المصري اليوم تفتح ملف الخسائر والمخالفات في عقد «بريتش بتروليم» بشمال الإسكندرية

من معرفة المصادر

المصري اليوم تفتح ملف الخسائر والمخالفات في عقد «بريتش بتروليم» بشمال الإسكندرية، كتبها مصباح قطب في جريدة المصري اليوم، 14 نوفمبر 2011.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المقال

فتش عن عقد شمال الإسكندرية وعن القلق من فتح ملفه، فهو يكاد يكون «حجر الزاوية» فى أى تصرف أو تصريح للحكومة البريطانية إزاء ما يجرى فى مصر بعد الثورة».. هذه هى العبارة التى ترددت على لسان أكثر من خبير وبأكثر من صيغة خلال الأشهر القليلة الماضية، وكانت محركنا الرئيسى لإجراء هذا التحقيق..

ما قصة العقد وظروف إبرامه وبأى شروط؟ ما الآثار المترتبة عليه وما مدى إمكانية تعديله؟ كم تبلغ عوائد مصر من العقد الحالى.. وكم تبلغ بالنسبة للجانب البريطانى؟.. أسئلة كثيرة سعينا للكشف عن إجاباتها، ولا نخفى سراً إذا قلنا إن المجهود الشاق الذى بذلناه أثناء إجراء هذا التحقيق سيتطلب صبراً جميلاً من قارئه، نظراً لتعقد بعض المشاكل والمصطلحات التى حاولنا تبسيطها قدر جهدنا.

كشفت أوراق حصلت عليها «المصرى اليوم» عن تفاصيل خطيرة تخص العقد المبرم فى يوليو 2010 الماضى بين الهيئة العامة للبترول وشركة «بريتش بتروليم» المعروفة بشركة «بى. بى»، إحدى كبريات الشركات البريطانية العاملة فى مصر، وشريكتها الألمانية للزيت «آر دبليو إى»، ويختص ذلك العقد بتنمية منطقة امتياز شمال الإسكندرية وكذلك «غرب البحر المتوسط -مياه عميقة»، ويوضح العقد أن الحكومة المصرية تنازلت عن 13 مليار دولار على الأقل لصالح الشركة البريطانية دون مبرر اقتصادى أو فنى أو منطقى وبما يعد أكبر خسارة عملية تتكبدها مصر فى عقد امتياز تجارى.


عقد الاتفاقية

وفقا للاتفاقية السابقة فإن الشريك الأجنبى يحصل إضافة على الـ40% التى يسترد بها المصاريف، على نسبة 12% كربح عائد على استثماراته تخصم من الإنتاج، أى أن إجمالى حصة الشريك بوجه عام فى هذا الاتفاق يعادل 52% مقابل 48% للهيئة.

نجحت الشركة الإسبانية فى تحقيق كشفين فى المنطقة فى الفترة من 1999-2000، ثم انضمت لها فى وقت لاحق شركة «بريتش بتروليم»، البريطانية بنسبة 50% من حصتها ثم اشترت بعد ذلك كامل الحصة الإسبانية فى 2001 عقب أن صفت الأخيرة أعمالها فى مصر. وطبقا لخبراء مصريين، ذوى سمعة وخبرة عالمية، ناقشتهم «المصرى اليوم»، فإن أول مخالفة لهذا الاتفاق كانت فى الفترة ما بين 2001 حتى 2003، ممثلة فى استمرار بقاء المنطقة فى حوزة «بى. بى» رغم انتهاء التعاقد بالقانون 15 لسنة 1992 فى مايو عام 2001 لمرور 9 سنوات هى مدة سريان العقد، لكن المنطقة ظلت تابعة للشركة البريطانية بالمخالفة لهذا القانون، ما يعنى عمليا منح الشركة حق استغلال المنطقة بالأمر المباشر، دون سحبها وطرحها فى مزايدة جديدة.

ويؤكد الخبراء أن المخالفة الثانية حدثت فى 2003، عندما حاولت الهيئة تجاوز الخطأ القانونى، بما يبقى المنطقة خاضعة لسيطرة الشركة البريطانية؛ فتم تحويل منطقة امتياز شمال الإسكندرية بشكل شبه كامل إلى منطقة تنمية، بما فى ذلك المساحات التى لم يتحقق بها أى اكتشافات، بالمخالفة لقاعدة «لا عقود تنمية إلا بعد تحقيق اكتشافات»، وكان يمكن استبعاد تلك المناطق وإعادة طرحها فى مزايدات بحث واستكشاف أخرى بما يدر عائدا على الدولة بدلا من ضمها إلى مناطق تنمية الشركة البريطانية دون مقابل بل لمدة طويلة، وبصفة عامة تصل مدد التنمية إلى 35 عاما كحد أقصى فى حالات الغاز و30 عاما فى حالات الزيت.

