الإلياذة

الإلياذة، تأليف هوميروس.



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الفصل الأول

غني يا ربة الشعر غضبة آخيل ، ابن بيليوس 1 ، وعواقبها ، التي عادت بآلاف الويلات على الآخيين ، وأودت بجموع غفيرة من أرواح الأبطال الباسلة إلى هيدز ، وخلت أجسادهم ولائم شهية للكلاب والطيور وتحقق وعد زيوس 2 5 منذ أن وقع النزاع بين ابن أتريوس ، ملك البشر ، وآخيل الرائع • فأي رب إذاً زج بهما في العراك المرير ؟ أبولو ، ابن زيوس ، وليتو ، لنقمته على المَلِك ، نشر الوباء بين الجموع، ففني الناس، 01 لأن ابن أتريوس قد أهان خروسي ، كاهن أبولو ، حين اقترب هذا من سفن الآخيين السريعة ليفتدي ابنته ، وهو يحمل ما لا يحصى من الغنائم وبين يديه ، على محفة من ذهب ، أوشحة أبولو ، الذي يضرب عن بعد 3 ، وتضرع إلى الآخيين ، 51 وعلى رأسهم القائدين ، ابنَي أتريوس : " يا ابنَي أتريوس ، ويا أيها الآخيون المدججون ، فلتمكّنْكم الآلهةُ المستوية على الأولمب من مدينة بريام لتغنموها ، ولتَظفروا بعودة سالمة إلى موطنكم بعدها • ولكن أعيدوا إليّ ابنتي ، وخذوا الفدية 20






1 تستخدم كلمة ابن كثيراً في الإلياذة. وهي توصيفية ونسبية في الوقت ذاته. ولذلك لم أر ضرورة للالتزام بالقاعدة العربية المتمثلة في حذف ألفها حين تأتي بين اسمي علم. 2 يلاحظ أن ألكسندر بوب قد وضع، بدلاً من زيوس، جوف، الذي هو زيوس، والذي لا علاقة له إطلاقاً بجو الإلياذة أو تراث اليونان. ويعلل ستفين شاكمان، المعب على الترجمة وناشرها، ذلك بأن بلوتارك في بحثه عن قراءة الشعراء يرى أن الكلمة تعنى " القدر"، حيث لم يتصور أن إلهاً يمكن أن يحمل ضغينة على البشر. بينما يرى يوستاتيوس أن الوعد هو وعد زيوس لثيتيس بأنه سيكرم ابنها بالوقوف في صف طروادة. وللتوفيق بين المعنيين يجب أن ينفذ زيوس ما رسمه القدر بتوفير الذرائع. 3 لقد التبس المر على بعض المترجمين. فالأوشحة العائدة لأبولو، والتي يحملها الكاهن تعطيه حصانة مضاعفة. ولكن بعضهم ترجم الأوشحة "قوساً"، واعتبر أن تعبير" يضرب عن بعد" يعود للقوس. وما أراه هو أن التعبير يعود على الإلة أبولو، الذي يضرب عن بعد، كما يفعل أبوه زيوس. وهو ما يتبين في أكثر من مكان في الإلياذة. ولعل أحد أسباب الالتباس هو أن كلمة الوشاح في اللغة العربية تعني القوس، وتعني السيف، كما جاء في لسان العرب. ولكن هذا لا ينطبق بالضرورة على اللغات الأخرى. وقد ترجمها الكسندر بوب " الصولجان وإكليل الغار". وهذا وارد أيضاً. والمهم أن الرجل يحمل معه رمزاً من رموز أبولو. حيث كان لكل إله رمز يدل عليه.





فتكونوا قد كرّمتم أبولو ، ابن زيوس الذي يضرب عن بعد " • هلل الآخيون جميعاً موافقين على أن يُكرّم الكاهن ، وتؤخذ الفدية المبهرة • لكن هذا لم يهدّئ قلب أغاممنون ، ابن أتريوس • بل طرده بقسوة وأمره بصرامة حاسمة : 25 " لا تدعني أراك ثانية ، أيها العجوز ، قرب سفننا الخاوية • فلا تتلكأ الآن ، ولا تعد مرة أخرى إلى هنا • خشية أن لا يحميك صولجانك ولا أوشحة الإله بعد اليوم • لن أعيد الفتاة • وسرعان ما ستشيخ في بيتي ، في آرغوس ، بعيداً عن موطنها 30 وهي تكدح 4 على النول ، وتشاركني فراشي 5 • فلتذهب الآن ، ولا تثر غضبي ، فذلك أكثر أماناً لك " • ولما فرغ من كلامه 6 ، انصاع العجوز مرعوباً • وابتعد بصمت على شاطئ البحر المهمهم • واستغرق العجوز في صلاته ، وهو يمشي وحيداً ، 35 للملك أبولو ، الذي حملته ليتو ذات الشعر الجميل : " اسمعني يا ذا القوس الفضية ، يا من تفرض سلطانك على خريسي وكيلا المقدسة ، يا من تفرض سطوتك القوية على تينيدوس ، إن كان سَرَّك ، يا سمينثيوس 7 ، أنني بنيت معبدك وإن كان قد سرك أنني أحرقت الأفخاذ السمينة 8 40 للعجول والتيوس ، فحقِّقْ لي هذه الرغبة التي أتضرع إليك بها • وليدفع الدانانيون ثمن دموعي المنهمرة بفعل سهامك 9 " • هذا ما قاله في صلاته • وقد سمعه فويبوس أبولو






4 كانت الحياكة عل النول الشغل الأساس لنساء اليونان. والتعبير الذي ترجمناه تكدح " هو " تصعد وتنزل على النول". وهذا يدل على كبر النول وارتفاع بعض أجزائه الأمر الذي يجبر الحائكة على الصعود والنزول. 5 أعُتبر هذا الكلام عن البنت أمام أبيها أمراً شنيعاً. وهذه بداية توصيف شخصية أغاممنون من قبل هوميروس. 6 الصيغة المعتمدة في الإلياذة هي "هكذا قال". ولكنني فضلت اعتماد صيغ أخرى من بينها الصيغة الرائجة في ملاحمنا الشعبية "ولما فرغ من كلامه". وفي أمكنة أخرى" هكذا قال "أو" وحين قال ذلك" ، وكلها في النص تعبير واحد. 7 هي كلمة متبقية من اللغة الكريتية. وتعني " الإله الفأر" . وكان يعتقد أن اسم أبولو باق من الزمن الذي كان يعبد فيه بهيتئه الحيوانية. وكذلك كانت هيرا تعبد بوصفها بقرة، وأثينا بوصفها بومة. وترتبط الفئران في الأذهان مرض الطاعون. وكان الفيليستيون يصورون بالذهب صوراً للفأرة تجنباً للطاعون أو من أجل التخلص منه. 8 كانت الطقوس تتضمن فرك عظام الأضحيات بالدهن، ثم حرقها. 9 يطلق أبولو سهامه لكي ينشر الطاعون.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 25

فنزل عبر قمم الأولمب ، والغضب 45 يترع قلبه ، وهو يحمل قوسه وكنانته المغطاة على كتفيه ، والسهام تصلصل فوق كتفي الإله السائر بغضب • جاء كما يهبط الليل ، وركع على مبعدة وأطلق سهماً • وحين أنبض القوسَ الفضية كان الصوت رهيباً • لحق في البدء بالبغال والكلاب الهائمة ، ثم أطلق 50 سهماً شارخاً على الرجال أنفسهم وضربهم • وتأججت نيران حرق الموتى دون توقف • تسعة أيام والجيش عرضة لسهام الإله ولكن في اليوم العاشر دعا آخيل 10 قومه إلى اجتماع • أمرٌ ما ورد إلى ذهنه من الربة هيرا ذات الذراعين الأبيضين، 55 والتي أدركتها الشفقة على الدانانيين وهي تراهم يموتون • وفيما هم محتشدون في مكان واحد ، وقف بينهم أخيل ، ذو القدمين السريعتين ، وبادر بالقول : " يا ابن أتريوس • أعتقد أننا سنتقهقر ونعود إلى أوطاننا ، إذا استطعنا النجاة من الموت • 60 وإذا ما كان القتال ومعه الطاعون سيسحقان الآخيين • فلنتوجه بالسؤال إلى أحد التقاة ، أو الأنبياء ، أو حتى مفسر أحلام ، حيث أن حلماً قد ورد من زيوس أيضاً ، يمكن أن يوضح لنا سبب غضب أبولو ؛ أكان ذلك من أجل نذر ما ، أو بسبب الأضحية 11 يلومنا • 65 فلعله ، إن وصله شذى دخان الخراف والتيوس ، سيقبل أن يحول لعنته عنا " •






10 إن آخيل هو الذي يدعو إلى الاجتماع. وبذلك فهو يعرض نفسه لغضب أغاممنون. 11 كانت التضحية تتضمن ذبح مئة ثور. وأينما وردت كلمة "أضحية" فهذا العدد هو المقصود.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 26

ولما فرغ من كلامه عاد إلى الجلوس ، فنهض من بينهم كالخاس بن تيستور ، المشهور بفهم الطيور ، والعارف بكل ما كان ، وما سيكون والأمور السالفة ، 07 والذي وجّه سفن الآخيين 12 إلى أرض إليون بعرافته التي وهبه إياها فويبوس أبولو • وبحسن نية تجاه الجميع وقف وخاطبهم : " لقد دعوتني ، يا آخيل حبيب زيوس ، لكي أفسر لك هذا الغضب من أبولو ، الرب الذي يضرب عن بعد • 75 ولذا سأتكلم • ولكن عِدني ، وأقسم أمامي معلناً عن استعدادك للدفاع عني قولاً وفعلاً • لأنني أعتقد أنني سأُغضب من يتولى المُلْك القوي على أهل أرغوس ، ويدين له الآخيون كلهم بالطاعة والولاء • فالمَلك يكون في منتهى القوة حين يغضب ممن هو أدنى منه • 80 وحتى لو افترضنا أنه سيكتم غضبه اليوم فإنه يظل يحتفظ بضغينته ، إلى أن ينفّس عنها ، في أعماق قلبه • فتكلم الآن ، وقل إن كنت ستحميني "• وتحدث آخيل ذو القدمين السريعتين مجدداً ، رداً على ذلك " تكلم • وفسر كل شيء • ولا تخف • 85 فبحق اسم أبولو ، الذي هو حبيب زيوس ، والذي تقدم له صلواتك يا كالخاس ، حين تفسر إرادة الرب للدانانيين ، طالما أنا حي وأرى ضوء النهار ، ما من رجل على وجه الأرض ، سيمد يده عليك قرب السفن الخاوية ؛ لا أحد من الدانانيين ، ولا حتى لو كنت تعني أغاممنون 90






12 كان كالخاس نبي الجيش اليوناني منذ البداية. وهو الذي قام بتوجيه سفنهم نحو طروادة قبل تسع سنوات.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 27

الذي يتبوأ الآن أعلى مكانة بين الآخيين " • بهذا تشجع العراف المصان وتكلم : " لا • ليس من أجل نذر أو أضحية يلومنا • بل يلومنا من أجل كاهنه الذي أذله أغاممنون ولم يقبل بإرجاع ابنته له ، ولم يقبل فديته • 95 ولهذا بدأ الرامي يطلق علينا مصائبه ، وسيتابع إطلاقها ، ولن يحجب طاعونه المذل عن الدانانيين ما لم نُعد الفتاة ذات الطرف اللماح إلى أبيها دون مقابل ، ودون فدية ، مع تقديم أضحية مباركة إلى خروسي • بهذا يمكن أن نسترضيه ونقنعه " • 100 ولما فرغ من كلامه جلس ، فوقف من بينهم ابن أتروس ، أغاممنون البطل واسع السطوة ، وهو يغلي غضباً ، وقلبه مترع بسواد السخط ، وعيناه تقدحان شرراً • تطلع أولاً إلى كالخاس ، وخاطبه معنفاً : 105 " يا عراف السوء • ما سبق لك في عمرك أن قلت لي ما فيه الخير • الشر هو الأقرب إلى قلبك في النبوءة • ولكنك لم تقل يوماً شيئاً مجيداً ، ولم تفعله • وهاأنت مرة أخرى تلقي بتكهناتك بين الدانانيين ، وتقدم لهم تفسيرك للسبب الذي يجعل الرامي عن بعد يستهدفهم 110 فتراه لأنني من أجل البنت خروسييس 13 لم أتقبل الفدية المغرية • والحق أنني أرغب كثيراً في الاحتفاظ بها في بيتي ، حيث أنها تستهويني أكثر من كلوتيميسترا






13 ليس خروسيس اسماً فعلياً. إنه " ابنة خروسي". وهو ما تحول فيما بعد إلى كريسيدا.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 28

زوجتي • وهي في الحقيقة ليست أقل منها في شيء • لا في البنية ولا في الشكل ولا في الذكاء ، ولا في الشغل 14 • 115 ومع ذلك فأنا راغب في إعادتها إن كان هذا هو الحل الأمثل • لأنني ساع إلى سلامة شعبي ، وليس إلى فنائه • فابحثوا لي عن مكافأة مقابلة تكون لي ، لئلا أكون الوحيد بين الآخيين الذي يخرج بلا غنيمة ، وهذا لا يليق • وأنتم ، جميعاً ، شهود على أنني أفقد غنيمتي " • 120 ورداً على ذلك تكلم ثانية آخيل الماجد ذو القدمين السريعتين : يا ابن أتريوس المبجل ، والأكثر اشتهاء للمكاسب بين الرجال • كيف للآخيين الطيبين أن يعطوك الآن غنيمة ؟ إذ لا أعرف أن هناك كماً كبيراً من الأشياء مخزون لدينا وكل ما غنمناه من المدن 15 قد تم توزيعه 125 وليس من اللائق استعادة ما مُنح • فأعدِ البنت هبة للإله ، ونحن ، الآخيين ، سنعوضك ثلاثة أضعاف أو أربعة ، إذا مكننا زيوس من حصن طروادة المنيع واستبحناه " • وثانية تحدث أغاممنون رداً على ذلك : 130 " ما هكذا يا آخيل الشبيه بالآلهة ، رغم كونك محارباً مجيداً • إنك تجهد كي تغش • ولكنك لن تخدعني • ولن تقنعني • ما الذي ترمي إليه ؟ أن تظل محتفظاً بغنيمتك ، وأظل هنا دون غنيمة ؟ أوتأمرني بإعادة الفتاة ؟ إما أن يعطيني الآخيون الطيبون غنيمة جديدة 135 أختارها وفق هواي تعويضاً عن الفتاة التي أخسرها ،






14 في بناء شخصية أغاممنون الدرامية يقع هنا في الخطأ الثاني (بعد إهانته لخروسيس)، إذ يقارن بين زوجته وجارية. 15 كان اليونانيون يغيرون على المدن المجاورة خلال حصارهم لطروادة.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 29

وإلا ، إن لم يعطوني ، فسآخذ بنفسي غنيمتك أنت ، أو غنيمة أياس ، أو غنيمة أوليس 16 و 17 • وسأفعل ذلك بنفسي • والذي أذهب إليه سيكون الخاسر • ولكن هذه أمور سنتداولها فيما بعد • 140 فتعالوا الآن • علينا أن ننزل سفينة سوداء إلى البحر المتألق ، ونحشد لها ما يكفي من المجذفين ، ونضع على متنها الأضحية ، والفتاة نفسها ، خروسييس ذات الخدين الجميلين • وليكن واحدٌ فقط مسؤولاً عنها ، إما أياس أو إيدومينوس أو أوليس العظيم ، 145 أو أنت يا ابن بيليوس ، الأرهب بين الرجال 18 ، لاسترضاء الرامي 19 بتقديم الأضحية " • فنظر إليه آخيل ذو القدمين السريعتين شزراً وقال : " أيها الملفع بقلة الحياء ، المنشغل أبداً بالمغانم • كيف يمكن أن يطيعك أي آخيّ 150 سواء في الارتحال أو في القتال ؟ من جهتي أنا لم آت هنا من أجل أن أحارب الكماة الطرواديين ، فهم بالنسبة لي لم يفعلوا شيئاً • لم يشتتوا قطعاني ولا خيولي • ولم يفسدوا محاصيلي في فثيا حيث التربة خصبة 155 والرجال يشبون بعظمة ، إذ تفصل بيننا الآماد ، الجبال الغامضة والبحر العاتي ، بل من أجلك أنت 20 ، يا أيها القحّة الكبيرة • تبعناك ، لنقدم معروفاً لك ، يا ذا العينين الكلبيتين ، لاسترداد شرفك وشرف مينيلاوس






16 اللفظ الحقيقي لاسمه هو أوديسيوس ( ومن هنا يأتي اسم الأوديسة). ولكنني فضلت استخدام "أوليس" لأنه الأكثر شيوعاً بالنسبة للقارىء العربي. 17 كان لكل قائد سبيّة تعتبر غنيمته الخاصة به. ومن الواضح أن القادة الكبار الآن هم الأربعة المذكورون : آخيل وأغاممنون وأياس وأوليس. 18 في العبارة، كما يرى ميلكوك، تعريض بآخيل يقصد به أنه الأرهب لشدة طمعه. وهذا ما يثير رد آخيل الغاضب. ولكن ميلكوك يعلق على رد آخيل التالي بأن تلك الحدة من سمات آخيل الدائمة. 19 المقصود بالرامي هو أبولو. 20 يشير آخيل إلى سبب الحرب. فأغاممنون آت لاسترداد هيلين زوجة أخيه مينيلاوس، التي اختطفها باريس. والآخرون جاؤوا لنصرة أغاممنون الملك العظيم.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 30

من الطرواديين • وأنت تنسى ذلك كله ولا تهتم لشيء • 160 وتكون مكافأتي الآن أن تهددني شخصياً بأن تجردني من هبة أبناء الآخيين ، التي كانت ثمرة جهودي • وأنا الذي لم يسبق لي ، حين سلب الآخيون حصناً منيعاً من الطرواديين ، أن أخذت غنيمة تعادل الغنيمة التي تأخذها أنت ، ودائماً كان القسط الأعظم من القتال الضاري 165 على يديّ • ولكن حين يأتي وقت توزيع الغنائم تكون غنيمتك هي الأكبر بما لا يقاس ، بينما أعود إلى سفينتي مرهقاً من القتال ، ومعي الغنيمة الأصغر ، ولكنها عزيزة عليّ • سأعود الآن إلى فثيا ، لأنه من الأفضل كثيراً أن أعود بسفني المقوسة • فأنا لم أعد معنياً 170 بالبقاء مهاناً وأنا أُراكم لك ثرواتك ، وأزيد من ترفك " • فردعليه بدوره سيد الرجال أغاممننون قائلاً : " فلتهرب إذاً إن كان قلبك يطاوعك • ولن أطلب منك البقاء من أجلي • فمعي آخرون يشرّفونني • وعلى رأسهم زيوس رب المجالس • 175 ولأنت عندي أكره الملوك الذين تحبهم الآلهة • لقد كان الشجار دائماً محبباً إليك ، وكذلك الحروب والمعارك • وإذا كنت فعلاً قوياً جداً فتلك هبة من الإله • فلترجع إذاً بسفنك ومرافقيك • وابق ملكاً على المورميدون • فلست مهتماً بك • 180 ولست أحسب حساباً لغضبك • ولكن هاك تهديدي : حتى وفويبوس أبولو يأخذ مني خروسيسي









رقم صفحة الكتاب الورقي: 31

فإنني سأعيدها على سفينتي مع أتباعي • ولكنني سآخذ جميلة الخدين بريسيس ، سبيتك • سأذهب بنفسي إلى مأواك لكي تعرف جيداً 185 كم أنا أعظم منك • وإن أي إنسان آخر سيحجم عن التشبه بي والوقوف في وجهي " • ولما انتهى من كلامه شب الغضب لدى ابن بيليوس وفي صدره الخشن انفلع قلبه نصفين ، متردداً بين أن يمتشق عن جانب فخذه سيفه البتار ، 190 دافعاً كل من يقف بينهما ليقتل ابن أتريوس ؛ وبين أن يكبت غيظه ، ويكبح جماح غضبه • وفيما كان يقلب الأمرين في قلبه وروحه ، وقد كاد أن يستل سيفه العظيم من غمده ، هبطت أثينا 21 من السماء • لقد أرسلتها هيرا بيضاء الذراعين 195 التي تحب كلا الرجلين من كل قلبها ، وتهتم لأمرهما 22 • وقفت الربة وراء ابن بيليوس وأمسكت به من شعره الأشقر ، وهي لا تظهر إلا له ، إذ لم يرها أي شخص آخر • والتفت آخيل مندهشاً • وسرعان ما عرف بالاس أثينا ، فالتمعت العينان الرهيبتان 200 وقال لها بكلمات مجنحة 23 : " وأنت تجيئين أيضاً يا ابنة زيوس المحصن ؟ ألكي تري شطط أغاممنون ، ابن أتريوس ؟ ولكنني أقول لك إن ما سيحدث هو أنه بسبب حماقة صلفة منه قد يفقد حياته






21 ألكسندر بوب يسميها منيرفا المرسلة من قبل جوف، وهي زوجته وأخته. ويجب أن نلاحظ أن تعبير" زوجته وأخته" مرتبطة بالتراث الفرعوني، ولكنها مرتبطة أيضاً بالتراث اليوناني، كما سترى لاحقاً في أكثر من مكان. "لقد نزلت من السماء لكي أهدىء من غضبك". 22 تظهر الآلهه لمن يريدون. ولا يراهم إلا من يريدونه أن يراهم. وكل من الآلهه يناصر، أو تناصر، شخصاً أو قوماً وتؤمن الحماية والرعاية. ولكل إله مهمة محددة. وكلهم يتمتعون بقوى خارقة. وقد يتضامن إلهان مع خصمين . فيخوض الخصمان معركتهما نيابة عن الآلهة. فأثينا هنا مناصرة لليونانيين. وهي تمارس أفعالها من خلال أوليس وآخيل وديو ميديس. وفي هذا الموقف تريد من آخيل أن يضبط أعصابه. 23 بما أن الكلمات تنتقل عبر الهواء إلى أن أذن السامع، فهي تطير. وتعبير " الكلمات المجنحة" كثير التردد في الإلياذة.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 32

ورداً على ذلك قالت له الربة ذات العينين الشهلاوين : ولكن هل ستطيعني 24 ؟ إن هيرا ذات الزندين الأبيضين أرسلتني ، وهي التي تحبكما كليكما ، وتعتني بكما على قدم المساواة • فتعال • لا تستل سيفك • وابتعد عن العراك • 012 مع أنك تستطيع أن تحقّره بالكلمات ، وسيسوى الأمر على هذا النحو • ودعني أقول لك ، وهو ما سيتحقق • ذات يوم ستُعوّض بهبات رائعة تعادل ثلاثة أضعاف ذلك ، بسبب هذه الشجاعة التي تبديها • فأرجع يدك وأطعنا • ورداً على ذلك قال آخيل ذو القدمين السريعتين : 215 " من الضروري أيتها الربة أن أطيع قولكما 25 ، مع أن الغضب يملأ قلبي • فهذا هو الأفضل • فإذا أطاع المرء الآلهة ، ضمن أن تستمع إليه بدورها " • قال ذلك ، ووضع يده على المقبض الفضي لسيفه ، وأعاد النصل الثقيل إلى الغمد ، ولم يعصِ 220 كلام أثينا • فعادت إلى الأولمب إلى بيت زيوس ذي الدرع ، مع بقية الآلهة • ولكن ابن بيليوس ، وبكلمات حاسمة ، تحدث إلى الأتريدي 26 ، ولم يترك العنان لغضبه : " أنت يا ضرف الخمر ، يا ذا العينين الكلبيتين ، وحامل قلب الغزال ، 225 إنك لم تتملك الشجاعة يوماً لحمل السلاح مع قومك لخوض معركة ، أو للمشاركة في كمين مع خيرة الآخيين • أبداً • ففي أمور كهذه لا ترى إلا الموت • والأفضل ، حسب تقديرك ، وهذا ينطبق على تعاملك مع جموع الآخيين الغفيرة ،






24 يعلق ويلكوك على هذه العبارة بأن الربة لا تستطيع أن تفرض على الإنسان ولكنها تطلب منه أن يطيعها. فالقرار هو قرار الإنسان. 25 يقصد كلامها وكلام هيرا التي أرسلتها. 26 هي طريقة خاصة بالتعبير الهومري. والمقصود ابن أتريوس.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 33

أن تأخذ غنائم كل من يتكلم ضدك 230 أيها الملك الذي تتغذى على شعبك • أنت ترى أنك تحكم الإمّعات • وإلا لكانت هذه ، يا ابن أتريوس ، آخر ادعاءاتك بالشجاعة • لكنني أقول لك ، وأقسم على ما أقول قسماً عظَماً : باسم هذا الصولجان 27 ، الذي لن يورق أو يفرع ثانية ، بعد أن غادر جذعه في الجبال ، 235 ولن يزهر ثانية بعد أن جرده النصل البرونزي من ورقه ولحائه ، وصار أبناء الآخيين يحملونه في أيديهم رمزاً للسلطة ، وهم يحققون عدالة زيوس ، وسيكون هذا قسماً لازباً أمامك : سيأتي يوم على أبناء الآخيين جميعاً يحتاجون فيه 240 إلى آخيل • ومع أنك ستكون في ضنك شديد وأنت غير قادر على أن تفعل شيئاً ، وهم ، بأعدادهم الغفيرة أمام هكتور السفاح ، يتساقطون ويموتون • وعندها سيأكل الحزن قلبك لأنك لم تقدّر أفضل الآخيين " • وبعد أن أنهى ابن بيليوس كلامه ألقى إلى الأرض بالصولجان الكبير 245 المرصع بالمسامير الذهبية ، وعاد إلى الجلوس • ولكن الأتريدي كان ما يزال يغلي غضباً في الطرف الآخر • ونهض بينهما نيستور المفوّه والمتحدث الألمعي الذي تتدفق الكلمات من بين شفتيه أحلى من العسل • خلال أيام عمره فني جيلان من البشر : 250 الذين ترعرعوا معه ، والذين ولدوا لهؤلاء في بولوس المقدسة ، وصار ملكاً مع الجيل الثالث •






27 كانت العادة أن يمسك المتحدث في الجمع بيده صولجاناً. ويكون من الخشب.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 34

وقف ، هو الذي يكنّ الود لكليهما ، وخاطبهما : " يا للعار • إن حزناً قاتماً يخيم على أرض آخيا • الآن يجب أن يكون بريام وأولاد بريام سعداء ، 255 ويجب أن يدب السرور في قلوب الطرواديين جميعاً ، لو أنهم يسمعون شجاركما هذا • أنتما المتفوقان على الدانانيين جميعاً في حصافة الرأي وفي القتال • ولكن اسمعا كلامي • فكِلاكما أصغر مني سناً • وخلال حياتي تعاملت مع رجال أفضل منكما • 260 ولم يحدث أن استهانوا بي • لم أر ، ولن أرى ثانية ، رجالاً مثلهم • أولئك الرجال من أمثال بيريثوس ودرواس ، راعي الرعية ، وكينيوس وإكساديوس وبولوفيموس ، الشبيه بالإله ، أو ثيسيوس ، ابن إيجيوس ، الأشبه بالآلهة الخالدين 28 • 265 أولئك كانوا أقوى جيل على وجه الأرض • كانوا الأقوى • وقد حاربوا الأقوى ، الرجال المتوحشين 29 الذين يعيشون في الجبال ، وبددوا شملهم شر تبديد • وكنت بصحبة أولئك الرجال ، قادماً من بولوس النائية لأنهم طلبوني • 270 وقد قاتلت مستقلاً • ولكن في وجه أناس كهؤلاء ما من بشر على وجه الأرض يستطيع أن يخوض حرباً • ومع ذلك كانوا يستمعون لمشورتي ويطيعون أمري • فهل ستطيعانني أيضاً طالما أن الاقتناع هو الأفضل ؟ أنت ، لكونك الرجل العظيم ، لن تأخذ الفتاة • 275






28 أولئك هم شعب اللابيثيين. وكان بيريثوس ملكهم. وتلك هي المرة الوحيدة التي يرد. فيها ذكر ثيسيوس في الإلياذة. ويُعتقد أن هذا البيت قد أضيف إل الملحمة بعد هوميروس. 29 المعتقد أن المتوحشين هم شعب القنطور (أو السنتور). وهو كائن خرافي نصفه بشر ونصفه حصان. والقنطور محب للخمور والنساء. ويقال إن هذا العشب كان يعيش في تساليا. وكان كثير الشغب مستمرئاً إثارة الحروب.




رقم صفحة الكتاب الورقي: 35

دعها غنيمة له ، كما أعطاه إياها الآخيون • وأنت يا ابن بيليوس ، ليس عليك أن تنازع الملك • فالمجد الذي يمنحه زيوس للملك ذي الصولجان لا يشابهه مجد إنسان آخر • ومع أنك الرجل الأقوى ، وأمك التي حملتك خالدة ؛ 280 إلا أنه الأعظم ؛ لأنه يحكم على عدد أكبر مما تحكم أنت • سيطر على غضبك يا ابن أتريوس • وحتى أنا أطلب منك أن تتخلى عن تحاملك على آخيل ، الذي هو ملاذ الآخيين العظيم في الحرب "• فتكلم أغاممنون القوي ثانية يرد عليه : 285 " كل ما قلته يا سيدي الموقر جميل وحق • ولكن ثمة رجل يطمح أن يكون فوق الجميع • ويرغب في السيطرة على الجميع ، وأن يكون سيد الجميع ، ويملي عليهم أوامره • ولكن سيظل هناك واحد لن يطيعه بالتأكيد • وإذا كانت الآلهة الخالدة قد جعلته الرمّاح ، 290 فإنها لم تعطه الحق في أن يهين الآخرين بكلامه البذيء " • وأجابه آخيل ، وهو يتطلع إليه شزراً : لا بد أن أُعتبر عديم القيمة وجباناً إن أنا نفذت كل أمر يصدف أن تصدره إلي • أطلب من الرجال الآخرين أن ينفذوا أوامرك • أما أنا فلا تلق علي 295 بأوامرك بعد الآن ، لأنني لا أنوي أن أطيعك • وضع نصب عينيك هذا الأمر الآخر الذي سأقوله لك : لن أقاتل بزندي من أجل الفتاة ، لا معك ، ولا مع أي إنسان آخر ؛









رقم صفحة الكتاب الورقي: 36

طالما أنك أنت الذي تأخذ ما سبق أن أعطيت • ومن الأشياء الأخرى التي تخصني بالإضافة إلى سفينتي السوداء 300 لن تأخذ أي شيء دون رغبتي • فهيا • حاول فقط • كي يرى هؤلاء الحضو ر كيف أن دمك الأسود سينسفح على الفور برأس حربتي " • وهكذا ، بعد أن تشاحن هذان الاثنان بالكلمات ، نهضا، فأنهيا الاحتشاد القائم قرب سفن الآخيين• 503 عاد ابن بيليوس إلى سفنه الراسية ، ومقره مع باتروكلوس ، ابن مينويتيوس ، ومرافقيه الآخرين • ولكن ابن أتريوس أنزل سفينة سريعة إلى الماء وحملها بعشرين مجذفاً ، وحمّل معهم الأضحية للإله ، وهو يسحب خروسي ذات الخدين الجميلين 310 بيده • وكان الآمر أوليس الداهية • وبعد الانتهاء من ذلك انطبق هؤلاء على وجه الماء ، بينما كان ابن أتريوس يطلب من قومه أن يتطهروا من دنسهم 30 • فاغتسلوا وألقوا بغُسلهم في البحر المالح • ثم قدموا أضحية كبيرة لأبولو 315 من العجول والتيوس على شاطئ البحر المجدب المالح • وتصاعدت روائح الشواء نحو السماء الصافية في دوائر • هكذا كانوا منشغلين في الجيش • ولكن أغاممنون لم يتخلّ عن غضبه ، وعن التهديد الأول الذي وجهه إلى آخيل • فأعطى أوامره إلى تالثوبيوس ويوروباتيس ، 320 اللذين كانا رسوليه وخادميه الدؤوبين :






30 ينهمك الجيش في عمليات التطهير بعد الطاعون.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 37

" اذهبا الآن إلى مقر ابن بيليوس ، آخيل ، واجلبا بريسيس ذات الخدين الجميلين ، وشدّاها بأيديكما • وإذا لم يقبل بتسليمها سأذهب بنفسي لجلبها بيدي ، وورائي رجال كثيرون ، وسيلاقي ما هو أسوأ " • 325 وأرسلهما بعد قوله هذا محملين بأوامره المشددة • وذهبا ، دون رغبة منهما ، بمحاذاة شاطئ البحر المجدب المالح ، ووصلا إلى مآوي المورميدون وسفنهم • ووجدا الرجل نفسه جالساً بجانب مقره وسفينته السوداء • ولم يشعر آخيل بالسرور لرؤيتهما • 330 وقف الاثنان الخائفان والمذعوران من الملك ينتظران بهدوء • ولم ينبسا بكلمة أو يطرحا عليه سؤالاً • ولكنه أحس في أعماقه بالأمر كله ، فكان البادئ بالحديث : " مرحباً بالتابعين ، ورسولي زيوس والبشر الفانين • اقتربا • فلستما الملومين في نظري • بل الملوم هو أغاممنون 335 الذي أرسلكما من أجل الفتاة بريسيس • قم إذاً يا باتروكلوس الملهَم ، واجلب الفتاة • وأعطها لهذين ليأخذاها • ولكن فليكونا شاهدين أمام الآلهة المباركة ، وأمام البشر الفانين وأمام هذا الملك الشرس ، أنه حتى لو حدث بعد الآن 340 أن تلمسوا الحاجة إلي أن أرد الدمار المخزي عن بقية الجيش فلن ألبي • فهو بقلبه الهدّام مستعد للتضحية بالآخرين • وليس لديه من الفطنة ما يساعده على النظر وراءه أو أمامه ، بحيث لا يباد الآخيون الذين يقاتلون إلى جانب سفنهم " •






رقم صفحة الكتاب الورقي: 38

وبعد أن انتهى من كلامه أطاع باتروكلوس رفيقه العزيز • 345 وقاد بريسيس ، جميلة الخدين ، من كوخها وأعطاها لهما ليأخذاها 31 • فعادا بها سائرين إلى جانب سفن الآخيين وسارت الفتاة معهما مرغمة • ولكن آخيل بكى • وبأسى اعتزل مرافقيه ، وجلس قرب شاطئ البحر الرمادي ، وشرد مع المياه اللامتناهية • 350 ومرات عديدة كان يمد يديه وهو ينادي أمه 32 : " بما أنك قد حملتني ، يا أماه ، لكي أكون ذا عمر قصير ، فإن على زيوس ، ذي الرعد القاصف ، المستوي على الأولمب أن يهبني الكرامة على الأقل • ولكنه لم يعطني حتى القليل منها • إن ابن أتريوس ، أغاممنون القوي ، 355 قد أهانني بأخذه غنيمتي والاحتفاظ بها لنفسه " • كان يقول ذلك من بين دموعه ، وسمعته السيدة أمه ، وهي جالسة في أعماق البحر قرب والدها العجوز • وبخفة ظهرت مثل الضباب خارجة من المياه الرمادية • جاءت وجلست بجانبه وهو يبكي ، وربتت عليه 360 بيدها ونادته باسمه وحدثته : " فيم بكاؤك يا بني ؟ أي حزن حل بقلبك الآن ؟ قل لي ، ولا تحبس همك في صدرك ، لكي أعرف ما تعرف " • فأجابها آخيل ذو القدمين السريعتين وهو يتنهد من أعماقه : " أنت تعرفين • ففيم علي أن أقول لك الأمر كله ؟ 365 لقد أغرنا على ثيبة 33 ، مدينة إيتون المقدسة • نهبنا المدينة وجلبنا كل شيء إلى هنا •






31 يلاحظ ستيفن شانكمان، ناشر ترجمة الكسندر بوب والمعلق على هوامشها، ملاحظة ذات أهمية. فهذه الحرب تقوم من أجل امرأة. وبطلا الإلياذة، آخيل وأغاممنون، يتشاجران من أجل امرأة. وأغاممنون الذي يقود الجيوش للثأر لامرأة مختطفة، أو مغتصبة، هي هيلين، يقوم هو نفسه بانتزاع المرأة من آخيل. ويستشهد بملاحظة لمدام داسييه مفادها أن أغاممنون يبدو عاشقاً لسبيته إلى درجة المفاضلة بينها وبين زوجته. بينما لا ينظر آخيل غلى سبيته إلا على أنها رمز لمجده ولغنائمه من الحرب. إنها الهبة التي فاز بها. وعند الحديث عنها لا يقول إلا أنها فاسدة أو أمة أو مكافأة من الغزو، منحها له قومه عند توزيع الغنائم. 32 أم آخيل هي ثيتيس، ربة البحر، أو نيريد (حورية). وهي ابنة نيريوس. وزواج بيليوس وثيسيس يشكل الأسطورة الأقوى في الميثولوجيا اليونانية. فقد حضر الآلهة كلهم هذا الزفاف. ولم يرزق الزوجان إلا بولد وحد هو آخيل، الذي قدر له الآلهة أن يموت شاباً. ولم تعد ثيسيس تعيش مع زوجها العجوز. بل عادت إلى البحر. 33 كان يجب أن تكتب " طيبة"، فهذا هو لفظها الصحيح. ولكن لكي لا يُلتبس بينها وبين طيبة الشهيرة فضلنا هذه الصيغة. (راجع مادة " ثيبة" في القاموس الملحق).


رقم صفحة الكتاب الورقي: 39

وأجرى أبناء الآخيين توزيعاً عادلاً ، فاختاروا خروسي ذات الخدين الجميلين لابن أتريوس• 370 ولكن خروسيس ، كاهن أبولو ، الذي يضرب عن بعد ، جاء إلى محاذاة السفن السريعة للآخيين المدرعين بالبرونز 34 ، ليفتدي ابنته ويستعيدها ، حاملاً هدايا لا تحصى وبين يديه أوشحة أبولو ، الذي يضرب عن بعد ، ملفوفة على وعاء من ذهب ، وراح يتضرع إلى الآخيين 573 وإلى ابنَي أتريوس ، قائدي القوات ، بشكل خاص • فهلل جميع الآخيين موافقين على أن يُعامل الكاهن باحترام ، وتُقبل الفدية • لكن ذلك لم يرُق لابن أتريوس ، أغاممنون • فصده بقسوة ، وطرده بأمر صارم • وعاد العجوز غاضباً • ولكن أبولو 380 أصغى لصلواته ، لأنه كان غالياً على قلبه ، وأطلق السهم الشرير 35 على الأرجيفيين • وراح الناس يموتون واحداً بعد الآخر ، وسهام الإله تتناثر في كل مكان بين الآخيين ، إلى أن فسّر الكاهن الذي يعرف الحقيقة جيداً مقاصد الرامي • 385 وكنت أنا أول من حض على مراضاة الإله • فتملك الغضب نفس ابن أتريوس • وسرعان ما وقف ليطلق تهديداته لي ، وقد حققها الآن • فالفتاة التي يأخذها الآخيون ذوو النظرات الثاقبة إلى خروسي في سفينة سريعة ، تحمل معها هدايا للملك أيضاً •






34 سنلاحظ الكثير من التكرار في إعادة سرد الأحداث ذاتها. ولكن علينا أن لا ننسى أن المفروض أن هذه الملحمة كانت تغنى ارتجالاً، أو هي من التراث الشفوي. ومن سمات هذا التراث أن إعادة سرد الأحداث هي وسيلة للتذكير بها، ولتذكرها. وكثيراً ما تتم الإعادة بالكلمات ذاتها لتثبيتها في الذاكرة. 35 يقصد البلايا والمصائب، والطاعون تحديداً.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 40

ولكن منذ قليل خرج الرسل من مقري ساحبين ابنة بريسيوس ، التي منحني إياها الآخيون • وعليك الآن ، إن استطعت ، أن تحمي ابنك • فلتذهبي إلى الأولمب ، ولتتضرعي إلى زيوس ، إن كان قد سبق لك أن روّحت عن قلب زيوس بالقول أو بالفعل • 395 فكثيراً ما كنت أسمعك في مجالس أبي وأنت تدّعين أنك أنت ، وأنت وحدك ، بين البشر الفانين ، من جنّبتِ ابن كرونوس ، الملفع بالضباب القاتم ، الهزيمة المذلة حين سعى لتقييده آلهة الأولمب الآخرون كلهم 36 هيرا وبوسيدون وبالاس أثينا • وأنت ، 400 أيتها الإلهة ، من ذهبت وخلصته من قيوده ، ودعوت ، على عجل ، المخلوقَ ذا المئة ذراع إلى الأولمب الشاهق ، ذلك المخلوق الذي تسميه الآلهة برياريوس ، ويسميه البشر ابن إيغايوس ، ولكنه أشد بأساً من أبيه بكثير • وهو ، مستمرئاً مجده ، يجلس بجانب كرونيون • 405 فخاف بقية الآلهة المباركين وتخلوا عن تقييده • فاجلسي إلى جانبه ، وأمسكي بركبتيه وذكريه بهذه الأمور • فلعله يرغب في مساعدة الطرواديين ويثبت الآخيين في السفن والمياه ، ليموتوا ويجنوا كلهم ثمرة فعلة ملكهم 37 • 410 ويدرك أغاممنون ، ذو السلطان الواسع ، ابن أتريوس مقدار جنونه ، ويدرك أنه لم يقم بتكريم خير الآخيين " 38 • فانهمرت دموع ثيتيس وهي تجيبه : " ويلاه •






36 ليس في الأساطير اليونانية ما يشير سابقاً إلى تمرد من هذا النوع. والتقدير هو أن القصة من اختراع هوميروس نفسه. ولكن الآلهة المذكورين هم الذين يناصرون اليونانيين في حربهم ( في الإلياذة). ولهذا فهم سيعارضون طلب ثيتيس من زيوس أن يناصر الطرواديين. ولكن هوميروس باختراعه هذه القصة يقدم المبرر الذي يجعل زيوس مديناً لثيتيس. 37 إن غضب آخيل يجعله راغباً في أن ينصر الإلهُ الطرواديين على قومه، لكي يشمت بأغاممنون. 38 آخيل يقصد نفسه.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 41

يا ولدي • لقد كانت ولادتك صعبة • لم ربيتك ؟ عدني أن تلتزم بالبقاء في سفنك دون انزعاج ودون نحيب • 415 حيث أن عمرك فعلاً قصير ، وليس طويلاً • ولقد قُدِّر أن تكون حياتك وجيزة وقاسية أكثر من بقية البشر • لقد حملتك في مقاصيري لأجل مصير شنيع • لكنني سأذهب إلى الأولمب ذي الغيوم القاتمة ، وأطلب هذا الأمر من زيوس ، الذي يستمتع بالرعد • فلعله يلبيني • 420 فهل تعد بأن تظل جالساً عند سفنك السريعة وتحتفظ بغضبك ، وتبتعد عن القتال ؟ لقد ذهب زيوس أمس إلى الإيثيوبيين الطيبين في الأوقيانوس • مدعواً إلى مأدبة • وذهب الآلهة الآخرون معه • وبعد اثني عشر يوماً سيعود إلى الأولمب • 425 وعندها سأذهب من أجلك إلى بيت زيوس ، ذي الأرضية البرونزية وسأمسك بركبتيه • وأظن أنني أستطيع أن أقنعه " • وبعد أن أنهت كلامها غادرت المكان وتركته ، وقلبه مترع بالحزن على الفتاة ذات النطاق الجميل التي يأخذونها بالقوة ، وضد إرادته • ولكن أوليس 430 كان في ذلك الحين يقترب من خروسي ناقلاً الأضحية المقدسة • وحين دخل مع رجاله المرفأ المتعدد التجاويف أنزلوا الأشرعة ولفوها ووضعوها في السفينة السوداء • وأنزلوا الصاري إلى القاع وتركوه على مسنده • ثم جذفوا بالمجاذيف نحو المرسى • 435






رقم صفحة الكتاب الورقي: 42

وألقوا بالياطر الحجري 39 وثبتوا المؤخرة بالحبال ، ونزلوا إلى الشاطئ ، وجروا الأضحية إلى الرامي أبولو • ونزلت خروسيس نفسها من عابرة البحار • وقادها أوليس ذو الحيل العديدة إلى المذبح ، 440 وأسلمها إلى ذراعي والدها ، وقال له : " لقد أرسلني إلى هنا يا خروسيس أغاممنون ، سيد الرجال ، لأعيد ابنتك ، وأقدم أضحية مقدسة لأبولو باسم الدانانيين ، لعلنا نسترضي الإله الذي كوّم التعاسة والدموع لدى الأرجيفيين " • 445 أنهى كلامه وتركها بين ذراعيه • وتلقى الرجل ابنته الحبيبة بفرح • وهيأ الرجال الأضحية للإله بالشكل اللائق حول المذبح المتين • وبعدها غسلوا أيديهم ، ولموا الشعير المبعثر 40 • ورفع خروسيس يديه ، وهو يقف بينهم ، وراح يصلي بصوت جهوري : 450 " اسمعني يا رب القوس الفضية ، يا من تنشر سلطانك على خروسي وكيلا المقدسة ، ويا من أنت الرب في القوة على تينيدوس • إن كنت قد أصغيت إلى صلواتي ذات مرة وشرفتني وضربت جمع الآخيين ؛ لبّ رغبتي التي أتضرع بها إليك الآن مرة أخرى ، 455 وأبعد الطاعون المخزي عن الدانانيين " • هكذا رفع عقيرته في صلاته ، وسمعه أبولو • وبعد أن أنهى الجميع صلواتهم ونثروا الشعير ،






39 كانت السفن ترسو في مواجهة البحر. وكانت المرساة (الياطر) عبارة عن أحجار كبيرة وثقيلة تلقى عند مقدمة السفينة (الجؤجؤ)، بينما يتم ربط المؤخرة (الكوثل) إلى الشاطىء بالحبال. 40 كانوا يرشون الشعير بين قرون ذبائح الأضحية.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 43

أداروا رؤوس الذبائح وذبحوها ثم سلخوها ، واقتطعوا اللحم من الأفخاذ ولفوه بالدهن 460 على طبقتين ، ثم أضافوا شرائح من اللحم فوقه • وقام العجوز بإحراقه على الخشب المقطّع ، وبسكب الخمرة المشعشعة فوقه ، فيما الشبان يقفون حوله وهم يمسكون بالمذاري • وبعد أن شووا قطع الأفخاذ وتذوقوا الأحشاء 41 ، قطّعوا كل ما تبقى وسفّدوه 465 ثم شووه بعناية ، ووزعوه • وبعد أن انتهوا وأعدوا المأدبة أكلوا • ولم يبق جوعان لدى أي منهم إلا ونال نصيبه • وبعد أن شبعوا من الطعام والشراب ملأ الشبان أوعية المزج 42 بالخمرة الصرف 470 وتوزعوها ، بعد أن سكبوا عينات 43 من الطاسات • وقضوا اليوم كله يُرضون الإله بالغناء • وراح أولئك الشبان الآخيون يرددون أنشودة مجيدة لأبولو الذي يعمل عن بعد ، وكان يستمع إليهم بسرور • وبعد أن غربت الشمس وحل الظلام ، 475 استلقوا وناموا قرب حبال مؤخرة السفينة • ولكن حين ظهرت الفجر 44 من جديد بأصابعها الوردية انطلقوا في البحر صوب معسكر الآخيين الكبير • وأرسل أبولو عن بعد ريحاً قوية مواتية • رفعوا الصاري مجدداً ونشروا عليه الأشرعة البيضاء•






41 الأحشاء المقصودة هي الكبد والقلب والرئة (المعلاق) والكلية والطحال. 42 أوعية لمزج الخمور؛ لأنهم لم يكونوا يشربون الخمرة صرفاً. 43 جرت العادة أن يسكب كل شارب عينة صغيرة من الشراب على الأرض قبل البدء، كتحية للإله. 44 الفجر عنده مؤنث (أنثى)، وهي إلهة أيضاً.


رقم صفحة الكتاب الورقي: 44

وملأت الريح الأشرعة • وحين صاروا في عرض البحر نهضت موجة زرقاء وراحت تغني ، فيما السفينة تتقدم • كانت تمخر العباب مسرعة شاقة طريقها • وحين وصلوا عائدين إلى معسكر الآخيين سحبوا السفينة السوداء إلى الشاطئ 485 وأوصلوها إلى الرمل ، وأدخلوا تحتها الدعائم الطويلة • ثم تفرقوا نحو سفنهم ومقراتهم • ولكن ابن بيليوس الإلهي المولد ، ذا القدمين السريعتين، كان ما يزال جالساً محتقناً بغضبه قرب سفنه السريعة • لن يذهب بعد اليوم إلى المحافل التي يعود منها الرجال بالمجد • 490 لن يشترك في معركة ، بل سيظل يروح عن قلبه وهو جالس هناك ، رغم توقه الدائم لصيحات الحرب والقتال • وحين ظهرت الفجر الثانية عشرة بعد ذلك اليوم عاد الآلهة الذين يعيشون إلى الأبد مجتمعين وعلى رأسهم زيوس • ولم تنس ثيتيس طلبات ابنها • 495 خرجت من بين أمواج البحر في الصباح الباكر وصعدت إلى السماء الشاهقة ، فإلى الأولمب • ورأت ابن كرونوس ، عريض الجبين ، معتزلاً الآخرين جالساً على أعلى قمة في الأولمب الوعر • اقتربت وجلست إلى جانبه • وبيدها اليسرى 500 أحاطت ركبتيه • ومدت يدها اليمنى تحت ذقنه ، وراحت تتضرع إلى زيوس ، ابن كرونوس : " إن كان قد سبق لي أن قدمت لك معروفاً بالقول أو بالفعل








رقم صفحة الكتاب الورقي: 45

وحدي بين البشر الفانين ، فامنحني ما أطلبه منك • كرّم ابني ، ذا العمر الأقصر بين البشر • 505 فسيد البشر ، أغاممنون ، قد أهانه • أخذ غنيمته ، واحتفظ بها لنفسه • فيا زيوس ، رب المشورة ، سيد الأولمب ، رد له شرفه • وامنح القوة للطرواديين إلى أن يعيد الآخيون لابني حقوقه ، وتعلو مكانته بينهم • 510 أنهت كلامها • ولكن زيوس الذي يجمع الغيوم لم يجب • ظل في صمته لفترة طويلة • وفيما ثيتيس ما تزال ممسكة بركبتيه شدت عليهما وألحت بسؤالها : " احن رأسك وعدني بتحقيق ذلك • أو ارفضه ، فليس لديك ما تخشاه ، فاعرف 515 كم أنا مهانة بين الآلهة جميعاً " • وأجابها زيوس الذي يجمع الغيوم وهو في أشد القلق : " إنها لكارثة أن تزجّي بي في صراع مع هيرا 45 • فهي تزعجني باتهاماتها • وحتى والأمور على ما هي عليه الآن ، هي تظل بين الآلهة الخالدين 520 تقف ضدي وتتحدث عن مساعدتي للطرواديين • ولذلك ارجعي الآن ، ابتعدي ، خشية أن ترانا • وسأتدبر تحقيق هذه الأمور • وانظري • فأنا سأحني رأسي لكي تصدقيني • فهذه الإشارة بين الآلهة الخالدين هي الدليل الأكبر 525 الذي أستطيع أن أقدمه • وما من شيء أفعله يذهب عبثاً






45 لزيوس، في الإلياذة، وضع غريب. فهو الإلة الأكبر الذي لا يتم شيء في الدنيا إلا بإذنه وبعلمه، وهو إله السماء والطقس. ولكنه أب لعائلة كبيرة يواجه الصعوبات في فرض سلطته، وخاصة على زوجته هيرا.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 46

أو يمكن رده • وما من شيء لا يتحقق حين أحني رأسي موافقاً عليه " • أنهى ابن كرونوس كلامه ، وأحنى رأسه بحاجبيه الأسودين • وانسدل شعر الإله العظيم المدهون بزيت الخلود عن رأسه المقدس فارتج الأولمب كله 46 • 530 وافترق الاثنان بعد رسم خطتهما • قفزت ثيتيس من الأولمب المتلامع ثانية إلى أعماق البحر • وعاد زيوس إلى بيته ، فنهض الآلهة كلهم عن مقاعدهم لتحية قدوم أبيهم • ولم تكن لدى أحدهم الشجاعة للبقاء في مكانه لدى قدوم الأب • بل وقف الجميع لتحيته • 535 وهكذا استوى على عرشه • ولكن هيرا لم تكن غافلة • وقد رأت كيف كان يعقد جلسته مع ثيتيس ذات القدمين الفضيتين ، ابنة عجوز البحر • وسرعان ما تحدثت إلى ابن كرونوس مشهّرة : " بمن من الآلهة كنت مجتمعاً أيها الخائن ؟ 540 يظل عزيزاً على قلبك أن تفكر في غيابي بأمور سرية فتقررها • لم يكن لديك الجلد يوماً لأن تتحدث معي بما تخطط له " • فأجابها أبو الآلهة والبشر : " لا تتوهمي يا هيرا أنك ستسمعين أفكاري كلها • 545 فهي ستكون صعبة عليك جداً ، مع أنك زوجتي • وأية فكرة يجوز لك أن تسمعيها لن يسمعها بشر أو إله قبلك • ولكن كل ما أرغب أن أخطط للقيام به بمعزل عن الآلهة






46 لهذه الإشارات علاقة بكونه إله الطقس. فالحاجبان الأسودان يمثلان الوجه الآخر للعاصفة. والشعر المنسدل هو شتات الغيم المتخلف عن العاصفة. وارتجاج الأولمب هو أثر الرعد.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 47

لا تحاولي أن تسأليني عنه ، أو أن تتحري عن كل تفصيل فيه " • 550 فردت الإلهة هيرا ذات العينين البقريتين 47 : " يا صاحب الجلالة ، ابن كرونوس ، ما هذا الكلام الذي تقوله ؟ لقد مر زمن طويل لم أسألك فيه أو أستقص عن شيء منك • وأنت حر في أن تفكر في كل ما تحب • ولكنني خائفة من أنه قد تم كسبك 555 من قبل ثيتيس ذات القدمين الفضيتين ، ابنة عجوز البحر • ففي الصباح الباكر كانت تجلس قربك ، وتمسك بركبتيك • وأظن أنك قد أحنيت رأسك موافقاً على تكريم آخيل وعلى إفناء الكثيرين قرب السفن الآخية " • فرد عليها زيوس ، الذي يجمع الغيوم ، ثانية : 560 " يا سيدتي العزيزة ، إنني لم أتهرب منك قط • وأنت تظلين مليئة بالشكوك • وإنك غير قادرة على التأكد من شيء ، إلا بالبقاء بعيدة عن قلبي أكثر من أي وقت مضى • وهذا ليس في صالحك • إن صح ما تقولينه فإنه ما أرغب فيه فعلاً • فاذهبي واجلسي صامتة وافعلي ما آمرك به • 565 لأنني أخشى أن الآلهة كلهم ، ومهما بلغوا في الأولمب ، لن يستطيعوا لك شيئاً إذا ما اقتربت منك وألقيت عليك بيدي التي لا تُقهر 48 " • وحين أنهى مقاله دب الخوف في قلب السيدة هيرا ، ذات العينين البقريتين ، فابتعدت وجلست صامتة تروض قلبها على الطاعة • واضطرب الآلهة الأورانيون كلهم في بيت زيوس • 570 ونهض هيفايستوس ، الصنايعي الشهير ، ليتكلم بينهم وليهدئ أمه الحبيبة ، هيرا ، بيضاء الذراعين :






47 صار معروفاً أن تشبيهات الآلهة أو بعض ملامحها بالحيوانات هي من رسوبات عبادة هذه الحيوانات. ولهيرا عينان بقريتان، وأحياناً عينا بومة. كما أن التشبيهات تحمل معاني مختلفة عما صارت تعنيه في الثقافات الحديثة. فنحن قد نستنكر الان تشبيه الأمين أو الوفي بالكلب، مما كان جائزاً في ثقافتنا العربية القديمة. كذلك فإن تشبيه البطل بالخنزير أو بالدب في الإلياذة، أو القول إن لهيرا عينين بقريتين يجب أن يؤخذ على أنه من باب الإطراء والإعجاب. 48 من الواضح أن زيوس المتهاون، حين يواجه اعتراضاً أو مقاومة، يصبح قاسياً وحاسماً.


رقم صفحة الكتاب الورقي: 48

" ستكون كارثة لا تُحتمل أن تتشاجرا ، أنتما ، من أجل البشر • وتثيرا الاضطراب بين الآلهة • لن تكون هناك مسرة أبداً 575 في المأدبة ذات الأبهة إن طفت الأمور الفاسدة وإنني أرجو أمي ، مع أنها تتفهم ذلك مسبقاً ، أن تكون ودودة مع أبينا زيوس • حتى لا يلجأ أبونا مرة أخرى إلى تأنيبها ويفسد هدوء احتفالنا • لأنه إن كان الأولمبي الذي يسيطر على البرق معنياً 580 بقذفنا من أماكننا ، فهو الأقوى منا جميعاً • فهل لك أن تتوجهي إليه من جديد بكلمات لطيفة وسيستعيد الأولمبي كرمه معنا فوراً " • وهب واقفاً ، بعد حديثه ، ووضع الكأس المزدوجة بين يدي أمه ، وأضاف في كلامه لها : 585 " اصبري يا أماه ، وتحملي رغم حزنك • فأنا أخشى أن أراك ، وأنت العزيزة إلى قلبي ، وقد ضربك قضاؤه أمام عيني • ورغم حزني عندها لن أستطيع أن أفعل شيئاً • إنه ليصعب النزاع مع الأولمبي • لقد حدث مرة أن لجأت إلى مساعدتك • 590 فأمسك بي من قدمي وألقى بي عن العتبة السحرية 49 • وظللت معلقاً طوال النهار بلا حول • وقبيل الغروب سقطت في ليمنوس ، وأنا في آخر رمق • 50 وبعد هذه السقطة اعتنى بي السينتيون • وبابتسامة تقبلت الكأس المزدوجة من يد ابنها •






49 كثيراً ما يقوم زيوس بقذف بعض الآلهة عن الأولمب. وقد سبق أن قذف بإلهة الخداع (إيتي). 50 هذه السقطة هي التي اعتبرها ملتون في " الفردوس المفقود" سقطة الملاك الرافض (إبليس). ولكن ملتون أيضاً يعتبر زيوس هو جوف:" كيف سقط من السماء، كما يروون، وقد ألقى به جوف الغاضب".


رقم صفحة الكتاب الورقي: 49

وبعدها راح يسكب الشراب لبقية الآلهة مبتدئاً من اليسار وهو يدلق الرحيق الحلو 51 من وعاء المزج • ولكن ، بين الخالدين المباركين تصاعدت ضحكة 52 لا يمكن السيطرة عليها ، وهم يرون هيفايستوس يروح ويجيء في القصر • 600 وبعد ذلك ظلوا طوال اليوم ، حتى غروب الشمس ، يحتفلون ، ولم يبق جوع لأي طعام إلا ونال نصيبه • ولم تهدأ القيثارة بين يدي أبولو ولا أصوات الملهمات 53 الحلوة في الغناء • وحين غاب ضوء الشمس الملتهبة 605 ذهبوا لينام كلٌّ في بيته الذي شيده هيفايستوس ، قوي الذراعين وبارع الصنعة ، لكل منهم بدهائه وبراعته • وذهب زيوس ، الأولمبي ، رب البرق ، إلى فراشه ، الذي كان يستلقي فيه كلما راوده النوم الحلو • 610 بعد صعوده إلى فراشه نام ، وإلى جانبه تمددت هيرا ذات العرش الذهبي •






51 الرحيق هو شراب الآلهة، مثلما أن الخمر هو شراب البشر. 52 هذا ما يسمى " الضحك الهومري". لن هيفا يستوس، وهو الحداد، كان أعرج وثقيل الحركة. وقيامه بتقديم الشراب ، بدل الخدم الموكلين بذلك، كان مقصوداً لتفجير الضحك وتخفيف التوتر. 53 في جلسات الترفية الإليهة في الأولمب يعزف أبولو للملهمات وهن يغنين.





الفصل الثاني

رقم صفحة الكتاب الورقي: 57

نام بقية الآلهة ، والرجال محاربو العربات ، طوال الليل 1 • ولكن سكينة النوم لم تنزل على زيوس • فقد كان يقلب في رأسه كيف يمكن أن يكرّم آخيل ، ويُفني الكثيرين إلى جانب سفن الآخيين • وبدا له أن خير رأي هو 5 أن يرسل حلماً شريراً إلى ابن أتريوس ، أغاممنون • استدعى الحلم ، وأبلغه بكلمات مجنحة : " اذهب أيها الحلم الشرير إلى قرب سفن الآخيين السريعة ، واقصد مقر ابن أتريوس ، أغاممنون • وخاطبه بالكلمات التي ألقنك إياها تماماً • 10 قل له أن يسلّح الآخيين ذوي الشعور المسترسلة ليتهيؤوا للمعركة بأسرع ما يستطيع ، حيث أنه سيتمكن الآن من مدينة الطرواديين ذات الطرق الواسعة • إذ أن الآلهة التي في الأولمب لم تعد تناقش الأمر • فقد أجبرتهم هيرا جميعاً بتضرعاتها • وإن الويلات بانتظار الطرواديين 2 " • 15 أصغى الحلم للكلمات التي قالها ، ونزل • وتسلل بخفة إلى سفن الآخيين السريعة حتى وصل إلى أغاممنون ، ابن أتريوس ، فوجده نائماً داخل مقره وسط غيمة من النعاس الإلهي • ووقف إلى جانب رأسه 3 في هيئة نستور 20 ابن نيليوس ، الذي يقدره أغاممنون أكثر من جميع المسنين ، وكلمه الحلم ، وهو على هيئة نستور :






1 يقول أرسطو في كتابه " فن الشعر " إن النقاد المعاصرين له قد اعترضوا على نوم المحاربين كلهم • فهذا يعني أن الجيش غافل ومتروك دون حراسة • كما اعترضوا على مشهد نوم الآلهة كلهم حول زيوس• ويرد أرسطو أن كلمة " كل " ، ببساطة تعني " معظم " • كما أن نوم الآلهة الآخرين حول زيوس، بينما هو غير نائم ، تعطي صورة معكوسة عما يقولون • إنه الأب الذي لا ينام ، ويرعى الآلهة والبشر ، ويفكر في شؤونهم • 2 - يقترح أرسطو أيضاً أن هذه العبارة غير دقيقة • وكان في كلامه هذا يدافع عن هوميروس الذي اتهم بقلة احترام للآلهة ، إذ يجعل زيوس يغني أغنية ، من جهة ، ومن جهة أخرى يبدو عليه أنه إله شرير وكاذب ؛ إذ يرسل رسالة غير صحيحة لأغاممنون ، ليورطه • ويقترح أرسطو أن العبارة هي " سنمنحه -لأغاممنون- المجد العظيم " ، بدلاً من نزول الويلات على الطرواديين • 3 - يأتي الحلم إلى النائم في هيئة شخص يقف قرب رأسه ويحادثه •



رقم صفحة الكتاب الورقي: 58

يا ابن أتريوس الحكيم ، مروض الخيول ، هل أنت نائم ؟ ليس على من يتحمل مجالس الاستشارات والمسؤوليات عن الناس ، ويهتم بالكثيرين ، أن ينام الليل بطوله • 25 فاستمع بسرعة لما سوف أقول • أنا رسول إليك من زيوس ، الذي يهتم بك من بعيد جداً ويشفق عليك • إن زيوس يطلب منك أن تُعدّ الآخيين ذوي الشعور الطويلة للمعركة بأقصى سرعة • فالآن يمكنك أن تجتاح مدينة الطرواديين ذات الطرق الواسعة • فالآلهة الذين يعيشون في الأولمب لم يعودوا 30 مختلفين حول الموضوع ، إذ أن هيرا أجبرتهم كلهم بتوسلاتها ، وصار الويل من زيوس بانتظار الطرواديين • دع هذه الفكرة في قلبك ، ولا تدع النسيان يستولي عليك بعد تخلصك من الوسن الحلو " • ولما انتهى من كلامه ذهب تاركاً أغاممنون ، 35 وقد صدق أموراً لن تتحقق • إذ صار يعتقد أنه في ذلك اليوم بالذات سيجتاح مدينة بريام • وياله من أحمق مغفل لم يعرف ما خطط له زيوس لينجزه • وزيوس هو الذي كان مصمماً على صبّ الدموع والآلام على الطرواديين والدانانيين سواسية في مجابهات عنيفة • 40 واستيقظ أغاممنون من نومه ، والصوت الإلهي ما يزال يتردد من حوله • جلس ولبس ثوبه ، الجميل حديث الحياكة ، والتف بالعباءة فوقه ، وربط صندله اللطيف تحت قدميه اللامعتين ، وبين كتفيه علق السيف ذا المسامير الفضية ، 45








رقم صفحة الكتاب الورقي: 59

ثم حمل صولجان آبائه ، الخالد أبداً • وخرج إلى جانب سفن الآخيين المدرعين بالبرونز • وكانت الإلهة الفجر قد اقتربت من الأولمب الشاهق لتوصل رسالة النور إلى زيوس والآلهة الآخرين • وكان أغاممنون قد أمر مراسليه ذوي الأصوات الجهورية بأن ينادوا 50 بالدعوة إلى اجتماع للآخيين ذوي الشعور المسدلة • وأطلق المراسلون نداءاتهم ، فهرع الرجال إلى الاجتماع • وعقد في البداية مجلساً خاصاً بالأمراء ذوي القلوب النبيلة قرب سفينة نيستور ، ملك شعب بولوس • وبالتئام شملهم طرح خطته المدمرة : 55 " اسمعوني يا أصدقائي • لقد زارني في نومي حلم إلهي عبر الليل الخالد ، وكان في مظهره وبنيته وهيكله أشبه ما يكون بنيستور العظيم • جاء ووقف قرب رأسي وقال لي كلمة : يا ابن أتريوس الحكيم مروض الخيول ، هل أنت نائم ؟ 60 ليس على من يتحمل مجالس الاستشارات والمسؤوليات عن الناس ويهتم بالكثيرين أن ينام الليل بطوله • فاسمع الآن لما سوف أقول طالباً فأنا رسول إليك من زيوس ، الذي يهتم بك من بعيد جداً ويشفق عليك • إن زيوس يطلب منك أن تُعدّ الآخيين ذوي الشعور الطويلة للمعركة 65 بأقصى سرعة • فالآن يمكنك أن تجتاح مدينة الطرواديين ذات الطرق الواسعة • والآلهة الذين يعيشون في الأولمب لم يعودوا مختلفين حول الموضوع ، إذ أن هيرا أجبرتهم كلهم









رقم صفحة الكتاب الورقي: 60

بتوسلاتها ، وصار الويل بانتظار الطرواديين بإرادة من زيوس • فاحفظ هذا في قلبك • قال ذلك 70 وصفق الحلم جناحيه ، ففارقني النوم الحلو • فهيا بنا نرى إن كنا نستطيع أن نستنفر أبناء الآخيين • ولكن دعوني أولاً أجري عليهم تجربة بالكلمات 4 • فهي الطريقة الأفضل • سأطلب منهم الهروب إلى سفنهم ذات المقاعد • ولتتوزعوا بينهم لتأمروهم بعدم فعل ذلك " • 75 أنهى كلامه وجلس • فنهض من بينهم نيستور ، الذي يحكم كملك على بولوس الرملية • وبحسن نية تجاه الجميع خاطبهم قائلاً : " يا أصدقائي ، قادة الآخيين الذين تعقدون اجتماعكم هذا ، لو أن أي آخي آخر حكى عن هذا الحلم 80 لقلنا إنه يكذب 5 • ولتحولنا عنه • ولكن الذي رآه هو خير الآخيين • فهيا بنا نرى إن كنا نستطيع استنفار أبناء الآخيين " • أنهى كلامه ومشى في الطليعة خارجاً من المجلس • فنهض الملوك الآخرون ذوو الصولجانات 85 ملبين طلب راعي الرعية ، وتحشد الجيش من ورائهم ، مثل أسراب النحل التي تخرج دائماً على موجات من تجويف في صخرة وتتعلق كالعناقيد وهي تحوم تحت أزهار الربيع متأرجحة في مجموعات هنا وهناك • 90 هكذا اندفعت جموع الرجال خارجين ، من السفن والمقرات






4 يعقب ويلكوك على تجربة أغاممنون هذه كما يلي : " إن أغاممنون يقدم اقتراحه، لاختبار معنويات الجيش ، بأن يعرض عليهم الفرار ، وكأن هذه هي الطريقة العادية-، " فهي الطريقة الأفضل " • ولكن عملياً من الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى النتيجة التي تحدث هنا :- الاندفاع نحو السفن • وحين يحدث ذلك لا يقوم أعضاء المجلس بما طلبه منهم أغاممنون في البيت رقم 75 • وهنا شيء من التشوش • ويزداد الأمر سوءاً أن أغاممنون في مكانين آخرين من الإلياذة يعرض جدياً ما يعرضه هنا كنوع من الاختبار للجيش ، وهو الهرب والعودة • مما يدل على أن هذه القيادة الضعيفة متأصلة فيه • وهي من أساس شخصيته • ولكن مهما كان الانتقاد الموجه لهذا الاقتراح ، بأنه اقتراح أحمق وغير منطقي ، بعد الوعد الذي أرسل إليه عن طريق الحلم ، إلا أنه ينجم عنه سرد قصصي حيوي ومثير "- إن نيستور متشكك في الحلم• ولكنه يطيع الملك • 5


رقم صفحة الكتاب الورقي: 61

على طول شاطئ البحر العميق ، زرافات نحو مكان الاجتماع • ومشت بينهم رومر 6 ، رسولة زيوس ، متألقة تحثهم على الإسراع • وهكذا تجمعوا فاهتز المكان حيث تجمعوا • وراحت الأرض تئن 95 حين أخذ الناس أماكنهم • وساد اللغط • وتوزع تسعة رسل يصرخون محاولين تنظيمهم ، وخفض ضجيجهم ، والاستماع إلى الملوك المحببين إلى زيوس • فأخذ الناس أماكنهم وجلسوا في ترتيب • وتوقفوا عن ضجيجهم • ونهض أغاممنون 100 ممسكاً بصولجانه الذي صنعه هيفايستوس بإتقان • وكان هيفيايستوس قد أعطاه للملك زيوس ، ابن كرونوس ، وحوّله زيوس بدوره إلى الرسول أرجيفونتس • وقدمه الإله هيرميس إلى بيلوبس ، سائق الخيول ، فأعطاه بيلوبس إلى أتريوس ، راعي الرعية • 105 وحين مات أتريوس خلّفه إلى ثويستيس ذي القطعان الكثيرة • وخلّفه ثويستيس إلى أغاممنون لكي يحمله ، فيصبح سيداً على جزر عديدة ، وعلى أرغوس كلها • اتكأ على هذا الصولجان وتحدث مخاطباً الأرجيفيين : "أيها المقاتلون والأصدقاء • أيها الدانانيون، يا أتباع أريس• 011 بسرعة شديدة أوقعني زيوس ، ابن كرونوس ، في بلبلة مدوخة • إنه قاس • فقد سبق له قبل هذه المرة أن وعدني ، ووافق لي ، على أن أجتاح إليون ذات الأسوار القوية ، لكي أبحر عا\ئداً إلى بلدي • لكنه رسم الآن مكيدة ، وطلب مني أن أعود






6 الكلمة تعني الشائعة • ولكنها هنا في هيئة تشخيصية .



رقم صفحة الكتاب الورقي: 62

مخزياً إلى أرغوس بعد أن خسرت الكثيرين من أبناء شعبي • 115 هذا هو ما يدخل السرور إلى قلب زيوس ، فائق القوة ، الذي سبق له أن حطم أسوار العديد من المدن وسيحطمها ثانية ، فقوته تفوق قوة الآخرين كلهم • وسيكون هذا مخزياً أمام الناس فيما بعد إذ يقال لهم إن هذا الجمع الغفير من الآخيين 120 قد خاضوا حرباً كانت بلا طائل ضد من هم أقل منهم عدداً ، ودون تحقيق أي شيء منها • فبما أن الطرفين ، الطرواديين والآخيين ، راغبان في التعهد الصادق بالمهادنة ، وبإحصاء أعدادهم ، وبما أن الطرواديين يُحسبون وفق من لديهم بيوت في المدينة 125 بينما نُحصى نحن ، الآخيين ، بالعشرات ولو أن كل عشرة منا يختارون شخصاً من طروادة ليسكب الخمرة لهم • لظلت عشرات كثيرات دون ساقٍ إلى هذا الحد أرى أننا ، نحن الآخيين ، نفوق الطرواديين عدداً ، الطرواديين الذين يعيشون في المدينة • ولكن هناك مناصرين 130 من مدن أخرى ، وهم حاملو رماح ، يساعدونهم • ويدفعونني إلى الخلف بقوة ، ويمنعونني ، على الرغم من إرادتي ، من اجتياح مدينة إليون الحصينة • ولقد مرت الآن تسع سنوات على وعد زيوس تعفن فيها خشب سفننا واهترأ ، وتقطعت حبالها ، 135 وبعيداً عنا زوجاتنا وأولادنا الصغار يجلسون داخل جدران بيوتنا بانتظارنا ، بينما شغلنا هنا ،








رقم صفحة الكتاب الورقي: 63

الذي من أجله جئنا إلى هنا ، يظل إلى الأبد على ما هو عليه ، غير منجز • ولذا أقول لكم دعونا نقر بالهزيمة • دعونا نهرب بسفننا إلى أرض آبائنا الحبيبة ، 140 طالما أننا لن نستولي على طروادة ذات الطرقات الوسيعة " • بكلامه هذا حرك العواطف في صدور أولئك الذين كانوا في الجمع يستمعون إلى مشورته • واضطرب الحشد وتماوج كما تضطرب الأمواج العالية بمجموعها عند إيكاريا ، حين تتحدر الرياح الشرقية والشمالية الشرقية 145 من غيوم زيوس الأب ، وتسوطها • أو عندما تمر الريح الغربية 7 على القمح الواقف بقوة وتعصف به وتهزه وتموّجه حتى تنحني السنابل • هكذا اضطرب واهتز ذلك الحشد ، واضطرب الرجال فانداحوا صوب السفن ، وأثير الغبار تحت أقدامهم 150 وتصاعد ، وكل منهم يصيح بالآخر لكي يتمسكوا بالسفن ويدفعوها إلى البحر الساطع • وأفسحوا الممرات للسفن ، وصيحاتهم تتصاعد إلى السماء وهم يتشوٌقون لبيوتهم ، ويزيحون الدعامات من تحت السفن • لقد تحققت للآخيين العودة إلى الوطن إذن على عكس المقدور 8 ، 155 لولا أن هيرا قالت كلمة لأثينا : " يا للعار يا أتروتون ، يا ابنة المدرّع زيوس ، ما تبدو عليه الأمور هو أن الأرجيفيين سيهربون فوق أخاديد البحر العريضة إلى أرض آبائهم • فيتركون بذلك لبريام وللطرواديين 160






7 - الريح دائماً مذكر عند هوميروس • وسيأتي شرح لذلك • ولكن حين لا يكون هناك فعل ما ( يقوم به الريح ) فإنني أرى تأنيثها أكثر سلاسة • 8 المقدور مكتوب على المرء منذ الولادة • وهوميروس يسعى إلى دفع أبطاله عكس المقدور • ولكن الآلهة يتدخلون لفرض هذا المقدور • وعودة اليونانيين إلى بيوتهم كان من الممكن أن تتم هنا لولا تدخل هيرا •




رقم صفحة الكتاب الورقي: 64

هيلين الأرغوسية 9 ليفاخروا بها ، وهي التي من أجلها فقد الكثير من الآخيين حياتهم في طروادة بعيداً عن أوطانهم • فاذهبي إلى جمع الآخيين ذوي الدروع البرونزية وحدثي كلاً منهم بكلمات لطيفة ، وأرجعيه • ولا تسمحي لهم بإنزال سفنهم ذات المجاذيف إلى البحر المالح" • 165 أنهت كلامها ، ولم تخالفها الربة أثينا ذات العينين الشهلاوين بل سرعان ما نزلت من ذرى الأولمب وحطت بهدوء قرب سفن الآخيين السريعة وتوجهت إلى أوليس الذي يضاهي زيوس في حصافة الرأي والذي كان ما يزال واقفاً ، ولم يضع يده على سفينته السوداء 170 ذات المقاعد القوية ، وذلك بسبب التعاسة التي ملأت قلبه وروحه • ووقفت أثينا ذات العينين الشهلاوين إلى جانبه وخاطبته : " يا ابن لايرتيس ، ويا سليل زيوس ، أيها الداهية أوليس • أتنتهي الأمور هكذا ؟ أتلقون بأنفسكم كلكم في سفنكم ذات المقاعد القوية وتهربون إلى أرض آبائكم الحبيبة ؟ 175 وتتركون هيلين الأرغوسية لبريام وللطرواديين ليتفاخروا بها ، وهي التي من أجلها فقد كثير من الآخيين حياتهم في طروادة بعيداً عن أوطانهم ؟ اذهب الآن إلى الآخيين ولا تتردد • تكلم مع كل منهم بكلمات لطيفة ، وادْعهم إلى التراجع • 180 ولا تدَعْهم يسحبون سفنهم ذات المجاذيف إلى البحر المالح " • من كلامها عرف صوت الإلهة • فانطلق يركض رامياً عباءته التي التقطها يوروباتيس






9 المفروض أن هيلين من إسبارطة • ولكنها تلقب هكذا دائماً في الإلياذة • ولعل أرغوس تحيل إلى اليونان كلها •



رقم صفحة الكتاب الورقي: 65

منادياً إيثاكا الذي لحق به ، حتى وقف وجهاً لوجه أمام أغاممنون ، ابن أتريوس 185 وانتزع منه صولجان آبائه ، الخالد أبداً • وذهب به إلى قرب سفن الآخيين المصفحة بالبرونز • وكلما صادف ملكاً أو شخصاً ذا نفوذ يقف إلى جانبه ويحاول رده بكلمات لطيفة : " يا صاحب السمو • لا يليق بك أن تخاف 190 مثل أي جبان • الأفضل لك أن تتماسك وتُرجع بقية الناس • إنك لم تفهم بعد قصد الأتريدي • إنه يقوم بتجربة • وسرعان ما سيرتد على أبناء الآخيين بشدة • ألم نسمع كلنا ما قاله بوضوح في المجلس ؟ أرجو أن لا يدفعه الغضب إلى إيقاع الأذى بأبناء الآخيين • 195 فغضبُ الملوك المؤيَّدين من الآلهة مريع • لأنهم يحظون بحب زيوس ذي المشورة والرأي وتكريمه " • وحين يرى أحداً يصرخ ، يضربه بالصولجان ويوبخه أيضاً : " يا صاحب السعادة • اهدأ واسمع ما يقوله لك الآخرون • 200 أولئك الذين هم أفضل منك 10 ، أنت المتسلل الجبان • وأنت الذي لا قيمة له في معركة أو مجلس • لا نستطيع حتماً أن نكون كلنا ملوكاً هنا • فالسيادة للكثيرين ليست لائقة أو مفيدة • ليكن لنا حاكم واحد • ملك واحد • هو ذلك الذي أعطاه زيوس ، ذو الخطط البارعة 205 الصولجانَ ، وحقَّ الحكم ليرعى شعبه " •






10 كأنه يقول : يظل مع غنائمه لنرى ماذا ستنفعه • وكما نقول في العامية : بلّها ، أو انقعها ، واشرب ماءها •



رقم صفحة الكتاب الورقي: 66

وهكذا راح يتنقل بين الجيش ينظم صفوفه ، إلى أن عادوا مرة أخرى من سفنهم ومقراتهم إلى مكان الاجتماع بصخب شديد ، مثلما ترتطم الموجة العاتية من البحر الهادر بالشاطئ العظيم ، ويضطرب البحر كله • 210 أخذ البقية مقاعدهم ، وانتظموا كلهم في أماكنهم إلا واحداً منهم • هو ثيرسيتيس ، ذو الكلام الذي لا ينتهي ، والذي ما يزال يوبخ ، وهو يحمل كلاماً كثيراً غير مرتب في رأسه ، المغرور ، ومعدوم اللياقة ، ظل يتشاجر مع الأمراء بأية كلمة ظن أنها تعجب الأرجيفيين 215 كان هذا أبشع رجل حول إليون ، رجلاه مقوستان ، ويعرج على قدم واحدة ، وكتفاه محنيتان ومضمومتان حول صدره • وفوق هذا كله كان رأسه يتصاعد نحو ذروة بشعر صوفي قليل • كان آخيل يكرهه أكثر من الجميع • وأوليس أيضاً 220 لأنه كان يهاجمهما دائماً • ولكنه الآن كان يوجه هجومه الاحتقاري إلى أغاممنون بصوته الحاد • وقد كان الآخيون غاضبين جداً منه • وكانوا يحتقرونه في أعماقهم • ولكنه راح يوبخ أغاممنون بصوت عال : " يا ابن أتريوس • ما الذي تريده أكثر من ذلك ؟ وما الذي تتوقع تسقّطه ؟ 225 مقراتك مليئة بالبرونز • وثمة مجموعة من أفضل النساء ينتظرنك في مقرك ، ونحن ، الآخيين ، كنا نعطيك إياهن قبل الجميع كلما استولينا على حصن • أم أنك ما تزال تريد المزيد من الذهب مما يمكن لأحد الطرواديين ،








رقم صفحة الكتاب الورقي: 67

مروضي الخيول ، أن يجلبه فدية من إليون ، 230 واحد ممن يمكن أن آسره وأجلبه أنا أو غيري من الآخيين ؟ أم امرأة فتية تضاجعها وتحتفظ بها لنفسك وحدك دون الآخرين ؟ ليس من اللائق بك وأنت قائد أبناء الآخيين أن تقودهم إلى المكاره • يا حمقاي الطيبين • أيها المساكين المهانون ، يا نساء آخيا ، ولستم رجالها ، 532 دعونا نرجع إلى سفننا ، ونترك هذا الرجل هنا ، وحده في طروادة ليسحن 10 غنائم مجده ، لعله سيكتشف إن كنا نحن ، الآخرين ، نساعده أم لا • لقد أهان آخيل ، الرجل الأفضل منه بكثير • وأخذ سبيته بالقوة واحتفظ بها • 240 بينما هناك لا توجد أية ضغينة في قلب آخيل • وقد تسامح معه • وإلا لكانت تلك آخر غضبة لك يا ابن أتريوس " • أنهى ثيرستيس كلامه الذي أهان به أغاممنون راعي الرعية • ولكن أوليس البارع سرعان ما جاءه متجهماً ، ووضع على كتفه يداً قاسية : 245 " مع أنك خطيب ذلق يا ثيرستيس ، إلا أن كلماتك غير منتقاة • فكفّ • ولا تقف وحدك ضد الأمراء 11 • فمن بين جميع الذين جاؤوا إلى إليون مع الأتريدي أؤكد أنه ليس هناك من هو أسوأ منك • ولذا لن ترفع صوتك للمجادلة مع الأمراء 250 أو تلقي بتأنيبك في وجوههم ، ولن تدعو للعودة • فنحن لا نعرف بوضوح كيف ستتم هذه الأمور •






10 كأنه يقول : يظل مع غنائمه لنرى ماذا ستنفعه • وكما نقول في العامية : بلّها ، أو انقعها ، واشرب ماءها • 11 المراتبية الاجتماعية تعني أن الزعماء هم الأفضل بسبب ولادتهم ، وهم الأفضل والمميزون في القتال والمجالس أيضاً •



رقم صفحة الكتاب الورقي: 68

ولا ما إذا كنا سنعود منتصرين أم خاسرين • ومع ذلك فأنت تلقي بالإهانات على أغاممنون ، ابن \أتريوس ، راعي الرعية ، لأن المقاتلين الدانانيين 255 أعطوه الكثير • إنك لا تطرح إلا الفضائح • واسمع ما سأقوله لك أيضاً ،لأنه هو الذي سينفذ • إن ضبطتك مرة \أخرى تتحامق كما تفعل الآن ، فلن يظل رأس أوليس بين كتفيه ولن يكون اسمي أبا تيليماخوس بعد اليوم ، 260 إن لم آخذك وأجردك من ثيابك الشخصية عباءتك وسترتك التي تغطي عورتك ، وأرسلك عارياً ومُعولاً على هذا النحو إلى السفن السريعة • وأخرجك من مكان الاجتماع وأنا أسوطك وأذلك " • قال ذلك وضربه بالصولجان على ظهره وكتفيه • 265 فخرّ هذا على الأرض ، وسقطت دمعة كبيرة من عينه • وظهرت كدمة دامية بين كتفيه من أثر ضربة الصولجان • وعاد إلى الجلوس خائفاً موجوعاً • وفيما هو ينقل النظر حوله قانطاً راح يمسح دموعه • ومع شعور الرجال بالحزن عليه ، إلا أنهم ضحكوا بسعادة 270 وراح كل منهم يتحدث مع الآخر ، وكل يلتفت إلى من هو بجانبه : " بصراحة • أوليس قام بآلاف الأعمال المجيدة • بعقد اجتماعات مفيدة ، وقيادة معارك مسلحة • ولكن هذا هو العمل الأفضل بين كل ما قام به للأرجيفيين ، بطرده ذلك الثرثار المتشدق 275








رقم صفحة الكتاب الورقي: 69

من المجلس • ولن يعود بعدها بتفاخره ليتشاجر مع الأمراء بكلمات فيها الشتائم البذيئة " • واستمر الجمع في الكلام • ولكن أوليس فاتح المدن وقف ممسكاً بالصولجان وإلى جانبه أثينا ذات العينين الشهلاوين على هيئة مناد ، وراح يدعو الناس إلى الصمت 280 بحيث يستطيع أبناء الآخيين القريبون والبعيدون أن يستمعوا إليه ، ويتدبروا مشورته • وقف بحسن نية تجاه الجميع ، وخاطبهم قائلاً : " يا سيدي ابن أتريوس • إن الآخيين يحاولون الآن أن يجعلوك محط اللوم في نظر العالم أجمع ، 285 ودون أن يحققوا الوعد الذي تعهدوا به ذات يوم حين انطلقوا إلى هنا من أرغوس مرعى الخيول لكي يعودوا إلى بيوتهم بعد اجتياح إليون الحصينة • كأنما هم أولاد أو أرامل يأخذون بالبكاء والشكوى طالبين العودة إلى بيوتهم • 290 والحقيقة إنه لأمر قاس أن يتحرق المرء بالرغبة في العودة فكل من يبتعد شهراً واحداً عن زوجته في سفينته القوية يفقد صبره ، وهو يرى نفسه وسط عواصف الشتاء ، والبحر المضطرب يعيقه عن العودة • وبالنسبة لنا نحن هذه هي السنة التاسعة التي تمر علينا ونحن منتظرون • 295 ولذا لا أستطيع أن ألوم الآخيين على تململهم وهم إلى جانب السفن المقوسة • ولكن مع ذلك أرى من العار أن ننتظر هذا الانتظار الطويل كله لنعود في النهاية خاويي الوفاض •








رقم صفحة الكتاب الورقي: 70

اصبروا يا أصدقائي ، وتحملوا قليلاً ، إلى أن نعرف إن كانت نبوءة كالخاس صحيحة أم لا • 300 فأنا أتذكر ذلك بدقة ، وكلنا شهود • نحن الذين لم يحمل الموت أرواحنا • فبالأمس أو قبله ، في آولس ، حيث تجمعت سفن الآخيين حاملة الكوارث للطرواديين ولبريام ، ونحن متحلقون حول نبع على المذابح المقدسة 305 لنقدم أضحياتنا للآلهة الخالدين ، تحت شجرة دلب جميلة ، يترقرق الماء المتلألئ تحتها ظهرت هناك علامة عظيمة ، ثعبان ، ظهره موشى بالدم ، مرعب ، أطلقه الأولمبي ذاته 12 إلى النور ، تلوى شاقّاً طريقه من تحت المذبح ، وتوجه إلى شجرة الدلب • 310 وكانت هناك فراخ دوري زغباً مستكينين قابعين تحت أوراق أعلى الأغصان • كانوا ثمانية ، وتاسعتهم أمهم التي تحضنهم • والتهمهم الثعبان كلهم وهم يستغيثون • وراحت الأم تزعق بصوت عال وهي تحوم حوله 315 وفيما هي تندب أمسك بها من جناحها والتف عليها • وبعد أن أكل الدورية وأفراخها ، حوله الإله الذي أطلقه ، ابن كرونوس ، ذو الطرق الملتوية ، إلى تمثال ومسخه حجراً ، ونحن واقفون مندهشون مما يجري • 320 وهكذا مع حضور الرعب والمخلوق الشيطاني عند أضحيتنا






12 زيوس.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 71

تكلم كالخاس أمامنا مفسراً إرادة الإله : لم خرستم ، أيها الآخيون ذوو الشعور المسترسلة ؟ لقد أرانا زيوس ، إله المجالس والمشورة ، هذه البشارة • وهي بشارة سيتأخر تحقيقها ، ولكن مجدها لن يزول أبداً • 325 فمثلما أكل الثعبان الدورية مع أفراخها الثمانية ، وتاسعتهم أمهم التي تحضنهم ، كذلك وطوال سنوات بهذا العدد سنحارب في ذلك المكان • وفي السنة العاشرة سنجتاح المدينة ذات الطرق الواسعة • هكذا قال لنا يومها • وقد تحقق ذلك كله • 330 فهيا بنا أيها الآخيون المدججون • وليبق الجميع هنا إلى أن نستولي على حصن بريام العظيم " • حين أنهى كلامه هتف الأرجيفيون عالياً • وحولهم رددت السفن الأصداء المخيفة لهدير الآخيين ، وهم يحيّون كلام أوليس الإلهي • 335 ثم تحدث بينهم الخيّال نيستور الجيريني : " يا للعار • إنكم لا تشبهون إلا الأولاد حين تعقدون اجتماعاً • أولاداً صغاراً ، لا تعني لهم مآثر الحرب شيئاً • إلى أين إذن تذهب عهودنا ، والأيمان التي حلفناها ؟ فلتأكل النار المجالس وتأملات الرجال إذن ، 340 وفوقها تقدمات الخمر والمواثيق التي صدقناها • إننا لا نخوض قتالنا إلا بالكلمات ، ولا نستطيع أن نكتشف أي علاج ، مع أننا هنا منذ وقت طويل • فيا ابن أتريوس أما زلت متمسكاً برأيك بثبات كما كنت من قبل ؟








رقم صفحة الكتاب الورقي: 72

وستظل قائد الأرجيفيين في المعارك العنيفة ؟ 345 فليمت هذا أو ذاك ممن يستقلون بأفكارهم عن بقية الآخيين ، طالما أنه لا فائدة ترجى منهم ؛ ما لم يعودوا إلى أرغوس ، دون أن يعلموا ما إذا كان زيوس المدرّع صادقاً في وعده أم لا • فأنا أقول لك ، إن ابن كرونوس فائق القوة ، 350 قد وعد ، في اليوم الذي استقلّينا فيه سفننا السريعة ، أننا ، نحن الأرجيفيين ، نحمل الدم والموت للطرواديين • لقد أبرق عن يميننا ، مظهراً علامة الخير • ولذلك لا تدع أحداً يستقلّ طريق العودة قبل أن ينام مع زوجة أحد الطرواديين 355 لينتقم لتوق هيلين إلى الهرب ولندبها 13 • ولكن إذا كان أي رجل يتحرق على العودة ، فلتدعه يتجرأ على وضع يده على سفينته السوداء المتينة • وسينال الموت والفناء عقاباً له أمام الجميع • هيا بنا يا سيدي • كن أنت نفسك حذراً ، ولكن اصغِ للآخرين • 360 وما أقوله لك ليس لكي تلقي به عرض الحائط • رتب رجالك حسب قبائلهم وعشائرهم يا أغاممنون • ولتكن قبيلة دعماً لقبيلة ، وعشيرة دعماً لعشيرة • فإن فعلت ذلك ، وأطاعك الآخيون ، ستعرف مَن مِن قادتك السيئ ، ومن من جماعتك ، 365 ومن هو الشجاع أيضاً ، طالما أنهم سيحاربون في هذه التشكيلات • وستعلم أيضاً إن كنت ستفشل في اجتياح هذه المدينة






13 يريد اليونانيون أن يؤكدوا أن هيلين قد اختُطفت دون رغبة منها.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 73

بسبب السحر ، أم بسبب الجبن والجهل بفنون الحرب • فرد أغاممنون القوي على هذا بقوله : " مرة أخرى يا سيدي العجوز تتفوق على أبناء الآخيين 370 في الجدل • يا أبي زيوس ، يا أثينا ويا أبولو : آه لو أن لدي بين الآخيين عشرة مستشارين مثله ، لكانت مدينة السيد بريام قد وقعت بين أيدينا ، ولاستولينا عليها وسلبناها • ولكن بدلاً من ذلك أعطاني زيوس المدرّع ، ابن كرونوس ، المرارة 375 بزجّي في مهانات ومشاحنات لا طائل منها • فقد اختصمت وآخيل من أجل فتاة في مجابهة كلامية عنيفة • وكنت أول من غضب • ولو أننا نتمكن من الاجتماع مرة واحدة على رأي لما تأجلت المصيبة التي ستحل بالطرواديين ، ولو لفترة قصيرة • 380 ارجعوا الآن ، وتناولوا عشاءكم ، ولنجمع عدة حربنا • وليركّب كل منكم حربة مناسبة في رأس رمحه ، وليهيئ ترسه • وليضع عليقاً جيداً أمام خيوله السريعة ، وليعتن كل بعربته ، وليتهيأ للقتال ، فقد نقضي النهار كله في كتائب آريس الكريهة . 14 583 لن تكون هناك راحة ولو للحظة قصيرة ، حتى حلول الظلام ليفرق بين المتحاربين • وسيتساقط عرق الرجال على سيور تروسهم ، حتى يشدها إلى صدورهم فيخفي الترس شكل الرجل ، وتتشنج الأيدي على الرماح • وسيتصبب العرق من الخيول المربوطة إلى عرباتكم •






14 ستجد في قاموس الإلياذة أن آريس من أسماء مارس، إله الحرب. والمقصود هنا أننا قد نقضى النهار كله في القتال.



رقم صفحة الكتاب الورقي: 74

وكل من أجده يتلكأ ، بعيداً عن المعركة ، ملتجئاً في السفن المحنية ، فإنه لا نجاة له من أن يصبح نهش الطلاب والعقبان " • وهتف الأرجيفيون بعد انتهائه من كلامه صاخبين كموجة ترتطم برأس بحري ، والريح الجنوبية ترجعها 395 إلى جرف صخري لا تتركه الأمواج وشأنه لكثرة ما تتناوشها الرياح ، وهي تطلع هنا وهناك • تفرقوا متوجهين إلى السفن ، وأشعلوا النيران فانطلق الدخان من بين المقرات ، وتناولوا عشاءهم • وقدم كل منهم أضحية لأحد الآلهة 400 راجياً أن لا يلاقي الموت أو يُطحن بين أسنان آريس • ولكن سيد الرجال أغاممنون قدم ثوراً كبيراً عمره خمس سنوات لزيوس ، ابن كرونوس فائق القوة • ودعا نبلاء الآخيين وعظماءهم إليه ، ونيستور على رأسهم ، وبعده النبيل إيدومينيوس ، 405 ثم الأياسين الاثنين وديوميديس ، ابن توديوس ، وسادسهم أوليس ، الأشبه بزيوس في حكمته • ومن جماعته جاء مينيلاوس ذو صرخة الحرب الجبارة ، الذي يعرف في طويته محبة أخيه له • تحلقوا حول الثور ، وحملوا الشعير في أيديهم 410 وتكلم بينهم أغاممنون القوي مصلياً : " يا زيوس المجيد والأعظم ، ساكن السماء في السحب الداكنة • لا تدع الشمس تغيب وتختفي في الظلام








رقم صفحة الكتاب الورقي: 75

قبل أن أطوّح بقلعة بريام في اللهب وأشعل النار في أبوابها 415 وقبل أن أمزق ثوب هيكتور على صدره بالنصل البرونزي ، وأُسقط العديد من مرافقيه من حوله ليتمرغوا في الغبار ، ويعضوا الأرض بأسنانهم " • ولكن ابن كرونوس لن يحقق له شيئاً مما قاله • لقد تقبل الأضحيات ، ولكنه كوّم العقبات غير المتمناة • 420 وبعد أن أدى الجميع صلواتهم نثروا الشعير ، ثم شدوا رأس الثور الأضحية وذبحوه وسلخوه ، واقتطعوا اللحم عن الفخذين ولفوه بالدهن على طبقتين ، ثم أضافوا شرائح من اللحم فوقه • ووضعوا ذلك على عيدان مشقوقة ومقشرة وشووه 425 ثم انتزعوا الأحشاء وعرضوها للهب هيفايستوس • وبعد أن أحرقوا لحم الفخذ وتذوقوا الأحشاء قطّعوا ما تبقى وتبّلوه وطبخوه بعناية ، ثم أخرجوا القطع • وبعد أن أنهوا الطبخ ، وجهزوا المائدة 430 أولموا ، فلم يبق جوع إلا ولاقى كفايته • وحين أشبعوا رغبتهم في الأكل والشرب بدأ الخيّال الجيريني نيستور كلامه بينهم : " يا ابن أتريوس المعظم سيد الرجال أغاممنون دعنا نتوقف عن الكلام في هذه الأمور ، ولا نؤجل طويلاً 435 العمل الذي فرضه علينا الإله •








رقم صفحة الكتاب الورقي: 76

فهيا ، دع المنادين بين الآخيين المدرعين بالبرونز يطلقون نداءاتهم للناس لجمعهم قرب السفن • ولننزل كما نحن الآن بين جمع الآخيين الغفير لاستنهاض إله الحرب العنيف والقاسي بأسرع ما يمكن • 440 ولم يتجاهل أغاممنون سيد الرجال كلامه • بل أمر على الفور المنادين ذوي الأصوات العالية باستدعاء الآخيين ذوي الشعور المرسلة لنفير الحرب • وأطلق المنادون أصواتهم ، وسرعان ما اجتمع الرجال • والتف الملوك المؤيَّدون من الآلهة حول أغاممنون 445 يقودون رجالهم ، وبينهم أثينا ذات العينين الشهلاوين ، وهي تمسك بالدرع الثمين الخالد الذي لا يعرف القِدم والذي تتدلى من جوانبه مئة شرّابة من الذهب الخالص وكل منها مشغولة بإتقان وتساوي مئة ثور • وراحت تتنقل بين جموع الآخيين والشرّابات تتأرجح في يدها 450 وهي تحثهم على الإقدام • فألهبت الحمية في قلب كل رجل والتلهف لخوض المعركة ومتابعة القتال دون إبطاء • وصارت المعركة أكثر حلاوة من العودة في السفن الجوفاء إلى أرض الآباء الحبيبة • وكما يشعشع الحريق في غابة هائلة 455 على قمة جبل ، ويُرى اللهب عن مسافات بعيدة ، كذلك ، وهم يزحفون ، كان البريق من الأسلحة البرونزية يعمي الأبصار وهو يتصاعد عبر الفضاء نحو السماء • وكما تنطلق سحائب الطير المختلفة ،









رقم صفحة الكتاب الورقي: 77

من أوزٍّ وكراكي وبجع طويل العنق 460 في السهول الآسيوية قرب المياه الكاوسترية وهي تتماوج في طيرانها مزهوة بقوة أجنحتها ، ثم تحط في موجات متصادمة فتردد المروج أصداءها ، كذلك كانت القبائل العديدة تتدفق من السفن والمقرات إلى سهل سكاماندروس ، والأرض ترتج مرعدة 465 تحت أقدامهم وتحت حوافر خيولهم • أخذوا مواقعهم في سهل سكاماندروس المزهر وكانوا بالآلاف ، مثل الأوراق والزهور التي تتفتح في موسمها • ومثل الأعداد التي لا تُحصى من الحشرات المتحركة التي تتنقل بين مرابط الحظائر 074 في فصل الربيع حين يتطاير الحليب من أوعيته بأعداد غفيرة كهذه ، وقف الآخيون ذوو الشعور المرسلة في السهل المواجه للطرواديين ، والقلوب تتحرق للفتك بهم • وكما يتمكن رعاة الماعز وهم بين قطعانهم من توزيعها بانتظام في المرعى ، 475 هكذا وزعهم القادة هنا وهناك تهيؤواً للمواجهة • وفي وسطهم أغاممنون القوي بعينيه ورأسه الأشبه بزيوس الذي يستعذب الرعود ، بحزام مثل آريس ، وصدر مثل بوزيدون ومثل فحل الثيران المتميز عن الجميع والأكثر أهمية بينهم ، 480 الثور الذي يقف بارزاً وسط القطيع في قيلولته ، كذلك كان ابن أتريوس ، وكما أبرزه زيوس في ذلك اليوم ،








رقم صفحة الكتاب الورقي: 78

متميزاً بين الرجال ، ومقدماً بين المحاربين • أخبريني الآن أيتها الملهمات القاطنات في الأولمب • فأنتن الإلهات ، كنتن هناك ، وأنتن تعرفن كل شيء ، 485 بينما نحن لم نسمع سوى الشائعات ولا نعرف شيئاً • مَن مِن هؤلاء كانوا زعماء الدانانيين وقادتهم ؟ أنا لا أستطيع الكلام عن جموعهم أو تسميتهم حتى لو كان لي عشرة ألسن وعشرة أفواه وصوت لا يعرف الكلل وقلب من البرونز في صدري • 490 ما لم تتذكر ملهمات الأولمب ، بنات زيوس ذي الترس ، كل من جاء أمام إليون • لن أحكي عن ربابنة السفن ، أو أعدادها • لقد كان 15 ليتوس وبينيليوس قائدي البيوتينيين مع أركيسيلاوس وبروثوينور وكلونيوس ، 495 الذين يعيشون في هيريا وآولس الصخرية ، وفي أخاديد إيتيونوس ، وسخوينوس وسكولوس ، ثيسبيا وغرايا وفي موكاليسوس الفسيحة ، ومن يقطنون حول هيرما وإيلسون وإيروثريا والذين يقطنون إيليون وهولي وبيتيون 500 إضافة إلى أوكيليا وميديون ، القلعة الحصينة وكوباي ويوتريسيس وثيسبي ذات الحمام ، ومن يقطنون كورونيا ومروج هاليارتوس ، والذين يقطنون بلاتايا ، والذين يعيشون حول غليساس ومنخفضات ثيبيس ، والقلعة الحصينة ، 505






15 - من هنا وحتى البيت 877 ( نهاية الكتاب الثاني ) تبرز مشكلة معقدة في الإلياذة • فهذا المقطع الطويل ليس فيه سوى تعداد لمدن وقادة وقبائل • والمكان الطبيعي لهذا التعداد هو في بداية الحرب عند الاحتشاد في آولس ، وليس بعد تسع سنوات من وقوع الحرب • والمهم أن عدد الكتائب هو ( 29 ) والقادة ( 49 ) • وهناك أسماء لـ(175 ) مدينة وبلدة ومكان ، وهناك ( 1186 ) سفينة • وعدد المقاتلين الذين يتم إحصاؤهم هنا يقرب من مئة ألف • كما أن قائمة القادة الطرواديين تضم سبعة وعشرين اسماً • قتل منهم سبعة عشر خلال قصة الإلياذة • أربعة قتلهم أسياس • كما قتل كل من آخيل وديوميديس ثلاثة آخرين • وهذا يعني ، بالنسبة لويلكوك ، أن قائمة القادة الطرواديين قد وضعت للإلياذة بشكل خاص ، على عكس القائمة اليونانية التي تضمنت استعراض معلومات • ولعل هذا ما يؤيد نظرية الشعر الشفوي • فهو شعر يخاطب معارف جمهوره • وجمهور هوميروس يوناني • وليس بين الطرواديين ما يعني هذا الجمهور إلا الذين حاربوا ، وكان لهم دور في الحرب ، فعلاً فقَتلوا أو قُتلوا • وربما كان الشاعر الجوال يضيف أسماء الأقوام والمدن حسب ما يتذكره حيناً ، وحسب الجمهور المستمع الذي يريد أن يأتي على ذكره في الملحمة حيناً آخر • ولعل آخرين أضافوا أسماء مدنهم وأبطالهم وهم يرددون الملحمة في مجالسهم ، أثناء وجود هوميروس أو بعده• (انظر رأي الدكتور لويس عوض في كتابه " أوريست والملاحم العربية " ، حول ما يسميه " التراكم الملحمي " ) • وقد أفرد بعض المترجمين ( العرب والأجانب ، وبينهم ألكسندر بوب ) هذا الحيز من الإلياذة في فصل مستقل • كما قام آخرون بحذفه • واعتبره آخرون متسرباً إلى الإلياذة في فترة لاحقة • ويرى البعض أن الجغرافيا المشار إليها في الأماكن إما أنها محض خيال ( وهو خيال فقير في شاعريته ) ، أو أنها ثبت فعلي بالأماكن في تلك المرحلة من التاريخ ، أو أنه متسرب من شاعر رديء لاحق • مع أن حفريات القرن التاسع عشر ( حفريات هاينريش شليمن عام 1870 في تل هيسارليك في تركيا ) ، وما بعد ، أثبتت أن الأماكن والحضارات الواردة في الملحمة ليست من صنع الخيال • بل إنه تم اكتشاف آثار طروادة نفسها • وهناك ملاحظات تفصيلية أخرى حول هذا المقطع سنوجزها فيما يلي : لقد أدخلت قائمة القوات إلى الإلياذة ( التي تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد ) • وهناك تركيز خاص على القوات البيوتية ، وبأكثر من دورها الحقيقي في الحرب ، وكذلك القائمة الطويلة من الأسماء التي لا دور يذكر لها في الملحمة • مما يشكك بعض الدارسين في أن تكون الإضافة من الشاعر هيزويد ( القرن الثامن قبل الميلاد ) • ويستندون إلى رأيهم هذا بتشابه الفصل المذكور مع شعر هيزويد ومدرسته التعليمية • وربما كانت هذه الإضافات وغيرها لعدد من الشعراء في مراحل مختلفة ولأغراض مختلفة • كما أن نوعاً من التركيز الخاص قد أولي لأثينا وذلك بتأثير الناسخين الذين ثبتوا النسخة الأولى من الإلياذة • وكان ذلك في القرن السادس قبل الميلاد • أي بعد ثلاثة قرون من هوميروس • ويلاحظ بعضهم أن الببيتين 557 - 558 ، مثلاً ، يتعلقان بأياس القادم من جزيرة سالاميس• وهو شخصية ذات أهمية ، وبطل عظيم • وهو ابن تيلامون • وكان يستحق أكثر منهما ، لتمييزه على الأقل عن أياس الآخر " ابن أويليوس " (البيت 527) • وكثيراً ما كان يُعتقد في العالم القديم أن البيت الثاني قد أضيف من قبل أحد الأثينيين لدعم مطلب أثينا في نزاعها في القرن السادس مع ميغارا حول ملكية سالاميس • لكن هذا يوصلنا إلى ما يسمى " المسألة الهومرية " • فالدارسون خلال القرنين الماضيين بدؤوا يثيرون شكوكاً حول الملحمتين الهومريتين • إذ لا أحد يعرف شيئاً دقيقاً ومؤكداً عن هوميروس لم يُقل إلا أنه كان شاعراً جوالاً متسولاً وأعمى من مدينة خيوس • وقيل إنه قد حفظ هذه القصائد عمن سبقوه ، وربما أضاف إليها هو ، كما أضاف إليها غيره • ولم يكن من الممكن تدوين هذه الأشعار لعدم وجود أبجدية يونانية • فأول أبجدية استخدمها اليونانيون هي تلك التي أخذوها عن الفينيقيين في القرن التاسع قبل الميلاد • ولم يدونوا بها فور تلقيها . وقد ذكر المؤرخ هيرودوتوس ، في القرن الخامس قبل الميلاد ، أن هوميروس يوناني من إيونيا على شواطئ آسيا الصغرى • والقصائد الهومرية الموجودة الآن مترجمة في العصور الوسطى عن مخطوطات فقدت بعد ذلك • والأسئلة المتشككة المطروحة تنطلق من ملاحظة التفكك في بعض مقاطع الملحمتين • وهذا يوصل إلى أنه ليس هناك أحد اسمه هوميروس • والملحمتان من نظم مجموعة من الشعراء ، اثنين على الأقل ، وفي عصور مختلفة • وتلك من مواصفات الشعر الشفوي والملاحم الشعبية ( لويس عوض أيضاً ) • وفي حين يرى المدافعون عن " وجود " هوميروس ، وانتساب الملحمتين له ( أو لشاعر واحد على الأقل ) ، أن ذلك التفكك والتكرار هما أيضاً من صفات الشعر الشفوي • وبالتالي فهذا لا ينفي أن يكون شاعر واحد قد نظم القصائد وتجول بها ليغنيها ، فتعرضت لبعض التغييرات مع الزمن ، ومع تغير الجمهور المستمع •



رقم صفحة الكتاب الورقي: 79

وأونكيستوس المقدسة وغابة بوزيدون المتألقة وأرني ذات الكروم وميديا ونيسا المقدسة وأنثيدون القصية كان منها خمسون سفينة ، وعلى متن كل منها مئة وعشرون من البيوتيين • 510 والذين كانوا يعيشون في أسبليدون وأورخومينوس المينوية كانوا بقيادة أسكالافوس وإيالمينوس ابني آريس الذين حملته لهما العذراء المؤدبة أستيوخي في بيت أكتور ابن أزيوس • فقد دخلت إلى الغرفة مع آريس القوي الذي نام معها سراً • 515 وتحت قيادة هذين الأخوين كانت هناك ثلاثون سفينة جوفاء • وكان سخيديوس وإبيستروفوس يقودان مقاتلي فوكيس ، أبناء إيفيتوس ، وهو ابن ناوبولوس ذي القلب الكبير • والذين يقطنون كوباريسوس وبيثو الصخرية وكريسا المقدسة مع داوليس وبانوبيوس 520 والذين كانوا يعيشون حول هيامبوليس وأنيموريا والذين يقطنون على ضفاف النهر الخالد كيفيسوس والذين يقطنون إلى جانب آبار كيفيسوس ومعهم أربعون سفينة سوداء والقادة الذين ينظمون صفوف الفوكيين 525 سلّحوهم وفرزوهم إلى الجناح الأيسر من الجيش مع البيوتيين • وكان أياس السريع ، ابن أويليوس ، على رأس مقاتلي لوكريس • ولم يكن أياس الصغير كبيراً في الحجم مثل تيلامون ؛








الإلياذة هوميروس الصفحة : 50 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 51 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 80

بل أصغر منه بكثير • كان صغيراً يرتدي درعاً من الكتان • لكنه في قذف الرمح كان يتفوق على الآخيين والهيلينيين • 530 وكان هؤلاء سكان كونوس وأوبوييس وكالياروس وفي بيسا وسكارفي ، وأوغيايي اللطيف ، في ترونيون وتارفي وقرب مياه بواغريوس ، وكانت تتبعه أربعون سفينة سوداء من اللوكريين الذين يسكنون وراء إيوبيا المقدسة • 535 والأبانتيون الذين رياحهم عاصفة وعاتية استولوا على يوروبيا وخالكيس وإيريتريا وكروم هيستيايا الشاسعة ، وكيرينثوس البحرية ، وحصون ديون المنيعة ، أولئك الذين استولوا على كاريستوس وقطنوا قريباً من ستيرا لهؤلاء كان القائد هو إيليفينور ، سليل آريس ، 540 ابن خالكودون وسيد الأبانتيين الطيبين • وكان العداؤون الأبانتيون يتبعونه ، وشعورهم متدلية على ظهورهم ، والرمّاحون تواقون لتمزيق المشدات الملفوفة على صدور أعدائهم برماحهم الطويلة ، ومعهم أربعون سفينة سوداء • 545 ولكن الذين استولوا على أثينا ، ذات الحصن المنيع ، أرض إيريخثوس ذي القلب الكبير ، الذي ذات يوم ولدته أثينا، ابنة زيوس ، وهي تعتني بالحقول المانحة للقمح واهتمت أن يعيش في معبدها الغني في أثينا 16 • ومع مرور السنوات صار أبناء الأثينيين 550 يسترضونه بأضحيات الخراف والعجول •



16 - أثينا Athens هي المدينة ، وأثينا Athene هي الربة•


الإلياذة هوميروس الصفحة : 51 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 52 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 81

وكان قائد هؤلاء بيتيوس ، ابن مينيثيسوس • لم يسبق أن ولد على الأرض رجل مثله في تنظيم الخيول والمقاتلين ذوي التروس • ونيستور وحده الذي يستطيع مضاهاته ، لكونه أكبر منه بكثير • 555 وكانت تتبعه خمسون سفينة سوداء • وجلب أياس من سالاميس اثنتي عشرة سفينة ووضعها بجانب المكان الذي سُحبت إليه الكتائب الأثينية • والذين استولوا على أرغوس وتيرونس ذات الأسوار الضخمة وهيرميون وآسين الواقعة على الخليج العميق 560 وترويزين وإيوناي ، وإيبيداوروس ذات الكروم ، والذين استولوا على أيجينا وماسيس ، أبناء الآخيين ، فقد كان قادتهم ديوميديس ، صرخة الحرب العظيمة ، مع سثينيلوس ، ابن كابانيوس ذائع الصيت ، وثالثهم يوروالوس ، الإنسان الشبيه بالآلهة ، 565 ابن الملك ميكيسستيوس ، سليل تالاوس ، ولكن قائد الجميع هو ديوميديس ، صرخة الحرب العظيمة • ومع هؤلاء ثمانون سفينة سوداء • ولكن الذين يسيطرون على القلعة المنيعة موكيناي وكورينث الغنية وكليوناي الحصينة ؛ 570 والذين كانوا يقطنون أورنياي وأريثوريا اللطيفة ، وسيكون ، حيث استولى أديستوس على المُلْك في الماضي والذين يستولون على هوبيريشيا ومنحدرات غونوسا ، والذين يستولون على بيليني والذين يسكنون حول إيغيون








الإلياذة هوميروس الصفحة : 52 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 53 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 82

طوال الشاطئ والرأس البحري هيليكي ، 575 بسفنهم المئة ، فكان قائدهم أغاممنون العظيم ، ابن أتريوس ، الذي يتبعه أفضل الناس وأكثرهم شجاعة ؛ ومن بينهم يبرز هو نفسه بعدة حربه البرونزية المشعشعة مجيداً وعلماً بين عظماء المحاربين ؛ لأنه كان الأعظم بينهم ، والقائد للجموع الغفيرة • 580 والذين يسيطرون على غور لاكيديمون الحاشد وفاريس وأسبارطة وميس مربى الحمام والذين يسكنون في بروسياي وأوغياي اللطيفة والذين يسيطرون على أموكلاي ومدينة هيلوس البحرية والذين يسيطرون على لاس و الذين يسكنون في أويتولوس 585 على هؤلاء كان أخوه مينيلاوس ، صرخة الحرب الداوية ، هو القائد ، مع ستين سفينة يقودها بمعزل عن السفن الأخرى • وهو نفسه سار بينهم واثقاً من مكانته وهيبته ، يقودهم نحو الحرب ، حيث أن قلبه كان الأكثر توقاًَ وتحرقاً للانتقام لتشوق هيلين إلى الهرب ولمناجاتها • 590 والذين كانوا يسكنون حول بولوس وأريني اللطيفة وثريون ومعبر ألفيوس وأيبي قوية البنيان والذين يعيشون في كوباريسيس وأمفيجينيا وبيليوس وهيلوس ودوريون - حيث التقت الملهمات بثاموريس التراقي فأوقفنه عن الغناء ، 595 وهو المولود لأويخاليا ويوروتوس الأويخالي ، إذ كان قد تباهى بأنه سوف يتفوق حتى لو غنت أمامه الملهمات








الإلياذة هوميروس الصفحة : 53 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 54 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 83

بنات زيوس حامل الترس - ولغضبهن قمن بتشويهه 17 ، وسلبه صوته العجيب ، وجعلنه مغنياً دون ذاكرة • 600 لهؤلاء كان القائد هو الخيّال الجيريني نستور ، الذي كانت تحت إمرته تسعون سفينة جوفاء • والذين كانوا يسيطرون على أركاديا تحت قمة كوليني قرب ضريح إيبوتوس ، حيث يقاتل الناس في مجموعات متلاحمة والذين يعيشون في أورخومينوس ذات القطعان ، وفينيوس 605 حول ريبي وستراتيا وإينيسبي ذات الرياح والذين يسيطرون على تيغيا ومانتينيا اللطيفة والذين يسيطرون على ستومفالوس ، ويعيشون حول باراسيا فكان قائدهم أغابينور القوي ، ابن أكايوس وكان عدد سفنهم ستين ، وفي كل سفينة 610 كان هناك العديد من رجال أركاديا 18 البارعين في القتال وأغاممنون ، سيد الرجال ، ابن أتريوس ، نفسه هو الذي أعطاهم هذه السفن القوية ليمخروا عباب البحر ذي الزرقة الخمرية ، لأن أعمال البحر كانت بعيدة عن هؤلاء الرجال • والذين يعيشون في بوبراسيون وإيليس الشهيرة 615 وكل ما على هيرمين ومورسينوس القصية وأولينيان الصخرية وأليسون القريبة بينهما من هؤلاء كان يوجد أربعة زعماء ، ومع كل منهما عشر سفن سريعة تتبعه، وعليها الكثيرون من الإيبيين، ومجموعتان من تلك السفن العشر كانتا بقيادة ثالبيوس وأمفيماكوس






17 كثيرون ، وبينهم ملتون ، اعتبروا أن التشويه هنا هو العمى • 18 لأن أركاديا ليست مدينة بحرية فإن مقاتليها يركبون سفن الآخرين •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 54 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 55 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 84

من سلالة أكتور ، أحدهما ابن كتياتوس ، والآخر ابن يوروتوس وعشر أخرى بقيادة ديوريس القوي ، ابن أمارونكيوس ، والعشر الرابعة بقيادة شبيه الآلهة بولوكسينوس ، ابن النبيل أغاسثينيس ، من شعب الأوغياس • والذين جاؤوا من دوليخيون وإيخينان المقدسة 625 الداخلية ، حيث يعيش الناس وراء المياه التي عند إيليس ، فكان قائد هؤلاء ميغيس ، وهو رجل شبيه بآريس ، ابن فوليوس ، الذي أنجبه الفارس العزيز على زيوس ، فوليوس ، الذي استقر في دوليخيون بعد شجاره مع والده • وكانت تتبعه أربعون سفينة سوداء • 630 ولكن أوليس كان يقود ذوي القلوب الجسورة من كيفالينيا ، والذين استولوا على إيثاكا ونيريتون ذات الأوراق المرتعشة ، أولئك الذين سكنوا حول كروكوليا وإيغيليبس ، الذين استولوا على زاكونثوس ، والذين سكنوا حول ساموس ، والذين يسيطرون على الأراضي الرئيسية والأمكنة المجاورة للمعبر 635 كان هؤلاء بقيادة أوليس ، الشبيه بزيوس في الرأي • وكانت تتبعه اثنتا عشرة سفينة ذوات حيازيم مدهونة بالأحمر • وكان ثواس ، ابن أندريمون ، قائد الإيتوليين ، الذين كانوا يسكنون في بلورون وأولينوس وبوليني وكالودون الصخرية وخالكيس المحاورة للشاطئ ، 640 منذ أن لم يعد يقطنها أبناء أوينيوس ذوو القلوب الجسورة ، ولا أوينيوس نفسه ، وكانت ملياغروس قد ماتت • ولذلك أوكلت زعامة الإيتوليين كلها لثواس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 55 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 56 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 85

وكانت تلحق به أربعون سفينة سوداء • وكان ضارب الرمح الشهير إيدومينيوس قائد الكريتيين ، 645 أولئك الذين استولوا على كنوسوس وغورتوس ذات الأسوار العظيمة ، ولوكتوس وميليتوس ولوكاستوس فضية اللمعان ، وفايستوس وروتيون ، وكلها مدن حسنة البنيان ، وآخرون ممن يسكنون إلى جوارهم في كريت ذات المئة مدينة • على هؤلاء جميعاً كان إيدومينيوس الشهير برمحه هو القائد • 650 ومعه ميريونيس ، الند لإله المعارك • وكانت تتبع هؤلاء ثمانون سفينة سوداء • وكان تليبوليموس ، الضخم والقوي ، ابن هرقل ، يقود تسع سفن وعلى متنها رجال روديس المتباهون ، أولئك الذين سكنوا حول روديس ، وكانوا منظمين في ثلاث كتائب ، 556 إيالوسوس وليندوس وكاميروس بالبريق الفضي • وكان تليبوليموس ذو الرمح الشهير قائد هؤلاء جميعاً ، ذلك الذي حملت به أستوخيا ليكون بقوة هرقل • لقد جلبها هرقل من إيفورا ونهر سيلييس بعد أن اجتاح عدة مدن كانت في حماية مقاتلين مؤيدين من الإله • 660 فحين ترعرع تليبوليموس في البيت الراسخ البنيان قتل ليكومنيوس ، عم أبيه الحبيب إلى قلبه ، سليل آريس ، وكان قد بلغ من العمر عتياً • سارع إلى تجميع السفن وحشد جمعاً من الناس وهرب في البحار ، بعد أن هدده الآخرون ، 665 بقية الأبناء والأحفاد الذين هم في قوة هرقل •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 56 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 57 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 86

وجاء إلى رودس جواب آفاق ، ملاحقاً بالتعاسة • فاستقر مع جماعته في ثلاث مجموعات حسب القبائل ، ولما كان هو حبيباً إلى قلب زيوس ، السيد على جميع الآلهة والبشر ، ابن كرونوس ، فقد أمطرهم بعجائب الثروات والغنى • 670 ونيريوس من سومي كان يقود ثلاث سفن متزنة • ونيريوس هو ابن أغالايا والملك خاروبوس ، نيريوس ، الأجمل بين الرجال الذين قدموا إلى إيليون المتجاوز لبقية الدانانيين ما عدا آخيل المتكامل ، إلا أنه كان ذا قوة متواضعة ، وليس معه إلا القلة من المقاتلين • 675 والذين يسيطرون على نيسوروس وكراباثوس وكاسوس وكوس ، مدينة يوروبولوس ، والجزر التي تسمى كالودناي على هؤلاء كانت القيادة لفيديبوس وأنتيفوس ، وهما ابنا ثيسولوس الذي أنجبه هيراكليس • وكانت تحت إمرتهما ثلاثون سفينة جوفاء • 680 وجميع الذين يسكنون حول أرغوس البيلاسغية والذين يعيشون قرب ألوس وألوب وفي تراخيس ، والذين يسيطرون على فثيا وهيلاس ، أرض النساء الجميلات ، الذين كانوا يسمون المرميدون والهيلينيين والآخيين ، على هؤلاء جميعاً ، وعلى سفنهم الخمسين كان القائد هو آخيل • 685 ولكن هؤلاء لم يكونوا مهتمين بجلبة الاستعداد للمعركة لأنه لم يكن هناك من ينظم صفوفهم ، حيث أن سريع القدمين آخيل الرائع كان يتمدد عند السفن • وكان غاضباً من أجل بريسيس ، الفتاة ذات الشعر الجميل ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 57 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 58 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 87

التي أخذها من لورنيسوس بعد جهد جهيد ، 690 بعد أن اجتاح لورنيسوس وأسوار ثيبة وجندل إبيستروفوس ومينيس ، الرمّاحين العنيفين ، ابنّي إيونوس ، ملك سليبيوس وابنها • من أجلها كان يضطجع حزيناً الآن ، ولكنه سرعان ما سينهض • والذين يسيطرون على فوليك وبوراسوس ذات الورود ، 695 منطقة ديميتر ، وإيتون ، أم القطعان ، وأنترون التي على الشاطئ ، وبتيليوس التي في المروج الداخلية على هؤلاء كان القائد هو بروتيسيلاوس ، حين كان حياً ، ولكن الأرض السوداء تضمه في حناياها الآن ، وزوجته التي مزقت خديها حزناً تخلفت في فوليك 700 بزواج نصف مكتمل • لقد قتله دارداني ، وهو يقفز من سفينته ، فكان أول القتلى الآخيين • ولكن مع تعلقهم بقائدهم لم يبقوا بلا قائد • بل إن بودراكوس ، سليل آريس ، قام بتنظيم صفوفهم ، وهو ابن إيفيكليس ، الذي كان بدوره ابن فولاكوس 705 الغني بقطعانه ، والأخ الشقيق لبروتيسيلاوس ذي القلب النبيل ، الأصغر منه في الولادة • ولكن الكبير بروتيسيلاوس كان هو الأكثر شجاعة أيضاً ؛ فهو رجل المعارك • ولكن الناس لم يعد ينقصهم قائد ، مع تعلقهم به وببسالته • وكان وراء بوداركيس أربعون سفينة سوداء • 710 والذين كانوا يعيشون في فيراي ، قرب بحيرة بوابيس وفي بوابي وغلافوراي وإيولكوس المنيعة








الإلياذة هوميروس الصفحة : 58 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 59 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 88

فقد كان القائد لسفنهم الإحدى عشرة إيوميلوس ، الابن العزيز لأدميتوس ، الذي أنجبته له ألكيستيس الجميلة بين النساء ، والأظرف بين بنات بيلياس كلهن • 715 والذين كانوا يعيشون حول ثاوماكيا وميثوني والذين يسيطرون على ميليبويا وأوليزون الصخرية فعلى سفنهم السبع كان القائد هو فيلوكتيتيس ، البارع في رمي القوس ، وعلى متن كل سفينة كان هناك خمسون مجذفاً وجميعهم بارعون في استخدام القوس في المعركة • 720 ولكن هو نفسه كان معتزلاً في الجزيرة ، يعاني من آلام مبرحة في ليموس المقدسة ، حيث خلفه أبناء الآخيين وراءهم متوجعاً من عضة موجعة من أفعى ماء خبيثة • وهناك كان يستلقي معتزلاً متألماً ، ولكن سرعان ما تذكر الآخيون وهم إلى جانب سفنهم النبيل فيلوكتيتيس 725 والمهم أن هؤلاء ، مع تعلقهم بقائدهم ، لم يبقوا بلا قائد • بل إن ميدون ، الابن غير الشرعي ، هو الذي نظم صفوفهم وهو الذي حملته ريني من أويليوس فاتح المدن • والذين يسيطرون على تريكي وإيثومي ذات الشرفات وويخاليا ، مدينة يوروتوس الويخالي ، 730 على هؤلاء كانت القيادة لولدي أسكليبيوس بالتتالي ، والاثنان بارعان في الاستطباب ، وهما بوداليريوس وماخاون ، وكانت تحت إمرتهما ثلاثون سفينة جوفاء • والذين يسيطرون على أورمينيوس ونبع هوبيريا والذين يسيطرون على أستيريون وقمم تيتانوس الشاحبة 735








الإلياذة هوميروس الصفحة : 59 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 60 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 89

فكان يقودهم يوروبولوس ، الابن الرائع ليوايمون وكانت تتبعه أربعون سفينة سوداء • والذين يسيطرون على أرغيسا ويسكنون حول غورتوني وأورثي وإيلوني ومدينة أولوسون البيضاء فكانت قيادتهم لبولويتيس ، العنيد في المعارك ، 047 ابن بيريثوس ، الذي كان أبوه زيوس الخالد نفسه • الذي حملته هيبوداميا إلى بيريثوس ، في اليوم الذي صب فيه انتقامه على الرجال الوحوش ذوي الشعر الكثيف 19 وطردهم من بيليون ، وقذف بهم إلى إيثيكيس ، ليس وحده ، فقد كان معه ليونتيوس ، سليل آريس • 745 ليونتيوس ابن ذي القلب الجسور كورونوس ، ابن كاينيوس ، وكانت تتبع إرشاداتهم أربعون سفينة سوداء • وغونيوس القادم من كوفوس كان يقود اثنتين وعشرين سفينة ، وكان يتبعه إلى المعارك الإينيون والبيرهابيون العنيدون في القتال أولئك الذين أقاموا بيوتهم في دودونا العاصفة ، 750 والذين حول نهر تيتاريسوس الجميل سيطروا على الأراضي المحروثة • وتيتاريسوس يصب مياهه الصافية في بينيوس ، دون أن يمتزج بالدوامات الفضية في بينيوس ، بل يطفو كالزيت على سطحه • لأنه مأخوذ من مياه نهر القَسَم المخيف 20 ، ستوكس 557 وكان بروثوس ، ابن تنثريدون ، قائد الماغنيسيين ، وأولئك الذين كانوا يقطنون حول بينيوس وبيليون ذات الأوراق المرتجفة • لهؤلاء كان بروثوس هو القائد






19 السنتور ( أو القنطور ) الذين يعيشون على جبل بيليون • 20 هو نهر ستوكس الذي يجري في العالم السفلي ، عالم الأموات • وهو النهر الذي يقسم الآلهة به أغلظ الأيمان •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 60 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 61 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 90

وكانت تتبعه أربعون سفينة سوداء • هؤلاء كانوا القادة والأمراء بين الدانانيين 21 • 760 فقولي لي إذن أيتها الميوز الملهمة ، أيهم هو الأفضل والأكثر شجاعة بين الرجال ، وأيها بين الخيول ، الذين ذهبوا مع أبناء أتريوس • الأفضل حتى الآن ، بين الخيول ، كانت أفراس إيوميلوس ابن فيريس ، والتي كان يمتطيها ، سريعة الحركة كأنها الطير ، وكما في نسيج المعطف سناً ولوناً ، وظهورها متساوية كخيط الفادن 22 ، 765 تلك الخيول رباها في بيريا أبولو ذو القوس الفضية ، أفراس متشابهة ، تربت مع أهوال إله الحروب • وبين الرجال كان الأفضل بما لا يقاس أياس التيلاموني طالما أن آخيل مبتعد بسبب غضبه ، إذ هو أفضلهم جميعاً • وكذلك الخيول التي كان يمتطيها ابن بيليوس • 770 ولكن آخيل يعتزل بين سفنه المحنية جوابة البحار ناقماً على أغاممنون 23 ، راعي الرعية ، ابن أتريوس • وكان رجاله قرب شاطئ البحر يتسلّون برمي القرص والرماح الخفيفة والقسيّ ، فيما الخيول ، يقف كل جواد قرب عربته ، 775 وهي تقضم البرسيم والبقدونس الذي ينمو في الأماكن الرطبة • كانت ترتاح لأن عربات فرسانها كانت مغطاة 24 في المخابئ ، والرجال بعيدون عن قائدهم المحارب ، يتجولون هنا وهناك دون\ أية علاقة بالقتال • ولكن الآخرين ذهبوا قدماً ، وكأن الدنيا كلها قد التقطت النار 087 وكانت الأرض ترتج تحت خطاهم ، وكأن زيوس الذي يتسلى بالرعد






21 يكون حتى الآن قد أورد أربعة وأربعين اسماً • وحتى نهاية الإلياذة يُقتل منهم عشرة • ثلاثة منهم يقتلهم هيكتور بنفسه • 22 خيط تربط به قطعة رصاص لقياس أعماق المياه 23 مرة أخرى ننوه إلى التكرار • وتلك من سمات الشعر الشفوي • إذ يحس الشاعر أنه يجب أن يعود دائماً إلى التذكير بالمشكلة خشية أن يكون المتلقي ( المستمع ) قد نسيها • 24 مغطاة لحمايتها من الغبار ، ولأنها لن تستخدم الآن للحرب •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 61 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 62 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 91

قد انفجر غضبه ، كما حدث حين راح يخبط الأرض حول توفيوس في بلاد أريموي ، حيث قالوا إن توفيوس يستلقي مجندلاً • كذلك كانت الأرض تردد بصخب أصداء خطاهم وهم يزحفون ، ويشقون طريقهم وسط السهل بسرعة فائقة • 785 وجاءت إيريس رسولاً إلى الطرواديين ، ذات القدمين السريعتين كالريح ، جاءت على عجل ، برسالة متشائمة من زيوسٍ صاحب الترس • وكان أولئك يعقدون اجتماعهم أمام باب بريام محتشدين في مكان واحد ، شيوخاً وشباناً • وقفت إيريس العداءة السريعة قريباً منهم ، وحدثتهم 790 وقد ضمت صوتها إلى صوت بوليتيس ، ابن بريام ، 25 الذي اعتاد لثقته بسرعة قدميه أن يظل رقيباً للطرواديين ، وحيداً على التل الذي هو القبر القديم لإيسويتيس العجوز ، مترقباً لحظة تحرك الآخيين من سفنهم • وبصوت البشر كلمتهم إيريس قائلة : 795 " يا سيدي الموقر • إن الكلام الذي لا يحصى عدده عزيز عليك كما هو الحال أيام السلم • لكن الحرب الضروس قد أفاقت • ولقد عرفت خلال حياتي حروباً كثيرة بين البشر ، غير أنني لم يسبق لي أن رأيت تحشداً كهذا ، ولا وفرة عدد كهذه • إنهم يبدون بكثرتهم المخيفة مثل أوراق الشجر ، أو رمال الشط ، 800 وهم يتقدمون في السهل لمحاربة المدينة • وإنني أتوجه إليك يا هيكتور ، خلافاً للجميع ، لكي تفعل ما أقوله لك : ثمة حلفاء كثيرون في كافة أرجاء مدينة بريام• ولكن لغات الأمم المختلفة عديدة






25 هي لا تتحدث بصوت بوليتيس فقط • بل تظهر على هيئته • والذي يفترض أنه قد حدث هو أن بوليتيس هو الذي رأى من مرصده زحف اليونانيين ، فركض بسرعته البرقية لإبلاغ قومه ، فتنبهوا ودبت الحياة • وقد حدث ذلك بسرعة في منطقتهم • ومن يملك هذه السرعة حسب اعتقاد الآخيين إلا إيريس ربة السرعة ؟


الإلياذة هوميروس الصفحة : 62 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 63 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 92

فليصدر كل قائد أوامره إلى قومه • 805 ولينظم كلٌّ صفوف جماعته ويقودهم " • أنهت الإلهة كلامها الذي استوعبه هيكتور • ففض الجمع فوراً ، وأسرع الجميع إلى أسلحتهم • وفتحت الأبواب وتدفق منها الناس مشاة وفرساناً بجلبتهم المتعالية • 810 قرب المدينة ، وبشكل منفصل عنها ، ثمة رابية شديدة الانحدار منعزلة في السهل ، ولذا عليك أن تمر من أحد جانبيها • هذه يسميها الناس تل الدغل ، بينما الآلهة الخالدون يسمونها ضريح الإلهة الراقصة مورينا • انتظم الطرواديون وحلفاؤهم • 815 وكان مديد القامة هيكتور ذو الخوذة اللامعة ، ابن بريام ، قائداً للطرواديين • وكان معه أفضل المقاتلين وأكثرهم شجاعة وكلهم تواقون إلى القتال بالسنان • وكان إينياس ، الابن القوي لأنخيسيس ، قائد الداردانيين ، وهو الذي حملت به الإلهة أفروديت من أنخيسيس 820 في منعطفات إيدا ، إلهة تضاجع بشراً عن حب • ولم تلد إينياس وحده ، بل ولدت معه ولدين من أنتينور ، وهما أرخيلوخوس وأكاماس ، وكلاهما محارب بارع • والذين كانوا يعيشون في زيليا عند سفح جبل إيدا الأثرياء الذين يشربون مياه أيسيبوس القاتمة ، 825 وهم الطرواديون : لهؤلاء كان بانداروس ، الابن الفذ للوكاون ، هو القائد ذو القوس المهداة له من أبولو •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 63 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 64 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 93

والذين يسيطرون على أدريستيا وريف أيسيبوس ، والذين يسيطرون على بيتويا وتل تيريا بأكمله ، فكان يقودهم أدريستوس وأمفيوس المدرع بالكتان • 830 والاثنان ابنا ميروبس القادم من بركوتي والذي معرفته بالنبوءة تفوق البشر كلهم • وقد حاول منع ولديه من الذهاب إلى المعركة التي يموت فيها الناس • لكنهما لم يستمعا إليه لأن أشباح الموت الكالح كانت تحثهما 26 • والذين كانوا يسكنون الأماكن حول بيركوتي وباركتيون ، 835 والذين يسيطرون على سيستوس وأبودوس وأريسبي الفاتنة فكان قائدهم أسيوس ، ابن هورتاكوس ، أمير الناس • القائد أسيوس بن هورتاكوس ، الذي جاءت خيوله الضخمة والمتلامعة من أريسبي ونهر سيلييس • وكان هيبوثوس يقود قبائل البيلسجيين البارعة باستخدام الرماح ، 840 تلك التي تقيم حيث التربة غنية حول لاريسا • كان هيبوثوس وبوليوس ، سليل آريس ، يقودان هؤلاء والاثنان ابنا ليثوس البيلجيسي ، ابن تيوتاموس • وكان أكاماس مع المحارب بيروس يقودان مقاتلي ثراسي ، جميع الثراسيين الذين يقطنون دلتا نهر هيليسبوت العنيف 845 وكان يوفيموس قائد الرمّاحين الكيكونيين 27 ، وهو ابن ترويزينوس ، ابن كياس ، الملك الذي كانت الآلهة تحبه • وبوريخماس بدوره كان يقود البيونيين بقسيّهم المحنية ، والقادمين من أمودون القصية ونهر أكسيوس العريض ،








26 وقد قتلا فعلاً كما سيأتي. 27 الكيكونيون هم ضحايا المغامرة الأولى من مغامرات أوليس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 64 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 65 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 94

وأكسيوس ، الذي ماؤه أعذب ماء في الدنيا • 850 وبوليمينيس ، ذو القلب الجسور ، كان قائد البالاغونيين القادمين من أرض إينيتوي حيث تُربى البغال الشَّموس ، والذين يسيطرون على كوتوروس ، والذين يسكنون حول سيموس ، والذين جددوا البيوت ، وكانوا حول نهر بارثينيوس، وكرومنا وإيغيالوس وإيروثينوي الشاهقة • 855 أما أوديوس ، ومعه وإيبيستروفوس ، فكانا يقودان الهاليزونيين القادمين من ألوبي القصية ، حيث تُستخرج الفضة • وكان كروميس ومعه إينوموس العراف ، فكانا سيدي الموسيين لكن استقراءه للطيور لم يجنبه الهلاك المريع ، بل وقع بين يدي العدّاء أيكيديس 28 860 وسط النهر ، فيما كان يذبح طرواديين آخرين بقربه • وفوركوس ومعه شبيه الآلهة أسكانيوس كانا سيدي الفروجيين • القادمين من أسكانيا القصية ، والمتشوقين للقتال • وكان ميسثليس وأنتيفوس ابنا تالامينيس ، الذي ولد من بحيرة غوغايان ، قائدي المايونيين ، 865 يقودان الرجال المايونيين الذين موطنهم تحت جبل تمولوس • والكاريّون ذوو اللهجة الغريبة كانوا بقيادة ناستيس ، أولئك الذين يسيطرون على ميليتوس وجبل فثيرون كثيف الخضرة ومياه ماياندروس وقمم موكالي شديد الانحدار • كان القائدان لهؤلاء أمفيماخوس وناستيس ، 870 ناستيس وأمفيماخوس ، ابنا نوميون الرائعان • لقد جاء ناستيس ، مثل فتاة ، إلى القتال بحلى ذهبية •






28 ولكن اسم إينوس لم يرد بين قتلى معركة النهر في الفصل (21) وكذلك لم يرد اسم ناستيس. وفي هذه المعركة قام آخيل بقتل الكثيرين.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 65 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 66 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 95

يا للأحمق المسكين ، إذ لم ينفعه هذا في إبعاد الموت الكريه عنه ، بل وقع بين يدي العدّاء أيكيديس في النهر ، حيث جرده آخيل من حليه الذهبية • 875 وكان ساربيدون النزيه سيد اللوكيين القادمين من الأماكن النائية ، ومن دوامات نهر كسانثوس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 66 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 67 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الفصل الثالث

رقم صفحة الكتاب الورقي: 101

هاهم الرجال من كل جانب قد انتظموا بإشراف قادتهم • وأقبل الطرواديون بجلبتهم وصراخهم مثل طالبي الطرائد • ومثلما تتصاعد زعقات رف الكراكي إلى عنان السماء ، حين يفوته موسم رحلة الشتاء ويتواصل المطر عليه ، فيتوجه بجلبة لاجبة نحو أوقيانوس المتدفق ، 5 حاملاً إلى الرجال البوغميين سفح الدماء والهلاك : وجالباً معه منذ الفجر معركة ضارية على نفسه 1 • بينما كان الآخيون يتقدمون بصمت ، وهم يتنفسون البسالة ، وفي قلب كل منهم يقين راسخ بوجوب التكاتف مع الآخرين • وكما تبعثر الريح الجنوبية الضباب الكثيف على قمم الجبال ، 10 ذلك الضباب الذي لا يواتي الرعاة ، وهو أفضل من الليل للّصوص ، ولا يستطيع المرء أن يرى أمامه أكثر من مرمى حجر ، كذلك كان الغبار يتصاعد بشكل زوبعة تحت أقدام الرجال الزاحفين ، الذين يشقون طريقهم في السهل بأقصى سرعة • وحين اقترب الزاحفون طرفاً من الطرف الآخر 15 قفز ألكساندروس 2 ، الشبيه بالآلهة ، من بين صفوف الطرواديين متحدياً ، وبين كتفيه جلد فهد وقوس محنية وسيف ، وهو يهز رمحين بين يديه ، مطعمين بالبرونز ، متحدياً خيرة الأرجيفيين أن يبارزه حتى الموت مبارزة ضارية رجلاً لرجل • 20 وحالما وقع عليه نظر مينيلاوس المتحرق للحرب






1 رف الكراكي يهجم فيتيح للناس فرصة تنفيذ مجزرة ، ويتسبب لنفسه بالموت . وكذلك الآخيون يهجمون الان ليواجهوا مجزرة، حسب تخطيط زيوس. 2 ألكسندر وألكسندروس هو الاسم الآخر لباريس، المتسبب في الحرب بخطفه لهيلين زوجة مينيلاوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 67 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 68 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 102

وهو يتقدم أمام الجيش بخطى واسعة ، فرح مثل أسد يصادف جثة كبيرة وهو يتضور جوعاً ، أو جثة أيل طويل القرون أو عنزة برية ، فيلتهمها بتلهف ، مع أنه يرى 25 اندفاع الكلاب إليه ومعها الشباب الشجعان • هكذا كان مينيلاوس فرحاً ، وهو يرى ألكسندر الشبيه بالآلهة أمام عينيه ، وفكرة معاقبة اللص تنتابه • فقفز من عربته إلى الأرض فوراً وهو مدجج بسلاحه • ولكن ألكسندر الشبيه بالإله حين رأى مينيلاوس 30 يظهر من بين الأبطال ، ارتعد قلبه في صدره ، فانحسر متوارياً وسط جمع مرافقيه لكي يتجنب الموت • ومثلما يتراجع رجل صادف أفعى في طية جبل فقفز متراجعاً ، والرعشة تعتري جسده كله ، وفيما هو يبتعد كان الشحوب المخضر 3 قد كسا خديه • 35 هكذا ، عند رؤية ابن أتريوس الشبيه بالإله ، فقد ألكسندروس أعصابه مرة أخرى وسط الطرواديين المتغطرسين • ولكن هيكتور رآه فعنفه بكلمات مخزية : " باريس الشرير ، الجميل ، الموله بالنساء ، المداهن ، ليت أمك لم تلدك ، وليتك قتلت بتولاً • 40 أنا فعلاً أتمنى لو حدث لك ذلك • إن هذا أفضل بكثير من أن تكون معنا هنا تجلب لنا الخزي ، وتدع الآخرين يشمتون بنا • لا شك أن الآخيين ذوي الشعر المتطاير يضحكون ساخرين منا الآن ، متصورين أنك أشجع أبطالنا ، لمجرد أنك وسيم •






3 في معظم الثقافات يرتبط اللون الخضر بمعان إيجابية. يرتبط بالخصب والوفرة والقدسية. ولكنه في الإنكليزية فقط يرتبط أحياناً بمعان سلبية . فنقول : "الحسد يجعله أخضر"، والغير هي " الأم ذات العين الخضراء". ويترجم أمين سلامة هذه الصفة من الإلياذة على أنها " شاحب".


الإلياذة هوميروس الصفحة : 68 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 69 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 103

ولكنهم لا يعرفون أنه ليس في قلبك قوة أو شجاعة • 45 أوكنت هكذا ، حين كنت في سفن تجوب البحار داعياً المجذفين لإعانتك وأنت تمخر العباب ، وتختلط بالغرباء ، وتختطف امرأة جميلة من بلاد بعيدة ، كان أهلها الأسياد رماة ومحاربين ، فصرت لأبيك مصدر حزن عميق ، وكذلك لمدينتك وشعبك كله ، 50 ثم لنفسك محط خزي ، وللعدو مصدر بهجة وشماتة ؟ أولا تقف الآن في وجه مينيلاوس ؟ لكي تعرف من هو الرجل الذي أخذت زوجته المتفتحة كالوردة • إن القيثارة لن تنفعك ، ولن تنفعك عطايا أفرودايت 4 ، ولا جدائل شعرك ، حين تتمرغ على الثرى ، ولا جمالك كله • 55 لا • إن الطرواديين جبناء فعلاً ، وإلا لألبسوك قبل زمن طويل عباءة من الحجارة المتطايرة 5 بسبب ما ارتكبته في حقنا " • ورداً على ذلك قال له ألكسندروس الشبيه بالآلهة : " أراك ، يا هيكتور ، وقد وبختني بحق ، وليس زيادة عما أستحق 6 • لكن قلبك لم يتشفّ بعد • فهو مثل حد البلطة 60 التي يضرب بها الخشبَ رجل قوي خبير ليقتطع قطعة لسفينة • كالحد المدفوع بقوة رجل هو قلبك الذي في صدرك لا يتزعزع ، ولكن لا تأخذ علي عطايا أفرودايت الذهبية 7 • فعطايا الآلهة لا تُهمل ولا تُرفض ، هم الأجلاء 65 الذين يعطون عن رضى • ولا يقبلها المرء لأنه يحتاج إليها فقط • والآن ؛ إن كنت تريدني مع ذلك أن أقاتل وأخوض المعركة ،






4 الجمال والفتنة. وسنأتي على سبب منحة أفرودايت له ف يهامش لاحق. 5 يقصد: لرجموك. 6 إن باريس يتقبل توبيخ هيكتور كما يتقبل الأخ الأصغر من الأخ الأكبر. ولكن هناك سمة من سمات باريس هي أنه يتقبل اللوم ليخفف غضب اللائم. 7 الصفة " ذهبية " عائدة لأفرودايت وليست للعطايا.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 69 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 70 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 104

فاطلب من بقية الطرواديين الجلوس ، وكذلك الآخيين ، وأنزلني إلى الوسط مع المحارب مينيلاوس لنتبارز من أجل هيلين وممتلكاتها 8 • 70 ومن يفز ويثبت أنه الأقوى ، فليأخذ بحق الممتلكات والمرأة ويرجع بهما إلى بيته • أما بقيّتكم ، وبعد القسم بالدين والصداقة ، فتبقون أنتم في طروادة ذات التربة الغنية ، ويعود الآخرون إلى بيوتهم إلى أرغوس مرعى الخيول ، وأخايا بلد النساء الجميلات " • 75 وبعد أن انتهى ، سُرّ هكتور لسماع كلامه • وتقدم إلى المنطقة الفاصلة ، وأجبر الكتائب الطروادية على التراجع ، وظل ممسكاً برمحه من وسطه حتى أجلس الجميع • ولكن الآخيين ذوي الشعور المسترسلة ظلوا يصوبون قسيهم نحوه بسهامها وبحجارة القذف ، وكلهم توق لإصابته بها • 80 إلى أن صاح بهم أغاممنون سيد البشر بصوت مدو : " توقفوا أيها الأرجيفيون • لا ترموه • يا أبناء الآخيين • إن هكتور ذا الخوذة المتلامعة يريد أن يقول لنا شيئاً " • توقف الجميع لسماع صوته وهدؤوا • وراح هكتور الواقف بين الجمعين يخاطب الطرفين : 85 " أيها الطرواديون ، وأيها الآخيون المدججون ، اسمعوا مني كلمة ألكسندروس ، الذي من أجله نشب هذا القتال • إنه يريد من الطرواديين والآخيين جميعاً أن يلقوا بأسلحتهم الرائعة على الأرض ، ويظل في الوسط هو والمحارب مينيلاوس ، 90






8 كان باريس قد اختطف هيلين ومعها أشياء ثمينة تخصها وتخص زوجها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 70 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 71 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 105

ليتبارزا وحيدين من أجل هيلين وممتلكاتها • ومن يفز منهما ويثبت أنه الأقوى فليأخذ بحق المرأة والممتلكات ، ويعود بهما إلى بيته ، فيما نحن ، البقية ، نقطع الأيمان بالدين والصداقة ونلتزم بذلك " • وخيم الصمت على الجميع لدى سماعهم ما قاله • 95 ولكن من بينهم تكلم مينيلاوس ، صرخة الحرب المدوية : " استمعوا إلي أنا أيضاً • إن هذا الأسى قد أصاب قلبي وحده من دون الجميع • وأعتقد أن الأرجيفيين والطرواديين صار بإمكانهم أخيراً أن يتحرر واحدهم من الآخر • لقد عانيتم الكثير من الويلات بسبب خصومتي التي بدأها ألكسندروس • 100 أما بشأن مجيء الموت ونزول القضاء على واحد منا فليكن • وليعد البقية إلى صداقة فيما بينهم • فلتجلبوا خروفين • وليكن أحدهم أبيض ، والآخر أسود 9 تقدمة لإلهي الشمس والقمر • وسنجلب ثالثاً لزيوس • ولتجلبوا قوة بريام لكي يوقع على العهد بنفسه ، 105 أريد بريام بذاته لأن أولاده متوترون ، ولا يوثق بهم ، فقد يتخطى أحدهم العهود مع زيوس ، ويجعلها كأنها لم تكن • فالمعروف أن قلوب الشبان هوجاء ، ولكن حين يكون بينهم عجوز فإنه ينظر خلفه وأمامه ، سعياً وراء الخير من الجانبين " • 110 سُرّ الطرواديون والآخيون من كلامه ، والجميع يأملون أن يتخلصوا من ويلات الحرب • رتبوا عرباتهم في خط واحد ، وترجلوا عن خيولهم






9 الخروف الأبيض لآلهة الأولمب، ونعجة سوداء لآلهة الأرض. لأن الأرض هي أم الشر ومربيتهم. والشمس (مذكر) أبو البشر. وكانت تلك من عقائد الطرواديين وعاداتهم. أما اليونانيون فيقدمون ذبيحة ثالثلة لزيوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 71 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 72 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 106

وخلعوا دروعهم وطرحوها إلى جانبهم على الأرض ، بعضها فوق البعض الآخر ، فلم يعد يفصل بينها إلا القليل • 115 وأرسل هيكتور برسولين إلى الحصن لجلب الخراف بسرعة ولاستدعاء بريام • وأرسل أغاممنون القوي بدوره تالثوبيوس للنزول إلى السفن الجوفاء ومعه الأوامر بجلب خروفين 10 • وسرعان ما لبى طلب أغاممنون • 120 وجاءت مبعوثة إلى هيلين بيضاء الذراعين ، هي إيريس ، على هيئة لوديك ، ابنة حميها ، وزوجة أنتينور ، الأجمل طلعة بين بنات بريام • دخلت على هيلين في غرفتها ، وكانت تحيك قطعة كبيرة ، 125 ثوباً أحمر ذا ثنايا ، راسمة عليه المعارك العديدة للطرواديين ، مروضي الخيول ، والآخيين ذوي الدروع البرونزية ، المعارك التي كابدوها من أجلها على يدي إله الحرب • ووقفت إيريس ذات القدمين السريعتين إلى جانبها وكلمتها : " تعالي معي أيتها الفتاة العزيزة لتري كيف تتم الأعاجيب 031 على أيدي الطرواديين مروضي الخيول والآخيين ذوي الدروع البرونزية ، الذين كانوا ، قبل قليل ، يشنون الحرب المؤسية أحدهم على الآخر في السهل ، ولم تكن لديهم رغبة إلا في القتال حتى الموت ؛ فالجميع الآن يخيم عليهم صمت مطبق ، وقد انتهى القتال ؛ إنهم يتكئون على تروسهم ، ورماحهم الطويلة مطروحة على الأرض إلى جانبهم 135 فالمحارب مينيلاوس وألكسندروس سيتبارزان برمحين طويلين ، أحدهما ضد الآخر ، من أجل امتلاكك •






10 يشير ويلكوك إلى وجود خطأ في الترجمة هنا. فتالثوبيوس يرسل لجلب خروف واحد وليس اثنين.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 72 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 73 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 107

وستكونين الزوجة الحبيبة لمن يفوز بك منهما " • بحديثها هذا ألقت الإلهة في قلبها توقاً عارماً نحو زوجها في الماضي ، ونحو مدينتها وذويها • 140 وسرعان ما لفت نفسها يأثوابها البراقة وخرجت من الغرفة ، ودمعة صغيرة تهل من عينيها • ولم تكن وحدها ، بل رافقتها وصيفتان هما أيثرا ، ابنة بتثيوس ، وكلومين ، ذات العينين البقريتين 11 ، سرعان ما وصلن إلى حيث تقوم بوابات سكاي • 145 وقد جلس عندها مع بريام كل من بانثوس وثومويتيس ولامبوس وكلوتيوس وهيكيتاون ، سليل آريس ، 12 مع أنتينور وأوكاليغون ، وكل منهم من أصحاب الرأي والمشورة • 13 وكان هؤلاء العجائز ، كبار الناس ،جالسين قرب بوابة سكاي وبسبب كبر السن لم يعد هؤلاء بين المقاتلين • 150 لكنهم ما زالوا حسني الحديث ، وواضحين ، مثل الزيزان 14 التي تقف على الأشجار في الغابة لتطلق عقيرتها في الغناء • هكذا كان أولئك الذين جلسوا على البرج ، وهم كبار الطرواديين • وهؤلاء هم الذين حين رأوا هيلين تقترب راحوا يتهامسون مطلقين كلماتهم المجنحة 15 : 155 " لا شك أن الطرواديين والآخيين المدججين لا يلامون إن واجهوا المتاعب من أجل امرأة كهذه • ما أشد شبه وجهها بوجوه الإلهات • ومع كونها كذلك فلندعها تذهب على السفن ، كي لا تبقى هنا مصدر شقاء لنا ولأولادنا " •






11 مرة أخرى يشير ويلكوك إلى أن هذا البيت يثير مشكلة قديمة. فأيثرا، ابنة بتثيوس هي شخصية من الميثولوجيا اليونانية. إنها زوجة الملك أيغيوس، وأم ثيسيوس الشهير.وظهور هذه الملكة العجوز في طروادة ?لى أنها وصيفة لهيلين يستدعي شيئاً من التوضيح. وهو ما سيتبين لاحقاً في الملحمة، وما يعرف باسم الحلقة الملحمية. فقد سبق أن اختطفت هيلين من قبل ثيسيوس وبيريثوس، قبل زواجها من مينيلاوس. وقام أخواها كاستور وبولوديوكيس بإنقاذها. وفي تلك العملية أخذا معهما أيثرا، أم ثيسيوس، كنوع من الثأر. وهكذا صارت أمة عند هيلين. وإنقاذ أيثرا من قبل أحفادها هو من الأحداث اللاحقة لسقوط طروادة، ومن الصياغات التي جاءت بعد هوميروس. كما أن هناك تخمينات أن تكون كلومين ذات صلة ببيريثوس شبيهة بصلة أيثرا بثيسيوس. ووصف العينين البقريتين كان مخصصاً لهيرا، كما مر معنا، ولكنه وصف قابل للاستخدام مع نساء أخريات. 12 هؤلاء هم مستشارو بريام. بانثوس هو والد بولدوداماس، الذي سيلعب دوارً مهماً في الإلياذة. وثومويتيس ليس بذي أهمية. والثلاثة الآخرون هم أخوة بريام. وكلمة أوكليغون تعني اللامبالي. وهو الاسم الغريب الذي استهوى فيرجيل. 13 يعتبر النقاد هذه النقلة في الحكاية من البراعات المبكرة في فن القص الدرامي. فالشاعر يريد أن يكسب الوقت بين ما يجري في ساحة المعركة إلى أن يصل الرسل إلى بريام وهيلين. 14 كان اليونانيون ينظرون باحترام إلى الزيز. إن حديث العجائز المحترم شبيه بأصوات الزيزان في يوم قائظ وسط صمت الغابة. ولكن ألكسندر بوب يصع " الجنب" بدلاً من الزيز. 15 براعة أخرى من براعات هوميروس يشار إليها باهتمام. فهو يصف رأي العجائز بجمال هيلين ورودود أفعالهم على رؤيتها، بدل أن يصفها هو بنفسه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 73 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 74 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 108

وهم يتحدثون هكذا رفع بريام صوته منادياً هيلين : " تعالي قربي يا صغيرتي العزيزة • واجلسي إلى جانبي ، لكي تري زوجك السابق وأصدقاءك وشعبك • إنني لا ألومك • بل الآلهة هي الملومة بالنسبة لي ؛ إذ تجلب علي هذه الحرب المؤسفة ضد الآخيين • 165 ولذا فأنت تستطيعين أن تقولي لي عن اسم هذا الرجل الرهيب • من هو هذا الآخي ذو الهيبة والجسامة ؟ فمع أن هناك من هم أطول منه لكن عينيّ لم تريا من قبل رجلاً بهذا البهاء ، ولا بهذه الأبهة • رجل كهذا يستحق أن يكون ملكياً " • 170 وردت هيلين البهية بين النساء وحدثته : " تظل دائماً بالنسبة لي ، أيها الأب المحترم ، مهاباً وموقراً • وكنت أتمنى لو أنني اخترت الموت ، حين أتيت إلى هنا لاحقة بابنك ، وتاركة بيتي وأقاربي ، وابني الفتيّ ومودة قريناتي • 175 لم تحدث الأمور كذلك • والآن أنا مسربلة بالبكاء • وسأجيبك الآن على السؤال الذي طرحته علي • هذا الرجل هو ابن أتريوس ، أغاممنون ، الفائق القوة وهو في الوقت ذاته ملك طيب ومحارب قوي • كان قريبي ذات يوم • أنا القذرة • أحدث هذا حقاً ؟ " • 180 وتحدث العجوز من جديد وهو ينظر إليه بإعجاب : " يا ابن أتريوس المبارك ، يا ابن الحظ والمكرمة ، كثيرون هم من يخضعون لك الآن من أبناء الآخيين •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 74 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 75 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 109

لقد سبق لي أن زرت مرة فروغيا ذات الكروم • وهناك تطلعت إلى الفروغيين على خيولهم الجامحة • 185 كانوا كثيرين • وكان هناك شعب أوتريوس والموغدون الشبيهون بالآلهة • الذين كان معسكرهم منتشراً على ضفاف سانغاريوس ، وأنا نفسي المتعاون في الحرب تجندت معهم ، يوم جاءت الأمازونيات ، ندّات الرجال • ولكنهن لم يكنّ كثيرات 16 ، مثل هؤلاء الآخيين ذوي العيون اللامعة • 190 وسألها العجوز مجدداً وقد رأى أوليس : " حدثيني عن هذا يا صغيرتي العزيزة • أي رجل هو ؟ فهو في الحقيقة أقصر من ابن أتريوس ، أغاممنون ، بمقدار رأس • ولكن كتفيه وصدره أكثر عرضاً 17 • وهو الآن ، وقد تخفف من درعه ، ما يزال195 يجول بين جموع المقاتلين المنتظمين مثل كبش • لا أستطيع تشبيهه في الحقيقة إلا بالكبش الذي يشق طريقه وسط القطيع ذي الصوف اللامع " • فردت هيلين الابنة المتحدرة من زيوس قائلة : " هذا ابن لايرتيس • إنه أوليس الداهية • 200 ولقد ترعرع في ريف إيثاكا القاسي وتعلم كل أنواع الدهاء والخطط الماكرة " • وأجابها أنتينور الحصيف بدوره : " لاشك أن هذه الكلمات التي قلتها لا تجانب الحقيقة • فذات يوم من الأيام السابقة جاء أوليس البارع إلى هنا 205 مع المحارب مينيلاوس • وكانت سفارتهما من أجلك •






16 الأمازونيات هن المقاتلات الأسطوريات اللواتي يقال إنهن قد قطعن أثداءهن اليمنى لكي يتحكمن جيداً عند الرمى. ولكن المعركة التي يشير إليها هوميروس من خلال حديث بريام قد وقعت على ضفة نهر سانغاريوس. وكان سببها مجيء القبائل من الشرق بعد انهيار الإمبراطورية الحثية في القرن الثاني عشر قبل الميلاد. وكان ذلك بالنسبة لليونان في المرحلة المسينية. وقد ظلت في الذاكرة حتى أيام الإلياذة. 17 يشار هنا إلى وصف أوليس بهذه الطريقة التي تبدو صورة واقعية من الحياة وليست كالأوصاف الأخرى في الإلياذة التي تربط الأبطال بالآلهة. ويستشهد بهذه الصيغة على براعات هوميروس أيضاً. حيث يتم تقديم الأبطال من خلال الحديث بين العجائز وهيلين.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 75 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 76 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 110

وفي بيتي استقبلتهما بمودة 18 • فعرفت طريقة كل منهما الطبيعية وآراءهما عن قرب • وحين وقفا أمام الطرواديين المحتشدين كان مينيلاوس هو الأكبر بكتفيه العريضتين • 210 ولكن أوليس كان هو الأكثر وجاهة حين جلسا • وحين قدما كلاميهما ورأييهما كان مينيلاوس يتحدث بسرعة ، وبكلمات قليلة ولكنها في غاية الوضوح ، إذ لم يكن طويل الحديث • ولم يكن بالمهذار ، مع أنه كان شاباً فتياً • 215 ولكن الآخر ، أوليس الداهية ، حين نهض ، اكتفى بالوقوف والتحديق ، مركزاً عينيه على الأرض تحت قدميه ، دون أن يحرك صولجانه إلى الأمام وإلى الوراء ، بل ظل متشبثاً به ممدوداً أمامه ، كأي رجل لا يعرف شيئاً • نعم يمكنك القول إنه كان شكساً ، وأحمق كذلك • 220 ولكنه حين أخرج صوته العظيم من صدره ، جاءت الكلمات منسابة مثل ثلج الشتاء • ولم يكن بمقدور أي إنسان أن يقف في وجه أوليس • وعندئذ تبددت دهشتنا من مظهر أوليس الخارجي " • وكان الثالث بالترتيب الذي سأل عنه العجوز هو أياس : 225 " ومن هو ذاك الآخي الآخر ذو السطوة والمهابة الذي يعلو بقية الأرجيفيين برأسه وكتفيه العريضتين ؟ " فأجابت هيلين ذات الثوب المهفهف والجمال الأخاذ بين النساء : " هذا هو الجبار أياس ، ومتراس الآخيين •






18 هذه الاستضافة التي يتحدث عنها أنتينور هي مستند الإشاعة التي ستتحدث عن علاقة سرية بينهوبين اليونانيين، وهي التي تفسر عدم الإجهاز عليه بعد اجتياح طروادة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 76 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 77 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 111

ووراءه إيدومينيوس الواقف كإله 230 بين الكريتيين ، والسادة الكريتيون ملتفون حوله • كثيراً ما كان المحارب مينيلاوس يستضيفه في بيتنا حين كان يأتي من كريت • وإنني أراهم جميعاً الآن ، جميع الآخيين ذوي العيون المتلامعة • وجميعهم أعرفهم بالنظر ، وأستطيع أن أذكر لك أسماءهم • 235 ولكن يصعب العثور على شبيه للاثنين الذين كانا ينظمان الصفوف : كاستور ، مروض الخيول ، وصاحب القبضة القوية ، بولوديوكيس • وهما أخواي ، ولدتني معهما الأم نفسها • وربما لم يأتيا مع الآخرين من لاكيدايمون الجميلة ، بل جاءا على سفينتيهما ، جوّابتي البحار • 240 وهما غير راغبين في خوض المعركة مع الآخرين ، تجنباً لسماع كلام الخزي والعار الذي يقال عني " • ولكن الأرض الجامعة كانت قد طوتهما في لاكيدايمون ، أرض أجدادهما الحبيبة • ووصل المدينة الرسولان اللذان يحملان رمزي العهد المطلوب ، 245 خروفين صغيرين وخمراً مبهجاً ، عطاء الأرض المشغولة ، في زق من جلد الماعز • بينما كان الآخر ( الرسول إيدايوس ) يحمل وعاء المزج وكؤوس الخمر الذهبية • وحين وصل قرب العجوز استنهضه بكلامه : " انهض يا ابن لاوميدون • إن الوجهاء الطرواديين ، 250 مروضي الخيول ، والآخيين المدرعين بالبرونز يطلبونك • لكي تنزل إلى السهل وتتعهد بالعهود المطلوبة








الإلياذة هوميروس الصفحة : 77 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 78 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 112

فالمحارب مينيلاوس وألكسندروس سيتبارزان برمحين طويلين ، أحدهما ضد الآخر ، للفوز بالمرأة • وستكون المرأة وممتلكاتها كلها من نصيب الفائز • 255 وسيقسم الآخرون كلهم على الصدق والصداقة • فنبقى نحن في طروادة ذات التربة الغنية ، بينما يعود أولئك الآخرون إلى أرغوس مرعى الخيول وأخايا أرض الحسناوات " • ارتجف العجوز لكلامه ، لكنه طلب من مرافقيه أن يربطوا الخيول إلى العربة ، فأطاعوه على الفور • 260 وصعد بريام إلى العربة وشد العنان ، فيما كان أنتينور يصعد إلى جانبه في العربة متقنة الصنع • ووجّها الخيل السريعة عبر البوابات السكانية نحو السهل • وحين وصلا إلى حيث الطرواديون والآخيون ترجّلا من العربة على الأرض المزدهرة ، 265 وشقا طريقهما بين الطرواديين والآخيين • ومن الطرف الآخر نهض سيد الرجال أغاممنون ونهض معه الداهية أوليس • في حين كان الرسولان المتباهيان يجران أضحيات العهد الإلهي • وفي وعاء خمر ضخم قاما بمزج الخمر ، وسكب الماء على أيدي الأمراء • 270 ووضع أغاممنون يده على سكينه واستلها من حيث تظل معلقة قرب الغمد المتين لسيف حربه • وجز الصوف عن رأسي الخروفين • فقام الرسولان بتمرير هذا الصوف على أمراء الآخيين والطرواديين جميعاً • ورفع ابن أتريوس يديه وتلا صلاته بصوت هادر : 275







الإلياذة هوميروس الصفحة : 78 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 79 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 113

" يا أبانا زيوس ، المطل علينا من جبل إيدا ، السامي المجيد • ويا هيليوس 19 الذي ترى كل شيء وتسمع كل شيء • ويا أيتها الأرض والأنهار ، وأنتم يا من تنتقمون تحت الأرض 20 مِن كل مَن حنث بعده بين الموتى ، أنتم ستكونون الشهود لتضمنوا الوفاء بالعهد • 280 إذا قام ألكسندروس بقتل مينيلاوس فليحتفظ بهيلين لنفسه ومعها ممتلكاتها كلها • ونحن سنعود على سفننا التي تمخر البحار • ولكن إذا قام مينيلاوس الأشقر بقتل ألكسندروس ، يكون على الطرواديين أن يعيدوا هيلين وممتلكاتها كلها ، 582 ويدفعوا للأرجيفيين تعويضاً مناسباً ، يكون عبرة للأجيال التالية • وإذا تبين أن بريام وأبناء بريام غير راغبين في دفع الغرامة بعد مقتل ألكسندروس ، فإنني سأقاتل بنفسي من أجل التعويض • 290 وأبقى هنا حتى أحقق النصر في نهاية حربي " • أنهى كلامه واحتز عنقي الخروفين بنصله البرونزي القاسي ، وتركهما يشخران على الأرض ، مسلمين أنفاسهما الأخيرة ، حيث أن قوة البرونز قد انتزعت الحياة منهما • وسحبوا الخمر من أوعية المزج في الأكواب ، 295 وسفحوه وهم يتلون صلواتهم إلى الآلهة الخالدة • وراح كل طروادي وآخي يردد متمتماً : " يا زيوس المعظم والقدير ، وأنتم أيها الآلهة الخالدون •






19 الشمس. 20 الفيوريز، آلهة الانتقام.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 79 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 80 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 114

كل من يحنثون بعهدهم أولاً من كلا الجانبين فلتتساقط أدمغتهم على الأرض مثلما ينسفح الخمر هنا 300 وكذلك أدمغة أولادهم • ولتكن نساؤهم سبايا للآخرين " • هكذا قالوا • ولكن ابن كرونوس لن ينفذ من ذلك شيئاً • ومن بينهم تحدث أيضاً بريام المتحدر من داردانوس قائلاً : " اسمعوني أيها الطرواديون ، ويا أيها الآخيون المدججون • سأبتعد الآن نحو بيتي في إليون العاصفة ، 305 لأنني لا أتحمل أن أتطلع بعينيّ لأرى ابني العزيز يقاتل المحارب مينيلاوس في مبارزة فردية • فزيوس يعرف •• أرجو أن يعرف • ويعرف الآلهة الخالدون الآخرون لمن من الاثنين تقرر الموت لإنهاء هذه القضية " • أنهى الشبيه بالآلهة كلامه ، وألقى بالخروفين في العربة 310 وصعد إليها وشد العنان • وصعد إلى جانبه أنتينور في العربة متقنة الصنع • وعاد الاثنان متوجهين إلى إليون • وقام هكتور ، ابن بريام ، وأوليس العظيم بقياس المسافة أولاً ، ثم التقطا 315 الزُّلمين 21 ووضعاهما في خوذة برونزية وهزّاهما ، ليريا أياً من الاثنين سيبدأ بقذف رمحه البرونزي • فيما الجميع ، على الجانبين ، يرفعون أيديهم إلى الآلهة ويصلون لهم • وكل طروادي أو آخي كان يصلي : " يا أبانا زيوس ، يا من ترقبنا من فوق إيدا ، أيها الأسمى والأكرم 320 أياً كان ما فعله أيٌّ منهما ، فقد عاد وباله على الطرفين •






21 الزُّلم: طريقة في الاختيار على الحظز وكانت تستخدم للمقامرة. ومن هنا الأزلام التي جاءت في الآية القرآنية الكريمة " الأنصاب والأزلام".


