العراق الكويت: الجذور الغزو التحرير - لجنة الأمم المتحدة، وترسيم الحدود العراقية ـ الكويتية

من معرفة المصادر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة

دان المجتمع الدولي ما وقع من عدوان عراقي على دولة الكويت المستقلة، وكانت إدانته حاسمة. إذ سارع مجلس الأمن الدولي، وفقاً لسلطاته التي يخوله إياها الفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، في حالات تهديد السلم، والإخلال به ووقوع عدوان، إلى إصدار العديد من القرارات، التي تندد بالعدوان، وتتضمن الجزاءات الدولية، اللازمة لإزالة العدوان، وإعادة السلم والأمن الدوليَّين إلى منطقة الأحداث، والحفاظ على الشرعية الدولية.

وتدرج موقف مجلس الأمن، في قراراته، من الإدانة، وتأكيد عدم مشروعية الاعتداء العراقي على الكويت، والمطالبة بسحب القوات المعتدية، إلى السماح باستخدام القوة، وكافة الوسائل الملائمة الأخرى، لردع العدوان وإعادة الشرعية إلى نصابها. ومن المعلوم، أن قرارات مجلس الأمن، التي صدرت، في هذا الصدد، عملاً بالفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، ليست توصيات فقط، بل هي قرارات ملزِمة، يلتزم بها كافة الدول، أعضاء المجتمع الدولي.

وصاحب القرارات، التي أصدرها مجلس الأمن، ومنظمات هيئة الأمم المتحدة، إدانة للعراق وممارساته، ودعوته إلى الانسحاب غير المشروط، جهود أخرى كثيرة، بذلتها دول عديدة، وشخصيات قيادية عالمية، ومنظمات غير حكومية، سعياً وراء الوصول، مع النظام العراقي، إلى حل سلمي، ينهي المأساة، ويوقف عذاب المواطنين الكويتيين وآلامهم وتنسحب، بموجبه، القوات العراقية المعتدية، من أرض دولة الكويت، المستقلة، من دون شروط. ولعل أبرز تلك الجهود، كان إعلان دول التحالف إصرارها على إقرار الشرعية، والتصدي، بالقوة، لهذا العدوان، الذي تتحدى ممارساته كل الشرائع، لإجباره على الخضوع لإرادة المجتمع الدولي .

ولكن تلك الجهود، واجهت إصراراً عراقياً على العدوان، وإمعاناً فيه. ولم يكن أمام المجتمع الدولي، إلا أن يصدِر قراره الرقم 678، عبْر مجلس الأمن، في 29 نوفمبر 1990، الذي يمنح العراق فرصة أخيرة، حتى 15 يناير 1991؛ لتنفيذ كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن. وما لم ينفذها تنفيذاً كاملاً، فسوف تستخدم جميع الوسائل، اللازمة لدعمها وتنفيذها (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 678 الصادر في 29 نوفمبر 1990 في شأن استخدام جميع الوسائل اللازمة ضد العراق ما لم ينفذ قرارات مجلس الأمن السابقة قبل 15 يناير 1991).

ويرفض العراق الانقياد للشرعية الدولية، ويصرّ على مواصلة احتلاله لدولة الكويت والإمعان في إهدار حقوق شعبها، وفرض منطق القوة والعنف، وتحدي الإرادة الدولية. وتبدأ معركة تحرير الكويت، فجر يوم الخميس، 17 يناير 1991، بالحرب الجوية، بعد انقضاء مدة الإنذار، التي حددها مجلس الأمن لتنفيذ قراراته.


المبحث الأول: الجهود الدبلوماسية وموقف الكويت والعراق

أولاً: جهود دبلوماسية جديدة

في 22 يناير 1991، كرر الأمين العام للأمم المتحدة، بيريز دى كويلار، النداء الذي كان قد وجَّهه، في 15 يناير 1991، إلى العراق، لكي يمتثل لقرارات مجلس الأمن، ذات الصلة. وفي رسالة، مؤرخة بتاريخ 30 يناير 1991، وموجهة إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، طارق عزيز، حث الأمين العام الحكومة العراقية، على "بذل جهد جادّ، لوضع هذه الحالة المأساوية على طريق الحل السلمي" (اُنظر وثيقة بيان الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في 15 يناير 1991 في شأن الحالة بين العراق والكويت).

ومع تواصل القصف الجوي للعراق، واصل مجلس الأمن مشاوراته، الرسمية. وطلبت دول اتحاد المغرب العربي، تونس والجزائر والجماهيرية الليبية والمغرب وموريتانيا، وكذلك كوبا واليمن، عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن، للنظر في خيارات أخرى، بديلة من العمل العسكري ضد العراق. غير أن بعض أعضاء المجلس، من بينهم أعضاء التحالف، اعترضوا على مثل هذا التحرك. وفي 13 فبراير 1991، اعتمد المجلس حلاً وسطاً، اقترحته المملكة المتحدة، يقضي بأن يناقش المجلس المسألة، في جلسات رسمية، ومغلقة.

وكانت الجلسات المغلقة، التي عقدت في 14 و15 و16 و23 و25 فبراير و2 مارس 1991، هي الجلسات المغلقة الأولى، منذ عام 1975، حينما انعقد للنظر في مسألة الصحراء الغربية. ولم يتخذ أي إجراء رسمي، في جلسات فبراير ومارس 1991، على الرغم من أن كوبا، تقدمت بثلاثة مشروعات قرارات، يدعو أحدها إلى إيفاد بعثة، من مراقبي الأمم المتحدة العسكريين، للإشراف على وقف العمليات القتالية الهجومية، ونشر قوة لحفظ السلام في المنطقة.

وفي 15 فبراير 1991، أبلغ العراق مجلس الأمن، "استعداده للتعامل على أساس القرار الرقم 660، لعام 1990، بغية التوصل إلى حل سياسي مشرِّف، ومقبول"، يتضمن الانسحاب من الكويت. غير أن بغداد، ربطت ذلك الاستعداد بوقف إطلاق النار وقفاً كاملاً، وشاملاً، وإلغاء قرارات المجلس، الأحد عشر، الأخرى، المتعلقة بالحالة بين العراق والكويت، بأثر رجعي. واشترطت انسحاب القوات "المشاركة في العدوان" من الشرق الأوسط، وانسحاب إسرائيل من فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، وضمان ما للعراق من "حقوق، إقليمية وبحْرية، تاريخية تامة، وغير منقوصة، في أي حل سلمي". كما طالبت بوضع ترتيب سياسي، يُتفق عليه، استناداً إلى "إرادة الشعب الكويتي، وفقاً لممارسة ديموقراطية حقيقية" (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 660 الصادر في 2 أغسطس 1990 في شأن إدانة الغزو العراقي للكويت).

وفي 18 فبراير 1991، بحث الرئيس السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف، ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، طارق عزيز، في موسكو، اقتراح سلام سوفيتياً، يهدف إلى تحقيق انسحاب العراق من الكويت، مع رفع جميع الجزاءات والقيود، التي فرضها مجلس الأمن على بغداد. وعلى الرغم من أن الاتحاد السوفيتي، وجَّه رسائل إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، قال فيها إن العراق مستعد، بموجب الخطة السوفيتية، لسحب جميع قواته من الكويت، من الفور، ومن دون قيد أو شرط، فإن الخطة، لم تحظَ بتأييد واسع؛ للاختلافات في شأن توقيت مختلف عناصرها. ثانياً: الهجوم البري، وانصياع العراق إلى قرارات مجلس الأمن

وفي الساعة الرابعة، من صباح 24 فبراير 1991، بتوقيت واشنطن، شرعت قوات التحالف في الحرب البرية. وفي ذلك اليوم، أبلغ العراق مجلس الأمن، أنه يؤيد مبادرة السلام السوفيتية. وعقب مشاورات، في 25 و26 و27 فبراير 1991، أوضح رئيس مجلس الأمن، أن العديد من أعضاء المجلس، يريدون من العراق رداً واضحاً، ورسمياً، ومكتوباً، يفيد بأنه يقبَل جميع القرارات (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 662 الصادر في 9 أغسطس 1990 الذي يقرر اعتبار ضم العراق للكويت باطلاً ولاغياً). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 674 الصادر في 29 أكتوبر 1990 في شأن الإفراج عن رعايا الدول الثالثة المحتجزين في العراق أو الكويت).

ومع إخراج القوات العراقية من الكويت، بات مجلس الأمن، ينتظر الرد الدبلوماسي العراقي. ويوم الأربعاء، 27 فبراير 1991، أبلغ السفير العراقي لدى الأمم المتحدة، عبدالأمير الأنباري، رئيس مجلس الأمن، أن العراق سيمتثل امتثالاً تاماً للقرار الرقم 660، لعام 1990. كما سيمتثل، رهناً ببعض الشروط، للقرار الرقم 662، لعام 1990، الذي يطالب بأن يلغي العراق إجراءاته، في شأن ضم الكويت، وللقرار الرقم 674، لعام 1990 ـ الذي يطالب بغداد بضمان حماية وسلامة الرعايا الكويتيين، ورعايا الدول الأخرى وسلامتهم، بمن فيهم موظفو البعثات، الدبلوماسية والقنصلية، المحتجزون في العراق والكويت. وأعلن العراق، كذلك، أن قواته المسلحة، قد بدأت الانسحاب إلى المَواقع، التي كانت توجد فيها، قبْل الأول من أغسطس 1990. ووعد بإطلاق سراح جميع أسرى الحرب فور إقرار وقف إطلاق النار. وفي وقت لاحق، من يوم 27 فبراير 1991، أبلغ العراق مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، أن جميع القوات العراقية، قد انسحبت من الكويت. وأضاف أن "القوات الأمريكية، وغيرها من القوات المتحالفة مع العدوان" لا تزال تهاجم القوات العراقية، أثناء انسحابها (اُنظر وثيقة رسالتان متشابهتان موجهتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة من الممثل الدائم للعراق تفيدان بأن جميع القوات العراقية قد انسحبت من الكويت).

وتوقفت العمليات الحربية، في منتصف ليلة 27 ـ 28 فبراير 1991. وقال خافيير بيريز دى كويلار، الأمين العام للأمم المتحدة، صباح الخميس 28 فبراير: " نأمل أن تكون هذه بداية النهاية لهذه المأساة المروعة ". وفي اليوم نفسه، وفي رسالتَين متماثلتَين، موجهتَين إلى رئيس مجلس الأمن وأمين عام الأمم المتحدة، أعلن العراق، رسمياً، موافقته على الامتثال التام لقرار مجلس الأمن، الرقم 660، لعام 1990، ولجميع قرارات المجلس الأخرى (اُنظر وثيقة رسالتان متطابقتان موجهتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي تفيدان بأن حكومة العراق توافق على الامتثال بالكامل لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالغزو العراقي للكويت). وعلى أثر ذلك، بدأ المجلس شهراً من المشاورات الدبلوماسية المكثفة، في شأن أحكام وقف إطلاق النار الدائم، وسواه من ترتيبات ما بعد الحرب. وفي 4 مارس 1991، أبلغت الكويت أمين عام المنظمة الدولية، أن حكومتها، قد استأنفت مهام الدولة، وأنها تتولى إدارة شؤون البلاد، من مدينة الكويت (اُنظر وثيقة رسالة من نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الكويتي إلى الأمين العام للأمم المتحدة يبلغه فيها بأن حكومة الكويت بدأت تستأنف الاضطلاع بمهام الدولة). ثالثاً: قرارا مجلس الأمن، الرقمان 686 و687، لعام 1991 1. القرار الرقم 686

أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 686، في 2 مارس 1991، بأغلبية 11 صوتاً، مقابل صوت واحد (كوبا)، وامتنع ثلاثة أعضاء عن التصويت (الصين والهند واليمن)، في شأن إنهاء الأعمال الحربية، بصورة مؤقتة. وأكد القرار، مجدداً، استمرار "السريان الكامل لمفعول، وأثر" كافة القرارات الاثنى عشر، المتعلقة بالحالة بين العراق والكويت، وحدد عدداً من الالتزامات، التي يتعين على العراق تنفيذها، من الفور (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 686 الصادر في 2 مارس 1991 في شأن وقف العمليات العسكرية، في الخليج ويطالب العراق بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن الـ 12 ذات الصلة).

وفي القرار الرقم 686، طالب مجلس الأمن، بصفة خاصة، بأن يلغي العراق إجراءاته، الرامية إلى ضم الكويت، وأن يقبَل المسؤولية عن أي خسارة، أو أذى، أو أضرار، ناجمة عن غزوه الكويت واحتلاله إياها، وأن يطلق جميع المحتجزين، ويعيد رفات مَن توفوا أثناء احتجازهم، وأن يعيد، كذلك، السَّلَب، من الممتلكات الكويتية، وأن يوقف أعمال قواته العدائية أو الاستفزازية، ضد جميع الدول الأعضاء، وأن يسرِّح جميع أسْرى الحرب، تحت رعاية لجنة الصليب الأحمر الدولية، وأن يساعد التحالف على تحديد مَواقع الألغام والأشراك الخداعية وغيرها من المتفجرات العراقية، فضلاً عن أي أسلحة ومواد، كيماوية وبيولوجية، في الكويت، وفي أنحاء العراق، التي توجد فيها قوات التحالف، وفي المياه المجاورة. وأكد المجلس، في قراره الرقم 686، استمرار السريان الكامل لمفعول وأثر كافة القرارات الاثنى عشر، السابقة، المتعلقة بالأزمة العراقية ـ الكويتية. وأوضح، صراحة، في الفقرة الرابعة، أن أحكام القرار الرقم 678، التي تأذن للدول الأعضاء في استخدام " جميع الوسائل اللازمة"، "ستظل سارية المفعول "، خلال فترة امتثال العراق لمضمون القرار.

وقبْل التصويت على القرار الرقم 686، لعام 1991، رفض مجلس الأمن 17 تعديلاً، تقدمت بها كوبا، لا سيما اقتراحها إعلان وقف فوري لإطلاق النار، من دون شروط مسبقة، وحذف كافة الإشارات إلى الأحكام المتعلقة بـ "جميع الوسائل اللازمة"، الواردة في القرار الرقم 678، لعام 1990.

   وفي 3 مارس 1991، وافق العراق، في رسالتَين متماثلتَين، موجهتَين إلى رئيس مجلس الأمن وأمين عام الأمم المتحدة، على الوفاء بالتزاماته، بموجب القرار 686 (اُنظر وثيقة رسالتان متطابقتان موجهتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي في شأن الموافقة على تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 686). وبعد يومين، أعلن، في رسالتَين متماثلتَين أخريَين موجهتَين، إليهما، أنه قرر إعادة الذهب، والعملات الورقية، ومقتنيات المتاحف، والطائرات المدنية الكويتية، التي كان استولى عليها، أثناء الغزو. وفي 5 مارس، قرر مجلس قيادة الثورة العراقية، أن جميع القرارات المتخذة، في شأن الكويت، بعد 2 أغسطس 1990، تعد "باطلة"، ونشر هذا القرار في الجريدة الرسمية العراقية، في 18 مارس (اُنظر وثيقة رسالتان متطابقتان موجهتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة من الممثل الدائم للعراق يحيل بهما قرار مجلس قيادة الثورة في شأن إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بالكويت).
   

ومع مضي العراق في تنفيذ القرار الرقم 686، لعام 1991، بدأ أعضاء مجلس الأمن مشاورات، بهدف الاتفاق على قرار، يحدد شروط وقف إطلاق النار النهائي. وفي البيانات، التي أدلى بها الأعضاء الخمسة الدائمون في المجلس، عقب التصويت، أعربوا عن موافقتهم على أن القرار الرقم 686، يمهد الطريق إلى ذلك، وأن الأمم المتحدة، تواجِه مهمة هائلة، في الاضطلاع بمسؤولياتها، في فترة ما بعد النزاع، وأن المجتمع الدولي، قد وصل إلى أصعب مراحل الأزمة، وأكثرها أهمية. 2. القرار الرقم 687

لقد صيغ مشروع القرار الرقم 687، خلال شهر من المفاوضات، التي أعقبت النجاح في تحرير الكويت. وتقدم بنص مشروعه كلٌّ من بلجيكا ورومانيا وزائير وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، فحظي بتأييد 12 صوتاً، ومعارضة صوت واحد (كوبا)، وامتناع عضوَين عن التصويت (إكوادور واليمن) (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 687 الصادر في 3 أبريل 1991 في شأن التدابير التفصيلية لوقف إطلاق النار وترتيبات تخطيط الحدود بين العراق والكويت، وإزالة أسلحة الدمار الشامل). وصدر في 3 أبريل 1991. وهو القرار الرابع عشر، الذي اتخذه مجلس الأمن، رداً على الغزو العراقي.

وفي فقرات ديباجة القرار، التي بلغت 26 فقرة، رحّب مجلس الأمن برجوع السيادة والاستقلال والسلامة الإقليمية إلى الكويت، وعودة حكومتها الشرعية. وأعلن، من جديد، هدفه، المتمثل في إحلال السلام والأمن الدوليَّين، في المنطقة. وأكد أهمية الاتفاقات الدولية المختلفة، التي دخل العراق طرفاً فيها، والتي تشمل الأسلحة، التقليدية والنووية. وأعرب عن بالغ قلقه، إزاء الحالة الإنسانية في الكويت والعراق، على حدّ سواء.

