إشكالية تعريب التعليم العالي
إشكالية تعريب التعليم العالي، سلسلة مقالات: زهور من بستان التعريب نحاول فى هذا البحث أن نتعرَف مسألة تعريب التعليم العالي في الوطن العربى ، وأن نتبين التعريب مفهومًا وأهدافًا وأشكالاً ، موضحين حجج المؤيدين له والمعارضين والمتريثين ، ومشيرين إلى مستلزمات التعريب حتى يحقق الأهداف المرسومة له .
من مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة العدد 81، ص 244-262.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أولا : التعريب مفهومًا وأهدافاً
للأستاذ الدكتور محمود أحمد السيد
نحاول فى هذا البحث أن نتعرَف مسألة تعريب التعليم العالي في الوطن العربى ، وأن نتبين التعريب مفهومًا وأهدافًا وأشكالاً ، موضحين حجج المؤيدين له والمعارضين والمتريثين ، ومشيرين إلى مستلزمات التعريب حتى يحقق الأهداف المرسومة له .
===============
التعريب لغة مصدر للفعل عرَّب ، وعرَّب بمعنى أبان وأفصح ، وعرَّب عن الرجل إذا تكلّم بحجته ، وعرَّب منطقة إذا هذَّبه من اللحن ، ويقال : عرَّبت له الكلام تعريبا إذا بينته له ، وعرَّبه : أي علَّمه العربية ، وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها (1) .
ولقد تدرَّج لفظ " عرَّب " بهذه المعاني المتقاربة بعض الشىء منذ القديم إلى معنى ترجمة النصوص الأجنبية ونقلها إلى العربية، وتعليم العلوم الأجنبية بالعربية .
والتعريب اصطلاحـا إيجاد مقابلات عربية للألفاظ الأجنبية لتعليم اللغة العربية واستخدامها فى ميادين المعرفة البشرية كافة.
ويقصد بالتعريب حاليا استعمال اللغة العربية لغة قومية فى الوطن العربى للتعبير عن المفاهيم ، واستخدامها فى التعليم بجميع مراحله، والبحث العلمى بمختلف فروعه وتخصصاته، واستخدامها لغة عمل فى مؤسسات المجتمع العربى ومرافقه كافة(2). ومنهم من يوسّع دائرة التعريب ليرى أن للتعريب مفهومًا جوانبَ فنية وقومية واجتماعية وسياسية وحضارية ، وقد يتداخل مفهوم التعريب مع مفهوم الترجمة فتعرض قضايا فنية حول طبيعة اللغة وطاقاتها الدلالية والاستيعابية وآلياتها الذاتية وحول إعداد المترجمين وتدريبهم … إلخ ، وفى هذا الإطار تكون قضيةُ التعريب قضيةُ علاقات فكرية وثقافية مع اللغات الأخرى أي قضية عربية أجنبية .
وقد يعـنى التعريبُ دعـمَ الوجود العربى
والوحدة العربية بمعنى شمولية استعمال اللغة
العربية فى الوطن العربى نفسه على المستوى الجغرافي والقطاعي لقطاع التعليم والبحوث والإدارة وتوحيد المصطلح العربى .
وقد يعنى التعريبُ تعريبَ لغة الإدارة الرسمية بما فى ذلك أنواع النشاط المالي والتجاري والاقتصادي ، وقد يعني تعريبَ لغة التعليم والمجتمع معًا فى بعض الأقطار العربية التى كانت رازحة تحت الاحتلال الأجنبى واستقلت حديثا .
والتعريبُ من جهة أخرى قد يعنى كل ما يستوعبه المجتمع العربى ويحتويه فى نسخ حياته،مما يتلقاه بأي صورة من صور التلقي الفكري والمادي والاجتماعي من أهداف وقيم ووسائل ، والانطلاق منه كواقع جديد للتفاعل الجدلي إنتاجًا وعلاقات ، أخذًا وعطاء ، تأثيرًا وتأثرا ، من رؤية متكاملة للحياة وقدرة ذاتية على ممارستها. والتعريبُ فى المستوى المباشر يعنى سيادةَ اللغة العربية على ساحة الوطن العربى بما يوحد المشاعر العربية ، ويجمعها حول تاريخها وواقعها ومصيرها، مما يجعله عاملا جوهريا في الخروج من دائرة التخلف السياسي المتمثل فى التجزئة إلى حرية الوحدة العربية فى الصورة التى تؤصل دور
الأمّة العربية التاريخي والمصيري
والتعريب فى معناه الأكثر شمولا يعطي للوحدة العربية مضمونها الحضاري المعاصر ويعينها على كسر طوق التخلف والتحرر من أنواع التبعات الاقتصادية والتقانية "التكنولوجية " والثقافية (3) .
ومن هنا يكون للتعريب هدفان:
أولهما:
خلق شخصية إبداعية عربية تمتلك القدرة الذاتية على إنتاج العلم وصناعة التقانة " التكنولوجيا " ، وهذه القدرة ليس مناطها المعرفة العلمية وحدها ، ولكن المناخ العلمي الذي يستدعي عددا من الظروف المواتية لتملك القدرة الذاتية ، وهي ظروف متعددة الجوانب ، منها ما هو سياسي ، ومنها ما هو تشريعي ، وما هو تنظيمي ، وما هو اجتماعي ، وما هو مالي ، وما هو في الأساس علمي .
وثانيهما :
هو القدرة على المشاركة والتفاعل من منطلق متميز ذلك أنه يمكن للأمّة العربية أن تسهم فى الحضارة العالمية المعاصرة متجاوزة عقبات التخلف بضمّ قدراتها البشرية والعلمية والمادية واستنبات علمها عربيا ، وتوحيد استراتيجياتها تنمويا، وأن تضع تقانة " تكنولوجيا " عربية ، والسبيل إلى ذلك هو الإنسان الذى يتلقى علوم العصر بلغته ، يتعلم ويعلّم ويبحث بها ، حتى يكون ذلك إغناء للثقافة العربية بين المتخصصين والمتعلمين وجماهير الشعب، بما يوسع من قاعدة المشاركة وصنع الوعي بالتقدم ودعم الشعور بالحاجة إليه والإسهام فى تطويره (4) . ثانيا : أين تقع الإشكالية ؟
======
غنيٌّ عن البيان أن لكل أمة لغة تعبر عن هويتها القومية وشخصيتها الحضارية ، وأن لغتنا العربية رمز لكياننا القومي وعنوان لشخصيتنا العربية ، وهى لغة قرآننا الكريم وحضارتنا العريقة الضاربة الجذور فى الأعماق ، وهى مستودع تراثنا الفكرى وموحدة المنهجية الفكرية بين أبناء الأمّة ماضيا وحاضرًا وتوجهًا نحو المستقبل ، بها نتفاهم ، ونعبر عن حاجاتنا وتطلعاتنا ، وبها نفكر ، وقد وحدت بين العرب فى مواضي الحقب بوساطة القرآن الكريم ، إذ لولا ذلك الكتاب العربي المبين الذي نزل به الروح الأمين على قلب الرسول العربي الكريم آيةً لنبوته، وتأييدًا لدعوته ودستورًا لأمته لكان العرب بدوًا .