الإلياذة هوميروس الصفحة : 80 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 81 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 115

فليُقتل ولينزل إلى بيت هيدز • ولتظل الصداقة والصدق حقيقيين للبقية منا " • وفيما هم يصلون بهذه الطريقة كان هيكتور الطويل ذو الخوذة المتلامعة يهز الزلمين ، وهو يتطلع إلى الخلف • وسرعان ما ظهر زلم باريس • 523 وجلس الجميع على الأرض حيث هم ، وكل عند المكان الذي وضع فيه سلاحه قرب الخيول ذوات الحدوات العالية ، بينما ارتدى واحد منهم درعه الفاخر حول كتفيه ، وهو ألكسندروس زوج هيلين ذات الشعر الجميل • قام أولاً بوضع الواقية حول ساقيه ، 330 والمرتبطة بأحزمة فضية لربط الواقية بكاحليه • ثم شد على صدره بواقية الصدر الخاصة بأخيه لوكاون والتي صارت له منذ أن صار يستطيع لبسها • وبين كتفيه علق السيف البرونزي المرصع بالفضة ، وفوقه الترس الكبير ، الضخم والثقيل • 335 وعلى رأسه القوي وضع خوذته حسنة التصميم وعليها عرفٌ من شعر الخيول ، والريش يهتز برهبة فوقها • وتناول رمحاً قوياً ذا قبضة تلائم كفه • وبالطريقة ذاتها لبس مينيلاوس دروعه • وبعد أن انتهى الاثنان من التسلح وهما على طرفي أرض المعركة 340 تقدما إلى المنطقة الفاصلة بين الآخيين والطرواديين ، وكل منهما ينظر إلى الآخر نظرة مرعبة ، فيما استولت الدهشة على المتفرجين ، الطرواديين مروضي الخيول ، والآخيين المدججين بالأسلحة • أخذ كل منهما موقعه في المسافة المحددة دون أن يكونا بعيدين ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 81 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 82 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 116

أحدهما عن الآخر ، وكل منهما يغلي غضباً من الآخر ويهز رمحه متوعداً • 345 أطلق ألكسندروس رمحه أولاً ، فأصاب ترس ابن أتريوس في دائرته الوسطى ، ولكن السنان البرونزي لم يستطع اختراق الترس ، بل التوى على الترس القوي • وصار بعده ابن أتريوس ، مينيلاوس ، مستعداً لقذف الرمح البرونزي ، مع صلاة إلى زيوس الأب : 350 " يا زيوس ، أيها السيد ، وفقني لمعاقبة الرجل الذي بادأني الشر ، ألكسندروس العظيم ، وأسقطْه تحت ضربة يديّ القويتين ، فيكون عبرة يرتعد أي إنسان بعدها من اقتراف الأذى نحو مضيفيه الطيبين ، الذين منحوه صداقتهم " • أنهى كلامه ، وعدّل الرمح ذا الظل الطويل ، وقذف به 355 فأصاب به ترس ابن بريام في دائرته المتكاملة • وعبر الترس المتلامع مرق سنان الرمح الثقيل وشق طريقه خلال الصدار معقد الصنع ، وعبر الجناح اندفع النصل إلى ثوبه ، ولكنه انحرف إلى جانب وتجنب الموت الكالح • 360 فامتشق ابن أتريوس سيفه المرصع بالفضة • وبقفزة إلى الوراء وجه ضربته إلى طرف الخوذة فتكسر السيف ثلاث قطع ، ثم أربع قطع ، وسقط من يده • فرفع ابن أتريوس نظره إلى السماء الفسيحة مزمجراً : " يا أبانا زيوس • ما من إله أكثر إيذاء منك • 365 كنت أظن أنني سأعاقب ألكسندروس على شروره • وها هو سيفي يتحطم في يدي ، والرمح طار دون جدوى








الإلياذة هوميروس الصفحة : 82 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 83 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 117

من يدي ، إثر الضربة التي قبلها ، دون أن أصيبه " • ثم اندفع وأمسك بالخوذة 22 المزينة بشعر الخيل ، ودار به ثم شده نحو الآخيين المدججين • 370 لأن حزام الخوذة المطرز كان يخنق باريس عند نعومة رقبته • وكان هذا مشدوداً تحت ذقنه لتثبيت الخوذة • وكان سيتابع جره ليكسب مجداً أبدياً ، لولا أن ابنة زيوس ، أفرودايت ، كانت ترقب بحدة • فقطعت حزام الذقن المصنوع من جلد الثور 375 وخرجت الخوذة فارغة بيد الأتري 23 الثقيلة • ولوح البطل بالخوذة ، وقذف بها نحو الآخيين المدججين • فتلقفها مرافقوه المتحمسون • ثم استدار وتوجه نحو الرجل من جديد ، مصمماً على قتله بالرمح البرونزي • ولكن أفرودايت حملت باريس 380 بسهولة لأنه إلهي ، ولفته بضباب كثيف ، وأنزلته مجدداً في غرفة نومه المعطرة • ثم ابتعدت لتستدعي هيلين ، فوجدتها على البرج العالي مع مجموعة من النساء الطرواديات • وضعت يدها على الثوب الخالد وهزته ، 385 ثم حدثتها ، متجسدة في هيئة امرأة عجوز ، كانت غازلة صوف ، وحين كانت تعيش في لاكيدايمون كانت تنسج أشياء صوفية جميلة ، وكانت هيلين تحبها كثيراً • وحدثتها أفرودايت وهي على هيئة هذه العجوز : " تعالي معي • ألكسندروس أرسلني في طلبك لتوافيه في البيت • 390






22 المقصود أنه أمسك بصاحب الخوذة، باريس. 23 ابن أتريوس .


الإلياذة هوميروس الصفحة : 83 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 84 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 118

وهو الآن في غرفة النوم ، وفي السرير ذي الزينة الدائرية يرفل بملابسه وبجماله • ولن تصدقي أنه قادم من مبارزة مع رجل آخر ، بل يبدو كأنه قادم إلى الرقص ، أو أنه يرتاح من الرقص " • فأثارت القلق في أعماق هيلين بكلامها هذا 24 • 395 فحين ميزت الصوت ، ونبرة الإلهة العذبة ، ونهديها الشهيين وعينيها المشعتين ، استغربت ، وقالت كلمة ، ونادتها باسمها : " أيتها الإلهة الغريبة • لم أنت مصممة على خداعي ؟ هل ستقودينني مرة أخرى إلى مكان آخر بين المدن 400 مرتب وجميل ؟ أإلى فروغيا أم إلى مايونيا هذه المرة ؟ أهناك رجل آخر عزيز على قلبك هناك ؟ ألأن مينيلاوس هزم ألكسندروس العظيم ، ويرغب ، على الرغم من كوني كريهة ، في أن يحملني إلى بيته ، ألهذا تقفين بخداعك إلى جانبي ؟ 405 اذهبي أنت وابقي إلى جانبه ، وتخلي عن أساليب الآلهة ، ولا تتوجهي مرة أخرى إلى طريق الأولمب بل ابقي بجانبه إلى الأبد ، وعاني من أجله ، واعتني به إلى أن يجعلك زوجة له ، أو يحولك إلى جارية له • أنا لا • لن أذهب إليه • سيكون أمراً مخزياً جداً • 410 لن أخدمه في سريره ، طالما أن الطرواديات سيسخرن مني كلهن بعد اليوم ، وقلبي منذ الآن مترع بالأحزان " • فردت عليها أفرودايت بغضب :






24 إن لأفرودايت دوراً مزدوجاً. فهي إلهة قوية من الخارج. ومن الداخل هي المحرك الجنسي لهيلين. وهيلين تحاول أن تقاومها لكنها ضعيفة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 84 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 85 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 119

" أيتها التعيسة • لا تثيري أعصابي لئلا أتخلى عنك في ساعة غضب • وأتحول إلى كراهيتك بالقدر الذي أحبك فيه الآن ، 415 ولئلا أحيطك بالكراهية الشرسة ، وأنت بين الطرفين ، بين الدانانيين والطرواديين على السواء ، ويقضى عليك بالشقاء " • خافت هيلين ، ابنة زيوس ، حين سمعت هذا الكلام ، فذهبت وهي تلف نفسها بالثوب اللامع صامتة ، دون أن تراها الطرواديات ، والإلهة تقودها • 420 وحين وصلتا إلى بيت ألكسندروس ، بهي البنيان ، انصرفت بقية الجواري إلى أعمالهن ، فيما توجهت البهية بين النساء إلى غرفة النوم ذات الأقواس العالية • وسحبت أفرودايت ذات الضحكة العذبة كرسياً ، وحملته ، هي الربة ، ووضعته أمام ألكسندروس • 425 وأخذت ابنة زيوس ذي الدرع ، هيلين ، مكانها محولة نظرها إلى البعيد وهي تخاطب سيدها بتصميم : " لقد عدت إذن من القتال • كم كنت أتمنى لو أنك مت هناك مهزوماً أمام الرجل الأقوى ، الذي كان يوماً زوجي • في وقت سابق كنت تتباهى أنك أفضل 430 من المحارب مينيلاوس ، بالرمح وباليد وبالقوة الجسدية • فاذهب الآن وتحدّ مينيلاوس المحارب لكي يواجهك في مبارزة • ولكن • أنصحك أن تترك الأمور تمر ، وأن لا تواجه مرة أخرى بحماقة مينيلاوس الأشقر ، قوة مقابل قوة في مبارزة فردية • 435 فقد تتجندل ببساطة برمحه " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 85 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 86 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 120

ورداً على ذلك قال لها باريس : " لا تتعبي قلبي يا سيدتي بالمزيد من التوبيخ واللوم • هذه المرة هزمني مينيلاوس بمعونة أثينا • وسأهزمه في مرة أخرى • فنحن أيضاً لدينا آلهة تقف إلى جانبنا • 440 فتعالي إذن • الأفضل أن نذهب إلى الفراش ونغرق في ممارسة الحب • لم يسبق لي من قبل أن سيطرت الرغبة على حواسي بهذا القدر ، ولا حتى حين أخذتك أول مرة من لاكيدايمون الجميلة ، وأمسكت بك وحملتك في سفني التي تمخر البحار واضطجعت معك في فراش الحب في جزيرة كراناي 445 حتى في ذلك الحين لم أحبك ولم تتملكني الرغبة كما أنا الآن " • أنهى كلامه وسبقها إلى الفراش ، فذهبت معه زوجته • وهكذا اضطجع هذان الاثنان في السرير المجدول • أما الأتري فكان يتحرك جيئة وذهاباً بين الجموع مثل الوحش بحثاً عن الإلهي ألكسندروس في كل مكان • 450 ولكن أياً من الطرواديين أو أي مرافق معتبر ما كان بوسعه العثور للمحارب مينيلاوس على ألكسندروس • ولو أن أحداً شاهده لما أخفاه عنه من قبيل الحب ، فهو مكروه من قبلهم كرههم للموت الكالح • فوقف بينهم سيد الرجال أغاممنون متحدثاً : 455 " اسمعوني أيها الطرواديون والدانانيون والحلفاء • لقد كان من الواضح أن النصر للمحارب مينيلاوس • فهل ستعيدون هيلين الأرغوسية ومعها ممتلكاتها كلها ، وتدفعون الغرامة المناسبة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 86 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 87 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 121

التي ستكون للأجيال اللاحقة قدوة " ؟ هكذا تكلم ابن أتريوس ، فهلل له الآخيون الآخرون •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 87 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 88 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الفصل الرابع

رقم صفحة الكتاب الورقي: 125

كان الآلهة جالسين حول زيوس يعقدون اجتماعاً على الأرض الذهبية ، وبينهم الإلهة هيبي تسكب لهم الرحيق بدل الخمر ، بينما هم بأكواب الشرب الذهبية يشرب كل منهم نخب الآخر ، وهم يطلون بالنظر على الطرواديين • وسرعان ما تذكر ابن كرونوس أنه يريد أن يُغضب هيرا ، 5 إذا استطاع ، بكلمات عدائية • وقد تحدثَ ليُسمعها : " هناك إلهتان تقفان في صف مينيلاوس • وهما هيرا الأرغوسية ، وأثينا التي تقف مع قومها • ولكن انظروا إليهما كيف تجلسان بعيدتين وهما تتطلعان إلى القتال ، وتستمتعان • فيما أفرودايت الضاحكة 10 تقف دائماً إلى جانب رجلها وتبعد عنه أرواح الموت وحتى في هذه اللحظة أنقذته حين خيل إليه أنه هالك • ولذلك فالنصر الآن للمحارب مينيلاوس • فتعالوا لنرى كيف يمكن إنجاز هذه الأمور • هل سنثير الحرب الضارية والقتال الرهيب من جديد ؟ 15 أم نلقي عليهم بالحب ونجعلهم يتصادقون ؟ فإذا كان مرضياً لنا ، ومما يسرنا جميعاً ، فلتظل مدينة بريام مكاناً صالحاً للعيش ، وليستعد مينيلاوس هيلين الأرغوسية ليأخذها معه " • وهمهمت هيرا وأثينا لسماعه ، وهما جالستان 20 متجاورتين ، تخططان لشرور توقعانها على الطرواديين •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 88 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 89 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 126

وظلت أثينا صامتة دون أن تقول شيئاً ، واكتفت بالنظر شزراً إلى أبيها زيوس ، والغضب الوحشي يعتمل في حناياها • ولكن قلب هيرا لم يستطع أن يكتم غضبها ، فتكلمت : " ما هذا الكلام الذي تقوله ، يا صاحب العظمة ، يا ابن كرونوس ؟ 25 كيف تحيل هذه الجهود كلها إلى هباء غير مُجْدٍ ؛ العرق الذي سكبته في جهودي ، والجياد التي أنهكتها لتجميع قومي ، وجلبي المآسي على بريام وأولاده ؟ إفعل ما تشاء إذن • ولكن أنا والآلهة الآخرون غير موافقين " • بانزعاج شديد رد عليها زيوس جامع الغيوم : 30 " يا سيدتي العزيزة ، أي شر عظيم لحق بك من بريام وأبناء بريام حتى يتملكك هذا الغضب بحيث تدمرين مدينة إليون الحصينة إلى الأبد ؟ لو أنك تستطيعين لسرت عبر البوابات والمتاريس البرجية ، لتأكلي لحوم بريام وأولاد بريام نيئة 35 ولحوم الطرواديين الآخرين • وعندها ، وعندها فقط ، تشفين غليلك • فافعلي ما تشائين إذن • ولا تدعي هذا الخلاف يظل بينك وبيني بعد الآن ويعود بالمرارة على كلينا • ولكن أبقي في بالك ذلك الأمر الآخر الذي سأقوله لك : حين تأتيني الرغبة في تدمير مدينة ما ، 40 وفق هواي ، وتكون مدينة مأهولة بأناس أعزاء عليك ، فلن تستطيعي أن تقفي في طريق غضبي ، وستتركينني أفعل ، فأنا أنزل عند رغبتك الآن على مضض • ولكن بين جميع المدن التي تحت الشمس وتحت السماء ذات النجوم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 89 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 90 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 127

والتي يقطنها بشر يعيشون على الأرض ، ليست هناك مدينة واحدة 45 مكرمة عندي أكثر من إليون المقدسة ، ومن بريام ، ومن شعب بريام ذوي الرماح الدردارية 1 القوية • فمذبحي لم يخل يوماً من أضحية لائقة من الشراب والأطايب • وهذا مقياس تكريمنا • فردت عليه الإلهة ذات العينين البقريتين : 50 " بين مدن الدنيا كلها هناك مدن ثلاث عزيزات على قلبي • أرغوس وإسبارطة وموكيناي 2 ذات الشوارع العريضة • فلتدمر هذه المدن على بكرة أبيها حين تحس بالكراهية نحوها • لن أقف في طريقك من أجلها • ولن أحقد عليك أيضاً • مع أنني سأكرهك وأتمنى لو أنك لا تدمرها • 55 بالكراهية لا أحقق شيئاً • فأنت الأقوى بما لا يقاس • ولكن ، مع ذلك ، يجب أن لا يظل عملي غير مقضي • فأنا إلهة أيضاً • ونسبي من نسبك • وأنا أول بنات كرونوس المراوغ ، ومن جهتين ، حيث أنني الأولى في الولادة ، وأُسمّى زوجتك 3 ، 60 خاصتك ، وأنت بدورك السيد على الخالدين كلهم • فهيا بنا إذن يتنازل كل منا قليلاً للآخر في هذا الأمر • أنا أتنازل لك وأنت تتنازل لي • وسيحذو حذونا بقية الآلهة • فأصدر أمرك بسرعة لأثينا بإشعال الحرب الرهيبة من جديد بين الآخيين والطرواديين • 65 ولتحاول أن تجعل الطرواديين هم المعتدون أولاً • بحيث ينكثون العهد مع الآخيين الأكثر شهرة " •






1 المصنوعة من خشب الدردار. 2 الإشارة إلى هذه المدن الثلاث المدمرة تحيل إلى الغزو الدوراني الذي قضى على العهد الميسيني في الفترة اللاحقة لحرب طروادة. ولكن ليس هذا هو المقصود بالضرورة. فكلام هيرا يحمل معناه الواضح دون هذه الإحالة. 3 هيرا هي أخت زيوس وزوجته في آن .


الإلياذة هوميروس الصفحة : 90 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 91 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 128

ولم يخالف أبو الآلهة لها هذا الكلام الذي قالته • بل خاطب أثينا بكلماته المجنحة فوراً : " اذهبي الآن ، وبسرعة ، إلى جمع الآخيين والطرواديين 70 وحاولي أن تدبري الأمر بحيث يكون الطرواديون هم المعتدون فينكثون بعهدهم مع الآخيين الأكثر شهرة " • استنهض أثينا بكلامه هذا ، وكانت تواقة لذلك قبل أن يحكي ، وفي لمح البرق كانت تنزل عن قمم الأولمب 4 • مثلما يحدث حين يقذف ابن كرونوس المخادع بنجم يلمع 57 نذيراً لبحارة أو لجيوش منتشرة ، والشرر يتطاير منه بغزارة ، هكذا نزلت بالاس أثينا متلامعة نحو الأرض واندفعت بين الجمعين ، والدهشة تستولي على الناظرين ، من طرواديين مروضي خيول وآخيين مدججين • 80 وراح كل منهم يتحدث للآخر ، وكل يتطلع إلى من هو بجانبه : " لا شك أنه ستكون هناك من جديد حرب ضارية وقتال عنيف • وإلا لأقرت الصداقة بين الجانبين من قبل زيوس ، المتبوئ منصب سيد حروب البشر " • هكذا كان يهمس متمتماً كل طروادي وآخي • 85 أما هي فاختلطت ، في هيئة رجل ، بين صفوف الطرواديين المحتشدين صارت لاودوكوس ، ابن أنتينور ، الرمّاح القوي ، الذي يبحث عن بانداروس الشبيه بالآلهة ، لعلها تعثر عليه في مكان ما • وعثرت على ابن لوكاون القوي الذي لا غبار عليه • وكان ما يزال واقفاً ، وحوله جموع من الأقوياء المسلحين بالتروس ، 90






4 وكانت أثينا تنزل أيضاً على قوس قزح.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 91 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 92 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 129

الذين تبعوه من أنهار أيسيبوس 5 • وبكلمات مجنحة راحت تكلمه وهي تقف إلى جانبه 6 : " يا ابن لوكاون الحكيم • هل لي بالحديث معك ؟ أتجرؤ على إطلاق سهم منك على مينيلاوس ، فتكسب الفضل والمجد في عيون الطرواديين ، 95 وفي عيني الأمير ألكسندروس قبل الجميع ؟ وستنال منه العطايا السخية أكثر من الجميع ، إذا ما رأى ابن أتريوس ، المحارب مينيلاوس ، مصاباً بسهمك ، ومرمياً على المحرقة الجنائزية • هيا وارم بسهمك نحو مينيلاوس المتباهي 100 ولكن قبل ذلك اتل صلاتك لأبولو الرامي المجيد والمحمول على الضوء 7 • وتعهد بأن تقدم أضحية عظيمة من الحملان حديثة الولادة عند عودتك إلى مدينة زيليا المقدسة " • وبكلامها هذا أقنعت اللب الأحمق فيه • وسرعان ما حل قوسه ، المصنوعة من القرن المصقول 105 لفحل بري منفلت ، كان هو نفسه قد أصابه في صدره ذات يوم ، حين كان يكمن للفحول ، وكان ذاك ينزل من وراء صخرة ، وأصابه في صدره فتكوم على الصخرة المصقولة المستديرة • وكان طول القرنين الصاعدين من رأس الفحل ست عشرة راحة 8 • ثم قام صانع أقواس بليّ القرنين وربطهما معاً • 110 وقام بتنعيم سطحهما ، ثم ربطهما بخطاف من خيط ذهبي • شد بانداروس قوسه وأحكمها وسندها على الأرض • ووضع أصدقاؤه الشجعان تروسهم أمامه ،






5 ثمة إضافة متكررة لوصف الطرواديين. وهي على هذا النحو: أولئك الذين كانوا يعيشون ف يزيليا عند سفح جبل إيدا، الأثرياء الذين شربوا من مياه إيسيبوس الداكنة، الطرواديون، الذين كان منهم القائد بانداروس الابن المتألق للوكاون ، بقوسه التي كانت هبة من أبولو.

6 تقوم أثينا بإقناع بانداروس بخرق الهدنة. ولكن هذا لا يقلل من مسؤولية بانداروس عن فعلته. ويعلق ويلكوك أن بانداروس يرتكب حماقة بهذا الفعل حتى حين يقتنع من كلام أثينا. وحين يرمى سهمه تنتقل أثينا بسرعة إلى الطرف الآخر لتتأكد من أن السهم لن يصيب مينيلاوس. وف يالفصل التالي سيكون بانداروس أول القتلى. وأثينا هي التي توجه رمح مينيلاوس نحوه لكي تكون الطعنة نجلاء. ويختم تعليقه بالقول: " إن الآلهة لا تعرف الرحمة ". 7 إن لقب أبولو هو لوك كيجينيس باليونانية. والقسم الأول م الكلمة يعني الضوء. ولكن ترجمات أخرى تربطه بالمكان الذي اسمه لوكيا. وقد يكون في الأصل الإله الذئب. وبالتالي فهو إله الرعاة. ولكن لأبولو حتماً علاقة بلوكيا. وأصل بانداروس نفسه من لوكيا. واسم أبيه لوكاون. 8 لقد استُخدمت كلمة GOAT التي لا تعني إلا صنوف الماعز. ولكن توصيف القرون يمكن أن يوحي بوعل كما ترجمها أمين سلامة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 92 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 93 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 130

خشية أن ينهض أبناء الآخيين المحاربون ويندفعوا إليه ، قبل أن يطلق على المحارب مينيلاوس ، ابن اتريوس • 115 أزاح غطاء الكنانة وأخرج منها سهماً مريشاً لم يسبق أن استخدم من قبل ، وهو حامل الآلام المبرحة • وسرعان ما ركز السهم النافذ على وتر القوس ، وتلا صلاته لأبولو ، الرامي المجيد ، المحمول على الضوء ، ونذر أن يقدم أضحية عظيمة من الحملان حديثة الولادة 120 عند عودته إلى مدينة زيليا المقدسة • شد القوس ممسكاً بالسهم ووتر القوس المصنوع من جلد الثور معاً ، وأوصل الوتر إلى حلمة ثديه ، وأدخل السهم الحديدي 9 في فتحة القوس • ولكن حين شد السلاح العظيم حتى صار دائرياً ، أنّت القوس ، وأطلق الوترُ ضحكته العالية ، 125 ووثب السهم المدبب بعنف ليمرق بين الحشد الذي أمامه • إن الآلهة الخالدة المباركة لم تنسك ، يا مينيلاوس ، وعلى رأسهم ابنة زيوس ، موزعة الغنائم ، 10 التي كانت تقف أمامك ، فقامت بإزاحة السهم النافذ • أزاحت السهم ليمس جلده مساً رقيقاً مثل أم 130 تطرد ذبابة عن ابنها الغارق في نومه الهنيء • ووجهت بنفسها مسار السهم مباشرة إلى حيث ترتبط حلقات النطاق بنصفي صديريته • واقتيد السهم النافذ إلى نقطة اتصال النطاق الحربي ومرق خارقاً النطاق المحبوك بإتقان • 135 ووُجّه السهم إلى المشد الدرعي المتقن في صناعته






9 هذه هي المرة الأولى التي يرد فيها ذكر الحديد في تركيب الأسلحة. البرونز دائما هو المعدن المستخدم. 10 أثينا هنا، كما يقول ويلكوك، هي مديرة منصة المشهد الدرامي. وموزعة الغنائم هو أحد ألقابها كإلهة محاربة، لأنها هي التي تأتي بالغنائم.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 93 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 94 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 131

فإلى الواقية التي كان يرتديها لوقاية جسده ولدرء الرماح عنه ، والتي كانت تحميه جيداً • ولكن السهم اخترق هذه أيضاً ، وبرأس السهم خدش جلد الرجل وسرعان ما اندفعت غيمة من الدم الأسود من الجرح • 140 وكما يحدث حينما امرأة ميونية أو كارية تلون العاج بالأرجواني لتحوله إلى عنان للخيول ؛ يُركن جانباً في غرفة داخلية ، وأكثر من خيّال يتوق لاقتنائه ، لكنه يُحتفظ به ليكون كنز ملك ، فهو شيئان معاً : زينة للحصان وفخر للفارس ، 145 كذلك أنت يا مينيلاوس ، كان فخذاك ملطخين بلون الدم وساقاك أيضاً ، وكذلك الكاحلان تحتهما • أغاممنون سيد الرجال والناس، أخذته الرعدة حين رأى الدم القاتم ينزف من الجرح ، والمحارب مينيلاوس نفسه يرتعد رعباً • 150 إلا أنه حين رأى خيوط الوصل ورأس السهم المعقوف خارج الجرح استعاد رباطة جأشه وعادت روحه إليه • ووجه أغاممنون القوي الخطابَ إليهم وهو يجأر ، ويمسك بيده مينيلاوس ، فيما رفقاؤهما يندبون بقربهما : " يا أخي العزيز • كأنما كان موتك هو ما تعاهدت عليه معهم بعهود الصداقة ، 155 إذ أعرّضك وحيداً أمام الآخيين لتقاتل الطرواديين • ولهذا ضربك الطرواديون ، وداسوا على العهود • ولكن العهود ودماء الخراف لن تذهب عبثاً ، وكذلك الخمر المهروق والأيدي اليمنى التي تصافحت








الإلياذة هوميروس الصفحة : 94 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 95 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 132

فإذا لم ينه الأولمبي هذا الأمر حالاً ، 160 فإنه سينهيه لاحقاً ، ولا بد أن يدفعوا غالياً ثمن فعلتهم ، برؤوسهم ذاتها وبزوجاتهم وأولادهم • وأنا أعرف ذلك جيداً في أعماق قلبي ، وكذلك عقلي يدركه • سيأتي يوم تُدمّر فيه إليون المقدسة ، ويُقضى فيه على بريام وشعب بريام ذوي الرماح الدردارية القوية 11 • 165 وزيوس ، ابن كرونوس ، الذي يجلس في الأعالي ، ويقيم في السماء ، هو نفسه سوف يهز قتامة ترسه فوقهم جميعاً ، غضباً من هذا الخداع • ولن يمر هذا كله عفو الخاطر • لكنني سأحزن عليك كثيراً يا مينيلاوس ، إذا ما مت وأكملت دورة حياتك • 170 وسأعود مخزياً إلى أرغوس الظامئة 12 إذ سرعان ما سيحن الآخيون إلى أرض آبائهم 13 ، فنترك لبريام ، وللطرواديين ، هيلين الأرغوسية ، ليتفاخروا بها فيما تتفتت عظامك في الأرض المحروثة ، وأنت ملقى ميتاً في طروادة ، بعد مغامرة غير مكتملة • 175 وسيتباهى طروادي مزهو برجولته ، وهو يقفز عالياً فوق قبر مينيلاوس : هكذا ينهي أغاممنون القادر غضبه على أعدائه كلهم ، مثلما قاد دون جدوى جمعاً من الآخيين ثم عاد إلى أرض آبائه الحبيبة 180 بسفن فارغة ، تاركاً وراءه مينيلاوس الشجاع • سيتحدث أحدهم هكذا ، وعندها فلتنشق الأرض الفسيحة لتبتلعني " •






11 سيكرر هكتور هذا الكلام لاحقاً. فالمهاجم والمدافع يعرفان أن طروادة محكوم عليها بالدمار. 12 هناك إلحاح في الأوصاف المتعلقة بهذه البلاد لتصويرها بأنها بلاد جافة. 13 إذا مات مينيلاوس يفقد الكثير من اليونانيين مبررهم في هذه الحرب. فهم هنا لاستعادة زوجته المختطفة هيلين إليه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 95 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 96 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 133

فرد عليه مينيلاوس مشجعاً : " لا تَخَفْ ، ولا تُخِفْ الشعب الآخي • فالسهم الحاد لم يصب مني مقتلاً ، بل حرفه 185 النطاق الحربي المتلامع عن مساره وكذلك الطية التي تحته ، وما يقيني من درع أعده لي حداد البرونز بعناية فائقة " • ورد أغاممنون القوي ثانية : " كم أتمنى أن يكون الأمر كما تقول يا أخي العزيز • إن الطبيب سوف يعالج الجرح ، ويضع فوقه 190 المراهم الشافية ، التي سيخفف آلامك المبرحة بها " • أنهى كلامه وخاطب رسوله الأمين ، تالثوبيوس : " اذهب يا تالثوبيوس بأقصى سرعة واجلب ماخاون ، الطبيب الذي لا غبار عليه ، ابن أسكليبيوس • ليلقي نظرة على ابن أتريوس ، مينيلاوس المحارب ، 195 الذي قتله أحدهم برمية سهم من قوس 14 ، وهو طروادي أو لوكي 15 ففاز بالمجد وأوقع بنا الفجيعة " • استمع الرسول إلى هذا الكلام ولم يضيع وقته • بل انطلق بين صفوف الآخيين المدرعين بالبرونز باحثاً عن المحارب ماخاون • وحين رآه 200 كان واقفاً ، وحوله جنود أقوياء من حملة التروس ، ممن جاؤوا معه من مرعى الخيول في تريكا • اقترب منه حتى وقف إلى جانبه ، وخاطبه قائلاً : " هيا يا ابن أسكلييوس ، فأغاممنون القوي يطلبك • لكي تهتم بالمحارب مينيلاوس ، قائد الآخيين 205






14 ربما كان يكفي القول "رمية سهم". ولكنه أسلوب هوميروس والإلياذة الذي يفضل الإبقاء عليه رغم ما فيه من تكرار وأوصاف مسهبة. فالعبارة الواردة هي استخدام رمية قوس لسهم". 15 يثير هذا الكلام نوعاً من التشوش، فمع أن بانداروس رامي الرمية على مينيلاوس قد جاء من لوكيا، إلا أن شعبه طروادي ويعيش في سقوح إيدا. ولكن اللوكيين والطرواديين والداردانيين هم الحلفاء في هذه الحرب.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 96 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 97 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 134

الذي قتله أحدهم برمية سهم من قوس ، رماه به طروادي أو لوكي ففاز بالفخار وأوقع فينا الفجيعة " • وأثار الرسول بكلامه هذا أعماق ماخاون • فعادا بين الحشد المتجمهر وسط جموع الآخيين المنتشرة • ولكن حين وصلا إلى حيث أصيب مينيلاوس الأشقر 210 وحيث اجتمع علية القوم حوله في دائرة ، وهو واقف بينهم رجلاً شبيهاً بالآلهة ، سرعان ما سحب السهم من ربطة نطاق الحرب • وحين سُحب السهم تكسرت أشواك النصل وهي تتراجع • ثم فتح النطاق الحربي ، وأزاح الطية التي تحته 215 مع الواقية الدرعية التي أتقن صنعها له حداد البرونز • وحين رأى الجرح حيث كان السهم النافذ قد وصل امتص الدم 16 ، ثم ببراعة وضع فوقه الأدوية الشافية التي كان خيرون قد أعطاها لأبيه باسم الصداقة • وفيما كانوا معنيين بصرخة الحرب الداوية ، مينيلاوس ، 220 كانت جموع المقاتلين الطرواديين المدججين تتوافد • فعاد الآخيون إلى لبس دروعهم ، وقد تذكروا فنونهم الحربية • وبعد ذلك لا يمكن لك أن ترى أغاممنون البارع في نوم أو مختلياً خلسة ، ولا متمنعاً على حرب ، بل راح يقتحم الصفوف دائماً نحو المعمعة ، حيث يظفر الرجال بالفخار • 225 نحّى جانباً عربته البرونزية المتلامعة • وظلت خيوله ، التي تحمحم ، في عهدة سائس انتحى بها جانباً • وكان السائس هو يوروميدون ، الذي أنجبه بتوليماوس ، وهذا ابن بيراريوس •





16 هذه الطريقة في بدء العلاج توحي بأن السهام كانت تغمس بالسم قبل استخدامها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 97 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 98 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 135

أوصاه أغاممنون بالعناية بها إلى أن يجيء الوقت الذي ينال منه التعب ، وهو منشغل في تنظيم الصفوف • 230 ثم انطلق على قدميه بين صفوف المقاتلين • ووجد الفرسان الدانانيين متشوقين للقتال ، فوقف قربهم وزاد حماسهم بكلماته : " أيها الأرجيفيون • لا تدعوا هذه الحمية الباسلة تغادركم • فالأب زيوس لن يقدم العون للكذابين ، 235 بل إن الذين ابتدؤوا بالعنف خلافاً للعهود ستأكل العقبان جلود أجسادهم الغضة ، فيما نحن نقتاد نساءهم وأولادهم الأبرياء في سفننا بعد أن نجتاح حصنهم " • وحين يرى بعض المحجمين عن القتال الكريه 240 كان يتوجه إليهم غاضباً ويوبخهم بقسوة : " أيها الأرجيفيون المقاتلون بالسهام 17 • ألا تخجلون أيها المهانون ؟ فيم وقوفكم هكذا في ذهول ، كالغزلان الصغيرة التي أنهكها الركض في المرج الفسيح فوقفت مستسلمة ، وقد خارت عزائمها وقواها ؟ 245 أنتم مثلها تقفون مذهولين دون قتال • أم لعلكم تنتظرون اقتراب الطرواديين من سفنكم القوية الراسية على شاطئ البحر الأشهب ، لتعرفوا إن كان ابن كرونوس سيعينكم " ؟ هكذا كان يتحرك بين صفوف رجاله وينظمهم • 250 وفي طريقه بين الرجال المحتشدين وصل إلى الكريتيين






17 يقصد بالكلمة أن تكون مهيننة . فرماة الشهام يظلون بعيدين عن منطقة الاشتباك. وسيقوم ديوميديس بإهانة باريس حين يصفه برامي السهام.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 98 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 99 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 136

الذين كانوا يتأهبون للقتال وهم حول إيدومينيوس الباسل • وكان إيدومينيوس ، الشبيه بالخنزير البري في قوته 18 ، يقف بين الأبطال ، بينما ميريونيس ينظم كتائب المؤخرة • وداخل السرور قلب أغاممنون وهو يتطلع إليهما • 255 فخاطب إيدومينيوس بكلمات التكريم : " أقدرك عالياً فوق جميع الفرسان الدانانيين يا إيدومينيوس ، سواء في المعركة أم في أي عمل تقوم به • وحتى في المأدبة ، حين يقوم عظماء الأرجيفيين بمزج خمر الأمراء المشعشعة في أوعيتها • 260 ومع أن بقية الآخيين من ذوي الشعر المرسل يشربون نصيبهم ، فإن كأسك يظل مليئاً دائماً مثل كأسي ، فلا تشرب إلا حين تكون مغتبطاً 19 • فهيا الآن إلى الحرب • وكن كما عهدناك في الماضي " • ورداً على ذلك قال له إيدومينيوس قائد الكريتيين : 265 " يا ابن أتريوس • لا شك أنني سأكون رفيقك الوفي في الحرب ، ومثلما عاهدتك وأحنيت رأسي موافقاً على ذلك • فاستنهض الآن بقية الآخيين ذوي الشعر المرسل ، لكي نقتحم غمار الحرب بسرعة فائقة، طالما أن الطرواديين قد نكثوا بعهودهم، الأمر الذي سيعود عليهم بالوبال والفجيعة 270 حيث أنهم كانوا السباقين إلى المبادرة بالعنف خلافاً للعهد " • سمع الأتري هذا الكلام فابتهج من أعماقه ، وتابع تقدمه • ووصل في تجواله بين الجموع إلى الأياسيين 20 • وكان هذان مدججين بالسلاح ، والغبار يتصاعد من بين أقدام المشاة حولهما •






18 التشبيه بالخنزير البري يقصد به المديح طبعاً. 19 تحتمل هذه العبارة معنيين. الول كما ورد الآن. ويعني أن إيدومينيوس لا يشرب اعتباطاً شأن السكيرين. بل يشرب حين يحس بالغبطة. والمعنى الثاني هو أن قليلي الأهمية، في العادة لا يُسكب لهم فرواً بعد إفراغ كؤوسهم. فهذا امتياز خاص بعلية القوم. ولكن أغاممنون وإيدومينيوس يظل كأساهما مليئين ويعاد ملؤهما كلما فرغا. 20 هما أثنان. أياس الصغير وأياس التيلاموني. وهما قائدا السالاميين واللوكرين. وهنا رأي آخر يقول إن المقصود هما الأخوان أياس التيلاموني وتيوكروس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 99 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 100 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 137

وكما يتابع الراعي من مرقبه غيمة سابحة 275 في طريقها فوق البحر قبل هبوب الريح الغربية ، ومع أنه يكون بعيداً حيث يراقب ، ويرى الغيمة كالحة السواد ، وهي تعبر البحر دافعة العاصفة أمامها ، فإنه حين يراها يقشعر بدنه ويسوق قطيعه إلى الكهف ، كذلك كانت الكتائب تتحرك حول الأياسَين ، 280 جمهرة متكاتفة من المحاربين الأقوياء الشبان المؤيَّدين من الآلهة • سودٌ ، ومسلحون بالرماح والتروس ، متلهفون لخوض غمار الحرب • وابتهج أغاممنون سيد الرجال وهو ينظر إليهم فخاطبهم بصوت عال ، موجهاً إليهم كلماته المجنحة : " أيها الأياسان • يا قائدَي الأرجيفيين ذوي الدروع البرونزية • 285 لمثلكما لا أوجه الأوامر • فليس من اللائق بكما أن أستحثكما ، وأنتما منذ الآن قد قدتما جيشكما للقتال الضاري • يا أبانا زيوس • ويا أثينا • ويا أبولو • لو أن هذه الروح تملأ قلوب شعبي كله ، لسقطت مدينة الزعيم بريام 290 بين أيدينا أسيرة ومستباحة كلياً " • أنهى كلامه معهما ، ثم غادرهما واختلط بالآخرين • وهناك التقى بنيستور ، خطيب بولوس المفوّه ، وهو ينظم مرافقيه ويحضهم على القتال • وكان بين من التفوا حوله بيلافون الطويل وألاستور وخروميوس 295 وخاميون القوي وبياس راعي الرعية • كان في البدء قد نظم الفرسان مع جيادهم وعرباتهم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 100 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 101 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 138

وحشد وراءه الشجعان والمشاة لكي يكونوا كتلة الصد ، ووضع الجبناء في الوسط ، لكي يضطر كل منهم للقتال حتى لو لم يكن راغباً في ذلك • 300 أصدر أمره أولاً إلى الفرسان ، وحذرهم حول ضرورة السيطرة على جيادهم كي لا يتوهوا بين الجموع : " حذار أن يدفع زهو أي منكم بفروسيته ورجولته إلى أن يقاتل الطوراديين وهو وحده قبلنا جميعاً ، أو أن يعطي المبرر لشيء من هذا النوع ، لأن هذا سيضعفنا • 305 وحين يواجه أي منكم عربات العدو وهو في عربته 21 ، فليطعن برمحه ، لأن هذا سيكون النهج الأقوى في القتال • هكذا اقتحم المقاتلون من قبلكم المدن والحصون ، وبحفاظهم على معنويات من هذا النوع في قلوبهم ، وهدف واضح كهذا أمامهم " • هكذا كان يشجعهم ذلك الرجل العجوز الخبير في القتال • 310 وقد أحس سيد الرجال أغاممنون بالسرور وهو ينظر إليه فحدثه بصوت مرتفع وبكلمات مجنحة : " يا سيدي الموقر • كم أتمنى لو أن القوة الموجودة في روحك موجودة في ركبتيك ، ولو أن العزم قد بقي ثابتاً فيك ، ولكن الشيخوخة تُضعفك وتُضعف كل ما فيك ، فليت عمرك 315 كان لأحد المقاتلين ، وليتك كنت أنت أحد الشبان " • وتكلم الفارس الجيريني نيستور رداً على كلامه : " وأنا أيضاً أتمنى ، يا ابن أتريوس ، أن أكون ذلك الرجل الذي كنته يوم صرعت إيروثاليون العظيم • ولكن الآلهة لا يمكن أن تعطي الإنسان كل شيء في الوقت ذاته • 023






21 ليس في الإلياذة الكثير من الوصف لكيفية قتال الجيوش، وخاصة بالنسبة لقتال العربات. ولكن يتبين أن المقاتل كان معه سائق لعربته. وحين يلتقي بالعدو لا يقاتل وهو فيها، بل ينزل منها ويتركها بإشراف السائق. وطريقة توزيع نيستور للقوات ترينا كيف كان القتال ف يالعهد الميسيني، وذلك عند قوله إن هذه هي الطريقة التي كان يتم بها اجتياح المدن في الماضي.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 101 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 102 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 139

ففي ذلك الحين كنت شاباً • لكن الشيخوخة تعتريني الآن • إلا أنني سأظل بين مقاتلي العربات وأنا على هذه الحال ، وسأقودهم بالكلمة والرأي ، وتلك هي مزايا الشيوخ • ومقاتلو الرمح الشباب سيقاتلون برماحهم ، وأولئك هم الذين ولدوا بعدي بجيل ، والذين يثقون بقوتهم " • 325 وتابع الأتري سيره بعد أن امتلأ قلبه بالبهجة لسماعه هذا الكلام • والتقى بابن بيتيوس ، مينيسثيوس ، سائق الجياد ، وكان ما يزال واقفاً ، وحوله الآخيون التواقون إلى المعركة • وإلى جانب هؤلاء كان أوليس الداهية قد اتخذ موقعه ، وإلى جانبه يقف الجنود الكافالينيون ، الذين ليس فيهم مقاتل ضعيف ، 330 إذ لم يكونوا قد عرفوا بنشوب الحرب 22 • ولكنهم حين رأوا مؤخراً حركة الكتائب من الآخيين والطرواديين ، مروضي الخيول ، وقفوا منتظرين إلى أن تتقدم موجة أخرى من الآخيين ، ليصطدموا بالطرواديين وتبدأ المعركة • 335 وحين رأى سيد الرجال ، أغاممنون ، ذلك توجه إليهم موبخاً وخاطبهم بكلماته المجنحة بصوت عال : " يا ابن بيتيوس ، المؤيد من الإله ، وأنت أيضاً ، يامن تركز عقله على المغانم وأساليب التحايل 23 ، لم تقفان هكذا متراخيين جانباً ، منتظرين الآخرين ؟ 340 لا يليق بكما أنتما ، الاثنين ، إلا أن تكونا بين مقاتلي المقدمة ، وتتحملا قسطكما من وهج المعركة • فأنتما أول من يسمع بالمآدب






22 يقول هوميروس إن هؤلاء لم يكونوا قد سمعوا بتجدد الحرب. وهنا توجد ثغرة غير مبررة. فأوليس يفترض أن يكون قد عرف بما جرى. فهو كان أحد القادة المجتمعين لتقرير المبارزة بين مينيلاوس وباريس. ويفترض أنه اشهد محاولة بانداروس قتل مينيلاوس التي تسببت في تجدد الحرب. ولكن الملاحظ ، بشكل عام، أن الشاعر يتعامل بمحبة واستظراف مع دهاء أوليس. بينما يثير الشكوك في أي سلوك بارع يصدر عن أي من الأبطال الآخرين. 23 لا يصدر كلام من هذا النوع من أغاممنون نحو أي من القادة الآخرين.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 102 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 103 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 140

حين يهيئ الآخيون مأدبة للأمراء • وفيها تجدون متعتكم في التهام اللحم المشوي ، 345 وفي شرب ما تشتهيان من كؤوس الخمر الحلو كالعسل • والآن تجدان المسرة في الفرجة على الكتائب العشر من الآخيين الذين سيحاربون بالبرونز الذي لا يرحم أمام أعينكما " • تطلع إليه أوليس بغيظ 24 وقال له : ما هذه الكلمة التي تسربت من بين أسنانك ، أيها الأتري ؟ 350 بعد أن قمنا ، نحن الآخيين ، بإيقاظ إله الحرب الضاري على الطرواديين ، مروضي الخيول ، كيف لك أن تقول إنني أتلكأ عن القتال ؟ راقب فقط ، إن كنت مهتماً ، أو كان الأمر يعنيك ، 25 والد تيليماكوس ذاته وهو يلتحم مع أبطال الطرواديين ، مروضي الخيول • إن كلامك ليس إلا هراء ولا معنى له " • 355 ورد عليه أغاممنون القوي بدوره ، وهو يضحك ، بعد أن أدرك أنه قد أغضبه ، فتراجع عن كلامه : " يا ابن لايرتيس ، وسليل زيوس ، يا أوليس الداهية ، يجب أن لا أنتقدك ، ولا حتى أوجه لك الأوامر ، فأنا أعرف أن الروح الكامنة في قلبك الخفي 360 لا تعرف إلا الأفكار اللطيفة • فأنت تفكر بما أفكر فيه أنا • هيا بنا الآن • سأسوي الأمور فيما بعد إن كان قد قيل ما يزعج • ولنرْجُ أن تنهي الآلهة هذا الأمر بلا طائل " • أنهى كلامه ، وغادره ليختلط بالآخرين • فالتقى بابن توديوس ، ديوميديس ذي الروح المعنوية العالية ، 365 وكان واقفاً بين العربات المختلطة والخيول ،






24 مهما بلغ دهاء أوليس وضبطه لأعصابه لا يمكن أن يترك كلام أغاممنون يمر دون تعليق. 25 تلميح إلى أن أغاممنون نفسه قد لا يكون في صفوف المقدمة حين تنشب الحرب.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 103 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 104 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 141

وكان ابن كابانيوس ، سثينيلوس ، واقفاً إلى جانبه • وعند رؤية ديوميديس وبخه سيد الرجال ، أغاممنون ، وتحدث إليه بصوت عال مخاطباً إياه بكلمات مجنحة قائلاً : " يا لحظي السيئ يا ابن توديوس ، مروض الخيول الجريء ، 370 مالك تتراخى وتتلصص على المعركة عن بعد ؟ لم نعهد هذا من توديوس ، لم يكن يتخلف في الصفوف الخلفية ، بل كان يغير على العدو في مقدمة فرسانه • هذا ما يقوله عنه من رأوه ، فأنا لم أره ولم ألتق به من قبل • لكنهم يقولون إنه كان يبز الآخرين • 375 فذات مرة جاء إلى موكيناي ، ولكن ليس في حرب ، مع شبيه الآلهة بولونيكيس ، زائراً وصديقاً ، ليحشد الناس من أجل مهاجمة حصون ثيبي المقدسة ، وناقشانا مطولاً لكي نعطيهما محاربين • وكان رجالنا ميالين إلى منحهما ما يريدان ، وموافقين على ما يطلبانه ، 380 ولكن زيوس غير رأيهم ؛ إذ كشف لهم عن النذر التي تعترضهم • وبعد أن تابعوا سيرهم في طريقهم ووصلوا إلى نهر أسوبوس ، وإلى مروج العشب والأسل ، أرسل الآخيون توديوس مع رسالة • فذهب حتى وصل إلى الكادميين المحتشدين 385 حول بيت إيتيوكليس القادر • وهناك ، وعلى الرغم من أن توديوس غريب عن الجو ، فإنه لم يخَفْ ، وهو وحده بين هذا العدد الكبير من الكادميين ، بل تحداهم أن يجربوا قوتهم معه ، وتفوق عليهم كلهم بسهولة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 104 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 105 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 142

بقوة كهذه زودته بالاس أثينا • 390 وقام الكادميون الذين يسوطون جيادهم غاضبين بتشكيل فريق يكمن له بمكر في طريق عودته ، وكان مؤلفاً من خمسين مقاتلاً وعليهم قائدان ابن هايمون ، مايون ، الشبيه بالآلهة ، ومعه ابن أوتوفونوس ، بولوفونتيس ، العنيد في القتال • 395 ولاقى هؤلاء جميعاً على يدي توديوس مصيراً مخزياً • قتلهم جميعاً ، ولم يوفر إلا واحداً سمح له بالعودة من جديد • فقد ترك مايون يذهب تنفيذاً لإشارة إلهية • هذا ما كان عليه توديوس الإيتولي ، الذي كان أباً لابن أقل منه بكثير ، ولا يصلح إلا للوشوشة المتآمرة " • 400 ولم يحر ديوميديس جواباً على هذا الكلام الذي جرحه ، فقد عقلت لسانه هيبة توبيخ الملك • ولكن ابن كابانيوس المجيد رد عليه قائلاً : " يا ابن أتريوس • حذار أن تكذب حين تعرف الحقيقة • فنحن ندعي أننا أفضل من أبوينا • 405 نحن الذين اقتحمنا حصون ثيبة ذات الأبواب السبعة • وكنا نقود رجالاً أقل في مواجهة سور كان معززاً بحرس أقوى وأكثر • وذلك بفضل إشارات الآلهة ، والعون الذي قدمه لنا زيوس • بينما قضي على أولئك بسبب غبائهم الطائش • ولذا فليس عليك أن تشبهنا بأبوينا في الأنفة " • 410 عندئذ رد عليه ديوميديس ، وهو ينظر إليه غاضباً : " اهدأ يا صديقي ، وافعل كما أقول لك ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 105 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 106 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 143

إنني لا أرى ما يشين أغاممنون ، راعي الرعية ، وهو يحض الآخيين المدججين على القتال • فمجده هو القادم ، إذا ما نجح الآخيون 415 في قتل رجال طروادة والتمكن من إليون المقدسة • وإذا ما ذُبح الآخيون ، فإن حزنه سيكون عظيماً • فتعال ولنتمسك بشجاعتنا على القتال " • قال ذلك وقفز بعدة حربه الكاملة من العربة ، ووصل صليل البرونز إلى قلب الملك مخيفاً 420 حين قفز • وهو خوف كان سيستولي حتى على قلب رجل قوي 26 • وكما تضرب الأمواج العنيفة شاطئاً عاصفاً ضربة بعد أخرى ، فيما الريح الغربية تدفعها ، إذ تتجمع بعيداً على سطح الماء الفسيح ، ثم تتقدم لتنسفح بضجيج كبير على الأرض الجافة ، ثم على النتوء الصخري 425 لتتناثر زبداً مالحاً وهي تتحطم ، هكذا احتشدت الكتائب الدانانية موجة بعد أخرى ، لتنزج في المعركة برباطة جأش ، ومع كل قائد رجاله • فيما تقدم أولئك بصمت حتى لا تحسب أن هؤلاء الناس كلهم، بأصواتهم الحبيسة في صدورهم، كانوا يتقدمون• 430 وبصمت خوفاً من قادتهم ، وعلى أجساد الجميع تتلامع الدروع المتألقة التي يحملونها على أجسادهم ، وهم يزحفون • وكان الطرواديون ، مثل الأغنام ، في عهدة مالكها ، بجموعها الغفيرة تنتظر أن تُحلب، وتثغو دون توقف حين تسمع أصوات حملانها ؛ 435






26 تؤكد جولة أغاممنون، هذه، على قادته ومقاتليه، ما افترضناه عند استعراض القوات في الفصل الثاني ، من رغبة الشاعر في إرضاء مستمعيه كلهم بأن لا يغفل ذكر واحد من القادة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 106 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 107 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 144

هكذا كانت أصوات الطرواديين تتصاعد من وسط جيشهم اللجب • وبما أنه لم يكن هناك كلام أو لغة واحدة بين الجميع 27 • فقد اختلطت أصوات أولئك الذين تم تجميعهم من كل حدب وصوب • وكان آريس يقودهم ، وأثينا ذات العينين الشهلاوين تقود الآخيين • وكانت ( الرعب ) تقودهم ومعها ( الخوف ) و ( الكره ) 28 440 التي لا تعرف الرحمة ، تلك التي كانت أختاً ومرافقة لآريس ، تلك التي لم تكن شيئاً يذكر في البداية ، ثم صارت فيما بعد تكبر إلى أن صار رأسها يدق السماء • هي التي كومت المرارة ووزعتها بالتساوي على الطرفين ، وهي تمشي وسط المذبحة لتجعل آلام الرجال أكبر • 445 وفيما كان هؤلاء يتقدمون وصلوا إلى مكان واحد وتواجهوا • دفعوا بتروسهم ورماحهم جنباً إلى جنب ، واندفعت قوة الرجال المدرعين بالبرونز ، وتصادمت التروس المتكاثرة في وسط الميدان وارتفع ضجيج القتال عالياً • وتصاعدت الزعقات مصحوبة بصيحات النصر 450 من رجال يَقتلون ، وآخرين يُقتلون ، فتضرجت الأرض بالدماء • وكما تتحدر مياه الشتاء من الجبال ، ويتعاظم اندفاعها مع التقاء الروافد القادمة من الينابيع الغزيرة المنبثقة من تجاويف أحواضها المائية ، فيسمع الرعاة هديرها في الجبال من بعيد ، 455 هكذا كانت أصوات الصدام والصراخ تنبثق من التحام المقاتلين • كان أنتيلوخوس أول المقاتلين الذين قتلوا واحداً من القادة الطرواديين ، وهو إيخيبولوس المقدم بين الأبطال ، وابن ثالوسياس •






27 في هذا شيء من المعنى الذي قصده المتنبي في وصفه لتعدد الأقوام في الجيش عند قوله:

تجمع فيه كل لسـن وأمة فما تفهم الحداث إلا التراجم

28 الرعب والخوف والكره أسماء شخصيات أنثوية متجسدة، ولذلك وضعناها ضمن أقواس. ففي النص جاءت بأحرف كبيرة كما هو الحال في أسماء الأشخاص والأماكن والآلهة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 107 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 108 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 145

كانت الرمية الأولى له ، فضرب قرن الخوذة المزينة بشعر الخيل فأصاب رأسُ الرمح البرونزي جبينه ودخل فيه ، 064 حتى العظم ، فغطت غيمة من العتم عينيه ، وسقط مثل برج وسط الالتحام العنيف • وحين ارتمى أمسك به من قدميه إيليفينور القوي ، ابن خالكودون ، زعيم الأبانتيين الجسورين ، وجره مبتعداً به عن مرمى السهام ، في محاولة سريعة 465 لانتزاع الرمح منه ، ولكن اندفاعه كان قصير الأمد • ففيما هو يرفع الجثة ، لمح أجينور الجسور أضلاعه تنكشف تحت الدرع وهو منحن ، فطعنه برمحه ذي السنان البرونزي ، وشل حركته • فغادرته روحه ، وازدادت حمى القتال 470 فوق جثته بين الطرواديين والآخيين ، الذين كان يقفز كل رجل منهم على الآخر كالذئاب • وهناك قام أياس التيلاموني بطعن ابن أنثيميون ، سيمويسيوس ، بجماله الأخاذ ، وهو الذي حملت به أمه وهي تنزل من إيدا على ضفة سيمويس ، 475 لاحقة بأبويها لرعي الأغنام ؛ ولذلك سمي سيمويسيوس • لكنه لم يستطع أن يستعيد مرة أخرى عناية أبويه • لقد كان عمره قصيراً ، إذ وقع تحت طعنة رمح أياس الجسور ، الذي طعنه حين تقدم قرب حلمة ثديه الأيمن ، 480 فخرج الرمح يلمع من كتفه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 108 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 109 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 146

وسقط بعدها معفراً فصار مثل حورة سوداء كانت تنمو على الأرض وسط مستنقع كبير بأغصان طرية سامقة في أعاليها ، فنزل عليها صانع عربات بفأسه الحديدية اللامعة 485 ليصنع منها عجلة لعربة فاخرة • وظلت بقية الشجرة متخشبة على ضفة نهر • هكذا كان ابن أنثيميون ، سيمويسيوس ، الذي قتله أياس العظيم • وقذف أنتيفوس ذو الصدار اللامع ، ابن بريام ، برمحه النفاذ ، نحو أياس وسط الجموع • 490 ولكنه أخطأه وأصاب ليوكوس ، المرافق الشجاع لأوليس ، في أربيته 29 ، وهو يسحب إحدى الجثث ، فسقطت الجثة من يده ، وسقط هو فوقها • وجن أوليس غضباً لمقتله ، فتقدم بين جموع الأبطال ، بخوذته البرونزية اللامعة 30 ، 495 واقترب من العدو ، وهو يروز رمحه اللامع ، وتلفت حوله ، فتراجع الطرواديون حذراً من رميته • ولكن رميته لم تَخب • بل أصابت ابن بريام ، ديموكون الهجين الذي جاء من أبودوس تاركاً خيوله السريعة • 500 طعنه أوليس بالرمح في صدغه ثأراً لمرافقه ، فخرج سنان الرمح البرونزي من الصدغ الآخر • وغطت عينيه غيمة من العتم • سقط سقطة مدوية ودرعه يصلصل فوقه •






29 أصل الفخذ. 30 تُلاحظ هنا براعة هوميروس في الانتقال داخل المغركة، حيث يسقط يوناني ثم طروادي بالتناوب.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 109 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 110 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 147

وتراجع أبطال طروادة بعدها ومعهم هيكتور المجيد ، 505 وأطلق الأرجيفيون صرخة تهليل عظيمة ، وراحوا يجرون الجثث ورجعوا إلى الوراء مبتعدين • ولكن أبولو الذي يرقب من فوق بيرغاموس 31 العالي ثار غضبه ، فصاح بالطرواديين : " انهضوا أيها الطرواديون ، ولا تتراجعوا عن الحرب مع الأرجيفيين • إن جلودهم ، بالتأكيد ، ليست من حديد • 510 ليست من حديد لتقاوم النصل البتار للبرونز ، وهو يضربهم • أبداً • وليس آخيل ، ابن ثيتيس ذات الشعر الجميل بين المقاتلين • بل هو إلى جانب السفن يتميز غضباً " • هكذا صاح الإله الغاضب من القلعة ، بينما كانت ابنة زيوس ، تريتوغينيا ، الإلهة السامية ، قد توجهت إلى الأرجيفيين 32 ، 515 معترضة كل من تراه متراجعاً ، وهي تجول وسط المعركة • وأصاب الحتف ابن أمارونكيوس ، ديوريس ، الذي تلقى ضربة بحجر مشقوقة على كاحله في الساق اليمنى ، وقد قذفه بها قائد المحاربين الثراسيين ، بيروس ، ابن إمبراسوس ، القادم من أينوس • 520 وقد حطمت الحجر القاسية أوتار الساق كلها ومن الجانبين ومع العظم فانقلب على ظهره فوق الأرض محاولاً تفادي السقطة بكلتا يديه ، وهو يمدهما إلى مرافقيه الأعزاء ، وهو يلفظ أنفاسه • وركض بيروس قاذف الحجر إلى جانبه ، وطعنه برمحه قرب السرة ، فانداحت أحشاؤه 525 على الأرض وأطبقت على عينيه غيمة من العتم • وفيما كان بيروس يتراجع راكضاً ، طعنه ثواس الأيتولي






31 قلعة طروادة. ويقصد بها أحياناً طروادة كلها. 32 تريتو غينيا: أحد أسماء أثينا.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 110 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 111 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 148

في صدره فوق حلمة ثديه ، فاستقر السنان في رئته ، وسحب ثواس القريب منه الرمح الثقيل من صدره ، ثم استل سيفه البتار 530 وضربه في وسط بطنه فأخرج روحه من جسده ، إلا أنه لم يجرده من درعه ، فرفاقه كانوا واقفين حوله ، وهم ثراسيون بذؤابات شعر على رؤوسهم ، يحملون رماحهم الطويلة • ومع أنه كان محارباً قادراً وقوياً ، إلا أن أحدهم ، وكان واثقاً من نفسه ، وجه إليه ضربة أجبرته على التراجع ، مترنحاً • 535 وهكذا ارتمى الاثنان ممددين أحدهما إلى جانب الآخر ، سيدين ، أحدهما من الثراسيين ، والآخر من الإيبيين المدرعين بالبرونز ، وحولهما تناثر قتلى كثيرون • ولم يعد في وسع أي رجل في القتال أن يستخف به ، وإن كان لم يتلق ضربة ، أو طعنة بالبرونز الحاد 540 الجوّال في ذلك القتال ، وبالاس أثينا توجه يده ، وتبعد عنه الرماح المترامية • ففي ذلك اليوم تجندل الكثيرون من الآخيين والطرواديين وارتموا متمددين على التراب ووجوههم متقابلة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 116 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 117 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الخامس

رقم صفحة الكتاب الورقي: 153

لقد منحت بالاس أثينا القوةَ والجسارةَ لابن توديوس ، ديوميديس ، لكي يكون مبرّزاً بين الأرجيفيين جميعاً ، ويفوز بمجد البسالة • وأطلقت من ترسه وخوذته لهباً لا يخمد مثل ذلك النجم 1 في الصيف الغارب ، الذي بين النجوم كلها ، 5 يشرق مستحماً بمياه البحر ليتألق ببهاء • هكذا جعلت النار تتأجج من رأسه وكتفيه وزجت به في حمأة القتال ، التي كان معظمهم يحارب فيها • وكان هناك رجل من الطرواديين ، هو داريس ، الكريم والذي لا غبار عليه ، وكان كاهناً مكرساً لهيفايستوس ، وله ولدان ، 10 هما فيجيوس وإيدايوس ، البارعان في القتال • وهذان الاثنان انفصلا عن الآخرين واندفعا نحوه • ربطا عربتيهما فيما كان ديوميديس متوجهاً إليهما راجلاً • وأطلق أولهما ، فويجيوس ، رمحه ذا الظل الطويل • 15 فمر الرمح المدبب من فوق الكتف اليسرى لابن توديوس ، ولم يصب جسمه • فقام ديوميديس بالرمي برمحه البرونزي ، ولم تخب ضربته بالسلاح المنطلق من يده ، بل انغرز في الصدر بين الثديين ، فألقاه مجندلاً وراء جياده • وقفز إيدايوس من العربة متقنة الصنع 20 ولم تكن لديه الشجاعة لأن يقف قرب أخيه الصريع • وحتى وهو في هذه الحالة لم يكن لينجو من شبح الموت الأسود •






1 هو سيريوس أكثر النجوم لمعاناً في السماء. ويظهر في أواخر الصيف. وكان اليونانيون يعتبرون أن البحر يحيط بالأرض التي لها شكل دائري، كالصحن. وبالتالي فالكواكب كلها، والشمس والقمر بينها، تشرق من البحر وتغرب فيه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 111 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 112 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 154

ولكن هيفايستوس أمسك به وأنقذه ؛ بأن لفه في العتمة لكي لا يُترك العجوز مستوحداً معزولاً • ولكن ابن توديوس عالي الهمة سرّح الجياد 25 وأعطاها لرفقته للعودة بها إلى السفن الجوفاء • وفيما كان الطرواديون يراقبون ابنَي داريس ، أحدهما يهرب ، والآخر مجندلاً قرب عربته ، ثار غضبهم كلهم • ولكن أثينا ذات العينين الشهلاوين أمسكت بآريس العنيف من يده ، وقالت له : 30 " آريس • يا آريس الفتاك ، المضرج بالدم ، وهادم الأسوار القوية • أفلا ندع الطرواديين والآخيين يقتتلون من أجل أي مجد يمنحه زيوس لأي منهما ، فيما نتنحى نحن ونتجنب غضب زيوس ؟ " قالت ذلك وسحبت آريس العنيف خارج المعمعة • 35 ثم أجلسته على رمال سكاماندروس • فيما كان الدانانيون يدحرون الطرواديين ، وكل أمير منهم 2 يقتل خصمه • في البدء أطاح سيد البشر أغاممنون بأوديوس الطويل ، قائد الهاليزونيين ، عن عربته • ففي ظهره ، وهو يلتفت ، انشكّ الرمح 40 بين كتفيه حتى ظهر من صدره • سقط سقوطاً مدوياً ، وقعقع درعه فوقه • قام إيدومينيوس بقتل ابن بوروس المايوني ، فايستوس ، 3 الذي خرج من تارني ذات التربة العميقة • وقد طعن إيدومينيوس ، ذو الرمح الشهير ، هذا الرجل وهو يمتطي 45






2 قبل الرجوع إلى ديوديموس يتم إيراد الإنجازات الفردية لستة من القادة اليونانيين. وهم أغاممنون وإيدومينيوس ومينيلاوس وميريونيس (القائد الثاني بعد إيدومينيوس) وميغيس ويوروبولوس. ومن خلال هذه المجموعة يبين هوميروس تفوق اليونانيين. فالأعداء يولون الأدبار ، حيث أن أحدهم يقتل وهو في عربته، والثاني وهو يصعد عربته، وخمسة يطعنون في ظهورهم. 3 إن ورود شخص اسمه فايستوس، يقوم إيدومينيوس بقتله، مسألة مثيرة للحيرة. ففايستوس هو اسم المدينة الثانية في كريت. وقد كان إيدومينيوس ملكاً على المدينة الأولى، كنوسوس. ويعزو ويلكوك هذا الالتباس إلى تشوش عند الشاعر، الذي أراد أن يورد الكثير من الأسماء لشخصيات ثانوية يرد ذكرها لمرة واحدة، حين تُقتل على أيدي أبطال الملحمة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 112 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 113 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 155

عربته ، خلف خيوله ، بالرمح الطويل الذي انغرز في كتفه اليمنى • فسقط عن عربته ، وتلقفته العتمة الكريهة • وقام أتباع إيدومينيوس بتجريد فايستوس من درعه ، في الوقت الذي كان فيه مينيلاوس ، ابن أتريوس ، يقتل برمحه الحاد سكاماندريوس ، ابنَ ستروفيوس ، الرجل الخبير في المطاردات• 50 وصياد الوحوش البارع • لقد علمته أرتميس بنفسها 4 كيف يقنص كل حيوان بري يعيش في الغابات الجبلية • ولكن أرتميس أم السهام المرشوقة لم تستطع أن تعينه ، ولا الرميات البعيدة المدى للرمح ، والتي كان فيها مجلياً ، قد نفعته فمينيلاوس ، الشهير برمحه ، ابن أتريوس ، طعنه ، 55 في ظهره برمية رمح وهو يهرب أمامه ، بين كتفيه ، فخرج الرمح من صدره • وسقط على وجهه ودرعه يصلصل فوقه • وقام ميريونيس ، بدوره ، بقتل فيريكلوس ، ابن هارمونيديس ، 5 الحدّاد ، الشاطر في صنع كافة الأشياء الدقيقة بيديه ؛ 60 لأن بالاس أثينا كانت تحبه أكثر من الجميع • وهو نفسه الذي بنى لألكساندروس السفن المتوازنة بادئة الشر ، وجالبة الأجل للطرواديين الآخرين ، وله نفسه ، إذ لم يكن يعرف شيئاً عن مخططات الآلهة • هذا هو الرجل الذي لاحقه ميريونيس • وحين لحق به 65 طعنه في إليته اليمنى فاخترقه رأس الرمح من تحت العظم حتى المثانة • 6 وهوى على ركبتيه وهو يزعق ، فيما كان الموت كالضباب من حوله •






4 كانت بالاس أثينا تحب فيريكلوس. ولذلك علمته أرتيميس فنون الصيد. وكل مهارة استثنائية عند إنسان هي فضل وهبة من الآلهة. ويتم تخصيص إله أو إلهة لمنحه هذه المهارة أو السمة الاستثنائية. وهذا ما حدث حين منح أبولو قوسه لبانداروس. 5 كلمة هيرمونيديس تعني ابن البارع، وهو خير ما يسمىس به الحداد أو الصائغ. 6 إن ميريونيس هو الذي يحقق الإصابات المعقدة، التي توصف بمنطق تشريحي. وتلك من الميزات التي يمنحها هوميروس للأبطال من الصف الثاني في الإلياذة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 113 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 114 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1










الإلياذة هوميروس الصفحة : 115 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 116 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




رقم صفحة الكتاب الورقي: 153

لقد منحت بالاس أثينا القوةَ والجسارةَ لابن توديوس ، ديوميديس ، لكي يكون مبرّزاً بين الأرجيفيين جميعاً ، ويفوز بمجد البسالة • وأطلقت من ترسه وخوذته لهباً لا يخمد مثل ذلك النجم 1 في الصيف الغارب ، الذي بين النجوم كلها ، 5 يشرق مستحماً بمياه البحر ليتألق ببهاء • هكذا جعلت النار تتأجج من رأسه وكتفيه وزجت به في حمأة القتال ، التي كان معظمهم يحارب فيها • وكان هناك رجل من الطرواديين ، هو داريس ، الكريم والذي لا غبار عليه ، وكان كاهناً مكرساً لهيفايستوس ، وله ولدان ، 10 هما فيجيوس وإيدايوس ، البارعان في القتال • وهذان الاثنان انفصلا عن الآخرين واندفعا نحوه • ربطا عربتيهما فيما كان ديوميديس متوجهاً إليهما راجلاً • وأطلق أولهما ، فويجيوس ، رمحه ذا الظل الطويل • 15 فمر الرمح المدبب من فوق الكتف اليسرى لابن توديوس ، ولم يصب جسمه • فقام ديوميديس بالرمي برمحه البرونزي ، ولم تخب ضربته بالسلاح المنطلق من يده ، بل انغرز في الصدر بين الثديين ، فألقاه مجندلاً وراء جياده • وقفز إيدايوس من العربة متقنة الصنع 20 ولم تكن لديه الشجاعة لأن يقف قرب أخيه الصريع • وحتى وهو في هذه الحالة لم يكن لينجو من شبح الموت الأسود •








1 هوسيريوس أكثر النجوم لمعاناً في السماء. ويظهر في أواخر الصيف وكان اليونانيون يعتبرون أن البحر يحيط بالأرض التي لها شكل دائري، كالصحن. وبالتالي فالكواكب كلها، والشمس والقمر بينها، تشرق من البحر وتغرب فيه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 117 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 118 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 154

ولكن هيفايستوس أمسك به وأنقذه ؛ بأن لفه في العتمة لكي لا يُترك العجوز مستوحداً معزولاً • ولكن ابن توديوس عالي الهمة سرّح الجياد 25 وأعطاها لرفقته للعودة بها إلى السفن الجوفاء • وفيما كان الطرواديون يراقبون ابنَي داريس ، أحدهما يهرب ، والآخر مجندلاً قرب عربته ، ثار غضبهم كلهم • ولكن أثينا ذات العينين الشهلاوين أمسكت بآريس العنيف من يده ، وقالت له : 30 " آريس • يا آريس الفتاك ، المضرج بالدم ، وهادم الأسوار القوية • أفلا ندع الطرواديين والآخيين يقتتلون من أجل أي مجد يمنحه زيوس لأي منهما ، فيما نتنحى نحن ونتجنب غضب زيوس ؟ " قالت ذلك وسحبت آريس العنيف خارج المعمعة • 35 ثم أجلسته على رمال سكاماندروس • فيما كان الدانانيون يدحرون الطرواديين ، وكل أمير منهم 2 يقتل خصمه • في البدء أطاح سيد البشر أغاممنون بأوديوس الطويل ، قائد الهاليزونيين ، عن عربته • ففي ظهره ، وهو يلتفت ، انشكّ الرمح 40 بين كتفيه حتى ظهر من صدره • سقط سقوطاً مدوياً ، وقعقع درعه فوقه • قام إيدومينيوس بقتل ابن بوروس المايوني ، فايستوس ، 3 الذي خرج من تارني ذات التربة العميقة • وقد طعن إيدومينيوس ، ذو الرمح الشهير ، هذا الرجل وهو يمتطي 45






2 قبل الرجوع إلى ديوديموس يتم إيراد الإنجازات الفردية لستة من القادة اليونانيين. وهم أغاممنون وإيدومينيوس ومينيلاوس وميريونيس (القائد الثاني بعد إيدومينيوس) وميغيس ويوروبولوس. ومن خلال هذه المجموعة يبين هوميروس تفوق اليونانيين . فالأعداء يولون الأدبار، حيث أن أحدهم يقتل وهو في عربته، والثاني وهو يصعد عربته، وخمسة يطعنون في ظهورهم. 3 إن ورود شخص اسمه فايستوس، يقوم إيدومينيوس بقتله، مسألة مثيرة للحيرة. ففايستوس هو اسم المدينة الثانية في كريت. وقد إيدومينيوس ملكاً على المدنية الأولى، كنوسوس. ويعزو ويلكوك هذا الالتباس إلى تشوش عند الشاعر، الذي أراد أن يورد الكثير من الأسماء لشخصيات ثانوية يرد ذكرها لمرة واحدة ، حين تُقتل على أيدي أبطال الملحمة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 118 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 119 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 155

عربته ، خلف خيوله ، بالرمح الطويل الذي انغرز في كتفه اليمنى • فسقط عن عربته ، وتلقفته العتمة الكريهة • وقام أتباع إيدومينيوس بتجريد فايستوس من درعه ، في الوقت الذي كان فيه مينيلاوس ، ابن أتريوس ، يقتل برمحه الحاد سكاماندريوس ، ابنَ ستروفيوس ، الرجل الخبير في المطاردات• 50 وصياد الوحوش البارع • لقد علمته أرتميس بنفسها 4 كيف يقنص كل حيوان بري يعيش في الغابات الجبلية • ولكن أرتميس أم السهام المرشوقة لم تستطع أن تعينه ، ولا الرميات البعيدة المدى للرمح ، والتي كان فيها مجلياً ، قد نفعته فمينيلاوس ، الشهير برمحه ، ابن أتريوس ، طعنه ، 55 في ظهره برمية رمح وهو يهرب أمامه ، بين كتفيه ، فخرج الرمح من صدره • وسقط على وجهه ودرعه يصلصل فوقه • وقام ميريونيس ، بدوره ، بقتل فيريكلوس ، ابن هارمونيديس ، 5 الحدّاد ، الشاطر في صنع كافة الأشياء الدقيقة بيديه ؛ 60 لأن بالاس أثينا كانت تحبه أكثر من الجميع • وهو نفسه الذي بنى لألكساندروس السفن المتوازنة بادئة الشر ، وجالبة الأجل للطرواديين الآخرين ، وله نفسه ، إذ لم يكن يعرف شيئاً عن مخططات الآلهة • هذا هو الرجل الذي لاحقه ميريونيس • وحين لحق به 65 طعنه في إليته اليمنى فاخترقه رأس الرمح من تحت العظم حتى المثانة • 6 وهوى على ركبتيه وهو يزعق ، فيما كان الموت كالضباب من حوله •






4 كانت بالاس أثينا تحب فيريكلوس. ولذلك علمته أرتيميس فنون الصيد. وكل مهارة استثنائية عند إنسان هي فضل وهبة من الآلهة. ويتم تخصيص إله أو إلهة لمنحه هذه المهارة أو السمة الاستثنائية. وهذا ما حدث حين منح أبولو قوسه لبانداروس. 5 كلمة هيرمونيديس تعني ابن البارع، وهو خبير ما يسمى به الحداد أو الصائغ.

6 إن ميريونيس هو الذي يحقق الإصابات المعقدة، التي توصف بمنطق تشريحي. وتلك من الميزات التي يمنحها هوميروس للأبطال من الصف الثاني في الإلياذة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 119 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 120 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 156

وقام ميغيس بقتل بيدايوس ، ابن أنتينور ، والذي ، رغم كونه لقيطاً وابناً غير شرعي ، تربى عند ثيانو ، 70 ولقي منها عناية فائقة مثل أي من أولادها ، من أجل إرضاء زوجها • والآن أطبق عليه ابن فوليوس ، الشهير بحربته ، وضربه بالرمح في مؤخرة رأسه على وتر القذال • فمرق من بين أسنانه ليقطع النصل الحاد ما تحت اللسان • فهوى على التراب وهو يعض على البرونز البارد بأسنانه 75 وقام يوروبلوس ، ابن يوايمون ، بقتل هوبسينور ، المقاتل الرائع ، ابن دولوبيون ذي القلب القوي ، وهو الذي عين كاهناً لسكاماندروس ، ويحظى بتبجيل في كل مكان وكأنه إله • هذا الرجل ، قام يوروبولوس ، ابن يوايمون ، بمطاردته وهو يهرب أمامه • وضربه في كتفه 80 بسيفه فقطع له ذراعه • فسقط الرجل على الأرض وهو ينزف ، وغطى الموت الأحمر والقدر الغاشم على عينيه • وهكذا تابعوا عملهم في تلك المواجهات القوية • ولكنك ما كنت لتستطيع أن تعرف في أي جانب كان ابن توديوس يقاتل، 85 وما إذا كان مع الطرواديين أو مع الآخيين • إذ كان يجتاح السهل عاصفاً مثل نهر فيّضه الشتاء بطوفان يهدم السدود بتياره الهادر ، الطوفان الذي لم تعد الحواجز تقوى على احتوائه ، ولا الضفاف الحصينة ذات الكروم اليانعة تكبحه ، 90








الإلياذة هوميروس الصفحة : 120 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 121 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 157

يرتفع بغتة مثلما يُثقل مطر زيوس الماءَ فتتهاوى تحته إنجازات الشبان الجميلة وتتحطم • هكذا كانت كتائب الطرواديين الحاشدة تتبعثر بفعل ابن توديوس ، وما كانت لكثرة عددهم أن تقف في وجهه • وكان بانداروس 7 ، ابن لوكاون المتألق ، يرقبه 95 وهو يعصف في السهل مشتتاً الكتائب أمامه • وسرعان ما وتر قوسه المحنية وسدد على ابن توديوس وأطلق • فأصابه وهو يتقدم مهاجماً في كتفه اليمنى ، من خلال فتحة الدرع ، فمرق السهم المرير خلالها ، مقتحماً طريقه ، وتضرج الدرع بالدم • 100 وصاح ابن لوكاون المتألق بصوت جهير : " انهضوا أيها الطرواديون، يا ذوي القلوب الباسلة، وسائطي الخيول، ها قد أصيب أفضل الآخيين، ولا أظنه سيصمد طويلاً بعد السهم القوي ، إن كان أبولو الحق ، الرب ، وابن زيوس ، هو الذي دفعني للمجيء من لوكيا إلى هنا " • 8 105 هكذا تحدث متباهياً • ولكن السهم السريع لم يحطمه ، بل جعله يعود ثانية إلى عربته وخيوله • 9 ووقف فيها وراح يخاطب ستينيلوس ، ابن كابانيوس : " هيا يا صديقي العزيز ، يا ابن كابانيوس ، وانزل من العربة لعلك تستطيع سحب هذا السهم المرير من كتفي " • 110 وما إن قال ذلك حتى قفز ستينيلوس من عربته إلى الأرض ، ووقف إلى جانبه ، وسحب السهم الحاد من كتفه فتدفق الدم عبر الثوب الرقيق •






7 بانداروس هو الذي خرق الهدنة ف يالفصل السابق. 8 هنا وفي السطر 173 إشاراتان إلى أن بانداروس قد جاء من لوكيا. ويقول ويلكوك إنها يجب أن تكون غير لوكيا الموجودة في آسيا الصغرى، والتي منها جاء الحلفاء بقيادة ساربيدون وغلوكوس. فموطن بانداروس هو عند سفح جبل إيدا قرب طروادة . وقومه هم " الطرواديون". 9 كان ديوميديس يقاتل راجلاً. وكانت مهمة ستينيلوس، وكيله في القيادة وسائق عربته، أن يبقي العربة على مقربة تحسباً لحدث من هذا النوع.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 121 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 122 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 158

وصاح ديوميديس ، صرخة الحرب الداوية ، متوسلاً بصوت عال : " اسمعيني الآن يا أتروتون ، ابنة زيوس المدرع ، 115 إن سبق لك أن وقفت برحمتك إلى جانب أبي عبر أهوال القتال ، فكوني صديقتي يا أثينا • وامنحيني فرصة قتل ذلك الرجل ، وأن يجيء في مرمى رمحي ، ذلك الذي أطلق علي قبل أن أراه ، وها هو الآن يتباهى قائلاً : إنني لن أستطيع العيش لأرى وهج ضوء الشمس " • 120 هكذا قال متوسلاً • وسمعته بالاس أثينا • فخففت أطرافه ثانية ، قدميه ، ويديه من فوقهما ، ووقفت إلى جانبه وتكلمت فخاطبته بكلماتها المجنحة : " تشجع الآن يا ديوميديس ، لكي تقاتل الطرواديين • فلقد وضعت في صدرك قوة أبيك 125 التي لا تتزعزع • تلك القوة التي كانت للفارس توديوس ذي الترس العظيم لقد أزلت عن عينيك الغشاوة التي كانت عليهما من قبل بحيث صرت تميز بين الإله والإنسان الفاني • ولذلك فمنذ الآن إذا اقترب منك إله يريد أن يجربك فلا تخض معركة مع الآلهة الخالدين ، 130 ولا مع البقية • ولكن إن جاءتك أفرودايت ، ابنة زيوس ، وأرادت حربك ، فهي التي يمكنك أن تطعنها بالبرونز الحاد " • هكذا تكلمت أثينا ذات العينين الشهلاوين ومضت • فيما اختلط ابن توديوس بالأبطال آخذاً مكانه بينهم • وهو يتحرق ، كما كان سابقاً ، للاشتباك مع الطرواديين • 135 وتفاقم غضبه العظيم مثل سبعٍ ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 122 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 123 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 159

جرحه راع يرعى قطيعه ذا الجلود الكثة في البراري ، وهو يثب على سياج الحظيرة ، ولم يقتله ؛ بل أثار قوة الأسد ، دون أن يستطيع القتال ثانية ، فيظل مختبئاً والقطيع مهجور 140 يتجمع مذعوراً في جماعات ، والأسد يغلي غضباً ويقفز من جديد فوق سياج الحظيرة ؛ هكذا كان غضب ديوميديس القوي وهو يهجم على الطرواديين • بعد ذلك قتل أستونووس وهوبييرون ، الراعي ، 10 ضارباً الأول بالرمح المطعم بالبرونز فوق حلمته ؛ 145 بينما قصم الثاني من قرب الكتف عبر الترقوة بسيفه العظيم ، فانفصمت الرقبة والظهر عن الكتف • خلاهما ولحق ببولويدوس وأباس ، ابني يوروداماس ، مفسر الأحلام • ولكن الأب العجوز لم يفسر حلميهما وهما يتوجهان إلى المعركة • 150 لأن ديوميديس القوي قتلهما • ولحق بابني فاينوبوس ، كسانثوس وثوون ، وقد بلغا أشدهما ، ولكن فاينوبوس بلغ من العمر عتياً فلم يرزق بولد آخر ليبقى في أملاكه • قتل الاثنين وسحب منهما حياتهما العزيزة 155 تاركاً لأبيهما الحزن والفجيعة ، لأنه لن يستقبلهما عائدين من المعركة وهما على قيد الحياة • وسيشرف على ممتلكات الأب أقاربه البعيدون • وبعدهما قتل ابني بريام الداردانياني ،






10 يتكرر قتل كل اثنين معاً، لأن العربة كان يشغلها اثنان، أحدهما للقيادة والثاني للقتال.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 123 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 124 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 160

إيخيمون وخروميوس ، وهما في عربة واحدة • 160 وكما يثب أسد وسط قطيع على رقبة ثور أو عِجلة ويكسرها، والقطيع يرعى في مرج مشجر ، كذلك طوح ابن توديوس بالاثنين عن حصانيهما بشدة على الرغم من مقاومتهما • ثم جردهما من درعيهما وأعطى الحصانين لمرافقيه ليأخذاهما إلى السفن • 165 ولما رآه أينياس وهو يشتت صفوف المحاربين ، تقدم إلى المعمعة وسط اختلاط الرماح محاولاً التصدي لبانداروس الشبيه بالآلهة • والتقى بابن لوكاون العتيد العنيد ووقف في مواجهته محدثاً إياه : 170 " يا بانداروس • أين قوسك وسهامك المريشة ؟ أين صيتك الذي لا يترك مجالاً لأحد أن يضاريك ، ولا لإنسان في لوكيا أن يبزك ؟ هيا إذن وارفع يديك إلى زيوس ، وأرسل سهماً نحو هذا القوي ، أياً كان ، الذي ألحق الكثير من الأذى بالطرواديين ، 175 والذي كسر أرجل الكثيرين من العظماء ، ما لم يكن إلهاً غاضباً من الطرواديين بسبب نذورهم الهزيلة • فغضب الإله يصعب التعامل معه " • ورد عليه ابن لوكاون البهي : " يا أينياس • يا موئل ثقة مجلس الطرواديين ذوي الدروع البرونزية • 180 الذي أشبهه لأكثر من سبب بابن توديوس ، وهو يمرق بترسه وثقبي خوذته ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 124 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 125 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 161

وأعرفه من خيوله ، ولكنني لست واثقاً مما إذا كان إلهاً • فإن كان هذا بشراً ، كما أظن ، فإن ابن توديوس الباسل هذا لا يفتك بهذه الطريقة دون إله • 185 لا بد أن أحد الخالدين يغطي كتفيه بالضباب 11 ويقف إلى جانبه وهو الذي يبعد سهمي عنه وأنا أسدد عليه • فلقد أطلقت سهمي لتوي وأصبته في كتفه اليمنى ، ومرق السهم تحت درعه • وقلت لنفسي إنني قد طوحت به ليلتقي بأيدونيوس 190 ولكنني لم أقض عليه بعد • لا بد أنه إله غاضب • ليس لدي خيول ولا عربة أمتطيها • وفي بيت لوكاون الكبير إحدى عشرة عربة • وكلها جميلة وحسنة الصنع ومفروشة بالسجاد ، وقرب كل عربة زوج من الخيول 195 يقفان وهما يأكلان عليقهما من الشعير والشوفان • ولكن لوكاون ، الرامي العجوز ، حدثني أكثر من مرة ، وأنا في طريقي من البيت المتين ، ونصحني ، طالباً مني أن آخذ خيولي وعرباتي وأن أمتطيها لأبدو سيداً بين الطرواديين في المواجهات العنيفة • 200 ولم أعطه الفرصة لإقناعي ، وكان هذا أفضل بكثير ، فقد أعفيت خيولي ، التي اعتادت على أكل كل ما تشتهيه ، من أن تجوع حيث يصول الرجال في مكان ضيق وصغير • ولذا تركتها وذهبت راجلاً إلى إليون معتمداً على قوسي ، التي لم تعد عليّ بأية فائدة • 205






11 فيجعله غير مرئي.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 125 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 126 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 162

فقد استخدمتها ضد اثنين من أفضل الرجال ابن توديوس وابن أتريوس • لقد ضربت كلاً منهما وأسلت دماً واضحاً • ولكنني لم أفعل أكثر من تسعير غضبهما • ولقد كان من سوء طالعي أن أنزلت قوسي المحنية عن مشجبها في ذلك اليوم الذي حملتها إلى إليون 210 على رأس مواطنيّ الطرواديين لأدخل البهجة إلى قلب هيكتور العظيم • والآن إذا قيض لي أن أعود ثانية إلى بيتي ، وتقع عيناي من جديد على بلدي وزوجتي والبيت الكبير ذي السقف العالي ، فليقطع غريب ما رأسي عن كتفي إن لم أكسر هذه القوس بيديّ وألقِ بها في النار المتأججة 215 طالما أنني حملتها معي دون جدوى • فأجابه أينياس سيد الطرواديين : " لا تعد إلى الكلام بهذه الطريقة ، فلا وقت للتغيير قبل أن نقوم ، أنا وأنت ، بمواجهة هذا الرجل على العربات والخيول ونقاتله بأسلحتنا ، قوة مقابل قوة • 220 فاصعد إلى عربتي لكي ترى ما هي عليه الخيول الطروادية ، وكم تعرف سهولها وبأية سرعة تقطعها جيئة وذهاباً • هذان الجوادان سيعيداننا سالمين إلى المدينة ، إن قدم زيوس المجد مرة أخرى إلى ابن توديوس 225 هيا بنا ، وأمسك بيديك السوط والأعنة اللامعة حين أترجل من عربتي لأقاتل ، أو أن تقاتل الرجل أنت ، وأنا أهتم بالخيل " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 126 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 127 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 163

فرد عليه ابن لوكاون العظيم : " احتفظ أنت بالأعنة والخيل • 230 فإنها ستقل العربة المقوسة بشكل أفضل وهي تحت إمرة سائقها الذي تعرفه جيداً ، إن نحن هربنا أمام ابن توديوس • فقد يعتريها الرعب فلا ترضى بنقلنا من وسط القتال ، إن لم تسمع صوتك • فأنا أخشى أن يتقدم نحونا ابن توديوس ذو القلب الجسور 235 ويقتلنا معاً ويستولي على خيلنا التي ليس لدينا غيرها • فالأفضل أن تقود بنفسك خيلك وعربتك بينما أواجه برمحي الحاد ذلك الرجل وهو يقترب منا " • أنهيا حديثهما واستقلا العربة متقنة الصنع • ووجها خيلهما السريعة بغضب صوب ابن توديوس • 240 وحين رآهما ستينيلوس ، الابن الرائع لكابانيوس ، سرعان ما أطلق كلماته المجنحة نحو ابن توديوس : " يا ابن توديوس • يا ديموديس الذي تثلج صدري • انتبه • فأنا أرى رجلين قويين تواقين لقتالك • إن قوتهما هائلة • أحدهما ، البارع في استخدام القوس ، 245 بانداروس ، والذي ينتمي إلى لوكاون • والآخر هو أينياس ، الذي يدعي أنه ابن لأنخيسيس ، الذي لا نظير له ، وأمه أفرودايت • فهيا نهرب على حصانينا • وكفى عصفاً بين الأبطال ، خشية أن تحطم قلبك وتفقد حياتك " • 250 فتطلع إليه ديوميديس شزراً وقال :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 127 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 128 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 164

" لا تحثني على الهرب • فإنني لن أطيعك • فستكون حقارة مني أن أنسحب من القتال ، أو أن أتنحى • فقوتي المقاتلة تظل راسخة دائماً • إنني لا أرضى بالفعل أن أقف وراء الخيل • بل سأظل كما أنا الآن • 255 سأواجههما • فبالاس أثينا لن تدعني أهرب منهما • وهذان الرجلان لن تعود بهما خيلهما السريعة ، ولن تأخذهما منا ، حتى لو نجا منا أحدهما • وضع في اعتبارك شيئاً آخر سأقوله لك • إذا وهبتني أثينا ، ذات الرأي والحكمة ، مجد 260 قتلهما معاً ، فخذ أنت تلك الخيل السريعة واربطها بقوة إلى جوار العربة • ثم تذكر أن تندفع نحو خيل أينياس وأبعدها عن الطرواديين • واذهب بها إلى الآخيين ذوي الدروع القوية • فهي من السلالة التي منحها زيوس ذو الجبين العريض 265 ذات يوم لتروس تعويضاً عن ابنه غانوميديس • ولذا فهي من خيرة الخيل التي تطلع عليها الشمس ويراها الفجر • وقد سرق أنخيسيس سيد الرجال من هذه الخيل دون علم لاوميدون بأن خلط خيله بها • ومن تلك الخيل جاءته سلالة من ستة جياد في بيته العظيم • 072 احتفظ بأربعة منها ورباها في حظيرته • وأعطى اثنين لأينياس • وهما جوادان مثيران للرعب • فإن فزنا بهذين الجوادين فقط نكون قد فزنا بمجد عظيم " • وفيما كانا يتحدثان على هذا النحو








الإلياذة هوميروس الصفحة : 128 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 129 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 165

جاءهما الفارسان على جواديهما السريعين • 275 في البدء صاح ابن لوكاون بديوميديس : " يا ابن توديوس الباسل ذا النفس العالية ، إن السهم المرير لم يُرْدِك ، برميتي السريعة ، وسأحاول الآن أن أطعنك برمحي المقذوف " • قال ذلك ، وعدل رمحه ورماه • 280 فأصاب ابن توديوس على ترسه • واخترقت الحربة البرونزية درعه • وصاح ابن لوكاون الرائع بصوت عظيم : " الآن وقد أصبت إصابة محكمة ، فلا أظن أنك ستصمد طويلاً • وقد منحتني المجد العظيم " • 285 ودون وجل رد عليه ديوميديس القوي : " إنك لم تصبني • لقد أخطأتني • وأظن أنكما ستظلان حُرَّين إلى أن يسقط أحدكما أو الآخر مضرجاً بدمه ، ليغرق أريس الذي يقاتل تحت حماية الترس " • قال ذلك ورمى • وقامت بالاس أثينا بتوجيه السلاح 290 نحو الأنف قرب العين ، فمرق من بين الأسنان البيضاء • وشق النصل البرونزي القاسي طريقه إلى جذر اللسان حتى خرج رأس سنانه من تحت الحنك • فسقط من العربة وصلصل فوقه درعه اللامع البراق ، فيما انتحى الجوادان السريعان 295 وتبددت حياته وقوته • ولكن أينياس قفز إلى الأرض بترسه ورمحه الطويل








الإلياذة هوميروس الصفحة : 129 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 130 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 166

خشية أن يقوم الآخيون بجر الجثة ومثل أسد واثق من قوته ، وقف فوقه وهو يمسك بالترس والرمح دائرة لحمايته 300 وهو يتحفز لقتل كل من يتقدم لمواجهته ، ويطلق صرخته الرهيبة • ولكن ابن توديوس أمسك بيديه حجراً يعجز عن حمله رجلان من رجال هذه الأيام • وقد رفعه ، وحده ، بخفة ورمى به فأصاب أينياس على ردفه ، حيث يرتبط الردف 305 بالفخذ ، والذي يسميه الناس الحقو • لقد هشم الحقو ومزق الأوتار التي تشده من جانبيه ، كما مزق الحجر العنيف الجلد من الخلف • فتهاوى المحارب على ركبة واحدة متكئاً على الأرض بيده القوية • وجاءت غلالة من الليل الحالك لتغطي عينيه • 310 وكان من الممكن لأينياس ، سيد الرجال ، أن يموت هنا ، لولا أن أفرودايت ، ابنة زيوس ، قد رأته • وهي أمه التي حملت به من أنخيسيس راعي الثيران • وجاءت لتحيط ابنها الحبيب بذراعيها البيضاوين • ونشرت ثوبها الأبيض لتغطيه ، 315 ولتبعد عنه الأسلحة المرشوقة ، وخشية أن يأتي أحد الدانايين على حصانه السريع ويغرز رمحه البرونزي في صدره ويقتله • ثم حملت ابنها الحبيب بعيداً عن المعركة • ولم ينس ستينيلوس ، ابن كابانيوس ، الوصية التي أوصاه بها ديوميديس ذو الصرخة الحربية العظيمة • 320








الإلياذة هوميروس الصفحة : 130 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 131 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 167

بل أسرع إلى حيث جياده الكريمة 12 • وربطها من أعنتها إلى مقدمة العربة ، بعيداً عن المعمعة • ثم اندفع نحو جوادي أينياس بعرفيهما المرفرفين ، واقتادهما بعيداً عن الطرواديين إلى ما بين الآخيين ذوي الدروع القوية • وأعطاهما إلى ديبولوس ، صديقه الحميم ، 325 الذي يعزه أكثر من أقرانه كلهم ، لتآلف قلبيهما ، ليأخذهما إلى السفن المجوفة ، بينما امتطى المحارب عربته خلف جياده ، وأمسك بالأعنة المتلامعة • وتوجه بالخيول ذات القوائم القوية مباشرة نحو ابن توديوس • ولوح بالرمح البرونزي الذي لا يعرف الرحمة صوب سيدة كوبروس • 330 عارفاً أنها ربة غير خبيرة بالحرب ، وأنها ليست من الربات اللواتي ينظمن صفوف الرجال للقتال • إنها ليست أثينا ، ولا إينوو ، مخربة المدن • وفيما كان يتابعها وسط الحشود ، لحق بها وقام ابن توديوس الباسل بالطعن في الصفوف ، 335 ثم وجه طعنة إلى اليد الناعمة برمحه البرونزي ومزقت الحربة الجلد ونفذت عبر الثوب الخالد الذي حاكته لها ربات الفتنة بأنفسهن بعناية فائقة ، عند الرسغ فتدفق من الربة المهل الخالد الذي يجري في عروق الآلهة المباركين • 340 وحيث أن هؤلاء لا يأكلون أي طعام ، ولا يشربون من الخمر المشعشع لذا فليس فيهم دم • ويظلون خالدين • أطلقت صرخة عظيمة وسقط منها ابنها الذي كانت تحمله •






12 يصف الخيول دائماً بأنها وحيدة القدم. والمقصود أن أظلافها ليست مشقوقة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 131 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 132 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 168

ولكن فويبوس أبولو أمسك به بين يديه وأبعده وسط ضباب قاتم ، خشية أن يطعنه أحد الدانانيين ذوي الجياد السريعة 345 برمحه البرونزي في صدره ، ويسلبه حياته • ولكن ديوميديس ، ذا الصرخة الحربية الداوية ، صاح بها : " ابتعدي يا ابنة زيوس عن القتال وأهواله • ألا يكفيك أن تضللي النساء وتبعديهن عن الحرب ؟ وإذا أصررت على البقاء في القتال فإنك سترتجفين 350 من مجرد الحديث عن المعارك " • وبعد أن قال ذلك انصرفت الربة متألمة وجريحة جرحاً بليغاً • فأمسكت إيريس ذات القدمين الريحيتين 13 من يدها وأبعدتها عن المعركة ، وجلدها الناعم مسود ومجروح ومؤلم • وعلى يسار الميدان عثرت على آريس • الباسل 355 جالساً ورمحه ممدود في الضباب ، ومعه جياده السريعة • ركعت على ركبتها قرب أخيها الحبيب ، وبتضرع حميم طلبت خيوله ذات الأعنة الذهبية : " يا أخي الحبيب • أنقذني وأعطني خيولك لكي أصل إلى الأولمب حيث مقام الآلهة الخالدين • 360 إن آلامي شديدة من الجرح الناجم عن رمح إنسان فان ، هو ابن توديوس ، الذي سيقاتل حتى أبانا زيوس " • حين قالت ذلك أعطاها آريس خيوله ذات الأعنة الذهبية • فاعتلت العربة ، وهي ما تزال متألمة في أعماق قلبها • وصعدت معها إيريس لتمسك بالأعنة 365 وتسوط الجياد لتنطلق مجنحة وطيعة بسلاسة •






13 لأنها تعدو بسرعة الريح.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 132 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 133 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 169

وحين وصلتا إلى الأولمب الشفاف ، مقام الخالدين ، اندفعت إيريس السريعة بخيولها وخلصتها من نيرها ، ثم قدمت لها علفها الخالد • وبعد ذلك نزلت أفرودايت المتألقة على ركبتيها أمام أمها ، 370 ديوني ، التي ضمت ابنتها بين ذراعيها ، وربتت عليها بيدها ونادتها باسمها وراحت تكلمها : " من بين الآلهة الأورانيين يا طفلتي ، فُعل بك ذلك ، بتهور ، وكأنك ضُبطتِ وأنت تقترفين شراً 14 ؟ " فتكلمت أفرودايت ذات الضحكة العذبة 15 وأجابتها : 375 " ديوميديس ، ابن توديوس ، ذو القلب الجريء هو الذي طعنني ، وأنا أحمل ابني الحبيب أينياس لأبعده عن القتال • وهو الأغلى علي من كل من في الدنيا • لم تعد الحرب الآن بين الآخيين والطرواديين • بل إن الدانانيين قد بدؤوا يقاتلون حتى الآلهة الخالدين " • 380 فردت عليها ديوني الأكثر ألقاً بين الآلهة الخالدين : " صبراً يا صغيرتي • وتحملي • مهما كانت أحزانك • فكثير منا نحن الذين نقيم في الأولمب نتحمل أشياء يفعلها البشر ، مثلما يسبب كل منا الألم للآخر • لقد كان على آريس أن يتحمل حين قام إيفيالتيس القوي وأوتوس ، 385 ابنا ألويوس ، بتقييده بسلاسل أقوى من طاقته ، فظل ثلاثة عشر شهراً محبوساً في مرجل نحاسي 16 • وكان من الممكن لآريس ، الذي لا يمل من القتال أن يهلك لولا أن إيريبويا ، زوجة أبيهما ، الفائقة الجمال واللطف ،






14 إشارة خفية إلى ما تفعله أفرودايت في السر. 15 غلبة الأسلوب التوصيفي على هوميروس تجعله يورد هذا التوصيف لأفرودايت، وهي هنا تتألم ولا يمكن أن تظهر ضحكتها. 16 يذكر هذا بالجني المحبوس في زجاجة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 133 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 134 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 170

أوصلت الأمر إلى هيرميس ، الذي قام بسرقة آريس من هناك 17 390 وقد بلغ به الإعياء مداه وكاد أن ينهار من القيد القاسي • وكان على هيرا أن تتحمل بعد أن قام ابن أمفيترون 18 بضربها قرب ثديها الأيمن بسهم ثلاثي النصل ، وبحيث لا يمكن تهدئة آلامها • كما كان على العملاق هيدز أن يتحمل السهم الطائر 493 حين قام الرجل ذاته ، ابن زيوس المدرع ، بضربه وهو بين الموتى في بولوس ، وأسلمه للأحزان • ولكنه صعد إلى بيت زيوس وإلى الأولمب الشاهق ، وقلبه مجروح ومثقل بالآلام • فالسهم منغرز في كتفه ، وكانت روحه تتوجع • 400 ولكن بايون نثر الأدوية التي تهدئ الألم وأشفاه ، حيث أنه لم يخلق ليكون بين الفانين • ولكن هذا المتهور الأخرق الذي لا يفكر في الشر الذي يرتكبه ، ويؤذي الآلهة المقيمة في الأولمب بالسهام التي يرميها ، إن الربة أثينا ذات العينين الشهلاوين هي التي وجهت هذا الرجل 405 ضدك• يالأحمق المسكين • إن ابن توديوس لا يعرف أن من يقاتل ضد الآلهة لا يعيش طويلاً • وأولاده لن يلتفوا حول ركبتيه ليرحبوا بمجيء أبيهم بعد عودته من القتال والحرب • ومع أن ابن توديوس قوي فعلاً فلن نجعله يحذر 410 حين يقاتله من هو أقوى منه • ولوقت طويل ستظل إيجيليا ، ابنة أدراستوس ،






17 هيرميس هو الشخص الملائم لسرقة من هذا النوع. فهو راعي اللصوص. 18 هو هرقل. ويجب أن لا نستغرب ذلك . فهرقل قد قاتل الموت نفسه. وفي تلك المعركة قام هرقل بمهاجمة بولوس. وقام ثلاثة آلهة بنصرة نيليوس (ملك يولوس وابن نستور)، وهم يوزيدون وهيرا وهيدز، بينما ساعد هرقل كلاً من أثينا وزيوس. وربما لم تكن بولوس مدينة . بل هي بوابة الجحيم. وبالتالي فنيليوس ليس ملكاً بل هو حارس تلك البوابة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 134 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 135 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 171

تندب وتمنع النوم عن أهل بيتها ، وهي تفتقد خيرة الآخيين ، سيدها بالزواج ، تلك الزوجة القوية لديموديس ، محطم الخيول " 19 • 415 كانت تحدثها وهي تمسح المهل من جرحها بيديها • حتى تعافت اليد وهدأت الآلام • ولكن هيرا وأثينا ، وهما تنظران إليها جانباً ، بدأتا تغيظان زيوس ، ابن كرونوس ، بكلماتهما الساخرة • وقد بدأت أثينا ذات العينين الشهلاوين بالحديث : 420 " يا أبانا زيوس • هل ستغضب مني إذا قلت شيئاً ما ؟ لا بد أن سيدة كوبروس ، هي التي كانت تحث 20 إحدى الآخيات للّحاق بأولئك الطرواديين الذين تحبهم كثيراً • وحين أمسكت باللباس الجميل للنساء الآخيات وخزت يدها الناعمة برأس دبوس ذهبي " • 425 حين قالت ذلك ابتسم لها أبو الآلهة وتحدث إلى أفرودايت داعياً إياها إليه : " لا يا صغيرتي • ليست الحروب من شؤونك • ولا تشغلي نفسك إلا بأسرار الزواج اللطيفة ، فما تبقى هو من شؤون أثينا وآريس السريع " • 430 وفيما كانوا يتحدثون بهذه الطريقة ، كان ديوميديس ، ذو الصرخة الحربية المروعة ، يتقدم من أينياس • وعلى الرغم من أنه كان يرى أبولو نفسه يضع يديه فوقه ليحميه ، إلا أنه لم يتراجع حتى أمام الإله العظيم ، بل تابع تقدمه لقتل أينياس وتجريده من درعه المجيد• 534






19 كلام ديوني نبوءة لم تتحقق. إذ أن ديوميديس قد عاد سالماً من الحرب. ولكنه يظل تحذيراً من تحدي إرادة الآلهة أو محاولة القتال معها. 20 الإشارة هنا هي حول تشجيع أفرودايت لهيلين على الهرب مع باريس. وسبب كراهية هيرا وأثينا للطرواديين هو أن باريس كان قد حكم بأن أفرودايت هي الأجمل بين الربات الثلاث. وقد وعدته بدورها أن تزوجه أجمل امرأة في الدنيا مكافأة له على حكمه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 135 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 136 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 172

ثلاث مرات ، يندفع متحرقاً لطعنه • وثلاث مرات كان أبولو ينحي الترس اللامع جانباً وحين تقدم في المرة الرابعة ، وكأنه فوق البشر ، صرخ به أبولو الذي يضرب عن بعد بصوته الرهيب : " احذر وتراجع ، يا ابن توديوس ، ولا تحاول ثانية 440 أن تجعل تفكيرك مثل الآلهة ، إذ لا يتساوى أبداً نسل الآلهة الخالدين بالبشر الذين يدبون على الأرض " • وأمام هذا القول لم يتراجع ابن تيديوس إلا قليلاً ليتجنب غضب أبولو ، الذي يضرب عن بعد ، والذي كان يبتعد بأينياس الآن عن المعمعة ، 445 ووضعه في الرعاية المقدسة لبيرغاموس ، حيث أقام معبده • وهناك قامت أرتيميس ، راشقة السهام ، وليتو بمعالجة جرحه والعناية به في الغرفة الكبيرة والسرية • أما هو ، أبولو ، ذو القوس الفضية ، فقد تشكّل في صورة شبيهة بأينياس نفسه ، وبدرع مثل درعه ، 450 وحول تلك الصورة راح الآخيون والطرواديون البارعون يتقاتلون وهم بدروعهم المصنوعة من جلود الثيران ، التي تحمي صدورهم القوية وبأيديهم التروس الجلدية بسيورها المرفرفة • ولكن فويبوس أبولو خاطب آريس قائلاً : " آريس ، يا آريس ، يا قاتل الرجل المضرج بالدم وهادم الأسوار القوية ، 455 أليست هناك طريقة لإيقاف هذا الرجل عن القتال ؟ إنه ابن توديوس ، الذي لن يتورع عن مقاتلة والد زيوس • فمنذ قليل طعن يد سيدة كوبروس بيدها عند الرسغ •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 136 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 137 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 173

ومرة أخرى ، وكأنه فوق البشر ، هجم علي أنا " • قال ذلك واستقر على قمة بيرغاموس ، 460 فيما كان آريس الصارم ينزل ليحرض كتائب الطرواديين وهو بهيئة أكاماس ذي القدمين السريعتين ، قائد الثراسيين • وراح يستحث أبناء بريام الذين تدعمهم الآلهة : " يا أبناء بريام ، الملك الذي تحبه الآلهة ، إلى متى ستسمحون للآخيين أن يقتلوا أبناءكم ؟ 465 أإلى أن يقاتلوكم عند البوابات المتينة ؟ لقد سقط أينياس ، الرجل الذي نقدره كما نقدر هيكتور العظيم نفسه ، وهو ابن أنخيسيس ذي القلب القوي • هيا بنا لننقذ بطلنا العظيم من القتل " • وكان كلامه محرضاً لأرواح الجميع ومحفزاً لقواهم • 470 وبعد ذلك تحدث ساربيدون معنفاً هيكتور العظيم : " أين ذهبت القوة التي كانت لديك يا هيكتور ؟ لقد قلت مرة إنك تستطيع ، دون حلفاء ، أو شعب ، أن تحمي هذه المدينة معتمداً على إخوتك وأصهارك وحدهم • وإنني لا أرى أياً منهم الآن ، ولا أعرف أين هم • 475 لقد انزووا ككلاب صيد اقتربت من أسد ؛ بينما نحن ، الحلفاء ، نتحمل عبء القتال كله • إنني جئتُ من مكان قصي حليفاً لإعانتك • من لوكيا البعيدة ، والواقعة قرب دوامات مياه كسانثوس • وقد تركت زوجتي وابني الرضيع ، 480 وتركت أملاكاً يتطلع إليها المحتاجون باشتهاء •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 137 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 138 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 174

ودفعت بشعبي من اللوكيين ، وأنا نفسي لدي الشجاعة لمنازلة أي رجل في المعركة ، مع أنه ليس لدي شيء يمكن أن يسلبه مني الآخيون غنيمة • بينما أنت تقف هناك • ولا توجه كلمة 485 لبقية شعبك ليصمدوا ويقاتلوا دفاعاً عن زوجاتهم • احذر أن توقع نفسك كما لو في شرك الشباك القنبية ، أو أن تؤخذ غنيمة حرب من قبل أولئك الذين يكرهونك ، والذين عما قريب سيجتاحون حصنك المنيع • ولتُبق هذه الأمور في بالك ليلاً ونهاراً ، وإلى الأبد ، 490 فلتأمر القادة المشهورين لحلفائك بأن يقاتلوا دون كلل ، تجنباً للفضيحة والإهانة " • وجرحت كلمات ساربيدون هيكتور في الصميم • وسرعان ما نزل عن عربته على الأرض وهو مدجج بالسلاح ، يلوح برمحين حادين ، فيما يتنقل بين صفوف الجيش 495 دافعاً الرجال إلى القتال ومؤججاً الحرب البغيضة • وتجمع هؤلاء ليقفوا في مواجهة الآخيين بينما كانت صفوف الأرجيفيين متراصة يصعب اختراقها • وكما تبعثر الريح التبن على أرض البيدر المقدسة 21 ، بين من يذرّون ، وتعزل ديميتر ذات الشعر الجميل ، وسط الريح المتطايرة ، 500 التبن عن القمح الحقيقي ، ويبيضّ القش المتراكم تحتها ، هكذا ابيضّ الآخيون تحت الغبار المتطاير من حوافر الخيول ، والمنطلق في السماء النحاسية ، ثم على وجوههم






21 أرض البيدر المقدسة. فديميتر، ربة القمح، هي التي تعزل القمح عن التبن.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 138 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 139 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 175

فيما كانوا يتجمعون بسرعة ، وقادة العربات يكرّون من جديد • 505 أطلقوا قوة أيديهم كلها ، فيما كان آريس الباسل يدافع عن الطرواديين المتلفعين بظلام الليل ، وهو يتنقل في كل مكان من المعركة ، لأنه يحمل توصية فويبوس أبولو ، ذي السيف الذهبي ، الذي طلب منه أن يقوّي قلوب الطرواديين ، بعد أن رأى بالاس أثينا 510 وقد ذهبت الآن ، بعد أن كانت تدافع عن الدانانيين • وقام أبولو بإرسال أينياس من الغرفة السرية المترفة بعد أن ألقى الجرأة والقوة في قلب راعي الشعب • وهكذا وقف أينياس بين أصدقائه ، الذين فرحوا حين رأوه يعود سالماً معافى 515 ومفعماً بالشجاعة ، فلم يسألوه أي سؤال لانشغالهم بالقتال الذي أججه الإله ذو القوس الفضية ، ومعه آريس وهيت 22 ، ذات الغضب الذي لا يرحم • أما الأياسان وأوليس وديميديس ، فكانوا يهيجون الدانانيين لقتال هؤلاء ، فهم لن يخافوا 520 من قوة رجال طروادة ولا من هجومهم وتقدمهم ، فظلوا حيث هم ، مثل الغيوم ، التي يوقفها ابن كرونوس في الطقس الصاحي على قمم الجبال ، بلا حراك ، حين تنام قوة ريح الشمال بينما الرياح الأخرى ، الرياح التي تهب في عواصف ، 525 تزعق وهي نازلة على الغيوم السوداء فتبعثرها • كذلك وقف الدانانيون ثابتين في وجه الطرواديين






22 الكراهية. وهي شخصية.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 139 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 140 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 176

فيما كان ابن أتريوس يجول بين الجموع موزعاً أوامره : " كونوا رجالاً يا أصدقائي ، وتسلحوا بقلوب شجاعة • وليفكر كل منكم في الآخر عند المواجهات العنيفة 530 لأن من يفكر كل منهم في الآخر ينجون أكثر • وليس هناك من مجد أو قيمة حربية لمن يتراجعون " • أنهى كلامه وقذف برمحه بقوة فأصاب رجلاً عظيماً ، هو دايكوون ، مرافق أينياس الجسور ، ابن بيرغاسوس ، الذي يقدره الطرواديون كما يقدرون أبناء بريام 535 حيث كان مقداماً في القتال ودائماً في المقدمة • لقد ضرب أغاممنون القوي ترسه بالرمح • فلم يستطع الترس إيقاف الرمح بل اخترقه البرونز • واندفع الرمح عبر الحزام حتى البطن ، فسقط سقوطاً مدوياً ودرعه يصلصل فوقه • 540 وقام أينياس بقتل اثنين من الدانانيين ، هما أوسيلوخوس وكريثون ، ابنا ديوكليس ، وكان أبوهما يقيم في فيراي الصامدة والغنية في مواردها ، ويتحدر أصله من نهر ألفيوس المتشعب في بلاد البوليين 545 وقد أنجب أورتيلوخوس ليصير سيداً على الكثير من الرجال • ولكن ديوكليس الشجاع هو ابن أوسيلوخوس • ولديوكليس هذا بدوره توأمان من الأبناء هما أورسيلوخوس وكريثون ، البارعان في القتال • ولما بلغ هذان أشدهما تبعا الأرجيفيين 550








الإلياذة هوميروس الصفحة : 140 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 141 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 177

في سفنهم السوداء إلى إليون ، أرض الخيول الأصيلة ، محققين المجد لأغاممنون ومينيلاوس ، ابني أتريوس ، والآن يخيم الموت عليهما كالظلام • وكانا كشبلين في أعالي الجبال • قد ربتهما أمهما في عتمة الغابات العميقة 555 مثل أسدين ، حين ينقضان على الماشية والخراف السمينة يعيثان بين البشر ، إلى أن سقطا بدورهما ، وقتلا بالبرونز القاطع في أيدي الرجال • هكذا كان هذان اللذان ضربتهما يدا أينياس فسقطا مثل صنوبرتين باسقتين • 560 وحين سقطا أدركت المحاربَ مينيلاوس الشفقةُ عليهما فتقدم بين الأبطال ، وهو يرتدي خوذته البرونزية اللامعة ويلوح برمحه ، ونقمة آريس تسيره قدماً حذراً من أن يقع بين يدي أينياس • ولكن أنتيلوخوس ، ابن نستور الشجاع ، كان يرقبه • 565 فتقدم بين الأبطال خائفاً على راعي البشر من أن يلحق به أذى وتتبدد جهودهم هباء • وحين تواجه أينياس ومينيلاوس ورفعا أيديهما ورمحيهما ووقفا متقابلين متحرقين للنزال أخذ أنتيلوخوس موقعه قرب راعي البشر 570 ولم يثبت أينياس في مكانه ، مع أنه كان مقاتلاً بارعاً ، حين رأى في مواجهته اثنين يقفان معاً • وقام الاثنان بسحب الجثتين بين الآخيين








الإلياذة هوميروس الصفحة : 141 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 142 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 178

وألقيا بهما بين أيدي جماعتهما ، ثم دارا بالعربة ليقاتلا من جديد في المقدمة • 575 وهناك قاما بقتل بولايمينيس ، نظير آريس ، سيد البافلاغونيين حاملي التروس البواسل • طعنه مينيلاوس ، ابن أتريوس ، الشهير برمحه ، وهو واقف على الأرض ، فأصاب عظم الترقوة بينما كان أنتيلوخوس يضرب موديون ، سائق عربته 580 وتابعه ، الابن الشجاع لأتومنيوس ، وهو يوجه خيول العربة • ضربه بحجر على كوعه ، فسقطت الأعنة المرصعة بالعاج من يديه على الأرض • وتقدم منه أنتيلوخوس وغرز السيف في صدغه فوقع يلهث من العربة متقنة الصنع 585 على الأرض مباشرة لتغوص رقبته وكتفاه في التراب • وظل هناك ثابتاً لأنه تصادف أن وقع على الرمل حتى داسته الخيول بحوافرها • وقام أنتيلوخوس باقتياد هذه الخيول ليضمها إلى خيول الآخيين • ورآهما هيكتور من خلل الصفوف ، فتقدم منهما 590 وهو يصرخ بصوت عال ، وتقدمت معه كتائب الطرواديين بكل زخمها ، وآريس يقودهم مع الربة إينوو ، وهي تحمل معها ضجيج الكراهية القاسية • بينما كان آريس يلوح بالرمح الجبار بين يديه وهو يتقدم حيناً وراء هيكتور ، وحيناً أمامه • 595 وارتجف ديوميديس ، ذو الصرخة الحربية المدوية ، حين رآه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 142 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 143 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 179

ومثل رجل يائس يقف ، وهو يعبر السهل ، عند شاطئ نهر سريع الجريان مندفع نحو البحر ، يرقب الماء الأبيض الذي يهدر ، فيتراجع خطوة إلى الوراء ، هكذا تراجع ابن توديوس وقال لرجاله : 600 " يا أصدقائي • مع أننا نعرف بمآثر هيكتور المجيد ، وبراعته في القتال بالرمح ، وجرأته في الميدان ، ولكن إلهاً ما يمشي إلى جانبه الآن ينشر الخراب • إن آريس ، وهو في هيئة البشر ، يرافقه الآن • فتراجعوا ، وخلوا وجوهكم صوب الطرواديين 605 إذ لا طاقة لنا بقتال الآلهة " • وحين أنهى كلامه كان الطرواديون قد وصلوا إليهم • وقام هيكتور بقتل رجلين من المحاربين البارعين ، وهما أنخيالوس ومينيستيس وكانا معاً في عربة واحدة • وحين سقطا أشفق عليهما أياس التيلاموني 610 فتوقف وقذف برمحه ليصيب به أمفيوس ، ابن سالاغوس ، ذي الأملاك الكثيرة ، والأراضي ذات المحصول الوافر من القمح في بايسوس ؛ ولكن قدره ساقه ليرافق بريام وأبناءه • لقد أصابه أياس التيلاموني تحت حزامه 615 فاستقرت الحربة في أسفل بطنه وهوى متقصفاً ، بينما تابع أياس البارع تقدمه ليجرده من درعه ، ولكن الطرواديين أمطروه بالسهام ، السهام الحادة اللامعة ، فصد الترس الكبير معظمها








الإلياذة هوميروس الصفحة : 143 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 144 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 180

ووضع قدمه على صدر الجثة وسحب الرمح النحاسي• 620 إلا أنه لم يستطع استكمال تجريده من الدرع المجيد وانتزاعه من كتفيه ، بسبب انهمار السهام المرمية عليه • وتوجس من الدائرة القوية التي ضربها حوله الطرواديون المتغطرسون ، الذين أحاطوا به بأعداد كبيرة من الشجعان ، وهم يحملون رماحهم العظيمة • ومع أنه كان رجلاً قوياً وباسلاً ومعتزاً بنفسه ؛ 625 فقد دفعوه عنهم ، حتى اضطر إلى الترجل وهو يترنح • وهكذا تابعوا أعمالهم القتالية في تلك المواجهة العنيفة • ولكن تليبوليموس ، ابن هرقل ، الضخم والقوي ورطه القدر في مواجهة مع ساربيدون • وحين اقترب كل منهما من الآخر 630 فإن ذلك الابن ، والحفيد لزيوس 23 جامع الغيوم ، تليبوليموس ، هو الذي تكلم أولاً : " يا ساربيدون ، رجل الحكمة بين اللوكيين ، ما الذي ورطك هنا ، وأنت لست من أهل القتال ؟ لقد كذب من قال إنك من نسل زيوس ، صاحب الدرع 635 فأنت أقل بكثير من الآخرين الذين كانوا قبلنا من نسل زيوس • فبعض هؤلاء ، كما يقولون ، هم أمثال هرقل ، أبي ، ذي الروح المقدامة وقلب الأسد ، وقد جاء هنا ذات يوم من أجل خيول لاوميدون 24 640 وليس معه إلا ست سفن وقلة من الرجال لتسييرها • فنشر الترمل في شوارع إليون واجتاح المدينة •






23 كان ساربيدون ابناً لزيوس. وتليبوليموس هو ابن هرقل، وبالتالي هو حفيد زيوس. 24 كان هرقل قد دمر طروادة من قبل. إذ وعده لاوميدون، ملكها، أن يعطيه الجياد الشهيرة إن هو أ،قذ له ابنته هيزيون من غول البحر. ولكن لا وميدون لم يف بوعده بعد أن نفذ هرقل المهمة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 144 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 145 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 181

أما قلبك فقلب جبان • ومقاتلو شعبك يموتون • وأظن الآن ، مع أنك قادم من لوكيا ، أنك لست بالعون النافع للطرواديين ، حتى لو كنت قوياً • 645 لأنك بعد أن تتلقى الضربات من يدي سرعان ما ستعبر بوابات هيدز " • وبدوره رد عليه ساربيدون قائد اللوكيين : " لا شك ، يا تليبوليموس ، أنه قد دمر إليون المقدسة ومن خلال حمق رجل واحد هو لاوميدون المتغطرس ، الذي وجه كلمة سيئة لهرقل رداً على المعاملة الطيبة 650 ورفض تسليمه الجياد التي جاء لأجلها من مكان بعيد • ولكنني أقول لك إن ما ستفوز به مني هنا هو الموت وسوء المصير • وبتهاويك أمام رمحي ستمنحني المجد والفخار • وأنا سأرسل روحك إلى هيدز صاحب الجياد الشهيرة " • وحين أنهى ساربيدون كلامه كان تليبوليموس قد أشهر رمحه الدرداري • 556 وفي لحظة واحدة انطلق الرمحان الطويلان من يديهما ، فأصابه ساربيدون وسط حنجرته • ومرق النصل القاتل فيه • وعلى عينيه انسدلت موجة ضباب قاتم • ولكن تليبوليموس بدوره كان قد أصاب ساربيدون برمحه الطويل 660 في فخذه الأيسر ، فنفذ السنان السريع وجرح العظم • ولكن أباه أزاح عنه الهلاك • وتقدم مرافقوه الشجعان فحملوا ساربيدون الشبيه بالآلهة بعيداً عن المعركة ، والرمح الطويل يثقله وهو ينجر وراءه ، إذ ما من أحد منهم ، في تلك العجالة ، خطر له 665








الإلياذة هوميروس الصفحة : 145 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 146 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 182

أن يسحب الرمح الدرداري من فخذه ليستطيع الوقوف • فقد كان همهم أن ينقذوه فقط • وفي الطرف الآخر حمل الآخيون تليبوليموس بعيداً عن المعركة • ولكن أوليس الذي يحمل روحاً مقدامة كان يرى ما يحدث ، فثارت ثائرته • 670 وتدبر في روحه ونفسه أمرين : هل يذهب في أثر ابن زيوس ذي الرعد القاصف ؟ أم يوقع المزيد من القتل في صفوف اللوكيين ؟ ولكن لم يكن من نصيب أوليس ذي القلب الجسور أن يقتل ابن زيوس بالبرونزي الحاد • 675 لقد وجهت أثينا غضبه ضد جموع اللوكيين فقتل كويرانوس وخروميوس وألاستور وهاليوس وألكاندروس وبروتانيس ونويمون وكان من الممكن لأوليس أن يقتل المزيد من اللوكيين لو لم يلمحه هيكتور ذو الخوذة اللامعة • 680 فخرج من بين الصفوف معتمراً البرونز البراق ، منزلاً الرعب في صفوف الدانانيين • ولكن ساربيدون ، ابن زيوس ، كان مبتهجاً إذ رآه يتقدم فخاطبه راثياً له : " لا تتركني يا ابن بريام فريسة للدانانيين • احمني • ودع حياتي تنتهي 685 في مدينتك ، طالما أنني لن أستطيع العودة إلى بيتي وأرض آبائي ، لأحمل الغبطة لزوجتي الحبيبة وابني الذي ما يزال رضيعاً " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 146 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 147 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 183

ولم يرد هيكتور ذو الخوذة اللامعة على كلامه • بل عبر به متحرقاً وبسرعة فائقة ، 690 ليرد الأرجيفيين ويزهق أرواح الكثيرين • وفي الوقت ذاته كان مرافقوه الشجعان يمددون ساربيدون الإلهي تحت شجرة بلوط زيوس المدرع الظليلة • وكان بيلاغون القوي ، أحد أحب مرافقيه ، ينتزع من فخذه نصل الرمح الدرداري 695 فيما الضباب ينزل على عينيه والحياة تفارقه • غير أنه استعاد أنفاسه من جديد • وأعادت نسمة ريح الشمال الحياة للروح التي تتوجع • ولكن الأرجيفيين ، أمام قوة آريس وهيكتور المدرع بالبرونز ، لم يديروا ظهورهم ليعودوا إلى سفنهم السوداء • 700 ولم يتوقفوا ليقاتلوهم • بل ظلوا يتراجعون وهم يرون آريس يتقدم مع الطرواديين • فمن كان الأول والأخير بين من قتلهم هيكتور ابن بريام و آريس النحاسي ؟ كان تيوتراس شبيه الآلهة هو الأول • وتلاه أوريتيس ، سائق الخيول • 705 ثم رامي الرمح تريخوس القادم من إيتوليا ، وأوينوماوس وهيلينوس ، ابن أوينوبس ، وأوريسبيوس ، الحارس المتألق ، الذي عاش في هولي مولياً عنايته لأملاكه ، في مكان وعر قرب البحيرة الكيسيفية ، وبجواره آخرون من بويوتيا يعيشون ويزرعون الأراضي الخصبة • 710 وحين رأت الربة هيرا ذات اليدين البيضاوين








الإلياذة هوميروس الصفحة : 147 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 148 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 184

كيف يتراجع الأرجيفيون في تلك المعركة القاسية ، تحدثت فوراً إلى بالاس أثينا بكلماتها المجنحة : " يا للعار ، يا أتروتون ، ابنة زيوس المدرع • ليس هناك من معنى لكلمتنا التي أعطيناها لمينيلاوس ، 715 وللوعد الذي قطعناه له بالعودة إلى بيته بعد أن يجتاح إليون المنيعة ، إن سمحنا للّعين آريس أن يُحل نقمته • فهيا بنا إذن ، ودعينا نعتمد على شجاعتنا الصارمة "• هذا ما قالته • ولم تخالفها أثينا ذات العينين الشهلاوين • ولكن هيرا ، الربة الجليلة ، ابنة كرونوس القادر ، 720 كانت قد ذهبت لتعدّ الجياد ذات السروج الذهبية • وسرعان ما قامت هيبي بربط العربات ذات العجلات الثماني المحنية والنحاسية ، بمحورها الحديدي من جهتين • ذهبياً كان معدن العجلات ومقاوماً ، ومن الخارج ترتبط بإطار نحاسي مدهش • 725 والمحور الفضي يدور على جانبي العربة بينما العربة ذاتها تنطلق مسرعة بفضل السوط المجدول من فضة وذهب بحواف مزدوجة تحيط بها كالدائرة • بينما عمود العربة مصنوع من الفضة ، وقد أمسكت بطرفه هيري ، وهي تعد النير الذهبي الفاخر بأقصى سرعتها ، 730 وتثبت اللجم الذهبية الفاخرة • وتحت النير كانت هيرا المتحرقة للقتال تقود الجياد السريعة 25 • وبدورها قامت أثينا ، ابنة زيوس المدرع ،






25 كانت العربات تفكك. وعند الاستعداد للحرب يعاد تركيبها. وبما أن هذه العربة إلهية فهي من المعادن الثمينة. أما عربات البشر ففيها الكثير من الخشب والجلد.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 148 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 149 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 185

بترك ثوبها متقن الصنع ينزلق عنها قرب عتبة أبيها • 735 وارتدت الثوب الحربي لزيوس الذي يجمع الغيوم ، وحملت درعها استعداداً للقتال الكريه • وألقت على كتفيها بالدرع الرهيب ، الذي يرفرف عليه الرعب مثل الإكليل • ومعه الكراهية ، وكذلك قوة القتال ، والقتل 26 الذي يجمد القلوب 740 وقد ثبت عليه رأس الغورغون العملاق المتجهم ، المتشكل من الخوف والذعر ، الملازمين لزيوس المدرع • وعلى رأسها وضعت الخوذة الذهبية ذات الألواح الأربعة والقرنين ، والمزينة بصور مقاتلين من أكثر من مئة مدينة • وضعت قدمها في العربة المتأججة ، وحملت رمحاً 745 ثقيلاً ضخماً متيناً ، اعتادت أن تضرب به كتائب المقاتلين الذين تغضب منهم ابنة الأب القادر • وسرعان ما ساطت هيرا الجياد ، ومن تلقاء نفسها صرّت أبواب السماء التي تحرسها ربات الساعات 27 ، تلك التي أوكلت إليها السماء الشاسعة والأولمب 750 لكي تفتح الظلمة الكثيفة أو تغلقها • وفي الطريق خففتا سرعة الجياد المستحثة بالمهاميز • فقد رأتا ابن كرونوس يجلس بعيداً عن الآلهة الأخرى فوق قمة الأولمب الوعر • وهناك قامت هيرا ، الربة ذات الذراعين الأبيضين ، بإيقاف الجياد 557 وتحدثت إلى زيوس ، الابن السامي لكرونوس ، وطرحت عليه سؤالاً : " أبتي زيوس • ألست غاضباً من آريس وأفعاله العنيفة ،






26 أسماء هذه الصفات والشخصيات مجازية. 27 بوابات السماء مصنوعة من الغيوم ( التي تسمى : الظلمة الحالكة)، وتحرسها (الساعات)، ربات الفصول.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 149 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 150 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 186

وقتله الكثيرين من أولئك المحاربين الآخيين المجيدين دونما داع ، ولمجرد إثارة الشغب وإغضابي ؟ وفي الوقت ذاته تتصرف كوبريس 28 وأبولو ، ذو القوس الفضية ، 760 على هواهما ، ويستمتعان مطلقين العنان لهوسهما الذي لا يعرف العدل • فيا أبي زيوس ، هل ستغضب مني إذا ضربت آريس ضربات موجعة وأخرجته من المعركة ؟ " فأجابها أبو الآلهة والبشر : " هيا • وضعي في مواجهته أثينا المغوية • 765 فهي وحدها الأقدر من الجميع على إلحاق الأذى به " • ولم تتردد الربة ذات الذراعين الأبيضين في تنفيذ أمره • بل ساطت الجياد فطارت مطواعة في المدى المفتوح بين الأرض والسماء المرصعة بالنجوم • وبقدر ما يستطيع إنسان أن يرى بعينيه في المدى الزائغ ، 770 وهو جالس في وكر النسر ليحدق في المياه الخمرية الزرقاء ، بهذا القدر كانت كل قفزة من قفزات الجياد الكريمة الصاهلة التي عند الآلهة • وحين وصلت إلى أرض طروادة والنهرين الجاريين حيث تلتقي مياه سيومويس وسكاماندروس وتتابع جريانها معاً ، هناك هدّأت هيرا ذات الذراعين الأبيضين جيادها ، 775 وحررتها من العربة وأحاطتها بالضباب ، وتحول سيومويس إلى مرج من العشب اللذيذ لترعى فيه • ومشت الاثنتان بخطوات قصيرة مثل حمامتين راعشتين 29 ، في لهفتهما للوقوف مع رجال أرغوس ، بعد أن وصلتا إلى المكان الذي فيه الشجعان والأقوياء 780






28 المقصود أفرودايت. 29 يفترض أن يكون الوصف هنا مضحكاً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 150 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 151 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 187

يقفون متراصين رابضين حول ديوميديس محطم الخيول ، وهم أشبه بالأسود التي تمزق اللحم النيء ، أو كالخنازير البرية التي لا تنقص قوتها أبداً • هناك وقفت هيرا الربة ذات الذراعين الأبيضين وصرخت ، وقد جعلت نفسها على هيئة ستينتور 30 ذي القلب الشجاع 785 والصوت النحاسي ، الذي يستطيع أن يصرخ بقوة خمسين رجلاً : " يا للعار أن أراكم هكذا يا حشود الأرجيفيين البائسة • أين تلك الأيام التي جاء فيها آخيل الرائع إلى القتال فما كان الطرواديون يجرؤون على الظهور خارج الأبواب الداردانية ؟ وكم كانوا يخافون من الرمح الثقيل في يد هذا الرجل • 790 وها هم الآن يقاتلون قرب السفن الجوفاء مبتعدين عن المدينة " • بقولها هذا أثارت ثائرة كل رجل فيهم وبسالته • ولكن أثينا ذات العينين الشهلاوين تقدمت مباشرة إلى أمام ابن توديوس • ووجدت الملك يقف قرب عربته وخيوله ، وهو يعتني بجرحه الذي نجم عن رمية سهم بانداروس • 795 فقد كان الجرح متورماً بسبب العرق تحت السيور العريضة لدرعه المستدير ، فصار يتألم ، وصارت يده منهكة • رفع سير الترس ، ومسح عنه بقعة الدم السوداء • فأمسكت الربة بأعنة جياده وخاطبته قائلة : " لقد رزق توديوس بابن قليل الشبه به • 800 فتوديوس كان صغير الجسم ، ولكنه كان محارباً • وحتى في تلك الأيام التي لم أكن أوافق فيها على قتاله ، ولا يلفت انتباه الرجال ، وهو ذاهب وحده دون الآخيين ،






30 هذه هي المرة الوحيدة التي يرد فيها ذكر ستينتور. ومع ذلك صار اسمه مضرب الأمثال.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 151 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 152 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 188

رسولاً إلى طيبة وسط جميع الكادميين ، حين دعوته ليحتفل على هواه في قاعاتهم الكبيرة ، 805 حتى في ذلك الحين ، وهو يحمل ذلك القلب القوي الذي كان معه دائماً تحدى شبان الكادميين وهزمهم كلهم بمنتهى السهولة • معينةً بهذا القدر له كنتُ ، وأنا أقف إلى جانبه • والآن أنا أقف إلى جانبك أيضاً وأرعاك دائماً ، وأحثك على القتال بثقة ضد الطرواديين • 810 ولكن التعب يتسرب إلى أطرافك من عدة منازلات ، أو لعله بعض الخوف الخرِع يتملكك • إن كان الأمر كذلك فلست من نسل توديوس ، ابن أوينيوس الحكيم " • ورداً على ذلك قال لها ديوميديس : " أعرفك أيتها الربة ، يا ابنة زيوس حامل الدرع • 815 ولذا سأتحدث معك بصراحة ، ولن أخفي عنك شيئاً • ليس الخوف الخرع ولا التراجع هو الذي يتملكني • بل إنني ما زلت أتذكر أوامرك لي ، حين منعتني من منازلة الخالدين المباركين - الآخرين ، إلا إذا نزلت إلى القتال أفرودايت ، ابنة زيوس • 820 كان يمكنني أن أطعنها بالحد البرونزي • ولذلك ، وقد انسحبت بنفسي ، فإنني أعطيت أوامري لبقية الأرجيفيين بأن يجتمعوا أمامي هنا • لأنني أرى المجلّي في القتال هو آريس " • وعندها ردت عليه ثانية أثينا ذات العينين الشهلاوين : 825 " يا ديوميديس • يا ابن توديوس • يا من تُفرح لي قلبي •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 152 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 153 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 189

لا تخف بعد اليوم من آريس ، ولا من أي إله آخر • فسأكون عونك ، وسأقف إلى جانبك • هيا إذن • وأول كل شيء وجه خيولك السريعة ضد آريس • واضربه عن قرب • لا تخف من آريس العنيف ، 830 ذلك المشبع بالشر ، الكذاب ، ذي الوجهين الذي منذ قليل تحدث معي ومع هيرا واعداً أنه سيقاتل ضد الطرواديين ويقف مع الأرجيفيين • وها هو ينسى وعوده كلها ويقف مع الطرواديين " • قالت ذلك ودعت ستينيلوس من العربة 835 وأبعدته بيدها ، فقفز منها بخفة ، واعتلت الربة التي تغلي غضباً ، هي بنفسها ، العربة إلى جانب ديوميديس البارع ، فطقطق المحور البلوطي للعربة تحت ثقل ربة رهيبة غاضبة ورجل عظيم ، وعندها أخذت بالاس أثينا السوط والأعنة ، 840 متوجهة أولاً لمواجهة خيول آريس ذات الحوافر الفردية • وكان آريس منشغلاً بتجريد بيريفاس العملاق من عدته ، بريفاس ، الابن المتألق لأوخيسيس ، خيرة رجال أيتوليا • كان آريس الملطخ بالدم منشغلاً بتجريده من عدته • ولكن أثينا اعتمرت خوذة الموت 31 لكي لا يتمكن آريس العنيد من رؤيتها • 845 وحين وقع نظر قاتل الرجال ، آريس ، على ديوميديس البطل ترك العملاق بيريفاس ممدداً حيث كان قد طعنه في البدء ، وأورده الهلاك • وتقدم مباشرة من ديوميديس ، محطم الخيول






31 مرة أخرى الموت هو شخص مجازي تأخذ أثينا خوذته ( ملاحظة رقم 26). والمفروض أن هذه الخوذة تجعل لابسها غير مرئي.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 153 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 154 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 190

وحين تقاربا في تقدمهما كل صوب الآخر 850 وجه آريس طعنته الأولى نحو النير والأعنة برمحه البرونزي ، وهو تواق لانتزاع الحياة منه • ولكن أثينا ، الربة ذات العينين الشهلاوين ، أمسكت بالرمح في يدها وحولته عن العربة ، فراحت ضربته خائبة • وتقدم بعده ديوميديس ، ذو الصرخة الحربية الداوية، 558 وقذف برمحه البرونزي ، وانحنت عليه بالاس أثينا ووجهته نحو أعماق بطنه حيث يتمنطق بنطاقه الحربي • انتقت المكان الذي طعنت فيه ، ثم غرزت الرمح أعمق في لحمه الطري وسحبت الرمح ثانية • فأطلق آريس الرقيع صرخة تفوق صرخة ثمانية آلاف رجل ، أو عشرة آلاف 860 إذا صرخوا وهم يحملون إلى حربهم غضب إله الحرب • ودبت الرعشة في كل من الآخيين والطرواديين على السواء لخوفهم من صراخ آريس مدمن المعارك • وكما يبدو الهواء معتماً وهو ينطلق من صاعقة بعد قيظ نهار تندلع فيه الريح العاصفة ، 865 هكذا بان آريس العابث لعيني ديوميديس ، ابن توديوس ، وهو يصعد مع الغيوم نحو السماء الفسيحة • وبخفة دخل معقل الآلهة ، الأولمب الشاهق ، وجلس إلى جانب زيوس الكروني ، نادباً من أعماقه ، وهو يريه الدم الخالد يقطر من طعنة الرمح • 870 وبتأس على حاله خاطبه بكلمات مجنحة : " ألا يغضبك يا أبانا زيوس أن ترى هذه الأفعال العنيفة ؟








الإلياذة هوميروس الصفحة : 154 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 155 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 191

فنحن الآلهة إلى الأبد يكون علينا أن نتحمل أكبر الأذى وأكثره رهبة من خلال كراهية كل منا للآخر ، فيما نحن نحاول أن نقدم مودتنا للبشر • إننا بسبب خطئك نتقاتل ، بعد أن أنجبت هذه الابنة الممسوسة 875 اللعينة ، التي لا يشغلها أبداً إلا الفعل الشنيع • فالبقية ، الآلهة المتواجدون في الأولمب ، كلهم مطيعون لك • وكلنا خاضعون لك • ولكنك لا تقول شيئاً ولا تفعل شيئاً لكبح هذه البنت ، تاركاً لها أن تفعل ما تشاء • لمجرد أنك حصلت عليها من الفناء • 880 وانظر الآن • ها هو ابن توديوس ، ديوميديس المتعجرف • لقد دفعته إلى الهجوم على الآلهة الخالدين • فبدأ بطعن الكوبرية في ذراعها عند الرسغ • ثم وكأنه أكثر من بشري اندفع حتى ضدي أنا • ولكن قدمي السريعتين حملتاني بعيداً عن طريقه • 885 وإلا لكنت ظللت ممدداً هناك مع آلامي وسط البشر الميتين ، أو تابعت عيشي دون قوة بسبب طعنات الرمح البرونزي " • فتطلع إليه زيوس جامع الغيوم شزراً وقال له : " لا تجلس إلى جانبي وتئن ، أيها الكذاب ذو الوجهين • أنت كريه بالنسبة لي أكثر من أي إله آخر بين من يقطنون الأولمب • 890 يظل عزيزاً عليك الشجار والحروب والمعارك • إن لك روح أمك هيرا ذاتها التي لا تهدأ ولا تنضبط • وقد ذهبت محاولاتي كلها معها عبثاً أمام مجادلاتها • وأظن أنك تعاني كل ما تعانيه بسبب تحريضها لك • ولكنني لا أحتمل أن أراك تتألم • 895








الإلياذة هوميروس الصفحة : 155 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 156 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 192

فأنت ابني • وأمك قد حملت بك مني • ولو أنك كنت قد ولدت لإله آخر ، وتبين أنك مشاغب إلى هذا الحد لأُنزلت منذ زمن بعيد تحت الآلهة من علياء السماء البراقة " • أنهى كلامه ، وطلب من بايون أن يشفيه • وبعد رش الأدوية لتهدئة الآلام أعاده بايون إلى عافيته ، 900 فهو ليس من الفانين • ومثلما يحدث حين تضع عصير التين في الحليب ، ويقوم بتجميد ما هو سائل ، ويتخثر بسرعة حين تحركه ، بمثل تلك السرعة استطاع أن يشفي آريس العنيف • وغسلته هيبي ونظفته وألبسته ملابس جميلة • 905 فجلس قرب الكروني سعيداً بمجد قوته • وعندئذ رجعت هيرا الأرغوسية ، وأثينا التي تقف مع شعبها ، إلى بيت زيوس العظيم ، بعد أن تمكنتا من إيقاف الأعمال الإجرامية لآريس الفتاك •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 156 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 157 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل السادس

رقم صفحة الكتاب الورقي: 197

وهكذا تُركت المواجهات بين الآخيين والطرواديين تأخذ مجراها • واستمرت المعركة متأرجحة بقوة مع هذا الطرف أو ذاك فوق ذلك السهل ، وهم يتقاذفون الرماح البرونزية في الجو فوق مياه كسانثوس وسيمويس • في البداية قام أياس التيلاموني ، سند الآخيين ، 5 باختراق الكتائب الطروادية ، فاتحاً ثغرة من الضوء لجماعته ، وذلك بقتله أكاماس ، خيرة فرسان الثراسيين ، المقاتل الضخم القوي ، ابن يوسوروس • كانت الضربة الأولى له فأصاب قرن الخوذة المزينة بشعر الخيول ، ثم نزلت حربة الرمح البرونزية إلى جبينه وتوغلت فيه ، 10 مخترقة العظم ، فغطت عينيه سحابة من الظلام • وقام ديوميديس ، ذو الصرخة الحربية الداوية ، بقتل أكسولوس ، ابن تيوثراس ، الذي كان يعيش في أريسبي الحصينة ، ذلك الرجل الغني وصديق الناس الذي يستقبل في بيته القائم على الطريق كل عابر • 15 ولكن لم يكن هناك الآن أحد من هؤلاء ليحميه أو يبعد عنه الهلاك المؤسف • فقد قام ديوميديس بإزهاق روحي كل من أكسولوس وتابعه كاليسيوس ، الذي كان السائس لخيوله • فغاب كل من الرجلين في العالم السفلي • وقام يوروالوس بقتل أوفيلتيوس ودريسوس ، 20 وتابع في إثر إيسيبوس وبيداسوس ، الذين حملت بهما








الإلياذة هوميروس الصفحة : 157 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 158 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 198

حورية الماء أبارباري من بوكوليون الزكي • وكان بوكوليون نفسه ابن لاوميدون المتباهي ، والأكبر بين أولاده ، ولكن أمه حملت به في الظلمة والسر 1 • فبينما كان يرعى قطعانه ضاجع الحورية وأحبها • 25 فحملت منه بتوأمين من الصبيان • ولكن ابن ميكيتيوس ، يوراليوس شلّ قواهما وبدد أطراف مجدهما • وسلب الدرعين عن أكتافهما • وقام بولوبويتوس ، الصامد في المعارك ، بقتل أستوالوس ، بينما كان أوليس يقتل بيدوتيس ، من بيركوتي ، 30 بالرمح البرونزي • أما أريتاون العظيم فقد قتله تيوكروس • وقام أنتيلوكوس ، ابن نيتسور ، برمحه اللامع بطعن أبليروس • وقام سيد الرجال أغاممنون بقتل إيلاتوس ، الذي كان بيته على شاطئ مياه نهر ساتنيويس العذبة ، في بيداسوس الوعرة • وأمسك المحارب لييتوس بفيلاكوس 35 فيما كان يولي الأدبار ، وقضى يوروبولوس على ميلانثيوس • وقبض مينيلاوس ، صاحب الصرخة الحربية الداوية ، على أدريستوس حياً • بعد أن تعثر جواداه وهما منطلقان في السهل ، حين اشتبكت قوائمهما بالحلفاء فتحطمت العربة المقوسة عند طرف عمودها ، وتابع الجوادان ، وقد تحررا منها ، نحو المدينة 40 وهما يدوسان الكثيرين من المذعورين • وهكذا ارتمى أدريستوس من العربة قرب العجلة على وجهه في التراب • فوقف فوقه مينيلاوس ، ابن أتريوس ، ورمحه ذو الظل الطويل بيده •






1 أي دون زواج.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 158 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 159 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 199

ولكن أدريتوس ، أمسك بركبتيه وتضرع إليه : 45 " خذني حياً يا ابن أتريوس ، وخذ الفدية المناسبة • ففي بيت أبي الغني تتكوم الكنوز بوفرة • هناك البرونز والذهب والحديد المجدول بصعوبة • وسيرضيك أبي بعطاياه إن سمع أنني حي في سفن الآخيين " • 50 وأثر كلامه في نفس مينيلاوس • وكان على وشك أن يسلمه إلى أحد الأتباع ليعيده إلى السفن الآخية السريعة ، ولكن أغاممنون وصل إليه مسرعاً وجادله : " يا أخي العزيز ، مينيلاوس ، هل تعطف إلى هذا الحد 55 على هؤلاء القوم ؟ وهل عوملت حسناً في بيتك من قبل الطرواديين ؟ لا • لا تسمح لأحد منهم أن ينجو من الموت ، أو من أيدينا • ولا حتى الطفل الذي ما تزال أمه تحمله في بطنها • حتى هذا لا توفره • وليفنَ شعب إليون كله بخزي ، ودون أن يجدوا من يقيم لهم الحداد " • 60 هكذا تكلم البطل فأثر بحجته القوية على أخيه • فقام مينيلاوس بدفع المحارب أدريستوس بيده بعيداً عنه ، وقام أغاممنون القوي بطعنه في جنبه فترنح من الضربة وقام ابن أتريوس بوضع كعبه على صدره وانتزاع الرمح الدرداري منه • 56 وصاح نيستور بصوت عظيم مخاطباُ مقاتلي أرغوس : " أيها الأعزاء ، يا محاربي دانان ، أتباع آريس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 159 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 160 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 200

لا تتركوا أي رجل يتخلف وعيناه على الأسلاب ، ليأخذ كل ما يستطيعه إلى السفن • فلنقتل الرجال كلهم الآن • وبعد ذلك افعلوا ما تشاؤون • 70 وسيكون في وسعكم بعدها سلب الجثث المتناثرة في هذا السهل " • وأثر بكلامه هذا في كل رجل • ومرة أخرى كان على الطرواديين أن يعودوا إلى تسلق سور إليون هاربين ، وقد أثابهم الذعر من أفعال الآخيين • لولا أن هيلينوس ، ابن بريام ، الأفضل بين العرافين ، 75 وقف إلى جانب أينياس وهيكتور وخاطبهما قائلاً : " عليك يا هيكتور ، وعلى أينياس ، دون الآخرين ، يقع عبء معركة الطرواديين واللوكيين ، لأنكما الأعظم بيننا في كل مجال نسير فيه ، سواء كان فكراً أم قتالاً • فاثبتا وتجولا في كل مكان بين شعبكما ، 80 ساعداهم على الصمود عند الأبواب ، قبل أن يتساقطوا بين أذرع زوجاتهم ويصبحوا أضحوكة عند أعدائنا • وبعد أن تزجوا بالكتائب كلها ، سيصمد الباقون ويحاربون الدانانيين على الرغم من الخسائر الجسيمة التي وقعت بنا ، فالضرورة تحتم علينا ذلك • 85 وأنت يا هيكتور • ارجع إلى المدينة 2 ، وأبلغ أمك وأمي أن تجمع السيدات الفاضلات في معبد أثينا 3 ذات العينين الشهلاوين في أعلى الحصن ، وهناك تقوم بفتح باب الغرفة المقدسة ، لتأخذ الثوب الذي تراه الأكبر والأجمل 90








2 لا يبدو من المنطقي الطلب من هيكتور مغادرة المعركة من أجل أمر كهذا. فأي رسول يمكن أن يقوم بالمهمة. ولكن يبدو أن الشاعر يريد أخذه إلى المدينة من أجل المشهد الذي سيحدث بينه وبين أندروماكي. 3 يعبد الطرواديون واليونانيون الآلهة ذاتها. وهذا مبرر وجود معبد لأثينا في طروادة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 160 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 161 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 201

في البيت الكبير 4 ، والذي هو أغلى ما لديها وتلقي به عند ركبتي أثينا ذات الشعر الناعم • دعها تعد بتقديم اثنتي عشرة عِجلة ، لم تتجاوز إحداهن السنة ، ولم تتعرض للمنخس 5 ، إن أخذتها الشفقة على مدينة طروادة ، وعلى الزوجات الطرواديات وأطفالهن الأبرياء • 95 لعلها تُرجع ابن توديوس عن إليون المقدسة ، ذلك المحارب العنيف بالرمح ، الذي يوقع الرعب في قلوب الرجال ، والذي أقول الآن إنه الأقوى بين الآخيين • فنحن لم نخف بهذا القدر حتى من آخيل ، قائد الرجال ، الذي يقال إنه ابن ربة • لقد أصاب السعار هذا الرجل ، 100 فلم يعد أحد يجاريه في القتال " • ولم يخالف هيكتور طلب أخيه • بل قفز على الفور من عربته ، وهو بعدة حربه الكاملة ، وراح يلوّح برمحين حادين بيديه متجولاً بين الصفوف ، حاثاً الرجال على القتال ، وباعثاً فيهم حب النزال • 105 فتجمعوا وصمدوا في وجه الآخيين • واضطر الأرجيفيون إلى التراجع والتوقف عن القتل ، وقد خيل إليهم ، من طريقة تجمعهم ، أن أحد الآلهة قد نزل من السماء المرصعة بالنجوم ليقف مع الطرواديين • ورفع هيكتور صوته مخاطباً الطرواديين : 110 " أيها الطرواديون الجسورون ، والرفقاء ذوو الصيت والسمعة ، كونوا رجالاً الآن ، يا أعزائي • وحافظوا على بسالتكم العنيفة إلى أن أرجع إلى إليون فأطلب من كبار السن






4 هو قصر بريام، وليس المعبد. 5 أي أنها صغيرة لم تشتغل في الحراثة أو الجر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 161 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 162 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 202

الذين هم حكماؤنا ، وأطلب من زوجاتنا ، إقامة الصلاة للآلهة ، ونذر النذور والأضاحي " • 115 قال ذلك هيكتور ذو الخوذة اللامعة ، ثم انصرف • وعلى كاحليه ورقبته يرفرف جلد الثور الأسود الذي يدور طرفه حول حافة الترس الكبير الكثيف في وسطه • وجاء غلاوكوس ، سليل هيبولوخوس ، وابن توديوس إلى ما بين الجيشين متحفزين للقتال • 120 وحين وصلا إلى نقطة اللقاء وتواجها كان ديوميديس ذو الصرخة الحربية الداوية هو المتكلم الأول : " من أنت من البشر يا صديقي العزيز ؟ إذ لم يسبق لي أن رأيتك في القتال الذي يخرج الرجال منه بالمجد • وها أنت تتقدم أمام الآخرين كلهم 125 بقلبك الجسور ، الذي يجعلك تجرؤ على الوقوف أمام رمحي الطويل • ولكن من يقف أبناؤهم لمحاربتي لا يكونون سعداء • وإن كنت واحداً من الآلهة ، وقد نزلت من السماء المشعة ، فلتعرف أنني لن أقاتل ضد أي من آلهة السماء ، لأنه حتى لوكورغوس القوي ، ابن درواس ، 130 لم يعش طويلاً بعد أن تجرأ على محاربة آلهة السماء المشعة • وهو الذي سبق له أن طارد مرضعات ديونيزوس الأبله ، على التل النوسي المقدس ، فألقين عصيهن وبعثرنها على الأرض تحت ضربات منخس البقر الذي لاحقهن به لوكورغوس القاتل ، بينما قام ديونيزوس 135 وقد أصابه الذعر بالغوص في الأمواج المالحة ، حتى أخذته ثيتيس في حضنها








الإلياذة هوميروس الصفحة : 162 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 163 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 203

وهو يرتعد برجفات قوية حلت به من تهديدات الرجل • ولكن الآلهة الذين يعيشون على هواهم غضبوا من لوكورغوس ، فأنزل به ابن كرونوس العمى ، ولم يعش طويلاً بعد ذلك • لأن الآلهة كلهم كرهوه • 140 ولذا فإنني لن أقاتل الآلهة المباركين • ولكن إذا كنت واحداً من هؤلاء البشر الذين يأكلون ما تجود به الأرض ، فتعال اقترب • لأنك سرعان ما سترد حتفك " • فرد عليه الابن المتألق لهيبولوخوس قائلاً : " يا ابن توديوس الباسل • لم تسأل عن نسبي ؟ 145 فنسب البشر متعدد تعدد نسب أوراق الشجر • والريح تبعثر الأوراق على الأرض • ولكن الشجر الحي يكتسي بالورق من جديد عند عودة الربيع • وهكذا ينبت جيل جديد من البشر مع موت جيل قديم • ولكن إذا كنت تحب أن تعرف هذا كله ، 150 وأن تتأكد من نسبي ، فهناك الكثيرون ممن يعرفونه • ثمة مدينة هي إيفوري في طرف مراعي أرغوس هناك عاش سيسوفوس ، أذكى الرجال • سيسوفوس ، ابن إيولوس ، وله ابن اسمه غلاوكوس وغلاوكوس ، بدوره ، كان أباً لبيليروفونتيس الفريد ، 155 وقد أعطت الآلهة بيليروفونتيس الجمال والرجولة المرغوبة • وفي لحظة غضب أضمر له بروتوس الشر فطرده من ملكه لأنه كان الأعظم بكثير • فمن بلاد الأرجيف شق زيوس طريقه إلى تأرجح صولجانه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 163 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 164 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 204

وجنت رغبة أنييتا الجميلة زوجة برويتوس 160 للاضطجاع معه • إلا أنها لم تستطع أن تغوي بيليروفونتيس الذي كان فاضلاً • ولذلك ذهبت إلى برويتوس الملك وكذبت عليه : " أتريد أن تُقتل يا برويتوس ؟ إذن فاقتل بيليروفونتيس الذي حاول الاضطجاع معي رغماً عني " 6 • 165 وغضب الملك غضباً شديداً عند سماعه لقصتها • ولم يشأ أن يقتله ، لأن قلبه كان لا يطاوعه على فعلة كهذه • فأبعده إلى لوكيا ، وهو يحمل نذراً قاتلة نقشها على رقيم مطوي وتكفي للقضاء عليه • وأوصاه أن يريه لزوجة أبيه لكي ينهي حياته • 170 وذهب بيليروفونتيس إلى لوكيا برفقة الآلهة البريئة • وحين وصل إلى نهر كسانثوس الجاري ، وإلى لوكيا ، أكرمه ملك لوكيا الفسيحة أيما إكرام • وأولم له تسعة ثيران في تسعة أيام 7 وبعد ذلك ، حين ظهرت الأصابع الزهرية لليوم العاشر 175 بدأ يسأله ، وطلب منه أن يريه الرقيم والنذر ، وما يمكن أن يكون حاملاً معه من صهره برويتوس • وبعد أن أُعطي نذر صهره الشريرة ، أرسله في البدء لقتل الخيمايرا التي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها ، وهي من صنف الخالدين ، وليست بشراً 180 مقدمتها أسد ، ومؤخرتها أفعى ، وفي الوسط هي ماعز • وتنخر لهباً رهيباً من النيران المتأججة •






6 هي قصة مكررة في آداب الشعوب. ونستطيع تلمس الشبه بينها وبين يوسف وزليخة زوجة العزيز بوتيفار، وكذلك في قصة كل من فيدرا وهيبولوتوس، وهيبولوت، زوجة أكاستوس، مع بيليوس. 7 العادة هي أن يتم استقبال الضيف تسعة أيام قبل أن يُسأل عن طلبه. وعند البدو هي ثلاثة أيام.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 164 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 165 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 205

فقتلها بيليروفونتيس بإطاعته إشارات الآلهة • وبعد ذلك قاتل سولوموي المجيدة • وكانت هذه ، كما رأى ، أعنف معركة خاضها مع بشر • 185 وثالثاً قتل الأمازونيات ، اللواتي يقاتلن الرجال في المعارك • وحين عاد حاك له الملك مؤامرة أخرى فاختار له أقوى الرجال في طول لوكيا وعرضها ونصب فخاً ، ولكن الرجال لم يعودوا إلى بيوتهم بعدها فقد قُتلوا كلهم على يد بيليروفونتيس البريء • 190 وحين عرف الملك أنه من نسل الآلهة احتفظ به عنده وقدم له يد ابنته ، وقاسمه امتيازات الملك • وإضافة إلى ذلك أعطاه اللوكيون قطعة أرض تفوق كل ما عداها من الأراضي ، محروثة جيداً وفيها بستان جميل • 195 وحملت عروسه بثلاثة أولاد ولدتهم لبيليروفونتيس وهم إيساندروس وهيبولوكوس ولاوداميا • واضطجعت لاوداميا مع زيوس رب المجالس ، فحملت منه بساربيدون الإلهي ذي الخوذة النحاسية • ولكن بعد أن كره الآلهة كلهم بيليروفونتيس 200 راح يتجول وحيداً في سهول أليوس منطوياً على نفسه ، متجنباً الاحتكاك بالبشر • أما ابنه إيساندروس ، فإن آريس مدمن المعارك قد قتله وهو يقاتل السولومويين الأمجاد ، بينما قتلت أرتيميس ذات الأعنة الذهبية ابنته في ثورة غضب • 205








الإلياذة هوميروس الصفحة : 165 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 166 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 206

ولكن بيليروفونتيس رزق بي ، وأنا أدعي أنه أبي • وقد أرسلني إلى طروادة وألح في توصيتي أن أكون دائماً بين أشجع الرجال ، وأن أرفع رأسي فوق الجميع فلا أخزي سلالة آبائي ، الذين كانوا أعظم الرجال في إيفور ثم في لوكيا الفسيحة • 210 هذا هو نسبي • وهذا هو الدم الذي أتحدر منه " 8 • أنهى كلامه فأحس ديوميديس ذو الصرخة الحربية الداوية بالفرح • غرز رمحه عميقاً في الأرض المزهرة ، وبكلمات ودودة ومحبة تحدث إلى راعي الناس : " كما ترى الآن • أنت ضيفي وصديقي منذ القدم ، ومنذ زمن آبائي • 215 فأونيوس الرائع كان ضيفاً ذات يوم عند بيليروفونتيس البريء في بيته • وقد أبقاه في ضيافته عشرين يوماً • وتبادل الاثنان الهدايا الرائعة عربون الصداقة • فقد أعطى أونيوس لضيفه نطاقاً حربياً براقاً بحمرة قانية • وقدم بيليروفونتيس كوباً للشراب ذهبياً وذا قبضتين • 220 وهو الشيء الذي أبقيته في بيتي حين جئت في هذه السفرة • ومع أنني لا أستطيع تذكر توديوس ، فقد كنت صغيراً حين غادرني ، يوم أن قضي على الآخيين في طيبة • ولذا فأنا صديقك ومضيفك 9 في قلب أرغوس • وأنت من أقصد في لوكيا ، حين آتي إلى بلدك • 225 فليتجنب كل منا رمح الآخر ، حتى عند اشتباك الجيشين • فهناك الكثير من الطرواديين والحلفاء المشهورين في المعركة بالنسبة لي ، لكي أقتلهم ، والذين يرسلهم إلي الرب ، أو أسعى إليهم بقدمي السريعتين •






8 لا يبدو منطقياً أن يتم هذا السرد كله وسط المعركة وفي تلك المواجهة. ولكن الملاحم الشعبية كلها تلجأ غلى هذه الوسيلة. 9 هي الصداقة التي تقوم على إكرام شخص ما لضيفه ومبادلته الهدايا. وتمتد هذه الصداقة إلى الابناء والأحفاد. فتصبح الصداقة منطلقة من الضيافة. ويصبح اسمه الصديق الضيف، أو ضيف الصداقة، أو صديق الضيافة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 166 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 167 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 207

وأمامك الكثير من الآخيين لتقتل إن استطعت • ولكن دعنا نتبادل درعينا ، لكي يعرف الآخرون 230 معنى أن نكون ضيوفاً وأصدقاء منذ أيام آبائنا " • وحين أنهى كلامه قفز الاثنان من وراء خيولهما 10 • وشد كل منهما على يدي الآخر وتبادلا عهد الصداقة • ولكن زيوس ، ابن كرونوس ، سلب لب غلوكوس ، الذي بادل مع ديوميديس ، ابن توديوس ، درعاً من الذهب 235 بدرع من البرونز ، أي ما قيمته تسعة ثيران بما قيمته مئة ثور • ووصل هيكتور إلى الأبواب السكانية وشجرة البلوط ، وهرعت إليه زوجات الطرواديين وبناتهم كلهن ، للسؤال عن أبنائهن وإخوتهن وجيرانهن وأزواجهن • فطلب إليهن أن يصلين إلى الآلهة جميعاً ، 240 كل بدوره • ولكن كانت هناك أحزان مخبأة للكثيرات • ثم دخل إلى قصر بريام المدهش في بنائه • وكانت قد صممت فيه معتزلات للتنزه بأحجار مصقولة ، وفي داخله خمسون غرفة للنوم من الحجر المصقول ، ومبنية بحيث تتصل كل منها بالأخرى • وفيها ينام كلٌّ 245 من أولاد بريام مع زوجته الشرعية • وفي الرواق الداخلي ذاته وعلى الطرف المقابل ، وبمواجهة هذا الرواق هناك اثنتا عشرة غرفة نوم لبناته ، تتصل كل منها بالأخرى ، وينام فيها أصهار بريام كل مع زوجته من بنات بريام • 250 وإلى هناك دخل هيكتور ليقابل أمه الكريمة ،






10 لأن كلاً منهما في عربة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 167 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 168 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 208

ومعها لاوديكي ، أجمل بناتها • فتعلقت بيده ونادته باسمه وحدثته : " لماذا إذن يا بني جئت إلى هنا وتركت المعركة الضارية ؟ لا شك أن أولاد الآخيين الملعونيين قد أنهكوك ، 255 وهم يقاتلون قريباً من المدينة ، فقادتك روحك إلى العودة لكي ترفع يديك من فوق الحصن لتصلي لزيوس • ولكن على مهلك لأجلب لك خمراً محلى بالعسل ، لتسكب منه تقدمة لزيوس وغيره من الآلهة أولاً • بحيث يمنحك القوة إن شربت منه بعد ذلك • 260 ففي الرجل المتعب يعيد الخمرُ القوةَ حتى أقصاها ، وخاصة بالنسبة لرجل متعب مثل تعبك في الدفاع عن جيرانك • وتحدث هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة إليها قائلاً : " يا أمي الفاضلة • لا تحضري لي الخمر الحلو اللذيذ ، خشية أن تخمدي قوتي وتجعليني أنسى شجاعتي • 265 وعندها سيخجلني أن أسكب بيدي المتسختين الخمر لزيوس • إذ لا معنى لصلاة رجل لابن كرونوس المغطى بالسحب الداكنة ، فيما الدم والوسخ يغطيانه • ولكن اذهبي أنت إلى معبد أثينا المضللة ، واجمعي معك السيدات الفاضلات ، وخذي ما تضحين به • 072 وخذي ثوباً يكون أفضل وأجمل ما ترينه في هذا البيت الكبير ، على أن يكون أعز ما تملكينه • وألقي به على ركبتي أثينا ذات الشعر الناعم • وعديها أن تقدمي في المعبد اثنتي عشرة عجلة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 168 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 169 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 209

بنت سنتها ، ولم تعرف المنخس ، إن هي أشفقت 275 على مدينة طروادة ، وعلى الزوجات الطرواديات وأطفالهن الأبرياء • إن هي أبعدت عن إليون المقدسة ابن توديوس ، ذلك المحارب الشرس بالرمح ، والقوي الذي يوقع الرعب في قلوب الرجال • فاذهبي أنت إلى معبد أثينا المضللة ، وسأذهب أنا للبحث عن باريس لأستدعيه ، إن كان سيصغي 280 لأي شيء أقوله له 11 • كم أتمنى لو أن الأرض في هذه اللحظة تنخسف تحته • لقد تركه الأولمبيون يعيش ، وكان في هذا فاجعة كبيرة للطرواديين ، ولبريام ذي القلب الطيب وجميع أولاده • كم أتمنى لو أراه يهبط نحو رب الموت ، فعندها أستطيع القول إن قلبي قد نسي آلامه جميعها " • 285 أنهى كلامه ، وذهبت هي داخل البيت الكبير ونادت وصيفاتها ، اللواتي جمعن سيدات الشرف من كافة أنحاء المدينة بينما نزلت هي إلى المخزن العطر • ففيه الأثواب متقنة الصنع ، شغل النساء الصيداويات 12 ، الأثواب التي جلبها ألسكندروس ، الشبيه بالآلهة ، بنفسه 290 من أرض صيدا ، وعبر بها البحر الفسيح ، في تلك الرحلة التي جلب معه فيها هيلين ذات الحسب والنسب • أخرجت هيكابي واحداً منها وأخذته هبة إلى أثينا ، وقد انتقته أفضل ما يكون في تصميمه ، والأكبر بين الأثواب ، وكان يتلامع كأنه نجمة • وكان موضوعاً تحت الثياب كلها • 295 وتابعت طريقها ، وحولها جمع من النساء النبيلات • وحين وصلن إلى معبد أثينا في أعلى الحصن






11 من الواضح أن هيكتور لا يحب باريس. ولكن أمهما لا ترد على الكلام. 12 نسبة إلى صيدا (لبنان) .


