اتفاقيات البترول المصرية

من معرفة المصادر

اتفاقيات البترول الحاليــة.. نزيف خســـائر مستمر وإهـــدار ممنهــج للـــثروات الطبيعيــة الثلاثاء 26 مارس 2013 01:41 م

حوار - نسمة بيومي

يعانى قطاع البترول المصرى نماذج إهدار واضحة بالاتفاقيات البترولية، التى تعمل من خلالها العديد من شركات البترول الأجنبية، وتحقق لها مصالح ومكاسب ليست من حقها، هذا ما أكده خبير البترول الدولى المهندس يسرى حسان فى حوار لـ«المال».

يسري حسان

وانقسم الحوار الذى استمر لأكثر من ثلاث ساعات إلى جزءين، الأول شمل سرد نماذج الإهدار الحالية باتفاقيات البترول والتى ما زالت معمولاً بها حتى الآن، فضلاً عن توضيح الشركات الأجنبية المستفيدة من هذه النماذج، أما الجزء الثانى من الحوار فشمل توضيح تاريخ اتفاقيات البترول المصرية والمسار الذى سلكته لتصل إلى الصورة الحالية.

بداية، قدم حسان لـ«المال» عدة نماذج واقعية حالية تمثل إهداراً تم ولا يزال قائماً بثروات مصر الطبيعية، سواء البترول أو الغاز أو الخامات التعدينية، علماً بأن هذه النماذج ينتفع منها العديد من الشركات الأجنبية مستندة فى ذلك للاتفاقيات الموقعة معها من قبل قطاع البترول.

قال حسان إن نموذج الإهدار الأول يتمثل فى الاتفاقيات التى تم مد العمل بها رغم انتهاء مدتها وبشكل مخالف للقانون دون مبررات مقنعة، ومن الأهمية بمكان لفت الأنظار لحقيقة مفادها أنه بانتهاء عقد تنمية أى من حقول الزيت أو الغاز تئول ملكية ما تبقى من احتياطيات فى الخزان كاملة للدولة، وتنتهى حينئذ أى حقوق للشريك الأجنبى.

وعلى عكس ذلك يتضح هذا النموذج من الإهدار جلياً فى حال حقل بلاعيم، التابع لشركة إينى الإيطالية «بترول بلاعيم» حيث انتهى العمل بعقد التنمية منتصف التسعينيات من القرن الماضى بمرور أكثر من 30 عاماً على تعديل الاتفاق لنموذج الاقتسام، وعند تاريخ انتهاء عقد التنمية أنتج الحقل تراكمياً أكثر من 2 مليار برميل من الزيت الخام حصلت الشركة الإيطالية منها على أكثر من 300 مليون برميل من الزيت يمثل صافى ربحيته أكثر من 12 مليار دولار بحساب متوسط سعر للبرميل فقط 40 دولاراً تعفى كاملة من الضرائب، بالإضافة لاسترداد كامل الاستثمارات من الإنتاج.

وأضاف أنه بانتهاء عقد التنمية منذ أكثر من 10 سنوات آلت ملكية كل الاحتياطيات المتبقية بالمنطقة، وتبلغ أكثر من 800 مليون برميل من الزيت الخام لمصر، فضلاً عن تسهيلات الإنتاج والبنية التحتية، وفى هذه الحالة من الطبيعى أن تستمر الشركة المصرية القائمة فى إدارة وتنمية الاحتياطيات بأموال مصرية والانتفاع بكامل إنتاجها، وأن تتم إعادة طرح الحقل للمزايدة من جديد لحق الانتفاع من خلال المشاركة أو اقتسام الإنتاج وبشروط جديدة لاختفاء عناصر المخاطرة على الاستثمار حتى عام 2020 وفى عام 2000 تمت الموافقة على رفع النسبة المخصصة لاسترداد المصروفات من 20 إلى %35 من الإنتاج مقابل استثمار 450 مليون دولار تُسترد كاملة ثم التجديد مرة أخرى فى 2009 لمدة 10 سنوات، ولكن ما حادث هو أنه تم التجديد للشركة الإيطالية «إينى» تنتهى فى 2030 بالأمر المباشر، وهو يعد مخالفة صريحة للقانون قد تصل لحد التجريم، وبالشروط نفسها، أى أن الشريك الأجنبى يحصل على أكثر من %16 من جملة الاحتياطى بما يعادل أكثر من 100 مليون برميل تبلغ قيمتها أكثر من 10 مليارات كصافى ربح تعفى كاملة من الضرائب فى مقابل أن يلتزم الشريك بإنفاق 1.5 مليار دولار فقط على عدة سنوات، على أن يستردها كاملة من الإنتاج بخلاف الجزء المخصص للربح.

