العدوان الثلاثي، حرب عام 1956 - تسلسل الأحداث على المحور الجنوبي

من معرفة المصادر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تسلسل الأحداث على المحور الجنوبي

"الكونتلا ـ متلا" ومعركة ممر متلا


مقدمة

يرجع سبب اختيار المدخل الشرقي لممر متلا موقعاً لبدء عدوان إسرائيلي إلى خلوه من أي قوات. وعندما اعترض البعض بأنها تبعد نحو ستين كيلو متراً عن قناة السويس التي يراد خلق حالة صراع مسلح على مشارفها، لكي تعطي الذريعة للقوات الأنجلو ـ فرنسية للتدخل لحمايتها، طمأنهم الجنرال "موشي ديان" بأنه وقت المعارك تتوه الحقائق. التي يسهل على وسائل الإعلام الصهيونية أن تلوي أعناقها بما يخدم وجهة نظر إسرائيل.

ولهذا فإنه لم يطرأ سبب لاشتعال القتال، إلا بعد أن أسقطت الكتيبة 890 مظلات التي يقودها الألوف مشنيه "رفائيل إيتان" على المدخل الشرقي، مما دعا القيادة المصرية إلى سرعة دفع مجموعة اللواء الثاني المشاة قيادة العقيد "وجيه طاهر الشربيني" لشن الهجوم عليها بالمواجهة، بينما يقوم الألاي الثاني استطلاع مدرع قيادة المقدم "أحمد علي عطية" بالالتفاف عليها من جانبها الأيمن عبر وادي المليز ليباغتها من الخلف.

وكان باقي مجموعة اللواء 202 مظلات قيادة الألوف مشنيه "أرييل شارون" تواصل السير من "الكونتيلا"، لتنضم إلى كتيبته المسقطة في متلا قبل أن تتعرض لهجوم مصري متفوق، لن تستطيع مواجهته بأسلحتها الخفيفة وحجمها الصغير.

وهكذا تحول الموقف إلى سباق سير اقتراب بين قوتين متضادتين، يفصلهما عن شرق الممر نفس المسافة تقريباً، ويتعرضان لمشكلات مشابهة نظراً لوعورة الأرض وانقضاض الغارات الجوية عليها، بينما زاد حمل مجموعة اللواء الثاني المشاة المتمركزة في الشلوفة بوجود معبر واحد فوق قناة السويس، التي تقف حائلاً بينها وبين هدفها، مع ضرورة إعطاء الأفضلية لعبور قوافل السفن واقتصار عبور المجموعة في الفواصل بين القوافل، وعلاوة على ذلك فقد كان للواء 202 المظلي الذي يتمتع بخفة حركة أفضل، كتيبة كاملة بموقع "صدر الحيطان" قائمة بالتجهيز للمعركة المنتظرة.

كما أن دولتي التواطؤ "بريطانيا وفرنسا" كان لهما دور في معاونة اللواء 202 مظلي في معركته بأن وفرت القوات الجوية الفرنسية الدفاع الجوي عن إسرائيل، حتى تجعل سلاح الطيران الإسرائيلي مستعد لمساندة اللواء المظلي بأكبر حجم ممكن من المعاونة الجوية، فضلاً عن عمل مظلات مستمرة فوق منطقة قناة السويس لمنع الطائرات المصرية من مهاجمة القوة الإسرائيلية.

كما خصص مجهود جوي فرنسي آخر للاشتراك في أعمال قتال الاتجاه الجنوبي مع سلاح الطيران الإسرائيلي، علاوة على الإمداد الجوي المستمر بطائرات نورد أطلس من قواعد قبرص لتزويد الكتيبة 890 مظلات شرق متلا، وباقي اللواء 202 المظلي بكل احتياجاته.