وحول أسباب عدم اتباع هيئة البترول الإجراء الطبيعى والقانونى الذى كان يفترض أن يتبع فى تلك الحالة وهو سحب المنطقة عام 2001 من الشركة البريطانية وإعادة طرحها مرة أخرى فى مزايدة عالمية، يرى بعض الخبراء أن ذلك قد يكون لضمان عدم مشاركة منافسين للشركة البريطانية فى المنطقة على اعتبار أنها جاذبة جدا، وتوجد بها اكتشافات، وبالتالى بها احتياطيات مؤكدة بما يجعل نسب المخاطرة معدومة تقريبا.

تعديل 2008

وفى عام 2008 طلبت الشركة البريطانية تعديل بعض بنود عقد التنمية بدعوى ارتفاع تكلفة الإنتاج بالمياه العميقة، وعليه تم إدخال تعديل على الاتفاقية الأولى لمنطقة شمال الإسكندرية المبرمة بالقانون رقم 15 لسنة 1992 والتى كانت موقعة بين الهيئة وشركة «ريبسول» الإسبانية، وورثته «بى. بى»، وهو ما نطلق عليه «التعديل الأول»، لأن طلب الشركة البريطانية سيتكرر مرة أخرى وسيستجاب لها كل مرة.

نص التعديل الأول فى 2008، على الإبقاء على نسبة الـ40% من الإنتاج لاسترداد المصروفات، مع مضاعفة النسبة المخصصة لمكسب الشريك إلى 24% بدلا من 12%، بحجة ارتفاع التكلفة، وبذلك أصبح إجمالى نسبة الشريك بوجه عام 64% مقابل 36% للهيئة العامة للبترول، أى الدولة.

ويدافع المسؤولون المصريون عن التعديل، بدعوى تشجيع المستثمرين، إلا أنه ورغم سلبيات التعديل الأول فى 2008 فقد ظل يعنى أن مصر لديها الحق فى الحصول على 36% من الإنتاج مجاناً، دون تكلفة.

وطبقا لما هو منشور بالبيانات العالمية، يصل إجمالى الاكتشافات التى تحققت فى المنطقة سواء بالشركة الإسبانية أو ما أضافته الشركة البريطانية يبلغ حتى الآن 5 حقول هى «ليبرا، وطورس، وفيوم، وجيزة، وريفين» بإجمالى احتياطى يقدر بحوالى 7 تريليونات قدم مكعب من الغاز، وأكثر من60 مليون برميل متكثفات، بالإضافة لكشفين بمنطقة غرب المتوسط للمياه العميقة هما كشفى «روبى وبولارس»، ولم يأت ذكرهما فى التعديل المقصود لأسباب نعرض لها لاحقا.

ويقول الخبراء إنه من الطبيعى بعد الموافقة على أى عقد للتنمية، أن يتم التفاوض بين هيئة البترول والشريك الأجنبى للاتفاق على سعر للغاز أو آلية تحكم الطرفين وبصفة نهائية، مؤكدين أن هذا لم يحدث نظرا لمماطلة شركة «بى بى» فى تنمية تلك الحقول المكتشفة بدعوى ارتفاع التكاليف بالمياه العميقة بما يجعل الأمر غير اقتصادي، رغم مضاعفة النسبة المخصصة لربحها فى التعديل الأول 2008، وذلك علما بأن الشركة البريطانية كانت تعلم كل التفاصيل الفنية واللوجيستية عن المنطقة منذ بداية التحاقها بها فى 1994، وبالتالى كانت على دراية كاملة بالجوانب الاقتصادية للمشروع قبل وبعد التحاقها به، وهذا يبرر بشرائها لنصيب الشركة الإسبانية بالكامل، بما يجعل مطالبتها بإعادة التفاوض على أى من الشروط الاقتصادية فى الاتفاق غير منطقي، خاصة أن التعديل الأول اشتمل على سعر للغاز يفوق 3 دولارات للوحدة الحرارية.

