الخرائط السرية لـ"حرب الغاز" بين مصر وتركيا

خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
تبين الخريطة السرية تصور تركيا الذى تقدمت به إلى الحكومة المصرية فى مارس 2012 لترسيم الحدود البحرية بينها وبين قبرص وتركيا استناداً إلى الرصيف القارى (أى امتداد القارات داخل مياه البحار المعروفة باسم الصفائح) وهو معيار يرفضه القانون الدولى ولا يطالب به إلا تركيا وجزيرة قبرص الشمالية الموالية لها، جريدة الوطن، 8 أبريل 2015.

الخرائط السرية لحرب الغاز بين مصر وتركيا، مقال نشرته جريدة الوطن المصرية في 8 أبريل 2015.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المقال

منذ سنوات وتحديداً بعد ثورة 25 يناير 2011، لم يتوقف الجدل حول الحقوق المصرية فى حقول الغاز الطبيعى فى البحر المتوسط، الجدل بدأ مع ترويج عدد من الخبراء، وتحديداً خبير الاتصالات المصرى الدكتور نائل الشافعى، المقيم فى نيو جيرسى بالولايات المتحدة، خريطة تزعم أن الحكومة المصرية فرطت فى حقلى غاز كبيرين لصالح إسرائيل وقبرص، ما كبد مصر خسائر تقدر بنحو 220 مليار دولار هى قيمة الغاز الذى أعلنت مؤخراً كل من قبرص وإسرائيل عن اكتشافه فى حقولهما بالبحر المتوسط. وانضم إلى «شافعى» عدد آخر من الخبراء منهم القطب الإخوانى الدكتور خالد عودة المتخصص فى علوم الجيولوجيا، الذى قدم تقريراً من 137 ورقة لمجلس الشورى الذى عين فيه عام 2012 يؤكد فيه هذه الفرضية، ويؤكد أن «جبل أيراتوستينس الغاطس» تحت مياه البحر المتوسط، الذى تنقب قبرص عن البترول والغاز فى سفحه، تعود ملكيته إلى مصر منذ العام 200 قبل الميلاد.

وانهالت الدعاوى القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى للمطالبة بإلغاء اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة الموقَّعة بين مصر وقبرص عام 2003؛ على أساس أن هناك تواطؤاً من الحكومات المصرية المتعاقبة لصالح قبرص، فضلاً عن الإصرار على أن حقل «ليفياثان» الإسرائيلى هو حقل مصرى حتى وإن لم تكن هناك حدود بحرية مشتركة بين مصر وإسرائيل.

«الوطن» حصلت على خرائط حقول الغاز فى المتوسط، منها اثنتان مودعتان لدى جهات سيادية تحملان صفة «سرى للغاية»، تنفيان مزاعم الشافعى وعودة وتوضحان بجلاء أن اللجنة العليا لأعالى البحار التى تضم فى عضويتها عدداً من الجهات السيادية، منها وزارتا الدفاع والخارجية، بريئة من تهم التفريط فى حقوق مصر الاقتصادية فى البحر المتوسط، كما تكشفان عن محاولات تركيا إقناع الحكومة المصرية خلال حكم الإخوان لإعادة رسم حدودها البحرية طبقاً لتصوراتها التى تخالف القانون الدولى، أملاً منها فى تعظيم ثرواتها البحرية المحدودة من غاز المتوسط على حساب دول الجوار وتحديداً قبرص ومصر، وهو ما تصدت له وزارة الدفاع المصرية فى مارس 2012 لعدم قانونيته من ناحية، ولأنه يلحق بمصالحنا الاقتصادية والأمنية أضراراً بالغة، بالإضافة لخريطة ثالثة توضح كافة مناطق الامتياز لكل من مصر وإسرائيل وقبرص وغزة ولبنان فى البحر المتوسط.

