الفريضة الغائبة

الجهاد الفريضة الغائبة ، بقلم محمد عبد السلام فرج


المهندس محمد عبد السلام فرج -رحمه الله- كان له الدور البارز في الإعداد لقتل الهالك عميل الصهاينة أنور اليهود وقد نال ما كان يتمناه وأكرمه المولى عز وجل بالشهادة في سبيله .. فقد تم إعدامه في قضية اغتيال الهالك السادات مع خالد الإسلامبولي وإخوانه الكرام -رحمة الله عليهم جميعاً- نحسبهم شهداء ولا نزكي على الله أحدا.

وقد كتب محمد عبد السلام هذه الدراسة عام 1981 قبل اغتيال السادات.


((ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ))..{الحديد}. قال عبد الله بن المبارك حدثنا صانع المريء عن قتادة عن ابن عباس قال: الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رسل ثلاث عشرة من نزول القرآن ــ فقال:(ألم يأن للذين آمنوا...){الآية}. مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشرالأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.. أما بعد : فإن الجهاد في سبيل الله بالرغم من أهميته القصوى وخطورته العظمى على مستقبل هذا الدين فقد أهمله علماء العصر وتجاهلوه بالرغم من علمهم بأنه السبيل الوحيد لعودة ورفع صرح الإسلام من جديد ، آثر كل مسلم ما يهوى من أفكاره وفلسفاته على خير طريق رسمه الله سبحانه وتعالى لعزة العباد . والذي لا شك فيه هو أن طواغيت هذه الأرض لن تزول إلا بقوة السيف ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم : (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم) ..(أخرجه الإمام أحمد عن ابن عمر ). ويقول ابن رجب :(قوله صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف) يعني أن الله بعثه داعياً بالسيف إلى توحيد الله بعد دعائه بالحجة فمن لم يتسجب إلى التوحيد بالقرآن والحجة والبيان دعي بالسيف.



هديه صلى الله عليه وسلم في مكة ويخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم طواغيت مكة وهو بها ( استمعوا يا معشر قريش ، أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح ) فأخذ القوم كلمته حتى ما بقى فيهم إلا كأنما على رأسه الطير واقع، وحتى أن أشدهم عليه ليلقاه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول : انطلق يا أبا القاسم راشدا فوا الله ما كنت جهولاً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( لقد جئتكم بالذبح ) وقد رسم الطريق القويم الذي لا جدال فيه ولا مداهنة مع أئمة الكفر وقادة الضلال وهو في قلب مكة .

الإسلام مقبل وإقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة قد بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا فضلاً عن كونها أمر من أوامر المولى جل وعلا .. واجب على كل مسلم أن يبذل قصارى جهده لتنفيذه. (أ) يقول عليه الصلاة والسلام (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة والترمزي .. وهذا يحدث إلى الآن .. حيث أن هناك بلاداً لم يفتحها المسلمون في أي عصر مضى إلى الآن وسوف يحدث إن شاء الله . (ب) ويقول عليه الصلاة والسلام ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز به الإسلام وذلاً يذل به الكفر ) رواه أحمد والطبراني وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ..( المدر : هم أهل القرى والأمصار , الوبر : أهل البراري والمدن : القرى . (ج) وفي الحديث الصحيح يقول أبو قبيل : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية ) .. فدعا عبد الله بصندوق له حلق فأخرج منه كتابا ، قال :فقال عبد الله بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولاً يعني القسطنطينية أو رومية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدينة هرقل تفتح أولاً ( القسطنطينية) رواه أحمد والدارمي . ( رومية ) هي روما كما في (معجم البلدان )وهي عاصمة إيطاليا اليوم . وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله ولا بد ولتعلمن نبأه بعد حين ، (د) (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً عارضاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي ويلقى الإسلام جراءة في الأرض يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض لا تدع السماء من قطر إلا صبته مدراراً ولا تدع الأرض من نباتها ولا بركاتها شيئاً إلا أخرجته ) ذكره حذيفة مرفوعاً ورواه الحافظ العراقي من طريق أحمد وقال هذا حسن صحيح .. والملك العاض قد انتهى والملك الجبري هو عن طريق الانقلابات التي يجعل أصحابها على الحكم رغم إرادة الشعب. والحديث من المبشرات بعودة الإسلام في العصر الحالي يمد هذه الصحوة الإسلامية وينبئ أن لهم مستقبلاً باهراً من الناحية الاقتصادية والزراعية ..

الرد على اليائسين ورد بعض اليائسين على هذا الحديث وهذه المبشرات بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أنس : ( اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ، سمعت هذا من نبيكم عليه الصلاة والسلام ) قال الترمزي حسن صحيح .. ويقولون لا داعي لإضاعة الجهد والوقت في أحلام ، وهنا نذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أمتي أمة مباركة لا تدري أولها خير أم آخرها)رواه ابن عساكر عن عمرو بن عثمان أشار السيوطي إلى حسنة ولا تناقض بين الحديثين حيث أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم موجه إلى جيل الصحابة حتى يلقوا ربهم .. وليس الحديث عمومة بل هو من العام المخصوص وأيضا بدليل أحاديث المهدي يظهر في آخر الزمان ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجواراً . وبشر الله طائفة من المؤمنين بقوله عز وجل :(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً )والله لا يخلف الميعاد . نسأله جل وعلا أن يجعلنا منهم.

إقامة الدولة الإسلامية هو فرض أنكره بعض المسلمين وتغافل عنه البعض مع أن الدليل على فرضية قيام الدولة واضح بيِّن في كتاب الله تبارك وتعالى فالله سبحانه وتعالى يقول : (( وان احكم بينهم بما أنزل الله )) .. ويقول .. (( ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون )) .. ويقول جل وعلا في سورة النور عن فرضية أحكام الإسلام : (( سورة أنزلناها وفرضناها )) ومنه فإن حكم إقامة حكم الله على هذه الأرض فرض على المسلمين ولكون أحكام الله فرض على المسلين فبالتالي قيام الدولة الإسلامية فرض على المسلمين ، لأن ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وأيضاً إذا كانت الدولة لن تقوم إلا بقتال فوجب علينا القتال . ولقد أجمع المسلمون على فرضية إقامة الخلافة الإسلامية وإعلان الخلافة يعتمد على وجود النواة وهي الدولة الإسلامية ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية فعلى كل مسلم السعي لإعادة الخلافة بجد لكيلا يقع تحت طائلة الحديث ، والمقصود بالبيعة بيعة الخلافة .


الدار التي نعيش فيها ويبدو هنا تساؤل ، هل نحن نعيش في دولة إسلامية ؟ .. من شروط الدولة الإسلامية أن تعلوها أحكام الإسلام ، وأفتى الإمام أبو حنيفة أن دار الإسلام تتحول إلى دار كفر إذا توفرت ثلاث شروط مجتمعة : 1ــ أن تعلوها أحكام الكفر ، 2ــ ذهاب الأمان للمسلمين ، 3ـ المتاخمة أو المجاورة .. وذلك بأن تكون تلك الدار مجاورة لدار الكفر بحيث تكون مصدر خطر على المسلمين وسبباً في ذهاب الأمن . وأفتى الإمام محمد والإمام أبو يوسف صاحبي أبو حنيفة بأن حكم الدار تابع للأحكام التي تعلوها فإن كانت الأحكام التي تعلوها هي أحكام الإسلام( فهي دار الإسلام ) وإن كانت الأحكام التي تعلوها هي أحكام كفر ( فهي دار كفر) .. بدائع الصنائع جزء(1) ، وأفتى شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه الفتاوى الجزء الرابع ( كتاب الجهاد ) : عندما سئل عن بلد تسمى ماردين كانت تحكم بحكم الإسلام ثم تولى أمرها أناس أقاموا فيها حكم الكفر هل هي دار حرب أو سلم ؟ فأجاب أن هذه مركب فيها المعين فهي ليست بمنزلة دار السلم التي يجري عليها أحكام الإسلام ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحق ويعامل الخارج على شريعة الإسلام بما يستحقه .. والحقيقة أن هذه الأقوال لا تجد تناقض بين أقوال الأئمة .. فأبو حنيفة وصاحبيه لم يذكروا أن أهلها كفار .. فالمسلم لن يستحق السلم والحرب

الحاكم بغير ما أنزل الله والأحكام التي تعلو المسلمين اليوم هي أحكام الكفر بل هي قوانين وضعها كفار وسيروا عليها المسلمين ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة .. (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) ( 5ـ 44) . فبعد ذهاب الخلافة نهائياً عام 1942واقتلاع أحكام الإسلام كلها واستبدالها بأحكام وضعها كفار .. أصبحت حالتهم هي نفس حالة التتار كما ثبت في تفسير بن كثير لقوله سبحانه وتعالى في سورة المائدة (5ـ50) (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون )) .. قال ابن كثير: (ينكر الله تعالى على من خرج من حكم الله ــ الحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شرــ وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وصفها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يصنعونها بآرائهم وأهوائهم ، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة من ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظرة وهواه فصارت شرعاً متبعاً يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن فعل ذلك كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه من كثير ولا قليل) .. أبن كثير الجزء الثاني ص 67 .. وحكام العصر قد تعددت أبواب الكفر التي خرجوا بها من ملة الإسلام بحيث اصبح الأمر لا يشتبه على كل من تابع سيرتهم ــ هذا بالإضافة إلي قضية الحكم . يقول شيخ الإسلام بن تيمية في كتاب الفتاوى الكبرى باب الجهاد ص 288 الجزء الرابع:( ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ إتباع غير دين الإسلام أو إتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب كما قال تعالى :(إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً )(4ـ 150 ).

