الكامل في اللغة - الجزء الثالث

من معرفة المصادر

<الكامل في اللغة

من أخبار سوار بن عبد الله فحدثني شيخ من الأزد حديثاً ظننت أن عبيد الله إياه قصد، قال: تقدم رجل إلى سوّار بن عبد الله وسوّار ابن عم عبيد الله بن الحسن-يدّعي داراً، وامرأةٌ تدافعه وتقول لسوّار: إنها والله خطّةٌ ما وقع فيها كتاب قط. فأتى المدعي بشاهدين يعرفهما سوّار، فشهدا له بالدار، وجعلت المرأة تنكر إنكاراً يعضده التصديق، ثم قالت: سل عن الشهود، فإن الناس يتغيرون، فردّ المسألة، فحمد الشاهدان. فلم يزل يريّث أمولاهم، ويسأل الجيران، فكلّ يصدّق المرأة، والشاهدان قد ثبتا، فشكا ذلك إلى عبيد الله. فقال له عبيد الله: أنا أحضر مجلس الحكم معك فآتيك بالجليّة إن شاء الله تعالى، فقال للشاهدين: ليس للقاضي أن يسألكما كيف شهدتما، ولكن أنا أسألكما. قال : فقالا: أراد هذا أن يحجّ فأدارنا على حدود الدار من خارج، وقال: هذه داري، فإن حدث بي حادث فلتبع ولتقسم على سبيل كذا، قال: أفعندكما غير هذه الشهادة? قالا: لا، فقال: الله أكبر!وكذا ولو أدرتكما على سوّار، وقلت لكما مثل هذه المقالة، أكنتما تشهدان بها لي? ففهما أنهما قد اغترّا، فكان سوّار إذا سأل عن عدالة الشاهد غفلة فاختبره بهذا وما أشبهه.وحدثني أحد أصحابنا أن رجلاً من الأعراب تقدم إلى سوّار في أمر فلم يصادف عنده ما يحبّ، فاجتهد فلم يظفر بحاجته، قال: فقال الأعرابي، وكانت في يده عصاً: رأيت رؤيا ثمّ عبّرتهـا وكنت للأحلام عبّارا بأنّني أخيط في ليلتـي كلباً فكان الكلب سوّار ثم انحنى على سوّار بالعصا فضربه حتى منع منه، قال: فما عاقبه سوّار بشيء. قال: وحدّثت أن أعرابياً من بني العنبر سار إلى سوّار فقال: عن أبي مات وتركني وأخاً لي- خطين في الأرض- ثم قال: وهجينا- وخط خطّا ناحية- فكيف نقسم المال? فقال: أههنا وراثٌ غيركم? قال: لا، قال: المال بينكم أثلاثاً، فقال: لا أحسبك فهمت عني! إنه تركني وأخي وهجيناً لنا، فقال سوّار: المال بينكم اثلاثاً، قال: فقال الأعرابي: أيأخذ الهجين كما آخذ، وكما يأخذ أخي! قال: أجل! فغضب الأعرابي، قال: صم أقبل على سوّار فقال:تعلم والله إنك قليل الخالات بالدّهناء، فقال سوّار: إذا لا يضيرني ذلك عند الله شيئاً. أنفة عقيل بن علفة وكان عقيل بن علّفة من المغيرة والأنفة على ما ليس عليه أحدٌ علمناه، فخطب إليه عبد الملك بن مروان ابنته على أحد بنيه، وكانت لعقيل إليه حاجات فقال: أما إذ كنت فاعلاً فجنّبني هجاءك.وخطب إليه ابنته إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة-وهو خال هشام بن عبد الملك ووالي المدينة، وكان أبيض شديد البياض- فردّه عقيلّ وقال: رددت صحيفة القرشيّ لما أبت أعراقه إلاّ احمرارا وكانت حفصة بنت عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله قد ميت عنها، فخطبها جماعة من قريش، أحدهم عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وأحدهم إبراهيم بن هشام، فكان أخوها محمد بن عمران،إذا دخل إلى إبراهيم بن هشام أوسع له وأنشده: وقالوا يا جميل أتى أخوهـا فقلت أتى الحبيب أخو الحبيب أحبك أن نزلت جبال حسمى وأن ناسبت بثينة من قـريب وهذا الشعر لجميل بن عبد الله بن معمر الذري ، فأما جميل بن معمرٍ الجمحيّ فلا نسب بينه وبين معمر، أي ليس بينه و بين أبٌ آخر، وكانت له صحبةٌ، وكان خالصاٌ بعمر بن الخطاب رضي الله عنه. عبد الرحمن بن عوف وعمر بن الخطاب ويروى عن عبد الرحمن عوف أنه قال: أتيت باب عمر بن الخطاب رحمه الله، فسمعه ينشد بالرّكبانيّة: وكيف ثواني بالمـدينة بـعـدمـا قضى وطرأ منها جميل بن معمر فلما استأذنت عليه قال لي: أسمعت ماقلت? فقلت: نعم!فقال: إنا إذا خلونا قلنا ما يقول الناس في بيوتهم. قال ش: وهم أبو العباس رحمه الله في هذا، وإنما القصة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي سمععبد الرحمن بن عوف ينشد: لأبي خراش وكان قد قتل أخاه جميل بن معمر وكان جميل بن معمر الجمحيّ قتل أخا لبي خراش الهذلي يوم فتح مكة وأتاه من ورائه وهو موثق، فضربه، ففي ذلك يقول أبو خراش:

فأقسم لو لاقيتـه غـير مـوثـقٍ لآ بك بالعرج الضّباع النّـواهـل لكان جميل أسوأ النّـاس صـرعةً ولكنّ أقران الظهور مـقـاتـل فليس كعهـد الـدّار يا أم مـالـكٍ ولكن أحاطت بالزقاق السّلاسـل وعاد الفتى كالكهل ليس بـقـائل سوى الحق شيئاً فاستراح العواذل قوله:أسوء الناس صرعة، أي الهيئة التي يصرع عليها كما تقول: جلست جلسة وركبت ركبة، وهو حسن الجلسة والرّكبة، أي الهيئة التي يجلس عليها ويركب عليها، وكذلك القعدة والنّيمة. وقوله لآبك، أي لعادك، وأصل هذا من الإياب و الرّجوع، قال الله تبارك وتعالى:" إنّ إلينا إياهم"الغاشية25،وقال عبيد بن الأبرص: وكلّ ذي غيبةٍ يؤوب وقوله:بالعرج، فهو ناحية من مكة، به ولد عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفّان، فسمّي العرجيّ، ويقال: بل كان له مال بذلك الموضع، فكان يقيم فيه. وقال ش: هذا وهم من أبي العباس رحمه الله، وأما صوابه فعبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان رضي الله عنه. والنّواهل فيه قولان:أحدهما العطاش وليس بشيء والآخر الذي قد شرب شربةً فلم يرو، فاحتاج إلى ان يعلّ، كما قال امرؤ القيس: إذا هنّ أقساطٌ كرجل الدّبى أو كقطا كاظمة النّاهـل وقوله: احتطت بالرقاب السلاسل، يقول: جاء الإسلام فمنع من الطلب بالأوتار إلا على وجهها. وكان أمير البصرة وقاضيها، وفي ذلك يقول رؤية: وأنت يا ابن القاضيين قاض،وكان بلال يقول: عن الرجلين ليقدّمان إليّ فأجد أحدهما على قلبي أخفّ فاقضي له. بلال بن أبي بردة وعمر بن عبد العزيز ويروى أن بلالاً وفد على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، فسدك" ش: معناه لصق" بساريةٍ من المسجد، فجعل يصلّي إليها ويديم الصلاة، فقال عمر بن عبد العزيز للعلاء بن المغيرة بن البندار: عن يكن سرّ هذا كعلانيته فهو رجل أهل العراق غير مدافع ، فقال العلاء: أنا آتيك بخبره، فاتاه وهو يصلي بين المغرب والعشاء، فقال: اشفع صلاتك فإن لي إليك حاجةً، ففعل، فقال العلاء: قد عرفت حالي من أمير المؤمنين، فإن أنا أشرت بك على ولاية العراق فما تجعل لي? قال: عمالتي سنة، وكان مبلغها عشرين ألف ألف درهم، قال: فاكتب لي بذلك، قال: فارقدّ بلال إلى منزله، فأتى بداوة وصحيفة فكتب له بذلك. فأتى العلاء عمر بالكتاب، فلما رآه، كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وكان والي الكوفة أما بعد: فإن بلالاً غرّنا بالله، فكدنا نغترّ، فكسبناه فوجدناه خبثاً كلّه، والسلام.ويروى أنه كتب إلي عبد الحميد: إذا ورد عليك كتابي هذا فلا تستعن على عملك بأحد من آل أبي موسى. شعر ذي الرمة في بلال قال أبو العباس: وكان بلال داهيةً لقناً أدبياً، ويقال: إن ذا الرّمة لمّا أنشده: سمعت، النّاس ينتجعون غيثاً فقلت لصيدح انتجعي بلالاً تناخي عند خير فتى يمـانٍ إذا النّكباء ناوحت الشّمـالاً فقلت سمع قوله: فقلت لصيدح انتجعي بلالا،قال: يا غلام، مر لها بقتّ ونوىّ، أراد أن ذا الرّمّة لايحسن المدح. قوله:سمعت الناس ينتجعون حكاية، والمعنى إذا حقّق إنما هو سمعت هذه اللفظة، أي قائلاً يقول: الناس ينتجعون غيثاً، ومثل هذا قوله: وجدنا في كتاب بني تـمـيمٍ أحقّ الخيل بالرّكض المعار فمعناه: وجدناه هذه اللفظة مكتوبة، فقوله:"أحق الخيل" ابتداء، "والمعار" خبره، وكذلك "الناس" ابتداء،و"ينتجعون" خبره. ومثل هذا في الكلام : قرأت "الحمد لله رب العالمين"، إنما حكيت ما قرأت، وكذلك قرأت على خاتمه "الله أكبر" يا فتى، فهذا لا يجوز سواه. وقوله:"إذا النكباء ناحت الشّمالا" فإن الرياح أربع، ونكباواتها أربع، وهي الريح التي تأتي من بين ريحين فتكون بين الّمال والصّبا، أو الشّمال والدّبور، أو الجنوب والدّبور،أو الجنوب والصّبا، فإذا كانت النّكباء تناوح الشمال فهي آية الشتاء. ومعنى "تناوح" تقابل، يقال: تناوح الشّجر إذا قابل بعضه بعضاً، وزعم الأصمعي أن النائحة بهذا سمّيت، لأنها تقابل صاحبتها. وقال ي فلو كنت ممتدحاً لـلـنّـوال فتى لامتدحت عليه بـلالاً ولكنّني لسـت مـمّـن يريد بمدح الرّجال الكرام السّؤالا سيكفي الكريم إخاء الكـريم ويقنع بالود مـنـه نـوالا ومن احسن ما امتدح به ذو الرّمة بلالا، قوله: تقول عجوزٌ مدرجي متروّحاً على بيتها من عند أهلي وغاديا اذو زوجةٍ بالمصر أم ذو خصومةٍ أراك لها بالبصرة العام ثاويا فقـلت لها: لا عن أهلي لجيرةٌ لأكثبة الدّهنا جميعاً وماليا وما كنت مذ أبصرتني في خصومة أرجع فيها يا ابنة الخير قاضي ولكنّني أقبلت من جانبي قساٌ أزور فتى نجداً كريماً يمانيا من آل أبي موسى عليه مهابةٌ تفادي أسود الغاب منـه تفاديا مرمّين من ليثٍ عليه مهابة تفادى أسود الغاب منه تفاديا وما الخرق منه يرهبون ولا الخنى علـيهم ولكن هيبةٌ هي ماهـيا وقوله مدرجي يقول: مروري، فأما قولهم في المثل : خير من دبّ ومن درج ، فمعناه: منحيي ومن مات ، يريدون: من دب على وجه الأرض ومن درج منها فذهب. وقوله:أراك لها بالبصرة العام ثاويا، فإنه في هذا المعنى: ثوى الرجل فهو ثاوٍ،يا فتى، إذا أقام، وهي أكثر ، ويقال : أثوى فهو فهو مثوٍ يا فتى، وهي أقل من تلك ، قال الأعشى: أثوى وقـصـر لـيلةً لـيزوّدا فمضى وأخلف من قتيله موعداً