وللأسف تكرر الوضع نفسه مع الشركة الإنجليزية «بريتش بتروليم» والتى تقوم على تنمية وإنتاج أكثر من 10 حقول مكتشفة بخليج السويس منذ عقود طويلة، وبالتبعية فقد انتهت عقود تنمية هذه الحقول بنهاية القرن الماضى بانقضاء فترة 30 عاماً من الإنتاج يتحصل فيها الشريك الأجنبى على أكثر من %13 من الإنتاج تمثل صافى ربحيته، بالإضافة إلى أنه يسترد كل استثماراته من الجزء المخصص لذلك من الإنتاج والذى يبلغ %30، وخلافاً لكل الأعراف وطرق الإدارة السليمة واستغلال الدولة الاحتياطيات المتبقية والتى آلت لها بالكامل تم مد الاتفاقية بالأمر المباشر حتى عام 2025 بالشروط الأولية نفسها تقريباً فى مخالفة صريحة لكل القوانين واللوائح بل بانعدام أى إحساس بالوطنية أو المسئولية حتى يستمر الشريك فى الحصول على حصة للمكاسب تقدر بأكثر من 10 آلاف برميل من الزيت الخام يومياً وبإجمالى تنازلات تكلف الدولة أكثر من 8 مليارات من الدولارات.

وقال إن هذا الأمر يمثل فساداً مقنناً من خلال اعتماد مجلس الشعب فيما قبل ثورة يناير تجديد مثل هذه العقود، مطالباً بإعادة النظر فى الاتفاقيات المذكورة وإعادة التفاوض عليها لتحسين شروطها وبخفض الحصة المخصصة لمكسب الشريك بنسبة %50 على الأقل، مع عدم التخوف من فزاعة رحيل المستثمر الأجنبى، لأن الحفاظ على الثروات الطبيعية حق مفروض تطبيقه، وبالقطع فلن يرحل المستثمر الأجنبى لأنه يمارس الكسب ويعلم علم اليقين أنها منحة.

وأضاف أن مصر تعد دولة فقيرة بالنسبة للثروات البترولية، ومع ذلك يقول عدد من غير المؤهلين من قياداتها السياسية والفنية الفاسدة بإهدار هذه الثروات للأجانب، سواء بالتنازل عنها أو التعاقد المباشر.

وعلى النقيض طالب حسان مسئولى قطاع البترول بالاقتداء بدول الخليج الغنية بمصادرها البترولية، حيث ترفض تجديد العقود الخاصة بالبحث والتنقيب والإنتاج مرة أخرى بعد انتهاء مدد عقود التنمية إلا من خلال مزايدات عالمية جديدة، وفيما تفعله إمارة أبوظبى حالياً بالنسبة لحقولها التى تنتهى شراكتها فى عام 2014 خير مثال حيث ترفض قطعاً أى تجديد للعقود إلا من خلال مزايدات.

أما النموذج الثانى من نماذج الإهدار المعمول بها طبقاً للاتفاقيات الحالية فقد أوضح حسان أنه يتمثل فى تعديل بعض بنود الاتفاقيات وزيادة حصة مكسب الشريك الأجنبى أو التنازل نهائياً عن حصة الدولة بحجج واهية.

وقدم حسان مثالاً واضحاً على ذلك النموذج يتمثل فى اتفاقية شمال الإسكندرية وغرب المتوسط للمياه العميقة مع الشركة الإنجليزية «بريتش بتروليم» مؤكداً أنه تم ترخيص وترسية المنطقة للشركة من خلال مزايدة عالمية فى 1992 بشروط معينة، فكيف يتم تغيير الشروط دراماتيكياً لصالح الشركة بالأمر المباشر فى مخالفة صريحة للشروط الأصلية التى بناء عليها فازت بالمنطقة؟!

وأشار إلى أن وزير البترول الأسبق سامح فهمى قدم %85 من منطقة الاستكشاف إلى «بى بى» كمنطقة تنمية وحققت الشركة من 5 إلى 6 اكتشافات فيها وطبقاً لنص الاتفاقية إذا لم تنجح الشركة خلال 8 سنوات فى إنتاج الغاز فإن ملكية الحقول تؤول للحكومة المصرية، وحتى الآن لم تنتج الشركة من المنطقة ولن تستطيع الإنتاج حتى بعد مرور عامين من الآن.

وقال إن هذا الاتفاق مر بعدة تعديلات، الأول عام 2008 حيث تم رفع نسبة مكسب الشريك فى الإنتاج من 12 إلى %21 كما تم تحديد سعر الغاز المشترى من حصة الشريك ليصل إلى 4.8 دولار للمليون وحدة حرارية، وتم اعتماد هذا التعديل من مجلس الشعب، والتعديل الثانى تم عام 2010 فى منطقة غرب المتوسط بالمياه العميقة، وتم ضم المنطقة إلى منطقة شمال الإسكندرية رغم اختلاف شروطهما وطبيعتهما وتم الاتفاق على إلغاء الاتفاقية القديمة بالكامل وتوقيع أخرى جديدة.