حكام المسلمين والإسلام فحكام هذا العصر في ردة عن الإسلام تربوا على موائد الاستعمار .. سواء الصليبية أو الشيوعية أو الصهوينة ــ فهم لا يحملون من الإسلام إلا الأسماء وإن صلى وصام وأدعى أنه مسلم ــ ، ويقول ابن تيمية ص 293 : (وقد استقرت السنة بان عقوبة المرتد اعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة منها أن المرتد يقتل وإن كان عاجز عن القتال بخلاف الكافر الأصلي الذي ليس هو من أهل القتال فانه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد ولهذا كان مذهب الجمهور أن المرتد يقتل كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد ومنها أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تأكل ذبيحته بخلاف الكافر الأصلي إلى غير ذلك من الأحكام ، وإذا كانت الردة عن أصل الدين أعظم من الكفر بأصل الدين، فالردة عن شرائعه أعظم من خروج الخارج الأصلي عن شرائعه) ، إذاً فما موقف المسلمين من هؤلاء ؟! يقول ابن تيمية أيضاً في نفس الباب ص 281 : ( كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنها يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين ، وأن تكلمت بالشهادتين فإذا اقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة كذلك وإن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش أو الزنا أو الميسر أو الخمر أو غير ذلك من محرمات الشريعة وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة ، وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع السلف مثل أن يظهروا الإلحاد في أسماء الله وآياته أو التكذيب بآيات الله وصفاته والتكذيب بقدره وقضائه أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين ، إن الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور قال تعالى :( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) ولهذا قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) .. وهذه الآيات نزلت في أهل الطائف لما دخلوا في الإسلام والتزموا بالصلاة والصيام ولكن امتنعوا عن ترك الربا فبين الله لهم أنهم محادون له ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا ، والربا هو آخر ما حرمه الله وهو ما لا يؤخذ برضا صاحبه، فإذا كان هؤلاء محاربين لله ورسوله يجب جهادهم فكيف لمن يترك كثيراً من شعائر الإسلام أو أكثرها كالتتار ، وقد اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة إن امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها إذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة وصيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو من الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو من استحلال النفوس والأموال بغير حق أو الربا أو الميسر أو الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله .

المقارنة بين التتار وحكام اليوم 1ـ واضح من قول ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) ص 6 بهذا الكتاب ، أنه لم يفرق بين كل من خرج عن الحكم بما أنزل الله أياً من كان وبين التتار .. وفي الحقيقة أن كون التتار يحكمون بالياسق الذي اقتبس من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه .. فلا شك أن الياسق أقل جرماً من شرائع وضعها الغرب لا تمت للإسلام بصلة ولا لأي من الشرائع . 2ــ وفي سؤال موجه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية من مسلم غيور .. يقول السائل واصفاً حالهم للإمام ( هؤلاء التتار الذين يقدمون إلى الشام مرة بعد مرة وقد تكلموا بالشهادتين ولم يبقوا على الكفر الذي كانوا عليه في أول الأمر ،فهل يجب قتالهم ؟ وما حكم من قد أخرجوه معهم كرهاً ــ أي أنهم يضمون المسلمين إلى صفوف جيشهم كرهاً .. التجنيد الإجباري ــ ؟وما حكم من يكون مع عسكرهم من المنتسبين إلى العلم والفقه والتصوف ونحو ذلك ؟ وما يقال فيمن زعم أنهم مسلمون والمقاتلون لهم مسلمون وكليهما ظالم فلا يقاتل مع أحدهما .. وهي نفس الشبهة الموجودة الآن وسوف يتم توضيحها إن شاء الله : الفتاوى الكبرى ص 280 ، 281مسألة ( 516) . 3ـ ويقول ابن تيمية في وصف التتار (ولم يكن معهم في دولتهم مولى لهم إلا من كان من شر الخلق إما زنديق منافق لا يعتقد دين الإسلام في الباطن ــ أي أن يظهر الإسلام ــ وأما من هؤلاء من هو شر أهل البدع كالرافضة والجهمية والاتجارية ونحوه ــ وهم أصحاب البدع ــ وإما من أفجر الناس وافسقهم وهم في بلادهم مع تمكنهم لا يحجون البيت العتيق وإن كان فيهم من يصلي ويصوم فليس الغالب عليهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ).. أليس ذلك هو الكائن ؟ 4ـ وهم يقاتلون على ملك جنكيز خان ( اسم ملكهم) فمن دخل في طاعتهم جعلوه وليهم وإن كان كافر ، ومن خرج عن ذلك جعلوه عدواً لهم وإن كان من خيار المسلمين،لا يقاتلون على الإسلام ولا يضعون الجزية والصغار بل غاية كثير من المسلمين منهم من أكابر أمرائهم ووزرائهم أن يكون المسلم عندهم كمن يعظمونه من المشركين من اليهود والنصارى.. الفتاوى ص 286 . ملحوظة : أليست هذه الصفات هي نفس الصفات لحكام العصر هم وحاشيتهم الموالية لهم الذين عظموا أمر الحكام أكثر من تعظيمهم لخالقهم . 5ـ وفي ص 287 يضيف شيخ الإسلام واصفاً الموالين لجنكيز خان فيكتب بمن كان فيما يظهره من الإسلام يجعل محمداً كجنكيز خان وإلا فهم مع إظهارهم للإسلام يعظمون أمر جنكيز خان كما كان يقاتلون المسلمين بل أعظم أولئك الكفار يبذلون له الطاعة والانقياد ويجعلون إليه الأموال ويقربون له بالنيابة ولا يخالفون ما يأمرهم به إلا كما يخالف الخارج عن طاعة الإمام للإمام ، وهم يحاربون المسلمين ويعادونهم أعظم معاداة ويطلبون من المسلمين الطاعة لهم وبذل الأموال والدخول فيما وضعه لهم الملك الكافر المشرك المشابه لفرعون أو النمرود ونحوهم بل هو أعظم فساداً في الأرض منهم . 6ـ يضيف ابن تيمية ويقول ( من دخل في طاعتهم الجاهلية وسنتهم الكفرية كان صديقهم ، ومن خالفهم كان عدوهم ، ولو كان من أنبياء الله ورسله وأوليائه) ص 288 . 7ـ ويضيف شيخ الإسلام متكلماً عن القضاة في عصر التتار فيقول :( وكذلك وزيرهم السفيه الملقب بالرشيد يحكم على هذه الأصناف ويقدم شرار المسلمين كالرافضة والملاحدة على خيار المسلمين أهل العلم والإيمان حتى يتولى قضاء القضاة من كان أقرب إلى الزندقة والإلحاد والكفر بالله ورسوله بحيث تكون موافقة للكفار والمنافقين من اليهود والقرامضة والملاحدة والرافضة على ما يريدون أعظم من غيره ويتظاهرون من شريعة الإسلام بما لابد له منه لأجل من هناك من المسلمين حتى أن وزيرهم هذا الخبيث الملحد المنافق صنف مصنف مضمونه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رضي بدين اليهود والنصارى وانه لا ينكر عليهم ولا يذمون ولا ينهون عن دينهم ولا يؤمرون بالانتقال إلى الإسلام) واستدل الخبيث الجاهل بقوله:( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين ) وزعم أن هذه الآية تقضي أنه يرضى دينهم . قال وهذه الآية محكمة ليست منسوخة ).. ص 288 ،289 الفتاوى الكبرى . فسبحان الله أليس مصنف وزير التتار هو مصنف (الإخاء الديني ) ، ( ومجمع الأديان ) بل الأخير أفظع وأجرم .

مجموعة فتاوى لإبن تيمية تفيد في هذا العصر ومن هنا يجدر بنا أن ننقل بعض فتاوى ابن تيمية في حكم هؤلاء .. وكنا قد ذكرنا فتواه في حكم بلدة ( مار دين) التي كان يحكمها التتار بقوانين تجمع ما بين شريعة اليهود والنصارى وجزء من الإسلام وجزء من العقل اليهودي فقال : (أما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة فيها المعنيان ليست بمنزلة دار السلم التي تسري عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمين ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم بما يستحقه ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه) .


ما هو حكم إعانتهم ومساعدتهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رداً على هذه السؤال ص 280 ( باب الجهاد ) : ( وإعانة الخارجين عن شريعة دين الإسلام محرمة سواء أكانوا أهل (ماردين) أو غيرهم ، والمقيم بها إن كان عاجز عن إقامة دينه وجبة الهجرة عليه وإلا امتنعت ولم تجب ، ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والأموال محرمة عليهم ويجب عليهم الإقلاع من ذلك بأي طريق أمكنهم من تغيب أو تعريض أو مصانعة فإذا لم يكن إلا بالهجرة تعينت ) ويضيف ابن تيمية قاصداً أهالي ماردين الذين يعاونون التتار ( السلطة الحاكمة) .. (ولا يصل سبهم عموماً بالنفاق بل السب والرمي بالنفاق يقع على الصفات المذكورة في الكتاب والسنة ، فيدخل فيها بعض أهل مردين وغيرهم ) أي ليس كلهم ،ص 280 مسالة ( 513) . في رجل جندي وهو يريد ألا يخدم ( الجواب) (إذا كان للمسلمين به منفعة وهو قادر عليها لا ينبغي له أن يترك ذلك لغير مصلحة راجعة على المسلمين ، بل كونه مقدم في الجهاد الذي يجعله الله ورسوله أفضل من التطوع بالعبادة كصلاة التطوع والحج وصيام التطوع والله أعلم ).

حكم أموالهم مسألة (514)إذا دخل التتار الشام ونهبوا أموال النصارى والمسلمين ثم نهب المسلمين التتار وسلبوا القتلى منهم .. فهل المأخوذ من أموالهم وسلبهم حلال أم لا؟ ( الجواب) كل ما أخذ من التتار يخمس ويباح الانتفاع به ( ومعنى يخمس أي غنيمة ) حكم قتالهم يقول ابن تيمية في ص 298مسألة ( 217).. (قتال التتار الذين قدموا إلى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة فإن الله يقول في القرآن ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) والدين هو الطاعة فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ولهذا قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا لله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) وهذه الآية نزلت في أهل الطائف لما دخلوا في الإسلام والتزموا الصلاة والصيام وامتنعوا عن ترك الربا .. بين الله انهم محاربين لله ولرسوله فإذا كان هؤلاء محاربين لله ولرسوله يجب جهادهم فكيف بمن يترك كثيراً من شرائع الإسلام أو أكثرها كالتتار .. وقد اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض الواجبات الإسلامية الظاهرة فإنه يجب قتالهم وإذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو استحلال ذوات النفوس والأموال بغير الحق أو الربا أو الميسر أو الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله ، وقد ثبت في الصحيحين أن عمر لما ناظر أبا بكر في مانعي الزكاة ، قال له أبو بكر كيف لا أقاتل من ترك الحقوق التي أوجبها الله ورسوله وإن كان قد اسلم كالزكاة وقال له فان الزكاة من حقها والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها ، قال عمر فما هو إلا أن رأيت قد شرح الله صدر أبى بكر للقتال فعلمت أنه الحق وقد ثبت في الصحيح غير مرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الخوارج وقال فيهم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة لإن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد). وقد اتفق السلف والأئمة على قتال هؤلاء وأول من قاتلهم علي بن أبى طالب رضي الله عنه وما زال المسلمون في صدر خلافة بني أمية وبني العباس مع الامراد وان كانوا ظلمة كان الحجاج ونوابه ممن يقاتلونه فكل أئمة المسلمين يأمرون بقتالهم التتار وأشباههم ( أمثال حكام اليوم) اعظم خروجاً عن شريعة الإسلام من مانعي الزكاة والخوارج من أهل الطائف الذين امتنعوا عن ترك الربا، فمن شك في قتالهم فهو اجهل الناس بدين الإسلام وحيث وجب قتالهم قوتلوا وإن كان فيهم المكره .