وقوله:قسا، فهو موضع من بلاد بني تميم. وقوله : لأكثبة الدهنا، فأكثبةٌ جمع كثب، وهو أقل العدد، والكثير كثبانٌ والدّهنا من بلادي بني تميم، ولم أسمع إلا القصر من أهل ا لعلم والعرب، وسمعت بعد من يروي مدّها ولا أعلافه ن قال ذو الرمة: حنّت إلى نعم الدّهنا فقلت لهـا أمي هلالاً على التوفيق والرّشد يعني هلال بن أحوز المازني، وقال جرير: بازٍ يصعصع بالدّهنا قطاً جونا وقوله: كأنهم الكروان أبصرن بازيا. فالكروان جماعة كروانٍ، وهو طائر معروف ، وليس هذا الجمع لهذا الاسم بكماله، ولكنه على حذف الزيادة، فالتقدير: كراً وكروانٌ، كما تقول : أخٌ وإخوانٌ وورلٌ وورلانٌ، وبرق وبرقانٌ، والبرق أعجمي ولكنه قد أعرب وجمع كما تجمع العربية، واستعمل الكروان جمعاً على حذف الزيادة، واستعمل في الواحد كذلك، تقول العرب في مثلٍ من أمثالها: أطرق كرا أطرق كرا إنّ النّعام في القـرى يريدون الكروان. وقوله: من آل أبي موسى ترى القوم حوله، فقال: ترى، ولم يقل ترين، وكانت المخاطبة أولاً لامرأة، ألا تراه يقول: ومما كنت مذ أبصرتني في خصومةٍأراجع فيهالا يا ابنة الخير قاضياً ثم حوّل المخاطبة إلى رجل، والعرب تفعل ذلك، قال الله عز وجل:"حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريحٍ طيبةٍ"يونس22، فكأن التقدير والله اعلم كان للناس، ثم حولت المخاطبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال عنترة بن شدّاد: شطّت مزار العاشقين فأصبحت عسراً عليّ طلابك ابنة مخرم وقـــال جـــــرير: ما للمنازل لا تجيب حزننا أصممن قدم المدى قبـلـينـا وترى العواذل يبتدرن ملامتـي وإذا اردن هواك عـصـينـا قال أولاً لرجل، ثم قال:سوى هوالك.وقال آخر: فدىً لك والدي وسراة قومي ومالي إنه منـه أتـانـي على تحويل المخاطبة: وقوله:مرمّين، يريد سكوتاً مطرقين،بقال: أرم إذا أطرق ساكناً. وقوله:تفادى أسود الغاب معناه تفتدي منه بعضها ببعض. الخبر أن سليمان بن عبد الملك أمر بدفع عيال الحجاج ولحمته إلى يزيد بن المهلب فتفادى منهم ، تأويله: فدى نفسه من ذلك المقام بغيره. وقوله: وما الخرق منه يرهبون ولا الخنى عليهم ولكن هيبة هـي مـاهـيا إذا رفعت هيبة فالمعنى: ولكن أمره هيبةٌ، كما قال الله عز وجل:"لم يلبثوا ولا ساعة من نهار بلغٌ"الأحقاق35 ، أي ذلك بلاغ، ومثله قوله عزّ وجل:"طاعةٌ وقولٌ معروفٌ" محمد21، يكون رفعة على ضربين ، أحدهما أمرنا طاعة وقول معروف، والوجه الآخر طاعةٌ وقولٌ معروف أمثل.ومن نصب هيبة أراد المصدر،أي ولكن يهاب هيبةً.


وأحسن ما قيل في هذا المعنى: يغضي حياءً ويغضي من مهابته فما يكلّم إلا حـين يبـتـسـم وقال الفرزدق، يعني يزيد بن المهلب: وإذا الرّجال رأوا بزيد رأيتهمخضع الرّقاب نواكس الأبصار وفي هذا البيت شيء من يستطرفه النحويون، وهو أنهم لا يجمعون ما كان من فاعل نعتاً على فواعل،لئلا يلتبس بالمؤنث، لا يقولون: ضارب وضوارب،وقاتل وقواتل،لأنهم يقولون في جمع ضاربة: ضوارب،وقاتلة: قواتل، ولم يأت ذلك إلا في حرفين: إحداهما في جمع فارس: فوارس، لأن هذا مما لا يستعمل في النساء فأمنوا الالتباس ، ويقولون في المثل : هو هالك في الهوالك، فاجروه على اصله فقال: نواكس الأبصار،ولا يكون مثل هذا أبداً إلا في ضرورة. باب لجرير وقد نزل بقوم من بني العنبر فلم يقروه قال جرير ونزل بقوم من بني العنبر بن تميم فلم يقروه حتى اشترى منهم القرى فانصرف وهو يقول: يا مالك بن طريفٍ إنّ بيعـتـكـم رفد القرى مفسدّ للديّن والحسـب قالوا نبيعكه بيعاً فقـلـت لـهـم بيعوا الموالي واستحيوا من العرب لولا كرام طريفٍ ما غفرت لكـم بيعي قراي ولا أنسأتكم غضبـي هل أنتم غير أو شابٍ زعـانـفـهٍ ريش الذّنابى وليس الرأس كالذّنب وقوله: يا مالك بن طريف فمن نصب، فإنما هو على انه جعل ابناً تابعاً لما قبل، كالشيء الواحد، وهو اكثر في الكلام إذا كان اسماً علماً منسوباً إلى اسم علم،ابن مع ما قبله بمنزلة الشيء الواحد، ومثل ذلك:يا حكم بن المنذر بن الجارود، ومن وقف على الاسم الأول ، ثم جعل الثاني نعتاً لم يكن في الأول إلا الرفع، لنه مفرد نعت بمضاف، فصار كقولك: يا زيد ذا الجمة. وقوله ولا أنساكم غضبي، يقول : لم أؤخره عنكم، يقال:نسأ الله في أجلك، وأنسأ الله أجلك، والنّسيء من هذا ، ومعناه تأخير شهر عن شهر، وكانت النّسأة من بني مدلج بن كنانة ، فأنزل الله عز وجلّ" إنما النّسىء زيادةٌ في الكفر"التوبة37 لأنهم كانوا يؤخرون الشهور، فيحرمون غير الحرام، ويحلّون غير الحلال، لما يقدّرونه من حروبهم وتصرّفهم، فاستوت الشهور لمّا جاء الإسلام، وأبان ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:"إن الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّموات والأرض" وقوله: هل انتم غير أو شابٍ زعانفةٍ، فالأشابة جماعة تدخل في قوم وليست منهم، وإنما هو مأخوذ من المر الأشب، أي المختلط، ويزعم بعض الرواة ان اصله فارسي أعرب، يقال بالفارسية: وقع القوم في آشوب أي في اختلاط، ثم تصرّفت فقيل: تأشّب النبت، فصنع منه فعل.وأما الزّعانف فأصلها أجنحة السّمك، قال أوس بن حجر: ومـــــــــــــــازال يفــــــــــــــــــري الـــــــــــــــــــــــــــــــشـــــــــــــــــــــــــــــــدّ حـــــــــــــــــــــــــــــــتّـــــــــــــــــــــــــــــــى كـــــــــــــــــــــــــــــــأنـــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــا قوائمـــــــــــــــــــــــــــــــه فـــــــــــــــــــــــــــــــي جـــــــــــــــــــــــــــــــانـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيه زعــــــــــــــــــــــــــــــــــانـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف وتزعم الرّواة أن ما أنفت منه جلّة الموالي هذا البيت ، يعني قول جرير:بيعوا الموالي واستحيوا من العرب، لأنه حطّهم ووضعهم ، ورأى أن الإساءة إليهم غير محسوبة عيباً. ومثل ذلك قول المنتجع لرجل من الأشراف: ما علّمت والدك? قال: الفرائض، قال: ذلك قول المنتجع لرجل من الأشراف: ما علّمت والدك? قال: الفرائض، قال: ذلك علم الموالي لا أبالك! علمهم الرجز، فإنه يهرّث أشداقهم. ومن ذلك قول الشّعبيّ ومر بقوم من الموالي يتذكرون النحو فقال، لئن أصلحتموه إنكم لأوّل أفسده! ومن ذلك قول عنترة: فما وجدنا بالفروق أشابةً ولا كـــــــــــــــــــــــــــــــشـــــــــــــــــــــــــــــــفـــــــــــــــــــــــــــــــاً ولادعـــــــــــــــــــــــــــــــينـــــــــــــــــــــــــــــــا مــــــــــــــــــــــــــــــــــوالـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــياً ومن ذلك قول الآخر: يسمّوننا الأعراب العرب اسمنا