وما دامت اللغة العربية هويةَ المجتمع العربي رافقته منذ طفولته، وعبّرت عن مسيرته فى قوته وضعفه ، فى توثبه وانحساره ، فى حضارته وتخلفه كان الحفاظ على هذه الهوية واجبًا مقدّسا ، وكان الحرص على تبنيهًا والاعتزاز بها أمرًا لازبًا بكل المعايير والمقاييس دينية كانت أو قومية أو وطنية ، وان الإشكالية تقع فى إهمال هذه اللغة واعتماد لغة أخرى مكانها فى التدريس الجامعي ، ولا تتجلى الإشكالية فى التعريب لأنه الطريق الطبيعي والأمر البديهي، وإنما فى عدم استخدام العربية أداة للتواصل بين أبناء الأمّة فى معاهدهم وجامعاتهم ، فقد " ابتُلينا – كما يقول يوسف الحاج فى كتابة فى " فلسفة اللغة "– بإهمالنا للعربية ، بغرورنا أن سواها أعمق وأبهى وأفتى وأقرب إلى مقزمات الحضارة الحديثة ، أسمعنا هذه المعزوفات فابتلينا بعقدة التكابر حيال لساننا ،وبعقدة التصاغر حيال لسانهم ، والنتيجة صغرنا فى أنفسنا دون أن نكبر فى أنفس الحاكمين حتى صـرنا لا ننتمـي لبيان عربي ولا لبلاغة عربية" (5) .
ويتابع قائلا :" لا أبالغ إذا قلت إن معظم مشكلاتنا الاجتماعية سببه التنازل عن واحدنا الأحد ، عن تاريخنا الواحد ، عن لساننا الواحد ، عن أرضنا الواحدة ، عن تراثنا الواحد ، عن إرادتنا الواحدة . وإن كل أمّة عزيزةَ الجانب ، أبية الخلق ، ثابتة الإرادة ، تقدّم لغتها على لغة سواها ، ولا تتناول أشياء الأخرى إلا من بعد أشيائها القومية،أى من وراء حدودها الوطنية"(6).
فاللغة رمز للكيان القومي وأمارة على شخصية الأمّة وذاتيتها الثقافية ، و " على التعليم العالي أن يقوم على أنه محور أساسي لرسالته ، على عملية تنمية الذاتية الثقافية التى تمثل الخصوصية الحضارية للمجتمع والتى هى مناط سائر أنواع التنميات الأخرى ، والتى هى بصفة خاصة سبيل الأمّة فى العطاء الحضاري للمجتمعات الأخرى وأسلوب التبادل الخلاق مع الآخرين ، ويتمثل ذلك فى الذاتية الثقافية ، فى خصائص المجتمع الأساسية، وفى تراثها الحضارى وفى مقدّمتها اللغة القومية التى ليست شكلا ولا رمزا ، ولكنها مضمون وطريقة تفكير ومستودع حضارة " (7) .
وثمة من يرى أن لمشكل التعريب وجهين أولهما: كون لسان أجنبي يحلّ محلّ اللسان الأصلي ، وثانيهما: كون هذا اللسان الأصلي منقطعا عن اللغات بسبب جمود المجتمع (8) .
إنهما وجهان لعملة واحدة ، ويبدو من السهولة أن يخفي الأول الثاني ، ولكن لا يمكن سبر عمق مشكلة التعريب إذا لم نميّز بينهما نظريا على الأقلّ ، فالوجه الأوّل ظاهرة اجتماعية تنشأ عن القهر والاحتلال الأجنبي بحيث يصبح اللسانُ الدخيلُ عنوانَ التقدّم والعلم والأناقة ، ويصبح اللسانُ الأصلي سمة كل ما هو بلدي متخلف ، فنرى الموظف يخاطب الزبون بلسان أجنبي ليظهر نفوذه ، والأمّ تخاطب ابنها باللسان نفسه للإعلان عن انتمائها إلى طبقة راقية ، والطالب يقحم الكلمات الأجنبية ليثبت ثقافته العصرية إلى آخر ما هنالك من المظاهر المؤسفة المضحكة التى نلاحظها اليوم فى المغرب العربي وفى بعض الأوساط المشرقية على حدّ تعبير الباحث المغربي عبد الله العروي .
ومن هنا كان للدعوة إلى التعريب فى هذا المجال مغزى سياسي واضح ، إنها دعوة إلى الوحدة الوطنية، ومحاولة لإيقاف تيار خطر يقسم المجتمع إلى تقسيم لغوي وثقافي ناقض الذى كان موجودًا أيام الاستعمار بين الجالية الأجنبية والشعب المستعمر يتحوّل إلى تناقض بين النخبة الحاكمة ذات النفوذ الاقتصادي وباقي الطبقات المحرومة، وفى هذا الوضع ما فيه من تبعية اقتصادية وسياسية للمجتمعات المتقدّمة .
والوجه الثاني للمشكلة يربطه بالمستوى الحضاري ، إذا أن اللسان القومي يزدهر أو يضمحل بحسب تجدد اللغات الاصطلاحية وتعدد الرموز العلمية .ويشخص العروي مشكلة التعريب حاليا فى الوطن العربي من خلال ردّه على التساؤل : ولماذا لا نرضى بما يؤول إليه التطوّر تلقائيا أى الازدواجية اللغوية ؟ لماذا لا نرحب بحالة مثل حالة الهند التى أحرزت درجة لا بأس بها من العلم والتقانة " التكنولوجيا " ؟ هل هناك مصلحة حقيقية فى طرح قضية التعريب سوى تعلق عاطفي بالتراث، وسوى مصلحة فئة قليلة من الفقهاء والأدباء والنحاة الذين لا يتقنون شيئًا غير اللسان القديم ؟
فيقول : " إن الاعتراض يبدو وجيها ، ويدفع المرء إلى كثير من التساؤل ، لكن لدى الفحص يتبين أنه مبني على مغالطة ، على افتراض شيء لا وجود له فى الواقع ، يكون الاعتراض مقبولا لو كان يتنافس بالفعل مشروع التعريب فى الوطن العربي ومشروع مضاد يستهدف تطوّرًا ثقافـيًّا بلسان متطّور غير عربي . فى الهند منذ ثلاثين سنة توجد سياسة تثقيفية مبينة على استيعاب اللسان الإنجليزي ونشره ، والكلام عن إحياء اللسان الهندوساتاني يعدّ من قبيل الدعاية السياسية . أما فى الوطن العربي فإننا لا نجد سوى الإهمال ، وترك الأمور تتطوّر كما كتب لها . ليس هناك قرار تعريب جدي ولا قرار مضاد . ولما كان إهمال الأمور يعني فى الحقيقة استمرار التخلف والتبعيية والأمية ، فكل قرار يستهدف التقدم والتطوّر يتساوى منطقيًّا مع قرار التعريب ، فمضمون القرارين واحد هو سياسة قومية تخطط لمستقبل عربي . ولما كان مشكل التعريب قائمًا حتى الآن فهذا دليل على أن القرار الوحدوي لم يتخذ فعلا فى الكيان العربي. ويكتسي الأمر صفة مشكلة حادة عندما تحدث ظروف تمنع من اتخاذ القرارات لتحقيق الإصلاحات اللازمة ومنها انعدام الحكم القومي ، ولن يتمّ أى إصلاح فى حال غياب سلطة لها نفوذ على المجموعة القومية.
أما السلطات الخاضعة لمنطق الإقليمية فإنها لن تجرؤ على تبني الإصلاح، لأنها تعتمد الازدواجية سياسة ، تحافظ على اللسان القديم لتكسب قدرًا من الشرعية ، وتفتح المجال لنشر لسان أجنبى لتحقق قدرًا من التحديث ، وتترك الحرية للهجات لتضمن قدرًا ممن الاستقلال الداخلي .
ومن هنا لابد للعرب من أن يفكروا بكيفية حديثة مع أنفسهم وبلسانهم لا مع غيرهم فقط وبلسان الغير (9) .