تعديل 2010

ويقول الخبراء، إن الشركة الإنجليزية التقطت مأزق وزير البترول وقتها، سامح فهمى، أمام الرأى العام بسبب تصدير الغاز من الشبكة القومية وبأسعار متدنية وعدم وجود غاز يسد حاجة المصانع الجديدة واضطرار الدولة إلى بحث إمكانية استيراد غاز من الخارج بالأسعار العالمية، بالإضافة إلى أن حقول الغاز المنتجة وتحديدا حقول شركة رشيد التابعة لبريتش جاز بمنطقة «غرب الدلتا للمياه عميقة» قد بدأ إنتاجها يتناقص، فسعت الشركة لإدخال التعديل الثانى على العقد فى يوليو 2010 بموافقة هيئة البترول والوزير وتم اعتماده من مجلس الشعب.

وينص التعديل الأخير فى 2010 على تنازل مصر عن حصتها كاملة ليصبح نصيب المقاول «آى الشركة البريطانية» 100% من الغاز المنتج والمتكثفات بدلا عن 64% على أن تقوم الدولة «ممثلة فى الهيئة العامة للبترول» بشراء كامل الإنتاج وذلك بسعر تقريبى حوالى 4 دولارات للمليون وحدة حرارية من الغاز، أما المتكثفات فسعرها هو سعر برميل الزيت الخام من مزيج برنت حتى مستوى 140 دولاراً أما أعلى من ذلك فله معادلة خاصة، كما تتحمل هيئة البترول كافة الإتاوات والضرائب نيابة عن الشركة.

كما نص الاتفاق على أنه فى حال وجود احتياطى أكثر من المذكور سابقا- والبالغ 5 تريليونات قدم مكعب غاز علاوة على 55 مليون برميل من المتكثفات- ومن نفس الحقول ومن خزانات معينة، كما جاء بنص العقد، تقتسم الزيادة بنسبة 39% للهيئة و61% لصالح الشريك فيما يتعلق بالغاز، ونسبة 50% لكل من الطرفين فيما يتعلق بالمتكثفات.

وتكشف الأوراق التى حصلت عليها «المصرى اليوم» أن التعديل تم بنفس النص الذى ورد إلى هيئة البترول من الشركة البريطانية، كما توضح أن التعديل تم فى موعد حددته الشركة بطريقة تشبه الإنذار (بالنص على وجوب عرضه على البرلمان فى موعد أقصاه يونيو 2010) ولتجنب نص القانون رقم 15 لسنة 1992، على أنه إذا لم يتوصل المقاول وهيئة البترول إلى اتفاق بشأن سعر الغاز خلال فترة زمنية محددة تؤول منطقة التنمية إلى الهيئة، وإن كان هذا النص قد يفسر حرص الشركة على تمرير هذا التعديل لمجلس الشعب قبل فض الدورة، فإن الغريب- بحسب الخبراء- أن وزارة البترول كانت تدفع فى نفس الاتجاه. ولحساب المكسب والخسارة فى ضوء التعديل الأخير للعقد فى 2010، فإن إجمالى الـ5 تريليونات قدم مكعب غاز تساوى 20 مليار دولار تقريبا عند متوسط سعر 4 دولارات للمليون وحدة حرارية، والـ55 مليون برميل متكثفات تساوى 5.5 مليار دولار عند متوسط سعر 100 دولار لبرميل برنت، أى أن إجمالى قيمة مثل هذه الاحتياطيات تقدر بنحو 25.5 مليار دولار.

ومقارنة التعديل الأخير فى 2010 مع الاتفاقية الأصلية، سنجد أن الدولة تنازلت عن حصتها من الاحتياطيات المذكورة وتبلغ قيمتها السوقية نحو 13.2 مليار دولار، والتى كان يكفلها لها القانون رقم 15 لسنة 1992، وعند مستوى سعر 4 دولارات للغاز.

وبمقارنة التعديل الثانى بالتعديل الأول، يتضح أن الدولة تنازلت عن10 مليارات دولار لصالح شركة «بى بى» تمثل الفارق بين 15.5 مليار دولار هى كامل حصة الشركة بما فيها المصروفات و 25.5 مليار دولار إجمالى قيمة الاحتياطيات، أى أن هذا التعديل الأخير قد مكن الشركة من استرداد كامل مصروفاتها إضافة إلى عائد ربح صافى يقدر بنحو 16.5 مليار دولار، هى صافى ثمن الاحتياطيات الأولية، وليس ذلك فقط بل تم أيضا منح الشركة البريطانية نسبة 61% من احتياطيات الغاز التى تزيد على 5 تريليونات قدم مكعب قد تنتجها نفس الحقول، وكذلك 50% من المتكثفات المصاحبة لهذا الغاز (والمدرجة فى التعديل تحت مسمى الاحتياطيات الإضافية).

