المعشبات دائرة المعارف النباتية

من معرفة المصادر

المعشبات دائرة المعارف النباتية بقلم : محمد همام فكري mhammamf@gmail.com مع تنامي الاتجاهات الشعبية نحو التداوي بالاعشاب والتي تظهر بشكل ملحوظ في تلك الاستخدامات التقليدية من قِبل المجتمعات المحلية بشكل متواصل ، وسط هذا الزخم من الاصدارات المختلفة التي تروّج لبعض الوصفات العلاجية من ناحية ، وهذه الدراسات والتوصيات التي تصدر عن المؤتمرات العلمية العالمية والتي تدعو إلى الإهتمام بالثروة الجينية للنباتات من جهة أخرى . تغدو الحاجة ملحة إلى تفعيل دور المعشبة «Herbarium» في المراكز والمؤسسات العلمية والمدنية في آن واحد ، بإعتبارها المخزن العلمي لهذه الأنواع التي تتعرض لتهديدات خطيرة من تلك الاستخدامات المبالغ فيها . وعلى الرغم من أن معظم جامعاتنا العربية تكاد لا تخلو من وجود معشبة ملحقة باقسام النبات أو الاقسام البيولوجية في كليات الزراعة والصيدلة والعلوم ، بالاضافة إلى بعض المراكز العلمية المتخصصة ، إلا أن حال معظمها ليس على المستوى المرجو ، لتوقف تحديثها أو قلة التغذية المستمرة إليها من الأضافات الجديدة ، كما ان النظر إليها بأعتبارها جزء من متحف علمي ، جعلها تأتي في درجة تالية من إهتمام المسؤولين لرصد الميزانيات المناسبة لها ، على الرغم من أهمية دورها المرجعي كبنك متنامي للمعلومات Data Bank في بيئتنا العربية ، بإعتبارها مصدراً محترماً للمعلومات العلمية ، واشبه بدائرة المعارف ، يمكن الرجوع إليه في العديد من الدراسات التوثيقية المتعلقة بمواردنا النباتية . وإذا كان الحديث عن موضوعات بيئية مثل التنوع البيولوجي «Biodiversity» وصيانة المصادر الجينية وبنوك البذوربدأت تتردد الآن في قاموسنا الاصطلاحي ، وفرضت نفسها مؤخراً على آدبيات الاعلام البيئي والعلمي ، فأننا هنا نحاول أن نقترب إقتراباً مقصوداً من ( عالم المعشبات ) أهم الوسائل الكفيلة بالمحافظة على الانواع النباتية في بيئتنا العربية ، وابراز اهميتها الحيوية والطبية والاقتصادية بشكل عام ، خاصة وان العديد من من الانواع النباتية المعروفة وغير المعروفة باتت مهددة بالإختفاء قبل ان تدرس او تجمع من اماكنها الأصلية . وهو اقتراب يقدره هواة ومحبو النبات ، الذين يقدرون بشكل خاص أهمية إقتناء مجموعة من النباتات الجافة ، ويتباهون بامتلاكها كما يتباه كل هاو لجانب من جوانب المعرفة ، ويتسابقون في جمع النادر من الانواع النباتية ، كما يتسابق هواة جمع الطوابع او العملات او الكتب القديمة او جامعو الحشرات ومربو اسماك الزينة .إلا أن حاجتهم إلى التعرف على المزيد من الطرق العملية التي توجههم إلى العناية بشكل أفضل بمجموعاتهم الخاصة وتطوير أساليبهم المتبعة في ذلك ، تغدو الآن مطلباً هاماً ، خاصة مع دخول الحاسب الآلي في أوجه المعرفة كآداة لتخزين المعلومات وتصنيفها وسرعة استدعائها وهو ما يجعل من دور المعشبة القومية ، ركيزة أساسية لتوثيق هذه العلاقات الحميمة مع النباتات البرية Flora في مواطنها الأصلية ، وفي الوقت نفسه العمل على حماية النادر منها او المعرض للانقراض بسبب الاعتداءات المستمرة من قِبل من يجهلون قيمته الحيوية ، حتى ولو كان ذلك بحجة عمليات التنمية العمرانية . المعشبة وعالم النبات نشأت المعشبات :هناك