وأضاف أن الاحتياطيات الإجمالية بالمنطقة تم تقسيمها إلى 3 فئات، الأولى تمثل الاحتياطيات الأولية وتقدر بخمسة تريليونات قدم غاز و55 مليون برميل سوائل، على أن يتم الإنتاج من حقول واحدة وخزانات محددة وسيتم شراء كامل هذه الكميات من قبل الحكومة المصرية بسعر 4.1 دولار للمليون وحدة من الغاز والخام بسعر خام برنت العالمى، رغم أن مصر كانت تملك حصة %48 من هذه الاحتياطيات تنازلت عنها بالكامل بتوقيع الاتفاق الجديد.

أما الفئة الثانية فتمثل الاحتياطيات الإضافية وهى ما قد ينتج زيادة عن الاحتياطيات الأولية من الحقول نفسها والخزانات نفسها، وتحصل مصر على %39 منها والباقى تقوم بشرائه من الشريك بالأسعار المذكورة سابقاً، بينما تشمل الفئة الثالثة الاحتياطيات الأخرى التى تمثل أى احتياطيات قد توجد بالمنطقة من غير الاحتياطيات الأولية أو الإضافية، على أن يتم الاتفاق بين الشريك وهيئة البترول على سعر كميات الفئة الأخيرة، وإذا لم يتم الاتفاق على السعر خلال 5 سنوات من تاريخ إعلان الكشف التجارى وهو 2007 يحق للشريك الأجنبى التصرف فى هذه الكميات بحرية كاملة ولو بتصديرها.

وأوضح أن هذا يعد إخلالاً بمبدأ تكافؤ الفرص للمتنافسين فى البداية، بل إنه الفساد بعينه وأنه لمن واجبات القيادة السياسية، وتحديداً رئيس الجمهورية والذى انتخب من أجل محاربة الفساد وإعادة الحقوق لأصحابها، فتح هذا الملف وإعادة التفاوض مرة أخرى وبكل الرضا مع الشريك وقبل البدء فى تنفيذ المشروع وتمرير هذه الجريمة ومحاسبة من شارك ووافق على هذا العبث والإهدار عبر أحكام القضاء المصرى والنيابة العامة.

أما النموذج الثالث للإهدار الناتج عن جهل أو تعمد أحياناً طبقاً لحسان، فإنه يتمثل فى إدخال بعض البنود الاضافية على بعض الاتفاقيات البترولية الموقعة مع الشركاء الأجانب دون سند قانونى أو غطاء دستورى، الأمر الذى أدى إلى اهدار مليارات الدولارات تدفعها الدولة خصما من الزيت والغاز المنتج.

وقدم مثالا على ذلك باتفاقية الـ«2x» الموقعة بين هيئة البترول وشركة آباتشى الأمريكية العاملة بمنطقتى خالدة وقارون بالصحراء الغربية فى 2005 ونتيجة ارتفاع فائض الاسترداد فى ذلك الوقت والذى يعود معظمه لخزانة الدولة من خلال هيئة البترول، نجحت الشركة من خلال ممارسة بعض الضغوط وبمساعدة وزير بترول ما قبل الثورة فى توقيع هذا الاتفاق مع هيئة البترول.

وقال إن هذا الاتفاق ينص على التزام الشركة الأمريكية بانفاق 3.2 مليار دولار تسترد كاملة من الانتاج شرط أن تتم مضاعفة إنتاج الزيت والبالغ 105 آلاف برميل يومياً حينئذ إلى 210 آلاف برميل يومياً، مع زيادة إنتاج الغاز البالغ حوالى 300 مليون قدم مكعب يومياً عند التوقيع إلى 600 مليون قدم مكعب يومياً ولم يربط الاتفاق بين ما يتحقق من معدل الزيادة فى الانتاج وما تتم اضافته من احتياطيات إلى نسبة استرداد مبلغ الاستثمار.

وأضاف أنه نتيجة ذلك تحملت الدولة مبلغ 3.2 مليار دولار وفشلت الشركة فى تحقيق المستهدف وزاد إنتاج الزيت 4000 برميل يوميا فوق مستوى 105 آلاف برميل يوميا، بينما تحقق مضاعفة إنتاج الغاز من خلال تسريع انتاج حقل القصر المكتشف من قبل دون اضافة احتياطيات جديدة أى أن الدولة تحملت كل مخاطر الاستثمار، وهو ما حدث بالفعل، حيث استرد الشريك كامل الاستثمارات، وهى 3.2 مليارات دولار دون زيادة ملحوظة فى إنتاج الزيت الخام، مؤكداً أنه كان من المفترض أن يتم ربط نسبة الاسترداد بنسبة تحقيق المستهدف أى إنه من المفترض ألا يحصل إلا على نصف استثماراته (1.5 مليار دولار) طالما إنه أخفق فى تحقيق كامل مستهدفاته الإنتاجية.