الإلياذة هوميروس الصفحة : 169 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 170 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 210

فتحت الباب لهن ثيانو ذات الخدين الجميلين ، ابنة كيسيوس ، وزوجة أنتينور ، محطم الخيول • وهي التي عينها الطرواديون كاهنة عند أثينا • 300 وبصرخة متفجعة رفع الجميع أيديهن صوب أثينا ، وأخذت ثيانو ، ذات الخدين الجميلين ، الثوب وألقته على ركبتي أثينا ذات الشعر الناعم ، وبتضرع ناجت ابنة زيوس القادر : " يا سيدتنا أثينا ، يا حامية مدينتنا ، ويا أيتها المتألقة بين الإلهات • 305 كسّري رمح ديوميديس ، واسمحي أن يلقى الرجل على وجهه أمام الأبواب السكابية ؛ لكي نقدم فوراً في معبدك اثنتي عشرة عجلة ، بنت سنتها ، لم تعرف المنخس ، إذا أشفقت فقط على مدينة طروادة ، والزوجات الطرواديات وأطفالهن الأبرياء " • 310 قالت ذلك في صلاتها • ولكن بالاس أثينا حولت وجهها عنها • وهكذا قدمن صلاتهن إلى ابنة زيوس القادر • ولكن هيكتور كان قد ذهب إلىبيت ألكسندر ، وهو بيت فاخر بناه لنفسه ، مع الرجال الذين ، في ذلك الحين ، كانوا أمهر الرجال في ترود الكريمة • 315 فقد بنوا له غرفة نوم وقاعة كبيرة وفناء قرب بيت هيكتور وبريام ، في أعلى الحصن • وإلى هناك دخل هيكتور ، حبيب زيوس ، وهو يمسك بيده الرمح الذي يبلغ طوله أحد عشر ذراعاً ، والذي كانت قصبته تنتهي بحربة برونزية لامعة وحلقة من الذهب للإحاطة بها • 320








الإلياذة هوميروس الصفحة : 170 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 171 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 211

ووجد الرجل في غرفته منشغلاً بدرعه الفاخر وبالدرقة والترس ، وهو يقلب بين يديه القوس المحنية ، بينما كانت هيلين الأرغوسية جالسة بين وصيفاتها تعطي تعليماتها للأعمال الجليلة التي تقوم بها الجواري • ورآه هيكتور فأنبه بكلمات مخجلة : 325 " يا للرجل الغريب ! ليس من العدل أن تحتفظ بهذه البرودة كلها في قلبك 13 • الناس يموتون حول المدينة وحول السور العالي وهم يقاتلون بضراوة • ومن أجلك أنت هذه الحرب وضوضاؤها التي تستعر حول مدينتنا • وعليك أنت أن تقاتل أي شخص آخر تراه يتلكأ عن هذا القتال الكريه • 330 فانهض إذن لنحافظ على مدينتنا من التعرض للاحتراق " • ورداً على ذلك قال له ألكسندر الشبيه بالآلهة: " أرى يا هيكتور أنك تؤنبني وأنت محق ، ولم تتجاوز الحدود ولذلك سأقول لك ، وعليك أنت أن تسمع وتفهم • فلم يكن من قبيل البرودة أو سوء الطوية تجاه الطر واديين 533 أن أجلس هنا في غرفتي ، ولكنني رغبت أن أسلم نفسي للأحزان • وقبل قليل فقط كانت زوجتي تتودد إلي ، وتحثني على الخروج للقتال ، وأنا نفسي أرى أن هذا هو الأفضل • فالنصر يروح ويجيء بين الرجال • فانتظرني إلى أن ألبس درعي وعدة حربي ، 340 أو اذهب وأنا سأتبعك • وأظن أنني سأستطيع اللحاق بك " • أنهى كلامه ، ولكن هيكتور ذا الخوذة اللامعة لم ير د عليه • فحدثته هيلين بكلمات المودة : " أنت الأخ لي






13 أستغرب كيف يترجم أمين سلامة هذا المقطع عن اليونانية على الشكل التالي: أيها الرجل الغريب الأطوار . إنك لا تحسن صنعاً بتنمية هذا الغضب في قلبك.. إلخ " مما لايتماشي والحالة. فهيكتور هو العائد من المعركة، وباريس هو الجالس مع زوجته. وليس هناك ما يشير إلى الغضب في قلبه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 171 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 172 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 212

بعد زواجي ، وأنا الرخيصة القذرة جالبة الشر • كم أتمنى لو أنني يوم ولدتني أمي 345 حملتني دوامة عاصفة وألقت بي بعيداً وطوحت بي على الجبال ، أو رمتني في وسط البحر العاتي لكي تنقلني الأمواج بعيداً ، قبل أن تحدث هذه الأحداث • أما وقد شاءت الآلهة أن يحدث ما حدث ، فأتمنى لو كنت زوجة لشخص أفضل مما لقيت ، 350 شخص يعرف الخجل وكل ما يخزي مما يقوله الرجال • ولكن قلب هذا الرجل ليس بالقلب الجسور ، وليس بالقلب الذي سيكون كذلك • وأظنه سيلقى العقبى • فتعال واسترح هنا على هذا الكرسي يا أخي ، طالما أن العواقب الوخيمة لذلك كله قد وقعت على قلبك 355 نتيجة تلويثي لشرفي ، والتصرف الأعمى من ألكسندر• كلانا اللذان نزل علينا قدر زيوس المشؤوم ، وسوف نصبح مضغة مغناة في أفواه الناس غداً " • فرد عليها هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة : " لا تجعليني أجالسك يا هيلين • فمع أنك تحبينني ، لن تقنعيني • 360 فقلبي في داخلي يحثني منذ الآن للدفاع عن الطرواديين الذين يتشوقون إلى وجودي بينهم حين أبتعد عنهم • وبدل ذلك حرضي هذا الرجل وادفعيه إلى النزال • لعله يلحق بي وأنا ما أزال في المدينة • سأذهب أولاً إلى بيتي ، لكي أرى أهلي ، 365 زوجتي الحبيبة وابني الصغير •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 172 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 173 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 213

فأنا لا أعرف إن كنت سأعود ثانية من هذا الطريق • أم أن الآلهة ستودي بي على أيدي الآخيين " • هذا ما قاله ذو الخوذة اللامعة ثم انصرف • وحث خطاه نحو مسكنه المنيع • 370 ولكنه لم يستطع أن يجد هناك أندروماكي ذات الذراعين الأبيضين • إذ كانت هي والطفل والوصيفة حسنة الهندام قد أخذت مكانها في برج المنادب والبكاء • وحين لم ير هيكتور أثراً لزوجته المصون في البيت وقف بالباب وخاطب الوصيفات : 375 " أخبرنني بصدق أيتها الوصيفات : أين ذهبت أندروماكي ذات الذراعين الأبيضين ؟ أهي مع أي من أخوات زوجها أو زوجات إخوته ؟ أم أنها ذهبت إلى معبد أثينا ، حيث ذهبت السيدات النبيلات كلهن لاسترضاء الربة الشرسة ؟ " 380 فردت عليه خادمة نشيطة : " طالما أنك تطلب مني أن أخبرك بالحقيقة يا هيكتور ، فهي ليست مع أي من أخوات زوجها أو زوجات أخوته ، كما أنها لم تذهب إلى معبد أثينا ، حيث ذهبت السيدات ذوات الشعر الناعم كلهن لاسترضاء الربة الشرسة • 385 ولكنها ذهبت إلى حصن إليون العظيم ، لأنها كانت قد سمعت أن الطرواديين يخسرون الحرب ، وأن قوة الآخيين تتعاظم ، فأسرعت بالذهاب إلى السور ، مثل امرأة أصابها مس ، وذهبت معها جارية لكي تعتني بالطفل " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 173 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 174 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 214

ولدى سماعه كلام الجارية أسرع هيكتور بالخروج من بيته 390 عائداً في الشوارع الممهدة التي جاء عليها • وحين وصل إلى الأبواب في طريقه عبر المدينة العظيمة ، تلك الأبواب السكانية التي سيخرج منها إلى السهل هناك ، وفي اللحظة الأخيرة ، رأى زوجته الكريمة تهرع لملاقاته ، زوجته ، ابنة إييتون ذي القلب الطيب ، 395 الذي يقطن في سفح بلاكوس كثيف الأشجار ، في طيبة تحت بلاكوس ، سيداً على الشعب الكيليكي • فابنته هي التي أعطيت إلى هيكتور ذي الخوذة البرونزية • جاءت إليه وإلى جانبها الجارية التي تحمل الولد وتضمه إلى صدرها ، وهو مجرد رضيع ، 400 ابن هيكتور ، محط الإعجاب ، والجميل كنجم مشع في السماء ، وهيكتور سماه سكاماندريوس ، ولكن الآخرين سموه أستواناكس - سيد المدينة ، لأن هيكتور وحده أنقذ المدينة • وابتسم هيكتور بصمت وهو يتطلع إلى ابنه ، أما أندروماكي فوقفت بجانبه وأطلقت لدموعها العنان ، 405 وأمسكت بيده ، ونادته باسمه ، وخاطبته قائلة : " أيها الغالي • ستكون قوتك العظيمة سبب موتك ، وأنت لا تأخذك الرأفة بابنك الصغير ، ولا بي أنا المنحوسة ، التي سرعان ما ستصير أرملتك • فالآخيون الآن ، وقد تجمعوا ، سيهاجمونك ويقتلونك ، وأنا أفضل 410 أن تطويني الأرض حين أفقدك ، إذ لا عزاء آخر لي بعد أن تواجه مصيرك -








الإلياذة هوميروس الصفحة : 174 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 175 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 215

لن يبقى لي إلا الحزن ، إذ لا أب لي ولا أم • فآخيل العتيد هو الذي قتل والدي ، إييتون ، حين اجتاح قلعة الكيليكيين الحصينة ، 415 طيبة ذات الأبواب الشاهقة • قتل إييتون ، ولم يجرده من عدة حربه ، فقلبه كان يكنّ الاحترام للرجل الميت ، ولكنه أحرق الجثة وهي بلباسها الحربي الكامل ، وأقام فوقها قبراً عالياً ، وقامت حوريات الجبل ، بنات زيوس المدرع ، بزرع أشجار الدردار عليه • 420 وأخوتي السبعة الذين كانوا معي في البيت الكبير قضوا كلهم في يوم واحد وراحوا إلى بيت إله الموت ، فآخيل البارع ذو القدمين السريعتين قتلهم كلهم ، فيما كانوا يرعون أغنامهم وثيرانهم السمينة ، وحينها أمسك بأمي ، التي كانت ملكة على بلاكوس المشجرة ، 425 كما استولى على أملاك أبي كلها ، قام آخيل بإطلاق سراحها ، مقابل فدية باهظة ، ولكن أرتيميس ذات السهام المنهمرة ، رمتها وهي في بيت أبيها • فيا هيكتور ، وأنت بالنسبة لي الأب والأم العطوف ، وأنت لي الأخ والزوج الفتي ، 430 أرجوك أن تشفق علي ، وابق هنا على المتراس ، لعلك لا تترك ابنك لليتم ، وزوجتك للترمل ، أرجع جماعتك إلى قرب شجرة التين ، حيث المدينة عرضة للهجوم ، وحيث يمكن تسلق السور • فلقد جاء مقاتلوهم الشجعان ثلاث مرات من هذه الجهة ، وقاتلوا 435








الإلياذة هوميروس الصفحة : 175 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 176 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


ل رقم صفحة الكتاب الورقي: 216

يجتاحوا المدينة ، وبصحبتهم البطلان أيانتاس وإيدومينيوس ، وأبناء أتريوس وابن توديوس المحارب • فإما أن يكون أحد البارعين في الكهانة قد تكلم ، وإما أن تكون أرواحهم ذاتها قد دفعتهم إلى هذا الهجوم " • فرد عليها هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة : 440 " هذه الأمور كلها في بالي أيضاً يا سيدتي ، ولكنني أحس بخجل شديد أمام الطرواديين ، والنساء الطرواديات ذوات الثياب المجرورة وراءهن ، إن كنت سأستنكف عن القتال مثل الجبناء • إن روحي لا تطاوعني ، فأنا قد تعلمت أن أكون باسلاً ، وأن أقاتل دائماً في الصفوف الأمامية بين الطرواديين ، 445 فأكسب السؤدد والفخار لي ولأبي • وأنا أعرف هذا في أعماق قلبي ، مثلما يعرفه عقلي : سيأتي يوم تفنى فيه إليون المقدسة ، وبريام ، وأهل بريام ذي الرمح الدرداري • ولكن ليست الآلام التي قد تقع على الطرواديين 450 هي التي تزعجني ، ولا حتى آلام بريام وهيكابي ، ولا التفكير في أخوتي الذين سيتهاوون كلهم رغم بسالتهم على التراب بأيدي من يكرهونهم ، مثلما يزعجني التفكير بك ، إذ يأتيك آخيٌّ بدرع برونزي ، ليسبيك ، وينتزع منك حريتك ، 455 وأنت تذرفين الدموع ، لتشتغلي في أرغوس على نول شخص آخر وتنقلي الماء من نبع ميسييس أو هوبيريا ، رغماً عنك ، وبما تقتضيه منك الضرورة الملحة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 176 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 177 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 217

وذات يوم يراك رجل ما وأنت تذرفين الدموع فيقول عنك : " هذه زوجة هيكتور ، الذي كان من أشجع المقاتلين 460 بين الطرواديين ، ومحطم الخيول ، حين كانوا يقاتلون فيها حول إليون " • هكذا سيتحدث أحدهم عنك ، وسيجدد أحزانك بكلامه ، إذ تدركين ترملك من رجل كهذا يستطيع بالقتال أن يبعد عنك يوم عبوديتك • فليدركني الموت ، وليتكوم التراب فوقي ليخفيني قبل أن أسمعك تبكين وأعرف أنهم يجرّونك إلى الأسر " • 465 وبعد أن قال هيكتور ذلك مد يده إلى طفله ، الذي أجفل وتعلق بصدر مربيته وهو يزعق ، مرعوباً من منظر والده ، فقد أخافه أن يرى الخوذة البرونزية ، والعرف المصنوع من شعر الخيل ، وهو يهتز بشكل مخيف ، كما خيل إليه ، في رأس الخوذة • 470 وضحك والده الحبيب لذلك • وضحكت أمه الكريمة • وسرعان ما رفع هيكتور الخوذة عن رأسه ورماها رغم كل لمعانها على الأرض • ثم حمل ابنه العزيز وهدهده بين ذراعيه ، ثم قبله ، ورفع صوته بصلاة إلى زيوس وبقية الآلهة : 475 " يا زيوس ، ويا بقية الآلهة الخالدين • فلتقضوا أن هذا الطفل ، الذي هو ابني ، سيكون مثلي ، الأكثر أهمية بين الطرواديين ، عظيماً في قوته ، مثلي ، وحاكماً قوياً على إليون • وذات يوم يقولون عنه : إنه أفضل من أبيه • حين يعود من القتال • واجعلوه يقتل عدوه • 480 ويجلب معه الأسلاب الملطخة بالدماء ، فيبهج قلب أمه " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 177 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 178 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 218

أنهى كلامه وأعاد الطفل إلى ذراعي زوجته الحبيبة ، التي أعادته بدورها إلى صدرها الشذيّ وهي تبتسم بين دموعها • وانتبه زوجها فأخذته الشفقة عليها • فربت عليها بيده وناداها باسمها وقال لها : 485 " يا أندروماكي المسكينة ، لم يتوجع قلبك بهذا القدر علي ؟ لن يتمكن أحد من القذف بي إلى هيدز ، ما لم يكن ذلك مقدراً • ولم يسبق لأحد أن نجا من المقدور بمجرد أن يبدأ تشكله ، ويتساوى في ذلك الشجعان والجبناء • فلتعودي إلى بيتك ، ولتتابعي عملك 490 في الغزل والنسيج ، وانتبهي لجواريك ، واجعليهن يتابعن أعمالهن أيضاً • أما الرجال فعليهم أن يهتموا بالقتال ، وهذا ينطبق على كافة الرجال الذين في إليون ، ولكن أنا قبل الجميع " • أكمل هيكتور المجيد كلامه واستعاد خوذته بعرفها ذي الشعر الخيولي فيما توجهت زوجته الحبيبة صوب البيت • 495 وهي تلتفت لتنظر وراءها ودموعها تنهمر من عينيها • وحين وصلت مسرعة إلى بيت هيكتور الحصين ، قاتل الرجال ، وجدت عدداً من الوصيفات في الداخل • فأثار وصولها بينهن موجة من البكاء • وهكذا رحن يندبن هيكتور في بيته وهو ما يزال حياً ، 500 لأنهن ظنن أنه لن يرجع مرة أخرى من القتال وهو حي ، ناجياً من أيدي الآخيين وضراوتهم • وباريس أيضاً لم يتلكأ طويلاً في بيته المطل بل إنه أنهى لبس درعه الفاخر المشغول من البرونز ،







الإلياذة هوميروس الصفحة : 178 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 179 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 219

وركض مسرعاً ومليئاً بالثقة في شوارع المدينة • 505 ومثل جواد ربيط شبع من علف مزوده ، ثم تخلص من رباطه وجمح في السهل منطلقاً كالرعد صوب مكان استحمامه المعهود في النهر الجاري بعذوبة ، وهو يرفع رأسه بكبرياء وعرفه يتماوج فوق كتفيه ، واثقاً من قوته العتيدة ، وركبه السريعة 510 تنقله إلى الأماكن المحببة إليه وإلى مراعي الجياد ، هكذا ، من بيرغاموس القصي ، خرج باريس ، ابن بريام ، متألقاً بعدة حربه كما تتألق الشمس ، بضحكته العالية ، وقدماه السريعتان تحملانه • وبغتة يلتقي بهيكتور المجيد ، أخيه ، الذي كان ما يزال يتمهل 515 قبل الانطلاق من المكان الذي كان يتحدث فيه مع زوجته • وكان ألكسندر الشبيه بالآلهة أول من تكلم : " أخشى أنني أعقت انطلاقتك بإبطائي ، وعدم وصولي في القوت المناسب كما أمرتني " • ورد عليه هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة مجيباً : 520 " يا للرجل الغريب ! ما من طريقة يستطيع فيها أحد ، إن أنصف ، أن يحط من قيمة أدائك في الميدان ، خاصة وأنت القوي • ولكنك تتخلف بمحض إرادتك ، ولقلة رغبتك • وقلبي يغرق في أحزانه ، حين أسمع أشياء مخجلة تقال عنك بين الطرواديين ، الذين يتحملون أعباء القتال الضاري من أجلك • 525 فلنذهب الآن • وسنسوي الأمور ذات يوم مع الآلهة الخالدين في السماء ، إن سمح زيوس بذلك •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 179 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 180 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 220

وسنسكب لهم من بيتنا دنان خمر الخلاص بعد أن نكون قد أبعدنا الآخيين المدججين بالسلاح " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 180 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 181 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل السابع

رقم صفحة الكتاب الورقي: 223

أنهى هيكتور المجيد كلامه وانطلق مسرعاً عبر الأبواب ومعه أخوه ألكسندر، وقد صمما من أعماقهما على خوض المعركة وأداء واجبهما في القتال • وكما يستجيب الإله لضراعة الرجال في البحر ، فيرسل ريحاً مواتية ، وهم يستنزفون قواهم على المجاذيف 5 التي يحركونها في البحر ، وقد أنهكت أذرعهم من التعب ، هكذا بدا هذان الاثنان للطرواديين الذين كانوا يتلهفون لمجيئهما • وتمكن كل منهما من قتل خصمه • باريس قتل مينيثيوس ، ابن الملك أريثووس ، الذي كان يعيش في أرني ، وولدته لهراوة الحرب أريثووس الحسناء ذات العينين البقريتين • 10 بينما قام هيكتور برمحه الحاد بقتل إيونيوس ، الذي كان يعتمر خوذة برونزية بطعنه في رقبته فأرخى أطرافه • أما غلاوكوس ، قائد اللوكيين ، ابن هيبولوخوس ، فقد طعن برمحه إيفينووس في مواجهة عنيفة ، وهو ابن ديكسياس ، بينما كان يقفز وراء جياده السريعة • 15 ضربه على كتفه فأسقطه من العربة إلى الأرض ، فخارت قواه • وحين انتبهت أثينا ذات العينين الشهلاوين إلى هذين الاثنين وهما يفتكان بمقاتلي أرغوس في المواجهات العنيفة نزلت مثل لمح البصر من قمم الأولمب إلى إليون المقدسة ، حيث تقدم أبولو لمقابلتها 20








الإلياذة هوميروس الصفحة : 181 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 182 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 224

تاركاً مقعده فوق بيرغاموس حيث كان يخطط لانتصار الطرواديين • والتقى الاثنان قرب شجرة البلوط ، وكان الرب أبولو ، ابن زيوس ، هو أول من تكلم : " ما الذي يمكن أن تكون عليه رغبتك الآن يا ابنة زيوس العظيم ، حتى تنزلي من الأولمب تلبية لرغبة روحك ؟ 25 أن تعطي النصر للدانانيين قالبة الأمور رأساً على عقب ؟ وذلك لأنك لا تأخذك الشفقة أبداً بالطرواديين الذين يموتون • ولكن إن فعلت ما أقوله لك فسيكون الأمر أفضل بكثير • فلنوقف البغضاء والقتال لهذا اليوم • وسيتقاتلون مرة أخرى فيما بعد ، إلى أن نشهد النهاية 30 التي يعدونها لإليون ، طالما أنها عزيزة على قلبيكما 1 ، أنتما الربتان الخالدتان ، وستدمر هذه المدينة " • ورداً على ذلك قالت له الربة ذات العينين الشهلاوين : فليكن أيها الفاعل عن بعد • كانت تلك أفكاري أيضاً وأنا أنزل من الأولمب بين الآخيين والطرواديين • 35 ولكن قل لي : كيف تنوي أن توقف القتال بين هؤلاء الرجال ؟ " فرد عليها الرب أبولو ، ابن زيوس ، بدوره : " فلنهيج القلب القوي في صدر هيكتور ، محطم الخيول ، ليدعو أحد الدانانيين لمنازلته ، رجلاً لرجل في مبارزة ضارية ، 40 ولنجعل الآخيين المدججين بالسلاح ، مدفوعين بالغرور يرسلون رجلاً واحداً لمنازلة هيكتور الرائع " • ولم يخفق في إقناع الربة أثينا ، ذات العينين الشهلاوين ، بكلامه •






1 يقصدها هي وهيرا.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 182 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 183 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 225

وأدرك هيلينوس ، ابن بريام ، في قلبه تدبيرهما ، وعرف كل ما يسرّه له الإلهان المتسليان ، 45 فمضى حتى وقف قرب هيكتور وقال له : " يا هيكتور ، يا ابن بريام ، يا ندّ زيوس في الحكمة ، هل ستقتنع معي الآن وتقبل مني لأني أخوك ؟ دع الطرواديين جميعاً يجلسون ، وكذلك الآخيين ، وقم أنت نفسك باستدعاء أحد الآخيين ، وليكن أشجعهم ، 50 ليواجهك مبارزة رجل لرجل في نزال ضارٍ • طالما أنه لم يحن موعد موتك ومواجهة مصيرك • فلقد سمعت هذا الكلام بين الآلهة الخالدين " • وسعد هيكتور بما سمعه منه • فتقدم إلى الحد الفاصل بين الجمعين وأرجع الكتائب الطروادية ، 55 وهو يمسك رمحه من منتصفه حتى أجلسهم جميعاً ، فيما كان أغاممنون بدوره يُجلس الآخيين المدججين • وقامت أثينا ، ورب القوس الفضية ، أبولو ، وهما على هيئة طيرين من العقبان ، يحطان وحيدين على شجرة البلوط الكبيرة التي هي لوالدهما زيوس المدرع ، 60 وهما يستريحان ويرقبان هؤلاء الرجال الذين احتشدت صفوفهم ، وهم يهتزون كخصل من الرماح والتروس والخوذ • مثلما تفعل هبة من الريح الغربية تهب بغتة وتتبعثر على الماء ، فيسودّ الماء تحتها ، بمثل هذا السواد كانت صفوف الآخيين والطرواديين 65 في ذلك السهل • وقام هيكتور بين الطرفين يتكلم :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 183 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 184 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 226

" اسمعوني أيها الطرواديون ، ويا أيها الآخيون المدججون ، وأنا أقول ما يحثني على قوله قلبي الذي في صدري • إن زيوس ، ابن كرونوس ، المطل من العلياء ، لن يحقق تعهداتنا 2 ، بل إن نواياه سيئة نحو الطرفين 70 وستظل إلى أن يأتي اليوم الذي تجتاحون فيه طروادة ذات الحصون القوية ، أو اليوم الذي تتحطمون فيه أنتم قرب سفنكم عابرة البحار • وإذ أرى بينكم اليوم أشجع المقاتلين الآخيين ، فلينزل واحد منكم مدفوعاً بقوة قلبه لمنازلتي وليقف أمام الجميع ليقاتل بنفسه هيكتور المجيد • 75 واسمعوا الشروط التي أشترطها ، وليشهد علي زيوس • فإن استطاع انتزاع حياتي بالحد الدقيق لسلاحه البرونزي ، فليجردني من درعي وليعد به إلى السفن الجوفاء • ولكن ليعط جثتي كي تعاد إلى بيتي • كي يقيم الطرواديون وزوجاتهم طقوس إحراقي بعد موتي • 80 ولكن إن سلبته حياته ، ومنحني أبولو ذلك المجد ، فسأجرده من درعه ، وآخذه إلى إليون المقدسة ، وأعلقه أمام معبد أبولو الذي يرمي عن بعد • ولكنني سأعيد جثته لتؤخذ بين السفن المتينة ، لكي يقوم الآخيون ذوي الشعور المسدلة بدفنه بالطريقة اللائقة ، 85 ويجمعوا فوقه كومة تراب قرب معبر هيلي العريض • وحين يأتي شخص ما ذات يوم ويراها ، سيقول ، وهو يبحر في سفينته ذات المقاعد : " هذه الكومة لقبر رجل مات منذ زمن طويل في المعركة ،






2 إشارة إلى التعهدات في الفصل الثالث، عند المبارزة بين باريس ومينيلاوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 184 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 185 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 227

وكان أحد الشجعان • وقد قتله هيكتور المجيد " • 90 هكذا سيتحدث ذات يوم فلا تُنسى أمجادي " • أنهى كلامه فخيم الصمت على الجميع ، خجلين من الرفض ، وخائفين من قبول التحدي • وبعد صمت طويل تقدم مينيلاوس وخاطبهم قائلاً باحتقار وتأنيب ، والحزن الكبير يغلي في قلبه : 95 " ويلي ! أيها الشجعان في الكلام • أنتم نساء آخيا • ولستم رجالها • سيكون خزياً لنا ، وعاراً يتكوم فوق عار ، إن لم يخرج واحد من الدانانيين لمواجهة هيكتور • فلتتحولوا كلكم إلى ماء وتراب ، كلكم ، أنتم الجالسون بلا حياة ، والخزي يكللكم • 100 أنا نفسي سأتسلح لهذا الرجل • فخيوط النصر ممسوكة بأيدي الآلهة من فوقنا " • قال ذلك وبدأ يرتدي درعه الفاخر • يا مينيلاوس ! لقد بدت مسبقاً نهاية حياتك على يدي هيكتور ، طالما أنه أقوى منك بكثير ، 105 لولا أن ملوك الآخيين قفزوا وأمسكوا بك • وابن أتريوس نفسه ، أغاممنون القوي ، أمسك بك من يدك اليمنى ، وناداك باسمك ، وكلمك قائلاً : " مينيلاوس ، يا حبيب الإله ، لا داعي لأن تخرج عن طورك بهذه الطريقة • اصبر ولو آلمك ذلك • 110 ولا تتحرق مدفوعاً بكبريائك على منازلة من هو أقوى منك ، هيكتور ، ابن بريام • إن آخرين يرتجفون أمامه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 185 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 186 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 228

وحتى أخيل ، ، وهو أفضل منك بكثير ، يرتعد في القتال الذي يفوز منه الرجال بالمجد ، من مقابلة هذا الرجل • فارجع الآن واجلس وسط مرافقيك • 115 وسيدفع الآخيون بآخر لمنازلة هذا الرجل • وحتى لو كان عديم الخوف ، وليس ممن يرهقهم الكد ، فأظن أنه سيكون مسروراً لأن يغادر ، حتى لو خرج سالماً من القتال الضاري والمبارزة المريرة "• أنهى البطل كلامه وثنى عزيمة أخيه ؛ 120 لأن كلامه كان حكيماً • فأطاعه مينيلاوس ، وقام معاونوه مسرورين بأخذ الدرع عن كتفيه • ونهض نيستور من بين الأرجيفيين وخاطبهم قائلاً : " يا للعار • إن الأسى يحط في أرض آخيا • ولا شك أن بيليوس ، الخيّال العجوز ، سيُسمَع أنينه 125 وهو العظيم في رأيه بين المورميدون والناطق باسمهم • ذات مرة كان يسألني وأنا في بيته ، وكان مفعماً بالغبطة ، وهو يسمع نسب الأرجيفيين وسلالتهم • ولو سمع الآن كيف ينكمشون خائفين أمام هيكتور ، لرفع يديه أكثر من مرة إلى الآلهة 130 ولخرجت أنفاس الحياة من أطرافه ونزلت إلى بيت هيدز • لو أنني كنت ، يا أبانا زيوس ، ويا أثينا ، ويا أبولو ، ما أزال في شبابي كما كنت حين اجتمع البوليون ، وراح حاملو الرماح الأركاديون يقاتلون قرب نهر كيلادون الجياش قرب جداول إياردانوس ، وتحت أسوار فيا • 135








الإلياذة هوميروس الصفحة : 186 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 187 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 229

وقف بطلهم إيروثاليون ، الشبيه بالآلهة ، متقدماً وعلى كتفه درع الملك أريثووس ، أريثووس الرائع ، الذي أطلق عليه رجال تلك الأيام والنساء ذوات النطاقات اسم المحارب بالهراوة ، لأنه لم يكن ينزل إلى الحرب مسلحاً بقوس أو برمح طويل ؛ 140 بل بقضيب ضخم مصنوع من الحديد ، وبه كان يشتت الكتائب • وقد قام لوكورغوس بقتل هذا الرجل بالحيلة ، وليس بالقوة • فقد قابله في ممر ضيق لا تساعده فيه الهراوة لتجنب الهلاك ، وكان لوكورغوس سريعاً في الطعن من تحته • فشك رمحه في وسطه مما اضطره للانحناء متراجعاً 145 على الأرض ، فجرده من الدرع الذي أعطاه إياه آريس البرونزي وصار هو نفسه يلبس هذا الدرع في المعمعة • ولكن حين شاخ لوكورغوس بين التلال أعطاه لتابعه العزيز إيروثاليون • وصار حين يرتدي ذلك الدرع يتحدى أشجع الرجال لمنازلته • 150 ولكنهم كانوا جميعاً خائفين يرتعدون • ولم تظهر شجاعة أحد • أنا وحدي دفعني قلبي الصبور في جرأة لمنازلته • وكنت أصغر الجميع سناً • بارزته ، ومنحتني بالاس أثينا المجد يومها • وحدي بين الرجال جميعاً قتلت من كان أطول الرجال وأقواهم • 155 فقد راح يترنح بجسده الضخم هنا وهناك • ولو أنني فتيٌّ الآن ، كما كنت يومها ، ولو أن القوة لم تفارقني بعد ، لمنحت هيكتور ذا الخوذة البراقة معركته التي يريدها •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 187 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 188 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 230

ولكن أنتم الآن ، يا أشجع الآخيين ، لم تتزودوا بالإرادة القوية لمنازلة هيكتور • 160 هكذا وبخهم العجوز ، فكان أن وقف تسعة منهم دفعة واحدة • وكان أول الواقفين سيد الرجال أغاممنون ، ونهض بعده ابن توديوس ، ديوميديس القوي ، وبعده الأياسان الاثنان ، وقوتهما الشرسة بادية عليهما ، وبعدهما إيدومينيوس ، وميريونيس ، مرافق إيدومينيوس ، 165 النظير لرب المعارك السفاح ، وبعدهم نهض يوروبولوس ، ابن يوايمون الرائع ، ونهض ثواس ، ابن أندرايمون وأوليس العظيم • هؤلاء كلهم كانوا ر اغبين في مبارزة هيكتور الرائع • وأمامهم تحدث مرة أخرى الخيّال نيستور الجيريني : 170 " فلنقم بالقرعة عليكم كلكم لنرى من سيفوز بها • وهو سيكون من سيدخل البهجة إلى قلوب الآخيين • وهو سيكون مبتهجاً في أعماق قلبه ، إن استطاع أن يخرج سالماً من المعركة الضارية والمبارزة المريرة " • أنهى كلامه فعين كل منهم زلمه • 175 وألقوا الأزلام في خوذة أغاممنون ، ابن أتريوس ، وراح الجميع يرفعون أيديهم إلى الآلهة ويصلون لأجلهم • وكل منهم يتمتم وهو يحدق إلى السماء الفسيحة : " يا أبانا زيوس • فليفز أياس بالقرعة ، أو فليفز ديوميديس ، ابن توديوس ، أو ملك موكيناي الذهبية نفسه " • 180 وهز نيستور ، الخيّال الجيراني الأزلام ، وخلطها وهزها ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 188 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 189 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 231

حتى سقط زلم من الخوذة ، زلم من كان الجميع يتمنونه ، زلم أياس • وقام مناد بحمله والتنقل به بين الجمع الكبير المحتشد ، وأظهره من اليسار إلى اليمين لعظماء الآخيين جميعاً • فلم يعرفوه وأنكره كل منهم • 185 ولكنه وهو يجول به وسط الجمع أظهره للشخص الذي عينه على أنه زلمه ، وألقى به في خوذته ، خوذة أياس المجيد • فرفع يده ، ووقف المنادي أمامه ، ووضعه الرسول في يده • ورأى علامته على الزلم فانشرح فؤاده • ألقى الزلم عند قدميه على الأرض ، وخاطبهم قائلاً : 190 " انظروا يا أصدقاء • هذا الزلم لي • وأنا قد سعدت من كل قلبي لأنني أظن أنني أستطيع الفوز على هيكتور العظيم • فلتفعلوا ذلك إذن : إلى أن أرتدي درعي للقتال ، ولتصلوا جميعاً للإله زيوس ، ابن كرونوس ، بصمت ، وكل مع نفسه ، ولا تدعوا الطرواديين يسمعونكم • 195 أو فلتصلوا علناً وبصوت عال ، فليس لدينا ما نخافه أبداً ، إذ ما من أحد يستطيع أن يقهرني بالقوة ، رغماً عن إرادتي ، ولا بالحيلة أيضاً • فأنا أعتقد أن الرجل الذي ولد وترعرع في سالاميس ، وهو أنا ، ليس بالغر " • أنهى كلامه فراحوا يصلون للإله زيوس ، ابن كرونوس • 200 وكان كل منهم يتمتم ، وهو ينظر إلى السماء : " يا أبانا زيوس • أيها المطل من إيدا ، الأسمى والأكرم ، 3 تفضل بأن يفوز أياس على الصلف المشهور ، وأن يفوز بالنصر • ولكن إن كنت تحب هيكتور فعلاً ، وإن كنت مهتماً بأمره ،






3 هنا يغير الشاعر أسلوبه فينتقل من السرد إلى مخاطبة الشخصية.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 189 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 190 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 232

فامنح كلاً منهما قوة متساوية ، واجعل مجدهما متساوياً " • 205 وحين أنهوا كلامهم ، كان أياس قد أنهى تجهيز نفسه بالبرونز البراق • وبعد أن أنهى تحزيم جسده بكل دروعه ، سار في طريقه ، كما يمشي إله الحرب آريس بعظمة ، وهو يمشي لمحاربة البشر الذين ساقهم ابن كرونوس إلى القتال بغضب وبكراهية تسحق القلب • 210 هكذا كان أياس وهو يسير بعظمة ، ليعبر خط دفاع الآخيين ، وهو يبتسم تحت حاجبيه المتوعدين ، وقدماه تحته تتنقلان بخطوات كبيرة ، وهو يهز رمحه ذي الظل الطويل • وسر الأرجيفيون ، وهم ينظرون إليه ، فيما كان الطرواديون قد نزلوا على ركبهم وهم يرتعدون رعباً • 215 وحتى هيكتور نفسه ، كان قلبه يضرب بقوة في صدره • ولكنه لم يعد يستطيع أن يهرب ويتراجع إلى ما بين حشد رجاله • طالما أن كبرياءه هو الذي دفعه لطلب لمنازلة • واقترب منه أياس ، وهو يحمل ترسه البرونزي كالجدار وعليه جلد الثور المطوي سبع طيات ، والذي اشتغله له توخيوس 4 بإتقان • 220 وتوخيوس ، المقيم في هولي ، هو أفضل المشتغلين بالجلود • وهو الذي اشتغل له الترس اللامع سبع طيات من جلد العجول القوية ، وطرّق طبقة ثامنة من البرونز فوقه • هذا ما حمله أياس التيلاموني ليحمي صدره به • واقترب من هيكتور وقال له مهدداً : 225 " رجل لرجل يا هيكتور • وستعلم الآن علم اليقين كيف يكون الشجعان من الدانانيين ،






4 كلمة توخيوس تعني " الصانع". ولذا فمن الممكن أن لا يكون الاسم لشخصية محددة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 190 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 191 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 233

حتى بعد اعتزال آخيل ذي القلب الأسدي ، والذي يحطم الرجال في المعارك • فهو يسترخي الآن معتزلاً في سفنه المدببة عابرة البحار ، غاضباً من أغاممنون ، راعي الجميع • 230 ولكن نحن هنا • ونحن قادرون على الوقوف أمامك • وهناك منا الكثير • فابدأ الآن حربك ومبارزتك " • ورد عليه هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة : " يا أياس • يا ابن تيلامون ، سليل زيوس • يا سيد القوم • لا تحاول اختباري وكأنني ولد ضعيف ، 235 أو امرأة لا تعرف شيئاً من فنون القتال والحرب • فأنا أعرف جيداً كيف أقاتل وأقتل الرجال في المعارك • وأعرف كيف أُميل إلى اليمين واليسار جلد الثور المدبوغ ترساً ليحميني في المعركة • وأعرف كيف أشق طريقي وسط ضوضاء الخيول الهاربة 240 وأعرف كيف أمشي على أرض إله الحرب المتجهمة • ومهما كنت عظيماً فلن أضربك في غفلة • سأنتظر فرصتي ، ولكن علناً ، وآملاً أن أتمكن منك " • أنهى كلامه ، ثم وازن رمحه وقذف به • فأصاب ترس أياس الرهيب ذا الطبقات السبع 245 المغطاة بالبرونز ، والذي يشكل طبقته الثامنة • وشقت الحربة القوية طريقها عبر ست طبقات ولكنها توقفت عند الطبقة الجلدية السابعة • وقذف بعده أياس المشتهر بدوره رمحه ذا الظل الطويل ، وأصاب ترس ابن بريام في وسطه • 250








الإلياذة هوميروس الصفحة : 191 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 192 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 234

ودخلت الحربة الثقيلة خلال الترس اللامع ، وشقت طريقها إلى الدرع المشغول بعناية • ودخلت مباشرة حتى قميصه • ولكنه مال جانباً فتجنب الموت الشنيع • ولأنهما ما زالا يمسكان برمحيهما فقد انتزعاهما ، 255 وتقدم كل منهما إلى الآخر مثل ليثين يعيشان على اللحم النيء ، أو دبّين بريين هائجين لا يستهان بقوتيهما • وطعن ابن بريام برمحه وسط الترس فلم تشق الحربة طريقها بل التوت منحنية • فهجم عليه أياس وطعن ترسه ، فمرقت الحربة 260 شاقة طريقها ، وجعلت هيكتور يترنح تحت وطأتها ووصلت إلى رقبته فانفجر منها الدم • ومع ذلك فإن هيكتور ذا الخوذة اللامعة لم يتوقف عن القتال ، بل ارتد عليه ، وأمسك بيده الثقيلة حجراً كان ملقى في السهل ، حجراً أسود ضخماً ومخدداً • 265 وضرب به ترس أياس الرهيب ذا السبع طبقات في عقدة وسطه فانسحق البرونز من حوله مصدراً صوتاً عالياً • وبدوره رفع أياس بعده حجراً أكبر بكثير ولوح به ورماه ، باذلاً في الرمية قصارى قوته • فتحطم الترس إلى الداخل تحت ضربة الحجر وكأنه حجر رحى ، 270 فارتخت ركبتا هيكتور ، ومال إلى الوراء ، والترس ممزق فوقه ، ولكن أبولو سرعان ما رفعه وأوقفه • وكادا يلتحمان ليتطاعنا بسيفيهما عن قرب ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 192 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 193 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 235

لولا وصول رسولين مبعوثين من زيوس والبشر ، أحدهما إلى الآخيين المدرعين بالبرونز ، والثاني للطرواديين • 275 وهما إيدايوس وتالثوبيوس ، وكل منهما معروف بحكمته • ومدا بين المتبارزين هراوتيهما ، وقام الرسول إيدايوس ، من خلال معرفته بالرأي السديد ، بتوجيه كلمة لهما : " توقفا عن القتال ، يا ابنيّ العزيزين ، ولا تتابعا هذه المبارزة • فأنتما الاثنان عزيزان على زيوس جامع الغيوم ، 280 وأنتما الاثنان محاربان جيدان ، وهذا ما نحن ، كلنا ، واثقون منه • إن الظلام يحل الآن • ومن الأفضل التوقف خلال الليل " • فرد عليه أياس ، ابن تيلامون ، قائلاً : " ولكن هيكتور هو الذي يرد على ذلك ، حيث أنه هو الذي ، بغروره ، استدعى أشجع رجالنا لمبارزته • 285 دعه يتكلم هو أولاً • وأنا ، من جهتي ، سأفعل حسب ما يريد " • وتطلع إليه هيكتور الطويل ورد قائلاً : " إنني إذ أرى أن الإله قد منحك ، يا أياس ، القوة والبنية والحكمة أيضاً وأنت تبز الآخيين الآخرين في القتال بالرمح ، دعنا الآن نوقف القتال والنزاع 290 بالنسبة لهذا اليوم • فنحن سنتحارب ثانية إلى أن تختار الآلهة بيننا ، وتخص أحدنا بالنصر على الآخر • إن الظلام يحل الآن • ومن الأفضل أن نستسلم للّيل ، وبهذا تجلب الغبطة للآخيين جميعاً وهم قرب سفنهم ، وخاصة للأقرباء والمرافقين • 295 وأنا سوف أدخل السرور في مدينة الزعيم بريام العظيمة








الإلياذة هوميروس الصفحة : 193 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 194 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 236

إلى قلوب الطرواديين ونساء طروادة ذوات الأثواب الفضفاضة ، واللواتي سيجتمعن في قداس الشكر من أجلي • هيا بنا إذن ، ولنتبادل الهدايا الكريمة ، بحيث يتمكن كل آخي أو طروادي أن يقول عنا : 003 لقد تحارب هذان بحقد آكل للقلوب ، ثم التحما بصداقة حميمة ، قبل أن يفترقا " • قال ذلك وأخرج سيفاً مرصعاً بالفضة ، وأعطاه له مع الغمد والحمائل الباهرة • وقدم أياس بدوره نطاقاً حربياً ملوناً ومشعشعاً بالأرجوان 305 وهكذا افترقا • وعاد أياس إلى وسط أهله الآخيين • وعاد هيكتور إلى الطرواديين المحتشدين ، الذين أسعدهم أن يروه عائداً من المبارزة وهو حي ودون جراح ، وقد نجا من بين يدي أياس القويتين اللتين لا تغلبان • ورافقه أولئك الذين لم يأملوا أن يروه حياً 310 في الطريق إلى المدينة • وفي الطرف الآخر قاد الآخيون المدججون أياس ، سعداء بانتصاره ، إلى حيث أغاممنون العظيم • وحين وصل هؤلاء إلى حيث ابن أتريوس ذبح لهم أغاممنون ، سيد الرجال ، ثوراً في الخامسة من عمره ، تقدمة لزيوس ، الابن القادر لكرونوس • 315 سلخوا الذبيحة وهيؤوها وقطعوها ، ثم قطعوا اللحم بخبرتهم إلى قطع صغيرة ، وسفدوها • وشووا الكل بعناية ثم تناولوا القطع • وحين أنهوا ذلك أعدوا الوليمة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 194 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 195 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 237

ثم احتفلوا ، ولم يُضن على جوع أحد منهم بالحصة الملائمة • 320 وقام ابن أتريوس ، أغاممنون ذو الحكم الواسع ، بإعطاء أياس قطعاً طويلة من الرأس تكريماً له • وبعد أن اكتفوا من الطعام والشراب بدأ الشيخ بتشكيل مجلس الشورى أمامهم ، وعلى رأسهم نيستور الذي أثبت حكمته من قبل • 325 وبنية طيبة نحو الجميع وقف وخاطبهم قائلاً : " يا ابن أتريوس ، وأنتم أيها العظماء بين الآخيين ، بعد أن رأينا العديد من الآخيين ذوي الشعور المرسلة يموتون هنا ، ودماؤهم القاتمة مهدورة قرب المياه العذبة لنهر سكاماندروس من قبل إله الحرب الشرس ، بينما نزلت أرواحهم إلى بيت هيدز ، 330 علينا أن نضع عند الفجر حداً لقتال الآخيين • وبعد اجتماعهم نعيد الجثث بالعربات مقطورة بالبغال والثيران • وبعد ذلك نحرقها بعيداً عن السفن وبحيث يستطيع كل حسب واجبه أن يعيد العظام إلى أولاد المتوفي ، حين نعود إلى أرض الآباء • 335 ودعونا نكوم تلة واحدة لجميع الجثث في هذا السهل ، ودون تمييز ، ونسرع في بناء متاريس برجية تكون للدفاع عنا وعن سفننا • ودعونا نبني داخل السور أبواباً متينة ، بحيث يكون بينها مجال لاندفاع الخيول 340 ومن الجانب الآخر ، وقريباً منه نحفر خندقاً عميقاً يحيط به لإبعاد خيولهم ومقاتليهم عنا ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 195 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 196 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 238

وبحيث لا يسحقنا هجوم يقوم به هؤلاء الطرواديون المغرورون " • وحين أنهى كلامه أبدى الملوك جميعهم موافقتهم على ما قال • وبالمقابل كان هناك اجتماع للطرواديين في مدينة إليون 345 سرعان ما تحول إلى صخب أمام باب قصر بريام • وكان بينهم أنتينور المفكر الذي بدأ يخاطبهم قائلاً : " أيها الطرواديون والداردانيون والحلفاء في السلاح ، اسمعوني حين أبوح بما يكنه فؤادي • هيا بنا • فلنرجع هيلين الأرغوسية وممتلكاتها كلها 350 إلى ابني أتريوس ليأخذاها ؛ طالما أننا نقاتل الآن وقد تحولت عهودنا كلها إلى أكاذيب • فأنا لا أرى في النهاية أي خير لنا ننجزه ، إن لم نفعل كما أقول " • أنهى كلامه وعاد إلى الجلوس • فنهض من بينهم ألكسندر البهي ، عشيق هيلين ذات الشعر الجميل ، 355 الذي تكلم رداً على ما قيل ، وخاطبهم بكلمات مجنحة : " لم تعد هذه الأقوال تسرني يا أنتينور • وعقلك أقدر على ابتكار كلام أفضل من ذلك • ولكن إن كانت هذه حجتك الجدية ، فإن الآلهة ذاتها قد خربت عقلك الذي في رأسك • 360 سأتكلم علناً أمام الطرواديين ، محطمي الخيول ، وأقول إنني أرفض كلياً • لن أعيد المرأة • أما الممتلكات التي جلبتها إلى بيتنا من أرغوس فإنني راغب في إعادتها ، والإضافة عليها من ممتلكاتي " • أنهى كلامه وعاد إلى الجلوس • فنهض من بينهم 365








الإلياذة هوميروس الصفحة : 196 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 197 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 239

بريام ، ابن داردانوس ، الشبيه بالآلهة في حكمته وبحسن نية نحو الجميع تقدم وقال مخاطباً إياهم : " أيها الطرواديون والداردانيون ورفاق السلاح ، اسمعوني وأنا أقول ما يوحي به قلبي الذي في صدري • تناولوا الآن عشاءكم في أنحاء المدينة كما تعودتم • 370 وتذكروا واجبكم في الحراسة • وليكن كل منكم يقظاً • وليذهب إيدايوس عند الفجر إلى السفن الجوفاء ، وليتحدث إلى ابني أتريوس ، مينيلاوس وأغاممنون ، ناقلاً كلام ألكسندر، الذي من أجله قام هذا القتال • وليضف هذه الرسالة الواضحة ، فيسألهما إن كانا راغبين 375 في إيقاف هذا القتال المأساوي إلى أن نتمكن من إحراق جثث موتانا • وبعدها نتحارب ثانية إلى أن تقرر الآلهة أن تختار بيننا ، وتقضي بالنصر إلى هذا الطرف أو ذاك " • أنهى كلامه ، وقد سمعوه باهتمام ، وأطاعوه • وهكذا تناولوا عشاءهم ، وحراسة تتلو حراسة ، في الجيش كله • 380 وعند الفجر نزل إيدايوس نحو السفن الجوفاء ، حيث وجد الدانانيين ، مرافقي إله الحرب ، مجتمعين قرب دفة سفينة أغاممنون • ووقف الرسول في وسطهم وبصوت جلي وقوي خاطبهم قائلاً : " يا ابن أتريوس ، وأنتم أيها الآخيون العظماء • 385 لقد طلب مني بريام وبقية عظماء الطرواديين ، أن أعطيكم ، إذا لاقت هذه الرسالة قبولكم واستحسانكم ، كلمة ألكسندر، الذي من أجله تقوم هذه الحرب •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 197 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 198 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 240

إن جميع الممتلكات التي حملها ألكسندر في سفنه الجوفاء إلى طروادة ، وأتمنى لو أنه مات قبل أن يفعلها ، 390 هو راغب في إعادتها والإضافة عليها من ممتلكاته • أما زوجة مينيلاوس المجيد فإنه يقول إنه لن يرجعها ، مع أن الطرواديين يريدون منه أن يفعل ، وقد طلبوا مني نقل هذه الرسالة أيضاً ، إن كنتم راغبين ، أن نوقف هذا القتال المؤسف لكي نحرق جثث موتانا • 395 وسنتحارب مرة أخرى فيما بعد ، إلى أن تقرر الآلهة الاختيار بيننا ، ومنح المجد لهذا الطرف أو ذاك " • وبعد أن أنهى كلامه ساد الصمت بينهم • وبعد قليل قام ديوميديس ، ذو الصرخة الحربية الداوية ، وخاطبهم قائلاً : " لا تدعوا أحداً يقبل ممتلكات ألكسندر • 400 ولا باستعادة هيلين • إن أبسط الناس يستطيع تقدير أن شباك الموت قد بدأت تنتشر فوق الطرواديين " • أنهى كلامه فهتف أولاد الآخيين مهللين لكلمات ديوميديس ، محطم الخيول ، ثم وقف أغاممنون القوي مخاطباً إيدايوس : 405 " يا إيدايوس • لقد سمعت بنفسك كلمة الآخيين وسمعت ردهم عليك ، وهذا ينسجم مع رغبتي أيضاً • أما بالنسبة لإحراق جثث الموتى فلا أبخل عليكم بذلك • إذ ليس هناك وقت للذين ماتوا ، وحين يموتون يجب الإسراع بالحرق التكريمي لهم • 410 وليشهد زيوس ، زوج هيرا القاصف بالرعد ، على عهودنا " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 198 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 199 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 241

قال ذلك ورفع الصولجان أمام أبصار الآلهة كلهم • فعاد إيدايوس أدراجه من جديد إلى إليون المقدسة • وكان الطرواديون والدانانيون مجتمعين ، كلهم في مكان واحد ، بانتظار عودة إيدايوس • 415 وجاء إليهم وأبلغهم الرسالة ، وهو يقف في وسطهم • فجهزوا أنفسهم بسرعة ، لأمرين : البعض لجمع الجثث ، والبعض لجمع الحطب • أما الآخيون ، في الجانب الآخر ، عند سفنهم القوية فكانوا يتحركون أيضاً لجمع الجثث والحطب • 420 وأشرقت شمس اليوم الجديد على الأرض المحروثة ، خارجة من المياه الهادئة ومن أعماق البحر لتتسلق السماء • واحتشد الطرواديون • فوجدوا صعوبة في التعرف على كل ميت بمفرده ، فغسلوا عن الجثث الدماء التي تغطيها ، 425 وهم يكفكفون الدموع الحارة عند رفعها إلى العربات • ولكن بريام العظيم لم يسمح باستمرار البكاء • فراحوا يجمعون الجثث بصمت ، وقلوبهم مليئة بالأسى • وأحرقوها ، ثم عادوا إلى إليون المقدسة • وبالطريقة ذاتها ، في الطرف الآخر ، كان الآخيون المدججون 430 يكومون قتلاهم فوق المحرقة ، بقلوب مترعة بالأسى ، ثم أحرقوها ، وعادوا إلى سفنهم الجوفاء • ولكن قبل أن يبزغ الفجر ، وحين كان ما يزال في شحوب حافة الليل ، شكت مجموعة مختارة من الآخيين محرقة كبيرة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 199 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 200 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 242

ثم تجمعوا وكوّموا كومة تراب واحدة فوقها كلها ، 435 دون تمييز في ذلك السهل ، وبنوا فوقها حصناً بمتاريس برجية ، ليكون موقعاً دفاعياً لهم ولسفنهم • وبنوا داخل هذه الأسوار أبواباً متينة تتسع لمرور الخيول • وعلى الجانب الخارجي ، وفي مواجهة الموقع ، حفروا خندقاً عميقاً ، 440 وقد جعلوه كبيراً وعريضاً ، وغرزوا فيه أوتاداً حادة • هذا ما قام به الآخيون ذوو الشعور المسدلة ، وفي الوقت ذاته كان الآلهة مجتمعين بجانب زيوس ، الممسك بالبرق ، وهم يرقبون الجهد الكبير الذي يبذله ا لآخيون المدرعون بالبرونز • وبدأ الإله بوزيدون ، الذي يهز الأرض ، يكلمهم : 445 " يا أبانا زيوس • هل ظل إنسان في الأرض الشاسعة قادراً على البوح بأهدافه وبما في باله للآلهة ؟ ألا ترى كيف أن هؤلاء الآخيين ذوي الشعور المسدلة قد بنوا سوراً لسفنهم في مواجهة البر ، وحفروا حوله خندقاً دون أن يقدموا للآلهة أية أضحية ؟ 450 إن شهرة هذا السور ستبقى طالما هناك نور للفجر • وسينسى الناس السور الذي بنيته مع فويبوس أبولو بجهدنا الكبير لبطل مدينة لاوميدون " • ورد عليه زيوس جامع الغيوم ، وهو في أشد الاضطراب : " ما هذا الذي تقوله يا من تهز الأرض بقوتك الهائلة ؟ 455 إن إلهاً آخر يمكن أن يخشى من فكرة كهذه • إلهاً أضعف بكثير في يديه وغضبه مما أنت عليه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 200 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 201 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 243

إن شهرتك أنت هي التي ستبقى طالما أن هناك ضوء فجر • اسمع إذن • حين يعود الآخيون ذوو الشعر المرسل مرة أخرى في سفنهم صوب أرض آبائهم 460 ستنزل إلى سورهم وتهدمه وتبعثره في البحر المالح • وتعيد تغطية الساحل بأكوام الرمال حتى تغطيه • وبذلك تجعل سور الآخيين العظيم فريسة للدمار والنسيان " • وفيما كانا يتكلمان على هذا النحو ، غربت الشمس ، وأنهى الآخيون عملهم • 465 فذبحوا الثيران قرب مآويهم وتناولوا عشاءهم • وجاءتهم السفن من ليمنوس حاملة الخمر ، وكانت سفناً عديدة أرسلها لهم إيونيوس ، ابن جيسون ، ذلك الذي حملت به هوبسيبولي من سيد القوم ، جيسون • وبشكل خاص لابني أتريوس ، أغاممنون ومينيلاوس ، 470 أرسل ابن جيسون ، كهدية ، ألف كيل • أما بقية الآخيين ذوي الشعر المرسل فقد راحوا يشترون الخمر ، بعضهم بالبرونز ، وبعضهم بالحديد اللامع ، وبعضهم بالجلود ، وبعضهم بثيران كاملة • بينما كان آخرون يدفعون عبيداً استرقّوهم في الحرب ، فجعلوا وليمتهم غاية في الترف • 475 وطوال الليل ظل الآخيون ذوو الشعور المرسلة يحتفلون • بينما ظل الطرواديون وحلفاؤهم تحت السلاح في المدينة • ولكن طوال الليل كان زيوس سيد المجالس والمشورة يدبر لهم الشر ، ويهيّء الصواعق الرهيبة لهم • واستولى عليهم 5 الخوف الأخضر الشاحب • سكبوا الخمر من أكوابهم على الأرض 6 ، ولم تبق رغبة لدى أحد منهم 480






5 ليس واضحاً من هو المقصود. بعض الشراح يرون أن المقصود هو الطرواديون. وبعضهم يرى أنهم الآخيون (اليونانيون). 6 وهذه من طقوس القربان والتقرب إلى الآلهة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 201 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 202 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 244

في الشرب ، ما لم يسكب الخمر من أجل ابن كرونوس البالغ القوة • وفي النهاية اضطجعوا واستسلموا لنعمة النوم •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 202 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 203 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الثامن

رقم صفحة الكتاب الورقي: 245

انتشرت الآن أشعة الفجر ذات الثوب الأصفر على الأرض • وعقد زيوس ، الذي يستأنس بالرعد ، اجتماعاً للآلهة كلهم على القمة العالية للأولمب الوعر • وهناك حدثهم بنفسه ، والآلهة الآخرون يسمعون : " اسمعوني كلكم أيها الآلهة وأيتها الإلهات • اسمعوني 5 وأنا أتحدث بما يمليه علي قلبي • ولا تحاول أية إلهة أنثى ، ولا أي إله ذكر أيضاً ، أن يتصور اعتراض طريق كلماتي ، بل عليكم كلكم أن تطيعوها لكي أستطيع أن أنتهي بسرعة من هذه المسائل • كل من أراه يحاول ، ضد إرادة الآلهة ، 10 أن يدخل بين الطرواديين ليساعدهم ، أو بين الدانانيين ، سيساق بالسوط طرداً حتى يصل الأولمب ؛ أو آخذه ، أنا بنفسي ، وألقي به في عتمة تارتاروس السحيقة ، حيث أعمق هوة تحت الأرض ، وحيث هناك أبواب من الحديد وعتبات من النحاس ، 15 تحت أعمق أعماق بيت هيدز بقدر ما تبعد السماء عن الأرض • وعندها سيدرك كم أنا أقوى من أي إله آخر • هيا إذن • اعملوا هذه التجربة لعلكم تتعلمونها • أنزلوا من السماء حبلاً من ذهب ، وأمسكوا به كلكم ، أنتم الأرباب والربات ، وشدوا 20 ومع ذلك لن تستطيعوا أن تنزلوا زيوس من السماء إلى الأرض ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 203 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 204 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 247

وأطلق الجياد جامحة ، فجنّحت مطيعة 45 في الفضاء القائم بين الأرض والسماء المرصعة بالنجوم • وصل إلى إيدا ذات الينابيع ، وأم الوحوش البرية ، وتوقف في غارغارون ، حيث أرضه المقدسة ومذبحه ذو الدخان • وهناك أوقف أبو الآلهة والبشر خيوله ، وحررها من أعنتها ، ولف حولها غمامة ضبابية • 50 وبشعور بالفخر بقوته جلس على الجبل مطلاً على طروادة ، وعلى سفن الآخيين • وكان الآخيون ذوو الشعور المرسلة يتناولون عشاءهم بهدوء وسط مآويهم • وبعد ذلك لبسوا عدة حربهم • وفي الطرف الآخر ، في المدينة ، كان الطرواديون يرتدون عدتهم ، 55 وقد قل عددهم ، ولكنهم مصرون على مواجهة الموقف ، على الرغم من صعوبته عليهم ، من أجل زوجاتهم وأطفالهم • وفتحت الأبواب كلها ، فمر منها المحاربون ، المشاة والخيالة ، وعلا صوت هجومهم • وحين بلغ تقدمهم موقعاً معيناً ، والتقى الطرفان ، 60 تصادمت التروس ، واشتبكت الرماح ، وتصادمت قوة الرجال المدرعين بالبرونز ، وكثرت التروس في الوسط التي يصطدم أحدها بالآخر ، وارتفعت جلبة القتال • واختلطت صرخات الألم بصيحات الظفر من رجال يقتلون ويُقتلون ، وسالت الدماء على الأرض • 65 وحتى الآن كان الصباح الباكر ، وكان الضوء المقدس للنهار يتزايد ، وحتى الآن كان التراشق بالأسلحة مستمراً ، والرجال يتساقطون •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 204 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 205 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 248

ولكن حين تخطى إله الشمس وسط السماء ، وازن الأب كفتي ميزانه الذهبي ، ووضع فيهما كميتين متساويتين من الموت الذي يودي بالرجال 70 للطرواديين ، محطمي الخيول ، والآخيين المدرعين بالبرونز ، ووازنه في المنتصف • فكان يوم الموت للآخيين أكثر ثقلاً • ومالت كفة الآخيين نحو الأرض الكريمة ، فيما ارتفعت كفة الطرواديين نحو السماء الفسيحة • فيما كان يوجه ضربة عنيفة من إيدا 75 فانطلقت ومضة مبهرة 1 فوق الآخيين • وحين رأوها أخذتهم الدهشة ، وهيمن الرعب الشاحب عليهم كلهم • وعندها لم يجرؤ إيدومينيوس على الثبات في موقعه ، ولا أغاممنون ، ولا الإياسان ، تابعا آريس • وحده نيستور الجيريني ثبت حامياً للآخيين • 80 ليس لأنه كان راغباً في ذلك 2 ، بل لأن حصانه كان قد سقط بسهم من ألكسندر الرائع ، المحبوب من هيلين ذات الشعر الجميل • أصابه في جبينه ، عند منبت الشعر ، وكانت بالطبع إصابة قاتلة • فوثب متألماً حين دخل رأس السهم في الدماغ ، 85 فأشاع الذعر بين جياد العربة وهو يتلوى فوق البرونز ، وفيما كان العجوز يقطع عنان الجواد بضربة سيف سريعة ، كانت جياد هيكتور السريعة قد دخلت وسط المعمعة حاملة سائقها الجريء ، هيكتور ، وكان العجوز سيفقد حياته في تلك اللحظة ، 90






1 البرق والصاعقة . 2 يفترض أن الموقف كوميدي لأن وقفة نيستور إجبارية.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 205 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 206 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 249

لولا أن ديوميديس ، ذا الصرخة الحربية المجلجلة ، لمحه • فأطلق صرخة داوية يستدعي بها أوليس : " يا ابن لايرتيس ، وسليل زيوس ، يا أوليس الداهية ، أين تهرب وتدير ظهرك للمعركة مثل أي جبان ؟ لا تسمح لهم أن يطعنوك بالرمح في ظهرك وأنت تركض طلباً للنجاة ، 95 بل اثبت في مكانك لعلنا نستطيع أن نرد هذا الرجل القاسي عن العجوز " • هكذا صاح ، ولكن أوليس العظيم ، ذا المعاناة الطويلة ، لم يوله اهتماماً ، وهو يتوجه نحو السفن الآخية الجوفاء • ولذلك فإن ابن توديوس ، الذي كان وحيداً ، شق طريقه بين الأبطال ووقف أمام جياد العجوز ابن نيليوس • 100 وبكلماته المجنحة خاطبه قائلاً : " يا سيدي العجوز ، يجب أن نقر بحقيقة أن هؤلاء المقاتلين الشبان أكبر من طاقتك • فقوتك كلها قد ذهبت ، وحلت عليك الشيخوخة الصعبة • تابعك رجل لا أهمية له ، وجيادك متعبة • فهيا الآن • اصعد إلى عربتي لكي تستطيع أن ترى 105 ما هي عليه الجياد الطروادية 3 ، وكيف تتفهم سهل بلادها ، وبأية سرعة تجتازه في الكر والفر ، فهذان الجوادان كنت قد كسبتها من أينياس ، موقع الرعب في قلوب الرجال • دع تابعك يهتم بجيادك الآن فيما نوجه نحن هذين الجوادين ضد الطرواديين ، محطمي الخيول ، لعله حتى هيكتور 110 يمكن أن يعرف أن رمحي أيضاً يتقلب بين يديّ " • قال ذلك فأطاعه نيستور ، الخيال الجيريني • وعندها قام التابعان القويان ، سثينيلوس وإيوروميدون اللطيف ،






3 من أين لديوميديس الجياد الطروادية؟ إنهما الجوادان اللذان فاز بهما في الفصل الخامس من أينياس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 206 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 207 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 250

بالاهتمام بجياد نيستور • بينما ركب الآخران عربة ديوميديس • 115 وأمسك نيستور بيديه الأعنة اللامعة ، ثم ساط الجياد ، وسرعان ما صارا أكثر قرباً من هيكتور • وفيما كان هذا يتقدم هادراً قام ابن توديوس بالرمي صوبه ، ولكنه أخطأه وأصاب السائق ، تابعه إينيوبيوس ، ابن ثيبايوس الشجاع • وكانت الإصابة 120 في الصدر قرب الحلمة وهو ممسك بأعنة جياده • فسقط من العربة ، وانحرفت جياده السريعة عن مسارها • وهناك تبددت حياته وقوته • وخيم حزن شديد على قلب هيكتور من أجل سائق عربته ، إلا أنه مع حزنه عليه تركه ملقى هناك • 125 وتابع بحثاً عن سائق جريء آخر ، ولم تمض الجياد بعيداً دون سائق ، حتى عثر على بديل ، هو أرخيبتوليموس ، الابن المقدام لإيفيتوس ، فسلمه الأعنة وأصعده وراء الجياد السريعة • وعندها حدث قتال لا سيطرة لأحد عليه ، وحل خراب ، 130 حيث كانوا سيُحشرون ويحاصرون كالأغنام في طروادة ، لولا أن أبا الآلهة والبشر انتبه إليهم جيداً • فأرعد بشكل رهيب ، وأطلق البرق المبهر وصوّبه نحو الأرض أمام جوادي ديوميديس ، فانطلق اللهب المريع للكبريت المشتعل ، 135 وأجفل الجوادان وارتدا بالعربة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 207 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 208 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 251

وأفلتت الأعنة اللامعة من بين يدي نيستور ، ودب الذعر في قلبه فنادى ديوميديس : " يا ابن توديوس ، وجِّه إلى الهرب جواديك ، ألا تستطيع أن ترى أن قوة زيوس لم تعد معك ؟ 140 فزيوس ، ابن كرونوس ، يمنح المجد لهذا الرجل اليوم ، وربما منحنا إياه نحن أيضاً فيما بعد • وما من إنسان يستطيع أن يرد زيوس عن غايته ، ولا حتى إن كان قوياً جداً ، فزيوس هو الأعظم بما لا يقاس " • فرد عليه ديوميديس ذو الصرخة الحربية المجلجلة : 145 " نعم يا سيدي العجوز • كل ما قلته جميل وصحيح • ولكن هذه الفكرة تأتي إلى روحي وقلبي بالحزن المرير ، وذات يوم سيقول هيكتور أمام الطرواديين : إن ابن توديوس هرب إلى سفنه راكضاً أمامي • هكذا سيتباهى متبجحاً ، وعندها سأتمنى لو أن الأرض تنخسف بي " • 150 ورد عليه الخيّال نيستور الجيريني قائلاً : " ويلي ، يا ابن توديوس ، ما هذا الذي تقوله ؟ إن قال عنك هيكتور إنك جبان وعديم القوة ، فإن الطرواديين والداردانيين لن يصدقوه • وحتى زوجات المحاربين الطرواديين الشجعان لن يصدقنه ، 155 فهن اللواتي جندلتَ أزواجهن في التراب ، وهم في عز رجولتهم " • أنهى كلامه ووجه العربة نحو الهرب ، عائداً ثانية في الطريق • بينما كان الطرواديون وهيكتور يرشقون سهامهم عليهما بجلبة شديدة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 208 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 209 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 252

وصاح هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة بصوت مدو : 160 " يا ابن توديوس • لقد كرمك الدانانيون ذوو الجياد السريعةأكثر من الآخرين بالمكانة الرفيعة في المآدب ، وباختيار نوع اللحم وكؤوس الخمر المليئة • ولكنهم الآن سيعيّرونك وأنت لست أفضل من امرأة • عليك اللعنة أيها الدمية البائسة • لن تستطيع اقتحام الحصون ، ولن تراني أستسلم أمامك ، ولن تسبي نساءنا 561 في سفنك إلى بلدك • قبل أن يحدث ذلك سوف أوصلك إلى نهايتك • أنهى كلامه فراح ابن توديوس يفكر ملياً بما سمع • أيدير رؤوس جياده ويجرب قوته مع هيكتور ؟ ثلاث مرات وازن الأمر في قلبه وروحه ليرجع ، وثلاث مرات كان زيوس ذو المشورة يرعد من تلال إيدا ، 170 معطياً الإشارة للطرواديين أن المعركة قد تغير مجراها • ولكن هيكتور صاح بالطرواديين من بعيد بصوت مجلجل : " أيها الطرواديون واللوكيون والداردانيون الذين قاتلتم بالتحام ، كونوا رجالاً الآن يا أصدقائي ، وتذكروا بسالتكم الجريئة • إنني أرى أن ابن كرونوس قد أحنى رأسه مؤيداً 175 مجدي العظيم وفوزي ، ولكنه أصاب الدانانيين بالهلاك • أولئك الحمقى الذين صمموا بعناية وحرص هذه التحصينات ، وهي أشياء هشة ، لا تستحق التفكير فيها ولن تصمد أمام قوتي • بل إن جيادي ستقفز فوق ذلك الخندق الذي حفروه بخفة شديدة • وحين أصل إلى قرب سفنهم الجوفاء ، 180 فليتذكر بعضكم أن يجلبوا ناراً مضطرمة ، لكي أستطيع إحراق سفنهم ، وأفتك








الإلياذة هوميروس الصفحة : 209 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 210 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 253

بالأرجيفيين وهم تائهون في الدخان إلى جانب سفنهم " • أنهى هذا الكلام ، ثم دعا جياده بصوت عال ، وخاطبها قائلاً : " يا كسانثوس ، وأنت يا بوداغروس وأيثون ولامبوس المجلّي • 185 عوضوني الآن عن تلك العناية الفائقة التي أولتكم إياها أندروماكي ، ابنة إييتون الجريء ، بالقمح اللذيذ الذي خصتكم به دون الجياد الأخرى ، وقد مزجت لكم الخمر لكي تشربوا حين كانت تريد ذلك ، من أجلي ، أنا زوجها الفتي • 190 اقتربوا الآن وكونوا سريعين لعلنا نستولي على ترس نيستور ، الذي وصلت شهرته إلى السماء ، حيث أنه مصنوع من الذهب ، الترس ذاته والقضبان التي فيه ، ونخلع عن كتفي ديوميديس ، محطم الخيول ، درع صدره متقن الصنع ، الذي اشتغله هيفايستوس بكد وجهد كبيرين • 591 إن تمكنا من الاستيلاء على هذين الشيئين فإنني آمل أن الآخيين سوف يرحلون هذه الليلة بالذات على سفنهم السريعة " • قال ذلك متفاخراً ، فثار غضب هيرا ، واهتزت فوق عرشها ، كما اهتز الأولمب الشاهق ، وتحدثت مباشرة إلى الإله العظيم بوزيدون : 200 " يا للعار • أنت القوي الذي تهز الأرض • إن قلبك في صدرك لا يحس بالأسى على الدانانيين الذين يواجهون الموت ، أولئك الذين قدموا لك الأعطيات في هيليكي وأيجاي ، وكانت عديدة ومريحة • فهل خططت لأن ينتصروا ؟ لو أننا ، كلنا ، نحن الذين نقف مع الدانانيين ، كنا راغبين 205








الإلياذة هوميروس الصفحة : 210 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 211 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 254

في صد الطرواديين ، وصد زيوس ذي الحاجبين الواسعين ، فإنه لن يرضى ، ذلك الجالس وحيداً مع نفسه في إيدا " • انفعل بعمق ، ذلك القوي المرجّ للأرض ، وأجابها قائلاً : " يا هيرا التي تتكلم دون انضباط لكلامها • ما هذا الذي تقولينه ؟ إنني لست راغباً في أن نصطدم كلنا مع زيوس ، 210 ابن كرونوس ، طالما أنه المتفوق والأقوى " • وفيما كان هذان يتكلمان معاً بهذه الطريقة ، كان الآخرون قد ملؤوا تلك المسافة ، التي سببها خندق السور لفصلهم عن السفن ، فصارت مزدحمة بالرجال المدججين وبالخيول ، والكل محاصرون هناك • والذي يحاصرهم هو هيكتور ، 215 الرجل الشبيه بإله الحرب السريع ، ابن بريام • وزيوس هو الذي يخصه بالمجد • وكان من الممكن له أن يضرم النار في سفنهم الراسية لولا أن السيدة هيرا قد أوحت إلى قلب أغاممنون أن ينطلق بسرعة لإثارة حمية الآخيين • فذهب إلى قرب سفن الآخيين ومآويهم 220 وهو يحمل بيده الثقيلة العباءة الملونة الكبيرة ووقف قرب سفينة أوليس السوداء الضخمة الخاوية ، والتي كانت في الوسط ، بحيث يسمعه الطرفان ، من هذه الجهة مآوي أياس التيلاموني ، ومن تلك الجهة آخيل • وكان هذان قد سحبا سفنهما الراسية 225 إلى النهاية القصوى معتمدين على قوتي أذرعهما وشجاعتيهما ، ورفع صوته ونادى الدانانيين بصرخة خارقة : " يا للعار أيها الأرجيفيون • أيها العدم البائس الذي يغش بمظهره •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 211 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 212 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 255

أين ذهبت كلماتنا المتبجحة ، حين قلنا إننا الأكثر شجاعة ، تلك الكلمات التي قلتموها أمام الجميع بتباه أجوف في ليمنوس 230 وبعد أن ملأتم بطونكم بالكثير من لحم الثيران ذات القرون الكبيرة ، وشربتم بالطاسات الكبيرة المترعة بالخمر ، وكيف أن كلاً منكم يستطيع الوقوف في وجه مئة أو مئتين من الطرواديين في المعركة ؟ والآن لا نستطيع كلنا أن نجاري واحداً منهم ، هو هيكتور ، الذي يسعى الآن إلى إضرام النار في سفننا • 235 فيا أبانا زيوس • أهو واحد من ملوكنا الأقوياء جداً 4 ، الذي أوقعته في هذه الكارثة ، وجردته من شرفه العظيم ؟ لأنني لم يسبق لي أن مررت بمذابحك الفارهة ، وأنا في سفني ذات المقاعد في طريقي في هذه الرحلة المشؤومة ، دون أن أحرق على كل مذبح شحوم الثيران وأفخاذها ؛ 240 لرغبة مني في اقتحام مدينة الطرواديين الحصينة • فهل لك يا زيوس أن تلبي لي على الأقل هذا الذي أتوسل إليك من أجله ؟ دع رجالنا على الأقل يهربون وينجون ، ولا تدع الآخيين يهلكون بهذه الطريقة على أيدي الطرواديين " • وحين أنهى كلامه بكى فأخذت الشفقة قلب الأب • 245 وأحنى رأسه موافقاً على بقاء الناس أحياء فلا يهلكون • وسرعان ما أرسل نسراً من أنبل الطيور ، مع طلا 5 ، ابن غزال سريع الجري ، معلق في مخالبه ، وألقى بالطلا قرب مذبح زيوس البهي ، حيث اعتاد الآخيون على تقديم نذورهم لزيوس ذي الأصوات 6 • 052 وحين رأوا الطائر ، وعرفوا أن زيوس هو الذي أرسله ،






4 يقترح ويلكوك صياغة أخرى لهذا الكلام، وهو : " هل سبق لك يا أبانا زيوس أن مكرت بملك قوي مكراً كهذا؟" . وهذه الصياغة تنسجم مع ترجمة أمين سلامة : " هل أعميت من قبل قلب أي من الملوك العتاة بمثل هذا العمى"؟ 5 ولد الغزال . 6 أي الإله الذي يرسل النذر والبشائر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 212 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 213 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 256

تذكروا من جديد نزعتهم القتالية ، فارتدوا على الطرواديين • ومهما بلغ عدد الدانانيين ، فما من أحد منهم يستطيع الادعاء بأنه سبق بجياده السريعة ابن توديوس ، الذي انطلق بجياده مرة أخرى عبر الخندق ليلتحم بالأعداء • 255 وكان أول من قتل أحد المبرزين من زعماء الطرواديين ، وهو أغالاوس ، ابن فرادمون ، فيما كان هذا يوجه جياده ليهرب منه • ففي ظهره وهو يلتفت استقر الرمح بين كتفيه فخرج من الصدر • وسقط من العربة ودرعه يصلصل فوقه • 260 وبعده جاء ابنا أتريوس ، مينيلاوس وأغاممنون ، وجمع الاثنان قوتيهما الشعوائين ، ومعهما إيدومينيوس ومرافقه ميريونيس ، الذي هو ندٌّ لإله المعارك القاتل ، ووراهم يوروبولوس ، الابن المجيد ليوايمون ، 265 وتاسعهم كان تيوكروس وهو يهيئ قوسه المعقوفة ، الذي اتخذ ملجأ له وراء ترس أياس التيلاموني ، حين رفع أياس الترس ليأخذه • سيكون على البطل أن يراقب وهو وسط الحشد فيتحين الفرصة ليخرج من وراء الترس ويضرب بسهمه أحداً ما ، وحين يسقط الرجل ويموت عند إصابته ، 270 يركض الرامي من جديد ، مثلما يركض ولد نحو حضن أمه ، إلى أياس ، الذي يخبئه من جديد تحت حماية الترس • فمن من الطرواديين كان أول من ضربه تيوكروس العظيم ؟ كان الأول أورسيلوخوس • ثم أورمينوس وأوفيليستيس








الإلياذة هوميروس الصفحة : 213 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 214 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 257

ودايتور وخروميوس ولوكوفونتيس الشبيه بالآلهة • 275 وأموباون ، ابن بولوايمون ، وميلانيبوس • هؤلاء كلهم أسقطهم بالتتابع السريع على الأرض الكريمة • وسر منه أغاممنون سيد الناس حين رآه ، وهو يردي بقوسه القوية الكتائب الطروادية • فتقدم منه ووقف إلى جانبه وقال له : 280 " يا تيوكروس التيلاموني • يا عزيزاً إلى قلبي • يا سيد الناس • تابع ضربك • فتكون مثل ضوء موهوب إلى الدانانيين ، وإلى أبيك تيلامون ، الذي رعاك وأنت صغير • ومع أنك لست ابنه الشرعي ، فإنه قد رباك في بيته واعتنى بك • فاجلب أنت له المجد ، على الرغم من بعده عنك الآن • أما من جهتي 285 فأقول لك شيئاً هو ما سيحدث : إن قيض لي زيوس حامل الدرع وأثينا أن أجتاح قلعة إليون الحصينة فإنني سأضع في يديك ، قبل يدي ، هبة الشرف العظيمة ، وهي محمل أو عربة ومعها جوادان كريمان • 290 وإلا فامرأة تقاسمك فراشك " • فرد عليه تيوكروس الشجاع مرة ثانية : " يا ابن أتريوس ، أيها العظيم المبجل • أعليك أن تحرضني ، وأنا التواق لفعل ما أفعل ؟ لأنني لم أتوقف أبداً ، طالما كانت لدي القوة • ومنذ أن أعدنا الطرواديين أدراجهم إلى إليون ، 295 وأنا أتربص هنا وهناك بقوسي لأرمي المحاربين • بهذه القوس رميت ثمانية سهام طويلة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 214 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 215 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 258

وكلها أصابت مقاتلها في أجساد المحاربين الشباب • ولكنني ما زلت عاجزاً عن إصابة هذا الكلب المعتوه " • قال ذلك وأطلق سهماً آخر من وتر قوسه • 300 وقد وجهه إلى هيكتور وقلبه يقفز مع السهم • ولكنه أخطأ الرجل ، وأصاب بدلاً منه ابناً آخر من أبناء بريام ، هو غورغوثيون الشجاع • أصابه في صدره بالسهم • غورغوثيون ، الذي كانت أمه هي الحسناء كاستيانيتا ، عروس بريام القادمة من أيسومي ، التي لها شكل إلهة • 305 فالتوى مائلاً برأسه جانباً مثلما تميل خشخاشة حديقة تحت ثقل ثمارها وأمطار الربيع • هكذا مال برأسه متراخياً إلى الجانب تحت ثقل خوذته • وأطلق تيوكروس سهماً آخر من وتر قوسه وإلى هيكتور مباشرة ، وقلبه يقفز مع السهم ، 310 ولكنه أخطأ هدفه ثانية لأن أبولو حرف السهم 7 • فأصاب به أرخيبتوليموس ، السائق الشجاع لعربة هيكتور • أصابه في صدره قرب حلمة ثديه وهو يهجم في الميدان • فسقط عن العربة ، وانحرفت الجياد مبتعدة • وهناك تلاشت حياته وقوته • 315 وخيم حزن عميق على قلب هيكتور من أجل سائقه ، ولكنه على الرغم من حزنه على صديقه ، فقد تركه ملقى هناك ، ونادى أخاه ميريونيس الذي كان على مقربة ، لكي يستلم الأعنة فأطاعه على الفور • ولكن هيكتور نفسه نزل من العربة المتألقة ، 320






7 أبولو هو المتعهد بحماية طروادة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 215 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 216 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 259

وهو يصرخ صرخة رهيبة ، وانحنى ليأخذ في يده حجراً كبيراً وتوجه مباشرة نحو تيوكروس ، وهو يتحرق لضربه • وكان تيوكروس قد أخرج سهماً حاداً من كنانته ، وركّزه على وتر القوس ، إلا أنه وهو يشد القوس نحو كتفه ، هناك ، وفي النقطة بين الرقبة والصدر حيث عظم الترقوة ، 325 وهي النقطة القاتلة دون ريب ، هناك ضربه هيكتور ذو الخوذة المتلامعة ، بكل ما في قلبه من غضب بالحجر المدبب ، فهشّم العصب ، وشل يده من الرسغ ، وسقط على ركبته ، ولم ينهض ، وأفلتت القوس من يده • ولم يكن أينياس بالغافل عن أخيه المجندل ، بل ركض 330 ووقف يستره ، ويغطيه تحت ترسه الكبير ، ومن تحت الترس ، جاء ثيريون ميكيستيوس ، ابن إيخيوس ، وألاستور المقدام ، وهما المرافقان الباسلان ، وأمسكا بتيوكروس ، ثم حملاه ، وهو يئن أنيناً ثقيلاً ، إلى السفن الجوفاء ، ومرة أخرى ملأ الأولمبي 8 الطرواديين بالحمية ، 335 فصدوا الآخيين وردوهم على أعقابهم ، صوب الخندق العميق ، وهيكتور يتقدم الصفوف الأمامية معتزاً بقوته العظيمة • وكما يطارد كلب الصيد بسرعة مذهلة خنزيراً برياً ، أو كما ينقض أسد من الخلف فينهش فريسته من خاصرتها أو مؤخرتها ، وهو يحاذر أن ترتد عليه ، 340 هكذا كان هيكتور ينقض في أعقاب الآخيين ذوي الشعور المسدلة ، فيقتل من يتخلف منهم ، وهم يولون الأدبار مذعورين • إلا أنهم بعد أن اجتازوا الخندق ، ومروا بين الأوتاد وهم هاربون ،






8 هو زيوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 216 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 217 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 260

وقد تساقط كثيرون منهم تحت ضربات الطرواديين ، تماسكوا ، ووقفوا صامدين قرب سفنهم ، 34 وكل منهم ينادي الآخر بصوت عال • وكلهم يرفعون أيديهم إلى الآلهة ، ويصرخون بالصلوات بأصوات مدوية • بينما هيكتور المرتدي عيني الغورغون 9 ، أو آريس القاتل ، يدور بجياد عربته ذات الأعراف البراقة حول الحافة • وحين رأتهم هيرا ذات الذراعين الأبيضين في هذا الحال ، 350 أخذتها الشفقة • وسرعان ما خاطبت بالاس أثينا بكلماتها المجنحة : " يا للعار ، يا ابنة زيوس لابس الدرع ، هل سنعير الدانانيين اهتمامنا ، وهم في أحلك ساعات محنتهم ؟ إنهم يتساقطون صرعى قدر غشوم ، ويقضون تحت عصف غضب رجل واحد لا يتمكن أحد من التصدي له • 355 إنه هيكتور ، ابن بريام ، الذي نشر من الشر ما يكفي حتى الآن " • فردت عليها بدورها أثينا ذات العينين الشهلاوين : " حتى هذا الرجل ستؤخذ منه حياته وقوته ، وسيموت في بلده على أيدي الأرجيفيين • وأبي هو الذي يمتلئ قلبه غيظاً وشراً • 360 إنه قاس ، وشرير دائماً • وقد تجاوز كل توقعاتي • ولا يتذكر المرات العديدة التي أنقذت فيها ابنه ، هرقل ، حين تجاوزت مهمات إيوروثيوس قدراته • وكان أكثر من مرة يرفع صوته منادياً السماء ، فيرسلني زيوس من السماء على جناح السرعة لكي أساعده • 365 ولو أنني في مكر قلبي كانت لدي أفكار كأفكاره،





9 عينا الغورغون المخيفتان موجودتان أيضاً على درع زيوس وترس آخيل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 217 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 218 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 261

حين أُرسل هرقل إلى بيت هيدز ذي الأبواب 10 ، ليعيد كلب إله الموت الشنيع من مملكة الظلام لما خرج سالماً من المياه الستوغية المتحدرة • وها هو زيوس الآن يكرهني ، وينصاع لرغبات ثيتيس • 370 التي قبلت ركبتيه وربتت على ذقنه بيدها وطلبت منه أن يعطي المجد لآخيل ، مهدم المدن • ولكن سيأتي يوم يدعوني فيه بابنته العزيزة ذات العينين الشهلاوين • فهل تضعين عند أعنتهم جيادنا ذات الحافر الواحد ، ريثما أعود إلى بيت زيوس ، الرب ذي الدرع ، 375 وأتسلح بأسلحتي الحربية • وسأرى إن كان ابن بريام ، هيكتور ذو الخوذة اللامعة ، سيبتهج وهو يرانا ظاهرتين في المعركة ، أو نرى كيف أن بعض الطرواديين يعطون رغباتهم للطيور والكلاب مصحوبة باللحم والشحم ، وهم يتساقطون إلى جانب سفن الآخيين " • 380 بقولها هذا لم تفشل في إقناع هيرا ذات الذراعين الأبيضين • وقامت هيرا ، بتحية الربة ، ابنة كرونوس القادر ، ثم مضت لتعد الخيول ذوات السرج الذهبية • أما أثينا ، ابنة زيوس ذي الدرع ، فقد قامت ، بدورها وقرب عتبة بيت أبيها ، بخلع ثوبها متقن الصنع ، 385 والذي اشتغلته بيديها بصبر وأناة • ثم ارتدت لباس الحرب الخاص بزيوس ، جامع الغيوم ، وأخذت عدة حربها استعداداً للحرب الكريهة • ووضعت قدميها في العربة الملتهبة ، وحملت رمحاً






10 أبواب بيت هيدز تفتح إلى الداخل فقط. ولذا لا تسمح لأحد بالخروج منها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 218 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 219 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 262

ثقيلاً وضخماً ومتيناً تعودت أن تضرب به كتائب المحاربين ، 390 الذين يثيرون غضب ابنة الأب القادر • وأطلقت سوطها بسرعة على الخيول ، فانطلقت تعبر أبواب السماء التي تحرسها ( الساعات ) ، تلك الساعات التي أوكلت إليها السماء الشاسعة والأولمب ، لكي تفتح منها الظلمة الحالكة أو تمنعها • 395 وفي المسافة الفاصلة بينهما تحكمتا بسرعة الخيول تحت المنخس • ولكن زيوس الذي يرقب من إيدا غضب غضباً شديداً ، فطلب من إيريس ذات الأجنحة الذهبية الإسراع برسالته : " اذهبي يا إيريس السريعة ، وأرجعيهما ، ولا تسمحي لهما بالوصول إلي • لأننا سنتخاصم خصومة لا تعود بالعقبى الحسنة • 400 فأنا أقول ذلك بوضوح ، وستتم مشيئتي • سأصيب جيادهما السريعة وهي في أعنتها بالعرج • وسأقذف بالربتين من مكان قيادة العربة ، وأحطم تلك العربة • ولن تشفيا خلال السنوات العشر القادمة من الجراح التي ستسببها لهما ضربة البرق • 405 وستفهم الربة ذات العينين الشهلاوين عندها معنى أن تقاتل أباها • ولكنني لست غاضباً إلى هذا الحد من هيرا ، ولا ناقماً عليها • لأنها دائماً تنفذ الأوامر التي أوجهها إليها " • أنهى كلامه فانطلقت إيريس ، ذات القدمين العاصفتين ، بالرسالة وحلقت في الطريق بين قمم إيدا والأولمب الشاهق • 410 وعند الأبواب الأخيرة للأولمب متعدد الذؤابات قابلتهما واستوقفتهما • وقالت الكلمات التي حمّلها إياها زيوس :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 219 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 220 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 263

" إلى أين بهذا الغضب كله ؟ وكيف يمكن لقلبيكما أن يعصفا هكذا ؟ لن يسمح لكما ابن كرونوس بالوقوف إلى جانب الأرجيفيين • لأن زيوس قد أطلق وعيده وسيتم مشيئته • 415 وهي أن يصيب بالعرج خيولكما السريعة وهي بالأعنة • ويطوح بكما من مكان القيادة ، ويحطم عربتكما • وفي مدى عشر سنوات لن تشفيا من الجراح التي ستسببها لكما ضربة البرق • لكي تعرفي ، أيتها الربة ذات العينين الشهلاوين ، من هو أبوك 420 الذي تصطدمين به • نعم أنت أيتها البغي الوقحة • إنك جريئة بالفعل إن كنت تتجرئين فعلاً أن ترفعي رمحك الضخم في وجه أبيك • أما هيرا فهو ليس غاضباً منها ، ولا ناقماً عليها ، لأنها كانت دائماً تنفذ الأوامر التي يعطيها إياها " • أنهت إيريس سريعة القدمين كلامها وابتعدت عنهما • 425 عندها قالت هيرا لبالاس أثينا : " يا للأسف ، يا ابنة زيوس المدرع ، لم أعد أستطيع أن أسمح لنفسي أن أتخاصم مع زيوس من أجل البشر • فلندع أحد الطرفين يفنى ، والآخر يعيش ، حسب حظ كل منهما • ودعيه ، كما يرى أنه الصواب ، وكما يبتغي قلبه ، 430 ينفذ الأوامر التي يريدها على الدانانيين والطرواديين " • قالت ذلك وحولت جيادها وحيدة الحافر وأطلقت ( الساعات ) جيادها ذات العرف الطليق من أعنتها ، وحولتها نحو مذاودها المليئة بالعليق الطيب • ثم أسندت العربة على الجدار الداخلي البراق • 435








الإلياذة هوميروس الصفحة : 220 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 221 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 264

وفي الوقت ذاته كانت الربتان قد أخذتا مكانيهما على المرتبتين الذهبيتين بين الآلهة الآخرين • وقلباهما يخفقان حزناً • ووجه زيوس عربته ذات العجلات القوية عائداً من إيدا نحو الأولمب • ودخل إلى مكان تجمع الآلهة • بينما جاء ذلك الشهير بهزه للأرض فحرر خيوله ، 440 ونقل العربة إلى موقفها وقد أحاطها بغطاء • وعندها أخذ زيوس نفسه ذو الجبين العريض مجلسه على المقعد الذهبي ، وأولمب الشاهق يرتج تحت قدميه • وظلت الربتان ، هيرا وأثينا ، معتزلتين جانباً عن زيوس ، وقد امتنعتا عن الكلام معه ، أو توجيه السؤال إليه 445 وعرف في داخله بالأمر ، فوجه الكلام إليهما : " لم أنتما حزينتان يا هيرا وأثينا ؟ لا شك أنكما لم تتعبا في المعركة التي يكسب الناس فيها المجد ، بتدمير أولئك الطرواديين الذين وجهتما غضبكما عليهم • وفي نهاية الأمر تظل قوتي ويداي مما لا يمكن تحديه • 450 فالآلهة الموجودون على الأولمب كلهم لا يستطيعون ثنيي عما أريد • ولكن قبل ذلك أخذت الرعشة جسديكما المشعين ، قبل أن تتمكنا من مشاهدة القتال ومآسي الحرب • وأنا أقول بشكل مباشر ، وإن ما أقوله سينفذ • لو أنكما تعرضتما لضربة البرق وأنتما في عربتكما ، 455 لما استطعتما العودة ثانية إلى الأولمب ، موطن الآلهة " • أنهى كلامه ، فتهامست أثينا وهيرا ، المتجاورتان ، لتخططا لعمل شرير ضد الطرواديين •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 221 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 222 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 265

وظلت أثينا صامتة فلم ترد عليه ، بل ظلت مقطبة نحو والدها ، والغضب الهائج يسيطر عليها • 460 أما قلب هيرا فلم يستطع التحكم بغضبها فردت عليه : " يا صاحب الجلالة ، يا ابن كرونوس ، ما هذا الذي قلته ؟ نحن نعرف سلفاً بقوتك التي لا يستهان بها • ولكننا مع ذلك نحن حزينتان على المقاتلين الدانانيين ، الذين يواجهون نهاية محزنة ستقضي عليهم • 465 سنبتعد عن القتال حسب أوامرك ، ولكننا سنظل نتوجه بحكمتنا إلى الأرجيفيين لعلها تساعدهم • ولعلهم لا يموتون كلهم نتيجة لغضبك " • ورد عليها زيوس الذي يجمع الغيوم : " غداً عند الفجر يا هيرا ذات العينين البقريتين 470 سترين ، إن كان لديك قلب يحتمل ، ابنَ كرونوس ، الأقوى مما عرفت ، وهو يقضي على أعداد المقاتلين الأرجيفيين • فهيكتور الضخم لن يتوقف عن قتاله ما لم يدفع بابن بيليوس سريع القدمين قرب السفن حيث سيتقاتلان عند مقدمة السفن ذات المقاعد 475 في ذلك المكان الضيق قرب ياتروكلوس الصريع هذا ما هو مقدر • أما بالنسبة لك ولغضبك فإنني غير مهتم ، حتى لو ذهبت إلى أطراف الأرض والسماء ، حيث يقيم إيابيتوس وكرونوس من دون ضوء من إله الشمس هوبيريون للتفريج عنهما 084 وبلا بهجة الريح ، وليس حولهما سوى تارتاروس ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 222 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 223 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 266

حتى لو ذهبت إلى هذا المكان في تجوالك فلن أهتم لغضبك لأنه ليس هناك من هو أقل منك حياء " • أنهى كلامه فلم ترد عليه هيرا ذات الذراعين الأبيضين • وانغمس ضوء الشمس المشع في البحر 485 جاراً الليل الحالك على الأرض الواهبة للقمح • بالنسبة للطرواديين كان غرق ضوء النهار مخالفاً لرغبتهم • بينما الآخيون فقد رأوا مجيء الليل الحالك متوافقاً مع رجائهم مثنى وثلاث • وعقد هيكتور المجيد اجتماعاً للطرواديين جميعاً • آخذاً إياهم جانباً على مقربة من السفن ، قرب المياه المتدفقة 490 على أرض نظيفة ، فيها فراغ ليس مغطى بالجثث • ترجلوا من وراء خيولهم 11 وراحوا ينصتون إلى هيكتور حبيب زيوس ، والكلمات الموجهة إليهم • أما هو فقد أمسك بيده برمح يبلغ طوله اثني عشر ذراعاً ينتهي بحربة برونزية لامعة وسوار من الذهب لتثبيتها • 495 اتكأ على رمحه وراح يوجه كلامه إلى الطرواديين : " اسمعوني أيها الطرواديون والداردانيون والحلفاء • لقد كان في ذهني أننا ، بعد تدميرنا للسفن والقضاء على الآخيين كلهم ، نستطيع أن نعود أدراجنا من جديد إلى إليون ذات الرياح • ولكن الظلام أسرع بالمجيء ، وهذا ، دون غيره ، هو ما أنقذ 500 الأرجيفيين وسفنهم الراسية على الشاطئ الذي تتكسر عليه الأمواج • ولكن دعونا نقبل بإرادة الليل الحالك • دعونا نهيئ عشاءنا • أما جيادكم ذات الأعراف المرسلة ، فحرروها من عرباتها وضعوا أمامها عليقها •






11 من العربات.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 223 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 224 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 267

وأخرجوا من المدينة أيضاً الثيران والخراف السمينة 505 بالسرعة القصوى ، وانقلوا أيضاً الخمر الحلو اللذيذ مع الطعام من بيوتكم • وكوموا أكواماً كبيرة من الحطب • وسنشعل ، طوال الليل ، وحتى ظهور الفجر الفتية ، كثيراً من النيران ويرتفع الوهج حتى السماء • وبحيث أن الآخيين ذوي الشعور المرسلة لا يتمكنون 510 من الهرب إلى بلدهم فوق أخاديد البحر العريضة • لا • لن يركبوا سفنهم وهم في هذه الحالة الحسنة • بل يجب أن يذهب كل منهم إلى بيته ليعتني بالجراح التي أصيب بها من سهم أو ضربة رمح حاد وهو يقفز إلى سفينته • وبحيث سيتردد غيره بعد اليوم 515 طويلاً قبل أن يشن الحرب الرهيبة على الطرواديين ، محطمي الخيول • ودعوا الرسل ، أحباء زيوس ، يوزعون الأوامر في أنحاء المدينة على الأولاد الذين هم في مطلع الشباب ، وعلى العجائز الشائبين أن يتخذوا مواقعهم في الحصون الطبيعية 12 التي تحيط بالمدينة • أما النساء ، زوجاتنا ، وكل منهن في بيتها ، 520 فليشعلن نيراناً عظيمة • ولتكن هناك حراسة دائمة • خشية أن يحدث هجوم مفاجئ على المدينة والمحاربون خارجها • فلتنفذ الأوامر كما قلتها ، أيها الطرواديون الشجعان • ولتكن الكلمة التي قيلت الآن كلمة قوية ، مع تلك التي أقولها في الفجر إلى الطرواديين محطمي الخيول • 525 فأنا ، وبأمل كبير ، أصلي لزيوس والآلهة الآخرين أن نتمكن من طرد هؤلاء الكلاب الذين جلبوا الدمار إلى بلادنا •






12 التي صنعها الآلهة. وكان بوزيدون وأبولو أول من بناها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 224 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 225 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 268

وحملوا أشباح الموت إلينا على سفنهم السوداء • وخلال الليل سنتابع الحراسة على أنفسنا • وغداً باكراً ، وقبل ظهور الفجر ، سنتنكب أسلحتنا 530 وقرب سفنهم الجوفاء سنوقظ إله الحرب المريرة • وسأرى إن كان ديوميديس القوي ، ابن توديوس ، سيصدني عن السفن ويرجعني إلى الأسوار ، أم أنني سأرديه بالبرونز وأعود بالغنيمة المبللة بالدم • غداً سيعرف قوته على حقيقتها ، وما إذا كان يستطيع أن يصمد 535 أمام هجمة رمحي • ولكن قبل ذلك ، وقبل أي شيء آخر ، سيكون قد سقط تحت ضربتي ومعه كثير من مرافقيه مع صعود شمس الغد • كم أتمنى لو أنني أبقى هكذا ، طوال أيام عمري ، خالداً لا أشيخ • وأبقى محتفظاً بالتكريم الذي كرمتني به أثينا وأبولو 540 وبالثقة ذاتها من أن النهار القادم سيجلب الشر للآخيين " • هذا ما قاله هيكتور ، ورد عليه الطرواديون بالتهليل • حرروا جيادهم المتعرقة من العربات وربطوها بسيور جلدية ، كل جواد إلى جانب عربته • وأخرجوا من المدينة الثيران والخراف السمينة 545 بالسرعة القصوى ، كما نقلوا من بيوتهم الخمر الحلو اللذيذ مع الطعام ، وكوموا أكواماً كثيرة من الحطب • وقدموا كذلك أضحيات كاملة للآلهة * • وحملت الريح روائح السفود من السهل حتى السماء بأريجها الطيب ، ولكن الآلهة المباركين لم يأخذوا نصيبهم منها ، 550






  • يشكك بعض الدارسين في أن تكون هذه الأبيات ( 548 و 550 - 552) من صلب الإلياذة، وإن كانت منسوبة لهوميروس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 225 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 226 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 269

إذ لم يكونوا راغبين • فقد كانوا يكرهون إليون المقدسة وبريام ، ومدينة بريام ذي الرمح الدرداري القوي * • وهكذا وبقلوب مليئة بالبهجة بنتائج المعركة جلسوا طوال الليل • ونيران المراقبة التي أشعلوها تشتعل في أكثر من مكان حولهم • وكما تكون النجوم في السماء حول القمر المشعشع 555 بادية بكل بهائها ، حين يهدأ الهواء ويسكن ، وتتضح الأماكن العالية في الجبال ، والمرتفعات والوديان العميقة ، والهواء العليل ينسّم قادماً من السماء ، وتتألق النجوم فينتعش قلب الراعي لها ، هكذا كان الطرواديون بأعدادهم الغفيرة يشعلون نيران المراقبة 560 بين مياه كسانثوس والسفن أمام إليون • ألف موقع للنيران كانت تشتعل في السهل ، وقرب كل موقع خمسون رجلاً مع وهج النيران المتأججة • وقرب كل عربة كانت الخيول تقضم عليقها من الشعير الأبيض والشوفان وتنتظر أن ترتقي 13 الفجر مكانها • 565






  • يشكك بعض الدارسين في أن تكون هذه الأبيات ( 548و 550-552) من صلب الإلياذة، وإن كانت منسوبة لهوميروس.

13 الفجر مؤنث.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 226 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 227 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل التاسع

رقم صفحة الكتاب الورقي: 271

هكذا تابع الطرواديون يقظتهم الليلية • وفي الوقت نفسه كان ( الروع ) الخالد ، رفيق ( الرعب ** ) البارد ، يمسك بالآخيين لأن جميع خيارهم قد ضُريوا بحزن يفوق الاحتمال • وكما يهب *** رِيحان ليهزا البحر الذي تموج فيه الأسماك ، كذلك فإن بورياس وزيفوروس ، ريح الشمال وريح الغرب ، اللذان يهبان من ثراسورد 1 ، 5 ينزلان بغتة فتتجمع المياه القاتمة في قمم عالية وتتبعثر عبر المياه المالحة أعشاب البحر ، هكذا كان قلب كل آخي يضطرب ويخفق • وابن أتريوس ، المليء بالحزن العظيم في قلبه ، جاب بين رسله ذوي الكلام الفصيح ، وطلب منهم 10 أن ينادوا ويدعو بالاسم كل رجل إلى الاجتماع ؛ ولكن دون جلبة ، وهو نفسه سيتعامل مع العلية من القوم • أخذ الجميع مقاعدهم في الاجتماع ، وهم مغمومون ، فوقف أمامهم أغاممنون وهو يذرف الدموع مثلما يتدفق ينبوع بمياهه السوداء على وجه صخرة لا تنفذ منها المياه القاتمة 2 • 15 بهذه الحالة تحدث أغاممنون ، وهو يئن أنيناً ثقيلاً ، إلى الآخيين : " يا أصدقائي • قادة الأرجيفيين ، وأصحاب المشورة والرأي ، إن زيوس ، ابن كرونوس ، قد حاصرني بقسوة في عداء مرير • إنه قاس • وكان قبل هذه المرة قد وعدني وعاهدني على أن أجتاح إليون ذات الأسوار الحصينة ، ثم أعود إلى وطني • 20 وها هو الآن يدبر مكيدة خبيثة ويريد مني أن أرجع






  • يعتبر النقاد هذا الفصل أهم فصول الملحمة. ففيه تتم الوساطة لإرجاع آخيل إلى الحرب وهنا يطرح حجته ووجهة نظرة الغاضبة. وغضب آخيل هو جوهر الملحمة. فهو يغضب مرتين. وفي كل مرة يغير غضبه مسار الأحداث. في الأولى يغضب فيتشاجر مع القائد أغاممنون، ويعتزل الحرب. ولذلك يتفوق الطرواديون في هذه المرحلة من الحرب. والغضبة الثانية، تحدث حين يدخل صديقه وتابعه باتروكلوس الحرب. وكان هذا قد دخل بعد أن لبس عدة حرب آخيل ونزل إلى المعركة باسم آخيل لإنقاذ سمعة صديقه ولرفع معنويات الآخيين. ولكن هيكتور يقتله ظاناً أنه يقتل آخيل. فيغضب آخيل غضبته الثانية ويدعو هيكتور لمبارزته، ثم يقتله لينهي أهم فصول الحرب. والأهمية المعلقة على غضبتي آخيل جعلت بعض الدارسين والمعدين يسمون الإلياذة " غضب آخيل".
    • المفروض أن الروع والرعب اسما إلهين.
      • كما أشرنا سابقاً ريحان مذكر.

1 يرى المدققون أن ذكر ريح الشمال وريح الغرب يدلان على أن الشاعر يرى نفسه مقيماً على الشاطىء الغربي من آسيا الصغرى. وليس في بلاد الإغريق. 2 لا شك أن بكاءه مفاجىء. ولكنه لا يبكي خوفاً بالطبع. بل يبكي الخسارة المتمثلة في هزيمة اليونانيين.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 227 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 228 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 272

إلى أرغوس بالخزي بعد أن خسرت هذا القدر من شعبي • هذا هو ما يُرضي زيوس ، القوي جداً ، الذي حطم من قبل كبرياء مدن عديدة وسيحطمها فيما بعد ، طالما أن قوته تفوق قوى الجميع • 25 فهيا بنا إذن ، وافعلوا ما أقول • دعونا نعترف بخسارتنا • ولنهرب في سفننا إلى أرض آبائنا الحبيبة ؛ طالما أننا لم نعد نأمل في اجتياح طروادة ذات الطرق الوسيعة " • قال ذلك ، وظل الكل غارقين في الصمت • وقد خيم الحزن على أبناء الآخيين فلم يقولوا شيئاً • 30 ولكن في النهاية خاطبهم ديوميديس ، ذو الصرخة الحربية الداوية : " أنا أول من سيقف في وجه حماقتك يا ابن أتريوس ، كما يحق لي ، يا سيدي ، في هذا المجلس • ولذا لا تغضب • لقد كنتُ أول الدانانيين الذين استهنت ببسالتهم ، وقلت عني إنني لست من أهل الحرب ، وإني لست شجاعاً • 35 إن شباب الأرجيف ، كلهم ، يعرفون ذلك ، مثلما يعرفه الشيوخ • إن ابن مبتكر المراوغة ، كرونوس ، قد وهبك الهبات بطريقتين : فبالصولجان وهبك كرامة تتعدى بها الجميع • ولكنه لم يعطك قلباً ، وهو أعظم قوة بين القوى • أتستطيع أن تعتقد فعلاً يا سيدي أن أبناء الآخيين 40 ضعفاء وعديمو الخبرة في القتال مثلما تقول عنهم ؟ ولكن إن كان قلبك مصمماً على الذهاب ، فاذهب • ها هو الطريق • وقرب المياه تقف سفنك التي جاءت - وهي كثيرة - معك من موكيناي •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 228 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 229 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 273

ولكن بقية الآخيين ذوي الشعور المسدلة سوف يبقون هنا • 45 إلى أن نجتاح مدينة طروادة ، ولندعْ حتى هؤلاء يهربون بسفنهم إلى أرض الآباء الحبيبة • فسنظل نحن الاثنين ، سثينيلوس وأنا ، نقاتل إلى أن نرى سقوط إليون ، لأننا شققنا طريقنا إلى هنا بمعونة الإله " • أنهى كلامه فهتف أبناء الآخيين 50 استحساناً لكلام ديوميديس محطم الخيول • وتقدم الخيّال نيستور فوقف بينهم وتحدث إليهم : " يا ابن توديوس ، أنت تفوق الآخرين في ميدان القتال • وأنت في مجالس الحكمة والمشورة أنبل من هم في سنك • وما من أحد بين الآخيين يستهين بكلامك ، 55 ولا يخالفه • ولكنك لم تستكمل حكمتك • لأنك ما تزال شاباً ، وفي مثل سن ابني • بل أصغر أبنائي • ولكنك ما تزال تجادل بالحكمة ملوك الأرجيف ، لأن كل ما تقوله إنما تقوله حسناً • ولكن دعني أقول لك، طالما أنني ما زلت أكبر منك سناً ، 60 وأن أعرض المسألة كلها، طالما أنه ليس هناك من يشين ما أقول ، ولا حتى أغاممنون القوي • إنه لخالٍ من الأخوة ، وليس منا ، وشريد دون حسب ، من كان يرغب في هذه الأهوال التي تأتي لشعبه من القتال • ولكن دعونا الآن نستسلم لعتمة الليل ، 65 ولنهيئ عشاءنا • ودعوا الحراس يأخذ كل موقعه عند الخندق الذي حفرناه عند المتاريس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 229 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 230 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 274

أنا سأجمع شباننا لهذه المهمة • ولكن بعد ذلك ، هل ستتسلم القيادة ، يا ابن أتريوس، طالما أنك أكثرنا ملوكية ؟ وزع وليمة بين الأمراء • هذا يلائمك • ولا يقلل من شانك • 70 إن مآوينا مليئة بالخمر الذي تحمله السفن الآخية كل يوم من ثريس عبر البحر الفسيح • كرم الضيافة كله متروك لك • فأنت السيد الآمر على كثيرين • فحين يجتمع الكثيرون ، فإنهم يتبعون صاحب الرأي الأكثر حكمة • والحقيقة هي أن الحاجة ماسة للآخيين جميعاً 75 ممن هم ذوو رأي سديد ، خاصة وأن العدو قريب بهذا القدر من سفننا ، ويحرق هذه النيران العديدة • هذا هو الليل الذي سيحطم جيشنا ، أو يحافظ عليه " • أنهى كلامه وهم يصغون إليه ويتقبلون ما يقول • بينما راح الخفراء مسرعين بأسلحتهم ، 80 ملتفّين حول ثراسوميديس ، ابن نيستور ، راعي الشعب ، وحول أسكالافوس وإيامينوس ، ابني آريس ، وميريونيس وأفاريوس ودييبوروس ، ولوكوميديس البارع ، ابن كريون • كان هناك سبعة قادة للخفراء • ومع كل منهم مئة محارب 85 يسيرون وراءه حاملين رماحهم الطويلة • وقد أخذوا مواقعهم في المنطقة الفاصلة بين الخندق والتحصينات ، وهناك أشعلوا نيرانهم ، وأعد كل منهم عشاءه • ومضى ابن أتريوس يتقدم مجموعة من زعماء الآخيين إلى مأواه ، وهناك أولم لهم بسخاء • 90








الإلياذة هوميروس الصفحة : 230 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 231 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 275

ومدوا أيديهم إلى الطيبات التي وضعت أمامهم ، وحين أنهوا رغبتهم في الطعام والشراب ، بدأ العجوز نيستور يحيك حكمته أمامهم أولاً ، وهو الذي أثبت حسن تقديره للأمور فيما مضى • وبحسن نية تجاه الجميع وقف أمامهم ، وبدأ يقول : 95 " يا ابن أتريوس ، يا أغاممنون المقدم على الناس ومليكهم • بك سأبدأ ، وبك سأنهي ، كلامي • فأنت السيد على شعبي ، وقد وضع زيوس بين يديك الصولجان وحقوق التحكيم ، لكي تكون ملكاً على الشعب • ولذا فأنت الذي يحق له أن يقول كلمة ، وأنت الذي عليه أن يسمع ، 100 وأن يمنح هذا الحق لآخر ، حين تحركه دخيلته للتحدث لصالحنا • وسيكون لك أن تقود الطريق • ومع ذلك سأتحدث بالطريقة التي تلهمني بها روحي 3 • وما من أحد ستكون لديه في عقله فكرة أفضل من تلك التي لدي في عقلي • وسواء كان الأمر الآن أم قبل الآن ، 105 فمنذ ذلك اليوم المشهود الذي خرجت فيه من مأوى آخيل الغاضب آخذاً بالقوة الصبية بريسييس ، وضد رغبتنا جميعاً • وأنا شخصياً حضضتك بقوة على أن لا تفعل • إلا أنك باستسلامك لغضب قلبك ، أهنت رجلاً عظيماً ، رجلاً كرّمته الآلهة ذاتها ، 110 وذلك بأخذك لغنيمته والاحتفاظ بها • ولكن دعونا نفكر الآن كيف نفعل فعل الخير هذا ، ونقنعه بكلمات الرجاء وبهبات الصداقة " •






3 يرى المعلقون أن هذا الكلام المشتت قد لا يتلاءم وما عرف عن نيستور الحكيم وخبرته في الخطابة. ولكن آخرين يرون ف يهذه البداية المترددة خبرة عالية من هوميروس نفسه . فنيستور مقبل على كلام يحمل أهمية خاصة. فهو سيقترح أمراً خطيراً. وسينتقد أغاممنون. ولذلك فهو يبدأ بداية مترددة. ويناور قليلاً قبل اقتحام موضوعه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 231 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 232 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 276

فرد عليه أغاممنون سيد الرجال بدوره : " يا سيدي المبجل • لم يكن افتراء منك أن تتحدث عن جنوني • 115 فلقد كنت مجنوناً فعلاً • وأنا نفسي لن أنكر ذلك • فالرجل الذي يحبه زيوس من قلبه يعادل كثيراً من المقاتلين • وها هو يكرم هذا الرجل ويوقع البلاء في الشعب الآخي • وبما أنني كنت مجنوناً وخاضعاً لهوى قلبي المغرض ، فإنني الآن راغب في تسوية الأمور • وإعادة الهبات بأكثر منها • 120 وأمامكم جميعاً سأحصي غنائمي الباذخة التي أقدمها له : سبعة محامل لم تمسها النار 4 ، وعشرة تالنتات من الذهب ، وعشرون قدراً متلامعة ، واثنا عشر جواداً قوياً من جياد السباق ، التي فازت بجوائز عن سرعتها • هذا الرجل لن تنقصه الغنائم وقد أُعطي كل ما كسبته لي • 125 ولن يعوزه الذهب الغالي الكريم ، إذا ما أعطي الجوائز التي فازت لي بها بحوافرها القوية • وسأعطيه سبع نساء من ليسبوس يُشهد لهن بالمهارة في الشغل ، واللواتي كنت قد اخترتهن حين استولى ، هو ، على ليسبوس الحصينة • واللواتي يفقن النساء جميعاً في جمالهن • 130 سأعطيه ذلك كله ، ومعه المرأة التي أخذتها منه ، ابنة بريسيوس • وإضافة إلى ذلك سأقسم قسماً عظيماً أنني لم أنزل في فراشها ، ولم أضطجع معها ، كما يحدث بشكل طبيعي عند البشر بين الرجال والنساء • هذه الهبات كلها ستكون له في الحال • ولكن ، ومرة أخرى ، 135 إذا قدرت الآلهة أن نجتاح ونغنم مدينة بريام العظيمة ،






4 لم تستخدم بعد.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 232 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 233 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 277

فليذهب إلى سفينته ، وليعبئها بما يشاء من الذهب والبرونز ، عندما نقوم نحن ، الآخيين ، باقتسام الغنائم • وليختر لنفسه عشرين امرأة من الطرواديات ، أجمل النساء بعد هيلين الأرغوسية • 140 وإذا ما رجعنا إلى أرغوس الآخية ، أغنى البلدان ، يستطيع أن يكون صهري ؛ وسأكرمه تكريمي لأوريست ، ابني الذي ربي على الدلال والرخاء • فأنا لدي ثلاث بنات في قلعتي الحصينة ، وهن كروسوثيميس ولاوديكي وإيفياناسا ، 145 وليقتد من تعجبه منهن ، دون مهر 5 ، إلى قصر بيليوس ، ومع البنت سأمنحه مهراً مؤلفاً من هبات كثيرة ، لم يسبق لرجل أن حمّل ابنته بمثله • وسأمنحه سبع مدن بحصون متينة وقوية • وهي كاردامولي وإينوبي وهيري ذات الأعشاب 150 وفيراي بالغة القدسية وأديبيا التي بين المروج ، مع أيبيا الجميلة وبيداسوس ذات الكروم ، وهذه كلها تقع قرب البحر في سفح بولوس الرملي ، ويعيش أهلها أغنياء في القطعان والمواشي وسيكرمونه بالعطايا كما لو أنه إله • 155 وينفذون رغباته وإرادته وهو يحكمهم بصولجانه • هذا كله سأقدمه له إذا ما خفف من غضبه • فليهدأ • إن هيدز هو الذي لا يهدأ ولا يعرف الشفقة • ولذلك فهو المكروه بين البشر أكثر من الآلهة كلهم •






5 العادة هي أن يقدم العريس مهراً لوالد العروس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 233 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 234 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 278

وليعترف بمكانتي فأنا الأكثر سلطاناً • 160 وأستطيع أن أقول إنني ، أنا أيضاً ، الأكبر سناً " • فرد عليه الخيّال الجيريني نيستور قائلاً : " يا أغاممنون ، يا ابن لأتريوس ، الأكبر سلطاناً ، والملك على البشر • ما من أحد يستطيع أن يستهين بالهبات التي تقدمها لآخيل الملك ، فهيا بنا نختر بعض الرجال ونرسلهم بالسرعة القصوى 165 إلى مأوى آخيل ، ابن بيليوس • أو تعالوا يا من تقع عيناي عليهم ونفذوا المهمة • وليكن أولاً فوينيكس ، حبيب زيوس ، قائداً للمجموعة • وبعده أياس العظيم وأوليس البارع ، ومن الرسل فليذهب معهم أوديوس ويوروباتيس • 170 ولتجلبوا لهم الماء من أجل أيديهم ، لكي نردد كلمات الفأل الحسن ، ونحن نصلي لزيوس ، ابن كرونوس ، لعله تأخذه الشفقة بنا " • أنهى كلامه ، فسر الجميع بما سمعوا • وعلى الفور جلب الرسولان الماء وسكباه على أيديهما وملأ الشبان طاسات المزج بالخمر الصافي 175 ومرروه على الجميع ، ساكبين في البدء قطرات منه كسكيبة • وبعد أن سفحوا الخمر ، وشربوا حتى الاكتفاء ، انطلقوا إلى مأوى ابن أتريوس ، أغاممنون • وأعطى الخيال الجيريني نيستور أوامره ، وهو يتطلع بشغف واهتمام إلى كل منهم ، وخاصة أوليس ، 180 لكي يبذلوا قصارى جهودهم لإقناع البيلي العظيم • وانطلق الفريقان بمحاذاة البحر الهادر








الإلياذة هوميروس الصفحة : 234 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 235 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 279

مصحوبين بصلوات عديدة للمسيطر على الأرض ومُرجفها 6 ، بأمل استمالة القلب العظيم لذلك الأيكيدي • ووصلوا إلى مآوي المورميديين 185 فرأوا آخيل يتسلى بقيثارة صافية النغمات ، فاخرة ومتقنة الصنع ، وعليها تطعيم بالفضة ، كان قد فاز بها من بين الغنائم حين دمر مدينة إييتون • بهذه القيثارة كان يسلي نفسه ويغني عن أمجاد الرجال وباتروكلوس ، وحده ، جالس قربه بصمت 190 يرقب الأيكيدي لينتهي من غنائه • وتقدم الفريقان وعلى رأسهم أوليس البارع ووقفوا في حضرته • فوقف آخيل على قدميه مندهشاً ، وهو ما يزال ممسكاً بالقيثارة ، ويترك المكان الذي كان جالساً فيه • وبالطريقة ذاتها وقف باتروكلوس حين رأى الرجال يصلون • 195 وحدثهم آخيل ذو القدم السريعة مرحباً بهم : " أهلاً بكم • أنتم أصدقائي إذ تأتون إلي • وأنا في أمس الحاجة إليكم • فأنتم ، رغم غضبي ، أعز علي من الآخيين جميعاً " • هكذا استقبلهم آخيل العظيم ، وأدخلهم • وأجلسهم على الأرائك ذات الأغطية الأرجوانية 200 وسرعان ما نادى باتروكلوس القريب منه : " هّيئ وعاء المزج الأكبر يا ابن مينويتيوس ، وامزج لنا أقوى الشراب ، وقدم لكل رجل كوباً • فالذين قدموا تحت سقفي هم الذين أحبهم حباً كبيراً " • وما أن أنهى كلامه حتى انصرف باتروكلوس لتنفيذ طلب رفيقه الحبيب • 205






6 هو بوزيدون الذي يسيرون قرب البحر المرتبط به.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 235 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 236 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 280

ثم وضع في النار قطعة كبيرة من الحطب ، ووضع فوقها ظهر خروف وظهر تيس مشحم ، وقطعة خنزير سمين كبيرة مغلفة بالشحم ، أمسكها له أوتو ميدون ، وتولى آخيل العظيم تقطيعها ثم شرّحها إلى شرائح ، ثم سفدها ، 210 فيما كان ابن مينويتيوس ، الرجل الشبيه بالآلهة ، يضرم النار • وبعد أن هدأت النار ، وتلاشى اللهب ، وزع الجمر ومد فوقه الشرائح ، ونثر عليها التوابل ثم رش عليها الملح المقدس • وبعد أن انتهى الشواء ومدده على الصفائح الكبيرة ، 215 جلب باتروكلوس الخبز ووضعه على المائدة في سلال جميلة ، فيما كان آخيل يوزع اللحم • وبعد ذلك جلس قبالة أوليس الشبيه بالآلهة 7 عند الجدار البعيد ، وطلب من تابعه باتروكلوس أن يضحي للآلهة ، فرمى بأول اللحم إلى النار • 220 ومدوا أيديهم إلى الطيبات التي صارت أمامهم • وبعد أن شبعوا وشربوا كفايتهم ، أشار أياس برأسه إلى فوينيكس • وانتبه أوليس البارع إلى الأمر ، فملأ كأساً بالخمر ورفعه لآخيل : " في صحتك يا آخيل • ليس هناك ما ينقص من نصيب الكرم ، 225 سواء في مأوى أغاممنون ، ابن أتريوس ، أو هنا عندك • لدينا وفرة من الطيبات تكفينا للاحتفال • ولكن ليست المأدبة العامرة هي ما نفكر فيه •






7 يريد آخيل أن يكون حيث يستطيع مراقبة أوليس ورؤيته.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 236 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 237 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 281

بل لدينا مشكلة عظيمة ، يا حبيب زيوس ، هي ما يشغلنا ، وما نخشه • فلدينا شك كبير فيما إذا كنا سننقذ سفننا ذات المقاعد القوية، 032 أم إذا كانت ستدمر ، ما لم تسهم معنا بقوتك الحربية • فالطرواديون بصلفهم ، وبمعونة حلفائهم ذائعي الصيت ، قد عسكروا قرب السفن والحصون ، وأشعلوا نيراناً عظيمة لجيشهم كله ، ولا يبدو أنهم يفكرون في شيء يوقفهم ، بل إنهم يتقدمون نحو السفن السوداء • 235 وزيوس ، ابن كرونوس ، يبرق لهم عن يمينهم مؤيداً ، بينما يصول هيكتور ويجول مليئاً بالثقة في قوته ، ولا شيء يوقفه في اتكاله على زيوس ، فلا يهادن بشراً أو إلهاً ، وليس فيه إلا الغضب المتأجج • وهو الآن يصلي راجياً أن تعجل الفجر القدسية بالظهور • 240 لأنه يتوعد بتكسير القرون القصية التي على مؤخرات السفن ، وأن يضرم النيران الشرهة في السفن ذاتها ، وأن يقتل الآخيين أنفسهم وهم يتعثرون قربها من الدخان • هذا كله ما أخاف من كل قلبي أن يقع ، وأن تنفذ الآلهة تهديداتها ، وأن يكون مصيرنا 245 أن نموت هنا في طروادة بعيدين عن أرغوس مرعى الخيول • هيا بنا إذن ، إن كان يعنيك الأمر ، ومع أنك قد تأخرت ، لننقذ أبناء الآخيين المفجوعين من المذبحة الطروادية • فهي ستكون فجيعة لك فيما بعد ، ولن يكون لها علاج يدرأ الشر الذي تحقق • 250 بل عليك أن تفكر في إبعاد الشر مسبقاً عن الدانانيين •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 237 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 238 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 282

يا صديقي العزيز • لا أشك أن أباك بيليوس قد وجهك بهذا في ذلك اليوم الذي أرسلك فيه من فثيا إلى أغاممنون ، وقال لك : يا ولدي • بالنسبة لموضوع القوة فإن أثينا وهيرا ستمنحانك إياها ، إن شاءتا ، ولكن عليك أنت أن تكبت في أعماقك 255 بغضبة القلب الفخور • فالروية هي الأفضل • وابتعد عن التعقيدات السيئة للخصام • ومن أجل ذلك سيكرمك الأرجيفيون شباناً وشيوخاً • هكذا وعظك العجوز ، أبوك ، ولكنك نسيت ذلك • وعليك أن تتوقف الآن ، وتراجع عن الغضب الذي يوجع قلبك • 260 إن أغاممنون يقدم لك تعويضاً جديراً بالتقدير إذا تراجعت عن غضبك • ولتسمعني وأنا أعدد لك جميع الهبات التي وعد بها أغاممنون في مأواه : سبعة محامل لم تمسها النار 8 ، وعشرة تالنتات من الذهب ، وعشرون قدراً متلامعة ، واثنا عشر جواداً قوياً من جياد السباق ، 265 التي فازت بجوائز عن سرعتها • هذا الرجل لن تنقصه الغنائم وقد أعطي كل ما كسبتْها له • ولن يعوزه الذهب الغالي الكريم ، إذا ما أعطي الجوائز التي فازت له بها جياد أغاممنون بحوافرها القوية • وسيعطيك سبع نساء من ليسبوس يُشهد لهن بالمهارة في الشغل ، 270 واللواتي كان قد اختارهن حين استوليت ، أنت ، على ليسبوس الحصينة • واللواتي يفقن النساء جميعاً في جمالهن • وسيعطيك ذلك كله ، ومعه المرأة التي أخذها منك ، ابنة بريسيوس • وإضافة إلى ذلك سيقسم قسماً عظيماً






8 هنا سيكرر أوليس الكلام الذي قاله أغاممنون بالحرف. وهذه من سمات الشعر الشفوي والملحمي.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 238 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 239 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 283

أنه لم ينزل في فراشها ، ولم يضطجع معها ، 275 كما يحدث بشكل طبيعي عند البشر بين الرجال والنساء • هذه الهبات كلها ستكون لك في الحال • ولكن ، ومرة أخرى ، إذا قدرت الآلهة أن نجتاح ونغنم مدينة بريام العظيمة ، فستذهب إلى سفينتك ، وتعبئها بما تشاء من الذهب والبرونز ، عندما نقوم نحن ، الآخيين ، باقتسام الغنائم • 280 ولتختر لنفسك عشرين امرأة من الطرواديات ، أجمل النساء بعد هيلين الأرغوسية • وإذا ما رجعنا إلى أرغوس الآخية ، أغنى البلدان ، تستطيع أن تكون صهره ؛ وسيكرمك تكريمه لأوريست ، ابنه الذي ربي على الدلال والرخاء • 285 فهو لديه ثلاث بنات في قلعته الحصينة ، وهن كروسوثيميس ولاوديكي وإيفياناسا ، ولتقتد من تعجبك منهن ، دون مهر ، إلى قصر بيليوس ، ومع البنت سيمنحك مهراً مؤلفاً من هبات كثيرة ، لم يسبق لرجل أن حمّل ابنته بمثله • 290 وسيمنحك سبع مدن بحصون متينة وقوية • وهي كاردامولي وإينوبي وهيري ذات الأعشاب وفيراي بالغة القدسية وأديبيا التي بين المروج ، مع أيبيا الجميلة وبيداسوس ذات الكروم ، وهذه كلها تقع قرب البحر في سفح بولوس الرملي • 295 ويعيش أهلها أغنياء في القطعان والمواشي وسيكرمونك بالعطايا كما لو أنك إله ،





الإلياذة هوميروس الصفحة : 239 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 240 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 284

وينفذون رغباتك وإرادتك وأنت تحكمهم بصولجانك • هذا كله سيقدمه لك إذا ما خففت من غضبك • ولكن إن كنت تكنّ كراهية كبيرة لابن أتريوس في قلبك ، 300 وتكرهه وتكره هباته ، فأشفق ، على الأقل ، على الآخيين الآخرين • فقد دبت الفجيعة فيهم جميعاً • وسوف يكرمونك كإله • قد تكسب مجداً عظيماً جداً بينهم • فأنت الآن قد تقتل هيكتور ، إذ قد يقترب منك كثيراً بعد أن تلبسه الغضب الشرير ، وراح يخال أن لا نظير له 305 بين بقية الدانانيين الذين حملتهم السفن إلى هنا " • ورداً على ذلك قال آخيل ذو القدمين السريعتين : " يا ابن لا يرتيس ، وسليل زيوس ، أيها الداهية أوليس • بمعزل عن الاعتبار الذي لك ، يجب أن أقدم إجابتي ، وأوضح الطريقة التي أفكر بها ، والطريقة التي ستنتهي إليها الأمور • 310 لكي لا تظلوا تأتون إلي واحداً بعد الآخر ، لتجالسوني وتحدثوني بنعومة • فكما أمقت أبواب ( الموت ) ، أمقت الرجل الذي يخفي شيئاً في أعماق قلبه ، ويتحدث بآخر 9 • وسأتحدث إليكم بالطريقة التي أراها الأفضل • فأنا لا أرى أن أغاممنون ، ابن أتريوس ، سيقنعني ، 315 ولا بقية الدانانيين ، طالما أنه لم يكن هناك عرفان بالجميل لقاء قتالي الدائم ضد أعدائكم • إن المصير واحد لمن يتراجع ، ولمن يقاتل بضراوة • ونحن جميعاً محكوم علينا بقيمة واحدة يتساوى فيها الشجاع مع الضعيف • فمن لا يفعل شيئاً يموت مثل الذي فعل الكثير • 320






9 العبارة هنا فيها نيل من أسلوب أوليس من الكلام.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 240 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 241 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 285

أنا لم أكسب شيئاً ، وقد عانى قلبي أوجاعه ، بعد إذ عشت أتقحم ، وأخاطر بحياتي في خضم المعارك • فكما تجلب العصفورة الأم اللقمات لصغارها الزغب ، حيثما عثرت عليها ، وبعد معاناتها وشقائها ، هكذا كنت أنا ، وأنا أقضي ليالي طويلة مسهداً ، 325 وهكذا كنت أنا ، وأنا أقضي أياماً دامية في القتال • أكابد في وجوه المقاتلين من أجل نساء هؤلاء الرجال 10 • ولكنني أقول إنني قد اجتحت اثنتي عشرة مدينة منطلقاً من سفني ، وفي البر إحدى عشرة مدينة ونحن نتجه إلى طروادة السخية • من هذه المدن كلها أخذنا الثروات الثمينة والعديدة ، 330 وكنا نجلب ذلك كله ونعطيه لأغاممنون ، ابن أتريوس • بينما كان هو يجلس قرب سفنه السريعة منتظراً • يأخذ كل شيء ، ويوزعه بالقسط ، ويحتفظ لنفسه بالكثير • وكل الغنائم التي أعطاها لعظماء الرجال والأمراء احتفظوا بها • وأنا وحدي بين الآخيين كلهم 335 أخذ مني عروس قلبي واحتفظ بها • فليضطجع إلى جانبها ، وليسعد بها • ولكن لماذا يقوم الآخيون بمقاتلة الطرواديين ؟ ولماذا حشد ابن أتريوس هؤلاء الناس وقادهم إلى هنا ؟ ألم يكن ذلك كله من أجل هيلين ذات الشعر الجميل ؟ فهل أبناء أتريوس ، بين البشر كلهم ، هم الوحيدون 340 الذين يحبون زوجاتهم ؟ وحيث أن أي رجل صالح وحريص يحب من هي امرأته ويحرص عليها ، فأنا من أحب هذه المرأة من القلب ، وأنا الذي كسبتها برمحي •






10 النساء اللواتي نغنمهن بعد قتل هؤلاء الرجال. فالنساء كن أفضل الغنائم بعد النصر. والطرواديون هنا يدافعون عن نسائهم.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 241 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 242 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 286

أما وقد خدعني وأخذ من بين يدي مكافأة نصري ومجده ، فلا تدعوه يجربني مرة أخرى • إنني أعرفه جيداً • ولن يستطيع إقناعي • 345 فليتشاور معك يا أوليس ، أنت وبقية الأمراء ، حول كيفية إبعاد النار المهلكة عن سفنه • وأنا أعترف أن أعمالاً جليلة قد تمت من دوني • فلقد بنى لنفسه سوراً ، وأقام حوله خندقاً ، وجعله عظيماً وعريضاً • ووضع الأوتاد الحادة فيه • 350 ولكنه مع ذلك لم يستطع الصمود أمام قوة هيكتور الفتاك • غير أنني حين كنت أقاتل بين الآخيين لم يكن هيكتور يستطيع أن يشن هجومه خارج مأمن سوره • ولم يكن يتقدم إلى ما هو أبعد من الأبواب السكايية وشجرة البلوط • هناك واجهني مرة واحدة وهو وحيد ، وبصعوبة بالغة استطاع أن ينجو 355 من طعنتي القاتلة • وأنا الآن غير راغب في القتال ضد هيكتور البارع • وغداً بعد أن أضحّي لزيوس وبقية الآلهة ، وبعد أن أجهز سفني ، وأجذف نحو المياه المالحة ، إن شئتم وكان الأمر يعنيكم ، سترون سفني في عرض البحر فجراً عند هيليسبونت الذي تمور فيه الأسماك ، 360 وعلى متنها رجالي يجذفون بعزيمة • وإذا وهبني مرجّف الأرض سفراً ميموناً ففي اليوم الثالث سنكون عند فثيا السخية • فلدي أملاك كثيرة تركتها ورائي هناك حين جئت في هذه المغامرة اليائسة • ومن هنا وهناك الكثير من الذهب والبرونز 365 والنساء الجميلات والحديد القاتم مما سأرجعه معي • هذا كله كان نصيبي • إلا مكافأتي التي أعطاني إياها








الإلياذة هوميروس الصفحة : 242 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 243 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 287

أغاممنون القوي ، ابن أتريوس ، ثم استعادها ثانية في نوبة غضبه • فاذهبوا وأخبروه بكل ما قلته لكم ، وبصراحة • لعل الآخيين الآخرين ينقلبون عليه غاضبين 370 قبل أن يأمل مرة أخرى في خداع دانانيين آخرين ، وهو متلفع كعادته دائماً بقلة الحياء • وأنا أعرف أنه ، وعلى الرغم من أن لديه وقاحة الكلب ، لن يجرؤ على النظر إلى وجهي بعد اليوم • لن أشاركه مجلساً ولا مشورة ، ولا في أية مناسبة • لقد خدعني وآذاني • فلا تدعوه يحاول التغرير بي 375 مرة أخرى بالكلام • يكفيه ما فعل • وليمض إلى خرابه بنفسه ، طالما أن زيوس رب المشورة قد سلبه فطنته • إنني أكره عطاياه • وهو ليس عندي أهم من قصفة شعرة • ولو أعطاني عشرة أضعاف ما يعرض ، وعشرين ضعفاً مما يملكه الآن • وحتى لو جاءه المزيد من أي مكان ، 380 ولو أعطاني كل ما يأتي من أورخومينوس ، وكل ما يُجلب من طيبة في مصر حيث الثروات الهائلة مكومة في البيوت ، في طيبة ذات الأبواب المئة ، والتي يخرج من كل باب فيها مئتا مقاتل إلى الحرب في عرباتهم وعلى خيولهم ؛ لو أعطاني من العطايا بعدد الرمل والتراب 385 فلن يجد أغاممنون الطريق إلى روحي ، ما لم يكفر عن كل تلك الصفاقة الجارحة للقلب التي تصرف بها معي • ولن أتزوج ابنة أغاممنون ، ابن أتريوس ، حتى لو فاقت أفرودايت الذهبية في حسنها • ولا حتى لو فاقت أثينا ذات العينين الشهلاوين في مهارة يديها ، 390








الإلياذة هوميروس الصفحة : 243 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 244 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 288

حتى لو كانت كذلك فلن أتزوجها ، فليلتقط آخياً آخر ، يلائم مزاجه ويكون أكثر ملوكية مني • لأنه ، إن أبقتني الآلهة حياً ، وأرجعتني إلى وطني وبيتي ، فإن بيليوس نفسه سيؤمن لي زوجة على الفور • هناك الكثيرات من الآخيات في أرض هيلاس وفثيا ، 395 وهن بنات رجال عظماء يتبوؤون مناصب عالية • وأياً منهن أريد ، أستطيع الزواج منها وجعلها زوجتي الحبيبة • ولقد كنت دائماً تواقاً من كل قلبي إلى هذا المكان لاتخاذ زوجة شرعية في حفل زواج ، وتكون عروس أحلامي ، فأستمتع معها بالثروات التي كسبها العجوز بيليوس • 400 ولا أرى أن الثروات التي يخرفون عنها ، والتي كسبتها إليون الحصينة في الأيام الخوالي ، حين كان السلام يعم ، وقبل مجيء أبناء الآخيين ، تساوي حياتي • ولا كل ما يقع خلف عتبة ( الرامي ) ويحرص عليه ، لدى فويبوس أبولو في بوثو الصخرية • بين الثروات ، 405 القطعان والمواشي الثمينة يمكن الاستيلاء عليها ، وأثافي المواقد يمكن كسبها ، ورؤوس الخيول العالية السمراء المصفرة • أما حياة الإنسان فلا يمكن استعادتها ، ولا يمكن كسبها أو نقلها و لا الاستيلاء عليها بالقوة حالما تخرج من بين الأسنان • وأمي ، ثيتيس ، الربة ذات القدمين الفضيتين ، تقول لي 410 إنني أحمل نوعين من النهاية فيما يخص يوم موتي • إن بقيت هنا لأقاتل قرب مدينة الطرواديين ، فإن عدم عودتي يصبح محسوماً ، ولكن مجدي سيصبح أبدياً •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 244 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 245 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 289

ولكنني إن رجعت إلى أرض آبائي الحبيبة ، فسيضيع بهاء مجدي ، ولكن ستكون هناك حياة مديدة 415 تنتظرني • ولن تأتيني نهايتي في الموت على عجل • وستكون هذه مشورتي للآخرين أيضاً : أن يبحروا عائدين إلى بيوتهم ، طالما أنكم لن تصلوا إلى شيء في مدينة إليون الشفافة • لأن زيوس ذا الجبين الواسع قد وضع يده عليها بقوة لحمايتها ، فصار شعبها مقداماً • 420 فهلا رجعتم إلى عظماء الآخيين ناقلين إليهم هذه الرسالة • لأن مزية الأمراء هي أن يفكروا في عقولهم بخطط بديلة أفضل ، يمكن أن تنقذ سفنهم ، وتنقذ الآخيين الذين يشغلون هذه السفن ، بعد اكتشاف أن هذه الخطة لن تعود عليهم بشيء 425 بعد نقمتي وغضبي الجامحين • وليبق فوينيكس معنا هنا ، وينام هنا ، لعله في غد يأتي معنا في سفننا إلى أرض آبائنا الحبيبة ، إذا شاء • ولكنني لن أستخدم القوة للتشبث به " • أنهى كلامه ، فخيم عليهم الصمت 430 مندهشين من كلامه • فقد تحدث إليهم بقوة وعنف • ولكن في النهاية ، وبعد لأي ، تكلم فوينيكس ، الخيّال العجوز بكلام يختلط بالدموع ، والخوف على سفن الآخيين يتأكله : " إن كانت العودة إلى الوطن ، يا آخيل المجيد ، هي ما يجول في خاطرك ، وإن كنت غير راغب إطلاقاً 435 في إبعاد النار عن السفن السريعة ، بعد أن حط الغضب على روحك ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 245 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 246 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 290

فكيف ، يا ولدي العزيز ، سأبقى وحدي بعدك في هذا المكان ؟ لقد أرسلني الخيال العجوز بيليوس معك في ذلك اليوم الذي أرسلك فيه من فثيا إلى أغاممنون ، وأنت مجرد ولد لم يكن يعرف شيئاً عن الالتحام في المعارك 440 أو الحديث في مجالس الرجال ذوي الأهمية • من أجل هذا أرسلني معك لأعلمك هذه الأمور كلها ، لأجعلك متحدثاً فذاً بالكلام ، ومجابهاً قوياً في القتال • ولذا فإنني من دونك ، يا ولدي العزيز ، لا رغبة لدي في البقاء ، ولا حتى لو وعدني الإله شخصياً 445 أن يلغي شيخوختي ، ويعيد لي شبابي الزاهر من جديد ؛ مثلما كنت يوم غادرت هيلاس ، بلد الحسناوات هارباً من نقمة والدي أمونتور ، ابن أورمينوس ، الذي كرهني من أجل عشيقة جميلة الشعر ، إذ كان قد ضاجعها بنفسه ، مسبباً الخزي لزوجته ، 450 أمي ، والتي كانت تشد ركبتي وتغريني بمضاجعة العشيقة ، لعلها تصبح بعدها كارهة للعجوز • وقد اقتنعت ، وفعلتها • وحين سمع والدي بالأمر استنزل علي لعناته ، وأثار علي ربات النقمة المخيفات فتسببن بأن لا يأتيني من صلبي ولد 455 أجلسه على ركبتي • فاستجاب الإلهان ، زيوس العالم السفلي وبيرسيفون ، الربة المقدسة ، وحققا له هذه الرغبة ، واستكملا اللعنة • فعاهدت نفسي على قتله بالبرونزي الحاد • غير أن أحد الآلهة هدأ من غضبي ، وذكرني








الإلياذة هوميروس الصفحة : 246 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 247 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 291

بشائعة منتشرة بين قومي ، ويرددها لوم الناس ، 460 لئلا أسمى قاتل أبيه بين الآخيين • ولكن قلبي في صدري لم يعد يطاوعني على البقاء في البيت بعد غضب والدي • وأحاط بي بعض الأقرباء وأبناء العمومة واستبقوني في البيت بالرجاء والاستعطاف • 465 وذبحوا خرافاً سمينة على عددهم وأبقاراً ذات قرون معقوفة والكثير من الخنازير المكتنزة بالشحم ، مددت على نار هيفايستوس ، وشربت خمور كثيرة مما كان العجوز قد خزن • وقضوا تسع ليال وهم ينامون إلى جانبي ، 470 وصاروا يتناوبون الحراسة علي ، وأبقوا على النيران موقدة • نار تحت باب فسحة الدار الموصد بإحكام • ونار في غرفة الانتظار أمام باب غرفة النوم • ولكن حين جاءتني الليلة العاشرة ، وأنا في العتمة ، حطمت أبواب الغرفة الموصدة بإحكام 475 وخرجت ، ثم تسلقت سياج باحة الدار بخفة ، في غفلة عن عيون الحرس والخدم • وانطلقت هارباً في أرجاء هيلاس الفسيحة ، حتى وصلت إلى فثيا الكريمة ، بلد القطعان ، وقصدت الزعيم بيليوس الذي استقبلني بالترحاب • 480 ومنحني حبه ، كما يمكن لأب أن يحب ابنه الوحيد وهو الثري واسع الثراء •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 247 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 248 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 292

أغناني ، وأعطاني خدماً وحشماً ، فعشت سيداً على دولوبيس الواقعة في أطراف فثيا ، فصنعت منك يا آخيل كل ما أنت عليه الآن • 485 وأحببتك من كل قلبي • وصرت لا تخرج إلى أية مأدبة مع أحد غيري ، ولا تأكل طعامك في غرفتك إلا إذا أجلستك على ركبتي ، ورحت أنتش لك قطع اللحم الصغيرة ، وأطعمك ما تشتهيه ، وأخبئ لك الخمر • وكثيراً ما بلّلت الثوب الذي أرتديه على جسدي 490 بالخمر الذي تبصقه في ولدنتك • وهكذا قاسيت معك كثيراً ، وواجهت مشاكل عديدة ، وأنا أفكر دائماً كيف أن الآلهة لن ترزقني بأولاد من صلبي • فكنت أنت ، يا آخيل الشبيه بالآلهة ، من جعلته ولدي • لعلك ذات يوم تبعد عني الشر والبلوى • 495 فخفّفْ من غضبك الكبير يا آخيل • فليس عهدنا بك أن يكون لك قلب لا يرحم • الآلهة ذاتها يمكن أن تتأثر وتغير موقفها ، مع أن فضيلتها وكرامتها وقوتها أكبر منا • ولكن مع الأضحيات ونذور التقرب ، ومع الشراب والبخور يمكن للبشر أن يبدلوا حتى مواقف الآلهة 500 بالتوسل تجاه إنسان خاطئ أو متجاوز للحدود • فهناك أيضاً أرواح ( الصلاة ) ، بنات زيوس العظيم ، وهن عرجاوات ، ومجعدات الوجوه ، وحولاوات ، وينهجن الطريق الذي سارت فيه روح ( الخراب ) قبلهن • بينما هي ، ( الخراب ) ، قوية وثابتة الخطو • ولذلك فهي تتقدم 505








الإلياذة هوميروس الصفحة : 248 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 249 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 293

على الصلوات كلها وتسبقهن ، وتفوز بالوصول إلى كل بلد ، من أجل تضليل الناس • بينما تصل الصلوات بعدها آسيات • فإذا أكرم إنسان ما بنات زيوس هؤلاء ، لدى اقترابهن ، فإنهن يحققن له الكثير ، ويستمعن إلى طلباته • ولكن إذا تجاهلهن إنسان ما ، ورفضهن بعناد وبكلمات قاسية 510 فإنهن يذهبن إلى زيوس ، ابن كرونوس ، راجيات أن تمر ( الخراب ) وتفاجئ هذا الرجل لتؤذيه وتعاقبه 11 • فكن كريماً ، أنت أيضاً يا آخيل ، لكي تنال بنت زيوس التكريم ، الذي يقيد رغبات الأخريات ، على الرغم من أنهن من سلالة الآلهة • فلو أن ابن أتريوس لم يجلب الهدايا ، ولم يَعد بالمزيد ، 515 ولو أنه ظل ممتلئاً بالحقد ، لما طلبت منك أنا نفسي أن تنحي غضبك جانباً ، ولا أن تدافع عن الأرجيفيين رغم حاجتهم الماسة إليك • ولكن كما ترى • إنه يقدم لك الكثير ، وقد وعدك بالمزيد فيما بعد• لقد أرسل إليك خيرة الرجال ليطيبوا خاطرك ، 520 بعد أن انتقاهم من حشود الآخيين ، الذين هم بالنسبة لك أنت أغلى الأرجيفيين • فلا تجعل التماسهم يذهب سدى ، ولا تخيب مجيئهم ، مع أن أحداً قبل ذلك لم يكن يلومك على غضبك • هكذا كانت الحال في سالف الأيام ، وفي الأفعال التي سمعنا عنها من العظماء ، حين كان يحل بهم الغضب الشديد • 525 كان الأبطال يقبلون الهبات ، ويستمعون إلى الآخرين ، ويقتنعون بهم وأنا أتذكر هذا عن القدماء ، فهو ليس بالأمر الجديد ، وأعرف كيف كانت تسير الأمور • أنتم جميعاً أصدقائي وسأحكي بينكم •






11 من الجوانب ذات الأهمية البالغة في الإلياذة، إضافة إلى قيمتها الأدبية والملحمية، هي أنها تتضمن سجلاً كبيراً بالعادات والعقائد. والعقيدة هنا هي أن (الخراب) نوع من الجنون كانوا يرون أنه يأتي إلى الإنسان من الخارج. ولذلك فهو مرض يحتاج إلى معالجة (الصلوات). وفي الأسطر بعد (115) ، مثلاً، اعتراف من أغاممنون أنه قد تصرف مع آخيل تحت تأثير جنون من هذا النوع. والاسم الأسطوري لهذا الجنون - الخراب - هو (آتي).


الإلياذة هوميروس الصفحة : 249 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 250 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 294

كان الكوريتيون والأيتوليون الصناديد يتحاربون • ويقتل كل منهم الآخر عند مدينة كالودون • 530 الأيتوليون في حصون كالودون الجميلة ، والكورتيون تواقون لاجتياحها وسلبها في الحرب • وأرتيميس ، ذات المقعد الذهبي ، هي التي أوقعت بهم هذه الفتنة • فقد غضبت لأن أوينيوس لم يقدم لها بواكير محصول بساتينه ، أول الفاكهة ، بينما تم تقديم أعطيات لائقة لبقية الآلهة • 535 وحدها ابنة زيوس العظيم ، هذه ، لم يقدم لها شيئاً • لقد نسي ، أو أنه لم يفكر في الأمر خطأ منه • وفي غضب ربة السهام على سلالته كلها ، أرسلت عليهم خنزيراً برياً شرساً ذا أنياب لامعة ، عاث فساداً في بساتين أوينيوس ، 540 فاقتلع الأشجار كلها من الأرض وبعثرها ووصل تخريبه إلى الجذور ، وداس حتى الأزهار • وقام ميلياغروس ، ابن أوينيوس ، بالتعاون مع العديد من الصيادين من مدن مختلفة ، بقتل الخنزير ، بمعونة كلابهم ، لأن الخنزير لا يمكن قتله بقلة من الرجال 545 نظراً لضخامته ، التي ساعدته على دفع العديد من الرجال إلى المحارق • ومرة أخرى ثار غضب الربة ، ونادت بالحرب عند رأس الخنزير وجلده المنتفش ، بين الكورتيين والأيتوليين البواسل 12 • وكان ميلياغروس من المشاركين في هذه الحرب ، 550 مما جعل الأمور تسوء بالنسبة للكورتيين ، ولم يعودوا يستطيعون






12 المقصود أن الحرب وقعت بين الطرفين من أجل من يأخذ الجلد، ومن يأخذ الرأس. وهناك تحوير في هذه القصة على يد هوميروس، وعلى لسان فوينيكس، لكي تصبح قريبة من حالة آخيل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 250 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 251 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 295

الصمود خارج أسوارهم ، على الرغم من كثرة عددهم • ولكن حين ثار غضب ميلياغروس ، ذلك الغضب الذي يغلي في قلوب الآخرين أيضاً، على الرغم من رجاحة عقولهم ، فإنه في ثورة غضبه من أمه ألثايا ، 555 اعتزل الحرب ، وبقي عند زوجته ، كليوبترا الجميلة ، ابنة ماربيسا ذات المشية الدلال ، ابنة إيونوس وإيداس ، الذي كان أقوى رجل على وجه الأرض في زمانه • وقد بلغ عتيّه أن حمل قوسه ليواجه هجوم الملك ، فويبوس أبولو ، من أجل خاطر الصبية ذات الدل ، 560 الصبية التي سماها أبوها وأمها الكريمة ، في قصرهما ، ألكوني ، طير البحر ، كاسم تدليلي لها ، لأنه من أجلها بكت أمها بزعيق كزعيق طيور البحر ، عندما أخذها فويبوس أبولو ، ذو السطوة • مع كليوبترا هذه جلس يقلّب غضبه وينمّيه • 565 ويتأجج بسبب لعنات أمه التي استنزلتها عليه من الآلهة ، في حزنها على أخيها • وأكثر من مرة كانت تضرب الأرض بيديها ، وتدعو هيدز وبيرسيفون الكريمة ، وتتمرغ على الأرض والدموع تبلل صدرها ، 570 وهي تطلب الموت لابنها • وسمعتها من مكانها المظلم إيرينوس ، التي تسير في الظلام ، والتي ليس في قلبها شفقة • وسرعان ما قصف الرعد عند الأبواب ، وتعالت الأصوات من الأبراج المتعرضة للهجوم • واسترضاه كبار الأيتوليين








الإلياذة هوميروس الصفحة : 251 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 252 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 296

وأرسلوا له أنبل كهان آلهتهم ، 575 لكي يأتي ويدافع عنهم • وقدموا له هدية عظيمة : أن يختار أينما شاء ، في أخصب أراضي كالودون الجميلة ، أية أرض يريد ، أفضل قطعة فيها ، أرض من خمسين فداناً ، نصفها كروم ، والنصف الآخر محروث لزراعة المحاصيل • 580 ومرة بعد أخرى راح أوينيوس ، الخيّال العجوز ، يرجوه ، وقد جلس عند عتبة الغرفة ذات الأقواس العالية ، وراح يهز الأبواب الموصدة بيديه ، متوسلاً لابنه • ومرة بعد أخرى راحت أمه الكريمة وأخواته يتوسلن إليه ، ولكنه كان يزداد رفضاً وعناداً • ثم جاءه أصدقاؤه 585 الذين هم الأكرم والأنبل والأغلى عليه ، وتوسلوا إليه • ولكنهم كلهم لم يستطيعوا أن يليّنوا قلبه • وزاد الضرب والإلحاح على غرفته ، فالكورتيون كانوا يتسلقون الأبراج ويضرمون النار في المدينة العظيمة • عندها ، أخيراً ، تدخلت زوجته ، العروس ذات النطاق الجميل ، 590 وتوسلت إلى ميلياغروس بدموعها ، وعددت أمامه المآسي التي سيقع فيها الناس إذا تم الاستيلاء على المدينة : سيقتلون الرجال ، وستحول النيران المدينة إلى رماد ، وسيأخذ الغرباء الأطفال والنساء المحصنات • وحين استمع إلى هذه الشرور والمآسي لان قلبه • 595 فنهض وذهب وأطبق درعه اللامع على جسده • وهكذا تسامح من قلبه ، وأنهى يوم الشر ذاك ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 252 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 253 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 297

الذي كان قد لحق بالأيتوليين ، ومع أن ذلك لم يحدث بالهدايا والهبات الكثيرة ، إلا أنه أبعد الشر عنهم • اسمع إذن • ولا تعنّد على فكرة كهذه في بالك • 600 ولا تجعل روحك تحولك في هذا الاتجاه يا صديقي • سيكون أسوأ الأمور أن تدافع عن السفن بعد إحراقها • اقبل الهدايا المقدمة • وسيكرمك الآخيون تكريمهم لإله • ولكن إن نزلت إلى الميدان الذي يهلك فيه الناس دون هدايا ، فلن يكون مجدك عظيماً حتى لو حولت مجرى المعركة " • 605 ورداً عليه قال آخيل ذو القدمين السريعتين : " فوينيكس ، يا أبي ، الموقر المبجل • أنا لا أريد شرفاً كهذا • فأنا أمتلك هذا الشرف مسبقاً بفضل أوامر زيوس ، التي ستبقيني هنا ، بجانب سفني المقوسة طالما أن نفَسي ما يزال في صدري ، وطالما أن رجليّ تحملانني • 610 وابقِ في ذهنك ما سأقوله لك • توقف عن إشغال بالي بالندب والأحزان ، لصالح ابن أتريوس العظيم • فإنه لا يليق بك أن تحب رجلاً كهذا ، خشية أن تصبح كريهاً في نظري ، أنا الذي يحبك • بل سيكون من دواعي فخرك أن تؤذي من يؤذيني • 615 كن ملكاً على قدم المساواة معي • وشاركني كرامتي • هؤلاء الرجال سينقلون الرسالة • وأنت تبقى وتنام هنا في فراش ناعم • وسنقرر غداً ، مع طلوع الفجر ، ما إذا كنا سنعود أدراجنا ، أم أننا سنبقى هنا " • قال ذلك ، ودون كلام هز برأسه مشيراً إلى باتروكلوس 620








الإلياذة هوميروس الصفحة : 253 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 254 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 298

ليعد منامة من شبكة لفوينيكس ، بحيث يرى الآخرون أن عليهم أن يغادروا مأواه • ورأى ذلك أياس الشبيه بالآلهة ، وابن تيلامون ، فقال كلمته بينهم : " يا ابن لايرتيس ، وسليل زيوس ، يا أوليس الداهية ، دعنا نذهب • لا أظن أن شيئاً سيتحقق 625 بالمجادلة في مهمتنا هذه • ومن الأفضل أن نرجع بسرعة وأن نحكي هذه القصة ، مع أنها ليست بالقصة الطيبة ، للدانانيين الذين ينتظرون عودتنا • إذ سيرون أن آخيل قد جعل روحه التي في جسده تصبح وحشية • إنه قاس • وهو لا يتذكر حب أصدقائه • مع أننا 630 قد كرمناه عند السفن أكثر مما كرمنا أحداً غيره • عديم الرحمة • إن الرجل ليقبل أن يأخذ دية عن دم أخيه القتيل ، أو حتى دية طفل قتيل • فيظل القاتل ، الذي يدفع الثمن غالياً ، في البلاد • ويتم شكم قلب المتعرض للأذى وكبريائه وغضبه 635 بعد أخذ الدية • ولكن الآلهة وضعت في قلبك روحاً لا تعرف الرضا ، روحاً سيئة ، ومن أجل فتاة واحدة • إنك تعرف أننا نقدم لك سبعاً يفقنها جمالاً ، والكثير إضافة إليهن • فاجعل الروح التي فيك كريمة • احترم بيتك • انظر • نحن معك تحت السقف ذاته ، 640 ونحن من جمهرة الدانانيين ، نحن الذين نرغب أكثر من غيرنا في أن نحظى بكرمك وحبك أنت ، وليس غيرك من الآخيين " • ورداً عليه قال آخيل ذو القدمين السريعتين :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 254 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 255 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 299

" يا أياس ، سيد القوم ، وابن تيلامون ، وسليل زيوس ، كل ما قلته كأنما يخرج من عقلي • 645 ولكن القلب الذي في صدري ما يزال يغلي بالغضب ، كلما تذكرت العار الذي ألحقه بي أمام الأرجيفيين ابن أتريوس هذا ، وكأنني شريد لا كرامة له • فهل لك أن ترجع إليه وتنقل هذه الرسالة : إنني لن أفكر ثانية في القتال الدامي ، 650 إلا إذا جاء وقت يصل فيه هيكتور الباسل ، ابن بريام ، إلى سفن المورميدون ومآويهم • فيقتل الأرجيفيين ، ويسوّد سفننا بالنار • ولكنني أظن أن هيكتور سيتوقف قرب مأواي ، وبجانب سفني ، مهما كان متعطشاً للقتال " • 655 قال ذلك • فأخذ كل منهم كأساً وسكب خمره على الأرض قرباناً ، ثم عادوا إلى سفنهم بقيادة أوليس • وأعطى باتروكلوس أوامره إلى الجواري والأتباع أن يعدوا سريراً من شبكة لينام عليه فوينيكس • فأطاعوه وأعدوا السرير كما أمر • 660 ومدوا عليه الصوف مع بطانية وقطعة بيضاء • وهناك استلقى العجوز وراح ينتظر الفجر الإلهية • أما آخيل فنام في القسم الداخلي من المأوى المبني بمتانة • وتمددت امرأة إلى جانبه كان قد أخذها من ليسبوس • وهي ديوميدي ، ابنة فورباس ، الجميلة • 665 وفي الزاوية الأخرى نام باتروكلوس ، وكانت معه أيضاً








الإلياذة هوميروس الصفحة : 255 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 256 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 300

فتاة ، هي إيفيس ، ذات النطاق الجميل ، منحه إياها آخيل الباسل بعد أن استولى على سكوروس ، حصن إينويوس • وحين وصل الآخرون عائدين إلى مآوي أغاممنون ، حياهم الآخيون برفع كؤوسهم الذهبية 670 واحداً بعد الآخر ، وهم واقفون وراحوا يمطرونهم بالأسئلة • وكان أول من طرح عليهم الأسئلة أغاممنون قائد الجيش : قل لي يا أوليس المبجل ، يا مجد الآخيين العظيم ، هل هو راغب في القتال لدرء النيران المفترسة عن سفننا ؟ أم أنه قد رفض ؟ أو ما يزال الغضب يتأكّل قلبه النفور ؟ 675 ورد عليه أوليس ذو المعاناة الطويلة قائلاً : " يا ابن أتريوس المعظم ، يا ملك الناس ، يا أغاممنون • غضب هذا الرجل لا يهدأ ، بل إنه يزداد اضطراماً • إنه يرفضك ويرفض هداياك • ويطلب منك أن تقوم أنت بنفسك بالتشاور مع الأرجيفيين 680 حول كيفية إنقاذ سفنكم وشعب الآخيين • أما هو نفسه فقد هدد بأنه غداً عند بزوغ الفجر سيسحب سفنه ذات المقاعد القوية والمجاذيف إلى عرض البحر • وقال إن هذه هي نصيحته إلى الآخرين أيضاً ، أن يبحروا عائدين إلى بيوتهم ، طالما أنه لا أمل لكم بعد اليوم 685 في مدينة إليون ، بعد أن وضع زيوس ذو الجبين العريض يده عليها بقوة فازداد أهلها جرأة • هذا ما قاله • والذين كانوا معي يصادقون على ما أقول • وهم أياس والرسولان ، وكل منهم سديد الرأي •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 256 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 257 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 301

ولكن فوينيكس العجوز ظل ليقضي الليل هناك ، مثلما طلب منه آخيل • 096 فقد يعود مع السفن إلى أرض آبائه الحبيبة ، إذا كان فوينيكس يرغب• ولكنه لن يجبره على ذلك "• أنهى كلامه فخيم الصمت على الجميع • وهم مندهشون من كلامه • فلقد تحدث إليهم بقوة • ومر وقت لم يقل فيه أبناء الآخيين شيئاً ، والحزن يخيم عليهم • 695 ولكن بعد قليل تحدث إليهم ديوميديس ذو الصرخة الحربية الداوية : " يا ابن أتريوس ، أغاممنون المبجل وملك القوم ، كنت أتمنى لو أنك لم ترجُ ابن بيليوس المعظم ، بتلك الهدايا التي لا تحصى • فهو متعال دون ذلك • وقد دفعته الآن إلى ما هو أبعد وأعمق في تعاليه • 700 لن نلقي إليه بالاً بعد الآن ، سواء جاء معنا ، أم ظل نافراً منا • إنه سيعود إلى القتال حين يحين الوقت المناسب • ويحثه قلبه على ذلك ، ويهديه الإله • وأنا أقول : هيا بنا ولنستسلم للأمر • اخلدوا إلى النوم ، بعد أن سعدت القلوب 705 بالطعام والشراب • فهما ما يمنحاننا القوة والشجاعة في أعماقنا • ولكن حين تبزغ الفجر بأصابعها الزهرية يا ابن أتريوس ؛ فلتسرع بجمع الناس والخيول أمام سفننا • ولتحث الجميع • ولتكن أنت أيضاً جاهزاً للقتال في المقدمة " • أنهى كلامه فوافق الملوك جميعاً على قوله ، 710 متقبلين كلام ديوميديس محطم الخيول • ثم أهرقوا الخمر قرباناً ، وذهب كل إلى مأواه ، حيث أخلدوا إلى النوم واستسلموا لبركة النعاس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 257 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 258 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل العاشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 305

ونام عظماء الآخيين الآخرون إلى جانب سفنهم ، مستسلمين تحت غلالة الرقاد الناعمة ؛ ولكن راعي القوم أغاممنون ، ابن أتريوس ، لم يأته النوم الجميل لانشغاله بأفكاره التي تمور في خاطره • وكما يحدث حين يبرق والد هيرا ذات الشعر الجميل 5 وهو يرسل عاصفة مطرية ، أو سيولاً مستمرة ، أو عاصفة ثلجية ، وكما ينتشر الثلج على الأرض ، أو حين يوجه في مكان ما على الأرض الحد الهائل للحرب المدمرة ، هكذا كان أغاممنون ، والاضطراب الممض في أعماقه ، وفي سويداء قلبه ، وأفكاره مشتتة ، 10 يلقي بنظره تارة عبر السهل نحو المعسكر الطروادي ، ونيرانهم المضطرمة التي أشعلوها أمام إليون ، ويصغي إلى الأصوات المتصاعدة من ناياتهم ومزاميرهم وإلى همهمات الناس • تارة ينقل نظره إلى سفن الآخيين ، وإلى الآخيين أنفسهم ، فيكاد ينتزع شعر رأسه من جذوره ، 15 وهو يتطلع صوب زيوس في الأعالي وقلبه يتفطر أسى • ويخطر له تارة أخرى أن أفضل رأي هو أن يبحث بين الرجال عن نيستور ، ابن نيليوس ، ليرى إن كان يستطيع أن يصل معه إلى أفضل قرار ،






  • إذا كان النقد الحديث يقول إن كل ما يمكن حذفه من العمل الفني دون أن يتأثر، فإن وجوده خطأ، وهو زيادة وحشو بلا مبرر، فإن ما يشبه هذا الفصل هو المقصود. إذ يرى بعض النقاد أنه من الممكن حذفه دون أن تتأثر الملحمة، أو نحس بنقص فيها. وخاصة القسم المتعلق بالخيول. ومع أن الملاحم الشعبية إجمالاً تمتلىء بالاستطرادات الشبيهة، إلا أن بعض النقاد يشككون في أن يكون الفصل كله لهوميروس أصلاً. وربما هو إضافة من بيزيستراتوس. وقد أشرنا إلى العديد من الإعادات والاستطرادات التي يمكن حذفها ، لأننا نتعامل مع نص مكتوب، بينما هو في أصله نص شفوي ملقى على مستمعين.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 258 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 259 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 306

قرار يمكن أن يدرأ الشر عن الدانانيين • 20 قام وأنزل سترته على جسده، ووضع في قدميه حذاءه الجميل ، وألقى على نفسه جلد الأسد الأسمر، المتوهج والكبير، والذي يتدلى حتى قدميه ، ثم حمل رمحه • وبمثل هذه الحالة من الاضطراب كان مينيلاوس ، 25 الذي لم يعرف طعم النوم الجميل ولا هدوء البال ، مخافة أن يحل الأذى بالآخيين ، وقد عبروا بحاراً كثيرة من أجله لكي يصلوا إلى طروادة ليشنوا هجومهم الجريء على الطرواديين • في البدء لف ظهره العريض بجلد فهد مرقط ، ثم حمل خوذته النحاسية ، 30 ووضعها على رأسه وحمل رمحاً بيده الضخمة • وأخذ طريقه ليوقظ أخاه ، الذي كان الملك الأكبر للأرجيفيين كلهم ، والذي يكرم في بلده مثل إله • فوجده يضع الدرع الفاخر على كتفيه قرب مؤخرة السفينة ، وقد رحب به وهو يتجه صوبه • 35 وكان مينيلاوس ، ذو الصرخة الحربية الداوية ، هو أول من تكلم : " لم أنت شاكي السلاح يا أخي ؟ إنك تستطيع أن ترسل واحداً من رجالك لكي يتجسس على الطرواديين • مع أنني ، وبحزن ، أخشى أنه لا يوجد من يقوم بمحاولة التوجه إلى مقاتلي العدو للتجسس عليهم وحده 40 في هذا الليل الخالد • فرجل كهذا يجب أن يحمل قلباً جسوراً " • فرد عليه أغاممنون القوي قائلاً :






الإلياذة هوميروس الصفحة : 259 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 260 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 307

" أنت وأنا معروفان يا مينيلاوس • ونحن في حاجة الآن إلى الحيلة والمكر ، إذا كان على أي إنسان أن ينقذ الأرجيفيين وسفنهم ، طالما أن قلب زيوس قد مال عنا • 45 لأن أضحيات هيكتور قد حركت قلبه أكثر من أضحياتنا • إذ لم أر أو أسمع من شفتي أحد أن إنساناً وحيداً يستطيع تصور حجم الأذى الذي أوقعه في يوم واحد هيكتور ، حبيب زيوس ، على أبناء الآخيين • وحده ممن لا يمكن تسميته بالابن الحقيقي لإله أو إلهة • 50 لقد فعل فعائل أظن أن الأرجيفيين سيتذكرونها بحزن إلى أمد طويل في المستقبل ، وهو الأذى الذي أصاب به الآخيين • فاذهب الآن بخفة وسرعة إلى جانب السفن ، وناد إيدومينيوس وأياس ، بينما أذهب أنا في طلب نيستور البارع فأوقظه ، إن كان راغباً ، 55 في القيام بواجب الحراسة المقدس ، أو إصدار الأوامر للحراس • وهم سيسمعون كلامه إذ يرون أن ابنه على رأس الحراس ، ومعه ميريونيس ، تابع إيدومينيوس • ولهؤلاء نوكل المهمة قبل غيرهم "• وبدوره رد عليه مينيلاوس ، ذو الصرخة الحربية العظيمة : 60 " فكيف تفسر إذن ذلك الأمر الذي أصدرته إلي ؟ أأنتظر حيث أنا هنا ، معه ، وأترقب عودتك ، أم ألحق بك بعد أن أعطي أوامري المناسبة " ؟ وبدوره أجابه القائد أغاممنون: " من الأفضل أن تنتظر هنا 1 بحيث لا يضيع أحدنا عن الآخر 65






1 ربما كان هذا خطأ في النقل. لأن مينيلاوس سيستدعي أياس وإيدوومينيوس. وسيكون الاجتماع خارج السور. وبالتالي فالمقصود هو " انتظر هناك".