وكانت فقرات القرار، البالغ عددها 34 فقرة، مقسمة إلى تسعة بنود. وهي تحدد، بتفصيل شديد، شروط الوقف الرسمي لإطلاق النار تمهيداً لإنهاء النزاع، وإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة. وترِد هذه الشروط على النحو التالي: أ. تسوية مسائل الحدود

في البند (ألف)، من القرار الرقم 687، لعام 1991، طالب مجلس الأمن بأن يحترم العراق والكويت، حرمة الحدود الدولية، وتخصيص الجُزُر على النحو المحدد في المحضر، المتفق عليه عام 1963 (اُنظر وثيقة المحضر، المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية في 4 أكتوبر 1963 في شأن استعادة العلاقات، والاعتراف والأمور ذات العلاقة). وطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أن يساعد على تخطيط تلك الحدود. كما قرر المجلس، أن يضمن حرمة الحدود الدولية، وأن يتخذ جميع التدابير اللازمة، حسب الاقتضاء، لتحقيق هذه الغاية، وفق ميثاق الأمم المتحدة. ب. حفظ السلام

في البند (باء) من القرار، طلب المجلس إلى أمين عام المنظمة الدولية، أن يقدم خطة النشر الفوري لوحدة مراقبة، تابعة للأمم المتحدة، لمراقبة خور عبدالله (ممر مائي في الخليج) ومنطقة منزوعة السلاح، تنشأ بموجب القرار نفسه، تمتد عشرة كيلومترات داخل العراق، وخمسة كيلومترات داخل الكويت، من الحدود، المشار إليها في المحضر المتفق عليه. وقال المجلس إنه لدى نشر المراقبين، ستتهيأ الظروف اللازمة، للدول الأعضاء، المتعاونة مع الكويت، كي "تنهي وجودها العسكري في العراق، تماشياً مع القرار الرقم 686، لعام 1991" (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 687 الصادر في 3 أبريل 1991 في شأن التدابير التفصيلية لوقف إطلاق النار وترتيبات تخطيط الحدود بين العراق والكويت، وإزالة أسلحة الدمار الشامل). ج. شروط أخرى

تخص أسلحة الدمار الشامل، والقدرات النووية للعراق، والممتلكات الكويتية، وصندوق التعويضات، وحظر تصدير النفط واستيراد الأسلحة، والإعادة إلى الوطن، والإرهاب، ثم قبول القرار، ووقف إطلاق النار.

وجاء في نهاية قرار مجلس الأمن، الرقم 687، "بعد تقديم العراق إيذاناً رسمياً، إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن، بقبوله الأحكام الواردة أعلاه، يسري، وفقاً للقرار الرقم 678، لعام 1990، وقف رسمي لإطلاق النار، بين العراق من جهة، والكويت والدول المتعاونة معها، من جهة ثانية".

وعندما قرر مجلس الأمن هذه التدابير وغيرها، من التدابير الواردة في قراره، فإنه كان يتصرف بموجب الفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، الذي حدد التدابير المختلفة، التي يجوز للمجلس اتخاذها، رداً على حالات تهديد السلام والإخلال به وأعمال العدوان، ومن قبيل فرض الجزاءات واستخدام القوة المسلحة. وأكد المجلس، في الفقرة (1)، من قراره، استمرار سريان جميع القرارات السابقة، المتعلقة بالأزمة، عدا ما يجري تغييره، صراحة، في القرار نفسه، الرقم 687، لعام 1991. واستطراداً، فإن أحكام هذا القرار، التي تأذن للدول الأعضاء في استخدام "جميع الوسائل اللازمة، لدعم وتنفيذ" قرارات مجلس الأمن، ذات الصلة، "لإعادة السلام والأمن الدوليَّين إلى نصابهما في المنطقة" ـ لا تزال سارية المفعول. رابعاً: موافقة العراق على القرار الرقم 687

في رسالتَين متماثلتَين، في 6 أبريل 1991، وموجهتَين إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى رئيس مجلس الأمن، انتقد وزير الخارجية العراقي نص القرار الرقم 687، لعام 1991، واصفاً إياه بأنه "ظالم"، ومدعياً أنه يتضمن "تدابير جائرة، وانتقامية"، ويمثل "اعتداء، لم يسبق له مثيل"، على سيادة بلده وحقوقه (اُنظر وثيقة رسالتان متطابقتان موجهتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة من وزير الخارجية العراقي في شأن قبول العراق لأحكام قرار مجلس الأمن الرقم 687). وزعم أن الأمم المتحدة، تستخدم تدابير قاسية، وواسعة النطاق، لجعل العراق يمتثل لقرارات المجلس بينما كان ضغطها خفيفاً على بلدان أخرى، بل لم تضغط عليها، بموجب القرارات المتعلقة بتصرفاتها. واتهم المنظمة بتطبيق "معيار مزدوج" على العراق، في شكل "معايير الازدواج"، في العلاقات الدولية. وذكر الوزير، أنه لم يسَع العراق، مع ذلك، إلا أن يوافق على أحكام القرار. وفي رسالة، في 10 أبريل، أحال العراق إلى رئيس مجلس الأمن نص قرار، كان قد اتخذه المجلس الوطني العراقي، في 6 أبريل، ووافق فيه، رسمياً، على القرار الرقم 687، لعام 1991 (اُنظر وثيقة رسالة موجهة من الممثل الدائم للعراق إلى رئيس مجلس الأمن يحيل بها قرار المجلس الوطني العراقي المؤرخ في 6 أبريل 1991 في شأن قبول قرار مجلس الأمن الرقم 687).

وفي 11 أبريل 1991، أفاد رئيس مجلس الأمن أنه تسلّم، رسمياً، رسالة العراق، بالنيابة عن أعضاء المجلس. وأشار رئيس المجلس، إلى أن موافقة العراق على القرار الرقم 687، لعام 1991، هي "موافقة لا رجوع عنها، ولا تتضمن شروطاً تقييدية". وأضاف أن وقف إطلاق النار الرسمي، دخل حيز التنفيذ، بعد الوفاء بهذا الشرط المسبق. وكانت الكويت قد وافقت، في 4 أبريل، على أحكام القرار الدولي الرقم 687، لعام 1991.

ويحرص القرار الرقم 687، على أن يوضح، بجلاء، أن مجلس الأمن يُجري ترسيم الحدود، بموجب الفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يعد عنصراً أساسياً في نظام الأمم المتحدة، للأمن الجماعي، ويجعل من مهمة مجلس الأمن، في هذا الصدد، "أن يقرر ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به، أو أن ما وقع، هو من أعمال العدوان. ويقدم في توصياته، ما يجب اتخاذه من تدابير، طبقاً لأحكام المادتَين 41 و42، لحفظ السلم والأمن الدوليَّين أو إعادتهما إلى نصابهما". ويستطيع المجلس، بموجب الفصل السابع، أن يتخذ، "من طريق القوات، الجوية والبحرية والبرية، من الأعمال، ما يلزم لإعادة السلم والأمن الدوليَّين إلى نصابهما".

واستناداً إلى هذه الصلاحيات، قرر مجلس الأمن، في قراره الرقم 687، "أن يضمن حرمة الحدود المذكورة، بين الكويت والعراق، وأن يتخذ جميع التدابير اللازمة، عند الاقتضاء، لتحقيق هذه الغاية". خامساً: الهيئات المنبثقة من قرار مجلس الأمن، الرقم 687

وفقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 687، أنشئت الهيئات التالية، التابعة للأمم المتحدة: 1. بعثة الأمم المتحدة للمراقبة، في العراق والكويت

وتتضمن ولايتها مراقبة الممر المائي، خور عبدالله، الواقع بين العراق والكويت، والمنطقة المنزوعة السلاح، الممتدة عشرة كيلومترات (6 أميال) داخل العراق، وخمسة كيلومترات (3 أميال) داخل الكويت، لردع انتهاكات الحدود، من خلال وجودها في المنطقة المنزوعة السلاح ومراقبتها، ومراقبة أي أعمال عدوانية، أو يحتمل أن تكون عدوانية، تشن من أرض إحدى الدولتَين على الأخرى. 2. لجنة الأمم المتحدة، الخاصة للإشراف على تدمير أسلحة الدمار الشامل

وتتضمن أعمالها التفتيش، على كافة ما يملكه العراق، من أسلحة، كيماوية وبيولوجية، وما يتصل بها من قدرات ومرافق، والقذائف التي يزيد مداها على 150 كم، وتدميرها أو إزالتها، أو جعلها عديمة الضرر، حسب الاقتضاء. 3. لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود الدولية، بين الكويت والعراق

وتتضمن أعمالها على النحو المحدد في المحضر، المتفق عليه بين الدولتَين، اللتَين وقّعتاه، في 4 أكتوبر 1963، وسُجل لدى الأمم المتحدة.

وقد أصدر مجلس الأمن مجموعة قرارات، تالية للقرار الرقم 687. منها القرارات المتعلقة بالحدود، وهي القرار الرقم 773، الصادر في 26 أغسطس 1992، المتعلق بالانتهاء من تخطيط الحدود البرية، والترحيب بعمل لجنة التخطيط، في هذا الصدد، وحثّها على أن تخطط الجزء الشرقي من الحدود، الذي يشمل الحدود البحرية، في أقرب وقت ممكن، لتكمل بذلك أعمالها. والقرار الرقم 806، الصادر في 5 فبراير 1993، الذي يؤكد، مرة أخرى، ضمان حرمة الحدود الدولية، بين الكويت والعراق، ويقرر توسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة للمراقبة، في العراق والكويت، لتشمل مهامَّ إضافية. 4. لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، لإدارة صندوق دفع التعويضات سادساً: تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، في شأن الفقرة الثالثة، من قرار مجلس الأمن، الرقم 687

قدم خافيير بيريز دى كويلار، الأمين العام للأمم المتحدة، تقريره، عملاً بالفقرة الثالثة، من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، الصادر في 3 أبريل 1991. إذ طلب منه مجلس الأمن فيها المساعدة على اتخاذ الترتيبات اللازمة، مع العراق والكويت، لتخطيط الحدود بينهما، مستعيناً بالمواد الملائمة، بما فيها الخريطة، الواردة في وثيقة مجلس الأمن، الرقم S/22412 ، وأن يقدّم إلى مجلس الأمن تقريراً حول ذلك، في غضون شهر واحد. وتُعَدّ الفقرة الثالثة نقطة تحوّل مهمة، في خصوص مشكلة ترسيم الحدود الكويتية ـ العراقية؛ واللافت أنها المرة الأولى، التي تعمد فيها الأمم المتحدة إلى ترسيم الحدود بين دولتَين.

وهكذا، وضع الأمين العام، دى كويلار، تقريره، المشتمل على نقاط كثيرة، أهمها (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المؤرخ في 6 مايو 1991 في شأن إنشاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت): 1. طلب مجلس الأمن، في الفقرة الثانية من قراره الرقم 687، لعام 1991 " أن يحترم العراق والكويت، حرمة الحدود الدولية، وتخصيص الجُزُر، على النحو المحدد في المحضر، المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية، في شأن استعادة العلاقات الودية، والاعتراف، والأمور ذات العلاقة "، الذي وقّعتاه، ممارسة منهما لسيادتهما، في بغداد، في 4 أكتوبر 1963، وسُجل لدى الأمم المتحدة، التي نشرته في الوثيقة الرقم 7063، من مجموعة المعاهدات، لعام 1964. 2. الأخذ في الحسبان، أن الكويت، أعربت له، في 4 أبريل 1991، في رسالة موجَّهة من نائب رئيس مجلس وزرائها، وزير خارجيتها، عن اعتزامها الإيفاء، بإخلاص، بكل ما تتطلبه أحكام القرار الرقم 687، لعام 1991، والتعاون مع أمين عام المنظمة الدولية، من أجْل ضمان تنفيذه. والحسبان، كذلك، أنه وفقاً للفقرة 33، من قرار مجلس الأمن الرقم 687، عمد وزير خارجية العراق، في الفقرة قبل الأخيرة، من رسالته في 6 أبريل 1991، إلى إبلاغ مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، قبول بلاده أحكام ذلك القرار. 3. المبادرة، بعد إجراء مشاورات مع حكومتَي العراق والكويت، إلى إنشاء لجنة لتخطيط الحدود بين البلدّين، مكونة من ممثل واحد لكلٍّ منهما، وثلاثة خبراء مستقلين، يعيّنهم أمين عام المنظمة الدولية. وستتخذ اللجنة الترتيبات اللازمة للتعيين المادي للحدود. والإحداثيات التي تحددها اللجنة، ستشكل التخطيط النهائي للحدود الدولية، بين العراق والكويت، وفقاً للمحضر المتفق عليه، في 4 أكتوبر 1963. 4. الاستعانة على تخطيط الحدود، بين العراق والكويت بالمواد الملائمة، بما فيها الخريطة، الواردة في وثيقة مجلس الأمن، الرقم S/22412، وباستخدام التكنولوجيا الملائمة. أما التعيين المادي للحدود،، فسيكون من طريق وضع قوائم أو نُصُب حدودية، بالعدد والنوع الملائمَين. 5. تقرير اللجنة، حول النفقات، سيبلغ إلى مجلس الأمن، من قِبل أمين عام الأمم المتحدة، بعد تقييمه الموارد المطلوبة لتخطيط الحدود، واقتراحه تقاسُم الطرفان المعنيان النفقات كافة، بما في ذلك النفقات الأولية للجنة. 6. اللجنة مسؤولة أمام الأمين العام، وسترفع إليه، بانتظام، التقارير، حول سَير عملها، بغية الانتهاء من تخطيط الحدود، في أقرب وقت ممكن. وتتخذ قراراتها، في شأن تخطيط الحدود بالأغلبية. وتكون قرارات نهائية. 7. تمتُّع اللجنة بحُرية الانتقال، من دون عائق، في منطقة تخطيط الحدود الدولية، وبجميع الامتيازات والحصانات، اللازمة للوفاء بمهمتها. سابعاً: موقفا الكويت والعراق، من لجنة ترسيم الحدود

قبْل تقديم الأمين العام تقريره، في شأن الفقرة الثالثة، من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991، بادر إلى مناقشته مع الدولتَين المعنيتَين. وكان الرد الكويتي إيجابياً؛ إذ أبلغه السفير محمد عبدالله أبو الحسن، الممثل الدائم لدولة الكويت لدى الأمم المتحدة، موافقة حكومة الكويت على البنود الواردة في تقريره، وعن استعدادها للتعاون مع الأمم المتحدة على تنفيذها (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المؤرخ في 6 مايو 1991 في شأن إنشاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

أمّا العراق، فحرص على أن يسجل، في الرسالة، التي بعث بها وزير خارجيته، أحمد حسين، في 23 أبريل 1991، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الإشارة إلى الاجتماع، الذي عقد بين ممثل العراق الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالأمير الأنباري، والمستشار القانوني للأمم المتحدة، فلاشهاور، في 17 أبريل 1991، حول لجنة ترسيم الحدود، بين العراق والكويت، ومشروع تقرير الأمين العام نفسه، حول الفقرة الثالثة من القرار الدولي، الذي يزمع تقديمه إلى مجلس الأمن، والذي طلب رأي الحكومة العراقية فيه. وقد اشتملت رسالة وزير الخارجية العراقي، على الآتي (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المؤرخ في 6 مايو 1991 في شأن إنشاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت): 1. لقد أوضحت الفقرة الأولى من رسالة الأمين العام للأمم المتحدة التي بعث بها سيادتكم، في 6 أبريل 1991، أنه على الرغم من أن قرار مجلس الأمن الرقم 687، لعام 1991، يؤكد، في ديباجته، حقيقة أن العراق دولة مستقلة، ذات سيادة، إلا أنه في كثير من أحكامه الجائرة، لم يحترم هذه السيادة، بل تعرض لها ولحقوقها، المثبتة في الميثاق، وفي القانون والعُرف الدوليَّين تعرضاً، لم يسبق له مثيل. ففي مسألة الحدود، فرض مجلس الأمن وضعاً محدداً للحدود العراقية ـ الكويتية. في حين أن المعروف، قانوناً، وعملياً، في التعامل الدولي، أن تترك مسائل الحدود لاتفاق الدول؛ إذ إنها القاعدة الوحيدة، التي تحقق مبدأ استقرار الحدود. 2. لم يأخذ قرار المجلس في الحسبان، وجهة نظر العراق، المعروفة لديه، القائلة بأن ما ورد، في شأن الحدود، بين العراق والكويت، في الوثيقة المسماة " محضر متفق عليه، في شأن استعادة العلاقات الودية، والاعتراف، والأمور ذات العلاقة، في 4 أكتوبر 1963 ـ لم يستكمل الإجراءات الدستورية، بتصديقه من قِبل السلطة التشريعية، ورئيس الدولة، في العراق، مما أبقى مسألة الحدود معلقة، وفرض على العراق حدوده مع الكويت. كما أن المجلس نفسه، قد نقض، بهذا الأسلوب الغريب، أحد بنود القرار الرقم 660، الذي كان الأساس في القرارات اللاحقة، التي أصدرها المجلس؛ إذ إنه دعا العراق والكويت، في فقرته الثالثة، إلى حل الخلافات من طريق التفاوض؛ ومسألة الحدود من أهم تلك الخلافات. إن العراق، قد أبلغ المجلس، رسمياً، قبوله القرار الرقم 660، واستعداده لتنفيذه. غير أن المجلس تجاهل هذا الموقف القانوني، وناقض قراراته السابقة، واتخذ قراراً جائراً، بفرضه شروطاً جديدة على العراق، وفرض عليه، كبلد مستقل، ذي سيادة، وعضو في الأمم المتحدة، وضعاً حدودياً وحرمه الحق في إثبات حقوقه الإقليمية، وفق قواعد القانون الدولي. وبذلك، يكون المجلس قد حرم العراق إعمال إرادته الحرة، وتثبيت رضاه التام بتلك الحدود. إن قرار المجلس، فيما يتعلق بموضوع الحدود، هو قرار جائر، يشكل سابقة خطيرة، تنتقص سيادة الدول ولم تشهد المنظمة الدولية مثيلاً لها. 3. إن حكومة العراق، توّد أن تبدي الملاحظات المدرجة أدناه، في شأن ما ورد في مشروع تقريركم، الذي أشرت إليه آنفاً: أ. إن حكومة العراق، تسأل عن الأساس القانوني، الذي استند إليه المجلس، في القرار الرقم 687، لعام 1991، وفي اعتماد الخريطة، الواردة في الوثيقة الرقم (S/22412)، الصادرة في 28 مارس 1991، بطلب من الممثلية الدائمة للمملكة المتحدة، التي وصفها مستشاركم القانوني لممثلنا الدائم، بكونها خريطة بريطانية، ورَد ذكرها في مذكرة التفاهم، عام 1963. إن تلك المذكرة، لم تشِر إلى أي خريطة، كما هو واضح من النص، المنشور في مجموعة معاهدات الأمم المتحدة، المجلد الرقم 485، الوثيقة رقم 07063 والحقيقة الصارخة، كذلك، أن الإشارة الوحيدة إلى الخريطة، موضوع البحث، في الفقرة الثالثة من قرار المجلس، الرقم 687، لعام 1991، قد أُقحمت، من دون أي مسوغ قانوني. ب. إن الحكومة العراقية، لم تكن طرفاً في رسم الخريطة الآنفة الذكْر، كما أنها لم تعترف بها، ولا يوجد أي دليل على مثل هذا الاعتراف. ومن ثَم، يكون اعتماد هذه الخريطة، من قِبل مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، من جملة المواد، التي تستند إليها عملية الترسيم ـ فرضاً جائراً، من جانب واحد، على إرادة العراق، وهو دولة ذات سيادة، عضو في الأمم المتحدة، وحكماً مسبقاً على سير خط الحدود، على الأرض، قبل أن تباشر أي لجنة عملية ترسيمها. ج. ترى الحكومة العراقية، أن ترسيم الحدود، لا يمكن أن يحقق العدالة والإنصاف. د. ذكر الأمين العام، في مشروع تقريره، أن عملية ترسيم الحدود، سوف تستند إلى المواد الملائمة بما فيها الخريطة، الواردة في وثيقة مجلس الأمن، الرقم (S/22412)، وهو ما ذكر في الفقرة الثالثة، من القرار الرقم 687، لعام 1991. ولكنه يضيف، أن في وُسع اللجنة "استخدام التكنولوجيا الملائمة" (الفقرة الرابعة، من المشروع)، وأنها ستتولى "اتخاذ التدابير اللازمة، لتشخيص وفحص المادة الملائمة، ذات العلاقة بترسيم الحدود" (الفقرة السادسة، من المشروع). هـ. إن الحكومة العراقية ترى ضرورة توضيح عبارات: "المواد الملائمة"، و"التكنولوجيا الملائمة" و"لتشخيص وفحص المادة الملائمة، ذات العلاقة بترسيم الحدود". إن هذا التوضيح، هو الذي سيوفر للحكومة العراقية القاعدة الوطيدة لإبداء الرأي، فضلاً عن أنه سيساعد على تقليص احتمالات الخلاف، مستقبلاً، عند مباشرة اللجنة أعمالها. و. الفقرة الرقم (5)، من مشروع التقرير، تحمّل العراق والكويت نفقات عملية الترسيم. والعراق لا يستطيع أن يتفهم الأساس، الذي بني عليه هذا المقترح؛ لأن المطلوب أن يتحمّل نصف نفقات عملية الترسيم، من دون أن يكون لرأيه أي حسبان، في مجمل عملية الحدود، سواء في تحديدها وترسيمها. 4. الحكومة العراقية على كامل الاستعداد، للتشاور مع الأمين العام، في شأن الملاحظات، التي تتضمنها رسالة وزير خارجيتها، في نيويورك أو في أي مكان آخر. وإن العراق، مثلما قبِل القرار الرقم 687، على الرغم من اعتراضه عليه، ونقده لمضامينه، فإنه سوف يتعاون مع الأمين العام للمنظمة الدولية ويسمي ممثل حكومته في لجنة الترسيم، حتى لو لم يأخذ الأمين العام في الحسبان ما ورَد، آنفاً، من آراء وملاحظات، وذلك بسبب استمرار نفس الظروف عينها، التي تفرض على العراق القبول.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المبحث الثاني: الأمم المتحدة ـ تخطيط الحدود