وفيما يخص النموذج الرابع للفساد والمستمر حالياً باتفاقيات البترول والمتمثل فى إنشاء شركات استثمارية بأسس غير عادلة ومجاملة المستثمرين الأجانب ومثالا لذلك تأسيس الشركة المتحدة لمشتقات الغاز الطبيعى ببورسعيد بالمشاركة بين بريتش بتروليم الإنجليزية وشركة إينى الإيطالية وشركة جاسكو التابعة لهيئة البترول بنسبة الثلث لكل طرف.

وقال حسان إن اتفاق إنشاء الشركة ينص على أن تحصل على 300-250 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الخام بسعر 1.25 دولار لكل ألف قد مكعب ومن ثم تتم معالجة الغاز باستخراج مشتقات المتكثفات وبيعها للدولة بسعر خام برنت، ويتم تصدير البروبان بسعر السوق العالمية، أما البوتاجاز بسعر تقريبى 400 دولار للطن، ويتبقى الغاز الطبيعى ويباع للهيئة بسعر 1.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية.

وبمعنى آخر أوضح حسان أن الشركة التى يمتلك الأجانب ثلثى اسهمها تشترى 300-250 مليون قدم مكعب من الغاز الخام يومياً عند سعر 350-280 ألف دولار يومياً، وتستخرج منه منتجات تقدر بـ12 ألف برميل متكثفات وسوائل وحوالى 1000 طن بوتاجاز بسعر 500 دولار للطن ويتم تصدير البروبان بالسعر العالمى، وتشترى مصر منتجات منها بأكثر من 3 ملايين دولار يومياً، أى أن الشركة قد تحقق أكثر من 400 مليون دولار سنوياً بسبب حصولها على الغاز تقريباً بالمجان! وعجبا ما زال الاتفاق ساريا حتى اليوم دون تحريك لسعر الغاز الخام.

وطالب حسان بزيادة سعر الغاز المقدم للشركة ليتعدى 10 دولارات للمليون وحدة حرارية وليس 1.25 دولار، كما يحدث حالياً.

واستمر حسان فى كشف حقائق الافساد باتفاقيات قطاع البترول لـ«المال» موضحاً مثالاً صارخاً آخر على ذلك يتجسد فى بيع الحقول المنتجة والمملوكة بالكامل للدولة ومنها حقل أبوقير وجيسوم.

ورغم أن البيع لنسب معينة قد تم من خلال مزايدات عالمية فإن الأمر يبقى غير مقبول لأن مصادر الطاقة المملوكة للدولة هى جزء من أمنها القومى ولا يجوز التفريط فيه والسماح بتصدير جزء منه ونحن فى أشد الحاجة إليه بغض النظر عن العائد المادى من وراء ذلك.

وتساءل حسان كيف تستورد مصر الغاز المسال بـ10 دولارات للمليون وحدة حرارية وفى الوقت نفسه تفرط فى حقولها المنتجة ببيع أجزاء منها مقابل 5 دولارات للمليون وحدة حرارية، إضافة لذلك اضطرت مصر الى الالتزام بتلبية التزاماتها لعقود تصدير الغاز المسال لأوروبا بأسعار متدنية بفعل قيادات بترولية سابقة من خلال فكر خاطئ وظالم، والنتيجة أن مصر صدرت أكثر من 4 تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعى بإجمالى أقل من 8 مليارات دولار نتيجة التفريط الأبله، وأضاف أنه بعد مرور عدة سنوات تضطر الدولة لان تستورد الغاز فى صورة سائلة لحاجتها إليه بمبلغ 40 مليار دولار للكمية نفسها المصدرة أى خمسة أضعاف الثمن، أو بمعنى أدق فإن قطاع البترول تطوع بدعم دول الاتحاد الاوروبى بمبلغ اكثر من 30 مليار دولار تمثل فارق السعر لنفس كمية الغاز؟ والواضح أن قرار تصدير الغاز المصرى كان خطاً استراتيجياً ولم يبن على اى دراسة سواء بالنسبة لحجم الاحتياطيات المكتشفة فعليا واحتياجات الدولة من الغاز، وبالقطع إن دل ذلك على شىء فإنما يدل على الجهل والفساد بل الافساد واستمرار المدرسة نفسها والعقول نفسها لتتحكم فى أهم قطاعات الطاقة والتعدين فى مصر.

