أمل دنقل - مقتل القمر

من معرفة المصادر

<أمل دنقل

....وتناقلوا النبأ الأليم على بريد الشمس

في كل مدينة ،

"قُتِل القمـــر"!

شهدوه مصلوباً تَتَدَلَّى رأسه فوق الشجر !

نهب اللصوص قلادة الماس الثمينة من صدره!

تركوه في الأعواد ،

كالأسطورة السوداء في عيني ضرير

ويقول جاري :

"كان قديساً ، لماذا يقتلونه ؟"

وتقول جارتنا الصبية :

"كان يعجبه غنائي في المساء

وكان يهديني قوارير العطور

فبأي ذنب يقتلونه ؟

هل شاهدوه عند نافذتي _قبيل الفجر _ يصغي للغناء!؟!؟"

..... ........ .......

وتدلت الدمعات من كل العيون

كأنها الأيتام – أطفال القمر

وترحموا...

وتفرقوا.....

فكما يموت الناس.....مات !

وجلست ،

أسألة عن الأيدي التي غدرت به

لكنه لم يستمع لي ،

..... كان مات !

دثرته بعباءته

وسحبت جفنيه على عينيه...

حتى لايرى من فارقوه!

وخرجت من باب المدينة

للريف:

يا أبناء قريتنا أبوكم مات

قد قتلته أبناء المدينة

ذرفوا عليه دموع أخوة يوسف

وتفرَّقوا

تركوه فوق شوارع الإسفلت والدم والضغينة

يا أخوتي : هذا أبوكم مات !

- ماذا ؟ لا.......أبونا لا يموت

- بالأمس طول الليل كان هنا

- يقص لنا حكايته الحزينة !

- يا أخوتي بيديّ هاتين احتضنته

أسبلت جفنيه على عينيه حتى تدفنوه !

قالوا : كفاك ، اصمت

فإنك لست تدري ما تقول !

قلت : الحقيقة ما أقول

قالوا : انتظر

لم تبق إلا بضع ساعات...

ويأتي!

حط المساء

وأطل من فوقي القمر

متألق البسمات ، ماسىّ النظر

- يا إخوتي هذا أبوكم ما يزال هنا

فمن هو ذلك المُلْقىَ على أرض المدينة ؟

قالوا: غريب

ظنه الناس القمر

قتلوه ، ثم بكوا عليه

ورددوا "قُتِل القمر"

لكن أبونا لا يموت

أبداً أبونا لايموت !