أولاً: رسالة أمين عام الأمم المتحدة إلى وزير خارجية العراق

في 30 أبريل 1991، أرسل خافيير بيريز دى كويلار، أمين عام الأمم المتحدة، رسالة إلى وزير خارجية العراق، أحمد حسين، يبلغه فيها، أنه تسلّم رسالته، المؤرخة في 23 أبريل 1991، المتضمنة تعليقات على المقترحات، في خصوص تنفيذ الفقرة الثالثة، من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991، التي يجب أن يقدم أمين عام المنظمة الدولية، تقريراً في شأنها، إلى مجلس الأمن، في موعد لا يتجاوز 3 مايو . وأنه يرحب بقرار العراق، استعداده للتعاون معه، وتسمية ممثله في اللجنة المقترحة لتخطيط الحدود. بيد أن ثمة عدداً من التعليقات، أودّ الرد عليها، تتلخص في الآتي (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المؤرخ في 6 مايو 1991 في شأن إنشاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت): 1. ترى الحكوم العراقية، أن تخطيط الحدود بين العراق والكويت، ليس من اختصاص مجلس الأمن. وفي هذا الصدد، أودّ الإشارة إلى أن مجلس الأمن، طالب، في الفقرة الثانية، من القرار الرقم 687، لعام 1991، وفقاً للفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، بأن يحترم العراق والكويت حرمة حدودهما الدولية، وتخصيص الجُزُر، على النحو المبيَّن في الاتفاق الموقّع بينهما، في أكتوبر 1963. وطلب إلى المجلس، في الفقرة الثالثة من ذلك القرار، أن "أساعد على اتخاذ الترتيبات اللازمة، مع العراق والكويت، لتخطيط الحدود بينهما". وفي رسالتَين متطابقتَين، في 6 أبريل 1991، موجَّهتَين إلى رئيس مجلس الأمن (اُنظر وثيقة رسالتان متطابقتان موجهتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة من وزير الخارجية العراقي في شأن قبول العراق لأحكام قرار مجلس الأمن الرقم 687) آذنت حكومتكم، رسمياً، بقبولها أحكام ذلك القرار. وفضلاً عن ذلك، أعدتم تأكيد قبول حكومتكم، الفقرة الثالثة، من القرار الرقم 687، في نهاية رسالتكم، في 23 أبريل 1991. ولذلك، فإن الإيذان الرسمي المتعدد، الصادر عن حكومتكم، بالقبول، يوفر عنصر الاتفاق فيما يتعلق بالعراق. ونظراً إلى أن حكومة الكويت، قد أعربت لي عن استعدادها، كذلك، للإيفاء، وبإخلاص، بكل ما تقتضيه أحكام القرار، والتعاون معي، من أجل ضمان تنفيذه. وهكذا، يكون الطرفان، قد وفّرا عنصر الاتفاق اللازم. 2. تذكر الحكومة العراقية، أن إشارة محددة إلى خريطة، أتاحتها المملكة المتحدة، ووصفها المستشار القانوني، وفقاً لما جاء في الرسالة، بكونها "خريطة بريطانية، ورَد ذِكرها في مذكرة التفاهم، عام 1963"، تمثل حكماً مسبقاً على تخطيط الحدود المقترح. ومن وجهة نظر وقائعية محض، أودّ أن أذكر، أن المستشار القانوني للأمم المتحدة، لم يصِف الخريطة، بأنه قد ورَد ذِكرها في مذكرة التفاهم، عام 1963. ورداً على سؤال حول ماهية الخريطة، المشار إليها في الوثيقة الرقم (S/22412)، فقد أُبلغ ممثلكم الدائم، أن الخريطة المقصودة، هي "خريطة من إعداد المملكة المتحدة". إلا أنه من الناحية الفنية، أجد لزاماً عليّ، أن أوضح أن القرار الدولي، ينص على أن يستند تخطيط الحدود إلى "المواد الملائمة" بما فيها الخريطة، الواردة في وثيقة مجلس الأمن الرقم (S/22412). وفي ضوء هذه الصياغة، اقترحت أن تتخذ اللجنة "الترتيبات اللازمة، لتحديد ودراسة المواد الملائمة، المتعلقة بتخطيط الحدود". 3. تثير الحكومة العراقية أسئلة، حول استقلال الخبراء، الذين سأتولى تعيينهم، للعمل في لجنة الحدود، وتبدي تعليقات على الاقتراح، أن تتخذ القرارات بالأغلبية. وأودّ أن أؤكد لكم، أني سأتخذ قراراتي، كما هو شأني دائماً، عند تعيين الخبراء المستقلين للجنة، على أساس الحاجة إلى كفالة الاستقلال والكفاءة والنزاهة. 4. لقد طلبت الحكومة العراقية مني، توضيح عبارات، "المواد الملائمة" و"التكنولوجيا الملائمة" و"تحديد ودراسة المواد الملائمة، المتعلقة بتخطيط الحدود". إن من شأن اللجنة، أن تدرس وتحدد الوثائق ذات الصلة، وأن تقرر أي التكنولوجيات أو مجموعة الأساليب، يمكن الاستعانة بها، على أفضل وجه، على الوفاء بالولاية المنوطة بها. وفي رأيي، أنه إذا تجاوزت، في هذه المرحلة، مستوى التفاصيل الواردة في مشروع تقريري، فيما يتعلق بأساليب عمل لجنة الحدود، فسيكون هذا الأمر مساساً بعمل اللجنة، بل عرقلة لاستقلالها. 5. تعترض حكومتكم على دفع نصف نفقات تخطيط الحدود، على أساس أن آراءها، في شأن مسألة الحدود، لا تراعَى المراعاة التامة. إلا أنه من خلال مشاركة حكومتكم في عمل لجنة الحدود، ستجد آراؤها سبيلاً إلى التعبير عنها. ومع قبول حكومتكم الفقرة الثالثة، من القرار الرقم 687، لعام 1991، سواء في رسالتها، المؤرخة في 6 أبريل 1991، أو في تلك، المؤرخة في 23 أبريل 1991، لا أستطيع أن أرى أي أساس لاعتراضاتها على دفع نصيبها من النفقات، التي ستحددها اللجنة. 6. إنني (أي خافيير دى كويلار) أعتزم الشروع، من الفور، في إنشاء اللجنة، وسأحيل، تبعاً لذلك، اقتراحاتي هذه، والمراسلات المتبادلة، إلى مجلس الأمن. ثانياً: لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود بين العراق والكويت (يونيكوم UNICOM)[1]

كانت عملية تخطيط الحدود، بين العراق والكويت، التي اضطلعت بها الأمم المتحدة، مهمة تقنية، لا مهمة سياسية. وشمل هذا العمل الخطوات التقنية اللازمة، لترسيم الحدود الدولية، للمرة الأولى، وفقاً للإحداثيات الجغرافية الدقيقة، لخطوط العرض والطول، على النحو المحدد في المحضر المتفق عليه، في 4 أكتوبر 1963. وكذلك، وضع الترتيبات اللازمة، للتعيين المادي للحدود، من خلال نصب العدد والنوع الملائمين، من الأعمدة أو المعالم الحدودية.

وفي 2 مايو 1991، قدّم الأمين العام للأمم المتحدة، خافيير بيريز دى كويلار، إلى مجلس الأمن، تقريراً، في شأن الترتيبات، المتعلقة بإنشاء لجنة تابعة للأمم المتحدة، لتخطيط الحدود بين العراق والكويت. وتكون الإحداثيات الجغرافية، التي تحددها اللجنة، هي تخطيط الحدود النهائية، وتُودَع محفوظات هاتَين الدولتَين، على أن تُودَع نسخة مصدقة منها، محفوظات الأمم المتحدة. وللاضطلاع بالتخطيط، تُعوِّل اللجنة على المواد الملائمة، بما في ذلك خرائط طبوغرافية للكويت، أعدها المدير العام للمسرح العسكري، في المملكة المتحدة، على أساس الرسائل المتبادلة، بين العراق والكويت، عام 1932، أو أحيلت إلى الأمين العام، في 28 مارس 1991. وتقرر تقسيم جميع النفقات المترتبة على عمل اللجنة بين الطرفَين المعنيَّين. ووافق مجلس الأمن على الخطة، في 13 مايو 1991، وعقد أول اجتماعاتها، الأحد عشر، في 23 مايو 1991(اُنظر وثيقة رسالة رئيس وزراء العراق، نوري السعيد إلى المندوب السامي البريطاني في العراق في 21 يوليه 1932 يؤكد فيها الحدود العراقية ـ الكويتية)، و(وثيقة رسالة حاكم الكويت، الشيخ أحمد الجابر إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت في 10 أغسطس 1932 يؤكد فيها موافقته على الحدود العراقية ـ الكويتية).

ولا بدّ من تناول إجراءات هذه اللجنة ونُظُم عملها، وتشكيلها، والاختصاصات التي حددها مجلس الأمن لعملها، من خلال تتبُّع اجتماعاتها وأعمالها، الميدانية والتقنية، وما اضطلعت به من دراسات، استندت إليها قراراتها النهائية، في شأن ترسيم الحدود، البرية والبحرية، وصولاً إلى تبنِّي مجلس الأمن واعتماده قراراتها، وتعهده ضمان حرمتها، واتخاذه كافة الإجراءات الضرورية لتنفيذ ذلك. 1. إجراءات اللجنة ونُظُم عملها

اشتملت إجراءات لجنة تخطيط الحدود ونُظُم عملها، على مجموعة من القواعد، تتلخص في الآتي: أ. القاعدة الأولى، التشكيل

تُشكَّل اللجنة من ممثل واحد للعراق، وممثل واحد للكويت، وثلاثة من الخبراء المستقلين، يعينهم أمين عام الأمم المتحدة، ويكون أحدهم رئيساً لها. ب. القاعدة الثانية، الإطار المرجعي

تُمثِّل الشروط، الواردة في تقرير الأمين العام للمنظمة الدولية فيما يتعلق بالفقرة الثالثة من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991، الأطر المرجعية للجنة. ج. القاعدة الثالثة، النصاب

   يُشترَط لصحة اجتماع اللجنة، حضور ثلاثة، على الأقل، من أعضائها، بمن فيهم الرئيس، وواحد، على الأقل، من ممثلَي الدولتَين.

د. القاعدة الرابعة، تسيير أعمال اللجنة

تكون كافة اجتماعات اللجنة اجتماعات مغلقة، ما لم تقرر اللجنة غير ذلك. ويعلن الرئيس افتتاح واختتام كل اجتماع من اجتماعاتها، ويدير مناقشاتها، ويمنح الحق في الكلام، ويطرح الموضوعات للتصويت، ويعلن القرارات وقواعد نقاط النظام. وله السيطرة الكاملة على الإجراءات وفقاً لقواعد هذه اللائحة. هـ. القاعدة الخامسة، القرارات

قرارات اللجنة، تصدر بالأغلبية. و. القاعدة السادسة، الخبراء من العراق والكويت

لممثلَي كلٍّ من العراق والكويت، الاستعانة بخبراء، يحق لهم حضور اجتماعات اللجنة معهما. ولا يُعَدّ هؤلاء الخبراء أعضاء في اللجنة، وليس لهم ممارسة أي حقوق أو وظائف، كأعضاء في اللجنة. ز. القاعدة السابعة، الخبراء الخارجيون

   يمكن اللجنة طلب خبراء خارجيين، لمعاونتها على عملها، حين تدعو الحاجة.

ح. القاعدة الثامنة، السكرتارية

يكون سكرتير اللجنة مسؤولاً عن إجراء كافة الترتيبات، المتعلقة بعمل اللجنة، بما في ذلك ترتيبات اجتماعاتها. ويكون مسؤولاً عن توزيع الوثائق والمواد على أعضائها، بناءً على طلب اللجنة، أو طلب رئيسها، أو أي من أعضائها. ويكون مسؤولاً عن إعداد سجلات اجتماعاتها الرسمية. ط. القاعدة التاسعة

كل الأمور الإجرائية، التي تثار في الاجتماعات، ولا تغطيها هذه القواعد، يتعامل معها رئيس اللجنة، في ضوء قواعد الإجراءات، المطبقة في لجان الجمعية العمومية. 2. تشكيل اللجنة

تُعَدّ لجنة تخطيط الحدود، بين الكويت والعراق، جهة مستقلة، أنشأها الأمين العام للأمم المتحدة، تنفيذاً للفقرة الثالثة، من قرار مجلس الأمن الدولي، الرقم 687. وهي تعمل وفقاً للصلاحيات، التي تضمنها تقرير الأمين العام، الصادر في 2 مايو 1991 (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المؤرخ في 6 مايو 1991 في شأن إنشاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

وتشكلت من خمسة أعضاء، على النحو التالي: مختار كوسوما اتمادجا وزير خارجية إندونيسيا السابق رئيساً إيان بروك المدير، وقتئذ، في هيئة المساحة السويدية، " الهيئة الوطنية السويدية لمسح الأراضي " خبيراً مستقلاً وليم روبرتسون مدير المساحة، المدير العام لهيئة المساحة ومعلومات الأراضي، في نيوزيلندا خبيراً مستقلاً السفير رياض القيسي ممثل الجمهورية العراقية

السفير طارق رزوقي ممثل دولة الكويت


وعيِّن مكلوس بنتر، كبير رسامي الخرائط، في الأمانة العامة للأمم المتحدة، أميناً للجنة. وفي 20 نوفمبر 1992، استقال رئيس اللجنة، لأسباب شخصية، فعيَّن أمين عام المنظمة الدولية، خلفاً له، نيكولاس فلتيكوس، المدير العام المساعد السابق، لمكتب العمل الدولي، عضو معهد القانون الدولي. 3. اختصاصات اللجنة وطبيعة عملها

تتمثل اختصاصات اللجنة في ما يلي:

أ. تخطيط الحدود الدولية، بين الجمهورية العراقية ودولة الكويت، بالإحداثيات الجغرافية لخطوط الطول والعرض، وكذلك، بالتعيين المادي لها، على النحو الوارد في اتفاق 4 أكتوبر 1963. ويجري التعيين المادي للحدود، من طريق وضع قوائم أو نُصُب حدودية، بالعدد والنوع الملائمَين. ب. الاستعانة بالمواد الملائمة، بما في ذلك الخرائط، الواردة في وثيقة مجلس الأمن، الرقم (S/22412)، وهي مجموعة من عشر خرائط طبوغرافية، صادرة عن المدير العام للمساحة العسكرية، في المملكة المتحدة، من خلال استخدام التكنولوجيا الملائمة. ج. اتخاذ الترتيبات، من أجْل الصيانة المستمرة للتعيين المادي للحدود، وفقاً لما جاء في الفقرة الرابعة، من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الرقم (S/22558) الفقرة (4). ويتطلب ذلك قيام منظمات المسح بما يلي: (1) تفقّد الأعمدة والعلامات، على الحدود العراقية ـ الكويتية، سنوياً. (2) تقديم تقرير إلى الأمين العام، بعد كل عملية تفقّد الحدود. (3) رصد مدى كفاية علامات الحدود، ووضع علامات إضافية، عند الحاجة. وينبغي لموظفي الأمم المتحدة، وموظفي هيئات المساحة، وغيرها من الهيئات المماثلة، الذين سيشاركون في تنفيذ الترتيبات اللازمة، لصيانة التعيين السطحي للحدود ـ أن يتمتعوا بحُرية الحركة، في منطقة الحدود المخططة، إضافة إلى ميزات وحصانات، يقتضيها أداء مهمتهم. ولذلك، راعى الأمين العام للأمم المتحدة، في اختيار أعضاء اللجنة، تمتعهم بأعلى مستوى علمي، وحرصهم على الحيدة، نظراً إلى طبيعة العمل المطلوب إنجازه.