شبه إجماع بأن المعشبات هي أول المعامل النباتية التى عرفها الإنسان ، بعد مرحلة الجمع العشوائي من البراري والحدائق ، فقد كان لازماً عليه ان يفكر في المكان الذي يحفظ فيه التي يجمعها بطريقة تسهل عليه الرجوع إليها باسرع وايسر جهد ، ومع نجاحه في ايجاد ذلك المكان بمواصفاته الممكنة يمكننا ان نقول ان ذلك كان بداية للبحث العلمي النباتي ( التقليدي ) الذي بدء بالفعل في أروقة المعشبات، وحوانيت العشابين ، عندما كان النبات ( العشب ) هو المصدر الرئيسي في الممارسات العلاجية ، واقترن الطب منذ قديم الزمان عند قدماء المصريين والأغريق والعرب والهنود والصينيين بالتداوي بالأعشاب ، وكانت المعشبة آنذاك أشبه بالصيدلية والعيادة والمعمل في آن واحد ، يختلف إليها الأطباء والعشابون والمرضى ، فلم تكن الصيدليات في عهودها الأولى سوى حوانيت تبيع أنواعاً كثيرة من الأعشاب الطبية أو أوراقها وزهورها والبذور والثمار والجذور في صورتها الطبيعية أو على هيئة مسحوق أو مغلي (1) ، وتطور دورها عبر العصور وتزايدت مكانتها بين المهتمين من الدارسين والبحاث من العشابين Herbalists إبان عصر النهضة ، حتى غدت مركزاً علمياً معني بكافة نواحي المعرفة الناتية قبل ان تتمايز التخصصات الفرعية ، ويعتبر لفظ أو مصطلح المعشبة Herbarium مصطلحاً له دلالته الطبية فقد استعمل قديماً بمعنى كتاب النباتات الطبية ، وكان العالم السويدي الشهير لينيس Linnaeus أول من قام باستخدام هذا المصطلح بمعناه الحالي ( 2 ) بينما يعد العالم الإيطالي جيني Ghini هو أول من قام بإعداد العينات المعشبية على الهيئة التي نعرفها ، ومن ثم يسرت هذه الطريقة على القائمين بالتصنيف والتبويب البدء في أهم عملية علمية دخل المنهج العلمي من خلالها إلى عالم المعرفة ، ولتنتقل معه البشرية لأهم مرحلة من مراحل تطورها ، لحفظ التراث الطبيعي النباتي . التراث الطبيعي النباتي كما تلعب المكتبات الوطنية دورها الحضاري كوعاء لحفظ التراث الفكري الإنساني ، تلعب المعشبات النباتية دورها ايضاً كوعاء لحفظ التراث الطبيعي النباتي ، ممثلاً في تلك العينات التي يتم جمعها وتجفيفها وتصنيفها علمياً حسب عائلاتها وأنواعها المختلفة ، ومن ثم حفظها بطريقة تمكن الباحث من سهولة وسرعة الرجوع إليها حال الإحتياج إليها ، فالهدف من وجود معشبة ما هو في الأصل هدف بحثي ( تقسيمي ) في المقام الأول ، لأن المهمة الأساسية للمعشبات هي توفير نماذج من العينات النباتية التصنيفية والتي توجد في منطقة جغرافية معينة ، قد تكون أقليماً معيناً أو دولة معينة ، حسب الحدود السياسية او الاقاليم الجغرافية ، هذه النماذج تكون ممثلة إلى حد كبير للنباتات الموجودة برياً في النطاق السياسي او الجغرافي ، وحسب نظام التسمية العلمية فان لهذه الانواع اسماء علمية ، موحدة اتفق عليها باجماع علمي وهي اسماء اشبه باللغة العالمية . ويحرص علماء النبات على جمع عينات كاملة او شبه كاملة من البيئة ، بجذورها ومجموعها الخضري بما يحمل من سيقان وأوراق و أزهار وثمار ، لأن الهيئة الكاملة للنبات تساعد كعلامات فارقة في التعرف على النوع ومن ثم مقارنته بالأنواع الأخرى ، فقد يتشابه نوع مع نوع آخر في العائلة الواحدة من حيث ، شكل الأوراق Leaves و الأزهار Flower والبذور Seeds