الإلياذة هوميروس الصفحة : 260 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 261 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 308

في ذهابنا وعودتنا • فهناك طرق عديدة بين المعسكرات • اهتف بصوتك حيثما ذهبت • وأيقظ كل من تريد وأعطه أوامرك ، وتأدباً سمِّه باسم أبيه 2 • احترم كل إنسان كما يليق به • ولا تسمح لنفسك بالتعالي • بل دعنا أنا وأنت نقوم بالعمل ، 70 بما أن زيوس قد ألقى على كاهلنا منذ ولادتنا بعبء هذه المصيبة " • قال ذلك وأرسل أخاه مزوداً بالأوامر اللازمة ، وذهب هو ليبحث عن نيستور راعي القوم ، فوصل إليه وهو في ملجئه ، قرب سفينته السوداء متمدداً في فراش مريح ، وأسلحته اللامعة إلى جانبه : 75 الترس والرمحان والخوذة المتلألئة ، وقريباً منه النطاق بكل ألقه ، ذلك الذي يحزم العجوز نفسه به ، حين يتسلح لينزل إلى الميدان الذي يموت فيه الرجال ، على رأس جماعته ، بما أنه لا يعترف بكبر العمر المحزن • عدّل نفسه ورفع رأسه متكئاً على ذراعه ، 80 وتحدث مع ابن أتريوس ملقياً عليه سؤالاً : " من أنت ، يا من تمشي وحيداً بين السفن والجيش في حلكة الليل هذه والناس نيام ؟ أتبحث عن بغل من بغالك ؟ أم عن رفيق لك ؟ تكلم ولا تباغتني وأنت صامت • ما الذي تبغيه مني ؟ " 58 فرد عليه أغاممنون القائد قائلا ً: " يا نيستور ، ابن نيليوس ، ويا فخر الآخيين •






2 هذا يبرر ما قلناه ف يهامش الفصل الأول، وفي الملاحظات العامة، حول أن تسمية كل شخص مع أبيه مسألة تعني ما هو أكثر من النسب. وهذا ما جعلنا لا نتقيد بطريقة الكتابة العربية التي تقول بحذف ألف " ابن" حين تقع بين اسمي علم.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 261 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 262 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 309

سرعان ما ستعرف أغاممنون ، ابن أتريوس ، الذي من دون غيره ، قد زج به زيوس في المشاقّ إلى الأبد ، وطالما أن هناك نفَساً يتردد في صدره ، وأن ركبتيه تقويان على حمله • 90 إنني أجول على هذا النحو لأن النوم قد جفا عينيّ • فالقتال وسلامة الآخيين يربكانني • إنني في غاية القلق على الدانانيين ، فقلبي لا ينبض بانتظام • فأنا مشتت ، وقلبي يضطرب في صدري ، وأطرافي ترتعش تحتي ، 95 ولكن إن كنت مستعداً للعمل وقد جفاك النوم أيضاً ، دعنا نخرج معاً إلى الحراس لكي نرى إن كان الإرهاق لم ينل منهم ، ولم يغطوا في النوم ، فأهملوا واجبهم في الحراسة • هناك من يكرهوننا ، وهم رابضون على مقربة ، فلسنا نعرف 100 ما إذا كانوا لا يفكرون في الهجوم علينا في الظلام " • ورداً على ذلك أجاب الخيّال الجيريني قائلاً : " يا ابن أتريوس ، يا أغاممنون ذا البهاء الملكي • لا أظن أن زيوس صاحب المشورة والرأي سيحقق لهيكتور أهدافه كلها ، وكل ما يأمل فيه الآن • وأظن أنه 105 ما تزال أمامه متاعب عليه أن يواجهها ، خاصة إذا غير آخيل موقفه وتخلى عن غضبه الجامح • سأذهب معك بالتأكيد • ودعنا نوقظ الآخرين أيضاً ، ابن توديوس الشهير برمحه ، وأوليس ، وأياس 3 السريع القدمين ، والابن القوي لفوليوس 4 • 110






3 مرة أخرى يجب التمييز بين اياس هذا وأياس التيلاموني، الذ هو أقل سرعة وأقل هجومية. 4 هو ميغيس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 262 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 263 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 310

ولكن لم لا نذهب وندعو من سأسميهما أيضاً أياس العظيم ، الشبيه بالآلهة ، والقائد إيدومينيوس • فسفنهما بعيدة عنا ، وليست قريبة أبداً • ومهما كان مينيلاوس محبوباً ومحترماً ، فإنني أظل ألومه ، حتى لو غضبت أنت ، ولن أخفي لومي • 115 لأنه ينام الآن ويترك عليك العمل الشاق كله • كان عليه أن يكون الآن متجولاً بانهماك وجدية على الرجال كلهم داعياً إياهم • فالحاجة الماسة التي ألمت لم تعد محتملة " • ورد عليه قائد القوم أغاممنون قائلاً : " يا سيدي الموقر • في مرات أخرى كنت أقبل لومك له • 120 فكثيراً ما كان يتلكأ ولا يبدي رغبة في العمل الشاق • وهذا ليس لأنه ينسحب ويستسلم ، وليس تبلداً وخمولاً • بل لأنه يتكل علي ، وينتظر مني أن أبدأ العمل • ولكنه استيقظ قبلي بكثير هذه المرة ، وهو الذي أتي وأيقظني • وقد أرسلته في طلب الذين ذكرتهم أنت • 125 فدعنا نذهب • وسنجدهم مع الرسل أمام الأبواب ، حيث طلبت منهم أن يلتقوا ويجتمعوا " • ورد عليه الخيال الجيريني نيستور : " بهذا لن يعصي له أي أرجيفي أمراً ، أو يرى في عمله خطأً ، حين يذهب ويوقظهم أو يصدر إليهم أوامره " • 130 ومع هذا الكلام ألقى بثوبه على جسده ووضع في قدميه النظيفتين حذاءه الجميل ، ولف حول نفسه عباءته الأرجوانية المزدوجة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 263 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 264 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 311

وفوقها طبقة من الصوف الكثيف • ثم أمسك برمح قوي ينتهي بحربة برونزية حادة • 135 ثم نزل نحو سفن الآخيين ذوي الدروع البرونزية • وكان أول من وصل إليه هو أوليس ، الند لزيوس في رجاحة الرأي • أيقظه الخيال الجيريني نيستور من نومه • محدثاً إياه بصوت عال ، ومرت موجة الصوت بسرعة إلى مسامعه ، فخرج من مأواه وقال لهما : 140 " فيم تجوالكما وحدكما ذهاباً وإياباً بين السفن والجيش ، وسط هذا الليل الخالد ؟ ما الذي يدفعكما إلى هذا ؟ " فرد عليه الخيال الجيريني نيستور قائلاً : لا تغضب يا ابن لايرتيس ، وسليل زيوس ، يا أوليس الداهية • هذا البلاء قد وقع على الآخيين • 145 فتعال معنا لنوقظ شخصاً آخر ، لأنه الأجدر بمناقشة مسألة الهرب أو البقاء للقتال " • وحين انتهى من كلامه ، رجع أوليس الداهية إلى مأواه • فوضع الدرع الفاخر على كتفيه ، وذهب معهم • عادوا إلى ابن توديوس ، ديوميديس ، فوجدوه 150 مع عدته خارج مأواه ، ومرافقوه من حوله وقد ناموا وتروسهم تحت رؤوسهم ، ورماحهم مركوزة إلى جانبهم • أعقابها مغروزة عميقاً في الأرض ، والأسنة لامعة في الأعالي مثل برق الأب زيوس • وكان البطل ينام وتحته جلد من جلود الثيران 155 وتحت رأسه بطانية صقيلة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 264 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 265 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 312

ووقف نيستور ، الخيال الجيريني ، ليوقظه ، وفعل ذلك بنعره بكعبه • ثم أنّبه في وجهه : " استيقظ يا ابن توديوس • أتغط في نومك طوال الليل ؟ ألا تسمع جلبة الطرواديين على مدى السهل ، 160 وهم جالسون على مقربة من سفننا ، ولا يفصلهم عنا إلا حيز ضيق ؟ وحين أنهى كلامه نهض الآخر بسرعة من نومه ، وخاطبه بكلمات مجنحة على هذا النحو : " أنت رجل قاس يا سيدي الموقر • ولا تعرف الانتهاء من العمل • أوليس هناك من هو أصغر منك بين أبناء الآخيين 165 ممن يمكن أن يتنقلوا هنا وهناك إلى كل أمير وإيقاظه ؟ ولكن أنت لا تعرف الكلل " • ورد عليه الخيال الجيريني بقوله : " نعم يا صديقي • كل ما قلته صحيح وعادل • فأنا نفسي لدي أبناء لا غبار عليهم • ولدي أتباع • 170 العديد منهم • ويستطيع أي منهم أن يذهب لإيقاظ الأمراء • ولكن هذه المصيبة التي وقعت على الآخيين كبيرة • والقرار بالنسبة لنا جميعاً يقف على ما هو أدق من حد السيف • هل يفوز الآخيون بالسلامة والحياة ؟ أم بالفناء والدمار ؟ فاذهب الآن إلى أياس السريع وابن فوليوس 175 وأيقظه - فأنت أصغر مني - إن كنت تشفق علي فعلاً " • قال ذلك فلف الآخر كتفيه بجلد أسد لامع وضخم ويتدلى حتى قدميه ، وحمل معه رمحه • ذهب البطل فأيقظ الآخرين وعاد بهما •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 265 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 266 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 313

وحين اختلط هؤلاء بالرسل المجتمعين 180 لم يجدوا قادة الحراس يغطون في النوم • بل وجدوهم يقظين وجالسين قرب أسلحتهم • وكما أن الكلاب حول القطيع لا تعرف الاستقرار وهي تسمع حركة وحش قريب بين الأشجار ، وهو يتنقل في الجبل ، والضجة ثائرة من حوله 185 صادرة عن الكلاب والرجال الذين فارقهم النوم ، هكذا هرب النوم من عيون هؤلاء وهم يتناوبون الحراسة مركزين انتباههم دائماً صوب السهل إذ يسمعون الطرواديين يروحون ويجيئون • وسر العجوز حين رآهم • وبنبرة مشجعة 190 أطلق كلماته المجنحة مخاطباً إياهم : " تابعوا مراقبتكم بهذه الطريقة يا أولادي الأعزاء • ولا تسمحوا للنوم أن يتمكن من أي منكم لئلا تصيروا محط شماتة أعدائكم " • قال ذلك وعبر الخندق 5 فتبعه ملوك الأرجيفيين الذين تمت دعوتهم إلى هذه الخلوة • 195 وجاء معهم ميريونيس وابن نيستور المجيد ، لأن الملوك أنفسهم قد دعوهما إلى الاجتماع معهم • وبعد أن اجتازوا الخندق العميق جلسوا على أرض نظيفة ، حيث كانت هناك فسحة خالية من جثث القتلى 6 • وهو المكان الذي رجع عنه هيكتور الضخم 200 فلم يقض على الأرجيفيين بسبب هبوط الظلام عليه • هناك جلسوا • وفتح كل منهم الكلام للآخر •






5 الاجتماع هو في الجانب الآخر من الخندق، أي في مكان أقرب إلى الطروادين. 6 والطرواديون حين اجتمعوا بحثوا عن فسحة خالية من الجثث. إنهما إشارتان تدلان على حجم المجزرة التي وقعت.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 266 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 267 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 314

وبدأ الخيال الجيريني الكلام مخاطباً الجميع : " يا أصدقائي • أليس بينكم رجل ، يعتمد على قوة قلبه ، فيذهب إلى ما بين الطرواديين البواسل ؟ 205 فلعله يقبض على واحد من الأعداء يكون قد شرد عنهم • أو لعله يسمع شيئاً مما يقوله الطرواديون حول ما يخططونه فيما بينهم ، وما إذا كانوا ينوون البقاء حيث هم ، قريباً من السفن ، أم أنهم سينسحبون إلى المدينة ، بعد أن هزموا الآخيين • 210 لو عرف أحد شيئاً عن هذا وعاد إلينا سالماً ؛ فإن مجده بين الناس سيكون عظيماً ، وسامياً حتى السماء ، وتنتظره مكافأة مجزية • فكل من هؤلاء الأمراء والمتنفذين المنتظرين قرب السفن سيعطيه نعجة سوداء ، 215 ووراءها حَمَلها ، فلا تكون هناك أعطية مثلها • وسيكون من الذين يحضرون الحفلات والمآدب دائماً " • أنهى كلامه فساد الصمت بينهم • إلى أن تحدث إليهم ديوميديس ، ذو الصرخة الحربية الداوية : " إن قلبي ، يا نيستور ، وروحي الجسورة يدفعانني 220 إلى الذهاب إلى حشد هؤلاء الناس الكريهين القريبين منا • أقصد الطرواديين • ولكن لو أن أحداً يذهب معي فسيكون الأمر مريحاً أكثر ، والثقة أعلى • فحين يذهب اثنان معاً سيكون في وسع أحدهما التبصر لمعرفة ما هو الأفضل • أما الرجل وحده ، ومهما بلغ حرصه ، 225








الإلياذة هوميروس الصفحة : 267 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 268 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 315

فسيظل أقل حمية من الاثنين ، ورأيه أقل وزناً " • أنهى كلامه فأبدى الكثيرون رغبتهم في الذهاب مع ديوميديس • ومن هؤلاء الأياسان ، تابعا آريس ، وكذلك ميريونيس ، وابن نيستور • وابن أتريوس ، مينيلاوس ذو الرمح الشهير ، كان راغباً أيضاً • 230 كما كان أوليس الصبور راغباً في التسلل إلى جمع الطرواديين • فقلبه كان دائماً متقحماً وجسوراً • فتحدث إليهم أغاممنون قائد الجيش : " يا ديوميديس ، ابن توديوس ، يا مبعث الغبطة في قلبي • انتق الرجل الذي ترغب فيه ، وتريده مرافقاً لك • 235 فهم أفضل من أبدى رغبته ، مع أن كثيرين تواقون للذهاب معك • ولكن ، وبدافع من الرهبة التي تحس بها في قلبك ، عليك أن لا تتجاوز أفضل الرجال وتأخذ أسوأهم ، مستجيباً للتواضع والتأدب ومتهيباً من مرتبته - حتى لو كان الأكثر ملوكية " • قال ذلك وهو يطوي خوفاً على مينيلاوس ، ذي الشعر الجميل • 240 فرد ديوميديس ذو الصرخة الحربية المجلجلة مرة أخرى قائلاً : " إن كنت تطلب مني فعلاً أن أنتقي مرافقي ، فكيف لي أن أنسى أوليس الشبيه بالآلهة ، ذلك الذي قلبه وروحه الطموح يتجاوزان الآخرين كلهم في كل مجال • والذي تحبه بالاس أثينا • 245 فلو أنه يذهب معي ، لاستطعنا معاً أن نتجاوز النار المضطرمة ذاتها • وعقله يتجلى بشكل أفضل في المكائد " • ورد عليه أوليس ذو المعاناة الطويلة 7 بدوره قائلاً :






7 يتكرر هذا الوصف لأوليس دون مبرر ظاهري. ولكن هوميروس يحكي قصته لأناس يعرفونها بشكل أو بآخر. ولذلك هو يستبق الأحداث أحياناً. وقد تكرر ذلك فيما يتعلق بأحداث الحصار ذاته. إن هناك أحداثاً ستقع. وهو يلمح إليها مسبقاً. وهناك أحداث أخرى ستقع، ولكنها ليست موجودة في الإلياذة كلها، مثل اجتياح مغامرة أوليس في طريق عودته إلى إيثاكا، والتي تستغرق عشر سنوات أخرى. وجمهور المستعمين يعرف القصتين. ولذلك فإن وصف أوليس بأنه ذو المعاناة الطويلة هو استباق لأحداث الأوديسة وتذكير للجمهور بها، وبما سيعانيه أوليس فيها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 268 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 269 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 316

" لا تمتدحني بهذا الشكل ، يا ابن توديوس ، ولا تقلل من شأني • فهؤلاء الأرجيفيون كلهم يعرفون الأمور التي قلت عنها كلها • 250 ولكن دعنا نذهب • فقد مضى قسم كبير من الليل ، واقترب بزوغ الفجر • والنجوم سارت طويلاً في مداراتها ، وقد ولى معظم الليل • انقضى منه جزءان ، وظل لنا جزء واحد " • أنهيا كلامهما وبدآ يرتديان عدة حربهما المخيفة • وقدم ثراسوميديس ، العنيد في القتال ، لابن توديوس 255 سيفاً ذا حدين ( إذ كان قد ترك سيفه في سفينته ) وترساً • كما وضع على رأسه خوذة من جلد ثور ، بلا قرون أو عرف في أعلاها ، والتي تعرف باسم القبعة الجمجمية ، وتحمي رؤوس الأبطال في المعركة • بينما قدم مينيلاوس قوساً وكنانة وسيفاً 260 لأوليس ، كما وضع هو الآخر على رأسه خوذة مصنوعة من الجلد مشدودة من الداخل بسيور جلدية • ومن الخارج شُبكت بثبات أنياب بيضاء لخنزير بري مخاطة الواحد منها بعد الآخر بحرَفية ومهارة ، وفي الوسط لباد قوي • 265 وكان أوتولوكوس قد اقتحم بيتاً متين البناء ، وسرقها من أمونتور ، ابن أورمينوس ، في إيليون ، وأعطاها لكوثريان أمفيداماس في سكانديا • وأعطاها أمفيداماس بدوره إلى مولوس عربون صداقة • وأعطاها مولوس إلى ابنه ليلبسها • 270 وانتهى بها المطاف أن تغطي رأس أوليس اليوم•








الإلياذة هوميروس الصفحة : 269 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 270 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 317

وبعد أن انتهى الاثنان من تجهيز نفسيهما بالأسلحة المرعبة ، سلكا الطريق مخلفين وراءهما الأمراء جميعاً ، وإلى يمين الطريق الذي سلكاه أرسلت إليهما بالاس أثينا طير مالك الحزين • ومع أن عيونهما لم تستطيعا رؤيته 275 في تلك الظلمة الحالكة ، إلا أنهما سمعا صوته وهو يزعق • وانشرح صدر أوليس لبشارة الطائر ، فصلى لأثينا شاكراً : اسمعيني يا ابنة زيوس المدرع ، أنت التي تقفين إلى جانبي دائماً في المهمات الصعبة كلها • وإنني لم أنس ذلك وأنا اسلك دروبي • فامنحيني أفضل الحب الآن يا أثينا 280 وقدري لنا أن نعود مؤزرين بالمجد إلى السفن ذات المقاعد المتينة بعد أن نكون قد أنجزنا عملاً عظيماً سيثير أحزان الطرواديين " • وصلى بعده ديوميديس صاحب الصرخة الحربية المجلجلة : " اسمعيني أنا أيضاً يا أتروتون ، ابنة زيوس العظيم • تعالي معي الآن ، كما سبق أن ذهبت مع أبي توديوس 285 إلى طيبة حين ذهب رسولاً من قبل الآخيين تاركاً وراءه الآخيين ذوي الدروع البرونزية قرب أسوبوس • ومضى يحمل كلمة صداقة إلى الكادموسيين في ذلك المكان • ولكنه في طريق العودة تعرض للقيام بأعمال رهيبة بمعونتك ، أيتها الربة المقدسة • إذ كنت تقفين إلى جانبه بإرادة طيبة • 290 فلتشائي مرة أخرى أن تقفي إلى جانبي ، وتحميني • وأنا بدوري سأنذر لك عِجلة عريضة الجبهة بنت سنتها ، لم تتعرض للمنخس ، ولم يضع رجل من قبل نيراً على رقبتها ، وسأطلي قرنيها بالذهب وأقدمها لك " 8 •






8 جرت العادة أن تلف قرون الذبائح بأوراق الذهب لمزيد من الأبهة والفخامة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 270 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 271 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 318

هذا ما قالاه في صلاتيهما ، وبالاس أثينا تسمعهما • 295 وبعد أن أنهيا صلاتيهما لابنة زيوس العظيم شقا طريقيهما مثل أسدين وسط الظلمة الحالكة ، وسط المذبحة والجثث والأسلحة المرمية والدماء القاتمة • وكذلك فإن هيكتور لم يسمح للطرواديين البواسل بأن يناموا ، بل استدعى كبارهم وعظماءهم إلى التجمع ، 300 أولئك الذين هم قادة طروادة ومستشاروهم • وباجتماعه بهؤلاء طرح أمامهم مشورته : " من الذي يأخذ على عاتقه هذا العمل وينفذه لقاء مبلغ كبير ؟ وستكون المكافأة كافية له ؛ لأنني سأعطيه عربة وحصانين قويي الرقبتين 305 من أفضل الخيول الموجودة إلى جانب سفن الآخيين ، وذلك لمن لديه الجرأة ، ومن يكسب المجد لنفسه أيضاَ ، لأن يقترب من السفن السريعة ، ويعرف لنا ما إذا كانت السفن السريعة محروسة مثلما كانت من قبل ، أم أن الآخيين الذين هزموا على أيدينا 310 يخططون فيما بينهم للهروب ، ولم يعودوا راغبين في حراستها ليلاً بعد أن هدهم التعب والإعياء " • أنهى كلامه فساد الصمت • ولكن كان بين الطرواديين شخص هو دولون ، ابن إيوميديس ، المنادي • وكان كثير الذهب والبرونز • 315 وكان شريراً في مظهره ، لكنه كان سريع القدمين ؛ وكان الابن الوحيد بين خمس أخوات •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 271 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 272 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 319

هذا الرجل قام ، وقال كلمته أمام الطرواديين وأمام هيكتور : " إن قلبي وروحي الطموح يدفعانني 9 إلى الاقتراب من السفن السريعة ومعرفة شؤونها • 320 فهيا • ارفع صولجانك أمامي وأقسم عليه أنك ستعطيني الجياد والعربة المرصعة بالبرونز ، تلك التي تقلّ ابن بيليوس الشجاع • إذ لن أكون لك جاسوساً عديم الجدوى ولا أقل من توقعاتك • بل سأذهب مباشرة إلى وسط جيشهم ، إلى أن أصل 325 إلى سفينة أغاممنون ، حيث لا بد أن قادتهم مجتمعون فيها لتقرير الخيار بين الهرب أو القتال " • أنهى كلامه فأمسك هيكتور بالصولجان بين يديه وأقسم عليه : " فليكن زيوس ، زوج هيرا ذو الرعد القاصف ، شاهداً علي بنفسه بأنه ما من أحد من الطرواديين سيمتطي تلك الجياد • 330 لأنني أقول إنها ستكون لك قطعياً ، ومصدر فخرك " • هكذا أقسم قسماً لا رجوع عنه ، وحث الرجل على الذهاب • وسرعان ما قام دولون بتنكب قوسه المحنية • ولف نفسه بجلد ذئب أغبر ، ووضع على رأسه قبعة من جلد النمس ، وحمل رمحاً حاداً للقذف 10 335 وأخذ طريقه من معسكره نحو السفن • ولكن لم يقدر له أن يعود ثانية من السفن لنقل ما يعرفه إلى هيكتور • فحين غادر مكان تجمع الرجال والخيول سار في طريقه متلهفاً • ولكن أوليس الداهية شعر بقدومه فقال لديوميديس : 340






9 نلاحظ أن الطرواديين والآخيين يتحدثون بالطريقة ذاتها ويستخدمون التعابير ذاته. وهذا غير مبرر إلا في السير الشعبية. لأن اللغة هي المغني أو الراوي الذي يحكي الحكاية. وليست بالضرورة لغة الشخصيات. 10 يفترض أنه غير رمح الطعن الذي يستخدم أكثر من مرة. أي أن هذا السلاح هنا حربة تقذف ولا تستعاد.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 272 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 273 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 11

" هو ذا رجل خارج من الجيش • ولا أعرف إن كان قادماً للتجسس على سفننا ، أم لسلب إحدى الجثث • ولكن يجب أن نتركه يتجاوزنا أولاً مسافة ما في الخلاء • وبعد ذلك نهجم عليه ونأسره بشكل مفاجئ • 345 وإذا استطاع بسرعة قدميه أن يسبقنا فلنجبره على التوجه دائماً إلى السفن بقذفه بالرمح لكي لا يعود نحو المدينة " • قال ذلك ، فتنحيا جانباً بين الجثث ، فيما مر هو قربهما مسرعاً وخالي الذهن • 350 فلما صار بعيداً عنهما بمقدار طول حراثة بغل 11 ، لأن تلك أفضل من الثيران في الحراثة ، وجر المحراث المصنّع لسحب السكة في أرض الزراعة ، ركضا وراءه • وحين سمع وقع أقدامهما وقف حيث هو • وظن بينه وبين نفسه أنهما من الأصدقاء الطرواديين 355 قد جاءا لإرجاعه • وأن هيكتور أرسلهما خلفه بسرعة لاستدعائه ثانية • ولكنهما حين صارا منه على بعد رمية الرمح ، أو أقل من ذلك ، أدرك أنهما من الأعداء فحرك ساقيه بسرعة لكي يهرب • وأسرعا خلفه • وكما يحدث حين يبصر كلبا صيد حادّا الأنياب حيواناً برياً ، 360 غزالاً صغيراً ، أو أرنباً ، ويلحقان به بين أشجار الغابة ، فيما الفريسة تزعق راكضة أمامهما ، هكذا كان ابن توديوس وأوليس قاهر المدن






11 هي المنطقة التي يمكن أن يحرثها بغل في يوم واحد.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 273 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 274 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 321

في أعقابه لمحاصرته وفصله عن جماعته • ولكن حين أوشك على الوصول إلى مراسي السفن ، 365 وفيما هو يهرب نحو السفن ، عندها وضعت أثينا قوة عظيمة في ابن توديوس لكي لا يكسب أي آخي مدرع بالبرونز مجد ضربه وإسقاطه فيكون هو في المرتبة الثانية • وخاطبه ديوميديس القوي وهو يهدده بالرمح : " إما أن تتوقف أو أن رمحي سيصل إليك • ولا أظنك 370 ستنجو من يديّ طويلاً ومن الموت المفاجئ " • قال ذلك وأطلق رمحه فأخطأه عامداً • لأن الرمح مر فوق كتفه اليمنى وانغرز في الأرض • فوقف دولون مرعوباً وهو يهمهم ، لأن اصطكاك أسنانه كان يصدر صوتاً مسموعاً من فمه 375 في حالة خوف أخضر 12 ، ووصل إليه الاثنان وهما يلهثان • وأمسكاه بيديه ، فانهار يبكي وهو يقول لهما : " خذاني حياً • وأنا سأفتدي نفسي • ففي بيتي برونز وذهب وحديد مشغول بإتقان • ووالدي سيسعدكما بفدية كبيرة 083 إذا سمع بأنني حي في سفن الآخيين " • وتحدث أوليس بدوره مخاطباً إياه : " لا تخف ولا تدع فكرة الموت تراودك • ولكن تعال • قل هذا الأمر وردده بدقة • فيم مجيئك وحدك بعيداً عن الجيش نحو السفن 385 في عتمة الليل ، بينما الناس نيام ؟






12 تتكرر هذه الصفة كثيراً. والمقصود بها امتقاع اللون. وإذا كنا نصف الامتقاع والخوف بالاصفرار فإن أسلوب هوميروس، وربما الإرث الكلاسيكي، يصفه بالاخضرار. ولعل الأصفر المزرق هو الأقرب إلى المدارك. (راجع ما جاء عن اللون الأخضر في الملاحظات العامة).


الإلياذة هوميروس الصفحة : 274 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 275 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


أ رقم صفحة الكتاب الورقي: 322

هو من أجل سلب إحدى الجثث ؟ أم أن هيكتور هو الذي أرسلك للتجسس على كل شيء قرب السفن الخالية ؟ أم أنك قمت بذلك من تلقاء نفسك ؟ " فرد عليه دولون ورجلاه ترتجفان : 390 " لقد ضللني هيكتور بإغراءات كثيرة • وعدني بالجياد وحيدة الحافر لآخيل السامي ، ابن بيليوس ، والعربة المتلألئة بالبرونز مكافأة لي • ووجه إلي أمراً أن أمضي وسط الليل الحالك المتسارع ، وأقترب من معسكر الأعداء لأعرف له 395 ما إذا كانت السفن السريعة محروسة كما كانت من قبل ، أم أن الآخيين الذين انهزموا على أيدينا يخططون فيما بينهم للهرب ، ولم يعودوا راغبين في حراستها ليلاً بعد أن هدهم التعب " • فابتسم أوليس الداهية وقال له : 400 " لا شك إذن أن تلك هي الهدايا التي يتوق لها قلبك • خيول ابن أيكوس 13 الباسل • إنها جياد صعبة المراس على البشر لكي يسوسوها ، أو حتى أن يركبوا وراءها 14 • ولا أحد يستطيع ذلك إلا آخيل الذي ولدته ربة • ولكن قل لي هذا الأمر وردده بدقة • 405 أين تركت آخيل ، قائدكم ، حين جئت إلى هنا ؟ وأين هي عدة حربه ؟ وأين هي خيوله ؟ وأين يتوزع بقية الطرواديين ، الحراس والنائمون ؟ وما الذي يدبرونه فيما بينهم ؟ هل ينوون البقاء ،






13 آخيل ، حفيد آيكوس. 14 في العربات.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 275 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 276 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 323

حيث هم ، قريبين من السفن ؟ أم أنهم سينسحبون 410 إلى المدينة ، بعد أن هزموا الآخيين ؟ " وبدوره رد عليه دولون ، ابن إيوميديس ، قائلاً : " سأردد عليك هذه الأمور بكل دقة • هيكتور الآن بين رجال مشورته وهم يدبرون الأمر قرب ضريح إيلوس 15 الشبيه بالآلهة ، 415 معتزلين بعيداً عن اللغط • أما الحراس الذين تسأل عنهم أيها البطل ، فليس هناك من يحمي الجيش أو يحرسه • أما مواقد نيران حراسة الطرواديين ؛ فإن من أوكلت إليهم فيظلون مستيقظين قرب النار • وهم يتناوبون هذا الواجب فيما بينهم • أما الحلفاء الذين احتشدوا من أماكن بعيدة للمعركة 420 فهم نائمون • وقد أوكلوا أمر الحراسة للطرواديين • إذ أن أطفالهم ونساءهم ليسوا قريبين منهم " • ورد عليه أوليس الداهية قائلاً : " وكيف ينام هؤلاء ؟ أهم مختلطون بالطرواديين محطمي الخيول ؟ أم أنهم ينامون منفصلين عنهم ؟ قل لي بوضوح " • 425 ورد عليه دولون ، ابن إيوميديس ، قائلاً : " سأردد عليك هذه الأمور كلها بوضوح • إلى جانب البحر هناك الكاريونيون ، وكذلك البايونيون ذوو القسي المعقوفة والليليجيون والكونانيون والبيلاسجيون البواسل • وقرب ثومبري هناك اللوكيون والموسيون الأمجاد • 430 ومعهم الفرسان الفروجيون 16 والمايونيون مقاتلو العربات • ولكن لم تسألني عن هذا كله وبالتفصيل ؟






15 إيلوس هو جد بريام. وهو الذي سميت طروادة باسمه (إليون). 16 الذين يقاتلون وهم على ظهور الخيل (أي ليس وهم في العربات، أو وهم راجلون). وهم الوحيدون في الإلياذة الذي يشار إلى أنهم يمكن أن يكونوا ممن يمتطون الخيول.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 276 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 277 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 324

لأنك إن شئت التسلل بين الطرواديين فهاهم الثراسيون الذين وصلوا مؤخراً • وهم منفصلون عن الآخرين ومعزولون في مكان محدد • وبينهم ملكهم ريسوس ، ابن إيونيوس • 435 إن خيوله من أفضل الخيول ، التي رأيت ، وأضخمها • هي أشد من الثلج بياضاً ، وسرعتها في الجري كسرعة الريح • وعربته مزينة بالذهب والفضة • ودرعه الذي جلبه معه ذهبي هائل الحجم بهجة للناظرين • إنه ليس كالدروع التي يلبسها البشر 440 بل هو درع آلهة خالدين • فخذني معك إلى مكان ما قرب السفن السريعة • أو قيدني بقيد قاس واتركني إلى أن تقوم بمغامرتك وتتحقق من صدق أقوالي • وتتأكد من أنني كنت صادقاً معك أم لا " • 445 ولكن ديوميديس القوي نظر إليه بقسوة وقال له : " لا تخطرن ببالك يا دولون أية فكرة عن الهرب أو النجاة بعد أن وقعت في أيدينا ، على الرغم من أهمية ما أوصلته إلينا • لأننا إن تركناك تذهب الآن ، أو إن أطلقنا سراحك ، فستأتي فيما بعد إلى سفن الآخيين السريعة 450 إما للتجسس علينا ثانية ، أو لمحاربتنا بقوة • ولكن إن قتلتك بيديّ الآن فإنك ستفقد حياتك • وبذلك لن يلحق بالأرجيفيين سوء منك أو ضرر " • قال ذلك فيما الرجل يحاول أن يمسك ذقنه بيده 17 للتوسل إليه• ولكنه ضرب عنقه 554






17 مر معنا سابقاً، في هوامش الفصل الأول، أن طريقة الرجاء والتوسل هي الإمساك بركبتي المرتجى ولمس ذقنه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 277 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 278 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 325

بشطفة السيف ، فقطع وتري الرقبة • وهوى رأس دولون على التراب وهو ما يزال يتكلم • أخذوا عن رأسه القبعة المصنوعة من جلد النمس • كما جردوه من جلد الذئب والقوس المعلقة على كتفه والرمح الطويل • ورفع أوليس البارع هذه الأشياء بيديه عالياً 460 نحو أثينا سالبة الغنائم وقال كلمة صلاة لأثينا : " هللي أيتها الربة • فهذه لك • لك قبل كل الآلهة على الأولمب سنقدم نصيبك الملائم • فأرشدينا مرة أخرى إلى حيث ينام الثراسيون وجيادهم " • قال ذلك وهو يرفع الغنائم فوقه ، ويضعها 465 على شجيرة طرفاء ثم يرفع نقطة علام إلى جانبها ، بتجميع عيدان القصب والأغصان الطويلة من الحلفاء وبحيث لا يخطئون مكانها في طريق العودة خلال الليل الهارب • وتابع الاثنان طريقهما وسط الأسلحة المتناثرة والدماء السوداء • وإذ بهما يصلان فجاءة إلى حيث الثراسيون الذين كانا يبحثان عنهم • 074 وكان هؤلاء نائمين ، منهكين من التعب • وأسلحتهم مركونة ببهاء وترتيب على الأرض إلى جانبهم في ثلاثة صفوف • وإلى جانب كل منهم خيوله • وكان ريسوس ينام في الوسط وجياده السريعة قربه ، مربوطة من أعنتها إلى الطرف الخارجي من العربة • 475 وكان أوليس أول من رآه وأشار لديوميديس إليه : " هوذا رجلنا • أتراه يا ديوميديس • وها هي خيوله • تلك التي حددها لنا دولون ، الرجل الذي قتلناه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 278 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 279 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 326

فهيا وضع قوتك كلها هنا • إذ لا معنى هنا لوقوفك متراخياً وسلاحك معك • فك الخيول • 480 أو فدعني أتابع أمرها ريثما تقوم أنت بقتل الآخرين • حين قال ذلك قامت أثينا ذات العينين الشهلاوين ببث القوة في ديوميديس • فبدأ يقتلهم واحداً بعد الآخر • وتصاعدت أصوات كئيبة منهم فيما كان السيف يعمل فيهم والأرض تحمر من دمائهم • وكما يتقدم ليث من قطعان بلا حول ، وقد هجرها رعاتها ، 485 قطعان من الغنم أوالماعز ، ويهجم عليها والشر في عينيه هكذا قام ابن توديوس بمهاجمة الثراسيين إلى أن قتل اثني عشر شخصاً منهم • وفي الوقت ذاته ، وفيما كان ابن توديوس يقف فوق كل رجل بسيفه ثم يضربه ، كان أوليس يمسك بالقتيل من رجليه ويجره 490 مبتعداً به ، وفي ذهنه أن الجياد ذات الأعراف الجميلة يمكن أن تمر بسهولة فلا تجفل حين تدوس الجثث • فهذه الجياد لم تعتد على ذلك بعد • ولكن حين وصل ابن توديوس إلى الملك ، وكان هذا هو الرجل الثالث عشر الذي يقتله ، جرده من حلاوة الحياة 495 فيما هو ينام نوماً عميقاً ويتنفس بصعوبة - لأن حلماً مزعجاً قد جاءه في ذلك الليل - ليس حلماً بل هو ابن أوينيوس بتوجيه من أثينا • وفي الوقت ذاته كان أوليس الجلود يفك الجياد ويسحبها من أعنتها المربوطة معاً لإبعادها عن الجمع • ثم ساطها بقوسه إذ لم ينتبه ، فلم يأخذ ، 500 السوط المتلامع المرمي في العربة المرصعة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 279 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 280 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 327

وأطلق صفرة إلى ديوديموس الباسل كإشارة • ولكنه ظل ينتظر ، وهو يقلب في ذهنه أفضل ما يستطيع القيام به : هل يأخذ العربة التي تحتوي على الدرع البراق ويجرها من عريشها ؟ أم يرفعها ويحملها ليأخذها معه ؟ 505 أم يجرد ثراسيين آخرين من حياتهم ؟ وفيما كان يقلب هذه الأمور كلها في ذهنه ، جاءت أثينا ووقفت إلى جانب ديوميديس وكلمته : " فكر الآن ، يا ابن توديوس ، ذي القلب القوي ، بالعودة إلى السفن الخاوية ، وإلا فقد تذهب مطارَداً 510 إذا ما تدخل إله ما لإيقاظ الطرواديين " • حين قالت ذلك عرف صوت الربة المتكلمة • وبخفة صعد خلف الخيول • وساطها أوليس بقوسه 18 وانطلقا مسرعين صوب سفن الآخيين السريعة • ولم يكن أبولو غافلاً عما يجري 515 وهو يرى أثينا ترعى ابن توديوس • ولغضبه منها نزل وسط جمع الطرواديين الكبير وأيقظ رجل قيادة من الثراسيين ، هو هيبوكوون ، ابن العم الملكي لريسوس • وتطلع هذا وهو يصحو من نومه • وحين رأى المكان الذي كانت فيه الجياد خالياً ، 520 ورأى رجاله ينخرون وهم يلفظون آخر أنفاسهم ، تأوه وصاح منادياً مرافقه العزيز • ودب الهرج بين الطرواديين وتعالت الضوضاء وهم يتحركون بارتباك ويرون فظاعة حدث






18 يتوقف ويلكوك طويلاً أمام هذه العبارة ليشير إلى إشكالية في الصياغة. فالركوب خلف الجياد يعني أنهما يركبان العربة. وليست هناك إشارة إلى أن أوليس قد أخذ العربة. كما أن السوط في العربة، وبالتالي فلا مبرر لأن يسوط أوليس الجياد بقوسه إن كان قد أخذها. هذا بالإضافة إلى أن هناك إشارة إلى أن الجوادين - إذا افترضنا أنهما اثنان - مربوطان معاً بأعتتهما، حسب ما قام به أوليس. وهذا ما سيعيق حركتهما عند الانطلاق في طريق العودة، إلا إذا كانا قد أعتادا على الانطلاق معاً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 280 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 281 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 328

على يدي الرجلين قبل أن يرجعا إلى سفنهما الجوفاء • 525 ولكن هذين حين وصلا إلى حيث قتلا عنصر استطلاع هيكتور شد أوليس ، حبيب زيوس ، أعنة الجياد المنطلقة ، فيما قفز ابن توديوس إلى الأرض والتقط الغنائم المضرجة بالدم وسلمها لأوليس ، وارتقى خلف الجياد • وساطها أوليس من جديد فانطلقا بخفة 530 عائدين إلى السفن الخاوية • لأن هذا هو الطريق الذي كان يبغيه • وكان نيستور أول من سمع هديرهما ، فقال : " يا أصدقائي • يا سادة الأرجيفيين وأصحاب الرأي فيهم ، هل أنا مخطئ ؟ أم أنني أقول الحق ؟ قلبي يحدثني أن الهدير الذي يصل إلى مسامعي هو خبب خيول جامحة • 535 أيكونان أوليس وديوديموس القوي يجمحان 19 مسرعين مبتعدين عن الطرواديين بجواديهما السريعين ! ولكنني خائف من كل قلبي أن يكون هذان الآخيان الشجاعان قد واجها المتاعب على أيدي جموع الطرواديين " • ولم ينه كلامه حتى وصلا • 540 وترجل الرجلان • وبفرح غامر هنأهما المرافقون بالتصفيق وبكلمات الترحيب • وكان أول من استجوبهما الخيّال الجيريني نيستور : " تعال وأخبرني يا أوليس المبجل ، ويا فخر الآخيين ، كيف فزت بهذه الجياد ؟ هل دخلت وسط جمع الطرواديين ؟ 545 أم أن إلهاً ما قابلك وأعطاها لك ؟ إنها تشع إشعاعاً قوياً كإشعاع الشمس • ولطالما كنت أقول لنفسي






19 الفعل المستخدم هنا يصلح لقيادة العربة، كما يصلح لتوجيه الجواد.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 281 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 282 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 329

وأنا أواجه الطرواديين ، أنني لست أبداً ذلك الذي يتلكأ قرب السفن ، رغم كوني محارباً عجوزاً • إلا أنني لم يسبق لي أن رأيت ، ولا وقعت عيني على مثل هذه الجياد • 055 وأظن أن إلهاً ما قد قابلكما وأعطاكما إياها • فأنتما محببان إلى قلب زيوس جامع الغيوم • وأنتما أثيران كذلك لدى أثينا ذات العينين الشهلاوين ، ابنة زيوس ، لابس الدرع " • ورد عليه أوليس الداهية قائلاً : " يا نيستور ، ابن نيليوس ، ويا فخر الآخيين المبجل • 555 بسهولة يستطيع إله ما أن يعطينا جياداً أفضل من هذه ، إذا شاء أن يعطي ، لأن الآلهة أقوى منا بكثير • ولكن هذه الخيول التي تسأل عنها ، يا سيدي الموقر ، وافدة جديدة من ثريس ، وقد قام ديوديميس بقتل صاحبها • وإلى جانبه قتل اثني عشر مرافقاً من خيرة الرجال • 560 وقتيلنا الثالث عشر كشاف لهم ، قتل هنا قرب السفن • وهو من أرسله هيكتور وبقية الطرواديين المغرورين بين الخطوط ليتجسس على جيشنا " • قال ذلك وهو يقود الجياد عبر الخندق ويضحك بصوت مرتفع ، وسار معه بقية الآخيين 565 مهللين • وحين وصلوا إلى مأوى ديوديميس المتين ربطوا الجياد بسيور جلدية قوية عند المزود ، حيث كانت جياد ديوديميس ، وهي ذات القوائم السريعة ، واقفة تأكل علفها • وقرب مؤخر السفينة وضع أوليس 570








الإلياذة هوميروس الصفحة : 282 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 283 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 330

أسلاب دولون الملوثة بالدم لكي تُقدم لأثينا • وخاض الرجلان في البحر فغسلا العرق المتصبب بغزارة عن الركب والأفخاذ والأكتاف • وبعد أن أزالت أمواج البحر العرق المتصبب بغزارة عن جسديهما ، وابترد القلب وانتعش 575 نزلا في الحمام المصقول اللامع 20 واستحما فيه • وبعد الاستحمام ودهن جسميهما بزيت الزيتون جلسا للعشاء • ومن وعاء المزج المليء بالخمر أهدرا الخمر الحلو على الأرض تقدمة لأثينا •






20 إنه لمر يدعو للاستغراب أن يوجد حمّام من هذا النوع مع جيش مقاتل في غير أرضه. ولم يرد ذكر هذا النوع من الحمامات مرة أخرى في الإلياذة كلها. ولكن تسخين الماء للاستحمام وارد أكثر من مرة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 283 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 284 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الحادي عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 333

ونهضت الفجر 1 من فراشها الذي كانت تنام فيه مع تيثونوس المتعالي ، لتحمل نورها للبشر والآلهة • وأرسل زيوس على جناح السرعة إلى سفن الآخيين السريعة إلهة ( الكراهية ) المتعِبة ، وهي تحمل بين يديها طائر الحرب • وأخذت مكانها على سفينة أوليس الضخمة السوداء 5 القائمة في الوسط ، لكي تستطيع أن تزعق فتسمع الطرفين ، من هنا حتى مآوي أياس التيلاموني ، ومن الجانب الآخر حتى مآوي آخيل ، لأنهما قد أرسيا سفنهما في الطرفين واثقين من رجولتهما وقوة أيديهما • هناك أخذت الربة مكانها وأطلقت صرختها الزاعقة 10 والرهيبة والعالية ، فبثت القوة في قلوب الآخيين جميعاً لكي يتابعوا قتالهم في المعركة دون كلل • صارت المعركة بالنسبة لهم الآن أكثر حلاوة من العودة في سفنهم الجوفاء إلى أرض آبائهم الحبيبة • وصرخ ابن أتريوس عالياً داعياً الآخيين 15 للتسلح ، فيما راح هو نفسه بوضع البرونز اللامع على جسده • في البداية وضع الواقيات الجميلة على ساقيه ، وكانت مربوطة بحمالات تثبتها على الكاحلين • ثم لف حول صدره الدرع المشدود الذي أعطاه إياه كينوراس ذات يوم • 20 فالصيت الداوي والشائعات كانت قد أوصلت إلى كوبروس






1 واضح أنه يتعامل مع الفجر على أنه أنثى. وكان اليونانيون يرون أنها متزوجة من إنسان اسمه تيثونوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 284 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 285 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 334

كيف أن الآخيين مقبلون على الإبحار في سفنهم نحو طروادة • فأعطى الملك هذا الدرع الواقي الملفوف هدية • وكانت فيه عشر طبقات من الكوبالت واثنتا عشرة من الذهب وعشرون من الصفيح • وعند الفتحة 25 قرب العنق كانت تبرز ثلاثة ثعابين من الكوبالت على كل جانب ، بهيئة أقواس قزح ، التي علّم بها ابن كرونوس الغيوم ، لكي تكون إشارة إلى البشر • وعلى كتفيه علق السيف ، وكانت عليه مسامير ذهبية ولامعة ، وكان الغمد الذي يحتويه 30 فضياً ، كما كانت حمائله من الذهب • وأخذ الترس المشغول بعناية لحماية الإنسان • وكان فاخر المظهر • وكانت عليه دوائر من البرونز • وقد رصعت فوقه عشرون عقدة من الكوبالت الغامق ، ذات البريق الشاحب وفي الوسط عقدة أخرى من الكوبالت الغامق • 35 وفي وسط ذلك كله وجه الغورغون ذو العينين المصمتتين ، بتحديقة الرعب ، كما نقش عليه ( الرعب ) و ( الخوف ) • وكان على طوق الترس فضة ، كما كان عليه ثعبان كوبالتي ملتف له ثلاثة رؤوس ملتوية بحيث تنظر إلى الخلف وتخرج ثلاثتها من رقبة واحدة • 40 وعلى رأسه وضع الخوذة ، ذات القرنين والطبقات الأربع وعرف من شعر الخيل ، والريش يهتز فوقها برهبة • ثم حمل رمحين قويين ينتهيان بحربتين حادتين من البرونز • تلتمع ذؤابتاهما النحاسيتان بعيداً عنه ، عالياً في السماء •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 285 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 286 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 335

وأطلقت هيرا وأثينا قصفاً من الرعد من حوله ، 45 تبجيلاً للملك الموكيناي كثير الذهب • وعندئذ وجه كل مقاتل أوامره إلى سائق عربته لإطلاق الخيول عبر الخندق من جديد ، وبانتظام ، بينما ترجلوا هم منها ، ثم تقدموا مدججين بالأسلحة نحو الخندق ، وضوضاؤهم الدائمة تتعالى في ذلك الصباح • 50 وبتقدم في تنسيق قتالي وصلوا إلى الخندق وكل يسبق سائقه ، بينما السائق يتبعه عن كثب • وألقى عليهم ابن كرونوس بالضجة الشريرة • وألقى من بعيد ندى دامياً يتساقط من السماء • فقد كان مصمماً على إرسال العديد من الرؤوس القوية إلى هيدز • 55 ومن الطرف الآخر من الخندق ، وعند ظهور الفجر ، تجمع الطرواديون حول هيكتور الطويل وبولوداماس الجليل وأينياس ، الذي يكرمه الطرواديون في الريف مثل إله • وأبناء أنتينور الثلاثة ، بولوبوس وأغينور البارع وأكاماس ، الذي ما يزال فتياً ، وله شبه بالآلهة • 60 وكان هيكتور يحمل دائرة ترسه الكاملة في المقدمة ، مثلما تتألق النجوم الشاحبة بين الغيوم القاتمة ، ثم تبزغ مجدداً من بين الغيوم والعتمة • هكذا كان هيكتور يتلامع تارة في المقدمة وتارة أخرى حيث الذين في المؤخرة ، وهو متكامل في درعه البرونزي 65 مثل صاعقة زيوس المدرع ، أبينا • والمقاتلون مثل صفين من الحصادين يواجه كل منهم الآخر






الإلياذة هوميروس الصفحة : 286 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 287 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 336

وهم يتقدمون في حقل من القمح أو الشعير ، يعملون عند رجل ثري ، فتترامى الحزم مخلفة بقايا سيقان النبات ، هكذا راح الطرواديون والآخيون يتقدمون إلى المواجهة • 70 فيتساقط الرجال ، دون أن يفكر أحد بالخراب الوشيك • كان الضغط يجعل الرؤوس في خط واحد ، وهم يدورون ويتقاتلون مثل الذئاب • فيما هيرا ، ربة الأحزان ، مسرورة بمشاهدتهم • كانت وحدها بين الآلهة ترقب هذا الحدث • بينما الآلهة الآخرون لم يكونوا مجودين • 75 بل جلسوا هادئين على مبعدة معتزلين في قصورهم ، حيث قد بني لكل منهم بيت فاخر على ثنايا الأولمب • وكان الجميع يلقون باللوم على ابن كرونوس ، زيوس الغيوم السوداء ، لأن إرادته هي أن يمنح المجد للطرواديين • ولم يكن الأب يلقي بالاً لهؤلاء الآلهة إطلاقاً ، بل اعتزل عنهم 80 مستمتعاً بعزة قوته ، وقد جلس معتزلاً الآخرين ليطل على طروادة وعلى سفن الآخيين ، ويتفرج على التماع البرونز ، وعلى الرجال الذين يَقتلون ويُقتلون • وطوال ذلك الصباح الباكر ، ومع ازدياد ضوء النهار كان التراشق بالأسلحة قائماً ، والرجال يتساقطون تحتها • 85 ولكن في ذلك الوقت الذي يعدّ الحطّاب فيه طعامه في الوديان المشجرة بين الجبال ، وقد كلت يداه وذراعاه من قطع الأشجار الطويلة وقلبه قد بلغ كفايته وسيطر عليه الشوق للطعام وللخمر الحلو ، في هذا الوقت حطم الدانانيون الكتائب بقوتهم 2 ، 90






2 هذا يمكن أن يعني أن القتال صار تماسكاً بالأيدي.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 287 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 288 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 337

وراح كل منهم ينادي الآخر من موقعه • في البداية تقدم أغاممنون وقتل بيينور ، زعيم القوم نفسه ، وتابعه أويليوس ، سائس الخيل ، الذي قفز من وراء جواديه ووقف ليواجهه ، ولكن أغاممنون طعنه في وجهه وهو يتقدم متأججاً 95 بالرمح الحاد فلم تتحمل الخوذةُ ذات الطرف البرونزي الثقيل الضربةَ بل اخترقها رأس الحربة ، واخترق العظم ، والدماغ في الداخل ، فتبعثر وانتثر لتوه • وهكذا جندله في فورة غضبه وتركهما أغاممنون سيد الرجال ملقيين هناك ، وجسداهما الأبيضان يلمعان ، بعد أن جردهما من لباسهما • 100 وبعدها توجه لقتل إيسوس وأنتيفوس وسلبهما • وهما من أبناء بريام ، أحدهما ابن شرعي والآخر ليس كذلك ، وكان الاثنان في عربة واحدة • وكان الابن غير الشرعي ، إيسوس ، هو السائق وأنتيفوس الشهير إلى جانبه 3 • وكان آخيل فيما مضى قد قبض عليهما عند سفح إيدا ، وربطهما بالصفصاف اللدن 105 وهما يرعيان أغنامهما ، ثم أطلقهما لقاء فدية • وأغاممنون ذو القوة الجبارة طعن ، هذه المرة ، إيسوس برمح مقذوف فأصابه في صدره فوق الثدي ، ثم ضرب أنتيفوس وهو في العربة بالسيف عند أذنه فألقاه أمام خيوله • وبسرعة تواقة جردهما من الدرعين المجيدين 110 اللذين كان يعرفهما • فقد سبق له أن رأى هذين الاثنين قرب السفن السريعة حين جلبهما آخيل ذو القدمين السريعتين من إيدا • وكما يمسك الأسد بالوعول الصغيرة البريئة السريعة ،






3 للابن الشرعي مكانة أعلى من الابن غير الشرعي.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 288 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 289 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 338

فيقضم عظامها بسهولة ويحطمها بأنيابه القوية حين يفاجئها في وجارها ، فينتزع قلوبها الصغيرة منها 115 وحتى لو كانت الأم قريبة ، فهي لا تملك أن تفعل شيئاً لمساعدتها ، فرعشات الخوف الرهيبة تعتريها هي أيضاً ، بل تندفع بسرعة في الغابة بين الأشجار ، وهي تتصبب عرقاً في هروبها السريع خوفاً من انقضاض الوحش القوي • هكذا لم يكن هناك بين الطرواديين من يستطيع إنقاذ هذين الاثنين 120 من الموت • بل هم أنفسهم كانوا يهربون مذعورين من الأرجيفيين • ثم انقض على بيساندروس وهيبولوخوس القوي في المعارك ، ابني أنتيموخاس الحكيم ، والذي كان وحده من بين الجميع من أخذ ذهب ألكسندروس ، أعطية مجيدة • ولهذا صار يعارض عودة هيلين إلى مينيلاوس ذي الشعر الجميل • 125 انقض أغاممنون القوي على ابنيه وهما في عربة واحدة • وكان الاثنان يمسكان بالأعنة ليوجها الخيول الجامحة • وارتمت الأعنة اللامعة من أيديهما ، وجمدهما الخوف إذ برز أمامهما ابن أتريوس مثل الأسد • وراحا يتوسلان إليه وهما في العربة : 130 " خذنا ونحن حيّان ، يا ابن أتريوس ، وخذ فدية ملائمة • ففي بيت أنتيماخوس كنوز مكومة • هناك البرونز والذهب والحديد المشغول بإتقان • وسيسرك والدنا بتعويض كبير إذا سمع أننا حيان عند سفن الآخيين " • 135 هكذا صاح هذان الاثنان مناديين الملك








الإلياذة هوميروس الصفحة : 289 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 290 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 339

ونادبين بعبارات تثير الشفقة • إلا أنهما سمعا الصوت الذي لا شفقة فيه : " إن كنتما فعلا ابني أنتيماخوس الحكيم ، الرجل الذي ذات مرة نصح الطرواديين في أحد اجتماعاتهم ، قائلاً إن مينيلاوس ، الذي قدم رسولاً مع المعظم أوليس ، 140 فيجب أن تقتلا على الفور ولا يسمح لكما بالعودة إلى الآخيين • وبهذا فإن قطع رقبتيكما اليوم سيعوض عن خزي أبيكما " • قال ذلك وجندل بييساندروس من العربة على الأرض بضربة رمح في الصدر ، فارتمى على ظهره • وقفز هيبولوخوس مبتعداً ، ولكن ابن أتريوس قتله وهو على الأرض ، 145 بقطع ذراعه بضربة سيف أسقطت اليد من عند الكتف • وتركه يدور حول نفسه وسط المعركة مثل عود خشبي • وبعد ذلك تركهما وتوجه إلى حيث كانت الكتائب ملتحمة ، وإلى جانبه يتوجه بقية الأرجيفيين المدرعين بقوة ، وحيث المشاة يقتلون المشاة الذين كانوا يهربون من المعمعة • 150 وكان الفرسان يقتلون الفرسان وعاصفة من الغبار تثور من تحتهم من السهل الذي صار يرعد من وقع حوافر الخيل • كانوا يقتلون بالبرونز ، وبينهم أغاممنون القوي يتقدم وهو يقتل من يأتي في طريقه ، ويشجع بقية الأرجيفيين • وكما تجتاح النيران الكاسحة غابة مليئة بالأشجار 155 وتنقلها تقلبات الريح إلى كل مكان ، وترتجف الشجيرات تحت قوة النيران فتنقلب خالعة جذورها ، هكذا أمام ابن أتريوس ، أغاممنون ، كانت تتساقط الرؤوس الشامخة للطرواديين الهاربين ، وفي أكثر من مكان كانت الجياد العارية








الإلياذة هوميروس الصفحة : 290 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 291 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 340

تجرجر عرباتها الخالية في أرجاء المعركة ، 160 وهي تحن إلى سائقيها الذين هم الآن ممددون على الأرض ، وحيث صاروا مصدر متعة للعقبان وليس لزوجاتهم • ولكن زيوس أبعد هيكتور من تحت الرمي والقذف • وبعيداً عن المكان الذي يُقتل فيه الرجال ، وعن الدماء والمعمعة ، فيما كان الأتري 4 يتبعه حاثاً الدانانيين على التقدم إلى الأمام دائماً • 561 وانتشر الطرواديون في هروبهم فعبروا ضريح إيلوس القديم ، ابن داردانوس ، إلى وسط الأرض الممهدة عند شجرة التين ، وهم متجهون إلى المدينة ، وهو ، ابن أتريوس ، يتبعهم صارخاً ويداه القويتان ملطختان بالدماء • ولكن حين وصلوا إلى أبواب سكاي وشجرة البلوط 170 ثبت الطرواديون وراح كل طرف ينتظر الآخر • بينما كان الآخرون ما يزالون في وسط السهل مشتتين مثل قطيع فاجأه الليث في الليل ، فبث الرعب فيه • وظهر الموت علانية لواحدة منفردة بينها • كسر الليث في البدء عنقها بالإطباق عليه بفكه القوية • 175 ثم تجرع دمها ونهش أحشاءها • هكذا تابع ابن أتريوس ، أغاممنون القوي ، في أعقابهم قاتلاً من يتخلف منهم ، فيما هم يهربون مذعورين • كثيرون تدحرجوا من وراء خيولهم ، ووجوههم نحو الأرض ، أو ارتموا ممددين تحت ضربات الأتري الذي كان يغير في المقدمة ورمحه بيده • 180 ولكن حين أوشك على الوصول إلى المدينة والسور ، نزل أبو الآلهة والبشر






4 ابن أتريوس، أغاممنون.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 291 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 292 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 341

من السماء واتخذ له مكاناً عند سفح إيدا ذي الينابيع وأمسك الصاعقة بيده • وأرسل إيريس ذات الأجنحة الذهبية برسالة : 185 " اذهبي يا إيريس السريعة واحملي كلمتي لهيكتور : طالما أنه يرى أغاممنون ، قائد الجيش ، يصول بين الأبطال ومجندلاً المقاتلين المنتظمين ، فليبق بعيداً عن القتال ، مع تحريضه لبقية جيشه على قتال العدو في هذه المواجهة العنيفة • 190 ولكن ما أن يراه أصيب برمح أو بسهم طائر ، وقفز وراء جياده 5 ، فإنني سأكفل القوة لهيكتور التي تكفيه لقتل الرجال إلى أن يشق طريقه حتى السفن ذات المقاعد القوية ، وحتى مغيب الشمس وهبوط الظلمة المقدسة " • قال ذلك فأطاعته إيريس ذات القدمين المجنحتين • 195 ونزلت عن مرتفعات إيدا نحو إليون المقدسة • فوجدت هيكتور البارع ، ابن بريام الحكيم ، يقف بين مجموعة من العربات والخيول • واقتربت منه إيريس ذات القدمين السريعتين ، وحدثته قائلة : " هيكتور ، يا ابن بريام ، والشبيه بزيوس في حكمته • 200 لقد أرسلني أبي زيوس لأبلغك هذه الرسالة • طالما أنك ترى أغاممنون ، قائد الجيش ، يصول بين الأبطال ويقتل المقاتلين المنتظمين فابق بعيداً عن القتال ، ولكن حرض بقية جيشك على القتال ضد العدو في هذه المواجهة العنيفة • 205






5 كان المقاتل ينزل عن عربته ويقاتل راجلاً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 292 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 293 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 342

ولكن إذا ما أصيب برمح أو بسهم طائر ، وقفز وراء خيوله ، فإن زيوس سيكفل لك القوة لقتل الرجال ، إلى أن تشق طريقك حتى السفن ذات المقاعد القوية ، وإلى أن تغيب الشمس وتهبط الظلمة المباركة " • قالت له إيريس ذات القدمين السريعتين ذلك ، ثم ابتعدت عنه • 210 فقفز هيكتور من عربته ، وهو مدجج بأسلحته • وراح يلوح برمحين في يديه وسط الجمع حاضاً إياهم على القتال ومؤججاً الحرب الضروس • وهكذا التفوا حول أنفسهم وثبتوا في أماكنهم في وجه الآخيين • وراح الأرجيفيون يعيدون تنظيم صفوفهم القتالية • 215 وهكذا ازدادت ضراوة القتال وصار كل في مواجهة الآخر • وفي المقدمة كان أغاممنون يغير محاولاً أن يقاتل أمام الجميع • فلتقلن لي الآن أيتها الميوز 6 ، اللواتي تقمن في الأولمب : من ذا الذي سيأتي أولاً ويقف في وجه أغاممنون ، من بين الطرواديين أو حلفائهم في المعركة ؟ 220 إيفيداماس ، ابن أنتينور ، الضخم والشجاع ، الذي تربى على العز في ثريس الثرية ، بلد القطعان • لقد رباه كيسوس في بيته حين كان طفلاً صغيراً ، وهو والد أمه ، وله ابنة هي ثيانو ، الفتاة ذات الخدين الجميلين • ولكن حين بلغ مبلغ الرجال الأقوياء 225 استبقاه كيسوس وأعطاه ابنته 7 • وبعد الزواج خرج من عش الزوجية باحثاً عن المجد في مواجهة الآخيين ووراءه اثنتا عشرة سفينة تتبعه •






6 ملهمات الشعر. وهنا أيضاً يغير هوميروس صيغة الخطاب. ويوجه كلامه إلى الملهمات متوقفاً عن السرد. وهذا أسلوب يتبعه للإيحاء بأهمية الموقف القادم. 7 جدير بالملاحظة أن الزواجهنا هو بين الشاب وخالته.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 293 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 294 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 343

ولقد ترك هذه السفن المحنية وراءه في بيركوتي وذهب بنفسه ليقاتل راجلاً عند إليون • 230 وها هو الآن وجهاً لوجه أمام أغاممنون ، ابن أتريوس • وحين صارا في تقدمهما متواجهين ومتقاربين أخطأ ابن أتريوس برميته ، فعبر به الرمح • ووجه إيفيداماس طعنته إلى النطاق الذي تحت الصديرية 8 ومال إلى الأمام مع الطعنة واثقاً من يده القوية 235 ولكن الرمح لم يخترق النطاق الحربي البراق ، واصطدم رأس حربة الرمح بالخلفية الفضية المحنية ، كما يصطدم بها القصدير اللين فالتوى • وأمسك أغاممنون فائق القوة الرمح بيده وشده إليه ، وهو يزأر كالأسد ، وسحبه من يده ثم ضرب العنق بسيفه فار تخت أطرافه • 240 وهكذا سقط إيفيداماس هناك وراح في النوم البرونزي 9 ، دون فرح ، ذلك الذي جاء لمساعدة شعبه ، تاركاً زوجته الفتية وهي بعد عروس ، ودون أن يتذوق معها طعم السعادة ، بعد أن قدم الكثير لأجلها • فقد قدم في البداية مئة ثور ، ثم وعد بألف رأس من الغنم والماعز التي لديه منها قطعان كثيرة • 245 فعراه أغاممنون ، ابن أتريوس ، ثم عاد إلى جمع الآخيين حاملاً الدرع الفاخر • وحين رآه كوون ، المبرز بين المقاتلين ، وهو الذي كان أكبر أبناء أنتينور ، غامت عيناه بالحزن العميق على أخيه القتيل • 250






8 التي هي الدرع الصدري الذي وصف سابقاً بالتفصيل. 9 أي أن الموت يكبل المرء كأنما بقيود برونزية.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 294 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 295 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 344

فتقدم من الجانب غير مرئي من قبل أغاممنون العظيم ، وطعنه بالرمح في وسط الذراع ، تحت الكوع ، فاخترق الرمح إلى الجانب الآخر • وعندها ارتجف أغاممنون القائد خوفاً ، ولكنه لم يتوقف عن الهجوم أو القتال • 255 بل وثب على كوون ممسكاً برمح وهو يضرب بسرعة الريح • وكان كوون يجر جثة ابن أبيه ، أخيه إيفيداماس ، بسرعة من قدمه ، وهو يصرخ هاتفاً بالشجعان • ولكن فيما كان يسحبه وسط الجمع ، قذفه أغاممنون بالرمح البرونزي المصقول تحت الترس المعقود ، فأرخى أطرافه 260 ثم تقدم منه وقطع رأسه فألقاه فوق إيفيداماس • وهناك ، وعلى يد الملك ، ابن أتريوس ، لقي ابنا أنتينور مصيرهما وخرجا إلى بيت إله الموت • وفيما كان أغاممنون يصول بين صفوف المقاتلين الآخرين بالرمح وبالسيف وبالحجارة التي كان يقذفها ، 265 كان الدم ما يزال ينزف حاراً من جرح الطعنة بالرمح • وحين جف مكان الجرح وتوقف نزف الدم بدأ الألم المبرح ينال من قوة الأتري • وكما يحل الألم الحاد بامرأة في المخاض ، ذلك الألم الذي تأتي به ولادة الطفل 270 على يد بنات هيرا ، المخولات بولادة الأطفال ، هكذا بدأت الآلام الحادة تنال من قوة الأتري • فقفز عائداً إلى العربة ، وطلب من سائقه








الإلياذة هوميروس الصفحة : 295 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 296 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 345

أن يعود به إلى السفن الجوفاء ، بعد أن ثقل قلبه • ورفع صوته ونادى الدانانيين بصرخة مدوية : 275 " يا أصدقائي ، أيها القادة وأصحاب الرأي والمشورة بين الأرجيفيين • يجب أن تتابعوا دفاعكم عن السفن جوابة البحار في وجه الهجوم الكاسح ، طالما أن زيوس ذا الحكمة لا يريد أن يسمح لي بالاستمرار في المعركة ضد الطرواديين حتى نهاية النهار " • قال ذلك ، فيما السائق يسوط الجياد ذات الأعراف البراقة 280 عائداً إلى السفن الخاوية ، فانطلقت مطواعة كأن لها أجنحة • وتصبب الزبد على صدور الجياد كما تغطت بالغبار الثائر من تحتها ، وهي تبتعد بالملك المصاب عن ميدان القتال • وحين عرف هيكتور بانسحاب أغاممنون صاح صيحة عظيمة بالطرواديين واللوكيين : 285 " أيها الطرواديون واللوكيون والداردانيون الذين يقاتلون ملتحمين كونوا الآن رجالاً ، يا أصدقائي الأعزاء ، وتمسكوا ببسالتكم العنيفة ، لقد ذهب خير رجالهم ، وقد وافق زيوس ، ابن كرونوس ، على منحي المجد العظيم • فوجهوا جيادكم مباشرة صوب الدانانيين الأقوياء لتفوزوا بالمجد العظيم " • 290 وبكلامه هذا أثار حمية كل رجل فيهم واستنفر قوته • وكما يوجه صياد كلابه ذات الأنياب اللامعة ضد وحش بري ، دب أو أسد ، هكذا أثار هيكتور ابن بريام الشبيه بإله الحرب القاتل الطروادييين الأشاوس ضد الآخيين • 295 وهو نفسه في المقدمة هجم بروح عالية








الإلياذة هوميروس الصفحة : 296 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 297 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 346

وزج بنفسه في معمعة الرجال مثل غيمة عاصفة شديدة تنزل من الأعالي لتثير اضطراب مياه البحر • فمن كان إذن أول من قتله ، وآخر من ذبحه هيكتور ، ابن بريام ، وقد منحه زيوس المجد ؟ 300 آسيوس أولاً ، ثم أوتونووس وأوبيتيس ، ودولوبس ، ابن كلوتيوس ، وأوفيليتيوس وأجيلاوس ، ثم أيسومنوس وأوروس وهيبونووس العنيد في المعارك • قتل هؤلاء الذين كانوا من قادة الدانانيين ، وبعدهم جمع غفير ، مثلما تضرب الريح الغربية 305 في زوبعة لتبديد غيوم الريح الجنوبية المتلألئة حتى تتقلب الأمواج العالية ويتبدد أمامها الزبد المتطاير عالياً بفعل قوة هبوب الريح الدوامة • هكذا كانت الرؤوس الشامخة المتراصة للناس تتدحرج بضربات هيكتور • وصار من الممكن وقوع الخراب والأفعال اليائسة ، 310 وكان من الممكن للآخيين الهاربين أن يندحروا إلى سفنهم ، لولا أن أوليس صاح يدعو ديوميديس ، ابن توديوس : " يا ابن توديوس ، ما الذي حدث لنا حتى نسينا قوتنا في القتال ؟ تعال ، قف معي يا أخي • يجب أن نحس بالعار يكللنا ، إذا ما استولى هيكتور ذو الخوذة اللامعة على سفننا " • 315 ورداً على ذلك قال له ديوميديس القوي : " نعم • سأقف معك وأفعل ما يجب فعله • ولكننا لن نثبت طويلاً ، طالما أن زيوس ، جامع لغيوم ، يريد أن يمنح القوة للطرواديين بدلاً منا " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 297 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 298 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 347

قال ذلك وجندل ثوبريوس من وراء جياده 320 بضربة من رمحه في ثديه الأيسر • وفي الوقت ذاته قام أوليس بقتل سائق موليون سيد المعارك الشبيه بالآلهة • وتركاهما ممددين ، بعد أن انتهى القتال بالنسبة لهما • ثم توجها إلى بين الصفوف والخراب الواقع ، مثلما يرمي دبّان برِّيان بنفسيهما معتزين على الكلاب التي تطاردهما • 325 هكذا دارا بين الطرواديين مرة أخرى وبدأا بتقتيلهم • وفي الوقت نفسه تنفس الآخيون الصعداء بعد هروبهم من هيكتور العظيم • وبعدها هاجما عربة ورجلين ، من أسياد الأرياف ، وهما ابنا ميروبس البيركوتي ، الذي فاق الرجال كلهم في معرفته بفن التنبؤ ، وحاول منع ولديه 330 من الذهاب إلى المعركة التي يموت فيها الرجال • ولكنهما لم يسمعا كلامه لأن روح الموت القاتم كانت تدفعهما • جردهما ديوميديس ، ابن توديوس ، ذو الرمح الشهير ، من الروح والحياة ، واستولى على درعيهما المجيدين ، فيما قام أوليس بقتل هوبيروكوس وهيبوداموس • 335 وقام ابن كرونوس ، وهو يطل من إيدا ، بتقسيم المعركة بين الطرفين بالتساوي • فراح كل منهم يقتل الآخر • قام ابن توديوس بطعن أغاستروفوس ، ابن بايون وسيدها ، برمحه عند مفصل الردف • ولم تكن خيوله قريبة منه لكي يهرب ، فراح يهيم على وجهه • 340 فقد انتحى بها السائق الذي يشرف عليها ، عندما ترجل ، وراح يترنح بين الأبطال حتى أسلم الروح •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 298 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 299 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 348

ورأى هيكتور الأمر من بين الصفوف فنهض من جديد مطلقاً صرخة مدوية ، وخلفه زحفت الكتائب الطروادية • وارتجف ديوميديس ، ذو الصرخة الحربية المجلجلة ، حين رآه 345 فقال لأوليس وهو يقترب منه : " هاهي اللعنة ، التي اسمها هيكتور الضخم ، تتدحرج قادمة إلينا • فلنصمد • ولنتمسك بموقعنا في وجهه • وندحره بعيداً عنا " • قال ذلك وركز رمحه ذا الظل الطويل ثم قذف به مصوباً نحو الرأس فأصاب ، ولم يخطئ ، 350 الشارة التي هي في ذؤابة الخوذة ، ولكن البرونز ارتد عن البرونز ، ولم يصل إلى جلده اللامع الذي تحميه الخوذة ، ذات الطبقات الثلاث والتجويف عند العين ، والتي أعطاه إياها فويبوس أبولو 10 • وقفز هيكتور مبتعداً ، فغاص وسط جيشه • ونزل على ركبة واحدة وانحنى على الأرض 355 معتمداً على يده القوية ، وغطاء من الظلمة الحالكة ينزل على عينيه • وكان ابن توديوس يتبع رمحه المقذوف 11 بعيداً وسط مقاتلي المقدمة حيث انغرز في الأرض ، وفي الوقت نفسه استعاد هيكتور رباطة جأشه ، وقفز إلى عربته واندفع بين الجموع متجنباً الموت القاتم 12 • 360 وهز ديوميديس القوي رمحه وناداه : " مرة أخرى تنجو من الموت أيها الكلب • ولكن الشر سيظل قريباً منك ، مع أن فويبوس أبولو قد أنقذك مرة أخرى ، ذلك الذي يجب أن تصلي له قبل أن تتقحم رعد الرماح المقذوفة • ومع ذلك قد أفوز عليك إذا واجهتك هنا فيما بعد ، 365






10 ليس الكلام هنا دقيقاً. فأبولو يدافع عن هيكتور وطروادة. 11 إن المقاتل يلحق برمحه بعد أن يقذفه من أجل استعادته والقتال به من جديد. 12 يلاحظ أن هيكتور ليس نداً لديوديميس، وكذلك ليس نداً لأغاممنون، حسب وصية زيوس وتحذيره، وليس نداً بالطبع لآخيل وقد سبق أن تبين أنه ليس نداً لأياس. وهذا ما يضعه في المرتبة الخامسة بالنسبة للمقاتلين اليونانيين. وهنا يتجلى انحياز هوميروس لليونان.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 299 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 300 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 349

لو كان إلى جانبي أنا أيضاً إله ما يساعدني مثلك • والآن سألاحق كل من أستطيع من الآخرين " • قال ذلك وانصرف إلى جر الابن الشهير لبايون من درعه • وكان ألكسندروس ، زوج هيلين ، ذو الشعر الجميل يهيئ قوسه ويصوبه نحو ابن توديوس ، قائد الجيش ، 370 مستنداً على عمود صنعه الرجال على الضريح لإيلوس ، ابن داردانوس ، كبير القوم في الأيام الخوالي • وكان ديوميديس ينتزع صديرية درع أغاستروفوس القوي عن صدره ، ويخلع عن كتفيه الترس اللامع والخوذة الثقيلة ، فيما كان الآخر يشد قوسه عند الوسط 375 ويطلق ، ولم ينطلق السهم الخارج من يديه عبثاً بل أصاب أخمص القدم اليمنى ، ومر النصل فاخترقها وانغرز في الأرض • عندها ضحك ألكسندروس فرحاً وقفز من مخبئه وصاح صيحة الانتصار : " لقد أُصبت • ولم يذهب سهمي عبثاً • وكم أتمنى 380 لو أنني أصبتك في كرشك وأخرجت الحياة منك • وبهذا كان الطرواديون الذين يرتجفون أمامك مثل ارتجاف القطيع الثاغي أمام أسد ، يستعيدون روعهم بعد الكارثة " • فرد عليه ديوميديس القوي غير هياب : " أنت أيها الرامي بالسهام ، أيها المقاتل الأحمق ، الجميل بغرتك ، 385 والمتلصص على الصبايا ، لو أنك جربتني في مبارزة قوية بالأسلحة ، لما أفادك قوسك ولا سهامك المرمية عن قرب • لقد خدشت الآن أسفل قدمي وإنك لتتفاخر بذلك •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 300 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 301 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 350

إنني غير مهتم ، مثلما لو أنني أصبت من قبل ولد أو امرأة بلا عقل • فهذا سلاح مثلوم لرجل لا نفع فيه ، وليس سلاح مقاتل 13 " • 390 ولو أن أحداً تعرض ولو لضربة صغيرة مني لاختلف الأمر كثيراً ، فضربتي نافذة تلقي من تصيبه بلا حياة ، وتصبح زوجته مخدشة الوجنتين في ندبها ، وأولاده يتامى ، فيما هو يلون الأرض بدمه الأحمر حتى يتعفن ، وحوله تحوم الطيور أكثر من النساء " • 395 أنهى كلامه ، ووصل أوليس ذو الرمح الشهير قادماً من الجوار ووقف في الواجهة ، ثم جلس قربه وأخرج السهم الحاد من قدمه فتدفق الألم الممض في لحمه • وقفز عائداً إلى العربة وصاح بسائقه آمراً إياه أن يعود به إلى السفن الجوفاء فقد أحس أن آلامه شديدة • 400 وظل أوليس ذو الرمح الشهير وحده ، فلم يبق بجانبه أحد من الأرجيفيين ، إذ استولى الخوف عليهم كلهم • وأحس بالاضطراب فقال محدثاً نفسه عالية الهمة : " ما الذي سيحدث لي ؟ إنه لأمر جلل أن أهرب خائفاً من جمعهم ، ولكنه لأكثر جللاً 405 أن أُكتشف وحيداً وبقية الآخيين قد هربوا • ولكن لم يجادل قلبي في هذه الأمور ؟ إنني أعرف أن الجبناء وحدهم هم الذين ينسحبون من القتال • فإذا شاء المرء أن يفوز بالكرامة من القتال عليه في كافة الأحوال أن يثبت مكانه ، سواء تعرض للقتل أم استطاع أن يقتل غيره " • 410 وفيما كان يقلب هذا الأمر في خاطره وفي قلبه






13 المقاتلون المعتزون بأنفسهم يعتمدون على المواجهة المباشرة بالسلاح. ولذلك فهم ينظرون باحتقار إلى من يرمي بالسهام عن بعد.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 301 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 302 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 351

وصل إليه الطرواديون المدرعون ، وحاصروه في وسطهم ، ولكنه استطاع أن يشق طريقه وسط صفوفهم ، ومثلما يدهم الشبان الشرهون وكلاب الصيد دباً برياً ، فيخرج من وجاره بين أعماق الأشجار الكثيفة 415 كاشفاً عن أنيابه حتى جذورها في تقوس حنكيه ، فيكتسح هؤلاء جميعاً في طريقه وتبرز عظمة أنيابه فيما هم ينتظرونه ، وعلى الرغم من رهبته ، ومن دون ارتعاش أو تردد هكذا اندفع الطرواديون مطبقين على أوليس حبيب زيوس • فكان أن طعن أولاً دييبيتيس الملكي في كتفه ، 420 مسدداً من الأعلى بضربة من الرمح الحاد ، وبعده قتل ثوون وإنوموس ، ثم طعن خيريسداماس وهو يثب من خلف جياده في سرته بضربة رمح من تحت الترس الضخم ، فسقط على الأرض وهو يشد على التراب بقبضته • 425 ترك هؤلاء ممددين ، ثم طعن برمحه خاروبس ، ابن هيباسوس ، الأخ الشقيق لسوكوس الثري • وتقدم سوكوس ، وكأنه شبيه إله ليقف فوق أخيه الصريع ، ثم اقترب من أوليس ووجه إليه كلمة : " يا أوليس المعظم ، يا من لا تجارى في مكرك أو في الكد ، 430 سيكون عليك اليوم أن تتباهى باثنين من أبناء هيباسوس إذ تقتل اثنين مثلنا وتسلب درعينا ، وإلا فستتلقى ضربة من رمحي ترديك قتيلاً " • قال ذلك ثم طعن ترس أوليس في وسط دائرته الوسطى •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 302 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 303 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 352

وغاص رأس الرمح الثقيل في الترس اللامع وشق طريقه عبر الصديرية الدرعية دقيقة الصنع • 435 وتمزق الجلد من حول أضلاعه ، ولكن بالاس أثينا لم تسمح لرأس الرمح أن يمرق حتى الأحشاء • ورأى أوليس أن النهاية المقدورة لم تأت إليه ، فتراجع وقال كلمة لسوكوس : " يا للتعيس • 440 لا شك أن الفناء الآن يتقدم إليك • صحيح أنك أوقفت قتالي ضد الطرواديين ؛ ولكنني أعلن أنه هنا والآن سيأتي الموت القاتم والقتل إليك في هذا اليوم ، وتحت ضربة من رمحي ستمنحني المجد ، وستذهب حياتك إلى هيدز ذي الجياد الأصيلة " • 445 قال ذلك في حين كان سوكوس يلتفت ليولي الأدبار ، ولكن في ظهره ، وهو يلتفت ، انغرز الرمح بين الكتفين ، فخرج يلمع من الصدر • وسقط بجلجلة ، فيما وقف أوليس فوقه متباهياً : " يا سوكوس ، يا ابن هيباسوس الحكيم ، محطم الخيول ، 450 لقد كان الموت سريعاً معك فأسقطك ، ولم تستطع تجنبه • أيها التعيس • لن يكون في وسع أبيك وأمك الكريمة بعد اليوم أن يغلقا لك عينيك عند الموت ، ولكن الطيور الناهشة هي التي ستنال منك ، وهي تنقر فيك وأجنحتها مطوية • أما أنا فإذا مت سيدفنني الآخيون الأشاوس بكل التكريم " • 455 أنهى كلامه ، وسحب الرمح من جسد سوكوس الحكيم ومن منتصف الترس الثقيل ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 303 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 304 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 353

وفيما كان يسحبه تدفق الدم ، ووهن قلبه • ولكن الطرواديين البواسل حين رأوا دم أوليس هتفوا بصوت عال وسط تلاحم المعركة وتوجهوا بهجومهم نحوه • 460 تراجع إلى الوراء قليلاً ونادى معاونيه • ناداهم ثلاث مرات وبقدر ما يستطيع صوت الرجل أن يصرخ ، وثلاث مرات كان المحارب مينيلاوس يسمعه وهو يصرخ ، فتكلم فوراً مع أياس الذي كان قريباً منه 14 : " يا ابن تيلامون ، وسليل زيوس ، وزعيم الناس ، 465 إن صرخة الحرب التي يطلقها أوليس الجلود ترن من حولي بصوت يوحي وكأنه انعزل وحده ، والطرواديون قد تناوشوه في مواجهة عنيفة • ولذا دعنا نذهب إليه في وسط الميدان ، فمن الأفضل أن ندافع عنه ضدهم • لأنني أخشى أن يلحقه أذى من الطرواديين وقد حوصر وحيداً • 470 فهذا الشجاع سيكون خسارة جسيمة تقع على الدانانيين " • قال ذلك ومشى في المقدمة ، فتبعه الآخر ، إنسان كالآلهة • فوجدا أوليس ، حبيب زيوس ، ومن حوله ازدحم الطرواديون مثلما تزدحم الثعالب في الجبال على أيل أصابه صياد بسهم من قوسه ، 475 وقد استطاع الوعل الهرب من الصياد بالانطلاق عدواً بينما ظل الدم ساخناً وقوائمه تقفز من تحته • ولكن حين تزايد الألم من طعنة السهم بدأت الثعالب الناهشة تأكل منه في الجبال وفي الوديان المظللة • ولكن إلهاً ما يرسل في هذا الطريق 480






14 ليس مينيلاوس بالمقاتل الخطير. ولذلك فهو يسمع نداء أوليس. ولكنه يطلب بدوره المعونة من أياس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 304 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 305 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 354

أسداً خطيراً ، فتفر الثعالب مذعورة ، ويأكله الأسد • هكذا كان الطرواديون حول أوليس الحكيم ذي الخطط الكثيرة مزدحمين الآن ، بواسل وعديدين ، والبطل باللعب السريع برمحه كان يبعد عن نفسه يوم الموت القاسي • واقترب منه أياس حاملاً ترسه مثل جدار ، 485 ووقف إلى جانبه يدفع عنه • فهرب الطرواديون في كل اتجاه • وأمسك المحارب مينيلاوس بيد أوليس وقاده بعيداً عن المعركة فيما كان سائقه يقترب بالجياد 15 • وقفز أياس على الطرواديين فقتل دوركولوس ، ابن بريام غير الشرعي ، وبعده طعن باندوكوس 490 وكذلك طعن بوراسوس وبولارتيس • ومثلما يدفق النهر مياهه المتضخمة بالمطر عن الجبال نحو السهل المنبسط بعد زخات المطر من إله السماء ويندفع بأعداد كبيرة من السنديان الجاف وأشجار الصنوبر ، إلى أن يلقي بأحماله الثقيلة في البحر المالح ، 495 هكذا كان أياس يصول في السهل وهو يطاردهم قاتلاً الرجال والخيول أيضاً ، ودون أن يسمع به هيكتور إذ كان يقاتل على يسار الميدان ، عند ضفة نهر سكاماندروس ، حيث كانت رؤوس الرجال تتساقط أكثر منها في أي مكان آخر ، والجلبة المستمرة 500 تتصاعد حول نيستور المديد والمحارب إيدومينيوس • كان هيكتور يواجههما ويفعل فعله برمحه وفروسيته مشتتاً كتائب الشبان •





لا يبدو التشبيه هنا موفقاً. فحتى محاصرة الثعالب للأيل المصاب كان المثال جيداً. ولكن مجيء الأسد الذي تهرب الثعالب منه يتحول إلى ورطة. ماذا سيفعل الأسد بالأيل المصاب؟ يأكله. وهذا ما لا يتطابق مع مجيء أياس لنجدة أوليس. ومع أن ويلكوك يلاحظ الملاحظة ذاتها، إلا أنه يجد لها تبريراً في ما سيجري بين أوليس وأياس في الفصل الثالث والعشرين. ومع ذلك فنحن نعرف أن أوليس لم يمت في هذه الحرب. بل عاد إلى جزيرته في سلسلة من المغامرات تشكل مادة الملحمة الهومرية الثانية: "الأوديسة".


الإلياذة هوميروس الصفحة : 305 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 306 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 355

ومع ذلك ما كان الآخيون ليحيدوا عن طريقه لولا أن ألكسندروس ، زوج هيلين ذات الشعر الجميل ، 505 أعاق القائد ماخاون عن متابعة أفعاله الباسلة بإصابته بسهم ثلاثي الحربة في كتفه اليمنى • وعندها خاف عليه الآخيون المعبّؤون بالغضب من أن يأسره العدو عند مَيَلان كفة القتال • وسرعان ما قام إيدومينيوس بمناداة نيستور : 510 " نيستور ، يا ابن نيليوس ، ويا فخر الآخيين العظيم ، هيا اقفز إلى عربتك ودع ماخاون يركب معك وانطلق بجيادك صوب السفن بأقصى سرعة • فالمعالج يعادل رجالاً كثيرين بمعرفته بانتزاع السهام ووضع الدواء على الجراح " • 515 هذا ما قاله ولم يتلكأ الخيال الجيريني نيستور في تلبية طلبه • وفوراً صعد إلى العربة ، وصعد ماخاون ، ابن المعالج العظيم أسكليبيوس ، إلى جانبه • وساط الجياد التي طارت مطيعة عائدة نحو السفن الجوفاء ، فهو الطريق الذي ترغب فيه • 520 وحين رأى كيبريونيس ، الذي يقف إلى جانب هيكتور في العربة ، كيف يتم دحر الطرواديين ، قال لهيكتور : " أنا وأنت يا هيكتور نواجه الدانانيين في أقسى ظروف المعركة المؤسية ، ولكن بقية الطرواديين يختلط حابلهم بنابلهم ، ويختلط الرجال بالخيول • 525 إن أياس التيلاموني يدحرهم • وأنا أعرفه جيداً •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 306 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 307 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 356

فهو الذي يحمل الترس الكبير على كتفه • فدعنا نوجه خيولنا وعربتنا من هنا • فهنا الخيالة والمشاة ، أكثر من أي مكان آخر ، يخوضون أقسى المواجهات في الحرب الكريهة ، وتثور الجلبة المستمرة ويتساقط المقاتلون " • 530 قال ذلك وساط الجياد ذات الأعراف اللامعة بالسوط المغرد ، وعندما أحست بالضربة الخفيفة انتقلت بالعربة المسرعة إلى ما بين الآخيين والطرواديين وهي تدوس القتلى والأسلحة المرمية فتلطخ محور العربة بالدم ، وكذلك الجوانب التي تحيط بها ، 535 التي تلطخت برذاذ الدم المتناثر من حوافر الخيول ، ومن أطراف العجلات • وهكذا كان هيكتور يجهد أن ينغمس في جلبة الرجال ، وأن يهاجمهم ويقتلهم • وأوقع اضطراب الكارثة في صفوف الدانانيين ، ولم يوفر أحداً من ضربات رمحه • بل إنه بالرمح والسيف والحجارة الكبيرة 540 راح يصول بين صفوف بقية المقاتلين ، ولكنه ظل بمنجى من مهاجمة أياس التيلاموني • وأوقع زيوس ، الرب الجالس في الأعالي ، الخوفَ على أياس فوقف مذهولاً ، وهز وراء ظهره 16 الترس الكبير المصنوع من سبع طبقات من جلد الثور • وتراجع وهو يجول بناظريه في حشد الرجال مثل وحش بري 545 متحولاً عن المكان وركبتاه لا تكادان تتباعدان في سيره إلا قليلاً • كما يحدث حين يقوم الناس الذين يعيشون في البرية مع كلابهم بطرد أسد أصفر عن حظائر ثيرانهم المسيجة ، ولا يتركون له فرصة تمزيق لحومها ، فيسهرون






16 وضع الترس وراء الظهر حركة لحماية ظهر المحارب وهو ينسحب.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 307 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 308 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 357

طوال الليل محترسين منه وهو في جوعه للحم يقترب ، 550 ولكنه لا يستطيع الحصول على شيء مما يريد ، لأن السهام المنهمرة من أيدي الناس تظل تتساقط حوله ، والمشاعل المتألقة تسطع ، فيفشل رغم ضراوته • ومع مجيء النهار يبتعد خائب الرغبات • هكذا انسحب أياس مخيب القلب من أمام الطرواديين 555 وهو غير راغب ، بل خائف على سفن الآخيين • ومثلما يدخل حمار عنيد وصعب المراس حقل قمح على الرغم من اعتراض الأولاد له ، والعصي الكثيرة التي تتكسر عليه ، يدخل ويتابع أكله القمح ، والأولاد يضربونه بالعصي ، ولكن قواهم ضعيفة ، ومع ذلك في النهاية 560 وبالجهد الكبير يخرجونه بعد أن أتخم من الأكل ، هكذا تبع الطرواديون ، وحلفاؤهم في السلاح ، القادمون من أماكن بعيدة ، أياس العظيم ، ابن تيلامون ، وهم يرشقونه برماحهم في منتصف الترس الكبير • ويتذكر أياس من جديد بسالته الناقمة 565 فيلتفت إليهم ، ويرد بالضرب على كتائب الطرواديين ، محطمي الخيول ، ثم يرتد ويتابع هربه منهم • لقد أعاق الجميع عن الوصول إلى السفن السريعة ووقف وقاتل في الفسحة القائمة بين الآخيين والطرواديين ، فيما الرماح المنهمرة عليه من أيدي المقاتلين القوية 570 بعضها يصل إليه وينغرز في الترس الكبير ، وبعضها كثير مما يقع في الخلاء قبل الوصول إلى جسمه الأبيض ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 308 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 309 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 358

وينغرز في الأرض رغم اجتهادها في الوصول إلى جسده • وحين رأى يوروبولوس ، الابن المجيد لإيوايمان كيف أن أياس قد تكاثرت عليه الرماح الكثيفة 575 جاء ووقف إلى جانبه وقذف برمحه البراق فأصاب أبيساون ، ابن فاوسياس ، قائد الجمع ، في الكبد تحت القفص الصدري ، فاستلب القوة من ركبتيه على الفور • وتقدم يوروبولوس فأخذ درعه عن كتفيه ، ولكن ألكسندروس ، الشبيه بالآلهة ، كان يرقبه 580 وهو يسلب درع أبيساون ، فسحب قوسه ، ورمى على يوروبولوس ، فأصابه بسهمه في فخذه الأيمن • وانكسرت قصبة السهم ، وأُثقل فخذه بالآلام • ولكي يتجنب الموت تراجع نحو جمع أعوانه ، ورفع صوته منادياً بصرخة مدوية إلى الدانانيين : 585 " يا أصدقائي ، قادة رجال الرأي والمشورة بين الأرجيفيين • عودوا واصمدوا ، وأبعدوا يوم الموت القاسي عن أياس ، الذي تكاثرت عليه الرماح المنهمرة • فأظنه لا يستطيع أن ينجو من هذه المعركة المحزنة • فاصمدوا وواجهوهم حول أياس ، ابن تيلامون " 095 هكذا تحدث يوروبولوس الجريح ، فيما الآخرون من حوله يقفون بأعداد كبيرة وهم يرفعون تروسهم فوق كتفيه لإبعاد الرماح عنه • وجاء أياس فانضم إليهم • والتفت وتوقف بعد أن عاد إلى مرافقيه • وهكذا استمر الاقتتال كالنار المضطرمة • 595








الإلياذة هوميروس الصفحة : 309 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 310 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 359

بينما كانت جياد نيليوس تتصبب عرقاً وهي تبتعد بنيستور عن المعركة ، وتحمل معه ماخاون قائد الجمع • وكان آخيل العظيم ، ذو القدمين السريعتين ، يراه ويراقبه ، لأنه كان واقفاً على مؤخر سفينته الفارغة الضخمة يتابع الأعمال الحربية والهجوم المحزن 17 • 600 وسرعان ما استدعى مساعده في الحرب ، باتروكلوس ، منادياً إياه من داخل المأوى • فخرج هذا مثل إله حرب ، وكانت تلك بداية مآثره • وتحدث ابن مينويتيوس القوي أولاً ، فقال : " ما الذي تريده مني يا آخيل ؟ لماذا ناديتني ؟ " 605 ورداً عليه قال آخيل ذو القدمين السريعتين : " يا ابن مينويتيوس ، أيها العظيم الذي يدخل البهجة إلى قلبي • أظن أن الآخيين الآن سيركعون عند ركبتي متوسلين • فقد ألمت بهم الحاجة الماسة إلي • ولكن اذهب الآن ، يا باتروكلوس حبيب زيوس ، إلى نيستور • 016 واسأله من هذا الجريح الذي جلبه من الميدان • فالحقيقة أنني من نظرتي إليه من الوراء ظننت أنه ماخاون ، ابن أكليبيوس ، ولكنني لم أر وجه الرجل • فالجياد كانت منطلقة وقد عبرت بي بسرعة " • قال ذلك ، فأطاعه باتروكلوس مرافقه الحبيب • 615 وانطلق بمحاذاة المآوي والسفن الآخية • وحين وصل الآخران إلى مأوى ابن نيليوس ترجلا على الأرض الفسيحة ، وفك التابع يوروميدون






17 لا يستطيع مقاتل مثل آخيل إلا أن يطل ويتابع المعركة حتى لو كان لا يريد المشاركة فيها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 310 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 311 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 360

أعنة خيل العجوز عن العربة • ومسح الرجلان العرق بثوبيهما 620 ووقفا في وجه الريح قرب الشاطئ ، وبعد ذلك دخلا المأوى وجلسا على المقاعد • وأعدت جميلة الشعر هيكاميدي الشراب لهما ، وهي التي فاز بها العجوز من تينيدوس ، حين اجتاحها آخيل • وكانت ابنة أرسينووس ذي القلب الكبير • 625 وقد اختارها الآخيون لنيستور ، لأنه كان سيد المشورة والرأي • قدمت المائدة أمامهما ، وكانت مائدة لطيفة ، مصقولة بأرجل من الكوبالت ، ووضعت عليها سلة برونزية فيها بصل لتناوله مع الشراب ، وعسل أصفر ، وإلى جانبه الخبز من الشعير المبارك • 630 وإلى جانب ذلك كأس متقن الصنع جلبه العجوز معه من بيته • وكان مرصعاً بالذهب ، وله أربعة مماسك كالآذان ، وعلى كل جانب رسمت حمامتان من الذهب تأكلان ، وتحتهما قاعدتان • وما كان من الممكن لرجل آخر أن يرفعه عن المائدة وهو ملآن • 635 ولكن نيستور ، رغم كبره في السن ، كان يرفعه بسهولة 18 • وفي هذا الكأس مزجت لهما الشراب كما تمزج للآلهة ، مع الخمر البراميني ، ومعه جبن الماعز المجروش بمجرشة برونزية ، ورشت بيدها الشعير الأبيض فيه • وبعد أن أتمت إعداد الشراب طلبت منهما أن يشرباه • 640 وحين شربا تخلصا من ظمئهما ،






18 هذه لازمة خاصة بأبطال هوميروس. فرمح آخيل لا أحد يستطيع حمله غيره. وقوس أوليس في الأوديسة لا أحد يستطيع شده غيره. وهنا ممازحة لنيستور العجوز، الذي لا يستطيع أحد غيره أن يرفع كأسه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 311 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 312 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 361

وبدأا يستمتعان بالحديث فيما بينهما • فجاء باتروكلوس ، الرجل الشبيه بالآلهة ، ووقف بالباب وحين رآه العجوز بادره من كرسيه اللامع ، وأخذه من يده وقاده إلى الداخل وطلب منه الجلوس معهما • 645 لكن باتروكلوس من جهته رفض وقال له : " لا كرسي يا سيدي الموقر ، حبيب زيوس • لن تقنعني • فمبجل ، وسريع العتب ، من أرسلني لأعرف من كان ذلك الجريح الذي جلبته معك • أما الآن فقد عرفت بنفسي أنه ماخاون ، قائد الجمع ، 650 وعلي أن أعود بوصفي رسولاً من قبل آخيل لأخبره • وأنت تعرف ، يا سيدي الموقر حبيب زيوس ، أي نوع من الرجال هو • إنه رجل خطير • وقد يغضب حتى ممن لا ذنب له " • وبدوره قال الخيال الجيريني نيستور رداً على ذلك : " ولم يحزن آخيل الآن على أبناء الآخيين ، 655 الذين يجرحون بالرماح المرمية ، وهو الذي لا يعرف شيئاً عن الأحزان التي تعتري الجموع ، منذ أن صار أشجع الشجعان ممددين بين السفن جرحى بسهام أو رماح ؟ فابن توديوس ، ديوميديس القوي ، قد أصيب بسهم وأوليس تلقى جرحاً من ضربة رمح ، وكذلك أغاممنون ذو الرمح الشهير 660 ويوروبولوس جرح في فخذه برمية سهم • وأنا الآن أجلب معي هذا المقاتل الآخر ، ماخاون ، من المعركة وقد أصيب بسهم موتور • وفي الوقت ذاته لا يهتم آخيل الشجاع بالدانانيين ولا يشفق عليهم •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 312 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 313 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 362

أسينتظر إلى أن تحترق السفن الراسية عند البحر 665 بالنار المهلكة ، والأرجيفيون كلهم لا يستطيعون لها شيئاً ، ونتعرض كلنا للقتل واحداً بعد الآخر ؟ وخاصة أنه لم تعد في أطرافي القوة التي كانت موجودة ذات يوم • آه لو أنني كنت شاباً ، ولو أن القوة ما تزال في أعطافي ، كما كانت يوم نشب النزاع بيننا وبين الإليانيين 670 حول سرقة بعض الماشية ، فقمت ، أنا نفسي ، بقتل إيتومونيوس ، الابن الشجاع لهوبيروخوس الذي كان قد ابتنى بيته في إيليس • كنت أقود قطيعاً مغنوماً كانتقام • وهو ، الذي كان يدافع عن أبقاره ، تلقى أول طعنة من رمح قذفته به بيدي ، وسقط • فهرب قومه الذين يعيشون في البراري والذعر يتملكهم • 576 فزنا ، وعدنا ، بالكثير من الغنائم والأسلاب من تلك المراعي : خمسين بقرة والكثير من الأغنام ومثلها من قطعان الخنازير وأعداد مشابهة من الماعز ، ومئة وخمسين فرساً ، معظمها إناث ، والكثير منها صغارها معها • 680 هذا كله سقناه داخل بولوس النيلية ، شاقين طريقنا ليلاً إلى المدينة • وكان سرور نيليوس من أعماق قلبه ؛ لأن هذا كله تحقق من خلالي ، أنا الذي كنت صغيراً على القتال • وفي اليوم التالي ، عند بزوغ الفجر ، أطلق المنادون أصواتهم داعين الجميع ممن هم دائنون لإيليس الزاهية أن يجيئوا • 685 واجتمع زعماء البوليين ، لتوزيع الغنائم • فقد كان هناك الكثير من الديون على الإيبيين ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 313 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 314 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 363

كنا قلة في بولوس ، وكانت ظروفنا صعبة جداً • فهرقل جاء بقوته كلها ضدنا وهزمنا ، قبل سنوات ، فكان أن قُتل خيرة شجعاننا • 690 ونحن ، أبناء النبيل نيليوس ، كنا اثني عشر شاباً وأنا الوحيد المتبقي منهم • أما الآخرون فقد قتلوا • ونتيجة لذلك صار الإيبيون المدرعون بالبرونز يتعاملون معنا بتعال • يحتقروننا ويهينوننا ويدبرون لنا المكائد • ولهذا قام والدنا العجوز بانتقاء قطيع كبير من الأبقار ، ومثله من الأغنام 695 أخذ ثلاثمئة منها مع رعاتها ، لأنه كان مديناً ديوناً مرهقة في إيليس الزاهية • كانت هناك أربعة من جياد السباق مع عربتها ، وكانت في طريقها للسباق ، وستتسابق للفوز بمحمل • ولكن الزعيم أوغياس أخذها واحتفظ بها لنفسه • 700 وأعاد سائسها محزوناً على تلك الجياد • ولذلك فإن العجوز نيليوس ، المقهور مما يقال ويُفعل ضده ، أخذ أعداداً كبيرة لنفسه ، وأعطى الباقي للناس ليقتسموها قسمة عادلة فلا يظل أحد دون نصيب • وهكذا توزعنا تلك الأسلاب • وفي كافة أرجاء المدينة 705 قدمت الأضحيات للآلهة • وفي اليوم الثالث جاءنا الإيبيون ، بأعداد كبيرة من الرجال والجياد بسرعة هائلة ، وكان بينهم الموليونيان المدرعان ، وكانا ما يزالان ولدين ، دون خبرة في القتال الجدي • وكانت هناك مدينة ، هي ثرويسا ، المدينة الجبلية 710








الإلياذة هوميروس الصفحة : 314 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 315 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 364

القائمة بعيداً قرب ألفيوس عند سفح بولوس الرملي • كانوا قد عسكروا قريباً من المكان متهيئين لسحقه • ولكنهم بعد أن اجتاحوا السهل كله ، جاءتنا أثينا مسرعة ، رسولة من الأولمب ليلاً • وحذرتنا ، ودعتنا إلى التسلح • ولم يتلكأ أحد ممن جمعتهم في بولوس ، 715 بل تهيأ الناس بجدية للمعركة • ولم يكن نيليوس يريد أن يسمح لي بحمل السلاح معهم • فخبأ جيادي لأنه كان يرى أنه ليست لدي الخبرة في القتال • ومع ذلك كنت المبرز بين خيالتنا ، وأنا راجل ، فأثينا هي التي كانت تدير المعركة • 720 وفي المنطقة نهر مينويوس ، الذي يصب مياهه في البحر ، قرب أريني • وهناك انتظرنا الفجر المقدسة ، نحن فرسان البوليين ومجموعة المشاة المتوافدين ، ومن هناك وقد تسلحنا بأسرع ما يمكن ، ولبسنا دروعنا ، جئنا في وضح النهار إلى نهر ألفيوس المقدس • 725 وهناك قدمنا أضحياتنا لزيوس ذي القوة • وضحينا بعجل إلى ألفيوس ، وعجل إلى بوزيدون ، ولكن لأثينا ذات العينين الشهلاوين ضحينا ببقرة من القطيع • ثم تناولنا عشاءنا قرب القرابين ووزعنا الحراسات وأوينا إلى النوم ، كل مع سلاحه ، 730 قرب النهر ، وكان الإيبيون الشجعان قد أخذوا مواقعهم حول المدينة مصممين على تدميرها • ولكن قبل ذلك ظهرت معجزة عظيمة من إله الحرب •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 315 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 316 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 365

فعندما ارتفع الشمس 19 ببهائه فوق الأرض ، تجمعنا استعداداً للمعركة ، وقدمنا صلواتنا لزيوس وأثينا • 735 وحين نشبت المعركة بين البوليين والإيبيين ، كنت أول من قتل خصماً ، وفزت بجياده • وكان هذا موليوس رامي الرمح ، وهو صهر أوغياس ، المتزوج من كبرى بناته ، أغاميدي ، التي تعرف كل أنواع الطب والأدوية المعروفة في الأرض كلها • 740 فحين تقدم مني ، رميته • وأصبته بالرمح ذي الرأس البرونزي • فسقط ممرغاً على التراب ، بينما قفزت أنا إلى عربته ، وأخذت مكاني بين الأبطال • فيما كان الإيبيون الشجعان يهربون مذعورين في كل اتجاه عندما رأوا الرجل يسقط ، وقد كان قائد الخيالة ، وأفضلهم في القتال • 745 وعندها هجمت عليهم كأنني زوبعة سوداء ، فاستوليت على خمسين عربة ، ومن كل عربة سقط اثنان يعضان التراب بأسنانهما ، بعد أن تلقيا ضربات رمحي • وكنت على وشك أن أقتل الموليونيين الشابين ، ابني أكتور ، لولا أن أباهما الذي يهز الأرض بقوته ، 750 أخرجهما من المعركة ، ولفهما بضباب كثيف • ثم وضع زيوس قوة هائلة في أيدي البوليين ، إذ طاردناهم على امتداد السهل ، قاتلين الرجال وسالبين دروعهم المهيبة ، إلى أن وصلنا بجيادنا إلى بوبراسيون ذات الحقول المعبأة بالقمح 755 وإلى الصخرة الأولينية ، حيث يوجد تل اسمه تل أليسيوس •






19 الشمس مذكر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 316 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 317 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 366

وهناك ، أخيراً ، قامت أثينا بإرجاع جماعتنا • وهناك قتلت آخر رجل وتركته • ومن هناك وجه الآخيون جيادهم السريعة عائدين من بوبراسيون إلى بولوس ، وصلّوا كلهم لزيوس المعظم بين الآلهة • ولكن صار نيستور يعد بين الرجال • 760 هذا ما كنت عليه ، بين الرجال ، كلما جرى ما يستدعي • أما آخيل فيستمتع ببسالته في عزلته • مع أنني أظنه سوف يبكي كثيراً ، ومتأخراً ، حين يفقد شعبه • يا بني العزيز • هذا ما قاله لك مينويتيوس بالتأكيد ، حين أرسلك ذلك اليوم من فثيا إلى أغاممنون • 765 كنا معك في الداخل ، أنا وأوليس الرائع ، واستمعنا بعناية لكل شيء ، لكل ما قاله لك • فقد جئنا إلى بيت بيليوس المتين لنجمع المقاتلين من كافة أرجاء آخايا • جئنا إلى هناك ، فوجدنا البطل مينويتيوس في الداخل ، وأنت معه • 770 وكان آخيل إلى جانبكما ، وكان بيليوس العجوز يحرق قطع شحم الفخذ تقدمة لزيوس الذي يستمتع بالرعد ، في باحة الدار • وكان يمسك بدورق ذهبي يسكب منه الخمر المشعشع فوق الأضحية المحترقة • وكنتما تتناولان لحم الثور فجئنا 775 ووقفنا عند الباب ، فقفز آخيل مندهشاً وأخذنا من أيدينا وقادنا إلى الداخل وطلب منا الجلوس • وقدم لنا ضيافة لائقة ، وكما يليق بالضيف • وبعد أن اكتفينا من الأكل والشرب








الإلياذة هوميروس الصفحة : 317 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 318 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 367

بدأت أتكلم ، ودعوتكما أن تنضما إلينا • 780 وكنتما راغبين في ذلك • وحدثك الكبيران في السن • وكان بيليوس يطلب من ابنه آخيل أن يكون الأفضل في المعركة ومتقدماً على الجميع • أما أنت فقد كان لدى مينويتيوس ما يقوله لك • قال : يا بني ، إن آخيل بحكم الدم أعلى شأناً منك • 785 ولكنك الأكبر • غير أنه من ناحية القوة أفضل بكثير • يجب أن تكلمه بالحسنى ، وتقدم له النصيحة • وتدله على طريقه • فإذا استمع إليك فذلك لصالحه هو • هذا ما قاله لك العجوز ، وقد نسيته • ولكن تستطيع حتى الآن أن تتكلم مع آخيل الحكيم فقد يقتنع • 790 من يدري ؟ لعلك بعون الإله تستطيع أن تغير فكره بمناشدته ، لأن إقناع الصديق أمر عظيم • ولكن إن كان يتراجع بسبب نبوءة ما يعرفها في قلبه سراً وقد أخبرته أمه بشيء ما بإرادة زيوس ، فليرسلك أنت على الأقل ، وسيتبعك بقية المورميدون 795 فقد تكون أنت الضوء المرسل إلى الدانانيين • وليعطك درعه الفاخر لتلبسه في القتال ، فلعل الطرواديين يظنون أنك هو ، فيتراجعون عن هجومهم ويستعيد أبناء الآخيين المقاتلون رباطة جأشهم بعد هذا العناء • إن فسحة الراحة قصيرة في المعركة • 800 وأنت غير المتعب تستطيع بمجرد صرخة واحدة أن تعيد الرجال المتعبين إلى مدينتهم ، بعيداً عن السفن والمآوي " • قال ذلك فأثار مشاعر باتروكلوس في صدره ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 318 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 319 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 368

وعاد محاذياً السفن في الطريق الطويل نحو آخيل ، ابن أياكوس • ولكن حين وصل باتروكلوس في ركضه 805 إلى سفن أوليس العظيم ، حيث كان الآخيون مجتمعين يتداولون في المصائر ، وحيث أقاموا مذبحهم للآلهة ، هناك قابله يوروبولوس ، الذي كان قد جرح في فخذه بسهم ، وكان ابن يوايمون المجيد يعرج خارجاً من المعركة ، وعرق التعب يتصبب 810 على كتفيه ووجهه • والدم الأسود من الجرح المتورم مستمر في النزف • ومع ذلك فقد كانت عزيمته لم تلن • وتطلع إليه ابن مينويتيوس القوي مشفقاً ، فقد كان حزيناً من أجله ، وخاطبه بكلمات مجنحة قائلاً : " يا للتعساء • أنتم أيها القادة وأهل المشورة بين الدانانيين 815 أكان قدركم إذن ، وأنتم بعيدون عن أصدقائكم وأرض آبائكم أن تلقوا بشحم أجسامكم اللامع للكلاب الضالة هنا في أرض طروادة ؟ ولكن قل لي أيها المبجل يوروبولوس الذي ربيت تحت رعاية الإله : هل سيستطيع الآخيون إيقاف هيكتور الضخم ؟ أم أن عليهم الآن أن يتهاووا تحت طعنات رمحه " ؟ 820 فرد عليه يوروبولوس الجريح قائلاً يدوره : " لم يعد الآخيون قادرين ، يا باتروكلوس المجيد ، على الدفاع عن أنفسهم • ولذا فإنهم سيتكومون في سفنهم السوداء • فجميع من كانوا الأشجع والأقوى في المعركة يتمددون بين السفن وهم يحملون جروحاً من رمح أو سهام ، 825 على أيدي الطرواديين الذين تتعاظم قوتهم بشكل دائم •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 319 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 320 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 369

ولكن ساعدني وأنقذني الآن بإرجاعي إلى سفينتي السوداء • وأخرج هذا السهم من فخذي ، واغسل الدم الأسود المتدفق بالماء الحار ، وضع عليه دواء نافعاً ، من تلك الأدوية الجيدة ، التي يقولون إن آخيل قال لك عنها ، 830 والتي كان خايرون ، أنبل قنطور ، قد علمه إياها • فالمعالجان الجيدان ماخاون وبوداليريوس منشغلان • أظن أن ماخاون جريح ، وهو ممدد في المأوى وهو نفسه في حاجة إلى معالج بارع • أما الآخر فهو في الميدان يتصدى لهجوم الطرواديين الضاري " • 835 وخاطبه بدوره ابن مينويتيوس القوي قائلاً : " ولكن كيف حدث ذلك ، أيها القائد يووروبولوس ، وما العمل ؟ إنني في طريقي أحمل رسالة إلى آخيل الحكيم من نيستور الجيريني ، حامي الآخيين • ولكن مع ذلك لن أتخلى عنك وأنت في محنتك " • 840 قال ذلك وأمسك بقائد الجمع تحت ذراعيه وقاده إلى ملجئه • وحين رآهما أحد الأتباع مد جلود الثيران ، وقام باتروكلوس بتمديده هناك • وبسكين قطع السهم الحاد النافذ وأخرجه من فخذه ، وغسل الدم الأسود النازف منه ، بالماء الحار • وفرك بين يديه جذراً مراً 845 ووضعه على الجرح لتخفيف الألم • فجف الجرح ، وتوقف نزف الدم •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 320 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 321 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الثاني عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 373

وهكذا راح المحارب ابن مينويتيوس يعتني بيوروبولوس الجريح • وفي الوقت ذاته كان الآخيون والطرواديون مشتبكين في معركة ضارية • ولم يكن خندق الآخيين قادراً على حمايتهم ، ولا السور الكبير الذي فوقه ، والذي بنوه من أجل سفنهم ، وحفروا خندقاً عميقاً حوله • 5 إذ لم يقدموا الأضحيات الكبيرة للآلهة لكي يتمكن من حماية سفنهم وأكوام الأسلاب التي فيها • لقد تم بناؤه دون إرادة الآلهة الخالدين ولذلك فإنه لم يكن ليصمد طويلاً • مازال هيكتور حياً ، وآخيل غاضباً ، 10 وما زال حصن الزعيم بريام مدينة لم تؤخذ ، وسور الآخيين الكبير حتى الآن ما يزال صامداً • ولكن فيما بعد ، وبعدما مات أشجع شجعان الطرواديين في القتال ، وتساقط الكثيرون من الأرجيفيين ، ونجا البعض ، في السنة العاشرة ، عندما تم الاستيلاء على مدينة بريام ، 15 وبعدما عاد الأرجيفيون في سفنهم إلى أرض آبائهم ، عندها ، في النهاية ، اجتمع بوزيدون وأبولو وتشاورا حول تهديم السور بإطلاق قوة مياه الأنهار عليه ، الأنهار كلها التي تجري إلى البحر من جبال إيدا ، ريسوس وهيبتابوروس وكاريسوس وروديوس 20 وغرينيكوس وإيسيبوس وسكاماندروس الخالد








الإلياذة هوميروس الصفحة : 321 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 322 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 374

وسيمويس ، حيث ارتمت خوذ دروع كثيرة من جلود الثيران ، في طميه ، والكثيرون من جنس البشر أشباه الآلهة • حوّل فويبوس أبولو مصبات هذه الأنهار كلها ، وخلال تسعة أيام راح الطوفان يضرب السور ، وزيوس يصب الأمطار 25 دون توقف ، للإسراع في تهديم السور وجرفه إلى البحر • ومرجف الأرض يمسك بيده الرمح ذا الشعب الثلاث ليوجهها ، ويقذف بين الأمواج بكل دعائم السور من جذوع وحجارة كان الآخيون المجدون قد وضعوها ، فمهّده من جديد بالجريان العنيف لهيلي ، 30 ومرة أخرى غطى الشاطئ بالرمال ، بعد تهديم السور ، ثم حول الأنهار لتجري في مجاريها التي اعتادتها لتمرر فيها مياهها المتلألئة • وهكذا ، في ما بعد ، سيعيد بوزيدون وأبولو الأمور إلى حالها 1 • ولكن المعركة الآن على أشدها والجلبة تتصاعد • 53 حول السور ذي البنيان المتين • وكانت أخشاب السور ترعد وهي تتلقى الضربات ، والأرجيفيون الذين يتلقون سياط زيوس يتجمعون عائدين إلى سفنهم الجوفاء ، ويتسابقون للهرب خوفاً من هيكتور ، المحارب القوي ، الذي أوقع الرعب في قلوب الرجال • ولكن هيكتور ، وكما كان من قبل ، كان يقاتل كالزوبعة • 40 ومثلما ، وسط جماعة كبيرة من كلاب الصيد والرجال المحتشدين ، يلتفت دب بري أو أسد مضطرماً وفي أوج قوة استنفاره ، والرجال قد شكلوا حوله طوقاً ، ووقفوا ليواجهوه ويلقوا عليه بوابل من الرماح






1 استباق من قبل هوميروس لحدث سيتم بعد انتهاء الإلياذة وحرب طروادة. وهو تفسير لعدم وجود أي أثر لذلك السور - حتى في أيام هوميروس. وكذلك هو تفسير للعوامل الطبيعية، التي يمكن أن تكون قد هدمته، ينسجم مع منطق الإلياذة، في جعل الآلهة هي التي تفعل ذلك. فالآخيين بنوا السور دون تقديم أضحيات مناسبة للآلهة. ويضاف إلى ذلك أن أبولو وبوزيدون هما اللذان كانا قد بنيا سور طروادة من أجل لاوميدون، والد بريام. وهناك إيحاء بأن سور الآخيين أقوى من سور طروادة. وهذا ما يثير غيرة الإلهين ويجعلهما يصممان على تهديمه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 322 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 323 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 375

تقذفها أيديهم ، ومع ذلك لا يشعر القلب الشجاع بالخوف ، 45 ولا يحاول الهرب ، فتقتله شجاعته ، ومرة بعد أخرى يلتفت إليهم محاولاً خرق الطوق ، وحيثما اندفع يتراجع جمع الرجال من أمامه ؛ هكذا كان هيكتور وهو يندفع في المعركة ويحشد كتائبه ويدفعهم لعبور الخندق ، ولكن الخيول السريعة تحرن 50 عند الحافة ، ولا تجرؤ على العبور ، فتطلق صهيلها العالي ، لأن الخندق بعرضه الكبير أخافها ؛ إذ ليس من السهل عليها أن تقفز لتجتازه ، ولا أن تمر عبره ، فعلى طوله كله ، كان انحدار الحافتين شديداً على الجانبين ، وأرضه معبأة بالأوتاد المدببة ، 55 التي نصبها أبناء الآخيين هناك وجعلوها كثيفة وضخمة لكي تعيق اندفاع المهاجمين • والجواد الذي يجر عربة ذات عجلات قوية لا يستطيع بسهولة أن يدخل إلى هناك ، مع أن المترجلين منها كانوا يبذلون قصارى جهودهم • ووقف بولوداماس إلى جانب هيكتور وخاطبه قائلاً : 60 " يا هيكتور ، ويا سادة الطرواديين الآخرين المتحالفين في المعركة • إن من الحمق أن نحاول دفع جيادنا السريعة فوق هذا الخندق • إذ من الصعب عبوره ، والخوازيق الحادة مزروعة داخله ، وبعد ذلك هناك سور الآخيين • ما من طريقة تمكننا من الدخول ، وما من طريقة للقتال 65 على الخيول ، فالممر ضيق • وأظن أنها ستتعرض للأذى فيه • لأنه إذا كان زيوس الذي يرعد في الأعالي متوعداً








الإلياذة هوميروس الصفحة : 323 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 324 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 376

بهلاك هؤلاء كلياً وبإعانة الطرواديين فإنني أتمنى أن يتحقق ذلك ، وأن يتحقق على الفور ، وذلك بأن يهلك الآخيون منسيين هنا وبعيدين عن أرغوس • 70 ولكن إذا انقلبوا علينا وجاءنا الهجوم المعاكس من السفن ، وتم إرجاعنا حتى الخندق العميق ، فلا أعتقد أن ينجو منا مرسال يصل إلى المدينة ، حالما ينقض الآخيون مرتدين علينا • فهيا بنا ، وافعلوا ما أقول ولنقتنع كلنا 75 بأن نبلغ الأتباع بردع الخيول وإيقافها هنا قرب الخندق ، ودعونا ، كلنا ، نترجل ونحن مسلحون بعدتنا الحربية ثم نمشي وراء آخيل في تشكيلة جماعية • أما الآخيون فلن يصمدوا إذا ما أطبقت عليهم قيود الموت " • أنهى بولو داماس كلامه ، فسرَّ هيكتور بهذا الرأي الذي فيه السلامة • 80 وسرعان ما قفز مدججاً بسلاحه من عربته إلى الأرض • واجتمع بقية الطرواديين ، دون أن يكونوا وراء خيولهم • بل قفز الجميع إلى الأرض حين رأوا هيكتور العظيم يفعل ذلك • ثم أعطى كل مقاتل أمره إلى سائق عربته بأن يجمع الخيل في انتظام عند حافة الخندق • 85 وتشكل المقاتلون في مجموعات انضم بعضها إلى البعض الآخر في خمس كتائب منتظمة وراء قادتها ، الذين ذهبوا مع هيكتور وبولوداماس الشجاع • كانوا عديدين ، وهم الأكثر شجاعة ، والأكثر من الجميع توقاً لهدم السور وشق الطريق قتالاً حتى السفن الجوفاء • 90








الإلياذة هوميروس الصفحة : 324 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 325 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 377

وذهب معه في ثالوث القيادة كيبريونيس ، بينما ترك هيكتور شخصاً آخر مع العربات ، ليس في كفاءة كيبريونيس • وقاد باريس المجموعة الثانية مع ألكاخووس وأغينور بينما قاد هيلينوس مع شبيه الآلهة دييفوبوس المجموعة الثالثة ، وهما من أبناء بريام ، وقاد المجموعة الثالثة أسيوس ، 95 وهو ابن هوتراكوس ، الذي حملته جياده العالية اللامعة من أريسبي ومن قرب نهر سيلييس • وكان قائد المجموعة الرابعة أينياس ، الابن القوي لأنخيسيس ، ومعه ابنا أنتينور ، أرخيلوخوس وأكاماس البارعان في القتال • 100 وقاد ساربيدون حلفاء القتال ذائعي الصيت • واختار أن يذهب معه غلاوكوس والمحارب أستيوبياس لأنه كان يرى أن هؤلاء هم الأشجع من البقية ، من بعده ، ولكنه كان بينهم الأبرز والأكثر مهارة • وبعد أن تدرعوا بجلود الثيران متقنة الصنع ، 105 توجهوا مباشرة نحو الدانانيين متوفزين ودون أي استعداد للتوقف ، بل وهم مصممون على الوصول إلى السفن السوداء • وكان بقية الطرواديين والحلفاء المشهورون راغبين في اتباع أوامر بولوداماس الشجاع • أسيوس ، ابن هوتراكوس ، وحده لم يكن راغباً 011 في ترك خيوله هناك مع سائق يهتم بها • بل أبقاها معه ، وقادها نحو السفن السريعة • ويا للأحمق المسكين الذي ، باعتزازه بخيوله وعربته ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 325 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 326 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 378

لم يستطع مقدراً له أن يتحاشى أرواح الهلاك الشريرة ، ولا أن يعود أدراجه إلى إليون ذات الرياح العاصفة • 115 قبل ذلك كان القدر ذو الاسم القاتم يلفه من خلال رمح إيدومينيوس ، الابن الفخور لديوكاليون ، فقد أرسل جياده إلى يسار السفن ، حيث الآخيون كانوا يتراجعون من السهل مع خيولهم وعرباتهم ، وفي هذا الاتجاه سار بعربته وخيوله ، وهناك 120 وجد أن الهاربين لم يدخلوا بعد في الأبواب ، ولا المزلاج موضوعاً بل تركه الرجال مفتوحاً على مصراعيه بأمل إنقاذ بعض رفاقهم الهاربين من المعركة نحو السفن • ومتقصداً دخل بعربته إلى هناك ، ورجاله يتبعونه هاتفين ، ظانين أن الآخيين لن يصمدوا بعد ذلك • 125 بل سيتراجعون مدحورين حتى السفن القاتمة • الحمقى ! فقد وجدوا في الأبواب اثنين من أشجع الرجال ، وهما الابنان البارعان لمقاتلي الرمح اللابيثيين ، بولوبويتوس القوي ، ابن بيريثووس ، والآخر ليونتيوس ، الرجل الشبيه بإله المعارك القاتل • 130 هذان الاثنان ، وقد أخذا موقعهما أمام الأبواب العالية ، كانا يقفان مثل شجرتي سنديان تشمخان في الجبال ، وتصمدان على مر الأيام في وجه الرياح والأمطار • حيث أن جذورهما تغور عميقاً وتتشبث بالأرض • هكذا كان هذان واثقين بقوتهما ومهارة فعلهما • 135 كانا يقفان في وجه أسيوس الطويل وهو يتقدم نحوهما ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 326 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 327 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 379

فلم يتراجعا • ولكن أولئك وكل منهم يحمل الجلد المدبوغ ترساً ساروا مباشرة نحو السور قوي البناء بجلبة عالية من حول أسيوس ، قائدهم ، وإيامينوس وأوريستيس ، وآدامز ، ابن أسيوس ، وأوينومينوس وثوون • 140 في ذلك الحين كان اللابيثيان ما يزالان داخل السور يجهدان لتحريض الآخيين ذوي الدروع القوية للدفاع عن سفنهم ، ولكن بين الدانانيين ، حين رأوا الطرواديين يجتاحون السور ، ثار الضجيج وبدأ الهرب • فاندفع الاثنان عبر الأبواب ليحاربا أمامها • 145 كانا شبيهين بخنزيرين بريين ينتظران في الجبال وصول كوكبة من الرجال والكلاب تتقدم نحوهما • وفيما هما ينتظران يروحان يقتلعان الأشجار ويطلقان الأصوات المرعبة من صرير أنيابهما إلى أن يرميهما أحد الرجال ويفقدهما الحياة • 150 هكذا كانت الصرخات المدوية تنطلق من تحت البرونز البراق الذي يلف صدريهما ، وهو يتلقى ضربات الرماح • فمعركتهما حامية الوطيس • وهما واثقان من قوتيهما ومن المقاتلين حولهما • وكان الأعداء يقذفونهما بالحجارة الكبيرة المقتلعة من التحصينات القوية • وهما يقاتلان دفاعاً عن نفسيهما وعن المآوي ، 155 وعن السفن السريعة • وراحت الحجارة المقذوفة تنهمر على الأرض مثل ندف الثلج في مهب ريح عاتية تدور بالغيوم ، وتسف فتلقي بالثلج غزيراً على الأرض الخصبة • هكذا راحت المقذوفات من أيدي الآخيين والطرواديين تنهمر ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 327 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 328 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 380

فيما الخوذ والدروع تتكوم في الوسط ، 160 وتنسحق تحت الصخور وكأنها تحت أحجار رحى • وزمجر آسيوس ، ابن هورتاكوس ، بصوت عال • وضرب بيديه على فخذيه ، وقال بصوت مرتفع غاضب : " أبانا زيوس • حتى أنت صرت محباً فعلياً للمكر والخداع • إذ لم يسبق أن خطر لي أن المقاتلين الآخيين 165 سيكونون منيعين وقادرين على مواجهة قوتنا وأيدينا • ولكنهم كالزنابير السريعة المناورة ، أو كالنحل الذي يتخذ مقراته بجانب الطرق الصخرية ، ومع ذلك لا يتخلى عن المقر الخالي الذي اتخذه ، بل يقف ليواجه الناس الذين يأتون لقتله وللدفاع عن صغاره • 170 هكذا هذان ، وهما ليسا أكثر من اثنين ، لا يريدان التراجع عن الأبواب حتى يقتلا أو يُقتلا " • هذا ما قاله • لكنه لن يغير قناعة زيوس ، الذي كانت رغبته هي أن يمنح المجد لهيكتور • وهكذا على الأبواب المختلفة كان الرجال المختلفون يتقاتلون • 175 لقد كان مرهقاً جداً لي ، وكأنني إله ، أن أحكي هذا كله 2 • فعلى مدار السور الحجري كانت القوة اللاإنسانية للنار تضطرم • والأرجيفيون يقاتلون غير مرتاحين • ومع ذلك يجب أن يتابعوا القتال للدفاع عن سفنهم • والآلهة كلهم الذين كانوا يساعدون الدانانيين في القتال كانوا مكتئبين في أعماقهم • 180 ولكن اللابيثيين تابعوا القتال والتحموا في معركة كريهة • وهناك كان بولوبويتيس القوي ، ابن بيريثووس ،






2 تغيير آخر في أسلوب السرد.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 328 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 329 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 381

يقذف داماسوس برمحه فيخرق الخوذة ذات الجوانب البرونزية ، ولم تستطع الخوذة البرونزية أن تصمد ، فاخترقها رأس الرمح البرونزي وفلق العظم ، والدماغ الذي في داخله ، 185 والذي تناثر • ثم تابع قتاله العنيف متأججاً • ذهب ليقتل بولون وأورمينوس • وفي الوقت ذاته كان ليونتيوس ، ابن آريس ، يطعن هيبوماخوس ، ابن أنتيماخوس برمح مقذوف في النطاق الحربي • ثم يستل سيفه من غمده • 190 ويندفع وسط المقاتلين المزدحمين • ضرب أولاً أنتيفاتيس عن قرب فارتمى على ظهره إلى الأرض • ثم أردى كلاً من مينون وأوريستيس وإيامينوس ، فتهاووا على التوالي • وفيما كان هؤلاء يجردون قتلاهم من دروعهم اللامعة ، 195 كان المقاتلون الذين مع بولوداماس وهيكتور ، وهم كثيرو العدد ، ومن أشجع المقاتلين ، وأكثرهم توقاً لهدم السور وإضرام النار في السفن ، إلا أنهم مازالوا لم يحزموا أمرهم ، وهم يقفون على حافة الخندق • وفيما هم يتأهبون للعبور ظهرت لهم إشارة بهيئة طائر • 200 كان نسراً يحلق إلى يسار الناس ، ويمسك بمخالبه أفعى كبيرة بلون الدم وهي ما تزال حية ، وما تزال تتنفس ، ولم تنس أساليبها القتالية ، فالتفت وعضت النسر الذي يمسك بها في صدره وعنقه • فتركها النسر تهوي إلى الأرض 205








الإلياذة هوميروس الصفحة : 329 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 330 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 382

متألماً من العضة • فارتمت وسط معمعة القتال ، وزعق وهو يميل مع الريح • وارتجف الطرواديون خوفاً وهم يرون الأفعى اللدنة ترتمي في وسطهم نذيراً من زيوس المدرع • ووقف بولوداماس إلى جانب هيكتور الجريء وقال له : 210 " يا هيكتور • أحياناً في الاجتماعات تقف ضدي ، مع أنني أتحدث بشكل رائع • إذ ليس هناك من سبب مقنع بالنسبة لك ، وبعد مهارتك وبراعتك ، لأن تجادل في الخطأ • لا في المجالس ولا في المعركة • وتظل متشبثاً برأيك • والآن سأتحدث مرة أخرى بما أرى أنه الصواب • 215 دعنا نتوقف • ولا نقاتل الدانانيين قرب سفنهم • إذ أظن أن الأمر سينتهي كما استُكمل النذير • فالطائر الإشارة الذي جاء إلى الطرواديين ، وهم يحاولون العبور ، إشارة حقيقية ، وهو النسر ، يحلق إلى يسار الناس ممسكاً بين مخالبه بأفعى كبيرة بلون الدم ، 220 وهي حية ، ولكنه يتركها تسقط قبل أن يصل بها إلى عشه ، ولم يستطع إكمال حملها إلى صغاره • وهكذا نحن ، حتى لو استطعنا بقوتنا الكبيرة أن نقتحم الأبواب ، وسور الآخيين ، ولو انهزم الآخيون أمامنا ، فلن نرجع من السفن بانتظام وبالطريقة ذاتها • 225 فنحن سنترك وراءنا الكثيرين من الطرواديين ، الذين سيقتلهم الآخيون بالبرونز ، وهم يقاتلون دفاعاً عن أنفسهم قرب سفنهم • هكذا يقول نذير الآلهة ، ويقول من يعرف








الإلياذة هوميروس الصفحة : 330 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 331 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 383

ببصيرته حقيقة النذر ، والتي يؤمن بها الناس " • فتطلع إليه هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة غاضباً ، وقال له : 032 " لم تعد هذه الأمور التي تجادل بها تسرني يا بولوداماس • إن عقلك يستطيع تدبر أقوال أفضل من هذه • ولكن إن كان هذا رأيك الفعلي وبجدية ، فهذا يعني أن الآلهة ذاتها هي التي خربت عقلك • أنت تريدني أن أنسى توجيهات زيوس المرعد ، 235 والتي بها أحنى رأسه إلي موافقاً • ولكنك أنت ، أنت نفسك ، تريدني أن أضع ثقتي في الطيور التي تنشر أجنحتها • إنني لا أقيم لهذه الأمور وزناً ، ولا أفكر فيها ، سواء جاءت عن يميننا من جهة الفجر والشروق ، أم جاءت عن يسارنا من جهة الضباب القاتم والظلمة • 240 لا • دعنا نضع ثقتنا في مشورة زيوس العظيم • فهو رب البشر كلهم ورب الآلهة أيضاً • إن النذير الأفضل من الطائر هو أن نقاتل دفاعاً عن بلدنا • ولماذا تخاف إلى هذا الحد من القتال والنزاع ؟ كن واثقاً من أنه ، حتى لو قُتلنا كلنا من حولك 245 بين السفن الأرجيفية ، فلن يكون هناك خطر عليك من الموت ، طالما أن قلبك لا يحتمل مواجهة المعركة ، وليس قلب مقاتل • ولكن إذا تراجعت عن القتال الضاري ، أو أقنعت أحداً بالتراجع عن القتال ، خادعاً إياه بحجتك ، فإنك ستسقط على الفور بضربة من رمحي تفقدك الحياة " • 250 قال ذلك وسار في المقدمة • وتبعه بقية الرجال








الإلياذة هوميروس الصفحة : 331 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 332 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 384

بجلبة عالية ، وفوقهم زيوس ، الذي يتسلى بالرعد ، وقد راح يرسل عاصفة من جبال إيدا ، قامت بدورها بنسف الغبار على السفن • فقد كان يبلبل عقول الآخيين ويصنع المجد لهيكتور وللطرواديين • 255 بينما راحوا هم ، واثقين من نذير زيوس ، ومن قوتهم ، يعملون على تحطيم سور الآخيين العظيم • فجذبوا الأوتاد ، وحطموا الاستحكامات ، ونزعوا الدعامات الخشبية التي وضعها الآخيون ، وغرزوها في الأرض من الجهة الخارجية لدعم دفاعهم • 260 انتزعوا هذه كلها بأمل تهديم سور الآخيين العظيم • ولكن الدانانيين لم يهربوا من وجوههم • بل سيجوا المتاريس بجلود الثيران • وراحوا يرمون العدو القادم إليهم من تحتها • وراح الأياسان يصولان ويجولان على طول المتاريس 265 وهما يحثان الرجال ، مثيرين روح القتال لدى الآخيين ، ويثبّتانهم في مواقعهم ، مستخدمين الكلام اللطيف مع أحدهم ، والكلمات القاسية مع آخر ، حين يريان شخصاً متراجعاً عن القتال : " يا أصدقائي • أنتم الأبرز بين الأرجيفيين ، وأنتم متوسطو المكانة ، وأنتم ذوو المكانة الأدنى ، 270 طالما أننا لسنا كلنا متساوين في المعركة ، فما أمامنا يتساوى فيه الجميع • وأنتم ترون بأنفسكم • فلا يسمح أي منكم بإرجاعه إلى السفن أمام جعجعة تهديداتهم • بل تابعوا إلى الأمام وكل منكم يبعث الشجاعة في الآخر •






الإلياذة هوميروس الصفحة : 332 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 333 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 385

فلعل زيوس الأولمبي الذي يرسل الصواعق يمنحنا 275 طريقاً إلى المدينة بعد أن نصد هجمة أعدائنا " • هكذا كانت مناجاتهما ، وقد أثارا قوة الحرب الآخية • وهما ، وكما تسقط العاصفة الثلجية على الأرض دون توقف في يوم شتائي ، حين يريد زيوس ذو المشورة أن يري البشر أية رماح لديه ، فيجلب العاصفة الثلجية ، 280 ويبقي الريح نائمة في حالة جمود ، فيغطي القمم التي هي بروج الجبال وأكتاف المرتفعات ، والأراضي المنخفضة بأعشابها ، وإنجازات أيدي البشر ، ويتساقط على البحر الأشيب والموانئ والشواطئ ، ومع ذلك يظل سطح البحر ساكناً ، 285 فيما كل شيء في أي مكان مغطى من فوق ، بأثقال أمطار 3 زيوس عليه ؛ هكذا كانت الحجارة المقذوفة من كلا الجانبين كثيرة ومتواصلة ، بعضها يلقى على الطرواديين ، وغيرها يلقيها الطرواديون على الآخيين • فراح السور على طوله كله يرعد تحتهم • وحتى في حالة كهذه لم يكن الطرواديون ، ومعهم هيكتور 290 ليستطيعوا أن يقتحموا أبواب المتاريس أو المزلاج الطويل ، لولا أن زيوس ذا المشورة والحكمة أرسل ابنه ساربيدون على الأرجيفيين مثل أسد بين قطيع من الأبقار ذات القرون المعقوفة • وسرعان ما وضع أمامه دائرة ترسه الكاملة ، وهو ترس جميل من البرونز المصنع طرّقه له صانع البرونز ، 295 وخاط له في القسم الداخلي منه جلود الثيران في طبقات كثيفة مع مثبتات من الذهب تحيط به •






3 يرى بعض الدارسين أن المقصود هنا هو العاصفة، وليس المطر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 333 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 334 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 386

أمسك بترسه أمامه • وراح يهز رمحين • ويتقدم مثل أسد الجبال الحبيس ، الذي لم يذق اللحم منذ زمن طويل ؛ وقلبه مفعم وتواق 300 للدخول إلى حظيرة مغلقة ، ويتفرد بقطيع الأغنام • ومع أنه يرى الرعاة في المكان ، وهم صاحون ويقظون على أغنامهم ، ومسلحون بالرماح ، ومعهم الكلاب ؛ ومع ذلك لم يخطر له أن يبتعد عن الحظيرة قبل أن يشن هجمته ، فإما أن يحقق قفزته ويمسك بغنمة ؛ 305 أو أنه يصاب في الهجمة الأولى برمح مقذوف من يد بارعة وسريعة • هكذا كان توق ساربيدون الإلهي للاندفاع نحو السور وتحطيم التحصينات • فقال مخاطباً غلاوكوس ، ابن هيبولوخوس : " لم أنا وأنت ، يا غلاوكوس ، مكرمان أكثر من الآخرين 31 بعلو المكانة ، واختيار اللحوم والكؤوس المترعة بالخمر في لوكيا ، والآخرون كلهم يتطلعون إلينا وكأننا إلهان ، وقد خصصنا بقطعة كبيرة ، في تلك الأرض الطيبة ، على ضفاف كسانثوس ، ذات الحدائق والكروم والأرض المحروثة لزراعة القمح ؟ من واجبنا أمام اللوكيين أن نأخذ موقعنا ، 315 ونتحمل قسطنا من المعركة الناشبة ؛ بحيث يقول عنا أي رجل من اللوكيين ذوي الدروع المحكمة : " بالفعل ليس هذان المقدمان سيدين على لوكيا بإمعتين • ملكانا هذان ، اللذان يأكلان الخراف السمينة المنتقاة ويشربان الخمر الحلو المشتهى ، طالما أن لديهما 320








الإلياذة هوميروس الصفحة : 334 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 335 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 387

قوة البسالة ، وأنهما يحاربان في مقدمة اللوكيين • يا رجل • إذا افترضنا أننا ، أنا وأنت تجنبنا هذه المعركة ، فهل سنستطيع العيش إلى الأبد ، دون عمر ، ومخلدين ؟ ولذا فلن أتقدم للقتال في المقدمة ، ولن أحثك على قتال يكسب فيه الرجال أمجادهم • 325 ولكنني الآن ، وأنا أرى أشباح الموت تحوم حولنا بالآلاف ، فرأيي أنه ما من أحد يستطيع الهرب أو النجاة منها • ولذا دعنا نتابع ونكسب المجد لنا ، أو نتركه للآخرين " • أنهى كلامه ، فلم يخالفه غلاوكوس ولم يتنحّ عنه • وتقدما ، وها يقودان جموع اللوكيين ، إلى الأمام • 330 وارتجف مينيسثيوس ، ابن بيتيوس ، وهو يراهما ، فقد كانا يتقدمان نحو موقعه ، ويحملان له الهلاك • وجال ببصره على حصون الآخيين بأمل أن يرى أي قائد عظيم يستطيع أن يرد عنه هذا الأذى • فرأى الأياسين ، اللذين لا يكلان من القتال ، 335 يقفان على السور ، وتيوكروس خارجاً من مأواه ، وكانوا قريبين منه ، إلا أنه لم يكن يستطيع أن يصرخ ليجعلهم يسمعونه فقد كان الضجيج من حوله عالياً والصرخات تصل عنان السماء • فالتروس تصطرع مع الأسلحة المقذوفة والخوذ المزينة بشعر الخيل والأبواب أغلقت كلها بإحكام ، والطرواديون يقفون عندها 340 يحاولون تحطيمها وشق طريقهم إلى الداخل • وسرعان ما أرسل ثووتيس رسولاً إلى أياس : " اذهب راكضاً يا ثووتيس العظيم واستدع أياس إلى هنا •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 335 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 336 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 388

أو الأفضل أكثر بكثير هو أن تستدعي الأياسين فهنا يبدو الهلاك الطائش يتربص بنا • 345 فعبء القادة اللوكيين علينا ثقيل ، وقد سبق لهم أن قدّموا في مواجهات قوية رجالاً مرعبين • ولكن إن كانا منشغلين بأعباء حربية ثقيلة حيث هما ؛ فليأت على الأقل أياس التيلاموني وحده • ودع تيوكروس يلحق به مع براعته في استخدام القوس " • 350 ولم يتلكأ الرسول عند سماعه ذلك منه ، بل ذهب بسرعة وبمحاذاة سور الآخيين المدرعين بالبرونز ؛ حتى وصل إلى حيث الأياسان يقفان وتحدث إليهما مباشرة : " أيها الأياسان ، زعيما الأرجيفيين المدرعين بالبرونز : إن مينيثسيوس، الابن المحبب لدى بيتيوس سليل زيوس ، 355 يرغب في أن تذهبا إلى حيث هو لمواجهة الخطر ولو لفترة قصيرة • والأفضل أنتما معاً • لأن هذا هو حتماً أفضل ما يمكن أن يحدث • فهناك خطر مباشر يتهددنا • وهذا هو العبء الذي يلقيه على كاهله القادة اللوكيون ، الذين قدموا من قبل رجالاً مرعبين في المواجهات العنيفة • 360 ولكن إذا كان قد نشب هنا أيضاً قتال عنيف ؛ فليأت على الأقل أياس التيلاموني وحده • وليتبعه تيوكروس ببراعته في استخدام القوس " • قال ذلك ، ولم يتردد في تلبيته أياس التيلاموني • بل سرعان ما وجه كلماته المجنحة إلى ابن أويليوس : 365 " أنت يا أياس ، مع لوكوميديس القوي ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 336 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 337 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 389

يجب أن تثبتا حيث أنتما ، وتحرضا الدانانيين على القتال بقوة • فأنا سأذهب إلى هناك لمواجهة الهجوم ، ثم أعود حالاً بعد أن أردهم عن الآخرين " • قال أياس التيلاموني ذلك ، وذهب 370 ومعه تيوكروس ، أخوه من أبيه • وتبعهما بانديون الذي كان يحمل القوس المحنيّ لتيوكروس 4 • وظلوا داخل السور في ذهابهم حتى وصلوا إلى متراس مينسيثيوس الباسل • ووجدوا هناك الرجال الذين يتعرضون لضغط شديد • فالقادة الأقوياء ورجال المشورة والرأي بين اللوكيين 375 قد توافدوا على التحصينات مثل عاصفة مسودّة • وقد هجموا ليحاربوا المحصنين هناك ، وتعالى اللجب • وكان أياس التيلاموني أول من قتل خصمه • وكان إيبيكليس الباسل ، مرافق ساربيدون ، قد ضربه بحجر كبير مدبب كان ملقى قريباً منه داخل السور • 380 وهو حجر ضخم كان في أعلى المتراس • ولم يكن سهلاً حمله على رجل ، حتى لو كان قوياً جداً ، وبكلتا يديه ، بالنسبة لرجال هذه الأيام 5 • ولكنه رفعه عالياً وألقى به ، فحطم الخوذة ذات الطبقات الأربع ، وهشم عظام الرأس داخلها ، وبحيث أن إيبيكليس سقط 385 من أعلى التحصين مثل غطاس ، وغادرت الحياة عظامه • وتيوكروس أصاب بسهمه غلاوكوس ، الابن القوي لهيبولوخوس ، فيما كان هذا يجول في أعلى تحصينات السور ، حيث كان يرى ذراعه عارية فأخرجه من المعركة •






4 لم يجد أحد ضرورة لشخص يحمل عنه قوسه إلى المعركة، إلا رغبة هوميروس في تمييزه. 5 أيام هوميروس طبعاً. وهذه المقارنة تتكرر باستمرار.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 337 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 338 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 390

فقد قفز ساقطاً عن السور بصمت ، 390 خشية أن يراه بعض الآخيين مصاباً فيتبجحون عليه بالكلمات القاسية • وقد أُحبط ساربيدون حين رأى أن غلاوكوس قد قتل ؛ إلا أنه لم يهمل براعته الحربية ، بل قذف برمحه صوب ألكامون ، ابن ثيستور ، فأصابه • ثم سحب الرمح ، فانجر معه الرجل 395 الذي هوى على وجهه وصلصل فوقه الدرع المصنوع من البرونز • وأمسك ساربيدون التحصين بيديه الثقيلتين ، وشده فهوى كل شيء بين يديه • وصار المتراس فوقه خالياً من الدفاع • وبهذا فتح الطريق للكثيرين • وسدد أياس وتيوكروس إليه في وقت واحد • 400 فأصابه تيوكروس في الحزام اللامع الذي يحيط بخصره ليمسك بالدرع الواقي ، ولكن زيوس دفع أرواح الموت عن ابنه • فلم يسمح بأن يُقتل هناك قرب مقدمات السفن • واندفع أياس نحوه • وطعن مسدداً على الترس • ولكن رأس الرمح لم يخترقه • وظل ذلك يترنح متراجعاً 405 فترك مسافة بينه وبين التحصينات دون أن يستسلم نهائياً بل ظل قلبه طامحاً إلى تحقيق المجد • دار حول نفسه ونادى اللوكيين : " أيها اللوكيون • لماذا تسمحون لبسالتكم بالتبدد ؟ إنه لمن الصعب علي ، على الرغم من قوتي ، أن أحطم السور 410 بيدي العاريتين ، وأن أفتح الطريق نحو السفن • فتعالوا معي • هذا العمل يتم إنجازه بشكل أفضل إذا فعله كثيرون " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 338 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 339 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 391

وحين قال ذلك انزعجوا من توبيخ قائدهم • ورصوا الصفوف حول زعيمهم ذي الرأي السديد • وفي الطرف الآخر عزز الآخيون تحصيناتهم 415 داخل السور ، فنشب قتال عنيف بين الطرفين • لا اللوكيون الأقوياء بقادرين على اختراق متاريس الدانانيين ، وشق الطريق نحو السفن ، ولا رماة الآخيين بالرماح لديهم القوة لدحر اللوكيين عن المتاريس ، بعد أن استطاعوا احتلال موقع تحتها • 420 ولكن ، وكما يتقاتل رجلان وقصبات القياس في أيديهما على الحد الفاصل بين حقلي قمح ، والاثنان يقاتلان من أجل مكان ضيق حول حقوقهما في القسمة؛ هكذا استطاعت تلك التحصينات أن تفصل بين الجيشين ، وبينهما راح كل طرف يضرب الآخر على التروس المصنوعة من جلود الثيران 425 التي تحمي صدور الرجال ، وعلى الأحزمة المرتعشة التي تحمي الجلود • كثيرون تمزقت لحومهم البيضاء بالبرونز دون شفقة أو رحمة • فحيثما التفت المقاتل فإنه يعرض ظهره للضرب • وكثيرون طعنوا بالرماح التي اخترقت التروس • وفي كل مكان كانت التحصينات والمتاريس مطروشة 430 بدماء الرجال المسفوكة من كل من الآخيين والطرواديين • ولكن مع ذلك لم يستطيعوا أن يلقوا الرعب في قلوب الآخيين ، بل تماسكوا ، كما تمسك أرملة حريصة بميزانها ، مركزة إياه على منصب التوازن ، لتزن صوفها ، معدلة صحني الميزان ، وهي تشتغل من أجل أجر مجز لأولادها • 435








الإلياذة هوميروس الصفحة : 339 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 340 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 391

وحين قال ذلك انزعجوا من توبيخ قائدهم • ورصوا الصفوف حول زعيمهم ذي الرأي السديد • وفي الطرف الآخر عزز الآخيون تحصيناتهم 415 داخل السور ، فنشب قتال عنيف بين الطرفين • لا اللوكيون الأقوياء بقادرين على اختراق متاريس الدانانيين ، وشق الطريق نحو السفن ، ولا رماة الآخيين بالرماح لديهم القوة لدحر اللوكيين عن المتاريس ، بعد أن استطاعوا احتلال موقع تحتها • 420 ولكن ، وكما يتقاتل رجلان وقصبات القياس في أيديهما على الحد الفاصل بين حقلي قمح ، والاثنان يقاتلان من أجل مكان ضيق حول حقوقهما في القسمة؛ هكذا استطاعت تلك التحصينات أن تفصل بين الجيشين ، وبينهما راح كل طرف يضرب الآخر على التروس المصنوعة من جلود الثيران 425 التي تحمي صدور الرجال ، وعلى الأحزمة المرتعشة التي تحمي الجلود • كثيرون تمزقت لحومهم البيضاء بالبرونز دون شفقة أو رحمة • فحيثما التفت المقاتل فإنه يعرض ظهره للضرب • وكثيرون طعنوا بالرماح التي اخترقت التروس • وفي كل مكان كانت التحصينات والمتاريس مطروشة 430 بدماء الرجال المسفوكة من كل من الآخيين والطرواديين • ولكن مع ذلك لم يستطيعوا أن يلقوا الرعب في قلوب الآخيين ، بل تماسكوا ، كما تمسك أرملة حريصة بميزانها ، مركزة إياه على منصب التوازن ، لتزن صوفها ، معدلة صحني الميزان ، وهي تشتغل من أجل أجر مجز لأولادها •435








الإلياذة هوميروس الصفحة : 340 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 341 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 392

هكذا كانت المعركة من قبل الطرفين بين أخذ ورد ؛ إلى أن أزف الوقت الذي يعطي فيه زيوس المجد الأعظم لهيكتور ، ابن بريام ، والذي كان أول من اخترق سور الآخيين • فقد رفع صوته ونادى الطرواديين بصرخة ثاقبة : " هيا أيها الطرواديون ، محطمو الخيول ، دمروا متاريس الأرجيفيين ، 440 وأطلقوا العنان للنيران المضطرمة في سفنهم " • قال ذلك وهو في مقدمتهم ، ولبوه كلهم • فتقدموا بجموعهم من السور وهم يحملون رماحهم المدببة ، ويعتلون دعامات السور • وفي ذلك الحين رفع هيكتور حجراً كانت أمام الباب ، 445 وأبعدها • وكانت عريضة القاعدة ، لكن قسمها العلوي مدبب ، ولا يستطيع رجلان ، حتى لو كانا الأفضل في أي مجال ، أن يرفعاها عن الأرض إلى عربة ، من رجال هذه الأيام • ولكنه رفعها وحده ولوح بها • لأن ابن كرونوس ، ذا الدهاء ، جعلها خفيفة عليه • 450 وبالسهولة التي يحمل بها الراعي فروة الكبش المخصي ، وهو يلتقطه بيد واحدة ، فلا يحس بثقله ، هكذا حمل هيكتور الحجر وتوجه بها مباشرة نحو مفاصل الباب التي تجعل المدخل متماسكاً ومغلقاً • وكانت تلك عالية ومن طبقتين ، ومن الداخل هناك مزلاجان 455 متعارضان لإغلاقه ، ثم قفل مفرد يربطهما • جاء هيكتور ووقف قربه وثبت موقع قدميه • ثم ضرب الحجر في الوسط ، وهو ينحني مع الضربة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 341 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 342 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 393

لكي لا تعوز الضربة أية قوة • فحطم المفاصل على الجانبين ، واندفعت الحجر عبره بقوة ، فأنّ الباب أنة عميقة ، 460 ولم تستطع المزاليج أن تصمد ، بل تحطمت المفصلات وتناثرت ، تحت وطأة الحجر • ثم اندفع هيكتور عبره بوجه قاتم ، كالليل المفاجئ الذي يشرق مع اللمعان الرهيب للبرونز الذي يحيط بجسمه ، وهو يحمل رمحين في يديه • ما كان لأحد أن يصمد أمامه ، 465 إلا الآلهة ، عندما اندفع من الباب ، وعيناه تطلقان الشرر • ونادى الطرواديين ، وهو يدور حول نفسه ، يدعوهم إلى تسلق السور ، فأطاعوه على الفور • وسرعان ما احتشد بعضهم فوق السور فيما اندفع آخرون عبر الأبواب المصنّعة ، فتشتت الدانانيون مرعوبين 470 بين السفن الجوفاء ، وتعالى الضجيج المتواصل •









الفصل الثالث عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 395

حين وجه زيوس هيكتور والطرواديين نحو السفن ، تركهم بجانبها ليجابهوا المشقة والأحزان الناجمة عن القتال دون توقف • أما هو فحول عينيه البراقتين بعيداً متطلعاً صوب أرض الخيالة الثراسيين والموسيين البارعين في المبارزات الفردية ، والهيبومولوغيين ، 5 شاربي الحليب ، والأبيويين أكثر الناس خيراً وفضلاً 1 • ولم يعد الآن يحول عينيه البراقتين نهائياً نحو أرض طروادة ، لأنه لا يمكن أن يخطر له أن أياً من الآلهة سينزل لسماعدة الدانانيين أو الطرواديين 2 • ولكن مزلزل الأرض لم يكن يغفل عما يجري • 10 فقد جلس معجباً بالقتال وبمجريات المعركة • وهو وحيد على قمة ساموس ذي الشجر الكثيف ، في الموقع التراسي ، ومن هناك كان إيدا كله يظهر أمامه • ومدينة بريام أيضاً كانت واضحة للعين ، وسفن الآخيين • وهناك خرج من الماء 3 وجلس ، وقد أخذته الشفقة على الآخيين ، 15 الذين كانوا ينهزمون أمام الطرواديين ولام زيوس على ذلك أشد اللوم • ولذلك سرعان ما نزل عن الجبل شديد الانحدار ، وهو يخطو خطواته السريعة ، فاهتزت الجبال والأشجار تحت القدمين الخالدتين لبوزيدون المتقدم • خطا ثلاث خطوات إلى الأمام ، وفي الرابعة كان قد وصل إلى هدفه ، 20 وهو آيغي ، حيث بني بيته المجيد في أعماق المياه ،






1 كان الثيراسيون بدواً يعيشون في الجزء الأوربي من هيليسبونت. والموسيون هنا هم غير حلفاء طروادة القادمين من آسيا الصغرى. بل هم قبيلة " موسي" الرومانية الشمالية، . واليبومولوغيون، تعني حالبي الأفراس . وبالتالي فهم شاربو حليب الخيل. والأيبويون تعني " غير العنيفين".