وتوضح الخريطة الأولى مقترح «تركيا» لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، وهو المقترح الذى تقدمت به أنقرة للحكومة المصرية خلال عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى وحكومة الدكتور هشام قنديل، وتحديداً فى مارس 2012 ورفضته وزارة الدفاع المصرية واللجنة العليا لأعالى البحار، وقال مصدر مطلع لـ«الوطن» إن وزارة الدفاع التى كان يتولاها وقتها الفريق أول عبدالفتاح السيسى، رفضت المقترح التركى لأنها رأت فيه تعدياً صارخاً على مناطق الامتياز الخاصة بمصر، حيث ينص على امتداد حدود «تركيا» إلى داخل حدود اليونان بنحو 50 كيلومتراً، ويعتدى على مناطق الامتياز المصرية بنحو 70 كيلومتراً، بالإضافة إلى استيلائها على 274 كيلومتراً من حدود قبرص داخل المتوسط، ووفقاً للمصدر سارعت وزارة الدفاع وقتها، حرصاً منها على حقوق مصر، بإرسال الخريطة «الأصلية» التى توافق صحيح نصوص قانون البحار الدولى لوزارة البترول، حتى تكون المرجع الذى تستند إليه الوزارة فى طرح المزايدات البترولية طبقاً للنقاط الحدودية الرئيسية المتفق عليها مع الدول المجاورة والمتقابلة.

وتوضح الخريطة الثانية الاتفاق شبه النهائى بين مصر واليونان لترسيم الحدود البحرية لحقول غاز البحر المتوسط والوصول لنقطة تلاقٍ داخل المنطقة الاقتصادية للمياه العميقة بعد اعتماده من رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، حيث تم الاتفاق على ترسيم الحدود مع اليونان على نقطتين رئيسيتين (E1، E2) من إجمالى 4 نقاط أساسية فى شمال البحر المتوسط، فى حين رفضت مصر ترسيم الحدود مع اليونان على النقطتين (E3، E4) لتداخلهما مع الحدود المصرية، لكن الاتفاق، وفقاً للمصدر المطلع على سير المفاوضات، لم يوقع بشكل رسمى بين البلدين بسبب رفض تركيا ترسيم حدودها البحرية مع قبرص واليونان حتى الآن.

وردت تركيا بعد الإطاحة بمرسى بعرقلة الجهود المصرية لترسيم الحدود مع قبرص واليونان، برفضها ترسيم حدودها البحرية مع اليونان وقبرص ورفض الاعتراف بشرعية الاتفاقيات الخاصة بترسيم المناطق الاقتصادية التى وقعتها كل من مصر ولبنان وإسرائيل مع قبرص، لأن الأخيرة، وفقاً لمزاعمها، ما زالت جزيرة مقسمة، ولا يمكنها الحصول على أى حقول اقتصادية فى غاز البحر المتوسط، وصرح وزير الخارجية التركى مولود جاويش أوغلو مؤخراً بأن «أى فعاليات أو نشاطات لتقسيم الحدود البحرية بدون تركيا غير معترف بها من جانب بلاده لأنها تشير إلى سوء نية، ومن شأنها أن تزيد حدة التوتر فى المنطقة»، ودفعت تلك التصريحات مصر لإرسال دعوة رسمية من وزارة الخارجية إلى تركيا مؤخراً تطالبها فيها بسرعة وقف عمليات المسح الجيولوجى عن الغاز الطبيعى فى مناطق البحر المتوسط بالمنطقة الخالصة لقبرص.

وقال الدكتور محمد شوقى عبدالعال، أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، رداً على المزاعم التى تشكك فى صحة الاتفاق المصرى القبرصى وبالتالى مجمل سلامة عملية ترسيم الحدود البحرية المصرية، إن عدة دول مقابلة لمصر على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وعلى وجه التحديد قبرص وتركيا واليونان، شرعت فى الدخول فى مفاوضات مع مصر؛ بهدف تعيين الحدود البحرية فى المنطقة الاقتصادية الخالصة، لا سيما أن اتساع البحر المتوسط لا يسمح بحصول كل من مصر وهذه الدول المقابلة لها على الشاطئ الآخر من البحر على الحد الأقصى الذى حددته اتفاقية قانون البحار للمنطقة الاقتصادية الخالصة وهو 200 ميل بحرى.