يريد أسماؤهم عندنا الحمراء، وقول العرب: ما يخفى ذلك على الأسود والحمر. يريد العربيّ والعجميّ. وقال المختار لإبراهيم بن الأشتر يوم خازر وهو اليوم الذي قتل فيه عبيد الله بن زياد:إن عامّة جندك هؤلاء الحمراء، وإن الحرب إن ضرّستهم هربوا، فاحمل العرب على متون الخيل، وأرجل الحمراء أمامهم. ومن ذلك قول الأشعث بن قيس لعلي بن أبي طالب رحمه الله، وأتاه يتخطى رقاب الناس، وعليّ على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين، غلبتنا هذه الحمراء على قربك، قال: فركض عليّ المنبرٌ برجله، فقال صعصعة بن صوجان العبديّ: مالنا ولهذا? يعني الشعث، ليقولنّ أمير المؤمنين اليوم في العرب قولاً لا يزال يذكر، فقال عليٌّ من يعذرني من هذه الضّياطرة، يتمرّغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار، ويهجّر قومٌ للذّكر، فيأمرني إن أطردهم، ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين، والذي فلق الحبة، وبرأ النّسمة، ليضربنّكم على الدّين عوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً. قوله: الضياطرة واحدهم ضيطرٌ وضيطارٌ، وهو الأحمر العضل الفاحش، قال خداش بن زهير: وتركب خيلٌ لا هوادة بـينـهـا وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر وإنما قال جريرٌ لبني العنبر:هل أنتم غير أو شابٍ زعانفةٍ، لأن النّسّابين يزعمون ان العنبر بن عمرو بن تميم، إنما هو ابن عمرو بن بهراء، وأمّهم أم خارجية البجليّة التي يقال لها في المثل:أسرع من نكاح أمّ خارجة، فكانت قد ولدت في العرب في نيّفٍ وعشرين حياً من آباءٍ متفرقين، وكان يقول لها الرجل:خطبٌ? فتقول: نكحٌ! كذلك قال يونس بن حبيب، فنظر بنوها إلى عمرو بن تميم قد ورد بلادهم ، فأحسّوا بأنه أراد أمتهم، فبادروا إليه ليمنعوه تزوّجها، وسبقهم لأنه كان راكباً، فقال لها: إنّ فيك لبقيّة? فقالت:إن شئت...، فجاؤوا وقد بنى عليها، ثم نقلها بعد إلى بلده، فتزعم الرواة أنها جاءت بالعنبر معها صغيراً، وأولدها عمرو بن تميم أسيّداً والجهيم والقليب، فخرجوا ذات يوم يستقون فقلّ عليهم الماء، فأنزلوا مائحاً من تميم، فجعل المائح يملأ الدلو إذا كانت للهجيم وأسيّد والقليب، فإذا وردت دلو العنبر تركها تضطرب، فقال العنبر: قد رابني من دلوي اضطرابها والنّأي عن بهراء واغترابها إلا تجيء ملأى يجيء قرابها فهذا قول النّسّابين. وبروى أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال يوماً لعائشة رحمها الله، وقد كانت نذرت أن تعيق قوماً من ولد إسماعيل، فسبي قوم من بني العنبر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن سرّك ان تعتقي الصميم من ولد إسماعيل فأعتقي من هؤلاء". فقال النّسّابون: فبهراء من قضاعة، وقد قيل قضاعة من بني معدّ، فقد رجعوا إلى إسماعيل. ومن زعم أن قضاعة من بني مالك بن حمير وهو الحق قال: فالنسب الصحيح في قحطان الرّجوع إلى إسماعيل وهو الحق وقول المبّرزين من العلماء: غنما العرب المتقدمة من أولاد عابر، ورهطه عاد وطسم وجديس وجرهموالعماليق، فاما قحطان عند أهل العلم، فهو ابن الهميسع بن تيمن بن نبت بن قيذار بن إسماعيل صلى الله عليه وسلم، فقد رجعوا إلى إسماعيل ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوم من خزاعة وقيل من الأنصار:"ارموا يا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً " . ليحيى بن نوفل يهجو العريان بن الهيثم قال يحيى بن نوفل: يهجو العريان بن الهيثم بن الأسود النّخعيّ، وكان العريان تزوج زباد من ولد هانئ بن فبيصة الشيباني، وكانت عند الوليد بن عبد الملك فطلقها، فتزوجها العريان، وكان ابن نوفل له هجّاءً، فقال: أعريان ما يدري امرؤ سيل عنكم أمن مذحجٍ تدعون أم مـن إياد! فإن قلتم من مذحج إنّ مذحـجـاً لبيض الوجوه غير جدّ جـعـاد وانتم صغار الهام حدلٌ كأنـمـا وجوهكم مـطـلـيّةٌ بـمـداد فإن قلتم الحيّ اليمانون أصلـنـا وناصرنا فـي كـل يوم جـلاد فأطول بأيرٍ من مـعـدّ ونـزوةٍ نزت بإيادٍ خـلـف دار مـراد لعمر بني شيبان إذ ينكـحـونـه زباد لقد ما قـصّـروا بـزياد أبعد الوليد أنكحوا عبد مـذحـجٍ كمنزيةٍ عـيراً خـلاف جـواد