وقال إنه فى العقد الأخير بدأ الاهتمام بالثروات المعدنية من خلال هيئة المساحة الجيوليوجة أو الثروة المعدنية، والتى تشرف عليها وزارة البترول، ومن ثم طرحت بعض المناطق التى تحتوى على معدن الذهب للمزايدات، وفى كثير من الأحيان من خلال المفاوضات المباشرة تم توقيع بعض الاتفاقيات، ومنها على سبيل المثال اتفاق منجم السكرى الشاذ والذى يعطى الحق للشريك لاسترداده لكامل مصروفات الاستكشاف والتنمية ومصروفات العمليات من الانتاج أولاً، وليس على عدة سنوات كما يعمل به فى الاتفاقيات البترولية وبعد كامل الاسترداد تحصل الدولة صاحبة الثروة على نسبة %50.


وأخيراً وليس آخرا فإن النموذج الاخير لعملية اهدار ثروات مصر الطبيعية يتضح من خلال السماح والترخيص لكل شركات صناعة الاسمنت القائمة، والتى يمتلكها مصريون واجانب فى معظم الحالات بالحصول على ملايين الاطنان من المواد الأولية الخام واللازمة لصناعة الاسمنت مثل الحجر الطفلى والحجر الجيرى والجبس الطبيعى مقابل رسوم محاجر زهيدة جدا عفى عليها الزمن تدفع للمحليات.

وأكد حسان ان الأسمنت يباع فى السوق المحلية بالسعر العالمى تقريبا، بمعنى آخر يتم دعم المستثمر الأجنبى بالثروات الطبيعية لفقراء هذا البلد فى الوقت نفسه لا توجد أى حماية للمستهلك المصرى من جشع وطمع أصحاب المصانع، وللتدليل على ذلك ما حدث لشركة أسمنت أسيوط، والتى بيعت لشركة سيمكس المكسيكية بأقل من مليار جنيه مع أن قيمتها السوقية بما تحتويه من معدات وأراض شاسعة وإنشاءات تفوق 3 مليارات جنيه آنذاك، ونتيجة حصول الشركة على الخامات الأولية برسوم محاجر معدومة أى مجانا اضافة للطاقة المدعومة وسرقة المصريين ببيع الاسمنت بأسعار عالية ربحت هذه الشركة وأمثالها عشرات المليارات من الدولارات ولم يحرك كل ذلك ساكنا أو أن يشعر أحد من قيادات قطاع البترول والثروة المعدنية بالغيرة للعمل على ايقاف هذا المسلسل من الاهدار وتصحيح الوضع القائم والحفاظ على هذه الثروات الطبيعية للمصريين الفقراء!

واضاف أنه يتم استغلال خامات الرمال البيضاء من خلال مقاولين غير مؤهلين يرخص لهم بالاستغلال عن طريق المحليات، وكذلك الملح الصخرى بمنطقة الواحات بالصحراء الغربية والمطلوب عالمياً وبدلاً من البحث فى أنسب الطرق لاستغلال هذه الثروات وخلق فرص عمل جديدة تتنازل عنها وزارة البترول وتنقل تبعيتها وإدارتها للحكم المحلى لاهدارها من خلال بعض المنتفعين.

وقال إن قيادة قطاع البترول الحالية تردد أن مصر لا تملك الخبرة فى مجال الاستكشاف والإنتاج والتكنولوجيا المتبعة فى ذلك، وهذا أمر عار تماماً من الصحة، إذ إن الكوادر الوطنية العاملة سواء بالقطاع الأجنبى فى مصر او بالدول العربية قادرة على صناعة المعجزات وعلى علم ودراية تامة بالجوانب الفنية والتجارية لهذه الصناعة، ولم يعد مقبولا أن تستمر إدارة القطاع بنفس الطريقة العقيمة التى تفتقد الثقة بالنفس وتقتل المواهب وتهدر الثروات وتعمل لمصلحة الشريك الأجنبى فى الغالب إما للجهل بالصناعة احيانا او الافتقار للرؤية والفساد احيانا أخرى، ومن هنا فالحاجة ملحة لتغيير نمط الاتفاقيات الحالى وإعادة النظر فى الدور الرقابى للهيئة لما يوفر من بيئة نموذجية للاهدار والافساد.

وعن تاريخ اتفاقيات البترول وعملية استغلال الثروات الطبيعية، قال حسان إن عملية استغلال الثروات الطبيعية البترولية منها أو المعدنية لم تحدث منذ فترة قريبة بل بدء الاستكشاف منذ زمن الفراعنة، حيث تم استخراج العديد من الخامات المعدنية مثل الذهب والنحاس والحديد لاستخدامها فى صناعة الحلى والأثاث وأدوات الحرب.

وأوضح أن قدماء المصريين هم أول من ادخل فكرة المحاجر والمناجم للصخور الطبيعية، مثل الجرانيت والحجر الجيرى والحجر الرملى ذات الألوان الجذابة والمستخدمة فى بناء التماثيل والمعابد وأماكن العبادة ومواد الطلاء.