تلك هى مشكلة التعريب فى التعليم العالي فى الوطن العربي : عدم اتخاذ القرار الحاسم لاعتماد العربية وتبنيها فى التدريس الجامعي، وبقاء الأمور معلقة واستمرار التخلف والتبعية ، والأمية وعدم استنبات العلم عربيا ، وتسيب لغوي قومي وشعور بالتصاغر والتكابر ، التصاغر تجاه الثقافة الأجنبية ، والتكابر تجاه الثقافة القومية وتراثها الحضاري .
ثالثا : التعريب بين التأييد والمعارضة والتريث
أ – المؤيدون :
يرى مؤيدو التعريب أن التدريس باللغة القومية يهدف إلى تحقيق ما يلي :
1- تقوية تماسك الوحدة الوطنية، وتنمية الشعور القومي، وتقوية الروايط الثقافية بين أبناء الأمّة : ذلك أن الحديث عن اللغة والعمل من أجل بقائها كان ميدانا من الميادين التى صارع فيها العرب أعداءهم ، فلقد كانت الهجمات الاستعمارية منذ بداياتها حريصة على أن تصيب هذا الوجود العربي فى نقطة القلب منه : الدين واللغة .
ولم تكن الحملات التبشيرية التى رافقت أو مهدت أو جاءت من بعد هذه الهجمات الاستعمارية إلا تمكينا لذلك على نحو من الأنحاء . ومن هنا كانت قضية اللغة والتعريب فى كثير من أشكالها ومظاهرها ردًّا على الحملات التى استهدفت الوجود العربي لا فى صورته المادية : الأرض ، ولا فى صورته الدولية: الاستقلال، فحسب بل فى وجوده الذاتى بالدرجة الأولى ، أعنى فى أخص خصائصه وفى أبرز عناصر الأصالة فيه . هل يمكننا أن ننسى حملة التتريك وإبعاد اللغة العربية عن أن تحتل مكانتها في الحياة ؟
إن الأحداث التي ألمت بالوطن العربي في مشرقه ومغربه بعد الحرب الأولى جعلت جناحي هذه الأمة في وضع مماثل : سلطان أجنبي قاهر لا يريد الأرض وحدها، ولا يريد المواد الأولية وحدها ، ولكنه يريد أن يحول بين هذا الشعب في هذين الجناحين وبين وظيفته الحضارية . يريد أن يردّ هذه الأمّة عن أن تعي ذاتها، وهو يتخذ إلى طمس هذه الذات وتذويبها كل الوسائل منفردة ومجتمعة ، الاستعمار الاستيطاني والاستعمار الفكري والاستعمار اللغوي والاستعمار الديني …الخ.
وفي الواقع وجدت البلاد العربية نفسها من شواطئ الدار البيضاء إلى شواطئ الخليج أنها هدف لقوى مفترسة ، وأنها تعاني أوضاعا متشابهة ، وأن طريقها لتجاوز هذا الطغيان طريق واحد هو طريق الحفاظ على عناصر الأصالة الذاتية ، وهي ذاتها عناصر الوحدة .
وكان من تقدير الله للشعب العربي في أعقاب الحرب العالمية الثانية وحولها وقبلها أنه تخلص في كثير من أقطاره من التبعية السياسية الصريحة بشكل أو بآخر ، ولكنه ظل مستهدفا للتبعية الثقافية وظل الحكم الغربي في السطوة الفكرية يملأ قلوب المستعمرين الأوروبيين كما يملأ عقولهم ويوجههم في مجالات اللقاء كافة .
وظلت اللغة العربية مادة تفجير وتفجر: الغرب المستعمر يريد تفجيرها بطرائق لا تحصى من مثل : إحياء اللغات الميتة ، وتشجيع انتشار اللهجات المحلية ، ورمي اللغة العربية بكل نقيصة واتهامها بكل صعوبة ، وفرض اللغة الأجنبية ونشر المؤسسات التعليمية والتبشيرية ، ويؤيده في ذلك التقدم الحضاري للدول الغربية وضعف الحكومات العربية واستخذاء بعض عناصرها . وكانت الأمة العربية الإسلامية تحاول أن ترد ذلك في هذه الميادين ، وأن تحيل هذا التفجير الخارجي الذي يريد الإبادة إلى تفجير داخلي في ذات اللغة ينفي عنها ما علق بها من مظاهر الضعف ، ويحاول أن يردها حية على الألسنة والأقلام ، ويريد لها أن تكون كما كانت بالأمس لغة حضارة ، لغة علم ولغة أدب على السواء ، ويصدّ عنها كل ألوان النقص الذى رميت به والعيوب التى ألصقت بها ، ويحرص على أن تكون عاملا مزدوجا ، عامل تحرير فكرى من نحو، وعامل وحدة سياسية أيضًا من نحو آخر(10) .
وها هو ذا التاريخ يعلمنا أنه ما وجدت أمة من الأمم إلا كانت لهل لغتها الخاصة ، وإن فقدانها لهذه اللغة يؤدي بها لا محالة إلى فقدان وعيها وإنيتها وذاتيتها، لأن المحتل يحرص دائما على فصل ضحاياه عن ماضيهم بقطع وسيلة الاتصال التى هي صدى أسلافهم والقوة الطبيعية الحية لأمتهم ، إذ أن اللغة المكتوبة هي الأسمنت الذى يضمن تماسك الوحدة الوطنية ، وهى العروة الوثقى التى تربط بين الأحياء وتصل بالأموات ويكتب بها سجل الأمم.(11) .
2- الجمع بين الأصالة والمعاصرة :
ذلك أن العربية كانت طوال قرون عدة لغة العلم والحضارة فى العالم المتحضر ، لقد عرفها وكتب بها العرب والمسلمون وغير المسلمين حتى إن طائفة كبيرة من هؤلاء العلماء قد ثقفوها ووقفوا على أسرارها فأحبوها وهجروا لغاتهم، فجعلوها لغتهم المفضلة وبها عرفوا لأنهم كتبوا بها (12) .
وإذا ألقينا نظرة على التراث العلمي لأمتنا العربية الإسلامية فإننا نلاحظ غناه وتنوعه فى مختلف الميادين، فها هو ذا الكندى يعد أوّل من وضع معجمًا للمصطلحات العلمية ، فقد وضع رسالة فى حدود الأشياء ورسومها اشتملت على ثمانية وتسعين مصطلحا فلسفيا جميعها من أصل عربي ما عدا مصطلحين اثنين فقط هما "فلسفة والاسطقس " .
ووضع العالم العربي الرازي كتابه "الحاوي"، ويقع فى ثلاثين جزءا جمعت المعارف الطبية التى توصل إليها العقل البشري منذ أيام أبقراط ، وظلّ هذا الكتاب المرجع الطبي الأساسي فى أوروبا مدّة تزيد على أربعمائة عام ، كما كتب الرازي فى الكيمياء ، وهو أحد الأوائل الذين جعلوا الكيمياء علماً يمارس على طرائق علميـة وعملية وتجريبية .
وكتب " ابن سينا " فى عدة علوم ، ففى مجال الطب وضع قواعد علم الجراحة والتشريح ، ومهّد السبيل للاكتشافات الطبية العظيمة التى حققها علم الطب الحديث ، ووضع كتاب " القانون " فى الصيدلة أورد فيه ما يزيد على السبعمائة عقار .
وكان " البيروني " عالما بالفلك وفيلسوفا ورياضيا وجغرافيا ، وكتابه فى الفلك موسوعة تضمنت القوانين الطبيعية ، ووضع كتاب الجواهر الخاص بالأوزان النوعية للمعادن والأحجار الثمينة ، وعالج فى كتابه الصيدلة أنواع الأدوية .
