الفيدرالية ودعاتها

الأخ عمرو حمزاوي المحترم / الفيدرالية ودعاتها

تابعت بانتباه مداخلتكم في برنامج وراء الخبر/الجزيرة حول موضوع تقسيم العراق والمذاع يوم الخميس 23 آب ... وأشترك معكم في جل تحليلكم حول هذه المسألة .

لكن ما استوقفني وأذهلني لدرجة عدم التصديق والعودة لقراءة النص هو العبارة الخطيرة التي قلتم فيها أن على العرب ألا يهابوا الفيدرالية ويخشونها لبلدانهم , وأنها ليست على هذا القدر من السوء , وأن التأقلم واجب .. بدءا بالعراق وانتهاء بغيره.
والحق أن موضوعا كهذا لا يجوز تناوله في عجالة , وكأنه قدر مقدور وشيء مفروغ منه .. أبدا.
من هنا فإن لدي بضع ملاحظات على تعليقك , أود منك أخذها في الحسبان:

1 - ما هو الأساس الذي تنبني عليه الفيدرالية في الأقطار العربية؟ هل طائفي أم مذهبي أم عرقي؟... وقولا واحدا كل من هذه الأسباب مرفوض ومرذول ودونه خرط القتاد.

2 - إذا لم يكن أيها بل الأساس إداري! فما هو بربك سبب تسميته فيدرالية؟ أليس هذا هو بالضبط الحكم المحلي اللامركزي واسع الصلاحيات؟

    وبأقصى الحدود في حالتي الكرد والزنج حكم ذاتي يحفظ الخصائص العرقية لكليهما؟

3 – أليس أمامك النموذج السوداني عندما تذاكى البشير – الترابي أواسط التسعينات فأقاموا الفيدرالية في السودان؟

     ألم تتفاقم مشكلة الجنوب الزنجي بعدها؟ هل حل تفدرلهم شيئا أم فاقم؟
     ألم تنفجر مشكلة دارفور بينما هي ولاية إتحادية في فيدرالية السودان؟

4 - ألا تظن- وأنت النبيه الفطين كما أعرف- أن فدرلة الأقطار هو إنفصال مغلف لأعراقها وطوائفها ومذاهبها , بما يحولها – أي الأقطار – إلى أكياس لمة لأقليات تتناهب الجغرافيا وما تحتها , وتختلف وتتفق تحت سقف راع إقليمي أو دولي؟

5 - ألا ترى معي أن فيدرالية نوبية جنوب أسوان , وفيدرالية قبطية من أسيوط لأسوان , وثالثة فمسلمة لباقي الكنانة , هو في الطريق , لو تساهلنا مع المسألة كما ترتأون , وحسبناها موضة أو تقليعة يحسن إرتداؤها؟

6 - ما هو مصير سوريا في المقبل من الزمان؟ فدرلها لي رعاك الله... وأرني كيف يمسي حالها؟ إذا قسمتها إداريا فهذا ضرب من اللهو التنظيمي يستولد عصبيات محلية وجهوية نحن بغنى عنها , وإذا قسمتها – أقصد فدرلتها – مذهبيا فنحن عائدون إلى أيام الإحتلال الفرنسي في العشرينات والثلاثينات من القرن المنصرم , وإذا قسمتها دينيا ففي الأمر استحالة.

7 - فدرل لي الجزائر والمغرب .. ألا ترى أن القبائل ستتحول لدولة وسط الجزائر , وأن سوسة وأطلس ستستقل بنفسها, وأن الأمازيغ سيدعَون إلى التحول إلى كرد المغرب الكبير؟

8 - هل نعيد ليبيا إلى ما قبل 1962 حيث ولايات بنغازي وطرابلس وفزان؟ أتتطور الدول أم تنكس وتعود القهقري؟

9 - حتى لبنان .., وبغض النظر عن أوهام وأحلام وليد حفيد نظيره جنبلاط , .. هل يمكن فدرلة البلد , والشيعة فيه مترامون على جهات ثلاث , ومسيحيوه منتشرون من حدود فلسطين لحدود سوريا , وسنته منبثون على جهات أربع , وحتى دروزه المائتي ألف متوزعون على جيبين؟

10 - ما هذه المقولة أن الفيدرالية هي آلية ديمقراطية لحفظ التنوع داخلها؟ هل حدث ذلك في يوغوسلافيا , بل حتى في صربيا – الجبل الأسود؟ دعك عن الإتحاد السوفياتي!. أين هي الدولة الأوروبية التي اعتمدت الفيدرالية باستثناء ألمانيا؟

11- أفهم الفيدرالية كإطار يضم الأقطار العربية جمعاء ذات يوم .. يبدو بعيدا لكن البعيد عنك قريب طالما هناك نفس وهناك عزيمة ..

أما في كل قطر !! فلعمري أنها وصفة جاهزة لخراب الديار والأقطار.

لايس في الأمر عواطف ولا حكاية دقة قديمة وكلام خشبي وشوية الهليلة التي يرددها ليبراليو ونيوليبرالي آخر زمن.

إن مقياس الأمور هو وحيد أوحد: الأمن القومي العربي .. نقطة آخر السطر.

قد يقول قائل أين هو هذا الأمن ؟ إنه مستباح مهشم مندثر.. ربما .. لكننا نعرف , أنت وأنا وكل العاقلين , أن غيابه أمر لا يستدام مهما بلغت عمالة وعبودية أنظمة عربية كثيرة , ومهما تمكنت وتشبثت وطغت.

نحن ليس أمامنا إلا الوحدة – ليس بالضرورة بالمعنى الدستوري – بين الأقطار لا فدرلة كل قطر.

نحن مسؤولون ياصاحبي عن كلامنا... وبالأخص في أمهات المسائل وفي كبريات القضايا: فدرلة – تقسيم – إحتلال – عمالة – صلح – عروبة – تطبيع – هوية وخلافه!! لا أن نفتي سداح مداح. الدكتور كمال خلف الطويل ‏28‏/08‏/2007