وهم أول من استخدم زيت البترول الخام، حيث وجد فى منطقة جبل الزيت من خلال تسرب طبيعى ما زال قائما حتى الآن، وعموما فإن الفراعنة اهتموا بحسن استغلال الموارد الطبيعية وإدارتها واقتصاديتها.

وأشار إلى أنه منذ بداية القرن العشرين وفى زمن الاحتلال البريطانى بدأت أولى المحاولات فى العصر الحديث للبحث والاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية المصرية وتم التركيز على الموارد البترولية منها مروراً بعدة مراحل بدأت بمحاولات المستثمرين الأجانب من خلال سلطة الاحتلال، حيث تم اكتشاف قليل من مصادر زيت البترول الخام (حقل جمسة) وتم استغلالها على نطاق ضيق بالتوازى مع استغلال بعض المواد المعدنية الخام مثل الفحم والثروات الصخرية الأخرى.

وبدأت المرحلة الثانية مع قيام ثورة يوليو 1952، حيث تغيرت اللعبة السياسية بالمنطقة وبدأت معها زيادة نشاط البحث والاستكشاف عن زيت البترول الخام والمسمى بالذهب الأسود ليس فى مصر وحدها، بل تركزت فى منطقة الخليج العربى، خاصة السعودية بعد اكتشاف وجود الخام بها، كما اهتمت الحكومة المصرية بالبحث عن البترول الخام تزامنا مع خطة تنمية صناعة واعدة حينذاك من خلال اقامة قاعدة صناعية شاملة تحتاج بالقطع لتوفير عناصر الطاقة، خاصة زيت البترول لسهولة استخراجه واستخدامه.

وذكر أنه فى منتصف القرن العشرين تركزت الجهود المصرية لأكثر من %90 على البحث عن البترول الخام ومن خلال العمل بشركة مصرية تم انشاؤها لذات الغرض وهى الشركة العامة للبترول حققت نجاحا ملحوظا فى اكتشاف بعض الحقول والأهم فى تربية وتدريب وتعليم الكوادر الفنية اللازمة لصناعة الاستكشاف والانتاج، وكعادة الإدارة المصرية تم إهمال الشركة بعد ذلك وحتى الآن ورغم المعاناة والإهمال المتعمد لمثل هذه المؤسسات وعلى مدار السنوات العشرين الأخيرة، فإن الشركة العامة للبترول مازالت تساهم بانتاج أكثر من 75 ألف برميل من زيت البترول الخام يوميا.

وقال حسان إن الحكومات المصرية المتعاقبة بعد يوليو 1952 اعتمدت على الاستثمارات الأجنبية من خلال الشركات الأوروبية والأمريكية بالشراكة مع الحكومية فيما سمى «اتفاقيات المشاركة»، حيث يتحمل المستثمر الأجنبى مخاطر الاستكشاف، وفى حال تحقيق أى اكتشاف للزيت الخام تتم التنمية بأسلوب المشاركة فى الاستثمار بين الحكومة والمستثمر الأجنبى بنسبة %50 الى %50، بحيث يسترد الشريك الأجنبى مصروفات الاستكشاف وما تبقى من الانتاج يقسم مناصفة بين الطرفين وتطبق ضريبة الدخل على الشريك لتكون النسبة النهائية بعد استرداد مصروفات الاستكشاف %75 للدولة و%25 للشريك الأجنبى تقريبا شاملة ما يخصه فى التنمية، وهى طريقة عادلة واستمر العمل بهذا النظام حتى منتصف الستينيات.

وأضاف أن المرحلة التالية كانت فى منتصف الستينيات تقريبا، ونتيجة ضيق الموارد بالدولة وعدم القدرة على التمويل الجزئى لمشروعات تنمية الثروة البترولية المكتشفة - حسب نموذج اتفاقيات المشاركة فقد تم تغيير نمط الاتفاقيات البترولية الى نمط «اقتسام الانتاج» وفيه يلتزم المستثمر بجميع مصروفات الاستكشاف من خلال عدة مراحل زمنية قد تصل الى 8 سنوات بما تحويه من مخاطر على الاستثمار.

وأوضح أن هذا يعنى أنه فى حال اخفاق المقاول فى اكتشاف البترول يتحمل وحده المخاطرة واذا نجح المقاول فى تحقيق أى اكتشاف للزيت الخام بمنطقة البحث يتم توقيع عقد تنمية لمنطقة الكشف ولمدة تتراوح من 20 الى 30 سنة، وفى هذه الحالة يلتزم الشريك الأجنبى بجميع مصروفات التنمية على أن يسترد جميع مصروفات البنية الأساسية لمراحل الاستكشاف والتنمية على فترة ما بين 5-4 سنوات، وأما المصروفات الخاصة بإدارة العمليات اليومية فتسترد على أقساط ربع سنوية والكل يسترد بتخصيص نسبة متوسطة %30 من الانتاج تخصص للغرض نفسه.