وذلك من حيث لونها وحجمها وشكلها التفصيلي ، نقول يتشابه إلا أنه يختلف بقدر لا يستطيع ان يميزه إلا الخبير المتخصص ، كنظام وضع الأوراق على السيقان أو نظام أمتداد الجذور وما إلى ذلك من مميزات فارقة ، وهي علامات تحتاج إلى خبرة ونظرة علمية دقيقة وفاحصة ، قد تستلزم في بعض الأحيان ، إستخدام آدوات فحص مجهرية بدءاً من العدسات المكبرة أو المجاهر البسيطة إلى المجهر الألكتروني ( اشكال حبوب اللقاح ) ، وهو ما ساهم بدوره في ظهور او انفصال او تمايز أنواع جديدة باسماء جديدة غير تلك الاسماء التي كانت معروفة ، فمع التقدم التكنولوجي وتطور الفكر العلمي ، بات من المألوف في عالم النبات ، تغير اسماء بعض الانواع نتيجة لظهور علامات او تفاصيل جديدة لم تكن معروفة من قبل ، وهو ما يثري بدوره البحث العلمي و الحصيلة العلمية المتعلقة بالرصيد النباتي العالمي بشكل عام ، وما كان يتحقق ذلك دون الرجوع إلى العينات المعشبية الدستورية . اشهر المعشبات العالمية معشبة حدائق كيو KEW HERBARIUM تجمع في خزناتها مئات الالاف من أنواع الفلورا ( النباتات البرية ) العالمية ( حوالي ...65عينة جافة ) تم جمعها من كافة مناطق العالم بدءاً من عصر النهضة . وقد تم تعريفها وحفظها بالمعشبة لتكون بمثابة مجموعات مرجعية للباحثين والدارسين ، وهي أشبه بدوائر المعرفة Encyclopedia ، حيث تأخذ كل لوحة نباتية رقمًا في المعشبة بعد كتابة اسمها المحلي الدارج ( حسب موطنها الاصلي ) واسمها العلمي ( اللاتيني ) واسم العائلة ، واسم جامعها واسم معرفها ورقماً خاصاً بكل عينة ، وعادة يقوم رسامون علميون محترفون برسمها .وكتابة نبذة عنها وهي معلومات غاية في الاهمية للباحثين والدارسين في كافة انحاء العالم . حيث يقصدها الباحثون من كل حدب وصوب .وملحق بالمعشبة مكتبة نباتية متخصصة تجمع معظم ما كتب من مخطوطات ومطبوعات عنيت بالاعشاب النباتية .معرفة وبحثا في معظم انحاء العالم لذلك لم تخل المكتبة من كل ما نشر عن نباتات المنطقة العربية . بالاضافة إلى هذه المجموعة الرائعة من الكتب والمخطوطات توجد مجموعة من الرسومات البديعة لنباتات العالم رسمها اشهر الفنانين العلميين امثال سادنهام ادوارد SYDENHAM EDWARD ووليم كيلبورن WILLIAM KILBURN وجيمس سواربي واعتنى بها عالم النبات وليم كيراتس WILLIAM CURTIS الذي نشر هذه اللوحات في الثلاثين عاما الاخيرة من القرن الثامن عشر في سلسلة بعنوان نباتات لندن البرية مع وصف موجز لكل نبات طبع ونشر فيما بعد في خمسة اجزاء ليؤسس بذلك .لمنهج علمي لا يزال يتبعه العلماء في تأليف كتب دراسات الفلورا ( Floristies ) وهي المعنية بالنباتات البرية ، وتشغل بشكل اساسي مكانا بارزا في المكتبات الملحقة بالمعشبات العالمية . وتأتي معشبة معهد كوماروف Komarov النباتية بللنجراد ومعشبة متحف التاريخ الطبيعي بفرنسا في المرتبة التالية حيث تحتوي كل منهما على حوالي ستة ملايين عينة معشبية ، ثم معشبة المتحف البريطاني ( التاريخ الطبيعي ) وومعشبة المحمية النباتية السويسرية ، إذ تقدر كل منهما بحوالي خمسة ملايين عينة ، ومن المعشبات المشهورة في أمريكا : معشبة جراي Grayبجامعة هارفرد ، ومعشبة المتحف الأهلي بنيويورك ، ومعشبة حدائق ميسوري ، وفي المانيا معشبة برلين ، ومن المعشبات ذات التاريخ : معشبة لينيس التابعة لجمعية لينيس بانجلترا .