ويعدّ " ابن البيطار " من أعظم العباقرة فى علم النبات حيث شرح فى كتابيه " الأدوية المفردة " و " الأقرباذين " حوالي ألف وأربعمائة نبات طبي مع ذكر أسمائها وطرق استعمالها.
ووضع أبو القاسم الزهراوي كتاب "رسالة التصريف لمن عجز عن التأليف" ويُعَدُّ كتابا مدرسيا للجراحة يشتمل على أشكال وصور لآلات طبية ساعدت على وضع أسس علـم الجراحة فى أوروبا، إذ كـان مرجعا لقرون عديدة .
ويعّد جابر بن حيّان من أوائل الأسماء التى مجدها الغرب ، ترجم كتبه إلى اللاتينية وكتابه " التراكيب " من أوائل الكتب العربية التى ترجمت إلى اللاتينية ، وظلت كتبه فى الكيمياء المرجع الأساسي لأوروبا فى القرون الوسطى ، واستمر أثرها حتى القرن الثامن عشر .
كما يعدّ الحسن بن الهيثم من أعظم علماء الطبيعيات ، ويأتى على رأس قائمة علماء البصريات، وقد ترجم كتابه " المناظير " خمس مرات إلى اللاتينية ، ونقل كثير من علماء أوروبا فى البصريات وعلم الضوء من مؤلفاته .
ووضع " الخوارزمي " كتابين هامين فى الرياضيات،حمل الأوّل منهما حساب الجبر والمقابلة لتصبح كلمة "الجبر" كلمة عالمية ، والكتاب الثاني فى علم المحاسبة شرح فيه استخدام نظام الأعداد والأرقام ، كما شرح طرق الجمع والطرح والقسمة وحساب الكسور . وترجم هذا الكتاب إلى اللاتينية ، واستعاض الأوروبيون بالأرقام الرومانية المعقدة الأرقام العربية البسيطة . والصفر يعدّ من الاكتشافات المهمة التى أشار إليها الخوارزمي ، وعن طريقه استطاعوا بناء الأرقام (13) .
تلك هى إشارات عابرة فقط تدل على مساهمات العلماء العرب والمسلمين فى المجالات العلمية تأليفا وتعريبا ، ومازالت دور الكتب فى العالم تزخر بالوثائق والمخطوطات العربية التى تكشف كل يوم عن خباياها، وتضيف جديدًا لإسهامات العرب والمسلمين فى بناء الحضارة الإنسانية. وعندما يتعرف الدارس ما أسهمت به أُمته في إغناء الحضارة الإنسانية، وخاصة فى الميادين العلمية يدفعه ذلك إلى وصل الحاضر بالماضي والاستمرار في إعلاء صرح تلك الحضارة بحثا وإنتاجا وإبداعا .
وإذا كنا اليوم نروم استنبات العلم عربيا والتعبير عن العلم بالعربية فما ذلك إلا لاستمرار أمتنا العربية، وربط لماضيها المجيد بحاضرها الذى نوده مشرقا وبنّاء وفعّالا فى مسيرة الحضارة البشرية .
3- تعزيز وشائج الربط بين الجامعة والمجتمع : إذ إن علينا أن نحكم الصلة بين ما نعلمه لأبنائنا وما نعدهم من أجله ، وأن على القيادات الجامعية أن تجعل من الجامعات ومعاهد التعليم العالي العربي مصانع لتخريج الرجال الذين استنارت بصائرهم وتأصلت شخصياتهم ، وتركزت دعائم انتمائهم إلى أمتهم،ولن يتحقق ذلك بإبعاد اللغة القومية، وإنه لتناقض عجيب أن نعلم طلابنا شرف لغتنا وكونها دعامة قوميتنا ، ونتحدث لهم عن مزاياها وسعة تراثها، ثم نباعد بينهم وبينها فنعزلها عنهم ونعزلهم عنها، مثبتين لهم عمليا أنها لغة قاصرة وعاجزة ، ولا تصلح للتعليم عندما ندرس باللغات الأجنبية ولا ندرس بها .
4- توحيد الثقافة والمجهود العلمي والفكري فى الوطن العربي: إذ أن عددًا من أعضاء الهيئة التدريسية تخرجوا فى جامعات فرنسية أو ألمانية أو روسية أو غيرها ، فهل يترك لكلّ طائفة لغة تختص بها فلا يكون بين علماء الأمّة الواحدة جامعة تضمّ أفكارهم وتجمع إنتاجهم ، إننا إن لم ندرس بالعربية نبدد جهود علمائنا فلا يفيد بعضهم من بعض ، ولا يطلع بعضهم على ما يؤلف بعضهم الآخر إلا إذا كانت بينهم لغة مشتركة واحدة، يصبون أفكارهم فى قوالبها،ويصوغون علومهم بها. ومن هنا كانت الدعوة إلى التدريس بالعربية دعـوة إلى توحيـد الثقافة وتركيز المجهود العلمي والفكري فى الوطن العربي.
5- مساعـدة الدارسين على الفهم والاستيعاب : ذلك أن التدريس باللغة العربية يسهَل كثيرًا التحصيل العلمي والاكتساب التربوي ما دام باللغة الأم ، ويجعل من عملية التدريس عملية ممتعة للطالب والمدرس،فيشارك الطلاب أستاذهم بفهم المسموع وسرعة التدوين ، مما يوفر الكثير من الوقت للطرفين ، إضافة إلى أن الطالب لا يتهيب المادة كما هى عليه الحال باللغة الإنجليزية ، إذ أن من مقاييس التهيب للطالب مقدرته الذهنية واستعداده النفسي فى فهم المادة فى حدّ ذاتها . وقد أثبتت بعض الأبحاث أن اللغة العربية تساعد الدارس على الفهم والاستيعاب بصورة أفضل. والدعوة إلى استخدام اللغة القومية فى التدريس الجامعي ليست بدعا فى العالم ، ولا هى أمر عجيب بل العكس فيها هو الأمر العجيب ، إذ ليست هناك دولة فى العالم إلا اتخذت من لغتها القومية لغة للتعليم العالي فى جامعاتها ، بل حتى فى جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقًا تدرس كل جمهورية بلغتها المحلية فى جامعاتها حرصًا منها على أن يطلع كل مواطن مثقف على ميادين العلم والمعرفة باللغة التى يتقنها ، وكان قادة الاتحاد السوفييتي سابقا قادرين على فرض اللغة الروسية الواحدة فى جميع الجمهوريات ، ولكنهم أدركوا الألفة بين اللغة التى يتقنها الطالب والعلوم التى يجب عليه الإلمام بها ، كما أدركوا الضرر الذى سيعود على العلم والثقافة لو أبعدوا اللغات المحلية عن التعليم العالي .
6- تحقيق ديمقراطية التعليم ، إذ ما معنى ديمقراطية التعليم إذا لم يكن هذا التعليم باللغة التى يفهمها معظم أبناء الأمة، إن ديمقراطية التعليم ما لم يكن باللغة القومية شعار لا مضمون له، وصورة لا واقع لها ، وديمقراطية التعليم وكونه باللغة القومية طرفان متلازمان لا بد أن يؤدي أحدهما بالحتمية إلى الآخر ، وما إصرار بعض الجامعيين على استخدام لغة لا يتقنها غيرهم إلا تعبير عن شعور بالتمييز والطبقية، وترفع عن المجتمعات التى أنشئت مؤسساتهم لخدمتها .