هذا بينما حشدت بريطانيا قوة مدرعة في منطقة العقبة الأردنية على أهبة الاستعداد للتدخل الفوري، لمساندة أعمال قتال اللواء 202 مظلي. اعتباراً من صباح 31 أكتوبر 1956. وكانت هذه القوة مشكلة من آلاي دبابات سنتوريان، وسرية مشاه، وفصيلة رشاشات متوسطة وبطاريات مدفعية ميدان 25 رطلاً، وتروب مدفعية مضادة للدبابات 17 رطلاً و50 ناقلة دبابات.

تنظيم المعركة للواء 202 المظلي

كان هذا اللواء المظلي أرقى وحدات الجيش الإسرائيلي من حيث الكفاءة القتالية واللياقة البدنية. وقد بدأ تشكيله في يناير 1954 من كتيبة مظلات، والوحدة 101 من الضباط والجنود المسرحين من الخدمة الإلزامية، ذوي الصفات الخاصة عسكرياً وأخلاقياً، وذهنياً ونفسياً.

وقد استكمل اللواء تشكيله في العام التالي كقوة عسكرية خاصة، تستخدم في تنفيذ الغارات الانتقامية وأعمال الإرهاب ضد الدول العربية المتاخمة.

وقد كان اللواء 202 المظلي عصر يوم الاثنين 29 أكتوبر 1956، يتشكل كاأولاً: مجموعة الإبرار الجوي التكتيكية

ضمت هذه المجموعة الكتيبة 890 المظلات، البطارية 332 هاون ثقيل 120 مم (6 هاونات)، وتروب مدفعية مضادة للدبابات (4 مدفع عديم الارتداد) و8 عربات جيب، وعدة لواري، 5 طائرات مواصلات، وقد أقلعت بها 16 طائرة داكوتا من مطار "عكير" عصر يوم 29 أكتوبر 1956.

كما خصصت لمعاونتها سرب مقاتلات قاذفة وسرب مقاتلات، ووحدة إمداد جوي.

ثانياً: القوة الرئيسية

ضمت هذه القوة الكتيبة 88 المظلات الاحتياطية، والكتيبة 771 المظلات الناحال، وكتيبة هاون ثقيل 120 مم عدا بطارية، وكتيبة مدفعية ميدان (18 مدفع)، وبطارية مضادة للطائرات، و46 عربه ناقلة جند مدرعة، وسرية دبابات خفيفة طراز AMX، وكتيبة ناحال من سريتين، وطاقم أرض هبوط، وسرب نقل "داكوتا"، ومستشفى ميداني. مع توفير الحماية الجوية.

تفاصيل الخطة الإسرائيلية

بعد أن تتجمع قوات اللواء 202 المظلي في منطقة "عين الحصب" الساعة الخامسة مساء 28 أكتوبر 1956، تبدأ في التحرك الساعة الثالثة فجراً، بمقدمة قوية، وقوة أساسية، على أن تعبر المقدمة خط الحدود المصرية في الساعة الرابعة عصر يوم 29 أكتوبر عند "ثميلة سويلمه" شمال شرق "الكونتلا"، بينما تعبر القوة الأساسية، في الساعة الخامسة، وتستولي على الفور على قرية "الكونتلا".

وفي نفس اللحظة تنقض الكتيبة 890 مظلات على منطقة "صدر الحيطان" باقتحام جوي رأسي، لتستولي على المدخل الشرقي لممر "متلا"، وتقوم بتأمينه إلى أن تصل القوة الأساسية للواء خلال 24 ساعة من بدء عملية الاقتحام الجوي الرأسي سالفة الذكر.

ولتحقيق ذلك، تواصل مجموعة اللواء 202 مظلي، الاندفاع ليلاً في اتجاه "التمد" ثم "نخل" مع القضاء على نقط الإنذار والمراقبة المصرية التي تصادفها، وتجتاح المواقع التعطيلية التي تعترض طريقها حتى تستولي على منطقة "نخل" وتؤمن تقاطع الطريق الهام بها كمهمة مباشرة للواء، قبل ظهر يوم الثلاثاء 30 أكتوبر.