(3) أما أضخم المعشبات في المنطقة العربية فتوجد في مصر ( وزارة الزراعة ) وتقدر عيناتها بنصف مليون عينة معشبية ، بالأضافة إلى معشبة جامعة القاهرة الملحقة بقسم النبات ، وتقدر بحوالي ربع مليون عينة والتي تعرف الآن بمعشبة ( فيفي تكهولم ) تخليدا لدورها التاريخي في جمع وتعريف نباتات مصر . جامعو العينات النباتية للعلماء العرب والمسلمين مآثر عظيمة في مجال علم النبات بشكل عام ، ويرجع ذلك لكون الاطباء العرب كانوا يفضلون وصف الادوية النباتية على المركبة مما زاد من اعتنائهم بالاعشاب البرية فقاموا بجمعها ووصفها وتعريفها بدقة ملحوظة ، يكفي أن نذكر هنا أن رشيد الدين الصوري ، الذي طاف في العديد من البلاد العربية والاسلامية كان يرافقه مصورا رساما ، ليقوم برسم النبات في مراحله المختلفة ، قبل أن يجمع عينات منه ، و ذكر ابن البيطارالذي قام برحلات إلى كل من اليونان ومصر والمغرب والشام وجمع الكثير من اعشابها ، ووصف أكثر من .14 صنف من الادوية معظمها نباتية ( ..1عينة ) في كتابه الجامع في الادوية (4) ، وفعل مثله داود الانطاكي الذي قام ايضا برحلات الى الشام وفلسطين والقاهرة ، وترك تذكرته الشهيرة التي احصي فيها آلاف العينات النباتية التي وصفها وصفاً متميزاً ، وقد جمع محمد بن علي الملقب بالشفرة الاعشاب الطبية من مناطق عديدة في الاندلس ، وقام الوزير الغساني بتشريح الزهور ووصف اجزائها وصفاً كاملاً ، كما قام بتصنيف وملاحظة القرابة بين الانواع النباتية ، وتخصص أبو العباس احمد بن محمد الاشبيلي في دراسة النباتات البحرية ، وقام ابن العوام بجمع ووصف حوالي 585 نوعاً من النباتات . وغيرهم كثيرين . جهود الرحالة والمستكشفين و قدم الرحالة والمستكشفون خدمات رائعة في مجال جمع العينات النباتية ، مما ساهم بدوره في إثراء الرصيد النباتي العالمي ، وتطور المعرفة المتعلقة بالنباتات البرية ، فقد اتسمت العديد من الرحلات العلمية بجهد مثمر ، خاصة إذا كان الرحالة من محبي أومن هواة جمع النباتات البرية ، او ممن يعنون بشكل عام بالتراث الطبيعي من نباتات وحيوانات . فقد اندفع عدد كبير من الرحالة الجغرافيين في عصر النهضة للقيام بدراسات مسحية للعديد من المناطق الجغرافية ، اشتملت على رصد وجمع العينات النباتية والحيوانية والجيولوجية من مختلف بقاع العالم ، وكان من نصيب المنطقة العربية ، أن جاء إليها عدد من الرحالة المتخصصين في التاريخ الطبيعي أو غير المتخصصين نذكر منهم :كريستين نيبورNiebuhr,c ،بيتر فورسكال Peter Forskal ( تلميذ عالم النبات الشهير لينيس ) ، بلاستيد Plasited ، دمنجو باديا ليبليتش Domingo Badia Ylieblich الذي تسمى باسم على بك العباسي Ali Bey, ، بوركهارت Burckhardt, J. L ، سيتزن Seetzen, U ، الكابتن سيدلرSadlier, G. F , وليستد Wellsted, J.R.، وكرتينيدين Cruttenden , ارنوود Arnaud, J. ، فون وريدى Von Wrede, A ، والن Wallin, G.A. ريتشارد بيرتون Burton, R.F.، فون مالتزان Von Maltzan ، بلجريف Palgrave, W.G .، جيرماني Guarmani, C. ، لويس بيلي Pelly, C.L.، هاليفي Halevy, J. ، تشارلز داوتي Doughty. C.M.، الليدى آن Lady Anne Blunt ، جلازر Glaser, E إيتنج Euting. J.