وترتب على هذه المفاوضات نجاح مصر وقبرص فى التوقيع على اتفاقية لتعيين حدود المنطقة الاقتصادية بينهما فى 17 فبراير 2003، على حين لم تنتهِ المفاوضات بين مصر وكل من تركيا واليونان فى هذا الشأن إلى اتفاق؛ نظراً لاختلافات فنية وقانونية وسياسية حالت دون الوصول إلى مثل هذا الاتفاق حتى الآن».

وتابع: «الواقع أن الاتفاقية المصرية - القبرصية فى شأن حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما جاءت مستندة بشكل كامل على نصوص وأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التى وقعت وصدقت عليها الدولتان، حيث اعتبرتها مصر وقبرص بمثابة المرجعية الفنية والقانونية لاتفاقيتهما المشتركة، وحددت كل منهما نقاط الأساس الخاصة بها استناداً إليها، فحددت مصر، تنفيذاً لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة، 53 نقطة أساس تم إيداعها لدى الأمين العام للأمم المتحدة عام 1991، كما حددت قبرص 57 نقطة أساس تم إيداعها لدى الأمين العام للأمم المتحدة عام 1996، وأودعت كلا الدولتين نقاط أساسها مدعومة بالخرائط البحرية ذات الصلة، ولم تعترض أى دولة من دول العالم الأعضاء فى المنظمة الدولية على الإطلاق على أى من هذه أو تلك»، مشيراً إلى أنه بناءً على عدم الاعتراضات تبلورت الاتفاقية المصرية القبرصية فى خط مكون من 8 نقاط، يبدأ بالنقطة رقم (1) غرباً مقابلاً للسواحل التركية، وينتهى بالنقطة رقم (8) شرقاً إلى جوار سواحل غزة وإسرائيل، وتم ترسيم خط الحدود للمنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدولتين، وفقاً للمادة الأولى من الاتفاقية، عن طريق خط الوسط أو خط المنتصف Median Line، الذى تكون كل نقطة عليه على مسافة متساوية من أقرب نقطة على خط الأساس المستقيم لكلا الدولتين، إعمالاً لنص المادة (15) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

من جهته، قال اللواء سمير أحمد خليفة، الخبير البترولى فى الحدود البحرية، إن تركيا استندت فى مقترحها المرفوض من جانب وزارة الدفاع المصرية، على خط الطول الذى تنتهى عنده الحدود التركية مع «قبرص الشمالية التركية» وترى أنه بداية ترسيم الحدود البحرية مع مصر، ما يعد مخالفاً لقانون البحار الدولى. وأوضح خليفة فى تصريحات خاصة لـ«الوطن» أن تركيا ما زالت تصر على رفض ترسيم الحدود مع اليونان، وهو العائق الوحيد أمام إعادة ترسيم الحدود بين البلدين، مشيراً إلى أنه لن يتم ترسيم الحدود البحرية مع اليونان قبل حل الأزمة مع تركيا، خاصة بعد فشل المفاوضات بين تركيا واليونان بعد أكثر من 56 اجتماعاً مشتركاً لحل الأزمة نهائياً منذ 2006. وأضاف خليفة أن تركيا تصر على أن قبرص مجرد جزيرة وليست دولة، وبالتالى لا يحق لها سوى الحصول على بحر إقليمى فقط، أى لمسافة 12 ميلاً بحرياً، وتجاهلت أحقيتها كدولة عضو بالأمم المتحدة فى ترسيم حدودها البحرية مع الدول المجاورة والمقابلة، استناداً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التى تعد طرفاً من أطرافها، إضافة إلى عدم انضمام تركيا للاتفاقية ذاتها، وعدم إيداعها نقاط أساسها لدى الأمين العام للأمم المتحدة.

وأشار خليفة إلى أن كافة مناطق الامتياز التى يتم طرحها للتنقيب عن الغاز فى البحر المتوسط تكون عن طريق خرائط المساحة البحرية وبتعليمات مباشرة من وزارة الدفاع، مؤكداً أن مصر حالياً لم تدخل فى مفاوضات مع تركيا واليونان بسبب عدم اعتراف تركيا بدولة قبرص، وقال: اليونان عرضت على وزارة الدفاع المصرية 4 مناطق امتياز للتنقيب عن الغاز فى البحر المتوسط، فوافقنا على اثنتين فقط لاغير، لعدم قانونية الأخريين طبقاً لقانون البحار الدولى.