وحول أسباب عدم رفع سعر شراء الغاز لشركة «بى بى»، عوضا عن تعديل الاتفاق بتلك الصورة، يقول الخبراء: «لنفرض أن سعر الغاز المشترى من «بى بى» سيزاد ليصل حتى 7 دولارات للمليون وحدة حرارية و100 دولار لبرميل المتكثفات، وبذلك ترتفع القيمة السوقية للاحتياطات الأولية (5 تريليونات قدم مكعب و55 مليون برميل متكثفات) إلى 40.5 مليار دولار، وبتطبيق اتفاقية اقتسام الإنتاج الأصلية يتبين أن الجزء الأكبر من مخصصات الشركة يأتى من حصة استرداد المصاريف (الـ40 % من الإنتاج)، وليس من المخصص للربح (سواء 12% أو حتى 24%)، وبالتالى فإن استرداد إجمالى استثمارات الشركة وهو مبلغ 9 مليارات دولار من الإنتاج عند سعر 7 دولارات للغاز و100 دولار للمتكثفات يتطلب فقط نسبة 22% من إجمالى الاحتياطى وليس 40%، والفارق بين النسبتين، وهو 18% من احتياطى الغاز والمتكثفات سيؤول فى معظمه إلى الدولة المصرية، ورغم أن شركة «بى بى» ستستفيد من زيادة السعر إلى 7 دولارات تطبيقا على نسبة الغاز المخصصة لها، بالإضافة إلى نسبة 3.6% من الاحتياطيات تمثل نصيبها من فائض الاسترداد فإن ذلك يبقى الاتفاق فى صالح الدولة إجمالا، ولذلك لجأت الشركة الإنجليزية إلى الضغط باتجاه تغيير الاتفاقية كلها مستغلة الضغوط الواقعة على الوزارة، نتيجة نقص إمدادات الغاز الحالية.

ويوضح الخبراء، أن نسبة الـ40% المخصصة لاسترداد مصروفات الشريك تعادل فى الاحتياطى المشار إليه ما قيمته 2 تريليون قدم مكعب من الغاز، بالإضافة إلى حوالى 22 مليون برميل متكثفات من الاحتياطى المذكور، فإذا تم تسعيرها بـ7 دولارات للغاز و100 دولار للمتكثفات، حسب طلب الشركة فى وقت سابق، فتكون تلك النسبة مساوية لـ16.2 مليار دولار، فى مقابل 10 مليارات دولار عند تطبيق سعر 4 دولارات للوحدة الحرارية لنفس الكمية، ومن المفترض أن استثمارات الشركة 9 مليارات دولار وهذا يعنى أن هناك فائضا يقدر بـ7.2 مليار دولار من حصة الاسترداد سيعود منه إلى الدولة مبلغ 5.76 مليار دولار حسب نص القانون الأصلى للاتفاق، وبذلك يكون إجمالى ما تحصل عليه الهيئة 25.2 مليار دولار بتطبيق القانون 15 لسنة 1992، أو 19 مليار دولار إذا ما افترضنا قبولنا التعديل الأول 2008، وعند مستوى 7 دولارات للوحدة الحرارية.

وعلى الجانب الآخر ستستفيد الشركة من تطبيق سعر 7 دولارات أيضا على نسبة الغاز المخصصة لها ليرفع صافى عائداتها من 3 مليارات دولار إلى 6.3 مليار دولار عند تطبيق نسبة ربحية 12% حسب القانون الأصلى للاتفاقية، الذى تم إلغاؤه، وإذا ما تم حساب صافى ربحية الشريك على أساس التعديل الأول فى 2008 ترتفع ربحيته إلى 12.6 مليار دولار. وبافتراض أسوأ الاحتمالات، فإن الشركة ستحقق صافى أرباح حوالى 13 مليار دولار، بالإضافة إلى استرداد كامل استثماراتها وهو 9 مليارات دولار، فضلاً عن توفير 15% تقريبا من هذه الاحتياطيات للاستخدام المحلى، وذلك أهم بكثير من حسابات الدولار، بعكس ما يردده القائمون على الوزارة والهيئة.