هل قتالهم قتال بغي يقول ابن تيمية ص 283 باب الجهاد (فقد يتوهم البعض أن هؤلاء التتار من أهل البغي المتأولين ويحكم فيهم بمثل هذه الأحكام بما ادخل في هذا الحكم مانعي الزكاة والخوارج وسنبين فساد هذا التوهم إن شاء الله ). يقول ابن تيمية في ص 296 ..(كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح { من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون حرمه فهو شهيد} ــ فكيف بقتال هؤلاء الخارجين عن شرائع الإسلام المحاربين لله ولرسوله الذين صولهم وبغيهم اقل ما فيهم : فإن قتال المعتدين الصائلين ثابت بالسنة والإجماع وهؤلاء صائلون معتدون على المسلمين في أنفسهم وأموالهم وحرمهم من شر البغاة المتأولون أن يكون لهم تأويل سائغ خرجوا به ولهذا قالوا أن الإمام يراسلهم فإن ذكر شبهة بينهم وإن ذكروا مظلمة أزالها فأي شبهة لهؤلاء المحاربين لله ورسوله الساعين في الأرض فساداً الخارجين عن شرائع الدين انهم ليقولون أقوم بدين الإسلام علماً وعملاً من هذه الطائفة.

حكم من والاهم ضد المسلمين يقول ابن تميمة في ص 291 باب الجهاد (وكل من نفر إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين .. فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قائلا للمسلمين). ويقول ابن تيمية ص 293 (وبهذا يتبين أن من كان مسلم الأصل هو شر من الترك الذين كانوا كفاراً فإن المسلم الأصلي إذا ارتد عن بعض شرائعه أسوأ حالا ممن لم يدخل بعد في تلك الشرائع متفقها أو منصوفا أو تاجرا أو كاتبا أو غير ذلك فهؤلاء شر من الترك الذين لم يدخلوا في تلك الشرائع وأصروا على الكفر ولهذا يجد المسلمون من ضرر هؤلاء على الدين مالا يجدونه من ضرر أولئك وينقادون للإسلام وشرائعه وطاعة الله ورسوله أعظم انقياد من هؤلاء الذين ارتدوا عن بعض الدين ونافقوا في بعض وأن تظاهروا بالانتساب إلى العلم والإيمان).

حكم من يخرج للقتال في صفهم مكرهاً يقول ابن تيمية ص 292 أيضا (فإنه لا ينضم إليهم طوعا من المظهرين الإسلام إلا منافق أو زنديق أو فاسق فاجر ومن أخرجوه معهم مكرها فإنه يبعث على نيته ونحن علينا أن يقاتل العسكر وجميعه إذ لا يميز الكروه من غيره).. ويقول ابن تيمية محذراً المكره في ص 295 باب الجهاد ( المكره على القتال في الفتنة ليس له أن يقاتل بل عليه إفساد سلاحه وأن يصبر حتى يقتل مظلوما فكيف بالمكره إلى قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام كمانعي الزكاة والمرتدين ونحوهم فلا ريب إن هذا يجب عليه إذا اكره على الحضور أن لا يقاتل وان قتله المسلمون .. وان اكرهه بالقتل ليس حفظ نفسه بقبل ذلك المعصوم أولى من العكس فليس له أن يظلم غيره فيقتله لئلا يقتل هو).

اراء وأهواء ولكن هناك آراء في القضاء الإسلامي لإزالة هؤلاء الحكام وإقامة حكم الله عز وجل ، فما قدر هذه الآراء من الصحة ؟

1- الجمعيات الخيرية هناك من يقول أننا نقيم جمعيات تابعة للدولة تدفع الناس إلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأعمال الخير.. والصلاة والزكاة وأعمال الخير تلك أوامر من الله عز وجل لا يجب علينا التفريط فيها ولكن إذا تساءلنا هل كل هذه الأعمال والعبادات هي التي سوف تقيم دولة الإسلام؟ فالإجابة الفورية دون أدنى تفكير هي .. لا.. هذا بالإضافة إلى أن هذه الجمعيات خاضعة أصلا للدولة ومقيدة بسجلاتها وتسير بأوامرها.\

2- الطاعة والتربية وكثرة العبادة وهناك من يقول أن علينا أن ننشغل بطاعة الله وبتربية المسلمين وعلينا بالاجتهاد في العبادة لأن كل هذا الذل الذي نعيش فيه من ذنوبنا ومن أعمالنا سلط علينا ويستدل أحيانا بالحكمة القائلة عن مالك بن دينار يقول الله عز وجل (أنا الله ملك الملوك قلوب الملوك بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم ). والحقيقة من ظن أن هذه الحكمة هي ناسخة لفريضتي الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أهلك نفسه وأهلك من أطاعه واستمع له ..ومن يريد حقاً أن ينشغل بأعلى درجات الطاعة وأن يكون في قمة العبادة فعليه بالجهاد في سبيل الله وذلك مع عدم إهمال بقية أركان الإسلام ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصف الجهاد بأنه ذروة سنام الإسلام ويقول صلى الله عليه وسلم ( من لم يغز أو تحدثه نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية أو على شعبة من النفاق) ولذلك يقول المجاهد في سبيل الله عبد الله بن المبارك الذي أبكى الفضيل : يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب ويقول البعض إن الانشغال بالسياسة يقسي القلب ويلهي عن ذكر الله .. وأمثال هؤلاء كأنما يتجاهلون قول النبي صلى الله عليه وسلم : أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر .. ، والحق يقول من يتكلم بهذه الفلسفات إما أنه لا يفهم الإسلام أو هو جبان لا يريد أن يقف بصلابة مع حكم الله .

3- الاجتهاد من أجل الحصول على المناصب وهناك من يقول أن على المسلمين الاجتهاد من أجل الحصول على المناصب ، فمثلاً المراكز كالطبيب المسلم والمهندس المسلم وبذلك يسقط النظام الكافر وحده وبدون مجهود ويتكون الحاكم المسلم .. والذي يسمع هذا الكلام لأول وهلة يظنه خيال أو مزاح ، ولكن الحقيقة أن بالحقل الإسلامي من يفلسف الأمور بهذه الطريقة وهذا الكلام بالرغم من أنه لا دليل له من الكتاب والسنة فإن الواقع حائل بدون تحقيقه .. فمهما وصل الأمر إلى تكوين أطباء مسلمين ومهندسين مسلمين فهم أيضاً من بناء الدولة ولن يصل الأمر إلى توصيل أي شخصية إلى منصب وزاري إلا إذا كان موالياً للنظام موالاة كاملة .

4- الدعوة فقط وتكوين قاعدة عريضة ومنهم من يقول أن الطريق لإقامة الدولة هو الدعوة فقط وإقامة قاعدة عريضة ، وهذا لا يحقق قيام الدولة بالرغم من أن البعض جعل هذه النقطة أساس تراجعه عن الجهاد، والحق أن الذي سيقيم الدولة هم القلة المؤمنة ..والذين يستقيمون على أمر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .. دائماً قلة بدليل قول الله عز وجل ( وقليل من عبادي الشكور) وقوله سبحانه (وإن تتبع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) وتلك سنة الله في أرضه فمن أين ستأتي بهذه الكثرة !؟ ويقول سبحانه ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ). والإسلام لا ينتصر بالكثرة فالله سبحانه وتعالى يقول ( وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) ويقول سبحانه ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ) .. ويقول صلى الله عليه و سلم ( يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل : أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال : بل أنتم كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن فقال قائل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت) ثم كيف تنجح الدعوة هذا النجاح العريض وكل الوسائل الإعلامية الآن تحت سيطرة الكفرة والفسقة والمحاربين لدين الله .. فالسعي المفيد حقاً هو من أجل تحرير هذه الأجهزة الإعلامية من أيدي هؤلاء .. ومعلوم أنه بمجرد النصر والتمكين تكون هناك استجابة ، فيقول سبحانه وتعالى ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً ) ويجدر بنا في استعراض هذه النقطة الرد على من يقول أنه لابد أن يكون الناس مسلمين حتى تطبق الإسلام عليهم كي يستجيبوا لهم وكي لا تفشل في تطبيقه ، والذي يتشدق بهذا الكلام فهو إنما يتهم الإسلام بالنقص والعجز دون أن يشعر ، فهذا الدين الصالح للتطبيق في كل زمان ومكان وقادر على تسيير المسلم والكافر والفاسق والصالح والعالم والجاهل ..وإذا كان الناس يعيشون تحت أحكام الكفر فكيف بهم إذا وجدوا أنفسهم تحت حكم الإسلام الذي هو كله عدل .وقد أخطأ الفهم من يفهم كلامي هذا بمعنى التوقف عن الدعوة ( دعوة الناس إلى الإسلام ) فالأساس هو أن تأخذ الإسلام ككل ولكن ذلك رداً على من جعل قضيته هي تكوين القاعدة العريضة والشغل عن الجهاد ومن أجلها أوقفه وعطله .

5- الهجرة وهناك من يقول أن الطريق لإقامة الدولة الإسلامية هو الهجرة إلى بلد أخرى وإقامة الدولة هناك ثم العودة مرة أخرى فاتحين ، ولتوفير جهد هؤلاء فعليهم أن يقيموا دولة الإسلام ببلدهم ثم يخرجون منها فاتحين .. وهل هذه الهجرة شرعية أم لا ؟للإجابة على هذا التساؤل ندرس أنواع الهجرة الواردة في السنة في تفسير حديث ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله كانت هجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) يقول أبن حجر : ( والهجرة إلى الشيء الانتقال إليه من غيره ) وفي الشرع ( ترك ما نهى الله عنه ) وقد وقعت في الإسلام على وجهين : الأول : الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرتي الحبشة ، وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة . الثاني : الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين ، ولا عجب في ذلك فإن هناك من يقول إنه سوف يهاجر إلى الجبل ثم يعود فيلتقي بفرعون كما فعل موسى وبعد ذلك يخسف الله بفرعون وجنوده الأرض ,, وكل هذه الشطحات ما نتجت إلا من جراء ترك الأسلوب الصحيح والشرعي الوحيد لإقامة الدولة الإسلامية ..إذن فما هو الأسلوب الصحيح ؟ ( يقول الله تعالى ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شياً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ) ويقول سبحانه ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) .