7- استمرارية تعليم اللغات الأجنبية : إن الداعين إلى التدريس باللغة القومية يدعون فى الوقت نفسه إلى الاستمرارية فى تعليم اللغات الأجنبية ، ذلك لأن إتقان لغة أجنبية واجب لابد منه لمتابعة التقدّم العلمي، ولكن شتان ما بين إتقان اللغة الأجنبية وبين استخدامها بديلا عن اللغة القومية . إن في إتقان اللغة الأجنبية دعمًا للثقافة ورمزًا لها فى كل ميدان من ميادين العلم ، وأما استخدامها بديلا فنعزل للغة القومية ووأد لها .
8-الإفادة من تجارب المجتمعات الأخرى: أدراك فلاسفة الغرب ومفكروه وساسته أهمية اللغة في البنيان القومي ، فها هو ذا "هردر " الألماني يقول : " إن لغة الآباء والأجداد مخزن لكل ما للشعب من ذخائر الفكر والتقاليد والتاريخ والفلسفة والدين، وقلب الشعب ينبض في لغته ، وروحه يكمن في لغة الآباء والأجداد " (14) .
وعندما سئل " بسمارك " عن أفظع الأحداث التي حدثت في القرن الثامن عشر أجاب: إن المستعمرات الألمانية في شمال أمريكا اتخذت اللغة الإنجليزية لغة رسمية لها " ،وهو يعني أنه كان في شمال أمريكا جاليات ألمانية كبيرة ، وعند حصول هذه المستعمرات على استقلالها اتخذت اللغة الألمانية بدلا من الإنجليزية كي يضمن ولاءها لألمانيا ، وأثبت التاريخ صدق نظرة بسمارك ، ففي الحربين العالميتين الأولي والثانية كان ولاء الولايات المتحدة الأمريكية لإنجلترا، على الرغم من كل خلاف بين أمريكا وإنجلترا . ومن مصادر هذا الولاء اللغة المشتركة التي تجمع بين الأمتين ، إذ أن لوحدة اللغة أبلغ الأثر في تقريب الاتجاه الثقافي ( 15 ) .
واعتمدت الثورة الفرنسية اللغة الرسمية الفصيحة انطلاقا من أنه لا حرية حقيقية من رواسب الإقطاع، ولا كيان للشخصية الفرنسية إلا بتمثل اللغة القومية ومعرفتها . والقائد الفيتنامي " هوشي مينة " يرى أنه لا انتصار على العدو إلا بالعودة إلى اللغة والثقافة القومية ( 16 ) .
وهاهي ذي إسرائيل تقيم كيانها على إحياء اللغة العبرية ، إذ كانت لأغلبية المهاجرين اليهود إلى أرض فلسطين لغة فى ألمانيا والنمسا وروسيا وبولونيا وأوروبا الشرقية عامة ، وكانت لهذه اللغة آدابها ، ولكنهم تركوها وآدابها ليحيوا لغة أخرى ماتت عمليًّا منذ ألفي سنة، ألا وهى العبرية ، وشتان بين اللغتين: العبرية والعربية فى مسيرة الحضارة الإنسانية (17 ) .
وهـا هى ذى فنلنده تدرس الطب باللغة الفنلندية ، على حين ندرسه في أغلب جامعاتنا بالإنجليزية، وأين الفنلندية من العربية ؟! وهل لها الرصيد الثقافي والحضاري العربي العريق ؟ وهل لها ما للعربية من تراث طبي مجيد ؟ نحن الذين علموا الطليان الطب فى عصر النهضة وها هم أولاء يدرسون الطب بلغتهم الطليانية، وأساتذتهم العرب يدرسونه بلغة أجنبية.(18 )
ب – المعارضون :
يتجه المعترضون على التعريب إلى تقديم الحجج التالية :
1-إن لغة العلم فى عصرنا الحالى إنما هى اللغة الإنجليزية ، و( 98% ) من المراجع والمصادر العلمية هى باللغة الإنجليزية ، وإذا لم نعلم الطلبة هذه اللغة فكأننا نمنعهم من الاطلاع على هذه المصادر و المراجع ونغلق عليهم نافذة العلم ، ونحول دون أن ينمو تحصيلهم لدرجات عليا فى الجامعات الخارجية لو أرادوا ذلك ، فضلا عن أن استعمال اللغة الإنجليزية فى تدريس العلوم يعدّ أسرع وسيلة للسيطرة على هذه اللغة. ( 19 ) .
2-ضآلة توافر الكتب و المراجع باللغة العربية وركاكة الأسلوب وسوء الإخراج.
3-قلّة الأساتذة المعدين للتدريس بالعربية .
4-غرابة بعض المصطلحات العربية التى أصدرتها بعض المجامع اللغوية ، ووفرتها، واستعمال أكثر من مصطلح تبعا لما يصدر عن كل مجمع لغوى أو جامعة أو مركز بحث ، وصعوبة فهم بعض المصطلحات العربية وشيوع المصطلحات الأجنبية التى أصبح بعضها متداولا حتى بين عامة الناس. ( 20 ) .
ويروى آخرون أن فى كل علم عددا كبيرا من المصطلحات ، وأن أكثر هذه المصطلحات لم يترجم إلى العربية حتى الآن وقد لا يكون له مقابل فى اللغة العربية .
5-النظر إلى التعريب على أنه شعار بلا مضمون .
6-وجود مشكلة الرموز العلمية والأحرف والأرقام .
7-وجود مشكلة النشر و التوزيع .
وفى دراسة ميدانية قام بها الدكتور سيد حامد حريز فى جامعة الخرطوم عام 1983 وجد أن نسبة عالية من أساتذة جامعة الخرطوم لا ترى ضرورة للتعريب، وأن اللغة العربية الفصيحة بنحوها وصرفها قد اكتسبت صورة منفرة فى أذهان الصفوة من المتعلمين السودانين لا سيما الذين نالوا تعليما أوربيا ، وأن عددا كبيرا من أساتذة جامعة الخرطوم تجيد اللغة الإنجليزية ، وتعترف بعدم إجادتها اللغة العربية ، وأنهم يذكرون بشئ من الحسرة أن تعريب المناهج فى المراحل الثانوية صحبه انخفاض فى مستوى اللغة الإنجليزية ، وأن الكتب والمراجع باللغة العربية غير متوافرة ( 21).
ج- الرد على المعارضين
الحجة الأولى : أن التعليم باللغة العربية يحرم الطالب المتخرج من متابعة الركب العلمى المتطور بسرعة .
الــرد :
إن علاج ذلك سهل وميسور ويتجلى فى تقوية اللغة الأجنبية، بحيث يتقنها الطالب أو يُلم بها إلماما كافيا يسمح له بالمتابعة فيما بعد ، و الدليل أن طلاب كلية الطب بجامعة دمشق الذين يدرسون الطب بالعربية عندما يتقدمون إلى الفحص الأمريكى اللغوى الطبى ، تفضل نتائج امتحاناتهم فى مرات كثيرة نتائج زملائهم الذين درسوا الطب باللغة الإنجليزية ، ولم يحل تعلهم الطب بلغتهم العربية من اجتياز امتحانات اللغة الطبية الإنجليزية بنجاح .
الحجة الثانية : أن فى كل علم عددا كبيرا من المصطلحات لم يترجم إلى العربية حتى الآن ، وقد لا يكون له مقابل فى لغتنا بسبب عجز اللغة العربية .