وتكشف العقود أيضاً أن المقاول «الشريك الأجنبى» لم يقدم خطاب ضمان للهيئة بقيمة التزامه المالى، لأنه طبقا لهذا التعديل فإن الهيئة العامة أصبحت هى المشترى للمنتج الذى أصبح ملكا كاملا لشركة «بى بى»، وبالتالى يلتزم الجانب المصرى بفتح خطاب ضمان كل 3 شهور يقدمه للشركة البريطانية.

وبررت الهيئة والوزارة فى الاتفاقية المعدلة، وتحديدا فى الصفحة 2 فى العقد، هذا الوضع كالتالى «من أجل تنفيذ أى أنشطة بموجب اتفاق التعديل هذا وإنشاء مجمع جديد لإنتاج الغاز فى منطقة غرب دلتا النيل، ونظرا للتقنية المعقدة والمياه العميقة وطبيعة الخزانات البترولية المتفرقة ذات الضغط العالى والحرارة المرتفعة والالتزام بتاريخ بداية أول غاز ولتنمية أى اكتشافات جديدة بموجب اتفاقية الالتزام بطرق اقتصادية وفعالة، فإنه يكون من الضرورى إجراء تعديلات للبنود والشروط التجارية والحوكمة باتفاقية الالتزام، على أن تشمل تنمية البترول من منطقة اتفاقية التزام غرب البحر المتوسط مياهاً عميقة الصادرة، وبموجب القانون رقم 5 لسنة 1999 بما أدخل عليه من تعديلات. كما اتفق الطرفان على إجراء التعديلات اللازمة لذلك الغريب أن العبارات السابقة منقولة بنصها من أوراق للشركة البريطانية حصلت عليها «المصرى اليوم»، ويؤكد الخبراء أن هذا المحتوى السابق الذى بنى عليه مسؤولو وزارة البترول والهيئة العامة للبترول قرارهم إلغاء القانون الأصلى للمنطقتين، (رقم 15 لسنة 1992- ورقم 5 لسنة 1999)، وتمرير هذا التعديل لا يعد سببا فريداً من نوعه، نظرا لأن ما جاء به يعتبر وضعاً طبيعياً فى كل الحقول المكتشفة فى الدلتا وفى مياه البحر المتوسط شرقا وغربا، مثل حقول شركة بريتش جاز، بمنطقة رشيد بالمياه العميقة، وحقل تمساح، الذى تديره الشركة الإيطالية وغيره من الحقول

بعد تجميع حقائق كافية حول التعاقد مع «بى بى» وظروفه وشروطه وآثاره، وجهنا أسئلة مكتوبة إلى الشركة البريطانية، التى أكدت فى ردها على أسئلة «المصرى اليوم» استحالة تنمية منطقة شمال الإسكندرية بتطبيق نموذج الاقتسام، وقالت إن الاتفاقية حمت قطاع البترول المصرى من مخاطر ضخمة.. وإلى نص الأسئلة وإجابات الشركة:

■ فى أى ظروف وتحت أى سند قانونى تم تحويل منطقة امتياز شمال الإسكندرية شبه كاملة إلى منطقة تنمية عام 2003 بما فى ذلك المواقع التى لم يتم بها أى اكتشافات؟

- تم تحويل أجزاء من مساحة منطقه الامتياز إلى منطقة تنمية عقب إعلان عدة اكتشافات للغاز فى المنطقة، وذلك عقب استيفاء جميع الاشتراطات القانونية الواردة بالمادة الثالثة من اتفاقية شمال الإسكندرية، وقد تم توقيع عقدى تنمية فى عام 2003 لهذه الأجزاء من المنطقة، علما بأن الشركة تخلت عن المناطق غير القادرة على الإنتاج، وذلك بعد قيام الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) بمراجعة هذه المناطق، وهو ما جعل إجمالى المساحة الحالية لعقدى الالتزام تشتمل فقط على القطاعات المنتجة أو القادرة على الإنتاج تطبيقا لاتفاقية الالتزام.

■ هل كان استحواذ الشركة على كامل الإنتاج فى تعديل 2010 شرطا لقبول سعر الغاز المطروح من قبل الوزارة؟