6- الانشغال بطلب العلم وهناك من يقول أن الطريق الآن هو الانشغال بطلب العلم ،وكيف نجاهد ولسنا على علم؟ وطلب العلم فريضة ، ولكننا لم نسمع بقول واحد يبيح ترك أمر شرعي أو فرض من فرائض الإسلام بحجة العلم خاصة إذا كان هذا الفرض هو الجهاد فكيف نترك فرض عين من أجل فرض كفاية .. ثم كيف يتأتى أن نكون قد علمنا أقل السنن والمستحبات وننادي بها ثم نترك فرضاً عظمه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم؟! الذي تعمق في العلم إلى درجة أنه عرف الصغيرة والكبيرة كيف يمر عليه قدر الجهاد وعقوبة تأخيره أو التقصير فيه؟!.. ومن يقول أن أتعلم الجهاد ،عليه أن يعلم أن الفرض هو القتال لأن الله سبحانه وتعالى يقول ( كتب عليكم القتال) .. ومعلوم أن رجل شهد الشهادتين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نزل ميدان القتال فقاتل حتى قتل قبل أن يفعل شيئاً سواء في العلم أو في العبادة فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا العمل القليل بالأجر الكثير .. وحد العلوم أن من علم فرضية الصلاة فعليه أن يصلي ومن علم فرضية الصيام فعليه أن يصوم كذلك من علم فرضية الجهاد فعليه أن يجاهد ومن يحتج بعدم علمه بأحكام الجهاد فعليه أن يعرف أحكام الإسلام سهلة وميسرة لمن أخلص النية لله فعلى هذا أن ينوي الجهاد في سبيل الله وبعد ذلك فأحكام الجهاد تدرس بسهولة ويسر وفي وقت قصير .. قصير جداً والأمر لا يحتاج إلى كثير من الدراسة .. ومن أراد أن يزداد من العلم فوق هذا الحد فليس هناك حكر على العلم فالعلم متاح للجميع. أما تأخير الجهاد بحجة طلب العلم فتلك حجة من لا حجة له .. وهناك مجاهدون منذ بداية دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهود التابعين حتى عصور قريبة لم يكونوا علماء وفتح الله على أيديهم أمصار كثيرة ولم يحتجوا بطلب العلم أو بمعرفة علم الحديث وأصول الفقه بل إن الله سبحانه وتعالى جعل على أيديهم نصر للإسلام لم يقم به علماء الأزهر يوم أن دخل نابليون وجنوده الأزهر بالخيل والنعال . ماذا فعلوا أمام تلك المهزلة ؟! .. فالعلم ليس هو السلاح الحاد والقاطع الذي سوف يقطع دابر الكافرين ولكن هذا السلاح الذي ذكره لنا المولى عز وجل في قوله ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) ونحن لا نحقر قدر العلم والعلماء بل ننادي به ولكن لا نحتج به في التخلي عن فرائض شرعها الله . بيان أن أمة الإسلام تختلف عن الأمم الأخرى في أمر القتال يوضح الله تعالى أن هذه الأمة تختلف عن الأمم الأخرى في أمر القتال ففي الأمم السابقة كان الله سبحانه وتعالى ينزل عذابه على الكفار وأعداء دينه بالسنن الكونية ( الخسف والغرق والصيحة والريح ) وهذا الوضع يختلف مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالله سبحانه وتعالى يخاطبهم قائلا لهم ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) أي أنه على المسلم أولاً أن ينفذ الأمر بالقتال بيده ثم بعد ذلك يتدخل الله سبحانه وتعالى بالسنن الكونية وبذلك يتحقق النصر على أيدي المؤمنين من عند الله سبحانه وتعالى .

الخروج على الحاكم جاء في صحيح مسلم بشرح النووي عن جناده ابن أبى أمية قال : دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه ؛ فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله قال : إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان . وبواحاً : أي ظاهراً والمراد بالكفر هنا المعاصي ، معنى عندكم من الله فيه برهان : أن تعلمونه من دين الله ، ويقول النووي في شرح الحديث ( قال القاضي عياض : أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل ، قال وكذا إن ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها ، وكذلك قال عند جمهورهم المبدعة .. قال وقال بعض البصريين تنعقد له وتسند إن له لأنه متأول .. قال القاضي : لو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك ، إلا لطائفة وجبت عليهم القيام بخلع الكافر ( صحيح مسلم ، باب الجهاد ) وهذا الباب وأيضاً رد على القائلين بأنه لا يجوز القتال إلا تحت خليفة أو أمير . ويقول ابن تيمية ( كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين ) ( الفتاوى الكبرى ، باب الجهاد ص 281) .


7- العدو القريب والعدو البعيد وهناك قول بأن ميدان الجهاد اليوم هو تحرير القدس كأرض مقدسة والحقيقة أن تحرير الأراضي المقدسة أمر شرعي واجب على كل مسلم ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف المؤمن بأنه كيس فطن ، أي أنه يعرف ما ينفع وما يغير، ويقدم الحلول الحازمة الجذرية ، وهذه نقطة تستلزم توضيح الآتي: أولاً : أن قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد . ثانياً : أن دماء للمسلمين ستنزف حتى وإن تحقق النصر .. فالسؤال الآن هل هذا النصر لصالح الدولة الإسلامية القائمة ؟ أم أن هذا النصر هو لصالح الحكم الكافر وهو تثبيت لأركان الدولة الخارجة عن شرع الله .. وهؤلاء الحكام إنما ينتهزون فرصة أفكار هؤلاء المسلمين الوطنية في تحقيق أغراضهم الغير إسلامية وإن كان ظاهرها الإسلام ، فالقتال يجب أن يكون تحت راية مسلمة وقيادة مسلمة ولا خلاف في ذلك . ثالثاً : إن أساس وجود الاستعمار في بلاد الإسلام هم هؤلاء الحكام ، فالبدء بالقضاء على الاستعمار هو عمل غير مجدي وغير مفيد وما هو إلا مضيعة للوقت ، فعلينا أن نركز على قضيتنا الإسلامية وهي إقامة شرع الله أولاً في بلادنا وجعل كلمة الله هي العليا .. فلا شك أن ميدان الجهاد هو اقتلاع تلك القيادات الكافرة واستبدالها بالنظام الإسلامي الكامل ومن هنا تكون الانطلاقة. 8- الرد على من يقول أن الجهاد في الاسلام للدفاع فقط ويجدر بنا في هذا الصدد الرد على من قال أن الجهاد في الإسلام للدفاع وأن الإسلام لم ينشر بالسيفوهذا قول باطل ردده عدد كبير ممن يبرز في مجال الدعوة الإسلامية والصواب يجيب به رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل{أي الجهاد في سبيل الله .. قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} فالقتال في الإسلام هو لرفع كلمة الله في الأرض سواء هجوما أو دفاعا .. والإسلام انتشر بالسيف ولكن في وجه أئمة الكفر الذين حجبوه عن البشر ، وبعد ذلك لا يكره أحد .. فواجب على المسلمين أن يرفعوا السيوف في وجوه القادة الذين يحجبون الحق ويظهرون الباطل وإلا لن يصل الحق إلى قلوب الناس واقرأ معي رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل.. عن ابن عباس في صحيح البخاري ونصها: بسم الله الرحمن الرحيم / من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى، أما بعد.. فإني أدعوك بدعاية الإسلام .. اسلم تسلم يأتك الله أجرك مرتين فان توليت فإنما عليك إثم الأريسين( ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) وتضيف نص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى أيضاً / بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس .. سلام على من اتبع الهدى.. وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان محمد عبده ورسوله وادعوك بدعاء الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين .. تسلم تسلم .. وان أبيت فان إثم المجوس عليك{أخرجه ابن حزير من طريق ابن إسحاق} . واخرج البيهقي نص رسالة الرسول إلى أهل نجران وهي/ بسم اله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران : سلم انتم .. فإني احمد إليكم اله إسحاق ويعقوب أما بعد :فإني أدعوك إلى عبادة الله من عبادة العباد.. أدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد.. فإن أبيتم فالجزية..فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب .. والسلام. وقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رسائل مشابهة إلى المقوقس والى ملك اليمامة والى المنذر بن ساوي عظيم البحرين والى الحارث بن ابني شمر الفاني والى الحرث بن عبد كلال الحميري والى ملكي عمان وغيرهم.

( اية السيف ) ولقد تكلم اغلب المفسرين في آية من آيات القرآن وسموها آية السيف وهي قول الله سبحانه وتعلى { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ..}{التوبة 5} قال الحافظ بن كثير في تفسير الآية( قال الضحاك بن مزاحم: أنها نسخت كل عهد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين وكل عقد ومدة ) وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية ( لم يبق لأحد من المشركين عهد ولاذمة منذ نزلت براءة) . ويقول الحافظ محمد بن احمد بن محمد جزي الكلي صاحب تفسير التسهيل لعلوم التنزيل (ونقد هنا ما جاء من نسخ مسألة الكفار والعفو عنهم والاعراض والصبر على أذاهم بالامر بقتالهم ليغني ذلك عن تكراره في مواضعه فإنه وقع منه في القران مائة واربع عشرة آية من اربع وخمسين سورة نسخ ذلك كله بقوله:( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم )( كتب عليكم القتال). وقال الحسين بن فضل فيما هي آية السيف نسخت هذه كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء .. فالعجب ممن يستدل بالآيات المنسوخة على ترك القتال والجهاد . وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن حزم المتوفى سنة 56 ، في الناسخ والمنسوخ (باب الإعراض عن المشركين) { في مائة أربع عشرة آية في ثمان وأربعين سورة نسخ الكل بقوله عز وجل (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) }، سنذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى . ويقول الإمام المحقق أبو القاسم هبة الله بن سلامة : ( اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) الآية الثالثة هي الآية الثالثة وهي التاسعة ولكن نسخت من القرآن مائة آية وأربعا وعشرين ثم صار آخرها ناسخا لأولها وهي قوله تعالى ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) { كتاب الناسخ والمنسوخ}


فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب وقال السدي والضحاك : إن آية السيف منسوخة بآية ( فإذا لاقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء ) .. (محمد ـ 4).. وهي أشد على المشركين من آية السيف وقال قتادة بالعكس ولا أعلم أحداً خالف القول بالمنسوخ سوى السيوطي قال في كتاب الاتفاق (الأمر حين الضعف والقلة بالصب بالصفح ثم نسخ بإيجاب القتال وهذا في الحقيقة ليس نسخاً بل هو من قمم المنسأ كما قال تعالى أو ننسأها ، فالمنسأ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمين وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى وبهذا يضعف ما لهج به كثيرون من أن الآية في ذلك منسوخة بآية السيف وليس كذلك بل هو المنسأ.. وقال ذكر جماعته أن ما ورد من الخطاب والتوقيت والغاية مثل قوله في البقرة ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره )حكم غير منسوخ لأنه مؤجل بأجل ،انتهى كلام السيوطي . وبالرغم من مخالفة السيوطي لكل الأقوال السابقة مما لا يدع مجالاً للشك بأن الصواب هو الأخذ بالقول الأول ، فبالإضافة إلى ذلك فإنه قد أخطأ من فهم أن القول بعدم نسخ آيات العفو والصفح يعني فريضتي الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. أو إسقاط فرض الجهاد فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( الجهاد ماض إلى يوم القيامة ) ويقول الأستاذ عبد الوهاب خلاف في كتاب علم أصول الفقه ص227 (فإن كونه ماضياً إلى يوم القيامة يدل على أنه باق ما بقيت الدنيا ). وتعطيل الجهاد بحجة النسأ ليس إيقاف للغزو فقط ولكنه إيقاف لنية الغزو أيضاً وخطورة ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم ( من لم يغز أو تحدثه نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية ) والأمر المتفق عليه أن المسلمين كي يجاهدون لابد لهم من قوة ولكن كيف تتحقق هذه القوة وأنت معطل لفرض الجهاد والله سبحانه وتعالى يقول ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم ) ( التوبة ـ46)فكونك لا تريد الخروج يتلوه ترك للعدة فالمسلم الذي أوقف فرض الجهاد أنى له أن يأخذ بأسباب القوة ويقول صلى الله عليه وسلم ( إذا ضمن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة ، وتركوا الجهاد في سبيل الله ، وأخذوا أذناب البقر ، أنزل الله عليهم السماء بلاءاً فلا يرفعه منهم حتى يراجعوا دينهم ) .