2 هو واثق من أن أحداً لن يخالف الأوامر التي أعطاها للآلهة الآخرين من قبل حول منع التدخل في هذه الحرب. 3 المقصود هو بوزيدون.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 343 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 344 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 396

وهذا يتلامع بالذهب ، وهو راسخ إلى الأبد • فربط إلى عربته خيوله ذات الحوافر البرونزية ، والقوائم الطيارة ، وأعرافها الطويلة ذهبية مسترسلة • وارتدى ملابس ذهبية ، وحمل السوط الذهبي 25 المجدول بعناية وإتقان • ثم صعد إلى عربته ، وسار بها عبر الأمواج • وصعدت من حوله وحوش البحر من الأماكن العميقة ، وراحت تلعب في طريقه وقد عرفت سيدها • وانفتح البحر أمامه مستبشراً • وحلقت الخيول بنعومة ، فلم يترطب محور العربة البرونزي • 30 وحملته الخيول السريعة إلى سفن الآخيين • في غموض المياه هناك كهف كبير وعميق يقع في منتصف الطريق بين تينيدوس وإيمبروس ذات المنحدرات الشديدة ، وهناك ربط بوزيدون مزلزل الأرض خيوله ، وحررها من النير ، ووضع أمامها علفها الخالد 35 لكي تأكل • وألقى حول قوائمها قيوداً ذهبية لا تنكسر ولا تنزلق لكي تنتظر هناك بثبات صاحبها الذي سيذهب • وذهب بوزيدون إلى سفن الآخيين • ولكن الطرواديين كانوا قد تجمعوا ، مثل اللهب ، مثل غيوم العاصفة ، تابعين هيكتور ، ابن بريام ، المتأجج الذي لا يهاب ، 40 وهم يزأرون ويصرخون بصوت واحد ، وقد استيقظت آمالهم بالاستيلاء على سفن الآخيين ، وبقتل خيرة الرجال كلهم إلى جانبها • ولكن بوزيدون ، الذي يطوق الأرض ويهزها ، برز من تحت الماء ليشد أزر الأرجيفيين ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 344 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 345 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 397

آخذاً شكل كالخاس وصوته الذي لا يعرف الكلل • 45 تحدث أولاً إلى الأياسين ، اللذَين كانا يتحرقان سلفاً للقتال : " أيها الأياسان ، أنتما بتذكركما لحرفة القتال وخبرته ، وليس الرعب والخوف منه ، يجب أن تنقذا الشعب الآخي • والحقيقة أنني لا أخشى من أيدي الطرواديين القوية في أي مكان آخر ، مع أنهم بقوتهم الكاملة قد اجتاحوا السور العظيم ، 50 طالما أن الآخيين ذوي الدروع القوية سيتمكنون من إيقاف البقية • ولكن الكارثة التي أخافها علينا هي في المصدر الوحيد الذي يقودهم إلينا مثل النيران المسعورة ، وأقصد هيكتور ، الذي يدّعي أنه يجب أن يكون ابن زيوس ذي القوة العالية • ولتكن تلك رسالة يوحي بها إلى عقليكما أحد الآلهة 55 وهي أن تصمدا بقوة أنتما • وأن تحثا البقية على الثبات أيضاً • وبهذا ، ومهما بلغت قسوة اندفاعه ، يمكنكم إبقاؤه إلى جانب السفن السريعة ، حتى لو كان الأولمبي ذاته هو الذي يسيره إلى المعركة " • قال ذلك بوزيدون الذي يحيط بالأرض ويهزها ، ثم ضربهما بصولجانه فملأهما بالبسالة والقوة • 60 وجعل أطرافهما خفيفة ، وكذلك أقدامهما وأيديهما التي فوقها ، أما هو فاندفع في طيران مجنح ، مثل صقر ذي أجنحة سريعة يطل من علو مرتفع شاهق لصخرة لا يمكن الوصول إليها ، وينقض في إثر طائر آخر في السهل المترامي ؛ هكذا ابتعد بوزيدون مرجف الأرض عن الأياسين • 65 وكان أياس ، ابن أويليوس ، أول من عرفه بينهما • وتحدث بذلك مع أياس ، ابن تيلامون :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 345 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 346 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 398

" طالما أن أحد الآلهة ، من ساكني الأولمب ، يا أياس ، قد جاء في هيئة الرائي ، وطلب منا أن نقاتل دفاعاً عن سفننا ، فهذا ليس كالخاس ، مفسر لغة الطيور للآلهة • أنا ، وبسهولة ، 70 أعرف شكل قدميه حين يدير ظهره ، من شكل الساق من الخلف • إن الآلهة ، حتى الآلهة ، واضحون • ولذلك فبالنسبة لي إن روحي داخل صدري تريدني أن أخوض الحرب والقتال بمشقة أكبر • وقدماي من تحتي تواقتان ، وكذلك يداي اللتان فوقهما " • 75 ورد عليه أياس ، ابن تاليمون ، قائلاً : " وكذلك أنا • فيداي المتينتان على رمحي محتدمتان ، وقوتي تتعاظم ، وقدماي من تحتي تعجلان بي إلى الأمام ، حتى أنني صرت تواقاً إلى مبارزة فردية مع هيكتور ، ابن بريام ، الذي لا يشبع من القتال " • 80 وفيما كان هذان يتبادلان هذا الكلام ، وهما مستمتعان بغبطة القتال التي وضعها الإله في روحيهما ، كان المحيط بالأرض يثير الآخيين من ورائهما ، الذين كانوا يبرّدون حرارة القلب إلى جانب السفن • فأطرافهم كانت محطمة بالإرهاق من العمل الشاق ، 85 وكذلك حل الإحباط على قلوبهم ، وهم يراقبون الطرواديين ، وكيف أنهم اجتاحوا السور العظيم بجموعهم • حين رأوا ذلك تحدرت الدموع من عيونهم • فقد قدروا أنهم لن ينجوا من الهلاك • ولكن مزلزل الأرض ، الذي حول كتائبهم إلى الشعور بالقوة ، دفعهم إلى الإقدام • 90








الإلياذة هوميروس الصفحة : 346 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 347 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 399

جاء بتشجيعه في البداية إلى تيوكروس ولييتوس ، ومعهما المقاتلون بينيليوس ودييبوروس وثواس ، وإلى ميريونيس وأنتيلوخوس ، التواقين إلى القتال • استنفرهم بمخاطبتهم بكلماته المجنحة : " يا للعار ، أيها الأرجيفيون ، أيها الشبان المقاتلون • 95 إنني واثق ، من جهتي ، أنكم بالقتال تستطيعون إنقاذ سفننا من الخراب ؛ ولكن إذا كنتم أنتم ستتراجعون عن القتال الرهيب فهذا يعني أنه قد جاء اليوم الذي تهزمون فيه على أيدي الطرواديين • فيا للعار ! إنني أرى بعيني أمراً غريباً جداً ، أمراً رهيباً ، لم أكن أتصور أنه يمكن أن يحدث ، 100 وهو أن يتمكن الطرواديون من الوصول إلى سفننا ، أولئك الذين كانوا بالأمس يفرون أمامنا كالغزلان المذعورة الهاربة ، التي تكون في الغابة غنيمة لمن يجتاحها من ذئاب وفهود ، والتي تتبعثر لجبنها الكبير فلا يظل فيها أي استعداد للمواجهة • هكذا كان الطرواديون غير قادرين ، أو راغبين ، في مواجهة 105 قوة الآخيين وفعالهم ، ولو قليلاً • وهاهم الآن بعيدون عن مدينتهم يقاتلون قرب السفن الجوفاء من خلال ضعف قائدنا ، وتقاعس شعبنا الذي تخاصم معه ، ولا يقف للدفاع عن السفن السريعة , لا بل بدلاً من ذلك ها هو يُقتل قربها • 110 ومع أنه قد يكون صحيحاً أن ابن أتريوس ، البطل أغاممنون صاحب القوة الكبيرة ، مخطئ لأنه أهان ابن بيليوس ، صاحب القدمين السريعتين ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 347 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 348 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 400

فإن هذا ليس عذراً لنا أن نتراجع عن القتال • دعونا نعالج ذلك بسرعة ، فقلوب العظماء يمكن معالجتها • 115 ولن يكون في وسعكم بعد الآن أن تتراجعوا عن القتال بشرف ، وأنتم خير الرجال في الجيش • وحتى أنا ، من جهتي ، لن أتشاجر مع أي شخص يتراجع عن القتال ، بسبب ضعفه • أما معكم أنتم لا بد لي أن أحس بالغضب • فيا أصدقائي • إنكم تسمحون للشر أن يتعاظم 120 بترددكم وتراجعكم • فليزرع كل منكم في أعماق قلبه المبدأ والخزي • إن أمامكم معركة كبيرة • لأن هيكتور ، صرخة الحرب المجلجلة يقاتل قرب سفننا بكل قوته • وقد حطم أبوابنا ومزلاجنا الطويل " • بتحريضه هذا استطاع مزلزل الأرض أن يثير حمية الآخيين • 125 فتجمعت كتائبهم بقوة حول الأياسين ، وهي كتائب لا يستطيع إله الحرب أن يجد فيها شائبة ، وهو معها ، ولا أثينا سيدة الجيوش الهائجة ، حيث أن أشجع الرجال انفردوا ووقفوا في وجه الطرواديين وهيكتور الرائع رمحاً قرب رمح ، وترساً قرب ترس ، 130 وواقية قرب واقية ، وخوذة قرب خوذة ، ورجلاً قرب رجل • فتلامست الأعراف من شعر الخيل التي على خوذاتهم اللامعة ، وهم يحنون رؤوسهم ، وقد تلاحموا بهذا التراص • وشكلت الرماح المهتزة في أيديهم القوية خط قتال متذبذباً ، وتوجهت أفكارهم كلها إلى حمية القتال • 135 وتوجه الطرواديون إليهم متراصين ، وهيكتور يقودهم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 348 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 349 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 401

مندفعاً بهياج ، مثل حجر كبير يتدحرج عن سطح صخرة استطاع نهر فائض بأمطار الشتاء أن يدفعها بعد أن اقتلعها باندفاعة هائلة من مكانها على وجه الصخرة • ويتطاير الجلمود ، فترعد الغابة تحته • 140 ويهوي الجلمود باستقامة عمودية في مسار قوي ، حتى يصل إلى الأرض المنبسطة فلا يتدحرج بل ينغرز مكانه • هكذا كان هيكتور يندفع ليقتحم مآوي الآخيين وسفنهم ويصل إلى الماء شاقاً طريقه بالقوة • ولكنه حين اصطدم بالكتائب المتراصة 145 توقف متوتراً وراسخ القدمين • وكان أبناء الآخيين في مواجهته يوجهون نحوه السيوف والرماح ذات الحدين ، فتبعده عنهم حتى اضطر إلى التراجع • ورفع صوته ونادى الطرواديين بصوت خارق : " أيها الطرواديون واللوكيون والداردانيون الذين يقاتلون ملتحمين • 150 قفوا إلى جانبي • فالآخيون لن يردوني طويلاً ، رغم كل ما فعلوه ليشكلوا حصناً أمامي • وأظن أنهم سيتراجعون أمام رمحي ، إن كنت مدعوماً حقاً من قبل أعظم الآلهة ، زوج هيرا المرعد " • وأثار بقوله هذا روح كل رجل وقوته • 155 وكان بينهم دييفوبوس ، ابن بريام ، ذو الهمة العالية ، فتقدم ممسكاً بترسه أمامه ، ومتحركاً بخفة على قدميه وهو يمشي بحماية الترس • وصوب نحوه ميريونيس رمحه اللامع وقذفه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 349 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 350 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 402

فلم يخطئ الهدف ، بل أصاب الترس في منتصف دائرته 160 المصنوعة من جلد الثور ، ولكن الرمح لم يخترقها • وانكسر السنان من وراء الرأس • وأبعد دييفوبوس الترس المصنوع من جلدالثور عنه ، وقد اضطرب قلبه من رمح ميريونيس الحكيم • ولكن ذلك البطل كان قد انسحب إلى ما بين مرافقيه وقد تزايد غضبه لأمرين : 165 انكسار الرمح ، وخسارته للمعركة • فرجع إلى مآوي الآخيين وسفنهم ، ليعود برمح طويل كان قد تركه في مأواه • ولكن الآخرين تابعوا قتالهم بصخب لا ينقطع • وكان تيوكروس ، ابن تيلامون ، أول من قتل خصمه ، إمبريوس 170 المقاتل بالرمح ، وابن مينتور ذي الجياد الكثيرة ، والذي كان يعيش في بيدايوس قبل مجيء أبناء الآخيين ، وتزوج ابنة غير شرعية لبريام ، واسمها ميديسيكاستي • ولكن حين جاءت سفن الدانانيين التي تسير بالمجاذيف ، عاد إلى إليون وكان له شأنه الكبير بين الطرواديين ، 175 وعاش إلى جانب بريام ، الذي أكرمه كما يكرم أولاده • وقد طعنه الآن ابن تيلامون بالرمح الطويل تحت أذنه ثم أخرج الرمح فسقط كما تسقط شجرة دردار كانت تتراءى من بعيد على ظهر جبل ، ثم قطعتها الفأس البرونزية وتناثرت أوراقها الخضراء على الأرض • 081 هكذا سقط وصلصل الدرع المصنوع من البرونز من حوله • وهرع تيوكروس متلهفاً لسلبه الدرع •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 350 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 351 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 403

وحين اقترب ضربه هيكتور بالحربة اللامعة ، ولكن تيوكريس ، الذي كان يراه محاذراً إياه ، تجنب الرمح البرونزي وحاد عنه قليلاً فجاءت ضربة الرمح في صدر أمفيماخوس ، 185 ابن كتياتوس الأكتوري ، وهو منشغل في القتال • وسقط سقوطاً مدوياً وترسه يصلصل فوقه • وتقدم هيكتور ليمزق الخوذة عن رأس أمفيماخوس الشجاع ، حيث كانت تغطيه حتى حاجبيه • ولكن أياس قذف بالرمح اللامع نحو هيكتور وهو يتقدم • 190 ولم يستطع أن يصل إلى جلده ، لأنه كان ملفعاً بالبرونز الرهيب • بل دخل في وسط الترس وصدمه صدمة قوية اضطرت هيكتور إلى التراجع مترنحاً عن الجثتين • وسحبهما الآخيون مبتعدين بهما عن دائرة القتال • وبعد ذلك حمل ستيخيوس ومينيسثيوس ، القائدان الأثينيان ، 195 أمفيماخوس إلى وسط الآخيين • ولكن الأياسين ، بحمى قوة قتالهما الشرسة ، وهما مثل أسدين ، يمسكان بعنزة في غفلة كلاب الحراسة حادة الأنياب ، ويذهبان بها إلى كثافة أشجار الغابة ، وهما يرفعانها بقوة شدقيهما ، 200 هكذا رفع الأياسان إمبريوس عالياً ، وجرداه من درعه • وفي غضب ابن أويليوس من أجل أمفيماخوس ، فصل الرأس عن الجسد ، وقذف به مثل الكرة بين جموع المقاتلين ، حتى استقر في التراب عند قدمي هيكتور • 205








الإلياذة هوميروس الصفحة : 351 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 352 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 404

وعندها غضب بوزيدون من كل قلبه على ذبح حفيده بهذه العدوانية القاسية • فتقدم الإله بين مآوي الآخيين وسفنهم • وراح يحرض الدانانيين ، ويعدّ لكارثة يوقعها بالطرواديين • وقابله إيدومينيوس الشهير برمحه ، 210 وهو في طريقه من عند صاحب ، وكان هذا قد عاد لتوه من القتال ، جريحاً في طية ركبته بالبرونز الحاد • فحمله أصحابه مبتعدين به • وأوكل إيدومينيوس أمره إلى المعالجين ، ثم ذهب إلى مأواه ، وهو يتحرق للدخول في المعركة • فتحدث إليه مرجف الأرض القوي • 215 وجعل بوزيدون صوته مشابهاً لصوت ثواس ، ابن أندرايمون ، قائد الأيتوليين في كافة أرجاء بلورون وكالودون الجبلية ، والذي كان يلقى في بلده تكريم إله : " يا إيدومينيوس ، زعيم مجالس الكريتيين ، أين التهديدات التي كنت تطلقها ، والتي رددها الآخيون للطرواديين ؟ " 220 فرد عليه إيدومينيوس ، قائد الكريتيين ، بدوره قائلاً : " لا أحد مسؤول عن ذلك يا ثواس ، بقدر ما أعرف • فكل منا يعرف كيف يخوض الحرب • وليس الخوف هو ما يعيق أحداً ، مما يستسلم له الرجل وهو يواجه القتال الضاري • 225 ولكن يبدو أن ما يعجب ابن كرونوس ذا القوة الهائلة هو أن يموت الآخيون هنا منسيين ، وبعيدين عن أرغوس • وطالما أنك ، أنت يا ثواس ، كنت مقاتلاً عنيداً في المعركة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 352 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 353 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 405

وتثير معركة أخرى كلما رأيت من يحجم عنها ، فلا تستسلم الآن وأثرْ حمية كل من تراه " • 230 فتحدث مرجف الأرض بوزيدون من جديد رداً على ذلك : " لعل الرجل الذي يحجم عن القتال اليوم بإرادته ، يا إيدومينيوس ، لن يعود من طروادة إلى بيته أبداً • بل سيظل هنا وليمة طيبة للكلاب • فهيا • البس درعك • وتعال معي • يجب أن نعجل في الأمور ، 235 معاً ، لأننا ، ونحن اثنان ، قد نقوم بعمل مفيد • ففن الحرب يتحول عند المقاتلين المتوحدين إلى شجاعة • وأنا وأنت ستكون لدينا البراعة لأن نقاتل حتى أفضل المحاربين " • أنهى كلامه ومشى ، إلهاً ، وسط حرب البشر • وحين عاد إيدومينيوس إلى مأواه المتين 240 لبس درعه الفاخر على جسده ، وحمل رمحين ، وتابع طريقه ، مثل الصاعقة التي يمسك بها ابن كرونوس بيده ، ويهزها من فوق قمة جبل الأولمب اللامعة ، فتبرق نذيراً للبشر ، والوميض الباهر يشع منها • هكذا كان لمعان البرونز الذي يحيط بصدره وهو يركض • 245 وقريباً من مأواه التقى بتابعه ورفيقه ، ميريونيس ، الذي كان عائداً لجلب رمح برونزي والعودة به • وحدثه إيدومينيوس بقوته المعهودة : " يا ميريونيس ، ابن مولوس ، ذا القدم السريعة ، ويا أعز الرفاق ، فيم عودتك وتركك للقتال والمعركة ؟ 250 هل أصبت في مكان ما ؟ وهل آذاك الألم من رأس رمح ما ؟








الإلياذة هوميروس الصفحة : 353 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 354 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 406

أم جئت برسالة لي من أحدهم ؟ فأنا أتحرق للقتال ، وليس للجلوس بعيداً في المآوي " • فرد عليه ميريونيس ، ذو الرأي والفكر ، قائلاً : " يا إيدومينيوس ، يا زعيم مجالس الكريتيين المدرعين بالبرونز • 255 إنني في طريقي لجلب رمح ، إن كان عندك رمح ، فائض في مأواك • لقد كسرت الآن الرمح الذي كنت أحمله بضربة وجهتها إلى ترس دييفوبوس المتعالي " • فرد عليه إيدومينيوس زعيم الكريتيين قائلاً : " ستجد رمحاً ، وعشرين رمحاً إذا أردت ، 260 مسنودة إلى الجدار الداخلي المتألق في ملجئي • وهي رماح طروادية كسبتها من الرجال الذين قتلتهم ، فطريقتي هي أن لا أخوض معاركي بعيداً عن أعدائي • ولهذا لدي رماح هناك ، وبينها في الوسط دروع كثيرة ، وخوذ وصديريات وكلها في أوج ألقها " • 265 ورد عليه ميريونيس المفكر قائلاً : " وأنا أيضاً لدي في مأواي وقرب سفينتي السوداء غنائم كثيرة من الطرواديين ، ولكنها ليست قريبة مني الآن • فأنا أقول لك إنني لست أيضاً بالرجل الذي تخلى عن حمية حربه • بل إنني في المقدمة • وللقتال الذي يفوز به الرجال بالمجد ، 270 آخذ موقعي حيث تزداد ضراوة القتال • فلينس قتالي آخيون آخرون من لابسي الدروع البرونزية • فأنت ، كما أظن ، أكثر من يعرف عنه " • فرد عليه إيدومينيوس زعيم الكريتيين قائلاً :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 354 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 355 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 407

" أعرف بسالتك • وأعرف من أنت • فلم تحس بالحاجة للحديث عنها ؟ 275 ولو اجتمع خيارنا قرب السفن لترتيب كمين ، فهذا أفضل ما يقرر شجاعة الرجال ، وبه ينفرز الجبان عن الشجاع بجلاء • إن سحنة الجبان تتلون بأكثر من لون ، ولا يستطيع السيطرة على قلبه في صدره ليصمد ، 280 بل يظل ينقل ثقل جسده من قدم إلى أخرى • إلى أن يستقر على القدمين معاً ، وقلبه يخفق بشدة • وحين يفكر في أشباح الموت تصطك أسنانه • أما الشجاع فلا تغير البراعة ألوان سحنته ، ولا يعرف الخوف كثيراً ، حالما يأخذ موقعه في الكمين • 285 بل تكون صلواته من أجل الاشتباك بأسرع ما يمكن في قتال ضارٍ • وأنت ، ليس هناك من يستخف بقوة قتالك ولا بفعال يديك • حتى لو جرحت في أثناء قتالك برمية رمح أو بطعنة رمح • والأسلحة لن تنال من قذالك ، أو ظهرك 4 بل تتلقاها مباشرة في صدرك أو بطنك ، 290 وأنت تشق طريقك نحو ملتقى الأبطال • فهيا • دعنا لا نطيل وقوفنا هنا للحديث 5 في هذه الأمور مثل الأولاد ، إذ قد يلومنا أحد بصفاقة • اذهب إلى مأواي واختر لنفسك رمحاً ثقيلاً " • أنهى كلامه ، فذهب ميريونيس ، أشبه ما يكون بإله الحرب السريع ، 295 إلى المأوى بسرعة ، وأخذ رمحاً برونزياً ، وتبع إيدومينيوس ولاشيء في ذهنه إلا القتال •






4 أي أنه لا يولي ظهره هارباً، ولذا لا يتلقى الطعنات من الخلف. 5 لقد كان حديثاً طويلاً ومملاً فعلاً. وقد كُتب الكثير من النقد لهذا المشهد الحواري الطويل الذي يدور بينهما، فيما المعركة على أشدها. ثم بعد ذلك ، وبعد دخولهما المعركة، يتحاوران مرة أخرى. إنها محاولة هوميروس لتقديم معلومات عن شخصياته. ولكنه لم يختر المكان والزمان المناسبين لذلك.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 355 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 356 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 408

وكما يكون آريس قاتل الرجال حين يدخل معركة ، ويمشي إلى جواره ( الرعب ) ، ابنه الحبيب ، القوي المقدام الذي يخيف أقوى المحاربين شكيمة ؛ 300 هكذا اقتحم الميدان هذان ا لاثنان القادمان من ثراسيا ليواجها الإيفوريين بالسلاح أو الفليغويين ، ولن يستمعا للرجاءات من أي من الجانبين ، بل يمنحان المجد لطرف أو آخر ، هكذا كان ميريونيس وإيدومينيوس ، قائدا الجيوش • وهكذا تابعا القتال مكتسيين بالخوذتين البرونزيتين اللامعتين • 305 كان أول الاثنين هو ميريونيس الذي قال لإيدومينيوس : " يا ابن ديوكاليد ، من أين تنوي دخول المعركة ؟ أمن الميمنة ، حيث التنظيم الكامل ؟ أم من الوسط ؟ أم من الميسرة ؟ فأنا أظن أنه ما من مكان آخر في المعركة ثمة تفوق سيء جداً فيه على الآخيين ذوي الشعور المسترسلة غير ذلك "• 310 ورد عليه إيدومينيوس ، قائد الكريتيين ، قائلاً : " هناك آخرون غيرنا للدفاع عن السفن في الوسط • الأياسان وتيوكروس ، أفضل الآخيين قاطبة في رمي السهام • وهو مقاتل بارع في الالتحام والمبارزة • وهم يستطيعون توجيه ضربات موجعة لهيكتور ، ابن بريام ، 315 على الرغم من قوته العظيمة ، وكونه يحصد الآخرين في المعركة • فعلى الرغم من عنفه في القتال ، سيكون عمله شاقاً جداً أن يفوز حين يواجه أيديهم التي لا تقاوم ، ومهارتهم الحربية ، لكي يتمكن من إحراق السفن • ما لم يقم ابن كرونوس بنفسه بقذف النيران المتأججة على سفننا السريعة • 320








الإلياذة هوميروس الصفحة : 356 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 357 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 409

إن أياس التيلاموني الضخم لن يهرب من وجه أحد ، من البشر الذين يأكلون الخبز ، من نتاج ديميتر ، وممن يمكن قتلهم بالبرونز وبالحجارة الكبيرة التي تلقى عليهم • لن يهرب من آخيل الذي يحطم الرجال في المعارك ، في المبارزات الفردية• فمن جهة سرعة القدمين لا أحد يتفوق على آخيل • 523 فلننضم إذن ، كما تقول ، لميسرة الجيش ، وسرعان ما سنرى إن كنا سنكسب المجد أم نهبه لغيرنا " • وبعد أن قال ذلك سار في المقدمة ميريونيس ، الند لإله الحرب المندفع ، إلى أن صارا في الموقع الذي حدده من الجيش • وأولئك ، حين رأوا إيدومينيوس مندفعاً ببسالته كاللهب ، 330 ومعه رفيقه ، وهما في عدتهما الحربية المشغولة حسناً ، تنادوا إلى المعركة ، وتجمعوا حولهما • ونشب قتال ضار عند مقدمات السفن • وكما تعصف الزوبعة حين تزعق الرياح في اليوم الذي يملأ فيه الغبار الطرقات 335 والريح تصنع غيوماً ملبدة من الغبار ، هكذا كانت معركتهم المضطرمة • فقلوبهم كانت تغلي لكي يذبح كل منهم الآخر بالبرونز الحاد وسط المعمعة • تلك المعركة التي يهلك فيها الرجال مرتجفين تحت الرماح خارقة الأبطال التي يحملونها في أيديهم ، 340 وقد عميت عيونهم من ألق البرونز المشع في الخوذ المتلامعة ، وفي الصديريات المصقولة والتروس اللامعة مع اختلاط الرجال في المعمعة • لذا على المر أن يمتلك قلباً في غاية الجرأة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 357 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 358 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 410

لكي يظل مبتهجاً ولا يصاب بالصدمة ، وهو يتطلع إلى القتال • ابنان قويان لكرونوس ، وقلب كل منهما ممتلئ من الآخر ، 345 ويشفي كل منهما غليله بالأهوال التي يوجهها نحو المقاتلين المتحاربين • فزيوس يريد النصر لهيكتور والطرواديين ، لتمجيد آخيل سريع القدمين • لكنه لا يرغب نهائياً في أن يفنى الآخيون أمام إليون • فهو لا يفعل أكثر من منح المجد لثيتيس وابنها ذي الشكيمة القوية 350 بينما بوزيدون ، الذي يخرج متخفياً من المياه المالحة الشهباء يدخل بين الأرجيفيين ويشجعهم ، لأنه غاضب لهزيمتهم أمام الطرواديين ، ويضع التبعة على عاتق زيوس • ولقد كان الاثنان ، فعلاً ، من نسل واحد وأب واحد ، ولكن زيوس كان الأكبر والأكثر معرفة • 355 ولذلك فإن بوزيدون يأبى مناصرتهم علناً • ولكنه يظل سراً وفي هيئة إنسان يحرضهم في الجيش • وهكذا راح الاثنان يشدان حبلاً قاطعاً من الأحقاد المنغلقة ، فوق الجانبين ، ويحيط بالمعركة ، لا يمكن الفكاك منه ولا قطعه ، وهو يعيق حركات أرجل الكثيرين • 360 وهناك قام إيدومينيوس ، رغم الشيب الذي اعتراه ، باستنهاض الجيش والهجوم على الطرواديين فأوقع الذعر في صفوفهم • فقد قتل أورثونيوس ، الذي كان يعيش في كابيسوس • وقد جاء مؤخراً عند بدء الحديث عن الحرب ، وطلب من بريام يد أجمل بناته ، 365 وهي كاساندرا ، ودون مهر ، ولكنه و عد بعمل عظيم لأجلها ،







الإلياذة هوميروس الصفحة : 358 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 359 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 411

وهو دحر أبناء الآخيين الكريهين من أرض طروادة • وأحنى بريام العجوز رأسه بالموافقة ، ووعد أن يعطيها له • وهكذا راح أوثرونيوس يقاتل براً بوعده • وسدد نحوه إيدومينيوس رمحه اللامع ، وأطلقه • 370 فأصابه وهو يتقدم بخطوات عريضة • ولم تستطع الصديرية البرونزية التي يرتديها أن ترد الرمح • فاستقر في وسط بطنه • وتهاوى بجلبة • فصاح إيدومينيوس متباهياً : " أوثرونيوس • أهنئك أكثر من الآخرين إن كان هنا سيتم ما وعدت به بريام الدارداني ، 375 والذي ، بدوره ، وعدك بابنته • فانظر الآن • نحن ، أيضاً ، نعدك بوعد ، وسننفذه : إننا سنعطيك أجمل بنات ابن أتريوس ، ونجلبها لك من أرغوس لتصير زوجة لك ، إذا انضممت إلينا ، وساعدتنا على اجتياح مدينة إليون المنيعة • 380 فتعال معي ، لنلتقي على سفننا جوابة البحار ، ونناقش الزواج • فنحن هنا لسنا متعاقدين سيئين بالنسبة لك " • قال البطل إيدومينيوس ذلك وسحبه من قدمه عبر المعركة العنيفة • ولكن آسيوس جاء لمناصرته • وترجل أمام خيوله التي أمسك له بها تابعه من ورائه ، 385 حتى صارت أنفاس الخيول على كتفيه • وكان يتقدم وهو يغلي غضباً لطعن إيدومينيوس • ولكن هذا كان أسرع كثيراً بقذف رمحه • فأصابه في حلقه تحت ذقنه • ودفع بالرمح لكي ينفذ • فسقط مثلما تهوي شجرة البلوط أو الحورة البيضاء ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 359 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 360 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 412

أو كصنوبرة سامقة قطعها الحطابون في الجبال 390 بفؤوسهم المشحوذة لتقطيعها خشباً للسفن • وهكذا سقط أمام خيوله وعربته ، وهو يجأر ويمسك التراب المدمى بيديه • وأصيب التابع ، الذي كان وراءه وقريباً منه ، بالذهول فتراجع من أمام العدو دون أن يملك الجرأة 395 على العودة بالخيول • ولكن أنتيلوخوس العنيد في القتال طعنه في وسطه برأس الحربة • ولم تستطع الصديرية التي يلبسها أن تصد الضربة • فاستقر الرمح في وسط بطنه • وتهاوى وهو يشهق عن العربة متقنة الصنع • أما الخيول ، فقام أنتيلوخوس ، ابن نيستور الجريء ، 400 بقيادتها بعيداً عن الطرواديين إلى ما بين صفوف الآخيين المدرعين • واقترب دييفوبوس من إيدومينيوس متألماً على آسيوس ، وبرمح لامع وجه إليه ضربة • ولكن إيدومينيوس ، الذي كان يراه ، تجنب الرمح البرونزي ، لأنه كان متوارياً خلف دائرة ترسه • 405 فالترس الذي يحمله كان مطوقاً بدوائر من البرونز اللامع • وجلود الثيران مربوطة إلى يده بمثبتين متقاطعين • كان متجمعاً بكامل جسده تحت هذا الترس ، وتم قذفه بالرمح البرونزي ، فمرق من فوق الترس الذي صلصل مصدراً طنيناً أجوف • لكن دييفوبوس لم يقذف بضربته عبثاً من يده القوية • 410 بل أصاب بها هوبسينور ، ابن هيباسوس القائد ، في الكبد تحت القفص الصدري ، وما لبث أن جرده من قوة ركبتيه 6 •






6 نظراً لتكرار هذا التعبير لا بد من شيء من التعليق عليه. فالمقصود أن المحارب قد سقط، ولم تعد ركبتاه قادرتين على حمله. وهذا يمكن أن يعني موته، أو مجرد جرحه وعدم قدرته على الوقوف.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 360 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 361 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 413

وأصدر ديفوبوس صوتاً متباهياً رهيباً من فوقه ، هاتفاً بصوت مدو : " لم يعد آسيوس الآن مهدور الثأر 7 • بل أظن أنه وهو في طريقه إلى بيت هيدز ذي الأبواب ، فإن ذلك الرجل القوي 415 سيكون مغتبطاً من كل قلبه لأنني أرسلت معه مرافقاً " • قال ذلك ، فخيم الأسى على الآخيين من تباهيه • ولكن روح أنتيلوخوس هي التي اضطربت أكثر من الجميع • ومع أنه حزين إلا أنه لم ينس رفيقه • بل ركض ووقف واضعاً إياه بين قدميه ، ثم غطاه بالترس الكبير • 420 وعند ذلك انحنى كل من ميكيستيوس ، ابن إيخيوس ، وألاستور الشجاع ، تحت الترس وأمسكا بهوبسينور • وحملاه ، وهو يئن أنيناً ثقيلاً ، إلى السفن الجوفاء • ولم يخفف إيدومينيوس من غضبه الشديد ، بل ظل يسعى للبطش بأحد الطرواديين في الليل الحالك • 425 أو يسقط مضحياً بنفسه وهو يدفع الهلاك عن الآخيين • وكان هناك رجل ، هو الابن المحبوب لأيسويتيس ذائع الصيت ، البطل ألكاثوس ، والذي كان صهر أنخيسيس ، فقد تزوج هيبوداميا ، أكبر بناته ، والأثيرة على قلب أبيها والسيدة أمها ، 430 في البيت الكبير ، إذ فاقت جميع البنات اللواتي في مثل سنها بالجمال والتدبير والذكاء ، الأمر الذي جعل الرجل يتزوجها وهو أفضل الرجال في طروادة الفسيحة كلها • ولكن بوزيدون أرداه اليوم على يد إيدومينيوس • فقد غشى عينيه اللامعتين ، وجعل أطرافه الباهرة بلا حراك • 435






7 لم يذهب دمه هدراً دون أن يجد من يثأر له.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 361 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 362 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 414

بحيث لم يعد يستطيع أن يهرب راجعاً ، أو يتجنب خصمه • بل وقف كتمثال ، أو كشجرة تعلوها أوراقها بلا حراك ، فيما كان إيدومينيوس المحارب يطعنه في الوسط ، في صدره ، بالرمح فحطم الدرع البرونزي الذي عليه ، والذي كان ، فيما مضى ، يحمي جسده من البلى • 440 فصرخ صرخة عالية ، وهو يتهدم ، والرمح فيه • ثم سقط سقوطاً مدوياً ، فثبت الرمح سريعاً في قلبه • ولكن القلب كان ما يزال ينبض فيهز الطرف الآخر من الرمح • وعندها ، وفي ذلك المكان ، أنهى آريس الضخم حياته • ووقف إيدومينيوس فوقه متباهياً وصاح بصوت عظيم : 445 " أنستطيع أن نقول إنها صفقة قيّمة يا دييفوبوس : ثلاثة رجال يقتلون مقابل واحد ؟ أنت نفسك من كنت متباهياً بها • أيها الرجل الغريب • هل لك أن تأتي بنفسك لمواجهتي ، لتعرف أي نوع من الرجال ، أنا سليل زيوس ، القادم لمواجهتك • فقد جاء زيوس لكريت أولاً بمينوس ليعتني بشعبه ، 450 ولمينوس جاء ولد لا غبار عليه ، هو دوكاليون ، ثم أنجبني دوكاليون لأكون سيداً على قومي في كريت الواسعة • وها قد جلبتني سفني إلى هذا المكان لأكون وبالاً عليك وعلى أبيك وشعبك الطروادي كله " • قال ذلك فتخلخل قلب دييفوبوس في صدره • 455 وراح يتردد في أن ينسحب ليجد طروادياً باسلاً آخر ليكون رفيقه وتابعه ، أو أن يحاول المحاولة بمفرده • وفي هذه الحيرة هداه قلبه إلى أن من الأفضل له








الإلياذة هوميروس الصفحة : 362 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 363 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 415

أن يذهب في طلب أينياس • ووجده في الطرف الأقصى من المعركة واقفاً لأنه كان ناقماً دائماً على بريام المهيب ، 460 وذلك لأنه على الرغم من عظمته لم يقدمه في قومه بأي تكريم يميزه • جاء دييفوبوس ووقف إلى جانبه وخاطبه بكلمات مجنحة : " أينياس ، يا سيد مجالس الطرواديين ، ظهرت الحاجة إليك الآن ، لكي تقف إلى جانب صهرك ، إن كانت رابطة هذه القرابة تعني لك شيئاً • فتعال الآن وانتصر لألكاثوس ، الذي كان زوج أختك 564 وفي زمن مضى رباك ورعاك حين كنت ما تزال صغيراً • وها قد قتله الآن إيدومينيوس في المعركة " • حين قال ذلك أشعل الغضب في قلب أينياس • وذهب يبحث عن إيدومينيوس تواقاً للقتال • ولكن لم يتملك قلب إيدومينيوس أي خوف ، وكأن من جاءه مجرد مراهق • 470 بل وقف مكانه ثابتاً كخنزير جبل واثق من قوته ، وهو يرى كوكبة من الرجال تتقدم منه في مكان مهجور ، فيقوس ظهره متهيئاً ، وعيناه تقدحان شرراً ، وهو يقضقض أسنانه متحفزاً لمجابهة الكلاب والرجال • 475 هكذا وقف إيدومينيوس ذو الرمح الشهير ثابتاً في مكانه • فقد قرر أن لا يتراجع أمام أينياس القادم إليه ، بل جأر منادياً مرافقيه ، وهو يتطلع إلى أسكالافوس وأفاريوس ودييبوروس ، وميريونيس وأنتيلوخوس التواقَيْن للقتال ، وحث هؤلاء جميعاً على التقدم مخاطباً إياهم بكلماته المجنحة : 480 " إلى هنا يا أصدقاء • تعالوا وقفوا معي • فأنا وحدي •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 363 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 364 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 416

وأنا خائف جداً من هجوم أينياس ذي القدمين السريعتين الذي يتوجه إلي • نظراً لقوته في قتال الرجال في المعارك وقتلهم • فزهرة الشباب والفتوة فيه ، وتلك أوج قوة الرجل • ولو أنني ، وهو ، في العمر ذاته وأننا نحمل الروح ذاتها ، 485 فإنه سرعان ما سيفوز علي في معركة كبيرة ، أو أنني أفوز عليه " • قال ذلك ، فجاؤوه كلهم بروح واحدة ، ووقفوا كلهم وأمالوا تروسهم فوق كتفيه • وفي الطرف الآخر نادى أينياس مرافقيه ، وهو يتطلع إلى دييفوبوس وباريس وأغينور الباسل 490 الذين كانوا ، بالإضافة إليه ، قادة الطرواديين ، والقوم يتبعونهم ، مثلما يتبع القطيع الكبش الكبير وهو يغادر المرعى ليشرب • فيسعد قلب الراعي • وهكذا كان قلب أينياس مسروراً في أعماقه ، وهو يرى حشد القوم يتبعون قيادته • 495 وتقدم هؤلاء في اشتباك ملتحم حول ألكاثووس ، برماحهم الطويلة ، والبرونز الذي يحمي صدور المقاتلين يقعقع بصوت رهيب ، وهو يصطدم بالرماح التي يتراشقون بها • فيما الاثنان ، الأبرز في فنون القتال بين الآخرين ، أينياس وإيدومينيوس ، وكل منهما مثل إله حرب ، 500 كانا يشدان بالبرونز الذي لا يرحم يمزق كل منهما الآخر • كان إينياس السباق بشلفة رمح نحو إيدومينيوس • ولكن هذا ، الذي كان يراقبه جيداً ، تحاشى الرمح البرونزي ، فتوجه سنان رمح أينياس المهتز نحو الأرض ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 364 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 365 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 417

إذ قُذف به قذفة غير موفقة من يده الكبيرة • 505 ولكن إيدومينيوس أصاب أوينوماوس في وسط بطنه فحطم تجويف الصديرية ، واندلعت الأحشاء عبر البرونز • وسقط وهو يشد على التراب بأصابعه • وسحب إيدومينيوس الرمح الطويل من جسده ، لكن لم تعد لديه القوة لسلبه درعه الفاخر 510 وخلعه عن كتفيه ، إذ رشق بوابل من سهامهم • ولم تعد في أطرافه قوة الاندفاع لتبقى ثابتة تحته ، سواء ليندفع وراء رمحه ، أو أن يتحاشى الضربات • فراح في قتال التحاميّ يدفع عنه يوم الموت القاسي ، حيث أن قدميه لم تعودا تساعدانه على الانسحاب من القتال • 515 وفيما كان يتراجع ببطء هاجمه دييفوبوس بالرمح البرونزي • إذ كان يكنّ له كراهية راسخة ودائمة • ولكنه أخطأه ثانية فأصاب بالرمح أكالافوس ، ابن إله الحرب ، واندفع الرمح القوي عبر كتفه ، ليرتمي على الأرض وهو يشد على التراب بأصابعه • 520 ولكن آريس الضخم رهيب الصوت لم يكن قد سمع بعد كيف أن ابنه قد سقط في المواجهة العنيفة ، إلا أنه ، وهو المتفيّئ تحت الغيوم الذهبية في ذروة الأولمب ، كان يجلس هناك مطيعاً أمر زيوس ، مثلما كان بقية الآلهة جالسين هادئين معتزلين المعركة • 525 واحتشد الرجال في تلاحم قتالي حول أسكالافوس • واستطاع دييفوبوس أن ينتزع خوذة أسكالافوس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 365 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 366 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 418

ولكن ميريونيس ، النظير لإله الحرب السريع ، هاجمه وطعنه في ذراعه بالرمح • فأسقط الخوذة ذات العينين الفارغتين من يده على الأرض وهي تقرقع • 530 وباندفاعة أخرى مثل الصقر انتزع ميريونيس الرمح الثقيل من قاعدة الذراع عند الكتف • ثم تراجع إلى ما بين رفاقه • وأمسك به بوليتيس ، شقيق دييفوبوس ، من خصره بذراعيه • وأخرجه من ساحة القتال العنيف • حتى وصل إلى جياده ذات الحوافر السريعة 535 حيث كانت تقف خلف مكان القتال والمعركة ، مربوطة إلى السائق والعربة المتقنة • وتم حمله عليها وهو يئن أنيناً ثقيلاً للعودة به إلى المدينة ، متألماً ، والدم ينزف من جرح ذراعه الطري • ولكن الآخرين تابعوا القتال بجلبة لا تنقطع • 540 ووجه أينياس طعنة إلى أفاريوس ، ابن كاليتور ، فأصابه بالرمح الحاد في حلقه الذي كان ملتفتاً به إليه • وانحنى رأسه إلى جانب ، وارتعش ترسه ، وخوذته ، وحام فوقه الموت محطم الأرواح • وكان أنتيلوخوس يراقب ثوون وهو يلتفت ، فاندفع إليه 545 وضربه بالسوط ، فرضّ كل الأعصاب التي تبدأ من الظهر حتى العنق • هذه كلها رضها فهوى في التراب إلى الخلف وهو يمد يديه مستنجداً برفاقه • وركض إليه أنتيلوخوس ، محاولاً تجريده من الدرع 550








الإلياذة هوميروس الصفحة : 366 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 367 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 419

عن كتفيه ، ولكن بحذر ، لأن الطرواديين كانوا قد تجمعوا حوله من كل صوب ، وهم يسددون على الترس الواسع اللامع ، دون أن تستطيع اختراقه ليمرقوا بالبرونز القاسي إلى لحم أنتيلوخوس الطري • فقد كان قريباً منه مرجف الأرض بوزيدون يحرس ابن نيستور حتى في زحمة السهام • 555 وبما أنه لم يكن يتراجع أمام العدو ، بل يلتفت ليواجههم دون أن يبطل فاعلية رمحه ، فهو يهتز دائماً أو يندفع إلى الأمام ، والرغبة الدائمة في قلبه هي أن يصيب أحداً برمية رمح أو الوصول إليه في التحام مباشر • ولم يكن أداماس ، ابن آسيوس ، غافلاً عن كيفية التسديد 56 برمحه في المعركة ، فاقترب وطعن بالبرونز الحاد في منتصف الترس ، ولكن بوزيدون ذا الشعر الأسود ، جعل ضربة رمحه تضيع هباء • فلم يسمح له أن يفوز بحياة أنتيلوخوس • بل جعل نصف رمحه يقف ، وكأن النار قد قطعته وثبتته ، في ترس أنتيلوخوس ، فيما سقط النصف الآخر على التراب • 565 ولتجنب الموت تراجع إلى وسط جمع رفاقه • ولكن فيما كان يتراجع وميريونيس يلاحقه ، رماه بالرمح فأصابه بين السرة والأحشاء ، حيث ، عدا أي مكان آخر ، يأتي الموت مؤلماً إلى البشر المساكين • هناك استقر الرمح منغرزاً ، فيما هو يلهث، وهو يلتوي حوله ، 570 مثلما يلهث ثور في الجبال ، حين يربطه الرعاة بقوة بحبال متينة ليجروه مرغماً • هكذا حين تلقى الطعنة لهث قليلاً ، وليس لفترة طويلة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 367 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 368 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 420

إلى أن اقترب المحارب ميريونيس وانتزع الرمح من جسده • فنزلت غيمة من الظلام أغلقت عينيه الاثنتين • 575 ولكن هيلينوس القريب طعن دييبوروس في صدغه بسيف ثراسي ضخم فتمزقت الخوذة ، حتى اقتُلعت عن رأسه وهوت إلى الأرض • والتقطها أحد الآخيين وهي تتدحرج بين أقدام المحاربين • ونزلت غيمة الظلام على عيني دييبوروس • 580 وخيم الحزن على صرخة الحرب المدوية مينيلاوس ، ابن أتريوس ، فتقدم مهدداً وهو يهز رمحه الحاد نحو هيلينوس ، القائد والمحارب ، الذي شد نحوه القوس ممسكاً به من مقبضه ، وأطلق كل منهكما باتجاه الآخر ، الأول أطلق رمحاً حاداً في قذف كقذف الحربة ، والثاني أطلق سهماً من وتر القوس • 585 وأصابه ابن بريام بسهمه في صدره في تجويفة الصديرية ، ولكن السهم العنيف ارتد إلى الوراء ، مثلما على أرض دراسة الحنطة ، ومن شفرة المذراة العريضة ترتد حبات الفول السوداء والحمّص عالية تحت الهواء الصافر ، وحركة المذراة في الهواء • 590 هكذا ارتد السهم القاسي عن صديرية مينيلاوس المجيد مبتعداً إلى الوراء بقوة • ولكن ابن أتريوس ، صرخة الحرب الداوية ، مينيلاوس ، أصابه في كفه التي يمسك بها القوس اللامع ، فدخل الرمح البونزي مخترقاً القوس والكف التي وراءه • 595 ولكي يتجنب الموت تراجع إلى ما بين صفوف رفاقه ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 368 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 369 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 421

وكفه الجريحة مدلاة إلى جانبه ، والرمح الدرداري ما زال عالقاً بها • ولكن أغينور الجريء سحب الرمح من كفه • ولف له كفه بحزمة من جلد مع الصوف ، كان التابع قد حملها معه لقائد الجيش • 600 وتوجه الآن بيساندروس مباشرة صوب مينيلاوس المجيد ولكن قدراً شريراً دفعه نحو الموت ، لكي يتلقى ضربة منك يا مينيلاوس في المواجهة العنيفة • فحين اقترب الاثنان في تقدمهما أحدهما من الآخر ، أخطأ ابن أتريوس ضربته ، فمر به الرمح • 605 ولكن بيساندروس طعن برمحه ترس مينيلاوس المجيد فلم يستطع أن يخترقه بالبرونز • إذ صمد الترس العريض أمام الضربة • وانكسر سنان الرمح عند رأسه • إلا أنه كان ذا قلب جسور ومتفائلاً بالنصر • فأشهر سيفه المرصع بالفضة ، وقفز ابن أتريوس 610 على بيساندروس ، وكان هذا يحمل وراء ترسه فأسه الجميلة ذات الشفرة البرونزية القوية المربوطة إلى مسكة طويلة لامعة من خشب الزيتون • ووجها ضربتيهما في الوقت ذاته • فقطع بيساندروس قرن الخوذة المجدول من شعر الخيل ، عند الذؤابة • بينما ضربه مينيلاوس حين تقدم منه 615 في جبينه عند قاعدة الأنف فحطم العظام ، حتى اندفعت العينان معاً والدم يغلفهما وسقطتا أمامه عند قدميه 8 • وسقط متلوياً ، فيما وضع مينيلاوس قدمه على صدره ، وجرده من درعه وصاح مبتهجاً وهو فوقه :






8 يتعمد هوميروس وصف تفاصيل الجراح والإصابات. ولكن سقوط العينين من الرأس ليس بالأمر السهل، حتى من جراء إصابة كهذه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 369 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 370 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 422

" بهذا على ما أظن ستتخلون عن هجومكم على سفن الدانانيين السريعة ، 620 أيها الطرواديون المتباهون • ودون أن تسرفوا في صرخات الحرب الضارية • ودون أن ينقصكم الخزي والعار اللذان وصمتماني بهما ، أيتها الكلاب التعيسة ، وقلوبكم لم تعرف الخوف من الغضب العنيف لزيوس ذي الرعد القاصف ، رب الضيوف ، الذي سيجتاح مدينتكم العظيمة • 625 أنتم الذين بغروركم فررتم ذات يوم بزوجتي ، وثرواتي ، بعد أن أحسنت استقبالكم • وها أنتم مرة أخرى تندفعون إلى سفننا ماخرة البحار ، لتلقوا عليها النار المهلكة وتقتلوا الآخيين المحاربين • ولكن سيتم إيقافكم مهما كنتم متلهفين للقتال • 630 يا أبانا زيوس ، يامن يقولون إن حكمتك تفوق حكمة الآخرين ، الآلهة والبشر كلهم • إن كل ما حدث كان بتدبير منك • أنت الذي وهبت هؤلاء الناقمين نعمتك ، أولئك الطرواديين الذين قوة القتال لديهم شيء من الغضب الأعمى ، وليسوا بقادرين أبداً على الظفر في مواجهات الحرب المهلكة • 635 وطالما أن هناك اكتفاء من كل شيء ، من النوم والمضاجعة وعذوبة الغناء والرقص البريء ؛ من هذه الأمور كلها يسعى الإنسان إلى أن يصل إلى الاكتفاء ، إلا من الحرب • والطرواديون بالذات لن يشبعوا منها " • هكذا تحدث مينيلاوس ، وهو يجرد الدرع المضمخ بالدماء 640 عن الجثة ويعطيه لمساعديه • بينما عاد هو لينضم إلى صفوف الأبطال •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 370 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 371 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 423

واندفع إليه الآن هابراليون ، ابن الملك بوليمينيس ، الذي لحق بأبيه إلى الحرب في طروادة ، ولم يعد ثانية إلى أرض آبائه • 645 فمن مسافة قريبة طعن ترس ابن أتريوس ، في وسطه ولكنه لم يستطع اختراقه بالبرونز • ولكي يتجنب الموت انسحب إلى ما بين مرافقيه ، وهو يتلفت حوله ، خشية أن يجرحه أحدهم بالبرونز • ولكن فيما هو يتراجع أطلق ميريونيس نحوه سهماً برونزي النصل 650 فأصابه قرب إليته اليمنى ، ودخل السهم فيه تحت العظم ليستقر في المثانة • وهناك ، وهو جالس بين أذرع أصحابه ، شهق آخر شهقة من الحياة ، وارتخى ممدداً على الأرض، مثل دودة • ودمه الأسود يغرق الأرض في جريانه • 655 وانشغل به البافلاغونيون ذوو القلوب الطيبة • فرفعوه إلى عربة ، وعادوا به إلى إليون المقدسة في موكب حزين ، ووالده يذرف الدموع ، وهو يمشي إلى جانبهم 9 ، وخسارته في مقتل ابنه لا تقدر بثمن • ولكن باريس غضب من أعماق قلبه على مقتل هذا الرجل • 660 فهو صديقه بالضيافة من بين البافلاغونيين كلهم ، وفي غضبه عليه أطلق سهماً برونزي النصل • وكان هناك رجل ، هو إيوخينور ، ابن العراف بولويدوس ، الغني والطيب ، والذي يعيش في بيته في كورينث ، وقد كان الابن يعرف حين ارتقى متن السفينة أنه ذاهب لمواجهة موته 566






9 يبدو أن الشاعر قد نسى أن الأب بولايمينس قد قتل على يد مينيلاوس في الفصل الخامس. ولكن رغبته في تقديم الموقف العاطفي، أو غيره، تجعله يقع في أخطاء ذاكرة مثل هذا الخطأ.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 371 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 372 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 424

فقد سبق أن أخبره العجوز الطيب بولويدوس عدة مرات أنه سيموت في بيته من مرض عضال ، أو يذهب مع سفن الآخيين ويقتل على أيدي الطرواديين • ولذلك كان يتجنب الثمن المربك 10 الذي يطلبه الآخيون ، ويتجنب الأمراض المنتشرة لكي لا يُعدى قلبه منها • 670 وأصابه باريس بين الحنك والأذن ، وسرعان ما غادر نبض الحياة أطرافه ، وأطبقت عليه الظلمة الكريهة • وهكذا استمر القتال كاضطرام النار ، ولم يكن هيكتور ، حبيب زيوس ، قد سمع بذلك • ولم يعرف كيف كان قومه يُقتلون إلى يسار السفن 675 على أيدي الأرجيفيين ، وأن المجد قد يتحقق للآخيين • إذ كان بوزيدون الذي يحيط بالأرض ويهزها ، هو الذي يحرض الأرجيفيين ويحارب معهم مستخدماً قوته كلها • ولكن هيكتور توقف عند النقطة التي اقتحم منها المتاريس والأبواب ، وشتت الصفوف المتراصة للدانانيين المدرعين ، 680 حيث ترسو سفن أياس وسفن بروتيسيلاوس ، مسحوبة على طول شاطئ البحر الأشهب ، ومن فوقها السور المبني في أخفض نقاطه 11 ، وحيث يفوق الأماكن الأخرى خطورة • وتحقق مقتل الطرواديين وجيادهم 12 • وحاول البويتيون والإينيون بأثوابهم الفضفاضة ، 685 واللوكريون والفثيون ، ومعهم الإيبيون المتألقون ، إيقافه وهو يتقدم مكتسحاً نحو السفن • ولكنهم لم يستطيعوا إصابة هيكتور المضطرم كالنار ، وإبعاده عنهم •






10 هو ما يدفعه لكي يتجنب الخدمة في الجيش. 11 بني الأثينيون أكثر من سور، غير السور الأسطوري الكبير، وقبله. وهي أسوار دفاعية صغيرة حول السفن بنيت بعد الوصول مباشرة. والسور هنا من هذا النوع. 12 إرباك آخر تقع فيه الملحمة. فالطرواديون تركوا خيولهم وعرباتهم قبل اجتياح السور. وليس هناك أي ذكر لجلبها من جديد أو لجلب العربات بعد تهديم التحصينات.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 372 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 373 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 425

وكان هناك ، أيضاً ، الأثينيون المختارون ، وبينهم مينيسثيوس ، ابن بيتيوس ، وهو قائد ، وكان يتبعه 690 فيدياس وستيخيوس وبياس القوي • ولكن الإيبيين كانوا بقيادة ميغيس ، ابن بوليوس ، وأمفيون ودراكيوس وأمام الفثيين كان ميدون وبوداركيس العنيد في القتال • وبين هؤلاء كان ميدون ابناً غير شرعي لأويليوس ، الشبيه بالآلهة ، وشقيق لأياس ، إلا أنه كان يعيش 695 بعيداً عن أرض آبائه ، في فولاكي ، لقتله رجلاً هو شقيق إيريوبيس ، زوجة أبيه أويليوس • ولكن الآخر كان ابن إيفيكلوس ، ابن فولاكوس • وكان هذان مسلحين في مقدمة الفثيين البواسل ويقاتلان إلى جانب البويتيين دفاعاً عن سفنهم • 700 ولكن أياس السريع ابن أويليوس لن يأخذ أبداً أي موقع ، بعيداً ولو قليلاً ، عن أياس التيلاموني • فمثلما يشد ثوران بلون الخمر ، وبقوتهما العظيمة ، المحراث المرصوص عبر الأرض البور ، والاثنان يتصبب العرق منهما عند قواعد قرونهما ، 705 ولا يفصل بينهما إلا عرض النير المصقول ، وهما يكدان في الثلوم إلى أن يصل الشغل إلى تخوم الأرض المفلوحة ، هكذا كان الأياسان يأخذان موقعيهما في القتال متلاصقين • وكان مع ابن تيلامون الكثير من الناس والشجعان يتبعانه كمرافقين ، ويحملون الترس العظيم عنه 710 كلما أخذ العرق والتعب مأخذه من جسده •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 373 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 374 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 426

أما مع ابن أويليوس الشجاع فلم يكن هناك أحد من اللوكريين • فلم تكن قلوبهم تحتمل قتال الالتحام • إذ ليس لديهم الخوذ النحاسية ذات الأعراف من شعر الخيل • وليس لديهم التروس الدائرية القوية والرماح الدردارية • 715 فقد انضم هؤلاء إلى الحرب في إليون بثقتهم العالية في سهامهم ومقاليعهم الصوفية المجدولة بقوة • فبها رشقوا وابل سهامهم عن قرب ، وحطموا الكتائب الطروادية • والآن يقاتل هؤلاء الآخرون في المقدمة بملابس حربية مشغولة ، في وجوه الطرواديين وهيكتور ذي الخوذة النحاسية ، 720 بينما اللوكريون غير المرئيين يصبون وابل سهامهم من الخلف ، فلم يستمتع الطرواديون بشيء من الحرب ، لأن السهام بلبلتهم • وكان من الممكن أن يتراجع الطرواديون عن المآوي والسفن في حالة تثير الشفقة ، نحو إليون العاصفة ، لولا أن بولوداماس جاء ووقف إلى جانب هيكتور المقدام وقال له : 725 " أنت يا هيكتور أعند من أن تستمع إلى صوت العقل • فلأن الإله منحك الحنكة في القتال ، فأنت تصر على أن تكون أيضاً أحكم من الآخرين في المجالس • ولكنك لا تستطيع أن تأخذ الهبات كلها لنفسك • فالإله أعطى لرجل حنكة الحرب ، 730 ولآخر أن يكون راقصاً ، وآخر أعطاه القيثارة والغناء ، وفي صدر آخر يرسي زيوس ذو الحاجبين العريضين الحكمة ، وهذا أمر ملوكي ، يستفيد من حكمته الكثيرون بالإضافة إليه • وهو ينقذ الكثيرين ، غير أن أفكاره تتجاوز أفكار الآخرين •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 374 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 375 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 427

وسأقول لك الآن عن أفضل وجه أرى الأمور عليه • 735 أنت يحيط بك القتال كالدائرة أينما حللت • أما الطرواديون ذوو القلوب الباسلة ، فمنذ اجتاحوا التحصينات يقف بعضهم بعدة الحرب في المؤخرة ، بينما يقاتل آخرون شراذم ضد كثيرين ، بعد أن تفرقوا بين السفن • إنسحب الآن ، واستدع إلى هذا المكان شجعاننا كلهم 740 لكي نتخذ قرارنا بالتشاور العام ، حول ما إذا كنا سنهجم على سفنهم ذات المقاعد ، إن كان الإله راغباً في منحنا القوة لذلك ، أم أننا نستطيع بعد ما جرى أن نبتعد عن السفن دون أن يلحق بنا أذى • فأنا أخشى أن ينتقم الآخيون منا على ما جرى بالأمس • 745 فقرب سفنهم هناك رجل لا يكل من القتال • وأظن أننا لم نعد نستطيع منعه من القتال أو إيقافه عنه " • هذا ما قاله بولوداماس ، وقد انسر هيكتور لهذا الرأي المتعلق بالسلامة • فقفز على الفور من عربته إلى الأرض وهو بكامل عدته الحربية • وخاطبه بكلماته المجنحة قائلاً : " يا بولوداماس • 750 هل لك أن تدعو محاربينا الشجعان كلهم للعودة إلى أمكنتهم ؟ سأذهب إلى هناك لمواجهة الهجوم • وبعد ذلك سأعود حالاً ، بعد إعطاء الأوامر اللازمة " • قال ذلك ومشى في طريقه كأنه جبل ثلجي ، وهو ينادي بصوت عال ، ويمر بين الطرواديين وحلفائهم • 755 ولكن البقية منهم كانوا يتجمعون حول ابن بانثوس ، بولوداماس الملكي ، حالما سمعوا أوامر هيكتور •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 375 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 376 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 428

وكان هيكتور يجول بين الصفوف باحثاً عن دييفوبوس ، والأمير الباسل هيلينوس ، وابن آسيوس ، آدامز ، وآسيوس ، ابن هورتاكوس ، وكأنه يستطيع العثور عليهم • 760 إلا أنه لم يجد أياً منهم سليماً من الجراح أو على قيد الحياة • بعضهم كان ممدداً عند مؤخرة السفن الآخية ، وهم أولئك الذين فقدوا حياتهم على أيدي الأرجيفيين ، والآخرون ممددون داخل المدينة حاملين جراحاً من السهام أو الرماح • إلا أنه عثر على واحد فقط على ميسرة مكان المعركة الرهيبة • 765 وهو ألكسندروس البارع ، زوج هيلين ذات الشعر الجميل • وهو يشجع مرافقيه ويحثهم على مواصلة القتال • جاء هيكتور ووقف قريباً منه ، ووبخه بكلام مخز : " يا باريس الشرير • أيها الجميل المفتون بالنساء ، المداهن المتملق • أين ذهب دييفوبوس ، والأمير القوي هيلينوس ، 770 وآدامز ، ابن آسيوس ، وآسيوس ، ابن هورتاكوس ؟ أين أوثرونيوس ؟ إن إليون النائمة قد ضاعت كلها • والآن صار هلاكك بطيشك مؤكداً " • ورد عليه ألكسندروس الشبيه بالآلهة قائلاً : " طالما أنك تجد متعة في لومي حين لا أستحق اللوم ، يا هيكتور ، 775 فسيكون هناك وقت أكثر ملاءمة من الآن للانسحاب من القتال • إن أمي لم تحملني ولداً جاهلاً بأصول القتال • فمنذ أن أشعلتَ حرب حلفائنا عند السفن كنا صامدين هنا ونقاتل الدانانيين دون توقف • وحلفاؤنا الذين تسأل عنهم قد قتلوا • 780








الإلياذة هوميروس الصفحة : 376 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 377 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 429

دييفوبوس والأمير القوي هيلينوس وحدهما استطاعا الرجوع ، وكل منهما يحمل جرحاً في يده من ضربات الرماح الطويلة • وابن كرونوس هو الذي أبعد عنهما الموت • قدنا الآن حيثما يأمرك قلبك وعقلك • ونحن سنتبعك بإخلاص وثقة • وأظن أنه لن تنقصنا براعة الحرب 785 طالما أن القوة باقية فينا • ولكن ما من إنسان يمكن أن يقاتل فوق طاقته مهما بلغ حماسه " • هكذا تكلم البطل ، فأفرح قلب أخيه • وتابعا إلى حيث جلبة الحرب والقتال في أوجها ، حول كيبريونيس وبولوداماس الذي لا يهاب ، 790 وحول فالكيس وأورثايوس ، وبولوفيتيس الشبيه بالآلهة ، وبالموس مع أسكانيوس وموروس ، ابني هيبوتيون ، الذين جاؤوا من أسكانيا الخصيبة عند فجر اليوم السابق ، وها هو زيوس يدفعهم إلى القتال ويحمسهم عليه • تقدموا مثلما تنبثق الزوبعة من الرياح الهوجاء ، 795 وتنزل بتوجيه من زيوس الأب تحت الصواعق ، فتضرب البحر بهياج عات • والأمواج الصاخبة على مدى المياه الهادرة تتلوى متوترة وتبيضّ لتزبد بكثافة • هكذا كان الطرواديون الذين رصوا صفوفهم ، البعض في المقدمة ، 800 وآخرون يتبعونهم ، وهم خلف قادتهم في وهج الدروع البرونزية • والجميع بقيادة هيكتور ، ابن بريام ، الرجل الشبيه بإله الحرب القاتل ، وهو يمسك أمامه بدائرة ترسه الكاملة ،






الإلياذة هوميروس الصفحة : 377 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 378 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 430

المسيجة بالجلود الكثيفة ، وحولها تطعيم بطبقة كثيفة من البرونز ، وحول صدغيه تهتز الخوذة اللامعة مع مشيته • 805 وكان سيتقدم ليجس الكتائب الآخية في كافة المواقع، لعلها تتهاوى حيث يناور من وراء ستار ترسه • إلا أنه لم يستطع أن يربك قلوب الآخيين في صدورهم • وكان أياس أول من تقدم بخطوات مديدة وتحداه : " أنت مجنون يا رجل • تقدم واقترب • لم تلجأ لهذه الطريقة 810 في تخويف الرجيفيين ؟ فنحن لسنا أغراراً في الحرب • لكننا نتلقى الضربات من السوط الظالم في يد زيوس • أتتوقع في قلبك أنك ، فعلاً ، ستحطم سفننا ؟ نحن أيضاً لدينا أياد تواقة للدفاع عنها • وعلى الأغلب ، قبل أن يحدث ذلك ، فإن حصنك المنيع 581 هو الذي سيتهاوى تحت أيدينا ، فيتم اجتياحه ويسلب كله • أما فيما يخصك ، فأظن أنه قد اقترب الوقت الذي ستصلي فيه لزيوس ، الأب ، وأنت هارب ، وللآلهة الآخرين أن تكون جيادك ذات الأعراف البراقة أسرع من الصقور وهي تقلك عبر الغبار المثار في السهل إلى مدينتك " • 820 وفيما كان يقول ذلك رفرف طير الفأل عن يمينه وكان نسراً محلقاً ، فتشجع جمع الآخيين عند رؤية هذا الطير العلامة ، وهتفوا مهللين ، ولكن هيكتور رد عليه : " أياس ، ما هذا الذي تقوله أيها الثور العيي الأبكم ؟ لو أنني أُدعى ابناً لزيوس المدرع ، 825 طوال أيام حياتي ، والسيدة هيرا أمي ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 378 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 379 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 431

وأُكرَّم ، مثلما يكرم أبولو وأثينا ، فلن يكون إلا مثل هذا اليوم الذي يجلب الويل للأرجيفيين جميعاً ، وتقتل فيه أنت وبقيتهم ، إن كانت لديك الجرأة لأن تقف في مواجهة رمحي الطويل الذي سينهش جسمك الهش ؛ 830 سوف تُشبع كلاب الطرواديين وطيورهم الكاسرة ، بالشحم واللحم المرميين قرب سفن الآخيين " • قال ذلك وقاد الهجوم ، فتبعه البقية ، بصخب غير دنيوي ، والكل يهتفون من ورائه • ولكن الأرجيفيين من الجانب الآخر صرخوا ، ولم ينسوا 835 براعاتهم القتالية ، بل وقفوا في وجه هجوم الطرواديين الشجعان • وتعالى الضجيج من الطرفين حتى وصل إلى الأثير المتلامع عند زيوس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 379 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 380 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الرابع عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 433

ولم يفت نيستور سماع الضجيج على الرغم من أنه يشرب خمره • ولذلك قال بكلمات مجنحة إلى ابن أسكليبيوس : " انتبه لما تجري عليه الأمور يا ماخاون الباسل • قرب السفن يزداد صراخ الشبان الأقوياء • وأنت تجلس هنا وتتابع شرب الخمر المشعشع ، 5 إلى أن تعد لك هيكاميد ذات الشعر الجميل حماماً ساخناً ، فهي تسخنه ، وتغسل أوساخ بقع الدماء • ريثما أخرج وأبحث عن مكان أطل منه " • قال ذلك ثم أخذ الترس المشغول بعناية لابنه ثراسوميديس ، محطم الخيول • وقد كان مرمياً في المأوى ، 10 وكله من البرونز اللامع • وكان ثراسوميديس قد حمل ترس والده • ثم حمل رمحاً قوياً ينتهي بسنان برونزي ، ووقف خارج المأوى ، وسرعان ما رأى أمراً مشيناً : رجالاً يهربون ، وآخرون يستحثونهم في إثرهم ، رأى الطرواديين البواسل ، ورأى كتلة الجيش الآخي تتحطم • 15 وكما يستثار البحر حتى يرتفع إلى سوية الأرض ، إلا أنه يبقى حيث هو ، ينتظر انقضاض الريح المبعثِرة ، دون أن يميل بسطحه إلى أية جهة ، إلى أن تنزل الرياح بأمر من زيوس وتقرر الاتجاه ؛ هكذا كان العجوز غارقاً في أفكاره ، وعقله محاصر بين اتجاهين : 20 أن يذهب إلى ما بين جمع الدانانيين السريعين إلى امتطاء خيولهم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 380 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 381 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 434

أو أن يذهب بحثاً عن أغاممنون ، ابن أتريوس ، قائد الجموع • ووسط تأرجحه بين القرارين رأى أن الأخير هو الأكثر صواباً : أن يذهب بحثاً عن ابن أتريوس • فيما يتابع الآخرون معركتهم الفتاكة ، والبرونز الصبور يتصادم حول أجسادهم ، 25 والرجال يتطاعنون بالسيوف والرماح ذات الأسنة الورقية 1 • وجاء نحو نيستور الملوك الحاكمون تحت رعاية الإله ، أولئك الذين جُرحوا بالبرونز وعادوا إلى السفن ، ابن توديوس وأوليس وأغاممنون ، ابن أتريوس • فقد كانت هناك سفن مسحوبة بعيداً عن أماكن القتال 30 على شاطئ البحر الأشهب • لقد سحبوا السفن الأولى إلى السهل ، وعند مؤخراتها بنوا دفاعاتهم • فعلى الرغم من كبر حجم الشاطئ إلا أنه لا يتسع للسفن كلها • كما كان الناس كثيرين ومحشورين ، ولذلك سحبوها من الأعماق ، وملؤوا بها الطرف الطويل 35 لشاطئ البحر بأكمله ، كل ما يضمه الرأسان البحريان بينهما • جاء هؤلاء الأسياد مجتمعين ، وكل منهم يتكئ على رمحه ، ليتفرج على المعركة الصاخبة ، وقلب كل منهم في جسده مليء بالأسى • ونيستور العجوز ، الذي التقى بهم الآن ، جعله اللقاء يحس بالمزيد من الإحباط من وضع الآخيين • 40 وتحدث أغاممنون القوي الآن بصوت مرتفع مخاطباً إياه : " يا نيستور ، ابن نيليوس ، مجد الآخيين العظيم ، لم تركت القتال الذي يموت فيه الناس وعدت إلى هنا ؟ أخشى أن هيكتور الضخم سينفذ تهديده لي ،






1 يكون لسنان الرمح، أو حربته، شكل ورقة الشجر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 381 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 382 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 435

ذلك الذي قاله متوعداً بين الطرواديين المحتشدين • 45 وهو أنه لن يعود عن السفن نحو إليون ، قبل أن يضرم النار في السفن ، ويقتل الرجال الذين عليها • هذا ما قاله يومها ، وها هي الأشياء التي تحدث عنها تتحقق • فيا للعار • في ظني أن الآخيين المدججين بالأسلحة ، ينقمون علي نقمة كبيرة في قلوبهم ، مثلما ينقم علي آخيل 50 ويرفض متابعة القتال قرب السفن الراسية " • فأجابه الخيال الجيريني نيستور بقوله : " هذه الأمور تحققت كلها ، وما من طريقة أخرى كان يمكن حتى لزيوس الذي يرعد في الأعالي أن يحققها بها بشكل أفضل • فالسور كله قد تهدم ، وكنا نعتمد عليه في ثقتنا ، 55 بأنه سيحقق الحماية لسفننا ، وأنه لا يمكن أن يتهدم • ورجالنا قرب السفن يقاتلون دون توقف ، ودون نتيجة • ولا تستطيع التكهن بأكثر من ذلك ، مهما دققت النظر ، من أية جهة يعلق الآخيون في الارتباك والفوضى • إنهم يُقتلون دون تمييز وصرخاتهم تبلغ عنان السماء • 60 لذا يجب أن نصل إلى رأي مشترك حول كيفية معالجة هذه الأمور • إن كان يمكن أن ينفعنا العقل الآن • أنا أرى أننا يجب أن لا نعود إلى القتال • فالرجل لا يستطيع القتال حين يكون جريحاً " • فقال له ، بدوره ، أغاممنون سيد الرجال : " إنهم يقاتلون منذ الآن قرب السفن الراسية يا نيستور • 65 والسور الذي بنيناه لم ينفعنا في شيء ، ولا الخندق أيضاً اللذي تعب فيه الدانانيون كثيراً جداً ، وكانوا يأملون








الإلياذة هوميروس الصفحة : 382 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 383 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 436

أن تكون فيهما حماية لسفنهم ولهم ، وأنه لا يمكن تحطيمهما • ولكن هذه هي الطريقة التي تبعث السرور في قلب زيوس بالغ القوة وهي أن يموت الآخيون منسيين هنا وبعيدين عن أرغوس • 70 فأنا قد عرفت الأمر هكذا عندما دافع عن الدانانيين من كل قلبه ، وأعرفه الآن حين يمجد هؤلاء الناس ، وكأنهم آلهة مباركون • ويعيق جهدنا القتالي وقوة أيدينا • فهيا بنا وافعلوا كما أقول • دعونا كلنا نعترف بالهزيمة • ولنأخذ هذه السفن الراسية قرب البحر في الخط الأول 75 ولنسحبها إلى الماء ، ونجذف بها على المياه اللامعة ، ولنربطها بمراس حجرية في المياه العميقة ، إلى أن يأتي الليل الخالد ، إذا كان الطرواديون سيتوقفون عن القتال مع حلول الليل ، وعندها نستطيع جر بقية سفننا • لا عار في الهرب من الكارثة ، حتى في الليل • 80 فالذي يهرب من الكارثة أكثر حكمة ممن تمسك به الكارثة "• وعندها تحدث أوليس وهو ينظر إليه بغضب : " يا ابن أتريوس ، أي نوع من الكلام تسرب من حاجز أسنانك ؟ أيها الهالك ! ليتك كنت تقود جيشاً آخر تافهاً • ولم تكن قائداً علينا ، علينا نحن الذين أوكل إليهم زيوس 85 أمر إنجاز الحروب ، ومنذ أوائل شبابنا ، وحتى خلال شيخوختنا ، وحتى موتنا ، كلنا • أأنت راغب فعلاً في التخلي عن مدينة الطرواديين ذات الشوارع العريضة ، التي تكبدنا من أجلها الويلات ؟ لا تقل ذلك • خشية أن يسمع أي آخي آخر 90








الإلياذة هوميروس الصفحة : 383 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 384 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 437

هذه الكلمة التي لا يمكن أن تمر بين شفتي أي رجل يعرف في وجدانه كيف يكون الكلام الصواب ، وكان ملكاً ذا صولجان ، والناس كلهم يطيعونه بأعداد غفيرة كما هم الأرجيفيون ، الذين أنت قائدهم • وإنني لأحتقر قلبك الآن على الكلام الذي قلته • 95 أنت الذي ، في حمى الوطيس ، تقول لنا أن نسحب سفننا ذات المقاعد القوية إلى عرض البحر ، بحيث يكون نصيب الطرواديين المزيد من العز ، وهم يتفوقون علينا منذ الآن • والخراب الشامل يتأرجح في طريقنا • فالآخيون لن يتابعوا القتال وسفنهم في عرض البحر • 100 بل سيتلفتون حولهم ويولّون الأدبار متخلين عن نشوة القتال • لهذا يا قائد الشعب ستكون خطتك وبالاً " • فرد أغاممنون قائد الشعب بدوره : " لقد جرحت مشاعري عميقاً يا أوليس بكلماتك القاسية • ولكن أنا لا أقول لأبناء الآخيين 105 أن يسحبوا السفن إلى المياه ضد رغبتهم • فليتكلم الآن من لديه رأي أكثر حكمة من ذلك ، سواء كان شاباً أم عجوزاً ، وما يقوله سأرضى به " • واستلم الكلام بينهم ديوميديس ، صرخة الحرب الداوية : " ها هو الرجل الذي تريدون ، ولن تبحثوا عنه بعيداً ، 110 إن كنتم راغبين في الاستماع ، ولا يتملككم الغضب مني لأنني في الولادة أحدثكم سناً • أنا أيضاً أستطيع المفاخرة بأنني من نسل أب عظيم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 384 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 385 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 438

هو توديوس ، الذي طوته الأرض في طيبة • فثمة ثلاثة أولاد رائعين ولدوا لبورثيوس 115 وكانت إقامتهم في بلورون وكالودون الجبلية • أغريوس كان الأول ، ثم ميلاس ، والثالث هو أوينيوس الخيّال ، وهو والد والدي ، وبسالته تفوق الآخرين • ولكن أوينيوس ظل في الأرض ، بينما رحل أبي وسكن في أرغوس • وكانت تلك مشيئة زيوس والآلهة الآخرين • 120 وتزوج إحدى بنات أدريستوس ، وأثث بيتاً غنياً في محتوياته ، مع العديد من الفدادين لزراعة القمح كانت له • وحوله البساتين ذات الأشجار المثمرة • كما كانت عنده قطعان عديدة • وقد فاق الآخيين كلهم في القتال بالرمح • فإن كان هذا كله صحيحاً لا بد أنكم سمعتم به • 125 ولذلك ليس في وسعكم الزعم أنني منحط أو غير محارب من حيث الأصل ، ولن تستطيعوا التقليل مما سأقول ، إن قلته حسناً • دعونا نرجع إلى القتال حتى ونحن جرحى كما نحن الآن • هذا واجبنا • وحين نصير هناك فلنبتعد عن مرمى السهام والرماح ، فلا يضيف أي منا جرحاً جديداً للجرح الذي يحمله • 130 ولكننا سنكون هناك لتوجيههم ، طالما أنهم ، حتى قبل ذلك ، فضلوا التمسك بغضبهم • وابتعدوا لكي لا يحاربوا من أجلنا " • قال ذلك ، واستمعوا إليه جيداً ، وقبلوا نصحه • وانطلقوا وفي مقدمتهم أغاممنون ، قائد الجميع • ولم يكن مزلزل الأرض المجيد غافلاً عما يجري • 135 فجاء ليسير بينهم في هيئة رجل عجوز ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 385 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 386 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 439

وأمسك باليد اليمنى لأغاممنون ، ابن أتريوس • ثم حدثه مخاطباً إياه بكلمات مجنحة قائلاً : " يا ابن أتريوس • أعتقد أن القلب الناقم في صدر آخيل سيكون سعيداً وهو يتطلع إلى مقتل الآخيين 140 وهزيمتهم • إنه مجرد من الشعور وليس لديه منه نذر يسير • ومع ذلك فليحل عليه غضب الإله ، ولينته إلى الهلاك • أما أنت فليست الآلهة غاضبة منك كثيراً • وسيظل هناك وقت يجيء ترى فيه قادة طروادة ومستشاريهم يثيرون الغبار في السهل ، وأنت نفسك تتفرج عليهم ، 145 وهم يهربون إلى مدينتهم مبتعدين عن السفن والمآوي " • قال ذلك وانطلق فوق السهل مطلقاً صرخة مجلجلة كتلك التي يطلقها تسعة آلاف رجل ، أو عشرة آلاف ، وهم في القتال مشتبكون في كريهة إله الحرب • بهذه الجلجلة كانت الصرخة التي أطلقها مرجف الأرض القوي 150 من رئتيه ، فزرعت في قلب كل آخي قوة عظيمة للاستمرار في الحرب والقتال دون إحجام • وهيرا ، ذات العرش الذهبي ، وهي تقف على قمة الأولمب ، تطلعت بعينيها فرأت على الفور كيف أن بوزيدون ، أخاها ، وأخا زوجها ، يصول ويجول في المعركة 155 التي يفوز الرجال فيها بالسؤدد ، فامتلأ قلبها بالسعادة • ثم رأت زيوس جالساً فوق أعلى قمة من إيدا ذي الينابيع ، فكان في نظرها كريهاً • وتبلبلت أفكار هيرا ، السيدة ذات العينين البقريتين ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 386 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 387 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 440

حول كيفية تمكنها من اللعب بعقل زيوس المدرع • 160 وفي بالها كان ذلك الرأي الصواب • ستلفِّع نفسها بالحُسن وتنزل إلى إيدا • فربما تملكته الرغبة في أن يضطجع معها حباً ، ويحتضن جسدها • ولعلها بذلك ستستطيع تسريب النوم البريء الدافئ إلى جفونه ، وتغلق على عقله الماكر • 165 دخلت مخدعها ، الذي بناه لها ابنها الحبيب هيفايستوس ، وأغلق لها مصاريع الباب بإحكام بمزلاج سري ، فلم يعد في وسع أي من الآلهة فتحه • دخلت إلى هناك وأغلقت مصاريع الباب البهي ، ثم غسلت الأوساخ كلها عن جسدها الرائع 170 بالطيب ، ثم دهنت جسدها بزيت الزيتون الحلو اللذيذ ، الذي كان عبقاً وقريباً منها ، والذي منه كان العبير يفوح في بيت زيوس ذي المدخل الذهبي ، ويظل منتشراً إلى الأبد في الأرض والسماء • وبعد أن دهنت جسدها البديع بهذا 175 وسرحت شعرها ، ثم بيديها رتبت الخصل العبقة والجميلة على رأسها الخالد ، وارتدت الثوب البهي الذي فصلته لها أثينا بنعومة وعناية ، وزينته بأشكال عديدة ، وأغلقته عند الصدر بمشبك ذهبي 180 ولفت خصرها بنطاق تتدلى منه مئة شرابة ، وفي شحمتي أذنيها المثقوبتين بعناية وضعت قرطين








الإلياذة هوميروس الصفحة : 387 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 388 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 441

لكل منهما ثلاث لآلئ جميلة وبراقة ، وغطت الجميلة بين الإلهات رأسها بخمار مسترسل وجميل يتلامع بشحوب مثل ضوء الشمس • 185 وانتعلت في قدميها اللامعتين صندلاً بهياً • وبعد أن لفّعت جسدها بهذا البهاء كله ، خرجت من مخدعها ، واستدعت أفرودايت لتنتحي جانباً عن بقية الآلهة ، ثم قالت لها : " هل تلبينني يا طفلتي العزيزة إذا طلبت منك طلباً ؟ 190 أم أنك سترفضين ؟ أتظلين غاضبة مني دائماً لأنني أدافع عن الدانانيين ، بينما أنت تساعدين الطرواديين ؟ " وأجابتها أفرودايت ، ابنة زيوس : " يا هيرا • أيتها الربة المباركة ، ويا ابنة كرونوس القادر • تكلمي • وقولي أي شيء في ذهنك • فقلبي تواق لتلبيته ، 195 إذا كان ذلك في إمكاني ، وإذا كان أمراً يمكن تحقيقه " • عندها ، وبمكر ودهاء أجابتها هيرا : " امنحيني الحسن والقدرة على إثارة الرغبات ، والمزايا التي تسيطرين بها على البشر ، والآلهة كلهم • فأنا ذاهبة الآن إلى نهايات الأرض الكريمة ، 200 في زيارة لأوقيانوس ، الذي منه تحدر الآلهة كلهم ، وتيثوس أمنا التي ربتني بلطفها في بيتهما ، واعتنت بي ، وأخذتني من ريا ، في الوقت الذي قام زيوس ذو الحاجبين العريضين بطرد كرونوس إلى تحت الأرض والمياه العقيمة • سأذهب إلى هناك في زيارة لأفض الخصومة القائمة بينهما ، 205








الإلياذة هوميروس الصفحة : 388 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 389 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 442

فهما منفصلان منذ زمن طويل ، أحدهما عن الآخر ، والاثنان منفصلان عن فراش الحب ، بعد أن تشربت مشاعرهما بالضغينة• فلو أنني استطعت أن أكسب بالإقناع قلبيهما ، ودفعهما إلى فراشهما ليغرقا فيه بالحب المتبادل ، لصرت مكرمة أبداً عندهما ومحبوبة " • 210 فردت عليها أفرودايت الضاحكة قائلة : " لا أستطيع أن أمنع عنك ، ويجب أن لا أمنع عنك ما طلبته • أنت التي تستلقين بين ذراعي زيوس الذي هو أعظمنا " • قالت ذلك ، وحلت عن ثدييها الحمالة المشغولة بإعجاز ، والتي زينت برسوم الغواية ، وطرزت عليها المحبة ، 215 وشهوة الجنس ، والهمسات المشبوبة التي تخلب حتى ألباب الحكماء • وضعتها بين يدي هيرا ونادتها باسمها ، وقالت لها : " خذي هذه الحمالة ، وخبئيها بين طيات صدرك ، إنها مشغولة بحنكة • وكل شيء مطرز عليها • 220 وأظن أنك ستحققين أية رغبة في قلبك " • وحين أنهت كلامها ابتسمت لها هيرا ذات العينين البقريتين ، ومع البسمة خبأت الحمالة في صدرها • وعادت أفرودايت ، ابنة زيوس ، ودخلت البيت ، بينما غادرت هيرا قمة الأولمب بسرعة البرق 225 وعبرت فوق بييريا وإيماثيا الجميلة ، ومرت فوق جبال الخيالة الثراسيين المغطاة بالثلوج ، وقممها الشاهقة ، فلم تمس الأرض بقدمها •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 389 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 390 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 443

ثم من آثوس عبرت فوق البحر الهائج ، ووصلت إلى ليمنوس وإلى مدينة ثواس ، الشبيه بالآلهة • 230 والتقت بالنوم ، وشقيقه الموت 2 • أمسكت بيده وقالت له كلمة بعد أن نادته باسمه : " أيها النوم • أيها المتحكم بالبشر كلهم وبالآلهة • إن سبق لك أن سمعت كلامي ، فافعل الآن أيضاً ما أطلبه منك • وسأذكر فضلك بامتنان إلى الأبد • 235 ضع النوم في عيني زيوس البراقتين تحت حاجبيه ، حالما أضطجع معه في أحضان الحب • سأعطيك مكافأة : عرشاً جميلاً من الذهب ، لا يبلى إلى الأبد ، وسيصنعه ابني هيفايستوس ، ذو الذراعين القويين ، بمهارة وعناية ، ويصنع لقدميك مسنداً 240 يمكنك أن تريح عليه قدميك البراقتين حين تكون في متعتك " • ورد عليها النوم الهادئ والناعم قائلاً : " هيرا ، أيتها الربة المكرمة ، ويا ابنة كرونوس القادر ، أي إله آخر ، من صنف الخالدين ، أستطيع أن أنيمه بسهولة ويسر ، حتى تيار ذلك النهر أوقيانوس 3 ، 245 الذي منه أتت سلالة الآلهة كلهم • ولكنني لن أقترب من زيوس ، ابن كرونوس ، ولن أنيمه ، ما لم يطلب مني ذلك بنفسه • قبل اليوم كان فضلاً منك أن علمتني الحكمة ، يوم كان هرقل ، ابن زيوس الباسل ، مبحراً 250 في عودته من إليون ، بعد أن اجتاح مدينة الطرواديين ودمرها تماماً •






2 هما شخصيتان تقومان بالوظائف التي يعنيها اسم كل منهما. 3 شخصية أخرى، وكذلك الليل بعد أسطر. وهو أنثى، وأم النوم، وهي ابنة كايوس (الفوضى واختلاط الأشياء).


الإلياذة هوميروس الصفحة : 390 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 391 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 444

في ذلك اليوم نيمتُ عقل زيوس المدرع ، وهيمنتُ عليه بهدوء ونعومة ، ولكن عقلك كان منشغلاً بالمكائد الشريرة ، فأثرتِ في البحر الرياح الهائجة ، وبمساعدتها جرفته إلى كوس ، المنيعة ، 255 وتاه عنه رفاقه كلهم ، ولكن زيوس أفاق مغضباً • وانهال ضرباً على الآلهة في أرجاء بيته ، وهو يبحث عني بينهم • وكان يريد إغراقي في أعماق البحر وطردي من السماء المتوهجة ، لولا أن أنقذتني الليل 4 التي لها سلطة على الآلهة والبشر • وصلت إليها في هربي ، وسمح زيوس بذلك ، 260 فقد خشي أن يفعل في غضبه ما يزعج الليل • والآن تطلبين مني أن أفعل هذا الأمر المستحيل من أجلك " • وردت عليه هيرا ، السيدة ذات العينين البقريتين ، بدورها قائلة : " لم تقلب هذا الأمر في خاطرك يا نوم ، وتتردد ؟ أم لعلك تظن أن زيوس ، ذا الحاجبين العريضين ، الذي يساعد الطرواديين 265 سوف يغضب مثلما غضب من أجل ابنه هرقل ؟ هيا افعل ما أقول ، وسأهبك أفتى الغريسات 5 لكي تتزوجها ، وستسمى زوجتك • أزوجك باسيثيا ، تلك التي كنت طوال عمرك تحبها " • وحين فرغت من كلامها بلغ السرور بالنوم أشده ، فقال مجيباً : 270 " هيا بنا إذن • ولتقسمي أمامي على مياه ستوكس التي لا تنضب • ولتمسكي الأرض البهيجة بيد ، وبالأخرى أمسكي البحر المالح الوهاج ، بحيث يشهد علينا جميع الآلهة تحت الأرض المتجمعين حول كرونوس •






4 ربات الجمال. وهنا إيحاء بأنهن عديدات. ولكن في أمكننة أخرى هن ثلاث فقط. 5 المفروض أن زيوس وهيرا أخوان. وبالتالي فإن لهما الأبوين نفسهما.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 391 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 392 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 445

ولتقسمي أنك ستعطينني الغريسة الأكثر صبا ، 275 باسيثيا ، التي كنت طوال عمري متشوقاً إليها " • وحين فرغ من كلامه ، كان مقنعاً للربة هيرا ذات الذراعين الأبيضين • فأقسمت كما طلب ، ونادت بالأسماء جميع أولئك الآلهة الذين يعيشون تحت ( بيت ) والذين يسمون ( التايتان ) • ثم أقسمت على ذلك ، وجعلت قسمها مكتملاً ، 280 انطلق الاثنان من ليمنوس ، مدينة إيمبروس ، ولفعا نفسيهما بالضباب ، ثم استأنفا طريقهما بخفة شديدة إلى أن وصلا إلى إيدا ذات الينابيع العديدة ، وأم الوحوش البرية ، إلى ليكون ، حيث كانت آخر صلة لهما بالماء ، وتابعا على الأراضي الجافة ، وقمم الغابة تهتز مع حركة قدميهما • 285 وهناك بقي النوم ، لكي لا تقع عليه عينا زيوس • وصعدت هي وحدها على شجرة صنوبر شاهقة ، أطول شجرة في ذلك الحين في إيدا ، إذ تتجاوز الهواء المحيط وتصل إلى أثير السماء • في هذه الشجرة كان يجلس ، تظلله أغصانها وتخفيه عن الأنظار ، في هيئة طير مغرد تسميه الآلهة في الجبال 290 خالكيس ، إلا أن البشر يسمونه صقر الليل • واقتربت هيرا بخطوات هادئة من قمة غارغاروس على إيدا الشاهقة • ورآها زيوس الذي يجمع الغيوم • وحين رآها صارت الرغبة ضباباً حول قلبه الخبيء • مثلما حدث حين تضاجعا للمرة الأولى 295 واستسلما للحب ، دون أن يعرف أبواهما الأعزاء شيئاً عن الأمر 6 • وقف أمامها وناداها باسمها وكلمها قائلاً :






6 الشمس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 392 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 393 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 446

" ما هي رغبتك التي دفعتك للنزول من الأولمب إلى هنا ، يا هيرا ؟ وجيادك ليست معك ، وكذلك عربتك التي تركبين فيها " • وأجابته السيدة هيرا بادعاء ماكر كاذب : 300 " إنني ذاهبة إلى نهايات الأرض ، في زيارة إلى أوقيانوس ، الذي تحدرت منه الآلهة كلها ، وزيارة أمي تيثوس ، التي ربتني بعناية ولطف واعتنت بي في بيتهما • سأذهب لزيارتهما ، وأحل مشكلة خصامهما ، فقد مر وقت طويل وكل منهما منفصل عن الآخر ، 305 وعن فراش الحب ، بعد أن حلت الضغينة في قلبيهما • إن جيادي تقف عند سفوح إيدا ذي المياه ، وسوف تقلني فوق البر القاسي وفوق المياه • ولقد جئت لتوي من الأولمب من أجلك أنت ، لكي لا تغضب مني بعد اليوم ، 310 إن ذهبت سراً إلى بيت أوقيانوس ذي المياه العميقة " • فرد عليها بدوره زيوس جامع الغيوم : " فيما بعد سيأتي وقت آخر تذهبين فيه إلى هناك ، يا هيرا • أما الآن فدعينا ننام معاً ونهتم بالمضاجعة • إذ لم يسبق من قبل أن ذاب الحب في قلبي 315 تجاه أية إلهة أو امرأة ، وأخضعه كما هو الآن • ولا حتى حين أحببت زوجة إكسيون ، التي ولدت لي بيريثووس ، الذي يضاهي الآلهة في الحكمة • ولا حين أحببت ابنة أكريسيوس ، داناي ذات الخطوات الرشيقة ، التي ولدت لي بيرسيوس ، المتفوق على البشر كلهم • 320








الإلياذة هوميروس الصفحة : 393 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 394 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 447

ولا حين أحببت يوروبا ، ابنة فيونيكس ذائع الصيت ، والتي ولدت لي مينوس والشبيه بالآلهة رادامانثوس • ولا حين أحببت سيميلي ، أو ألكميني في طيبة ، حين ولدت لي ألكميني ولداً هو هرقل ذو القلب الجريء بينما كان ابن سيميلي ديونيزوس ، متعة البشر • 325 ولا حين أحببت الملكة ديميتر ذات الجدائل الجميلة ، أو ليتو المجيدة ، ولا حتى أنت فيما مضى، مثلما أحس بالحب نحوك الآن ، ويتملكني الشوق العذب إليك " • فردت عليه هيرا بادعاء ماكر كاذب : " ما هذا الذي تقوله يا ابن كرونوس الأكرم ؟ 330 إن كانت رغبتك هي أن نتضاجع حباً هنا في ذرى إيدا ، حيث يمكن أن يُرى كل شيء ، فما الذي سيحدث إذا ما رآنا أحد الآلهة الخالدين نائمين ، وراح يخبر بقية الآلهة بالأمر ؟ لن أستطيع النهوض من الفراش والعودة ثانية 335 إلى بيتك • وأمر كهذا سيكون معيباً ومخجلاً • لا • إن كانت تلك هي رغبة قلبك ومشيئتك ، فهناك مخدعي ، الذي بناه لي ابني الحبيب هيفايستوس ، وسد ثقوب الباب ومصاريعه بإحكام • يمكننا العودة إلى هناك ونتضاجع ، إن كان الفراش متعة لك " • 340 فأجابها زيوس الذي يجمع الغيوم بدوره قائلاً : " لا تخافي يا هيرا أن يرانا أي إنسان أو إله • ستكون الغيوم الذهبية التي أجمعها كثيفة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 394 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 395 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 448

بحيث أنه حتى هيليوس 7 لا يستطيع أن يرى من خلالها ، مع أن لنوره نفاذاً أكبر من أنوار الآخرين " • 345 قال ابن كرونوس ذلك ، وضم زوجته بين ذراعيه • وهناك ، تحتهما ، تشققت الأرض المقدسة وأطلعت عشباً طرياً نضراً ، وبرسيماً ندياً ، وزعفراناً وأقحواناً ، وكان ذلك كله ناعماً وكثيفاً استطاع أن يبعد الأرض عنهما • هناك اضطجعا معاً ، والتحفا بغيمة ذهبية مدهشة ، 350 ومنها راح الندى المتلألئ يهطل • وهكذا نام الأب نومه العميق على قمة غارغارون ، وزوجته بين ذراعيه ، وقد هيمن عليه النوم والرغبة • وأسرع ( النوم ) إلى سفن الآخيين ، ومعه رسالة يوصلها إلى بوزيدون الذي يحيط بالأرض ويهزها • 355 ووقف قربه وراح يخاطبه بكلمات مجنحة : " بوزيدون • الآن تستطيع أن تدافع عن الآخيين من كل قلبك ، وتمنحهم المجد ، ولكن إلى وقت قصير ، طالما أن زيوس نائم • فقد أحطته بنعاس ناعم ، وهيرا قد خدعته للنوم إلى جانبها في فراش الحب " • 360 قال ذلك ثم انخرط بين البشر الأمجاد ، فأثار بوزيدون إلى المزيد من الدفاع عن الدانانيين • قفز إلى مقدمة صفوفهم واستحثهم بصوت مجلجل : " الآن ، أيها الأرجيفيوون ، هل سنمكن هيكتور ، ابن بريام ، منا مرة أخرى ، بحيث يأخذ سفننا ويفوز بالمجد منها ؟ 365 هذا هو رأيه ، وهذا رجاؤه ، لأن آخيل الآن غاضب ،






7 شعر الشجر هو أغصانه وأوراقه طبعاً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 395 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 396 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 449

من أعماق قلبه ، وهو منزو بسكون في السفن الجوفاء • ولكن رغبته لن تدوم طويلاً ، إذا استطاع من تبقى منا أن يستثيروا هممهم ويقفوا متكاتفين • هيا بنا • وافعلوا ما أقوله لكم • ولتطيعوني جميعاً • 370 فلنأخذ هذه التروس ، التي هي الأفضل في أي جيش والأكبر • ولنلبسها ، ولنغطّ رؤوسنا ببهاء الخوذ الشامل ، ولنحمل في أيدينا رماحنا التي هي الأطول ، ولنمضِ • أنا سأقودكم بنفسي • و أظن أن هيكتور ، ابن بريام ، لن يستطيع بعدها أن يقف في وجوهنا مهما بلغ غضبه وعنفه • 375 وليقم الصنديد العنيد في القتال ، إذا كان يرتدي درعاً صغيراً على كتفيه ، بإعطاء الدرع لمن هو أقل منه دراية ، ثم يلبس درعاً أكبر " • قال ذلك ، فاستمعوا إليه وأطاعوه • وقام الملوك بأنفسهم بتزعم هؤلاء الرجال ، رغم جراحهم ، ابن توديوس ، وأوليس ، وأغاممنون ، ابن أتريوس • 380 تجولوا بين الجميع ، وجعلوهم يتبادلون عدة الحرب • فلبس المقاتل البارع درعاً جيداً ، وأعطيت الدروع السيئة لقليلي الخبرة • وبعد أن تلفعت أجسادهم بالبرونز البراق ، تقدموا ، وعلى رأسهم بوزيدون مرجف الأرض ، وهو يحمل سيفاً باتراً بيده القوية ، ونصله الحاد 385 يتلامع ، كما تلتمع الصاعقة • ما من أحد يجرؤ على مواجهته ، في قتال قريب • بل الجميع يخافون منه ويبتعدون عنه • وفي الطرف الآخر كان هيكتور المجيد يقود الطرواديين ، وهاهما بوزيدون ذو الشعر الأسود وهيكتور المجيد








الإلياذة هوميروس الصفحة : 396 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 397 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 450

يؤججان الحرب إلى أقصى درجات بلائها ؛ 390 الأول يبث القوة في الطرواديين ، والإله في الأرجيفيين • وهاج البحر فغسل مآوي الآخيين وسفنهم • واشتبك الطرفان في معركة ضارية وارتفع الصخب • لم يكن مثل ذاك الصخب صخبُ أمواج البحر التي تهدر فوق اليابسة ، وهي تندفع أمام ريح الشمال الهوجاء من فسحة اليم ، 395 ولا كان مثله اندلاعُ النار في عز تأججها في أواسط الجبال وهي تلتهم الغابات ، ولا كان مثله التفجعُ الصادر عن أشجار السنديان ذات الشعر الكثيف 8 حين تندفع فيها الريح مزمجرة ، لم يكن هذا كله صاخباً ومرعباً مثل الهدير الصادر 400 عن الآخيين والطرواديين وهم يلتحمون في القتال • في البدء قذف هيكتور أياس برمحه ، لأنه كان يقترب منه مواجهة فلم يخطئه بل أصابه حيث ملتقى الحاملين على صدره ، أحدهما للسيف المرصع بالفضة ، والثاني للترس الكبير • 405 وقام هذان بحماية طراوة جلده ، وثار غضب هيكتور لأن رمحه قد انطلق من يده بضربة خائبة ، ولكي يتجنب الموت توارى بين رفاقه • ولكن ، وفيما كان يلتفت ، أمسك أياس التيلاموني بصخرة • وكانت هناك صخور كثيرة مراسي للسفن ، 410 مرمية بين أقدام المحاربين • أمسك بواحدة منها وضربه في صدره قرب رقبته وفوق طرف الترس ،






8 تعبير القتال بالسهام يحمل الإهانة كما أشرنا في هامش سابق.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 397 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 398 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 451

فجعله يدور على نفسه ، ويترنح في دورانه ، مثل الدوامة من أثر الضربة • وكما تهوي سنديانة ضخمة مقلوعة الجذور ، تحت وطأة صاعقة من زيوس تفوح منها رائحة الكبريت ، 415 فلا تبقى عزيمة في إنسان قريب يرى ما يحدث ، لأن صاعقة زيوس العظيم هائلة ورهيبة ، هكذا سقط هيكتور بقوته كلها على الأرض ، وارتخت يده عن الرمح ، وترسه ممزق فوقه • وصلصلت خوذته ودرعه المشغول بالبرونز فوقه • 420 وزعق أبناء الآخيين زعيقاً حاداً وهم يركضون نحوه ، آملين بجره والابتعاد به ، وهم يقذفون بحرابهم نحوه • ولكن ما من أحد استطاع أن يصيب قائد الشعب ، إذ سرعان ما تجمع شجعان الطرواديين حوله ، أينياس وبولوداماس وأغينور الباسل ، 425 وساربيدون قائد اللوكيين ، وغلاوكوس الشجاع ، ولم يغفل عنه أحد من البقية • بل أحاطوه وظللوه بدائرة من تروسهم ، فيما قام مرافقوه بالإمساك به من ذراعيه وسحبه من الميدان • حتى أوصلوه إلى جياده السريعة التي كانت في مؤخرة الميدان والمعركة 430 يمسك بها سائق العربة ، ومربوطة إلى العربة متقنة الصنع • وقام هؤلاء بالإسراع به إلى المدينة • ولكن حين وصلوا إلى المعبر على نهر كسانثوس الهادر سريع الجريان ، والذي كان أبوه هو زيوس الإله الخالد ، أنزلوه من خلف جياده إلى الأرض ، 435 ورشوا عليه الماء • فاستعاد وعيه وفتح عينيه








الإلياذة هوميروس الصفحة : 398 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 399 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 452

ونهض ليتكئ على ركبة واحدة ويتقيأ خثرة كبيرة من الدم الأسود ثم استلقى على الأرض من جديد ، فيما أحاطت بعينيه ظلمة ليل حالك • إذ كانت قواه ما تزال منهارة بسبب ضربة الصخرة • وحين أدرك الآخيون أن هيكتور قد خرج من المعركة ، 440 استعادوا براعتهم الحربية من جديد ، وهجموا على الطرواديين • وأمامهم على مسافة بعيدة كان أياس ، ابن أويليوس ، يندفع مهاجماً ، ويطعن بالرمح الحاد ستانيوس ، ابن إينويس ، الذي حبلت به ذات يوم حورية البحر من إينوبس ، وهو يرعى قطعانه قرب نهر ستانيويس • 445 وحين اقترب ابن أويليوس ذو الرمح الشهير من هذا الرجل ، طعنه في خاصرته فجعله يسقط إلى الخلف • وحوله اشتبك الطرواديون والدانانيون في قتال مرير • جاء بولوداماس ، ابن بنثووس ، ذو الرمح الهزاز ووقف قربه ، فطعن بروثوينور ، ابن أريلوكوس ، في كتفه اليمنى • 450 واخترق الرمح القوي الكتف ، فسقط في التراب وهو يشد على الأرض بين أصابعه • وتباهى بولوداماس وهو يطل من فوقه بصوت مدو : " أظن أن هذه الحربة الطاعنة من يد ابن بانثوس الباسل ، لم تذهب طعنتها خائبة • 455 بل تلقاها أحد الأرجيفيين في جلده • وأظن أنه أخذها عصا يتوكأ عليها ، وهو يسير متعثراً إلى بيت الموت " • قال ذلك فخيم الحزن على الأرجيفيين من مباهاته ، وأثار الغضب أكثر من الآخرين في نفس أياس التيلاموني الحكيم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 399 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 400 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 453

لأنه كان قد سقط قريباً منه • 460 وسرعان ما وجه رمية بالرمح البراق نحو بولوداماس العائد • ولكن بولوداماس نفسه تجنب الموت الكالح بقفزة سريعة إلى جانب ، فتلقى الرمح أرخيلوخوس ، ابن أنتينور ، فقد قررت الآلهة الخالدة حتفه • أصابه في نقطة الاتصال بين الرأس والعنق ، 465 عند الفقرة الأخيرة فقطع الوترين ، وسرعان ما سقط رأس الرجل وفمه وأنفه على الأرض ، قبل أن يهوي هو على ساقيه وركبتيه • وصاح أياس رداً على بولوداماس الذي لا تشوبه شائبة : " فكر في هذا ، يا بولوداماس ، وأجبني بصدق : 470 أليس موت هذا الرجل مكافئاً بعدل لموت بروثوينور ؟ أظن أنه ليس بالرجل الوضيع • ولا هو ابن أهل وضيعين • بل هو أخو أنتينور محطم الخيول ، أو ابنه ، فملامحه تشي بقرابة الدم معه " • قال ذلك ، وهو يعرف جيداً ما قاله ، وخيم الحزن على الطرواديين • 475 ووقف أكاماس واضعاً أخاه بين قدميه ، وطعن بروماخاس البويوتي بالرمح وهو يحاول أن يجر الجثة • وتباهى أكاماس هاتفاً بصوت رهيب وهو فوقه : " أنتم أيها الآخيون ، المحاربون بالسهام 9 ، الذين لا تشبعون من التهديد • أظن أننا لسنا وحدنا الذين سنلقى العناء والأحزان • 480 بل أنتم أيضاً ستواجهون الموت ، كما واجهه هذا الرجل • فكروا الآن أن بروماخاس يتمدد بينكم ، وهو مصاب برمحي ،






9 هذه الانتقالة في أسلوب السرد توحي بهول ما سيأتي.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 400 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 401 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 454

فلا تذهب عقوبة قتل أخي هباء • ولهذا يتمنى المرء أن يخلف وراءه قريباً له لكي يثأر له عند سقوطه في الوغى " • 485 قال ذلك فخيم الحزن على الأرجيفيين من تباهيه • وأكثر من استثير بكلامه كان بينيليوس الحكيم • فهجم على أكاماس الذي لم يستطع أن يصمد أمام هجمة القائد بينيليوس • فطعن هذا برمحه إليونيوس ، ابن فورباس الغني بقطعانه ، والذي من بين الطرواديين كلهم 490 أحبه هيرميس أكثر من الجميع ، ومنحه أملاكاً كبيرة • وكان إليونيوس الولد الوحيد الذي حبلت به أمه • هذا الرجل أصابه بينيليوس تحت حاجبه ، عند أسفل العين ، واقتلع مقلته ، واخترق الرمح محجر العين ووتد الرقبة ، حتى نزل من الخلف 49 محققاً الإصابة في اليدين ، وسحب بينيلوس سيفه وهوى به على منتصف العنق فأهوى بالرأس ، والخوذة عليه ، فيما محجر العين ما يزال معلقاً على رأس الرمح الكبير • ورفعه عالياً مثل رأس دمية • وجعل الطرواديين يرونه ، فيما هو يقول متباهياً : 500 " أيها الطرواديون • انقلوا للوالد الحبيب لإليونيوس المتباهي ولأمه ، عن لساني أنهما يستطيعان أن يندباه في بيتهما • لأن زوجة بروماخوس ، ابن أليغينور ، لن تستطيع أن تنال بهاء المتعة من عودة زوجها ، في ذلك اليوم الذي سنعود فيه ، نحن أبناء الآخيين ، بسفننا من طروادة " • 505








الإلياذة هوميروس الصفحة : 401 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 402 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 455

قال ذلك فارتعشت أطرافهم جميعاً • وراح كل منهم يتلفت بحثاً عن مهرب من الموت الزؤام • فلتقلن لي الآن أيتها الربات الملهمات اللواتي تقمن في الأولمب ، مَن مِن الآخيين كان أول من أخذ أسلاباً دامية من الرجال ، حين حوّل مرجف الأرض المجيد مسار المعركة ؟ 510 في البدء قام أياس التيلاموني بقتل هورتيوس ، ذلك الذي كان ابن غورتيوس ، وقائد الموسيين البواسل • وأنتيلوخوس قتل فالكيس وميميروس • موروس وهيبوتيون قتلهما ميريونيس • تيوكروس قتل بيريفيتيس وبروثون • وبعد ذلك ابن أتريوس ، 515 مينيلاوس ، طعن هوبيرينور ، قائد الجمع ، في الخاصرة ، ففجر البرونز أحشاءه من جهة الإصابة • وخرجت حياته من مكان طعنة الرمح ، بسرعة مذهلة • وغطت سحابة من الظلمة عينيه • ولكن أياس ذا القدمين السريعتين 10 ، ابن أويليوس ، لحق بالكثيرين وقتلهم ،520 إذ هو الذي لا مثيل له في سرعة قدميه ، في مطاردة الهاربين حالما ألقى زيوس الرعب عليهم •






10 الإشارة التذكيرية الآن إلى سرعة قدمي أياس ، بعد هذه السلسلة من القتلى الطرواديين ، تعني أن الطرواديين كانوا هاربين ، وأن الأثينيين يلحقون بهم ويقتلونهم• كل يلحق بمن يستطيع ويقتله • وبالتالي فإن الأسرع في الركض وراء الهاربين هو الذي يقتل أكثر • فما الذي فعله أياس وهو الأسرع من الجميع " في مطاردة الهاربين " ؟ ولكن هنا فرصة للتذكير ببعض المواصفات • فأياس ، ابن أويليوس ، صغير الحجم وسريع في الركض • بينما أياس التيلاموني ضخم الجثة ، ومبرز في القتال التلاحمي، وخاصة بالأيدي • وسيشترك أياس الأول لاحقاً في سباق ، بينما يشترك التيلاموني في مصارعة ، وفي القتال بالدرع ، وفي رمي القرص •



الإلياذة هوميروس الصفحة : 402 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 403 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الخامس عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 457

ولكن بعد أن عبروا الخندق والأوتاد الحادة راجعين في هروبهم ، وسقط الكثيرون على أيدي الدانانيين ، تفقدوا أنفسهم مرة أخرى ووقفوا في عرباتهم ، وقد اخضروا من الخوف والرعب • وكان زيوس الآن قد أيقظته هيرا ذات العرش الذهبي فوق مرتفعات إيدا الشاهقة • 5 وبغتة وقف منتصباً ورأى الآخيين والطرواديين ، هؤلاء يهربون ، والآخرون يلاحقونهم معتبطين ، وهم الأرجيفيون ، كما رأى بينهم بوزيدون • ورأى هيكتور ممدداً في السهل ، ومرافقيه جالسين حوله ، وهو دائخ يتنفس بصعوبة وألم ، 10 ويتقيأ الدم ، حيث أن الذي ضربه ليس أضعف الآخيين • حين رأى سيد الآلهة والبشر هيكتور في هذه الحالة أخذته الشفقة • وتطلع مقطباً تقطيبة رهيبة إلى هيرا ، وقال لها : " أيتها الميؤوس منها ، لقد كانت مكيدة شريرة منك ، أيتها الخائنة هيرا ، أنت التي أخرجت هيكتور الرائع من المعر كة ، وأرعبت شعبه • 15 لا أعرف • ربما من أجل هذه المكيدة الشريرة والآلام التي تسببت بها ستنالين المكافأة الأولى حين أسوطك بسوطي • ألا تذكرين أنك تلك المرة التي تدليت فيها من الأعالي ووضعت على قدميك سندانين ، وحول معصميك قيدين من الذهب لا يمكن تحطيمهما • كنت معلقة بين السماء البراقة والغيوم 20








الإلياذة هوميروس الصفحة : 403 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 404 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 458

لم يكن لأي إله في الأولمب كله أن يتحمل ذلك ، فوقفوا يتفرجون دون أن يستطيعوا لك شيئاً • ولو ضبطت أحدهم يفعل ذلك لأمسكته وقذفت به من العتبة إلى أن ينتهي مصعوقاً على الأرض • ولكن مع ذلك لم يبارح الألم قلبي على هرقل الشبيه بالآلهة ولم يغادر روحي • 25 أنت بمعونة الريح الشمالي تنتصرين على رياح العاصفة ، وتدفعين به عبر البحر الخاوي بنية شريرة • ثم عبر ذلك تطوحين به إلى كوس المنيعة • حتى قمت أنا نفسي بإنقاذه وإرجاعه من جديد إلى أرغوس مرتع الخيل ، بعد أن واجه تلك العقبات كلها • 30 سأذكّرك بهذا كله ، لكي تتوقفي عن خداعك ، وتري إن كانت مضاجعتك تنفعك ، بتلك الطريقة التي اضطجعت بها معي بعيداً عن الآلهة وخدعتني " • قال ذلك ، فخافت هيرا ، الربة ذات العينين البقريتين ، فتكلمت معه وخاطبته بكلمات مجنحة : " دع الأرض 35 تكون شاهدي الآن على ذلك ، والسماء الفسيحة التي فوقنا ، ومياه ستوكس المتساقطة ، وهو القسم الغموس ، والأكثر جسامة بين الآلهة المباركين • ولتكن قداسة رأسك شاهدي ، وفراش الزوجية الذي بيننا ، وهو الشيء الذي لا أستطيع أنا على الأقل أن أحلف به كاذبة ، 04 أنه لم يكن من خلال رغبتي أن مرجف الأرض بوزيدون ، قد أوقع البلاء في الطرواديين وهيكتور وقدم العون للآخرين • بل إن عواطفه هي التي تسيره إلى ذلك وتوجهه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 404 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 405 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 459

لقد رأى الآخيين منحصرين قرب سفنهم ، فأخذته الشفقة عليهم • بل إنني كنت لأنصحه بنفسي أن يذهب معك ، 45 أيها الملفع بسواد الغيوم ، في الطريق الذي تقودنا فيه " • أنهت كلامها فابتسم لها أبو الآلهة والبشر وتكلم ثانية رداً عليها ، وخاطبها بكلمات مجنحة : " لو أنك ، يا سيدة هيرا ، تعودين فيما بعد إلى مكانك بين الآلهة وتفكرين فيما أفعله 50 فإنه حتى بو زيدون ، مع تصلبه في التفكير على نحو آخر ، سيغير رأيه فوراً لكي يتبع قلبك وقلبي • إن كان كل ما تقولينه صحيحاً ، وكنت تقولين الصدق ، فاذهبي بين جموع الآلهة ، واطلبي من إيريس أن تأتي إلي هنا • وكذلك رامي السهام أبولو • 55 لكي تذهب إيريس بين الآخيين المدرعين بالبرونز ، وتنقل رسالة إلى الرب بوزيدون ، أطلب فيها منه أن يترك القتال ويعود إلى بيته • وليقم أبولو بتحريض هيكتور للعودة إلى المعركة ، ويبث القوة فيه من جديد ، ويجعله ينسى البلايا 60 التي وقعت فيها حواسه • وليبث الضعف والوهن في الآخيين ، ويُرجعهم مرة أخرى • فليُقادوا إلى الفرار وليتهاووا إلى السفن ذات المقاعد التي هي لآخيل ، ابن بيليوس • وهو سيستنفر باتروكلوس مساعده • وهيكتور المجيد سيقتل باتروكلوس 65 بالرمح أمام إليون ، بعد أن يكون قد قتل كثيرين آخرين








الإلياذة هوميروس الصفحة : 405 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 406 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 460

من الشبان ، ومن بينهم ابني ساربيدون المتألق • وغضباً من أجله سيقوم هيكتور البارع بقتل هيكتور • ومنذ ذلك الحين سأجعل القتال يستعر مبتعداً عن السفن دائماً وباستمرار ، إلى أن يتمكن الآخيون 70 من الاستيلاء على إليون الحصينة من خلال إرشادات أثينا 1 • وقبل ذلك لن أوقف غضبي على الآخيين ، ولن أسمح لأي إله آخر بأن يقف إلى جانب الدانانيين إلى أن يتحقق ما يطالب به ابن بيليوس ، كما تعهدت في البدء وأحنيت رأسي بالموافقة عليه ، 75 في ذلك اليوم الذي طلبت فيه الربة ثيتيس راجية ، وهي تمسك بركبتي ، منح التكريم لآخيل فاتح المدن " • قال ذلك فلم تخالف أمره هيرا ذات الذراعين الأبيضين ، بل رجعت من جبال إيدا إلى الأولمب • وكما تلتمع الفكرة في عقل إنسان ، فتخترق مناطق عديدة ، 80 وهو يفكر بأمور في خاطره مثل : " ليتني في هذا المكان أو ذاك " ، ويتخيل أموراً عديدة ؛ بهذه السرعة انتقلت هيرا الربة المجنحة متشوقة • وصلت إلى الأولمب الشاهق ودخلت بين الآلهة المجتمعين في بيت زيوس ، وعند رؤيتهم لها 85 نهضوا كلهم للتجمع حولها ورفعوا كؤوسهم تحية لها • ولكن هيرا تجاوزت الجميع وقبلت الكأس من ثيميس ذات الخدين الجميلين ، لأنها كانت أول من جاء راكضاً لتحيتها ، وتحدثت معها ، وخاطبتها بكلمات مجنحة : " يا هيرا ،






1 تلخيص استباقي لمجريات الملحمة كلها. وقد حدثت الأمور على هذا النحو فعلاً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 406 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 407 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 461

لماذا رجعت ؟ يبدو عليك كمن تملكه الذعر • 90 أعرف أن زوجك ، ابن كرونوس ، هو الذي أخافك " • وبدورها أجابتها الربة هيرا ذات الذراعين الأبيضين : " لا تسأليني عن شيء من هذا يا ثيميس المقدسة • أنت نفسك تعرفين كيف هي طباعه • وكم هو عنيد ومتصلب • فهو ما يزال المشرف على توزيع الوليمة بالقسط بين الآلهة في بيوتهم • 95 ولكنك ستسمعين الكثير، أنت والآلهة كلهم ، أية أفعال شريرة ستتكشف عن زيوس • ولا أظن أن قلوب الجميع ستبتهج بالقدر ذاته ، لا بين البشر ولا بين الآلهة • مع أن الكل يحتفلون ويولمون الآن حسب رغبته " • قالت السيدة هيرا ذلك ثم جلست ، 100 فارتبكت الآلهة في كافة أرجاء بيت زيوس • وكانت هيرا تبتسم بشفتيها ، ولكن فوق الحاجبين الأسودين لم يكن جبينها هادئاً • وتحدثت أمامهم جميعاً بامتعاض : " نحن الحمقى ، الذين نحاول أن نشتغل ضد زيوس دون روية • ما نزال باستجابتنا لغضبنا نفكر في الاقتراب منه وإيقافه 105 بالحجة أو بالقوة • إنه يجلس معتزلاً ، ولا يهتم لشيء • ولا يفكر فينا • ويقول إنه بين الآلهة الآخرين هو الأعظم في القوة والتحكم دون منازع • ولذلك على كل منكم تنفيذ أي عمل شرير يرسله لأجله • وأظن أن هناك شراً قد تقرر ضد آريس • 110 فابنه قد قتل في المعركة ، وهو أسكالافوس ، أعز الناس إلى قلبه ، والذي يعتبره ابنه " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 407 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 408 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 462

قالت ذلك فضرب آريس فخذيه الكبيرين براحتي يديه • وقال بغضب وحزن : " لا يلومنّي أحد منكم ، يا من تقيمون في الأولمب ، 115 على ذهابي إلى ما بين سفن الآخيين ، والانتقام لمقتل ابني ، وحتى لو كانت النهاية أن أصاب بصاعقة من زيوس ، وأن أتمدد في الدم والتراب بين البشر الموتى " • قال ذلك ، وأمر ( الخوف ) و( الرعب ) 2 بشد جياده إلى العربة وقام هو بارتداء درعه اللامع • 120 وكان من الممكن أن ينشب غضب آخر ، ومصيبة أخرى ، من زيوس ، أكثر دهاء ، وأعظم مما سبق ، بين الآلهة ، لولا أن أثينا ، خوفاً منها على الآلهة كلهم ، قفزت وخرجت عبر البهو نازلة عن كرسيها الذي تجلس عليه ، وأخذت الخوذة عن رأسه ، والترس عن كتفيه 125 وانتزعت من يده الثقيلة رمحه البرونزي ، وأركزته بعيداً ، ثم تجادلت عقلياً مع آريس العنيف : " أيها المجنون • إنني مندهشة من أفكارك • هذا هو الهلاك ! أذناك ما زالتا قادرتين على سماع الحقيقة ، ولكن عقلك ضائع ، وكذلك ملَكاتك • ألم تسمع ما قالته لنا هيرا ذات الذراعين الأبيضين ، 130 وهي عائدة منذ قليل من عند زيوس الأولمبي ؟ أتريد ، عند مرورك أنت في تلك المآسي ، أن ترجع إلى الأولمب بالإكراه ودون رغبة منك ، وأن تبذر بذور الأحزان الفاجعة بيننا كلنا ؟ إنه سيترك الآخيين والطرواديين البواسل ، ويأتي على الفور 135






2 الخوف والرعب شخصيتان طبعاً. وهما مرافقان لآريس. والرعب، بالتحديد، هو ابنه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 408 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 409 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 463

ليسحقنا كلنا على الأولمب ، ويضرب المذنب والبريء كيفما اتفق • لذلك أطلب إليك التخلي عن غضبك من أجل ابنك • إن واحداً أفضل من ابنك في قوته وفعاله ، قد قتل للتو ، أو نه سيقتل • وإنه لمن الصعب 140 إنقاذ سلالات البشر وأجيال البشر " • قالت ذلك وأجلست آريس العنيف على كرسي • ولكن هيرا دعت للخروج من البيت معها كلاً من أبولو وإيريس ، الرسولة بين الآلهة ، وحدثتهما مخاطبة إياهما بكلمات مجنحة : إن زيوس يطلب 145 منكما أن تذهبا إليه بأقصى سرعة إلى إيدا • وعندما تصلان هناك ، وتريان سحنة زيوس يجب أن تفعلا ما يطلبه منكما وما يأمركما به " • هكذا تكلمت السيدة هيرا ، وعادت مرة أخرى للجلوس على عرشها • وخلال ومضة كان الاثنان قد اتجها صعوداً • 150 وصلا إلى إيدا بينابيعها الكثيرة ، أم الوحوش البرية • ولقيا ابن كرونوس ذا الحاجبين العريضين ما يزال جالساً على قمة الغارغارون ، وحوله غيمة عطرة على شكل دائرة • ودخل الاثنان إلى حضرة جامع الغيوم ، ووقفا • ولم يكن قلبه مغتاظاً حين تطلع إليهما ، 155 وقد رأى أنهما انصاعا لرسالة زوجته العزيزة على الفور • تحدث أولاً إلى إيريس ، من بين الاثنين ، وخاطبها بكلمات مجنحة : " اذهبي على الفور ، يا إيريس السريعة ، إلى الرب بوزيدون ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 409 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 410 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 464

وأبلغيه هذه الرسالة كلها • ولا تكوني رسولاً مخادعاً • قولي له إن عليه الآن أن يخرج من الحرب ويعتزل القتال • 160 وليرجع إلى جمع الآلهة ، أو إلى البحر المتلألئ • وإذا لم يطع كلامي ، أو لم يُقم له وزناً ، فليتأمل في قلبه وروحه أنه لن يستطيع ، مهما بلغت قوته ، أن يصمد أمام هجومي • لأنني أقول له إنني أعظم منه بكثير 165 في القوة ، وأكبر منه بالولادة ، مع أن قلبه لا يتردد في اعتبار نفسه نداً لي ، والآخرون يرتجفون في حضرتي " • قال ذلك ، وأطاعته إيريس ذات القدمين الريحيتين على الفور ، فنزلت من جبال إيدا إلى إليون المقدسة • وكما في ذلك الحين حين يتنزل من الغيوم الثلجُ أو البَرَدُ مدوماً 170 بارداً تحت لفحات الريح الشمالي المتوالد من الهواء الساطع ، بهذه السرعة ومن خلال حماسها كانت إيريس المجنحة السريعة ، قد وقفت إلى جانب مرجف الأرض الشهير ، وتحدثت إليه : " معي رسالة خاصة لك ، يا ذا الشعر الأسود والمحيط بالأرض ، وقد جئت إلى هنا لحملها من زيوس المدرع • 175 تقول أوامره إن عليك أن تعتزل الحرب والقتال • وترجع إلى جمع الآلهة أو إلى البحر المتلألئ • وإن لم تطع كلماته ، أو لم تقم لها وزناً ، فإن تهديده هو أنه سينزل بنفسه للقتال ضدك هنا ، قوة مقابل قوة • ولكنه يحذرك أن تبتعد عن يديه • 180 لأنه ، كما يقول ، هو الأعظم منك بكثير








الإلياذة هوميروس الصفحة : 410 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 411 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 465

في القوة ، وهو الأكبر سناً • مع أن قلبك لا يتردد في اعتبار نفسك نداً له ، بينما الآلهة الآخرون يرتجفون في حضرته " • اغتاظ مرجف الأرض الشهير من أعماقه وقال لها : " لا • لا • فمع أنه عظيم ، إلا أن هذا الذي يقوله كثير جداً • 185 إن كان سيجبرني رغماً عن إرادتي ، فأنا الند له في المرتبة • فنحن ثلاثة أخوة ولدتنا ريا من كرونوس ، زيوس وأنا والثالث هو هيدز ، رب الموتى • وقد تم تقسيم كل شيء بيننا فكان لكل مملكته • أنا ، حين خلطت الأزلام ، كان نصيبي أن أعيش في البحر الأشهب ، 190 وسحب هيدز زلم الضباب والظلمة ، وكان نصيب زيوس السماء الشاسعة ، بين الغيوم والهواء الساطع • ولكن الأرض والأولمب مشتركان بيننا نحن الثلاثة • أنا لست أتعدى على نصيب زيوس • فدعيه بهدوء ، ومهما بلغت قوته ، أن يظل مكتفياً بنصيبه الثالث • 195 وليتوقف نهائياً عن تهديدي بيديه ، وكأنني وضيع الأصل • وكان الأفضل له أن يخلي لأولاده وبناته تلك التهديدات ، والإنذارات بالويل والرعب • إنهم سيسمعون كلامه مهما كان ما يقوله لهم ، لأن هذا واجبهم " • وردت عليه إيريس سريعة القدمين كالريح : 200 " أعلي إذن ، يا ذا الشعر الأسود والمحيط بالأرض ، أن أنقل إلى زيوس منك هذه الكلمة ، التي هي قوية وحادة ؟ أم أنك ستغير فيها قليلاً ؟ إن قلوب الكبار والعظماء قابلة للتغير • وأنت تعرف أن ربات النقمة ينحزن للكبار دائماً " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 411 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 412 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 466

وقال لها مرجف الأرض بدوره : 205 " هذه كلمة قيلت بحق وإنصاف يا إيريس المقدسة • وإنه لمن الجميل أن يكون الرسول واعياً بالعدل • ولكن كلامه جاء مثل السهم القاسي إلى قلبي وروحي ، وذلك حين يحاول زيوس أن يوبخ بكلمات غاضبة من هو ند له في المقام ، وممنوح قدراً مثل قدره • 210 ومع ذلك ، ورغم غضبي كله سأنسحب هذه المرة • ولكنني سأقول ذلك أيضاً ، واعتبريه تهديداً نابعاً من غضبي • إذا حدث في أي يوم أن عمل وحده دون علمي وعلم أثينا المفسدة ، ودون علم هيرا وهيرميس والرب هيفايستوس ، ولم يبتعد عن إليون الحصينة ، وظل يرغب 215 باجتياحها بالقوة ، وبتقديم النصر العظيم للأرجيفيين ، فليثق تماماً أنه لن يكون هناك شفاء لغضبنا بعد اليوم " • قال مرجف الأرض ذلك ، وغادر صفوف الآخيين ، ثم غاص في البحر ، فافتقده المقاتلون الآخيون • وبعد ذلك تحدث زيوس جامع الغيوم إلى أبولو قائلاً: 220 اذهب أنت الآن يا فويبوس الحبيب إلى جانب هيكتور ذي الخوذة اللامعة ، فبذهاب المحيط بالأرض ومرجفها إلى البحر المشعشع تجنب الغضب الذي كان سيصدر عنا • وإلا لكان صراعاً سمعت عنه الآلهة كلها ، وبينهم الذين يتجمعون حول كرونوس تحتنا • 225 ولكن الأمور بهذه الطريقة سارت بشكل أفضل بالنسبة لي ، وبالنسبة له هو أيضاً • فرغم كل إغاظته لنا إلا أنه استسلم لي أخيراً •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 412 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 413 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 467

وكنا سنعرق كداً قبل انتهاء ذلك الأمر • والآن اذهب أنت بنفسك وهز الدرع ذا الشرابات المتهزهزة • هزه بقوة لإخافة المحاربين الآخيين • 230 وبعد ذلك ، أيها الضارب عن بعد ، فليكن شغلك الشاغل هيكتور المجيد • تابع إيقاظ القوة الهائلة التي فيه ، إلى أن يهرب الآخيون من القتال ، ويعودوا إلى السفن ومعبر هيلي • وبعد ذلك سأفكر أنا نفسي بالكلام والفعل بما يجعل الآخيين يستخدمون الرياح مرة أخرى بعد قتالهم العنيف " • 235 قال ذلك ، فلم يخالف أبولو رأي والده ، بل نزل عبر جبال إيدا على هيئة الصقر الجامح ، الذي هو قاتل الحمام وأسرع الطيور قاطبة • ووجد هيكتور الباسل ، ابن بريام الحكيم ، جالساً ، إذ لم يعد الآن مستلقياً بعد أن استجمع قواه، 240 وتعرف على مرافقيه الذين حوله • وبدأ العرق والتنفس الصعب يتوقفان منذ أن أيقظته إرادة زيوس • ووقف إلى جانبه أبولو الذي يعمل عن بعد ، وتحدث إليه : " هيكتور ، يا ابن بريام ، لماذا تجلس هنا بهذا الضعف بعيداً عن الآخرين ؟ هل ألمت بك مصيبة ؟ " 245 ومن خلال ضعفه رد عليه هيكتور قائلاً : " من أنت الذي تكلمني وجهاً لوجه ، يا أنبل الآلهة ؟ ألم تعرف كيف ، بجانب السفن الراسية ، قام أياس صرخة الحرب العظيمة بضربي بصخرة كبيرة على صدري ، فيما كنت أقتل حلفاءه ، فوضع حداً لإقدامي العنيف ؟ 250








الإلياذة هوميروس الصفحة : 413 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 414 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 468

الحقيقة أنني اعتقدت أنني سأصبح بين الجثث ، وفي بيت إله الموت ، بعد أن ألفظ أنفاسي " • وبدوره قال له أبولو الذي يعمل عن بعد: " قوِّ قلبك • فأنا المنتقم الذي أرسله ابن كرونوس من إيدا لكي أقف بجانبك وأدافع عنك • 255 أنا فويبوس أبولو ذو السيف الذهبي ، الذي وقف قبل اليوم للدفاع عنك وعن حصنك الجبلي • فقم بنا الآن واستنفر خيّالتك 3 كلهم لتوجيه جيادهم نحو السفن الخاوية ، سأتقدم جموعكم وأمهد الطريق للجياد 260 فتكون سهلة ، وأصد المحاربين الآخيين " • قال ذلك ونفخ قوة عظيمة في قائد الجيش 4 • وكما يحدث لجواد مربوط يتغذى بالقمح من معلفه حين يقطع قيده ويجمح كالرعد في السهل متوجهاً إلى مكان اغتساله المعهود في مياه النهر المتدفقة العذبة 265 وفي أوج اعتزازه بقوته يشرّع رأسه عالياً ويتطاير عرفه فوق كتفيه ، وبثقته بقوته تحمله قوائمه السريعة إلى مرعى الخيل والأماكن الأثيرة لديه ؛ هكذا تحرك هيكتور بسرعة وتقدمت به قدماه وركبتاه ، وهو يستثير الخيّالة بعد أن سمع صوت الإله وهو يتكلم • 270 وكما يحدث حين يهاجم أبناء البراري مع كلابهم أيلاً ذا قرون كبيرة أو فحلاً برياً ، وتكون المنحدرات الشديدة صعبة المرتقى ، أو تكون الغابة كثيفة الظلال فتحجب الطريدة ،






3 نكرر هنا ملاحظة سابقة. فالخيالة ليسوا راكبي الخيل. ولم يكن اليونانيون قد عرفوا ركوبها بعد. ولا يشار إلى ركوب الخيل إلا في حالات خاصة ونادرة. وهم لم يستخدموا الخيل، حتى ذلك الحين، إلا للجر فقط. وفي الحرب لجر العربات الحربية. 4 بعد ذلك الوصف الدقيق لهول الإصابة الكبيرة التي أصيب بها هيكتور لن يستطيع العودة إلى القتال إلا بمعجزة إلهية. وها هي تحدث.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 414 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 415 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 469

ويدرك الرجال أنه ليس لهم نصيب في اصطياده ، ثم وفي تظاهرتهم الصاخبة يواجههم أسد عظيم اللبدة 275 فيركنون إلى الفرار سريعاً بكل ما فيهم من قوة ، هكذا كان الدانانيون حتى ذلك الحين متابعين مطاردتهم المتلاحمة مجتمعين ، وهم يطعنون بالسيوف وبالرماح ذات الأسنة الحادة ، ولكنهم حين رأوا هيكتور يتصدر صفوف المقاتلين من جديد ، خافوا وانهارت ركبهم ومعها شجاعتهم كلها • 280 وتحدث بينهم ثواس ، ابن أندرايمون ، وهو أفضل الأيتوليين ، والبارع في رمي الرمح والشجاع في القتال الالتحامي • وقلة من الآخيين في الاجتماعات ، حين يتشاور الشبان ، يستطيعون التفوق عليه • وبنية طيبة تكلم الآن مخاطباً إياهم : 285 " أيمكن لهذا أن يحدث ؟ ها هنا شيء لا يصدق أراه بعيني • كيف استعاد هيكتور هذا قوته من جديد ، وراوغ أشباح الموت • أظن أنه كان عند كل منا أمل كبير في أن يكون قد قتل على يدي أياس التيلاموني • لا بد أن أحد الآلهة قد جاء لمساعدة هيكتور • 290 وأنقذ ذلك الذي أرجّف ركب الكثيرين من الدانانيين • وأظنه سيفعل ذلك من جديد • ولم يكن دون تدخل من زيوس ذي الرعد العميق أن يستطيع بطلهم الوقوف والاندفاع بهذه الحمية كلها • هيا بنا وافعلوا كما أقول • وليقتنع الجميع بذلك • دعونا نطلب من الجميع أن يشقوا طريقهم عائدين إلى السفن 295 فيما نحن ، الذين نعتبر أنفسنا الأعظم في الجيش كله ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 415 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 416 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 470

نقف وكأننا نستطيع مواجهته أولاً وإبعاده عنهم ورماحنا مرفوعة في وجهه • وأظن أنه على الرغم من اندفاعته كلها فإن قلبه سيخشى الانخراط وسط صفوف جمعنا الداناني " • قال ذلك ، وهم يستمعون إليه باهتمام • فأطاعوه فيما قال • 300 أما الذين كانوا متحشدين حول أياس ، القائد إيدومينيوس وتيوكروس وميريونيس وميغيس ، الشبيه بإله الحرب ، فقد رصوا صفوفهم للمواجهة الحاسمة ، داعين الشجعان لمواجهة هيكتور والطرواديين • وفي الوقت ذاته كانت الجموع وراءهم تعود إلى سفن الآخيين • 305 وتقدم الطرواديون إليهم في جمع متراص ، وهيكتور على رأسهم يتقدم بخطوات مديدة ، وأمامه فوبيوس أبولو واضعاً فوق كتفيه غيمة من الضباب ، وهو يمسك بالدرع العاصف الرهيب المهلهل الغريب ، الذي صنعه حداد البرونز هيفايستوس لزيوس لكي يخيف البشر حين يرتديه • 310 كان يمسك بهذا بيديه الاثنتين وهو يتقدم الجيش الطروادي • ولكن الأرجيفيين وقفوا لهم في صف متراص ، وانطلقت صرخة الحرب زعقة حادة من كلا الجانبين ، والسهام تُرشق من أوتارها النابضة ، فيما الرماح المرمية بوفرة من الأيدي القوية يتوجه بعضها إلى أعماق الأجساد للشبان السريعين ، 315 بينما يرتمي بعضها بين الجيشين قبل أن تصل إلى الجلود البيضاء وتنغرز راسخة في الأرض ، مع أنها كانت تواقة للوصول إلى الأجساد • وطوال الوقت ظل فوبيوس أبولو ممسكاً بيديه بالدرع • وطوال الوقت ظلت أسلحة الطرفين تقذف ، والرجال يتساقطون تحتها •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 416 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 417 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 471

ولكن أبولو ، حين حدق مباشرة في عيون الدانانيين السريعين ، 320 وهز الدرع ، وأطلق صرخة وَعْوَعَةٍ عظيمة ، صعقت أرواحهم لسماعها ، فلم تبق فيهم بسالة أو حمية • أما هم ، وكما في عتمة الليل الحالك يقوم وحشان بريان بتشتيت قطيع من الأبقار أو الأغنام ، بالهجوم المباغت عليه ، وحين لا راعي عن قرب ؛ 325 هكذا هرب الآخيون في حالة من الضعف والرعب إلى سفنهم ، لأن أبولو أوقع الرعب في قلوبهم ، وأعطى المجد للطرواديين وهيكتور • وهناك راح الرجل يقتل الرجل في مواجهات متفرقة • فهيكتور قتل ستيخيوس وأركيسيلاوس أولاً • الأول هو قائد البويوتيين المدرعين بالبرونز • 330 والثاني هو رفيق السلاح الموثوق لدى مينيسثيوس • ولكن أينياس قتل ميدون وإياسوس • وكان ميديون ابناً غير شرعي لأويليوس الشبيه بالآلهة • وبالتالي فهو أخ لأياس ، لكنه كان يقطن في فوليك بعيداً عن أرض آبائه لقتله رجلاً ، من أقرباء 335 إريوبيس ، زوجة أبيه أويليوس • وكان إياسوس قائداً عينه الأثينيون ، وكان يلقب بابن سفيلوس ، ابن بوكولوس • وقام بولوداماس بقتل ميكيستيوس ، وبوليتيس إيخيوس في الهجمة الأولى ، وأردى أغينور الباسل كلونيوس • 340 وقام باريس برمي ديوخوس من الخلف عند قاعدة الكتف ، وهو يهرب عبر الصفوف الأمامية ، وتقدم النصل عبرها •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 417 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 418 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 472

وفيما كان هؤلاء يجردون الدروع عن رجالهم ، كان الآخيون يتساقطون في الخندق العميق وعلى الأوتاد المدببة • ويركضون هنا وهناك في رعب لاجئين إلى متاريسهم • 345 ولكن هيكتور صرخ بالطرواديين صرخة حادة : " شقوا الطريق إلى السفن • لا تتوقفوا عند الأسلاب • هذا الرجل الذي أراه في الاتجاه الآخر بعيداً عن السفن ، أنا سأهتم بقتله • وأقاربه من الرجال والنساء لن يستطيعوا القيام بطقوس الحرق لجثته • 350 فالكلاب في الخلاء المجاور لمدينتنا ستمزقه إرباً " • قال ذلك وساط جياده من أكتافها • وعبر الصفوف داعياً الطرواديين • فرددوا الصيحة معه • وشدوا على الجياد التي طارت بالعربات ، بضجيج لا إنساني ، وأمامهم فويبوس أبولو 355 يرفس من أمامه بقدميه ، ويهدم الحواف الضفافية للخندق العميق في حفرتها • فشكل جسراً للمرور عريضاً وطويلاً ، بمقدار مدى رمية رمح يرميها رجل ليجرب قوته • وتدفقوا من فوقه في تشكيل جماعي ، وفي مقدمتهم أبولو 360 ممسكاً بالدرع الرهيب ، وهو يحطم متاريس الآخيين بسهولة ، مثلما يكوم ولد رملاً على الشاطئ ، فيعمل وهو يلعب أبراجاً رملية ليتسلى بها ، ثم يقوم ، وهو ما يزال يلعب ، بتهديمها بقدميه ويديه • هكذا كنت ، أيها الرب أبولو ، تهدم ما تم بناؤه بالجهد الكبي 365








الإلياذة هوميروس الصفحة : 418 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 419 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 473

والمضني من قبل الأرجيفيين ، وتبث الرعب في قلوبهم • هكذا كبحوا جماح خيولهم ، وثبتوا من جديد قرب سفنهم ، وكل ينادي الآخر بصوت مرتفع ، وينادي الآلهة • والجميع يرفعون أيديهم ، ليصلي كل منهم صلاته بصوت عال ، وأكثر من الآخرين كان نيستور الجيريني ، حامي الشعب ، 370 يصلي رافعاً يديه نحو السماء المرصعة بالنجوم 5 : " يا أبانا زيوس • إذا كان أحدنا ، في أرغوس الغنية بالقمح ، في حياته قد أحرق أمامك الأفخاذ السمينة والمكتنزة بالشحم لخروف أو ثور ، سيعود إلى بيته من جديد ، وهززت رأسك موافقاً ، فتذكر ، أيها الأولمبي ، أن تنقذنا من هذا اليوم العصيب ، 375 ولا تترك الآخيين ينهزمون هكذا أمام الطرواديين " • قال ذلك في صلاته ، وأرعد زيوس رب المجالس بصاعقة قوية ، وهو يسمع صلاة العجوز ، ابن نيليوس • ولكن الطرواديين ، عند سماعهم لصاعقة زيوس المدرع ، عادت إليهم بسالتهم أشد وأقوى ، ووثبوا على الأرجيفيين • 380 وهم ، ومثلما تقوم الأمواج العاتية في البحر الفسيح بضرب جوانب سفينة تحت دفع الرياح التي من شأنها رفع الأمواج الكبيرة ، هكذا مر الطرواديون فوق التحصينات دافعين خيولهم ليصبح قتالهم على طول السفن الراسية • 385 برماح ذات رؤوس ورقية الشكل ، البعض في التحامات مباشرة والآخرون من وراء خيولهم • والآخيون الذين صعدوا إلى سفنهم صاروا يقاتلون منها، برماح طويلة معدة للقتال في البحر ،






5 هو وصف عام للسماء، ولا يعني بالضرورة أن الوقت الآن ليل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 419 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 420 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 474

مغطاة فوق رؤوسها بالبرونز الملحوم بها • وطوال الوقت الذي كان فيه الآخيون والطرواديون يتقاتلون 390 على جانبي السور بعيداً عن السفن ، كان باتروكلوس يجلس في مأوى يوروبولوس الملكي يسليه بالكلام ، ويطبق تركيبات الدواء التي تخفف آلام الجرح المتورم • إلا أنه حين رأى الطرواديين يجتاحون التحصينات ، 395 وصرخات الحرب وزعقات الفزع تنطلق من الدانانيين ، أنّ باتروكلوس بصوت عال وضرب على فخذيه براحتي كفيه • وقال كلمة ندب : " مع أنك محتاج إلي كثيراً يا يوروبولوس ، ولكنني لم أعد أستطيع البقاء أكثر من ذلك معك •لقد نشب قتال عنيف وكبير • 400 والآن جاء دور معاونك للعناية بك ، وأنا علي أن أسرع إلى آخيل لأستنهضه للقتال • من يدري ، قد أستطيع ، بمعونة الإله ، أن أبث القلق في روحه بالاستعطاف ، فإقناع الصديق أمر قوي " • وفيما هو يتكلم حملته رجلاه بعيداً • 405 وفي الوقت ذاته كان الآخيون صامدين أمام الهجوم الطروادي ، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يصدوا العدو ، وهم قلة بعيدة عن السفن ، كما لم يعد لدى الطرواديين القوة لتحطيم كتائب الدانانيين ولشق طريقهم إلى داخل السفن والمآوي • وكما يفصل خط الكلس مكان قطع الخشب 410 في يد نجار خبير ، والذي بإلهام من أثينا ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 420 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 421 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 475

يبرع في مناحي حرفته كافة، هكذا كانت المعارك التي تخاض من قبل الطرفين تتم بسرعة وتكافؤ • قرب السفن كان الآخرون يقاتلون من مواقع مختلفة • ولكن هيكتور توجه مباشرة إلى أياس المجيد • 415 وراح هذان الاثنان يتحاربان من أجل سفينة واحدة • ولكن لا أحد منهما تفوق • لا هيكتور قادر على إخراج أياس من السفينة لإحراقها ، ولا أياس قادر على إبعاد هيكتور عنها طالما أن الآلهة معه • وقام أياس البارع بقذف رمحه على كاليتور ، ابن كلوتيوس ، في صدره وهو يضرم النار في السفينة • 420 فسقط سقوطاً مدوياً وسقط المشعل من يده • وحين أدرك هيكتور أن ابن عمه قد سقط على التراب أمام السفينة السوداء رفع صوته بنداء عال إلى الطرواديين واللوكيين : " أيها الطرواديون واللوكيون والداردانيون الذين تقاتلون متكاتفين 425 لا تتخلوا عن القتال في هذا المكان الضيق مهما كانت الأسباب بل قفوا إلى جانب ابن كلوتيوس • ولا تدعوا الآخيين يجردونه من درعه ، بعد أن سقط حيث تجتمع السفن " • قال ذلك ووجه ضربة إلى أياس بالرمح اللامع ، ولكنه أخطأه وأصاب لوكوفرون ، ابن ماستور ، 430 المرافق لأياس من كوثيرا ، الذي كان يعيش معه ، لأنه كان قد قتل رجلاً في كوثيرا المقدسة • أصابه هيكتور في رأسه فوق أذنه بالبرونزي الحاد ، فيما كان يقف إلى جوار أياس • فارتمى لوكوفرون








الإلياذة هوميروس الصفحة : 421 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 422 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 476

من مؤخر السفينة إلى الأرض وتحطمت قواه • 435 وارتجف أياس عند رؤيته له ، وقال لأخيه : " انظر يا تيوكروس العزيز إلى مرافقنا المخلص ابن ماستور • لقد قتل وهو القادم من كوثيرا إلى بيتنا ، والذي كنا قد أكرمناه كما كنا نكرم أبوينا • لقد قتله هيكتور ذو القلب الجسور • فأين سهامك 440 التي تحمل الموت المفاجئ ، والقوس الذي أعطاك إياه فوبيوس أبولو ؟ 6 " قال ذلك ، وسمعه تيوكروس فجاء راكضاً ليقف إلى جانبه ، وهو يمسك بيده قوسه المعقوفة وجعبة السهام ، وبدأ يوجه سهامه القوية نحو الطرواديين • كان أول من أصابه هو كليتوس ، الابن المجيد لبيسينور ، 445 والمرافق لبولوداماس ، ابن بانثوس الفخور • وكان هذا منشغلاً بأعنة جياده يوجهها إلى حيث تتشتت معظم الكتائب ، من أجل هيكتور والطرواديين • ولكن البلية المفاجئة جاءته ، فلم يستطع أحد ، رغم رغبتهم ، أن يقدم له يد العون • 450 لأن السهم المؤلم دخل قذاله • سقط عن العربة ، وانطلقت الجياد السريعة مبتعدة ، وهي تجرجر العربة الفارغة • ولكن بولوداماس ، صاحبها ، سرعان ما رأى ما يحدث فركض مباشرة وأمسك الجياد من رؤوسها • وسلمها ليدي أستونووس ، ابن بروتايون ، 455 مع أوامره العديدة والمشددة بأن ينتبه لها ، ويبقيها على مقربة • وعاد بعد ذلك إلى صفوف الأبطال •






6 لا يعني هذا أن أبولو قد أعطاه القوس فعلاً، بل يعني أنه رامي سهام بارع.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 422 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 423 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 477

ولكن تيوكروس تناول سهماً آخر وسدده نحو هيكتور ذي الخوذة البرونزية • وكان سينهي قتاله قرب سفن الآخيين لو أنه أصابه وهو في صولته وانتزع الحياة منه • 460 ولكنه لم يكن غائباً عن رعاية زيوس ، الذي كان يحمي هيكتور ، فحجب المجد عن تيوكروس التيلاموني 7 • وحطم الوتر المجدول في القوس الذي لا يخطئ ، وهو يشد القوس نحوه ، وطاش السهم المغطى بالبرونز لدى سقوط القوس من يديه وارتمى جانباً • 465 وارتجف تيوكروس لهذا المنظر ، وقال لأخيه : " انظر الآن كيف أن الإله يمانع في وصولنا إلى أهدافنا في معركتنا كلها ، فيكسر القوس في يدي ، ويسقطه ، ويقطع مجدداً الوتر المشدود الذي ربطته به هذا الصباح ، لكي يوقف تتابع أسهمي النابضة " • 470 فرد عليه أياس التيلاموني الضخم بدوره : " يا أخي العزيز • اترك إذن قوسك وسهامك المرشوقة حيث هي طالما أن الإله الذي يحقد على الدانانيين قد كسره • وتناول رمحاً طويلاً بيديك ، وعلق ترساً على كتفك ، واشتبك مع الطرواديين ، وتولّ قيادة بقية قومك • 475 ولا تدعهم ، رغم أنهم قد تفوقوا علينا ، يستولون بسهولة على سفننا ذات المقاعد القوية • علينا أن نستعيد حمية القتال " • قال ذلك فأخفى تيوكروس قوسه في مخبئه ، وألقى على كتفيه بترس من أربع طبقات من جلود الثيران • وفوق رأسه القوي وضع خوذة متقنة الصنع والشكل 480






7 كان تيو كروس أخاً غير شقيق لأياس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 423 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 424 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 478

ولها عرف من شعر الخيل ، والريش يهتز مرعباً فوقها • ثم أمسك برمح قوي ينتهي برأس من البرونز الحاد ، وخرج يركض بسرعة ليقف إلى جانب أياس • ولكن هيكتور حين رأى كيف تطيش سهام تيوكروس رفع صوته بصرخة مدوية منادياً الطرواديين واللوكيين : 485 " أيها الطرواديون واللوكيون والداردانيون الذين تقاتلون متكاتفين • كونوا الآن رجالاً ، أيها الأصدقاء الأعزاء ، واسترجعوا بسالتكم العنيفة إلىجانب السفن الجوفاء ، فقد رأيت بعينيّ كيف تطيش سهام أشجع رجالهم بتدخل من يد زيوس • فما أسهل رؤية القوة التي يمنحها زيوس للبشر 490 إما في أولئك الذي يضع بين أيديهم المجد التليد ، وإما في أولئك الذي يضعفهم ولا يمد لهم يد العون ، مثلما يضعف الآن قوة الأرجيفيين ، ويساعدنا • فتقاتلوا معاً إذن قرب السفن • وإذا واجه أحدكم نهايته برمح مقذوف أو رمح مطعون ، فليمت • 495 فليس مما يقلل من كرامته أن يموت مدافعاً عن بلده ، لأن هذا ما ينقذ زوجته وأولاده من بعده • وتنجو أملاكه وبيته من الدمار ، إذا ما رجع الآخيون في سفنهم إلى أرض آبائهم الحبيبة " • قال ذلك فبث الحمية والبسالة في قلب كل رجل وروحه • 500 ولكن أياس من الجهة الأخرى قال لمرافقيه : " يا للعار أيها الأرجيفيون • هذا أوان الحسم ، فيما إذا كنا سنموت ، أم نستمر في الحياة لنبعد الدمار عن سفننا •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 424 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 425 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 479

هل تتوقعون ، إذا ما سقطت سفننا بين أيدي هيكتور ذي الخوذة اللامعة ، أن أياً منكم سيمشي راجعاً غير مبلل إلى أرض آبائه ؟ 505 ألا تسمعون كيف يقوم هيكتور بتحريض قومه ، وكيف يدفعهم لإضرام النار في سفننا ؟ إنه لا يدعوكم إلى الرقص • بل يدعوكم إلى النزال • وليس هناك بالنسبة لنا هدف أو غرض أفضل من هذا : أن نرص صفوفنا ونقاتل بقوة أيدينا في اشتباكات متلاحمة • 510 إن من الأفضل لنا أن نواجه دفعة واحدة فرصة الموت أو الحياة ، بدلاً من انحشارنا في المواجهة الشديدة قرب سفننا ، كما نحن الآن ، مع رجال أشد منا سوءاً " 8 • قال ذلك فأيقظ الحمية في نفس كل منهم وفي روحه • وهناك كان هيكتور يقتل سخيديوس ، ابن بيريميديس 515 قائد مقاتلي فوكيس • ولكن أياس قتل لاوداماس ، قائد المشاة ، والابن الرائع لأنتينور • ثم قام بولوداماس بتجريد أوتوس الكوليني ، مرافق ميغيس ، ابن فوليوس ، والمبرز بين الإيبيين البواسل من عدته • وحين رأى ميغيس ذلك اندفع نحوه ، ولكن بولوداماس 520 زاغ منه فأخطأه ميغيس • إن أبولو لن يدع ابن بنثوس يسقط بين محاربي الطليعة ، ولكن ميغيس طعن برمحه وسط ترس كرويسموس • فسقط هذا سقوطاً مدوياً • وراح ميغيس يجرده من درعه عن كتفيه • وفي الوقت ذاته هجم عليه دولوبوس ، 525 ابن لامبوس ، الرجل البارع بالرمح والأقوى بين أبناء لامبوس ،






8 المعضلة التي تقرب الجو تدريجياً من التراجيديا هي أن الطرواديين يقاتلون دفاعاً عن مدينتهم ووطنهم وزوجاتهم وأبنائهم. فإما أن ينتصروا أو يبادوا ويخسروا كل شىء. واليونانيون بعيدون عن أوطانهم، ليس لهم ملجأ أو مكان يحتمون به. إما أن ينتصروا أو يبادوا أيضاً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 425 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 426 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 480

ابن لاوميدون ، البارع في القتال العنيف • وعن قرب طعن برمحه ترس فولييديس في المنتصف • ولكن الصديرية التي يرتديها حمته • إذ كانت متينة ومصنوعة من صفائح محنية من المعدن • 530 كان فوليوس فيما مضى قد جلبها من إيفورا ونهر سيلييس • فقد أعطاه إياها صديق ضيف ، وهو يوفيتيس ، سيد القوم ، ليحملها في القتال وترد عنه ضربات العدو • وها هي الآن ترد الهلاك عن جسد ابنه • ولكن ميغيس طعن برمحه الحاد ذروة رأس الخوذة 535 البرونزية المكللة بشعر الخيل ، فانتزع عرف شعر الخيل عن الخوذة ، حتى سقطت على الأرض وتدحرجت على التراب بكل لمعانها القرمزي • غير أن دولوبوس ظل مكانه وراح يقاتل وهو ما يزال يأمل في الفوز ، ولكن خلال ذلك جاء المقاتل الباسل مينيلاوس ليقف إلى جانب ميغيس ، 540 لقد جاء من جنب فلم يُنتبه إليه برمحه • ومن الخلف قذفه نحو كتفه فاخترقه الرمح وخرج من صدره بقوة اندفاعه • وترنح دولوبوس وتهاوى ، ووجهه إلى الأرض • وتقدم الاثنان ليجرداه عن كتفيه من الدرع البرونزي • غير أن هيكتور نادى اخوته ، 545 كلهم ، بعد أن طعن ميلانيبوس القوي ، ابن هيكيتاون ، وكان يرعى قطيعه الهزيل في بيركوتي ، في الأيام الماضية قبل مجيء الأعداء • ولكن حين جاءت سفن الدانانيين التي تتحرك بالمجاذيف








الإلياذة هوميروس الصفحة : 426 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 427 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 481

عاد إلى إليون ، وكان مبرزاً بين الطرواديين • 550 وعاش مع بريام ، الذي كرمه كما يكرم أولاده • وقد قال له الآن هيكتور كلمة ، وناداه باسمه ، ووبخه قائلاً : " هل سنستسلم هكذا يا ميلانيبوس ؟ ألا يعني شيئاً حتى لك أنت ، في أعماق قلبك ، أن يسقط ابن عمك ؟ ألا تراهم منكبين على ترس دولوبوس ؟ 555 هيا الآن • لم نعد نستطيع أن نبقى بعيدين لنقاتل الأرجيفيين • يجب أن نقتلهم بأسرع ما يمكن ، وإلا فإن إليون المنيعة سيتم اجتياحها من قبلهم ، ويُقتل أبناؤها " • قال ذلك وتقدم فتبعه الآخر ، إنساناً شبيهاً بالآلهة • ولكن أياس التيلاموني راح يثير الأرجيفيين : 560 " كونوا رجالاً يا أصدقائي • وثبتوا الإحساس بالعار في قلوبكم ومبادئكم • وليفكر كل منكم في الآخر أثناء المواجهات • فالكثيرون يخرجون أحياء حين يفكر كل بالآخر • ولا مجد لمن يهربون ، ولا تقدير بطولة " • قال ذلك فزادت قوة قتالهم في دفاعهم • 565 وحفظوا كلامه في قلوبهم وأحاطوا سفنهم بدائرة من البرونز غير أن زيوس ألهب الطرواديين ضدهم • وراح مينيلاوس ، صرخة الحرب الداوية ، يحرض أنتيلوخوس : " يا أنتيلوخوس • ليس هناك من هو أصغر منك بين الآخيين • ولا أسرع منك على القدمين ، ولا بقوتك في القتال • 570 إنك تستطيع الإقدام وصرع واحد من الطرواديين " • قال ذلك وأسرع إلى الخلف ، ولكنه دفع بأنتيلوخوس إلى الأمام •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 427 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 428 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 482

فقفز من بين صفوف الأبطال ولوح بحربته ، وهو يتلفت حوله ، وتراجع الطرواديون من طريق الرجل الذي يقذف بالرمح • وهو لم يقذف ضربة خائبة 575 بل أصاب ابن هيكيتاون ، ميلانيبوس الباسل ، في صدره قرب حلمة الثدي فيما كان مندفعاً في القتال • فسقط سقوطاً مدوياً ، وأغلقت الظلمة عينيه • وتقدم منه أنتيلوخوس واثباً ، كما يندفع كلب الصيد نحو خشف مصاب ؛ ما إن خرج من مكمنه 580 حتى أطلق عليه الصياد سهمه ، وأصابه ، فحطم قوة أطرافه • هكذا قفز أنتيلوخوس العنيد في المعارك ، عليك أنت يا ميلانيبوس ، لانتزاع درعك • إلا أن هيكتور لم يغفل عنه ، فأقبل مسرعاً نحوه عبر النزال • ولم يثبت أنتيلوخوس ، رغم كونه محارباً سريعاً ، 585 بل هرب مثل وحش بري ارتكب شراً ، قتل كلباً ، أو راعي ثيران قرب قطيعه ، وهرب قبل أن يتجمع عليه جمع من الرجال • هكذا هرب ابن نيستور ، ووراءه الطرواديون وهيكتور • بضجيج عال وهم يلقون عليه وابلاً من أسلحتهم الهادرة • 590 ولم يقف إلا حين وصل إلى جمع أصحابه • ولكن الطرواديين كانوا يهجمون ، مثل قطيع أسود شرهة ، نحو السفن ، وقد بدؤوا يحققون إرادة زيوس ، الذي كان يبث فيهم دائماً قوة عظيمة ، ويحبط شجاعة الأرجيفيين وينتزع المجد منهم ، ويمنحه للآخرين • 595








الإلياذة هوميروس الصفحة : 428 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 429 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 483

كانت مشيئة زيوس منح المجد لابن بريام ، هيكتور ، بأن يتمكن من إلقاء النيران الفتاكة على السفن المحنية ، والتحقيق الكامل لرجاء ثيتيس • وراح زيوس ينتظر أن يرى بعينيه المتوهجتين احتراق إحدى السفن • 600 ومن بعد ذلك سيجعل هجوم الطرواديين يتراجع مرة أخرى عن السفن ، ويعيد المجد للدانانيين • وهذا الأمر في باله ، دفع نحو السفن الجوفاء بهيكتور ، ابن بريام ، مع أن هيكتور كان متأججاً ومضطرماً دون تدخل إله ، مثلما تضطرم النيران ، أو آريس الهزاز بالرمح ، 605 بين الجبال والمناطق الكثيفة في الغابات المكتظة • وكان الزبد يغطي شفتيه ، وتحت الحاجبين المقطبين كانت عيناه تتوهجان ، والخوذة على صدغيه ، تهتز وتدوي مخيفة مع قتال هيكتور • ومن السماء البراقة كان زيوس نفسه يعمل على مساعدته 610 ومن بين العدد الغفير من الرجال كان يكرم هذا الرجل وحده ويمنحه المجد ، لأن هيكتور لم تكن له إلا حياة قصيرة • وقد قدر له يوم موته من قبل بالاس أثينا عبر قوة آخيل • وها هو الآن يصول بين صفوف المقاتلين ويحاول تشتيتها • 615 وكان يتقدم حيث يكون التجمع أكبر ، والتسلح أقوى • ولكن ، مع ذلك ، وبالرغم من اندفاعه ، لم يستطع تحطيم تماسكها ، لأنهم رصوا صفوفهم كالجدار ، ووقفوا في وجهه ، مثل جرف صخري






الإلياذة هوميروس الصفحة : 429 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 430 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 484

شاهق وملاصق لمياه البحر المالح الأشهب ، فيقف في وجه الريح الصاخبة وهبوبها المفاجئ ، 620 وفي وجه الأمواج التي تتعاظم وتتفجر في ارتمائها عليه • هكذا وقف الدانانيون في وجه الطرواديين ، ولم يتراجعوا • أما هو ، المتأجج باللهب من كل جانب ، فكان يهاجم أعدادهم الغفيرة وينقض عليهم كما تنقض على السفينة السريعة الموجةُ العاتيةُ التي ولدتها العاصفة من تحت الغيوم ، 625 فتتغطى السفن بالزبد ، وكالانفجار الرهيب للإعصار وهو يقصف الشراع ، فتهتز قلوب البحارة هلعاً ، وهم لا يبعدون إلا قليلاً عن متناول الموت • هكذا كان قلب كل آخي يضطرب في صدره • كان هيكتور ينقض عليهم انقضاض الليث الفتاك على القطيع 630 الذي ينتشر بالمئات في المروج المنخفضة في مرعى مستنقعي شاسع ، ومعه راع لا يعرف تماماً كيف يقاتل وحشاً برياً ليمنعه من قتل ثور ذي قرنين معقوفين ، فيبقي على مسافة دائمة بينه وبين أول القطيع وآخره • ولكن الأسد يجعل وثبته في الوسط ، 635 ويفتك بثور بينما بقية القطيع تولي الأدبار ، هكذا كان الآخيون الآن يتراكضون هاربين مذعورين جميعهم أمام الأب زيوس وهيكتور • إلا أنه لحق بواحد هو بيريفيتيس الموكيناي ، الابن المحبوب لكوبريوس الذي كان يقوم دائماً بنقل الرسائل من الملك يوروسثيوس إلى هرقل • 640 لهذا الأب المتواضع جاء ولد متميز في كل ميدان ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 430 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 431 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 485

بسرعة قدميه ، وفي المعارك ، وبالنسبة للذكاء كان يعد بين الأوائل في موكيناي • وهذا هو الذي منح فرصة المجد لهيكتور • ففيما كان يستدير ليرجع سقط على طرف ترسه 645 الذي كان يحمله ، وكان يصل إلى قدميه ، ليحميه من الرماح • إذ تعثر بهذا الترس فسقط على قفاه ، وقرقعت الخوذة التي تحيط بصدغيه بصوت مرعب مع سقوطه • ورأى هيكتور الأمر فركض إليه حتى صار قربه وضربه بالرمح في صدره وقتله 650 أمام أعين أصحابه الأعزاء ، الذين رغم كل حزنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً لمساعدة رفيقهم • فقد كانوا ، هم أنفسهم ، خائفين من هيكتور • ولقد وصلوا الآن إلى ما بين السفن ، وصارت مقدماتها حولهم ، فصارت السفن هي الخط الأول • ولكن الطرواديين أحاطوا بها • وتراجع الآخيون أمام الضغط عن الخط الأول لسفنهم 655 وتجمعوا بين المآوي الفعلية ، ولم يتبعثروا بين الخيام • لقد أوقفهم الخوف والإحساس بالعار • وراحوا ينادي كل منهم الآخر ، وكان نيستور الجيريني أكثرهم تضرعاً ، فقد راح يستحلف كلاً منهم بأهله ، وهو ممسك بركبتيه 660 " يا أصدقائي الأعزاء ، كونوا رجالاً ولتتذكروا الخزي في قلوبكم والآخرون يرونكم في هذه الحالة ، وليتذكر كل منكم أولاده وزوجته وأملاكه ووالديه ، سواء كان الأب والأم حيين أم ميتين •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 431 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 432 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 486

أتوسل إليك ممسكاً بركبتيك ومن أجل الغائبين 665 أن تقف بصمود وأن لا تهرب وأنت مذعور " • وبكلامه هذا كان يحرك روح كل منهم وقلبه • وأزالت أثينا من عيونهم غشاوة الظلمة الإلهية • فخرج النور ساطعاً عليهم ومن الجانبين ، سواء كانوا يتطلعون من السفن أم من وسط المعركة • 670 تعرفوا على هيكتور ، صيحة الحرب المدوية ، وعلى رفاقه سواء الذين يقفون خلفه أم الذين يقاتلون في المعركة • ولم يعد مرضياً لأياس الباسل أن يقف في الخلف حيث أخذ بقية أبناء الآخيين مواقعهم • 675 بل راح يمشي بخطوات مديدة ذهاباً وإياباً على ظهور السفن ، وهو يحمل بيده رمحاً ضخماً للقتال البحري ، طوله اثنان وعشرون ذراعاً ، ويتصل بمشابك • وكرجل خبير في شؤون الخيول ، وقد انتقى وأسرج أربعة خيول ، كل اثنين معاً ، من بين خيول كثيرة 680 ثم انطلق بها في السهل نحو مدينة عظيمة ، على طريق السفر ، فيلتفت الكثيرون من الرجال والنساء إليه إعجاباً ، فيما هو بثبات ودون انزلاق يقفز ويغير موقعه حسب كل جواد ، والجياد منطلقة ، هكذا كان أياس يتنقل من سطح سفينة إلى أخرى من السفن السريعة 685 بخطوات مديدة ، وصوته يتصاعد دائماً نحو السماء الساطعة ويطلق صيحته الرهيبة مستحثاً الدانانيين للدفاع عن سفنهم ومآويهم ، بينما في الطرف الآخر كان هيكتور








الإلياذة هوميروس الصفحة : 432 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 433 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 487

لا يرضى بالبقاء قي الخلف مع جمهرة الطرواديين المدججين ، بل ، وكما ينقض نسر وهّاج على الطيور الأخرى ، 690 وهي تتغذى في جماعات في النهر ، وسواء كانت أوزاً أو كراكي أو بجعاً طويل الرقبة ، هكذا كان هيكتور يوجه اندفاعته نحو سفينة ذات مقدمة سوداء ، وزيوس من ورائه يدفعه بقوة بيده الكبيرة ، ويدفع جماعته إلى جانبه • 695 واندلعت معركة ضارية أخرى قرب السفن • وتستطيع القول إن كلاً منهم كان يواجه الآخر سالماً نشطاً في القتال ، من السرعة التي كان كل منهم يتوجه بها نحو الآخر • وراح كل طرف يفكر والقتال مستمر : الآخيون يرون أنهم لن يستطيعوا النجاة من البلاء ، بل إنهم سيهلكون • 700 بينما كان قلب كل طروادي في صدره يأمل في أن يضرم النار في السفن ويقتل محاربي آخيا • بهذه الأفكار التي تعتمل فيهم وقف كل منهم يقاتل الآخر • ولكن هيكتور أمسك بمؤخر سفينة كبيرة سريعة جوابة بحار ، نقلت ذات يوم بروتيسيلاوس إلى طروادة ، 705 ولم تعد به إلى أرض آبائه • حول هذه السفينة كان الطرواديون والآخيون يتحاربون الآن ، ويقتل كل منهم الآخر في التحام مباشر ؛ إذ لم يعودوا يطيقون تبادل وابل المقذوفات من السهام والحراب ، بل وقف كل منهم أمام الآخر مباشرة وهو يتأجج حماساً ، 710 وتابعوا قتالهم بالفؤوس والبلطات ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 433 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 434 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 488

وبالسيوف الكبيرة والرماح ذات الرؤوس الورقية ، وارتمت على الأرض سيوف كثيرة رائعة بحمائلها السوداء ومقابضها الثقيلة • أحياناً تسقط من الأيدي ، وأحياناً عن أكتاف المحاربين وهم يقاتلون 9 ، حتى اصطبغت الأرض سوداء بالدم • 715 ولم يفلت هيكتور مؤخر السفينة بعد أن أمسك به • بل تشبث بطرفها بيديه وصاح بالطرواديين : " هاتوا النار • وأطلقوا صيحة حرب داوية موحدة • فها هو زيوس يمنحنا يوماً يفوق باقي الأيام : الاستيلاء على السفن ، السفن التي جاءت إلى هنا مخالفة مشيئة الآلهة • 720 وأنزلت بنا بلاء كبيراً ، وبسبب جبن حكمائنا الذين لم يسمحوا لي بالقتال قرب السفن الراسية ، وأنا راغب بذلك • لقد منعوني وقيدوا حركتي ، وكبحوا عزائم مقاتلينا • وها هو زيوس ذو الحاجبين العريضين ، ومع أنه يومها استنكر مقاصدنا ، يأتي بنفسه اليوم ليستحثنا على القتال ويشجعنا عليه " • 725 قال ذلك ، فزادوا من ضراوة هجومهم على الأرجيفيين • وكان وابل قذائفهم صعباً جداً على أياس ، الذي لم يعد يستطيع البقاء في موقعه ، بل صار مجبراً على التراجع قليلاً ، متوقعاً الموت حيث هو ، فرجع إلى منصة 10 وسط السفينة طولها سبع أقدام ، وتخلى عن ظهر السفينة الراسية • وقف هناك وراح ينتظرهم • وبرمحه 730 يزود كل طروادي يأتي بالنار إلى السفن • وأطلق صرخته الرهيبة محرضاً الدانانيين : " يا أصدقائي مقاتلي الدانانيين ، وأتباع آريس ، كونوا الآن رجالاً ، يا أصدقائي ، وتمسكوا ببسالتكم النبيلة •






9 إما أن تسقط السيوف من أيدي أصحابها نتيجة مقتلهم، وإما أن تسقط عن أكتافهم نتيجة لضربة فأس أو بلطة على الكتف تقطع الحمائل. 10 هي دعامة طويلة بعرض اليفينة وتساعد على الإطلال من جانبيها. وهكذا يستطيع أياس أن يستمر في القتال على الجانبين رغم تراجعه عن موقعه الأول. وهذا الشرح الذي يقدمه ويلكوك مقنع أكثر من شرح أمين سلامة. الذي يرى أن الموقع الجديد لأياس قد يكون منصة قيادة السفينة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 434 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 435 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


هل نتخيل أن هناك آخرين يقفون وراءنا لمساعدتنا ؟ 735 أو لدينا سور أقوى يمكن أن يحمي الرجال من الهلاك ؟ ليس لدينا مدينة قريبة ومنيعة بأبراجها ، نستطيع أن ندافع عن أنفسنا فيها ، وتمنع عنا ذلك الحشد الذي يهجم علينا • إننا نتمترس في هذا السهل الذي هو للطرواديين المدججين ، ونرتد نحو البحر ، ونحن بعيدون جداً عن أرض آبائنا • 740 ونورُ خلاصنا في عمل أيدينا ، وليس في شفقة تنبع من المعركة " 11 • قال ذلك وتقدم برمحه الحاد ، تواقاً للقتال • وكلما تقدم طروادي من السفن الجوفاء ومعه النار إرضاء لهيكتور ، كان أياس ينتظره ثم يطعنه بالرمح الطويل • 745 وهكذا جندل اثني عشر شخصاً أمام السفن •





11 ليس في سهولة القتال.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 435 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 436 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل السادس عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 491

وهكذا استمر القتال في الجانبين من أجل السفينة ذات المقاعد المتينة • وفي ذلك الحين جاء باتروكلوس إلى آخيل ، قائد الشعب ، ووقف إلى جانبه وهو يذرف دموعاً حارة ، مثل نبع تجري مياهه سوداء ، وتقطر مياهه القاتمة على وجه صخرة كتيمة ؛ وتطلع إليه آخيل الباسل السريع بإشفاق ، 5 وحدثه بصوت مرتفع ، وخاطبه بكلمات مجنحة : " فيم بكاؤك، يا باتروكلوس ، مثل فتاة صغيرة بائسة تجري وراء أمها راجية أن تُرفع وتُحمل ، وهي تتشبث بثيابها ، وتشدها حين تحاول الإسراع ، وتتطلع إلى وجهها باكية ، إلى أن يتم حملها ؟ 10 أنت مثل تلك الفتاة ، يا باتروكلوس ، وأنت تذرف هذه الدموع • ألديك أخبار تنقلها إلي أو إلى المورميدون ؟ أتلقيت دون غيرك رسالة من فثيا ؟ ولكنهم قالوا لي إن مينويتيوس ، ابن أكتور ، ما يزال حياً ، وما يزال حياً كذلك بيليوس ، ابن أيكوس ، بين المورميدون • 15 إن مات واحد من هذين كان أمراً جللاً • أم لعلك تبكي على الأرجيفيين ، وعلى موتهم قرب السفن الجوفاء بسبب صفاقتهم ؟ قل لي ، ولا تخفِ في ضميرك ، لكي نعرف كل شي معاً " • وبتنهيدة 1 عميقة أجبته يا باتروكلوس الخيّال 2 : 20 " يا آخيل ، يا ابن بيليوس ، يا أعظم الآخيين طراً ،






1 لا يخاطب هوميروس ف يالملحمة أحداً بهذا الخطاب المباشر إلا باتروكلوس ومينيلاوس. فالشخصيتان لهما مكاننة خاصة في أحداث الملحمة. 2 يخاطبه هوميروس بهذه الصفة لأن باتروكلوس كان سائق عربة آخيل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 436 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 437 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 492

لاتغضب • فقد حل بلاء كبير بالآخيين • إن جميع من كانوا المبرزين في القتال مرميون بين السفن بجروح من طعنات سهام أو رماح • فابن توديوس ، ديوميديس القوي أصيب بسهم ، 25 وأوليس تلقى طعنة رمح طويل ، وكذلك أغاممنون ، ذو الرمح الشهير ، ويوروبولوس جرح في فخذه بسهم • والمعالجون البارعون في الدواء يعملون على شفاء جروح هؤلاء • أما أنت ، يا آخيل ، فمن يستطيع أن يصيبك بسوء ؟ وأرجو أن لا يستبد بك الغضب الذي تحمله علي أنا ! 30 يا للشجاعة اللعينة ! ما الذي سيستفيده منك مولود جديد ، ما لم تبعد عن الأرجيفيين هذا البلاء المخزي ؟ يا عديم الشفقة : لم يكن بيليوس الخيّال أباك أبداً ، ولا كانت ثيتيس أمك ، بل البحر الأشهب هو الذي حبل بك مع الصخور الشاهقة 3 ، لكي ينبذنا قلبك بهذه القسوة • 35 ولكن إن كنت تنسحب بسبب نبوءة تعرفها في سرك 4 ، وإن كانت أمك الكريمة ، بمشيئة زيوس ، قد أخبرتك بشيء فأرسلني أنا ، واطلب من المورميدون أن يتبعوني ، وسأكون ضوءاً مساعداً للدانانيين • أعطني درعك لألبسه على كتفيّ في القتال ؛ 40 فلعل الطرواديين يظنون أنني أنت ، فيتراجعون عن هجومهم ، وترتفع الروح المعنوية لدى أبناء الآخيين بعد هذا العناء • ففسحة الاستراحة صغيرة جداً في القتال • ونحن ، غير المنهكين ، نستطيع بصرخة واحدة ، أن نصد الرجال المنهكين






3 نلاقي بعض الصعوبة في الصياغة العربية. فالبحر مؤنث والصخور مذكرة. ولكن الإشارة الضمنية هي إلى ما يمثله كل من الأب والأم. فثيتيس هي ربة البحر. واسم بيليوس مشتق من الجبل الوعر، بيليون. ولذلك فخطاب باتروكلوس يعني أنك لست ابن هذين، بل أنت ابن ما يمثلانه فقط من جبل وبحر. 4 إن باتروكلوس يكرر هنا ما سمعه من نيستور في مشهد سابق.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 437 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 438 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 493