- يجب التأكيد على أن ما يقال حول استحواذ الشركة على كامل الإنتاج هو قول غير دقيق، فالشريك (المقاول) لا يملك حرية التصرف فى الاحتياطيات المكتشفة والتى تقدر بحوالى 5 تريليون قدم مكعب إلا لهيئة البترول، وفى الوقت ذاته ملتزم بضخها فى الشبكة القومية للغاز وفقا لعقد تسليم الغاز المبرم مع الهيئة، والذى تم توقيعه فى نفس يوم التوقيع على تعديل الاتفاقيات، ويلتزم الشريك بتحمل كل الإنفاق الاستثمارى ونفقات التشغيل ومخاطر زيادة تكلفة المشروع بمفرده فى جميع مراحله، من بحث وتنمية وإنتاج مقابل سعر تعويضى، يحقق للشريك هامشاً من الربح بعد تغطية ما تحمله من تكلفة، وقد أدى هذا التعديل إلى عدم تحمل قطاع البترول المصرى مخاطر رد تلك الاستثمارات الضخمة إذا ما استمر تطبيق نظام اقتسام الإنتاج واسترداد التكاليف والمعرضة دائما إلى الزيادة فى مثل هذه المشروعات وهو ما حدث بالفعل.

■ بافتراض أن الوزارة رفضت التعديل الأخير للاتفاقية والتزمت بجوهر اتفاقية التزام الإنتاج.. ما هو سعر وحدة الغاز الحرارية المقبول لدى الشركة فى ظروف الحقول القائمة فيما يتعلق بحصتها (الاسترداد والربح)؟

- يرتبط التسعير بعوامل عدة، منها طبيعة الحقول وتركيبتها الجيولوجية ونظم حوكمة العمليات (إدارة العمليات ونظم اتخاذ القرار) وحجم المخاطر التى يتحملها المقاول، ونسب التضخم المستقبلية المتعلقة بأسعار الخدمات والعمليات، وبالتالى فإن السعر الذى كان من الممكن قبوله فى ضوء هذه العوامل طبقا للنظام القديم سيكون أعلى بكثير من السعر فى التعديل الحالى وذلك نظرا لزيادة المخاطر المتمثلة فى حجم الاستثمار غير المسبوق فى مصر، الذى لا يتناسب مع منظومة اقتسام الإنتاج واسترداد التكاليف، وقد أشار أحدث تقرير (سبتمبر 2011) لبيت الخبرة العالمى(Wood Mackenzie) إلى أن السعر الحالى يحقق للمقاول عائداً على الاستثمار يقدر بـ10.2%.

ويعتبر مشروع غرب الدلتا أكبر مشروع يتم تنفيذه فى تاريخ قطاع البترول المصرى منذ إنشائه من حيث حجم الاستثمارات التى تبلغ أكثر من 13 مليار دولار، أى ما يقرب من 80 مليار جنيه مصرى، وقد تم بالفعل إنفاق 2 مليار دولار منها بالإضافة إلى 11 مليار دولار يتم إنفاقها فى المراحل اللاحقة، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 1000 مليون قدم مكعب فى اليوم الواحد، وهو ما يمثل أكبر إضافة للغاز الجديد فى مصر لتغطية 20% من إجمالى إنتاج الغاز المحلى.

وجدير بالذكر ان سعر الغاز المنصوص عليه فى الاتفاقية والمحدد بسقف سعرى لا يتجاوز4.1 دولار يؤدى إلى وفر يصل الى حوالى 50 مليار دولار للدولة على مدار عمر المشروع، وذلك بالمقارنة بتكلفة سعر شراء الوقود البديل فى ظل الأسعار الحالية، كما أنه إذا ما ارتفع سعر خام برنت إلى 200 دولار قد يصل الوفر للدولة إلى 100 مليار، وذلك لارتباط سعر الغاز بالسقف السعرى المذكور. وفى حالة تأخر الإنتاج من هذا المشروع العملاق ستتكلف ميزانية الدولة أكثر من 11 مليون دولار يوميا لتوفير وقود بديل لتغطية الاستهلاك المحلى الحالى.

■ هل كان قرار مجلس الوزراء الصادر خلال عام 2008 بشأن وقف أى عقود تصدير جديدة للغاز هو السبب فى تأخير تنمية عقود شمال الإسكندرية؟

- تنمية عقود شمال الإسكندرية تحكمها بنود الاتفاقية التى لها قوة القانون، وبالتالى لم يؤثر هذا القرار على قيام المقاول بتنفيذ جميع التزاماته فى خلال الفترة المذكورة، خاصة الالتزام بتقييم الاكتشافات، حيث قام المقاول بحفر عدد (20) بئرا استكشافية وتقييمية، وإعداد برامج تنمية الحقول، ويعود السبب الرئيسى فى إعادة التفاوض إلى الارتفاع المفاجئ وغير المسبوق فى تكلفة الخدمات والخامات التى تضاعفت، وتأثيرها على حجم الاستثمارات، وعلى سبيل المثال كان متوسط تكلفة حفر البئر فى المياه العميقة عام 2006 لا يزيد على 67 مليون دولار، فى حين بلغت التكلفة الإجمالية لحفر أحد أحدث الآبار الاستكشافية حوالى 260 مليون دولار.