وأوضح «خليفة» أن حدود وأحكام المنطقة الاقتصادية الخالصة فى ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تنص على أن المنطقة الاقتصادية الخالصة ليست بحراً إقليمياً للدولة، وليست جزءاً من أعالى البحار التى لا ولاية لأحد عليها، فهى تجمع بين خصائص البحر والإقليم، وجاءت المادة (57) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بتحديد نطاق المنطقة الاقتصادية الخالصة، فنصت على أنه «لا تمتد المنطقة الاقتصادية الخالصة لأكثر من 200 ميل بحرى من خطوط الأساس التى يقاس منها عرض البحر الإقليمى». بينما تقضى المادة (74) من الاتفاقية بأن يكون «تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدول ذات السواحل المتقابلة أو المتلاصقة عن طريق الاتفاق على أساس القانون الدولى، طبقاً للمادة 38 من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية، من أجل التوصل إلى حل منصف»، وأوجبت المادة الرابعة من الاتفاقيات الدولية تسوية أى نزاع ينشأ حول تنفيذ هذا الاتفاق عبر القنوات الدبلوماسية بروح التفاهم والتعاون، وأنه فى حالة عدم تسوية النزاع عبر القنوات الدبلوماسية خلال مدة زمنية مناسبة، لا يتم إحالة النزاع إلى التحكيم الدولى.

«مرسى» وافق على خريطة قدمها «أردوغان» فى مارس 2012 للاستيلاء على 70 كيلومتراً من مناطق الامتياز المصرية.. و«السيسى» رفض وتابع: ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة يعنى تعيين النطاق الخارجى لها مقاساً من خط الأساس، على ألا يتجاوز 200 ميل بحرى فى حده الأقصى، سواءً أكان ذلك على خرائط، أو قوائم إحداثية، مشيراً إلى أن ترسيم حدود بين مصر والدول المقابلة والمجاورة لها بالبحر الأبيض المتوسط، لن يتم إلا بعد ترسيم الحدود البحرية بين كل من قبرص وتركيا واليونان. لافتاً إلى أن الاتفاقية المصرية - القبرصية فى شأن حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بالبحر المتوسط تم وضع نقاط أساسية لها بين الدولتين، مدعومة بالخرائط البحرية الأصلية، وتتمثل فى خط مكون من ثمانى نقاط، يبدأ بالنقطة رقم 1 غرباً مقابلاً للسواحل التركية، وينتهى بالنقطة رقم 8 شرقاً إلى جوار سواحل غزة وإسرائيل.

وقال أحمد عبدالحليم، رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الأسبق، إن اهتمامه بموضوع ترسيم الحدود بدأ منذ 2012 عندما تأكد أن هناك هجمة شرسة من البعض للتشكيك فى سلامة الحدود الاقتصادية لمصر، فضلاً عن اتهام الحكومة المصرية بالتساهل والتواطؤ مع إسرائيل وقبرص فى الاستيلاء على الغاز المصرى، وأكد «عبدالحليم» أنه وفقاً للخرائط، التى ساهم فى رسم بعضها، فليس لدينا حدود بحرية مشتركة مع إسرائيل، وحدودنا مع فلسطين المحتلة المتمثلة فى قطاع غزة، وأن ما يروجه البعض من أن إسرائيل حصلت على 200 تريليون قدم مكعب من الغاز ضمن حقول مملوكة لمصر كلام خاطئ جملة وتفصيلاً.