مواقف المسلمين في القتال جيوش المسلمين على مر العصور قليلي العدد والعدة ويواجهون جيوشاً اضعافهم ويحتج البعض بان تلك خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والرد على ذلك هو أن وعد الله بالنصر دائم مادامت السموات والأرض ومن الممكن أن تطلع على ما حدث مع ظهير الدين بابر الذي واجه الملك الهندوكي( دانا سنجي ) وجيشه عشرون ألفا فقط وجيش الملك الهندوكي مائتي ألفا وانتصر القائد المسلم بعد توبته عن شرب الخمر .. وغيره كثيرون . وهناك من يدعي اننا نعيش في مجتمع مكي مجتهداً في ذلك كي يحصل على رخصة بترك الجهاد في سبيل الله فان من يضع نفسه في مجتمع مكي لكي يترك فريضة الجهاد فعليه آن يترك الصوم والصلاة وان يأكل الربا لأن الربا لم يحرم آلا في المدينة.. والصواب هو ان مكة هي فترة نشأت الدعوة ويقول الله سبحانه وتعالى (اليوم أكملت لكم دينكم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) قد نسخ كل هذه الأفكار النمطية بحجة أننا مكيون فنحن لا نبدأ كما بدا النبي صلى الله عليه وسلم ولكن نأخذ بما انتهى به الشرع ..ونحن لسنا في مجتمع مكي ولسنا في مجتمع مدني ولكي تعرف المجتمع الذي نعيش فيه راجع فصل (الدار التي نعيش فيها ).

القتال الان فرض على كل مسلم والله سبحانه وتعالى عندما فرض الصيام قال( كتب عليكم الصيام ) وفي أمر القتال قال (كتب عليكم القتال) أي أن القتال فرض وذلك رد على من قال أن الفرض هو الجهاد ومن هنا يقول أنني إذا قمت بواجب الدعوة فقد أديت الفرض لان ذلك جهاد ، و إذا خرجت في طلب العلم فأنا في سبيل الله حتى ارجع بنص الحديث فبذلك فقد أديت الفرض . فالغرض واضح بالنص القرآني إن القتال أي المواجهة والدم . والسؤال الآن متى يكون الجهاد فرض عين ؟ يتعين الجهاد في ثلاثة مواضيع : أولاً : إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف وتعين عليهم المقام لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ). ثانياً : إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم . ثالثاً : إذا استنفر الإيمان قوما لزمهم التغير لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ، إلا تنفروا يعذبكم عذباً أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير ) وقال صلى الله عليه وسلم ( إذا استنفرتم فانفروا ) .. انتهى. وبالنسبة للأقطار الإسلامية فإن العدو يقيم في ديارهم بل اصبح العدو يمتلك زمام الأمور وذلك العدو هم هؤلاء الحكام الذين انتزعوا قيادة المسلمين ومن هنا فجهادهم فرض عين هذا بالإضافة إلى أن الجهاد الإسلامي اليوم يحتاج إلى قطرة عرق كل مسلم . واعلم انه إذا كان الجهاد فرض عين فليس هناك استئذان للوالدين في الخروج للجهاد كما قال الفقهاء فمثله كمثل الصلاة والصوم .

مراتب الجهاد وليس مراحل الجهاد

الواضح أن الجهاد اليوم فرض عين على كل مسلم وبالرغم من ذلك نجد أن هناك من يحتج بأنه يحتاج إلى تربية نفسه وأن الجهاد مراحل وأنه ما زال في مرحلة جهاد النفس ويستدل على ذلك بقول الإمام ابن القيم الذي قسم الجهاد إلى مراتب : 1ـ جهاد النفس ، 2ـ جهاد الشيطان ،3ـ جهاد الكفار والمنافقين .

وهذا الاستدلال ينبئ من خلفه إما جهل كاهل أو جبن فاحش ، ذلك لأن ابن القيم قسم الجهاد إلى مراتب ولم يقسمه إلى مراحل ، وإلا فعلينا أن نتوقف عن مجاهدة الشيطان حتى ننتهي من مرحلة جهاد النفس والحقيقة أن الثلاثة مراتب تسير سوياً في خط مستقيم ونحن لا ننكر أن أقوانا إيماناً وأكثرنا مجاهدة لنفسه أكثرنا ثباتاً ,, ولكن من يدرس السيرة يجد أنه عندما ينادي منادي الجهاد كان الجميع ينفر في سبيل الله حتى مرتكبي الكبيرة ، وحديثي العهد بالإسلام ويروى أن رجلاً أسلم أثناء القتال ونزل في المعركة فنزل شهيداً فقال صلى الله عليه وسلم ( عمل قليل وأجر كبير) . وقصة ابن محجن الثقفي الذي كان يدمن الخمر وبلاؤه في حرب فارس مشهور وذكر ابن القيم أن حديث ( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) .. قيل ما الجهاد الأكبر يا رسول الله ؟ قال : جهاد النفس ، أنه حديث موضوع (المنار المنيف ) وما قصد بوضع هذا الحديث إلا التقليل من شأن القتال بالسيف لشغل المسلمين عن قتال الكفار والمنافقين .


خشية الفشل وهناك من قال بأننا نخش أن نقيم الدولة ثم بعد يوم أو يومين يحدث رد فعل مضاد يقضي على كل ما أنجزناه .والرد على ذلك هو أن إقامة الدولة الإسلامية هو تنفيذ لأمر الله ولسنا مطالبون بالنتائج والذي يتشدق بهذا القول الذي لا فائدة من ورائه إلا تثبيط المسلمين عن تأدية واجبهم الشرعي بإقامة شرع الله وقد نسي أنه بمجرد سقوط الحكم الكافر فكل شيء سوف يصبح بأيدي المسلمين بما يستحيل معه سقوط الدولة المسلمة ثم أن قوانين الإسلام ليست قاصرة ولا ضعيفة عن إخضاع كل مفسد في الأرض خارج عن أمر الله .. وبالإضافة إلى ذلك فإن قوانين الله كلها عدل لن تجد سوى كل ترحاب حتى ممن لا يعرف الإسلام ولتوضيح موقف المنافقين في عدائهم للمسلمين ، يطمئن الذين يخشون الفشل بقول المولى في سورة الحشر(11ـ12) (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أُخرِجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ، لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون) . وهذا وعد الله فإنهم (المنافقون)إذا رأوا القوة في صف الإسلام سوف يعودون مذعنين فلا تنخدع لهذه الاصوات فإنها سرعان ما تخمد وتنطفئ ، وموقف المنافقين سوف يكون موقف كل أعداء الإسلام ويقول الله تعالى ( إن تنصروا الله ينصركم ) .

القيادة وهناك من يحتج بعدم وجود قيادة تقود مسيرة الجهاد ، وهناك من يعلق أمر الجهاد بوجود أمير أو خليفة ، والقائلين بهذا القول هم الذين ضيعوا القيادة وأوقفوا مسيرة الجهاد، والرسول صلى الله عليه وسلم يحض المسلمين في أحاديثه على تكوين القيادات ، ويروي أبو داود في كتاب الجهاد قال صلى الله عليه وسلم ( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) ومن هنا ندرك أن قيادة المسلمين بأيديهم هم الذين يظهرونها ويقول صلى الله عليه وسلم (من استعمل على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله وجماعة المسلمين) رواه الحاكم ومعز السيوطي إلى صحته. فينبغي أن تكون للأحسن إسلاماً ويقول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر ( إنك ضعيف وإنها أمانة ) وينبغي أن تكون للأقوى والأمر نسبي ، وما نستنتجه من قائد المسلمين .. فليس هناك حجة لمن يدعي فقدان القيادة فإنهم يستطيعون أن يخرجوا من أنفسهم القيادة ، وإذا كان في القيادة شيء من القصور فما من شيء إلا ويمكن اكتسابه .. أما أن تفقد بحجة فقدان القيادة فهذا لا يجوز . فقد نجد فقيها ولكن ليس عالماً بأحوال الزمان والقيادة والتنظيم وقد نجد العكس ولكن كل هذا لا يعفينا من إيجاد القيادة وأن نخرج أنسبنا لقيادتنا في وجود الشورى والنواقص يمكن استكمالها ، والآن لم تعد هناك حجة لمسلم في ترك فرضية الجهاد الملقاة على عاتقه ، فلا بد من البدء وبكل جهد في تنظيم عملية الجهاد لإعادة الإسلام لهذه الأمة وإقامة الدولة واستئصال طواغيت لا يزيدون عن كونهم بشر لم يجدوا أمامهم من يقنعهم بأمر الله سبحانه وتعالى .


البيعة على القتال والموت أخرج البخاري عن سلمة رضي الله عنه قال : ( بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ثم عدلت إلى ظل الشجرة فلم حف الناس قال يا ابن الأكوع ألا تبايع ، فقلت بايعت يا رسول الله ..قال : أيضاً ، فبايعته الثانية فقلت له : يا أبا سلمة على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ ، قال : على الموت ) وأخرجه أيضا مسلم والترمزي ، وأخرج البخاري ص 415 أيضا عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال : ( لما كان زمن الحمرة أتاه آت فقال له إن ابن حنظلة يبايع الناس على الموت فقال : لا أبايع على هذا أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فأخرجه أيضا مسلم في العين ص15 والبيهقي . والرواية السابقة تعيد جواز البيعة على الموت ولسنا هنا بصدد دراسة موقف عبد الله بن زيد وهناك فارق بين بيعة الموت والبيعة المطلقة للخليفة فقط وليس بمعنى ذلك أن أمير الحيذ لا يطع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني ) ( متفق عليه ) . وعن ابن عباس في قوله تعالى ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وألي الأمر منكم ) نزلت في عبد الله بن حذافة بعثه رسول الله في سرية أي مكان أمير جهاد.