، كاريثيرز Carruthers ، موسل Musil, A ، فيلبي Philby, H. St. J. ، تشيزمان Cheesman, R.E.، ريسجزنس ووزمان Rathjens & Wissman، برترام توماس Thomas. B. وغيرهم . وعلى الرغم من تعدد واختلاف اهدافهم ، لم تخل كتاباتهم من معلومات هامة عن نباتات المناطق العربية التي زاروها وبشكل خاص نباتات شبه الجزيرة العربية ، حيث قام بعضهم بوصفها ورسمها وتعريفها ، كما جمع بعضهم عينات منها وارسلها إلى المتاحف والمعاهد العلمية الاوروبية لحفظها في معشباتها ، حيث لا تزال تأخذ مكاناً خاصاً في أقسام التاريخ الطبيعي في معظم هذه المعاهد والمتاحف العريقة . إعداد العينات المعشبية لعله من المناسب الآن وبعد ان عرضنا تاريخيا لدور المعشبات والجهود التي قام بها جامعو العينات النباتية من رحالة وعلماء عرب ومسلمين واوروبيين ، ان نقترب من المعشبة اكثر لنقدم معلومات مبسطة من واقع خبرتنا العملية في مجال العمل المعشبي ، عن طريقة إعداد العينة المعشبية وحفظها ، وهي معلومات قد تفيد بشكل عملي هواة جمع وحفظ العينات النباتية ، خاصة الراغبون منهم في تكوين إلبومات نباتية معشبية دائمة . تمر العينات المعشبية بمراحل إجبارية قبل ان تنتظم في خزائنها التصنيفية ، وهذه المراحل في غايتها تهدف إلى الحفاظ على شكل العينة النباتية ، لاطول مدة ممكنة وذلك بإنتزاع العصير الخلوي من العينة أي تجفيفها والحفاظ عليها من العوامل البيئية والاصابات الحشرية ، لذا فإن مراحل إعداد العينات المعشبية تأتي حسب الترتيب التالي: مرحلة الجمع : وهي المرحلة التي يقوم فيها الجامع بالخروج الى البيئة الطبيعية في جو صحو ( غير ممطر - او عاصف ) ، حاملا ادواته من دفتر لتسجيل المعلومات وعدسات مكبرة وحقائب لجمع العينات وجاروف ومقص نباتات وما إلى ذلك من مستلزمات حقل بالأضافة إلى كاميرا حتى يقوم بتصوير بعض العينات النباتية في بيئتها الطبيعية . وقبل ان تمتد يده ليلتقط العينات ، عليه ان يراعي ان النوع الذي سيقوم بجمعه متوافر في المنطقة وفي أعمار مختلفة حتى تكون العينة التي سيختارها ممثلة قدر الامكان للنبات في مراحل نموه المختلفة وهو بادرة وهو بالغ ، بمعنى اشتمالها على كافة اجزاءه من مجموع جذري ومجموع خضري بما في ذلك اشتمالها على ازهار او ثمار ويحبذ ان تكون ناضجة ( بها بذور ) وان تكون خالية من الأمراض أو الاصابات الحشرية ( تستخدم أكياس بلاستيك أو حقائب من الصاج محكمة الغلق لحفظ العينات من العوامل الجوية لحين الوصول بها الى المعشبة مع كتابة تاريخ ومكان الجمع بالقلم الرصاص على ورقة ترفق بهذه العينات ). مرحلة الحجر والفرز: قبل تفريغ العينات من اكياس الجمع او العلب وقبل إدخالها إلى طاولة العمل في المعشبة توضع في فريزر تثليج لمدة 24 ساعة لقتل الآفات النباتية ، يتم بعدها فرز العينات لاستبعاد المصاب منها ، والتأكد من خلوها تماما من اي عوالق غريبة حشرية او فطرية أو اتربة ، حتى لا يؤدي ذلك إلى إنتقال الاصابة لباقي العينات المعشبية ، ويتم غسلها بالماء الجاري ( او نفضها من الاتربة ، دون الغسيل ) وفردها لتجف في الهواء ، ثم تجمع مرة ثانية ، لتصنف في مجموعات . مرحلة الكبس : وعلى طاولة العمل يتم تجهيز المكابس الخشبية (لوحان من الخشب مقياس عالمي .3 x 45سم -بهما ثقوب للتهوية ) واوراق جرائد - مطوية - واوراق كرتون لتشرب الماء ، حيث يوضع احد اللوحين علي الطاولة ثم يوضع طبقة من الكرتون والجرائد ، وترص العينات في طبقات تفصل بينها الجرائد او اوراق التجفيف ، على ان تفرد اوراق كل عينة فردا كاملا ، وترص طبقة اخري ، وهكذا حتى يتكون مجلد كبير من الطبقات ، ثم تغطى باللوح الخشبي الثاني ويربط اللوحان بالحبال للضغط على العينات حتى تفقد محتواها المائي ومن ثم تتشربه اوراق الجرائد . وتترك لمدة يومين في مكان جيد التهوية ، ثم يعاد تغيير الجرائد بجرائد أخرى جديدة ، وهكذا لمدة ثلاث او اربع مرات حسب طبيعة العينات النباتية والتقدير الشخصي لمدى جفاف العينات ، فكلما كانت العينات النباتية عصيرية كلما احتاجت إلى تبديل أوراق التجفيف على فترات متقاربة عدة مرات ..( يلجأ بعض الهواة الى ضغط العينات النباتية بين اوراق بعض الكتب القديمة ، ووضع ثقالات كقوالب الطوب عليها وهي طريقة مقبولة ولا تحتاج الى ادوات ) مرحلة التسميم : وهذه المرحلة يمكن ان يتجاوزها الهواة لخطورة المادة المستخدمة في التسميم او استبدالها بالاكتفاء برش العينات النباتية التي تم تجفيفها جيداً بمبيد حشري قوي التأثير مع الحذر المعتاد بعدم استنشاق الرذاذ وذلك للاحتفاظ بالعينات لمدة طويلة . اما المشتغلون في المعشبات العلمية القومية فعليهم تسميم العينات بمحلول كحولي بنسب (1جرام كلوريد زئبقيك : 1 لتر كحول ايثلي ) حيث تغمر العينات للحظات ثم تنتشل بملقط وتترك لتجف ، حيث تكون جاهزة التثبيت. مرحلة التثبيت : تثبت العينات بعد ذلك على لوحات العرض ( ورق بريستل ابيض مقاس 28* 42سم ) على ان تكون اجزاء العينة مستوية وواضحة ، وذلك بلصق الاجزاء بلاصق سلوتيب او بالغراء، وتوضع البذور في كيس بلاستيك صغير يثبت في الجانب الايمن العلوع للوحة العرض. مرحلة التعريف : تلصق على لوحة العرض في الجانب الأيمن السفلي بطاقة البيانات المتضمنه : اسم العينة العلمي .والاسم المحلي الدارج والفصيلة والرتبة والقسم التي يتبعها النوع. ومكان وتاريخ الجمع واسم الجامع واسم القائم بالتعريف ، ورقم مسلسل العينة في المجموعة المعشبية .ويقوم متخصص ( عالم تصنيف نبات ) بتعريف اسم العينة . وبالتنالي تكون العينة المعشبية جاهزة للحفظ في خزائن المعشبة او في ملفات المجموعات المعشبية الخاصة بالهواة .. وبعد هذه الرحلة السريعة في عالم المعشبات ، لا يفوتنا هنا ان نشير الى بعض معوقات تطور دورها العلمي في المعاهد والاقسام والمتاحف العلمية العربية ، والتي يجيء في مقدمتها غياب الدعم المادي الكافي . فلا تزال بعض المعشبات في حالة سبات عميق ، منذ أن أنشئت ، إي أنها لا تلقى الاهتمام المستمر لكي تنمو وتتطور لتؤدي دورها المنشود .


الهوامش : 1- جورج وهبة العفي : الصيدلة علم وفن وإنسانية : سلسلة أقرأ 282 ، دار المعارف - القاهرة 1966م ص 5 2-قاسم ـفؤاد السحار : مقدمة في علم تقسيم النبات ، الدار العربية للنشر والتوزيع ، القاهرة ط 1 ، ص 39 3 - الموسوعة العربية : شفيق غربال ، ص 1721 4- ابراهيم مدكور : معجم اعلام الفكر الإنساني ، المجلد الاول ، القاهرة ، ص 67 5- كمال الدين البتانوني ،: اسماء النباتات اللاتينية ذوات الأصول العربية ، حولية كلية الأنسانيات والعلوم الإجتماعية ، العدد التاسع ، 1986، جامعة قطر ص 3.4) ،