وأضاف «عبدالحليم»: ترسيم الحدود الاقتصادية تحكمه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتى تحدد المياه الإقليمية ثم المياه المتاخمة لمسافة ٢٠٠ ميل بحرى للمياه الاقتصادية، إذا لم يكن هناك جار، أما فى حالتنا فهناك قبرص، ولأن المسافة بين البلدين أقل من ٤٠٠ ميل بحرى رسمنا فى ٢٠٠٤ «خط منتصف» بين أقرب نقطتين من شاطئ البلدين، على أن تكون كل نقطة على طول امتداد متساوية الأبعاد، من أقرب نقطة على خطوط الشاطئ للطرفين، والشاطئان محددان وفقاً لنقاط ترسيم الشواطئ فى القانون الدولى، أى أنه ليس هناك مجال للتلاعب فى الأرقام. وقال «عبدالحليم» إن الخريطة التى يروج لها الدكتور نائل الشافعى استندت لإحداثيات خاطئة، وبالتالى فإن مواقع الحقول خاطئة، ووفقاً لهذه الخريطة فإن حقلى الغاز ليڤياثان الذى اكتشفته إسرائيل فى 2010، وأفروديت الذى اكتشفته قبرص فى 2011 باحتياطيات تُقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار، يقعان فى المياه المصرية الاقتصادية الخالصة، على بعد 190 كيلومتراً شمال دمياط، بينما يبعدان 235 كيلو من حيفا و180 كيلو من ليماسول القبرصية، وهما فى السفح الجنوبى لجبل إراتوستينس الغاطس، فى حين أن الخريطة الأصلية التى اعتمدها قانون البحار الدولى تنص على أن حقل الغاز «ليڤياثان» يقع على بعد 238 كيلو من شمال دمياط ويبعد عن حيفا 124 كيلو فقط، وتابع: حقل «أفروديت» الذى اكتشفته قبرص فى 2011 يقع على بعد 212 كيلو من شمال دمياط فى حين يبعد عن حيفا 157 كيلو فقط. معلقاً: «حتى لو صحت هذه الخرائط المزورة فإن حقل ليفياثان الإسرائيلى يصبح من حق قبرص، إذ إنه يبعد عن قبرص 170 كيلومتراً وعن مصر 190 كيلومتراً».

اتفاق الترسيم مع نيقوسيا يبدأ من النقطة 1 غرباً مقابل السواحل التركية وينتهى بالنقطة 8 مقابل إسرائيل.. وكل الدول لم تعترض وأكد «عبدالحليم» أن اتفاقية الترسيم مع قبرص بدأت من النقطة ٥٣ فى رفح، التى تحدد انتهاء الشاطئ المصرى بموجب القرار الجمهورى ٢٧ فى ٩ يناير ١٩٩٠، المودع فى الأمم المتحدة، وامتدت فى خط مستقيم حتى خط المنتصف مع قبرص، ليلتقى عند النقطة ٨، وهى نقطة التقاء حدود مصر وقبرص وإسرائيل، وجميع مزايدات البحث والاستكشاف التى طُرحت من قِبَل الدول الثلاث احترمت خطوط الترسيم، ورغم أنه لا يوجد اتفاق بين مصر وإسرائيل فإنه عند ترسيم إسرائيل حدودها مع قبرص فى ٢٠١١ انتهى خط المنتصف بينهما عند النقطة ٨، لكنها سُجلت باسم النقطة ١٢، التى تحمل نفس الإحداثيات.

وقال «عبدالحليم» إن الحديث عن إعادة ترسيم الحدود بحجة استعادة حقوق مصر المنهوبة يصب فى مصلحة تركيا، حيث يدخل ضمن نطاق حدودها حقول الغاز المملوكة لبعض الجزر القريبة منها؛ خاصة أن تركيا غير معترفة بحقوق هذه الجزر فى المياه الاقتصادية؛ ومنها جزيرة قبرص، بل ولم توقع على القانون الخاص بالأمم المتحدة عام 1982، لذا فهى المستفيد الأول من إعادة الترسيم. وتابع: كل دولة لديها حقوق اقتصادية تمتد إلى 200 ميل بحرى بعد الشاطئ الخاص بها، إلا إذا كانت هناك دولة مقابلة لها أو جزيرة تمنعها من التمتع بهذه المساحة، وهذا ما حدث مع تركيا، فأمامها عدد من الجزر اليونانية، منها جزيرة كاستلو ريزو، وعدد سكانها 240 نسمة، ومساحتها 14 كيلومتراً مربعاً، وتبعد 1.6 كيلومتر فقط عن تركيا، وجزيرة قبرص، وبالتالى لا توجد لتركيا أى حقوق تذكر فى المياه الاقتصادية، لذا تحاول عن طريق رجالها فى مصر إثارة الموضوع لدفع المسئولين للمطالبة بإعادة الترسيم وهو أمر كارثى لمصر، لأن طلب مصر إعادة الترسيم يعنى سحب اعترافها بالقانون الدولى والاتفاقية الدولية، الموقع عليها عدد كبير من دول العالم وبالتالى إلغاء الترسيم القديم.