وأنكحها لا في كفاء ولا غنى زياد أضلّ الله سعـي زياد قوله:أمن مذحج تدعون أم من إياد، فبنو مذحج بنو مالك بن زيد بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ ين يشجب بن يعرب بن قحطان. و إياد بن نزار بن معد بن عدنان ، ويقال:إن النّخع وثقيفاً أخوان من إياد. فأما ثقيف فهو قسيّ بن منبّه بن بكر بن هوا زان بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان بن النصر، فهذا قول قوم. فأما آخرون فيزعمون ان ثقيفاً من بقايا ثمود، ونسبهم غامض على شرفهم في أخلاقهم، وكثرة مناكحهم قريشاٌ.وقد قال الحجاج على ا لمنبر: تزعمون أنّا من بقايا ثمود، والله عزّ وجل يقول:" وثمودا فما أبقى "النجم51. وقال الحجاج يوماً لبي العسوس الطائي:أيّ أقدم? أنزول ثقيف الطائف أم نزول طيّىء الجبلين? فقال أبو العسوس: إن كانت ثقيف من بكر بن هوزان فنزول طيّىء الجبلين قبلها، وغن كانت ثقيف من ثمود فهي اقدم، فقال الحجاج: يا أبا العسوس، اتّقني فإني سريع الخطفة للأحمق المهتوّك! فقال أبو العسوس: يؤدّبني الحجـاج تـأديب أهـلـه فلو كنت من أولاد يوسف ما عدا وإني لأخشى ضـربةً ثـقـفـيّة يقدّ بها ممّن عصاه الـمـقـلّـدا على أنني مـمّـا أحـاذر آمـنٌ إذا قيل يوماً قد عتا المرء واعتدى المغيرة بن شعبة وهند بنت النعمان بن المنذر وقد كان المغيرة بن شعبة، وهو والي الكوفة، سار إلى دير هند بنت النعمان بن المنذر، وهي فيه عمياء مترهّبةٌ، فاستأذن عليها، فقيل لها: أمير هذه المدرة بالباب، فقالت: قولوا له: أمن ولد جبلة بن الأيهم أنت? قال:لا،قالت: أمن ولد المنذر بن ماء السماء?قال:لا، قالت فمن أنت? قال: المغيرة بن شعبة الثقفي، قالت: فما حاجتك? قال: جئتك خاطباً، قالت:لو كنت جئتني لجمال أو مال لأطلبتك، ولكنك أردت أتتشرّف بي في محافل العرب ، فتقول: نكحت ابنة النعمان بن المنذر ،وإلاّ فأيّ خير في اجتماع أعور وعمياء! فبعثت إليها: كيف كان أمركم? فقالت : سأختصر لك الجواب...أمسينا مساءً، وليس في الأرض عربيّ إلا هو يرغب إلينا ويرهبنا، ثم أصبحنا وليس في الأرض عربيّ إلا ونحن نرغب إليه ونرهبه، قال: فما كان أبوك يقول في ثقيف? قالت: اختصم إليه رجلان منهم،أحدهما ينميها إلى إياد، والآخر إلى بكر بن هوزان فقضى بها للإياديّ، وقال: إنّ ثقيفاً لم تكن هوازناً ولتناسب عامراً ومازنا يريد عامر بن صعصعة ومازن بن منصور، فقال المغيرة: أما نحن فمن بكر بن هوزان، فليقل أبوك ما شاء! في رثاء الأشتر وقالت أخت الأشتر، وهو مالك بن الحارث النّخعيّ تبكّيه، وهذا الشعر رواه أبو اليقضان، و كان متعصباً: أبـــعـــد الأشـــتـــر الـــنّـــخـــعـــــيّ نـــــــرجـــــــو مكـــاثـــرةً ونــــــقـــــــطـــــــع بـــــــطـــــــن واد! ونـــصـــحـــب مـــذحـــجـــاً بـــــــإخـــــــاء صـــــــدق وإن نـــــنـــــــســـــــب فـــــــنـــــــحـــــــن ذرا إياد ثقـــيفٌ عــــــمّـــــــنـــــــا أبـــــــو أبـــــــينـــــــا وإخـــوتـــنــــــا نـــــــزار أولـــــــو الـــــــسّـــــــداد قوله : وانتم صغار الهام حدلٌ، فلأحدل المائل العنق، يقال: قوس حدلاء إذا اعوجّت سيتها، قال الراجز: لها متاعٌ ولهاةٌ فارض حدلاء كـــالـــزقّ نـــــحـــــــاه الـــــــمـــــــاخـــــــض وأما قوله:زباد يا فتى، فله باب نذكره على وجهه باستقصاء بعد فراغنا من تفسير هذا الشعر. وقوله:لقد ما قصّروا. فما زائدة، مثل قوله تعالى:" ممّا خطيتهم أغرقوا " نوح 25، ولو قال: لقدماً قصّروا لم يكن جيداً، ودخل الوليد في الذم. وقوله "كمنزيةٍ عيراً خلاف جواد " يقول : بعد جواد، قال الله عزّ وجل:" فرح المخلّفون بمقعدهم خلف رسول الله " التوبة81.وقوله:لافي كفاء يقال: هو كفؤك وكفؤك وكفيئك وكفاؤك، وإذا كان عديلك في شرف أو ما أشبه، كما قال الفرزدق: وتنكح في أكفانها الحبطات، أول هذا البيت: بنو دارم اكفاؤهم آل مسمع، وآل مسمع: بيت بكر بن وائل، و الحبطات هم بنو الحارث بن عمرو بن تميم، وإنما قال هذا الفرزدق حين بلغة ان رجلاً من الحبطات خطب امرأة من بني دارم بن مالك، فأجابه رجل من الحبطات: أما كان عبّادٌ كفيئاً لـدارم بلى ولأبياتٍ بها الحجرات


عبّاد، يعني بني هاشم، وقد تقدم هذا البيت للفرزدق في مواضع، وقال الله عزّ وجل:" ولم يكن لّه كفواً أحداً " الإخلاص:4، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لأمنعنّ النساء إلا من الأكفاء، وتحدّث أصحابنا عن الأصمعي عن إسحاق بن عيسى. قال: قلت لأمير المؤمنين الرّشيد أو المهديّ: يا أمير المؤمنين، من أكفاؤنا? قال: أعداؤنا، يعني أميّة، وزيادٌ الذي ذكر .كان أخاها ". هذا التفسير ما كان من المؤنث على فعال مكسور الآخر. وهو على أربعة أضرب، والأصل واحد. قال أبو العباس: اعلم أنه لا يبنى شيء من هذا الباب على الكسر إلا وهو مؤنث معرفة معدولٌ عن جهته، وهو في المؤنث بمنزلة فعل، نحو عمر و قثم في المذكر، وفعل معدول في حال المعرفة عن فاعلٍ وكان فاعلٌ ينصرف، فلما عدل عنه فعل لم ينصرف، وفعال معدول عن فاعلة لا ينصرف في المعرفة فعدل إلى البناء،لأنه ليس بعد ما لا ينصرف إلا المبنيّ، وبني و بني على الكسر لأن في فاعلة علامة التأنيث، وكان أصل هذا أن يكون إذا أردت به الأمر ساكناً كالمجزوم من الفعل الذي هو في معناه، فكسرته لالتقاء الساكنين، مع ما ذكرنا من علامة التأنيث والكسر مما يؤنث به فلم يخل من العلامة، تقول للمرأة:أنت فعلت، فالكسر علامة التأنيث، وكذلك إنك ذاهبة، ضربتك يا امرأة، فمما لا يكون إلا معرفة مكسوراً ما كان اسماً للفعل نحو نزال يا فتى، ومعناه انزل وكذلك تراك زيداً أي اتركه، فهما معدو لان عن المتاركة والمنازلة، وهما مؤنثان معرفتان، يدلك على التأنيث القياس الذي ذكرنا، قال الشاعر تصديقاً لذلك: ولنعم حشو الدّرع أنـت إذا دعيت نزال ولجّ في الذّعر فقال:دعيت لما ذكرته لك من التأنيث، وقال الآخر،وهو زيد الخيل: وقد علمت سلامة انّ سيفي كريهٌ كلّما دعـيت نـزال وقال الشاعر: تراكها من إبـل تـراكـهـا أما ترى الموت لدى أوراكها أي اتركها. وقال آخر: حذار من كي أركبه نظار، فهذا باب من الأربعة: ومنها إن يكون صفة غالبة تحلّ محل الاسم، نحو قولهم للضّبع: جعار يا فتى، وللمنية حلاق يا فتى، لأنها حالقة، والدليل على التأنيث بعد ما ذكرنا قوله: لحـــــــقـــــــت حـــــــلاق بـــــــهـــــــم عـــــــلـــــــــــــى أكـــــــــــــــســـــــــــــــائهـــــــــــــــم ضرب الــــــــــرّقـــــــــــــــاب ولا يهـــــــــــــــمّ الـــــــــــــــمـــــــــــــــغـــــــــــــــنـــــــــــــــم وتقول في النداء يا فساق ويا خباث ويا لكاع، تريد يا فاسقة ويا خبيثة ويا لكعاء، لأنه في النداء في موضع معرفةٍ كما تقول للرجل: يا فسق ويا خبث ويا لكع، فهذا بابٌ ثانٍ. ومن ذلك ما عدل عن المصدر نحو قوله يذمّ الخمر: جماد لها جماد ولا تقولي طوال الـــــــــــــــدّهـــــــــــــــر مـــــــــــــــا ذكـــــــــــــــرت حـــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــاد وقال النابغة الذبيانيّ: إنّا اقتسمنا خطّتيننا بـينـنـا فحملت برّدة واحتملت فجار يريد : قولي لها جموداً، ولا تقولي لها حمداً، هذا المعنى، ولكنه عدل مؤنثاً. وهذا باب ثالث. والباب الرابع ان تسمى امرأةً، أو شيئاً مؤنثاً باسم تصوغه على هذا المثال، نحو رقاش وحذام وقطام وما أشبه ذلك، فهذا مؤنث معدول عن راقشة وحاذمة وفاطمة، إذا سمّيت به، وأهل الحجاز يجرونه على قياس ماذكرت، لأنه معدول في الأصل وسمّيي به، فنقل إلى مؤنث كالباب الذي كان قبله، فلم يغيروه، فعلى ذلك قالوا:اسق رقاش إنها سقّايه، وقال آخر: إذا قالت حذام فصدّقوها فإنّ القول ما قالت حذام