الــرد :
إن استخدام اللغة العربية فى التعليم أمر واستعمال المصطلحات أمر آخر ، إننا ندعو إلى أن نكتب العلم بالعربية ونلقى دروسنا بالعربية ، وتبقى المصطلحات العلمية بأسمائها الأجنبية إلى أن تُعرَّب أو تُحلّ مشكلتها ، ليكتب المؤلفون المحاضرون الفيتامين و الهرمون و الكولسترول ، وكل مصطلحات العلوم غير المعربة بأسمائها الأجنبية ، ولكن ليتكلموا عنها وليتحدثوا باللغة العربية ، إننا نطالب باستعمال اللغة القومية، لأن اللغة كيان فكرى ونفسى رائع ، وأما المصطلحات فألفاظ وقوالب لفظية تدل على معان معينة ( 22 ) .
ثم كيف نوفق بين ادعاء عجز اللغة العربية عن استيعاب المصطلحات الطبية كما يدّعى بعضهم وبين واقع الأمر وحقيقته وهو شمول اللغة العربية لكل مصطلحات الطب وغيره، كما ينطق به الواقع السوري فى كلية طب دمشق،والتى كانت من أوائل الجامعات التى بدأت فى التعريب ، وكان لها الفضل فى نشر التعريب الطبي وغيره، حيث سادت لغة الضاد فى مدرجـات هذه الجامعة تدريسا وامتحانا ؟ ( 23 ) .
الحجة الثالثة : قلّة المراجع و الكتب .
الــرد :
إن هناك عددا من الجامعات فى الوطن العربى تدرس الطب و الهندسة والعلوم وغيرها باللغة العربية ، وفى هذه الجامعات كتب و مراجع فى مجالات الاختصاص ، كما أن هناك العديد من المعاجم والمصطلحات التى يصدرها مكتب تنسيق التعريب التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، كما أن المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر التابع للمنظمة أيضا يصدر كتبا مترجمة فى المجالات العلمية .
الحجة الرابعة : التعريب شعار بلا مضمون .
الــــرد : ليس التعريب شعارًا بلا مضمون ، ولكنه ضرورة قومية وحضارية لا بد منها، وهو موقف نفسي أولاً يدعو إلى التميّز الإنساني وتقوية الانتماء إلى هذه الأمّة ، وها هو ذا المسؤول عن التعليم الطبي فى منظمة الصحة العالمية يستنكر ظاهرة فى التعليم الجامعي فى البلاد العربية، ولا يستطيع أن يستسيغ هذه الظاهرة ، وهي أنه ليس فيها إلا جامعة واحدة تدرس الطب بالعربية ، وهو يرى أن التعليم بغير العربية ظاهرة تخلف ليس لها مبرر ، وتتنافى مع مقررات منظمة الصحة العالمية الداعية إلى التعليم الطبي باللغة القومية. (24)
الحجة الخامسة : اللغة الإنجليزية هى لغة العلم ولابّد من تعليم الطب بها .
الــــرد:
ليست اللغة الإنجليزية وحدها لغة العلم ، فهناك الفرنسية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية والصينية … والبلدان الأوربية وغيرها تعلم طلبتها بلغاتها . وليس هناك شكوى من أن هؤلاء الطلاب ممنوعون من الاطلاع على المرجع ، وأن نافذة العلم قد أغلقت دونهم ، ويؤيد ذلك الأبحاث والمخترعات والمكتشفات التى ينجزها أبناء هذه الشعوب .
د- الداعون إلى التريث :
ثمة من يدعو إلى عدم الإسراع فى التعريب، وأن التعريب يستلزم مدى زمنيا ولا يمكن أن يتم إلا بعد توفير مستلزماته ، ونظرًا لأن هذه المستلزمات غير متوافرة بصورة وافية كان التريث فى التعريب أمرًا تقتضيه الظروف الراهنة ، إذ أن المراجع بين أيدى الطلبة غير متوافرة ، كما أن الأساتذة المعدين إعدادا جيدا للتدريس بالعربية غير متوافرين على النحو المنشود ، إضافة إلى تأهيلهم إنما هو بالإنجليزية فى الأعم والأغلب ، يضاف إلى ذلك أن هناك معوقات فنية ومادية تستلزم التريث ، ومن هذه المعوقات (25 ) :
-قلة الإمكانات الفنية وضعفها " رسم ، طباعة ، تصوير … " .
-قلة القواميس والمعاجم المتخصصة فى مختلف المجالات .
-عدم وجود مصطلحات علمية متفق عليها.
-ضعف بعض أعضاء الهيئة التدريسية باللغة العربية مما يعوقهم فى عملية الترجمة والتعريب .
-إثقال التدريسيين بأعباء تدريسية وإدارية كثيرة تستنفد طاقتهم ، وتحد من تفرغهم للتعريب .
-عدم توفر المكان والجو الملائم داخل الجامعة للقيام بعملية التعريب .
-العجز فى الأُطر التدريسية وارتفاع نسبة الطلبة إلى المدرسين .
-عدم اطلاع التدريسيين على ما يجري فى الأقطار العربية فى مجال التعريب .
-فقدان خطة عربية قومية موحدة للتعريب والترجمة .
-ضعف الإقبال على العمل الجماعي المنظم فى عملية التعريب .
-عقدة الخوف من المجهول حيث يظن الظانون أن التعليم بالعربية سيسيء إلى مستوى التعليم والبحث .
لهذه الأسباب مجتمعة يرى نفر من الأساتذة أن التريث فى التعريب أمر تحكمه الظروف الموضوعية ، وأن الإقدام عليه دون تهيئة مستلزماته قد يكون له آثار سلبية وانعكاسات خطرة على عملية التعريب نفسها . رابعا : مستلزمات التعريب
تجدر الإشارة إلى أن الأهداف المرسومة للتعريب يستلزم تحقيقها أمور متعددة منها:
1- القرار السياسي الملزم لاعتماد التعريب منهجا فى الحياة، وأن التسويف الذى سبقت الإشارة إليه لا يمكن أن يحسمه إلا قرار سياسي تمده جذوة من الحماسة والإيمان ، وعندها فقط تذلل الصعوبات ولنتخذ من تجارب الآخرين معلما نستهدي به فى مسيرتنا ، فها هى ذى جامعة الفيتناميين تستعمل اللغة الفيتنامية فى تدريس العلوم كافة ، وعندما أصدر "هوشى مينة " أمره بالفتنمة الشاملة ، على الرغم من أن الفرنسية للمجتمع الفييتنامى دامت أكثر من ثمانين سنة ، طلب أساتذة كلية الطب فى هانوي مقابلته ليخبروه بأن فتنمة الدراسات الطبية عملية مستحيلة، بسبب جهل أساتذة كلية الطب وطلبتها للّغة الفيتنامية ، وطلبوا إليه العدول عن قراره أو إمهال تطبيق الفتنمة على كلية الطب ، و استمع القائد الفيتنامى لهم ساعات ، ثم حسم المقابلة قائلا لهم: "يسمح لكم بالتدريس باللغة الفرنسية بصورة استثنائية هذه السنة فقط ، مع ضرورة تعلمكم وطلبتكم اللغة الفيتنامية الوطنية خلال أشهر الدراسة التسعة ، على أن تجرى الامتحانات فى سائر المستويات فى نهاية السنة باللغة الفيتنامية ، ثم تستأنف الدراسة فى السنة المقبلة باللغة الفيتنامية"(26)
2- إلى جانب القرار السياسي الملزم بالتعريب لابد من توافر فئة من المدرسين تؤمن بالتعريب ، و تدعو إليه ، و تدافع عنه ، و ترتب تنفيذ ذلك، لأن المدرس هو أساس عملية التعريب ، ولا بد من توافر القناعه لديه بالتعريب ، و أن يكون مستعدا نفسيا له ، وذا عزيمة لتذليل العقبات .
