المفضليات/قصيدة المثقب العبدي

من معرفة المصادر
أَفَاطِمَ قَبْلَ بَيْنِكِ مَتِّعِينِي
 
ومَنْعُكِ ما سَأَلْتُ كأَنْ تَبينِي

فَلاَ تَعِدِي مَوَاعِدَ كاذِباتٍ ... تَمُرُّ بِها رِياحُ الصَّيْفِ دُونِي فَإِنِّي لو تُخالِفُنِي شِمالِي ... خِلاَفَكِ ما وَصَلْتُ بِها يَمِينِي إِذاً لَقَطَعْتُها ولَقُلْتُ بِيني ... كذلِكَ أَجْتَوِى مَنْ يَجْتَوِينِي لِمَنْ ظُعُنٌ تُطالِعُ مِنْ ضُبَيْبٍ فما خَرَجَتْ من الوادِي لِحِينِ مرَرْنَ على شَرَافَ فَذَاتِ رَجْلٍ ... ونَكَّبْنَ الذَّرَانِحَ باليَمِينِ وهُن كَذَاكَ حِينَ قَطَعْنَ فَلْجاً ... كأَنَّ حُمُولَهُن علي سَفِينِ يُشَبَّهْنَ السَّفِينَ وهُنَّ بُخْتٌ ... عُرَاضَاتُ الأَباهِرِ والشُّؤُونِ وهُنَّ علي الرَّجائِزِ وَاكِنَاتٌ ... قَوَاتِلُ كلِّ أَشْجَعَ مُسْتَكينِ كَغِزْلاَنٍ خَذَلْنَ بِذَاتِ ضَالٍ ... تَنُوشُ الدَّانِياتِ من الغُصُون ظَهَرْنَ بِكِلَّةٍ وسَدَلْنَ أُخْرَى ... وثَقَّبْنَ الوَصَاوِصَ لِلْعُيُونِ وهُنَّ على الظِّلاَمِ مُطلَّباتٌ طَوِيلاَتِ الذَّوائِبِ والقُرُونِ أَريْنَ مَحَاسِناً وكَنَنَّ أُخْرَى ... مِنَ الأَجيادِ والبَشَرِ المَصُونِ ومنْ ذَهَبٍ يَلُوحُ على تَرِيبٍ ... كلَوْنِ العاجِ ليْسَ بِذِي غُضُونِ إِذَا ما فُتْنَهُ يَوْماً بِرَهْنٍ ... يَعِزُّ عليهَِ لم يَرْجعْ بِحِينِ بِتَلْهِيةٍ أَرِيشُ بِها سِهامِي ... تَبُذُّ المُرْشِقاتِ منَ القَطِينِ عَلَوْنَ رُبَاوَةً وهَبَطْن غَيْباً ... فَلَمْ يَرْجِعْنَ قائِلَةً لِحِينِ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِنَّ، وشُدَّ رَحْلِي ... لِهَاجِرةٍ نَصَبْتُ لَهَا جَبينِي لَعَلَّكِ إِنْ صَرَمْتِ الحَبْلَ مِنِّي ... كَذَاكِ أَكُونُ مُصْحِبَتِي قَرُونِي فَسَلِّ الهمَّ عَنْكَ بِذَاتِ لَوْثٍ ... عُذَافِرَةٍ كَمِطْرَقَةِ القُيُونِ بِصادِقَةِ الوَجِيفِ كأَنَّ هِرًّا ... يُبارِيهَا ويأْخُذُ بالوَضِينِ كَسَاهَا تامِكاً قَرِداً عليها ... سَوَادِيُّ الرَّضِيحِ معَ اللَّجينِ إِذَا قَلِقَتْ أَشُدُّ لَها سِنَافاً ... أَمَامَ الزَّوْرِ منْ قَلَقِ الوَضِينِ كأَنَّ مَوَاقِعَ الثَّفِنَاتِ مِنها ... مُعَرَّسُ باكِرَاتِ الوِرْدِ جُونُ يَجُذُّ تَنَفُّسُ الصُّعَدَاءِ مِنْها ... قُوَى النِّسْعِ المُحَرَّمِ ذِي المُتُونِ تَصُكُّ الحَاِلبَيْنِ بِمُشْفَتِرُّ ... لَهُ صَوْتٌ أَبَحُّ منَ الرَّنِينِ كأَنَّ نَفِيَّ ما تَنْفِي يَدَاهَا ... قِذَافُ غَرِيبَةٍ بِيَدَيْ مُعِينِ تَسُدُّ بِدَائمِ الخَطَرَانِ جَثْلٍ ... خَوَايَةَ فَرْجِ مِقْلاَتٍ دَهِينِ وتَسْمَعُ للذُّبابِ إِذَا تَغَنَّى ... كَتَغْرِيدِ الحَمَام على الوُكُونِ فالْقَيْتُ الزِّمامَ لها فنامَتْ ... لِعَادَتِها منَ السَّدَفِ المُبِينِ كأَنَّ مُناخَها مُلْقَى لِجَامٍ ... عَلَى مَعْزائِها وعَلَى الوَجِينِ كأَنَّ الكُورَ والأَنْسَاعَ مِنها على قَرْوَاءَ ماهِرَةٍ دهِينِ يَشُقُّ الماءَ جُؤْجُؤُها ويَعْلُو ... غَوَارِبَ كلِّ ذِي حَدَبٍ بَطِينِ غَدَتْ قَوْدَاءَ مُنْشَقًّا نَسَاها ... تَجَاسَرُ بالنُّخَاعِ وبِالوَتِينِ إِذَا ما قُمْتُ أَرْحَلُها بِلَيْلٍ ... تَأَوَّهُ آهةَ الرَّجُلِ الْحزِينِ تقُولُ إِذَا دَرَأتُ لها وَضِينِي ... أَهذا دِينُهُ أَبَداً ودِينِي