التحريض على القتال في سبيل الله ولا يجب على المسلم إلا أن يعد نفسه للجهاد في سبيل الله .. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :(انتدب الله لمن خرج في سبيل الله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيل الله وإيمان به وتصديق برسوله فهو على ضامن أن ادخله الجنة أو ارحمه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة ) متفق عليه . ويقول صلى الله عليه وسلم :( من سأل الشهادة فصدق بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه).. رواه مسلم والبيهقي، عن أبى هريرة (جاء رجل إلى رسول الله فقال دلني على عمل يبدل الجهاد ؟ قال: لا أجده، فقال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر ، وتصوم ولا تفطر ؟ قال: ومنْ يستطيع ذلك . قال أبوهريرة إن فرس المجاهد ليمتن ( يتحرك ) في طوله يكتب له حسنات.. رواه البخاري . ويقول صلى الله عليه وسلم :(للشهيد عند الله ست خصال .. يغفر له من أول دفعة دم ، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن الفزع الأكبر ، ويحلى حلية الإيمان ، ويزود من الحور العين ، ويشفع في سبعين من أقاربه ) ( الترمذي).

عقوبة ترك الجهاد

ترك الجهاد هو السبب فيما يعيش فيه المسلمين اليوم من ذل ومهانة وتفرق وتمزق فقد صدق فيهم قول المولى عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذ قيل لكم انفروا في سبيل الله إثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل{38} إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ شهيد{39} ) { التوبة } .

ويقول ابن كثير في تفسير هذه الآيات ( هذا شروع في عقاب من تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك حين طابت الثمار والظلال في شدة الحر وحمار الفنذا فقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ) أي إذا دعيتم للجهاد في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أي تكاسلتم وعلتم إلى المقام في الدعة والخلض وطيب الثمار ( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ) ما لكم فعلتم هكذا رضا منكم بالدنيا بدلا من الآخرة، ثم زهّد تبارك وتعالى في الدنيا ورغب في الآخرة إلا قليل .. ثم توعد الله تعالى من ترك الجهاد فقال ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) قال ابن عباس استغفر الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم ( ويستبدل قوما غيركم ) أي نصرة نبيه وإقامة دينه ، كما قال تعالى ( ويستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) (ولا تضروه شيئا )أي ولا تضروا شيئا بتوليكم عن الجهاد وتثاقلتم عنه . ويقول صلى الله عليه وسلم (لئن تركتم الجهاد في سبيل الله ، واخذتم بأذناب البقر وتبايعتم بالعينة ، ليلزمنكم الله مذلة في رقابكم لا تنفك عنكم حتى تتوبوا إلى الله وترجعوا على ما كنتم عليه ) رواه أحمد ، ولا يجب على مسلم أن يرضى أن يكون الآن في صفوف النساء كما اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جهادهم في الحج والعمرة .

شبهات فقهية والرد عليها هناك من يخشى الدخول في هذا النوع من القتال محتجاً بأن الذين يواجهونه هم جنود فيهم المسلم وفيهم الكافر .. فكيف نقاتل مسلمين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن القاتل والمقتول في النار ، ولقد تعرض شيخ الإسلام ابن تيمية لنفس السؤال فكانت مسألة من مسائل الفتاوى الكبرى ( 517) في أجناد يمتنعون عن قتال التتار ويقولون أن فيهم من يخرج مكرهاً ( وللجواب ) يقول ابن تيمية ( فمن شك في قتالهم فهو أجهل الناس بدين الإسلام وحيث وجب قتالهم قوتلوا وإن كان فيهم المكره باتفاق المسلمين كما قال العباس لما أسر يوم بدر يا رسول الله إني خرجت مكرهاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فعلى الله ، وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا (أي احتموا) بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فانهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم وإن لم يخف على المسلمين ، فإن جواز القتال المفضي إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا كانوا شهداء ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيداً فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن قتل من المسلمين يكون شهيداً ومن قتل شهيداً وهو في الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام كان شهيداً . وقد ثبت في الصحيح عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يغزوا جيش البيت حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم قالت : قلت يا رسول الله أرايت المكره منهم قال يبعث على نيته) فإن كان الذي ينزله الله بالجيش الذي يغزو المسلمين ينزله بالكره عذرها فكيف بالعذاب الذي يعذبهم الله بمأوى بأيدي المؤمنين كما قال تعالى ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ) ونحن نعلم أنك لا تقدر على التمييز بين المكره وغيره فإذا قتلناهم بأمر الله كنا في ذلك مأجورين ومعذورين وكانوا هم على دعاتهم فمن كان مكرهاً لا يستطيع الامتناع فإنه يحشر على نيته يوم القيامة فإذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يقتل من عسكر المسلمين ،وأما إذا هرب أحدهم فإن من الناس من يجعل قتالهم بمنزلة قتال البغاة المتأولين وهؤلاء إذا كان لهم طائفة ممتنعة فهل يجوز إتباع مدروهم وقتل أسيرهم والإجهاز على جريحهم ؟ على قولان للعلماء مشهورين، فقيل لا يفعل ذلك لأن منادي على علي بن أبي طالب نادى يوم الجمل لا يتبع هدير ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير وقيل بل يفعل ذلك لأن يوم الجمل لم يكن لهم طائفة ممتنعة وكان المقصود من القتال دفعهم فلما اندفعوا لم يكن إلى ذلك حاجة بمنزلة دفع الصائل وقد روي أنه يوم الجمل وصفين كانا أولهم بخلاف ذلك فمن جعلهم بمنزلة البغاة المتأولين جعل فيهم هذين القولين .. والصواب أن هؤلاء ليسوا من البغاة المتأولين فإن هؤلاء أرسى لهم تأولين سائغ أصلاً وإنما هم من جنس الخوارج المارقين ومانعي الزكاة وأهل الطائف والحرمية ونحوهم ممن قوتلوا على ما خرجوا عنه من شرائع الإسلام وهذا موضع اشتبه على كثير من الناس من الفقهاء.

أسلوب القتال المناسب مع تقدم الزمن وتطور البشرية يبدو تساؤل ، لا شك أن أساليب القتال الحديثة قد تختلف شيئاً ما عن أساليب القتال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فما هو أسلوب قتال المسلم في العصر الحديث ؟ وهل له أن يعمل عقله ورأيه ؟

من فنون القتال في الاسلام يقال ( الحرب خدعة ) ويقول النووي في شرح الحديث ( اتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب وكيف أمكن للخداع الا أن يكون فيه نقد عهد وأمان فلا يحل ) ومعلوم أنه لا عهد بيننا وبينهم حيث أنهم محاربون لدين الله سبحانه وتعالى والمسلمون أحرار في اختيار أسلوب القتال المناسب على أن تحقق الخدعة وهي النصر بأقل الخسائر وأيسر السبل .


أسلوب القتال في غزوة الاحزاب بعد أن نجح ساسة اليهود في تأليب الأحزاب الكافرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته وأصبح الوضع خطيراً رسم المسلمون على عجل خطة فريدة لم يسمع العرب عنها من قبل فهم لا يعرفون إلا قتال الميادين المكشوفة وتلك الخطة أشار بها سلمان الفارسي وهي حفر خندق عميق يحيط بالمدينة من ناحية السهل ويفصل بين المدافعين والمغيرين فأسلوب القتال ليس وحيا ولا سنة ثابتة وكان المسلم له أن يعمل عقله ويدبر ويخطط والأمر فيه للشورى.

الكذب على الاعداء وقد صح في الحديث الكذب في ثلاثة أشياء ، قال الطبري انه يجوز من الكذب في الحرب المعارضة دون حقيقة الكذب فإنه لا يحل .. هذا كلامه .. والظاهر هو إباحة حقيقة نفس الكذب لكن الاقتصاد على التعريض أفضل والله أعلم (شرح النووي).