ويلاحظ من الاختصاصات ما يلي: أ. مهمة اللجنة مهمة تقنية، وليست سياسية. تتطلب خبرات فنية متخصصة، مع الاستعانة بأجهزة تقنية حديثة. ب. مهمة اللجنة، من خلال عملية تخطيط الحدود بإعادة توزيع الأراضي، بين الكويت والعراق، إنجاز العمل التقني، الضروري، أولاً، لوضع تحديد دقيق لإحداثيات الحدود، الواردة في المحضر المتفق عليه بين الدولتَين، الذي ينص على ما يلي: "تعترف الجمهورية العراقية باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة، بحدودها المبينة بكتاب رئيس وزراء العراق، بتاريخ 21 يوليه 1932، الذي وافق عليه حاكم الكويت في كتابه، المؤرخ في 10 أغسطس 1932". ج. عمل اللجنة، يتركز، أساساً، في تخطيط ما سبق الاتفاق عليه، بين دولة الكويت والجمهورية العراقية، عام 1963، الذي يشكل صيغة التحديد، بالنسبة إلى تخطيط الحدود بين البلدَين من جانب اللجنة. ومفاد ذلك، أن اللجنة، لم تعدِّل أو تغيّر الحدود الدولية، لكلٍّ من العراق والكويت. ثالثاً: اجتماعات اللجنة، والدورات الميدانية

عقدت اللجنة 83 اجتماعاً، في إحدى عشرة دورة، وكانت أولاها في نيويورك، في 23 ـ 24 مايو 1991. وأُعدت محاضر باجتماعاتها، صُدِّقت وصدرت في نشرات صحفية، لدى اختتام كل دورة.

أطّلعت اللجنة على صياغة التخطيط، الواردة في الرسائل المتبادلة، عام 1932، المشار إليها في المحضر المتفق عليه، عام 1963. وتداولت مسائل التخطيط ذات الصلة. وأخذت في حسبانها التوضيحات السابقة. واستمعت إلى بيانات للمواقف. ودرست شتى الوثائق والأدلة المتاحة. وشملت هذه المصادر خرائط ورسومات بيانية، وصوراً جوية، ومراسلات دبلوماسية، ومذكرات ووثائق. ونفذ العمل من خلال عقد اجتماعات مغلقة، والاضطلاع بمهام ميدانية، وزيارة المنطقة الحدودية.

عقب اجتماعها الأول أصدرت اللجنة نشرتها الصحفية الأولى، جاء فيها: "لقد تُبُودِلت الآراء والمناقشات، في جو وُدّي، تسوده روح التعاون. وقد تناولت اللجنة المهمة المنوطة بها، وهي تخطيط الحدود بين العراق والكويت، وأُعِدّ نظام العمل وجدول مبدئي. كما قررت أن تزور المَواقع، في يونية 1991. وسوف تبدأ المناقشات الموسعة، حول خطة عملها، في الثاني من يوليه 1991، في مقر الأمم المتحدة، في جنيف" (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (1) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 24 مايو 1991).

بادرت لجنة تخطيط الحدود، خلال الفترة من 16 وحتى 18 يونيه 1991، إلى زيارة ميدانية، عقد، خلالها، خبراء اللجنة المستقلون، المعينون من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة، اجتماعات مثمرة مع ممثل الكويت وخبراء كويتيين، في مدينة الكويت، عقدوا، كذلك، مناقشات مع ممثل العراق وخبراء عراقيين، في بغداد. وفي 18 يونيه، عمدت اللجنة بأسرها، في رفقة خبراء من العراق والكويت، إلى فحص كامل لطول منطقة الحدود. وقد قُدِّم للجنة تسهيلات للطيران فوق منطقة الحدود بطائراتها العمودية. ويعتزم أعضاء اللجنة مراجعة ما تُوصِّل إليه، إبّان الزيارة الميدانية، خلال المناقشات الموسعة، التي ستبدأ في الثاني من يوليه، في مقر الأمم المتحدة، في جنيف (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (2) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 19 يونيه 1991).

أجرت اللجنة عملية مسحاً جديداً لخرائط منطقة الحدود. وشُكِّل فريق متخصص، من موظفي هيئتَي المساحة الوطنية، في كلٍّ من نيوزيلندا والسويد. وقد أدلى متحدث باسم اللجنة، في 15 يوليه 1991، بتصريح صحفي يمثل النشرة الصحفية الثالثة، جاء فيه: "لقد أكملت، تواً، "لجنة تخطيط الحدود، بين العراق والكويت، الجولة الثانية من محادثاتها، التي عقدت في جنيف، من 2 إلى 12 يوليه 1991. وأمكن التوصل إلى قرارات في شأن الحاجة إلى مسح جديد ورسم للخرائط، والأسلوب، الذي سيتَّبع في تخطيط الجزء الغربي، في المَوقع القريب من الحدود، على مقربة من صفوان، في الجزء الشمالي، حتى يسهل التخطيط النهائي. وستضطلع مصلحتا المساحة القومية، في نيوزيلندا والسويد، كجهد مشترك، بمسح منطقة واسعة حول الحدود. وقد حدِّدت الجولة التالية من المحادثات، في 12 أغسطس 1991، في جنيف (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (3) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 15 يوليه 1991).

عقدت لجنة تخطيط الحدود، بين العراق والكويت، دورتها الثالثة، في مكتب الأمم المتحدة، في جنيف، في الفترة من 12 إلى 16 أغسطس 1991. وجاء في نشرتها الصحفية: "أكملت اللجنة النظر في المواد المتاحة، لتخطيط الجزء الشرقي من الحدود. وقد فوضت إلى خبرائها المستقلين مهمة المسح وإعداد الخرائط، لكل الحدود، وتجهيز المواد لمختلف المسائل الفنية، وتقديم تقرير حول ذلك إلى اللجنة. وستعِد اجتماعاً، مرة أخرى، في منتصف أكتوبر، للنظر في تقريرها، وفي ما أسفرت عنه مهمة الخبراء. وسوف تكون النتائج وحصيلة رسم الخرائط، منجزة، في فبراير 1992 (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (4) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أغسطس 1991). وخلال هذه الدورة، رُتِّب مقياسان، للمدّ والجَزْر، في أم قصر، للمساعدة على تحديد خط المياه المنخفضة، في خور الزبير، بدءاً من تقاطعه مع الحدود البرية، إلى نقطة مقابلة لالتقاء خور الزبير وخور عبدالله".

أجرى فريق المساحة، النيوزيلندي ـ السويدي، أربع دورات ميدانية، شملت، كذلك، النصب النهائي لأعمدة الحدود، خلال خريف 1991، وربيع وخريف 1992، ثم ربيع 1993. وفي نهاية كل دورة، كان الخبيران المستقلان، يتفقدان أعمال الفريق. وزار أمين اللجنة منطقة الحدود ثماني زيارات ميدانية، للمشاركة في عمليات التفقد الموقعية، واتخاذ الترتيبات اللازمة، للأعمال الميدانية وإنشاء مكتب ميداني للجنة. ورفعت اللجنة، عند اكتمال أعمال كل مرحلة رئيسية، تقريراً، في شأنها، إلى الأمين العام للأمم المتحدة (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (4) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أغسطس 1991).

خلال الفترة من سبتمبر إلى ديسمبر 1991، أمكن تحديد أربعة مراكز إسناد، و 25 مركزاً من مراكز الضبط الأولى، و137 نقطة ضبط فوتوغرافية. وقد حددت هذه المراكز، من خلال عمليات الرصد، التي استخدمت فيها أجهزة دوبلر، وأجهزة النظام العالمي لتحديد المَواقع. ونجم عن ذلك إنتاج خرائط أورثوفوتوغرافية وصور ارتفاعية، مستعرضة، دقيقة، لمنطقة الباطن. كما أُعِدَّت شبكة ضبط أولية، يمكن استخدامها في وضع أعمدة الحدود، لدى تعيينها من قِبل اللجنة.

اضطلع الفريق السويدي بأعمال التصوير الجوي، مستخدماً طائرات كوماندو نفاثة، مُعَدَّة لهذا الغرض، من ارتفاعَين رئيسيين، يبلغ الارتفاع الأول 5500 م، والارتفاع الثاني ثلاثة آلاف متر. والتقطتْ صور، بمقياسَي رسم 1/ 36000 و1/ 19600، لكلٍّ من الارتفاعَين، على التوالي. وتكونت مراقبة الصور من شبكة، تضم أكثر من 200 محطة مراقبة، ذات إشارات معدَّة سلفاً. وأسفرت عن انتخاب مكاتب المساحة الوطنية، في نيوزيلندا والسويد مجموعة من 29 خريطة فوتوغرافية، عمودية، بمقياس رسم 1/ 25000، ذات كنتورات ارتفاع، بفاصل خمسة أمتار. وكان مسقط الخرائط، المستخدم في إعداد الخرائط الفوتوغرافية، العمودية، هو مسقط ميركاتور المستعرض الدولي (UTM)، بامتداد المنطقة 38، جهة الشرق، لتغطي منطقة الحدود برمّتها. كما بوشر العمل في إعداد خرائط مفصلة، إضافية، للجزء الغربي من الحدود، المعروف باسم وادي الباطن. وجرى إعداد حوالي 1420 صورة فوتوغرافية، مساحية، ضوئية، مستعرضة، بطول 3.5 كم، بفواصل قدرها 100م لطول الوادي. واستخدمت هذه الصور في تحديد أدنى خط نقطة، في الوادي. كما أنشئ، كذلك، نماذج رقمية إحداث كنتورات، بارتفاع مترين. وفضلاً عن ذلك، استخدمت صور، ثلاثية الأبعاد، بالاستعانة بالحاسبات الآلية في تفسير البيانات (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (5) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 15 أكتوبر 1991). و(وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992).

وقدم الخبراء المستقلون إلى اللجنة، تحليلات مستفيضة، في شكل وثائق مفصلة لكافة البيانات المتاحة، لتحديد مَوقع الحدود، عند النقاط الرئيسية، في جنوب صفوان، والطرف الشمالي لوادي الباطن، وأم قصر، على الشاطئ الغربي من خور الزبير، وملتقى خور الزبير وخور عبدالله. وفي صفوان، تمكن الخبراء المستقلون من تعيين مركز الجمارك القديم، والطريق القديم، بوساطة الصور الفوتوغرافية الجوية، واستخدام أحدث الأساليب العلمية في تحديد المَواقع. وبناء على ذلك، تمكن الخبراء المستقلون من إعادة تحديد مَوقع اللافتة، جنوب صفوان، أقرب ما يمكن إلى مَوقعها الأصلي، الذي ميز الحدود، أثناء الفترة من 1923 إلى 1939. ويتوافق اتجاه الحدود، الواقعة إلى الغرب من هذه المنطقة، مع رسوماتها السابقة وتبدأ من مَوقع اللافتة، الذي أُعيد تحديده. وتوافق الحدود، عند أم قصر، خريطة رسوماتها السابقة، والخريطة الملحقة بوثيقة مجلس الأمن، الرقم (S/22412) (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (6) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 5 مارس 1992). و(وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992).

قُورِنت النتائج، وحُوِّلت إلى خرائط أوثروفوتوغرافية، عمودية، جديدة، متناهية الدقة. وناقشتها اللجنة، في دوراتها الخمس، التي عقدتها في الفترة من مايو 1991، إلى أبريل 1992. وراجعت اللجنة، في دورتها الخامسة، التي عقدت في مقر هيئة الأمم المتحدة، في نيويورك، في الفترة من 8 إلى 16 أبريل 1992، العمل الميداني لفريق المسح، المشترك، النيوزيلندي ـ السويدي، المنوط به عمل الخرائط الأورثوفوتوغرافية[2]. لمنطقة الحدود العراقية ـ الكويتية. وأنشئ، من أجْل الضبط المساحي، أربعة مراكز إسناد و 25 مركزاً من مراكز الضبط الأولي، على مسافات، تتراوح بين 15 و25 كم، على طول الحدود، استخدمت في مراقبتها أجهزة دوبلر، وأجهزة النظام العالمي (GPS) (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992).

شارك جميع أعضاء اللجنة في الدورات الخمس الأولى، بين 23 مايو 1991و 16 أبريل 1992، واعتمدت فيها اللجنة نظامها الداخلي، واتخذت قرارات، في شأن الحدود البرية، ودرست قطاع خور عبدالله (البحْرية). ولم يحضر ممثل العراق الدورات الست التالية، بين 15 يوليه 1992 و20 مايو 1993. ولكن، أُرسلت إليه جميع وثائق اللجنة ومحاضر الجلسات، ذات الصِّلَة.

ويرجع قرار العراق وقف مشاركته في اجتماعات اللجنة، إلى اعتقاده أن عمل اللجنة سياسي، أي أن حكومتَي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، بوجه خاص، تسعيان إلى حرمان العراق حقوقه، وتبرير استمرار وجود قواتهما المسلحة، وقواعدهما العسكرية، في المنطقة. وبعد اتخاذ القرار الرقم 687، لعام 1991، ادعّى العراق أن مجلس الأمن، يفتقر إلى الاختصاص القانوني، للبت في مسائل الحدود؛ وهو ما كرره في رسائل، مؤرخة في 1 يونيه و 13 يوليه و 27 أغسطس 1992، يتناول فيها، تحديداً، عمل لجنة تخطيط الحدود. ومع ذلك، أكد موافقته على أحكام ذلك القرار، ذات الصِّلَة، وأعرب عن استعداده للتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، وللمشاركة في أعمال اللجنة.

ورد مجلس الأمن، في 17 يونيه و26 أغسطس 1992، على قرار العراق وقف مشاركته في اجتماعات لجنة تخطيط الحدود، بالإعراب عن تأييده الكامل أعمال اللجنة وإشارته إلى أن اللجنة، "لا تعِيد توزيع الأراضي بين الكويت والعراق"، وإنما دورها "إنجاز مهمة تقنية" (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن في 17 يونيه 1992 في شأن لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 773 الصادر في 26 أغسطس 1992 في شأن عمل لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

ورفض المجلس، كذلك، بحزم، أي موقف عراقي، "يجادل في وجود الكويت، الدولة العضو في الأمم المتحدة". وأعرب عن خشيته أن يكون موقف العراق رفضاً لصفة النهائية، التي تتسم بها قرارات اللجنة، على الرغم من موافقته على أحكام القرار الرقم 687، لعام 1991.

وتوصلت اللجنة، في دورتها الخامسة، من خلال الالتزام بصيغة تحديد الحدود، والاستناد إلى النتائج، التي قدمها الخبراء المستقلون، وإمعان اللجنة النظر فيها ـ إلى قرارات، في شأن الحدود، من خلال التصويت، الذي لم يشارك فيه ممثل العراق. وهي (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992): 1. إن العمود الحدودي الرقم (1)، على الحدود العراقية ـ السعودية، سيكون نقطة البداية للحدود، على امتداد ثالوج ـ وادي الباطن، ومن ثم، النقطة الثلاثية، للعراق والكويت والمملكة العربية السعودية. 2. إن الحدود، جنوبي صفوان، ستعيَّن على مسافة 1430م، من أقصى الجنوب الغربي لحائط حوش مركز الجمارك القديم، على طول الطريق القديم، من صفوان إلى الكويت. 3. إن الحدود، عند النهاية الشمالية لوادي الباطن، ستكون عند نقطة تقاطع ثالوج ـ الوادي وخط عرض النقطة، الواقعة جنوبي صفوان. 4. إن الحدود، جنوبي أم قصر، ستتفق مع الموضوع، الذي يتقاطع فيه خط الحدود مع الشاطئ الغربي لخور الزبير، الوارد في الخريطة (5549-1) من المسلسل (K 7611)، الذي أعدّته المساحة العسكرية، في المملكة المتحدة. 5. إن ملتقى خور الزبير وخور عبدالله، سيكون خير خط، أمكن تحديده، في فترة 1932 وقد أعيد تحديد وضعه، من قِبل اللجنة، باستخدام خرائط أورث وفوتوغرافية.

وقررت اللجنة كذلك، الآتي (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992). و(وثيقة التصريح الصحفي الرقم (8) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 6 مايو 1992): 1. إن خط الحدود، في وادي الباطن، سيكون خطاً مستقيماً، من القطاعات، التي تقدَّر بنحو كيلومترَين، طولاً، وفق أحسن التقديرات لأدنى نقطة في الوادي. 2. إن خط الحدود، من نهاية الطرف الشمالي لوادي الباطن، إلى النقطة، جنوبي صفوان، سيكون مساره على امتداد خط العرض المعتاد لهذه النقطة. 3. إن خط الحدود، من النقطة، جنوبي صفوان، إلى النقطة، جنوبي أم قصر، سيكون أقصر خط، يصل بين هاتَين النقطتَّين. 4. خط الحدود من النقطة، جنوبي أم قصر، على الشاطئ سيتبع أدنى خط انحسار المياه، حتى الموضع المقابل مباشرة لتقاطع خور الزبير وخور عبدالله.