وتبدأ مجموعة اللواء في تنفيذ المهمة التالية للتقدم صوب "صدر الحيطان" لتنضم إلى كتيبتها المسقطة، وذلك قبل آخر ضوء يوم 30 أكتوبر.

ثم يكون اللواء بأكمله مستعداً لتنفيذ ما يوكل إليه من مهام أخرى تبعاً لأوامر قائد المنطقة العسكرية الجنوبية الآلوف "عساف سمحوني"، وكمهمة نهائية للواء.

الخدمات الإدارية والفنية

ولم تغفل الخطة توفير المياه والوقود والذخائر للكتيبة 890 المظلات بما يكفيها للقتال 24 ساعة، وهي منعزلة في منطقة "صدر الحيطان"، كما اهتمت الخطة أيضاً بإسقاط الأسلحة المعاونة الثقيلة للكتيبة بعد ثلاث ساعات من إبرارها جواً بالمنطقة، أي في الثامنة من مساء نفس اليوم، فضلاً عن إسقاط كمية إضافية من مواد الإعاشة تكفيها مدة 24 ساعة أخرى.

تشكيل اللواء

قرر الألوف مشنيه "أرييل شارون" بعد تقدير الموقف، ترتيب سير لوائه في مقدمة قوية، تدفع أمامها حرساً أمامياً للقضاء على نقط المراقبة والإنذار التي تعترض طريقه طبقاً للخطة سالفة الذكر حتى يضمن لقواته التقدم بمعدل سريع نحو هدفها النهائي.

شكلت تلك المقدمة من كتيبة مظلات محملة في ناقلات الجند المدرعة التي وصلتها حديثاً، وبطاريتي مدفعية ميدان 25 رطل، وفصيلتي دبابات خفيفة طراز A M X.

أما القوة الأساسية التي ضمت باقي اللواء فكانت من كتيبة المظلات النحال وبطارية مدفعية الميدان وكتيبة الهاون الثقيل عدا بطارية وفصيلة دبابات خفيفة.

بدء القتال على المحور الجنوبي

من المقرر أن يبدأ تحرك اللواء 202 المظلي الساعة الثالثة فجر 29 أكتوبر، إلا أن بعض عناصره لم تكن حتى هذا الوقت قد انضمت إليه في "عين الحصب".

وحرصاً من قائد اللواء على الالتزام بالتوقيتات المفروضة عليه في الخطة حتى لا يتأخر عن الانضمام إلى كتيبته المسقطة في "صدر الحيطان" قبل آخر ضوء يوم 30 أكتوبر، فقد بدء التحرك في السابعة صباحاً، دون انتظار العناصر المتأخرة.

وتابعت القوة الرئيسية تقدمها صوب "الكونتلا" طيلة 29 أكتوبر عبر المدقات، والأودية الصحراوية دون أن يسمح الألوف مشنيه "شارون" لها بأي وقفات للراحة، حتى يعوض الوقت الضائع كما أمر بإعادة ملئ العربات بالوقود أثناء التحرك توفيراً للوقت. ورغم ذلك فقد تبعثرت أرتال اللواء على الطريق الطويل الوعر، وداخل رمال "وادي الجرافي" اللينة حيث عانت من الغرز، فلم تصل طلائعها إلى الحدود المصرية إلا مع مغرب الشمس حيث شاهدتها نقط المراقبة المصرية وأبلغت قيادتها عنها.

واستمر الألوف مشنيه "شارون" يجمع عناصر لوائه المظلي حتى الساعة الثامنة مساءً، عندما عبرت مقدمته الحدود التي كان عليها أن تعبرها قبل ذلك بأربع ساعات حسبما كانت تقضي به الخطة الموضوعة. أما باقي عناصر اللواء فكانت لا تزال مبعثرة على امتداد "وادي الجرافي" وقد بلغ بها الإجهاد غايته.