3- الإفادة من تجارب التعريب فى بعض جامعات الوطن العربى " فى سورية ، والأردن ، ومصر "
4-انتداب أساتذة من الجامعات التى تنفذ التعريب، وذلك للتدريس بالعربية وإلقاء محاضرات بها لفترات كافية ، على أن يفيد الأساتذة المحليون من تجاربهم .
5-تشجيع الأساتذة على مطالعة كتب التراث ذات العلاقة بتخصصاتهم، لمدّهم بمصطلحات علمية ومفردات تعينهم فى إغناء فى مجالات تخصصهم (27 )
6-تشجيع الأساتذة على الكتابة وإلقاء الدروس والمحاضرات والمشاركة فى الندوات باللغة العربية الفصيحة .
7-تنظيم برنامج تبادل الزيارات بين مدرسى المادة الواحدة فى الجامعات العربية.
8-تنظيم دورات تدريبية مستمرة لتأهيل أعضاء هيئة التدريس فى أثناء خدمتهم.
9-الطلب إلى الموفدين العائدين ترجمة رسائلهم إلى العربية، واعتبار ذلك شرطا لتعينهم فى عضوية الهيئة التدريسية ،كما هى عليه الحال فى جامعة دمشق .
10-العمل على تخفيف الأعباء التدريسية والإدارية عن أعضاء الهيئة التدريسية، وتوجيه جزء من نشاطهم إلى التعريب الذى سيؤدي بدوره إلى رفع مستواهم العلمى بصورة غير مباشرة .
11-عدم الاقتصار فى عملية التعريب على الكتب الدراسية المقررة فى الجامعات على أنها أمهات الكتب ، بل أن تشمل أيضا أمهات المجلات العلمية العالمية، ليكون الطالب على اتصال دائم بتقدم العلوم وتطورها على النحو الذى يفعله الإنجليز والألمان والفرنسيون والروس … إلخ وإعطاء مستخلصات لآخر ما صدر عن الأمم الأخرى من بحوث .
12-الاستمرار فى تحقيق التراث العلمي العربي وكشف النقاب عن المخطوطات العلمية العربية، إن فى داخل الوطن العربي أو فى خارجه كالمتحف البريطاني بلندن، والمكتبة الأهلية بباريس والأسيكوريال فى إسبانيا … الخ .
13-تشجيع العناية بالترجمة الفورية التى تحتاج إلى تدريب ومران وسرعة خاطر، واطلاع على مادة الاختصاص مع رصيد كبير فى اللغتين العربية والأجنبية (27 ) .
14-دعم المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر، وتخصيص الإمكانات المادية الملائمة لمشروعاته وتخصيص جوائز للترجمة .
15-تشجيع كتابة البحوث بالعربية .
16-إصدار مجلات علمية متخصصة على مستوى عالمي تنشر بالعربية .
17-إصدار كتب علمية مبسطة للمستويات المختلفة بالعربية .
18-إصدار مجلات علمية مبسطة للمستويات المختلفة بالعربية .
19-الاطلاع على تجارب نقل العلوم إلى اللغات القومية فى مجتمعات لا تملك لغة مرنة وواسعة،كالعربية واليابانية والكورية .
20-الاهتمام بالدراسات العليا فى الوطن العربي وتطويرها .
21-العناية باللغة العربية فى مراحل التعليم العام قبل الجامعي، واستعمال اللغة العربية السليمة فى مرافق المجتمع، ووسائل الإعلام كافة .الاهتمام بتدريس اللغات الأجنبية ينبغي له أن يتم بصورة متوازنة مع تنفيذ التعريب .
22-إنشاء وحدة معلومات تختص بالدراسات العليا والبحث العلمي فى الوطن العربي ، تتصل بشبكة الوحدات الفرعية المماثلة فى الجامعات ومراكز البحوث التربوية .
23-توحيد المصطلحات فى الجامعة الواحدة وبين الجامعات ومراكز البحث فى الوطن العربي .
24-توفير الاعتمادات المالية لتأمين المراجع والمعاجم غير المتوافرة باللغة العربية .
25-وجوب التكامل بين سياسات التعريب على نطاق الوطن العربي،حرصا على الجهود المبذولة توحيدا للرؤية الفكرية. خامساً : الخلاصة
من يُلق نظرة على واقع خريطة التعريب فى الوطن العربى يجـدْ أن ثمة جهـودًا بذلت
بعضها فردي وبعضها جماعي ، بعضها قامت به مؤسسات خاصة وبعضها الآخر قامت به مؤسسات حكومية ، منها ما قامت به مجامع لغوية ، ومنها ما قامت به الجامعات ، ومن هذه الجهود ما تم فى الوطن العربى ، وجهود قامت بها هيئات أجنبية .
إن تنوع هذه الجهود يرسم أمام الإنسان بصورة عفوية خريطة زاخرة الخطوط ، ولكنها خطوط متداخلة ومتشابكة تمثل تكامل الجهود وتقاطعها ، تواصلها وانقطاعها ، إقليميتها وقوميتها ، مشكلاتها الجزئية ومشكلاتها الكلية ، اتساعها وضيقها ، حذرها واندفاعها حتى ليتعذر أن تهتدي إلى الوحدة بينها (29 ) .
تلك هى الصورة التى رسمها أستاذنا المرحوم الدكتور شكري فيصل لعملية التعريب فى الثمانينيات وما تزال هى هى ، ولنستمع إليه يقول : " كنا نتحدث عن التعريب ، عن إقراره أو إنكاره ، عن قبوله أو رفضه ، ولكن الجهد الأقل كان منصبا على التعريب ذاته ، وكنا نتحدث عن قدرة العربية وعبقريتها دون أن نستثمر على مقياس واسع هذه القدرة وهذه العبقرية ، وإن الذى نلحظه فى الحياة السياسية من التنوع الذى يقترب من التخالف، والتكثر الذى يقترب من التكرار هو الذى نلحظـه فى هذا اللون من العمل الثقافي العربي .
لقد كانت المؤتمرات والندوات فى كل قطر تبدأ عملها من الصفر ، ولكنها غالبا لا تتابع بعد ذلك من حيث انتهى المؤتمر السابق .
وكان من النتائج المنطقية لهذا التنوع والتكثر أن تبدو الجهود مشتتة ، وأن تكون نتائجها من الضآلة بحيث لا يمكن أن تكون متكافئة أو موازية لما أُعد لها وبُذل من أجلها ، وقاد هذا التشتت إلى نوع من الجهالة حتى أضحى طبيعيا أن يجهل بلد ما كان فى بلد آخر ، وألا تعرف جامعة ما يكون قد نُفد فى جامعة أخرى .
إننا فى حاجة إلى أمرين :
أحدهما : منهجية واضحة فى العمل تجمع كل ما كان أولاً، وتفيد منه، وتضعه فى مكانة من البناء الداخلي ليكون مشاركة فى هذا البناء .
وثانيهما : برنامج زمنى يُراعي التزامه والتقيد به ، حتى لا تبقى حكاية تعريب التعليم الجامعى حكاية طويلة من غير حدود .
وها هى ذى تجربة الجامعات السورية تبقى الرد العلمي الموضوعي على كل حملات التشكيك ، إنها تجربة جديرة بكل تدبر ، جديرة بدراسة إيجابياتها ، وتعرف سلبياتها تعزيزًا للإيجابيات وتلافـيًا للسلبيات فى انطلاقتنا الجديدة (30) .