وأضاف «عبدالحليم» أن تركيا هى الدولة الوحيدة فى العالم التى ترفض القانون الدولى لتقسيم الحدود البحرية، لأنها مضارة منه، وتسعى لاعتماد معيار غير معمول به دولياً، وهو رسم الحدود وفقاً لامتداد الرصيف القارى فى البحر، والرصيف القارى هو امتداد القارات اليابسة تحت البحر، وتسمى الصفائح القارية، منها الصفيحة الأفريقية من ناحيتنا والصفيحة الأوروبية الآسيوية من ناحية تركيا. وتابع: تركيا كانت تستهدف الحصول على دعم مصر لها أيام حكم الإخوان فى المطالبة بإقرار هذا المعيار حتى تقوى موقفها، وأن القطب الإخوانى الدكتور خالد عودة ذهب إلى أبعد مما طالب به الأتراك، فتصور الأتراك المبدئى يعطيها وقد يعطى مصر حقوقاً أكبر فى المياه الاقتصادية، أما التقرير الذى تقدم به «عودة» إلى مجلس الشورى المنحل فحرم مصر من جزء كبير من حقوقها الاقتصادية لصالح تركيا، وفى خريطته المنشورة بالصفحة 15 من تقريره يحدد خط كونتور 2000 متر تحت سطح البحر على أنه امتداد الرصيف القارى لنا، وإذا وضعنا هذا الخط على الخريطة الموجودة فى صفحة 36 من التقرير نفسه، مع عرض المزايدات التى طرحتها شركة إيجاس فى 2012 سنجد أن نصف هذه المناطق الاقتصادية المصرية خارج حدودنا.

وأكد «عبدالحليم» أن الأزمة بين تركيا وقبرص بشأن استغلال حقول النفط والغاز فى شرق البحر الأبيض المتوسط تصاعدت بعد إرسال تركيا لسفن أبحاث بالقرب من حقول الغاز الطبيعى التى تمتلكها قبرص ومنحت ترخيصاً بشأنها لشركات إينى الإيطالية وتوتال الفرنسية ونوبل إنرجى الأمريكية للتنقيب عن الغاز الطبيعى طبقاً للقوانين الدولية وقانون البحار الدولى. وأشار إلى أن إصرار تركيا على عدم الاعتراف بدولة قبرص يعطل مفاوضات ترسيم حدودها البحرية مع اليونان، وبالتالى توقفت المفاوضات بين مصر واليونان لتحديد نقطة رئيسية رسمية للحدود البحرية فى غاز البحر المتوسط.

وأضاف الخبير البترولى إن تسييس القانون والمعلومات الفنية أو التغاضى عنها لأغراض شخصية أمر خطير يهدف إلى تضليل الرأى العام، وإيهامه بأن مصر تفرط فى حقول غاز البحر المتوسط لصالح إسرائيل، وهو غير صحيح جملة وتفصيلاً، مشيراً إلى حفظ البلاغ المقدم مؤخراً للنائب العام بشأن ما تردد عن استيلاء قبرص وإسرائيل على حقلى الغاز الطبيعى «شمشون» و«أفروديت» وغيرهما، حيث أثبتت التحقيقات عدم صحة البلاغ من خلال تحريات هيئة الرقابة الإدارية، التى أكدت عدم صحة جميع الوقائع سواء فيما يتعلق بكيفية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص بمعرفة لجان فنية من وزارتى الدفاع والخارجية وشعبة المساحة البحرية وفقاً للاتفاقيات الدولية المعنية، وكما أكدت صحة موقف مصر القانونى من مسألة تعيين حدودها البحرية وأن مصر لم تفرط فى حقوقها بالبحر المتوسط وأن ترسيم الحدود مهمة اللجنة القومية للبحار.