ونعيدهم إلى مدينتهم ، وبعيداً عن السفن والمآوي " • 45 قال ذلك مستعطفاً ببراءة عظيمة ؛ فقد كان يبحث عن موته وهلاكه • ولكن آخيل ، الذي اهتز بعمق من كلامه ، رد عليه : " آه يا باتروكلوس المجيد • ما هذا الذي تقوله ؟ ليس في بالي أية نبوءة أعرف عنها شيئاً ، 50 وأمي لم تقل لي أية كلمة منقولة عن زيوس • ولكن الفكرة التي تصيب قلبي وروحي بالغم هي أن يحاول رجل تلويث آخر هو ند له ، ويجرده من مآثر كرامته ، لمجرد أنه في موقع سلطة أعلى • هذه فكرة مريرة بالنسبة لي وبي رغبة أن أتعامل معها بقسوة شديدة • 55 فالبنت التي اختارها لي أبناء الآخيين لتكريمي ، والتي فزت بها برمحي ، وأنا الذي اجتحت مدينة قوية التحصين ، تؤخذ من بين يدي من قبل أغاممنون القوي ، ابن أتريوس ، كما لو أنني صعلوك بلا كرامة • ومع ذلك سنعتبر هذا شيئاً من الماضي • ولم يكن في بالي 60 أن أظل غاضباً بشكل دائم • ولكنني قلت إنني لن أتخلى عن غضبي إلا إذا جاء الوقت الذي يصل القتال فيه بصخبه كله إلى سفني • ولذا تستطيع أن ترتدي درعي فوق كتفيك ، وتقود الموريدون الذين يفرح قلوبهم القتال والمعارك ، 65 إن كانت غيمة الطرواديين السوداء قد وصلت بقوة إلى سفننا ، ووصل الآخرون ، الأرجيفيون ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 438 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 439 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 494

إلى شاطئ البحر • ونحن لا نشغل إلا شريطاً ضيقاً من البر ، وقد نزلت مدينة الطرواديين كلها عليه بقوة • وذلك كله لأنهم لا يرون وجه خوذتي 70 يلمع قريباً منهم ، وإلا لهربوا وأتخموا بموتاهم مجاري المياه ، لو أن أغاممنون القوي عاملني بلطف • والآن يقاتل الأرجيفيون دفاعاً عن تحصيناتهم • فالرمح الآن لا يتقلب غضباً في يد ابن توديوس ، ديوميديس ، ليبعد الهلاك عن الدانانيين • 75 كما أنني لم أسمع صوت ابن أتريوس ينطلق من رأسه الكريه ، بل أسمع صوت هيكتور المجرم الذي يدعو الطرواديين ، وهو يدوّم في أذنيّ ؛ وبصرخة الحرب منهم يسيطرون على السهل كله وهم يهزمون الآخيين في القتال • ولكن حتى في هذه الحالة ، يا باتروكلوس ، أبعد الشر عن سفننا ؛ 80 وانزل عليهم بقوتك كلها ، ولا تسمح لهم أن يحرقوا سفننا بالنيران ويسلبونا جمال عودتنا • ولكن أطع ما سأقوله لك والفت نظرك إليه حتى النهاية ، لكي تفوز من أجلي بالمجد والكرامة في عيون الدانانيين كلهم ، ولكي يعودوا إليّ 85 بالبنت الجميلة ويقدموا لي بالإضافة إليها الهدايا • بعد أن تصدهم عن السفن ، ارجع • ومع أن زوج هيرا المرعد يمكن أن يعطيك فيما بعدُ فرصة الفوز بالمجد ، فيجب أن لا تضع في ذهنك مقاتلة الطرواديين ، المغرمين بالحرب ، من دوني • لئلا تسيء إلى كرامتي • 90








الإلياذة هوميروس الصفحة : 439 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 440 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 495

ويجب أن لا تأخذك الحمية في القتال ، فتتابع قتل الطرواديين وتتوجه إلى إليون ، خشية أن يسحقك أحد الآلهة المخلدين في الأولمب • فأبولو الذي يعمل عن بعد يحب هؤلاء القوم كثيراً • عليك أن تعود حالما توصل نور الخلاص للسفن • 95 واترك للآخرين أن يتابعوا القتال في السهل المنبسط • يا أبنا زيوس ويا أثينا وأوبولو ، أرجو أن لا يسلم أحد من الطرواديين كلهم ويتجنب الهلاك ، ولعله لا يخرج أحد من الأرجيفيين أيضاً من المذبحة ؛ لنظل وحدنا ، نحن الاثنين ، ونحطم تاج طروادة المقدس " 6 • 100 وفيما كان هذان يتحدثان على هذا النحو ، كان وابل الأسلحة ينصب على أياس فلم يعد يستطيع الصمود في موقعه • لقد دحرته مشيئة زيوس ، والطرواديون المتباهون برماحهم • وحول رأسه كانت الخوذة اللامعة تصدر أصواتاً مخيفة تحت وابل الضربات • كان يتلقى الضربات باستمرار 105 على جانبي الخدين من الخوذة القوية ، وقد تعبت كتفه من الحمل الدائم للترس اللامع الكبير ؛ إلا أنهم لم يستطيعوا زحزحته عن مكانه مع أنهم ركزوا وابل مقذوفاتهم 5 عليه ، وصار نفسه ثقيلاً ومؤلماً ، وتصبب العرق من كل عضو في جسده • ولم يكن يجد فرصة 110 لالتقاط أنفاسه ، بل تراكم الويل فوق الويل عليه • فلتقلن لي الآن أيتها الميوزات الملهمات اللواتي تُقمن في الأولمب ، كيف نزلت أول نار على سفن الآخيين •






6 كلام من هذا النوع (ومثل ما سيأتي في الأبيات 245 وما بعد) هو لذي تشبث به بعض الدارسين للإيحاء بعلاقة جنسية شاذة بين آخيل وباتروكلوس. 5 القذائف والمقذوفات هي السهام المرمية والرماح المقذوفة. هذا لتمييزها عن القذائف الحديثة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 440 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 441 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 496

لقد وقف هيكتور قريباً من أياس ، وقطع الرمح الدرداري بسيفه العظيم بضربه وراء رأس الحربة • 115 فألقى به بعيداً • وصار أياس التيلاموني يهز بيده رمحاً مكسور الرأس • وعلى مبعدة منه سقط الرأس البرونزي على الأرض وهو يرن • وعرف أياس في أعماقه ، وارتعد لما عرفه ، أن هذا من شغل الإله • عرف كيف قام زيوس المرعد القاصف 120 بإبطال كل ما كان يصبو إليه في المعركة ، وكيف خطط لانتصار الطرواديين • تراجع مبتعداً عن وابل القذائف ، وراح الطرواديون يرمون بالنيران المضطرمة على السفن السريعة ، وسرعان ما تأجج اللهب فوقها • وهكذا استلمت النيران مؤخر السفينة ، ولكن آخيل ضرب بيديه على فخذيه ونادى باتروكلوس : 125 " انهض يا باتروكلوس المجيد • يا مروض الخيول • إنني أرى النيران النهمة تزمجر فوق سفننا • يجب أن لا ينالوا من سفننا فيمنعونا من العودة فيها • البس درعك • أسرع • وأنا سأستنفر قومنا " • قال ذلك ، وباتروكلوس يرتدي عدته الحربية التي تتلامع • 130 في البدء لف ساقيه بواقيتين جميلتين ، مرتبطتين بحمالات تثبتهما مع واقيتي الكاحلين • ثم لف صديريته على صدره ، وكانت مرصعة ومشغولة بيدي أيكيديس السريع • وعلى كتفيه علق السيف ذا الأوشام الفضية ، 135 السيف البرونزي فوق الترس الكبير ، الضخم والثقيل •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 441 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 442 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 497

وفوق رأسه خوذة حسنة الشكل ذات عرف من شعر الخيل ، وفي ذؤابتها يهتز الريش مرعباً • وحمل رمحين قويين يتلاءمان مع قبضتي يديه • ولكنه لم يأخذ رمح أيكيديس الباسل ، 140 الضخم والثقيل والمتين ، والذي لا يستطيع أي آخيّ آخر أن يحمله ، إلا آخيل الذي يعرف وحده كيف يمسك به ويتعامل معه • إنه الرمح الدرداري البيلي الذي كان خيرون قد جلبه لأبيه من بيليون العليا لكي يحمل الحتف للمقاتلين • ووجه باتروكلوس أمره إلى أوتوميدون أن يربط الخيول إلى العربة • 145 وهو الرجل الذي يعزه أكثر من الآخرين ، بعد آخيل محطم المعارك • وكان يقف ملبياً دائماً إلى جانبه في خضم القتال 7 • وقام أوتوميدون بوضع الجوادين من أجله تحت النير ، والجوادان هما كسانثوس وباليوس اللذان ينطلقان بسرعة الريح ، وكانت بودارج العاصفة قد حبلت بهما من الريح الغربي ، 150 وحملتهما وهي ترعى في المرج قرب البحر الصاخب ، وإلى جانبهما ربط من الوراء بيداسوس الذي لا نظير له بين الخيول ، وكان آخيل قد جلبه بعد أن اجتاح مدينة إيتيون • ومع أنه أرضيٌّ إلا أنه كان يجاري خيول الآلهة • وفي الوقت ذاته ذهب آخيل إلى المورميدون ونظم صفوفهم ، 155 والجميع في عدتهم الحربية قرب المآوي • وكان هؤلاء ، مثل الذئاب التي تمزق اللحم النيء ، والتي تحمل في قلوبها توقاً لا يطفأ للقتال ، وقد جلبت من الجبال أيلاً وأكلته ، حتى تدفقت الدماء من الأشداق ،






7 من واجب المرافق وسائق العربة أن يبقى على مقربة من المحارب مهما كانت الأخطار المحيطة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 442 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 443 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 498

ثم توجهت بمجموعها لتشرب من نبع المياه السوداء الجارية ، 160 فتلعق بألسنتها الطرية السطحَ المسودَّ من الماء ، وتتجشأ الدم المتخثر ؛ وفي قلب كل منها عزيمة لا تتزعزع ، ولكن بطونها متخمة تقرقر ، هكذا اجتمع قادة المورميدون ورجال الحكمة فيهم حول التابع الشجاع لأيكيديس السريع ، 165 وبينهم يقف آخيل المحارب ، يحض الرجال على القتال وهم يحملون التروس ، ويمسكون بالخيول • خمسين كان عدد السفن السريعة التي قاد فيها آخيل حبيب زيوس رجاله إلى طروادة • وفي كل منها خمسون رجلاً ، هم رفاقه في السلاح ، على مقاعد التجذيف • 170 وقد عين بينهم خمسة قادة ، وأوكل إليهم القيادة ، فيما ظل هو بقوته العظيمة قائداً للجميع • إحدى الكتائب كانت بقيادة مينيسثيوس ذي الصديرية اللامعة ، وهو ابن سبيرخيوس ، النهر الذي ينبع من السماء الساطعة ، والذي ولدته ابنة بيليوس ، بولودوري الفاتنة ، 175 من سبيرخيوس دائم الجريان ، كما تضاجع امرأة إلهاً • ولكنه ولد بالاسم لبوروس ، ابن بيرييريس ، الذي تزوج بولودوري رسمياً ، وبذل ما لا يحصى من الهبات للحصول عليها • وكانت الكتيبة الثانية بقيادة المحارب يودوروس ، ابن العذراء بولوميلي ، التي حملت به وهي الراقصة البارعة 180 وابنة فولاس ، ؛ والتي أحبها هيرميس أرغيفونتيس القوي ، حين رآها بعينيه بين الفتيات اللواتي يرقصن








الإلياذة هوميروس الصفحة : 443 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 444 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 499

في جوقة لأرتيميس الصاخبة ذات النول الذهبي • وسرعان ما صعد معها هيرميس المعالج إلى غرفتها واضطجع معها سراً ، فحملت له بولد ، هو يودوروس الرائع ، 185 العداء الذي لا يجارى ، والسريع في القتال • ولكن بعد أن عانت إيليثويا العذاب في ولادته وجعلِه يرى النور ويتطلع نحو ضوء الشمس ، أخذها إيخيكليس ، ابن أكتور ، في ظل سلطته العظيمة إلى بيته ، حيث قدم لها هدايا لا تحصى لكسب ودها • 190 وأخذ العجوز فولاس الطفل ورباه برعايته واعتنى به بحنان ومحبة وكأنه ابنه • وكان قائد الكتيبة الثالثة المحارب بيساندروس ، ابن مايمالوس ، الذي فاق المورميدون كلهم في القتال بالرمح ، بعد معاون آخيل البيلي • 195 والكتيبة الرابعة بقيادة فوينيكس ، مروض الخيول العجوز ، والخامسة بقيادة ألكيميدون ، الابن الشجاع للإيركيس • وبعد أن وزعهم آخيل على مواقعهم بانتظام إلى جانب قادتهم أبلغهم أوامره الصارمة : " أيها المورميدون • ما من أحد منكم سينسى ما أقول • 200 تلك التهديدات التي أطلقتموها من جوار السفن ضد الطرواديين طوال أيام غضبي ، وكنتم تلقون باللوم علي ، وتقولون : يا ابن بيليوس القاسي لقد ربتك أمك على الحقد • ليس في قلبك شفقة • إذ تحجز رفاقك هنا قرب السفن رغم إرادتهم • سنعود إذن في سفننا جوابة البحار 205








الإلياذة هوميروس الصفحة : 444 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 445 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 500

لأن ذلك الغضب المنحوس قد ملأ روحك • كثيراً ما كنتم تلتقون في جماعات وتقولون هذا الكلام عني • وها قد تجلى لكم عمل عظيم في القتال كنتم تتشوقون إليه • فلتكن لدى كل منكم العزيمة لمقاتلة الطرواديين " • وبقوله هذا أثار الحمية والعزيمة في كل رجل ، 210 وتراصت صفوفهم وهم يستمعون إلى الملك • ومثلما يرص رجل جداراً بحجارة متلاصقة لتحصين بيته من ضراوة الرياح ، هكذا تراصت الخوذ والتروس في الوسط ، فقد تلاصق ترس بترس ، وخوذة بخوذة ، ورجل برجل 215 والأعراف من شعر الخيل على قرون الخوذ اللامعة تلامست وهم يميلون برؤوسهم ، حتى صارت كثيفة متلاصقة • وأمامهم جميعاً كان هناك رجلان بدرعيهما ، باتروكلوس وأوتوميدون ، وكل منهما يتحرق للقتال أمام المروميدون • وعاد آخيل ، في الوقت ذاته ، 220 إلى مأواه ، وأزاح الغطاء عن صندوق جميل متقن الصنع ، كانت ثيتيس ذات القدمين الفضيتين قد وضعته في السفينة لتنقله ، وملأته بالأثواب والعباءات ، لتقي الرجل من الريح ، وبالبطانيات الجلدية • وداخل هذا الصندوق كان هناك طاس 225 لم يسبق لرجل آخر أن شرب منه • ولم يسبق لآخيل أن سكب فيه لأي إله إلا لزيوس الأب • أخرج هذا الطاس من الصندوق ونظفه أولاً بالكبريت 8 •






8 كان الكبريت يستخدم معقماً ومطهراً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 445 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 446 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 501

ثم غسله بعد ذلك بالماء الصافي • ثم غسل يديه وسكب الخمر المشعشع في الطاس • 230 ووقف وسط الساحة الأمامية • وراح يصلي ، وهو يهرق الخمر ويتطلع إلى السماء ، دون أن يغفل عنه زيوس الذي يتسلى بالرعد : " يا زيوس الأعلى ، رب دودونا ، البيلاسجي ، الذي تعيش بعيداً وتطل على دودونا الشتوية ، وأنبياؤك يعيشون حولك ، السيليون ، الذين ينامون على الأرض بأقدام غير مغسولة • 235 اسمعني • وكما استمعت إلي من قبل ، وأنا أصلي ذات يوم ، وكرمتني ، وضربت بقوة جمع الآخيين • مرة أخرى أطلب إليك أن تحقق هذه الرغبة التي أصلي بها إليك • انظر • ها أنا أبقى حيث السفن مجتمعة • فقد أرسلت رفيقي ومعه جمع المورميدون الغفير 240 للقتال • فلتدع المجد ، يا زيوس ، يا ذا الحاجبين العريضين ، يسير معه • اجعل قلبه الذي في صدره شجاعاً ، بحيث أنه حتى هيكتور سيعرف ما إذا كان مرافقنا يعرف كيف يخوض معركته بنفسه ، أم أن يديه سترتجفان في سره فقط ، حين أنزل أنا نفسي وسط صرير أسنان إله الحرب • 245 ولكن حين ينجح في صد الجلبة العالية عن السفن دعه يرجع إلي وإلى السفن السريعة غير مجروح ، ومعه عدته كلها والمرافقون الذين يقاتلون إلى جانبه " • هذا ما قاله في صلاته ، وزيوس رب المجالس يسمعه • وقد لبى له الأب صلاةً وأنكر عليه الأخرى • 250 فقد سمح بأن ينجح باتروكلوس في صد الهجوم عن السفن ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 446 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 447 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 502

ولكنه أبى أن يجعله يعود سالماً من القتال • وبعد أن أهرق آخيل الخمر ، وصلى للإله الأب زيوس ، عاد إلى مأواه ، وأرجع الطاس إلى الصندوق • وخرج ليقف أمام الباب ، والرغبة في قلبه ما تزال 255 في أن يرقب التصادم العنيف بين الآخيين والطرواديين • وتقدم الذين تدججوا بالسلاح برفقة باتروكلوس الباسل حتى بدؤوا ، بقلوب مليئة بالثقة ، هجومهم على الطرواديين • اندفع المورميدون يتدفقون مثل الزنابير ، حين الأولاد المتعودون على إثارتها ، 260 بالتحرش بها دائماً لأنها تعيش إلى جانب الطريق ، الأولاد السخفاء الذين يقومون بأعمال تعود بالضرر على الكثيرين فإذا صدف أن مر عابر من هذا الطريق ، وأثار الزنابير دون قصد منه ، فإنها تخرج ناقمة غاضبة وكل منها يريد الدفاع عن صغاره • 265 ببسالة وحمية مثلها تدفق المورميدون من سفنهم ، والجلبة الدائمة متصاعدة ، وباتروكلوس ينادي بصوت مرتفع لمرافقيه : " أيها المورميدون ، يا رفاق آخيل ، ابن بيليوس ، كونوا الآن رجالاً ، وتمسكوا ببسالتكم • 270 يجب أن نجلب العز لابن بيليوس ، أعظم الآخيين ، الذي هو قرب السفن ، نحن المرافقون الذين نحارب إلى جانبه • لكي يعترف ابن أتريوس ، واسع الحكم والسطوة ، بحماقته ، وبأنه لم يجلب عزاً لأفضل الآخيين " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 447 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 448 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 503

هكذا نادى فبث الحمية في روح كل منهم وقلبه • 275 وهجموا على الآخيين جمعاً واحداً ، ورددت السفن من حولهم أصداء رهيبة من زئير الآخيين • وحين رأى الطرواديون الابن القوي لمينويتيوس بنفسه ، ومعه مرافقه مدججين بأسلحتهما الحربية ، خفقت قلوبهم ، واضطربت كتائبهم 280 متوقعين أن يكون البيلي 9 سريع القدمين قد رمى غضبه جانباً إلى جانب السفن واختار طريق الصداقة 10 فصار كل منهم يتلفت حوله بحثاً عن مهرب من الموت المحتوم • وكان باتروكلوس أول من قذف برمحه البراق مباشرة وسط المعمعة ، حيث كان معظم المقاتلين متكتلين 285 قرب مؤخر سفينة بروتيسيلاوس الباسل ، فأصاب بورايخميس ، الذي كان قاد خيول سادة البيونيين من أمودون ومياه أوكسوس الغزيرة • طعنه في الكتف اليمنى ، فسقط على التراب وهو يتأوه وتمدد علىظهره ، ومن حوله رفاقه البيونيون 290 متفرقون ؛ فقد بث بارتاكلوس الرعب في قلوبهم كلهم حين أردى قائدهم ، والأفضل بينهم في القتال • لقد أبعدهم عن السفن وأطفأ النار التي كانت تضطرم فيها ، وظلت سفينتهم نصف محترقة ، فيما الطرواديون يتفرقون مذعورين وبضجيج مخيف ، وعاد الدانانيون 295 يتدفقون إلى السفن الجوفاء • وعلا الضجيج واستمر • ومثلما ، من فوق الذروة المطلة لجبل شاهق






9 البيلي هو ابن بيليوس. والمقصود آخيل طبعاً. 10 مجاز خاص عن آخيل. وهو توقع أن يكون قد تصالح مع أغاممنون.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 448 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 449 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 405

يقوم زيوس جامع الصواعق بإبعاد الغيم الكثيف عنه ، فتتضح الذرى والمرتفعات والوهاد ، والنسيم العليل المتواصل يهب من السماء ؛ 300 هكذا حين أطفأ الدانانيون النار من السفن صار في وسعهم أن يتنفسوا قليلاً ، دون أن تكون هناك استراحة من القتال ، لأن الطرواديين تحت وطأة هجوم المحاربين الأرجيفيين لم يكونوا قد ولوا وجوههم نحو الهزيمة من السفن السوداء ، بل ظلوا واقفين في وجوههم ، وإن تراجعوا تحت الضغط عن السفن • 305 وهناك كان رجل يقتل رجلاً في المواجهات المتفرقة بين القادة • وكان أولهم الابن القوي لمينويتيس ، فقد رمى وأصاب أريلوكوس في فخذه ، فيما كان هذا يلتفت ، بالرأس الحاد للرمح ، فمرق البرونز فيه • حطم الرمح العظم فسقط على الأرض 310 منكباً على وجهه ، وفي الوقت ذاته قام المحارب مينيلاوس بطعن ثواس في صدره الذي كان غير محمي بالترس فشل قواه • وكان ميغيس ، ابن فوليوس ، يراقب أمفيكلوس وهو يتقدم • وعاجله بطعنة في جذر ساقه ، حيث عضلة الرجل تكون أكثر سماكة ، فتمزقت أربطة الساق تحت رأس الرمح 315 ونزلت غيمة من الظلمة على عينيه • وقام أنتيلوخوس ، أحد أبناء نيستور ، بطعن أتومنيوس بالرمح الحاد فغاص في خاصرته ، مما جعله يسقط إلى الأمام • ولكن ماريس برمحه من الأعلى وجه طعنة إلى أنتيلوخوس ثأراً لأخيه 320







الإلياذة هوميروس الصفحة : 449 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 450 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 505

وهو يقف أمام جثته • ولكن كان أمامه الشبيه بالإله ثراسوميديس • طعنه قبل أن يكمل طعنته ، ولم يخطئ بضربته السريعة كتفَه • فغاص رأس الرمح في أصل الذراع ومزق العضلات وكسر العظم تماماً • وسقط هذا سقوطاً مدوياً فغطت الظلمة عينيه • 325 وهكذا سقط هذان الاثنان على أيدي الأخوين ، ونزلا إلى المكان المعتم • وهما مرافقا ساربيدون النبيلان ، ابنا أميسوداروس قاذفٍ الرماح ، ذلك الذي ربى الخيمايرا لتكون سبب هلاك الكثيرين • وفي اندفاعة هجومية لأياس ، ابن أويليوس ، أدرك كليوبولوس حياً 330 وهو يرتعد ارتباكاً ويهرب • وهناك شل قواه بنزوله بالسيف ذي المقبض على رقبته • فاغتسل السيف كله بالدم ، وأطبق الموت الأحمر على عينيه ومعه القدر المحتوم • ثم ركض بينيليوس ولوكون كل منهما نحو الآخر ، فقد وجه كل منهما برمحه 335 ضربة نحو الآخر ، وخابت الضربتان • ولذلك ركض كل منهما نحو الآخر بسيفه • وجاءت ضربة لوكون على قرن الخوذة ذات العرف الشَّعري ولكن نصل السيف انكسر عند المقبض • وقطع بينيليوس العنق تحت الأذن • وغاص السيف إلى الطرف الآخر فلم يبق إلا الجلد 340 متعلقاً به • بينما مال الرأس جانباً وتراخت الأعضاء • ولحق ميريونييس على قدميه السريعتين بأكاماس وطعنه في كتفه اليمنى وهو يصعد خلف جياده •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 450 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 451 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 506

والتفت العتمة على عينيه وهو يهوي من العربة. وقام إيدومينيوس بطعن إيروماس في فمه بالبرونز الذي لا يرحم . 345 فغاص رأس الحربة شاقاً طريقه، تحت الدماع صاعداً، وتهشمت العظام، وارتجفت الأسنان من أثر الضربة، وامتلأت العينان بالدم وفغر فاه ونافورة من الدم تنبثق من منخريه، ومن فمه ، وأطبقت عليه غمامة الموت القاتمة. 350 وهكذا قتل كل من هؤلاء القادة الدانانيين خصمه. وكما تثير الذئاب الذعر والفوضى في قطيع م الحملان أو الجداء. بشراستها، وهي تلتقطها وتخرجها من القطيع، عند انتشارها في الجبال بسبب غفلة الراعي، وتراها الذئاب، فتقوم بسحبها بسرعة وفجاءة وهي لا قَبلَ لها بالقتال؛ 355 هكذا فتك الدانانيون بالطراودايين فاستولى على هؤلاء صوت الذعر المرير، وتلاشت بسالتهم المضطرمة. ولكن أياس العظيم كان يحاول دائماً أن يحقق قذفة برمحه نحو خوذة هيكتور البرونزية. إلا أنه بخبرته القتالية، وكتفاه العريضتان مجموعتان تحت ترس جلد العجل، 360 ظل محترساً من صفير السهام واندفاعات الرماح المقذوفة. وكان يعرف جيداً كيف أن قوة القتال تفارقه. ولكنه ثبت مكنه لكي ينقذ وفاقه الصامدين. وكما تخرج غعيمة من الأولمب لتنتشر في السماء عبر الطبقات الهوائية العليا حين يجلب زيوس الإعصار، هكذا انطلقت من قرب السفن صرخاتهم، وضجيجهم المذكور.







الإلياذة هوميروس الصفحة : 451 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 452 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 507

وتراجعوا بانتظام ، فيما كانت الخيول السريعة تنقل هيكتور مبتعدة به وهو في عدته الحربية تاركاً جموع الطرواديين الذين حوصروا وراء الخندق العميق مرغمين • وفي الخندق أفلتت كثير من الخيول ، 370 التي تجر العربات بعد تحطم مقدمات أذرعها ، مخلية عربات أصحابها فيما كان باتروكلوس في إثرهم مطلقاً صرخاته القاسية والعالية للدانانيين حاملاً الويل للطرواديين الذين ، بذعر صاخب ، كانوا يملؤون الطرق التي انقطعوا فيها ، ومن تحت أقدامهم علا الغبار كالغيوم ، وخيولهم تبذل جهودها 375 للوصول إلى المدينة بعيداً عن السفن والمآوي • ولكن باتروكلوس ، وهو يرى تبلبل معظم المقاتلين ، توجه نحوهم صارخاً ، فيما كان الرجال يتساقطون تحت العجلات ، من العربات التي كانت تتجرجر خاوية • ومن فوق الخندق قفزت تلك الجياد السريعة والخالدة ، 380 التي كانت الآلهة قد أعطتها هدايا ثمينة لبيليوس ، متقحمة مندفعة ، فيما كانت حمية باتروكلوس تدفعه نحو هيكتور ، وقد حاول أن يطعنه ، ولكن جياده السريعة أنقذته • وكما تحت الإعصار تتعبأ الأرض السوداء كلها ، في يوم خريفي ، حين يصب زيوس أعنف المياه 385 بغضب عارم على البشر بعد أن أثاروا نقمته ، إذ يقررون في تجمعهم الغاضب قرارات ملتوية ، ويتخلون عن الفضيلة التي فيهم ، ويستهترون بما تريده الآلهة ، وأنهار هؤلاء البشر كلها تتعاظم حتى تملأ المنخفضات








الإلياذة هوميروس الصفحة : 452 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 453 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 508

وفي وديان مجاريها تفيض حتى تغمر التلال 390 ثم تندفع مدومة بصخب هائل نحو البحر الأزرق ، متدفقة من الجبال لتأخذ في طريقها منجزات البشر ، بهذا القدر من الجلبة والصخب كانت خيول طروادة في اندفاعها الهارب • ولكن باتروكلوس بعد أن حطم أول كتائبهم التفت ليحاصرهم في السفن فلا يتيح الفرصة 395 لأن يتسلقوها ليهربوا إلى مدينتهم ، بل راحوا يتماوجون في الفراغ القائم بين السفن والسور 11 والنهر ، فيتبلبلون ويدفع كثيرون منهم الثمن من دمائهم • هناك طعن أولاً برنووس بالرمح البرونزي في صدره حيث لم يكن يغطيه الترس ، فسلبه قوة أطرافه • 400 وسقط هذا سقوطاً مدوياً • ثم اندفع باتروكلوس في هجمته الثانية نحو ثيستور ، ابن إينوبس ، الذي كان يتكور مختبئاً في عربته ، ويتراجع ، وقد انهارت أعصابه ، وارتخت الأعنة من يديه واقترب منه باتروكلوس وطعنه بقذفة الرمح في الجانب الأيمن من فكه ، ودفع الرمح بين الأسنان • 405 ثم رفعه وألقاه بالرمح على مسند العربة ، مثل صياد سمك يجلس على طرف صخرة ، وبالخيط والسنارة البرونزية اللامعة يسحب سمكة ، فتموت خارج الماء • هكذا طوح به ، وفمه مفتوح بالحربة ، خارج عربته ، وألقاه على وجهه • وحين سقط غادرته الحياة • 410 وبعد ذلك ضرب إيرولاوس ، وهو مندفع ، بحجر كبير وسط رأسه فتناثر الرأس كله شظايا






11 المقصود هو سور المدينة. أي أن المعركة الآن بين السور (المدينة) والنهر والسف.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 453 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 454 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 509

داخل الخوذة الثقيلة ، وارتمى هو منكباً على التراب ؛ فيما كان الموت يحطم روحه ويحوم حوله • وبعد ذلك إلى إيروماس وأمفوتيروس وإيفالتيس ، 415 ابن تليبوليموس ، وإيخيوس وبوريس وإيفيوس وإيويبوس وابن أرغياس بولوميلوس ، هؤلاء كلهم طوح بهم على الأرض الكريمة بالتتالي • وحين رأى ساربيدون مرافقيه لابسي العباءات الفضفاضة يتساقطون على يدي باتروكلوس ، ابن مينويتيوس 420 نادى مستنجداً باللوكيين الشبيهين بالآلهة : " يا للعار ، أيها اللوكيون • إلى أين تهربون ؟ يجب أن تتماسكوا الآن ، فأنا نفسي سأتصدى لهذا الرجل 12 ، وسأعرف من هو هذا الذي يمتلك تلك القوة كلها ، ويوقع هذا البلاء كله بالطرواديين • لأن الذين جندلهم كثر وشجعان " • 425 قال ذلك ، وقفز من عربته مدججاً بسلاحه ، وحين رآه باتروكلوس من الطرف الآخر قفز من عربته • والاثنان ، مثل عقابين معقوفي المنقارين متحفزي المخالب يتواجهان فوق صخرة شاهقة وهما يزعقان ، ويتوجه كل منهما إلى الآخر ، هكذا تصادم هذا الاثنان وهما يصرخان • 430 وكان ابن صانع المكائد كرونوس يرقبهما فأخذته الشفقة بهما وقال لهيرا ، أخته وزوجته : " واه • إنه لمن المقدر أن يسقط ساربيدون ، أعز الرجال علي ، على يدي باتروكلوس ، ابن مينويتيوس • وإن قلبي يتأرجح في صدري بين قطبين وأنا أفكر بالأمر • 435






12 هذا يوحي أن ساربيدون لم يعرف بعد من هو باتروكلوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 454 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 455 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 510

هل أنتزعه من المعركة المؤسفة ، وأعيده سالماً إلى لوكيا البلد الغنية ؟ أم أصرعه على يدي ابن مينويتيوس ؟ " فردت عليه بدورها السيدة هيرا ذات العينين البقريتين : " يا صاحب الجلالة ، يا ابن كرونوس ، ما هذا الذي قلته ؟ 440 أتريد أن ترجع إنساناً فانياً ، قُرر قدره منذ زمن طويل ، من الموت الزؤام وتحرره من قدره ؟ افعلها إذن • ولكن لن نوافقك ، نحن بقية الآلهة ، على ذلك • وضع في اعتبارك أمراً آخر سوف أقوله لك : إن أرجعت ساربيدون إلى بيته وهو ما يزال حياً 445 ففكر في أن إلهاً آخر قد يرغب أيضاً في إنقاذ ابنه من المبارزة القوية • فحول مدينة بريام العظيمة يتقاتل كثير من أبناء الآلهة • وستوقظ في نفوسهم امتعاضاً شديداً • ولكن إن كان غالياً عليك ، وقلبك يتحسر عليه ، 450 فدع الأمر يتحقق • ودعه يسقط في المبارزة القوية على يدي باتروكلوس ، ابن مينويتيوس ، وبعد أن تغادره روحه وسنوات عمره ، أرسل الموت ليحمله ، ومعه النوم الرحيم إلى أن يصلا به إلى بلد لوكيا الشاسعة ؛ 455 حيث سيدفنه أخوته وأبناء بلده بشكل لائق في قبر عليه شاهدة • هذا هو الامتياز الذي يتمتع به من يُقتلون " • قالت ذلك ، فلم يخالفها أبو الآلهة والبشر ؛








الإلياذة هوميروس الصفحة : 455 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 456 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 511

إلا أنه ذرف دموعاً من الدم تساقطت على الأرض ، من أجل ابنه الحبيب ، الذي كان باتروكلوس 460 يستعد الآن لقتله ، قرب طروادة الكريمة وبعيداً عن أرض آبائه • واقترب كل من الرجلين المتقدمين من الآخر • وهناك قام باتروكلوس بإلقاء النار على ثراسوميلوس ، وهو السائق القوي للقائد ساربيدون ، وطعنه في أعماق أسفل بطنه فجرد أعضاءه من قوتها • 465 وساربيدون ، في الضربة الثانية أضاع ضربة رمحه اللامع الذي استقر في كتف الحصان بيداسوس ، الذي زعق وهو يسلم الحياة • وسقط بجلبة عالية على التراب ، وتسربت منه روح الحياة • وتنحت الجياد الأخرى جانباً ، وانكسر النير ، 470 وتشابكت أعنة التوجيه فيما كان الجواد المعني يسقط إلى جانبها • ولكن حين رأى أوتوميدون ، الشهير برمحه ، ما يجب عليه أن يفعل أشهر السيف المعلق على جانب فخذه القوي وبضربة عاجلة ودون تردد قطع سيور الجواد ، فاستقام وضع الجياد الأخرى ، وقام هو بسحب أعنة التوجيه • 475 والتقى البطلان في المعركة التي تأخذ بالقلوب • ومرة أخرى قام ساربيدون بالطعن برمحه اللامع ، فمر رأس الرمح من فوق كتف باتروكلوس اليسرى ، وقام باتروكلوس بتوجيه الضربة التالية بالرمح النحاسي • ولم تكن الضربة خائبة حين غادرت قصبة الرمح يده • 480 بل أصابت حيث يتغلف القلب الخافق وسط قوس من العضلات •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 456 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 457 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 512

وسقط ، كما تسقط سنديانة أو شجرة حور بيضاء ، أو كصنوبرة شاهقة العلو قطعها الحطابون في الجبال بفؤوسهم لصنع خشب السفن • هكذا سقط أمام جياده وعربته وهو يجأر ، 485 ويشد على التراب الدامي بيديه • أو كما يسقط ثور هائج وعنيف وسط قطيع متجمع بتكاسل ، يقتحم القطيعَ أسدٌ ويصرعه • فيموت وهو يخور تحت ضربة براثن الأسد • هكذا أمام باتروكلوس سقط قائد اللوكيين المدرعين 490 وهو يصرخ منادياً مرافقه الحبيب : " يا عزيزي غلاوكوس • إنك لمحارب بين الرجال • وها قد دعت الحاجة الماسة إليك لكي تكون ضارب رمح ومحارباً مقداماً • فإن كنت شجاعاً دع الحرب المريرة محببة إلى قلبك • اذهب أولاً بين الرجال الذين هم قادة اللوكيين 495 في كل مكان ، وحرضهم على القتال من أجل ساربيدون • وأنت نفسك أيضاً يجب أن تقاتل من أجل ساربيدون بالرمح البرونزي • لأنني سأكون مصدر عار وخزي عليك فيما بعد ، وطوال أيام عمرك ، إن قام الآخيون بتجريدي من درعي هنا حيث أسقط قرب السفن المحتشدة • 500 فتماسك واصمد بقوة وشجع بقية قومنا " • وفيما كان يقول ذلك أطبق الموت على منخريه وعينيه • وداس باتروكلوس بقدمه على صدره وسحب الرمح من جسده فخرج معه الحجاب الحاجز ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 457 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 458 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 513

وكان بذلك يسحب حياة ساربيدون مع رأس الرمح • 505 وأمسك المورميدون القريبون بالجياد اللاهثة وهي تحاول أن تنفر مبتعدة ، بعد أن تحررت من عربة صاحبها • وحين سمع غلاوكوس الصوت خيم عليه حزن شديد • واختلج قلبه في صدره فلم يستطع الدفاع عن ساربيدون • أمسك بيده ذراعه الذي كان الجرح فيه يؤلمه ، 510 حيث كان قد أصابه تيوكروس بسهم حين كان فوق السور العالي ، وابتعد عن الهلاك المحيط بمرافقيه • ووجه صلاته إلى أبولو الذي يضرب عن بعد : " اسمعني يا مولاي • فأنت في مكان ما في البلاد اللوكية الثرية أو هنا في طروادة • وأينما كنت تستطيع أن تسمع 515 رجلاً يتألم ، وأنا قد نزل بي هذا الألم • انظر • إن بي جرحاً عميقاً ، وذراعي من جانبيه يمض به الألم المبرح ، ودمي لا يجف ولا يتوقف عن النزف ، وكتفي تؤلمني • لا أستطيع الإمساك برمحي بثبات • ولا أستطيع التقدم 520 لقتال العدو • وقد سقط خير الرجال ، ساربيدون ، ابن زيوس ، الذي لن يحمي أولاده • على الأقل يا مولاي خفف عن هذا الجرح ؛ ودع الألم ينام ، وامنحني القوة لكي أستطيع مناداة رفاقي اللوكيين ودفعهم إلى القتال • 525 وأنا نفسي سأقاتل دفاعاً عن الجسد المرتمي " • هذا ما قاله في صلاته • وقد سمعه فوبيوس أبولو •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 458 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 459 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 514

وسرعان ما أوقف الألم ، وجفف من الجرح العميق الدم الأسود النازف ، وبث في روحه القوة • وأدرك غلاوكوس في أعماقه ما يجري • وكان سعيداً 530 لأن الإله العظيم قد استجاب لصلاته • وقبل كل شيء استنهض إلى المعركة كل الرجال الذين هم قادة اللوكيين ، بتنقله بينهم ، للقتال من أجل ساربيدون • وبعد ذلك سار بخطوات مديدة بين الطرواديين ، إلى بولوداماس ، ابن بانثووس وأغينور الباسل ، 535 وذهب إلى أينياس وإلى هيكتور ذي الخوذة اللامعة ووقف قربهم وحدثهم بكلمات مجنحة : " يا هيكتور ، لقد غفلت عن مرافقيك المسلحين الذين من أجلك ، بعيداً عن أصدقائهم وأرض آبائهم 13 ، يبذلون حياتهم ، وأنت لا تفعل شيئاً لأجلهم • 540 لقد سقط ساربيدون ، قائد اللوكيين المسلحين بالتروس ، وهو الذي حمى لوكيا بقوته وفضيلة عدله • لقد جندله آريس الصفيق برمح باتروكلوس • قفوا معي يا أصدقاء • ولتفكروا بالخزي في أرواحكم إذا استطاعوا أن يجردوه من أسلحته ويهينوا جثته • 545 هؤلاء المورميدون الناقمون من أجل كل الدانانيين الذين قتلوا ، والذين قتلناهم نحن بالرماح قرب السفن السريعة " • قال ذلك فخيم الحزن الغامر على الطرواديين وكللهم ، الحزن الذي لا يُحتمل • فقد كان نزيل مدينتهم دائماً مع أنه غريب عنها ، وقد جاء معه الكثيرون ، 550






13 إنهم يتحدثون معه بهذه الطريقة لأنهم متطوعون وليسوا أتباعاً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 459 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 460 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 515

ولكنه كان دائماً أفضلهم في القتال • وتوجهوا وهم يغلون غضباً من أجل ساربيدون نحو الدانانيين ، وعلى رأسهم هيكتور • وفي الوقت ذاته كان الآخيون يهللون لبسالة قلب باتروكلوس ، ابن مينويتيوس • تحدث أولاً إلى الأياسَين ، اللذين كانا يتحرقان للقتال : 555 " أيها الأياسان • يجب أن تكون رغبتكما الآن في الدفاع عن نفسيكما • وأن تكونا كما كنتما من قبل بين الرجال ، بل وأكثر بسالة • لقد سقط ساربيدون ، الرجل الذي كان أول من تسلق سور الآخيين ، فلنحاول على الأقل أن نظفر بجثته ونهينها فننزع الدرع عن كتفيه ، ونقتل بالبرونز الذي لا يرحم 560 أحد مرافقيه الذين يقاتلون دفاعاً عنه " • قال ذلك فازداد حماسهم في دفاعهم ، وبعد أن حشد الطرواديون واللوكيون والمورميدون كتائبهم على الجانبين ، اشتبكوا في معركة ضارية حول الجثة ، 565 وهم يصرخون صرخات رهيبة ، مع صليل اصطدام الرجال بدروعهم ، فيما كان زيوس يفرش الليل الرهيب فوق الصراع العنيف لكي يكون الصراع على ابنه العزيز مهلكاً • في البدء استطاع الطرواديون دحر الآخيين ذوي العيون اللماحة ، حين أصيب واحد من المورميدون ، ولم يكن بأسوأهم ، 570 إنه إيبيغيوس الرائع ، ابن أغاكليس الباسل • إنه ذلك الذي كان من قبل قائداً في بوديون الحصينة • إلا أنه ، وقد قتل ابن عمه ، ذا النسب الشريف ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 460 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 461 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 516

فقد جاء متوسلاً إلى بيليوس وإلى ثيتيس ذات القدمين الفضيتين • فأرسلاه للّحاق بآخيل الذي يحطم الرجال في المعارك ، 575 إلى إليون أم الخيول وإلى المعركة ضد الطرواديين • وفيما كان يمسك بجثة ضربه هيكتور المجيد بحجر على رأسه ، فتهشم الرأس داخل الخوذة الثقيلة • وارتمى على التراب منكباً على وجهه • وحوّم فوقه الموت محطم الأرواح • 580 وتملك باتروكلوس الحزن على موت مرافقه • وشق طريقه بين صفوف مقاتلي المقدمة ، مثل صقر منقض يشتت في انقضاضه العقاعق والزرازير • مباشرة نحو اللوكيين ، يا مروض الخيول ، يا باتروكلوس ، تقدمتَ نحو الطرواديين ، غاضباً من أجل مرافقك • 585 ضرب سثينيلاوس ، الابن المحبوب لإيثايمينيس ، على رقبته بحجر ، فكسر أوتاد الرقبة وأمالها • وعندها تراجع أبطال طروادة ومعهم هيكتور المجيد • وإلى المدى الذي تصل إليه رمية الحربة الخفيفة التي يرميها رجل يجرب قوته ، سواء في مباراة ، 590 أو في معركة ، في خضم النزاع الذي يأخذ بالقلوب ، إلى هذا المدى تراجع الطرواديون أمام ضغط الآخيين • ولكن غلاوكوس ، قائد اللوكيين المحميين بالدروع ، كان أول من ارتد ، فقتل باثوكليس الباسل ، الابن الحبيب لخالكون ، الذي أقام في مبيته في هيلاس 595 متميزاً بين المورميدون بثروته ونجاحه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 461 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 462 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 517

كان هذا من طعنه غلاوكوس في منتصف الصدر ، حين التفت إليه بشكل مباغت ، وذاك يلحق به • فسقط سقوطاً مدوياً • وخيم الحزن المطبق على الآخيين مع جندلة الرجل العظيم • ولكن سرور الطرواديين كان عظيماً 600 فجاؤوا ووقفوا بأجمعهم حوله ، ولم يتخلّ الآخيون عن روحهم القتالية بل وجهوا نقمتهم عليهم • وعندها أردى ميريونيس فحلاً من فحول الطرواديين ، هو لاوغونوس ، الابن المقدام لأونيتور • وهو إيديّ ، كاهن لزيوس ، ويلقى التكريم في بلده مثل إله • 605 ضربه ميريونيس على فكه وأذنه • وعلى الفور هربت روح الحياة من أطرافه • وأطبقت عليه الظلمة الكريهة • ولكن أينياس ألقى برمحه صوب ميريونيس ، آملاً أن يصيبه ، وهو يتقدم تحت غطاء ترسه ، ولكن ميريونيس الذي كان يراه تجنب الرمح البرونزي 610 فقد انحنى إلى الأمام ، ومن وراء ظهره مرت حربة الرمح الطويلة وانغرزت في الأرض ، وراح طرف الرمح يهتز • وهناك في تلك اللحظة أخذ آريس الضخم القوة منه (إذ أن الحربة المهتزة لأينياس توجهت نحو الأرض ، لأنها كانت ضربة خائبة من يده الضخمة ) 14 • 615 وتملك أينياس الغضب فصاح به : " ميريونيس ، كان يمكن لرمحي أن يوقفك الآن وإلى الأبد ، رغم كونك راقصاً 15 ، لو أنني أصبتك فقط " • ورد عليه ميريونيس الشهير برمحه قائلاً :






14 يرى بعض الباحثين والدارسين أن هذين البيتين مضافان. وهما غير موجودين في بعبض المخطوطات. 15 إشارة متكررة لمهارة الكريتيين في الرقص.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 462 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 463 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 518

" على الرغم من كونك مقاتلاً قوياً يا أينياس ، فسيظل من الصعب عليك 620 أن تقهر قوة كل رجل يمكن أن يقف في وجهك ، ويدافع عن نفسه ، فأنت أيضاً إنسان فانٍ • ولكن إن تمكنت أنا من ضربك بالبرونز وإصابتك في الوسط ، فإنك ، مهما كنت قوياً وواثقاً من صنيعك ، ستمنحني المجد وتذهب روحك إلى هيدز ذي الخيول " • 625 قال ذلك ، فرد عليه الابن المحارب لمينويتيوس بقسوة : " إذا كنت محارباً شجاعاً يا ميريونيس ، فلماذا تقول أشياء كهذه ؟ - خذ في اعتبارك يا صديقي أن الطرواديين لن يتراجعوا عن الجثة أمام الأقوال القاسية التي تقال • إذ سرعان ما ستغطيها الأرض • ونتيجة الحرب تعتمد على صنيع الأيدي • أما الكلمات ففي المجالس • 630 وليس شغلنا هنا أن نتوقف للكلام ؛ بل أن نتحارب " • قال ذلك وتبعه الآخر ، إنساناً شبيهاً بإله • وكما تتصاعد الأصوات من رجال يقطعون الخشب في وديان الجبال ، والأصوات تسمع من بعيد ، هكذا كانت الأصوات تصدر عن الأرض ذات الطرق العريضة ، 635 من التروس البرونزية ، والجلود ، وجلود الثيران المغطاة بإحكام وقوة والسيوف والرماح تصطدم بها وتطعنها • ولم يعد في وسع أحد ، وإن كان عارفاً ، أن يميز ساربيدون الشبيه بالإله ، فقد كان مغطى من رأسه حتى قدميه ، بكومة من الأسلحة والدم والتراب ، فيما الآخرون من حوله 640 يظلون يروحون ويجيئون عند جثته ، مثلما يغف الذباب وسط حظيرة ، ويطن حول وعاء








الإلياذة هوميروس الصفحة : 463 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 464 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 519

الحليب ، في فصل الربيع ، والحليب ينسكب من الوعاء • هكذا كانوا يتكومون حول الرجل الميت ، ولم يكن زيوس يحول عينيه عن المواجهة القوية ، 645 بل ظل يوليها كل عنايته واهتمامه ، وهو غارق في تفكيره وأفكار مثيرة تراوده حول موت باتروكلوس • أحان الحين الآن ، وسط المواجهة العنيفة ؟ أيجب أن يقتله هيكتور المجيد ، وهو قرب جثة ساربيدون الشبيه بالآلهة ، بالرمح البرونزي ويجرد الدرع عن كتفيه ؟ 650 أم يزيد حدة القتال حتى يسقط عدد أكبر من الرجال ؟ في عقله المنشغل كان هذا يبدو له الحل الأفضل • أن يتمكن مرافق آخيل القوي ، ابن بيليوس ، من صد الطرواديين مرة أخرى وهيكتور ذي الخوذة البرونزية حتى المدينة ، ويجندل الكثيرين في القتال • 655 ومنذ البداية وضع في هيكتور حمية دون قوة • فصعد إلى عربته طالباً الفرار ، وهو ينادي الطرواديين الآخرين داعياً إياهم إلى الهرب ، فقد أدرك موازنة زيوس القدسية للأمور • ولم يتوقف اللوكيون أيضاً ، بل تبعثروا طالبين النجاة ، حين رأوا ملكهم والرمح في قلبه ، 660 ممدداً تحت كومة من القتلى ؛ فلقد سقط فوقه كثيرون منذ أن شد زيوس وتيرة الصراع العنيف • وأخذ الآخيون عن كتفي ساربيدون الدرع النحاسي اللامع ، وقام المحارب ابن مينوييتيوس بإعطائه لمرافقيه للعودة به إلى السفن الجوفاء • 665







الإلياذة هوميروس الصفحة : 464 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 465 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 520

وهنا قال زيوس جامع الغيوم كلمة إلى أبولو : " اذهب إذا شئت يا فوبيوس الحبيب وأنقذ جثة ساربيدون من بين الأسلحة ، وامسح عنه قتامة الدم التي تغطيه • ثم احمله وابتعد به واغسله في النهر الجاري ، وادهنه بأكسير الحياة 16 ، وألبسه ملابس أكسيرية • 670 ثم سلمه لرسولين سريعين كي يعودا به ، وهما الأخوان التوأمان ، الموت والنوم ، وهذان سيمددانه بسرعة في الريف الغني للوكيا الشاسعة • وحيث سيقيم له أخوته وأهل بلده دفناً لائقاً بقبر وشاهدة • فذاك امتياز من يموتون " • 675 قال ذلك ، وأبولو الذي لا يقلل من احترامه لوالده ، نزل عن جبال إيدا ، إلى وسط المعمعة ، ورفع ساربيدون من تحت الأسلحة ونقه بعيداً • وغسله في نهر جار ، ودهنه بالأكسير ، وألبسه ملابس أكسيرية • 680 ثم أسلمه لرسولين سريعين لحمله ، وهما الموت والنوم ، التوأمان • وسرعان ما قام هذان بتمديده وسط الريف الغني للوكيا الشاسعة • ولكن باتروكلوس ، بصرخة منه إلى أوتوميدون وخيوله ، سارع وراء الطرواديين واللوكيين بحمية هائلة عمياء • 685 وفي غمرة نشوته ، لو أنه التزم بتوصية البيلي لنجا من قبضة الروح الشريرة للموت الأسود • ولكن عقل زيوس يظل أقوى من عقل الإنسان •






16 أمبروسيا. وهي مستخدمة في أكثر من مكان ( عند تجمل هيرا لإغواء زيوس). وبالتالي فهي صفة (سماوية) أكثر من كونها مادة. تستخدم لتجميل الجسد وعلاج الجروح ووصف الثياب.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 465 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 466 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 521

وهو يرعب حتى الرجل المحارب ، ويسلب النصر بخفة ، حين يقوم هو نفسه بزج الإنسان في المعركة 690 مثلما يؤجج الآن الحمية في قلب باتروكلوس • ومن هو الذي قتلته أولاً ، ومن كان الأخير ، يا باتروكلوس ، فيما الآلهة تدعوك إلى موتك ؟ أدريستوس أولاً ، وبعده أوتونووس وإيخيكلوس وبيريموس ، ابن ميغاس ، وإيبيستور وميلانيبوس 695 وبعد هؤلاء إيلاسوس وموليوس وبولارتيس • هؤلاء قتلتهم ، وكل منهم يولي الأدبار هارباً • ويومها كان يمكن لأبناء الآخيين أن يجتاحوا إليون ذات الأسوار بقيادة باتروكلوس ، الذي كان مندفعاً برمحه أمامهم ، لولا أن فوبيوس أبولو أخذ موقعه فوق البرج المتين 700 ومعه فكرة الموت لباتروكلوس ، والعون للطرواديين • ثلاث مرات حاول باتروكلوس تسلق زاوية سور البرج • وثلاث مرات رده فوبيوس أبولو على عقبيه بدفع الترس البراق بيديه الإلهيتين • وحين حاول باتروكلوس للمرة الرابعة ، وكأنما هو أكثر من إنسان ، 705 جاء إليه أبولو وناداه بصوت عال • وحدثه كلمات مجنحة مترعة بالخطر : " تراجع يا باتروكلوس المجيد • فليس مقدراً أن تسقط مدينة الطرواديين النبلاء أمام رمحك ، ولا حتى على يدي آخيل ، الذي يفوقك كثيراً " • قال ذلك ، فابتعد باتروكلوس مسافة كبيرة 710 متجنباً غضب أبولو الذي يضرب عن بعد •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 466 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 467 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 522

ولكن هيكتور أوقف خيوله داخل الأبواب السكانية • ووقف يتساءل عما إذا كان عليه أن يعود إلى المعمعة ليقاتل ، أم يدعو مقاتليه بصوت عال للتحشد وراء الأسوار • وفيما كان يفكر في الأمر جاء فوبيوس أبولو ووقف إلى جانبه ، 715 آخذاً شكل إنسان ، فتي وقوي ، هو آسيوس ، الذي كان خالاً لهيكتور ، محطم الخيول ، فهو شقيق هيكابي ، وابن دوماس ، وقد سكن في فوجيا قرب نهر سانغاريوس • بهيئة هذا الرجل تحدث ابن زيوس ، أبولو ، إليه : 720 " لم أوقفت القتال يا هيكتور ؟ يجب أن لا تفعل ذلك • آه لو أنني كنت أقوى منك بمقدار ما أنا الآن أضعف ! فكيف يمكنك أن تتراجع عن القتال بهذه الطريقة الشريرة • تعال ! وأوقف خيولك القوية أمام باتروكلوس • قد تكون قادراً على قتله • وأبولو قد يمنحك هذا المجد " • 725 قال ذلك ، ودخل مرة أخرى إلهاً في قتال البشر • فيما نادى هيكتور المجيد كيبريونيس الحكيم أن يعيد خيولهما إلى القتال • ونزل أبولو إلى المعركة ، وأثار ارتباكاً مميتاً بين الأرجيفيين ، ومنح المجد للطرواديين ولهيكتور • 730 وتجاهل هيكتور الدانانيين ، فلم يحاول أن يقتلهم ، بل وجه خيوله القوية مباشرة نحو باتروكلوس • ومن الجهة الأخرى وثب باتروكلوس من عربته إلى الأرض وهو يمسك برمحه في يده اليسرى • وفي الأخرى أمسك حجراً ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 467 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 468 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 523

مسننة وملتمعة ملء كفه ، ورماها 735 مائلاً مع الرمية ، فلم تقصر عن الرجل الذي استهدفه ولم تذهب خائبة ، بل أصابت سائق عربة هيكتور ، كيبريونيس ، الابن غير الشرعي لبريام ، وهو يمسك بأعنة الجياد • وجاءته الحجر الحادة في جبينه فهشمت الحاجبين معاً ، ولم يصمد العظم أمام الحجر 740 فسقطت عيناه على التراب أمامه 17 عند قدميه • وسقط على الأرض مثل غواص من العربة متقنة الصنع ، وغادرت الحياة عظامه • وها أنت تتحدث فوقه بسخرية مرة يا باتروكلوس الفارس : " أترون أي رجل خفيف هذا ، وأي بهلوان رشيق هو • 745 لو أنه كان في مكان ما على البحر الذي يعج بالأسماك ، لاستطاع أن يسد جوع الكثيرين بالغوص على المحار • إنه يستطيع أن يمضي على متن قارب حتى في الطقس السيئ بالخفة التي تشقلب بها الآن عن عربته نحو الأرض • كونوا على ثقة إذن أن لديهم في طروادة بهلوانييهم أيضاً " • 750 قال ذلك وتقدم من البطل كيبريونيس بوثبة أسد كان يعيث في المراعي ثم أصيب في صدره ، فجلبت عليه شجاعته الهلاك • هكذا كنت تفكر يا باتروكلوس وأنت تغير على كيبريونيس • ومن الجانب الآخر قفز هيكتور من عربته إلى الأرض 755 واشتبك الاثنان فوق جثة كيبريونيس ، مثل أسدين في أعالي الجبال ، وكل منهما يتميز بشجاعة هائلة






17 سبق لمقاتل آخر أن سقطت عيناه عند قدميه. وقد أوردنا أن الأمر ليس دقيقاً من الناحية التشريحية.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 468 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 469 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 524

وكل منهما جائع ، ويتقاتلان من أجل غزال مقتول • هكذا فوق كيبريونيس ، كان هذان الاثنان ، التواقان إلى القتال ، باتروكلوس ، ابن مينويتيوس ، وهيكتور المجيد ، 760 يجهدان بالبرونز الذي لا يرحم أن يمزق كل منهما الآخر • فقد أمسك هيكتور برأسه ، ولم يفلته ، وباتروكلوس أمسك بقدمه من الجهة الأخرى ، بينما كان بقية الطرواديين والدانانيين يصعّدان من حدة صراعهما • وكما يتشابك الريح الشرقي بالريح الجنوبي ويصطرعان 765 في الوديان بين الجبال ليهزا خشب الغابة العميقة ، السنديان والدردار والقرانيا ذو اللحاء الأملس ، فتسوط كل شجرة الأخرى بأغصانها الطويلة ، بصخب لا إنساني ، وتتصاعد أصوات تكسر الخشب ؛ هكذا كان الطرواديون والآخيون يقفز كل منهم على الآخر 770 ويتساقط الرجال ، دون أن يفكر أي من الطرفين بالبلاء الكارثي • وتساقطت رماح حادة كثيرة حول كيبريونيس كما تساقطت سهام مريّشة كثيرة خارجة من أقواسها ، واصطدمت حجارة كثيرة بالتروس ، وهم يتقاتلون بضراوة حول جسده ، وهو ملقى في التراب المنبوش 775 قوياً في ذروة قوته ، وفروسيته قد غادرته • وطوال تسلق الشمس قبة السماء ظلت الأسلحة تنقذف من الجانبين ، والرجال يتساقطون تحتها • فلما حان موعد رفع النير عن الثيران ، كان الآخيون قد تجاوزوا مقدورهم وتفوقوا ، 780








الإلياذة هوميروس الصفحة : 469 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 470 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 525

وجروا البطل كيبريونيس من تحت الأسلحة ، ومن بين تأجج الطرواديين ، وخلعوا الدرع عن كتفيه • وهجم باتروكلوس حاملاً الويل للطرواديين • ثلاث مرات هجم بقوة إله الحرب الراكض ، وهو يطلق صرخة الحرب الرهيبة • وثلاث مرات قتل تسعة رجال • 785 وفي المرة الرابعة اندفع مثل شيء أعظم من البشر ، وهناك ، يا باتروكلوس ، كانت نهاية حياتك تتجلى • فقد جاء ضدك فوبيوس أبولو في المواجهة العنيفة منذراً بالخطر • ولم يكن باتروكلوس قد رآه وهو ينتقل إلى المعركة • لقد جاء ضده متلفعاً بغيمة قاتمة 790 ووقف وراءه ، وضرب على ظهره وكتفيه العريضتين ضربة خفيفة براحة يده فغامت عيناه • وأطار فوبيوس أبولو عن رأسه الخوذة ذات القرون الأربعة والعينين المجوفتين ، فتدحرجت تحت أرجل الخيل وهي تقرقع • وتلوثت الريشات التي عليها 795 بالدم والغبار • قبل هذه المرة لم يكن مسموحاً أن تتلوث بالغبار هذه الخوذة العظيمة المشكولة بشعر الخيل • بل كانت تحمي الرأس والجبين المجيد لرجل شبيه بالآلهة ، هو آخيل ، ولكن زيوس أعطاها الآن إلى هيكتور ليلبسها على رأسه ، هيكتور الذي كان موته قريباً منه • 800 وبين يديه تكسر الرمح الضخم العظيم الثقيل المغلف بالحديد ذو الظل الطويل • وعن كتفيه سقط على الأرض الترس مع أربطته وشناشيله •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 470 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 471 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 526

وكسر الرب أبولو ، ابن زيوس ، الصديرية على جسده • وهيمنت الكارثة على مداركه ، وانهارت أعصاب الجسد المشع • 805 وقف ببلاهة ، وقريباً منه ، ومن خلفه أحد الداردانيين ضربه بين كتفيه بحربة حادة ؛ إنه يوفوربوس ، ابن بانثووس ، الذي فاق جميع أقرانه برمي الرمح والفروسية وسرعة الجري • وكان حتى الآن قد جندل عشرين محارباً عن خيولهم 810 منذ دخوله المعمعة بعربته وخبرته القتالية • كان هو أول من ضربك يا أيها الخيال باتروكلوس برمح مقذوف ، فلم يرمك ، بل هرع وانتزع الحربة الدادارية من جسدك • ثم غاب بين الجمع غير قادر على مواجهة باتروكلوس ، وهو عار على هذه الصورة ، في مبارزة • 815 وحاول باتروكلوس وقد حطمه الرمح وضربة الإله ، أن يراوغ الموت ويتراجع إلى صفوف رفاقه • ولكن هيكتور ، حين رأى باتروكلوس الباسل يحاول الهرب ، ورأى أنه مجروح بالحربة الحادة ، تقدم من بين الصفوف مواجهاً له وطعنه بالرمح 820 في عمق بطنه ، ودفع بالرمح إلى الداخل 18 • وسقط سقوطاً مدوياً ملقياً الرعب في قلوب الآخيين جميعاً • وكما يتفوق أسد على خنزير شرس في عراك وحشي ، وكما يقاتل الاثنان بكبريائهما في أعالي جبل من أجل نبع ماء صغير ، وكل منهما يريد أن يشرب منه ، 825 ويرديه الأسد بالقوة وهو يلهث لهاثاً قوياً ،




لاشك أن طريقة القتل هذه تقلل من أهميته • فبعد التقديم الطويل لبطولات كل من هيكتور وبارتوكلوس سيمسك القارئ أو المستمع أنفاسه عند حدوث المواجهة الحاسمة بين البطلين • ولكن مقتل باتروكلوس يأتي دون منح هيكتور أية قيمة • فالآلهة قد صنعت كل شيء • أفقدته الحس والنظر وجردته من سلاحه • وحتى الإصابة الأولى لباتروكلوس تأتي من مقاتل آخر • وهذا يعني أن هيكتور قد طعنه كما يطعن جثة • وهذا أسلوب هوميروس في تقديم الأحداث الكبيرة • فكلها من صنع الآلهة وبعد تدخلها •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 471 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 472 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 527

هكذا هيكتور ، ابن بريام ، سلب الحياة بضربة رمح قريبة من المحارب ابن مينويتيوس ، الذي قتل الكثيرين • ووقف مطلاً عليه ، وصاح بكلمات النصر المجنحة : " ربما كنت تحلم ، يا باتروكلوس ، بتدمير مدينتنا ، 830 وتجريد النساء الطرواديات من يوم حريتهن وجرهن في السفن إلى أرض آبائك • أيها الأحمق ! إن أمامهن خيول هيكتور الجامحة تندفع بأقدامها السريعة إلى القتال ، وأنا برمحي ، أنا المبرز بين المحاربين الطرواديين ، أنا الذي أبعد عنهن 835 يوم البؤس والحاجة • أما أنت • فستأكلك العقبان • أيها التعيس ! مهما بلغت قوة آخيل فإنه لن يستطيع لك شيئاً • حين ظل في المؤخرة ، وتقدمت أنت ، لا بد أنه قال لك الكثير ، قال لك : يا باتروكلوس • يا صاحب الخيول • حاول أن لا ترجع إلي وإلى السفن الجوفاء ، قبل أن تغرق بالدم 840 ثوب قاتل الرجال هيكتور وهو على صدره • لقد حدثك بأشياء من هذا النوع ، وأقنع قلبك الأحمق الذي تحمله " • فأجبته ، يا باتروكلوس الخيال ، وأنت تموت : " هذا يوم كلامك الكبير ياهيكتور • ولك النصر الذي أعطاه زيوس ، ابن كرونوس ، وأبولو • فهما قد أخضعاني بسهولة 548 لأنهما قد جرداني من الأسلحة عن كتفي • وحتى في هذه الحالة جاءني عشرون مقاتلاً مثلك ، وكان عليهم كلهم أن يتساقطوا تحت رمحي ، ويموتوا • القدر الغاشم وبمعونة ابن ليتو 19 هو الذي قتلني •






19 أبولو.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 472 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 473 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 530

ومن بين الرجال كان يوفوروبوس • أنت ثالث قتلتي • 850 واحفظ في أعماق قلبك ما سأقوله لك • أنت نفسك لن تعيش طويلاً • بل ومنذ الآن يقف إلى جانبك الموت والقدر الغاشم • وعلى يدي ابن آيكوس ، آخيل ، ستسقط " • وفيما هو يتحدث هكذا أطبق الموت عليه • 855 ونزلت الروح التي خرجت ترفرف من أطرافه إلى بيت الموتى وهي تندب مصيره ، تاركة الشباب والرجولة وراءها • ومع أنه صار ميتاً إلا أن هيكتور المجيد قال له : " ما هذه النبوءة عن هلاكي القادم يا باتروكلوس ؟ من يدري إن كان آخيل ، ابن ثيتيس ذات الشعر الجميل ، 860 لن يسقط قبل ذلك بضربة من رمحي ، وتنتهي حياته ؟ " قال ذلك ووضع قدمه عليه ، وانتزع الرمح البرونزي من الجرح ، ثم قلبه بالرمح على ظهره • وانطلق والرمح بيده ، ووجه ضربة بالرمح إلى أوتوميدون ، المرافق الشبيه بالآلهة ، والابن سريع القدمين لآياكوس ، 865 ولكن الخيول الخالدة والسريعة طارت به ، تلك الخيول التي منحتها الآلهة هبة ثمينة لبيليوس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 473 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 474 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل السابع عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 531

حين سقط باتروكلوس أمام الطرواديين في المعركة الصعبة لم يكن ابن أتريوس ، المحارب مينيلاوس ، غافلاً عنه • فتقدم عبر الصفوف بخوذته البرونزية البراقة وفتح ساقيه حول الجثة ، مثلما فوق عجل صغير تقف البقرة الأم وتخور ، وهي التي لم تعرف الولادة من قبل • 5 هكذا وقف مينيلاوس ذو الشعر الجميل فوق باتروكلوس وهو يمسك بالرمح والدائرة الكاملة لترسه أمامه ، متحفزاً لقتل كل من يقترب منه • ولم يغفل عن مقتل البطل باتروكلوس يوفوربوس ، ابن بانثووس ، ذو الرمح الدرداري القوي ، الذي وقف قربه وحدث المحارب مينيلاوس بكلمة : " يا مينيلاوس الشهير ، يا ابن أتريوس ، قائد الجيوش ، ابتعد ، ودع الأسلاب • ارجع عن الجثة • فقبلي لم يقم أي من الطرواديين أو المتحالفين المشهورين معهم بطعن باتروكلوس برمحه في المواجهة العنيفة • 15 فدعني أفز بالمجد العظيم بين الطرواديين قبل أن أطعنك وأسلب منك حلاوة الحياة " • ورد عليه مينيلاوس ، ذو الشعر الجميل ، وقد استشاط غضباً : " يا أبانا زيوس • ليس المجد لائقاً بالرجل الصلف • فلا ثورة الفهد ، ولا شجاعة الأسد ، 20






  • مرة أخرى تعامل الشمس معاملة المذكر. ولكننا متعودون على تأنيثها. فإذا لم يكن الحديث عن دور محدد لها بوصفها شخصية ثابرنا على تأنيثها لكي يظل القارىء العربي في الحالة. وإذا كان الحديث عنها بوصفها شخصية لها دور محدد عدنا إلى تذكيرها.



الإلياذة هوميروس الصفحة : 474 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 475 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 532

ولا فورة غضب الدب البري الفاتك ، الذي روحه في صدره هي الأكبر ، والذي يتفاخر بأوج قوته ، تبلغ الحد الذي بلغته الكبرياء عند أبناء بانثوس ذي الرمح الدرداري القوي • وحتى قوة هوبرينور ، محطم الخيول ، لم تجعله يستمتع بشبابه حين وقف ضدي وسخر مني 25 وقال إنني الأضعف بين الدانانيين في المعارك • وأظن أن رجليه لن تحملاه لتعودا به ، إلى متعة زوجته الحبيبة ووالديه الكريمين • وأظن أنني أستطيع تحطيم قوتك أيضاً ، إن تجرأت ووقفت ضدي ، أنا نفسي أطلب منك أن ترجع 30 إلى وسط الحشد ولا تقف في وجهي ، قبل أن يلحق بك أذى • وعندما يحدث شيء يجب حتى على الأحمق أن يراه " • أنهى قوله هذا ، ولكن يوفوربوس لم يقتنع ، بل رد عليه : " عليك إذن ، يا مينيلاوس الملوكي ، أن تدفع التعويض عن أخي الذي قتلته ، والذي تتفاخر بقتلك له ، 35 قد رمّلت زوجته وهي وسط غرفة العروس الصبية ، وخلفت لوالديه مغبة الندب والأحزان • إلا أنني أستطيع إيقاف مناحة هؤلاء التعساء إذا حملت لهم معي في عودتي رأسك ودرعك ، وألقيت بهما في حضن بانثووس ، والجميلة فرونتيس • 40 هذا الصراع بيننا يجب أن لا يظل هكذا دون اختبار ، ودون منازلة ، وفيه سيثبت كلٌّ قوته أو جبنه " • قال ذلك ، وطعن ترس مينيلاوس في منتصف دائرته ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 475 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 476 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 533

فلم يشق البرونز طريقه ، بل التوى السنان في الترس القوي • وبعده قام مينيلاوس ، ابن أتريوس ، 45 بتقديم صلاته إلى الأب زيوس ، ثم وجه طعنته بالرمح البرونزي • وفيما كان ذلك يتراجع إلى الوراء أصابه في تجويف الرقبة • وانحنى مع الطعنة واثقاً من يده القوية ، واندفع السنان داخل القسم اللين من الرقبة • فسقط سقوطاً مدوياً ، وصلصل درعه فوقه • 50 وتبلل بالدم شعره الجميل كشعر ربات الحسن ، وتلك الجدائل المضفورة بالذهب والفضة 1 • ومثل شجيرة زيتون قوية النمو ، يزرعها إنسان في مكان منعزل ، ويغرقها بالماء الوفير ، حتى تتفتح جميلة فاتنة ، وتهزهزها النسمات من كل اتجاه 55 فتنفجر مزهرة أزهاراً صفراء • وبغتة تهب عليها الريح عاصفة مدمرة فتقتلعها من جذورها وتلقيها ممددة على الأرض • هكذا سقط يوفوربوس ذو الرمح الدرداري القوي ، ابن بانثووس ، الذي قتله ميلانوس ، ابن أتريوس ، وراح يجرده من درعه • 60 ومثلما يقتنص أسد واثق من قوته ، تربى في الجبال ، أفضل بقرة في القطيع الذي في المرعى فيقوم الأسد أولاً بكسر رقبتها ويمسك بها بين أنيابه القوية ، ثم يبتلع الدم وينهش أحشاءها بوحشية ، فيما الكلاب والرعاة يثيرون الشغب والضجيج من حوله ، 65 ولكن عن بعد ، إذ لا قبل لهم بالتقدم لمواجهته ،






1 دلت الحفريات الأثرية على أن بعض الرجال كانوا يضفرون شعرهم وجدائلهم بالفضة والذهب.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 476 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 477 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 534

فالخوف الأخضر القاسي يهيمن عليهم ؛ كذلك فإنه ما من قلب في صدر أي طروادي كان يملك الشجاعة للتقدم ومواجهة مينيلاوس المجيد • ولذلك بسهولة قام ابن أتريوس بانتزاع الدرع المجيد 70 عن ابن بانثوس • ولكنه أثار أحقاد فوبيوس أبولو • فأثار هذا ضده حمية هيكتور ، الند لإله لحرب السريع • إذ جاءه على هيئة رجل ، هو قائد الكيكونيين ، مينتيس • وحدثه بصوت عال ، وخاطبه بكلمات مجنحة : " فيما أنت ، يا هيكتور ، تسعى وراء ما لا يمكن الحصول عليه ، 75 أعني خيول ابن أياكوس الباسل ؛ فهي خيول صعبة المراس لكي يسوسها البشر ، أو حتى أن يركبوا وراءها 2 إلا بالنسبة لآخيل ، الذي ولدته أم إلهية ، في هذا الوقت يقوم مينيلاوس ، الابن المحارب لأتريوس ، بالوقوف فوق جثة باتروكلوس وبقتل أفضل الطرواديين ، 80 ابن بانثووس ، يوفوربوس ، وكبح بسالته المتأججة " • قال ذلك وعاد ، إلهاً ، إلى معركة البشر • ولكن حزناً مريراً خيم على قلب هيكتور في أعماقه • فتلفت حوله عبر الصفوف ، وسرعان ما رصد اثنين أحدهما يسلب الدرع المجيد ، والآخر 85 ممدد على الأرض ، والدم يتدفق من جرح طعنة الرمح فيه • فتقدم بين صفوف الأبطال الذين يعتمرون الخوذ البرونزية البراقة ويطلقون الصراخ الحاد ، فيبدون متأججين مثل لهب هيفايستوس • ولم تغب الصرخة الحادة عن بال ابن أتريوس •






2 هذان البيتان مكرران بالحرف من الفصل العاشر ولوصف الجياد ذاتها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 477 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 478 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 535

اضطرب من أعماقه ، وقال مخاطباً روحه المتوثبة : 90 " واه • إن تخليت هنا عن الدرع العظيم 3 ، وعن باتروكلوس ، الذي سقط هنا دفاعاً عن شرفي ، ألن يأخذها علي أحد الدانانيين إذا رآني ؟ ولكن إن حاربت خجَلاً ، ووحيداً كما أنا الآن ، الطرواديين وهيكتور ألن يطبقوا علي ، كثرة ضد واحد ؟ 95 إن هيكتور ذا الخوذة اللامعة يقود الطرواديين كلهم هنا • ولكن لم يتقلب الفكر بي هكذا ؟ حين يقوم رجل ، في وجه الآلهة ، بقتال آخر تكرمه الآلهة ، فإن الكارثة ستنزل عليه • ولذا أرجو أن لا يأخذ علي أي داناني يراني ، 100 وأنا أتراجع أمام هيكتور ، الذي يحارب معه الإله • ولكن لو أنني أستطيع في مكان ما أن أسمع صوت أياس ، صاحب الصرخة الحربية المدوية ، فنحن معاً يمكننا ، بشكل ما ، أن نثبت ، ونحافظ على روحنا القتالية ، حتى في وجه الإله ، إذا استطعنا أن نفوز بالجثة ونعيدها لآخيل البيلي • وهذا سيكون أفضل الشرور " • 105 وفيما كان يقلب هذا الأمر في باله وعقله كانت صفوف الطرواديين تتقدم وهيكتور يقودهم • فتراجع مينيلاوس أمامهم وترك الرجل الميت • ولكنه ظل يلتفت إلى الخلف ، مثل أسد بلبدة حين يطرده الرجال والكلاب من مزرعة ما بأسلحتهم 011 وصرخاتهم ، ويتجمد في صدر الأسد قلب البسالة القوي ، فيذهب مرغماً ليبتعد عن الأرض المسيجة •






3 هو درع آخيل الذي يلبسه باتروكلوس، رغم إمكانية الإيحاء بأنه درع يوفوربوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 478 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 479 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 536

هكذا كان مينيلاوس ذو الشعر الجميل يبتعد عن باتروكلوس ، ولكنه يلتفت حتى يصل إلى رفاقه فيقف بثبات • وراح يتلفت بحثاً عن أياس الضخم ، ابن تيلامون ، 115 وسرعان ما رأى أين هو ، في ميسرة المعركة كلها 4 يشجع رفاقه ويحضهم على القتال ، بعد أن أصابهم فوبيوس أبولو بالذعر السماوي • أسرع إليه • وسرعان ما وقف إلى جانبه وتحدث إليه : " تعال هنا يا أياس ، يجب أن نصل إلى باتروكلوس المجندل 120 لكي نحاول ، إن استطعنا ، أن نعيد إلى آخيل الجثة التي صارت عارية • فهيكتور ذو الخوذة اللامعة قد أخذ درعه 5 " • قال ذلك فحرك الحمية في صدر أياس الباسل ، الذي راح يمشي بين الأبطال ، ومعه مينيلاوس ذو الشعر الجميل • ولكن هيكتور ، بعد أن خلع الدرع المجيد عن باتروكلوس ، 125 سحبه مزمعاً أن يفصل الرأس عن الكتفين بالبرونز الحاد ، ثم يجر الجثة ويرميها لكلاب طروادة 6 • ولكن في هذه اللحظة وصل إليه أياس ، وهو يحمل ترسه مثل جدار ، فتراجع هيكتور حتى صار بين رفاقه ، وقفز إلى عربته ، ولكنه ألقى بالدرع الجميل 130 إلى الطرواديين ، ليعيدوه إلى المدينة ويكون مجداً عظيماً له • وقام أياس بتغطية الجثة بترسه الكبير ، ثم وقف بثبات مثل أسد يحمي أشباله ، وهو يقودهم في الطريق ثم يصادفه رجال يصطادون في الغابة • فيقف معتزاً بقوته العظيمة 135






4 على الرغم من أن أياس كان يظل في مواجهة آخيل، غلا أنه ينفصل عنه منشغلاً بتفصيل ما من القتال. ولذلك فهو لم يعرف بمقتل باتروكلوس. 5 بشيء من التدقيق، كما فعل بعض النقاد الألمان، نرى أن هناك خللاً. فأبولو انتزع الدرع عن باتروكلوس. وبالتالي فإن هذا الدرع لم يعد على جسده. ربما كان مرمياً إلى جانبه. 6 يبدو هذا الكلام متناقضاً مع شخصية هيكتور. ويرى بعضهم أن الشاعر وضع هذا الكلام على لسانه تمهيداً لما سوف يحدث لجثة هيكتور نفسه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 479 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 480 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 537

وهو يحجب عينيه تحت غطاء جفونه المسبلة ، هكذا كان أياس وهو يضع البطل باتروكلوس بين رجليه ، بينما كان ابن أتريوس ، المحارب مينيلاوس ، في الطرف الآخر يقف بثبات ، والحزن الكبير يتعاظم في أعماقه • ولكن غلاوكوس ، قائد اللوكيين ، ابن هيبولوخوس ، 140 تطلع إلى هيكتور عابساً ، وقذفه بكلمة قاسية : " يا هيكتور ، الجميل عند النظر إليه 7 ، لقد اختصرت قتالك كثيراً • إن شهرتك العظيمة تخص رجلاً هارباً • ففكر الآن كيف ستجعل أنت بنفسك مدينتك وحصنك يصمدان ، مع شعبك هذا المولود في إليون • 145 طالما أنه ما من لوكي سيقاتل الدانانيين بعد الآن دفاعاً عن مدينتك ، إذ لم نر عرفاناً بالجميل بعد كفاحنا الصعب والمستمر ضد أعدائكم • كيف ، أيها القاسي ، سنسعى إلى إنقاذ أسوأ من في جماعتكم ، وأنت تتخلى عن ساربيدون ، صديق ضيافتك ، 150 ومرافقك ، لكي يظل غنيمة وفريسة للأرجيفيين ، وهو الذي كان عوناً كبيراً لك ، لك أنت ولمدينتك طوال حياته ؟ وها أنت الآن لا تملك الشجاعة لإبعاد الكلاب عنه • ولذلك ، إذا أطاعني أي من اللوكيين ، فإننا سنعود إلى ديارنا ، وسيكون عندها دمار طروادة الوشيك واضحاً • 155 ولو أنه كان لدى الطرواديين أية بسالة قتالية راسخة ومتقحمة ، كتلك التي تعتري الرجال ، من أجل بلادهم ، فيقومون بالأعمال الكريهة بينهم وبين أعدائهم ،






7 في العادة يقال هذا الوصف عند توبيخ باريس، وليس هيكتور.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 480 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 481 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 538

لاستطعنا جلب جثة باتروكلوس إلى إليون بأقصى سرعة • فمع أنه ميت ، لو أنه جُلب إلى مدينة الزعيم بريام العظيمة ، 160 ولو استطعنا سحبه من وسط المعركة ، لكان الأرجيفيون أعادوا لنا درع ساربيدون الجميل ، ولاستطعنا نقل جثته إلى إليون • هذه قيمة الرجل الذي قُتل مرافقه • إنه أعظم رجل بين الأرجيفيين الذين هم عند السفن ، ورجاله يقاتلون ببسالة في الالتحامات • 165 وأنت لم تستطع أن تتماسك للوقوف في وجه أياس ذي القلب الكبير ، ولا حتى التطلع في عينيه في معمعة المقاتلين ولا مهاجمته مباشرة ، لأنه يتفوق عليك كثيراً " • ورد عليه هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة ، وهو ينظر إليه بغضب : " لم يتحدث رجل مثلك ، يا غلاوكوس ، هذا الكلام المزعج ؟ 170 إنني مندهش • وقد كنت أظن أنك بمداركك تفوق الآخرين كلهم ، أولئك الذين يعيشون في لوكيا حيث التربة كريمة • ولكنني الآن أحتقر قلبك على الكلام الذي قلته ، حين قلت إنني لا أستطيع الوقوف في وجه أياس العملاق • لست أنا بالرجل الذي يهتز عند الهجوم وسماع خبب الخيل • 175 ولكن عقل زيوس دائماً أقوى بكثير من عقل الإنسان • إنه يرعب أعتى المحاربين ، وينتزع النصر بسهولة ، بعد أن يكون هو نفسه قد زج بالرجل في المعركة • تعال يا صديقي ، وارقب فعالي • وستعلم بوقوفك إلى جانبي ، إن كنت الجبان الذي وصفته ، 180 أم أنني سأوقف أي داناني ، مهما بلغت جسارته ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 481 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 482 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 539

وأبطل قوته القتالية ، ودفاعه عن باتروكلوس " • قال ذلك ، وصاح بالطرواديين بصوت عظيم : " أيها الطرواديون واللوكيون والداردانيون المقاتلون بالتحام ، كونوا الآن رجالاً ، يا أصدقائي ، وتمسكوا ببسالتكم المتأججة ، 185 فأنا سأرتدي الدرع الجميل الذي كان لآخيل الباسل ، والذي انتزعته عن باتروكلوس القوي بعد أن قتلته " • هذا ما قاله هيكتور ذو الخوذة اللامعة ، ثم غادر ميدان المعركة الكريهة ، وركض وسرعان ما لحق بمعاونيه فقد ذهب على قدميه السريعتين ، ولم يكونوا قد ابتعدوا ، 190 وكانوا ينقلون الدرع المجيد لابن بيليوس نحو المدينة • انتحى جانباً عن مكان القتال المؤسي ، وغيّر درعه ، وأعطى ما كان يلبس للمحاربين الطرواديين لنقله إلى إليون المقدسة ، وهو ارتدى الدرع الخالد لآخيل البيليوي ، الذي أعطاه الآلهة الأورانيون 195 لوالده الحبيب ، وهو بدوره بعد أن شاخ أعطاه لابنه ؛ ولكنه الابن الذي لم يشخ في درع أبيه • وحين رآه زيوس جامع الغيوم منفصلاً عن الآخرين وهو يسلح نفسه بالعدة الحربية التي هي للبيلي الشبيه بالآلهة هز رأسه وكلم نفسه : " يا للتعيس المسكين ! 200 إن الموت لا يخطر على بالك الآن أبداً ، مع أن الموت يقف ملاصقاً لك ، وأنت ترتدي الدرع الخالد لرجل فوق الرجال • وثمة آخرون يرتجفون أمامه • وها قد قتلت الصديق العزيز لهذا الرجل ، والذي كان قوياً ولطيفاً ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 482 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 483 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 540

وأخذت درعه عن كتفيه ورأسه ، وهو ما كان يجب أن لا تفعله 8 • 205 وفي الوقت الحاضر سأتابع مدك بقوة عظيمة لكي أضمن أنك لن تعود من القتال إلى بيتك • ولن تأخذ أندروماك من يديك أسلحة آخيل المجيدة • قال ذلك ابن كرونوس ، ثم هز رأسه ذا الحاجبين العريضين • وكان الدرع ملائماً لجسم هيكتور ، ودخل فيه آريس ، إله الحرب 210 الخطير ، حتى صار الجسد من الداخل مدكوكاً بالعزم وقوة القتال • وتقدم صائحاً بصوت عظيم برفاقه في السلاح ، وانتصب أمامهم متوهجاً في العدة الحربية للبيلي الباسل • نظم صفوفهم ، وقال كلمة ليشجع كل قائد مجموعة ، 215 ميسثليس وغلاوكوس وثيرسيلوخوس وميدون ودييسينور وهيبوثووس وأستيروبايوس وفوركيس وخروميوس وإنوموس العراف بلغة الطيور ، وبعد أن جمع هؤلاء جميعاً أمامه ، قال لهم بكلمات مجنحة : " اسمعوني ، أيها الجمع الذي لا يحصى من الحلفاء المجاورين • 220 لم يكن من قبيل الرغبة أو الحاجة للجموع أن دعوتكم واحداً واحداً للمجيء من مدنكم إلى هنا ، بل من قبيل النية الطيبة المتوفرة لديكم للدفاع عن أطفال الطرواديين وزوجاتهم أمام المقاتلين الآخيين ولهذا الغرض أنا أرهق شعبي من أجل الهدايا 225 والطعام ، لكي أقوي بهما الروح المعنوية في كل منكم • ولذا فإن على الرجل فيكم أن يوجه وجهه إلى الأمام ،






8 ليس هناك ما يبرر أن لا يأخذ هيكتور درع عدوه، إلا إذا كان المقصود أن الدرع ليس على مقاس جسم هيكتور.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 483 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 484 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 541

فإما أن يموت أو يعيش • وهذه هي الدعوة الجميلة إلى المعركة • وذلك الرجل منكم الذي يجر باتروكلوس ، وهو ميت ، إلى ما بين صفوف الطرواديين ، محطمي الخيول ، ويتراجع أياس أمامه 230 سأعطيه نصف الأسلاب حصة له ، وأحتفظ بالنصف لنفسي • وسيكون مجده عظيماً مثل مجدي " • قال ذلك ، فرفعوا رماحهم وتوجهوا مباشرة نحو الدانانيين الذين أحسوا بثقلهم ، وفي داخل كل منهم أمل بانتزاع الجثة من أياس التيلاموني • 235 ويا للحمقى ! فقد انتزع أرواح العديدين حتى الآن من أجل الجثة • وعند ذلك تحدث أياس نفسه إلى مينيلاوس ، صرخة الحرب المدوية : " يا مينيلاوس المجيد ، يا صديقي العزيز ، لم يعد لدي أمل بأننا حتى أنا وأنت معاً سنستطيع الفوز في هذا القتال • وليس خوفي كبيراً على جثة بارتوكلوس ، 240 التي يجب أن تشبع الآن نهم كلاب طروادة وطيورها ، بقدر ما هو خوفي على رأسي أنا وحياتي وما قد يقع ، وعلى حياتك أنت ، فمنذ أن خيمت غيمة الحرب الداكنة هذه على كل شيء ، ومعها هذا الهيكتور ، فإن الموت بادٍ لي ولك • فهيا ، وناد من يمكن أن يسمعك من الدانانيين " • 245 قال ذلك فأطاعه مينيلاوس ، صرخة الحب المدوية • ورفع صوته ونادى الدانانيين بصرخة مجلجلة : " أيها الأصدقاء ، يا زعماء المجالس ورجالها الأرجيفيين ، أنتم يا من تقفون مع أغاممنون ومينيلاوس ، ابني أتريوس ، اشربوا خمر الجماعة 9 ، وليعط كل رجل أوامره 250






9 أغاممون يبقي بيته مفتوحاً، والخمر يقدم منه للجميع.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 484 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 485 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 542

إلى قومه • وليأتكم التقدير والتكريم من زيوس • إنه ليصعب علي التمييز بينكم لمعرفة من هو القائد • فالقتال المرير الذي اندلع قتال جسيم • فليأت كلٌّ باندفاعه الخاص ، وقدروا كم هو مخز أن يُرمى باتروكلوس إلى كلاب طروادة للاستمتاع به " • 255 قال ذلك وسمعه أياس ، ابن أويليوس ، بدقة ؛ فكان أول من اندفع إلى المعركة ، وتبعه إيدومينيوس ، ومتابع إيدومينيوس ، ميريونيس ، الند المكافئ لإله الحرب القاتل • وكيف يستطيع المرء أن يتذكر أسماء الآخرين ، 260 الذين أيقظوا حمية الحرب لدى الآخيين ؟ وجاء الطرواديون إليهم جمعاً واحداً ، وعلى رأسهم هيكتور ، مثلما عند مصب نهر متخم بالأمطار يزأر وجه البحر الهائل مصطدماً بالتيار ، مطلقاً هديراً كالرعد مع ارتداد المياه المالحة • 265 بهدير مشابه تقدم الطرواديون ، ولكن الآخيين الآن صمدوا حول ابن مينويتيوس وقفة رجل شجاع واحد واحتموا بتروسهم البرونزية ، فيما كان ابن كرونوس يلقي وسط لمعان الخوذ ضباباً 10 كتيماً ، فهو قبل اليوم لم يكن يكره ابن مينويتيوس ، 270 طالما كان حياً ، وكان مرافقاً لآخيل ، وهو يكره الآن أن يصير غنيمة لكلاب الطرواديين الكريهين ، فحض مرافقيه على الدفاع عنه •






10 الضباب أو العتم ينزله زيوس لغرض في نفسه دائماً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 485 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 486 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 543

في البداية زحزح الطرواديون الآخيين ذوي العيون البراقة إلى الوراء ، فتخلوا عن الجثة وفروا مذعورين ، ولم يتمكن الطرواديون البواسل 275 من النيل من أحد برماحهم رغم جهدهم لفعل ذلك • بل توجهوا إلى الجثة • ولكن الآخيين لم يكن مقدراً لهم أن يخذلوا أياس طويلاً ، فتجمعوا حوله بسرعة كبيرة ؛ وهو الذي فاق الدانانيين الآخرين بجماله وفعاله ، بعد ابن بيليوس الشجاع • 280 وتقدم أياس بين جمع المقدمة معتزاً بقوته ، مثل خنزير بري متوحش يشتت وسط الجبال بسهولة ويسر جمع الكلاب والرجال الأقوياء حين يلتفت للدفاع عن نفسه في الوادي • هكذا كان الآن أياس المجيد ، ابن تيلامون المعتز بنفسه حين التفت ليهجم ، فشتت الكتائب الطروادية بسهولة ويسر • 285 والذين كانوا قد أحاطوا بباتروكلوس آملين بشدة في جره إلى مدينتهم والفوز بالتكريم • ولقد كان هيبوثووس ، الابن المجلي لليثوس البيلاسجي ، يحاول فعلاً أن يجر باتروكلوس من قدمه وسط العراك العنيف بلف حزام ترسه حول كاحل الجثة 290 من أجل رضا هيكتور والطرواديين ، ولكن البلاء المفاجئ جاءه ، فلم يستطع أحد ، مهما بلغت رغبته ، أن يدافع عنه • فابن تيلامون ، الذي كان يتقدم وسط جمع المحاربين ، طعنه عن قرب وسط الخد النحاسي لخوذته فانشقت الخوذة ذات العرف من شعر الخيل حول السنان 295 أمام ضغط الرمح الضخم وثقل اليد التي وراءه ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 486 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 487 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 544

فتدفق الدماغ على الرمح من الجرح عبر العين النازفة • وهناك تلاشت قوته ، ومن يده ترك قدم باتروكلوس الباسل تسقط على الأرض ، وليرتمي هو نفسه منهاراً فوق القتيل 300 بعيداً عن لاريسا الكريمة • ولم يعد يستطيع استرجاع رعاية والديه • كانت حياته قصيرة ، إذ سقط تحت حربة أياس الباسل • ومرة ثانية وجه هيكتور ضربته إلى أياس بالحربة اللامعة ، ولكن أياس الذي كان يرقبه جيداً تجنب الرمح البرونزي 305 بمسافة بسيطة • فأصاب هيكتور ، ابن إيفيتوس الباسل ، سخيديوس ، والأبرز بين الفوكيين ، والذي كان يعيش في بيته في بانوبيوس الشهيرة ، وكان سيداً في قومه • أصابه تحت عظم الرقبة ، ومزق السنان المدبب المكان وخرج يلمع من كتفه • 310 وسقط سقوطاً مدوياً ودرعه يصلصل فوقه • ولكن أياس بدوره ضرب فوركيس ، الابن الحكيم لفاينوبس ، وسط بطنه وهو واقف فوق هيبوثووس القتيل • فحطم تجويف الصديرية ، واندلقت أحشاؤه من البرونز ، وتهاوى وهو يشد التراب بأصابعه • 315 وعندها تراجع أبطال طروادة ومعهم هيكتور المجيد ، وأطلق الأرجيفيون صرخة مدوية ، وجروا جثتي هيبوثووس وفوركيس ، وانتزعوا الدرعين عن أكتافهما • ومرة أخرى انسحب الطرواديون إلى داخل سور إليون ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 487 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 488 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 545

وقد هدهم الذعر من المحاربين الآخيين • 320 وكان من الممكن للأرجيفيين أن يفوزوا بالمجد حتى دون تقدير من زيوس ، بقوتهم ذاتها وعزيمتهم ، لولا أن أبولو بشخصه أثار أينياس • فقد أخذ هيئة الرسول بيريفاس ، الذي شاخ وهو يعمل رسولاً ، عند والد أينياس العجوز ، وكانت أفكاره تتصف بالكياسة • 325 وبهيئة هذا الرجل تحدث إليه أبولو ، ابن زيوس : " كيف يمكن ، يا أينياس ، أن تكونوا الرجال المدافعين عن إليون الحصينة حتى مع معونة الإله ، وأنا أرى آخرين يفعلون معتمدين على عزيمتهم وحدها ، وعلى قوتهم ورجولتهم وأعدادهم ، مع القلة التي هم عليها ؟ 330 وزيوس الآن راغب في منحنا النصر ، أكثر من الدانانيين ، ولكنكم تظلون تتجنبون قتالهم وتحجمون عنه " • أنهى كلامه ، ولكن أينياس عرف أبولو الضارب عن بعد ، حين تطلع إلى وجهه مباشرة ، فنادى هيكتور بصوت مرتفع : " يا هيكتور ، وأنتم أيها الطرواديون والحلفاء ، 335 إنه أمر مشين • إننا نتسلق سور إليون منسحبين ، وقد لفنا الذعر من المحاربين الآخيين • ولكن انظروا • إن أحد الآلهة يقف إلى جانبي ، ويخبرني أن زيوس صاحب الكلمة العليا يضع ثقله مع قتالنا • ولذا علينا أن نهجم فوراً على الدانانيين ، لكي لا يتمكنوا 340 من نقل باتروكلوس القتيل إلى سفنهم " • قال ذلك ووثب وثبة كبيرة إلى أمام مقاتلي المقدمة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 488 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 489 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 546

وارتد الطرواديون ، وثبتوا في وجوه الآخيين • وقام أينياس بقتل ليكرويتس ، بطعنة رمح ، وهو ابن أريسباس المرافق النبيل للوكوميديس ؛ 345 وحين سقط حزن عليه لوكوميديس ، فوقف قربه وقذف برمحه اللامع • فأصاب أبيساون ، ابن هيباسوس ، قائد الشعب ، في الكبد تحت القفص الصدري ، فتحطمت قوى ركبتيه • لقد كان هو القادم من بايونيا ذات التربة الخصبة 350 وكان أفضل رجالها في القتال بعد أستيروبايوس • وحين سقط هذا الرجل ، حزن عليه أستيروبايوس وبدوره اندفع إلى الأمام متحرقاً لقتال الدانانيين ، ولكنه لم يستطع أن يفعل ذلك ، لأن الذين كانوا حول باتروكلوس كانوا يحمونه بتروسهم من كافة الجوانب ، ووجهوا رماحهم إلى الأمام • 355 فقد نظم أياس صفوفهم كلها بأوامره المتعددة ، فلم يسمح لأي رجل بالتراجع عن الجثة ، ولا أن يخرج ويقاتل وحده في مكان يبعد عن الآخيين الآخرين • بل جعلهم يقفون بصمود وثبات من حوله ويقاتلون في تجمع واحد • فقد كانت تلك أوامر أياس العملاق • وغرقت الأرض 360 بالدم الجاري ، وتساقط الرجال واحداً بعد الآخر ، من الطرفين على السواء ، من الطرواديين وحلفائهم الأقوياء ، ومن الدانانيين أيضاً ، فهؤلاء أيضاً لم يقاتلوا دون بذل دماء • ولكن عدد من سقط منهم كان أقل بكثير ، فقد كانوا يتذكرون دائماً أن يقفوا متلازمين ، وأن يدفع كل منهم الموت عن الآخر • 365








الإلياذة هوميروس الصفحة : 489 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 490 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 547

وهكذا استمر قتالهم كاشتعال النار ، فلا تعرف أبداً ما إذا كانü الشمس ما يزال في مكانه في السماء ، أو القمر ، حيث أن العتمة قد أطبقت على ذلك المكان من المعركة الذي كان يقف فيه الشجعان حول باتروكلوس ، الابن القتيل لمينويتيوس • وفي كل مكان كان بقية الطرواديين والآخيين المدجيين 370 يقاتلون بشكل طبيعي في الهواء الطلق ، والشمس تتلامع من حولهم في كل مكان ، دون وجود لأية غيمة فوق الأرض أو فوق الجبال • كانوا يخوضون قتالهم عن بعد ، وكل يقف على مبعدة متحاشياً الإصابات المؤلمة من الطرف الآخر ؛ إلا أنهم في الوسط كانوا يعانون 375 الويل من العتم والقتال ، والبرونز القاسي الذي يرهقهم • هؤلاء كانوا الأكثر شجاعة ، ولكن كان بينهم رجلان للمجد ، ثراسوميديس وأنتيلوخوس ، لم يكونا قد سمعا بعد كيف قتل بارتوكلوس الباسل ، وما يزالان يظنان أنه حي ، ويقاتل في مقدمة المواجهة مع الطرواديين • 380 ولكن هذين الاثنين ، وهما يرقبان ليمنعا الموت أو الفرار في صفوفهما ، كانا يخوضان معركتهما الخاصة ، تنفيذاً لأوامر نيستور الذي كان يوجههما من السفن السوداء للقتال • ولهذين برزت قسوة معاناة المعركة طوال النهار مع العرق المتصبب باستمرار ، والإعياء 385 من ركبهما وسيقانهما وأقدامهما التي تسند كل مقاتل ، حتى أن أيديهما وأعينهما قد تبللت وهما يقاتلان من أجل المرافق الشجاع لأياكيديس السريع •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 490 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 491 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 548

ومثلما حين يعطي رجل جلد ثور كبير نُقع أولاً وحتى تشبع بالشحم ، لجماعته كلهم لمده 390 فيأخذونه منه ويتجمعون حوله ، ثم يشدونه ، وسرعان ما يذهب البلل ، ويتساقط الشحم ، ومع الكثير من الشد ، ينبسط الجلد فيصبح مستوياً هكذا كان رجال الطرفين مشدودين حول الجثة في الفسحة المتشنجة في الاتجاهين ، وكانت قلوب الطرواديين آملة 395 في إرجاعه إلى إليون ، وقلوب الآخيين آملة في إرجاعه إلى السفن الجوفاء • ومن حوله اشتد القتال • وما كان لآريس الذي يحشد الرجال ، ولا لأثينا التي ترقب القتال أن يستخفا بهذا القتال ، ولا حتى في غضبهما الشديد ؛ هكذا كان عناء المعركة بالنسبة للرجال وللخيول 400 التي أثارها زيوس بشدة حول باتروكلوس ذلك اليوم • ولكن آخيل لم يكن قد عرف بعد أن باتروكلوس قد قتل • حيث أن الرجال يتقاتلون الآن بعيداً عن السفن ، قرب السور الطروادي • ولم يكن آخيل يتوقع أن يكون باتروكلوس ميتاً ، بل ظن أنه حي وقرب الأبواب 405 وأنه سوف يعود • ولم يكن يظن أن باتروكلوس سيجتاح المدينة من دونه ، ولا حتى معه ، لأنه كثيراً ما سمع من أمه ما لا يعرفه البشر • كانت تحكي له دائماً عن رغبة زيوس العظيم • ولكن هذه المرة لم تحك لآخيل أمه عن البلاء الذي وقع ؛ 410 ولا أن رفيقه العزيز قد قتل •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 491 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 492 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 549

وهكذا من حول الجثة وهم يتمسكون برماحهم متراصة والقتل في الجانبين • ويمكن أن يكون قول بعض الآخيين المدرعين بالبرونز : " يا أصدقاء • لن يكون لنا فخار إن عدنا ثانية 415 إلى سفننا الجوفاء • هنا والآن فلتفتح الأرض السوداء هوَّتَها للجميع • فهذا سيكون لنا أفضل بكثير من أن نسلم هذا الرجل للطرواديين ، محطمي الخيول ، ليأخذوه إلى مدينتهم ويكسبوا الفخار من خلاله " • كما يمكن أن يكون صراخ بعض الطرواديين البواسل : 420 " يا أصدقاء ، حتى لو كان مقدراً أن نموت كلنا هنا عند هذا الرجل ، فلن يتراجع أي منا عن القتال " • هكذا يمكن لرجل أن يتكلم ويثير الحمية في كل من رفاقه • وهكذا استمر القتال ، واستمر صليل الحديد يتصاعد إلى السماء السافرة عبر الجو الساطع الناشف • 425 ولكن خيول أياكيديس الواقفة بعيداً عن المعركة كانت تبكي ، كما كانت تفعل منذ أن سمعت أن سائسها قد سقط على التراب على يدي هيكتور القاتل • والحقيقة هي أن أوتوميدون ، الابن القوي لديوريس ، كان يسوطها مرة بعد أخرى بالسوط المحوّم ، 430 أو يتحدث معها ، أحياناً راجياً ، وأحياناً متوعداً • فهي لم تكن راغبة في العودة إلى ممر هيلي العريض وإلى السفن ، أو إلى القتال مع الآخيين ، بل تريد أن تظل واقفة حيث هي مثلما يقف تمثال منصوب








الإلياذة هوميروس الصفحة : 492 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 493 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 550

على ضريح لرجل ميت أو سيدة ميتة • هكذا ظلت واقفة هناك 435 في مكانها دون حراك مع العربة متقنة الصنع ، وهي تحني رؤوسها نحو الأرض ، والدموع الحارة تنهمر على التراب من تحت جفون الخيول المحزونة التي كانت مشتاقة إلى سائسها ، فيما كانت أعنتها البراقة تتسخ من تصبب عرقها ، وهي تتململ في وقفتها ، على جانبي لبّادة النير 440 وأشفق ابن كرونوس على الجياد وهو يراها محزونة ، فحرك رأسه وقال لنفسه : يا لتعاستك ! لم إذن أعطيناك 11 إلى القائد بيليوس ، وهو إنسان فان ، فيما أنت خالدة لا تعرفين الهرم ؟ لمجرد أن تتعرضي للحزن وأنت بين التعساء من البشر • 445 إذ بين المخلوقات التي تتنفس على الأرض أو تزحف عليها ليس هناك ما هو أكثر تعاسة من الإنسان • على الأقل لن يصعد وراءك ابن بريام ، هيكتور ، في العربة متقنة الصنع • لن أسمح له • ألا يكفيه أن يأخذ الدرع ويفخر بلبسه ؟ 450 والآن سأبث القوة في الركب والأرواح لكي تستطيعي أن تخرجي أوتوميدون من المعركة سالماً إلى السفن الجوفاء ؛ لأنني سأواصل إعطاء الطرواديين فَخَار القتل ، إلى أن يصلوا مظفرين إلى السفن متينة المقاعد عند مغيب الشمس وتقدم الظلمة المباركة " • 455 هكذا قال ، ونفخ قوة عظيمة في الخيول • فهزت الغبار عن أعنتها ، وألقته على الأرض بخفة •






11 نحن الآلهة. وآخيل يقول في فصل قادم إنه تقدمة من بوزيدون إلى بيليوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 493 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 494 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 551

وانتقلت بالعربة السريعة بين الطرواديين والآخيين • وكان أوتوميدون يقاتل وهو فيها ، رغم حزنه على مرافقه • وكان يندفع بخيوله كاندفاع عقاب بين سرب من الأوز ، 460 ويخرج بخفة من وسط فوضى الطرواديين ، ثم بخفة أيضاً يعيد الهجوم بحثاً عن تجمع كبير ، ولكنه لم يستطع أن يقتل أحداً وهو يطارد الجميع • لم تكن أمامه فرصة ، وهو يقاتل وحيداً في العربة المعزولة ، لأن يطعن بالرمح ويظل مسيطراً على الخيول السريعة المندفعة • 465 ولكن أخيراً انتبه إليه أحد معاونيه ، وهو ألكيميدون ، ابن لايركيس ، المتحدر من هايمون • وقف وراء العربة ونادى أوتوميدون : " يا أوتوميدون ، أي إله وضع هذا الهدف غير المجدي في قلبك ، وسلبك المدارك الأفضل ، 470 لكي تحاول مقاتلة الطرواديين في أول صدمة مواجهة وأنت وحدك ، بعد أن قتل مرافقك ، وتفاخر هيكتور بارتداء درع أيكيديس على كتفيه ؟ " ورد عليه أوتوميدون ، ابن ديوريس ، بدوره : " من يا ألكيميدون ، يستطيع ، بين الآخيين 475 أن يسيطر على حركة الخيول الإلهية وقوتها مثلك ، إلا إذا كان باتروكلوس ، ند الآلهة في الرأي والحكمة ، حين كان حياً ؟ والآن أطبق عليه الموت والقدر • فتعال استلم عني السوط والأعنة اللامعة الموجهة ، لكي أنزل من العربة وأتمكن من القتال " • 480








الإلياذة هوميروس الصفحة : 494 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 495 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 552

قال ذلك ، فقفز ألكيميدون إلى العربة المنطلقة ، وسرعان ما جمع بين يديه الأعنة والسوط بينما قفز أوتوميدون من العربة • ولكن هيكتور المجيد رآهما فقال لأينياس على الفور ، وكان واقفاً قربه : " يا أينياس ، سيد الرأي والمشورة بين الطرواديين المدرعين بالبرونز ، 485 أرى أمامنا خيول أيكيديس السريعة • وقد ظهرت الآن في المعركة بسائسين ضعيفين • ولذا لدي أمل في الاستيلاء عليها ، إن كنت راغباً من قلبك في أن تذهب معي • إن انطلقنا معاً نحوهما فلن يتجرآ على الثبات والقتال ضدنا " • 490 قال ذلك فلم يخالفه ابن أنخيسيس • وتقدم الاثنان بجرأة ساترين أكتافهما بجلود الثيران حسنة الدباغة والمتينة والمطعمة بالبرونز • ومعهما مشى خروميوس وشبيه الآلهة أريتوس وفي أعماق كل منهما أمل كبير 495 في قتل الرجلين وأخذ الجياد ذات الأعناق القوية ؛ يا للحمقى الذين لن يرجعوا عن أوتوميدون قبل سفك الدماء ؛ فيما كان هو بصلاته لزيوس الأب مترعاً في قلبه المعتم بقوة الحرب وبسالتها • وقد تحدث إلى رفيقه الموثوق ألكيميدون قائلاً : 500 " لا تبعد بالخيول عني بعد الآن يا ألكيميدون ، بل دعها تطلق أنفاسها على ظهري • إذ ليس في بالي أنني أستطيع الصمود أمام هيكتور ، ابن بريام •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 495 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 496 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 553

فعلى ما أظن سرعان ما سيستطيع قتلنا والصعود وراء خيول آخيل ذات الأعراف المائجة ، ليشتت شمل المقاتلين 505 الأرجيفيين ؛ أو يسقط في الاندفاعة الأولى " • قال ذلك ونادى الأياسان ومينيلاوس : " يا أيها الأياسان قائدا الأرجيفيين ، ويا مينيلاوس ، إننا ندعوكم لترك الرجل القتيل في عهدة من هم الأنسب للوقوف فوقه ، لتدفعوا بعيداً صفوف الطرواديين 510 وأنتم تستكملون نهاركم دون الاهتمام بنا نحن الأحياء • فهيكتور وأينياس ، أعظم رجال الطرواديين ، يلقون بثقل هجومهما في المعركة المريرة في هذا الاتجاه • مع أن هذه أمور متروكة كلها عند ركب الآلهة • أنا نفسي سأهجم ، وزيوس هو الذي سيقرر النتيجة " • 515 قال ذلك وعدّل رمحه ذا الظل الطويل وقذف به ، فأصاب درع أريتوس وسط دائرته فلم يستطع الدرع أن يصد الرمح ، بل اخترقه البرونز وشق طريقه عبر الحزام إلى أعماق البطن • ومثلما ينزل رجل قوي بفأسه الحادة في يديه 520 على ثور ، جواب للحقول ، بين قرنيه قاطعاً وتد الرقبة ، والثور يهوي وهو يقفز إلى الأمام ، هكذا قفز أتريوس إلى الأمام ، ثم هوى إلى الوراء وفي جوفه انغرز الرمح المهتز وأرداه • وعندها قذف هيكتور بالرمح اللامع نحو أوتوميدون 525 ولكن هذا ، الذي كان منتبهاً إليه جيداً ، تجنب الرمح البرونزي •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 496 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 497 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 554

إذ انحنى إلى الأمام ومن وراء ظهره نزل السنان الطويل ، وانغرز في الأرض وصار عقبه يهتز • وعندها جرده آريس من القوة • وكانا سيشتبكان بالسيف في مواجهة ملتحمة 530 لولا أن الأياسين اندفعا بينهما بقوة ، وقد جاءا إلى موقع النزال بعد أن سمعا نداءات مرافقهما • وخوفاً منهما ارتد هيكتور وأينياس وشبيه الآلهة خروميوس وابتعدوا من جديد تاركين أريتوس ممدداً هناك مع جرحه الذي في أحشائه • 535 وعندها قام أوتوميدون ، ند إله المعارك السريع ، بتجريده من درعه ، ووقف فوقه متفاخراً : " لقد خففت الآن شيئاً من أحزاني على موت باتروكلوس مع أن الذي قتلته ليس بعظمته " • قال ذلك ورفع غنائم الحرب الدامية ، وألقاها 540 في عربته ، ثم صعد إليها ، والدم يسيل من اليدين والقدمين مثل أسد فرغ من نهش ثور • ومرة أخرى دارت حول جثة باتروكلوس معركة عنيفة أخرى منهكة ومؤسية ، وأثينا التي نزلت من السماء هي التي جددت هذا القتال ، إذ أرسلها زيوس ذو الحاجبين العريضين 545 إلى الدانانيين • فقد تغير الآن هدفه • مثلما حين يشد زيوس في السماء للبشر قوسه القزحي البراق ، لكي يكون إنذاراً ودلالة على الحرب ، أو يرسل عاصفة شتائية ، بعد تلاشي الحرارة ، فتوقف تلك العاصفة






الإلياذة هوميروس الصفحة : 497 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 498 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 555

أشغال البشر على وجه الأرض ، وتقضي على قطعانهم 550 هكذا نزلت أثينا متلفعة بالغيمة البراقة ، وانخرطت بين صفوف الآخيين المائجة ونبهت كل واحد فيهم • في البدء تحدثت مستثيرة إلى ابن أتريوس ، مينلاوس القوي ، لأنه كان الأقرب إليها في وقفته • أخذت هيئة فوينيكس وقلدت صوته الذي لا يعرف الكلل : 555 " يا مينيلاوس ، سيكون أمراً مشيناً ، وسيقال عنك كلام السوء ، إذا استطاعت الكلاب النهمة تحت أسوار الطرواديين أن تنهش المرافق الأمين لآخيل الفخور • فاثبت واستنهض بقية قومك " • ورد عليها مينيلاوس بدوره قائلاً : 560 " يا فوينيكس ، يا أبي الموقر والمقدر ، لو أن أثينا فقط تعطيني تلك القوة ، وتبعد عني وابل السهام والرماح ! فأنا ، من جهتي ، راغب في الوقوف عند باتروكلوس والدفاع عنه ، لأنه بموته جرح فؤادي في الأعماق • ولكن هيكتور ما يزال يحتفظ بقوة النار ، ولا يتعثر 565 في صولته برمحه البرونزي ، إذ يعطيه زيوس ذلك الفخار " • قال ذلك فشعرت أثينا ، الربة ذات العينين الشهلاوين ، بالسرور لأن صلاته انتقتها أولاً من بين الآلهة كلهم • نفخت القوة في كتفي الرجل وركبتيه ، وأثارت في صدره الجرأة الملحاح التي لدى بعوضة 12 570 يظن الإنسان أنه أبعدها عن جلده ، ولكنها بشرهها إلى دمه تلح على عضه •






12 مثال آخر على التشبيهات الغريبة التي يستخدمها هوميروس في وصف أبطاله من البشر أو الآلهة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 498 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 499 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 556

بجرأة كهذه عتّمت قلبه في صدره حتى الامتلاء • فوقف فوق باتروكلوس ، وقذف الرمح اللامع • وكان هناك شخص بين الطرواديين اسمه بوديس ، 575 وهو ابن إيتيون 13 ، الرجل الغني والطيب ، كان هيكتور يقدره فوق الجميع في جوانب البلاد ؛ حيث كان صديقه • وقد شاركه الطعام على مائدته • هذا هو الرجل الذي أصابه مينيلاوس ، ذو الشعر الجميل ، عند نطاقه الحربي وهو يحاول الفرار ، واخترق الرمح البرونزي النطاق • فسقط سقوطاً مدوياً ، وقام مينيلاوس ، ابن أتريوس ، 580 بجر الجثة بعيداً عن الطرواديين ، إلى حيث وقف مرافقوه • ولكن أبولو جاء إلى هيكتور ووقف إلى جانبه وراح يستثيره ، وهو يأخذ هيئة فاينبوس ، ابن أسيوس ، الذي كان الأعز إلى قلب هيكتور بين أصدقاء ضيافته ، وكان يعيش في أبودوس • بهيئة هذا الرجل تحدث إليه أبولو الضارب عن بعد : 585 " أي آخي سيخاف من الوقوف في وجهك الآن ؟ ها أنت تتراجع أمام مينيلاوس ، الذي كان قبل ذلك محارباً ناعماً بالرمح ، وها هو بيده وحدها يسحب جثة من بين الطرواديين • لقد قتل مرافقك المخلص ، بوديس الباسل بين الأبطال ، ابن إيتون " • 590 قال ذلك ، فخيمت غيمة الحزن السوداء على هيكتور • وشق طريقه بين الأبطال بخوذته البرونزية اللامعة • وأمسك ابن كرونوس بالدرع اللامع ذي الشرّابات ولف إيدا بالضباب • وأطلق لمعة خاطفة مع صاعقة مدوية زعزعت الجبل 595






13 يجب أن يكون غير إيتون الذي هووالد أندروماكي. فقد قالت إن إخوتها كلهم قد قتلوا. وبالتالي فهو طروادي فقط.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 499 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 500 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 557

ونصرت الطرواديين ، وزرعت الرعب في قلوب الآخيين • كان أول الهاربين بينيليوس البيوتي • فهو الذي كان مبادراً دائماً إلى الهجوم أصيب في طرف كتفه بجرح خفيف ، ولكن رمح بولوداماس الذي قذف به من مكان قريب جداً منه كسر طرف العظم • 600 ثم جرح هيكتور يد لييتوس عند الرسغ ، وهو ابن أليكتروون الباسل ، فأخرجه من القتال • وانسحب وهو يتلفت حوله ، إذ لم يبق لديه أي أمل في أن يستطيع الإمساك برمح في يده ليحارب به الطرواديين • وحين اندفع هيكتور نحو لييتوس ، 605 ضربه إيدومينيوس على صديريته فوق الصدر قرب الثدي • ولكن السنان الطويل انكسر عند الرأس ، وصرخ الطرواديون • وقذف هيكتور برمحه نحو إيدومينيوس الدوكالي وهو واقف في عربته ، فحادت عنه الضربة قليلاً ولكنها أصابت سائق عربة ميريونيس ، 610 كويرانوس ، الذي جاء معه من لوكتوس المنيعة • وكان إيدومينيوس في البدء قد جاء على قدميه تاركاً السفن ذات المجاذيف ، وكاد يعطي الفرصة للطرواديين لتحقيق نصر عظيم لولا أن كويرانوس وصل بسرعة ومعه الجياد السريعة • جاء مثل النور للآخر ، وأبعد عنه اليوم الذي لا شفقة فيه • 615 ولكنه هو فقد حياته على يدي قاتل الرجال هيكتور ، فقد ضربه تحت الفك من ناحية الأذن ، فقذف السنان بالأسنان قالعاً إياها من جذورها وشق اللسان من منتصفه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 500 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 501 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 558

وتهاوى عن العربة ، وأفلتت الأعنة على الأرض • ولكن ميريونيس انحنى فأمسك بها بيديه 620 ورفعها عن الأرض ، وصاح منادياً إيدومينيوس بصوت عال : " سُطها الآن لكي تستطيع العودة إلى سفننا السريعة • فأنت ترى بنفسك أنه لم تبق لدى الآخيين قوة " • قال ذلك فألهب إيدومينيوس ظهور الجياد ذات الأعراف المتموجة عائداً نحو السفن الجوفاء ، والخوف يجثم على روحه • 625 ولم يغب عن بال أياس الباسل كيف حوّل زيوس قوة القتال لصالح الطرواديين ، ولا عن بال مينيلاوس • وكان أياس التيلاموني أول المتكلمين بينهما : " يا للعار ! حتى شخص ببراءة الطفل يستطيع الآن أن يرى كيف يقوم زيوس نفسه بمساعدة الطرواديين • 630 فسلاح كل واحد من هؤلاء يصيب ، أياً كان من يضرب به ، سواء كان مقاتلاً ممتازاً أم فاشلاً ؛ طالما أن زيوس يوجهها كلها ، بينما تسقط أسلحتنا على الأرض دون جدوى على الإطلاق • ولذا دعنا نتدبر الأمر بأنفسنا على الوجه الأمثل كيف ننقذ الجثة ، وفي الوقت ذاته 635 ننجو بأنفسنا فنُفرح رفاقنا المحبين الذين يتطلعون نحونا ويحزنون لأجلنا ، ويثقون بأنه لم يعد من الممكن إيقاف هياج قاتل الرجال هيكتور ويديه اللتين لا تقاومان ، ويفكرون في الانسحاب نحو السفن السوداء • ولكن يجب أن يكون هناك مرافق ينقل الرسالة 640 بسرعة إلى ابن بيليوس ، إذ أظن أنه لم يسمع بعد








الإلياذة هوميروس الصفحة : 501 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 502 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 559

بالنبأ المفجع ، وبسقوط رفيقه العزيز • ولكنني لا أستطيع أن أميز شخصاً كهذا بين الآخيين ، فالكل ، الرجال وخيولهم ، محاطون بالضباب • يا أبانا زيوس ! حرر أبناء الآخيين من الضباب 645 واجعل الهواء صافياً ، وأرجع البصر إلى عيوننا • دمرنا في ضوء النهار المشع ، إن كان في تدميرنا متعة لك " • قال ذلك ، وحين بكى أدركت الأب الشفقة عليه ، فبدد الضباب ، وأبعد الظلمة عنهم ، وتوهجت الشمس ، فصارت المعركة كلها واضحة أمامهم • 650 وتحدث أياس إلى صرخة الحرب المدوية ، مينيلاوس : " دقق النظر يا مينيلاوس المبرز ، وانظر إن كان أنتيلوخوس ، ابن الباسل نيتسور ، ما يزال حياً ، وأرسله ليسرع بالرسالة إلى آخيل الحكيم ، ويقول له كيف سقط ذلك الذي كان أعز مرافقيه " • 655 قال ذلك فأطاعه مينيلاوس ، صرخة الحرب الداوية ، وسار في طريقه ، مثلما يخرج أسد من وسط أرض مسيّجة بعد أن أنهك الرجال والكلاب ، ولكن قواه بدأت تخونه • إنهم لن يسمحوا له أن يفتك بالثيران ، فيقضون الليل كله في الحراسة ، هو في تشهيه للّحم يقترب 660 ولكنه لا يستطيع نيل شيء مما يريده ، لأن الحراب المنهمرة التي تقذف بها أيدي الرجال القوية تظل تتساقط حوله ، ومعها المشاعل الملتهبة التي تعوقه على الرغم من تأججه غضباً • ومع مجيء النهار يبتعد محبط الشهية •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 502 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 503 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 560

هكذا غادر مينيلاوس ، صرخة الحرب الداوية ، جثة باتروكلوس ، 665 دون رغبة منه ، وهو خائف عليه ، خشية أن يقوم الآخيون ، تحت ضغط الخوف ، بتركه غنيمة للعدو • فكان لديه الكثير مما يستحث به ميريونيس والأياسين : " أيها الأياسان ، يا قائدي الأرجيفيين ، وأنت يا ميريونيس ، فليتذكر كل منكم باتروكلوس التعيس 670 الذي كان لطيفاً وكريماً ، ويعرف كيف يتصرف بكياسة مع الجميع طوال حياته • الآن أطبق عليه الموت والقدر الغاشم " • هكذا تحدث مينيلاوس ذو الشعر الجميل وابتعد عنهم ، متلفتاً حوله في كل اتجاه ، مثل النسر ، الذي يقول عنه الناس إنه يرى بحدة أكثر من كل المخلوقات ذات الأجنحة تحت السماء • 675 ومع أنه يرفرف بجناحيه بهدوء فإن الأرنب المنكمش ذا الأقدام السريعة لا يغيب عن نظره وهو يلطأ في الشجيرة الكثيفة • فينقض النسر للإمساك به وإنهاء حياته • هكذا يا مينيلاوس المبرز ، وعيناك تلتمعان في وجهك ، كنت تدور بهما في كل مكان بين جموع مرافقيك المضطربة ؛ 680 لترى إن كان الرجل يستطيع أن يرى ابن نيستور في أي مكان ما يزال حياً ، وسرعان ما ترى أين هو عند ميسرة المعركة كلها ، محفزاً مرافقيه ومستحثاً إياهم على القتال • ووقف مينيلاوس ذو الشعر الجميل إلى جانبه وخاطبه قائلاً : " التفت إلى هنا يا أنتيلوخوس المبرز واسمع مني 685 الرسالة الشنيعة عن الأمر الذي لم أكن أتمنى أن يحدث • إنك ترى بنفسك ، على ما أظن ، ومن المراقبة








الإلياذة هوميروس الصفحة : 503 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 504 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 561

كيف أن الإله يدفق الكوارث على الدانانيين ، وكيف يكسب الطرواديون الجولة • لقد سقط خيرة المقاتلين الآخيين ، باتروكلوس ، وحلت خسارة جسيمة بالدانانيين • 690 فاركض بسرعة إلى آخيل ، عند سفن الآخيين ، وأبلغه بذلك • فقد يستطيع بسرعة أن يسترد إلى سفينته الجثة التي صارت عارية • فهيكتور ذو الخوذة اللامعة قد أخذ درعه " • قال ذلك ، وكان أنتيلوخوس يسمع الكلمات على مضض • وظل لفترة طويلة دون كلمة ، صامتاً ، وعيناه 695 معبأتان بالدموع ، وصوته الوثاب حبيس في أعماقه • ولكنه مع ذلك لم يتجاهل أمر مينيلاوس ، بل ذهب على الفور ، وهو يعهد بعدته الحربية إلى مرافقه الشجاع، لاودوكوس ، الذي أدار خيوله عن قرب• وفيما كانت قدماه تحملانه من المعركة باكياً 700 ومعه الرسالة المشؤومة إلى آخيل ، ابن بيليوس ، كنت أنت يا مينيلاوس المبرز تتمنى ، في أعماقك ، أن لا تدافع عن مرافقيه المصابين ، بعد أن ذهب عنهم أنتيلوخوس وخسارته تجثم بقوة على صدور البوليين ؛ فأرسل ثراسوميديس الباسل لمساعدتهم ، 705 بينما رجع هو بنفسه راكضاً إلى البطل باتروكلوس • وأخذ مكانه إلى جانب الأياسين وقال لهما : " ها أنا قد أرسلت الرجل الذي قلتما عنه إلى السفن السريعة في طريقه إلى آخيل سريع القدمين • مع أنني لا أظن أنه يستطيع أن يأتي الآن رغم نقمته الشديدة على هيكتور الباسل • 710








الإلياذة هوميروس الصفحة : 504 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 505 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 562

وما من وسيلة تمكنه من القتال دون درع ضد الطرواديين • ونحن بأنفسنا يجب أن نتوصل إلى الرأي السليم : كيف ننقذ الجثة ، وفي القوت نفسه نجنب أنفسنا الموت والنهاية على أيدي الطرواديين الصاخبين ؟ " ورد عليه أياس التيلاموني الضخم قائلاً : 715 " كل ما قلته يا مينيلاوس الحصيف صحيح وحق • ولكن تعال أنت وميريونيس ، انحنيا واحميا الجثة حالاً • وانقلاها بعيداً عن القتال الضاري • ومن ورائكما سنقوم نحن بمقاتلة الطرواديين وهيكتور المجيد • نحن الذين نحمل الاسم ذاته ، والروح ذاتها ، ومن كنا في زمن مضى 720 نقف بثبات أحدنا إلى جانب الآخر في وجه إله الحرب الغاشم " • قال ذلك ، فأمسكا الجثة بين أذرعهما ورفعاها عن الأرض بنتعة قوية ، فصاح الطرواديون الذين هم وراءهم صيحة عظيمة حين رأوا الآخيين يرفعون القتيل ، واندفعوا نحوهما كالكلاب ، التي تنطلق مسرعة 725 صوب خنزير بري جريح ، سابقة الشاب الذي أصابه • ففي تلك اللحظة يكون السباق حول تمزيقه إرباً ، إلى أن يستعيد شيئاً من ثقته بقوته ، فيرتد عليها وقد أحس بالحصار • فتثبت في أماكنها ، ثم تتفرق في كل اتجاه ؛ هكذا ظل الطرواديون حتى ذلك الحين يلاحقونهما في مطاردة ملحاحة 730 وهم يوجهون الرميات نحوهما بالسيوف وبالرماح ذات الرؤوس الورقية ؛ ولكن بين حين وآخر يرتد الأياسان لمواجهتهم ويقفان بثبات ، فتتغير ألوان وجوههم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 505 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 506 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 563

ولا يعود أحد قادراً على التقدم والقتال من أجل الجثة • بهذا العناء حمل الاثنان الجثة خارج المعركة 735 وعادا بها إلى السفن الجوفاء • وكان القتال الدائر بينها عنيفاً كالنار التي تجتاح مدينة بعد اندلاعها المفاجئ من رجال أشعلوها ، والبيوت تنهدم أمامها بتوهج شديد وقوة الرياح تجعلها تضطرم بجلبة الرعد ؛ هكذا شق الدانانيون طريق عودتهم ، مع الصهيل الدائم 740 وصليل العربات ، ورماة الرماح في إثرهم • ولكنهما ، مثل بغلين يركزان قوتهما الكبيرة في منحدر وعر شديد من المرتفعات لجر دعامة أو خشبة كبيرة لبناء السفن ، وقلباهما منهكان من الجهد الشاق والعرق الذي يتصبب منهما • 745 هكذا قام الاثنان بإجهاد بنقل الجثة ووراءهما والأياسان يصدان العدو عنهما ، مثلما تصد الصخرة الكبيرة اندفاع الماء ، وهي موضوعة لتقسيم أرض سهلية واسعة ، ومع أن تيارات الفيضانات النهرية القوية تصدمها بقوة إلا أنها تصدها وترجع مياهها وتبعثرها ، 750 في أرجاء السهل ، وتعجز عن تحطيمها قوة مياه الأنهار ؛ هكذا كان الأياسان من خلف الآخيين يصدان دائماً الهجمات الطروادية • ولكن ظل قريباً منهما اثنان مختلفان عن الآخرين ، هما أينياس ، ابن أنخيسيس ، وهيكتور المجيد • ولكن قبل هذين ، وكما يحدث لسرب من الدوري أو الزرازير 755 التي تزعق مذعورة حين ترى هجمة عليها








الإلياذة هوميروس الصفحة : 506 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 507 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 564

من صقر ، ليس مجيئه إلا مقتلاً للطيور الصغيرة ؛ هكذا أمام هيكتور وأينياس كان المحاربون الآخيون الشبان يركضون صارخين مذعورين ، وقد نسوا كل مباهج المعركة 14 • وقد تبعثرت قطع دروع كثيرة على الأرض عند جانبي 760 الخندق ، والدانانيون يولون الأدبار • ولكن لم يحدث أي توقف عن القتال •






14 العودة الجنائزية عبر السهل من أكثر المشاهد توتراً • ولكن توصيف هوميروس وكثرة تشبيهاته تجعل الموقف معقداً قليلاً • فهو يستخدم خمسة تشبيهات متوالية : الطرواديون يهاجمون كالكلاب التي تطارد خنزيراً جريحاً ، والقتال مثل عاصفة نارية تدمر مدينة ، ومينيلاوس وميريونيس يحملان جثة باتروكلوس بعناء شديد مثل بغلين يجران خشباً في منحدر وعر ، والأياسان يردان عنهما الطرواديين مثلما تصد الصخرة السيل ، وبقية الآخيين يفرون أمام هيكتور مثل فرار العصافير أمام صقر •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 507 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 508 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الثامن عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 567

واستمر هؤلاء في القتال مثل النار المضطرمة • ووصل أنتيلوخوس ، رسولاً سريع القدمين ، إلى آخيل ، فوجده جالساً أمام سفنه ذات القرون المستقيمة 1 • غارقاً في التفكير في بواطن الأمور التي تمت حتى الآن • وفي اضطرابه كان يحدث نفسه فاتحاً قلبه الكبير : 5 " ويلي • كيف يحدث مرة أخرى أن يُدحر الآخيون ذوو الشعور المرسلة من السهل نحو السفن في ذعر واضطراب ؟ أرجو أن لا يلقي الآلهة بالأحزان الكبيرة على قلبي ، كما قالت لي أمي ذات يوم ، حين أخبرتني كيف أنه ، وخلال حياتي ، سيودع أشجع المورميدون 10 ضوء الشمس على أيدي الطرواديين • لا شك إذن أن الابن القوي لمينويتيوس قد قتل • يا للتعيس ! لقد قلت له إنه بعد أن يطفئ الحريق الكبير عليه أن يعود إلى السفن ، وأن لا يواجه هيكتور بالقوة " • وفيما كان يقلب ذلك في عقله وقلبه ، 15 كان ابن نيستور الجليل يقترب منه ، وهو يذرف الدموع الحارة ، ثم أبلغه الرسالة : " ويلي يا ابن بيليوس الباسل • عليك أن تسمع مني الرسالة المشؤومة عما كنت أرغب أن لا يحدث • لقد سقط باتروكلوس • وهم يتقاتلون الآن على جثته 20






1 هناك امتداد أفقي على جانبي السفينة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 508 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 509 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 568

التي صارت عارية • فهيكتور ذو الخوذة البراقة أخذ درعه " • قال ذلك فأطبقت غيمة الحزن السوداء على آخيل • وبيديه الاثنتين أمسك بالتراب الكدر ، ونثره على رأسه وشعره ، فلوث ملامحه الوسيمة ، وانتثر الرماد الأسود على ثوبه الخالد ، 25 ثم ارتمى هو نفسه في عز قوته على التراب ممدداً على طوله ، وراح يشد شعره بيديه وينتفه ويبعثره • والجواري اللواتي أسرهنّ آخيل وبارتوكلوس صدمن وولولن بأصوات عالية ، وجئن يركضن خارجات من الأبواب ليلتففن حول آخيل ، 30 وكلهن يلطمن صدورهن ، وقد ارتخت مفاصلهن جميعاً • ومن الطرف الآخر كان أنتيلوخوس ينوح معهن ، سافحاً دموعه ، وهو يمسك بيدي آخيل ويئن من أعماق قلبه النبيل ، خائفاً من أن ينحر آخيل نفسه بالحديد • وصرخ 2 بصوت عال رهيب سمعته السيدة أمه ، 35 وهي جالسة في أعماق البحر قرب أبيها العجوز 3 • وبكت هي أيضاً بصوت حاد ، فاجتمعت الإلهات حولها ، وكلهن بنات نيريوس اللواتي يعشن في أعماق البحر • فغلاوك كانت حاضرة ، وكذلك كومودوكي وثاليا ، ونيساي وسبيو وثوي ، وهيليا ذات العينين البقريتين • 40 وكانت هناك كوموثوي وأكتايا وليمنوريا وميليتي وإيايرا وأمفيثوي وأغاوي ودوتو وبروتو ودوناميني وفيروسا






2 آخيل طبعاً. 3 هو نيريوس إله البحر. أما قصة زواجها من آدمي فهي قصة مكررة في الآداب الشعبية والأساطير ، حيث يتزوج أحياناً إنسان من حورية بحر. ولكن الزواج هنا قسري. وكالعادة يشيخ الإنسان أو يموت أو يقتل، بينما الحوريات لا يشخن ولا يمتن. ولذلك فإن الحورية تترك زوجها العجوز وتنزل إلى البحر. ولذلك هي هنا عند أبيها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 509 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 510 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 569

وديكساميني وأمفينومي وكاليانيرا ودوريس وبانوبي وغالاتيا المجيدة 45 ونيميرتيس وأبسيوديس وكالياناسا وكانت هناك كلوميني وإيانيرا وإياناسا ومايرا وأوريثويا وذات الشعر الجميل أماثيا والبقية اللواتي كن في أعمق البحر من بنات نيريوس • كان الكوخ الفضي مليئاً بهؤلاء • وكلهن رحن في وقت واحد 50 يضربن صدورهن ، وبينهن ثيتيس التي تقود المناحة : " اسمعنني يا أخواتي الحوريات لكي تعرفن كلكن جميع الأحزان التي في قلبي ، حين تسمعنها مني • يا لحزني ، ويا لمرارة أفضل حملٍ لطفل • فقد ولدت ابناً قوياً لا يقربه الزلل 55 مجلياً بين الأبطال ، وقد شب كشجرة فتية • وأنا ربيته مثل شجرة في حديقة غناء • وأرسلته مع السفن المحنية إلى أرض إليون ليحارب الطرواديين • ولكنني لن أستقبله مرة أخرى وهو يعود إلى البيت في بلده وفي بيت بيليوس 4 • 60 وحين كنت أراه حياً ، وهو يتطلع إلى نور الشمس ، كانت لديه أحزانه • ومع أنني كنت أذهب إليه ، إلا أنني لم أكن أستطيع له شيئاً • ولكنني سأذهب ، لألقي نظرة على ابني العزيز • ولأستمع إلى الأحزان التي انتابته وهو بعيد عن المعركة " • هذا ما قالته ، وهي تغادر الكهف • ورافقتها الأخريات 65 باكيات ، وحولهن تتكسر أمواج البحر •






4 يبدو أن الشاعر قد نسي أن ثيتيس لا تعيش الآن عند بيليوس، بل في البحر عند أبيها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 510 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 511 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 570

وحين وصلن إلى ترود 5 الكريمة ، خرجن وكل منهن تتبع الأخرى إلى الشاطئ ، حيث تتلاصق سفن المورميدون لتحيط بآخيل السريع • وهناك حيث كان يطلق تنهيداته العميقة وقفت أمه إلى جانبه • 70 وأطلقت زعقاتها العالية والحادة • وأخذت رأس ابنها بين ذراعيها • ثم بدأت تكلمه بكلمات مجنحة ، وهي تتفطر حزناً عليه : " فيم تندب ؟ وأية أحزان حلت بقلبك ؟ قل ولا تخف شيئاً • هذه الأمور قد حققها زيوس • وبالطريقة التي طلبتها حين رفعت بها يديك مصلياً 75 أن يتسمر أبناء الآخيين في سفنهم الراسية ، بسبب خسارتك • وأن يعانوا ما يجلب عليهم الخزي " • فقال لها آخيل وهو يتنهد تنهيدة عميقة : " هذه الأمور كلها ، يا أماه ، قد حققها الأولمبي • ولكن أية مسرة لي في هذا ، طالما أن مرافقي العزيز قد مات • 80 باتروكلوس الذي أحببته أكثر من الآخرين كلهم ، وكما أحب حياتي ذاتها • لقد فقدته • وهيكتور ، الذي قتله ، سلبه الدرع الجبار ، الرائع في النظر إليه ، والبهي ، والذي أعطته الآلهة لبيليوس هدية مجيدة ، في اليوم الذي قادوك فيه إلى فراش الزوجية مع إنسان • 85 كم أتمنى لو أنك عشت مع ربات البحر الأخريات وتزوج بيليوس امرأة من البشر • فالحال كما هو الآن أنك لا بد تحملين في قلبك أحزاناً لا حصر لها






5 كان يمكن أن نكتب الاسم " ترواد" أو " طروادة". فهي " . Troad والمقصود بها المنطقة كلها التي طروادة مدينة فيها. ولكن القارىء العربي اعتاد على اطلاق اسم طروادة على المدينة. وهي Troy ولذلك ساد في الثقافة العربية تسمية الحرب كلها حرب طروادة، والمدينة المحاصرة هي طروادة. ومنعاً للالتباس بين المنطقة والمدينة أبقينا على اسم المدينة كما تعودنا عليه( طروادة). وكتبنا اسم المنطقة (ترود).


الإلياذة هوميروس الصفحة : 511 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 512 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 571

لموت ابنك ، طالما أنك لن تستطيعي استقباله ثانية وهو يعود إلى البيت في بلده • فالروح التي فيّ لا تقودني 90 نحو الاستمرار في العيش بين البشر ، إلا بشرط واحد هو أن يُقتل هيكتور برمحي • فيخسر حياته ويدفع ثمن تجريد باتروكلوس ، ابن مينويتيوس " • وبدورها حدثته ثيتيس ودموعها تنهمر : " هذا يعني أن أفقدك سريعاً يا بني من خلال ما تقول ، 95 فقد قُدر موتك بعد موت هيكتور مباشرة " • فرد عليها آخيل سريع القدمين وذهنه مبلبل : " فلأمت سريعاً إذن • طالما أنني لن أقف مع معاوني بعد مقتله • فبعيداً عن أرض آبائه قد مات مفتقداً قوتي الحربية للدفاع عنه • 100 وبما أنني لست عائداً إلى أرض آبائي ، وبما أنني لم أكن ضوء الأمان لباتروكلوس ، ولا لأي من رفاقي ، الذين تساقطوا بأعداد كبيرة أمام هيكتور المجيد ، بل بقيت جالساً هنا قرب سفني ، ثقلاً بلا نفع على الأرض الطيبة ، أنا الذي لا نظير لي بين الآخيين المدرعين بالبرونز 105 في المعركة ، مع وجود آخرين أفضل مني حكمة - كم أتمنى لو أن النزاعات تنتهي بين الآلهة والبشر • والضغينة التي تدفع بالمرء إلى الغضب مع رجاحة عقله ، ضغينة الغضب التي تجيش مثل الدخان في قلب الإنسان فتصبح عنده أحلى من العسل الذي يقطر 6 • 110 فقد حدث هنا أن أثار أغاممنون غضبي •






6 هذا العسل الذي يقطر هو عسل في البرية، يقطر عن صخرة أو شجرة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 512 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 513 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 572

سنسمح أن يصبح هذا شيئاً من الماضي ، ومع أحزاننا الكبيرة نكبت الغضب في أعماقنا • الآن سأذهب لمباغتة ذلك الذي قتل حياة عزيزة ، هيكتور ، وبعدها أستقبل موتي • في أي وقت 115 يريد له زيوس ، والآلهة الآخرون ، أن يحدث • فحتى قوة هرقل لم تنج من الهلاك ، مع أنه كان الأعز عند الرب زيوس ، ابن كرونوس ، بل إن قدره ، ومعه غضب هيرا المرهق ، قد جندلاه • وأنا مثله أيضاً ، إن كان مصير كهذا قد قدر لي ، 120 سأرتمي ساكناً حين أموت • الآن يجب أن أفوز بالفخار العظيم ، وأجعل امرأة ما من طروادة ، أو امرأة داردانية متمنطقة بقوة ، ترفع إلى خدها الناعم يديها الاثنتين لتكفكف انفجارات الدموع في ندبها ، وتعلم أنني قد غبت طويلاً عن المعركة • 125 لا تمنعيني عن القتال ، مهما أحببتني • فإنك لن تقنعيني " • وردت عليه بدورها الربة ثيتيس ذات القدمين الفضيتين : " معك حق يا بني • فليس من الجبن أن تدفع الموت المفاجئ عن رفاقك المبتلين • ولكن تذكر أن درعك الفاخر ، اللامع والنحاسي ، 130 قد صار عند الطرواديين • وهيكتور ذو الخوذة اللامعة يرتديه على كتفيه ، ويتفاخر به • لكنني أظن أنه لن يتفاخر به طويلاً ، لأن موته يقف ملاصقاً له • ولذا لا تذهب إلى ما بين فكي إله الحرب ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 513 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 514 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 573

قبل أن تراني بعينيك عائدة إليك • 135 فسآتي إليك فجراً ، ومع شروق الشمس أجلب لك درعاً فاخراً من الرب هيفايستوس " • قالت ذلك والتفتت وغادرت ابنها • وتطلعت إلى شقيقاتها البحريات وقالت لهن : " فلترجعن الآن إلى مأوى المياه الشاسع 140 لزيارة عجوز البحر وبيت أبينا ، ولتحكين له كل شيء • فأنا ذاهبة إلى الأولمب الشاهق لرؤية هيفايستوس ، الصانع المجيد ، لعله يرضى أن يعطيني درعاً مميزاً ومتألقاً لابني " • أنهت كلامها فغصن عائدات تحت الماء ، 145 بينما مضت ثيتيس ، الربة ذات القدمين الفضيتين ، صاعدة إلى الأولمب لجلب الدرع المجيد لابنها • وهكذا حملتها قدماها إلى الأولمب ، بينما كان الآخيون بضجيج لا إنساني أمام هجمة هيكتور قاتل الرجال يهربون حتى وصلوا إلى سفنهم وهيليسبونت ؛ 150 ولم يتمكن الآخيون المدججون أن ينقلوا جثة باتروكلوس ، تابع آخيل ، من تحت وابل الرمايات • إذ باغتهم من جديد الرجال والخيول ، ومعهم هيكتور ، ابن بريام ، الذي يقاتل مثل النار المتأججة • ثلاث مرات أمسك هيكتور المجيد بقدميه من الخلف 155 محاولاً جره ، وهو ينادي الطرواديين • وثلاث مرات يقوم الأياسان بحميتهما القتالية برده








الإلياذة هوميروس الصفحة : 514 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 515 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 574

عن الجثة • لكنه لثقته بقوته العظيمة ظل يحاول ، فيقوم بهجمة على الجموع ، ثم مرة أخرى يقف بثبات ، مطلقاً صرخته الداوية ، دون أن يتراجع قيد أنملة • 160 وكما لا يستطيع الرعاة القاطنين في مزرعة أن يخيفوا أسداً أسمر في حالة جوع شديد ويبعدوه عن جثة ، كذلك لم يستطع الأياسان ، قائدا الرجال ، إخافة هيكتور ، ابن بريام ، وإبعاده عن الجثة • وكاد أن ينجح في سحبها والفوز بالفخار الدائم 165 لولا أن إيريس ذات القدمين اللتين في سرعة الريح جاءت راكضة من الأولمب ومعها رسالة إلى ابن بيليوس تأمره أن يبدأ تسلحه • لقد جاءت سراً دون علم زيوس والآلهة الآخرين • فهيرا هي التي أرسلتها • جاءت ووقفت قربه وخاطبته بكلمات مجنحة : " انهض يا ابن بيليوس ، الأكثر رهبة بين البشر كلهم • 170 دافع عن باتروكلوس ، الذي من أجله يدور القتال الرهيب الآن أمام السفن • إن كلاً من الطرفين يهلك الآخر ؛ والآخيون يقاتلون دفاعاً عن جسد القتيل بينما الآخرون ، الطرواديون ، يندفعون لجر الجثة وأخذها إلى إليون العاصفة • وهيكتور المجيد يجاهد ، أكثر من الجميع ، 175 لسحبها • فالغضب عنده فوار وملحّ على قطع الرأس عن العنق الطري ورفعه على أوتاد مدببة • فانهض إذن • ولا تظل ممدداً هنا • وليملأ قلبك الإحساس بالعار ، قبل أن تتناوش كلاب طروادة جثة باتروكلوس • ويا لخزيك إن راحت الجثة من هنا وهي مشوهة " • 180








الإلياذة هوميروس الصفحة : 515 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 516 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 575

ورد عليها بدوره آخيل ذو القدمين السريعتين : " يا إيريس المقدسة ، أي إله أرسلك إلي برسالة ؟ " وقالت له إيريس ذات القدمين السريعتين : " هيرا ، الزوجة الكريمة لزيوس ، هي التي أرسلتني • ولكن ابن كرونوس ، الجالس في الأعالي ، لا يعرف بالأمر • 185 ولا أي إله آخر ، ممن يقيمون بين ثلوج الأولمب ، يعرف " • ورداً عليها تكلم آخيل ذو القدمين السريعتين : " كيف أدخل القتال ؟ لقد أخذوا درعي • وأمي الحبيبة قالت لي إنني يجب أن لا أتسلح قبل أن أراها بعيني عائدة إلي • 190 لقد وعدتني بأنها ستجلب لي أسلحة عظيمة من هيفايستوس • ولا أعرف عن شخص آخر أستطيع ارتداء درعه المجيد إلا الترس العظيم لأياس التيلاموني • ولكنه يرتديه ، على ما أظن ، وهو يقاتل في مقدمة الصفوف في حرب الرماح الدائرة حول باتروكلوس القتيل " • 195 وبدورها تحدثت إليه إيريس ذات القدمين السريعتين قائلة: " نعم • نحن نعرف أيضاً أنهم استولوا على درعك المجيد • ولكن اذهب إلى الخندق ، وأرِِ نفسك كما أنت للطرواديين ، فلعل الطرواديين يخافون ويتوقفون عن هجومهم ، ويسترد أبناء الآخيين روعهم 200 بعد هذا العناء • فليس هناك إلا فسحة صغيرة للراحة في القتال " • قالت ذلك إيريس ذات القدمين السريعتين وراحت مبتعدة عنه • ونهض آخيل ، حبيب زيوس ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 516 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 517 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 576

فألقت أثينا فوق كتفيه القويتين بالدرع المهفهف ، وقامت ، تلك المقدسة بين الإلهات ، بإحاطة رأسه 205 بغيمة ذهبية ، وأشعلت فيها لهباً يشع إلى البعيد • وكما يندفع وهج في الأعالي منطلقاً من مدينة في جزيرة بعيدة ، والأعداء يقاتلون حولها ، وهم طوال يومهم وسط التوزيع البغيض لآريس يقاتلون من مدينتهم ، ولكن مع مغيب الشمس 210 تشتعل نيران الإشارة واحدة بعد الأخرى ، لكي يستمر الوهج في التصاعد فيراه سكان الجزر المجاورة لعلهم يأتون في سفنهم لطرد العدو ؛ هكذا من رأس آخيل كان اللهب ينطلق في الجو الساطع • ابتعد عن السور ، ووقف قرب الخندق ، دون أن يختلط 215 بالآخيين الآخرين لأنه كان ينفذ أمر والدته الصارم • وقف هناك وأطلق صرخته ، ومن مكانها أطلقت بالاس أثينا صرختها ، وألقت برعب هائل في قلوب الطرواديين • ومثل الأصوات الزاعقة من الأبواق مع مهاجمين مجرمين يغيرون على مدينة 220 كان عالياً وواضحاً الصوت النحاسي للأيكيدي 7 • وحين سمع الطرواديون الصوت النحاسي للأيكيدي ، ارتجفت قلوبهم كلهم ، وحتى الخيول ذات الأعراف المسترسلة تحولت بعرباتها ، إذ رأت بقلوبها البلاء القادم • وذهل سائقو العربات حين رأوا النار الخطرة المتأججة 225 التي تتلاعب فوق رأس البيلي الباسل ،






7 سليل أيكوس، وهو آخيل. وهو البيلي نسبة إلى بيليوس بعدة عدة أبيات.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 517 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 518 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 577

وهي تضطرم ، وتؤججها أثينا ، الربة ذات العينين الشهلاوين • ثلاث مرات أطلق آخيل الباسل ، عبر الخندق بصرخته العظيمة • وثلاث مرات دب الهلع في قلوب الطرواديين وسائقي عرباتهم • وقد هلك اثنا عشر من خيرة رجالهم 230 في العربات وفوق الرماح • وفي الوقت ذاته سحب الآخيون مسرورين جثة باتروكلوس من تحت وابل الرمايات ووضعوه على محفة ، ومن حوله وقف مرافقوه في حداد عليه ، ومشى معهم آخيل ذو القدمين السريعتين وهو يذرف الدموع الحارة لرؤية مرافقه الجسور 235 ممدداً على المحفة المحمولة ، وقد مزقه البرونز الحاد • إنه الرجل الذي قام هو بإرساله مع خيوله وعربته إلى القتال ، ولكنه لم يرجع إلى البيت ليلقى الترحاب • وقامت السيدة هيرا ذات العينين البقريتين بدفع إله الشمس غير الراغب والذي لا يعرف الكلل إلى الغوص في أعماق البحر • 240 ونزلت الشمس ، فتوقف الآخيون البواسل عن القتال العنيف ، وعن الصدام غير المحسوم في المعركة • ومن الجهة الأخرى توقف الطرواديون بدورهم عن المواجهات العنيفة وحرروا خيولهم السريعة من عرباتها • وتجمعوا محتشدين قبل التفكير في عشائهم • 245 عقدوا الاجتماع واقفين على أقدامهم ولم يكن لدى أي منهم الرغبة في الجلوس ، فالرعب يخيم عليهم جميعاً لرؤيتهم آخيل وقد ظهر ، بعد أن ابتعد طوال ذلك الوقت عن القتال المرير • وكان أول المتحدثين بينهم بولوداماس ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 518 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 519 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 578

ابن بانثووس ، الذي كان وحده من تطلع خلفه وأمامه • 250 كان مرافقاً لهيكتور ، وقد ولد معه في الليلة ذاتها ، لكنه كان يفوقه في حسن الكلام ، والآخر يفوقه كثيراً في استخدام الرمح • وبرفق شديد بالجميع تقدم وخاطبهم قائلاً : " فكروا جيداً الآن يا أصدقائي • فأنا نفسي أحثكم على العودة إلى المدينة ، وأن لا تنتظروا الفجر المقدسة 255 في السهل بجوار السفن • نحن الآن بعيدون جداً عن السور • فحين كان هذا الرجل على خصام مع أغاممنون العظيم ، كان الآخيون دائماً رجالاً يسهل قتالهم • فأنا أيضاً كنت بين من أسعدهم النوم في العراء قرب السفن • وكنت آمل في الاستيلاء على السفن ذات المجاذيف • 260 إلا أنني الآن أخاف حتى الرعب من ابن بيليوس سريع القدمين • إن بأسه لشديد ، ولن يقبل بالبقاء هنا في السهل حيث الآخيون والطرواديون من كلا الجانبين كان يفصل بينهما غضب إله الحرب • أما مع هذا الرجل فسيكون القتال دفاعاً عن مدينتنا ونسائنا • 265 فلندخل إلى المدينة • صدقوني • هكذا ستسير الأمور • ففي الوقت الحالي أعاق الليل الخالد سريع القدمين ابن بيليوس ، ولكنه إن ضبطنا غداً ونحن ما نزال في هذا المكان ، واندفع نحونا بسلاحه ، فإن الرجل الذي يحذره جيداً سيكون سعيداً إن استطاع العودة إلى إليون المقدسة • 270 وأقصد من يهرب • سيكون هناك الكثيرون من الطرواديين الذين ستتغذى الكلاب والعقبان من لحومهم • ولتظل هذه الكلمة بعيدة عن مسمعي !