وينشدون: وأقفر من سلمى شراء فيذبل، كذا وقع، والصحيح فقد أقفرت سلمى شراء، لأن قبله: تأبّد من أطلال جمرة مأسل، والشعر للنّمر بن تولبٍ: وأما بنو تميم فإذا أزالوه عن النعت فسمّوا به صرفوه في النكرة، ولم يصرفوه في المعرفة، وسيبويه يختار هذا القول، ولا يرادّ القول الاخر، فيقول: هذه رقاش قد جاءت، وهذه غلاب قد جاءت، وهذه غلاب أخرى، زلا اختلاف ببين العرب في صرفه إذا كان نكرة، وفي إعرابه في المعرفة، وصرفه في النكرة إذا كان اسماً لمذكر، نحو رجل تسميه نزال أو رقاش أو حلاق، فهو في النكرة إذا كان اسماً لمذكر، نحو رجل تسميه نزال أو رقاش أو حلاق، فهو بمنزلة رجل سميته بعناق أو أتانٍ، لن التأنيث قد ذهب عنه، فاحتج سيبويه في تصحيح هذا القول بأنك لو سمّيت شيئاً بالفعل الذي هو مأخوذ منه لعربنه، نحو أنزل وأضرب، لو سميت بهما رجلاً لجرى مجرى إصبع وأحمد إثمدٍ، ونحو ذلك فهذا يحيط بجميع هذا الباب. ???لامرأة من بني عامر بن صعصعة زوجت في طيّىء قال أبو العباس، وقالت امرأة أحسبها من بني عامر بن صعصعة زوجت في طيىء. لا تحمدنّ الدّهر أخت أخالها لـهـا ولا ترثينّ الدّهر بـنـتٌ لـوالـد هم جعلوها حيث ليسـت بـحـرّةٍ وهم طرحوها في الأقاصي الأباعد ويروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إنما النكاح رقٌّ لينظر امرؤٌ من يرقٌّ كريمته. وعلى هذا جاءت اللغة، فقالوا كنا في إملاك فلانٍ، وفي ملك فلان، وفي ملك فلان، وفي ملكة فلان. وفي ملكان فلان، ويقول الرجل: ملكت المرأة وأملكنيها وليّها، ومن ذلك أنّ يمين الطلاق إذا وقع فيها حنثٌ غنما يكون محلّها محلّ الإقرار بترك ما كان يملكه كالعتاق. وقال رسول الله:"أوصيكم بالنساء فإنهنّ عندكم عوانٍ" أي أسيراتٌ، ويقال، عني فلانٌ في بني فلان إذا أقام فيهم اسيراً،ويقال: فلان يفكّ العناة، وأصل التغنية التذ ليل،وأصل الإسار الوثاق، ويقال للقتب مأسور إذا شدّ بالقدّ، هذا أصل هذا، فأما المثل في قولهم: إنما فلان غلٌّ قملٌ، فإنهم كانوا يتخذون الغلال من القدّ، فكانت تقمل. لرجل يذكر امرأة زوجت من غير كفء وقال رجل يذكر امرأةً زوّجت من غير كفء: لقـد فـرح الـواشـون أن نــال ثـــعـــلـــبٌ شبـيهة ظـبـيٍ مـقـلـتـاهـــا وجـــيدهـــا أضـرّ بـهـا فـقـد الـولـيّ فـأصــبـــحـــت بكـــف لـــئيم الـــوالـــدين يقـــودهـــا الرجل يعير إبراهيم بن النعمان بن بشير ورد إبراهيم عليه ولما زوّج إبراهيم بن النعمان بن بشيرٍ الأنصاريّ يحيى بن أبي حفصة مولى عثمان بن عفّان ابنته على عشرين ألف درهم قال قائل يعيّره: لعمري لقد جلّلت نفسك خـزيةً وخالفت فعل الأكثر ين الأكارم ولو كان جدّاك الّلذان تتابـعـا ببدرٍ لما رامـا ضـيع الألائم فقال إبراهيم بن النعمان يردّ عليه: ما تركت عشرون ألـفـاً لـقـائل مقالاً فلا تـحـفـل مـلامة لائم وإن أك قد زوّجت مولى فقد مضت به سنّةٌ قبلـي وحـبّ الـدّراهـم للقلاخ بن حزن يخاطب يحيى بن أبي حفصة ورد عليه وتزوّج يحيى بن أبي حفصة وهو مروان الشاعر، ويزعم النسّابون أن أباه كان يهودياً أسلم على يدي عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يحيى من أجود الناس، وكان ذا يسار، فتزوج خولة بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم سيد الوبر بن سنان بن خالد بن منقر، ومهرها خرقاً، ففي ذلك يقول القلاخ بن حزنٍ: لم أر أثوابـاً أجـرّ لـخـزيةٍ وألأم مكسـواً وألأم كـاسـيا من الخرق الّلاتي صببن عليكم بحجرٍ فكنّ المبقيات البوالـيا فقال يحيى بن أبي حفصة يجيبه: تجاوزت حزناً رغبةً عن بناته وأدركت قيساً ثانياً من عنانيا يقال ذلك للسّابق إذا تقدّم تقدّماً بيّناً فبلغ الغاية، فمن شأنه أن يثني عنانه فينظر إلى الخيل، وقال الشاعر: فمـن يفـخـر بـمـثـل أبــي وجـــدّي يجـيء قـبـل الـسّـوابـق وهـو ثـانـي يريد ثاني عنانه، وقال القلاح في هذه القصة: نبّئت خولة قالت حين أنكحها لطالما كـنـت مـنـك الـعـار أنـتـظـر

أنكحت عبدين ترجو فضل مالهمـا في فيك ممّا رجوت الترب والحجر للّـه درّ جـيادٍ أنـت سـائسـهـا برذنتها وبها التحجـيل والـغـرر وقال جرير يعيّرهم: رأيت مقاتل الطلبات حلّـى فروج بناته كمر الموالـي لقد أنكحتم عـبـداً لـعـبـدٍ من الصّهب المشوّهة السبال فلا تفخر بقـيسٍ إنّ قـيسـاً خرئتم فوق أعظميه البوالي وقال آخر في مثل هذه القصة: ألا يا عباد الله قـلـبـي مـتـيّمٌ بأحسن من صلّى وأقبحهم بعـلا يدبّ على أحشائهـا كـلّ لـيلةٍ دبيب القرنبى بات يقرو نقاً سهلا القرنبى: دويبةٌ على هيئة الخنفس متقّطعة الظّهر، وربما كان في ظهر نقطة حمراء، وفي قوائمها طول الخنفس، وهي ضعيفة المشي. للفرزدق في عطية أبي جرير قال الفرزدق يعني عطيّة أبا جرير: قرنبى يحكّ قفا مقرفٍ لئيمٍ مآثـره فـعـدد وفي هذا الشعر يقول: ألم تـر أنّـا بـنـي دارم زرارة منّا أبو مـعـبـد ومنّا الّذي منع الـوائدات وأحيا الوئيد فـلـم تـوأد ألسنا بأصحاب يوم النّسار وأصحاب ألوية المربـد السنا الّذين تمـيمٌ بـهـم تسامي وتفخر في المشهد وناجية الخير والأقرعـان قبرٌ بكاظـمة الـمـورد إذا ما أتى قـبـره عـائدٌ أناخ على القبر بالأسعـد أيطلب مجد بـنـي دارم عطيّة كالجعـل الأسـود ومجد بـنـي دارمٍ دونـه مكان السّماكين والفرقـد قوله:ألم تر أنّا بني دارم منصوب على الاختصاص، وقد مضى تفسيره.وزرارة الذي ذكر،هو زرارة بن عدس بن زيد بت عبد الله بن دارم، وكان زرارة يكنى أبا معبدٍ، وكان له بنون: معبدٌ، ولقيطٌ، وحاجبٌ وعلقمة، والمأمون.ويزعم قوم أن المأمون هو علقمة، ومنهم شيبان بن زرارة وابنه يزيد بن شيبان النسّابة، وكان حاجبٌ أذكر القوم.ورووا أن عبد الملك ذكر يوماً يني دارم فقال أحد جلسائه: يا أمير المؤمنين! هؤلاء قوم محظوظون! فقال عبد الملك: أتقولون ذلك وقد مضى منهم لقيط بن زرارة ولم يخلّف عقباً، ومضى القعقاع بن معبد بن زرارة ولم يخلّف عقباً، ومضى محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة ولم يخلّف عقباً! والله لا تنسى العرب هؤلاء الثلاثة أبداً.وكان لقيط بن زرارة قتل يوم جبلة، وأسر حاجب فنودي، فزعم أبو عبيدة أنه لم يكن عكاظيٌّ أغلى فداء من حاجب، وكان أسره زهدمٌ العبسيّ، فلحقه ذو الرقيبة القشريّ، وبنو عبس يومئذ نازلةٌ في بني عامر بن صعصعة، فأخذه ذو الرقيبة بعزّة، وأنه في محل قومه فقال حاجب: لمّا تنازعني الرجلان خفت أن أقتل بينهما، فقلت: حكماني في نفسي، ففعلا فحكمت بسلاحي وركابي لزهدم، وبنفسي لذي الرقيبة، وكان حاجب يكنى أبا عكرشة، وكان أحلم قومه، وفي ذي الرقيبة يقول الشاعر: ولقد رأيت القائلين وفعلهم فلدي الرقيبة مالكٍ فضل كفّاه متلفةٌ ومـخـلـفةٌ وعطاؤه متدفّقٌ جـزل ففدي حاجبٌ، وقتل في ذلك اليوم لقيطٌ، واسر عمرو بن عمرو بن عدس فلذلك يقول جرير يعيّر الفرزدق، لن الفرزدق من بني مجاشع بن دارم، وقد مضى ذكر هذا في الكتاب، ولجرير في قيسٍ خؤولة. للفرزدق يهجو جريراً وجواب جرير عليه فلما هجا الفرزدق قيساً في أمر قتيبة بن مسلم الباهليّ، قال: أتاني وأهلي بـالـمـدينة وقـعةٌ لآل تمـيم أقـعـدت كـلّ قـائم كأن رؤوس النّاس إذا سمعوا بهـا مشدّخةٌ هـامـاتـهـا بـالأمـائم وما بين من لم يعط سمعاً وطـاعةً وبين تميم غير حـرّ الـحـلاقـم أتغضب عن أذنا قـتـيبة حـزّنـا جهاراً ولم تغضب لقتل ابن خازم وما منهما غلا نقلـنـا دمـاغـه إلى الشّام فوق الشّاحجات الرّواسم تذبذب في المخلاة تحت بطونـهـا محذّفة الأذناب جلـح الـمـقـادم وما أنت من قيس فتنبـح دونـهـا ولا من تميم في الرؤوس الأعاظم