الإبرار الجوي في صدر الحيطان

قبل الساعة الخامسة بدقائق وصلت الطائرات الدكوتا الست عشر طراز (C-14) إلى منطقة "صدر الحيطان" تحرسها عشر طائرات "ميتيور" من قاعدة "حاتسور" الجوية بقيادة الألوف مشنيه "عيزرا وايزمان"، علاوة على اثنتي عشرة طائرة مستير فرنسية، وقد شاهد بعض عمال الطرق المصريين المظليين وهم يهبطون إلى الأرض من ارتفاع 1500 قدم. ونظراً لنشاط الريح وارتفاع الطائرات، فقد انتشر 395 مظلياً على مساحة كبيرة كما أصيب 15 منهم بجراح.

وعلى خلاف ما حددته الخطة من إسقاط الكتيبة عند النصب التذكاري في الاتجاه الشرقي للممر، فقد أخطأ الطيارون فأسقطوها في منطقة منبسطة تبعد عنه نحو ثمانية كيلو مترات شرقاً قرب جبل "الحسن".

وقد كشف الألوف مشنيه احتياط "أربيه بيرو" قائد إحدى سرايا الكتيبة 890 مظلات "بصدر الحيطان" لجريدة "جيروزاليم بوست" الصادرة في 8 أغسطس 1995، أنه قتل 49 مدنياً من عمال تمهيد الطرق فور هبوط سريته، وأنه عمد إلى قتلهم لأنه لم يكن يستطيع حراستهم وإطعامهم.

كما شهد العقيد "شاؤول زيفا" قائد الوحدة 13 كوماندوز بحرية أنه رأى كتيبة الألوف مشنيه "رفائيل إيتان"، وهي تقتل 50 مدنياً مصرياً يرتدون الجلباب، وكانوا يعملون في رصف الطرق، وعندما ناقش قائده في هذه الجريمة قال له "ابتعد إن كان قلبك لا يحتمل منظر الدماء".

وجاء في جريدة "معاريف" أن العقيد "إيتان" قائد الكتيبة 890 مظلات، هو الذي أصدر أمره المباشر بقتل هؤلاء العمال المدنيين، وأن العقيد "بيرو" أوقفهم في الصحراء، ثم أطلق عليهم النار بشكل عشوائي.

وبينما سارع اثنان ممن نجوا من مذبحة عمال الطرق إلى الشط للإبلاغ عن هذه الأعمال العدائية، كان "رفائيل إيتان" قائد الكتيبة قد اكتشف خطأ الإسقاط وبدأ يتقدم غرباً إلا أنه بعد سير مجهد لمدة ساعتين، اكتشف أنه أخطأ الاتجاه فتوقف عند أول مرتفع، حيث اتخذ عليها موقعاً دفاعياً ليمضي فيه ما بقى من تلك الليلة. وفي الفجر تحقق من أنه لا زال على مسافة كيلو مترين من هدفه عند مدخل الممر الذي كلف بتأمينه.

توالت البلاغات على القيادة المصرية، وكان أكثرها وضوحاً ما أفادت به عربة عادت من "الشط" إلى "نخل" عن وجود المظليين الإسرائيليين في المنطقة. وبعد ذلك بقليل وصلت إلى قيادة آلاي الحدود بنخل رسالة لاسلكية من نقطة "الشط"، تفيد بتعرض عربة الإجازات التي كانت متوجهة إلى "نخل" لنيران الإسرائيليين في منطقة "صدر الحيطان" أوقعت بأفرادها بعض الإصابات واضطرتها إلى العودة "للشط".

رد فعل قيادة المنطقة الشرقية

بازدياد نشاط العدو، أصدرت قيادة المنطقة الشرقية الأمر لقواتها بالاستعداد للتحرك خلال ساعتين، وذلك اعتباراً من الساعة الثامنة مساء يوم 29 أكتوبر.