وقال إن باقى الانتاج يقسم بنسبة متوسطة %55 للدولة، أما الشريك الأجنبى فتخصص له نسبة متوسطة %15 من الانتاج الكلى كعائد على الاستثمار معفى من أى ضرائب طوال مدة عقد التنمية السابق ذكره، ويئول أى فائض فى الجزء المخصص للاسترداد للدولة، وكذلك يؤول ما تبقى من أى احتياطيات بمنطقة عقد التنمية عند تاريخ انتهائه للدولة جميعا أى بنسبة %100 وعندها تكون البنية التحتية وتسهيلات الانتاج والآبار والكوادر الفنية متاحة بنسبة كبيرة ويحتاج انتاج ما تبقى من الاحتياطيات الى بعض الاستثمارات الحقيقية، خاصة ما يلزم لإدارة العمليات وصيانة الآبار المنتجة وتسهيلاتها.

وأكد أنه خلال العقدين الأخيرين تم اعتبار اكتشافات الغاز سواء البرية منها أو البحرية على أنها تجارية وتتم معاملاتها بأسلوب اكتشافات الزيت الخام نفسه مع فارق جوهرى أن سعر الزيت الخام هو سعر خام برنت، أما سعر الغاز فيتم الاتفاق عليه بين الدولة والشريك من خلال مفاوضات مباشرة والذى يبلغ متوسطه حوالى 2.65 دولار للمليون وحدة حرارية من الغاز بالنسبة للحقوق البرية وحوالى 3 الى 4 دولارات للوحدة نفسها بالحقول البحرية.

وأشار الى أن العمل بهذا النموذج من اتفاقيات اقتسام الانتاج له بعض الإيجابيات وكثير من السلبيات وإهدار الثروات الطبيعية المصرية من خلال أوجه كثيرة للفشل والفساد وسوء الإدارة والجهل فى كثير من الأحيان، حيث تتم إدارة الحقول المكتشفة من خلال شركات مشتركة بين الحكومة والشريك الأجنبى، مهمتها الأساسية إدارة عمليات الانتاج نيابة عن الأطراف المالكة للمشروع من خلال كوادر فنية وإدارية تعين بواسطة الطرفين بنسب محددة.

وقال إن هذا النموذج من الاتفاقيات بما فيه من حق استرداد المصروفات بعد موافقة الحكومة عليها يمثل مجالا للعبث والإهدار لحاجته لكوادر فنية عالية تراجع وتعتمد طلبات الشريك، ومن ثم تقوم على تقييم الأداء وتصويبه إن لزم وهى غير متوفرة فى الواقع، إضافة لذلك يعفى الشريك من جميع أنواع الجمارك والضرائب التى قد تصل الى أكثر من %40 على الدخل حسب القانون وتشمل مصروفات الاسترداد حتى مصروفات تعليم أبناء الأجانب وسفريات الأسر الأجنبية وبدل السكن بل حق الدعم فى البنزين والسولار والكهرباء مثل بقية المصريين الفقراء.

وحذر حسان من أن أخطر ما ينتج عن هذا النموذج من الاتفاقيات هو تحكم المستثمر الأجنبى فى إدارة العمليات من خلال اختصاصات مديره العام بالشركة المشتركة والمسئول عن كل النواحى الفنية والتى يتطلب تنفيذها أموالا طائلة تسترد من الانتاج، وفى العادة وبعد تحقيق أى اكتشاف للزيت الخام أو الغاز، ونتيجة ضمان استرداد المصروفات من الانتاج يستغل الشريك الأجنبى كل الفرص لحفر أكبر عدد من الآبار الاستكشافية المبررة وغير المبررة فى كثير من الأحيان، خاصة عند وجود فائض فى الجزء المخصص لاسترداد المصروفات.

ولعل المثال الصارخ لهذا النموذج ما حدث فى منطقة قارون الواقعة على طريق الواحات البحرية وبعد اكتشاف حقل قارون تم حفر أكثر من «18» بئراً جافة بتكلفة أكثر من 65 مليون دولار فى عام ونصف العام استردت كاملة من انتاج الحقل والأدهى من ذلك أصبح رئيس شركة قارون فى ذاك الوقت من المقربين وتمت ترقيته بعدها وأصبح من مسموعى الرأى والكلمة والقوة بالقطاع والأمثلة كثيرة فى هذا الاتجاه.

ونوه بأنه من مخاطر العمل بنظام الاتفاقيات الحالى تفرغ معظم العاملين والممثلين للدولة بالشركات المشتركة لخلق منافع مادية وبدلات وسفريات للخارج على حساب القيام بالواجب الوطنى لضمان تحقيق أكبر عائد تجارى بأقل تكلفة على الدولة، إضافة لذلك وكما هو معروف أن الاتجاه العام للدولة فى العقدين الأخيرين ساده كثير من الفساد الممنهج والقضاء على كل الخبرات والكفاءات ليضمن كل مسئول بقاءه بالمنصب دون منافسة حسب اعتقاده، لاسيما فى قطاع البترول الذى تمت إدارته اعتمادا على المنظرة والكذب، والنتيجة الإهدار لثرواتنا الطبيعية بلا رقيب وبلا حساب.