■ ما موقف الشركة إذا فرض الوضع القائم حاليا فى البلد ضرورة تعديل الاتفاقية؟

- من المعلوم أن الاتفاقية تم تعديلها أكثر من مرة كى تتوافق مع المتغيرات الفنية والاقتصادية التى تحكم الصعوبات الفنية المصاحبة لصناعة البترول. بالإضافة إلى أن أى اتفاق يقوم على تحقيق التوازن بين طرفيه فيما يتعلق بالحقوق والالتزامات، وعندما يحدث خلل فى هذا التوازن يجب تعديل هذا الاتفاق، ولكن لم تطرأ أى متغيرات فنية أو اقتصادية مؤثرة تقتضى التعديل، خاصة بما تشمله الاتفاقية الحالية من آليات جديدة تضمن للجانب المصرى تنفيذ المقاول لالتزاماته ومنها:

- الحق فى مراجعة سعر الغاز بعد 4 سنوات من بداية الإنتاج، وبعد كل 5 سنوات بعد ذلك طبقا للتغير فى تكلفة المشروع أو حجم الاحتياطيات.

- تطبق غرامات تأخير على المقاول تصل الى 1.7 مليار دولار فى حالة عدم بدء الإنتاج، وقد تصل إلى سحب مناطق التنمية منه طبقا لبنود اتفاقيه الالتزام.

- يتعرض المقاول أيضا الى غرامات فى صورة تطبيق خصم على سعر الغاز يصل إلى 30% فى حالة عدم تسليم الكميات السنوية المتفق عليه.

■ ثمة اعتراضات من خبراء على قيام هيئة البترول بسداد ضرائب الشريك والإتاوة فى تلك الاتفاقية نظرا لأنها تختلف كلية عن الاتفاقيات القديمة (نظام الاقتسام) التى كانت تنص على قيام الهيئة بالدفع، فما هو تعليقكم؟

إلزام المقاول بسداد الضرائب والإتاوة يؤدى إلى زيادة التكلفة على المقاول؛ مما يستلزم زيادة السعر لكى يحتفظ بنفس العائد الاقتصادى الذى يحقق الجدوى الاقتصادية لإقامة المشروع بكل مخاطره الفنية.

■ يقول الخبراء الذين استطلعت الصحيفة رأيهم إن المخاطر القائمة فى شمال الإسكندرية تساوى أو تقل عن تلك التى فى حقول شركة بريتش جاز فى رشيد (سواء من حيث وجود الخزانات على أعماق كبيرة والضغط العالى والحرارة المرتفعة وصعوبة التراكيب الجيولوجية) بما يعنى أنه لم يكن هناك مبرر حقيقى لتعديل 2010 خاصة بعد أن تمت مضاعفة حصة الربح فى 2008 إلى 24%.. فما هو تعليقكم؟

- توجد اختلافات جذرية بين المشروعين من الناحية الفنية التى تتناول التراكيب الجيولوجية للمناطق وطبيعة خزانات الغاز الموجودة بها ومن ناحية اقتصاديات والتزامات المقاول فى المشروعين.

فمكامن الغاز الطبيعى فى مناطق غرب البحر المتوسط تتواجد فى عدة طبقات من عصور جيولوجية مختلفة وعلى أعماق مختلفة، وتعتبر شركة بى. بى أول شركة تحقق اكتشافات للغاز الطبيعى فى طبقات عصر الميوسين السفلى فى مناطق غرب البحر المتوسط، وكذلك حققت أول اكتشاف للغاز فى طبقات عصر الأوليجوسين (الأقدم) فى مناطق شرق البحر المتوسط وعلى عمق 6500 متر.

إنتاج الشركة المشار إليها من طبقات عصر البليوسين الحديث نسبيا فقط، وتتواجد على أعماق قريبة (حوالى 2000 متر) وفى تجمعات كبيرة نسبيا نظرا لطبيعة الظروف الترسيبية، ولذلك فهى أقل بكثير من حيث التكلفة والمخاطر الفنية، بالإضافة إلى أن الإيرادات تعتمد بشكل كبير على حق التصدير الممنوح للشركة المذكورة؛ مما أدى إلى ارتفاع اقتصاديات المشروع المذكور مقارنة بغيره.. ويمكن مراجعة الجهات المسؤولة أوتقارير بيوت الخبرة العالمية فى ذلك الشأن.