وفي نفس الوقت تقريباً، أمرت الفرقة الثانية المشاة الموجودة ضمن الاحتياطي العام غرب القناة بالتأهب لقفل ممر "متلا" ومضيق "وادي سدر"، إلى جانب الاستعداد للدفاع عن منطقة "الشط". ثم قام قائد الفرقة، اللواء أركان حرب "محمود محمد السرساوي"، باستدعاء العقيد "وجيه طاهر الشربيني" قائد اللواء الثاني المشاة "بالشلوفة"، حيث أخطره بإسقاط المظلات الإسرائيلية في"صدر الحيطان"، ثم أمره بالآتي:

1. رفع درجة استعداد اللواء وتجهيز إحدى كتائبه في ظرف ساعتين، وباقي مجموعة اللواء في ظرف أربع ساعات.

2. التأهب لتأمين المدخل الغربي لممر"متلا"ومضيق"وادي سدر"، علاوة على الدفاع عن منطقة الشط.

أصدر العقيد "الشربيني" الأوامر للمقدم أركان حرب "محمد طلعت الألفي" قائد مجموعة الكتيبة الخامسة المشاة بتأمين ممر متلا من مدخله الغربي، بينما تستمر مجموعة الكتيبة السادسة المشاة في الدفاع عن منطقة الشط وتؤمنها.

وقبل أن ينتهي العقيد "الشربيني" من إصدار تلك الأوامر، تلقى تعديلاً من القيادة الشرقية بأن تقوم مجموعة اللواء، عدا كتيبة، بالسيطرة على منطقة "متلا" ومضيق "وادي سدر" من جهة الغرب، والقضاء على المظليين الإسرائيليين، قبل أن تصلهم القوات اللاحقة بطريق البر، بالتعاون الوثيق مع الآلاي الثاني استطلاع مدرع المتمركز "بفايد" بقيادة المقدم "أحمد علي عطية"، والذي أُمر بدفع أورطة منه للالتفاف عبر "وادي المليز" للقضاء على مؤخرة تلك القوات.

وكان على باقي الآلاي أن يؤمن قاعدة لحشد المجموعة الأولى المدرعة قيادة العقيد أركان حرب "طلعت حسن علي" في وادي "المليز"، بالإضافة إلى دفع أورطة أخرى منه لتأمين منطقة الحسنة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خطة اللواء الثاني المشاة تتلخص في الآتي:

1. دفع مجموعة الكتيبة الخامسة مشاة مدعمة بتروب هاون ثقيل 120 مم، وجماعة حاملات أفراد مدرعة، وفصيلة نقل جند لتبدأ عبور القناة من معدية الشط في الساعة الحادية عشر ليلاً، ثم تتقدم صوب مضيق"وادي سدر" لتأمينه من الغرب بمجموعات من الكتيبة عبر ممر"متلا"بوثبات، لاحتلال مدخله الشرقي قبل ضوء يوم 30 أكتوبر، ومنع العدو من اختراقه.

2. تعمل مجموعة الكتيبة الخامسة أيضا،ً كقاعدة نيران لمجموعة الكتيبة السادسة، التي تقوم بشن هجوم مضاد على قوات العدو التي أسقطت جواً والقضاء عليها. بالتعاون مع مفرزة الآلاي الثاني استطلاع مدرع الذي كلف بالالتفاف حول مؤخرة قوات المظليين عبر وادي"المليز".

وحتى يضمن سرعة عبور قواته، تقدم العقيد "الشربيني" بطلب وقف الملاحة في القناة إلا أنه لم يتصدق له على هذا الطلب.

خطة الآلاي الثاني استطلاع مدرع (أُنظر شكل خطة الآلاي الثاني)

كان يضم أورطة رياسة، وثلاث أورط استطلاع محملة في حاملات أفراد مدرعة 6 × 6، وأورطة دبابات من 12 دبابة "شيرمان معدلة". وقد تلقى قبل منتصف ليلة 29/30 أكتوبر أمراً إنذارياً بالاستعداد للتحرك في ظرف ساعتين إلى منطقة "الجفجافة ـ وادي المليز"، على أن يبدأ عبور قناة السويس من كوبري الفردان في الساعة الثانية ليلاً للعمل كمقدمة للمجموعة الأولى المدرعة على المحور الأوسط.