الإلياذة هوميروس الصفحة : 519 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 520 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 579

إن فعلنا كلنا كما أقول ، ومع أنه يؤلمنا أن نفعله ، فهذه الليلة ستبقي على قوتنا في السوق وعند الأسوار العظيمة والأبواب ، وعند أخشاب البوابة الطويلة الناعمة والمتينة 275 والتي بانغلاقها تحصن مدينتنا • وفي الصباح الباكر عند الفجر سنتجهز بعدتنا الحربية ونأخذ مواقعنا على الأسوار • وستكون العاقبة وخيمة عليه إن غادر السفن وجاء لمقاتلتنا هنا من أجل مدينتنا • سيكون عليه أن يرجع ثانية إلى السفن 280 بعد أن يرهق الأعناق القوية لخيوله وهو يجمح بها في كل مكان حول المدينة •ولن تتاح الفرصة لبسالته أن تتفجر علينا ولا أن يجتاح مدينتنا • وسرعان ما تتغذى من لحمه الكلاب الهائمة " • وتكلم عندها هيكتور ذو الخوذة الذهبية وهو ينظر إليه مغضباً : " لم تعد هذه الأمور التي تحاجج بها تسرني يا بولوداماس ، 285 إذ تطلب منا أن نرجع ثانية لنعتصم في مدينتنا • ألم تشبعوا كلكم من الانحباس وراء الحصن • لقد مر زمن كان فيه الناس يتحدثون عن مدينة بريام على أنها المكان الذي فيه الكثير من الذهب والبرونز • أما الآن فقد تلاشت الكنوز التي كانت في بيوتنا 8 ، 290 وكثير من الثروات قد بيعت وذهبت إلى فروجيا ، وإلى مايونيا اللطيفة ، حين غضب منا زيوس العظيم • والآن ، وبعد أن منحني ابن كرونوس ذو المكر والدهاء فرصة الفوز بالفخار عند السفن ، وتثبيت الآخيين عند البحر ، إياك أن تعلن عن هذه الأفكار لشعبنا أيها الأحمق • 295






8 أنفق الطرواديون ثرواتهم المخزونة خلال عشر سنوات من الحصار لشراء المؤونة لأهل المدينة وللإنفاق عل الحلفاء القادمين للنجدة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 520 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 521 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 580

لن يطيعك طروادي واحد • ولن أسمح بذلك • فافعل كما أقول • ولنكن كلنا مقتنعين • فلتتناولوا العشاء الآن في مواقعنا عند الخيام • ولا تغفلوا عن الحراسة ، وليكن كل منكم يقظاً • وإذا كان أي طروادي حريصاً جداً على ممتلكاته 9 ، 300 فالأفضل له أن يجمعها ويقدمها للناس فتعم فائدتها على الجميع • إذ من الخير أن يستمتع بها أحدنا بدلاً من الآخيين • وفي الصباح ، عند الفجر ، سنستعد بعدتنا الحربية ونوقظ إله الحرب القاسي قرب السفن الجوفاء • فإذا صح أن آخيل الباسل سيقف قرب سفنهم ، 305 فستكون العاقبة الوخيمة عليه إن حاول ذلك ، لأنني من جهتي لن أهرب منه في المعركة المفجعة ، بل سأصمد له لأرى إن كان سيفوز بالفخار العظيم ، أم أنا الذي سيفوز • إن إله الحرب غير منحاز • وقد سبق له من قبل أن قتل القاتل " • هكذا تكلم هيكتور ، فأرعد الطروادوين بالصراخ لسماعه • 310 ويا لهم من حمقى • لقد سلبت ألبابهم بالاس أثينا • ووافقوا هيكتور بسرور على مشورته الشريرة • ولم يوافقوا بولوداماس الذي تكلم أمامهم بتعقل • تناولوا عشاءهم عند الخيام ، فيما كان الآخيون يندبون طوال الليل حزناً على باتروكلووس • 315 وكان ابن بيليوس يقود جوقة ندبهم الهادرة ، ويمر بيديه ، قاتلتي الرجال ، فوق صدر صديقه العزيز ، والألم يتفجر في أعماقه دون انقطاع • ومثل أسد ذي لبدة عظيمة






9 هي تلميحة ضد بولوداماس؛ بمعنى أن الذين يريدون العودة إلى المدينة ليس هناك ما يشغلهم إلا الحرص على ثرواتهم.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 521 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 522 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 581

سرق صياد غزلان منه أشباله في الغابة الكثيفة ؛ ويعود الأسد متأخراً فيتملكه الألم 320 ويروح يجوب الوديان متعقباً آثار الرجل على أمل العثور عليه ، والانقضاض عليه بشراسة فتاكة ؛ هكذا كان يتحدث إلى المورميدون وهو يتأوه بعمق : " ويلي • كانت كلمة فارغة تلك التي قلتها في ذلك اليوم حين أردت أن أخفف عن البطل مينويتيوس في قاعات قصره • 325 قلت له إنني سأعيد له ابنه مكللاً بالفخار إلى أوبووس بعد اجتياح إليون • وسيجلب معه حصته من الغنائم المسلوبة • ولكن زيوس لا يحقق كل الأفكار التي في بال الإنسان • إن قدرنا ، نحن الاثنين ، أن نضرج التربة ذاتها هنا في طروادة ، طالما أنني لن أعود أبداً إلى بيتي • وأبي ، 330 بيليوس ، الخيّال العجوز ، لن يستقبلني في بيته العظيم • ولا أمي ثيتيس • بل ستستقبلني الأرض هنا في هذا المكان • أما وقد صرت أنا من سيتبعك ، يا باتروكلوس ، تحت الأرض ؛ فإنني لن أدفنك قبل أن أجلب إلى هذا المكان درع هيكتور ورأسه ، طالما أنه هو الذي كان قاتلك القاسي • 335 وأما في محرقة تشييعك فسأقطع رؤوس اثني عشر طفلاً مجيداً من الطرواديين ، للتنفيس عن غضبي لقتلك • وإلى ذلك الحين ستظل ممدداً حيث أنت قرب السفن المحنية وإلى جانبك نساء طروادة • والداردانيات كبيرات الصدور سيحزنّ عليك ليلاً ونهاراً • ويذرفن الدموع عليك • 340 أولئك اللواتي تعبنا ، أنا وأنت ، لسبيهن بالقوة وبالرمح الطويل








الإلياذة هوميروس الصفحة : 522 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 523 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 582

في الأيام التي كنا نجتاح مدن البشر الغنية " • أنهى آخيل الباسل كلامه ووجه أمره إلى مرافقيه بوضع مرجل كبير على النار ، لكي يقوموا بمنتهى السرعة بغسل الدم المتخثر عن باتروكلوس • 345 فقاموا بوضع مرجل استحمام كبير فوق النار ، وسكبوا الماء فيه ، ووضعوا الحطب تحته ثم أشعلوها • وعملت النار عملها في انتفاخة المرجل ، وسخن الماء • وحين وصل الماء إلى الغليان في الوعاء البرونزي اللامع قاموا بغسل الجسد ، ثم دهنوه برفق بزيت الزيتون • 350 وسدوا الجراح التي في جسده بمراهم مخزنة • ثم مددوه في سرير ، ولفوه بملاءة رقيقة من رأسه حتى قدميه • ثم غطوه بعباءة بيضاء • وطوال الليل ظل المورميدون مجتمعين حول آخيل ذي القدمين السريعتين ، وهم يندبون باتروكلوس ويبكون عليه • 355 ولكن زيوس تحدث مع هيرا ، التي هي زوجته وأخته : " هكذا تصرفت إذن يا سيدة هيرا ذات العينين البقريتين • لقد استنهضت آخيل ذا القدمين السريعتين • لا بد إذن أن الآخيين ذوي الشعور المسترسلة مولودون من سلالتك 10 " • فردت عليه هيرا الربة ذات العينين البقريتين : 360 " يا صاحب الجلالة ، ابن كرونوس ، ما هذا الذي تقوله ؟ حتى الإنسان الفاني يحاول تحقيق أهدافه من أجل إنسان آخر ، مع أنه إنسان ولا يعرف الحكمة التي نعرفها • ولذلك فأنا التي في موقع أعلى من الإلهات جميعاً ،






10 هي سخرية من طرف زيوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 523 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 524 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 583

من جانبين ، فأنا الأقدم في الولادة ، وأنا رفيقة عمرك ، 365 زوجتك ، وأنت بدورك سيد الآلهة أجمعين • فكيف لا أحيك الأحزان والبلاوي لأهل طروادة ، إذا كنت أكرههم ؟ " وفيما كان هذان يقولان أشياء كهذه بينهما ، جاءت ثيتيس ذات القدمين الفضيتين إلى بيت هيفايستوس المخلد المرصع بالنجوم والساطع بين الآلهة ، 370 الذي بناه بالبرونز الإله ذو الخطوات المجرورة • فوجدته يتصبب عرقاً وهو يروح ويجيء بين المنفاخ والمنفاخ • منشغلاً ، فقد كان يشتغل عشرين محفلاً لتستند على جدار مسكنه المتين • وقد وضع العجلات الذهبية تحت قاعدة كل منها 375 بحيث تستطيع بحركتها أن تنتقل إلى تجمع الآلهة ، وتعود إلى بيته ؛ صنعة عجيبة تستحق المشاهدة • وكان قد انتهى منها الآن ، ولكن المماسك الأذنية المشغولة لم تكن قد انتهت بعد • وكان ينفخ الكير عليها ، ويطرّق السلاسل • وفيما كان غارقاً في عمله بخبرته ومهارته 380 اقتربت منه ثيتيس ذات القدمين الفضيتين • ورأتها خاريس ذات الخمار اللامع وهي تقترب • وهي التي تزوجت ذلك الشهير بذراعيه القويين • فجاءت إليها وأمسكت بيدها ، ونادتها باسمها ، وتحدثت معها : " كيف حدث أن جئت إلى بيتنا الآن يا ثيتيس ذات الأثواب الخفيفة ؟ 385 إننا نجلك ونحبك ، ولكنك لم تكثري الزيارة إلينا من قبل • فتعالي معي لكي أقدم لك ما يرفه عنك " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 524 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 525 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 584

قالت ذلك وقادتها ، وهي المتألقة بين الآلهة وأجلست ثيتيس على كرسي مشغول بعناية ومهارة ، ومرصع بمسامير فضية ، وتحته مسند للقدمين • 390 ونادت هيفايستوس الصانع ذائع الصيت وتحدثت معه بكلمة : " تعال يا هيفايستوس • ثيتيس عندنا ، وهي في حاجة إليك " • وحين سمعها الصانع الشهير ذو الذراعين القويين رد عليها : " لدينا في بيتنا إذن إلهة نجلها ونحترمها • لقد أنقذتني حين كنت أعاني الكثير أيام سقوطي الكبير 395 برغبة من أمي ذات الوجه النحاسي ، التي كانت تريد أن تخفيني لكوني أعرج • وقد كانت روحي ستعاني الكثير من الآلام لولا أن يورونومي وثيتيس أمسكتا بي وحملتاني ، يورونومي ، ابنة البحر ، التي تتلوى جداولها في دائرة 11 • ومعهما اشتغلت تسع سنوات حداداً ، وصنعت أشيائي الدقيقة ؛ 400 الدبابيس التي تلتوي إلى الخلف ، والبكلات المقوسة ، والكؤوس والعقود • وكنت أشتغل هناك في جوف الكهف ، ومن حولي تيار البحر يرغي ويهمهم بشكل دائم • ولم يعرف بنا أحد آخر من الآلهة أو البشر إلا يورونومي وثيتيس • وقد كانتا تعرفان لأنهما أنقذتاني • 405 وها هي الآن تأتي إلى بيتنا ؛ فعليّ بكل وسيلة أن أفعل أي شيء لأقدم تعويضاً لثيتيس ذات الشعر الجميل مقابل حياتي • فقدّمي لها كل ما يرفه عنها إلى أن أكون قد أطفأت كيري ورتبت أدواتي • قال ذلك ونقل المنفاخ الكبير عن كتلة السندان وهو يعرج 014






11 كان الاعتقاد هو أن الأوقيانوس يحيط بالأرض المدورة المسطحة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 525 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 526 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 585

ولكن رجليه المتقلصتين كانتا تتحركان تحته بخفة • وأبعد المنافخ عن النار • ثم جمع كافة الأدوات التي كان يشتغل بها ووضعها في صندوق فضي قوي • ثم مسح بإسفنجة جبينه ويديه ورقبته الثخينة وصدره المشعر • ولبس ثوباً ، 415 وأمسك بيده عصا ثقيلة ، وذهب إلى باب البيت وهو يعرج • وتحركت الخادمات لمساعدة سيدهن • وهؤلاء ذهبيات ، ويعملن من حيث المظهر كأنهن صبايا على قيد الحياة • في قلوبهن ذكاء ، وفيهن كلام وقوة ، ومن الآلهة الخالدين تعلمن القيام بالأعمال 12 • 420 تحركت هذه الأشياء برشاقة لمساعدة السيد ووصل هيفايستوس إلى حيث كانت تجلس ثيتيس في كرسيها الزاهي • فاقترب وأمسك بيدها وناداها باسمها وكلمها قائلاً : " كيف حدث أن جئت إلى بيتنا يا ثيتيس ذات الأثواب الخفيفة ؟ إننا نقدرك ونحبك ؛ ولكنك لم تأتي كثيراً قبل اليوم • 425 قولي ما في ذهنك • فقلبي تواق لتلبيتك إذا كنت أستطيع • وإذا كان أمراً يمكن تحقيقه " • فأجابته ثيتيس ودموعها تنهمر : " يا هيفايستوس ، هل هناك بين إلهات الأولمب من تحملت في قلبها الآلام الجسيمة 430 مثل البلاوي التي منحني إياها زيوس ، ابن كرونوس أكثر من الأخريات ؟ من بين شقيقات البحر كلهن زوجني من إنسان ، من بيليوس ، ابن أيكوس ، وكان علي أن أتحمل الزواج البشري






12 إشارة عجيبة للخدم الآليين الذين يشبهون الروبوت.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 526 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 527 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 586

ضد رغبتي • والآن وقد تقدم به العمر هاهو ينعزل متمدداً في قاعات قصره • ولكن لدي مشاكل أخرى • 435 فقد منحني ولداً أحبل به وأربيه ليكون متميزاً بين الأبطال • وقد شب مثل شجرة فتية باسقة ، غذيته واعتنيت به ، مثل شجرة في رعاية بستان • وقد أرسلته في السفن المحنية إلى أرض إليون ليحارب الطرواديين ؛ ولكنني لن ألقاه ثانية 440 يعود إلى بيته وبلاده وفي بيت بيليوس • وفيما كنت أراه يعيش وينظر إلى ضوء الشمس كانت لديه أحزانه • ومع أنني كنت أذهب إليه إلا أنني لم أكن أستطيع مساعدته • فالفتاة التي اختارها له الآخيون تكريماً له أخذها أغاممنون من بين يديه • 445 وصار قلبه يتفطر من أجلها ، وفي الوقت ذاته استطاع الطرواديون أن يثبتوا الآخيين عند سفنهم الراسية ، ولم يسمحوا لهم بالخروج منها ، ورجا كبار الأرجيفيين ابني وعددوا الهدايا الكثيرة التي سيقدمونها له • ولكنه في ذلك الحين كان يرفض أن يقاتل لإبعاد الموت عنهم • 450 ومع ذلك ألبس درعه لبارتوكلوس وأرسله إلى القتال ، وطلب من رجال كثيرين أن يذهبوا معه • وطوال النهار ظلوا يقاتلون عند البواب السكانية • وفي ذلك اليوم كان من الممكن أن يجتاحوا المدينة لولا أن فوبيوس أبولو قام في المعركة بقتل ابن مينويتيوس في مقدمة الصفوف 455 بعد أن أوقع ضرراً كبيراً ، وقدم الفخار لهيكتور •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 527 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 528 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 587

ولذا أتيت اليوم أنزل على ركبتيك ؛ لعلك تقبل أن تعطيني لابني قصير العمر ترساً وخوذة وواقيتين جميلتين ملائمتين بمثبتات لكاحليه وصديرية • فما كان عنده قد ضاع مع مساعده الصامد 460 حين قتله الطرواديون • وابني الآن مرمي على الأرض والحزن يملأ قلبه " • وعند سماعها رد عليها الصانع ذو الذراعين القويين قائلاً : " لا تخافي • ولا تشغلي بالك بهذه الأمور • وإنني لأتمنى لو أستطيع أن أخبئه من الموت وأحزانه حين يأتي إليه مصيره القاسي ، مثلما سأصنع له 465 درعاً جميلاً سيكون مصدر دهشة لكل بشري ينظر إليه " • قال ذلك وتركها ، وذهب إلى منافيخه • وجهها نحو النار وأصدر أمره إليها بالعمل • وراحت عشرون منفاخاً تنفخ في البواتق 470 من كافة الجهات دافعة بالرياح القوية لتأجيج اللهب • وهو يروح ويجيء بين هذا المكان وذاك ، حيث يريد لها هيفايستوس أن تنفخ • وسار العمل كما يريد • وألقى إلى النار بالبرونز المتين ، ومعه القصدير والذهب الثمين والفضة ، وبعد ذلك 475 وضع ذلك كله على السندان الكبير ، وأمسك بإحدى يديه بالمطرقة الثقيلة ، وبالأخرى أمسك بالكماشة • قبل كل شيء صنع ترساً ضخماً وثقيلاً ، اشتغله بإتقان ، وأحاطه بحاشية ثلاثية متلألئة








الإلياذة هوميروس الصفحة : 528 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 529 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 588

وكان نطاق الترس من الفضة • 480 كانت هناك خمس طبقات تشكل الترس نفسه وعليه نقش أشياء كثيرة بخبرة مهارة • نقش عليه الأرض والسماء وماء البحر والشمس دائب الحركة ، والقمر الشمعية في تمام اكتمالها 13 والمجرات التي تزين السموات ، 485 البلياديس والهياديس وقوة أوريون ، والدبة التي يسميها الناس " المركب " ، والتي تدور في مكانها الثابت وهي تتطلع إلى أوريون ، والتي هي وحدها لا تنغمس في اغتسال أوقيانوس • وعليه نقَشَ بشكل جميل جداً : مدينتين من مدن البشر • 490 في الأولى حفلات زواج ، وفي الثانية مهرجانات • كانوا يخرجون في المدينة بالعرائس من غرف عذريتهن تحت وهج المشاعل وتتصاعد أغنية العرس العالية • والشباب يتبعون حلقات الرقص ، وبينها المزامير والقيثارات تتابع عزفها 495 فيما تتابع النساء من أبواب بيوتهن المشهد بإعجاب • الناس محتشدون في السوق ، حيث مشاجرة قد نشبت ، ورجلان يتنازعان حول دية رجل قتيل • أحدهما بالتعويض الكامل في خطاب علني ولكن الآخر يرفض ولا يقبل الدية • 500 فلجأ الاثنان إلى حكم ليستمعوا إلى قراره ؛ والناس يتحدثون متضامنين مع هذا الطرف أو ذاك ، لمساعدتهما •






13 هنا الشمس مذكر والقمر مؤنث.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 529 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 530 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 589

والمنادون يبعدون الناس ، فيما كبار السن مجتمعون على المقاعد الحجرية المصقولة في الحلقة المقدسة ، وقد أمسكوا في أيديهم صولجانات المنادين الذين رفعوا أصواتهم • 505 وقد اندفع الرجلان أمام هؤلاء وراحا يتحدثان عن قضيتهما كل بدوره • وبينهما على الأرض ثقلان من الذهب ، سيمنحان إلى القاضي الذي يقول الحكم الفصل • ولكن حول المدينة المدورة هناك قوتان من الرجال المسلحين الذين يتألقون في عُددهم الحربية • من الجهة الأولى اختلف الرأي 510 حول الهجوم والاجتياح ، أو تقاسم الملكية والأملاك الموجودة في القلعة اللطيفة بين الطرفين • ولكن أهل المدينة لم يكونوا قد استسلموا بل تهيؤوا لكمين • وقد وقفت زوجاتهم وأولادهم فوق الاستحكامات لحراستها ومعهم رجال بانت عليهم الشيخوخة • وفي الوقت ذاته 515 ذهب الآخر ون وابتعدوا • وكان آريس يقودهم ومعه بالاس أثينا • وكان هذان من الذهب ، وعليهما ملابس من الذهب ، وكانا جميلين وضخمين في درعيهما ، لكونهما من الآلهة ، ويمكن تمييزهما عن بعد • والناس من حولهما أصغر منهما • وحين وصلا إلى المكان الملائم للكمين ، 520 عند نهر ترده الحيوانات كلها ، جلسا وهما متلفعان بالبرونز البراق • ولكن بعيداً عنهما كان هناك رجلان يجلسان ليرقبا البقية وينتظران رؤية الأغنام وقطيع الأبقار المتمهلة الذي بدأ يظهر ومعه يسير راعيا 525








الإلياذة هوميروس الصفحة : 530 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 531 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 590

وهما يعزفان على الشبابة بسعادة ، ودون اهتمام بالخيانة • ولقد رآهما الآخرون فاندفعوا إليهما ، وسرعان ما بدؤوا من الجانبين بتقطيع الأبقار ، وجز قطيع الأغنام الجميلة ، كما قتلوا الراعيين معها • ولكن رجال الجيش الآخر حين سمعوا الجلبة 530 من ناحية القطيع وهم يتشاورون ، سرعان ما امتطوا وراء جيادهم ذات القوائم الخفيفة وباغتوهم • وثبت هؤلاء في أماكنهم وخاضوا معركتهم على ضفة النهر • وراح كل منهما يشن الهجمات على الآخر بالرماح ذات الأسنة البرونزية • وكان بينهم ( الكره ) و ( الفوضى ) ومعهما ( الموت ) الفتاكة • 535 كانت تمسك برجل حي جرحه طري ، وآخر غير مصاب وتجر ميتاً من قدميه عبر المذبحة • وكان اللباس الذي على كتفيها أحمر من دماء الرجال • كان الجميع مشتبكين مثل الأحياء • والكل يتقاتلون ، ويسحبون جثث الذين يسقطون من كل جانب • 540 ونقش فوقه حقلاً ناعماً ، مزهواً بأرضه المفلوحة ، واسعاً ثلاثي الحراثة وفيه عدد من الحارثين يسيّرون محاريثهم عند المنعطفات ويتوجهون اتجاهات مختلفة • وفيما سيصل هؤلاء في دورتهم إلى نهاية الحقل سيأتي إليهم رجل عند هذه النقطة ويناولهم إبريقاً 545 من الخمر العسلي الحلو ، ثم يعودون إلى أثلامهم في عجالتهم للوصول إلى نهاية الحقل العميقة • وقد اسودت الأرض وراءهم وبدت مثل أرض محروثة








الإلياذة هوميروس الصفحة : 531 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 532 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 591

مع أنها من الذهب • وتلك كانت عجائب صناعة الدرع • ونقش فوقه فناء ملكياً ، حيث الشغيلة يحصدون 550 والمناجل في أيديهم ، ومن ضربات المنجل ملأ بعضهم خطوط الحصاد ، واحداً بعد الآخر ، فيما جامعو الحزم قد أمسكوا بحزمهم وربطوها بأربطة • وكان هناك جامعو حزم يقفون جانباً • ووراءهم أولاد يلتقطون السنابل المقطوعة وقد حملوها في أيديهم 555 وتقدموا بها • وقربهم يقف الملك بصمت ، وهو يمسك بصولجانه قرب خط الحصادين ، والسعادة تبدو عليه • وعلى مبعدة ، تحت شجرة ، أقام الخدم وليمة ، وحضّروا ثوراً كبيراً كانوا قد ذبحوه • فيما النساء قد توزعن بين الشغيلة يقدمن لهم خبز الشعير الأبيض • 560 ونقش عليه كرماً كبيراً مثقلاً بالعناقيد الجميلة والذهبية ، ولكن العنب الذي فيها أسود ، والدوالي ذاتها تنتصب عبر قبب من الفضة ، وحولها أقام خندقاً من المعدن القاتم ، وأنشأ حول ذلك كله سياجاً من القصدير ، وليس في الكرم إلا ممر واحد 565 وعليه يمشي حاملو العنب وقد أتوا للقطاف • صبايا وشباناً ، ببراءتهم المحببة وهم يحملون العنب الحلو الجميل بسلالهم المجدولة ، وفي وسطهم شاب يعزف لهم بطريقة ساحرة على قيثارته ، ويغني أغنية جميلة للينوس 570 بصوت رخيم ، وهم يغنون معه • وبالغناء والصفير








الإلياذة هوميروس الصفحة : 532 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 533 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 592

والخطوات الخفيفة الراقصة يضبطون إيقاع الموسيقىا • ونقش عليه قطيعاً من الثيران ذات القرون المستقيمة • وقد شُغل القطيع بالذهب والقصدير ، فاحتشد مع التدافع والخوار خارجاً من زريبة المزرعة إلى المرعى قرب نهر يهدر 575 بجانب حقل متماوج من القصب • وكان الرعاة الذين يمشون مع القطيع مشغولين من الذهب • وكانوا أربعة ، وتسعة كلاب تنقل قوائمها لتتبعهم • ولكن بين مقدمة القطيع أسدان مرعبان يمسكان بثور يخور ، وهو ينجر مصدراً أصواتاً مدوية ، 580 فيما الكلاب والشبان يركضون إليه • ولكن الأسدين ، وقد نهشا جلد الثور الكبير ، كانا يعبّان الدم الأسود وينهشان الأحشاء ، بينما الرعاة يطلقون الكلاب السريعة ويحرضونها عليهما • ولكنها ، وقبل أن تنشب أنيابها ، تستدير مبتعدة عن الأسدين • 585 ولسوف تأتي وتقف على مقربة وهي تنبح • ونقش عليه الصانع المبدع ذو الذراعين القويين مرجاً واسعاً في واد جميل لرعي الماشية المتلامعة • وفيه أمكنة إقامة ومآوٍ مغطاة وقطعان • كما نقش عليه الصانع البارع ذو الذراعين القويين 590 قاعة رقص كتلك التي بناها ديادالوس ذات يوم في قاعات كنوسوس الفسيحة لأجل أرياديني ذات الجدائل الجميلة • وكان عليها شبان وصبايا ، يُسعى إلى جمالهن بهدايا من الثيران • والجميع يرقصون ، ويمسك كلٌّ برسغ جاره أو جارته •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 533 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 534 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 593

الصبايا يرتدين أثواباً طويلة وخفيفة ، بينما الشبان يرتدون ثياباً 595 حسنة الحياكة وتشع بنعومة ، وعليها لمسة من زيت الزيتون • وتضع الصبايا أكاليل جميلة على رؤوسهن ، بينما الشبان يحملون الخناجر الذهبية التي تتدلى من أحزمة السيوف الفضية • وفي بعض مراحل حركات أقدامهم المتقنة يركضون بخفة مثلما يجرب الخزاف ، وهو منحن ، دولابه ؛ 600 إذ يمسكه بنعومة بين يديه ليرى إن كان سيدور بيسر • وفي أحيان أخرى يشكلون صفوفاً ويركضون ، وكل صف يتقاطع مع الآخر • وحول فرقة الرقص الجميل جمع كبير يتفرج بسعادة • بينما بين الراقصين بهلوانان يضبطان إيقاع الأغنية ويرقصان وهما يدوران بينهم • 605 ونقش فوقه الاندفاعة العظيمة لنهر الأوقيانوس الذي يجري حول حواف قطعة الترس القوية • وبعد أن اشتغل هذا الترس ، الذي كان ثقيلاً وضخماً 14 اشتغل له صديرية أبهى من النار في إشعاعها • كما صنع له خوذة متينة وعلى مقاس صدغيه ، 610 مشغولة بجمال ودقة ، وجعل فوقها سلسلة من الذهب • كما اشتغل له من القصدير المطواع واقية ساق • وبعد ذلك ، حين أنهى الصانع البارع عدة الحرب رفعها وألقى بها أمام أم آخيل • فانطلقت هابطة من ثلوج الأولمب مثل هبوط الصقر 615 وهي تحمل العدة الحربية اللامعة ، هدية من هيفايستوس •






14 على الرغم من المبالغة في تفاصيل زينة الترس ومادته وشغله ، إلا أن هناك تسجيلاً لفنون النقش المعروفة في ذلك الحين ، مع المبالغة هنا لأنها من صنع إله • ويمكن تصور شكل الترس وطبقاته على أنه دائري مصمم ، كما أورده مالكولك ويلكوك ، على الشكل التالي: دائرة كبيرة وفي داخلها دائرة أصغر منها وشبه ملاصقة لها • الممر الضيق بينهما هو مجرى نهر الأوقيانوس • ثم دائرة ثالثة داخلها تترك مجالاً بينها وبين الثانية لثلاثة مشاهد: قطعان الأبقار والرقص والأغنام • والدائرة الرابعة تترك مجالاً للحراثة والحصاد والكرم • والخامسة تترك مجالين لمدينتين إحداهما في حالة حرب ، والثانية في حالة سلم • وفي الوسط دائرة سادسة تتضمن الأرض والبحر والشمس والقمر والنجوم • ويلاحظ طبعاً أن هوميروس بعد استغراقه في تفاصيل الترس لم يعد يشغل نفسه بتفاصيل المعدات الأخرى •



الإلياذة هوميروس الصفحة : 534 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 535 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل التاسع عشر

رقم صفحة الكتاب الورقي: 597

نهضت الفجر ذات الثوب الأصفر من نهر الأوقيانوس لتحمل ضوءها إلى البشر والآلهة • ووصلت ثيتيس إلى السفن ، وهي تحمل معها هدايا هيفايستوس • فوجدت ابنها الحبيب متمدداً بين ذراعي باتروكلوس وهو يبكي بصوت عال ، وحوله مرافقوه بأكملهم ، يندبون • 5 ووقفت الإلهة المتألقة بين الإلهات إلى جانبهم • أمسكت بيد ابنها ، ونادته باسمه وحدثته قائلة : " يا بني • الآن ، وبالرغم من حزننا على هذا الرجل ، يجب أن ندعه يموت ، بالطريقة التي قتل فيها في البدء بتخطيط من الآلهة • ولتقبل مني أسلحة هيفايستوس المجيدة ، 10 والبهية كما لم يلبس إنسان من قبل مثلها على كتفيه " • قالت الإلهة ذلك ووضعت العدة الحربية على الأرض أمام آخيل ، فصلصلت قطعاتها بصوت عال • واعترت الرعشة المورميدون كلهم • ولم يمتلك أحدهم الجرأة للتطلع إليها مباشرة • خافوا منها • وآخيل وحده 15 تطلع إليها • وحين رآها عاوده الغضب أشد وأدهى والتمعت عيناه رهيبتين تحت جفونه مثل قرص الشمس • كان مسروراً وهو يمسك بيديه هدايا هيفايستوس المتألقة • وبعد أن أثلج فؤاده بالنظر إلى العدة المعقدة المتشابكة ، تحدث إلى أمه وخاطبها بكلمات مجنحة : 20 " لقد أعطاني الإله هذه الأسلحة يا أمي • وهي شبيهة








الإلياذة هوميروس الصفحة : 535 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 536 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 598

بشغل الآلهة • وما من إنسان كان يمكنه أن يشتغل مثلها • سأتسلح بها • ولكنني خائف بحزن من أن الذباب ، خلال ذلك ، قد يتغلغل في جراح المحارب ابن مينويتيوس التي أحدثها البرونز في جسده 25 فيولد فيها الديدان • وتلك قد تدنس الجسد ، إذ تعرف أن الحياة قد قتلت فيه ، فيتعفن لحمه كله " • وردت عليه ثيتيس ذات القدمين الفضيتين بدورها قائلة : " يا ولدي ، لا تشغل بالك بعد الآن بهذه الأمور • سأحاول أن أبعد عنه الأشياء المتحركة والناهشة ، 30 ذلك الذباب الذي يتغذى على أجساد البشر الذين يموتون ؛ وحتى لو بقي ممدداً هنا حتى تمام السنة فإن جسده سيظل كما كان ، وأشد صلابة وتكاملاً مما كان • فلتذهب • ولتدعُ الآخيين المقاتلين إلى اجتماع • واكتم غضبك من أغاممنون ، قائد الجموع • 35 وتسلح فوراً للقتال ، واستنهض قوتك القتالية " • قالت ذلك ، وبثت فيه قوة روح الشجاعة ، وفي الوقت ذاته قطّرت في منخري باتروكلوس الأمبروسيا والرحيق الأحمر لكي لا يتعفن لحمه • ومشى آخيل الباسل على طول الشاطئ 40 وهو يطلق صرخته الرهيبة ، ويستنهض الآخيين المقاتلين • وحتى أولئك الذين كانوا قد بقوا حيث اجتمعت السفن ، أولئك الذين كانوا مديري الدفة ويمسكون بمجاذيف التوجيه ، ومعدو الطعام وموزعو الحصص ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 536 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 537 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 599

حتى هؤلاء جاؤوا إلى الاجتماع ، لأن آخيل الآن 45 قد ظهر بعد أن اعتزل القتال المأساوي طويلاً • وجاء اثنان بينهم وهما يعرجان ، وهما تابعا آريس ، ابن توديوس الثابت في الميدان ، وأوليس الباسل • وكانا متكئين على رمحيهما ، لأنهما ما زالا يتوجعان من جراحهما • جاءا وأخذا مكانيهما في مقدمة المجتمعين • 50 وكان آخرهم في المجيء سيد الرجال أغاممنون وهو جريح • بعد أن طعنه كوون ، ابن أنتينور ، بطرف الرمح البرونزي في المواجهة القوية • وبعد أن اجتمع الآخيون جميعاً في تجمع واحد ، وقف آخيل ذو القدمين السريعتين أمامهم ، وخاطبهم قائلاً : 55 " يا ابن أتريوس ، أكانت تلك أفضل وسيلة لنا ، نحن الاثنين ، أنا وأنت ، وبما يجلب الآلام إلى القلب ، أن نتخاصم من أجل فتاةٍ خصومةً تولد كراهية تفتك بالروح ؟ كنت أتمنى لو أن أرتيميس 1 قتلتها بسهم قرب السفن في ذلك اليوم الذي دمرت فيه لورنيسوس وأخذتها منها • 60 فبهذا ما كان لأولئك الآخيين كلهم أن يعضوا التراب على أيدي العدو ، بعد أن ابتعدت مغضباً • أما هذه الطريقة فكانت الأنسب لهيكتور وللطرواديين • ولكنني أظن أن الآخيين سيتذكرون هذه الخصومة بيننا طويلاً • ومع ذلك سنجعل ذلك كله جزءاً من الماضي ، مهما كان مؤلماً لنا ، 65 ونتحكم من خلال ضبط الأعصاب بالغضب الذي يثور في أعماقنا • إنني أنهي غضبي الآن • إذ لا يليق بي






1 أرتيميس هي المسؤولة عن موت النساء، مقابل أبولو المسؤول عن موت الرجال.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 537 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 538 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 600

أن أثور وأغضب بهذه القسوة • فهيا إذن ، وبأسرع ما يمكن زجوا بالآخيين ذوي الشعور المسترسلة في القتال لكي أتوجه إلى الطرواديين ، وأرى 70 إن كانوا ما يزالون راغبين في النوم قرب السفن • بل لعلي أظن أنهم سيكونون مسرورين إن ناموا حيث هم ، كما سيسر كل من يستطيع منهم النجاة بحياته من ضراوة هجمة رماحنا " • قال ذلك وسر الآخيون المدججون لسماعه • ولسيطرة ابن بيليوس الباسل على غضبه • 75 ومن بينهم تحدث سيد الرجال أغاممنون من حيث هو جالس 2 ، ودون أن يقف : " أيها المقاتلون والأصدقاء ، أيها الدانانيون وأتباع آريس ، إنه لحسنٌ الاستماع إلى من يتكلم • وليس من اللائق أن نقاطعه • فسيكون ذلك قاسياً عليه مهما كان قادراً 3 • 80 وكيف لامرئ أن يتكلم أو يسمع وسط ضجيج الناس وضوضائهم ؟ فالمرء يتبلبل حتى إن كان يتكلم بوضوح • سأتوجه بكلامي إلى ابن بيليوس ، ولتسمعوا كلكم أيها الأرجيفيون • وانتبهوا لكلامي جيداً • هذا هو الموضوع الذي يتحدث الآخيون ضدي من أجله ، 85 ووجدوا أنني مخطئ فيه • ولكنني لست المسؤول عنه • زيوس هو المسؤول • وكذلك ( القدر ) وإيرينوس الذي يمشي في الضباب • والذي استولى على قلبي في مخادعة وحشية • في ذلك اليوم الذي جردت فيه آخيل من غنيمته • وما الذي أستطيع أن أفعله ؟ الإله هو الذي يفعل كل شيء • 90






2 الإيحاء الأولي هنا و أغاممنون يتحدث جالساً بسبب إصابته. ولكن جرحه في يده . والتفسير هو أن أغاممنون يجلس في المقدمة حيث يجلس الأعيان والقادة. 3 يبدو أن أغاممنون يخشى أن يقاطع خلال حديثه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 538 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 539 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 601

والخديعة هي الأخت الكبرى لزيوس • اللعينة التي تخدع الجميع • قدماها صغيرتان ولا تدوسان على الأرض الثابتة ، بل تسير في الهواء فوق رؤوس البشر وتضللهم • ولقد ورطتْ كثيرين غيري • نعم • زيوس نفسه خُدع ذات مرة • مع أن الناس يقولون 95 إنه الأعلى بين الآلهة والبشر • ولكن هيرا ، وهي الأنثى ، خدعت حتى زيوس بدهائها • حينما جاء الموعد لكيميني في طيبة المحاطة بالأسوار القوية لكي تلد قوة هرقل • وعندها تحدث زيوس وتعهد أمام الآلهة جميعاً ، فقال : 100 اسمعوني ، أيتها الآلهة والإلهات • اسمعوني حين أتحدث بما يفيض به قلبي في صدري • هذا اليوم ومن خلال آلام الولادة ستُخرج إيليثويا 4 إلى النور رجلاً سيكون ، بين من جاؤوا من سلالتي ، السيد على جميع من حوله • 105 ثم ، وبنية مخادعة ماكرة قالت له السيدة هيرا : ستكذب ولن تحقق ما تحدثت به • فتعال يا سيد الأولمب ، وأقسم أمامي قسماً عظيماً على أنه سيكون السيد على جميع من حوله ، ذلك الذي سيهبط اليوم بين قدمي امرأة 5 110 والذي سيولد من نسلك ودمك • هكذا قالت هيرا • ولم ينتبه زيوس أبداً إلى خداعها ، فأقسم يميناً عظيماً ، متخلياً عن دهائه كله •






4 الربة المسؤولة عن الولادات. 5 أن يسقط بالطفل بين قدمي المرأة يعني أنها تجلس القرفصاء أثناء الولادة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 539 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 540 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 602

وفي ومضة من السرعة غادرت هيرا قمة الأولمب وأتت مسرعة إلى أرغوس أخايا ، حيث كانت تعرف 115 أن امرأة سثينيلوس القوية ، سليلة بيرسيوس هناك • وكانت حاملاً بولد ، وفي شهرها السابع ، ولكنها عجّلت بخروجه إلى النور قبل أوانه وأجلت ولادة ألكيميني بتأخير أوجاع المخاض • ثم ذهبت بنفسها وتحدثت مع زيوس ، ابن كرونوس : 120 يا أبانا زيوس ، ذا البرق الساطع • سأبلغك رسالة تصل إلى قلبك • لقد ولد إنسان عظيم ، وسيكون سيداً على الأرجيف ، إنه يوروسثيوس ، ابن سثينيلوس ، من نسل بيريسيوس ، سلالتك أنت • وليس غريباً أن يسود الأرجيف • قالت ذلك ، فدخل الأسف الحاد إلى أعماق قلبه • 125 وأمسك الشعر المشعشع في رأس الإلهة ( ديليوشن ) * من شدة غضبه ، وأطلق قسماً عظيماً ، بأنه لن ترجع الإلهة ديليوشن ، التي تخدع الجميع ، بعد اليوم أبداً إلى الأولمب ، والسماء ذات النجوم • قال ذلك • ثم بيده طوح بها ، فأخرجها من السماء ذات النجوم • 130 ونزلت فوراً إلى عالم البشر • ولكن زيوس سيظل أبداً حزيناً عليها ، كلما رأى ابنه العزيز يقوم ببعض الأعمال المشينة من المهمات التي تكلفه بها يوروسثيوس • وكذلك أنا في أيامي ، حين كان هيكتور الطويل ذو الخوذة الذهبية يقوم بإبادة الأرجيفيين عند مؤخرات سفنهم ، 135 لم أستطع أن أنسى ديليوشن للطريقة التي خدعت بها •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 540 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 541 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 603

ولكن بما أنني قد خُدعت ، وزيوس قد جردني من ملكاتي العقلية ، فقد كنت راغباً في القيام بعمل طيب ، وتقديم الهدايا بوفرة • فانهض 6 إذن إلى القتال ، واستنهض بقية القوم • وها أنا هنا لكي أقدم لك تلك الهدايا ، وبالقدر الذي وعد به أوليس 140 حين ذهب يوم أمس إلى مأواك • أو إذا أحببت فانتظر قليلاً ، رغم تلهفك للقتال ، إلى أن يقوم أتباعي بجلب الهدايا من سفينتي إليك ، لكي ترى أنني أعطيك ما يرضي قلبك " • ورداً عليه تكلم آخيل ذو القدمين السريعتين : 145 " يا ابن أتريوس ، صاحب الجلالة وملك الناس ، أغاممنون ، الهدايا لك وأنت حر في منحها حسب رغبتك ، وكما هو ملائم ، أو الاحتفاظ بها لنفسك 7 • ولنتذكر الآن استمتاعنا بالقتال ، فوراً ، إذ ليس من الملائم البقاء هنا وتضييع الوقت ، ولا التلكؤ ، طالما أنه ما يزال أمامنا الكثير مما يجب أن نفعله • 150 سيستطيع المرء أن يرى آخيل مرة أخرى بين المقاتلين برمحه البرونزي وهو يحطم الكتائب الطروادية • فليتذكر كل منكم ذلك ، ولينصرف إلى محاربة خصمه " • ورداً عليه قال الداهية أوليس : " ليس هكذا يا شبيه الآلهة آخيل ، وأنت الضليع في القتال • 155 لا تقم بقيادة أبناء الآخيين ، إلى إليون وهم جائعون ، لمحاربة الطرواديين • فوقت القتال لن يكون قصيراً ، حالما تتم المواجهة بين التشكيلات الغفيرة ، والحمية تتأجج في كلا الجانبين •






6 بعد النزاع بين أغاممنون وآخيل، غالباً ما يتجنب أغاممنون توجيه الكلام مباشرة إلى آخيل. وهذه المرة من المرات القليلة التي يحدث فيها الخطاب المباشر. ويلاحظ أيضاً أن أغاممنون لا يستخدم تعبيرات التفخيم والمديح التي ستخدمها أبطال الإلياذة حتى في مخاطبة أعدائهم وسط المعركة، والتي يستخدمها آخيل أيضاً في كلامه مع أغاممنون. 7 يبدو أن آخيل لم يعد مهتماً بالهدايا أو التعويضات.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 541 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 542 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 604

والرأي أن تطلب من رجال آخيا هنا في سفنهم 160 أن يأخذوا الطعام والخمر • فهذا ما يجعل القتال ضارياً وبارعاً • ولن تكون هناك قوة لدى الرجل أن يحارب طوال اليوم وحتى مغيب الشمس إذا كان في حاجة إلى الطعام • وحتى لو كان تواقاً جداً إلى القتال ، فإنه ، ودون أن يدري ، ستتثاقل أطرافه ، 165 وسيستولي عليه الجوع والعطش ، وتعوق حركة ركبتيه • أما إذا كان المرء ممتلئاً بالخمر والطعام ، فعندها يتمكن من القتال ضد العدو طوال اليوم • ويصبح قلبه في أعماقه مليئاً بالبهجة • ولا تتعب أطرافه حتى يكون الجميع على استعداد لإيقاف القتال • 170 فاطلب من رجالك أن يتفرقوا ويعدوا وجبتهم 8 • أما الهدايا فدع سيد الرجال أغاممنون يجلبها إلى وسط جمعنا هذا بحيث أن الآخيين كلهم يتمكنون من رؤيتها بأعينهم ، ويرتاح قلبك 9 • ودعه يقف أمام جميع الأرجيفيين ويقسم لك 175 أنه لم يدخل فراشها ولم يضطجع معها كما هو طبيعي ، بالنسبة للبشر يا سيدي ، بين الرجال والنساء • وبهذا يرتاح بالك وقلبك • وبعد ذلك عليه أن يسترضيك في مأواه بوليمة سخية ، بحيث لا ينقصك شيء مما تستحقه • 180 وأنت يا ابن أتريوس بعد ذلك عليك أن تكون أكثر عدلاً مع الآخرين • لأنه ليس معيباً ، حتى بالنسبة للملك ،






8 من الانتقادات التي وجهت لهذا الفصل كله انتقادان أساسيان. وأولهما هو هذا الحوار الطويل عن الطعام. ولكن الرج على الانتقاد، عند بعض الدارسين، هو أن هذا الحوار يوضح التناقض بين شخصيتي أوليس وآخيل. فأوليس إنسان عملي ومقاتل مجرب. أما آخيل فهو بطل مثالي فقط. 9 أوليس يقدر أهمية تقديم الهدايا علناً. وهنا نتوقف عند الانتقاد الثاني للفصل. إذ يرى بعض الدارسين أنه كان من الأفضل تجنب المصالحة كلها. وكان من صالح شخصية آخيل أن يندفع إلى المعركة دون التوقف عند هذه الأمور. ولكن الرد أيضاً كان أن آخيل قد أهين علناً. والاعتذار العلني يرد له اعتباره. وهذا أفضل لقيمته وشخصيته.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 542 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 543 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 605

أن يكرّم رجلاً ، طالما أن الملك كان الأسرع إلى الغضب " • ورد عليه سيد القوم أغاممنون بدوره قائلاً : " أنا مسرور منك بعد سماع ما قلته ، يا ابن لايرتيس • 185 لقد وضعتَ كل شيء في نصابه وأوضحته • وهذا كله أنا راغب في أن أقسم عليه ، وقلبي يحضني على ذلك • ولن أحنث بأيماني أمام الآلهة • فدع آخيل ينتظر هنا لحظة ، مع أنه تواق إلى عمل إله الحرب • ولتبقوا كلكم مجتمعين هنا ، إلى أن تعود الهدايا 190 من مأواي ، فيما نحن نقسم يمين الإخلاص والوفاء • أما أنت يا أوليس ، فإنني أوكل إليك هذه المهمة ، وتنفيذ هذا الأمر ؛ أن تختار بنفسك خيرة الشبان من الآخيين لإرجاع الهدايا من سفينتي • كل ما وعدتَ به أنت آخيل يوم أمس • وأعِد النساء أيضاً • 195 وفي مضافة الآخيين الكبيرة دع تالثوبيوس يجهز لي خنزيراً برياً • ولنقدمه أضحية إلى زيوس وهيليوس " • ورداً على ذلك قال آخيل ذو القدمين السريعتين : " يا ابن أتريوس ، يا صاحب الجلال وسيد الرجال ، أغاممنون ، في وقت آخر تشغل نفسك بأمور كهذه • 200 حين يحدث توقف ما في القتال • وحين يأتي وقت لا يكون قلبي فيه بهذا التحرق • أما الآن ، وقد حدث أن الذين قتلهم ابن بريام ، هيكتور متروكون وهم مشوهون ، بعد أن وعد زيوس هيكتور بالفخار ؛ فكيف لنا أن نطلب من الرجال أن يأكلوا ؟ أبداً • أنا سأقوم الآن 205








الإلياذة هوميروس الصفحة : 543 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 544 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 606

بقيادة أبناء الآخيين إلى القتال وهم جائعون ودون طعام • وبعد ذلك عند المغيب تهيئون لنا عشاء كبيراً ، بعد أن نكون قد غسلنا عارنا • أما قبل ذلك ، وبالنسبة لي على الأقل ، فلن يدخل حلقي طعام أو شراب ، بعد أن قتل مرافقي • 210 وهو ممدد الآن في مأواي ممزقاً بالبرونز القاطع وموجه نحو المدخل 10 ، ورفاقي يبكونه • إن الطعام والشراب لا يعنيان شيئاً بالنسبة لقلبي • الدم هو ما يعنيه ، والقتل ، وتأوه الرجال وهم يقومون بالأعمال الشاقة " • ورداً عليه قال أوليس الداهية : 215 " يا آخيل ، ابن بيليوس ، أعظم الآخيين قاطبة • أنت أقوى مني ، وأعظم مني بما هو ليس قليلاً في استخدام الرمح ، لكنني قد أفوقك كثيراً في الحكمة • لأنني ولدت قبلك ، وتعلمت أشياء أكثر منك • فاسمح لقلبك أن يستمع إلى كلماتي • 220 حين تنشب معركة سرعان ما يكتفي الناس منها ، بعد أن يبعثر البرونز القش بكميات كبيرة على الأرض ، مع شح الحصاد والمواسم 11 ، وبعد أن يميل زيوس بميزانه 12 ، زيوس الذي هو مدبر أقدار الرجال في قتالهم • ولا معنى لأن يبكي الرجال قتيلاً بتجاهلهم لبطونهم • 225 إن الكثيرين يتساقطون يوماً بعد يوم ، وواحداً بعد الآخر • وكيف لامرئ أن يجد فسحة يسترد فيها أنفاسه وسط خضم عمله ؟ علينا أن نصلّب قلوبنا وندفن الرجل الذي مات ،






10 يوضع الميت وقدماه موجهتان نحو الباب استعداداً لدفنه. وكان الإغريق يعتقدون أن هذه الوضعية تمنع عودة الروح إلى الجسد. 11 هذا يعني أنه على الرغم من عنف القتال فإن القتلى قليلون. 12 سبقت الإشارة في فصل سابق إل ميزان زيوس. والمعنى هنا أن يزداد عدد القتلى.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 544 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 545 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 607

بعد أن نكون قد بكيناه في النهار ، وجميع أولئك الذين نجوا من أهوال الحرب لا بد لهم أن يتذكروا 230 الطعام والشراب • وذلك من أجل أن نكون أكثر قوة ، ونقاتل ضد أعدائنا دون هوادة بالبرونز الذي لا يكل ، والذي نحيط به أجسادنا • ولا ندع أحدنا ينتظر وهو يتشوق لسماع نداءات أخرى لاستنفار الرجال • وستكون النداءات وبالاً على من يتخلف 235 عند سفن الأرجيفيين • ولذا هيا بنا ننطلق معاً لنوقظ إله الحرب القاسي على الطرواديين ، محطمي الخيول " • قال ذلك وانطلق مع ابني نيستور وميغيس ، ابن فوليوس ، وميريونيس وثواس ولوكوميديس ، ابن كريون ، وميلانيبوس • ذهب هؤلاء جميعاً 240 إلى مأوى أغاممنون ، ابن أتريوس • وما كاد الأمر يصدر حتى كان التنفيذ حالاً • جلبوا من المأوى سبعة من ثلاثيات الأثافي ، تلك التي كان أغاممنون قد وعد بها ، وعشرين قدراً لامعة ، واثني عشر حصاناً • وجلبوا على الفور النساء السبع الماهرات في شغل الأيدي • 245 وكانت الثامنة بينهن بريسيس ذات الخدين الجميلين • وقام أوليس بوزن عشرة مكاييل من الذهب وأرجعها • وحمل شباب الآخيين الهدايا الأخرى ، وجلبوها إلى وسط الجمع 13 • ونهض أغاممنون ، ووقف تالثوبيوس ، وبصوت كأصوات الآلهة ، 250 إلى جانب سيد القوم والخنزير البري بين يديه •






13 هناك هدايا أخرى وعد بها أغاممنون، ومنها تزويج آخيل بإحدى بناته، والأسلاب من طروادة، وسبع مدن. ولكنها كلها مرتبطة بالانتهاء من الحرب واجتياح طروادة كما أن آخيل لا يهتم بها الآن لأنه يعرف أنه لن يعود سالماً، ولن يشهد اقتحام المدينة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 545 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 546 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 608

ووضع ابن أتريوس يديه على سكينه ، وسحبها من حيث هي معلقة إلى جانب الغمد الكبير لسيفه الحربي ، فحلق الشعر أولاً عن الخنزير ، ثم رفع يديه إلى زيوس وصلى • فيما الأرجيفيون ثابتون في أمكنتهم 255 بصمت ، وحسب المراتب ، وهم يستمعون إلى ملكهم • وقال مصلياً أمامهم وهو يتطلع إلى السماء الواسعة : " فليكن زيوس أولاً شاهداً علي ، فهو أسمى الآلهة وأعظمهم • ولتشهد الأرض ، وهليوس الشمس ، وإلهات النقمة ( الفيوري ) ، اللواتي ينتقمن تحت الأرض من حَلَفة الأيمان الكاذبة ، 260 أنني لم أضع يداً على الفتاة بريسيس بهدف النوم معها ، ولا لأي سبب آخر • بل ظلت في مأواي دون إزعاج • وإذا كان أي من كلام قسمي كذباً ، فلينزل عليّ الآلهة من المصائب كل ما ينزلونه على الذين يحلفون الأيمان الكاذبة أمامهم • " 265 قال ذلك ، ثم بالبرونز القاسي قطع عنق الخنزير • ودار تالثوبيوس بالثور ثم ألقى به على مسافة كبيرة في البحر الأشهب ليصبح طعاماً للأسماك • وفي الوقت ذاته نهض آخيل بين الآخيين المولعين بالمعارك ، وتحدث إليهم قائلاً : " يا أبانا زيوس ، عظيمة هي المخادعات التي تأتي بها إلى البشر • 270 فمن دون تدخلك ما كان لابن أتريوس أن يثير المشاعر في قلبي بهذا المقدار ، ولا كان أخذ الفتاة مني ضد إرادتي ، ليقع في حالة اليأس والعجز • بل إن زيوس كان يرغب في أن يجتاح الموت أعداداً كبيرة من الآخيين •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 546 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 547 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 609

فاذهبوا الآن إلى طعامكم ، لكي ننطلق إلى المعركة " • 275 قال ذلك فانفض الجمع سريعاً • وتفرقوا فذهب كل منهم إلى سفينته • وانشغل المورميدون البواسل بالهدايا • فذهبوا وهم يحملونها إلى سفينة شبيه الآلهة آخيل • وخزنوها في المآوي • وهيؤوا أسباب الراحة للنساء • 280 وقام السائسون الفخورون بضم الجياد إلى قطيع جياد آخيل • وحين رأت بريسيس ، وهي في هيئة تشبه أفرودايت الذهبية ، باتروكلوس ممدداً وجسمه مطعون بالبرونز الحاد ، ضمته بين ذراعيها وصرخت صرخة حادة فوقه ، ثم راحت بيديها تجرح صدرها وعنقها وجبينها الجميل • 285 وقالت المرأة الشبيهة بالإلهات وهي تندبه : " يا باتروكلوس • لقد كان مفرحاً لقلبي أكثر بكثير رغم أحزانه أنني تركتك حياً حين خرجت من المأوى • ولكنني أعود الآن ، يا سيد القوم ، لأجدك مجندلاً • وهكذا تتوالد بلية في حياتي من بلية أخرى إلى الأبد • 290 فالزوج الذي منحني أبي وأمي الكريمة إليه ، رأيته أمام مدينتي وقد مزقه البرونز الحاد • وأخوتي الثلاثة ، الذين حبلت بهم أمي ذاتها ، والذين كانوا مقربين إلي ، راحوا كلهم في يوم بلاء واحد • وأنت لم تتركني ، يوم قتل آخيل سريع القدمين زوجي ، 295 واجتاح مدينة مونيس الشبيه بالآلهة • لم تتركني أحزن وأندب • بل قلت إنك ستجعلني زوجة شرعية








الإلياذة هوميروس الصفحة : 547 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 548 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 610

لشبيه الآلهة آخيل • وإنك سوف ترجعني مع السفن إلى فثيا ، لجعل زواجي رسمياً بين المورميدون • ولهذا أبكي موتك دون توقف • لقد كنت ودوداً معي دائماً " • 300 قالت ذلك وهي تندب ، فحزنت النساء من حولها عليها ورحن يندبن باتروكلوس بصوت عال ، ولكن كل منهن تندب أحزانها 14 • وتجمع سادة آخيا حول آخيل راجين منه أن يأكل ، ولكنه رفض طلبهم بتنهيدة : " أتوسل إليكم ، إن كان أي رفيق يريد أن يستمع إلي ، 305 توقفوا عن الطلب إلي أن أريح قلبي بالطعام والشراب • فالحزن القوي يتملكني • سأنتظر وأتحمل إلى أن تغيب الشمس ، رغم صعوبة ذلك " • وبقوله هذا جعل الملوكَ الآخرين يتفرقون • ولكن ابنَي أتريوس ظلا معه ، ومعهما أوليس الباسل ، 310 ونيستور وإيدومينيوس وسائق العربة العجوز فوينيكس ، يخفف عنه أحزانه • ولكن قلبه لن يعرف الهدوء قبل الذهاب إلى ما بين فكي المعركة الدامية • وتذكر باتروكلوس فأطلق عليه التنهدات ، وتحدث بصوت مرتفع : " كان هناك زمان ، أيها المتعرض للقدر الغاشم ، ويا أعز الأصدقاء ، 315 كنت أنت تعد لي فيه الطعام الشهي وتضعه أمامي بسرعة ودراية ، في الوقت الذي كان فيه الآخيون مصممين على شن الحرب المؤسفة على الطرواديين محطمي الخيول • ولكنك تمدد أمامي الآن طعيناً ، وقلبي يتضور طلباً للّحم والشراب ، وهما أمام عيني ، 320






14 إشارة بارعة من هوميروس. فبكاء النساء على ميت أو قتيل لا يعني بالضرورة البكاء عليه وحده. بل إن كل امرأة تتذكر أحزانها وفجائعها وتبكي عليها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 548 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 549 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 611

لأنني مشتاق إليك • لاشيء أسوأ من هذا يمكن أن أعانيه • ليس حتى أن أسمع بموت أبي ، الذي أظن أنه الآن في مكان ما من فثيا يذرف دمعة هادئة لحرمانه من الابن ، الذي هو أنا ، والذي هو الآن في أرض غريبة يشن حرباً على الطرواديين إكراماً لهيلين اللعينة • 325 ولا حتى أن أسمع بموت ابني ، الذي يربى من أجلي في سكوروس الآن ، إن كان شبيه الآلهة نيوبتوليموس ما يزال على قيد الحياة • قبل اليوم كانت روحي في أعماقي مشبعة بالأمل بأنني أنا وحدي سأموت بعيداً عن أرغوس مرتع الخيول ، هنا في طروادة • وكنت آمل أن تفوز بالعودة إلى فثيا 330 لعلك بسفينة سوداء سريعة تعود بابني من سكوروس إلى فثيا ، وتريه أملاكي كلها ، وثرواتي وخدمي وبيتي ذا السقف العظيم العالي • فأظن أن بيليوس سيكون قد مات في ذلك الحين ، أو أنه ما يزال يحتفظ برمق من الحياة مع الحزن 335 لكرهه بالشيخوخة وانتظاره الدائم النبأ المشؤوم عني ، في اليوم الذي سيسمع فيه بأنني قد قُتلت " • قال ذلك نادباً ، والعجائز حوله يندبون • وكلٌّ منهم يتذكر من خلّف وراءه في بيته • وأخذت الشفقة ابن كرونوس عليهم وهو يراهم يندبون • 340 وسرعان ما حدث أثينا بكلمات مجنحة : " يا صغيرتي • هل أهملت الرجل الذي اخترته إهمالاً كلياً ؟ ألم يعد في قلبك اهتمام كبير بآخيل ؟








الإلياذة هوميروس الصفحة : 549 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 550 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 612

لقد جلس الآن قرب السفن ذات القرون المستقيمة وراح يندب صديقه الحبيب • فيما الآخرون كلهم 345 قد ذهبوا لتناول طعامهم ، إلا أنه يصوم ولا يأكل • فاذهبي إليه وقطري الترياق في صدره والأمبروسيا اللذيذة لكي لا يعمل فيه إعياء الجوع " • وبقوله هذا استحث أثينا التي كانت تواقة لذلك ، وبهيئة صقر ذي جناحين عريضين وصرخة ثاقبة 350 هبطت من السماء عبر الجو المشعشع • وكان الآخيون يتنكبون أسلحتهم في معسكراتهم • وقطرت بلطف الأمبروسيا اللذيذة والترياق داخل صدر آخيل ، لكي لا يدخل إلى ركبتيه أي ضعف بسبب الجوع • وعادت بنفسها إلى البيت القريب لأبيها القوي • 355 فيما كان الآخرون يتفرقون خارجين من السفن السريعة • ومثلما ، حين يُنزل زيوس من السماء ندف الثلج الغزيرة الباردة ، وتحت دفع نفحات ريح الشمال المتولدة في السماء الساطعة ، كذلك كان الزهو بالخوذات البراقة رغم كثافتها تُحمل من السفن ، والتروس الكثيرة في الوسط ، 360 والصديريات المجوفة بقوة ، والرماح الدردارية ممدودة إلى الأمام • وامتدت الإضاءة الساطعة إلى السماء ، وراحت الأرض تضحك من حولهم تحت لمع البرونز ، وتحت الأقدام تصاعد هدير وقع أقدام الرجال ، الذين كان في وسطهم آخيل يلبس خوذته • وصدر صرير من كز أسنانه ، والتمعت عيناه 365 وكأنهما جمرتان ، فيما قلبه في صدره








الإلياذة هوميروس الصفحة : 550 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 551 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 613

ينوء بحزن فوق الاحتمال • وفيما هو يغلي توقاً للقاء الطرواديين راح يلبس هدايا الإله ، تلك التي صنعها له هيفايستوس بجهد كبير • في البدء وضع على ساقيه الواقيتين المربوطتين بمثبتات فضية لتثبيتهما على الساقين • 370 وبعد ذلك لف الصديرية حول صدره ، وعلى كتفيه علق السيف البرونزي المرصع بالفضة ، ثم أمسك بعد ذلك بالترس الكبير الثقيل والضخم ، وانطلق منه إشعاع وصل إلى البعيد ، وكأنه صادر عن القمر • ومثلما عبْر البحار يشع الضوء هادياً للبحارة 375 من النار المضطرمة ، حين تشتعل فوق الجبال في مزرعة معزولة ، والرياح العاصفة تجبر البحارة ، فوق البحر الزاخر بالسمك ، على الابتعاد عن أحبائهم ؛ هكذا كان البريق المنبعث من ترس آخيل متقن الصنع ينطلق في أعالي الجو • ثم رفع الخوذة ووضعها بكل ثقلها 380 على رأسه • وأبرقت الخوذة المزينة بشعر الخيل مثل نجمة ، والحواشي الذهبية تهتز حولها ، تلك الحواشي التي علقها هيفايستوس قرب قرني الخوذة • وجرب آخيل الباسل نفسه في درعه ليلائم جسمه ويتأكد من حركة أطرافه الرائعة فيه ، 385 فصار الدرع مثل جناحين شدّا جسم قائد الجموع • ثم سحب رمح أبيه من مكان استناده ، الرمح الضخم الثقيل المتين الذي لا يستطيع أحد غيره بين الآخيين أن يحمله ، ولكن آخيل وحده يعرف كيف يتمكن منه ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 551 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 552 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 614

الرمح الدرداري البيليّ الذي كان خايرون قد جلبه لأبيه ، 390 من بيليون العليا ، ليكون حامل الموت للمقاتلين في المعركة • وقام أوتوميدون وألكيموس ، المسؤولان عن الخيل ، بربط الجياد إلى العربة ، وألبسوها المشدات الصدرية الجميلة ، وأدخلا اللجام بين فكي كل منها ، وأرجعا الأعنة إلى مقعد العربة • وأمسك أوتوميدون بالسوط وقفز إلى العربة • 395 بينما أخذ آخيل موقعه وراءه وقد وضع خوذته استعداداً للمعركة وهو يتلامع بعدته الحربية مثل الشمس وهي تعبر فوقنا ، وصرخ صرخته الرهيبة مخاطباً خيول أبيه : " كسانثوس وباليوس وأنت يا دابلي ، أبناء بودراجي المعروفون ، 400 كوني حريصة على إرجاع سائق عربتك إلى ما بين صفوف الدانانيين ، حين ننهي قتالنا • ولا تتركيه مرمياً هناك كما فعلت بباتروكلوس " • ومن تحت النير رد عليه كسانثوس ، وهو يهز رأسه مع كلامه حتى خرج عرفه 405 من تحت لباد السرج ونزل إلى الأرض ؛ فهيرا ، الربة ذات الذراعين الأبيضين منحته صوتاً : " سنبقي عليك سالماً هذه المرة يا آخيل القاسي • ولكن يوم موتك قريب • ولسنا نحن الذين نتحمل المسؤولية ، بل إله عظيم وقدر قوي • 410 وليس لأننا كنا بطيئين أو عديمي الاهتمام تمكن الطرواديون من أخذ الدرع عن كتفي باتروكلوس • بل الإله العالي ، ابن ليتو 15 ذات الشعر الجميل ،






15 أبولو.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 552 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 553 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 615

هو الذي قتله بين الأبطال ومنح الفخار لهيكتور • أما نحن ، فالاثنان 16 قادران على الركض ومجاراة هبة الريح الغربية 415 التي يقولون عنها إنها أسرع الأشياء • ويظل بالنسبة لك أن هناك قدراً أن تُقتل بالقوة على يد إله أو إنسان " • وحين تحدث هكذا أوقفت الفيوري الصوت فيه • ولكن آخيل ، ذا القدمين السريعتين ، رد عليه وهو في اضطراب شديد : " لم تتنبأ بموتي يا كسانثوس ؟ ليس هذا شأنك • 420 فأنا أعرف بنفسي أنه مقدر علي أن أموت هنا ، بعيداً عن أبي وأمي الحبيبين • ولكنني مع ذلك لن أتوقف ما لم يذق الطرواديون ما يكفيهم من قتالي " • قال ذلك وأطلق صرخته ، وهو يتقدم إلى المقدمة بخيوله القوية •






16 نلاحظ أن آخيل كان يخاطب ثلاثة خيول. ولكن كسانثوس يتكلم عن أثنين. والتفسير هو أن حصانين - أو أربعة - يربطان لجر العربة ، ويربط حصان احتياطي إلى جانبها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 553 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 554 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل العشرون

رقم صفحة الكتاب الورقي: 617

وهكذا قام هؤلاء الآخيون قرب السفن المحنية بتسليح أنفسهم ، من حولك ، يا ابن بيليوس ، الذي لا يشبع من المعارك • بينما في الطرف الآخر ، عند منحدر السهل كان الطرواديون يتسلحون • ولكن زيوس ، من الأولمب ذي الذرى المتعددة ، طلب من ثيميس أن تستدعي الآلهة كلهم إلى اجتماع • 5 فذهبت إلى كل مكان ، وأبلغتهم أن يتوجهوا إلى بيت زيوس • لم يبق نهر إلا جاء باستثناء أوقيانوس 1 ، ولم تبق حورية ممن يعشن في الأيكات الجميلة ، وعند منابع الأنهار ، وأعشاب المروج ، إلا وجاءت • واجتمع هؤلاء كلهم في بيت زيوس جامع الغيوم 10 وأخذوا أماكنهم في الممرات الحجرية المصقولة التي بناها هيفايستوس لزيوس الأب بمهارته وخبرته • هكذا اجتمعوا في بيت زيوس • ولم يفت مرجف الأرض أن يسمع الربة ، فجاء بينهم من البحر ، وجلس في وسطهم • وسأل زيوس 2 عن رأيه : 15 " لم يا رب الصاعقة البراقة جمعت الآلهة مرة أخرى ؟ هل سنتدارس أمر الآخيين والطرواديين ؟ فبداية المعركة تكاد تنشب بينهما " • ورد عليه زيوس جامع الغيوم مجيباً : " لقد عرفت الرأي الذي في سري يا مرجف الأرض • 20






1 الأنهار تتحرك وتحضر الاجتماعات من خلال الآلهة التي تمثلها. وأوقيانوس لا يستطيع الحضور لأنه مسؤول عن تماسك العالم. 2 بوزيدون أول المتحدثين لأن مرتبته هي الثانية بعد زيوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 554 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 555 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 618

وعرفت لماذا جمعتكم • إنني أفكر في هؤلاء الرجال الذين يموتون • ومع ذلك سأبقى هنا فوق قمة الأولمب جالساً بهدوء ، أراقب لأدخل المسرة إلى قلبي • أما أنتم فانزلوا أينما شئتم بين الآخيين والطرواديين ، وقدموا العون إلى أي طرف ، وحسب ما يسركم 3 • 25 لأننا لو تركنا آخيل وحده يقاتل الطرواديين ، فلن يصمدوا ولو قليلاً أمام البيلي سريع القدمين ، فقد كانوا ، من قبل ، يرتجفون عند رؤيته • أما الآن وقلبه محزون وغاضب من أجل موت رفيقه فإنني أخشى أن يجتاح حصونهم خلافاً لما هو مقدر " • 30 قال ذلك ابن كرونوس ثم أذن باندلاع المعركة المستمرة • ونزل الآلهة للدخول في القتال ، بأهداف متباينة • ذهبت هيرا إلى السفن المحتشدة مع بالاس أثينا ، ومعهما بوزيدون الذي يحط بالأرض ، وهيرميس الكريم ، المسلح في قلبه بأفكار نبيهة • 35 وسار هيفايستوس في طريق هؤلاء معتزاً بقوته الهائلة وهو يعرج • إلا أن ساقيه المتقلصتين كانتا تتحركان تحته بخفة • أما آريس ذو الخوذة اللامعة فقد ذهب إلى الطرواديين ، ومعه فويبوس ذو الشعر الطليق ، وسيدة السهام أرتيميس ، وأفرودايت الضاحكة ، وليتو وكسانثوس • 40 وحين كان الآلهة ما يزالون بعيدين عن البشر ، كان الآخيون يحرزون مجداً عظيماً ، حيث أن آخيل قد ظهر بينهم الآن ، بعد أن اعتزل طويلاً القتال القاسي •






3 يلاحظ كثير من الدارسين أن توزيع زيوس غير عادل. فالآلهة الذين يساعدون اليونانيين أقوى من الآلهة الذين يساعدون الطرواديين. وكذلك فإن قوة آخيل تفوق قوة هيكتور. وهذا يجعل المعركة غير متكافئة سلفاً. ففي الطرف اليوناني هناك هيرا وأثينا ومعهما بوزيدون. كما أن هيرميس يحضر دون سبب واضح. ومن الطبيعي أن يكون هيفايستوس في صف أمه. أما مع الطرواديين فهناك آريس وأبولو وأفرودايت. وكسانثوس هو إله النهر المحلي (سكاماندروس). وأرتيميس وليتو بوصفهما أخت أبولو وأمه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 555 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 556 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 619

أما الطرواديون فقد اعترى كلاً منهم الرعب والارتعاش في ركبتيه ، وهم ينظرون إلى ابن بيليوس ذي القدمين السريعتين 45 متألقاً في عدته الحربية ، رجلاً شبيهاً بإله الحرب القاتل • ولكن بعد أن اختلط الأولمبيون بالبشر انفجرت ( الكراهية ) ، المدافعة عن الناس ، صارخة 4 • وزعقت أثينا وهي تقف قرب الخندق المحفور خارج السور وأطلقت حافة البحر الهادر صرختها المدوية • 50 بينما في الطرف الآخر كان آريس في هيئة غيمة عاصفة قاتمة يزعق ، من فوق قمة الحصن ، وبحدة يستحث الطرواديين الذين كانوا الآن عند ضفة نهر سيمويس • وهكذا راح الآلهة يثيرون الخصمين ويزجون بهما معاً • ويفجرون بين أنفسهم ثقل خصوماتهم • 55 ومن الأعالي أطلق أبو الآلهة والبشر رعداً رهيباً ، فيما كان بوزيدون من الأعماق تحتهم يهز الأرض اللامتناهية وقمم الجبال الشاهقة • كما اهتزت سفوح إيدا بمياهها الغزيرة وقممها جمعاء ، ومدينة طروادة وسفن الآخيين • 60 وارتعب أيدونيوس ، رب عالم الموتى السفلي ، وقفز عن عرشه وهو يزعق بحدة خشية أن يقوم بوزيدون ، المحيط بالأرض ، بشق الأرض • فتنفتح بيوت الموتى ، وتنكشف على البشر والآلهة ، برعبها واهترائها ، وترتعش حتى الآلهة من مرآها • 65 هكذا كان الانهيار الذي دوى فيما الآلهة يندفعون






4 توصف (الكراهية) - وهي شخصية تحمل مواصفات اسمها - بأنها المدافعة عن الناس، لن ضراوة الحرب تشتد حين تدخل إليها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 556 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 557 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 620

في ثورتهم • فمرة أخرى وقف فويبوس أبولو في وجه الرب بوزيدون ، وهو يحمل في وقفته سهامه المريشة • ومقابل إنواليوس وقفت الربة أثينا ذات العينين الشهلاوين • وضد هيرا وقفت سيدة الصخب أرتيميس ، ذات المغزل الذهبي ، 70 والسهام المنهمرة ، أخت الرامي عن بعد • ومقابل ليتو وقف هيرميس ، القوي والكريم ، ومقابل هيفايستوس وقف النهر ذو الدوامات الكبيرة الذي يسميه الآلهة كسانثوس ، ويسميه البشر سكاماندروس 5 • وهكذا راح آلهة يجابهون آلهة • بينما كان آخيل 75 يجهد لكي يزج بنفسه في القتال في مواجهة هيكتور ابن بريام • لأن غضبه كان يدفعه إلى أن يغرق بدمه ، من بين الآخرين كلهم ، الإلهَ آريس الذي يقاتل تحت حماية الترس • ولكن أينياس كان هو الذي دفعه أبولو حامي الناس ضد البيلي ، بعد أن بث فيه قوة كبيرة • 80 وجعل أبولو ، ابن زيوس ، صوته شبيهاً بصوت لوكاون ، ابن بريام ، وتلبس شكله • ثم تحدث إلى أينياس : " أينياس ، يا سيد المجالس والحكمة • أين ذهبت تلك التهديدات التي كنت تطلقها بهدوء ووقار وأنت تشرب خمرك أمام ملوك طروادة ، بأنك ستجاري بقوة قتالك قوة آخيل البيلي ؟ " 85 وبدوره تحدث أينياس مجيباً : " يا لوكاون ، يا ابن بريام ، لم تستحثني ضد إرادتي للقتال في وجه ابن بيليوس وحميته العنيفة ؟ فليست هذه هي المرة الأولى التي أقف فيها في مواجهة سريع القدمين






5 هناك أكثر من شخصية لها اسمان. وهذا عائد إلى التسمية الإغريقية لأشياء موجودة خارج بلادهم.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 557 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 558 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 621

آخيل • بل حدث في مرة سابقة من قبل أن دحرني 90 بالرمح من إيدا ، حين جاء في طلب قطعاننا ؛ يوم اقتحم لورنيسوس وبيداسوس • ولكن زيوس أنقذني حين بث فيّ القوة ، وجعل ساقيّ سريعتين • وإلا لسقطت على يدي آخيل ، ويدي أثينا التي تسير أمامه وتضيء دربه ، والتي كانت تستحثه 95 لكي يدمر بالرمح البرونزي ليليغيس والطرواديين • ولذلك ليس في وسع أي إنسان أن يقاتل آخيل • هناك دائماً إله ما معه يبعد عنه الموت • وبذلك يطير رمحه نحو هدفه ، ولا يتراجع قبل أن يخرق جسد الرجل • لو أن الإله فقط 100 يتخلى عن نتيجة الحرب 6 ، لما استطاع الفوز بهذه السهولة ، حتى لو ادعى أنه ، كله ، مصنوع من البرونز " • وبدوره قال له الإله أبولو، ابن زيوس : " فلتقدم صلاتك للآلهة إذن أنت أيضاً ، يا بطل ، للآلهة الخالدين ، إذ يقولون إنك أنت نفسك قد ولدتك ابنة زيوس 105 أفرودايت ، بينما آخيل قد ولد من ربة أقل قيمة • لأن أفرودايت هي ابنة زيوس ، بينما ثيتيس ابنة عجوز البحر • فاحمل برونزك المتين ضده مباشرة ، ولا تدعه يصدك عنه بالكلمات الطنانة والتهديدات المرعبة " • قال ذلك وبث قوة هائلة في سيد القوم ، 110 الذي شق طريقه بين الأبطال معتمراً الخوذة البرونزية اللامعة • ولم تغفل هيرا ذات الذراعين الأبيضين عن رؤية ابن أنخيسيس






6 هذا التخلي المطلوب مرتبط بتشبيه غير واضح. والصورة هي أن الجيشين المتحاربين يشدان حبلاً بينهما. وكل طرف يستمد عزيمته في الشد من آلهته التي تساعده. فيصبح التمني : لو أن آخيل يتخلى عن الحبل الذي يقرر نتيجة المعركة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 558 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 559 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 622

وهو يمر عبر تجمع الرجال لمواجهة ابن بيليوس ، فجمعت حولها الإلهين الآخرين وقالت لهما : " يا بوزيدون ، ويا أثينا ، تشاورا فيما بينكما 115 وفي قلبيكما كيف يمكن استكمال هذه الأمور • فها هو أينياس ذاهب وهو يعتمر البرونز اللامع لمواجهة ابن بيليوس ، وفويبوس أبولو هو الذي أرسله • فتعالا • علينا أن ننزل بأنفسنا لتحويله عن وجهته هنا • أو فليقف أحدنا مع آخيل 120 وليبث فيه قوة هائلة ، ولا يجعل الشجاعة تنقصه • بل يجعله يعرف أن أسمى الآلهة يحبونه • ولكن الذين كانوا قبل اليوم يدفعون أعباء المعركة عن الطرواديين هم الآن كنفخ الريح واللاشيء • فجميعنا 7 قد نزلنا عن الأولمب لنشارك 125 في هذه المعركة • ولذلك لن يلحقه شيء من الطرواديين في هذا اليوم • فيما بعد سيعاني من أمور أخرى حسب ما حاكته له ربة القدر بخيط ولادته منذ أن ولدته أمه 8 • وإن لم يسمع آخيل هذا كله من أصوات الآلهة ، فإنه سيخاف حين يضع إله ما قوته ضده 130 في القتال • ويصعب على الآلهة أن تتم رؤيتهم بأشكالهم الحقيقية " • فرد عليها بوزيدون مرجف الأرض بدوره : " لا تغضبي بلا سبب يا هيرا • فهذا لا يليق بك • أنا على الأقل لن أسعى إلى أن نتواجه نحن الآلهة في معركة • لأننا في الحقيقة أقوى من أن يحتملونا • 135






7 جميعنا تعني جميع الآلهة المؤيدين لليونانيين. 8 كلوثو هي التي تغزل خيوط المصائر. وهي تغزل لكل إنسان خيط عمره منذ ولادته.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 559 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 560 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 623

فلنبتعد إذن • ولنجلس معاً بعيداً عن الطريق في موقع مطل ، ولينصرف البشر إلى قتالهم • إلا إذا بدأ آريس يقاتل ، أو فويبوس أبولو • أو إذا أعاقوا آخيل ومنعوه عن القتال • عندها ستكون خصومتهم معنا فوراً، 140 وفي معركة مكشوفة • وأظن أنهم حين يقاتلون ضدنا سرعان ما سيرجعون إلى الأولمب ، وإلى جمع بقية الآلهة ، مهزومين أمام قوتنا أيدينا المتفوقة " • قال ذلك بوزيدون ذو الشعر الفاحم ، ومشى أمامهم إلى معقل هرقل شبيه الآلهة • وهو تراب مكوم من الجانبين ، 145 في مكان مرتفع ، كان الطرواديون وبالاس أثينا قد بنوه له كملجأ يستطيع فيه أن يهرب من طريق وحش البحر ، حين استطاع الغول المهاجم أن يدفع به من شاطئ البحر إلى السهل • هناك جلس بوزيدون والآلهة الذين معه • وجمعوا كتلة جدار من الغيم للتعتيم على أكتافهم • 150 بينما جلس الذين في الطرف الآخر على أطراف أجراف جميلة من حولكما يا أيها الرب أبولو ويا آريس مقتحم المدن • هكذا على الجانبين جلسوا يقلبون الرأي غير راغبين من أي طرف أن يفتحوا طريق الهجوم المفجع • ولكن زيوس الجالس في الأعالي استحثهم • 155 وامتلأ السهل وتلامع ببرونز البشر ورجالهم وخيولهم ، وراحت الأرض تهتز تحت أقدامهم وهم يتدفقون من الجانبين • ورجلان أعظم من الآخرين بكثير








الإلياذة هوميروس الصفحة : 560 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 561 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 624

كانا يتقدمان نحو المواجهة ، وكل منهما تواق لمقاتلة الآخر : أينياس ، ابن أنخيسيس ، وآخيل الباسل • 160 أولهما ، أينياس ، تقدم متوعداً يهز برأسه تحت الخوذة الثقيلة ، وهو يمسك بالترس المتين أمام صدره ، ويهز رمحه النحاسي • ومن الجانب الآخر نهض ابن بيليوس كالأسد لمواجهته ، وحشاً جميلاً ، حين يجهد الناس لقتله ، وتهب البلاد كلها 165 لمطاردته • وهو في البدء لا يعيرهم اهتماماً بل يتابع طريقه • وحين يقوم أحد الشبان المتهورين بضربه بالرمح الذي يلوح به ، عندها فقط يفتح شدقيه ويخرج الزبد من بين أنيابه ، ويزمجر القلب القوي في أعماق صدره ، ويسوط بذيله أضلاعه وخاصرتيه ، 170 وهو ينمي غضبه متحفزاً للقتال ، وعيناه تتوقدان • ثم يثب إلى الأمام على أمل قتل أحد من الناس ، أو أن يُقتل هو في الوثبة الأولى • هكذا كان القلب الجسور والحمية المقاتلة يتأججان في آخيل • ويدفعانه إلى الأمام لمواجهة ذي القلب الباسل أينياس • 175 وحين اقترب هذان في تقدمهما ، أحدهما من الآخر ، كان أول من تكلم منهما آخيل الباسل ذو القدمين السريعتين : " لماذا تقدمت مبتعداً عن الآخرين بهذا القدر لمواجهتي يا أينياس ؟ هل تدفعك الرغبة التي في أعماقك إلى المبارزة ، على أمل أن تكون قائد الطرواديين ، محطمي الخيول ، 180 وتظفر بتكريم بريام ؟ حتى لو قتلتني فإن بريام








الإلياذة هوميروس الصفحة : 561 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 562 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 624

لن يفعل ذلك ، ولن يضع مملكته بين يديك بسبب ذلك 9 • فلديه أولاد ، وهو نفسه قوي لم يهن بعد • أم أن رجال طروادة قد وعدوك بقطعة أرض أفضل من أراضي الآخرين ، أرض صالحة للحراثة ، وبستان تشرف عليه أنت 185 إذا قتلتني ؟ لكنني أظن أن هذا القتل لن يكون سهلاً عليك • وأذكرك أنك ، في مرة سابقة ، قد هربت من رمحي • أم أنك لا تتذكر ذلك ، عندما أمسكت بك وحيداً وبعيداً عن قطيعك • وطردتك بقدر ما أسعفتك به سرعة قدميك في مرتفعات إيدا لا تلوي على شيء • ولم تكن تلتفت وراءك وأنت تهرب • 190 وهربت إلى لورنيسوس • ولكنني لاحقتك • واقتحمت ذلك المكان بمعونة أثينا والأب زيوس • فحرمت نساءهم من حريتهن ، وسقتهن غنائم • بعد أن قام زيوس والآلهة الآخرون بإنقاذك • أظن أنهم لن ينقذوك الآن ، كما تقول لك 195 أوهامك إنهم سيفعلون • لا • بل أنا نفسي أطلب إليك أن ترجع إلى الجماعة ، وأن لا تقف في وجهي لئلا يلحق بك أذى 10 • وعندما يحدث أمر ما فحتى الأحمق يراه " • وبدوره تحدث إليه أينياس وأجابه قائلاً : " لا تأمل يا ابن بيليوس أن تخيفني بالكلمات ، 200 وكأنني طفل • فأنا نفسي أعرف جيداً كيف أتحدث بالذم والتهديد وتوجيه الإهانات • كل منا يعرف نسب الآخر ، ونعرف أهلنا لأننا سمعنا أشعار شهرتهم من البشر •






9 كأن آخيل يريد أن يذكر أينياس بإشكال قائم بينه وبين أبناء بريام. 10 هذا لا يعني طبعاً أن آخيل يشفق على أينياس. بل الكلام مشحون بالتهديد ويقصد به التخويف.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 562 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 563 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 626

غير أني لم أر بعيني والديك • ولا أنت رأيت والديّ • 205 إذ يقال إنك من نسل بيليوس النزيه • وإن أمك هي ثيتيس ذات الشعر الجميل ، سيدة البحر • وبدوري أنا أدعي أنني ابن أنخيسيس الباسل • وأن أمي هي أفرودايت • ومن هؤلاء الأهل هذه الجماعة أو تلك سيكون عليها أن تبكي اليوم ولداً • 210 لأنني أظن أننا لن نكتفي ، مثل الأولاد ، بالالتقاء والافتراق والعودة من القتال إلى البيت من جديد • وحتى إن كنت تريد أن تعرف ذلك ، وتتأكد من نسبي فهناك كثيرون من الناس يعرفونه • في البداية كان لدى زيوس جامع الغيوم ولد ، هو داردانوس ، 215 الذي أسس داردانيا ، حين لم تكن هناك بعد إليون المقدسة ، التي تحولت إلى مدينة في السهل تصبح ملتقى الناس • بل كانوا يعيشون في سفوح إيدا بين مياهه الغزيرة • ورزق داردانوس بولد هو الآخر ، الملك إيريخثونيوس ، الذي صار أغنى البشر ، وفي حوزته 220 ثلاثة آلاف رأس خيل ترعى في المراعي المنخفضة ، أفراس جميلة مع مهارها ، وقع الريح الشمالي في حبها 11 وهي ترعى هناك • فأخذ شكل حصان فحل ذي عرف أسود ولقحها • فحبلت منه الأفراس ، وأنجبت له اثني عشر مهراً • 225 وهذه الخيول ، حين تلهو في السهول المحروثة مانحة القمح ، تمر بين أرتال السنابل دون أن تؤذي الموسم الإلهي •






11 الريح الشمالي ذكر يلقح الأفراس التي يحبها، سبق الشرح عنه في فصل سابق.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 563 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 564 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 627

ولكنها حين تلهو عند تخوم البحر العريضة ، فإنها تعدو على حواف الموج حيث يتكسر في المياه المالحة المبيضّة • ورزق إيريخثونيوس بولد هو تروس ، الذي كان سيد الطرواديين • 230 ولتروس جاء ثلاثة أبناء لا تداخلهم الريبة • وهم إيلوس وأساراكوس وشبيه الآلهة غانوميديس الذي كان أجمل البشر قاطبة • ولذلك احتفظ به الآلهة لأنفسهم ، ليكون ساقي زيوس ، بسبب جماله ، ولكي يصير بين الآلهة • 235 ورزق إيلوس بدوره بولد ، هو لاوميدون الذي لا غبار عليه ورزق لاوميدون بأولاد هم تيثونوس وبريام ولامبوس وكلوتيوس وهيكيتاون ، سليل آريس ؛ ولكن أساراكوس رزق بكابوس ، وكان ابن كاوبس أنخيسيس • وأنا ابن أنخيسيس ، وابن بريام هو هيكتور الباسل • 240 هذا هو النسب والدم الذي أتحدر منه • إن زيوس هو الذي ينمي القوة في البشر • وهو الذي يضعفها كما يشاء • لأن قوته تفوق قوى الجميع • ولكن دعنا لا نطيل الوقوف هنا للحديث في هذه الأمور مثل الأولاد ، في الفسحة القائمة بين الجيشين المتقدمين • 245 فثمة ما يكفي من الأمور القاسية التي يمكن الحديث بها عنا نحن الاثنين ، مما تنوء به سفينة ذات مئة مقعد 12 • إن لسان الإنسان بارع في التحريف والمسخ ، وثمة كم هائل من الكلمات من كل نوع ، ومدى الكلام وتنوعه واسعان • وما تقوله أنت يمكن أن يقال عنك • 250






12 هي مقاعد لبحارة التجذيف. وبالتالي فهي سفينة كبيرة جداً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 564 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 565 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 628

وما شأننا أنا وأنت حتى نتبادل السباب وتوجيه الإهانات أحدنا للآخر ، وكأننا زوجتان ؟ حين تنشب بينهما مشاجرة تعلّ القلب تنزلان إلى الطريق وتتبادلان الكلام المهين ، فيه الكثير مما هو صادق ، والكثير غير صادق ، وغضبهما هو الذي يسيرهما • 255 لن تتمكن بالكلام من ردي عن ممارسة قتالي ، ما لم تحاربني مواجهة بالبرونز • فهيا بنا وليجرب كل منا قوة الآخر ببرونز سناني رمحينا 13 " • قال ذلك ووجه رمحه الثقيل نحو الترس الكالح الرهيب • فأنّ الترس العظيم حين تلقى السنان • 260 وأبعد ابن بيليوس الترس عنه بيده القوية خوفاً • إذ توقع أن الرمح ذا الظل الطويل لأينياس الباسل قد يخترقه بيسر • وياله من أحمق • لم يكن يفهم بسهولة في قلبه وروحه أن هبات الآلهة السخية لا يمكن تحطيمها بسهولة 265 من قبل البشر • وأن هذه الهبات لا تنهار أمامهم • وهذه المرة أيضاً لم يستطع الرمح الثقيل لأينياس خبير الحرب أن يحطم الترس ، هبة الإله ، فالذهب يجعله متماسكاً • والحقيقة أن الرمح اخترق طبقتين منه ، ولكن ظلت هناك ثلاث طبقات فالإله الذي يجر قدميه جراً صنعه من خمس طبقات ، 270 اثنتان من البرونز من الخارج ، ومن الداخل اثنتان من القصدير ، وبينهما طبقة من الذهب 14 ، وهنا توقف الرمح الدرداري • وبعده أرسل آخيل رمحه ذا الظل الطويل •






13 هذا الحديث الطويل عن النسب في غير مكانه درامياً، مع العودة الدائمة إلى القول إننا يجب أن لا نضيع وقتنا بالكلام، لم يجد تفسيراً لدى بعض الدارسين إلا في أن يكون هوميروس قد قصد الإضحاك. فأينياس يقول أي شيء يخطر له لكي يؤجل المواجهة قدر ما يستطيع. ولكي لا تنكشف رغبته هذه يكرر القول حول ضرورة عدم إضاعة الوقت في الكلام. 14 يرى الدارسون أن صناعة الترس تخالف المنطق. فإذا كان البرونز قوياً، فإن القصدير لا يتمتع بالقوة ذاتها. كما أن طبقة الذهب لا معنى لوجودها في الوسط لأن الغرض من وجودها تزيني. ولكنه ترس من صنع إله !


الإلياذة هوميروس الصفحة : 565 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 566 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 629

وضرب به ترس أينياس على دائرته الكاملة ، عند الحافة الخارجية حيث البرونز يكون أكثر رقة ، 275 وكذلك يكون جلد الثور أكثر رقة هناك • وغاص رمح البيلي الدرداري عبر الترس ، فصدر عنه صوت قوي وهو يُخترق • وترنح أينياس ، وأبعد الترس عنه ورفعه فوقه في هلع • ومرق الرمح من فوق ظهره وخرج من الترس لينغرز في الأرض ويثبت فيها ، بعد أن مزق دائرتين 280 من الترس الحامي للرجل • وحين تخلص أينياس من الرمح الطويل ، وقف بثبات • وتجمعت حول عينيه انفعالات هائلة وخوف شديد • إذ انغرز الرمح قرباً جداً منه • وامتشق آخيل سيفه وانقض عليه ، مطلقاً صرخة حرب رهيبة • ولكن أينياس كان يمسك الآن بيده 285 حجراً ضخماً لا يستطيع أن يحمله رجلان من رجال هذه الأيام ، ولكنه رفعه وحده بسهولة • وكان أينياس سيضربه بالحجر وهو يتقدم منه ، على الخوذة أو الترس ، فيبعد عن نفسه الموت المرير ، وكان ابن بيليوس سيطبق عليه بالسيف ويعدمه الحياة ، 290 لولا أن مرجف الأرض ، بوزيدون ، لاحظ كل شيء بدقة • وسرعان ما قال كلمته بين البشر : " ويلي • إنني مليء بالأسى على أينياس الباسل الذي سينزل سريعاً إلى الموت ، بتفوق آخيل عليه • فقد صدّق كلام أبولو ، الرامي عن بعد • 295 يا للأحمق • إن أبولو لن يفعل شيئاً لإبعاد الموت الكالح عنه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 566 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 567 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 631

ولكن لم على هذا الرجل البريء أن يكابد أحزانه دون سبب ، ومن أجل تعاسة الآخرين ، وهو الذي يقدم الهبات التي ترضيهم إلى الآلهة الذين يسيطرون على السماء الشاسعة ؟ فهيا ننقذه نحن من الموت ، 300 إذ قد يغضب ابن كرونوس إن قتله آخيل الآن • إن من المقدر له أن ينجو ، فلا ينقطع نسل داردانوس ، ولا تفنى له ذرية • فداردانوس كان عزيزاً جداً على كرونيديس من بين أبنائه كلهم الذين جاؤوه من نساء البشر • 305 وابن كرونوس أنزل اللعنة على نسل بريام • وقوة أينياس ستجعله ملكاً على الطرودايين • وسيحكمهم أحفاده ، وسلالتهم من بعدهم " • وردت عليه هيرا ذات العينين البقريتين : " يا مرجف الأرض ، أنت نفسك الذي تقرر في أعماقك 310 ما يخص أينياس ، سواء كان أن تنقذه أو تتركه يسقط ، رغم قوته كلها ، أمام ابن بيليوس ، آخيل • أما نحن ، أنا وبالاس أثينا ، فقد التزمنا بعهود موثقة عديدة أخذناها على عاتقنا أمام الآلهة كلهم أن لا نبعد يوم البلاء عن الطرواديين ، 315 حتى لو التهمت النيران مدينة طروادة كلها ، يوم يحرقها أبناء الآخيين أشباه الآلهة " • وحين سمع ذلك ذهب مرجف الأرض بوزيدون • سار في طريقه وسط تشابك الرماح وحمأة القتال •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 567 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 568 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 631

ووصل إلى حيث كان أينياس وآخيل الشهير • 320 وسرعان ما نشر الضباب بين عيني أحد المقاتلين ، آخيل ، ابن بيليوس • ومن ترس أينياس ذي القلب الكبير انتزع الرمح الدرداري ذا السنان البرونزي القوي وألقاه عند قدمي آخيل • ورفع أينياس عالياً عن الأرض وقذف به في الهواء 15 • 325 حتى أن عدة صفوف من المقاتلين وعدة صفوف من الخيول تم تجاوزها من قبل أينياس الذي قذفته يد الإله • ونزل عند الحافة القصوى من المعركة المضطرمة حيث كان الكاوكونيون يتسلحون استعداداً للقتال • وجاء بوزيدون مرجف الأرض ووقف إلى جانبه • 330 وحدثه مخاطباً إياه بكلمات مجنحة : " يا أينياس مَن من الآلهة دفعك إلى هذا الجنون بحيث تقاتل ابن بيليوس ، وتقف أمام شجاعته الخارقة وهو أقوى منك ، وأعز منك على الآلهة ؟ تراجع كلما وجدت نفسك في مواجهته • 335 لئلا تنزل إلى بيت إله الموت قبل موعد قدرك • وحالما يحقق آخيل موته وقدره عندئذ تشجعْ ، وتابع وقاتل أبرزهم وأقواهم • إذ لن يبقى آخي آخر يستطيع أن يقتلك " • أنهى حديثه وتركه هناك بعد أن أبلغه بذلك كله • 340 ثم سرعان ما أزال عن عيني آخيل غشاوة الضباب التي أرسلتها الآلهة • وصار ينظر الآن ويرى بعينيه على اتساعهما





15 ليس علينا أن نستغرب قيام بوزيدون الواقف مع اليونانيين بإنقاذ أينياس (الطروادي) فبالإضافة إلى التبريرات التي قدمها، سنظل نضع في اعتبارنا أن الآلهة أسمى من البشر، ويمكن لهم أن يأخذوا بعين الاعتبار أموراً لا تخطر على بال البشر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 568 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 569 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 632

وبقرف راح يحدث نفسه المتوثبة : " أيمكن أن يحدث هذا ؟ يا له من أمر غريب أراه بعينيّ • هو ذا رمحي مرمي على الأرض ، ولكنني لم أعد أستطيع 345 أن أرى الرجل ، الذي كنت أهاجمه بحماس لأقتله • لقد كان أينياس إذن محبباً لدى الآلهة الخالدين • وقد كنت أظن أن ما قاله نوع من التباهي الفارغ • فليذهب • لن يتجرأ مرة أخرى على أن يجربني في معركة لأنه حتى بما جرى الآن سعيد لأنه نجا من هجومي • 350 هيا ! يجب أن أشجّع الدانانيين الذين تسعدهم المعارك • وأذهب لمواجهة بقية الطرواديين ، وأرى ما يمكن أن يفعلوه " • قال ذلك وقفز راجعاً إلى الصفوف ، وراح يستحث كل مقاتل : " لا تبتعدوا بعد الآن عن الطرواديين ، أيها الآخيون العظماء ، وليواجه كل منكم خصمه وليستنفر لمقاتلته • 355 فإنه لصعب علي ، رغم قوتي الهائلة ، أن أدفع هذا العدد الكبير من الرجال إلى الهرب ، أو أن أقاتلهم كلهم • فحتى آريس ، الذي هو إله خالد ، وحتى أثينا ، لا يستطيع أي منهما مجابهة هذا العدد الهائل من الرجال ومقاتلتهم • ولكن ما أستطيع أن أفعله بيدي ورجلي وقوتي 360 أقول لكم إنني سأفعله • ولن أتهاون ولو قليلاً • بل سأذهب فوراً إلى عمق تشكيلاتهم • وأظن أنه ما من رجل من الطرواديين سيسعده أن يكون ضمن مدى رمحي " • قال ذلك محرضاً إياهم • فيما كان هيكتور يصيح صيحة عظيمة بالطرواديين ، وقد قرر أن يواجه آخيل : 365








الإلياذة هوميروس الصفحة : 569 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 570 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 633

" لا تخافوا من البيلي أيها الطرواديون الأشاوس • فأنا نفسي استطعت أن أقاتل الآلهة بالكلام 16 • ولكن بالرمح كان الأمر صعباً ، لأنهم أقوى منا بكثير • وحتى آخيل لن يحقق أي شيء مما يقول عنه • قسم منه سيتحقق ، وقسم سيعجز عن تحقيقه ويبقى نصف منجز • 370 سأذهب للتصدي له الآن ، مع أن يديه مثل اللهب ، وقلبه متوهج مثل الحديد المحمي " • قال ذلك مستحثاً الطرواديين فرفعوا رماحهم للمواجهة • وتجمع غضبهم في كتلة واحدة • وتعالت صيحة الحرب منهم • وجاء فويبوس أبولو إلى جانب هيكتور وتحدث إليه : 573 " لا تخرج وحدك لمقاتلة آخيل يا هيكتور • بل انتظره وسط الجموع وفي خضم المعركة ، لئلا يضربك بالرمح أو يطعنك بالسيف عن قرب " • قال ذلك ، فانزج هيكتور وسط جيَشي المقاتلين ، خوفاً من صوت الإله الذي سمعه يكلمه • 380 وآخيل الذي استجمع النقمة في نفسه وثب على الطرواديين مطلقاً صرخة الحرب المروعة • وكان أول من قتله منهم إيفيتيون الابن العظيم لأورونتيوس ، القائد على عدد من المقاتلين • وقد ولد من حورية ماء لأورونتيوس ، فاتح المدن ، تحت ثلوج تمولوس في ريف هودي الغني • 385 ضربه آخيل بالسيف ، وهو يهجم غاضباً ، وسط رأسه • فانشق الرأس إلى قطعتين • وسقط سقوطاً مدوياً • ووقف آخيل فوقه مزهواً :






16 يقصد أن كل ما سمعوه عن آخيل مجرد كلام. وبالكلام يستطيع كل إنسان أن يتغلب على أي خصم. المهم هو الأفعال.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 570 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 571 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 634

" ارقد هنا يا ابن أورونتيوس ، الأكثر إخافة بين الرجال • ها هنا موتك • وإن كان نسبك قد بدأ عند مياه بحيرة غوجي 390 حيث حصة أرض آبائك ، قرب هولوس التي تعج بالأسماك والمياه الدوامة لهيرموس " • قال ذلك متباهياً ، فيما غطت العتمة عيني الآخر ، ومزقته حواف عربات الآخيين إرباً في اندفاعها • وبعده قابل ديموليون 395 المدافع القائد في المعركة ، وابن أنتينور • طعنه آخيل في صدغه من خلال الجانب النحاسي من الخوذة • ولم تستطع الخوذة النحاسية أن تصمد • بل إن السنان البرونزي اخترقها ومزق العظم • ومن الداخل انتثر الدماغ أمامه • وهكذا جندله في فورة غضبه • 400 وبعده ، بضربة رمح ، طعن هيبوداماس في ظهره وهو يهرب أمامه ويقفز من وراء خيوله 17 ، لينجو بحياته مبتعداً وهو يزعق ، مثلما يجأر ثور عندما يُجر من أجل بوزيدون ، رب هيليكي ، ويشده الشبان • فبثيران كهذه يتم فخار مرجف الأرض • 405 هكذا كان صراخه وروحه الفخورة تبارح عظامه • وبعده توجه آخيل بالرمح نحو بولودوروس الشبيه بالآلهة • وهو ابن بريام ، الذي لم يكن أبوه يريد له أن يدخل المعركة • فقد كان الأصغر بين أبنائه ، والأحب إلى قلبه • وكان بسرعة قدميه يتفوق على الجميع • 410 ولكنه الآن بتهوره واستعراضه لركضه






17 جرت العادة أن يقفز المحارب إلى عربته ليهرب. ويقفز منها ليحارب. ولكن هنا يقفز المحارب من العربة لكي يهرب. وهذا بسبب الرعب الذي يبثه آخيل في النفوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 571 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 572 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 635

دخل بين الأبطال إلى أن فرط بحياته الغالية • فحين مرق قرب آخيل سريع القدمين ضربه هذا بالرمح وسط ظهره حيث كانت كلابات الحزام الحربي ذهبية ، وتلتقي في تقاطع نصفي مع الصديرية • 415 وشق السنان طريقه وخرج من السرة • فسقط بيديه على ركبة واحدة وهو يئن • فيما كان الضباب المعتم يتجمع حوله • فتراخى وراح يمسك أحشاءه بيديه • وحين رأى هيكتور أخاه بولودوروس يسقط على الأرض وهو يمسك بأحشائه بين يديه ، 420 أعتمت الدنيا في عينيه أيضاً • ولم يعد ينتظر أن يلتفت ليصل • بل توجه مباشرة إلى آخيل لمواجهته وهو يلوح برمحه الحاد ، مثل شعلة • وحين رآه آخيل وازن رمحه بدوره ، وناداه متحدياً : " ها هو الرجل الذي أثار غضبي أكثر من الآخرين ، 425 والذي قتل رفيقي الحبيب • كفانا ابتعاداً أحدنا عن الآخر في سياق هذه المعركة " • قال ذلك وتطلع بغضب إلى هيكتور الرائع وقال له : " تقدم ، واقترب أكثر لكي تعجل بملاقاة حتفك " • ودون خوف رد عليه هيكتور ذو الخوذة اللامعة : 430 " يا ابن بيليوس • لا تأمل أن تخيفني بالكلام وكأنني طفل • فأنا نفسي أعرف جيداً كيف أتلفظ بالشتائم والمهاترات ، وكيف أوجه الإهانات • أعرف أنك عظيم وأنني أضعف منك بكثير •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 572 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 573 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 636

ولكن هذا كله مركون على رُكب الآلهة 534 وقد أستطيع وأنا الأضعف أن أنتزع الحياة منك بضربة رمح • فسلاحي أنا أيضاً كان حاداً قبل اليوم " • قال ذلك وركز رمحه وأرسله يطير • ولكن أثينا حولته عن آخيل الشهير بنفخة صغيرة يسيرة • فعاد ثانية نحو هيكتور 440 وسقط على الأرض بين قدميه 18 • وشن عليه آخيل هجمة عنيفة متلهفاً لقتله مع صرخة رهيبة • ولكن فويبوس أبولو رفع هيكتور بسهولة ؛ لأنه إله ، ولفه بضباب كتيم • ثلاث مرات يهجم عليه آخيل الباسل ذو القدمين السريعتين 445 بالرمح البرونزي • وثلاث مرات تغوص الضربة في الضباب الكتيم • وفي المرة الرابعة كرر الهجوم وكأنه أكثر من إنسان ، ومع صرخة رهيبة • ثم ناداه آخيل بكلمات مجنحة : " مرة أخرى تنجو من الموت أيها الكلب • ولكن البلاء يقترب منك ، وفويبوس أبولو ينقذك • 450 فهو الذي يجب أن تصلي له حين تدخل معمعة الرماح المقذوفة • ولكنني قد أفوز عليك إذا صادفتك هنا مرة أخرى بعد اليوم ، طالما أن هناك إلهاً يساعدني أنا أيضاً • والآن سأطارد أي شخص أستطيع الوصول إليه من الآخرين " • قال ذلك وطعن بالرمح درووبوس في عنقه ، 455 فخرج منه وانغرز أمام قدميه • وتركه مرمياً هناك • وبرمح مقذوف أوقف هجمة دوموخوس ،






18 حيلة إلهية، تتمثل في إرجاع الرمح نحو قاذفه، تتكرر فيما بعد ، وفي المواجهة الثانية بين هيكتور وآخيل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 573 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 574 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 637

ابن فيليتور ، الرجل الضخم والقوي • وبعد ضربة بالرمح وطعنة عميقة بالسيف الكبير استخرج منه الحياة • ثم هجم آخيل على داردانوس ولاوغونوس ، 460 وهما ابنا بياس ، فرماهما على الأ رض من وراء خيولهما • أحدهما برمية رمح ، والثاني بضربة سيف عن قرب • ثم تروس ، ابن ألاستور • كان قد هجم على ركبتي آخيل ليمسك بهما لكي ينجو بحياته ، إذا أشفق آخيل على شبابه فلا يقتله • 465 ويا له من أحمق • لم يدرك أنه لا سبيل إلى إقناعه • فهذا رجل يخلو قلبه من أي لطف • وهو ليس بالشخص الرحيم • بل هو الناقم الغاضب • وفيما كانت يدا تروس تمتدان إلى ركبتي آخيل ، وهو ينحني مستعطفاً ، طعنه هذا بالسيف في كبده فانشق الكبد وانخلع من مكانه ، ونفر منه الدم الأسود 470 وأغرق ثوبه • وغامت عيناه في العتمة فيما كانت الحياة تغادره • وبعده ، عن قرب ، قذف نحو موليوس بالرمح عند أذنه فاندفع السنان وشق طريقه خارجاً من الأذن الأخرى • ثم ضرب إيخيكلوس ، ابن أغينور بالسيف ذي المقبض ، هاوياً على رأسه في وسطه ، 475 فغرق السيف كله بالدم • وعلى عينيه الاثنتين أطبق الموت الأحمر والقدر الغاشم • ثم دوكاليون الذي تلقى ضربة في ذراعه ، عند الكوع ، حيث تتلاقى الأعصاب • هناك طعنه آخيل بالسنان ، فتراخت يده معلقة ثقيلة ، وراح ينتظر ، 480








الإلياذة هوميروس الصفحة : 574 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 575 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 638

وهو يتطلع إلى موته في وجهه • وضربه آخيل بحد السيف على عنقه فأطاح بالرأس الذي يعتمر الخوذة • واندفع النخاع الشوكي من عظم الرقبة 19 ، فارتمى على الأرض بطوله • ثم ذهب صوب ريغموس ، الابن الباسل لبييريس ، الذي جاء من ثراسيا ذات التربة الغنية • 485 طعن هذا الرجل في وسطه بالرمح فانغرز الرمح في بطنه • وألقاه عن عربته • وحين استدار تابعه أريثووس بالخيول ، ليبتعد عن آخيل ، طعنه هذا بالرمح الحاد 20 في ظهره • وألقى به عن العربة • فتوقفت الخيول • وكما تنتشر نار متأججة عبر الزوايا العميقة 490 في غابة جبلية جافة • فتأكل الأخشاب ، وتقوم الريح المنذرة بالويل بنشر اللهب ، هكذا كان آخيل يجتاح كل مكان برمحه مثل شيء يفوق البشر • ينقض عليهم فيقتلهم ، والأرض تصطبغ بالدم • أو مثلما ، حينما يضع رجلٌ النيَر على الثيران ذات الجباه العريضة 495 لطحن الشعير الأبيض ، على أرض مرصوصة بشدة ، وسرعان ما يتقشر الشعير تحت قوائم الثيران التي تخور 21 ، هكذا أمام آخيل الباسل كانت الخيول تدوس القتلى والأسلحة على حد سواء • وكان محور العربة غارقاً بالدماء • والحواف التي تحيط بالعربة 500 تتلطخ من الدماء المتناثرة من أقدام الخيل ، ومن الحواف المتحركة للعجلات • وكان ابن بيليوس يجاهد كي يفوز بالنصر ، ويداه القويتان ملطختان بالقذارة الدامية •






19 خطأ تشريحي آخر. 20 هذا يوحي أن الطرواديين بدؤوا بالهروب. 21 كانت الطريقة التي يتم بها تقشير الحبوب بجعل الحيوانات تدوسها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 575 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 576 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الحادي والعشرون

رقم صفحة الكتاب الورقي: 641

وحين وصلوا إلى المعبر في المجرى الهادئ لنهر كسانثوس كثير الدوامات ، الذي كان أبوه هو زيوس الخالد ، هناك شقهم آخيل إلى قسمين ، فطارد بعضهم وأرجعهم إلى السهل باتجاه المدينة ، حيث كان الآخيون أنفسهم قد تشتتوا مذعورين يوم أمس ، حين كان هيكتور المجيد ما يزال في أوج حميته • 5 على هذه الأرض كانوا يتدفقون هاربين • ولكن هيرا ألقت ضباباً كتيماً أمامهم لكي تبقيهم • وفي الوقت ذاته كان القسم الآخر مزدحمين في الدوامات الفضية للنهر عميق الجريان وقد تساقطوا فيه بجلبة شديدة • والماء عميق الجريان يصدر أصواتاً • والضفاف تردد الأصداء من حولهم • وهم يزعقون 10 ويحاولون أن يسبحوا إلى هنا وهناك ويدورون في الدوامات • ومثلما تحوّم الجنادب في الجو عند اندلاع النار ، وتلقي بنفسها في نهر ، فيما النار المضطرمة تندلع بشكل مفاجئ ، والجنادب تتجمع في الماء ، هكذا أمام آخيل كانت مياه كسانثوس المهمهمة 15 ودواماته العميقة مليئة بفوضى الرجال والخيول • وترك آخيل المنزّل من السماء رمحه على الضفة ، واتكأ على الحلْفاء • ثم قفز مثل إله ، وليس في يده إلا السيف • ولكنه قلبه كان مترعاً بالرغبة في الإيذاء وضرب بالسيف حوله في دائرة • وارتفع صوت زعيقهم المخجل 20 وهم يتلقون ضربات السيف • واحمرت مياه النهر من الدم •






  • انتقد هذا الفصل لأن الآلهة يتصرفون فيه كالأولاد. ومن الناحية الشعرية اعتبر مشهد الآلهة ضعيفا. وكان الدفاع أن هوميروس يستخدم مشاهد الآلهة للتخفيف على القارىء والمستمع من عنف المشاهد القتالية بين البشر. كما أن من الممكن اعتبار أن الذوق المعاصر يختلف عما كان عليه أيام هوميروس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 576 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 577 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 642

ومثلما أمام دلفينٍ ضخم فاغر الفم تحتشد الأسماك الهاربة في زوايا ملجأ مائي عميق من شدة الخوف ؛ لأنه ، وبشره ، يأكل كل ما يستطيع الوصول إليه ؛ هكذا كان الطرواديون على طول مجرى النهر الرهيب 25 ينكمشون تحت الأجراف • أما هو فحين تعبت يداه من القتل ، انتقى من النهر اثني عشر شاباً أحياء ليكونوا دية انتقام لمقتل باتروكلوس ، ابن مينويتيوس • وأسقط في أيدي هؤلاء مثل الظباء • فأخرجهم من الماء ، وقيد أيديهم وراء ظهورهم بسيور مقطوعة من الجلد ، 30 أخذها من الأحزمة التي يلبسونها فوق ثيابهم الفضفاضة • وأسلمهم إلى مرافقيه ليأخذوهم إلى السفن الجوفاء • وارتد هو من جديد مفعماً بالغضب لقتل الرجال • وهناك وقع على ابن لبريام الدارداني ، وهو يهرب من النهر • وكان هذا لوكاون نفسه الذي سبق له 35 أن أخذه قسراً من حدائق أبيه في غارة ليلية • وكان هذا يقطع الأغصان الصغيرة يومها من شجرة تين لكي يصنع منها جوانب لعربته ، حين باغته شر غير متوقع ، وهو آخيل الباسل ، الذي باعه في تلك المرة عبداً في ليمنوس الحصينة 40 بعد أن نقله إليها في سفينة • وقد دفع ثمنه ابن جيسون • ثم افتداه ضيف وصديق دفع فيه ثمناً باهظاً ، وهو إيتيون من إيمبروس ، وأرسله إلىأريسبي المتألقة • ومن هناك هرب وعاد إلى بيت أبيه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 577 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 578 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 643

وظل اثني عشر يوماً يحتفل بسرور مع أهله وأصدقائه 45 بعد عودته من ليمنوس • ولكنه في اليوم الثاني عشر ألقاه الإله مرة أخرى بين يدي آخيل ، الذي أرسله هذه المرة قسراً في طريقه إلى إله الموت • فحين رآه آخيل الباسل سريع القدمين ، وعرفه وكان عارياً دون خوذة أو ترس ، ولم يبق معه رمح ، 50 فقد ألقى بذلك كله على الأرض لشدة تعبه وتعرقه عند هربه من النهر ، وركبتاه قد تخاذلتا من التعب ، وهو في غاية الاضطراب ، حدث آخيل نفسه العظيمة قائلاً : " أيمكن أن يحدث هذا ؟ ها هنا أمر غريب تراه عيناي • الآن سيقف الطرواديون البواسل ، حتى الذين قتلتهم ، 55 وينهضون مجدداً من الغم والعتمة ، وقد عاد هذا الرجل وهرب من يوم الوقيعة ، مع أنه بيع في ليمنوس المقدسة • ولكن قوة البحر الأشهب لم تستطع أن تمنعه ، مع أنها تمنع الكثيرين ممن هم غير راغبين • أما الآن فعليه أن يذوق طعم سناني 60 بحيث أعرف في سريرتي ، وأتأكد مما إذا كان سيعود من هناك ، أم أن الأرض المزدهية ستحتفظ به ، وهي التي تمسك حتى بالرجل القوي " • هكذا فكر في نفسه ، وهو ينتظر ، فيما الآخر يقترب منه مذعوراً في قلق فلا تتماسك ركبتاه ، والرغبة في قلبه 65 أن ينجو من الموت الزؤام والقدر الغاشم • وهنا أمسك آخيل الباسل بالرمح الطويل فوقه








الإلياذة هوميروس الصفحة : 578 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 579 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 644

واستعد لطعنه • ولكنه زاغ عن الضربة وأمسك بركبتيه منحنياً فمر الرمح من فوق ظهره ، وانغرز في الأرض رغم رغبته الشديدة في أن يمزق اللحم البشري • 70 أما لوكاون فبيدٍ أمسك ركبتيه متضرعاً ، وبالأخرى أمسك بالرمح المدبب لا يريد أن يفلته • ثم تحدث بصوت عال وخاطبه بكلمات مجنحة : " يا آخيل ، أنا مرتم عند ركبتيك • فاحترم حالتي ، وأشفق علي • وأنا في وضعِ مستجيرٍ ، أيها المبرز المجيد ، يجب أن يراعى • 75 فقد كنت أنت الأول الذي تذوقت إلى جانبه من غلال ديميتر يوم أسرتني في الحديقة المنظمة ، وأخذتني من أبي وأصدقائي وبعتني في ليمنوس المقدسة • وقد جئتك بثمن هو مئة ثور • وكانت فديتي لإطلاق سراحي ثلاثة أضعاف ذلك 80 وهذا هو الفجر الثاني عشر على عودتي إلى إليون ، بعد معاناتي الطويلة • ومرة أخرى يضعني قدري اللعين بين يديك • وأظن أن زيوس الأب يكرهني لكي يسلمني إليك مرة أخرى ، وأن أمي لاوثوي قد حبلت بي لأعيش حياة قصيرة ، وهي بنت ألتيس العجوز • 85 وألتيس هو ملك ليليغيس ، الذي يجد متعته في المعارك ، ويسيطر على بيداسوس المتحدرة فوق نهر ساتنيويس • وقد أُعطيت ابنته لبريام ، الذي لديه زوجات عديدات إضافة إليها • ونحن اثنان من ولدتنا • وستكون قد قطعت عنقي الاثنين ، حيث أنك قد قتلت الأول ، بولودوروس الشبيه بالآلهة ، 90








الإلياذة هوميروس الصفحة : 579 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 580 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 645

في مقدمة المشاة بضربة من الرمح الحاد • وهذه المرة سيقع البلاء علي في هذا المكان ، إذ لا أظن أنني سأنجو من يديك ، طالما أن الإله قد أوقعني بينهما • ولكن ضع في قلبك هذا الشيء الآخر الذي سأقوله لك • لا تقتلني • فأنا لست من الرحم ذاته الذي جاء منه هيكتور ، 95 الذي قتل صديقك القوي والرحيم " • هكذا خاطبه المجيد ابن بريام متضرعاً • ولكنه سمع بالمقابل صوتاً لا رحمة فيه ولا شفقة : " أيها الأحمق المسكين ، لا تحدثني عن الفدية ، ولا تجادل حولها • فقبل وصول باتروكلوس إلى قدره 100 كان في قلبي اتساع للخيار في إطلاق سراح بعض الطرواديين • وكثيرون ممن أسرتهم أحياء بعتهم • أما الآن فليس هناك من ينجو من الموت ، إذا ما أوقعته الآلهة بين يديّ أمام إليون • لا أحد من الطرواديين وخاصة ، وأكثر من الآخرين ، أبناء بريام • 105 ولهذا ستموت أنت أيضاً يا صديقي 1 • فلم هذه الجلبة حول الأمر ؟ باتروكلوس ميت أيضاً ، وهو الأفضل منك بكثير • ألا ترى أي رجل أنا ، وكم أنا ضخم وبهي ، وأنني ابن لأب عظيم ، وأمي من الآلهة ؟ ومع ذلك أنا لدي موتي وقدري الغاشم أيضاً • 110 وسيكون هناك فجر أو عصر أو ظهر ، يأتي فيه أحدهم في القتال ويأخذ حياتي مني أيضاً ، إما برمح مقذوف أو بسهم منطلق من وتره " •






1 كلمة غريبة. يرى بعض الدارسين أن الموت الذي يتوقعه آخيل يجعله في وضع رفاي مع الرجل الذي سيقتله، مثلما هو الحال مع هيكتور، وكما كان مع باتروكلوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 580 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 581 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 646

قال ذلك فارتخت ركبتا الآخر وقلبه معاً • أفلت الرمح وجلس وهو يمد يده الاثنتين • 115 ولكن آخيل امتشق سيفه وطعنه عند العنق فوق عظم الترقوة • فغاص السيف ذو الحدين بطوله كله إلى الداخل • وسقط على الأرض منكباً على وجهه ، وتمدد بطوله ، وتدفق الدم الأسود فبلل الأرض • وأمسك به آخيل من قدمه وألقى به في النهر 120 ليأخذه التيار • وتحدث كلمات مجنحة من السخرية المزهوة فوقه : " استلق الآن هناك بين الأسماك التي ستلعق الدماء من جرحك ، دون أن تهتم بك • ولن تستطيع أمك أن تمددك على فراش الموت لتندبك • بل سيحملك سكاماندوس وهو يغزلك 2 حتى المدى الواسع من الماء المالح • 125 وستشق سمكةٌ موجةً تتراجف معتمة على وجه النهر ، وهي 3 ترفع رأسها لتنهش من شحم لوكايون البهي • فلتموتوا كلكم • إلى أن نصل إلى مدينة إليون المقدسة • فلتموتوا أنتم في القتال ، وأنا أقتلكم من الخلف 4 • ولن تكون لكم نجاة من نهركم قوي الجريان ذي الدوامات ، 130 مع كل أعداد العجول التي قدمتموها له والجياد الحية التي قذفتم بها فيه • ومع ذلك كله موتوا كلكم ميتة بائسة ، إلى أن تدفعوا كلكم ما يقابل موت باتروكلوس ومقتل الآخيين الذين قتلتموهم قرب السفن السريعة، إذ لم أكن معهم " • 135 قال ذلك فتصاعد الغضب في قلب النهر •






2 يغزلك؛ أي يدور بك في دواماته المائية. والماء المالح هو البحر طبعاً. ويصبح المعنى أن النهر يظل يدور بك في دواماته حتى يوصلك إلى البحر. 3 ( وهي) إنه يعامل هذه السمكة بوصفها مذكراً، المر الذي لم أستطع أن أجد له معادلاً مريحاً بالعربية. 4 (من الخلف) لنكم تُقتلون وأنتم هاربون.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 581 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 582 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 647

وراح يفكر في كيفية إيقاف أفعال آخيل الباسل ، وإبعاد الهلاك عن الطرواديين • وراح ابن بيليوس ، والرمح ذو الظل الطويل في يده ، يقفز نحو أستيروبايوس ، تواقاً لقتله • 140 وهو ابن بيليغون ، وكان بدوره ابناً لأكسيوس ، النهر العميق ذي الدوامات ولبيريبويا ، أكبر بنات أكيسامينوس • إذ أنها قد قضت نومة حب مع النهر العميق الدوار • وفي مواجهة هذا الرجل برز آخيل ، وتقدم هذا لمواجهته من جهة النهر ، وهو يلوّح برمحين • فقد بث كسانثوس البسالة 145 في قلبه لغضبه من قتل الشبان ، الذين أرداهم آخيل قرب مياهه دون شفقة • وحين تقابل هذان في تقدم كل منهما نحو الآخر ، كان أول من تكلم هو آخيل الباسل سريع القدمين : " أي رجل أنت ، ومن أين ، لكي تتجرأ على مواجهة هجمتي ؟ 150 إذ لم يكن الذين تجرأ أبناؤهم على مواجهة قتالي سعداء " • فرد عليه ابن بيليغون بدوره قائلاً : " لم تسأل عن نسبي ، يا ابن بيليوس الباسل ؟ أنا من بايونيا البعيدة ، التي تربتها كريمة وسخية • وأقود مقاتلي بايونيا ذوي الرماح الطويلة • وهذا هو يومي 155 الحادي عشر لوصولي إلى إليون • أما عن نسبي ، فهو من مياه نهر أكسيوس العريض • أكسيوس الذي يفيض على الأراضي بأعذب المياه • وابنه هو بيليغون الشهير برمحه • لكنهم يقولون








الإلياذة هوميروس الصفحة : 582 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 583 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 648

إنني ابن بيليغون • والآن ، يا آخيل المجيد ، نحن سنتقاتل " • 160 قال ذلك متحدياً ، وأشهر آخيل الباسل رمحه الدرداري البيلي ، ولكن المحارب أستيروبايوس قذف برمحيه معاً ، لأنه كان ممن يستخدمون اليدين بالقوة ذاتها • بالرمح الأول أصاب الترس • ولكنه لم يستطع اختراق الترس • إذ أوقفه الذهب الذي وهبه إياه الإله • 165 وبالرمح الثاني أصاب ذراع آخيل الأيمن ، فكشطه واندفع الدم في غيمة سوداء ، وعبر به الرمح واستقر في الأرض ، بعد محاولته الوصول إلى جسده • ورمى آخيل ثانياً رمية طائرة نحو أستيروبايوس ، بالرمح الدرداري المباشر الطائر ، تواقاً لقتله • 170 ولكنه أخطأ خصمه وأصاب الضفة العليا ، بحيث أن الرمح الدرداري نزل إلى منتصفه في ضفة النهر • وامتشق ابن بيليوس من جانب فخذه السيف القاطع • ووثب عليه ببسالة • ولم يكن أستيروبايوس قد استطاع بيده القوية أن ينتزع رمح آخيل الدرداري من ضفة النهر • 175 ثلاث مرات حاول بكل قوته أن يقتلع الرمح • وثلاث مرات يتوقف عاجزاً • وفي المرة الرابعة ، وفيما كان منحنياً فوق الرمح الدرداري لابن أياكيديس محاولاً كسره ، ولكن قبل تحقيق ذلك كان آخيل قد سلبه حياته بالسيف عن قرب • فقد ضربه بالسيف في بطنه قرب السرة • فاندلعت أحشاؤه كلها 180 على الأرض • وغطت سحابة قاتمة عينيه ، وهو يطلق حياته من صدره • فقفز آخيل على صدره •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 583 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 584 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 649

وجرده من درعه ، وقال بنبرة انتصار وهو فوقه : " اضطجع هنا • إنه لمن الصعب على الذين تحدروا من نهر أن يقاتلوا أبناء كرونوس ذي القوة التي لا تضاهى • 185 لقد قلت إنك من نسل النهر عريض المجرى • ولكنني أقول إنني من نسل زيوس العظيم • وأبي زعيم المورميدون الكثيرين ، هو بيليوس ، ابن أياكوس • ولكن زيوس هو والد أياكوس • وبما أن زيوس أقوى من الأنهار التي تجري نحو البحر ، 190 فإن ذرية زيوس قد جاءت من ذرية نهر • فها هنا بالقرب منك نهر ، ولم يستطع أن يساعدك • ولكن من المستحيل محاربة زيوس ، ابن كرونوس • وحتى أخيلويوس لا يجرب قوته أمام زيوس • ولا حتى القوة الهائلة لأوقيانوس بأنهاره العميقة الجارية ؛ 195 أوقيانوس ، الذي الأنهار كلها ، والبحر كله ، والينابيع كلها ، والآبار العميقة كلها ، تستمد مياهها منه ؛ حتى أوقيانوس هذا يخاف من برق زيوس العظيم • ومن الصاعقة الخطيرة حين تندفع ساحقة من السماء " • قال ذلك وانتزع الرمح من منحدر النهر • 200 ومضى بعد أن انتزع جوهر الحياة منه ، وتركه هناك ممدداً بين الرمال وغارقاً في المياه القاتمة • وانشغل السلور والأسماك الأخرى بأستيروبايوس وتمزيقه ونهش الشحم القريب من كليتيه • واتجه آخيل إلى البايونيين المكللين بشعر الخيل ، 205








الإلياذة هوميروس الصفحة : 584 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 585 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 650

والذين كانوا قد تشتتوا رعباً على ضفتي النهر ذي الدوامات حين رأوا أعظم رجالهم ، في المواجهة القوية ، قد سقط بالقوة تحت سيف البيلي ويديه • وهناك قتل ثيرسيلوخوس وأستوبولوس ومودون ومنيسوس وثراسيوس وأينيوس وأوفيليستيس • 210 وكان آخيل سيقتل المزيد من البايونيين • ولكن النهر عميق الدوامات تحدث إليه غاضباً ، وبصوت بشري ، فصعد الصوت من أعماق الدوامات : " يا آخيل • إن قوتك أعظم ، وأفعالك أكثر عنفاً من البشر كلهم • فالآلهة أنفسهم يحرسونك • 215 وإن كان ابن كرونوس يريد أن يسلم الطرواديين كلهم لبلائك ؛ فليخرجهم كلهم مني إلى السهل على الأقل • وهناك تُعمل فتكك فيهم • فعذوبة مياهي قد تلوثت بالجثث • وأنا لا أستطيع أن أجد قناة ألقي بها مياهي نحو البحر النقي • فقد احتقنت بجثث من قتلت بتلك القسوة • 220 دعني وشأني إذن يا سيد القوم • فأنا مرتبك ومشوش " • ورداً عليه قال آخيل ذو القدمين السريعتين : " هذا كله سيحدث يا سكاماندروس وفق أوامرك • لكنني لن أتوقف عن قتلي للطرواديين المتباهين ما لم أزربهم داخل مدينتهم ، وأجرب قوة هيكتور 225 مقابل قوتي ، إلى أن يقتلني أو أقتله " • قال آخيل ذلك ، ثم ، ومثل شيء غير بشري ، اندفع نحو الطرواديين • فأطلق النهر عميق الدوامات نداءه إلى أبولو :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 585 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 586 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 651

" يا للعار ، يا ذا القوس الفضية ، يا ابن زيوس • إنك لم تعمل برأي الكرونيّ ، الذي أمرك بحزم 230 أن تقف إلى جانب الطرواديين وتدافع عنهم إلى أن تغيب الشمس وتعتّم الأرض المحروثة الكريمة كلها " • قال ذلك ، وكان آخيل ذو الرمح الشهير قد نزل وسط المياه بقفزة من الجرف • ولكن النهر بجيشان كالغليان طغى عليه وارتفع مستفزاً مياهه كلها • فقذف منه 235 بالقتلى الذين قتلهم آخيل والذين تكوموا في مجراه • قذف بهؤلاء على البر وهو يجأر مثل ثور • فخلص الأحياء في المياه الحلوة والتي كان يخفيها في أغوار أعماق التيار الدوار • وحول آخيل نهضت في اضطرابه موجة خطيرة ، 240 فصدمت ترسه وأبعدته عنه • ولم يستطع أن يوازن نفسه على قدميه • فتمسك بشجرة دردار طويلة وقوية ، ولكنها انخلعت من الجذور • ثم وهي تسقط أوقعت الجرف كله • وبجذورها المتشابكة حجزت مجرى التيار الجميل • وبارتمائها بطولها 245 سدت النهر ذاته • ونهض آخيل من وسط الدوامة • واندفع بسرعة قدميه خوفاً لكي يصل إلى السهل • ولكن الإله العظيم لم يتركه • بل فاض عليه بدفقة ماء قاتمة ، وفي نيته إيقاف عمل آخيل الباسل وتجنيب الطرواديين الهلاك • 250 وقفز آخيل قفزة بطول رمية رمح








الإلياذة هوميروس الصفحة : 586 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 587 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 652

منطلقاً بسرعة النسر الأسود المغير ، الذي هو أقوى الطيور وأسرعها • بمثل ذلك انطلق مسرعاً ، وعلى صدره الدرع البرونزي يصلصل بأصوات رهيبة • وهو يميل لينجو من النهر 255 ويهرب • ولكن النهر أغار عليه بجلبة عالية • ومثل رجل يركض في قناة خارجة من نبع ماء أسود يسترشد مجرى الماء بين نباتاته وحدائقه وبمعول في يده وهو يدق الكتل في القناة ، وفي اندفاع الماء تنجرف الحصى التحتانية كلها 260 من مكانها ، والماء الذي كان يتدفق يندفع مفاجأة في منحدر وتتزايد سرعته بما لا يستطيع الرجل أن يسيطر عليه ؛ هكذا كان تدفق المياه يهيمن على آخيل رغم سرعة قدميه • لأن الآلهة أقوى من البشر • وكلما بدأ آخيل سريع القدمين 265 ينحرف ويقف ويجابه النهر ، ويكتشف إن كان الآلهة الذين يتحكمون بالسماء الشاسعة كلهم يلاحقونه ، في كل مرة تضربه الموجة الهائلة من النهر الذي تغذيه السماء في كتفيه من الأعلى • وحاول في يأس أن يقفز قفزة عالية بقدميه ولكن النهر كان قد أنهك ركبتيه 270 وهو يمر بعنف من تحته ويفتت التربة تحت قدميه • وجأر البيلي بصوت عال ، وهو يحدق في السماء الشاسعة : " يا أبي ، زيوس • ما من إله يستطيع أن ينقذني من النهر وأنا البائس • فما الذي سيحدث لي ؟








الإلياذة هوميروس الصفحة : 587 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 588 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 653

وما من إله يوراني آخر ورطني في هذا 275 إلا أمي التي خدعتني بالأكاذيب ، إذ زعمت لي أنني تحت تحصينات الطرواديين المسلحين سأهلك بالسهام الطائرة من أبولو • أتمنى الآن لو أن هيكتور قد قتلني ، فهو أعظم رجل في هذا المكان • فالقاتل يجب أن يكون شجاعاً ، طالما أن القتيل شجاع • 280 ولكن هذا موت كريه يقدر لي أن أتورط فيه إذ يصطادني شرك نهر كبير وكأنني ولد ومربي خنازير يجرفه السيل وهو يحاول العبور في عاصفة مطرية " • قال ذلك فأسرع بوزيدون ومعه أثينا إلى جانبه ووقفا قربه وشكلاهما مثل البشر • 285 أمسكا بيديه وتحدثا إليه مطمْئنين • وكان بوزيدون ، مرجف الأرض ، أول من تكلم : " لا تخف يا ابن بيليوس ، ولا تقلق • فها نحن إلهان نقف إلى جانبك لنساعدك ، بموافقة من زيوس ، وهما أنا وأثينا • 290 فليس مقدراً عليك أن يقتلك النهر • وسيتم إيقافه • وأنت نفسك سوف تسيطر عليه • ولكن لدينا نحن أيضاً رأي نقوله لك إن كنت تثق بنا • لا تُرح يديك من صدام المعركة ما لم تزرب شعب طروادة ، أولئك الذين يهربون منك ، 295 داخل سور إليون الشهير • وبعد أن تعدم هيكتور حياته إرجع إلى السفن • إننا نمنحك الفوز بالفخار والمجد " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 588 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 589 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 654

قال ذلك ، وعاد الاثنان إلى هيئة الآلهة • وتابع آخيل ، وهمة الإلهين تحفزه بقوة ، ليصل إلى السهل • ولكن النهر عبأ نفسه بفيض الماء 300 وجموع الدروع البهية للشبان الذين ماتوا ، وهم عائمون فيه ، مع جثثهم • غير أن آخيل ، وفي وجه اندفاع النهر المباشر نحوه ، قفز قفزة كبيرة بقدميه • ولم يستطع النهر عريض المجرى أن يوقفه هذه المرة ، فقد استمد قوة عظيمة من أثينا • ولكن سكاماندروس لم ينه غضبه ، بل ظل في أثر البيلي 305 ناقماً ، فرفع مياهه عالياً وجمعها في دفقة عالية ونادى سيمويس بصوت عال : " أخي الحبيب • دعنا نتعاون لإيقاف قوة رجل ، لأنه سيجتاح المدينة العظيمة التي للقائد بريام • فالطرواديون لا يستطيعون الصمود في وجهه في المعركة • 013 ساعدني على هزيمته وإبعاده بأقصى سرعة • عبّىء تياراتك بالماء من ينابيعك ، واستنهض كل سيولك • واعمل موجة كبيرة تتعاظم وتتعالى ، وأيقظ الهدير وأصوات الأخشاب والحجارة ؛ لعلنا نوقف هذا المتوحش الذي هو الآن في أوج قوته ويتأجج حمية كالآلهة • 315 لأنني أرى أن قوته لن تكفيه ولا جماله ولا ذراعاه في بهائهما ، بل سيتمدد في مكان ما من الأعماق على طوله تحت الوحل • وسأغطي جسده وأكوم فوقه كمية هائلة من الرمل والردم بما لا يحصى فلا يعرف الآخيون أين يبحثون عن 320








الإلياذة هوميروس الصفحة : 589 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 590 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 655

عظامه لجمعها • ردم كبير كهذا سأكوم فوقه • وهناك سيقام تمثاله • ولن تكون به حاجة إلى محرقة جنازة ومكان يدفنه فيه الآخيون " • قال ذلك ونهض ضد آخيل متمرداً هائجاً في موجة عاتية عالية مضطرمة بالزبد والدم والجثث 325 إلى أن ارتفعت موجة النهر الأرجوانية المغذّاة من السماء ولفت بمياهها ابن بيليوس • ولكن هيرا التي خافت كثيراً على آخيل ، صرخت بصوت عال وسرعان ما استنجدت بابنها العزيز هيفايستوس 330 " انهض ، أيها الإله الذي تجر قدميك ، فنحن نرى أن كسانثوس بدواماته يصلح خصماً لك في المعركة • اذهب الآن بسرعة لمساعدة آخيل ، وأشعل لهباً كبيراً فيما أجلب من البحر ، وأثير عاصفة هوجاء من الريح الغربية والريح الجنوبية المبيضّة 5 ، 335 عاصفة تحرق رؤوس الطرواديين وتحرق عدتهم الحربية وتحمل اللهب المدمر ، فيما أنت على ضفاف كسانثوس تحرق الأشجار وتلقي بالنار على النهر ذاته ، وإياك أن يغير موقفك بالكلمات الجميلة أو بالشتائم • ولا توقف غضبك إلى أن يأتي وقت أرفع صوتي فيه وأناديك • وعندها توقف إحراقك المتأجج " • 340 قالت ذلك فأطلق هيفايستوس ناراً غير بشرية • في البدء أشعل ناراً في السهل ، ثم أحرق الجثث الكثيرة التي كانت منتشرة هناك بوفرة ، وكلها لمن قتلهم آخيل •






5 ربما المقصود أنها تجلب الغيوم البيضاء.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 590 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 591 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 656

فتجفف السهل ، ولجمت المياه المتألقة • 345 ومثلما تقوم ريح الخريف الشمالية بتجفيف فجائي لبستان مسقي حديثاً ، وتفرح قلب الذي يعتني بها ، هكذا تجففت الأرض المنبسطة كلها بإحراق هيفايستوس لجثث الموتى • ثم حول لهبه بتأججه نحو النهر ، فاحترقت أشجار الدردار والصفصاف والطرفاء ، 350 واحترقت نباتات اللوتس والحلفاء والجلنجان البري ، وكل ما ينمو بوفرة على ضفاف النهر • وتعذب السلور ، وكذلك السمك الذي في الدوامات ، والذي راح يقفز في كل اتجاه على طول النهر مذعوراً من اللهب الحار الذي يطلقه هيفايستوس الداهية • 355 وتلاشت قوة النهر محترقة ، فأصدر صوتاً وصاح منادياً بالاسم : " ما من أحد من الآلهة يستطيع أن يقف في وجهك يا هيفايستوس • وأنا لا أستطيع مقاومة لهيب نار كهذه • أوقف هجومك • ويستطيع آخيل الباسل أن يستولي على مدينة الطرواديين الآن بالنسبة لي • إذ ما شأني ونزاع كهذا ؟ " 360 قال ذلك وهو يتأجج بالنار ، ومياهه العذبة تغلي • وكما يغلي مرجل يوضع فوق النار ، فتتراقص مياهه في دوائرها والعيدان الجافة تشتعل تحته وهو يذيب شحم خنزير يطبخ • كذلك كانت جداول كسانثوس اللطيفة تتأجج بالنار ، والمياه تغلي 365 فلا تعود إلى الجريان بل تتوقف بفعل اللهب الوهاج الذي يطلقه بقوة هيفايستوس الداهية • وصاح النهر








الإلياذة هوميروس الصفحة : 591 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 592 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 657

منادياً هيرا بالكلمات المجنحة في توسل وضراعة : " لم يهاجمني ابنك يا هيرا ويعكر مياهي دون غيري ؟ إنني لم أفعل شيئاً ضدك 370 كما فعل بقية الآلهة الذين يساعدون الطرواديين • وسأتوقف الآن على الفور إن كانت أوامرك تقضي بذلك ، ولكن دعيه يتوقف أيضاً ، وسأقطع لك وعداً بقسم أن لا أسعى إلى إبعاد يوم البلاء عن الطرواديين ، ولا حتى حين تحترق طروادة كلها بالنيران الفتاكة ، 375 يوم سيحرقها المحاربون أبناء الآخيين " • وحين سمعت الربة ذات الذراعين الأبيضين ذلك ، سارعت بالتحدث إلى ابنها هيفايستوس قائلة : " توقف يا ولدي المجيد هيفايستوس ، فليس من اللائق أن نُهلك إلهاً خالداً من أجل بني البشر " • 380 قالت ذلك فأطفأ هيفايستوس ناره غير الدنيوية • وأعادت المياه العذبة تموجاتها إلى قناتها • وحين هزمت قوة كسانثوس استراح هذان الإلهان • إذ أن هيرا ، وبالرغم من شدة غضبها ، هدّأتهما • ولكن على الآلهة الآخرين نزل العبء المرهق 385 من الكراهية ، وانطلقت رياح بغضائهم من عقالها • فاشتبكوا في عراك كبير ، ورددت الأرض الفسيحة الأصداء • وتعالت أصوات الأبواق من السماء الهائلة • وسمع زيوس ذلك من حيث هو جالس على الأولمب ، فأحس بالترويح عن نفسه مستمتعاً ، وهو يتفرج على اشتباك الآلهة في صدامهم • 390






الإلياذة هوميروس الصفحة : 592 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 593 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 658

ولم يطيلوا الوقوف مبتعدبن أحدهم عن الآخر • فقد بدأ الأمر آريس ، طاعن التروس ، فنهض في وجه أثينا والرمح النحاسي في يده ، وقال شاتماً : " لم أثرت المشاكل مجدداً بين الآلهة يا ذبابة الكلاب ، بنفخ هبة غضبك ، وكبرياء قلبك التي تسيرك ؟ 395 ألا تذكرين كيف دفعت ديوميديس ، ابن توديوس ، لطعني بالرمح ؟ وأنت نفسك أمسكت بالرمح ذي المدى البعيد ووجهته إلي مباشرة فمزقت جلدي الجميل • وأنا الآن مزمع على تسديدك لقاء كل ما فعلته لي " • قال ذلك ووجه طعنته إلى الدرع الرهيب ذي السيور المرفرفة ، 400 الذي لا تؤثر فيه حتى صاعقة برق زيوس • وقد وجه آريس الذي يقطر دماً طعنته بالرمح الطويل ، ولكن أثينا تراجعت قليلاً وأمسكت بيدها القوية حجراً كان ملقى في السهل ، أسود ومدبباً وضخماً ، كان رجال الأيام السالفة قد وضعوه علامة حدود لحقل قمح • 405 وبهذا الحجر ضربت آريس الغاضب على عنقه ، فشلت قواه • وتمدد على سبعة أفدنة في سقطته ، وتبعثر شعره في التراب ، وصلصل درعه • ولكن بالاس أثينا ضحكت ووقفت فوقه وحدثته بكلمات ظفر مجنحة : " يا ولد • أنت لم تفكر حتى هذه المرة كم أستطيع 410 أن أكون أقوى منك ، حين توجه نقمتك ضدي • وأنت الآن تدفع كفارة عن غضب أمك إذ هي غاضبة منك وتتمنى لك أماني سيئة لأنك تخليت عن الآخيين ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 593 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 594 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 659

وقدمت مساعدتك إلى الطرواديين المتغطرسين " • قالت ذلك وحولت عنه التماع عينيها • 415 ولكن أفرودايت ، ابنة زيوس ، أمسكت بآريس من يده وهو يئن ، وبالكاد يستعيد قوته • وانتبهت الربة ذات الذراعين الأبيضين ، هيرا ، وسرعان ما تحدثت إلى بالاس أثينا بكلماتها المجنحة : " يا للعار ، يا أتروتون ، ابنة زيوس المدرع • 420 ها هي ذبابة الكلاب تُخرج آريس القاتل من القتال • وتدخله في غيبوبة • هيا • الحقي بها ! " قالت ذلك فانطلقت أثينا في إثرها ، وقلبها مليء بالفرح • فلحقت بها • ووجهت ضربة إلى ثدييها بيدها الثقيلة فارتخت ركبتاها ووهن قلبها في صدرها • 425 وارتمت الاثنتان ممددتين على الأرض الكريمة • ووقفت أثينا فوقهما وحدثتهما بكلمات الظفر المجنحة : " قد تصيرون كلكم ، أنتم الذين تساعدون الطرواديين ، في حالة مثل حالة هذين ، حين يخوضون معركتهم ضد الأرجيفيين ، بالجرأة ذاتها ، ولكن بسوء العاقبة ذاته ، كما هي أفرودايت الآن ، 430 التي جاءت تساند آريس بسلاحها ، فواجهت غضبي • كان يجب أن نكون قد استرحنا من قتالنا منذ وقت طويل لو أننا اجتحنا مدينة إليون الحصينة " • قالت ذلك ، فابتسمت لها هيرا ذات الذراعين الأبيضين • وتحدث مرجف الأرض القوي إلى أبولو قائلاً : 435 " يا فويبوس • لم أنا وأنت مبتعدان ؟ ليس من اللائق ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 594 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 595 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 660

طالما أن الآخرين قد بدؤوا ، وسيكون من المخجل ، أن نعود ، دون قتال ، إلى بيت زيوس النحاسي على الأولمب • فابدأ أنت لأنك الأصغر ، فليس مما يليق بي أن أبدأ لأنني الأكبر وأعرف أكثر • 440 أيها الفتى الأحمق • أي قلب متهور لديك ! أفلا تتذكر الآن كل البلايا التي تحملناها هنا قرب إليون ، أنت وأنا الوحيدان بين الآلهة ؟ حين جئنا إلى لاوميدون من عند زيوس • وقد ظللنا خدماً له طوال سنة ، لقاء أجر محدد • وكان يقول لنا ما يريد منا أن نفعل ، ويأمرنا أن نفعل ؟ 445 يومها بنيت للطرواديين سوراً حول مدينتهم • وكان سوراً عريضاً وبهياً جداً لكي لا يستطيع أحد اقتحامها ، وأنت يا فويبوس كنت ترعى له قطيع أبقاره ذات القرون المحنية عند سفوح إيدا بينابيعه وغاباته • وحين آن الأوان بتغير الفصول للدفع لك ، 450 انتهك لاوميدون العنيد أجورنا وحولها إلى هباء • وأبعدنا ولاحقنا بالتهديدات • فقد هدد بعقل أرجلنا وتقييد أيدينا وبيعنا عبيداً في الجزر البعيدة • حتى أنه كاد أن يقطع آذاننا من الجانبين بالبرونز • 455 فعدنا ، أنا وأنت ، وقلبانا مليئان بالغضب والحقد من أجل أجورنا التي وعدنا بها ولم ينفذ وعوده • وها أنت الآن تمنح فضلك لشعبه ، ولا تحاول معنا إنزال الخراب المبين بالطرواديين المتغطرسين








الإلياذة هوميروس الصفحة : 595 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 596 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 661

وبزوجاتهم المصونات وأبنائهم " • 460 فرد عليه الرب الذي يرمي عن بعد بدوره : " يا مرجف الأرض ، إنك تريد أن تجعلني دون حكمة إن كان علي حتى أن أقاتلك أنت من أجل بشر لا قيمة لهم • والذين هم هنا مثل أوراق الأشجار • ينمون الآن ويزدهرون مليئين بالحياة • ويتغذون على ما تعطيه الأرض • ثم يتلاشون 465 ويموتون • فدعنا نوقف هذه الخصومة بأقصى سرعة • وليخض البشر حروبهم الخاصة بهم " • قال ذلك والتفت مبتعداً • فقد كان أكثر تأدباً من أن يشتبك ويتقاتل باليدين مع شقيق والده • ولكن شقيقته ، أرتميس ملكة البراري ، وسيدة الوحوش البرية ، 470 وبخته بقسوة وأطلقت عليه شتائمها : " أنت تهرب منه أيها الضارب عن بعد ، • وتتخلى لبوزيدون عن النصر الكامل • إنه يستطيع أن يتباهى دون أن يفعل شيئاً • لم إذن أيها الأحمق تحمل قوسك الذي هو هباء ولا شيء • لا تجعلني بعد اليوم أسمعك تتباهى في أروقة أبي 475 مرة أخرى ، مثلما كنت تفعل من قبل بين الآلهة ، بأن قوتك تضاهي قوة بوزيدون " • قالت ذلك ، فلم يقل لها شيئاً أبولو الذي يضرب عن بعد • ولكن زوجة زيوس المبجلة ، وقد امتلأت غضباً ، وبخت ربة السهام المرشوقة بالشتائم : 480 " كيف تواتيك الجرأة ، أيتها الفاجرة الوقحة ، على أن تقفي وتواجهيني ؟ سأقسو عليك لكي أقارن قوتك بقوتي








الإلياذة هوميروس الصفحة : 596 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 597 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 662

حتى لو كنت تتنكبين قوساً • طالما أن زيوس قد جعلك أسداً بين النساء ، وأذن لك بقتل كل من ترغبين في قتله • الأفضل لك أن تطاردي الوحوش الجوابة بين الجبال 485 وغزلان البراري ، من أن تجربي القتال بقوتك ضد من هم أفضل منك • ولكن إذا كنت تريدين أن تتعلمي ما هو القتال فتعالي • وستكتشفين كم أنا أقوى منك ، حين تقارنين قوتك بقوتي " • قالت ذلك وأمسكت بذراعيها عند الرسغ باليد اليسرى وبيدها اليمنى انتزعت القوس عن كتفيها • 490 ثم بقوسها ذاته انهالت بالضرب على أذنيها وهي تبتسم • وأرتيميس تحاول التخلص منها • وتناثرت السهام الطائرة على الأرض • فتطامنت ثم ولت هاربة دامعة مثل حمامة هاربة من صقر ، تزم جناحيها لتدخل تجويفاً صخرياً أو كهفاً ، إذ لم يكن مقدراً للصقر أن يمسك بها • 495 هكذا تركت سهامها على الأرض وولت وهي تنتحب • وفي الوقت ذاته توجه الدليل أرغيفونتيس 6 إلى ليتو وقال لها : " لن أقاتلك يا ليتو ، إذ أنه من الصعب التوصل إلى الضرب مع عرائس زيوس الذي يجمع الغيوم • سرعان ما ستتحدثين بحرية بين الآلهة الخالدين ، 500 بأنك كنت أقوى مني ، وأنك قد هزمتني " • قال ذلك ، ولكن ليتو التقطت القوس المحني والسهام التي سقطت بين التراب عشوائياً • وحين أخذت القوس توجهت إلى ابنتها • ولكن البنت كانت قد جاءت إلى بيت زيوس البرونزي على الأولمب 505






6 من أسماء هيرميس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 597 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 598 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 663

وأخذت مكانها راكعة عند ركبتي أبيها ، والنقاب السماوي ( الأمبروسي ) يرتعش من حولها ، وضمها أبوها ، ابن كرونوس ، إليه وضحك بلطف ، ثم سألها : " من بين الآلهة اليورانيين يا ابنتي قد فعل بك هذا ، وبتلك القسوة وكأنك قد ضُبطت تفعلين شراً ؟ " 510 وردت أرتيميس سيدة الصخب المكللة قائلة : " زوجتك ، هيرا ذات الذراعين الأبيضين ، هي التي ضربتني ، يا أبي • فالكراهية والقتال قد ترسخا بين الآلهة " • وفيما كان هذان يتحدثان بتلك الطريقة كان فويبوس أبولو يذهب إلى مدينة إليون المقدسة • 515 فقد كان مهتماً بسور المدينة الحصينة ، خشية أن يجتاحه الدانانيون في ذلك اليوم ، وقبل الموعد المقدر • وعاد الآلهة الآخرون الذين يعيشون إلى الأبد نحو الأولمب ، بعضهم غاضب ، وبعضهم يتفاخر بعظمة • وجلسوا إلى جانب أبيهم المكلل بالضباب الأسود • وفي الوقت ذاته 520 كان آخيل منصرفاً إلى قتل الآخيين وخيولهم القوية • ومثلما يتوجه الدخان المتصاعد إلى السماء الشاسعة من مدينة محترقة ، حل عليها غضب الآلهة والبلاء يعم أهلها جميعاً ، والآلام تعم الكثيرين ، هكذا أحل آخيل البلاء والآلام على الطرواديين • 525 وأخذ بريام العجوز مكانه على الحصن الذي بناه الآلهة وتطلع فرأى آخيل الجبار ، وأمامه الطرواديون يهربون بأقصى سرعة وبفوضى وارتباك • ولم تبق فيهم








الإلياذة هوميروس الصفحة : 598 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 599 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 664

أية قوة للقتال • فأنّ متحسراً ونزل من الحصن إلى الأرض • وحرك حراس الأبواب الأمجاد قرب السور : 530 " افتحوا الأبواب وظلوا ممسكين بها ، لكي يتمكن أبناؤنا من الدخول إلى المدينة وهم هاربون • فآخيل قريب جداً ، وهو يشتت صفوفهم • وأظن أن البلية قادمة • ولكن حين يحتشدون داخل المدينة ويستردون روعهم ، أوصدوا الأبواب من جديد وأرتجوها • 535 فإنني أخشى أن يتمكن الرجل المدمر من القفز إلى داخل حصوننا " • قال ذلك ، ففتحوا الأبواب وأزالوا المزاليج • فدخل ضوء النهار من الأبواب المفتوحة • وكان أبولو قد قفز لملاقاتهم لعله يبعد الدمار عن الطرواديين ، الذين يتوجهون إلى المدينة ، 540 وهم مغبرون ، وحلوقهم متشققة من الظمأ • يهربون وآخيل يتبعهم بقسوة حاملاً رمحه ، وجنون عات يسيطر على قلبه ، وهو ملح على تحقيق مجده • وكان من الممكن لأبناء الآخيين أن يجتاحوا إليون ذات الأبواب البرجية ، لو لم يقم فويبوس أبولو بإرسال أغينور ضدهم • 545 وهو ابن أنتينور ، القوي الذي لا غبار عليه • بث الشجاعة في قلبه • ووقف إلى جانبه بشخصه ، لكي يطرد عنه أشباح الموت المتكالبة • واتكأ هناك على شجرة بلوط والضباب الكثيف يحيط به • وحين استطاع أغينور أن يرى آخيل مدمر المدن ، 550 وقف بثبات وقلبه يعصف في صدره وهو ينتظر •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 599 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 600 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 665

وفي أوج اضطرابه راح يحدث نفسه المتوثبة : " يا لي ! إذا هربت أمام قوة آخيل ، بالطريقة التي تشتت بها الآخرون مذعورين أمامه ، فسيلحق بي رغم ذلك ، ويحز عنقي كأي جبان • 555 ولكن إذا تركت هؤلاء يهربون أمام آخيل ، ابن بيليوس ، وركضت على قدمي في اتجاه آخر ، بعيداً عن السور نحو سهل إليون ، إلى أن أصل إلى شعاب إيدا ، واختبأت هناك بين الأعشاب ، فإنني ، عند المساء ، وبعد أن أستحم في النهر ، وأغسل 560 العرق عني ، أستطيع العودة إلى إليون • ولكن لم تخطر لي هذه الخواطر ؟ بهذه الطريقة قد يراني وأنا أنطلق في السهل خارجاً من المدينة ، ويجد في طلبي • وبسرعة قدميه سيلحق بي • وعندها لن يكون هناك مهرب من الموت وأشباحه • 565 إنه قوي جداً ، وقوته تفوق قوى الآخرين • وإذا ما خرجت إلى أمام المدينة وثبتُّ له ، فأظن أنه حتى جسده يمكن أن يمزقه البرونز الحاد • إن فيه حياة واحدة فقط • والناس يقولون إنه بشر فانٍ • وليس الأمر إلا أن زيوس هو الذي يمنحه المجد والفخار " • 570 قال ذلك ، واستجمع قواه لينتظر آخيل ، وقلبه المقاتل تواق لمعركة المواجهة • وكما تخرج أنثى الفهد من جحرها الغابيّ ، لمواجهة الرجل الذي يطاردها ، غير هيابة ولا وجلة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 600 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 601 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 666

ولا تفكر في الهرب ، وهي تسمع النباح قريباً منها ؛ 575 ومع ذلك يعاجلها أحدهم برمية رمح أو طعنة ، فتصاب بالسنان ولا تستسلم ولا تتوقف رغبتها في القتال ؛ إلى أن تطبق على أحدهم أو يتغلبوا عليها ، هكذا كان أغينور الباسل ، ابن أنتينور ، غير ميال إلى الهرب ما لم يجرب آخيل • 580 فوضع دائرة ترسه الكاملة أمامه ، وصوب رمحه ثم صاح بصوت مدو : " لا شك أنك كنت تأمل في أعماقك يا آخيل المتألق ، أن تجتاح مدينة الطرواديين الأباة هذا اليوم • أيها الأحمق ! سيكون عليك أن تعاني كثيراً إلى أن تحقق ذلك الفوز • 585 فالكثيرون منا موجودون في الداخل • وهم رجال مقاتلون • سيدافعون عن أهلنا الأعزاء وزوجاتنا وأولادنا ، ويدافعون عن إليون • وهذا هو المكان الذي سيتقرر مصيرك فيه • بالرغم من كونك محارباً جريئاً وبطاشاً " • قال ذلك وأطلق من يده القوية الرمح الحاد ، 590 فأصابه في ساقه تحت الركبة ، ولم يخطئه • وبتلقي الرمح جلجلت الواقية القصديرية حديثة الصنع بصوت رهيب • وارتد البرونز عن الواقية دون أن يخترقها ، فهبة الإله حمت آخيل • وبعده قفز ابن بيليوس على شبيه الآلهة أغينور • 595 ولكن أبولو لم يعد يريد أن يمنحه فرصة الفوز بالفخار • فأبعد أغينور وغلفه بضباب كثيف •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 601 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 602 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 667

وأرسله ليبتعد بهدوء عن المعركة • وبالخديعة أبعد البيلي عن الناس • شبّه الضاربُ عن بعد نفسه ، كاملاً ، بأغينور 600 ووقف أمامه ؛ فوثب عليه آخيل ليلحق به بسرعة قدميه • وفي الوقت الذي كان يطارده فيه في السهل المزروع بالقمح ، راح يوجهه نحو دوامات سكاماندروس العميقة ، وهو يركض أمامه على مسافة قريبة • وبدهائه هذا استطاع أبولو أن يخدعه ، إذ جعله يأمل بالإمساك به ركضاً • 605 وكان بقية الطرواديين الهاربين بجموعهم ، طوال ذلك الوقت ، يدخلون المدينة مسرورين • وامتلأت المدينة بحشودهم • ولم يعودوا يجرؤون على الخروج خارج السور أو خارج المدينة ، ليتفقد كل منهم الآخر ويرى من منهم نجا ومن مات في المعركة ، وبهذا التوتر راحوا يصرخون وهم يدخلون المدينة • وكل حسب ما تستطيع ركبتاه أو قدماه أن تنقذاه •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 602 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 603 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الثاني والعشرون

رقم صفحة الكتاب الورقي: 669

وفي كافة أرجاء المدينة كان الطرواديون ، الذين هربوا مثل الخِشَفة 1 ، وراحوا يجففون العرق عن أجسادهم ويشربون ليطفئوا ظمأهم ، وهم يتكئون على التحصينات • وفي الوقت ذاته كان الآخيون يشدون تروسهم على أكتافهم ، وهم يقتربون من الاستحكامات 2 • ولكن قدر هيكتور القاتل عرقله ، فوقف ثابتاً 5 أمام إليون ، عند البوابات السكانية • وجاء فويبوس أبولو وتحدث مع البيلي : " لم ، يا ابن بيليوس ، تجدّ في أثري بسرعة قدميك ، وأنت بشر فانٍ بينما أنا إله خالد ؟ وأنت لم تر بعد أني إله • بل تلاحقني بتأججك الغاضب • 10 إن القتال الضاري الآن مع الطرواديين الذين تشتت شملهم لا يعني شيئاً بالنسبة لك • فهم يحتشدون في المدينة ، وأنت تتلكأ هنا • لن تقتلني أبداً • فليس مقدراً عليّ ذلك " • وكلمه آخيل ذو القدمين السريعتين ثائر الطوية : " لقد عرقلتني ، أيها الرامي عن بعد ، والأشد إيذاء بين الآلهة ، 15 حين حولتني إلى هنا بعيداً عن الاستحكامات • وإلا لكان كثير من الطرواديين قد عضوا التراب بأسنانهم قبل أن يعودوا إلى إليون • وأنت الآن قد سلبتني الفخار العظيم ، وأنقذت هؤلاء الناس ببساطة ، إذ ليس لديك ما تخافه هنا • وإلا لعاقبتك ، لو كانت لدي القوة لذلك " • 20 قال ذلك ثم ابتعد متمهلاً نحو المدينة ، ورأسه مليء بالأفكار المضطربة •






1 جمع خِشف، وهو الظبي أول ولادته. 2 ليحموا أنفسهم من الرمايات من فوق السور.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 603 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 604 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 670

ثم انطلق بسرعة مذهلة مثل حصان سباق مع عربته وهو يجمح بخفة جاراً العربة على الأرض المنبسطة • هكذا كان فعل آخيل ذي القدمين والركبتين السريعة • وكان بريام العجوز أول من رأته عيناه 25 وهو ينطلق فوق الأرض المنبسطة ، مثل نجم يأتي في الخريف وألقه الساطع يطغى على ألق النجوم العديدة التي تظهر في عتمة الليل ، النجم الذي يسمونه كلب أوريون ، والذي هو الأشد لمعاناً بين النجوم • ومع ذلك يُعتبر دليل فأل سيء 30 وجالب الحمى المنهكة للبشر التعساء • هكذا كان لمعان البرونز الذي يقي صدره وهو يركض 3 • وتأوه العجوز بصوت مسموع وبيديه الاثنتين المرفوعتين عالياً راح يضرب رأسه ، ويتأوه بقوته كلها ، وهو يتكلم متضرعاً لولده الحبيب ، الذي ما يزال واقفاً أمام المدخل 53 ثابتاً في وقفته ، ومصمماً بحمية على مقاتلة آخيل • وناداه العجوز باستعطاف وهو يمد يده إليه : " هيكتور ، يا ولدي الحبيب • لا تنتظر هجمة هذا الرجل ، وحدك ، وأنت بعيد عن الآخرين • قد تواجه حتفك بضربة من البيلي ، فهو أقوى منك بكثير • 40 إنه لرجل صعب : وكم تمنيت لو أن مكانته عند الآلهة مثل مكانته عندي • إذ سرعان ما كان سيموت ، وتتناهشه الكلاب والعقبان ، ويغادر الحزن المرير في قلبي • لقد جعلني خالياً من بنيّ بعد أن كانوا كثيرين وشجعاناً •






3 هو النجم سيريوس. وفي النص شرح واف عنه. ولكن التشبيه هو حول لمعان أسلحة آخيل كلمعان هذا النجم، وحول البلاء الذي يجلبه آخيل، والشبيه بالبلاء الذي يجلبه النجم الذي يتشاءمون منه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 604 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 605 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 671

قتلهم ، أو باعهم رقيقاً بين الجزر البعيدة • 45 وحتى الآن هناك ولدان هما لوكاون وبولودوروس ، لا أستطيع أن أراهما بين الطرواديين المتجمعين في المدينة ، وهما ابنا لاوثوي الأميرة بين النساء ، واللذَين حبلت بهما مني • فإن كانا على قيد الحياة في مكان ما من الجيش فإنني أستطيع افتداءهما بالبرونز والذهب الموجودين هناك 50 في الداخل • وذلك لأن ألتيس العجوز والمعتبر قد دفع الكثير مع ابنته • ولكن إن كانا قد ماتا ونزلا إلى بيت هيدز ، فإنه لألم لقلبينا ، نحن الذين حملناهما ، أنا وأمهما • ولكنه بالنسبة للآخرين حزن عابر ، بالنسبة لحزنهم عليك ، إن سقطت أمام آخيل • 55 فادخل داخل السور إذن ، يا ولدي ، لعلك تنقذ الطرواديين ونساء طروادة ، ولا تعطي فرصة الفخار السامي لابن بيليوس ، ولا تُسلب منك أنت حياتك • أشفق علي ، أنا التعيس الذي ما أزال حياً ، وما أزال بوعيي ، ولكنني المنحوس الذي يعرّضه الأب ، ابن كرونوس ، 60 وهو على عتبة الشيخوخة 4 ، لهذا القدر الغاشم ، بعد أن رأيت البلايا ورأيت أبنائي يُقتلون ، وبناتي يُسقن سبايا ، وغرف الزواج محطمة ، والأولاد الأبرياء يؤخذون ويطوح بهم على الأرض وسط كراهية الحرب ، وزوجات أبنائي تجرهن أيدي الآخيين اللعينة • 65 وأنا في الختام كلابي أمام عتبتي ستنهشني ، بعد أن يكون رجل ما بضربة من رمح برونزي حاد ،






4 عتبة الشيخوخة ليست للدخول فيها، بل للخروج منها إلى الموت.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 605 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 606 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 672

أو بحربة مقذوفة ، قد أخرج الحياة من جسدي • هذه الكلاب التي ربيتها في بيتي لكي تشاركني مائدتي لكي تحرس أبوابي ، ستلعق دمي في وحشية تضورها ، 70 ثم تتمطى باسترخاء في أرجاء البيت • فبالنسبة للشاب يظل مقبولاً أن يتجندل في المعركة ، ويمزقه البرونز الحاد ، ويرتمي ميتاً • ومع أنه ميت فإن الأمر كله يبدو جميلاً • ولكن حين يموت العجوز ويسقط ، وتشوه الكلاب رأسه الأشيب ، ولحيته البيضاء وأعضاءه السرية ؛ 75 فهذا بين كافة مشاهد الموت المحزنة هو الأكثر مدعاة للرثاء " • قال العجوز ذلك ، وهو يمسك شعره الشائب بيديه ويقلعه عن رأسه • إلا أنه لم يستطع أن يؤثر على هيكتور • وإلى جانبه كانت أم هيكتور تندب أيضاً • فشقت الثوب عن صدرها ، وبيدها أخرجت ثديها • 80 وذرفت دموعها لأجله ونادته بكلمات مجنحة : " هيكتور ، يا ولدي • أنظر إلى هذين 5 وأطعنا ، وأشفق عليّ • فلطالما ألقمتك هذا الثدي لأهدئك • تذكر هذه الأمور كلها ، يا ولدي العزيز ، ومن داخل السور كافح هذا الرجل الجهم • لا تخرج إليه كبطل 85 أيها القاسي • فلئن قتلك لن أستطيع أن أندبك على فراش الموت ، يا فرعي الجميل ، يا ولداً من رحمي • ولن تستطيع زوجتك الكريمة أن تندبك أيضاً • بل على مبعدة منا وبقرب سفن الأرجيفيين ستكون طعماً للكلاب الضالة " • هكذا راح هذان الاثنان بالدموع والضراعة 90






5 هي وزوجها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 606 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 607 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 673

يناديان ابنهما العزيز ، دون أن يستطيعا التأثير عليه • بل ظل ينتظر آخيل وهو يقترب ، بهيئته العملاقة • وكثعبان ينتظر من وكره رجلاً في الجبال وهو مفعم بالسموم القاتلة ، والغل يغلي في داخله ، وهو ملتف في الوكر يتطلع بحقد ، 95 هكذا كان هيكتور متشبثاً في موقفه ، وهو يكبت حنقه ويسند ترسه اللامع على الحصن • وباضطراب شديد في أعماقه قال لنفسه : " يا لي ! إن دخلت داخل السور عبر الباب ، فإن بولوداماس سيكون أول من سوف يوبخني ، 100 فهو الذي حاول إقناعي بسحب الطرواديين إلى داخل المدينة في تلك الليلة اللعينة التي برز فيها آخيل ولم أسمع كلامه • ولكن كان الأفضل لو أني فعلت • وبما أنني بسوء تدبيري قد جلبت الويل لشعبي فإنني أحس بالخجل أمام الطرواديين والطرواديات ذوات الجلابيب • 105 وسيكون في وسع من هو أقل رجولة مني أن يقول عني : وضع هيكتور ثقته بقوته الشخصية فدمر شعبه • هكذا سيقولون • أما أنا فسيكون من الأفضل أن أواجه آخيل وأقتله وأرجع • أو أن أُقتل على يده بعزة أمام المدينة • 110 ولو أنني وضعت ترسي السميك في الوسط وخوذتي الثقيلة ، وأسندت رمحي على الحصن ، وذهبت كما أنا لمقابلة آخيل الباسل ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 607 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 608 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 674

ووعدته بإرجاع هيلين وممتلكاتها كلها ، وكل ما جلبه ألكسندر ذات يوم في السفن الجوفاء 115 إلى طروادة ، مما أشعل نار النزاع ؛ وأعطي هذا كله لابن أتريوس ليأخذه ، ونقتسم مع الآخيين كل ما ظل مخبوءاً في المدينة ، ونُقْسم بعد ذلك أن الطرواديين جميعاً لن يخبئوا شيئاً بل سيوزعون كل شيء ، 120 مهما بلغ ما يحتفظ الحصن الحبيب بحرص في داخله • ولكن لماذا تتبادر إلي هذه الأمور وأناقشها ؟ قد أذهب إليه فلا تأخذه بي شفقة ولا احترام لمقامي ، بل يقتلني وأنا أعزل ، وكأنني امرأة ، بعد أن أكون قد جردت نفسي من عدتي الحربية • 125 لم يبق مجال بعد للتحدث معه بلطف من شجرة أو صخرة ، همساً مثل شاب وصبية ، وكما يتهامس شاب وصبية وهما مختليان • الأفضل هو التعجيل بالاشتباك معه بأسرع ما يمكن • وسنرى لأي منا سيمنح الأولمبي المجد " • 130 هكذا راح يفكر ، وهو ينتظر ، وآخيل كان يقترب منه في هيئة رب المعارك ، المحارب ذو الخوذة اللامعة ، وهو يهز فوق كتفه الرمح الدرداري البيلي • فيما كان البرونز الذي يلفه يتلامع مثل لهيب النار المتأججة ، أو مثل الشمس عند شروقها • 135 واعترت الرعشة هيكتور وهو يراه ، فلم يعد قادراً








الإلياذة هوميروس الصفحة : 608 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 609 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 675

على الثبات مكانه • ترك الأبواب وراءه ، وهرب مذعوراً ، وابن بيليوس وراءه واثقاً من سرعة قدميه • ومثل صقر في الجبال ، هو الأخف بين الطيور يقوم بانقضاضه الواثق على حمامة مرتعدة ، وهي تزوغ 140 من تحته وتفر ، وهو يزعق بصوته الحاد وراءها ، وينقض عليها مرة بعد أخرى ، وقلبه تواق للإمساك بها ؛ هكذا كان آخيل يلاحقه على الأثر وهو يتأجج • ولكن آخيل هرب إلى تحت السور الطروادي ، وهو يطلق ركبتيه من عقالهما • وتسابقا على طول نقطة المراقبة وشجرة التين العاصفة ، 145 ودائماً بعيدين عن السور وعلى طريق العربات حتى وصلا إلى نبعي المياه العذبة • فهناك نبعان من الماء الفوار ، هما نبعا سكاماندروس ذي الدوامات • أحدهما يعطي مياهاً ساخنة والبخار من جوانبه كلها يتصاعد وكأن ناراً تتأجج داخله • 150 والآخر يجري منه الماء في الصيف ، وكأنه البَرَد أو الثلج القارس ، أو الجليد المتشكل من الماء • وإلى جانبهما في ذلك المكان ، وبشكل ملاصق لهما ، التجاويف الصخرية للاستحمام ، حيث الطرواديات وبناتهن اللطيفات كن يغسلن ملابسهن ، في الأيام الخوالي ، 155 حين كان السلام سائداً ، وقبل مجيء أبناء الآخيين • ركضا بجوارهما • الأول هارب ، والثاني يلاحقه • كان الهارب عظيماً ، ولكن الذي يلحق به بسرعة أعظم بكثير • حيث لم يكن هناك حيوان للتضحية ، ولا جلد ثور








الإلياذة هوميروس الصفحة : 609 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 610 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 676

يتخاصمان لأجله ، فتلك من الجوائز التي تعطى للعدّائين • 160 بل كانا يركضان من أجل حياة هيكتور ، محطم الجياد • وكما حين تصل خيول السباق إلى المنعطفات تركض بأقصى سرعتها ، حين تكون هناك جائزة للكسب ، محفلاً كان أو امرأة ، في مباريات تكريمية ضمن جنازة ، هكذا كان الاثنان يدوران حول مدينة بريام 165 بما في أقدامهما من سرعة ، فيما الآلهة كلهم يتفرجون عليهما • وكان أبو الآلهة والبشر أول المتكلمين بينهم : " يا لي ! ها هو رجل حبيب ترقبه عيناي وهو يُطارَد حول السور ؛ إن قلبي يتفطر على هيكتور الذي أحرق لتكريمي الكثير من قطع الثيران 071 على قمم إيدا الكثيرة التعرجات ، ثم في أعالي القلعة • وها هو آخيل الباسل الآن يلحق به بسرعة قدميه حول مدينة بريام • فهيا أيها الخالدون ، فكروا وتشاوروا • هل ننقذ هذا الرجل ؟ أم نتركه ، رغم بسالته كلها ، 175 يقع بين يدي آخيل ، ابن بيليوس " ؟ ورداً على كلامه قالت أثينا ذات العينين الشهلاوين : " ما هذا الذي تقوله يا أبا الصاعقة البراقة ، المكلل بقتامة الضباب ؟ أتريد أن تعيد رجلاً هو إنسان فان ، تقرر مصيره منذ زمن طويل ، وتنقذه من الموت ذي الصوت المشؤوم وتطلقه ؟ 180 افعلها إذن • ولكن لن نوافقك ، نحن ، بقية الآلهة " • وعندها رد عليها زيوس جامع الغيوم :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 610 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 611 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 677

" تريتوغينيا ، يا ابنتي العزيزة ، لا تفقدي أعصابك • فأنا لا أقول ذلك بغضب عارم ، وقصدي نحوك ودود • افعلي وفق الهدف الذي يوجهك ، ولا تتردي " • 185 هكذا تكلم وحرض أثينا ، التي كانت تواقة لذلك من قبل ، وهي تمرق بسرعة الضوء عن ذرى الأولمب • ولكن آخيل كان في أثر هيكتور لا يكل ، يلاحقه مثل كلب في الجبال لمح من مخبئه خشف ظبي فيطارده في المنعطفات والوديان • 190 ومع أن الخشف قد لطأ تحت شجيرة وتوارى إلا أنه يظل يتابعه بأنفه إلى أن يقع عليه • هكذا لم يكن هيكتور قادراً على التملص من البيلي سريع القدمين • وكلما حاول أن يندفع يميناً نحو الأبواب الداردانية 6 ليصل بسرعة تحت الحصون المتينة ، 195 لعلهم من الأعلى يرشقونه بوابل سهامهم ليدفعوه عنه ، كان آخيل في كل مرة يقاطعه من الأمام ، ويجبره على العودة إلى السهل ، ويبقي مجرى عدوه من جهة المدينة • مثلما يعجز رجل في حلم عن اللحاق بمن يهرب منه • لا الهارب يتمكن من النجاة ، ولا الآخر يستطيع مجاراته ؛ 200 فلا يتمكن من التفوق عليه في السرعة ، ولا الآخر يختفي • كيف كان لهيكتور أن ينجو من أشباح الموت ، لولا أن أبولو ، وللمرة الأخيرة وبالحد الأقصى ، وقف إلى جانبه وبث فيه القوة عن قرب ، فجعل ركبتيه خفيفتين ؟ وظل آخيل الباسل يهز رأسه لقومه 205






6 هي نفسها الأبواب السكانية.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 611 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 612 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 678

فلا يتركهم يلقون رماياتهم على هيكتور لكي لا يفوز الرامي بالفخار ، وتصير مرتبته هي الثانية • ولكن حين دارا للمرة الرابعة حول الينبوعين عدّل ( الأب ) كفتي ميزانه الذهبي ، ووضع فيهما حصتين مصيريتين من الموت ، مما يطيح بالبشر • 210 إحداهما لآخيل ، والثانية لهيكتور محطم الخيول ، ووازنه في الوسط ؛ فكان يوم موت هيكتور هو الأثقل 7 ومال إلى الأسفل نحو الموت • فتخلى عنه فويبوس أبولو • ولكن الربة ذات العينين الشهلاوين وصلت إلى البيلي ، ووقفت إلى جانبه وخاطبته بكلمات مجنحة : 215 " يا حبيب زيوس ، آخيل المتألق • كلي أمل أننا ، أنا وأنت ، سنستعيد المجد العظيم إلى سفن الآخيين ، بعد أن نقتل هيكتور ، مع كل اندفاعه المتوقد إلى المعركة • لا منجاة له منا الآن ، حتى لو أراد أبولو ، الذي يضرب عن بعد ، أن يتحمل الكثير 220 ويتمرغ أمام أبينا زيوس المدرع • توقف هنا الآن واسترد أنفاسك • ريثما أذهب إلى هذا الرجل وأقنعه بالتصدي لك في مبارزة " • حين قالت ذلك أحس بسعادة غامرة فأطاعها • وتوقف مستنداً على رمحه الدرداري المحاط بالبرونز • 225 وتركته أثينا ثم لحقت بهيكتور الباسل • وتبدت له في هيئة دييفوبوس وأخذت صوته القوي • جاءت ووقفت قربه وخاطبته بكلمات مجنحة :






7 ميلان كفة الميزان تعني أن الشخص المعني سينزل إلى عالم الموتى.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 612 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 613 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 679

" يا أخي العزيز • لا شك أن آخيل سريع القديمين يتعامل معك بقسوة ويلاحقك على قدميه السريعتين حول مدينة بريام • 230 فتعال ، دعنا معاً نقف في وجهه ونصده عنا " • فرد عليه هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة : " لقد كنت ، يا دييفوبوس ، الأعز علي بين أخوتي ، الذين هم من نسل بريام وهيكابي • وبي ميل صادق الآن لتكريمك ، 235 أنت الذي تجرأت من أجلي حين رأتني عيناك أن تأتي من التحصينات ، فيما الآخرون مختبئون داخلها " • فردت عليه مرة أخرى الربة ذات العينين الشهلاوين : " يا أخي • صحيح أن أبانا والسيدة أمنا ، قد أمسكا بركبتيّ بالتناوب ، ورفاقي من حولي ، يرجونني جميعاً 240 أن أظل في الداخل • إلى هذا الحد وصل الذعر بهم • ولكن قلبي في صدري كان يتفطر حزناً عليك • والآن دعنا نتوجه إليه مباشرة ونقاتله بضراوة • ولنحرص على أن لا تخيب ضربات رماحنا • وسنرى إن كان آخيل سيقتلنا ، نحن الاثنين ، ويعود بأسلاب الحرب الدامية 245 إلى السفن الجوفاء ، أم أنه هو الذي سيسقط تحت رمحك " • وهكذا أنهت أثينا كلامها وقادته بالخديعة • وحين اقترب الاثنان في توجههما أحدهما إلى الآخر كان هيكتور الطويل ذو الخوذة اللامعة أول من تكلم : " يا ابن بيليوس • لن أهرب منك بعد الآن • 250 بعد أن ركضتُ هارباً منك ثلاث مرات حول مدينة بريام •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 613 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 614 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 680

ولم أجرؤ على الوقوف أمام هجمتك • ولكن روحي الآن هي التي تدفعني للوقوف ومواجهتك • سأنال منك الآن ، أو ستنال مني • هيا • هل نقسم أمام الآلهة ؟ فهم أعلى من سيشهد علينا ويرعى اتفاقنا • 255 مهما كنت وحشياً فلن أشوهك إذا منّ علي زيوس أن أفوز عليك وأسلبك حياتك • بل إنني بعد أن أجردك من عدتك الحربية المجيدة يا آخيل ، سأعيد جثتك إلى الآخيين • وأنت ستفعل مثلي " • فرد عليه آخيل سريع القدمين وهو ينظر إليه غاضباً : 260 " لاتبحث معي أية اتفاقيات يا هيكتور • فأنا لا أستطيع أن أغفر لك • ومثلما أنه ليست هناك مواثيق بين الأسود والبشر ، ولا بين الذئاب والحملان هناك ما يمكن التوصل إلى اتفاق حوله ، بل قبل ذلك هناك مشاعر الكراهية الدائمة كلٌّ تجاه الآخر ، كذلك لن تكون هناك مودة بيني وبينك • 265 ولن تكون بيننا مواثيق • بل على أحدنا أن يسقط قبل الآخر ليغرق بدمه آريس ، الإله الذي يقاتل تحت حماية الترس • استجمع بسالتك كلها • فالحاجة التي تدعوك الآن ماسة ، لكي تكون قاذف رمح ومحارباً جريئاً • لم يعد لك مهرب ، وبالاس أثينا 270 سرعان ما ستقتلك برمحي • وستسدد بالجملة الآن عن الآلام كلها التي تسببت بها بقتلك رفاقي بهجمات رمحك " • قال ذلك ، ثم عدّل الرمح ذا الظل الطويل وقذف به ، ولكن هيكتور المجيد كان حذراً منه فتجنب الرمح •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 614 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 615 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 681

إذ نزل على ركبتيه محترساً ليمر الرمح البرونزي من فوق كتفه 275 وينغرز في الأرض • ولكن بالاس أثينا انتزعته ، وأعادته إلى آخيل ، دون أن ينتبه إليها هيكتور قائد الجموع • وعندها قال هيكتور لابن بيليوس الباسل : " لقد أخطأتني • ولم يكن لك أن تعرف ، يا آخيل الشبيه بالآلهة ، من زيوس بيوم نهايتي المقدورة ؛ مع أنك كنت تظن ذلك • 280 أو أنك مجرد شخص بارع في الكلام تتحدث لكي تخدعني • فتجعلني أخاف منك وأنسى بسالتي وقوتي الحربية • لن يكون لك أن تغرز رمحك في ظهري وأنا أهرب منك • بل ستغرزه في صدري وأنا أهجم عليك ؛ إذا قيضت لك الآلهة ذلك • والآن لتنتبه إلى رمحي البرونزي . 285 وآمل أن يدخل بطوله كله في جسدك • ولا شك أن الحرب ستخف وطأتها على الطرواديين إذا قُتلت ، بعد أن رأوا أنك بلاؤهم الأعظم " • قال ذلك ثم عدّل رمحه ذا الظل الطويل ، وقذف به • فأصاب منتصف ترس آخيل ، ولم تكن ضربته خائبة • 290 ولكن الرمح ارتد بعيداً جداً عن الترس • وتملك هيكتور الغضب لأن سلاحه السريع قد أفلت من يده في ضربة غير صائبة • وقف فزعاً ، إذ لم يعد لديه رمح درداري آخر • ورفع صوته ينادي دييفوبوس ذا الترس الشاحب ، ويطلب منه رمحاً طويلاً • ولكن دييفوبوس لم يكن قريباً منه • 295 وعرف هيكتور الحقيقة في أعماقه • فتحدث بصوت عالٍ : " لا فائدة • ها هم الآلهة يستدعونني باتجاه الموت •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 615 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 616 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 682

كنت أظن أن دييفوبيوس البطل إلى جانبي • ولكنه وراء السور • وأثينا هي التي خدعتني • وها هو الموت الوبيل قربي ، ولم يعد بعيداً عني • 300 ولا نجاة • ولا شك أنه لأمر مفرح لزيوس منذ زمن ، ولابن زيوس الضارب عن بعد ، أن تتم الأمور على هذا النحو • مع أنهما قبل اليوم كانا يدافعان عني بسرور • ولكن موتي يطبق عليّ الآن • ولكن دعني لا أموت دون صراع ، ودون مجد • سأقوم بعمل عظيم قبل ذلك ، يردده الآتون من بعدي " • 305 قال ذلك ، وامتشق السيف القاطع الذي كان يتدلى من خاصرته • وكان سيفاً ضخماً وثقيلاً • واستجمع قواه ثم انطلق في هجمته مثل صقر على علو شاهق ينبثق من وسط قتامة الغيوم صوب الأرض المنبسطة لينقض على حمل وديع أو أرنب مذعور • 310 هكذا قام هيكتور بهجمته وهو يلوح بسيفه القاطع • واندفع آخيل ، وقلبه مترع بالغضب الوحشي • أمام صدره الترس العظيم جميل الصنع ليغطيه ، والخوذة اللامعة ذات القرون الأربعة تهتز فوق رأسه ، وحواشيها الذهبية الجميلة تهتز حولها ، 315 تلك التي وضعها هيفايستوس قريبة من قرن الخوذة • وكما يتحرك بين النجوم في حلكة الليل هيسبير ، الذي هو الأجمل بين النجوم المعلقة في السماء ، هكذا كان البريق المشع من الرمح المدبب الذي يهزه آخيل بيده اليمنى ، مترعاً بالضغينة نحو هيكتور الباسل • 320








الإلياذة هوميروس الصفحة : 616 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 617 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 683

كان ينظر إلى جسد هيكتور البهي ، ليرى أين يكون من الأفضل أن يتراخى • ولكن بقية الجسم كانت مغطاة بالدرع ، النحاسي البديع ، الذي سلبه حين قضى على قوة باتروكلوس • إلا أنه يكشف عن عظام الترقوة التي تربط الرقبة بالكتفين ، والحلق ، حيث يخرج موت الروح بسرعة أكبر • 325 في هذا المكان غرز آخيل الرمح وهو يتقدم متأججاً واندفع السنان مارقاً عبر القسم اللدن من الرقبة 8 • ولكن الرمح الدرداري المثقل بالبرونز لم يمزق الرغامى ، فظل في وسع هيكتور أن يتبادل الكلمات المنطوقة • إلا أنه تهاوى على التراب ، ووقف فوقه آخيل الباسل متباهياً : 330 " لا شك ، يا هيكتور ، أنك ظننت نفسك ستنجو بعد قتلك باتروكلوس • وبما أنني كنت بعيداً فإنك لم تحسب حسابي ، أيها الأحمق • لقد ظل هناك منتقم له ، أعظم منه بكثير ، ظل وراءه مبتعداً في السفن الجوفاء • وكان هذا أنا • وأنا قد حطمتك ، وعليك ستتغذى الكلاب والعقبان 335 وستمزقك شر تمزيق ، فيما الآخيون يدفنون باتروكلوس " • وفي ضعف تحدث إليه هيكتور ذو الخوذة اللامعة : " أستحلفك بحياتك ، بركبتيك ، بوالديك ، لا تترك الكلاب تأكلني قرب سفن الآخيين • خذ لنفسك البرونز والذهب المتواجدين بوفرة ، 340 العطايا التي سيعطيك إياها أبي والسيدة أمي ، وأعطهما جثتي ليعيداها إلى بيتها • لعل الطرواديين وزوجات الطرواديين يقيمون لي طقوس إحراقي بعد موتي " •






8 مرة أخرى ، وكما حدث في المبارزة المنتظرة بين هيكتور وبارتوكلوس يقرر تدخل الآلهة النتيجة • وهذا يجرد الأبطال من أهمية إنجازهم • فالمعركة هنا بين آخيل وهيكتور ، وهي الأكثر أهمية في الإلياذة كلها ، تأتي دون إثارة أو إنجاز فعلي • كل شيء يفعله الآلهة• ويحس القارئ ، أو المستمع ، هنا - مثلما أحس في المبارزة بين هيكتور وبارتوكلوس - أن المسألة ليست مبارزة ، بل هي تنفيذ فاتر لعملية قتل مقررة مسبقاً •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 617 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 618 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 684

ولكن آخيل رد عليه وهو ينظر إليه غاضباً : " لا تعد إلى استحلافي ، أيها الكلب ، بركبتيّ أو أبويّ • 345 إنني لأتمنى أن تطاوعني نفسي على تقطيع لحمك وأكله نيئاً للأفعال التي فعلتها بي • لن يكون هناك ما يرد الكلاب عن رأسك ، حتى لو جلبوا لي عشرة أضعاف الفدية ، أو عشرين ضعفاً ، ووضعوها أمامي ، وحتى لو وعدوني بالمزيد • 350 ولا حتى لو عرض بريام ، ابن داردانوس ، أن يزن جثتك بالذهب • ولا حتى لو قدمت ذلك السيدة أمك التي حملت بك لكي تسجيك في فراش الموت وتندبك • أبداً • الكلاب والطيور ستولمك كاملاً لنفسها " • فقال له هيكتور ذو الخوذة اللامعة ، وهو يموت : 355 إنني أعرفك جيداً وأنا أنظر إليك • وأعرف أنني لن أستطيع إقناعك ، لأن في صدرك بالفعل قلباً من حديد • ولكن احترس الآن ، فقد أتحول إلى لعنة من الآلهة عليك • وسيأتي اليوم الذي يهلكك فيه باريس وفويبوس أبولو 9 عند الأبواب السكانية ، رغم بسالتك كلها " • 360 قال ذلك ، وفيما كان يتكلم أطبقت نهاية الموت عليه • ورفرفت الروح متحررة من أطرافه لتنزل إلى بيت الموتى ، وهي تندب مصيره ، مخلفة الشباب والرجولة وراءها 10 • ومع أنه قد صار رجلاً ميتاً ، فإن آخيل خاطبه قائلاً : " مت • وسأتقبل موتي في أي وقت 365 يرى زيوس وبقية الآلهة أن يحققوه " •






9 نبوءة من هيكتور تتضمن ما سيحدث فعلاً. فآخيل سيموت بسهم يطلقه باريس فيصيب به عقب آخيل (كعبه) مما يؤدي إلى موته. وهذا ما نعرفه من الأوديسة، وليس مذكوراً في الإلياذة. 10 لا بد من إبداء ملاحظة هنا. فهوميروس شغوف بتقديم أوصاف لطريقة سقوط أبطاله من الجانبين. هذا يهوي كشجرة، وذاك كصخرة، وثالث يسقط سقوطاً مدوياً، إلا أنه يغفل هذا الأمر نهائياً ف يوصفه لسقوك هيكتور. وينشغل بالحوار بين البطلين. وباستثناء هذه العبارة" الشباب والرجولة" ليس هناك أي اهتمام بالتفاصيل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 618 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 619 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 685

قال ذلك ، وانتزع الرمح من الجثة ، ثم قلبها على جنبها وجرد عن كتفيها الدرع المضمخ بالدماء • وجاء أبناء الآخيين الآخرون يركضون ليلتفوا حوله ، وهم يتطلعون إلى قامة هيكتور وجماله الآسر • 370 ولم يقترب منه أحد منهم إلا وجه إليه طعنة • وراح كل منهم يتحدث إلى الآخر ، وكل منهم ينظر إلى جاره : " صار هيكتور الآن أسهل للتعامل معه مما كان عليه وهو يضرم النيران الكاسحة في السفن " • هكذا راحوا يتحدثون وهم يقفون قربه ويطعنونه 11 • 375 وبعد أن أنهى آخيل سريع القدمين تجريد الجثة وقف بين الآخيين وخاطبهم بكلمات مجنحة : " يا أصدقاء • يا من تقودون الأرجيفيين وتوجهونهم بحكمتكم • بما أن الآلهة قد منحوني فرصة قتل هذا الرجل الذي أوقع فينا بلاء كبيراً ، لم يستطع الآخرون كلهم مجتمعين 380 أن يوقعوه بنا • فهيا • دعونا نلف حول المدينة مدججين بأسلحتنا ، لنرى ما ينويه الطرواديون • هل سيتخلون عن مدينتهم العالية بعد مقتل هذا الرجل ؟ أم أنهم ينوون البقاء ، مع أن هيكتور لم يعد على قيد الحياة ؟ ولكن لم ينشغل بالي بأمور كهذه ؟ 385 لدينا رجل ميت ممدد إلى جانب السفن ، لم يتم ندبه أو دفنه • إنه باتروكلوس • وأنا لن أنساه • طالما بقيت بين الأحياء ، وركبتاي قادرتان على حملي • ومع أن الموتى ينسون الموتى في بيت هيدز ،






11 على الرغم من انحياز هوميروس الواضح لليونانيين ، وهو يقدم ملحمته لجمهور يوناني ، فإنه لم يكن يبخس الخصوم حقهم من المديح والتكريم • ومن المستغرب هنا أن يجعل اليونانيين يتجمعون ليطعن كل منهم بدوره جثة هيكتور بعد موته • لقد كانوا يخافونه كثيراً وهو حي • كما أنهم ينوون تركه طعماً للوحوش والطيور • إلا أن طعنهم لجثته بهذه الطريقة يقلل من قيمتهم ، ويجعلهم أقرب إلى الأولاد الذين يمثلون بجثة حيوان أو نوع من الحشرات كان يخيفهم في حياته ، فراحوا يتشفون به بعد مماته •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 619 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 620 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 686

إلا أنني حتى هناك سأظل أتذكر رفيقي الحبيب • 390 فدعونا نرجع أيها الشبان الآخيون ، ونحن نغني أغنية النصر ، نحو سفننا الجوفاء ، ونأخذ هذه معنا • لقد حققنا لأنفسنا سمعة مدوية ، فقد قتلنا هيكتور العظيم الذي كان يمجده الطرواديون كأنه إله في مدينتهم 12 "• قال ذلك ثم فكر في المعاملة المشينة 13 لهيكتور المجيد • 395 عند كلا القدمين من الخلف أحدث ثقبين بين الأوتار ، في الفراغ القائم بين الكاحل والعقب ، ومرر سيرين من الجلد فيهما • وثبتهما إلى العربة بحيث يجعل الرأس يتجرجر • ثم ركب العربة ووضع فيها الدرع المجيد • وساط الجياد ليطلق حركتها ، فلبته مذعنة • 400 وثارت غيمة من الغبار حيث كان هيكتور يتجرجر ،وشعره الأسود يتناثر من حوله • وذلك الرأس كله ، الذي كان وسيماً ذات يوم ، يتعفر بالتراب • فقد أسلمه زيوس هذه المرة نهائياً إلى أعدائه • لكي يُشوَّه في أرض آبائه • وهكذا راح رأسه ينجر على التراب • وراحت أمه 405 تشد شعرها ، وتلقي بالخمار الوضاء عنها • وتطلق عويلاً مريعاً وهي تتطلع إلى ابنها • وأبوه الحبيب كان يئن أنيناً يثير الشفقة ، وقومه كلهم من حوله • اندفعوا في العويل والندب في كافة أرجاء المدينة • كان هذا في معظمه ما يمكن أن يحدث لو أن إليون المكفهرة 410 كلها ، ومن أعلاها إلى أدناها ، قد صارت عرضة للنيران • ولم يتمكن القوم من السيطرة على العجوز في انهياره ،






12 يرى بعضهم أن هذين البيتين الأخيرين هما نشيد النصر. 13 هذه هي الكلمة الوحيدة التي تدل على عدم موافقة هوميروس على ما سيفعله آخيل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 620 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 621 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 687

ومنعه من الاندفاع عبر الأبواب الداردانية • توسل إليهم جميعاً ومرغ نفسه أمامهم وهو يناشد كل واحد فيهم ويناديه باسمه : " ابتعدوا يا أصدقائي الأعزاء ، 415 واتركوني وحدي رغم حرصكم علي • دعوني أخرج من المدينة ، وأشق طريقي إلى سفن الآخيين • يجب أن أتضرع إلى هذا الرجل ، القاسي والعنيف ، فقد يحترم شيخوختي ويشفق علي • فأنا عجوز ، وأبوه عجوز مثلي • 420 أبوه بيليوس الذي أنجبه ورباه ليكون وبالاً على الطرواديين • لقد أوقع فينا من البلاء أكثر مما أوقع الآخرون ، إذا أحصيت فقط عدد أولادي الذين قتلهم • ولكنني عليهم كلهم لم أندب بهذا المقدار ، رغم حزني عليهم ، مثلما أندب هذا الابن ، هيكتور • فحزني الممض عليه سيؤدي بي 425 للنزول إلى بيت الموت • تمنيت لو أنه مات بين ذراعي • فبهذه الطريقة نقوم كلانا ، أنا وأمه التي حملته بآلامها ، بإغراق نفسينا بالبكاء عليه وندبه " • قال ذلك ، ودموعه تنهمر ، وإلى جانبه أبناء المدينة يندبون • أما بين نساء طروادة فقد قادت هيكابي غناء الحزن الجماعي : 430 " يا ولدي ، أنا تعيسة وبائسة • وماذا ستكون عليه حياتي وأنا في غمرة أحزاني بعد أن متَّ ، وقد كنت ليلاً ونهاراً مجدي ومصدر فخاري في المدينة ؟ وكنت للطرواديين ولنساء طروادة بركة في مدينتهم • لقد عبدوك كأنك إله • كنت حقاً فخارهم السامي 435








الإلياذة هوميروس الصفحة : 621 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 622 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 688

في حياتك • وها قد أطبق عليك الموت والقدر " • هكذا تكلمت بين دموعها • ولم تكن زوجة هيكتور قد سمعت • إذ لم يأتها رسول موثوق يبلغها كيف ثبت زوجها في مكانه خارج الأبواب • فقد كانت تحيك قماشاً في القاعة الداخلية من البيت العالي ، 440 لتصنع ثوباً أحمر فضفاضاً ، وتطرز عليه أشكالاً متقنة • كانت قد استدعت وصيفاتها ذوات الشعر الجميل في أرجاء البيت • وطلبت منهن وضع قدر كبيرة على النار ، لكي يتجهز الماء الساخن لهيكتور عند عودته من القتال • ويا للبريئة المسكينة ، التي لم تعرف أنه ، بعيداً جداً عن مياه الاستحمام ، 445 قد أوقعت به بالاس أثينا بين يدي آخيل • وسمعت ضجة الندب والعويل آتية من جهة الحصن الكبير • فارتخت مفاصلها • وسقط المكوك من يدها على الأرض • نادت وصيفاتها ذوات الشعر الجميل بصوت عال : " تعالين • ولتأت معي اثنتان منكن ، لكي أرى ما قد حدث • 450 لقد سمعت صوت أم هيكتور الكريمة • فتصاعدت ضربات قلبي إلى فمي • وتجمدت أطرافي من تحتي • لاشك أن شراً قد وقع لأبناء بريام • وأرجو أن لا أسمع بأذني ما سأقول بلساني • فأنا أخشى أن يكون آخيل العظيم قد قطع الطريق على هيكتور الجسور • 455 واستفرد به بعيداً عن المدينة • واستجره إلى الأرض المنبسطة ، ليضع نهاية لكبرياء الشجاعة العاتية ، التي كان يحملها دائماً • فهو لم يكن ليتخلف حيث يجتمع الرجال بكثرتهم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 622 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 623 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 689

بل كان 14 يتقدمهم بمسافة كبيرة ولا يتراجع في حميته أمام أحد " • قالت ذلك ، وركضت خارجة من المنزل مثل امرأة تهذي 460 بقلب خافق ، ووصيفتاها تركضان معها • وحين وصلت إلى التحصين الذي يجتمع عنده الرجال توقفت تحملق من فوق السور ؛ ورأته ينجر أمام المدينة ، والخيول الجامحة تتقاذفه في جرها العشوائي نحو سفن الآخيين الجوفاء • 465 وأطبقت عتمة الليل على عيني أندروماكي • ووقعت على ظهرها ، وراحت تلهث شاهقة لتسترد أنفاس الحياة • وعن رأسها ألقت 15 بالغطاء اللامع الذي يثبت شعرها ، التاج والقلنسوة ، والرباط الذي يثبتها كلها ، والقوس ، التي أعطتها إياها أفرودايت الذهبية ذات يوم ، 470 حين اقتادها هيكتور ذو الخوذة الذهبية من بيت إييتون ، وقدم ما لا يحصى من الهدايا ليفوز بها • وحولها تجمعت أخوات زوجها وزوجات أخوته ورفعنها بينهن وهي بين الموت والحياة • وحين عاد إليها تنفسها ، واستردت الحياة إليها ، 475 رفعت صوتها بين نساء طروادة نادبة : " هيكتور • إنني أتفطر حزناً عليك • أنا وأنت وُلدنا لنتشارك في مصير واحد • أنت في طروادة في بيت بريام ، وأنا في طيبة ، تحت جبل بلاكوس المشجر في بيت إييتون ، الذي رعاني وأنا صغيرة • 480 كان مصيره سيئاً ، وكان حظي تعيساً • ليته لم يرزق بي •






14 هل هو قلبها الذي يهجس بما جرى؟ أم زلة من هوميروس؟ إذ يجعلها منذ الآن تتحدث عن هيكتور بصيغة الماضي. 15 ليست الكلمة دقيقة طبعاً. "ألقت" تعني تسبب إغماؤها في سقوط ...


