العدوان الثلاثي، حرب عام 1956 - رسالة من ن. أو بولجانين

من معرفة المصادر

رسالة من ن. أ بولجانين، رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي،

إلي سير أنتوني إيدن رئيس وزراء المملكة المتحدة في 15 نوفمبر 1956

إلى صاحب السعادة سير أنتوني إيدن

رئيس وزراء المملكة المتحدة ـ لندن

السيد المحترم رئيس الوزراء

تجد حكومة الاتحاد السوفيتي أنه من الضروري لفت نظركم إلى حقيقة أن الحرب العدوانية ضد الدولة المصرية، وهى الحرب التي تشنها المملكة المتحدة وفرنسا، والتي بدأتها إسرائيل، حرب محملة بالنتائج الخطيرة التي تهدد السلام العالمي.

وقد اتخذت الجمعية العمومية ـ في دورتها الاستثنائية قراراً بإيقاف العمليات الحربية فوراً، وسحب القوات الأجنبية من أرض مصر. ورغم هذا.. فإن المملكة المتحدة وفرنسا وإسرائيل تتوسع في عملياتها الحربية، ومستمرة في دك المدن والقرى المصرية دكاً وحشياً بالقنابل، وقد أنزلت قواتها على الأرض المصرية لتدمير الأماكن الآهلة بالسكان، وقتل المدنيين.

وقَدِمَت حكومة المملكة المتحدة ـ بالاشتراك مع حكومتي فرنسا وإسرائيل ـ على هذا العمل العدواني دون استفزاز من مصر.

وإن الدوافع التي تبرر بها حكومة المملكة المتحدة هجومها على مصر، هي دوافع كلها لا نصيب لها من الصحة، وقد ذكرت الحكومة البريطانية في بادئ الأمر أنها تدخلت في الصراع بين إسرائيل ومصر، لكي تَحُول دون جعل منطقة السويس منطقة للعمليات الحربية، وبعد تدخل البريطانيين والفرنسيين، أصبحت فعلاً منطقة قناة السويس، منطقة للعمليات الحربية، وتعطلت الملاحة في قناة السويس، مما يضر بمصالح الأمم التي تستعمل قناة السويس.

وإن المحاولات التي تتذرع بها المملكة المتحدة، وفرنسا لتبرر عدوانهما، بالإشارة إلى مصالحها في حرية الملاحة في قناة السويس، هي أيضاً محاولات لا نصيب لها من الصحة. ونحن نفهم مصلحتكم الخاصة في القناة. وعلى أية حال .. فإن هذا لا يسوغ لكم القيام بعمليات حربية ضد الشعب المصري، وفي الوقت نفسه لا تستطيع حكومتا المملكة المتحدة و فرنسا أن تقوم بدور القضاة في مسألة .. تأمين حرية الملاحة في قناة السويس، طالما أن هناك دولاً أخرى كثيرة لها مصالحها في القناة، وتستنكر الأعمال العدوانية التي تقوم بها المملكة المتحدة وفرنسا. وتطلب هذه الدول حفظ الأمن والسكينة في الشرقين الأدنى والأوسط ويعلم الجميع كل العلم أن مصر كانت تؤمن حرية الملاحة في قناة السويس، وتحافظ عليها محافظة تامة، وأن قناة السويس لم تكن سوى عذر للعدوان الأنجلو ـ فرنسي، الذي له أغراض حربية بعيدة المدى، ولا يخفى أن الحرب العدوانية المسلحة ـ في حقيقتها ـ هي حرب موجهة ضد الأمة العربية وهدفها إزالة الاستقلال الوطني للدول في الشرقين الأدنى والأوسط، وإعادة بناء نظام العبودية الاستعمارية، الذي تأباه الشعوب العربية.

وليس ثمة مبرر للحقيقة، ألا وهي أن القوات المسلحة التابعة للمملكة المتحدة وفرنسا ـ وهما دولتان من الدول الكبرى، وعضوان دائمان في مجلس الأمن ـ هذه القوات المسلحة التابعة لهاتين الدولتين قد هاجمت دولة لم تنل استقلالها الوطني، إلا منذ عهد قريب، وليست لديها الوسائل الكافية للدفاع عن النفس.

وماذا سيكون موقف المملكة المتحدة، إذا هاجمتها دول أقوى منها، ولديها جميع أنواع الأسلحة المدمرة الحديثة ؟ وتستطيع أمثال هذه الدول في الوقت الحاضر أن تكبح جماح نفسها،وتمتنع عن إرسال قوات بحرية أو جوية إلى شاطئ بريطانيا..

بل تستطيع أن تستعمل وسائل أخرى .. مثل الأسلحة الصاروخية، وإنه إذا استخدمت الأسلحة الصاروخية ضد المملكة المتحدة أو فرنسا، فإنكم بطبيعة الحال قد تصفون هذه الأعمال أعمالاً وحشية، ولكن في أية طريقة من الطرق يختلف هذا عن الهجوم غير الإنساني الذي شنته القوات المسلحة التابعة للمملكة المتحدة وفرنسا على مصر، التي ليست لديها إمكانات للدفاع تقريباً.

ونظراً لأننا مهتمون اهتماماً بالغاً بالتطورات في الشرقين الأدنى والأقصى، تحدونا المصلحة في حفظ السلام العالمي .. فإننا نعتقد أن حكومة المملكة المتحدة ستصغي إلى صوت العقل، وتوقف الحرب في مصر.

إننا نطالبكم ونطالب البرلمان وحزب العمال، واتحادات العمال وشعب المملكة المتحدة كله، ضعوا حداً للعدوان المسلح وإراقة الدماء .. فإن الحرب ضد مصر تستطيع أن تندلع نيرانها وتنتشر في دول أخرى، وتتطور إلى حرب عالمية ثالثة.

لقد تقدمت الحكومة السوفيتية ـ من قبل ـ إلى الأمم المتحدة ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية باقتراح للعمل بالاشتراك مع الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة، باستخدام القوات البحرية وجميع القوات الأخرى، لكي نضع حداً للحرب في مصر، ونبتعد عن العدوان.

إننا مصممون كل التصميم على سحق المعتدين، باستخدام القوة، لكي نعيد السلام في الشرق الأوسط.

ونأمل أن تظهروا الروية والتبصر الصحيح، وأن تصلوا إلى نتائج ملائمة.

مع احترام المخلص،،،

ن . أ . بولجانين