أكذا تفارقنا
أكذا تفارقنا للشاعر السوداني الهادي آدم.
أكذا تفارقنـا بغيـــــر وداع
يا قبلة الأبصــار والأسمــاعِ
ماد الوجــود وزلـزلت أركانـه
لما نعاك إلى العــروبة نــاعِ
مـاذا عسى شعـرى وخطبك آخذ
بالقلب أم مـاذا يخـط يراعـى
يا صاحب الوجـه النبيـل وحامل
الخطب الجليـل، وقمــة الإبداع
يا من تخيـرك الإلـــه لأمــة
محفـوفــة بالغــدر والأطماع
كم أصبحت هــدفاً لصـــولة
غاصب ومباءة لمــذلة وضـياعِ
مازلت تنهضــها بكف معالــج
ذى خبــرة بمــواطن الأوجاعِ
حتى نفخت الـروح فى أوصـالها
وأقمت واهـى صرحها المتداعى
وأمطت أقنعـة اللئام وزيفهـــم
حتـى بـدوا فينـا بغيـر قنـاعِ
زنت السياسـة إذا حملت لواءهـا
وجلوتهـا من ريبــة وخـداعِ
فغدوت مثل الأنبيــاء كـرامـةً
أو كالمــلائك فى سمـو طبـاعِ
الشـرق لم يَكُ للضـريع بحاجـة
لكنـه فـى حاجـــة لشجـاعِ
يغـرى المزاعـم بالبيان إذا سعى
بالدس فـى أرض العـروبة ساعِ
وكذاك كـنت شجــاعة وأصـالة
وبيان وضـاح الأســـرة واعِ
أكــذا تفارقنــا بغيــر وداعِ
يا منيـة الأبصــار والأسمـاعِ
أكذا تفارقنا و "سينــا" لم تـزل
تجتاح بيــن ثعـالب وسبــاعِ
وشواهق "الجـولان" عند مكابـر
متزايــد الآمـال والأطمــاعِ
"والقـدس" فى أيدى اللئام "تشبثوا"
منها بأشـرف تربـــة وبقـاعِ
وبنو فلسطين الشهــيدة أعـين
تدمـى القلـوب بصرخة الملتاعِ
أزمعت عنا يا جمـال مكــرمـاً
فينا ولكـن لات حيــن زمـاعِ
يا ليلة من شهر يوليــو أسقطت
عــرش الممـالك من أجل يفاعِ
كانت مع القدر الشـريف بموعـد
وافته بيـن الخَبِّ والإيضــاعِ
والدرب حولك بالمخاطـر حافـل
لم تخش مـن شـوك به وأفاعى
فإذا بمصــر مع الشعـوب طليقة
مزهوة الفلــوات والأصقــاعِ
وإذا بفـلاح التـــــراب مملك
فى كل شبـــر عنـده وذراعِ
حررتــه مـن ذلـه وإســاره
ونزعته من قبضــة الإقطــاعِ
وإذا مياه الســد تغمــر أرضه
فتحيلهــا ورديــة الإينـاعِ
وإذا بروحك وهو عــزم ثائـر
يسرى بروح شبابـه الأيفــاعِ
وإذا فلسطيـن الحبيبــة قلعــة
للثـأر بيـن جحـافل وقــلاعِ
وإذا بهذا الشــرق بعد همــوده
عرفات جبار ومهـد صـــراعِ
قسمــاً بوجهـك لن نعيش وبيننا
متسلـط بالـدس والإيقـــاعِ
وبمنطـق الجبـروت نأخـذ حقنا
قسـراً وليس بمنطــق الإقنـاعِ
إنا كمـــا علمتنــا وأردتنــا
لن نستكيــن لواقـع الأوضـاعِ
أكـذا تفـارقنـا بغيــــر وداعِ
يا زينة الأبصـــار والأسمـاعِ
غفـرانك اللهــم لست مصــدقاً
ولـدىَّ للشـك المـريب دواعى
لكنه الإنسـان يؤثــر ضـعفـه
حيناً ويجبـن أن يصـيخ لـداعِ
أجمـال إنك إن رحـلت مفارقـاً
ودعـاك للعليــاء أكــرم داعِ
فلأنت مـن أرواحنــا وقلــوبنا
مهما استطال العهــد قيـد ذراعِ
كلمات قلبك سـوف تبقـى دائمـاً
فى كل قلب مصــدر الإشعـاعِ
لا يستــرد بغيـر قـوة ساعـدٍ
حق أضــيع بقـوة وصــراعِ
يا فخــر هذا الشـرق يا ملاحَه
وزعيــم نهضـته بغيـر نزاعِ
يا من بكفك صغتــه وصنعتــه
أكـرم بكـف للشعـوب صـناعِ
نم فى جوار الله وانعــم عنــده
بكريـم مصطحب وحسن متـاعِ
خـرجت لك الجنـات تكـرم وافدا
والأرض قد خـرجت ليـوم وداعِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
- شاعر سودانى ... انظر الهادى آدم، "أكذا تفارقنا"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 191 ـ 193.