(1/52)



أَكُلَّ الدَّهرِ حَلٌّ وارْتِحالٌ ... أَمَا يُبْقِي عَليَّ وما يَقِينِي فأَبْقَى باطِلي والجِدُّ مِنْها ... كدُكَّانِ الدَّرَابِنةِ المطِينِ ثَنَيْتُ زِمامَها ووضَعْتُ رَحْلِي ... ونُمْرُقَةً رَفدْتُ بها يَمينِي فرُحْتُ بها تُعارِضُ مُسْبَطِرًّا ... على صَحْصَاحِهِ وعلى المُتُونِ إِلى عَمْرٍو ومِنْ عَمْرو أَتَتْنِي ... أَخي النَّجَدَاتِ والحِلْمِ الرَّصينِ فإِمَّا أَنْ تَكونَ أَخِي بحَقٍّ ... فأَعْرِفَ مِنْكَ غَثِّي أَوْ سمِينِي وإِلاَّ فاطَّرِحْنِي واتَّخِذْنِي ... عَدُوًّا أَتَّقِيكَ وتَتَّقِينِي وما أَدْرِي إِذَا يَمَّمْتُ أَمْراً ... أُريدُ الخَيْرَ أَيُّهُما يَلِينِي أَأَلخَيْرُ الَّذِي أَنا أَبْتَغِيهِ ... أَم الشَّرُّ الَّذِي هُوَ يَبْتَغِينِي

قال المثقب أيضاً:

لاَ تَقُوَلنَّ إِذَا ما لم تُرِدْ ... أَن تُتِمَّ الوَعْدَ في شَيءٍ نَعَمْ حَسَنٌ قَوْلُ نَعَمْ مِنْ بَعْدِ لاَ ... وقَبيحٌ قوْلُ لاَ بَعدَ نَعَمْ إِنَّ لاَ بَعْدَ نَعَمْ فاحِشَةٌ ... فَبِلا فابْدَأ إِذَا خِفْتَ النَّدَمْ فإِذا قُلْتَ نَعَمْ فاصبرْ لَها ... بِنَجَاحِ القَولِ، إِنَّ الخُلْفَ ذَمّْ وأعْلمَ أنَّ الذَّمَّ نَقْصٌ للفَتَى ... ومَتَى لاَ يَتَّقِ الذَّمَّ يُذَمّْ أُكْرِم الجارَ وأَرْعَى حَقَّهُ ... إِنَّ عِرْفانَ الفَتَى الحقَّ كَرَمْ أَنا بَيْتِي مِن مَعَدٍّ في الذُّرَى ... ولِيَ الهامَةُ والفَرْعُ الأَشَمّْ لا تَرَانِي رَاتِعاً في مَجْلِسٍ ... في لُحُوم النَّاسِ كالسَّبْعِ الضَّرِمْ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَن يَكْشِرُ لِي ... حينَ يَلْقانِي وإِنْ غبْتُ شَتَمْ وكَلاَمٍ سَيِّيءٍ قَدْ وُقِرَتْ ... أُذُنِي عَنهُ وما بِي مِنْ صَمَمْ فَتَعَزَّيْتُ خَشاةً أَنْ يَرَى ... جاهِلٌ أَنِّي كما كانَ زَعَمْ ولبَعْضُ الصَّفْحِ والإِعْرَاضِ عَنْ ... ذِي الخَنَا أَبْقَى وإِنْ كانَ ظَلَمْ إِنَّمَا جادَ بِشَأْسٍ خالِدٌ ... بَعْدَ ما حاقَتْ به إِحدَى الظُّلَمْ مِن مَنايا يَتَخَاسَيْنَ بهِ ... يَبْتَدِرْنَ الشَّخْصَ مِنْ لَحْمٍ ودَمْ مُتْرَعُ الجَفْنَةِ رِبْعِيُّ النَّدَى ... حَسَنٌ مَجْلِسُهُ غيرُ لُطُمْ يَجْعَلُ الهَنْءِ عطايَا جَمَّةً ... إِنَّ بَعْضَ المالِ في العِرْضِ أَمَمْ لا يُبالِي طَيِّبَ النَّفْسِ بِهِ ... تَلَفَ المالِ إِذِ العِرْضُ سَلِمْ أَجْعَلُ المالَ لِعِرْضي جُنَّةً ... إِنَّ خَيْرَ المالِ ما أَدَّى الذِّمَمْ