عقدت لجنة تخطيط الحدود دورتها السادسة، في نيويورك، في الفترة من 15 إلى 24 يوليه 1992، وأعدّت تقريراً آخر، في شأن الحدود البرية، واتفقت على ترتيبات التعيين المادي لهذه الحدود. وذكرت اللجنة، أن تخطيط الحدود البرية، قد أمكن، بعد تحليل مفصّل للأدلة، التي جمعتها اللجنة، في فترة تزيد على عام. وقد منح كلٌّ من العراق والكويت، فرصة كاملة لإمداد اللجنة بكل المواد والإثباتات، ذات العلاقة. ولكن اللجنة عازمة على تخطيط الجزء الشمالي من الحدود؛ إذ فحصت مَوقع اللافتة، الذي كان مقبولاً لدى كلا البلدَين، لتخطيط الحدود جنوبي صفوان، بين عامي 1923 و1939. وقد حددت هذه اللافتة خط العرض للخط بين الحدود الغربية، في الباطن وصفوان، وكذلك النقطة عند صفوان، وهي نقطة أساسية لتعريف الحدود الشمالية، غير أنها لم توضح أبداً على أي خريطة، قبْل الخرائط المنجزة للجنة. وحتى يمكن تحديد المكان، الذي ستقع فيه الحدود الشمالية، كان على اللجنة، أن تقيِّم ادعاءات متناقضة، تتراوح بين ألف متر، جنوبي مركز الجمارك القديم، وسط صفوان، كما ادَّعت الكويت، و1250م، كما أوضحت مذكرة دبلوماسية عراقية، عام 1940، وأوصاف تقريبية لمسافة ميل واحد، جنوبي النقاط المختلفة، في صفوان، كما هو مستخدَم في السجلات التاريخية. وبعد دراسات تفصيلية، قررت اللجنة اعتماد مسافة، تبلغ 1430 م، جنوبي مركز الجمارك، أي 180م، جنوباً، وهي مسافة أطول من المسافة المبيّنة في المذكرة العراقية. ويلاحظ أن آبار النفط، في الحقول بين صفوان والباطن، التي كان العراق يستغلها، تقع في أراضٍ كويتية، وفقاً للحدود الموضحة في الخريطة البريطانية، المشار إليها في قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991(اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (9) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 24 يوليه 1992).

وأكدت النشرة الصحفية للجنة الحدود، أن تخطيطها، يترك مجمع ميناء أم قصر، بما فيه من مخازن، ومنشآت الرافعات، ومراسى المياه العميقة ومرسيان واسعان، وكذلك كل قرية أم قصر والمستشفى البحري، ومصانع التكرير داخل الأراضي العراقية. وإذ يقع ميناء خور الزبير، داخل العراق، فإن قرار اللجنة، في شأن هذا الجزء من الحدود البرية، يؤكد منفذاً للعراق إلى البحر (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (9) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 24 يوليه 1992).

عقدت لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود، دورتها السابعة، في نيويورك، خلال الفترة من 12 إلى 16 أكتوبر، في شأن استقصاء أكثر دقة، في خصوص جزء خور عبدالله الحدودي. وعرض الخبراء المستقلون دراستهم، المتعلقة بالموضوع، ونوقِشَت، باستفاضة، خلال الاجتماعات (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (10) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أكتوبر 1992).

عقدت لجنة الحدود دورتها الثامنة، في جنيف، خلال الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر 1992، برئاسة رئيسها الجديد، الدكتور نيكولاس فلتيكوس. واستمعت إلى تقارير أكثر دقة، في خصوص خور الزبير، وغرس 105 أعمدة، تحدِّد الحدود البرية للعراق والكويت (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (11) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 ديسمبر 1992).

عقدت لجنة الحدود دورتها التاسعة، في جنيف، في الفترة من 15 إلى 18 مارس 1993. وراجعت، خلالها، اللجنة نتائج التصوير الجوي، في فبراير 1993، استعداداً لإعداد خرائط إضافية، على نطاق كبير، وتحديد منابع المياه الدنيا، من أجْل أغراض التخطيط. ثم اتخذت اللجنة قراراً، في شأن ترسيم الحدود، على طول خط المياه الأدنى، في خور الزبير، وترسيم الحدود، على طول خط الوسط، في خور شتيانة، وخور عبدالله. وأقرت اللجنة الإحداثيات الجغرافية، التي تعرف خط الوسط، من نقطة أقرب إلى التقاء خور الزبير وخور عبدالله، إلى نقطة في النهاية الشرقية لخور عبد الله، حيث ينحرف الاتجاه العام للشاطئ انحرافاً واضحاً. واتُّفق على تخطيط الحدود، بين خط المياه الأدنى، في خور الزبير وخط الوسط (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (12) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 18 مارس 1993).

واستيفاءً للدراسات اللازمة، لترسيم الحدود البحرية، التُقطَت صور جوية إضافية، في فبراير 1993، الغرض منها توفير صور، بالأشعة تحت الحمراء، مموّهة الألوان، لتعيين الحدود، على امتداد خط عيون المياه المنخفضة، في خور الزبير، ولتقييم نوعية وصلاحية طبعة 1991، لخريطة الأدميرالية البريطانية، الرقم 1235، وللمساعدة على تحديد خط الوسط، في خور عبدالله. كما التُقطت صور فوتوغرافية إضافية، تمهيداً لإعداد سلسلة من الخرائط، بمقياس رسم 1 : 25.000، لمنطقة الحدود بين الرميلة والرتقة، والمناطق المستوطَنة على طول الحدود، عند صفوان وأم قصر. وتمثل الغرض من هذه الخرائط، في توفير تفاصيل إضافية عن مَوقع الحدود، والمساعدة على حل أي مسألة تتعلق بها.

عقدت لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود، دورتها العاشرة، في جنيف، خلال الفترة من 3 إلى 7 مايو 1993. واستمعت إلى تقرير، في شأن إنجاز عملها الميداني، ونظرت في مسوَّدة تقرير، في شأن عملها منذ الدورة السادسة، في يوليه 1992، ومسوَّدة تقرير ختامي، في شأن مجمل عملها (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (13) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 7 مايو 1993).

رابعاً: الجلسة الختامية للجنة تخطيط الحدود

عقدت لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود، بين العراق والكويت، دورتها الختامية، في نيويورك، خلال الفترة من 17 إلى 20 مايو 1993. وأقرت الإحداثيات، التي تكوّن الترسيم النهائي للحدود الدولية، بين العراق والكويت (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (14) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 20 مايو 1993).

وقد تسلّم الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس بطرس غالي، الذي حضر الاجتماع الأخير، تقرير لجنة الحدود، المشتمل على النتائج النهائية لأعمالها، إضافة إلى نسخة مصدق عليها، من قائمة الإحداثيات الجغرافية، التي تخطط الحدود الدولية، بين العراق والكويت، وخريطة ذات مقياس رسم 1 : 000 250 تبيّن هذا التخطيط. وقُدِّم التقرير والإحداثيات، في ثلاث نسخ (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (14) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 20 مايو 1993).

وأصدرت اللجنة تقريرها النهائي، في دورتها الحادية عشرة، في 20 مايو 1993 (اُنظر وثيقة التقرير النهائي عن تخطيط الحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت المقدم من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 21 مايو 1993). وعرض أعمالها خلال السنتَين، بما في ذلك نظرها في الخلفية التاريخية لمسألة الحدود. وشمل قائمة الإحداثيات الجغرافية، التي ترسم الحدود الدولية، بين العراق والكويت (اُنظر خريطة مواقع الحدود جنوب صفوان) و(خريطة حدود خور الزبير). وقدَّمت اللجنة نسختَين مصدقاً عليهما، من هذه القائمة، إلى حكومتَي العراق والكويت لتُوْدَعا في محفوظاتهما، إضافة إلى نسخة ثالثة، مصدق عليها، أُوْدِعتْ في محفوظات الأمم المتحدة.

ومن المسائل العديدة، التي طلب إلى اللجنة حلّها، أثناء عملها، تلك المتعلقة بمَواقع عدة آبار نفط، ومجمع ميناء أم قصر. وفيما يخص المسألة الأولى، أشارت اللجنة إلى أن آبار النفط، الموجودة في الحقول الواقعة بين صفوان ووادي الباطن، التي كان العراق يستغلها سابقاً، تقع داخل الأراضي الكويتية، وفقاً للحدود المبينّة على الخريطة، المشار إليها في قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991. أمّا مجمع ميناء أم قصر، فقد أشارت اللجنة إلى أن التخطيط، يتركه، بما فيه المستودعات، ومنشآت ورافعات، ومرسى المياه العميقة، والمرسيان الجانبيان، فضلاً عن قرية أم قصر برمّتها، ومستشفى البحرية، ومصنع التكرير ـ داخل الأراضي العراقية، على الرغم من أنه تبيَّن، أن القاعدة البحرية السابقة، تقع داخل الأراضي الكويتية.

واعترفت اللجنة، كذلك، بأهمية المرور الملاحي، لكلا الطرفَين. واعتمدت، بياناً في هذا الصدد، أعده مكتب الشؤون القانونية، في الأمانة العامة للأمم المتحدة، ينص على أمور شتى، منها: "أن إتاحة المرور الملاحي، لكلتا الدولتَين، إلى مختلف مناطق أراضيهما، المحاذية الحدود المخططة، هو أمر مهم، لضمان طابع عادل، ولتشجيع الاستقرار والسلام والأمن، على طول الحدود ... وتشير اللجنة إلى أن الحق في المرور الملاحي، هو حق منصوص عليه في قواعد القانون الدولي، على النحو الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، عام 1982، التي صدق عليها كلٌّ من العراق والكويت" (اُنظر وثيقة التقرير النهائي عن تخطيط الحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت المقدم من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 21 مايو 1993).

وقدَّمت اللجنة، كذلك، توصيات، في شأن صيانة التعيين المادي للحدود، مقترحة معاينة الأعمدة والمعالم الحدودية، سنوياً، وشق طريق، تتيح الوصول إليها. وقد وضع برنامج الصيانة، في أبريل 1994. وتتولاه البعثة المسؤولية عنه.

وقال الدكتور بطرس بطرس غالي، في كلمته، أمام الدورة الختامية للجنة، في 20 مايو 1993: "هنأت أعضاءها على ما أدوه، من عمل ممتاز، في وضع تخطيط دقيق، جيّد التوثيق، وقابل للتحقق، للحدود برمّتها (اُنظر وثيقة بيان الأمين العام أمام الدورة الختامية للجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت في 20 مايو 1993). وأشارت إلى أن تكنولوجيا الستلايت (الأقمار الصناعية) مكنت اللجنة، عند استكمال التخطيط المادي، للجزء البري من الحدود، من تحديد مَوقع كل مَعْلَم من المَعالم بدقة، تجعل إمكان الخطأ لا يتجاوز سنتيمتراً واحداً ونصف السنتميتر. وذكرت أن "القانون والتكنولوجيا والدبلوماسية والأمن، اجتمعت في مسعى فريد، من مساعي الأمم المتحدة، (يمثل) مساهمة قوية في إحلال السلام والاستقرار، في المنطقة، وفي العالم".

واستطرد الدكتور بطرس بطرس غالي، قائلاً: "إن ترسيم الحدود، بين العراق والكويت، الذي أنجزته اللجنة، ينسجم مع القرار الرقم 687، وميثاق الأمم المتحدة. وتُعَدّ قرارات اللجنة، المتعلقة بترسيم الحدود نهائية. إني أناشد حكومة العراق احترام موضوعية هذه النتائج ونزاهتها. إن وثاقة حدود العراق واستقرارها، هما في مصلحته ومصلحة المنطقة كلها".

كما بيّن الأمين العام، في رسالته إلى رئيس مجلس الأمن، أنه يترتب على وفاء اللجنة بولايتها، في تخطيط الحدود الدولية، آثار مباشرة، تنفيذاً للفقرة الخامسة، من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991، المتعلقة بإنشاء منطقة مجردة من السلاح، على طول تلك الحدود، حيث أنجزت بعثة الأمم المتحدة للمراقبة (يونيكوم)، في العراق والكويت، مواءمة المنطقة المجردة من السلاح، بما يتوافق مع الجزء البري المخطط للحدود. وأشار الأمين العام إلى أنه أصدر تعليماته، إلى بعثة المراقبة المذكورة، لإنجاز هذه المواءمة، بما يتوافق مع الحدود الدولية كلها، بين العراق والكويت، التي خططتها اللجنة. وأعلن أنه تنفيذاً للبند "عاشراً"، من التقرير النهائي للجنة، فإنه سيتخذ الإجراءات اللازمة، لصيانة التعيين المادي للحدود، مؤكداً أن موظفي الأمم المتحدة، وهيئات المساحة، وغيرها من الهيئات المعنية بصيانة التعيين السطحي للحدود، لا بدّ أن يتمتعوا بحُرية الحركة، من دون عوائق، في منطقة الحدود فضلاً عن تمتعهم بالميزات والحصانات، التي تضمنها هيئة الأمم المتحدة.

ويختتم الأمين العام رسالته، في شأن تقرير لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود، مؤكداً أن الأعمال، التي اضطلعت بها، سيترتب عليها أثر إيجابي، يعِيد السلم والأمن الدوليَّين إلى هذه المنطقة، محققاً مقاصد الأُسْرة الدولية، في قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لما يوفره استقرار الحدود ورسوخها، من تحقيق أفضل لمصالح الكويت والعراق، مؤملاً وداعياً إلى أن تحترم حكومتا البلدَين الغاية، والنتائج غير المتحيزة، التي توصلت إليها اللجنة.

[1] يونيكوم (UNICOM) اختصار (United Nations Iraq-Kuwait Observation Mission) [2] هو مسقط ميركاتور المستعرض الدولي (UTM).


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المبحث الثالث: مجلس الأمن وموافقته على تقرير لجنة تخطيط الحدود

أولاً: التقرير النهائي للجنة تخطيط الحدود بين الكويت والعراق

أشارت اللجنة، في تقريرها، إلى أن أهم ما حرصت عليه، هو التطبيق التقني لخط الحدود بين العراق والكويت، كما كان محدداً، أصلاً، في اتفاقية 1963. وأكدت، استناداً إلى الحدود الكويتية ـ العراقية، الموضحة في الخريطة البريطانية، التي اعتمدتها اللجنة، أن آبار النفط، في الحقول الواقعة بين صفوان والباطن، التي كان العراق يستغلها ـ تقع في أراض كويتية. بينما يقع مجمع ميناء أم قصر، بما فيه من مخازن ومنشآت، ورافعات ومراسٍ، وكذلك قرية أم قصر، والمستشفى البحري، ومصانع التكرير ـ داخل الأراضي العراقية. كما اتخذت اللجنة قراراتها، في شأن ترسيم الحدود، على طول خط المياه الأدنى، في خور الزبير، في الأراضي العراقية، ثم يمتد على طول خط الوسط، في خور شتيانة وخور عبدالله؛ إذ وجدت اللجنة، أن المنفذ البحري، لكلتا الدولتَين، مهم لتأكيد الإنصاف بينهما، وترسيخ عوامل الأمن والاستقرار، على طول الحدود.

وقد أشارت اللجنة، في تقريرها النهائي، الذي قدمته إلى الأمم المتحدة، إلى أنها اتخذت قراراتها، في شأن الحدود البرية، بمشاركة جميع أعضائها. ولم يحضر ممثل العراق الدورات، المنعقدة في الفترة من 15 يوليه 1991 إلى 20 مايو 1992، وهي الدورات التي أقرت فيها الحدود البحرية. ومع ذلك، فقد كانت اللجنة حريصة على أن تقدِّم إلى ممثل العراق نسخاً، من جميع المحاضر، المصدَّق عليها من قِبلها.

ولعل أبرز ما أنجزته لجنة تخطيط الحدود، بين الكويت والعراق، كان قراراتها، في شأن تخطيط الحدود، البرية والبحرية. 1. تخطيط الحدود البرية

اعتمدت اللجنة، في تخطيطها الحدود البرية، على مجموعة من الأُسس والوثائق منها: أ. الحدود الغربية

في تخطيط الجزء الغربي من الحدود، الممتد من تقاطع وادي العوجة ووادي الباطن، شمالاً، على طول الباطن، حتى نقطة تقع جنوب خط عرض صفوان مباشرة، اعتمدت اللجنة على الآتي: (1) ما ورد في صيغة تعيين الحدود، في الرسائل المتبادلة، عام 1932، ونصه: "من تقاطع وادي العوجة مع الباطن، ثم في اتجاه الشمال، على طول الباطن". (2) الاقتراح المقدَّم من السفير البريطاني لدى بغداد، في أكتوبر 1940، إلى وزير الخارجية العراقي، لتخطيط الحدود على النحو الذي قبِلته الكويت. وأوضح الصيغة، المشار إليها في البند السابق على النحو التالي: "على طول الباطن، تتبع الحدود محور الوادي، أي خط أكثر المنخفضات غوراً". (3) تخطيط الحدود، على طول وادي الباطن، بخط النقاط الدنيا (محور الوادي)، وتميز الحدود بسلسلة من الخطوط المستقيمة، تقدَّر بنحو كيلومترين، طولاً، ليكون ابتعاد المدى المساحي، بعد محور الوادي، عن الحدود، على الجانب الكويتي، موازناً، بالدرجة نفسها، لابتعاده على الجانب العراقي. ولتحقيق ذلك، عمدت اللجنة إلى وضع خرائط أورثوفوتوغرافية للباطن، وأُعدَّت نماذج تضاريسية، أتاحت إجراء محاكاة حاسوبية لخطوط النقاط الدنيا، على طول وادي الباطن. ب. الحدود الشمالية

   في تخطيط الحدود الشمالية، الممتد من وادي الباطن، إلى النقطة الواقعة جنوب صفوان، اعتمدت اللجنة على الآتي:

(1) ما ورد في الرسائل المتبادلة، عام 1932، التي وصفت الحدود، بين الطرف الشمالي للباطن وصفوان، بأنها تمتد من نقطة في الباطن إلى: "نقطة، تقع جنوب خط عرض صفوان، ثم في اتجاه الشرق، لتمرّ جنوب آبار صفوان وجبل سنام". (2) النقطة الواقعة جنوب صفوان، التي ظلت مميزة بلافتة، طوال 16 عاماً تقريباً. وقد صُوِّرت، بدقة، على الخرائط المعَدَّة للجنة. (3) اللافتة المنصوبة، في الفترة من 1923 إلى 1939، التي كانت علامة للحدود بين العراق والكويت، عند نقطة واقعة على الطريق القديم، جنوب صفوان مباشرة، واعترف بها البلدان حدوداً دولية بينهما. (4) استخدام معدات النظام العالمي، لتحديد المَواقع والإحداثيات، المحددة عام 1942، بناء على الرصد الفلكي، في تحديد المَوقع العام لمركز الجمارك، على الطبيعة. وأتاحت الصور، ولا سيما تلك الفوتوغرافية الجوية منها، المُلتَقَطَة بين عام 1945 حتى الآن، تحديد الطرف الجنوبي الغربي لمركز الجمارك القديم، بدقة جيدة، فضلاً عن مسار الطريق، جنوب صفوان، الذي حدد بجانبه موقع اللافتة. وخط العرض، المحدد بـ 3181"06'30o 13، الممتد في اتجاه الغرب، من المركز المُعاد تحديده للافتة القديمة، يعيِّن خط الحدود هذا. أما في الطرف الشمالي للباطن، فإن خط أكبر المنخفضات غوراً، يقلّ، في درجة وضوحه، عنه في المناطق الأبعد، جنوباً. ولتحديد مركزه على الأرض، استخدمت اللجنة مجموعة من الخرائط الأورثوفوتوغرافية، وقياسات الارتفاعات، وأنماط الغطاء النباتي في قعر الباطن. وقررت اللجنة، أن تقاطْع هذا الخط مع خط العرض 3181"06'30o 13 يحدد نهاية الحدود في الباطن، وبداية الحدود الشمالية. ج. الحدود من صفوان إلى تقاطع الخورين