تخوّفنـا أيام قـيسٍ ولـم تـدع لعيلان أنفا مستقيم الـخـياشـم لقد شهدت قيسٌ فما كان نصرها قتيبة إلاّ عضّهـا بـالأبـاهـم وقال جرير يجيبه: أباهل ما أحببت قتل ابن مسلـم ولا أن تروعوا قومكم بالمظالم ثم قال يخوّف الفرزدق: تحضّض يا أبن القين قيساً ليجعـلـوا لقومك يومـاُ مـثـل يوم الأراقـم كأنك لم تشهد لقـيطـاً وحـاجـبـاً وعمرو بن عمروٍ إذ دعوا يا ل دارم ولم تشهد الجونين والشّعث ذا الصّفـا وشدّات قيس يوم دير الـجـمـاجـم فيوم الصّفا كنتم عـبـيداً لـعـامـر وبالحنو أصبحتم عبـيد الـلّـهـازم إذا عـدّت الأيام أخـزين درامـــاً وتخـزيك يا أبـن الـقـين أيام دارم أما قول الفرزدق: كأن رؤوس الـــــــــــــــــــــــــــــــنّـــــــــــــــــــــــــــــــاس إذ ســـــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا مشـــــــــــــــــــــــــــــــدّخةٌ هـــــــــــــــــــــــــــــــامـــــــــــــــــــــــــــــــاتـــــــــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالأمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــائم فإن الشّجاع مختلفة الحكام، فإذا كانت الشّجّة شقيقا يدمى فهي الدامية، وإذا أخذت من اللحم شيئاً فهي الباضعة، وإذا أمضت في اللحم فهي المتلاحمة، فإذا هشمت العظم فهي الهاشمة، وإذا كان بينها وبين العظم جليدةٌ رقيقة فهي السمحاق، من أجل تلك الجليدة يقال ما على ترب الشاة من الشّحم إلا سماحيق، أي طرائق، فإذا خرجت منها عظام صغار فهي المنقّلة وإنذما أخذ ذلك من النّقل وهي الحجارة الصغار فإذا أوضحت عن العظم فهي الموضحة، فإذا خرقت العظم وبلغت أمّ الدّماغ وهي جليدةٌ قد ألبست الدماغ فهي الآمّة، وبعض العرب يسميها أمّ المأمومة، واشتقاق ذلك إفضاؤها إلى أم الدماغ ولا غاية بعدها، قال الشاعر يحج مأمومةً في قعرها لجفٌ قاســـــــــــــــــــــــــت الـــــــــــــــــــــــــــــــطـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيب قـــــــــــــــــــــــــــــــذاهـــــــــــــــــــــــــــــــا كـــــــــــــــــــــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــغـــــــــــــــــــــــــــــــاريد وقال ابن غلفاء الهجيميّ يردّ بن عمرو بن اللصّق في هجائه بني تميم: فإنك من هجاء بني تـمـيم كمزداد الغرام إلى الغـرام هم تركوك أسلح من حبارى رأت صقراً وأشرد من نعام وهم ضربوك امّ الرّأس حتى بدت أمّ الشّؤون من العظام إذا يأسونها جشأت إلـيهـم شرنبثة الـقـوائم أم هـام وابن خازم هو عبد الله بن خازم السّلميّ، وهو أحد غربان العرب في الإسلام، وكان من أشجع الناس، وقلته بنو تميم بخرسان، وكان الذي ولي قتله منهم وكيع بن الدّورقيّة القريعيّ.وقوله:فوق الشاحجات، يعني البغال. والرّسيم: ضرب من السير، وإنما عنى ههنا بغال البريد، لقوله: محذّفة الأذناب جلح المقادم كما قال امرؤ القيس: علـــــــــــــــــــــــــــــى كـــــــــــــــــــــــــــــــل مـــــــــــــــــــــــــــــــقـــــــــــــــــــــــــــــــصـــــــــــــــــــــــــــــــوص الـــــــــــــــــــــــــــــــذّنـــــــــــــــــــــــــــــــابـــــــــــــــــــــــــــــــى مـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــاودٍ بريد الـــــــــــــــــــــــــــــــسّـــــــــــــــــــــــــــــــرى بـــــــــــــــــــــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــلّـــــــــــــــــــــــــــــــيل مـــــــــــــــــــــــــــــــن خـــــــــــــــــــــــــــــــيل بـــــــــــــــــــــــــــــــربــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا وكانت برد ملوك العرب في الجاهلية الخيل. أما قول جرير: الجونين، فقد مضى ذكرهما، ويوم دير الجماجم، يريد الحجّاج في وقعته بدير الجماجم بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكنديّ، وقوله:وبالحنو أصبحتم عبيد اللّهازم ، فاللّهازم بنو قيس بن ثغلبة، وبنو ذهل بن ثعلبة، وبنو تيم اللآت بن ثعلبة، وبنو عجل بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل، وبنو مازن بن صعب بن عليّ، ثم تلهزمت حنيفة لجيم فصارت معهم، وأما علقمة بن زرارة فإنه قتله بنو ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقتل به حاجب أخوه أشيم بن شراحيل القيسيّ، فقال ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقتل به حاجبٌ أخوه أشيم بن شراحيل القيسيّ، فقال حاجبٌ في ذلك: فإن تقتلوا منّا كريماً فإنّنا أبـــــــــــــــــــــــــــــــأنـــــــــــــــــــــــــــــــا بـــــــــــــــــــــــــــــــه مـــــــــــــــــــــــــــــــأوى الـــــــــــــــــــــــــــــــصّـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــيك أشـــــــــــــــــــــــــــــــيمـــــــــــــــــــــــــــــــا قتـــــــــــــــلـــــــــــــــنـــــــــــــــا بــــــــــــــــــه خـــــــــــــــــــــــــــــــير الـــــــــــــــــــــــــــــــضـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيعـــــــــــــــــــــــــــــــات كـــــــــــــــــــــــــــــــلـــــــــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــــــــــــــــــا ضبـــــــــــــــــــــــــــــــيعة قـــــــــــــــــــــــــــــــيس لاضـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيعة أضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا


وكانت برد ملوك العرب في الجاهلية الخيل. أما قول جرير: الجونين، فقد مضى ذكرهما، ويوم دير الجماجم، يريد الحجّاج في وقعته بدير الجماجم بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكنديّ، وقوله:وبالحنو أصبحتم عبيد اللّهازم ، فاللّهازم بنو قيس بن ثغلبة، وبنو ذهل بن ثعلبة، وبنو تيم اللآت بن ثعلبة، وبنو عجل بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل، وبنو مازن بن صعب بن عليّ، ثم تلهزمت حنيفة لجيم فصارت معهم، وأما علقمة بن زرارة فإنه قتله بنو ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقتل به حاجب أخوه أشيم بن شراحيل القيسيّ، فقال ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقتل به حاجبٌ أخوه أشيم بن شراحيل القيسيّ، فقال حاجبٌ في ذلك: فإن تقتلوا منّا كريماً فإنّنا أبـــــــــــــــــــــــــــــــأنـــــــــــــــــــــــــــــــا بـــــــــــــــــــــــــــــــه مـــــــــــــــــــــــــــــــأوى الـــــــــــــــــــــــــــــــصّـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــالـــــــــــــــــــــــــــــــيك أشـــــــــــــــــــــــــــــــيمـــــــــــــــــــــــــــــــا قتـــــــــــــــلـــــــــــــــنـــــــــــــــا بــــــــــــــــــه خـــــــــــــــــــــــــــــــير الـــــــــــــــــــــــــــــــضـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيعـــــــــــــــــــــــــــــــات كـــــــــــــــــــــــــــــــلـــــــــــــــــــــــــــــــهـــــــــــــــــــــــــــــــا ضبـــــــــــــــــــــــــــــــيعة قـــــــــــــــــــــــــــــــيس لاضـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــيعة أضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا وكـــــــان يقـــــــال لأشـــــــيم: مـــــــأوى الـــــــصّـــــــعـــــــالـــــــيك، وضـــــــبـــــــيعة أضـــــــخـــــــم الـــــــذي ذكـــــــر هـــــــو ضـــــــبـــــــيعة ابـــــــن ربـــــــيعة بـــــــن نـــــــزار رهـــــــط الـــــــمـــــــتـــــــلـــــــمّـــــــس. هــــــــــــــذا لـــــــــــــــقـــــــــــــــبـــــــــــــــهـــــــــــــــم.


