إنها غير بعيد
إنها غير بعيد، قصيدة للشاعر السوداني الهادي آدم.
إن تكن دنياكم دنيا سلام
وسرور ليس يفنى وابتسام
فلماذا يطرح النور الظلام
ولماذا تلد النار الرماد
خبروني إن تكونوا تعلمون
ما الذي يهتف بالطفل الصغير
وهو لا يعرف معنى للسأم
أن يمل البسمة الكبرى .. وتدليل الملاح
دونما داع
ويختار النواح
أيكون الحال في دنيا الكبار
من بني النعمة والعيش الرغيد
مثله في عالم الطفل الوليد
ذلك الطفل السعيد ؟
هل قرأتم مرةً
تاريخ ذي تاج أشم
زحم التاريخ ملكا وحجا
ملء سمع الدهر مالا .. وشبابا
وذكاء عبقريا .. وغنى
خبروني إن تكونوا تعلمون
ما الذي يغضب هارون الرشيد
عندما يرجع معتل المزاج
والجواري حوله والرشفات
وأهازيج النغم
والجمال البكر .. والصدر الطموح
والهوى والسحر .. والصوت الأغن
ما الذي يسلمه الحزن الحزين
وهو من يملك جيش المضحكين
ما الذي يقحمه ما لا يريد
وهو جبار إذا شاء عنيد
وهو هارون الرشيد
إن تكُ البسمة شيئاً يُشترى
لاشتراها باللآلئ أثرياء
مثل قارون … وفرعون الكبير
من شروا بالمال ما لا يشترى
وشروا كل كبير وصغير
وشروا حتى الضمير
دعك مما لذ في الأرض وطاب
من طعام وشراب
ثم ماذا ؟
عجزوا أن يأكلوه باشتهاء
مثلما يأكل ذياك الفقير
وجبة ترفضها حتى الكلاب
عجزوا أن يسعدوا بين الأنام
مثلما يسعد عصفور صغير
أخلدوا للهم في جنح الظلام
مثلما يخلد خفاش ضرير
وجدوا كل المنى .. غير (السعادة)
مطلب لولا الملمات يسير
ليس إلا كلمة
عمقها سين وعين ثم دال
تلك معشوقتهم
عبدوها .. طلبوها كلهم
حتى الزوال !
إن تكن تُسبي بـزنــد من حديد
لتقاضاها رجال أقوياء
يطئون الأرض إما خطروا في كبرياء
فإذا الأرض لممشاهم تميد
وإذا الناس إذا شاؤا
عبيد … !!
أتراها من أساطير البشر وحكايات الأبد
أم سراب كلما قاربه المرء ابتعد
أهي السر الذي يدفعنا نحو العمل
ثم لا شيء سوى هذا العمل ؟؟
وبقايا من أمل
أم هي الحظ الذي يبسم إن شاء
وإن شاء خذل
أتُرى يبتسم الحظ لنا
فإذا نحن بلا أدنى جدال
إن رضينا أو أبينا نبتسم
فإذا ما عبس الحظ انثنى
مؤذنا كل ابتسام بالزوال
هكذا يزعمها طلابها
إن بعض الظن من نسج الخيال
طرقت بابي يوما مرة
مثلما تومض في القلب المنى
ثم ولت ثم عادت .. ثم ولت وأنا
مطرق أسأل في صمت مريب
مثلما يسأل مرضاه الطبيب
وتلقيت الجواب
وهو سر الله في الكون العجيب
إنها غير بعيد
لم تكن عنقاء إن كنت تريد
فانتظرها عندما تسعى لخير الآخرين
عندما تلتقط الدمعة من جفن الحزين
إنها سر الإخاء
والإخاء المحض مفتاح السلام
وقِوام الحب في هذي الدنا
وشعاع يملأ الكون سنا
سر إسعادي وإسعادك
يأتي من هنا
هكذا كانت معي
هذه الحسناء ذات الكبرياء
تطرق القلب متى قلت أخي
وتولي كلما قلت أنا !