اعتمدت اللجنة، في تخطيطها، على ما يلي: (1) ما ورد في صيغة تعيين الحدود، في الرسائل المتبادلة، عام 1932. إذ إن هذا القطاع الحدودي، ورَد، في شأنه، نصاً، ما يلي: "جنوب آبار صفوان، وأم قصر، تاركة هذه المَواقع للعراق؛ وذلك حتى التقاء خور الزبير وخور عبدالله". (2) تحديد محور المجريَين، من قِبل اللجنة، باستخدام أكثر الخرائط موثوقية من الخرائط المقاربة لعام 1932، مكن من تحديد مَوقع التقاء الخورَين. (3) الاسترشاد بإيضاحات عامَي 1940 و1951، لصيغة تعيين الحدود، في رسم خط مستقيم على الخرائط الأورثوفوتوغرافية الجديدة، من النقطة الواقعة جنوب صفوان، والمارّة جنوب أم قصر، إلى ملتقى الخورَين؛ إذ وجدت اللجنة، أن ذلك الخط، سينحرف في الساحل الشمالي لخور الزبير، فيغلق مصب الخور. (4) استخدام خريطة عام 1936، كأساس للأوصاف البيانية للحدود، في كثير من المداولات، التي دارت حول الموضوع، طوال العقود اللاحقة. ونتيجة لذلك، تحددت، على الخرائط الأرثوفوتوغرافية للجنة، النقطة التي يظهر عندها الخط المارّ بين ملتقى الخورَين وصفوان، عابراً الخط الساحلي لخور الزبير، عند النقطة الواقعة على بعد حوالي 800م، إلى الجنوب من النقطة الناجمة عن مد الخط المستقيم، من النقطة الواقعة جنوب صفوان إلى الملتقى. (5) توقيع ست نقاط، يمكن تحديدها على الخريطة الأورثوفوتوغرافية، بمقياس الرسم 1 : 25000، من الرسومات البيانية، العائدة إلى أعوام: 1907 و1922 و1939 و1948 و1971 و1991. وكان أفضل الرسومات البيانية، المقارِبة لحقبة عام 1932، هو الرسم البياني، الصادر عن مديرية ميناء البصرة، عام 1939. وباستثناء النقطة، المأخوذة من الرسم البياني لعام 1922، والرسم البياني للأدميرالية البريطانية، عام 1991، فإن سائر النقاط، تقع ضمن دائرة صغيرة، نسبياً.

واعتماداً على ما سبق، إضافة إلى مناقشات اللجنة ومداولاتها، في خمس دورات، عقدتها في الفترة بين 23 مايو 1991 و16 أبريل 1992، وبناء على ما توصل إليه أعضاؤها من نتائج، وفقاً للمسوحات الميدانية، توصلت اللجنة، في شأن الحدود العراقية ـ الكويتية، إلى القرارات التالية: (1) أن يكون الأثر الحدودي، الواقع على الحدود بين العراق والمملكة العربية السعودية، العمود الرقم (1)، هو نقطة ابتداء الحدود، بطول ثالوج الباطن. ومن ثَم، فإنه يمثل النقطة الثلاثية، بين العراق والكويت والمملكة العربية السعودية. (2) أن يكون مَوقع الحدود، جنوب صفوان، على مسافة 1430 م من الطرف الجنوبي الغربي لجدار مجمع مركز الجمارك القديم، على طول الطريق القديم، المؤدي من صفوان إلى الكويت. (3) أن تكون الحدود، عند الطرف الشمالي من وادي الباطن، هي نقطة ثالوج الوادي، وخط عرض النقطة، الواقعة جنوب صفوان. (4) أن تلتقي الحدود، جنوب أم قصر، في المَوقع، الذي يتقاطع عنده الخط الحدودي، المبيَّن على الخريطة 1 ـ 5549، من سلسلة K7311, EDITION2 (1990)، المُعَدَّة من قِبل المساحة العسكرية في المملكة المتحدة، مع الشاطئ الغربي لخور الزبير. (5) إن ملتقى خور الزبير وخور عبدالله، هو أفضل مَوقع، أمكن تحديده، في فترة 1932، وحُوِّل إلى خرائط حديثة، باستخدام التصوير الفوتوغرافي العمودي، من قِبل اللجنة.

وقررت اللجنة كذلك ما يلي: (1) أن يكون الخط الحدودي، في وادي الباطن، ممثَّلاً في أجزاء خطوط مستقيمة، طول كلٍّ منها حوالي كيلومترين، على الأكثر، تقترب إلى أدني خط نقطة في الوادي. (2) أن يكون الخط الحدودي، من النقطة، الموجودة في أقصى الطرف الشمالي من وادي الباطن، إلى النقطة الواقعة جنوب صفوان، هو الخط الممتد بطول خط العرض المشترَك للنقطتَين. (3) أن يكون الخط الحدودي، من النقطة الواقعة جنوب صفوان، إلى النقطة الواقعة جنوب أم قصر، هو أقصر خط بين النقطتَين. (4) أن يكون خط الحدود، من النقطة الواقعة جنوب أم قصر، على الساحل، ثابتاً. وأن يتبع خط ينابيع المياه المنخفضة، حتى النقطة المقابلة مباشرة، والأقرب إلى ملتقى خور الزبير وخور عبدالله.

وقررت اللجنة، أن تخطيط تقاطع الحدود مع الخط الساحلي، عند أم قصر، ينبغي أن يكون متماشياً مع مَوقع الخورَين، على النحو المبيَّن في خريطة عام 1936 بالنظر إلى أنه كان يُعَدّ مَوقع الحدود، على النحو المتوخَّى، والمقصود، منذ ذلك الحين. وهو المَوقع المبيَّن، كذلك، في الخريطة البريطانية ذات المقياس 1 : 50000 التي أحالها مجلس الأمن، في الوثيقة الرقم (S/22412). وقد عيّنت اللجنة هذا المَوقع، بوصفه الحدود عند أم قصر، تاركة مجمع ميناء أم قصر، وقرية أم قصر، داخل الأراضي العراقية.

وعقب تحديد المَواقع الأولية للأعمدة، التي تعين الحدود البرية، أبرمت اللجنة عقداً مع شركة (إيمكو) (EAMCO) (Eastern Asphalt and Mixed crete Company) ، في البحرين، لصنع علامات الحدود. فبادرت الشركة، بموجبه، إلى وضع الأعمدة، بمساعدة بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، خلال الدورة الميدانية الثالثة، بين سبتمبر ونوفمبر 1992. وكان ذلك تحت إدارة وإشراف فريق المسح، التابع للجنة.

وخُططت إحداثيات الحدود البرية، مادياً، بـ 106 نُصُب (عمود)، يبعد بعضها عن بعض كيلومترَين تقريباً، إلى جانب 28 علامة، من العلامات المتوسطة. والنصب الأول، هو العمود الذي يحدد ملتقى النقاط الثلاث، للعراق والكويت والمملكة العربية السعودية. ويتكون كل موقع من مَواقع نُصُب الحدود، من عمود حدود، مصنوع من خرسانة حبيبات السيليكا ـ الميكا، المسلحة بالصلب، مطليّ باللونين الأصفر والأسود، بارتفاع 3 أمتار، وتراوح مساحته بين 45 سم2، عند القمة، و90 سم2، عند القاعدة. والأعمدة غائرة في الأرض، بعمق واحد ونصف المتر تقريباً. ووضع عليها طوق خرساني، بمساحة كيلومترين مربعَين، باستواء. وفي كل موقع، يوجد شاهد، على الجانب العراقي، وآخر، على الجانب الكويتي، مدفونان في الأرض، لتسهيل إعادة نصب العمود، عند الضرورة. وتبيِّن أعمدة مؤشرة، صغيرة، على الجانبَين، الاتجاه المفضي إلى مَوقع العمود التالي.

وقبل وضع الأعمدة وبعده، جرى فحص مواضعها، والتحقق منها، في كل موقع. وأثناء هذه العملية، تبيَّن أن الرؤية ما بين الأعمدة، ليست ممكنة في كل مكان، بسبب تضاريس الأرض، أو بسبب وجود هياكل على مدى البصر. وفي الأماكن، التي تعترض فيها تضاريس الأرض الرؤية، وضعت أعمدة متوسطة، خلال الدورة الميدانية النهائية، في أبريل 1993.

وبذلك، تكون اللجنة قد أكملت تخطيط الحدود البرية، بعد تحليل مفصل للأدلة، التي كانت جمعتها في فترة تزيد على عام واحد. وقد منح كلٌّ من الكويت والعراق، فرصة كاملة لإمداد اللجنة بكل المواد والإثباتات، ذات العلاقة.

وفي الدورة السادسة للجنة، المنعقدة في نيويورك، في الفترة من 15 إلى 24 يوليه 1992، على ترتيبات التعيين المادي للحدود، وقدمت تقريراً مفصلاً، إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى رئيس مجلس الأمن. وفي جلسة مجلس الأمن، الرقم 3108، المنعقدة في 26 أغسطس 1992، أصدر قراره، الرقم 773، مرحباً بتقرير اللجنة، المتعلق بالحدود البرية. وحثها على تخطيط الجزء الشرقي من الحدود، الذي يشمل الحدود البحرية، في أقرب وقت ممكن، لتكمل بذلك مهمتها (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن في 17 يونيه 1992 في شأن لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 773 الصادر في 26 أغسطس 1992 في شأن عمل لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). 2. تخطيط الحدود البحرية

أجرت اللجنة، بمساعدة خبرائها المستقلين، ومؤسسات متخصصة أخرى، مجموعة أعمال تقنية، ودراسات وبحوث، تمهيداً لتخطيط الحدود البحرية، بناء على تكليف مجلس الأمن. وأسهمت نتائج هذه الأعمال والدراسات، في توفير الأُسس، التي استندت إليها في تخطيط الحدود البحرية، أبرزها: أ. فيما يتعلق بجزء خور عبدالله، أشارت اللجنة إلى الحدود البحرية، أو المنطقة المغمورة، من طرفه الشرقي إلى ملتقاه وخور الزبير. وارتأت اللجنة، أن البيان الختامي لصياغة تعيين الحدود، الوارد في الرسائل المتبادلة، عام 1932، وكذلك محضر اتفاق عام 1963، الذي نص على أن "جُزُر وربة وبوبيان ومسكان وفيلكا وعوهة وكبر وقاروه وأم المرادم، تتبع الكويت"، قد أكدا أن الحدود القائمة في هذا القطاع، تقع في خور عبدالله. ب. الصياغة اللغوية، المستخدمة في تعيين الحدود ودلالتها، في الوثائق المختلفة. ج. الأدلة التاريخية، المتعلقة بهذا الجزء من الحدود. د. المقترحات السابقة لتخطيطه. هـ. الجوانب القانونية، المتصلة بالترسيم. و. ما تشير إليه الأدلة التاريخية، من وجود اتفاق عام، بين الكويت والعراق، على الحدود، في خور عبدالله. ز. التقرير الرسمي، والرسم البياني المستقل، الذي أصدره كوشيرون ـ آموت، الهيدروغرافي النرويجي، عام 1959، والذي صادقت عليه، رسمياً، وزارة النفط العراقية. وحدد التقرير خطاً وسطاً، بوصفه الحدود في خور عبدالله. وقد أحيلت هذه الخريطة الرسمية إلى السفارة الدانمركية، في بغداد، بوساطة وزير الخارجية العراقي، في 22 أغسطس 1960، ثم نشرت في مرافعات محكمة العدل الدولية (المرافعات الرقم 168، المجلد الأول، قضايا الجرف القاري، في بحر الشمال، الشكل د). ح. استعانت اللجنة على انتقاء نقاط الأساس والتحقيق، من خط المياه المنخفضة، بالرسومات البيانية، الواردة في طبعة 1991، للرسم البياني الرقم 1235، العائد للأدميرالية البريطانية، الذي جرى تعريفه بأنه رسم بياني، يمكن استخدامه لتحديد خط الوسط؛ إذ وضع، بعد مقارنة الصور الفوتوغرافية الجوية، ذات الألوان المموَّهة بالأشعة تحت الحمراء، التي التُقطت لينابيع المياه المنخفضة، بالرسم البياني للأدميرالية البريطانية. فأظهرت وجود درجة جيدة من التطابق، علماً بأن كوشيرون ـ آموت، استخدم نسخة سابقة من الرسم البياني للأدميرالية البريطانية. ط. كما أجرت اللجنة مقارنة دقيقة، بين خط ينابيع المياه المنخفضة، في الصور الفوتوغرافية الجوية، عام 1992، وبين التحديد الأولي، المستخدم فيه التصوير المساحي، الضوئي، استناداً إلى هذه الصور الفوتوغرافية، في طبعة عام 1991، من الرسم البياني الرقم 1235 للأدميرالية البريطانية. ي. استخدمت اللجنة التقنيات الهيدروغرافية، المعمول بها لتحديد نقاط الأساس. وقدَّمت ما توصلت إليه منها، إلى الكويت والعراق. ولم يصلها رد من العراق، بينما وافقت الكويت على النقاط الواقعة على جانبها. ولذلك، فقد مضت اللجنة في التخطيط، مستخدمة نقاط الأساس، التي سبق أن اقترحتها على الجانبَين. ك. بالنسبة إلى نقطة النهاية، على خط الوسط، عند مدخل خور عبدالله، بحثت اللجنة مختلف بيانات الحدود، الواردة في الخرائط والرسومات البيانية السابقة، ودرست مختلف وسائل تحديد نهاية الحدود البحرية، المتفق عليها. ل. طلبت اللجنة إلى مكتب الشؤون القانونية، في الأمانة العامة للأمم المتحدة، أن يعِدّ بياناً، في شأن المنفذ الملاحي، استندت إليه في قرارها، في هذا الصدد.

وفي ضوء ما سبق، ونتيجة المداولات والدراسات، والزيارات الميدانية، والأعمال التقنية، قررت اللجنة في شأن الحدود البحرية: أ. اعتماد الرسم البياني الرقم 1235، للأدميرالية البريطانية، لتحديد خط الوسط، في خور عبدالله. والمَواقع المبيّنة في هذا الرسم البياني، تستند إلى مرجع إسناد النظام الجيوديسي 84، وجميع الأغراض العملية؛ فإن مرجع الإسناد هذا، مطابق لمرجع إسناد الحدود العراقية ـ الكويتية. ب. مدخل خور عبدالله، من عرض البحر، يقع في مكان، يحدث فيه تغيّر مهم، في اتجاه الخطوط الساحلية للدولتَين. وعينت اللجنة نقطة محددة، على خط الوسط، عند المدخل. ج. اتصال الحدود، من خط الوسط المعمم، إلى نقطة التقاء الخورَين، هو أقصر خط بينهما. وبناء عليه، يحدد خط الوسط بمجموعة من الإحداثيات، التي تحسب من نقاط خط الأساس، المحددة على خطوط المياه المنخفضة، على النحو المبيَّن في طبعة عام 1991، من الرسم البياني الرقم 1235، للأدميرالية البريطانية. وفي الطرف الشرقي لجزيرة وربة، رُسمت مخاضة، آخذة في الجفاف، يطلق عليها "لسان وربة"، يمكن أن تكون عرضة لتغير رئيسي، على مدار السنين، وذلك في الرسم البياني للأدميرالية البريطانية، وهنا، جرى حساب خطَّي وسط، روعِيَ في أحدهما وجود المخاضة، وأُغفلت في الآخر، وأعطي وزن متساوٍ للخطَّين، وحُسِب خط متوسط بين خطَّي الوسط، لتحديد خط التخطيط. وخط الوسط، الذي حسبه كوشيرون ـ آموت، عام 1959، بناء على طلب العراق، يقترب كثيراً من خط تخطيط اللجنة، إلا في المنطقة المجاورة، مباشرة، للسان جزيرة وربة، التي تجاهلها كوشيرون ـ آموت. د. المنفذ الملاحي، للدولتَين، إلى مختلف أنحائهما، المتاخمة للحدود المخططة، هو مهم؛ لإنصاف الطرفَين، وتعزيز الاستقرار والسلم والأمن، على طول الحدود. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن هذا المنفذ الملاحي، مكن الدولتَين، عبْر خور الزبير وخور شتيانة وخور عبدالله، الوصول إلى كافة مياه وأقاليم كلٍّ منهما، المتاخمة لحدودهما، والخروج منها. وتلاحظ اللجنة، أن هذا الحق في الملاحة والوصول، منصوص عليه، بموجب قواعد القانون الدولي، المثبتة في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، عام 1982، التي صدق عليها العراق والكويت، على حدّ سواء، ومع الأخذ في الحسبان الظروف الخاصة بتلك المنطقة، ترى اللجنة، كذلك، أن هذا الحق، يعني، ضمناً، تمتع الدولتَين بحق ملاحِيّ، غير قابل للتعليق. هـ. تعيين خط الحدود، في خور الزبير، بإحداثيات جغرافية، تحددت بالتصوير المساحي، الضوئي، باستخدام الصور الفوتوغرافية، ذات الألوان غير المموّهة بالأشعة تحت الحمراء. وأثناء الدورة الميدانية النهائية، وُضع عمود مؤشر، معدّل، على الحدّ الفاصل بين العمود الرقم 106 وخط ينابيع المياه المنخفضة. ووُضعت لوحات على حواجز المياه، التي يمتد خط ينابيع المياه المنخفضة تحتها. ووُضعت علامة مقابلة، عند الطرف الجنوبي للحاجز الحجري للواجهة، جنوب حاجز المياه، الواقع في أقصى الجنوب. ووُضع، كذلك، عمودان مؤشران، يحددان، بصورة فريدة، الاتجاه بين النقطة الأخيرة، الواقعة على خط ينابيع المياه المنخفضة، وملتقى الخورَين، ونصبت ثلاثة شواهد بالقرب منها. و. اعتبر أن التخطيط المادي لخور عبدالله غير عملي وغير ضروري. ويرسم خط الحدود في خور عبدالله بالإحداثيات، موثقة وفقاً للمعايير المتبعة في الممارسة الدولية العامة. وقد وردت هذه الإحداثيات، تفصيلاً، في الوثيقة الرقم (158)، من المجلد التاسع للأمم المتحدة. ثانياً: موافقة مجلس الأمن على تقرير لجنة تخطيط الحدود

انعقد مجلس الأمن، في 27 مايو 1993، وناقش التقرير النهائي للجنة تخطيط الحدود الكويتية ـ العراقية، ووافق عليه بالإجماع. وبناء على ذلك، اصدر قراره الرقم 833، في التاريخ نفسه (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 833 الصادر 27 مايو 1993 في شأن لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). وبالرجوع إلى المناقشات، التي دارت في أروقة المجلس، أكد الأعضاء، أن اللجنة، وإنْ كانت قد أنجزت مهمتها بطريقة محايدة، وموضوعية، إلا أنها لا تُرسي سابقة لعمل الأمم المتحدة، في المستقبل (اُنظر وثيقة محضر حرفي مؤقت للجلسة الرقم 3224 المعقودة في مقر مجلس الأمن في 27 مايو 1993).