وتابع: تسلسل الاتفاقيات والقوانين لحقول غاز البحر المتوسط تتمثل فى ترسيم الشواطئ المصرية عام 1990 وتبعها ترسيم الشواطئ القبرصية فى 1993، ثم اتفاقية غزة - أريحا عام 1994 واتفاقية نيميد عام 1999، يليها اتفاقية بريتش جاس مع السلطة الفلسطينية عام 1999، ثم قامت مصر بترسيم خط المنتصف مع قبرص فى 2004، وبعدها قامت إسرائيل بترسيم خط المنتصف مع قبرص 2011، فى انتظار ترسيم الحدود البحرية بين تركيا واليونان، لإمكانية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان بعد حل أزمتها مع تركيا. لافتاً إلى أن الحكومة المصرية نجحت فى ترسم الحدود البحرية مع اليونان من خلال مفاوضين من وزارتى الدفاع والخارجية المصريتين، لتحديد نقطة البداية من الشرق وصولاً إلى إسرائيل، وهذه حقوق مصر الاقتصادية، وفى حال تعدى أى دولة على حقوق أى دولة أخرى سيتم اللجوء إلى المحكمة الدولية، خاصة أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المبرمة عام 1982 نصت على منح كل دولة 12 ميلاً عرضاً لبحرها الإقليمى، وخصصت لها منطقة اقتصادية خالصة بعرض لا يزيد على 200 ميل بحرى يحق لها فيها استغلال الثروات وحرية الملاحة والتحليق ومد الكوابل البحرية وإقامة الجزر الصناعية وصيد الأسماك والبحث العلمى.

يذكر أن احتياطى الغاز بالمياه الإقليمية بالبحر المتوسط يصل إلى 3.4 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى، فضلاً عما يقرب من 1.7 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج، ومصر لديها حصيلة لن تقل عن 1.3 تريليون قدم مكعب من الغاز على الأقل تقع فى حدوها البحرية.

وقال مصدر مسئول بالهيئة العامة للبترول إن مصر مستمرة فى التنقيب عن الغاز فى البحر المتوسط، ولن تفرط فى حقوقها الاقتصادية والإقليمية طبقاً للخطة القومية بشأن تحقيق اكتفاء ذاتى من الغاز الطبيعى بحلول عام 2020، حيث إن مصر تمتلك 30 قطعة داخل حدود البحر المتوسط سيتم التنقيب بها عقب الاتفاق مع الشركاء الأجانب على عمليات البحث والاستكشاف، طبقاً لقواعد ترسيم الحدود البحرية والبرية مع قبرص وإسرائيل.

خريطتان تحت شعار «سرى للغاية» تؤكدان كذب مزاعم الإخوان حول التفريط فى حقول الغاز بمياه مصر الإقليمية.. وتقرير خالد عودة الإخوانى يتنازل عن نصف حقول الغاز المصرية لـ«أنقرة» وأضاف المصدر لـ«الوطن» أنه يجرى حالياً التفاوض مع عدد من الشركاء الأجانب للتنقيب عن الغاز الطبيعى فى «3» مناطق جديدة بحقول المياه الاقتصادية بالبحر المتوسط خلال 2016، لكن هناك بعض القلق لدى الشركاء الأجانب نتيجة عدم وجود برلمان، ما يعطل توقيع الاتفاقيات خوفاً من قيام البرلمان لاحقاً بتعديل بنود الاتفاقية بعد عمليات الحفر بالبحر المتوسط. وكانت هيئة البترول طرحت 8 مناطق للتنقيب فى البحر المتوسط للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) لتأمين احتياجات الأسواق المحلية من الوقود.

وأوضح المصدر أن وجود استكشافات مشتركة فى المياه الاقتصادية لا يعطل عمليات الحفر لمصر، حيث يتم اللجوء للمادة 16 فى قانون الاتفاقيات الدولية التى تنص على تقاسم الإنتاج على أن تكون عمليات سحب الإنتاج باتفاق مع الدول المشاركة، وتابع: استكشافات البحر المتوسط إذا تحققت خلال 5 سنوات بجانب استكمال مشروعات تطوير حقول الزيت الخام والغاز الطبيعى ستجنب مصر استيراد المنتجات البترولية بحلول 2020.


خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود




المصدر