وها هى ذى الأمم صغيرها وكبيرها من حولنا فى العالم تحافظ على هويتها القومية، إذ تحت عنوان " إندونيسيا حريصة على لغتها " نقلت الأنباء أن الرئيس الإندونيسي " سوهارتو " ناشد شعبه يوم الخميس فى الثالث عشر من جمادى الأولى عام 1414هـ الموافق 28 أكتوبر 1993م بعدم الخلط بين اللغة الأم واللغات الأجنبية الأخرى فى إطار التخاطب والتواصل اللغوى اليومى ، ونقلت رويتر عن سوهارتو قوله فى خطاب له بمناسبة يوم الشبيبة الإندونيسية: إن الكثير من العبارات والكلمات الأجنبية أصبح يشكل تهديدا للغة الباهاما، وهى اللغة الأصلية والرسمية للبلاد، مشيرًا إلى أن ذلك يشكل تهديدًا للهوية الوطنية للشعب الإندونيسي ، وأضاف: إن التقدم فى العلوم والتقانة "التكنولوجيا " يتطلب من الإندونيسيين إتقان لغات أجنبية، ولكن ذلك يجب ألا يتم على حساب اللغة الإندونيسية الأم .
وحريٌّ بنا أن نعرف قدر أمتنا ومكانتها فى مسيرة الحضارة الإنسانية ، فها هى ذى "زيغريد هونكة " تقول فى كتابها النفيس "شمس الله تسطع على الغرب " : " دبَّ فى الطب الغربي فجأة فى القرن السادس عشر شعور غريب بالخجل من تقليده للطب العربي ، وبقي قرونًا طويلة من الزمن نسخة منسوخة عنه ، وكانت معظم المخطوطات الأوروبية الطبية فى أوّل عصر الترجمة وحتى القرن السابع عشر تقليدًا للعرب ونقلاً منهم ، وقبل 600 عام كان لكلية الطب الباريسية أصغر مكتبة فى العالم لا تحتـوى إلا على مؤلف واحد ، وهذا المؤلف كان لعربي هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازى " (31 )
ولنستمع إلى قول شاعر إيطاليا الكبير "بيترارك " فى القرن الرابع عشر الميلادى يُندد فيها ببني قومه ، ويستنهض هممهم ويبث فى أنفسهم العزيمة والثقة قائلا : "ماذا ؟ لقد استطاع شيشرون أن يكون خطيبًا بعد ديموستن ، واستطاع فيرجيل أن يكون شاعرًا بعد هوميروس ، وبعد العرب لا يسمح لأحد بالكتابة ، لقد جارينا اليونان غالبًا وتجاوزناهم أحيانًا ، وبذلك حارينا وتجاوزنا غالبية الأمم ، وتقولون : إننا لا نستطيع الوصول إلى شأو العرب ، يا للجنون ويا للخُبال ، بل يالعبقرية إيطاليا الغافية أو المنطفئة " ! (32 ) .
محمود أحمد السيد
عضو المجمع المراسل من سورية
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المراجع
1- معجم لسان العرب لابن منظور ، الجزء الرابع ، دار المعارف ، ص 2865 .
2- الدكتور محي الدين صابر ، قضايا، الثقافة العربية المعاصرة ، الدار العربية للكتاب ، تونس 1982 ، ص 87 .
3- المرجع السابق .
4- المرجع السابق ، ص 88
5- الدكتور كمال يوسف الحاج ، فى فلسفة اللغة ، دار النهار ، بيروت ، 1967 ، ص 311 .
6- المرجع السابق ، ص 6 .
7- الدكتور محي الدين صابر ، دور التعليم العالى فى تنمية الذاتية الثقافية ، المجلة العربية للتربية ، المجلد الثاني ، العدد الثانى سبتمبر 1982 ، ص 52
8- عبد الله العروي ، ثقافتنا فى ضوء التاريخ ، المركز الثقافي العربي ، بيروت ، الطبعة الثانية 1988، ص 214 .
9- المرجع السابق ، ص 28 .
10- الدكتور شكري فيصل ، المؤتمرات والندوات التى عقدتها المنظمات والهيئات العربية حول تعريب التعليم الجامعي فى مجالات المصطلح العلمي والترجمة والتأليف: " عرض ودراسة " ، 1982 .
هوامش البحث
11- مولود قاسم نايت بلقاسم ، إنية وأصالة مطبعة البعث بالجزائر ، وزارة التعليم الأهلي والشئون الدينية ، 1975 ، ص 68 .
12- الدكتور إبراهيم السامرائي ، فى التعريب بين ماضيه وحاضره ، مجلة المجمع العلمى العراقي ، مج 29 عام 1978 ، ص 94 .
13- قاسـم عثمان نور ، التعريب فى الوطن العربى ، جامعة الخرطوم ، 1988، ص 13 و 14 .
14- أبو خـلدون ساطع الحصري ، ما هى القومية ؟ ، بيروت ، دار العلم للملايين ط2 ، 1963 ، ص4 .
15- الدكتـور محمـود أحمد السيد، شؤون لغوية ، دار الفكر بدمشق ، ودار الفكر المعاصر لبنان ، 1989 ، الطبعة الأولى ص9.
16- مولـود قاسم نايت بلقاسم ، إنية وأصالة ، مرجع سابق ، ص 76 .
17- المرجع السابق ، ص 74 .
18- الدكتور صفاء خلوصى ، تعريب الجامعات ، إحياء لكيان أكاديمي عربى أصيل، مطبعة جامعة دمشق،1982،ص4.
19- الدكتور عبد المجيد نصر ، تعريب التعليم الجامعي " العلوم الطبيعية " أفكار ومقترحات ، جامعة اليرموك ، مطبعة جامعة دمشق 1982 ، ص4.
20- المرجع السابق ، ص5 .
21- الدكتـور سيـد حامد حريز ، تعريب التعليم الجامعي فى السودان، المجلّة العربية للدراسات اللغوية ، العدد الأوّل المجلد الثاني 1983 ، ص37 .
22-الدكتور مدني الخيمي ، التعليم العالي بالعربية فى لبنان ، مؤتمر التعريب بدمشق 1982 ، ص4 .
23-الدكتور أحمد محمد الحصري ، مسؤولية عضو هيئة التدريس والناشر عن جمود التعريب فى الوطن العربي ، مطبعة جامعة دمشق ، 1982 ، ص10 .
24-الدكتور مدني الخيمي ، التعليم العالي بالعربية فى لبنان ، مرجع سابق ، ص5 .
25-الدكتور حسين محمد رزق والدكتور حاتم عبيد جعفر ، معوقات تعريب التعليم العالي من وجهة نظر تدريس الجامعة التكنولوجية فى العراق ، مؤتمر التعريب فى دمشق ، عام 1982 .
26-عثمان السعدي ، العبرنة الشاملة والتحكم بالتكنولوجيا المعاصرة فى الكيان الإسرائيلي وجامعة الكويت ، كلية التربية قسم أصول التربية ، ص6 .
27-الدكتور سلطان الشاوي ، تعريب التعليم العالي وسياسة الالتحاق به ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس 1984 ، ص97 .
28-الدكتور صفاء خلوصي ، تعريب الجامعات إحياء الكيان الأكاديمي عربى أصيل ، مرجع سابق ، ص5 .
29-الدكتور شكرى فيصل ، المؤتمرات والندوات التى عقدتها المنظمات والهيئات العربية حول تعريب التعليم الجامعي فى مجالات المصطلح العلمي والترجمة والتأليف، مرجع سابق ، ص50 .
30-المرجع السابق .
31-نقلا عن الدكتور محمود أحمد السيد، شؤون ، مرجع سابق ، ص47 .
32-المرجع السابق ، ص46 . _________________________________________
هذه المقالة منقولة عن:
مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة العدد 81، ص 244-262.