وأكد مجلس الأمن، من جديد، في قراره الرقم 833، عام 1993 في 27 مايو 1993، أن قرارات اللجنة، فيما يتعلق بتخطيط الحدود، قرارات نهائية. ومؤكداً، من جديد، قراره ضمان حرمة الحدود. وطالب العراق والكويت باحترام حرمتها والحق في المرور الملاحي. وفي حين أكدت الكويت، في رسالة، أنها ستحترم قرار المجلس، وستتقيد به، كما أكدت أن قرارات اللجنة قرارات نهائية (اُنظر وثيقة رسالة من المندوب الدائم للكويت إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 16 يونيه 1993 يوضح بها انتهاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت من أعمالها). أمّا العراق، فكرر مواقفه السابقة من أعمال اللجنة، بما في ذلك اعتراضه على قرارها، في شأن تخطيط حدود خور عبدالله البحرية، التي يرى أنها تقع خارج نطاق اختصاص اللجنة أو ولايتها، ثم اعتراضه على الطريقة، التي عينت بها الحدود (اُنظر وثيقة رسالة من الممثل الدائم للعراق إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 17 يونيه 1993 في شأن أعمال لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). وكان رد المجلس، هو تذكير العراق بموافقته السابقة على القرار الرقم 687، عام 1991. وتشديده على حرمة الحدود الدولية، التي خططتها اللجنة، وتأكيده، كذلك، "العواقب الوخيمة، التي يمكن أن تترتب على أي خرق لها" (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن في 28 يونيه 1993 في شأن لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

وأعلن مجلس الأمن، أن أي خرق لقراراته، سيتبعه، "حسب الاقتضاء اتخاذ جميع الإجراءات، لتحقيق هذه الغاية، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، بموجب الفصل السابع، وقرارَي مجلس الأمن، الرقمين 687 و773".

إن القرارات، التي اتخذتها اللجنة، بالنسبة إلى الحدود، البرية والبحرية، بين الكويت والعراق، قد بنيت على أُسس قانونية، بعد بحث وتمحيص واستقصاء ودراسات ميدانية. كما أن أي لجنة محايدة أخرى، لا بدّ ستصل إلى نفس النتائج عينها؛ إذ إن الحقائق، لا يمكن طمسها. فالوثائق بيَّنت حقوق كلٍّ من البلدَين، غير أن العراق تجاوز هذه الحقوق، باستيلائه على الأراضي الكويتية، وأنشأ فيها مراكز حدودية، ومساكن ومرافق مدنية، متبعاً بذلك سياسة الأمر الواقع، وتسلط القوي الباغي على الجار المسالم. ذلك على الرغم من حسن نيات الكويت، التي حاولت، لسنوات طوال، معالجة موضوع الحدود، بالطرق السلمية، التي تتفق والأخوّة، الإسلامية والعربية. وقد دأبت الكويت على هذا النهج المسالم، إلى ما قبْل الغزو العراقي، فاقترحت تشكيل لجنة عربية، لحل المشكلات الحدودية بين البلدَين. وقُوبل اقتراحها بالرفض القاطع، من قِبل العراق، تهرباً ومماطلة من أي تنسيق جدي بينهما لأنه يريد أن تبقى قضية الحدود معلقة، ليس لابتزاز الكويت، وحدها، وإنما لابتزاز دول الخليج جميعها، إلى أن دُوِّلت الأزمة، بعد احتلال العراق الكويت، فتحتم الرد القانوني على مَن كان يتجاوز ويعتدي، الرد الذي أعاد الحق إلى أصحابه. إن القرارات الصادرة عن اللجنة، تَعْني الرجوع إلى الحدود الشرعية، التي كان يجب تخطيطها منذ أكثر من خمسين عاماً، إنه الحق القانوني، الذي تضمنه الشرعية الدولية، من خلال منظمة الأمم المتحدة، وهو النتيجة الطبيعية للحقوق الكويتية.

إن قرارات اللجنة، في شأن الحدود بين العراق والكويت، تعد انتصاراً للشرعية الدولية، وترسيخاً لمرجعية وشرعية دولية، تعمل على حل منازعات الحدود، بالطرق، القانونية والسلمية، بعيداً عن ويلات الحروب وأهوالها. فهي، إذاً، انتصار لمبادئ الحق العدل والقانون.

إن ما أعلنته اللجنة من قرارات، ليس سوى تحديد للأراضي الشرعية، لكلٍّ من العراق والكويت، وفق القانون الدولي والوثائق التاريخية، الدالة على ذلك. وليس كما صوّره بعض وسائل الإعلام، كسباً للكويت أو غنيمة حرب؛ إن الكويت لا تقبَل ضم أي جزء من التراب الوطني العراقي إليها. وهي لم تطلب سوى حقوقها المشروعة على أراضيها، بل إنها تؤكد للشعب العراقي، بكافة قطاعاته، رفضها، قيادة وشعباً، كل ما يمسّ سيادة العراق على أرضه، وكيانه المستقل، بل إنها تحرص عليها حرصها على سيادة الكويت واستقلالها. ثالثاً: بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت (يونيكوم)

بعد لجنة هيئة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود الدولية، بين الكويت والعراق، وحرصاً على إحكام موضوع حصر النزاع ومنعه، حول الحدود، وحفاظاً على حدود آمنة مستقرة وسلام دائم، كان لا بدّ من إنشاء لجنة أو بعثة، لمراقبة الحدود العراقية ـ الكويتية. وقد واجهت هذه العملية عقبات، في الاضطلاع بالمهام المنوطة بها. ولكنها استطاعت، بدعم من مجلس الأمن، وضع الترتيبات، التي أتاحت إعادة ظروف السلام والأمن إلى الحدود.

ففي غضون أيام من صدور قرار مجلس الأمن، الرقم 687، في 3 أبريل 1991، وافق مجلس الأمن على خطة، لإنشاء ونشر بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، ترصد المنطقة المجردة من السلاح، على جانبيَ الحدود، ومجرى خور عبدالله المائي، في الطرف الشمالي للخليج العربي. 1. اختصاصات البعثة

منحت بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، ولاية من ثلاثة أجزاء، بموجب الخطة، التي اقترحها الأمين العام للأمم المتحدة، خافيير بيريز دى كويلار، في 5 أبريل 1991، ووافق عليها مجلس الأمن، في 9 أبريل، بموجب القرار الرقم 689، لعام 1991، على النحو التالي (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يقترح فيه صلاحيات وحدة للمراقبة في العراق والكويت (بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم") صادر في 5 أبريل 1991). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 689 الصادر في 9 أبريل 1991 في شأن الموافقة على خطة الأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت): أ. مراقبة خور عبدالله، البالغ طوله 40 كم، ومنطقة منزوعة السلاح، تمتد مسافة عشرة كيلومترات، داخل العراق، وخمسة كيلومترات، داخل الكويت، من الحدود المشار إليها في المحضر، المتفق عليه بين الطرفَين، في 4 أكتوبر 1963. ب. صدّ انتهاكات الحدود، من خلال وجودها في المنطقة المنزوعة السلاح، ومراقبتها إياها. ج. مراقبة أي أعمال عدوانية، أو يُحتمل أن تكون عدوانية، تُشن من أراضي إحدى الدولتَين على الأخرى.

وإضافة إلى مهام حفظ السلام، قدمت البعثة دعماً تقنياً إلى اللجنة الخاصة للأمم المتحدة، ودعماً سوقياً إلى لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود بين العراق والكويت، ومنسق الأمم المتحدة لإعادة الممتلكات من العراق إلى الكويت.

وكان الحجم الأقصى، المأذون فيه للبعثة، في البداية، هو 1440 فرداً عسكرياً، مسلحاً وغير مسلح، بمن فيهم المشاة، ووحدة هندية ميدانية، ووحدة طيران، ووحدة إدارية. واستكمل نشر الوحدات، بحلول 6 مايو 1991، فرصدت انسحاب القوات المسلحة[1] التي كانت لا تزال منتشرة في المنطقة المحددة للبعثة (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" صادر في 9 مايو 1991). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 12 يونيه 1991).

وفي 9 مايو 1991، تاريخ استكمال هذا الانسحاب، دخلت المنطقة المجردة من السلاح، التي أنشأها مجلس الأمن، حيّز النفاذ، وتولت البعثة مسؤولياتها، المتعلقة بالمراقبة، كاملة. ولأغراض العمليات، قسمت المنطقة المجردة من السلاح، إلى ثلاثة قطاعات، الجنوبي والأوسط والشمالي. واتُّخذت أم قصر مقراً للبعثة. وكان لها مكتبَا اتصال، في بغداد والكويت العاصمة. ونقلت إلى الكويت العاصمة قاعدة إدارية، أقيمت، في بادئ الأمر، بالدوحة، في قطَر. ووافقت حكومتَا العراق والكويت، على منْح البعثة حرية حركة كاملة، عبر الحدود.

وبلغ تعداد البعثة، في المرحلة الأولى من عملياتها، 1385 فرداً عسكرياً. وشمل هذا المجموع خَمس سرايا مشاة، سحبت، مؤقتاً، من قوة الأمم المتحدة لحفظ السلم في قبرص، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، لتوفير فريق أمني. وسحبت هذه القوات في نهاية يونيه 1991. وبدءاً من أكتوبر 1991، بلغ قوام بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، ما مجموعه 295 مراقباً، يدعمهم 441 موظفاً إدارياً، و177 موظفاً مدنياً. وكانت القوة مؤلفة، طوال فترة وجودها، من أفراد عسكريين، ينتمون إلى أكثر من 30 بلداً. وللمرة الأولى في تاريخ عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، ساهم كل الأعضاء الخمسة، الدائمين، في مجلس الأمن، بأفراد عسكريين، في العملية نفسها.

تتكون عمليات البعثة من مجموعة متنوعة، من قواعد الدوريات، وقواعد المراقبة، ونقاط المراقبة، والدوريات، البرية والجوية، وفِرق التحقيق، والاتصال مع الأطراف، على جميع المستويات. وتتحقق البعثة من خلو المنطقة المجردة من السلاح، من أفراد عسكريين أو معدات عسكرية، وتسهر على خلوّها من أي تحصينات أو منشآت عسكرية. ويضطلع المراقبون بدوريات في قطاعاتهم، وبزيارات مؤقتة إلى مراكز المراقبة، في المناطق، التي تشهد نشاطاً خاصاً، أو في النقاط، التي تفضي عندها الطرق والدروب، إلى المناطق المجردة من السلاح. وترصد البعثة خور عبدالله، من البر، باستعمال الرادارات، وأجهزة الرؤية الليلية، كما تعمد إلى دوريات في المنطقة، بالطائرات العمودية. وتشمل الدوريات الجوية، كذلك، المناطق المجردة من السلاح.

ووفقاً للقرار الرقم 689، للعام 1991، يستعرض مجلس الأمن طرائق أنشطة البعثة، ومسألة حلّها أو التجديد لها، كل ستة أشهر؛ إذ ليس لولايتها أجَل مسمى، أي أن حلّها مرهون بقرار من المجلس. وخلال الفترة، من مايو 1991 إلى أواخر عام 1992، كانت الحالة هادئة، على الرغم من بعض حوادث إطلاق النار، وبعض الاختراقات، المسلحة وغير المسلحة، في المنطقة المجردة من السلاح. وقد أشار الأمين العام، في تقاريره المرحلية إلى المجلس، إلى أنه على الرغم من هدوء الحالة، حافظت البعثة على درجة عالية من اليقظة، لأنه كان لا يزال يتعين إحلال السلام التام في المنطقة. والواقع، أن فترة النصف الثاني من عام 1992، والأيام الأولى من عام 1993، شهدت تصعيداً تدريجياً للتوتر، في المنطقة المجردة من السلاح (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 3 سبتمبر 1991). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 9 أبريل إلى 2 أكتوبر 1991). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 3 أكتوبر 1991 إلى 31 مارس 1992). 2. الاختراقات العراقية

وكان أهم مصادر التوتر، مسألة مركز وحقوق ملكية المزارعين العراقيين، الذين سيتأثرون بتخطيط الحدود، بين العراق والكويت (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أبريل إلى 30 سبتمبر 1992 S/24615، 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1992). وكان بعض المناطق، التي يزرعها هؤلاء العراقيون، في القطاع الشمالي من المنطقة المجردة من السلاح، واقعة، في حقيقة الأمر، في الأراضي الكويتية. كما أن السلطات الكويتية، زعمت أن هؤلاء المزارعين، هم عسكريون، أو رجال أمن عراقيون. وأثار هذا الوضع عدداً من الحوادث، أطلقت النيران في واحد منها، في 30 أغسطس 1992، على مراقب عسكري من البعثة، بينما كان يحاول إعادة الهدوء. ونظراً إلى احتمال وقوع حوادث عنف أخرى، بعد تخطيط الحدود. زادت البعثة أنشطتها في المنطقة، وطلبت إلى العراق أن يقدِّم قائمة بالمزارعين المحليين، كتدبير مؤقت. وأظهر تخطيط الحدود، الذي كان على وشك الاستكمال، في ديسمبر 1992، أن ستة مراكز للشرطة العراقية، فضلاً عن بعض فوهات الآبار، في حقل نفط الرتقة، ومنطقة من مدينة أم قصر العراقية، موجودة في الأراضي الكويتية. وقد لفت الأمين العام انتباه مجلس الأمن إلى هذه المسائل، في رسالة إلى رئيس المجلس، في 23 ديسمبر 1992 (اُنظر وثيقة تقرير خاص للأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 10 يناير 1993).

وأثارت الأنشطة العراقية اللاحقة، في القاعدة البحرية العراقية، السابقة، في أم قصر، أزمة، استدعت، في نهاية الأمر، استعمال الدول الأعضاء القوة، مما حمَل مجلس الأمن على تعزيز البعثة. ومنذ صيف 1991، استرد العراق، تحت مراقبة دقيقة من البعثة، معدات وبنوداً أخرى يملكها، من القاعدة، التي كانت موجودة في القطاع الشمالي، من المنطقة المجردة من السلاح. وفي 24 ديسمبر 1992، أنذرت البعثة السلطات العراقية بضرورة التوقف عن استرداد المعدات، وطلبت وقف جميع هذه الأنشطة، بحلول 15 يناير 1993. غير أنه في 2 يناير 1993، دخل القاعدة نحو 250 عراقياً، في انتهاك خطير للمنطقة المجردة من السلاح، من دون إذن من البعثة، لاسترداد ممتلكات عراقية. وكان العراقيون يقودون مركبات عسكرية، ونصفهم، تقريباً، يرتدي الزي العسكري. وواصل عراقيون، بملابس مدنية، ومن دون مركبات عسكرية، استرداد الممتلكات من القاعدة البحرية السابقة، خلال الأيام الأولى من يناير 1993. وفي العاشر منه، اقتحم نحو 200 عراقي، بشاحنات ومعدات شحن ثقيلة، مستودعات الذخيرة المحصنة، الستة، الواقعة في قاعدة أم قصر، وأخذوا معظم محتوياتها، بعد أن كان مجلس الأمن، قد قرر ضرورة تدميرها، تحت إشراف البعثة.

وفي غضون ذلك، أبلغت السلطات العراقية البعثة، في 8 يناير 1993، كما أبلغت بصورة منفصلة اللجنة الخاصة للأمم المتحدة، أنه لن يسمح للأمم المتحدة، بعد الآن، باستخدام طائراتها لنقل أفراد اللجنة الخاصة وأفراد البعثة، داخل الأراضي العراقية. وفضلاً عن ذلك، فقد شهدت مناطق حظر الطيران نشاطاً عسكرياً عراقياً، متزايداً. وفي 9 يناير 1993، أبلغ المسؤول الرسمي العراقي عن الاتصال مع البعثة، كبير مراقبيها، أن العراقيين، سيعمدون، في يناير، إلى تفكيك وحدات المساكن الجاهزة، في أم قصر، التي كان العراق قد أتاحها للبعثة. وطلب المسؤول أن تخلي البعثة هذه الأماكن.

وردت البعثة، من الفور، رداً حازماً، على كل إجراء، اتخذه العراق في المنطقة المجردة من السلاح، وقدمت احتجاجات قوية إلى السلطات العسكرية العراقية. وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره إلى رئيس مجلس الأمن، في شأن هذه التطورات إشارة خاصة إلى أنها تلقي ظلالاً من الشك على استمرار استعداد العراق للتعاون، والتقيد بالالتزامات، التي تعهد بها، في هذا الصدد (اُنظر وثيقة تقرير خاص للأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 10 يناير 1993).

وسعياً من مجلس الأمن إلى إعادة الهدوء، وضمان قدرة عمليات الأمم المتحدة، في العراق، على الاضطلاع بالمهام الموكولة إليها، جاء رده على مراحل. ففي 8 يناير 1993، طلب المجلس، في بيان، أدلى به رئيسه، ألاّ يتدخل العراق في تحليقات الأمم المتحدة، وأن يتقيد بالتزاماته، بموجب جميع قرارات المجلس، ذات الصلة (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن صادر في 8 يناير 1993 في شأن الرحلات الجوية للأمم المتحدة داخل إقليم العراق S/25081، 8 كانون الثاني/ يناير 1993). وفي اليوم نفسه، أعرب رئيس المجلس، في رسالة وجّهها إلى العراق، عن قلق أعضاء المجلس، إزاء استمرار وجود ستة مخافر للشرطة العراقية، على الأراضي الكويتية، وعن إصرار الأعضاء على إزالتها، على وجه السرعة، في موعد أقصاه 15 يناير (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أكتوبر 1992 إلى 31 مارس 1993 S/25514، 2 نيسان/ أبريل 1993). وفي 11 يناير، عقب التحرك العراقي الثاني، نحو أم قصر، دان رئيس مجلس الأمن سعي العراق إلى إزالة المعدات، بالقوة، من الجانب الكويتي للمنطقة المجردة من السلاح، وحذر من أن هذه التصرفات، تمثّل "تحدياً مباشراً لسلطة البعثة". وشدد رئيس المجلس على أن التصرفات العراقية الأخيرة، إزاء البعثة واللجنة الخاصة، تمثّل "انتهاكات جوهرية أخرى للقرار الرقم 687، لعام 1991"، ثم حذر العراق مجدداً من العواقب الوخيمة، التي يمكن أن تترتب على هذا "التحدي المستمر" (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن صادر في 11 يناير 1993 في شأن مختلف الإجراءات التي اتخذها العراق تجاه بعثة الأمم المتحدة للمراقبة).

وذكر العراق، في 12 يناير 1993، أنه لا يمكن الجدال في ملكيته البنود، التي استردها من أم قصر. وزعم أن "الضجة المثارة حول هذه المسألة"، إنما "تصعدها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، بشكل مدبَّر، لتصوير موقف العراق على أنه خرق لقرارات المجلس".

وفي 13 يناير 1993، وفي غياب ما يفيد باستعداد العراق لضمان سلامة طائرات الأمم المتحدة وحرية حركتها، أو إزالة مخافر الشرطة الستة من الجانب الكويتي للمنطقة المجردة من السلاح، أو احترام مناطق حظر الطيران، وعملاً بتقرير مجلس الأمن، في 11 يناير، أن العراق ينتهك القرار الرقم 687، لعام 1991، انتهاكاً جوهرياً ـ شنت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، غارات جوية على المَواقع المضادّة للصواريخ، وقواعد الرادار، في جنوبي العراق. وفي 17 يناير، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية قذائف على مجمع الزعفرانية الصناعي، في ضواحي بغداد، ولكنها أصابت فندقاً، كذلك، في وسط بغداد، فقُتل عراقيان، وأصيب عدد من العراقيين والأجانب. وفي 18 يناير، شنت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، غارات جوية أخرى، استهدفت مَواقع دفاعية لأجهزة الرادار، في شمالي العراق وجنوبيه. وأكمل العراقيون استرداد ممتلكاتهم من الكويت، في 13 يناير. وأُزيلت مخافر الشرطة العراقية، الستة، المقامة على الأراضي الكويتية، يومَي 17 و 18 يناير. وفي 19 يناير، وافقت السلطات العراقية على استئناف التحليق الجوي للجنة الخاصة للأمم المتحدة. رابعاً: المزارعون العراقيون والمساعي الحميدة

قبْل إصدار تقرير لجنة تخطيط الحدود، بين الكويت والعراق، النهائي، في 20 مايو 1993، بفترة طويلة، كشفت معلومات أولية، تتعلق بتخطيط اللجنة الخاصة للأمم المتحدة للحدود الكويتية ـ العراقية، أن عدداً من المواطنين العراقيين، وأصولهم في مدينة أم قصر، وفي منطقة العبدلي الزراعية، كانوا موجودين في الجانب الكويتي من الحدود. وهو ما ينطبق، كذلك، على فوهات آبار النفط، في الرتقة، وغيرها من المنشآت. وإضافة إلى ذلك، كان معروفاً، أن ستة مخافر للشرطة العراقية، هي قائمة بالأراضي الكويتية، بينما تبين أن ثلاثة مخافر للشرطة العراقية، ومخفرين للشرطة الكويتية، كانت أدنى إلى الحدود من مسافة الألف متر، التي حددتها البعثة سابقاً، بموافقة الطرفَين، على أساس أنها مسافة معقولة لمنع الحوادث.

واستشف الأمين العام للأمم المتحدة خطر ذلك، وإدراكاً منه للآثار، السياسية والأمنية، المترتبة على هذه المسائل، بادر إلى اتصالات مع حكومتَي العراق والكويت، لتحديد الطريقة، التي تستطيع بها الأمم المتحدة المساعدة على التوصل إلى تسوية. وطلب، على وجه التحديد، أن يسحب العراق مخافر الشرطة، الستة، من الأراضي الكويتية، في أقرب وقت ممكن، وأوعز إلى كبير المراقبين العسكريين في البعثة، أن يتصل مع السلطات العراقية، لوضع الترتيبات اللازمة. وأبلغ كلا الطرفَين أن مسألة مخافر الشرطة الأخرى، مشمولة بولاية البعثة، وطلب إلى كبير المراقبين العسكريين، أن يرتب، مع السلطات المعنية، نقْل جميع المخافر إلى مسافة ملائمة من الحدود، في موعد مبكر (اُنظر وثيقة تقرير خاص للأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 10 يناير 1993).

وفيما يتعلق بوجود مدنيين عراقيين على الأراضي الكويتية، أرسل أمين عام المنظمة الدولية، إلى حكومة الكويت، في 17 ديسمبر 1992، يبلغها أنه نظراً إلى وجود خطر تصعيد التوتر على طول الحدود، يستحسن السماح للمزارعين والمواطنين العراقيين، المقيمين بأمّ قصر، بالبقاء في أراضيهم ومساكنهم، لفترة مؤقتة على الأقل (اُنظر وثيقة رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة موجهة إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتاريخ 17 ديسمبر 1992 في شأن تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

وفي ديسمبر 1992، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس غالي، في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن، رأيه في موضوع المدنيين والمزارعين العراقيين. فرأى أن هذه المسائل خليقة بإثارة مزيد من التوتر والاحتكاك، ما لم تحَل قريباً. وأبرز الجهود، التي بذلها للحدّ من هذا الخطر. وتبيّن، فيما بعد، أن رأيه كان سديداً؛ إذ ثار التوتر، في يناير 1993، على النحو الذي وضحه في بيانه (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن صادر في 18 نوفمبر 1993 في شأن نظام الجزاءات S/26768، 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1993).

وفي 10 يناير 1993، أبلغت حكومة الكويت الدكتور بطرس غالي، أنه لن يسمح للمواطنين العراقيين بالبقاء في الكويت، ولكنهم سيعوَّضون عن ممتلكاتهم وأصولهم، على أساس تقييم طرف محايد، تعيّنه الأمم المتحدة. ورد العراق على هذا الاقتراح، في الأول من مارس، مشيراً إلى أنه "لن يتخذ إجراء، قد يُفهَم منه، أنه اعتراف بالظلم المتعمد، الذي فرض على العراق". ولكنه في الوقت نفسه، "لن يتخذ أي إجراء، قد يثير خلافاً أو نزاعاً مع الأمم المتحدة" (اُنظر وثيقة رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن في 22 فبراير 1994 في شأن مسألة المواطنين العراقيين وأصولهم التي بقيت على الأراضي الكويتية). ونظراً إلى رغبة الأمين العام للأمم المتحدة، في ضرورة استقرار الأوضاع والأمن، على طول الحدود الكويتية ـ العراقية، عرض مشاركة الأمم المتحدة مشاركة كاملة في مساعدة الطرفَين على تنفيذ إعادة المواطنين العراقيين إلى وطنهم، وقد وافقت كلتا الحكومتَين على العرض.

وفيما يتعلق بمسألة تعويضات العراقيين، عن تركهم أماكنهم في الأراضي الكويتية، عمد الأمين العام، وفقاً لترتيب، اتُّخذ في سبتمبر 1993، بين الأمم المتحدة والكويت، إلى تعيين متعاقد مستقل، لتقييم قيمة الممتلكات والأصول، وحُدد، على هذا الأساس، مبلغ، طلب إلى الكويت أن تدفعه إلى صندوق استئماني للأمم المتحدة، تمهيداً لدفعه إلى المواطنين العراقيين. ووافق مجلس الأمن على هذا النهج، كاستثناء من الحظر العام، المفروض على تحويلات الأموال، الذي يمثل جزءاً من نظام الجزاءات، المنصوص عليه في القرار الرقم 661، عام 1990 (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 899 الصادر في 4 مارس 1994 في شأن تعويض المواطنين العراقيين الذين تأثروا بتخطيط الحدود الدولية بين العراق والكويت).

وفي نهاية فبراير 1994، أبلغ الأمين العام، الدكتور بطرس غالي، مجلس الأمن، أن جميع المواطنين العراقيين، نقلوا إلى العراق، بدعم من البعثة، من دون أن يثير ذلك أي مشكلة.

والتقى ممثل للأمم المتحدة عديداً من العراقيين، قبْل نقلهم إلى العراق وقدم إليهم معلومات عن التعويضات، التي ستتاح لهم، والخطوات التي ينبغي أن يتخذوها، للمطالبة بتعويضاتهم. كما نشر الأمين العام المعلومات المتعلقة بالتعويضات، في شكل نشرات صحفية، وإعلانات مدفوعة، في وسائط الإعلام، المحلية والإقليمية. غير أن أحداً من العراقيين، لم يوافق، في ذلك الحين، على تسلّم مدفوعات التعويضات، ولم تفلح جهود إضافية، عام 1995، في مقابلة المستفيدين العراقيين من خطة التعويضات المقترحة. أمّا الأموال، البالغة 56 مليون دينار عراقي، في صالح 95 مزارعاً، و5.5 ملايين من الدنانير العراقية، هي تعويضات عن 206 بيوت سكنية، فأُودِعت حساب ضمان تابعاً للأمم المتحدة، لتبقى تحت تصرف المستفيدين.

خامساً: مجلس الأمن، يقرر تعزيز القوة

بلغ رد مجلس الأمن، على حوادث يناير 1993، ذروته، في 5 فبراير 1993، حينما اتخذ القرار الرقم 806، عام 1993، الذي أعطى بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، ولاية جديدة موسعة، لجعلها قادرة على منع أو صد الانتهاكات، الصغيرة النطاق، للمنطقة المجردة من السلاح، وللحدود بين العراق والكويت، والمشاكل التي يمكن أن تنشأ عن وجود منشآت عراقية ومواطنين عراقيين وأصولهم، في المنطقة المجردة من السلاح، على الجانب الكويتي من الحدود، التي رسمتها لجنة تخطيط الحدود، وغير ذلك من الانتهاكات، من قبِيل تلك التي وقعت في يناير. غير أنه لم يؤذن للبعثة في المبادرة إلى اتخاذ تدابير إنقاذية (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 806 الصادر في 5 فبراير 1993 في شأن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت).

وكان تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، قد أشار إلى أن البعثة، بكتائب المشاة، وأفراد الدعم، وعناصر المقر، اللازمين لتأدية هذه المهام الإضافية، ستحتاج إلى نحو 3645 من الأفراد العسكريين، أي بزيادة قوامها عشرة أمثال ما كان عليه، عند اتخاذ القرار. وأوضح الأمين العام، أن القوة، على زيادة حجمها، لن يكون لديها القدرة الكافية على منع اختراق عسكري كبير (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت في 18 يناير 1993).

وتقرر تنفيذ تعزيز القوة، بموجب القرار الرقم 806، عام 1993، على مراحل. ففي المرحلة الأولى، قرر الأمين العام للأمم المتحدة الاحتفاظ بالمراقبين العسكريين، وتعزيزهم بكتيبة مشاة آلية واحدة، تُنشر في القطاع الشمالي من المنطقة المجردة من السلاح، الذي يشمل مدينتَي أم قصر وصفوان. غير أن المنظمة، واجهت صعوبة في العثور على دولة عضو، تكون مستعدة لتوفير الكتيبة اللازمة. وفي 15 أكتوبر 1993، أبلغ الأمين العام مجلس الأمن، أن بنجلاديش، التي سبق أن وفرت للبعثة مراقبين عسكريين، عرضت توفير كتيبة مشاة، وأن الكويت عرضت توفير المركبات المدرعة، ومعدات النقل الثقيلة، وغيرها من المعدات اللازمة. وبعد فترة تدريب، صارت الكتيبة جاهزة للعمل، في 5 فبراير 1994 (اُنظر وثيقة رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن في 15 أكتوبر 1993 في شأن تشكيل بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت).

سادساً: عودة إلى الهدوء النسبي

خيم هدوء عام على المنطقة المجردة من السلاح، منذ ربيع 1993. إذ ازدادت أنشطة الزراعة واستكشاف النفط واستغلاله زيادة ملحوظة. مثلما ازدادت أنشطة الشحن والصيد، في مجرى خور عبدالله المائي. وأنجزت الكويت نظاماً أمنياً على الحدود، يشمل خندقاً وحاجزاً ترابياً وطريقاً للدوريات، فسادَ الهدوء العام المنطقة؛ إذ أتاح ذك حاجزاً مادياً، حال دون عمليات عبور الحدود، غير المأذون فيها. ونتيجة لهذا الهدوء النسبي، ولا سيما بعد نقْل المزارعين العراقيين، الذين كانوا على الأراضي الكويتية، أُوقِف تعزيز القوة، الذي أذن فيه قرار مجلس الأمن، الرقم 806، عام 1993، بعد المرحلة الأولى من التنفيذ (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أبريل إلى 30 سبتمبر 1993 S/26520، 1 تشرين الأول/ أكتوبر 1993). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أكتوبر 1993 إلى 31 مارس 1994 S/1994/388، 4 نيسان/ أبريل 1994). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أبريل إلى 29 سبتمبر 1994 S/1994/1111، 29 أيلول/ سبتمبر 1994). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 7 أكتوبر 1994 إلى 31 مارس 1995 S/1995/251، 31 آذار/ مارس 1995). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أبريل إلى 30 سبتمبر 1995 S/1995/836، 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1995).

وعلى الرغم من ذلك، وقع بعض الحوادث على كلا الجانبَين من الحدود، مما هدد أمن أفراد البعثة. فعلى الجانب العراقي، شملت هذه الحوادث، خلال الفترة من الأول من أكتوبر 1993 إلى 31 مارس 1994، اختطاف مركبة تابعة للأمم المتحدة، ومحاولتَي سرقة، استهدفتا دورية تابعة للبعثة، وقاعدة مراقبة. وفي 12 أغسطس 1994، نصب كمين لدورية متنقلة، تابعة للبعثة، ومؤلفة من ثلاثة أشخاص، مما أدى إلى مصرع جندي واحد وإصابة الجنديَّين الآخرَين. وعلى الجانب الكويتي، أطلق رجال مسلحون، خلال ليلة 28 ـ 29 ديسمبر 1994، النار على مركبة لدورية تابعة للبعثة، فأصيب مراقب عسكري (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن صادر في 8 أكتوبر 1994 في شأن تعاون العراق مع اللجنة الخاصة للأمم المتحدة والتقارير التي وردت عن تحركات القوات العراقية). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 949 الصادر في 15 أكتوبر 1994 في شأن عمليات الانتشار العسكري التي قام بها العراق في اتجاه الكويت). و(وثيقة رسالة من الممثلين الدائمين للاتحاد الروسي والعراق إلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 14 أكتوبر 1994 يحيلان بها نص بلاغ مشترك يتضمن إعلان العراق نقل قواته إلى مواقع خلفية).

وتجلى التوتر حينما شرعت الكويت تبني نظامها الأمني على الحدود، في يونيه 1993، بعد تخطيط حدودها مع العراق. ففي أحد الحوادث، عبر رعايا عراقيون الحدود إلى الكويت، خلال مظاهرتَي احتجاج. وفي حادث آخر، وقع في نوفمبر 1993، أطلق حارس أمني لمشروع الخندق الحدودي الكويتي، النار على شرطيَّين عراقيَّين، كانا على الأراضي الكويتية، فأدى ذلك، حسبما أفادت التقارير، إلى مصرع أحدهما وجرح الآخر. ودفعت التقارير، المتعلقة بنشر قوات عراقية، إلى الشمال من المنطقة المجردة من السلاح، في أكتوبر 1994، مجلس الأمن إلى أن يدين هذا العمل، ويطالب بسحب فوري وكامل للقوات، ويطلب إلى البعثة زيادة يقظتها. وبعدها، أعيد نشر القوات العراقية، بعيداً عن المنطقة الحدودية. وفي 13 مارس 1995، عبر اثنان من مواطني الولايات المتحدة الأمريكية الحدود، خطأ، من الكويت إلى العراق، فقبضت عليهما الشرطة العراقية. وكانا في طريقهما نحو الحدود، قد اجتازا نقطة تفتيش كويتية، على حافة المنطقة المجردة من السلاح، وعبَرا، كذلك، حاجز تفتيش تابعاً للبعثة. وقد سمح لهما باجتياز حاجز تفتيش البعثة، لأن الحرس المناوبين، ظنوا، بُعَيْدَ حلول الظلام، أن مركبتهما البيضاء تابعة للأمم المتحدة. وقد شددت الإجراءات في حاجز التفتيش. وأطلق الرجلان، في 16 يوليه 1995، بعد جهود من جانب حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، والأمين العام للأمم المتحدة.

وفي الأول من يناير 1996، قدِّر قوام البعثة الإجمالي بنحو 1331 فرداً، منهم 244 مراقباً عسكرياً، من 32 بلداً، وكتيبة مشاة، مؤلفة من 775 فرداً، ووحدة طائرات عمودية، مؤلفة من 29 طائرة، وكلتاهما من بنجلاديش، ووحدة مهندسين، مؤلفة من 50 فرداً، من الأرجنتين، ووحدة إدارية، مؤلفة من 35 فرداً، من النمسا، وفريق طبي، مؤلف من 12 فرداً، من ألمانيا، و227 موظفاً مدنياً. ويقول الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس بطرس غالي، إنه "خلال زيارة رسمية إلى الكويت، في أواخر ديسمبر 1995، زرت قوات البعثة، على الجانب الكويتي من الحدود بين الكويت والعراق، وشكرت لها تنفيذها ولايتها بفاعلية وكفاءة".


[1] المقصود القوات المسلحة العراقية.