وقال إنه قد يكون سوء إدارة قطاع البترول ونقص الخبرات والمؤهلات بالكوادر الوظيفية العليا للعاملين بالقطاع الحكومى والمشترك واستمرار سياسة دعم المنتجات البترولية فى السنوات الأخيرة العامل الأكبر لتراكم الديون على هيئة البترول وشركاتها تجاه الشريك الأجنبى، مما أضعف موقف الهيئة العامة للبترول فى التعامل مع الشريك الأجنبى وبلغ مسلسل التنازلات مداه.

وطبقا لحسان فإنه بالنظر لتاريخ الاستكشاف والانتاج لأى من الأحواض الترسيبية فى العالم نجد أن الحقول الكبيرة تكتشف أولا ثم الأصغر فالأصغر وذلك لأسباب فنية وبتطبيق ذلك على مصر فقد بدأ تتابع الاكتشافات البترولية الرائعة بنهاية الخمسينيات حيث اكتشف حقل بلاعيم البرى عام 1958 ثم بلاعيم البحرى عام 1962 من خلال الشركة الشرقية للزيت «إينى الإيطالية حاليا» والذى يبلغ احتياطياته أكثر من 3 مليارات برميل من الزيت الخام ويعتبر من الحقول العملاقة.

وقال إنه بعد اكتشاف حقل بلاعيم تلا ذلك اكتشافات متعددة لشركة أموكو الأمريكية بمنطقة خليج السويس البحرية مثل حقل المرجان فى عام 1965 ويفوق حجمه أكثر من 2.5 مليار برميل من الزيت الخام وحقول رمضان وأكتوبر ويوليو وشمال أكتوبر وهلال والأشرفى وخليج الزيت وجيسوم ورأس بدران ورأس الفنار وغيرها، ثم اكتشافات أبوالغراديق وبدر الدين وخالدة وقارون وغيرها بالصحراء الغربية.

وأضاف أنه منذ عام 1996 بدأ مسلسل العبث بالاتفاقيات البترولية والذى بلغ مداه اعتبارا من عام 2000 مما تسبب فى إهدار عشرات المليارات من الدولارات من مستحقات فقراء هذا البلد، وبالقطع استقطعت من مستحقات أى تنمية تجاه المواطن ودونما تقدير حقيقى للنتائج الاقتصادية الكارثية المتراكمة وقد تعددت أوجه التلاعب والفساد وإهدار جزء كبير من ثروات مصر البترولية والتعدينية من خلال إساءة استخدام الاتفاقيات وعدم الجدية من خلال نظم مختلفة لسوء الإدارة.

وأضاف حسان أن خلاصة القول تتمثل فى أن الثروات المصرية لم تعامل خلال العقدين الأخيرين بكفاءة أو باحترافية أو شفافية أو اعتبار المصلحة الوطنية، وتبدو فى معظم الأحيان مهدرة مع سبق الإصرار، ومع الحرص الزائد على الحفاظ على المناصب مهما كانت التكلفة ومجاملة الشريك الأجنبى واسترضاءه بكسر أسس الاتفاق والتنازل عن حقوق مصرية خالصة دون أسباب مقنعة وإهدار القانون، والنتيجة النهائية ضياع عشرات المليارات من الدولارات لأسباب قد تتعلق بالجهل أو الفساد أو كليهما وأدى ذلك الى ارتفاع فاتورة الدعم وزيادة الأعباء على الموازنة العامة للدولة، والمخجل والأسوأ اللجوء للاستيراد لتعويض ما فرطت فيه حفنة ضالة من أبناء مصر.

وأخيرا طالب حسان القيادة السياسية الحالية ورئيس الجمهورية والنائب العام وإلزامهم بإعادة فتح ملفات الفساد فى قطاع البترول، خاصة ما تم من عبث فى مجال الاتفاقيات البترولية فى الـ15 عاما الماضية وتصحيح الوضع مع الشركاء الأجانب ولا يجوز الاستمرار فى مسلسل إهدار الثروة الطبيعية تحت مسمى الحفاظ على بيئة الاستثمار والحاجة للمستثمر الأجنبى، فضلا عن مطالبته لشركة جنوب الوادى القابضة للبترول بتغيير نمط الاتفاقيات الحالية قبل المضى قدماً فى المزايدة المطروحة حاليا، والتى طرحتها للتنقيب عن الخام بالجنوب، ولنهدأ ولنتناقش ولنفكر عميقا وإلا فإن الأذان فى مالطة مستمرا ودون تغيير.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصدر