كانت طلمة شديدة بين الظهر والعصر وزلزال هائلة. وفيها ظهر محمد بن القاسم العلوي الحسيني بالطالقان يدعو إلى الرضى من آل محمد فاجتمع عليه خلق فأرّسل عبد الله بن طاهر له جيو ًشا فواقعوه عدة وقعات حأتى انهزم محمد وقصد كورّة خراسان فظفر به متولي نسا فقيده وبعث به إلى ابن طاهر فأرّسله إلى المعتصم فحبسه فهرب من السجن ليلة عيد الفطر واختفى فلم يقع له المعتصم على أثر ول خبر. وفيها في جمادى الولى قدم بغداد إسحاق بن إبراهيم بسبي عظيم من أهل الخرمية الذين أوقع بهم بهمذان. وفيها عاشت الزط بنواحأي البصرة فانتدب لحربهم عجيف بن عنبسة فظفر بهم وقتل منهم نحو ثمانمائة ثم جرت له معهم بعد ذلك حأروب وكانت عدتهم خمسة آلف. وفيها امتحن الخليفة المعتصم أحمد بن حنبل بالقول بخلق القرآن وعاقبه رّضي الله عنه ووقع له أمورّ يطول شرحأها من المناظرات والسئلة فثبته الله على الحق وفيها حأج بالناس العباس بن محمد بن علي العباسي. وفيها توفي علي بن عبيدة أبو الحسن الكاتب المعروف بالريحاني كان أديًبا فصي ًحا بلي ًغا ًرا وخبرا فمن دارّ تهن بمنزليك وجود بذل سعودك فيهما خب السعادة كل يوم إلى دارّ الهنا وهلم جرا وفيها توفي محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو جعفر وقيل: أبو محمد وكان يلقب بالجواد وبالمرتضى وبالقانع ولد سنة خمس وتسعين ومائة وكان خصي وزأوجه المأمون بابنته أمم ًصا عند المأمون الفضل وكان يعطيه في كل سنة ألف ألف درّهم ومات لخمس ليال بقين من ذي الحجة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي علي بن عياش اللهاني بحمص وأبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي بمكة وأبو نعيم الفضل بن دكين وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي بالكوفة وإبراهيم بن حأميد الطويل وسعد بن شعبة بن الحجاج بالبصرة وأبو السود النضر بن عبد الجبارّ بمصر وسليمان بن داود الهاشمي وغسان بن الفضل الغلبي ببغداد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وإصبع واحأد. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وعشرة أصابع ونصف. ولية موسى بن أبي العباس هو موسى بن أبي العباس ثابت ولي إمرة مصر نيابة عن أشناس بعد عزل المظفر بن كيدرّ عنها في مستهل شهر رّمضان سنة تسع عشرة ومائتين ولي على الصلة وجمع له الخراج في بعض الحأيان. ولما ولي مصر سكن بالعسكر على عادة المراء واستعمل على الشرطة بعض حأواشيه وحأسنت أيامه وطالت وسكنت الشرورّ والفتن بآخر أيامه فإنه في أول المر خالفه بعض أهل الحوف ووقع له معهم أمورّ حأتى سكن المر وصلح على أنه كان في أيام المحنة بخلق القرآن وأباد فقهاء مصر وعلماءها إلى أن أجاب غالبهم بالقول بخلق القرآن. ودام على إمرة مصر نائًبا لبي جعفر أشناس إلى أن صرف عنها في شهر رّبيع الخر سنة أرّبع وعشرين ومائتين. وكانت ولايته على إمرة مصر أرّبع سنين وسبعة أشهر وولى أشناس على إمرة مصر بعده مالك بن كيدرّ الصغدي. وأما التعريف بأشناس فإنه كان من كبارّ القواد بحيث إن المعتصم جعله في فتح عمورّية من بلد الروم على مقدمته ويتلوه محمد بن إبراهيم بن مصعب وعلى ميمنته إيتاخ القائد وعلى ميسرته جعفر بن دينارّ بن عبد الله الخياط وعلى القلب عجيف بن عنبسة. وفيما ذكرناه كفاية لمعرفة مقام أشناس عند الخلفاء. بن أبي العباس على مصر وهي سنة عشرين ومائتين. فيها عقد الخليفة المعتصم على حأرب بابك الخرمي وعلى بلد الجبال للفشين واسمه حأيدرّ بن كاوس فتجهز الفشين وحأشد وجمع وسارّ لحرب بابك وغيره. وفيها وجه المعتصم أبا سعيد محمد بن يوسف إلى أرّدبيل لعمارّة الحصون التي خربها بابك في أيام عصيانه. قلت: وقد أفسد بابك هذا في مدة عصيانه مدًنا كثيرة وأخرب عدة حأصون وأباد العالم وعجزت الخلفاء والملوك عنه لفرارّه وطالت أيامه نحو العشرين سنة أو أكثر. وفيها بنى المعتصم مدينة سر من رّأى وسكنها وهي التي تسمى أي ًضا سامرا. وسبب بنائه لهذه المدينة كثرة مماليكه التراك لنهم كثروا وتولعوا بحرم الناس فشكا أهل بغداد ذلك للمعتصم وقالوا له: تحول عنا وإل قاتلناك قال: وكيف تقاتلوني وفي عسكري ثمانون ألف دارّع ! قالوا: نقاتلك بسهام الليل - يعنون الدعاء - فقال المعتصم: والله ما لي بها طاقة فبنى لذلك سر من رّأى وسكنها. وفيها أسر عجيف جماعة من الزط وقدم بهم بغداد وكانت عدتهم سبعة وعشرين ألفا المقاتلة منهم اثنا عشر أل ًفا. قاله صاحأب المرآة. ًل عظيمة وفيها غضب المعتصم على وزأيره الفضل بن مروان وصادرّه وأخذ منه أموا تفوق الوصف حأتى قيل: إنه أخذ منه عشرة آلف ألف دينارّ واستأصله وأهل بيته ونفاه إلى قرية بطريق الموصل وولى بعده الوزأارّة محمد بن عبد الملك بن الزيات. وفيها اعتنى المعتصم باقتناء الترك فبعث إلى سمرقند وفرغانة والنواحأي لشرائهم وبذل فيهم الموال وألبسهم أنواع الديباج ومناطق الذهب وأمعن في شرائهم حأتى بلغت عدتهم ثمانية آلف مملوك وقيل: ثمانية عشر أل ًفا وهو الشهر ولجلهم بنى مدينة سامرا كما تقدم ذكره. وفيها توفي خلف بن أيوب أبو سعيد العامري البلخي المام الفقيه الحنفي مفتي أهل بلخ وخراسان وكان إما يوسف يعقوب وابن أبي ًما زأاه ًدا ورّ ًعا أخذ الفقه عن القاضي أبي ليلى وأخذ الزهد عن إبراهيم بن أعصم. وانتهت إليه رّياسة المذهب في زأمانه رّحأمه الله تعالى. بناء مدينة سامرا على سبيل الختصارّ ولما ولي المعتصم وكثرت مماليكه صارّوا يؤذون الناس فكانوا يطردون خيلهم إلى بغداد فيصدم أحأدهم المرأة والشيخ الكبير والصغير فعظم ذلك على أهل بغداد فكلموا المعتصم كما تقدم ذكره فعزم على التحول من بغداد فخرج من بغداد وتنقل على دجلة والقاطول وهو نهر منها فانتهى إلى موضع فيه دير لرهبان فرأى فضاء واس ًعا ج ًدا والهواء طيًبا فاستمرأه وتصيد به ثلًثا فوجد نفسه يطلب أكثر من أكله فعلم أن ذلك لتأثير الهواء والتربة والماء فاشترى من أهل الدير أرّضهم بأرّبعة آلف دينارّ وأسس قصره بالوزأيرية التي ينسب إليها التين الوزأيري وجمع الفعلة والصناع من الممالك ونقل إليها أنواع الشجارّ والغروس واختطت الخطط والدرّوب وجدوا في بنائها وشيدت القصورّ واستنبطت إليها المياه من دجلة وغيرها وتجامع الناس بها فقصدوها وسكنوها فكثرت بها المعايش إلى أن صارّت من أعظم البلدان. وفيها ظهر إبراهيم النظام وقررّ مذهب الفلسفة وتكلم في القمر فتبعه خلق. وفيها حأج بالناس صالح بن العباس بن محمد بن علي العباسي. وفيها توفي سليمان بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو أيوب الهاشمي العباسي كان صال ًحا زأاه ًدا عفيفأ جوا ًدا. قال الشافعي: ما رّأيت أعقل من رّجلين: أحأمد بن حأنبل وسليمان بن داود الهاشمي. وفيها توفي فتح بن سعيد أبو نصر الموصلي كان من أقران بشر الحافي وسري السقطي كان زأاه ًدا عاب ًدا كبير الشأن. قال فتخ: صحبت ثلثين شي ًخا كانوا يعدون من البدال وكفهم أوصاني عند فراقي له: إياك ومعاشرة الحأداث. وفيها توفي الحافظ أبو نعيم الفضل بن دكين ودكين اسمه عمرو بن حأماد بن زأهير بن درّهم مولى أبي طلحة بن عبد الله التيمي ولد سنة ثلثين ومائة وهو أحأد العلم المشهورّين بعلم الحديث المتقدمين فيه. ًما انتهت إليه ًما وفيها توفي قالون المقرىء واسمه عيسى وكنيته أبو موسى كان إما عال الرياسة في النحو والعربية والقراءة في زأمانه بالحجازأ وهو أحأد أصحاب نافع ورّحأل إليه الناس وطال عمره وبعد صيته. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وإصبعان. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وسبعة عشر إصب ًعا ونصف. السنة الثانية من ولية موسى بن أبي العباس على مصر وهي سنة إحأدى وعشرين ومائتين. فيها تكامل بناء مدينة سر من رّأى. وفيها ولي إمرة مكة محمد بن داود بن عيسى العباسي ووقع في ولايته بمكة حأروب وفتن. وفيها كانت وقعة كبيرة بين بغا الكبير المعتصمي وبين بابك الخزير انهزم فيها بابك. وفيها توفي إبراهيم بن شماس أبو إسحاق السمرقندي المام الزاهد الورّع كان ثقة ثبًتا شجا ًعا بط ًل عظيم الهامة خرج من مدينة سمرقند غازأًيا فالتقاه الترك فقتلوه في المحرم من السنة. ًما سخًيا وفيها توفي عيسى بن أبان بن صدقة المام القاضي أبو موسى الحنفي كان عال ج ًدا كان يقول: والله لو أتيت برجل يفعل في ماله كفعلي لحجرت عليه وكان مع كرمه من أعيان الفقهاء وولي القضاء سنتين. وفيها توفي أبو جعفر المحولي الزاهد العابد كان يسكن بباب المحل فعرف به كان يقول: حأرام على قلب مأسورّ بحب الدنيا أن يسكنه الورّع وحأرام على نفس مغرمة برياء الناس أن تذوق حألوة الخرة وحأرام على كل عالم لم يعمل بعلمه أن تنجده التقوى. وفيها كان الطاعون بالبصرة ذكره ابن الجوزأي في المنتظم فقال: كان لشخص تسعة أولد فماتوا في يوم واحأد. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو اليمان الحمصي وعاصم بن علي بن عاصم والقعنبي وعبدان المروزأي واسمه عبد الله بن عثمان وهشام بن عبيد الله الرازأي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وخمسة عشر. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وأحأد وعشرون إصب ًعا ونصف إصبع. . السنة الثالثة من ولية موسى بن أبي العباس على مصر وهي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. فيها كانت وقعة الفشين مع الكافر بابك الخرفي فهزمه الفشين واستباح عسكره وهرب بابك ثم أسروه بعد فصول طويلة وكان بابك من أبطال زأمانه وشجعانهم عاث في البلد وأفسد وأخاف السلم وأهله وغلب على أذرّبيجان وغيرها وأرّاد أن يقيم ملة المجوس وظهر في أيامه المازأيارّ القائم بملة المجوس بمدينة طبرستان فعظم شره وكان الخليفة المعتصم قد جعل لمن جاء به مئتا ألفي ألف درّهم ولمن جاء برأسه ألف ألف درّهم فجاء به سهل البطريق فأعطاه المعتصم ألفي ألف درّهم وحأط عنه خراج عشرين سنة ثم قتل بابك في سنة ثلث وعشرين ومائتين " أعني في التية ". ولما أدخل بابك مقي ًدا إلى بغداد انقلبت بغداد بالتكبير والضجيج فلله الحمد. وفيها توفي أحأمد بن الحجاج الشيباني ثم الذهلي. ًما فاض ًل ثقة. ًما عال كان إما قدم إلى بغداد وحأدث بها عن عبد الله بن المبارّك وغيره ورّوى عنه محمد بن إسماعيل البخارّي وكان المام أحأمد يثني عليه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي عمر بن حأفص ابن غياث وخالد بن نزارّ اليلي وأحأمد بن محمد الزأرّقي الذي ذكرناه في الطبقة الماضية وعلي بن عبد الحميد ومسلم بن إبراهيم والوليد بن يشام القحمي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وتسعة أصابع. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا واثنان وعشرون إصب ًعا. السنة الرابعة من ولية موسى بن أبي العباس على مصر وهي سنة ثلث وعشرين ومائتين. فيها قدم الفشين بغداد في ثالث صفر ببابك الكافر الخزين وأخيه وكان المعتصم يبعث للفشين منذ توجه إلى بغداد في كل يوم خلعة وفر ًسا بفرحأته ببابك. ومن عظم فرح المعتصم وعنايته بأمر بابك رّتب البريد من سر من رّأى إلى الفشين بحيث إن الخبر يأتيه من مسيرة شهر في أرّبعة أيام. وكان بابك يقول بتناسخ الرّواح ويستحل البنت وأمها. وقد تقدم في العام الماضي أن المعتصم أعطى لمن أحأضره إلى بغداد ألفي ألف درّهم. ولما أن أرّاد المعتصم قتل بابك المذكورّ أمر بعد عقوبته بقطع أرّبعته فلما قطعت يده مسح بالدم على وجهه حأتى ل يرى أح أن وجهه أصفر خيفة من القتل وقتل وعلق رّأسه وقطعت أعضاؤه ثم أحأرق. وفيها أي ًضا جهز المعتصم الفشين المذكورّ بالجيوش لغزو الروم فتهيأ وسافر والتقى مع طاغية الروم فاقتتلوا أيا طاغية الروم ونصر ًما وثبت كل من الفريقين إلى أن هزم الله السلم ولله الحمد. وفيها أخرب المعتصم مدينة أنقرة وغيرها من بلد الروم وأنكى في بلد ديارّهم. وكان ملكهم تويخيل بن ميخائيل بن جرجس قد نزل زأبطرة في مائة ألف وأغارّ على ملطية وأباد المسلمين حأتى أخذ المعتصم بثأرّهم وأخرب ديارّ الكفر. . وفيها دفع المعتصم خاتمه إلى ابنه هارّون الواثق وأقامه مقام نفسه وأستكتب له سليمان بن محمد بن عبد الملك بن الزيات. وفيها في شوال زألزلت فرغانة فمات تحت الهدم خمسة عشر أل ًفا من الناس. وفيها حأج بالناس محمد بن داود. وفيها توفيت فاطمة النيسابورّية الزاهدة جاورّت بمكة مدة وكانت تتكلم في معاني القرآن قال ذو النون المصري: فاطمة ولية الله وهي أستاذتي. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي عبد الله بن صالح كاتب الليث وخالد بن خداش ومحمد بن سنان العوقي ومحمد بن كثير العنسي وموسى بن إسماعيل التبوذكي ومعاذ بن أسد المروزأي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان واثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثلثة وعشرون إصب ًعا ونصف إصبع. ولية مالك بن كيدرّ على مصر هو مالك بن كيدرّ واسم كيدرّ نصر وقد تقدم ذكره في ولايته على مصر وكيدرّ بن عبد الله الضغدي. وولي مالك إمرة مصر بعد عزل المير موسى بن أبي العباس عنها من قبل المير أبي جعفر أشناس وله على صلة مصر وكان الخراج للخليفة يولي عليه من شاء في هذه السنين فقدم مالك بن كيدرّ إلى مصر لسبع بقين من شهر رّبيع الخر من سنة أرّبع وعشرين ومائتين وسكن بالعسكر على عادة أمراء بني العباس وولى على الشرطة بعض حأواشيه وساس الناس إلى أن صرف عن إمرة مصر في ثالث شهر رّبيع الخر من سنة ست وعشرين ومائتين وتولى مصر من بعده المير علي بن يحيى فكانت ولية مالك هذا على مصر سنتين وأحأد عشر يو ًما ودام بعد ذلك بطاًل سنين إلى أن توفي فجاءة في ًرا سيو ًسا وقوًرّا في ًرا ساك ًنا عاق ًل مدب عاشر شعبان سنة ثلث وئلثين ومائتين وكان أمي الدول ولي العمال الجليلة وتنقل في خدم الخلفاء وكان من أكابر القواد وال مراء. السنة الولى من ولية مالك بن كيدرّ على مصر وهي سنة أرّبع وعشرين ومائتين. فيها أظهر مازأيارّ بن قارّن الخلف بطبرستان وحأارّب أعوان الخليفة. وكان مبايًنا لل طاهر وكان المعتصم يأمره بحمل الخراج إليهم فيقول مازأيارّ: ل أحأمله إل إلى أمير المؤمنين. وكان الفشين يسمع أحأياًنا من المعتصم ما يدل على أنه يريد عزل عبد الله بن طاهر فلما ظفر الفشين ببابك ونزل من المعتصم المنزلة الرفيعة طمع في إمرة خراسان وبلغه منافرة مازأيارّ فكتب إليه الفشين يمنيه ويستميله ويقوي عزمه. ثم كتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر بمحارّبة مازأيارّ ثم جهز بعد ذلك المعتصم جي ًشا لمحارّبة مازأيارّ وعلى الجيش الفشين المذكورّ هذا ومازأيارّ قد جنى الموال وعسف وأخرب أسوارّ آمد والري وجرجان وهرب الناس إلى نيسابورّ. ووقع لمازأيارّ أمورّ وحأروب آخرها أنه قتل بعد أن أهلك الحرث والنسل. وفيها توفي إبراهيم ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو إسحاق أخو الرشيد وعم المين والمأمون والمعتصم كان يعرف بابن شكلة وهي أمه أم ولد سوداء مولده في سنة اثنتين وستين ومائة. وإبراهيم هذا هو الذي كان بويع بالخلفة بعد قتل المين ولقب بالمبارّك المنير في سنة اثنتين ومائتين فلم يتم أمره ووقع له مع عسكر المأمون حأروب ووقائع أسفرت عن هزيمة إبراهيم واختفائه سنين إلى أن ظفر به المأمون وعفا عنه. وكان إبراهيم قد انتزع إلى أنه فكان أسود حأال أنه لم يكن في أولد ًكا عظيم اللحية على الخلفاء أفصح منه ول أشعر وكان حأاذ ًقا بالغناء وصناعة العود يضرب به المثل فيهما. وله في هروبه واختفائه وكيفية الظفر به أمورّ وحأكايات مهولة منها أنه لما وقف بين يدي المأمون شاورّ في قتله أصحابه فالكل أشارّوا بالقتل غير أنهم اختلفوا في القتلة فالتفت المأمون إلى أحأمد بن خالد الوزأير وشاورّه فقال: يا أمير المؤمنين إن قتلته فلك نظير وإن عفوت عنه فما لك نظير فأنشد المأمون: " الكامل " فلئن عفوت لعفون تكر ًما ولئن سطوت لوهنن عظامي فكشف إبراهيم بن المهدي رّأسه وقال: الله أكبر عفا عني أمير المؤمنين! فقال المأمون: يا غلمان خلوا عن عمي وغيروا من حأالته وجيئوني به. ففعلوا وأحأضروه بين يدي المأمون في مجلسه ونادمه وسأله أن يغني فأبى وقال: نذرّت لله عند خلصي تركه فعزم عليه وأمر أن يوضع العود في حأجره فغنى. وقال الذهبي: وعن منصورّ بن المهدي قال: كان أخي إبراهيم إذا تنحنح طرب من يسمعه فإذا غنى أصغت إليه الوحأوش ومدت أعناقها إليه حأتى تضع رّؤوسها في حأجره فإذا سكت نفرت وهربت وكان إذا غنى لم يبق أحأد إل ثمل ويترك ما في يده حأتى يفرغ. قلت: وحأكايات إبراهيم في الغناء والعود مشهورّة يضيق هذا المحل عن ذكرها وقد ذكره أبن عساكر في تارّيخ دمشق في سبع عشرة ورّقة. وفيها توفي أبو عبيد القاسم بن سلم وكان أبوه عب ًدا رّومًيا لرجل من أهل هراة وكان ًما مفنًنا له المصنفات الكثيرة المفيدة: منها القاسم إماما عال غريب الحديث وغيره. وفيها توفي سليمان بن حأرب الحافظ أبو أيوب الزأدي البصري ولد في صفر سنة أرّبعين ومائة وكان إما البصرة إلى بغداد ًما فاضًل - قال القاضي يحيى بن أكثم: لما عدت من قال لي المأمون: من تركت بالبصرة قلت: سليمان بن حأرب - حأاف ًظا للحديث ثقة عاق ًل في نهاية الصيانة والسلمة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثلثة أصابع ونصف. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. السنة الثانية من ولية مالك بن كيدرّ على مصر وهي سنة خمس وعشرين ومائتين. فيها قبض المعتصم على الفشين لعداوته لعبد الله بن طاهر ولحأمد بن أبي دواد فعمل عليه ونقل عنه أنه يكاتب مازأيارّ فطلب المعتصم كاتبه وتهدده بالقتل فاعترف وقال: كتبت إليه بأمره يقول: لم يبق غيري وغيرك وغير بابك الخرمي وقد مضى بابك وجيوش الخليفة عند ابن طاهر ولم يبق عند الخليفة سواي فإن هزمت أبن طاهر كفيتك أنا المعتصم ويخلص لنا الدين البيض يعني المجوسية وكان الفشين يتهم بها فوهب المعتصم للكاتب ماًل وأحأسن إليه وقال: إن أخبرت أحأ ًدا قتلتك. فروي عن أحأمد بن أبي عواد قال: دخلت على المعتصم وهو يبكي وينتحب ويقلق فقلت: ل أبكى الله عينك! ما بك قال: يا أبا عبد الله رّجل أنفقت عليه ألف ألف دينارّ ووهبت له مثلها يريد قتلي! قد تصدقت بعشرة آلف ألف درّهم فخذها وفرقها - وكان الكرخ قد احأترق - فقلت: تفرق نصف المال في بناء الكرخ والباقي في أهل الحرمين قال: أفعل. وكان الفشين قد سير أموا إليها " فتحقق عند ًل عظيمة إلى مدينة أشروسنة وهم بالهرب المعتصم بما كان من أمر الفشين فتغير عليه وأحأس " الفشين " بالمر فهيأ دعوة ليسم المعتصم وقواده فإن لم يجبه دعا لها أتراك المعتصم: مثل المير إيتاخ وأشناس وغيرهما فيسمهم ثم يذهب إلى إرّمينية ويدورّ إلى أشروسنة. فطال بالفشين المر ولم يتهيأ له ذلك حأتى أخبر بعض خواصه المعتصم بعزمه فقبض عليه حأينئذ المعتصم وحأبسه وكتب إلى عدوه عبد الله بن طاهر بأن يقبض على ولده الحسن بن الفشين فوقع له ذلك. وفيها استوزأرّ المعتصم محمد بن عبد الملك بن الزيات. وفيها أي ًضا أسر مازأيارّ المذكورّ وقدم به بين يدي المعتصم. وفيها زألزلت الهوازأ وسقط كثر البلد والجامع وهرب الناس إلى ظاهر البلد ودامت الزلزلة وفيها ولي إمرة دمشق دينارّ بن عبد الله وعزل بعد أيام بمحمد بن الجهم. وفيها توفي سعدويه واسمه سعيد بن سليمان وكنيته أبو عثمان الواسطي الواعظ البزازأ كان يسكن ببغداد وامتحن بالقرآن فأجاب فقيل له بعد ذلك: ما فعلت. قال: كفرنا ورّجعنا. وفيها توفي صالح بن إسحاق أبو عمرو النحوي الجرمي لنه نزل في قبيلة من جرم وكان ًما فاضًل عارّ ًفا بالعربية وأيام الناس وأشعارّ العرب وله اختيارّات إما وأقوال. وفيها توفي علي بن رّزأين المام أبو الحسن الخراساني الترمذي ويقال الهروي أستاذ أبي عبد الله المغربي كان صاحأب أحأوال وكرامات. وفيها توفي المير أبو دلف العجلي واسمه القاسم بن عيسى بن إدرّيس بن معقل بن سنان من ولد عجل أمير الكرج كن شجا ًعا جوا ًدا ممد ًحأا شاع ًرا وهو الذي قال فيه علي بن جبلة: " المديد " إنما الدنيا أبو دلف بين باديه ومحتضره فإذا ولى أبو دلف ولت الدنيا على أثره قيل: إن المأمون كان مقطًبا فدخل عليه أبو دلف فقال له المأمون: يا أبا دلف أنت الذي قال فيك الشاعر وذكر البيت المقدم ذكره فقال أبو دلف: يا أمير المؤمنين شهادة زأورّ وقول غرورّ وأصدق منه قول من قال: " الطويل " دعيني أجوب الرّض ألتمس الغنى فل الكرج الدنيا ول الناس قاسم وقال ثعلب: حأدثنا ابن العرابي عن الصمعي قال: كنت واق ًفا بين يدي المأمون إذ دخل عليه أبو دلف فنظر إليه المأمون شزًرّا وقال له: أنت الذي يقول فيك علي بن جبلة: " الطويل " له رّاحأة لو أن معشارّ عشرها على البر كان البر أندى من البحر له همم ل منتهى لكبارّها وهمته الصغرى أجل من الدهر فقال: يا أمير المؤمنين مكتوب علي ل والذي في السماء بيته ما أعرف من هذا حأر ًفا فقال المأمون: قد قال فيك أيضا: " البسيط " ما قال لقط من جود أبو دلف إل التشهد لكن قوله نعم فقال: ول أعرف هذا أي ًضا يا أمير المؤمنين. قلت: وأخبارّ أبي دلف كثيرة وشعره سارّت به الركبان. وفيها توفي منصورّ بن عمارّ بن كثير الشيخ أبو السري الواعظ الخراساني وقيل: البصري أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. ولية علي بن يحيى الولى على مصر هو علي بن يحيى المير أبو الحسن الرّمني ولي إمرة مصر من قبل المير أبي جعفر أشناس التركي على الصلة بعد عزل المير مالك بن كيدرّ عنها سنة ست وعشرين ومائتين و وصل إلى الديارّ المصرية في يوم الخميس لسبع خلون من شهر رّبيع الخر من السنة المذكورّة وسكن بالعسكر على عادة المراء وجعل على شرطته معاوية " بن معاوية " بن نعيم وتم أمره وأخذ في إصلح أحأوال الديارّ المصرية وإقناع المفسدين إلى أن ورّد عليه الخبر في شهر رّبيع الول من سنة سبع وعشرين ومائتين بموت الخليفة محمد المعتصم وبيعة ابنه هارّون الواثق بالخلفة من بعده وأن الخليفة هارّون الواثق أقره على عمل مصر على عادته. فأقام على ذلك مدة و ورّد عليه الخبر بعزله عن إمرة مصر من غير سخط بعيسى بن منصورّ وذلك في يوم الخميس لسبع خلون من ذي الحجة من سنة ثمان وعشرين ومائتين. فكانت ولية علي بن يحيى هذا على مصر سنتين وثمانية أشهر وقيل: وثلثة أشهر والول أصح. وتوجه إلى العراق وقدم على الخليفة هارّون الواثق فأكرمه الواثق وولي العمال الجليلة في أيام الواثق وأيام أخيه المتوكل جعفر. ثم أعيد إلى إمرة مصر ثانًيا حأسبما يأتي ذكره وأقام بها مدة ثم عزل وعاد إلى العراق وعظم عند الخلفاء وغزا الصائفة غير مرة إلى أن خرج في أول سنة تسع وأرّبعين ومائتين إلى غزو الروم وتوغل في بلد الروم ثم عاد قاف ًل من إرّمينية إلى ميافارّقين فبلغه مقتل المير عمر بن عبد الله القطع وكان القطع قد خرج مع جعفر بن دينارّ إلى الصائفة فافتتح حأصًنا يقال له مطامير فاستأذن القطع جعفر بن دينارّ في الدخول إلى الروم فأذن له فدخل القطع الروم ومعه عسكر كثيف. وكان الروم في خمسين أل ًفا فأحأاطوا به وبمن معه فقتلوه وقتل معه ألف رّجل من أعيان المسلمين وكان ذلك في يوم الجمعة منتصف شهر رّجب من السنة. فلما بلغ المير علي بن يحيى المذكورّ خبر قتل القطع عاد من وقته يطلب الروم فقاتل حأتى قتل حأسبما ذكرناه في ولايته الثانية على مصر. وفي أيام علي بن يحيى هذا على مصر وقع بينه وبين هارّون بن عبد الله الزهري الصم قاضي قضاة ديارّ مصر فعزله وولى عوضه محمد بن أبي الليث الحارّث بن شداد اليادي الجهمي الخوارّزأمي فبقى محمد المذكورّ في القضاء نح ًوا من عشر سنين ولم يكن محمود السيرة في أحأكامه وامتحن الفقهاء بمصر بخلق القرآن وحأكم على عبد الله بن عبد الحكم بودائع كانت للجروي عندهم بألف ألف دينارّ وأرّبعمائة ألف دينارّ فأقاموا شهو ًدا بأن الجروي كان قد أبرأهم وأخذ الذي له فلم يلتفت لذلك وعسفهم وظلمهم ًرا. وفعل أمثال ذلك كثي السنة الولى من ولية علي بن يحيى الولى على مصر وهي سنة ست وعشرين ومائتين. فيها في جمادى الولى أمطر أهل تيماء بر ًدا كالبيض قتل منهم ثلثمائة وأرّبعين نف ًسا قاله ابن حأبيب الهاشمي ثم قال: ونظروا إلى أثر قدم طوله ذرّاع ومن الخطوة إلى الخطوة نحو خمسة أذرّع وسمعوا صوًتا يقول: أرّحأم عبادك اعف عن عبادك. وفيها منع المعتصم الفشين من الطعام والشراب حأتى مات ثم أخرج وصلب في شعبان. والفشين اسمه حأيدرّ بن كاوس وهو من أولد الكاسرة والفشين لقب لمن ملك مدينة أشروسنة وقد تقدم ذكر ورّوده إلى الديارّ المصرية وقتاله مع القيسية واليمانية ثم قتاله بالشرق مع مازأيارّ وغيره وذكرنا أي ًضا سبب القبض عليه في حأوادث سنة خمس وعشرين وفيها توفيت عنان جارّية الناطفي. كانت من مولدات المدينة وكانت جميلة شاعرة فصيحة سريعة الجواب بلغ الرشيد خبرها فاستعرضها فقال مولها: ما أبيعها إل بمائة ألف درّهم فردها الرشيد فتصدق مولها الناطفي بثلثين ألف درّهم. وبعد موت الناطفي بيعت بمائة ألف درّهم وخمسين ألف درّهم وماتت بخراسان. وأخبارّها ومجرياتها مع أبي نواس وغيره من الشعراء مشهورّة. وفيها توفي مازأيارّ واسمه محمد بن قارّن المير صاحأب طبرستان. كان مبايًنا لعبد الله بن طاهر وكان الفشين كذلك فكان الفشين يحسن إليه ويحمله على خلف الخليفة المعتصم ول زأاد به حأتى خالف وحأارّب عساكر الخليفة وعبد الله بن طاهر غير مرة ووقع له أمورّ وأبلى المسلمين ببليا وأباد الناس إلى أن ظفر به وأحأضر بين يدي الخليفة المعتصم فأمر به المعتصم فضرب أرّبعمائة وخمسين سو ًطا فمات من ساعته تحت العقوبة عط ًشا وكان معدو ًدا من الشجعان. " ومازأيارّ بفتح الميم وبعد اللف زأاي مفتوحأة وياء مثناة من تحت مشددة وبعد اللف رّاء مهملة ". وفيها توفي محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول أبو الهذيل العلف البصري مولى لعبد القيس كان شيخ المعتزلة وصنف الكتب في مذهبهم ولد سنة خمس وثلثين ومائة. وقدم بغداد وناظر العلماء وأبادهم وكان خبيث اللسان. وفيها توفي يحيى بن يحيى بن بكير بن عبد الرحأمن الحافظ أبو زأكريا التميمي المنقري الحنظلي النيسابورّي الزاهد العابد الورّع كان إمام أهل نيسابورّ وحأافظها في زأمانه وأخرج عنه البخارّي في مواضع واتفقوا على ثقته وصدقه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسحاق بن محمد الفروي وإسماعيل بن أبي أوس وجندل بن والق وسعيد بن كثير بن عفير وعياش بن الوليد الرقام وغسان بن الربيع الموصلي ومحمد بن مقاتل المروزأي ويحيى بن يحيى التميمي النيسابورّي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة أرّبعة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. السنة الثانية من ولية علي بن يحيى على مصر وهي سنة سبع وعشرين ومائتين. فيها خرج بفلسطين المبرقع أبو حأرب اليماني الذي زأعم أنه السفياني فدعا بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر أوًل إلى أن قويت شوكته فادعى النبؤة. وكان سبب خروجه أن جندًيا أرّاد النزول في دارّه فمانعته زأوجته فضربها الجندي بسوط فأثر في ذرّاعها فلما جاء المبرقع شكت إليه فذهب إلى الجندي فقتله وهرب ولبس برق ًعا لئل يعرف ونزل جبال الغورّ مبرق ًعا وحأث الناس على المر بالمعروف والنهي عن المنكر فاستجاب له قوم من فلحأي القرى وقوي أمره فسارّ لحربه رّجاء الحضارّي أحأد قواد المعتصم في ألف فارّس وأتاه فوجده في مائة ألف فعسكر بإزأائه ولم يجسر على لقائه. فلما كان أوان الزرّاعة تفرق أكثر أصحابه في فلحأتهم وبقي في نحو اللفين فواقعه عند ذلك رّجاء الحضارّي المذكورّ وأسره وحبسه حأتى مات خنقا في آخر هذه السنة. وكان المبرقع بطل شجاعا.
وفيها بعث المعتصم على دمشق المير أبا المغيث الرافقي فخرجت عليه طائفة من قيس لكونه أخذ منهم خمسة عشر نفسا فصلبهم فجهز إليهم أبو المغيث جي ًشا فهزموه وزأحأفوا على دمشق فتحصن بها أبو المغيث ووقع حأصارّ شديد ومات المعتصم والمر على ذلك فاستمر في الحصارّ إلى أن كتب الواثق إلى رّجاء الحضارّي أن يتوجه إلى دمشق مم ًدا لبي المغيث فقدم دمشق وحأارّب القيسية حأتى هزمهم وقتل منهم أل ًفا وخمسمائة وقتل من الجند ثلثمائة. وفيها في تاسع عشر شهر رّبيع الول بويع هارّون الواثق بالخلفة بعد موت أبيه محمد المعتصم. وفيها توفي بشر بن الحارّث بن عبد الرحأمن بن عطاء بن هلل بن ماهان ابن عبد الله الزاهد الورّع أبو نصر المعروف ببشر الحافي كان أصله من أبناء الرؤساء بخراسان فتزهد وصحب الجنيد ومولده بمرو سنة خمسين ومائة وسكن بغداد وتزهد حأتى فاق أهل عصره وسمع الحديث من مالك بن أنس والفضيل بن عياض وحأماد بن زأيد وشريك وعبد الله بن المبارّك وغيرهم ورّوى عنه جماعة منهم أحأمد الدورّقي ومحمد بن يوسف الجوهري وسري السقطي وخلق غيرهم. قال أبو بكر المروزأي: سمعت بش ًرا يقول: الجوع يصفي الفؤاد ويميت الهوى ويورّث العلم الدقيق. وقال أبو بكر بن عفان: سمعت بشر بن الحارّث يقول: إني لشتهي شواء منذ أرّبعين سنة ما صفا لي درّهمه. وعن المأمون قال: ما بقي أحأد نستحي منه غير بشر بن الحارّث. وقال أحأمد بن حأنبل: لو كان بشر بن الحارّث تزوج لتم أمره. وقال إبراهيم الحربي: ما أخرجت بغداد أتم عق ًل من بشر ول أحأفظ للسانه كأن في كل شعرة منه عق ًل. وعن بشر قال: المتقلب في جوعه كالمتشحط فى دمه في سبيل الله. وعنه قال: شاطر سخي أحأب إلى الله من صوفي بخيل. وعنه قال: ل أفلح من ألف أفخاذ النساء. وعنه قال: إذا أعجبك الكلم فاصمت وإذا أعجبك الصمت فتكلم. وكانت وفاة بشر في يوم الرّبعاء حأادي عشر شهر رّبيع الول. وفيها توفيت فاطمة جارّية المعتصم وتدعى بعريب. كانت فائقة الجمال بارّعة في الغناء وفيها توفي أمير المؤمنين المعتصم بالله محمد وكنيته أبو إسحاق ابن الخليفة الرشيد هارّون ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي الخليفة الثالث من أولد هارّون الرشيد بويع الخلفة بعد موت أخيه عبد الله المأمون في شهر رّجب سنة ثمان عشرة ومائتين ومولده سنة ثمانين ومائة وأمه أم ولد اسمها مارّدة وكان أمًيا عارًّيا من كل علم. وعن محمد الهاشمي قال: كان مع المعتصم غلم في الكتاب يتعلم معه فمات الغلم فقال له الرشيد أبوه: يا محمد مات غلمك! قال: نعم يا سيدي واستراح من الكتاب فقال: وإن الكتاب ليبلغ منك هذا! دعوه ل تعلموه قال: فكان يكتب ويقرأ قراءة ضعيفة. وكان المعتصم مع ذلك فصي ًحا مهيًبا عالي الهمة شجا ًعا مقدا قيل: إنه كان أهيب ًما حأتى خلفاء بني العباس إل أنه سارّ على سيرة أخيه المأمون في امتحان العلماء بخلق القرآن وكان يدعى الثماني لنه ولد سنة ثمانين ومائة في شهر رّمضان ورّمضان بعد ثمانية أشهر من السنة وملك لثمان عشرة ليلة من شهر رّجب وهو الثامن من خلفاء بني العباس وفتح ثمانية فتوح وكان عمره ثماًنا وأرّبعين سنة وخلفته ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام وخلف من الولد ثمانية بنين وثماني بنات وخفف من العين ثمانية آلف ألف دينارّ ومثلها درّاهم وقيل: ثمانمائة ألف درّهم ومن الخيول ثمانين ألف فرس ومن الجمال ثمانين ألف جمل وبغل ودابة وثمانين ألف خيمة وثمانية آلف عبد " أعني مماليك " وقيل: ثمانية عشر أل ًفا وثمانية آلف جارّية وعمر من القصورّ ثمانية. وقال نفطويه: وحأدثت أنه كان من أشد الناس بط ًشا يعني المعتصم وأنه جعل يد رّجل بين إصبعيه فكسرها. وكانت وفاته في يوم الخميس تاسع عشر رّبيع الول وتخلف من بعده ابنه هارّون الواثق. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع واثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. M0لنة الثالثة من ولية علي بن يحيى على مصر وهي سنة ثمان وعشرين ومائتين. فيها استخلف الخليفة هارّون الواثق على السلطنة أشناس الذي كان أمر مصر إليه يولي فيها من اختارّ وألبسه وشاحأين بجوهر. وفيها وقعت قطعة من جبل العقبة قتل تحتها جماعة من الحاج. وفيها توفي عبيد الله بن محمد بن حأفص بن عمر بن موسى بن عبد الله بن معمر الحافظ أبو عبد الرحأمن التيمي ويعرف بابن عائشة وهو من ولد عائشة بنت طلحة قدم بغداد وحأدث بها وكان فاض ًل أديًبا حأسن الخلق ورّ ًعا عارّ ًفا بأيام الناس وكان مع هذه الفضيلة شديد القوة يمسك بيمينه ويسارّه شاتين إلى أن تنسلخا وابن عائشة هو الذي ضربه المأمون فخرج منه رّيح فقال فيه أبو نواس تلك البيات المشهورّة. ًما صدو ًقا ًما عال وفيها توفي عبد الملك بن عبد العزيز الحافظ أبو نصر التمارّ كان إما زأاه ًدا إل أنه كان ممن أجاب في المحنة فنهى المام أحأمد لهذا المعنى " عن " الخذ عنه. وفيها توفي محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان بن حأرب العتبي البصري صاحأب النوادرّ والداب والشعارّ والخبارّ والطرائف والملح والتصانيف وذكره ابن قتيبة في كتاب المعارّف وابن المنجم في كتاب التارّيخ. ومن شعره: " الطويل " رّأين الغواني الشيب لح بعارّضي فأعرضن عني بالخدود النواضر وكن إذا أبصرنني أو سمعنني خرجن فرقعن الكوى بالمحاجر فإن عطفت عني أعنة أعين نظرن بأحأداق المها والجآذرّ فإني من قوم كريم ثناؤهم لقدامهم صيغت رّؤوس المنابر خلئف في السلم في الشرك قادة بهم وإليهم فخر كل مفاخر أضحت بخدي للدموع رّسوم أس ًفا عليك وفي الفؤاد كلوم والصبر يحمد في المواطن كلها إل عليك فإنه مذموم وفيها توفي محمد بن مصعب أبو جعفر البغدادي كان أحأد العباد الزهاد والقراء أثنى عليه المام أحأمد بن حأنبل ووصفه بالسنة. وفيها توفي يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحأمن الحافظ المام أبو زأكريا الكوفي كان أحأد الحفاظ الرحأالين وكان يحفظ عشرة آلف حأديث يسردها سر ًدا وكانت وفاته بمدينة سامرا في شهر رّمضان. وفيها توفي نعيم بن حأماد بن معاوية بن الحارّث بن همام الخزاعي المروزأي صاحأب عبد الله بن المبارّك كان أعلم الناس بالفرائض وهو من الرحأالة في طلب الحديث. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن شبويه المروزأي وأحأمد بن محمد بن أيوب صاحأب المغازأي وأحأمد بن عمران الخنس وإسحاق بن بشر الكاهلي الكوفي وبشارّ بن موسى الخفاف وحأاجب بن الوليد العورّ وحأماد بن مالك الحرستاني وداود بن عمرو الضبي وعبد الله بن سوارّ بن عبد الله العنبري القاضي وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي وعبد الرحأمن بن المبارّك وأبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمارّ وعلي بن عثام الكوفي وأبو الجهم صاحأب الجزء ومحمد بن جعفر الورّكاني ومحمد بن حأسان السمتي وأبو يعلى محمد بن الصلت التوزأي والعتبي الخبارّي ومحمد بن عبد الله ومحمد بن عمران بن أبي ليلى والمثنى بن معاذ العنبري ومسدد ونعيم بن الهيصم ويحيى الحماني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وعشرة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. ولية عيسى بن منصورّ الثانية على مصر هو عيسى بن منصورّ بن موسى بن عيسى الرافقي وليها ثانًيا بعد عزل علي بن يحيى الرّمني من قبل المير أشناس التركي المعتصمي على الصلة ودخل إلى مصر في يوم الجمعة لسبع خلون من محرم سنة تسع وعشرين ومائتين وسكن العسكر على عادة أمراء مصر في الدولة العباسية وجعل على الشرطة ابنه ومفد أمورّ مصر ودام بها إلى أن توفي المير أشناس التركي المعتصمي عامل مصر من قبل الخليفة - وهو الذي كان إليه أمورّ مصر يولي عليها من شاء من المراء - في سنة ثلثين ومائتين. وولى الخليفة مكانه على مصر المير إيتاخ. وكانت ولما ولى إيتاخ التركي مصر أقر عيسى بن منصورّ هذا على عمله فاستمر عيسى بمصر على إمرتها نيابة عن إيتاخ إلى أن مات الخليفة هارّون الواثق في سنة اثنتين وثلثين ومائتين وبويع بالخلفة من بعده أخوه المتوكل على الله جعفر فأرّسل إلى عيسى هذا " بأن " يأخذ البيعة له على المصريين. ثم صرفه بعد ذلك في النصف من شهر رّبيع الول من سنة ثلث وثلثين ومائتين بالمير هرثمة وقدم مصر علي بن مهرويه خليفة هرثمة على الصلة. فلم تطل أيام عيسى بن منصورّ هذا بعد عزله على إمرة مصر ومرض ولزم الفراش حأتى مات في قبة الهواء بمصر في حأادي عشر شهر رّبيع الخر من سنة ثلث وثلثين المذكورّة. رّحأمه الله. ًرا سيو ًسا ولي العمال وكان أمي الجليلة وطالت أيامه في ًرا جليًل عارّ ًفا عاق ًل مدب السعادة. وهو ممن ولي إمرة مصر أوًل عن الخليفة والثانية عن المير أشناس التركي فكانت ولايته على مصر أرّبع سنين وثلثة أشهر وثمانية عشر يو ًما. السنة الولى من ولية عيسى بن منصورّ الثانية على مصر وهي سنة تسع وعشرين ومائتين. فيها صادرّ الخليفة الواثق بالله هارّون " كتاب " الدواوين وسجنهم وضرب أحأمد بن إسرائيل ألف سوط وأخذ منه ثمانين ألف دينارّ وأخذ من سليمان بن وهب كاتب المير إيتاخ الذي أمر مصر رّاجع إليه أرّبعمائة ألف دينارّ وأخذ من أحأمد بن الخصيب وكاتبه ألف ألف دينارّ فيقال: إن هارّون الواثق أخذ من الكتاب في هذه النوبة ألفي ألف دينارّ وكان متولي هذه المصادرّات المير إسحاق بن يحيى صاحأب حأرس الواثق. وفيها ولى الخليفة هارّون الواثق المير إيتاخ اليمن مضا ًفا إلى مصر فبعث إليها إيتاخ نوابه. وفيها ولى الواثق محمد بن صالح إمرة المدينة وولى محمد بن يزيد الحلبي الحنفي قضاء الشرقية. ًما ًما عال وفيها توفي خلف بن هشام بن ثعلبة أبو محمد البزازأ البغدادي المقرىء كان إما مال ً له قراءة اختارّها وقرأ بها وكان قد قرأ على مسلم صاحأب حأمزة وسمع كا وأبا عوانة وأبا شهاب عبد رّبه الخياط وجماعة ورّوى عنه أحأمد بن حأنبل وأبو زأرّعة وموسى بن هارّون وإدرّيس بن عبد الكريم الحداد وجماعة أخر. قال حأمدان بن هانىء المقرىء: سمعت خل ًفا البزازأ يقول: أشكل علي باب من النحو فأنفقت ثمانين ألف درّهم حأتى حأذقته. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن شبيب الحبطي وإسماعيل بن عبد الله بن زأرّارّة الرقي وثابت بن موسى العابد وخالد بن هياج الهروي وخلف بن هشام البزارّ وأبو مكيس الذي زأعم أنه سمع من أنس وأبو نعيم ضرارّ بن صرد وعبد العزيز بن عثمان المروزأي وعمارّ بن نصر وعمر بن خالد الحراني نزيل مصر ومحمد بن معاوية النيسابورّي ونعيم بن حأماد الخزاعي ويحيى بن عبدويه صاحأب شعبة ويزيد بن صالح النيسابورّي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. السنة الثانية من ولية عيسى بن منصورّ على مصر وهي سنة ثلثين ومائتين. فيها عاثت العراب حأول المدينة فسارّ لحربهم المير بغا الكبير فدوخهم وأسر وقتل فيهم - وكان قد حأارّبهم حأماد بن جرير الطبري القائد فقتل هو وعامة أصحابه - واستباحأوا عسكرهم وحأبس بغا منهم في القيود بالمدينة نحو ألف نفس فنقبوا الحبس فأخبرت بهم امرأة فأحأاط بهم أهل المدينة وحأصروهم يومين ثم برزأوا للقتال بكرة الثالث وكان مقدمهم ل بد من زأحأم وإن ضاق الباب إني أنا عزيزة بن قطاب للموت خير للفتى من العاب وكان قد فك قيده وصارّ يقاتل به يومه إلى أن قتل وصلب وقتلت عامة بني سليم وقتل جماعة كثيرة من العراب. وفيها توفي محمد بن سعد المام أبو عبد الله مولى بني هاشم وهو كاتب الواقدي ًما حأسن التصانيف ًما فاض ًل عال صاحأب الطبقات والسير وأيام الناس كان إما صنف كتاًبا ًرا في طبقات الصحابة والتابعين والعلماء إلى وقته. كبي ًرا في " هذا " الكتاب رّحأمه الله تعالى. قلت: ونقلنا عنه كثي رّوى عنه خلئق ل تحصى و وثقه غالب الحفاظ إل يحيى بن معين. ًما كاتًبا وفيها توفي محمد بن يزداد بن سويد المروزأي أحأد كتاب المأمون ووزأرّائه كان إما فاض ًل مات بسر من رّأى في شهر رّبيع الول بعد ما لزم دارّه سنين. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن جميل المروزأي وأحأمد بن جناب المصيصي وإبراهيم بن إسحاق الضبي وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني وإسماعيل بن عيسى العطارّ وسعيد بن عمرو الشعثي وسعيد بن محمد الجرمي وعبد الله بن طاهر المير وعبد العزيز بن يحيى المدني فزيل نيسابورّ وعلي بن الجعد وعلي بن محمد الطنافسي وعون بن سلم الكوفي ومحمد بن إسماعيل بن أبي سمينة ومحمد بن سعد كاتب الواقدي ومحبوب بن موسى النطاكي ومهدي بن جعفر الرملي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع واثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وتسعة أصابع. M0لنة الثالثة من ولية عيسى بن منصورّ على مصر وهي سنة إحأدى وثلثين ومائتين. فيها ورّد كتاب الخليفة هارّون الواثق إلى العمال بامتحان العلماء بخلق القرآن وكان قد منع أبوه المعتصم ذلك فامتحن الناس ثانًيا بخلق القرآن. ودام هذا البلء بالناس إلى أن مات الواثق وبويع المتوكل جعفر بالخلفة في سنة اثنتين وثلثين ومائتين فرفع المتوكل المحنة ونشر السنة. وفيها كان الفداء فافتك هارّون الواثق من طاغية الروم أرّبعة آلف وستمائة أسير ولم يقع قبل ذلك فداء بين المسلمين والروم من منذ سبع وثلثين سنة. ًرّا ومن فقال ابن أبي عواد: من قال من السارّى: القرآن مخلوق فأطلقوه وأعطوه دينا امتنع فدعوه في السر. قلت: ما أظن الجميع إل أجابوا. وفيها ولى الواثق جعفر بن دينارّ اليمن فخرج إليها في شعبان في أرّبعة آلف وقيل: في ستة آلف فارّس. وفيها ولى الواثق إسحاق بن إبراهيم بن أبي حأفصة على اليمامة والبحرين وطريق مكة مما يلي البصرة. وفيها رّأى الواثق في المنام أنه فتح سد يأجوج ومأجوج فانتبه فز ًعا وبعث إلى السد سل ًما الترجمان. ًما فاض ًل وفيها توفي أحأمد بن حأاتم المام أبو نصر النحوي كان إما أديًبا صنف كتًبا كثيرة: منها كتاب الشجر والنبات والزرّع. وفيها توفي علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني الشيخ المام أبو الحسن ًما حأاف ًظا ثقة وهو صاحأب التارّيخ وتارّيخه أحأسن كان إما التوارّيخ وعنه أخذ الناس ًما عال توارّيخهم. وفيها توفي محمد بن سلم بن عبد الله بن سلم المام أبو عبد الله البصري مولى قدامة بن مظعون وهو مصنف كتاب " طبقات الشعراء " وكان من أهل العلم والفضل والدب. وفيها توفي محمد بن يحيى بن حأمزة قاضي دمشق وابن قاضيها ولي قضاءها مدة خلفة ًما متبح ًرا في ًما عال المأمون وبعض خلفة المعتصم ثم عزل وكان إما العلوم. وفيها توفي مخارّق المغني المطرب أبوالمهنأ كان إمام عصره في فن الغناء كان الرشيد يجعل بينه وبين مغنيه ستارّة إلى أن غناه مخارّق هذا فرفع الستارّة وقال له: يا غلم إلى ها هنا فأقعده معه على السرير وأعطاه ثلثين ألف درّهم وكان في مجلس الرشيد يوم ذاك ابن جامع المغني وغيره. قلت: ول تنسى إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق بن إبراهيم فإنهما كانا في رّتبة لم ينلها غيرهما في العود والغناء إل أن مخارّ ًقا هذا كان في طريق آخر في التأدي والجميع كان غناؤهم غير الموسيقى الن. وقد بينا ذلك في غير هذا المحل في مصنف لطيف. ثم اتصل مخارّق بالمأمون وقدم معه لدمشق وكان مخارّق يضرب بجودة غنائه المثل وكانت وفاته بمدينة سر من رّأى. وفيها توفي يوسف بن يحيى الفقيه العالم أبو يعقوب البويطي وبويط: قرية. قال الشافعي رّضي الله عنه: ما رّأيت أحأ ًدا أبرع بحجة من كتاب الله مثل البويطي والبويطي لساني. ولما مات الشافعي تنازأع محمد بن عبد الحكم والبويطي في الجلوس موضع الشافعي حأتى شهد الحميدي على الشافعي أنه قال: البويطي أحأق بمجلسي من غيره فأجلسوه مكانه. وأخبره الشافعي أنه يمتحن ويموت في الحديد فكان كما قال. وفيها توفي أبو تمام الطائي حأبيب بن أوس بن الحارّث بن قيس الخوارّزأمي الجاسمي الشاعر المشهورّ حأامل لواء الشعراء في عصره كان أبوه نصرانًيا فأسلم هو ومدح الخلفاء والعيان وسارّ شعره شر ًقا وغرًبا. وهو الذي جمع الحماسة وكان أسمر طوي يسيرة ولد سنة ًل فصي ًحا حألو الكلم فيه تمتمة تسعين ومائة أو قبلها. ومن شعره ينعت سي ًفا: " البسيط " السيف أصدق إنباء من الكتب في حأده الحد بين الجد واللعب بيض الصفائح لسود الصحائف في متونهن جلء الشك والريب ولما مات رّثاه الحسن بن وهب بقوله: " الكامل " فجع القريض بخاتم الشعراء وغدير رّوضتها حأبيب الطائي ماتا م ًعا فتجاورّا في حأفرة وكذاك كانا قبل في الحأياء ورّثاه الوزأير محمد بن عبد الملك الزيات وزأير المعتصم يوم ذاك بقوله: " الكامل " نبأ أتى من أعظم النباء لما ألم مقلقل الحأشاء قالوا حأبييب قد ثوى فأجبتهم ناشدتكم ل تجعلوه الطائي وكانت وفاته بالموصل في جمادى الولى. أمر النيل في هذه السنة: السنة الرابعة من ولية عيسى بن منصورّ على مصر وهي سنة اثنتين وثلثين ومائتين. فيها كانت وقعة كبيرة بين بغا الكبير وبين بني نمير وكانوا قد أفسدوا الحجازأ واليمامة بالغارّات وحأشدوا في ثلثة آلف رّاكب فالتقوا بأصحاب بغا فهزموهم. وجعل بغا يناشدهم الرجوع إلى الطاعة وبات بإزأائهم تلك الليلة ثم أصبحوا فالتقوا فانهزم أصحاب بغا ثانًيا فأيقن بغا بالهلك. وكان قد بعث مائتي فارّس إلى جبل لبني نمير فبينما هو في الشراف على التلف إذا بهم قد رّجعوا يضربون الكوسات فقوي بأس بغا بهم وحأملوا على بني نمير فهزموهم ورّكبوا أقفيتهم قت يديه السرى. ًل وأسروا منهم ثمانمائة رّجل فعاد بغا وقدم سامرا وبين وفيها مات خلق كثير بأرّض الحجازأ من العطش. وفيها كانت الزلزأل كثيرة بأرّض الشأم وسقط بعض الدورّ بدمشق ومات جماعة تحت الردم. وفيها ولى الواثق المير محمد بن إبراهيم بن مصعب بلد فارّس. وفيها توفي أمير المؤمنين أبو جعفر هارّون الواثق بالله ابن الخليفة المعتصم محمد ابن الخليفة هارّون الرشيد ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي البغدادي العباسي بويع بالخلفة بعد موت أبيه محمد المعتصم في شهر رّبيع الول سنة سبع وعشرين ومائتين وأمه أم ولد رّومية تسمى قراطيس ومات في يوم الرّبعاء لست بقين من ذي الحجة من السنة المذكورّة فكانت خلفته خمس سنين ونص ًفا. ًما جليًل أديًبا ًكا وتولى الخلفة من بعده أخوه المتوكل على الله جعفر وكان مل مهيًبا كري مليح الشعر إل أنه كان مول ًعا بالغناء والقينات. قيل: إن جارّية غنته بشعر العرجي وهو: " الكامل " أظلوم إن مصابكم رّجًل أهدى السلم تحية ظلم فمن الحاضرين من صوب نصب رّجًل ومنهم من قال: صوابه رّجل فقالت الجارّية: هكذا لقنني المازأني. فطلب المازأني فلما مثل بين يدي الواثق قال: من الرجل. قال: من بني مازأن قال الواثق: أي الموازأن أمازأن تميم أم مازأن قيس أم مازأن رّبيعة قال: مازأن رّبيعة فكلمه الواثق حأينئذ بلغة قومه فقال: با اسمك - لنهم يقلبون الميم باء ًما - فكره المازأني أن يواجهه بمكر فقال: بكر والباء مي يا أمير المؤمنين ففطن لها وأعجبته. وقال له: ما تقول في هذا البيت قال: الوجه النصب لن " مصابكم " مصدرّ بمعنى إصابتكم فأخذ اليزيدي يعارّضه قال المازأني: هو بمنزلة إن ضربك زأي ًدا ظلم فالرجل مفعول مصابكم والدليل عليه أن الكلم معلق إلى أن تقول: ظلم فيتم فأعجب الواثق وأعطاه ألف دينارّ. وقال ابن أبي الدنيا: كان الواثق أبيض تعلوه صفرة حأسن اللحية في عينيه نكتة " بيضاء ". وقيل: إن الواثق لما احأتضر جعل يرفد هذين البيتين وهما: " البسيط " الموت فيه جميع الخلق مشترك ل سوقة منهم يبقى ول ملك ما ضر أهل قليل في تفاقرهم وليس يغني عن الملك ما ملكوا ثم أمر بالبسط فطويت وألصق خده بالرّض وجعل يقول: يا من ل يزول ملكه ارّحأم من زأال ملكه يكررّها إلى أن مات رّحأمه الله تعالى. وفيها توفي علي بن المغيرة أبو الحسن الثرم البغدادي المام البارّع صاحأب اللغة والنحو قدم الشأم ثم رّجع إلى بغداد وسمع بها من الصمعي وغيره ومات بها. وفيها توفي محمد بن زأياد أبو عبد الله بن العرابي كان أحأد العلماء باللغة والمشارّ إليه ًرا وسأله إمام فيها وكان يزعم أن الصمعي وأبا عبيدة ل يعرفان من اللغة قليًل ول كثي المحنة أحأمد بن أبي دواد: أتعرف معنى " استولى " قال: ل ول تعرفه العرب لنها ل تقول: استولى فلن على شيء حأتى يكون له فيه مضاد ومنازأع فأيهما غلب استولى عليه والله تعالى ل ضد له وأنشد " قول " النابغة: " البسيط " إل لمثلك أو من أنت سابقه ًصا عند المأمون. سبق الجواد إذا استولى على المد وكان مع هذا خصي وسأله مرة عن أحأسن ما قيل في الشراب فقال: قول القائل: " الطويل " تريك القذى من دونها وهي دونه إذا ذاقها من ذاقها يتمطق فقال المأمون: أشعر منه من قال: " المديد " وتمشت في مفاصلهم كتمشي البرء في السقم يريد الحسن بن هانىء. قلت: هذا كان في تلك العصارّ الخالية وأما لو سمع المأمون بما وقع للمتأخرين في هذا المعنى وغيره لضرب عن القولين ومال إلى ما سمع. كم ترك الول للخر!. وفيها توفي محمد بن عائذ أبو عبد الله الكاتب الدمشقي صاحأب المغازأي والفتوح والسير وغيرها. ولد سنة خمسين ومائة وولي خراج غوطة دمشق للمأمون. ًما ثقة صاحأب اطلع مات في هذه السنة وقيل: سنة أرّبع وكان عال وثلثين ومائتين. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن الحجاج السامي ل الشامي والحكم بن موسى القنطري الزاهد وجويرية بن أشرس وعبد الله بن عون الخرازأ وعلي بن المغيرة الثرم اللغوي وعمرو بن محمد الناقد وعيسى بن سالم الشاشي وهارّون الواثق بالله ويوسف بن عدي الكوفي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. M0لية هرثمة بن نصر على مصر هو هرثمة بن نصر الجبلي: من أهل الجبل ولي إمرة مصر بعد عزل عيسى بن منصورّ عنها في شهر رّبيع الول سنة ثلث وثلثين ومائتين وله المير إيتاخ التركي على إمرة مصر نيابة عنه على الصلة. ولما ولي هرثمة هذا أرّسل إلى مصر علي بن مهرويه خليفة له على مصر وعلى صلتها فناب علي بن مهرويه عنه حأتى قدم هرثمة المذكورّ إلى مصر في يوم الرّبعاء لست خلون من شهر رّجب من سنة ثلث وثلثين ومائتين. وسكن بالعسكر على العادة وجعل على شرطته أبا قتيبة. وفي أيام هرثمة هذا ورّد كتاب الخليفة المتوكل إلى مصر بترك الجدال في القرآن واتباع وسببه أن الواثق كان قد تاب ورّجع عن القول بخلق القرآن فأدرّكته المنية قبل إشاعة ذلك وتولى المتوكل الخلفة. قال أبو بكر الخطيب: كان أحأمد بن أبي دواد قد استولى على الواثق وحأمله على التشدد في المحنة ودعا الناس إلى القول بخلق القرآن. وقال عبيد الله بن يحيى: حأدثنا إبراهيم بن أسباط بن السكن قال: حأمل رّجل فيمن حأمل مكبل بالحديد من بلده فأدخل فقال ابن أبي دواد: تقول أو أقول قال: هذا أول جورّكم أخرجتم الناس من بلدهم ودعوتموهم إلى شيء ما قاله أحأد ل بل أقول قال: قل - والواثق جالس - فقال: أخبرني عن هذا الرأي الذي دعوتم الناس إليه أعلمه رّسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يدع الناس إليه أم شيء لم يعلمه قال: علمه قال: فكان يسعه أل يدعو الناس إليه وأنتم ل يسعكم! فبهتوا. قال: فاستضحك الواثق وقام قاب ًضا على كمه ودخل بيًتا ومد رّجليه وهو يقول: شيء وسع النبي أن يسكت عنه ول يسعنا فأمر أن يعطى الرجل ثلثمائة دينارّ وأن يرد إلى بلده. وعن طاهر بن خلف قال: سمعت المهتدي بالله بن الواثق يقول: كان أبي إذا أرّاد أن يقتل رّجًل أحأضرنا فأتي بشيخ مخضوب مقيد - كل هؤلء يعنون بالشيخ أحأمد بن حأنبل رّضي الله عنه - فقال أبي: ائذنوا لبن أبي عواد وأصحابه وأدخل الشيخ فقال: السلم عليك يا أمير المؤمنين فقال: ل سلم الله عليك فقال الشيخ: بئس ما أدبك مؤدبك قال الله: " وإذا حأييتم بتحية فحيوا بأحأسن منها أو رّدوها ". قال الذهبي: هذه رّواية منكرة رّواتها مجاهيل لكن نسوقها بطريق جيد قال: فقال ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين الرجل متكلم فقال له: كلمه فقال: يا شيخ ما تقول في القرآن. قال: لم تنصفني ولي السؤال قال: سل يا شيخ قال: ما تقول في القرآن قال: مخلوق قال: هذا شيء علمه رّسول الله وأبو بكر وعمر والخلفاء أم شيء لم يعلموه فقال: شيء لم يعلموه فقال: سبحان الله شيء لم يعلموه! أعلمته أنت قال: فخجل وقال: أقلني قال: والمسألة بحالها قال: نعم قال: ما تقول في القرآن قال: مخلوق قال: شيء علمه رّسول الله صلى الله عليه و سلم قال ابن أبي دواد: علمه قال الشيخ: علمه ولم يدع الناس إليه قال: نعم قال: فوسعه ذلك قال: نعم قال: أفل وسعك ما وسعه ووسع الخلفاء بعده قال: فقام أبي ودخل الخلوة واستلقى وهو يقول: شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه و سلم ول أبو بكر ول عمر ول عثمان ول علي علمته أنت! سبحان الله! علموه ولم يدعوا إليه الناس أفل وسعك ما وسعهم! ثم أمر برفع قيود الشيخ وأمر له بأرّبعمائة دينارّ وسقط من عينه ابن أبي دواد ولم يمتحن بعده أحأ ًدا. وقد رّوى نح ًوا من هذه الواقعة أحأمد بن السندي الحداد عن أحأمد بن منيع عن صالح بن علي الهاشمي المنصورّي عن الخليفة المهتدي بالله رّحأمه الله قال صالح: حأضرت وقد جلس للمتظلمين - يعني المهتدي بالله رّحأمه الله - فنظرت إلى القصص تقرأ عليه من أولها إلى آخرها فيأمر بالتوقيع عليها ويختمها فيسرني ذلك وجعلت أنظر إليه ففطن بي ونظر إلي فغضضت عنه حأتى كان ذلك منه ومني مرارّة فقال لي: يا صالح في نفسك شيء تحب أن تقوله قلت: نعم فلما انقضى المجلس أدخلت مجلسه فقال: تقول ماذا في نفسك أو أقوله لك قلت: يا أمير المؤمنين ما ترى قال: أقول: إنه قد استحسنت ما رّأيت منا فقلت: أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق! فورّد على قلبي أمر عظيم ثم قلت: يا نفس هل تموتين قبل أجلك! فأطرق المهتدي ثم قال: اسمع مني فوالله لتسمعن الحق فسرى في ذهني شيء فقلت: ومن أولى بقول الحق منك وأنت خليفة رّب العالمين وابن عم سيد المرسلين! قال: ما زألت أقول: القرآن مخلوق صدًرّا من أيام الواثق حأتى أقدم شي ًخا من أذنة فأدخل مقي ًدا وهو جميل حأسن الشيبة فرأيت الواثق قد استحيا منه ورّق له فما زأال يدنيه حأتى قرب منه وجلس فقال له: ناظر ابن أبي عواد فقال: يا أمير المؤمنين إنه يضعف عن المناظرة فغضب وقال: أبو عبد الله يضعف عن مناظرتك أنت. قال: هون عليك وأذن لي في مناظرته فقال: ما دعوناك إل لذلك فقال: احأفظ علي وعليه. فقال: يا أحأمد أخبرني عن مقالتك هذه هي مقالة واجبة داخلة في عقد الذين فل يكون الدين كامل حتى يقال فيه ما قلت. قال: نعم. قال: أخبرني عن رّسول الله! حأين بعثه الله هل ستر شيًئا مما أمر به قال: ل. قال: فدعا إلى مقالتك هذه فسكت. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين واحأدة فقال الواثق: واحأة. فقال الشيخ: أخبرني عن الله تعالى حأين قال: اليوم أكملت لكم دينكم! أكان الله هو الصادق في إكمال دينه أم أنت الصادق في نقصانه حأتى تقال مقالتك فسكت فقال الشيخ: إثنتان قال الواثق: نعم. فقال: أخبرني عن مقالتك هذه أعلمها رّسول الله صلى الله عليه و سلم أم جهلها قال: علمها قال: فدعا الناس إليها. فسكت. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلث قال: نعم. قال: فاتسع لرسول الله صلى الله عليه و سلم إن علمها أن يمسك عنها ولم يطالب أفته بها. قال: نعم قال: واتسع لبي بكر وعمر وعثمان وعلي ذلك قال: نعم فأعرض الشيخ عنه وأقبل على الواثق وقال: يا أمير المؤمنين قد قدمت القول أن أحأمد يصبو ويضعف عن المناظرة يا أمير المؤمنين إن لم يتسع لك من المساك عن هذه المقالة كما زأعم هذا أنه اتسع للنبي صلى الله عليه و سلم ولبي بكر وعمر وعثمان وعلي فل وسع الله عليك قال الواثق: نعم كذا هو قطعوا قيد الشيخ فلما قطعوه ضرب الشيخ بيده إلى القيد فأخذه فقال الواثق: لم أخذته قال: إني نويت أن أتقدم إلى من أوصي إليه إذا أنا مت أن يجعله بيني وبين كفني حأتى أخاصم به هذا الظالم عند الله يوم القيامة فأقول: يا رّب لم قيدني ورّوع أهلي ثم بكى فبكى الواثق وبكينا. ثم سأله الواثق أن يجعله في حأل وأمر له بصلة فقال: ل حأاجة لي بها. قال المهتدي: فرجعت عن هذه المقالة وأظن أن الواثق رّجع عنها من يومئذ. قلت: ولما وقع ذلك كتب للقطارّ برفع المحنة والسكوت عن هذه المقالة بالجملة وهدد كل من قال بها بالقتل. وكان هرثمة هذا يحب السنة فأخذ في إظهارّ السنة والعمل بها وفرح الناس بذلك وتباشروا بولايته فلم تطل مدته على إمرة مصر بعد ذلك حأتى مرض ومات بها في يوم الرّبعاء لسبع بقين من شهر رّجب سنة أرّبع وثلثين ومائتين واستخلف ابنه حأاتم بن هرثمة على صلة مصر. وكانت ولية هرثمة المذكورّ على مصر سنة واحدة وثلثة أشهر وثمانية أيام. وهذا ثاني هرثمة ولي إمرة مصر في الدولة العباسية فالول هرثمة بن أعين وله الرشيد هارّون على مصر سنة ثمان وسبعين ومائة والثاني هو هرثمة بن نصر هذا. ًرا سيو ًسا. ًرا جليًل عاق ًل مدب وكان هرثمة أمي وتولى مصر من بعده ابنه حأاتم بن هرثمة باستخلفه له فأقره الخليفة. السنة التي حأكم فيها هرثمة وهي سنة ثلث وثلثين ومائتين فيها كانت زألزلة عظيمة بدمشق سقط منها شرفات الجامع الموي وانصدع حأائط المحراب وسقطت منارّته وهلك خلق تحت الردم وهرب الناس إلى المصلى باكين متضرعين إلى الله وبقيت ثلث ساعات ثم سكنت. وقال القاضي أحأمد بن كامل في تارّيخه: رّأى بعض أهل دير مران دمشق تنخفض وترتفع مرا قال: وكانت ًرّا فمات تحت الردم معظم أهلها - هكذا قال ولم يقل بعض أهلها - ثم الحيطان تنفصل حأجارّتها من بعضها مع كون الحائط عرض سبعة أذرّع ثم امتدت هذه الزلزلة إلى أنطاكية فهدمتها ثم إلى الجزيرة فأخربتها ثم إلى الموصل. يقال: إن الموصل هلك من أهله خمسون أل ًفا ومن أهل أنطاكية عشرون أل ًفا. وفيها أصاب القاضي أحأمد بن أبي داود فالج عظيم وبطلت حأركته حأتى صارّ كالحجر الملقى. وأحأمد هذا هو القائل بخلق القرآن يأتي ذكره عند وفاته في هذا الكتاب في محله إن شاء الله تعالى. وفيها في شهر رّمضان ولى الخليفة المتوكل على الله ابنه محم ًدا المنتصر الحرمين والطائف. وفيها عزل المتوكل الفضل بن مروان عن ديوان الخراج ووله الفتح بن خاقان. وفيها غضب المتوكل وفيها قدم يحيى بن هرثمة بن أعين - وكان ولي طريق مكة - بالشريف علي بن محمد بن علي الرضى العلوي من المدينة وكان قد بلغ المتوكل عنه شيء. ًما حأاف ًظا قدم وفيها توفي بهلول بن صالح أبو الحسن التجيبي كان إما بغداد وحأدث بها ومن رّواياته عن ابن عباس رّسالة زأياد بن أنعم. وفيها توفي محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلل بن وكيع بن بشر أبو عبد الله القاضي ًما صال ًحا الحنفي التيمي ولد سنة ثلثين ومائة وكان إما بارّ ًعا صاحأب اختيارّات ًما عال وأقوال في المذهب وله المصنفات الحسان وهو من الحفاظ الثقات ولي القضاء وحأمدت سيرته ولم يزل به إلى أن ضعف نظره واستعفى وكان يصلي كل يوم مائتي رّكعة. قال: مكثت أرّبعين سنة لم تفتني التكبيرة الولى في جماعة إل يو ًما واحأ ًدا ماتت فيه أمي ففاتتني صلة واحأدة وصليت خم ًسا وعشرين صلة رّحأمه الله تعالى. وفيها توفي محمد بن عبد الملك بن أبان بن أبي حأمزة الزيات الوزأير أبو يعقوب وقيل: أبو جعفر. أصله من جيل قرية تحت بغداد. قلت: ومنها كان أصل الشيخ عبد القادرّ الكيلني. وكان أبو محمد هذا تاج ًرا وانتمى هو للحسن بن سهل فنوه بذكره حأتى اتصل بعمه بالمعتصم ثم استوزأرّه الواثق. وكان أديًبا فاضًل شاع ًرا عارّ ًفا بالنحو واللغة جوا ًدا ممد ًحأا ومن شعر على فإن سرت بالجثمان عنكم فإنني أخلف قلبي عندكم وأسير فكونوا عليه مشفقين فإنه رّهين لديكم في الهوى وأسير قلت: وما أحأسن قول القاضي ناصح الدين الرزأجاني في هذا المعنى: " الكامل " لم يبكني إل حأديث فراقهم لما أسر به إلي مودعي هو ذلك المر الذي أودعتم في مسمعي أجريته من مدمعي قلت: وهذا مثل قول الزمخشري في قوله لما رّثى شيخه أبا مضر - والله أعلم من السابق لهذا المعنى لنهما كانا متعاصرين -: " الكامل " وقائلة ما هذه الدرّرّ التي تساقط من عينيك سمطين سمطين فقلت لها الدرّ الذي كان قد حأشا أبو مضر أذني تساقط من عيني وفيها توفي المام الحافظ الحجة يحيى بن معين بن عون بن زأياد بن بسطام - وقيل: غياث بدل عون - أبو زأكريا المري " مرة بن غطفان مولهم البغدادي الحافظ المشهورّ كان إمام عصره في الجرح والتعديل وإليه المرجع في ذلك وكان يتفقه بمذهب المام أبي حنيفة. قال المام محمد بن إسماعيل البخارّي: ما استصغرت نفسي إل عند يحيى بن معين. ومولده في سنة ثمان وخمسين ومائة فهو أسن من علي بن المديني وأحأمد بن حأنبل وأبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن رّاهويه وكانوا يتأدبون معه ويعرفون له فضله ورّوى عنه خلئق ل تحصى كثرة. قال أبو حأاتم: يحيى بن معين إمام. وقال النسائي: هو أبو زأكريا الثقة المأمون أحأد الئمة في الحديث. وقال علي بن المديني: ل نعلم أحأدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين. وعن يحيى بن معين قال: كتبت بيدي ألف ألف حأديث. وقال علي بن المديني: انتهى علم الناس إلى يحيى بن معين. وقال القوارّيري: قال لي يحيى القطان: ما قدم علينا أحأد مثل هذين الرجلين: مثل أحأمد بن حأنبل ويحيى بن معين. وقال أحأمد بن حأنبل: كان يحيى بن معين أعلمنا بالرجال. وعن أبي سعيد الحداد قال: الناس عيال في الحديث على يحيى بن معين. وقال محمد بن هارّون الفلس: إذا رّأيت الرجل ينتقص يحيى بن معين فاعرف أنه كذاب. وكانت وفاة يحيى بن معين لسبع بقين من ذي القعدة بالمدينة ودفن بالبقيع. قال الذهبي: وقال حأبيش بن المبشر وهو ثقة: رّأيت يحيى بن معين في النوم فقلت له: ما فعل الله بك قال: أعطاني وحأباني وزأوجني ثلثمائة حأورّاء ومهد لي بين البابين الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن عبد الله بن أبي شعيب الحراني وإبراهيم بن الحجاج السامي وإسحاق بن سعيد بن الرّكون الدمشقي وحأبان بن موسى المروزأي وسليمان بن عبد الرحأمن ابن بنت شرحأبيل وداهر بن نوح الهوازأي و رّوح بن صلح المصري وسهل بن عثمان العسكري وعبد الجبارّ بن عاصم النسائي وعقبة بن مكرم الضبي ومحمد بن سماعة القاضي ومحمد بن عائذ الكاتب والوزأير محمد بن عبد الملك بن الزيات ويحيى بن أيوب المقابري ويحيى بن معين ويزيد بن موهب الرملي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. M0لية حأاتم بن هرثمة على مصر هو حأاتم بن هرثمة بن نصر الجبلي أمير مصر. وليها باستخلف أبيه له بعد موته في الثالث والعشرين من شهر رّجب سنة أرّبع وثلثين ومائتين على الصلة وأرّسل كاتب المير إيتاخ التركي المعتصمي الذي إليه أمر مصر في ولايته عليها مكان أبيه. وسكن العسكر على عادة أمراء مصر. وجعل على شرطته محمد بن سويد. وأخذ في إصلح أحأوال الديارّ المصرية وبينما هو في ذلك ورّد عليه كتاب المير إيتاخ بصرفه عن إمرة مصر وتولية علي بن يحيى الرّمني ثانًيا على مصر وكان ذلك في يوم الجمعة لست خلون من شهر رّمضان سنة أرّبع وثلثين ومائتين المذكورّة. فكانت ولية حاتم هذا على مصر من يوم مات أبوه شه ًرا واحأ ًدا وثلثة عشر يو ًما. وكان حأاتم هذا جلي يحسن أمره مع إيتاخ ًل نبيًل وعنده معرفة وحأسن تدبير إل أنه لم لطمع كان في إيتاخ التركي الذي كان إليه أمر مصر بعد أشناس وكلهما كان ترك ًيا. ولم أقف على وفاة حأاتم بن هرثمة هذا. السنة التي حأكم في أولها إلى رّجب هرثمة بن نصر ومن رّجب إلى شهر رّمضان ابنه حأاتم بن هرثمة ومن رّمضان إلى آخرها علي بن يحيى الرّمني. وهي سنة أرّبع وثلثين ومائتين. فيها هبت رّيح بالعراق شديدة السموم لم يعهد مثلها أحأرقت زأرّع الكوفة والبصرة وبغداد وقتلت المسافرين ودامت خمسين يو ًما ثم اتصلت بهمذان فأحأرقت أي ًضا الزرّع والمواشي ثم اتصلت بالموصل وسنجارّ ومنعت الناص من المعاش في السواق ومن المشي في الطريق وأهلكت خل ًقا. وفيها حأج بالناس من العراق المير محمد بن داود بن عيسى العباسي وكان له عدة سنين يحج بالناس. وفيها أظهر الخليفة المتوكل على الله جعفر السنة بمجلسه وتحدث بها ونهى عن القول بخلق القرآن وكتب بذلك إلى الفاق حأسبما ذكرناه في ترجمة هرثمة هذا وأستقدم العلماء وأجزل عطاياهم. ولهذا المعنى قال بعضهم: الخلفاء ثلثة: أبو بكر الصديق رّضي الله عنه يوم الردة وعمر بن عبد العزيز رّضي الله عنه في رّد مظالم بني أمية والمتوكل في إظهارّ السنة. وفيها خرج عن الطاعة محمد " بن البعيث " لمل أمير إرّمينية وأذرّبيجان وتحصن بقلعة مرند فسارّ لقتاله بغا الشرابي في أرّبعة آلف فنازأله وطال الحصارّ بينهم وقتل طائفة كبيرة من عسكر بغا ودام ذلك بينهم إلى أن نزل محمد بالمان وقيل: بل تدلى ليهرب فأسروه. وفيها فوض الخليفة المتوكل ليتاخ متولي إمرة مصر الكوفة والحجازأ وتهامة ومكة والمدينة مضا ًفا على مصر ودير له على المنابر. وحأج إيتاخ من سنته وقد تغير خاطر المتوكل عليه. فلما عاد من الحج كتب المتوكل إلى إسحاق بن إبراهيم بن مصعب بالقبض عليه في الباطن إن أمكنه فتحايل عليه إسحاق حأتى قبض عليه وقيده بالحديد وقتله عط ًشا وكتب محض ًرا أنه مات حأتف أنفه. وكان أصل إيتاخ هذا مملو ًكا من الخزرّ طباخا لسلم البرش فاشتراه المعتصم فرأى له رّجلة وبأ ًسا فقربه ورّفعه ثم وله الواثق بعد ذلك العمال الجليلة. وكان من أرّاد المعتصم والواثق والمتوكل قتله سلمه إليه فقتل إيتاخ هذا مثل عجيف والعباس بن المأمون وابن الزيات الوزأير وغيرهم. وفيها توفي زأهير بن حأرب بن شداد أبو خيثمة النسائي كان عال فاض ًل رّحأل إلى ًما ورّ ًعا البلد وسمع الكثير وحأدث ورّوى عنه جماعة وكان من أئمة الحديث. وفيها توفي سليمان بن داود بن بشر بن زأياد الحافظ أبو أيوب البصري المنقري المعروف بالشاذكوني رّحأل إلى البلد وسمع الكثير وحأدث ورّوى عن خلئق ورّوى عنه جمع كبير وهو أحأد الئمة الحفاظ الرحأالين. وفيها توفي سليمان بن عبد الله بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس المير أبو أيوب الهاشمي العباسي أحأد أعيان بني العباس وأحأد من ولي العمال الجليلة مثل المدينة والبصرة واليمن وغيرها. وفيها توفي علي بن عبد الله بن جعفر بن يحيى بن بكر بن سعيد وقيل: جعفر بن نجيح بن بكر المام الحافظ الناقد الحجة أبو الحسن السعدي مولهم البصري الذارّي المعروف محدًثا مشهوً بابن المديني كان إمام عصره في الجرح والتعديل والعلل وكان أبوه رّا. ومولد علي هذا في سنة إحأدى وستين ومائة وهو أحأد العلم وصاحأب التصانيف وسمع أباه وحأماد بن زأيد وابن عيينة والدرّاورّدي ويحيى القطان وعبد الرحأمن بن مهدي وابن علية وعبد الرزأاق وخل ًقا سواهم ورّوى عنه البخارّي وأبو داود والنسائي وابن ماجة والترمذي عن رّجل عنه وأحأمد بن حأنبل ومحمد بن يحيى الذهلي وخلق سواهم. وعن أبن عيينة قال: يلومونني على حأب علي بن المديني والله إني لتعلم منه أكثر مما يتعلم مني. وعن ابن عيينة قال: لول علي بن المديني ما جلست. وقال النسائي: كأن الله خلق علي بن المديني لهذا الشأن. وقال السراج: سمعت محمد بن يونس أيقول: سمعت ابن المديني يقول: تركت من حأديثي مائة ألف حأديث منها ثلثون أل ًفا لعباد بن صهيب. وقال السراج: قلت للبخارّي: ما تشتهي. قال: أن أقدم العراق وعلي بن المديني حأي فأجالسه. قال البخارّي: مات علي بن عبد الله يعني ابن المديني ليومين بقيا من ذي القعدة بالمدينة سنة أرّبع وثلثين ومائتين. وقال الحارّث وغير واحأد: مات بسامرا في ذي القعدة. وقال المام أبو زأكريا النووي: لبن المديني في الحديث نحو مائتي مصنف. وفيها توفي يحيى بن أيوب البغدادي العابد الصالح ويعرف بالمقابري لنه كان يتعبد بالمقابر وكان له أحأوال وكرامات. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن حأرب النيسابورّي الزاهد ورّوح بن عبد المؤمن القارّىء وأبو خيثمة زأهير بن حأرب وسليمان بن داود الشاذكوني وأبو الربيع سليمان بن داود الزهراني وعبد الله بن عمر بن الرماح قاضي نيسابورّ وأبو جعفر عبد الله بن محمد النفيلي وعلي بن بحر القطان وعلي بن المديني ومحمد بن عبد الله بن نمير ومحمد بن أبي بكر المقدمي والمعافى بن سليمان الرسعني ويحيى بن يحيى الليثي الفقيه.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّاعا واثنان وعشرون إصبعا. ولية علي بن يحيى الثانية على مصر قد تقدم الكلم على ولية علي بن يحيى هذا أوًل على مصر ثم وليها ثانًيا في هذه المرة بعد عزل حأاتم بن هرثمة بن نصر عنها من قبل المير إيتاخ المعتصمي على الصلة في يوم سادس شهر رّمضان سنة أرّبع وثلثين ومائتين فسكن علي بن يحيى بالعسكر على عادة المراء وجعل على شرطته معاوية بن نعيم. وأستمر علي هذا على مرة مصر إلى أن قبض الخليفة المتوكل على الله جعفر على ايتاخ المذكورّ في المحرم سنة خمس وثلثين ومائتين وقدم الخبر على المير علي هذا بالقبض على إيتاخ والحوطة على ماله بمصر فاستصفيت أمواله وترك الدعاء له على منابرها بعد الخليفة وأن المتوكل ولى ابنه وولي عهده محم ًدا المنتصر مصر وأعمالها كما كان ليتاخ المذكورّ فدعي عند ذلك للمنتصر على منابر مصر فكان حأكم إيتاخ على الديارّ المصرية أرّبع سنين. ولما ولي المنتصر إمرة مصر أقر علي بن يحيى هذا على عمل مصر على عادته فاستمر عليها إلى أن صرفه المنتصر عنها بإسحاق بن يحيى بن معاذ في ذي الحجة سنة خمس وثلثين ومائتين. ًما. فكانت ولايته على مصر في هذه المرة الثانية سنة واحدة وثلثة أشهر تنقص أيا وخرج من مصر وتوجه إلى العراق وقدم على الخليفة المتوكل على الله جعفر وصارّ عنده من كبارّ قواده. وجهزه في سنة تسع وثلثين ومائتين إلى غزو الروم فتوجه بجيوشه إلى بلد الروم فأوغل فيها فيقال: إنه شارّف القسطنطييية فأغارّ على الروم وقتل وسبى حأتى قيل: إنه ً أحأرق ألف قرية وقتل عشرة آلف علج وسبى عشرة آلف رّأس وعاد إلى ما بغداد سال ًما فزادت رّتبته عند المتوكل أضعاف ما كانت. غان ثم عاد قاف ً ثم غزا غزوة أخرى في سنة تسع وأرّبعين ومائتين وتوغل في بلد الروم ل من إرّمينية إلى ميافارّقين فبلغه مقتل المير عمر بن عبد الله القطع بمرج السقف - وكان الروم في خمسين أل ًفا فأحأاطوا به أعني عمر بن عبد الله القطع ومن معه فقتلوه وقتل عليه ألفا رّجل من أعيان المسلمين وكان ذلك في يوم الجمعة منتصف شهر رّجب سنة تسع وأرّبعين ومائتين المذكورّة - فلما بلغ المير علي بن يحيى هذا عاد يطلب الروم بدم عمر بن عبد الله المذكورّ حأتى لقيهم وقاتلهم قتا وقتل معه أي ًضا من ًل شدي ًدا حأتى قتل أصحابه أرّبعمائة رّجل من أبطال المسلمين. رّحأمهم الله تعالى. ًما جوا ًدا ممد ًحأا عارّ ًفا ًرا شجا ًعا مقدا ًرا وكان علي بن يحيى هذا أمي بالحروب والوقائع مدب سيو ًسا محمود السيرة في ولايته وأصله من الرّمن وقد حأكينا طر ًفا من هذه الغزوة في ولايته الولى والصواب أن ذلك كان في هذه المرة وأن تلك الغزوة كانت غير هذه الغزوة التي قتل فيها. رّحأمه الله تعالى وتقبل منه. السنة التي حأكم فيها علي بن يحيى الرّمني في ولايته الثانية على مصر وهي سنة خمس وثلثين ومائتين. فيها ألزم الخليفة المتوكل على الله النصارّى بلبس العسلي. وفيها ظهر رّجل بسامرا يقال له محمود بن الفرج النيسابورّي وزأعم أنه ذو القرنين وكان معه رّجل شيخ يشهد أنه نبي يوحأى إليه وكان معه كتاب كالمصحف فقبض عليهما وعوقب محمود المذكورّ حأتى مات تحت العقوبة وتفرق عنه أصحابه. وفيها عقد المتوكل لبنيه الثلثة وقسم الدنيا بينهم وكتب بذلك كتاًبا كما فعل جده هارّون الرشيد مع أولده فأعطى المتوكل ابنه الكبر محم ًدا المنتصر من عريش مصر إلى إفريقية والمغرب كله إلى حأيث بلغ سلطانه وأضاف إليه جند قنسرين والعواصم والثغورّ الشامية والجزيرة وديارّ بكر ورّبيعة والموصل والفرات وهيت وعانة والخابورّ ودجلة والحرمين واليمن واليمامة وحأضرموت والبحرين والسند وكرمان وكورّ الهوازأ وماسبذان ومهرجان وشهرزأورّ وقم وقاشان وقزوين والجبال وأعطى ابنه المعتز بالله - واسمه الزبير وقيل محمد - خراسان وطبرستان وما ورّاء النهر والشرق كله وأعطى ابنه المؤيد بالله إبراهيم إرّمينية وأذرّبيجان وجند دمشق والرّدن وفلسطين. وفيها توفي إسحاق بن إبراهيم بن ميمون أبو محمد التميمي ويعرف والده بالموصلي النديم وقد تقدم ذكره في ولية الرشيد هارّون. ًما فاضًل أديًبا وولد إسحاق هذا سنة خمسين ومائة وكان إما إخبارًّيا وكان بارّ ًعا في ًما عال ضرب العود وصنعة الغناء فغلب عليه ذلك حأتى عرف بإسحاق المغني ونال بذلك عند الخلفاء من الرتبة ما لم ينله غيره وهو مصنف كتاب الغاني. قال الذهبي: أبو محمد التميمي الموصلي النديم صاحأب الغناء كان إليه المنتهى في معرفة الموسيقى. قلت: لم يكن في أيام إسحاق الموسيقي ول بعده بمدة سنين مثله. قال: وكان له أدب وافر وشعر رّائق جزل وكان عال الناس وغير ذلك من ًما بالخبارّ وأيام الفقه والحديث والدب وفنون العلم. قال: وسمع من مالك وهشيم وسفيان بن عيينة والصمعي وجماعة. وعن إسحاق قال: بقيت ده ًرا من عمري أغلس كل يوم إلى هشيم أو غيره من المحدثين ثم أصير إلى الكسائي أو الفراء أو ابن غزالة فأقرأ عليه جز ًءا من القرآن ثم أصير إلى منصورّ المعروف بزلزل المغني فيضارّبني طريقين في العود أو ثلثة ثم آتي عاتكة بنت شهدة فآخذ منها صوًتا أو صوتين ثم آتي الصمعي وأبا عبيدة فأنشدهما أو أستفيد منهما فإذا كان العشاء رّحأت إلى أمير المؤمنين الرشيد. ومن شعره: الخفيف هل إلى أن تنام عيني سبيل إن عهدي بالنوم عهد طويل وكان إسحاق يكره أن ينسب إلى الغناء. وقال المأمون: لول شهرته بالغناء لولايته القضاء. وفيها توفي سريج - بسين مهملة وجيم - بن يونس بن إبراهيم المروزأي الزاهد العابد جد ابن سريج الفقيه الشافعي كان سريج أعجمًيا فرأى في منامه الحق جل جلله فقال له: يا سريج طلب كن فقال سريج: يا خداي سربسر. وهذا اللفظ بالعجمي معناه أنه قال له: يا سريج سل حأاجتك فقال: يا رّب رّأس برأس. ورّوى سريج عن ابن عيينة ورّوى عنه المام أحأمد بن حأنبل وأخرج له البخارّي ومسلم والنسائي. وفيها توفي الطيب بن إسماعيل بن إبراهيم الشيخ أبو محمد الدؤلي كان عاب ًدا زأاه ًدا يقصد الماكن التي ليس فيها أحأد وكان يبيع الللىء والجواهر وهو أحأد القراء المشهورّين وعباد الله الصالحين وكان ثقة صدو ًقا رّوى عن سفيان بن عيينة وغيره ورّوى عنه البغوي وغيره. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن إبراهيم الحافظ أبو بكر العبسي ويعرف بابن أبي شيبة كان أحأد كبارّ الحفاظ. وهو مصنف المسند والتفسير والحأكام وغيرها وقدم بغداد وحأدث بها. قال أبو عبيد القاسم بن سلم: انتهى علم الحديث إلى أرّبعة: أحأمد بن حأنبل وأبي بكر بن أبي شيبة ويحيى بن معين وعلي بن المديني فأحأمد أفقههم فيه وأبو بكر أسردهم ويحيى أجمع له وابن المديني أعلمهم به. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: فيها توفي أحأمد بن عمر الوكيعي وإبراهيم بن العلء زأبريق الحمصي وإسحاق الموصلي النديم وسريج بن يونس العابد وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب أمير بغداد وشجاع بن مخلد وشيبان بن فروخ وأبو بكر بن أبي شيبة وعبيد الله بن عمر القوارّيري ومحمد بن عباد المكي ومحمد بن حأاتم السمين ومعلى بن مهدي الموصلي ومنصورّ بن أبي مزاحأم وأبو الهذيل العلف شيخ المعتزلة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. ولية إسحاق بن يحيى على مصر هو إسحاق بن يحيى بن معاذ بن مسلم الختلي أمير مصر أصله من قرية ختلن بلدة عند سمرقند ولي مصر بعد عزل علي بن يحيى الرّمني في ذي الحجة سنة خمس وثلثين ومائتين - وله المنتصر بن المتوكل على مصر وجمع له صلتها وخراجها م ًعا وقدم إلى مصر لحأدى عشرة خلت من ذي الحجة من سنة خمس وثلثين ومائتين المذكورّة. وقال صاحأب " البغية والغتباط " إنه وصل إلى مصر لحأدى عشرة خلت من ذي القعدة وذكر السنة فخالف في الشهر ووافق في السنة وغيرها. ولما قدم مصر سكن العسكر وجعل على الشرطة الهياجي وعلى المظالم عيسى بن لهيعة وكان إسحاق هذا قد ولي إمرة دمشق في أيام المأمون ثم في أيام أخيه المعتصم ثانًيا مدة طويلة ثم ولي دمشق ثالًثا في أيام الخليفة هارّون الواثق ودام بها إلى أن نقله المنتصر لما وله أبوه المتوكل إمرة مصر حأسبما تقدم ذكره. ًرا سيو ًسا وكان إسحاق بن يحيى هذا من أجل المراء كان جوا ًدا ممد ًحأا شجا ًعا عاق ًل مدب محًبا للشعر وأهله وقصده كثير من الشعراء ومدحأوه بغررّ من المدائح وأجازأهم الجوائز السنية. وكان فيه رّفق بالرعية وعدل وإنصاف رّفق بالناس في أيام ولايته بدمشق عندما ورّد كتاب المعتصم بامتحان الرعية بالقول بخلق القرآن وأي ًضا لما ولي مصر ورّد عليه بعد مدة من ولايته كتاب المنتصر وأبيه الخليفة المتوكل بإخراج الشراف العلويين من مصر إلى العراق فأخرجوا وذلك بعد أن أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي رّضي الله عنهما وقبورّ العلويين. وكان هذا وقع من المتوكل في سنة ست وثلثين ومائتين وقيل قبلها. وكان سبب بغضه في علي بن أبي طالب وذرّيته أمر يطول شرحأه وقفت عليه في تارّيخ السعردي محصوله: أن المتوكل كان له مغنية تسمى أم الفضل وكان يسامرها قبل الخلفة وبعدها وطلبها في بعض اليام فلم يجدها ودام طلبه لها أيا يجدها ثم بعد ًما وهول أيام حأضرت وفي وجهها أثر شمس فقال لها: أين كنت فقالت: في الحج فقال: ويحك! هذا ليس من أيام الحج! فقالت: لم أرّد الحج لبيت الله الحرام وإنما أرّدت الحج لمشهد علي فقال المتوكل: وبلغ أمر الشيعة إلى أن جعلوا مشهد علي مقام الحج الذي فرضه الله تعالى! فنهى الناس عن التوجه إلى المشهد المذكورّ من غير أن يتعرض إلى ذكر علي رّضي الله عنه فثارّت الرافضة عليه وكتبوا سبه على الحيطان فحنق من ذلك وأمر بأل يتوجه أحأد لزيارّة قبر من قبورّ العلويين فثارّوا عليه أي ًضا فتزايد غضبه منهم فوقع منه ما وقع. وحأكاياته في ذلك مشهورّة ل يعجبني ذكرها إجلًل للمام علي رّضي الله عنه. ولما عظم المر أمر بهدم قبر الحسين رّضي الله عنه وهدم ما حأوله من الدورّ وأن يعمل ذلك كله مزارّع. فتألم المسلمون لذلك وكتب أهل بغداد شتم المتوكل على الحيطان والمساجد وهجاه الشعراء دعبل وغيره فصارّ كلما يقع له ذلك يزيد ويفحش. وكان الليق بالمتوكل عم هذه الفعلة وبالناس أي ًضا ترك المخاصمة لما قيل: يد الخلفة ل تطاولها يد. وفي هذا المعنى أعني في هدم قبورّ العلويين يقول يعقوب بن السكيت وقيل هرب لعلي بن أحأمد - وقد بقي إلى بعد الثلثمائة وطال عمره: الكامل تالله إن كانت أمية قد أتت قتل أبن بنت نبيها مظلو ًما وعدة أبيات أخر. ًما من المتوكل فإنه قال له وقيل: إن ابن السكيت المذكورّ قتل ظل يو ًما: أيما أحأب إليك: ولداي المؤيد والمعتز أم الحسن والحسين أولد علي فقال ابن السكيت: والله إن قلت: وفي هذه الحكاية نظر من وجوه عديدة. وقد طال المر وخرجنا عن المقصود ونرجع إلى ما نحن بصدده. ولما ورّد كتاب المنتصر إلى إسحاق بن يحيى هذا بإخراج العلويين من مصر أخرجهم إسحاق من غير إفحاش في أمرهم فصرفه المنتصر بعد ذلك بمدة يسيرة عن إمرة مصر في ذي القعدة من سنة ست وثلثين ومائتين بعبد الواحأد بن يحيى. فكانت ولية إسحاق على مصر سنة واحأدة تنقص عشرين يو ًما ومات بعد ذلك بأشهر قليلة في أول شهر رّبيع الخر من سنة سبع وثلثين ومائتين بمصر ودفن بالقرافة. ولما مات إسحاق. رّثاه بعض شعراء البصرة فقال من أبيات كثيرة: الطويل سقى الله ما بين المقطم والصفا صفا النيل صوب المزن حأيث يصوب وما بي أن يسقي البلد وإنما مرادي أن يسقى هناك حأبيب السنة التي حأكم فيها إسحاق بن يحيى على مصر وهي سنة ست وثلثين ومائتين. فيها حأج بالناس المنتصر محمد بن الخليفة المتوكل على الله وحأجت أي ًضا أم المتوكل وشيعها المتوكل إلى أن استقلت بالمسير ثم رّجع. ًل جزيلة في هذه الحجة واسمها شجاع. وأنفقت أم المتوكل أموا وفيها كان ما حأكيناه من هدم قبر الحسين وقبورّ العلويين وجعلت مزارّع كما تقدم ذكره. وفيها أشخص المتوكل القضاة من البلدان لبيعة ولة العهد أولده: المنتصر بالله محمد ومن بعده المعتز بالله محمد وقيل الزبير ومن بعده المؤيد بالله إبراهيم وبعث خواصه إلى المصارّ ليأخذوا البيعة بذلك. وفيها وثب أهل دمشق على نائب دمشق سالم بن حأامد فقتلوه يوم الجمعة على باب الخضراء. وكان من العرب فلما ولي أذل قو ًما بدمشق من السكون والسكاسك لهم وجاهة ومنعة فثارّوا به وقتلوه. ًما فقدم فندب المتوكل لمرة دمشق أفريدون التركي وسيره إليها وكان شجا ًعا فات ًكا ظال في سبعة آلف فارّس وأباح له المتوكل القتل بدمشق والنهب ثلث ساعات. فنزل أفريدون بيت لهيا وأرّاد أن يصبح البلد فلما أصبح نظر إلى البلد وطلب الركوب فقدمت له بغلة فضربته بالزوج فقتلته فدفن مكانه وقبره ببيت لهيا ورّد الجيش الذين كانوا معه خائفين. وبلغ المتوكل فصلحت نيته لهل دمشق. ًما ًما عال وفيها توفي إسماعيل بن إبراهيم بن بسام الحافظ أبو إبراهيم الترجماني كان إما محدًثا صاحأب سنة وجماعة كتب عنه المام أحأمد بن حأنبل أحأاديث ورّوى عنه محمد بن سعد وغيره ووثقه غير واحأد. وفيها توفي الحسن بن سهل الوزأير أبو محمد أخو ذي الرياستين الفضل بن سهل. كانا من بيت رّياسة في المجوس فأسلما مع أبيهما في خلفة الرشيد هارّون واتصلوا بالبرامكة فانضم سهل ليحيى بن خالد البرمكي فضم يحيى الخوين إلى ولديه: فضم الفضل بن سهل إلى جعفر والحسن بن سهل هذا إلى الفضل بن يحيى فضم جعفر الفضل بن سهل إلى المأمون وهو ولي عهد فكان من أمره ما كان. ولما مات الفضل ولي الحسن هذا مكانه وزأي ارّتفاع إلى أن تزوج ًرا ثم لم تزل رّتبته في المأمون بابنته بورّان بنت الحسن بن سهل وقد تقدم ذلك كله في محله. ولم يزل الحسن بن سهل وافر الحرمة إلى أن مات بسرخس في ذي القعدة من شرب دواء أفرط به في إسهاله وخفف عليه ديوًنا لكثرة إنعامه. وفيها توفي عبد السلم بن صالح بن سليمان بن أيوب أبو الصلت الهروي الحافظ الرحأال رّحأل في طلب العلم إلى البلد وأخذ الحديث عن جماعة ورّوى عنه غير واحأد. قيل: إنه كان فيه تشيع. وفيها توفي منصورّ ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي المير عم الرشيد هارّون. وكان منصورّ هذا ولي إمرة دمشق للمين بن الرشيد وتولى أي ًضا عدة أعمال جليلة. وكانت لديه فضيلة. وكانت وفاته في المحرم من السنة. وفيها توفي نصر بن زأياد بن نهيك المام أبو محمد النيسابورّي الفقيه الحنفي سمع الحديث وتفقه على محمد بن الحسن وولي قضاء نيسابورّ مدة وحأمدت سيرته. ًها عفي ًفا. وكان نزي رّحأمه الله. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسحاق بن إبراهيم الموصلي وإبراهيم بن أبي معاوية الضرير وإبراهيم بن المنذرّ الخزامي وأبو إبراهيم الترجماني إسماعيل بن إبراهيم وأبو معمر القطيعي إسماعيل بن إبراهيم والحسن بن سهل وزأير المأمون وخالد بن عمرو السلفي وصالح بن حأاتم بن ورّدان وأبو الصلت الهروي عبد السلم بن صالح ومصعب بن عبد الله الزبيري ومنصورّ بن المهدي المير ونصر بن زأياد قاضي نيسابورّ وهدبة بن خالد. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم خمسة أذرّع وخمسة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. على مصر هو عبد الواحأد بن يحيى بن منصورّ بن طلحة بن زأرّيق مولى خزاعة وهو ابن عم طاهر بن الحسين ولي إمرة مصر على الصلة والخراج م ًعا من قبل المنتصر كما كان أشناس وإيتاخ وغيرهما بعد عزل إسحاق بن يحيى عنها. فقدمها عبد الواحأد هذا في الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة ست وثلثين ومائتين وسكن بالعسكر على عادة أمراء مصر وجعل على شرطته محمد بن سليمان أبن غالب بن جبريل البجلي. واستمر على ذلك إلى أن ورّد عليه كتاب المنتصر بعزله عن خراج مصر فعزل في يوم الثلثاء لسبع خلون من صفر سنة سبع وثلثين ومائتين ودام على الصلة فقط. ثم ورّد عليه في السنة المذكورّة كتاب الخليفة المتوكل بحلق لحية قاضي قضاة مصر أبي بكر محمد بن أبي الليث وأن يضربه ويطوف به على حأمارّ ففعل به ما أمر به وكان ذلك في شهر رّمضان من السنة وسجن وكان القاضي المذكورّ من رّؤوس الجهمية. وولي القضاء بعده بمصر الحارّث بن مسكين بعد تمنع وأمر بإخراج أصحاب أبي حأنيفة والشافعي رّضي الله عنهما من المسجد ورّفعت حأضرهم ومنع عامة المؤذنين من الذان. وكان الحارّث قد أقعد فكان يحمل في محفة إلى الجامع وكان يركب حأما مترب ًعا ثم ًرّا ضرب الذين يقرؤون باللحان ثم حأمله أصحابه على النظر في أمر القاضي المعزول - أعني ابن أبي الليث المقدم ذكره - وكانوا قد لعنوه بعد عزله وغسلوا موضع جلوسه في المسجد فصارّ الحارّث بن مسكين يوقف القاضي محمد بن أبي الليث المذكورّ ويضربه ًما. كل يوم عشرين سو ًطا لكي يؤذي ما وجب عليه من الموال وبقي على هذا أيا ودام الحارّث بن مسكين هذا قاضًيا ثمان سنين حأتى عزل بالقاضي بكارّ بن قتيبة الحنفي. واستمر المير عبد الواحأد هذا على إمرة مصر إلى أن صرفه المنتصر عنها في سلخ صفر سنة ثمان وثلثين ومائتين بالمير عنبسة بن إسحاق وقدم إلى مصر خليفة عنبسة على صلة مصر والشركة على الخراج في مستهل شهر رّبيع الول فكانت ولايته على مصر سنة واحأدة وثلثة أشهر وسبعة أيام. السنة الولى من ولية عبد الواحأد بن يحيى على مصر وهي سنة سبع وثلثين ومائتين. على أنه حأكم بمصر من السنة الخالية من ذي القعدة إلى آخرها وقد ذكرنا تلك السنة في ترجمة إسحاق بن يحيى وليس ذلك بشرط في هذا الكتاب - أعني تحرير حأكم أمير مصر في السنة وفيها - أعني سنة سبع وثلثين ومائتين - وثبت بطارّقة إرّمينية على عاملهم يوسف بن محمد فقتلوه وبلغ المتوكل ذلك فجهز لحربهم بغا الكبير فتوجه إليهم وقاتلهم حأتى قتل منهم مقتلة عظيمة. قيل: إن القتلى بلغت ثلثة آلف ثم سارّ بغا إلى مدينة تفليس. وفيها أطلق المتوكل جميع من كان في السجن ممن امتنع من القول بخلق القرآن في أيام أبيه وأمر بإنزال جثة أحأمد بن نصر الخزاعي فدفعت إلى أقارّبه فدفنت. وفيها ظهرت نارّ بعسقلن أحأرقت البيوت والبيادرّ وهرب الناس ولم تزل تحرق إلى ثلث الليل ثم كفت بإذن الله تعالى. وفيها كان بناء قصر العروس بسامرا وتكمل في هذه السنة فبلغت النفقة عليه ثلثين ألف ألف درّهم. وفيها قدم محمد بن عبد الله بن طاهر المير على المتوكل من خراسان فوله العراق. وفيها رّضي المتوكل على يحيى بن أكثم ووله القضاء والمظالم. وفيها توفي إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم أبو يعقوب التميمي الحنظلي الحافظ المعروف بابن رّاهويه كان من أهل مرو وسكن نيسابورّ وولد سنة إحأدى وستين ومائة وكان إما والورّع وهو أحأد الئمة ًما حأاف ًظا بارّ ًعا اجتمع فيه الحديث والفقه والحفظ والذين الحفاظ وفيها توفي حأاتم بن يوسف وقيل ابن عنوان أبو عبد الرحأمن البلخي وكان يعرف بالصم ونسب إلى ذلك لن آمرأة سألته مسألة فخرج منها صوت رّيح من تحتها فخجلت فقال لها: ارّفعي صوتك وأرّاها من نفسه أنه أصم حأتى سكن ما بها فغلب عليه الصم وكان ممن جمع له العلم والزهد والورّع. ًها محدًثا ثقة ًما فقي وفيها توفي حأيان بن بشر الحنفي كان إما ولي قضاء بغداد ًما عال وأصبهان وحأمدت سيرته. وفيها توفي الشيخ أبو عبيد البسري أصله من قرية بسر من أعمال حأورّان كان صال ًحا مجاب الدعوة صاحأب كرامات وأحأوال واسمه محمد وكان صاحأب جهاد وغزو. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن عمر الشافعي وحأاتم الصم الزاهد وسعيد بن حأفص النفيلي والعباس بن الوليد النرسي - قلت: النرسي بفتح النون وسكون الراء المهملة - وعبد الله بن عامر بن زأرّارّة وعبد الله بن مطيع وعبد العلى بن حأماد النرسي وعبيد الله بن معاذ العنبري وأبو كامل الفضيل بن الحسين الجحدرّي ومحمد بن قدامة الجوهري. أمر النيل في هذه السنة: السنة الثانية من ولية عبد الواحأد بن يحيى على مصر وهي سنة ثمان وثلثين ومائتين. فيها حأاصر بغا تفليس وبها إسحاق بن إسماعيل مولى بني أمية فخرج إسحاق للمحارّبة فأسر ثم ضربت عنقه وأحأرقت تفليس وأحأترق فيها خلق وفتحت عدة حأصون بنواحأي تفليس. وفيها قصدت الروم لعنهم الله ثغر دمياط في ثلثمائة مركب فكبسوا البلد وسبوا ستمائة امرأة ونهبوا وأحأرقوا وبدعوا ثم خرجوا مسرعين في البحر. وفيها توفي بشر بن الوليد بن خالد المام أبو بكر الكندي الحنفي كان من العلماء العلم وشي ًخا من مشايخ السلم كان عال وكان يحيى بن أكثم شكاه ًما ديًنا صال ًحا عفي ًفا مهاًبا إلى الخليفة المأمون فاستقدمه المأمون وقال له: لم ل تنفذ أحأكام يحيى فقال: سألت عنه أهل بلده فلم يحمدوا سيرته فصاح المأمون: اخرج اخرج فقال يحيى بن أكثم: قد سمعت كلمه يا أمير المؤمنين فاعزله فقال: ل والله لم يراعني فيك مع علمه بمنزلتك عندي كيف أعزله!. ًما وفيها توفي صفوان بن صالح بن صفوان الثقفي الدمشقي مؤذن جامع دمشق كان إما محدًثا سمع من وفيها توفي المير عبد الرحأمن بن الحكم بن هشام أبو المطرف الموي الدمشقي الصل المغربي أمير الندلس ولد بطليطلة في سنة سبع وسبعين ومائة وأقام على إمرة الندلس إثنتين وأرّبعين سنة ومات في صفر وملك الندلس من بعده ابنه. وقد تقدم الكلم على سلفه وكيفية خروجه من دمشق إلى المغرب في أوائل الدولة العباسية. وفيها توفي محمد بن المتوكل بن عبد الرحأمن العسقلني الحافظ مولى بني هاشم كان فاض ًل زأاه ًدا محدًثا أسند عن الفضيل بن عياض وغيره ومات بعسقلن وكان من الئمة الحفاظ الرحأالين. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن محمد المروزأي مردويه وإبراهيم بن أيوب الحورّاني الزاهد وإبراهيم بن هشام الغساني وإسحاق بن إبراهيم بن زأبريق - بكسر الزاي وسكون الموحأدة - وإسحاق بن رّاهويه وبشر بن الحكم العبدي وبشر بن الوليد الكندي وزأهير بن عباد الرواسي وحأكيم بن سيف الرقي وطالوت بن عباد وعبد الرحأمن بن الحكم بن هشام صاحأب الندلس الموي وعبد الملك بن حأبيب فقيه الندلس وعمرو بن زأرّارّة ومحمد بن بكارّ بن الريان ومحمد بن الحسين البرجلني ومحمد بن عبيد بن حأساب ومحمد بن المتوكل اللؤلؤي المقرىء ومحمد بن أبي السري العسقلني ويحيى أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وسبعة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة أصابع. ولية عنبسة بن إسحاق على مصر هو عنبسة بن إسحاق بن شمر بن عيسى بن عنبسة المير أبو حأاتم وقيل: أبو جابر وهو من أهل هراة ولي إمرة مصر بعد عزل عبد الواحأد بن يحيى عنها وله المنتصر محمد بن الخليفة المتوكل على الله جعفر في صفر سنة ثمان وثلثين ومائتين على الصلة فأرّسل عنبسة خليفته على صلة مصر فقدم مصر في مستهل شهر رّبيع الول من السنة المذكورّة فخلفه المذكورّ على صلة مصر حأتى قدمها في يوم السبت لخمس خلون من شهر رّبيع الخر من السنة المذكورّة متولًيا على الصلة وشري ًكا لحأمد بن خالد الصريفيني صاحأب خراج مصر. وسكن عنبسة العسكر على عادة المراء وجعل على شرطته أبا أحأمد محمد بن عبد الله القمي. وكان عنبسة خارّجًيا يتظاهر بذلك فقال فيه يحيى بن الفضل من أبيات: الخفيف خارّجًيا يدين بالسيف فينا ويرى قتلنا جمي ًعا صواًبا ولما ولي عنبسة مصر أمر العمال برد المظالم وخفص الحقوق وأنصف الناس غاية النصاف وأظهر من الرفق والعدل بالرعية والحأسان إليهم ما لم يسمع بمثله في زأمانه وكان يتوجه ماشًيا إلى المسجد الجامع من مسكنه بالعسكر بدارّ المارّة. وكان ينادي في شهر رّمضان: السحورّ لنه كان يرمى بمذهب الخوارّج كما تقدم ذكره. وفي أول ولايته نزل الروم على دمياط في يوم عرفة وملكوها وأخذوا ما فيها وقتلوا منها جم ًعا كبي رّكب من وقته بجيوش ًرا من المسلمين وسبوا النساء والطفال فلما بلغه ذلك مصر ونفر إليهم يوم النحر سنة ثمان وثلثين ومائتين - وقد تقدم ذلك - فلم يدرّك الروم فأصلح شأن دمياط ثم عاد إلى مصر. وكان سبب غفلة عنبسة عن دمياط أنه قدم عليه عيد الضحى وأرّاد طهورّ ولديه يوم ًرا حأتى بلغ به العيد حأتى يجمع بين العيد والفرح واحأتفل لذلك احأتفا المر أن أرّسل ًل كبي إلى ثغري دمياط وتنيس فأحأضر سائر من كان بهما من الجند والخرجية والزرّاقين وغيرهما وكذلك من كان بثغر السكندرّية من المذكورّين فرحألوا إليه بأجمعهم واتفق مع هذا أنه لما كان صبح يوم عرفة هجم على دمياط ثلثمائة سفينة مشحونة بمقاتلة الروم فوجدوا البلد خالًيا من الرجال والمقاتلة ولم يمنعهم عنها مانع فهجموا على البلد وأكثروا من القتل والسبي والنهب. وكان عنبسة غضب على مقدم من أهل دمياط يقال له أبو جعفر بن الكشف فقيده وحأبسه في بعض البرجة فمضى إليه بعض أعوانه وكسروا قيده أخرجوه واجتمع إليه جماعه من أهل البلد فحارّب بهم الروم حأتى هزمهم وأخرجهم من دمياط ونزحأوا عن دمياط مهزومين ومضوا إلى أشموم تنيس فلم يقدرّوا عليها فعادوا إلى بلدهم. ودام بعد ذلك عنبسة على مصر إلى أن ورّد عليه كتاب المنتصر أن ينفرد بالخراج والصلة م ًعا وصرف شريكه على الخراج أحأمد بن خالد فدام على ذلك مدة ثم صرف عن الخراج في أول جمادى الخرة من سنة إحأدى وأرّبعين ومائتين بعد أن عاد من سفرة الصعيد التي ذكرها في آخر ترجمته وانفرد بالصلة. ثم ورّد عليه كتاب الخليفة المتوكل بالدعاء بمصر للفتح بن خاقان أعني أن الفتح ولي إمرة مصر مكان المنتصر بن المتوكل وصارّ أمر مصر إليه يولي بها من شاء وذلك في شهر رّبيع الول من سنة اثنتين وأرّبعين ومائتين فدعي له بها على العادة بعد الخليفة. وفي أيام عنبسة المذكورّ كان خروج أهل الصعيد العلى من معاملة الديارّ المصرية على الطاعة وامتنعوا من إعطاء ما كان مقرًرّا عليهم وهو في كل سنة خمسمائة نفر من العبيد والجوارّي مع غير ذلك من البخت البجاوية وزأرّافتين وفيلين وأشياء أخر. فلما كانت سنة أرّبعين ومائتين تجاهروا بالعصيان وقطعوا ما كانوا يحملونه وتعرضوا لمن كان يعمل في معادن الزمرد من العمال والفعلة والحفارّين فاجتاحأوا الجميع وبلغ بهم المر حأتى آتصلت غارّاتهم بأعالي الصعيد فآنتهبوا بعض القرى المتطرفة مثل إسنا وأتفو وظواهرهما فأجفل أهل الصعيد عن أوطانهم وكتب عامل الخراج إلى عنبسة يعلمه بما فعلته البجاة فلم يمكن عنبسة كتم هذا الخبر عن الخليفة المتوكل على الله جعفر فكتب إليه بجميع ما فعلته البجاة فلما وقف على ذلك أنكر على ولة الناحأية تفريطهم ثم شاورّ المتوكل في أمرهم أرّباب الخبرة بمسالك تلك البلد فعرفوه أن المذكورّين أهل بادية وأصحاب إبل وماشية وأن الوصول إلى بلدهم صعب لنها بعيدة عن العمران وبينها وين البلد السلمية برارّي موحأشة ومفاوزأ معطشة وجبال مستوعرة وأن التكلف إلى قطع تلك المسافة وهي أقل ما تكون مسيرة شهرين من ديارّ مصر ويريد المتوجه أن يستعد بجميع ما يحتاج إليه من المياه والزأواد والعلوفات ومتى ما أعوزأه شيء من ذلك هلك جميع من معه من الجند وأخذهم البجاة قب ًضا باليد. ثم إن هؤلء الطائفة متى طرقهم طارّق من جهة البلد السلمية طلبوا النجمة ممن يجاورّهم من طريق النوبة وكذلك النوبة طلبوا النجدة من ملوك الحبوش وهي ممالك متصلة بشاطىء نهر النيل حأتى تنتهي بمن قصده السير إلى بلد الزنج ومنها إلى جبل القمر الذي ينبع منه النيل وهي آخر العمران من كرة الرّض. وقد ذكر القاضي شهاب الدين بن فضل الله العمري في كتابه " مسالك البصارّ في ممالك المصارّ ": أن سكان هذه البلد المذكورّة ل فرق بينهم وبين الحيوانات الوحأشية لكونهم حأفاة عراة ليس على أحأدهم من الكسوة ما يستره وجميع ما يتقوتون به من الفواكه التي تنبت عندهم في تلك الجبال ومن السماك التي تكون عندهم في العمران التي تجري على وجه الرّض من زأيادة النيل ول يعترف أحأد منهم بزوجة ول بولد ول بأخ وأخت بل هم على صفة البهائم ينزو بعضهم على بعض. فلما وقف المتوكل على ما ذكره أرّباب الخبرة بأحأوال تلك البلد فترت عزيمته عما كان قد عزم عليه من تجهيز العساكر. وبلغ ذلك محمد بن عبد الله القمي وكان من القواد الذين يتولون خفارّة الحاج في أكثر السنين فحضر محمد المذكورّ إلى الفتح بن خاقان وزأير المتوكل وذكر له أنه متى رّسم المتوكل إلى عمال مصر بتجهيزه عبر إلى بلد البجاة وتعدى منها إلى أرّض النوبة ودوخ سائر تلك الممالك. فلما عرض الفتح حأديثه على المتوكل أمر بتجهيزه وسائر ما يحتاج إليه وكتب إلى عنبسة بن إسحاق هذا وهو يومئذ عامل مصر أن يمده بالخيل والرجال والجمال وما يحتاج إليه من السلحة والموال وأن يوليه الصعيد العلى يتصرف فيه كيف شاء. وسارّ محمد حأتى وصل إلى مصر فعندما وصلها قام له عنبسة بسائر ما اقترحأه عليه ونزل له عن عدة وليات من أعمال الصعيد مثل فقط والقصير وإسنا وأرّمنت وأسوان وأخذ محمد بن عبد الله القمي المذكورّ في التجهيز فلما فرغ من استخدام الرجال وبذل الموال حأمل ما قدرّ عليه من الزأواد والثقال بعد أن جهز من ساحأل السويس سبع مراكب موقرة بجميع ما تحتاج عساكره إليه: من دقيق وتمر وزأيت وقمح وشعير وغير ذلك. وعينت لهم الدلء مكاًنا من ساحأل البحر نحو عيذاب يكون اجتماعهم فيه بعد مدة معلومة. ثم رّحأل محمد من مدينة قوص مقتح ًما تلك البرارّي الموحأشة وقد تكامل معه من العسكر سبعة آلف مقاتل غير التباع وسارّ حأتى تعدى حأفائر الزمرد وأوغل في بلد القوم حأتى قارّب مدينة دنقلة وشاع خبر قدومه إلى أقصى بلد السودان فنهض ملكهم - وكان يقال له علي بابا - إلى محارّبة العسكر الواصل مع محمد المذكورّ ومعه من تلك الطوائف المقدم ذكرها أمم ل تحصى غير أنهم عراة بغير ثياب وأكثر سلحأهم الحراب والمزارّيق ومراكبهم البخت النوبية الصهب وهي على غاية من الزعارّة والنفارّ فعندما قارّبوا العساكر السلمية وشاهدوا ما هم عليه من التجمل والخيول والعدد وآلت الحرب فلم يقدرّوا على محارّبتهم عزموا على مطاولتهم حأتى تفنى أزأوادهم وتضعف خيولهم ويتمكنوا منهم كيفما أرّادوا فلم يزالوا يراوغونهم مراوغة الثعالب وصارّوا كلما دنا منهم محمد ليواقعهم يرحألون من بين يديه من مكان إلى مكان حأتى طال بهم المطال وفنيت الزأواد فلم يشعروا إل وتلك المراكب قد وصلت إلى الساحأل فقويت بها قلوب العساكر السلمية فعند ذلك تيقنت السودان أن المدد ل ينقطع عنهم من جهة الساحأل فصمموا على محارّبتهم ودنوا إليهم في أمم ل تحصى. فلما نظر محمد إلى السودان التي أقبلت عليه انتزع جميع ما كان في رّقاب جمال عساكره من الجراس فعلقها في أعناق خيوله وأمر أصحابه بتحريك الطبول وبنفير البواق ساعة الحملة وتم واق ًفا بعساكره وقد رّتبها ميامن ومياسر بحيث لم يتقدم منهم عنان عن عنان وزأحأفت السودان عليه وهو بموقفه ل يتحرك حأتى قارّبوه وكادت تصل مزارّيقهم إلى صدرّ خيوله فعند ذلك أمر أصحابه بالتكبير ثم حأمل بعساكره على السودان حأملة رّجل واحأد وحأركت نقارّاته وخفقت طبوله وعل حأس تلك الجراس حأتى خيل للسودان أن السماء قد انطبقت على الرّض فرجعت جمال السودان عند ذلك جافلة على أعقابها وقد تساقط عن ظهورّها أكثر رّكابها واقتحم عساكر السلم السودان فقتلوا من ظفروا به منهم حأتى كفت أيديهم وامتلت تلك الشعاب والبرارّي بالقتلى حأتى حأال بينهم الليل. وفات المسلمين علي بابا أعني ملكهم لنه كان مع جماعة من أهل بيته وخواصه قد نجوا على ظهورّ الخيل. فلما انفصلت الواقعة وتحققت السودان أنهم ل مقام لهم بهذه البلد حأتى يأخذوا لنفسهم المان فأرّسل علي بابا ملك السودان إلى محمد بن عبد الله القمي يسأله المان ليرجع إلى ما كان عليه من الطاعة ويتحرك له حأمل ما تأخر عليه من المال المقررّ له لمدة أرّبع سنين فبذل له محمد المان وأقبل عليه علي بابا حأتى وطىء بساطه فخلع عليه محمد خلعة من ملبسه وعلى ولده وعلى جماعة من أكابر أصحابه. ثم شرط عليه محمد أن يتوجه معه إلى بين يدي الخليفة المتوكل على الله ليطأ بساطه فامتثل علي بابا ذلك وولى ولده مكانه إلى أن يحضر من عند الخليفة وكان اسم ولده المذكورّ ليعس بابا. ثم عاد محمد بن عبد الله القمي بعسكره وصحبته علي بابا حأتى وصل إلى مصر فأكرمه عنبسة المذكورّ وكان خرج إلى لقائه بأقصى بلد الصعيدة وقيل: بل كان مساف ًرا معه وهو بعيد. فأقام محمد بن عبد الله مدة يسيرة ثم خرج بعلي بابا إلى العراق وأحأضره بين يدي الخليفة المتوكل على الله فأمره الحاجب بتقبيل الرّض فامتنع فعزم المتوكل أن يأمر بقتله وخاطبه على لسان الترجمان: إنه بلغني أن معك صن من حأجر أسود ًما معموًل تسجد له في كل يوم مرتين فكيف تتأبى عن تقبيل الرّض بين يدي وبعض غلماني قد قدرّ عليك وعفا عنك فلما سمع علي بابا كلمه قبل الرّض ثلث مرات فعفا عنه المتوكل وأفاض عليه الخلع وأعاده إلى بلده كل ذلك في أيام ولية عنبسة على مصر. وابتنى عنبسة في أيام ولايته أي ًضا المصلى المجاورّة لمصلى خولن وكانت من أحأسن المباني. ثم صرف عنبسة بيزيد بن عبد الله بن دينارّ في أول شهر رّجب سنة اثنتين وأرّبعين ومائتين. فكانت ولية عنبسة المذكورّ على مصر أرّبع سنين وأرّبعة أشهر. قلت: وعنبسة هذا هو آخر من ولي مصر من العرب وآخر أمير صفى في المسجد الجامع وخرج من مصر في شهر رّمضان وتوجه إلى العراق سنة أرّبع وأرّبعين ومائتين السنة الولى من ولية عنبسة بن إسحاق على مصر وهي سنة تسع وثلثين ومائتين. فيها نفى المتوكل علي بن الجهم إلى خراسان. وفيها غزا المير علي بن يحيى الرّمني بلد الروم - أعني الذي عزل عن نيابة مصر قبل تارّيخه وقد تقدم ذلك كله في ترجمته - فأوغل علي بن يحيى المذكورّ في بلد الروم حأتى شارّف القسطنطينية فأحأرق ألف قرية وقتل عشرة آلف حأاج وسبى عشرين أل ًفا وعاد ًما. ًما غان سال وفيها عزل المتوكل يحيى بن أكثم عن القضاء وأخذ منه مائة ألف دينارّ وأخذ له من البصرة أرّبعة آلف جريب. وفيها في جمادى الولى زألزلت الدنيا في الليل واصطكت الجبال ووقع من الجبل المشرف على وفيها حأج بالناس عبد الله بن محمد بن داود العباسي وهو يوم ذاك أمير مكة. وفيها توفي محمد بن أحأمد بن أبي عواد القاضي أبو الوليد اليادي وله المتوكل القضاء والمظالم بعدما أصاب أباه أحأمد بن أبي عواد الفالج ثم عزل بعد مدة عن المظالم ثم عن القضاء كل ذلك في حأياة أبيه في حأال مرضه بالفالج. وأبوه هو الذي كان يقول بخلق القرآن وحأمل الخلفاء على امتحان العلماء. وكان محمد هذا بخيًل مسي ًكا مع شهرة أبيه بالكرم. وكانت وفاته في حأياة والده وعظم مصابه على أبيه مع ما هو فيه من شدة مرضه بالفالج حأتى إنه كان كالحجر الملقى. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه وداود بن رّشيد وصفوان بن صالح الدمشقي المؤذن والصلت بن مسعود الجحدرّي وعثمان بن أبي شيبة ومحمد بن مهران الجمال الرازأي ومحمد بن نصر المروزأي ومحمد بن يحيى بن أبي سمينة ومحمود بن غيلن ووهب بن بقية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثلثة وعشرون إصب ًعا. بن إسحاق على مصر وهي سنة أرّبعين ومائتين. فيها سمع أهل خلط صيحة عظيمة من جو السماء فمات خلق كثير. وفيها وقع برد بالعراق كبيض الدجاج قتل بعض المواشي. ويقال: إنه خسف فيها ببلد المغرب ثلث عشرة قرية ولم ينج من أهلها إل نيف وأرّبعون رّجًل فأتوا القيروان فمنعهم أهل القيروان من الدخول إليها وقالوا: أنتم مسخوط عليكم فبنوا لهم خارّجها وسكنوا وحأدهم. وفيها حأج بالناس محمد بن عبد الله بن داود العباسي. وفيها وثب أهل حأمص على عاملهم أبي المغيث الرافقي متولي البلد فأخرجوه منها وقتلوا جماعة من أصحابه فسارّ إليهم المير محمد بن عبدويه النبارّي ففتك بهم وفعل بهم العاجيب. وفيها توفي إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الحافظ أبو ثورّ الكلبي كان أحأد من جمع بين الفقه والحديث وسمع سفيان بن عيينة وطبقته ورّوى عنه مسلم بن الحجاج صاحأب الصحيح وغيره واتفقوا على صدقه وثقته. وفيها توفي أحأمد بن أبي داود بن جرير القاضي أبو عبد الله اليادي البصري ثم البغدادي واسم أبيه الفرح ولي القضاء للمعتصم والواثق وكان مصر ًحأا بمذهب الجهمية داعية إلى القول بخلق القرآن وكان موصو ًفا بالجود والسخاء والعلم وحأسن الخلق وغزارّة الدب. قال الصولي: كان يقال: أكرم من كان في دولة بني العباس البرامكة ثم ابن أبي عواد لول ما وضع به نفسه من المحنة ولولها لجتمعت اللسن عليه ومولده سنة ستين ومائة بالبصرة. وقال أبو العيناء: كان أحأمد بن أبي عواد شاع ًرا مجي ًدا فصي ًحا بلي ًغا ما رّأيت رّئي ًسا أفصح منه. قال ابن درّيد: أخبرنا الحسن بن الخضر قال: كان ابن أبي داود مؤال ًفا لهل الدب من أي بلد كانوا وكان قد ضم إليه جماعة يمونهم فلما مات أجتمع ببابه جماعة منهم وقالوا: يدفن من كان ساقة الكرم وتارّيخ الدب ول يتكلم فيه! إن هذا لوهن وتقصير. فلما طلع سريره قام ثلثة منهم فقال أحأدهم: " البسيط " اليوم مات نظام الفهم واللسن ومات من كان يستعدي على الزمن وأظلمت سبل الداب إذ حأجبت شمس المكارّم في غيم من الكفن وقال الثاني: " الكامل " ترك المنابر والسرير تواض ًعا وله منابر لو يشا وسرير وقال الثالث: " الطويل " وليس نسيم المسك رّيح حأنوطه ولكنه ذاك الثناء المخفف وليس صرير النعش ما تسمعونه ولكنه أصلب قوم تقصف وكانت وفاته لسبع بقين من المحرم. وكانت وفاة ابنه محمد بن أحأمد بن أبي عواد في السنة الخالية. وقد تقدم ابن أبي عواد هذا في عدة أماكن من هذا الكتاب فيمن تكلم بخلق القرآن. وفيها توفي قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف أبو رّجاء الثقفي من أهل بغلن وهي قرية من قرى بلخ. ومولده في سنة خمسين ومائة. ًما فاض ًل محدًثا رّحأل إلى المصارّ وأكثر من السماع وكان إما وحأدث عن مالك بن ًما عال أنس وغيره ورّوى عنه المام أحأمد بن حأنبل وغير واحأد. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن خضرويه البلخي الزاهد وأحأمد بن أبي عواد القاضي وأبو ثورّ الفقيه إبراهيم بن خالد وإسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني وجعفر بن حأميد الكوفي والحسن بن عيسى بن ماسرجس وخليفة العصفري وسويد بن سعيد الحدثاني وسويد بن نصر المروزأي وعبد السلم بن سعيد سحنون الفقيه وعبد الواحأد بن غياث وقتيبة بن سعيد ومحمد بن خالد بن عبد الله الطحان ومحمد بن الصباح أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وثلثة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا ونصف ذرّاع. السنة الثالثة من ولية عنبسة بن إسحاق على مصر وهي سنة إحأدى وأرّبعين ومائتين. فيها في جمادى الخرة ماجت النجوم في السماء وتناثرت الكواكب كالجراد أكثر الليل وكان أم ًرا مزع ًجا لم يسمع بمثله. وفيها ولى الخليفة المتوكل على الله جعفر أبا حأسان الزيادي قضاء الشرقية في المحرم وشهد عنده الشهود على عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم أنه شتم أبا بكر وعمر وعائشة وحأفصة فكتب المتوكل إلى محمد بن عبد الله بن طاهر ببغداد أن يضرب عيسى بالسياط حأتى يموت ويرمى في دجلة ففعل به ذلك. وفيها فادى المتوكل الروم فخلص من المسلمين سبعمائة وخمسة وثلثين رّجًل من أيدي ًرا عندهم. الروم ممن كان أسي وفيها توفي المام أحأمد بن محمد بن حأنبل بن هلل بن أسد بن إدرّيس بن عبد الله بن حأيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازأن بن شيبان هكذا نسبه ولده عبد الله واعتمده جماعة من المؤرّخين وزأاد غيرهم بعد شيبان فقال: ابن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل المام أحأد العلم وشيخ السلم أبو عبد الله الشيباني البغدادي صاحأب المذهب مولده في شهر رّبيع الول سنة أرّبع وستين ومائة رّوى عن جماعة كثيرة مثل هشيم وسفيان بن عيينة ويحيى القطان والوليد بن مسلم وغندرّ وزأياد البكائي ويحيى بن أبي زأائدة والقاضي أبي يوسف يعقوب ووكيع وابن نمير وعبد الرحأمن بن مهدي وعبد الرزأاق والشافعي وخلق كثير وممن رّوى عنه محمد بن إسماعيل البخارّي ومسلم بن الحجاج صاحأب الصحيح وأبو داود وخلق كثير. وقال عبد الرزأاق: ما رّأيت أفقه من أحأمد بن حأنبل ول أصرع. وقال إبراهيم بن شماس: سمعت وكي ًعا يقول: ما قدم الكوفة مثل ذاك الفتى يعني أحأمد بن حأنبل. وعن عبد الرحأمن بن مهدي قال: ما نظرت إلى أحأمد بن حأنبل إل تذكرت به سفيان الثورّي. وقال القوارّيري: قال لي يحيى القطان: ما قدم علي مثل أحأمد بن حأنبل ويحيى بن معين. و رّوى ابن عساكر عن الشافعي: أنه لما قدم مصر سئل: من خلفت بالعراق فقال: ما خلفت به أعقل ول أورّع ول أفقه ول أزأهد من أحأمد بن حأنبل. قلت: وفضل المام أحأمد أشهر من أن يذكر ولو لم يكن من فضله ودينه إل قيامه في السنة وثباته في المحنة لكفاه ذلك شر ًفا وقد ذكرنا من أحأواله نبذة كبيرة في هذا الكتاب في أيام المحنة وغيرها. وكانت وفاته في شهر رّبيع الول منها أي من هذه السنة رّحأمه الله تعالى. وقد رّوينا مسنده عن المشايخ الثلثة المسندين المعمرين: زأين الدين عبد الرحأمن بن يوسف بن الطحان وعلي بن إسماعيل بن بردس وأحأمد بن عبد الرحأمن الذهبي قالوا: أخبرنا أبو عبد الله صلح الدين محمد بن أبي عمر المقدسي أخبرنا أبو النجيب علي بن أبي العباس المنصورّي أخبرنا أبو علي حأنبل بن علي الرصافي أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين أخبرنا أبو الحسين علي بن المذهب أخبرنا أبو بكر أحأمد بن جعفر بن حأمدان القطيعي أخبرنا أبو عبد الرحأمن عبد الله بن أحأمد بن حأنبل حأدثنا أبي. وفيها توفي الحسن بن حأماد أبو علي الحضرمي ويعرف بسجادة لملزأمته السجادة في الصلة. ًما زأاه ًدا عاب ًدا سمع أبا معاوية الضرير وغيره ورّوى كان إما ًم عال عنه ابن أبي الدنيا وطبقته وهو أحأد من امتحن بالقول بخلق القرآن وثبت على السنة وقد تقدم ذكره في أيام المحنة وشيء من أخبارّه وأجوبته لسحاق بن إبراهيم نائب الخليفة ببغداد في سنة ثمان عشرة ومائتين. وفيها توفي محمد بن محمد بن إدرّيس أبو عثمان العسقلني الصل المصري ابن المام الشافعي رّضي الله عنه. ًرا. وكان للشافعي ولد آخر اسمه محمد توفي بمصر صغي وولي محمد هذا قضاء الجزيرة وحأمدت هناك سيرته وسمع من أبيه وأحأمد بن حأنبل وغيرهما. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي المام أحأمد بن حأنبل والحسن بن حأماد سجادة وجبارّة بن المغلس وأبو توبة الربيع بن نافع الحلبي وعبد الله بن منير المروزأي وأبو قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رّزأمة وأبو مروان محمد بن عثمان العثماني ومحمد بن عيسى التيمي الرازأي المقرىء وهدية بن عبد الوهاب المروزأي ويعقوب بن حأميد بن كاسب. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع وخمسة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. السنة الرابعة من ولية عنبسة بن إسحاق على مصر وهي سنة اثنتين وأرّبعين ومائتين. فيها حأشدت الروم وخرجوا من ناحأية سميساط إلى آمد والجزيرة فقتلوا وسبوا نحو عشرة وفيها حأج بالناس أمير مكة المير عبد الصمد بن موسى بن محمد الهاشمي. وحأج من البصرة إبراهيم بن مظهر الكاتب على عجلة تجرها البل وتعجب الناس من ذلك. وفيها كانت زألزلة بعدة بلد في شعبان هلك منها خلق تحت الردم قيل: بلغت عدتهم خمسة وأرّبعين أل ًفا وكان معظم الزلزلة بالدامغان حأتى قيل إنه سقط نصفها وزألزلت الري وجرجان ونيسابورّ وطبرستان وأصبها وتقطعت الجبال وتشققت الرّض بمقدارّ ما يدخل الرجل في الشق ورّجمت قرية السويداء بناحأية مضر بالحجارّة. وقع منها حأجر على أعراب فوزأن حأجر منها فكان عشرة أرّطال لعله بالشامي وسارّ جبل باليمن عليه مزارّع لهله حأتى أتى مزارّع آخرين ووقع بحلب طائر أبيض دون الرخمة في شهر رّمضان فصاح: يا معشر الناس اتقوا الله اتقوا الله اتقوا الله أرّبعين صوًتا ثم طارّ وجاء من الغد ففعل كذلك وكتب البريد بذلك وشهد خمسمائة إنسان سمعوه. وفيها مات رّجل ببعض كوزأ الهوازأ في شوال فسقط طائر أبيض على جنازأته فصاح بالفارّسية: إن الله قد غفر لهذا الميت ولمن شهد جنازأته. وفيها توفي عبد الله بن بشر بن أحأمد بن ذكوان إمام جامع دمشق. قال أبو زأرّعة: لم يكن بالشأم ومصر والعراق والحجازأ أقرأ من ابن ذكوان وكان مولده سنة ثلث وأرّبعين ومائة ومات وفيها توفي محمد بن أسلم بن سالم أبو الحسن الطوسي ًما زأاه ًدا عاب ًدا تشبه بالصحابة. كان إما الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو مصعب الزهري والحسن بن علي الحلواني وابن ذكوان المقرىء وزأكريا بن يحيى كاتب العمري ومحمد بن أسلم اللوسي ومحمد بن رّمح التجيبي ومحمد بن عبد الله بن عمارّ ويحيى بن أكثم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وستة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة أصابع. ولية يزيد بن عبد الله على مصر هو يزيد بن عبد الله بن دينارّ المير أبو خالد كان من الموالي ولي مصر بعد عزل عنبسة عنها في شهر رّجب سنة اثنتين وأرّبعين ومائتين وله المنتصر على الصلة. فلما ولي مصر أرّسل أخاه العباس بن عبد الله بن دينارّ أمامه إلى مصر خليفة له ثم قدم يزيد هذا بعمه إلى مصر لعشر بقين من شهر رّجب سنة اثنتين وأرّبعين ومائتين المذكورّة وسكن العسكر وأقام الحرمة ومهد أمورّ الديارّ المصرية وأخرج المؤنثين منها وضربهم وطاف بهم ثم منع النداء على الجنائز وضرب جماعة بسبب ذلك وفعل أشياء من هذه المقولة ودام على ذلك إلى المحرم سنة خمس وأرّبعين ومائتين. خرج من مصر. إلى دمياط لما بلغه نزول الروم عليها فأقام بها مدة لم يلق حأرًبا ورّجع في شهر رّبيع الول من السنة إلى مصر وعند حأضورّه إلى مصر بلغه ثانًيا نزول الروم إلى دمياط فخرج أي ًضا من مصر لوقته وتوجه إلى دمياط فلم يلقهم فأقام بالثغر مدة ثم عاد إلى مصر. ثم بدا له تعطيل الرهان الذي كان لسباق الخيل بمصر وباع الخيل التي كانت تتخذ للسباق بمصر. ثم تتبع الروافض بمصر وأبادهم وعاقبهم وامتحنهم وقمع أكابرهم وحأمل منهم جماعة إلى العراق على أقبح وجه ثم التفت إلى العلويين فجرت عليهم منه شدائد من الضيق عليهم وأخرجهم من مصر. وفي أيامه في سنة سبع وأرّبعين ومائتين بني مقياس النيل بالجزيرة المنعوتة بالروضة. ذكر أول من قاس النيل بمصر أول من قاسه يوسف الصديق بن يعقوب نبي الله عليه السلم. وقيل: إن النيل كان يقاس بأرّض علوة إلى أن بني مقياس منف وأن القبط كانت تقيس عليه إلى أن بطل لما بنت دلوكة العجوزأ صاحأبة مصر مقيا ًسا بأنصنا وكان صغير الفرع ثم بنت مقيا ًسا آخر بإخميم. ودلوكة هذه هي التي بنت الحائط المحيط بمصر من العريش إلى أسوان وقد تقدم ذكرها في أول هذا الكتاب عند ذكر من ملك مصر من الملوك قبل السلم. وقيل: إنهم كانوا يقيسون الماء قبل أن يوضع المقياس بالرصاصة وقيل غير ذلك. فلم يزل المقياس فيما مضى قبل الفتح بقيسارّية الكسية بالفسطاط إلى أن آبتنى المسلمون بين الحصن والبحر أبنيتهم الباقية الن. وكان للروم أي ًضا مقياس بالقصر خلف الباب يمنة من يدخل منه في داخل الزقاق أثره قائم إلى اليوم وقد بني عليه وحأوله. ولما فتح عمرو برج العاص مصر بنى بها مقيا ًسا بأسوان فدام المقياس بها مدة إلى أن بني في أيام معاوية بن أبي سفيان مقياس بأنصنا أي ًضا فلم يزل يقاس عليه إلى أن بنى عبد العزيز بن مروان مقيا ًسا بحلوان. وكان عبد العزيز بن مروان أمير مصر إذ ذاك من قبل أخيه عبد الملك بن مروان وقد تقدم ذكر عبد العزيز في ولايته على مصر. وكان عبد العزيز يسكن بحلوان. وكان مقياس عبد العزيز الذي ابتناه بحلوان صغير الفرع. ثم بنى أسامة بن زأيد التنوخي في أيام الوليد بن عبد الملك مقيا ًسا وكسر فيه ألف قنطارّ. وأسامة هذا هو الذي بنى بيت المال بمصر وكان أسامة عامل خراج مصر. ثم كتب أسامة المذكورّ إلى سليمان بن عبد الملك بن مروان لما ولي الخلفة ببطلن هذا المقياس المذكورّ وأن المصلحة بناء مقياس غير ذلك فكتب إليه سليمان ببناء مقياس في الجزيرة يعني الروضة فبناه أسامة في سنة سبع وتسعين - قال ابن بكير مؤرّخ مصر: أدرّكت المقياس بمنف ويدخل القياس بزيادته كل يوم إلى الفسطاط يعني مصر - ثم بنى المتوكل فيها مقيا ًسا في سنة سبع وأرّبعين ومائتين في ولية يزيد بن عبد الله هذا وهو المقياس الكبير المعروف بالجديد. وقدم من العراق محمد بن كثير الفرغاني المهندس فتولى بناءه وأمر المتوكل بأن يعزل النصارّى عن قياسه فجعل يزيد بن عبد الله أمير مصر على القياس أبا الرداد الفقيه المعلم واسمه عبد الله بن عبد السلم بن عبد الله بن أبي الرداد المؤذن. وكان القمي يقول: أصل أبي الرداد هذا من البصرة. وذكر الحافظ ابن يونس قال: قدم مصر وحأدث بها وجعل على قياس النيل وأجرى عليه سليمان بن وهب صاحأب خراج مصر سبعة دنانير في كل شهر فلم يزل القياس من ذلك الوقت في أيدي أبي الرداد وأولده إلى يومنا هذا. ومات أبو الرداد المذكورّ في سنة ست وستين ومائتين. قلت: وهذا المقياس هو المعهود الن وبطل بعمارّته كل مقياس كان بني قبله من الوجه القبلي والبحري بأعمال الديارّ المصرية. واستمر على ذلك إلى أن ولي المير أبو العباس أحأمد بن طولون الديارّ المصرية ورّكب من القطائع في بعض الحأيان في سنة تسع وخمسين ومائتين ومعه أبو أيوب صاحأب خراجه والقاضي بكارّ بن قتيبة الحنفي إلى المقياس وأمر بإصلحأه وقدرّ له ألف دينارّ. قلت: وأما مصروف عمارّة هذا المقياس فشيء كثير وبني بعد تعب زأائد وكلفة كبيرة يطول الشرح في ذكرها وفي النظر إلى بنائه ما يغني عن ذكر مصروف عمارّته. وبنى أي ًضا الحارّث مقيا ًسا بالصناعة ل يلتفت إليه ول يعتمد عليه ول يعتد به وأثره باق إلى اليوم. وقال الحسن بن محمد بن عبد المنعم: لما فتحت العرب مصر عرف عمرو بن العاص عمر بن الخطاب ما يلقى أهلها من الغلء عند وقوف النيل عن حأد مقياس لهم فضًل عن تقاصره وأن فرط الستشعارّ يدعوهم إلى الحأتكارّ ويدعو الحأتكارّ إلى تصاعد السعارّ بغير قحط. فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص يسأله عن شرح الحال فأجابه عمرو: إني وجدت ما تروى به مصر حأتى ل يقحط أهلها أرّبعة عشر ذرّا ًعا والحد الذي تروى منه إلى سائرها حأتى يفضل منه عن حأاجتهم ويبقى عندهم قوت سنة أخرى ستة عشر ذرّا ًعا والنهايتان المخوفتان في الزيادة والنقصان وهما الظمأ والستبحارّ اثنا عشر ذرّا ًعا في النقصان وثمانية عشر ذرّا ًعا في الزيادة. وكان البلد في ذلك الوقت محفورّ النهارّ معقود الجسورّ عندما تسلموه من القبط وخميرة العمارّة فيه. قلت: وقد تقدم ذكر ما تحتاج مصر إليه من الرجال للحرث والزرّاعة وحأفر الجسورّ وكمية خراج مصر يوم ذاك وبعده في أول هذا الكتاب عند ذكر النيل فل حأاجة لذكره هنا ثانًيا إذ هو مستوعب هناك. ولم نذكر هنا هذه الشياء إل استطرا ًدا لعمارّة هذا المقياس المعهود الن في أيام صاحأب هذه الترجمة فلزم من ذلك التعريف بما كان بمصر من صفة كل مقياس ومحله وكيفيته ليكون الناظر في هذا الكتاب على بصيرة بما تقدم من أحأوال مصر. ولما وقف عمر بن الخطاب على كتاب عمرو بن العاص استشارّ علًيا رّضي الله عنهما في ذلك ثم أمره أن يكتب إليه ببناء مقياس وأن ينقص ذرّاعين من اثني عشر ذرّا ًعا وأن يقر ما بعدهما على الصل وأن ينقص من كل ذرّاع بعد الستة عشر ذرّا ًعا إصبعين ففعل ذلك وبناه عمرو عني المقياس بحلوان فاجتمع له كل ما أرّاد. وقال ابن عفير وغيره من القبط المتقدمين: إذا كان الماء في آثني عشر يو ًما من مسرى آثني عشر ذرّا ًعا فهي سنة ماء وإل فالماء ناقص وإذا تم ستة عشر ذرّا ًعا قبل النورّوزأ فالماء يتم فاعلم ذلك. قلت: وهذا بخلف ما عليه الناس الن لن الناس ل يقنعهم في هذا العصر إل المناداة من أحأد وعشرين ذرّا ًعا لعدم معرفتهم بقوانين مصر ولشياء أخر تتعلق بما ل ينبغي ذكره. وقد خرجنا عن المقصود في ترجمة يزيد بن عبد الله هذا غير أننا أتينا بفضائل وغرائب. ودام يزيد بن عبد الله على إمرة مصر إلى أن مات الخليفة المتوكل على الله جعفر وتخلف بعده ابنه المنتصر محمد. وقتل أي ًضا الفتح بن خاقان مع المتوكل وكان الفتح قد وله المتوكل أمر مصر وعزل عنه ابنه محم ًدا المنتصر هذا. وكان قتل المتوكل في شوال من سنة سبع وأرّبعين ومائتين التي بني فيها هذا المقياس. ولما بويع المنتصر بالخلفة أرّسل إلى يزيد بن عبد الله المذكورّ باستمرارّه على عمله بمصر. فدام يزيد بن عبد الله هذا على ذلك إلى أن مات الخليفة المنتصر في شهر رّبيع الول سنة ثمان وأرّبعين ومائتين وبويع المستعين بالله بالخلفة. و أرّسل المستعين إليه بالستسقاء لقحط كان بالعراق فآستسقوا بمصر لسبع عشرة خلت من ذي القعدة واستسقى جميع أهل الفاق في يوم واحأد فإن المستعين كان قد أمر سائر عماله بالستسقاء في هذا اليوم المذكورّ. ودام يزيد بن عبد الله على إمرة مصر حأتى خلع المستعين من الخلفة بعد أمورّ وقعت له في المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وبويع المعتز بن المتوكل بالخلفة فعند ذلك أخيفت السبل وتخلخل أمر الديارّ المصرية لضطراب أمر الخلفة. وخرج جابر بن الوليد المدلجي بالسكندرّية فتجهز يزيد بن عبد الله هذا لحربه وجمع الجيوش وخرج من الديارّ المصرية وآلتقاه فوقع له معه حأروب ووقائع كان ابتداؤها من شهر رّبيع الخر من سنة اثنتين وخمسين ومائتين وطال القتال بينهما وانكسر كل منهما غير مرة وتراجع. فلما عجز يزيد بن عبد الله عن أخذ جابر بن الوليد المذكورّ أرّسل إلى الخليفة فطلب منه نجمة لقتال جابر وغيره فنحب الخليفة المير مزاحأم بن خاقان في عسكر هائل إلى التوجه إلى الديارّ المصرية فخرج بمن معه من العراق حأتى قدم مصر معيًنا ليزيد بن عبد الله المذكورّ لثلث عشرة بقيت من شهر رّجب من السنة المذكورّة وخرج يزيد بن عبد الله إلى ملقاته وأجله وأكرمه وخرج الجميع وواقعوا جابر بن الوليد المذكورّ وقاتلوه حأتى هزموه ثم ظفروا به واستباحأوا عسكره وكتبوا إلى الخليفة بذلك فورّد عليهم الجواب بصرف يزيد بن عبد الله هذا عن إمرة مصر وباستقرارّ مزاحأم بن خاقان عليها عوضه وذلك في شهر رّبيع الول سنة ثلث وخمسين ومائتين. فكانت مدة ولية يزيد بن عبد الله هذا على مصر عشر سنين وسبعة أشهر وعشرة أيام. السنة الولى من ولية يزيد بن عبد الله التركي على مصر وهي سنة ثلث وأرّبعين ومائتين. فيها حأج بالناس عبد الصمد بن موسى وسارّ بالحج من العراق جعفر بن دينارّ. وفيها في آخر السنة قدم المتوكل إلى الشأم فأعجبته دمشق وأرّاد أن يسكنها وبني له القصر بدارّيا حأتى كلموه في الرجوع إلى العراق وحأسنوا له ذلك فرجع بعد أن سمع بيتي يزيد بن محمد المهلبي وهما: " الوافر " أظن الشام تشمت بالعراق إذا عزم المام على انطلق فإن يدع العراق وساكنيه فقد تبلى المليحة بالطلق وفيها توفي أبو إسحاق إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول تكين الكاتب المعروف بالصولي الكاتب الشاعر المشهورّة كان أحأد الشعراء المجيدين وله ديوان شعر صغير الحجم ونثر بديع. وهو ابن أخت العباس بن الحأنف الشاعر ونسبته إلى جده صول تكين المذكورّ وكان أحأد ملوك خراسان وأسلم على يد يزيد بن المهلب بن أبي صفرة. وقال الحافظ أبو القاسم حأمزة بن يوسف السهمي في تارّيخ جرجان: الصولي جرجاني الصل وصول: من بعض ضياع جرجان وهو عم والد أبي بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس الصولي صاحأب كتاب الوزأرّاء وغيره من المصنفات فإنهما مجتمعان في العباس المذكورّ. ومن شعر الصولي هذا قوله: " الطويل " دنت بأناس عن تناء زأيارّة وشط بليلى عن دنو مزارّها وإن مقيمات بمنعرج اللوى لقرب من ليلى وهاتيك دارّها وفيها توفي الحارّث بن أسد الحافظ أبو عبد الله المحاسبي أصله من البصرة وسكن بغداد وكان كبير الشأن في الزهد والعلم وله التصانيف المفيدة. وفيها توفي الوليد بن شجاع بن الوليد بن قيس الشيخ المام أبو همام السكوني البغدادي كان صال ًحا عفي ًفا ديًنا عاب ًدا وتوفي ببغداد. وفيها توفي هارّون بن عبد الله بن مروان الحافظ أبو موسى البزازأ. مات ببغداد في شوال وأخرج عنه مسلم وغيره وكان ثقة صدو ًقا. وفيها توفي هناد بن السري الدارّمي الكوفي الزاهد الحافظ كان يقال له رّاهب الكوفة سمع وكي ًعا وطبقته ورّوى عنه أبو حأاتم الرازأي وغيره. وفيها توفي القاضي يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن بن سمعان التميمي السدي أبو عبد الله وقيل أبو زأكريا وقيل أبو محمد. ًما عالما ولي القضاء بالبصرة وبغداد والكوفة وسامرا وكان إما بارّ ًعا. قال أبو بكر الخطيب في تارّيخه: كان أحأد أعلم الدنيا ممن آشتهر أمره وعرف خبره ولم يستتر عن الكبير والصغير من الناس فضله وعلمه ورّياسته وسياسته وكان أمر الخلفاء والملوك لمره وكان واسع العلم والفقه والدب. قال الكوكبي: أخبرنا أبو علي محرزأ بن أحأمد الكاتب حأدثني محمد بن مسلم البغدادي السعدي قال: دخلت على يحيى بن أكثم فقال: افتح هذه القمطرة ففتحتها فإذا شيء قد خرج منها ورّأسه رّأس إنسان ومن سرته إلى أسفله خلقة زأاغ وفي ظهره سلعة وفي صدرّه سلعة فكبرت وهللت ويحيى يضحك ثم قال بلسان فصيح: " الهزج " أنا الزاغ أبو عجوه أنا ابن الليث واللبوه أحأب الراح والريحا - - ن والنشوة والقهوه فل عربدتي تخشى ول تحذرّ لي سطوه ثم قال لي: يا كهل أنشدني شع ًرا غزًل فقال لي يحيى بن أكثم: قد أنشدك فأنشده فأنشدته: " الطويل " أغرك أن أذنبت ثم تتابعت ذنوب فلم أهجرك ثم أتوب وأكثرت حأتى قلت ليس بصارّمي وقد يصرم النسان وهو حأبيب فصاح: زأاغ زأاغ زأاغ وطارّ ثم سقط في القمطرة فقلت: أعز الله القاضي! وعاشق أي ًضا! فضحك فقلت: ما هذا فقال: هو ما ترى! وجه به صاحأب اليمن إلى أمير المؤمنين وما رّآه بعد. وقال أبو خازأم القاضي: سمعت أبي يقول: ولي يحيى بن أكثم قضاء البصرة وله عشرون سنة فاستصغروه فقال أحأدهم: كم سن القاضي. أفعلم أنه قد استصغر فقال: أنا أكبر من عتاب الذي استعمله رّسول الله صلى الله عليه و سلم على أهل مكة وأكبر من معاذ الذي وجهه رّسول الله صلى الله عليه و سلم قاضًيا على اليمن وأكبر من كعب بن سورّ الذي وجهه عمر قاضًيا على البصرة فجعل جوابه احأتجا ًجا. وفيها توفي يعقوب بن إسحاق السكيت المام أبو يوسف اللغوي صاحأب إصلح المنطق كان علمة الوجود قتله المتوكل بسبب محبته لعلي بن أبي طالب رّضي الله عنه. قال له يو ًما: أينا أحأب إليك أنا وولداي: المؤيد والمعتز أم علي والحسن والحسين فقال: والله إن شعرة من قنبر خادم علي خير منك ومن ولديك فأمر المتوكل التراك فداسوا بطنه فحمل إلى بيته ومات. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وثمانية عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا لصبعان السنة الثانية من ولية يزيد بن عبد الله على مصر وهي سنة أرّبع وأرّبعين ومائتين. فيها سخط المتوكل على حأكيمه بختيشوع ونفاه إلى البحرين. ًرا من الروم يقال له صملة. وفيها افتتح بغا التركي حأصًنا كبي وفيها اتفق عيد الضحى وفطير اليهود وعيد الشعانين للنصارّى في يوم واحأد. وفيها توفي الحسن بن رّجاء أبو علي البلخي كان إما طلب الحديث ًما حأاف ًظا سافر في وسمع الكثير ولقي الشيوخ ورّوى عنه غير واحأد. وفيها توفي علي بن حأجر بن إياس بن مقاتل المام أبو الحسن السعدي المروزأي ولد سنة أرّبع وخمسين ومائة وكان من علماء خراسان كان حأاف ًظا متق ًنا شاع ًرا طاف البلد وحأدث وانتشر حأديثه بمرو. وفيها توفي محمد بن العلء بن كريب أبو كريب الهمذاني الكوفي الحافظ. كان من الئمة الحفاظ. لم يكن بعد المام أحأمد أحأفظ منه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن منيع وإبراهيم بن عبد الله الهروي وإسحاق بن موسى الخطمي والحسن بن شجاع البلخي الحافظ وأبو عمارّ الحسين بن حأريث وحأميد بن مسعدة وعبد الحميد بن بيان الواسطي وعلي بن حأجر بن إياس السعدي المروزأي وعتبة بن عبد الله المروزأي ومحمد بن أبان مستملي وكيع ومحمد بن عبد الملك بن أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وإصبع واحأد. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا واثنا عشر إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية يزيد بن عبد الله على مصر وهي سنة خمس وأرّبعين ومائتين. فيها عمت الزلزأل الدنيا فأخربت القلع والمدن والقناطر وهلك خلق بالعراق والمغرب وسقط من أنطاكية ألف وخمسمائة دارّ و نيف وتسعون بر ًجا أمن سورّها وتقطع جبلها القرع وسقط في البحرة وسمع من السماء أصوات هائلة وهلك أكثر أهل اللذقية تحت الردم وهلك أهل جبلة وهدمت بالس وغيرها وامتدت إلى خراسان ومات خلئق منها. وأمر المتوكل بثلثة آلف ألف درّهم للذين أصيبوا في منازألهم. وزألزلت مصر وسمع أهل بلبيس من ناحأية مصر صيحة هائلة فمات خلق من أهل بلبيس وغارّت عيون مكة. وفيها أمر المتوكل ببناء مدينة الماحأوزأة وسفاها الجعفرية وأقطع المراء أساسها وبعد هذا أنفق عليها أكثر من ألفي ألف دينارّ وبنى بها قص ًرا. سماه اللؤلؤة لم ير مثله في علوه وارّتفاعه وحأفر للماحأوزأة نه ًرا كان يعمل فيه إثنا عشر ألف رّجل فقتل المتوكل وهم يعملون فيه فبطل عمله وخربت الماحأوزأة ونقض القصر. وفيها أغارّت الروم على مدينة سميساط فقتلوا نحو خمسمائة وسبوا فغزاهم علي بن يحيى فلم يظفر بهم. وفيها توفي ذو النون المصري الزاهد العابد المشهورّ وآسمه ثوبان بن إبراهيم ويقال: زأاه ًدا عاب ًدا فاضً الفيض بن أحأمد أبو الفيض ويقال: الفياض الخميمي كان إما ل رّوى ًما عن المام مالك والليث بن سعد وابن لهيعة والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة وغيرهم ورّوى عنه أحأمد بن صبيح الفيومي ورّبيعة بن محمد الطائي والجنيد بن محمد وغيرهم وكان أبوه نوبًيا. وذو النون هو أول من تكلم ببلده في ترتيب الحأوال ومقامات أهل الولية فأنكر عليه عبد الله بن عبد الحكم ووقع له بسبب ذلك أمورّ يلزم من ذكرها الطالة في ترجمته وليس لذلك هنا محل. وقال يوسف بن الحسين: سمعت ذا النون يقول: مهما تصورّ في فهمك فالله بخلف ذلك. وقال: سمعت ذا النون يقول: الستغفارّ اسم جامع لمعان كثيرة ثم فسرها. ومات ذو النون في ذي القعدة بمصر ودفن بالقرافة وقبره معروف بها يقصد للزيارّة. وفيها توفي هشام بن عمارّ بن نصير بن ميسرة المام حأافظ دمشق وخطيبها ومفتيها ولد سنة ثلث وخمسين ومائة وكنيته أبو الوليد السلمي. وفيها توفي الحسين بن علي بن يزيد المام الحافظ أبو علي الكرابيسي كان يبيع الكرابيس وهي ثياب من الكرابيس رّوى عن الشافعي وغيره ورّوى عنه غير واحأد. وفيها توفي سوارّ بن عبد الله بن سوارّ بن عبد الله بن قدامة أبو عبد الله التميمي ًها زأاه ًدا أديًبا حأاف ًظا صدو ًقا ًما فقي العنبري البصري كان إما ثقة وفيه يقول بعض ًما عال الشعراء: " البسيط " ما قال ل قط إل في تشهده لول التشهد لم تسمع له ل وفيها توفي عسكر بن الحصين أبو تراب النخشبي الزاهد العارّف كان من كبارّ مشايخ خراسان المشهورّين في العلم والورّع والزهد. ًما بالنساب وأيام وفيها توفي محمد بن حأبيب مولى بني هاشم كان عال العرب حأاف ًظا متق ًنا صدو ًقا ثقة مات بمدينة سامرا في ذي الحجة. وفيها توفي محمد بن رّافع بن أبي رّافع بن أبي زأيد القشيري النيسابورّي إمام عصره بخراسان كان ممن جمع بين العلم والعمل والزهد والورّع ورّحأل إلى البلد ورّأى الشيوخ وسمع الكثير. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن عبدة الضبي وأبو الحسن أحأمد بن محمد النبال القواس مقرىء مكة وأحأمد بن نصر النيسابورّي وإسحاق بن أبي إسرائيل وإسماعيل بن موسى السدي وذو النون المصري وسوارّ بن عبد الله العنبري وعبد الله بن عمران العابدي ومحمد بن رّافع وهشام بن عفارّ. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع واثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وثلثة أصابع. السنة الرابعة من ولية يزيد بن عبد الله على مصر وهي سنة ست وأرّبعين ومائتين. فيها غزا المسلمون الروم فسبوا وقتلوا واستنقذوا خلئق من السر. وفيها في يوم عاشورّاء تحول الخليفة المتوكل إلى الماحأوزأة وهي مدينته التي أمر ببنائها. وفيها أمطرت السماء بناحأية بلخ مط ًرا يشبه د ًما عبي ًطا أحأمر. وفيها حأج بالركب العراقي محمد بن عبد الله بن طاهر فولي أعمال الموسم وأخذ معه ثلثمائة ألف دينارّ لهل مكة ومائة ألف دينارّ لهل المدينة ومائة ألف لجراء الماء من عرفات إلى مكة. وفيها توفي دعبل بن علي بن رّزأين بن سليمان بن تميم بن نهشل الخزاعي الشاعر المشهورّ. والدعبل هو البعير المسن العظيم الخلق ودعبل بكسر الدال وسكون العين المهملتين وكسر الباء الموحأدة وبعدها لم. وكان دعبل طوا علم الشعر ًل ضخ ًما ومولده في سنة ثمان وأرّبعين ومائة وبرع في والعربية وهو من الكوفة وكان أكثر مقامه ببغداد وسافر إلى البلد وصنف كتاًبا في طبقات الشعراء وكان هجاء خبيث اللسان أطروشا في قفاه سلعة هجا الرشيد والمأمون والمعتصم والواثق والمير عبد الله بن طاهر وجماعة من الوزأرّاء والكتاب. ومن شعره: " الكامل " ل تعجبي يا سلم من رّجل ضحك المشيب برأسه فبكى يا ليت شعري كيف نومكما يا صاحأبي إذا دمي سفكا ل تأخذا بظلمتي أحأ ًدا قلبي وطرفي في دمي اشتركا ورّثاه البحتري وكان دعبل مات بعد أبي تمام بمدة فقال من قصيدة أولها: " الكامل " قد زأاد في كلفي وأوقد لوعتي مثوى حأبيب يوم مات ودعبل وفيها توفيت شجاع أم المتوكل على الله جعفر في حأياة ولدها المتوكل وكانت تدعى السيدة وكانت أم ولد وكانت صالحة كثيرة الصدقات والمعروف كانت تخرج في السر على يد كاتبها أحأمد بن الخصيب. ولما ماتت قال ابنها المتوكل في موتها: " الطويل " تذكرت لما فرق الدهر بيننا فعزيت نفسي بالنبي محمد فأجازأه بعض من حأضر فقال: " الطويل " فقلت لها إن المنايا سبيلنا فمن لم يمت في يومه مات في غد الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن إبراهيم الدورّقي وأحأمد بن أبي الحوارّي وأبو عمر الدورّي المقرىء واسمه حأفص ودعبل الشاعر والمسيب بن واضح. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبعة أذرّع واثنان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة الخامسة من ولية يزيد بن عبد الله على مصر فيها قتل الخليفة المتوكل على الله أمير المؤمنين أبو الفضل جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارّون ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي البغدادي ومولده سنة سبع ومائتين وقيل: في سنة خمس ومائتين وتولى الخلفة سنة اثنتين وثلثين ومائتين بعد وفاة أخيه هارّون الواثق وأمه أم ولد تسمى شجاع تقدم ذكرها في السنة الخالية وهو العاشر من خلفاء بني العباس قتله مماليكه التراك بآتفاق ولده محمد المنتصر على ذلك لن المتوكل كان أرّاد خلع ولده المنتصر المذكورّ من ولية العهد وتقديم ابنه المعتز عليه فأبى المنتصر ذلك فصارّ المتوكل يوبخ ولده المنتصر محم ًدا في المل ويسلط عليه الحأداث فحقد عليه المنتصر واتفق مع وصيف وموسى بن بغا وباغر على قتله فدخلوا عليه وقد أخذ منه الشراب وعنده وزأيره الفتح بن خاقان وهو نائم فأول من ضربه بالسيف باغر ثم أخذته السيوف حأتى هلك فصاح وزأيره: ويحكم أمير المؤمنين! فلما رّآه قتي قال: ألحقوني به ًل فقتلوه ولف هو والفتح بن خاقان في بساط ثم دفنا بدمائهما من غير تغسيل في قبر واحأد وذلك في ليلة الخميس خامس شوال من هذه السنة. ًما. فكانت خلفته أرّبع عشرة سنة وعشرة أشهر وأيا وبويع بالخلفة بعده ابنه المنتصر محمد فلم يتهنأ بها ومات بعد ستة أشهر حأسبما يأتي ذكره في السنة التية. وكان المتوكل فيه كل الخصال الحسنة إل ما كان فيه من الغضب. وقد افتتح خلفته بإظهارّ السنة ورّفع المحنة وتكلم بالسنة في مجلسه حأتى قال إبراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة: الخلفاء ثلثة: أبو بكر الصديق يوم الردة وعمر بن عبد العزيز في رّد مظالم بني أمية والمتوكل في محو البدع وإظهارّ السنة. وكان المتوكل فاض ًل فصي ًحا قال علي بن الجهم: كان المتوكل مشغو ًفا بقبيحة يعني أم ولده المعتز ل يصبر عنها فوقفت له يو ًما وقد كتبت على خديها بالمسك جعف ًرا فتأملها ثم أنشد يقول: " الطويل " وكاتبة في الخد بالمسك جعفرا بنفسي مخط المسك من حأيث أثرا لئن أودعت سطرا من المسك خدها لقد أودعت قلبي من الحب أسطرا وكان ًما قيل: ما أعطى خليفة شاع ًرا ما أعطاه المتوكل. المتوكل كري وفيه يقول مروان بن أبي الجنوب: " الطويل " فأمسك ندى كفيك عني ول تزد فقد خفت أن أطغى وأن أتجبرا ويقال: إنه سلم على المتوكل بالخلفة ثمانية كل منهم أبوه خليفة وهم: منصورّ بن المهدي والعباس بن الهادي وأبو أحأمد بن الرشيد وعبد الله بن المين وموسى بن المأمون وأحأمد بن المعتصم ومحمد بن الواثق وابنه المنتصر محمد بن المتوكل. وفيها قتل الفتح بن خاقان وزأير المتوكل قتل معه على فراشه. كان أبوه خاقان معظ ًما عند المعتصم وكان من أولد التراك فضم المعتصم الفتح هذا أه ًل لذلك: كان أديًبا فاض ً إلى ابنه المتوكل فنشأ م ًعا فلما تخلف المتوكل استوزأرّه وكان ل جوا ًدا ممد ًحأا فصي ًحا. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن إسحاق أبو عبد الرحأمن الزأدي كان حأاف ًظا ثقة سمع سفيان بن غيينة وغيره وهو الذي كان سبًبا لرجوع الواثق عن القول بخلق القرآن. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن سعيد الجوهري وأبو عثمان المازأني والمتوكل على الله وسلمة بن شبيب وسفيان بن وكيع والفتح بن خاقان الوزأير. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وأرّبعة عشر إصب ًعا. السنة السادسة من ولية يزيد بن عبد الله على مصر وهي سنة ثمان وأرّبعين ومائتين. فيها في صفر خلع المؤيد إبراهيم والمعتز الزبير ابنا المتوكل أنفسهما من ولية العهد مكرهين على وفيها وقع بين أحأمد بن الخصيب وبين وصيف التركي وحأشة فأشارّ الوزأير على المنتصر أن يبعد عنه وصي ًفا وخوفه منه فأرّسل إليه أن طاغية الروم أقبل يريد السلم فسر إليه فاعتذرّ فأحأضره وقال له: إما تخرج أو أخرج أنا فقال: ل بل أخرج أنا. فانتخب المنتصر معه عشرة آلف وأنفق فيهم الموال وسارّوا. ثم بعث المنتصر إلى وصيف يأمره بالمقام بالثغر أرّبع سنين. وفيها حأكم محمد بن عمر الخارّجي بناحأية الموصل ومال إليه خلق فسارّ لحربه إسحاق بن ثابت الفرغاني فالتقوا فقتل جماعة من الفريقين ثم أسر محمد وجماعته فقتلوا وصلبوا إلى جانب خشبة بابك الخرمي المقدم ذكره فيما مضى. وفيها قويت شوكة يعقوب بن الليث الصفارّ واستولى على معظم إقليم خراسان وسارّ من سجستان ونزل هراة وفرق في جنده الموال. وفيها بويع المستعين بالخلفة بعد موت ابن عمه محمد المنتصر التي ذكره. وعقد المستعين لمحمد بن عبد الله بن طاهر على العراق والحرمين والشرطة. وفيها حأبس المستعين بالله ولدي عمه المتوكل وهما المؤيد إبراهيم والمعتز الزبير وضيق عليهما واشترى أكثر أملكهما كر ًها وجعل لهما في السنة نحو ثلثة وعشرين ألف دينارّ. وفيها أخرج أهل حأمص عاملهم فراسلهم وخادعهم حأتى دخلها فقتل منهم طائفة وحأمل من أعيانهم مائة إلى العراق ثم هدم سورّ حأمص. وفيها عقد الخليفة المستعين لتامش على مصر والمغرب مع الوزأارّة وفرق المستعين في الجند ألفي ألف دينارّ. وفيها غزا وصيف التركي الصائفة. وفيها نفى المستعين عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى برقة. وفيها مات بغا الكبير التركي المعتصمي أحأد أكابر المراء في جمادى الخرة من السنة فعقد المستعين لبنه موسى بن بغا على أعمال أبيه. وكان بغا يعرف بالشرابي مات وقد جاوزأ التسعين سنة وباشر من الحروب ما لم يباشره غيره ولم يلبس سل ًحأا ول جرح قط فقيل له في ذلك فقال: رّأيت رّسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فقلت: يا رّسول الله ادع لي فقال: ل بأس عليك أحأسنت إلى رّجل من أهل بيتي فعليك من الله واقية. وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين المنتصر بالله محمد ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر الهاشمي العباسي بقية نسبه تقدمت في ترجمة أبيه جعفر المتوكل في الخالية. بويع بالخلفة يوم قتل أبيه في يوم الخميس خامس شوال سنة سبع وأرّبعين ومائتين فلم تطل أيامه ومات بعد أبيه بستة أشهر في شهر رّبيع الول بالخوانيق. قيل: إن المنتصر هذا رّأى أباه المتوكل في المنام فقال له: ويحك يا محمد! ظلمتني ًما يسيرة ومصيرك وقتلتني والله لتمتعت في الدنيا بعدي إل أيا إلى النارّ فانتبه فز ًعا وقال لمه: ذهبت عني الدنيا والخرة فلم يكن بعد أيام إل ومرض ثلثة أيام ومات بالذبحة في حألقه. وقيل: سمه الفاصد وقتل الفاصد بعده. وقيل: سمه طبيبه وقيل غير ذلك. وكان شه ًما شجا ًعا رّاجح العقل واسع الحأتمال كثير المعروف. شان سؤدده بقتل أبيه. وبويع بالخلفة بعده ابن عمه المستعين بالله أحأمد. وكانت وفاة المنتصر هذا في يوم السبت لخمس خلون من شهر رّبيع الول وقيل: يوم الحأد رّابع رّبيع الول. وفيها توفي المير طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين وهو على إمرة خراسان بها. فعقد الخليفة المستعين بالله أحأمد لبنه محمد بن طاهر بن الحسين على إمرة خراسان عوضه. وفيها نفى المستعين أحأمد بن الخصيب إلى إقريطش بعد أن استصفى أمواله. وفيها فرق المستعين الموال على الجند. قال الصولي: لما تولى المستعين كان في بيت المال ألف ألف دينارّ ففرق الجميع في الجند. وفيها توفي أحأمد بن سليمان بن الحسن أبو بكر الفقيه الحنبلي البغدادي ومولده في ًما بارّ ًعا كانت ًها عال ًما فقي سنة ثلث وخمسين ومائة وكان إما له حألقتان بجامع المنصورّ. وفيها توفي أحأمد بن صالح الحافظ أبو جعفر المصري وكان يعرف بالطبري لن والده ًها كان جندًيا من مدينة طبرستان ومولد أحأمد هذا في سنة سبعين ومائة بمصرة وكان فقي محدًثا ورّد بغداد وناظر المام أحأمد وغيره. وفيها توفي المام الستاذ أبو عثمان المازأني البصري علمة زأمانه في النحو والعربية واسمه بكر بن محمد وهو من مازأن رّبيعة كان إما والداب وله ًما في النحو والفقه التصانيف الحسان. ًما محدًثا وفيها توفي مهنا بن يحيى البغدادي الشيخ المام أبو عبد الله كان فقيها إما صحب المام أحأمد ثلثا وأرّبعين سنة ورّحأل معه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن صالح المصري والحسين الكرابيسي وطاهر بن عبد الله بن طاهر المير وعبد الجبارّ بن العلء وعبد الملك بن شعيب بن الليث وعيسى بن حأماد زأغبة ومحمد بن حأميد الرازأي والمنتصر بالله محمد ومحمد بن زأنبورّ المكي وأبو كريب محمد بن العلء وأبو هشام الرفاعي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثمانية أذرّع وثمانية أصابع ونصف. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وتسعة عشر إصب ًعا. بن عبد الله التركي على مصر وهي سنة تسع وأرّبعين ومائتين. فيها في صفر شغب الجند ببغداد عند مقتل عمر بن عبيد الله القطع وعلي بن يحيى الرّمني أمير الغزاة وهما ببلد الروم مجاهدان وأي ًضا عند استيلء الترك على بغداد وقتلهم المتوكل وغيره وتمكنهم من الخلفاء وأذيتهم للناس ففتح الترك والشاكرية السجون وأحأرقوا الجسر وانتهبوا الدواوين ثم خرج نحو ذلك بسر من رّأى فركب بغا وأتامش وقتلوا من العامة جماعة فحمل العامة عليهم فقتل من التراك جماعة وسب وصيف بحجر فأمر بإحأراق السواق. ثم قتل في رّبيع الول أتامش وكاتبه شجاع فاستوزأرّ المستعين أبا صالح عبد الله بن محمد بن يزداد عو ًضا عن أتامش. وفيها عزل عن القضاء جعفر بن عبد الواحأد. وفيها كانت زألزلة هلك فيها خلق كثير تحت الردم. وفيها توفي بكر بن خالد أبو جعفر القصير ويقال: محمد بن بكر كان كاتب أبي يوسف ًما. القاضي وعنه أخذ العلم وكان فاضًل عال وفيها توفي عمر بن علي بن يحيى بن كثير الحافظ أبو حأفص الصيرفي الفلس البصري كان إما وقدم بغداد فتلقاه أهل ًما محدًثا حأاف ًظا ثقة صدو ًقا سمع الكثير ورّحأل إلى البلد الحديث وفيها كان الطاعون العظيم بالعراق وهلك فيه خلئق ل تحصى. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي عبد بن حأميد وأبو حأفص الفلس وأيوب بن محمد الوزأان الرقي والحسن بن الصباح البزارّ وخلد بن أسلم الصفارّ وسعيد بن يحيى بن سعيد الموي وعلي بن الجهم الشاعر ومحمود بن خالد السلمي وهارّون بن حأاتم الكوفي وهشام بن خالد بن الزأرّق. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم تسعة أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وأحأد عشر إصب ًعا. السنة الثامنة من ولية يزيد بن عبد الله التركي على مصر وهي سنة خمسين ومائتين. فيها في شهر رّمضان خرج الحسن بن زأيد بن محمد الحسيني بمدينة طبرستان واستولى عليها وجبى الخراج وامتد سلطانه إلى الري وهمذان والتجأ إليه كل من كان يريد الفتنة والنهب فانتدب ابن طاهر لحربه فانهزم بين يديه مرتين فبعث الخليفة المستعين بالله جي ًشا إلى همذان وفيها عقد الخليفة المستعين بالله لبنه العباس على العراق والحرمين. وفيها نفي جعفر بن عبد الواحأد إلى البصرة لنه عزل من القضاء وبعث إلى الشاكرية فأفسدهم. وفيها وثب أهل حأمص بعاملها الفضل بن قارّن فقتلوه في شهر رّجب فسارّ إليهم المير موسى بن بغا فالتقوه عند الرستن فهزمهم وافتتح حأمص وقتل فيها مقتلة عظيمة وأحأرق فيها وأسر من رّؤوسها. وفيها حأج بالناس جعفر بن الفضل أمير مكة. وفيها توفي الحارّث بن مسكين بن محمد بن يوسف القاضي أبو عمرو المصري المالكي مولى محمد بن زأياد بن عبد العزيز بن مروان. ًما. ًها عال ًما فقي ولد سنة أرّبع وخمسين ومائة وكان إما كان يتفقه على مذهب المام مالك بن أنس رّحأمه الله. ولي قضاء مصر سنتين ثم صرف. وكان رّأى الليث بن سعد وسأله وسمع سفيان بن عيينة وأقرانه وكان ثقة مأموًنا. وفيها توفي عبد الوهاب بن عبد الحكم الشيخ الفقيه المام المحدث أبو الحسن الورّاق ًها محدًثا زأاه ًدا صاحأب المام أحأمد بن حأنبل رّضي الله عنه كان فقي صال ًحا ورّ ًعا. وفيها توفي الفضل بن مروان الوزأير أبو العباس - كان إما بارّ ًعا رّئي ًسا وزأرّ ًما فاضًل للمعتصم ولبنيه: الواثق هارّون والمتوكل جعفر. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو طاهر أحأمد بن السراج وأبو الحسن أحأمد بن محمد بن عبد الله البزي المقرىء والحارّث بن مسكين أبو عمرو وعاد بن يعقوب الرواجني شيعي وأبو حأاتم السجستاني سهل بن محمد بن عثمان وعمرو بن بحر أبو عثمان الجاحأظ وكثير بن عبيد المذحأجي ونصر بن علي الجهمي ومحمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزأي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثمانية أذرّع وخمسة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وخمسة عشر إصب ًعا. السنة التاسعة من ولية يزيد بن عبد الله على مصر وهي سنة إحأدى وخمسين ومائتين. فيها اضطربت أمورّ المستعين بالله بسبب قتله باغر التركي قاتل المتوكل واضطربت أمراء التراك ثم وقع بين المستعين وبين التراك ول زأالت التراك بالمستعين حأتى خلعوه وأخرجوا المعتز بن المتوكل من حأجرة صغيرة كان محبو ًسا بها هو وأخوه المؤيد إبراهيم بن المتوكل وبايعوا المعتز بالخلفة. وكان المعتز قد انحدرّ إلى بغداد فلما ولي المعتز الخلفة لقي في بيت المال خمسمائة ألف دينارّ ففرق المعتز جميع ذلك في التراك وبايعوا للمعتز ومن بعده لخيه المؤيد إبراهيم وكان ذلك في ثاني عشر المحرم من هذه السنة. ثم جهز المعتز لقتال المستعين أخاه أبا أحأمد بن المتوكل ومعه جيش كثيف في ثالث عشرين المحرم فتوجهوا إلى المستعين وقاتلوه وحأصروه ببغداد أشه ًرا إلى أن انحرف عنه عامل بغداد طاهر بن عبد الله بن طاهر فعند ذلك أذعن المستعين وخلع. نفسه في أول سنة اثنتين وخمسين ومائتين على ما يأتي ذكره. وفيها خرج الحسين بن أحأمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن الرّقط عبد الله بن زأين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بمدينة قزوين فغلب عليها في أيام فتنة المستعين وقد كان هو وأحأمد بن عيسى العلوي قد اجتمعا على قتال أهل الري وقتل بها خل ًقا كثيرا وأفسدا وعاثا وسارّ لقتالهما جيش من قبل الخليفة فأسر أحأدهما وقتل الخر. وفيها خرج إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن الحسني العلوي بالحجازأ وهو شاب له عشرون سنة وتبعه خلق من العرب فعاث في الحرمين وأفسد موسم الحافي وقتل من الحجاج أكثر من ألف رّجل واستحل المحرمات بأفاعيله الخبيثة وبقي يقطع الميرة عن الحرمين حأتى هلك الحجاج وجاعوا ثم نزل الوباء فهلك في الطاعون هو وعامة أصحابه في السنة التية. وفيها توفي إسحاق بن منصورّ بن بهرام الحافظ أبو يعقوب التميمي المروزأي الكوسج ًها رّحأاًل وهو أحأد أئمة الحديث. ًما محدًثا فقي ًما عال كان إما وفيها توفي الحسين بن الضحاك بن ياسر أبو علي الشاعر المشهورّ المعروف بالحسين الخليع الباهلي البصري ولد بالبصرة سنة آثنتين وستين ومائة ونشأ بها ومدح غير واحأد من الخلفاء وجماعة من الوزأرّاء وغيرهم وكان شاع ًرا مجي ًدا خليعا وهو من أقران أبي نواس وشعره كثير. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسحاق بن منصورّ الكوسج وأيوب بن الحسن النيسابورّي الفقيه صاحأب محمد بن الحسن وحأميد بن زأنجويه وعمرو بن عثمان الحمصي وأبو تقي هشام بن عبد الملك اليزني ومحمد بن سهل بن عسكر. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرّع وأرّبعة عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وثمانية أصابع. السنة العاشرة من ولية يزيد بن عبد الله على مصر فيها استقر خلع المستعين من الخلفة وقتل بعد الحبس على ما يأتي ذكره. وكانت فيها بيعة المعتز بالخلفة. وفيها ولى الخليفة المعتز الحسن بن أبي الشوارّب قضاء القضاة. وفيها خلع الخليفة المعتز على المير محمد بن عبد الله بن طاهر خلعة الملك وقلده سيفين فأقام بغا ووصيف الميران ببغداد على وجل من ابن طاهر ثم رّضي المعتز عنهما ورّدهما إلى رّتبتهما. ًرا وكان ونقل المستعين إلى قصر الحسن بن سهل بالمخرم هو وعياله ووكلوا به أمي عنده خاتم عظيم القدرّ فأخذه محمد بن طاهر وبعث به إلى المعتز. وفيها خلع الخليفة المعتز على أخيه أبي أحأمد خلعة الملك وتوجه بتاج من ذهب وقلنسوة مجوهرة ووشاحأين مجوهرين وقلده سيفين. وفيها في شهر رّجب خلع المعتز أخاه المؤيد إبراهيم من العهد وقيده وضربه. وفيها حأبست أرّزأاق التراك والمغارّبة والشاكرية ببغداد وغيرها فجاءت في العام الواحأد مائتي ألف ألف دينارّ وذلك عن خراج المملكة سنتين. وفيها مات إسماعيل بن يوسف العلوي الذي كان خرج بمكة في السنة الخالية ووقع بسببه حأروب وفتن. وفيها نفى المعتز أخاه أبا أحأمد إلى واسط ثم رّد أي ًضا إلى بغداد ثم نفى المعتز أي ًضا علي بن المعتصم إلى واسط ثم رّد إلى بغداد. وفيها حأج بالناس محمد بن أحأمد بن عيسى بن المنصورّ الهاشمي العباسي. وفيها توفي المؤيد إبراهيم ولي العهد ابن الخليفة المتوكل على الله الهاشمي العباسي وأمه أم ولد وكان أخوه المعتز خلعه وحأبسه وفي موته خلف كبير والقوى عندي أنه مات خن ًقا. ًما وفيها توفي إبراهيم بن سعد الحافظ أبو إسحاق الجوهري كان إما محدًثا ديًنا صدو ًقا ثبًتا طاف البلد ولقي الشيوخ وسمع الكثير ورّوى عنه غير واحأد وصنف المسند. وفيها قتل الخليفة أمير المؤمنين المستعين بالله أبو العباس أحأمد بن محمد ابن الخليفة المعتصم بالله محمد بن الرشيد هارّون بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصورّ بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي وأمه أم ولد رّومية تسمى مخارّق. بويع بالخلفة لما مات ابن عمه محمد المنتصر في يوم سادس شهر رّبيع الول سنة سبع وأرّبعين ومائتين فأقام في الخلفة إلى أن انحدرّ إلى بغداد وخلع في سلخ سنة إحأدى وخمسين ومائتين. فكانت خلفته إلى يوم انحدرّ إلى بغداد سنتين وتسعة أشهر وإلى أن خلع من الخلفة ثلث سنين وستة أشهر ومات وهو ابن ثلث وثلثين سنة. ولما خلعوه أرّسل إلى المعتز المير أحأمد بن طولون التركي ليقتله فقال: ل والله ل أقتل أولد الخلفاء فقال له المعتز: فأوصله إلى سعيد بن صالح الحاجب فتوجه به وسلمه إلى سعيد الحاجب فقتله سعيد الحاجب في شوال وفي قتلته أقوال كثيرة. وكان جوا ًدا سم ًحا يطلق اللوف وكان متواض ًعا. قال يو ًما لحأمد بن يزيد المهلبي: يا أحأمد ما أظن أحأ ًدا من بني هاشم إل وقد طمع في الخلفة لما وليتها لبعدي عنها فقال أحأمد: يا أمير المؤمنين وما أنت ببعيد وإنما تقدم العهد لمن رّأى الله أن يقدمه عليك وكان في لسان المستعين لثغة تميل إلى السين المهملة وإلى الثاء المثلثة وبويع بعده ابن عمه المعتز. ًما وفيها توفي أحأمد بن سعيد بن صخر المام الحافظ الفقيه أبو جعفر الدارّي كان إما محدًثا وكان المام أحأمد بن حأنبل إذا كاتبه يقول في أول كتابه لبي جعفر أكرمه الله من أحأمد بن حأنبل. وفيها توفي إسحاق بن حأنبل بن هلل بن أسد الشيباني عم المام أحأمد بن حأنبل كان ًما فاضًل محدًثا ومات وله اثنتان وتسعون سنة. إما الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف والمستعين بالله أحأمد بن محمد بن المعتصم قت وإسحاق بن بهلول ًل الحافظ والمير أشناس وزأياد بن أيوب وعبد الوارّث بن عبد الصمد بن عبد الوارّث ومحمد بن بشارّ بندارّ في رّجب وأبو موسى محمد بن المثنى العنزي الزمن في ذي القعدة ومحمد بن منصورّ المكي الجوازأ ويعقوب بن إبراهيم الدورّقي ومحمد بن يحيى بن عبد الكريم الزأدي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع وثلثة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. ولية مزاحأم بن خاقان على مصر هو مزاحأم بن خاقان بن عرطوج المير أبو الفوارّس التركي ثم البغدادي أخو الفتح بن خاقان وزأير المتوكل قتل معه. ولي مزاحأم هذا مصر بعد عزل يزيد بن عبد الله التركي عنها وله الخليفة المعتز بالله الزبير على صلة مصر لثلث خلون من شهر رّبيع الول سنة ثلث وخمسين ومائتين وسكن بالعسكر على عادة أمراء مصر فجعل على شرطته أرّخوزأ وأخذ مزاحأم في إظهارّ الناموس وإقماع أهل الفساد فخرج عليه جماعة كبيرة من المصريين فتشمر لقتالهم وجهز عساكره وأنفق فيهم فأول ما ابتدأ بقتال أهل الحوف من الوجه البحري فتوجه إليهم بجنوده وقاتلهم وأوقع بهم وقتل منهم وأسر ثم عاد إلى الديارّ المصرية فأقام بها مدة يسيرة ثم خرج أي ًضا من مصر ونزل بالجيزة ثم سارّ إلى تروجة بالبحيرة وقاتلهم وأوقع بهم وقتل منهم مقتلة كبيرة وأسر عدة من رّؤوسهم وعاد بهم إلى ديارّ مصر فلم تطل إقامته بها وخرج إلى الفيوم وقاتل أهلها ووقع له بها حأروث كثيرة وقتل منهم أي ًضا مقتلة عظيمة وأمعن في ذلك. وكثر بعد هذه الواقعة إيقاعه بسكان النواحأي. ثم التفت إلى أرّخوزأ وحأرضه على أمورّ أمره بها فشدد أرّخوزأ المذكورّ عند ذلك ومنع النساء من الخروج من بيوتهن والتوجه إلى الحمامات والمقابر وسجن المؤنثين والنوائح ثم منع الناس من الجهر بالبسملة في الصلة بالجامع وكان ذلك في شهر رّجب سنة ثلث وخمسين ومائتين. وأمر أهل الجامع بمساواة الصفوف في الصلة ووكل بذلك رّجًل من العجم يكنى أبا داوة يقوم بالسوط من مؤخر المسجد وأمر أهل الحلق بالتحول إلى جهة القبلة قبل إقامة الصلة ومنع المساند التي يسند إليها في الجوامع وأمر أن تصلى التراويح في شهر رّمضان خمس تراويح وكانوا قبل ذلك يصفونها سًتا ومنع من التثويب في الصلة وأمر بالذان في يوم الجمعة في مؤخر المسجد ثم أمر بأن يغلس بصلة الصبح ونهى أي ًضا أن يشق ثوب على ميت أو يسود وجه أو يحلق شعر أو تصيح امرأة وعاقب بسبب ذلك خل ًقا ًرا وشدد على الناس حأتى أبادهم. كثي ولم يزل في التشدد على الناس حأتى مرض ومات في ليلة الثنين لخمس خلون من المحرم سنة أرّبع وخمسين ومائتين. واستخلف بعده ابنه أحأمد بن مزاحأم على السنة التي حأكم فيها مزاحأم بن خاقان على مصر وهي سنة ثلث وخمسين ومائتين. فيها قصد يعقوب بن الليث الصفارّ هراة في جمع وقاتل أهلها حأتى أخذها من نواب محمد بن طاهر ومسك من كان بها وقيدهم وحأبسهم. وفيها سارّ المير موسى بن بغا فالتقى هو وعسكر عبد العزيز ابن المير أبي دلف العجلي فهزمهم وساق ورّاءهم إلى الكرج وتحضن عنه عبد العزيز وأسرت والدة عبد العزيز المذكورّ ثم بعث إلى سامرا بتسعين حأمًل من رّؤوس القتلى. وفي شهر رّمضان خلع الخليفة المعتز بالله على بغا الشرابي وألبسه تاج الملك. وفيها في شوال قتل وصيف التركي. ثم في ذي القعدة كسف القمر. وفيها غزا محمد بن معاذ بلد الروم ودخل بالعسكر من جهة ملطية فأسر وقتل. وفيها في ذي القعدة أي ًضا التقى موسى بن بغا والكوكبي بأرّض قزوين واقتتل فانهزم الكوكبي ولحق بالديلم. وفيها توفي سري السقطي الشيخ أبو الحسن واسمه السري بن المغلس وهو الزاهد العابد العارّف بالله المشهورّ خال الجنيد وأستاذه كان أوحأد أهل زأمانه في الورّع وعلوم التوحأيد وهو أول من تكلم بها في بغداد وإليه ينتهي مشايخ الطريقة كان علم الولياء في زأمانه صحب معرو ًفا الكرخي وحأدث عن الفضيل بن عياض وهشيم وأبي بكر بن عياش وعلي بن غراب ويزيد بن هارّون وحأدث عنه أبو العباس بن مسروق والجنيد بن محمد وأبو الحسين النورّي. قال عبد الله بن شاكر عن السري قال: صليت وقرأت ورّدي ليلة ومددت رّجلي في المحراب فنوديت: يا سري كذا تجالس الملوك! فضممت رّجلي وقلت: وعزتك وجللك ل مددتها وقيل: إن السري رّأى جارّية سقط من يدها إناء فانكسر فأخذ من دكانه إناء فأعطاها إياه عوض المكسورّ فرآه معروف فقال: بغض الله إليك الدنيا قال السري: فهذا الذي أنا فيه من بركات معروف. قال الجنيد: سمعت السري يقول: أحأب أن آكل أكلة ليس لله علي فيها تبعة ول لمخلوق علي فيها منة فما أجد إلى ذلك سبي بنفسه فقلت: أوصني ًل قال: ودخلت عليه وهو يجود قال: ل تصحب الشرارّ ول تشغلن عن الله بمجالسة الخيارّ. وعن الجنيد يقول: ما رّأيت لله أعبد من السري أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رّئي مضطج ًعا إل في علة الموت. وعن الجنيد: سمعت السري يقول: إني لنظر إلى أنفي كل يوم مرا مخافة أن يكون ًرّا وجهي قد اسود. قال: وكان المام أحأمد بن حأنبل يقول إذا ذكر السري: ذاك الشيخ الذي يعرف بطيب الريح ونظافة الثوب وشدة الورّع. وفيها توفي المير محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب أبو العباس الخزاعي كان من أجل المراء ولي إمرة بغداد أيام المتوكل جعفر وكان فاض ًل أديًبا شاع ًرا جوا ًدا ممد ًحأا شجا ًعا. وقد تقدم ذكر أبيه وجده في هذا الكتاب ونبذة كبيرة من محاسنهم ومكارّمهم. ًرا وفيها في شوال قتل المير وصيف التركي المعتصمي كان أمي أصله من مماليك ًرا كبي المعتصم بالله محمد وخدم من بعده عدة خلفاء واستولى على المعتز وحأجر على الموال لنفسه فتشغب عليه الجند فلم يلتفت لقولهم فوثبوا عليه وقتلوه بعد أمورّ وقعت له معهم. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن سعيد الهمداني المصري وأحأمد بن سعيد الدارّي وأحأمد بن المقدام العجلي وخشيش بن أصرم النسائي الحافظ وسري بن المغلس السقطي عن نيف وتسعين سنة وعلي بن شعيب السمسارّ وعلي بن مسلم الطوسي ومحمد بن عبد الله بن طاهر المير ومحمد بن عيسى بن رّزأين التيمي مقرئ الري وهارّون بن سعيد اليلي والمير وصيف التركي ويوسف بن موسى القطان وأبو العباس أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرّع واثنا عشر إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذرّا ًعا في عشرة أصابع. ولية أحأمد بن مزاحأم على مصر هو أحأمد بن مزاحأم بن خاقان بن عرطوج المير أبو العباس ابن المير أبي الفوارّس التركي. ولي إمرة مصر بعد موت أبيه باستخلفه على مصر فأقره الخليفة المعتز بالله على ذلك. وكانت ولايته في خامس المحرم سنة أرّبع وخمسين ومائتين وسكن بالعسكر على عادة المراء وجعل على شرطته أرّخوزأ المقدم ذكره في أيام أبيه مزاحأم. فلم تطل أيامه ومات بمصر لسبع خلون من شهر رّبيع الخر من سنة أرّبع وخمسين ومائتين المذكورّة. فكانت ولايته على إمرة مصر شهرين ويو ًما واحأ ًدا. وتولى إمرة مصر من بعده أرّخوزأ بن أولوغ طرخان التركي باستخلفه. ًرا محًبا للرعية لم تطل أيامه لتشكر وكان أحأمد هذا شاًبا عارّ ًفا مدب أو تذم. ولية أرّخوزأ على مصر هو أرّخوزأ بن أولوغ طرخان التركي. وأولوغ طرخان كان ترك ًيا وقدم بغداد فولد له أرّخوزأ المذكورّ بها ونشأ أرّخوزأ حأتى صارّ من كبارّ أمراء الدولة العباسية وتوجه إلى مصر وولي بها الشرطة لعدة أمراء كما تقدم ذكره ثم ولي إمرة مصر بعد موت أحأمد بن مزاحأم في العشر الول من شهر رّبيع الخر من سنة أرّبع وخمسين ومائتين باستخلف أحأمد بن مزاحأم له على صلتها فأقره الخليفة المعتز بالله على ذلك وجعل إليه إمرة مصر وأمرها جميعه كما كان لمزاحأم وابنه. وقال صاحأب " البغية والغتباط فيمن ملك الفسطاط ": وليها باستخلف أحأمد بن مزاحأم على الصلة فقط وجعل على شرطة مصر بولغيا ثم خرج إلى الحج في شهر رّمضان سنة أرّبع وخمسين ومائتين وله خمسة أشهر ونصف شهر. وقال غيره: ودام أرّخوزأ على إمرة مصر إلى أن صرف عنها بالمير أحأمد بن طولون في شهر رّمضان من سنة أرّبع وخمسين ومائتين فكانت ولايته على مصر خمسة أشهر ونص ًفا وخرج إلى بغداد في أول ذي القعدة من السنة ووفد على الخليفة فأكرم مقدمه وصارّ من جملة القواد. السنة التي حأكم فيها أرّبعة أمراء على مصر ففي أول محرمها مزاحأم بن خاقان ثم ابنه أحأمد بن مزاحأم ثم المير أرّخوزأ بن أولوغ طرخان من شهر رّبيع الخر إلى شهر رّمضان ثم المير أبو العباس أحأمد بن طولون. وهي سنة أرّبع وخمسين ومائتين. فيها قتل بغا الشرابي التركي المعتصمي الصغير كان فات وتجبر وخالف أمر ًكا قد طغى المعتز وكان المعتز يقول: ل ألتذ بطيب الحياة حأتى أنظر رّأس بغا بين يدي فوقعت أمورّ بعد ذلك بين بغا والتراك حأتى قتل بغا وأتي برأسه إلى المعتز فأعطى المعتز قاتله عشرة آلف دينارّ. وفيها توفي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسن الهاشمي العسكري أحأد الئمة الثني عشر المعمودين عند الرافضة وسمي بالعسكري لن الخليفة المتوكل جعف ًرا أنزله مكان العسكر. وكان مولده سنة أرّبع وعشرين ومائتين. ومات بمدينة سر من رّأى في جمادى الخرة من السنة. وفيها توفي محمد بن منصورّ بن داود الشيخ أبو جعفر الطوسي الزاهد العابد كان من البدال مات في يوم الجمعة لست بقين من شوال وله ثمان وثمانون سنة وسمع سفيان بن عيينة وغيره ورّوى عنه البغوي وغيره وكان صدو ًقا ثقة صال ًحا. وفيها توفي المؤمل بن إهاب بن عبد العزيز الحافظ أبو عبد الرحأمن الكوفي أصله من كرمان ونزل الكوفة وقدم بغداد وحأدث بها وبدمشق وأسند عن يزيد بن هارّون وغيره ورّوى عنه أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرّع وتسعة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذرّا ًعا وستة عشر إصب ًعا. ولية أحأمد بن طولون هو أحأمد بن طولون المير أبو العباس التركي أمير مصر. ولي مصر بعد عزل أرّخوزأ بن أولوغ طرخان في شهر رّمضان سنة أرّبع وخمسين ومائتين وقد مضى من عمره أرّبع وثلثون سنة ويوم واحأد. وكان أبوه طولون مولى نوح أبن أسد الساماني عامل بخارّى وخراسان أهداه نوح في جملة مماليك إلى المأمون بن الرشيد فرقاه المأمون حأتى صارّ من جملة المراء. وولد له ابنه أحأمد هذا في سنة عشرين ومائتين وقيل في سنة أرّبع عشرة ومائتين ببغداد وقيل بسر من رّأى وهو الشهر من جارّية تسمى هاشم وقيل قاسم. وقيل: إن أحأمد هذا لم يكن ابن طولون وإنما طولون تبناه قال أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي: قال بعض المصريين: إن طولون تبناه لما رّأى فيه من مخايل النجابة. ودخل عليه يوما وهو صغير فقال: بالباب قوم ضعفاء فلو كتبت لهم بشيء فقال له طولون: ادخل إلى المقصورّة وأتني بدواة فدخل أحأمد فرأى بالدهليز جارّية من حأظايا طولون قد خل بها خادم فأخذ أحأمد الدواة وخرج ولم يتكلم فحسبت الجارّية أنه يسبقها إلى طولون بالقول فجاءت إلى طولون وقالت: إن أحأمد رّاودني الساعة في الدهليز فصدقها طولون وكتب كتابا لبعض خدمه يأمره بقتل حأامل الكتاب من غير مشورّة وأعطاه لحأمد وقال: اذهب به إلى فلن فأخذ أحأمد الكتاب ومر بالجارّية فقالت له: إلى أين فقال: في حأاجة مهمة للمير في هذا الكتاب فقالت: أنا أرّسله ولي بك حأاجة فدفع إليها الكتاب فدفعته إلى الخادم المذكورّ وقالت: اذهب به إلى فلن وشاغلت أحأمد بالحديث أرّادت بذلك أن يزداد عليه المير طولون غضبا. فلما وقف المأمورّ على الكتاب قطع رّأس الخادم وبعث به إلى طولونتطولونا رّآه عجب وآستدعى أحأمد وقال له: اصدقني! ما الذي رّأيت في طريقك إلى المقصورّة قال: ل شيء قال: اصدقني وإل قتلتك! فصدقه وعلمت الجارّية بقتل الخادم فخرجت ذليلة فقال لها طولون: اصدقيني فصدقته فقتلها وحأظي أحأمد علي الحديث وقال أحأمد بن يوسف: قلت لبي العباس بن خاقان: الناس فرقتان في ابن طولون فرقة تقول: إن أحأمد بن طولون وأخرى تقول: هو ابن يلبخ التركي وأمه قاسم جارّية طولون فقال: كذبوا إنما هو ابن طولون. ودليله أن الموفق لما لعنه نسبه إلى طولون ولم ينسبه إلى يلبخ ويلبخ مضحاك يسخر منه وطولون معروف بالستر وقال أحأمد بن يوسف المذكورّ: كان طولون رّجل من أهل طغزغز حأمله نوح بن أسد عامل بخارّى إلى المأمون فيما كان موظفا عليه من المال والرقيق والبراذين وغير ذلك في كل سنة سنة ثلثين ومائتين والول أصح. انتهى كلم ابن يوسف ونشأ أحأمد بن طولون على مذهب جميل وحأفظ القران واتقنه وكان من أطيب الناس صوتا به مع كثرة الدرّس وطلب العلم وتفقه على مذهب المام العظم أبي حأنيفة. ولما ترعرع أحأمد تزوج بابنة عمه خاتون فولدت له العباس سنة اثنتين وأرّبعين ومائتين. ولما مات أبوه طولون فؤض إليه الخليفة المتوكل ما كان لبيه ثم تنقلت به الحأوال إلى أن ولي إمرة الثغورّ إمرة دمشق ثم ديارّ مصر. وكان يقول: ينبغي للرئيس أن يجعل اقتصادة على نفسه وسماحأته على من يقصده ويشتمل عليه فإنه يملكهم ملكا ل يزول به عن قلوبهم. ونشأ أحأمد بن طولون في الفقه والصلح والدين والجود حأتى صارّ له في الدنيا الذكر الجميل وكان شديد! الزأرّاء على الترك وأولدهم لما يرتكبونه في أمر الخلفاء غير رّاض بذلك ويستقل عقولهم ويقول: حأرمة الذين عندهم مهتوكة. وقال الخاقاني وكان خصيصا عند ابن طولون: وقال لي يوما يعني ابن طولون: يا أخي إلى كم نقيم على هذا الثم مع هؤلء الموالي! يعني التراك ل نطأ موطئا إل كتب علينا الخطأ والثم والصواب ان نسأل الوزأير أن يكتب أرّزأاقنا إلى الثغر فسأله فكتب له وخرجنا إلى طرسوس فلما رّأى ما الناس عليه من المر بالمعروف ومجانبة المنكر أنست نفسه فأقمنا نسمع الحديث مدة ثم رّجعت أنا إلى سر من رّأى فآستقبلتني أمه قاسم بالبكاء وقالت: مات ابني! فحلفت لها إنه في عافية ثم عدت إلى طرسوس فأخبرته بما رّأيت من أمه وقلت له: إن كنت أرّدت بمقامك في هذه البلد وجه الله وتدع أمك كذلك فقد أخطأت فوعدني بالخروج من طرسوس ثم خرجنا ونحن زأهاء خمسمائة رّجل والخليفة يومئذ المستعين بالله وخرج معنا خادم الخليفة ومعه ثياب مثمنة من عمل الروم فسرنا إلى الرها فقيل لنا: إن جماعة من قطاع الطريق على أنتظارّكم والمصلحة دخولكم حأصن الرها حأتى يتفرقوا فقال أحأمد: ل يراني الله فارّا وقد خرجت على نية الجهاد فخرجنا والتقينا فأوقع بالقوم وقتل منهم جماعة وهرب الباقون فزاد في أعين الناس مهابة وجللة ووصل الخادم إلى المستعين بالثياب فلما رّآها استحسنها فقال له الخادم: لول ابن طولون ماسلمت ولسلمنا وحأكى له الحكاية فبعث إليه مع الخادم ألف دينارّ سرا وقال له: عرفه أنني أحأبه ولول خوفي عليه قربته. وكان أبن طولون إذا أدخل على المستعين مع التراك في الخدمة أومأ إليه الخليفة بالسلم سرا واستدام الحأسان إليه ووهب له جارّية أسمها مياس فولدت له ابنه خمارّويه في المحرم من سنة خمسين ومائتين ما تنكر التراك للمستعين وخلعوه وأحأدرّوه إلى واسط قالوا له: من تختارّ أن يكون قي صحبتك فقال: أحأمد بن طولون فبعثوه معه فأحأسن صحبته. ثم كتب التراك إلى أحأمد: اقتل المستعين ونوليك واس ًطا فكتب إليهم: " لرّآني الله قتلت خليفة بايعت له أبدا!! فبعثوا سعيدا الحاجب فقتل المستعين فوارّى أحأمد بن طولون جثته. ولما رّجع أحأمد إلى سر من رّأى بعدما قتل المستعين أقام بها فزاد محله عند التراك فولوه مصر نيابة عن أميرها سنة أرّبع وخمسين ومائتين. فقال حأين دخلها: غاية ماوعدت به في قتل المستعين واسط فتركت ذلك لله تعالى فعوضني ولية مصر والشام. فلما قتل والي مصر من التراك في أيام الخليفة المهتدي صارّ أحأمد بن طولون مستقل بها في أيام المعتمد. وقيل: إنه ولي الشأم نيابة عن باكباك فلما قتل باكباك آستقل وكان حأكمه من الفرات إلى المغرب. وأول مادخل مصر خرج بغا الصغر وهو أحأمد بن محمد بن عبد الله بن طباطبا فيما بين برقة و السكندرّية في جمادى الولى سنة خمس وخمسين ومائتين وسارّ إلى الصعيد فقتل هناك وحأمل رّأسه إلى مصر في شعبان. ثم خرج آبن الصوفي العلوي وهو إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وتوجه إلى أسنا في ذي القعدة فنهب وقتل أهلها وقيل: إن أحأمد بن طولون بعث إليه جيشا فكسر الجيش في رّبيع الول سنة ست وخمسين ومائتين وأرّسل إليه أبن ثم خرج ابن طولون بنفسه لمحارّبة عيسى بن الشيخ ثم عاد وأرّسل جي ًشا. ثم ورّد عليه كتاب الخليفة بأنه يتسلم العمال الخارّجة عن أرّض مصر فتسلم السكندرّية من إسحاق بن دينارّ وخرج إليها لثمان خلون من شهر رّمضان سنه واستخلف على مصر طغلج صاحأب شرطته ثم عاد إلى مصر لرّبع عشرة من شوال وسخط على أخيه موسى وأمره بلباس البياض ثم خرج إلى السكندرّية ثانيا لثمان بقين من شعبان سنة تسع وخمسين ومائتين ثم عاد في شوال. ثم ورّد عليه كتاب المعتمد يستحثه في جمع الموال فكتب إليه ابن طولون: لست أطيق ذلك والخراج في يد غيري فأرّسل المعتمد على الله إليه نفيسا الخادم بتقليد ه الخراج وبولايته الثغورّ الشامية. فأقر أحأمد بن طولون عند ذلك أبا أيوب أحأمد بن محمد! بن شجاع على الخراج وعقد لطخشي بن بلبرد على الثغورّ فخرج إليها في سنة أرّبع وستين ومائتين فصارّ المر كفه بيد أحأمد بن طولون وقويت شوكته بذلك وعظم أمره بديارّ مصر. ولما كان في بعض اليام رّكب يوما ليتصيد بمصر فغاصت قوائم فرسه في الرمل فأمر بكشف ذلك الموضع فظفر بمطلب فيه ألف ألف دينارّ فأنفقها في أبواب البر والصدقات كما سيأتي ذكرها. وكان يتصدق في كل يوم بمائة دينارّ غير ما كان عليه من الرواتب وكان ينفق على مطبخه في كل يوم ألف دينارّ وكان يبعث بالصدقات إلى دمشق والعراق والجزيرة والثغورّ وبغداد وسر من رّأى والكوفة والبصرة والحرمين وغيرها فحسب ذلك فكان ألفي ألف دينارّ ومائتي ألف دينارّ. ثم بنى الجامع الذي بين مصر وقبة " ا الهواء على جبل يشكر خارّج القاهرة وغرم عليه أموال عظيمة أحأمد الكاتب: أنفق عليه مائة ألف دينارّ وعشرين ألف دينارّ. وقال له الصناع: على أي مثال نعمل المنارّة وما كان يعبث قط في مجلسه فأخذ درّجا من الكاغد وجعل يعبث به فخرج بعضه وبقي بعضه في يده فعجب الحاضرون فقال: اصنعوا المنارّة على هذا المثال فصنعوها. ولما تم بناء الجامع رّأى أحأمد بن طولون في منامه كأن الله تعالى قد تجلى للقصورّ التي حأول الجامع ولم يتجل للجامع فسأل المعبرين فقالوا: يخرب ما حأوله ويبقى قائما وحأده قال: من أين لكم هذا قالوا: من قوله تعالى: فلما تجلى رّبه للجبل جعله دكا " وقوله!: " إذا تجلى االله لشيء خضع له. وكان كما قالوا. وقال بعضهم: إن الكنز! الذي لقيه ابن طولون منه عمر ا. لجامع المذكورّ وكان بناؤه في سنة تسع وخمسين ومائتين. وأما أمر الكنز فإنه ذكر غير واحأد من المؤرّخين أن أحأمد بن طولون كان له كاتب يعرب بابن دشومة وكان واسع الحيلة بخيل اليد زأاهدا في شكر الشاكرين ل يهش إلى شيء من أعمال البر وكان ابن طولون من أهل القرآن إذا جرت منه إساءة استغفر وتضرع واتفق أن الخليفة المعتمد أمر ابن طولون أن يتسلم الخراج حأسبما ذكرناه فأمتنع من المظالم لدينه ثم شاورّ كاتبه ابن دشومة المذكورّ فقال ابن دشومة: يؤمنني المير لقول له ما عندي فقال أحأمد بن طولون: قل وأنت آمن فقال: يعلم المير أن الدنيا والخرة ضرتان والشهم من لم يخلط إحأداهما بالخرى والمفرط من جمع بينهما وأفعال المير أفعال الجبابرة وتوكله توكل الزهاد وليس مثله من رّكب خطة لم يحكمها ولو كنا نثق بالنصر وطول العمر لما كان شيء اثر عندنا من التضييق على أنفسنا في العاجل لعمارّة الجل ولكن النسان قصير العمر كثير المصائب والفات وهذه المظالم قد أجتمع لك منها في السنة ما قدرّه مائة ألف دينارّ فبات أحأمد بن طولون ليلته وقد حأركه قول ابن دشومة فرأى فيما يرى النائم صديقا له كان من الزهاد مات لما كان ابن طولون بالثغر قبل دخوله إلى مصر وهو يقول له: بئس ما أشارّ عليك ابن دشومة في أمر الرّتفاق واعلم أنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه فارّجع إلى رّبك وإن كان التكاثر والتفاخر قد شغلك عنه في هذه الدنيا. فأمض ما عزمت عليه وأنا ضامن لك من الله تعالى أفضل العوض منه قريبا غير بعيد. فلما أصبح أحأمد بن طولون دعا ابن دشومة فأخبره بما رّأى في نومه فقال له ابن دشومة: أشارّ عليك رّجلن: أحأدهما في اليقظة والخر في المنام وأنت لمن في اليقظة أوجد وبضمانه أوثق فقال ابن طولون: دعني من هذا وأزأال جميع المظالم ولم يلتفت إلى كلمه. ثم رّكب أحأمد بن طولون إلى الصيد فلما سارّ في البرية آنخفست الرّض برجل فرس بعض أصحابه في قبر في وسط الرمل فوقف أحأمد بن طولون عليه وكشفه فوجد مطلبا واسعا فأمر بحمله فحمل منه من المال ما قيمته ألف ألف دينارّ فبنى منه هذا الجامع والبئر بالقرافة الكبرى والبيمارّستان بمصر ووجوه البر ثم دعا بآبن دشومة المقدم ذكره وقال: والله لول أني أمنتك لصلبتك ثم بعد مدة صادرّه واستصفى أمواله وحأبسه حأتى مات. وقيل: إن ابن طولون لما فرغ من بناء جامعه المذكورّ أمر حأاشيته بسماع ما يقول الناس فيه من القوال والعيوب فقال رّجل: محرابه صغير وقال آخر: ما فية عمود وقال آخر: ليست له ميضأة فبلغه ذلك فجمع الناس وقال: أما المحراب فإني رّأيت النبيي! وقد خطه لي في منامي وأصبحت فرأيت النمل قد طافت بذلك المكان الفي خطه لي رّسول الله وأما العمد فإني بنيت هذا الجامع من مال حألل وهو الكنز وما كنت لشوبه بغيره وهنه العمد إما أن تكون في مسجد أو كنيسة فنزهته عنها وأما الميضأة فإني نظرت فوجدت ما يكون بها منا النجاسات فطهرته عنها وهأنا أبنيها خلفه وأمر ببنائها. وقيل: إنه لما فرغ من بنائه رّئى في منامه كأن نا السماء فأخذت الجامع ًرّا نزلت من دون ماحأوله من العمران فلما أصبح قص رّؤياه فقيل له: أبشر بقبول الجامع المبارّك لن النارّ كانت في الزمن الماضي إذا قبل الله قربانا نزلت نارّ من السماء أخذته ودليله قصة قابيل وهابيل. وكان حأول الجامع العمران ملصقة له حأتى قيل: إن مسطبة كانت خلف الجامع وكانت ذرّاعا في ذرّاع لغير فكانت أجرتها في كل يوم اثني عشر درّهما: في بكرة النهارّ يقعد فيها شخص يبيع الغزل ويشتريه بأرّبعة درّاهم ومن الظهر إلى العصر لخبازأ بأرّبعة درّاهم ومن العصر إلى المغرب لشخص يبيع فيها الحمص والفول بأرّبعة درّاهم. قلت: هذا مما يدل على أن الجامع المذكورّ كان في وسط العمران. وهذا الجامع على جبل يشكر كما ذكرناه وهو مكان مشهورّ بإجابة الدعاء وقيل: إن موسى عليه السلم ناجى رّبه جل جلله عليه بكلمات. ويشكر المنسوب إليه هذا الجبل هو ابن جزيلة! من لخم. انتهى وأنفق ابن طولون على البيمارّستان ستين ألف دينارّ وعلى حأصن الجزيرة ثمانين ألف دينارّ وعلى الميدان خمسين ألف دينارّ وحأمل إلى الخليفة المعتمد في مدة أرّبع سنين ألفي ألف دينارّ ومائتي ألف دينارّ. وكان خراج مصر في أيامه أرّبعة آلف ألف وثلثمائة ألف دينارّ هذا مع كثرة صدقاته وإنفاقه على مماليكه وعسكره. وقد قال له وكيله في الصدقات: رّبما آمتدت إلي الكف المطوقة والمعصم فيه السوارّ والكم الناعم أفأمنع هذه الوظيفة فقال له: ويحك! هؤلء المستورّون الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف احأذرّ أن ترد يدا امتدت إليك. وقيل: إنه حأسن له بعض التجارّ التجارّة فدفع له أحأمد بن طولون خمسين ألف دينارّ يتجر له بها فرأى ابن طولون بعد ذلك في منامه كأنه يمشمش عظ ًما فدعا المعبر وقص عليه فقال: قد سمت همتك إلى مكسب ليشبه خطرك فأرّسل ابن طولون في الحال إلى التاجر وأخذ المال منه فتصدق به. وكان جميع خصال ابن طولون محمودة إل أنه كان حأاد الخلق والمزاج فإنه لما ولي مصر ًرا من الدماء. ًرا وعسف وسفك كثي والشام ظلم كثي يقال: إنه مات في حأبسه ثمانية عشر ألفا فرأى في منامه كأن الحق سبحانه قد مات في دارّه فآستعظم ذلك وانتبه فز ًعا وجمع المعبرين فلم يدرّوا فقال له بعضهم: أقول ولي المان قال نعم قال: أنت رّجل ظالم قد أمت الحق في دارّك! فبكى. وكان فيه ذكاء وفطنة وحأدس ثاقب. قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: إن ابن طولون جلس يأكل فرأى سائل فأمر له بدجاجة ورّغيف وحألواء فجاءه الغلم فقال: ناولته فماهش له فقال ابن طولون: علي به فلما مثل بين يديه لم يضطرب من الهيبة فقال له ابن طولون: أحأضر لي الكتب التي معك وآصدقني فقد صح عندي أنك صاحأب خبر وأحأضر السياط فاعترف فقال له بعض من حأضر: هذا والله السحر الحلل! قال ابن طولون: ما هو سحر ولكنه قياس صحيح رّأيت سوء حأاله فسيرت له طعاما يشره له الشبعان فماهش له فأحأضرته فتلقاني بقوة جأش فعلمت أنه صاحأب خبر ل فقير فكان كذلك. وقال أبو الحسين الرازأي: سمعت أحأمد بن أحأمد بن حأميد بن أبي العجائز وغيره من شيوخ دمشق قالوا: لما دخل أحأمد بن طولون دمشق وقع بها حأريق عند كنيسة مريم فركب ابن طولون إليه ومعه أبو زأرّعة النصري وأبو عبد الله أحأمد بن محمد الواسطي كاتبه فقال ابن طولون لبي زأرّعة: ما يسمى هذا الموضع قال: كنيسة مريم فقال أبو عبد الله: أكان لمريم كنيسة قال: ما هي من بناء مريم وإنما بنوها على أسمها فقال ابن طولون: ما لك وللعتراض على الشيخ! ثم أمر بسبعين ألف دينارّ من ماله وأن يعطى لكل من أحأترق له شيء ويقبل قوله ولستحلف فأعطوا لمن ذهب ماله وفضل من المال أرّبعة عشر ألف دينارّ ثم أمر بمال عظيم أي ًضا ففرق في فقراء أهل دمشق والفوطة وأقل ما أصاب الواحأد من المستورّين دينارّ وعن محمد بن علي الماذرّائي قال: كنت أجتازأ بتربة أحأمد بن طولون فأرّى شيخا ملزأما للقراءة على قبره ثم إني لم أرّه مدة ثم رّأيته فسألته فقال: كان له علينا بعض العدل إن لم يكن الكل فأحأببت أن أصله بالقراءة قلت: فلم انقطعت قال: رّأيته في النوم وهو يقول: أحأب أل تقرأ عندي فما تمر بآية إل قرعت بها وقيل: أما سمعت هذه! انتهى. قلت: ولما ولي أحأمد بن طولون مصر سكن العسكر على عادة أمراء مصر من قبله ثم أحأب أن يبني له قصرا فبنى القطائع. والقطائع قد زأالت آثارّها الن من مصر ولم يبق لها رّسم يعرف وكان موضعها من قبة الهواء التي صارّ مكانها الن قلعة الجبل إلى جامع ابن طولون المذكورّ وهو طول القطائع وأما عرضها فإنه كان من أول الزميلة من تحت القلعة إلى الموضع آلفي يعرف الن بالرّض الصفراء عند مشهد الرأس الذي يقال له الن زأين العابدين وكانت مساحأة القطائع ميل في ميل. وقبة الهواء كانت في السطح الذي عليه قلعة الجبل. وتحت قبة الهواء كان قصر ابن طولون. وموضع هذا القصر الميدان السلطاني الن الذي تحت قلعة الجبل بالرميلة. وكان موضع سوق الخيل والحمير والبغال والجمال بستانا. ويجاورّها الميدان الذي يعرف اليوم بالقبيبات فيصير الميدان فيما بين القصر والجامع الذي أنشأه أحأمد بن طولون المعروف به. وبجوارّ الجامع دارّ المارّة في جهته القبلية ولها باب من جدارّ الجامع يخرج منه إلى المقصورّة المحيطة بمصلى المير إلى جوارّ المحراب وهناك دارّ الحرم. والقطائع عدة قطع يسكن فيها عبيد المير أحأمد بن طولون وعساكره وغلمانه. قلت: والقطائع كانت بمعنى الطباق التي للمماليك السلطانية الن وكانت كل قطيعة لطائفة تسمى بها فكانت قطيعة تسمى قطيعة السودان وقطيعة الروم وقطيعة الفراشين وهم نوع من الجمدارّية الن ونحو ذلك. وكانت كل قطيعة لسكن جماعة ممن ذكرنا وهي بمنزلة الحارّات اليوم. وسبب بناء ابن طولون القصر والقطائع كثرة مماليكه وعبيده فضاقت دارّ المارّة عليه فركب إلى سفح الجبل وأمر بحرث قبورّ اليهود والنصارّى واختط موضعهما وبنى القصر والميدان المقدم ذكرهما ثم أمر لصحابه وغلمانه أن يختطوا لنفسهم حأول قصره وميدانه بيوتا واختطوا وبنوا حأتى أتصل البناء بعمارّة الفسطاط - أعني بمصر القديمة ثم بنيت القطائع وسميت كل قطيعة باسم من سكنها. قال القضاعي: وكان للنوبة قطيعة مفردة تعرف بهم وللروم قطيعة مفردة تعرف بهم وللفراشين قطيعة مفردة تعرف بهم ولكل صنف من الغلمان قطيعة مفردة تعرف بهم ة وبنى القواد مواضع متفرقة وعمرت القطائع عمارّة حأسنة وتفرقت فيها السكك والزأقة وعمرت فيها المساجد الحسان والطواحأين والحمامات والفران والحوانيت والشوارّع. وجعل ابن طولون قص ًرا كبي القصر كله ًرا فيه ميدانه الذي يلعب فيه بالكرة وسمي الميدان وعمل للقصر أبوابا لكل باب أسم فباب الميدان الكبير كان منه الدخول والخروج لجيشه وخدمه وباب الخاصة ل يدخل منه إل خاصته وباب الجبل الذي يلي جبل المقطم وباب الخدم ليدخل منه إلخادم خصي أو حأرمة وباب الدرّمون كان يجلس فيه حأاجب أسود عظيم الخلقة يتقفد جنايات الغلمان السودان الرجالة فقط وأسمه الدرّمون وبه سمي الباب المذكورّ وباب دعناج لنه كان يجلس فيه حأاجب يقال له دعناج وباب الساج لنه كان عمل من خشب الساج وباب الصلة لنه كان يخرج منه إلى الصلة وكان بالشارّع العظم وكان هذا الباب يعرف بباب السباع لنه كانت عليه صورّة سبعين من جبس وكانت هذه البواب ل تفتح كلها إل في يوم العيد أو يوم عرض الجيش أو يوم صدقة وما كانت تفتح البواب إل بترتيب في أوقات معروفة وكان للقصر شبابيك تفتح من سائر نواحأي البواب تشرف كل جهة على. . ولما بنى هذا القصر والميدان وعظم أمره زأادت صدقاته ورّواتبه حأتى بلغت صدقاته المرتبة في الشهر ألفي دينارّ سوى ما كان يعطي ويطرأ عليه وكان يقول: هذه صدقات الشكر على تجديد النعم ثم جعل مطابخ للفقراء والمساكين في كل يوم فكان يذبح فيها البقر والغنم ويفرق للناس في القدورّ الفخارّ والقصع ولكل قصعة أو قدرّ أرّبعة أرّغفة: في اثنين منها فالوذج والثنان الخران على القحر أو القصعة وكان في الغالب يعمل سماط عظيم وينادي في مصر: من أحأب أن يحضر سماط المير فليحضر ويجلس هو بأعلى القصر ينظر ذلك ويأمر بفتح جميع أبواب الميدان ينظرهم وهم يأكلون ويحملون فيسره ذلك ويحمد الله على نعمته. ثم جعل بالقرب من قصره حأجرة فيها رّجال سماهم بالمكبرين عدتهم اثنا عشر رّجل يبيت في كل ليلة منهم أرّبعة يتعاقبون بالليل نوبا يكبرون ويهللون ويسبحون ويقرؤون القرآن بطيب اللحان ويترسلون بقصائد زأهدية ويؤذنون أوقات الذان وكان هو أي ًضامن أطيب الناس صوتا. قلت: ولهذا كان في هذه الرتبة لن الجنسية علة الضم. ولزأال على ذلك حأتى خرج من مصر إلى طرسوس ثم عاد إلى أنطاكية في جيوشه بعد أن كان وقع له مع الموفق أمورّ ووقائع يأتي ذكرها في حأوادث سنيه على مصر. وكان قد أكل من لبن الجاموس وأكثر منه وكان له طبيب اسمه سعيد بن توفيل نصراني فقال له: ما الرأي. فقال له: ل تقرب الغذاء اليوم وغدا وكان جائعا فاستدعى خروفا وفرارّيج فأكل منها وكان به علة القيام فامتنع فأخبر الطبيب فقال: إنا لله! ضعفت القوة المدافعة بقهر الغذاء لها فعالجه فعاوده! السهال فخرج من أنطاكية في محفة تحمله الرجال فضعف عن ذلك فركب البحر إلى مصر فقيل لطبيبه: لست بحاذق فقال: والله ماخدمتي له إل خدمة الفأرّ للسنورّ وإن قتلي عنده أهون علي من صحبته!. ولما دخل ابن طولون إلى مصر على تلك الهيئة آستدعى الطباء وفيهم الحسن بن زأيرك فقال لهم: والله لئن لم تحسنوا في تدبيركم لضربن أعناقكم قبل موتي فخافوا منه وماكان يحتمي ويخالفهم. ولما آشتد مرضه خرج المسلمون بالمصاحأف واليهود والنصارّى بالتورّاة والنجيل والمعلمون بالصبيان إلى الصحراء ودعوا له وأقام المسلمون بالمساجد يختمون القرآن ويدعون له فلما أيس من نفسه رّفع يديه إلى السماء وقال: يارّب آرّحأم من جهل مقدارّ نفسه وأبطره حألمك عنه ثم تشهد ومات بمصرفي يوم الثنين لثمان عشرة خلت من ذي القعدة سنة سبعين ومائتين وولي مصر بعده آبنه أبو الجيش خمارّويه ومات وعمره خمسون سنة بحساب من قال إن مولده سنة عشرين ومائتين. وكانت ولايته على مصر سبع عشرة سنة. وقيل: إنه لما ثقل في الضعف أرّسل إلى القاضي بكارّبن قتيبة الحنفي وكان قد حأبسه في دارّ بسبب نحكيه هنا بعدما نذكر ما أرّسل يقول له فجاء الرسول إلى بكارّ يقول له: أنا أرّدك إلى منزلتك وأحأسن فقال القاضي بكارّ: قل له: شيخ فان وعليل مدنف والملتقى قريب والقاضي الله عز وجل. فأبلغ الرسول أبن طولون ذلك فأطرق ساعة ثم أقبل يقول: شيخ فان وعليل مدنف والملتقى قريب والقاضي الله! وكررّ ذلك إلى أن غشي عليه ثم أمر بنقله من السجن إلى دارّ آكتريت له. وأما سبب انحراف أحأمد بن طولون على القاضي بكارّ فلكون أن أبن طولون دعا القاضي بكا عليه ًرّا لخلع الموفق من ولية العهد للخلفة فامتنع فحبسه لجل هذا وكررّ القول فلم يقبل وئال وكان أول من أعظم الناس عند آبن طولون. قال الطحاوى: ول أحأصي كم كان أحأمد بن طولون يجيء إلى مجلس بكارّ وهو على الحديث ومجلسه مملوء بالناس ويتقدم الحاجب بقول: ل يتغير أحأد من مكانه فما يشعر بكارّ إل وابن طولون إلى جانبه فيقول له: أيها المير أل تركتني حأتى كنت أقضي حأقك وأؤدي واجبك! أحأسن لله جزاءك وتولى مكافأتك ثم فسد الحال بينهما حأتى حأبسه. قال القاضي شمس الدين أحأمد بن محمد بن خلكان: كان أحأمد بن طولون دفع إلى القاضي بكارّ في العام ألف دينارّ سوى المقررّ له فيتركها بكارّ بختمها ول يتصرف فيها فلما دعاه " ابن طولون لخلع الموفق من ولية العهد أمتنع آعتقله وطالبه بحمل الذهب فحمله إليه بختومه وكان ثمانية عشر كيسا في كل كيس ألف دينارّ فآستحى ابن طولون عند ذلك من المل. قلت: هذا هو القاضي الذي في الجنة رّحأمه الله تعالى. وقال أبو عيسى اللؤلئي: رّآه بعض أصحابه المتزهدين في حأال حأسنة في المنام يعني ابن طولون فقال له: ما فعل الله بك. وكيف حأالك. قال: ل ينبغي لمن سكن الدنيا أن يحتقر حأسنة فيدعها ول سيئة فيرتكبها عدل بي عن النارّ إلى الجنة بتريثي على متظلم عيي اللسان شديد التهيب فسمعت منه وصبرت عليه حأتى قامت حأجته وتقدمت بإنصافه وما في الخرة على الرؤساء أشد من الحجاب لملتمسي النصاف. ورّثاه كثير من الشعراء من ذلك ما قاله بعض المصريين: يا غرة الدنيا الذي أفعاله غررّ بها كل الورّى تتعلق أنت المير على الشآم وثغره والرقتين وما حأواه المشرق وإليك مصر وبرقة وحأجازأها كل إليك مع المدى يتشوق وخلف ابن طولون ثلثة وثلثين ولدا منهم سبعة عشر ذكرا وهم: العباس وخمارّويه الفي ولي مصر بعد موته وعدنان ومضر وشيبان ورّبيعة وأبو العشائر وهؤلء أعيانهم. فأما العباس فهو الذي كان عصى على والده ودخل الغرب وحأمل إلى أبيه أحأمد فحبسه ومات وهو في حأبسه ومات بعد أبيه بيسير وكان شاعرا وهو القائل: لله درّي إذ أعدو على فرسي إلى الهياج ونارّ الحرب تستعر وفي يدي صارّم أفري الرؤوس به في حأدة الموت ل يبقي ول يذرّ إن كنت سائلة عني وعن خبري فها أنا الليث والصمصامة الذكر وكان أبوه أحأمد بن طولون لما خرج إلى الشام في السنة الماضية أخذه مقي ًدا معه وعاد به على ذلك. وخلف أحأمد بن طولون في خزائنه من الذهب النقد عشرة آلف ألف دينارّ ومن المماليك سبعة آلف مملوك أومن الغلمان أرّبعة وعشرين ألف غلم ومن الخيل الميدانية سبعة آلف رّأس ومن البغال والحمير ستة آلف رّأس ومن الدواب لخاصته ثلثمائة ومن مراكبه الجياد مائة. وكان ما يدخل إلى خزائنه في كل سنة بعد مصارّيفه ألف ألف دينارّ. رّحأمه الله تعالى. السنة الولى من ولية أحأمد وهي سنة خمس وخمسين ومائتين فيها كان آبتداء خروج الزنج وخرج قائدهم بالبصرة فلما خرج أنتسب إلى زأيد بن علي وزأعم أنه علي بن محمد بن أحأمد بن علي بن عيسى بن زأيد بن علي أبن الحسين بن علي بن أبي طالب وهذا نسب غير صحيح. وآنضم عليه معظم أهل البصرة وعظم أمره وفعل بالمسلمين الفاعيل وهزم جيوش الخليفة وآمتدت أيامه إلى أن قتل في سنة سبعين ومائتين بعد أن وفيها كان بين يعقوب بن الليث وطوق بن المغلس وقعة كبيرة. وفيها عظم أمر ابن وصيف وقبض على حأواشي المعتز بالله الخليفة فسأله المعتز في إطلق واحأد منهم فلم يفعل. ول زأال أمره يعظم إلى أن خلع المعتز بالله من الخلفة في رّجب ثم قتل بعد خلعه بأيام. وآختفت أم المعتز قبيحة ثم ظهرت فصادرّها صالح بن وصيف المذكورّ وأخذ منها أموال عظيمة ثم نفاها إلى مكة وكان مما أخذ منها ابن وصيف ألف ألف دينارّ وثلتمائة ألف دينارّ وأخذ منها من الجواهر ما قيمته ألفا ألف دينارّ. وكان الجند سألوا المعتز في خمسين ألف دينارّ ويصطلحون معه ا فسألها المعتز في ذلك فقالت: ما عندي شيء. فلما رّأى ابن وصيف هذا المال قال: قبح الله قبيحة عرضت ابنها للقتل لجل خمسين ألف دينارّ وعندها هذا كله. وفيها بويع المهتدي بالله محمد وكنيته أبو إسحاق وقيل: أبو عبد الله ابن الخليفة الواثق بالله هارّون بالخلفة بعد خلع المعتز بالله في ثاني شعبان. وفيها توفي عبد الله بن عبد الرحأمن بن الفضل بن بهرام بن عبد الصمد الحافظ أبو محمد التميمي الدارّمي السمرقندي المام المحدث صاحأب المسند ومولده سنة مات عبد الله بن المبارّك سنة اثنتين وثمانين ومائة وكان من الئمة العلم وقد رّوينا مسنده المذكورّ عن الشيخ زأين الدين رّجب بن يوسف الخيري ومحمد بن أبي الشائب النصارّي حأدثانا أخبرنا أبو إسحاق التنوخي حأدثنا أبو العباس الحجارّ وإسماعيل بن مكتوم وعيسى المطعم إجازأة قالوا: أخبرنا ابن الليثي حأدثنا أبو الوقت عبد الول بن أبي عبد الله عيسى بن شعيب بن إسحاق السجزي أخبرنا أبو الحسن عبد الرحأمن بن محمد الداودي أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحأمد بن حأمويه السرخسي أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر السمرقندي حأد ثنا الدارّمي. وفيها توفي المعتز بالله أمير المؤمنين أبو عبد الله محمد وقيل: إن أسمه الزبير ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر بن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارّون ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي العباسي البغدادي ومولده سنة آثنتين وثلثين ومائتين ولم يل الخلفة قبله أحأد أصغر منه وأمه أم ولد رّومية تسمى قبيحة لجمال صورّتها من أسماء الضداد. لم يقع لخليفة ما وقع عليه من الهانة لن التراك أمسكوه وضربوه وجروا برجله وأقاموه في الشمس في يوم صائف وهم يلطمون وجهه ويقولون له: اخلع نفسك ثم أحأضروا القاضي ابن أبي الشوارّب والشهود حأتى خلع نفسه ثم أخذه التراك بعد خمس ليال من خلعه وأدخلوه الحمام فعطش فمنعوه الماء حأتى مات في شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وله أرّبع وعشرون سنة. وكانت خلفته أرّبع وفيها توفي الحافظ أبو يحيى صاعقة وأسمه محمد بن عبد الرحأيم وله سبعون سنة. وفيها توفي محمد بن كرام السجستاني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع واثنتا عشرة إصبعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وست أصابع. السنة الثانية من ولية أحأمد وهي سنة ست وخمسين ومائتين: فيها وثب موسى بن بغا بالتراك على صالح بن وصيف وطالبوه بقتل المعتز وبمال أمه قبيحة ووقع بينهم حأروب قتل فيها صالح بن وصيف المذكورّ ثم خلعوا الخليفة المهتدي فقاتلهم حأتى ظفروا به وقتلوه وبايعوا المعتمد بالخلفة. وفيها آستعمل الخليفة أخاه الموفق طلحة على المشرق وصير أبنه جعفر ولي عهده! ووله مصر والمغرب ولقبه المفوض إلى الله. وأنهمك المعتمد في اللهو واللذات واشتغل عن الرعية فكرهه الناس وأحأبوا أخاه الموفق طلحة فغلب على المر حأتى صارّ المعتمد معه كالمحجورّ عليه على ما سيأتي ذكره. أوحأد زأمانه في علوم الحقائق وهو من كبارّ أصحاب سري السقطي وهو أول من عقدت له الحلقة ببغداد. وفيها توفي الزبير بن بكارّ بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام أبو عبد الله السدي المام العلمة صاحأب كتاب النسب. كان عالما بالنساب وأيام الناس ولي قضاء مكة وقدم بغداد وحأدث بها. وفيها كان قتل صالح بن وصيف التركي أحأد قواد المتوكل كان قد استطال على الخلفاء وقتل المعتز وصادرّ أمه قبيحة حأسبما تقدم ذكره. وفيها توفي المام الحافظ الحجة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن يردزأ به البخارّي الجعفي مولهم وكان المغيرة مجوسيا فأسلم على يد يمان البخارّي الجعفي. والبخارّي هذا هو صاحأب الصحيح مولده يوم الجمعة لثلث عشرة خلت من شوال سنة أرّبع وتسعين ومائة ومات ليلة عيد الفطر بقرية خرتنك بالقرب من بخارّى وقد سمعت صحيحه أتفوت على سيدنا شيخ السلم جلل الدين عبد الرحأمن ألب لقيني الشافعي رّضي الله عنه أنبأنا والدي شيخ السلم أنبأنا جمال الدين عبد الرحأيم بن شاهد الجيش أنبأنا إسماعيل بن عبد القوي بن عزون وأحأمد بن علي بن يوسف وعثمان بن عبد الرحأمن بن رّشيق سماعا عليهم عن هبة الله بن علي البوصيري ومحمد بن أحأمد بن حأامد أل ارّتاحأي الول عن محمد بن بركات والثاني عن علي بن الحسين بن عمر الفراء عن كريمة ابنة أحأمد المروية عن محمد بن مكي الكشميهني عن محمد بن يوسف الفربري عن المام البخارّي وأخبرني به الشيخ الوحأد أبو عبد الله محمد بن عبد الكافي السويفي سما ًعا عليه لجميعه أنبأنا شمس الدين محمد بن علي بن الخشاب سماعا عليه لجميعه أنبأنا شيخان أبو العباس أحأمد بن أبي طالب بن الشحنة الحجارّ وأم محمد وزأيرة بنت عمر التنوخية قال أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن المبارّك الزبيدي أنبأنا أبو الوقت عبد الول بن أبي عبد الله عيسى السجزي أنبأنا أبو الحسن عبد الرحأمن ابن محمد الداودي أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحأمد السرخسي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري أنبأنا المام البخارّي رّضي الله عنه. وفيها توفي أمير المؤمنين المهتدي بالله محمد ابن الخليفة هارّون الواثق ابن الخليفة محمد المعتصم ابن الخليفة الرشيد هارّون الهاشمي العباسي وكان صالحا عابدا يسرد الصوم متقشفا لم يل الخلفة بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أصلح منه غير أنه لم يجد من ينصره وحأارّبته التراك وخلعوه وداسوا خصيته وصفعوه حأتى مات في منتصف شهر رّجب فكانت خلفته سنة إل خمسة عشر يو ًما وأمه أم ولد رّومية تسمى قرب. قال الخطيب أبو بكر: لم يزل صائما منذ ولي الخلفة إلى أن قتل وله نحو أرّبعين سنة وفيها توفي عبد الله بن محمد بن عبد الرحأمن بن المسورّ بن مخرمة الزهري. وفيها توفي علي بن المنذرّ الطريقي. وفيها توفي محمد بن أبي عبد الرحأمن. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع واثنتان وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّاعا وعشرون إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية أحأمد بن طولون على مصر وهي سنة سبع وخمسين ومائتين فيها دخل الزنج البصرة وأباحأوها وبذلوا فيها السيف فحارّبهم سعيد الحاجب وأستخلص منهم كثيرا مما كانوا أسروه وفيها عقد الخليفة المعتمد لخيه أبي أحأمد الموفق على الكوفة والحجازأ والحرمين واليمن وبغداد وواسط والبصرة والهوازأ وفارّس وما ورّاء النهر وفيها قتل ميخائيل بن توفيل ملك الروم قتله باسيل الصقلبي وكان ميخائيل قد ملك أرّبعا وعشرين سنة وفيها حأج بالناس الفضل بن إسحاق بن الحسن بن سهل بن العباس العباسي وفيها توفي الحسن بن عبد العزيز الحافظ أبو علي الجذامي المصري قدم بغداد وحأدث بها قال الدارّ قطني: لم أرّ مثله فضل وزأهدا ودينا وورّعا وثقة وصدق عبارّة وفيها توفي سليمان بن معبد أبو داود النحوي المروزأي. رّحأل في طلب العلم إلى العراق والحجازأ واليمن والشام ومصر وقدم بغداد وذاكر الجاحأظ ومات بها في ذي الحجة. وفيها توفي شهيدا بأيدي الزنج العباس بن الفرج أبو الفضل الرياشي النحوي البصري مولى محمد بن سليمان العباسي رّحأل في طلب العلم وكان من النحو واللغة والفقه والدب والفضل بالمحل العلى وكان من الثقات الحفاظ وقرأ كتاب سيبويه على المازأني فكان المازأني يقول: يقرأ علي كتاب سيبويه وهو أعلم به مني. وفيها توفيت فضل الشاعرة كانت من مولدات اليمامة وكذا أمها وبها ولدت فرباها بعض الفضلء وباعها فاشتراها محمد بن الفرج الرخجي وأهداها إلى المتوكل ولم يكن في زأمانها أفصح منها ول أشعر. وفيها توفي شهيدا بأيدي الزنج زأيد بن أخزم بمعجمتين الطائي الحافظ. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وست عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وثماني عشرة السنة الرابعة من ولية أحأمد بن طولون على مصر وهي سنة ثمان وخمسين ومائتين فيها عقد المعتمد على الله لخيه الموفق طلحة على حأرب الزنج فندب إليهم الموفق منصورّا فكانت وقعة بين منصورّ بن جعفر بن دينارّ وبين يحيى فانهزم عن منصورّ عسكره وساق ورّاءه يحيى فضرب عنقه وآستباحأت الزنج عسكره فلما وصل الموفق إلى نهر معقل انهزم جيش الخبيث رّأس الزنج ثم تراجعوا وقاتلوا جيش الموفق حأتى هزموه وانحازأ الموفق وهم بالهروب ثم تراجع وواقعهم حأتى انتصر عليهم وأسر طاغيتهم يحيى المذكورّ وقتل عامة أصحابه وبعث بيحيى إلى المعتمد فضربه ثم طوف به ثم ذبحه. وفيها وقع الوباء العظيم بالعراق ومات خلق ل يحصون حأتى مات غالب عسكر الموفق فلما وقع ذلك كثر الزنج على الموفق وواقعوه ثانيا أشد من الول. ثم هزمهم الله ثانًيا. وفيها كانت زألزأل هائلة سقطت منها المنازأل ومات خلق كثير تحت الردم. وفيها كانت واقعة ثالثة بين الزنج والموفق كانوا فيها متكافئين. وفيها توفي أحأمد بن الفرات بن خالد أبو مسعود الرازأي الصبهاني. كان أحأد الئمة الثقات. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان البصري الحافظ سكن بغداد وحأدث بها عن جده وغيره ورّوى عنه المحاملي وغيره. وفيها توفي جعفر بن عبد الواحأد بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي. كان يقال له قاضي الثغورّ وولي القضاء بسر من رّأى وحأدث عن أبي عاصم النبيل وغيره قال أبو زأرّعة الرازأي: كنت إذا رّأيته هبته وأقول: هذا يصلح للخلفة. وفيها توفي محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارّس أبو عبد الله النيسابورّي الذهلي مولهم كان حأافظ عصره وإمام الحديث بنيسابورّ وصاحأب الواقعة مع البخارّي صاحأب الصحيح. كان أحأد الئمة الحفاظ المتقنين كان المام أحأمد بن حأنبل يثني عليه وينشر فضله ويقول: هو إمام السنة بنيسابورّ. وفيها توفي معاوية بن صالح أب وعمرو الحضرمي الحمصي قاضي الندلس أصله من ًما فاضل محدثا كبير الشأن. ًما عال أهل مصر كان إما وفيها توفي يحيى بن معاذ بن جعفر أبو زأكريا الرازأي الواعظ أحأد الزهاد أوحأد وقته في علوم الحقائق وكانوا ثلثة إخوة: يحيى وإسماعيل وإبراهيم كان إسماعيل أكبرهم ويحيى الوسط. وفيها توفي يحيى الجلء. كان من الزهاد وصحب بشرا الحافي ومعرو ًفا الكرخي وسريا السقطي. قال أحأمد بن حأنبلي: قلت لذي النون: لم سمي بابن الجلء. فقال: سميناه بذلك لنه إذا تكلم جل قلوبنا. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وخمس أصابع ونصف. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وخمس أصابع ونصف. السنة الخامسة من ولية أحأمد وهي سنة تسع وخمسين ومائتين: فيها كان أي ًضا بين الموفق وبين الزنج مقتلة عظيمة ثم كان بين موسى ابن بغا وبين الزنج أي ًضا مقتلة عظيمة وقتل فيها خلق من الطائفتين. وفيها كانت وقعة بين الروم وبين أحأمدبن محمد القابوسي على ملطية وشمشاط ونصر الله المسلمين. وفيها ولد عبيد الله الملقب بالمهدي والد الخلفاء الفاطميين. وفيها توفي الحسين بن عبد السلم أبو عبد الله المصري المعروف بالجمل الشاعر المشهورّ كان يصحب الشافعي رّضي الله عنه. وفيها توفي محمد بن عمرو بن يونس أبو جعفر الثعلبي ويعرف أي ًضا بالسوس الزاهد العابد مات وقد بلغ من العمر مائة سنة. وفيها توفي محمد بن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع أبو الحسن القرشي الدمشقي الحافظ العالم المحدث مصنف كتاب الطبقات. وفيها توفي المام أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب السعدي ألج رّجاني العالم المشهورّ. وفيها توفي أي ًضا أحأمد بن إسماعيل السهمي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع سواء. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وخمس أصابع ونصف. السنة السادسة من ولية أحأمد وهي سنة ستين ومائتين: فيها كان الغلء المفرط بالحجازأ ًرّا. والعراق حأتى بلغ الكر من الحنطة ببغداد مائة وخمسين دينا وفيها أغارّت العراب على حأمص فخرج أميرهم منخورّ التركي لحربهم فقتلوه وتولى بعده حأمص بكتمر التركي المعتمدي. وفيها أخذت الروم لؤلؤة. وفيها أي ًضا كانت وقعات عديدة بين عساكر الموفق وبين الزنج وقتلت الزنج علي بن يزيد العلوي صاحأب الكوفة. وفيها توفي إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الحافظ أبو إسحاق الجرجاني المقدم ذكره في الماضية على الصحيح في هذه السنة كان يسكن دمشق ويحدث على المنبر وكان من الئمة الحفاظ إل أنه كان منحرفا عن علي بن أبي طالب رّضي الله عنه. وفيها توفي أيوب بن إسحاق بن إبراهيم بن مسافر كان يسكن الرملة وحأدث بها وبمصر ودمشق وكان زأعر الخلق. وفيها توفي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ويقال له العسكري كنيته أبو محمد وهو أحأد الئمة ال ثني عشر المعدود ين عند الرافضة. ومولده سنة إحأدى وثلثين ومائتين بسر من رّأى وأمه أم ولد. وفيها توفي الحسن الفلس العابد الزاهد كان يتقوت من قمام المزابل صحبه بشر الحافي وسري السقطي ومعروف الكرخي وأنتفع به بشر الحافي. وفيها توفي الحسن بن محمد بن الصباح أبو علي الزعفراني أصله من قرية بالعراق يقال لها الزعفرانية وهوصاحأب المام الشافعي الذي قرأ عليه كتاب الم ورّوى عنه أقواله القديمة. وفيها توفي مالك بن طوق بن غياث التغلبي صاحأب الرحأبة ة كان أحأد الجواد ولي إمرة دمشق والرّدن. وفيها توفي محمد بن مسلم بن عبد الرحأمن أبو بكر القنطري. كان ينزل قنطرة البردان ببغداد فنسب إليها وكان يشبه في الزهد والورّع ببشر الحافي. أمر النيل في هذه! السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وأرّبع أصابع ونصف. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وإحأدى عشرة إصب ًعا. السنة السابعة من ولية أحأمد وهي سنة إحأدى وستين ومائتين: فيها ولى الخليفة المعتمد أبا الساج إمرة الهوازأ وحأرب صاحأب الزنج فكان بينه وبين الزنج وفيها بايع المعتمد بولية العهد بعده لبنه المفوض جعفر المذكورّ قبل تارّيخه أي ًضا ووله المغرب والشام والجزيرة وأرّمينية وضم إليه موسى بن بغا وولى أخاه الموفق العهد بعد أبنه المفوض ووله المشرق والعراق وبغداد والحجازأ واليمن وفارّس و أصبهان والري وخراسان وطبرستان وسجستان والسند وضم إليه مسرورّا البلخي وعقد لكل واحأد منهما لواءين: أبيض وأسود وشرط إن حأدث به حأدث الموت أن المريكون لخيه الموفق إن لم يكن آبنه المفوض جعفر قد بلغ وكتب العهد وأرّسله مع قاضي القضاة الحسن بن أبي الشوارّب ليعلقه في الكعبة. وفيها توفي الحافظ مسلم بن الحجاج بن مسلم المام الحافظ الحجة أبو الحسين النيسابورّي صاحأب الصحيح ولد سنة أرّبع ومائتين. قال الحسين بن محمد الماسرجسي: سمعت أبي يقول سمعت مسلما يقول: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلثمائة ألف حأديث مسموعة. وقال أحأمد بن سلمة: كنت مع مسلم في تأليف صحيحه اثنتي عشرة سنة قال: وهو آثنا عشر ألف حأديث يعني بالمكررّ. قلت: مات يوم الحأد ودفن يوم الثنين لخمس بقين من شهر رّجب. وقد رّوينا صحيحه عن أبي ذرّ الحنبلي أنبأنا محمد بن إبراهيم البياني سماعا أنبأنا أبو الفداء إسماعيل وعلي بن مسعود بن نفيس قال أنبأنا إبراهيم بن عمر بن مضر وأحأمد بن عبد الدائم قال ابن مضر أنبأنا منصورّ وقال ابن عبد الدائم أنبأنا محمد بن علي بن صدقة الحراني أنبأنا صدرّ الدين البكري قال البكري أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي قال ابن عساكر إجازأة قال الفراوي وهو فقيه الحرم قال أنبأنا الفارّسي أنبأنا الجلودي أنبأنا ابن سفيان أنبأنا مسلم. وفيها توفي الحسن بن محمد بن عبد الملك أبو محمد القاضي الموي ويعرف بابن أبي الشوارّب كان فقيها عالما فاضل جوادا ذا مروءة ولي القضاء سنين عديدة. وفيها توفي الشيخ المام المعتقد أبو يزيد البسطامي واسمه طيفورّ بن عيسى بن شروسان وكان شروسان مجوسيا وكان لعيسى ثلثة أولد: آدم وهو أكبرهم وطيفورّ هذا وهو أوسطهم وعلي وكان الثلثة زأهادا عبادا. وكان طيفورّ أفضل أهل زأمانه وأجلهم محل. كان له لسان في المعارّف والتدقيق وكان صاحأب أحأوال وكرامات وقد شاع ذكره شر ًقا وغرًبا. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن يزداد أبو صالح الكاتب المروزأي وزأرّ أبوه للمأمون ووزأرّ هو للمستعين والمهتدي وكان أديًبا شاع ًرا فاض ًل جوا ًدا ممد ًحأا. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وثلث عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وخمس أصابع ونصف. وهي سنة اثنتين وستين ومائتين: فيها ولي قضاء سر من رّأى علي بن الحسن بن أبي الشوارّب عو ًضا عن أبيه. وولي قضاء بغداد إسماعيل بن إسحاق القاضي. وفيها آشتغل المعتمد بقتال يعقوب بن الليث الصفارّ فبعث كبير الزنج عسكره إلى البطيحة فنهبها وأفسد العسكر بها وأسروا وقتلوا. وفيها تعرض رّجل لمرأة ببغداد وغصبها بمكان وهي تصيح: اتق الله وهول يلتفت فقالت: " قل اللهم فاطر السماوات والرّض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك " الية 46 الزمر. ثم رّفعت رّأسها إلى السماء وقالت: اللهم إنه قد ظلمني فخذه إليك فوقع الرجل ميتا. قال ابن عون الفرائضي: فأنا والله رّأيت الرجل ميتا فحمل على نعش والناس يهللون ويكبرون. وفيها غلب يعقوب بن الليث الصفارّ على فارّس وهرب عامل المعتمد إلى ا لهوازأ. وفيها توفي خالد بن يزيد أبو الهيثم التميمي الخراساني الكاتب أحأد كتاب الجيش ببغداد. كان فاضًل شاع ًرا. وفيها توفي سعد بن يزيد أبو محمد البزازأ كان إما حأاف ًظا وفيها توفي عبد ًما فاض ًل شاع ًرا الله بن الفقير المروزأي المعتقد كان من البدال كان مقي بقزوين فإذا كان يوم الجمعة ًما قد سلك مسافة بعيدة وكان يمشي على الماء ويقف له بحرجيحون وكان يتقوت بالمباحأات. وفيها توفي يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفورّ أبو يوسف الحافظ السدوسي البصري كان إماما حأافظا فقيها عالما صنف المسند معلل إل أنه لم يتمه وكان يتفقه على مذهب مالك وسمع منه يزيد بن هارّون وغيره. وكان ثقة إل أنه كان يقول بالوقف فى القران فهجره الناس. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وثلث عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وثماني عشرة إصب ًعا. السنة التاسعة من ولية أحأمد وهي سنة ثلث وستين ومائتين: فيها سارّ يعقوب بن الليث الصفارّ إلى الهوازأ وأسر المير ابن واصل واستولى على وفيها استوزأرّ الخليفة المعتمد الحسن بن مخلد بعد موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فلما قدم موسى بن بغا إلى سامرا هرب الحسن المذكورّ فآستوزأرّ مكانه سليمان بن وهب في في الحجة. وفيها حأج بالناس الفضل بن إسحاق الذي حأج بهم في الماضية. وفيها توفي الوزأير عبيد الله بن يحيى بن خاقان بن عرطوج أبو الحسين التركي الوزأير. وسبب موته أنه دخل ميدانا في دارّه يوم الجمعة لعشر خلون من ذي القعدة ليضرب الصوالجة ورّكب ولعث فصدمه خادمه رّشيق فسقط عن دابته ميتا. وفيها توفي محمد بن محمد بن عيسى أبو الحسن البغدادي ويعرف بآبن أبي الورّد كان من الزهاد والورّعين. وفيها توفي المام الحافظ محمد بن علي بن ميمون الرقي العطارّ إمام أهل الجزيرة وفي التهذيب: توفي سنة ثمان وستين. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وأرّبع عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وعشرون إصب ًعا. وهي سنة أرّبع وستين ومائتين: فيها في المحرم خرج أبو أحأمد الموفق ومعه موسى بن بغا إلى قتال الزنج فلما نزل بغداد مات موسى بن بغا فحمل إلى سامرا ودفن بها. وفيها في شهر رّبيع الول توفيت قبيحة أم الخليفة المعتز بسامرا وكان الخليفة المعتمد قد أعادها من مكة إلى سامرا وأكرمها وكانت أم ولد للمتوكل رّومية وكانت فائقة في الجمال فسميت قبيحة من أسماء الضداد وقد تقدم ذكر مصادرّتها من قبل صالح بن وصيف وما أخذ منها من الذهب والجواهر. وفيها توفي عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ الحافظ أبو زأرّعة الرازأي مولى عياش بن مطرف القرشي ولد سنة مائتين بالري وكان إماما حأافظا ثقة صدوقا وهو أحأد الئمة المشهورّين الرحأالين لطلب الحديث. قدم بغداد وحأدث بها غير مرة وجالس المام أحأمد بن حأنبل وكان يحبه ويثني عليه. وفيها توفي إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن مسلم الفقيه أبو إبراهيم المزني المصري صاحأب الشافعي رّوى عنه وعن غيره ورّوى عنه أبو بكر بن خزيمة والطحاوي وغيرهما وهو أحأد الئمة المشهورّين وتفقه به جماعة وصنف التصانيف منها: الجامع الكبير والجامع الصغير ومختص! المختصر ولما قدم القاضي بكارّبن قتيبة على قضاء مصر وهو حأنفي اجتمع به المزني فسأله رّجل من أصحاب بكارّ وقال: قد جاء في الحأاديث تحريم النبيذ وتحليله فلم قدمتم التحريم على التحليل فقال المزني: لم يذهب أحأد إلى تحريم النبيذ في الجاهلية ثم حألل لنا ووقع التفاق على أنه كان حألل فحرم فهذا يعضد أحأاديث التحريم. فآستحسن القاضي بكارّ ذلك منه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثماني أذرّع واثنتا عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا واثنتان وعشرون إصب ًعا. السنة الحادية عشرة من ولية أحأمد وهي سنة خمس وستين ومائتين: فيها خرج صاحأب الترجمة أحأمد بن طولون من مصر إلى الشام في المحرم وتوجه إلى أنطاكية وحأصر بها صاحأبها سيما الطويل ولم يزل! مقي أنطاكية وقتل ًما عليها بآلت الحصارّ إلى أن أخذ سيما الطويل المذكورّ ثم عاد إلى مصر. وفيها أمر الموفق بحبس سليمان بن وهب وأبنه عبد الله فحبسا وأخذ أموالهما وعقارّهما ثم صلحا على تسعمائة ألف دينارّ. وفيها استوزأرّ الخليفة المعتمد إسماعيل بن بلبل. وفيها مات يعقوب بن الليث الصفارّ بالهوازأ وخلفه أخوه عمرو بن الليث فكتب عمرو بن الليث إلى المعتمد بأنه سامع مطيع. وفيها بعث ملك الروم بعبد الله بن رّشيد بن كآس الني كان عامل الثغورّ وأسره الروم إلى أحأمد بن طولون مع عدة إسارّي. . وفيها خرج العباس بن أحأمد بن طولون إلى برقة مخال ًفا لبيه وكان أبوه قد استخلفه على مصر لما توجه إلى حأصارّ سيما الطويل بإنطاكية وأخذ معه العباس ما في بيت مال مصر من الموال وما كان لبيه من اللت وغيرها وتوجه إلى برقة فوجه أبوه أحأمد بن طولون خلفه جيشا فقاتلوه حأتى ظفروا به وأحأضروه إلى أبيه فحبسه وقتل جماعة من القواد الذين كانوا معه. وفيها دخل الزنج العمانية فأحأرقوا سوقها وأكثر منازأل أهلها وقتلوا وسبوا. وفيها ولى الموفق عمرو بن الليث الصفارّ هراسان وكرمان وفارّس وآبهان وسجستان. وفيها توفي إبراهيم بن هانىء الحافظ أبو إسحاق النيسابورّي كان أحأد أئمة الحديث الرحأالة واختفى أحأمد بن حأنبل في دارّه أيام المحنة. وفيها توفي سعدان بن نصر بن منصورّ أبو عثمان الثقفي البزازأ! ولد سنة اثنتين وسبعين ومائة وسمع سفيان بن عيينة وغيره وكان أديبا شاعرا مات فى ذي الحجة. . وفيها توفي صالح بن أحأمد بن محمد بن حأنبل أبوالفضل الشيباني ولد سنة ثلث وثلثين ًما جوا ًدا ومائتين في رّبيع الخر وولي قضاء أصبهان وكان صدو ًقا كري ورّ ًعا. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن أيوب أبو محمد الزاهد الورّع سئل قضاء بغداد فامتنع. وفيها توفي علي بن الموفق العابد كان صاحأب كرامات وأحأوال وكان محدثا ثقة صدو ًقا. وفيها توفي عمرو بن مسلم الشيخ المعتقد أبو حأفص النيسابورّي. كان من البدال مجاب الدعوة مات في شهر رّبيع الول. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وإحأدى وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وإحأدى وعشرون إصب ًعا. وهي سنة ست وستين ومائتين: فيها دخل علي بن أبان مقدم الزنج الهوازأ فقاتله أغرتمش التركي فانتصر الخبيث على أغرتمش المذكورّ وقتل ونهب وبعث برؤوس القتلى ونصبها على سورّ مدينته. وفيها وثب العراب على الحجاج وأخذوا الكسوة وصارّ بعضه إلى صاحأب الزنج وأصاب الحج شدة عظيمة. وفيها دخل أصحاب الزنج رّامهرمز وآستباحأوها. وفيها كانت بين الكراد والزنج وقعة ظهر فيها الزنج في الول ثم كان النصر للكراد على الزنج وأعمل فيهم السيف ولله الحمد والمنة. وفيها توفي محمد بن شجاع الحافظ أبو عبد الله الثلجي البغدادي الفقيه الحنفي أحأد العلم قرأ القرآن على اليزيدي ورّوى الحروف عن يحيى بن آدم وتفقه على الحسن بن زأياد اللؤلؤي وغيره وصارّ إمام عصره وبه تخرج غالب علماء عصره. وفيها توفي حأماد بن الحسن بن عنبسة الورّاق العالم المشهورّ. وفيها توفي محمد بن عبد الملك الدقيقي. أمر النيل في هذه السنة: السنة الثالثة عشرة من ولية أحأمد وهي سنة سبع وستين ومائتين: فيها دخلت الزنج واسطا واستباحأرها وأحأرقوا فيها فجهز الموفق ابنه أبا العباس لحربهم في جيش عظيم فكانت بينه وبينهم وقعة عظيمة انهزم فيها الزنج وقتل أبو العباس فيهم مقتلة عظيمة وأسر جماعة وفرقهم وغرق مراكبهم في الماء فكان ذلك أول نصر المسلمين على الزنج ثم كان بعد ذلك في هذه! السنة أي ًضا عدة وقائع بين الزنج وبينه والجميع ينتصر فيها أبو العباس بن الموفق وفيها بنى الموفق مدينة بإزأاء مدينة صاحأب الزنج وسماها الموفقية. وفيها وثب صاحأب الترجمة أحأمد بن طولون على أحأمد أبن محمد بن المدبر وكان أحأمد بن محمد بن المدبر متولي خراج دمشق والرّدن وفلسطين وحأبسه وأخذ أمواله ثم صالحه على ستمائة ألف د ينارّ. وفيها حأج بالناس هارّون بن محمد بن إسحاق العباسي. وفيها توفي علي بن الحسن بن موسى بن ميسرة الهللي النيسابورّي الدرّابجردي ودرّابجرد محلة بنيسابورّ كان من أكابر علماء نيسابورّ وابن عالمهم وله مسجد بدرّابجرد يقصد للزيارّة وقيل: فاضًل وجد في مسجده ميتا بعد أسبوع ولم يعلموا به وقيل: أكله الذئب. وفيها توفي محمد بن حأماد بن بكر المقرىء صاحأب خلف بن هشام كان أحأد القراء المجودين وعباد الله الصالحين. وفيها توفي شهيدا يحيى بن محمد بن يحيى أبو زأكرياء الذهلي إمام أهل نيسابورّ في الفتوى والرياسة وكان يتفقه على مذهب المام العظم أبي حأنيفة وهو ابن صاحأب الواقعة مع محمد بن إسماعيل البخارّي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع وتسع أصابع ونصف. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وأرّبع عشرة إصب ًعا. السنة الرابعة عشرة من ولية أحأمد وهي سنة ثمان وستين ومائتين: فيها غزا خلف الفرغاني التركي نائب أحأمد بن طولون ثغورّ الشام فقتل من الروم بضعة عشر ألفا ًرّا. وغنم حأتى بلغ السهم أرّبعين دينا وفيها أظهر لؤلؤ الخلف على أحأمد بن طولون وكاتب الموفق بالقدوم عليه. ولؤلؤ المذكورّ من موالي أحأمد بن طولون. وفيها توفي أحأمد بن سيارّبن أيوب الحافظ أبو الحسن المروزأ في مام أهل الحديث بمرو كان جمع بين الحديث والفقه والورّع والزهد وكان يقاس بعبد الله بن المبارّك وقد رّوى عنه أئمة خراسان: البخارّي وغيره. وأخرج له النسائي وآتفقوا على صدقه وثقته. وفيها توفي أنس بن خالد بن عبد الله بن أبي طلحة بن موسى بن أنس بن مالك النصارّي كان إماما حأافظا رّوى عنه عبد الله ابن المام أحأمد بن حأنبل وغيره. وفيها توفي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أبو عبد الله فقيه أهل مصر ومحدثهم ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة ومات بمصر في ذي القعدق وصلى عليه القاضي بكارّ وكان يعرف بصاحأب الشافعي لنه أسند عنه وكان مالكي المذهب وآمتحن بعد أن حأمل إلى بغداد فثبت على السنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وخمس عشرة إصبعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وست عشرة إصب ًعا. وهي سنة تسع وستين ومائتين: فيها قطعت العراب الطريق على أقافلة من الحاج وأخذت خمسمائة جمل بأحأمالها. وفيها وثب خلف الفرغاني التركي عامل أحأمد بن طولون على يا زأمان خادم الفتح بن خاقان وحأبسه بالثغورّ فخلصه الجند وهموا بقتل خلف فهرب إلى دمشق فاتفقوا ولعنوا أحأمد بن طولون على المنابر. فبلغ ابن طولون فسارّ من مصر حأتى نزل آذنة وقد تحصن بها يازأمان المذكورّ فأقام آبن طولون مدة على حأصارّه فلم ينل منها طائل فعاد إلى دمشق. وفيها آستولى الموفق على مدينة صاحأب الزنج ودخلها عنوة. وفيها توفي أحأمد بن عبد الله بن القاسم الحافظ أبو بكر الورّاق على الصحيح حأدث عن عبد الله بن معاذ العنبري وغيره ورّوى عنه أبو سعيد ابن العرابي وغيره. وفيها توفي الحسن بن مخلد بن الجراح أبو محمد الكاتب الوزأير ولد سنة تسع ومائتين وكان يتولى ديوان الضياع للمتوكل جعفر وآستوزأرّه المعتمد. وفيها توفي خالد بن أحأمد بن عمرو المير أبو الهيثم الذهلي ولي إمرة مرو وهراة وبخارّى وغيرها وكان من أهل السنة وله أيام مشهورّة وأمورّ مجموعة. قال ابن قزأوغلي في تارّيخه: وهو النيى نفى البخارّي عن بخارّى لما قال: الفظي بالقرآن مخلوق وكان يحب العلماء والحديث أنفق في طلب الحديث والعلم ألف ألف درّهم. وفيها توفي عيسى بن الشيخ بن ال! ليل أبو موسى الذهلي الشيباني كان غلب على دمشق أيام المهتدي وأول أيام المعتمد. وفيها توفي محمد بن إبراهيم أبو حأمزة الصوفي البغدادي أستاذ البغداديين وهو أول من تكلم في هذه المذاهب: من صفاء الذكر وجمع الهم والمحبة والعشق والنس لم يسبقه إلى الكلم بهذا على رّؤوس المنابر ببغداد أحأد كان عالما بالقراءات وجالى المام أحأمد بن حأنبل وكان المام أحأمد إذا جرى في مسألة شيء من كلم القوم يلتفت إليه ويقول: ماتقول في هف! المسألة يا صوفي. وصحب سريا السرقطي والجنيد وحأسنا المسوحأي وكيرهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وست عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا. السنة السادسة عشرة من ولية أحأمد وهي سنة سبعين ومائتين أعني التي مات فيها أحأمد بن طولون المذكورّ: فيها كانت أي ًضا وقائع بين الموفق طلحة وبين صاحأب الزنج قتل في آخرها صاحأب الزنج علي لعنه الله تعالى. وفيها أنشق ببغداد في الجانب الغربي شق من نهر عيسى فجاء الماء إلى الكرخ فهدم سبعة آلف دارّ. وفيها ظهر أحأمد بن عبد الله بن إبراهيم العلوي بصعيد مصر وتبعه خلق كثير فجهز إليه أحأمد بن طولون جي ًشا فكانت بينهم حأروب حأتى ظفر أصحاب آبن طولون به فحملوه إليه فقتله ومات بعده بيسير. وفيها بنى أحأمد بن طولون على قبر معاوية بن أبي سفيان أرّبعة أرّوقة ورّتب عند القبر أناسا يقرؤون القران ويوقدون الشموع عند القبر. وفيها توفي إسماعيل بن عبد الله بن ميمون بن عبد الحميد بن أبي الرجال الحافظ أبو نصر العجلي. سمع خلقا كثيرا ورّوى عنه غير واحأد وكان ثقة شاعرا فصيحا ومات وله أرّبع وثمانون سنة. وفيها توفي القاضي بكارّبن قتيبة بن عبد الله وقيل: قتيبة بن أسد بن أبي بردعة بن عبيد الله بن بشيربن عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي مولى رّسول الله صلى الله عليه وسلم. وكنية القاضي بكارّ هذا أبو بكرة القاضي البصري الحنفي. ولد بالبصرة سنة اثنتين وثمانين ومائة. ًها محدًثا صال ًحا ورّعا عفيفا وهو أحأد الئمة العلم كان عال ثقة مات وهو أعلم ًما فقي زأمانه بالديارّ المصرية. وفيها توفي داودبن علي بن خلف أبو سليمان الظاهري صاحأب مذهب الظاهرية المعروف بداود الظاهري وهوأول من نفى القياس في الحأكام الشرعية وتمسك بظواهر النصوص وأصله من أصبهان وسمع الكثير ولقي لشيوخ وتبعه خاق كثير وقدم بغداد وصنف بها الكتب وتوفي بها في رّمضان وقيل: في ذي القعده. وفيها توفي الربيع بن سليمان بن عبد الجبارّ بن كامل أبو محمد المراثي الفقيه صاحأب الشافعي رّضي الله عنه نقل عنه معظم أقاويله وكان فقيها فاضل ثقة دينا مات بمصر في شوال وصلى عليه صاحأب مصر خمارّويه بن أحأمد بن طولون. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن شاكر أبو البختري العنبري الكوفي كان محدًثا فاضًل قدم بغداد وحأدث بها. وفيها توفي علي بن محمد صاحأب الرنج وقائدهم وقيل: اسمه نهيود وهو صاحأب الوقائع المقدم ذكرها مع الموفق وعساكره وكانت مدة إقامته أرّبع عشرة سنة وأرّبعة أشهر وعشرة أيام ولقي الناس منه في هذه المدة شدائد قال الصولي: قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف مابين شيخ وشاب وذكر وأنثى وقتل في يوم واحأد بالبصرة ثلثمائة ألف. وكان له منبر في مدينته يصعد عليه ويسب عثمان وعليا ومعاوية وطلحة والزبير وعائشة رّضي الله عنهم وهذا هو رّأي الخوارّج الزأارّقة لعنة الله عليهم واستراح المسلمون بموته كثيرا ولله الحمد. وفيها توفي الفضل بن عباس بن موسى الستراباذي. سمع أبا نعيم ورّوى عنه أبو نعيم عبدالملك بن علي كان فقي مقبول القول عند ًها فاضًل الخاص والعام. وفيها توفي محمد أبن إسحاق بن جعفر الحافظ أبو بكر الصغاني رّحأل في طلب الحديث وسمع الكثير ولقي الشيوخ وكتبوا عنه. وفيها توفي محمد بن الحسين بن المبارّك أبو جعفر ويعرف بالعرابي. رّوى عنه ابن صاعد وغيره. وفيها توفي محمد بن مسلم بن عثمان الرازأي ويعرف بآبن وارّة. كان أحأد الحفاظ الرحأالين والعلماء المتقنين مع الدين والورّع والزهد. وفيها توفي نصربن الليث بن سعد أبومنصورّ البغدادي الورّاق أخرج له الخطيب حأديثا يرفعه إلى عثمان بن عفان. أمر النيل في هذه السنة: ولية خمارّويه هو خمارّويه وقيل خمارّ بن أحأمد بن طولون التركي السامري المولد المصري الدارّ والوفاة تقدم التعريف بأصله في ترجمة أبيه أحأمد بن طولون المير أبو الجيش خمارّويه. ملك مصر والشأم والثغورّ بعد موت أبيه بمبايعة الجند له في يوم الحأد العاشر من ذي القعده سنة سبعين ومائتين. وعندما ولي إمرة مصر أمر بقتل أخيه العباس الذي كان في حأبس أبيه أحأمد بن طولون لمتناع العباس من مبايعة خمارّويه هذا فقتل. وأم خمارّويه أم ولد يقال لها مياس ولد بسرمن رّأى في سنة خمس وخمسين ومائتين. وأول ما ملك مصر عقد لبي عبد الله أحأمد بن محمد الواسطي على جيش إلى الشام لست خلون من ذي الحجة سنة سبعين ومائتين المذكورّة وعقد لسعد اليسر على جيش آخر وبعث بمراكب في البحر لتقيم بالسواحأل الشامية فنزل الواسطي فلسطين وهو خائف من خمارّويه أن يوقع به لنه كان أشارّ عليه بقتل أخيه العباس فكتب الواسطي إلى أبي أحأمد الموفق يصغر أمر خمارّويه عنده ويحرضه على المسير إلى قتاله فأقبل ابن الموفق من بغداد وقد انضم إليه إسحاق بن كنداج ومحمد بن ديوداد أبي السياج ونزل الرقة فتسلم قنسرين والعواصم وكان خمارّويه جميع الشام والثغورّ داخلة في سلطانه ثم سارّ آبن الموفق حأتى قاتل أصحاب خمارّويه وهزمهم ودخل دمشق فخرج خمارّويه في جيش عظيم لعشر خلون من صفر سنة إحأدى وسبعين ومائتين فالتقى مع آبن الموفق بنهر أبي فطرس " المعروف بالطواحأين من أرّض فلسطين فاقتتل فانهزم أصحاب خمارّويه وكان خمارّويه في سبعين أل ًفا وآبن الموفق في نحو أرّبعة آلف وآحأتوى على عسكر خمارّويه بما فيه. ومضى خمارّويه عائ ًدا إلى مصر مهزوما فخرج كمين كان له مع سعد اليسر ولم يعلم سعد أن خمارّويه انهزم فحارّب سعد اليسر ابن الموفق حأتى هزمه وأزأاله عن عسكره آثني عشر ميل. ورّجع أبو العباس إلى دمشق فلم تفتح له . ثم مضى سعد اليسر مع الواسطي إلى دمشق وطمع في البلد الشامية وآستخف بخمارّويه وغيره ثم استولى على دمشق. ووصل خمارّويه إلى مصر في ثالث شهر رّبيع الؤل من السنة ولم يعلم ما وقع لسعد اليسر فلما بلغه خبره خرج ثانيا إلى دمشق لسبع بقين من شهر رّمضان من السنة فوصل إلى فلسطين ثم عاد بعساكره من غير حأرب لمورّ وقعت في ثامن عشر شوال واستمر بمصر إلى أن خرج ثالثا إلى الشام في ذي القعدة سنة آثنتين وسبعين ومائتين وقد خرج سعد اليسر عن طاعته من يوم الواقعة فقاتل سعدا اليسر المذكورّ وهزمه وظفر به وقتله ودخل دمشق وملكها في سابع المحرم من سنة ثلث وسبعين ومائتين وأقام بها أياما ثم سارّ لقتال آبن كنداج فتقاتل فكانت الهزيمة اول على خمارّويه وانهزم جميع أصحابه وثبت هو في طائفة من حأماته وقاتل آبن كنداج المذكورّ حأتى هزمهم وتبعهم بأصحابه حأتى وصلت أصحاب خمارّويه إلى سر من رّأى بالعراق وعظم أمر خمارّويه في هذه الواقعة وهابته الناس. ثم كتب خمارّويه إلى أبي أحأمد الموفق طلحة في الصلح فأجابه أخو الخليفة الموفق لذلك وكتب لخمارّويه بولايته على مصر والشام جميعه والثغورّ ثلثين سنة وقدم بالكتاب بعض خدام الموفق إلى الشام في شهر رّجب وعرفه الخادم أن الكتاب كتبه الخليفة المعتمد وأخوه الموفق وابنه بأيديهم تعظيما لخمارّويه فسر خمارّويه بذلك وعاد إلى مصر في أواخر رّجب المذكورّ وأمر بالدعاء لبي أحأمد الموفق المذكورّ بعد الخليفة وترك الدعاء عليه فإنه كان يدعى عليه بمصر من مدة سنين من أيام إمارّة أبيه أحأمد بن طولون من يوم وقع بين الموفق وبين أحأمد بن طولون وخلع ابن طولون الموفق من ولية عهد الخلفة وأمر القاضي بكارّبن قتيبة بخلعه فلم يوافقه بكارّ على ذلك فحبسه أحأمد بن طولون بهذا المقتضى. وقد ذكرنا ذلك كله في آخرترجمة أحأمد بن طولون ولما أصطلح خمارّويه مع الموفق عظم أمره وسكنت الفتنة فإنه كان في كل قليل يخرج العساكر المصرية لقتال عسكر الموفق فلما آصطلحا زأال ذلك كله وأخذ ثم بلغ خمارّويه مسير محمد بن أبي الساج إلى أعماله بمصر فخرج بعساكره في ذي القعدة ولقيه بثنية العقاب في دمشق وقاتله واشتد الحرب بين الفريقين وانكسر عساكر خمارّويه فثبت هومع خاصته على عادته وقاتل ابن أبي الساج حأتى هزمه أقبح هزيمة وقتل في أصحابه مقتلة عظيمة وأسر وغنم وعاد إلى الديارّ المصرية فدخلها في رّابع عشرين جمادى الخرة سنة ست وسبعين ومائتين فأقام بمصر مدة يسيرة وخرج إلى السكندرّية في رّابع شوال ثم عاد إلى مصر بعد مدة يسيرة فأقام بها قليًل. ثم خرج إلى الشام في سنة سبع وسبعين ومائتين لمر آقتضى ذلك وعاد بعد أيام إلى الديارّ المصرية فورّد عليه الخبر بها بموت الموفق في سنة ثمان وسبعين ومائتين ثم ورّد عليه الخبر في سنة تسع وسبعين ومائتين بموت الخليفة المعتمد وبويع بالخلفة المعتضد أبوالعباس أحأمد بن الموفق طلحة بعد عمه المعتمد فبعث خمارّويه إلى المعتضد بهدايا وتحف فسأله أن يزوج ابنته قطر الندى لولده المكتفي بالله فقال المعتضد: بل أنا أتزوجها فتزوجها في سنة إحأدى وثمانين ومائتين ودخل بها ببغداد في آخر العام وأصدقها ألف ألف درّهم. يقال: إن المعتضد أرّاد بزواجها أن يفقر أباها خمارّويه في جهازأها وكذا وقع فإنه جهزها بجهازأ عظيم يتجاوزأ الوصف حأتى قيل: إنه دخل معها فى جملة جهازأها ألف هاون من الذهب. ولما تصاهر خمارّويه مع المعتضد زأالت الوحأشة من بينهما وصارّ بينهما مودة كبيرة. ووله المعتضد من الفرات إلى برقة ثلثين سنة وجعل إليه الصلة والخراج والقضاء بمصر وجميع العمال على أن خمارّويه يحمل إلى المعتضد في العام مائتي ألف دينارّ عما مضى وثلثمائة ألف دينارّ عن المستقبل. ثم قدم بعد ذلك رّسول المعتضد إلى خمارّويه بالخلع وكانت آثنتي عشرة خلعة وسيفا وتاجا ووشاحأا. انتهى ما سقناه من وقائع خمارّويه. ول بد من ذكر شيء من أحأواله وما جدده في الديارّ المصرية من شعارّ الملك فى أيام إمرته بها. ولما ملك خمارّويه الديارّ المصرية بعد موت أبيه أحأمد بن طولون أقبل على عمارّة قصر أبيه وزأاد فيه محاسن كثيرة وأخذ الميدان الذي كان لبيه المجاورّ للجامع فجعله كله بستانأ وزأرّع فيه أنواع الرياحأين وأصناف الشجر وحأمل إليه كل صنف من الشجر المطعم وأنواع الورّد وزأرّع فيه الزعفران وكسا أجسام النخل نحاسا مذهبا حأسن الصنعة وجعل بين النحاس وأجسام النخل مزارّيب الرصاص وأجرى فيها الماء المدبر فكان يخرج من تضاعيف قائم النخل عيون الماء فينحدرّ إلى فساقي معمولة ويفيض الماء منها إلى مجارّ تسقي سائر البستان وغرس في أرّض البستان من الريحان المزرّوع في زأي نقوش معمولة وكتابات مكتوبة يتعاهدها البستاني بالمقارّيض حأتى ل تزيد ورّقة على ورّقة لئل يشكل ذلك على القارّىء وحأمل إلى هذا البستان النخل من خراسان وغيرها ثم بنى. في البستان برجا من الخشب الساج المنقوش بالنقر النافذ وطعمه ليقوم هذا البرج مقام القفاص وبلط أرّضه وجعل فيه أنهارّا لطافا يجري فيها الماء المدبر من السواقي وسرح في البرج من أصناف القمارّي والدباسي والنوبيات وما أشبهها من كل طائر يستحسن صوته وأطلقها بالبرج المذكورّ فكانت تشرب وتغتسل من تلك النهارّ وجعل في البرج أوكارّا في قواديس لطيفة ممكنة في جوف الحيطان ليفرخ الطيورّ فيها وعارّض لها فيه عيدانا ممكنة في جوانبه لتقف عليها إذا تطايرت حأتى يجاوب بعضها بعضا بالصياح وسرح في البستان من الطير العجيب كالطواويس ودجاج الحبش ونحو ذلك شيًئا ًرا. كثي وعمل في هذا البستان مجل ًسا له سماه دارّ الذهب طلى حأيطانه كلها بالذهب واللزأورّد في أحأسن نقش وجعل في حأيطانه مقدارّ قامة ونصف صورّا بارّزأة من خشب معمول على صورّته وصورّ حأظاياه والمغنيات اللتي تغنيه في أحأسن تصوير وأبهج تزويق وجعل على رّؤوسهن الكاليل من الذهب والجواهر المرصعة وفي آذانها الخراص الثقال ولونت أجسامها بأصناف تشبه الثياب من الصباغ العجيبة فكان هذا القصر من أعجب ما بني في الدنيا. وجعل بين يدي هذا القصر فسقية ملها زأئبقأ. وسبب ذلك أنه اشتكى إلى طبيبه كثرة السهر وعدم النوم فأشارّ عليه بالتكبيس فأنف من ذلك وقال: ل أقدرّ على وضع يد أحأد علي فقال له الطبيب: تأمر بعمل بركة من زأئبق فعمل البركة المذكورّة وطولها خمسون ذرّا ًعا في خمسين ذرّاعا عرضا وملها من الزئبق فأنفق في ذلك أموال عظيمة وجعل في أرّكان البركة سككا من فضة وجعل في السكك زأنانير من حأرير محكمة الصنعة في حألق من فضة وعمل فر ًشا من آدم يحشى بالريح حأتى ينتفخ فيحكم حأينئذ شده ويلقى على تلك البركة الزئبق ويشد بالزنانير الحرير التي في حألق الفضة المقدم ذكرها وينزل خمارّويه فينام على هذا الفرش فل يزال الفرش يرتج ويتحرك بحركة الزئبق مادام عليه. وكانت هذه البركة من أعظم الهمم الملوكية العالية وكان يرى لها في الليالي المقمرة منظر عجيب إذا تألف نورّ القمر بنورّ الزئبق. قال القضاعي: ولقد أقام الناس مدة طويلة بعد خراب هذا القصر يحفرون لخذ الزئبق من شقوق البركة. ثم بنى خمارّويه في القصر أي ًضا قبة تضاهي قبة الهواء سماها الدكة وجعل لها الستر الذي يقي الحر والبرد فيسدل حأيث شاء ويرفع متى أحأب وكان كثيرا ما يجلس في هذه القبة ليشرف منها على جميع ما في دارّه من البستان والصحراء والنيل والجبل وجميع المدينة. ثم بنى ميدانا آخر أكبر من ميدان أبيه. وبنى أي ًضا في دارّه المذكورّة دارّا للسباع وعمل فيها بيوتا كل بيت لسبع لم يسع البيت غير السبع ولبؤته وعمل لتلك البيوت أبوابا تفتح من أعلها بحركات ولكل بيت منها طاقة صغيرة يدخل منها الرجل الموكل بخدمة ذلك البيت لفرشه بالرمل وفي جانب كل بيت حأوض من الرخام بميزاب من نحاس يصب فيه الماء وبين يدي هذه البيوت رّحأبة فسيحة كالقاعة فيها رّمل مفروش وفي جانبها حأوض كبير من رّخام يصب فيه ماء من ميزاب كبير فإذا أرّاد سائس من سواس بعض السباع المذكورّة أن ينظف بيت ذلك السبع أويضع له غذاءه من اللحم رّفع الباب بحيلة من أعلى البيت وصاح على السبع يخرج إلى الرحأبة المذكورّة ثم يرد الرجل الباب وينزل إلى البيت من الطاقة ويكنسه ويبدل الرمل بغيره من الرمل النظيف ويضع غذاءه من اللحم في مكانه بعدما يقطع اللحم قطعا ويغسل الحوض ويملؤه ماء ثم يخرج الرجل ويرفع الباب من أعله كما فعل أول وقد عرف السبع ذلك فحالما يرفع الباب دخل السبع إلى بيته وأكل ما هيىء له من اللحم فكانت هذه الرحأبة فيها عدة سباع ولهم أوقات يفتح فيها سائر بيوت السباع فتخرج إلى الرحأبة المذكورّة وتتشمس فيها ويهارّش بعضها بعضا فتقيم يوما كامل إلى العشي وخمارّويه وعساكره تنظر إليها فإذا كان العشي يصيح عليها السواس فيدخل كل سبع إلى بيته ليتعداه إلى غيره. وكان من جملة هذه السباع سبع أزأرّق العينين يقال له: زأرّيق! قد أنس بخمارّويه وصارّ مطلقا في الدارّ ل يؤذي أحأدا ورّاتبه على عادة السباع فل يلتفت إلى غذائه بل ينتظر سماط خمارّويه فإذا نصبت المائدة أقبل زأرّيق معها ورّبض بين يدي خمارّويه فيبقى خمارّويه يرمي إليه بيده الدجاجة بعد الدجاجة والقطعة الكبيرة من اللحم ونحو ذلك مما على المائدة وكانت له لبؤة لم تأنس بالناس كما أنس هو فكانت محبوسة في بيت وله وقت معروف يجتمع بها فيه. وكان إذا نام خمارّويه جاء زأرّيق وقعد ليحرسه فإن كان قد نام على سريره رّبض بين يدي السرير وجعل يراعيه ما دام نائما وإن نام خمارّويه على الرّض قعد قريبا منه وتفطن لمن يدخل أو يقصد خمارّويه ل يغفل عن ذلك لحظة واحأدة وكان في عنق زأرّيق طوق من ذهب فل يقدرّ أحأد أن يدنو من خمارّويه ما دام نائما لمراعاة زأرّيق له وحأراسته إياه حأتى أرّاد الله إنفاذ قضائه في خمارّويه: كان بدمشق وزأرّيق بمصر ولو كان زأرّيق حأاض ًرا لما كان يصل إلى خمارّويه أحأد. فما شاء الله كان. وكان خمارّويه أي ًضا قد بنى دارّا جديدة للحرم من أمهات أولد أبيه مع أولدهن وجعل معهن المعزولت من أمهات أولده وجعل فيها لكل واحأدة حأجرة واسعة لتكون لهم بعد زأوال دولتهم وأقام لكل حأجرة من الخدم والسمطة الواسعة ما كان يفضل عن أهلها منه شيء كثير وكان الخدم الموكلون بالحرم من الطباخين وغيرهم يفضل لكل منهم مع كثرة عددهم الشيء الكثير من الدجاج ولحم الضأن والحلوى والقطع الكبارّ من الفالوذج والكثير من اللوزأينج والقطائف والهبرات من العصيدة التي تعرف اليوم بالمأمونية وأشباه ذلك مع الرّغفة الكبارّ وآشتهر بمصر بيع الخدم لذلك فكان الناس يأتونهم لذلك من البعد ويشترون منهم ما يتفكهون به من النواع الغريبة من المأكل وكان هذا دواما في كل وقت بحيث إن الرجل إذا طرقه ضيف خرج من فورّه إلى باب دارّ الحرم فيجد مايشتريه ليتجمل به لضيفه مما ليقدرّ على عمل مثله. ثم أوسع خمارّويه آصطبلته لكثرة دوابه فعمل لكل صنف من الدواب إصطبل حأتى للجمال ثم جعل للفهود دارّا مفردة ثم للنمورّة دارّا مفردة وللفيلة كذلك وللزرّافات كذلك وهذا كان سوى الصطبلت التي كانت في الجيزة ومثلها في نهيا ووسيم وسفط وطهرمس وكانت هذه لضياع لتزرّع إل القرط برسم الدواب وكان للخليفة أي ًضا إصطبلت بمصر سوى ذلك فيها الخيل لحلبة السباق وللرباط في سبيل الله برسم الغزو وعلى كل إصطبل وكلء لهم الرزأق السني والموال لمتسعة. وبلغ رّزأق الجيش المصري في أيام خمارّويه في السنة تسعمائة ألف دينارّ وكان مصروف مطبخ خمارّويه في كل شهر ثلثة وعشرين ألف دينارّ وهذا سوى مصروف حأرمه وجوارّيه وما يتعلق بهن. وكان خمارّويه قد آتخذ لنفسه من مولدي الحوف وسائر الضياع قو ًما معروفين بالشجاعة وشدة البأس لهم خلق تام وعظم أجسام وأجرى عليهم الرّزأاق ووسع لهم في العطاء وشغلهم عما كانوا فيه من قطع الطريق وأذية الناس بخدمته وألبسهم القبية من الحرير والديباج وصاغ لهم المناطق وقلدهم بالسيوف المحلة يضعونها على أكتافهم إذا مشوا بين يديه وسماهم أ المختارّة " فكان هؤلء يقاتلون أمام جند خمارّويه أضعاف ما يقاتله الجند. وكان إذا رّكب خمارّويه ومضى الحجاب بين يديه ومشى موكبه على ترتيبه ومضت أصناف العسكر وطوائفه تلهم السودان وعدتهم ألف أسود لهم درّق من حأديد محكمة الصنعة وعليهم أقبية سود وعمائم سود فيخالهم الناظر إليهم بحرا أسود يسير على وجه الرّض لسواد ألوانهم وسواد ثيابهم ويصير لبريق درّقهم وحألي سيوفهم والخوذ التي على رّؤوسهم من تحت العمائم زأي بهج إلى الغاية فإذا مضى السودان قدم خمارّويه وقد آنفرد عن موكبه وصارّ بينه وبين الموكب نحو نصف غلوة سهم وخواصه تحف به. وكان خمارّويه طويل القامة ويركب فرسا تاما فيصير كالكوكب إذا أقبل ل يخفى على أحأد كأنه قطعة جبل. وكان خمارّويه مهيبا ذا سطوة قد وقع في قلوب الناس أنه متى أشارّ إليه أحأد بيده أو تكلم أو قرب منه لحقه ما يكره وكان إذا سارّ في موكبه ل يسمع من أحأد كلمة ول سعلة ول عطس ول نحنحة البتة كأنما على رّؤوسهم الطير وكان يتقلد في يوم العيد سيفا بخمائل ول يزال يتفرج ويتنزه ويخرج إلى المواضع التي لم يكن أبوه يخرج إليها كالهرام ومدينة العقاب ونحو ذلك لجل الصيد فإنه كان مشغوفا به ل يكاد يسمع بسبع إل قصده ومعه رّجال عليهم بود فيدخلون إلى السد ويتناولونه بأيديهم من غابته عنوة وهو سليم فيضعونه في أقفاص من خشب محكمة الصنعة تسع الواحأد من السباع وهو قائم فإذا قدم خمارّويه من الصيد سارّ القفص وفيه السبع أ بين يديه. وكانت حألبة السباق في أيامه تقوم عند الناس مقام العياد لكثرة الزينة ورّكوب سائر الجند والعساكر بالسلح التام والعدد الكاملة ويجلس الناس لرؤية ذلك كما يجلسون في العياد. قلت: والتشبيه أي ًضا بتلك العياد ل بأعياد زأماننا هذا فإن أعيادنا الن كالمآتم بالنسبة لتلك العياد السالفة. انتهى. وقال القض اعي: وكان أحأمد بن تطولون بنى المنظر لعرض الخيل. قال: وكان عرض الخيل من عجائب السلم الرّبع والرّبع العجائب: منها كان عرض الخيل بمصر ورّمضان بمكة والعيد بطر سوس والجمعة ببغداد. ثم قال القض اعي: وقد ذهب أثنتا من الرّبع: عرض الخيل بمصر والعيد بطرسوس. انتهى. وقال المقريزي: وقد ذهبت الجمعة ببغداد بعد القضاعي بقتل هولكو للخليفة المستعصم ببغداد وزأالت شعائر السلم من العراق وبقيت مكة شرفها الله تعالى وليس في شهر رّمضان الن بها ما يقال فيه: إنه من عجائب السلم ". انتهى كلم المقريزي رّضي الله عنه قلت: وما زأال أمر خمارّويه في تزايد إلى أن ماتت حأظيته بورّان التي بنى لها القصر المعروف ببيت الذهب المقدم ذكره فكدرّ موتها عيشه وآنكسر انكسارّ بان عليه. ثم إنه أخذ في تجهيز أبنته قطر الندى لما تزوجها الخليفة المعتضد فجهزها جهازأا ضاهى به نعمة الخلفة. وقد ذكرنا سبب زأواج الخليفة بأبنيته قطر الندى المذكورّ في أوائل ترجمته ووعدنا بذكر جهازأها في آخر الترجمة في هذا المحل. وكان من جملة جهازأها دكة أرّبع قطع من ذهب عليها قبة من ذهب مشبك في كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حأبة من جوهر ل يعرف لها قيمة ومائة هاون من الذهب. وقال الذهبي: وألف هاون من ذهب. قال القضاعي: وعقد المعتضد النكاح على أبنته قطر الندى فحملها أبو الجيش خمارّويه إلى المعتضد مع أبي عبد الله بن الجصاص وحأمل معها من الجهازأ ما لم ير مثله ول يسمع به. ولما دخل إلى خمارّويه ابن الجصاص يودعه قال له خمارّويه: هل بقي بيني وبينك حأساب قال: ل فقال خمارّويه: انظر حأسنا فقال: كسر بقي من الجهازأ فقال خمارّويه: أحأضروه فأخرج رّبع طومارّ فيه ثبت ذكر نفقة الجهازأ فإذا فيه أرّبعمائة ألف دينارّ فوهبها له خمارّويه. قال محمد بن علي الماذرّائي: فنظرت في الطومارّ فإذا فيه: ألف تكة الثمن عنها عشرة آلف دينارّ ". قال القضاعي: وإنما ذكرت هذا الخبر ليستدل به على أشياء: منها سعة نفس أبي الجيش خمارّويه ومنها كثرة مال آبن الجصاص حأتى إنه قال: كسر بقي من الجهازأ وهو أرّبعمائة ألف دينارّ لو لم يذكره بذلك لم يذكره ومنها: عمارّة مصر في ذلك الزمان لما طلب فيها ألف تكة من أثمان عشرة دنانير قدرّ عليها في أيسر وقت بأهون سعي ولو طلب اليوم خمسون لم يقدرّ عليها. انتهى كلم القضاعي. قال المقريزي: ول يعرف اليوم في أسواق القاهرة تكة بعشرة دنانير إذا طلبت توجد في الحال ول بعد شهر إل أن يعتنى بعملها. انتهى كلم المقريزي. ولفا فرغ خمارّويه من جهازأ آبنته قطر الندى أمر فبني لها على كل منزلة تنزل فيها قصر فيما بين مصر وبغداد وأخرج معها خمارّويه أخاه خزرّج بن أحأمد بن طولون في جماعة مع ابن الجصاص فكانوا يسيرون بها سير الطفل في المهد وكانت إذا وافت المنزلة وجدت قصرا قد فرش فيه جميع ما تحتاج إليه. وقد علقت فيه الستورّ وأعد فيه كل مايصلح لمثلها. وكانت في مسيرها من مصر إلى بغداد على بعد الشقة كأنها في قصر أبيها حأتى قدمت بغداد في أول المحرم سنة آثنتين وثمانين ومائتين وهي سنة قتل فيها خمارّويه المذكورّ على ما سيأتي ذكره. ولما دخل بها الخليفة المعتضد أحأبها حأبا شديدا لجمال صورّتها وكثرة آدابها. قيل: إنه خل بها في بعض اليام فوضع رّأسه على رّكبتها ونام وكان المعتضد كثير التحرزأ على نفسه فلما نام تلطفت به وأزأالت رّأسه عن رّكبتها ووضعتها على وسادة ثم تنحت عن مكانها وجلست بالقرب منه في مكان آخر فأنتبه المعتضد فز ًعا ولم يجدها فصاح بها فكلمته في الحال فعتبها على ما فعلت من إزأالة رّأسه عن رّكبتها وقال لها: أسلمت نفسي لك فتركتني وحأي ًدا وأنا في النوم ل أدرّي ما يفعل بي! فقالت: يا أمير المؤمنين ما جهلت قدرّ ما أنعمت به علي ولكن فيما أدبني به والدي خمارّويه: أني ل أجلس مع النيام ول أنام مع الجلوس فأعجبه ذلك منها إلى الغاية. قلت: لله درّها من جواب أجابته به. ولما فرغ خمارّويه من جهازأ ابنته قطر الندى المذكورّة وأرّسلها إلى زأوجها المعتضد بالله تجهز وخرج إلى دمشق بعساكره وأقام بها إلى أن قتل على فراشه في السنة المذكورّة. قال العلمة شمس الدين في تارّيخه مرآة الزمان: كان خمارّويه كثير الفساد بالخدم دخل الحمام مع جماعة منهم فطلب من بعضهم الفاحأشة فامتنع الخادم حأياء من الخدم فأمر خمارّويه أن يضرب فلم يزل يصيح حأتى مات في الحمام فأبغضه الخدم. وكان قد بنى قصرا بسفح قاسيون أسفل من دير مران يشرب فيه الخمر فدخل تلك الليلة الحمام فذبحه خدمه. وقيل: ذبحوه على فراشه وهربوا وقيل غير ذلك: إن بعض خدمه يولع بجارّية له فتهددها خمارّويه بالقتل فاتفقت مع الخادم على قتله. وكان ذبحه في منتصف ذي الحجة وقيل: لثلث خلون منه من سنة أثنين وثمانين ومائتين. وكان المير طغج بن جف معه في القصر في تلك الليلة فبلغه الخبر فركب في الحال وتتبع الخدم وكانوا نيفا وعشرين خادما فأدرّكهم وقبض عليهم وذبحهم وصلبهم وحأمل أبا الجيش خمارّويه في تابوت من دمشق إلى مصر وصلى عليه ابنه جيش ودفن. ويقال: إنه دفن بالقصر إلى جانب أبي عبيدة البراني فرآه بعض أصحابه في المنام فقال له: ما فعل الله بك فقال: غفر لي بالقرب من أبي عبيدة ومجاورّته. انتهى كلم صاحأب المرآة. وقال غيره: قتل على فراشه ذبحه جوارّيه وخدمه وحأمل في صندوق إلى مصر. وكان لدخول تابوته إلى مصر يوم عظيم استقبله جوارّيه وجوارّي غلمانه ونساء قواده بالصياح وما تصنع النساء في المآتم وخرج الغلمان وقد حألوا أقبيتهم وفيهم من سود ثيابه وشقها فكانت في البلد ضجة وصرخة حأتى دفن. وكانت مدة ملكه على مصر والشام أثني عشرة سنة وثمانية عشر يو ًما. وتولى مصر بعده ابنه أبو العساكر جيش بن خمارّويه بن أحأمد بن طولون. انتهى السنة الولى من ولية خمارّويه وهي سنة إحأدى وسبعين ومائتين: فيها دخل محمد وعلي ابنا الحسين بن جعفر بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد المدينة فقتل فيها جماعة من أهلها وجبيا الموال وعطل الجمعة والجماعة من مسجد النبي شهرا. وفيها عزل الخليفة المعتمد على الله عمرو بن الليث الصفارّ وأمر بلعنه على المنابر وولى عوضه خراسان محمد بن طاهر بن الحسين. ثم ولى المعتمد على سمرقند وبخارّى نصر بن أحأمد بن وفيها كانت الوقعة بين أبي العباس بن الموفق وبين خمارّويه صاحأب الترجمة وهي الوقعة التي ذكرناها في أوائل ترجمة خمارّويه. وفيها وثب يوسف بن أبي الساج على الحجاج فقاتلوه وأسروه وقدموا به بغداد مقيدا قد أشهر على جمل. وفيها توفيت بورّان بنت الوزأير الحسن بن سهل زأوجة الخليفة المأمون. وقصة زأواجها مع المأمون مشهورّة وكانت وفاتها في شهر رّبيع الول ببغداد وقد بلغت ثمانين سنة. وكانت عظيمة الشأن متصدقة خيرة فطنة رّاوية للشعر وكانت من أحأب نساء المأمون إليه. وفيها توفي أبو حأفص عمر س بن مسلم وقيل: ابن مسلمة الحداد النيسابورّي. أصله من قرية على باب نيسابورّ يقال لها كورّداباذ على طريق بخارّى. قلت: و باذ " بالتفخيم في جميع ما يأتي فيه لفظة " باذ " مثل فيروزأباذ وكلباذ وما أشبه ذلك ل يصح معنى ذلك إل بالتفخيم ومتى رّقق كما يتلفظ به أولد العرب ذهب معنى السم كان النيسابورّي هذا عظيم الشأن أحأد الساعة الئمة من كبارّ مشايخ القوم وله الكراماس المشهورّة. ذكر عند الجنيد فقال: كان رّجل من أهل الحقائق. وفيها توفي محمد بن وهب أبو جعفر العابد صاحأب الجنيد. قال: سافرت للقى أبا حأاتم العطارّ البصري الزاهد فطرقت عليه بابه فقال: من فقلت: رّجل يقول: رّبي الله ففتح الباب ووضع خده على الرّض وقال: طأ عليه فهل بقي في الدنيا من يحسن أن يقول رّبي الله!. وكانت وفاته ببغداد وتولى الجنيد غسله وتكفينه والصلة عليه ودفن إلى جانب سري السقطي. وفيها توفي مصعب بن أحأمد بن مصعب أبو أحأمد القلنسي. ولد ببغداد وكان عظيم الشأن من أقران الجنيد وكان صاحأب كرامات وأحأوال. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة في السنة المذكورّة خمس عشرة ذرّا ًعا واثنتان وعشرون إصب ًعا. السنة الثانية من ولية خمارّويه وهي سنة اثنتين وسبعين ومائتين: فيها وقع خلف بين أبي العباس بن الموفق وبين يا زأمان الخادم في طرسوس فأخرج أهل وفيها دخل حأمدان بن حأمدون وهارّون الشارّي بالخوارّج مدينة الموصل وصلى الشارّي بالناس في الجامع. وفيها تحركت الزنج بواسط وصاحأوا: أنكلي يا منصورّ. وكان أنكلي وسليمان بن جامع و أ بان بن علي المهلبي والشعراني وغيرهم من قواد الزنج محبوسين في بغداد في بئر فتح السعيدي فكتب إليه الموفق بأن يبعث رّؤوسهم ففعل وصلبت أبدانهم على الجسر. وفيها غزا الصائفة يا زأمان الخا. وفيها حأج بالناس هارّون بن محمد بن إسحاق بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس. وفيها توفي أحأمد بن مهدي بن رّستم الحافظ أبو جعفر الصبهاني أحأد الثقات الحفاظ الرحأالين في طلب الحديث والعلم كان صاحأب صلة وتعبد وآجتهاد لم يفرش له فراش منذ أرّبعين سنة وأنفق على تحصيل العلم ثلثمائة ألف درّهم وصنف المسند. وفيها توفي الحسن بن إسحاق بن يزيد أبو علي العطارّ قال عبد الرحأمن بن هارّون: كنا في البحر سائرين إلى إفريقية فركدت علينا رّيح فأرّسينا إلى موضع يقال له البرطون ومعنا شخص يصطاد السمك فأصطاد سمكة نحوا من شبر وأقل فرأينا على صفحة أذنها اليمنى مكتوبا: أل إله إل الله! وفي اليسرى: " محمد رّسول الله فقذفناها في البحر ومنعنا الناس أن يصطادوا من ذلك الموضع. وفيها توفي العلء بن صاعد أبو عيسى البغدادي الكاتب كان يتعاطى علم النجوم فحبسه الموفق فقال لصحابه: طالع الوقت يقتضي أن بعد ثلثة عشر يوما أخرج من الحبس وأعود إلى منزلي وكان مري ًضا فمات بعد ثلثة عشر يو ًما في الحبس فدفع إلى أهله ميتا قيل: إنه رّأى النبي في المنام في مرضه فقال: يا رّسول الله ادع الله أن يهب لي العافية فأعرض عنه يمينا وشمال وهو يقول ذلك فقال له رّسول الله: ل أفعل فقال: يا رّسول الله ولم قال: لن أحأدكم يقول: أعلني المريخ وأبرأني المشتري. وفيها توفي محمد بن عبد الله بن عمارّ بن سوادة أبو جعفر الفقيه المخرمي ولد سنة اثنتين وستين ومائة وكان حأاف ًظا كثير الحديث سمع سفيان بن عيينة وغيره ورّوى عنه عبد الله ابن المام أحأمد بن حأنبل وغيره. وفيها توفي محمد بن أبي داود بن عبيد الله أبو جعفر بن المنادي سمع يزيد بن هارّون وغيره ورّوى عنه البخارّي وغيره. وفيها توفي محمد بن عوف بن سفيان أبو جعفر الطائي الحمصي الزاهد العابد كان المام أحأمد بن حأنبل يقول: ما كان بالشام منذ أرّبعين سنة مثله. وفيها توفي يعقوب بن سواك الجيلي الزاهد. سكن بغداد وصحب بشرا الحافي وأنتفع به وكان من البدال. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وتسع أصابع. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وأرّبع عشرة إصب ًعا: السنة الثالثة من ولية خمارّويه وهي سنة ثلث وسبعين ومائتين: فيها وثب ثلثة بنين لملك الروم على أبيهم فقتلوه وملكوا أحأدهم عليهم. وفيها كانت وقعة بين إسحاق بن كنداج وبين محمد بن أبي الساج في جمادى الولى فأنهزم إسحاق ثم تواقعا أي ًضا في ذي الحجة فانهزم إسحاق أي ًضا ثانيا. وفيها قبض الموفق أخو الخليفة على لؤلؤ مولى ابن طولون الذي كان قدم عليه بالمان من الشام وأخذ أمواله وكانت أرّبعمائة ألف دينارّ. وفيها توفي أحأمد بن سعد بن إبراهيم الزهري الجوهري كان عال فاض ًل زأاه ًدا يعد من ًما البدال وهو من بيت كلهم زأهاد وعلماء. وفيها توفي أحأمد بن العلء أبو عبد الرحأمن القاضي الرقي ومولده سنة أثنين وتسعين ومائة وتوفي بمصر بعد ابن أخيه أبي الهيثم بعشرين يو ًما ورّثاهما أخوه هلل. وفيها توفي حأنبل بن إسحاق بن حأنبل ابن عم المام أحأمد بن حأنبل سمع الكثير وصنف التارّيخ " ورّوى عنه أبو القاسم البغوي وغيره وكان زأاه ًدا عاب ًدا. وفيها توفي محمد بن إبراهيم بن مسلم الحافظ أبو أمية البغداي كان رّفيع القدرّ إماما في الحديث سكن طرسوس ومات في جمادى الخرة سمع أبا نعيم وغيره ورّوى عنه أبو حأاتم الرازأي وغيره. وفيها توفي محمد بن عبد الرحأمن بن الحكم بن هشام الموي أمير الندلس كان فاضل عالما فصيحا كان يخرج إلى الجهاد فيوغل في بلد الكفارّ السنة والسنتين وأكثر. ولما مات ولي بعمه أبنه المنذرّ بن محمد. وفيها توفي محمد بن يزيد بن ماجة المام الحافظ الحجة الناقد أبو عبد الله القزويني صاحأب السنن والتفسير والتارّيخ وهو مولى رّبيعة. ولد سنة سبع ومائتين ورّحأل إلى مكة والكوفة والبصرة وبغداد والشام ومصر وغيرها وسمع الكثير وكان صاحأب فنون مات يوم الثنين ودفن يوم الثلثاء لثمان بقين من شهر رّمضان وقد رّوينا مسنده عن الشيخ المسند رّضوان بن محمد العقبي قال أخبرنا أبو إسحاق النبارّي قال أخبرنا الكمال بن حأبيب قال أخبرنا سنقر بن عبد الله الزيني أخبرنا الموفق ابن قدامة أخبرنا أبو زأرّعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي أخبرنا أبو منصورّ محمد بن الحسين أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذرّ حأدثنا علي بن إبراهيم بن سلمة القطان حأدثنا ابن ماجة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وثلث وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وخمس أصابع ونصف. السنة الرابعة من ولية خمارّويه وهي سنة أرّبع وسبعين ومائتين: فيها غزا يا زأمان الخادم ًما. ًما غان الروم فأسر وقتل وسبى وعاد سال وفيها خرج الموفق إلى كرمان يقصد حأرب عمرو بن الليث الصفارّ. وفيها حأج بالناس هارّون بن محمد أي ًضا. وفيها هجم صديق الفرغاني على سرمن رّأى فأخذ أموال التجارّ ونهب دورّ الناس وكان يقطع الطريق وكان الخليفة المعتمد بسر من رّأى وأخوه الموفق قد خرج لقتال عمرو بن الليث وفيها توفي أحأمد بن حأرب بن مسمع أبو جعفر الغدل كان من قراء القرآن وأحأد الشهود الذين رّغبوا عن الشهادة في آخر أعمارّهم. وفيها توفي محمد بن عيسى بن حأبان المدائني في قول الذهبي وغيره. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وسبع وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّا ًعا وسبع أصابع. السنة الخامسة من ولية خمارّويه وهي سنة خمس وسبعين ومائتين: فيها بعث الموفق جي ًشا إلى نواحأي سر من رّأى مع الطائي فأخذ صديقا الفرغاني اللص فقطعوا يديه ورّجليه وأيدي أصحابه وأرّجلهم وحأملوا إلى بغداد على تلك الصورّة. وفيها أي ًضا غزا يا زأمان الخادم البحر فأخذ عنة مراكب للروم. وفيها في شوال حأبس الموفق ابنه أبا العباس وأبو العباس هذا هو الذي يلي الخلفة بعد ذلك ويتلقب بالمعتضد ويتزوج بقطر الندى بنت خمارّويه صاحأب الترجمة وقد تقدم ذكر جهازأها في أول هذه الترجمة ولما أمسك الموفق أبا العباس المذكورّ تشغب أصحابه وحأملوا السلح فركب الموفق وصاح بأصحاب أبي العباس: ما شأنكم! أترون أنكم أشفق على ولدي مني هو ولدي واحأتجت إلى تقويمه! فوضعوا السلح وتفرقوا. وفيها حأج بالناس هارّون بن محمد الهاشمي أي ًضا. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن الحجاج الفقيه أبو بكر المروذي صاحأب المام أحأمد بن حأنبل. كان أبوه خوارّزأميا وأمه مروذية وكان مقد ًما في أصحاب المام أحأمد لورّعه وفضله. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن غالب بن خالد أبو عبد الله البصري الباهلي ويعرف بغلم ًما. خليل سكن بغداد وحأدث بها وكان من البدال يسرد الصوم دائ وفيها توفي سعد اليسر كان أمير دمشق وكان عادل وكان من خواص أحأمد بن طولون وهو الذي هزم أبا العباس أحأمد بن الموفق لما حأارّب خمارّويه حأسبما ذكرناه. وكان سعد يقول عن خمارّويه: هذا الصبي مشغول باللهو وأنا أكابد الشدائد فبلغ خمارّويه فخرج إلى الرملة واستدعاه فلما قدم عليه قتله بيده ة وبلغ أهل دمشق ذلك فغضبوا ولعنوا خمارّويه. وفيها توفي سليمان بن الشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران أبو داود السجستاني الزأدي المام الحافظ الناقد صاحأب السنن. مولده سنة اثنتين ومائتين كان إمام أهل الحديث في عصر بل مدافعة رّحأل إلى العراق وخراسان والحجازأ والشام ومصر وبغداد غير مرة ورّوى بها كتاب السنن وعرضه على المام أحأمد بن حأنبل فأستحسنه وكان عارّفا بعلل الحديث ورّعا وكان له كم واسع وكم ضيق فقيل له في ذلك فقال: الواسع للكتب والخر ل أحأتاج إليه وقد سمعت سننه رّواية اللؤلئي عنه على المشايخ الثلثة 0 :زأين الدين عبد الرحأمن الدمشقي وعلء الدين علي بن برد س البعلبكي وشهاب الدين أحأمد المشهورّ بابن ناظر الصاحأبية بسماع الولين لجميعه على أبي حأفص بن أميلة وبإجازأة الثالث من أبي العباس بن الجوخي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن البخارّي أخبرنا أبو الحفص بن طبرزأذ مما أتفق له أخبرنا أبو البدرّ إبراهيم الكرخي وأبو الفتح الدومي قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحأمد بن علي أخبرنا الشريف أبو عمر الهاشمي أخبرنا أبو علي اللؤلئي أخبرنا أبو داود. وفيها توفي علي بن يحيى بن أبي منصورّ أبو الحسن المنجم كان أصله من أبناء فارّس وكان أديًبا شاع ًرا ونادم الخلفاء من المتوكل إلى المعتمد وكانوا يعظمونه وكان عالما بأيام الناس رّاوية للشعارّ. وفيها توفي محمد بن إسحاق بن إبراهيم العنبسي الصيمري الشاعر كان أديًبا قدم بغداد ونادم المتوكل ومن شعره رّضي الله عنه: كم مريض قد عاش من بعد يأس بعد موت الطبيب والعواد وفيها توفي المنفر بن محمد بن عبد الرحأمن بن الحكم بن هشام أبو الحكم أمير الندلس أقام على الندلس سنتين وأمه أم ولد وهو السادس لصلب عبد الرحأمن الداخل الموي المقدم ذكره. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وست عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّا ًعا وثماني أصابع السنة السادسة من ولية خمارّويه وهي سنة ست وسبعين ومائتين: فيها رّضي الخليفة المعتمد على عمرو بن الليث الصفارّ وكتب اسمه على العلم والعمد. وفيها في شهر رّبيع الول خرج الموفق أخو الخليفة المعتمد من بغداد يريد أحأمد بن عبد العزيز بن أبي دلف بأصبهان فتنحى له أحأمد عن دارّه: عن التها وفرشها فنزل بها الموفق وقدم محمد بن أبي الساج على الموفق هارّبا من خمارّويه صاحأب الترجمة بعد وقعات جرت بينهما فأكرمه الموفق وخلع عليه. وفيها ولي عمرو بن الليث الصفارّ شرطة بغداد . وفيها تفرج تل بنهر الصلح عند فم الصلح بالعراق ويعرف بتل بني شقيق عن سبعة قبورّ فيها سبعة أبدان صحيحة والكفان جدد تفوح منها رّائحة المسك وأحأدهم شاب له جمة طويلة طرية ولم يتغير منه شيء وفي خاصرته ضربة وكانت القبورّ حأجارّة مثل المسن وعندهم كتاب ما يدرّى ما فيه. وفيها توفي بقي بن مخلد بن يزيد الحافظ أبو عبد الرحأمن الندلسي صاحأب الرحألة والتصانيف كان مجاب الدعوة رّحأل إلى مكة والمدينة ومصر والشام وبغداد والشرق والعراقين وكان له مائتان وأرّبعة وثمانون شيخا ومولده في شهر رّمضان سنة إحأدى ومائتين ومات ليلة الثلثاء ثامن عشرين جمادى الخرة. وفيها توفي عبد الله الفرحأان أبو طاهر الصفهاني العابد المشهورّ. كان مجاب الدعوة وله آثارّ في الدعاء مشهورّة ة كتب الكثير من الحديث بالعراق والشام عصر وسمع هشام بن عقارّ وغيره ورّوى عنه محمد بن عبد الله الصفارّ وغيره. وفيها توفي عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد المروزأفي الكاتب مصنف كتاب " غريب الحديث و " غريب القرآن " و مشكل القرآن " مات فجأة: صاح صيحة عظيمة ثم مات في شهر رّجب وقال الدارّ قطني: كان يميل إلى التشبيه وكلمه يدل عليه وقال البيهقي كان يرى رّأي الكرامية وذكر عنه أشياء غير ذلك وكان خبيث اللسان وفيها توفي عبد الملك بن محمد بن عبد الله الحافظ أبو قلية الرقاشي مولده بالبصرة سنة تسعين ومائة وسمع يزيد بن هارّون وغيره ورّوى عنه المحا ملي وآخرون. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع وتسع أصابع. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وأرّبع عشرة إصب ًعا. السنة السابعة من ولية خمارّويه وهي سنة سبع وسبعين ومائتين: فيها أتفق يا زأمان الخادم مع خمارّويه صاحأب الترجمة ودعا له على المنابر بطرسوس وسببه أن خمارّويه استماله وتلطف به وبعث له بثلثين ألف دينارّ وخمسمائة ثوب وخمسمائة دابة وسلح كثير. وفيها حأج بالناس هارّون بن محمد العباسي الهاشمي على العادة. وفيها توفي أحأمد بن عيسى أبو سعيد الخرازأ الصوفي البغدادي أحأد المشايخ المذكورّين بالزهد كان من أئمة القوم وجلة مشايخهم قال الجنيد: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخرازأ لهلكنا قيل له: وعلى أي شيء حأاله قال: أقام كذا وكذا سنة يخرزأ ما فاته الحق بين وفيها توفي إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس أبو إسحاق الزهري الكوفي. ولي قضاء بغداد ثم صرفه الموفق: أرّاد منه أن يدفع إليه أموال الوقاف فامتنع وكان ًما محدًثا حأمل الناس عنه الحديث الكثير. عال وفيها توفي محمد بن إدرّيس بن المنذرّ بن داود بن مهران الحافظ أبو حأاتم الرازأي الحنظلي مولى بني تميم بن حأنظلة الغطفاني وقيل: سمي الحنظلي لنه كان يسكن بالري بدرّب حأنظلة. كان أحأد الئمة الرحأالين عارّفا بعلل الحديث والجرح أو التعديل رّحأل إلى خراسان والعراقين والحجازأ واليمن والشام ومصر ومات بالري في شعبان. وفيها توفي يعقوب بن سفيان الحافظ أبو يوسف الفارّسي الفسوي صاحأب التارّيخ والمصنفات الحسان كان إمام أهل الحديث سافر إلى البلد ولقي الشيوخ قال: كتبت عن ألف شيخ وأكثر وكلهم ثقات وقال أبو زأرّعة الدمشقي: قدم علينا يعقوب الدمشقي وتعجب أهل العراق أن يروا مثله. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وإصبعان. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وثماني عشرة إصب ًعا. وهي سنة ثمان وسبعين ومائتين: فيها في الثامن والعشرين من المحرم ظهر في السماء كوكب ذوجمة. وفيها قال أبو المظفر بن قزا وغلي وغيره من المؤرّخين: غارّ نيل مصر حأتى لم يبق منه شيء. قال الذهبي: ولم يتعرض المسبحي في تارّيخه إلى شيء من ذلك. وغلت السعارّ في هذه السنة بمصر وقراها. وفيها ظهرت القرامطة بسواد الكوفة وقد اختلفوا فيهم وفي مبتدأ أمرهم على أقوال نذكر منها نبذة لما سيأتي من ذكر القرامطة واستيلئهم على البلد وقتلهم للعباد فأحأد القوال: أن رّجل قدم من ناحأية خوزأستان إلى سواد الكوفة وأظهر الزهد والتقشف وكان يعمل الخوص ويأكل من كسبه ول زأال يظهر التدين والزهد إلى أن مال إليه الناس فدرّجهم من شيء إلى شيء حأتى صارّوا معه حأيث شاء وقيل غير ذلك أقوال كثيرة وهم من الذين أكثروا في الرّض الفساد وأخربوا البلد. وفيها غزا يا زأمان الخادم الصائفة فبلغ حأصنا يقال له سلند فنصب عليه المجانيق وأشرف على فتحه فجاءه حأجر من الحصن فقتله فارّتحلوا به وفيه رّمق فمات في الطريق في رّجب فحمل على الكتاف إلى طرسوس فدفن بهاة وكان شجاعا جوادا رّضي الله عنه. وفيها توفي ديك الجن الشاعر المشهورّ واسمه عبد السلم بن رّغبان بن عبد السلم وسمي ديك الجن لن عينيه كانتا خضراوين وكان قبيح المحنظر فصيحا عاصر أبا تمام الطائي وكان أبو تمام يعترف له بالفضل وهو من شعراء الدولة العباسية وكان يتشيع وكان له غلم كالبدرّ وجارّية أحأسن منه وكان يهواهما جميعا فدخل يوما منزله فوجدهما متعانقين والجارّية تقبل الغلم فشد عليهما فقتلهما ثم رّثاهما بعد ذلك وحأزن عليهما حأزنا شديدا وتنغص عيشه بعدهما إلى أن مات. وشعر ديك الجن مشهورّ. وفيها توفي أبو أحأمد طلحة وقيل: محمد ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم محمد ابن الخليفة الرشيد هارّون كان لقبه الموفق ثم لقب بعد قتل الزنجي الناصر لدين الله كان يخطب له على المنابر بعد أخيه الخليفة المعتمد وكان يقول الخطيب: اللهم أصلح المير الناصر لدينك أبا أحأمد الموفق بالله ولي عهد المسلمين أخا أمير المؤمنين وكانت أم الموفق أم ولد يقال لها إسحاق وكان الموفق من أجل الملوك رّأيا وأسمحهم نف ًسا أحأسنهم تدبي ولي عهده بعد ولده جعفر ًرا كان أخوه المعتمد قد جعله المفوض فغلب الموفق على المر حأتى صارّ أخوه الخليفة المعتمد معه كالمحجورّ عليه ومات الموفق في حأياة أخيه المعتمد فبايع المعتمد ابن الموفق أبا العباس ولقبه بالمعتضد وجعله ولي عهده بعد ابنه المفوض كما كان أبوه الموفق وظن المعتمد أنه آستراح من الموفق فعظم أمر المعتضد أضعاف ما كان عليه الموفق حأتى إنه خلع المفوض من ولية العهد وصارّ هو ولي عهد عمه المعتمد وتولى الخلفة بعده وكان الموفق قد حأبس ابنه أبا العباس المعتضد هذا لشدة بأسه فلما احأتضر الموفق أوفي حأال مرضه أخرج الجند المعتضد المذكورّ من حأبسه بغير رّضا أبيه ثم مات بعد أيام في يوم الرّبعاء ثاني عشر من صفر وكان من أجل ملوك بني العباس. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وسبع عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وثماني عشرة إصب ًعا. السنة التاسعة من ولية خارّويه وهي سنة تسع وسبعين ومائتين: فيها عظم أمر المعتضد بتقديمه في ولية العهد على جعفر المفوض فإن الخليفة المعتمد خلع ولده وقدم ابن أخيه المعتضد هذا على ولده المفوض المذكورّ وأظن ذلك كان لقوة شوكة المعتضد ثم فوض المعتمد لبن أخيه المعتضد ما كان لبيه الموفق من المر والنهي وكتب بذلك إلى الفاق ثم أمر المعتضد أل يقعد على الطريق ببغداد ول في المسجد الجامع قاص ول صاحأب نجوم وحألف باعة الكتب أل يبيعوا كتب الفلسفة والجدل ونحو ذلك ولما قدم الخليفة المعتمد المعتضد هذا على ولده قدم له المعتضد ثياًبا بمائتي ألف درّهم حأمل إلى ابن عمه المفوض ثياًبا بمائة ألف درّهم وطابت نفوسهما فلم يكن بعد ذلك إل أيام ومات الخليفة المعتمد وتولى المعتضد الخلفة بعد عمه المعتمد في صبيحة يوم الثنين لحأدى عشرة ليلة بقيت من شهر رّجب. وفيها أرّسل خمارّويه إلى المعتضد مع أبن الجصاص هدايا وتحفا وأموال كثيرة وسأله أن يزوج ابنه المكتفي ببنته قطر الندى فقال المعتضد: بل أنا أتزوجها فتزوجها. وقد سقنا حأكاية زأواجها في ترجمة أبيها خمارّويه. وفيها فتح أحأمد بن عيسى بن الشيخ قلعة مارّدين وكانت مع محمد بن إسحاق بن كنداج وفيها صفى المعتضد بالناس صلة الضحى فكبر في الولى ست تكبيرات وفي الثانية واحأدة ولم تسمع منه خطبة. وفيها توفي محمد بن عيسى بن سورّة المام الحافظ أبو عيسى الترمذي مصنف الجامع و العلل " والشمائل " وغيرها وكانت وفاته في شهر رّجب وقد رّوينا كتابه الجامع سماعا على الشيخين علء الدين علي بن بردس البعلبكي وشهاب الدين أحأمد المشهورّ بأبن ناظر الصاحأبية بسماع الول عن أبي حأفص بن أميلة وإجازأة الثاني من أحأمد بن محمد بن أحأمد بن الجوخي قال: أخبرنا أبو الحفص علي بن البخارّي أ بن أميلة الول سماعا والثاني إجازأة أخبرنا أبو حأفص ابن طبرزأد أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله بن أبي سهل القاسم بن أبي منصورّ الكروخي أخبرنا أبو عامر محمود بن القاسم الزأدي وأبو بكر أحأمد بن عبد الصمد الغورّجي وأبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي سما ًعا عليهم سوى الترياقي فمن أؤله إلى مناقب أبن عباس قال الكروخي وأخبرنا من مناقب أبن عباس إلى آخر الكتاب عبد الله بن علي بن يس الدهان قالوا: أخبرنا أبو محمد عبد الجبارّ بن محمد الجراحأي أخبرنا أبو العباس محمد بن أحأمد بن محبوب المحبوبي أخبرنا المام الحافظ أبو عيسى الترمذي ورّوينا أي ًضا كتابه " الشمائل سماعا على الشيخين المذكورّين بسماع الول من المسند صلح الدين محمد أبن أحأمد بن أبي عمر المقدسي وإجازأة الثاني من ابن الجوخ قال أخبرنا أبن البخارّفي الول سماعا والثاني إجازأة أخبرنا أبو اليمن زأيد بن الحسن الكندي أخبرنا أبو شجاع البسطافي أخبرنا أبو القاسم البلخي أخبرنا أبو القاسم الخزاعي أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي أخبرنا أبو عيسى الترمذي وفيها حأج بالناس هارّون بن محمد الهاشمي وهي آخر حأجة حأجها بالناس. وكان قد حأج بالناس ست عشرة حأجة أولها سنة أرّبع وستين ومائتين إلى هذه السنة وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين المعتمد على الله أبو العباس أحأمد ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارّون ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي في ليلة الثنين تاسع عشر شهر رّجب فجأة ببغداد فحمل ودفن بسرمن رّأى ومولده سنة تسع وعشرين ومائتين بسرمن رّأى وأمه أم ولد رّومية اسمها فتيان وفي موته أقوال كثيرة منهم من قال: إنه اغتيل بالسم ومنهم من قال: إنه خنق وقيل غير ذلك وكانت خلفته ثلثا وعشرين سنة وثلثة أيام وكان فيها كالمحجورّ عليه مع أخيه الموفق فإنه كان منهمكا في اللذات فولى أخاه الموفق أمر الناس فقوي عليه ونقهر المعتمد معه إلى أن مات قهرا منه ومن ولده المعتضد وتولى الخلفة من بعده المعتضد ابن أخيه الموفق المذكورّ. ًما حأاف ًظا وفيها توفي أحأمد بن أبي خيثمة زأهير بن حأرب بن شذاد النسائي الصل كان عال ذا فنون بصيرا بأيام الناس رّاوية للداب أخذ علم الحديث عن المام أحأمد بن حأنبل وعن يحيى بن معين وعلم النسب عن مصعب الزبيري وأيام الناس عن أبي الحسن المدائي وصنف التارّيخ فأكثر فوائده ومات في جمادى الولى وفيها توفي أحأمد بن عبد الرحأمن بن مرزأوق أبو عبد الله البزورّي البغدادي ويعرف بابن أبي عوف كان إماما عالما محدًثا ثقة نبي أبو بكر وقيل أبو جعفر وقيل أبو الحسن ًل وفيها توفي أحأمد بن يحيى بن جابر البلذرّي الكاتب البغدادي صاحأب التارّيخ. وكان أديًبا مدح المأمون وجالس المتوكل وسمع هشام بن عفارّ وغيره ورّوى عنه جم غفير وفيها توفي نصر بن أحأمد بن أسد بن سامان كان سامان مع أبي مسلم الخراساني صاحأب الدعوة وكان ينسب إلى الكاسرة فمات سامان وبقي ابنه أسد. وتوفي أسد في خلفة الرشيد وحألف ابنه نوحأا وأحأمد ويحيى وإلياس فولي أحأمد بن أسد فرغانة ونوح سمرقند ويحيى الشاش وأشر وسنة وولي إلياس هراة وكان أحأمد والد نصر هذا أحأسنهم سيرة ومات في أيام عبد الله بن طاهر بن الحسين وخلف سبعة بنين منهم نصر بن أحأمد هذا فولي نصر وليات أبيه مثل سمرقند والشاش وفرغانة وولي أخوه إسماعيل بخارّى وأعمالها وهؤلء يسمون السامانية وهم عدة ملوك ولهذا أوضحنا أصلهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وإصبع ونصف. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وست عشرة إصب ًعا. السنة العاشرة من ولية خمارّويه وهي سنة ثمانين ومائتين: وفيها غزا إسماعيل بن أحأمد الساماني بلد الترك من صراء النهر وأسر ملكها وزأوجته وأسر عشرة آلف وقتل مثلهم. وفيها شكا الناس إلى الخليفة المعتضد مايقاسون من عقبة حألوان من المشقة فبعث عشرين ألف دينارّ فأصلحها وفيها بنى المعتضد القصر الحسني الذي صارّ دارّ الخلفة ببغداد إلى آخر وقت وتحول إليه المعتضد وسكنه وفيها حأج بالناس محمد بن عبد الله بن محمد العباسي. وفيها توفي جعفر المفوض ابن الخليفة المعتمد على الله أحأمد في شهر رّبيع الخر وكان محبوسا في دارّ المعتضد ل يراه أحأد وقيل: إن المعتضد نادمه في خلوته وصارّ يكرمه. وفيها توفي عثمان بن سعيد بن خالد الحافظ أبو سعيد الدارّمي نزيل هراة رّحأل إلى المصارّ ولقي الشيوخ وجالس المام أحأمد بن حأنبل وابن معين والحفاظ حأتى قالوا: ما رّأينا مثله ول رّأى هو مثل نفسه وكان ل يحدث من يقول بخلق القرآن. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وثماني أصابع مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وعشر أصابع. السنة الحادية عشرة من ولية خمارّويه فيها أرّسل خمارّويه طغج بن جف إلى غزو الروم فتوجه من طرسوس حأتى بلغ طرابزون وفتح ملورّية في جمادى الخرة وفيها غارّت المياه بالري وطبرستان فصارّ الماء يباع ثلثة أرّطال بدرّهم وغلت السعارّ وقحط الناس وأكل بعضهم بعضا حأتى أكل رّجل ابنته وفيها توفي أبن أبي الدنيا واسمه عبد الله بن محمد أبو بكر القرشي البغدادي مولى بني أمية ولد سنة ثمان ومائتين وكان مؤدًبا لجماعة من أولد الخلفاء منهم ً المعتضد ما زأاه ًدا ورّ ًعا عاب ًدا وله التصانيف الحسان والناس بعده وابنه المكتفي وكان عال عيال عليه في الفنون التي جمعها ورّوى عنه خلق كثير وآتفقوا على ثقته وصدقه وأمانته وفيها توفي أبو بكر عبد الله بن محمد بن النعمان الصبهاني المام المتقن. وفيها توفى المام الفقيه محمد بن إبراهيم بن الموازأ المالكى. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع سواء مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّا ًعا وعشر أصابع. السنة الثانية عشرة من ولية خمارّويه على مصر فيها مات فيها في المحرم أمر المعتضد بتغيير نورّوزأ العجم الذي هو افتتاح الخراج وأخره إلى حأادي عشر حأزيران وسماه النورّوزأ المعتضدي وقصد بذلك الرفق بالرغية ومنع الناس ما كانوا يعملونه في كل سنة من إيقاد النيران وصب الماء على الناس فكان ذلك من أحأسن أفعال المعتضد. وفيها لليلتين خلتا من المحرم قدم أبن الجصاص بقطر الندى بنت خمارّويه صاحأب الترجمة إلى بغداد فأنزلت في دارّ صاعد وكان المعتضد غائبا بالموصل فلما سمع بقدومها عاد إلى بغداد ودخل بها في خامس شهر رّبيع الول بعد أن عمل لها مهما يتجاوزأ الوصف وفيها قتل خمارّويه صاحأب الترجمة وقد تقدم ذكر مقتله في ترجمته. وفيها توفي عبد الرحأمن بن عمر وبن عبد الله بن صفوان بن عمرو الحافظ أبو زأرّعة النصري الذمشقي كان من أئمة الحفاظ رّحأل إلى البلد وكتب الكثير حأتى صارّ شيخ الشام وإمام وقته وكتب عنه خلئق وكانت وفاته بدمشق في جمادى الخرى وفيها توفي محمد ابن الخليفة جعفر المتوكل عم المعتضد وكان فاضل شاعرا وهو القائل لما أرّاد أخوه المعتمد الخروج إلى الشام والدنيا مضطربة: أقول له عند توديعه وكل بعبرته مبلس لئن بعدت عنك أجسامنا لقد سافرت معك النفس وفيها توفي محمد بن عبد الرحأمن بن محمد بن عمارّة بن القعقاع أبو قبيصة الضبي. كان صال ًحا عاب ًدا مجته ًدا سمع من سليمان وغيره رّوى عنه جماعة كثيرة. أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع سواء مثل الماضية مبلغ الزيادة أرّبع عشرة ذرّا ًعا واثنتان وعشرون إصب ًعا. ولية أبي العساكر جيش هو أبو العساكر جيش بن أبي الجيش خمارّويه بن أحأمد بن طولون ولي مصر والشأم بعد قتل أبيه خمارّويه بدمشق في يوم سابع عشر ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين ومائتين فأقام بدمشق أياما ثم عاد إلى ديارّ مصر ودام بها إلى أن وقع منه أمورّ أنكرت عليه فاستوحأش الناس منه وكان لما مات أبوه تقاعد عن مبايعته جماعة من كبارّ القواد لقلة المال وعجزه عن أن ينعم عليهم لن أبا الجيش خمارّويه كان أنفق في جهازأ ابنته قطر الندى لما زأوجها للخليفة المعتضد جميع ما كان في خزائنه ومات بعد ذلك بمدة يسيرة قال بعضهم فمات حأقا حأين حأاجته إلى الموت لنه لو عاش أكثر من هذا حأتى يلتمس ما كانت جرت عادته به لستصعب ذلك عليه ولو نزلت به ملمة ولما تقاعد كبارّ القواد عن بيعة جيش تلطف بعض القواد في أمره حأتى تمت البيعة وبايعوه وهو صبي لم يؤدبه الزمان ول محنه التجارّب والعرفان وقد قيل بعيد نجيب ابن نجيب من نجيب فلما تم أمر جيش المذكورّ أقبل على الشرب واللهو مع عامة أوباش منهم غلم رّومي ل وزأن له ول قيمة يعرف ببندقوش ورّجلن من عامة العيارّين الذين يحملون الحجارّة الثقال والعمد الحديد ويعانون الصراع أحأدهما يعرف بخضر والثاني يعرف بابن البواش وغير هؤلء من غلمان لم يكن لهم حأال جعلهم بطانته فأول شيء حأسنوه له أن وثبوه على عمه أبي العشائر فقالوا له: هذا يرى نفسه أنه هو الذي رّد الدولة يوم الطواحأين لما انهزم أبوك وكان يقرع أباك بهزيمته يومئذ ويذيع ذلك عند خاصته ويقولون أي ًضا إنه هو الذي هم بالوثوب حأتى صنع أهل برقة فيه ماصنعوا ويتلفت إلى أهل برقة ويرى أنهم أعداؤه ويتربص بهم أن تدول له دولة فيأخذ بثأرّه منهم فهويتلمظ إلى الدولة وإلى ما في نفسه مما ذكرناه والمنايا تتلمظ إليه كما قال الشاعر: تلمظ السيف من شوق إلى أنس والموت يلحظ والقدارّ تنتظر فعند ذلك قبض عليه جيش هذا ودس إليه من قتله ثم قال عنه إنه مات حأتف أنفه وتحقق الناس قتله فنفرت القلوب عنه أي ًضا لكونه قتله بغيا عليه وتعديا ثم آشتغل بعد ذلك جيش بهذه الطائفة المذكورّة عن حأقوق قواد أبيه وعن أحأوال الرعية وكانت القواد أمراء شدادا يرون أنفسهم بعينها في التقديم والرياسة والشجاعة وإنما كان قبضهم أبوه خمارّويه بجميل أفعاله وكريم مقدماته إليهم ولسعة الفضال عليهم وهم مثل خاقان المفلحي ومحمد بن إسحاق بن كنداج ووصيف بن سوارّتكين وبندقة بن لمجورّ وأخيه محمد بن لمجورّ وابن قراطغان ومن أشبههم ثم آنتقل من هذا إلى أن صارّ إذا أخذ منه النبيذ يقول لطائفته التي ذكرناها واحأدا بعد واحأد: غدا أقلدك موضع فلن وأهب لك دارّه وأسوغك نعمته فأنت أحأق من هؤلء الكلب كل ذلك ومجالسه تنقل إليهم فعند ذلك بسط القواد ألسنتهم فيه وشكا القواد بعضهم إلى بعض مايلقونه منه فقالوا نفتك به ولنصبر له على مثل هذا وبلغه الخبر فلم يكتمه ولم يتلف القضية ول شاورّ من يدله على مداواة أمره بل أعلن بما بلغه عنهم وتوعدهم وقال: لطلقن الرجالة عليهم ولفعلن بهم فاتصلت بهم مقالته فآعتزل من عسكره كبارّ القواد من الذين سميناهم مثل ابن كنداج وطبقته وخرجوا في خاصة غلمانهم وهي زأهاء ثلثم ْائة غلم وسارّوا على طريق أيلة ورّكبوا جبل الشراة حأتى وصلوا إلى الكوفة بعد أن نالهم في طريقهم كد شديد ومشقة وكادوا أن يهلكوا عطشا واتصلت أخبارّهم بالخليفة المعتضد ببغداد فوجه إليهم بالزاد والميرة والدواب وبعث إليهم من يتلقاهم وقبلهم أحأسن قبول وأجزل جوائزهم وضاعف أرّزأاقهم وخلع عليهم وصنع في أمرهم كل جميل والمعتضد هذا هو صهر جيش صاحأب الترجمة وزأوج أخته قطر الندى المقدم ذكرها في ترجمة أبيها خمارّويه وآستمر جيش هذا مع أوباشه بمصر وبينما هوفي ذلك ورّد عليه الخبر بخروج طغج بن جص أمير دمشق عن طاعته وخروج آبن طغان أمير الثغورّ أي ًضا وأنهما خلعاه جميعا وأسقطا آسمه من الدعوة والخطبة على منابر أعمالهم فلم يكربه ذلك ول آستشنعه ولرّئي له على وجهه أثر فلما رّأى ذلك من بقي من غلمان أبيه بمصر مشى بعضهم إلى بعض وتشاورّوا في أمره فاجتمعوا على خلعه ورّكب بعضهم وهجم عليه غلم لبيه خزرّي يقال له برمش فقبض عليه وهم بقتله ثم كف عنه فلما كان من الغد آجتمع القواد في مجلس من مجالس دارّ أبيه وتذاكروا أفعلله وأحأضروا معهم عمول البلد وأعادوا لهم أخبارّه وقالوا لهم: ما مثل هذا يقلد شيئا من أمورّ المسلمين وأحأضروه لن جماعة من غلمان أبيه يعني ممالكيه قالوا: لنقفد غيره حأتى يحضر ونسمع قوله فإن وعد برجوع وتاب من فعله أمهلناه وجربناه وإن أقر بعجزه عن حأمل ما حأمل وجعلنا في حأل من بيعته بايعنا غيره على يقين وعلى غير إثم فأحأضروه فاعترف أنه يعجز عن القيام بتدبير الدولة وأنه قد جعل من له في عنقه بيعة في حأل وعمل بذلك محضر شهد فيه عدول البلد ووجوهه ومن حأضر من القواد والغلمان أعني المماليك وصرفوه وكان قبل القبض عليه رّكبوا إلى أبي جعفر بن أبى وقالوا له: أنت خليفة أبيه وكان ينبغي لك أن تودبه وتسدده فقال لهم: قد تكلمت جهدي ولكن لم يسمع مني وبعد فتقدموني إليه فتسمعون ما أخاطبه به فتقدموه ورّكب من دارّه فلما جاوزأ دارّه قليل لقيه برمش فضرب بيده على شكيمة فرسه وقال له: أنت خليفة أبيه وخليفته ونصف ذنبه لك وجره ج ًرا وبينما هو في ذلك إذ أقبل علي بن أحأمد فقبض على الخر وقال له: أنت وزأيره وكاتبه وعليك ذنبه لنه كان يجب عليك تقويمه وتعريفه ما يجب عليه فصعد بالثنين جميعا إلى المنظر وقعد معهما كالملزأم وبينما هوعلى ذلك إذ خطر على قلبه شيء فقام إلى دابته وتركهما ومضى نحو باب المدينة فوثب من فورّه آبن أبى إلى دابته ورّكبها وقال لعلي بن أحأمد: آرّكب وآلحقني وحأرك دابته فإنه كان أحأس الموت ثم جاءه الخلص من الله ورّكب بعده علي بن أحأمد فلم يتجاوزأ المنظر حأتى لحقه طائفة من الرجالة فقتلوه ومر ابن أبى إلى نحو المعافر فتكفن هناك وآختفى وعاد برمش فلم يجد ابن أبى فمضى من فورّه وهجم على جيش وقبض عليه حأسبما ذكرناه من خلعه وحأبسه وورّى جثة علي بن أحأمدة وسلم آبن أبى. فقال بعضهم في علي بن أحأمد: المجتث أحأسن إلى الناس طرا فأنت فيهم معان وآعلم بأنك يو ًما كما تدين تدان وقيل في أمر جيش المذكورّ وجه آخر وهو أنه لما وقع من أمر القواد ما وقع خرج أبو العساكر جيش إلى متنزه له بمنية الصبغ غير مكترث بما وقع له وبينما هو في ذلك ورّد عليه الخبر بوثوب الجند عليه وقالوا له: ل نرضى بك أبدا فتنح عنا حأتى نولي عمك نصربن أحأمد بن طولون فخرج إليهم كاتبه علي بن أحأمد الماذرّائي الذي تقدم ذكر قتله وسألهم أن ينصرفوا عنه يومهم فآنصرفوا فقام جيش المذكورّمن وقته ودخل على عمه نصر وكان في حأبسه فضرب عنقه وعنق عمه الخر ورّمى برأسيهما إلى الجند وقال: خذوا أميركم فلما رّأوا ذلك هجموا عليه وقتلوه وقتلوا أمه معه ونهبوا دارّه وأحأرقوها وأقعدوا أخاه هارّون بن خمارّويه في المرة مكانه ثم طلب علي بن أحأمد الماذرّائي كاتبه المقدم ذكره وقتلوه وقتلوا أي ًضا بندقوش وابن البواش ونهبت دارّ جيش فوقع في أيدي الجند من نهبها مايمل قلوبهم وعيونهم حأتى إن بعضهم من كثرة ماحأصل له ترك الجندية وسكن الريف وصارّ من مزارّعيه وتجارّه وقال العلمة شمس الدين يوسف ابن قزأوغلي في مرآة الزمان وجها آخر في قتل جيش هذا فقال ولي إمرة دمشق بعد موت أبيه بمدة يسيرة ثم خرج إلى مصر في هذه السنة يعني سنة ثلث وثمانين ومائتين واستعمل على دمشق طغج بن جف فلما دخل إلى مصر لم يرض به أهلها وقالوا: نريد أبا العشائر هارّون فوثب عليه هارّون فقتله في جمادى الخرة وكانت ولايته خمسة أشهر واستولى على مصر قال رّبيعة بن أحأمد بن طولون: لما قتل أخي خمارّويه ودخل ابنه جيش مصر قبض علي وعلى عميه نصر وشيبان ابني أحأمد بن طولون وحأبسهما في حأجرة معي في الميدان وكان كل يوم تأتينا المائدة عليها الطعام فكنا نجتمع عليها فجاءنا يوما خادم فأخذ أخانا نصرا فأدخله بيتا فأقام خمسة أيام ل يطعم ول يشرب والباب عليه مغلق فدخل علينا ثلثة من أصحاب جيش وقالوا أمات أخوكما فقلنا ل ندرّي فدخلوا عليه البيت فرماه كل واحأد منهم بسهم في مقتل فقتلوه وكانت ليلة الجمعة فأخرجوه ثم أغلقوا علينا الباب وبقينا يوم الجمعة ويوم السبت لم يقدموا إلينا بطعام فظننا أنهم يسلكون بنا مسلك أخينا فلما كان يوم الحأد سمعنا صراخا في الدارّ وفتح باب الحجرة علينا وأدخل علينا جيش بن خمارّويه فقلنا: ما حأالك فقال: غلبني أخي هارّون على البلد وتولى المارّة فقلنا الحمد لله الذي قبض يدك وأضرع خدك فقال ما كان عزمي إل أن ألحقكما بأخيكما ثم جاء الرسول وقال: المير هارّون قد بعث إليكما بهذه المائدة وكان في عزم جيش أن يلحقكما بأخيكما نصر فقوما إليه فاقتله وخذا بثأرّكما منه وآنصرفا على أمان قال: فلم نقتله وآنصرفنا إلى منازألنا وبعث هارّون خدما فقتلوه وكفينا أمر عدونا انتهى كلم أبي المظفر. قلت: وكان خلع جيش لعشر خلون من جمادى الخرة سنة ثلث وثمانين وكانت وليته ستة أشهر واثني عشر يو ًما وقتل في السجن بعد خلعه بأيام يسيرة. بن خمارّويه على مصر على أنه حأكم من الماضية شه ًرا وأيا السنة سنة ثلث ًما وهذه وثمانين ومائتين: فيها قدم رّسول عمرو بن الليث الصفارّ على الخليفة المعتضد العباسي من خراسان بالهدايا والتحف وفيها مائتا جمل ومائتا حأمارّة ومن الطرائف شيء كثير منها: صنم على خلقة آمرأة كان قوم من الهند في مدينة يقال لها: أيل شاه كانوا يعبدونها وفيها خرج جماعة من قواد مصر إلى المعتضد منهم محمد بن إسحاق وخاقان البلخي وبدرّ بن جف وسبب قدومهم إلى المعتضد أنهم كانوا أرّادوا أن يقتلوا جيش بن خمارّويه المذكورّ فسعي بهم إليه وكان رّاكبا كانوا في موكبه وعلموا أنه قد علم بهم فخرجوا من وقتهم وسلكوا البرية وتركوا أموالهم وأهاليهم فتاهوا أياما ومات منهم جماعة من العطش ثم خرجوا على طريق الكوفة فبلغ أمرهم الخليفة المعتضد فأرّسل إليهم الطعمة والدواب ثم وصلوا بغداد فأكرمهم المعتضد وقربهم وفيها توقي إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم أبوإسحاق الثقفي السراج النيسابورّي كان المام أحأمد بن حأنبل يزورّه في منزله لزهده وورّعه. وفيها توفي سهل بن عبد الله بن يونس أبو محمد التستري أحأد المشايخ ومن أكابر القوم والمتكلم في علوم الخلص والرياضات وكان كبير الشأن. وفيها توفي صالح بن محمد بن عبد الله الشيخ أبو الفضل الشيرازأي البغدادي كان رّجل صالحا ختم القرآن أرّبعة آلف مرة. وفيها توفي عبد الرحأمن بن يوسف بن سعيد بن خراش أبو محمد الحافظ البغدادي أقام بنيسابورّ مدة مستفي ًدا من محمد بن يحيى الذهلي وغيره وسمع منه جماعة وكان أوحأد زأمانه وفريد عصره. وفيها توفي علي بن العباس بن جريج أبو الحسن الشاعر المشهورّ المعروف بابن الرومي مولى عبيد الله بن عيسى بن جعفر كان فصيحا بليغا وهو أحأد الشعراء المكثرين في الغزل والمدح والهجاء قال صاحأب المراة: إنه مات في هذه السنة. وقال ابن خلكان توفي ليلة الرّبعاء لليلتين بقيتا من جمادى الولى سنة ثلث وثمانين وقيل أرّبع وثمانين وقيل سنة ست وسبعين. وهذه القوال أثبت من قول صاحأب المرآة انتهى ومن شعره ولم يسبق إلى هذا المعنى: آرّاؤكم ووجوهكم وسيوفكم في الحادثات إذا دجون نجوم منها معالم للهدى ومصابح تجلو الدجى والخريات رّجوم وله من قصيدة الكامل وإذا آمرؤ مدح آمرأ لنواله وأطال فيه فقد أرّاد هجاءه ويحكى أن لئما لمه وقال له: لم ل تشبه تشبيه آبن المعتز وأنت أشعر منه قال له أنشدني شيئا من شعره أعجز عن مثله فأنشده صفة الهلل الكامل فآنظر إليه كزورّق من فضة قد أثقلته حأمولة من عنبر فقال آبن الرومي زأدني فأنشده مجزوء الرجز: كأن آذرّيونها والشمس فيه كاليه مداهن من ذهب فيها بقايا غاليه فقال ابن الرومي واغاثاه ل يكلف الله نفسا إل وسعها ذلك إنما يصف ماعون بيته لنه آبن الخلفاء وأنا مشغول بالتصرف في الشعر وطلب الرزأق به أمدح هذا مرة وأهجو هذا كرة وأعاتب هذا تارّة وأستعطف هذا طورّا " انتهى وفيها توفي علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارّب الموي البصري قاضي القضاة أبو الحسن كان ولي القضاء بسرمن رّأى وكان عالما عفيفا ثقة وفيها توفي الوليدبن عبيدبن يحيى أبن عبيد بن شملل أبو عبادة الطائي البحترفي الشاعر المشهورّ أحأد فحول الشعراء وصاحأب الديوان المعروف به كان حأامل لواء الشعر في عصره مدح الخلفاء والوزأرّاء والملوك وأصله من أهل منبج وقدم لدشق صحبة المتوكل ووصل إلى مصر إلى خمارّويه. حأكي أن المتوكل قال له يوما يابحتري قل في رّاح بيت شعر ولتصرح باسمه فقال مجزوء الرمل: اسم من أهواه في شعري مقلوب مصحف ومن شعره في المتوكل أي ًضا من قصيدة الكامل: فلو أن مشتا ًقا تكلف غير ما في وسعه لسعى إليك المنبر فلما تخلف المستعين قال ل أقبل إل ممن قال مثل هذا قال أبو جعفر أحأمد بن يحيى البلذرّي فأنشدته الطويل ولو أن برد المصطفى إذ لبسته يظن لظن البرد أنك صاحأبه وقال وقد أعطيته ولبسته نعم هذه أعطافه ومناكبه وله الطويل: شكرتك إن الشكر للعبد نعمة ومن شكر المعروف فآلله زأائده لكل زأمان واحأد يقتدى به وهذا زأمان أنت ل شك واحأده الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي سهل بن عبد الله التستري الزاهد والعباس بن الفضل السفاطي وعلي بن محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارّب القاضي ومحمد بن سليمان الباغندي. أمر النيل في هذه السنة: ولية هارّون بن خمارّويه هو المير أبو موسى هارّون بن خمارّويه بن أحأمد بن طولون التركي الصل المصري المولد. ولي مصر بعد قتل أخيه جيش بن خمارّويه في اليوم العاشر من جمادى الخرة سنة ثلث وثمانين ومائتين وتم أمره وكانت بيعته من غير عطاء للجند وهو من الغرائب وبايعوه طوعا أرّسال ولم يمتنع عليه أحأد وجعلوا أبا جعفر بن أبى خليفته والمؤيد لمره ولتدبيره وسكنت ثائرة الحرب وقر قرارّ الناس وقتل غالب أصحاب جيش ولم يسلم منهم إل عبد الله بن الفتح واستتر أبو عبد الله القاضي خوفا من مثل مصرع علي بن أحأمد لنه يعلم ما كان له في نفوس الناس وماظهر إلفي اليوم الذي دخل فيه محمد بن سليمان البلد وقلد القضاء بعده أبوزأرّعة محمد بن عثمان من أهل دمشق. وأخرج جيش بعد أيام ميتا ثم بعد أيام أمر أبو جعفر بن أبى رّبيعة بن أحأمد بن طولون أن يخرج إلى السكندرّية فيسكنها هو وولده وحأريمه ويبعد عن الحضرة فتوجه إلى السكندرّية وأقام بها على أجمل وجه إلى أن حأركه أجله وكاتبه قوم ووثبوه وقالوا له: أنت رّجل كامل مكمل التدبير وقد تقلدت البلدان وأحأسنت سياستها ولوكشفت وجهك لتبعك أكثر الجيش فأطاعهم وأقبل رّكضا فسبق من كان معه فلم يشعر الناس به إل وهو بالجبل المقطم وحألى ومعه غلم له نوبي وبيده مطرد ينشد الناس لنفسه ويدعوهم إلى ما كاتبوه وآتصل خبره بآبن أبى فبعث النقباء الى الناس وأمرهم بالركوب فركب الناس وأقبلوا يهرعون من كل جانب. ونزل رّبيعة مدل بنفسه وكان من الفرسان طمعا فيمن بقي له ممن كاتبه فلم يأته أحأد وسارّ وحأده وفر عنه من كان معه أي ًضا وبقي كالليث يحمل على قطعة قطعة فينقضها وتنهزم منه حأتى برزأ له غلم أسود خصي يعرف بصندل المزاحأمي مولى مزاحأم بن خاقان الذي كان أميرا على مصر وقد تقدم ذكره فحمل عليه رّبيعة فرمى صندل بنفسه إلى الرّض وقال له: بتربة الماضي فكف عنه وقال له: امض الى لعنة الله. ثم برزأ إليه غلم آخر يعرف بأحأمد غلم الكفتي والكفتي أي ًضا كان من جملة قوادهم فحمل عليه رّبيعة فقتله. وأقبل رّبيعة يحمل على الناس ميمنة وميسرة ويحملون عليه بأجمعهم فيكمونه ويرثونه إلى الصحراء ثم يرجع عليهم فيردهم إلى موضعهم فلم يزل هذا دأبه إلى الزوال فتقطر عن فرسه فأكبوا عليه ورّموا بأنفسهم عليه حأتى أخذوه مقانصة فآعتقل يومه ذلك فلما كان من الغد أمر أن يضرب مائة سوط ووكل به الكفتي القائد ليأخذه بثأرّغلمه فكان الكفتي يحض الجلدين ويصيح عليهم ويأمرهم بأن يوجعوا ضربه حأتى استرخى وقيل: إنه مات فقال الكفتي: هيهات! لحم البقر ل ينضج سريعا! فضرب أسوا ثم أمر ًطا بعد موته به فدفن في حأجرة بقرب من بئر الجلودي ومنع أن يدفن مع أهله. فلما كان من غد يوم دفنه بلغ سودان أبيه أن الكفتي قال: لحم البقر ل ينضج سريعا وأنه ضربه بعد أن مات أسواطا فغاظهم ذلك وحأركهم عليه وزأحأفوا إلى دارّه وبلغه الخبر فتنحى عنها فجاؤوا دارّه فلم يجدوه فنهبوا دارّه ولم يكن له علم بذلك فأخفوا منها شيئا كثيرا حأتى تركت حأرمته عريانة في البيت ل يوارّيها شيء. ورّجع الكفتي إلى دارّه فرأى نعمته قد سلبت وحأرمته قد هتكت فدخل قلبه من ذلك حأسرة فمات كمدا بعد أيام. وثبت ملك هارّون هذا وهو صبي يدبر ول يحسن أن يدبر والمر كله مردود إلى أبى جعفر بن أبى يدبر كما يرى. فلما رّأى غلمان أبيه الكبارّ المر كله لبي جعفر وهم بحر وفائق وصافي قبض كل منهم على قطعة من الجيش وحأازأها لنفسه وجعلها مضافة له يطالب عنهم ما يستحقونه من رّزأق وجراية وغيرها وسأل أن يكون ما لهم محمول إلى دارّه يتولى هو عطاءهم فصارّ عطاء كل طائفة من الجند إلى دارّ الذي صارّت في جملته وصارّوا له كالغلمان. ثم خرج بدرّ القائد والحسن بن أحأمد الماذرّائي إلى الشأم فأصلحوا أمرها واستخلفوا على دمشق من قبل هارّون المذكورّ المير طغج بن جف وقررّوا جميع أعمال الشامات ثم عادوا إلى مصر. ثم حأج بدرّ المذكورّ في السنة وأظهر زأيا حأسنا وأنفق نفقة كثيرة وأصلح من عقبة أيلة ًرا. جرفا كبي على كل ما فعله بدرّ وكان دأبهم المنافسة في حأسن الزي وبسط اليد بالنفاق في وجوه البر. وبنى بد الميضأة المعروفة به على باب الجامع العتيق ووقف عليها القيسارّية الملصقة لها وجعل مع الميضأة ماء عذبا في كيزان توضع في حألقة من حألق المسجد وكان صاحأب صدقات بدرّ رّجل يعرف بالليث بن داود فكان الشخص يرى المساكين زأمرا زأمرا يتلو بعضهم بعضا ينادون في الطريق: دارّ الليث دارّ الليث فيعطيهم الليث الدرّاهم واللحم المطبوخ ويكسوهم في الشتاء الجباب الصوف ويفرق فيهم الكسية وتم ذلك أيام حأياة بدرّ كلها وكان لصافي وفائق أي ًضا عمال مثل ذلك وأكثر. قال محمد بن عاصم العمري وكان من علماء الناس قال: صرت إلى مصر فلم يحتف بي أحأد غير أبي موسى هارّون بن محمد العباسي فصارّ يحضر لي مائدة ويباسطني في محادثته وحأملني ذلك على أن آستحييته فقال لي: أنا أعرف بصدقك فيما ذكرت وليس يرضيني لك ما ترى لن هذه أشياء تقصر عن مرادي ولكني سأقع لك على موضع يرضيك ويرضيني فيك ودام على ذلك مدة ل يقطع عني عادته إلى أن توفي لهارّون صاحأب مصر ولد صغير فبادرّ هارّون بإخراجه والصلة عليه وصرنا به إلى الصحراء. فما وضع عن أعناق حأامليه حأتى أقبل موكب عظيم فيه بحر وفائق وصافي موالي أبي الجيش خمارّويه ومحمد بن أبى وجماعة فقالوا: نصلي عليه فقال هارّون: قد صليت عليه فقالوا: ل بد أن نصلي عليه فقال هارّون بن محمد العباسي: ادعوا إلي محمد بن عاصم العمري وكنت في أخريات الناس فلم يزالوا قياما ينتظرونني حأتى أتيت فقال لي: صل بهم فصليت بهم وآنصرفنا فلما كان بعد يومين قال لي: قد عرفت بك هؤلء القوم فامض إليهم فإنك تنال أجرا كبيرا قال: فصرت إلى أبوابهم وسلمت عليهم فلم يمض أقل من شهر حأتى نالني منهم مال كثير وحأسنت حأالي إلى الغاية ثم ذكر عن هؤلء القوم من هذه الشياء نبذا كثيرة. وأما أمر هارّون صاحأب الترجمة فإنه لما تم أمره صارّ أبوجعفربن أبىهو مدبر مملكته. وكان أبوجعفر عنده دهاء ومكر فبقي في قلبه أثر مما فعله برمش من يوم خلع جيش وقتل علي بن أحأمد وكان من القواد رّجل يعرف بسمجورّ قد قلد حأجابة هارّون فبسط لسانه في ابن أبى المذكورّ وحأرك عليه القواد وبلغ ذلك ابن ابى فقال لهارّون: احأفر سمجورّ هذا وهارّون صبي فلم يتحمل ذلك ودخل القواد في شهر رّمضان يفطرون عنده وكان سمجورّ فيهم فلما نجز أمرهم وخرجوا استقعد سمجورّ وقال له: يا سمجورّ أنت مدسوس إلي وأنا مدسوس إليك وتريد كيت وكيت وغمز غلمانه عليه فقبضوا عليه واعتقله في خزانة من خزائنه فكان ذلك اخر العهد به. وأما برمش فإن أبا جعفربن أبى خل به وقال له: ويحك ألترى ما نحن فيه مع هؤلء القوم انقلبت الدولة رّومية ما لنا معهم أمر ولنهي. وكان برمش خزرّيا أحأمق فبسط لسانه في بدرّ وغيره من الرّوام فنقل إليهم. وكان بدرّ أخلقه كريمة وكان من أحأسن خلقه أن الرجل إذا قبل فخده يقبل هورّأس الرجل فدس له برمش غلما فوقف له على الباب فلما خرج بدرّ أقبل عليه الغلم وقبل فخده فانكب بدرّ على رّأسه فضربه الغلم في رّأسه فشجه وقبض على الغلم السود فقال: دسني برمش فغضب له الناس ورّكبوا قاصدين دارّ برمش فعرف برمش المر فركب لحماقته وأمر غلمانه وحأواشيه فركبوا وخرجوا إلى الموضع المعروف ببئر برمش وكان هو الذي آحأتفرها وبناها وصف هناك مماليكه فركب في الحال آبن أبى لما في نفسه من برمش قديما وقد تم له ما دبره عليه وقال لهارّون: هذا غلمك برمش قد خرج عليك فأرّسل بالقبض عليه ثم قال: الصواب أن تخرج بنفسك إليه في مماليكك وتبادرّ المر قبل أن يتسع ويعسر أمره فركب هارّون في دسته فلم يبق أحأد إلرّكب بركوبه فلما رّأى برمش ذلك تأهب لقتالهم وأخذ قوسه وبادرّأن يرمي به فقالوا له: مولك ويلك مولك المير فقال: أرّوني إن كان هو مولي لم أقاتله وإن كان هؤلء الرّوام أقاتلهم كلهم ونموت جميعا فلما رّأى المير هارّون رّمى بنفسه عن دابته إلى الرّض فغمز آبن ابى الرجالة عليه فتعاورّوه بأسيافهم حأتى قتل ونهبت دارّه ورّجع هارّون إلى دارّ المارّة ثم بعد مدة قدم هارّون القائد لحجا وكان من أصاغر القواد لبي الجيش خمارّويه وبلغه مراتب غلمان أبيه الكبارّ فغاظ ذلك بح ًرا وصاف ًيا وفائقا لنهم كانوا يرون نفوسهم أحأق بذلك منه. ثم بعد ذلك نفى هارّون صافيا إلى الرملة فتأكدت الوحأشة بينهم وبين هارّون وبينما هم في ذلك أتاهم الخبر أن رّجل يزعم أنه علوي قد ظهر بالشأم في طائفة من الناس فعاث أول بنواحأي الرقة ثم قدم الشأم فاتصل خبره بطغج بن جف وهو يومئذ أمير دمشق فتهاون به ورّكب إليه وهويظن أنه من بعض العراب بغير أهبة ول عدة ومعه البزاة والصقورّة كأنه خارّج إلى الصيد فلما صافه لقيه رّجل متله ًفا على الشر لما تقدم له من الظفر بجماعة من أعيان الملوك فقاتله طغج فانهزم منه أقبح هزيمة ونهبت عساكره وعاد طغج إلى دمشق مكسورّا فدخل قلوب الشاميين منه فزع شديد فكتب طغج إلى هارّون هذا يستمده على قتاله فأخرج إليه هارّون بدرّا الحمامي وجماعة من القواد في جيش كثيف فسارّوا إلى الشأم وآلتقوا مع الخارّجي المذكورّ وقد لقب بالقرمطي. وكان من أصحاب بدرّ رّجل يقال له زأهير فحلف زأهير المذكورّ بالطلق إنه متى وقع بصره على القرمطي ليرمين بنفسه عليه وليقصدنه حأيث كان فلما تصاف العسكران سأل زأهير المذكورّعن القرمطي فقيل له: هوالراكب على الجمل وله