تخطيطات إسلامية من خلال دراسة السرايا يخرج المسلم بتخطيطات إسلامية وخدع قتالية تمضي أحكامها على كثير من المسلمين ونذكر على سبيل المثال: 1ـ سرية مقتل كعب بن الأشرف في السنة الثالثة من الهجرة : في الصحيح البخاري عن جابر بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله فقام محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله أتحب أن أقتله، قال نعم، قال : فأذن لي أن أقول شيئا ( وهو استئذان من النبي صلى الله عليه وسلم بان يتكلم كلاما وحتى لو كان منافيا للإيمان وقلت لاظهار الكفر منافياً للإيمان وذلك لإظهار الكفر أمام كعب بن الأشرف فأذن به ). قال صلى الله عليه وسلم قل: فأتاه محمد بن مسلمة فقال من هذا الرجل (يقصد النبي صلى الله عليه وسلم )قد سألنا صدقة وقد عنانا ( وهذا قول ظاهره إنكار الصدقة والتعدي عليه صلى الله عليه وسلم وهذا كفر ).. وقد يفيد بأنه من الممكن للمسلم إظهار موالاته الكاملة للعدو في الحرب ولو وصل الأمر إلى إظهار الشرك والكفر . وإني قد أتيتك استحلفك .. قال: وأيضاً والله لسلمته ، فقل انا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حي ننظر إلى شئ يصير شأنه وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو واسقين فقال كعب نعم : ارهنوني ، قالوا أي شئ تريد ؟ قال ارهنوني نساءكم .. قالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ؟ قال ارهنوني أبناءكم .. قالوا كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا .. ولكننا نرهنك الامة ( أي السلاح) .. فواعده أن تأتيه فجأة ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم ، فقالت له امرأته أين تخرج هذه الساعة ! فقال إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة وقال غير عمرو: فقالت اسمع صوته كأنه يقطر ، قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم إذا عمي إلى طعنة بليل لا جاءب.. ويدخل محمد بن مسلمة ومعه رجلين ميل لسفيان سماهم عمرو قال ( الحارس بن بشر وعباد بن بشر ) قال عمرو فقال محمد بن مسلمة إذا جاء فإني قاتل (أي جاءب بشعره) فاشعة فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه( وتلك هي طريقة للتمكن من قتله حيث انه كان ضخم الجثة قوي البنية ) وفي هذه القصة من الفوائد في فن القتال الكثير وقد زعم بعض المستشرقين ومن في قلوبهم مرض أن مقتل كعب ابن الأشرف كان غدراً وخيانة له.. والرد عليهم هو أن ذلك الكافر قد نقد عقده وأمعن في إيذاء المسلمين وقد جاء اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقتل كعب ابن الأشرف فقالوا يا محمد : قد طرق أي قتل صاحبنا الليلة وهو سيد من سادتنا ، قتل غيلة بلا جرم ولا حدث علمناه... قال صلى الله عليه وسلم إنه لو فر كما فر غيره ممن هو على مثل رأيه ما اغتيل ، ولكنه آذانا وهاجان بالشعر ولم يفعل هذا أحد منكم إلا كان للسيف . ( الصارم المسلول على شاتم الرسول ص 71 لابن تيمية ) . 2ـ سرية عبد الله إلى أبي سفيان ، وكانت في السنة الرابعة وسببها أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن شعبان بن خالد الهذلي يقيم بيعمر وأنه يجمع الجموع لحرب المسلمين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن انيس الجهني بقتله ، قال عبد الله : قلت يا رسول الله انعته ( أي صفه لي) حتى أعرفه فقال صلى الله عليه وسلم ( إنك إذا رأيته اذكرك الشيطان وآية ما بينك وبينه ذلك ) . قال : واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول ( هو نفس إذن محمد بن مسلمة ) فأذن لي ، ثم قال لي ( انتسب إلى خزاعة ) ( وهذا كذب ولكنه مباح ) . قال عبد الله : فعرفته بنعت ( أي بوصف) رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعرت بالخوف منه فقلت صدق رسول الله ، قال عبد الله : وكان وقت العصر قد دخل حين رأيته فخشيت أن تكون بيني وبينه محاوش تشغلني عن الصلاة فصليت وأنا امشي نحوه لأومئ برأسي، فلما انتهيت إليه قال ممن الرجل ؟ قلت من خزاعة.. سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك ( ففي هذا القول إظهار الموالاة) قال: أجل إني لأجمع له قال عبد الله فمشيت معه وحدثته فاستحلى حديثي أنشدته وقلت عجبا له احدث محمد من هذا الدين الحدث فارق الأباء وسفه أحلامهم ( وهذا القول كفر) .. قال( أبى سفيان انه لم يلق أحد يشبهني ، وهو يتوكأ على عصا يهد الأرض حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه وهم يطيقون به، فقال : هلم يا أخا خزاعة فدنوت منه .. فقال اجلس.. قال عبد الله فجلست معه حتى إذا مد الناس وناموا اغتلته فقتلته وأخذت رأسه ، ثم خرجت وتركت ظمائمه منكبات عليه ، فلما قدمت المدينة وجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآني قال : أفلح الوجه .. قلت أفلح وجهك يا رسول الله ثم وضعت الرأس بين يديه وأخبرته خبري . 3ـ قصة نعيم بن مسعود في غزوة الأحزاب : لما جاء نعيم بن مسعود مسلماً أوصاه أن يكتم إسلامه ورده على المشركين يوقع بينهم .. فذهب نعيم إلى بني قريظة ، وقال لهم على هيئة النصيحة : لا تقاتلوا مع القوم ( يقصد قريش وغطفان ) حتى تأخذوا رهناً من أشرافهم يكونون بأيديكم .. وذلك بعد أن أقنعهم أن قريشاً وغطفان بصفتهم ليسوا من أهل المدينة فإن حدث شيء لحقوا ببلادهم وتركوهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا له : لقد أشرت بالرأي ، ثم أتى قريشاً وأخبرهم أن يهود بني قريظة قد ندموا على تحالفهم معكم وأرسلوا إلى محمد يقولون ( هل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين رجالاً من أشرافهم .. فتضرب أعناقهم .. وأتى غطفان فقال مثل ذلك . فأرسل أبوا سفيان ورؤوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان فقالوا لهم ( أعدوا للقتال حتى نناجز محمداً ) ... فأجابوا إن هذا يوم السبت لا نعمل فيه شيئاً ولن نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا فإنا نخشى إن اشتد عليكم القتال أن تنشمروا إلى بلادكم . فلما رجعت الرسل قالت قريش وغطفان ( والله إن الذي حدثكم به نعيم بن مسعود للحق ) وإنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا . فقالت بنوا قريظة إن الذي ذكر لكم نعيما للحق ، ومن هنا انتسب نعيم للفرقة بين صفوف الأحزاب .

ëçل، ىŸê، جواز انغماس المسلم في صفوف الكفار إن كان في ذلك مصلحة للمسلين ، يقول ابن تيمية في باب الجهاد صفحة 96 2. وقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الأخدود ..(وفيها أن الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة الدين ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين ) ويعني كلام ابن تيمية جواز انغماس المسلم في صفوف الجيش الكافر وإن أدى ذلك إلى قتله حتى قبل أن يرى بعينه الفائدة من انغماسه .


الدعوة قبل القتال جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير إنذار .. روى الإمام مسلم عن ابن عدي قال : كتبت إلى نافع أسئلة عن الدعوة قبل القتال قال : فكتب إلي : إنما كان ذلك أول الإسلام .. قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم فارون وانعامهم تسقي على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى مسبيهم وأصاب يومئذ ، قال يحي أحسبه قال جويرية أو قال البيتة ابنة الحارث . الشرح : قال النووي في هذا الحديث جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة ولا يجب الإنذار مطلقاً قال مالك وغيره .. وهذا ضعيف .. والثاني لا يجب إن لم تبلغهم الدعوة ولا يجب أن يلفتهم لكن يستحب وهذا هو الصحيح وبه قال نافع مولى بن عمر والحسن البصري والثوري الليث والشافعي وأبو ثور وابن المنذر والجمهور .. وقال بن المنذر وهو قول أكثر أهل العلم .. انتهى ( مسلم شرح النووي ).


( جواز تبييت الكفار ورميهم وإن أدى إلى قتل ذراريهم ) الإغارة ليلاً عن ابن عباس عن الصعب بن جثهامة قال قلت : يا رسول الله إنا نصيب في البيان من ذراري المشركين ( ذريتهم ) قال : هم منهم .. ( رواه مسلم) . الشرح : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم صبيان المشركين الذين يبيقون فيصاب من نسائهم وصبيانهم بالقتل فقال هم من آبائهم أي لا بأس لأن أحكام آبائهم جارية عليهم في الميراث وفي النكاح وفي القصاص وفي المدينات وغير ذلك والمراد إذا لم يتعدوا من غير ضرورة انتهى.. ( مسلم شرح النووي باب الجهاد ).

الكف عن قصد النساء والرهبان والشيخ بالقتل عن ابن عمر قال : وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ( رواه الجماعة إلا النسائي) . عن رباح بن ربيع اخي حنظلة الكاتب أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها وعلى مقدمته خالد بن الوليد فمر رباح وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على امراة مقتولة مما أصابت المقدمة فوقفوا ينظرون إليها ويتعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته فانفرجوا عنها فوقف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( ما كانت هذه لتقاتل) ، فقال لاحدهم الحق خالداً فقل له لا تقتلون ذرية ولا عسيفاً ( أي أجيراً) . (رواه احمد وابو داود ) وحديث بن عباس السابق في جواز قتل الذراري لا يتناقض مع هذا الحديث حيث أن لكل منها عالة تختلف عن الأخرى .

الاستعانة بمشرك عن عائشة رضي الله عنها قالت (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان يجره الوبرة أدركه رجل قد يذكر منه جرأة ونجدة مرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رواه فلما أدركه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تؤمن بالله ورسوله قال : لا، فقال : ارجع فلن نستعين بمشرك .. قال ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركنا الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة فقال : ارجع فلن نستعين بمشرك قالت: ثم رجع فادركنا بالبيداء فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله قال: نعم فقال له صلى الله عليه وسلم فانطلق) ( رواه مسلم) .. يقول النووي قد جاء حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بصفوان بن أمية قبل إسلامه فأخذ طائفة من العلماء بالحديث الأول على إطلاقه وقال الشافعي وآخرون أن الكافر حسن الرأي في المسلمين ودعت للحاجة إلى الاستعانة به استعين وإلا فيكره. وحمل الحديثين هذين الحالتين وإذا حضر الكافر بالاذن وضح له ولا يسهم له وهذا هو مذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة والجمهور وقال الزمري والاوزاعي يهم له والله أعلم .. انتهى( مسلم بشرح النووي) باب الجهاد. ويقول مالك في الاستعانة بالمشركين والكفرة ( ألا يكونوا خداما للمسلمين فيجوز) .. وقال أبو حنيفة يستعان بهم ويعاونون على الإطلاق متى كان الإسلام هو الغالب الجاري عليهم فان كان حكم الشرك هو الغالب كره. وقال الشافعي يجوز وذلك الشرطين : أحدهما أن يكون بالمسلمين قلة ويكون المشركين كثرة، والثاني : أن يعلم من المشركين حسن رأي في الإسلام وميل إليه متى استعان بهم وضح لهم ولم يسهم ( أي أعطاهم مكافأة ولم يشركهم في مهام المسلمين من الغنيمة ).

جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها روى الإمام مسلم عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل لبني النضير وقطعه وهي البويرة زاد قنيبه وابن رفح في حديثهما فأنزل الله عز وجل ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين){الحشر 5}{ مسلم شرح النووي الجزء 12}. قال النووي في شرح الحديث : في هذا الحديث جواز قطع شجر الكفار وإحراقه ( مسلم شرح النووي باب الجهاد). عن أبي هريرة ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عيناً ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدَّة بين عسفان ومكة ذُكِروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام ، فاقتصوا آثرهم فلما أخبر بهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد فأحاط بهم القوم ، فقالوا لهم انزلوا وأعطونا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا، فقال عاصم بن ثابت أمير القوم : أمَّا أنا والله لا أنزل في ذمة كافر ، اللهم أخبر عنا نبيك ، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصماً في سبعة، ونزل إليهم ثلاثة نفرعلى العهد والميثاق منهم : خبيب الأنصاري ، وزيد بن الدثنة ورجل آخر ، فلما تمكنوا منهم اطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء لأسوة يريد القتل ، فجروه وعالجوه فأبى على أن يصحبهم ، فقتلوه فانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر ، وذكر قصة قتل خبيب إلى أن قال استجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا ). رواه أحمد .



تنظيم الجيش المسلم

  • عن عمار بن ياسر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب الرجل أن يقاتل تحت راية قومه) رواه أحمد .
  • وعن البراء بن عازب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنكم ستلقون العدو غداً فان شعاركم .. لا ينصرون) رواه أحمد .
  • وعن الحسن عن قيمس بن عباد قال ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال ) رواه أبو داود.
  • عن كعب بن مالك ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في يوم الخميس في عزوة تبوك وكان يحب أن يخرج يوم الخميس )متفق عليه .
  • وعن النعمان بن مقرن ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يقاتل في أول النهار أخر القتال حتى نزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر ) رواه احمد وأبو داود وصحبه البخاري . وقال ( انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات ).