كما نصت الأوامر أيضاً على تأمين قاعدة في "وادي المليز"، لتتجمع فيها المجموعة الأولى المدرعة.

وتتلخص الخطة في الآتي:

1. دفع الأورطة الثانية استطلاع من"القصاصين"إلى"الجفجافة"لتلتف حول الجانب الأيمن للعدو في"صدر الحيطان" من خلال"وادي المليز"، حيث تتعاون مع مجموعة اللواء الثاني المشاة، في القضاء على العدو بعملية هجومية من المواجهة والمؤخرة.

2. دفع باقي الآلاي كمقدمة للمجموعة الأولى المدرعة على الطريق الأوسط، حتى الجفجافة لتأمين قاعدة وطيدة للمجموعات هناك.

3. دفع أورطة استطلاع للعمل كمفرزة في اتجاه"الحسنة"لتأمينها.

وبهذا كان على وحدات هذا الآلاي الموجودة بالقصاصين وفايد، أن تقطع نحو 160 ـ 170 كم لتصل إلى أهدافها، مع ما يتخلل ذلك من عبور القناة فوق كوبري الفردان، كلما سمحت حركة الملاحة فيها باستخدام هذا الكوبري.

زحف قوات اللواء 202 المظلي

تقع تبة "الكونتلا" على رأس مثلث طرق "التمد ـ النقب ـ الكونتلا"، ويعتبر "وادي الجرافي" طريق الاقتراب الطبيعي من "النقب الجنوبي" إلى "الكونتلا".

وكان الهدف الأول لقوات اللواء 202 مظلي الاستيلاء على نقطة مراقبة "الكونتلا" التي يحتلها 10أفراد من سلاح الحدود، التي هاجمها الساعة السابعة مساء 29 أكتوبر بفصيلتي دبابات (8دبابات)، وبطاريتي مدفعية (12 مدفع 25 رطل)، وعدة عربات مدرعة نصف جنزير.

وبينما كانت مقدمة لواء المظلات تجتاح نقطة المراقبة، كان باقي عناصر اللواء يعاني من تعطل عرباته في بطن "وادي جرافي" برماله الناعمة، كما كانت الدبابات تستهلك الوقود بمعدلات عالية جداً، وقد بذل "شارون" ومعاونوه جهداً كبيراً في إعادة تجميع قواته المتعثرة، وحل مشكلاته الإدارية والفنية المعقدة قبل أن يستأنف التحرك صوب التمد. ولما يئس من التغلب على تلك المشكلات، اكتفى بإعادة تنظيم كتيبة المقدمة فقط وانطلق بها نحو التمد كسباً للوقت، بينما كلف أركان حربه بسرعة تجميع باقي العناصر واللحاق به.

وعند منتصف الليل بدأت كتيبة المقدمة في التحرك نحو الموقع التعطيلي، الذي يقع غرب بئر "التمد" بنحو عشرة كيلومترات، والذي كانت تحتله الأورطتين 5 و6 من الآلاي الثاني سيارات حدود.

وعندما تعرضت كتيبة المقدمة لنيران الموقع، توقفت أمامه نحو الساعة إلى أن انسحب الموقع للخلف ليستأنف الدفاع هناك. وكان أمام "شارون" إما أن يهاجمة فيما بقي من ساعات الظلام، أو أن ينتظر وصول باقي لوائه ليبدأ هجوماً مركزاً بقوات متفوقة، الأمر الذي استغرق نهاراً كاملاً قبل أن يتمكن من شن هذا الهجوم الجديد عند آخر ضوء اليوم التالي.

وكان تأخير الهجوم بهذا القدر يتعارض مع الخطة المعتمدة بما يعرضها للفشل، فلما وصلت باقي العناصر حوالي الساعة الخامسة فجراً، بادر "شارون" بمهاجمة الموقع الخلفي مستغلاً أن أشعة الشمس في أعين المدافعين، ومعتمداً على تفوقه العددي بنسبة 5 : 1، علاوة على توفر الدبابات والعربات المدرعة لديه وافتقار الموقع الدفاعي إليها.