وأما معبد بن زرارة فإن قيساً أسرته يوم رحرحان، فساروا به إلى الحجاز فأتى لقيطٌ في بعض الأشهر الحرم ليفيه، فطلبوا منه ألف بعير فقال لقيط: إنّ أبانا أمرنا أن لانزيد على المائتين، فتطمع فينا ذؤبان العرب، فقال معبد: يا أخي، افدني بمالي فإني ميتٌ. فأبى لقيطٌ، وأبى معبد أن يأكل أو يشرب، فكانوا يشحون فاه، ويصبّون فيه الطعام والشراب لئلا يهلك فيذهب فداؤه، فلم يزل كذلك حتى مات، فقال جرير يعيّر الفرزدق وقومه بذلك: تركتم بوادي رحرحان نساءكـم ويم الصّفا لاقيتم الشعب أوعرا سمعتم بني مجدٍ دعوا يا ل عامر فكنتم نعاماً عند ذاك منـقّـرا وأسلمت القلحاء في الغل معبداً ولاقى لقيط حتفه فتـقـطّـرا قوله: سمعتم بني مجدٍ دعوا يا ل عامرٍ، يعني مجد بنت النضر بن كنانة ولدت ربيعة بن عامر بن صعصعة، وولده بنو كلاب وبنو كعب بن عامر بن ربيعة. والقلحاء لقب، والقلح ان تركب الأسنان صفرةٌ تضرب إلى السواد، ويقال لها الحبرة لشدة تأثيرها، أنشدني المازني: لســـــــــــــــــــــــــــــــت بــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــديّ عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى فـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيه حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرةٌ ولـــــــــــــــــــــــــــــــســـــــــــــــــــــــــــــــت بـــــــــــــــــــــــــــــــعـــــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــــدي حـــــــــــــــــــــــــــــــقـــــــــــــــــــــــــــــــيبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر وزعم أبو الحسن الأخفش، أن العرب تقول في هذا المعنى: في أسنانه حبرة، وليس ذلك بمعروف، ولم يأت اسم على فعل إلا إبل وإطل.وقوله:ولاقى لقيط حتفه فتقطّرا، يقال قطّره لجنبيه وقتّره، لغتان، لأن التاء من مخرج الطاء، فإن رمى به على رأسه قيل نكته. رجع التفسير إلى شعر الفرزدق الأول:أما قوله: ومنّا الذي منع الوائدات، فإنه يعني جدّه صعصعة بن ناجية بن عقالٍ، وكانت العرب في الجاهلية تئد البنات، ولم يكن هذا في جميعها إنما كان في تميم بن مرّ، ثم استفاض في جيرانهم، فهذا قول واحد. وقال قوم آخرون: بل كان في تيم وقيس وأسدٍ وهذيل وبكر بن وائل، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللّهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف". وقال بعض الرواة: اشدد وطدتك، والمعنى قريب يرجع إلى الثّقل، فأجدبوا سبع سنين حتى أكلوا الوبر بالدم، فكانوا يسمونه العلهز، ولهذا أبان الله عز وجل تحريم الدم، ودلّ على ما من أجله قتلوا البنات فقال:" ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ"الإسراء31، وقال:"ولا يقتلن أولادهنّ " الممتحنة:12، فهذا خبيرٌ بيّن ان ذلك للحاجة، وقد روى بعضهم أنهم غنما فعلوا ذلك أنفةً. إغارة النعمان بن المنذر على تميم وذكر أبو عبيده بن المثنّى إن تميماً منعت النعمان الإتاوة، وهي الديان، فوجه إليهم أخاه الريّان بن المنذر، وكانت للنعمان خمس كتائب، إحداها الوضائع وهم قوم من الفرس كان كسرى يضعهم عنده عدّة ومدداً، فيقيمون سنة عند الملك من ملوك لخم، فإذا كان في رأس الحول ردّهم إلى أهليهم وبعث بمثلهم، وكتيبة يقال لها الشّبهاء وهي بيت الملك، وكانوا بيض الوجوه، يسمّون الأشاهب. وكتيبة ثالثة يقال لها الصنائع وهم صنائع الملك أكثرهم من بكر ين وائل. وكتيبة رابعةٌ يقال لها الرهائن وهم قوم كان يأخذهم من كل قبيلة فيكونون رهناً عنده ثم يوضع مكانهم مثلهم. والخامسة دوسر وهي كتيبة ثقيلة تجمع فرساناً وشجعاناً من كل قبيلة، فأعزاهم أخاه، وجلّ من معه بكربن وائل، فاستاق النّعم وسبى الذّراريّ، وفي ذلك يقول أبو المشمرج اليشكريّ: لمّا رأوا راية النعمان مـقـبـلةً قالوا ألا ليت أدنى دارنا عـدن يا ليت أمّ تميم لم تكن عـرفـت مرّا وكانت كمن أودى به الزمن إن تقتلونا فـأعـيارٌ مـجـدّعةٌ أو تنعموا فقديماً منكم المـنـن منهم زهير وعتّابٌ ومحتـضـرٌ ابنا لقيط وأودى في الوغى قطن يقول النعمان في جواب هذا: للـه بـــكـــرٌ غـــداة الـــرّوع لـــو بـــهـــم أرمـى ذرا حـضـنٍ زالــت بـــهـــم حـــضـــن إذ أرى أحـداً فـي الـــنّـــاس أشـــبـــهـــهـــم إلاّ فـوارس خـامـــت عـــنـــهـــم الـــيمـــن وهذا هبر طويل، فوفدت إليه بنو تميم فلما رآها أحب البقيا ، فقال: ما كان ضرّ تميماً لو تغمّدها من فـضـلـنـا مـــا عـــلـــيه قـــيس عـــيلان