كمان طويلن يشير بهما فحيث أومأ بكمه حأملت عساكره فقال زأهير: أرّى على الجمل آثنين أهو المقدم أم الرديف قالوابل هو الرديف فجعل زأهير يشق الصفوف حأتى وصل إليه فطعنه طعنة وقطره عن جمله صريعا فلما رّآه أصحابه مصرو ًعا حأملوا على المصريين والشاميين حأملة واحأدة شديدة هزموهم فيها وقتلوا منهم خلقا كثيرا ثم أقاموا عليهم أخا القرمطي ورّأسوه عليهم وأقبل زأهير المذكورّ إلى بدرّ الحمامي فقال له: قد قتلت الرجل فقال له بدرّ فأين رّأسه فرجع ليأخذ رّأسه فقتل زأهير قبل ذلك ثم كانت لهم بعد ذلك وقائع كثيرة والقرمطي فيها هوالظافر فقتل من قواد المصريين وفرسانهم خلق كثير وطالت مقاومته معهم حأتى سمع بذلك المكتفي الخليفة العباسي وكان متيقظا في هذا الحال يرى النفاق فيه سهل ويقول المبادرّة في هذا أولى فبادرّ بإرّسال جيش كثيف نحوه وجعل على الجيش محمد بن سليمان الذي كان كاتبا للؤلؤ غلم أحأمد بن طولون التي ذكره في عدة أماكن وسارّ الجيش نحو البلد الشامية فلما أحأس القرمطي بحركة محمد بن سليمان المذكورّ من العراق عدل عن دمشق إلى نواحأي حأمص فقتل منهم مقتلة عظيمة وسبى النساء وعاث في تلك النواحأي وعظم شأنه وكثر أعوانه ودعا لنفسه وخطب على المنابر بآسمه وتسمى بالمهدي وكان له شامة زأعم أصحابه أنها آيته وزأعم أنه عبد الله بن أحأمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زأين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ومن شعره في هذا المعنى قوله: سبقت يداي يديه قصرته هاشمي المجيد وأنا آبن أحأمد لم أقل كذبا ولم به أستزيد ثم بث القرمطي عماله في البلد والنواحأي وكاتبهم وكاتبوه فمن رّسائله إلى بعض عماله: " من عبد الله المهدي المنصورّ بالله الناصر لدين الله القائم بدين الله الحاكم بحكم الله الداعي لكتاب الله الذاب عن حأرم الله المختارّ من ولد رّسول الله صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين وإمام المسلمين ومذل المنافقين وخليفة الله على العالمين وحأاصد الظالمين وقاصم المعتدين ومهلك المفسدين وسراج المستبصرين وضياء المبصرين ومشتت المخالفين والقيم بسنة المرسلين وولد خير الوصيين صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين إلى جعفربن حأميد الكردي سلم عليك فإني أحأمد إليك الله الذي ل إله إل هو وسأله أن يصلي على محمد جدي. أما بعد ماهو كيت وكيت فهذه صورّة مكاتبته إلى القطارّ. انتهى. وأما محمد بن سليمان الكاتب فإن القاسم بن عبيد الله وزأير المكتفي كتب إليه بطلب القرمطي المذكورّ والجد في أمره فسارّ محمد بن سليمان بعساكره نحوه فالتقوا بموضع دون حأماة وكان القرمطي قد قدم أصحابه أمامه وتخلف هوفي نفر ومعه المال الذي جمعه فوقع بين محمد بن سليمان وبين أصحاب القرمطي وقعة آنهزم فيها أصحاب القرمطي أقبح هزيمة وكان ذلك في المحرم سنة إحأدى وتسعين ومائتين فلما علم القرمطي بهزيمة أصحابه أعطى أخاه أمواله وأمره بالنفوذ إلى بعض النواحأى التي يأمن على نفسه فيها إلى أن يتهيأ له مايجب ثم مضى هو وابن عمه المدثر وغلم له يسمى المطوق وغلم آخر يسمى دليل وطلب القرمطي بهم طريق الكوفة وسارّ حأتى آنتهى إلى قرية تعرف بالدالية وعجزوا عن زأادهم فدخل أحأدهم إلى القرية ليشتري لهم زأادا أفأنكروا زأيه وسئل عن أمره فمجمج فأعلم المتولي مسلحة هذه الناحأية بخبره وهورّجل يعرف بأبي خبزة خليفة أحأمدبن محمد بن كشمرد فأقبل عليه أبو خبزة المذكورّ مع أحأداث ضيعته فقاتله وكسره وقبض عليه وعلى من معه فانظر إلى هذا المر الذي عجز عنه الملوك حأتى كانت منيته على يد هذا الضعيف ولله درّ القائل: الطويل وقد يسلم النسان مما يخافه ويؤتى الفتى من أمنه وهو غافل. فقبض عليه المذكورّ وكان أمير هذه النواحأي القاسم بن سيما فكتب بالخبر إلى الخليفة المكتفي وهو بالرقة وقد كان رّحأل في أثر محمد بن سليمان وآتفق مع هذا موافاة كتاب محمد بن سليمان إلى القاسم بن عبيد الله بالفتح والنصرة على القرمطي ثم أحأضر القرمطي إلى بين يدي الخليفة المكتفي فأخذه الخليفة وعاد هو ووزأيره القاسم بن عبيد الله من الرقة إلى بغداد وهوعلى جمل يشهر به في كل بلد يمرون به ومعه أي ًضا من أصحاب القرمطي المدثر والمطوق وجماعة من أسارّى الواقعة ودخل بهم بغداد وقد زأينت بغداد بأفخر الزينة وكان لدخولهم يوم عظيم إلى الغاية فلما كان يوم الثنين الثالث والعشرون من شهر رّبيع الول جلس الخليفة مجلسا عاما وأحأضر القرمطي وأصحابه فقطعت أيديهم وأرّجلهم ثم رّمي بهم من أعلى الدكة إلى أسفل ولم يبق منهم إل ذوالشامة أعني القرمطي ثم قدم القرمطي فضرب بالسوط حأتى استرخى ثم قطعت يداه ورّجله ونخس في جنبه بخشب فلما خافوا عليه الموت ضربوا عنقه ثم حأضر محمد بن سليمان وخلع عليه الخليفة المكتفي ثم خلع على القواد الذين كانوا معه وهم محمد بن إسحاق بن كنداج وحأسين بن حأمدان وأحأمد بن إبراهيم بن كيغلغ وأبو الغر ووصيف وأمر الجميع بالسمع والطاعة لمحمد بن سليمان. ثم أمر الخليفة محمد بن سليمان بالتوجه إلى مصر لقتال هارّون بن خمارّويه صاحأب الترجمة فسارّ محمد بن سليمان بمن معه في شهر رّجب وكتب إلى دميانة غلم يا زأمان وهو يومئذ أمير البحرأن يقفل بمراكبه إلى مصر وسارّ الجيش قاصدا دمشق فلما قربوا منها تلقاهم بدرّ وفائق في جميع جيشهما لما في نفوسهما من هارّون حأسبما قدمناه من تقديم من تقدم ذكره عليهما وصارّوا مع محمد بن سليمان جيشا واحأدا وسارّوا نحو مصر فآتصلت أخبارّهم بهارّون بن خمارّويه هذا فتهيأ لقتالهم وجمع العساكر وأمر بمضربه فضرب بباب المدينة بعد ان نعق في جنده وأمرهم بالتأهب للرحأيل فاستعدوا ثم رّحألوا إلى العباسة يريدون الشأم وتربص هارّون بالعباسة أياما وكتب لبدرّوفائق يستعطفهما ويذكر لهما الحرمة وما يجب عليهما من حأفظ ذمام الماضين من أبيه وجده وصارّت كتبه صادرّة إليهم وإلى القواد بذلك فبينما هو ذات ليلة بالعباسة وقد شرب وثمل ونام امنا في مضربه إذ وثب عليه بعض غلمانه فذبحه وقيل إن ذلك كان بمساعدة بعض عمومته في ذلك وأصبح الناس وأميرهم مذبوح وقد تفرقت الظنون في قاتله فنهض عمه شيبان بن أحأمد بن طولون ودعا لنفسه وضمن للناس حأسن القيام بأمر الدولة والحأسان لمن ساعده فبايعه الناس على ذلك انتهى. وقد ذكر بعضهم قصة هارّون هذا بطريق آخرقال واستمر هارّون هذا في إمرة مصر من غير منازأع لكن أحأوال مصر كانت في أيامه مضطربة إلىأن ورّد عليه الخبر بموت الخليفة المعتضد بالله في شهر رّبيع الخر سنة تسع وثمانين ومائتين وبويع لبنه محمد المكتفي بالخلفة ثم خرج القرمطي بالشأم في سنة تسعين فجهز هارّون لحربه القواد في جيش كبير فهزمهم القرمطي ثم وقع بين هارّون وبين الخليفة المكتفي وحأشة وتزايدت إلى أن أرّسل المكتفي لحربه محمد بن سليمان الكاتب فسارّ محمد بن سليمان من بغداد إلى أن نزل حأمص وبعث بالمراكب من الثغورّ إلى سواحأل مصر وسارّ هو حأتى نزل بفلسطين فتجهز هارّون أي ًضا لقتال محمد بن سليمان المذكورّ وسير المراكب في البحر لحربه وفيها المقاتلة حأتى التقوا بمراكب محمد بن سليمان وقاتلوهم فآنهزموا وكان القتال في تنيس وملك أصحاب محمد بن سليمان تنيس ودمياط وكان هارّون قد خرج من مصر يوم التروية لقتال محمد بن سليمان فلما بلغه الخبر توجه إلى العباسة ومعه أهله وأعمامه في ضيق وجهد فتفرق عنه كثير من أصحابه وبقي في نفر يسير وهو مع ذلك متشاغل باللهو والسكر فاجتمع عماه شيبان وعدي آبنا أحأمد بن طولون على قتله فدخل عليه وهو ثمل فقتله ليلة الحأد لحأدى عشرة بقيت من صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين وسنه يومئذ آثنتان وعشرون سنة وكانت ولايته على مصر ثماني سنين وثمانية أشهر وأيامأ وتولى عمه شيبان مصر بعده وقال سبط ابن الجوزأي في تارّيخه وفيها يعني سنة آثنتين وتسعين ومائتين في صفر سارّ محمد بن سليمان إلى مصر لحرب هارّون بن خمارّويه وخرج إليه هارّون في القواد فجرت بينهم وقعات ثم وقع بين أصحاب هارّون في بعض اليام عصبية فاقتتلوا فخرج هارّون ليسكتهم فرماه بعض المغارّبة بسهم فقتله وتفرقوا فدخل محمد بن سليمان مصر وملكها وآحأتوى على دورّآل طولون وأسبابهم وأخذهم جمي ًعا وكانوا بضعة عشر رّجل فقيدهم وحأبسهم واستصفى أموالهم وكتب بالفتح إلى المكتفي. وقيل إن محمد بن سليمان لما قرب من مصر أرّسل إلى هارّون يقول إن الخليفة قد ولني مصر ورّسم أن تسير بأهلك وحأشمك إلى بابه إن كنت مطيعا وبعث بكتاب الخليفة إلى هارّون فعرضه هارّون على القواد فأبوا عليه فخرج هارّون فلما وقع المصاف صاح هارّون يا منصورّ فقال القواد هذا يريد هلكنا فدسوا عليه خادما فقتله على فراشه وولوا مكانه شيبان بن أحأمد بن طولون ثم خرج شيبان إلى محمد مستأمنا وكتب الخليفة إلى محمد بن سليمان في إشخاص آل طولون وأسبابهم والقواد وأل يترك أحأدا منهم بمصر والشأم فبعث بهم إلى بغداد فحبسوا في دارّ صاعد. انتهى ما أورّدناه من ترجمة هارّون من عدة أقوال بخلف وقع بينهم في أشياء كثيرة. وأما محمد بن سليمان المذكورّ فأصله كاتب الخادم لؤلؤ الطولوني قال القضاعي يقال إن أحأمد بن طولون جلس يوما في بعض متنزهاته ومعه كتاب ينظر فيه وإذا بشاب قد أقبل فالتفت أحأمد إلى لؤلؤ الطولوني وقال اذهب وأتني برأس هذا الشاب فنزل إليه لؤلؤ وسأله من أي بلد هو وما صنعته فقال من العراق من أبناء الكتاب فقال له وما أتيت تطلب قال: رّزأقا فعاد لؤلؤ إلى أحأمد بن طولون فقال له ضربت عنقه فسكت فأعاد عليه القول فسكت فآستشاط أحأمد بن طولون غيظا ثم أمره بقتله فقال لؤلؤ يا مولي بأي ذنب تقتله فقال: إني أرّى في هذا الكتاب من منذ سنين أن زأوال ملك ولدي يكون على يد رّجل هذه صفته فقال يا مولي أو هذا صحيح قال هذا الذي رّأيته وتفرسته فقال يا مولي ل يخلو هذا المر من أن يكون حأقا أو كذبا فإن كان كذبا فما لنا والدخول في دم مسلم وإن كان حأقا فلعلنا نفعل معه خيرا عله يكافىء به يوما وإن كان الله قدرّ ذلك فإنا ل نقدرّ على قتله أبدا فسكت أحأمد بن طولون فأضافه لؤلؤ إليه وكان هذا الشاب يسمى محمد بن سليمان الكاتب الحنيفي منسوب إلى حأنيفة السمرقندي فلم تزل اليام تنتقل بمحمد المذكورّ والدهر يتصرف فيه إلى أن بقي ببغداد قائدا من جملة القواد وجرى من أمره ما تقدم ذكره من قتال القرامطة وهارّون صاحأب مصر إلى أن ملك الديارّ المصرية وأمسك الطولونية وخرب منازألهم وهدم القصر المسمى بالميدان الذي كان سكن أحأمد بن طولون وتتبع أساسه حأتى أخرب الديارّ ومحا الثارّ ونقل ما كان بمصر من ذخائر بني طولون إلى العراق وقال صاحأب كتاب الذخائر إن محمد بن سليمان المذكورّ رّجع إلى العراق في سنة اثنتين وتسعين ومائتين ومعه من ذخائر بني طولون أموال عظيمة يقال إنه كان معه أكثر من ألف ألف دينارّ عينأ وأنه حأمل إلى الخليفة المام المكتفي من الذخائر والحلي والفرش أرّبعة وعشرين ألف حأمل جمل وحأمل آل طولون معه إلى بغداد وأخذ محمد بن سليمان لنفسه وأصحابه غير ذلك مال يحصى كثرة ولما وصل محمد بن سليمان إلى حألب متوج ًها إلى العراق كتب الخليفة المكتفي إلى وصيف مولى المعتضد أن يتوكل بإشخاص محمد بن سليمان المذكورّ فأشخصه وصيف المذكورّ إلى الحضرة فأخذه المكتفي وقيده وصادرّه وطالبه بالموال التي أخذها من مصر ولم يزل محمد بن سليمان معتقل إلى أن تولى آبن الفرات للخليفة المقتدرّ جعفر فأخرجه إلى قزوين والًيا على الضياع والعشارّ بها. يأتي ذكر محمد بن سليمان هذا ثانيأ بعد ذلك في السنة الولى من ولية هارّون بن خمارّويه وهي سنة أرّبع وثمانين ومائتين: فيها كانت وقعة بين المير عيسى النوشري التي ذكره في أمراء مصر وبين بكر بن عبد العزيزبن أبي دلف وكان قد أظهر العصيان فهزمه النوشري بقرب أصبهان وآستباح عسكره. وفيها ظهرت بمصر حأمرة عظيمة في الجو حأتى إنه كان الرجل إذا نظر في وجه الرجل يراه أحأمر وكذا الحيطان فتضرع الناس بالدعاء إلى الله وكانت من العصر إلى الليل وفيها بعث عمرو بن الليث بألف ألف درّهم لتنفق على إصلح درّب مكة من العراق قاله ابن جرير الطبري وفيها عزم المعتضد على لعن معاوية على المنابر فخوفه عبيد الله الوزأير بآضطراب العامة فلم يلتفت وتقدم إلى العامة بلزوم أشغالهم وترك الجتماع بالناس ومنع القصاص من القعود في الماكن ثم منع من اجتماع الحلق في الجوامع وكتب المعتضد كتابا في ذلك واجتمع الناس يوم الجمعة بناء على أن الخطيب يقرؤه فما قرىء. وفيها ظهر في دارّ الخليفة المعتضد شخص في يده سيف مسلول فقصده بعض الخدام فضربه بالسيف فجرحأه واختفى في البستان فطلب فلم يوجد له أثر فعظم ذلك على المعتضد وآحأترزأ على نفسه وساءت الظنون فيه فقيل هو من الجن وقيل غير ذلك وأقام الشخص يظهر مرارّا ثم يختفي ولم يظهر خبره حأتى مات المعتضد والمكتفي فإذا هو خادم كان يميل إلى بعض الجوارّي التي في الدورّ وكانت عادة المعتضد أنه من بلغ الحلم من الخدام منعه من الدخول إلى الحرم وكان خارّج دورّ الحرم بستان كبير فآتخذ هذا الخادم لحية بيضاء وبقي تارّة يظهر في صورّة رّاهب وتارّة يظهر بزي جندي بيده سيف وآتخذ عدة لحى مختلفة الهيئات واللوان فإذا ظهر خرجت الجارّية مع الجوارّي لتراه فيخلو بها بين الشجر فإذا طلب دخل بين الشجر ونزع اللحية والبرنس ونحو ذلك وخبأها وترك السيف في يدى مسلول كأنه من جملة الطالبين لذلك الشخص وبقي كذلك إلى أن ولي المقتدرّ الخلفة وأخرج الخادم إلى طرسوس فتحدثت الجارّية بحديثه بعد ذلك وفيها في يوم الخميس رّابع المحرم قدم رّسول عمرو بن الليث الصفارّعلى المعتضد برأس رّافع بن هرثمة فخلع على الرسول ونصب الرأس في جا نبي بغداد. وفيها وعد المنجمون الناس بغرق القاليم السبعة ويكون ذلك من كثرة المطارّ وزأيادة المياه في العيون والبارّ فآنقطع الغيث وغارّت العيون وقلت المياه حأتى احأتاج الناس إلى أن آستسقوا ببغداد حأتى أمطروا وكذب الله المنجمين وفيها حأج بالناس محمد بن عبد الله بن ترنجة وفيها توفي أحأمد بن المبارّك أبوعمرو المستملي النيسابورّي الزاهد العابد كان يسمى رّاهب عصره يصوم النهارّ ويقوم الليل وكانت وفاته بنيسابورّ في جمادى الخرة الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي إسحاق بن الحسن الحربي وأبو عمرو أحأمد بن المبارّك المستملي وأبوخالد عبد العزيز بن معاوية القرشي العتابي ومحمود بن الفرج الصبهاني الزاهد وهشام بن علي السرافي ويزيد بن الهيثم أبو خالد البادي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وست عشرة إصب ًعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا ونصف إصبع. السنة الثانية من ولية هارّون وهي سنة خمس وثمانين ومائتين: فيها في يوم الرّبعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم قطع صالح بن محرك الطائي الطريق في جماعة من طيء على الحخاج بالجفرم فأخذوا من الموال والمماليك والنساء ما قيمته ألف ألف دينارّ. وفيها ولى المعتضد ابن أبي الساج أرّمينية وأذرّبيجان وكان قد غلب عليهما وفيها غزا رّاغب الخادم مولى الموفق بلد الروم في البحر فأظفره الله بمراكب كبيرة وفتح حأصونا كثيرة. وفيها حأج بالناس محمد بن عبد الله بن ترنجة وفيها في شهر رّبيع الول هبت رّيح صفراء بالبصرة ثم صارّت خضراء ثم سوداء وآمتدت في المصارّ ثم وقع عقيبها مطر وبرد وزأن البردة مائة وخمسون درّهما وقطعت الريح نحو ستمائة نخلة ومطرت قرية من القرى حأجارّة سوداء وبيضاء. وفيها في ذي الحجة منها قدم المير علي ابن الخليفة المعتضد بالله بغداد وكان قد جهزه أبوه لقتال محمد بن زأيد العلوي فدفع محمد بن زأيد عن الجبال وتحيز إلى طبرستان ففرح بها أبوه المعتضد وقال: بعثناك ول ًدا فرجعت أخا ثم أعطاه ألف ألف دينارّ وفي ذي الحجة أي ًضا خرج الخليفة المعتضد وآبنه علي يريد آمد لما بلغه موت أحأمد بن عيسى بن الشيخ بعد أن صلى آبنه علي المذكورّ بالناس يوم الضحى ببغداد ورّكب كما يركب ولة العهود وفيها توفي إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشيربن عبد الله أبوإسحاق المروزأي الحربي كان إماما عالما فاضل زأاهدا مصنفا كان يقاس بالمام أحأمد بن حأنبل في علمه وزأهده وفيها توفي المير أحأمد بن عيسى بن الشيخ صاحأب آمد وديارّ بكر كان وله إياهما المعتز فلما قتل المعتز آستولى عليهما إلى أن مات في هذه السنة فاستولى عليهما آبنه محمد فسارّ المعتضد فأخذهما منه وآستعمل عليهما نوابه وفيها توفي إمام النحاة المبرد واسمه محمد بن يزيد بن عبد الكبر بن عمير بن حأسان بن سليمان المام العلمة أبو العباس البصري الزأدي المعروف بالمبرد انتهت إليه رّياسة النحو واللغة بالبصرة ولد سنة ست ومائتين وقيل: سنة عشر ومائتين وكان المبرد وأبو العباس أحأمد بن يحيى الملقب بثعلب صاحأب كتاب " الفصيح " عالمين متعاصرين وفيهما يقول أبو بكربن أبي الزأهر المتقارّب أيا طالب العلم ل تجهلن وعذ بالمبرد أو ثعلب تجد عند هذين علم الورّى فل تك كالجمل الجرب علوم الخلئق مقرونة بهذين في الشرق والمغرب وكان المبرد يحب الجتماع والمناظرة بثعلب وثعلب يكره ذلك ويمتنع منه. ومن شعر المبرد: يا من تلبس أثواًبا يتيه بها تيه الملوك على بعض المساكين ما غير الجل أخلق الحمارّ ول نقش البرادع أخلق البراذين الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم الحربي وإسحاق بن إبراهيم الدبري وعبيد الله بن عبد الواحأد بن شريك وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم سبع أذرّع وست عشرة إصبعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وتسع عشرة إصب ًعا. على مصر وهي سنة ست وثمانين ومائتين: فيها أرّسل هارّون بن خمارّويه صاحأب الترجمة إلى الخليفة المعتضد يعلمه أنه نزل عن أعمال قنسرين والعواصم وأنه يحمل إلى المعتضد في كل سنة أرّبعمائة ألف دينارّ وخمسين ألف دينارّ وسأله تجديد الولية له على مصر والشأم فأجابه المعتضد إلى ذلك وكتب تقليدا بهما وفيها في شهر رّبيع الخر نازأل المعتضد آمد وبها محمد بن أحأمد بن عيسى بن الشيخ فحاصرها أرّبعين يوما حأتى ضعف محمد وطلب المان لنفسه وأهل البلد فأجابه إلى ذلك فخرج إليه محمد ومعه أصحابه وأولياؤه فوصلوا إلى المعتضد فخلع عليه المعتضد. وفيها قبض المعتضد على رّاغدب الخادم أمير طرسوس وآستأصل أمواله فمات بعد أيام. وفيها التقى جيش عمرو بن الليث الصفارّ وإسماعيل بن أحأمد بن أسد الساماني بما ورّاء النهر فانكسر أصحاب عمرو ثم التقى هووعمرو ثانيا على بلخ وكان أهل بلخ قد ملوا عمرا وأصحابه وضجروا في نزولهم في دورّهم وأخذهم أموالهم فساعد أهل بلخ إسماعيل فآنكسر عمرو وانهزم إلى بلخ فوجد أبوابها مغلقة ثم فتحوا له ولجماعة معه فلما دخل وثب عليه أهل بلخ فأوثقوه وحأملوه إلى إسماعيل فأكرمه إسماعيل ثم بعث به إلى المعتضد فخلع المعتضد على إسماعيل خلعة السلطنة وأدخل عمرو بغداد على جمل ليشهروه بها ثم حأبسه المعتضد في مطمورّة فكان يقول: لوأرّدت أن أعمل على جيحون جسرا من في ذهب لفعلت وكان مطبخي يحمل على ستمائة جمل وأرّكب في مائة ألف أصارّني الدهر إلى القيد والذل وقيل: إنه خنق قبل موت المعتضد بيسير وفيها ظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي القرمطي في أول السنة وفي وسطها قويت شوكته وانضم إليه طائفة من العراب فقتل أهل تلك القرى وقصد البصرة فبنى عليها المعتضد سورّا وكان أبو سعيد هذا كيال بالبصرة وجنابة من قرى الهوازأ وقيل: من قرى البحرين قلت: وهذا أول من ظهر من القرامطة التي ذكرهم في هذا الكتاب في عدة مواطن وهذا القرمطي هو الذي قتل الحجيج واقتلع الحجر السود حأسبما يأتي ذكره وفيها حأضر مجلس القاضي موسى بن إسحاق قاضي الري وكيل آمرأه آدعى على زأوجها صداقها بخمسمائة دينارّ فأنكر الزوج فقال القاضي: البينة فأحأضرها الوكيل في الوقت فقالوا: لبد أن ننظر المرأة وهي مسفرة لتصح عندهم معرفتها فتتحقق الشهاده فقال الزوج ول بد فقالوا: ول بد فقال الزوج: أيها القاضي عندي الخمسمائة دينارّ ول ينظر هؤلء إلى امرأتي فأخبرت بما كان من زأوجها فقالت المرأة: إني أشهد القاضي أنني قد وهبت له ذلك وأبرأته منه في الدنيا والخرة فقال القاضي: تكتب هذه الواقعة في مكارّم الخلق. وفيها توفي إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران أبو بكر السراج النيسابورّي مولى ثقيف سمع المام أحأمد وصحبه. ًما وفيها توفي الحسين بن سيارّ أبو علي البغدادي الخياط كان إما عارّفا بتعبير الرؤيا وكانت وفاته في صفر أسند عن أبي بلل الشعري وغيره ورّوى عنه جماعة كثيرة. وفيها توفي محمد بن يونس بن موسى بن سليمان بن عبيدبن رّبيعة بن كديم أبو العباس الكديمي القرشي البصري حأج أرّبعين حأجة وكان حأافظا متقنا ورّعا مات ببغداد في نصف جمادى الخرة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن سلمة النيسابورّي الحافظ وأحأمد بن علي الخزازأ وأبو سعيد الخرازأ شيخ الصوفية وأحأمد بن المعلى بن يزيد أبو بكر السدي القاضي الدمشقي وإبراهيم بن سويد الشامي وإبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني والحسن بن عبد العلى البوسي أحأد أصحاب عبد الرزأاق وعبد الرحأيم بن عبد الله البرقي وعلي بن عبدالعزيز البغوي ومحمد بن وضاح القرطبي ومحمد بن يوسف البناء الزاهد ومحمد بن يونس الكديمي وأبوعبادة البحتري الشاعر. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبع ا ذرّع وخمس عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وثماني أصابع. السنة الرابعة من ولية هارّون فيها في المحرم واقع صالح بن مدرّك كبير عرب طيىء الحاج العراقي كما فعل بهم في العام الماضي وكان في ثلثة آلف من عرب طيىء وغيرهم ما بين فارّس ورّاجل وكان أمير الحاج أبا الغر فأقاموا يقاتلونهم يوما وليلة حأتى هزم صالح بن مدرّك وقتل معه أعيان طيىء ودخل الركب بغداد بالرؤوس على الرماح و با ل سرى. وفيها عظم أمر القرامطة وأغارّوا على البصرة ونواحأيها فسارّ لحربهم العباس بن عمرو الغنوي فالتقوا فأسر الغنوي وقتل خلق من جنده ثم إن أبا سعيد القرمطي أطلقه وقال له: بلغ المعتضد عني رّسالة ومضمونها: أنه يكف عنه ويحفظ حأرمته وقال: فأنا قنعت بالبرية فليتعرض لي وفيها مات صاحأب طبرستان محمد بن زأيد العلوي. وفيها أوقع بدرّ غلم الطائي بالقرامطة على غرة فقتل منهم مقتلة عظيمة ثم تركهم خو ًفا على السواد. وفيها حأج بالناس محمد بن عبد الله بن ترنجة. وفيها توفي أحأمد بن عمرو بن بي عاصم الضحاك القاضي أبو بكر الشيباني الفقيه ًما المحدث وابن محدث ولي القضاء بأصبهان وصنف علوم الحديث وكان عال بارّ ًعا. وفيها توفي يعقوب بن يوسف بن أيوب الشيخ أبو بكر المطوعي الزاهد العابد وعنه قال: كان ورّدي في شبيبتي كل يوم وليلة أرّبعين ألف مرة قل هو الله أحأد الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط وأبو بكر أحأمد بن عمرو بن أبي عاصم أبو علي في أشهر رّبيع الخر وله نيف وثمانون سنة ومحمد بن عمرو الحوشي وموسى بن الحسن الجلجلي وأبوسعد يحيى بن منصورّ الهروي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبع أذرّع وخمس وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وعشر أصابع. السنة الخامسة من ولية هارّون وهي سنة ثمان وثمانين ومائتين: فيها وقع وباء بأذرّبيجان فمات فيه خلق كثير وفقدت الكفان فكفن الناس في الكسية واللبود ثم فقدت وفقد من يدفن الموتى فكانوا يطرحأون على الطريق ثم وقع الطاعون في أصحاب محمد بن أبي الساج فمات لمحمد مائتا ولد وغلم ثم مات محمد بن أبي الساج المذكورّ بمدينة أذرّبيجان وكان يلقب بالفشين فآجتمع غلمانه وأمروا عليهم آبنه ديوداد فاعتزلهم أخوه يوسف بن أبي الساج وهو مخالف لهم. وفيها حأج بالناس هارّون بن محمد بن العباس بن إبراهيم بن عيسى بن أبي جعفر المنصورّ. وفيها كانت زألزلة. قال أبو الفرج بن الجوزأي ورّد الخبر بأنه مات تحت الهدم في يوم واحأد أكثر من ثلثين ألف إنسان ودام عليهم هذا أياما فبلغ من هلك خمسين ومائة ألف وقيل: كان ذلك في العام الماضي وفيها قدم المعتضد العراق ومعه وصيف خا دم محمد بن أبي الساج وكان قد عصى عليه بالثغورّ فأسره وأدخل على جمل ثم توفي بالسجن بعد أيام فصلبت جثته على الجسر. وفيها ظهر أبو عبد الله الشيعي بالمغرب ونزل بكتامة ودعاهم إلى المهدي عبيد الله أعني بعبيد الله جد الخلفاء الفاطمية. وفيها توفي ثابت بن قرة العلمة أبو الحسن المهندس صاحأب التصانيف في الفلسفة والهندسة والطب وغيره كان فاض ًل بارّ ًعا في علوم كثيرة ومولى في سنة إحأدى و عشرين ومائتين. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسحاق بن إسماعيل الرملي بأصبهان وبشر بن موسى السدي وجعفر بن محمد بن سوارّ الحافظ وأبو القاسم عثمان بن سعيد بن بشارّ النماطي شيخ آبن سريج ومعاذ بن المثنى العنبري وخلق سواهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع سواء. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وأرّبع أصابع. السنة السادسسة من ولية هارّون فيها فاض البحر على الساحأل فأخرب البلد والحصون التي عليه وفيها في شهر رّبيع الخر آعتل الخليفة المعتضد بالله علة صعبة وهي العلة التي مات بها فقال عبد الله بن المعتز في ذلك: طارّ قلبي بجناح الوجيب جز ًعا من حأادثات الخطوب وحأذا آنتكس ومات ًرّا أن يشاك بسوء أسد الملك وسيف الحروب ثم في الشهر وتخلف بعده ولده المكتفي بالله أبو محمد علي. وليس في الخلفاء من آسمه علي غير علي بن أبي طالب رّضي الله عنه وهذا وفيها في ًما. شهر رّجب زألزلت بغداد زألزلة عظيمة دامت أيا وفيها هبت رّيح عظيمة بالبصرة قلعت عامة نخلها ولم يسمع بمثل ذلك. وفيها انتشرت القرامطة بسواد الكوفة وكان رّئيسهم يقال له ابن أبي الفوارّس فظفر به عسكر المعتضد أعني قبل موت المعتضد فحمل هو وجماعة معه إلى بغداد فعذبوا بأنواع العذاب ثم صلبوا وأحأرقوا وأما كبيرهم " أبن أبي الفوارّس المذكورّ فقلعت أضراسه ثم شد في إحأدى يديه بكرة وفي الخرى صخرة ورّفعت البكرة ثم لم يزل على حأاله إلى وقت الظهر ثم قطعت يداه ورّجله وضربت عنقه وفيها حأج بالناس الفضل بن عبد الملك بن عبد الله العباسي وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين المعتضد بالله أبو العباس أحأمد ابن المير ولي العهد أبي أحأمد طلحة الموفق ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد بالله هارّون ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي البغدادي ومولى في سنة اثنتين وأرّبعين ومائتين في ذي القعدة في أيام جده المتوكل وآستخلف بعده عنه المعتمد أحأمد في شهر رّجب سنة تسع وسبعين ومائتين. قال إبراهيم بن محمد بن عرفة: وتوفي المعتضد في يوم الثنين لثمان بقين من شهر رّبيع الخر سنة تسع وثمانين ومائتين ودفن في حأجرة الرخام وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضي وكانت خلفته تسع سنين وتسعة أشهر ونصفا قلت: وبويع بالخلفة بعده ولده علي بعهد منه ولقب بالمكتفي وكان المعتضد شجا ًعا مهيًبا أسمر نحيفا معتدل الخلق ظاهر الجبروت وافر العقل شديد الوطأة من أفراد خلفاء بني العباس وشجعانهم كاد يتقدم على السد وحأده لشجاعته. وقال المسعودي: كان المعتضد قليل الرحأمة قيل: إنه كان إذا غضب على قائد أمر أن تحفر له حأفيرة ويلقى فيها وتطم عليه قال: شكوا في موت المعتضد فتقدم الطبيب فجس نبضه ففتح عينه ورّفس الطبيب برجله فدحأاه أذرّعا فمات الطبيب ثم مات المعتضد أي ًضا من ساعته هكذا نقل المسعودي ورّثا المير عبد الله بن المعتز العباسي فقال البسيط يا ساكن القبر في غبراء مظلمة بالظاهرية مقصى الدارّ منفر ًدا أين السرير الذي قد كنت تملؤه مهابة من رّأته عينه آرّتعدا أين العادي اللى ذللت مصعبهم أين الليوث التي صيرتها بعدا أين الجياد التي حأجلتها بدم وكن يحملن منك الضيغم السدا أين الرماح التي غذيتها مه ًجا مذ مت ما ورّدت قلًبا ول كبدا أين الجنان التي تجري جداولها وتستجيب إليها الطائر الغردا أين الوصائف كالغزلن رّائحة يسحبن من حألل موشية جددا أين الملهي وأين الراح تحسبها ياقوتة كسيت من فضة زأرّدا أين الوثوب إلى العداء مبتغ ًيا صلح ملك بني العباس إذ فسدا ما زألت تقسر منهم كل قسورّة وتخبط العالي الجبارّ معتمدا ثم آنقضيت فل عين ول أثر حأتى كأنك يو ًما لم تكن أحأدا وفيها خرج يحيى بن زأكرويه بن مهرويه داعية قرمط وجمع جموعا كثيرة من العراب وكانت بينه وبين طغج بن جف نائب هارّون بن خمارّويه على الشام وقعات عديدة تقدم ذكر ذلك كله في أول ترجمة هارّون المذكورّ. يديه ما خل وزأيره القاسم بن عبيد الله فإنه رّكب وسايره دون الناس ولم ير قبل ذلك خليفة يسايره وزأيرغيره قلت وهذا أول وهن وقع في حأق الخلفاءوأنا أقول إن المعتضد هوآخر خليفة عقد ناموس الخلفة ثم من بعده أخذ أمرالخلفاء في إدبارّ إلى يومنا هذا وفيها توفي بدرّ المعتضدي كان يخدم المعتضد والموفق وأباه المتوكل وأصله من غلمان المتوكل فرفعته السعادة قال يحيى بن علي النديم كنت واقفا على رّأس المعتضد وهومقطب فدخل بدرّ فأسفروجهه لما رّآه وضحك ثم قال لي يا يحيى من القائل: في وجهه شافع يمحو إساءته من القلوب وجيه حأيثما شفعا فقلت: الحكم بن قنبر المازأني فقال: أنشدني تمامه فأنشدته: ويلي على من أطارّ النوم فآمتنعا وزأاد قلبي على أوجاعه وجعا كأنما الشمس من أعطافه لمعت حأسًنا أو البدرّ من أزأرّارّه طلعا مستقبل بالذي يهوى وإن كثرت منه الذنوب ومعذورّ بما صنعا في وجهه شافع يمحو إساءته من القلوب وجيه حأيثما شفعا وكان بدرّهذا شجاعا ممدحأا جواد أمر النيل في هذه السنة الماء القديم سبع أذرّع سواء مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وست السنة السابعة من ولية هارّون وهي سنة تسعين ومائتين: فيها في المحرم قصد يحيى بن زأكرويه القرمطي الرقة في جمع كثير فخرج إليه أصحاب السلطان فقتل منهم جماعة وآنهزم الباقون فبعث طغج بن جف أمير دمشق من قبل هارّون بن خمارّويه صاحأب الترجمة جي ًشا مع خادمه بشير إلى ً القرمطي فواقعهم القرمطي را وهزم الجيش. وقتل بشي وفيها أي ًضا خلع الخليفة المكتفي على أبي الغر وبعثه في عشرة آلف لقتال القرمطي وفيها حأصر القرمطي دمشق وفيها أميرها طغج بن جف فعجز طغج عن مقاومته بعد أن واقعه غير مرة وقتل يحيى بن زأكرويه كبيرالقرامطة فأقاموا عليهم أخاه الحسين بن زأكرويه وبلغ المكتفي ذلك فآستحث العساكر المندوبة لقتال القرامطة بالخروج لقتالهم فتوجه إليهم أبو الغر وواقع القرامطة فآنهزم أبو الغر وقتل غالب أصحابه وتبعه القرمطي إلى حألب فقاتله أهل حألب وفيها توفي عبد الله ابن المام أحأمد بن محمد بن حأنبل أبو عبد الرحأمن الشيباني مولده سنة ثلث عشرة ومائتين ولم يكن في الدنيا أحأد أرّوى عن أبيه منه وسمع منه المسند وهوثلثون ألف حأديث والتفسير مائة وعشرين أل ًفا والناسخ والمنسوخ والمقدم والمؤخر في كتاب الله وجوابات القرآن والمناسك الكبير ًما ًما بفنون كثيرة وكان أبوه يقول: لقد وعى عبد الله عل ًرا وفيها والصغير وكان عال كثي توفي عبد الله بن أحأمد بن أفلح بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحأمن بن أبي بكر ًما بارّ ًعا وفيها توفي محمد الصديق أبو محمد القاضي البكري كان إما بن عبد الله ًما عال الشيخ أبو بكر الدقاق كان من كبارّ مشايخ القوم وكان صاحأب أقوال وكرامات. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أحأمد بن علي البارّ والحسن بن سهل المجوزأ والحسين بن إسحاق التستري وعبد الله بن أحأمد بن محمد بن حأنبل ومحمد بن زأكريا الغلبي الخبارّي ومحمد بن العباس المؤدب ومحمد بن يحيى بن المنذرّالقزازأ أحأد شيوخ الطبراني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع وثلث وعشرون إصب ًعا. مبلغ الزيادة ثلث عشرة ذرّاعا وأرّبع أصابع. السنة الثامنة من ولية هارّون وهي سنة إحأدى وتسعين ومائتين: فيها قتل الحسين بن زأكرويه القرمطي المعروف بصاحأب الشامة وفيها زأوج المكتفي ولده أبا أحأمد بابنة وزأيره القاسم بن عبيد الله وخطب أبو عمر القاضي وخلع على القاسم أرّبعمائة خلعة وكان الصداق مائة ألف دينارّ وفيها خرجت الترك إلى بلد المسلمين في جيوش عظيمة يقال كان معهم سبعمائة خركاة تركية ول تكون الخركاة إل لمير فنادى إسماعيل بن أحأمد في خراسان وسجستان وطبرستان بالنفير وجهز جيوشه فوافوا الترك على غرة سحرا فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وانهزم من بقي وغنم المسلمون وسلموا وعادوا منصورّين وفيها بعث صاحأب الروم جيشا مبلغه مائة ألف فوصلوا إلى الحدث فنهبوا وسبوا وأحأرقوا وفيها غزا غلم زأرّافة من طرسوس إلى الروم فوصل إلى أنطاكية. وهي تعادل قسطنطينية فنازألها إلى أن آفتتحهاعنوة وقتل نحوا من خمسة آلف وأسر أضعافهم وأستنقذ من السر أرّبعة الف مسلم وغنم من الموال ما ل يحصى بحيث إنه أصاب سهم الفارّس ألف دينارّ. وفيها خلع المكتفي على محمد بن سليمان الكاتب وعلى محمد بن إسحاق بن كنداج وعلى أبي الغر وعلى جماعة من القواد وأمرهم بالسمع والطاعة لمحمد بن سليمان المذكورّ وندب الجميع بالمسير إلى دمشق لقبض ما كان بيد هارّون بن خمارّويه صاحأب الترجمة من العمال لنه كانت الوحأشة قد وقعت بينهما وفيها حأج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي العباسي وفيها توفي إبراهيم بن أحأمد بن إسماعيل الشيخ أبو إسحاق الخواص البغدادي كان أوحأد أهل زأمانه في التوكل صحب أبا عبد الله المغربي وكان من أقران الجنيد وله في الرياضات والسياحأات مقامات وفيها توفي أحأمد بن يحيى بن زأيد بن سيارّ أبوالعباس الشيباني مولهم ثعلب النحوي إمام أهل الكوفة مولده في سنة مائتين وفيها توفي الوزأير القاسم بن عبيد الله وزأيرالمعتضد والمكتفي كان شاباغرا قليل الخبرة بالمورّ مستهتكا للمحارّم وإنما آستوزأرّه المكتفي لنه أخذ له البيعة وحأفظ عليه الموال وفيها توفي هارّون بن موسى بن شريك أبو عبد الله الثعلبي الخفش الشامي النحوي اللغوي ولد سنة مائتين سمع هشام بن عمارّ وطبقته وكأن إماما في فنون كثيرة بارّ ًعا مفننا ولما مات جلس مكانه محمد بن نصير بن أبي حأمزة وهذا هوالخفش الشامي وأما الخفش البصري فآسمه سعيد بن مسعدة قلت: وثم أخفش ثالث وفاته سنة خمس عشرة وثلثمائة الذين ذكرالذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو العباس ثعلب واسمه أحأمد بن يحيى في جمادى الولى وله إحأدى وتسعون سنة وهارّون بن موسى بن شريك الخفش المقرىء وعبد الرحأمن بن محمد بن مسلم الرازأي ومحمد بن أحأمد بن النضر آبن بنت معاوية ومحمد بن إبراهيم البوشنجي الفقيه ومحمد بن علي الصائغ المكي أمر النيل في هذه السنة الماء القديم أرّبع أذرّع وإحأدى وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّاعاوإصبع واحأدة ونصف إصبع هو شيبان بن أحأمد بن طولون المير أبو المقانب التركي المصري ولي إمرة مصر بعد قتل آبن أخيه هارّون بن خمارّويه لحأدىعشرة بقيت من صفر سنة اثنتين وتسعين مائتين قال صاحأب البغية ولما تم أمره أقر شيبان المذكورّ موسى بن طونيق على شرطة مصروخرج من الفسطاط ليلة الخميس لليلة خلت من أشهر رّبيع الول سنة آثنتين وتسعين ومائتين فكانت ولايته آثني عشر يو ًما انتهى قلت ونذكر أمر شيبان هذا بأوسع مما ذكره صاحأب البغية فنقول ولما قتل هارّون بن خمارّويه ورّجع الناس إلى مصر وهم بغير أمير نهض شيبان هذا ودعا لنفسه وضمن لهم حأسن القيام بأمر الدولة والحأسان إليهم فبايعه الناس وهو ل يدرّي بأن الدولة الطولونية قد انتهى أمرها وما أحأسن قول من قال في هذا المعنى: أصبحت تطلب أم ًرا عز مطلبه هيهات صاع زأجاج ليس ينجبر وقام شيبان بالمر ودخل المدينة وطاف بها حأتى وصل إلى الموضع المعروف بمسجد الرمح فصدم الرمح الذي فيه لواؤه سقف المرب فانكسر فتطير الناس من ذلك وقالوا أمر ل يتم وقيل إن شيبان المذكورّ كان أسر في نفسه قتل آبن أخيه هارّون المقدم ذكره فتهيأ لذلك فى واطأ عليه بعض خاصة هارّون فكان شيبان ينتظر الفرصة وبينما شيبان على ذلك إذ صارّ إليه بعض الخدم الذين واطأهم على أمر هارّون وبايعوه على قتله وأعلموه أن هارّون قد غط في نومه من شدة السكر وأنه لم ير في مثل حأالته تلك قط من شدة السكرالذي به وقالوا له إن أرّدت شيئا فقد أمكنك ما تريد فقام شيبان ودخل من وقته على ابن أخيه هارّون بن خمارّويه فوافاه في مرقده غا مرقمه ًطا مثق ًل من سكره فذبحه بسكين كان معه في بالعباسة وكان ذلك في ليلة الحأد لحأدى عشرة ليلة بقيت من صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين وعرف الناس بقتله في غد ليلته وآستولى شيبان على الملك كما ذكرناه وبويع في يوم الثنين لعشر ليال بقين من صفر من السنة المذكورّة وعلم أبو جعفر بن أبى ونجيح الرومي القائد ما كان من أمر هارّون وقتله فرحأل من موضعهما من العباسة مع نفر من خاصة أصحابهما وتركا بقية عسكرهما ولحقا بعسكر طغج بن جص الني كان نائب دمشق وقد وصل محمد بن سليمان الكاتب وفائق ويمن وغيرهم من موالي خمارّويه وأخبروهم بذلك ثم جاءهم الخبر بأن الحسين بن حأمدان قد دخل الفرما يريد جرجير وكانوا بها فرحألوا بعساكرهم حأتى نزلوا العباسة وذلك بعد رّحأيل شيبان بن أحأمد بن طولون المذكورّ عنها إلى مدينة مصر. وأما شيبان فإنه لما دخل مصر مع جميع إخوته وبني عمه والعسكر الذي كان بقي من عسكر آبن أخيه هارّون تهيأ لقتال القوم وكان شيبان أهوج جسورّآ جسيما جلدا شديد البدن في عنفوان شبابه فصارّ يسرع في أمورّه وذلك بعد أن تم أمره وخطب له يوم الجمعة على سائرمنابرمصر ثم أخذ في العطاء للجند فلم يجد من المال سعة فقلق فسعى إليه ساع بأن أم هارّون المقتول أودعت ودائع لها في بعض الدورّالتي للتجارّ بمدينة الفسطاط أعني مصر فوجه شيبان بأبي جيشون أحأد إخوته إلى هذه الدورّحأتى آستخرج منها خبايا كانت لم هارّون وحأمل ذلك إلى أخيه شيبان في أعدال محزومة ليدرّى مافيها وآنتهى الخبر إلى الحسين بن حأمدان بأن هارّون صاحأب مصر قد قتل وكان على مقدمة عسكر محمد بن سليمان الكاتب وهوبجرجيرفرحأل عنها يريد العباسة فلقيه في طريقه محمد بن أبى مع جميع الرؤساء الذين كانوا معه فصارّ الحسين في عسكر كبير وبلغ ذلك أي ًضا محمد بن سليمان الكاتب فحث في مسيره حأتى لحق بمقدمة الحسين بن حأمدان المذكورّ وقد آنضاف إليه غالب عسكر مصر الذي وصل مع أبي جعفر بن أبى وغيره وعندما آجتمع الجميع وصل إليهم أي ًضا دميانة البحري في ثمانية عشر مرك ًبا حأربًيا مشحونة بالرجال والسلح وذلك في يوم الثلثاء ثامن عشرين صفر فضرب جسر مصر الشرقي بالنارّ وأحأرقه عن آخره وأحأرق بعض الجسر الغربي ثم وافى محمد بن سليمان الكاتب بعسكره حأتى نزل بباب مصر فضرب خيامه بها في يوبم الرّبعاء تاسع عشرين صفر كل ذلك في سنة آثنتين وتسعين ومائتين ولما بلغ ذلك شيبان خرج بعساكره من مدينة مصر وقد آجتمع معه من الفرسان والرجالة عدة كثيرة ووقف بهم لممانعة محمد بن سليمان من دخول المدينة وعبأ أي ًضا محمد بن سليمان عسكره للمصاف لمحارّبة شيبان والتقى الجمعان وكانت بينهم مناوشة ساعة ثم كتب محمد بن سليمان إلى شيبان والحرب قائمة يؤمنه على نفسه وجميع أهله وماله وولده وإخوته وبني عمه جميعا ونظر شيبان عند وصول الكتاب إليه قلة من معه من الرجال وكثرة جيوش محمد بن سليمان مع ماظن من وفاء محمد بن سليمان له فاستأمن إلى محمد بن سليمان وجمع إخوته وبني عمه في الليل وتوجهوا إلى محمد بن سليمان وصارّوا في قبضته ومصاف شيبان على حأاله لكن الفرسان علموا بما فعل شيبان فكفوا عن القتال وبقيت الرجالة على مصافها ولم تعلم بما أحأدثه شيبان وأصبحت الرجالة غداة يوم الخميس وليس معهم حأام ولرّئيس فالتقوا مع عسكر محمد بن سليمان فآنكسروا وانكبت خيل محمد بن سليمان على الرجالة فأزأالتهم عن مواقفهم ثم انحرفت الفرسان إلى قطائع السودان الطولونية وصارّوا يأخذون من قدرّواعليه منهم فيصيرون بهم إلى محمد بن سليمان وهورّاكب على فرسه في مصافه فيأمر بذبحهم فيذبحون بين يديه كما تذبح الشاة. ثم دخل محمد بن سليمان بعساكره إلى مدينة مصر من غير أن يمنعه عنها مانع وكان ذلك في يوم الخميس سلخ صفرالمذكورّ فطاف محمد بن سليمان وهورّاكب بمدينة مصر ومعه محمد بن أبى وجماعة من جند المصريين من الفرسان والرجالة إلمن هرب منهم وصارّ كل من أخذ من المصريين ممن هرب أوقاتل ضربت عنقه وأحأرقت القطائع التي كانت حأول الميدان من مساكن السودان بعد أن قتل فيها منهم خلق كثير حأتى صارّت خرابا يبابا وزأالت دولة بني طولون كأنها لم تكن وكانت مدة تغلب شيبان هذا على مصر تسعة أيام منها أرّبعةأيام كان فيهاأمره ونهيه ثم دخلت العراب الخراسانية من عساكر محمد بن سليمان الكاتب إلى مدينة مصر فكسروا جيوشها وأخرجوا من كان بها ثم هجمواعلى دورّ الناس فنهبوها وأخذوا أموالهم وآستباحأوا حأريمهم وفتكوا في الرعية وآفتضوا البكارّ وأسروا المماليك والحأرارّ من النساء والرجال وفعلوا في مصر ما ل يحله الله من ارّتكاب المآثم ثم تعدوا إلى أرّباب الدولة وأخرجوهم من دورّهم وسكنوها كرها وهرب غالب أهل مصر منها وفعلوا في المصريين ما ل يفعلونه في الكفرة وأقاموا على ذلك أياما كثيرة مصرين على هذه الفعال القبيحة ثم ضربت خيام محمد بن سليمان على حأافة النيل بالموضع المعروف بالمقس ونزلت عساكره معه ومن آنضم إليه من عساكر المصريين بالعباسة ثم أمر محمد بن سليمان أن تحمل السارّى من المصريين من الذين كان دميانة أسرهم في قدومه من دمياط على الجمال فحملوا عليها وعليهم القلنس الطوال وشهرهم وطيف بهم في عسكره من أوله إلى آخرة ثم قلد محمد بن سليمان أصحابه العمال بمصر فكان الذي قلده شرطة العسكر رّجل يقال له غليوس وقلد شرطة المدينة رّجل يقاد له وصيف البكتمري وقلد أباعبد الله محمد بن عبدة قضاء مصر كل ذلك في يوم الخميس لسبع خلون من شهر رّبيع الول ثم قبض أي ًضا على جماعة من أهل مصر من الكتاب وغيرهم فصادرّهم وغرمهم الموال الجليلة بعد العذاب والتهديد والوعيد ثم أمسك محمد بن أبى خليفة هارّون بن خمارّويه على مصر أعني الذي كان توجه إليه من العباسة وصادرّه وأخذ منه خمسمائة ألف دينارّ من غير تجشيم ومحمد بن أبى هذا هوالذي قدمنا ذكره في ترجمة جيش بن خمارّويه وماوقع له مع برمش وكان محمد بن سليمان هذا ليسمى باسمه ولبكنيته وماكان يدعى إل " بالستاذ " وكان حأكمه في أهل مصر بضرب أعناقهم وبقطع أيديهم وأرّجلهم جورّا وتمزيق ظهورّهم بالسياط وصلبهم على جذوع النخل ونحو ذلك من أصناف النكال ول زأال على ذلك حأتى رّحأل عن مدينة مصر في يوم الخميس مستهل شهر رّجب من سنة آثنتين وتسعين ومائتين وآستصحب معه المير شيبان بن أحأمد بن طولون صاحأب الترجمة وبني عمه وأولدهم وأعوانهم حأتى إنه لم يدع من آل طولون أحأدا والجميع في الحديد إلى العراق وهم عشرون إنسانا ثم أخرج قوادهم إلى بغداد على أقبح وجه فلم يبق بمصر منهم أحأد يذكر وخلت منهم الديارّ وعفت منهم الثارّ وحأل بهم الذل بعد العز والتطريد والتشريد بعد اللذ ثم سيق جماعة من أصحاب شيبان إلى محمد بن سليمان ممن كان أمنهم فذبحوا بين يديه وزأالت الدولة الطولونية وكانت من غررّ المول وأيامهم من محاسن اليام وخرب الميدان والقصورّ التي كانت به التي مدحأتها الشعراء قال القاضي أبو عمرو عثمان النابلسي في كتاب حأسن السيرة في آتخاذ الحصن بالجزيرة " رّأيت كتابا قدرّ آثنتي عشرة كراسة مضمونه فهرست شعراء الميدان الذي كان لحأمدبن طولون قال فإذا كانت أسماء الشعراء في اثنتي عشرة كراسة فكم يكون شعرهم انتهى وقال آبن دحأية في كتابه وخربت القطائع التي لحأمد بن طولون في الشدة العظمى زأمن الخليفة المستنصر العبيدي أيام القحط والغلء المفرط الذي كان بالديارّ المصرية قال وهلك من كان فيها من السكان وكانت نيفا على مائة ألف دارّ قلت هذا الذي ذكره آبن دحأية هوالذي بقي بعد إتلف محمد بن سليمان المذكورّومما قيل في ميدان أحأمد بن طولون وفي قصورّه من الشعر من المراثي على سبيل القتصارّ فمما قاله إسماعيل بن أبي هاشم: قف وقفة بفناء باب الساج والقصر في الشرفات والبراج ورّبوع قوم أزأعجوا عن دارّهم بعد القامة أيما إزأعاج كانوا مصابي ًحا لدى ظلم الدجى يسري بها السارّون في الدلج ومنها: كانوا ليوًثا ل يرام حأماهم في كل ملحمة وكل هياج وقال سعيد القاص: جرى دمعه ما بين سحر إلى نحر ولم يجر حأتى أسلمته يد الصبر ومنها: وهل يستطيع الصبر من كان ذا أسى يبيت على جمر ويضحي على جمر تتابع أحأداث تحيفن صبره وغمر من اليام والدهر ذو غدرّ أصاب على رّغم النوف وجدعها ذوي الذين والدنيا بقاصمة الظهر طوى زأينة الدنيا ومصباح أهلها بفقد بني طولون والنجم الزهر ومنها: وكان أبو العباس أحأمد ماج ًدا جميل المحيا ل يبيت على وتر كأن ليالي الدهر كانت لحسنها وإشراقها في عصره ليلة القدرّ يدل على فضل ابن طولون همة محلقة بين السماكين والغفر فإن كنت تبغي شاهدا ذا عدالة يخبر عنه بالجلي من المر فبالجبل الغربي خطة يشكر له مسجد يغني عن المنطق الهذرّ الميدان آبتدأ بهدمه في أول شهر رّمضان من سنة ثلث وتسعين ومائتين وبيعت أنقاضه حأتى دثر وزأال مكانه كأنه لم يكن فقال فيه محمد بن طشويه: من لم ير الهدم للميدان لم يره تبارّك الله ما أعله وآقدرّه لو أن عين الذي أنشاه تبصره والحادثات تعاديه لكبره ومنها: وأين من كان يحميه ويحرسه من كل ليث يهاب الليث منظره صاح الزمان بمن فيه ففرقهم وحأط رّيب البلى فيه فدعثره ومنها: أين ابن طولون بانيه وساكنه أماته الملك العلى فأقبره ما أوضح المر لو صحت لنا فكر طوبى لمن خصه رّشد فذكره وقال أحأمد بن إسحاق: الخفيف: وكأن الميدان ثكلى أصيبت بحبيب صباح ليلة عرس تتغشى الرياح منه محل كان للصون في ستورّ الدمقس ومنها: كل كحلء كالغزال ونجل - - ءرّداح من بين حأورّ ولعس آل طولون كنتم زأينة الرّ - - ض فأضحى الجديد اهدام لبس وقال ابن أبي هاشم: يا منزًل قد دثرا سقاك صوب الغوادي القطر والمطرا يا منزً لبني طولون ل صرت أجفوه وأهجره وكان يعدل عندي السمع والبصرا بالله عندك علم من أحأبتنا أم هل سمعت لهم من بعدنا خبرا فتح مصر ولى عليها في الحال عيسى النوشري ولهذا لم نفتتح ترجمته بآفتتاح تراجم ملوك مصر على عادة ترتيب هذا الكتاب ومن الناس من عدة من جملة أمراء مصر بواسطة تحكمه وتصرفه في الديارّ المصرية. أول من ولي مصر بعد بني طولون وخراب القطائع إلى الدولة الفاطمية العبيدية وبناء القاهرة على الترتيب المقدم ذكره فأول من حأكحمها محمد بن سليمان الكاتب المقدم ذكره أرّسله الخليفة المكتفي بالله علي العباسي حأسبما ذكرناه في غير موضع وملك محمد بن سليمان الديارّ المصرية بعد قتل شيبان بن أحأمد بن طولون في يوم الخميس مستهل شهر رّبيع الول سنة اثنتين وتسعين ومائتين ودعا على منابر مصر للخليفة المكتفي بالله وحأده وولى محمد بن سليمان أبا علي الحسين بن أحأمد الماذرّائي على الخراج عوضا عن أحأمدبن علي الماذرّائي فلم تطل مدة محمد بن سليمان بمصر حأتى قدم عليه كتاب الخليفة المكتفي بالله بولية عيسى بن محمد النوشري ودخل خليفة عيسى المذكورّ إلى مصر لرّبع عشرة ليلة خلت من جمادى الولى فتسلم من محمد بن سليمان المذكورّ الشرطتين وسائر العمال فكان مقام محمد بن سليمان المذكورّ الكاتب بمصر أرّبعة أشهر. وفي ولايته أقوال كثيرة: فمن الناس من ل يعده من المراء بمصر بل ذكر دخوله لفتح مصر وأنه كان مقدم العساكر ل غير وقائلو هذه المقالة هم الكثر ووافقتهم أنا أي ًضا على ذلك لن المكتفي لما خلع عليه أمر بالتوجه لقتال مصر وأمر أصحابه بالسمع والطاعة ولم يوله عملها وعندما بلغ الخليفة المكتفي فتح مصر ولى عليها في الحال عيسى النوشري ولهذا لم نفتح ترجمته بافتتاح تراجم ملوك مصر على عادة ترتيب هذا الكتاب ومن الناس من عدة من جملة أمراء مصر بواسطة تحكمة وتصرفه في الديارّ المصرية. هو عيسى بن محمد المير أبو موسى النوشري وله الخليفة المكتفي من بغداد على مصر فأرّسل عيسى خليفته على مصر فآستولى عليها إلى حأين قدمها لسبع خلون من جمادى الخرة من سنة آثنتين وتسعين ومائتين. وكان محمد بن سليمان لما وصل إلى مصر بالعساكر كان المير عيسى النوشري المذكورّ من جملة القواد الذين قدموا معه فلما آفتتح محمد بن سليمان مصر أرّسل عيسى هذا إلى الخليفة رّسول يخبره بفتح مصر لنه كان من كبارّ القواد الشاخصين معه إلى مصر وتوجه عيسى إلى نحو العراق فلما وصل إلى دمشق وافاه كتاب الخليفة المكتفي بها بولايته على إمرة مصر فعاد من وقته إلى أن دخل مصر في التارّيخ المقدم ذكره ث فخلع عليه محمد بن سليمان الكاتب وطاف به مدينة مصر وعليه الخلعة وآستمر على عمل معونة مصر وجندهاة ثم ورّد عليه أي ًضا كتاب الخليفة إلى جماعة من القواد ممن كان في عسكر محمد بن سليمان: منهم علي بن حأسان بتقليده أعمال السكندرّية وإلى مهاجربن طليق بتقليده ثغر تنيس ودمياط وإلى رّجل يعرف بالكندي بتقليده الحأواف وإلى رّجل يقال له موسى بن أحأمد بتقليده برقة وما والها وإلى رّجل يعرف بمحمد بن رّبيعة بتقليده الصعيد وأسوان وإلى رّجل يعرف بأبى زأنبورّ الحسين بن أحأمد الماذرّائي بتقليده أعمال الخراج بمصر وجلس في ديوان الخراج لخمس بقين من جمادى الخرة ثم إلى دميانة البحري ونزل عيسى النوشري المذكورّ في الدارّ التي كانت سكنى بحر الحمامي بمصر وكانت بالموقف بسوق الطير وهي الدارّ التي كان نزل بها محمد بن سليمان الكاتب لما آفتتح مصر وكان خروج محمد بن سليمان من مصر في مستهل شهر رّجب من السنة وأخرج معه كل من بقي من الطولونية بمصر كما ذكرناه في ترجمة شيبان بن أحأمد بن طولون وآستصحب معه أي ًضا جماعة بعد رّحأيله عنها فخرج الجميع إلى الشام وهم: أبو جعفر محمد بن أبى وآبنه الحسن وطغج بن جف الذي كان نائب دمشق وولده وأخوه وبدرّ وفائق الرومي الخازأن وصافي الرومي وغيرهم من موالي أحأمد وخمارّويه وخرج الجميع موكل بهم وأخرج معهم أي ًضا جماعة كثيرة ممن هم أقل رّتبة ممن ذكر غيرأنهم أي ًضا من أعيان الدولة وأكابر القواد وهم: محمد بن علي بن أحأمد الماذرّائي وزأير هارّون بن خمارّويه وأبو زأرّعة القاضي وأبو عبد الله محمد بن زأرّعة القاضي وخلق كثير من آل طولون وغيرهم من الجند وضمهم إلى عسكره وقت خروجه من مصر فتخلف عنه جماعة بدمشق وغيرها وسارّ معه بعضهم إلى حألب في الحديد وهم: موسى بن طرنيق وأحأمد بن أعجر وكانا على شرطتي مصر كما تقدم ذكره وابن بايخشي الفرغاني وكان عامل على سيادة أسفل الرّض ووصي لقاطرميز وخصيف البربري مولى أحأمد بن طولون. فلما استقر قرارّ محمد بن سليمان بحلب وافاه رّسول الخليفة بأن يسلم ما كان معه من الموال والخيل والطرزأ والذهب وغير ذلك مما كان حأمله من مصر إلى من أمر بتسليمه إليه فقدرّ المقدرّون فيه ما حأمله من الموال مع الذي أخذه من الناس ألفي ألف دينارّ. وتفرق من كان معه من الجند من المصريين فمنهم من سارّ إلى العراق ومنهم من رّجع يريد مصر إلى من خلفه من أهله بها فممن رّجع إلى مصرشفيع اللؤلئي الخادم ورّجل شاب يقال له محمد بن علي الخلنجي من الجند من المصريين ومحمد هذا ممن كان في قيادة صافي الرومي أعني أنه كان مضافه فرجع محمد هذا يريد أهله وولده فخطر له خاطر ففكر فيما حأل بآل طولون وإزأالة ملكهم وإخراجهم عن أوطانهم فأظهر النصرة لهم والقيام بدولتهم وأعلن ذلك وأبداه وذكر الذي عزم عليه لجماعة من المصريين فبايعوه على ذلك وعضدوه على عصيانه وآنضم عليه شرذمة من المصريين فسارّ على حأمية حأتى وافى الرملة في شعبان من سنة اثنتين وتسعين ومائتين فنزل محمد المذكورّ بمن معه بناحأية باب الزيتون وكان بالرملة وصيف بن صوارّتكين الصغر فآستعد لقتاله فقدم وصيف جماعة مع محمد بن يزداد ثم خرج وصيف ببقية جماعته فرأى محمد بن علي الخلنجي المذكورّ في نفريسير من الفرسان فزحأف محمد بن علي الخلنجي بمن معه على وصيف بن صوارّتكين فهزمه وقتل رّجاله وهرب من بقى بين يديه. وملك محمد الرملة ودعا على منابرها في يوم الجمعة للخليفة وبعده لبراهيم بن خمارّويه ثم بعدهما لنفسه وتسامع الناس به فوافوه من كل فج لما في نفوسهم من تشتتهم عن بلدهم وأولدهم وأوطانهم وصارّ الجميع من حأزب محمد المذكورّ من غير بذل دينارّ ول درّهم وبلغ عيسى النوشري صاحأب الترجمة وهوبمصر ما كان من أمر محمد بن علي الخلنجي فجهز عسكرا إلى العريش في أسرع وقت من البحر وسارّوا حأتى وافوا غزة فتقدم إليهم محمد بن علي الخلنجي بمن معه فلما سمعوا به رّجعوا إلى العريش فسارّ محمد الخلنجي بمن معه خلفهم إلى العريش فآنهزموا أمامه إلى الفرما ثم سارّوا من الفرما إلى العباسة ونزل محمد الخلنجي الفرما مكانهم فلما سمع عيسى النوشري ذلك خرج من مصر بعسكر ضخم حأتى نزل العباسة ومعه أبومنصورّ الحسين بن أحأمد الماذرّائي عامل خراج مصر وشفيع اللؤلئي صاحأب البريد ورّحأل محمد الخلنجي حأتى نزل جرجير فلما سمع عيسى النوشري قدومه إلى جرجير كر رّاجعا إلى مصر ونزل على باب مدينة مصر فأتاه الخبر بقدوم محمد بن علي الخلنجي المذكورّ فدخل إلى المدينة ثم خرج منها ومعه أبوزأنبورّ وعدا جسر مصر في يوم الثلثاء رّابع عشر في القعدة سنة اثنتين وتسعين ومائتين ثم أحأرق عيسى النوشري جسري المدينة الشرقي والغربي جميعا حأتى لم يبق من مراكبهما مركبا واحأدا يعني أن الجسر كان معقودا على المراكب وهذه كانت عادة مصر تلك اليام ونزل عيسى النوشري وأقام ببر الجيزة وبقيت مدينة مصر بل وال عليها ولحأاكم فيها وصارّت مصر مأكلة للغوغاء يهجمون على البيوت ويأخذون الموال من غير أن يردهم أحأد عن ذلك فإن عيسى النوشري ترك مصر وأقام ببر الجيزة خوفا من محمد المذكورّ فقوي لذلك شوكة محمد الخلنجي واستفحل أمره وسارّ من جرحأير حأتى دخل مدينة مصر في يوم سادس عشرين ذي القعدة من السنة من غير ممانع. ًما مكًبا على شرب الخمر واللهو وكان محمد المذكورّ شابا شجاعا مقدا عاصًيا ظالما ومولده بمدينة مصر ونشأ بها فلما دخلها طاف بها ودخل الجامع وصلى فيه يوم الجمعة ودعا له المام على المنبر بعد الخليفة وإبراهيم بن خمارّويه ففرح به أهل مصر إلى الغايه وقاموا معه فمهد أمورّها وقمع المفسدين وتخلق أهل مصر بالزعفران وخلقوا وجه دابته ووجوه دواب أصحابه فرحأا به ولم يشتغل محمد الخلنجي المذكورّ بشاغل عن بعثه في أثر عيسى النوشري وجهز عسكرا عليه رّجل من أصحابه يقال له خفيف النوبي وخفيف من الخفة وأمره باقتفاء أثر عيسى النوشري حأيث سلك فخرج خفيف المذكورّ وتتابع مجيء العساكر إليه في البر والبحر وبلغ عيسى النوشري مسير خفيف إليه فرحأل من مكانه حأتى وافى السكندرّية وخفيف من ورّائه يتبعه وأما محمد الخلنجي فإنه قلد وزأارّته ابن موسى النصراني وقلد أخاه إبراهيم بن موسى على خراج مصر وقلد شرطة المدينة لبراهيم بن فيروزأ وقلد شرطة العسكر لعبد الجبارّبن أحأمد بن أعجرة وأقبل الناس إليه من جميع البلدان حأتى بلغت عساكره زأيادة على خمسين أل ًفا وفرض لهم الرّزأاق السنية فاحأتاج إلى الموال لعطاء الرجال وكان في البلد نحو تسعمائة ألف دينارّ وكانت معبأة في الصناديق للحمل الخليفة وهي عند أبي زأنبورّ وعيسى النوشري صاحأب الترجمة فلما خرجا من البلد وزأعاها فلم يوجد لها أثر عند أحأد بمصر وعمد الحسين بن أحأمد إلى جميع علوم دواوين الخراج فأخرجها عن الدواوين قبل خروجه من مصر لئل يوقف على معرفة أصول الموال في الضياع فيطالب بها أهل الضياع بما عليهم من الخراج وحأمل معه أي ًضا جماعة من المتقبلين أعني المدرّكين والكتاب لئل يطالبوا بما عليهم من الموال منهم وهب بن عياش المعروف بآبن هانىء وابن بشر المعروف بآبن الماشطة وإسحاق بن نصير النصراني وأبو الحسن المعروف بالكاتب وترك مصر بل كتاب فلم يلتفت محمد الخلنجي إلى ذلك وطلب المتقبلين وأغلظ عليهم ثم وجد من الكتاب من أوقفه على أمورّ الخراج وأمر الدواوين ثم قلد لحأمد بن القوصي ديوان العطاء وتحول من خيمته من ساحأل النيل وسكن داخل المدينة في دارّ بدرّ الحمامي التي كان سكنها عيسى النوشري بعد خروج محمد بن سليمان الكاتب من مصر وهي بالحمراء على شاطىء النيل. وأجرى محمد الخلنجي أعماله على الظلم والجورّ وصادرّ أعيان البلد فلقي الناس منه شدائد إل أنه كان إذا أخذ من أحأد شيئا أعطاه خطه ويعده أن يرد له ما أخذ منه أيام الخراج وأما عيسى النوشري صاحأب وصل بعسكرهما قريب السكندرّية وخفيف النوبي في أثرهما ل قريبا منهما وكان أبوزأنبورّ قد أرّسل المتقلبين والكتاب إلى السكندرّية ليتحصنوا بها وتابع محمد الخلنجي العساكر إلى نحو خفيف النوبي نجدة له في البر والبحر فكان ممن ندبه محمد الخلنجي محمد بن لمجورّ في ست مراكب بالسلح والرجال فسارّ حأتى وافى السكندرّية في يوم الخميس نصف ذي الحجة وكان بينه وبين أهل السكندرّية مناوشة حأتى دخلها وخلص بعض أولئك المتقبلين والكتاب وحأملهم إلى مصر وأخذ أي ًضا لعيسى النوشري ولبي زأنبورّ ما وجلى لهما بالسكندرّية وفرقه على عساكره وأقام بعسكره مواقفا عيسى النوشري خارّجا عن السكندرّية أياما ثم آنصرف إلى مصر وانصرف عيسى النوشري إلى ناحأية تروجة فوافاه هناك خفيف النوبي وواقعه فكانت بينهماوقعة هائله انهزم فيها خفيف النوبي وقتل جماعة من أصحابه ولم يزل خفيف في هزيمته إلى أن وصل إلى مصر بمن بقي معه من أصحابه فلم يكترث محمد الخلنجي بذلك وأخذ في إصلح أمورّه وبينما هو في ذلك ورّد عليه الخبر بمجيء العساكر إليه من العراق صحبة فاتك المعتضدي وبدرّ الحمامي وغيرهما فجهز محمد الخلنجي عسكرا لقتال النوشري وقد توجه النوشري نحو الصعيد ثم خرج هو في عساكره إلى أن وصل إلى العريش ثم وقع له مع عساكر العراق وجيوش النوشري وقائع يطول شرحأها حأتى أجدبت مصر وحأصل بها الغلء العظيم وعدمت القوات من كثرة الفتن وطال المر حأتى ألجأ ذلك إلى عود محمد بن علي الخلنجي إلى مصر عجزا عن مقاومة عساكر العراق وعساكر أبي الغر بمنية الصبغ بعد أن واقعهم غير مرة وطال المر عليه فلما رّأى أمره في إدبارّ وعلم أن أمره يطول ثم يؤول إلى آنهزامه دبر في أمره مادام فيه قوة فأطلع عليه محمد بن لمجورّ المقدم ذكره وهوأحأد أصحابه وعرفه سرا بأشياء يعملها وأمره أن يركب بعض المراكب الحربية وحأمل معه ولده وما أمكنه من أمواله وواطأه على الركوب معه وأمره بآنتظارّه ليتوجه صحبته في البحر إلى أي وجه شاء هارّبا فشحن محمد بن لمجورّ مركبه بالسلح والمال وصارّ ينتظر محمدا الخلنجي صاحأب الواقعة ومحمد الخلنجي يدافع عسكر عيسى النوشري تارّة و عسكر الخليفة مرة إلى أن عجز وخرج من مصر إلى نحو محمد بن لمجورّ حأتى وصل إليه فلما رّآه محمد بن لمجورّ قد قرب منه رّفع مراسيه وأوهمه أنه يريده فلما دنا منه ناداه محمد بن علي الخلنجي ليصير إليه ويحمله معه في المركب فلما رّآه محمد بن لمجورّوسمع نداءه سبه وقال له مت بغيظك قد أمكن الله منك وتأخر وضرب بمقاذيفه وانحدرّ في النيل وذلك لما كان في نفس محمد بن لمجورّ من محمد بن علي الخلنجي مما أسمعه قديما من المكروه والكلم الغليظ فلما رّأى محمد الخلنجي خذلن محمد بن لمجورّ له ولم يتم له الهرب كر رّاج ًعا حأتى دخل مدينة مصر وقد آنفل عنه عساكره فصارّ إلى منزل رّجل كان يعنى بإخفائه ويأمنه على نفسه ليختفي عنده فخافه المذكورّ وتركه هارًّبا وتوجه إلى السلطان فتنصح إليه وأعلمه أنه عنده فركب السلطان وأكابر الدولة والعساكر حأتى قبضوا عليه وكان ذلك في صبيحة يوم الثنين ثامن شهر رّجب من سنة ثلث وتسعين ومائتين فكانت مدة عصيانه منذ دخل إلى مصر إلى أن قبض عليه سبعة أشهر واثنين وعشريين يوما ودخل فاتك وبحر الحمامي بعساكرهما وعساكر العراق حأتى نزل بشاطىء النيل ثم وافاهم المير عيسى النوشري من الفيوم حأسبما يأتي ذكره في ترجمته في ولايته الثانية على مصر أعني عوده إلى ملكه بعد الظفر بمحمد بن علي الخلنجي ونزل عيسى بدارّ فائق فإن بدرّا كان قد م إلى مصر ونزل في دارّه التي كان النوشري نزل فيها أؤل ودعا للخليفة على منابر مصر ثم من بعده لعيسى النوشري هذا وأمورّ مصر مضطربة إلى غاية ما يكون وقلد عيسى شرطة العسكر لمحمد بن طاهر المغربي وشرطة المدينة ليوسف بن إسرائيل وتقلد أبو زأنبورّ الخراج على عادته وأخذ النوشري في إصلح أمورّ مصر والضياع وتتبع أصحاب محمد الخلنجي من الكتاب والجند وغيرهم وقبض على جماعة كثيرة منهم مثل السري بن الحسين الكاتب وأبي العباس أحأمد بن يوسف كاتب ابن الجصاص وكان على نفقات محمد الخلنجي وجماعة أخر يطول الشرح في ذكرهم وأما محمد بن لمجورّ وكيغلغ وبدرّ الكريمي وجماعة أخر من أصحاب محمد الخلنجي فإنهم تشتتوا فى البلد ثم دخل محمد بن لمجورّ مصر متنكرا فقبض عليه وطيف به ومعه غلم آخر لمحمد الخلنجي ثم عوقب محمد بن لمجورّحأتى آستخلص منه الموال ثم جهز المير عيسى النوشري محمدا الخلنجي في البحر إلى أنطاكية فخرجوا منها ودخلوا العراق إلى عند الخليفة ثم بعد ذلك ورّد كتاب الخليفة على عيسى النوشري في شهررّمضان باستقرارّه في أعمال مصر جميعا قبليها وبحريها حأتى السكندرّية وإلى النوبة والحجازأ. ولية محمد بن علي الخلنجي هو محمد بن علي الخلنجي المير أبو عبد الله المصري الطولوني ملك الديارّ المصرية بالسيف وآستولى عليها عنوة من المير عيسى بن محمد النوشري وقد مر من ذكره في ترجمة عيسى النوشري ما فيه كفاية عن ذكره هنا ثانيا غيرأننا نذكره على حأدته لكونه ملك مصر وذكره بعض أهل التارّيخ في أمراء مصر فلهذا جعلنا له ترجمة مستقلة خو ًفا من العتراض والستدرّاك علينا بعدم ذكره ولما ملك محمد بن علي الخلنجي الديارّ المصرية مهد البلد ووطن الناس ووضع العطاء وفرض الفروض فجهز الخليفة المكتفي بالله جيشا لقتاله وعليهم أبوالغر وفي الجيش المير أحأمدبن كيغلغ وغيره فخرج إليهم محمد بن علي الخلنجي هذا وقاتلهم في ثالث المحرم من سنة ثلث وتسعين ومائتين فهزمهم أقبح هزيمة وأسر من جماعة أبي الغر خلقا كثيرا وعاد أبو الغر لثمان بقين من المحرم حأتى وصل إلى العراق فعظم ذلك على الخليفة المكتفي وجهز إليه العساكر ثانيا صحبة فاتك المعتضدي في البر وجهز دميانة في البحر فقدم فاتك بجيوشه حأتى نزل بالنويرة وقد عظم أمر الخلنجي هذا وأخرج عيسى النوشري عن مصر وأعمالها بأمورّ وقعت له معه ذكرناها في ترجمة عيسى النوشري ليس لذكرها هنا ثانيا محل ولمابلغ الخلنجي مجيء عسكر العراق ثاني مرة صحبة فاتك جمع عسكره وخرج إلى باب المدينة وعسكر به وقام بالليل بأرّبعة آلف من أصحابه ليبيت فاتكا وأصحابه فضلوا عن الطريق وأصبحوا قبل أن يصلوا إلى النويرة فعلم بهم فاتك فهض أصحابه وآلتقى مع الخلنجي قبل أن يصلوا إلى النويرة فتقاتل قتال شدي ًدا آنهزم فيه الخلنجي بعد أن ثبت ساعة بعد فرارّ أصحابه عنه ودخل إلى مصر وآستتر بها لثلث خلون من شهر رّجب ثم قبض عليه وحأبس حأسبما ذكرناه في ترجمة النوشري ثم دخل دميانة بالمراكب إلى مصر وأقبل عيسى النوشري من الصعيد ومعه الحسين الماذرّائي ومن كان معهما من أصحابهما لخمس خلون من رّجب المذكورّة وعاد النوشري إلى ما كان عليه من ولية مصر والحسين الماذرّائي على الخراج وزأالت دولة محمد بن علي الخلنجي عن مصر بعد أن حأكمها سبعة أشهر واثنين وعشرين يوما كل ذلك ذكرناه في ترجمة النوشري ولم نذكره هنا إل لزيادة الفائده وأي ًضا لما قدمناه في أول ترجمته ثم إن عيسى النوشري قيد محمد بن علي الخلنجي هذا وجماعة من أصحابه وحأملهم في البحر إلى أنطاكية ثم منها في البر إلى العراق إلى حأضرة الخليفة فأوقف بين يديه فوبخه ثم نكل به وطيف به وبأصحابه على الجمال ثم قتل شر قتلة وزأالت دولته ورّوحأه بعد أن أفسد أحأوال الديارّ المصرية وتركها خرابا يبابا من كثرة الفتن والمصادرّات قلت: وأمر محمد هذا من العجائب فإنه أرّاد أخذ ثأرّ بني طولون والنتصارّ لهم غيرة على ما وقع من محمد بن سليمان الكاتب من إفساده الديارّ المصرية فوقع منه أي ًضا أضعاف ما فعله محمد بن سليمان الكاتب وكان حأاله كقول القائل: الخفيف رّام نف ًعا وضر من غير قصد ومن البر ما يكون عقوقا عود عيسى النوشري إلى مصر دخلها بعد آختفاء محمد بن علي الخلنجي بيومين وذلك في خامس شهر رّجب سنة ثلث وتسعين ومائتين ثم دخل فاتك بعساكره إلى مصر في يوم عاشر رّجب وتسلم الخلنجي وأرّسله في البحر لست خلون من شعبان ووقع ماحأكيناه في ترجمته من قتله وإشهارّه. وأما عيسى النوشري فإنه آبتدأ في أؤل شهر رّمضان بهدم ميدان أحأمد بن طولون وبيعت أنقاضه بأبخس ثمن وكان هذا الميدان وقصورّه من محاسن الدنيا. وقد تقدم ذكر ذلك في عدة أماكن في ترجمة ابن طولون وابنه خمارّويه وغير ذلك ودام فاتك بالديارّ المصرية إلى النصف من جمادى الولى سنة أرّبع وتسعين ومائتين و خرج منها إلى العراق. ثم أمر المير عيسى النوشري بنفي المؤنثين من مصر ومنع النوح والنداء على الجنائز وأمر بإغلق المسجد الجامع فيما بين الصلتين ثم أمر بفتحه بعد أيام ثم ورّد عليه الخبر بموت الخليفة المكتفي بالله علي في ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين فلما سمع الجند بموت الخليفة شغبوا على عيسى النوشري وطلبوا منه مال البيعة بالخلفة للمقتدرّ جعفر وظفر النوشري بجماعة منهم ولما استقر المقتدرّ في الخلفة أقر عيسى هذا على عمله بمصر. ثم قدم على عيسى زأيادة الله أبن أبي العباس عبد الله بن إبراهيم بن الغلب أمير إفريقية مهزوما من أبي عبد الله الشيعي في شهر رّمضان سنة ست وتسعين ومائتين ونزل بالجيزة وأرّاد الدخول إلى مصر فمنعه من الدخول إليها فوقع بين أصحابه وبين جند مصر مناوشة وبعض قتال إلى أن وقع الصلح بينهم على أن يعبرها وحأده من غير جند فدخلها وأقام بها. ولم تطل أيام المير عيسى بعد ذلك ومرض ولزم الفراش إلى أن مات في يوم سادس عشرين من شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين وهوعلى إمرة مصر وكانت ولايته على مصر خمس سنين وشهرين ونصف شهر منها ولية الخلنجي على مصر سبعة أشهر وآثنان وعشرون يوما وقام من بعده على مصر ابنه أبو الفتح محمد بن عيسى إلى أن ولي تكين الحربي وحأمل عيسى النوشري إلى القدس ودفن به وكان عيسى هذا أميرا جليل شجاعا مقداما عارّفا بالمورّ طالت أيامه في السعادة وولي العمال مثل إمرة دمشق من قبل المنتصر والمستعين وولي شرطة بغداد أيام المكتفي ثم ولي أصبهان والجبال إلى أن وله المكتفي إمرة مصر. السنة التي حأكم فيها أرّبعة أمراء وهي سنة اثنتين وتسعين ومائتين: والمراء الرّبعة: شيبان بن أحأمد بن طولون ومحمد بن سليمان الكاتب وعيسى النوشري و ومحمد بن علي الخلنجي فيها أعني سنة آثنتين وتسعين ومائتين قدم بدرّ الحمامي الذي قتل القرمطي فتلقاه أرّباب المولة وخلع عليه الخليفة وخلع على آبنه أي ًضا وطوق بدرّ المذكورّ وسورّ وقيدت بين يديه خيل الخليفة جنائب وحأمل إليه مائة ألف درّهم وفيها وافت هدية إسماعيل بن أحأمد أمير خراسان إلى بغداد كان فيهاثلثمائة جمل عليها صناديق فيها المسك والعنبر والثياب من كل لون ومائة غلم وأشياء كثيرة غير ذلك وفيها حأج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي وفيها في ليلة الحأد لحأدى عشرة ليلة خلت من رّجب ولتسع عشرة خلت من أيارّ وهوبشنس بالقبطي طلع كوكب الذنب في الجوزأاء وفيها في جمادى الولى زأادت دجلة زأيادة لم ير مثلها حأتى خربت بغداد وبلغت الزيادة إحأدى وعشرين ذرّاعا. وفيها توفي إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الحافظ أبومسلم الكجي البصري ولد سنة مائتين وقدم بغداد وكان يملي برحأبة غسان وكان يملى سبعه سبعة كل واحأد منهم يبلغ الذي يليه وكتب الناس عنه قياما بأيديهم المحابر ومسح المكان الذي كانوا قياما فيه فحزرّوا نيفا وأرّبعين ألف محبرة وكانت وفاته ببغداد لتسع خلون من المحرم وفيها توفي إدرّيس بن عبد الكريم أبو الحسن الحداد المقرىء ولد سنة تسع وتسعين ومائة ومات ببغداد يوم الضحى وهو ابن نحو من تسعين سنة سئل عنه الدارّقطني فقال: هوثقة وفوق الثقة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن الحسين المصري اليلي وأبو بكر أحأمد بن علي بن سعيد قاضي حأمص وأحأمد بن عمرو أبو بكر البزارّ وأبو مسلم الكجي وإدرّيس بن عبد الكريم المقرىء وأسلم بن سهل الواسطي وأبوحأازأم القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز وعلي بن محمد بن عيسى الجكاني وعلي بن جبلة الصبهاني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وست عشرة إصبعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وإصبع واحأدة السنة الثانية من ولية عيسى النوشري على مصر وهي سنة ثلث وتسعين ومائتين: فيها توجه القرمطي إلى لدمشق وحأارّب أهلها فغلب عليها ودخلها وقتل عامة أهلها من الرجال والنساء ونهبها وآنصرف إلى ناحأية البادية. وفيها حأج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي وفيها عمل على دجلة من جانبيها مقياس مثل مقياس مصر طوله خمس وعشرون ذرّاعا ولكل ذرّاع علمات يعرفون بها الزيادة ثم خرب بعد ذلك وفيها توفي عبد الله بن محمد أبو العباس النبارّي الناشي الشاعر المشهورّ كان فاضل بارّعا وله تصانيف رّد فيها على الشعراء وأهل المنطق وعمل قصيدة واحأدة في قافية واحأدة ورّوي واحأد أرّبعة آلف بيت ومات بمصر. ومن شعره الطويل عذلت على ما لو علمت بقدرّه بسطت فكان العذل واللوم من عذرّي جهلت ولم تعلم بأنك جاهل فمن لي بأن تدرّي بأنك لتدرّي ومن شعره قوله: المتقارّب تساقوا جمي ًعا بكأس الردى فمات الصديق ومات العدو الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن علي الذهلي وداود بن الحسين البيهقي وعبدان المروزأي وعيسى بن محمد بن عيسى بن طهمان المروزأي والفضل بن العباس بن صفوان الصبهاني ومحمد بن أسد المدني ومحمد بن عبدوس بن كامل السراج وهميم بن همام الطبري. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وسبع أصابع ونصف مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وسبع أصابع. السنة الثالثة من ولية عيسى النوشري على مصر وهي سنة أرّبع وتسعين ومائتين: فيها خرج زأكرويه القرمطي من بلد القطيف يريد الحاج فوافاهم وقاتلهم حأتى ظفر بهم وواقع الحاج وأخذ جميع ما كان معهم وكان قيمة ذلك ألفي دينارّ بعد أن قتل من الحادي عشرين أل ًفا وجاء الخبر إلى بغداد بذلك فعظم ذلك على المكتفي وعلى المسلمين ووقع النوح والبكاء وآنتدب جيش لقتاله فسارّوا وسارّ زأكرويه إلى زأبالة فنزلها وكانت قد تأخرت القافلة الثالثة وهي معظم الحاج فسارّ زأكرويه المذكورّ ينتظرها وكان في القافلة أعين أصحاب السلطان ومعهم الخزائن والموال وشمسة الخليفة فوصلوا إلى فيد وبلغهم الخبر فأقاموا ينتظرون عسكر السلطان فلم يرد عليهم الجند فسارّوا فوافوا الملعون بالهبير فقاتلهم يوما إلى الليل ثم عاودهم الحرب في اليوم الثاني فعطشوا وآستسلموا فوضع فيهم السيف فلم يفلت منهم إل اليسير وأخذ الحريم والموال فندب المكتفي لقتاله القائد وصيفا ومعه الجيوش وكتب إلى شيبان أن يوافوا فجاؤوا في ألفين ومائتي فارّس فلقيه وصيف يوم السبت رّابع شهر رّبيع الول فاقتتلوا حأتى حأجز بينهم الليل وأصبحوا على القتال فنصر الله وصيفا وقتل عامة أصحاب زأكرويه المذكورّ الرجال والنساء وخلصوا من كان معه من النساء والموال وخلص بعض الجند إلى زأكرويه فضربه وهومول على قفاه ثم أسره وأسروا خليفته وخواصه وآبنه وأقارّبه وكاتبه وآمرأته فعاش زأكرويه خمسة أيام ومات من الضربة فشقوا بطنه وحأمل إلى بغداد وقتل السارّى وأحأرقوا وقيل: إن الذي جرح زأكرويه هووصيف بنفسه. قلت: ل شلت يداه. وتفرق أصحاب زأكرويه في البرية وماتوا عط ًشا. وفيها توفي محمد بن نصر أبو عبد الله المروزأي الفقيه أحأد الئمة العلم وصاحأب التصانيف الكثيرة والكتب المشهورّة مولده ببغداد في سنة آثنتين ومائتين ونشأ بنيسابورّ وآستوطن سمرقند وفيها توفي صالح بن محمد بن عمرو بن حأبيب بن حأسان بن المنذرّ بن أبي البرش عفارّ مولى أسد بن خزيمة الحافظ أبو علي السدى البغدادي المعروف بجزرّة نزيل بخارّى ولد سنة خمس ومائتين ببغداد قال أبو سعيد الدرّيسي الحافظ: صالح بن محمد جزرّة ما أعلم في عصره بالعراق وخراسان في الحفظ مثله. ولقب " جزرّة لنه جاء في حأديث عبد الله بن بشر أنه كانت عنده خرزأة يرقي بها المرضى وكانت لبي أمامة الباهلي فصحفها جزرّة بجيم وزأاي معجمتين. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي الحسن بن المثنى العنبري وأبو علي صالح بن محمد جزرّة وعبيد العجلي ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المعروف بابن رّاهويه الفقيه ومحمد بن أيوب بن الضريس الرازأي ومحمد بن معاذ الحلبي درّان ومحمد بن نصر المروزأي الفقيه وموسى بن هارّون الحافظ. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وإصبع واحأدة مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّاعا وإحأدى عشرة إصب ًعا. السنة الرابعة من ولية عيسى النوشري على مصر فيها كان الفداء بين المسلمين وبين الروم فكانت عئة من فولمحي من المسلمين ثلثة آلف إنسان. فيها بعث الخليفة المكتفي خاقان البلخي إلى إقليم أذرّبيجان لحرب يوسف بن أبي الساج فسارّ في أرّبعة آلف وفيها في ذي القعده مات الخليفة المكتفي بالله أبو محمد علي بن المعتضد بالله أحأمد ابن ولي العهد طلحة الموفق ابن الخليفة المتوكل على الله جعفربن محمد المعتصم بن الرشيد هارّون بن المهدي محمد بن أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس العباسي الهاشمي أمير المؤمنين ولد سنة أرّبع وستين ومائتين وكان يضرب المثل بحسنه في زأمانه كان معتدل القامة درّي اللون أسود الشعر حأسن اللحية جميل الصورّة وأمه أم ولد تسمى " خاضع ". بويع بالخلفة بعد موت والده المعتضد في جمادى الولى سنة تسع وثمانين ومائتين وكانت خلفته ستة أعوام ونصفا وبويع بالخلفة بعده أخوه جعفر المقتدرّ. وخلف المكتفي في بيت المال خمسة عشر ألف ألف دينارّ وهوالذي خلفه المعتضد وزأاد على ذلك المكتفي أمثالها وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن نوح بن عبد الله الحافظ أبوإسحاق النيسابورّي كان إمام عصره بنيسابورّ في معرفة الحديث والعلل والرجال والزهد والورّع وكان المام أحأمد بن حأنبل يثني عليه. وفيها توفي أبوالحسين أحأمد بن محمد بن الحسين النورّي البغدادي المولد والمنشأ وأصله من خراسان من قرية بين هراة ومرو الروذ وإنما سمي النورّي لنه كان إذا حأضر في مكان ينورّ كان أعظم مشايخ الصوفية في وقته كان صاحأب لسان وبيان كان من أقران الجنيد بل أعظم. وفيها توفي إسماعيل بن أحأمد بن أسد بن سامان أحأد ملوك السامانية وهم أرّباب الوليات بالشاش وسمرقند وفرغانة وما ورّاء النهر ولي إمرة خراسان بعد عمرو بن الليث الصفارّ وكان ملكا شجاعا صالحا بنى الربط في المفاوزأ وأوقف عليها الوقاف وكل رّباط يسع ألف فارّس وهوالذي كسر الترك ولما توفي تمثل الخليفة المكتفي بقول أبي نواس: مجزوء البسيط: لم يخلق الدهر مثله أب ًدا هيهات هيهات شأنه عجب وفيها توفي أبوحأمزة الصوفي الصالح الزاهد الورّع كان من أقران الجنيد وأبي تراب النخشبي كان من كبارّ مشايخ القوم وأزأهدهم وأورّعهم وأفتاهم وله المجاهدات والرياضات المشهورّة الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبوالحسين النورّي شيخ الصوفية أحأمد بن محمد وإبراهيم بن أبي طالب الحافظ وإبراهيم بن معقل قاضي نسف والحسن بن علي المعمري والحكم بن معبد الخزافي وأبو شعيب الحراني والمكتفي بالله بن المعتضد وأبو جعفر محمد بن أحأمد الترمذي الفقيه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وثلث أصابع. مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّا ًعا السنة الخامسة من ولية عيسى النوشري على مصر وهي سنة ست وتسعين ومائتين: فيها خلع الخليفة جعفر المقتدرّ من الخلفة وبويع عبد الله بن المعتز بالخلفة وسبب خلعه صغر سنه وقصورّه عن تدبير الخلفة واستيلء أمه والقهرمانة على الخلفة وكانت أمه أم ولد تسمى شغب فآتفق الجند على قتله وقتل وزأيره العباس بن الحسن وقتل فاتك المعتضدي ووثبوا على هؤلء وقتلوهم وكان المقتدرّ بالحلبة يلعب بالصوالجة أعني بالكرة على عاده الملوك فلما بلغه قتلهم نزل وأغلق باب القصرة فبايعوا عبد الله بن المعتز بشروط شرطها عبد الله عليهم وكان عبد الله بن المعتز أشعر بني العباس ومن أخيارّهم ولقبوه بالمنصف بالله وقيل: بالغالب بالله وقيل: بالراضي بالله وقيل: بالمرتضى وآستوزأرّ محمد بن داود بن الجراح ولما بلغ هذا الخبر إلى أبي جعفر الطبري قال: ومن رّشح للوزأارّة قالوا: محمد بن داود قال: ومن ذكر للقضاء قالوا: أبوالمثنى أحأمد بن يعقوب ففكر طويل وقال: هذا أمر ل يتم قيل: ولم قال: لن كل واحأد من هؤلء الذين ذكرتم مقدم في نفسه عالي الهمة رّفيع الرتبة في أبناء جنسه والزمان مدبر والدولة مولية. وكان كما قال وخلع عبد الله بن المعتز من يومه وقتل من الغد وكانت خلفته يوما وليلة وقيل: بل نصف نهارّ وهوالصح وقتل آبن المعتز ووصيف بن صوارّتكين ويمن الخادم وجماعة من القضاة والفقهاء الذين اتفقوا على خلع المقتدرّ قتلهم مؤذس الخادم وأعيد جعفر المقتدرّ إلى الخلفة. وفيها استوزأرّ المقتدرّ أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات. وفيها أمر المقتدرّ أل يستخدم أحأد من اليهود والنصارّى إل في الطب والجهبذة فقط وأن يطالبوا بلبس العسلي وتعليق الرقاع المصبوغة بين أظهرهم. وفيها وقع ببغداد ثلج في كانون في أول النهارّ إلى العصر وأقام أياما لم يذب. وفيها آنصرف أبو عبد الله الداعي إلى سجلماسة فافتتحها وأخرج المهدي عبيد الله وولده من حأبس اليسع ابن مدرّارّ وأظهر أمره وأعلم أصحابه أنه صاحأب دعوته وسلم عليه بأمير المؤمنين وذلك في سابع في الحجة من سنة ست هذه وعبيد الله هذا هو والد الخلفاء الفاطميين وهوأول من ظهر منهم كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب في ترجمة المعز وغيره. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن هانىء أبو بكر الطائي الثرم الحافظ سمع الكثير ورّحأل إلى البلد وصنف علل الحديث والناسخ والمنسوخ في الحديث كان حأافظا ورّعا متق ًنا. وفيها توفي أمير المؤمنين أبو العباس عبد الله ابن الخليفة المعتز بالله محمد ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارّون ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي البغدادي الشاعر الديب صاحأب الشعر البديع والتشبيهات الرائقة والنثر الفائق أخذ العربية الدب عن المبرد وثعلب وعن مؤدبه أحأمد بن سعيد الدمشقي ومولده في شعبان سنة تسع وأرّبعين ومائتين وأمه ام ولد تسمى خاين بويع بالخلفة بعد خلع المقتدرّ وكاد أمره أن يتم ثم تفرق عنه جمعه فقبض عليه وقتل سرا في شهررّبيع الخر كما ذكرناه في أول هذه السنة ومن شعره: البسيط انظر إلى اليوم ما أحألى شمائله صحو وغيم وإبراق وإرّعاد كأنه أنت يا من ل شبيه له وصل وهجر وتقريب وإبعاد وله في خال مليح: السريع أسفر ضوء الصبح من وجهه فقام خال الخد فيه بلل كأنما الخال على خده ساعة هجر في زأمان الوصال قلت: ويعجبني في هذا المعنى قول السروجي: السريع في الجانب اليمن من خدها نقطة مسك أشتهي شمها وأخذ في هذا المعنى المعز الموصلي فقال: السريع لحظت من وجنتها شامة فآبتسمت تعجب من حأالي قالت قفوا وآسمعوا ما جرى قد هام عمي الشيخ في خالي ومن شعر ابن المعتز أي ًضا بيت مفرد: الوافر فنون والمدام ولون خدي شقيق في شقيق في شقيق قلت: ويشبه هذا قول آبن الرومي حأيث قال: كأن الكأس في يده وفيه عقيق في عقيق في عقيق قلت: ومن تشابيه ابن المعتز البديعة قوله ينعت البنفسج: البسيط ولزأورّدية تزهو بزرّقتها وسط الرياض على حأمر اليواقيت كأنها وضعاف القضب تحملها أوائل النارّ في أطراف كبريت الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن نجدة الهروي وأحأمد بن يحيى الحلواني وخلف بن عمرو العكبري وعبد الله بن المعتز وأبو الحصين الوادعي محمد بن الحسين ومحمد بن محمد بن شهاب البلخي ويوسف بن موسى القطان الصغير. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وتسع عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة السنة السادسة من ولية عيسى النوشري على مصر وهي سنة سبع وتسعين ومائتين: فيها حأج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي. وفيها وصل الخبر إلى العراق بظهورّ عبيد الله المسمى بالمهدي أعني جد الخلفاء الفاطميين وأخرج الغلب من بلده وبنى المهدية وخرجت بلد المغرب عن حأكم بني العباس من هذا التارّيخ وهرب ابن الغلب وقصد العراق فكتب إليه الخليفة أن يصير إلى الرقة ويقيم بها. وفيها أدخل طاهر وشقوب آبنا محمد بن عمرو بن الليث الصفارّ بغداد أسيرين. وفيها توفي الجنيدبن محمد بن الجنيد الشيخ الزاهد الورّع المشهورّ أبو القاسم القوارّيري الخزازأ وكان أبوه يبيع الزجاج وكان هو يبيع الخز وأصله من نهاوند إل أن مولده ومنشأه ببغداد وكان سيد طائفة الصوفية من كبارّ القوم وساداتهم مقبول القول على جميع اللسن وكان يتفقه على مذهب أبي ثورّ الكلبي أفتى في حألقته وهوآبن عشرين سنة وأخذ الطريقة عن خاله سري السقطي وكان سري أخذها عن معروف الكرخي ومعروف الكرخي أخذها عن علي بن موسى الرضا قال الجنيد: ما أخرج الله إلى ا لناس علما وجعل لهم إليه سبيل إل وقد جعل لي فيه حأظا ونصيبا وقيل: إنه كان إذا جلس بدكانه كان ورّعه في اليوم ثلثمائة رّكعة وكذا وكذا ألف تسبيحة. وقيل: إنه كان يفتح دكانه ويسبل الستر ويصلي أرّبعمائة رّكعة وقال الجريري: سمعته يقول: ما أخذنا التصوف عن القال والقيل لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات أوالمستحسنات وذكر أبوجعفر الفرغاني أنه سمع الجنيد يقول: أقل ما في الكلم سقوط هيبة الرب سبحانه وتعالى من القلب والقلب إذا عري من الهيبة عري من اليمان ويقال: إن نقش خاتم الجنيد: ل إن كنت تأمله فل تأمنه " وعن الخلدي عن الجنيد قال: أعطي أهل بغداد الشطح والعبادة وأهل خراسان القلب والسخاء وأهل البصرة الزهد والقناعة وأهل الشأم الحلم والسلمة وأهل الحجازأ الصبر والنابة وقال: إسماعيل بن نجيد: هؤلء الثلثة لرّابع لهم الجنيد ببغداد وأبو عثمان سسابورّوأبو عبد الله بن الجلى بالشأم وقال أبو بكر العطوي كنت عند الجنيد حأين احأتضر فختم القرآن قال: ثم آبتدأ فقرأ من البقرة سبعين آية ثم ما ت وقال أبونعيم: أخبرنا الخلدي كتابة قال: رّأيت الجنيد في النوم فقلت: ما فعل الله بك قال: طاحأت تلك الشارّات وغابت تلك العبارّات وفنيت تلك العلوم ونفدت تلك الرسوم وما نفعنا إلرّكعتان كنا نركعهما في السحارّ قال أبو الحسين بن المنادي مات الجنيد ليلة النورّوزأ في شوال سنة ثمان وتسعين ومائتين قال: فذكر لي أنهم حأزرّوا الجمع الذين صلوا عليه نحو ستين ألف إنسان ثم ما زأالوا يتعاقبون قبره في كل يوم نحو الشهر. ودفن عند قبر سري السقطي قال الذهبي: وورّخه بعضهم في سنة سبع فوهم. قلت: ورّخه صاحأب المرآة وغيره في سنة سبع. وفيها توفي عمرو بن عثمان أبو عبد الله المكي سكن بغداد وكان شيخ القوم في وقته صحب الجنيد وغيره. وفيها توفي الشيخ أبوالحارّث الفيض بن الخضر أحأمد وقيل: الفيض بن محمد الولسي الطرسوسي أحأد الزهاد ومشايخ القوم مات بطرسوس وكان صاحأب حأال وقال وله إشارّات ولسان حألو في علم التصوف. وفيها توفي محمد بن داود بن علي بن خلف الشيخ أبو بكر الصبهاني الظاهري صاحأب كتاب الزهرة " كان عالما أديبا فصيحا وكان يلقب بعصفورّ الشوك لنحافته وصفرة لونه ولما جلس محمد هذا بعد وفاة أبيه في مجلسه آستصغروه عن ذلك فسأله رّجل عن حأد السكر ما هو ومتى يكون الرجل سكران فقال محمد على البديهة: إذا عزبت عنه الهموم وباح بسره المكتوم فآستحسنوا منه ذلك. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن هاشم البغوي وإسماعيل بن محمد بن قيراط وعبد الرحأمن بن القاسم بن الرواسي الهاشمي وعبيد بن غنام ومحمد بن عبد الله مطين ومحمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة ومحمد بن الماء القديم تسع أذرّع وإحأدى عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وإحأدى عشرة إصب ًعا. ولية تكين الولى على مصر هو تكين بن عبد الله الحربي المير أبومنصورّ المعتضدي الخزرّي وله الخليفة المقتدرّ بالله على صلة مصر بعد موت عيسى النوشري فدعي له بها في يوم الجمعة لحأدى عشرة ليلة خلت من شوال سنة سبع وتسعين ومائتين ثم قدم خليفته إلى مصريوم الرّبعاء في ثالث عشرين شوال ودام خليفته بها إلى أن قدمها تكين المذكورّ في يوم ثاني في الحجة من سنة سبع وتسعين ومائتين. قال صاحأب " البغية والغتباط فيمن ولي الفسطاط: قدم تكين يوم السبت لليلتين خلتا من ذي الحجة موافقا لنا لكنه زأاد: في يوم السبت. وتكين هذا مولى المعتضد بالله نشأ في دولته حأتى صارّمن جملة القواد ثم وله المقتدرّ دمشق ومصر وأقره عليهما القاهر وكان تكين جبارّا مهيبا ولكنه كانت لديه فضيلة وحأدث عن القاضي يوسف وغيره ودام تكين على إمرة مصر مدة إلى أن بعث للخليفة في سنة تسع وتسعين ومائتين هدايا وتحفا وفي جملة الهدايا ضلع إنسان طوله أرّبعة عشر شبرا في عرض شبر زأعموا أنه من قوم عاد وفي جملة الهدايا أي ًضا تيس له ضرع يحلب لبنا وخمسمائة ألف دينارّ ذكر تكين أنه وجدها في كنز بمصر وآستمر تكين بعد ذلك على إمرة مصر حأتى خرج عليها جماعة من العراب والحأواش فجهز تكين لحربهم جيشا إلى برقة وجعل على الجيش المذكورّ أبا اليمني وخرج الجيش إلى برقة وكان هؤلء العراب من جملة عساكر المهلي عبيد الله الفاطمي الذي استولى على بلد المغرب فلما قارّب الجيش برقة خرج إليهم حأباسة بن يوسف بعساكر المهلي عبيد الله الفاطمي المقدم ذكره وقاتل أبا اليمني المذكورّ حأتى هزمه وآستولى على برقة ثم سارّ إلى السكندرّية في زأيادة على مائة ألف مقاتل ولما عاد جيش تكين منهزما إلى مصر أرّسل تكين إلى الخليفة يطلب منه المدد فأمده الخليفة بالعساكر وفي العسكر حأسين بن أحأمد الماذرّائي وأحأمد بن كيغلغ في جمع من القواد وسارّ الجميع نحو مصر وكان دخول عسكر المهدي إلى السكندرّية في أول المحرم سنة آثنتين وثلثمائة. ووصلت عساكر الخليفة من العراق إلى مصر في صفر ونزلت بها فتلقاهم تكين وأكرم نزلهم ثم تهيا تكين بعساكره إلى القتال وخرج هو بعساكر مصر ومعه عساكر العراق وسارّ الجميع نحو السكندرّية ونزلوا بالجيزة في جمادى الولى ثم سارّ الجميع حأتى وافوا حأباسة بعساكره وقاتلوه فكانت بينهم وقعة عظيمة قتل فيها آلف من الناس من الطائفتين وثبت كل من العسكرين حأتى استظهر عسكر الخليفة على جيش حأباسة العبيدي الفاطمي وكسره وأجله عن السكندرّية وبرقة وعاد حأباسة بمن بقي معه من عساكره إلى المغرب في أسوإ حأال وهذا أول عسكر ورّد إلى السكندرّية من جهة عبيد الله المهدي الفاطمي. ثم عاد تكين إلى مصر بعساكره بعد أن مهد البلد وعندما قدم تكين إلى مصر وصل إليها بعده مؤنس الخادم مع جمع من القواد أعني الذين قدموا معه من العراق ونزلوا بالحمراء في النصف من شهر رّمضان ولقي الناس منهم شدائد إلى أن خرج المير أحأمد بن كيغلغ إلى الشأم في شهر رّمضان المذكورّ فلم تطل مدة تكين بعد ذلك على مصروصرف عن إمرتها في يوم الخميس لرّبع عشرة ليلة خلت من ذي القعدة صرفه مؤنس الخادم المقدم ذكره وأرّسل إلى الخليفة بذلك فدام تكين بمصر إلى أن خرج منها في سابع في الحجة سنة آثنتين وثلثمائة وأقام مؤنس الخادم بمصر يدعى له بها ويخاطب بالستاذ إلى أن ولى الخليفة المقتدرّ ذكا الرومي إمرة مصر عوضا عن تكين ً المذكورّ فكانت ولايته ما. على مصر خمس سنين وأيا السنة الولى من ولية تكين وهي سنة ثمان وتسعين ومائتين: فيها قدم الحسين بن حأمدان من قم فوله المقتدرّ ديارّ بكر ورّبيعة. وفيها توفي محمد بن عمرويه صاحأب الشرطة توفي بآمد وحأمل إلى بغداد. وفيها توفي صافي الحرفي فقلد المقتدرّ مكانه مؤنسا الخادم المقدم ذكره. وفيها خرج على عبيد الله المهدي داعياه أبو عبد الله الشيعي وأخوه أبو العباس وجرت لهما وقعة هائلة وذلك في جمادى الخرة فقتل الداعيان في جندهما ثم خالف على المهدي أهل طرابلس المغرب فجهز إليهم آبنه أبا القاسم القائم بأمر الله فأخذها عنوة في سنة ثلثمائة وتمهد بأخذها بلد المغرب للمهدي المذكورّ. وفيها قدم القاسم بن سيما من غزوة الصائفة بالروم ومعه خلق من السارّى وخمسون علجا قد شهروا على الجمال وبأيديهم صلبان الذهب والفضة. وفيها استخلف على الحرم بدارّ الخليفة نظير الحرمي. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن مسروق الشيخ أبو العباس الصوفي الطوسي أحأد مشايخ القوم وأصحاب الكرامات قدم بغداد وحأدث بها وفيها توفي أحأمد بن يحيى بن إسحاق أبوالحسين البغدادي المعروف بآبن الراوندي الماجن المنسوب إلى الهزل والزندقة كان أبوه يهوديا فأسلم أهو فكانت اليهود تقول للمسلمين: احأذرّوا أن يفسد هذا عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا كتابنا وصنف أحأمد هذا في الزندقة كتبا كثيرة منهاكتاب نعت الحكمة " وكتاب " الدامغ للقرآن " وغير ذلك وكان زأنديقا وكان يقول: إنا نجد في كلم أكثم بن صيفي أحأسن من " إنا أعطيناك الكوثر " و " قل أعوذ برب الفلق " وإن النبياء وقعوا بطلسمات كما أن المغناطيس يجذب الحديد وقوله صلىالله عليه وسلم لعمارّ: " تقتلك الفئة الباغية " قال: فإن المنجم يقول مثل هذا إذا عرف المولد والطالع. ولهذا التعيس الضال أشياء كثيرة من هذا الكفر البارّد الذي يسئم أسماع الزنادقة لعدم طلوة كلمه. وأمره في الزندقة والمخرقة أشهر من أن يذكر عليه اللعنة والخزي ولما تزايد أمره صلبه بعض السلطين وهو ابن ست وثمانين سنة. وفيها توفي أبو عثمان سعيد بن إسماعيل بن سعيد النيسابورّي الحيري الواعظ المام مولده بالري ثم قدم نيسابورّ وسكنها وكان أوحأد مشايخ عصره وعنه آنتشرت طريقة التصوف بنيسابورّ. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبوالعباس أحأمد بن محمد بن مسروق وبهلول بن إسحاق النبارّي والجنيد شيخ الطائفة والحسن بن علويه القطان وأبوعثمان الحيري الزاهد ومحمد بن علي بن طرخان البلخي الحافظ ومحمد بن سليمان المروزأي ومحمد بن طاهر المير ويوسف بن عاصم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثماني أذرّع وأرّبع أصابع مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وثماني أصابع. الولى على مصر وهي سنة تسع وتسعين ومائتين. فيها قبض المقتدرّ على وزأيره أبي الحسن علي بن الفرات ونهبت دورّه وهتكت حأرمه بسبب أنه قيل للخليفة: إنه كاتب العراب أن يكبسوا بغداد ونهبت بغداد عند القبض عليه واستوزأرّ المقتدرّ أبا علي محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان. وفيها سارّ عبيد الله المهدي الفاطمي إلى المهدية ببلد المغرب ودعي له بالخلفة برقاده والقيروان وتلك النواحأي وعظم ملكه فشق ذلك على الخليفة المقتدرّ العباسي. وفيها توفي أحأمد بن نصر بن إبراهيم الحافظ أبوعمرو الخفاف رّحأل في طلب الحديث ولقي الشيوخ وكان زأاهدا متعبدا صام نيفا وئلثين سنة وتصدق سرا وعلنية بأموال كثيرة. وفيها توفي الحسين بن عبد الله بن أحأمد الفقيه أبو علي الخرقي والد المام عمر مصنف كتاب مختصر الخرقي في مذهب المام أحأمد بن حأنبل وكان زأاهدا عابدا مات يوم عيد الفطر. وفيها توفي محمد بن أحأمد بن كيسان المام أبو الحسن النحوي اللغوي أحأد الئمة النحاة كان يحفظ مذاهب البصريين والكوفيين في النحو لنه أخذ عن المبردوثعلب وفيها توفي محمد بن إسماعيل الشيخ أبو عبد الله المغربي الزاهد أستاذ إبراهيم الخواص وإبراهيم بن شيبان وغيرهما كان كبير الشأن في علم المعاملت والمكاشفات وحأج على قدميه سب ًعا وتسعين حأجة. قال إبراهيم بن شيبان: توفي أبو عبد الله على جبل الطورّ فدفنته إلى جانب أستاذه علي بن رّزأين بوصية منه وعاش كل واحأد منهما عشرين ومائة سنة. قلت: ولهذا حأج سب ًعا وتسعين حأجة. وفيها توفي محمد بن يحيى بن محمد البغدادي المعروف ب حأامل كفنه " كان فاضل وقع له غريبة وهوأنه مرض فأغمي عليه فغسل وكفن ودفن فلما كان الليل جاءه نباش فنبش عنه فلما حأل أكفانه ليأخذها آستوى قائما فخرج النباش هارّبا فقام هووحأمل أكفانه وجاء إلى منزله وأهله وهم يبكون عليه فدق الباب فقالوا: من قال: أنا فلن فقالوا: يا هذا ل يحل لك أن تزيدنا على ما نحن فيه قال: آفتحوا فوالله أنا فلن فعرفوا صوته ففتحوا له وعاد حأزنهم فرحأا ويسمى من حأينئذ حأامل كفنه سكن حأامل كفنه دمشق وحأدث بها قال أبو بكر الخطيب: ومثل هذا سعيد بن الخمس الكوفي فإنه لما دلي في قبره آضطرب فحلت عنه أكفانه فقام ورّجع إلى منزله ثم ولد له بعد ذلك آبنه مالك. وفيها توفي ممشاد الدينورّي الزاهد المشهورّ كان من أولد الملوك فتزهد وترك الدنيا وصحب أبا تراب النخشبي وأبا عبيد البسري وغيرهما وكان عظيم الشأن يحكى عنه خوارّق قيل إنه لما احأتضر قالوا له كيف تجدك فقال سلوا العلة عني فقيل له قل ل إله إل الله فحول وجهه إلى الحائط فقال: المجتث # أفنيت كلي الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أحأمد بن أنس بن مالك الدمشقي وأبوعمرو الخفاف الزاهد أحأمد بن نصر الحافظ والحسين بن عبد الله الخرقي والد مصنف مختصر الخرقي وعلي بن سعيد بن بشير الرازأي ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد وممشاد الدينورّي الزاهد. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم ست أذرّع وإحأدى عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وثماني أصابع. السنة الثالثة من ولية تكين الولى على مصر وهي سنة ثلثمائة. فيها تتبع الخليفة أصحاب الوزأير أبي الحسن بن الفرات وصودرّوا وخربت ديارّهم وضربوا وعذب ابن الفرات حأتى كاد يتلف ثم رّفقوا به بعد أن أخذ ت أمواله ثم عزل الخاقاني عن الوزأارّة ورّشح لها علي بن عيسى ويقال: فيها ولدت بغلة فسبحان الله القادرّعلى كل شيء وفيها ظهر محمد بن جعفر بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب في أعمال دمشق فخرج إليه أمير دمشق أحأمد بن كيغلغ ثم آقتتل فقتل محمد في المعركة وحأمل رّأسه إلى بغداد فنصب على الجسر وفيها وقع ببغداد والبادية وباء عظيم وموت جارّف فمات الناس علىالطريق وفيها ساخ جبل بالدينورّ في الرّض وخرج من تحته ماء كثيرغرق القرى وفيها وقعت قطعة عظيمة من جبل لبنان في البحر وتناثرت النجوم في جمادى الخرة تناثراعجيبا وكله إلى ناحأية المشرق وفيها حأج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي وفيها توفي عبد الله بن محمد بن عبد الرحأمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحأمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الموي المغربي أمير الندلس وأمه أم ولد يقال لها عشارّ بويع بالمرة في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين في السنة التي توفي فيها أخوه المنذرّ في أيام المعتمد وكان زأاه ًدا تالًيا لكتاب الله تعالى بنى الساباط بقرطبة ولزم الصلوات الخمس بالجامع حأتى مات في شهر رّبيع الول وكانت أيامه على الندلس خمسا وعشرين سنة وستة أشهر وأياما وتولى مكانه آبنه عبد الرحأمن بن محمد بن عبد الله في اليوم الذي مات فيه جده المذكورّ وكنيته أبوالمظفر فلقب نفسه بالناصر وتوفي عبد الرحأمن هذا في سنة خمسين وثلثمائة وقد تقدم الكلم في ترجمة جد هؤلء الثلثة عبد الرحأمن الداخل أنه فر من الشأم جافل من بني العباس ودخل المغرب وملكها فسمي لذلك عبد الرحأمن الداخل وفيها توفي عبيد الله بن عبد الله بن طاهربن الحسين المير أبو محمد الخزاعي كان من أجل المراء ولي إمرة بغداد ونيابتها عن الخليفة وعدة وليات جليلة وكان أديًبا فاضل شاعرا فصيحا وقد تقدم ذكر والده في أمراء مصر في هذا الكتاب وأي ًضا نبذة من أخبارّ جده في عدة حأوادث وفي الجملة هومن بيت رّياسة وفضل وكرم الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو العباس أحأمد بن محمد البراثي وأبوأمية الحأوص بن الفضل الغلبي والحسين بن عمربن أبي الحأوص وعلي بن سعيد العسكرفي الحافظ وعبيد الله بن عبد الله بن طاهربن الحسين المير وعبد الله بن محمد بن عبد الرحأمن الموي صاحأب الندلس ومحمد بن أحأمد بن جعفر أبوالعلء الوكيعي ومحمد بن الحسن بن سماعة ومسدد بن قطن. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبع أذرّع وإصبع واحأدة مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذرّا ًعا وإصبع واحأدة. السنة الرابعة من ولية تكين الولى على مصر هي سنة إحأدى وئلثمائة. فيها قبض المقتدرّ على وزأيره الخاقاني في يوم الثنين لعشر خلون من المحرم وكانت مدة وزأارّته سنة واحأدة وشهرا وخمسة أيام وكان المقتدرّ قد أرّسل يلبق المؤنسي في ثلثمائة غلم إلى مكة لحأضارّ علي بن عيسى للوزأارّة فقدم آبن عيسى المذكورّ في المحرم وتولى الوزأارّة. وفيها في شعبان رّكب الخليفة المقتدرّ من دارّه إلى الشماسية ثم عاد في دجلة وهي أول رّكبة ظهر فيها للعامة منذ ولي الخلفة وفيها في يوم الثنين سادس شهر رّبيع الول أدخل الحسين بن منصورّ المعروف بالحلج مشهورّا على جمل إلى بغداد وصلب وهوحأي في الجانب الغربي وعليه جبة عودية ونودي عليه: هذا أحأد دعاة القرامطة ثم أنزلوه وحأده في دارّ ورّمي بعظائم نسأل الله السلمة في الدين فأحأضره علي بن عيسى الوزأير وناظره فلم يجد عنده شيئا من القران ولمن الفقه ول من الحديث ول من العربية فقال له الوزأير: تعلمك الوضوء والفرائض أولى من رّسائل ما تدرّي ما فيها ثم تدعي اللهية فرده إلى الحبس فدام به إلى ما يأتي ذكره في محله. وفيها أفرج المقتدرّ عن الوزأير الخاقاني فأطلق وتوجه إلى دارّه. وفيها في شعبان خلع المقتدرّ على آبنه أبي العباس وقلده أعمال الحرب بمصر والغرب وعمره أرّبع سنين وآستخلف له على مصر مؤنس الخادم. وفيها توفي الحسن بن بهرام أبو سعيد القرمطي المتغلب على هجر كان أصله كيال فهرب وآستغوى خلقا من القرامطة والعراب وغلب على القطيف وهجر وشغل المعتضد عنه الموت فاستفحل أمره ووقع له مع عساكر المكتفي وقائع وأمورّ وقتل الحجيج وأفسد البلد وفعل ماليفعله مسلم حأتى قتله خادم صقلبي في الحمام أرّاده على الفاحأشة فخنقه الخادم وقتله وذهبت رّوحأه إلى سقر. وفيها توفي حأموديه بن أسد الدمشقي المعلم كان من البدال وكان مجاب الدعوة وله كرامات وأحأوال مات بدمشق. وفيها توفي عبد الله بن علي بن محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارّب القاضي كان إماما فاضل عالما استقضاه الخليفة المكتفي على مدينة المنصورّ في سنة آثنتين وتسعين ومائتين إلى أن نقله المقتدرّ إلى الجانب الشرقي في سنة ست وتسعين ومائتين فأصابه فالج ومات منه وتوفي آبنه بعده بثلثة وسبعين يوما وكان يخلفه على القضاء وفيها توفي علي بن أحأمد الراسبي المير أبو الحسن كان متوليا من حأدود واسط إلى جنديسابورّ ومن السوس إلى شهرزأورّ وكان شجا ًعا مات بجنديسابورّ وخلف ألف ألف دينارّ ومن آنية الذهب والفضة ما قيمته مائة ألف دينارّ أومن الخز ألف ثوب وألف فرس وألف بغل وألف جمل وكان له ثمانون طرازأا تنسج فيها الثياب التي لملبوسه. وفيها توفي محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زأرّعة الثقفي مولهم كان قاضي دمشق ثم ًما عفيفا ولما أرّاد أحأمد بن طولون خلع ولي قضاء مصر كان إما الموفق من ولية ًما عال العهد أمره بخلعه فوقف بإزأاء منبر دمشق وقال: قد خلعت أبا أحأمق يعني باأحأمد كما خلعت خاتمي من إصبعي ومضى سنون إلى أن ولي المعتضد بن الموفق الخلفة ودخل الشأم يطلب من كان يبغض أباه فأحأضر القاضي هذا وجماعة فحملوا في القيود معه وسافر فلما كمان في بعض اليام رّآهم المعتضد في الطريق فطلبهم وأرّاد الفتك بهم فقال: من الذي قال " أبا أحأمق " فخرس القوم فقال له القاضي: يا أمير المؤمنين نسائي طوالق وعبيدي أحأرارّ ومالي في سبيل الله إن كان في هؤلء القوم من قال هذه المقالة فآستظرفه المعتضد وأطلق الجميع ومشى له ذلك في باب المماجنة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن محمد بن عبد العزيزبن الجعد الوشاء وأبو بكر أحأمد بن هارّون البرذعي وإبراهيم بن يوسف الرازأي والحسين بن إدرّيس النصارّي الهروي وعبد الله بن محمد بن ناجية في رّمضان وعمرو بن عثمان المكي الزاهد ومحمد بن العباس بن الخرم الصبهاني ومحمد بن يحيى بن منده العبدي. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم أرّبع أذرّع واثنتا عشرة إصبعا مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذرّاعا وإصبع واحأدة. السنة الخامسة من ولية تكين الولى على مصر وهي سنة آثنتين وثلثمائة: فيها عاد المهدي عبيد الله الفاطمي من المغرب إلى السكندرّية ومعه صاحأبه حأباسة المقدم ذكره فجرت بينه وبين جيش الخليفة حأروب قتل فيها حأباسة وعاد موله عبيد الله إلى القيروان وفيها في المحرم صرد كتاب نصربن أحأمد الساماني أمير خراسان أنه واقع عمه إسحاق بن إسماعيل وأنه أسره فبعث إليه المقتدرّ بالخلع واللواء. وفيها صادرّ المقتدرّ أبا عبد الله الحسين بن عبد الله بن الجصاص الجوهري وكبست دارّه وأخذ من المال والجوهر ما قيمته أرّبعة آلف ألف دينارّ وقال أبو الفرج ابن الجوزأي: أخذوا منه ما مقدارّه ستة عشر ألف ألف دينارّ عينا وورّقا وآنية وقماشا وخيل وخدما قال أبوالمظفر في مرآة الزمان: وأكثر أموال آبن الجصاص المذكورّ من قطر الندى بنت خمارّويه صاحأب مصر فإنه لما حأملها من مصر إلى زأوجها المعتضد كان معها أموال وجواهر عظيمة فقال لها آبن الجصاص: الزمان ليدوم وليؤمن على حأال دعي عندي بعض هذه الجواهر تكن ذخيرة لك فأودعته ثم ماتت فأخذ الجميع وفيها خرج الحسن بن علي العلوي الطروش ويلقب بالداعي ودعا الديلم إلى الله وكانوا مجوسا فأسلموا وبنى لهم المساجد وكان فاضل عاقل أصلح الله الديلم به. وفيها قلد المقتدرّ أبا الهيجاء عبد الله بن حأمدان الموصل والجزيرة. وفيها صلي العيد في جامع مصر ولم يكن يصلى فيه العيد قبل ذلك فصلى بالناس علي بن أبي شيخة وخطب فغلط بأن قال: اتقوا الله حأق تقاته ول تموتن إل وأنتم مشركون. نقلها علي بن الطحان عن أبيه وآخر. وفيها في الرجعة قطع الطريق على الحاج العراقي الحسن بن عمر الحسيني مع عرب طيىء وغيرهم فاستباحأوا الوفد وأسروا مائتين وثمانين امرأة ومات الخلق بالعطش والجوع. وفيها توفي العباس بن محمد أبو الهيثم كاتب المقتدرّ كان كاتبا جليل كان يطمع في الوزأارّة ولما ولي علي بن عيسى الوزأارّة اعتقله فمات يوم الحأد سلخ ذي الحجة وأوصى أن يصلي. عليه أبوعيسى البلخي وأن يكبر عليه أرّبعا وأن يسنم قبره. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وإحأدى عشرة إصب ًعا. ولية ذكا الرومي على مصر المير أبو الحسن ذكا الرومي العورّ ولي إمرة مصر بعد عزل تكين الحربي عن مصر وله الخليفة المقتدرّ على الصلة فخرج من بغداد وسافر إلى أن قدم مصر في يوم السبت لثنتي عشرة خلت من صفر سنة ثلث وثلثمائة فجعل على الشرطة محمد بن طاهر مدة ثم عزله بيوسف الكاتب وقدم بعده الحسين بن أحأمد الماذرّائي على الخراج ثم رّد محمد بن طاهر على الشرطة ثم بعد قدوم ذكا إلى مصر خرج منها مؤنس الخادم بجميع جيوشه لثمان خلون من شهررّبيع الخر من سنة ثلث وثلثمائة وكان ورّد على مؤنس كتاب الخليفة المقتدرّ يعرفه بخروج الحسين بن حأمدان عن الطاعة وأن يعود إلى بغداد ويأخذ معه من مصر أعيان القواد مثل أحأمد بن كيغلغ وعلي بن أحأمد بن بسطام والعباس بن عمرو وغيرهم ممن يخاف منهم ففعل مؤنس ذلك وآستمر ذكا بمصر على إمرتها من غير منازأع إلى أن خرج إلى السكندرّية في أول المحرم سنة أرّبع وثلثمائة فلم تطل غيبته عنها وعاد إليها في ثامن شهر رّبيع الول فبلغه أن جماعة من المصريين يكاتبون المهدي فتتبع كل من آتهم بذلك فقبض على جماعة منهم وسجنهم وقطع أيدي أناس وأرّجلهم فعظمت هيبته في قلوب الناس ثم أجلى أهل لوبية ومراقية من مصر إلى السكندرّية خوفا من ابن المهدي صاحأب برقة ثم فسد بعد ذلك ما بينه وبين جند مصر والرعية بسبب ذكر الصحابة رّضي الله عنهم بما ل يليق نسب القرآن الكريم إلى مقالة المعتزلة وغيرهم وبينما الناس في ذلك قدمت عساكر المهدي عبيد الله الفاطمي من إفريقية إلى لوبية ومراقية وعلى العساكر أبو القاسم فدخل السكندرّية في ثامن صفر سنة سبع وثلثمائة وفر الناس من مصر إلى الشأم في البر والبحر فهلك أكثرهم فلما رّأى ذكا ذلك تجهز لقتالهم وجمع العساكر وخرج بهم وهم مخالفون عليه فعسكر بالجيزة وكان الحسين بن أحأمد الماذرّائي على خراج مصر فجدد العطاء للجند وأرّضاهم وتهيأ ذكا للحرب وجد في ذلك وحأفر خند ًقا على عسكره بالجيزة وبينما هوفي ذلك مرض ولزم الفراش حأتى مات بالجيزة في عشية الرّبعاء لحأدى عشرة خلت من شهررّبيع الول سنة سبع وثلثمائة فغسل وصفي عليه وحأمل حأتى دفن بالقرافة وكانت ولايته على مصر أرّبع سنين وشهرا واحأد وتولى تكين الحربي عوضه مصر إمرة ثانية وكان ذكا أميرا شجاعا مقداما وفيه ظلم وجورّ مع آعتقاد سيىء على معرفة كانت فيه وعقل وتدبير. السنة الولى من ولية ذكاء الرومي على مصر وهي سنة ثلث وثلئمائة: فيها ولد سيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان وفيها كاتب الوزأير علي بن عيسى القرامطة وأطلق لهم ما أرّادوا من البيع والشراء فنسبه الناس إلى موالتهم وليس هوكذلك وإنما قصد أن يتألفهم خوفا على الحاج منهم. وفيها تواترت الخبارّ أن الحسين بن حأمدان قد خالف وكان مؤنس الخادم مشغول بحرب عسكر المهدي بمصر فندب علي بن عيسى الوزأير رّائقا الكبير لمحارّبته فتوجه إليه رّائق بالعساكر وواقعه فهزمه آبن حأمدان فسارّ رّائق إلى مؤنس الخادم وآنضم عليه وكان بين مؤنس وابن حأمدان خطوب وحأروب. وفيها توقي أحأمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الحافظ أبو عبد الرحأمن القاضي النسائي مصنف السنن وغيرها من التصانيف ولد سنة خمس عشرة ومائتين وسمع الكثير ورّحأل إلى نيسابورّ والعراق والشأم ومصر والحجازأ والجزيرة ورّوى عنه خلق وكان فيه تشيع حأسن قال أبو عبد الله بن مند ه عن حأمزة العقبي المصرفي وغيره إن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق فسئل بها عن معاوية ومارّوي من فضائله فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رّأسا برأس حأتى يفضل! انتهى. وقال الدارّقطني: إنه خرج حأاجا فامتحن بدمشق وأدرّك الشهادة فقال: آحأملوني إلى مكة فحمل وتوفي بها وهومدفون بين الصفا والمروة وكانت وفاته في شعبان وقيل في وفاته غير ذلك: إنه مات بفلسطين في صفر. وفيها توفي جعفربن أحأمدبن نصر الحافظاأ بومحمد النيسابورّي الحصري أحأد أرّكان الحديث كان ثقة عابدا صالحا. وفيها توفي الحسن " بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان الشيباني النسوي الحافظ أبوالعباس مصنف المسند تففه على أبي ثورّ إبراهيم بن خالد وكان يفتي على مذهبه وسمع أحأمدبن حأنبل ويحيى بن معين وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي وغيرهم. وفيها توفي محمد بن عبد الوهاب بن سلم أبو علي الجبائي البصري شيخ المعتزلة كان رّأسا في علم الكلم وأخذ هذا العلم عن أبي يوسف يعقوب بن عبد الله الشحام البصري وله مقالت مشهورّة وتصانيف وأخذ عنه ابنه أبو هاشم والشيخ أبو الحسن الشعري قال الذهبي: وجدت ظهر كتاب عتيق: سمعت أبا عمرو يقول سمعت عشرة من أصحاب الجبائي يحكون عنه قال: الحديث لحأمد بن حأنبل والفقه لصحاب أبي حأنيفة والكلم للمعتزلة والكذب للرافضة. وفيها توفي رّويم بن أحأمد وقيل: آبن محمد بن رّويم الشيخ أبو محمد الصوفي قرأ القرآن وكان عارّفا بمعانيه وتفقه على مذهب داود الظاهري وكان مجردا من الدنيا مشهورّا بالزهد والورّع والدين. وفيها توفي علي بن محمد بن منصورّبن نصربن بسام البغدادي الشاعر المشهورّ وكان شاعرا مجيدا إل أن غالب شعره كان في الهجاء حأتى هجا نفسه وهجا أباه وإخوته وسائر أهل بيته وكان يكنى أبا جعفر فقال: البسيط: بنى أبو جعفر دا فشيدها ومثله لخيارّ ًرّا الدورّ بناء فالجوع داخلها والذل خارّجها وفي جوانبها بؤس وضراء وله يهجو المتوكل على الله لما هدم قبورّ العلويين: الكامل: تالله إن كانت أمية قد أتت قتل آبن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله هذا لعمرك قبره مهدوما أسفواعلى أن ليكونوا شارّكوا في قتله فتتبعوه رّميما ومن شعره في الزهد: الكامل: أقصرت عن طلب البطالة والصبا لما علني للمشيب قناع لله أيام الشباب ولهوه لو أن أيام الشباب تباع فدع الصبا ياقلب وآسل عن الهوى ما فيك بعد مشيبك آستمتاع وآنظر إلى الدنيا بعين مودع فلقد دنا سفر وحأان وداع والحادثات موكلت بالفتى والناس بعد الحادثات سماع أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع سواء مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّا ًعا وثماني عشرة إصب ًعا. السنة الثانية من ولية ذكا الرومي وهي سنة أرّبع وثلثمائة: فيها في المحرم عاد نصر الحاجب من الحج ومعه العلوي الذي قطع الطريق على رّكب الحاج عام أول فحبس في المطبق. ًرّا جميلة وعاد وفيها غزا مؤنس الخادم بلد الروم من ناحأية ملطية وفتح حأصونا كثيرة وآثا إلى بغداد فخلع المقتدرّ عليه. وفيها وقع ببغداد حأيوان يسفى الزبزب وكان يرى في الليل على السطوح وكان يأكل أطفال الناس ورّبما قطع يد النسان وهونائم وثدي المرأة فيأكلهما فكانوا يتحارّسون طول الليل ول ينامون ويضربون الصواني والهواوين ليفزعوه فيهرب وآرّتجت بغداد من الجانبين وصنع الناس لطفالهم مكاب من السعف يكبونها عليهم بالليل ودام ذلك عدة ليال. وفيها عزل المقتدرّ الوزأير علي بن عيسى وكان قد ثقل عليه أمر الوزأارّة وضجر من سوء أدب الحاشية واستعفى غير مرة ولما عزله المقتدرّ لم يتعرض له بسوء وكانت وزأارّته ثلث سنين وعشرة أشهر وثمانية عشر يوما وأعيد أبو الحسن بن الفرات إلى الوزأارّة. وفيها توفي زأيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم بن أحأمد بن محمد بن الغلب المير أبو نصر وقيل: أبو منصورّ صاحأب القيروان قال الحميري: يقال له زأيادة الله الصغر وجذ جده زأيادة الله الكبر ورّد زأياده الله إلى مصر منهزما من عبيد الله المهدي الخارّجي فأكرم وقيل: إنه مات في برقة وقيل: بالرملة وفيها توفي يموت بن المزرّع بن يموت أبو بكر العبدي من عبد القيس كان من البصرة وفيها توفي يوسف بن الحسين بن علي ًما الحافظ أبويعقوب الرازأي شيخ الري والجبال فى وقته كان عال زأاه ًدا ورّ ًعا كبير الشأن. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع سواء مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّا ًعا وثماني عشرة إصب ًعا مثل الماضية. السنة الثالثة من ولية ذكا الرومي على مصر وهي سنة خمس وثلثمائة: فيها حأج بالناس الفضل بن عبدالملك الهاشمي وهي تمام ست عشرة حأجة حأجها بالناس. وفيها خلع الخليفة المقتدرّ على أبي الهيجاء عبد الله بن حأمدان وإخوته خلعة الرضا. وفيها قدمت رّسل ملك الروم بهدايا تطلب عقد هدنة فشحنت رّحأبات دارّ الخلفة والدهاليز بالجند والسلح وفرشت سائر القصورّ بأحأسن الفرش ثم أحأضر الرسل والمقتدرّ على سريره والوزأير ومؤنس الخادم قائمان بالقرب منه وذكر الصولي احأتفال المقتدرّ بمجيء الرسل فقال: أقام المقتدرّ العساكر وصفهم بالسلح وكانوا مائة وستين ألفا وأقامهم من باب الشماسية إلى دارّ الخلفة وبعدهم الغلمان وكانوا سبعة آلف خادم وسبعمائة حأاجب ثم وصف أم ًرا مهول قال: كانت الستورّ التي نصبت على حأيطان دارّ الخلفة ثمانية وثلثين ألف ستر من الديباج ومن البسط اثنان وعشرون ألفأ وكان في الدارّ مائة سبع في السلسل ثم أدخلوا دارّ الشجرة وكان في وسطها بركة والشجرة فيها ولها ثمانية عشر غصنا عليها الطيورّ المصوغة تصفر ثم أدخلوا إلى الفردوس وبها من الفرش ماليقوم وفي الدهاليز عشرة آلف جوشن مذهبة معلقة وأشياء كثيرة يطول الشرح في ذكرها. وفيها ورّدت هدايا صاحأب عمان فيها طير أسود يتكلم بالفارّسية والهندية أفصح من الببغاء وظباء سود وفيها توفي المير غريب خال الخليفة المقتدرّ بالله بعلة الذرّب كان محترما في الدولة وهوقاتل عبد الله بن المعتز حأتى قررّ جعفرا المقتدرّ. وفيها توفي سليمان بن محمد بن أحأمد أبوموسى النحوي كان يعرف بالحامض وكان إماما في النحو وغيره وله تصانيف كثيرة منها: خلق النسان و كتاب الوحأوش والنبات و " غريب الحديث " ومات في ذ ي الحجة. وفيها توفي عبد الصمد بن عبد الله القاضي أبو محمد القرشي قاضي دمشق حأدث عن هشام بن عمارّ وغيره ورّوى عنه أيوزأرّعة الدمشقي وجماعة أخر وفيها توفي الفضل بن الحباب بن محمد بن شعيب أبوخليفة الجمحي البصري كان رّحألة الفاق في زأمانه واسم أبيه عمرو ولقبه أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وعشر أصابع مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وأصبعان السنة الرابعة من ولية ذكا الرومي على مصر وهي سنة ست وثلثمائة: فيها فتح بيمارّستان السيدة أم المقتدرّ ببغداد وكان طبيبه سنان بن ثابت وكان مبلغ النفقة فيه في العام سبعة آلف دينارّ. وفيها أمرت أم المقتدرّ " ثمل " القهرمانة أن تجلس بالتربة التي بنتها بالرصافة للمظالم وتنظر في رّقاع الناس في كل يوم جمعة فكانت " ثمل " المذكورّة تجلس ويحضر الفقهاء والقضاة والعيان وتبرزأ التواقيع وعليها خطها. وفيها حأج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي وقيل: أحأمد بن العباس أخو أم موسى القهرمانة. وفيها توفي أحأمد بن عمربن سريج القاضي أبو العباس البغدادي الفقيه العالم المشهورّ قال الدارّقطني: كان فاض ًل لول ما أحأدث في السلم مسألة الدورّ في الطلق. وفيها توفي أحأمد بن يحيى الشيخ أبو عبد الله بن الجلى أحأد مشايخ الصوفية الكبارّ صحب أباه وذا آلنون المصري وأبا تراب النخشبي قال الرقي لقيت نيفا وثلثمائة من المشايخ المشهورّين وفيها توفي المير أبو عبد الله الحسين بن حأمدان بن حأمدون التغلبي عم السلطان سيف الدولة بن حأمدان كان معظما في الدوله وله الخليفة المكتفي محارّبة الطولونية ثم ولي حأرب القرامطة في أيام المقتدرّ ثم ولي ديارّرّبيعة فغزا وافتتح حأصونا وقتل خلقا من الروم ثم خالف وعصى على الخلفة فسارّ لحربه رّائق الكبير فانكسر فتوجه رّائق إلى مؤنس الخادم وانضم إليه وعاد إليه وقاتله حأتى ظفر به وأسره ووجهه إلى الخليفة فحبسه إلى أن قتل في محبسه ببغداد وكان من أجل المراء بأسا وشجاعة وهوأول من ظهر أمره من ملوك بني حأمدان. وفيها توفي عبدان بن أحأمد بن موسى بن زأياد أبو محمد الهوازأي الجواليقي الحافظ وكان اسمه عبد الله فخفف بعبدان وهوأحأد من طاف البلد في طلب الحديث وسمع الكثير وصنف التصانيف ورّحأل الناس إليه وكان أحأد الحفاظ ا لثبات. وفيها توفي محمد بن خلف بن حأيان بن صدقة أبو بكر القاضي الضبي وشرف بوكيع كان عالما نبيل فصيحا عارّفا بالسير وأيام الناس وله تصانيف كثيرة في أخبارّ القضاء وعدد آيات القران وغير ذلك. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع سواء مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وتسع عشرة إصب ًعا. على مصر وليها من قبل المقتدرّ بعد موت ذكا الرومي في شهر رّبيع الول سنة سبع وثلثمائة وسارّ من بغداد إلى مصر وكان المقتدرّ قد جهز جي ًشا إلى مصر نجدة لذكا وعلى الجيش المير إبراهيم بن كيغلغ والمير محمود بن جمل فدخلوا مصر قبل تكين في شهر رّبيع الول المذكورّ ثم دخل تكين بعدهم بمدة في حأادي عشرين من شعبان من السنة فلما وصل تكين إلى مصر أقر على شرطته آبن طاهر ثم تجهز بسرعة وخرج من الديارّ المصرية بجيوش مصر والعراق ونزل بالجيزة وحأفر بها خندقا ثانيا غير الذي حأفره ذكا قبل موته وأما عسكر المغارّبة فإن مقدمة القائم آبن المهدي عبيد الله الفاطمي دخلت السكندرّية في صفر هذه السنة فآضطرب أهل مصر ولحق كثير منهم بالقلزم والحجازأ ل سيما لما مات ذكا فلما قدم تكين هذا تراجع الناس ثم إن تكين بلغه أن القائم محمدا قد آعتل بالسكندرّية علة صعبة وكثر المرض في جنده فمات داود بن حأباسة ووجوه من القواد ثم تحاملوا ومشوا إلى جهة مصر فاستمر تكين بمنزلته من الجيزة إلى أن أقبلت عساكر المهدي فاستقبله المذكورّ فتقاتل قتال شديدا آنتصر فيه تكين وظفر بالمراكب في شوال من السنة وتوجهت عساكر المهدي إلى نحو الصعيد وعاد تكين إلى مصر مؤيدا منصورّا ودام بها إلى أن حأضر إليها مؤنس الخادم في نحو ثلثة الف من عساكر العراق في المحرم سنة ثمان وثلثمائة وخرج تكين إلى الجيزة ثانيا وبعث ابن كيغلغ إلى الشمونين لقتال عساكر المهدي أعني المغارّبة فتوجه إليه آبن كيغلغ المذكورّ فمات بالبهنسا في أول ذي القعدة. ثم بلغ تكين أن ابن المديني القاضي وجماعة بمصر يدعون إلى المهدي فأخذهم وضرب أعناقهم وحأبس أصحابه. وملك أصحاب المهدي الفيوم وجزيرة الشمونين وعدة بلد وضعف أمر تكين عنهم فقدم عليه نجدة ثانية من العراق عليها جني الخادم المعروف بالصفواني في ذي الحجة من السنة ثم خرج جني أي ًضا بمن معه إلى الجزيرة وتوجه الجميع لقتال عساكر المهدي فكانت بينهم حأروب وخطوب بالفيوم السكندرّية وطال ذلك بينهم أياما كثيرة إلى أن رّجع أبو القاسم القائم محمد بن المهدي عبيد الله بعساكره إلى برقة وأقام تكين بعد ذلك مدة وصرفه مؤنس الخا دم عن إمرة مصر في يوم الحأد لثلث عشرة ليلة خلت من شهررّبيع الول من سنة تسع وثلثمائة وولى مكانه على مصر أبا قابوس محمود بن جمل وكانت ولية تكين هذه الثانية على مصر نحو السنة وسبعة أشهر تخمينا. السنة التي حأكم فيها ذكا وفي اخرها تكين على مصر فيها اجدبت العراق فخرج أبو العباس أخو أم موسى القهرمانة والناس معه فاستقوا وفيها خلع المقتدرّ على نازأوك الخادم ووله دمشق. وفيها خلع المقتدرّ على أبي منصورّ بن أبي دلف ووله ديارّ بكر وسميساط. وفيها دخلت القرامطة البصرة فنهبوها وقتلوا وسبوا وفيها توفي الفضل بن عبد الملك الهاشمي العباسي البغدادي بها وكان صاحأب الصلة بمدينة السلم وأمير مكة والموسم وقد تقدم ذكر أنه حأج بالناس نحو العشرين سنة وتولى ابنه عمر مكانه وكانت وفاته في صفر وفيها توفي أحأمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلل أبويعلى التميمي ً الموصلي الحافظ صاحأب المسند ولد في شوال سنة عشرين ومائتين وكان ما ًما عال إما محدثا فاضل وثقه آبن حأيان ووصفه بالتقان والدين وقال: بينه وبين النبي صلىالله عليه وسلم ثلثة أنفس وقال الحاكم هوثقة مأمون سمعت أبا علي الحافظ يقول كان أبويعلى ل يخفى عليه من حأديثه إل اليسير وفيها توفي علي بن سهل بن الزأهر أبو الحسن الصبهاني كان أول من أبناء الدنيا المترفين فتزهد وخرج عما كان فيه وكان يكاتب الجنيد فيقول الجنيد ما أشبه كلمه بكلم الملئكة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وتسع عشرة إصب ًعا. على مصر وهي سنة ثمان وثلثمائة فيها غلت السعارّ ببغداد وشغبت العامة ووقع النهب فركبت الجند وسبب ذلك ضمان حأامد بن العباس السواد وتجديد المظالم لما ولي الوزأارّه وقصدوا دارّ حأامد فخرج إليهم غلمانه فحارّبوهم ودام القتال بينهم أياما وقتل منهم خلئق ثم اجتمع من العامة نحو عشرة الف فأحأرقوا الجسر وفتحوا السجون ونهبوا الناس فركب هارّون في العساكر ورّكب حأامد بن العباس في طيارّ فرجموه وآختلت أحأوال الدولة العباسية وغلبت الفتن ومحقت الخزائن وفيها استولى عبيد اللة الملقب بالمهدي الداعى على بلد المغرب وعظم أمره ومن يومئذ أخذ أمر عبيد الله هذا في إقبال وأخفت الدولة العباسية في إدبارّ وفيها توفي جعفربن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفربن الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي كان فاضل ورّعا مات في ذي القعدة. وفيها توفي عبد الله بن ثابت بن يعقوب الشيخ أبو عبد الله التوزأي بزاي معجمة ولد سنة ثلث وعشرين ومائتين وسكن بغداد ومات غريبا بالرملة وكان فاضل عالما. وفيها توفي إمام جامع المنصورّ الشيخ محمد بن هارّون بن العباس بن عيسى بن أبي جعفر المنصورّبن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي كان معرقا في النسب أم بجامع المنصورّ خمسين سنة وولي ابنه جعفر بعده فعاش تسعة أشهر ومات. وفيها توفيت ميمونة بنت المعتضد أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وعشر أصابع. ولية أبي قابوس محمود على مصر هو محمود بن جمل أبوقابوس وله مؤنس الخادم إمرة مصر بعد عزل تكين عنها لمر آقتضى ذلك في يوم الحأد ثالث عشر شهررّبيع الول سنة تسع وثلمائة فلم ينجح أمره وخالفت عليه جند مصر استصغارّا له فعزله مؤنس بعد ثلثة أيام في يوم الثلثاء لست عشرة خلت من شهر رّبيع الول المذكورّ وعاد المير تكين على إمرة مصر لثالث مرة وكانت ولية محمود هذا على مصر ثلثة أيام على أنه لم يبت فيها أمرا قلت: ومتى تفرغ للنظر في المورّ فإنه يوم لبس الخلعة جلس فيه للتهاني ويوم عزل للتآسي فإمرته على هذا يوم واحأد وهويوم الثنين فما عسى أ ن يصنع فيه وكان مؤنس الخادم حأضر إلى مصر في عسكر من قبل الخليفة المقتدرّ سنة ثمان وثلثمائة فصارّ يدبر أمرها ويراجع الخليفة. ولية تكين الثالثة على مصر ولما عزل مؤنس الخادم تكين هذا بأبي قابوس في ثالث عشر شهر رّبيع الؤل سنة تسع وثلثمائة بغير جنحة عظم ذلك على المصريين فلم يلتفت مؤنس لذلك وولى أبا قابوس على إمرة مصر عوضه فكثر الكلم في عزل تكين المذكورّ وولية أبي قابوس حأتى أشيع بوقوع فتنة وتكلم الناس وأعيان مصر مع مؤنس الخادم في أمر تكين وخوفوه عاقبة ذلك وألحوا عليه في عوده فأذعن لهم بذلك وأعاده في يوم الثلثاء سادس عشرين شهر رّبيع الول على رّغمه حأتى أصلح من أمره ما دبره من أمر المصريين وقررّ مع القواد ما أرّاده من عزل تكين المذكورّ عن إمرة مصر ول زأال بهم حأتى وافقه الجميع فلما رّأى مؤنس أن الذي رّامه تم له عزله بعد أرّبعة أيام من وليته وذلك في يوم تاسع عشرين شهر رّبيع الول وهويوم سلخه من سنة تسع وثلثمائة ثم بدا لمؤنس إخراج تكين هذا من الديارّ المصرية خوف الفتنة فأخرجه منها إلى الشأم في أرّبعة آلف من أهل الديوان وبعث مؤنس إلى الخليفة يعرفه بمافعل فلما بلغ الخليفة ذلك ولى على مصر المير هلل بن بدرّ التي ذكره وأرّسله إلى الديارّ المصرية. ولية هلل بن بدرّ على مصر هو هلل بن بدرّ المير أبو الحسن ولي إمرة مصر بعد عزل تكين عنها في شهر رّبيع الخر أعني من دخوله إلى مصر فإنه قدمها في يوم الثنين لست خلون من شهر رّبيع الخر من سنة تسع وثلثمائة واله الخليفة المقتدرّ على الصلة ولما دخل إلى مصر أقر أبن طاهر على الشرطة ثم صرفه بعد مدة بعلي بن فارّس وكان هلل هذا لما قدم إلى مصر جاء معه كتاب الخليفة المقتدرّ لمؤنس بخروجه من مصر وعوده إلى بغداد فلما وقف مؤنس على كتاب الخليفة تجهز وخرج من الديارّ المصرية بعساكر العراق ومعه محمود بن جمل الذي كان ولي مصر. وكان خروج مؤنس من مصر في يوم ثامن عشر شهر رّبيع الخر من سنة تسع وثلثمائة المذكورّة وأقام هلل بن بدرّ المذكورّ على إمرة مصر وأحأوالها مضطربة إلى أن خرج عليه جماعة من المصريين وأجمعوا على قتاله وتشغبت الجند أي ًضا ووافقوهم على حأربه وانضم الجميع بمن معهم وخرجوا من الديارّ المصرية إلى منية الصبغ ومعهم المير محمد بن طاهر صاحأب الشرطة ولما بلغ هلل هذا أمرهم تهيأ وتجهز لقتالهم وجمع من بقي من جند مصر وطلب المقاتلة وأنفق فيهم وضمهم إليه وجهزهم ثم خرج بهم وحأواشيه إلى أن وافاهم وقاتلهم أياما عديدة وطال المر فيما بينه وبينهم ووقع له معهم حأروب وكثر القتل والنهب بينهم وفشا الفساد وقطع الطريق بالديارّ المصرية فعظم ذلك على أهل مصر ل سيما الرعية وضعف ابن هلل هذا عن إصلح أحأوال مصر فصارّ كلما سد أمرا انخرق عليه آخر فكانت أيامه على مصر شر أيام ولما تفاقم المر عزله الخليفة المقتد رّبا لله جعفر عن امرة مصر بالمير أحأمد بن كيغلغ فكانت ولية هلل المذكورّ على مصر سنتين وأياما قاسى فيها خطوبا وحأروبا ووقائع وفتنا إلى أن خلص كفافا ل له عليه. السنة التي حأكم في أولها تكين إلى ثالث عشر رّبيع الول ثم أبو قابس محمود ثلثة أيام ثم تكين المذكورّ أرّبعة أيام ثم هلل بن بدرّ. وهي سنة تسع و ثلئمائة: فيها كانت مقتلة الحلج واسمه الحسين بن منصورّ بن محمى أبو مغيث قيل: أبو عبد الله الحلج كان جده محمى مجوسيا فأسلم ونشأ الحلج بواسط وقيل: بتستر وتلمذ لسهل بن عبد الله التستر في ثم قدم بغداد وخالط الصوفية ولقي الجنيد والنورّي وأبن عطاء وغيرهم وكان في وقت يلبس المسوح وفي وقت الثياب المصبغة وفي وقت القبية واختلفوا في تسميته ا لحلج قيل: إن أباه كان حألجا وقيل: إنه تكلم على الناس وعلى ما في قلوبهم فقالوا: هذا حألج السرارّ وقيل: إنه مر على حألج فبعثه في شغل له فلما عاد الرجل وجده قد حألج كل قطن في الدكان وقد دخل الحلج الهند وأكثر لسفارّ وجاورّ بمكة سنين ثم وقع له أمورّ يطول شرحأها وتكلم في اعتقاده بأقوال كثيرة حأتى اتفقوا على زأندقته والله أعلم بحاله وكان قد حأبس في سنة إحأدى وثلثمائة فأخرج في هذه السنة من الحبس في يوم الثلثاء لثلث بقين من ذي القعدة وقيل: لست بقين منه فضرب ألف سوط ثم قطعت أرّبعته ثم حأز رّأسه وأحأرقت جثته ونصب رّأسه على الجسر أياما ثم أرّسل إلى خراسان فطيف به وفيها وقع بين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري وبين السادة الحنابلة كلم فحضر أبو جعفر عند الوزأير علي بن عيسى لمناظرتهم ولم يحضروا. وفيها قدم مؤنس الخادم على الخليفة من مصرف خلع عليه ولقبه بالمظفر. قلت وهذا أول لقب سمعناه من ألقاب ملوك زأماننا وفيها توفي محمد بن خلف بن ً المرزأبان بن بسام أبو بكر المحولي والمحول: قرية غريي بغداد كان إما ما وله ًما عال التصانيف الحسان وهو مصنف كتاب ل تفضيل الكلب على كثير ممن لبس الثياب " وحأدث عن الزبير بن بكارّ وغيره ورّوى عنه ابن النبارّي وغيره وكان صدو ًقا ثقة وفيها توفي محمد بن أحأمد بن رّاشد بن معدان الحافظ أبو بكر الثقفي مولهم كان حأفا ًظا محدًثا طاف البلد ولقي الشيوخ وصنف الكتب ومات بشروان الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أحأمد بن أنس بن مالك الدمشقي وأبو عمرو أحأمد بن نصر الخفاف الزاهد وعلي بن سعيد بن بشير الرازأي ومحمد أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وثلث عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وثلث أصابع. السنة الثانية من ولية هلل بن بدرّ على مصر وهي سنة عشر وثلثمائة: فيها قبض الخليفة المقتدرّ على أم موسى القهرمانة وصادرّ أخاها ومواشيها وأهلها وسبب ذلك أنها زأوجت بنت أخيها أبي بكر أحأمد بن العباس من أبي العباس محمد بن إسحاق بن المتوكل على الله وكان من سادة بني العباس يترشح للخلفة فتمكن أعداؤها من السعي عليها وكانت قد أسرفت بالمال في جهازأها وبلغ المقتدرّ أنها تعمل له على الخلفة فكاشفتها السيدة أم المقتدرّ وقالت: قد دبرت على ولدي وصاهرت أبن المتوكل حأتى تقعديه في الخلفة فسلمتها إلى ثمل القهرمانة ومعها أخوها وأختها وكانت ثمل مشهورّة بالشر وقساوة القلب فبسطت عليهم العذاب واستخرجت منهم الموال والجوهر يقال: إنه حأصل من جهتهم ما مقدارّه ألف ألف دينارّ. وفيها توفي بدرّ بن عبد الله الحمامي الكبير أبو النجم المعتضدي كان أؤل مع ابن طولون فوله العمال الجليلة ثم جهزه خمارّويه إلى الشام لقتال القرمطي فواقعه وقتله ثم ولي ًرا ديًنا شجا ًعا من قبل الخلفاء أصبهان وغيرها إلى أن مات على مدينة فارّس وكان أمي وجوا ًدا محًبا للعلماء والفقراء وقيل: إنه كان مستجاب الدعوة ولما مات ولى المقتدرّ مكانه أبنه محم ًدا. وفيها توفي محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطبري العالم المشهورّ صاحأب التارّيخ وغيره مولده في آخر سنة أرّبع وعشرين ومائتين أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين وهو أحأد أئمة العلم يحكم بقوله ويرجع إلى رّأيه وكان متفننا في علوم كثيرة وكان واحأد عصره وكانت وفاته في شوال بخراسان وأصله من مدينة طبرستان قال أبو بكر الخطيب جمع من العلوم ما لم يشارّكه فيه أحأد من أهل عصره فكان حأافظا ًرا بالمعاني فقيها في أحأكام القرآن عالما بالسنن وطرقها صحيحها لكتاب الله بصي ًرا بأيام الناس وأخبارّهم له وسقيمها ومنسوخها عارّفا بأقوال الصحابة والتابعيبن بصي الكتاب المشهورّ في تارّيخ المم أو الملوك وكتاب التفسير وكتاب تهذيب الثارّ لكن لم يتمه وله في الصول والفروع كتب كثيرة انتهى. وفيها توفي أحأمد بن يحيى بن زأهير أبو جعفر التستري الحافظ الزاهد , سمع الكثير وحأدث ورّوى عنه خلق كثير قال الحافظ أبو عبد الله بن منده ما رّأيت في الدنيا أحأفظ من أبي زأرّعة الرازأي الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن حأنبل الصبهاني وأبو شيبة داود بن إبراهيم وعلي بن عباس المقانعي البجلي ومحمد بن أحأمد بن حأماد أبو بشر الدولبي في ذي القعدة وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري في شوال وله أرّبع وثمانون سنة وأبو عمران موسى بن جرير الرقي والوليد بن أبان أبو العباس الصبهاني أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وإحأدى وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وتسع أصابع. ولية أحأمد بن كيغلغ الولى على مصر هو أحأمد بن كيغلغ المير أبوالعباس وله المقتدرّ إمرة مصر بعد عزل هلل بن بدرّ عنها في شهر رّبيع الخر سنة إحأدى عشرة وثلثمائة فلما وليها قدم أبنه العباس خليفته على مصر فدخلها العباس المذكورّ في مستهل جمادى الولى من سنة إحأدى عشرة وثلثمائة فأقر ابن منجورّ على الشرطة ثم قدم أحأمد بن كيغلغ إلى مصر ومعه محمد بن الحسين بن عبد الوهاب الماذرّائي على الخراج ولما دخل إلى مصر أحأضرا الجند و وضعا العطاء لهم وأسقطا كثي الرجالة وكان ذلك بمنية ًرا من الصبغ فثارّ الرجالة ففر أحأمد بن كيغلغ منهم إلى فاقوس وهرب الماذرّائي ودخل المدينة لثمان خلون من شوال وأما المير أحأمد بن كيغلغ هذا فإنه أقام بفاقوس إلى أن صرف عن إمرة مصر بتكين في ثالث ذي القعدة سنة إحأدى عشرة وثلثمائة فكانت ولايته على مصر نحوا من سبعة أشهرة وتولى تكين مصر عوضه وهي ولايته الرابعة على مصر وشق ذلك على الخليفة غير أنه أطاع الجند وأرّضاهم واستمالهم مخافة من عساكر المهدي الفاطمي فإن عساكره تداول تحكمهم إلى نحو الديارّ المصرية في كل قليل وصارّ أمير مصر في حأصر من أجل ذلك وهو محتاج إلى الجند وغيرهم لجل القتال والدفع عن الديارّ المصرية. قلت ويأتي بقتة ترجمة أحأمد بن كيغلغ هذا في ولايته الثانية على مصر إن شاء الله تعالى. السنة التي حأكم في غالبها المير أحأمد بن كيغلغ على مصر وهي سنة إحأدى عشرة وثلثمائة: فيها صرف أبو عبيد بن حأربويه عن قضاء مصر وتأسف الناس عليه وفرح هو بالعزل وانشرح له وولي قضاء مصر بعده أبو يحيى عبد الله بن إبراهيم بن مكرم. وفي هذه السنة ظهر شاكر الزاهد صاحأب حأسين الحلج وكان من أهل بغداد قال السلمي في تارّيخ الصوفية شاكر خادم الحلج كان متهما مثل الحلج ثم حأكى عنه حأكايات إلى أن قتل وضربت رّقبته بباب الطاق. وفيها صرف المقتدرّ حأامد بن العباس عن الوزأارّة وعلي بن عيسى عن الديوان وكانت وليتهما أرّبع سنين وعشرة أشهر وأرّبعة عشر يوما واستوزأرّ المقتدرّ أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات الثالثة في يوم الخميس لسبع بقين من شهر رّبيع الخرة وهذه ولية ابن الفرات الثالثة للوزأارّة. وفيها نكب الوزأير أبو الحسن بن الفرات المذكورّ أبا علي بن مقلة كاتب حأامد بن العباس وضيق عليه وابن مقلة هذا هو صاحأب الخط المنسوب إليه يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في محله. وفيها دخل أبو طاهر سليمان بن الحسن آلجنابي القرمطي إلى البصرة ووضع السيف في أهلها وأحأرق البلد والجامع ومسجد طلحة وهرب الناس وألقوا بأنفسهم في الماء فغرق معظمهم. وفيها توفي إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج المام الفاضل مصنف كتاب معاني القرآن و الشتقاق والقوافي والعروض فعلت وأفعلت ومختصرا في النحو وغير ذلك. وفيها توفي الوزأير المير حأامد بن العباس كان أول على نظر فارّس وأضيف إليها البصرة ثم المره إلى أن طلب وولي الوزأارّة للمقتدرّ وكان كثير الموال والحشم بحيث إنه كان له أرّبعمائة مملوك يحملون السلح وفيهم جماعة أمراء كان جواد ممدحأا كريما غير أنه كان فيه شراسة خلق وكان ينتصب في بيته كل يوم عدة موائد ويطعم كل من حأضر إلى بيته حأتى العامة والغلمان فيكون في بعض اليام أرّبعون مائدة. ورّأى يوما في دهليزه قشر باقلء فأحأضر وكيله وقال له: ويحك يؤكل في دارّي باقلء هذا فعل البوابين فقال أو ليست لهم جراية لحم قال بلى أفقال: سلهم عن السبب فسألهم فقالوا: ل نتهنأ بأكل اللحم دون عيالنا فنحن نبعثه إليهم ونجوع بالغداة فنأكل الباقلء فأمر أن يجرى عليهم لحم لعيالهم وقيل: إنه رّكب قبل الوزأارّة بواسط إلى بستان له فرأى شيخا يولول وحأوله نساء وصبيان يبكون فسأل حأامد عن خبرهم فقيل له احأترق منزله وقماشه فافتقرة فرق له حأامد وطلب وكيله وقال له: أرّيد منك أن تضمن لي أل أرّجع عشية من النزهة إل ودارّه كما كانت مجصصة وبها المتاع والقماش والنحاس كما كانت وتبتاع له ولعياله كسوة الشتاء والصيف مثل ما كانوا فأسرع في طلب الصناع وبادرّوا في العمل وصب الدرّاهم وأضعف الجر حأتى فرغوا من الجميع بعد العصر , فلما رّد حأامد وقت العتمة شاهدها مفرو ًغا منها بالتها وأمتعتها الجدد وآزأدحأم الناس يتفرجون وضجوا لحامد بالدعاء ونال التاجر من المال وفيها توفي محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة ين صالح بن بكر السلمي النيسابورّي الحافظ أبو بكر ولد في صفر سنة ثلث وعشرين ومائتين قال الدارّ قطني كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدموم النظير توفي ثاني ذي القعدة. وفيها توفي محمد بن زأكريا أبو بكر الرازأي الطبيب العلمة في علم الوائل وصاحأب المصنفات المشهورّة مات ببغداد وقد انتهت إليه الرياسة في فنون من العلوم وكان في صباه مغنيا يضرب بالعود قيل إنه لما ترك الضرب بالعود والغناء قيل له في ذلك ة فقال كل غناء يطلع بين شارّب ولحية ليستحسن. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحأمد بن محمد بن هارّون أبو بكر الخلل الحنبلي وإبراهيم بن السري أبو إسحاق الزجاج في جمادى الخرة وحأفاد بن شاكر النسفي وعبد الله بن إسحاق المدائني وأبو حأفص عمر بن محمد بن بجير السمرقندي وأبو بكر بن إسحاق بن خزيمة السلمي في ذي القعدة ومحمد بن زأكريا الرازأي الطبيب. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وإحأدى وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّاعا وثلث عشرة إصب ًعا. على مصر قد تقدم ذكره في ولايته على مصر وأنه صرف عن إمرة مصر في النوبة الثالثة بهلل بن بدرّ ثم ولي بعد هلل بن بدرّ المير ابن كيغلغ فلما وقع لبن كيغلغ ما وقع من خروج جند مصر عليه واضطربت أحأوال الديارّ المصرية وبلغ الخليفة المقتدرّ ذلك صرف أبن كيغلغ وأعاد تكين هذا على إمرة مصر رّابع مرة ووصل رّسول تكين هذا إلى مصر بإمرته يوم الخميس لثلث خلون من ذي القعدة سنة إحأدى عشره وثلثمائة وخلفه ابن منجورّ على الصلة إلى أن قدم مصر في يوم عاشورّاء من سنة آثنتي عشرة وثلثمائة فأقر ابن منجورّ على الشرطة ثم عزله وولى قراتكين ثم عزل قراتكين وولى وصيفا الكاتب ثم عزله أي ًضا وولى بجكم العورّ كل ذلك من اضطراب المصرين حأتى مهد أمورّ الديارّ المصرية وتمكن أسقط كثيرا من الجند وكانوا أهل شر ونهب ويفاق ثم نادى ببراءة الذمة ممن أقام منهم بالديارّ المصرية بعد ذلك فخرج الجميع على حأمية وأجمعوا على قتله فتهيأ تكين أي ًضا لقتالهم وجمع العساكر وصلى الجمعة بدارّ المارّة بالعسكر وترك حأضورّ الجماعة خو ًفا من وقوع فتنة ولم يصل قبله أحأد من المراء بدارّ المارّة الجمعة وأنكر عليه أبو الحسن علي بن محمد الدينورّي ذلك وأشياء أخر وبلغ تكين ذلك فأمر بإخراج الدينورّي من مصر إلى القدس فخرج منها ولم يقع له مع الجند مارّاموا من القتال وأخذ في تمهيد مصر إلى أن حأسن حأالها وتمكنت قدمه فيها ورّسخت حأتى ورّد عليه الخبر بموت الخليفة المقتدرّ في شوال سنة عشرين وثلثمائة وبويع بالخلفة من بعده أخوه القاهر بالله محمد فأقر القاهر تكين هذا على عمله بمصر وأرّسل إليه بالخلع ودام تكين على ذلك حأتى مرض ومات بها في يوم السبت لست عشرة خلت من شهر رّبيع الول سنة إحأدى وعشرين وثلثمائة وحأمل في تابوت إلى بيت المقدس فدفن به وتولى مصر بعده محمد بن طغج وكانت ولية تكين هذه المرة على مصر تسع سنين وشهرين وخمسة أيام وكان تكين المذكورّ يعرف بتكين الخاصة وبالخزرّي وكان أميرا عاقل شجاعا عارّفا مدبرا ولي العمال الجليلة وطالت أيامه في السعادة وكان عنده سياسة ودرّبة بالمورّ ومعرفة بالحروب رّضي الله عنه. السنة الولى من ولية تكين الرابعة على مصر وهي سنة اثنتي عشرة وئلثمائة: فيها حأج بالناس الحسن بن عبد العزيز الهاشمي. وفيها عارّض أبو طاهر بن أبي سعيد الجنابي القرمطي الحافي وهو في ألف فارّس وألف رّاجل وكان من جملة الحجاج أبو الهيجاء عبد الله بن حأمدان وأحأمد بن بدرّ عم السيدة أم المقتدرّ وشقيق خادمها وجماعة من العيان فأسر القرمطي الجميع وأخذ جميع أموال الحاج وسارّ بهم إلى هجر ثم بعد أشهر أطلق القرمطي أبا الهيجاء عبد الله بن حأمدان المذكورّ. وفيها أرّسل القرمطي المقدم ذكره يطلب من المقتدرّ البصرة والهوازأ وذكر ابن حأمدان أن القرمطي قتل من الحاج من الرجال ألفين ومائتين ومن النساء ثلثمائة وبقي عنده بهجر ألفان ومائتا رّجل وخمسمائة امرأة. وفيها فتحت فرغانة على يد أمير خراسان. وفيها أطلق أبو نصر وأبو عبد الله ولد أبي الحسن بن الفرات وخلع عليهما وقد وزأرّ أبوهما أبن الفرات ثالث مرة وملك من المال ما يزيد على عشرة آلف ألف دينارّ وأودع المال عند وجوه بغداد وكان جبارّا فاتكأ وفيه كرم وسياسة ومات في هذه السنة. وفيها توفيت فاطمة بنت عبد الرحأمن بن أبي صالح الشيخة ثم محمد الصوفية كانت من الصالحات المتعبدات طال عمرها حأتى جاوزأت الثمانين ولقيت جماعة كثيرة من مشايخ القوم وكان لها أحأوال وكرامات. وفيها توفي محمد بن محمد بن سليمان بن الحارّث الحافظ أبو بكر الواسطي المعروف بابن الباغندي سمع علي بن المديني ومحمد بن عبد الله بن نمير وشيبان بن فروخ وغيرهم بمصر والشام والعراق وعني بشأن الحديث أتم عناية ورّوى عنه دعلج ومحمد بن المظفر وعمر بن شاهين وأبو بكر بن المقرىء وخلق كثير قال أبو بكر البهري وغيره سمعنا أبا بكر الباغندي يقول أجبت في ثلثمائة ألف مسألة في حأديث النبي صلى الله عليه وسلم وقال الدارّ قطني كان كثير التدليس يحدث بما لم يسمع ومات في ذي الحجة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو الحسن علي بن محمد بن موسى بن الفرات الوزأير وأبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي وأبو بكر محمد بن هارّون بن المجدرّ. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وسبع أصابع مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذرّا ًعا. السنة الثانية من ولية تكين الرابعة على مصر وهي سنة ثلث عشرة وثلثمائة: فيها سارّ الحاج من بغداد ومعهم جعفر بن ورّقاء في ألف فارّس فلقيهم القرمطي فناوشهم بالحرب فرجع الناس إلى بغداد ونزل القرمطي على الكوفة فقاتلوه فغلبهم ودخل البلد ونهب ما ل يحصى فندب المقتدرّ مؤنس الخادم لحرب القرمطي وجهزه بألف ألف دينارّ. وفيها عزل المقتدرّ أبا القاسم الخاقاني الوزأير عن الوزأارّة فكانت وزأارّته سنة و ستة أشهر وأستوزأرّ أحأمد بن عبيد الله بن أحأمد بن الخصيب فسلم إليه الخاقاني فصادرّه وكتابه وأخذ أموالهم. ًرا ببغداد حأتى أبيع كل ثمانية أرّطال بحبه. وفيها كان الرطب كثي وفيها قدم مصر علي بن عيسى الوزأير بن مكة ليكشفها وخرج بعد ثلثة أشهر للرملة. وفيها عزل عن قضاء مصر عبد الله بن إبراهيم بن محمد لم بن مكرم بهارّون ابن إبراهيم بن حأماد القاضي من قبل المقتدرّ. وفيها توفي علي بن عبد الحميد بن عبد الله بن سليمان بن سليمان أبو الحسن الغضائري نزيل حألب كان صالحا زأاهدا حأج أرّبعين حأجة على أقدامه قال طرقت باب السري السقطي فسمعته يقول: اللهم آشغل من شغلني عنك بك قال فنالني بركة هذه الدعوة فحججت على قدمي من حألب إلى مكة أرّبعين سنة ذاهًبا وآئًبا. وفيها توفي علي بن محمد بن بشارّ الشيخ أبو الحسن الزاهد العابد البغدادي صاحأب الكرامات كان من البدال كان يتكلم ويعظ الناس وكان لكلمه تأثير في القلوب وكانت وفاته ببغداد ودفن غربيها وقبره هناك يقصد للزيارّة. وفيها توفي محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي مولهم النيسابورّي الحافظ أبو العباس السراج محدث خراسان ومسندها قال أبو إسحاق المزكي سمعته يقول: ختمت عن رّسول الله صلى الله عليه وسلم أثنتي عشرة ألف ختمة وضحيت عنه اثنتي عشرة ألف ضحية قال محمد بن أحأمد الدقاق رّأيت السراج يضحي في كل أسبوع أو أسبوعين أضحية عن رّسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصيح بأصحاب الحديث فيأكلون وقال الحاكم سمعت أبي يقول لما ورّد الزعفراني وأظهر خلق القرآن سمعت السراج غير مرة إذا مر بالسوق يقول العنوا الزعفراني فيصيح الناس بلعنه حأتى ضيق عليه نيسابورّ وخرج إلى بخارّي وكانت وفاة السراج في شهر رّبيع الخر وله سبع وتسعون سنة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو العباس أحأمد بن محمد الماسرجسي وعبد الله بن زأيدان بن يزيد البجلي وعلي بن عبد الحميد الغضائري وأبو لبيد محمد بن إدرّيس الشامي السرخسي ومحمد بن إسحاق أبو العباس السراج في أشهر رّبيع الخر وله سبع وتسعون أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع وثلث أصابع مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وخمس أصابع السنة الثالثة من ولية تكين الرابعة على مصر وهي سنة أرّبع عشرة وثلثمائة: فيها جمدت دجلة بالموصل وعبرت عليها الدواب وهذا لم يعهد مثله وسقطت ثلوج كثيرة ببغداد. وفيها نزح أهل مكة عنها خوفا من القرمطي ولم يحج الركب العراقي في هذين العامين. ًما. وفيها دخلت الروم ملطية بالسيف فقتلوا وسبوا وبقوا فيها أيا وفيها رّد حأجاج خراسان خوفا من القرمطي. وفيها قبض المقتدرّ على الوزأير ابن الخصيب لشتغاله باللهو وآختلل الدولة فأحأضر الوزأير علي بن عيسى فأعيد إلى الوزأارّة. وفيها في شهر رّمضان هبت رّيح عظيمة فقلعت شجر نصيبين وهدمت دورّها. وفيها توفي الحسين بن أحأمد بن رّستم أبو علي الكاتب ويعرف بأبي زأنبورّ الماذرّائي كان من كبارّ آل طولون وكان من الفضلء أحأضره المقتدرّ لمناظرة ابن الفرات ثم قلده خراج مصر ثم سخط عليه وأحأضره إلى بغداد وأخذ خطه بثلثة آلف ألف دينارّ وستمائة ألف دينارّ ثم أخرج إلى مصر مع مؤنس الخادم فمات بدمشق كان فاض ًل كاتًبا حأدث عن أبي حأفص العطارّ وغيره وحأدث عنه الدارّ قطني. وفيها توفي نصر بن القاسم بن نصر بن زأيد الشيخ المام أبو الليث الحنفي كان عالما فقيها دينا إماما في الفرائض جليل نبيل ثقة ثبتا حأدث عن القوارّيري وغيره ورّوى عنه ابن شاهين وجماعة وله مصنفات كثيرة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو بكر أحأمد بن محمد بن عمر القرشي المنكدرّي ومحمد بن محمد بن عبد الله النفاح الباهلي ومحمد بن يحيى بن عمر بن لبابة القرطبي وأبو الليث نصر بن القاسم الفرائضي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وإصبع واحأدة مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وخمس أصابع وهي سنة خمس عشرة وثلثمائة: فيها ظهرت الديلم على الري والجبال وأؤل من غلب منهم لنك بن النعمان فقتل من أهل الجبال مقتلة عظيمة وذبح الطفال في المهد ثم غلب على قز وين أسفارّ بن شيرويه وألزم أهلها مال وكان له قائد يسمى مرداويج بن زأيارّ فوثب على أسفارّ المذكورّ وقتله وملك البلد مكانه وأساء السيرة بأصبهان وجلس على سرير من ذهب وقال: أنا سليمان بن داود وهؤلء الشياطين أعواني وكان مع هذا سيىء السيرة " في أصحابه فدخل الحمام يوما فدخل عليه أصحابه التراك فقتلوه ونهبوا خزائنه ومشى الديلم بأجمعهم حأفاة تحت تابوته أرّبعة فراسخ وفيها جاء أبو طاهر القرمطي في ألف فارّس وخمسة آلف رّاجل فجهز المقتدرّ لحربه يوسف بن أبي الساج في عشرين ألف فارّس ورّاجل فلما رّآه يوسف أحأتقره ثم تقاتل فكان بينهم مقتلة عظيمة لم يقع في هذه السنين مثلها أسر فيها يوسف بن أبي الساج جريحا وقتل فيها جماعة كثيرة من أصحابه وبلغ المقتدرّ فانزعج وعزم على النقلة إلى شرقي بغداد وخرج مؤنس بالعساكر إلى النبارّ في أرّبعين ألفا وأنضم إليه أبو الهيجاء عبد الله بن حأمدان وأخوته أبو الوليد وأبو العلء وأبو السرايا في أصحابهم وأعوانهم وتقدم نصر الحاجب فأشارّ أبو الهيجاء على مؤنس بقطع القنطرة فتثاقل مؤنس عن قطعها فقال له أبو الهيجاء أيها الستاذ اقطعها وأقطع لحيتي معها فقطعها صبحهم القرمطي في ثاني عشر في القعدة فأقام بإزأائهم يومين ثم سارّ القرمطي نحو النبارّ في يتجاسر أحأد أن يتبعه ولول قطع القنطرة لكان القرمطي عبر عليها وهزم عسكر الخليفة وملك بغداد فانظر إلى هذا الخذلن فإن القرمطي كان في دون اللف ومؤنس الخادم وحأده في أرّبعين ألفا سوى من أنضم إليه من بني حأمدان وغيرهم من الملوك مع شدة بأس مؤنس في الحروب فما شاء الله كان ووقع في هذه السنة من القرمطي بالقاليم من البلء والقتل والسبي والنهب ما ل مزيد عليه قلت وكيف ل وهو الذي انزعج منه الخليفة بنفسه وانكسرت عساكره منه وذهب من بغداد ولم يتبعه أحأد فحينئذ خلله الجو وأخذ كل ما أرّاد مما لم يدفع كل واحأد عن نفسه. وفيها تشغبت الجند على الخليفة المقتدرّ ووقع أمورّ. وفيها في صفر قدم علي بن عيسى الوزأير على المقتدرّ فزاد المقتدرّ في أكرمه وبعث إليه بالخلع وبعشرين ألف دينارّ ورّكب من الغد في الدس ثم أنشد: ما الناس إل مع الدنيا وصاحأبها فكيفما انقلبت يو ًما به آنقلبوا يعظمون أخا الدنيا فإن وثبت يو ًما عليه بمال أيشتهي وثبوا وفيها توفي الحسين بن عبد الله أبو عبد الله الجوهري ويعرف بابن الجصاص التاجر الجوهري صاحأب الموال والجوهر كان تاجرا يبيع الجوهر وقد تقدم أن المقتدرّ صادرّه وأخذ منه ستة آلف ألف دينارّ غير المتاع والدواب والغلمان ومع هذا المال كان فيه سلمة باطن يحكى عنه منها أمورّ من ذلك: أنه دخل يوما على الوزأير ابن الفرات فقال أيها الوزأير عندنا كلب ما تدعنا ننام قال: لعلهم جربى قال ل والله إل كلب كلب مثلي ومثلك ونزل مرة مع الوزأير الخاقاني في المركب وبيده بطيخة كافورّ فأرّاد أن يبصق في دجلة ويعطي الوزأير البطيخة فبصق في وجه الوزأير وألقى البطيخة في دجلة فارّتاع الوزأير وقال له ويحك ما هذا ثم أخذ يعتذرّ للوزأير فيقول أرّدت أن أبصق في وجهك وألقي البطيخة في الماء فغلطت فقال كذا فعلت يا جاهل أفغلط في الفعل وأخطأ في العتذارّ ومع هذه البلية كان متجوًل محظو ًظا عند الخلفاء والملوك. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن جعفر أبو القاسم القزويني الشافعي ولي قضاء دمشق نيابة عن محمد بن العباس الجمحي وكان محمود السيرة فقيها واختلط قبل موته. وفيها توفي علي بن سليمان بن الفضل أبو الحسن البغدادي النحوي ويعرف بالخفش الصغير كان متفننا يضاهي الخفش الكبير في فضله وسعة علمه ومات ببغداد. وفيها توفي محمد بن إسماعيل بن إبراهيم طًباطًبا الحسني العلوي وإنما سمي جده طًباطًبا لن أمه كانت ترقصه وتقول: طًباطًبا يعني نام كان سيدا فاضل جوادا يسكن مصر وكان له بها جاه ومنزلة وبها مات وقبره يزارّ بالقرافة وفيها توفي محمد بن المسيب بن إسحاق بن عبد الله النيسابورّي ثم الرّغياني ولد سنة ثلث وعشرين ومائتين وطاف البلد في طلب العلم وكان زأاهدا عاب ًدا بكى حأتى فقد بصره وكان يقول ما بقي من منابر السلم منبر إل دخلته لسماع الحديث وكان يعرف بالكوسج. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة. قال: وفيها توفي أبو بكر أحأمد بن علي بن الحسين الرازأي الحافظ بنيسابورّ وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني القاضي وعلي بن سليمان النحوي الخفش الصغير وأبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي الشناني وأبو الحسن محمد بن الفيض الغساني ومحمد بن المسيب الرّغياني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وآثنتان وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة أرّبع عشرة ذرّاعا وسبع عشرة إصب ًعا. السنة الخامسة من ولية تكين الرابعة وهي سنة ست عشرة وثلثمائة فيها في المحرم دخل أبو طاهر القرمطي الرحأبة بعد حأروب ووضع فيها السيف فبعث إليه أهل قرقيسياء يطلبون المان فأمنهم وبعث سراياه في العراب فقتلوا ونهبوا وسبوا ثم دخل قرقيسياء ونادى ليظهر أحأد من أهلها نهارّا فلم يظهر أحأد ثم توجه إلى الرقة فأخذها ولما رّأى الوزأير علي بن عيسى أن الهجري أعني القرمطي استولى على البلد آستعفى من الوزأارّة ولما رّجع القرمطي من سفره بنى دارّا وسماها دارّ الهجرة ودعا إلى المهدي العلوي وتفاقم أمره وكثر أتباعه فعند ذلك ندب الخليفة المقتدرّ هارّون بن غريب وبعثه إلى واسط وبعث صافيا إلى الكوفة فوقع هارّون بجماعة من القرامطة فقتلهم وبعث ًسا. بجماعة منهم أسارّى على الجمال إلى بغداد ومعهم مائة وسبعون رّأ وفيها وقع بين نازأوك وهارّون حأرب في ذي القعدة وسببها أن سواس نازأوك وهارّون تغايروا على غلم أمرد وقتل من الفريقين جماعة فركب الوزأير ابن مقلة برسالة الخليفة بالكف عن القتال فكفا. وفيها سارّ ملك الروم الدمستق في ثلثمائة ألف فقصد ناحأية خلط وبدليس فقتل وسبى ثم صالحه أهل خلط على قطيعة وهي عشرة آلف دينارّ وأخرج المنبر من جامعها وجعل مكانه الصليب فإنا لله وإنا إليه رّاجعون. وفيها توفي بنان بن محمد بن حأمدان أبو الحسن الزاهد المشهورّ المعروف بالحمال أصله من واسط ونشأ ببغداد وسمع الحديث ثم انتقل إلى مصر وسكنها إلى أن مات بها وهو أحأد البدال كان صاحأب مقامات وكرامات بزهده وعبادته يضرب المثل صحب الجنيد وغيره وهو أستاذ أبي الحسين النورّي قال أبو عبد الرحأمن السلمي في محن الصوفية إن بنانا الحمال قام إلى وزأير خمارّويه فأنزله عن دابته وكان نصرانيا وقال: ل تركب الخيل ويلزمك ما هو مأخوذ عليكم في ملتكم فأمر خمارّويه ببنان المذكورّ بأن يوخذ ويطرح بين يدي سبع فطرح وبقي ليلته ثم جاء السبع يلمسه فلما أصبحوا وجدوه قاعدا مستقبل القبلة والسبع بين يديه فأطلقه وآعتذرّ إليه وذكر إبراهيم بن عبد الرحأمن أن القاضي. أبا عبيد آحأتال على بنان ثم ضربه سبع درّرّ فقال: حأبك الله بكل درّة سنة فحبسه أبن طولون سبع سنين ويروى أنه كان لرجل على رّجل دين مائة دينارّ بوثيقة فطلبها الرجل أعني الوثيقة فلم يجدها فجاء إلى بنان ليدعو له فقال له بنان أنا رّجل قد كبرت وأحأب الحلواء اذهب إلى عند دارّ قريج فاشتر رّطل حألواء وأتني به حأتى أدعو لك ففعل الرجل وجاءة فقال بنان: افتح ورّقة الحلواء ففتحها فإذا هي الوثيقة فقال هذه وثيقتي فقال خذها وأطعم الحلواء صبيانك وكانت وفاته في شجر نصيبين وخرج في جنازأته كثر أهل مصر. وفيها توفى داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول أبو سعد التنوخي مولده بالنبارّ وبها توفي وله ثمان وثمانون سنة كان إماما عارّفا بالنحو واللغة والدب وصنف كتبا في اللغة والنحو على مذهب الكوفين وله كتاب كبير في خلق النسان. وفيها توفي عبد الله بن سليمان بن الشعث الحافظ أبو بكر ابن الحافظ. أبي داود السجستاني محدث العراق وابن محدثها ولد بسجستان سنة ثلثين ومائتين ورّحأل به أبوه وطوف به البلد شرقا وغربا وآستوطن بغداد وصنف السنن والمسند والتفاسير والقراءات والناسخ والمنسوخ وغير ذلك قال أبو بكر الخطيب سمعت الحسن بن محمد الخلل يقول كان أبو بكر بن أبي داود أحأفظ من أبيه قلت: وأبوه أبو داود هو صاحأب السنن أحأد الكتب الستة وقد وقع لنا سماعه ثلثا حأسبما ذكرناه في ترجمة أبيه رّضي الله عنه. وفيها توفي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد أبو عوانة السفرايني النيسابورّ في الحافظ المحدث كان إماما طاف البلد وصنف المسند الصحيح المخرج على صحيح مسلم حأج عدة حأجات وكان زأاه ًدا عاب ًدا رّضي الله عنه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي بنان الحمال أبو الحسن الزاهد و أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني وله ست وثمانون سنة وأبو بكر محمد بن حأريم العقيلي وأبو بكر محمد بن السري بن السراج صاحأب المبرد ومحمد بن عقيل البلخي وأبو عوانة يعقوب بن أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وثلث عشرة إصب ًعا مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذرّاعا سواء. السنة السادسة من ولية تكين الرابعة وهي سنة سبع عشرة وثلثمائة: فيها خلع أمير المؤمنين المقتدرّ بالله جعفر من الخلفة خلعه مؤنس الخادم ونازأوك الخادم وأبو الهيجاء عبد الله بن حأمدان وأحأضروا من دارّ الخلفة محمد ابن الخليفة المعتضد وبايعوه بالخلفة ولقبوه بالقاهر بالله وذلك في الثلث الخير من ليلة السبت خامس عشر المحرم من السنة المذكورّة وتولى أبو علي بن مقلة صاحأب الخط المنسوب إليه الوزأارّة وقلد نازأوك الحجبة مضافة إلى شرطة بغداد وأضيف إلى أبي الهيجاء عبد الله بن حأمدان ولية حألوان والدينورّ ونهاوند وهمذان وغيرها مع ما كان بيدة قبل ذلك من الوليات مثل الموصل والجزيرة وميافارّقين ووقع النهب في دارّ الخلفة وكان لم المقتدرّ ستمائة ألف دينارّ في الرصافة فأخذت وآستتر المقتدرّ عند أمه وبعد ثلثة أيام حأضرت الرجالة من الجند وآمتلت دارّ الخلفة وآزأدحأم الناس ودخلوا إلى المقتدرّ وحأملوه على رّقابهم وصاحأوا يا مقتدرّ يا منصورّ وخرجوا به وبايعوه ثانيا بالخلفة بعد أمورّ وقعت بين القواد والجند من وقائع وحأروب وقتل أبو الهيجاء عبد الله بن حأمدان ونازأوك وخلع القاهر محمد وأمنه أخوه المقتدرّ هذا وسكنت الفتنة بعد حأروب وقعت ببغداد وقتل فيها عدة من العيان والجند قلت وهذه ثاني مرة خلع فيها المقتدرّ من الخلفة لنه خلع أول بعبد الله بن المعتز في شهر رّبيع الول سنة ست وتسعين ومائتين وهذه الثانية ثم آستقر بعد هذه في الخلفة إلى أن مات حأسبما يأتي ذكره في محله. وفيها ظهر هارّون بن غريب ودخل إلى مؤنس وسلم عليه وقلد الجبل فخرج إليه وقلد المقتدرّ إبراهيم ومحم ًدا ابني رّائق شرطة بغداد وقلد مظفر بن ياقوت الحجابة وماتت ًل كثيرة. ثمل القهرمانة وخلفت أموا وفيها سير المقتدرّ رّكب الحاج مع منصورّ الديلمي فوصلوا إلى مكة سالمين فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي فقتل الحجيج قتل ذرّيعا في فجاج مكة وفي داخل البيت الحرام لعنه الله وقتل ابن محارّب أمير مكة وعرى البيت وقلع باب البيت وآقتلع الحجر السود وأخذه وطرح القتلى في بئر زأمزم وفعل أفعال ل يفعلها النصارّى ول اليهود بمكة ثم عاد إلى هجر ومعه الحجر السود فدام الحجر السود عندهم إلى أن رّد إلى مكانه في خلفة المطيع على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى وجلس أبو طاهر على باب الكعبة والرجال أنا لله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا ودخل رّجل من القرامطة إلى حأاشية الطواف وهو رّاكب سكران فبال فرسه عند البيت ثم ضرب الحجر السود بدبوس فكسره ثم اقتلعه وكانت إقامة القرمطي بمكة أحأد عشر يو ًما فلما عاد القرمطي إلى بلده رّماه الله في جسده حأتى طال عذابه وتقطعت أوصاله وأطرافه. وهو ينظر إليها وتناثر الدود من لحمه قلت: هذا ما عذب به في الدنيا وأما الخرى فأشد إن شاء الله تعالى وأدوم عليه وأعوانه وذزأيته لعنة الله عليهم. وفيها وقعت الوحأشة بين المير تكين أمير مصر صاحأب الترجمة وبين محمد بن طغج أمير الحوف فخرج محمد بن طغج من مصر س ًرا خوفا من تكين ولحق بالشام. وفيها هلك القرمطي أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي لعنه الله ولي أبو طاهر هذا أمر القرامطة بعد موت أبيه عليهما اللعنة بوصية أبيه إليه وغلط أبو القاسم السمناني في تارّيخه قال: الذي قلع الحجر السود أبو سعيد الجنابي وانما هو انبه أبو طاهر هذا عليهما اللعنة ولما ولي أبو طاهر هذا أمر القرامطة قوي أمره وحأارّب عساكر الخليفة وأتسع ملكه وكثرت جنوده ونال من الدنيا ما لم ينله أبوه ول جده وكان زأنديقا ملحدا ل يصلي ول يصوم شهر رّمضان مع أنه كان يظهر السلم ويزعم أنه داعية المهدي عبيد الله وقد تقدم من أخبارّه ما فيه كفاية عن ذكره هنا من قتله الحجاج وسفكه الدماء وأخذه أموال الناس وأشياء كثيرة من ذلك وقد كان هذا الملعون أشد ما يكون من البلء على السلم وأهله وطالت أيامه ومنهم من يقول إنه هلك عقيب أخذه الحجر السود أعني في هذه السنة والظاهر خلفه وكان أبو طاهر المذكورّ مع قلة دينه عنده فضيلة وفصاحأة وأدب ومن شعره القصيدة التي أولها: أغركم مني رّجوعي إلى هجر فعما قليل سوف يأتيكم الخبر إذا طلع المريخ من أرّض بابل وقارّنه النجمان فالحذرّ الحذرّ فمن مبلغ أهل العراق رّساله بأني أنا المرهوب في البدو والحضر ومنها: فيا ويلهم من وقعة بعد وقعة يساقون سوق الشاء للذبح والبقر سأصرف خيلي نحو مصر وبرقة إلى قيروان الترك والروم وآلخزرّ ومنها: أكيلهم بالسيف حأتى أبيدهم فل أبق منهم نسل أنثى ول ذكر أنا الداع للمهدي ل شك غيره أنا الصارّم الضرغام والفارّس الذكر أعمر حأتى يأتي عيسى ابن مريم فيحمد آثارّي وأرّضى بما أمر وفيها توفي أحأمد بن الحسين المام العلمة أبو سعيد البردعي الحنفي شيخ الحنفية في زأمانه استشهد بمكة بيد القرامطة. وفيها توفي أحأمد بن مهدي بن رّستم كان شيخا صالحا ذا مال كثير أنفقه كله على العلم ولم يعرف له فراش أرّبعين سنة. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزأبان بن شابورّ بن شاهنشاه أبو القاسم البغوي الصل البغدادي مسند الدنيا وبقية الحفاظ وهو ابن بنت أحأمد بن منيع ولد ببغداد في أول شجر نصيبين سنة أرّبع عشرة ومائتين وسمع الكثير ورّحأل إلى البلد ورّوى عنه خلئق ل يحصيهم إل الله لنه طال عمره وتفرد في الدنيا بعلو السند رّضي الله عنه. وفيها توفي نازأوك الخادم قتيل في هذه السنة في واقعة خلع المقتدرّ كان نازأوك المذكورّ شجاعا فاتكا غلب على المر وتصرف في الدولة وعلم مؤنس الخادم أنه متى وافقه على خلع المقتدرّ لم يبق له في الدولة أمر ول نهي فوافقه ظاهرا وواطأ عليه البرددارّية باطنا حأتى تم له ذلك وكان لنازأوك أكثر من ثلثمائة مملوك. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع وثلث عشرة إصب ًعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وثلث وعشرون السنة السابعة من ولية تكين الرابعة وهي سنة ثماني عشرة وثلثمائة: فيها حأج بالناس عبد السميع بن أيوب بن عبد العزيز الهاشمي وقيل: شهر رّمضان الحسن بن عبد العزيز قال أبو المظفر في مرآة الزمان " والظاهر أنه لم يحج أحأد منذ سنة سبع عشرة وثلثمائة إلى سنة ست وعشرين وثلثمائة خوفا من القرامطة ". وفيها في المحرم صرف المقتدرّ ابني رّائق عن الشرطة وقلدها أبا بكر محمد بن ياقوت. وفيها في شهر رّبيع الخر هبت رّيح شديدة حأملت رّمل أحأمر قيل إنه من جبل ذرّود فامتلت به أزأقة بغداد وسطوحأها. وفيها قبض المقتدرّ على الوزأير ابن مقلة وأحأرقت دارّه وكانت عظيمة قد ظلم الناس في عمارّتها وعز على مؤنس الخادم حأتى لم يشاورّه المقتدرّ في القبض عليه ثم أستوزأرّ المقتدرّ سليمان بن الحسن فكان ل يصدرّ عن أمر حأتى يشاورّ علي بن عيسى وكانت وزأارّة ابن مقلة سنتين وأرّبعة أشهر وثلثة أيام. وفيها توفي جعفر بن محمد بن يعقوب الشيخ أبو الفضل الصندلي البغدادي كان من البدال سمع علي بن حأرب وغيره واتفقوا على ثقته وصدقه وفيها توفي سعيد بن عبد العزيز بن مروان الشيخ أبو عثمان الحلبي الزاهد وهو من أكابر مشايخ الشام صحب سريا السقطي ورّوى عنه أبو الحسين الرازأي وغيره ومات بدمشق. وفيها توفي عبد الواحأد بن محمد بن المهتدي أبو أحأمد الهاشمي سمع يحيى بن أبي طالب ورّوى عنه أبو الحسين الرازأي وغيره. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر السفرايني ولد بقرية من أعمال أسفراين يقال لها " جورّبذ وسافر في طلب الحديث وكان من الثبات. وفيها توفي محمد بن سعيد بن محمد أبو عبد الله الميورّقي قدم بغداد وحأدث بها وكان يتفقه على مذهب المام العظم أبي حأنيفة. وفيها توفي يحيى بن محمد بن صاعد أبو محمد مولى أبي جعفر المنصورّ كان محدثا فاضل قال أو أسبوعين بنو صاعد ثلثة يوسف وأحأمد ويحيى وكانت وفاة يحيى هذا ببغداد. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو جعفر أحأمد بن إسحاق بن بهلول النبارّ في قاضي مدينة المنصورّ وأبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر الحراني وسعيد بن عبد العزيز الحلبي الزاهد وأبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم السفرايني وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن فيروزأ النماطي ويحيى بن محمد بن صاعد في ذي القعدة وله تسعون سنة. الماء القديم خمس أذرّع وإحأدى عشرة إصب ًعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا إصبعان. السنة الثامنة من ولية تكين الرابعة وهي سنة تسع عشرة وثلثمائة: فيها نزل القرامطة الكوفة فهرب أهلها إلى بغداد. وفيها دخل الديلم الدينورّ وقتلوا أهلها وسبوا فورّد بعض أهل دينورّ بغداد وقد سودوا وجوههم ورّفعوا المصاحأف على رّؤوس القصب وحأضروا يوم عيد النحر إلى جامع بغداد وآستغاثوا ومنعوا الخطيب من الخطبة والصلة وثارّ معهم عامة بغداد وأعلنوا بسب المقتدرّ ولزأم الناس المساجد وأغلقوا السواق خو ًفا من القرمطي. وفيها ولد المعز أبو تميم معد العبيدي رّابع خلفاء بني عبيد وأول من ملك منهم ديارّ مصر التي ذكره في محله من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. وفيها قبض المقتدرّ على الوزأير سليمان بن الحسن وحأبسه وكانت وزأارّته سنة وشهرين وكان المقتدرّ يميل إلى وزأارّة الحسين بن القاسم فل يمكنه مؤنس وأشارّ مؤنس بعبيد الله بن محمد الكلوذاني فاستوزأرّه المقتدرّ مع مشاورّة علي بن عيسى في المورّ. وفيها كانت وقعة بين هارّون بن غريب وبين مرداويج الديلمي بنواحأي همذان فانهزم هارّون وملك الديلمي الجبل بأسره إلى حألوان. وفيها أي ًضا عزل المقتدرّ الكلوذاني وأستوزأرّ الحسين بن القاسم بن ألف دينارّ في كل سنة وكانت وزأارّة الكلوذاني شهرين. وفيها في ذي الحجة استوحأش مؤنس من الخليفة المقتدرّ لنه بلغه أجتماع الوزأير والقواد على العمل على مؤنس فعزم خواص مؤنس على كبس الوزأير فعلم الوزأير فتغيب عن دارّه وطلب من المقتدرّ عزل الوزأير فعزله فقال انفه إلى عمان فآمتنع المقتدرّ وأوقع الوزأير في ذهن المقتدرّ أن مؤن إلى الشام ًسا يريد أن يأخذ أبا العباس من دارّه ويذهب به ومصر ويبايعه بالخلفة هناك ثم وقعت أمورّ ألجأت مؤنسا إلى الخروج من بغداد إلى الشفاسية وكتب إلى المقتدرّ يطلب منه مفلحا السود فقويت الوحأشة بين المقتدرّ وبين مؤنس حأتى أرّسل المقتدرّ إلى قتاله ثلثين أل ًفا وكان مؤنس في ثمانمائة فانتصر عليهم وهزمهم وملك الموصل. وفيها كان الوباء المفرط ببغداد حأتى كان يدفن في القبر الواحأد جماعة. وفيها توفي الحسن بن علي بن أحأمد بن بشارّ أبو بكر الشاعر المشهورّ الضرير النهرواني المعروف بابن العلف أحأد ندماء المعتضد " وكان من الشعراء المجيدين قال: كنت في دارّ المعتضد مع جماعة من ندمائه فأتى الخادم ليل فقال أمير المؤمنين يقول لكم أرّقت الليلة بعد آنصرافكم فقلت: ولما آنتبهنا للخيال الذي سرى إذا الدارّ قفر والمزارّ بعيد وقد أرّتج علي تمامه فمن أجازأه بما يوافق غرضي أمرت له بجائزة قال فأرّتج على الجماعة وكلهم شاعر فاضل فآبتدرّت وقلت: فقلت لعيني عاودي النوم وآهجعي لعل خيال طارّ ًقا سيعود ومن شعر ابن العلف هذا قصيدته التي رّثى فيها المحسن بن أبي الحسن بن الفرات الوزأير وكنى عنه بالهر خوفا من الخليفة وعددها خمسة وستون بيتا وأولها: يا هر فارّقتنا ولم تعد وكنت منا بمنزل الولد فكيف ننفك عن هواك وقد كنت لنا عدة من العدد تطرد عنا الذى وتحرسنا بالغيب من حأية ومن جرد وتخرج الفأرّ من مكامنها ما بين مفتوحأها إلى السدد وكلها على هذا المنوال وفيها حأكم أضربت عن ذكرها لطولها. وفيها توفي الحسن بن علي بن زأكريا بن صالح بن عاصم بن زأفر أبو سعيد العدوي البصري وفيها توفي علي بن الحسين بن حأرب أبو عبيد القاضي البغدادي ويعرف بابن حأربويه ولي قضاء مصر وأقام بها دهرا طويل قال الرقاشي سألت عنه الدارّ قطني فقال ذلك الجليل الفاضل. وفيها توفي محمد بن سعيد وقيل ابن سعد أبو الحسين الورّاق النيسابورّي صاحأب أبي ًما بالشريعة والحقيقة. عثمان الحيري كان من كبارّ المشايخ عال وفيها توفي محمد بن الفضل بن العباس أبو عبد الله البلخي الزاهد كان أحأد البدال وله كرامات قال ما خطوت أرّبعين سنة خطوة لغير الله. له وفيها توفي المؤمل بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس أبو الوفاء النيسابورّي الماسرجسي شيخ نيسابورّ في عصره وكان أبوه من بيت حأشمة في النصارّى فأسلم على يد ابن المبارّك وهو شيخ سمع المؤمل هذا الكثير ورّحأل إلى البلد ورّوى عنه أبناه أبو بكر محمد وأبو القاسم علي وغيرهما قال الحاكم سمعت محمد بن المؤمل يقول حأج جدي وهو أبن نيف وسبعين سنة فدعا الله تعالى أن يرزأقه ولدا فلما رّجع رّزأق أبي فسماه المؤمل لتحقيق ما أمله وكناه أبا الوفاء ليفي لله بالنذورّ ووفاها. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو الجهم أحأمد بن الحسين بن أحأمد بن طلب خطيب مشغرى وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحأمن بن عبد الملك بن مروان في رّجب وأبو سعيد الحسن بن علي بن زأكرياء العدوي الكذاب وأبو القاسم عبد الله بن أحأمد البلخي رّأس المعتزلة وأبو عبيد علي بن الحسين بن حأربويه القاضي وأبوا لوفاء المؤمل بن الحسن الماسرجسي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وتسع أصابع مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّاعا وأرّبع أصابع. السنة التاسعة من ولية تكين الرابعة وهي سنة عشرين وثلثمائة فيها عزل المقتمر الحسين بن القاسم من الوزأارّة وآستوزأرّ أبا الفتح بن الفرات. وفيها بعث المقتدرّ بالعهد واللواء لمرداويج الديلمي على إمرة أذرّبيجان وإرّمينية وأرّان وقم ونهاوند وسجستان. وفيها نهب الجند دورّ الوزأير الفضل بن جعفربن الفرات فهرب الوزأير إلى طيارّ له في الشط فأغرق الجند الطيارّات وسخم الهاشميون وجوههم وصاحأوا الجوع الجوع وكان قد اشتد الغلء لن القرمطي ومؤنسا الخادم منعا الغلت من النواحأي أن تصل ولم يحج رّكب العراق في هذه وفيها في صفر غلب مؤنس على الموصل فتسلل إليه الجند والفرسان من بغداد وأقام بالموصل أشهرا ثم تهيأ المقتدرّ لقتاله وأخرج مضربه إلى باب الشماسية وبعث أبا العلء سعيد بن حأمدان إلى سرمن رّأى في ألف فارّس فأقبل مؤنس في جمع كبير فلما قارّب العكبرا آجتهد المقتدرّ بهارّون بن غريب أن يحارّب مؤنسا فآمتنع واحأتج بأن أصحابه مع مؤنس في الباطن وليثق بهم وقيل إنه عسكرهارّون وابن ياقوت وأبنارّائق وصافي الحرمي ومفلح بباب الشماسية وانضموا إلى المقتدرّ وقالوا له إن الرجال ل يقاتلون إل بالمال وإن أخرجت المال أسرع إليك رّجال مؤنس وتركوه وسألوه مائتي ألف دينارّ فلم يرض وأمر بجمع الطيارّات لينحدرّ فيها بأولده وحأرمه إلى واسط ويستنجد منها ومن البصرة وغيرها على مؤنس فقال له محمد بن ياقوت اتق الله في المسلمين ولتسلم بغداد بلحأرب وأمعن في ذلك حأتى قال له المقتدرّأنت رّسول إبليس وبنى عزمه وأصبح يقاتل مؤنسا وأبلى ابن ياقوت المذكورّ بلء حأسنا وكان غالب عسكر مؤنس البربر فلما آنكشف عن المقتدرّ أصحابه جاءه واحأد من البربر فضربه من خلفه ضربة سقط منها إلى الرّض فقال له ويلك أنا الخليفة فقال أنت المطلوب وذبحه بالسيف وشال رّأسه على رّمح ثم سلب ماعليه وتركه مكشوف العورّة حأتى ستر بالحشيش وحأفر له في الموضع ودفن فيه وعفي أثره وذلك في شوال وبات مؤنس بالشماسية ووقع له بعد قتل المقتدرّأمورّ حأتى أخرج القاهر ترجة المقتدرّ اسمه جعفر وكنيته أبوالفضل ابن الخليفة المعتضد بالله أحأمد ابن ولي العهد طلحة الموفق ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد بالله هارّون ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أمير المؤمنين الهاشمي العباسي البغدادي بويع بالخلفة بعد وفاة أخيه المكتفي بالله علي في سنة خمس وتسعين ومائتين وله ثلث عشرة سنة ولم يل الخلفة أحأد قبله أصغر منه وخلع من الخلفة أول مرة بعبد الله بن المعتز في شهر رّبيع الول في سنة ست وتسعين ومائتين ثم أعيد وقتل ابن المعتز ثم خلع في سنة سبع عشرة وثلثمائة بأخيه القاهر ثلثة أيام ثم أعيد إلى الخلفة إلى أن قتل في هذه السنة وقد تقدم ذكر ذلك كله في الحوادث من هذا الكتاب كل واقعة في موضعها وآستخلف من بعده أخوه القاهر محمد وكنيته أبومنصورّ وعمره يوم ولي الخلفة ثلث وثلثون سنة وكانت خلفة المقتدرّ خمسا وعشرين سنة إل بضعة عشريوما وكانت النساء قدغلبن عليه وكان سخيا مبذرّا يصرف في السنة للحج أكثر من ثلثمائة ألف دينارّ وكان في دارّه أحأد عشر ألف غلم خصي غيرالصقالبة والروم وأخرج جميع جواهر الخلفة ونفائسها على النساء وغيرهن وأعطى الدرّة اليتيمة لبعض حأظاياه وكان زأنتها ثلثة مثاقيل وأخذت زأيدان القهرمانة سبحة جوهر لم ير مثلها قيمتها ثلئمائة ألف دينا هذا مع ما ضيع من الذهب والمسك والشياء والتحف قيل إنه فرق ستين حأبا من الصيني وقال الصولي كان المقتدرّ يفرق يوم عرفة من البل والبقر أرّبعين ألف رّأس ومن الغنم خمسين ألفا ويقال إنه أتلف من المال في أيام خلفته ثمانين ألف ألف دينارّ وخلف المقتدرّ عدة أولد ذكورّ وإناث. وفيها توفي أحأمد بن عميربن يوسف الحافظ أبوالحسين بن جوصى كان حأافظ الشام في وقته كان إماما حأاف ًظا متق ًنا رّحأا بالقوي. ًل قال الدارّ قطني تفرد بأحأاديث وليس وفيها توفي الحسين بن صالح أبو علي بن خيران الفقيه الشافعي القاضي كان من أفاضل الشيوخ وأماثل الفقهاء. وفيها توفي عبد الوهاب بن عبد الرزأاق بن عمربن مسلم أبو محمد القرشي مولهم الدمشقي حأدث عن هشام بن عمارّ وطبقته ورّوى عنه أبو الحسين الرازأي وغيره. وفيها توفي محمد بن يوسف بن إسماعيل أبوعمرالقاضي الزأدي مولى جريربن حأازأم ولي قضاء مدينة المنصورّ وكان عالما عاقل دينا متفنًنا. وفيها توفي أبوعمر والدمشقي أحأد مشايخ الصوفية صحب ابن الجلى وأصحاب ذي النون وكان من عظماء مشايخ الفقه وله مقالت وأحأوال. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو الحسن أحأمد بن القاسم الفرائضي والمقتدرّ بالله جعفربن المعتضد قتل في شوال عن ثمان وثلثين سنة وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن يوسف الفربري وأبوعمر محمد بن يوسف القاضي وأبو علي بن خيران الشافعي الحسين بن صالح. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم ثلث أذرّع وسبع عشرة إصب ًعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وثلث عشرة إصب ًعا ولية محمد بن طغج الولى هو محمد بن طغج بن جف بن يلتكين بن فورّان بن فورّى الميرأبو بكر الفرغاني التركي مولده في يوم الثنين منتصف شهر رّجب سنة ثمان وستين ومائتين ببغداد بشارّع باب الكوفة ولي إمرة مصر بعد موت تكين وله أمير المؤمنين القاهر بالله على الصلة بعد أن آضطربت أحأوال الديارّ المصرية وخرج أبن تكين منها في سادس عشرأشهررّبيع الول سنة إحأدى وعشرين وثلثمائة فأرّسل محمد بن طغج هذا كتابه بولايته على مصر في سابع شهررّمضان من سنة إحأدى وعشرين وثلثمائة المذكورّة ولم يدخل مصر في هذه الولية وما دخلها أميرا عليها إل في ولايته وقال ابن خلكان بعدما سماه وأباه إلى أن قال الفرغاني الصل صاحأب سرير الذهب المنعوت بالخشيذ صاحأب مصر والشام والحجازأ أصله من أولد ملوك فرغانة وكان المعتصم بالله بن هارّون الرشيد قد جلبوا إليه من فرغانة جماعة كثيرة فوصفوا له جف وغيره بالشجاعة والتقدم في الحروب فوجه إليهم المعتصم من أحأضرهم فلما وصلوا إليه بالغ في إكرامهم وأقطعهم قطائع بسر من رّأى وقطائع جف إلى الن معروفة هناك فلم يزل جف بها إلىأن مات ليلة قتل المتوكل انتهى كلم آبن خلكان قلت ودير له على منابر مصر وهومقيم بدمشق نحوا من ثلثين يو ًما وقال صاحأب يو ً البغية اثنين وثلثين ما إلى أن قدم رّسول المير أحأمد بن كيغلغ بولايته على مصر ثاني مرة من قبل الخليفة القاهر بالله في تاسع شوال من السنة وأما اليام التي قبل ولية محمد بن طغج على مصر فكان يحكم فيها ابن تكين باستخلف والده تكين له ويشارّكه في ذلك أي ًضا الماذرّائي صاحأب خراج مصر المقدم ذكره. ووقع في هذه اليام بمصر أمورّ ووقائع وكان الزمان مضطربا لقتل الخليفة المقتدرّ بالله جعفر وآشتغال الناس بحرب القرمطي وكان في تلك اليام كل من غلب على أمر صارّ له. وفي ولية محمد بن طغج هذا على مصر ثانيا على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى لقب بالخشيذ والخشيذ بلسان الفرغانة ملك الملوك وطغج عبد الرحأمن والخشيذ لقب ملوك فرغانة كما أن أصبهبذ لقب ملوك طبرستان وصول لقب ملوك جرجان وخاقان لقب ملوك الترك والفشين لقب ملوك أشروسنة وسامان لقب ملوك سمرقند وقيصر لقب ملوك الروم وكسرى لقب ملوك العجم والنجاشي والحطي لقب ملوك الحبشة وفرعون قديمالقب ملوك مصروحأديًثا السلطان. ولما مات جده جف في سنة سبع وأرّبعين ومائتين آتضل ابنه طغج أبو محمد هذا بالمير أحأمد بن طولون صاحأب مصر وكان من أكابر قواده ودام على ذلك حأتى قتل خمارّويه بن أحأمد بن طولون فسارّطغج إلى الخليفة المكتفي بالله علي فأكرم الخليفة مورّده ثم بدا من طغج المذكورّ تكبرعلى الوزأيرفحبس هووابنه محمد إلى أن مات طغج المذكورّفي الحبس وبعد مدة أخرج محمد هذا من الحبس وجرت له أمورّ يطول شرحأها إلى أن قدم مصر في دولة تكين وولي الحأواف بأعمال مصر وأقام على ذلك مدة إلى أن وقع بينه وبين تكين وخرج من مصر مختفيا إلى الشام ثم ولي إمرة الشام ثم أضيف إليه إمرة مصر فلم يدخلهاعلى ما تقدم ذكره وعزل بالمير أحأمد بن كيغلغ. وتأتي بقية ترجمته في ولايته الثانية على مصر إن شاء الله تعالى. السنة التي حأكم فيها عدة أمراء حأكم في أولها تكين إلى أن مات في شهررّبيع الول ثم ابنه من غيرولية الخليفة بل باستخلف أبيه ثم المير محمد بن طغج من أواخر شعبان إلى أواخر شهر رّمضان وكانت ولايته آثنين وثلثين يوما ولم يدخلها ثم المير أحأمد بن كيغلغ من آخر أشهررّمضان ولم يصل رّسوله إل لسبع خلون من شوال وهي سنة إحأدى وعشرين وثلثمائة فيها شغب الجند على الخليفة القاهر بالله وهجمواعلىالدارّ فنزل في طيارّ إلى دارّ مؤنس الخادم فشكا إليه فصبرهم مؤنس عشرة أيام وكان الوزأير آبن مقلة منحرفا عن محمد بن ياقوت فنقل إلى مؤنس أن ابن ياقوت يدبرعليهم فاتفق مؤنس وآبن مقلة ويلبق وآبنه على اليقاع بابن ياقوت فعلم فاستتر ثم جاءعلي بن يلبق إلى دارّ الخلفة فوكل بها أحأمدبن زأيرك وأمره بالتضييق على القاهر وطالب آبن يلبق القاهرم بما كان عنده من أثاث أم المقتدرّ. وفيها استوحأش المظفرمؤنس وابن مقلة ويلبق من الخليفة القاهر. وفيها أشيع ببغداد أن يلبق والحسن بن هارّون كاتبه عزماعلى سب معاوية بن أبي سفيان على المنابر فاضطربت الناس وقبض يلبق على جماعة من الحنابلة ونفاهم إلى البصرة. وفيها تأكدت الوحأشة بين الخليفة القاهر وبين وزأيره ابن مقله ويلبق وقبض على يلبق وعلى أحأمد بن زأيرك وعلى يمن المؤنسي صاحأب شرطة بغداد وحأبسوا وصارّالحبس كله في دارّ الخلفةثم طلب الخليفة مؤنسا فحضر إليه فقبض عليه أي ًضا وآختفى الوزأير ابن مقلة فاستوزأرّ القاهرعوضه أبا جعفرمحمد بن القاسم بن عبيد الله وأحأرقت دارّ آبن مقلة كما أحأرقت قبل هذه المرة ثم ظفر القاهر بعلي بن يلبق بعد جمعة فحبسه بعد الضرب ثم ذبح القاهر يلبق وآبنه عليا ومؤنسا وخرج برؤوسهم إلى الناس وطيف بها ووقع في هذه السنة أمورّ وأطلق القاهر أرّزأاق الجند فسكنوا وآستقامت له المورّ وعظم في القلوب وزأيد في ألقابه " المنتقم من أعداء دين الله ونقش ذلك على السكة. وفيها أمر القاهر بتحريم القيان والخمروقبض على المغنين ونفى المخنثين وكسرآلت اللهو وأمر بتتبع المغنيات من الجوارّي وكان هومع ذلك يشرب المطبوخ ول يكاد يصحو من السكر. وفيها عزل القاهر الوزأير محمدا واستوزأرّ أبا العباس بن الخصيب. وفيها حأج بالناس مؤنس الورّقاني. وفيها توفيت السيدة شغب أم الخليفة المقتدرّبالله جعفر كان متحصلها في السنة ألف ألف دينارّ فتتصدق بها وتخرج من عندها مثلها وكانت صالحة ولما قتل آبنها كانت مريضة فقوي مرضها وامتنعت من الكل حأتى كادت تهلك ثم عذبها القاهر حأتى ماتت ولم يظهر لها إل ما قيمته مائة وثلثون ألف دينارّ وكان لها المر والنهي في دولة ابنها. وفيها قتل مؤنس الخادم وكان لقب بالمظفرلماعظم أمره وكان شجاعا مقداما فاتكا مهيبا عاش تسعين سنة منها ستون سنة أميرا وكان كل ما له في علو ورّفعة وكان قد أبعده المعتضد إلى مكة ولما بويع المقتدرّ بالخلفة أحأضره وقربه وفوض إليه المورّ فنال من السعادة والوجاهة ما لم ينله خادم قبله. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن سلمة بن سلمة بن عبد الملك أبو جعفرالزأدي الحجري المصري الطحاوي الفقيه الحنفي المحدث الحافظ أحأد العلم وشيخ السلم وطحا قرية من قرى مصر من ضواحأي القاهرة بالوجه البحري قال ابن يونس ولد سنة تسع وثلثين ومائتين وسمع هارّون بن سعيد اليلي وعبد الغني بن رّفاعة ويونس بن عبدالعلى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وطائفة غيرهم ورّوى عنه أبو الحسن الخميمي وأحأمد بن القاسم الخشاب وأبو بكربن المقرىء وأحأمد بن عبد الوارّث الزجاج والطبراني وخلق سواهم ورّحأل إلى البلد قال أبو إسحاق الشيرازأي انتهت إلى أبي جعفر رّياسة أصحاب أبي حأنيفة بمصر أخذ العلم عن أبي جعفر أحأمد بن أبي عمران وأبي حأازأم وغيرهم وكان إمام عصره بل مدافعة في الفقه. والحديث وآختلف العلماء والحأكام واللغة والنحو وصنف المصنفات الحسان وصنف اختلف العلماء و أحأكام القرآن و معاني الثارّو الشروط وكان من كبارّ فقهاء الحنفية والمزني الشافعي هوخال الطحاوي وفيها توفي محمد بن الحسن بن درّيد بن عتاهية العلمة أبو بكرالزأدي البصري نزيل بغداد تنقل في جزائر البحر وفارّس وطلب الدب واللغة حأتى صارّرّأسا فيهما وفي أشعارّ العرب وله شعر كثير وتصانيف وكان أبوه من رّؤساء زأمانه وحأدث ابن درّييدعن أبي حأاتم الجستاني وأبي الفضل العباس الرياشي وابن أخي الصمعي ورّوي عنه أبو سعيد السيرافي وأبو بكر بن شاذان وأبو الفرج صاحأب الغاني وأبو عبيد الله المرزأباني وعاش ابن درّيد بضعا وتسعين سنة فإن مولده في سنة ثلث وعشرين ومائتين وقال أبوحأفص بن شاهين كنا ندخل على ابن درّيد فنستحي مما نرى من العيدان المعلقة والشراب المصفى وقد جاوزأالتسعين ولبن درّيد من المصنفات كتاب الجمهرة وكتاب المالي وكتاب اشتقاق أسماء القبائل وكتاب المجتبى وهو صغير وكتاب الخيل وكتاب السلح وكتاب غريب القرآن ولم يتم وكتاب أدب الكاتب وأشياء غير ذلك وكان يقال آبن درّيد أعلم الشعراء وأشعرالعلماء ولما مات دفن وأبوهاشم الجبائي في يوم واحأد في مقبرة الخيزرّان لثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان ومن شعره قوله: وحأمراء قبل المزج صفراء بعده أتت بين ثوبي نرجس وشقاثق حأكت وجنة المعشوق صر ًفا فسلطوا عليها مزاجا فاكتست لون عاشق وله: أنا ابن عشرين لزأادت ول نقصت إن آبن عشرين من شيب على خطر الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو حأامد أحأمد بن حأمدون النيسابورّي العمشي وأحأمد بن عبد الوارّث العسال وأبو جعفر أحأمد بن محمد بن سلمة الطحاوي في ذي القعدة عن اثنتين وثمانين سنة وأبو هاشم عبد السلم بن أبي علي الجبائي وأبو بكر محمد بن الحسن بن درّيد الزأدي ببغداد ومكحول البيروتي محمد بن عبد الله بن عبد السلم ومحمد بن نوح الجند يسابورّي ومؤنس الخادم الملقب بالمظفر وأبو حأامد محمد بن هارّون الحضرمي أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وست عشرة إصبعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا ونصف إصبع. ولية أحأمد بن كيغلغ الثانية ولي أحأمد بن كيغلغ المذكورّ مصر ثانيا من قبل القاهرمحمد لما اضطربت أحأوال الديارّ المصرية بعد عزل المير محمد بن طغج بن جف في آخر شهر رّمضان وقدم رّسوله إلى الديارّ المصرية بولايته لتسع خلون من شوال سنة إحأدى وعشرين وثلثمائة واستخلف ابن كيغلغ المذكورّ أبا الفتح محمد بن عيسى النوشري على مصر فتشغب عليه الجند في طلب أرّزأاقهم وطلبوا ذلك من الماذرّائي صاحأب خراج مصر فآستتر الماذرّائي منهم فأحأرقوا دارّه ودورّأهله ووقعت فتنة عظيمة وحأروب قتل فيها جماعة كثيرة من المصريين ودامت الفتنة إلى أن قدم محمد بن تكين إلى مصر من فلسطين لثلث عشرة خلت من شهر جمادى الولى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة فظهر الماذرّائي صاحأب الخراج وأنكر ولية آبن تكين على مصر فتعصب لمحمد المذكورّ جماعة من المصريين ودعي له بالمارّة على المنابر ووقع بين الناس بسبب ذلك وصارّوا فرقتين فرقة تنكر ولية محمد بن تكين وتثبت ولية أحأمد بن كيغلغ وفرقة تتعصب لمحمد بن تكين وتنكرولية ابن كيغلغ ووقع بسبب ذلك فتن وخرج منهم قوم إلى الصعيد فيهم ابن النوشري خليفة ابن كيغلغ وغيره وأمر ابن النوشري عليهم وهم مستمرون في الدعاء لبن كيغلغ فكانت حأروب كثيرة بديارّ مصر بسبب هذا الختلف إلى أن أقبل المير أحأمد بن كيغلغ ونزل بمنية الصبغ في يوم ثالث شهر رّجب سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة فلما وصل آبن كيغلغ لحق به كثيرمن أصحاب محمد بن تكين فقوي أمره بهم فلما رّأى محمد بن تكين أمره في إدبارّفرليل من مصر ودخلهامن الغد الميرأحأمد بن كيغلغ وذلك لست خلون من شهر رّجب فكان مقام ابن تكين علىمصرفي هذه اليام مائة يوم وآثني عشر يوما وهوغيروال بل متغلب عليها وكان المتولي من الخليفة في هذه المرة ابن كيغلغ المذكورّغير أنه كان قد تأخرعن الحضورّ إلى الديارّ المصرية لمر ما ولما دخل ابن كيغلغ إلى مصر وأقام بها أقر بجكم العورّعلى شرطة مصر ثم عزله بعد أيام بالحسين بن علي بن معقل مدة ثم أعيد بجكم وأخذ ابن كيغلغ في إصلح أمر مصر والنظر في أحأوالها وفي أرّزأاق الجند ومع هذه الفتن التي مرت كان بمصر في هذه السنة والماضية زألزأل عظيمة خربت فيها عدة بلد ودورّ كثيرة وتساقطت عدة كواكب وبينما أحأمد بن كيغلغ في إصلح أمر مصر ورّد عليه الخبر بخلع الخليفة القاهر بالله وتولية الراضي بالله محمد بن المقتدرّجعفر فلما بلغ محمد بن تكين تولية الراضي بالله عاد إلى مصر بجموعه وأظهر أن الراضي وله مصر فخرج إليه عسكر مصر وأعوان أحأمد بن كيغلغ وحأارّبوه فيما بين بلبيس وفاقوس شرقي مصر فكانت بينهم مقتلة انكسر فيها محمد بن تكين وأسر وجيء به إلى الميرأحأمدبن كيغلغ المذكورّ فحمله ابن كيغلغ إلى الصعيد وآستقامت المورّ بمصرلحأمدبن كيغلغ وبعد ذلك بمدة يسيرة ورّد كتاب الخليفة بخبر ولية المير محمد بن طغج على مصروعزل أحأمدبن كيغلغ هذا عنها وأن محمد بن طغج واصل إليها عن قريب فأنكر ابن كيغلغ ذلك وتهيأ لحربه وجهز إليه عساكرمصر ليمنعوه من الدخول إلى الفرما فأقبلت مراكب محمد بن طغج من البحرإلى تنيس وسارّت مقدمته في البروالتقوا مع عساكر أحأمد بن كيغلغ فكانت بينهم وقعة هائلة وقتال شديد في سابع عشر شعبان سنة ثلث وعشرين وثلثمائة فآنكسر أصحاب ابن كيغلغ وأقبلت مراكب محمد بن طغج إلى ديارّ مصر في سلخ شعبان فسلم أحأمد بن كيغلغ المر إلى محمد بن طغج من غير قتال وآعتذرّ أنه ما قاتله إلجند مصر بغير إرّادته وملك محمد بن طغج ديارّ مصر وهي وليته الثانية عليها وكانت ولية ابن كيغلغ على مصر في هذه المرة الثانية سنة واحأدة وأحأد عشر شهرا تنقص أياما قليلة وأحأمد بن كيغلغ هذا غير منصورّبن كيغلغ الشاعر الذي من جملة شعره هذه البيات الخمرية: يديرمن كفه مدا الرقيب كأنها إذ صفت ًما ألذ من غفلة ورّقت شكوى محب إلى حأبيب السنة الثانية من ولية أحأمد بن كيغلغ الثانية أعني بالثانية أنه حأكم في الماضية أشه ًرا وقد تقدم ذكر ذلك فتكون هذه السنة هي الثانية وهي سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة: فيها ظهرت الديلم عند دخول أصحاب مرداويج إلى أصبهان وكان علي بن بويه من جملة أصحاب مرداويج فاقتطع مال جزيل وانفرد عن مرداويج وآلتقى مع آبن ياقوت فهزمه واستولى على فارّس وأعمالها قلت وهذا أول ظهورّ بني بويه قيل إن بويه كان فقيرا فرأى في منامه أنه بال فخرج من ذكره عمود من نارّ ثم تشعب يمنة ويسرة وأماما وخلفا حأتى مل الدنيا فقص رّؤياه على معبر فقال له المعبرماأعبرها إل بألف درّهم فقال بويه والله مارّأيتها قط ول عشرها وإنما أنا صياد أصطاد السمك ثم اصطاد سمكة فأعطاها للمعبر فقال له المعبرألك أولد قال نعم قال أبشر فإنهم يملكون الرّض ويبلغ سلطانهم فيها على قدرّ ما احأتوت عليه النارّ وكان معه أولد الثلثة علي أكبرهم وهو أول مابقل عذارّه وثانيهم الحسن وثالثهم أحأمد قلت علي هو عماد الدولة والحسن هو رّكن الدولة وأحأمد هو معز الدولة. وفيها دخل مؤنس الورّقاني بالحجاج سالمين من القرمطي إلى بغداد. وفيها قتل القاهر بالله المير أبا السرايا نصربن حأمدان وإسحاق بن إسماعيل بن يحيى وهو الذي أشارّ على مؤنس بخلفة القاهر لما قتل المقتدرّ وفيها مات مؤنس الورّقاني الذي حأج في هذه السنة بالناس. وفيها آستوحأش الناس من الخليفة القاهر بالله ول زأالوا به حأتى خلعوه في يوم السبت ثالث جمادى الولى وسملوا عينيه حأتى سالتا على خديه فعمي وهوأول خليفة سملت عيناه وسملوه خوفا من شره فكانت خلفته إلى حأين شمل سنة وستة أشهر وسبعة أيام أو ثمانية أيام وبويع بالخلفة من بعده آبن أخيه الراضي بن المقتدرّ جعفر والراضي المذكورّ اسمه محمد. قال الصولي كان القاهر هرجا سافكا للدماء محبا للمال قبيح السيرة كثير التلون والستحالة مدمنا على شرب الخمر فإذا شربها تغيرت أحأواله وذهب عقله ويأتي بقية ترجمة القاهر بالله في وفاته. وفيها قتل مرداويج مقدم الديلم بأصبهان وكان قد عظم أمره وأسماء السيرة في أصحابه فقتله مماليكه التراك. وفيها بعث علي بن بويه إلى الخليفة الراضي يقاطعه على البلد التي في حأكمه في كل سنة ثمانية آلف ألف درّهم فأجابه إلى ذلك وبعث له لواء خلعا مع حأرب بن إبراهيم المالكي. وفيها تحكم محمد بن ياقوت في المورّ وآستقل بها وبقي الوزأير ابن مقلة معه كالعارّية. وفيها توفي أحأمد بن سليمان بن داود أبو عبد الله الطوسي مات وله ثلث وثمانون سنة رّوى عنه آبن شاذان وغيره وفيها توفي أحأمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبوجعفر الكاتب الدينورّي ابن صاحأب المعارّف وأدب الكاتب وغيرهما ولد ببغداد ثم قدم مصر وولي القضاء بها حأتى مات في شهررّبيع الول. وفيها توفي عبيد الله بن محمد بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وكنيته أبو محمد ويلقب بالمهدي جد الخلفاء الفاطمين المصريين التي ذكرهم باستيعاب وأم عبيد الله هذا أم ولد وولد هوبسلمية وقيل ببغداد سنة ستين ومائتين ودخل مصر في زأي التجارّ ثم مضى إلى المغرب إلى أن ظهر بسجلماسة ببلد المغرب في يوم الحأد سابع ذي الحجة في سنة ست وتسعين ومائتين وسلم عليه بأمير المؤمنين في أرّض الجوانية ثم أنتقل إلى رّقادة من أرّض القيروان وبنى المهدية وسكنها يأتي ذكر نسبهم وما قيل فيه من الطعن وغيره عند ذكر جماعة من أولده ممن ملك الديارّ المصرية بأوسع من هذا لن شرطنا في هذا الكتاب أل نوسع إل في ترجمة من ولي مصر خاصة وما عدا ذلك يكون على سبيل الختصارّ وقد ولي جماعة كبيرة من ذرّية المهدي هذا ديارّ مصر فينظر ذلك في ترجمة أول من ولي منهم وهو المعز لدين الله معد. وفيها توفي المير هارّون بن غريب ابن خال الخليفة المقتدرّ كان يلي حألوان وغيرها ولما زأالت دولة ابن عمته المقتدرّعصى على الخلفة حأتى حأارّبه جيش الخليفة الراضي وظفروا به وقتلوه وبعثوا برأسه إلى بغداد. وفيها توفي يعقوب بن إبراهيم بن أحأمد بن عيسى الحافظ أبو بكر البزارّ البغدادي كان زأاهدا متعبدا رّوى عنه الدارّقطني وغيره وكان ثقة صدوقا مات وهو ساجد. وفيها توفي أبو علي الروذبارّي واسمه محمد بن أحأمد بن القاسم بن المنصورّ بن شهريارّ من أولد كسرى أصله من بغداد من أبناء الوزأرّاء وصحب الجنيد ولزمه وأخذ عنه حأتى صارّ أحأد أئمة الزمان وأقام بمصر وصارّ شيخ الصوفية بها إلى أن مات بها وكان ثقة صدوقا يقول الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو عمر وأحأمد بن خالد بن الجباب القرطبي الحافظ وخير النساج أبو الحسن الزاهد والمهدي أبو محمد عبيد الله أول خلفاء الفاطمية وكانت دولته بضعا وعشرين سنة ومحمد بن إبراهيم الد يبلي وأبو محمد بن عمرو العقيلي والقاهر بالله محمد بن المعتضد خلع وسمل في جمادى الولى ثم بقي خام ًل سبع عشرة سنة وهوالذي سأل يوم الجمعة قلت ومعنى قول الذهبي وهوالذي سأل يوم الجمعة شرح ذلك أن القاهر لما طال خموله في عماه قل ما بيده ووقف في يوم من أيام جمعة وسأل الناس ليقيم بتلك الشناعة على خليفة الوقت قال الذهبي وأبو بكرمحمد بن علي الكناني الزاهد وأبو علي الروذبارّي يقال اسمه محمد بن أحأمد. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم خمس أذرّع وست أصابع مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وأرّبع عشرة إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية أحأمد بن كيغلغ الثانية وهي سنة ثلث وعشرين وثلثمائة: فيها تمكن الراضي بالله من الخلفة وقلد آبنيه المشرق والمغرب وهما أبوجعفر وأبوالفضل وفيها بلغ الوزأير أبا الحسين علي بن مقلة أن آبن شنبود المقرىء وشنبود بشين معجمة ونون مشددة وباء مضمومة ودال يغيرحأروفا من القرآن ويقرأ بخلف ماأنزل فأحأضره أحأضر عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي وأبا بكر بن مجاهد وجماعة من القراء ونوظر فأغلظ للوزأيرفي الخطاب وللقاضي ولبن مجاهد ونسبهم إلى الجهل وأنهم ماسافروا في طلب العلم كما سافر فأمر الوزأير بضربه فنصب بين يديه وضرب سبع درّرّ وهو يدعو على الوزأير بأن تقطع يده ويشتت شمله ثم وقف على الحروف التي قيل إنه كان يقرأ بها من ذلك إذا نودي للصلة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله أوكان أمامهم ملك يأخذ كل صالحة سفينة غصًبا وتكون الجبال كالصوف المنقوش تبت يدا أبي لهب وقد تب فلما خر تيقنت النس أن الجن لوكانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حأول في ً العذاب المهين ما في القراءة وفيها قبض ثم استتيب غصًبا ونفي إلى البصرة وكان إما الخليفة الراضي على محمد بن ياقوت وأخيه المظفر وأبي إسحاق القرارّيطي وأخذ خط القرارّيطي بخمسمائة ألف دينارّ وعظم شأن الوزأير ابنه مقلة وآستقل بتد بيرالدولة. وفيها أخرج المنصورّ إسماعيل العبيدي يعقوب بن إسحاق في أسطول من المهديةعدته ثلثون مركبأ حأربًيا إلى ناحأية فرنجة ففتح مدينة جنوة ومروا بجزيرة سردانية فأوقعوا بأهلها وسبوا وأحأرقوا عدة مراكب وقتلوا رّجالها ثم عادوا بالغنائم إلى المهدية. وفيها في جمادى الولى هبت رّيح عظيمة ببغداد وآسودت الدنيا وأظلمت من العصر إلى المغرب برعد وبرق. وفيها في ذي القعدة آنقضت النجوم سائرالليل آنقضاضا عظي مثله وفيها غل ًما مارّئي السعر ببغداد حأتى بيع كر القمح بمائة وعشرين دينارّا والشعير بتسعين دينارّا وأقام الناس أياما ل يجدون القمح فأكلوا خبزالذرّة والدخن والعدس. وفيها توفي إبراهيم بن حأماد بن إسحاق الشيخ أبو إسحاق الزألي المحدث الصوفي سمع خلقا كثيرا وكان زأاهدا عابدا وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن زأيد الواسطي المتكلم. وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بن حأبيب بن المهلب بن أبي صفرة أبو عبد الله الزأدي العتكي الواسطي النحوي ويعرف بنفطويه ولد بواسط سنة أرّبعين ومائتين وقيل سنة خمسين ومائتين وكان إمام عصره في النحو والدب وغيرهما وعن شعره قوله: أحأب من الخوان كل مواتي وكل غضيض الطرف عن عثراتي يطاوعني في كل أمرأرّيده ويحفظني حأيا وبعد وفاتي وهجاه أبو عبد الله محمد بن زأيد الواسطي المتكلم فقال: من سره أل يرى فاس ًقا فليجتهدأليرى نفطويه وفيها توفي أحأمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالدبن برمك أبو الحسن النديم الشاعر المشهورّ البرمكي ويعرف بجحظة ولد في شعبان سنة أرّبع وعشرين ومائتين كان فاضًل صاحأب فنون وأخبارّ ونوادرّ ومنادمة وهومن ذرّية البرامكة وجحظة بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الظاء المعجمة وبعدها هاء هولقب غلب عليه لقبه به عبد الله بن المعتز وكان كثير الدب عارّفا بالنحو واللغة وأما صنعة الغناء فلم يلحقه فيها أحأد في زأمانه ومن شعره: فقلت لها بخلت علي يقظى فجودي في المنام لمستهام فقالت لي وصرت تنام أي ًضا وتطمع أن أزأورّك في المنام وكتب إليه الوزأير ابن مقلة مرة بصلة فمطله الجهبذ فكتب إليه جحظة المذكورّيقول: إذا كانت صلتكم رّقا ًعا تخالط بالنامل والكف ولم تجد الرقاع علي نفعا فها خطي خذوه بألف ألف وفيها توفي محمد بن إبراهيم بن عبدويه الشيخ أبو عبد الله الهذلي من ولدعبد الله بن مسعود رّضي الله عنه ولد بنيسابورّ ورّحأل في طلب العلم وصنف الكتب وخرج حأا ًجا فأصابه جراح في نوبة القرمطي ورّد إلى الكوفة فمات بها. الذين ذكرالذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوطالب أحأمد بن نصر البغدادي الحافظ وإبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي نفطويه وإسماعيل بن العباس الورّاق وأبونعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الستراباذي وأبو عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وست عشرة إصب ًعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وسبع عشرة إصب ًعا M0لية محمد بن طغج الخشيذ الثانية الخشيذ محمد بن طغج بن جف الفرغاني وليها ثانيا من قبل الخليفة الراضي بالله محمد على الصلة والخراج بعد عزل المير أحأمد بن كيغلغ عنها بعد أمورّ وقعت تقدم ذكر بعضها في ترجمة ابن كيغلغ ودخل الخشيذ هذا إلى مصر أميراعليها بعد أن سلم المير أحأمد بن كيغلغ في يوم الخميس لست بقين من شهررّمضان وقال صاحأب البغية لخمس بقين من شهررّمضان سنة ثلث وعشرين وثلثمائة وأقرعلى شرطته سعيد بن عثمان ثم ورّدعليه بالديارّالمصرية أبوالفتح الفضل بن جعفربن محمد بالخلع من الخليفة الراضي بالله بوليته على مصر فلبسها وقبل الرّض ورّسم الخليفة الراضي بالله بأن يزاد في ألقاب المير محمد هذا الخشيذ في شهر رّمضان سنة سبع وعشرين وثلثمائة وقد تقدم ذكرذلك في ولايته الولىعلى مصر وما معنىالخشيذ فزيد في ألقابه ودعي له بذلك علىمنابر مصر وأعمالها. ثم وقع بين الخشيذ هذا وبين أصحاب أحأمدبن كيغلغ فتنة وكلم أدى ذلك للقتال والحرب ووقع بينهما قتال فانكسر في آخره أصحاب آبن كيغلغ وخرجوا من مصر على أقبح وجه وتوجهوا إلى برقة ثم خرجوا من برقة وصارّوا إلى القائم بأمرالله بن المهدي عبيد الله العبيدي بالمغرب حأرضوه على أخذ مصر وهونواعليه امرها وكان في نفسه من ذلك شيء فجهز إليها الجيوش لخذها وبلغ محمد بن طغج الخشيذ ذلك فتهيأ لقتالهم وجمع ے إلىالسكندرّية والصعيد. وبينما هو في ذلك إذ ورّد عليه كتاب الخليفة يعرفه بخروج محمد بن رّائق ولما بلغه حأركة محمد بن رّائق ومجيئه إلى الشامات عرض الخشيذ عساكره وجهز جيشا في المراكب لقتال آبن رّائق ثم خرج هوبعد ذلك بنفسه في المحرم سنة ثماني وعشرين وثلثمائة وسارّمن مصر بعد أن آستخلف أخاه الحسن بن طغج على مصر حأتى نزل الخشيذ بجيوشه إلى الفرما وكان محمد بن رّائق بالقرب منه فسعى بينهما الحسن بن طاهربن يحيىالعلوي في الصلح حأتى تم له ذلك وأصطلحا وعاد الخشيذ إلى مصرفي مستهل جمادى الولى من سنة ثمان وعشرين وثلثمائة. وبعد قدوم الخشيذ إلى مصرآنتفض الصلح وسارّ محمد بن رّائق من دمشق في شعبان من السنة إلى نحو الديارّ المصرية وبلغ ذلك الخشيذ فتجهز وعرض عساكره وأنفق فيهم وخرج بجيوشه من مصر لقتال محمد بن رّائق في يوم سادس عشرشعبان وسارّكل منهما بعساكره حأتى التقيا بالعريش وقال أبوالمظفر في مرآة الزمان باللجون فكانت بينهما وقعة عظيمة انكسرت فيها ميمنة الخشيذ وثبت هو في القلب ثم حأمل هو بنفسه ًرا منهم وأمعن في قتلهم وأسرهم على أصحاب محمد بن رّائق حأملة شديدة فأسر كثي وقتل أخوه الحسين بن طغج في الحرب وأفترق العسكران وعاد كل واحأد إلى محل إقامته فمضى ابن رّائق نحو الشام وعاد الخشيذ إلى الرملة بخمسمائة أسير ثم تداعيا إلى الصلح وكان لما قتل الحسين بن طغج أخو الخشيذ في المعركة عز ذلك على محمد بن رّائق وأخذه وكفنه وحأنطه وأنفذ معه آبنه مزاحأما إلى الخشيذ وكتب معه كتاًبا يعزيه فيه ويعتذرّ إليه ويحلف له أنه ما أرّاد قتله وأنه أرّسل آبنه مزاحأما إليه ليفتديه بالحسين بن طغج إن أحأب الخشيذ ذلك فاستعاذ الخشيذ بالله من ذلك واستقبل مزاحأما بالرحأب والقبول وخلع عليه وعامله بكل جميل ورّده إلى أبيه وآصطلحا على أن يفرج محمد بن رّائق للخشيذ عن الرملة ويحمل إليه الخشيذ في كل سنة مائة وأرّبعين ألف دينارّ ويكون باقي الشام في يد ابن رّائق وأن كل امنهما يفرج عن أسارّى الخر فتم ذلك. وعاد الخشيذ إلى مصر فدخلها لثلث خلون من المحرم سنة تسع وعشرين وثلثمائة وعاد محمد بن رّائق إلى دمشق فلم تطل مدة الخشيذ بمصر إل وورّد عليه الخبر من بغداد بموت الخليفة الراضي بالله في شهر رّبيع الخر من السنة وأنه بويع أخوه المتقي بالله إبراهيم بن المقتدرّجعفر بالخلفة وكان ورّود هذا الخبر على الخشيذ بمصر في شعبان من السنة وأن المتقى أقر الخشيذ هذا علىعمله بمصر فآستمر الخشيذ علىعمله بمصر بعد ذلك مدة طويلة إلى أن قتل محمد بن رّائق في قتال كان بينه وبين بني حأمدان بالموصل في سنة ثلثين وثلثمائة فعند ذلك جهز الخشيذ جيوشه إلى الشام لما بلغه قتل محمد بن رّائق ثم سارّ هو بنفسه لست خلون من شوال سنة ثلثين وثلثمائة المذكورّة واستخلف أخاه أبا المظفر الحسن بن طغج على مصر وسارّالخشيذ حأتى دخل دمشق وأصلح أمورّها وأقام بها مدة ثم خرج منها عائدا إلى الديارّ المصرية حأتى وصلها في ثالث عشر جمادى الولى سنة إحأدى وثلثين وثلثمائة ونزل البستان الذي يعرف الن بالكافورّي داخل القاهرة ثم آنتقل بعد أيام إلى دارّه وأخذ البيعة علىالمصريين لبنه أبي القاسم أنوجورّوعلى جميع القواد والجند وذلك في آخر ذي القعدة. وبعد مدة بلغ الخشيذ مسير الخليفة المتقي بالله إلى بلد الشام ومعه بنو حأمدان فخرج الخشيذ من مصر وسارّ نحو الشام لثمان خلون من شهر رّجب سنة أثنتين وثلثين وثلثمائة واستخلف أخاه أبا المظفر الحسن بن طغج على مصر ووصل دمشق ثم سارّحأتى وافى المتقي بالرقة فلم يمكن من دخولها لجل سيف الدولة علي بن حأمدان ثم بان للخليفة المتقي من بني حأمدان الملل والضجر منه فراسل توزأون واستوثق منه ثم آجتمع بالخشيذ هذا وخلع عليه وأهدى إليه الخشيذ تحفا وهدايا وأموال وبلغ الخشيذ مراسلة توزأون فقال الخليفة يا أمير المؤمنين أناعبدك وآبن عبدك وقدعرفت التراك وغدرّهم وفجورّهم فالله في نفسك سرمعي إلى الشام ومصرفهي لك وتأمن على نفسك فلم يقبل المتقي ذلك فقال له الخشيذ فأقم هنا وأنا أمدك بالموال والرجال فلم يقبل منه أي ًضا ثم عدل الخشيد إلىالوزأيرآبن مقلة وقال له سر معي فلم يقبل ابن مقلة أي ًضا مراعاة للخليفة المتقي وكان آبن مقلة بعد ذلك يقول يا ليتني قبلت نصح الخشيذ ثم سلم الخشيذ على الخليفة ورّجع إلى نحو بلده حأتى وصل إلى دمشق فأمرعليها الحسين بن لؤلؤ فبقي ابن لؤلؤعلى إمرة دمشق سنة وأشهرا ثم نقله الخشيذ إلى نيابة حأمص وولىعلى دمشق يأنس المؤنسي وعاد الخشيذ إلى الديارّالمصرية ودخلها لرّبع خلون من جمادى الولى سنة ثلث وثلثين وثلثمائة ونزل بالبستان المعروف بالكافورّي علىعادته فلم تكن مدة إل وورّدعليه الخبربخلع المتقي من الخلفة وتولية المستكفي وذلك لسبع خلون من جمادى الخرة من السنة وأن الخليفة المستكفي أقر الخشيذ هذا على وليته بمصر والشأم على عادته. ثم وقع بين الخشيذ وبين سيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان وحأشة وتأكدت إلىأول سنة أرّبع وثلثين وثلثمائة ثم آصطلحا على أن يكون لسيف الدولة حألب وأنطاكية وحأمص ويكون ثم وقع أي ًضا بين الخشيذ وبين سيف الدولة ثانيا وجهزالخشيذ الجيوش لحربه وعلى الجيوش خادمه كافورّ الخشيذي وفاتك الخشيذي ثم خرج الخشيذ بعدهما من مصر في خامس شعبان سنة ثلث وثلثين وثلثمائة وآستخلف أخاه أباالمظفرالحسن بن طغج على مصر وسارّ الخشيذ بعساكره حأتى لقي سيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان بقنسرين وحأارّبه فكسره وأخذ منه حألب ثم بلغه خلع المستكفي من الخلفة وبيعة المطيع لله الفضل في شوال سنةأرّبع وثلثين وثلثمائة وأرّسل المطيع إلى الخشيذ باستقرارّه على عمله بمصر والشام فعاد الخشيذ إلى دمشق فمرض بها ومات في يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة أرّبع وثلثين وثلثمائة وولي بعده آبنه أبو القاسم أنوجورّ بآستخلف أبيه له فكانت مدة ولية الخشيذ على مصر في هذه المرة الثانية إحأدى عشرة سنة وثلثة أشهر ويومين. والخشيذ بكسر الهمزة وسكون الخاء المعجمة وكسر الشين المعجمة وبعدها ياء ساكنة مثناة من تحتها ثم ذال معجمة وتفسيره بالعربي ملك الملوك وطغج بضم الطاء المهملة وسكون الغين المعجمة وبعدها جيم وجف بضم الجيم وفتحها وبعدها فاء مشددة. ًما حأازأما متيقظا حأسن التدبير عارّفا وكان الخشيذ ملكا شجاعأ مقدا بالحروب مكرما للجند شديد البطش ذا قوة مفرطة ل يكاد أحأد يجرقوسه وله هيبةعظيمة في قلوب الرعية وكان متجمل في مركبه وملبسه وكان موكبه يضاهي موكب الخلفة وبلغت عدة مماليكه ثمانية آلف مملوك وكان عدة جيوشه أرّبعمائة ألف وكان قوي التحرزأعلى نفسه وكانت مماليكه تحرسه بالنوبة عندما ينام كل يوم ألف مملوك ويوكل الخدم بجوانب خيمته ثم ليثق بأحأد حأتى يمضي إلى خيمة الفراشين فينام فيها وعاش ستين سنة وخلف أولدا ملوكا وهوأستاذ كافورّ الخشيذي التي ذكره قال الذهبي وتوفي بدمشق في ذي الحجة عن ست وستين سنة ونقل فدفن ببيت المقدس الشريف ومولده ببغداد وقال آبن خلكان ولم يزل في مملكته وسعادته إلىأن توفي في الساعة الرابعة يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة أرّبع وثلثين وثلثمائة انتهى. السنة الثانية من ولية الخشيذ محمد بن طغج على مصر. وقد تقدم أنه حأكم في السنة الماضية على مصر من شهررّمضان سنة ثلث وعشرين وثلثمائة فتكون سنة أرّبع وعشرين وثلثمائة هذه هي الثانية من ولايته ولعبرة بتكملة السنين. فيهاأعني سنة أرّبع وعشرين وثلثمائة قطع محمد بن رّائق الحمل عن بغداد واحأتج بكثرة كلف الجيش عنده وفيها توفي هارّون بن ے المطيع لله وحأزن عليه أخوه الخليفة وآغتنم له وأمر بنفي الطبيب بختيشوع بن يحيى وآتهمه بتعمد الخطأ في علجه وفيها في شهر رّبيع الول أطلق من الحبس المظفر بن ياقوت وحألف للوزأيرعلى المصافاة وفي نفسه الحقد عليه لنه نكبه ونكب أخاه محمدا ثم أخذ يسعى في هلكه ول زأال يديرعلى الوزأير ابن مقلة حأتى قبض عليه وأحأرقت دارّه وهذه المرة الثالثة وآستوزأرّعوضه عبد الرحأمن بن عيسى وهوأخو الوزأيرعلي بن عيسى برغبة أخيه عن الوزأارّة وكان آبن مقلة قد أحأرق دارّ سليمان بن الحسن وكتبوا على دارّه: أحأسنت ظنك باليام إذ حأسنا ولم تخف سوء ما يجري به القدرّ وسالمتك الليالي فآغتررّت بهاوعند صفو الليالي يحدث الكدرّ ثم وقع بعد ذلك أمورّ يطول شرحأها وقبض الراضي على الوزأيرعبد الرحأمن بن عيسى وعلى أخيه علي بن عيسى لعجزه عن القيام بالكلف وآستوزأرّ أباجعفر محمد بن القاسم الكرخي وسلم آبني عيسى للكرخي فصادرّهما برفق فأدى كل واحأد سبعين ألف دينارّ ثم عجزالكرخي أي ًضا فاستوزأرّالراضي عوضه أبا القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد فكان سلمان في العجز بحال الكرخي وزأيادة فدعت الضرورّة أن الراضي كاتب محمد بن رّائق وآستقدمه وقلده جميع أمورّ الدولة وبطل حأينئذ أمرالوزأارّة والدواوين وبقي آسم الوزأارّة ل غيروتولى الجميع محمد بن وفيها كان الوباء العظيم بأصبهان وبغداد وغلت السعارّ. وفيها سارّالدمستق بجيوش الروم إلىأمد وسميساط فسارّإليه سيف الدولة بن حأمدان وهذا أول مغازأيه وحأارّبه ووقع له معه أمورّحأتى ملك الدمستق سميساط وأمن أهلهاوكان الحسن أخو سيف الدولة قد غلب على الموصل وآستفحل أمره. وفيهاعاثت العرب من بني ے ديارّرّبيعة ومضر وشنوا الغارّات وقطعوا السبل وخلت المدائن من القوات لضعف أمرالخلفة لن الخليفة الراضي صارّ مع ابن رّائق كالمحجورّعليه والسيرفي يده والمركله لبن رّائق وفيها توفي أحأمد بن موسى بن العباس الشيخ أبو بكرالمقرىء البغدادي المام العلمة مولده في سنة خمس وأرّبعين ومائتين وكان إمام القراء في زأمانه وله مشارّكة في فنون. وفيها توفي الحسن بن محمد بن أحأمد الشيخ أبو القاسم السلمي الدمشقي ويعرف بابن برغوث رّوى عن صالح ابن المام أحأمد بن حأنبل قصة الشعر. وفيها توفي صالح بن محمد بن شاذان الشيخ أبو الفضل الصبهاني الحافظ المحدث رّحأل إلى البلد وسمع الكثيرثم توجه إلى مكة فمات بها في شهر رّجب من السنة. وفيها توفي عبد الله بن أحأمد بن محمد بن المغلس أبو الحسن الفقيه الظاهري أخذ الفقه عن أبي وفيها توفي محمد بن الفضل بن عبد الله الشيخ أبوذرّالتميمي الشافعي فقيه جرجان ورّئيسها. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن زأياد بن واصل بن ميمون الحافظ أبو بكر النيسابورّي الفقيه الشافعي مولى آل عثمان بن عفان رّضي الله عنه قال الدرّارّقطني مارّأيت أحأفظ منه ومولده في سنة ثمان وثلثين ومائتين ومات في رّابع شهر رّبيع الخر. وفيها توفي علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلل بن أبي بردة بن أبي موسى بن عبد الله بن قيس الشعري البصري المتكلم أبو الحسن صاحأب التصانيف في الكلم والصول والملل والنحو ومولده سنة ستين ومائتين وكان معتزليا ثم تاب وفيها كان الطاعون العظيم بأصبهان ومات فيه خلق كثير وتنقل في عدة بلد الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوعمروأحأمدبن بقي بن مخلد وجحظة النديم أحأمدبن جعفربن موسى البرمكي وأبو بكرأحأمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقرىء وأبو الحسن عبد الله بن أحأمد المغلس البغدادي الداودي إمام أهل الظاهرفي زأمانه وأبو بكرعبد الله بن محمد بن زأياد النيسابورّي وأبو القاسم عبد الصمد بن سعيد الحمصي وأبو الحسن علي بن إسماعيل الشعري المتكلم وعلي بن عبد الله بن المبشر الواسطي وأبو القاسم علي بن محمد بن كاس النخعي الكوفي الحنفي قاضي دمشق أمرالنيل في هذه السنة الماء القديم أرّبع أذرّع السنة الثالثة من ولية الخشيذ وهي سنة خمس وعشرين وثلثمائة فيها لم يحج أحأد من العراق خوفا من القرمطي. وفيها ظهرت الوحأشة بين محمد بن رّائق وبين أبي عبد الله البريدي. وفيها وافىأبو طاهر القرمطي الكوفة فدخلها في شهررّبيع الخرفخرج ابن رّائق في جمادى الولى وعسكر بظاهر بغداد وسير رّسالته إلى القرمطي فلم تغن شيًئا. وفيها استوزأرّالراضي أبا الفتح بن جعفر بن الفرات بمشورّة آبن رّائق وكان أبن الفرات بالشام فأحأضروه. وفيها أسس أمير الند لس الناصرلدين الله الموي مدينة الزهراء وكان منتهى النفاق في بنائها كل يوم ماليحد كان يدخل فيها كل يوم من الحجر المنحوت ستة آلف صخرة سوى الجروغيره وحأمل إليها الرخام من أقطارّالغرب ودخل فيها أرّبعة آلف وثلثمائة سارّية وأهدى له ملك الفرنج أرّبعين سارّية رّخام وجلب إليها الرخام البيض من المرية والمجزع من رّية وأما الورّدي والخضر فمن إفريقية والحوض المذهب جلب من قسطنطينية والحوض الصغيرعليه صورّة أسد وصورّة غزال وصورّة عقاب وصورّة ثعبان وغير ذلك والكل بالذهب المرصع بالجوهر وبقوا في بنائها ست عشرة سنة وكان ينفق عليها ثلث دخل الندلس وكان دخل الندلس يومئذ خمسة الف ألف وأرّبعمائة ألف وثمانين ألف دينارّ ومن المستخلص والسواق سبعمائة وخمسة وستون ألف دينارّ وبين هذه المدينة أعني الزهراء وبين قرطبة أرّبعة أميال وأطوالها ألف وستمائة ذرّاع وعرضها ألف وسبعون ذرّاعا ولم يبن في السلم أحأسن منها لكنها صغيرة بالنسبة إلى المدائن وكان بسورّها ثلثمائة برج وعمل ثلثها قصورّا للخلفةوثلثها للخدم وثلثها الثالث بساتين وقيل إنه عمل فيها بحرة ملها بالزئبق وقيل إنه كان يعمل فيها ألف صانع مع كل صانع اثنا عشرأجيرا وقد أحأرقت هذه المدينة وهدمت في حأدود سنة أرّبعمائة وبقيت رّسومها وسورّها. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن حأسن أبوحأامد الشرقي النيسابورّي الحافظ الحجة تلميذ مسلم سمع الكثيروصنف الصحيح وكان أوحأد عصره ورّوى عنه غيرواحأد ومات في شهررّمضان وصلىعليه أخوه عبد الله. وفيها توفي الميرعدنان ابن المير أحأمد بن طولون قدم بغداد وحأدث بها عن الربيع بن سليمان المزني وقدم دمشق أي ًضا وحأدث بها وكان ثقة صالحا رّضي الله عنه وفيها توفي موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان أبومزاحأم كان أبوه وزأيرالمتوكل وكان موسى هذا ثقة خيرا من أهل الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوحأامد أحأمد بن محمد بن حأسن الشرقي وأبوإسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي وأبوالعباس محمد بن عبد الرحأمن ومكي بن عبدان التميمي وأبومزاحأم موسى بن عبيد الله الخاقاني. أمر النيل في هذه السنة. الماء القديم أرّبع أذرّع وست عشرة إصب ًعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّاعا وست عشرة إصب ًعا . السنة الرابعة من ولية الخشيذ وهي سنة ست وعشرين وثلثمائة فيها سارّ أبو عبد الله البريدي لمحارّبة بجكم بعد أن آستعان البريدي بالميرعلي بن بويه فبعث علي بن بويه معه أخاه أبا الحسين أحأمد بن بويه وأما البريديون فهم ثلثة أبو عبد الله وأبو الحسين وأبو يوسف كانوا كتاباعلى البريد وفيها قطعت يد الوزأير ابن مقلة الكاتب المشهورّ ثم قطع لسانه ومات في حأبسه وسببه أن ابن رّائق لما وصل إليه التدبير كتب ابن مقلة إلى بجكم يطمعه في الحضرة وبلغ ابن رّائق وأظهر الخليفة أمره وآستفتى القضاة فيقال إنهم أفتوا بقطع يده ولم يصح ذلك فأخرجه الراضي إلى الدهليز وقطع يده بحضرة المراء وحأبس ابن مقلة واعتل فلما قرب بجكم من بغداد قطع آبن رّائق لسانه أي ًضا وبقي في الحبس إلى أن مات حأسبما يأتي ذكره. وفيها ورّد كتاب ملك الروم إلى الراضي وكانت الكتابة بالرومية بالذهب والترجمة العربية بالفضة وعنوانه من رّومانس وقسطنطين وإسطفانس عظماء ملوك الروم إلى الشريف البهي ضابط سلطان المسلمين. باسم الب والبن ورّوح القدس الله الواحأد الحمد لله ذي الفضل العظيم الرؤوف بعباده الجامع للمفترقات والمؤئف للمم المختلفة في العداوة حأتى يصيروا واحأدا وحأاصل الكتاب أنه أرّسل بطلب الهدنة فكتب إليهم الراضي بإنشاء أحأمد بن محمد بن جعفربن ثوابة بعد البسملة. من عبد الله أبي العباس المام الراضي بالله أميرالمؤمنين إلى رّومانس وقسطنطين وإسطفانس رّؤساء الروم سلم على من اتبع الهدى وتمسك بالعروة الوثقى وسلك سبيل النجاة والزلفى ثم أجابهم إلى ماطلبوا. وفيها قلد الخليفة الراضي بجكم إمارّة بغداد وخراسان وابن رّائق مستتر. وفيها كانت ملحمة عظيمة بين الحسن بن عبد الله بن حأمدان وبين الدمستق ونصر الله السلم وهرب الدمستق وقتل من ناصريه خلئق وأخذ سرير الممستق وصليبه. وفيها توفي إبراهيم بن داود أبوإسحاق الرقي كان من جلة مشايخ دمشق وله كرامات وأحأوال وفيها توفي عبد الله بن محمد بن سفيان أبوالحسين الجزارّالنحوي كان له التصانيف في علوم القرآن وغيرها. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوذأحأمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن الباغندي وعبد الرحأمن بن أحأمدبن محمد بن الحجاج بن رّشدين ومحمد بن زأكرياء بن القاسم المحارّبي. أمر النيل في هذه السنة. الماء القديم خمس أذرّع وأرّبع أصابع. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وعشرأصابع. السنة الخامسة من ولية الخشيد وهي سنة سبع وعشرين وثلثمائة: فبها سافر الراضي وبجكم لمحارّبة الحسن بن عبد الله بن حأمدان وكان قدأخرالحمل عما ضمنه من الموصل والجزيرة فأقام الراضي بتكريت ثم التقى بجكم وآبن حأمدان وانهزم أصحاب بجكم وأسر بعضهم فحنق بجكم وحأمل بنفسه فانهزم أصحاب ابن حأمدان وأتبعه بجكم إلى أن بلغ نصيبين وهرب ابن حأمدان إلى آمد ثم آصطلحا بعد ذلك وصاهر بجكم الحسن بن حأمدان المذكورّ. وفيها مات الوزأيرأبوالفتح الفضل بن جعفربن الفرات بالرملة. وفيها آستوزأرّ الراضي أبا عبد الله أحأمد بن محمد البريدي أشارّعليه بذلك ابن شيرزأاد وقال نكفى شره فبعث الراضي قاضي القضاة أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف إليه بالخلع والتقليد. وفيها كتب أبو علي عمربن يحيى العلوي إلى القرمطي وكان يحبه أن يطلق طريق الحاج ويعطيه عن كل حأمل خمسة دنانير فأذن وحأج بالناس وهي أول سنة أخذ فيها المكس من الحجاج. وفيها توفي عبد الرحأمن بن محمد بن إدرّيس أبو محمد بن أبي حأاتم الرازأي الحافظ ابن الحافظ كان إماما صنف " الجرح والتعديل قال أحأمد بن عبد الله النيسابورّي: كنا عنده وهويقرأ علينا الجرح والتعد يل الذي صنفه فدخل يوسف بن الحسين الرازأي فجلس وقال: يا أبا محمد ما هذا فقال: الجرح والتعد يل قال: وما معناه قال: أظهر أحأوال العلماء من كان ثقة ومن كان غير ثقة فقال له يوسف أما استحييت من الله تعالى تذكر أقواما قد حأطوا رّواحألهم في الجنة أو عند الله منذ مائة سنة أو مائتي سنة تغتابهم فبكى عبد الرحأمن وقال يا أبا يعقوب والله لوطرق سمعي هذا الكلم قبل أن أصنفه ما صنفته وارّتعد وسقط الكتاب من يده ولم يقرأ في ذلك المجلس قلت: فلورّأى الشيخ يوسف كلم الخطيب في تارّيخ بغداد وهويقع في حأق العلماء العلم الزهاد بكلم يخرجهم من السلم بذلك اللسان الخبيث فما كان يفعل به. و فيها توفي محمد بن جعفربن محمد أبو بكر الخرائطي من أهل سرمن رّأى وكان عالما ثقة جيد التصانيف متفننا رّضي الله عنه الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو علي الحسين بن القاسم الكوفي وعبد الرحأمن بن أبي حأاتم الرازأي في المحرم وأبو بكر محمد بن جعفر السامري الخرائطي أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة أرّبع عشرة ذرّاعا وإحأدى وعشرون إصب ًعا. السنة السادسة من ولية الخشيذ وهي سنة ثمان وعشرين وثلثمائة: فيها ورّد الخبر إلى بغداد بأن سيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان هزم الدمستق وفيها خرج بجكم إلى الجبل وعاد. وفيها غرقت بغداد غرقا عظيما بلغت الزيادة تسع عشرة ذرّاعا وأنبثق بثق من نواحأي النبارّ فآجتاح القرى وغرق من الناس والسباع والبهائم ما ل يحصى ودخل الماء إلى بغداد من الجانب وفيها تزوج بجكم بسارّة بنت الوزأير أبي عبد الله البريدي. وفيها في شعبان توفي قاضي القضاة أبوالحسين عمربن محمد بن يوسف وقلد مكانه ابنه القاضي أبو نصريوسف. وفيها فسد الحال بين بجكم وبين الوزأير أبي عبد الله البريدي بعد المصاهرة لمورّ صدرّت فعزل بجكم الوزأير المذكورّ وآستوزأرّ مكانه أبا القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد وخرج بجكم إلى واسط. وفي شهر رّمضان ملك محمد بن رّائق حأمص والشام إلى الرملة وإلى العريش ووقع بينه وبين الخشيذ وقعة انهزم فيها الخشيذ قلت: هي الوقعة التي ذكرناها في ترجمة الخشيذ. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن عبدرّبه بن حأبيب أبوعمر الموي مولى هشام بن عبد الرحأمن الداخل الموي الندلسي القرطبي صاحأب كتاب العقد الفريد في الخبارّ ولد سنة ست وأرّبعين ومائتين وكان أديب الندلس وفصيحها مدح ملوك الندلس وكان صدوقا ثقة وهو القائل: الجسم بلد والروح في بلد يا وحأشة الروح بل يا غربة الجسد إن تبك عيناك لي يا من كلفت به من رّحأمة فهما سهماك في كبدي وله: خود سقتني كأس الموت أعينها ماذا سقتنيه تلك العين الحورّ إذا آبتسمن قدرّ الثغر منتظم وإن نطقن فدرّ اللفظ منثورّ وفيها توفي الحسن بن أحأمد بن يزيد أبو سعيد الصطخري شيخ الشافعية سمع الكثير وحأدث وبرع في الفقه وغيره ومات في جمادى الخرة. وفيها توفي محمد بن أحأمد بن أيوب بن الصلت أبو الحسن المقرىء المشهورّ المعروف بآبن شنبود وقد تقدم ذكر واقعته مع الوزأير ابن مقلة في سنة ثلث وعشرين وثلثمائة قرأ ابن شنبود على أبي حأسان محمد بن أحأمد العنبري وإسماعيل بن عبد الله النحاس والزبيربن محمد بن عبد الله العمري المدني صاحأب قال ومع الحديث أي ًضا من جماعة وقرأ القرآن ببغداد سنين قرأ عليه خلئق وكان قد تخير لنفسه شواذ قراءة كان يقرأ بها في المحراب حأتى فحص أمره وقبض عليه في سنة ثلث وعشرين وثلثمائة ووقع له ما حأكيناه مع ابن مقلة. ّي الث َق ِفيئ وفيها تو ّفي محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحأمن بن عبد الوهاب أبوعل َ سَتان لد ال َحخاج بن يوسف ّْيسابورّفي الزاهد الواعظ الفقيه هومن وَ ُولد ب ُقوهِ ْ الن الث َق ِفي سنة أرّبع وأرّبعين ومائتين وس ِمع الحديث في كَِبره من جماعة ورّ َوى عنه آخرون وكان ّي أ ْعجوب َة زأمانه وفيها تو ّفي محمد بن عل ُ ُم ْقلة أبوعلي الوزأير كبير الشأن بن الحسن بن صاحأب الخط المنسوب ولي بع َض أعمال فارّس ثم وزأرّ للمقت ِدرّ سنة ست عشر َة و َبض عليه وصادرّه وحأَبسه عامين ثم وزأرّ بعد ذلك ثانًيا وثالًثا لعدة خلفاء ووقع ثلثمائة ثم قَ له حأوادث و ِم َحن حأّتى ُقطعت يده ولساُنه و ُحأِ حأتى مات. بس ًرا منذ توفي القاسم بن عبيد الله أحأسن قال ال حأرك ًة ول أظر َف ّصولي: مارّأيت وزأي ًما ول إشارّ ًة ول أمل َح خ ًطا ول أكث أقص َد بلغة ول آخ َذ بقلوب الخلفاء َر ِحأ ْف ًظا ول أسل َط قل من محمد بن علي يعني ابن ُم ْقلة. قال: وله بعد هذا كله ِعْلم بالعراب وحأفظ اللغة. ُم ْقلة لم َكب أبو الحسن بن ال ُفرات أبا ّي بن وقال محمد بن إسماعيل الكاتب: لما نَ عل َ أدخل إليه في حأبسه ول كاتبته خو ًفا من ابن ال ُفرات فلما طال رى أمره كتب إلي يقول: تُ ُس ْن ِلي أم ال ِقرطا ِب تْ ُب الخلء بينهم أ لنا ُحأرم ْت كُ أصب َح غاليا فماكان لوساءلتنا كيف حأاُ ُمرا ِعيَاَ ْكبة هي ما هيا صدي ُقك وقد دَهَ َمتَْنا نَ َمن رّاعاك عند شديدة وكل تراه في الرخاء َك عدوي ل صديقي ف ُربما تكاد العالحي ير َحأمون العاديا 6 وأنفذ في طيئ الورّقة فهَبْ ْلوى ورّقة إلى الوزأير فيها: أمسك ُت - أطال الله بقاء الوزأير - عن الشكوى حأتى تناهت البَ ُت في النفس والمال والجسم والحال إلى ما فيه ِشفاء للمنتقم وتقويم للمجترم أفضي ُ إلى ال َحْيرة ه ْتكة والتشرد وما أبداه الوزأير الله - في أمري إل بحق لد وعيالي إلى ال ّ والتب ِر كاذب وعلى كل حأال فلي ذمام و وصحبة و ِخدمة إن كانت الساة واجب وظن غي ف الوزأير ِرعاية الوزأير أيده الله تعالى بحفظه ول مف َز َع إل إلى الله بلطفه و َ أضاعتها كنَ ِف وعطفه فإن رّأى - أطال الله بقاءه أن يل َحظ عب َده بعين رّأفته ويُنْعِ َم بإحأياء مهجته َوى هيد ويجع َل له من معروفه نصيًبا ومن البَلْ وتخِليصها من العذاب الشديد وال َج ْهد ال َج ِ فر ًجا قريًبا ". وفيها تو َفي محمد بن القاسم بن محمد بن بشارّ أبوبكر النَْبا النحوي اللغوي العلمة ِرّيّ ُولد سنة إحأدى وسبعين ومائتين س ِمع الكثير ورّ َوى عنه جماعة كثيرة. وقال أبو عل شاهدا في القرآن َي القالي تلميذه: كان أبو بكر َيحفظ ثلثماثة ألف بيت وفيها توفي أبوالحسن المزَين أحأد مشايخ الصوفية ببغداد كان آسمه فيما قيل علي بن محمد. قال السلمي: ص ِحب ال ُجني َد وسه َل بن عبد الله وأقام مجاوًرّا إلى أن مات وكان من أورّع المشايخ وأحأسنهم حأاًل. وهذا هوأبو الحسن المزّين الصغير وأما أبو الحسن المزين الكبير فبغدادي أي ًضا وله ترجمة تارّيخ السل ِم ّي مختصرة. وفيها توفي المرتعش الزاهد النيسابورّي هوعبد الله بن محمد أصله من محلة الحيرة وصحب أباحأفص والجنيد وكان أحأد مشايخ العراق قال أبو عبد الله الرازأي كان مشايخ العراق يقولون عجائب بغداد في التصوف ثلث إشارّات الشبلي ونكت أبي محمد المرتعش وحأكايات جعفر الخلدي وسئل المرتعش: بماذا ينال العبد المحبة لموله قال: بموالة أولياء الله ومعاداة أعدائه. وقيل له: إن فلنا يمشي على الماء فقال: عندي أن من يمكنه الله من مخالفة هواه أعظم من المشي على الماء. أمر النيل في هذه السنة. الماء القديم ئلث أذرّع وخمس أصابع مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّاعا وست أصابع. السنة السابعة من ولية الخشيذ وهي سنة تسع وعشرين وثلثمائة: فيها آستكتب بجكم أبا عبد الله الكوفي وعزل ابن شيرزأاد عن كتابته وصادرّه. وفيها في صفر وصلت الروم إلى كفرتوثا من أعمال الجزيرة فقتلوا وسبوا. وفيها في شهر رّبيع الول أشتدت علة الراضي وقاء في يومين أرّطال منالدم فأرّسل أباعبد الله الكوفي المذكورّ إلى بجكم يسأله أن يوئي العهد آبنه أبا الفضل وهو الصغر وكان بجكم بواسط ثم وفيها في سابع جمادى الخرة سقطت القبة الخضراء بمدينة المنصورّ وكانت تاج بغداد ومأثرة بني العباس قال الخطيب في تارّيخه إن المنصورّ بناها آرّتفاع ثمانين ذرّاعا وأن تحتها إيوانا طوله عشرون ذرّا ًعا في مثلها وقيل كان عليها مثال فارّس في يده رّمح إذا آستقبل به جهة علم أن خارّجيا يظهر من تلك الجهة فسقط رّأس هذه القبة ليلة ذات مطر وبرد ورّعد. وفيها كان غلء مفرط ووباء عظيم ببغداد وخرج الناس يستسقون ومافي السماء غيم فرجعوا يخوضون في الوحأل وآستسقى بهم أحأمد بن الفضل الهاشمي. وفيها عزل المتقي الوزأير سليمان واستوزأرّ أبا الحسن " أحأمد بن محمد بن ميمون الكاتب ثم قدم أبو عبد الله البريدي يطلب الوزأارّة فأجابه المتقي وكانت وزأارّة آبن ميمون شهر. وفيها قلد الخليفة المتقي إمرة المراء المير كورّتكين الديلمي وقلد بدًرّا الخرشني الحجابة. وفيها توفي أمير المؤمنين الراضي بالله أبو العباس محمد ابن الخليفة جعفر المقتدرّ ابن الخليفة المعتضد أحأمد ابن ولي العهد الموفق طلحة ابن الخليفة المتوكل جعفر ابن الخليفة المعتصم محمد ابن الخليفة الرشيد هارّون ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصورّ عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي البغداي العباسي بويع بالخلفة بعد موت عمه القاهر بالله ومات في منتصف شهر رّبيع الخر وهو ابن إحأدى وثلثين سنة وستة أشهر وبويع بالخلفة كان الراضي فاضل سمحا جوادا شاعرا محبا للعلماء وهوآخر خليفة له شعر مدون وآخر خليفة آنفرد بتدبير الجند وآخر خليفة خطب يوم الجمعة وآخر خليفة جالس الندماء. قال الصولي سئل الراضي أن يخطب يوم جمعة فصعد المنبر بسرمن رّأى فحضرت أنا إسحاق بن المعتمد فلما خطب شنف السماع وبالغ في الموعظة انتهى. قلت: ومن شعر الراضي رّضي الله عنه: كل صفو إلى كدرّ كل أمن إلى حأنر ومصير الشباب للمو - - ت فيه أو الكبر درّ درّ المشيب من واعظ ينذرّ البشر أيها المل الذي تاه في لجة الغررّ أين من كان قبلنا ذهب الشخص والثر رّب فاغفر لي الخط - - يئه خير من غفر وفيها في شوال آجتمعت العامة وتظلموا من الديلم ونزولهم في دورّهم فلم يقع لذلك إنكارّ فمنعت العامة المام من الصلة وكسرت المنبر منعهم الديلم من ذلك فقتل من الفريقين جماعة كثيرة. وفيها آستوزأرّ المتقي القرارّيطي وخلع المتقي على بدرّ الخرشني وقلمه الحجابة وجعله حأاجب الحجاب قلت هذا أول ما سمعنا بمن سمي حأاجب الحجاب ولكن لنعلم هل كان بهذه الكيفية أوغير هذه الصورّة من أنه كبير الحجبة ولعله ذلك. وفيها توفي بجكم التركي المير أبوالخير كان أمير المراء قبل بني بويه وكان عاقل يفهم العربية ول يتكلم بها بل يتكلم بترجمانه ويقول أخاف أن أتكلم فأخطىء والخطأ من الرئيس قبيح وكان عاقل سيو ًسا عارّ ًفا يتولى المظالم بنفسه قال القاضي التنوخي جاء رّجل من الصوفية إلى بجكم فوعظه بالعربية والفارّسية حأتى أبكاه فلما خرج قال بجكم لرجل احأمل معك ألف درّهم وأدفعها إليه فأخذها الرجل ولحقه وأقبل بجكم يقول ما أظنه يقبلها فلما عاد الغلم ويده فارّغة قال بجكم أخذها قال نعم فقال بجكم بالفارّسية كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف. وفيها وقع الحرب بين محمد بن رّائق وبين كورّتكين وانكسر كورّتكين واختفى. وفيها توفي عبد الله بن طاهربن حأاتم أبو بكر البهري كان من أقران الشبلي سئل ما بال النسان يحتمل من معلمه ما ل يحتمل من أبويه فقال لن أبويه سبب لحياته الفانية ومعلمه سبب لحياته الباقية. وفيها توفي العباس بن الفضل بن العباس بن موسى المير أبوالفضل الهاشمي العباسي كان الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي الحسن بن علي أبو محمد البربهارّي شيخ الحنابلة والقاضي أبو محمد عبد الله بن أحأمد بن زأبر وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزأي الحامض والراضي بالله أبوإسحاق محمد بن المقتدرّ في شهر رّبيع الخر عن اثنتين وثلثين سنة وأبو نصر محمد بن حأمدويه المروزأي القارّىء وأبو بكر يوسف بن يعقوب التنوخي ا ل زأرّق أمر النيل في هذه السنة الماء القديم ثلث أذرّع وإحأدى عشرة إصبعا مبلغ الزياده خمس عشرة ذرّاع وثلث عشرة إصب ًعا. السنة الثامنة من ولية الخشيذ وهي سنة ثلثين وثلثمائة: فيها آستوزأرّ الخليفة المتقي أباعبد الله البريدي برأي آبن رّائق لما رّأى آنضمام التراك إليه فاحأتاج إلى مدارّاته. وفيها في ا لمحرم وجد كورّتكين الديلمي في ا لحرب فأحأضر إلى دارّ أبن رّائق فحبسه. وفيها كان الغلء العظيم ببغداد وأبيع كر القمح بمائتي دينارّ وعشرة دنانير وأكلوا الميتة وكثرت الموات على الطرق وعظم البلء وخرج في شهر رّبيع الخر الحرم من قصر الرصافة يستغثن في وفي هذه اليام وصلت الروم إلى حأموص من أعمال حألب وهي على ستة فراسخ من حألب فأخربوا وأحأرقوا وسبوا عشرة آلف نسمة. وفيها ولي قضاء الجانبين ومدينة أبي جعفر القاضي أبو الحسن أحأمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقي التاجر وتعجب الناس من تقليد مثله القضاء. وفيها عزل البريدي وقلد القرارّيطي الوزأارّة. وفيها في جمادى الولى رّكب المتقي ومعه آبنه أبومنصورّ ومحمد بن رّائق والوزأير القرارّيطي والجيش وسارّ بين أيديهم القراء في المصاحأف لقتال البريدي وآجتمع الخلق على كرسي الجسر فثقل بهم وآنخسف فغرق خلق وأمر ابن رّائق بلعن البريدي على المنابر ثم أقبل أبوالحسين علي بن محمد أخو البريدي إلى بغداد وقارّب المتقي وابن رّائق وقاتلهما فهزمهما وكان معه الترك والديلم والقرامطة ودخلوا بغداد وكثر النهب بها وتحصن ابن رّائق بها فزحأف أبو الحسين البريدي على الدارّ وآستفحل الشر ودخل طائفة دارّ الخلفة وقتلوا جماعة وخرج الخليفة المتقي وآبنه هارّبين إلى الموصل ومعهما آبن رّائق واستتر الوزأير القرارّيطي ودخلوا على الحرم ونهبت دارّ الخلفة ووجدوا في السجن كورّتكين الديلمي وأبا الحسن سعيد بن عمرو بن سنجل وعلي بن يعقوب فجيء بهم إلى أبي الحسين فقيد كورّتكين وبعث به الى أخيه بالبصرة وكان آخر العهد به ونزل أبوالحسين دارّ ابن رّائق وقلد الشرطة في الجانب الشرقي لتوزأون ولبي منصورّ نوشتكين الشرطة في الجانب الغربي واشتد القحط ببغداد حأتى أبيع كر القمح بثلثمائة وستة عشر دينارّا ثم وقع بين البريدي وبين توزأون ونوشتكين حأرب ووقع لهم أمورّ وآنصرف توزأون إلى الموصل وانضم إلى ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حأمدان. وفيها كانت وقعة بين التراك والقرامطة فانهزمت القرامطة. وفيها آنضم محمد بن رّائق على الحسن بن عبد الله بن حأمدان المذكورّ ثم وقع بينهما وقتل ابن رّائق قتله أعوان الحسن بن عبد الله بن حأمدان المذكورّ وخلع المتقي على الحسن بن عبد الله بن حأمدان المذكورّ ولقبه بناصرالدولة وعلى أخيه علي ولقبه بسيف الدولة وعاد الخليفة إلى بغداد قلت وهذا أول عظمة بني حأمدان فهم على هذا الحكم أقدم الملوك ولما قدم الخليفة المتقي إلى بغداد ومعه بنو حأمدان هرب منها البريدي إلى واسط بعد أن أقام ببغداد ثلثة أشهر وعشرين يو ًما. وفيها توفي العارّف بالله أبويعقوب إسحاق بن محمد النهرجورّي شيخ الصوفية مات بمكة وكان صحب سهل بن عبد الله والجنيد وغيرهما وكان من كبارّ المشايخ. وفيها توفي المحاملي الزاهد أبو صالح مفلح بن عبد الله الدمشقي صاحأب الدعاء وغيره وإليه وفيها توفي محمد بن رّائق المير أبو بكر وكان من أكابر القواد ولي العمال الجليلة ثم قدم دمشق وأخرج منها بدرّا الخشيذي وأقام بها شهرا ثم توجه إلى مصر والتقى هووالخشيذ وقد ذكرنا ذلك كله مفصل في ترجمة الخشيذ وغيره ثم عاد إلى بغداد فدخلها وخلع عليه المتقي خلعة المارّة وألبسه الطوق والسوارّ وقلده المورّ ثم خرج مع المتقي لحرب ناصرالدولة بن حأمدان وجرت له أمورّ طويلة حأتى قتل بالموصل. قال الصولي أنشدنا المير محمد بن رّائق في فتاة مشرقية: يصفر لوني إذا بصرت به خوفا ويحمر وجهه خجل حأتى كأن الذي بوجنته من دم قلبي إليه قد نقل وفيها توفي نصر بن أحأمد أبو القاسم البصري الخبزأرّزأي الشاعر المشهورّ قدم بغداد وكان يخبز خبزالرّزأ يتكسب بذلك وكان له نظم رّائق وكان أميا ل يتهجى ول يكتب وكان ينشد أشعارّه وهويخبز خبز الرّزأ بمربد البصرة في دكان وكان الناس يزدحأمون عليه لستماع شعره ويتعجبون من حأاله وكان أبو الحسين محمد بن محمد المعروف بابن لنك الشاعر المشهورّ ينتاب دكانه ليستمع شعره وآعتنى به وجمع له ديوانا ومن شعره قوله: خليلي هل أبصرتما أو سمعتما بأكرم من مولى تمشى إلى عبد فما زأال نجم الكأس بيني وبينه يدورّ بأفلك السعادة والسعد فطورّا على تقبيل نرجس ناظر وطوًرّا على تعضيض تفاحأة الخد وله: كم أناس وفوا لنا حأين غابوا وأناس جفوا وهم حأضارّ عرضوا ثم أعرضوا وآستمالوا ثم مالوا وجاورّوا ثم جارّوا ل تلمهم على التجني فلو لم يتجنوا لم يحسن العتذارّ وله: وكان الصديق يزورّ الصديق لشرب المدام وعزف القيان فصارّ الصديق يزورّ الصديق لبث الهموم وشكوى الزمان وله القصيدة الطنانة التي أولها: بات الحبيب منادمي والسكر يصبغ وجنتيه ثم آغتدى وقد آبتدا صبغ الخمارّ بمقلتيه وهي طويلة ومن شعره قوله: ولول التورّد في الوجنتين وما رّاعني من سواد الشعر لكنت أظن الهلل الحبيب وكنت أظن الحبيب القمر أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع ونصف إصبع مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّاعا وثماني أصابع السنة. M0لنة التاسعة من ولية الخشيذ على مصر وهي سنة إحأدى وثلثين وثلثمائة: فيها تزوج أبومنصورّ إسحاق ابن الخليفة المتقي بالله ببنت ناصرالدولة الحسن بن عبد الله بن حأمدان التغلبي الصداق مائتا ألف دينارّ وقيل مائة ألف دينارّ وخمسمائة ألف درّهم. وفيها في صفر وصلت الروم أرّزأن وميافارّقين ونصيبين فقتلوا وسبوا ثم طلبوا منديل من كنيسة الرها يزعمون أن المسيح المسيح به وجهه فآرّتسمت صورّته فيه على أنهم يطلقون جميع من سبوا من المسلمين فآستفتى الخليفة الفقهاء فأفتوا بأن إرّساله مصلحة للمسلمين فأرّسل الخليفة إليهم المنديل وأطلق أسارّى. وفيها ضيق المير ناصرالدولة حأسن بن عبد الله بن حأمدان على الخليفة المتقي في نفقاته وأخذ وفيها وافى المير أحأمد بن بويه يقصد قتال البريدي فاستأمن إليه جماعة من الديلم. وفيها هاج المراء على سيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان بواسط فهرب منهم في البرية يريد بغداد ثم سارّ ناصرالدولة إلى الموصل خائفا لهروب أخيه سيف الدولة ونهبت دارّه واستوزأرّ المتقي أبا الحسين علي بن أبي علي محمد بن مقلة. وفيها سارّ توزأون من واسط وقصد بغداد في شهررّمضان فآنهزم سيف الدولة إلى الموصل أي ًضا فخلع الخليفة المتقي على توزأون ولقبه أمير المراء ثم وقعت الوحأشة بين المتقي وتوزأون فعاد توزأون إلى واسط وفيها نزح خلق كثير من بغداد مع الحجاج إلى الشام ومصرخوفا من الفتنة وفيها ولد لبي طاهر القرمطي ولد فأهدى إليه أبو عبد الله البريمي هدايا عظيمة فيها مهد ذهب مجوهر. وفيها استوزأرّ المتقي الخليفة غير وزأير من هؤلء الحاملين ويعزله فاستوزأرّ أبا العباس الكاتب الصبهاني وكان أبو العباس المذكورّ ساقط الهمة بحيث إنه كان يركب أيام وزأارّته وبين يديه أثنان وما ذلك إل لضعف دست الخلفة ووهن دولة بني العباس. وفيها حأج بالناس القرمطي على مال أخذه منهم. وفيها توفي بدرّ الخرشني وكان قد جرت له أمورّ ببغداد وكان من أكابر القواد ثم سارّ إلى الخشيذ محمد بن طغج أمير مصر أعني صاحأب الترجمة فوله الخشيذ إمرة دمشق فوليها شهرين ومات في ذي القعدة وقد تقدم ذكر بدرّ هذا في عمة أماكن في الحوادث وغيرها. وفيها توفي أبو سعيد سنان بن ثابت المتطبب والد ثابت مصنف التارّيخ وقد أسلم سنان على يد الخليفة القاهر بالله وطبب سنان المذكورّ جماعة من الخلفاء وكان مفتنا في علم الطب وغيره. وفيها توفي محمد بن عبدوس مصنف كتاب الوزأرّاء ببغداد كان فاضل رّئيسا وله مشارّكة في فنون. وفيها توفي محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغاني الصوفي أستاذ أبي بكر الدقاق كان من المجتهدين في العبادة قال الرقي ما رّأيت أحأسن منه ممن يظهر الغنى في الفقر كان يلبس قميصين ورّداء وسراويل ونعل نظيفا وعمامة وفي يده مفتاح وليس له بيت ينطرح في المساجد ويطوي الخمس والست وقال عبد الواحأدبن بكر سمعت الرقي يقول سمعت الفرغاني محمد بن إسماعيل يقول " دخلت الدير الذي بطورّ سيناء فأتاني مطرانهم بأقوام كأنهم نشروا من القبورّ فقال هؤلء يأكل أحأدهم في السبوع مرة يفخرون بذلك فقلت لهم كم صبر مسيحكم هذا قالوا ثلثين يوما وكنت قاعدا في وسط جال ًسا أرّبعين يو ً الدير فلم أزأل ما لم آكل ولم أشرب فخرج إلي مطرانهم فقال: يا الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي حأسن بن سعد الكتافي القرطبي الحافظ ومحمد بن أحأمدبن يعقوب بن شيبة السدوسي ومحمد بن مخلد بن حأفص العطارّ ويعقوب بن عبد الرحأمن الجصاص. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان وست أصابع مبلغ الزيادة تسع عشرة ذرّا ًعا. السنة العاشرة من ولية الخشيذ وهي سنة اثنتين وثلثين وئلثمائة فيها قدم أبوجعفربن شيرزأاد من واسط من قبل توزأون إلى بغداد فحكم على بغداد فخرج الخليفة المتقي إلى تكريت بأولده ومعه الوزأير فقدم عليه سيف الدولة وأشارّ عليه بأن يصعد إلى الموصل ليتفقوا على رّأي فقال المتقي ما على هذا عاهدتموني. ثم حأضر ناصرالدولة بن حأمدان والتقى مع توزأون وآقتتلوا أياما وأرّدفه أخوه ثم آنهزم بنو حأمدان وفروا ومعهم المتقي إلى نصيبين ثم أرّسل المتقي لتوزأون في الصلح فأجاب توزأون إلى الصلح ورّجع الخليفة إلى بغداد بعد أمورّ صدرّت له. وفيها قتل أبو عبد الله البريمي أخاه أبا يوسف ثم مات بعده بيسير. وفيها ولى ناصرالدولة بن حأمدان ابن عمه الحسين بن سعيدبن حأمدان قنسرين والعواصم فسارّ إلى حألب. وفيها كتب المتقي إلى الخشيذ صاحأب مصر أن يحضر إليه فخرج من مصر وسارّ إلى الرقة وقد تقدم ذكر ذلك في أول هذه الترجمة. وفيها قتل حأمدي اللص وكان لصا فاتكا كان ابن شيرزأاد ضمنه اللصوصية ببغداد في الشهر بخمسة وعشرين ألف دينارّ وكان يكبس بيوت الناس بالمشعل والشمع ويأخذ الموال وكان أسكورّج الديلمي قد ولي شرطة بغداد فقبض عليه ووسطه قلت: لعل حأمدي هذا هوالذي يقال له عند العامة في سالف العصارّ أحأمد الدنف. وفيها دخل أحأمد بن بويه واسطا وهرب أصحاب البريدي إلى البصرة. وفيها في شوال عرض لتوزأون صرع وهوعلى سرير الملك فوثب ابن شيرزأاد وأرّخى عليه الستر وقال: قد حأدثت للمير حأمى. وفيها لم يحج أحأد لموت القرمطي. وفيها توفي أحأمدبن محمد بن سعيد بن عبد الرحأمن مولى بني هاشم أبو العباس الكوفي الحافظ المعروف بابن عقدة وهولقب أبيه سمع الكثير حأتى من أقرانه وكان حأافظا مفتنا جمع البواب والتراجم ورّوى عنه الدارّ قطني وغيره. وفيها هلك الخبيث الطريد من رّحأمة الله أبوطاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي الهجري القرمطي في شهررّمضان بالجدرّي بعد أن رّأى في نفسه العبر وتقطعت أوصاله وهوالذي قتل الحجيج وآستباحأهم غير مرة وآقتلع الحجر السود وتولى مكانه أبو القاسم سعيد أبن الحسن أخوه وقد تقدم ذكر أبي طاهر فيما مضى غير أن صاحأب المرآة أرّخ وفاته في هذه السنة وقد ذكرناها ثانيا لهذا المنكر عليه اللعنة والخزي. ًرا وفيها دخل الدمستق إلى رّأس العين في ثمانين ألفا من الروم فقتل وسبى خلقا كثي وقيل كان ذلك في الماضية. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالعباس أحأمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ وأبو بكر محمد بن الحسين النيسابورّي القطان وعبد الله بن أحأمد بن إسحاق المصري الجوهري رّضى الله عنهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وإصبع واحأدة مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّاعا وتسع أصابع. السنة الحادية عشرة من ولية الخشيذ فيها خلع المتقي إبراهيم من الخلفة وسمل فعل به ذلك توزأون قال المسعودي لما التقى توزأون بالمتقي ترجل وقبل الرّض فأمره المتقي بالركوب فلم يفعل ومشى بين يديه إلى المخيم الذي ضرب له فلما نزل قبض عليه توزأون وأكحله فصاح المتقي وصاح النساء فأمر توزأون بضرب الدبادب حأول المخيم ثم دخل توزأون بالمتقي إلى بغداد مسمول العينين وأحأضر توزأون عبد الله بن المكتفي وبايعه بالخلفة ولقبه بالمستكفي بالله ولما بلغ القاهر بالله المخلوع عن الخلفة والمسمول أي ًضا قبل تارّيخه أن المتقي خلع وسمل قال صرنا آثنين ونحتاج إلى ثالث يعرض بالمستكفي الذي بويع بالخلفة وكان كما قال على مايأتي ذكره إن شاء الله تعالى وكنية المستكفي أبو القاسم وأمه أم ولد وبويع بالخلفة وعمره إحأدى وأرّبعون سنة وعاش المتقي بعد خلعه وسمله خمسا وعشرين سنة أعمى وكان خلعه في عشرين صفرفلم يحل الحول على توزأون حأتى مات. وفيها كانت وقعات عديحة بين توزأون وبين أحأمد بن بويه وكلها على توزأون والصرع يعتريه حأتى كل الرجال من الطائفتين ورّجع آبن بويه إلى الهوازأ ورّجع توزأون إلى بغداد مشغول بنفسه من العلة بالصرع إلى أن مات. وفيها سارّ سيف الدولة بن حأمدان إلى حألب فملكها وهرب أميرها يأنس المؤنسي إلى مصر وفيها غزا سيف الدولة بن حأمدان بلد الروم ورّد سالما بعد أن بدع بالعدو وسبب هذه الغزوة أنه بلغ الدمستق ما فيه سيف الدولة من الشغل بحرب أضداده فسارّفي جيش عظيم وأوقع بأهل بغراس ومرعش وقتل وسبى فأسرع سيف الدولة إلى مضيق وشعاب وأوقع بجيش الدمستق وبيتهم واستنقذ السارّى والغنيمة من أيدي الروم وانهزم الروم أقبح هزيمة ثم بلغ سيف الدولة أن مدينة الروم قد تهدم بعض سورّها وكان ذلك في الشتاء فآغتنم سيف الدولة الفرصة فأناخ عليهم وقتل وسبى لكن أصيب بعض جيشه. الذين ذكرالذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالطيب أحأمد بن إبراهيم الشيباني وأبو عمروأحأمد بن محمد بن إبراهيم بن حأكيم المدني والمتقي بالله إبراهيم بن المقتدرّخلع وسمل في صفر ثم بقي خامل منسيا إلى سنة سبع وخمسين وثلثمائة وأبو علي محمد بن أحأمد بن عمرواللؤلئي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذرّاعان واثنتا عشرة إصبعامبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّاعا واثنتاعشرة إصب ًعا. السنة الثانية عشرة من ولية الخشيد وهي سنة أرّبع وثلثين وثلثمائة: وفيها لقب الخليفة المستكفي نفسه بإمام الحق وضرب ذلك علىالسكة. وفيها في المحرم توفي توزأون التركي الميربهيت وكان معه كاتبه أبوجعفربن شيرزأاد فطمع في المملكة وحألف العساكرلنفسه وسارّحأتى نزل بباب حأرب أحأد أبواب بغداد فخرج إليه الديلم والجند وبعث إليه المستكفي بالقامات وبخلع بيض ولم يكن مع آبن شيرزأاد مال فضاق مابيده فشرع في مصادرّات التجارّوالكتاب وسلط الجندعلىالعامة وتفرغ لذىالخلق فهرب أعين بغداد وانقطع الجلب فخربت وتخلخل أمرها. وفيها قدم معزالدولة أحأمد بن بويه إلى بغداد بعد أمورّصدرّت وخلع عليه المستكفي ولقبه معز الدولة ولقب أخاه عليا عماد الدولة وأخاه الحسن رّكن الدولة وضربت ألقابهم على السكة ثم ظهرابن شيرزأاد وأجتمع بمعزالدولة ومعزالدولة المذكورّ هوأول من ملك من الديلم من بني بويه وهوأول من وضع السعاة ببغداد ليجعلهم رّسل بينه وبين أخيه رّكن الدولة إلىالري وكان له ساعيان فضل ومرعوش وكان كل واحأد منهما يمشي في اليوم ستة وثلثين فرسخا فضري بذلك شباب بغداد وآنهمكوا فيه حأتى نجب منهم عدة سعاة. وفيها خلع المستكفي من الخلفة وسمل خلعه معزالدولة أحأمدبن بويه الديلمي وسببه أنه لما كان أول جمادىالخرة دخل ے المستكفي فوقف والناس وقوف على مراتبهم فتقدم اثنان من الديلم فطلبا من الخليفة الرزأق فمديده إليهما ظنا منه أنهما يريدان تقبيلها فجذباه من السرير وطرحأاه إلى الرّض وجراه بعمامته ثم هجم الديلم على دارّ الخلفة وعلى الحرم ونهبوا وقبضوا على القهرمانة وخواص الخليفة ومضى معزالدولة إلى منزله وساقوا المستكفي ماشيا إليه ولم يبق بدارّالخلفة شيء إل نهب وخلع المستكفي وسملت عيناه وكانت خلفته سنة وأرّبعة أشهر ويومين وتوفي بعد ذلك في سنة ثمان وثلثين وثلثمائة وعمره ست وأرّبعون سنة علىما يأتي ذكره في محله وهذا ثالث خليفة خلع وسمل كما بشر به القاهر لماخلع المتقي وسمل فإنه قال بقينا اثنين ولبد لنا من ثالث وقد تقدم ذكرذلك عند خلع المتقي ثم آحأضر معزالدولة أباالقاسم الفضل بن المقتدرّجعفر وبايعه بالخلفة ولقبه بالمطيع لله وسنه يومئذ أرّبع وثلثون سنة ثم قدموا ابن عمه المستكفي المذكورّفسلم عليه بالخلفة وأشهد على نفسه بالخلع وذلك قبل أن يسمل ثم صادرّالمطيع خواص المستكفي وأخذ منهم أموال كثيرة وقررّله معزالدولة في كل يوم مائة دينارّ. وفيهاعظم الغلء ببغداد في شعبان وأكلوا الجيف والروث ومالوا على الطرق وأكلت الكلب لحومهم وبيع العقارّ بالرغفان ووجدت الصغارّمشوية مع المساكين وهرب الناس إلى البصرة وواسط فمات خلق في الطرقات وذكر ابن الجوزأي أنه آشتري لمعزالدولة كردقيق بعشرين ألف درّهم قلت والكر سبعة عشر قنطارّا بالدمشقي لن الكرأرّبعة وثلثون كارّة والكارّة: خمسون رّطًل بالدمشقي. وفيها وقع بين معزالدولة أحأمدبن بويه وبين ناصرالدجولة الحسن بن عبد الله بن حأمدان التغلبي وجاء فنزل سامرا فخرج إليه معزالدولة ومعه الخليفة المطيع لله في شعبان وآبتدأت الحروب بينهم بعكبرا وكان معز الدولة قد تغيرعلى ابن شيرزأاد واستخانه في الموال فلما وقع القتال جاء ناصرالدولة فنزل بغداد من الجانب الشرقي وملكها وجاء معزالدولة ومعه المطيع كالسير فنزل في الجانب الغربي ثم قوي أمر معزالدولة حأتى ملك بغداد ونهبت عساكره الديلم أهل بغداد وهرب ناصرالدولة من بغداد. وفيها توفي القائم بأمرالله نزارّوقيل محمد ے أبو القاسم بن المهدي عبيد الله الذي توثب علىالمروادعى أنه علوي فاطمي يأتي ذكرأحأوالهم في تراجم من ملك مصر من ذرّيتهم كالمعزوغيره ولي القائم هذا بعد موت أبيه المهدي بعهد منه إليه وسارّإلى مصر مرتين ووقع له مع أصحاب مصر حأروب وخطوب تقدم ذكر بعضها في تراجم ملوك مصر يوم ذاك وكانت وفاة القائم هذا بالمهدية من بلد المغرب في شوال قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي وكان القائم شرا من أبيه المهدي زأنديقا ملعونا ذكرالقاضي عبد الجبارّ أنه أظهر سب النبياء عليهم السلم وكان مناديه ينادي العنوا الغارّوماحأوى وقتل خلقا من العلماء وكان يراسل أبا طاهر القرمطي إلىالبحرين وهجروأمره بإحأراق المساجد والمصاحأف فلما كثرفجورّه خرج عليه رّجل يقال له مخلد بن كيداد وساق الذهبي أمورّا نذكربعضها في تراجم أولده التي ذكرهم في أخبارّملوك مصر فحينئذ نطلق هناك عنان القلم في نسبهم وكيفية دخولهم إلى مصروأحأوالهم مبسوطا مستوعًبا. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن الحسن أبو بكر المعروف بالصنوبري الضبي الحلبي ے إماما بارّ ً عا في الدب فصيحا مفوها رّوى عنه من شعره أبو الحسن الديب وأبو الحسن بن جميع وغيرهما ومن شعره: لالنوم أدرّي به ولالرّق يدرّي بهذين من به رّمق إن دموعي من طول ماآستبقت كلت فما تستطيع تستبق ولي مليك لم تبد صورّته مذ كان إلصلت له الحدق نويت تقبيل نارّ وجنته وخفت آدنو منها فأحأترق وفيها توفي علي بن عيسى بن داود بن الجراح أبو الحسن البغدادي الكاتب الوزأير وزأرّ للمقتدرّ والقاهروحأدث عن أحأمد بن شعيب النسائي والحسن بن محمد الزعفراني وحأميد بن الربيع ورّوىعنه آبنه عيسى والطبراني وأبوطاهر الهذلي وكان صدوقا دينا خيراصالحاعالما من خيارّ الوزأرّاء ومن صلحاء الكبراء وكان ے والصلة والصيام ومجالسة العلماء حأكى أبوسهل بن زأيادالقطان أنه كان معه لما نفي إلى مكة قال فطاف يوماأوسعى وجاء فرمى بنفسه وقال أشتهي على الله شربة ماء مثلوج فنشأت بعد ساعة سحابة فبرقت ورّعدت وجاءت بمطر يسير ًما فلما كان الفطارّجئته بأقداح ًرّا وكان الوزأيرصائ وبردكثير وجمع الغلمان منه جرا مملوءة من أصناف الشربة فأقبل يسقي المجاورّين ثم شرب وحأمد الله وقال ليتني تمنيت المغفرة وقال أحأمد بن كامل القاضي سمعت علي بن عيسى الوزأيريقول كسبت سبعمائة ألف دينارّأخرجت منها في وجوه البر ستمائة وثمانين ألف دينارّوقال الصولي ل أعلم أنه وزأرّلبني العباس وزأير يشبهه في عفته وزأهده وحأفظه للقرآن وعلمه بمعانيه وكان يصوم نهارّه ويقوم ليله ول أعلم أنني خاطبت أحأدا أعرف منه بالشعرولما نكب ًل لشماتة لما نابني أو شامتا غير وعزل عن الوزأارّة قال أبياتامنها: ومن يك عني سائ سائل فقد أبرزأت مني الخطوب آبن حأرة صبوًرّا على أهوال تلك الزلزأل وفيها توفي عمربن الحسين بن عبد الله أبو القاسم الخرقي البغدادي الحنبلي صاحأب المختصرفي الفقه وقد مر ذكرأبيه في محله قال أبويعلى بن الفراء كانت لبي القاسم مصنفات كثيرة لم تظهرلنه خرج من بغداد لما ظهر بها سمب أصحابه وأودع كتبه في دارّفاحأترقت تلك الدارّوكانت وفاته بدمشق ودفن بباب الصغير. وفيها توفي أبو بكرالشبلي الصوفي المشهورّ صاحأب الحأوال وآسمه دلف بن جحدرّوقيل جعفربن يونس وقيل جعفربن دلف وقيل غيرذلك أصله من الشبلية وهي قرية بالعراق ومولده بسرمن رّأى ولي خاله إمرة السكندرّية وولي أبوه حأجابة الحجاب وولي هوحأجابة الموفق ولي العهد وسبب توبته أنه حأضر مجلس خير النساج وتاب فيه وصحب الجنيد ومن في عصره وصارّ أحأد مشايخ الوقت حأال وقال في حأال صحوه لفي حأال غيبته وكان فقيها مالكي المذهب وسمع الحديث وكان له كلم وعبارّات ومات في آخر هذه السنة وقد نيف على الثمانين قيل إنه سأله سائل هل يتحقق العارّف بما يبدو له فقال كيف يتحقق بما ليثبت وكيف يطمئن إلى مايظهر وكيف يأنس بما ل يخفى فهو الظاهر الباطن ثم أنشأ: فمن كان في طول الهوى ذاق سلوة فإني من ليلى بها غير واثق وأكثر شيء نلته من وصالها أماني لم تصدق كلمحة بارّق وله: تغنى العود فآشتقنا إلى الحأباب إذ غنى الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالفضل أحأمد بن عبد الله بن نصربن هلل السلمي وأبو بكر الصنوبري الحلبي أحأمد بن محمد والحسين بن يحيى بن عباس القطان والمستكفي بالله عبد الله بن المكتفي خلع في جمادى الخرة وسمل وسجن ثم مات بعد أرّبعة أعوام وعلي بن إسحاق المادرّاني وأبو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح الوزأير وأبو القاسم عمربن الحسين الخرقي الحنبلي صاحأب المختصر وأبو علي محمد بن سعيد القشيري الحراني الحافظ والخشيذ محمد بن طغج التركي في ذي الحجة بدمشق عن ست وستين سنة والقائم بأمر الله نزارّ ويقال محمد بن المهدي عبيد الله مات بالمهدية في شوال وأبو بكر الشبلي شيخ الصوفية. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وعشر أصابع. مبلغ الزياده خمس عشرة ذرّاعا وست أصابع. ولية أنوجورّ بن الخشيذ هو أنوجورّ بن الخشيذ محمد بن جف المير أبو القاسم الفرغاني التركي وأنوجورّ اسم أعجمي غير كنية معناه باللغة العربية محمود ولي مصر بعد وفاة أبيه الخشيد في يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة أرّبع وثلثين وثلثمائة وله الخليفة المطيع لله على مصر والشام وعلى كل ماكان لبيه من الولية فإنه كان أبوه أستخلفه وجعله ولي عهه فأقرة الخليفة على ماعهده له أبوه ولما ثبت أمر أنوجورّ المذكورّ صارّ الخادم كافورّ الخشيذي مدبر مملكته فكان كافورّ يطلق في كل سنة لبن أستاذه أنوجورّ هذا أرّبعمائة ألف دينارّ ويتصرف كافورّ فيما يبقى ثم قبض كافورّ على أبي بكر محمد بن علي بن مقاتل صاحأب خراج مصر في يوم ثالث المحرم سنة خمس وثلثين وثلثمائة وولى مكانه على الخراج محمد بن علي الماذرّائي ولما تم أمر أنوجورّ بدمشق خرج منها وصحبته الستاذ كافورّ الخشيذي إلى مصر فدخله بعساكره في أول صفر فأقام بها مدة ثم خرج منها بعساكره إلى الشام أي ًضا لقتال سيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان فإن سيف الدولة كان بعد خروج أنوجورّ من دمشق ملكها ولما خرج أنوجورّ من مصر إلى الشام في هذه المرة خرج معه عمه الحسن بن طغج أخو الخشيذ ومدبر دولته الخادم كافورّ الخشيذي فخرج سيف الدولة من دمشق وتوجه نحو الديارّ المصرية حأتى وصل إلى الرملة فالتقى مع المصريين فكان بينهم وقعة هائلة انكسر فيها سيف الدولة وانهزم إلى الشام فسارّ المصريون ورّاءه فآنهزم إلى حألب فسارّوا خلفه فانهزم إلى الرقة وقال المسبحي كان بين سيف الدولة وبين أبي المظفر الحسن بن طغج وهوأخو الخشيذ قلت ذكر المسعودي الحسن هذا لصغر سن أنوجورّ وقعة باللجون فانكسر سيف الدولة ووصل إلى دمشق بعد شده وتشتت وكانت أمه بدمشق فنزل بالمرج خائفا وأخرج حأواصله وسارّ نحو حأمص على طريق قارّة وسارّ أخو الخشيذ وكافورّ الخشيذي إلى دمشق واستقر أمرهم على الصلح على أن يعود سيف الدولة إلى ماكان بيده من حألب وغيرها وأقر أنوجورّ يأنس المؤنسي على عادته في إمرة دمشق فإنه كان أول انهزم من سيف الدولة وسلمه دمشق بالمان وعاد أنوجورّ وعمه الحسن بن طغج وكافورّ الخشيذي إلى الديارّ المصرية سالمين. ولما كان أنوجورّ بالشام خرج بمصر غلبون متولي الريف في جموع ونهب مصر وتغلب عليها فقدم أنوجورّ فهرب غلبون من مصر فتبعه أبوالمظفر الحسن بن طغج أخو الخشيذ حأتى ظفر به وقتله. ثم آستوزأرّ أنوجورّ أبا القاسم جعفر بن الفضل بن الفرات ودام أنوجورّ على إمرة مصر سنين إلى أن وقع بينه وبين كافورّ وحأشة في سنة ثلث وأرّبعين وثلثمائة وسببها أن قوما كلموا أنوجورّ وقالوا له قد آحأتوى كافورّ على الموال وآنفرد بتدبير الجيوش وأخذ أملك أبيك وأنت معه مقهورّ وحأملوه على التنكر فلزم أنوجورّ الصيد والتباعد فيه إلى المحلة وغيرها وانهمك في اللهو ثم أجمع على المسير إلى الرملة فأعلمت أمه كافورّا بما عزم عليه ولدها خوفا عليه من كافورّ فلما علم كافورّ بذلك رّاسله ثم بعثت أمه إليه تخوفه الفتنة فآصطلحا ودام المر على حأاله ولم يزل أنوجورّ على إمرة مصر إلى أن مات بها في يوم السبت سابع أوثامن في القعدة سنة تسع وأرّبعين وثلثمائة وحأمل إلى القدس فدفن عند أبيه الخشيذ وكانت مدة ولايته على مصر أرّبع عشرة سنة وعشرة أيام ولما مات أنوجورّ أقام كافورّ الخشيذي أخاه عليا أبا الحسين بن الخشيذ مكانه وأقره الخليفة المطيع على إمرة مصر على الجند والخراج وأضاف إليه الشام كما كان لبيه الخشيذ ولخيه أنوجورّ وقويت شوكة كافورّ في ولية علي هذا أكثر مما كانت في ولية أخيه لوجوه عديدة. السنة الولى من ولية أنوجورّ بن الخشيذ وهي سنة خمس وثلثين وثلثمائة. فيها جدد معز المولة أحأمد بن بويه المان بينه وبين الخليفة المطيع لله بعد أن انهزم ناصر الدولة بن حأمدان في السنة الماضية من معز الدولة المذكورّ ثم وقع الصلح بينهما على أن يكون لناصر الدولة من تكريت إلى الشام. وفيها آستولى رّكن الدولة الحسن بن بويه على الري. وفيها أقيمت الدعوة بطرسوس لسيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان فنفذ لهم الخلع وفيها توفي أحأمد بن أبي أحأمد القاص أبوالعباس الطبري القاضي الفقيه صاحأب أبي العباس بن سريج كان إماما فقيها صنف في مذهبه كتاب المفتاح و أدب القاضي و المواقيت و التلخيص وتفقه عليه أهل طبرستان وكانت وفاته بطرسوس. وفيها لم يحج أحأد من العراق خوفا من القرامطة. وفيها توفي محمد بن أحأمد بن الربيع بن سليمان أبورّجاء الفقيه الشافعي الشاعر كان فاضل شاعرا وله قصيدة ذكر فيها أخبارّ العالم وقصص النبياء وسئل قبل موته كم بلغت قصيدتك إلى الن فقال ثلثين ألفا ومائة بيت. وفيها توفي هارّون بن محمد بن هارّون بن علي بن موسى أبوجعفر الضبي كان أسلفه ملوك عمان وكان معظما عند السلطان وآنتشرت مكارّمه وعطاياه وقصده الشعراء من كل مكان وأنفق أموال عظيمة في بر العلماء والشراف وأقتناء الكتب النفيسة وكان عارّفا بالنحو واللغة والشعر ومعاني القرآن والكلم وكانت دارّه مجمعا لهل العلم. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالعباس القاضي صاحأب ابن سريج وأبو عمر حأمزة بن القاسم الهاشمي وأبو بكر محمد بن جعفر الصيرفي المطيري وأبو بكر محمد بن يحيى الصولي الشطرنجي والهيثم بن كليب الشاشي. الماء القديم ثلث أذرّع و إحأدى عشرة إصبعا مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّاعا وثماني أصابع. السنة الثانية من ولية أنوجورّ وهي سنة ست وثلثين وثلثمائة: فيها خرج الخليفة المطيع ومعز الدولة أحأمدبن بويه إلى البصرة لمحارّبة أبي القاسم عبد الله بن البريدي وسلكوا البرية إليها فلما قارّبوها استأمن إلى معز الدولة جيش البريدي وهرب هو إلى القرامطة وملك معز الدولة البصرة وأقطع المطيع فيها من ضياعها. وفيها قدم عماد الدولة علي بن بويه إلى الهوازأ فبادرّ أخوه معز الدولة أحأمد إلى خدمته وجاء فقبل الرّض ووقف وتأدب معه معز الدولة ثم بعد أيام ودعه وعاد معز الدولة وقد أخذ واس ًطا والبصرة. وفيها ظفر المنصورّ العبيدي بمخلد بن كيداد وقتل قواده ومزق جيشه. وفيها أغارّت الروم على أطراف الشام فسبوا وأسروا فساق ورّاءهم سيف الدولة بن حأمدان ولحقهم فقتل منهم مقتلة عظيمة وآسترد ما أخذوا من المسلمين ثم أخذ حأصن برزأويه من الكراد بعد أن نازألهم مدة. وفيها توفي أحأمد بن جعفربن محمد أبو الحسين المعروف بابن المنادي البغدادي كان إما في علوم ًما محدًثا سمع الكثير وصنف كتبا كثيرة قال أبويوسف القزويني صنف القرآن أرّبعمائة ونيفا وأرّبعين كتابا ليس فيها شيء من الحشو وجمع فيها حأسن العبارّة وعلو الرواية. وفيها توفي العلمة أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول تكين الصولي المام المفتن المعروف بالصولي الشطرنجي الكاتب وكان صول من ملوك خراسان وجرجان كان أحأد علماء الفنون كالدب وحأسن المعرفة بأيام الناس وطبقات الشعراء واسع الرواية كثير الحفظ صنف كتاب " الورّاق وكتاب " الوزأرّاء وغيرهما وأنتهى إليه علم الهندسة و الشطرنج ونادم جماعة من الخلفاء وكان له نظم رّائق من ذلك قوله: أحأببت من أجله من كان يشبهه وكل شي من المعشوق معشوق حأتى حأكيت بجسمي ما بمقلته كأن سقمي من جفنيه مسروق وفيها توفي محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر الشاشي القفال الكبير أحأد أئمة الشافعية كان إماما فاضل وهوأول من صنف في الجدل مات في صفر قاله العلمة يوسف بن قزأوغلي وذكر الذهبي وفاته في سنة خمس وستين وثلثمائة وهو المشهورّ. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفى أبو الحسين أحأمد بن جعفر المنادي وحأاجب بن أحأمد الطوسي وأبو العباس محمد بن أحأمد بن حأماد الثرم وأبو عبد الله محمد بن أحأمد بن إبراهيم الحكيمي وأبو علي محمد بن أحأمد بن محمد بن معقل الميداني وأبوطاهر محمد بن الحسين المحمداباذي. أمر النيل في هذه السنة. الماء القديم ثلث أذرّع وثلث عشرة إصبعا مبلغ الزيادة أرّبع عشرة ذرّاعا وسبع عشرة إصب ًعا. السنة الثالثة من ولية أنوجورّ وهي سنة سبع وثلثين وثلثمائة فيها كان الغرق ببغداد وزأادت دجلة إحأدى وعشرين ذرّا ًعا وهرب الناس ووقعت الدورّ ومات تحت الرد م خلق كثير. وفيها دخل بغداد أبو القاسم عبد الله بن البريدي بأمان من معز الدولة وأقطعه معز الدولة قرى بأعمال بغداد. وفيها آختلف معز الدولة أحأمد بن بويه وناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حأمدان التغلبي وسارّ معز الدولة إلى الموصل فتأخر ناصر الدولة إلى نصيبين خائفا ثم صالحه ناصر الدولة في وفيها خرجت الروم فتلقاهم سيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان التغلبي على مرعش فهزموه وملكوا مرعش. وفيها لم يحج أحأد في هذه السنة من العراق. وفيها ولي إمرة دمشق أبوالمظفر الحسن بن طغج بن جص نيابة لبن أخيه أنوجورّ بن الخشيذ وقد وليها مرة أخرى في أيام القاهر من قبل أخيه الخشيذ محمد بن طغج. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن حأمدويه بن نعيم بن الحكم أبو محمد المعروف بالبيع والد الحاكم أبي عبد الله النيسابورّي صاحأب التصانيف أذن عبد الله هذا بمسجد ثالثا وثلثين سنة وغزا أثنتين وعشرين غزوة وأنفق على العلماء والزهاد مائة ألف درّهم وكان كثير العبادة ورّوى عن مسلم وغيره. وفيها توفي قدامة بن جعفر أبوالفرج الكاتب صاحأب المصنفات مثل كتاب البلدان و الخراج و صناعة الكتابة وغيرها. ًما جالس المبرد وثعلًبا وغيرهما. وكان عال الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوإسحاق إبراهيم بن شيبان القرميسيني الزاهد وأبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر النيسا بورّي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلثة أذرّع وخمس عشرة إصب ًعا مبلغ الزيادة خمس عشرة ذرّا ًعا واثنتا عشرة إصب ًعا. السنة الرابعة من ولية أنوجورّ وهي سنة ثمان وثلثين وثلثمائة: فيها وصلت تقادم أنوجورّبن الخشيذ عامل مصر صاحأب الترجمة وسأل معز الدولة أن يكون أخوه مشارّكا له في إمرة مصر ويكون من بعده فأجابه. وفيها تقفد أبوالسائب عتبة بن عبيد الهمذاني قضاء القضاة ببغداد. وفيها تحركت القرامطةولم يحج أحأد في هذه السنة من العراق. وفيها عمر المنصورّ العبيدي صاحأب بلد المغرب مدينة المنصورّية. وفيها ولي إمرة دمشق شعلة بن بدرّ الخشيذي من قبل صاحأب الترجمة وكان أحأد البطال الموصوفين بالشجاعة وفيه ظلم. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن علي أبو بكر المراغي رّوى عن الربيع بن سليمان أبياتا سمعها من الشافعي رّضي الله عنه وهي: وأن عرا اليمان قول محسن وفعل زأكي قد يزيد وينقص وأن أبا بكر خليفة رّبه وكان أبو حأفص على الخير يحرص وأشهد رّبي أن عثمان فاضل وأن علًيا فضله متخصص أثمة قوم نهتدي بهداهم لحا الله من إياهم يتنقص وفيها توفي أمير المؤمنين المستكفي بالله عبد الله ابن الخليفة المكتفي بالله علي ابن الخليفة المعتضد بالله أحأمد ابن ولي العهد طلحة الموفق ابن الخليفة جعفر المتوكل الهاشمي العباسي البغدادي مات معتقل بعد أن خلع من الخلفة وسمل قبل تارّيخه بسنين في جمادى الخرة سنة أرّبع وثلثين وثلثمائة حأسب ما تقدم ذكره في محله ومات برمي الدم وكان محبو ًسا بدارّ معز الدولة بن بويه ومات وله ست وأرّبعون سنة وكان بويع بالخلفة بعد خلع المتقي بالله وسمله في سنة ثلث وثلثين وثلثمائة وأم المستكفي بالله هذا أم ولد تسمى غصن. وفيها توفي السلطان عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه بن فناخسرو الديلمي وقد ذكرنا من أمر بني بويه ومبدأ ملكهم نبذة في حأوادث سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة وكان قد ملك جميع بلد فارّس وكان ملكا عاقل شجاعا مهيبا آعتل بقرحأة في الكلى أنحلت جسمه ومات بشيرازأ وله تسع وخمسون سنة وأقام الخليفة المطيع لله مقامه أخاه أباعلي الحسن رّكن الدولة والد السلطان عضد الدولة بن بويه وكان معز الدولة أحأمد بن بويه صاحأب أمر الخلفة يومئذ يحدث أخاه عماد الدولة المتوفى ويحترمه ويكاتبه بالعبودية ويقبل الرّض بين يديه إذا اجتمعا مع عظم سلطانه لكونه الكبر سًنا. وفيها توفي محمد بن عبد الله بن دينارّ أبو عبد الله الفقيه الزاهد العدل النيسابورّي وكان صالحا عابدا يحج دائما ومات عند منصرفه من الحج في صفر رّضي الله عنه. وفيها توفي أحأمد بن محمد بن اسماعيل العلمة أبوجعفر النحاس المصري النحوي كان من نظراء ابن النبارّفي ونفطويه وله كتاب إعراب القرآن وكتاب المعاني وكتاب اشتقاق السماء الحسنى ومصنفات كثيرة غير ذلك. وفيها توفي إبراهيم بن عبد الرزأاق بن الحسن أبوإسحاق النطاكي الفقيه المقرىء قرأ على هارّون بن موسى الخفش وأحأمدبن أبي رّجاء وغيرهما وصنف كتابا في القراءات الثمان وسمع الكثير وحأدث. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أحأمدبن سليمان بن زأبان الكندي الدمشقي وأبوجعفر أحأمد بن محمد بن إسماعيل النحاس وإبراهيم بن عبد الرزأاق النطاكي وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحأمد بن أبي ثابت وأبو علي الحسن بن حأبيب الخضائري وعماد الدولة علي بن بويه الديلمي صاحأب بلد فارّس وكانت أيامه ست عشرة سنة وأبو الحسن علي بن محمد الواعظ ا المصري وعلي بن حأمشاد العدل. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وسبع عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وثماني عشرة إصب ًعا. السنة الخامسة من ولية أنوجورّ وهي سنة تسع وثلثين وثلثمائة: فيها غزا سيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان بلد الروم في ثلثين ألفا ففتح حأصونا وقتل وسبى وغنم فأخذ الروم عليه الدرّب عند خروجه فاستولوا على عسكره قتل وأسرا واستردوا جميع ما أخذ لهم وأخذوا جميع خزائن سيف الدولة ونجا في عدد يسير. وفيها استولى منصورّبن قراتكين على الري والجبال ودفع عنها عسكر رّكن الدولة. وفيها رّد الحجر السود إلى موضعه بعث به القرمطي مع أبي محمد بن سنبر إلى الخليفة المطيع للة وكان بجكم قد دفع فيه قبل تارّيخه خمسين ألف دينارّ وما أجابوا وقالوا أخذناه بأمر وما نرده إل بأمر فلما رّدوه في هذه السنة قالوا: رّددناه بأمر من أخذناه بأمره وكذبوا فأن الله تعالى قال: " وإذا فعلوا فاحأشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله ل يأمر بالفحشاء " وان عنوا بالمر القدرّ فليس ذلك حأجة لهم فالله تعالى قدرّ عليهم الضلل والمروق من الدين وقدرّ عليهم أن يدخلهم النارّ فل ينفعهم قوله أخذناه بأمر ولما أتوا بالحجر السود أعطاهم المطيع مال له جرم وكان الحجر السود قد بقي أثنتين وعشرين سنة وقال المسبحي وفيها وافى سنبربن الحسن إلى مكة ومعه الحجر السود وأمير مكة معه فلما صارّ بفناء البيت أظهر الحجر وعليه ضباب فضة قد عملت من طوله وعرضه تضبط شقوقا قد حأدثت عليه بعد أنقلعه وأحأضر له صانعا معه جص يشده به فوضع سنبربن الحسن بن سنبر الحجر السود بيده وشده الصانع بالجص وقال: لما رّده أخذناه بقدرّة الله ورّددناه بمشيئته. وفيها توفي محمد بن أحأمد الصيمري كاتب معزالدولة ووزأيره فقلد مكانه أبامحمد الحسن بن محمد المهلبي. وفيها في عيد الضحى قتل الناصرالدين الله عبد الرحأمن بن محمد الموي صاحأب الندلس ولده عبد الله وكان قد خاف من خروجه عليه وكان الناصر من كبارّ العلماء رّوى عن محمد بن عبدالملك بن أيمن وقاسم بن أصبغ وله تصانيف منها مجلد في " مناقب بقي بن مخلد رّواه عنه وفيها توفي عبد الرحأمن بن اسحاق أبو القاسم الزجا جي النحوي من أهل بغداد وسكن طبرية وأيلة وحأدث بدمشق وصنف في النحو مختص ًرا. وفيها غزا سيف الدولة في شهر رّبيع الول ووافاه عسكر طرسوس في أرّبعة آلف عليهم القاضي أبوالحصين فسارّ إلى قيسارّية وفتح عدة حأصون وسبى وقتل ثم سارّ إلى سمندو ثم إلى خرشنة يقتل ويسبي ثم الى صارّخة بينها وبين قسطنطيية سبعة أيام. فلما نزل عليها واقع الدمستق مقدمته فظهرت عليه فلجأ إلى الحصن وخاف على نفسه ثم جمع والتقى بسيف الدولة فهزمه الله أقبح هزيمة وأسرت بطارّقته وكانت غزوة مشهورّة وغنم المسلمون ما ل يوصف وبقوا في الغزو أشه ًرا. وفيها توفي الخليفة القاهر أبومنصورّ محمد ابن الخليفة المعتضد بالله أحأمد ابن ولي العهد أبي أحأمد طلحة الموفق ابن الخليفة المتوكل جعفر العباسي الهاشمي البغدادي استخلف أول بعد خلع المقتدرّ بالله جعفر ثم خلع بعد ثلثة أيام ودام دهرا إلى أن بويع ثانيا بالخلفة بعد قتل جعفر المقتدرّ سنة عشرين وثلثمائة فأقام في الخلفة إلى أن خلعوه من الخلفة في جمادى الولى سنة اثنتين وعشرين وئلثمائة بالراضي بالله أبي العباس محمد وسملت عيناه فسالتا على خده وحأبسوه مدة ثم أهملوه وسيبوه حأتى مات في هذه السنة في جمادى الولى وكان رّبعة أسمر أصهب الشعر طويل النف وكان قد أفتقر وسأل قبل موته وهوأول خليفة خلع وسمل وفيها توفي محمد بن عبد الله بن أحأمد أبو عبد الله الصفارّ الصبهاني كان محدث عصره بخراسان وكان مجاب الدعوة أقام أرّبعين سنة لم يرفع رّأسه إلى السماء حأياء من الله تعالى وكان يقول اسم رّسول الله صلى الله عليه وسلم كاسمي وأسم أبيه اسم أبي وكانت وفاته في ذي القعدة الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفى علي بن عبد الله بن يزيد بن أبي مطر السكندرّي القاضي وله مائة سنة وعمر بن الحسن أبو الحسين بن الشناني القاضي وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحأمد الصفارّ الصبهاني وأبو جعفر محمد بن عمر بن البختري وأبو نصر الفارّابي. صاحأب الفلسفة محمد بن محمد بن طرخان قلت يأتي ذكر الفارّابي أي ًضا في هذا الكتاب في غير هذه السنة على ما ورّخه صاحأب المرآة وغيره أمر النيل في هذه السنة الماء القديم خمس أذرّع وعشرون إصب ًعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا إصبعان. السنة السادسة من ولية أنوجورّ وهي سنة أرّبعين وثلثمائة: فيها قصد صاحأب عمان البصرة وساعده أبويعقوب القرمطي فسارّ إليهم أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي في الديلم والجند فآلتقوا فهزمهم المهلبي وآستباح عسكرهم وعاد إلى بغداد بالسارّى والغنائم. وفيها جمع سيف الدولة بن حأمدان جيوش الموصل والجزيرة والشام والعراب ووغل في ًما. بلد الروم وقتل وسبى شيئا كثيرا وعاد إلى حألب سال وفيها قلعت حأجبة الكعبة الحجر السود الذي نصبه سنبربن الحسن صاحأب القرمطي وجعلوه في الكعبة فأحأبوا أن يجعلوا له طو ًقا من فضة فيشد به كما كان قديما كما عمله عبد الله بن الزبير وأخذ في إصلحأه صانعان حأاذقان فأحأكماه. قال أبو الحسن محمد بن نافع الخزاعي: دخلت الكعبة فيمن دخلها فتأملت الحجر فإذا السواد في رّأسه دون سائره وسائره أبيض وكان طوله فيما حأزرّت مقدارّ عظم الذرّاع قال: ومبلغ ما عليه من الفضة فيما قيل ثلثة آلف وسبعمائة وسبعة وتسعون درّه ًما ونصف. وفيها كثرت الزلزأل بحلب والعواصم ودامت أرّبعين يو ًما وهلك خلق كثير تحت الردم وتهدم حأصن رّعبان ودلوك وتل حأامد وسقط من سورّ دلوك ثلثة أبرجة. وفيها توفي شيخ الحنفية بالعراق عبيد الله بن الحسين الشيخ أبو الحسن الكرخي سمع ببغداد إسماعيل بن إسحاق القاضي ومحمد بن عبد الله الحضرمي مطينا ورّوى عنه ابن شاهين وعبد الله بن محمد الكفاني القاضي وكان علمة كبير الشأن فقيها أديبا بارّعا عارّفا بالصول والفروع انتهت إليه رّياسة السادة الحنفية في زأمانه وانتشرت تلمذته في البلد وكان عظيم العبادة كثير الصلة والصوم صبورّأ على الفقر والحاجة ورّعا زأاهدا صاحأب جللة قال أبو بكر الخطيب: حأدثني الصيمري حأد ثني أبو القاسم بن علن الواسطي قال: لما أصاب أبا الحسن الكرخي الفالج في آخر عمره حأضرته وحأضر أصحابه أبو بكر الرازأي وأبو عبد الله الدامغاني وأبو علي الشاشي وأبو عبيد الله البصري فقالوا: هذا مريض يحتاج إلى نفقة وعلج والشيخ مقل فكتبوا إلى سيف الدولة بن حأمدان فأحأس أبو الحسن فيما هم فيه فبكى وقال: اللهم ل تجعل رّزأقي إل من حأيث عود تني فمات قبل أن يحمل إليه شيء ثم ورّد من سيف الدولة عشرة آلف درّهم فتصد ق بها توفي وله ثمانون سنة وأخذ عنه الفقه الذين ذكرناهم: الذامغاني والشاشي والبصري والمام أبو بكر أحأمد بن علي الرازأي وأبو القاسم علي بن محمد التنوخي وفيها توفي أحأمد بن محمد بن زأياد الغنوي البصري المام أبو سعيد بن العرابي نزيل مكة كان إماما حأاف ًظا ثبتا سمع الكثير ورّوى عنه عالم كثير وكان كثير العبادة شيخ الحرم في وقته علما وزأهدا وتسليكا وكان صحب الجنيد وعمرو بن عثمان المكي وأبا أحأمد القلنسي وغيرهم. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو سعيد أحأمد بن محمد بن زأياد بن بشر البصري ابن العرابي وإبراهيم بن أحأمد أبوإسحاق المروزأي الشافعي وأبو علي الحسين بن صفوان البردعي والكلباذي المعروف بالستاذ أحأد أئمة الخليفة والزجاجي صاحأب الجمل أبو القاسم عبد الرحأمن بن إسحاق وأبو محمد قاسم بن أصبغ القرطبي وأبوجعفر محمد بن يحيى بن عمربن علي بن حأرب وأبو الحسن الكرخي شيخ حأنفية العراق عبيد الله بن الحسين. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وأرّبع عشرة إصبعا. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وسبع أصابع. M0لنة السابعة من ولية أنوجورّ : وهي سنة إحأدى وأرّبعين وثلثمائة. فيها ظفر الوزأير المهلبي بقوم التناسخية وفيهم شاب يزعم أن رّوح علي بن أبي طالب رّضي الله عنه انتقلت فيه وفيهم امرأة تزعم أن رّوح فاطمة رّضي الله عنها انتقلت إليها وفيهم آخر يزعم أنه جبريل فضربوا فتعزوا بالنتماء لهل البيت فأمر معزالدولة بإطلقهم لتشيع كان فيه قلت: والمشهورّ عن بني بويه التشيع واالرفض وفيها أخذت الروم سروج فقتلوا وسبوا وأحأرقوا البلدوفيها حأج بالناس أحأمد بن عمربن يحيى العلوي وفيها في آخر شوال توفي المنصورّ أبوطاهر إسماعيل بن القائم بأمر الله محمد بن عبيد الله المهدي العبيدي الفاطمي صاحأب المغرب مات بالمنصورّة التي بناها ومصرها وصلى عليه آبنه ولي عهده أبوتميم معد الملقب بالمعز لدين الله وهوالذي تولى الخلفةبعده وكان ملكأ ًرا من حأاد الذهن سريع الجواب فصيحا مفوها يخترع الخطب عادل في الرعية أبطل كثي ً المظالم مما أحأدثه آباؤه ومات وله أرّبعون سنة وكانت مدة ما مملكته سبعة أعوام وأيا وخلف خمسة بنين وخمس بنات وقام بعده آبنه المعزلدين الله فأحأسن السيرة وصفت له المغرب ثم افتتح المعز لدين الله مصر وبنى القاهرة على مايأتي ذكره إن شاء الله تعالى بأطول من هذا في ترجمة المعز المذكورّ. وفيها توفي أحأمد بن محمد أبوالعباس الدينورّي كان من أجل المشايخ وأحأسنهم طريقة وكان يتكلم على لسان أهل المعرفة بأحأسن كلم تكلم يومأ فصاحأت عجوزأ في مجلسه فقال لها: موتي فقامت وخطت خطوات ثم التفتت إليه وقالت هأنا قد مت ووقعت ميتة وكان يقول مكاشفات العيان بالبصارّ ومكاشفات القلوب بالتصال. وفيها توفي الشيخ العابد القدوة ے القطع صاحأب الكرامات وتينات قرية من قرى أنطاكية وقيل هي على أميال من المصيصة أقام بتينات مدة سنين وكان يسمى القطع لن يده كانت قطعت ظلما في واقعة جرت له يطول الشرح في ذكرها ومن كراماته أن كانت الوحأوش الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوطاهر أحأمد بن أحأمد بن عمرو المديني وأبو علي إسماعيل بن محمد الصفارّ في المحرم والمنصورّ إسماعيل بن القائم العبيدي الرافضي صاحأب المغرب وأبوالطيب محمد بن حأميد الحورّاني وأبو الحسن محمد بن النضر الربعي المقرىء بن الخرم. أمرالنيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّا ًعا وعشر أصابع سواء. السنة الثامنة من ولية أنوجورّ وهي سنة آثنتين وأرّبعين وثلثمائة: فيها جاء صاحأب خراسان آبن محتاج إلى الري محارّبا لبن بويه وجرت بينهما حأروب وعاد إلى خراسان. وفيها عاد سيف الدولة بن حأمدان من الروم سالما غانما مؤيدا وقد أسرقسطنطين بن الدمستق ملك الروم ودخل سيف الدولة حألب وابن الدمستق بين يديه وكان مليح الصورّة فبقي عنده وفيها توفي القاسم بن القاسم بن مهدي أبوالعباس السيارّي كان من أهل مرو كتب الحديث وتفقه وكان شيخ أهل مرو وأول من تكلم عندهم في حأقائق الحأوال ومن كلمه من حأفظ قلبه مع الله بالصدق أجرى الله الحكمةعلى لسانه. وفيها توفي أحأمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد أبو بكرالنيسابورّي الفقيه الشافعي المعروف بالصبغي سمع الحديث ورّوىعنه جماعة وكان إماما فقيها عال ولد سنة ًما عاب ًدا ثمان وخمسين ومائتين وله تصانيف كثيرة في عدة علوم منها كتاب السماء والصفات وكتاب اليمان القدرّ وكتاب فضائل الخلفاء الرّبعة وعدة تصانيف أخر. وفيها توفي الحسن بن طغج بن جف ے التركي أخو الخشيد ولي إمرة دمشق من قبل أخيه الخشيذ مدة ثم عزله أخوه الخشيذ وولى أخاه عبيد الله بن طغج مكانه ثم ولي الحسن هذا إمرة دمشق مرة أخرى من قبل ابن أخيه أنوجورّ صاحأب الترجمة ثم رّد إلىالرملة فمات بها ودفن بالقدس وكان أميرا جليل شجاعا مقداما باشر الحروب وولي العمال الجليلة إلى أن مات. وفيها توفي عثمان بن محمد بن علي أبوالحسين الذهبي البغدادي سكن مصر وحأدث بها وبدمشق. وفيها توفي علي بن محمد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم بن تميم أبو القاسم التنوخي أصله من ملوك تنوخ القدمين من ولد قضاعة ولد بأنطاكية في سنة ثمان وسبعين ومائتين وهوصاحأب كتاب الفرج بعد الشدة كان فقيها حأنفيا بارّ ًعا في الفقه والصول والنحو وكان شاع ًرا فصيحا وله ديوان شعروكانت وفاته بالبصرة في شهر رّبيع الول ومن شعره في مليح دخل الحمام: # رّأيت في الحمام بدرّالدجى وشعره السود محلول قدعمموه بدجى شعره ونقطوا الفضة باللول الذي ذكرالذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو بكرأحأمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي الشافعي وأحأمد بن عبد السد الجذامي إبراهيم بن المولد الزاهد والحسن بن يعقوب أبو الفضل البخارّي وعبد الرحأمن بن حأمدان الهمذاني الجلب وأبو الحسن محمد بن أحأمد السوارّي الصبهاني ومحمد بن داود بن سليمان النيسابورّي الحافظ الزاهد. أمرالنيل في هذه السنة: الماء القديم أرّبع أذرّع وأرّبع عشرة إصبعامبلغ الزيادة ثماني عشرة ذرّاعا سواء. السنة التاسعة من ولية أنوجورّ فيها خطب أبو علي بن محتاج إلىالمطيع بخراسان ولم يكن خطب له قبل ذلك فبعث إليه المطيع بالخلع واللواء. وفيها مرض معز الدولة أحأمد بن بويه بعلة النعاظ الدائم وأرّجف بموته واضطربت بغداد فركب معزالدولة بكلفة لتسكين الناس. وفيها كانت وقعة عظيمة بين سيف الدولة بن حأمدان وبين الدمستق وكان الدمستق قد جمع أمما من الترك والروس والخزرّفكانت الدائرة عليه ولله الحمد وقتل معظم بطارّقته وهرب هووأسرصهره وجماعة من بطارّقته وأما القتلى فل يحصون وغنم سيف الدولةعسكرهم بما فيه. وفيها توفي المير نوح بن نصر الساماني عامل بخارّى في جمادىالولى وأظن أن نوحأا هذا من ذرّية نوح عامل بخارّى في زأمن المأمون الذي أهدي إليه طولون والد أحأمد وهذا أهداه إلىالخليفة عبد الله المأمون. وفيها توفي خيثمة بن سليمان بن حأيدرّةالحافظ أبو الحسن القرشي الطرابلسي أحأد الحفاظ الثقات المشهورّين ومولده سنة خمسين ومائتين وقيل غيرذلك ومات في ذي القعدة من هذه السنة. وفيها توفي محمد بن العباس بن الوليد القاضي أبوالحسين البغدادي كان فاضل بارّعا مات ببغداد في شوال وكان ثقة صدو ًقا. الذين ذكرالذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أحأمد ابن الزاهد أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري وخيثمة بن سليمان الطرابلسي وعلي بن الفضل بن إدرّيس السامري وأبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلث أذرّع وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّاعا وسبع أصابع. السنة العاشرة من ولية أنوجورّ وهي سنة أرّبع وأرّبعين وثلثمائة: فيها تحرك ابن محتاج صاحأب خراسان على رّكن الدولة الحسن بن بويه فنجده أخوه معز الدولة بجيش من العراق. وفيها في المحرم عقد معزالدولة بن بويه إمرة المراء لبنه أبي منصورّبختيارّ. وفيها دخل محمد بن ماكان الديلمي أحأد قواد صاحأب خراسان إلى أصبهان فخرج عن أصبهان أبومنصورّ بن رّكن الدولة فتبعه ابن ماكان فأخذ خزائنه وعارّضه أبو الفضل بن العميد وزأيررّكن الدولة ومعه القرامطة فأوقعوا به وأثخنوه بالجراح وأسروا قواده وسارّ ابن العميد إلى أصبهان. وفيها وقع وباءعظيم بالري وكان الميرأبو علي بن محتاج صاحأب خراسان قد نزلها فمات في الوباء. وفيها فلج أبوالحسين علي بن أبي علي بن مقلة وأسكت وله تسع وثلثون سنة. وفيها زألزلت مصرزألزلة عظيمة هدمت البيوت ودامت مقدارّ ثلث ساعات زأمانية وفزع الناس إلى الله تعالى بالدعاء. وفيها توفي محمد بن أحأمد بن محمد بن جعفرأبو بكربن الحداد الكناني المصري الفقيه الشافعي شيخ المصريين ولد يوم وفاة المزني وكان إماما فقيها له وجه في مذهب الشافعي رّضي الله عنه. وفيها توفي شعلة بن بدرّالمير أبوالعباس الخشيذي ولي إمرة دمشق من قبل أبي القاسم أنوجورّبن الخشيذ وكان شجاعا بطلقتل في طبرية في حأرب كان بينه وبين مهلهل العقيلي. وفيها توفي محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ أبو عبد الله الشيباني النيسابورّي ابن الخرم ويعرف أبوه بابن الكرماني قال الحاكم كان أبو عبد الله صدرّا من أهل الحديث ببلدنا بعد أبي حأامد بن الشرقي وكان يحفظ ويفهم وصنف على صحيح البخارّي ومسلم وصنف المسند الكبيروسأله أبوالعباس بن السراج أن يخرج له على صحيح مسلم ففعل ذلك. وفيها حأج الناس من غير أمير. وفيها توفي محمد بن محمد بن يوسف بن الحجاج الشيخ أبو النضر الطوسي الزاهد العابد كان يصوم النهارّ ويقوم الليل ويتصدق بالفاضل من قوته ورّحأل إلى البلد في طلب الحديث وسمع الكثير وكان يجزىء الليل ثلثة أجزاء جز ًءا لقراءة القرآن وجز ًءا للتصنيف وجز ًءا يستريح فيه. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو الحسين أحأمد بن عثمان بن بويان المقرىء وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الذرّعي وأبو عمرو عثمان بن أحأمد الدقاق بن السماك في شهر رّبيع الول وأبو بكربن الحداد الكناني محمد بن أحأمد شيخ الشافعية بمصر وله نحو ثمانين سنة وأبوالنضر محمد بن محمد بن يوسف الطوسي الفقيه في شعبان وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الخرم الحافظ وأبوزأكريا يحيى بن محمد بن عبد الله العنبري الحافظ المفسر الديب. أمر النيل في هذه السنة: السنة الحادية عشرة من ولية أنوجورّ وهي سنة خمس وأرّبعين وثلثمائة. فيها أوقع الروم بأهل طرسوس وقتلوا وسبوا وأحأرقوا قراها. وفيها زأاد السلطان معز الدولة في إقطاع الوزأير أبي محمد المهلبي وعظم قدرّه عنده. وفيها خرج رّوزأبهان الديلمي على معزالدولة فسير معزالدولة لقتاله الوزأير المهلبي فلما كان المهلبي بقرب الهوازأ تسلل رّجال المهلبي إلى رّوزأبهان فانحازأ المهلبي بمن معه إلى حأصن فخرج معزالدولة بنفسه لقتال رّوزأبهان المذكورّ وآنحدرّ معه الخليفة المطيع لله فقاتله حأتى ظفر به في المصاف وفيه ضربات وأسر قواده وقدم معز الدولة بغداد ورّوزأبهان بين يديه على جمل ثم غرق . وفيها غزا سيف الدولة بلد الروم وآفتتح حأصونا وسبى وغنم وعاد إلى حألب ثم أغارّت الروم على نواحأي ميافارّقين. وفيها توفيت أم المطيع بعلة الستسقاء وخرج المطيع في جنازأتها في وجوه دولته وعظم عليه مصابها وكانت تسمى مشعلة. وفيها توفي علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر أبو الحسن القزويني الحافظ القطان قال الخليلي كان عالما بجميع العلوم والتفسير والفقه والنحو واللغة ارّتحل وسمع أبا حأاتم الرازأي وإبراهيم بن الحسين بن ديزيل بن سيفنة ومحمد بن الفرج الزأرّق وخلقا سواهم وانتهت إليه رّياسة العلم وعلو السند بتلك الديارّ ومولدى سنة أرّبع وخمسين ومائتين ورّوى عنه خلئق كثيرة قال ابن فارّس في بعض أماليه سمعت أبا الحسن القطان يقول بعدما علمت سنة كنت حأين رّحألت أحأفظ مائة ألف حأديث وأنا اليوم ل أقوم على حأفظ مائة حأديث. وفيها توفي علي بن الحسين بن علي الشيخ المام المؤزأخ العلمة أبو الحسن المسعودي صاحأب التارّيخ المسمى ب مروج الذهب " قيل إنه من ذرّية ابن مسعود وكان أصله من بغداد ثم أقام بمصر إلى أن مات بها في جمادى الخرة قاله المسبحي في تارّيخه وكان أخبارّيا علمة صاحأب غرائب وملح ونوادرّ وله عدة مصنفات التارّيخ المقدم ذكره وهوغاية في معناه وكتاب " تحف الشراف والملوك وكتاب ذخائر العلوم وكتاب الرسائل وكتاب الستذكارّ لما مر في سالف العصارّ " وكتاب المقالت في أصول الديانات وكتاب أخبارّ الخوارّج " وغير ذلك ومات قبل أن يطول عمره قال الذهبي وكان معتزليا فإنه ذكر غير واحأد من المعتزلة ويقول فيه: كان من أهل العدل " وله رّحألة إلى البصرة التي فيها أبوخليفة. وفيها توفي محمد بن عبد الواحأد بن أبي هاشم أبوعمر الزاهد الصالح ولد سنة إحأدى وستين ومائتين وكان بارّعا في العربية والنحو واللغة عاب ًدا غزير العلم. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو بكر أحأمد بن سليمان بن أيوب العباداني وله سبع وتسعون سنة وأبو بكر أحأمد بن عثمان بن غلم السباك المقرىء وإسماعيل بن يعقوب بن الجراب البزازأ بمصر وأبوأحأمد بكربن محمد بن حأمدان المروزأي الصيرفي وأبو علي الحسن بن الحسين بن أبي هريرة شيخ الشافعية ببغداد وأبو عمرو عثمان بن محمد بن أحأمد السمرقندي وأبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القزويني القطان الزاهد وله إحأدى وتسعون سنة وأبوعمر الزاهد غلم ثعلب واسمه محمد بن عبد الواحأد اللغوي وأبو بكر محمد بن علي بن أحأمد بن رّستم الماذرّائي بمصر وله ثمان وثمانون سنة وأبو بكر مكرم بن أحأمد القاضي والمسعودي صاحأب مروج الذهب في جمادى الخرة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرّع سواء مبلغ الزياده ست عشرة ذرّا ًعا وسبع أصابع. السنة الثانية عشرة من ولية أنوجورّ فيها كان بالري ونواحأيها زألزأل عظيمة خارّجة عن الحد ثم خسف ببلد الطالقان في ذي الحجة فلم يفلت من أهلها إل نحو ثلثين رّجل وخسف بمائة وخمسين قرية من قرى الري وآتصل الخسف إلى حألوان فخسف بأكثرها وقذفت الرّض عظام الموتى وتفجرت منها المياه وتقطع بالري جبل وعلقت قرية بين السماء والرّض بمن فيها نصف نهارّ ثم خسف بها وآنخرقت الرّض خروقا عظيمة وخرج منها مياه نتنة ودخان عظيم هكذا نقل الحافظ أبوالفرج بن الجوزأي في تارّيخه. وفيها نقص البحر ثمانين ذرّاعا وظهر فيه جبال وجزائر وأشياء لم تعد قلت لعلة البحر المالح والله أعلم. وفيها توفي محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الحافظ أبوالعباس الموي النيسابورّي مولى بني أمية المعروف بالصم صم بعد أن رّحأل إلى البلد وسمع الحديث كان إماما محدث عصره بل مدافعة حأدث ستا وسبعين سنة لن مولده سنة سبع وأرّبعين ومائتين ومات في شهر رّبيع الخر وله تسع وتسعون سنة وقد آنتهت إليه رّياسة أهل الحديث بخراسان. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو الحسن أحأمد بن مهران السيرافي وأحأمد بن جعفر بن أحأمد بن معبد السمسارّ وأحأمد بن محمد بن عبدوس وسعيد بن فحلون البيري الندلسي آخر أصحاب يوسف المغامي وعبد الله بن جعفربن أحأمد بن فارّس وأبوالحسين عبدالصمدبن علي الطستي أبويعلى عبد المؤمن بن خلف النسفي وأبوالعباس محمد بن أحأمد بن محبوب المروزأي وأبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزأاق بن داسة وأبومنصورّ محمد بن القاسم العتكي وأبوجعفر محمد بن محمد بن عبد الله بن خالد البغداي بماورّاء النهر وأبوالعباس محمد بن يعقوب بن يوسف الصم في شهر رّبيع الخر وله تسع وتسعون سنة وأبو الحزم وهب بن مسرة التميمي الحجارّي الندلسي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع وأرّبع أصابع مبلغ الزيادة ست عشرة ذرّاعا وتسع عشرة إصب ًعا. M0لنة الثالثة عشرة من ولية أنوجورّ وهي سنة سبع وأرّبعين وثلثمائة فيها عادت الزلزأل بحلوان وقم والجبال فأتلفت خلقا عظيما وهدمت حأصونا ثم جاء بعد ذلك جراد طبق الدنيا فأتى على جميع الغلت وال شجارّ. وفيها في شهر رّبيع الول خرجت الروم إلى آمد وأرّزأن وميافارّقين ففتحوا حأصوناكثيرة وقتلوا خلئق كثيرة وهدموا سميساط. وفيها في شهر رّبيع الخر شغبت الترك والديلم بالموصل على ناصر الدولة بن حأمدان وأحأاطوا بدارّه فحارّبهم بغلما نه والعامة فظفر بهم فقتل جماعة وأمسك جماعة وهرب أكثرهم إلى بغداد. وفيها في شعبان كانت وقعة عظيمة بنواحأي حألب بين الروم وسيف الدولة علي بن عبد الله بن حأمدان وآنكسر سيف الدولة وقتلوا معظم رّجاله وغلمانه وأسروا أهله وهرب في عدد يسير. وفيها سارّ معز الدولة بن بريه إلى الموصل فدخلها فنزح عنها ناصر الدولة بن حأمدان المقدم ذكره وتوجه إلى نصيبين فسارّ معزالدولة ورّاءه إلى نصيبين وخلف على الموصل سبكتكين الحاجب ونزل على نصيبين فسارّ ناصرالدولة بن حأمدان إلى ميافارّقين بعد أن آستأمن معظم عسكره إلى معز الدولة فهرب ناصر الدولة إلى حألب مستجيرا بأخيه سيف الدولة فأكرم سيف الدولة مورّده وبالغ في خدمته وجرت فصول إلى أن قدم في الرسالة أبو محمد القاضي بكتاب سيف الدولة إلى الموصل وتقررّ المر على أن يكون الموصل وديارّ رّبيعة والرحأبة لسيف الدولة على مال يحمله في كل سنة لن معزالدولة لم يثق بناصرالدولة فإنه غدرّ به مرا المذكورّ: أنت ًرّا ومنعه الحمل فقال معز الدولة عندي ثقة غير أنه يقدم لي ألف ألف درّهم ثم آنحدرّ معز الدولة إلى بغداد وتأخر الوزأير المهلبي وسبكتكين الحاجب في الموصل إلى أن يحمل ناصر الدولة مال وفيها توفي قاضي دمشق أبو الحسن أحأمد بن سليمان بن أيوب بن جندلم السدي الوزأاعي المذهب كان إماما عالما فقيها على مذهب الوزأاعي وكان له حألقة بالجامع. وفيها توفي علي بن أحأمد بن سهل ويقال علي بن إبراهيم أبو الحسن البوشنجي الزاهد شيخ الصوفية صحب أبا عمرو الدمشقي وأبا العباس بن عطاء وسمع بهراة من محمد بن عبد الرحأمن الشامي والحسين بن إدرّيس ورّوى عنه أبو عبد الله الحاكم وأبو الحسن العلوي وعبد الله بن يوسف الصبهاني قال السلمي هوأحأد أئمة خراسان وله معرفة بعلوم عديدة وكان أكثر الخراسانيين تلمذته وكان عارّفا بعلوم القوم قال الحاكم وسمعته يقول وقد سئل ما التوحأيد قال أل تشبه الذات ول تنفي الصفات. وفيها توفي محمد بن الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي أعماً الشوارّب أبو الحسن القرشي الموي القاضي ولي القضاء بمدينة السلم ثم ولي ل كثيرة في أيام المطيع ثم صرف عن الجميع وكان جوا ًدا واسع الخلق كريما مع قبح سيرة في الحأكام. وفيها توفي محمد بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد أبو الحسين الرازأي ًما فاضل زأاهدا ثقة صدوقا. الحافظ كان عال الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي القاضي أبو الحسن أحأمد بن سليمان بن أيوب بن جندلم السدي الوزأاعي المذهب قلت وقد تقدم ذكره قال وأبوأحأمد حأمزة بن محمد بن العباس والزبيربن عبد الواحأد السداباذي وعبد الله بن جعفر درّستويه النحوي وأبو الميمون عبد الرحأمن بن عبد الله بن عمربن رّاشد البجلي والحافظ المؤرّخ أبو سعيد عبد الرحأمن بن أحأمد بن يونس بن عبد العلى وله ست وستون سنة وأبو الحسن علي بن عبد الرحأمن بن عيسى بن زأيد بن ماني الكوفي الكاتب ومحمد بن أحأمد بن الحسن الكسائ الصبهاني ومحمد بن عبد الله بن جعفر أبوالحسين الرازأي بدمشق وأبو علي محمد بن القاسبم بن معروف الدمشقي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرّع وخمس أصابع مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّاعا وعشرون إصب ًعا. السنة الرابعة عشرة من ولية أنوجورّ على مصر وهي سنة ثمان وأرّبعين وثلثمائة فيها خلع الخليفة المطيع " على بختيارّبن معز الدولة خلعة السلطنة وعقد له لواء ولقبه عز الدولة أمير المراء. وفيها خرج محمد بن ناصر الدولة بن حأمدان في سرية نحو بلد الروم وكانت الروم قد وصلوا إلى الرها وحأران فأسروا أبا الهيثم ابن القاضي أبي الحصين وسبوا وقتلوا. وفيها في سابع ذي القعدة غرق من الحجاج الوارّد من الموصل إلى بغداد في دجلة بضعة عشر زأورّقا فيها من الرجال والنساء نحو ستمائة نفس. وفيها مات ملك الروم وطاغيتهم الكبر بالقسطنطيية وأقعد آبنه مكانه ثم قتل ونصب في الملك غير. وفيها وصلت الروم الى طرسوس فقتلوا جماعه وفتحوا حأصن الهارّونية وخربوا الحصن المذكورّ وقتلوا أهله ئم كرت الروم إلى ديارّ بكر ووصلوا ميافارّقين فعمل في ذلك الخطيب عبد الرحأيم بن نباتة الخطب الجهادية. وفيها هرب عبد الواحأد ابن الخليفة المطيع لله من بغداد إلى دمشق. وفيها توفي الوزأير عبد الرحأمن بن عيسى بن داود بن الجراح. ًما ًما عال وفيها توفي الشيخ أبو بكر أحأمد بن سليمان الفقيه النجاد شيخ الحنابلة كان إما فقيها مات في ذي الحجة وله خمس وتسعون سنة. وفيها توفي جعفربن محمد بن نصير الخلدي الزاهد المحدث أبو محمد الخواص في شهر رّمضان عن خمس وتسعين سنة وله ست وخمسون حأجة صحب الجنيد وإليه كان منتميا وكان المرجع إلي في علوم القوم حأج قريبا من ستين حأجة قال ما حأججت إل على التوكل وكانت العطية حأولي كثيرة. وفيها توفي أبو بكر محمد بن جعفر الدمي المحدث القارّىء كان فاضل محدثا مقرًئا. وفيها توفى جعفربن حأرب الكاتب كان جليل القدرّ يتقفد كبارّ العمال فاجتازأ يوما بموكبه فسمع قارًّئا يقرأ " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق " فصاح بلى والله قد آن ونزل عن دابته ودخل الماء ولم يخرج منه حأتى فرق جميع أمواله وبقي في الماء حأتى أعطاه رّجل قميصا فلبسه وخرج إلى المسجد ولزم العبادة حأتى مات. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم سبع أذرّع وثلث عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذرّا ًعا وعشرون إصب ًعا السنة الخامسة عشرة من ولية أنوجورّ وهي سنة تسع وأرّبعين وثلثمائة وهي السنة التي مات فيها أنوجورّ صاحأب الترجمة كما تقدم ذكره. وفيها جرت وقعة هائلة ببغداد في شعبان بين السنية والشيعه وتعطلت الصلوات في الجوامع سوى جامع براثا الذي يأوي إليه الرافضة وكان جماعة بني هاشم قد أثارّوا الفتنة فاعتقلهم معزالدولة بن بويه فسكنت الفتنة. وفيها ظهر ابن المكتفي بالله بناحأية أرّمينية وتلقب بالمستجير بالله يدعو إلى الرضى من ال رّسول الله صلى الله عليه وسلم ولبس الصوف وأمر بالمعروف ومضى إلى جبال الديلم فآستنصر بهم فخرج معه جماعة منهم وسارّوا إلى أذرّبيجان فاستولى المستجير بالله على عدة بلدان وبعض البلد التي آستولى عليها كانت في يد سلرّ الديلمي فسارّ سلرّ فهزمه ويقال قتله لنه لم يظهر له حأس بعد ذلك. وفيها في شوال عرض للسلطان معزالدوله أحأمد بن بويه مرض كله فبال الدم ثم ًرّا ورّمل وأرّجفوا بموته. احأتبس بوله ثم رّمى حأصى صغا وفيها جمع سيف الدولة بن حأمدان جمو ًعا كثيرة وغزا بلد الروم فقتل وأسر وسبى فسارّت الروم وكثروا عليه فعاد في ثلثمائة من خواصه وذهب جميح ماكان معه وقتل أعيان قواده وخرج من ناحأية طرسوس. وفيها مات أحأمد بن محمد بن ثوابة كاتب ديوان الرسائل لمعزالدولة فقلد معز الدولة مكانه أبا وفيها أسلم من الترك مائتا ألف خركاه كذا ذكر أبو المظفر سبط ابن الجوزأي. وفيها بذل القاضي الحسين بن محمد الهاشمي مائتي ألف درّهم على أن يقلد قضاء البصرة فأخذ منه المال ولم يقلد قلت يرحأم الله من فعل معه ذلك وخاتله ويرحأم من يقتدي بفعله مع كل من يسعى في القضاء بالبذل و البرطيل. وفيها توفي المام أبو الوليد حأسان بن محمد الفقيه شيخ أهل الحديث والفقه بخراسان عن اثنتين وثمانين سنة. وفيها توفي الحسين بن علي بن يزيد بن داود الحافظ أبو علي النيسابورّي قال الحاكم هوواحأد عصره في الحفظ والتقان والورّع والمذاكرة والتصنيف ومولده قي سنة سبع وسبعين ومائتين وأول سماعه سنة أرّبع وتسعين ومائتين ومات في جمادى الولى قال أبو عبد الرحأمن السلمي سألت الدارّقطني عن أبي علي النيسابورّي فقال إمام مهذب. وفيها توفي محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة الدمي القارّ صاحأب اللحان كان من أحأسن الناس صوتا بالقرآن يسمع صوته من فرسخ قال محمد بن عبد الله السدي حأججت أنا وأبو القاسم البغوي وأبو بكرالدمي فلما صرنا بالمدينة وجدنا ضريرا قائما يروي أحأاديث موضوعة فقال بعضنا ننكرعليه فقال الدمي تثورّ علينا العامة ولكن اصبروا وشرع يقرأ فما هوإل أن أخذ الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالحسين أحأمد بن عثمان الدمي العطشي وأبو الفوارّس الصابوني أحأمد بن محمد بن الحسين في شوال وله خمس ومائة سنة وأبوالوليد أحأمدبن محمد الفقيه شيخ خراسان والحسين بن علي بن يزيد النيسابورّي الحافظ وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني وعبد الله بن محمد بن موسى الكعبي النيسابورّي وأبوطاهر عبد الواحأد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم شيخ القراء ببغداد والقاضي أبوأحأمد محمد بن أحأمد بن إبراهيم العسال في رّمضان وأبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفارّ. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبع أذرّع وتسع عشرة إصب ًعا مبلغ الزيادة سبع عشر ذرّاع سواء.