وبدأ الهجوم في الخامسة والربع مساءً إلا أنه عندما وصل إلى مسافة 1500 متر من الموقع، انهالت عليه نيران الرشاشات والهاونات التي أوقعت به بعض الخسائر، فانتشرت دباباته على الجانب الأيمن، بينما التفت عرباته المدرعة على الجانب الأيسر، ثم فتح نيرانه الكثيفة على الموقع، بينما اقتحمت دباباته الموقع

وتحت ستر قذائف الدخان، اقتحمت القوات المهاجمة الموقع بعد أن فقدت عربة مدرعة. وظل الموقع يدافع بغاية الإصرار والصلابة في وجه عدو متفوق لأكثر من ساعتين لم يهدأ القتال خلالهما، حتى سقط أفراد الموقع جميعاً شهداء، وهم يقبضون على أسلحتهم.

وعندما انتهى القتال في "التمد" حوالي الساعة الثامنة صباح 30 أكتوبر، حلقت بعض الطائرات "الميج" المصرية فوق قوات العدو، وأمطرتها بقذائفها التي حطمت ست عربات مدرعة وجرحت العشرات من الجنود.

وبانتهاء "شارون" من موقع "التمد"، لم يعد بينه وبين الانضمام إلى الكتيبة 890 المظلات "بصدر الحيطان" إلا اجتياز دفاعات "نخل". إلا أنه قد تعرض لغارة جوية ثانية في العاشرة صباحاً، كانت أشد عنفاً من الأولى، مما دفعه لتأجيل التقدم حتى يحل الظلام. وقد استغل هذه الوقفة التكتيكية في تمهيد الأرض لهبوط الطائرات غرب بئر "التمد" لإخلاء جرحاه جواً.

في ذات الوقت وصلت معلومات من الكتيبة 890 مظلات، تفيد تعرُضها لغارات جوية مركزة، وكذا اقتراب قوات مصرية ضخمة من السويس. مما دفع "شارون" إلى المخاطرة بالتقدم في وضح النهار، حتى يدرك الموقف المتدهور "بصدر الحيطان". إلا أن سوء حالة مجموعة اللواء والبطئ الشديد في إعادة تجميعها، أخّر هذا التقدم من الساعة 12 ظهراً إلى الساعة الثالثة والنصف عصراً.

وبمجرد أن انتظم الرتل على طريق "نخل"، تعرض لغارة جوية ثالثة من الطائرات "الفامبير" المصرية أنزلت به عدة خسائر، وعطلت تقدمه فتره أخرى، فعمد "شارون" إلى زيادة الفواصل لتفادي الضرب المصري، الأمر الذي أدي إلى انتشار الرتل على مسافة 30 كم.

قبيل الخامسة عصراً، ظهرت طلائع القوات شرق بلدة "نخل". وكانت القوات المدافعة عن "نخل"، تحتل نقطتين أماميتين وموقعاً رئيسياً فوق "النقب التركي". ولم يكن إجمالي القوات المصرية يزيد عن أربع فصائل من حرس الحدود، مقابل ثمان سرايا ميكانيكية تتكون من 24 فصيلة من المظليين، بما يكفل لها تفوقاً عددياً بلغت نسبته 6 : 1.

وبعد قصف الموقع بنيران تمهيدية لمدة ربع ساعة، اقتحمت سريتان آليتان وبعض الدبابات النقطتين الأماميتين، ثم تابعت باقي القوات الزحف فاستولت على الموقع الرئيسي قبل غروب الشمس.

ثم اتجهت القوات نحو "صدر الحيطان" للانضمام إلى الكتيبة 890 مظلات غير أنها لم تصلها إلا قبل منتصف ليلة 30/31 أكتوبر متأخرة عن التوقيت المحدد في الخطة، بنحو ست ساعات لتبدأ قتالاً رئيسياً هناك فيما أطلق عليه اسم "معركة ممر متلا".