فأناب القوم وسألوه النساء، فقال النعمان: كل امرأة اختارت أباها ردّت إليه، وغن اختارت صاحبها تركت عليه. فكلّهن اختارت أباها، إلا ابنة لقيس بن عاصم فإنها اختارت صاحبها عمرو بن المشمرج، فنذر قيس ألاّ تولد له ابنةٌ إلا قتلها. فهذا شيء يعتلّ به من وأد، ويقول: فعلناه أنفةً، وقد أكذب ذلك بما أنزل الله تعالى في القرآن. وقال ابن عباس رحمة الله في تأويل هذه الآية: وكانوا لا يورثون، ولا يتخذون إلا من طاعن بالرّمح ومنع الحريم يريد الذّكران. وفود صعصعة بن ناحية على رسول الله وروت الرواة: إن صعصة بن ناجية لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا رسول الله، إني كنت أعمل عملاً في الجاهلية أفينفعني ذلك اليوم? قال: وما عملك? قال: أضللت ناقتين عشرا وين، فركبت جملاً، ومضيت في بغائهما. فرفع لي بيتٌ حريدٌ، فإذا شيخ جالس بفناء الدار، فسألته عن الناقتين، فقال: ما نارهما? قلت: ميسم بني دارم، فقال: هما عندي وقد أحيا الله بهما قوماً من أهلك، من مضر. فجلست معه ليخرجا إليّ، فإذا عجوز قد خرجت من كسر البيت، فقال لها: ما وضعت? فإن كان سقباً شاركنا في أموالنا وإن كانت حائلاً وأدناها. فقالت العجوز: وضعت أنثى! فقلت أتبيعها? قال: وهل تبيع العرب أولادها?، قلت، إنما اشتري منك حياتها، ولا أشتري رقّها، قال: فبكم? قلت: احتكم، قال: بالناقتين والحمل، قال: قلت: ذاك لك، على أن يبلّغني الجمل وإيّاها. قال : ففعل، فآمنت بك يا رسول الله، وقد صارت لي سنّةٌ في العرب، على أن أشتري كل موءودة فقد أنقذها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا ينفعك ذلك، لأنك لم تبتغ به وجه الله وإن تعمل في إسلامك عملاً صالحاً ثبت عليه ". وكان ابن عباس يقرا:" وإذا الموءودة سألت بأي ذنب قتلت " التكوير:8 -9 . وقال أهل المعرفة في قول الله عزّ وجل :" وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت " إنما تسأل تبكيتاً لمن فعل ذلك بها، كما قال الله تعالى:" يا عيسى ابن مريم ء أنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون الله " المائدة:116.وقوله:وئدت، إنما هو أثقلت بالتراب، يقال للرجل: اتّئد أي تثبّت. وتثقّل، كما يقال: توفّر، قال قصيرٌ صاحب جذيمة: ما لــــــلـــــــجـــــــمـــــــال مـــــــشـــــــيهـــــــاً وئيداً أجـــــــنـــــــدلآً يحـــــــمـــــــلـــــــن أم حـــــــــــــديدا أم صرفاناً بارداً شديداَ، وقوله: أضللت ناقتين عشرا وين، أضللت، ضلّتا مني، وتحقيقه: صادفتهما ضالتين، كما قال: أو وجد شيخ أضلّ ناقته حين تـــولـــىّ الـــحـــجـــــيج فـــــــانـــــــدفـــــــعـــــــوا والعشراء:الناقة التي قد ا أتى عليها منذ حملت عشرة أشهر، وإنما حمل الناقة سنةٌ.وقوله:ما نارهما? يريد ما وسمهما? كما قال: قد سقيت آبالهم بـالـنّـار والنّار قد تشفي من الأوار أي عرف وسمهم فلم يمنعوا الماء.وقوله: فإذا بيت حريد،يقول: متنحّ عن الناس، وهذا من قولهم: انحرد الجمل، إذا تنحى من الإناث فلم يبرك معها، ويقال في غير هذا الموضع:حرد حردة، أي قصده، قال الراجز: قد جاء سيلٌ جاء من أمر الله يحرد حرد الجنة المـغـلّة وقالوا في قوله عزّ وجل:" وغدوا على حريد قادرين "القلم 25 ،أي: على قصدٍ كما ذكرنا. وقالوا: هو أيضاً على منع ، من قولهم: حاردت الناقة إذا منعت لبنها، وحاردت السّنة إذا منعت مطرها، والبعير الحرد: هو الذي يضرب بيده، وأصله الامتناع من المشي. وأما قوله: .................................... وقـبـرٌ بـكـاظـمة الـمـورد إذا مـا أتـى قـبـره خـــائفٌ أناخ على الـقـبـر بـالأسـعـد فإنه يعني قبر أبيه غالب بن صعصعة بن ناحية، وكان الفرزدق يجير من استجار بقبر أبيه، وكان أبوه جواداً شريفاً. ودخل الفرزدق البصرة في إمرة زياد، فباع إبلاً كثيرة وجعل يصرّ أثمانها، فقال له رجل: إنك لتصرّ أثمانها، ولو كان غالب بن صعصعة ما صرّها. ففتح الفرزدق تلك الصّرر ونثر المال. وبلغ الخبر زياداً فطلبه، فهرب الفرزدق، وله في هربه حديث طويل، واستجارته بسعيد بن العاس بالمدينة، نذكره بعد هذا عن شاء الله. جماعة استجاروا بقبر غالب فممّن استجار بقبر غالب فأجاره الفرزدق امرأة من بني جعفر بن كلاب، خافت لما هجا الفرزدق بني جعفر بن كلاب أن يسمّيها ويسبّها، فعاذت بقبر أبيه، فلم يذكر لها اسماً ولا نسباً، ولكن قال في كلمته التي يهجو فيها بني جعفر بن كلاب: عجوزٌ تصلي الخمس عاذت بغالب فلا والّدي عاذت به لا أضيرهـا ومن ذلك أن الحجاج لما ولّى تميم بن زيد القينيّ السّند، دخل البصرة فجعل يخرج من أهلها من شاء، فجاءت عجوز إلى الفرزدق فقالت: إني استجرت بقبر أبيك، واتت منه بحصياتٍ، فقال لها: وما شأنك! فقالت: إن تميم ابن زيد خرج بابن لي معه ولا قرّة لعيني ولا كاسب لي غيره، فقال لها: وما أسم ابنك? فقالت :خنيسٌ، فكتب إلى تميم بن زيد مع بعض من شخص: تميم بن زيد لا تكوننّ حاجـتـي بظهر فلا يعيا عليّ جوابـهـا وهب لي خنيساًواحتسب فيه منّه لعترة أم ما يسوغ شـرابـهـا أتتني فعاذت يا تميم بـغـالـب وبالحفرة السّافي عليها ترابهـا وقد علم الأقوام انّـك مـاجـدٌ وليثٌ إذا ما الحرب شبّ شهابها فلما ورد الكتاب على تميم، تشكّك في الاسم فقال: أحبيش? أم خنيسٌ? ثم قال: انظروا من له مثل هذا الاسم في عسكرنا? فأصيب ستة ما بين حبيش و خنيس فوجّه بهم إليه. ونهم مكاتب لبنى منقر، ظلع بمكاتبته، فأتى قبر غالب فاستجار به، وأخذ منه حصيات فشدّهنّ في عمامته، ثم أتى الفرزدق فاخبره، وقال :إني قد قلت شعراً، فقال: هاته، فقال: بقبر ابن ليلى غالب عذت بعدمـا خشيت الرّدى أو ان اردّ على قسر بقبر امرئ تقري المئين عظـامـه ولم يك غلاّ غالبـاً مـيّتٌ يقـري فقال لي استقدم أمـامـك إنّـمـا فكاكك أن تلقى الفرزدق بالمصر فقال له الفرزدق: ما اسمك? قال: لهذم، قال: يالهذم، حكمك مسمّطاً، قال: ناقة كوماء سوداء الحدقة، قال: يا جارية، اطرحي إلينا حبلاً، ثم قال: يا لهذام اخرج بنا إلى المريد، فألقه في عنق ما شئت. فتخير العبد على عينه، ثم رمى الحبل في عنق ناقةٍ وجاء صاحبها، فقال له الفرزدق: اغد عليّ في ثمنها، فجعل لهذا يقودها والفرزدق يسوقها حتى إذا نفذ بها من بيوت إلى الصحراء، صاح به الفرزدق: يا لهذام، قبح الله أخسرنا???! قوله: تقري المئين عظامه، يريد أنهم كانوا ينحرون الإبل عند قبور عظامهم، فيطعمون الناس في الحياة وبعد الممات، وهذا معروف في أشعارهم.وقوله:ولم يك إلا غالباً ميتٌ يقري، فإنه نصب غالباً لأنه استثناء مقدم، وإنما انتصب الاستثناء المقدم لما أذكره لك، إن حق الاستثناء إذا كان الفعل مشغولاً به أن يكون جارياً عليه، لا يكون فيه إلا هذا، تقول : ما جاءني إلا عبد الله، وما مررت إلا بعبد الله. فإن كان الفعل مشغولاً بغيره فكان موجباُ، لم يكن في المستثنى إلا النصب، نحو جاءني إخوتك غلا زيداً، كما قال تعالى:" فشربوا منه إلا قليلاً منهم " البقرة: 249، ونصب هذا على معنى الفعل، وإلا دليلٌ على ذلك. فإذا قلت: جاءني القوم، لم يؤمن أن يقع عند السامع أن زيداً أحدهم، فإذا قال:إلا زيداً، فالمعنى لا أعني فيهم زيداً، وأو أستثني ممن ذكرت زيداً.

ولسيبويه فيه تمثيل ، والذي ذكرت أبين منه، وهو مترجم عما قال، غير مناقض له . وإن كان الأول منفياً جاز البدل والنصب، والبدل أحسن، لأن الفعل الظاهر أولى بأن يعمل من المختزل الموجود بدليل، وذلك قولك: ما أتاني أحدٌ إلا زيدٌ، وما مررت بأحدٍ إلا زيدٍ، والفصل بين المنفي والموجب، أن المبدل من الشيء يفرّغ له الفعل، فأنت في المنفي إذا قلت: ما جاءني إلا زيدٌ، لأنه بدل من أحد، و الموجب لا يكون فيه البدل، لأنك إذا قلت : جاءني إخوتك إلا زيداً، لم يجز حذف الأول، لا نقول: جاءني إلا زيد، وإن شئت إن تقول في النفي: ما جاءني أحد إلا زيد جاز، ونصبه بالاستثناء الذي شرحت لك في الواجب. والقراءة الجيدة " ما فعلوه إلا قليلٌ منهم " النساء:66، وقد قرئ "إلا قليلاً منهم " البقرة:429، على ما شرحت لك في الواجب، والقراءة الأولى.فإذا قدّمت المستثنى بطل البدل، لأنه ليس قبله شيء يبدل منه، فلم يكن فيه إلا وجه الاستثناء، فتقول: ما جاءني إلا أباك أحدٌ، وما مررت إلا أباك بأحدٍ. وكذلك تنشد هذه الأشعار، قال كعب بن مالك الأنصاري لرسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس ألبٌ علينا فيك ليس لـنـا إلا السّيوف وأطراف القنا وزر وقال الكميت بن زيد: فمالي إلا آل أحـمـد شـيعةٌ ومالي إلا مشعب الحق مشعب لا يكون إلا هذا، وليونس قول مرغوب عنه، فلذلك لم نذكره. وقوله: فقال لي استقدم أمامك، مخبرٌ عن الميّت بالقول، فإن العرب وأهل الحكمة من العجم تجعل كلّ دليل قولاً، فمن ذلك قول زهير:أمن أم أوفى دمنةٌ لم تكلّم، وإنما كلامها عنده ان تبين بما يرى من الآثار فيها، من قدم أهلها وحدثان عهدهم. ويروى عن بعض الحكماء أنه قال: هلاّ وقفت على المعاهد والجنان، فقلت: أيها الجنان، من شقّ أنهارك، وغرس أشجارك ، وجنى ثمارك? فإنها إن لم تجبك حوراً أجابتك اعتباراً! وأهل النظر يقولون في قول الله عزّ وجل:" قالتا أتينا طائعين "فصلت:11، لم يكن كلامٌ، غنما فعل عزّ وجل ما أراد فوجد، قال الراجز: قد خنق الحوض وقال قطني سلا رويداً قد ملأت بطني ولم يكن كلامٌ، إنما وجد ذلك فيه. وكذلك قوله: فقال لي استقدم أمـامـك إنـمـا فكاكك أن تلقى الفرزدق بالمصر أي: قد جرّب مثل هذا منك في المستجير بقبره.