الإلياذة هوميروس الصفحة : 623 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 624 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 690

وها أنت تمضي إلى بيت الموت في الأمكنة السرية من الأرض ، وتتركني وراءك هنا وسط أحزان الندب ، أرملة في بيتك • وابنك ما يزال رضيعاً ، ذلك التعيس الذي رزقنا به أنا وأنت • لن تستطيع بعد اليوم 485 أن تعينه يا هيكتور بعد أن متَّ • ولا هو يستطيع أن يعينك • ومع أنه نجا من هجمات الآخيين بكل مآسيها ، إلا أن أيامه كلها ، بسببك ، ستكون شقاء وآلاماً ، لأن الآخرين سيأخذون منه أراضيه • ويوم اليتم يترك الولد دون أقران يصادقونه • 490 إنه يحني رأسه أمام كل إنسان ، وخداه يظلان مبللين بالدموع ، ويعيش ولداً في فاقة بين أصدقاء والده • يتعلق بهذا الرجل من عباءته ، وبآخر من ثوبه • ويشفقون عليه ، فيعطيه أحدهم رشفة من كأس ، لا تكفيه إلا لتبليل شفتيه ، ولا ترطب له حلقه • 495 وقد يطرده من الوليمة ولدٌ أهله أحياء • ويضربه بقبضته ويحقره بالكلام : اخرج من هنا • أنت • فأبوك ليس في الاحتفال معنا • ويذهب الولد باكياً إلى أمه الأرملة • يا لأستواناكس ، الذي كان في الأيام السالفة على ركبتي أبيه 500 لا يأكل إلا النقي ولحم الخراف الأكثر سمنة وشحماً • وحين يغالبه النوم ، كان ينعس وهو يلعب • وينام بين ذراعي مربية ، وفي فراش وثير وقلبه مترع بالرفاهية •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 624 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 625 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 691

أما بعد ذهاب أبيه ، فلم يتبق له إلا المعاناة ، 505 وهو الذي سماه الطرواديون أستواناكس 16 ، سيد المدينة ، لأنك الوحيد الذي دافعت عن الأبواب والسور الطويل • أما الآن ، فقرب السفن المحنية ، بعيداً عن والديك ، ستتغذى عليك الديدان المتلوية ، بعد أن تشبع الكلاب من جثتك العارية ، وفي بيتك أكوام من الثياب 510 حسنة النسج وهفهافة ، مشغولة بأيدي النساء • سألقي بها كلها إلى النيران ، النار التي لا فائدة لك منها ، ولن تلقى فيها أبداً ، بل ستُضرم على شرفك ، من قبل رجال طروادة ونسائها 17 " • قالت ذلك بدموعها ، فانضمت إليها النساء في الندب والعويل • 515






16 ورد في الفصل السادس ( 400 -405) شرح لمعنى اسم هذا الطفل. 17 لا شك أن هذه الاستطرادات في مشاهد الندب الثلاثة غير مقبولة بالنسبة للقارئ المعاصر • فليس هناك أي منطق - درامي - في أن يتحدث الأب المفجوع عن كلابه وخطرها عليه بعد موته ، وأن تتحدث الزوجة بهذا الاستطراد عن الطفل ، لحظة رؤية كل منهما جثة الابن والزوج مجرورة وراء العربة • ولكن يجب النظر إلى الأمر من زاوية أخرى • فهذا الاستطراد ليس من تصميم هوميروس الشعري أو الدرامي ( وقد قدم في هذه الملحمة ما يدل على حساسيته العالية شعرياً ودرامياً ) ، بل هو من خصائص الشعر الشفوي • إن الشاعر ، وهو يقدم قصته لمستمعيه ، يستجيب للحظات خاصة من التواصل معهم ، فيستطرد بغية المزيد من التأثير العاطفي عليهم• لعله يتمنى لو يبكيهم • وهو حين يتحدث عن مخاطر نهايات الشيوخ الوحيدين، أو عذابات اليتم بعد العز ، يتناسى الموقف الذي في القصة ليستطرد مع عواطف مستمعيه أنفسهم • وتصبح هذه ا لاستطرادات في النص المسجل زيادات غير مقنعة • ويمكن النظر إليها بوصفها مقطوعات مستقلة عن السياق •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 625 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 626 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الثالث والعشرون

رقم صفحة الكتاب الورقي: 695

هكذا راحوا يندبون في أنحاء المدينة ، بينما كان الآخيون ، وقد عادوا أدراجهم إلى سفنهم وإلى هيليسبونت ، يتفرقون ، فيذهب كل إلى سفينته • ولكن آخيل لم يرض أن يتفرق المورميدون • فنادى مرافيقه الشغوفين بالقتال : 5 " أيها المورميدون ، يا رفاقي الثابتين ، ذوي الخيول السريعة • لم يئن الأوان لتسريح خيولنا من عرباتها • بل بهذه الخيول والعربات ذاتها يجب أن نتوجه إلى باتروكلوس ونندبه ، فذلك هو التكريم للموتى • وبعد أن نكتفي تماماً من مراثينا الحزينة ، 10 نسرح خيولنا ، ونأكل كلنا هناك " • قال ذلك فأطلق المحتشدون تأوهاتهم ، وآخيل على رأسهم • ثلاث مرات طافوا بخيولهم ذات الأعراف المتموجة ، حول الجثة ، وبينهم ثيتيس تؤجج رغبتهم في البكاء • تبللت الرمال ، وتبللت دروع الرجال بدموعهم • 15 هكذا كانت عواطفهم نحو باتروكلوس ، الذي كان يبث الرعب في قلوب الرجال • وكان ابن بيليوس يقود الشدو الجماعي النادب • وهو يضع يده ، قاتلة الرجال ، على صدر صديقه : " وداعاً يا باتروكلوس • أحييك حتى وأنت في بيت إله الموت • إنني أنفذ كل ما وعدتك به فيما مضى • 20 سأجر هيكتور إلى هنا ، وأسلمه للكلاب لتأكله نيئاً •






  • ولا شك أن هذا الفصل يتضمن مشكلة. فهو ، وعلى الرغم من الاستعراض الذي يقدمه حول عادات الدفن والمباريات التكريمية للميت، إلا أنه كله، وخاصة المباريات، والجوائز تخرجنا نهائياً من مناخ الملحمة. ومرة أخرى لا تفسير لهذا الخروج الاستطرادي مستمعيها في سهرة، أو جلسة، واحدة. وبالتالي فمن الممكن قضاء سهرة خاصة بفصل كهذا، يتم فيها استعراض أنواع المباريات.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 626 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 627 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 696

وعند محرقتك سأقطع أعناق اثني عشر ولداً مجيداً من الطرواديين لإشفاء غليلي لمقتلك "• قال ذلك وعادت إلى ذهنه المعاملة المخجلة لهيكتور المجيد • فألقاه على وجهه فوق الأرض أمام محمل ابن مينويتيوس • 25 وكان الآخرون يجردونه من كافة عدته الحربية النحاسية البراقة ، وكلهم سرحوا خيولهم الصاهلة بكبرياء • وجلسوا بالآلاف 1 إلى جانب سفينة الأيكيدي سريع القدمين ، الذي أولم لهم وليمة العزاء بسخاء • كثير من الثيران البهية قتلت بضربات الحديد ، 30 والعديد من الخراف والتيوس الثاغية والخنازير ذوات الأنياب اللامعة ، وهي مكتنزة بالشحم ، سلخت ومددت على نيران هيفايستوس • وجرى الدم ، ورفع في أقداح حول الرجل الميت • وقام ملوك الآخيين بجلب القائد سريع القدمين ، 35 ابن بيليوس ، إلى أغاممنون العظيم ، بعد إقناعه بمشقة ، إذ كان قلبه ما يزال مغضباً من رفيقه • وحين وصل هؤلاء إلى مأوى أغاممنون ، سرعان ما أعطوا أوامرهم إلى الأتباع الباكين بوضع قدر كبير فوق النار ، لعلهم يتمكنون 40 من إقناع ابن بيليوس بأن يغسل أوساخ بقع الدم • ولكنه خالفهم بعناد ، وأطلق قسماً على ذلك : " لا • وأمام زيوس ، الذي هو أعظم الآلهة وأسماهم ، لا حق لي بجعل الماء يقترب من رأسي ،






1 هم ألفان وخمسمئة، حسب ما سبق أن جاء في الفصل السادس عشر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 627 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 628 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 697

قبل أن أضع باروكلوس على المحرقة ، وأهيل عليه التراب ، 45 وأقص شعري من أجله • إذ لن يأتي حزن آخر مثل هذا إلى قلبي طالما أنا بين الأحياء • فلنتوجه الآن إلى المأدبة المغمومة • وعند الفجر اجعل جماعتك ، يا أغاممنون ، قائد الرجال ، ينهضون لجلب الحطب وتجميعه بقدر ما يليق 50 بالرجل الميت أن يكون لديه حين ينزل إلى قتامة العتم • بحيث تحرقه النار المتأججة بأقصى سرعة ، وتبعده عن عيوننا ، ثم ينصرف الناس إلى ما عليهم أن يفعلوه " • قال ذلك ، فاستمعوا إليه وأطاعوه • وبسرعة وحماسة أعدوا العشاء ، واحتفل الجميع • 55 ولم ينقص جوع أي منهم نصيبه الكافي لإشباعه • وبعد أن تخففوا من رغبتهم في الطعام والشراب ، انصرفوا إلى النوم ، كل في مأواه • وعلى شاطئ البحر الهادر استلقى ابن بيليوس وهو يتأوه ويئن وسط المقاتلين المورميدون ، 60 في مكان مكشوف تقوم فيه الأمواج بغسل الشاطئ • وتمكن منه النوم في ذلك الحين وهو يحوم حوله بعذوبة ويغسل الأحزان من خاطره • فقد تعبت أطرافه المتينة من الركض في مطاردة هيكتور صوب إليون ذات الرياح • وفي النوم ظهر له طيف باتروكلوس التعيس 65 بالشبه الكامل في البنية والعينين العطوفتين والصوت ، وهو يرتدي اللباس ذاته الذي كان يرتديه باتروكلوس •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 628 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 629 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 698

جاء إليه الطيف ووقف فوق رأسه 2 وقال له : " أنت نائم يا آخيل • لقد نسيتني • ولكنك لم تكن مستهتراً بي حين كنت حياً ، كما أنت بعد موتي • ادفنّي 70 بأسرع ما تستطيع ، ودعني أعبر أبواب هيدز 3 • إن الأرواح ، أشباح الموتى ، تبعدني ، ولا تسمح لي بعبور النهر للاختلاط بهم • ولذا فأنا متشرد في حالتي هذه عند بيت هيدز ذي الأبواب العريضة • وإنني أناديك بحزن : أعطني يدك • لن أعود إليك 75 من الموت بعد الآن ، وحالما تقيم لي طقوس الحرق • ولن نجلس في الحياة ، أنا وأنت بعد الآن ، بمعزل عن رفاقنا الأعزاء الآخرين ، لنضع خططنا • طالما أن القدر الغاشم ، الذي قدر لي منذ يوم ولادتي ، قد فتح شدقيه ليأخذني • وأنت ، يا آخيل الشبيه بالآلهة ، لك قدرك الخاص بك ، 80 بأن تُقتل تحت سور الطرواديين الأثرياء • وهناك أمر آخر وحيد سأتحدث عنه ، وأطلبه منك إن كنت ستطيعني : لا تجعل عظامي تدفن معزولة عن عظامك يا آخيل ، بل تدفن معها تماماً مثلما ربينا معاً في بيتكم حين جلبني إليه مينويتيوس من أوبووس وأنا صغير ، 85 إلى بيتكم ، وبسبب قتل كريه وبغيض ، في ذلك اليوم الذي قتلت فيه ابن أمفيداماس ، وقد كنت مجرد ولد ، ودون قصد ، ولكنني غضبت للعبة نرد • فأخذني الفارس بيليوس إلى بيته ، واعتنى بتربيتي ، وعينني تابعاً له • 90






2 سبق أن شرحنا أن الحلم يأتي في هيئة شخصية تقف عند رأس النائم. 3 كانوا يعتقدون أن الميت لا يستطيع الدخول عند هيدز ما لم تدفن جثته بطريقة لائقة بعد إحراقها. ومن هنا فإن التهديد برمي الجثة للكلاب لا يعني إهانة الميت فقط، بل الإبقاء عليه هائماً لا يستطيع الاستقرار في بيت الموتى.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 629 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 630 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 699

ولذلك دع وعاء واحداً ، الجرة ذات المقبضين ، التي أعطتك إياها السيدة أمك ، تضم رمادينا معنا 4 " • ورداً عليه قال آخيل سريع القدمين : " كيف ، يا رأس أخي ذا الهالة ، تعود إلي هنا ، لتقول لي هذه الأمور كلها ؟ ولكنني بالتأكيد 95 سأنفذها كلها ، وسأفعل كما طلبت مني • فاقترب مني ، ودعنا ، ولو لوهلة ، نتعانق ، ونأخذ كفايتنا التامة من ترنيمة الحزن " • قال ذلك ، ومد ذراعيه نحوه ، فلم يستطع الوصول إليه • ونزل الشبح تحت الأرض مختفياً كالبخار ، 100 وهو يطلق صرخة نحيلة هب لها آخيل مستيقظاً وهو يحدق في الفراغ ، ويستعيد ذراعيه ، ويقول من أحزانه : " يا للعجب ! حتى في بيت هيدز يبقى هناك شيء • روح وشبح ، ولكن دون قلب حقيقي فيه للحياة • فطوال الليل كان شبح باتروكلوس التعيس 105 يقف فوقي حزيناً نادباً • وكان الشبه بينهما مدهشاً • وقد قال لي عن كل ما علي أن أفعله " • قال ذلك ، فحرك في كل منهم الرغبة في البكاء • وظهرت لهم ( الفجر ) ذات الأصابع الزهرية وهم ما يزالون يبكون حول الجثة البائسة • وأعطى أغاممنون أوامره 110 أن يجتمع الرجال والبغال من المآوي كلها لجلب الحطب • وقادهم في حركتهم ميريونيس ، الرجل العظيم ، تابع إيدومينيوس ، ذي الهالة الملكية •






4 في التفسير الحديث للأحلام هذه هواجس آخيل أكثر مما هي كلمات طيف باتروكلوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 630 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 631 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 700

وذهب هؤلاء وبأيديهم الفؤوس لقطع الحطب ، والحبال المجدولة ، وبغالهم تسبقهم • 115 ذهبوا في اتجاهات عديدة ، أعالي الجبال وسفوحها وجوانبها ومنحدراتها • ولكن حين وصلوا إلى كتف إيدا بينابيعها العديدة بدؤوا القطع بنصال الفؤوس البرونزية الحادة ، وهم يلقون بثقلهم مع الضربات على أشجار البلوط المكللة بالأوراق ، والتي كانت تتهاوى بأصوات تحطم عالية • ثم قام الآخيون بقطع الأخشاب 120 وحزمها فوق البغال ، وهذه راحت تحفر الأرض بحوافرها وهي تتقدم فوق الأعشاب الكثيفة نحو السهل المنبسط • وحمل قاطعو الأشجار بأنفسهم جذوع الأشجار ، حسب أوامر ميريونيس تابع إيدومينيوس الملكي • وألقى هؤلاء بأحمالهم على طول الشاطئ ، حيث كان آخيل 125 قد اختار مكاناً كبيراً عالياً له ولباتروكلوس • وعندما ألقوا بأكوام الحطب من الجهات كلها جلسوا ، حيث هم ، مجتمعين • وأعطى آخيل أوامره الفورية للمورميدون ، الذين يستمتعون بالقتال ، أن يحزموا أنفسهم بالبرونز ، وأن يربطوا خيوله 130 إلى عربته • فنهضوا وارتدوا عددهم الحربية ، وصعدوا ، سائقين ومقاتلين ، إلى العربات ، والسائسون في المقدمة • ومن خلفهم غمامة من آلاف المقاتلين المشاة وفي الوسط قام رفاق باتروكلوس بحمله • فغطوا الجثة بخصل شعرهم التي حلقوها 5 135 وألقوها عليه • ومن خلفهم آخيل الباسل يسند الرأس






5 هذا تقليد قديم لدى العديد من الشعوب. ويرى بعضهم أنه من بقايا عادة التضحية بالبشر تكريما للميت (ذبح آخيل أولاداً من أبناء الأعداء في الجنازة ذاتها)، أو العادة الأخرى وهي دفن الذات مع الميت (في الهند تدفن المرأة مع زوجها المتوفي، وتحرق معه وهي حية). وهنا يصبح رمي الشعر في القبر رمزاً لرمي الجسد كله واستعاضة عنه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 631 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 632 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 701

حزيناً • فهذا هو صديقه الحميم الذي يعبر نحو هيدز • وحين وصل هؤلاء إلى المكان الذي حدثهم عنه آخيل ، أنزلوه ومددوه ، وسرعان ما كوموا أكوام الحطب • وتذكر آخيل الباسل ذو القدمين السريعتين أمراً آخر • 140 انتحى عن المحرقة ، وقص خصلة من الشعر الجميل التي كان قد أطالها ليعطيها لنهر سبيرخيوس 6 • ثم تطلع بحزن إلى الماء المزرقّ بلون الخمر ، وقال : " سبيرخيوس ! لم يكن مجدياً أن ينذر لك بيليوس ، أنني ، حين أعود إلى أرض موطن آبائي الحبيب ، 145 سأقص شعري من أجلك وأقدم لك أضحية كبيرة وقدسية من خمسين خروفاً منذورة لمياه ينابيعك ، حيث أرضك المقدسة ومذبحك ذو الدخان المتصاعد • هكذا نذر العجوز ، ولكنك لم تحقق له طلبه • وبما أنني لن أعود إلى أرض آبائي الحبيبة ، 150 فإنني سأترك شعري في عهدة البطل باتروكلوس " • قال ذلك ووضع الشعر في يدي رفيقه الحبيب ، ففجر في الجميع عاصفة من البكاء • وكان ضوء الشمس سيطلع على ندبهم وبكائهم لولا أن آخيل وقف إلى جانب أغاممنون وقال له : 155 " أنت يا ابن أتريوس ، من دون الآخرين ، من يطيع الآخيون كلامك • إن هناك كفاية حتى في الندب • فاطلب منهم الآن أن يتفرقوا بعيداً عن النار ، وليهيئوا طعامهم • ونحن ، المعنيين أكثر من غيرنا بالميت ،






6 كذلك رمي الشعر ف يالنهر بديل آخر عن التضحية بالإنسان كله برميه في النهر. ثم صار النذر بتربية الشعر وحلقه في موعد محدد، أو تكريماً لإله أو نبي أو أي مقدس آخر، نوعاً من افتداء الولد عن طريق التضحية بخصلة من الشعر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 632 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 633 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 702

سنتم هذا العمل • وليبق القادة وحدهم إلى جانبنا " • 160 وحين سمع قائد الجموع ، أغاممنون ، هذا الكلام ، سارع فوراً إلى تفريق الناس بين السفن الهادئة • وظل النادبون المودعون في المكان ، وراحوا يكومون الحطب • فبنوا محرقة بطول مئة قدم وعرض مئة قدم • وعلى ذروة المحرقة وضعوا الجثة ، والحزن يأكل قلوبهم • 165 وأمام المحرقة قاموا بسلخ الخراف السمينة والثيران البطيئة ذات القرون المعقوفة ، ورتبوها بانتظام • ومنها كلها راح آخيل ينتزع الشحم ويلف به الجثة 7 ، من الرأس حتى القدم • ويكوم الذبائح المسلوخة حولها • ثم وضع إلى جانبها جرتين من الزيت والعسل ، لكل منهما مقبضين ، 170 وأحناهما على المحمل • ثم ألقى بأربعة جياد قوية الأعناق فوق المحرقة مع الندب العالي • وكانت هناك تسعة كلاب مائدة تخص باتروكلوس • قطع عنقي اثنين منها ، ووضعهما على المحرقة • ثم قتل اثني عشر ولداً نبيلاً من أبناء الطرواديين البواسل 175 بضربات من البرونز ، وهو مليء بالحقد عليهم 8 • ثم أطلق غضب النار المتأجج ليتغذى على ذلك كله • وتأوه ، ونادى رفيقه الحبيب باسمه : " وداعاً يا باتروكلوس • إني أحييك وأنت في بيت إله الموت لأنني أنفذ كل ما وعدتك به فيما مضى • 180 ها هنا اثنا عشر ولداً من أبناء الطرواديين البواسل تلتهمهم النيران كلهم مثلما تلتهمك أنت • ولكنني






7 رغم الطقسية في مسألة الدهن أو التغليف بالشحم، إلا أنه عملياً يساعد على التعجيل بإحراق الجثة. 8 تفسير تفاصيل هذه الأضحيات هو كما يلي: الزيت والعسل مؤونة لرحلة الميت إلى بيت هيدز. والخيول والكلاب للمرافقين. والأولاد المقتولون ليصيروا خدماً له.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 633 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 634 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 703

لن أقدم هيكتور ، ابن بريام ، إلى النيران ، بل إلى الكلاب لتولمه " • أطلق تهديده هذا ؛ ولكن الكلاب لم تنهش هيكتور • فأفرودايت ، ابنة زيوس ، كانت تبعد الكلاب عنه 185 في الليل والنهار • وقد دهنته بالزيت الإلهي الوردي ، لكي لا يتمزق جسمه حين يجره آخيل • وأحاطه فويبوس أبولو بضباب قاتم يمتد من السماء حتى السهل • وغطى به كل الفضاء الذي يحيط بالميت ، ليمنع قوة الشمس من الوصول أولاً ، 190 وتجفيف جسمه في الأطراف والعضلات • غير أن محرقة باتروكلوس الميت لم تشتعل • ففكر آخيل الباسل ذو القدمين السريعتين بشيء آخر يجب أن يفعله • انتحى جانباً عن المحرقة وقدم صلاته للريحين بورياس وزيفوروس ، الشمالي والغربي ، ووعدهما بأضحيات فاخرة 195 ومع المزيد من الرجاء ، وهو يقدم السكيبة من الكأس الذهبية ، والتوسل إليهما بالمجيء لكي تحترق الجثث بأقصى سرعة ممكنة ، ويتفجر الحطب باللهيب • وحين سمعت إيريس صلاته ذهبت رسولاً باسمه إلى الريحين • وكان الرياح مجتمعين 9 في بيت مولد العواصف زيفوروس 200 على مأدبة • وتوقفت إيريس عن ركضها ثم وقفت بالعتبة الحجرية • أما هم فحين رأوها نهضوا واقفين • وراح كل منهم يدعوها أن تجلس إلى جانبه • ولكنها رفضت الجلوس وقالت لهم كلمتها : " يجب أن لا أجلس • سأعود إلى مياه أوقيانوس الجارية ، 205






9 كل ريح في الملحمة مذكر ولها (له) إله يمثلها. والقصة مع الرياح هنا توضح الاعتقاد بأن كل ريح إله يعبر عن نفسه وموقفه وطاقته من خلال حركة الهواء والريح والعاصفة أو النسيم أو السكون التام. وهؤلاء الآلهة، كالعادة، يتصرفون مثل البشر فالريح ساكنة عند آخيل لأن الآلهة ينسون أنفسهم في الاحتفال والمأدبة، وحين تظهر الربة الفاتنة يتسابق هؤلاء الآلهة لكسب ودها وكل منهم يدعوها إلى الجلوس إلى جانبه.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 634 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 635 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 704

وإلى أرض الأيثيوبيين ، حيث تقدم الأضحيات العظيمة إلى الآلهة • وهناك أيضاً سأشارك في القرابين المقدسة • ولكن صلاة آخيل هي من أجل يأتي إليه بورياس وزيفوروس العاصف وهو يعدهما بأضحيات سخية • فلعلكما تضرمان النار في محرقة التشييع ، التي يتمدد عليها 210 باتروكلوس ، والآخيون كلهم يندبونه من حولها " • قالت ذلك وذهبت • فنهض الجميع بصخب إلهي • وأثاروا الاضطراب في الغيوم أمامهم • ونزلا بهبة مفاجئة على البحر ، فعلت الأمواج تحت الريحين الصافرين • ووصلا إلى ترود السخية 215 وضربا المحرقة ، فشب فيها لهب هائل يتأجج • وطوال الليل ظلا يكومان معاً اللهب على محرقة التشييع وهما ينفخان بهبات زاعقة • وطوال الليل ظل آخيل ذو القدمين السريعتين بكأس ذي مقبضين في يده ، ومن السطل الذهبي لمزج الخمر ، يغرف الخمر ويسكبه على الأرض حتى أغرقها به ، 220 وهو ينادي روح باتروكلوس التعيس • وكما ينوح أب وهو يحرق عظام ابنه ، وهو حديث العهد بالزواج ، وقد مات ليحرق قلبي والديه التعيسين ، هكذا كان آخيل ينوح وهو يحرق عظام رفيقه ، ويجر نفسه إلى النار في ندب حميم • 225 وحين مر نجم الفجر على الأرض ، مبشراً بالنور ، ومن ورائه انتشرت الفجر بعباءتها الزعفرانية فوق البحر ، خمدت النار ، وانطفأ اللهب •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 635 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 636 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 705

وعاد الريحان أدراجهما نحو بيتهما من جديد ، عابرين المياه الثراسية ، التي اضطربت بانتفاخات نائحة ، وهما يعبرانها • 230 ومال ابن بيليوس مبتعداً عن مكان الاحتراق • ثم تمدد منهكاً ، فاعتلاه النوم الهنيء • واجتمع الذين كانوا مع ابن أتريوس فأيقظت همهمات تجمعهم وأصواتهم آخيل ، الذي اعتدل وجلس • فكلمهم قائلاً : 235 " يا ابن أتريوس • وأنتم يا أعظم الآخيين • أطفئوا بالخمر المشعشع أولاً المحرقة التي ما تزال تشتعل • وما تزال النار تضطرم فيها • وبعد ذلك سنجمع عظام باتروكلوس ، ابن مينويتيوس ، التي نستطيع عزلها بسهولة ، فهي بارزة 240 حيث كان ممدداً وسط المحرقة ، والعظام الأخرى بعيدة عنه • فقد احترقت عند الأطراف ، فاختلطت عظام الخيول بعظام البشر • ودعونا نضع عظامه في جرة ذهبية ، مع طبقتين من الشحم 10 ، إلى أن أقوم أنا نفسي بنقله إلى هيدز 11 • وأطلب منكم أن تبنوا تلة قبر لا تكون كبيرة جداً ، 245 بل بما يكفي ويتلاءم • وبعد ذلك يمكن للآخيين أن يوسعوها ويُعلوها -كما يرى الآخيون الذين سيظلون أحياء من بعدي ، في السفن ذات المقاعد " • قال ذلك فسارعوا إلى القيام بما قاله لهم البيلي سريع القدمين • في البداية أطفؤوا بالخمر المِحرقةَ التي كانت ما تزال تشتعل • 250 وظلوا يسكبون طالما كان هناك لهب ، حتى سال الرماد منها •






10 الشحم لحفظ العظام. 11 أي إلى أن أموت أنا فأنقله معي إلى بيت الموتى.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 636 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 637 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 706

ثم قاموا بجمع العظام البيضاء للرفيق الجميل ، وهم يبكون • ووضعوها في جرة ذهبية مع طبقتين من الشحم • ثم ركنوها في مأواه وغطوها بوشاح رقيق • وبعدها خططوا أساس القبر ، وأقاموا جدران الاستناد 255 حول المحرقة • ثم أهالوا التراب عليها ، ورفعوا هيكل القبر ، والتفتوا ليقفلوا راجعين • ولكن آخيل أوقف الناس هناك • وطلب إليهم الجلوس في اجتماع كبير • وأحضر جوائز الألعاب من سفنه • وهي قدور ومساند ثلاثية القوائم ، وخيول وبغال وأبقار قوية عالية الرؤوس 260 ونساء حسنات الأطواق وحديد أشهب • في البداية طرح الجوائز الذهبية لسائقي العربات المتفوقين في السرعة : امرأة تتقن الشغل بيديها • ومسند ثلاثي القوائم ذو مقبضين واثنان وعشرون مكيالاً من الذهب للفائز الأول • وللثاني قدم فرساً في السادسة من عمرها 265 غير مروضة ، وفي بطنها جنين تحمله 12 • وللجائزة الثالثة قدر فاخرة لم تعرف النار بعد ، تتسع لأربعة مكاييل ، ما يزال بريقها فيها • وللرابع تالونان من الذهب ، وللخامس جرة لم تعرف النار ، ذات مقبضين • 270 وقف منتصباً وقال كلمته بين الأرجيفيين : " يا ابن أتريوس ، وأنتم أيها الأرجيفيون ذوو الواقيات القوية • هذه الجوائز للألعاب ، وهي تنتظر سائقي العربات • ولو أننا ، نحن الأرجيفيين ، كنا نحتفل ببطل آخر ،






12 يترجم أمين سلامة أن الفرس لم تعرف الحمل. وفي النصوص الإنكليزية أنها تحمل في بطنها جنيناً (ترجمة روبرت فيغلز وريتشموند بالتيمور وألكسندر بوب، الذي يضيف أنها لم تعرف النير). ولعل هذه الفرس الحامل جائزة أكبر لنها تعتبر فرسين معاً. كما أن من المنطقي أن تكون الفرس حاملاً في السادسة من عمرها. وفي معظم الحالات يكون حملها الأول. وبالتالي فوليدها سيكون قوياً ومعافي. ومن المعروف أنه في التعامل مع الحيوانات الأليفة تعتبر الأنثى الحامل أعلى قيمة من غيرها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 637 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 638 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 707

لأخذت أنا الجائزة الأولى إلى مأواي • 275 وأنتم تعرفون كم يتفوق حصاناي في سرعتهما على الخيول الأخرى • إنهما حصانان إلهيان مخلدان ، وقد منحهما بوزيدون إلى أبي بيليوس ، الذي وضعهما بين يديّ • ولكنني أنتحي هنا جانباً ، وحصاناي يتنحيان معي • فقد كان السائق الذي فقداه ذا مجد عظيم • 280 كان ودوداً معهما • وكم كان يدهن أعرافهما بزيت الزيتون اللذيذ بعد أن يكون قد غسلهما بالمياه الصافية • ولذلك يقف هذان الحصانان هنا وهما مكتئبان ، وعرفاهما يتدليان حتى الأرض ، وهما مليئان بالحزن • فليأخذ البقية أماكنهم في الميدان • وليشترك كل آخي 582 لديه الثقة في خيوله وعربته المتقنة " • أنهى ابن بيليوس كلامه ، فتجمع السائقون السريعون • وكان إيوميلوس سيد الرجال أول من نهض ، ابن أدميتوس ، المتفوق في الفروسية • وبعده نهض ابن توديوس ، ديوميديس القوي • 290 ووضع تحت النير الخيول الطروادية التي أخذها بالقوة من أينياس ، ويومها قام أبولو بإنقاذ أينياس • وبعده قام ابن توديوس ، مينيلاوس ، ذو الشعر الجميل ، المنزل من السماء ، ووضع تحت النير الحصانين السريعين ، أيثي ، فرس أغاممنون ، وحصانه بودارغوس • 295 وكان إيخوبولوس ، ابن أنخيسيس ، قد أعطى هذه الفرس لأغاممنون ، هدية ، لكي لا يذهب معه إلى إليون العاصفة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 638 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 639 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 708

ولكي يبقى ليمتع نفسه • إذ أن زيوس كان قد منحه ثروة كبيرة • فأقام بيته في أراضي سيكوون الفسيحة • هذه الفرس ، المتشوقة للسباق ، هي التي لجمها مينيلاوس • 300 وكان الرابع الذي طلب جياده ذات الأعراف المتموجة هو أنتيلوخوس ، الابن المجيد لنيستور ، ابن نيليوس ، الزعيم الباسل ، وكانت الخيول السريعة ، من سلالة خيول بولوس ، هي التي تجر عربته • وكان والده يقف إلى جانبه ، ويقدم له نصيحة مفيدة يستوعبها في عقله الراجح : 305 " أنت شاب بالفعل يا أنتيلوخوس • ولكن زيوس وبوزيدون قد أحباك وعلماك الفروسية من نواحيها كلها • ولذا ليست بي حاجة كبيرة لتوجيهك • أنت نفسك تعرف جيداً كيف تضاعف السرعة في المنعطفات • ولكن في هذا السباق يجب أن تكون خيولك أبطأ • ولذا أظن أن عملك سيكون متعباً • 310 إن خيول هؤلاء أسرع ، ولكن هم أنفسهم لا يعرفون أكثر مما تعرف في علم السباق • فتذكر إذن يا ولدي العزيز أن يكون عقلك مشبعاً بكل مصدر للبراعة والمهارة ، لكي لا تفوتك الجوائز • إن قاطع الأشجار أبرع بكثير في شغله مما هو في القوة ذاتها • 315 وبالمهارة يسيطر الربان على سفينته السريعة في مجراها ، مع أن الرياح تصادمه ، فوق المياه التي في زرقة الخمر • وبالمهارة يتفوق سائق عربة على آخر • ومن يضع ثقته كلها في خيوله وعربته ويقوم بالدوران في اتجاهات الدوران دون دراية 320








الإلياذة هوميروس الصفحة : 639 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 640 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 709

يجد خيوله وقد شردت عن المضمار ويفقد السيطرة عليها • ولكن الرجل الذي يعرف كيف يستغل الفرصة ، حتى لو كان يقود خيولاً أبطأ ، يبقي عينيه على نقطة الانعطاف ، ويدور بإحكام ، وهو محترس دائماً ويشد خيوله بالسيور المصنوعة من جلود الثيران ، مثلما كان يفعل في البداية ، ويبقي على خيوله تحت سيطرته ، وهو يراقب من في المقدمة • 325 وسأدلك على علامة واضحة لن تفوتك رؤيتها ، هناك جذع شجرة مقطوعة يعلو عن الأرض ستة أقدام • قد تكون سنديانة أو صنوبرة ، لم يتلفها المطر بعد • وقد أسند إليها حجران أبيضان ، حجر من كل جانب ، عند ملتقى الطرق ، وحولها أرض ملساء تسهّل القيادة • 330 وهي إما شاهدة لقبر شخص مات منذ زمن بعيد ، أو أنها علامة للسباق وضعها من عاشوا قبلنا • وقد جعل آخيل الباسل سريع القدمين هذا الجذع نقطة التفاف • عليك أن تقود حصانيك وعربتك وكأنك تريد أن تعانقه ، ثم أنت ، في عربتك قوية الصنع ، تنحني قليلاً 335 إلى يسار المضمار • أما الحصان الأيمن فاضربه واجعله يندفع مباشرة ، وأنت ترخي يديك لتعطيه الحد الأقصى من عنانه • واجعل حصان اليسار يتصلب عند نقطة الدوران بحيث أن حافة محور عجلتك تبدو وكأنها تلامسها • ولكن كن حذراً من أن تحتك بها • 340 لأنك إن فعلت فستؤذي حصانيك وتحطم عربتك • وسيكون هذا ممتعاً للآخرين ، وفشلاً لك • لهذا يا بني ، عليك أن تقود بتفكير واحتراس معاً • وحتى لو كنت






الإلياذة هوميروس الصفحة : 640 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 641 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 710

خلف الآخرين ، حاول أن تصل النقطة قبلهم • فما من أحد منهم سيكون سريعاً بحيث يحقق ذلك ، ولا يكون قريباً منك أو قادراً على أن يسبقك ، 345 حتى لو كان الذي وراءك يقود أريون الخالد ، حصان أدريستوس السريع ، الذي تحدر من الآلهة ، أو خيول لاوميدون ، التي كانت فخر الخيول التي ربيت في هذه البلاد " • أنهى نيستور ، ابن نيليوس ، كلامه ثم عاد إلىمكانه • وجلس ، بعد أن تحدث مع ولده عن كل مرحلة من مراحل السباق • 350 وكان الخامس الذي أمر بسرج خيوله ميريونيس • ارتقوا عرباتهم ، واختاروا الأزلام ، فهزها آخيل ، وكان أول ما سقط هو زلم أنتيلوخوس ، ابن نيستور • وسحب إيوميلوس الثاني بعده ، وبعده ابن أتريوس ، مينيلاوس ذو الرمح الشهير • 355 وميريونيس في المضمار التالي ، وآخرهم كان ديوميديس ، لقيادة خيوله ،مع أنه أفضلهم جميعاً • وقفوا صفاً واحداً للانطلاق ، ودلهم آخيل على نقطة الانعطاف الواقعة بعيداً في السهل المنبسط • وإلىجانبها وضع محكماً ، هو فوينيكس شبيه الآلهة ، تابع أبيه ، 360 ليرقّم ويتذكر المجريات ويعود بقصة حقيقية • رفعوا سياطهم عالياً فوق خيولهم ، ثم نزلوا بها على الجياد ، وراحوا يحثونها بالكلام لتنطلق بأقصى سرعتها • وسرعان ما انطلقت في الأرض المنبسطة ، وصاروا بعيدين عن السفن • وانعقد الغبار 365 تحت صدور الخيل مثل غيمة أو زوبعة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 641 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 642 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 711

وانسرحت أعرافها مع الريح ، والعربات تتأرجح ، فتارة تنهد نحو الأرض التي تتسع للكثيرين ، وتارة تثب عالياً عن الأرض • والسائقون واقفون في عرباتهم ، والقلوب تخفق ، 370 متلهفة للفوز • وكل يصيح عالياً بخيوله • والخيول تطير عبر غبار الأرض المنبسطة • ولكن فيما كانت الخيول تصل في عدوها إلى آخر المضمار ، عائدة نحو البحر الأشهب ، وراح كل منهم يظهر حماسه ، وراح مجال الخيول يضيق ، وقبل الجميع 375 في المقدمة كان الفريق السريع لابن فيريس ، إيوميلوس ، وبعده فحول ديوميديس ، الخيول الطروادية ، التي لم تكن بعيدة جداً عنه ، بل على مقربة منه ، حتى بدت وكأنها توشك أن تتسلق عربته وكانت أنفاسها حارة على ظهر إيوميلوس 380 وكتفيه • أخفضت رؤوسها وانطلقت وراءه ملاصقة له • وكان سينجح في تجاوزه ، أو يصل معه ، لولا أن غضب فويبوس أبولو من ديوميديس ، ابن توديوس • فقذف بالسوط اللامع من يده • وتدفقت الدموع من عينيه غضباً ، 385 وهو يرى كيف تتقدمه فرسا إيوميلوس ، بينما حصاناه ، لغياب السوط ، راحا يتباطآن • ولكن أثينا لم يفتها أن ترى لعبة أبولو الشريرة على ابن توديوس •فانطلقت بسرعة نحو سيد القوم ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 642 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 643 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 712

وأعادت إليه سوطه • وبثت في حصانيه القوة • 390 وفي فورة غضبها ذهبت وراء ابن أدميتوس • وقامت ، وهي الربة ، بتحطيم نير عربته • فتفرق حصاناه كل في اتجاه على جانبي الطريق ، والمحور مجرور على الأرض ، وإيوميلوس نفسه انقذف إلى جانب عجلتي عربته ، حتى تمزق كوعاه ، وجرح في فمه وأنفه 395 وجبينه حول الحاجبين • وامتلأت عيناه بالدموع • وتحجر الصوت الوثاب في أعماقه • فحول ابن توديوس حصانيه ليتجاوزه ، وهو يتقدم الآخرين كثيراً ، إذ رأى أن أثينا قد بثت القوة في حصانيه ، ومنحته المجد • 400 وبعده وصل ابن أتريوس ، مينيلاوس ذو الشعر الجميل • وصاح أنتيلوخوس بحصاني أبيه بصوت عال : " هيا • أنتما معاً • شدا • بأسرع ما تستطيعان ! أنا لا أحاول أن أجعلكما تقيسان سرعتكما بسرعة الآخرين ، حصاني الابن الباسل لتوديوس ، اللذين منحتهما 405 أثينا الآن السرعة ، ولخيّالهما المجد • ولكن انطلقا لتلحقا بحصاني ابن أتريوس ولا تتركانهما يخلفانكما وراءهما ، خشية أن آيثي ، وهي الأنثى ، تغرقكما بالهزء والسخرية • هل تخلفتما يا حصانيّ الشجاعين ؟ إنني أقول لكما ، وما أقوله سينفذ • 410 لن تلقيا بعد الآن الرعاية من سيد القوم ، نيستور ، بل سيقوم بذبحكما بحد البرونز ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 643 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 644 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 713

إن فزنا بأردأ الجوائز وكان ذلك لانعدام همتكما • فظلا قريبين منه ، وانطلقا بأقصى سرعة تستطيعانها • وأنا نفسي أعرف ما الذي يجب أن أفعله لأحتال على ذلك • 415 وبحيث نمر في الطريق الضيق إليه • ولن يهرب مني " • ولخوفهما من صوت سيدهما الغاضب ، زادا من سرعتهما لفترة قصيرة ، وسرعان ما رأى أنتيلوخوس العنيد في المعارك كيف تضيق المسافة بينهما • وكانت هناك بركة في الأرض تتجمع فيها مياه الأمطار • 420 وقد فاضت إلى جانب الطريق ، فجعلت الأرض طينية معيقة • وتوجه مينيلاوس إلى هناك ليتجنب اصطدام العربات • ولكن أنتيلوخوس كان قد حول حصانيه عن الطريق ، ومضى قليلاً خارجه، وتابع وراءه • وخاف ابن أتريوس • فصاح بأنتيلوخوس بصوت عال : 425 " هذه فروسية خطرة يا أنتيلوخوس • اردع حصانيك • الطريق ضيق هنا ، وسيتسع بعد قليل • احذر أن تحطم عربتك فنتحطم معاً " • ولكن أنتيلوخوس قاد بقوة أكبر • وبلسع السوط زاد من السرعة ، وكأنه لم يسمعه • 430 وعلى مدى ما يصل إليه قرص مقذوف عن الكتف يلقيه فتى يجرب قوة شبابه الرجولية الجديدة ، مسافة كهذه قطعاها متجاورين ، ولكن فرسي ابن أتريوس تراجعتا وتخلفتا ، لأنه ، هو نفسه وبإرادته ، أرخى قيادته خوفاً من أن تصطدم الخيول في الطريق 435 فتنقلب العربتان قويتا الصنع ، والرجلان نفسيهما ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 644 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 645 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 714

يسقطان على التراب بسبب سعيهما الحثيث لتحقيق الفوز • وصاح به مينيلاوس ، ذو الشعر الجميل ، غاضباً : " ما من رجل ملعون أكثر منك يا أنتيلوخوس • عليك اللعنة • لقد كذبنا ، نحن الآخيين ، حين قلنا إنك عاقل • 440 ومع ذلك لن تأخذ هذه الجائزة ما لم تقدم عهداً " • قال ذلك ورفع صوته صائحاً بحصانيه : " لا تتلكآ • ولا تقفا ، لأن قلبيكما مليئان بالحزن • إن حوافر الخيول الأخرى وركبها سوف تتعب قبلكما ، لأن الشباب قد غادرها " • 445 قال ذلك وهما ، لخوفهما بعد سماع صوت سيدهما الغاضب ، زادا من سرعتهما • وسرعان ما صارا في أعقاب الخيول الأخرى • وكان الأرجيفيون الجالسون في تجمعهم يتفرجون على الخيول فيما الخيول تجمح فوق الأرض المنبسطة • وكان إيدومينيوس ، قائد الكريتيين ، أول من ميزها ، 450 إذ كان يجلس منعزلاً عن الآخرين ، وفي مكان أعلى • كان في وسعه رؤية الطرق كلها • ومن بعيد جداً سمع ديوميديس وهو ينادي • وعرفه وميز جواداً متقدماً على الجياد الأخرى ، وكان متميزاً بحمرته الشاملة باستثناء جبهته ، حيث كانت بقعة بيضاء مدورة كالقمر في تمامه • 455 ونهض إيدومينيوس على قدميه منتصباً وقال للأرجيفيين : " يا أصدقاء • يا قادة الأرجيفيين وأصحاب الرأي فيهم • هل أنا الوحيد الذي يستطيع رؤية الخيول ؟ أم أنكم ترون مثلي ؟ يبدو لي أن هناك خيولاً أخرى متقدمة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 645 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 646 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 715

كما أنني أميز سائق عربة آخر • يبدو أن فرسي إيوميلوس 460 قد وقعتا في مشكلة في مكان ما من السهل ، وعربته هي التي انطلقت أولاً • وقد رأيتهما تعدوان في المقدمة عند نقطة الانعطاف • ولكنني لم أعد أراهما في أي مكان ، مع أنني أراقب جيداً • ومع أن عينيّ تمسحان كل مكان في سهل طروادة • لا بد أن الأعنة قد أفلتت من السائق ، أو أنه فقد السيطرة عليهما 465 عند الهدف ، وقد فشل في الالتفاف على نقطة الانعطاف • لا بد أنه قد سقط هناك وتحطمت عربته ، وشردت الفرسان في البرية على هواهما • فقفوا أنتم أيضاً وانظروا بأنفسكم • أنا لا أستطيع التمييز جيداً • ولكن يبدو لي أن الرجل الذي في المقدمة 470 أيتولي المولد ، وليس إلا قائد الأرجيفيين ابن توديوس ، محطم الخيول ، ديوميديس القوي " • فقال له أياس ، ابن أويليوس ، مؤنباً بغضب : " ما كل هذا الكلام الفارغ يا إيدومينيوس ؟ إن الخيول ذات الحوافر الخفيفة ما تزال بعيدة تنطلق في السهل الكبير • 475 وأنت لست الأفتى بين الأرجيفيين • وعيناك في رأسك لا تريان بشكل أكثر حدة من عيون الآخرين • ولكنك تافه دائماً في كلامك ، وليس لك أن تكون محدثاً تافهاً • فهنا أناس أفضل منك بكثير • الخيول التي في المقدمة هي الخيول ذاتها التي كانت من قبل ، 480 وهما حصانا إيوميلوس ، وهو واقف يمسك بالأعنة وراءهما " • ورد عليه قائد الكريتيين في وجهه غاضباً :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 646 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 647 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 716

" إنك تتجاوز حدودك في الإهانة يا أياس • أيها الغبي • وفي كل أمر أنت أسوأ الأرجيفيين بعنادك • تعال نتراهن إذن على مسند ثلاثي أو قِدر • 485 وليكن أغاممنون ، ابن أتريوس ، شاهداً علينا ، حول لمن هما حصانا المقدمة • وحين تدفع ستكتشف الحقيقة " • حين قال ذلك نهض أياس ، ابن أويليوس ، وقد غضب بدوره ، ليرد عليه بالكلام القاسي • وكانت المشاجرة بين الاثنين ستتمادى 490 لولا أن آخيل نفسه وقف وتدخل بينهما : " يكفي يا أياس ويا إيدومينيوس • كفا عن تبادل هذا الكلام القاسي والمسيء • هذا لا يليق • ولو أن غيركما تصرف على هذا النحو لغضبتما • من الأفضل أن تعودا إلى الجلوس بين المجتمعين ، وتتفرجا 495 على الخيل • وهي في سعيها نحو الفوز ستكون هنا بعد قليل • وعندها يستطيع كل منكما أن يرى بنفسه ، ويعرف من في المقدمة ومن يليه " • وما أن قال ذلك حتى كان ابن توديوس في عدوه السريع قد صار قربهم ، وهو يسوط حصانيه بالسوط المعلق في كتفه • 500 وهما مازالا يرفعان حوافرهما الخفيفة عالياً وهما ينطلقان بسرعة • وكان الغبار المتصاعد قد غطى السائق ، والعربة المغطاة بالذهب والقصدير ما تزال تجري وراء الحوافر الطائرة للحصانين • ومن خفة الانطلاق لم تكن هناك آثار واضحة متبقية من العجلات الدائرة على التراب الناعم • 505








الإلياذة هوميروس الصفحة : 647 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 648 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 717

ووصل الجوادان جامحين • وأوقفهما ديوميديس وسط المكان الذي اجتمع فيه القوم والعرق الغزير يسيل ويقطر على الأرض من عنقي حصانيه وصدريهما • وقفز هو على الأرض من عربته البراقة وأسند سوطه على النير • ولم يتلكأ سثينيلوس القوي 510 فأسرع لأخذ الجوائز ، وسلم المرأة إلى مرافقيه البواسل لأخذها ، والمسند ذا المقبضين لحمله ، فيما كان ديوميديس يسرح حصانيه • ووصل بعده أنتيلوخوس النيليوي 13 مع حصانيه ، وقد تجاوز مينيلاوس ، ليس بالسرعة ، بل باغتنام الفرصة • 515 ولكن مينيلاوس ظل يلح بجواديه وراءه • وكانت المسافة بينهما بقدر المسافة بين العجلة والجواد الذي يجاهد كي يجر سيده مع العربة فوق الأرض المنبسطة • وكان آخر شعر ذيل الحصان يلامس حافة العجلة • والمضماران قريبان جداً ، فليست هناك مسافة كبيرة 520 بينهما ، نظراً للسرعة الكبيرة التي كان منطلقاً بها على الأرض المنبسطة • وظل مينيلاوس بعيداً إلى الوراء بالنسبة لأنتيلوخوس الشريف • في البداية كان متخلفاً بمقدار رمية قرص ، ولكنه راح يلحق به بإلحاح ، مستعيناً بأيثي ذات العرف الجميل ، فرس أغاممنون ، محققاً انطلاقة قوية • 525 ولو كان أمامهما فرصة الجري على المضمار أبعد من ذلك لكان مينيلاوس قد تجاوزه ، فلا يبقى مجال للجدل • ولكن ميريونيس ، التابع القوي لإيدومينيوس ،






13 نسبة إلى نيليوس والد نيستور، وهو بالتالي جد أنتيلوخوس.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 648 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 649 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 718

صار على بعد رمية رمح وراء مينيلاوس المجيد • فقد كان جواداه بعرفيهما البهيين أبطأ الجياد • 530 كما أنه ، هو نفسه ، كان ذا خبرة قليلة في سباق العربات • وكان الأخير الذي جاء بعد الجميع ابن أدميتوس وهو يجر عربته الجميلة ويسوق حصانيه أمامه • وحين رأى آخيل ذو القدمين السريعتين ذلك أشفق عليه • وتقدم أمام الأرجيفيين وحدثهم بكلمات مجنحة : 535 " أفضل الرجال يسوق جواديه في المؤخرة • هيا بنا • يجب أن نعطيه جائزة ما • وهو يستحقها عن جدارة • الجائزة الثانية • ولتكن المرتبة الأولى لابن توديوس " • ووافق الجميع على ما اقترحه • وكاد أن يعطيه الحصان ، بعد موافقة الآخيين جميعاً • 540 إلا أن أنتيلوخوس ، ابن نيستور الباسل ، وقف ليرد على آخيل البيلي ، ويجادله : " يا آخيل • إنني سأغضب غضباً شديداً إذا نفذت ما قلته • إنك تريد أن تأخذ جائزتي مني • وفي ذهنك أن عربته قد تعثرت ، وكذلك حصاناه ، 545 بينما هو نفسه عظيم • كان عليه أن يصلي للآلهة الخالدين • ولهذا هو قد جاء الأخير في الجري • ولكن إن كنت آسفاً له ، وهو عزيز عليك ، ففي مأواك أكوام من الذهب • وهناك البرونز أيضاً والحيوانات • ولديك وصيفات وخادمات وجياد • 550 يمكنك الأخذ منها وإعطاؤه جائزة أكبر من جائزتي •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 649 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 650 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 719

ويمكنك ذلك الآن • وسيهلل لك الآخيون • ولكنني لن أتنازل عن الفرس • ومن يريد أن يأخذها عليه أن يقاتلني من أجلها بيديه قبل أن يأخذها " • قال ذلك فابتسم آخيل الباسل ذو القدمين السريعتين ، 555 إذ كان يحب أنتيلوخوس ، ويعتبره مرافقه المفضل • ورد عليه مخاطباً إياه بكلمات مجنحة : " يا أنتيلوخوس • إن كنت تريدني أن أجلب شيئاً آخر من بيتي ، على أنه هدية خاصة لإيميلوس ، فإنني سأفعل ذلك من أجلك • سأعطيه هذه الصديرية التي غنمتها من أستيروبايوس • 560 إنها من البرونز ، وهناك غلاف يحيط بها من القصدير اللامع • وستكون هدية تعني له الكثير " • قال ذلك ، وأمر مرافقه الحبيب أوتوميدون أن يجلبها من المأوى ، فذهب وجلبها ، ووضعها بين يدي إيوميلوس • فقبلها فرحاً • 565 ولكن مينيلاوس وقف بينهم ، وقلبه مليء بالمرارة وغضبه عارم من أنتيلوخوس • ووضع التابع الصولجان في يده ، وصاح بالأرجيفيين أن يلزموا الصمت • وقف ، رجلاً كالإله ، وتحدث إليهم : " يا أنتيلوخوس • كان لديك ذات يوم حسن تقدير • فانظر الآن 570 ماذا فعلت • لقد أهنت فروسيتي ، وأربكت جواديّ بدفع جواديك في طريقهما ، مع أن جواديك أبطأ بكثير • فتعالوا أيها الأرجيفيون ، ويا أصحاب الرأي والمشورة بينهم : احكموا بيننا الآن • ودون مجاملة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 650 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 651 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 720

بحيث لا يقول عنا أي من الآخيين : 575 إن مينيلاوس باستخدام الكذب والقوة ضد أنتيلاخوس قد فاز بالفرس التي كان قد ربحها ، لأن جواديه كانا أبطأ بكثير إلا أنه هو نفسه كان الأعظم في القوة والمكانة • أو اسمعوا • فأنا نفسي سأقول الحكم ، ولا أظن أن أحداً من الدانانيين يمكن أن يشكك فيه لأنه سيكون حكماً عادلاً • 580 تعال يا أنتيلوخوس ، حبيب زيوس • هذا هو العدل • قف أمام جواديك وعربتك ، وبيدك خذ السوط الدقيق الذي كنت تسوقهما به من قبل • ثم ضع يدك على الجوادين وأقسم باسم من يحيط بالأرض ويرجّفها بأنك لم تستخدم أية خديعة لإعاقة عربتي " • 585 وبدوره رد عليه أنتيلوخوس ذو الرأي الحصيف قائلاً : " يكفي • فأنا يا سيدي مينيلاوس أصغر منك بكثير ، وأنت الأعظم والمتقدم علي • وأنت تعرف بكم من الشراهة تنمو رغبة التخطي عند الشاب ، وخاصة إذ يرى أن عقله أكثر نشاطاً ، ولكن حكمته خفيفة • 590 ولذا أرجو أن تصبر عليّ • أنا نفسي سأعطيك الفرس التي فزت بها • وإذا ظل ما هو أهم ، وتطلبه من بيتي فستكون لدي الرغبة أن أقدمه لك على الفور ، يا حبيب زيوس • فهذا أفضل لي من أن أظل طوال عمري فاقداً لتقديرك لي ، وأن أخطئ أمام الآلهة " • 595 قال ابن نيستور ذو القلب الكبير ذلك ، وأمسك بالفرس وقادها وسلمها لمينيلاوس بيده • فخف غضبه ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 651 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 652 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 721

كما تحت الندى تلين السنابل ، في الحقل المرتعش الذي ينمو فيه القمح • فبالنسبة لك أنت أيضاً ، يا مينيلاوس ، لان قلبك في صدرك • 600 خاطبه بصوت عالٍ وحدثه بكلمات مجنحة قائلاً : " يا أنتيلوخوس ، أنا نفسي الذي كنت غاضباً سأتراجع أمامك الآن ، لأنك لم تكن بشكل مسبق تافه العقل أو مغروراً • وهذه المرة فقط يُبرز شبابك رجاحة عقلك • واحذر أن تلعب الألاعيب بعد الآن مع من هم أفضل منك • 605 إذ ما كان لرجل آخر بين الآخيين أن يسترضيني • ولكنك تحملت الكثير من أجلي ، وقمت بعمل شاق كبير • وكذلك عمل أبوك النبيل وأخوك من أجلي • سأخضع لرجائك • حتى أنني سأعطيك الفرس ، مع أنها لي • لكي يشهد عليّ هؤلاء الرجال 610 بأنني لست صلفاً أو عنيداً في أعماقي " • قال ذلك وأعطى لنويمون ، مرافق أنتيلوخوس ، الفرس ليأخذها ، وقبل هو بأخذ القِدر • وكان الرابع في الترتيب ميريونيس ، الذي أخذ مكيالي الذهب • ولكن الجائزة الخامسة ، الجرة ذات المقبضين ، 615 ظلت بلا رابح • فحملها آخيل عبر جمع الأرجيفيين ، وأعطاها لنيستور ، ثم وقف جانباً وقال له : " هذه ، يا سيدي الموقر ، لك ، لكي تحتفظ بها ذكرى دفن باتروكلوس • إذ أنك لن تراه مرة أخرى بين الأرجبفيين • إنني أعطيك هذه الجائزة 620








الإلياذة هوميروس الصفحة : 652 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 653 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 722

هبة • فأنت لن تقاتل ثانية بقبضتيك • ولن تصارع • ولن تدخل الحلبة لقذف الرماح • ولن تسابق على قدميك ؛ فقد أدركتك متاعب الشيخوخة " • قال ذلك ووضعها بين يدي نيستور ، الذي أخذها فرحاً ورد عليه قائلاً بكلمات مجنحة : 625 " نعم يا ولدي • كل ما قلته صحيح ، كما قلته • إن أطرافي لم تعد متماسكة ، يا صديقي العزيز ، لا قدماي ، ولا ذراعاي ، كما كانت من قبل • فذراعاي يتدليان خفيفين من كتفيّ • أتمنى لو أنني أعود شاباً ، وأن قوتي ما زالت متماسكة في داخلي كما كانت ذات يوم ، حين دفن الإيبيون أمارونغكيوس العظيم 630 في بوبراسيون ، وأقام أولاده المباريات في جنازة الملك • لم يكن هناك رجل مثلي ، لا بين الإيبيين ولا بين البوليين أنفسهم ، ولا بين الأيتوليين الطيبين • في الملاكمة فزت على كلوتوميديس ، ابن إينوبس ، وفي المصارعة فزت على أنغكايوس من بليورون ، الذي تحداني • 635 وفي الجري ، سبقت إيفيكلوس ، رغم سرعته ، وفي رمي الرمح فزت على بولودوروس وفوليوس • في سباق العربات فقط هزمني ابنا أكتور ، إذ عبرا بي في الزحام ، وكانا مصممين جداً على الفوز لأن الجائزة الأكبر كانت لسباق الخيل • 640 وكان ابنا أكتور هذان توأمين ، أحدهما أمسك بالأعنة بارتياح ، بينما اهتم الآخر بسوط الجوادين • هذا ما كنت عليه ذات يوم • والآن جاء دور الشباب ليتنافسوا








الإلياذة هوميروس الصفحة : 653 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 654 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 723

في أعمال كهذه • وأنا علي أن أستسلم لحجة الشيخوخة القاتمة • ولكنني ذات يوم كنت المجلي بين الأبطال الشباب • 645 فاذهب الآن ، وكرّم موت رفيقك بالمنافسات • إنني أقبل هذه منك بامتنان • وإن قلبي سعيد لأنك تذكرتني وتذكرت لطفي ، ولأنني لم أُنسَ في التكريم الذي يجب أن يكون شرفاً لي بين الآخيين • ولتمنحك الآلهة السعادة لما فعلته معي " • 650 قال ذلك ، فعاد البيلي إلى ما بين الأعداد الغفيرة من الآخيين المجتمعين ، بعد أن استمع إلى كل ذلك المديح الذي قاله ابن نيليوس • ثم طرح الجوائز للملاكمة المؤلمة • قاد إلى الحلبة بغلة قوية 14 في السادسة من عمرها ، لم تزل محتفظة بصلابتها ، ومن النوع الذي يصعب طرحه أرضاً ، 655 ورصد للخاسر كأساً ذا مقبضين • ثم وقف منتصباً وقال كلمته بين الأرجيفيين : " يا ابن أتريوس ، وأنتم أيها الآخيون المدججون • إننا ندعو رجلين ، الأفضل بينكم ، ليتنافسا على هاتين الجائزتين • ويداهما متهيئتان لضربات اللكم • ومن يمنحه أبولو 660 القدرة على التفوق على الآخر ، والآخيون كلهم شهود عليه ، سيأخذ البغلة الشغّيلة إلى مأواه • أما المهزوم فسيأخذ الكأس ذا المقبضين " • قال ذلك فنهض من بينهم رجل ضخم وقوي وبارع في الملاكمة • إنه إيبيوس ، ابن بانوبيوس • 665 وضع يده على البغلة الشغّيلة ، وقال :






14 الكلمة المستخدمة تعني الأتان. ولكن أمين سلامة يستخدم كلمة البغل. ويرى مالكولم ويلكوك أنها بغلة. وربما كان ذلك أفضل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 654 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 655 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 724

" فليأت الرجل الذي سيأخذ الكأس ذا المقبضين • إنني أقول إنه ليس بين الآخيين من يتغلب علي في الملاكمة ليأخذ البغلة • أنا أدعي أنني البطل • أليس كافياً أنني مقصر في القتال ؟ إذ ليس من الممكن أبداً 670 أن يتفوق إنسان في كل مجال • وأنا أقول لكم هذا بشكل مباشر وواضح • وسأثبته • سأشقق له جلده ، وأكسر عظامه عظماً فوق عظم • وليقف الذين يعنيهم أمره مجتمعين قربه لكي يحملوه ، بعد أن تطوح به لكماتي • 675 قال ذلك فخيم الصمت عليهم كلهم • إيوروالوس وحده وقف ليقابله ، وهو رجل شبيه بالآلهة ، ابن القائد ميكيستيوس ، سليل تالاوس • وهو الذي جاء مرة إلى طيبة عند ضريح أوديب 15 بعد سقوطه ، وهناك في الملاكمة هزم الكادميين جميعاً • 680 وكان نصيره ابن توديوس الشهير برمحه ، فراح يحدثه مشجعاً ، ويتمنى له النصر • قام أولاً بشد حزام الملاكمة حول خصره ، ثم أعطاه لفافات لقبضتيه مقصوصة بعناية من جلد البقر ، وبعد أن شد كل منهما وسطه بحزامه ، تقدما إلى وسط الدائرة ، 685 وصار كل منهما في مواجهة الآخر ، رفعا أيديهما الثقيلة في وقت واحد ثم تلاحما ، فتقاطع ذراعاهما كل باتجاه خصمه ، وصدر صرير حاد عن أسنانهما ، وبدأ العرق يسيل من كافة أنحاء جسديهما • واقتحم إيبيوس العظيم ،






15 هذا الاسم يثير الالتباس. فأوديب المذكور هنا ملك مات وهو على العرش فأقيمت له مباريات تكريكمية بعد موته. وهذا يجب أن يكون غير أؤديب الآخر، الذي، حين اكتشف قتله لأبيه وزواجه من أمه، سمل عينيه وترك العرش وهام على وجهه. وبالتالي ستكون طيبة هنا غير طيبة المصرية المرتبطة بأوديب. (راجع في القاموس كلمة ثيبي).


الإلياذة هوميروس الصفحة : 655 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 656 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 725

ثم ضربه ، وهو يتطلع من خلل احتراسه ، على خده 690 فلم يعد قادراً على الوقوف على قدميه ، بل تراخت أطرافه حيث يقف • ومثلما تقفز سمكة من ماء تعرض لريح الشمال إلى عشب الضفة ، ثم تطبق عليها المياه السوداء من جديد ، هكذا انتفض أيوروالوس عن الأرض بعد الضربة ، ولكن إيبيوس الباسل أخذه بين ذراعيه ، وأوقفه مستقيماً 695 فالتف حوله أصدقاؤه الخلّص ، وأخرجوه من الدائرة ، فيما كان يبصق الدم الكثيف ، ويرخي رأسه إلى أحد جانبيه • وكا قد داخ حين أرجعوه وأجلسوه بينهم • وذهبوا بأنفسهم ليأخذوا الكأس ذا المقبضين • ثم طرح البيلي فوراً جائزتي المباراة الثالثة ، 700 للمصارعة القاسية وأظهرهما أمام الدانانيين • وكان هناك للفائز مسند ثلاثي القوائم يوضع على النار ، قدر الآخيون فيما بينهم أنه يساوي في قيمته اثني عشر ثوراً • وللخاسر قدم بينهم امرأة ماهرة بالشغل بيديها في عدة أمور ، قدروا قيمتها بأربعة ثيران • 705 ووقف منتصباً وقال كلمته بين الأرجيفيين : " فلينهض اثنان يسعيان إلى هاتي الجائزتين " • وسرعان ما نهض أياس التيلاموني الضخم ، ونهض أوليس الداهية المبرز في كل مجال • وبعد أن شد كل منهما حزامه ، تقدما إلى وسط الدائرة • 710 وأطبق كل منهما على الآخر بذراعيه القويين كما تتعشق العوارض حين يثبتها صانع ضليع ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 656 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 657 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 726

في سقف بيت عال ليبعد بها هجمات الريح • وطقطق ظهراهما تحت ضغط الأذرع المتينة التي أطبقت عليهما بصلابة • وتفجر منهما العرق ، ومواضع الجراح غير الملتئمة 715 الموزعة في أكتافهما وأضلاعهما تفجرت حمراء قانية بالدم ، فيما كان كل منهما يبذل قصارى جهده للفوز ونيل جائزة المسند الثلاثي المصنع بإتقان • فلا أوليس كان قادراً على إمالة أياس ورميه أرضاً ، ولا أياس استطاع ذلك ، وقوة أوليس العظيمة تصمد أمامه • 720 فيما كانا يحاولان ، كان الآخيون المدججون قد بدؤوا يفقدون صبرهم • وأخيراً قال أياس التيلاموني للآخر : " يا أوليس الداهية ، ابن لايرتيس ، وسليل زيوس ، ارفعني أو أرفعك • وسيكون الفوز حسب ما يقدر زيوس " • قال ذلك ، ورفعه ، ولكن أوليس ، الذي لم ينس مكره ، 725 تلقاه بضربة وراء تجويف ركبته ، فأرخى مفاصله ، وقذف به إلى الخلف ، حتى أن أوليس سقط على صدره ، فيما الآخرون يتطلعون إليهما مندهشين • وحاول أوليس شديد الاحتمال أن يرفعه ، ويزحزحه قليلاً عن الأرض ، إلا أنه لم يستطع أن ينهض به • 730 فلف ساقه خلفه ، حتى سقط الاثنان معاً على الأرض • وظلا متماسكين ، وقد تمرغا بالتراب ، وكانا سيقفزان على أقدامهما من جديد ويتصارعان جولة ثالثة ، لولا أن آخيل نفسه نهض وتحدث إليهما ليوقفهما : " يكفيكما صراعاً الآن • لا تنهكا نفسيكما ، ولا تتأذيا • 735








الإلياذة هوميروس الصفحة : 657 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 658 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 727

لقد فزتما أنتما الاثنان • ولذا ستقتسمان الجائزتين بالتساوي • ثم انسحبا ، لكي يقوم بقية الآخيين بمبارياتهم " • قال ذلك فاستمعا إليه باهتمام ، وأطاعاه • نفضا الغبار عن جسديهما ، ولبسا ثوبيهما • وسرعان ما طرح ابن بيليوس جوائز سباق الجري : 740 سطل من الفضة لمزج الخمر ، تحفة فنية ، لا يتسع إلا لستة مكاييل ، ولكنه بروعته يفوق بكثير أي سطل آخر على الأرض ، إذ هو من صنع الصيداويين المهرة ، وقد حمله الفينيقيون فوق وجه الماء الضبابي ، ووضعوه في المرفأ ، ثم قدموه هدية إلى ثواس • 745 وأعطاه إيونيوس ، ابن جيسون ، إلى البطل باتروكلوس ليفتدي لوكاون ، ابن بريام ، من الرق • والآن يقدمه آخيل جائزة في ذكرى رفيقه ، إلى من يثبت أنه الأسرع في الجري • وللمرتبة الثانية قدم ثوراً كبيراً مكتنزاً بالشحم • 750 وللمرتبة الأخيرة نصف طالين من الذهب • ووقف ثم قال كلمته بين الأرجيفيين : " هيا يا من ستحاولون نيل هذه الجائزة " • وسرعان ما نهض أياس السريع ، ابن أويليوس ، كما نهض أوليس الداهية ، وبعده ابن نيستور ، 755 أنتيلوخوس ، أفضل العدائين بين الشباب • وقفوا ، للبدء ، في صف واحد ، ودلهم آخيل على نقطة الالتفاف • وكان المضمار قد مُهّد وأخلي من العثرات ، ولم يمر الكثير من الوقت








الإلياذة هوميروس الصفحة : 658 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 659 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 728

حتى كان ابن أويليوس في المقدمة ، ولكن أوليس الباسل لحق به عن قرب ، وصار قريباً بمقدار ما تقترب السنارة 760 من صدر امرأة جميلة النطاق وهي تشدها بيديها بعناية وتسحب البكرة على طول السداة ، وتقربها من صدرها 16 • بهذا القرب كان أوليس يركض وراءه ، فكانت قدماه تدوسان مكان دوسة الآخر قبل أن يهدأ الغبار فيها • وكانت أنفاس أوليس العظيم تمس قذال أياس 765 وهو يركض ويحافظ على سرعته ، والآخيون يهتفون يطالبونه أن يبذل جهده ليفوز ، ويهللون له للمزيد من القوة في ركضه • وفيما كانا يركضان الشوط الأخير من السباق ، صلى أوليس في سره لأثينا ذات العينين الشهلاوين : اسمعيني أيتها الربة ، كوني لطيفة ، ومدي خطاي بالقوة " • 770 هذا ما قاله في صلاته ، وقد سمعته أثينا • خففت أطرافه ، قدميه ويديه فوقهما • وفيما كانا يتحفزان للقفزة الأخيرة نحو الجائزة ، تعثر أياس في ركضه ، فأفقدته أثينا توازنه ، وأسقطته حيث كان الروث مبعثراً على الأرض من الثيران الخوارة 775 التي ذبحها آخيل سريع القدمين ، على شرف بارتوكلوس • وامتلأ فمه وأنفه بروث البقر ، ففاز أوليس العظيم شديد الاحتمال بسطل مزج الخمر • بعد أن تجاوزه وصار في المقدمة • وذهب الثور إلى أياس المجيد • ووقف وهو يمسك بيديه قرن ثور الحراثة ، 780 وهو يبصق الروث من فمه ، ثم قال كلمته للأرجيفيين :






16 لاتساعد الترجمة على فهم الصورة أو التشبيه. والصورة هي كما يلي: تميل النساجة على النول إلى الأمام لكي تفتح في النسيج مكاناً لعبور المكوك الذي يجر الخيط، وبحركتها هذه يصبح صدرها قريباً جداً من النسيج.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 659 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 660 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 729

" آه ! هذه الربة جعلت قدمي تنزلق ، وهي التي كانت تحمي أوليس مثل أم ، وترعاه بعناية " • قال ذلك فضحك منه بقية الرجال فرحين • وأخذ أنتيلوخوس جائزة المرتبة الأخيرة ، وحملها مبتعداً بها ، 785 ثم قال كلمته بين الأرجيفيين متجهماً : " أنتم تعرفون جيداً يا أصدقائي ما سأقوله لكم • إن الآلهة ما يزالون مستمرين في تفضيلهم للكبار في السن • فأياس ، كما ترون ، أكبر مني سناً ولو بقليل • ولكن هذا الرجل من جيل آخر غير جيلنا • وهو واحد من الكبار • 790 وهذه ما يسمونها الشيخوخة الخضراء • وسيكون من الصعب على أي آخي أن يجاريه في السرعة ، باستثناء آخيل " • هكذا تكلم مكرماً آخيل ذا القدمين السريعتين • فرد آخيل على ذلك ، وقال له : " لن تذهب كلمتك المكرمة لي هذه سدى • 795 وسأضيف لك نصف طالين آخر من الذهب " • قال ذلك ووضعه بين يدي أنتيلوخوس الذي أخذه فرحاً • وحمل ابن بيليوس إلى الدائرة رمحاً طويل الظل ، وركزه ثم وضع إلى جانبه ترساً وخوذة : عدة حرب ساربيدون ، التي أخذها باتروكلوس عن جثته • 800 ثم وقف وقال كلمته بين الأرجيفيين : " إننا ندعو رجلين ، الأفضل بينكم ، أن يتباريا على هذه الجوائز • فليرتديا عدتي حربهما ويحملا رمحيهما البرونزيين النافذين • وليقفا متواجهين في مبارزة التحامية • والمقاتل








الإلياذة هوميروس الصفحة : 660 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 661 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 730

الذي يكون الأول في الوصول بضربة إلى جسد الآخر الجميل ، 805 فيخترق الدرع والدم الأسود ، ويصل إلى المناطق الحيوية ، 17 لهذا الرجل سأعطيه سيف ثريس العظيم المطعم بالفضة ، والذي سلبته عن جسد أستيروبايوس • وسيحمل الرجلان هذه العدة ويقتسمانها بالتساوي ؛ وسنقيم وليمة سخية لهما معاً في مآوينا " • 810 قال ذلك ، فنهض أياس التيلاموني الضخم ، كما نهض ابن توديوس ، ديوميديس القوي • وحين صارا في تمام عدتهما الحربية على جانبي الجمع ، تقدما إلى الوسط ، متحمسين للمبارزة ، مع النظرات المتوعدة ، فيما حلت الدهشة على الآخيين جميعاً • 815 ومع حركة التقدم صار الاثنان قريبين أحدهما من الآخر ، حدثت ثلاث هجمات ، وثلاث مرات تلاحما • ثم قام أياس بتوجيه طعنة إلى ترس ديوميديس في وسط دائرته الكاملة ، ولكن الضربة لم تنفذ منه إلى الجلد ، إذ حمته الصديرية • وكان ابن توديوس يهدد دائماً عنق أياس ، 820 من فوق الترس الضخم ، بسنان الرمح اللامع • وحين رأى الآخيون ذلك خافوا على أياس ودعوهما للتوقف واقتسام الجوائز بينهما بالتساوي • ولكن آخيل البطل حمل السيف العظيم من غمده ، وحمائله المفصلة بإتقان ، وقدمه لديوميديس • 825 وقام ابن بيليوس بوضع كتلة من الحديد الخام كانت ذات يوم قرص القذف لإييتون في أوج قوته •






17 لا تنسجم هذه المباراة مع الروح السائدة حتى الآن في المباريات. إذ بالإضافة إلى خطورتها على المتبارزين، فإنهما هنا من الشخصيات التي نالت احتراماً في الإلياذة. ويرى بعضهم أن هذه الأبيات والأبيات التالية في وصف المباريات الأخرى مضافة لاحقاً إلى الإلياذة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 661 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 662 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 731

ولكن آخيل الباسل ذا القدمين السريعتين قد قتله ، وأخذ الثقل إلى السفن مع الأسلاب الأخرى • ووقف بين الأرجيفيين ، وقال لهم كلمته : 830 " فلتنهضوا ، يا من ستحاولون نيل هذه الجائزة أيضاً • فمع أن الأملاك الغنية لمن يفوز تقع على بعد كبير من هنا ، إلا أنه ، وإلى ما بعد خمس سنوات سيظل يستخدمها • فراعيه لن يكون عليه الذهاب إلى المدينة حين يحتاج إلى الحديد ، ولا حارث أرضه أيضاً • فهذه ستكفيه " • 835 قال ذلك ، فنهض بولوبويتوس العنيد في القتال ، ونهض ليونتيوس ، الرجل الشبيه بالإله ، بقوته الهائلة ، كما نهض أياس ، ابن تيلامون ، وإيبيوس الباسل • وقفوا بالترتيب من أجل القذف ، ورفع إيبيوس الثقل ثم دار وقذفه ، وضحك الآخيون جميعاً • 840 وكان الثاني في الترتيب ليونتيوس ، سليل آريس ، والثالث أياس اليلاموني الضخم ، الذي قذفه بيده القوية ،فتجاوز نقاط الآخرين • وحين أمسك بولوبويتوس العنيد في القتال الحديد ورفعه ، تجاوز في قذفه الميدان بمقدار ما يرمي راعي البقر 845 عصاه التي تدور في الجو ، ثم تسقط حيث يرعى القطيع ، وهلل الآخيون جميعاً • ونهض مساعدو بولوبويتوس القوي وحملوا الجائزة إلى السفن الجوفاء • وجلب آخيل من جديد حديداً قاتماً آخر لرماة الأسهم • 850








الإلياذة هوميروس الصفحة : 662 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 663 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 732

وضع عشر فؤوس مزدوجة الرؤوس ، وعشر فؤوس مفردة الرؤوس ، ثم ركز بعيداً في الرمل عمود سارية لسفينة سوداء الحيزوم ، وربط إليه يمامة مذعورة بخيط رفيع متصل بقدمها ، ثم تحدى الرماة أن يصيبوها : " الرجل الذي يصيب اليمامة 855 يأخذ الفؤوس مزدوجة الرؤوس وينقلها إلى بيته • والذي يخطئ الطائر ويصيب الخيط ، فإنه ، ومع أنه الخاسر ، سيأخذ الفؤوس مفردة الرؤوس " • قال ذلك ، فنهض القائد تيوكروس بقوته ، ونهض ميريونيس ، التابع القوي لإيدومينيوس • 860 اختارا زلميهما وهزاهما في خوذة نحاسية ، وكان نصيب تيوكروس أن يكون الرامي الأول • أطلق سهماً قوياً ، إلا أنه لم يكن قد وعد إله الرمي بأنه سيقدم له أضحية كبيرة من الحملان حديثة الولادة • أخطأ الطائر ، لأن أبولو قد حقد عليه • ولكنه أصاب 865 الخيط المجاور لقدمه والذي ربط به • ومر السهم النافذ فقطع الخيط ، وانطلقت اليمامة محلقة في الجو • بينما ارتمى الخيط وتدلى نحو الأرض • ومع ذلك هلل الآخيون معجبين • وعلى عجل أخذ ميريونيس القوس من يده ، 870 وكان قد هيأ السهم من قبل ، حين كان تيوكروس يسدد • ومسبقاً كان قد نذر لأبولو الذي يرمي عن بعد أنه سيقيم له أضحية كبيرة من الحملان حديثة الولادة •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 663 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 664 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 733

وفي الأعالي تحت الغيوم رأى اليمامة المذعورة • وفيما كانت تحوم ضربها تحت الجناح 875 فمرق السهم من خلالها ، وخرج منها ، وسقط عائداً • فانغرز في الأرض قرب قدم ميريونيس • وسقط الطائر على سارية السفينة ذات الحيزوم الأسود ، وأمال عنقه وارتخى جناحاه المرفرفان وغادرت الروح أطرافه • وعن رأس السارية 880 ارتمى على الأرض ، والناس يحملقون فيه مندهشين • وجمع ميريونيس الفؤوس مزدوجة الرؤوس ، بينما حمل تيوكروس الفؤوس مفردة الرؤوس إلى السفن الجوفاء • وحمل ابن بيليوس رمحاً طويل الظل ، وقدراً لم تعرف النار عليها نقوش أزهار ، تعادل في قيمتها ثوراً ، 885 ووضعهما في الوسط • ونهض رماة الرماح • نهض ابن أتريوس ، أغاممنون فائق القوة ، ونهض ميرريونيس ، التابع القوي لإيدومينيوس • فتكلم بينهما آخيل الباسل سريع القدمين : " يا ابن أتريوس • نحن نعرف كم تفوق الآخرين جميعاً ، 890 وكم أنت الأعظم في القوة بين رماة الرماح ، لذا خذ الجائزة واحتفظ بها ، وأرجعها إلى سفينتك الجوفاء • ولكن دعنا نقدم الرمح إلى البطل ميريونيس • وإن طاوعك قلبك على ذلك ، فإنني أدعوك أن تقبل ذلك " • قال ذلك ، فلم يخالفه سيد الرجال أغاممنون • 895 أعطى البطل الرمح البرونزي إلى ميريونيس ، ثم أعطى جائزته ، بغيرية ودودة ، إلى التابع تالثوبيوس •






الإلياذة هوميروس الصفحة : 664 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 665 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1



الفصل الرابع والعشرون

رقم صفحة الكتاب الورقي: 737

انتهت المباريات وتفرق الناس مبتعدين ، وكل رجل إلى سفينته السريعة ، فيما راح الآخرون يفكرون في العشاء ، وفي النوم المريح وهناءاته • آخيل وحده ظل يبكي وقد تذكر رفيقه الحبيب ، فلم يأته النوم الذي يخضع الجميع • وراح يتقلب من جنب إلى آخر ، 5 مشتاقاً إلى باتروكلوس ولرجولته ولقوته العظيمة 1 ، وللفعال التي شهدها معه حتى النهاية ، وللصعاب التي واجهها : حروب البشر والعبور الشاق للمياه 2 الشاسعة • ومع تذكره لهذا كله سمح للدموع المحتقنة أن تنهمر ، وهو مستلق أحياناً على جنبه ، وأحياناً أخرى على ظهره ، 10 وثالثة وهو مكب على وجهه • ثم ينهض واقفاً ليمشي بلا هدف على شاطئ البحر • ولم تكن الفجر تفوته وهي تتألق عبر البحر والشواطئ • وكلما وضع جياده أمام عربته ليعدّها ، يربط هيكتور خلف العربة ليجره • 15 ويجول به ثلاث مرات حول قبر ابن مينويتيوس القتيل • وبعدها يرتاح في مأواه ، ويلقي بالرجل الميت ويتركه مرمياً ممدداً على وجهه في التراب • ولكن أبولو أشفق عليه ، مع أنه لم يكن إلا رجلاً ميتاً • فراح يحرس الجثة من التشوهات كلها ، ويخبئها كلها 20 تحت الدرع الذهبي ، لكي لا تتمزق حين يجرها آخيل •






1 هذه أيضاً من الأبيات التي تم الاستناد إليها لتصور علاقة شاذة - بعضنا الآن يراها شاذة، إذ لم يكن وصفها هكذا في بعض الحضارات القديمة - بين آخيل وبارتوكلوس. 2 المقصود هو البحار. ويمكن أن تشير أيضاً إلى معركته مع النهر.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 665 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 666 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 738

هكذا كان آخيل في حمى غضبه ينتهك هيكتور العظيم ، الذي حين رأته الآلهة المباركة على هذه الحالة امتلأت عليه شفقة • وراحت تحث أرغييفونتيس 3 ، دقيق النظر ، على سرقة الجثة • وكان هذا أمراً يبعث على الرضا عند الجميع باستثناء هيرا 25 وبوزيدون والفتاة ذات العينين الشهلاوين 4 الذين ظلوا محتفظين بكراهيتهم لإليون المقدسة كما كانوا منذ البداية ، ولبريام وشعبه ، بسبب مخادعة باريس ، الذي أهان الإلهات حين جئن إليه في داره ، ففضل عليهن التي زودته بالشهوة التي أدت إلى الكارثة 5 • 30 وفي المجيء الثاني عشر للفجر بعد مقتل هيكتور ، قال فويبوس أبولو كلمته بين جمع الآلهة : " أيها الآلهة • أنتم قساة ومدمرون • أولم يكن هيكتور يقوم بحرق قطع أفخاذ الثيران والفحول السليمة على شرفكم ؟ وأنتم الآن لا تستطيعون التوصل إلى قرار إنقاذه 6 ، مع أنه 35 ليس إلا جثة • لعل امرأته تلقي عليه نظرة ، وكذلك ابنه وأمه وأباه ، وشعبه ، الذي سيحرق جثته بعد ذلك بالنار ، ويقيم له طقوس الدفن • لا • أيها الآلهة • بل إن رغبتكم هي في مساعدة آخيل اللعين الذي ليس في صدره أي إحساس بالعدل • 40 ولا يمكن ثنيه عما يراه • إن أهدافه شريرة وقاسية مثل أسد يطلق قوته العظيمة وروحه المتعالية ثم ينقض على جموع البشر ليلتهمهم • هكذا خلا آخيل من الشفقة ؛ فلم يعد فيه شيء من الخجل •






3 هو هوميرميس. 4 هي أثينا طبعاً. 5 هذا شرح تفصيلي للموضوع الذي أشير غليه أكثر من مرة في الإلياذة. لقد جاءت هيرا وأثينا وأفرودايت إلى باريس ليحكم في أي منهن أكثر جمالاً. فحكم لصالح أفرودايت، التي أعطته هيلين مكافأة له. وهذا ما أثار أحقاد كل من هيرا وأثينا وجعلهما تقفان ضد الطرواديين. 6 هو ميت لا يمكن إنقاذه . ولكن الإنقاذ المقصود هو تمكين أهله من القيام بواجب حرقه ودفنه لكي يستطيع الدخول إلى بيت هيدز، بيت الموتى، إضافة إلى التفاصيل الأخرى المذكورة في النص.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 666 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 667 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 739

الأمر الذي يعود بالضرر الأكبر على الناس، لكنه يفيدهم أيضاً • 45 فعلى المرء أن يخسر ذات يوم من هو أعز من هذا ، أخ من الرحم ذاتها ، أو ابن • فيحزن من أجله ، ويبكي ، ثم ينتهي الأمر • ( فالأقدار ) 7 زودت البشر بالقدرة على الاحتمال • ولكن هذا الإنسان ، وقد مزق الحياة في هيكتور ، 50 يربطه إلى خيوله ويجره حول قبر رفيقه ، دون أن يحقق شيئاً لصالحه أو لكرامته • ومع عظمته يجب أن يأخذ حذره من أن يثير غضبنا : فهو يدنس الأرض الخرساء في فورة غضبه " • وبمرارة ردت عليه هيرا ذات الذراعين الأبيضين قائلة : 55 " ربما كان ما تقوله صحيحاً ، أيها الإله ذو القوس الفضي ، لو أنك تمنح هيكتور الإحساس بكرامة المكان ، مثلما أعطيت لآخيل • ولكن هيكتور كان بشراً ، وقد رضع من صدر امرأة • بينما آخيل ابن إلهة • وهي التي أنا نفسي غذيتها وربيتها وقدمتها عروساً لزوجها بيليوس 60 العزيز على قلوب الآلهة • وأنتم ، أيها الآلهة كلكم قد ذهبتم إلى العرس • وأنت نفسك جلست على المأدبة معهم وأمسكت بقيثارتك ، يا صديق الشر ، وعديم الوفاء دائماً " • وبدوره رد عليها زيوس الذي يجمع الغيوم قائلاً : " هيرا • لا تثيري هذا الغضب كله مع الآلهة • فلن تكون هناك 65 كرامة مكان تعطى بالتساوي • وهيكتور نفسه كان أيضاً محبباً إلى الآلهة ، أكثر من أي بشري في إليون • أنا أحببته أيضاً • وهو لم يقصر أبداً في تقديم عطاياه بما يرضيني •






7 الأقدار اسم آلهة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 667 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 668 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 740

ولم يخل مذبحي أبداً من الأضحيات الملائمة ، ومن الدخان والأريج ، وهما نصيبنا من التكريم • 70 لن نوافق على سرقته ، إذ ليس من الممكن أخذ هيكتور الجريء سراً من آخيل • فأمه إلى جانبه دائماً ، ليلاً ونهاراً • بل سيكون من الأفضل إن استدعى أحد الآلهة ثيتيس إلى حضرتي لكي أقول لها كلمة على انفراد ، وأعمل على أن يعطى آخيل 75 الهبات من قبل بريام ، وهو يعيد جثة هيكتور " • قال ذلك فقفزت إيريس ذات القدمين العاصفتين بالرسالة ، في نقطة بين ساموس وإيمبروس ذي المنحدرات الشاهقة المنصبة على المياه القاتمة ، والبحر يتكسر وهو يئن من حولها • سقطت عمودياً مثل كتلة رصاص على سطح البحر ، 80 وامتطت قرن ثور يحرث الحقول ، ثم يغوص حاملاً الموت معه إلى الأسماك المفترسة 8 • فوجدت ثيتيس في تجويف كهفها ، وقد اجتمعت حولها بقية إلهات البحر ، وهي وسطهن تبكي ابنها النزيه ، المقدر عليه أن يموت قريباً 85 في طروادة ذات التربة الغنية ، بعيداً عن أرض آبائه • واقتربت إيريس ذات القدمين السريعتين إلى جانبها وحدثتها : " انهضي يا ثيتيس • فزيوس ذو الأهداف اللامحدودة يدعوك " • وردت عليها ثيتيس الإلهة ذات القدمين الفضيتين : " ما الذي يريده مني الرب العظيم ؟ إنني أحس بالخجل 90 من مخالطة الآلهة ، وقلبي مترع بالأحزان •






8 هنا الصورة مأخوذة من صيد السمك بالسنارة، حيث هناك قطعة من قرن لحماية الخيط فوق السنارة مباشرة، ولكن السنارة ذاتها مرتبطة بقطعة رصاص تجعلها تنزل إلى الأسفل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 668 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 669 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 741

ولكنني سأذهب • فما من كلمة يقولها تذهب عبثاً " • قالت ذلك ثم قامت تتلألأ بين الإلهات وأخذت نقابها الأسود ، الذي ليس هناك ما هو أشد منه سواداً • وانطلقت ، وأمامها إيريس ذات القدمين عاصفتي السرعة ، 95 تدلها على الطريق • وانفتحت أمامهما موجة الماء • نزلتا على الأرض الجافة ، ثم صعدتا إلى السماء • وهناك وجدتا ابن كرونوس ذا الحاجبين العريضين ، وقد جلس من حوله بقية الآلهة المباركين الذين يعيشون إلى الأبد • جلست قرب زيوس الأب ، وأفسحت أثينا مكاناً لها • 100 ووضعت هيرا بين يديها كأساً ذهبياً وتحدثت معها لتهدئها ، فقبلته ثيتيس وشربت منه • وبدأ أبو الآلهة والبشر حديثه من بينهم : " لقد جئت إلى الأولمب يا ثيتيس المقدسة رغم أحزانك كلها ، والأسى العميق في قلبك • أنا نفسي أعرف ذلك • 105 ومع ذلك سأقول لك لم استدعيتك إلى هنا • منذ تسعة أيام والشجار قائم بين الآلهة حول جثة هيكتور ، وآخيل هاتك المدن • إنهم يظلون يحرضون أرغيفونتيس ذا النظر الثاقب على سرقة الجثة • ولكنني ما زلت محافظاً على التكريم الذي هو لآخيل 9 • 110 وأحرص على احترامك وعلى حبك لي في قادم الأيام • فاذهبي بأقصى سرعة إلى المعسكر ، وأوصلي هذه الرسالة إلى ابنك : قولي له إن الآلهة مستاؤون منه • وإنني أنا نفسي غاضب أكثر من بقية الآلهة ؛ لأنه في حمى غضبه






9 التكريم لآخيل هنا هو أن يجعله من تلقاء نفسه يتصرف تصرفاً يدل على الشهامة. وهو ما سنراه لاحقاً.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 669 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 670 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 742

يحتفظ بآخيل إلى جانب السفن المحنية ولم يُرجعه • 115 فلربما أعاد هيكتور لخوفه مني • وبعدها سأرسل إيريس إلى بريام ذي القلب الكبير ، ومعها أمر له أن يفتدي ابنه العزيز ، فينزل إلى سفن الآخيين آخذاً معه لآخيل الهدايا التي ستخفف من غضبه " • قال ذلك ولم تخالف رأيه ثيتيس الربة ذات القدمين الفضيتين ، 120 ونزلت في ومضة سرعة عن قمم الأولمب وتوجهت إلى مأوى ابنها • فوجدته هناك يندب في أعماقه ، ورفاقه من حوله منشغلون بأعمالهم ، وهم يعدون طعام الإفطار • وثمة خروف كبير غزير الصوف قد ضحي به في المأوى • 125 واقتربت منه أمه الكريمة وجلست إلى جانبه ، وربتت عليه بيدها ودعته باسمه وتكلمت إليه : " يا ولدي • إلى متى ستظل ترهق قلبك بالأحزان والندب ، دون أن تهتم بطعامك ، أو تخلد إلى النوم ؟ إنه لأمر طيب حتى أن تضطجع مع امرأة 130 في لحظة حب • إذ أنك لن تبقى معي طويلاً • بل إن الموت والقدر العنيد يقفان منذ الآن فوقك • واسمعني بعناية ، فأنا قادمة من عند زيوس برسالة • يقول لك إن الآلهة مستاؤون منك ، وهو نفسه غاضب أكثر من بقية الآلهة لأنك في حمى غضبك 135 تحتفظ بهيكتور إلى جانب السفن المحنية ، ولم تفرج عنه • فهيا سلمه ، واقبل فدية عن الجثة " •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 670 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 671 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 743

ورد عليها آخيل ذو القدمين السريعتين بدوره : " فليكن • يستطيع أن يجلب الفدية وليأخذ الجثة • إن كان الأولمبي يطلب ذلك بهذا الإلحاح " • 140 هكذا قرب السفن المجموعة راح الابن وأمه يتحدثان لوقت طويل بالكلمات المجنحة • ولكن ابن كرونوس دفع إيريس إلى النزول نحو إليون المقدسة قائلاً : " اذهبي يا إيريس السريعة ، وغادري مكانك في الأولمب • توجهي إلى بريام ذي القلب الكبير داخل إليون • وقولي له 145 أن يفتدي ابنه ، وينزل إلى سفن الآخيين آخذاً معه لآخيل الهدايا التي ستخفف من غضبه • وليذهب وحده ، دون أن يرافقه أحد من الطرواديين • فليرافقه تابعه العجوز فقط ، ذلك الذي يسوس البغال ، والعربة خفيفة الحركة ، لكي يستطيع 150 حمل الرجل الميت الذي قتله آخيل ، والعودة به إلى المدينة • وقولي له أن لا يحمل فكرة الموت في قلبه ، وأن لا يخاف • فأنا سأرسل معه حامياً ، هو أرغيفونتيس ، وهو الذي سيدله على الطريق إلى أن يوصله إلى آخيل • وبعد أن يدخل به إلى مأوى آخيل ، 155 فإن الرجل لن يقتله ، وسيرد الآخرين عنه • فهو ليس غبياً ولا متهوراً ولا شريراً • بل إنه سيعفو وبلطف كبير عن شخص يأتيه راجياً متضرعاً " • قال ذلك فانطلقت إيريس سريعة القدمين بالرسالة ووصلت إلى بيت بريام • وهناك وجدت الندب والعويل • 160








الإلياذة هوميروس الصفحة : 671 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 672 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 744

الأبناء يجلسون من حول أبيهم في الباحة وقد تبللت ثيابهم بالدموع ، وبينهم العجوز يجلس متلفعاً بعباءته ، والأوساخ متراكمة بكثافة على رأس العجوز ورقبته ، إذ كان قد تمرغ فيها وكومها وردها على يديه • وبناته 165 في كافة أرجاء البيت ، وزوجات أبنائه ، يندبن ويبكين ، وهن يتذكرن أولئك الرجال كلهم بأعدادهم الكثيرة وبسالتهم وهم ممددون موتى وقد هلكوا على أيدي الأرجيفيين • ووقفت رسولة زيوس قرب بريام وكلمته بصوت رقيق ، ومع ذلك اعترته الرعشة : 170 " تماسك يا بريام ، يا ابن داردانوس ، ولا تخف • جئت إليك وليست لدي نوايا سيئة تجاهك • بل إن مجيئي لصالحك • أنا رسولة زيوس ، الذي على بعده عنك يحرص عليك ويشفق • إن الأولمبي يأمرك أن تفتدي هيكتور الباسل ، 175 وأن تأخذ إليه الهدايا التي قد تهدئ غضبه • ولتذهب وحدك ، فلا تدع أحداً من الطرواديين يرافقك • دع تابعاً واحداً يذهب معك ، لكي يسوس البغال ، ويقود العربة بيسر ، لكي يستطيع نقل الميت ، الذي قتله آخيل العظيم ، والعودة به إلى المدينة • 180 ولا تحمل في قلبك فكرة الموت ، ولا تخف • فإن من سيرافقك ويرشدك هو أرغيفونتيس ، وسيقود خطاك حتى يوصلك إلى آخيل •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 672 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 673 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 745

وبعد أن يدخلك إلى داخل مأوى آخيل ، فإن الرجل لن يقتلك ، بل سيمنع الآخرين عنك • 185 فهو ليس غبياً ولا متهوراً ولا شريراً • بل ، وبكل لطف ، سيعفو عن شخص جاءه راجياً متضرعاً " • قالت له ذلك إيريس سريعة القدمين ثم انصرفت عنه • وعندها أمر أبناءه أن يجهزوا عربة البغال سهلة الحركة ، وأن يثبتوا عليها سلة الأحمال • 190 ونزل بنفسه إلى مخزنه الذي كان عبقاً ومؤطراً بالصندل ، وذا سقف عال ، وفيه الكثير من الكنوز المتلألئة • ونادى زوجته هيكابي ، وقال لها : " يا زوجتي العزيزة ، لقد جاءني رسول من زيوس الذي على الأولمب ، يطلب مني أن أذهب إلى سفن الآخيين وأفتدي ابني • 195 وأن آخذ لآخيل الهدايا التي قد تخفف غضبه • فقولي لي • ما الذي في نظرك هو الأفضل أن أفعله ؟ إن قلبي وعزيمتي يدفعانني بشدة للذهاب إلى السفن وسط جيش الآخيين المحتشد " • قال ذلك ، فبكت زوجته بصوت عال ، وردت عليه : 200 " ويلي • أين راحت منك تلك الحكمة التي اشتهرت بها ، فيما مضى ، بين الغرباء وبين الذين تحكمهم ؟ كيف يمكن أن تفكر في الذهاب وحدك إلى سفن الآخيين ، على مرأى من الرجل الذي قتل هذا العدد من أبنائك الشجعان ؟ قلبك حديد • 205 إذ لو وقعتَ في قبضته أو وقعت عيناه عليك ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 673 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 674 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 746

فإن هذا الرجل المتوحش والغدار لن تأخذه بك شفقة ولن يحترم مكانتك • دعنا ننعزل الآن في قصرنا لنبكي على هيكتور ، وعلى الطريقة التي غزلت بها ( القدر ) منذ البدء خط حياته منذ لحظة ولادته التي ولدته فيها ، 210 فقررت بأن تأكل من لحمه الكلاب ذات الأنياب الحادة ، وهو بعيد عن والديه ، بعد أن يسقط أمام رجل أقوى ، ذلك الذي أتمنى أن أغرس أسناني في كبده لآكله • وسيكون ذلك انتقاماً لما فعله بابني ، الذي قتله ، والذي لم يكن جباناً • بل كان واقفاً أمام رجال طروادة ونسائها ذوات النطاقات ، 215 دون أن تراوده فكرة الهرب أو التراجع " • وبدوره رد عليها بريام العجوز ، الشبيه بالآلهة ، قائلاً : " لا ترديني حين أذهب ، ولا تكوني أنت نفسك طائر شؤم في قصرك • فأنت لن تقنعيني • ولو أن أحداً آخر قد أمرني من بين البشر ، 220 أحد العرافين أو الكهنة أو المتنبئين ، لكان من الممكن أن أقول إنه كذب ، وربما كنت رفضته • أما الآن ، فأنا نفسي قد سمعت الإلهة ، وتطلعت إليها بعيني • أنا ذاهب ، وهذه الكلمة لن أرجع عنها • وإذا كان قدري أن أموت هناك قرب سفن الآخيين المدرعين بالبرونز ، 225 فإنني أرغب في ذلك • يستطيع آخيل أن يقتلني على الفور ، بعد أن أضم ابني بين ذراعي ، وأشبع بكاء فوقه " • قال ذلك ، وأزاح الغطاء الرقيق عن صندوق ملابسه • وأخرج منه اثني عشر ثوباً رائعة الرقة ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 674 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 675 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 747

واثنتي عشرة عباءة يمكن لبسها وحدها ، والعدد ذاته من البطانيات ، 230 وقلنسوات بيضاء بالعدد ذاته ، والعدد ذاته من المعاطف • ثم وزن اثني عشر طاليناً من الذهب ونقلها • كما جلب مسندين ثلاثيين ، وأربع قدور ، وأخرج كأساً رائع الصنعة كان رجال ثراسيا قد أعطوه إياه حين ذهب إليهم برسالة • ولكن العجوز لم يضن بهذا أيضاً 235 ليحتفظ به حتى في قاعاته • فإلى هذا الحد كانت رغبة قلبه في افتداء ابنه الحبيب • وأبعد الطرواديين عن طريق أروقته ، وهو يشتمهم بالكلمات القاسية : " ابتعدوا أيها الفاشلون المخزيون • أليس لديكم ندبكم الخاص بكم في بيوتكم لتأتوني بأحزانكم ؟ 240 ألا يكفي أن زيوس ، ابن كرونوس ، قد أنزل بي الحزن على فقد أفضل أبنائي ؟ ويجب أن تدركوا أيضاً أن قتلكم كلكم سيكون أكثر سهولة على الآخيين بعد موته • أما عن نفسي ، فقبل أن ترى عيناي هذه المدينة مدمرة وأهلها مقتولين ، 245 أتمنى أن أنزل إلى بيت إله الموت " • قال ذلك ثم اندفع نحو الرجال بعصا ، فهربوا إلى الخارج متجنبين غضب العجوز • وراح يوبخ أولاده ، ويلعن هيلينوس وباريس وأغاثون الباسل ، وبامون وأنتيفونوس وبوليتيس ، ذا الصرخة الحربية المدوية ، 250 ودييفوبوس وهيبوثووس وديوس الفخور • كانوا تسعة أبناء وجه إليهم العجوز أوامره ، وتكلم معهم بقسوة :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 675 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 676 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 748

" أسرعوا ، أيها الأولاد الشريرون ، يا مصادر خزيي • تمنيت لو أنكم ، كلكم ، قد قتلتم قرب السفن السريعة بدلاً من هيكتور • ويلي على هذا المصير التعيس • كان لدي أنبل الأبناء 255 في طروادة ، ولم يبق لي واحد منهم • ميستور الشبيه بإله ، وترويلوس المغرم بالخيول ، وهيكتور الذي كان إلهاً بين الرجال ، إذ لم يكن يبدو مثل وليد بشر فان ، بل سليل إله • هؤلاء كلهم قتلهم آريس ، والذين بقوا هم المخزيون • 260 الكذابون والراقصون وأفراد الجوقات ، وسارقو الحملان والفراخ من شعبهم في أرضهم • أفلن تعدوا لي عربتي وتسرعوا بذلك ؟ ضعوا هذه الأشياء كلها فيها لكي نبدأ رحلتنا • قال ذلك فأسرعوا مذعورين من توبيخ العجوز 265 لتهيئة عربة البغال سهلة الحركة ، والمتقنة بصنعها الجميل ، وثبتوا عليها سلة النقل• وفكوا النير من وتده الذي يثبته والمصنوع من الخشب بمقبضه الكبير ، والمثبت بحلقات موجهة ، كما جلبوا السوط الذي طوله تسعة أذرع ( مع النير ذاته ) • 270 وثبتوه جيداً في مكانه على المحور المصقول للعربة عند أسفل الدعامة • وأنزلوا الحلقة حول الوتد • ودقوه بثلاث ضربات على جانبي المقبض ، ثم ثبتوا كل شيء في مكانه وأمنوه بكلابات مثبتة • ثم حملوا وجمّعوا في عربة البغال المصقولة 275








الإلياذة هوميروس الصفحة : 676 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 677 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 749

كافة الأسلاب التي لا تحصى لكي تقدم مقابل رأس هيكتور • ثم وضعوا النير على البغال القوية التي لجموها ، والتي كان الموسيون قد قدموها هدايا تكريمية لبريام • ولبريام جلبوا تحت النير الجياد التي كان العجوز قد احتفظ بها ورعاها عند معلفه المصقول • 280 في البيت الكبير انتهى إعداد العربة للرسول التابع ولبريام ، الحكيمين في تقديراتهما ومشورتهما 10 وجاءت هيكابي بقلبها الحزين ووقفت إلى جانبهما وهي تحمل بيدها اليمنى الخمر اللذيذ في كأس ذهبي لكي يسكبا قبل ذهابهما سكيبة شراب • 285 وقفت أمام الخيول ونادت بريام باسمه وكلمته قائلة : " هاك • اسكب سكيبة للأب زيوس • وصل لعودتك مرة أخرى من عند أولئك الذين يكرهونك ، طالما أن قلبك يدفعك نحو السفن ، مع أنني أتمنى أن لا تفعل • قدم صلاتك لابن كرونوس ذي الضباب القاتم ، 290 والمقيم على إيدا ، المطل على ترود كلها ، واطلب منه إرسال طائر يمن ، رسولاً سريعاً ، هو الأعز على قلبه 11 بين الطيور كلها ، وقوته هي القوة الأكبر ، طائراً يُرى على اليمين ، بحيث أنك حين تقع عيناك عليه تستطيع أن تثق به وتذهب إلى سفن الدانانيين السريعة • 295 ولكن إذا لم يرسل لك زيوس ذو الحاجبين العريضين رسوله الخاص ، فإنني أنا ، من جهتي ، لن أحثك ولن أنصحك بالذهاب إلى السفن الأرجيفية ، مع كل توقك إلى ذلك " •






10 هذا يعني أنهما يذهبان في عربتين، بريام في عربة تجرها الخيول والتابع في العربة التي تجرها البغال. 11 هو النسر. وهو ليس فقط الطائر الأعز إلى قلبه، بل هو طائر زيوس. لأن النسر، مثل زيوس، يظل في قمة الجبل.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 677 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 678 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 750

ورداً عليها قال بريام الشبيه بالآلهة : " يا سيدتي • لن أتجاهل ما تحثينني عليه • 300 جميل أن نرفع أيدينا إلى زيوس ونطلب منه الرحمة " • قال العجوز ذلك ، وطلب من الخادم المشرف على استعداده أن يسكب ماء نظيفاً على يديه • وقامت هي ، الواقفة قربهما ، تخدمهما بالإمساك بوعاء الغسيل والإبريق بيديها • غسل يديه واخذ الكأس من زوجته • ووقف 305 وسط الجميع وصلى ثم سكب الخمر وهو يتطلع إلى السماء ، ولفظ مقولته ، وتكلم قائلاً : " يا أبانا زيوس ، المطل علينا من إيدا السامي الأكرم : تفضل علي بتمكيني من الذهاب إلى آخيل بالحب والرحمة • وأرسل لي طائر يمن ، رسولاً عاجلاً هو عندك 310 الأعز بين الطيور كلها ، وقوته هي الأكبر ، يرى إلى اليمين ، حالما تقع عيناي عليه أثق به وأذهب إلى سفن الدانانيين ذوي الجياد السريعة " • قال ذلك وسمعه زيوس ذو الرأي السديد • وسرعان ما أرسل سيد الطيور وأسماها ، هو النسر 315 ذو اللون الأسود ، النهاب ، والمسمى أيضاً النسر الأسود 12 • وكبيراً كهيكل باب في قاعة برجية في بيت رجل غني ، مدعم بالمزاليج • بهذا الحجم كان انفراد جناحيه على جانبيه • حوّم فوق المدينة ظاهراً إلى اليمين ، والناس ، وهم ينظرون إليه ، 320 تشجعوا فانتعشت قلوب الجميع في صدورهم جميعاً •






12 المدى الحقيقي لانفراد جناحي هذا النسر هو سبعة أقدام. ووصفه بالأسود لا يعني شيئاً ذا أهمية.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 678 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 679 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 751

وباستعجال شديد اعتلى العجوز عربته وانطلق خارجاً من المدخل والمخرج العاصف • وأمامه راحت البغال العربة ذات العجلات الأربع ، وإيدايوس ذو العقل الراجح يقودها ، ووراءه الخيول 325 وهي تقبل فيما العجوز يسوطها ويحثها على الانطلاق عبر المدينة ، فيما أقاربه يتبعونه ، بندب عال ، وكأنه ذاهب إلى موته • وحين عبر الرجلان المدينة ، وخرجا منها إلى الأرض المنبسطة ، رجع البقية ، الأبناء والأصهار ، إلى إليون • 330 ولم يفت زيوس ذو الحاجبين العريضين أن يرى الرجلين وهما يعبران السهل • رأى العجوز فأشفق عليه • وتكلم فوراً إلى ابنه الحبيب هيرميس : " لكونك يا هيرميس ، بين الآلهة الآخرين ، الأكثر حرصاً على مرافقة الإنسان ، وكونك تصغي إلى من تريد ، 335 فاذهب الآن في سبيلك • وكن دليل بريام إلى داخل سفن الدانانيين المجوفة ، بحيث لا يراه أحد من الدانانيين ، ولا يحس بوجوده ، إلى أن يصل إلى ابن بيليوس " • قال ذلك فلم يخالفه المرافق أرغيفونتيس • وسرعان ما وضع في قدميه الخف الجميل 340 الذهبي الخالد ، الذي يحمله فوق الماء مثلما يحمله على اليابسة في وجه هبوب الريح • أمسك بالصولجان ، الذي يزيغ به عيون البشر الذين يريد أن يزيغ عيونهم ، مثلما يوقظ به النيام •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 679 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 680 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 752

أمسك أرغيفونتيس القوي به في يده ، وحوّم محلقاً 345 إلى أن صار فوق إليون وهيليسبونت • وهناك صار يمشي آخذاً شكل شاب نبيل بلحية حديثة النمو ، أفضل المراحل المجيدة في بداية الرجولة • وكان الاثنان قد عبرا قبر إيلوس فأوقفا خيولهما وبغالهما ليسقياها من النهر • 350 فقد طغت العتمة في ذلك الحين على الأرض 752 ، واستطاع التابع تميز هيرميس الذي كان قد صار على مقربة منهما • رفع صوته وتحدث صارخاً مع بريام : " انتبه ، يا ابن داردانوس • ها هنا ما يشغل العقل الحريص • أرى رجلاً أظن أنه سرعان ما يمزقنا إرباً • 355 هيا بنا نهرب مع خيولنا ، وإلا فلنتمسك بركبتيه ونتوسل إليه أن يشفق علينا " • قال ذلك فتبلبل عقل العجوز • خاف ووقف شعر جسده المتجعد كله ، وراح يحدق إليه • ولكن الإله اللطيف نفسه الذي اقترب 360 أمسك بيد العجوز وكلمه طارحاً عليه سؤالاً : " إلى أين يا أبتاه تمضي ببغالك وخيولك ، وسط الليل الخالد فيما بقية البشر نائمون ؟ ألا تخاف من الآخيين الذين يغلون غضباً ، والذين يكرهونك ، وهم أعداؤك ، وقريبون منك ؟ 365 إذ لو رآك أحد من هؤلاء ، وأنت تنقل هذه الكنوز عبر الليل السريع الأسود ، فما الذي سيحدث لك ؟






752 هناك من يرى توازياً بين رحلة بريام إلى بيت آخيل برحلة الأرواح إلى بيت هيدز( عالم الموتى). ففي الرحلة الأخرى أيضاً نهر يجب عبوره. وبعد ذلك تحل العتمة. وهناك أيضاً يقوم هيرميس بدور الدليل للأرواح.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 680 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 681 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 753

أنت نفسك لم تعد فتياً • والذي يرافقك عجوز غير قادر على رد أي شخص يتعرض لك • ولكن أنا نفسي لن أؤذيك • بل إنني سأبعد من يريد إيذاءك • 370 فأنت تبدو لي مثل والد حبيب " • ورداً عليه تكلم بريام العجوز الشبيه بالآلهة : " صدقت في كل ما قلته يا ولدي العزيز • إلا أن هناك إلهاً ما يبسط يده فوقي ، إذ يرسل لي عابر سبيل مثلك ليقابلني ، فالاً حسناً • 375 وهذا ما أستدل عليه من شكلك ، وجمالك المثير للإعجاب ، وحصافة عقلك • لا شك أن أبويك محظوظان بك " • وبدوره رد عليه الرسول أرغيفونتيس قائلاً : " نعم يا سيدي • كل ما قلته صحيح ومتزن • ولكن تعال ، قل لي شيئاً واذكره لي بدقة • 380 أمن الممكن أنك تنقل هذه الكنوز كلها بمقاديرها وجمالها إلى رجل غريب ، ليحفظها لك أمانة ؟ أم أنكم جميعاً تغادرون الآن إليون المقدسة خائفين ، بعد أن مات ذلك الذي يعتبر الأفضل بينكم ، وهو ابنك ، الذي لم يقصر في محاربة الآخيين ؟ " 385 ورداً عليه تكلم العجوز بريام الشبيه بالآلهة : " ولكن من أنت ، يا أفضل الرجال ، ومن هما أبواك ، حتى تتحدث عن موت ابني المشؤوم ، وباحترام ؟ " ورد عليه الرسول أغريفونتيس بدوره : " كأنك تختبرني يا سيدي الموقر • تسألني عن هيكتور المجيد 390








الإلياذة هوميروس الصفحة : 681 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 682 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 754

الذي رأته عيناي مرات عديدة في القتال الذي يخرج الرجال منه بالفخار ، كما حدث في تلك المرة التي صد فيها الأرجيفيين إلى سفنهم ، وظل يعمل فيهم تقتيلاً بالبرونز الحاد ونحن نقف جانباً ونرقبه بدهشة ؛ إذ لم يكن آخيل حينها يسمح لنا بالقتال بسبب غضبه من أغاممنون • 395 فأنا تابع آخيل ، وقد جلبتْنا معاً السفينة القوية ذاتها ، إلى هنا • أنا مورميدون ،• ووالدي هو بولوكتور 14 ؛ رجل ذو مكانة • ولكنه عجوز مثلك • إن له ستة أبناء غيري ، وأنا السابع ، وقد اقترعنا على الأزلام وكان نصيبي أن آتي أنا في هذه المغامرة 15 • 400 ولكنني أخرج الآن إلى السهل مبتعداً عن السفن ، إذ عند الفجر سيخوض الآخيون ذوو العيون الحادة معركة حول المدينة • فلقد ملوا من البقاء هنا طوال هذه المدة • ولن يستطيع ملوك الآخيين أن يمنعوهم حين ينطلقون إلى القتال " • ورداً عليه قال بريام العجوز الشبيه بالإله : 405 " طالما أنك تابع آخيل البيلي ، فقل لي الحقيقة كاملة عما إذا كان ابني ما يزال ممدداً قرب السفن ، أم أنه قد تمزق الآن عضواً عضواً ، ورمي لكلاب آخيل " • وبدوره رد عليه أرغيفونتيس : 410 " يا سيدي الموقر • لم تأكله أية كلاب ، ولم تلمسه الطيور • بل هو ما يزال ممدداً إلى جانب سفينة آخيل قرب المآوي • وما زال كما كان • وها هي الفجر الثانية عشرة






14 من معاني كلمة " بولوكتور" في اليونانية القديمة " صاحب الأملاك الكثيرة". 15 تكرر الحديث أكثر من مرة، وحول أكثر من شخصية، عن كيفية المجيء إلى طروادة مع الجيش. ويتضح هنا أنه كان على كل أسرة أن ترسل مقاتلاً منها على الأقل مع الجيش.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 682 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 683 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 755

التي تمر على تمدده هناك ، ولم يتعفن لحمه ، ولم تأكله الديدان ، كما اعتادت أن تأكل الرجال الذين يسقطون في المعارك • 415 وصحيح أن آخيل يجره كيفما اتفق حول قبر مرافقه الحبيب ، كل فجر ، إلا أنه لا يستطيع أن يمثل به • وسترى بنفسك عندما تذهب إلى هناك كيف هو طري بالندى ، وقد غسل الدم كله عنه • ليس فيه أي نتن • وقد انغلقت جروحه كلها 420 التي أصيب بها ، لأن كثيرين قد غرزوا البرونز في جسده • هكذا اعتنى الآلهة المباركون بابنك ، مع أنه ليس أكثر من رجل ميت • فهم في أعماقهم يحبونه " • قال ذلك فسر العجوز وأجابه قائلاً : " يا ولدي • إنه لمن الخير تقديم العطايا الملائمة 425 للآلهة ؛ لأن ابني ، حين سبق أن كان عندي ابن ، لم يكن ينسى في قاعات بيته الآلهة الذين يعيشون على الأولمب • ولذلك فهم قد تذكروه حتى في موته • تعال ، واقبل من يدي كأس الشراب الجميل هذا ، وقدم لي الحماية لجسدي ، وبعون الآلهة كن مرافقي 430 إلى أن أصل إلى مأوى ابن بيليوس " • وبدوره رد عليه الرسول أغريفونتيس : " إنك تختبرني يا سيدي الموقر • أنا فتي ، ولكنك لن تستطيع أن تقنعني بطلبك أن أقبل هداياك ، وآخيل لا يعرف • إنني أخاف منه في أعماقي ، وأكن له من الاحترام 435 ما يمنعني من سرقته • وقد يجر الويلات علي أمر كهذا فيما بعد •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 683 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 684 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 756

ولكنني سأكون مرافقك ، وسأعتني بك منذ الآن ، وإلى أن أرجع إلى أرغوس المجيدة في سفينة سريعة ، أو سيراً على الأقدام • ولن يحاربك أحد مستهيناً بمرافقك " • تكلم الإله الرحيم ، وقفز وراء الخيول 440 في العربة • وسرعان ما أمسك بيديه السوط وأعنة القيادة • وبث قوة عظيمة في البغال والجياد • وحين وصلوا إلى التحصينات المجاورة للسفن والخندق كان هناك حراس قد بدؤوا بإعداد طعامهم ، فألقى الرسول أغريفونتيس النوم على هؤلاء 445 جميعاً • وسارع بفتح الباب وإنزال المزاليج • وأدخل بريام والهدايا الفاخرة التي على العربة • وحين وصلا إلى مأوى ابن بيليوس ، المأوى البرجي الشاهق الذي بناه المورميدون لملكهم ، فقطعوا لأجله أشجار الصنوبر ، وصنعوا سقفاً من القش فوقه 450 مغطى بالعشب الذي جمعوه من المروج ، وأقاموا حوله باحة واسعة لملكهم ، مع أعمدة متلاصقة • وكان الباب مزوداً بقطعة صنوبر واحدة ، تحتاج إلى ثلاثة آخيين لوضعها في مكانها ، وثلاثة غيرهم ليسحبوها ويفتحوا المزلاج الضخم • 455 ثلاثة آخيين ، ولكن آخيل كان يستطيع وحده أن يغلقه • وفتح الملك الإله هيرميس الباب للعجوز ، وأدخل الهدايا الفاخرة المجيدة لابن بيليوس سريع القدمين • ثم ترجل من وراء الجياد وتكلم :








الإلياذة هوميروس الصفحة : 684 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 685 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 757

" يا سيدي الموقر • أنا الذي جئت إليك لست إلا إلهاً خالداً • 460 وقد أرسلني أبي لأرشدك وأرافقك • ولكنني الآن سأعود ، ولن أدخل أمام آخيل ، فإنه لمما يغضب الآلهة الآخرين أن يقف إله أمام إنسان باحترام • فادخل بنفسك وامسك بركبتي البيلي • 465 وتوسل إليه باسم أبيه ، وباسم أمه ذات الشعر الجميل ، وابنه ، لكي تحرك عواطفه " • قال هيرميس ذلك وصعد إلى أعالي الأولمب • ونزل بريام من وراء الخيول على الأرض وترك إيدايوس حيث هو ، إذ بقي في الخلف ، 470 ممسكاً بالبغال والخيول بيده • وتوجه العجوز إلى المسكن حيث كان يجلس آخيل حبيب زيوس • وجده في الداخل ، ومن مرافقيه كان هناك اثنان يجلسان بعيدين عنه ، البطل أوتوميدون وألكيموس ، سليل آريس ، وقد انشغلا بأمر • كان قد أنهى طعامه لتوه ، 475 انتهى من الطعام والشراب ، وما تزال المائدة قائمة • ودخل بريام الطويل ، دون أن يلحظه الآخران ، ووقف إلى جانبه • ثم لفّ ركبتي آخيل بذراعيه ، وقبّل اليدين الخطيرتين القاتلتين اللتين أودتا بالكثيرين من أبنائه • وكما تحيق المصائب برجل 480 قتل امرءاً في بلاده ، ثم رحل إلى بلاد الآخرين ، نحو رجل ذي مكانة ، فتستولي الدهشة على من يرونه ؛





الإلياذة هوميروس الصفحة : 685 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 686 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 758

كذلك استولت الدهشة على آخيل وهو ينظر إلى بريام الشبيه بالإله 16 ، واندهش الآخران أيضاً ، وراح كل منهما ينظر إلى الآخر • وبدأ بريام يحدثه بكلمات الضراعة : 485 " يا آخيل الشبيه بالآلهة ، تذكر أباك ، الذي هو في مثل سني ، وهو على عتبة الشيخوخة المؤسفة 17 • والذين من حوله يحيطون به ويحزنون من أجله ، وما من أحد يدفع عنه البلاء والهلاك • ولكن بالتأكيد حين يسمع عنك ، ويعرف أنك ما تزال حياً ، 490 سيسر من أعماقه ، وسيقضي أيامه كلها آملاً في رؤية ابنه الحبيب وهو يعود من ترود • أما أنا فقد كان مقدوري مجحفاً • لقد كان عندي أنبل الأبناء في طروادة ، ولم يبق لي واحد منهم • كان أبنائي خمسين ، حين جاء أبناء الآخيين إلى هنا • 495 تسعة عشر ولداً منهم جاؤوني من رحم أم واحدة ، والنساء الأخريات حملن ببقية الأبناء في قصري • وقد حطم آريس قوى رُكَب معظمهم • وظل لي واحد يحمي مدينتي وشعبي • وقد قتل قبل أيام وهو يقاتل دفاعاً عن بلده • 500 وهذا هو هيكتور ، الذي من أجله آتي إلى سفن الآخيين لأعود به من عندك • وقد جلبت هدايا تفوق العد • فكرّم الآلهة يا آخيل ، وأشفق علي ، وأنت تتذكر أباك • بل إنني أستحق الشفقة أكثر منه • فلقد مر بي ما لم يمر على إنسان فوق الأرض • 505






16 وهذا أمر ورد ذكره أكثر من مرة. وهو وارد في تراثنا العربي، وما يزال موجوداً في الأرياف وعند البدو. وهو أنه إذا قام شخص بقتل شخص آخر يضطر إلى الهرب ليعيش عند قوم آخرين لتجنب الانتقام منه. ولكن التشبيه هنا معكوس. فبريام الذي يشبه القاتل المطارد رجل بريء، بينما الذي يأتي إليه، الآن، وهو آخيل، هو القاتل. 17 كما شرحنا في الفصل الثاني والعشرين، " عتبة الشيخوخة" ليست عبتة الدخول إليها، بل عتبة الخروج منها، ومن الحياة.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 686 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 687 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 759

وإنني أضع شفتيّ على يدي الرجل الذي قتل أولادي " • قال ذلك فأيقظ في نفس الآخر الحزن على أبيه • أمسك بيد العجوز ، وأبعده عنه بلطف • وغرق الاثنان في التذكر • بريام يتمدد مكتوماً عند قدمي آخيل ويبكي على هيكتور الفتّاك • 510 وآخيل يبكي على أبيه ، ثم يبكي على باتروكلوس • وطاف صوت بكائهما في البيت • وحين اكتفى آخيل العظيم من أحزانه ، وتخفف من العواطف في عقله وجسده ، نهض عن عرشه ، وأمسك بيد العجوز 515 وأجلسه على قدميه من جديد ، إشفاقاً على الشعر الشائب واللحية الشائبة ، وتكلم إليه وخاطبه بكلمات مجنحة : " آه أيها التعيس • لا شك أن لديك الكثير من المصائب تحمل عبأها في قلبك • كيف تجرؤ على المجيء وحدك إلى سفن الآخيين ، والوقوف أمامي ، وأنا الذي قتلت هذا العدد 520 من أبنائك الشجعان ؟ إن قلبك من حديد • تعال إذن واجلس على هذا العرش • وأنا وأنت سنبقي أحزاننا ساكنة في القلب رغم توجعنا كله • إذ لا فائدة ترجى من الندب المقيت • هكذا نسج الآلهة حياة البشر التعساء • 525 أن نعيش في تعاسة ، والآلهة أنفسهم لا يعرفون الأحزان • فعند عتبة باب زيوس جرنان • وهما غير متشابهين بالنسبة لما يقدمانه • أحدهما جرن للمهالك ، والثاني للبركات •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 687 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 688 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 760

ولو أن زيوس الذي يتسلى بالرعود يمزجهما ويعطيهما لإنسان ، لتأرجح تارة مع المصائب ، وأخرى في الرفاهية 18 • 530 ولكن حين يعطي زيوس من جرن المصائب ، يجعل الإنسان خائباً • والتوق للشر هو الذي يسيره على الأرض المتألقة ، التي يجوبها دون احترام من الآلهة أو البشر • وتلك هي الهبات المتألقة التي منحها الآلهة إلى بيليوس منذ ولادته ، مع أنه كان يتفوق على البشر كلهم بثرواته 535 وتألق ممتلكاته • كما كان سيداً على المورميدون • ومنحه الآلهة زوجة خالدة ، مع أنها من البشر • ومع ذلك فقد راكم الإله المصائب فوقه أيضاً • فهو لم يكن لديه نسل من الأبناء الأقوياء يولد له في بيته الكبير • بل له ولد واحد فقط في غير أوانه • ولم أقدم له 540 أية رعاية عندما كبر في العمر • فبعيداً عن أرض آبائي أجلس أنا هنا في طروادة ، دون أن أجلب إلا المصيبة لك ولأولادك • وأنت يا سيدي • قيل لنا إنك قد ترفهت ذات يوم • وامتد ملكك حتى ليسبوس ، حيث حكم ماكار ، وشمالاً حتى تحده فروغيا من الشمال ، وهيليسبونت الفسيحة • 545 على هذا كله يا سيدي الموقر كنت ملكاً ذات يوم بثروتك وأبنائك • ولكن الآلهة الأورانية جاءت بنا وبالاً عليكم • وامتد القتال طويلاً حول مدينتك ، وقتل رجل • ولكن تحمل ، ولا تندب في قلبك إلى ما لانهاية • إذ أن حزنك على ابنك لن يفيدك في شيء • 550 لن تستعيده أبداً ؛ وسرعان ما ستواجه مصيبة أخرى " •






18 نصيب الإنسان هو إما أن يأخذ من جرن الشر وحده، أو مزيجاً من محتويات الجرنين. وما من إنسان يأخذ من جرن الخير وحده.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 688 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 689 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 761

ورداً عليه تكلم بريام العجوز الشبيه بالإله مرة أخرى : " لا تجعلني يا حبيب زيوس أجلس على عرش بينما هيكتور يتمدد مهجوراً بين المآوي • بل وبكل سرعة أرجعه لي لكي تراه عيناي • وتقبل الفدية 555 التي نجلبها إليك ، وهي فدية كبيرة • يمكنك أن تستمتع بها • وتعود إلى أرض آبائك ، بعد أن تسمح لي بالاستمرار في العيش وفي النظر إلى ضوء الشمس " • فنظر إليه آخيل سريع القدمين بغضب وقال له : " لا تعد إلى إثارتي ، يا سيدي الموقر • فأنا أنوي 560 أن أعيد إليك هيكتور • لقد جاءني رسول من زيوس ، هو أمي ، التي ولدتني وابنة عجوز البحر • أنا أعرفك في قلبي يا بريام • ولم يفتني أن إلهاً ما قد قادك إلى سفن الآخيين السريعة • فما من بشر يجرؤ على الاقتراب من تحصيناتنا • 565 ولا حتى من هو قوي في شبابه ، لم يكن ليستطيع الاقتراب من الأوتاد ، ولا كان ليستطيع إزاحة المزلاج الذي يوصد بابنا • فلا تعد إلى تحريك مواجعي • فقد لا أتركك سليماً في مأواي ، مهما تضرعت ، فأعصي أوامر الإله " • 570 قال ذلك فخاف العجوز ، وقام بفعل ما طلبه منه • وقفز ابن بيليوس إلى الباب مثل أسد • ولم يخرج وحده ، بل لحق به مرافقاه ، البطل أوتوميدون وألكيموس اللذان يكرمهما آخيل








الإلياذة هوميروس الصفحة : 689 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 690 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 762

أكثر من بقية مرافقيه بعد موت باتروكلوس • 575 وهذان الاثنان حررا البغال والخيول من النير وأدخلا المرافق ، منادي الملك العجوز • وأعطياه كرسياً يجلس عليه • ثم من عربة البغال المصقولة رفعا الأسلاب التي لا تحصى مقابل رأس هيكتور ، تاركين قلنسوتين كبيرتين وثوباً حسن الحياكة 580 للفّ الجثة بهما عند نقلها إلى البيت • ونادى آخيل خادمتين وطلب منهما غسل الجثة ودهنها كلها بالزيت • ولكنه قبل ذلك أزاحها جانباً لئلا يعجز بريام عن كبح غضبه مع تفاقم حزنه عند مرأى ابنه ، فيتفاقم غضب آخيل في قلبه • 585 وهو لا يريد أن يقتل بريام ويرتكب ذنباً في مخالفة أوامر الآلهة • وحين انتهت الخادمتان من غسل الجثة ، ودهنها بزيت الزيتون ، ألقتا عليه قلنسوةً جميلة وكبيرة وثوباً ، ورفعه آخيل بنفسه ومدده على محفة ، ثم ساعده مرافقاه لرفعه إلى عربة البغال المصقولة اللامعة • 590 وبعدها تنهد ودعا رفيقه الحبيب باسمه ، وقال : " لا تغضب مني يا باتروكلوس إذا عرفت ، وأنت في بيت هيدز ، أنني أعدت هيكتور العظيم لوالده ، فالفدية التي قدمها لي ليست قليلة • وسأعطيك نصيبك من الأسلاب ، وبقدر ما هو ملائم " • 595 هكذا تكلم آخيل العظيم ، ودخل إلى المأوى وجلس على الأريكة المشغولة التي نهض عنها ،








الإلياذة هوميروس الصفحة : 690 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 691 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 763

قرب الجدار الداخلي ، ثم تكلم مع بريام : " لقد أعيد لك ابنك ، يا سيدي الموقر ، ومثلما طلبت • وهو ممدد الآن على محمل • وحين يبزغ الفجر ستستطيع رؤيته 600 وأنت تنقله • ويجب علينا ، أنا وأنت الآن ، أن نفكر في عشائنا فحتى نيوبي ذات الضفائر الجميلة فكرت في أكلها 19 ، مع أن أولادها الاثني عشر قد قتلوا في قصرها ؛ ست بنات ، وستة أبناء في فورة شبابهم • قتلهم أبولو بسهام من قوسه الفضية ، وذلك لغضبه 605 من نيوبي ، بينما قامت أرتيميس رامية السهام بقتل البنات • وذلك عندما أخذت نيوبي شكل ليتو ذات الألوان الجميلة وقالت إن ليتو لم تحمل إلا حملين ، وأنها هي نفسها قد حملت كثيراً • ولكن الاثنين ، ومع أنهما اثنان فقط ، قتلا الآخرين كلهم • وظلوا تسعة أيام مرميين بدمائهم ، ولم يقم أحد 610 بدفنهم ، فابن كرونوس حول الناس إلى حجارة ، وفي اليوم العاشر قام الآلهة الأورانيون بدفنهم • ولكنها تذكرت أن تأكل بعد أن أنهكت من البكاء • وفي مكان ما بين الصخور في الجبال الموحشة في سيبولوس ، الذي يقال إنه مكان استراحة الإلهات 615 اللواتي هن الحوريات ، واللواتي يرقصن قرب مياه أخيلويوس ، هناك ، وهي ما تزال صخرة ، تبقى حزينة على المصائب التي ابتلتها بها الآلهة 20 • فتعال ، يا سيدي العظيم الموقر ، نحن أيضاً يجب أن نفكر في الأكل ، وبعد ذلك تستطيع أن تعيد ابنك الحبيب إلى إليون ، وتبكيه • وسيكون عليه الكثير من الندب " • 620






19 هنا ما يعزز ما علقنا به حول الندب في نهاية الفصل السابق ، وهو استرسال هوميروس مع الحالة للتأثير في المستمعين • فبالتدقيق نرى أن قصة نيوبي التي يرويها هوميروس على لسان آخيل ، ليست دقيقة • إنه يجري تغييرات فيها لكي تلائم الحالة والوضع • فنيوبي على العكس مما يرد هنا لم تكن تقبل عزاء ، أو تتوقف عن البكاء • فحولها زيوس إلى صخرة • ومع ذلك ظلت الدموع تنهمر منها • وليست هي بالأم التي تشبع من البكاء لكي تفكر في الأكل • كما أن تحويل الناس إلى حجارة ، لكي لا يدفنوا الأبناء ، اختراع آخر من هوميروس ، لكي يبرر مجرى القصة في الصيغة التي يوردها آخيل • 20 كانت عقوبة نيوبي الحقيقية ، بتحويلها إلىصخرة ، لأنها لم تعرف حدود الإنسان ، ولم تلتزم بها • لكل شيء في حياة البشر حدود ، حتى البكاء • وحين يتجاوز تلك الحدود فإنه يتشبه بالآلهة ، ولذلك يعاقب • وعناد نيوبي لم يتأثر بالعقوبة • فحتى وهي صخرة ظلت مبللة بالدموع ( وهو تفسير ميثولوجي لصخرة ينبع ، أو يسيل ، منها الماء ) •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 691 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 692 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 764

هكذا تكلم آخيل السريع ، وقفز على قدميه ، وذبح خروفاً أبيض الجزة • فسلخه صديقاه وأعداه حسب الطلب • ثم قطعاه بخبرة إلى قطع صغيرة ، وبهراها ، وشوياها بعناية ، ثم رفعا القطع • وأخذ أوتوميدون الخبز ووضعه على المائدة 625 في سلال جميلة ، فيما كان آخيل يوزع اللحم • وبعد ذلك مدوا أيديهم إلى الطيبات التي أمامهم • وحين اكتفوا من الطعام والشراب ، تطلع بريام ، ابن داردانوس ، إلى آخيل معجباً بحجمه وجماله ، فقد بدا مثل رؤية حقيقية لإله • 630 وتطلع آخيل أيضاً إلى بريام الدارداني فأعجب بما رآه من شجاعة المظهر ، ثم راح يستمع إليه وهو يتكلم • وحين اكتفى كل منهما من النظر إلى الآخر ، كان أول المتكلمين بينهما هو العجوز بريام الشبيه بالإله : " امنحني يا حبيب زيوس مكاناً أنام فيه فوراً ، 635 لكي نأوي إلى الفراش وننعم بنوم هانئ • فعيناي لم تنغلقا تحت أجفانهما منذ ذلك اليوم الذي فقد فيه ابني حياته على يديك • وقد ظللت غارقاً في حزني ، منغلقاً على مصائبي التي لا تحصى متمرغاً في الأقذار التي حول باحة قصري • 640 والآن تذوقت طعم الطعام من جديد ، وسمحت للخمر المشع أن يمر في حلقي • وقبل هذا لم أكن قد ذقت شيئاً " • قال ذلك فأمر آخيل مرافقيه وخادماته








الإلياذة هوميروس الصفحة : 692 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 693 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 765

بتهيئة منامة في شرفة المأوى ، وأن يضعوا عليها شراشف أرجوانية جميلة ، وأن يمدوا فوقها البطانيات 645 وأغطية من الصوف فوق الجميع • وخرجت الخادمات من البيت ، وقد حملن المشاعل في أيديهن ، وبدأن العمل ، وسرعان ما كانت هناك منامتان جاهزتان • وتطلع آخيل ذو القدمين السريعتين إلى بريام وقال له ، بلهجة ساخرة 21 : " نم في الخارج ، أيها السيد الموقر والصديق الطيب ، خشية أن يأتي 650 بعض الآخيين إلى هنا لمشورة ما • فهم كثيرو القدوم للجلوس معي ووضع الخطط ، كما هو مفترض منهم • ولكن إن جاء أحدهم عبر الليل الأسود المتعجل وعرفك ، فإنه سيذهب مباشرة لإبلاغ أغاممنون سيد القوم • وعندها يحدث تأخير في افتداء الجثة • 655 ولكن قل لي وبصدق ودقة : كم يوماً تنوون أن تكرسوا لدفن هيكتور العظيم ؟ قل لي لكي أبقى هادئاً خلالها ، وأمنع قومي من القتال " • ورداً على ذلك تحدث بريام العجوز الشبيه بالإله : " إن كنت راغباً في أن نقيم مأتماً كاملاً 660 لهيكتور العظيم ، فهذا ما تستطيع أن تفعله ، يا آخيل ، وهو ما يسرني • أنت تعرف بدقة كيف نحن محاصرون في مدينتنا • والحطب بعيد عنا إذ نجلبه من الجبال • والطرواديون يستولي عليهم الخوف الشديد • سنبقيه تسعة أيام في القصر لنبكي عليه ، وسندفنه في اليوم العاشر ويولم الناس على شرفه وإلى جانبه • 665 وفي اليوم الحادي عشر سنقيم له رابية القبر ،






21 السخرية هنا ضمنية • فآخيل يعرف أن إلهاً قد ساعد بريام في الوصول ، وأنه سيساعده في الخروج • وهو يسهل عليه المسألة ، بأن يجعله ينام في الشرفة • وهي شرفة مأوى وليست شرفة قصر عال • ثم يكمل سخريته بالادعاء أنه يخشى أن يراه أحد الآخيين• والآخيون كلهم ، كما هو واضح لآخيل ، لم يستطيعوا رؤيته وهو يدخل •


الإلياذة هوميروس الصفحة : 693 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 694 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 766

وفي اليوم الثاني عشر سنعود إلى القتال ؛ إن كان علينا أن نقاتل " • وبدوره رد عليه آخيل الباسل سريع القدمين : " هذا كله يا بريام العجوز سيكون كما طلبت • سأؤجل هجومنا بقدر ما تريد مني " • 670 قال ذلك وأخذ الملك العجوز بيده اليمنى من رسغه لكي يطمْئن له قلبه • وراح الاثنان ، بريام والتابع ، وهما في علاقة وثيقة ، في نومهما في المكان المعد لهما خارج المنزل ، في شرفة المأوى • ونام آخيل في الزاوية الداخلية من المأوى قوي البناء ، 675 وإلى جانبه نامت بريسييس 22 ذات الألوان الجميلة • ونام بقية الآلهة والبشر ممن هم محاربو العربات طوال الليل ، وغلالة النعاس اليسيرة تلفهم ، ما عدا هيرميس الإله الملك الذي لم يعرف النوم • إذ كان يفكر في كيفية مرافقة الملك بريام 680 لإخراجه من منطقة السفن دون أن ينتبه إليه حراس الباب اليقظون • وقف فوق رأسه وقال له كلمة : " يا سيدي الموقر ، ألا يخطر لك خاطر الشر من هذه الطريقة في النوم بين أعدائك ، بعد أن تركك آخيل دون أن يؤذيك ؟ لقد افتديت الآن ابنك العزيز ودفعت من أجله الكثير • 685 ولكن الأبناء الذين خلفتهم وراءك سيدفعون ثلاثة أضعاف ما دفعت من أجلك ، أنت الحي ، لو أن أغاممنون ، ابن أتريوس عرف بوجودك ، وعرف بقية الآخيين كلهم بك " • قال ذلك فخاف العجوز وأيقظ تابعه •






22 بدأت حكاية الإلياذة بآخيل وهو يفقد برييسيس، وها هي تنتهي وهو ينام معها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 694 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 695 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 767

وبهدوء وخفة قام هيرميس بإعداد البغال والخيول لهما • 690 وقام هو نفسه بالقيادة لهما عبر التحصينات • فلم يعرف بهما أحد • وحين وصلوا إلى المعبر على سريع الجريان كسانثوس ذي الدوامات ، النهر الذي أبوه هو زيوس الخالد ، هناك تركهما هيرميس وذهب إلى أعالي الأولمب • وانتشرت الفجر ، ذات الثوب الأصفر ، على الأرض 695 فقادا عربتيهما نحو المدينة بصياح وندب وعويل • فيما كانت البغال تسحب الجثة • ولم يحس بهما أحد ، في البداية ، لا رجل ولا امرأة ذات نطاق جميل ، إلا كاساندرا ، الشبيهة بأفرودايت الذهبية ، التي كانت قد صعدت إلى أعالي بيرغاموس • فرأت 700 أباها العزيز واقفاً في العربة ، ومعه تابعه ومناديه • ورأت هيكتور تسحبه البغال على محفة • وعندها صرخت متفجعة وخاطبت المدينة كلها : " تعالوا يا رجال طروادة ، ويا أيتها النساء الطرواديات ، تعالوا وانظروا إلىهيكتور • فقد كنتم من قبل تفرحون وأنتم ترونه عائداً حياً 705 من المعركة • وكان مصدر مسرة للمدينة ولشعبها كله " • قالت ذلك ، فلم يبق رجل في المدينة كلها ولا امرأة ، إلا وتملكه حزن يفوق الاحتمال • واستقبلوا بريام عند الباب وهو يُدخل الميت ، وعلى رأسهم زوجة هيكتور وأمه الكريمة ، 710 وقد قامتا بنبش شعرهما ، وراحتا تركضان إلى جانب العربة التي تسير بيسر ، وتلمسان رأسه • والجموع يعولون من حولهما •








الإلياذة هوميروس الصفحة : 695 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 696 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 768

وكانوا سيتابعون ندبهم أمام الأبواب طوال النهار ، وحتى مغيب الشمس ، ويذرفون دموعهم كلها هناك ، لولا أن العجوز تكلم من العربة مخاطباً شعبه : 715 " أفسحوا لكي أدخل ببغالي ، وتستطيعون أن تشبعوا ندباً بعد أن أدخله إلى قصري " • قال ذلك فتفرقوا وأفسحوا للعربة • وبعد إدخاله إلى البيت البارز مددوه على سرير محني ، وأجلسوا قربه المغنين 23 720 الذين سيقودون نغم الترنيمة الجنائزية ، وغنى المغنون أغنية الحزن ، والنساء يندبن إلى جانبهم • وكانت أندروماكي ذات الذراعين الأبيضين تقود ندب النساء وهي تمسك بيدها رأس هيكتور الفتاك : " لقد ضعت من الحياة يا زوجي ، وتركتني 725 أرملة في بيتك ، والولد ليس إلا رضيعاً ، التعيس المولود لي ولك • وأنا أخشى أنه لن يبلغ مبلغ الرجال • قبل ذلك ستنقلب هذه المدينة رأساً على عقب بعد أن يتم اجتياحها • فأنت المدافع عنها قد ذهبت • وأنت الذي كنت تحمي المدينة ، والنساء المحصنات ، والأطفال الأبرياء ، 730 والزوجات اللواتي سيتم سبيهن عاجلاً في السفن الجوفاء • وأنا سأكون بينهن • وأنت يا ولدي ، ستتبعني حيث أذهب ، إلى حيث ستقوم بأعمال لا تليق بك سخرة عند سيد قاس • وإلا فسيأخذك أحد الآخيين من يدك ليقذف بك عن البرج إلى الموت الرهيب ، 735






23 هؤلاء المغنون يشبهون ما نعرف في ثقافتنا العربية عن الندابات. فالمغنون محترفون، والندابات محترفات، لهذه الغاية ذاتها.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 696 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 697 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 769

انتقاماً من هيكتور الذي كان قد قتل أخاه، أو أباه ، أو ابنه. فهناك كثيرون من الاخيين عضوا الأرض بأسنانهم، بعد سقوطهم بضربات من يدي هيكتور. وأبوك لم يكن بالرجل الرحيم في هول المعارك. ومن أجل هذا يبكيك الناس في كافة أنحاء المدينة ، 740 يا هيكتور ، وأنت الذي لم تترك لوالديك إلا الفجيعة والأحزان التي لا يمكن وصفها. أما أنا فبما يقوف الآخرين كلهم ولم تقل لي كلمات المودة الخيرة التي أستطيع تذكرها دائماً، طوال أيام بكائي عليك ولياليه" . 745 هذا ما قالته مع دموعا، والنساء يندبن من حولها. وتسلمت هيكابي قيادة غناء الحزن الجماعي: " يا هيكتور، الأعز إلى قلبي من أبنائي كلهم. وطوال حياتك التي عشتها معي كنت العزيز عند الآلهة. وحتى عند موتك ظلوا يعتنون بك. لقد كان هناك آخرون 750 من أبنائي ممن أسرهم آخيل سريع القدمين ذات يوم. وكان يبيعهم بعيداً كعبيد وراء المياه المالحه المضطربة في ساموس وإمبروس وليمنوس ذي الضباب 24 . وأنت ، حين سلبك الحياة بحد السيف البرونزي، راح يجرجرك مرة بعد أخرى حول قبر صديقه الحبيب، باتروكلوس، الذي قتلته أنت. ولكن حتى بفعله هذا 755 لم يُعده إل الحياة 25 . وها أنت الان ممدد ف يال3صر ، وسيماً ومبللاً بالندى، وشبيهاً بمن هاجمه ذو القوس الفضية،





24 يوصف ليمنوس بهذه الصفة دائماً، بما يوحي أنه ذو مياه معدنية أو حارة. ولكن النهر الموجود حالياً ليس فيه شيء من هذا. 25 كأنها تتشفى، وهذا عزاؤها الوحيد.


الإلياذة هوميروس الصفحة : 697 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 698 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 770

أبولو ، وقتله بسهامه اللطيفة" • قالت ذلك باكية فأيقظت مناحة لا تنتهي • 760 وكانت هيلين الثالثة والأخيرة في قيادة جوقة الأحزان : " هيكتور ، أيها الأعز علي من أخوة زوجي جميعهم • زوجي هو ألكسندروس ، الشبيه بإله ، والذي جلبني إلى هنا في طروادة • وكم أتمنى لو أنني مت ولم آت معه • وها هي السنة العشرون 26 على خروجي ، 765 من المكان الذي كنت فيه ، متخلية عن أرض آبائي • وخلال هذا الزمن كله لم أسمع منك كلمة قاسية ، أو إهانة • وحين أتعرض لكلمة قاسية في القصر من أحد أخوة زوجي أو أخواته ، أو من زوجة حسنة اللباس لأحد الأخوة ، أو من أم زوجي - وقد كان أبوه لطيفاً دائماً ، وأباً بحق - 770 فإنك كنت تتدخل وتبعدهم وتضع لهم حداً بلطف سريرتك وكلماتك الرقيقة • ولذلك أندبك بحسرة قلبي • وأندب نفسي أيضاً وسوء حظي • لم يكن هناك أحد آخر في ترود الشاسعة كلها لطيفاً معي وصديقي • فالآخرون كلهم كانوا ينفرون عند رؤيتي " • 775 قالت ذلك بدموعها فبكى معها الجمع الغفير • وتحدث بريام ، الملك العجوز ، إلى شعبه : " والآن يا رجال طروادة ، اجلبوا الحطب إلى المدينة ، ولا تدعوا قلوبكم تخاف من كمائن الأرجيفيين • فآخيل قد وعدني ، وهو يرجعني من السفن السوداء ، 780 أنه لن يقوم أحد منهم بأي أذى إلى أن تأتي الفجر للمرة الثانية عشرة " •






26 التباس آخر غير مقنع. كيف مرت عشرون سنة على خروجها، والحرب قد استمرت عشر سنوات؟ لقد اجتهد الدارسون لحل هذا الالتباس • فرأى بعضهم أن تجميع اليونانيين لقواتهم واستعدادهم للحرب قد استغرقا عشر سنوات • وخلال ذلك تمت المراسلات ومحاولات الحل والتوسط• ومرة أخرى يمكن إحالة المسألة إلى خاصية الشعر الشفوي ، حيث لا يستطيع الشاعر ، أو لا يحاول ، التدقيق في التفاصيل • كان النص الأساس الذي تم اعتماده للترجمة هو ترجمة ألكسندر بوب • إلا أنني ، وسعياً وراء فائدة أكبر استفدت من ترجمات أخرى إلى الإنكليزية • وأذكر تحديداً الترجمات التالية : 1 - ترجمة ريتشموند لاتيمور ، وهذه من خيرة الترجمات عن اليونانية إلى الإنكليزية• وبسبب أهميتها، وأهمية ترجمته للأوديسة ، صدر كتابان كاملان هما تعليقات وشروح حول ترجمته للملحمتين، كل كتاب مكرس لملحمة • والكتاب المعتلق بالإلياذةهو " مرافق للإلياذة " لمالكوم م • ويلكوك • 2 - ترجمة في سلسلة " كلاسيكيات ووردسورث " ، ولم يذكر عليها اسم المترجم • 3 - ترجمة و • هـ • د • روس • 4 - ترجمة في سلسلة " كلاسيكيات بنغوين " من إعداد إي • ف • ريو • 5 - ترجمة أخرى في سلسلة بنغوين لمارتين هاموند • 6 - ترجمة ثالثة في سلسلة بنغوين لروبرت فيغلز • 7 - وهناك أكثر من إشارة إلى ترجمة أمين سلامة إلى العربية ، عن اليونانية مباشرة ، وقد استفدت منها بشكل خاص في طريقة لفظ الأسماء وكتابتها • وهي ضمن سلسلة " كتابي" • وأعتقد أنها الترجمة العربية الوحيدة التي تستحق الاهتمام • وفي النهاية ربما استطعنا الادعاء أنها الآن ترجمة مقارنة ، تستهدف الوصول قدر الإمكان إلى أقرب جو للإلياذة • مع أنني اعتمدت في ضبط لفظ معظم الأسماء على ترجمة أمين سلامة في سلسلة (كتابي) ، إلا أنني لجأت إلى شيء من الاجتهاد في أسماء أخرى ، اعتماداً على ما اشتُهرت به عند القارئ العربي •



الإلياذة هوميروس الصفحة : 698 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1




الإلياذة هوميروس الصفحة : 699 تحقيق: الناشر: المجمع الثقافي الطبعة: 1


رقم صفحة الكتاب الورقي: 771

أنهى كلامه فشدوا بغالهم وثيرانهم إلى العربات ، وسرعان ما كانوا متجمعين أمام المدينة • ظلوا تسعة أيام وهم يجلبون كميات لا تحصى من الحطب • وحين تبدت الفجر قي اليوم العاشر ونشرت ضوءها على البشر 785 نقلوا هيكتور المقدام وهم يبكون • ووضعوا الجثة فوق محرقة برجية جاهزة • ثم أضرموا النار فيها • وحين ظهرت الفجر الفتية ثانية بأصابعها الزهرية ، جاء الناس والتفوا حول محرقة هيكتور المبرز • وبعد أن اجتمع الجميع في مكان واحد ، 790 راحوا ، أولاً ، يطفئون المحرقة بالخمر المشعشع ، وكلهم يسكبون حيث النار ما تزال تضطرم • وبعد ذلك قام أخوة هيكتور ورفاقه بتجميع العظام البيضاء ، وهم يندبون ، والدموع تتجمع في عيونهم ثم تسيل على خدودهم • ثم وضعوا ما جمعوه في علبة ذهبية ، 795 ولفوها بأقمشة أرجوانية ناعمة • ثم وضعوها في تجويف القبر • وكوموا فوقها حجارة ضخمة متراصة • وبخفة وسرعة كانوا قد رفعوا رابية القبر • ثم وزعوا الحراس في كل مكان ، خشية أن ينقض عليهم الآخيون المدججون على الفور • 800 رتبوا رابية القبر ، ثم انصرفوا • وبعدها تجمعوا في اجتماع جميل ، وأقاموا مأدبة فاخرة داخل بيت بريام ، الملك تحت يد الإله • وهكذا كان دفن هيكتور محطم الخيول •