استحباب الدعاء بالنصر عنه لقاء العدو وأدعية القتال من أدعيته صلى الله عليه وسلم في القتال( اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) ( صحيح مسلم ).

أمر هام يجب التنبيه إليه الإخلاص في الجهاد في سبيل الله : والإخلاص هو تجريد قصد التقرب إلى الله عز وجل من جميع الشوائب .. وقيل نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق . وفي باب تلبيس إبليس على الغزاة يذكر الإمام ابن الجوزي ( أنه لبس إبليس على خلق كثير فخرجوا إلى الجهاد ونيتهم المباهاة والرياء ليقال فلان غاز وربما كان المقصود أن يقال شجاع أو كان طلب الغنيمة وإنما الأعمال بالنيات ). عن أبي موسى قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا رسول الله أرأيت الرجل يقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) .. أخرجاه وعن بن مسعود رضي الله عنه قال إياكم أن تقولوا مات فلان شهيداً أو قتل شهيداً فإن الرجل ليقاتل ليغنم ويقاتل ليذكر ويقاتل ليرى مكانه . وبالإسناد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة : رجل استشهد فأتى به تعرفه قصة فمر بها فقال : عملت فيها قال قاتلت فيك حتى قتلت قال كذبت ولكنك قاتلت حتى يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه والقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن ، فعرفه نعمه فعرفها .. فقال ما عملت فيها فقال تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت القرآن فقال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقد قيل وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القي في النار ، ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها فقال ما تركت من سبيل أنت تحبه أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال كذبت ولكنك فعلت به لحسب جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القي في النار) ( تقرر بإخراجه مسلم ) . وبإسناد مرفوع عن أبي حاتم الرازي قال سمعت عبده بن سليمان يقول كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم فصادفنا العدو ، فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو قادما إلى البراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله ثم آخر فقتله ثم دعا إلى البراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه الرجل فقتله ، فازدحم الناس عليه ، فكنت فيمن ازدحم عليه فإذا هو ملثم بكمه فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو عبد الله بن المبارك ، فقال : وأنت يا أبا عمرو ممن يشنع علينا ، قلت فانظروا رحمكم الله إلى هذا السيد المخلص كيف خاف على إخلاصه برؤية الناس له ومدحهم إياه فستر نفسه . وقد كان إبراهيم بن أدهم يقاتل فإذا اغنموا لم يأخذ شيئا من الغنيمة ليوفر له الأجر وقد لبس إبليس على المجاهد إذا غنم ، فربما أخذ من الغنيمة ما ليس له فإما أن يكون قليل العلم فيرى أن أموال الكفار مباحة لمن أخذها ولا يدري أن الغلول من الغنائم معصية وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ففتح الله علينا ، فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً وغنمنا المتاع والطعام والثياب وانطلقنا إلى الوادي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مبدأ له فلما نزلنا قام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحاله فرمي بسهم فكان فيه حتفه فقلنا له هنيئاً له الشهادة يا رسول الله ، فقال كلا والذي نفس محمد بيده إن الشعلة تلتهب عليه ناراً أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم ، قال ففزع الناس ، فجاء رجل بشراك أو شراكين فقال : أصبته يوم خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شراك من نار أو شراكين من نار . وقد يكون الغازي عالماً بالتحريم إلا أنه يرى الشيء فلا يصبر عنه ، وربما ظن أن جهاده يدفع عنه ما فعل ، وها هنا يتعين أثر الإيمان والعلم . روينا بإسناد عن هبيرة بن الأشف عن أبي عبيدة العنبري قال : لما هبط المسلمون المدائن وجمعوا الأقباط الذين معه . ما رأينا مثل هذا ما يعدله ما عندنا ولا ما يقاربه ، فقال له هل أخذت منه شيئاً ؟ فقال : أما والله لولا ما أتيتم به فعرفوا أن للرجل شأناً فقالوا : من أنت فقال والله لا أخبركم لتحمدوني ولا اقريكم لتقرظوني ولكن أحمد الله وأرضى بثوابه فأتبعوه رجالا حتى انتهى إلى أصحابه ، فسئل عنه فإذا هو عامر بن عبد قيس .

هناك من يتم إستبعاده من الطريق فانتهوا أن للشدائد أصلا وذروا ما تزين الأهواء. فهو يطلب منهم الانتماء الفتي ويدعوهم إلى الإفصاح عما ستروه من دافع حب الراحة وتجنب المشقة وهو نفسه الدافع الذي حكاه القرآن من المخلفين في سورة التوبة أن يقول الله تعالى ( فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم اشد حراً لو كانوا يفقهون ). ( إن هؤلاء لهم نموذج في ضعف الهمة وطراوة الإرادة وكثيرون هم الذين يشفقون من المتاعب وينفرون من الجد ويؤثرون الراحة الرخيصة على الكدح الكريم ويفضلون السلامة الذليلة على الخطر العزيز وهم يتساقطون إعياء خلف الصفوف الجادة الزاحفة العارفة بتكاليف الدعوات ولكن هذه الصفوف تظل في طريقها المملوء بالعقبات والأشواك لأنها تدرك بفطرتها أن كفاح العقبات والأشواك فطرة في الإنسان وانه ألذ واجمل من القعود والتخلف والراحة البليدة التي بالرجال ، في ظلال القرآن (1 ـ 26)(هؤلاء الذين آثروا الراحة على الجد في ساعة الميسرة ، وتخلفوا عن الركب في أول مرة هؤلاء لا يصلحون للكفاح ولا يرجون للجهاد ولا يجوز أن يؤخذوا بالتقاضي ولا أن يتاح لهم شرف الجهاد الذي تخلفوا منهم راضين ( فان رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين ) ،( إن الدعوات في حاجة إلي طبائع صلبة مستقيمة ثابتة مصحة تصمد في الكفاح الطويل الشاق والصف الذي يتخلله الضعاف والمسترخون لا يصمد لأنهم يخذلونهم في ساعة الشدة فيشيعون فيه الخذلان والضعف والاضطراب فالذين يضعفون ويتخلفون .. يجب نبذهم بعيدا عن الصف وقاية لهم مع التخلخل والهزيمة والتسامح مع هؤلاء جناية على الصف كله .

فتاوى الفقهاء في تنقية الصف كان للسلف أقوال كثيرة في ذلك فمثال كلام السلف الأول من ذلك استعراض الإمام الشافعي في كتاب الأم لحوادث المنافقين المتتالية عن المشاركة في الغزوات النبوية الكريمة وتنبيه إلى من يشتهر في أجيال المسلمين بعد ذلك بمثل ما وصف به أولئك المنافقون فإنه بقياس عليهم ويعاقب بمثل ما عوقبوا به . يقول الشافعي ( غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم قفرا أو معه من يعرف نفاقه فانخزل يوم أحد منه بثلاثمائة ثم شهدوا معه يوم الخندق فتكلموا بما حكى الله عز وجل من قولهم ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق لشهدوا معه عددا فتكلموا بما حكى الله من قولهم ونفاقهم ثم غزا غزوة تبوك قوم منهم نفروا ليلة العقبة ليقتلوه فوقاه الله شرهم وتخلف آخرون منهم فيمن بحضرته ثم انزل الله بغزوة تبوك من أخبارهم فقال ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ). قال الشافعي فأظهر الله لرسوله أسرارهم وخبر الساعين لهم وإيتائهم أن يقتنوا من معه بالكذب والإرجاف والتحذير لهم فاخبره انه كره انبعاثهم فثبطهم إذا كانوا على هذه النية وكان فيهم ما دل على أن الله أمر أن يمنع من عرف بما عرفوا به من يمنع يغزوا مع المسلمين لأنه ضرر عليهم . يقول الشافعي أفمن شهد بمثل ما وصف الله المنافقين ثم يحل للإمام أن يدعه يغزو معه لطلبة فتنته وتخذيله إياهم وان فيهم من يستمع له بالغفلة والقرابة والصداقة وان هذا قد يكون ضررا عليهم من كثير من عددهم (الإمام الشافعي 4 ــ 89 ). واستمر الفقه على هذا حتى استلم رايته بن قدامة المقدسي فقال مولا يصطحب الأمير معه مخذلا وهو الذي يثبط الناس عن غزو ويزهدهم في الخروج إليه والقتال والمشقة مثل أن يقول الحر أو البرد الشديد والمشقة شديدة ولا تؤمن عزيمة هذا ولا راجفا وهو الذي يقول قد هلكت سرية المسلمين وما لهم من عدد ولا طاقة لهم بالكفار والكفار لهم قوة وعدد وصبر ولا يثبت لهم أحد ونحو هذا ولا من يعين على المسلمين بالتجسس للكفار وإطلاعهم على عوارت المسلمين ومكاتبتهم بأخبارهم ولالتهم على عوراتهم أو إيواء جواسيسهم ولا من يوقع المدارة بين المسلين ويسمي بالفساد لقوله تعالى( ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة) .. ولان هؤلاء مضرة على المسلمين فيلزمه منعهم ( المغني لابن قدامة 8 ــ 251 ).

غرور الفقيه يمنع تأميره إننا نجد في فقه عمر بن عبد العزيز رحمه الله ما يسوغ إبعاد الصادق صاحب الخير عن المسؤلية إذا كان فيه نوع من حب الظهور والخيلاء سداً للذريعة ، وصيانة له من احتمالات االإقتنان والجباية على نفسه وعلى الدعوة . لقد روي أن الراشد الخامس لما ولي الخلافة أرسل إلى أبي عبيد المزجي وكان فقيه فقه الحديث من شيوخ أوزاص ومالك وممن يستعين به الخليفة سليمان بن عبد الملك فقال له عمر هذا الطريق إلى فلسطين وأنت من أهلها فالحق بها ، قيل له يا أمير المؤمنين لو رأيت أبي عبيد وتشيره للخير ، فقال ذاك أحق ألا تقنه كان ابهةً للعامة ( تهذيب التهذيب 12ـ 158) ولقادة جماعات المسلمين هذا اليوم أن يقولوا لكل داعية يتطلع للسمعة والجاه والمكانة الاجتماعية المرموقة مثل الذي قال عمر لأبي عبيد . ويفهموه أنه : قد أخطأت بداية الطريق إلى مرادك فمررت بديار دعوة التواضع والبذل والالتزام الخططي وهذه الطريق على ديار أشكالك فالحق بهم .