وتختلف حقول غاز شمال الإسكندرية من حيث وجود معظم الغاز فى طبقات عصر الميوسين السفلى القديم والذى يوجد على أعماق أكبر (حوالى 4500 متر)، وتتميز طبيعة الخزانات فى هذه الطبقات بارتفاع الضغط الجوفى ودرجات الحرارة العالية وصعوبة تتبعها والإنتاج منها؛ مما يزيد تكلفة حفر الآبار إلى أكثر من الضعف. بينما الجزء الموجود فى نفس طبقات البليوسين للشركة المذكورة، فإن غاز حقول شمال الإسكندرية يتواجد فى تجمعات صغيرة ومتفرقة فى قنوات رملية صغيرة مما يتطلب حفر عدد أكبر من الآبار بنحو 50% عن غيرها.

ويعلم المتخصصون جيدا مدى صعوبة الإنتاج فى هذه المنطقة، خاصة بعد حفر العديد من الآبار الاستكشافية والتقييمية، والتى أظهرت الاختلافات الكبيرة بين الآبار وبعضها من حيث سمك الطبقات الرملية الحاملة للغاز وقدرتها على الإنتاج، وكل هذا مدعم بنتائج الحفر والدراسات التى تجريها الشركات المتخصصة.

وقد كان من المستحيل تنمية وإنتاج الغاز من هذه الحقول طبقا لنموذج الاتفاقيات السابق، لاستحالة تحقيق الحد الأدنى من العائد الاقتصادى للشريك الأجنبى، وعزوف الشركات الكبرى عن الاستثمار فى مثل هذه المشروعات العملاقة، خاصة بعد الارتفاع الكبير الذى طرأ على تكلفة حفر الآبار وأسعار المواد والخدمات اللازمة لعمليات التنمية، وقد أخذت الشركة على عاتقها حفر العديد من الآبار التقييمية للتأكد من حجم الاحتياطيات وقابليتها للإنتاج ومعدلات الاستخراج من مثل هذه الطبقات، وبلغ ما تم إنفاقه حتى الآن حوالى 2 مليار دولار، أى ما يقرب من 12 مليار جنيه مصري.



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مصطلحات بترولية

الشريك أو المقاول

الشركة الأجنبية أو المحلية، التى تتحمل تكلفة البحث والاستكشاف ثم التنمية، وتدخل باستثماراتها كشريك مع الدولة «صاحب الثروة البترولية».

منطقة الامتياز

المساحة التى يتم تخصيصها لإحدى الشركات سواء بالبر أو البحر، للبحث والاستكشاف عن الزيت أو الغاز لحين تحقيق كشف بترولى فعلى وتخصيصها مرتبط بمدة زمنية محددة لا تتعدى فى أغلب الأوقات الـ9 سنوات.

منطقة التنمية

المرحلة التى يتم التعاقد عليها بعد الامتياز، وتشمل المساحات التى تحقق فيها اكتشافات بترولية بالفعل، وبالتالى تحتاج إلى إعداد وإنشاء التسهيلات والبنية التحتية اللازمة لبدء الإنتاج، وبصفة عامة تصل مدد التنمية إلى 35عاما كحد أقصى فى حالات الغاز، و30 عاما فى حالات الزيت.

اقتسام الإنتاج

نموذج اتفاقيات التنمية بين الدولة، والشركة القائمة على أعمال التنمية سواء كانت أجنبية أو محلية، وهو نموذج سار منذ عقود، ويعنى أن يتكفل الشريك بدفع كامل مصاريف التنمية على أن يقوم باستردادها بكميات من الإنتاج يتم تحديدها وفقا لما يتفق عليه مع الدولة فى كل تعاقد ثم يقوم الطرفان بتقسيم باقى الإنتاج بنسب تختلف من تعاقد لآخر.

سعر حصة الشريك

السعر الذى تشترى به الدولة نسبة الشريك من الغاز لتلبية احتياجات السوق المحلية، ويختلف هذا السعر من اتفاقية لأخرى.

المتكثفات

الزيت المصاحب للغاز الطبيعى، ويتم إنتاجه من نفس حقول الغاز وهى عادة من نوع جيد ولذا تشتريها هيئة البترول لخلطها بالزيت العادى لتحسين خواص الأخير، وتزداد جودة المتكثفات كلما تم إنتاجها من أعماق أكبر.

المصدر